مثلث الاكسير الذهبي

Page 1

‫مثلث االكسير الذهبي ‬ ‫اركان مثلث االكسير الذهبي‪ :‬‬ ‫اوال‪ :‬المعرفة ‬ ‫مسارات الحياة متعددة و تطلعات االنسان غير محدودة‬ ‫ولكي تنجح في بلوغ غاياتك و تطلعاتك فان اول شيء‬ ‫ينبغي ان تحصن به نفسك هو ان تمتلك معرفة حقيقية بما‬ ‫تريد اوال و بالمفاهيم التي ترتبط بذلك ثانيا و باالسلوب‬ ‫االمثل لبلوغ ذلك التطلع عندها تكون قد انجزت الخطوة‬ ‫االولى باتجاه تحقيق تطلعك و هدفك الكبير‪ .‬وفي القران‬ ‫الكريم مصطلح دقيق يعبر عن هذا الجانب وهو البصيرة‬ ‫وقد ورد ذكره في القران الكريم مرتين و يعني قوة االدراك‬ ‫و الفطنة و العلم و الخبرة و المعرفة عن يقين و حجة بينه‬ ‫يقول تعالى ) قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا‬ ‫ومن اتبعني و سبحان الله وما انا من المشركين(‪ .‬‬ ‫و البصيره تعني‪ :‬ان تكون ذا معرفة وفهم عميق لما تريد‬ ‫تحقيقه و تتطلع اليه كما ان عليك ان تفهم بعمق تلك‬ ‫المفاهيم و المعارف التي تحقق تطلعك فتمتلك بذلك العلم و‬ ‫الخبرة فال يكفي مجرد المعرفة السطحية وانما ينبغي ان‬ ‫تمتلك البصيرة النافذة فتحيط بجميع ما يرتبط بتطلعك‬ ‫الكبير‪ .‬‬ ‫ ‬

‫ولذا نجد ان االمام جعفر بن محمد الصادق حين اراد ان‬


‫يثني على عمه ابي الفضل العباس قال‪ ) :‬رحم الله عمي‬ ‫العباس كان نافذ البصيرة(‪ .‬‬ ‫ومما ينبغي االلتفات اليه ان االنسان قد يوهم نفسه او‬ ‫االخرين بفهمه و معرفته لما يريد وانه محيط بالجوانب‬ ‫المتعددة التي تكفل له تحقيق تطلعاته اال انه قد يكون‬ ‫بخالف ذلك تماما وهو في اعماق نفسه يعلم الحقيقة التي‬ ‫تنطوي عليها ذاته و يؤكد ذلك قوله تعالى ) بل االنسان على‬ ‫نفسه بصيرة( و يكشف ذلك ايضا فلتات لسانه و موافقة‬ ‫الالواعية يقول امير المؤمنين علي بن ابي طالب ) ما‬ ‫اضمر احد شيئا اال ظهر في فلتات لسانه وصفحات‬ ‫وجهه(‪ .‬‬ ‫ومما يجدر االشارة اليه ان غاياتك التي تتطلع اليها انما‬ ‫هي تعبر عن تقديرك لذاتك ووجودك في الحياة و تحقيق‬ ‫لدورك الذي خلقك الله تعالى من اجله و لذا فان اول خطوة‬ ‫تخطوها لبلوغ تلك الغايات ان تكتشف ذاتك بامتالكك‬ ‫للبصيرة النافذة و الفهم العميق للمفاهيم التي تحقق لك‬ ‫ذلك ثم عليك ان تتعرف على العالم من حولك فتفهم‬ ‫سلوكيات االخرين من خالل فهمك لذاتك و سلوكياتك فهم‬ ‫وان اختلفوا عنك اال انهم ينطلقون من ذات المفاهيم التي‬ ‫ينبغي عليك فهمها الكتشاف ذاتك‪ .‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المهارة ‬


‫كونك تمتلك مخزونا معرفيا كبيرا ال يعني بالضرورة انك‬ ‫تستطيع ان تطور من ذاتك مالم تمتلك المهارات التي‬ ‫ترتقي بك لغاياتك وهذا بطبيعة الحال ال يتحقق بمجرد‬ ‫االمنيات و االحالم و البقاء في بروج النظريات و حسب و‬ ‫انما يتطلب بذل الجهدو المال و الوقت و التماس السبل‬ ‫الناجعة لذلك و اذا عظم على االنسان هذا االمر و استكثره‬ ‫على نفسه فعليه ان يعلن صراحة ولو مع ذاته وذلك اضعف‬ ‫االيمان بأنه قد قبل واقعه الذي يتذمر منه و انه المسؤول‬ ‫االول عنه‪ .‬‬ ‫و التأمل في الذات يعتبر من المهارات االساسية التي‬ ‫ينبغي عليك ان تتسلح بها اضافة لكونه استجابة لنداء الله‬ ‫تعالى في العديد من اياته الكريمة يقول تعالى ‪ ) :‬وفي‬ ‫انفسكم افال تبصرون( و التأمل هنا يعني ان تتحد مع‬ ‫ذاتك و تراقب اقوالك و افعالك و سلوكك العام في مواقف و‬ ‫ازمنة متعددة ومن خالل تأملك يمكنك ان تكتشف ذاتك‬ ‫ولكي تحقق ذلك عليك ان تكون صادقا مع نفسك و جادا‬ ‫في تأملك و مستعدا الن تعلن ولو مع نفسك ذاتك الحقيقية‬ ‫فتطور من ايجابياتك و تتخلص من سلبياتك‪ .‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ويبدو لي ان التأمل في الذات دور مرهق للكثير من الناس‬


‫الن الناس قد الفوا حالة االسترسال في الحياة و السير‬ ‫وفق ما تقتضيه الظروف المحيطة و االستجابة لما يمليه‬ ‫عليهم سادة قومهم و االمتثال للعادات و االعراف و التقاليد‬ ‫االجتماعية و البعض قد اوهم نفسه بأنه يعرف حقيقة ذاته‬ ‫فال يجد هؤالء حاجة الن يشغلوا ذهنهم و تفكيرهم بالتأمل‬ ‫في ذواتهم لالرتقاء بها وعيا وفهما ليكونوا مؤهلين حينها‬ ‫لتحقيق تطلعاتهم و غاياتهم‪ .‬‬ ‫وقد ينطبق على الكثير من هؤالء قول امير المؤمنين علي بن‬ ‫ابي طالب ) فما خلقت ليشغلني اكل الطيبات كالبهيمة‬ ‫المربوطة همها علفها او المرسلة شغلها تقممها تكترش من‬ ‫اعالفها و تلهو عما يراد بها او اترك سدى او اهمل عابثا‬ ‫او اجر حبل الضاللة او اعتسف طريق المتاهة(‪ .‬‬ ‫ومن هنا فإن اكتساب المهارات الالزمة يمثل خطوة‬ ‫اساسية في طريق االنسان لتحقيق غاياته و تطلعاته و‬ ‫بدونها ستكون مسيرته قاصرة وال شك‪ .‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ثالثا‪ :‬الوعي ‬


‫حين تتعرف على المفاهيم التي توصلك لذاتك و تفهمها‬ ‫بعمق ثم تتأمل في نفسك لتكتشف ذاتك و تتأمل في العالم‬ ‫من حولك لتتعرف عليهم عن علم و معرفة عندها يبقى امامك‬ ‫شيء واحد فقط وهو ان تسخر ما توصلت اليه في التعامل‬ ‫مع ذاتك و المحيط من حولك بوعي ثاقب فتدرك حينها كيف‬ ‫تتصرف في المواقف المتعددة بناء على وعيك بذاتك و‬ ‫المحيط من حولك وحين تخطيء في اتخاذ الموقف ستكون‬ ‫اقدر على تشخيص خطئك لتعالجه بوعي كما انك ستكون‬ ‫اقدر على تحليل سلوكيات االخرين في المواقف المتعددة و‬ ‫تفهم خلفياتها بالوعي الذي تمتلكه‪ .‬‬ ‫وبذلك تكون مؤهال الن تتعرف على الدور الذي خلقك الله‬ ‫تعالى من اجله لتبذل قصارى جهدك في سبيل انجاحه‬ ‫بإتقان و ابداع و تميز لتكون في ركب اوالئك الذين كتب‬ ‫الله لهم الخلود حين استجابوا لنداء الله تعالى ‬ ‫) يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله و للرسول اذا دعاكم لما‬ ‫يحييكم و اعلموا ان الله يحول بين المرء و قلبه وانه اليه‬ ‫تحشرون( ‬ ‫مع االخذ بيعين االعتبار ان هؤالء لم يتحقق لهم الخلود في‬ ‫الحياة اال حين قاموا بدور ريادي مضافا لنجاحهم و‬ ‫تميزهم اما الذين حققوا اسم النجاح دون ان تكون لهم‬ ‫بصمتهم الريادية في الواقع المعاش لم يسجل التاريخ‬


‫خلودهم اال بمقدار ما تركوا من تراث لالجيال من بعدهم‪ .‬‬ ‫ويمكنك قياس مستوى وعيك حين تكشف عن دوافعك العليا‬ ‫تجاه تطلعاتك و غاياتك ولو مع نفسك فقط‪ ..‬فان كانت‬ ‫دوافعك لتحقيق القيم االنسانيه او لبلوغ دورك في الحياة و‬ ‫تكاملك مع الكيان االنساني او خلوص النية و القربة الى‬ ‫الله عز وجل فقد ارتقيت بوعيك لدرجات سامية‪ .‬‬ ‫اما اذا كانت دوافعك تكشف عن غايات ربحية او لتحقيق‬ ‫موقعية اجتماعية او لبلوغ مارب ذاتية انانية او للتكالف مع‬ ‫المحيط القريب او لسد االحتياجات االساسية و الضرورية‬ ‫لحياتك وما يندرج ضمن هذه العناوين الواسعة من دوافع‬ ‫فكلها تعبر عن وعي في المستويات الدنيا وال يرتقي ابدا‬ ‫لتلك المستويات العليا التي تستحق ان تكون محورا‬ ‫لتطلعاتك وغاياتك‪ .‬‬ ‫واذا كنت ال تعرف ماهي دوافعك المتجذرة في اعماق‬ ‫نفسك فانت خارج بالدليل من معادلة الوعي وال يعدو كونك‬ ‫ممن تسيرهم الحياة كيف تشاء او لعلك تخدم اهداف و‬ ‫تطلعات غيرك بدال من اهدافك و تطلعاتك وعليك في هذه‬ ‫الحال ان تتامل جيدا في ذاتك و تكون صادقا مع نفسك‬ ‫كي ال يفوتك قطار الوعي‪ .‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫وشتان بين من يسير في حياته بوعي و قصد وبين من‬


‫يسير استرساال ولو صادف واجتمعا معا في طريق واحد‬ ‫فان النتائج ستكون متباينة بينهما ذلك الن الوعي يرتقي‬ ‫بصاحبه علما و معرفة وفهما والله تعالى يقول‪ :‬‬ ‫) قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين ال يعلمون انما‬ ‫يتذكر اولو االلباب( وعن فهم االحداث و الوقائع يؤكد الرب‬ ‫الجليل ان ذلك ال يتحقق اال لمن امتلك وعيا ثاقبا يقول‬ ‫تعالى ‪ ) :‬لنجعلها لكم تذكرة و تعيها اذن واعية(‪ .‬‬ ‫كل ذلك من اجل تأكيد اهمية الوعي و ضرورة تجذره في‬ ‫االنسان المتطلع لغايات كبيرة ولذا فان الوعي هو المائز‬ ‫الحقيقي بين الناس في قياس مستوى نجاحهم من عدمه‬ ‫فبالوعي يكون النجاح حقيقيا و بدونه ال يعدو كونه شكليا‪ .‬‬ ‫واالن بيدك ان تختار لنفسك الحياة التي تريد و الواقع‬ ‫الذي تريد وثق بأنك مسؤول عن اختيارك و قرارك الذي‬ ‫ستقرره لذاتك ) وقفوهم انهم مسئولون(‪ .‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.