الكتاب األول
الكتاب األول نعمت غاندي كنت صغيرا فلم تكن تملك المعرفة لتميز الحق من الباطل فكنت تأخذ دون تمحيص فلما كبرت ال يصلح أن تستعين بهذا الخليط لتحكم وإذا بدأت التعلم كبيرا لتميز هذا عن ذاك فبم تحكم وال علم لك يا متكاسل عن قراءة آالف الكتب لتكون "متعلما" إليك "صنارة" تصيد بها النافع لك فال تضيع وقتك كحاطب الليل تجمع الجيد والرديء فتمأل حافظتك ،والحق والباطل فتتيه. ليس اللوم على المتلقي وحده بل على طريق وأنظمة التلقي لوم أكبر أخرج من خضم أرث ثقافي مختلط لترى الصورة أوضح
-2-
الكتاب األول
فكرة الكتاب نشأت وكبرت وأنت تتلقى معلومات وعلوما وأخبار دون تمييز وال تراعي معيارا لرفض بعضها أو قبول اآلخر حتى كبرت وجسد نظامك المعرفي غير نقي ولم يخطر على بالك أن تنقي اعد إنشاء مكتبتك من جديد ربما تجد قواعد منفصلة غير منضبطة لتلقي "المعلومات" في كل علم وفن لكن إنشاء قواعد موحدة بالكسر وموحدة لكل العلوم واألخبار واألحكام مما فطنت ألهميته وغيابه أحدث من اللبس الكثير ومكن المضللين من إدراك مآرب غير ما يراد للعلوم إن إيجاد قواعد عامة وإثبات صالحها لكل فن ليعد وحده باعثا على االطمئنان إليها والقواعد المو حدة حين تكون في متناول المعلمين والمتعلمين والعامة صار بمقدور الجميع محاسبة الجميع وخرجنا من نظام التبعية والتقليد والتلقين والخداع ولم يعد عائق "الثقافة" والتخصص حائال دون المسائلة والمحاسبة وكي ال يكون العلم دولة بين مدعيه وحصنا يمنع االقتراب منه ويستأثر "الخاصة" بادعاء أحقية التوجيه ويضيع الحق بين متناظرين ال يجد العامة وسيلة للحكم على أحدهما التباعه فيما قاله مما عرفوه من الحق وقد لعب الكثيرون بعقول الكثيرين وشق على الناس تمييز الخبيث من الطيب حتى صاح الكثيرون " احترنا أيهم على حق" وتصدر آالف من الجهلة وبرزوا وغر الناس فصاحة مزيفة أو كلمات منمقة تخفي خلفها أفكار عفنة ودعوات باطلة وصارت الحال أن يتداعى الغوغاء على ناصح أمين يحذرهم من دعاة كذبة أو خطباء مضللين ومفكرين مجهلين فتارة تعذرهم بأنهم في العلم والفهم مفلسون وعن معرفة الحق عاجزون فما وسعهم إال أن يتبعوا كل ناعق ووسيلتهم في الحكم على علمه مما ليس له صلة بالعلم فإن سألت أحدهم :ما أعجبك في هذا الرجل؟ -3-
الكتاب األول
إما لجأ إلى شهرته أو استند إلى اتهامك بالجرأة أو هرب منك بما حصل من تزكيات وشهادات وكأن من اشتهر أو زكاه غيره أمن الهوى والفساد وما سأل نفسه فهل سنعول على المزكي بمزك ثم مزك ونسي أن سلسلة التزكيات هذه لن تنتهي إلى سند صلب
ال أبالغ إن قلت أن أكثر من 011مليون كتاب قد وضع في مختلف الفنون والعلوم وبكل اللغات ومنذ أن عرف اإلنسان الكتابة ومنذ الصغر وأنت تتلقى المعلومات واألخبار من األقربين واألصدقاء والمعلمين والمتلفزين والمذيعين والكتب والمجالت والجرائد وألنك غض حينها ال تملك ما يجعلك تميز ويكون معيارك الثقة وغالبا المظاهر الخداعة والثقة نفسها كي تحسن وضعها فيمن يستحقها تحتاج علما أنت فقير إلى النقي منه فلما كبرت أصبحت صندوقا لمعلومات منها الحق وكثير منها باطل لن يخطر على بالك أن تراجع وتبدأ بالتصفية فإن خطر ،فإنك ال تملك الوقت لذلك فإن ملكت فأنت غير قادر عليه ألن العلوم التي بها ستراجع تحتاج هي إلى مراجعة قد نسج الناس ألنفسهم مخزونا معرفيا خيوطه متجافية وهو ال يشعرون وال يدرون أي الخيوط أولى باإلزالة
سأخرجك من خضم ومعمعة معلوماتك لترى من الخارج
-4-
الكتاب األول
سأعطيك جهازا يكشف الصالح من الطالح مما "تعلمه" وذلك في هذا الكتاب وبضع صفحات مبينة لهذا الشتات في الكتاب الثاني فإن وعيت الكتاب األول أشركتك معي في الولوج إلى الكتابين الثاني والثالث. الكتاب الث اني فيه تتمة هامة وململمة لهذا ننطلق منها إلى مباحث في الشريعة و "الفقه" وأصوله والثالث في الفيزياء والعلوم المالزمة وننتهي إن استطعنا إلى نقد الفلسفة واآلداب وعلوم اإلنسان واالجتماع عند االنتهاء من هذا الكتاب وإعادة قراءته ستكون واعيا لما يكمله وهل أنا أخطئ كل من سبقني؟ ليست هذه غايتي وإن كان هذا من األسئلة المهولة المنفرة فإني أسأل : السنا في حاجة لقواعد تفض االشتباك بين الخصوم وبديال عن حال أن يقال المتعارضين ويحترم الرأيين فال نتقدم خطوة الكتاب لـتأخذ منه أما معارضته ونقاشك فيه فمن االنصاف الرد عليه حين إكمال الكتب الثالث فقد يخفى على الراد عليه ما سيظهر في الكتاب الثاني أو الثالث باإلضافة أن لدي أفكارا جديدة كثيرة والتجربة علمتني أن المقابل أحيانا ال يعرف أصال وال يفهم المقدمات التي أنطلقت منها فيكون لزاما أن تشرح وتفهمه هذه المقدمات وهذه واحدة من وظائف هذا الكتاب األول . ربما كانت لغة الصفحات األولى منفرة لكني حالما بدأت في صلب موضوع الكتاب لجأت إلى التكلف في إيصال الفكرة وإفهام القارئ مضحيا أحيانا بالفصاحة والتنسيق األدبي ولكن وألننا ال بد وأن نحافظ على رتبة من الكالم أن نزلنا إلى ما دونها لم يعد الكتاب صالحا لقراءة من ينفر من الكالم الركيك فإني اخترت أدنى لغة يمكن أن يفهمها من يشترط مراعاة اللغة القياسية وكنت قادرا على التردي أكثر لكن صفحات الكتاب ستكثر وسأنشغل بما أستطيع أنا أو آخرون تبسيطه بشروحات مما يتطلب تفرغا وسعة
-5-
الكتاب األول
هذا الكتاب ليس لمن يريد مطالعة ما يقضي به وقته أو ينال معلومات "عامة" ، فأنت مقبل أيها القارئ على عالم نعيد فيه كل شيء إلى نقطة "الصفر" وهو كتاب من ثالثة كتب ثانيها ديني وثالثها ما نستطيع أن نصفه بالفيزيائي هل أنت ممن يكترثون لهذا؟ كم واحد من الناس يقر أنه ال "يفهم" هذه الحياة نصبوا انفسهم "حكماء" وعارفين و"فالسفة" زعم أنه حاز الحقيقة َمن مِن الذين ّ سيخجل البعض من اإلقرار واآلخرون ليسو مستاءين من هذا طالما أنهم مع الباحثين عن الحقيقة في الهم سواء الحقيقة...... تلك التي صدع بها رؤوسنا كل من ظن أنه أهل لمسك القلم وتسويد الصفحات ترى ما السبب؟ ما رأيكم بفكرة وهي اآلن فكرة وستغدو بعد حين غير ذلك الفكرة هي...... أن ننظر إلى الحياة من مكان آخر أو نرتب الكرات ترتيبا يسهل به علينا عدها فلو أردت عد كرات مبعثرة خشيت أن تعد كرة أكثر من مرة أو تغفل عن واحدة أو أكثر فتقوم بجعلهم صفوفا لتضرب ضربا حسابيا عديد الصفوف بعديد األعمدة ولربما فطنت إلى وسائل أخرى أكثر أو أقل جدوى
-6-
الكتاب األول
كن على علم أنا ال أعد مسبقا األمثلة فعندما أصل إلى موضع احتاج فيه إلى مثالأكتب أول ما يخطر على بالي فربما لم أحسن اختيار خير األمثال ،ولكن حالما أعانك المثل في فهم الفكرة انس المثل وغادره حاال بالعجلة وإهمال المراجعة قد ترد في بعض األمثلة أخطاء علمية فاطمئنوافإنما هي أمثلة ،الخطأ العلمي فيها ليس إلقامة حجة أو دليل ،أو تقديم معلومة من المثل نفسه ،وإنما لتقريب الفكرة للذهن ،كما أنه تقيدني في االمثال الخشية من ورود مثل يفهم منه تصفية حسابات مع فكرة
لكن هل يجوز لنا تغيير موقعنا نعم ..... ولكي نفهم ،نحن في األصل نحاكم ونحكم علي غيرنا من األشياء-إال ما سنستثنيه الحقا -بعيوننا وحواسنا وخبراتنا فما تراه ضئيال حقيرا ال تراه الذبابة كذلك ،والصندوق الذي ترى وجها منه أحمر فتظن أنه احمر، سيظن من يرى وجها آخر له أخضر أنه أخضر ،ومن يرى جريان الشمس من مشرقها إلى مغربها ألنه على األرض يقول أن الشمس تجري وأنا وأرضي ثابتة ،أما الواقف على سطح الشمس –الغازي القاتل لمن قرب منه -فسيسخر منك وهو يرى األرض –بعد ستة أشهر أرضية -قد غادرت مشرقها وبلغت مغربها فهل هذا يعني أن الحقيقة تبع لمن يراها ومتغيرة ومرهونة بناحية النظر إليها كحال قول بعض المدارس الفلسفية؟ من المبكر جدا أن نقول هذا وإال فال داع إلتمام كتابة وقراءة هذا الكتاب. نحن ماضون في تأصيل جديد إلرساء قواعد جديدة وهي أداة لمراجعة شاملة لإلرث العلمي البشري بعيدا عن الخوض في أمثلة موحشة لمن لم يذق مرارة النظر في كل العلوم تاركا الغوص في التأصيل الفيزيائي األكبر لكتاب هو الثالث –إن شاء هللا -من ثالثة كتب ،ما تقرأونه أحدها بتأصيل جديد هكذا يصبح كل شيء محل نظر ؛ االسم والفعل والتعريف والدليل والمصدر والشيء والعدم وأنا وأنت والحياة والموت كل أولئك سننظر فيهم متجنبين إرهاق القارئ بأعماق العلوم وبما يبعدنا كثيرا عن مسارنا -7-
الكتاب األول
قصة الكتاب أول كلمات كتبت -لتكون في هذا الكتاب -في سنة 0111وكان المبتغى لما كتب حينئذ عنوانا آخر وها أنذا أكتبه بصورته االخيرة ونحن سنة 2102بمضمون أوسع ومختلف وأشمل وأعمق وبكلمات أقل وعلى كثرة ما قد قرأته من كتب وسمعته من علم قبل عام البدء األول فإني قد علمت –وهلل الحمد -بعده أكثر ،ووجدت أن هذه النواة قد نمت وأينعت حتى وجب أن يغير موضوع وعنوان الكتاب ليشمل الحياة والكون صحح بعض ما أجتهدت فيه حتى أضحى ما ترونه ولقد قضيت هذه و ُ األعوام مراقبا ومطالعا ومفكرا ومتفحصا ال أكتب ،وكنت أنوي أن أتريث أكثر قبل النشر لعلي أكمل ما أظنه ما زال ناقصا ولكني خشيت -إن تأخرت أكثر -أن يكمل عمري قبل أن أكمل ما أريد إكماله
الباعث على التأليف وجدت بين الناس من التيه والتخبط ما دفعني أن أضع بين أيديهم ما يزيل اللبس وينقي ويخلص النافع من الركام الثقافي واألدبي الذي زاد وقد شارك فيه متصدرون للعلم ،كثير منهم فاقدون لما من أجله تقصده الناس وكي ال يكونوا فريسة لكل متعمد إضالل وسائق لهم يبغي مطامع وتجد فئات ال يحسن تمييز الطيب من القول وهم يستمعون إلى فرق تتجادل وتتنازع وأضحى الحق دعوة يدعيها أهله وخصومهم والناس حيارى ال تدري فإن كان الطالب باحثا ضل الطريق فهو مرادي أما الباحث عن الطريق الموصل لهواه وعن ثغرات يحي بها باطله فهذا لن ينفعه قول وال برهان وإن بانت فضيحته فعظم تشبثه بمتاع جعله جلدا حتى في ادعاء العمى وألني ال أريد ان أرضي فضولي بسموم وأكتم تساؤالت وأنا استمع إلى تفسيرات ونظريات يسردها المتبوعون على االتباع وألني أريد أن أسكن دماغي -وهو مستنفر -كما يحاول الناس تسكين فضولهم بين يدي واعظ أو خطيب أو كاتب أو كبير سن فال تسكن فينقلبون ضحية لكل مشكك وزبائن لكل ملسون عليم اللسان
-8-
الكتاب األول
أليس كل شيء على ما يرام ؟ ال .... وكلما كانت القضية أبعد عن العلوم الصرفة كانت أكثر غموضا وتضليال واشتباكا وألني ممن يحاربون "التعقيد" واألفكار المركبة والحشو الرامي إلى خلق هيبة لدى المتلقي والظهور به بمظهر بحر العلوم ولظني أن الفكرة الحقة هي تلك ال تعجز عن إيجاد كلمات قليلة لها فإن ما سترونه كنت قادرا على جعله بمئات الصفحات بأن أتوسع بشرح كل فكرة واإلتيان بكثير من األمثال
شروط الكتاب لن تجد في هذا الكتاب عزوا أو إحالة أو مصدر ألن مفهوم المصدر واحد مما سنبحث فيه فال يصح ان نعزو لمصدر ومفهوم المصدر لم يتضح بعد وقد اشتبه على الناس "المصدر " و"الدليل" ومن كان همه الكالم – مثال – في حكمة العجائز ال يستدل عليها بكالم أحدهم نحن هنا خارج المدارس والجامعات المدارس والجامعات والكتب والبحوث تنهل من مراجع ،والمراجع إما بحوث واختبارات ودراسات تجرى وفق معايير ونظريات ومفاهيم في نظرية المعرفة وفلسفة العلوم أنا تجدوني هنا أعمل – بل وما قبل هذا -ولهذا لن تجدوا كالما عن تشخيص مرض الجدري أو قياس الرطوبة أو تفاعل حامض الكبريتيك أو حل معادالت الدرجة الثانية فلكل هذا ولغيره أصول ولمن قرأ كلمة أصول وأعاقته في فهم جملة وجدت فيها أقول: تطلق هذه الكلمة في مناسبات عدة وعلوم وفنون عدة ففي الدين إذا وضع أصل أن هللا تعالى -وهذا مثل إلفهام الفكرة وليس للداللة على شيء أو اختيار قول -رحيم يتفرع عن هذا األصل أن هللا تعالى لن يعذب بشرا .0 وإذا اتخذ أن الحديد ال يصدأ أصال سيتفرع عنه الكثير ومنه أن ما رأيته اليوم في محل عملك صدئا ليس بخشب وقد تتعارض فروع أصلين أو يعارض أصل أصال أو يضعف أحدهما اآلخر وتسمع بفن اسمه أصول الفقه فيه يشرح كيف تستنبط األحكام وهذا وما قرب منه سيكون محل نظر في الكتاب الثاني بعونه تعالى هذا مثل وإيراد إي مثل ليس إال لتوضيح فكرة -9-
الكتاب األول
وتستطيع أن تتقبل كتابا بال مصادر كما تتقبل رواية أو قصة ولن تروا قاصا يعزو في رواية . ولمن ال يجد في الكتاب رائحة بديع ألفاظ وتماسك سياق ورصانة تراكيب فأقول له: نحن نبحث في هذا الكتاب في أمور تمس جوهر وأصل اللغة والكتابة ولن يبقى معيار لدينا إال أن تصل الفكرة إلى القارئ فإن وصلت فقد حققت المبتغى ولن يمنعني من ذلك تكرار الفكرة والشرح مستعينا بأكثر من جملة أو حتى االنحطاط إلى لغة الناطقين الجدد بالعربية وكثير مما ستقرأونه لم يطرق بابه أحد وربما بعضه طرق بوقع آخر ففطن اليه اإلنسان وصنف فيه وكتب فيما يحوم حوله ولن نميز بين هذا وذاك بين ثنايا الكتاب وسنمس صلب العلوم واآلداب والقضاء والتعليم وشيء من التوطئة للفقه الذي سيكون له كتاب متمم مما قد يفسد على المتذوق لجمال لغتنا حالوة الجمل فالبالغة والفصاحة والنحو نتيجة بناء معرفي سنخرج من حدوده وهؤالء وإن لم يكونوا موضوعي فقد نحتك بهم قليال ونحن لم نكتب لنغير لغة لناس بل أن ما اتفق عليه الناس قد يكون أحيانا مخرجا لبعض الخالف ولربما وجد المشتغلون باللغة لحنا أو شذوذا فيظنوه خطأ – ولست معصوم – وهو قد يكون مراعاة ألفهام الناس وما اعتادوا عليه من جمل وما ظنكم بعشرة قرأوا هذا الكتاب سوى أن يتفرقوا بين من يسخر أو يسفه أو يعجب به أو يعاديه ويحمل لواء حربه ومنهم من لن يفهم منه شيئا أو يفهم بعضه وآخرون لن يروا جديدا فيه ستقرأون في هذا الكتاب – كثيرا – جمال نحو "نترك التفصيل في هذا لكتاب آخر" أو " سنعود لهذا في الكتاب الثاني" وجمال شبيهة وذلك أني رأيت أن من المناسب أن ال ألقي األفكار التي أريد عرضها كلها في هذا الكتاب فحذفت كثيرا منه ألحاول عرضها في الكتابين الثاني والثالث واكتفيت بمقدمات لها مراعيا بذلك أن كثير من القراء سيصعب عليهم استساغة كل هذه األفكار أقول هذا بمثابة فرصة للقراء ليقرأوا هذا الكتاب فإن حفزتهم األفكار انتظروا المزيد أما إن لم يروا منه ما يبعث فيهم شوقا لالستزادة فقد ارحته من عناء تقليب صفحات كثيرة محشوة بالجديد غير المألوف ولم أرهقه بما سأضعه في متممي هذا الكتاب .
- 10 -
الكتاب األول
وهذا ال يعني أني سأجعل هذا الكتاب فهرس أو تنبيهات ومقدمات صرفة بل الكثير مما أراه من أهم ما كتب أن وعى القارئ علل مكمن الخلل في المعرفة البشرية التي سأنبه إلى بعضها هنا.
مم أنت موقن
؟
مما تدعيه أيها القارئ وتراه يقينا أنك موجود ،وبالرغم من أنك لو سئلت ما الوجود لصمت أو هذيت أو هرعت لكتاب أو قول من تراه حكيما لكنك تعي أنك وأشياء كثيرة أخرى في ما نسميه وتسميه الكون وال شك أنك شعرت أنك عن اآلخرين من األشياء مختلف وأقرب إلى من تراهم من بني جنسك وال أظن أحدا قادرا على رسم خط "فاصل" بين ما نسميه حيا وغير حي ولكنك جبلت وتطبعت على أن تعامل كل شيء بما تسلم به وتعيش حياتك وأنت تكتشف وتفهم وتتعلم وتموت وقد فاتك الكثير وقد يحيى غيرك أعمار تفوق عمرك وال يزالون يتعلمون إن لم تفهم ما أريد من عبارة في الكتاب فال تقلق فالقادم كفيل والتكرار كثير ولكن هذا ال يعفي من ترك قراءة ما استعصى كامال وحال عثورك على فكرة مرتبطة بما في مكان آخر فعد ،وقراءة الكتاب مرة واحدة غير شافية فالقراءة المستفيضة األولى بالكاد تكسبك مجال الكتاب وكلما اكثرت من مرات قراءته اقتربت من مرادي في كل جملة وإذا كان تنبيهي هذا مثبطا لك ويفتر من عزيمتك للقراءة فإني ال أرضى إال أن أكون ناصحا أمينا وال أقبل أن أضيع وقتك حتى وأن كنت أرى النفع كل النفع منه وأحرى بك إشغال الوقت به ولكني قبل أن أواصل أود أن أخبرك أني في حرج كبير وأنا أكتب الكلمات فكل فعل أو اسم استعمله –و انا مكره – فإني مستعمله لمعنى يفهمه الناس بهذا االسم أو الفعل وإن كانا في األصل لمعنى آخر مختلف أو قريب وحسبي أني إن استعملته كما أريد انصرفت أذهان الناس إلى معاني حسبوها لهذه االلفاظ
- 11 -
الكتاب األول
وال أدعي – والعياذ باهلل – أني وحيد زماني أو فريد عصري وإنما علي اتباع ما هو عندي صواب ولو أصررت على التدقيق في المعاني – ولست بغافل عنها في قابل الصفحات – لن نكمل ما بدأناه وكيف أضع العراقيل ونحن نريد ايصال الناس للمعاني التي نريد وكيف ستصل وقد سمينا المسميات بغير االسماء التي يفهمون بها تلك المعاني استعن باهلل وابدأ لم اكن انوي أن استهل بهذا التعقيد وأعد أن القادم معين ونبدأ بمثال : اجعل الكون عندك بركة ماء راكدة وكل قطرة وحيوان ونبات وورقة طائفة وحجرة غارقة وما علق وعام في هذه البركة بمنزلة الجبال واإلنسان والحيوان وبكتريا التدرن وباب الدخول إلى متحف اللوفر وصخرة في واد سحيق وقطرة ندى متشبثة بورقة شجر وذرة هليوم في نجم يبعد عنا "ماليين السنيين الضوئية" وكل ما يتفق الناس أنه جزء من كوننا هذا . لو ألقيت حجرة في هذه البركة فحركت مياهه الراكدة فسيسري أثر الحجر الملقى في كل البركة فال يبقى في البركة شيء إال طاله األثر و"علم" به ()2 سيسري األثر فتلطم الموجات كل ما في البركة بعد أو قرب وسيصل إلى أي جسم في البركة أثر سقوط الحجر لكن هل ستصل إلى كل ما في البركة موجة ؟ أما أنا فأقول نعم ،والوقت مبكر للدخول في معركة مع الفيزيائيين في هذا وإني بعون هللا متمم لهذا الكتاب بكتابين أحدهما في فيزياء أفكار هذا الكتاب ومزيد عليه افكار فيزياء صرفة وثانيهما في بعض الفقه وأصوله مما يبنى على ما نخط هنا ومعه مثله من أراء جديدة نسأل هللا التوفيق أن أشد ما جعل الكتاب متأخرا هو الغوص في النظريات الفيزيائية علّي أخرج بحلول لما حير مؤسسي وأساطين هذا العلم وإن كنت قد خرجت ببعض ما فتح هللا علي به فإنه الزال محتاجا للتمحيص وهو البد -مراعاة للنسق -أن يعقب هذا .
تنبه إلى "علم" فإنه واحد من أصول الكتب الثالثة - 12 -
الكتاب األول
في هذا الكون الوسيع الذي مثلناه ببركة كل شيء فيه يؤثر ويتأثر باآلخر وما أن يحدث فيه حدث حتى يسري فيه ويجوب أقطاره فيتلقى كل جزء فيه أثر الحدث وأثر الحدث في غيره أعلم أن الكالم عسير على الفهم عند الكثيرين ولكن ما قلناه لب الكتاب ونواة الفكرة وسيتفرع عنه الكثير فال خوف طالما سنعود إليه مرارا ونظل ندندن حوله ونعيد فإن فاتك فهم مثل فانتظر من األمثال الكثير وستمل منها ألننا كلما جئنا لنشرح فكرة ضربنا مثال ال يغادر كثيرا هذا إال بعض األمثال التي ضربت هنا وهناك . كل شيء في هذا الكون يؤثر في غيره بنفسه أو يؤثر في غيره بتأثيره في ثالث يؤثر في الثاني أو رابع يؤثر في الثاني والبد معه أن يؤثر في الثاني واألثر في الثاني والثالث والرابع البد مرتد ليؤثر في األول كل شيء يؤثر في كل شيء لهذا تبعات فيزيائية أتركها حين نعمم فكرة الكتاب ليكون فيزيائيا صرفا وهذا حين نشتغل في كتاب آخر ولكن كتوطئة فإننا إن كان لدينا في الكون عشرة أجسام فقط فإننا ال نقول أن كل جسم يتأثر بعشرة أجسام ال.... بل بأكثر من هذا بكثير ولن أزيد على هذا هنا خشية الخوض في ما يتعدى حدود الكتاب ما كان موهما في مثل البركة هو أننا ادعينا أنها راكدة فيظن القارئ أن الكون يعرف الركود وهذا ما ال يعرفه الكون الذي ال يتصور له وجود – إال بإذن هللا – بسكون وركود دونك هذا المثل : لو ضربت (على)الطبل اهتز غشاء الطبل . أثرت في غشاء الطبل فاهتز واهتزاز الغشاء أثر في الهواء المحيط بالطبل فاهتزت (جزيئات) الهواء فأثر كل منها في أخرى حتى يصل األثر إلى طبلة أذنك فتهتز واهتزازها يؤثر فيما ورائه من أعضاء وأعصاب حتى يصل األثر إلى المخ ليست هذه كل القصة ،فلربما أثرت إحدى طبقات الهواء المهتز في ذبابة تطير في الجوار فذعرت لتحط على عين قطة ففزعت القطة فتجري لتقلب صحنا فيسقط على يد طفل فيصرخ فتهرع إليه أمه الممسكة بمرآة يحلق مستعينا بها األب فتسقط فيرتبك فيجرح وجهه.
- 13 -
الكتاب األول
كل فرد من هذه السلسلة يمكن أن يؤثر في متأثرات أخرى ويتأثر هو نفسه بغيره من السلسلة ويتشعب األمر فال يبقى من مما يتأثر شيء إال وطالته أصداء الحدث فصراخ الطفل مثال يهز طبلة اذن األب وهروب القطة منعها من قطعة لحم مرمية تحت الكرسي غفلت عنها ربة البيت فتبقى اللحمة فتجذب النمل ف"يتكاثر" بعد هذا الغذاء وتستمر سلسلة متشعبة .وذاك الرجل مجروح الوجه ينطلق ل"يعقم"وجهه وفي المطبخ يرى من نافذته ضوءا من الغرفة العلوية لبيت جيرانه فيستغرب وهم رحلوا أمس إلى بلد بعيد ........ يمكنني أن أقضي عمري -بل وأعمارا فوق عمري -ألسرد تبعات دقة الطبل هذه . قد يتخيل الناس أن األثر سيتبدد ولن انشغل في هذا اآلن ولكني أقول :تبعا ألثر لن يتبدد ،فنحن في اآلن تطالنا آثار القرون الماضية وأرجو من كل من يقرأ أن ال يحمل األلفاظ ما ال أريد فتريثوا وال تستعجلوا فيظن ظان دون بينة أني أنصر فريقا أو طائفة بجملة هنا أو أني أمس عقيدة أو معتقدا هناك وال شك أني لي عقيدة لكن الخشية من الفهم السقيم . أزعم أن األثر واآلثار المترتبة تجوب الكون وإذا كنا ال نرى أثرا لضحكة رجل في الهند على جو المريح فالذنب ليس ذنب المريخ وإنما ذنب حواسنا وأجهزتنا التي ال ترصد األثر . لم نزود بحواس ترصد كل شيء ولم نطور أجهزة لكل اآلثار ولن نستطيع والسبب ال يتسع المقام لذكره. اإلنسان جزء من هذا الكون الذي تتفاعل فيه أجزاءه بإنفسهم وبغيرهم وألنه جزء فهو كغيره من األجزاء كالشجر والحجر والرمل والهواء والماء والبهائم وسائط لنقل كل أثر . الصوت كي يصل يحتاج إلى وسيط (وسط) ينقله والوسط قد يكون هواءا أو ماءا أو حديدا أو أي جسم يتأثر بالصوت ،فيتأثر الوسط بالصوت ويؤثر في غيره ويبقى يتنقل الحدث بين الوسائط ويتحول من لون أو "شكل" إلى آخر . غشاء الطبل اهتز عند ضرب الرجل به فكان أثر الضرب فيه اهتزاز كما أن أثر اهتزاز الغشاء في الهواء المحيط اهتزازا للهواء واثر اهتزاز
أ علم أن مسألة انتقال الصوت في وسائط غير الهواء غير منضبطة
- 14 -
الكتاب األول
الهواء في طبلة األذن هو اهتزاز الطبلة ويسير األثر حتى ينتهي حيث يظن أنه ينتهي . ولكن ليس األثر دائما اهتزازا فلو وضعنا جهازا إن "سمع" الصوت أضاء كان األثر أو (ردة الفعل) ضوءا كما سيكون األثر خروجا من البيت للرجل المنزعج من صراخ طفله . تنبيهان : -0ربما تشعر بالملل من ترديد األثر والمؤثر والتأثير وربما يلفه هذا بالغموض فإني أعدك بأن في الكتاب تسميات أخرى تصلح بديال وما إصراري عليه إال للتنبيه على األصل ولجعل األمر علميا بإلباسه زيا لغويا صرفا -2وهكذا كانت عبارة ردة الفعل واحدة مما يصلح فردة الفعل هو أثر لمؤثر. كل شيء يؤثر في غيره وأثر مؤثر في شيء قد يختلف عن أثره في شيء آخر
مثال أوسع ومهم : لو كنت واقفا أمام "نافذة" زجاجية في غرفتك تشاهد شجرة تهتز فإنك قد تفهم أن رياحا تهب وقد تفهم أن ابنك سعد يهز جذع الشجرة من أسفل فهذه – كما تعلم – "طبيعة" سعد. ولكنك قد تعلم بهبوب الرياح من جمر يستعر بجانب الشجرة فهذه طبيعة الجمر فهو يستعر عند هبوب رياح . وأطلب منك أن تعيرني انتباهك أثر الريح في الشجر أو اوراقها هو هزها و هز أوراقها ،وأثرها في جمر متقد هو شدة احمراره كما أن أثر الريح في سفينة في عرض البحر هو "زيادة" سرعتها .
- 15 -
الكتاب األول
الريح تؤثر في الشجرة وأثرها اهتزازها (أو اهتزاز أوراقها اختر ما شئت )فالشجر ال يتكلم ولكنه يهتز عند اصطدام ريح به وكالمه هو اهتزازه واالهتزاز "معلومة " صدرت من األوراق أو الشجرة . وال أخاطب هنا فئة ألتكلم فيما ال يعلم واعرض عما يعلم إن كنت أعلمه . كما أن رجال كان خارج المنزل ودخل عليك أنت الواقف داخل المنزل واقفا تنظر من خالل النافذة بانتظار ورقة تهتز أو جمر يستعر كي تعلم أن ريحا هبت فإن أثر الريح في هذا الداخل ظهر في قول " الرياح تهب " أو هبت الريح مصدرة معلومة " هبت ريح" ،لو كانت الشجرة مصدرك الوحيد ،هو الشجرة (أو أوراقها) لو سمينا المعلومة خبر وكان الخبر " :هبت ريح" فإن مصدر الخبر هو أوراق الشجرة فقد صدر من الورقة أثر الريح فيه وأثر الريح في الورقة هو اهتزازها دليلنا على هبوب الريح هو اهتزاز أوراق الشجر ومصدر الخبر هو األوراق هل الدليل هو الخبر فكان الورق مصدر الخبر ومصدر الدليل ال ......... الخبر شيء والدليل شيء فالخبر يحتاج إلى دليل فكيف يأتي دليل الخبر مع خبره وسنعود للدليل كثيرا الخبر :هبت ريح (أو ريح هبت أو الريح تهب ) المصدر :الورقة الدليل :اهتزاز الورق لما كان أثر الريح في ورق الشجر هو هزها كان اهتزاز الورق هو دليلنا على هبوب ريح األثر هو الدليل وهو الذي دلنا على هبوب الريح
- 16 -
الكتاب األول
كما أن احمرار الجمر المتقد والموضوع على موقد خارج المنزل دليل آخر على هبوب الريح ومصدر الخبر هو الجمر أوراق الشجر تعلمنا بهبوب الريح وقد يعلمنا بذلك جمر يستعر أو رجل يخبرنا أن ريحا تهب االهتزاز صدر من ورقات الشجر (أو فروعها أو الشجرة نفسها) فالورقة مصدر وما دلنا على هبوب الريح اهتزاز األوراق (أو احمرار الجمر أو )............ ما الدليل على كل ما قلناه ؟ وإن قلت أننا نبحث في المصدر والدليل إال أننا سنجد في ما سيرد من صفحات شرحا لمعنى األسماء ،والدليل والمصدر اسمان لكننا قلنا أن األشياء توثر في كل األشياء غيرها فقد أثرت في أوراق الشجر وفي الجمر لكنها لم تؤثر في الرجل الواقف داخل منزله يراقب اهتزاز الشجرة من النافذة الريح تؤثر في كل شيء ؛في االوراق وفي الجمر وفي الباب الذي ينفتح أو ينغلق بهبوبها ويؤثر في الرجل الواقف لكن الواقف ال يملك من األدوات والحواس وال يملك من قوة الحواس ما يجعله يشعر بكل آثار الريح فيه فتبقى بعض آثار الريح هي التي تؤثر فيه وهذه اآلثار نفسها تؤثر في الرجل الواقف أو تؤثر فيما يؤثر في الرجل الواقف
إمعانا في الحرص على وصول ما لم يصل بعد
- 17 -
الكتاب األول
كل شيء يؤثر في كل شيء وطالما كان األمر كذلك فإنك ستتوقع أن يؤثر الباء في الجيم وفي غير الجيم وليس هذا فقط بل بما أن الجيم سيؤثر في الباء وغيره كالهاء –ألننا قلنا أن كل شيء يؤثر في كل شيء -فإن الهاء سيتأثر بالباء كما أن الجيم تأثرت في بالباء كل شيء يتأثر بأي شيء وبما يتأثر بهذا ال"أي" وبما يتأثر بما يتأثر ب "أي" وهكذا وكل هذا من أثر الباء فكيف بأثر الباء اآلتي من تأثر الباء األولي مزيد من تبعات هذه القضية سنبسطها في الكتاب الثالث الرجل علم بهبوب ريح من اهتزاز أوراق الشجرة فقط رجل آخر علم بهبوب الريح من "تسعر" جمر خارج منزله ينظر إليه من شباك رجل ثالث داخل بيته علم بهبوب الرياح من صديق اتصل به بالهاتف أو دخل عليه المنزل فأخبره ورجل علم هذا من شيئين أو ثالثة مما ذكرت ورجل رابع يعلم بالريح من رؤيته للوذ حمائم على أغصان الشجر ويعلم أن هذا الحمام ال يلوذ باألغصان إال عندما تهب ريح وقد قلنا أن كل شيء يؤثر في كل شيء فما بال بعض األشياء المتأثرة بهبوب الريح أعلمت الرجل ولم يعلم من أشياء كثيرة تأثرت بهبوب الريح وقد قلنا أن اإلنسان ال يملك كل األجهزة التي تمكنه من رصد كل آثار هبوب الريح فإن امتلك تبقى معضلة تحسس أجهزته للريح وآثاره والكل يعلم – مثال -أن حيوانات أقدر على سماع ما ال يسمعه اإلنسان وانها أقدر على رصد الزالزل قبل "شعور" اإلنسان بها بل أنك ربما ستعلم بالزلزال من الحيوانات وليس من الهزة والحيوانات هنا شيء تأثر بالزلزال وأثر فيك وهنا سنسمي الحيوانات في هذا المثل وسيطا تأثر بالزلزال وأثر فيك وربما لم تتأثر أنت بسلوك الحيوانات (لغفلة أو جهل) وتتأثر بما يتأثر بسلوك الحيوان عند الزلزال كرؤيتك نتيجة لهرع الحيوانات إلى جحورها ولنقل – مثال لإلفهام وافتراضا ال أهمية للدقة العلمية فيه رؤيته لحشرات ال تتحسس لزلزال -تقتات عليها حيوانات تحسست وهربت –قد كثرت أعلم أن صداعا انتاب بعضكم من فرط ذكر األثر والمؤثر والمتاثر فإني أعدكم أننا سنصل قريبا إلى ألفاظ أكثر ألفة واستعماال وأقرب إلى ما تتكلمون به - 18 -
الكتاب األول
وقبل أن نغادر مفهوم األثر تصور خمس نقاط (تسمى عقد في مواضع) أربعة منها هي نقاط (رؤوس) زوايا مربع وعند تقاطع قطري المربع تكون النقطة الخامسة وإذا كان كل خط بين نقطتين هو أثر نقطة في أخرى فكم خطا سترسم؟ كل هذا لو اكتفينا بأثر (بخط) واحد فكيف بنا الحال لو وضعنا في الحسبان أن كل أثر يقع على نقطة يجعلها مرة أخرى تعود وتؤثر في الباقي ومسألة حساب عدد الخطوط بين العقد – بأي عدد كانت -مسألة رياضية كان لها تطبيقات مهمة في عالمنا المعاصر ال أهمية اآلن لذكرها كنا نتكلم عن األشياء وال نفرق بين إنسان وحيوان ونبات وجماد وكنا نريد من هذا مقدمة لنتصور الحياة دون دور اإلنسان كإنسان وإال فدخول اإلنسان في هذا النظام كان له أثر ال أريد أن أقول أنه أفسده وإذا قلنا أنه (اإلنسان) أضاف إليه ما هو غريب عنه استطعنا أن نصف دورا لإلنسان دون أن نسيء ألحد قلنا أن الحدث الحادث من جسم ينتقل إلى كل أجسام الكون اآلخرى ومنه ما يظهر لحواسنا ومنه ما ال يظهر وما يظهر وما ال يظهر منه نستطيع أن نخترع له من أجهزة ما تتأثر به ثم تؤثر فينا هذه األجهزة كورقة عباد شمس تتأثر بمقدار أيون الهيدروجين فتتلون فيؤثر لونها في أعيننا ونحن من قبل لم تستطع أعيننا أن تميز السائل ...هل هو حامض أم قلوي؟ ومنها ما لم نستطع أن نخترع لها ما يرصدها (يتأثر بها) فيؤثر ما ُيرصد فينا فنعلم . يجوب الحدث (أي حدث) أرجاء الكون الفسيح فمنه ما نشعر به ومنه ماال نشعر به بل تشعر به أشياء(سميناها تنزال أجهزة) نشعر بها وألننا جزء من هذا الكون فإننا نخضع لما تخضع له كل األشياء فتمر بنا أصداء كل األحداث التي نشعر ببعضها بنفسها أو بوسيط أو بما يتأثر بالوسيط من وسيط وهكذا الغرض من كل ما تقدم التوطئة لشرح موقع اإلنسان من هذا الكون وها قد بلغنا اإلنسان تاركين ما هو بعيد عن اإلنسان لكتاب ثالث
- 19 -
الكتاب األول
اإلنسان عندما يتأثر بحدث تكون ردة فعله (تأثره أو أثر الحدث فيه) على شكلين ( تصنيف كغيره من التصانيف يختار خدمة للفكرة وسنمر على مفهوم التصنيف في مكان ما إن يسر هللا ذلك) أوال :ردة فعل طبعي :كهروبه من أسد مقبل نحوه وهو مجرد من سالح أو عاصم أو منعة ثانيا :رد فعل "مصطنع" أو متكلف :كتصنع إنسان الشجاعة بكالم أو حركات يد أمام مجموعة قطعت عليه الطريق طمعا أن يخافوا وتنطلي عليهم حركاته فيهربوا ،أو تصنع إنسان الندم أمام قاضي يوشك أن يحكم عليه بعقوبة أو تصنع رجل الكرم بأن يري من حوله انفاقه على أهل بيته والتصنع بالقول أكثر من التصنع بالفعل فيكذب متبوع أو واعظ فيتبعه آالف . لست راض عن أمثلة التصنيف هذه علميا لكني راض بها كوظيفة قبل رفع اللبس عن تداخل التصنيفين وال تلتفتوا اآلن لهذا حتى يتضح المزيد قدرة اإلنسان على النطق بما يفهمه بنو جنسه جاء بالطامات على البشرية فاإلنسان يستقبل يوميا آالف المؤثرات فيتعامل معها غالبا تعامل الصنف األول وأحيانا الصنف الثاني فيكذب ويدلس ويلبس على الناس لن تجد الكثير من الناس من يخبرك أن الجو صحو فتجد أنه ممطر لكن فيما يظن أنه يساعده على البقاء أو على العيش الرغيد أو ما يظن أنه شفاء ألمراض قلبه سيكذب ويدلس ويغش إن لم يكتم أود تذكيرك أن هوية اإلنسان كجلد ولحم وعظام مركبة من عناصر كيميائية وجزيئات عضوية وهو به كالحجارة والحديد لم يعد داخل نطاق حديثا وأثر األشياء في هذا الجانب من اإلنسان تدخل في صنف رد الفعل الطبيعي إلذي لم نضبطه ألننا في البدء نحن اآلن نتكلم عند لحظة مجيء أثر خارجي من رعد أو برق أو مطر أو حرارة أو كسوف أو ......أو كالم من شخص فيستقبله اإلنسان فيقوم بفعل أو قول نحن سندخل قليال إلى عالم اإلنسان ؛كالمه وفكره وسلوكه حتى يقوم بفعل أو قول فيكون أثرا في شخص آخر أو شيء آخر
- 20 -
الكتاب األول
كان اهتزاز ورقات الشجر دليال على خبر هبوب الريح وقد قلنا أن اهتزاز ورقات الشجر أثر من آثار الريح الكثيرة في كل األشياء فكان أثر الريح في الورقة اهتزازها وفي الجمر المتقد التهابه والخبر هو "هبت ريح" ومصدر الخبر ورقات للخبر مصدرا عليه وعول اهتزازها رأى لمن الشجر وظهور حشرات لرجل في محبس مظلم عازل للحرارة واألصوات دليل له على إقبال فصل الصيف إذا علم هذا الرجل أن هذه الحشرات ال تظهر إال في فصل الصيف فهو في سجن ال يعلم من طول النهار أو حرارة الجو (وصياح الديك دليل (أثر) على قدوم الصباح (برغم أن ديكا يصيح قرب بيتي طوال اليوم وفي كل فصول السنة ويأبى أصحابه ذبحه رحمة بحنجرته وبي ) وهذا يصح على كل شي فمقدار سرعة دوران القمر حول نفسه يدلنا (يدل األرض عن بعده مقدار العلماء)على وبعد هذا نستطيع القول أننا قادرون على رصد أي حدث بواسطة آالف الطرق بشر ط أن نكون قادرين على رصد أثر هذا الحدث على أجسام أو وسائط أخرى تؤثر في حواسنا أو تؤثر فيما يؤثر في حواسنا أو تؤثر فيما يؤثر فيما .....حواسنا وما ال نراه بأعيننا أو نسمعه بآذاننا أو نلمسه أو نشمه سنراه أو نسمعه أو نشمه أو نتذوقه بوسائط بأن تؤثر فينا هذه الوسائط ولن يتسع كتاب وال كتب لكل األمثلة بغيرها فكيف المألوفة قد تكون ردة الفعل النهائية لإلنسان ألي أثر كالما أو فعال وقلت النهائية ألنك تجد دائما سلسلة متتابعة من المؤثرات كل واحدة منها متأثرة بغيرها فإن وصل -مثال -أثر لعين اإلنسان ،صورة كانت أم ضوءا ،بدأت سلسلة تأثيرات بدأ بالعين ثم ما ورائها ولربما أنتجت إنزيمات أو أفرزت هرمونات تبعا لنوع المؤثر ولربما زاد انقسام خاليا أو تحللت أخرى ولربما زادت نبضات القلب أو ضغط الدم وتستمر سلسة أو شبكة ردود الفعل لتنتهي بفعل أو أفعال أو قول أو أقوال ولربما كان رد الفعل بين طبعي واصطناعي كأن تسخر من شخص فتراه يضحك محاوال إخفاء حرجه ولكن احمرار وجهة وارتجاف يديه وتعلثمه يبديان ما يخفيه أن يحاول آخر وكمثل ربما جئت في يوم تطلب الود من شخص فترى من أفعاله ما يعارض أقواله أو تري فعلين منه متعارضين لكن الفطن يعلم كيف يرجح فإخفاء المشاعر المتكلف ال . خبير على ينطلي على أن تكون الحشرات قد تأثرت بفصل الصيف أو دعنا نقول سنسمع أو نشم أو نتذوق أثره أو آثاره - 21 -
الكتاب األول
من علم بما قلت وسأقول في باقي الكتاب سيستطيع أن يعلم غيره أكثر مما يعلم عنه أبويه أو ربما نفسه ولكن بعد اإلحاطة والتمرين وليس بالفهم فقط وال ينجو أحد من أخطاء في التقدير ولكن االقتراب من فهم أكبر ليس بمحال لو رأيت إنسانا "يطعن" إنسانا بسكين وأنت على بعد خمسة أمتار فيخر المطعون مضرجا بالدماء فما ستقوله أن فالنا " ضرب " فالنا بسكين أو تقول فالن "قتل" فالنا. ربما لم يطعنه فأنت لست السكين التي دخلت بطنه لكن سقوط المطعون وارتباك الطاعن أو ربما هروبة وصراخ وردود فعل الحاضرين واقتياد الشرطة له وكثير من ردود األفعال أدلة تتظافر لتجعلك على يقين من شيء كما أن إقامة مجلس العزاء بعدها أو توارث الورثة وغيرها من اآلثار تجعلك تعلم أنه مات كل تلك ردود أفعال قد تؤثر فيك أو تكتفي ببعضها لتعلم أن فالن طعن أو قتل بصير لكل واضح بينهما وفرق قد أضع بعض األفعال واألسماء بين عالمتي تنصيص ريثما نتكلم فيهم ليست العين أصدق الراصدين دوما وأنصفهم حتى وإن كانت ترصد مؤشرا يشير إلى مقدار تيار كهربائي في جهاز قياس التيار أو مقدار تردد موجة لون في جهاز سبكتروفوتوميتر أو مستوى الزئبق على مدرج مقياس درجة الحرارة. وألننا ذكرنا هذا المقياس فمن المناسب أن أقول أن حرارة الهواء المحيط بزجاجة المقياس تؤثر في الزجاجة فيكون األثر اهتزاز جزيئات الزجاج التي تؤثر في جزيئات الزئبق فيكون أثرها فيها اهتزازا في ذرات الزئبق فيتمدد الزئبق فيرتفع إلى األعلى فيص ل إلى حيث أريد له بعد ضبط تدريج المدرج ليالئم القيم المرادة المتفق عليها في نظام الوحدات ليكون الصفر درجة انجماد الماء والمائة درجة غليانه المئوي التدريج حسب وهذا هكذا تعمل أجهزة القياس وهكذا يفعل العلماء ويكتشفون ويخترعون علموا أم لم يعلموا . كما ترون إلى اآلن نجحت النظرة الجديدة في مواكبة وشرح وتوضيح مسائل لن أصفها جهاز قياس ضغط الدم يضيق الوعاء الدموي فيكون أثر التضييق صوتا معهودا ستسمع شبيها به لو أنك أفرغت قارورة فيها ماء لها عنق أضيق مما يجاوره لتسمع صوتا مألوفا لتدفق ماء متذبذبا ومتقطعا وهذا الصوت هو ما يحاول من يقيس الضغط بجهازه أن يسمعه فينفخ بجراب قماشي بعد لف الذراع به ثم يستمع إلى الصوت بسماعة وحالما ينقطع الصوت يترك الهواء ليخرج شيئا فشيئا حتى يبدأ هذا الصوت بالظهور عند أول انفتاحة للوعاء الدموي الذي سد من النفخ فيسمع هذا الصوت بالسماعة فإذا ما خفت هذا الصوت جدا وانقطع علم جهاز لقياس "تركيز محلول"
الحرارة عند الفيزيائيين هو حركة ذرات المادة االهتزازية وهذا ما استقر عليه الفيزيائيون ويصدقه كثير من الشواهد األثر ميكانيكي ناتج عن التصادم وكل هذا حسب الرواية الذرية للمادة - 22 -
الكتاب األول
الحد اآلخر من حدي ضغط دم اإلنسان الطالب للقياس. األخير: المثال هذا عن نقول أن بقي أخترت لكم -حتى نأتي إليه -أن نسمي ما نريد أن نؤثر فيه فيؤثر في غيره لنرى ردة فعل كالعربة ومفك البراغي والسيارة "آلة" ونسمي ما نريد أن يتأثر ليؤثر فينا جهازا -وهي ليست لفظة علمية -كجهاز قياس الحرارة والتلفزيون فيكون منفاخ جهاز الضغط آلة وسماعتها جهازا . جسد اإلنسان جسد كغيره من االجساد يتأثر بالحرارة والرطوبة والضرب والضوء وما يمكن جمعه ب"أشكال" الطاقة فيتأثر بالمؤثرات على ما يالئم طبيعته الكيميائية فهو كالخشب يتفحم بالنار وكالحديد يتأكسد وككل العناصر الكيميائية أخرى . أحداث آثار فيه تظهر ولكن قد يكون رد فعله من نوع آخر وليس كمواد كيميائية كاالبتعاد عن النار ولبس الصوف في الشتاء وسد اآلذان عند سماع صوت مدو وإلقاء حجر عند عملية فعل ردود هذه وكل يتهدده كلب رؤية لكن اإلنسان جبل أيضا على أن تكون بعض ردود أفعاله كالما يفهمه من يفهم كالمه فيكون رد الفعل هذا ذو ميزات عظيمة وبعضها مفسدة. ؟ تكلمه أن ينفع فهل مهاجمتك أراد كلبا أن لو لن تكون ردود أفعالك إال أعماال بدنية كالفرار وتهديده بعصا إال إذا استعملت الصراخ إلرعابه منك وهذا الصوت ال معنى له في لغة هذا الرجل وهو فعل وليس بقول. لكنك قد توظف صوتك لتطلب النجدة ممن يفهم كالمك . لو أن ما يريد مهاجمتك عصابة وليس كلبا فربما كانت ردة الفعل عمال وربما كانت قوال كمحاولة استعطافهم أو ادعاءا منك بالقوة بكالم أو تقول أي شيء تظن أنه نافعك في هذه الحال وتنبه فإن األفعال واألقوال فيها ما هو طبعي وفيها ما هو متكلف وقد يحمر وجهك أو يتصبب العرق منك وهو طبعي 1لكنك في نفس الوقت تدعي الشجاعة فتقول :أنا ال أخافكم بل أنتم أهون عندي من حشرة أدوسها. وهذا كالم ال يصدر ممن بلغ به الخوف أن يتصبب عرقا واإلنسان يشترط كي يتفاعل شيئا آخر ولنسمه "الفهم" وهو تفاعل مع أشياء ال تتفاعل معها دونه إال كتفاعل الجسد المادي إن وجد ( )01أما األعضاء فهي للشخص . المنطقية والمنظومة للعقل تخضع وعندما ال تفهم فإنك تلجأ إلى ما يفهم أو من يفهم وهذا اللجوء أحيانا رد فعل : المثال هذا وإليك طبعي لو كنت تلعب الشطرنج وكنت لست بأمهر ممن حولك من المتفرجين وقام خصمك بنقل حجر شطرنج من مكان آلخر فقد تلجأ إلى النظر إلى الجمهور علّك تعلم من
الطبعي والمتكلف في تفصيل أكثر نتركه إلى حيث نجد التفصيل فيه مناسبا
التفاعل الكيميائي والفيزيائي الطبعي والكيميائي نوع من الفيزيائي - 23 -
الكتاب األول
"تعابير" 00أوجههم خطورة ما قام به خصمك من نقلته ولربما حركت أنت حجر شط رنج فاستعنت برد فعل الجمهور الناتج عن فهمهم لما فعلت لتعلم أحسنا فعلت ؟ حماقة ارتكبت أم وكذلك يفعل الواقف بين رجلين متخاصمين يتحدثان بلغة ال يفهمها فإنه سيفهم إن كانا يتشاجران أم يطلب أحدهما من اآلخر تزويجه بابنته أم يحكي له عن قصة مرضه؟ وكل هذا قد يلجأ الثالث لفهمه من حركات اليد وتعابير الوجه ونبرات الصوت . وأنت تعلم حسن وجهك أو صوتك أو رجاحة عقلك من تعابير أوجه اآلخرين أو كالمهم فيك أو نفورهم منك وال يغرنك كل مديح أو إطراء فلربما أساء أغلب سواء . الفهم في الناس وليس عليك الحكم الناس يؤثر الهواء الحار في زئبق مقياس الحرارة فيتمدد ويرتفع وكذلك أثره في الحديد، وأثره في اإلنسان عرقا يتصببه ولجوئه إلى مكان أبرد وفي البيضة تفاعل يسرع فسادها. في وانتقالك إلى المكان األبرد سخن المكان وقلل من تركيز األوكسجين فيه وسبب ضغطا أكبر على أرض المكان أو أحدث معادلة جديدة بين التجاذبات الحادثة في نعلمه . ال وما نعلمه مما وكثير الجديد المكان وتمدد الحديد الناتج من الحرارة أثر فيمن أمسكه ونقص أوكسجين الغرفة أمات وأحيا من الكائنات ما هللا بها عليم وكثير مما يحضرني وما ال يحضرني ومما نتلمسه ومما ال نتلمسه وكل ما تأثر يؤثر في غيره وأحدهم ذلك الذي أثر فيه أو . فيه أثر فيما أثر لو كنت ضيفا على صديق وتحرجت من أن تقوم فتزيد من درجة التبريد في مكيفه لشعورك بالحر وتحرجت أن تغادر إلى مكان أبرد فلربما طلبت من صاحب الدار ذلك . وهنا أثر ارتفاع درجة الحرارة فيك فتكلمت بكالم يفهمه صاحب الدار لتطلب منه فكان الكالم المفهوم باللغة التي يتفاهم بها أصحاب اللغة الواحدة هو رد فعل و تريده. ما هو األثر الفكرة نفس أعيد أني فتظنون وأكرر أعيد تروني ال .. أنا أحيانا آتي بأمثال لترسيخ الفكرة ولكني أحيانا أعود إلى مثل ألنطلق منه مرة مختلفة . فكرة إلى أخرى كما رأيت فإن األحداث واآلثار تمر في إحدى طرقها بين إنسان وإنسان (كما أنها قد تمر بين إنسان وحيوان أو إنسان وجماد أو حيوان وإنسان أو جماد وجماد أو )......... والطريق الواصل بين إنسان وإنسان قد يكون الحدث فيه كالما أو فعال طبعيا أو
إني ألنوي أن أضع كلمة وال أدري هل أضع الكلمة التي تصح للمعنى الذي أريد أم أضع كلمة يفهم منها الناس المعنى الذي أريد وإن كانت ليست مما يدل عليها حسب اللغة - 24 -
الكتاب األول
غير ذلك لكننا سنشرع في االنشغال بالكالم بين إنسان وإنسان لندخل في هذا العالم. الضيف في الجزء السابق لو لم يملك لغة يتواصل بها مع مضيفه وعجز عن اإلفهام باإلشارات فربما حاول بسذاجة أن يلصق جسده بجسد مضيفه ليفهمه أنه يشعر بالحر وال يحتاج المضيف كبير فطنة ليعلم عن شعور ضيفه من مسح عرقه أو احمرار وجنتيه. يكون الكالم بين البشر على وجه من ثالثة أوال :خبر أو إخبار ثانيا :استفهام ثالثا :ما سنجمعه على اسم طلب كاألمر والسؤال والنصيحة
واعلموا أننا غير ملزمين بأي تصنيف لمن سبقنا وما يحكمنا هو الغاية المبتغاة فإن خالفت تقعيدا أو تصنيفا في فن أو علم فذلك ألنه تصنيف يختار على أساس الغاية والنفع وناحية النظر وسنمر على قضية التصنيفات فيما بعد. ولو تنبهت قليال لرأيت أني أسميت ما نسميه السؤال باالستفهام ذلك أن السؤال باإلصل طلب فيقال "أسأل هللا أن يحفظك " وتعني أطلب من هللا أن يحفظك وليس أريد أن أعلم من هللا وعلى هذا وضعت السؤال في الصنف الثالث كوجه من أوجه الطلب. ما تظنه خارجا عن هذه األوجه تستطيع تشكيله ليكون من أحدها وهذا ريثما نصل إلى حيث نستطيع التعامل مع الشواذ. ما يهمنا اآلن الوجه األول لسهولة ربطه بمفهوم األثر لكننا لن نغفل عن الوجهين اآلخرين ألن لهما صلة كبيرة بالصنف األول بل أن الطلب -كما سنرى -هو وجه من أوجه الخبر وسنرى بعون هللا أن كثيرا من التمايز بين األصناف الثالثة سيتالشى. ليست األخبار دوما تأتي بتركيب واحد كجملة " زحل كوكب" أو "الطريق طويل" أو "الحج أشهر معلومات"
- 25 -
الكتاب األول
تسميات أركان جمل كهذه تختلف باختالف الفن – أو العلم -الذي يتناولها فعند النحويين يكون "زحل" مبتدأ و"كوكب" خبر أما في فنون أخرى فتجد تسميات أخرى كالمسند والمسند إليه في فن البالغة والموضوع والمحمول عند المناطقة وكل هذه مسائل اصطالحية واالختالف ناشئ عن ناحية النظر إلى الكلمتين عادة سترون أني اسميهما بالمخبر عنه والخبر أو اإلخبار بكسر الهمزة لكني قد استعمل غير هذا مما يسمح به السياق إن تركيب "زحل كوكب " ليس الوحيد الذي يستعمله العرب فالعرب تقول أشياء بتراكيب أخرى مثل "ما حك جلدك مثل ظفرك" أو "ليس الخبر كالعيان " أو حتى "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه " كما أنك تستطيع التعامل بما سأقول مع بعض اللغات األخرى فتقول باإلنكليزية مثال: the man is running أو بالفرنسية مثال C'est un livre أما فيما ال أعرف من لغات فال أظن أن الجميع في غنى عن كالمي. في كل األحوال ستجد في الجمل الخبرية مخبرا عنه ،بأوجه كثيرة ،وخبر ، بأوجه كثيرة ،فزحل في جملة "زحل كوكب" هو ما يخبر عنه والخبر "كوكب" إي أنه كوكب والطريق في جملة "الطريق طويل " هو ما يخبر عنه والخبر "طويل " فقائل جملة "الطريق طويل " يريد إخبار السامع أن الطريق طويل وقبل أن ننصرف إلى جمل ليست مخبر ومخبر عنه (أو مبتدأ أو خبر) فلنجعل جملتنا النموذجية هي "المبتدأ خبر" أو " المخبرعنه خبر" أو "المسند إليه مسند " أو "الموضوع محمول " أو............ وطالما صح أن يكون الخبر جملة فعلية نحو "الولد ذهب " أو شبه جملة نحو "الرجل في البيت " فال ضير أن نتعامل مع هذه األوجه في الصفحات المقبلة. وتسمية النحويين لمبتدأهم بالمبتدأ فيه عوار وال يالئم فنهم ألن المبتدأ سمي كذلك البتداء الكالم به وهذا بعيد عن روح النحو وما يزيد التعقيد سوءا أنهم أسموا خبره خبرا فالمبتدأ سمي لموضعه والخبر سمي لمعناه وغيره روعي فيه أمر آخر
- 26 -
الكتاب األول
وبرغم استدراك األوائل عن قصد أو دون قصد 02فإن النحو والصرف والبالغة محاولة لل ّم شتات لم تكتمل وشابها عيوب وال ينكر بعض النفع فيها تاركا في هذا تفصيل رأيي إلى مناسبات أخرى هنا أو في كتاب آخر ،وإذا هال أحدا مخالفتي ألساطين فن وعلم فال يعجب فإني أخالف الكثيرين مؤسسين وشيوخا وطالبهم في علوم كثيرة والعبرة بالدليل. كتابنا ليس في النحو وال في الصرف وال في المنطق إال بقدر تعلقهم بموضوعنا أما الخوض فيهم فمعيق لي عن إتمام الكتاب وسأمر على علوم ومواضيع كثيرة اشتاق أن أتوسع فيها لكن سيمنعني أنها ستعيقني عن المضي قدما وستشعب المسائل أكثر مما يرهقني وينفر القارئ وقبل المزيد من المضي في الخبر أود المرور سريعا على مسألة اللغة كأداة التواصل البشري وهي أيضا مما لن أطيل الكالم فيه لكنه كغيره بحر ال قرار له إن خضنا فيه خشيت أن ننحرف كثيرا
في اللغة مرة أخرى أقول :أمر على كثير من أبواب العلوم والفنون مرور الكرام وكلي شوق أن أمكث فيها طويال ولدي فيها كالم أكثر مما اكتبه فيها لكن هذا مضر بهدف الكتاب وبشوقكم لمتابعته وواحدة من هذه األبواب هي اللغة ظهرت مدرستان أو مذهبان في مسألة نشوء وبدء اللغة العربية. مذهب يقول أن اللغة توقيفية أنزلت من هللا تعالى وساقوا لذلك ما قالوا أنه أدلة. ومذهب يقول أن اللغة وضعية – اصطالحية -و اتفاقية وساق أصحاب هذا المذهب أدلة أخرى ورد كل مذهب على اآلخر بكالم طويل ليس الكتاب محله ومن هذا. في الحسم الترجيح- أردنا إن المبكر- ولإلنصاف فإن مذهب االصطالح ليس من لوازمه أن يجلس قوم قبل آالف السنين ليضعوا لكل مسمى اسم في مجلس لم نسمع به ولم تصلنا أخباره أما إن ظهر مذهب ثالث يحاول المزج بينهما أو يفارقهما فهذا من المألوف ، عندما تتصارع نظريتان ،أن يخرج مذهب ثالث يحاول فض االشتباك كما توقع أصلح مما أكثر أفسد أوربي فيلسوف وكما الحال في أصل العربية ظهر خالف في أي من الشيئين اشتق من اآلخر وأنا هنا أحدث أولئك أما المقلدين واالتباع فلربما احتاجوا لبعض التأمل قبل االعتراض فإن تسلح أحدهم بالدليل البين أرغمني على االعتراف بالخطأ - 27 -
الكتاب األول
الفعل؟ أم ؛اإلسم فكان أن نشأت مدرستان في البصرة والكوفة إحداها تقول أن الفعل اشتق من ض َرب" جاءت من "الضرب" واألخرى تقول المعارض ليكون االسم لتكون " َ "ضرب" من مشتقا "الضرب" وليست مهمتي في هذا الكتاب الجزم في هذا األمر لكني في هذا الكتاب وفي القادم منه ساعتمد المذهب القائل أن االسم مشتق من الفعل ليكون "النوم" من "نام" و"الملعب" 0من "لعب" و"المطرقة" من "طرق" وقد جعلت مسلكي هذا منهجي مع تتوافق تعليمية ألغراض لو علمنا كيف يتعلم الطفل لغة قومه في بضع سنين يعجز في أضعافها البالغ عن اتقان لغة قوم آخرين كإتقان أطفالهم لها لساعدنا هذا على تبيين كيف نشأت اللغة توافقية؟ أنها يرى من عند ومسالة تعلم الطفل للغة مسألة معقدة حيرت أصحاب هذا الفن ولم يخرجوا بحلول وأجوبة تريح النفوس وتسكن فضولهم وإني وإن كنت ال أريد الخوض في هذا كثيرا لكني سأدلو برأي أظنه يجلي بعض ما كان عجزوا عن فهمه وال يهمني بعد هذا إن كان كالمي محل اعتبار عند أحد أو قيمة ولست أنا بمن قرأ كل الكتب التي خطتها يد البشرية ألعلم إن كان نبه أحد على شيء مما أقول. خلق اإلنسان وخلق معه حرصه على ما ينفعه في الدنيا وأستطيع أن أصف كل ما منفعة بكلمة نافعه أنه اإلنسان يظن ولو شئنا أن نأتي باألدلة على هذا لما وسعت كلماتنا صفحات ولكن كيف نأتي بالدليل ولم نخض بعد فيه ولكن أما ترى كيف يكون جسم الطفل وهو يهوي في الهواء ،أفعلمه أحد هذا والكلب؟ القطة وعلم 0 أما اإلتيان بشواهد لبناء نظرية ال يعدو أن يكون استقراءا ال أريده وسأعرض عنه فآالف المفكرين والمؤلفين والعلماء كتبوا وحكموا وأسسوا مع نقص األدلة ومصادرة المطلوب والمغالطات وإني ال أرضى بهذا وقد اعتذرت بما قد سبق. هذا اإلنسان إن كان طفال أو بالغا أم راشدا يخلق ومعه ما يعينه على البقاء إن له يخطط لم ما صادفه والبقاء هنا كلمة تجمع أشياء كثيرة منها ما ليس بميت دونها فحياته حريص عليها كما أن ما يجعل حياته رغيدة خالية من األمراض والمآسي واألحزان والجوع والعطش واأللم وعذابات النفس وجراحاتها وفقدان ما يسعده أكثر وغيرها ندرجها في هذا اإلسم الذي لن يلم شملها اآلن تقلقه األم وتجهم الطفل تريح األب بسمة وتعلم طفل لغة قومه كبير الشبه بترويض الوحوش فمروض الوحوش يستعمل أسلوب الثواب والعقاب وعاجال أم آجال ستكون ألوامر سيد الحيوان معنى غير يفهمه أو يعلمه كان الذي أقصد باإلسم كل ما ليس بفعل أو حرف مما يعرب ويصلح كفاعل ومفعول ومبتدأ كنت أنوي الحديث عن مفهوم النظ ريات والمسلمات والبديهيات في هذا الكتاب لكني عدلت عن هذا ألسترسل فيه في الكتاب الثاني أو الثالث رغم شوقي لنفع القراء به
- 28 -
الكتاب األول
هذا الترويض يجعل لألصوات والحركات معان جديدة وسنشهد تغيير أسماء أو بعد فيما معان عودا على الطفل ،فالطفل مع ترقب أبويه لكل حركة أو سكنة لطفلهما والن حبهما له يجعل كل ما يصدر عنه من صوت أو حركة أو حبور واحيانا بكاء وعطاس وكحة مصدر أنس وابتهاج وانشراح أو تعاسة وقلق باد. وهذا الطفل يرقب سلوك من يحبوه تجاه سلوكه وهنا يعمل مبدأ دعوني أسميه "التصويب التفاعلي" ،فيبدأ الطفل بتصويب أفعاله وأصواته إلى ما يرى أنه مريح له. له مريحة يراها كما راحتهما ألن له مريح فتبدأ األصوات عشوائية لتتصوب شيئا فشيئا حتى تكون كلمات تبدأ بكلمات دون جمل ومع استمرار ردود أفعال األبوين يبدأ الطفل في اختيار األصوات التي تنتج كلمات تريح والديه أو محيطه ليرتاح أما تركيب الجمل فلن يشذ إال قليال وقد يالحظ المراقب أن الطفل يخطئ كثيرا في تركيب الجمل حتى يبلغ من الكبر ما يضبط فيه وقد يالحظ أن الطفل كثيرا ما يبدأ بكلمات معدودة نحو "بابا" أو "ماما" ولربما الشتهار هاتين اللفظتين في كل لغات العالم رضيها األبوين لتكونا مشيرتين إليهما ليبديا السرور حين نطق الطفل لها فضال عن أن هاتين الكلمتين تحمالن حروفا يسهل نطقهما على الطفل ويكثر ورودهما 0على لسان الطفل قبل أن يبدأ بتجميع األصوات إلنتاج ألفاظ ذات معنى بها. اآلخرون معه يتفاعل ما يفعله الطفل حتى يبدأ بالكالم عمل شاق وطويل ويحتاج لصبر وطول نفس وسعة صدر مما ال بد قد خلق معه يحدوه لكل هذا نشاط الطفل وحماسه الفطري . حياته سني أول في وهو البعض يعزو التعلم إلى قدرة الطفل على التقليد لكن التقليد في باكر العمر شاق فهو بالكاد يميز القليل ممن حوله وال يمنع ذلك إن تقدم به العمر أن يقلد و"يحاكي" وإذا كان الكالم رد فعل يصدر ممن وقع عليه أثر ففيم ولم سيقلده الطفل وهو لم يقع عليه الحدث فهل رأيت أبا لسعه عقرب فسحب يده فقلده ابنه لكن الطفل سيتعلم عاجال أم آجال ردود الفعل كلها التي عند الكبار. قضية تعلم الطفل قرأت فيها وال أزعم أني كنت من المكثرين لكن خالصة أقوالهم ظهر منها بعض االضطراب الذي ال يمنع من تثمين الجهود وال أعلم أن نظرية صمدت أمام بعض العقبات وأنا أقدم نظرة جديدة لتعرض في سوق النظريات رغم أني لم أطل ولم أعرض كل بضاعتي تاركا ذلك لوقت آخر. في الضفة األخرى ،لو بدأنا من مرحلة مجتمع ال لغة بينهم ،وهذا وهللا عندي أصوات الباء والميم وحرف المد يسيرة النطق فال عجب أن تبدأ محاوالت الطفل بها - 29 -
الكتاب األول
غريب ،فال يفهم كيف بمجتمع بدأ بفرد حتى صار بالعشرات أن ينمو ولم تنم معه لغته ويتعايشون بينهم فيه مما يخالف بفهم معتبر الرواية الدينية التي تقول أن أبا البشر آدم عليه السالم وقد ذكرت قصة خلقه وتعليمه األسماء وال يطرأ شك ،عند من يرى أن القران أنزل ليفهم ،أن االسماء التي تعلمها آدم كانت اسماء لتستعمل في لغة ولقد وجدت فائدة عظيمة في آية خلق آدم وتعليم هللا إياه االسماء اتركها آخر. لوقت ومع رغبتي الجامحة في الكالم عن اختالف ألسنة البشر لكني سأعرض عنها وأقول :ال شك أن معظم اللغات تتبدل فتنظم إليها كلمات وتغادرها أخرى ويطرأ على بنيتها وقواعدها مع الزمن تبدالت تجعلها أنفع في عملها لكن العربية نجت وصمدت عندي وما يقوله غيري وإن كانوا ممن يعدون أهلها من المعاصرين ومن قبلهم بعشرات السنين ناجم عن قصور فهم سيتبين بعد حين أما ما يثار عن وجوب جعل العربية مواكبة للعلوم باكتشافاتها واختراعاتها فهذا مرده إلى سوء فهم لمعنى االسم ولمسألة غابت وكله مما سآتي عليه بإذن هللا اتحفتنا العربية بقوتها في احتواء كل طارئ فكلمة " "mobileالمستخدمة اآلن لإلشارة إلى جهاز اإلتصال الالسلكي بديال عن الهاتف السلكي تجد العربية لها كثيرا من االسماء ببنية عربية سليمة ،الجوال والنقال والمحمول والمزيد مما الجهاز هذا لتسمية جعله نستطيع لكن مما يؤسف له وما ال أظن أحدا فطن إليه قبلي -ربما لقلة اطالعي -أننا لم نعد اآلن نكتب ونتكلم بالعربية وإنما بلغة مبانيها عربية وجملها ال تعدو ترجمة بالتوضيح سآتيك فإني تعجب وال اجنبية لتعابير أنظر إلى لغة الحديث النبوي وكالم الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن عاصرهم - ومنه من المحفوظ الكثير -وتناول أي صحيفة أو كتاب أدبي وعلمي لترى الفرق ولو طالع سعيد بن المسيب -مثال -كتابا كتب في القرن العشرين فهل سيفهم منها ما يظن أنه يفهم وكم من فحول العربية اآلن يحكي كما يحكي امرؤ القيس أو دريد الصمة بن وهذا الكالم في ما يصنف في الفقه واألدب فكيف بما في العلوم والصحف فاإلنكليزية تسمي الحركة movementوالتي جاءت من الفعل - move ومعناها يتحرك -لكن اإلنكليزية تطلق هذا اللفظ على أي جماعة (تنظيم) مسلحة أو غير مسلحة فجئنا نقول مترجمين هذا إلى "حركة" فيقال حركة الخمير الحمر أو حركة فارك وداللة على انتشار هذا الوباء فقد ساقنا الحديث إلى مثال آخر فكلمة التنظيم نفسها هي ترجمة للكلمة اإلنكليزية organizationفهي تعني تنظيم بمعنى تنسيق وخلق نظام لكن اإلنكليز يطلقونها أيضا على أي جماعات او مؤسسات كمنظمة الصحة العالمية فنأتي نحن ونترجمها منظمة او تنظيم برغم أنه كان األجدر بنا اختيار ترجمة مالئمة للمعنى نحو جماعة أو عصبة الصحة العالمية واكتفيت بهذه البدائل ليس عجزا وإنما لتعلق المسألة بفصول قادمة الفكرة تنضج عندها والمسألة تعدت الكلمات لتشمل التعابير فأين سمعنا في العربية العتيقة تراكيب مثل
- 30 -
الكتاب األول
"سلط الضوء على" و"شد انتباهه" و"بدوره" و"مقدما" وكثير جدا من التراكيب التي ما هي إال "مجازات إنكليزية" ما عرفها العرب و يتفاخر أدباء هذه العصور في إدراجها في أعمالهم غير واعين أنها ترجمة حرفية لصيغ أجنبية وكانت هذه واحدة مما جعل العربية العتيقة غريبة فلم نعد نفهم أشعار الجاهلية . فإن قيل ما الضير من االستعارة للغتنا قلنا فهال اخبرتمونا بمعنى سلط وشد لنعلم إن كانت تصلح لالستعمال بالمعنى المراد أم أن هذا وغيره غير لغة الناس "مثقفيهم" مع ويتواصلوا ليجاروا وفهمهم 0 هل تذكرون قولي أني محرج عند كتابة كثير من الكلمات فال ادري أساير القوم ليفهم القراء فأكون معينا على اإلفساد أم اتخير من العربية التواصل. فاخسر الفصيح وأبعد من هذا ،فقد لبست المعاني غير ألفاظها وهذه أمثلة استغفر بمعنى اليوم تأتي "اعتذر" كلمة واألصل أن معناها قدم عذرا والعذر هو السبب أو العلة بالزحام غيابي عن اعتذر فيقال أما اآلن -والينجو منه أديب أو قارئ -نسمع " اعتذر إليك يا سيدي" .يقول القائل هذا دون ذكر عذره ظانا أنه يقول :اغفر لي يا سيدي ،أو التمس الصفح؟ أما سيده فقد يعفو عنه ولم يسمع عذره ظانا أنها كلمة "اغفرلي" وليس بعيدا عنها كلمة آسف فهي أقرب ما تكون إلى الندم والحسرة وكثرة البكاء حتى قيل أن أبا بكر رجل أسيف فانظر أي عربية نكتب بها اآلن وال أدري أي كلمة آتي بها والوباء قد استشرى ولترى عظم المصيبة لن أبعد بعدت إن فكيف كثيرا كلمة التوسل تأتي أيضا في العربية المزيفة بمعنى الرجاء وهذا خطأ جسيم وزاد كثيرا تثار عقدية بقضايا تعلقه جسامته من فالتوسل اتخاذ وسيلة لكنا نسمع من يكتب في قضية التوسل باالنبياء والصالحين ولم يلتفت إلى المعنى الحقيقي للتوسل فيقول قائل :التوسل باالنبياء كذا (حرام أو حالل أو واجب) ظانا أنه يتكلم عن الطلب و لربما عدت إلى هذا في زمن قادم ولك أن تضحك بملئ فمك حين تشاهد مسرحية لشكسبير "عربت" ليقول رجل إليك. أتوسل آلخر وما طال لغة األدب والشعر طال لغة الصحافة واإلعالم والسياسة الدولية فتسمع كلمات نحو "استنكر"و"استهجن" و "ندد" و"أعرب عن صدمته " مما أود بيان أخطاء استعماالتها الفظيعة في في مكان آخر الفخ. نفس في العلوم تعريب أصحاب ووقع فكلمة sineذات األصل اليوناني استعملها الغرب لإلشارة إلى المخدع أو الجيب فترى أن "التهاب الجيوب األنفية" هي ترجمة ل ، sinusitisولكن ألسباب ال أعلمها سميت الدالة التي تشتغل بالزوايا لنخرج بنسبة الضلع المقابل للزاوية إلى حتى "الكلمة" شوه معناها - 31 -
الكتاب األول
أيضا بsine الوتر ويبدو أن أهل التعريب والمجامع اللغوية لم يجدوا األمر يستحق تفكيرا لثوان ولربما فكروا ولم يجدوا فسموا الدالة جيب وهكذا فعلوا مع الدوال الشبيهة ول م يقتصر األمر على الرياضيات بل شمل سائر العلوم ففي علوم األحياء ترجموا Golgi apparatusإلى جهاز كولجي طالما أن apparatusجهاز ليس لسبب إال ألن اإلنكليز يطلقون هذا اللفظ على الجهاز وعلى التركيب في داخل . الخلية الكثير الكثير هذا ومثل مضللة. "ترجمة" كلمة حتى الجرائم التي ارتكبت بحق العربية كثيرة لن أذكرها جميعا في هذا الكتاب. قلنا أن اإلنسان يتأثر بمؤثر فيتفاعل معه بفعل أو كالم اإلنسان؟ يتكلم لماذا لكن
لماذا يتكلم اإلنسان ؟ أبى اإلنسان إن يمرر الرسالة بأمانة إذا علم تاجر مقبل على الدنيا بقرب وقوع زلزال يصيب مدينته سارع لبيع ما ال ينفعه بعد الزلزال وشراء ما يدر عليه أرباحا دون أن يخبر أحدا أو يخبر من تدفعه منافعه إلخباره فالناس إذا علموا اقبلوا على شراء الطعام وما يقيهم من تبعات الزلزال من برد شتاء أو قيض صيف ولن يجعل تاجر ماله مسكنا أو دكانا يجعله الزلزال هشيما غيره ربما يشفق على أقرباءه أو على غيرهم فيحذرهم طالبا الثواب والربح من هللا نعيد السؤال :لماذا يتكلم اإلنسان ؟ إذا كان ما قلناه في فصل اللغة أن اإلنسان يولد ومعه حرصه على ما يعينه على البقاء صحيحا وألنه يفكر ويطور وسائل وخططا فإنه يغدو بعد حين وقد جعل أحد يطأها ال أن يحرص حمى لبقاءه هو دائم التفكير فيما يجعل عيشه رغيدا وعمرة مديدا وماله ممدودا وبعد هذا سعى لضم زوجه وأوالده وأخوة وابناء عم وربما اصدقاء فيخاف عليهم الفقر المرض عليهم ويخشى وهؤالء وغيرهم من األقرباء واألصدقاء هم أيضا داخلون في النظام النفعي الذي بناه صاحبه وحبهم والخشية عليهم والحرص على نفعهم جزء من نفع الذات البقاء على لحرصه وتبع
- 32 -
الكتاب األول
وما يقلق حياة اإلنسان ليس العوز والمرض حسب وإنما ما ال يقاوم من قلق "نفسي" ال سبيل للتخلص منه وإن بعد صاحبه عن اإلنسانية كثيرا يفعل اإلنسان الكثير من هذا بيديه واعضاءه فيسعى في طلب الرزق ويغامر بتجارة ويقتصد في أمواله ويقتني ما ال يكسر وربما تزوج من وارثة أو صاحب ... أو ثريا ويحرص أن ال يقرب النار واألسالك الكهربائية ويحمل سالحا يدفع به عن نفسه ويسد جحرا خشية أن تستوطنه أفعى أو ينصح أو يأمر أحبابه بما ينهى عنه نفسه كل هذا وغيره إذا ظن ان حياته هي الحياة الدنيا أما إن أيقن بحياة أخرى فسيتبدل يقينه مقدار حسب قليال أو كثيرا سلوكه فمتطلبات العيش إن عارضت بعض رغيد عيش اآلخرة كان على الرجل أن يختار 0 أين عليه أن يضع قدمه وكيف يختار اعماله وأي الحياتين يعمل لها أكثر سخر لإلنسان غير اإلنسان من حيوان ونبات وجماد يسوقه بعصا أو يصنع به ما يجعله كما يشتهي فقد علم اإلنسان أن الخشب إن صابته شرارة ونفخ فيه اتقد واشتعل وال ينفع كالم تسمعه للخشب أو شعر تقرضه لتشب النيران فيه وعلمت البشرية أن اللحم إن مسته النار سهل أكله مما ال تفعله مخاطبة اللحم شهورا اإلنسان نظيره في أثرا ينتج واإلنسان قد تستعبد انسانا بقوتك وسلطانك ثم تتكلم معه لتأمره وتنهاه وتعطي ألجير يعمل لك فتخبره بما تشتهي أن يعمل وترى ابنك يطيعك رغبة ورهبة فتعلمه وتؤدبه بكالمك وتنهاه بلسانك وأناس آخرون ال سبيل لجعلهم يطيعونك إال الطلب والسؤال وسحر الكالم. تكون زعيم قوم فتكرم كبيرهم وتعطف على صغيرهم ولكن خشية أن يتفلتوا بفصيحك وتثيرهم بكالمك تسحرهم وما حيلتك إن أصر صديق متحمس سوى أن تثنيه عن حماقته بكلمات تريه مغبة فعله. وحين تكون معلما كيف تجعل ما برأسك برأس سامعيك اإلنسان يستخدم كثيرا يديه وسائر أعضاءه ولكن القليلين فهموا ان اللسان يفعل أحيانا ما ال تفعله األساطيل والجيوش والعصي والنعوش والذهب والقروش ولو حاولنا حصر ما ينفع اإلنسان من كالمه ربما نفعنا أن نقول أنه يتكلم من أجل أن نفع جلب : أوال ضر دفع : ثانيا بمقدس ليس تصنيف وهذا والنفع نعني به :ما هو نافع أو يظن أنه نافع أو ما يبدو لصاحبه أنه مؤ ٍد إلى نفع للضر طريق أو ضار أنه يظن ما والضر والنفع له أو لمن يريد أن ينفعه حبا أو الشتراك المصير والمصالح والضر كرها وهذا كله لو أنه صدق بحياة أخرى
- 33 -
الكتاب األول
... أو عراقيل لظنه أو أو حسدا أو وهذا للحصر وما ذاك إال ألننا نريد المضي دون البقاء طويال في مواضع تحتاج القول من مزيدا 0 وألن الكالم أداة ألهداف فهي رهينة لها فاستخدام األداة رهن بنوع الغاية كالم اإلنسان هو الدخيل الكبير على كرتنا األرضية فمع عمل اإلنسان فيما ينفعه أو ما يظن أنه ينفعه -وقد يكون مفسدا لحياة غيره -إال أنه يقضي الوقت الطويل في الكالم مع أهله وجيرانه وزمالئه وأصدقاءه الخلص وأقرباءه وطالبه واتباعه ومريديه الكالم هذا أثر يريد المتكلم أن يحدثه في المستمع بمعناه غالبا وأحيانا باصواته فال يخلو بلد ممن يتكلم ليقول للسامعين أنه قادرعلى الكالم العظيم أو ليروا حسنه أو جمال صوته أو يتكلم ليشوش على آخرين أو ليثير غرائز هذا الضرب من الكالم لن نلتفت إليه كثيرا ونريد الكالم الذي ينطقه المتكلم ليحدث السامع. في مقصود غير أو مقصودا بمعناه أثرا قبل أن يتكلم اإلنسان ال بد وأن شيئا ما دفعه لذلك فكرة خطرت فدفعته أو خطرا داهما استشعره فحذر غيره بكالم أو نفعا قادما أن فعل السامع ما يطلب منه وربما فعل أو قول قاله رجل فعاد فرد عليه كل هذا في عالم من األفعال وردود األفعال ومنها األقوال وردود األقوال وكله الكالم معنى من تجنى لغايات ؟ هذا كل في والدليل المصدر أين اإلنسان يتأثر بحدث أو قول فيكون األثر فيه أن ينطق فيكون هو أو لسانه المصدر ويكون ما نطق به هو الدليل وكل هذا ليس بالدقة التي أريد فالقادم في الكتاب قد يقلب المعادلة ليكون كالم اإلنسان أحيانا من أضعف األدلة إن لم يكن أكذبها اإلنسان ال ينقاد أحيانا لسنن الكون فينطق بما ال يلزم من وزن ومقدار األثر إن كان يريد تمرير رسالة أو إشارة أما إن كان يريد النفع لغيره فعليه أن يختار الكالم المناسب تنتظرنا فصول قادمة تمنعنا من الخوض في هذا اآلن للتذكير ،فقد اتفقنا على العمل على الجمل المبنية من مبتدأ وخبر وألن المبتدأ -إال في حاالت شاذة -اسم ،سنتكلم عن "االسم" وهو وما بعده أدهى وأمر
اإلسم كثير من المسائل سنعود لها في مكان أنسب لها - 34 -
الكتاب األول
لن نفعل ما يفعله اآلخرون من الباحثين عندما يصنفون في مفهوم أو فكرة فينقلون ما ورد في المعاجم من معنى له ليقولوا أن معنى كذا اللغوي كذا والمعنى الصطالحي لكيت كيت ولنا مع المعاجم خصومة. االسم كما عهدنا كلمة تشير -إذا ذكرت -إلى شيء قلنا شيء ألننا لم نأت بعد بكلمة تجمع كل ما يسمى وهذه ليست بالمسألة العسيرة ولكن ما الذي تريدونه أن يسمى الشيء بل كيف تريدون تصنيف الموجودات؟ والموجودات كالشيء تخضع للتصنيف الذي تريد هل تريدون أن نصنف إلى خالق ومخلوق فنقول أن األسماء تشير إلى مخلوقات وللخالق أسماءه الحسنى أم إلى مرئي وغير مرئي ونعرف من اسماء الالمرئيات الكثير أم حار وبارد أو كبير وصغير أو محسوس وغير محسوس أم ..... التصنيف لم يكن يوما عقبة في األغراض التعليمية لكن المهم أن يحترم التصنيف العلم الذي يحويه أو الفكرة المراد ايصالها وكل تصنيف تعلمه يمكنك ايجاد تصنيف غيره من أين يأتي التصنيف ؟ كل شيء يختلف عن غيره في أشياء (صفات أفعال سمها ما شئت ) ويتشابه مع ما اختلف عنه في أشياء أخرى ترى ما الجامع بين الثريد والثقوب السوداء (إن صحت نظرية الثقوب)؟ نستطيع إيجاد الكثير فستضمهما مجموعة ما له كتلة وتضمهما مجموعة ما يبدأ اسمه بالثاء ومجموعة ما له اسم ومجموعة ما يعلمه مسعود ومسعود رجل يعلم أشياء ومن بين ما يعلمه الثريد والثقوب السوداء ويتقن السباحة ويعلم متى اعتلى الملك فاروق العرش ومجموعات أخرى تضم هذين وإننا لو قسمنا العالم إلى ما يبدأ اسمه بالثاء وما ال يبدأ اسمه بالثاء كان تصنيفا ،لكن بربكم أين سينفعنا هذا التصنيف ؟ لن أجرؤ على القول أنه ليس بنافع فلو أنك في مسابقة سئلت عن ما يبدأ بالثاء ويجذب كل شيء وكانت الجائزة كبيرة ،أما سينفعك هذا التصنيف ،وإن لم تكن فائدته هنا واضحة ،لكني أصر على أنه مفيد وكذلك فتصنيف الحيوانات إلى من يعجبها البطاطا وما ال يعجبها ومع أنه قد يبدو سخيفا لكنه وسيلة ال بد لها في يوم أن تظهر لشخص افيدوني في تصنيف النباتات المأكولة إلى فواكه وخضر فما الذي يجعلك ترى نباتا منهم فاكهة وأخرى من الخضراوات وقد نعود إلى هذا فيما بعد إن أذن هللا بذلك اخترنا من قبل أن يكون االسم مشتقا من الفعل وهذا ما أدعو إليه ؛ أن ال نفهم من اإلسم إال الفعل الذي اشتق منه وهذا كالم مهم وإال تهنا في صراع التعريفات الذي نشهده فقد أصبح لكل اسم جسدا يبقى يكبر فال يسعه اسمه فالتعريف أضحى امبراطورية وال يكاد اثنان يتفقان على تعريف شيء هذا عدا من يفسر الماء بعد جهد بالماء أو غيرهم ممن يختارون ما يسمى بالمرادف - 35 -
الكتاب األول
وال تخلو كتب األدب والشريعة والعلم والتعليم منه وقد يطول أو يقصر أو يبعد أو المعرف من يقرب وواحد من أسباب القصور هو اغفال تعريف التعريف نفسه أو أن يضبطوا شروطا له هدف على يتفقون أو فهل التعريف هو لتعريف جاهل بشيء ال يعرفه أم تحديد شروط بها يعرف ما يراد مجموعة إلى المعرف رد نقترح أم تعريفه فيوضع مع ما شابهه حسب التصنيف ويفارق ما يتميز عنه في مجموعة أخرى : قائل قال لو ويبيض أجنحة له فقري حيوان : الدجاجة والجماد النبات عن ميزته "الحيوان" كلمة و"الفقري" ميزه عن غير الفقري من الحشرات و......... المجنح غير عن ميزته و"األجنحة" بالخفاش التوهم عن السامع أبعد و"يبيض" ولكن لو سمع هذا رجالن ؛ أحدهما يعرف الدجاجة ورجل جاء للتو من المريخ أرملة زرافة هناك لهم يبيض من حيث فماذا انتفع األول وهو يعرف الدجاجة وقد رآها ولو عزم الذهاب للسوق لشراءها األصلح بانتقاء وتفنن بل أخطأها لما أما الثاني فعليه أن يعلم ما "الحيوان" وما "الفقري" وما "المجنح" عند أهل يعرف من عند أو األرض ّ ولمعترض أن يقول أليس "الحيوان" من "الحياة" وأليس النبات فيه حياة وهذا سنأتيه لماذ تعريف الكتب الدراسية إذن وكذلك كتب العلم واالدب (مع بعض مالحظات لي واألدب) ؛العلم التقسيم هذا على لو أن أبا جاء بولده إلى دجاجة ليعلمه ما الدجاجة فقال له :هذه الدجاجة إليها الولد سينظر ما سماه أبوه دجاجة لها رجالن هذا إن سماهما رجلين واعتبر الرجلين رجلين رجالن لها الدجاجة : الولد لدى أصبح ورأى الولد أن لما سماه األب دجاجة منقار (وقد ال يعلم أن اسمه منقار) فاصبح للولد في "ملف" الدجاجة :الدجاجة لها رجالن ومنقار كيف سيسميه منقارا وهو لم ير الدجاجة تنقر به شيئا ؟ نقر من مشتق المنقار الولد لن يمنع أن يدخل في "الملف" كل ما يراه أو يسمعه أو يخبر به فلربما أخبره أبوه أن هذا اسمه منقار أو قال له أن به تنقر الدجاجة فيسميه الولد )منقارا الصدف لمحاسن (ويا الحقا 01 فكان قول أبيه صادقا لديه وربما أخبره أبوه أن الدجاج يبيض وصدّ ق أباه عينه كصدق ال يخطر كثيرا لدى األطفال احتمال الكذب وخصوصا من األحباب - 36 -
الكتاب األول
تصير الدجاجة عند الولد :الدجاجة لها منقار و ............وتخاف القطط و..كريات الدم عندها كذا .......فترة ......يتكون قلبها من ......... هل كل هذه األخبار ( التبويض و المنقار و )....جاءت من مصدر واحد ومن واحد؟ شخص أو عضو ال هذا التعريف فيه خليط من االخبار منه ما علم بالعين ومنه بغيرها ومنه ما جاء به األب أو األخ أو مذيع برامج أو عدو أو ........ومنه ما علم في الطفولة ومنه ما علم عند سكرات الموت ومنه ما هو صادق ومنه ما هو كاذب وهكذا يبقى يتعلم عن الدجاجة طالما لم يمت ،منه ما هو حق ومنه أحيانا ما هو خاطئ فلربما أخبره أحد أن الدجاج يأكل لحم اإلبل أو أنه يعمر ألف سنة مما يبدو واضحا للكثيرين خطأه أو أن الدجاج تموت إذا تناولت كذا غرام من الشكوالته وقد يعيش الولد وملفه عن الدجاج يحوي أخبار متضاربة بنفسها أو بمتالزماتها دون أن يشعر وقد يصحح الولد أخبارا إن تضاربت مع ما جاء من مصدر (عنده) بعضها أويحذف أوثق ال حاجة للتذكير أن "الملف" تشبيه فال ملف يحمله أحد كهذا ولم يفكر أحد بجمع نعرف الذي الملف أقصد أني ليتوهم بلمفات معارفه وما رأيك بمن عرف الدجاجة قبل ان يعرف الجناح والمنقار وهذا غالبا ما يحدث فكيف أحيانا نرى تعريفات بما هو أكثر غموضا مما يعرف به معرفتنا تنمو هكذا ماذا فعل من قال "حيوان فقري" سوى أنه ضم فردا إلى مجموعة (الفقريات)وعندما تأتي مفردة أخرى يضم إلى مجموعة أصغر تنتمي إلى مجموعة مجنح فقري حيوان الدجاجة : يقول كأن الفقريات فيصبح الدجاج ينتمي إلى مجموعة "المجنحات" -مثال -التي تنتمي إلى مجموعة الفقريات التي تنتمي إلى مجموعة الحيوانات التي قد نجعلها تنتمي إلى مجموعة - بجديد ليس هذا وكل المخلوقات مثال مغايرا حتى ـو معاكسا التصنيف يكون أن ويمكن فتصنف المخلوقات إلى مجنح وغير مجنح والمجنحات إلى فقري وغير فقري أو أن ننطلق من الفقري أو غيرها وربما بدأنا بتصنيف ليس فيه حيوان أو فقري ؟ فعله يجب ما هذا هل هل يمكن أن يتفق على أن يكون الكتاب الذي يسمى دجاجة هو ملف توضع فيه الدجاجة أخبار ذلك هللا قدر إن هذا إلى سنعود إن إضافة أخبار للدجاجة (لها جناح ،تبيض ،تنام كذا ساعة ،تحب الديك الوسيم ).......... ،يثير تساؤال (اصطالح إنكليزي) عن مصداقية كل خبر يحشر ألننا قد
- 37 -
الكتاب األول
قلنا أن أخبارا خاطئة قد تدخل مصدرها جاهل أو كاذب وقد يثق طول عمره بها إن لم يهده هللا على يد من يصحح له فيجلس في مجلس يعاند أو يكابر إن دعاه داع إلى خير فيتشبث بالمعلومة المستقاة ممن ظن أنه ثقة والشيء بالشيء يذكر ،فإن كانت آلة لنقر الخشب فمن يمنعك إن سميتها منقار(ربما التبس على القارئ األمر لعلم بعضهم بالتصريف المعهود ألسماء اآللة بمفعال صيغة من صيغ المبالغة ) فهي تنقر ولن يمنع مانع أن تسمي كل ما تستخدمه للنقر منقار وكل من ينقر يصح أن نسميه ناقرا وإذا ما طلب من شخص أن يعرف المنقار فهل سيقول أداة النقر أم عضو في وكذا) كذا وفيه (مقوس الطائر فم مقدمة الفعل"نقر" إلى المعنى رد نقر" "أداة وما ذكر بعده (عضو في مقدمة )...قد يسمى في الكتب تعريفا ولربما قدمه آخرون على أنه المعنى االصطالحي في كتب تتناول الحيوان أو الطيور واعضائها ،ولكن هذا المعنى االصطالحي فيه أخبار عن مسمى مأمول أن تكون صادقة وهذا الهم األول أما الهم الثاني فهو ضبط ألفاظ األخبار اما تحميل اللفظ ما ال يحتمل أو إلزامه بما ال يلزم منه فهذا من أسباب ضالل الماليين وتعنت الجاهلين كما ال يلزم ان يكون الفقير قبيحا وال يلزم من ذكاء رجل أن يكون رقيق القلب وال يلزم ما تظنه علما من رجل تقوى منه كما أن ليس كل أمين حارس وجملة "زاهر قاتل" ال يفهم منها أنه كاذب وال تعجبن فإن الكثيرين يفهمون من السليم العقل ذو منها يفهم ما غير أخبار 21 دليال يحتاج زاهر عن خبر أي إدخال زاهر في الجملة اسم لرجل وله صفات خلقية وخلقية طويل أم قصير أو أسمر أم أحمر أو شجاع أم جبان أو فطن أم بليد أو صبور أم جزوع هذا الكيان (زاهر) وضع له اسم يشار به إليه وكل خبر يخبر عنه من مصدر فيكبر التعريف -إن كان هذا تعريف -يحتاج دليال (أو لنقل مصدرا ثقة) ولكن زاهر –الشك -كلمة من "زهر" و"يزهر" وال يلزم منه إذا سمي وليد زاهر نصيب اسمه من له يكون أن ومن هذا فكل اسم نستطيع أن نضعه لمسمى له صفات أخرى غير ما سمي به بها يسمى أن وتصلح فالجوال من "يجول" و"النقال" من "التنقل" وهو محمول ألنه يحمل والسيف والبتار والحسام والقاطع شيء واحد احيانا واشياء شتى أحيانا أخرى الحروب سياق في والبتار اسم السيف دليل يحتاج الخبر كيف عرف الوالد الذي قاد ولده إلى الدجاجة أن هذه دجاجة ؟ ال بد أن لديه شروط تجعل ما يراه دجاجة فلربما عول على الجناح والحجم واللون فزاهر مخبر عنه و"سمين"و"قصير"و"قاتل" و ....أخبار عن زاهر - 38 -
الكتاب األول
بعضها أو كلها وغيرها والمشية والمنقار ؟ الوالد قاله ما قرأت أما ، لكن قال الدجاجة ولم يقل دجاجة .سنترك هذا علّ مزيدا من الكالم يقودنا إليه. اإلسم إن لفظ فهو إشارة إلى الجسد -عادة -أو الذات التي "تواطأ" الناس على اسمه ربما فاتنا -وقد نعود له -أن اللغة شيء وكتابتها شيء فالكتابة عارضة على اللغة اللفظ تمثل رموز إال هي وما ومحدثة ال يفهم من اإلسم إال الفعل الذي اشتق االسم منه دليل دون إلسم خبر أو صفة الصاق من والحذر كبير فالمحيط لم نفهم (ما أدعو إليه) من المحيط سوى أنه يحيط ووصفه بالكبر يحتاج إلى دليل وإال فهي دعوى لم تثبت ومن هذا فالتعريف يجب أن يكبر وينمو بإلصاق أخبار بإدلة ال غرابة -بل الصحيح -أن يكون للمسمى أكثر من صفة او فعل دون دليل ال تستطيع الكالم إال بجمل نحو "القاتل قاتل" و"القائم قائم"
الفعل وكالم ما ال يعقل قلنا ما على الرجل أم يفعل إن أراد شرح اسم أو تعريفه ولكن للفعل قصة أخرى وإني حزين إذ أقول لكم أني لن أفرغ كل ما في جعبتي عن الكتاب هذا في األفعال لو أردنا أن نعلم معنى فعل لجئنا إلى المعاجم لنجد ما يسمى مرادف ولكن هل يصح أن نقول بوجود المرادف بالمعنى الذي يفهمه الناس إذا كان أهل الصرف يقولون أن الزيادة في المبنى يثمر زيادة في المعنى فكيف يدعي مدع أن تكون كلمة مساوية في المعنى لكلمة تختلف عنها بأكثر من حرف إال إذا كانوا يريدون من الترادف مقاربة للمعنى ف"أتى" ال تساوي "جاء"
- 39 -
الكتاب األول
وكلمة "راهن" ال تساوي "رهن" فزيادة األلف غيرت المعنى فكيف لكلمتين معنى في يتساويا أن متباينتين كاذبة دعوى التطابق بمعنى الترادف دعوى ما أزيده أيضا أن أي فعل ليس مقتصرا على ذات أو جسد أو هيئة وإال طال لغتنا قاصرة عاجزة وصارت كبير فساد فكما أن اإلنسان ينام والطير ينام والوحوش تنام فإن األنهار تجري والرياح تجري والشمس تجري فالجري ليس مقتصرا على اإلنسان ومن السذاجة -كما يقع الجميع فيه -أن يقرن الجري برجلين حتى إذا سمعنا جريا تبادر إلى الذهن رجل وساق وال أدري لماذا تعسف المصنفون فالزموا أن تكون بعض األفعال خاصة غيرهم دون بفاعلين ليقولوا أن الجدار في قوله تعالى "جدارا يريد أن ينقض" ال يريد ولما كان الجدار مجاز "يريد" فإن يريد ال وكنت قد كتبت في هذا الفصل ردا مفصال على اهل المجاز وشرحت قبله معنى المجاز عند أهل البالغة وأصنافه وشروطه وبينت فيه اضطرابهم وتخبطهم وفتح هللا علي بقول آراه سديدا ،بعضه لم يسبقني إليه أحد لكني عدلت عن هذا وحذفته خشية اإلغراق في ما ليس مكانه هنا ويكفيني القول -إن لم أضطر للرد على من تحدى -أن أقول أن شيوخ المجاز أنفسهم تفرقوا في عد جملة مجازا من نوع أم من نوع آخر وهذا واحد من دالئل عوار هذا الفن الذي حشر في الموروث األدبي العربي قسرا وما يهمنا من المجاز هو أنه أصبح تكئة ألهل التأويل ليفسروا من النصوص بما شاءوا ليمرروا ما يريدون من عقائد وأصول وفرق ولست الوحيد الذي أنكر المجاز في اللغة والقرآن فقد سبقني لذلك آخرون وكل له طريقة في ذلك وحجج منهم من أصاب ومنهم دون ذلك وكأنت أمثال أهل المجاز في اثباته آيات نحو "جدارا يريد أن ينقض" و"وأسأل القرية" و"واخفض لهما جناح الذل" فقالوا أن الجدار ال يريد وأن القرية جاءت بمعنى أهلها وأن الذل ال جناح له وغيرها من اآليات التي أبوا أن يقروا فيها أن اللغة ليست ملزمة بالتشكل لتوافق أفهامهم فحذفت ردي الموسع ألني ذكرت المجاز في سياق الدعوة إلى تعسف فهم من يفهم أن "الفعل" مقتصر على جسد كيفية أو ذات أو عودا على الرجل الواقف خلف النافذة المطلة على شجرة تهتز أوراقها بفعل الريح فيها وعلى موقد يستعر فيه جمره أو على ستائر تتمايل لو استطاعت الريح الوصول إليها دون وسائط ،فإن للريح -كما لجميع المؤثرات -أثر في كل شيء منه ما نستطيع أن نلحظه ومنه ما ال نلحظه إال بوسيط يتأثر بها أو بوسيط يتأثر األمر. يكون هذا وعلى بها يتأثر بوسيط التالي تعي أن التالية الخطوة الريح أثرت في الشجرة وأثر الريح في الشجرة كان كالما رأيناه ولم نسمعه باهتزازها تكلمت الشجرة الشجرة قالت " هبت ريح " -أو "ريح هبت " -ولكن ليست بصوت الهاء والباء
- 40 -
الكتاب األول
وغيرها من األحرف وإنما باهتزازها الذي رآه الرجل فكأنه سمع (رأى) الشجرة هبت " ريح " تقول هل فهمتم هذا أم ظننتموه شعرا أو تخيال أو "مجازا"؟ ال نحن البشر نتواصل بلغتنا كثيرا لكننا أحيانا نتوافق على إشارات لتدل على معنى فصافرة حكم المباراة يفهمها المتباريان جملة " انتهت المباراة" مربك هذا مربك ألنك لم تعد ترى في األحرف والكلمات مكتوبة أو مسموعة إال وكأنها مع معناها شيء واحد ومتى ما تذكرت أن الكلمات وأحرفها إشارات لنقل معنى فهمت كيف أن اهتزاز الشجرة وكالم من يقول "ريح هبت" شكالن من إيصال نفس الفكرة ولكن لماذا لم تكن صافرة الحكم تعني "انتهى زمن المباراة " أو "أوقفوا اللعب " .. أو ولماذا لم يكن اهتزاز الريح " ريح تهب" وليس "تهب ريح " كل ذلك ألن اللغة أقوى "وأمرن" في المناورة والتشكل لتعطي طيفا (مدى) أوسع لمعنى فتستطيع بها أن تقول جمال متقاربة المعنى يخالف بعضها بعضا بمقدار والبالغة التصوير أو القوة من قليل فالعربية فيها ثمانية وعشرون -أو تسعة وعشرون عند البعض -حرفا وترتيبها الكثير الخيارات من يعطيك أما صافرة فال تملك بها إال أن تطيل التصفير أو تنوع مراته أو تعليه أو تقطعه والشجرة ال تملك من الحاالت إال القليل فانظر -رحمك هللا -ضرورة وجود لغة بين البشر الذين لهم حواس خمسة ودماغ يعمل فيستقبلون من المؤثرات الكثير وعليهم أن يكون لهم مساحة إيصال الفكرة أكبر مما لغيره هبت ريح : قالت الشجرة الشجرة : المصدر الشجرة اهتزاز : الدليل لكن أين جملة " اهتزت الشجرة " من هذا كله ؟
جملة " اهتزت الشجرة" نقولها نحن عندما نخبر عن شجرة تهتز أو يقولها أي شيء يتأثر باهتزاز الشجرة فكما أن الشجرة قالت "هبت ريح" بعد تأثرها بها فإن الطيور التي هلعت وطارت بعد اهتزاز الشجرة تخبر عن اهتزازها واألوراق المتساقطة باهتزاز الشجرة تخبر عن اهتزازها طالما هي أثر لالهتزاز ولكن ليس كل تساقط ناتج عن اهتزاز وليس كلما طار طير كان ذلك يعني أن اهتزت شجرة - 41 -
الكتاب األول
إن تساقط األوراق يعني اهتزاز الشجرة عند من يعلم معلومات أخرى تمكنه من شجرة اهتزاز هو التساقط هذا أن فهم ستجد آالف المعلومات التي يحتاج بعضها الخبير ليعلم إن كان التساقط من اهتزاز ذلك غير من أم مرضها أم شجرة ؟ كالم هذا يسمى هل ال يهمنا ذلك اآلن فإن لم يعجبك هذا فقل يخبرنا طيران الطير أو تساقط الورق فهل ؟ يضير هذا أن ما تحسبه تساقطا لسبب يراه غيرك شكال من أشكال التساقط متعدد األسباب ولكل شكل معنى وبهذا يتفاوت الناس في العلم والخبرة هبت ريح : الشجرة قالت الشجرة اهتزاز هو والدليل الشجرة هو المصدر لمن دليل هذا لكن للشجرة وليس الشجرة باهتزاز تأثر لمن دليل هذا فإن قيل للرجل الواقف خلف النافذة ما دليلك على هبوب الريح فكأنه يقول له ما أثر هبوب الريح فيجب ان يقول الرجل دليلي على هبوب الريح هو اهتزاز الشجرة واهتزاز الشجرة أثر لهبوب الريح واهتزاز الشجرة يؤثر في أشياء كثيرة منها الرجل الناظر فتكون دليال له على هبوب ريح ولكن ما قوة هذا الدليل في مكان ما كنا قد قلنا أن هز الشجرة ربما كان ألن طفال يهزها وال تراه فهز الشجرة ليس دوما بالريح فقط ولكن ال بد من إيجاد فرق بين األهتزاز الذي تحدثه الريح وبين االهتزاز الذي يحدثه شيء آخر فالمتأثرات تتباين منها ما ال يقبل حالة واحدة -وهذا صعب التصور -ومنها ما يقبل حالتين ومنها ما يقبل أكثر من ذلك وقد قلنا أيضا أن معلومات الناظر تعطي معان لما يراه فالعالم أن الشجرة المحجوبة عن أي أثر لريح إن اهتزت فهي ليست من ريح والعالم أن هز الريح ال يكون تساقط ورقه بهذا الكيف ،سيستبعد أن يكون هذا أثر ريح هل تذكر ذلك الذي كان يلعب الشطرنج مع خصم أمام مشاهدين كان يحرك قطعه (أحجاره) وينظر إلى الجمهور محاوال أن يعلم إن كان أحسن أم أخطأ. ولكن الجميع يرون النقلة (تحريك الحجر)نفسها فلم تتعدد األفهام والحدث واحد؟ ؟ متفاوت واحد لحدث األفهام يجعل الذي ما مرت عليكم حاالت كثيرة فيها يفهم كل سامع من كالم محدثهم شيئا مختلفا ذكي أنت : لرجل رجل يقول فيفهم الثاني منه مدحا وقد يفهم الثالث منه ذما وقد تعارض الفهمان الختالف علم السامعين وقد حضرني اآلن مثال لطيف وهو أن الحطيئة الشاعر الذي اشتهر بالهجاء هجا رجال يسمى الزبرقان فاشتكاه لعمر رضي هللا عنه فقال عمر :وما قال لك .فقال الزبرقان :قال واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي دع المكارم ال ترحل لبغيتها
- 42 -
الكتاب األول
فما تفهم أنت أيها القارئ من هذا البيت ؟ أمدح هو أم ذم أما عمر ففهمه عتب لكن الزبرقان قال :بل هو ذم ،أو ال تبلغ مروءتي إال أن آكل علي منه .فدعا عمر حسان وألبس ،وهللا يا أمير المؤمنين ما هُجيت ببيت قط أشد َّ بن ثابت وسأله :أتراه هجاه؟ قال حسان :نعم .فحبس عمر الحطيئة كثير منكم فهم منه مدحا وعمر فهمه عتبا وحسان والزبرقان فهماه ذما 20 وصحة القصة ال تغير من حقيقة أن األفهام تتباين عند كل جملة وحدث
الدليل قلنا في موضع ما من هذا الكتاب أننا ال باعث معتبر على اختراع تعريف للفظ االسم منه المشتق بالفعل التقيد سوى فمن اللفظ ليس لدينا من معنى إال فعله أما ما يضاف من أخبار عليه إلنشاء تعريف فيحتاج لدليل فإن غاب الدليل على أي صفة يوصف بها "المعرف" أو أي خبر عنه فهو تكلف 22 وبرهان سلطان دون شيء في وقول وتعسف أدعوك أن تفهم من كلمة "الحضارة" -التي ربما تقضي أياما لتستقصي اختالف المعرفين لها مثلها مثل الثقافة وغيرها اآلالف -ما تفهم من الفعل "حضر" مع االشتقاق بنوع العناية أما إضافة البنيان والتقنية والجامعات والعلوم واآلثار واآلالت في التعريف ،غاية م ا تكون ،هو جعله تعريفا اصطالحيا في حاجة لالتفاق أوال بين المتخاصمين على الذات لتلك اشارة اإلسم يكون كي كاملة مكوناته فإذا أريد التخاطب مع من لم يحضر االتفاق ولم يقرأ بنوده ولم يقر به فال يلزم بالذات (جسد أو جسم المعرف أو المسمى) وأخباره وإنما يلزم بمعنى الفعل الذي االسم. منه اشتق وقد يقال :هذا ما يفعل في كثير من الكتب حين يجعل لما يبحث فيه معنى لغويا اصطالحي ومعنى المصيبة في هذا المعنى االصطالحي الذي يحسب عليه أشياء ال دليل على وجودها فيه فيحاسب اكاديميا وقضائيا وفقهيا من لم يلتزم بما أضيف من أخبار وهذا يظهر على أشده عندما يكون المعنى االصطالحي لما ال جسد له كمثالنا تباين األفهام لتباين العلم والمعرفة أوسع بكثير من هذا المثل وهذا المثل ربما أسؤا مثل يو ضح ألنه مقصور على العلم بمعان الكالم وسياقه إذا وجدت إيحاءا بمساواة "الدليل" بالسلطان والبرهان أو الحجة والبينة فأعلم أنهم ليسوا سواء ولكل معنى وإن كان الناس ال يفرقون بينهم ولن تجد الفروق مشروحة في هذا الكتاب ولقد قلنا وسنقول دائما أن ال كلمتين متساويتان في المعنى
- 43 -
الكتاب األول
السابق ألننا نضطر أن نوجد للذوات اسماء لنشير بها إليها ولنخبر عنها بأخبار وجريا على هذا فإن "الدليل" اسم اشتق من الفعل "دل ّ" وهو اشتقاق على وزن فعيل ويشترك في هذا الوزن الصفة المشبهة بالفعل وصيغة المبالغة وأحيانا اسم المفعول ولن احتاج جهدا كبيرا ألجعل المعنى من هذا الوزن في كلمة "دليل" هو اسم الفاعل (صيغة المبالغة) كالسميع والبصير وليس صفة مشبهة بالفعل كطويل وفقيد. كقتيل مفعول اسم وال وعظيم عندئذ سيكون " الدليل" هو ما يدلك كما أن الرحيم ما(من) يرحم. اهتزاز الشجرة دلنا على هبوب الريح فيكون اهتزاز الشجرة دليل وتفتح األزهار التي ال تتفتح إال في بداية الربيع هي دليل على بداية الربيع. ولكن ما يجلب اللبس الكبير والفهم السقيم واالضطراب الشديد واإلشكال العميق هو أن الجميع -إال من ال أعلم أو ال أذكر -ال يفرقون بين "الدليل" و"الحجة"و"البرهان"و"البينة" وربما وجدت من يفرق ولكن ال يدري كيف وهؤالء يصح عليهم ما صح في "الدليل" وهو أن علينا أن نفهمهم بفهم األفعال التي منها اشتقت ال أن نجعلهم اسماء لشيء واحد فهم متباينون في المبني فكيف واحد لشيء اسماء يكونون واآلن قل لكل من صنف كتابا :من أين اتيت بالتعريفات التي سردتها في كتابك ؟ من أين جئت بتعريفات الوضوء والحيض والجنابة والحضارة والثقافة والمعرفة والنفس والفلسفة والصحة والموت والحياة والصحابة والجريمة والعيب والجنون والجمال. والخيانة والمرض والنوم والخطأ والصواب لماذا يتفرد انسان في تشكيل المعرفة والثقافة والرأي وحتى الذوق هذا يوجب عليك أن تجد الدليل لتضيف كل خبر السم فيكبر التعريف به ،ال ان تنطلق من تعريف ملزم ثم تريد أن تبني عليه وتخاصم وتجادل فيه وتحكم على جهل الناس به وتجعل من علمه عليما ومن جهله جهوال وتمنح الشهادات العلمية لمن وافقك عليه وتلزم من قبل بمعنى فعله بتعريفك له وتحاسبه على ما لم يوافقك عليه تقول :الدجاجة حيوان وعليك الدليل فإن جئت به بدأت بخبر آخر ومعه دليله األدلة على المؤسس التعريف تنشئ وتبقى وإن كنا أوردنا الدجاجة فإن اإلنصاف يحتم علينا القول إن التعريف "التصنيفي" مقبول أحيانا إن لم يلتزم بإدلة فهو تعليمي صرف غرضه التيسير ولكن ال تزال مشكلته في نفعه وكفاءته وفي تقديمه على غيره في إيصال المعلومة هل سأل سائل :فما بال الدجاجة ؟ هل نجري عليها ما أجريناه على االسماء الدجاجة اسم منه المشتق الفعل إلى بالنظر نعم كل كلمة عربية نستطيع ردها إلى فعل وكثرة األمثلة بكثرة المسميات ولكن أحب التفريق بين ما له جسد وما ليس له جسد 2يرى ولو استعرضت اسماء الذوات قضية امتالك جسد أم فقدانه ال أتمسك بها وسرعان ما ستزول فهي قضية "تخيلية" ال أريدك أن تبني عليها شيء
- 44 -
الكتاب األول
بينا شكال اشتقاقها في لرأيت كلمة "الدليل" لم ترد كثيرا في القرآن بهذا الشكل لكنها وردت "بتصاريف" أخرى وما يرد كثيرا ويظن أنه قريب منه جدا "الحجة" و"البرهان" و"البينة" ولكل فعل اشتق منه ويعرف به معناه ويفرق به عن غيره ولربما أذن هللا أن نتطرق إليهم غيره في أو الكتاب هذا في خطر لي ان أقول :من خبرتي في مسائل يصعب تسميتها فإنك ستجد كثيرا في المست قبل البعيد أو القريب اقتباسات حرفية أو معنوية من هذا الكتاب -وقد حدث هذا معي كثيرا-وربما استخدمها من ال يعرف أصلها وإنما اخذها ممن اقتبسها ليجادل ويستشهد بها حتى أنك لتجد من يدعي أنها معلومة ومبثوثة في بطون الكتب منذ زمن (فليأتني بها ) فإن وجد البعض مما قلت أنه ال بد وأن كاتبا تطرق إلى قريب منه فأن الكل وبهذا التأصيل والنظر لن تراه وال قريبا منه . وكل هذا ال ضير فيه وهذه نتيجة القراءة دون النقل األمين لكن الكتاب بنيان ال يصلح إن اقتطعت منه لتجادل به دون عرض المقدمات والتأصيل المكتوب في الكتاب أنا ال أروم ماال أو شهرة مع أن اإلنسان غير بعيد عن الطمع وتبديل "الموقف". إن أجري إال على هللا وهو خير من يجزي
نقول ما سبق إذا كنا نريد استعمال كلمة "دليل" فيما يعني فعلها أما لو اتفق الناس على أن تكون "دليل" اسما(اسم جنس) لمعجون أسنان فما حيلتنا مع هذا وعندئذ فكلما ذكر "الدليل"انصرف الذهن إلى معجون األسنان وسنسمع كثيرا : بالفلورايد. دليل أي السوق من لي هات عندما نعلم أن عصفورا ال يغرد إال عند الساعة السادسة صباحا فإن تغريده يعني أنها الساعة السادسة صباحا ولو علمنا ما األثر الذي يجعل العصفور يغرد في هذا الوقت (أشعة شمس أو نسيم أو )..........وعبثنا بهذا األثر أو غيرنا فيه لجعلنا 2 المؤثر. فيه يؤثر حين يغرد العصفور وخبر مبتدأ إلى العبارات نيسر أن طلبنا والمبتدأ اسم في غالب األحيان ولذا فمن المناسب كي نجعله دوما اسما أن نقول المخبر عنه ،والخبر إن كان اسما كان كالمخبر عنه وإن كان جملة فعلية أو شبه كخبر. عوملت جملة 2 ومن عارض أن يكون من الذي ينسب (يربط) الخبرإلى المخبر عنه الدليل ينسب الخبر إلى المخبر عنه الدليل فال يقرأن هذا الكتاب فهو راغب في أن يجعل حذفت هنا كالم فيزيائي فيه نفع لكني أخشى أن يصيب قارئه الملل فأرجأته إلى حين يطيب سماعه أو أنا أريد أن يكون الدليل - 45 -
الكتاب األول
الدعاوي دون دليل وال نعلم بعد الدليل رابطا إال الهوى. والدليل كما قلنا هو أثر يصدر عن مصدر تأثر بمؤثر فصدر عنه أثر كان دليال 2 المصدر في أثر الذي األثر على من فهم الجملة األخيرة فقد فهم ثلثي األجزاء السابقة ليس الدليل دائما كالما فالكالم واحد من األثار وربما كان أثرا مزيفا ومصطنعا وخادعا. المثال: هذا إليكم 2 العرب ديوان الشعر : عمر قال "قال" هي المثال في كلمة أول مصدرها أنا فأنا من كتبت "قال" في هذا الكتاب والدافع (المؤثر)الذي جعلني 2 بعده بما لنبدأ سنغفله أكتبها "قال" خبر عن "عمر" فعمر قال والفعل الذي صدر عن عمر هو "القول " األمر يلتبسن فال عمر وقول قولي اآلن حتى فلدينا عمر أثر فيه شيء فقال وليكن المؤثر -مثال -أن سمع من يهزأ بالشعر أو أنه سمع شعرا يذكر حربا أو حادثة فرأى نفع الشعر في تدوين 21أخبار العرب مصدر األثر(قول عمر"الشعر )"...هو عمر وصدر منه لتلقيه مؤثر العرب" ديوان "الشعر هو عمر قول حركة لسان عمر عند نطقه "الشعر ديوان العرب" هو األثر الصادر منه ولكنه أثر واألثر دليل ،فعلى أي شيء دل هذا القول دل على ما جعل عمر يقول ولكنك لن تشخصه بدقة آخر. جانب للقصة لكن كيف وصلني أن عمر قال هذا فكتبت هنا :عمر قال ........ عمر قال قولته فسمعها من سمعها وتناقلتها األلسن وبعد أعوام دونت في كتب ومن الناس من سمع ومنهم من قرأها في الكتب فبلغها غيره وغيره كتبها أو نقلها مشافهة وهكذا حتى جاءتني إما من صديق أو قريب أو من مجلة أو كتاب قرأته وأنا في حياتي ألبد أني قلتها لكثيرين وكتبتها في كتاب كهذا الكتاب ومن قرأ .".... عمر "قال قولي فيه أثر الكتاب هذا للتيسير ،أنا قلت (أو كتبت والقول ،باصوات كلماتي أو الكتابة بحروف على ورقة ،آثار أريد أن تتأثر بها أذن السامع لقولي أو عين الناظر إلى كلماتي ) "قال ؟ ماذا مصدر فأنا عمر"... أنا مصدر األثر المنقوش على الورقة والعربي الفاهم للعربية يتأثر بالمكتوب أثرا غير الذي ال يفهم منها شيئا فيتأثر أو يعجب -مثال -باألثر الذي يراه جميال من تجاور العين والميم والراء في كلمة عمر التي ال يعرف معناها وال كيف تقرأ. فالحروف التي كتبتها آثار وضعتها على ورقة يتأثر بها من قرأها فتكون أثر إن سمع الجان هذا ربما ظنه كالما في جلسة إحضار جان فيحضر تذكر أننا ال يهمنا إن كان عمر قد قال أم لم يقل أو إن كان الكالم صحيحا أم خاطئا فهذا مثال المؤثر أثر ف ّي فكان أثره في أن كتبت "قال عمر".... الحظت الربط بين الديوان والتدوين - 46 -
الكتاب األول
كلماتي فيه فعال أو قوال ال نستطيع التكهن به عند هذا الحد. ولكن ما الذي أثر في ألترك هذا األثر في الورق. أشياء كثيرة تجعلك تتكلم أو تكتب وكثيرا ما يفهم نوع األثر الذي أثر فيك من كلماتك ناهيك عن حدة الصوت وتعلثم الكلمات وارتجاف اليدين وغيرها مما هو . تجاوزناها طبعية آثار مسألتان : هنالك األولى :وهي األثر الظاهر على الورقة من أحرف هي رسوم ورموز مجردة من أي معنى ناجم من تعلم القراءة والكتابة ويتساوى في ذلك االمي والقارئ إال في أثر كل عند البشرية الفروق الثانية :هو المعنى الذي ينقل بهذه الرسوم والرموز (الحروف) أو بهذه الكالم يفهم )لمن الكالم األصوات(عند اآلن هذا في نخوض أن المبكر من "....... عمر "قال (كتابتي) قولي عن هذا كل العرب" ديوان "الشعر عمر قول بال فما لو كنت أنت الجالس تسمع كالم عمر "الشعر ديوان العرب" فمصدر "الشعر ديوان العرب" هو عمر وجملة "الشعر ديوان العرب " أثر (دليل) صدر عن عمر إثر مؤثر أثر في عمر فقال هذا الكالم لم نحسم بعد إن كان علينا أن نسمي األثر الصحيح غير المتوهم فقط دليل أم نجعل دليل هو مؤثر على يدل نظنه أثر كل التزاما بالمعنى الفعلي للدليل ،يجب أن يكون كل ما دلك على مؤثر دليال وإن كان ال يدل عند اتباع المنهج السليم لتكون المسألة :هذا دليلي ،وهذا دليل فالن ....وهكذا وبعدها نقول :هذا ال يدل ،أو دليل سيء أو شيئا آخر قد يأتي في القريب. والحق أن العيب ليس بالدليل وإنما بمن اتخذه دليال . لماذا أثر يدل رجال إلى شيء ويدل آخر إلى شيء آخر وال يدل ثالثا إلى شيء(تنزال) هذه مما ولدنا ورأيناه وأراده هللا فخلق البشر متباينين في األفهام وهذا مرده إلى . إنسان كل يحمله الذي العلم مقدار من حدث أو أثر واحد يفهم إنسان شيئا (فهما صحيحا أو خاطئا) وغيره يفهم كله وربما صحيح هو ما منه اكثر أو شيئين القادم من الكتاب فيه مزيد .
في الماضي -قبل التعديل -كنت أعالج اإلدعاء بأن أطالب بالنظر في المصدر أوال فننظر ثقة السامع به (كاذب أم صادق) فإن كان عند السامع صادقا طولب المدعي بالدليل خشية الجهل ألن الخبر الخاطئ يأتي إما من كذب المخبر أو جهله وعندئذ - 47 -
الكتاب األول
يكون الخبر صادقا عند فالن لثقته بالمصدر وخاطئا عند فالن عندما يكون المصدر بثقة ليس فإن كان ثقة طولب المصدر أو من يتبنى الزعم بالدليل تنام البطة عالم: قال فإن المصدر هو العالم وانتبه إلى أن المصدر هنا تغير معناه قليال فاألثر الصادر منه قوله "البطة تنام" أما في الطريقة القديمة فالمصدر منفصل وال تراعى فيه األثر مسألة المصدر هو العالم وتصديقه رهن برأي كل شخص في صدقه ولقد كتبت شيئا في شروط المصداقية لكن تركته وربما تجد نتفا منه مبثوثة في الكتاب ألن عيوبا كثيرة اعترت هذه النظرة القديمة فعدلت عنها رغم أنها نافعة نفعا كبيرا إن روعيت . عندما يكتب إنسان على ورقة فإنه يترك آثار قلمه عليها ليقرأها واحد أو ماليين فيهم أثرا فتحدث هذه اآلثار (الكتابة) رسوم وأشكال يتعلم المتعلم ماذا تعني وكيف تنطق فهي رموز الكالم أصوات ولغتنا ومعها لغات كثيرة -عدا اللغات المقطعية -لغة أبجدية لكل صوت حرف ومجموع األحرف يجمع األصوات التي تسمع من نطق كلمة. والختم أثر على ورق وليس شرطا أن يكون أثر الختم كلمات من قبيل "أصادق على المكتوب " أو "أقبل" أو "أقر" أو "دخل البلد " أخرى أشياء أو الخاتم اسم األثر يكون أحيانا وقد تعارف القوم على أن ختم فالن إقرار وقبول منه تزور؟ واألختام فالن ختم هذا أن يعلم كيف ولكن إذا صدرت األختام من -مثال -جهة حكومية أو ممن يطمئن إليه أنه لن يزود ختما باسم واحد الثنين فيكون االسم المطبوع من ختم هو لشخص واحد يكون هذا دليل وأثر هذا الشخص وحده ومعنى ختمه يحدده العرف واالتفاق وإذا طالت االختام التزوير الكبير فإن تزوير الكتابة (الخط والتوقيع) أشد واعسر خبير خداع يريد لمن التوقيع(اإلمضاء) وكتابة اسم الموقع يتباين بين شخص وآخر كما هو معلوم ولم يمنع ذلك من محاوالت محاكاة "الخطوط" و"اإلمضاء" فينطلي بعضها على كثيرين وربما على الكل إن لم نجد خبيرا حاز من الدراية ومن األدوات ما يعين. ؟ يميز الذي ما لكن معلوم أن لكل كاتب نمط من كبر الحروف وميالنها ورسم بعض الحروف وضغط القلم واستمرار الخط من تقطيعه المتعمد أو غير المتعمد وقد يميز الكثيرون وقد تجد من الخبراء الكثيرين الذين يرون لكل خط هوية ما تراه توقيعا أو كت ابة فيه الكثير الكثير من التباين فلحرف السين ما ال يعد من األشكال ؛مسننة أم خطا ،طويلة أم قصيرة ،منحنية أم قويمة وبين كل اثنين من
- 48 -
الكتاب األول
هذه درجات وكذلك لباقي الحروف وأحيانا تكتب النقاط بتأن أو يمرر القلم تمريرا وهكذا.... النقاط على يدل التوصيف نقص هو األمر في المهم فلو سألت خبير خطوط كيف علمت أن هذا الخط ليس لفالن سيبدأ يصف لك فيقول ان فالن يكتب الميم هكذا و "هكذا" هذه لم يجد لها اسما لصفة وهناك عشرات "الميمات" او مئات "الميمات" إن وسعنا مدرج القياس أو "آالف" إن وسعنا أكثر اللغة ليست عاجزة عن إيجاد صفات لكن العلم حديث وشيوخ الخبرة غير مؤهلين 1 لغويا ربما يميز البعض وربما ال يميز أحد لخلو الصنعة من خبير بهذا القدر من انعدامها أو تمييز آلة نقص أو المحاكاة الختم لذكر واستغالال ختما؟ سمي لماذا 0 أليس مرجحا أن يكون الختم من الفعل "ختم" بمعنى أنهى أو بمعنى أقفل بالنوم أنهاه أي بالنوم يومه فختم لماذا ال نفكر بأن يكون اسمه ختما ألن الكتب (الخطابات الرسمية والرسائل والوثائق) تختم به أي تنهى (ينهى قراءتها أو كتابتها أو كتابة ما يراد كتابته ) به عند الموافقة أو االطالع أو االقرار،وليكون خاتم اإلصبع قد سمي خاتما ألنه به تختم الكتب وقد اتخذ النبي صلى هللا عليه وآله خاتما حين أرسل إلى الروم بكتاب البخاري) عند وجدته الذي أنس حديث في (كما هذا لنسترجع ما يخشى أن ينسى أن األحوط واألسلم -وأزعم أنه الصحيح -تفسير االسم بفعله غير ملتفتين ألي تعريف كبر وتضخم من أهل علم وجهل وأهواء ألنك ربما تسمع :الخاتم :قطعة (أو شيء أو حلقة أو مقتنى أو )....معدنية ........ في )... أو (يوضع يلبس وقد قلت "النبي" اتخذ ولم أقل "الرسول" فما الفرق طال الحديث عن هذا(الفرق بين النبي والرسول) ولم يترك ظن إال وكتب واختلف أحد غليل أحد يشف ولم العلماء قبلهم ومن الناس أما حسب ما قلناه يمكنني أن أجعل الفرق في التالي :
باستعمال ما قد قلت فإن "النبي" جاءت من الفعل "نبأ" أو "أنبأ" فالنبي ُينبأ واألنباء المعنية هنا هي أنباء الغيب من أحداث القادم من األيام وأنباء يوم القيامة وأخبار األمم السابقة وهذا هو المعنى الوحيد الذي يمكن فهمه من لفظة "نبي" لم التق بخبير خطوط ولم أقرا كتابا لهم ولكن األمر ال بد أن يكون هكذا فإن لم يكن هكذا فقد قلنا أن األمثلة لإلفهام وليست للتعليم بنفسها وأخشى أني أكتشف وأخترع ما ال يعلمه غيري وأنا ال أدري هذا ليس شكا مني في المعنى وإنما ألن الوقت مبكر لهذا - 49 -
الكتاب األول
دليل دون عليها إضافة ألي وازع يفهم وال أما "الرسول " فهي من "أرسل" والرسول مرسل ومعلوم ممن وعلى هذا فإن "الرسول" شيء و"النبي" شيء وال يمنع مانع أن يكون النبي رسوال والرسول نبي فما المانع أن يرسل هللا رسوال وينبأه بأخبار الغيب ليكون نبيا ورسوال ولو كان كل من أنبأ أرسل فكل نبي رسول كاملة ؟ الفكرة تصل ألم الجسد واحد وله صفات كثيرة ويمكن أن يسمى بصفة أو أكثر من صفاته سالح المسدس سمي كذلك (افتراضا) ألن شكله شكل الرقم ستة وكنا نستطيع أن نسميه كما يفعل غيرنا "مدفع" ألنه يدفع بالرصاص ولو اضطر شعب رآه ولم يسمع له اسما أن يسميه فلربما سماه "القتول" أو "القتال" أو "األسود" إذا غلب عليه اللون األسود أو أن السالح الوحيد الذي استعملوه أسود وهكذا والنبي هاد ومبشر ونذير وهذه اسماء ال تقل شأنا عن "الرسول" و"النبي" التي غلبت على أسماء الهادي والبشير والنذير (وال مانع من مشفق رؤوف رحيم دليل) عليه و...مما االجساد (الذوات) تتباين فالنبي محمد صلى هللا عليه وسلم يشترك مع موسى عليه الصالة والسالم بأشياء كثيرة منها النبوة واإلرسال و......و......اإليمان و ....والحرص...و طبائعية وربما جسمانية بصفات ويختلف فيشار إلى الذات أحيانا بأكثر صفة تعارف الناس على أنها إن ذكرت قصد بها ذات ولكن ما يجب أن يراعى هو أنه ال يفهم من "رسول" غير أنه "أرسل" وال يزاد عليها شيء وال يلزم أحد بالزيادة إال بدليل وعندئذ تكون الزيادة أخبار عن رسول قد ال تصح على رسول آخر فال تالزم بين صفة وصفة وإنما تجمع صفتين في ذات وال تجتمع في ذات أخرى فال تالزم بين الذكاء والشجاعة أو المروءة والحلم وال بين أي صفتين ولكنها يمكن أن تجتمع في ذات أو أكثر وتفترق في غيرها وهذا الكالم له تبعات منها ما قد يظن أنه خطير وسيساء فهمه والعصمة النبوة مثال-تالزم منها فالنبي ُينبأ والمعصوم يعصمه هللا (هذا دون الخوض في نوع ما يعصم منه ألن الخالف دائر في النوع فمنهم من ينزه األنبياء عن الكبائر فقط والكثيرون على تنزيههم عن الصغائر وآخرون قالوا أشياء أخرى) وليس من المستحيل أن يكون النبي معصوما إن أراد هللا ذلك ولكن التالزم غير طبعي فيحتاج عندئذ دليل قبل أن معصوم :النبي تقول هذا األمر وأشباهه وغيره سيثار مرة أخرى كثيرا أحيانا في هذا الكتاب وأحيانا أخرى في غيره وما هو إال مثال وفي النهاية فإن األنبياء عليهم السالم جميعا خير من وطأ الحصى وال ينتقص منهم إال أحمق معلوم الحكم الشرعي فيه المعنى االصطالحي هو أخبار عن ذات اكتسب ذاتيته من السياق أو موضوع البحث ويبقى المعنى األصيل عاما ال يلتزم بما أضيف إليه إال بدليل وما أن أضيف إليه فقد تحول إلى ذات وعندما يبدأ معرف بتعريف فيجب أن يعي هو ومن يقرأ
- 50 -
الكتاب األول
أنه بإيراده التعريف فإنما هو يقول للقارئ إن وردت الكلمة الفالنية فإني أعني بها (الذات) الجسد على ينطبق مما وكيت كيت وجبريل أيضا رسول ولكن الناس عندما تسمع "الرسول" تفهم منه محمد صلى هللا عليه وسلم في سياق وفي سياق آخر تفهم منه الرسل عليهم الصالة والسالم ولكن يجب أن يبقى الرسول تعني من أرسل ؛جبريل كان أم عيسى أم رسول برسالة أخيك إلى رسولك أم األمصار إلى عثمان وختما للفرق بين النبي والرسول ،فهما صفتان قد تجدهما في شخص وقد تجد واحدة وكل من أرسله هللا ونبأه فهو نبي ورسول مع العناية بسياق اإلنباء واإلرسال فأي رجل نبي إن نبأ ولكن بمعنى أنباء الغيب (وهذا يحتاج كالما) غلب هذا اإلسم على األنبياء عليهم السالم وإيضاح هذا سنراه في صفحات قادمة بعون . هللا وال أظن أحمقا يتكأ على فهم سقيم لما قلت ليعذر كل دجال أو مشعوذ أو كذاب ادعى النبوة والرسالة من هللا بدأ بمسيلمة وانتهاءا بآخرهم ممن نسمع عنهم كان هذا مثاال من كثير من األمثلة التي حار بها الناس ومما كثر اللغط فيه لخلوه السليم التأصيل من أراني أتجاوز حدود الفصول فأنطلق إلى ما ينبغي أن يكون في موضع آخر حفاظا على ترابط األفكار وال أفلح دوما في هذا فأحيد أحيانا عن طريقي سؤال لالختبار :هل الصديقة الطاهرة مريم عليها السالم نبية ؟ هذا بحث أثير بين علماء كثر ولكني أريد إجابة مسببة ومفصلة اعتمادا على ما هنا قيل قبل أن أغير النظرة كنت أطلب النظر في المصدر ثم الدليل فاجعلهما منفصلين ولم تكن تلك عاجزة تماما لكن ربط الكالم باألثر والمؤثر جعلهما حاكمين فيما يقول قيل؟ ولم يقال وما الناس في الكتب والمناظرات والمحاكم والتعليم نرى االحتجاج بما ال يحتج به أو يستشهد واإللزام بما ال يلزم ومغالطات (إن كان المقصود بالمغالطة بناء نتيجة على مقدمة ال يصح بناء هذه النتيجة عليها) أو التعويل على شكل أو صوت أو نحيب أو علوه زد عليه اإلغراق في المنطق المعوج أو فيما ظن أنه منطق وفي القادم من الكتاب وما بعده سنرى من هذا الشيء الكثير
أغلب المدعين والزاعمين يحيلون ويعزون دعواهم إلى من يرونه عالما فيما يعزون فيه
- 51 -
الكتاب األول
وهذه جريمة في حق العلم ربما سهل قبولها في تلقين أطفال (وحتى هؤالء ينبغي أن يكون تعليمهم بغير هذه الطرق التي تجعل من كل مليون واحدا ذاق طعم العلم ومن كل عشرة ماليين واحدا ابدع ابداعا حقيقيا ومن كل ألف واحدا استطاع أن يلم بعشرين من المائة مما تعلمه ومنهم من انهى كليته وال يحسن كتابة جملة نحوا وصرفا ورسما) أو باعتبارها شهادة وإال فالدعوة تحتاج دليل والدليل ربما كان مضال عن ما يستدل له فإن قال قائل :نبتون كوكب القائل ربما أثر فيه "تكوكب " نبتون فيصلح عنده أن يضم نبتون إلى مجموعة يجمعها "التكوكب" لتكون مجموعة يشترك اعضائها في "التكوكب" هذه حال المجموعات تضم أعضاء يختلفون في أشياء ويفترقون في أخرى لكن ال بد من صفة مشتركة بين الجميع تجمعهم في مجموعة تسمى باسم بالصفة التي جمعتهم فجموعة الكارهين للموز سترى فيها الطفل والكهل والشيخ واألمي والمتعلم والرجل والمرأة هؤالء االعضاء بعضهم يجتمع في مجموعات أصغر وأكبر فالذكور منهم يجتمعون في مجموعة الذكور وجزء منهم يجتمع مع بعض أطفال اإلناث في مجموعة األطفال ولك بعدئذ أن تتصور ما نستطيع أن نوجد من مجموعات ومدى التداخل بين المجموعات كالتداخل بين مجموعة المهاجرين إلى أوغندا ومجموعة النائمين أقل من ثالث ساعات في اليوم ويقودني شوق كبير دائما أن أحيد عن المسار كما يحدث اآلن عندما خطر لي فلسفة تكوين األحزاب والجماعات حين يكون المفهوم أن يكون بين أعضاء الحزب الواحد جامع فإذا ما محصت رأيت العجب العجاب ولكني أخشى إن دخلت من هذا الباب لم استطع أن أعود إلى طريقنا دون تشعيب كبير وإطالة تنسينا مرادنا برغم أن الكالم في هذا وغيره يكسبنا منظورا أكبر وأوسع مختلف تكوكب"نبتون يجعلك تضم نبتون إلى ما مجموعة "المتكوكبين" واعضاء هذه المجموعة يكونون أعضاء في مجموعات أخرى أكبر أو أصغر حسب كل صفة فيهم هل أدركت تنوع الصفات بتنوع الذوات وهل أدركت خلو التالزم توضيحات
- 52 -
الكتاب األول
أوال :نبتون ضم لمجموعة الكواكب بعد وضع شروط انتساب لهذه المجموعة ألن القضية ال تخلو من النسبية طالما أنه لم توضع معايير دقيقة كما الحال كثيرا في كل التصنيفات في كثير من العلوم واألداب وكمثال فإن بلوتو لم يعد منذ سنوات كوكبا لتكون كواكب المجموعة الشمسية حسب اتفاق أهل الشأن ثمانية ثانيا :ربما لفت انتباهك لفظة "تكوكب" والمراد منه المبدأ وال أريدك التعويل عليه فيكفيني فهمك حتى أن أهل المعاجم يرون أن الفعل لهذا االسم هو "ككب " ولم يحن الوقت للمزيد من الشرح في هذا ثالثا ":الكوكب" في اللغة اإلنكليزية planetوهو في كل األحوال ال عالقة له بمعنى "ككب" واالنكليزية تفشل كثيرا -كغيرها -في مجاراة العربية في إمكانية التأصيل ولكن للتوضيح فإن كان لالسم االنكليزي أصل ذو عالقة بصفة أو تصرف للكوكب فهو بالتأكيد مباين لتفهم من هذا امكانية تسمية الشيء بأكثر من صفة فيه رابعا :كان العرب يطلقون اسم الكوكب على غير ما نعلم اآلن أنه يدور حول الشمس مما نسميه كواكب وقد ورد اللفظ في القرآن في سورة النور (كأنه كوكب دري) وقد قيل الكثير في تفسير هذا خامسا :ربما كان ما يصدر عن الكوكب من أثر ال عالقة له بالفعل "تكوكب" ويكون االسم كوكب تسمية خاطئة ألجسام وهذه التبيهات صالحة ،معظمها أو كلها ،ألمثلة أخرى فتنبه. كل مسمى تجد له أكثر من صفة تستطيع أن تسميه بها فالبيضة يمكن أن تسمى المحضونة أو الفاقسة أو باي صفة منها وقد اخترنا اشتقاق الفاعل والمفعول به وتستطيع اختيار اشتقاقات أخرى والقلب من التقلب والنبيذ من النبذ والخمر من الخمر والضمير من الضمر وكل يتسمى باسم آخر فالقلب قابل للتسمي -مثال -بالنابض إن صح تسمية ما يفعله نبضا وكذلك السيف بتار وحسام ألنه يبتر ويحسم
في القادم ستجد مزيدا من األمثلة حتى يمل القارئ ويستنجد طالبا االنتهاء من فصل الدليل - 53 -
الكتاب األول
مما ادعاه كذلك أهل اللغة أن اللفظ يدل احيانا على النقيضين كالبصير الذي قالوا أنه لالعمى ولمن يبصر وقد رأوا من هذا الكثير فجعلوا هذا األمر على اللفظ "عزر" الواردة في قوله تعالى "فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه "فقالوا أن التعزير يأتي بمعنيين متعارضين وقد جاءت هنا للتوقير ولي عودة إلى ذلك إن شاء هللا ذلك
إذا كان ما يسمى كواكب يجمعها أنها تدور حول الشمس (وهو بالتأكيد ال عالقة له بمعنى الفعل الذي اشتق منه "كوكب")كما تجمعها أشياء أخرى فإن الخبر "نبتون يدور" يصح على نبتون اتفاقا ولكن القصة لم تنته لم حكمت على الخبر بالصحة ؟ ومن قال لك أن نبتون يدور حول الشمس ؟ كل الناس يعتمدون في هذا على قول علماء الفلك وال يجدون غضاضة في الوثوق فيهم ولن ادعوك للشك فيهم لكن الستغل هذا الخبر أقول: علتان إن طرأت إحداهما على عالم رد خبره :الكذب والجهل الصادق يجهل أحيانا والعالم بخبر قد يكون كاذبا ومعظم ما يدعى تستطيع التثبت فيه بنفسك لكن بحسن اختيار الدليل لو أوجدت ما يتأثر بدوران الكوكب حول الشمس كان أثر هذا الوسيط فيك دليال على دوران الكوكب ما رأيكم بما يوضع على الشمس وال يتأثر بحرارتها وال يغوص في غازها فيتأثر بحجب نبتون لالشعاع الكوني القادم الى الشمس ويكون اثره فينا او فيما يؤثر فينا بضوء او صوت أو غيره هذه عسيرة ما رأيكم بما يوضع على نبتون فيتحسس كل نهار نبتوني بجزء جديد من سطح الشمس الذي يقابله في دورته حولها هذا عسير
- 54 -
الكتاب األول
ما رأيكم بما يؤثر في جهاز نضعه على كوكبنا فيتأثر بتأثر نبتون بدورانه حول الشمس إن عسر التأمل في هذا سيزول لو أنا أدركنا أن جميع أجهزة القياس تسير على هذا المبدأ تجد في بعض خزانات المياة كرة موصولة بقضيب معدني حتى إذا ما ارتفع الماء ليرفع معه الكرة التي تطفو فيرفع معها القضيب الذي يحرك سدادا يسد فتحة ينفذ خاللها الماء الصاعد الى الخزان فيتوقف ملء الخزان لو كان ارتفاع القضيب يغلق دائرة كهربائية ليدق جرس فتعلم أن الخزان امتأل كان األثر مختلفا جهاز spectrophotometerيوضع فيه محلول ليقاس تركيز المذاب فيه لكل لون من الوان الطيف الشمسي المرئي تردد ضوء األحمر هو األدنى ترددا واألطول موجة ونقيضه البنفسجي التردد األكبر ذو طاقة أكبر وعند اصطدام الضوء الشمسي األبيض فإن الجسم األحمر يمتص كل األلوان عدا األحمر الذي يعكسه فيكون الجسم "أحمرا" ونراه كذلك وكل األجسام تظهر باللون الذي تعكسه ومسألة لماذا هذا الجسم يبدو بلون وغيره بلون آخر قضية ممتعة لكنها ليست ذات صلة كبيرة بكتابنا المذاب في المحلول يلون بتفاعله مع مادة ليظهر لنا لون متوقع من علمنا السابق كلما كان اللون شديدا اعطى طاقة اكبر(لزيادة الفوتونات) تحول إلى تيار كهربائي يحرك مؤشرا على مدرج نعلم منه تركيز المذاب كم أثرا ومؤثرا هنا وكيف تنوعت اآلثار وكيف تم قياس أثر ؟ حركة المؤشر وإشارته على رقم دلنا على مقدار المذاب المذاب أثر فيما لونه وتأثر فيما لونه وكان األثر لونا (تركيب جديد) أثر في سلوك الضوء نحوه فتأثر الضوء فأثر في مقدار التيار الكهربائي الذي أثر في حركة المؤشر الذي أثر في أعيننا فجملة "تركيز المذاب 2مايكروغرام في كل 011مل ماء "دلنا عليها الرقم 2 على المؤشر
- 55 -
الكتاب األول
األثر -كما رأيت -يتدرج أحيانا بل هو دائما يشتد ويتناقص تبعا للمؤثر فيصير له مقدار . الوسيط يكون آلة أو جهاز واخترنا أن تكون اآللة ما نؤثر فيها لتؤثر كالمطرقة والمنشار والمحراث والجهاز هو ما يتأثر فيؤثر فينا وإليكم هذا المثال المفيد التعرف عليه
2
المذياع (جهاز الراديو)يستقبل الموجات الكهرومغناطيسية "المحملة" باالصوات المراد نقلها واالستماع إليها بالمذياع إلرسال "إشارة" راديوية تستخدم دائرة كهربائية ابسطها تتكون من مصدر طاقة (بطارية مثال) ومتسعة وملف و"هوائي" والهوائي سلك مربوط بإحدى طرفيه بالسلك الواصل بين الملف والمتسعة والطرف اآلخر يترك (طليقا) في الهواء المتسعة تركيب ،الشكل البدائي له يكون عادة لوحان معدنيان يفصل بينهما مادة قليلة التوصيل تخزن فيها الطاقة الكهربائية الستعمالها حين ينعدم مصدر الطاقة والملف سلك كهربائي موصل ملفوف ولفه له فائدة فإن مر تيار فيه نما مجال مغناطيسي وهذه من طبيعة الموصالت فإذا مرت شحنة في سلك تولد مجال مغناطيسي كما أن المجال المغناطيسي إن "تقاطع" مع موصل حرك شحناته في هذه الدائرة الكهربائية تنطلق الشحنات من مصدر الطاقة ليمر في الملف (المحث) فينمو فيه مجال مغناطيسي (لتغير تعجيل الشحنات المارة فيه)هذا المجال يدفع الشحنات المارة لتصل إلى أحد لوحي المتسعة فيزيد شحنها وعندئذ يبدأ المجال المغناطيسي باالضمحالل لثبوت تعجيل التيار واضمحالل المجال المغناطيسي يدفع التيار باالتجاه المعاكس ويبقى التيار يتردد جيئة وذهابا في الدائرة فيكون التيار صاعد ونازل في الهوائي فينمو مجال مغناطيسي في الهوائي يؤثر في أيونات الهواء التي تتحرك فتولد مجال مغناطيسي يولد مجال كهربائي وتبقى الحال حتى تصل إشارة كهرومغناطيسية إلى المستقبل (المذياع) وهذا المذياع نفسه فيه دائرة مشابهة لدائرة المرسل والمطلوب حدوث حالة "رنين" بين الدائرتين وهذا الرنين نحصل عليه من تغير سعة المتسعة (التنغيم الذي نقوم به عندما نتحكم بتردد المذياع باليد( اإلشارة هذه اشارة كهرومغناطيسة دون صوت مذيع أو موسيقى
ال تكلف نفسك كثيرا في فهم هذا المثل ظنا منك أنه عائق لفهم القادم وكنت أود الشرح األوسع ليفهم أكثر القارئين له فألأعرضت عن هذا في النهاية وحتى أني لم أدقق في المثال خشية الغلط ألني قد نبهت سابقا إلى ان المراد من األمثال هو اإليضاح وليس لتقديم معلومة
- 56 -
الكتاب األول
لنحمل صوتا على اإلشارة نحول صوت المذيع في محطة اإلرسال إلى تيار يتداخل مع التيار في الدائرة فيشوه اإلشارة فتنتقل اإلشارة مشوهة عبر الفضاء فتصل مشوهة فيقوم المستقبل بإعادة التشويه إلى صوت يسمع بالسماعة التشويه احيانا في تردد التيار في الدائرة ) (FMأو بسعة موجة التردد)(AMأو بطور الموجة كما في اجهزة التحكم عن بعد كم أثرا وكم مؤثر وكم نوعا وشكال بل أن تشويه األثر كان له نفع وأثر
أعلم أني أكثرت األمثلة وربما اخترت االكثر غموضا أحيانا ذلك ما القول في جملة مثل "الزرنيخ قاتل" فإن إنسان قد يقتله مقدار من الزرنيخ ال يقتل آخرا فهو قاتل بشروط مقدار ما يعطى منه والكائن الحي الذي تناوله وغيرها إن هذا ألن في الجملة مكمالت اتفق عليها و بها يتسنى للقائل في علم معين أن يطلق الحكم فإن ك إن قلت هذا الكالم في كتاب علم سموم اتفق أهله على تعريف القاتل من السموم ووضعوا شروطه ابتعدت الجملة عن النسبية (النسبية في العلم الواحد) فيقولون إن القاتل هو -مثال -ما إذا أعطي بمقدار ملغرام أدى إلى وفاة الضحية في مدة تقل عن عشر ساعات وعندئذ إذا ما قيل المادة الفالنية قاتلة فهو قاتل في هذه الشروط(الظروف) تماما كما أن في الفيزياء تكون درجة حرارة غليان الماء 011وال يذكر معها مقدار الضغط الجوي ونقاوة الماء وعوامل أخرى تغير هذا الحكم ولكن كيف ألعرابي أن يقول "الزرنيخ قاتل" وهو ال يخطر في ذهنه كل هذا العربية الصحيحة ال تقول هذا بل تتعامل مع الجمل بطرق أخرى لم يحن الوقت لتناولها هذا يقودنا إلى مسالة أريد التقديم لها هنا علنا نعود إليها
- 57 -
الكتاب األول
إن قرأت كتابا عن الحج فليس غريبا إن يبدأ بالمعنى اللغوي واالصطالحي للحج فيقول :الحج لغة :القصد واصطالحا :هو الركن ...........الطواف .......الصفا ........ ال شك أن الحاج يفعل هذا لكن هذا يجعل ما ورد في القران من أسماء ال تفهم إال بوسيط يعرفنا بذات كل اسم ويضع جسما لكل اسم وهذا يخالف أن يكون القرآن كالم عربي مبين ميسر للذكر بفهم من يفهم من عرب ذاك الزمان ولكن السؤال :لماذا أحيانا يذكر الحج مقرونا بالبيت؟ كقوله تعالى "وعلى الناس حج البيت " و "فمن حج البيت أو اعتمر" إن كان للحج معنى اصطالحي واحد فلماذا يقرن بالبيت سينتهي الكالم في فصل الدليل لكن الكالم في الدليل لن ينتهي وسيمر بنا حين االحتياج إاليه نحن داخلون إلى فصل جديد يستدل الناس في أقوالهم على أشياء يرونها ادلة واحد مما يستدل به هو قول فالن فإذا كان القول "دينيا" تسمع كثيرا قال العالم الفالني :كذا وكيت
الماللي
ما سيقال في الماللي يقال شبيه له في الخطباء والدعاة و"المفكرين" واألدباء والكتاب والوعظ و حتى السياسيين واتخذت الماللي نموذجا ألن األغلب يتأثر بقولهم .
- 58 -
الكتاب األول
كم واحدا اشتكى من تعدد الفتوى والمرجعيات واآلراء والمذاهب؟ ال ينكر التعدد إال من لم يعش بعد فهذا له أتباع وذاك له أتباع وهذا يفسق ذاك وذاك يبدع هذا ونسمع من "عالم" حكما يحكم بغيره "عالم" آخر في المسألة نفسها
واألمر طال "العقيدة" كما طال "الفقه" ما الذي يجعل أتباع هذا ال يتبعون ذاك ويصغون إلى فالن ويعرضون عن فالن قد ينبري تابع ليقول :ألن هذا أعلم من ذاك ونسأله :كيف علمت ان هذا أعلم من ذاك فإن قال :ألن كالم هذا خير من كالم ذاك نقول :وكيف حكمت وأنت مقلد تابع فالحكم أن هذا أعلم من هذا يستلزم أن تكون عالما بل أن تكون بعلميهما أو أكثر فإذا كنت كذلك فلم أنت مقلد ؟وقد بلغت علميهما وما نوع الكالم الذي حسن عندك من هذا وقبح من ذاك وقد يتحاذق متحاذق فيقول :كالم هذا موافق للكتاب والسنة لو كنت تعلم ما يوافق من القول الكتاب والسنة لم تكن محتاجا أن تنتظر من يقول كالما يوافق الكتاب والسنة لقد ناولتنا بهذا رأس الخيط. أما لو أنه قال أن كالمه موافق للعقل قلنا له :كنا نحسبك على خير الموافق للكتاب والسنة يتطلب معرفته علما بالكتاب والسنة يقول يكفي أنه يقول :قال هللا وقال الرسول - 59 -
الكتاب األول
ونقول :ومن قال أن ما يقوله من حديث صحيح ومن آية أو حديث دليل على ما يريد االستدالل له وليس استدالال في غير محله إن قال :هو عالم .نقول :أرجعتنا إلى حيث بدأنا ربما يورد "العالم" حديثا صحيحا يظن صحته فإن صح كان دليال على غير ما أراد وكم من اآليات احتج بها على غير ما دلت عليه وكم سببت لي غصات ال نزال ال نعلم لماذا يتبع فالن وال يتبع فالن ؟ لماذا يوثق في عالم ويعرض عن آخر والواثق والمعرض مقلدون أتباع لم يبلغوا من العلم ما يجعلهم يحكمون على "أعلمية" فالن أو ترجيح فتوى على فتوى فهذا الحكم إن تأهل له مقلد كان اولى باالتباع ممن يقلدهم يلجأ الجهالء في الحكم إلى وسائل وعالمات يأنف بعض األطفال منها كجمال الطلة وطول اللحية وبحة الصوت وكثرة االتباع ونحيب المتبوع وعلو الصوت وما يظن أنه من أمارات الصالح وال تعجب فما السبب غير هذا إن لم يكن هذا الثقة ؟ ومن أين جاءت الثقة وما الذي قادك إليها إن اشترط البعض شهادة جامعية أو تزكية الشيوخ لم تحل المسألة بل زادت اشكاال أوليس كل صاحب هوى او رأي يمنح الشهادة لمن تابعه على هواه في جامعة أسست لتكون على نفس العقيدة والنهج فالذي -مثال -يحرم التبرك بقبور الصالحين سيقبل رسالة ماجستير تسرد أدلة تحريمها والذي يجيزها أو يوجبها سيجيز رسالة تسرد أدلة تجيزها أو توجبها وهكذا األمر في كل ما فيه خالف عقدي أو فقهي بين "عالم" و"عالم" لتتخذ كل جامعة لونا وتدعو إلى عقائدها وينجح فيها من يتبع أصولها ويكون من يرى غير ذلك منحرفا ال يستحق النجاح - 60 -
الكتاب األول
وال حاجة في سرد مئات المسائل "العقائدية" و"الفقهية" التي لكل فرقة لها فيها رأيا وقوال مما يعلم بعضه مرتادو المساجد أو متتبع لفتاوى الفضائيات وال يستغرب أن يتحزب كل تابع إلى متبوعه فقد صار األمر من دين إلى نرجسية تابع فكما أن بعض الناس يبحث ويجمع ما يخصه مما يميزه عن اآلخر ليبني عليه أنه فريد كبرجه ولونه المفضل وطعامه المفضل وناديه المفضل ويتخذ له رقم حظ ويوم محببا و...و...ليجلس في جمع ويقول :أنا ..........وأنا...... أنا أحب ،أنا أكره ،أنا أنام خمس ساعات ،أنا أحب زهرة البنفسج ، يجلس ويظن أنه مركز الكون ويتحدث ليرضي نرجسيته فيقول :أنا أستمع (أو أحب أو أثق )...بالشيخ فالن ومعظمهم وهللا ال يكادون يعلمون على أي مذهب أو عقيدة شيخه هو ،هذا إن تغاضينا عن طامات أقواله التي تمر على أسماع التابع وهو يبتسم ظانا فيها خيرا ومن أدلة هذا أنك لتجد من يستمع إلى شيخين أحدهما يرى اآلخر على ضالل مبين والتابع هذا يطرب على كل لحن وقد يتصنع الفهم وأنه أحاط بما قيل وعلم المراد واستطابه ألنه علم أنه حق صار اختيار الشيخ كاختيار ناد كروي لم يعجبه فيه إال اسمه أو شعاره أو ضمه لالعبين يظن أنهم أكفاء العلم يحتاج صحة وداللة لفظة "الماللي" ال يقصد منها االساءة إلى أحد(ويقال أن أصلها فارسي )بل رأيتها جامعة لكل من تصدر للفتوى و"المشيخة" وال يخلو زمان من "علماء" أناروا للناس طريقهم إن الذين يقولون "هذا أعلم من هذا" أو هذا "حجته أقوى "أو "غلب فالن فالنا" وهم لم يغوصوا فيما غاص فيه اإلثنان فإن مثلهم كمثل رجل ياباني ال يفقه من الفرنسية شيء فإذا ما سمع من يعوج لسانه من المتخاصمين أكثر ومن عال صوته أو من غنغن عباراته أكثر حكمت له أن فرنسيته أفضل أعلم أن هذا الفصل يغيظ من ينتفع من بقاء المنظومة كما هي متبوع واتباع متبوع يقود الناس كقطيع أغنام
- 61 -
الكتاب األول
إن قال محاورك :اتبع ما يقوله بدليله وأنظر في دليله أقول :لقد كنت خيرا من غيرك لكن سيبقى في نفسك من هذا شيء فأمثالك يحدثون نفسهم :العالم أدرى بلغة العرب وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد و.......... أقول :ليس كلهم كما تظن فمنهم وهللا ال يحسن تالوة آية أو كتابة سطر فصيح أما من امتلك منهم العلم الكبير فمنهم الكذبة وأصحاب الهوى ومنهم من يأكل بدينه أو يبيع آخرته بدنياه فإن قال قارئ :أراك تطلق أحكاما دون بينات أقول :إن قلت هذا فقد اتفقنا فلنمض أي مسألة تظنها فقهية تحتاج نوعين من العلم (تصنيف وضع لإلفهام ليخدم فكرة كأي تصنيف( العلم بالحكم الشرعي والعلم بالمحكوم عليه. الحكم الشرعي حصره المشتغلون فيه في الواجب والحرام والمباح(الحالل) والسنة (ما يثاب فاعله) والمكروه قد تجد في كتب بعض من هذا أو كله أو قد يدرج واحد منهم في غيره و نجد أحكاما أخرى تطلق على مسألة أو شخص ولكن المهم أنها أحكام فقتل الضفدعة تحتاج (كغيرها) حكما ما حكم قتل الضفدعة؟ ( ...........حالل أم حرام أم واجب أم ).... الحكم يستمد من أحد مصادر التشريع الجميع متفق على أن الكتاب والسنة أعظم مصدرين فيهم وبعدها يفترق الناس منهم من يضم إليهم اإلجماع والقياس واالستحسان والمصالح المرسلة والعرف وعمل الصحابة كلهم أو بعضهم - 62 -
الكتاب األول
ما يحتاج المستفتى علما بحكم هذه المصادر على قتل الضفدعة وهو نص من آية أو حديث تحكم على قتل الضفدعة أو قاعدة أو حكما من المصادر األخرى على قتل الضفدعة هذا العلم األول النوع الثاني من العلم هو العلم بالمحكوم عليه ؛الضفدعة (وقتلها) قد تحتاج معرفة ببايولوجيا الضفدعة وسلوكها ونفعها و............ومما ال يعلمه إال أهل اختصاص وهذا في الضفدعة وحدها فكيف بأحكام في كل ما يخطر على قلبك فما حيلة المسؤول في هذا ما ينبغي أنه اتضح أن الفتوى حكم وليس خبرا عاديا وكي تخرج بحكم تطمئن له فأنت كالقاضي قد تستعين بمترجم وطبيب ليدلي برأيه العلمي وأمرأة تقول ما تعلمه من شؤون النساء في قضية تحتاج علما في شؤونهم ومخبري ليدلك على نوع السم المستخدم و............. وأعلم أن غالب ما ال تدريه من أمور دينك هو مما اختلف فيه وإن ما تعلمه هو المتفق عليه بينهم مثل ما بني عليه اإلسالم وحرمة الزنا ولحم الميتة والدم وأكل مال اليتيم والكذب وشهادة الزور و............ والخالف سيظهر في غير ما قضى "العالم " فيه عمره نحو "هل هذا ميتة " "هل هذا كذب" وغيره مما ال يلتمس في كتاب وسنة التفصيل في األحكام الشرعية ومصادر التشريع سيكون -بإذن هللا -في الكتاب الثالث وأعلم أن ما قيل ليس شاف للصدور ربما سأل سائل :أنت قصرت كالمك على الماللي واألحكام الشرعية ولم تشمل الفكر والفلسفة والمدارس والمذاهب الفكرية بهذا أقول :ألن األديان لها ميزة عن غيرها من الفلسفات الوضعية ال يتسع المجال لذكرها هنا على أهميتها ومع هذا ،فإن األفكار الفلسفية والمدارس الفكرية من الهشاشة والضعف ما يجعل تناولها من ناحية بنيانها وأسسها محطم لها دون عناء يذكر وال أريد اإلستقواء على ضعيف
- 63 -
الكتاب األول
فهي باألصل غير متماسكة وليس لها بنيان ومنطلقاتها هزيلة وهي فوق هذا ال يجرؤ أصحابها على اإلدعاء أنها محيطة بكل جوانب الحياة لتعلن استعدادها بذلك للصمود أمام مساءلة وتمحيص دقيق وهي فاقدة ألهم جانب فلسفي يجعلها جديرة بأن تكون منظومة يتفرع عنها وال استطيع قول المزيد خشية التفرع إلى قضايا تحرفنا عن سبيلنا وربما جاء وقت للتطرق إلى بعض عيوب المدارس الفكرية والفلسفية ولكننا ال نزال نعني تلك المدارس ومنظريها وكتابها والداعين إليها في كثير مما سنقوله وإن كنا نتحدث عن "الماللي " وكما أنك تحتاج إلى علم "مال" فأنت أحوج إلى أن يكون "المال" تقيا فقد يعلم من تستفتيه الحكم الصحيح لكنه يكذب لغرض أو هوى أو انتصارا لمذهبه أو كرها في مذهب آخر فيدلس على الناس ويلوي أعناق النصوص كن كالقاضي يجمع من اآلخرين شهاداتهم ونقوالتهم فيما يخص مسألتك من نصوص حاكمة ونصوص عن المحكوم عليه (حديث ...معنى لغوي ...صحة حديث جرح راو ...أثر محكوم عليه في محكوم عليه آخر ....الخ) ولن أزيد على هذا حتى يأتي وقته وما يقال في المتبوعين يقال مثله في المذاهب "الفقهية " والمضحك المبكي أن اإلنسان يولد فيختار أو يختارون له مذهبه دون مسوغ أو ترجيح ليكون األمر مرة أخرى كتشجيع النوادي الكروية يولد البعض ويموتون وال يعلمون مسألة واحدة شذ بها مذهبهم عن باقي المذاهب ما الذي يجعل فالن شافعي واآلخر مالكي أو حنبلي أو حنفي هل بحث في المذهبين أو المذاهب فعلم أن أحدهما خير من اآلخر من فعل ذلك صار عالما بل وجديرا أن يكون صاحب مذهب وإن غاص وبحث في كل المذاهب ليختار مذهبا فهل في كل المسائل أصاب مذهبه فيها ليختاره هذا إن صح كل ما نسب إلى المذاهب من مذاهب (آراء وأحكام) وتوحد أهل كل مذهب على قول واحد
- 64 -
الكتاب األول
كل هذا سيعني أن الدليل المحجة ليس الكتاب والسنة وإنما قول فالن ومذهب فالن لينتشر بين الناس القول "قال فالن" و "المذهب الفالن يقول :كذا حرام وكذا حالل" إن القول "كذا حرام " أو "كيت مباح " قضية وخبر وككل خبر تحتاج إلى دليل إن ما يفعله بعض الشيوخ والماللي ما يلقونه من خطب ومواعظ فيها اثنين أو ثالثة من اآليات واالحاديث منها ما هو ضعيف أو ال يدل على ما يريد أن يستدل له والسامع بين من ال يعلم بهذا أو كان قد علم فارتاب من نفسه وما عدا النصوص فحشو زاد األمة تيها وأبعدهم عن الصواب إن سالح "المال" الذي في قلبه مرض (ومعه الخطباء واألدباء والدعاة و"المفكرين" و )..لتصدير ضاللته ولسحر المستمعين أسلحة رأيت -بعد تأمل وتفكير -منها اثنين مهمين (ال يعلم مستخدموها بها وإنما يستخدمونها دون قصد معتبر) األول :إطالة الكالم وحشو العبارات ليتمكن دون أن يشعر السامعون من اخفاء السم في العسل فكلما طال الكالم تشتت ذهن السامع وأصبح عسيرا عليه ربط الكالم واألفكار ببعضها ومقارنة المقدمات بالنتائج فيلجأ السامع المسكين في النهاية إلى معايير ساذجة للحكم على الكالم -بعد أن عجز عن التمحيص فيه - كتعابير وجه المتكلم وحالوة العبارات وفصيح اللغة ليحكم على الكالم بأنه حق فالكالم الكثير خير مخبأ للباطل وبعد ترنح السامع يعطيه الضربة القاضية بنتيجة وخالصة وحكم فوهللا لو أن سليم الفهم دقق فيما قيل رأى من الشيء ونقيضه الكثير الكالم أوالخطبة أوالمقاالت الطويلة مرتع يخنس فيه الباطل ويخفي التناقض والسموم ويزيد من هذا كثرة االنتقاالت الفكرية والصورية وتنوع األساليب بين سؤال وحكم وإلزام واختالط النص الشرعي مع عمل العقل والقصص مجهولة السند واإلثارة العاطفية والمغالطات العقلية وأود هنا أن أتشرف برواية قول النبي صلى هللا عليه وسلم :إن طول صالة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه أريد منك أن تفكر في كثير مما تراه اآلن ورأيته مما له صلة بهذا ثانيا :ما سأسميه "االستدراج"
- 65 -
الكتاب األول
عندما تسأل رجال :ما البيت ؟ يبدأ بالشرح والكالم عن البيت بعض من كالمه تعلمه (مثل البيت يعيش فيه اإلنسان ليقيه البرد والحر والمطر وفيه غرف ويباع و)............وبعضه مما ال تعلمه (مثل للبيت أساس يصنع من كذا ويوضع في من الرمل كذا والجدران ال بد أن يصيبها ماء في الوقت الفالني أو أي من المعلومات التي شاء هللا أن ال يعلمها السائل) ومن المؤكد أنك سألته -إن كنت ال تمتحنه -لتعلم منه ما ال تعلم ما تعلمه فأنت تعلمه أما ما ال تعلمه فكيف تعلم أنه مصيب وصادق فيه في هذه المساحة (األشياء التي ال يعلمها السائل) يستطيع الكذب عليك ولكنه ال يعلم كل ما تعلم وما ال تعلم وعندما تسمع منه ما تعلمه أنه موافق لما تعلمه فإنك ستثق فيما يقوله فيما ال تعلمه وربما إذا سبقت الثقة بعلمه الثقة بعلمك أو عارضت بعض ما قال وكان محل ثقة أو رجحت لمرجح فستسير األمور على ما يهوى هذا ما أراه كثيرا ممن يجلسون الساعات الطويلة يستمعون إلى ما يظنون أنه درر تخرج من فم الخطيب أو الواعظ حتى أنك ترى بعضهم (وهذا المتفنن في التلبيس) يبدأ بمقدمات وكالم ال يعارضه حتى األطفال يغري به السامع ليخوض به بحر مالح أجاج يستطيبه السامع بعد أن فقد لسانا يتكلم به ويتذوق وهذا كله إن كان بمقدور السامع أن يعارض أو أن يفكر أما كان التعصب والتقليد فليمد الخطيب رجليه هذان أسلوبان وقد تجد أساليب أخرى لكن الطامة األخرى أن يكون األمر اعجابا شخصيا أو تأثرا أعمى فيكون مثله كمثل الداخل إلى معرض رسوم سيريالية يقر أن ال دراية له في هذا الفن ولكنه يبدي اعجابه ويتصنع انبهارا بصورة ألن فالن رسمها وربما كان المصور قد تعمد إفساد هذا الفن لكن ال يزال في هذه األمة الخير وال يزال يولد فيها من يصحح وينصح ويسدد ويقارب وإال ما حفظ هذا الدين - 66 -
الكتاب األول
وكلما أوشكت االمة أن تقع فيما وقعت فيه من سبقتها خلق هللا لها من يحاول انتشالها ويعاني ما يعاني أو يكابد ما يكابد من أقوام يحتجون بآبائهم أو منافعهم أو شكوكهم يعلم القارئون أن االختالف ليس في "الفقه" وحده وإنما في "األصول والعقائد" وهذا أخطر سأترك الكثير لقوله في كتاب آخر وهناك سنبسط الكالم فيما على المسلم فعله وما على "العلماء" تقديمه ومعها مراجعة في أصول الفقه وآالته احرص أن ال يكون جوابك في اآلخرة ":تبعنا سادتنا فأضلونا" واخشى أن يتبرأ الذين اتبعتهم منك وال رجوع حين تقول "ربنا أرجعنا نعمل صالحا" وعليك بتأمل كلمات تختصر الكثير من الكالم "اعرف الحق تعرف أهله" وأنت على هذه الحال كيف تقيس صحة قول القائل ؟ إن قال قائل ما تجهله فكيف تحكم على صحته صدقا وصوابا بماذا تزنه وبماذا تقيسه من عرف اإلسالم يقول :بمقدار ما يوافق الكتاب والسنة ولتعلم أنه موافق للكتاب والسنة عليك أن تكون عالما تحكم بأن هذا القول موافق للكتاب والسنة عليك أن تعرف لغة العرب وأسباب النزول وتخريج الحديث والحكم عليه أو أقوال األئمة فيه والكثير من أدوات االستنباط وأوجهه أو تكون مقلدا تقبل ما يقال لك ولكن إن تعارض قوالن فكيف ترجح وهذا يحتاج علما أكبر الكثيرون يقولون أزنه بعقلي وهذا وهللا من الجرائم الكبرى فالعقل ال ضابط له واألفهام تتفاوت والحكم على الشرع بالعقل تقديم لغير الشرع على الشرع وهو بعد ذلك عرضة لألهواء والرغبات وأهل العقل متفرقون في مدارس وعقائد والكل يدعي إطاعة العقل والنصوص التي تحذر من تسلط العقل وطاعته كثيرة وليس الدين بالرأي وإال فما الحاجة إلى تشريع ؟ - 67 -
الكتاب األول
واألهم من هذا................... ما هو العقل ؟ سنمر على هذا وقد قلنا أن العلم وحده ال يكفي فقد يكذب العالم ويضلك فإن كان شيء يدفعه للصدق فإن أشياء تدفعه للكذب فهو وسط محيط من اآلثار واالعتبارات وقد ينتصر أثر على أثر فيطلق الكالم أو اإلجابة عن سؤال فيصدق أو يكذب وهو بشر وامتالك العلم ليس حصانة من الكذب والتدليس والتضليل وإال ما سمعنا عن من حرف وبدل وأضل من علماء منذ خلق آدم فحب المال وخوف الفقر وخشية السلطان والتعصب للنفس واألهل والعشيرة والقبيلة دوافع وبواعث ال يقابلها إال خشية هللا التي إن قويت قال صاحبنا الحق ولو عاداه كل الناس وصلب وشرد بعض العلماء يتصرف كالمطربين وممثلي المسرح يتفاعل مع تفاعالت الجمهور لقوله فيقول ما يرضي الجمهور ولكن من يمثل اإلسالم ؟ سيقول البعض :ال أحد يمثل اإلسالم سأفاجئك وأقول :تستطيع أنت وغيرك أن يمثل اإلسالم كيف ؟ بأن تكتفي بقول النص اإلسالمي أنت تمثل اإلسالم حين تنطق بنص من القرآن وصحيح السنة وحالما تقول أو تزيد عليها ما ليس منهم عزلت من منصبك فإن قلت :الرجال قوامون على النساء .فإنك مثلت اإلسالم ولكن إن قلت :الرجال قوامون كثيرا على النساء ،أو الرجال قوامون على النساء كلهم أو الرجل قوام على المرأة أو الرجال أفضل أو الرجال أشجع أو .......فإنك لم تعد تمثل اإلسالم إذا قلت "محمد رسول هللا "فأنت تمثل اإلسالم فإن أكملت كأن تقول "وهو النبي الذي كذا وكذا "..فإنك بهذه الزيادات ال تمثل اإلسالم
- 68 -
الكتاب األول
كنت قد كتبت فصال من كتاب لم ير النور وسميت الفصل "كل يمثل نفسه" في تفصيل في هذا لكني أرى أن ما قيل يغني
إذا قلت " إنما األعمال بالنيات" فأنت تمثل اإلسالم وسيسأل أحدهم :هكذا ! دون قال رسول هللا أو عن عمر عن.... نعم ....لك أن تقول النص القرآني أو النبوي الصحيح طالما تبنيته شريطة أن تراعي سياقه وموقعه فال تقول :أنا ربكم األعلى أو ادعوني استجب لكم والقيود ربما ضبطناها في موضع آخر ففي األخبار من هللا ورسوله يقتضي اإليمان بها تبنيها لكن ايراد مصدرها منوط بتبيان حجيتها أي تصرف في النص تظن أنه ال يغير المعنى فأنك تحرفه من قوته وصحته إلى اجتهادات وظنون بشر إال اللهم أفراد جمع -مثال -كأن تقول "إنما أموال فالن" مستندا إلى قوله تعالى "إنما أموالكم"....... تناولنا في ما سبق بعض ما يستدل به وهو أقوال البشر عالما كان أم متبوعا أو مرشدا في القادم سنرى شيئا آخر يستدل به وهو "العقل "
العقل الكتاب الذي بين يديك هو وليد لكتاب بعيد المضمون واالسم حذفت منه أشياء ربما كتبت بعضها في مواضع أخرى إن شاء هللا و كان محوره دور العقل حتى تشعب الكالم فكان لزاما توسيع الكتاب وتغيير اسمه لفظ العقل تنطق به ألسنة الكثيرين بل أن من المديح أن يقال فالن عاقل أو ذو عقل راجح وعد من يستعين بعقله نقيض لألحمق والسفيه والمتهور
- 69 -
الكتاب األول
ورجاحة العقل صفة يريدها "الحكماء" ألزواج بناتهم ولشركائهم وألصحابهم ومن يخالطون هم أو أبناءهم الفالسفة يقدسون العقل والمناطقة يجعلونه أداتهم والمتكلمون يحمون به والعلمانيون يجعلونه معصوما والملحدون يعبدونه وكي ال يقال أننا اجتررنا من السابق سنخضع العقل لما كنا نتحدث فيه العقل كمئات الذوات تستع مل دون اتفاق على معانيها ونحن نخشى أن يكون معنى العقل غير ما نفهم فتكون رجاحة العقل -مثال -القوة أو الشجاعة أو طعاما أو غيرها ونحن ال ندري (وكذلك الذكاء و)...... العقل كغيره اسم جاء من فعل"يعقل " و"يعقل" تأتي حين نقول – مثال – "عقل الدابة " ولكن سائال إن سأل :ولماذا نجعل إحداهما مرجعا لألخرى ولماذا ال نقول أن عقل الدابة من فعل "يعقل" لإلنسان لكم أن تسألوا ولي أن أرجئ اإلجابة إلى حين "عقل" الدابة تفهم بربطها كي ال تفلت كثيرا ما أكون بين أمرين: مسايرة الناس في فهمهم لالصطالح فنكون بهذا قد وضعنا اسما لذات كما أننا نسمي وليدا جميل وهو ليس جميال أو نعيد الناس إلى المعنى الذي ال بد منه كي ال يحدث لبس لكن إشكاال يبرز هل العقل كالوليد الذي له يد وساق وعين ال أحد يزعم مسك العقل بيده فيقول هذا عقل صيغة لفظة "العقل" صيغة يسمونها "مصدر" كالضرب من "ضرب " قد يمسك بشيء من آثار العقل ويصح ان يقول هذا - 70 -
الكتاب األول
وال أحد يمسك ب"الضرب" قضية اإلمساك للتسهيل وإال فهي ليست علمية بحتة كل الناس إال من ال أعرف ترى العقل آلة أو جهازا أو يدلهم على "الصواب" والنافع إن أرادوه وينجيهم من الضار والمهالك ولكن إن سألتهم :ما هذا الشيء وكيف يعمل ؟ ما هذا الشي؟ سيجيبونك بأنه العقل أما غير هذا نحو "كيف يعمل " فلن يجيبك أحد إال خلطا وإخبارا بظنون مع حك الرأس والتنطع وتقطيب الحاجبين لعل الدم يجري أكثر فوق العينين ولن تنفعنا المراجع طالما أن المعتمد ما يفهمه الناس ولن تنفعنا طالما أن المعنى غير ما يجب أن يكون يجب أن يكون ؟! وهل تلزمنا بطاعتك في اختيار األسماء للمسميات ؟! نحن نتكلم بلغة معانيها تنضبط بالغرض الذي أجله نتكلم. إن كان األمر "شفرات" و "ورموز" بين المتخاطبين فضعوا للمسميات ما تشاءون من أسماء واخبروا المتحدثين بهذه اللغة عن معنى كل اسم وضعتموه وعن السياق والظرف والشروط في اجتماع مليوني أو ملياري وهذا مع استحالته غير كاف في الحقوق بين الناس ال بد لألمر من ضابط أما فيما له عالقة بمن هو ليس ملزم بما اتفق عليه كل الناس فالحاجة للضبط أشد إن لم يكن للغة ضابط لن نفهم وثيقة كتبت قبل مائتي عام ولن نفهم من القرآن تذكرة وال من السنة حكما ولن نلزم أحدا بما قال حتى يضع ختمه وبصمته على وثيقة تمتد من األرض إلى الشمس فيها لكل إسم معنى تواطأ عليه كل من "سيختم" و"يبصم" عليها
- 71 -
الكتاب األول
عندما دخل العقل كمصدر للتشريع عند البعض صراحة وعند آخرين بشروط خادعة كان لزاما أن نرى أصل ذلك وأين تسلل العقل إلى الدين وردت "العقل" في الكتاب والسنة -وهلل الحمد -مما ال يترك فرصة لمن يريد تطويعه ألغراضه ما هذه اآللة التي تخلق األفكار وتختار الصحيح منها إن كانوا يريدون "عقال" يخلق األفكار واالحكام من العدم فأين وقود هذا العقل وأين خام األحكام واألفكار التي يصوغها العقل
في اإلنسان ما يتعامل مع المعلومات سموه ما شئتم إن اإلنسان يعيش وهو يجمع معلومات فيتيقن من بعضها ويشكك في أخرى ويرمي ما يعلم أنها باطلة هذه المعلومات ضرورية كي يعيش وإال فلن يخشى نارا ولن يتجنب رجل وحشا ولن يحذر أوالده من ابتالع األدوية دون استشارة خبير إن من المعلومات ما ال تشعر بأهميتها ومن المعلومات ما يرافقك طوال حياتك ومنها ما يحذف ومن المعلومات (إن لم يكن كلها) ما يعين على فهم أخرى كيف فهمت من اهتزاز الشجرة أن الريح هبت لوال أنك تعلم أن الريح تهز الشجر بظروف وشروط وكيف فهمت أن هذه األرض منطقة حارة من رؤية شجر موز تعلم أنها تنمو في المناطق الحارة –مثال- وستعلم ال حقا أن الخبر أمر بلفظة خبر فإن مخبرك بأن "المطر نازل" يأمرك -مثال -بالبقاء في البيت ومخبرك أن ألغاما في األرض يأمرك باألبتعاد عن هذه األرض وربما كان مخبرك أنه ال يملك قوت يومه إنما يأمرك أن تعطيه - 72 -
الكتاب األول
ربما استفزتك لفظة "أمر" "األمر" ليس كما يضعه أهل النحو -كصنف من األفعال -من األعلى إلى األدنى "سيد الشهداء حمزة ورجل قام غلى سلطان جائر فأمره ونهاه " كيف يأمر سلطان وهو دونه واألمر يقبل معكوسا وتعال :تقال ب"أريدك" وقد يكون األمر لمعلومة ال نعلمها فإن قيل لك "نم" ال تدري -وأنت ابنه -إن كان قالها ليتمكن من النوم بنومك أم ليستحم ويضع البخور أم ليطرب بشخيرك أم ....أم هذا جعل الكثيرين يبحثون عن "العلة" من األمر إن كان من علة مذكورة فخير أما لم تذكر ويذكر أنها علة فما سبيلك للعلم بها في الحديث " إني قد نهيتكم عن زيارة القبور أال فزوروها فإنها تذكركم باآلخرة" هذا يفهم منه البعض أن علة األمر بزيارة القبور -إن كان واجبا -هو التذكير باآلخرة . األسلم أن تطيع ألن المطلوب تنفيذ األمر وألن عصيان األمر معاقب عليه. أما إن لم تعلم العلة -إن كان ال بد من علة لكل أمر -فما ستفعل سوى أن تطيع المشكل األكبر أن تخترع علة. قد يأمر آمر بأمر لمعلومات يعلمها وال تعلمها فال تعلم لم أمرك ؟ بدال أن يجلس ليشرح لك ساعات ويخبرك ومنه ما يحتاج إلى دليل يفكر هو ويختصر ويلخص ويأمر بما يراه األسلم واألحكم والمناسب لما يجب اتخاذه حيال المعلومات. الخبر أمر بوجود أخبار أخرى واألمر يصدر نتيجة وجود أخبار
ليس هذا فقط فا ألمر ينتج من العلم بمعلومات كثيرة بعضها يعلمها المأمور وبعضها ال يعلمها - 73 -
الكتاب األول
واألخبار تعينك على فهم أخبار أخرى وسنعود لهذا إن شاء هللا نعود للعقل نحن نتفاهم ونتخاطب بلغة القرآن والسنة وبعيدا عن أصل اللغة فإنك ما أن قبلت بهذا استطعنا المضي وردت "عقل "في السنة في "اعقلها وتوكل" هل يصح هذا المعنى مع المعنى الذي يريده من يقول "عقل" ال دليل غير -أو على األقل أقوى -من فعل اإلسم وال دليل على معنى وضعه من يطاع فيه إال المستقى من لفظه إن لم يرد شرح مفصل ممن يأمر وأهل اللغة يصولون ويجولون ويعودون فيستشهدون بشعر الجاهلية وآي القرآن والسنة لم ينقل لنا معان ألفعال لغة العرب ولم يفوض احد بوضع معنى لكل فعل أو أسم ومن يفوض يفوض على ماذا وما دليله؟ إذا تنازع القرآن مع أهل هذا الزمان فلمن الترجيح
ضربُوهُ ب ِ َب ْعضِ َها َك َذلِ َك ُي ْحيِي ّ هللاُ ا ْل َم ْو َتى َو ُي ِري ُك ْم آ َياتِ ِه لَ َعلَّ ُك ْم قال تعالى " َف ُق ْل َنا ا ْ ِ َت ْعقِلُونَ ( ) .سورة البقرة". وبعد آيات " َأ َف َت ْط َم ُعونَ َأن يُ ْؤ ِم ُنو ْا َل ُك ْم َو َقدْ َكانَ َفريقٌ ِّم ْن ُه ْم َي ْس َم ُعونَ َكالَ َم ّ هللاِ ُث َّم ِ ُي َح ِّرفُو َن ُه مِن َب ْع ِد َما َع َقلُوهُ َو ُه ْم َي ْعلَ ُمونَ "( ) .سورة البقرة
وقال تعالى " َوفِي ْ َ ض ق َِط ٌع ُم َت َجا ِو َراتٌ َو َج َّناتٌ مِنْ أَ ْع َنا ٍ ب َو َز ْر ٌع َو َنخِيل ٌ صِ ْن َوانٌ األ ْر ِ ض فِي ْاألُ ُك ِل ۚ إِنَّ فِي ٰ َذلِ َك ض َها َعلَ ٰى َب ْع ٍ ان ُي ْس َق ٰى ِب َم ٍ ضل ُ َب ْع َ اء َوا ِح ٍد َو ُن َف ِّ َو َغ ْي ُر صِ ْن َو ٍ ت لِ َق ْو ٍم َي ْعقِلُونَ " َآل َيا ٍ وغيرها الكثير هل تفهم منها أن العقل آلة تنتج عقائد وأفكار؟ أم أنه أقرب للمستقبل منه للباعث؟ - 74 -
الكتاب األول
أليس كأنه قفص يحبس أي طائر يدخل فيه أو مصيدة؟ وب َي ْعقِلُونَ ِب َها" كما في – مثال – " َف َت ُكونَ لَ ُه ْم قُلُ ٌ هل من المناسب أن نجعل فعل اإلسم هو المعتمد لو سلكنا هذا فعلينا أن نقول أن التصفيق – مثال – من "الصفاقة" إي وربي...... فإني أرى أن التصفيق يجعل من يطلبه بحركات أو كالم وتنميق واصطناع وعناء صفيقا
وال تخش إن ربطت اإلسم بمعنى فعله شرط إحسان االشتقاق ومراعاة القيود والعباءة أمن العبء؟ والسمكة من "السمك"؟ والمرآة من الرؤية والعائلة ألنها تعول أو تعال والعجوز من العجز والمائدة من المد والصحابة من الصحبة جعل مقدسو ومعظمو العقل له صالحيات وصار حاكما عند البعض على النص وبرغم أن البعض جعلوه معينا على الفهم فإنهم لم يخبرونا به قبل أن نستخدمه وتركوه هكذا ف ضفاضا مرنا ينساب منه كل صاحب هوى ليهدم ما يشاء وليشكك بما يشاء وانقلب عند البعض هوى مجردا
وليس التصفيق وحده ما يطلبه المستعرضون فقد يغنيهم عالمات استحسان أخرى غير أن وضع تعريف " من رأى النبي صلى هللا عليه وسلم أو سمعه ومات على اإلسالم" جعل الصحابي ذاتا فتطرقت إشكاالت – كما تتطرق حين تكلف وضع تعريف ألي شيء -وكان الجدير أن يراعى الفعل وال يلتفت لوضع تعريف وإني بحول هللا عائد لهذا في كتاب آخر إن شاء هللا ذلك
- 75 -
الكتاب األول
وال تجد هوى مطاعا إال قالوا لك "العقل يأمر بهذا" استعمل الفالسفة والمفكرون "العقل" أو ما أسموه عقال كآلة تنتج لهم األفكار ويحكمون بها على الصواب والخطأ وتناول هؤالء و "عقلهم" سنتركه للكتاب الثالث أما أقلهم ضررا -من الباحثين في المسائل "الشرعية" -فقد جعل أعمال العقل مصادر للتشريع باسماء القياس واالستحسان والمصالح المرسلة وألنه مصدر من مصادر التشريع عند األغلب األعم وإذا بدا للقارئ أننا نحنينا بالفصل منحى "ديني" فهذا للتوضيح ألن الباحثين في "العلوم الشرعية" أكثر"منهجية" واعتناءا من كل من سواهم ممن اشتغلوا فيما ليس من العلوم الصرفة وال أريد إلزام أحد بهذا في هذا الكتاب لكني ال أرى ما نعا من تناول بعضها كمعين للتبيان فالقياس – مثال – ومرة أخرى من "قاس" لكنه ذو "معنى اصطالحي" وكالمتوقع ستجد تباينات في التعريف الجميع ممن صنف في الفقه يرى الكتاب والسنة أهم مصدرين من مصادر التشريع وغالبا ما يجعلون االجماع ثالثهما ليكون القياس رابعا عند من يراه مصدرا وربما يكون مقدما على اإلجماع ما ال يخالفه الكثيرون – كتعريف -فإن القياس :إلحاق فرع بأصل في الحكم الشتراكهما بعلة الحكم هو الحكم على مسألة :حالل أم حرام واجب أم .............. ولم يخطر أو ربما خطر على قلبهم أحكام أخرى فالحكم خبر
وال ندري نحسب ماذا على من ؟ األصل :هي المسألة التي حكم فيها بالحكم بنص قرآني أو نبوي (وربما باجتهاد) الفرع :مسألة تشترك مع األصل في علة ومصدر التشريع عند أهل الفقه وأصوله هو ما يستعان به الستباط حكم في مسألة
مرة أخرى مشكلتي في وضع ردود وتعريفات للخصوم ألرى خصمي بوضوح ال كشبح حتى إذا ما تمكنت منه ال يقولون " ال ليس هذا صاحبنا - 76 -
الكتاب األول
وحينئذ يكون حكم الفرع كحكم األصل العلة :السبب المظنون الذي ألجله حكم بالحكم في األصل والعلة ؟ منصوصة أم غير منصوصة ؟ أي جاء نص بإن العلة هذه هي علة هذا الحكم. ومنهم من يرى أن بعض القياسات فاسدة وبعضها صالح السبب والعلة مظنونة ألنه ربما توهم المجتهد علة كل هذا إن كان مقبوال أن يبحث عن علة أو أن تكون األحكام لعلة أصال ألن المعترض يقول وهل يجب أن يحكم هللا لسبب غير مشيئته إذا ما كان المشترك بين الفرع واألصل شيئا آخر غير العلة فالهجوم على هكذا قياس أسهل تصدى للقياس من يعدون على األصابع ممن المشهورين وكثير منهم أصاب في حججه كثيرا ومنهم من تخبط وبعض المثبتين للقياس يشترطون ويدخلون أصنافا ويرفضون أخرى مثال: تحريم المخدرات قياسا على الخمر بعلة األسكار (ما الحاجة لقياس كهذا إذا "كل 1 مسكر حرام") يقال -مثال : -الخمر مسكر والمخدرات مسكرة ورأوا أن علة تحريم الخمر هو اإلسكار فجعلوا حكم المخدرات كحكم الخمر (حرمة) ألشتراكها باإلسكار الذي ظن أنه علة الحرمة وهكذا نرى عندما يضربون أمثاال للقياس فهم إما ال يحتاجون للقياس أو أن العلة المشتركة ليست سببا للحكم أو يخترعون علة للحكم فيقيسون أو يقيسون على أصل ضعيف أو يقيسون حكما على حكم كالواجب على الحرام أو السنة على الحالل أو أننا نرى القياس على أحكام غير تلك التي حصروها للشرع -كالحكم باألفضلية مثال -ولقد سمعت وقرأت أمثلة كهذه ممن يؤصل للقياس لوكان للقياس اعتبار الكتفينا ببضع نصوص تقاس عليها باقي األحكام هذا مثال للتوضيح والتبسيط
- 77 -
الكتاب األول
كل هذا باعتبار ما يعنونه بلفظة قياس دون االعتناء بالفعل "قاس" و تجد لفظة "قياس" في علوم وفنون أخرى بمعنى آخر -كالقياس العلمي والمنطقي أن القياس العلمي له أهمية عندنا فنحن نقيس الشيء بأثره نوعا وكما نأتي بمتأثر يزداد تأثره بمقدار تأثره فيزداده أثره فينا أو في ما يؤثر فينا نقيس حرارة الجو بارتفاع الزئبق وسرعة السيارة بمدى حركة المؤشر وقد نقيس تعب الناس بمقدار الشخير وقوة الماء بارتفاعه وكذلك اهتزاز الشجرة واحمرار الجمر ،به نستطيع قياس تقديريا أو بدقة قوة الريح ال أعد ما ذكرته عن القياس ردا عليه فإن لي عودة إليه في كتاب آخر وقد اكتفيت هنا بعرضه مع بعض التبيهات وأقول هذا خشية إن يقول واحد من مناصري القياس من يدعي أني لم أحسن نقل رأيهم فإنا – وهلل الحمد – أعلم كيف يلجأ البعض للتشغيب والتملص والتلبيس ولنا لقاء معه المدافعين عن كل ما أراه خطأ ،متاوليهم و معانديهم ،بحول هللا أما االستحسان فيكفينا القول :ما يحسن عند البعض يقبح عند آخرين ولن نفصل اما المصالح فنخشى أنها دنيوية صرفة والعرف وهو وغيره مع القياس واإلجماع سيكون له بإذن هللا موضع آخر كل أولئك بعض ما يستشهد به أو يستدل به المتكلم ولكن بعضا آخرين قد يستدلون أو يستشهدون باألمثال الشعبية أو الفصحى وهو ما سنأتيه
األمثال األمثال جمل خبرية وأحيانا إنشائية (اإلنشاء حسب التصنيف االصطالحي االكاديمي هو سؤال أو أمر ) والناس أثناء الحديث إذا أرادت اإلقناع أو إظهار استنكار تلجأ أحيانا إلى األمثال. ولربما لكل مثل قصة وربما هو بيت أو أقل ويمكن إدراج "الحكم" تحت األمثال
- 78 -
الكتاب األول
إن لألمثال منافع يمكن تلخيصها -عندي – ب"التجريد " و " التحييد " وبهما نستطيع القول أن لهما دورا احيانا عظيما في اإلفهام أنت تستطيع تلخيص فكرة تحتاج شرحا لربع ساعة بإيراد مثل فتقول " ما حك جلدك مثل ظفرك " عوضا عن أن تقول – مثال : -يا أخي أنت أدرى بمشاكلك وظروفك ورغباتك وغيرك إن أردت االستعانة به فلربما لن يكون حريصا على ......وربما أساء ولم يحسن التصرف و ....و... لكنك اختصرت كل هذا في المثل وإلقناع المخاطب قست أهمية ونفع أن تنجز عملك بنفسك على قدرة ظفرك (يدك) على إحسان حك ظهرك لكن هل هذا االحتجاج صحيح ؟ إنك كثيرا ما تكون عاجزا على نفع نفسك أكثر من غيرك وتستعين بمن هو أقدر على خدمتك وإال لم استأجرت شخصا إلصالح سيارتك أو حاسوبك أو نجارا ليصنع لك سريرا بل حتى الطلب من النجار الماهر قد يحتاج من يذهب ليقنعه ولكن ما التجريد وما التحييد؟ التجريد أن تجرد المسألة مما كل ما له أثر في الحكم فتأتي بمثل ال يذكر فيه إال الحالة بعيدا عن حواش ومتعلقات تؤثر في الحكم ففي مثلنا " ما حك جلدك مثل ظفرك " ربما تستخدمه إلقناع رجل يريد أن يستأجر سائقا إليصال ابنته إلى المدرسة يوميا هذا الرجل قد يتأثر بحكمه على صالحية هذا في انه مشغول ال يستطيع التفرغ لهذا وأن السائق محتاج وهذه طريقة جيدة لمساعدته و............. قائل المثل يجرد المسألة من ما قد يؤثر في الحكم ومما يعقد النظر إلى المسألة وعلى هذا فنحن نسمع نحو :إن مثلي كمثل .....أو نفرض أن .... أما التحييد فهو تحييد السامع وجعله قاضيا وليس طرفا في القضية وفي مثلنا فإن تكاسل األب يجعله طرفا يتداخل التحييد والتجريد أحيانا فيكونان عامال واحد - 79 -
الكتاب األول
وأحيانا يمكن فصلهما
العلم إذا قال سعيد " مات سعد" فإن سعيدا علم من أثر موت سعد فيه أو أثر موت سعد في وسيط يؤثر فيه أو وسطاء يؤثر أحدهم فيما يليه حتى تنتهي اآلثار في سعيد. والعلم بموت سعد يعتمد على معنى الموت عند سعيد. فهل يرى سعيد أن توقف دقات قلب سعد هو الموت أم أن فقدان سعد النفعاالته (ردود فعله للمؤثرات كلسعة حر أو نحلة ) أم برودة جسده أم رائحة النتن المنبعث بعد أيام وقد نستعين بأثر أو أثرين أو أكثر لموت سعد؟ ولن نعرض للموت هنا كغيره من المسائل الكثيرة التي نتجاوزها حرصا على المضي في طريقنا. إن اإلنسان في النهاية ،مهما تقدمت الوسائط وتعددت اآلثار ،هو الهدف النهائي حين يكون اإلنسان هو مركز الكون المعرفي أي حين يكون شعور اإلنسان وتأثره هو العلم فهل فكر أحد في نظام يراعى فيه أن يكون األسد هو المتأثر الذي به يحصل العلم أو بالحجر أو الماء أو غيرهم ننظر للحياة العلم يظهر بعد تأثر اإلنسان به وما قبل هذا أو إن تجاوزه أو غاب عنه لم يعده اإلنسان علما ( هذا إن علم بوجوده أو خطر على قلبه أن يكون ) اآلثار في النهاية تنتهي إلى الحواس الخمسة (تصنيفها إلى خمسة اتفاقا ال يلزم مجتهد) المنظومة العلمية قائمة على تقييم اإلنسان وال ضير كبير في سياقنا هذا.
- 80 -
الكتاب األول
عضو الحاسة يتفاعل مع األثر القادم وهذا العضو عين أو أذن أو جلد أو أنف أو لسان ومن هذا العضو يسير تيار عصبي يحدث آثار بعضها في المخ الذي يتأثر فيؤثر في غيره بإيعاز عصبي إذا نظرنا إلى إلى مصدر ضوء فإن الضوء سيؤثر في العين (وغيرها)وهذا التفاعل يحدث تفاعالت أخرى وتصل بعض اآلثار إلى المخ "فيفهمه" المخ ضوءا رغم أن تفاعل المخ تفاعل مادي بحت لكننا نرى صورا وأضواء عجيب هذا اإلنسان تفاعل يحدث فينا يحدث فينا ما ال نستطيع وصفه
ليس لدينا مخ البطة أو مخ السنجاب لنفهم كيف يرون وكيف يفكرون وكيف يتفاعلون سنجابيا وليس من المحال الوصول إلى هذا والشجرة ليس لها عيون ولكنها كاإلنسان تتفاعل وكالحيوان والجماد وهي تتفاعل مع الكون وإذا كانت اإلشارات الضوئية تفاعلت مع مواد كيميائية عضوية وغير عضوي ة في أعيننا صار لها صور عندنا فإن الشجرة تتفاعل لتصبح قضية التصور متعبة لمخنا ولو ركبنا جهازا يتحسس لثاني أوكسيد الكاربون ووضعناه ليستقبل فقط الهواء المحيط بشجرة ومعه جهاز آخر يتحسس لغاز األوكسجين ووجدنا أن نسبة ثاني أوكسيد الكاربون تقل مع زيادة نسبة األوكسجين نهارا والعكس يحدث ليال لعلمنا ما تعلمونه اآلن ما معنى " يتحسس"؟ المعنى :يتفاعل أو يتأثر فيحدث أثرا فينا أو فيما يؤثر فينا أو فيما يؤثر فيما نتأثر فيه أو .... ستنشأ نظرية أن الشجرة تستهلك األوكسجين وتبعث بثاني أوكسيد الكاربون ليال هذه النظرية ما هي إال تفسير لما شاهدناه أو لمسناه أو ما ظهر منه . لست دائما في العلوم تعرف الحقيقة أوال ثم ظواهرها .
- 81 -
الكتاب األول
والظواهر نفسها "حقائق" لها ظواهر لكنك لو كنت تعلم أن النبات "يتنفس " األوكسجين ليال و"يتنفس " الكاربون مزدوج األوكسيد لكان هذا دليلك أن الوقت هو ليل أو نهار النظرية محاولة لتفسير ظواهر وقصة تربط األحداث وتبقى كذلك حتى تثبت 1 لتصبح حقيقة النظرية تثبت باختبارها وتفسيرها لكل ما شاهدناه أونتوقع أن نشاهده هذا ال يصح فقط في مع "الحقائق العلمية" وإنما مع الروايات واألخبار والحقيقة الجنائية والجرمية والتاريخية وكثير غيره يمكنك أن تتصور النظرية كقطعة غير منتظمة الشكل ذات بروزات و "مقاضم" ال تتوائم وتستقر إال في محيط يراعي بروزاتها ومقاضمها هذه القطعة نظرية ال بد أن تتوائم مع محيط من الحقائق ويمكن للحقيقة أن تتصور إيضا على أنها قطعة بهذه المواصفات ال بد أن تتوائم مع حقائق محيطة تترابط معها وكل هذا على شرط أن يكون الجميع حقائق ألن القطعة ربما تكون حقيقة وبعض الحقائق المحيطة هي أوهام يجب أن تستبدل لو كنت قد أصلحت جهازا كراديو أم تلفزيون ووجدت قطعة فرفعتها وأصلحت الجهاز فعندما تعيد القطعة قد ال تعاد إال باالتجاه والوضع الذي كانت عليه وإال واجهتك عوائق وبروزات من أجزاء أخرى (هذا إن كانت الشركة المصنعة قد اقتصدت فحشرت األجزاء حشرا) هذا ما يجب أن تستخدم لفظة "النظرية"ألجله الظواهر التي نراها وما أكتشف إذا وجد أن قصة تربطها ظلت نظرية حتى تكثر الشواهد والمظاهر التي تعززها وتكثر النتائج فيتحقق ما نتوقع لو اختبرنا النظرية ألن بعض المظاهر قد تكون خادعة كلما صدقت النظرية الشواهد وصدقت الشواهد النظرية كلما أصبحت النظرية أقرب للحقيقة فنظرية أن األلكترون "يدور" حول النواة ال تصدقها "حقيقة" حفظ الطاقة وقد تتضارب نظريتان وتتعارضان وتتنازعان أو تكون إحداهما أرجح في الكون النسبي هذا الذي نعيش فيه تبقى الحقائق نسبية إال حق واحد ستعرفونه في كتاب آخر - 82 -
الكتاب األول
وبعض الشواهد تصدق هذه وبعضها تصدق تلك وتكذب األخرى أعلم أن بعض القراء يجد غموضا ،لم يعهده في الكتاب ،وعدم مراعاة تحرير ألفاظ مثل "ظواهر" و"مظاهر" و "شواهد" وغيرها ذلك أني أريد ترك كثير من التفصيل إلى كتاب آخر ال بد أنك شعرت باستعمالي للفظتي " صدق " و"كذب" وتظن أني أستخدمهما "مجازا" فالتصديق يظهر بأفعال ال كما يتصور أنه قول أحدهم "أصدقك" لو أنك في مفترق طريقين وتعلم أن في نهاية أحدهما وحش مفترس وال تعلم أيهما اآلمن فسألت جالسا هناك أي الطريقين فيه الوحش وقال لك هذا .فقلت له "صدقتك" أو "أنت صادق" ،ثم سلكت اآلخر فهل أنت صدقت الرجل نظرية أن "األلكترون " يدور حول "النواة "ال تصدقها نظرية "حفظ الطاقة" فدوران ألكترون يستهلك طاقة ذلك األلكترون (أو أن الشحنة المتحركة بتعجيل تبعث أشعة فيفقد طاقة) وبذلك لن يقوى على المضي في دورانه "فيسقط" نحو النواة "الموجبة" لتفنى الحياة االسترسال في هذا المثل بحر ال قرار له ولكني أقول إما أن نظرية "النواة موجبة يدور حولها الكترون سالب " غير صحيحة أو أن نظريات غيرها بنفس القوة 0 ليست صحيحة ولو رأيت "فاطمة" تخرج من المحكمة بعد يوم من شجارها مع زوجها لربما أسست نظرية أن فاطمة تقدمت إلى القاضي بطلب الطالق لكن هذه النظرية قد تنهار أو تحتاج تعديل إن شاهدتها بعد دقائق تتضاحك مع زوجها وعليك أن تتخذ نظرية أخرى تجمع مع ما تعلمه وشهدته مما سبق معلومة "تضاحكها" وربما كسرت نظرية ونظريات أخرى ولربما انتبهت إلى معلومات تتعارض مع نظرية وتكون هي الخاطئة نحن نعيش ونرى شواهد وأدلة منها ما يتعزز ويثبت أكثر ومنها ما هو ضعيف في األصل ويظهر ضعفه أكثر
المثل ليس لتقديم معلومة وإنما للتبيين فاالستغراق في حل هذا المعضلة نشأ عنه فرع غريب وجديد من الفيزياء - 83 -
الكتاب األول
ولكن قومنا يجمعون الغث والسمين ويريدون أن يبنوا من الكل نظرية وال ننسى الهوى الذي يجعل صاحبه يتشبث بما يعزز نظريته ويحاول جاهدا اختالق المعاذير لتكذيب ما وصل بطريق وإن كان أقوى فينكر ظاهرة ويصدق أخرى ومنهم من يبقي الجميع دون مراجعة أعلم أني لم أشرح وأفصل وأبين كالعادة ذلك أننا نريد ترك هذا لما بعد نسأل هللا التوفيق والسداد إن الحقيقة خبر يسبقها آثار ويتلوه متأثرات بالحقيقة في نسيج وال بد أن تكون التفاعالت طبعية وإذا ما زور تفاعل نتج أثر غير طبعي ال بد وأن ينفر منه سياقه النظرية كالقصة يؤلفها صاحبها لتربط المعلومات ولتفسر فتلم الشواهد والحقائق المحيطة وتنتظر اختبارها بما نراه من آثار لها إن انطالق احتجاجات في بلد اعقبه فرار رئيس بطائرة إلى بلد مجاور وتسلم الجيش زمام األمور سيطلق مجموعة من النظريات تتباين بتباين المعلومات بين صاحب نظرية وأخرى وتباين فهم رجل لمعلومة وفهم رجل آخر وتباين الترجيح لمعلومات بين رجل وآخر فمن علم أن زوجة الرئيس مريضة غير الذي يعلم أن الطائرة التي أقلت الرئيس كانت مروحية ونظرية هذا ربما لن تكون كنظرية من علم أن مبنى وزارة الداخلية كان يوزع منشورات تحريضية ضد الرئيس لو تساوى الجميع بما علموا وبالفهم وبدرجة الثقة بالمعلومات ربما تقاربت النظريات لكن كل هذا وغيره يختلف فيه الناس وسترجح عند البعض نظريات وما هو عند البعض ظنون هو عند آخرين حقائق وما هو مسلمات عند البعض تجبر صاحب نظرية على تشكيلها بشكل غير من يرى تلك "المسلمات" ظنون أو أكاذيب ترد ألفاظ "المسلمة" و"البديهية" و "الفرضية" و "النظرية" أحيانا بمعان متقاربة وقد يطلق على الواحد منها لفظ آخر
- 84 -
الكتاب األول
وبقاعدة معاني األسماء يمكن التفصيل والخروج بنتائج لكن كتابا ثالثا في الفيزياء ربما كان الموضع المناسب للفصل بينهم ألننا سنتناول أمثلة علمية "صرفة" وسنحاول أن نبدأ من األسس "الفلسفية" للعلوم "الطبيعية" أقول مرة أخرى :أعلم أنني مررت مرور الكرام ببعض المسائل دون تفصيل وشرح أشتاق له لكن االكتفاء بما سبق وإعادة قراءته كاف لالستعداد لكتب أخرى أحاول ربطها بما قرأت هنا .
األمر والنهي بعيدا عن تصنيفات النحو والبالغة والمنطق واللغويات فإن األمر (بتصريف فعل األمر) يلزمه عقوبة عند العصيان أو منفعة عند الطاعة وهذا الشرح وإن كان بدائيا إال أننا نستطيع شمل الطلب نحو "يا أخي ساعدني" بقول أن الطلب إن لم يلبى يمكن أن يكون منه عاقبة والعاقبة ليست دائما ضربا أو حرمانا أو إيقاع أذى وإنما أيضا حنق وكره و عدم الرضا وغيرها ولربما الضرر الالحق بالطالب يعد عاقبة غير محمودة أما الدعاء فاستثنيه اآلن لعلي أعود إليه واألمر يجيء ممن إن عصيته حل عليك سخط كأمير أو والد او اخ كبير والسخط قد يصاحبه أذى والسخط والغضب عقوبة وحتى النصيحة فإن الناصح يدل المنصوح على الخير ويجنبه العواقب الوخيمة و ال يظنن أحد أن األمر دائما من ذي السلطة أو صاحب العمل لمن دونه وإال فهذا حديث " سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله " نرى فيه أن ما وصف فيه كالم الرجل هو "األمر" وهو أمام سلطان والجديد في هذا الفصل أن نقول أن الجمل اإلخبارية التي يصح أن نصدقها أو نكذبها نحو " القمر جميل" أو " أحب التفاح" هي أمر.
- 85 -
الكتاب األول
أمر ولكن بصيغة اعتدنا أن نراها إخبار فلو كنت أبا وقلت البنك "أنا عطشان" فما فرق هذا عن قولك له "اسقني ماءا" وإن جاءك مخبر بأن زيدا يغرق أفليس في هذا أمر أن اذهب وانقذه ؟ لكن األمر بصيغة األخبار فيه تعويل على فهم السامع وقدرته على ربط المعلومات أما الكالم بصيغة األمر ففيه إراحة لمخ السامع إن اإلنسان يقوم بعمل بعد ان يسمع خبرا وبجمعه بأخبار و"معلومات" سابقة فيصبح العمل محتما إن الخبر األخير هو "القشة التي قصمت ظهر البعير" وإالزامية األمر بقدر العاقبة ومفهوم أن قول "أكل هذا يضرك" كبالغة "ال تأكل هذا" إذا كنت جالسا مع رجل وجاء ثالث ليقول خرج زيد من السجن وحال سماع جليسك لهذا قام وتوجه للمطار وسافر. إن قول "زيد خرج من السجن" مع علم جليسك أن زيد "توعد بقتله إن خرج"مع معلومات أخرى ربما ال تخطر على بالك منها "زيد قادر على العثور علي " و" هو قادر على المجيء" " وزيد إن وعد لم يخلف " و..... كان كل هذا بمثابة أمر بالهروب لكنه ترك للسامع حرية أن يختار الخالص من العاقبة أما األمر الصريح فهو يختار له الطريقة دق جرس المدرسة فاندفع الطالب الجالسون في قاعات الدرس وخرجوا مع معلمهم ولكن من ال يعلم "معنى دق الجرس" وال يجنح للتقليد لن يخرج ولكن .... هل دق الجرس "الجرس يدق " أم " اخرجوا من القاعات"؟ هذا ما نقوله الخبر هو أمر بشرط علم اخبار أخرى والعجيب أن األمر هو خالصة أخبار - 86 -
الكتاب األول
فاألب ينصح أبناءه أو يأمرهم بصيغ أوامر وهذه األوامر والنصائح خالصة معلومات يعلمها األب وليس شريطة أن يعلم األبناء بكل ما يعلمه األب أو ببعضه وعندما تكون في معركة فهل على اآلمر والقائد إحاطة جميع المأمورين والتابعين بكل ما يعلمه من أخبار جعلته يصدر كل أمر وهل تسمح المعارك بهذا وهل على الحاكم أن يخبر شعبه بكل ما يصله من أخبار جعلته يصدر أوامره وهل على الطبيب أن يشرح لمريضه معلومات في األنسجة والخلية والفسلجة واألمراض والكيمياء الحياتية واألدوية وغيرها من العلوم التي تؤهل الطبيب ألن يأمر مريضه بتجنب ما يريد تجنبه أو يقدم على ما ينفعه والمعلومة والخبر له معان ويفهم تبعا لما قد علم قبل هذا الخبر فتفاعل السامع رهين بمخزونه "المعرفي"فإذا جاءت معلومة غيرت سلوكه وتصرفه و"موقفه" نوعا أو مقدارا واآلن هل علينا أن نعلم كل ما لزم منه إصدار كل أمر او نهي من هللا واآلمر يعلم وأنت ال تعلم أحيانا نحتاج إلى التذكير بما قلناه سابقا مستغلين أمثلة استخدمناها في مسائل أخرى دق الجرس في مدرسة الجرس أداة يدقها شخص إلعالن أن الدرس انتهى (هذا في المدرسة وهذا ليس تعريف ) مدير المدرسة أو معاونه ينظر إلى الساعة ويرى أن الساعة هي التاسعة وخمسون دقيقة وهذه المعلومة (الساعة كذا) هي أمر أو تحفيز أو خبر أو أثر من الساعة فكان رد فعل المدير أن أمر عامل المدرسة بأن يدق الجرس ولربما لن يقول له "دق الجرس" وإنما يقول "الساعة كذا"والعامل دفعته هذه المعلومة إلى أن يتوجه إلى الجرس فيدقه ورد فعل الجرس بضغط العامل على زر وإغالق الدائرة الكهربائية المشغلة للجرس أن ينشأ مجال مغناطيسي يجذب حديدة ثم يدفعها نحو ناقوس الجرس بعد ضمور المجال المغناطيسي في عملية كهربائية يعرفها الكثيرون فيسمع الطالب الجرس فيكون تفاعلهم مختلفا نوعا ومقدار وكلهم يفهم معنى الجرس ومنهم من يعيد الكتب إلى الحقيبة ومنهم من يخرج ومنهم يفرح ومنهم .... - 87 -
الكتاب األول
الجرس قال ورد فعل الطالب مبني على علمهم أو علومهم في الجرس ومتى يدق ولم يدق وما يفعلون إن دق ودق الجرس نفسه سيعني الدخول إلى القاعات في وقت آخر ودق الجرس كالم يساوي الكالم الذي يكون رد فعله هو رد فعل دق الجرس ولك أن تتصوره "اخرجوا" أو "انتهى الدرس"وقد يخالفك من يخالف (وهل فكر بهذا أحد ؟) ويقول معناه "الساعة كذا" ضع هذا الجرس في البيت ليدقه طارق الليل فالجرس يقول "ثمة طارق عند الباب" أو "طارق يريد أن تفتحوا له " أو " افتحوا الباب" أو مزيج من هذا أو غيره المكان والظرف بدّل المعنى إن المعلومة التي يريد إبالغها من دق جرس المدرسة غير معلومة جرس باب البيت واألداة واحدة والجرس ليس فيه سوى أن يدق أو ال يدق أما اللسان ففيه تنويع أكبر وأكثر بثمانية عشر حرف دق الجرس بمثابة أي جملة ؟ ال فرق تختلف أغراض الطارقين فمنهم من يريد الدخول فقط ومنهم من يريد أن يسأل أهل البيت عن شيء ومنهم من أتى لشخص توهم أن هذا بيته أو ..... لكن دق الجرس له أثر واحد في كل مكان وربما تغير المعنى بحسب وقت الدق والمكان وقدرة الناس على الدق فزر جرس مخبأ ال يعلم مكانه إال واحد سيعني دقه شخصا واحدا أو خلال في "توصيل الجرس" االنشغال بلفظة دقة الجرس يوهم لكن لو تذكرت أن الكلمات رموز اعتدنا على رد فعل منها يوضح المسألة ولو دققت أحيانا لما تذكرت ما قاله لك أبيك حين أراد منك جلب ماء ليشرب أقال "أنا عطشان" أم " أريد ماء" أم "اجلب لي ماء"
- 88 -
الكتاب األول
الجرس له نمط واحد (لو تجاهلنا االتفاق على تتابع دقات وعددها) أما اإلنسان فلديه أحرف ( 2أو 2أو )21فازداد تنوع اإلشارات واإليعازات واأللفاظ تتركب من حرف أو حرفين أو ثالثة أو أكثر وبتغيير مواقع الحروف وتكرارها زاد عدد ما نملكه من إشارات ليكون لكل معنى جزء من التراكيب ليس لها معنى والقليل نسبة لها نستخدمه هذا إذا حددنا عدد الحروف األقصى هل يستطيع اثنان أن يتحاوران حول أسباب وتداعيات نشوب الحرب العالمية الثانية بالجرس نعم لكن وكأنهم يحفران بئرا بإبرة التلغراف يؤدي غرضا بين اثنين يتبادالن الرسائل ومن االتفاق والتفاهم على تشكيلة من الطرقات يمكن أن تنشأ رسائل وهي خير مئات المرات من البقاء متباعدين ال يتبادالن فيه أي أخبار ولكن اجلس بين اختين تتحادثان عن تصرفات الكنة التلغراف بالطرقات في النهاية يترجم إلى كلمات وإذا أردنا االستغناء عن لغة البشر فإلى ماذا ستترجم اشارات التلغراف ؟ أنا على ثقة أن اثنين ال يعلمان لغة وأجبرا على التواصل بالتلغراف فسيفهمون األفكار بلغة التلغراف وسيكون لكل كلمة تلغرافية تصور كما أن كل كلمة في لغتنا أو جملة فيها ما يسمى تصور رجل يقود سيارته فكلما وصل مفترق وأضاءت اإلشارة الحمراء توقف ثم يسير حين تضيء الخضراء ثم يتوقف عند كل إشارة حمراء لو وضعت رجال يتحكم بإضاءة الحمراء والخضراء وأراد أن يقول باستعمال هاتين اإلشارتين "اشتهي طبقا من العدس " فكيف سيفعل مع لونين ال يستطيع بهما سوى إيقاف وتسيير المركبات . 2 كيف إذا جئنا برجل نريد أن نفهمه ما نريد باستعمال صعقات كهربائية على جسده فإذا أردنا التنويع صعقناه تارة وحرقنا اصبعه تارة وجلدناه كرة وكل هذا حين نريد أن نستبدل بالكالم شيئا آخر ليس بمحال
- 89 -
الكتاب األول
الصم والبكم يتواصلون بإشارات اليد والوجه وهم ال يعرفون لغتنا. انهم ينتفعون من تنوع الحركات لكثرة مفاصل الجسم وعضالت الوجه واليدين وبذلك فهم أكثر حرية من صاحب الجرس أو صاحب اللونين يراد من "لمتصفح" في االنترنيت أن يفهم ويستجيب ألوامر معدودة أقل بكثير من كلمات أي لغة محكية (htmlمثال) والحاسوب نفسه يصنع ليستجيب ألوامر بلغة أخرى والحاسوب والمتصفح ال يتعامل مع أوامرك التي نكتبها بحروف لغة محكية كما نتعامل نحن مع هذه الحروف فما نكتبه من حرف "أو كلمة" هو اشارات تستجيب لها اآللة عند هذا نتوقف في هذا الكتاب وأرى ان هذا كاف فمن أحاط بفكرة وأمثلة الكتاب فقد تأهل ألن يكون قارئا للكتاب الثاني والثالث لم أسطر كل النتائج التي أريد من هذا السرد ألن كثيرا من المفاهيم هنا تحتاج تتمات وتصورا أوسع نتركه للكتابين القادمين إن شاء هللا كنت أنوي أن أختم هذا الكتاب بفصل بمثابة تطبيق لفصول هذا الكتاب وأزعم أن موضوعه أنفع ما في الكتاب في الحياة األدبية والعلمية لكني في قررت أخيرا أن أجعله ملحقا لهذا الكتاب .
- 90 -