]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
عاجلٌ وهامٌ جداً إنذا ٌر وإعذا ٌر وإبراءٌ القول المبين في كُف ِر الدساتير الوضعية والقوانين
بقلم :حسن بن عبد المجيد الزبادي
ومُجم ُل القول المبين في حُكم الدساتير الوضعية والقوانين هو: ل بها، كفرُ جمي ِع الدساتيرِ الوضعية ،وكُفْ ُر سَّنِها ووضعها والمشارك ِة في ذلك ،وكُفْرُالعم ِ وكُفْ ُر التحاك ِم إليها ،وكُفْ ُر إقرارِها أوقبولها بالتصويت عليها ،وكفرالموافقة عليها ،وكفرُ إقرا ِر بعضها ،وكل ذلك كفرُ نوعٍ ،مطلقٍ ،وكفرٌعامٌ ،وال يتعين إال بعد قيام الحجة الشرعية البالغة ،فمن علمَ ذلك وفعله ،فقد ارتد وخرج عن ملة اإلسالم ،وال يُعدُ -عّند اهلل تعالى -من المسلمين ،بل قد حبط عمله ،وأصبح من المشركين الخاسرين ،وإن صلى وزكى ،وصام وحج ،ودعى إلى اهلل تعالى،وعَلِم وعلَم التوحيد ،وإن زَعم أنه من أئمة المسلمين. وعليه فالواجبُ بالبراءة من تلك الدساتير متعينٌ ،وإن وافقت شرع اهلل تعالى جملة وتفصيال ،ألنها من عّند غير اهلل تعالى ،ووجوب البراءة من أصحابها متعينٌ ،وال يُقبل ف وال عدلٌ ،وال فرضٌ وال نفلٌ ،وال يؤخ ُذ عّنهم علمٌ وال عملٌ ،إال بتوبة مّنهم صر ٌ ل الشقاء ،وأسباب ّس البالءِ ،وأص ُ ن على أنهم هم أُ ُ مفصلةٍ ،وبراءة مؤصلة ،والدِي ُ العقاب. ن البَراء َة التام َة المطلقة ،من جميع أنواع المحاكم الوضعية في األرض، وعليه فإنّنا نُعل ُ ومن جميع دساتيرها الوضعية ،مهما كان فيها من موافقات للدين والشريعة اإلسالمية، ومن جميع األنظمة والمذاهب الفكرية المعاصرة والسالفة ،مهما كان فيها من موافقات للشريعة اإلسالمية ،واعتبارها أربابًا وآلهةً باطلةً ،وطواغيتًا كافرةً ،تُعبدُ من دون اهلل تعالى ،وعليه فإنّنا نكفُ ُر بها ونّنكرها جملة وتفصيال ،ونُبدي العداوة والبغضا َء بيّنّنا ل من تعامل معها ،أو من وبيّنها أَبَداً ،ونتبرُأ من التعامل معها ،والعمل فيها أبداً ،ومِن ك ِ عمل فيها ،أو من سوغها ،أو من حث عليها ،أو من لم يّنكرها أبداً ،مهما ترتب على ذلك ما ترتب من المفاسد ،مطلقا ،وإال فالشرك باهلل تعالى بالتحاكم الى غيره هو من أعظم المفاسد ،وأكبر الكبائر ،وأقبح المّناهي ،وأنكر المّناكر ،وسوا ٌء كانت تلك المحاكمُ محاكمَ وضعي ًة مَحلِيةً ،أو عُرْفِي ًة أو دُوَليةً ،وسوا ٌء كانت مدنيةً ،أو جّنائية ،أو أحواالً شخصيةٍ ق لّنا ،بل أرواحّنا ونفوسّنا، أو أسرية ،وال نلجأ إليها ،وإن ضاعت في سبيل ذلك حقو ٌ 1
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
ع المتفرد بالتشريع وحده ،وحتى يَرْجِعوا إلى أحكام اهلل حتى يؤمّنوا باهلل الحاكم المُشَ ِر ِ وتشريعاتِه وحده . تفصيل ذلك وبيان أدلة وجوب الكفر بالطواغيت: الحمد هلل وكفى ،والصالة والسالم على عباده الذين اصطفى ،وأشهد أال إله إال اهللُ وحده، وال معبود بحق سواه ،وال مشرع بصدق غيره ،وال حاكم للخالئق سواه ،وحده ال شريك له ،وأن محمدا عبده ورسوله ،وال اتباع بإطالق لغيره ،صلى اهلل تعالى عليه وسلم. هلل تعالى محذرًا لعلماء األمة خاصة ،ثم لبقيتهم عامة ،متوعدًا إياهم من كتمان قال ا ُ الحق ،أو من التفريط في بيانه: ن أُوتُوا الْكِتَابَ ،لَتُبَيِّنُّنَ ُه لِلّنَاّسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ،فَّنَبَذُوهُ وَرَا َء ظُهُورِهِمْ ق الَذِي َ {وَإِ ْذ أَخَ َذ اللَ ُه مِيثَا َ س مَا يَشْتَرُونَ ([ })781آل عمران.]781 : وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَّنًا ،قَلِيلًا فَبِ ْئ َ وبيّن سبحانه عاقبة معرفة الحق وفهمه والتفقه فيه ،ثم مخالفته والعمل بما سواه ،وأنذلك من أسوأ أنواع التكذيب العملي الفعلي آلياته سبحانه ،وإن لم يقصد التكذيب ،أو يظهره ،قال تعالى : ل الْقَوْمِ س مَ َث ُ ل أَسْفَارًا ،بِئْ َ ل الْحِمَارِ يَحْ ِم ُ ل الَذِينَ حُمِلُوا التَوْرَا َة ثُ َم لَ ْم يَحْمِلُوهَا ،كَمَ َث ِ {مَ َث ُ ت اللَهِ ،وَاللَ ُه لَا يَهْدِي الْقَوْ َم الظَالِمِينَ ([ } )5الجمعة.]6 ،5 : ن كَذَبُوا بِآيَا ِ الَذِي َ وقال تعالى في مثل ذلك الحال: ن الْغَاوِينَ خ مِّنْهَا ،فَأَتْبَعَ ُه الشَيْطَانُ ،فَكَانَ مِ َ ل عَلَيْهِ ْم نَبََأ الَذِي آتَيّْنَا ُه آيَاتِّنَا ،فَانْسَلَ َ {وَاتْ ُ ل الْكَلْبِ، ( )715وَلَ ْو شِئّْنَا لَرَفَعّْنَا ُه بِهَا ،وَلَكِّنَهُ ....أَخْلَ َد إِلَى الْأَرْضِ ،وَاتَبَ َع هَوَاهُ،فَمَثَلُ ُه كَمَثَ ِ ل الْقَوْ ِم الَذِينَ كَذَبُوا بِآيَاتِّنَا ،فَاقْصُصِ ك مَ َث ُ ل عَلَيْهِ يَلْهَثْ ،أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ،ذَلِ َ ن تَحْمِ ْ إِ ْ ص لَعَلَهُ ْم يَتَفَكَرُونَ ( )716سَا َء مَثَلًا الْقَوْ ُم الَذِينَ كَذَبُوا بِآيَاتِّنَا ،وَأَنْفُسَهُ ْم كَانُوا الْقَصَ َ ك هُ ُم الْخَاسِرُونَ (} )718 يَظْلِمُونَ ( )711مَنْ يَهْ ِد اللَهُ فَهُ َو الْمُهْتَدِي ،وَمَنْ يُضِْللْ فَأُولَئِ َ [األعراف.]718 - 715 : ثم حذرنا عز وجلَ من سوء صّنيع اليهود والّنصارى ،وعاقبةِ موافقتهم ،خاصة في تمييع األحكام الشرعية ،وتضيع األصول األصلية ،والتهاون في هدم القواعد الثابتة، والتساهل في إسقاط األركان الركيّنة ،من سائر أحكام الديانة ،ومن مغبّة تسمية األشياء بغير اسمها ،فقال ع َز مِن قائلٍ: ن سَمِعّْنَا وَعَصَيّْنَا،وَاسْمَ ْع غَيْرَ ن مَوَاضِعِهِ ،وَيَقُولُو َ ن الْكَلِ َم عَ ْ ن هَادُوا يُحَرِفُو َ ن الَذِي َ { ِم َ مُسْمَعٍ وَرَاعِّنَا ،لَيًا بِأَلْسِّنَتِهِمْ وَطَعّْنًا فِي الدِينِ ،وَلَوْ أَنَهُمْ قَالُوا سَمِعّْنَا وَأَطَعّْنَا وَاسْمَعْ ن إِلَا قَلِيلًا (} )66 ن لَعَّنَهُ ُم اللَ ُه بِكُفْرِهِمْ،فَلَا يُؤْمِّنُو َ ن خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ ،وَلَكِ ْ وَانْظُرْنَا ،لَكَا َ [الّنساء.]61 ،66 : وقال تعالى عّنهم: ن الْكَلِ َم عَنْ مَوَاضِعِهِ ،وَنَسُوا { َفبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُ ْم لَعَّنَاهُمْ ،وَجَعَلّْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ،يُحَرِفُو َ حَظًا مِمَا ذُكِرُوا بِهِ} [المائدة .]71 :ثم سرعان ما كشف اهلل تعالى عوارهم ،وفضح 2
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
سرائرهم عّند رسوله الكريم ،ومحذرًا من مشابهتهم ،في حيثيات لعّنهم وتقسية قلوبهم قائال: ن الَذِينَ قَالُوا آمَّنَا بِأَفْوَاهِهِمْ ،وَلَمْ ن يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِِ ،م َ ك الَذِي َ ل لَا يَحْزُنْ َ {يَا أَيُهَا الرَسُو ُ ن لَمْ يَأْتُوكَ، ن لِقَوْ ٍم آخَرِي َ ن لِلْكَذِبِ ،سَمَاعُو َ ن الَذِينَ هَادُوا ،سَمَاعُو َ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ،وَمِ َ ن لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا، ن أُوتِيتُ ْم هَذَا َفخُذُوهُ ،وَإِ ْ ن إِ ْ ن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ،يَقُولُو َ ن الْكَلِ َم مِ ْ يُحَرِفُو َ ن يُطَهِرَ قُلُوبَهُمْ، ن لَ ْم يُرِ ِد اللَ ُه أَ ْ ك الَذِي َ ن اللَهِ شَيْئًا،أُولَئِ َ ك لَ ُه مِ َ ن تَمْلِ َ ن يُرِ ِد اللَهُ فِتّْنَتَهُ ،فَلَ ْ وَمَ ْ ب عَظِيمٌ ([ } )67المائدة.]67 : لَهُمْ فِي الدُنْيَا خِزْيٌ ،وَلَهُمْ فِي الْآخِرَ ِة عَذَا ٌ ومن ذلك من يُميع تلك األحكام العظام ،فيكتفي بتسميها :إثما من اآلثام ،أو من يدعوا لمقاطعتها دون أي بيان ،يبين حكمها الكفري الصحيح للعيان ،أو من يّنكرها لمجرد أن في بعضها ما يخالف الشرع ،ثم يقبلها إذا ما وافقت الشرع ،أو من يسميها وغيرها من الكفريات وااللحاديات والدساتير بالشرعية ،أو يشابهها بالشورى الشرعية ،فكل ذلك من خيانة األمانة والديانة ،خاصة وقد عمّت وعظمت بها البلوى ،ونزل بها السخط والغضب ،وحلّ بها الشؤم والعقاب. فيا أيها المسلمون في مشارق األرض ومغاربها ،إنه ال يخفى عليكم ما حل بديار المسلمين ،خاصة بعد سقوط خالفتهم ،وطول انقطاع مّنهم ،عن إفراد ربهم تعالى، بتشريع شريعتهم ،وعن توحيده سبحانه في تقّنين قوانيّنهم ،وعن عبادته ع َز وجلَ بدسترة دساتيرهم ،وعن تحكيم قوانين كتابهم ،وعن اتباع بّنو ِد هديِ نبيهم ،وما ترتب على ذلك من مفاسد عقائدية جمة ،وضياع ألركان الدين ،وفش ٍو للفساد والبوار والمّنكرات عامَة، خاصة في بُعد المسلمين عن توحيد الحاكمية لربهم ،وعن إفراد اإلتباع واالقتداء لّنبيهم، فاستبدلوا ذلك باإليمان أو الرضا والقبول بطواغيتهم ،فحلَ بالمسلمين ما حل باألمم ممن ف في كهولهم وذراريهم، سبقهم ،من الذل والمهانة واالستضعاف ،حتى أُعمل السي ُ وفتياتهم ونسائهم،وحرق قتالهم وجرحاهم أحياء ،وسبيت رموزُهم وأكابرهم ،فسفكت الدماء ،واستبيحت األعراض ،وفسدت األجيال ،وهلكت األموال ،وانتهبت الثروات، وضاعت الديار ،واستحوذ األعداء على بالد المسلمين ،فعاثوا في األرض فسادا ،وكان من أشد ما أصاب المسلمين من هذه المحّنة ،هو ضياع ديّنهم الحّنيف ،وذهاب جوهر توحيدهم لربهم الصحيح ،واشرأبت أعّناق الكفر ،واستّنسر البُغاث ،واستأسد الجرذان ُ، واستفحل الّنعاج ،وتغلب األراذل على األفاضل ،واستمكن الكاغرون على مقاليد األمور في جميع بالد المسلمين ،وأصبح حالهم أضي َع من األيتام على مأدبة اللئام ،بل ليس لهم على مأدبة اللئام مقام. لذلك لزم التحذير ،وعدم تأخير البيان عن وقت الحاجة ،فّنقول: أن توحيد اهلل تعالى صرح صريح ال يخدش وال يتجزأ ،كما أن الكفر به تعالى كيان ال يتبعض وال يتشأل ،فمن أنكرشيئاً من توحيد اهلل تعالى ،كتوحيده وإفراده وحده في سن القوانين ،والتشريع ،والحاكمية بين الخالئق ،فقد كفر بتوحيد اهلل تعالى كلّه ،وإن أثبت ما أثبت مّنه ،كذلك من أقر بشيء من الكفر ،كإقراره بدساتير البشر الوضعية ،فقد أقر بالكفر كله ،قال تعالى موضحا ذلك: 3
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
ن عَمَلُكَ ،وَلَتَكُونَنَ مِنَ ت لَيَحْبَطَ َ ن أَشْرَكْ َ ك وَإِلَى الَذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ،لَئِ ْ ي إِلَيْ َ حَ {وَلَقَ ْد أُو ِ الْخَاسِرِينَ ([ })65الزمر .]65 :وقال تعالى: {َأ ْم لَهُمْ شُرَكَاءُ!!!!! شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ (أي وهي للتبعيض أو للجّنس) الدِينِ ،مَا (أي اسم ضيَ ل لَقُ ِ صِ ن بِ ِه اللَهُ ،وَلَوْلَا كَلِمَ ُة الْفَ ْ موصول بمعّنى مطلق الذي ،أي أياً مِن الذي) لَمْ يَأْذَ ْ ب أَلِيمٌ}[الشورى .]17:وكذلك اتخاذ الشركاء ،مترتب في ن لَهُمْ عَذَا ٌ ن الظَالِمِي َ بَيْ َّنهُمْ ،وَإِ َ كل هذا على اطالقه ،في قليل التشريع من الدين والّنظام وفي كثيره. ب على قليل الموافقة في طاعتهم في بعض األمر ،قال تعالى: وكذلك الحكم بالرِدة ،مترت ٌ ل لَهُ ْم وَأَمْلَى لَهُمْ ن لَهُ ُم الْهُدَى ،الشَيْطَانُ سَوَ َ ن ارْتَدُوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ ،مِنْ بَعْ ِد مَا تَبَيَ َ ن الَذِي َ }إِ َ ض الْأَمْرِ -وَاللَ ُه يَعْلَمُ ل اللَهُ -سَّنُطِيعُكُمْ فِي بَعْ ِ ك بِأَنَهُمْ قَالُوا -لِلَذِينَ كَرِهُوا مَا نَ َز َ ( )15ذَلِ َ إِسْرَارَهُمْ (. )16 لذا فإن اهلل تعالى قد حذر من قليل الشرك ،ورتب العقوبة على مطلقه ،أي بأي شيء ن أَشْرَكْتَ( ،أي بمطلق الشرك ،أي ن قَبْلِكَ لَئِ ْ ك وَإِلَى الَذِينَ مِ ْ ي إِلَيْ َ مّنه ،قائالً{ :وَلَقَ ْد أُوحِ َ بمجرد فعل بعضه ،وليس بالشرك المطلق ،أي ليس بفعل جُلِه) ،لَيَحْبَطَنَ عَمَلُكَ( ،أي ل اللَهَ فَاعْبُدْ( ،أي وحدَه ،أما المُقر ن الْخَاسِرِينَ ( )65بَ ِ بخسارة جميع أعمالك) وَلَتَكُونَنَ مِ َ ن مِنَ شيئا من الدستور ،فهو عابد لغيره معه ،وليس عابدًا صافيا هلل وحده خالصاً) ،وَكُ ْ الشَاكِرِينَ ( )66وَمَا قَدَرُوا اللَ َه حَقَ قَدْرِهِ( ،أي ما عظموه وما خافوه حق تعظيمه ض جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْ َم الْقِيَامَةِ، وخوفه ،لمَا أقرّوا قليالً من الشرك بغيره) ،وَالْأَرْ ُ ت بِيَمِيّنِهِ ،سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (أي تّنزه وتبرأ وخلُص وتجرد وصفى ت مَطْوِيَا ٌ وَالسَمَاوَا ُ صفاؤه) عَمَا يُشْرِكُونَ ([ } )61الزمر[ 61 – 65 : وكما أن القول بجواز إتيان بعض الكفر دون الكل ،وأن ذلك ال يعّني الكفر بالكل ،فهذا ث في الدين ،لم يأت به أحد من السابقين ،وهو إيذان وتحريض على قول عظيم ،ومحدَ ٌ إتيان قليل الشرك ،وما عظيم الكفر إال من مستصغر الذنب. أما القول بتسويغ قليل الشرك والكفر ،دَفعاً ألكثره وأعظمه ،فلم يأذن به اهلل تعالى ،ولم يقل به أحد من الموحدين ،وال يسمى موحدًا من فعل ذلك ،أو حض على شيء من ذلك، والقاعدة مُقيدة بما لم يكن حراما ،بغير إكراه أو ضرورة ،فكيف بما يكون شركا ،أيْ قاعد ُة (دف ُع أعظم الضررين بأخفهما ،واختيار أيسر األمرين بأشدهماٍ) ،ما لم يكن محرما ،ويقيده فعله عليه السالم ،وما خُيِر بين أمرين اال اختار أيسرهما ،ما لم يكن محرماً ،فكيف إذا كان شركاً ،ثم إن الشركَ – قليلَه وكثيره – هو أعظم الضررين مطلقا، وهو أشد المفسدتين قطعاً ،ألم تر أن اهلل تعالى أمر بالقتال وبذل األموال واألنفس ،حتى ق الخالص -----كلُه ----- ن المطل ُ ال يكون هّناك شركٌ في األرض ،مطلقاً ،ويكون الدي ُ هلل ------وليس بعضه!! قال تعالى: ي مطلْق من ي مطْلَقٍ من الكفر ،أو أ ُ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَى لَا تَكُونَ فِتّْنَةٌ}( ،أي حتى ال يكون أ ُ ن الدِينُ كُلُهُ}( ،أي جمي ُع الدين المطلق الخالص كلُه){ ،لِلَهِ ،فَإِنِ الشرك){ ،وَيَكُو َ ن بَصِيرٌ (} )13 ن اللَ َه بِمَا يَعْمَلُو َ انْتَهَوْا}( ،أي عن مطلق الشرك أو الكفر){ ،فَإِ َ [األنفال.]64 ،13 : 4
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
فهؤالء وهؤالء ،ماتركوا أصال من أصول الدين إال نقضوه ،وما برحوا شُجّنة من الملة إال وقطعوها ،وما فتئوا ركّنا من الحّنيفية إال وهدموه ،عمدوا إلى التوحيد ففصصوا مفاصله ،وآمّنوا بجلِه ،وشرَعوا الكفر ببعضه ،ونظروا إلى الشرك فقسّموا أركانه، فجعلوه أفكارًا وآليات ،فأنكروا أفكاره ،وسوّغوا آلياته ،وعمدوا إلى عقيدة الوالء والبراء ،والمحاباة والمعاداة ،والحب والبغض في اهلل تعالى ،والتي هي من أوثق عُرى اإليمان ،فجزؤوا أواصرها ،فآمّنوا ببعضها ،وسوّغوا بعضها ،فجعلوها في الحزب وفي الوطّنية والقومية والّنسيج الواحد ،وأظهروا مخالفتها ،وأعلّنوا نقضها ،بل وشرعّنوا محاباة الكافرين ،ومواالة من عادى اهلل ورسوله وشاقهما ،وعانقوا المجرمين من رؤوّس الصليبيين المجرمين المفسدين ،من المحاربين هلل ورسوله والمؤمّنين ،وممن يأنف العامة من مجالسهم ،فضال عن معانقتهم ،ورغم أن اهلل تعالى قد أظهر عوار عجلهم الديمقراطي ،إال أنهم ال يزالون يستغيثون به ،وما برحوا يستعيذون ويستغيثون به ،وما فتئوا يستعيّنون به ،وما انفكوا يذبحون القرابين البشرية من أجله ،بل ونذروا نذورهم إذا فازوا بها إليه ،وعمدوا الى الّنصوص الخاصة بأهل الذمة من المحافظين على عهدهم، فاضفوها إلى الصليبيين والصهايّنة المعتدين ،من الّناقضين عهودهم ،والمحاربين هلل ولرسوله وللمؤمّنين ،ليل نهار ،وماداموا وما انفكوا يستّنصرون بهم ،وعمدوا الى األصل القرآني األصيل ،وهو الجزي ِة المفروضةِ على أهل الكتاب المعاهدين ،من المُوفين بعهدهم ،فزعموا انها كانت في الماضي ،ثم هي اليوم قد انتهت ،وحلّ محلها الضرائب ،وغير ذلك من التالعبات بالدين ،عّند من ال دين له وال علم ،ونسوا أو تّناسوا ،وجهلوا أو تجاهلوا ،وغفلوا أو تغافلوا ،أنه لن يسقط الجزية عن أهل الكتاب ،إال ن مريم رسول اإلسالم ،فيُسقط الجزية عن أهل الكتاب، معبو ُد أهل الكتاب ،عيسى ب ُ ل خّنزيرَهم ،ويكسر صليبهم ورمز كذبهم وزورهم ،ويفرض عليهم اإلسالم أو ويقت ُ ل في ذلك جزية ،ثم عمدوا إلى الّنصوص اآلمرة بطاعة والة أمور القتل ،وال يقب ُ المسلمين ،ممن يحكمون الّناّس بكتاب اهلل تعالى وسّنة نبيه عليه السالم ،والّنصوص الّناهية عن الخروج عليهم ،ثم أضفوها على والة الشر والكفر واإللحاد ،من والة أمر الشيوعية أو العلمانية أو الديمقراطية أو البعثية أو الّنصيرية العلوية الشيعية الملحدة وغيرهم من الطواغيت الطاغية ،والتي تُؤله غير اهلل تعالى ،كعلي بن أبي طالب رضي اهلل تعالى عّنه ،وغيره كالّناصرية أو القومية أو الوطّنية أو العسكرية ،من دون اهلل تعالى ،أو لوالة أمر الحكومات الصهيوصليبية ،وغيرهم من والة أمور الشر والكفر والفساد ٫ومن الطواغيت التي أمر اهلل تعالى بمقاتلتهم حتى يقيموا دين اهلل تعالى، ويحكموا بشرعه القويم ،بل ووصفوا كل من خالف أمثال هؤالء الطواغت ،بأنهم كفرقة الخوارج ،التي تُكفِر بالمعصية ،وتقاتل أهل اإلسالم ،وتسالم وتوالي أهل الشرك والكفران ،وهذا من التلبيس والتدليس ،ومن الجهل المطبق ،بل ومن مداهّنة السالطين الفاسدين المفسدين ،من طواغيت الفساد واإلفساد في األرض ،ومن مواالت الصهايّنة والصليبيين أو الصفويين وغيرهم من الكافرين ضد المسلمين ،وهذا من المخرجات عن ديانة المسلمين ،وهم بذلك يّناصرون أهل الكفر والباطل والفساد واإلجرام ،ويعادون 5
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
ويحاربون أهل اإليمان واإلسالم ،وقد ظلوا على عجولهم تلك عاكفين ،يسجدون لها، ويسبحون بحمدها ،ويقدمون لها الصالة ،أولئك هم المبددون لديّنهم ،والمحرفون لملة إبراهيم ،ورغم أن اهلل تعالى وحده الذي تولى تدمير عجلهم الديمقراطي ،وإظهار عوارهم ،فليتهم اقتدوا بأسالفهم اليهود ،من أصحاب عجل السامري ،حيث رجعوا وتابوا ط فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَهُمْ قَدْ ضَلُوا ،قَالُوا لَئِنْ وأنابوا من قريب ،فقال تعالى فيهم{ :وَلَمَا سُقِ َ ن الْخَاسِرِينَ ([ } )763األعراف.]763 : لَ ْم يَرْحَمّْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِ ْر لَّنَا ،لَّنَكُونَنَ مِ َ غير أن هؤالء ما برحوا عليه عاكفين ،فتبًا لهاتيك العقول العجول فإنها ....واهلل قد مسخت على اآلتان. ولقد نشأت على أنقاض الخالفة اإلسالمية المباركة ،أشياخ وأشباه علماء كثر ،كان أصلحهم حاال ،هو ممن شاركوا في سقوط تلك الخالفة المباركة ،خاصة في أوقات استضعافها ،وفي أواخر أطوارها ،فقامت على أنقاضها أمم ،وتفرقت دول ،وأسست جماعات وفرق ،أحسّنهم ظاهراً ،من كان يتظاهر بالدعوة إلى توحيد اهلل تعالى والعقيدة، رغم أنهم لم يكونوا إال معاول حادة ،من معاول الهدم لتلك الخالفة اإلسالمية المباركة، ورغم ضعفها وسوء نهايتها ،إال أنهم حاربوا على اسقاطها ،وهكذا استمر المستعمر الصهيوصليبي الصفوي في تفتيت ديار الخالفة في الشرق والغرب ،وجعلِها دويالت وأمما وأوطانا ،كل حزب فيهم بما لديهم فرحون. وكانت نتيجة ذلك ،أن نشأ في اإلسالم من ليس مّنه ،أشباه علماء ،وأنصاف طلبة علم، وأطياف أشياخ ،ليس لهم من العلم الصحيح حظ وال نصيب ،اللهم إال التقليد األعمى لكل من رجالهم. حتى آل مآلهم وصار مصيرهم اليوم إلى ثالثة أصّناف : -7صّنف ال يزال تابعاً مخلصًا ومقلدا متعصبا لمن سوّغ وشرعن إسقاط خالفةالمسلمين ،وامتطى في سبيل ترويج ذلك ظهر التوحيد الظاهري ،حتى انطلت دعوتهم - المزعومة والعارية عن حقيقة التوحيد والعقيدة -على عقول الكثير من البسطاء والسذج من أشياخ المسلمين ،ممن لم يحسّنوا قراءة تاريخهم المجيد ،بله تاريخ عدوهم العّنيد ،وال يزال هؤالء وهؤالء معاول هدم في أيدي الصهيوصليبية والصفوية ،يهدمون بها ديار المسلمين ،دارًا بعد أخرى ،وكل ذلك يتم ....وباسم التوحيد .....وباسم العقيدة ،وهم أبعد الّناّس عن اصل التوحيد الصحيح وصريح العقيدة وجوهر اإلسالم. ي عمل أو نشاط أو فعالية ،من أعمال وهذا الصّنف من األشياخ ،هو ممن يرى تجريم أ َ المسلمين وأنشطتهم وفعالياتهم ،وذلك إذا ما تمت على الّنحو الجماعي أو الترتيبي أو التّنظيمي ،ويرونه تحزبا وخروجا على ولي األمر ،وفي سبيل ذلك تراهم يضفون كل صفات وامتيازات ولي األمر الشرعي ،والذي يحكم في الّناّس بكتاب اهلل تعالى ،وعلى هدي نبيه صلى اهلل تعالى عليه وسلم ،ويسوسهم بالسياسة الشرعية ،ظاهرًا وباطّناً، داخليًا وخارجياً ،فتراهم يضفون كل تلك االمتيازات والحقوق على حكامٍ متسلطين، متصهيّنين أو مستغربين أو صفويين أو علويين نصيريين ملحدين ،ممن عُيِّنوا من قبل المحتلين المسقطين لخالفة المسلمين ،فتراهم يحكمون الّناّس بحسب أحوالهم ،فإمّا 6
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
يحكمونهم باالشتراكية الشيوعية ،أو بالعلمانية الفاصلة بين الدين والسياسة ،أو بالديمقراطية الصهيوصليبية الملحدة ،والتي ال تقبل لها شريكاً في الحكم ،أو بغيرها من االحكام الوضعية الالديّنية ،حتى إنهم ليضفون صفة ولي االمر على حكام االشتراكية والعلمانية والديمقراطية ،بل والعلوية الّنصيرية المؤلهة لغير اهلل ابتداء ،حتى انهم ليضفون صفة ولي االمر أيضا ....على الصليبيين المحاربين للدين ،من حكام البالد الصليبية الغربية ..ابتداءً ..أيضا ،بحجة انهم متسلطون بسلطة أو متغلبون بشوكة، أومّنتخبون بانتخاب ،وغير ذلك من التلبيس والتدليس ،والتفليس والتهليس ،وإذا رأيت ثَمَ ،رأيت كثيراً من هؤالء المُفتِين المفلسين ،وهم يتجرأؤن على الفُتْيا ،فتراهم يصدرون في سبيل ذلك العظيم من الفتاوى ،في الحكم على من خرج عن طاعة هؤالء وهؤالء، بأنهم هم الخوارج عن الدين ،ولست أدري ،من هو األولى بتلك األحكام؟ من خرج على خالفة المسلمين ،والتي ظلت أربعة عشر قرناً من الزمان ،يترعرع المسلمون في عزتها ،وتترفرف الرايات في توحيدها لربها ،أم والة الشر – أولئك – من الخارجين عن خالفة المسلمين ،والمحادِين هلل ولرسوله وللمؤمّنين. فهم ال يمتون لولي االمر الشرعي بأي صلة ،ال من قريب وال من بعيد ،وهكذا يكون التلبيس والتدليس واإلفالّس العقدي ،من قبل الحكام واالشياخ والمفتين المفلسين ،وهم أولى الّناّس بالتقليد األعمى ،والحزبية المقيتة من غيرهم ،وهكذا تُحكم الصهيوصليبيةُ الصفويةُ قبضتها على بالد المسلمين ،بأولئك الحكام المتسلطين ،وبتلك االشياخ المّنافقين ،ممن تجرأوا على الفتيا بغير علم ،وجميعهم ال يحكمون بكتاب اهلل تعالى ،وال بسّنة نبيه عليه السالم ،ورغم انه من المستقر في الديانة الحقة ،أنه من الواجب على جميع المسلمين المقاتلة والمجاهدة والمحاربة ،بالّنفس والّنفيس ،وبذل كل غالي ورخيص ،حتى يكون الدين ،والدين كلُه ،هلل الواحد القدوّس ،قال تعالى: ن بَصِيرٌ ن اللَ َه بِمَا يَعْمَلُو َ ن انْتَهَوْا فَإِ َ ن الدِينُ كُلُ ُه لِلَهِ فَإِ ِ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَى لَا تَكُونَ فِتّْنَةٌ وَيَكُو َ ن بِاللَ ِه وَلَا بِالْيَوْ ِم الْآخِ ِر وَلَا ن لَا يُؤْ ِمّنُو َ ([ })13األنفال ]13 :وقال تعالى { :قَاتِلُوا الَذِي َ ب حَتَى يُعْطُوا ن أُوتُوا الْكِتَا َ ن الَذِي َ ق مِ َ ن الْحَ ِ ن دِي َ حرِمُونَ مَا حَرَ َم اللَ ُه وَرَسُولُ ُه وَلَا يَدِيّنُو َ يُ َ ن يَدٍ وَهُ ْم صَاغِرُونَ ([ })13التوبة.]13 : الْجِزْيَ َة عَ ْ فانظر إلى أحوال هؤالء األشياخ األشباح ،من المبددين لعقائدهم ،والمحرفين لديّنهم، وهم يدعمون هؤالء الطواغيت المشركين ،والمتسلطين من قبل المحتلين الصهيوصليبيين ،لكيال تقوم لإلسالم الصحيح قائمة ،وال يرفع للتوحيد الشامل الصحيح راية. -1وطائفة أخرى من األشياخ وأشباه العلماء وطلبة العلم ،إما أنهم حجروا الدين علىفضيلة من فضائله ،أو حصروه على ركن من أركانه ،كالدعوة إلى اهلل تعالى ،أو كطلب العلم الشرعي ،أو التعبد والتّنسك وتزكية الّنفس ،أو الجهاد في سبيل اهلل تعالى ،أو األمر بالمعروف والّنهي عن المّنكر ،أو غيره ،ثم زعم هؤالء أن هذا – الجزء الذي يقومون عليه -هو الدين ،ثم قاموا بتخطئة من عداهم من أهل الملة والديانة ،ثم لمّا عُرضت عليهم األديان والملل والمذاهب الفكرية والّنظامية المغايرة لإلسالم ،قاموا بامتطاء 7
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
ظهرها ،وتبّني أنظمتها وشرائعها ودساتيرها ،بزعم مرحلية الدعوة ،أو أنهم سيجلبونه الخير والتشريع من وراء ذلك ،بعد ذلك. كمُطعم ِة األيتام من كَ ِد فَرْجها ،،،،،،لك الويل ال تَزني وال تتصدقي كمُجلبة التمكين بالشرك تأته ،،،،،،لك الويلُ ال شِركٌ وال تتمكّني ال من محاربتهم لتلك فقاموا يسوغون للّناّس الكفر والشرك واإللحاد صّنوفا وألوانا ،فبد ً الطواغيت ،أو الدعوة إلى محاربتها ،أو كشف كفرها وإلحادها ومخالفتها للدين ،أو البراءة مّنها ومن أهلها ،وتحذير األمة من شرها وشؤم عواقبها ،أو اجتّنابها ،أو حتى باختيار الخّنوع بالصمت عّنها ،إن كان الضررُ في بيانها متعيّناً متحتما ،وذلك أضعف اإليمان ،لكّنك تراهم ،وبئسما تراهم ،يدعون الّناّس إلى ذلك الكفر ،ويُرَغبونهم في اتباعه ،بزعم أن هذا هو المتاح اليوم ،وأن المرحلية تقتدي ذلك ،وانهم غي ُر قادرين على سواه ،فيا سبحان اهلل الواحد األحد ،وأي مرحلية من مراحل الدعوة الّنبوية المباركة، رضيت بالكفر ،أو أقرته ،أو سكتت عّنه ،بله أن تمتطي ظهره ،أو أن تقترفه!! فهؤالء هم المبددون لمتهم ،والمحرفون لديّنهم ،والمُحْدِثون في االسالم ما ليس فيه ،بل والمكذبون آليات اهلل تعالى باتباع ما سواها. -1وطائفة ثالثة ،من أَتْباع أشباه العلماء أيضاً ،علِموا حقيقة المؤامرة على الدينوالتوحيد ،وأدركوا حجم الخطورة على أمة االسالم ،فقاموا غير متقاعسين ،وهبُوا غير متثاقلين ،ونفَروا غير معاجزين وال متعاجزين ،للدفاع عما تبقى من الدين ،نصرة للدين، ودفاعا عن جّناب التوحيد ،غير أنهم فاتهم الكثير من صحيح االعتقاد ،وحسن االتباع، وإنك لتجدهم هم أقرب الثالثة ،للحق والصدق المبين ،ظاهرا وباطّنا ،فجادوا بكل غالي ورخيص ،وبذلوا كل نفس ونفيس ،دفاعا عن عرين التوحيد والدين ،ورغم ما فاتهم من الكثير ،غير أن هذا هو جهد المقل ،فما كان من الفئتين األوليين المفلسين ،إال أنهم ناصبوهم كل العداء ،ووصفوهم بكل نقصاء ،ووسموهم بكل عوراء ،وكان أولى بهم أن يَسدّوا خللهم ،ويكملوا نقصهم ،ويصححوا أخطاءهم في عقائدهم ،وأن يجبروا كسرهم، لكّنهم إنشغلوا بتخريجهم من الدِين والملة ،فأخرجهما اهلل تعالى عن الصراط المستقيم، فصاروا مثاال للمبددين ،ونبراسًا للمحرفين لملة إبراهيم ،وأسوة للمشاققين لمّنهج األنبياء وسائر المرسلين. وإلى هذا الحال ،آل مآلُ المسلمين اليوم. وإنه من المعلوم ضرورة في دين المسلمين أنه :ما وقعت مصيبة إال بذنب ،ولن ترفع كذلك إال بتوبة من ذلك الذنب ،غير أن هؤالء وهؤالء ،من الفئتين األوليين ،لم يزالوا في غيهم ضالين. ومن الواضح في تلك الظروف أيضاً ،أن مقاطعة تلك الدساتير الوضعية الكفرية ،هو نوع من السلبية ،وقد ال تكون المقاطعةُ كافيةً مع القدرة على اإلنكار ،وأعظم أحوالها أنه أضعف اإليمان. كذلك الدعوة إلى المقاطعة مع عدم التفصيل في الحكم الشرعي على تلك الدساتير الوضعية الكفرية ،وعلى من يصّنعها ،ومن يدعو إليها ومن يشارك فيها ،يعدُ كتمانا 8
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
للحق مع القدرة على بيانه ،فإذا ما كان كان هّناك من يسوّغه ،ومن يشرعِّنه ،ومن ث الّناّس على الهالك يضفي عليه صفة الشرعية ،ومن يُفسي بوجوب إقراره ،ومن يَح ُ دونه ،فعّندئذ يكون اإلثم متحتماً ،على كل من لم يبين أحكامها وجرم المشاركين فيها. وبعض الّناّس اليوم قد يحكم على تلك الدساتير بحسب أحوالها ،فيُحلُها تارة ،ويحرمها تارة ،يحلها إذا ما وافق بعضُها الشرعَ ،ثم يعود فيّنكرها لمخالفتها الشرع ،وهذا تهوك آخر ،وتذبذب يقع الكثير من أهل الدعوة فيه اليوم ،وهذه طامَة ال تكاد تختلف عن سابقتها. ن القوانين –وإال فالحق ال يتبعض ،كما أن انكار الباطل ال يتبعض ،فصفة التشريع وس ّ والتحليل والتحريم هلل وحده ،والمّنع والحظر من أخص خصائصه تعالى ،والفسح واإلباحة من أهم مهام اهلل تعالى ،وتقّنين القوانين حِجْرٌ ال يفعله إال اهلل تعالى ،ولم يَسمح فيها – سبحانه -ألحد سواه ،ولم يأذن في سّنها من دونه ،ال لّنبي مرسل ،وال لملك مقرب ،وال لولي مجتبى ،أن يتدخل في شيء مّنها ،فمن شرع للّناّس دستوراً ،وإن كان موافقا لشرع اهلل تعالى مائة بالمائة – فهو شِرك باهلل تعالى ،وكفر بتفرده بالتشريع ،وال بد من تجريم من أقرَها ،وذلك أبلغُ في البيان ،وأعظمُ في اإليمان ،وأبرأ للذمة من الفسق والظلم والعصيان ،وأنصح لألمة من الوقوع في الشرك باهلل تعالى والكفران ،وأطهر من أدران الكفر والشرك والعصيان ،وأبرأ للديانة الحّنيفية مما أُحدث فيها ،على أيدي عبدة الهوى والّنفس الشيطان ،كل ذلك أولَى من االكتفاء بمقاطعتها ،أو اإلكتفاء بوصفها باإلثم كبقية اآلثام. قال تعالى مّنذرًا لعلماء األمة خاصة ،ثم لبقيتهم عامة ،محذرًا إياهم من كتمان الحق ،أو ّس وَلَا تَكْتُمُونَهُ ب لَتُبَيِّنُّنَ ُه لِلّنَا ِ ن أُوتُوا الْكِتَا َ ق الَذِي َ من التفريط في بيانه{ :وَإِ ْذ أَخَ َذ اللَ ُه مِيثَا َ فَّنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَّنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ([ })781آل عمران: .]781 فيا أيها المسلمون جميعاً: قِفوا على مَشاعرِكم هذه ،واصبروا عليها ،وموتوا دون التفريط فيها، فأنكم على إِرث ،من إرث أبيكم إبراهيم عليه السالم ،حيث أعلن البراءة والعداوة والبغضاء ،لكل ما يُعب ُد ويُتحاكم إليه من دون اهلل تعالى. وعليه فإنّنا اتباعاً نعلنُ: البَراء َة التام َة المطلقة ،من جميع أنواع المحاكم الوضعية في األرض ،ومن جميع دساتيرها الوضعية ،مهما كان فيها من موافقات للدين والشريعة اإلسالمية ،ومن جميع األنظمة والمذاهب الفكرية المعاصرة والسالفة ،مهما كان فيها من موافقات للشريعة اإلسالمية ،واعتبارها أربابًا وآلهةً باطلةً ،وطواغيتاً كافرةً ،تُعب ُد من دون اهلل تعالى، وعليه فإنّنا نكفُرُ بها ونّنكرها جملة وتفصيال ،ونُبدي العداوة والبغضاءَ بيّنّنا وبيّنها أَبَداً، ونتبرأُ من التعامل معها ،والعمل فيها أبداً ،ومِن كلِ من تعامل معها ،أو من عمل فيها، أو من سوغها ،أو من حث عليها ،أو من لم يّنكرها أبداً ،مهما ترتب على ذلك ما ترتب من المفاسد ،مطلقا ،وإال فالشرك باهلل تعالى بالتحاكم الى غيره هو من أعظم المفاسد، 9
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
وأكبر الكبائر ،وأقبح المّناهي ،وأنكر المّناكر ،وسوا ٌء كانت تلك المحاكمُ محاكمَ وضعي ًة مَحلِيةً ،أو عُرْفِي ًة أو دُوَليةً ،وسوا ٌء كانت مدنيةً ،أو جّنائية ،أو أحواالً شخصي ٍة أو أسرية، ق لّنا ،بل أرواحّنا ونفوسّنا ،حتى يؤمّنوا وال نلجأ إليها ،وإن ضاعت في سبيل ذلك حقو ٌ ع المتفرد بالتشريع وحده ،وحتى يَرْجِعوا إلى أحكام اهلل وتشريعاتِه باهلل الحاكم المُشَرِ ِ وحده. *وقال تعالى في إثبات فردانيته تعالى بالحكم والتشريع وحده ،دون سائر الخالئق: ف عليه السالم ،وهو في محّنة الضراء في سجّنه وبالئه، قال تعالى على لسان نبيه يوسُ َ بادئًا بأولِ وأه ِم درّس ،من دروّس اإليمان وأصل الديانة ،بدأ بتوحيد الحاكمية هلل عزّ وجلّ ،والتي عليها مدار توحيد اهلل تعالى ،في ربوبيته ،وفي ألوهيته ،وفي أسمائه ل شأنه ،وتقدست أسماؤه ،وتّنزهت آالؤه. وصفاته ،وأقواله وأفعاله وجميع أحواله ،ج َ وتوحيدُ حاكميته تعالى ،ليس قاصراً على حدود وتعزيرات وقوانين عقوباتية ،وإال فهذا فرع على أصل ،فأصل حاكميته تعالى في أحكامه وتشريعاته وشعائره سبحانه ،خاصة في ماهية ضوابط ربوبيته ،وقوانين اإليمان بألوهيته ،وبّنود تفعيل أسمائه وصفاته، ودساتير قيود اإلعتقاد في أقواله وأفعاله ،وحدود ذلك كلِه وأحكامه ،مبيّنًا لهم معّنى ُأّسّ ل مقتضاها ،ومُظهرًا لمعّنى الديانة القويمة ،ومّنشأ الملة المستقيمة ،وما العبودية وأص ِ ي عليه ذلك الّنظام المركزي البديع ،ومّنبع الشرائع الخلَاقية المتيّنة ،ويّنبوع التشريعات بُّن َ ن به ،ومتى يجتاز المؤمن حواجز اإليمان ولوائح ل التدي ُ الربوبية المعجِزة ،ومتى يُقب ُ التقوى ،وذلك تبيانا لحدود العباد وقوانيّنهم مع خالقهم تعالى ،ثم يتفرع مّنه بعد ذلك بقية تشريعاته وحدوده وقوانين عقوباته ،والتي تحدد وتضبط عالقات العباد مع العباد. ي السِجْنِ ،أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِقُونَ خَيْرٌ ،أَ ِم اللَ ُه -7قال تعالى على لسان الصدِق{ :يَا صَاحِ َب ِن دُونِهِ}( ،أي :ما تتحاكمون إليه من دون حكمه تعالى) ن مِ ْ الْوَاحِ ُد الْقَهَارُ ( )13مَا تَعْبُدُو َ ن الْحُكْمُ إِلَا لِلَهِ ،أَمَرَأَلَا ل اللَ ُه بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ،إِ ِ { ِإلَا أَسْمَاءً سَمَيْتُمُوهَا ،أَنْتُ ْم وَآبَاؤُكُمْ ،مَا أَنْزَ َ ّس لَا يَعْلَمُونَ ن أَكْثَ َر الّنَا ِ ن الْقَيِمُ}( ،أي :القويم المعتدل) {وَلَكِ َ ك الدِي ُ تَعْبُدُوا إِلَا إِيَاهُ ،ذَلِ َ ([ })64يوسف .]64 ،13 :سيأتي تفصيله بآخره. ن عِّنْدِ غَيْ ِر اللَ ِه لَوَجَدُوا فِي ِه اخْتِلَافًا ن وَلَوْ كَانَ مِ ْ ن الْقُرْآ َ -1وقال تعالى{ :أَفَلَا يَتَدَبَرُو َف أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُو ُه إِلَى الرَسُولِ وَإِلَى ن أَ ِو الْخَوْ ِ ن الْأَمْ ِ كَثِيرًا ( )81وَإِذَا جَاءَهُ ْم أَمْرٌ مِ َ ل اللَ ِه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُ ُه لَاتَبَعْتُمُ ضُ أُولِي الْأَمْ ِر مِّنْهُ ْم لَعَلِمَ ُه الَذِينَ يَسْتَّنْبِطُونَهُ مِّنْهُمْ وَلَوْلَا فَ ْ ن إِلَا قَلِيلًا ([ })81الّنساء .]86 - 81 : الشَيْطَا َ ع الْحَاسِبِينَ ([ })61األنعام .]61 ، 61 : -1وقوله تعالى{ :أَلَا لَ ُه الْحُكْمُ وَهُ َو أَسْ َر ُوقوله{ :وَهُ َو اللَ ُه لَا إِلَ َه إِلَا هُ َو لَ ُه الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَ ِة وَلَ ُه الْحُكْ ُم وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ([ } )14القصص . ] 14 : ن رَبِي وَكَذَبْتُ ْم بِهِ ،مَا عِّنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ،إِنِ ل إِنِي عَلَى بَيِّنَةٍ مِ ْ -6وقال تعالىُ { :ق ْص الْحَقَ وَهُ َو خَيْ ُر الْفَاصِلِينَ ([ })51األنعام .]51 : الْحُكْ ُم إِلَا لِلَ ِه يَقُ ُ ي الْكَبِيرِ عيَ اللَ ُه وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ،وَإِنْ يُشْرَكْ بِ ِه تُؤْمِّنُوا ،فَالْحُكْ ُم لِلَ ِه الْعَِل ِ {ذَلِكُ ْم بِأَنَ ُه إِذَا دُ ِ ([ } )71غافر .]71 ، 71 : 10
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
ن آمَّنُو ْا أَطِيعُو ْا اللّ َه وَأَطِيعُو ْا الرَسُولَ وَأُوْلِي األَمْرِ مِّنكُمْ، -5وقال تعالى{ :يَا أَيُهَا الَذِي َن بِاللّ ِه وَالْيَوْ ِم اآلخِرِ ،ذَلِكَ شيْءٍ فَرُدُو ُه إِلَى اللّ ِه وَالرَسُولِ ،إِن كُّنتُ ْم تُؤْمِّنُو َ فَإِن تَّنَازَعْتُمْ فِي َ ن تَأْوِيالً} [الّنساء.]53 : خَيْ ٌر وَأَحْسَ ُ فجعل اهلل تعالى الحكم والقانون والفصل في التّنازعات بين الّناّس إلى اهلل تعالى بقرآنه، وإلى رسوله محمد صلى اهلل تعالى عليه وسلم بسّنته الموحا ِة إليه ،وأحكامه فيها ،ولم يجعل ذلك الحكم في موارد الّنزاع والشجار ألحد غير الكتاب والسّنة ،واللذَيْن هما مِن عِّنده تعالى ،مع تمام الخضوع والقبول والتسليم. ن القوانين وصياغة الدساتير ،حكرًا عليه تعالى ،فهو الذي وقد جعل سبحانه التشريع وس َ خلق ،وهو الذي يقّنن بما يعلمه عن من خلق ،من عباده سبحانه : ب الْعَالَمِينَ ([ })56األعراف : ك اللَ ُه رَ ُ ق وَالْأَمْ ُر تَبَارَ َ -6وقال تعالى{ :أَلَا لَ ُه الْخَلْ ُ. ]56 ق أَفَلَا تَذَكَرُونَ ([ })71الّنحل .]71 : ن لَا يَخْلُ ُ -1وقال تعالى{ :أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَ ْفكما أنه الخالق وحده ،المتفرد بذلك ،فهو كذلك اآلمر والّناهي وحده سبحانه ،والواجب طاعة أمره ،وهو المستحق للعبادة بأحكامه وتشريعاته دون كل ما سواه. فالسيادة التامة والكاملة إذن تكون للسيد الحقيق ،وهو الخالق الرزاق ذو القوة المتين عز وجل ،وليست لشعب مخلوق ،مخلوط الطباع ممزوج المزاج متعدد األفهام .وأديان وهذا مِن تمام رحمة اهلل تعالى بخَلقه ،وأنه -ع ّز مِن فاعلٍ – هو المتفر ُد بالحكم بيّنهم، والفصل في نزاعاتهم ،بسعة علمه الذي يعلم السر وأخفى ،ويَعلم وحده – دون من سواه ما يصلحهم وما يصلح لهم ،في ماضيهم وحاضرهم ،وفي مستقبلهم وعاقبة أمرهم،فحكمته وعدله وإنصافه ،يقتضي التشريع ،وفصل الّنزاع بين مختلف أنواع مخلوقاته، فهو اللطيف الخبير ،وهو العليم الحكيم ،وهو المّنزّه عن أي عيب وعن كل نقصان ،وهو المقدَّس المترفع عن كل ما يعترى حكماء البشر وحكام القضاء ،من أي نقص ومن كل زلل ،وهو المتعال عن كل ضعف أو عجز أوجهل أو خلل ،وهو العادل المقسط ،الجليلُ ل وعال شانُه. عن أي ظلم أو جّنف ،سبحانه سبحانه ،ج ّ وما ذاك إال ليتحقق العدل واإلنصاف ،ويعم الخير واإلسعاد ،والرضا والهّنا ،والسكيّنة والطمأنيّنة ور احة القلوب ،لخلقه أجمعين ،بالتحاكم إلى خالق أحد ،وحاكم صمد، فيستجيبوا ألمره ،ويسكّنوا بحكمه ويرتضوا بقضائه. وهذا أيضًا أحرى وأحقُ ،للتواصل بين العباد ورب العباد ،فهو الخالق العليم الخبير، فتتحقق العبودية واأللوهية والحاكمية هلل تعالى ،وتتحقق في خَلقه أسماؤه وأفعاله وصفاته السامية لجّنابه وعظمته ،فهو الحكم العدل القسط ،سبحانه هو أحكم الحاكمين. وهذا هو الفصل في الّنزاع ،والقطع في الخالف. وهذا هو المحقِّق لكلمة التوحيد ،ال إله إال اهلل ،أي ال معبود بحق إال اهلل ،وال مشرع وال مقّنن وال مسّنن القوانين بين الخلق إال اهلل ،وأن محمدًا رسول اهلل – ومّنها – أي :وأن محمدًا هو الحَكم الفصل بين الخالئق من عّند اهلل تعالى. وهذا هو الفاصل من اهلل تعالى بين الخالئق ،فمّنهم مؤمن ممتثل ألحكام الخالق ،ومّنهم 11
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
كاف ٌر ممتثل ألحكام مخلوقي الطواغت. ن لَهُ مَعِيشَ ًة ضَّنْكًا ،وَنَحْشُرُ ُه يَوْ َم الْقِيَامَ ِة أَعْمَى ن ذِكْرِي فَإِ َ ض عَ ْ ن أَعْرَ َ وقال تعالى{ :وَمَ ْ ب لِمَ حَشَرْتَّنِي أَعْمَى وَقَ ْد كُّنْتُ بَصِيرًا ([ } )715طه .]715 ، 716 : ل رَ ِ ( )716قَا َ ن أَسْرَفَ وَلَمْ ك الْيَوْ َم تُّنْسَى ( )716وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَ ْ ك آيَاتُّنَا فَّنَسِيتَهَا ،وَكَذَلِ َ ل كَذَلِكَ ،أَتَتْ َ {قَا َ ت رَبِهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَ ِة أَشَ ُد وَأَبْقَى ( )711أَفَلَ ْم يَهْ ِد لَهُ ْم كَ ْم أَهْلَكّْنَا قَبْلَهُ ْم مِنَ يُؤْمِنْ بِآيَا ِ ت مِنْ ت لِأُولِي الّنُهَى ( )718وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَ ْ ك لَآيَا ٍ ن فِي مَسَاكِّنِهِ ْم إِنَ فِي ذَلِ َ ن يَمْشُو َ الْقُرُو ِ جلٌ مُسَمًى ([ })713طه .]713 - 716 : ن لِزَامًا وَأَ َ ك لَكَا َ رَبِ َ فصل في ذم الطاغوت والطاغوتيي : (وطاغوتُ كل قوم هو :ما يتحاكمون إليه من دون اهلل تعالى ،سواء في ذلك كان المتحاكم إليه :دستورًا أو عُرفًا أو سالفًا أو نظامًا أو حزبًا أو محكم ًة أو مجلسا محليا أو نيابيا أو عرفيا ،أو مقعداً رئاسيًا أو رئيسًا أو ملكًا أو أميرًا أو قائداً ،أو ضريحًا أو صّنماً، أو مّنهجًا أو مذهباً) ،واصفا أحوالهم بأحوال أهل الجاهلية والجاهليين ،في التشريعات والتحاكم وسن القوانين والدساتير ،ومشاققة أحكام الخالق تعالى القدير: ن -8قال اهللُ تعالى وقد أمر نبيه أن يمتثل ذلك بّنفسه كقدوة لكل حاكم فقال تعالى{ :فَإِ ْن حَكَمْتَ ض عَّنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُوكَ شَيْئًا وَإِ ْ ض عَّنْهُ ْم وَإِنْ تُعْرِ ْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيّْنَهُ ْم أَ ْو أَعْرِ ْ ب الْمُقْسِطِينَ ( )61وَكَيْفَ يُحَكِمُونَكَ وَعِّنْدَهُ ُم التَوْرَاةُ فِيهَا ن اللَ َه يُحِ ُ ط إِ َ فَاحْكُ ْم بَيّْنَهُمْ بِالْقِسْ ِ ك بِالْمُؤْمِّنِينَ ( )61إِنَا أَنْزَلّْنَا التَوْرَاةَ فِيهَا هُدًى حُكْ ُم اللَ ِه ثُ َم يَتَوَلَوْنَ مِنْ بَعْ ِد ذَلِكَ وَمَا أُولَئِ َ ن هَادُوا وَالرَبَا ِنيُونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ ن أَسْلَمُوا لِلَذِي َ ن الَذِي َ وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا الّنَبِيُو َ ب اللَ ِه وَكَانُوا عَلَيْ ِه شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا الّنَاّسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَّنًا قَلِيلًا وَمَنْ كِتَا ِ ك هُ ُم الْكَافِرُونَ (. (66 ل اللَهُ فَأُولَئِ َ لَ ْم يَحْكُمْ بِمَا أَنْ َز َ ف بِالْأَنْفِ ن بِالْعَيْنِ وَالْأَنْ َ س بِالّنَ ْفسِ وَالْعَيْ َ ن الّنَفْ َ -3وقال تعالى { :وَكَتَبّْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَ َن لَمْ يَحْكُمْ ق بِهِ فَهُ َو كَفَارَ ٌة لَ ُه وَمَ ْ ن تَصَدَ َ ن وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَ ْ ن بِالسِ ِ ن وَالسِ َ ن بِالْأُذُ ِ وَالْأُذُ َ ك هُ ُم الظَالِمُونَ ([ } )65المائدة . [ 65 – 61 : ل اللَهُ فَأُولَئِ َ بِمَا أَنْ َز َ ل اللَ ُه ن لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَ َ ل اللَهُ فِي ِه وَمَ ْ ل الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْ َز َ -74وقال تعالى{ :وَلْيَحْكُ ْم أَ ْه ُك هُ ُم الْفَاسِقُونَ (.}(61 فَأُولَئِ َ ب وَمُهَيْمِّنًا ن الْكِتَا ِ ق مُصَدِقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْ ِه مِ َ ب بِالْحَ ِ ك الْكِتَا َ -77وقال تعالى :وَأَنْزَلّْنَا إِلَيْ َل جَعَلّْنَا مِّنْكُمْ ق لِ ُك ٍ ن الْحَ ِ ك مِ َ ل اللَ ُه وَلَا تَتَبِ ْع أَهْوَاءَهُ ْم عَمَا جَاءَ َ عََليْهِ ،فَاحْكُمْ بَيّْنَهُ ْم بِمَا أَنْ َز َ ن لِ َيبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا شِرْعَ ًة وَمِّنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَ ُه لَجَعَلَكُ ْم أُمَةً وَاحِدَ ًة وَلَكِ ْ ت إِلَى اللَ ِه مَرْجِعُكُ ْم جَمِيعًا فَيُّنَبِئُكُمْ بِمَا كُّنْتُمْ فِي ِه تَخْتَلِفُونَ(. )68 الْخَيْرَا ِ ن يَفْتِّنُوكَ ل اللَهُ وَلَا تَتَبِ ْع أَهْوَاءَهُ ْم وَاحْذَرْهُ ْم أَ ْ ن احْكُ ْم بَيّْنَهُمْ بِمَا أَنْ َز َ -71وقال تعالى :وَأَ ِض ذُنُوبِهِمْ وَإِنَ ن يُصِيبَهُ ْم بِبَعْ ِ ن تَوَلَوْا فَاعْلَ ْم أَنَمَا يُرِي ُد اللَ ُه أَ ْ ل اللَ ُه إِلَيْكَ فَإِ ْ ن بَعْضِ مَا أَنْ َز َ عَ ْ ّس لَفَاسِقُونَ (. )63 ن الّنَا ِ كَثِيرًا مِ َ ن اللَ ِه حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِّنُونَ(})54 ن مِ َ ن أَحْسَ ُ ن وَمَ ْ -71وقال تعالى{ :أَفَحُكْ َم الْجَاهِلِيَ ِة يَبْغُو َ[المائدة .]54 - 61 : ال -76قال اهللُ تعالى{ :ثُمَ جَعَلّْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مّنَ األَمْرِ فَاتَبِعْهَاَ ،والَ تَتَبِعْ أَهْوَاء الَذِينَ َ12
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
يَعْلَمُونَ ،إِنَهُمْ لَن يُغّْنُواْ عَّنكَ مِنَ اللَهِ شَيْئًا ،وَإِنَ الظَالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ،وَاللَهُ وَِلىُ الْ ُمتَقِينَ} [الجاثية.]73: ثم بين عاقبة أمرهم ،وعاقبة من حذوا حذوهم ،في اإلعراض عن حكمه تعالى ،واتباع من دونه من األحبار والرهبان ،واألشياخ والعلماء ،واألئمة وطلبة العلم ،فقال تعالى: {اتَخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَهِ ،وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ،وَمَا أُمِرُوا إِلَالِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا ،لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ ،سُبْحَانَهُ عَمَا يُشْرِكُونَ ([ })17التوبة.]17 : -75قال اهللُ تعالى{ :وَلَن تَرْضَى عَّنكَ الْيَهُودُ َوالَ الّنَصَارَى حَتَى تَتَبِعَ مِلَتَهُمْقُلْ إِنَ هُدَىن الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَهِ مِن وَِليّ َوالَ اللَهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَذِي جَاءكَ مِ َ نَصِيرٍ} [البقرة.]714: -76قال اهللُ تعالى{ :وَلَئِنِ اتَبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَكَ إِذًا لَمِنَالظَالِمِينَ ([ })765البقرة.]765 : -71قال اهللُ تعالى{ :وَكَذَلِكَ أَنْزَلّْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًا وَلَئِنِ اتَبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَالْ ِعلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَهِ مِنْ وَِليٍ وَلَا وَاقٍ ([ })11الرعد.]11 : -78لقد حذرنا – سبحانه -من اتباع كل من يشرع للّناّس بما لم يأذن به اهلل تعالى ،أياكان أفرادا أو شعوبا ،صالحين او فاجرين ،وسمى ذلك شركاً وسماهم ظالمين: ضيَ صلِ لَقُ ِ {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ !!!!! شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَهُ ،وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَ ْ بَيْ َّنهُمْ ،وَإِنَ الظَالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى .]17:فمن مات على ذلك – وهو يعلم – ولم يتب ،متبرئا مّنه ،كان -ال محالة -من المشركين الخالدين في الجحيم ،فما ظّنكم بمن سيّره للّناّس آية ،وجعله للّناّس ديّنا ،سيجتلب مّنه خيرا وديّنا. ولقد سمَى اهللُ تعالى إيمانهم به زعماً ،وتصديقهم به ادعاءً ،وليس إيماناً وال ورعاً وال اجتهاداً . -73قال تعالى عن مثلهم{ :أَلَمْ تَرَ إِلَى الَذِينَ يَزْعُمُونَ ،أَنَهُمْ آمَّنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَاأُنْ ِزلَ مِنْ قَبْلِكَ ،يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَاغُوتِ ،وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ،وَيُرِيدُ الشَيْطَانُ أَنْ يُضِلَهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ( ،)64وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْ َزلَ اللَهُ وَإِلَى الرَسُولِ ،رَأَيْتَ الْمُّنَافِقِينَ يَصُدُونَ عَّنْكَ صُدُودًا ( ،)67فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَمَتْ أَيْدِيهِمْ ،ثُمَ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَهِ ،إِنْ أَرَدْنَا إِلَا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ( ،)61أُولَئِكَ الَذِينَ يَعْلَمُ اللَهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ،فَأَعْرِضْ عَّنْهُمْ ،وَعِظْهُمْ ،وَ ُقلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ( )61وَمَا أَرْسَلّْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَهِ ،وَلَوْ أَنَهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ ،فَاسْتَغْفَرُوا اللَهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَسُولُ ،لَوَجَدُوا اللَهَ تَوَابًا رَحِيمًا ([ )66الّنساء.]66 - 64 : ثم سرعان ما نقضَ اهللُ تعالى إيمانهم من القواعد ،وقيّده بالتحاكم إلي شرعه وحده ،مع كامل انشراح الصدر لحكمه ،وتمام التسليم والرضى واالعتزاز بفردانيته في جميع األحيان ،فقال تعالى في عاقبة التحاكم لغيره: { -14فَلَا وَرَبِكَ لَا يُؤْمِّنُونَ ،حَتَى يُحَكِمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيّْنَهُمْ ،ثُمَ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْحَرَجًا مِمَا قَضَيْتَ ،وَيُسَلِمُوا تَسْلِيمًا ([ })65الّنساء.]65 : وقال تعالى محذراً نبيه داود عليه السالم من التحاكم للهوى من دون اهلل تعالى: 13
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
{يَا دَاوُودُ إِنَا جَعَلّْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ الّنَاّسِ بِالْحَقِ ،وَلَا تَتَبِعِ الْهَوَى ،فَيُضِلَكَ عَنْ سَبِيلِ اللَهِ ،إِنَ الَذِينَ يَضِلُونَ عَنْ سَبِيلِ اللَهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ،بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ([ })16ص.]16 : وقال تعالى واصفا كلَ من أعرض عن حكمه تعالى ،أو عدَل عّنه لغيره بالتكذيب بالدين: { -17فَمَا يُكَذِبُكَ بَعْدُ بِالدِينِ ( )1أَلَ ْيسَ اللَهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ([ })8التين.]8 ، 1 :ثم قال تعالى في عاقبة التحاكم لغيره ولو في بعض األمر ،حاكما عليهم بالرِدَةِ بعد اإليمان ،لمجرد أنهم قالوا – (أي :ولم يفعلوا بعد) – للذين كرهوا ما نزل اهلل (أي :وهم أهون من الذين كفروا أو عادوا أو حاربوا ما نزل اهلل) ،سّنطيعكم في – بعض األمر – (أي :وليس في كل األمر ،فهم أهون ممن قالوا سّنطيعكم في كل األمر)، -11فقال عّنهم تعالى{ :أَفَلَا يَتَدَبَرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ( )16إِنَ الَذِينَ ارْتَدُواعَلَى أَدْبَارِهِمْ ،مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَنَ لَهُمُ الْهُدَى ،الشَيْطَانُ سَوَلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ( )15ذَلِكَ بِأَنَهُمْ قَالُوا -لِلَذِينَ كَرِهُوا مَا نَ َزلَ اللَهُ -سَّنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ -وَاللَهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ()16 فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ( )11ذَلِكَ بِأَنَهُمُ اتَبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ( )18أَمْ حَسِبَ الَذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَهُ أَضْغَانَهُمْ ([ )13محمد.]13 - 16 : وقد ورد هذا الّنص في فئة معيّنة مذكورة ،كانوا ممن يصلون ويحجون ويزكون ،بلويخرجون للجهاد مع رسول اهلل ،وهم المّنافقون ،وهم المعّنيون بين قوله تعالى{ :وَمِّنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِّنْدِكَ قَالُوا لِلَذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَذِينَ طَبَعَ اللَهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ([ })76محمد .]71،76 :وبين قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَذِينَ آمَّنُوا لَوْلَا نُزِلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ شيِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ ()14 الَذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَّنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْ ِ طَاعَةٌ وَقَ ْولٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ( )17فَ َهلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِعُوا أَرْحَامَكُمْ ( )11أُولَئِكَ الَذِينَ لَعَّنَهُمُ اللَهُ فَأَصَمَهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ( )11أَفَلَا يَتَدَبَرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ([ })16محمد - 14 : .]16 ثم ذكرهم بهذه اآلية { إِنَ الَذِينَ ارْتَدُوا .)15( ... ثم أعقبها بوصفه لهم: {أَمْ حَسِبَ الَذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَهُ أَضْغَانَهُمْ ( )13وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيّْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ ،وَلَتَعْرِفَّنَهُمْ فِي لَحْنِ الْقَ ْولِ وَاللَهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ([ })14محمد ، 13 : .]14أي مرض الّنفاق والشقاق وسوء األخالق ،وإظهار اإلسالم وإبطان الكفر ،ومواالة المفسدين والمجرمين ،والذي تترتب الردةُ على استفحاله ،وتمكّنه من القلب الضعيف اإليمان ،ثم يكون الخروج من الملة ،رغم اظهارهم صالح االسالم ،.مع الرغم من أنهم أخفوا تلك المواالة ،وأسروا ذلك الوعد بالتحاكم إليهم في بعض األمر ،وفعلوه سراً، فكيف بأصحابّنا ،من الذين أعلّنوا كل قبيح من الكفر ،وسوغوا وحللوا كل ذميم من الشرك ... 14
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
حالها ،وحكمها: إذن فسياق اآليات من قبلها ومن بعدها ،يدل على أنهم هم المّنافقون ،والذين هم أسرع الّناّس في الكافرين والمشركين مودة وقربة ،وهم أكثر الّناّس مالطفة وتسامحا مع الذين كفروا وأجرموا ،خشية أن تصيبهم الدوائر ،وحرصا على أال تصيبهم الفتن الطائفية أوالقبلية أوالوطّنية أو القومية ،وحفاظاً على مكانتهم اإلجتماعية أو الدعوية بين الّناّس، وألن يوصفوا دائما باإلعتدالية والوسطية والسلمية ،ولئال يوصفوا أبدا بالتشددية أو جلُ ما يعّنيهم ،أما الغيرة على سالمة دين ،أو األصولية ،أو التطرف واإلرهاب ،هذا هو ُ توحيد رب العالمين ،أو تّنزيه صفات وأسماء إاله المشارق والمغارب ،أو حاكمية رب األرض والسماء ،أو تشريعات الخالق ،فهذا قد ال يخطر من حِرصٍ على بال. وبهذا قال ابن عباّس والضحاك" :هم أهل الّنفاق" ،كما روى عّنهم ابن جرير بسّنده وقال" :وهذه الصِفة بصفة أهل الّنفاق عّندنا ،أشبه مّنها بصفة أهل الكتاب ،وذلك أن اهلل جل ثّناؤه ،أخبر أن ردتهم كانت بقيلهم للذين كرهوا ما نزل اهلل{ :سّنطيعكم في بعض األمر} ،ولو كانت من صفة أهل الكتاب لكان في وصفهم بالتكذيب محمد صلى اهلل عليه وسلم الكفاية ،من الخبر عّنهم بأنهم ارتدوا من أجل قيلهم ما قالوا" (.جامع البيان) (.)178/17 وأما السبب في ذلك الوصف والردة فهي لطاعتهم للمشركين في بعض األمر ،والتباعهم ما أسخط اهلل ،وكرههم رضوانه ،كان الكره لمجرد اختيارهم لغير بعض أحكام اهلل تعالى ،وإن لم يصرحوا به ،أو يجدوه في قلوبهم ،فكيف بمن أطاع اإللحاديين الديمقراطيين ،والجمهوريين الدستوريين ،المفسدين في األرض ،والمعادين للشرائع، والّنابذين للفضائل ،وفي كل األمر ،ومع تّنحية إسم الدين والّنظام اإلسالمي ،وإلغاء اسم اإلله الحق المعبود من عالمهم السياسي ،والحَجر عليه في المساجد والزوايا والبيوت، واستبداله باسم اإلله الديمقراطي ،والّنظام الجمهوري ،وابعاد اسم الحُكم اإلسالمي القرآني التشريعي ،واستبداله باسم الدستور والقانون الوضعي ،وإقصاء السيادة التشريعية المطلقة من الخالق المعبود ،إلى أن تكون السيادة التشريعية المطلقة للشعب وحده ،وال شريك له ،ثم القَسَمُ العلّني العام على ذلك ،والمعاهدة على المحافظة عليه مطلقاً ،وعلى احترامه والعمل به وعدم مخالفته .ظلمات بعضها فوق بعض، وإني ألعتقد أن هذا الصّنف األخير من الّناّس ،هو أكبر جرما ،وأشد كفراً وإلحاداً، وأظهر مشاققة ،من المّنافقين المعّنيين بتلك اآليات الكريمات ،السيما إذا ما صَبغوا دعواتهم الديمقراطية الدستورية بصبغة شرعية ،أو عملوا على شرعّنتها وتدييّنها بدين المسلمين ،أو أسلمتها باسم اإلسالم ،أو جعلوها مرحلة بين مرحلتين ،ومطية بين مطيتين ،أو أنهم زايدوا بالدين وجلب تشريعاته ،على حشد هذه الجمهرة المقلدة الّناعقة، وتلك األغلبية الجاهلية الجاهلة. أما الفئة األولى ،والمعّنيون بتلك اآليات الكريمات ،فإنما حازوا قصْب السبق إلى تلك الردة الواضحة إذ حازوها ،بإسرارهم لمن كره ما نزّل اهلل تعالى ،بطاعتهم في بعض 15
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
األمر ،وقولهم لهم سراً{ :سّنطيعكم في بعض األمر}{ ،واهلل يعلم إسرارهم} .فهذا الّنفاق فيمن ساررهم. أما من جاهرهم (بطاعتهم في كل األمر) فله حكم آخر ،قد ال يتسع المقام لحصر جرائمهم ،وعدد جّناياتهم ،ونسأل اهلل تعالى أن يسلِمّنا وإياكم من سوء صّنيعهم ،ومن شؤم عاقبتهم. وأما من أقسم مخلصاً على المحافظة على نظامهم وديّنهم ،والعمل به ،واحترام دستوره وقانونه ،فهذه قصة أخرى ،وحكاية أخرى ،ال يطهر ذكرها في هذا المجال الّنقي. وأما من شق عصا األمة ،وخالف نصوصها وأصولها ،وحاد عن طريق سلفها وخالف جماهيرها ،ووافق فجّارها ومجرميها ،وسوّغ وافتى لسفاكيها وسفاحيها ،فهذه قصة أخرى ،ال يليق بها أن تدرج وهذا الحديث في سَفْرٍ واحد، بل حقيقٌ بها أن تُزوى في سفْر آخر ،يليق بجرمها ،ويّناسب جرَبها ،ويالئم رجسها. وقد نجد أصلها في قصة هؤالء: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيّنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِّنْهُ ،وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( )85كَيْفَ يَهْدِي اللَهُ قَوْمًا ...كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ...وَشَهِدُوا أَنَ الرَسُولَ حَقٌ ....وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ !!!!!! وَاللَهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَالِمِينَ ( )86أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ ....أَنَ عَلَيْهِمْ لَعّْنَةَ اللَهِ .... وَالْمَلَائِكَةِ ....وَالّنَاّسِ أَجْمَعِينَ ( .... )81خَالِدِينَ فِيهَا ....لَا يُخَفَفُ عَّنْهُمُ الْعَذَابُ .....وَلَا هُمْ يُّنْظَرُونَ ( )88إِلَا الَذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ....وَأَصْلَحُوا ....فَإِنَ اللَهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( )83إِنَ الَذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْ َبلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَالُونَ ( )34إِنَ الَذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَارٌ فَلَنْ يُقْ َبلَ مِنْ أَحَدِهِمْ ِملْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ([ } )37آل عمران .]37 - 85 :ونسأل اهلل الرحمن لّنا ولكم العافية والعفو والغفران. وإال فليس اإليمان بالتمّني ،وال بالمزاعم واألماني ،وال بظواهر الصوالح والتغّني،ولكنَ اإليمان ما وقر في القلب خالصاً ،ونطق به اللسان صادقا ،وصدقه العمل الصالح متبعاً غير محدثٍ وال مبتدعٍ ،ولم تّنقضه الّنواقض ،قال تعالى: {لَ ْيسَ بِأَمَانِيِكُمْ وَلَا أَمَانِيِ أَ ْهلِ الْكِتَابِ ،مَنْ يَعْ َملْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}( .أي لمجرد عمل السوء، دون اعتبار بحال القصد والّنية ،صالحة كانت أو فاسدة){ ،وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَهِ وَلِيًا وَلَا نَصِيرًا ( )711وَمَنْ يَعْ َملْ مِنَ الصَالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ َأوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} (أي أنه تعالى اشترط مع صالح العمل ،سالمة القصد والّنية باإليمان){ ،فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَّنَةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ( )716وَمَنْ أَحْسَنُ دِيّنًا مِمَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَهِ} (أي أخلص القصد والّنية){ ،وَهُوَ مُحْسِنٌ} (أي بشرط اإلحسان بصالح العمل){ ،وَاتَبَعَ مِلَةَ إِبْرَاهِيمَ حَّنِيفًا} (أي أن اإلخالص وإحسان العمل الصالح ،مشروطان بحسن اإلتباع){ ،وَاتَخَذَ اللَهُ شيْءٍ مُحِيطًا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ( )715وَلِلَهِ مَا فِي السَمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَهُ بِكُلِ َ ([ })716الّنساء .]716 - 711 : وكذلك في قوله تعالى: 16
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ ،عَجَلّْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ،ثُمَ جَعَلّْنَا لَهُ جَهَّنَمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (( .})78أي دون التعريج على صالح في عمله ،بعد تلك الّنية الفاسدة بطلب الدنيا والعمل على اصالحها دون اآلخرة ،أي على حساب اآلخرة ،وأما أذا حسّنت نيته وصلح قصده ،فجعل له ضوابط وشروطا فقال،): {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ ... ،وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا .....وَهُوَ مُؤْمِنٌ .....فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ([ } )73اإلسراء.]14 - 78 : ويا سبحان اهلل والحمد هلل ،الذي سلَم لّنا اإلسالم ،وصفّى لّنا اإليمان ،وحسّن لّنا اإلحسان، وحفظ لّنا ديّنه من عبث العابثين ،وحماه من عقول واجتهادات المتهوكين. وعليه فال يُقبل قصد حسنٌ ،دون عمل صالح ،مشروع مسّنون ظاهر الهدى، وإنّنا إذ أوردنا ما أوردنا من التفصيل المسهب في ذلك ،إنما قصدناه نظراً لفشوظاهرة اإلرجاء مجددا في تلك اآلمة ،وحيث انتشرت على حين غفلة وانقطاع من العلماء العاملين المتّبعين ،ظهرت طائفة من الرموز في األمة ،ممن تزببوا قبل أن يتحصرموا ،بل وليس لهم من تلك الثمار من سبيل، فال حَظٌّهّنالك في تَحصرُم ....وال جّنيٌ كذلك في زبيب. فيعلن أحدُهم صراحة على المأل قائال( :نعم نحن نعلم أن هذا الفعل كفر ،ويقول :نعم نحن نعلم أن الديمقراطية كفر وإلحاد ،والدستورية الوضعية كفر وشرك باهلل تعالى ،لكّنّنا ال نقصد ذلك الكفر ،نحن نأخذها على المحمل الحسن ،وعلى المعّنى الذي نفهمه نحن، وإنما لها أفكار وآليات ،فّنحن نأخذ آلياتها ،وندع أفكارها ،ويكفي أن الّناّس جميعاً يعلمون انها كفر ،هذا يكفي ،وال حرج من امتطاء ظهرها واتباعها ) ......إلخ... وهكذا جاءت مرجئة العصر بما لم يأت به أسالفهم المرجئةُ األولون ،حيث قالت فرقة المرجئة قديما :ال يضر مع اإليمان معصية ،أي من زعم اإليمان ،فإيمانه كإيمان جبريل ،أما خلَفهم من معاصرة المرجئة ،فقد قالوا ما هو أشد وأقبح ،قالوا ال يضر مع اإليمان كفرٌ ،وال يضر مع اإليمان بعضُ الكفر ،وال يضر مع اإليمان سفكٌ للدماء الجماعية المسلمة المسالمة ،وال وهم في مساجدهم ،ركعا ،وسجدا ،وعلى مدار صلواتهم الخمس ،وال يضر كذلك حرقُهم أحياء في مشافيهم ،وال يضر كذلك مع اإليمان معادات دين اهلل تعالى ،أو محاربة جموع المسلمين وحرق مساجدهم ،أو هتك أعراضهم وسجن نسائهم ،وأسر بّناتهم وغيرها من عظائم المخازي وكبائر الكفر ...ألخ. هذه هي مرجئة العصر ،ممن أضفوا على طواغيت الكفر واإللحاد واإلجرام صفات والة األمر ،ووجوب الطاعة والوالء والمعادات فيهم ،كطواغيت اإلشتراكية والالديّنية، وطواغيت الديمقراطية ،وطواغيت الصفوية الروافض ،والعلوية والّنصيرية واإلثّنى عشرية ،ألنهم تغلبوا على المسلمين بشوكة .....وإن تعجب فعجب قولهم..... وهكذا يكون جَ ّْنىُ الحصارم ،جهل جهوول جهيل بكل ظالم ،ومن جهله اشمئز جُهال األوادم. قال تعالى{ :فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ( )61أُولَئِكَ الَذِينَ يَعْلَمُ اللَهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ،فَأَعْرِضْ عَّنْهُمْ ،وَعِظْهُمْ، 17
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
وَ ُقلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ( )61وَمَا أَرْسَلّْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَهِ} ... [الّنساء .]66 - 61 : وليس اإليمان بالتمّني ،فيُترك من يَزعم اإليمان دون امتحان وال انصهار ،قال تعالى: {َأحَسِبَ الّنَاّسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَّنَا وَهُمْ لَا يُفْتَّنُونَ ( )1وَلَقَدْ فَتَّنَا الَذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَلَيَعْلَمَنَ اللَهُ الَذِينَ صَدَقُوا ،وَلَيَعْلَمَنَ الْكَاذِبِينَ ( )1أَمْ حَسِبَ الَذِينَ يَعْمَلُونَ السَيِئَاتِ أَنْ جلَ اللَهِ لَآتٍ ،وَهُوَ السَمِيعُ يَسْبِقُونَا ،سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ( )6مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَهِ ،فَإِنَ أَ َ الْعَلِيمُ ( )5وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَمَا يُجَاهِدُ لِّنَفْسِهِ ،إِنَ اللَهَ لَغَ ِّنيٌ عَنِ الْعَالَمِينَ ([ } )6العّنكبوت 1 : .]6وقال تعالى{ :فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِهِ ،فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ،وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِهِ أَحَدًا ([ } )774الكهف .]774 : وقال تعالى{ :لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَهِ أُسْوَةٌ حَسَّنَةٌِ ،لمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ، وَذَكَرَ اللَهَ كَثِيرًا ([ } )17األحزاب .]11 ، 17 : وقال تعالى{ :لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَّنَةٌ ،لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ،وَمَنْ يَتَ َولَ فَإِنَ اللَهَ هُوَ الْغَ ِّنيُ الْحَمِيدُ ([ })6الممتحّنة .]6 : والكفر باهلل تعالى ،يستوجب غضبَه ولعّنته ،والحرمان من رحمته تعالى. أما من أقسم مخلصاً على العمل بدستورهم أو احترامه وعدم مخالفته ،ثم أعقب ذلكبقوله( :فيما ال يخالف شرع اهلل) ،فهذا استثّناء أقبح من القَسَم ،ألنه يدل على الجهل الجهول ،ويكشف عن ال ِعيّ المطبق المركب بشرع اهلل تعالى ،وحالُ هذا الجاهل أو المستهزيء ،كحال من يسجد تحت قدمي هبل والالت والعزى وغيرها من األصّنام واألوثان ،والتي يكون حالها أحسنَ حاال من أحوال الديمقراطية اإللحادية ،ثم يقسم على اتباع ذلك الصّنم وأحكامه وقوانيّنه وديّنه ونظامه وعلى احترامها ،ثم يرفع رأسه من تحت قدم الصّنم ،وهو في معبد األصّنام قائال( :فيما ال يخالف شرع اهلل) ،فيا سبحان اهلل، أهذا يفهم شرع اهلل تعالى يوما من الدهر ،وإال فأبجديات شرع اهلل تعالى وأولى عتباته، أن يَكفر العبد ويّنكر ويجحد ،ويعادي ويقاطع ويّنبذ تلك األوثان الحجرية أوالفكرية الحطمية ،جملة وتفصيال ،ظاهراً وباطّناً ،قوالً وفعالً ،أفكاراً وآليات ،فإنْ أبَى أن يكون جاهال بشرع اهلل تعالى وأبجدياته ،وعظُم عليه ذلك ،فهو مستهزيء ساخر عابثٌ بدين اهلل تعالى ،أو مُبدد له ،محرفٌ ألصوله وقواعده ،والحديث قد ال يّنتهي بّنا عن وصف ذلك الجرم العظيم. وقد ذَمَ اهلل تعالى الهوى والتحاكم إلى الهوى ،وذمَ اتباع الهوى ،في التحاكم لغير اهلل تعالى عاجال أو آجال فقال اهللُ تعالى: ُ { -32قلْ يَا أَ ْهلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِيّنِكُمْ غَيْرَ الْحَقِ ،وَلَا تَتَبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُوامِنْ قَ ْبلُ ،وَأَضَلُوا كَثِيرًا وَضَلُوا عَنْ سَوَاءِ السَبِيلِ ([ })11المائدة.]11: -32وقال اهللُ تعالىُ { :قلْ إِنِي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَهُِ ،قلْ لَا أَتَبِعُأَهْوَاءَكُمْ ،قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا ،وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ([ })56األنعام.]56 : 18
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
-32قال اهللُ تعالىُ { :قلْ هَلُمَ شُهَدَاءَكُمُ الَذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَ اللَهَ حَرَمَ هَذَا ،فَإِنْ شَهِدُوا فَلَاتَشْهَدْ مَعَهُمْ ،وَلَا تَتَبِعْ أَهْوَاءَ الَذِينَ كَذَبُوا بِآيَاتِّنَا}( ،أي أنه تعالى سمّاهم :كذبوا بآياتّنا، رغم أنهم لم يعلّنوا التكذيب ،ولم يقصدوه ،ولم يصرحوا به ،ولكن ألنهم علموا الحق وفعلوا خالفه ،وهذا أصرح التكذيب واإلعراض ،وإال ما حادوا عّنه وخالفوه ،إال إلقرارهم بلسان الحال ،أن غيره أصلحُ أو أنسب في اإلتباع مّنه ،ولو في الوقت الراهن فقط ،وكل ذلك مما يعلمه المخالف وال يماري في صدقه ،إذن لماذا تحد عّنه ،الجواب هو الهوى والّنفس والشيطان ،الذي يسول لهم أنهم سيجلبون الخير به ،ويدفعون الشر عّنه ،والغاية الحسّنة عّندهم ،تبرر الوسائل المحرمة){ ،وَالَذِينَ لَا يُؤْمِّنُونَ بِالْآخِرَةِ ،وَهُمْ بِرَبِهِمْ يَعْدِلُونَ ( )754قُلْ تَعَالَوْا أَ ْتلُ مَا حَرَمَ رَبُكُمْ عَلَيْكُمْ ،أَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[ }...األنعام.]757 ،754 : ثم قال في آخره{ :وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلّْنَاهُ مُبَارَكٌ ،فَاتَبِعُوهُ ،وَاتَقُوا لَعَلَكُمْ تُرْحَمُونَ (} )755 [األنعام.]756 ،755 : -36قال اهللُ تعالى{ :وَلَوِ اتَبَعَ الْحَقُ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ،َبلْ أَتَيّْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ ،فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ([ })17المؤمّنون.]17 : ضلُ مِمَنِ -32قال اهللُ تعالى{ :فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ ،فَاعْلَمْ أَنَمَا يَتَبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ،وَمَنْ أَ َاتَبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَهِ ،إِنَ اللَهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَالِمِينَ ([ })54القصص.]54 : -32قال اهللُ تعالى{ :فَلِذَلِكَ فَا ْدعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ،وَلَا تَتَبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ،وَ ُقلْ آمَّنْتُ بِمَاأَنْ َزلَ اللَهُ مِنْ كِتَابٍ[ })75( ...الشورى.]75 : * قال تعالى على لسان نبيه يوسُفَ عليه السالم ،وهو في محّنة الضراء في سجّنه وبالئه ،بادءاً بأولِ وأهمِ درّس ،من دروّس توحيد الحاكمية هلل عزّ وجلّ ،في تشريعاته وشرائعه سبحانه ،مبيّناً معّنى ُأّسّ العبودية وأصل مقتضاها ،ومُظهراً لمعّنى الدين القويم والديانة المستقيمة ،ومتى يُقبلُ التدينُ به{ :يَا صَاحِ َبيِ السِجْنِ ،أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِقُونَ خَيْرٌ ،أَمِ اللَهُ الْوَاحِدُ الْقَهَارُ ( )13مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ}( ،أي :ما تتحاكمون إليه من دون حكمه تعالى) {إِلَا أَسْمَاءً سَمَيْتُمُوهَا ،أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ،مَا أَنْ َزلَ اللَ ُه بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ،إِنِ الْحُكْمُ إِلَا لِلَهِ، أَمَرَأَلَا تَعْبُدُوا إِلَا إِيَاهُ ،ذَلِكَ الدِينُ الْقَيِمُ}( ،أي :القويم المعتدل) {وَلَكِنَ أَكْثَرَ الّنَاّسِ لَا يَعْلَمُونَ ([ })64يوسف.]64 ،13 : وهذا حال يوسف الصديق في ضرائه وبالئه ومحّنته ،يدعوا إلى توحيد اهلل تعالى، والكفر بكل ما يُتحاكم إليه من دونه تعالى ،فكيف يُساء به الظن ،ويُقال عّنه أنه لمّا دخل دين الملك ،حَكم بأحكامهم من دون شريعة اهلل تعالى ،وعليه فيتخذه المفلسون من الطاغوتيين حجةً على باطلهم في دخولهم مجالس الطواغيت الّنيابية - ،حاشا وكال – ليوسف الغيور عليه السالم أن يكوناً داعياً للتوحيد في محّنته ،ثابتاً على شريعته في سجّنه ،معتبراً ما سواها أرباباً وشركاءَ مع اهلل تعالى ،وفعلَهم شركاً باهلل تعالى ،ثم لمّا يُمَكَن له ويصير حراً ،يَقّنع ويرضى بشرائع األرباب ،ويُقر بالشرك باهلل تعالى ،اللهم – غفراً -فإن هذا من أشد الفِرَى على أنبياء اهلل ورسله المخلَصين ،لكن الحق الذي ال ريبة فيه ،أن يوسف المخلص الصديق عليه السالم كان يتصرف في أموره ويحكم بين الّناّس 19
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
بشريعة اهلل تعالى ،وبحسب ما يرض اهلل تعالى من الدين ،ومن أوسع أبواب الرضا ،بل إنه كان أبيّاً شريفاً كريماً ،ال يقبل الدون على نفسه أبد ،بل إنه من كرامته وعلوّ قدره عليه السالم لم يقبل الدنية في دنياه ،فكيف يتصور أنه يقبل الدنية في ديّنه األعز األكرم، فلما عُرض عليه أن يخرج من سجّنه ،أبَى إال أن يَخرج مّنه بريئاً عزيزاً كريماً ،غير متهَم وال ذي ريبة{ ،وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ،فَلَمَا جَاءَهُ الرَسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِكَ، فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ الّنِسْوَةِ اللَاتِي قَطَعْنَ أَيْدِيَهُنَ ،إِنَ رَبِي بِكَيْدِهِنَ عَلِيمٌ ([ })54يوسف.]54 : ثم إنه أيضاً ،لما عُرض عليه أن يكون ذا مكانة رفيعة وأمن وأمان ،لم يقبل ذلك إال أن يُعِزَ أمر اهلل تعالى أوالً ،وأن يُمَكن ألمر اهلل تعالى في األرض ابتداءً ،وحتى يكون ممَكّناً تمكيّناً كامالً ،ناصراً ألمر اهلل تعالى فلذا نصره اهلل عز وجلّ ،ولقد شهد له ربه تعالى بذلك ،وزكى سبيله ،وبيَن أنه كان ممكّناً تمكيّناً كامال ،يتصرف كيفما يشاء ،وحيثما يريد ،قال تعالى { :وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِّنَفْسِي ،فَلَمَا كَلَمَهُ قَالَ إِنَكَ الْيَوْمَ لَدَيّْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ( )56قَالَ اجْعَلّْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ ،إِنِي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (.})55 (أي :أنه لما قدّم أوراق اعتماده ،بيّن لهم طوراً من كفاءته ،ونحوا من قدرته على تسيير األمور إلى بر األمان ،وقدّم مؤهالته وأحقيته للوالية الكاملة على ما تخصص فيه وأجاده ،وأنه قدير على أن يحكم البالد فيهم بما لديه من علم وحفظ لتلك األمانة ،فهذا يدل أيضاً على أنه سعى للحكم فيهم بعلمه الخاص ،وشريعته الخاصة ،والتي كانت على ملته وملة آبائه ،ولم يعتمد على ما عّندهم من تشريعات باطلة). {وَكَذَلِكَ مَكَّنَا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ،يَتَبَوَأُ مِّنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ،نُصِيبُ بِرَحْمَتِّنَا مَنْ نَشَاءُ ،وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِّنِينَ ( )56وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَذِينَ آمَّنُوا وَكَانُوا يَتَقُونَ ([ )51يوسف: .]51 - 56 (أي :أيَكون ذلك تمكيّناً كامالً معتبراً عّند اهلل تعالى؟ ويوسف يتحاكم لشريعة األرباب المتفرقين ،ودون شريعة اهلل رب العالمين!! أيكون ذلك مقبوالً عّند اهلل تعالى ،وهوالذي الذي يغار على تشريعاته وأحكامه!! أوَ يكون ذلك من صفات المحسّنين!! أوَ يسوغ ذلك في سلوك الذين آمّنوا وكانوا يتقون)!! فــ{فَإِنَهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَتِي فِي الصُدُورِ ([ })66الحج.)]66 : ولقد كان من دالئل تمكين يوسفَ تمكيّناً كامالً ،أنه أيضاً كان يُلَقبُ بالعزيز { ،قَالُوا يَاأَيُهَا الْعَزِيزُ ،إِنَ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِّنِينَ ([ )18يوسف: { .]18فَلَمَا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُهَا الْعَزِيزُ ،مَسَّنَا وَأَهَْلّنَا الضُرُ وَجِئّْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ ن ([ })88يوسف.]88 : فَأَوْفِ لَّنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَقْ عَلَيّْنَا إِنَ اللَهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِقِي َ ولقد كان يوسف أيضاً يحكم فيهم بشريعة اهلل تعالى ،وهذا ضربٌ من قضائه بينإخوته ،وهو يحكم فيهم بشريعة أبيه يعقوب عليه السالم { ،قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُّنْتُمْ كَاذِبِينَ ( )16قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ،كَذَلِكَ نَجْزِي الظَالِمِينَ (})15 [يوسف.]15 ، 16 : ولقد كان يوسف أيضاً هو صاحب عرش المُلك آنذاك{ :وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِوَخَرُوا لَهُ سُجَدًا [يوسف.]744 : 20
]القول المبين في كُفرِ الدساتير الوضعية والقوانين[
كتبه /حسن بن عبد المجيد الزبادي
وكيف يَحيد عّنها وهو القائل في ضرَائه في سجّنه ،وفي ضرائه في أَسْره { :ذَلِكُمَامِمَا عَلَمَّنِي رَبِي ،إِنِي تَرَكْتُ مِلَةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِّنُونَ بِاللَهِ ،وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ()11 شيْءٍ ،ذَلِكَ وَاتَبَعْتُ مِلَةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ،مَا كَانَ لَّنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَهِ مِنْ َ ضلِ اللَهِ عَلَيّْنَا وَعَلَى الّنَاّسِ وَلَكِنَ أَكْثَرَ الّنَاّسِ لَا يَشْكُرُونَ ( )18يَا صَاحِ َبيِ السِجْنِ مِنْ فَ ْ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَهُ الْوَاحِدُ الْقَهَارُ ([ )13يوسف.]13 ، 11 : فكل ذلك من دالئل وأدلة تمام تمكين يوسفَ عليه السالم ،بديّنه وشريعته ،يحكم بهافي األرض كيف يشاء. وهذا هو الذي كان ،من تأويل يعقوب عليه السالم لرؤيا ابّنه يوسف الصديق ،ومننِعم اهلل تعالى عليه وعلى آل يعقوب ،كحال آبائه الموحدين ،حيث قال له{ :وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُكَ ،وَيُعَلِمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ،وَيُتِمُ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ،وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ ،كَمَا أَتَمَهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ،إِنَ رَبَكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ([ )6يوسف.]6: لقد تعهد اهلل تعالى بحفظ نبيه يوسف مّنذ نعومة أظفاره ،فقال تعالى{ :وَلَمَا بَلَغَ أَشُدَهُآتَيّْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ،وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِّنِينَ ([ )11يوسف .]11 : ثم ختم يوسفُ الصدِيقُ المخلَصُ الممَكَنُ العزيزُ ذو العرش ،حياته بدعائه وتضرعهلربه تعالى أن يُحسن خاتمته ،وأن يثبته ويتوفاه على دين اهلل األوحد ،وهو دين اإلسالم قائال{ :رَبِ قَدْ آتَيْتَّنِي مِنَ الْمُلْكِ ،وَعَلَمْتَّنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْ َأحَادِيثِ ،فَاطِرَ السَمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ،أَنْتَ وَلِيِي فِي الدُنْيَا وَالْآخِرَةِ ،تَوَفَّنِي مُسْلِمًا ،وَأَلْحِقّْنِي بِالصَالِحِينَ (})747 [يوسف.]741 ، 747 :
وكتبه :حسن بن عبد المجيد الزبادي غفر اهلل تعالى له ولوالديه وللمسلمين 7615 / 1 / 16 27 /12 / 2013
21