مرثيات تقليدية عبدالله غباش

Page 1

‫مرثيات غري تـقليدية‬ ‫عبداهلل غباش‬

‫إىل نايف‬ ‫لوحة الغالف ‪ :‬وسام اجلزائري‬


‫إ�لى نايف ‪:‬‬ ‫لو كانوا يستطيعون قتل الطفولة لما استطاعوا قتلك‬ ‫لو كانوا يستطيعون خنق العصافير لبقي انشادك‬ ‫لو كانوا قادرين على مسح الذاكرة لبقي صوتك‬ ‫يحارب النسيان‪ ,‬قل لهم بالحلبي العتيق ‪ :‬نحن هنا‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫ياصديقي الجميل لو �ستطيع �ن �عبر إ�ليك‬ ‫أ‬ ‫لسرقك منهم ‪ ....‬من جنونهم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫�نت �بقى و �نقى و �نا ببغاء في حضرة بالغتك‬ ‫بلغتك الرصينة التي صدحت بها‬ ‫حدثت ً‬ ‫أ� َ‬ ‫شرخا في حائط ا إلنسانية المتحجر‬ ‫الذي ال يرى وال يسمع صراخنا‬ ‫كلنا معك يا صديقي الكبير‬ ‫أ أ‬ ‫إ�ذا �ردت �ن تعرف لماذا يضربنا القاتل‬ ‫آ‬ ‫انظر في المر�ة و ابتسم ‪ ...‬إ�نهم يخافون ابتسامتك‬ ‫غباش‬


‫مرثيات غري تـقليدية‬ ‫عبداهلل غباش‬


‫)‪(1‬‬ ‫إ�نهم يموتون بدون قبور‬ ‫يدفنون بدون تراب‬ ‫و ّ‬ ‫يصلى عليهم بدون تراتيل‬ ‫إ�نهم موتى القرن الواحد و العشر ْين‬


‫)‪(2‬‬ ‫أ‬ ‫إ�ن قلنا نحن �و هؤالء ‪ ...‬لن يصل المعنى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فحتى الحياء خرجوا من �جسادهم‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ما هؤالئك الذين ينادون ‪ ..‬هم �شباحنا‬ ‫َت ِعبوا ّ‬ ‫التقم َ‬ ‫ص لحياتنا‬ ‫أ‬ ‫المتهاوية على توابيتنا‬ ‫الكرمة‬ ‫و �كلوا من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫منتشين‬ ‫سكرة صراخهم‬ ‫ف َخ َر ْجنا من ِ‬


‫) ‪(3‬‬ ‫بياض ال ينتهي و ال ُينهي مم ًرا ً‬ ‫ٌ‬ ‫طويال‬ ‫ُ‬ ‫قلت لكل الذين يسيرون معي‬ ‫وال أ�ر ْ‬ ‫اهم ‪:‬‬ ‫يا لذلك الحلم ما أ� ُ‬ ‫شقاه‬ ‫أ�ما من مالك يفتح لنا ً‬ ‫نهاية للطريق ؟‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫كنت المستعجل الوحيد وهم يرتبون‬ ‫ذكرياتهم ليقولوا هلل ‪:‬‬ ‫هذا حلمنا الذي ك ّـنـا ُ‬ ‫منه خائفين‬


‫) ‪(4‬‬ ‫أ‬ ‫بحثنا بين الجموع الخفية عن �م الشهيد‬ ‫أ�ما ز ْ‬ ‫الت ُت ُ‬ ‫َ‬ ‫الصوف‬ ‫حيك‬ ‫تقطب شفتيها َ‬ ‫و ُ‬ ‫نعوته ؟‬ ‫ليعود ابنها بعد ِ‬ ‫ْ أ‬ ‫ُ‬ ‫ذن‬ ‫�‬ ‫في‬ ‫تتمتم‬ ‫الصف‬ ‫ول‬ ‫�‬ ‫كانت في‬ ‫حارس ‪:‬‬ ‫إ‬ ‫ٍ‬ ‫�كته ليتـزوج و ينجب أ� ً‬ ‫تر ُ‬ ‫والدا‬ ‫أ�عطوه ً‬ ‫ْ‬ ‫العاشقين‬ ‫يوما ليصبح رسول‬


‫)‪(5‬‬ ‫صاح ٌ‬ ‫ْ‬ ‫رجل مكسو ُر‬ ‫القدمين‬ ‫أ‬ ‫�ر ُيد وطني‬ ‫أف�عطوه ّ‬ ‫عكاز ْين‬


‫) ‪(6‬‬ ‫رصاصة ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ذهبية‬ ‫كانت تسير بقربي‬ ‫لم تخترق أ� ً‬ ‫حدا بعد‬ ‫أ‬ ‫�رى مالمحي عليها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�قول ما �جملني حين �موت‬ ‫ْ‬ ‫فقالت ‪:‬‬ ‫ُ آ‬ ‫لست مر�تك و ال مداك‬ ‫أ�نا ٌ‬ ‫خائفة َ‬ ‫مثلك‬ ‫أ‬ ‫قتلك حتى في َ‬ ‫س� َ‬ ‫موتك‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫باليقين‬ ‫لقطع الشك‬


‫)‪(7‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�صبحنا ال نرى �ول القافلة‬ ‫آ‬ ‫و ال �خرها‬ ‫و في كل ثانية نزداد ً‬ ‫واحدا ال نراه‬ ‫خجلنا من السؤال ‪ ..‬كم عددنا‬ ‫ُ‬ ‫ضحكت على خيبتنا‬ ‫ما الفرق ‪ ...‬؟ ما دام الطريق ال ينتهي‬ ‫آ‬ ‫و لسنا �خر المسافر ْين‬


‫)‪(8‬‬ ‫حتى القاتل كان يسير بيننا‬ ‫ّ أ‬ ‫لكنا لم ن�به لذلك ‪..‬‬ ‫و‬ ‫في القيامة‬ ‫أ‬ ‫كل الذكريات و الوجاع‬ ‫ُت َ‬ ‫صاد ُر و ُت ْرمى في القمامة‬ ‫ُ‬ ‫ففكرت ماذا سنفعل إ� ًذا‬ ‫ال الجنة ‪ ...‬و ال الجحيم‬ ‫لسنا خائفين ‪!! ..‬‬ ‫ْ‬ ‫لسنا‬ ‫جائعين !!‬


‫)‪(9‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫س�ل المالك المرابط على �حالمنا‬ ‫ذلك العجوز ُالم ِس ْن ‪:‬‬ ‫أ�تريد ّ‬ ‫حبة الضغط ‪.‬؟‬ ‫رد العجوز ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫استغنيت عنها‬ ‫مذ تركوني أ� ُ‬ ‫حتضر تحت وابل الرصاص‬ ‫آ‬ ‫َ‬ ‫شرب الرصيف دمي حتى �خر قطرة‬ ‫و ها أ�نا آ� ِت إ�ليكم فارغ الشر ْ‬ ‫ايين‬


‫) ‪( 10‬‬ ‫لم نعرف هل متنا‬ ‫أ‬ ‫�م ُر ِف ْعنا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و هل البرزخ ي�تي قبل الخيبة �م بعدها‬ ‫أ‬ ‫هل هي حياة �خرى ؟‬ ‫صرخ الشبح الهارب ّمنا ‪:‬‬ ‫ّ�كفوا عن الهراء‬ ‫ال يولد ا إلنسان مرتين‬ ‫و ّ‬ ‫لكنا‬ ‫متنا مرتين !‬


‫) ‪( 11‬‬ ‫أ�تانا ٌ‬ ‫مالك يتلو علينا البيان‬ ‫و لكن اللغة لم تكن واضحة‬ ‫أ‬ ‫فلم ّ‬ ‫نميز بين �سماء القتلى و َالق َت َل ْة‬ ‫فروقات طفيفة في اللغة هنا‬ ‫ْ‬ ‫الفاعلين‬ ‫تغير ّالنـا الدالة على‬


‫) ‪( 12‬‬ ‫من نافذة ُ‬ ‫تطل على ّ‬ ‫هوة سحيقة‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الجميع ليودعوا �قاربهم‬ ‫نظر‬ ‫ّمد الولد ُ‬ ‫يده فصافح الغيم‬ ‫و رضع من صدر السحابة‬ ‫لم يفكر وقتها ال بزيتون و ال ْ‬ ‫تين‬


‫) ‪( 13‬‬ ‫تساءلنا‪ ...‬أ� ُ‬ ‫نكبر ؟‬ ‫لم نقل ً‬ ‫شيائ‬ ‫أ‬ ‫عال في �فئدتنا‬ ‫فكرنا بصوت ٍ‬ ‫اهتـز الصراط ‪ ..‬فانتبهنا‬ ‫للمالئكة الضاحكين‬


‫) ‪( 14‬‬ ‫أ‬ ‫لوح كـ ُـت ِـب َـ ْت عليه �رقامنا‬ ‫وصلنا إ�لى‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫« �ترهقكم �سماؤنا ؟ «‬ ‫) لم نقل ‪ ..‬شاهدوا السؤال في جوف عيوننا (‬ ‫أ‬ ‫‪ :‬و عصفور بال �جنحة يدندن‬ ‫»و ربكم خير الحافظين«‬


‫) ‪( 15‬‬ ‫على يميننا ٌ‬ ‫بحر‬ ‫على يسارنا ٌ‬ ‫بحر‬ ‫ال نوح هنا‬ ‫وال سفينة‬ ‫قلنا انشق البحر إ� ًذا‬ ‫ف أر�ينا اليهود يغسلون خوذة صالح ْ‬ ‫الدين‬


‫) ‪( 16‬‬ ‫كبيرة ّ‬ ‫صخرة ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تظلنا‬ ‫ُ‬ ‫بلغة‬ ‫كـتب عليها ٍ‬ ‫آ‬ ‫ال عربية ‪ ..‬وال �رامية‬ ‫ال سريانية و ال هي نقوش فرعونية‬ ‫من صاحب هذا ُالر ُقم القديم‬ ‫‪ :‬فنهض مالك ٌ‬ ‫نائم‬ ‫إ�نها نصر من رب العالمين‬ ‫ً‬ ‫‪ :‬تثائب عجو ٌز‬ ‫متسائال‬ ‫أ‬ ‫�تحررت فلسطين ؟‬


‫) ‪( 17‬‬ ‫مشينا مشينا‬ ‫و لم نصل إ�لى غرفة التحقيق‬ ‫أ‬ ‫هل نعود إ�لى الجداث‬ ‫أ‬ ‫وننتظر الصيحة الخيرة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�م ننجو من العقاب لننا‬ ‫ْ‬ ‫واقفين !؟‬ ‫!متنا‬


‫صاح ٌ‬ ‫رجل مكسو ُر القدمينْ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫�ريد وطني‬ ‫أف�عطوه ّ‬ ‫عكازينْ‬ ‫من القصيدة‬

‫حتية للفنان وسام اجلزائري على لوحة الغالف اليت نسجها بريشة روحه‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.