العروبة في المغرب :الواقع و التحديات
تمر على األمة العربية اليوم ،مرحلة دقيقة و مفصلية من تاريخها تفرض على الفكر العروبي رفع تحدي التعامل مع الظواهر السياسية و الثقافية و اإلجتماعية الناتجة عنها ،و ذلك بد ًء من إدراك حقيقة الموقف و مروراً عبر تحليله بشكل سليم ثم وصوالً إلى تبني الحلول و الوسائل الفكرية و السياسية الكفيلة ببقاء العروبة كفكرة و كهوية مسايرة و متفاعلة .مع هذه المتغيرات. إن الوضع العام بعد أحداث الربيع العربي يدعونا إلى تقييم شامل لألدوار و األفكار و األساليب و المناهج و النظر إلى مواطن الخلل فيها ثم التأكيد على القضايا المبدئية المكونة لروح العروبة.
.1فلسطين جزء من األمة العربية تبقى القضية الفلسطينية مسألة مبدئية و عقائدية غير قابلة ألي شكل من أشكال المساومة أو المقايضة أو المتاجرة سياسية كانت أم دبلوماسية أو فكرية ،و الدفاع عنها ركن من أركان الواجب األخوي العربي و اإلسالمي ،لذلك نرفض محاوالت بعض التيارات القذف بها إلى إطار القضية اإلنسانية و نعتبره خيانة للمثل العليا التي يؤمن بها الشعب المغربي و خيانة ألرواح و دماء شهداء قواتنا المسلحة الذين قضوا في جبهات القتال في كل حروب األمة العربية مع العدو الصهيوني. كما نعتبر أن تعدد اإلطارات المنظمة للحراك المغربي لصالح القضية الفلسطينية يدخل في ذات المخطط التآمري الهادف إلى شق وحدة المغاربة و إجماعهم عليها و الذي تمثله الجمعية المغربية للمساندة الكفاح الفلسطيني. يجب إعادة قضية فلسطين إلى محورها الطبيعي داخل الصراع العربي الصهيوني و ذلك عبر ما يلي : اعتبار الدفاع عن القضية الفلسطينية ثابتة من ثوابت السياسة الخارجية المغربية. الدعم المطلق و الالمشروط للمقاومة الفلسطينية إلى حين تحقق األهداف التالية : قيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشريف.
التزام العدو الصهيوني بكافة قرارات مجلس األمن الدولي ،بما فيها اإلنسحاب إلى حدود حزيران 7691و عودة الالجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. المنع و التجريم عبر القانون ،لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
.2العروبة في المغرب :الواقع و التحديات إن المتأمل في حال العروبة في القطر المغربي ،يخرج باستنتاج أنها لم تمر يوما بحال أسوأ من حالها اليوم ،فقد وصلت إلى مستوى التهديد الوجودي الذي ساهم فيه تآكل هوامشها بفعل الفرانكفونية ،ثم ضغط الحركة األمازيغية بمشاعرها المعادية للعروبة و بمشروعها التمزيغي القسري. و أكثر من أي وقت مضى يجب على أبناء العروبة و محبيها التكاثف لصيانة الهوية العربية المغربية من الضياع و إبقاء المغرب في محيطه العربي.
1.2الفرانكفونية إن المكانة المتميزة التي تحتلها اللغة الفرنسية في بلدنا ال يمكن إال توصيفها بالحالة الشاذة و الممجوجة بالنظر إلى هوية القطر العربية و اإلسالمية و تاريخه الحضاري الذي يشكل امتداداً للحضارة العربية اإلسالمية. و مسؤولية التيار الفرانكوفوني في ضرب اللغة العربية بشتى األساليب لم تعد خافية على أحد. و بهذا الصدد ندعو أصحاب القرار إلى إلزام المؤسسات اإلعالمية الحكومية و التي تتلقى الدعم الحكومي بتعزيز اللغة العربية و شطب الكتابات و البرامج باللهجة العامية أو المزيج الفرنسي-العامي المسمى "عرنسية" و تعويضها بالكتابة و الحديث باللغة العربية الفصحى و دعم الثقافة العربية. كما نطالبهم بإعادة النظر في تدريس اللغة الفرنسية كلغة موازية في أهميتها للعربية و في تواجدها بالمناهج و مسالك علمية نحن في غنى عن تواجد الفرنسية بها ،كالمسالك القانونية و بالتزام معاهد تكوين األطر اإلدارية بتعريب مناهجها.
2.2الحركة األمازيغية :تهديد للعروبة و اإلسالم و الوحدة الوطنية ال شك أن ظهور الحركة األمازيغية على الساحة السياسية رفع تحديا كبيراً أمام الهوية العربية ال من حيث حمل الحركة المذكورة لمشروع سياسي عقائدي شعوبي معادي لكل شيء يمت للعرب بصلة ،بل أيضا لحملها مشروعا ً تمزيغيا ً شموليا ً. فمنذ إقرار التعديل الدستوري الذي أدخل لغة المختبرات األمازيغية في نطاق الرسمية ،لم نعد نسمع إال بتنزيلها في اإلدارات و مؤسسات الدولة و وثائقها ،و ضرورة استعمالها في البرلمان ،و تنزيلها إعالميا و دعمها ثقافيا و إدخالها لمناهج التعليم و تدريسها للجميع بصبغة إجبارية ،و تغيير اسم إتحاد المغرب العربي إلى غير ذلك. و لم نعد نسمع من السلطة و األحزاب السياسية إال عبارات متنافسة حول من يدعم األمازيغية أكثر من اآلخرين ،متجاهلين جميعا أوجه خطورة هذه األفكار على الوحدة الوطنية المتمثلة في : هدم الرابط المؤسس للمجتمع المغربي المتمثل في ثنائية اإلسالم -العروبة و تعويضه باألحادية األمازيغية.ـوضوح استهدافه للغة العربية و رغبته في تصفيتها ،فمعيرة لغة أمازيغية و بطالسيم التيفيناغ يجسد حاجة الحركة و من يقف وراءها للغة تعوض العربية ،في مخطط يجد أصوله في الحقبة اإلستعمارية المظلمة. ـحمل التيار األمازيغي ألفكار فاشية من ضمنها نظرية األرض األمازيغية ،التي تستهدف الوجود العربي بأشكال مختلفة ،في محاولة مكشوفة لتمزيغ هذا المكون. ـحمل أجندته لفصل المغرب عن األمة العربية بسحب عضويته من جامعة الدول العربية. لذلك فإننا نحذر الجميع من مغبة التماهي مع هذه الحركة و مخططها الضارب للصف المغربي. كما نعتبر أن دسترة اللغة المعيارية األمازيغية المطبوخة في مختبرات المعهد الملكي األمازيغي خطوة متسرعة و خطأ سياسي كبير غير محسوب العواقب ،بالنظر إلى كل اإلعتبارات الموضوعية المذكورة أعاله أو المتعلقة بطريقة إدارة الملف الثقافي األمازيغي وتجلياته.
و ال يفوتنا تسجيل الغياب المخجل لكل األصوات العربية الوطنية في مواجهة هذا التيار ،مما ترك له المجال ليعربد بال حسيب و ال رقيب و ليكسب نقاط كثيرة و يحقق تراكمات تساعده في التقدم بمخططه. إن على جميع األطراف الوعي التام بأن صيانة الوحدة الوطنية لن تتم على حساب العروبة و العرب.
.3العروبة قدر المغرب إن المغرب جزء ال يتجزء من األمة العربية ،و هذا اإلنتماء من الثوابت غير القابلة للنقاش أو المراجعة. و مع أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية األولى للبالد ،فإنها لم تنل يوما اإلحترام الذي توفره لها هذه الصفة ،بل همشت لصالح اللغة الفرنسية ،ثم تهمش لصالح لغة المختبرات األمازيغية. و احترامها يقتضي من الدولة الذهاب بالتعريب إلى مداه األبعد ،باإللتزام بعقد كل اجتماعاتها باللغة العربية الفصحى ،و تنزيل قراراتها و مذكراتها باللغة العربية حصراً ،و تعريب المسالك الجامعية و المعاهد اإلدارية. و يقتضي منها طرد الفرنسية من الفضاء العمومي ،و إلتزام الوزراء و أعضاء البرلمان بالتخاطب بالعربية الفصحى ،ال باللهجة العامية سواء في اجتماعاتهم الرسمية أو تحت قبة البرلمان أو أمام وسائل اإلعالم. كما يجب على الدولة دعم العربية على كافة األصعدة ،بخلق معهد للثقافة العربية ،و دعم األنشطة الثقافية العربية. إن العروبة قدر المغرب ،و أي محاولة للمساس بها تفتح أمام القطر آفاق مظلمة.
حرر بتاريخ 79تشرين الثاني 2172 ملتقى اإلسالم و العروبة في المغرب