الفهرس ـــ تقديم 1ـــ حوارمع شيخ الشعراء املغاربة الدكتورحممد السرغيين إلتقاه بفاس :عبده حقي 2ـــ حوارمع رائد الشعراملغربي املعاصروشيخ الشعراء الدكتورحممد السرغيين حاوره : عبده حقي 3ـــ حوارمع عميد السينما املغربية املخرج عبداهلل املصباحي أجنزاحلوار :عبده حقي 4ـــ حوارمع الناقد والروائي املغربي الدكتورحممد برادة أجنزاحلوار :عبده حقي 5ـــ حوارمع الكاتب والصحفي حممد أديب السالوي مبناسبة تأسيس مؤسسة حممد أديب السالوي للفكرواإلبداعي املسرحي 6ـــ حوارمع الشاعرة املغربية األصيلة أمينة املريين حاورها :عبده حقي 7ـــ حوارمع الدكتورحممد العمري مبناسبة صدوركتابه (رحلة يف كتاب زمن الطلبة والعسكر) حاوره :عبده حقي 8ـــ حوارمع املؤلف والناقد املسرحي عبدالكريم برشيد أجرى احلوارعبده حقي 9ـــ حوارمع الدكتورالقاص املغربي مصطفى يعلى أجنزاحلوار :عبده حقي 11ـــ حوارمع القاص املغربي أمحد بوزفور:حاوره عبده حقي 11ـــ حوارمع الدكتورعبداجلليل ناظم عضوهيئة دارطوبقال للنشرأجنزاحلوار :عبده حقي
Page 1
12ـــ حوارمع امللحن املغربي املوهوب حممد بلخياط حاوره :عبده حقي 13ـــ حوارمع املخرج املغربي شفيق السحيمي حاوره :عبده حقي 14ـــ حوارمع الروائي واإلعالمي املغربي حممد اإلحسايين حاوره عبده حقي 15ـــ حوارمع املخرج املغربي مومن السميحي حاوره عبده حقي 16ـــ حوارمع الكاتب والتشكيلي واملغين حممود ميكري مبناسبة إفتتاح معرضه بالرباط حاوره عبده حقي 17ـــ حوارمع اإلعالمي حممد العوني رئيس منظمة حرية اإلعالم والتعبري : حاوره عبده حقي 18ـــ حوارمع الناقد السينمائي املغربي أمحد سيجلماسي ذاكرة السينما املغربية بامتيازأجنز احلوار :عبده حقي 19ـــ حوارمع خمتارلغزيوي صحايف ومدير نشر جريدة (األحداث املغربية) أجنزاحلوار: عبده حقي 21ـــ حوارمع األستاذ عبدالرحيم العالم رئيس إحتاد كتاب املغرب حاوره :عبده حقي 21ـــ حوارمع الشاعرحممد بودويك يف أفق إنعقاد املؤمتر 18لإلحتاد حاوره :عبده حقـــي 22ـــ حوارمع الروائي والسيناريست املغربي عبداإلله احلمدوشي أجنزاحلوار :عبده حقي 23ـــ حوارمع الدكتورعبدالسالم املساوي املدير الفين األسبق للمهرجان الوطين للفيلم الرتبوي أجراه :عبد حقي
Page 2
24ـــ حوارمع الكاتب عبده حقي مدير موقع احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة :إلتقاه بالرباط الطاهر الطويل 25ـــ حوارمع القاص والسينوغراف والتشكيلي عبد اجمليد اهلواس أجنز احلوار :عبده حقي
Page 3
حوارات الثقافة املغربية أجنزها :عبده حقي
تقديم : الحوارنافذة على الوجه اآلخر ..هو إفضاء بمالم تتسع وتسمح فسحة اإلبداع والفكروالنقد وحدودها للبوح به ..الحوارلعبة لمشاغبة جميلة تتغيا إستكناه المكامن الخبيئة واألسرارالدفينة في قامة المحاورأكان كاتبا أم فنانا أم مفكرا ..إلخ الحوارهوهذا النص المحايث للنص الغائب ..إستنطاق ومكاشفة في جلسة حميمية إفتراضية حتى نقترب أكثروجها لوجه وتكتمل صورة البورتريه في إطارخارطة الهوية وبطاقة التعريف ... وهذه الحزمة من الحوارات الثقافية مع ثلة من الكتاب والفنانين والمخرجين المغاربة هي ثمرة تفاعل تلقائي وتعبيرعن إرتقاء إلى مدارج الشموخ الذي عبرعنه ضيوفنا المحاورين من أجل التوثيق التأريخي لمساراتهم اإلنكتابية واإلبداعية والتوقف على أرصفة محطاتها واحدة تلوأخرى ... ومنذ بداية مشروعنا هذا قبل سنوات توخينا أن تكون حزمة أسئلتنا إحاطة بما أمكن من اإلقتناص من سيرة هؤالء الكتاب واألدباء والفنانين وأن تكون رحلة سندبادية التنسى في أرخبيالت إبداعاتهم وانشغاالتهم وهمومهم المختلفة . نستطيع أن نقول بكل تواضع ومن دون وثوق زائد أننا قد حققنا غاية جميلة وهادفة تتشبث بالماضي الثمين وتتوق إلى المستقبل بل إلى السكن المتجدد في المستقبل لكي يطل عليها األجيال الصاعدة حتى ينصتوا إلى دردشات قاماتها الحكيمة والسامقة التي شيدت بمثابراتها وإصرارها وعنادها وسهادها أيضا
Page 1
هذا السقف القرميدي الباذخ األخضرالذي تستظل وتينع تحته الثقافة المغربية على إختالف أطيافها وتنوع فسيفسائها . هم ثلة من الوجوه التي أعطت وبذلت الكثيرعلى مدى عقود عديدة مما أهلها بكل موضوعية لتفخراليوم بتجاعيدها الغائرة وكبريائها المستحق ...إنها قامات مغربية تسطع في علياء السماء العربية والعالمية .. تلتئم هنا في هذه اللمة األنيسة ..وإذاكانت هناك من قيمة معنوية ورمزية وازنة تحسب لهذا الكتاب اإللكتروني الحواري األول من نوعه على الصعيد المغربي والعربي ،فإن أجمل وأغلى ما يمكن أن نفخربه هوهذا التوثيق الهام لهذه اللحظات التاريخية الثقافية التي سوف تمكننا من أن نحدد وجهة الطريق السيارالثقافي المغربي إلى المستقبل ألن الفعل الثقافي أي فعل ثقافي هوجزء اليتجزأ من اآلليات األساسية في منظومة حماية الوطن ضد خاليا المسخ والردم والرجعية ،ومن دون أن استقرارالوطن وتقدمه وتحديثه أيضا هي مهمة الثقافة ومسؤولية المثقفين الجدال في ذلك .
Page 2
حوارمع شيخ الشعراء املغاربة الدكتورحممد السرغيين إلتقاه بفاس :عبده حقي
خاص تقديم أشتهي أن أموت في كامل الصالحية تعددت الكتابات وتعددت األسباب والموت واحد … وإذا كان للموت شكل واحد فمغامرة مقاربته إبداعيا تتعدد بتعدد زوايا الشعوروالنظرإليه إن وجوديا أوفلسفيا أو إيديولوجيا وجيليا أيضا. أن يكتب شاعرعربي عن الموت الرمزي أوموته القادم حتما ..معناه أن يوقف عداد الذات لحظة ليلج تجربة إفتراضية لطقوس إسدال ستارالحياة عن مشهد التوقيع األخير بلغة تمتح قاموسها من تمثالت وتهيؤات كرستها نكبة الحياة وغمرتها تراكمات المعرفة وذخائرالذاكرة… وإقتناص حوارمع شيخ الشعراء المغاربة الدكتورمحمد السرغيني في موضوعة الموت وعالقته بالكتابة وبالشعربالتحديد بعد هذه الرحلة الطويلة من عمره الزاخروالثري التي ناهزت الواحد والسبعين سنة ، تجعلنا في محطتها هاته نوقن أن عودتنا برفقته من جغرافيا عالمه اآلخرقد حققت بكل تأكيد غايتها القصوى في اإلطاللة عن بعض أسراروألغازالموت المتربص بالكتابة والكاتب بشكل عام… في هذا الحوارنتلمس مع شيخ الشعراء المغاربة محمد السرغيني في عتمة الحاضربعضا من بصيص تجربته الشعرية الطويلة التي ناهزت نصف قرن كما نستجلي وجهة نظره وموقفه كشاعرعربي من عذوبة أوعذاب الموت… س :بعد هذه الرحلة العمرية الطويلة من الكتابة واإلبداع الشعري اليت قاربت نصف قرن دعنا دكتورحممد السرغيين نبدأ حوارنا من اللحظة الراهنة ماهوجديدك ؟
Page 1
ج :شكرا لك ،أنا بصدد كتابة نص شعري طويل في موضوعة الموت قد أكون (يضحك) بدأت أشعربنوع من الخطربقرب نهاية العمر… في األيام القليلة الماضية وبينما أنا أتصفح جريدة الشرق األوسط عثرت على قصيدة رائعة للشاعرالعراقي حميد سعيد ..قرأتها في العديد من المرات ووجدت أنها نص يسايرتماما األفكارالتي أشتغل عليها وقررت أن أضع مقطعا منها في مقدمة نصي الجديد الذي يتناول الموت كتيمة أساسية فيه … إن الموت حاضرفي العديد من سلوكنا وانشغاالتنا اليومية .. فاإلنسان يأكل ..يشرب ..ينام ..يعمل ..يمشى على األرض ثم فجأة يختفى ..يصيرمن تحت األرض بعد أن كان يمشي عليها ..فنحن جميعا حين نكون في عنفوان شبابنا النبالي بالقلق الوجودي للموت ، لكن بعد أن نعمرنصيبنا من السنين يصيرتفكيرنا جديا في مسألة الموت … إن جل المثقفين عندما يقاربون موضوعة الموت سواء كانوا فالسفة أو شعراء نجد جلهم يتجنبون الحديث عن حقيقة الموت كماهي ويتحدثون عنها من وجهة نظرمخالفة للحقيقة… ومن دون شك أن حقيقة الموت اليعلم بها إال اهلل عزوجل لكن من جانبنا كبشريمكن أن نتحدث مثال عن عزرائيل ملك الموت عن سكراتها وعن القبوروعذابها ..إلخ بمعنى أننا لوإستفضنا في الحديث هنا فسوف نقع في المحظوروأننا لورجعنا إلى كل الديانات السماوية واألرضية سنالحظ أنها كلها تتحدث عن الوعد ويوم الحساب والجزاء إما بالجنة أوبالنار. س :لكن دكتورأالميكن أن تكون نكبة املوت أقل وقعا وفاجعة يف ذهن املثقف والفيلسوف واملفكرالالهوتي منها يف تصوراإلنسان العادي ؟ ج :المثقف إذا كان وصوليا يشعربأن الفرصة قد ضاعت منه ،أما إذا كان مثقفا عضويا organique اليغمس قلمه في الدواة إال بعد تفكيرعميق فهوغالبا ما يطرح السؤال حول مامدى فاعلية ما كتبه في الحياة العامة وهويتألم ألما عظيما عندما يشرف على الموت ألنه يكون لديه إحساس كبيرجدا بأن المسافة الزمنية التي عاشها البد أن يحاسب نفسه عليها ..ماذا فعل فيها حتى يطمئن قلبه أوقد اليشعرباإلرتياح والطمأنينة والمهم هذا هومايسمى بصدمة الموت على المستوى العقلي والذهني… س :هذا التفكرييف موضوع املوت وعبثيته جيعلنا نطرح بقلق يومي بالغ سؤال جدوى الكتابة ،أليس كذلك ؟ ج :إن كل أديب يعشق الكتابة فهويتخذها وسيلة للتواصل مع العالم … أما الكاتب الذي يشعربأنه لم تعد لديه القوة الذهنية والبدنية للكتابة فتلك أزمة الأول لها والآخر ،لكن بالنسبة لكثيرمن الناس الذين يستغلون الكتابة (للتبنيدة) بمعنى التظاهر والبحث عن الصيت فهم اليصارعون حدة التفكيرفي جدوى الكتابة يوميا بل إنهم فقط يسبحون في فراغ والأقول يملؤونه. أما هذا النص الذي أكتبه في هذه اآلونة فأنا أتساءل فيه من خالل بيت شعري للمتنبي وأقول (:أمات الموت أم ذعرالذعريتساءل فلماذا هذا الموت اليموت ؟؟ (يضحك) أما في حالة ماإذا مات المثقف فماذا يمكن أن يحدث ؟ هنا يدخل التفكيرالميتافيزيقي … لكن أنا شخصيا وفي غماركل هذه األسئلة أفكر في Page 2
أشكال كثيرة من الموت ..منها الموت الطبيعي والموت بسبب حادثة شغل أوحادثة سيرأوالموت األوتانازي المعروف عندد اليابانيين وفي هذا الصدد نالحظ أن نسبة اإلنتحارات عندهم كثيرة جدا بالقياس إلى باقي بلدان العالم .فهل هذا الشعب قد بلغت حساسيته كل هذه الدرجة بحيث صاراإلنسان عندهم يشعربأنه لم يعد مرغوبا فيه وأنه لم يعد بإمكانه أن يقدم شيئا للمجتمع فينتحر!! إن ظاهرة األوتانازيا تتطلب مجموعة من اإلستعدادات السيكولوجية والمجتمعية والذهنية قد اليقدم عليها سوى اإلنسان الذي له القدرة الباطنية على إنجازهذا الفعل وعندما نعود إلى التيارات الفلسفية والدينية اليابانية مثال الديانة البوذية نجد أن هذا الشعب يتوفرعلى األهلية السيكولوجية العامة لكي ينفذ مثل هذا السلوك الذي بواسطته إستطاع أن يختصرالعصورالتي قضاها اإلنسان في الغرب وفي إفريقيا وآسيا لكي ينشئ الحضارة الحالية وأنهم في مدة قرنين من الزمن أصبحوا في طليعة الدول المتقدمة… س :طيب لنعد إىل موضوع املوت وعندما نستحضرقضية املوت اإلرادي اإلختياري عند الكثريمن املفكرين واألدباء كإرنست همنغواي ويف العامل العربي غالبا ما نثريجتربة الشاعراللبناني خليل حاوي الذي أقدم على اإلنتحارإحتجاجا على اإلجتياح اإلسرائيلي للبنان مل يكن خلليل حاوي أن يضع حدا حلياته بسبب موقف وجودي أوفلسفي أوفكري وإمنا بدافع سياسي مارأيك يف ذلك ؟ ج :البد من اإلشارة إلى أن الشاعراللبناني خليل حاوي عاش في حقبة كانت الفلسفة الوجودية في أوج عطائها ..وعندما نعود إلى التيارالوجودي فهواليدعوإلى اإلنتحارنهائيا لكن بسبب القدرة النفسية التي يمنحها لإلنسان تجعله مهيأ لكي يقدم على فعل اإلنتحار ..لكن تجربة خليل حاوي وإن كان الكل يرجع سببها لإلجتياح اإلسرائيلي لبنان فأنا غيرمتفق إطالقا معه … وعلينا أن نعرف أن الشاعرخليل حاوي مسيحي لبناني وأن المشاكل التي يعاني منها المسيحيون اللبنانيون هي منفصلة تماما عن مشاكل اللبناني السني أو الشيعي … ماهي إذن بعض هذه المشاكل ؟؟ من الناحية المسيحية السوريانية وهذا مذهب وحسب ما أعلم أنه أنقى مذهب مسيحي اآلن ..لماذا ؟ ألنه مذهب قائم على تمجيد الفن فغالبا ما نجد هؤالء المسيحيين موسيقيين ومطربين ..وهذه الرهافة الفنية من شأنها أن تخلق الكائن المرهف والقوي اإلحساس بالمحيط لكن يقال أن صاحبنا كان ينتسب سياسيا إلى حزب العث العربي وأن هذا الحزب لم يستطع أبدا أن يجد حاللمشاكل العرب المسيحيين والعرب المسلمين والعرب السنة والشيعة ،ومن حيث هذه القضية فالمسيحيون العرب الذين كانوا سنين في حزب البعث كانت لديهم حاجة متشبثون بها هي أنهم ساهموا مساهمة فعلية في بناء الفكرالعربي القديم بحيث أن الذين نقلوا الفكر العربي من اليونانية إلى العربية كلهم مسيحيون مثل (حنين إبن إسحاق) وغيره ثم في اللحظة الراهنة شاركوا مشاركة فعالة في هذا الباب ومنها أنهم بقوا محافظين على الكتابة باللغة العربية … أما الشيعة والسنة فهم ينظرون إلى القضية من زاوية نظرإسالمية التفرق بين العربي واإلسالم وعلى كل حال هذا النقاش قد جرى بحدة وحسمه مجموعة من الباحثين المسيحيين منهم
Page 3
الشاعرخليل حاوي … ولما أقرء شعر خليل حاوي الأشعر فيه بنوع من التماهي مع حزب البعث والقضايا أخرى إطالقا ..إذن ماذا نجد في شعره لست أدري … إنه هاوي شعرفحسب الأقل والأكثروالدليل على ذلك أن أغلب قصائده ينظمها على بحرالرمل. س :دكتورحممد السرغيين ودائما يف موضوع املوت نود أن نعرف كيف قاربت التجربة الشعرية واألدبية املغربية عموما هذه التيمة ؟ ج :حسب قرءاتي هناك قلة ممن إهتموا بهذه الموضوعة ويمكن أن أشيرهنا إلى الراحل الخمار الكنوني مثال الذي أشار إليها إشارة خفيفة باعتبارالموت نهاية حياة … ومن هؤالء األدباء من يعتقدون أن هناك حياة بعد الموت ومنهم من يعتقد بالفناء األبدي… س :من دون شك دكتورأن رؤيتنا ملسألة املوت تتغريبتغرياألجيال وتعاقب السنني وانصرامها بسرعة حنو املستقبل … اآلن لوعدنا بك إىل ثالثني عاما إىل املاضي كيف كنت ستنظرإىل موضوعة املوت ؟
ج :هنا قد نجد أنفسنا في مطب ..البد أن نطرح بعض األسئلة المتعلقة بشروط هذه المرحلة ؟ س :لنعد مثال إىل سبعينات القرن املاضي ؟ ج :السبعينات بكل شروطها الموضوعية ..أقول لو عدت إليها بشروطها الثقافية وبقيت محافظا على ما حصلت عليه في الفترة الراهنة فسوف تنظرللموت على أنها غبن يغمراإلنسان ويجعله يشعرأنه مأل قدرا من الفراغ … اآلن والهنا فللموت وجوه متعددة منها الطبيعي واإلرادي (اإلنتحار) والمفاجئ ومهما يكن من أمرفالموت مازالت تمارس قانونها الطبيعي بنفس الصيغة التي كانت تمارس منذ األزل منها الجزء القداسي والشعائري ومنها حتى المآتم لكن هل في إستطاعتنا أن نطبق ماوصلنا إليه من علم على مفهوم جديد للموت ؟؟ أعتقد لونستطيع أن نتخلص من مجموعة من العقد الكامنة فينا وفي الجينات التي إنحدرنا منها ..هذا شيء متعذرألننا النستطيع تغيير جيناتنا لكن لدينا حيلة يمكن القيام بها هي أننا كيف نشتهي أن يكون موتنا … طبعا أنا شخصيا أشتهي أن أموت في كامل الصالحية !! ألنني أكره أن أكون عبئا على اآلخرين هذه من جهة ومن جهة أخرى في كثير من األحايين أعتقد أن البكاء على الميت ولوكان من أقرب المقربين فهومجرد ملق والدليل على ذلك أنه حين يموت أعزاألحباب ومباشرة بعد أيام قليلة يتحول الميت إلى (وجبة) عشاء (يضحك) أو(غذاء) وأتساءل هل باإلمكان خلق طقوس شعائرية ودينية تبين للناس أن الميت قد ترك شيئا يذكروهذا أمرنعاني منه جميعا في هذا البلد السعيد وخاصة نحن الذين نشتغل بالمعرفة والثقافة ..إلخ وإذن هذا النص الذي أكتب يسيرفي هذا السياق. س :دكتور حممد السرغيين أالترى أن هذا النص قد يتماهى مع السرية الذاتية باعتبارها يف التقليد اإلبداعي توقيعا وجتميعا لتجربة حياة بعد طول عمر؟؟
Page 4
ج :أنا أعتقد تمام اإلعتقاد أن اإلنسان الذي يكون عليه وجوب كتابة السيرة الذاتية عليه أن يطرح سؤاال على نفسه :ماذا أنجزت ؟ بالطبع هي مسألة اليفرمنها أي إنسان وحتى لو لم ينجزشيئا ذا قيمة فإنه دائم الوهم على أنه حقق في حياته منجزا ثقافيا مهما … هناك حالة واحدة يكون فيها اإلنسان لديه رسالة وخاصة إذا كانت رسالة ذهنية دأب على تطويرها في حياته شيئا فشيئا إلى أن وصل بها إلى عنفوان التفكيروبلغت مرحلة ) (la saturationالتشبع فبدل أن يقول عشت ومشيت وصادقت فالن وأحببت فالنة كل هذا الجدوى منه بل عليه أن يتحدث عن الحركة التي صنعها منذ والدتها إلى النشأة والتطور وهكذا سيكون بالفعل قد قدم عمالهاما أما كتابة السيرة الذاتية وخصوصا عند الروائيين فهي التخرج عن تداعيات الضميرالمتكلم… س :هل ميكن أن نعرف عنوان عملك القادم الذي حدثتنا عنه والذي جعلت تيمة املوت موضوعه احملوري ؟ ج :العنوان سيكون (يفكرقليال) هو ( :من العالم اآلخر) فأنا أتصورالموت كأن اإلنسان إنتقل من دارحمراء إلى داربيضاء. س :دكتورحممد السرغيين تطلع علينا األخباريوميا عن أحداث سياسية عربية من احمليط إىل اخلليج بني إحتجاجات هنا وثورات هناك وقتل للمتظاهرين برصاص احلاكمني يف ليبيا ومصروسوريا واليمن من خالل جتربتكم الثقافية الطويلة ومواكبتكم للتاريخ السياسي العربي على مدى نصف قرن تقريبا من سنوات اإلستعمارإىل اآلن وكذا إقامتكم يف العراق أواخراخلمسينات وبداية الستينات ،كيف تنظرإىل ماجيري اآلن على طول اخلارطة العربية ؟ ج :هناك تصورواحد وليس إثنين هوأن الثورات الحالية صنعها الشباب وأستغلها الكبار .ففي مصرالشباب هم من قادوا الثورة واستشهدوا من أجل إسقاط النظام كما هو الشأن في تونس وليبيا ..إلخ أما في المغرب فلدينا حركة 02فبرايروهي حركة أطلقها شباب يافعون رفعوا شعارإسقاط اإلستبداد ، لكن المشكل هو أن تيارات أخرى ركبت عليها واليوم هذه التيارات هي من تتحدث عن الحراك السياسي المغربي. س :دكتوراليوم نتحدث عن تواري وخفوت صوت املثقف الذي عرف يف تاريخ الفكرالعربي أنه هومن يضطلع بالدورالريادي يف قيادة اإلصالحات بل والثورات يف رأيك دكتور مالسبب يف صمت املثقف العربي اليوم باستثناء حاالت معزولة (أدونيس) مثال ؟ ج :هذه قضية لي فيها وجهة نظر… عندما نتحدث عن المثقف فهناك أعداد التحصى من أنماط المثقفين فليس هناك على وجه األرض كائن بوجوه متعددة أكثرمن المثقف … فاألروبيون حاولوا خلق مصطلحات عن المثقف العضوي والمثقف الثوري ..الخ في الحقيقة أن الثورة تقوم وعندما تستوي يتنازع حولها الذين أطلقوها ونفس الشيء يحدث اآلن وهذه ظاهرة المحيد عنها ،غيرأنها تعتبرخطوة Page 5
تليها خطوات أخرى لكن عندما تقع الفوضى فالناس يصبح لديهم هم واحد هو القضاء على الفوضى وبالتالي يصيرالتفكيرالسائد هوكيف نستأصل هذه الفوضى الحالية… س :دكتورعدوى هذا احلراك العربي إنتقلت إىل الواليات املتحدة األمريكية وأوروبا ومت إحتالل شارع وول سرتيت وغريها من الساحات الشهرية على غرارماحدث يف ميدان التحريربالقاهرة والساحة اخلضراء يف ليبيا هل هي عالمات تراجع الرأمسالية العاملية ؟؟ ج :أتذكرأنه أيام اإلتحاد السوفياتي كان هناك شخص ثري وبمقدوره أن يشتري روسيا كلها بالرغم من النظام الشيوعي القائم وقتئذ … الأعتقد أنه بوادرإنهيارالنظام الرأسمالي ثم لنتساءل هل اإلنسانية قادرة على إختيارنموذج إقتصادي اليقوم على ركيزتي المال والذهب ؟ الأعتقد ذلك إطالقا. إنتهى إشارة :أجري الحواريوم األحد 8أكتوبر 0222بأحدى المقاهي بمدينة فاس بشكل عفوي وغيرمرتب من قبل. نبذة عن الشاعر ازداد الشاعرمحمد السرغيني بمدينة فاس سنة ، 2392درس بجامع القرويين ،ثم التحق بكلية اآلداب ببغداد سنة ، 2393ثم عاد إلى المغرب وانتسب إلى كلية اآلداب بالرباط ،قبل أن يسافر إلى باريس ويلتحق بجامعة السوربون ..في سنة 2399حصل على شهادة األدب المقارن .في سنة 2392حصل على شهادة دكتوراه السلك الثالث .في سنة 2389حصل على شهادة دكتوراه الدولة .عمل أستاذا بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بفاس ..يعد محمد السرغيني أحد رواد القصيدة العربية المعاصرة بالمغرب ، إلى جانب الشاعرين المرحومين :أحمد المجاطي ومحمد الخمار الكنوني ..محمد السرغيني شاعر دائم التجريب ،شعرية الخطاب عنده ال حدود لها ،إنه شاعر متجدد باستمرار ،وربما – في اعتقادي – أدى به البحث المستمر عن أساليب جديدة في القول الشعري إلى اإلغراق في الغموض غير المستحب .. ومهما كان ،يبقى الدكتور محمد السرغيني أستاذ أجيال ،ورائدا من رواد الشعر المغربي المعاصر ، أمد اهلل في عمره .من إصداراته الشعرية :ويكون إحراق أسمائه اآلتية ،،الدار البيضاء *2389 بحار جبل قاف ،،الدار البيضاء 2332 *الكائن السبائي ،،مكناس 2330 *من فعل هذا بجماجمكم ،،فاس 2331 وله أيضا إسهامات نوعية في النقد والترجمة والرواية..
Page 6
حوارمع رائد الشعراملغربي املعاصروشيخ الشعراء الدكتورحممد السرغيين حاوره :عبده حقي
خاص مبحورجملة الثقافة املغربية حول (الشعراملغربي املعاصر) تقديم : حين عزمنا على إجراء حوارفي موضوع الشعرالمغربي المعاصر ،خاص بمجلة الثقافة المغربية ، النخفي أنه قد إنتابنا قلق بصعوبة هذه المهمة التوثيقية التاريخية العظيمة ...من أين سنبدأ رحلتنا زمنيا وفي أية محطة سنتوقف إذا كنا مجبرين على التوقف ونحن قد حققنا غايتنا بالعبورعلى كل الجسور واإلنقالبات البنيوية والجمالية التي طالت جسد القصيدة المغربية منذ القديم .وكان علينا أن نعود حتما إلى النبع الريان ،العميق والشاسع ...ولم يكن هذا النبع سوى أحد رواد الشعر المغربي المعاصرالدكتورمحمد السرغيني الذي راكم تجربة ناهزت الستون سنة خبرفيها عباب كل البحور الشعرية من العمودي التقليدي إلى الهايكوالوميض أخيرا ،خبرها بالطول والعرض كتابة وتحليال وتدريسا وبناءا وهدما وجيليا وجماليا ...وبالرغم من عودتنا هاته إلى هذا المصدرالموثوق به شعريا فإننا لن ندعي أن حوارنا قد أحاطا بكل ذخائرونفائس هذه التجربة الشعرية المغربية المتفردة بحيث لإلجابة على كل األسئلة يلزمنا كم من جلسة وحوارمع الدكتورمحمد السرغيني... قد الأغامربالقول أن شيخ الشعراء المغاربة هواليوم أب القصيدة المغربية الحديثة وهوأكثرمن هذا شيخها األوحد والواحد المتبقى اآلن في المغرب أمد اهلل في عمره: س :عندما نتحدث عن الشعر املغربي املعاصر كيف حندد هذا الشعر زمنيا؟ ج:القضية في نظري شخصيا إذا كنا نعتبر (ال) الموجودة في الشعر تغرق جميع أنواع الشعرفالشعر كان موجودا قبل هذا الوقت ،لكن إذا كانت (ال) تعود على الحركات التحليلية في الشعر المغربي انطالقا من أوائل الخمسينات إلى ما بعد فهذا أمرآخر بحيث يمكن أن نتحدث عن فالن وفالن .. Page 1
باعتبارهم شاركوا في إيجاد هذا االنقالب .لقد كان الناس يكتبون القصيدة العمودية وال يكتبون القصيدة العمودية بشكل فيه التجييل ولكن كانوا يكتبون القصيدة العمودية في إطارها القديم ككل على جميع المستويات اللغوية والتعبيرية ..الخ لكن بعد ذلك أخذ نوع من االنفراج يقع ونتيجة لهذا االنفراج تنبه الناس إلى أنه في اإلمكان أن يكتب اإلنسان قصيدة مغايرة ،هذه العوامل التي دعت إلى االنقالب هي ما وقع في الشرق من تغير ،ثانيا المغاربة كانوا سباقين إلى قراءة الشعر باللغتين الفرنسية واإلسبانية وتنبهوا إلى نقل الكتابة الشعرية ومع ذلك حافظوا على األطراألساسية في القصيدة والتي منها وحدة البيت وانقسام البيت إلى صدر وعجز والعروض والقافية وشيئا فشيئا بدأنا نتخلص من هذه األشياء .يبدو لي أن سبب تخلصنا من هذه األشياء أننا كنا نقرأ الشعر المهجري في بداية الخمسينات وكان هذا هوالشائع وتمخض عن الشعر المهجري ثورة في مصر أعطتنا جماعة أبولو .إن هذه التمخضات جعلتنا نبحث عن طريق لكتابة الشعر ،لقد كنا نكتب الشعر الوجداني بالمعنى العام سواء كان ذاتيا أوجماعيا. بعد ذلك أخذنا نكتب شعرا ال عالقة له باللحظة المعيشة الحالية ..اللحظة المعيشة في ذلك الوقت كانت تعني االنخراط العضوي في السياسة بما كانت ثورات سياسية انقالبات جعلتنا نزداد اتصاال بالشعر الغربي وخاصة الشعرالذي يناصر اإلنسان ككل. س:هناك العديد من األمناط الشعرية اليت تشكلت وتطورت يف مسار الشعر املغربي املعاصر منها العمودي التفعيلي واحلروالعقودي والنثري وأخريا اهلايكو ،ما هوالنمط الذي شكل نتوءا بارزا يف هذه الظاهرة.؟ ج:إنها ظاهرة نتجت عن تحول انتقلنا إليه ،لكن هذه الظاهرة لم تعش طويال إذ سرعان ما قطعنا الصلة مع العروض والقافية وانتقلنا إلى التفعيلي واآلن قطعنا الصلة مع التفعيلي إلى ما يسمونه قصيدة النثر معنى ذلك أن اإلمكانيات المعاصرة التي نعيشها جعلتنا ال نقيم مدة طويلة فيما وصلنا إليه وانتقلنا بهذه السرعة وآخر ما وصلنا إليه في اللحظة الراهنة هو نمط الهايكو الياباني س:هل يعين هذا أن الشعر املغربي املعاصرقد فك إرتباطه باملرجعية املشرقية؟ ج:اآلن استبدل الشعرالمرجعية الشرقية بالمرجعية الغربية بنسبة عالية إننا ونقرأ للشعرالذي ينتجه الغرب مباشرة وخاصة منه الشعرالفرنسي اإلسباني واإلنجليزي والروسي هذه القراءة تجعلنا نقع في مشكلة .ما هي هذه المشكلة؟ نحن نقرأ شعرا هو نتيجة لحضارة معينة يعيشها الناس حرفيا ونحن نقلدهم ولم نصل بعد إلى ما وصلوا إليه هذا هو ما يمكن أن يعاب على هذه الفترة التي نعيشها نحن . ولسنا فقط في هذه المشكلة فهناك اللبنانيون والمصريون خصوصا من جيل الشباب. س :الكثري من النقاد يؤكدون على أن مرحلة التأسيس يف الشعر املغربي املعاصر هي مرحلة الستينات فيما يرى آخرون أن مرحلة السبعينات هي األجدر بهذه التسمية وهنا رمبا نعود إىل ذلك اجلدال الساخن الذي داريف السبعينات والذي فجره شعراء شباب وقتئذ مثل حممد بنيس.؟ Page 2
ج:هذا الجدال التافه أثاره متأخرون وتضررمنه متقدمون ..قبل الستينات كان ينشرمحمد الصباغ قصائده في مجلة األنيس في نهاية األربعينات وطيلة الخمسينات ..فال يمكن أن ننسى الخطوات التي قام بها هؤالء الرواد ..قضية الريادة هي قضية مصطنعة صنعها النقد فقط وهي ال تقدم وال تؤخر في دراستنا للشعر على اإلطالق بدل أن نقول فالن سبق فالن نقول إن فالن سبق فالن في فتح الطريق أمام تيار شعري ولكننا ال نقول ما يقوم عليه هذا التيار. س :أال ميكن إعتبارأن الثالث أمساء اليت برزت يف مطلع الستينات مثل الدكتور حممد السرغيين وحممد اخلمار الكنوني وأمحد اجملاطي هم من أسسوا لظاهرة شعرية متفردة بامتياز بصمت الشعراملعاصر؟ ج:يمكن ولكن هذا التشكل لم ينتج عنه أي شيء ،بل يمكن أن يقال ذلك باعتبارأن هؤالء األشخاص الذين ذكرت أسماءهم بعضهم قد دراسوا في الشرق العربي وعايشوا االنتفاضات والثورات التي وقعت في الشرق التي انتهت بانتصارالقوميين مثل جمال عبدالناصروحزب البعث بصفة عامة ،هؤالء الشعراء رجعوا إلى المغرب بهذه الرؤى وحتى في الشرق التغييرالذي حدث في قصيدة التفعيلة خاصة مع السياب كان واقعا في هذا النطاق ومنهم أيضا البياتي ...هؤالء الشعراء المغاربة الثالث الذين ذكرت عادوا إلى المغرب بهذه الحمولة الشرقية التي تلقوها ولكنهم كانوا شاعرين بوجوب جعل ما يكتبون شعرا مغربيا صرفا.ولذلك التمسوا الكتابة في بعض األشياء ذات النكهة المغربية. س :تعود مرة أخرى إىل مقولة الريادة فالتأسيس فقد أثارجدال ونقاشا حادين حول أحقية هذه التمسية على اعتبار أن جيل السبعينات الذي حسب زع بعضهم أنهم هم من شكلوا االنطالقة احلقيقية هلوية شعرية معاصرة باملغرب هل هذا صحيح؟ ج :ليس صحيحا على اإلطالق كل ما يمكن أن يقال أن جيل السبعينات أراد أن يبحث لنفسه عن موقع في هذه الخطوة فادعى ذلك لكن مقارنة بسيطة بين شعر الستينات والسبعينات يخرج اإلنسان منها بهذه القضية :إن جيل الستينات كانوا على بينة دقيقة من الكتابة الشعرية ومعنى ذلك أن ميراثهم الشعري كان حاضرا وبارزا ومعنى ذلك أيضا أن مخلفاتهم بنوها بطريقتهم الخاصة أما هؤالء السبعينيون فلم يبنوا طريقتهم على ما حصل عليه الستينيون بل خيل اليهم أنهم قاموا بعمل جبار ولذلك كثيرا منهم ابتعد عن النطاق اليساري واخذوا يسبحون في األطرالعامة كما لو كانوا شعراء ينتمون إلى حضارة خاصة. س :رايكم يف ظاهرة التحقيب والتجييل يف الشعراملغربي املعاصرنقول مثال جيل الستينات جيل السبعينات والثمانينات ..إخل أو جيل النكبة جيل الواقعية اإلشرتاكية ...اخل. ج :كل تحقيب وتجييل هونوع من االفتئاس ،لماذا؟ ألن الجيل الحاضر يريد أن يبحث لنفسه عن ما يميزه عن الجيل السابق ثم إن النقد الذي يواكب الجيلين هو من يستطيع أن يظهرخصوصيبة التيارالفالني عن التيارالفالني وهذا شيء لم يقع لحد اآلن..فالتجييالت والتحقيبات ال يمكن أن تخدم إال Page 3
إنسانا يضع مؤلفا كبيرا للحديث عن شعرامة معينة وتقسيم مراحل إال شريطة أن يذكر كل حقبة بما تمتاز به في طريقتها عن الحقتها. س :على كل حال التحقيب جيب أن يكون حتقيبا ظاهراتيا وتياراتيا وليس زمنيا فيزييا أي عشريا ...
ج :سواء أكان ظاهراتيا وعشريا هي خدمة نقدية ال يرجى منه شيء... س :واكبت دكتورحممد السرغيين عن قرب النهضة الشعرية يف املشرق خصوصا يف العراق إىل أي حد اسهمت هذه التجربة يف تشكل القصيدة عند حممد السرغيين وبالتالي يف األجيال الالحقة من الشعراء الشباب .؟ ج :لقد عشت في العراق بين 2591و 2595وتلك الفترة كانت ثورة شعرية في العراق بالنسبة لجيلنا من المغاربة وكنت اتصل بالكثيرممن يمثلونها هناك اال السياب لم استطع أن اتصل به. س :ما هي األمساء اليت كنت تتصل بها؟ ج :عبدالوهاب البياتي وحسين مردان ولميعة عياش عمارة في ذلك الوقت اكتشفت أن ما عشناه في المغرب من معركة بين جيل المؤسسين والجيل الذي تاله كانت أيضا موجودة في العراق فكل واحد منهم كان يعتقد انه هو من اسس للظاهرة لكن من الوجهة الموضوعية الخالصة لم يكن هناك شاعرأجود من السياب الن السياب في نظري كان من أكثر العراقيين األكثراتصاال بالفكراليساري الغربي ألنه كان يقرأ مباشرة باالنجليزية وهذا قد شهد به الناقد العراقي الفلسيطيني األصل جبرا إبراهيم جبرا ..كان يكثرقراءة الشاعرة االنجليزية إديث سيتويل لها في قصيدتها الشهيرة ) (The rainيعني المطروعنها كتب السياب قصيدته (مطر..مطر..مطر) تحس بأنها قصيدة عراقية وأيضا عندما تقرا قصيدة (الموسس العمياء) تحس بالنكهة العراقية باإلضافة إلى الموضوع اإلنساني التي تشتمل عليه ومهما يكن من أمرفأنا قبل أن أسافرإلى العراق من أجل إستكمال دراساتي العليا كنت تحت تأثيرالشعرالمهجري ألنني كنت أكتشف من ورائه أنه يخدم اإلنسان ولكن فيما بعد لما اكتشفت أن اغلب شعراء المهجر كانوا مسيحيين ومتدينين فهم كانوا يضعون الصورة لإلنسان هي صورة مسيحية فاهلل خلق العالم على صورته أي خلق اإلنسان فاكتشفت على أنني كنت أسير في نفس السياق وهذا كان خطا كان يجب أن أتحول عن هذا أي عن طريق اليساروخاصة خالل إقامتي في باريس اكتشفت انه يجب اإلشادة باإلنسان عن طريق اإلنسان ومن هنا أخذت األمور تأخذ بعد آخر وهذا البعد ال يزال مستمرا إلى اآلن. س :دكتورحممد السرغيين بكل صراحة هل ميكن أن نعتربأن ظاهرة الشعراملغربي املعاصرقد انتهت اليوم؟ ج :ال يستطيع اإلنسان أن يقول عن ظاهرة الشعر أنها انتهت أوأن يبحث بشكل دقيق اركيولوجي عن وقت بدايتها ..ال إطالقا كل ما يمكن أن يقال أن تيارا شعريا يظهر ثم ينتشرويجد كثيرا من الناس يقبلونه كمنتجين وكقراء وبعد أن يعيش مدة من الزمن يخفت ويقل ويكون ذلك داللة على أن الشعراء Page 4
اكتشفوا أنهم استقطبوا ما في هذه التجربة وهم بصدد البحث عن تجارب أخرى إنا افضل عن ذلك أن ينتقل اإلنسان الشاعر من تجربة إلى تجربة أخرى وليس هذا االنتقال ميكانيكيا أو مدعاة إلى تقليد شيء من األشياء ولكنه شعورمن الشخص بان ما يجود فيه اآلن قد أعطى مهمته وانتهى عليه إذن إن ينقب ويفتح طرقا أخرى. س :بعد هذه التجربة الشعرية الطويلة اليت ناهزت نصف قرن أو أكثرقليال ما هي حصيلة "الشاعر حممد السرغيين اآلن؟ ج :أنا اعتبر الحصيلة جيدة. س :هل تتحدث هنا عن جتربتك الشخصية أم التجربة الشعرية بصفة عامة؟ ج :إنني أتحدث عن الحصيلة كلها إنها جيدة من حيث الكم قبل هؤالء الشعراء اآلن كنت تفتح عينيك على طول الخارطة المغربية وكنت ال تجد الشعراء إال في المدن الرئيسية أما اآلن فآنت تحتار بحيث هم موجودون حتى في القرى ويكتبون الشعر الجيد الشيء الذي يدعو إلى القول بان انتشار الشعرغيرمحدود...وباللغتين العربية والفرنسية فقد راقني احد الشعراء من ضواحي فاس يكتبون بشكل جيد ،إذن من حيث الكم هناك الفائدة وبالتالي فالكم سينتهي في النهاية بإعطاء الكيف. س :كلمة أخرية عن هذا احملوراخلاص بالشعراملغربي املعاصرواليت ستعترب شهادة تارخيية من احد رواد الشعر يف املغرب والعامل العربي. ج:يجب الشعراء الذين تحملوا مسؤولية الكتابة الشعرية أن يتخلصوا من بعض الصبيانيات ..ما هي هذه الصبيانيات؟ الجري وراء الشهرة بالحق أو بالباطل والجري وراء الحصول على الجوائز والجري وراء التقليد األعمى لألشياء الجديدة في الغرب دون التعمق فيها...أنا لست ضد أن يكتب اإلنسان قصيدة على شكل الهايكو ولكن أن يكتبها وهو مغربي صرف. س :هل ما زال للقصيدة املغربية هوية؟ ج:الهوية التي يقال إنهما توجد في القصيدة إنها هوية مصطنعة ..إنها حربائية فهي عند الشاعر فالن تعني شيء وعند شاعر ثاني تعني شيئا آخر فالقصيدة تتحكم فيها الظروف الحالية التي نعيشها وهي ظروف اجتماعية وسياسية واديولوجية فالقصيدة ال يمكن أن تكون قصيدة إال إذا عبرت عن جميع مظاهر الحياة اإلنسانية لكن أنا ضد تعمد إدخال هذه األشياء في الشعر.
Page 5
حوارمع عميد السينما املغربية املخرج عبداهلل املصباحي أجنزاحلوار :عبده حقي
خاص تقديم في أول حوارله مع مجلة إلكترونية مغربية وعربية يأبى عميد المخرجين السينمائيين المغاربة عبداهلل المصباحي إال أن يفجرالعديد من الحقائق ويرفع الستارعن الكثيرمن خبايا وأسرارالفن السابع بالمغرب والعالم العربي في تفاصيل مثيرة وجرأة نادرة جدا حول مساره السينمائي الذي يمتد على مدى نصف قرن من الزمن وحول كواليس واقع السينما المغربية بما لها وما عليها من إنجازات منفلتة وكذلك من إخفاقات وتعثرات تعددت أسبابها المباشرة والغيرالمباشرة ... فهل كل ما جاء في هذا الحوار(اإلحتجاجي والصدامي) كاف لتشخيص مكامن الداء في الصناعة السينمائية المغربية التي مازالت تحبو وتتلمس طريقها للمصالحة مع المتلقي المغربي والتي مازالت أيضا تخوض معاركها لتشق طريقها نحو العالمية أم أن كل هذه التفاصيل ليست إآل الشجرة التي تخفي الغابة عند البعض أوالزوبعة في فنجان عند الرأي ونظرالبعض اآلخر؟ نتمنى أن يكون هذا الحواربداية لفتح نقاش مكاشفة جدي وهادف بين كل الفاعلين في الحقل السينمائي المغربي ،كما نعلن أن مجلتنا اإللكترونية المستقلة تفتح صفحاتها لتعدد اآلراء ووجهات النظرعلى إختالف توجهاتها الفنية والفكرية لكل من أرد أن يدلي برأيه في هذا الموضوع أوالتعقيب على هذا الحوار. إزداد المخرج المغربي عبد اهلل المصباحي في مارس 6391وهوحاصل على اإلجازة في العلوم االقتصادية من جامعة فريبورغ (سويسرا) وماستر الدراسات العليا السينمائية من المدرسة العليا للسينما بباريس وإجازة في األدب تخصص تاريخ الشعوب من جامعة السوربون بفرنسا . إشتغل مديرا عاما لمركزالتلفزيون واالتصال الدولي وخبيرا في التنمية التضامنية المستدامة وإهتم بالميدان السينمائي منذ 6311إلى اليوم .كتب السيناريو وأخرج العديد من األفالم الروائية الطويلة منها " :الصمت في االتجاه الممنوع " " 6391غدا لن تتبدل األرض " " 6391إخواني األعزاء " 6391 Page 1
" الضوء األخضر" " 6391أين تخبئون الشمس؟ ( 6391تابع باقي سيرة المخرج عبداهلل المصباحي السينمائية في خاتمة الحوار). وتجدراإلشارة فقط إلى إن هذا الحوارقد تم إنجازه على مراحل قبل شهرين وجاء متزامنا مع العدوان اإلسرائيلي على غزة . س :األستاذ عبداهلل املصباحي الكثريمن جيل الشباب من املمثلني واملخرجني يف حاجة ماسة إىل اإلستئناس بتجارب الرواد من أمثالكم بداية كيف إخنرطتم أواخراخلمسينات يف طريق الفن السينمائي ،يف هذا اإلختيارالصعب يف زمن كان املغرب يفتقرإىل بنية حتتية وثقافة إجتماعية فنية متفتحة على فن حداثي وجريء بامتياز؟ ج :شكرا لكم بداية على إنجاز هذا الحوار ،نحن السينمائيون األوائل المؤسسون للسينما المغربية جئنا إليها متخرجين من معاهد سينمائية بالخارج لذلك لم نجد صعوبة للتغلب على البنية الفنية المنغلقة التي تتحدث عنها وعملنا أفالما منفتحة حداثية بامتياز ولم تغلبنا ال رقابة وال قلة إمكانيات ألننا كنا نعتمد على ثقافتنا السينمائية الجادة التي كانت هي مطلبنا الوحيد في السينما التي كنا نقوم بتأسيسها في ذلك الوقت بأقل اإلمكانيات عمال بالمثل المغربي " الحادقه يمكن ليها تغزل برجل حمار بدال من المغزل الرقيق " . لم نكن مثل اليوم نتوصل بهذا الدعم للسينما المغربية الذي ال يستفيد منه إال كل من هب ودب وال كل من العالقة له بالسينما ...أفالم بداية السينما المغربية كانت أفضل بكثير بال دعم والسينما المغربية اليوم بصراحة اليسيرها إال جهلة ومنتجين ومخرجين ال يفقهون شيئا في السينما والنتيجة هؤالء يغتنون والسينما المغربية لم تحقق فاعلية تواجدها كما يجب أن تكون وأصبحت هو مجرد قضية .واآلن كل ما حققته هو نقل فوضى االنتاج السينمائي ومصدرارتزاق لطوابيرمن المنتجين والمخرجين المرتزقة المتطفلين على المهنة (من المغاربة القاطنين أوالمهاجرين المولودين في الخارج) بغض النظرعما تغص به سيناريوهات أفالم مرتجلة والتي ال عالقة لها بأي سيناريست حقيقي بها مايكون عشرات المشاريع الغثة بمئات األفالم السخيفة التي تضيف إلى مجتمعنا المزيد من العقد عبر عروض رخيصة يحرص منتجوها ومروجها على عملية الكسب .وكانت منظمة "اليونسكو" قد بدأت تحقق في موضوع خروقات لحقوق اإلنسان في ميدان السينما والتليفزيون ووجهت رسائل للمعنيين باألمر في عهد نبيل بنعبد اهلل في وزارة االتصال و فيصل العرايشي الذي حول اإلذاعة والتلفزة إلى شركة خاصة وال يزال فيها مند أعوام .وال تزال منظمة اليونسكو تنتظرالرد " هل هناك خروقات لحقوق اإلنسان في السينما واإلذاعة والتليفزيون في المغرب .وال أحد يرد على هذ السؤال. س :طيب لننطلق يف حوارنا هذا مما حيدث حاليا من دماروتقتيل للشعب الفلسطيين يف غزة .لقد قمتم بإخراج الثالثية الشهرية "القدس باب املغاربة " و"مغربيات يف القدس " و"حمرقة غزة " املأساة الغزاوية تتكرراليوم ومل تنته بعد ،إىل أي حد إستطاعت هذه الثالثية أن تتوفق يف نقل معاناة شعبنا العربي يف فلسطني املغتصبة وماهي أصداؤها ثم هل تفكرون يف جزء رابع ؟ Page 2
ج :الفيلم األول من الثالثية "القدس باب المغاربة "أحضر اآلن عرضه في القاعات السينمائية واألصداء عنه جيدة في المغرب والعالم العربي وقد كرمت عن هذا الفيلم ونلت عنه الجائزة الكبرى في الملتقى الدولي لتحرير األسرى الفلسطينيين ووسام من وزارة تحرير األسرى وكرمت ونلت شهادة اعتراف وتقدير من السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة تحرير فلسطين .والتكريمات والجوائز الجديدة األخرى التي حضيت بها ومنها تنويه من جامعة الدول العربية وهذا نص رسالته ( :السيد عبد اهلل المصباحي منتج ومخرج فيلم القدس باب المغاربة أود أن أتقدم لكم بخالص الشكر والتقدير على دوركم في انتاج وإخراج هذا الفيلم الذي يعتبر نموذج متميز في التعبير السينمائي عن واقع القضايا العربية وإن األمانة العامة للجامعة العربية تقدر لكم دوركم المتميز وجهودكم الملموسة في االرتقاء بفن السينما على المستوى العربي الشامل .وأتمنى لكم المزيد من النجاح في هذا الشأن .شاكرين مقدرين لكم حسن تعاونكم .وتفضلوا بقبول وافر االحترام الدكتور نبيل العربي األمين العام لجامعة الدول العربية ).إنتهى نص الرسالة. وكرمت في مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف عن فيلمي "القدس باب المغاربة" ومعه مجموع أفالمي .كما كرمت في مهرجان طنجة للفيلم الوطني عن نفس الفيلم وكرمتني وزارة الثقافة بجمهورية مصروأقيم في دار األوبرا بالقاهرة أسبوع للسينما المغربية خاص بأفالمي .و كرمت في حفل بمنزل سفير جمهورية مصر بالرباط إستدعي له السفراء األجانب المعتمدين بالمغرب .وتم تكريمي بالمؤثمر العربي للتعايش بين الديانات الذي عقد بالقاهرة وكرمت عن فيلمي "القدس باب المغاربة" ونلت جائزة الموتمر العربي الكبرى عن فيلمي "أين تخبئون الشمس؟ " عن التعايش بين الديانات .وحظيت أيضا بتكريم له بالنسبة لي قيمة خاصة حيث كرمتني أعظم معلمة دينية فى المغرب (مسجد الحسن الثاني) وهى أول مرة يحدث فيها هذا التكريم فى العالم اإلسالمى أن يكرم مبدع سينمائي فى مسجد حيث قامت مؤسسة مسجد الحسن الثانى بالدار البيضاء بتكريمي عن فيلمي "القدس باب المغاربة" واالحتفاء بي بمناسبة مرور خمسين سنة طبعتها نضاليتي المتميزة فى خدمة السينما المغربية والعربية وباعتباري أحد األبناء البررة لمدينة الدارالبيضاء التى تحتاج فى كل وقت وحين إلى استذكار المقومات الثقافية والفكرية والفنية ألبنائها. س :هل ميكن أن نتحدث بهذا الصدد عن سينما تهتم بالتأريخ أم بسينما تهتم بلعب الدورالسياسي والديبلوماسي على غرار أفالم أخرى تتمحورحول أفغانستان مثال ؟ ج :هذا الموضوع اشتغلت عليه سنتين في دبلوماسية الثقافة والسينما لما كان السيد سعد الدين العثماني في وزارة الخارجية وتعاون معي في هذا مسؤولون في قسم الثقافة ومديرة قسم الثقافة والعلوم السيدة لمياء الراضي ورئيسة القسم الثقافي السيدة سلوى بشري وفيها كان االتصال بوزارة الخارجية التركية بواسطة سفيرالمغرب بأنقرا من أجل عرض فيلمي السياسي التاريخ القديم والحديث "القدس باب المغاربة" في أنقرا وإسطنبول للترويج في تركيا لدورالمغرب في القضية الفلسطينية تاريخيا وكان العرض سيكون في سنة 4161إال أنه تأجل إلى 4161بسبب مشكل دبلجة الفيلم إلى التركية .وقد Page 3
تحملت تركيا نفقات الدبلجة ومصاريف العروض والتنقل وإقامة الوفد المغربي المصاحب للفيلم وبعض الممثلين المغاربة في الفيلم وأنا طبعا مخرجه . وهذه السنة أقوم بالتعاون مع وزارة التعليم العالي على مشروع كبيرمبتكر جديد وهو قريب في هدفه مما جاء في مداخلة السيد الوزير لحسن الداودي في الندوة الدولية التي انعقدت بالرباط حول موضوع دورالمؤسسات التربوية والثقافية في تعزيز "منظومة القيم" الذي دعا فيه الوزيرإلى " :إدراج مواد أدبية في مناهج التعليم العلمي للمعلمين من أجل هذا الهدف " وسيكون مشروعنا بتعاون مع الجامعات المغربية ودول عربية وأوروبية و سميناه " السينما المغربية في جامعاتنا من أجل تاريخنا وحاضرنا" سينطلق هذا الموسم في آخر اكتوبر 4161 س :يعتربالسيناريست واملخرج عبداهلل املصباحي ذاكرة غنية وزاخرة للسينما والتلفزة واملسرح يف املغرب ويصعب على كل مهتم بهذه اجملاالت أن يفهم لغزاإلقصاء والتهميش الذي طال شخصكم ،فما سر كل هذا اجلحود ،ثم بكل صراحة أال يكون هذا احليف والغنب هو سبب إستقراركم وعائلتكم بالقاهرة بشكل دائم ؟ ج :التجربة علمتني أننا أصبحنا في مرحلة غريبة تتميزبأن البعض يكره نجاح اآلخرين ويحسدونك ويحاولون تحطيمك بجميع األساليب الدنيئة ،ألن الساحة السينمائية وقعت في حبائل "الددائية" وهي سياسة صهيونية لتحطيم ثقافة اآلخرين بقلب كل الموازين في مفاهيمها لتفرع من قيمتها التي تعلو بها الي الرقي واالزدهار وتصبح أي شيء حتى يمكن للجهالء أن يعبثوا بها لتصير ثقافة وفنا بال أصول واليحتاج للدراسة والتحصيل الثقافي والفني وهذا يسري في جميع الميادين ،الموسيقى ،الشعر ، والسينما خصوصا وسبب هذه المحاربة الشرسة لي كان واليزل يتضح للعيان بوضوح ،إنها حرب الجهلة ضد المثقفين وال يسقط في هذا الفخ سوى الفاشلين والضعفاء وإنما المثقفين الناجحين واألقوياء بثقافتهم فهم الذين يكسبون المعركة ،وهناك أيضا في هذه اللعبة المرتشون واإلنتهازيون يسعون من أجل نصيب مما يعتبرونه "الكعكة" في أي مشروع ناجح ويريدون أخذ ما يعتبرونه نصيبهم فيه كرشاوي والكعكة هي 41مليون دوالر مول بها رجال أعمال سعوديين فيلمي "أفغانستان لماذا؟" وأنا لم أرشيهم بمليم واحد وقاموا بحجز الفيلم في المركز السينمائي المغربي لصالح الممولين السعوديين بدون أي قانون متجاهلين شروط العقد الذي بيني وبينهم . واليوم والحمد هلل في عهد الملك محمد السادس عدت من هجرة طويلة الى مصر والعالم العربي إلى بلدي الذي أصبح ينعم بالديموقراطية والعدل واسترجعت فيلمي "أفغانستان لماذا؟" وأحاول اآلن إنقاذ هذا العمل السينمائي المغربي العالمي الضخم الذي أنجزت وألول مرة في تاريخ السينما المغربية وكان سيكون أول فيلم عن "أفغانستان" في العالم والذي مرعلى حجزه في المركز السينمائي المغربي لصالح الممولين السعوديين بدون قانون 94سنة واليزال الفيلم رغم ما حدث من تعطيل وتأخيرفي كامل ضخامته تصويرا وإنجازا وكأنه صورالبارحة وكتبت له سيناريو جديد معدل لتحديث أحداثه وأضفت من أجل هذا جزءا جديدا عن الغرواألمريكي ألفغانستان عنوانه "غوانتنامو "وبقي الجزء األول القديم Page 4
كله فالش باك عن االحتالل السوفييتي مع الجزء الجديد عن االحتالل األمريكي ألفغانستان وسيكون الفيلم في نسخته الجديدة مفاجأة كبرى للجمهور المغربي في منتصف هذا الموسم السينمائي إن شاء اهلل. س :حتتفظ لكم الذاكرة السينمائية العربية بالفضل الكبرييف إجنازعدة أفالم إستعراضية وغنائية متألقة شارك فيها العديد من الفنانني من املغرب ومصر ولبنان مثل أفالم" الصمت يف إجتاه ممنوع " و"الضوء األخضر" و"أين ختبؤون الشمس ؟" ..إخل أالميكن إحياء هذه التجربة مع طاقات شبابية من املمثلني واملمثالت املغاربة اليوم خصوصا خرجيي معاهد التكوين ؟ ج :يمكن أن أخرج وأنتج أفالما غنائية أخرى خصوصا وأن تجاربي فيها كانت كلها ناجحة ، فالجمهور يحب األفالم الغنائية اإلستعراضية وعليها قامت السينما المصرية والهندية في بدايتهما ، فالغناء كان سبب نجاحهما والسينما المصرية عززها مطربين نجوم كبار مثل محمد عبد الوهاب ،فريد األطرش ،محمد فوزي ،اسمهان ،صباح ،فائزة أحمد وخلفهم مطربون ملئوا الفراغ الذي تركوه وعلى رأسهم عبد الحليم حافظ ،وردة ،نجاة الصغيرة وغيرهم . في بداية التلفزة المغربية كونت فريقا من التقنيين مع حميد بنشريف و حسن المفتي وكانت تجربة طورت األغنية في التلفزيون وأدخلت إليها روح الحداثة مبكرا وكنا أول من ابتكر أغاني "الكليب" في ستينات القرن الماضي قبل ظهوره عند الغربيين باستناء أمريكا. كانت برامج خاصة بالغناء أنتجها مع التلفزة المغربية أحيانا ونخرجها إخراجا مشتركا أنا وحميد بنشريف وحسن المفتي ،وكتبت كلمات االستعراضات واألغاني وأخرجت مع زمالء بالتناوب برنامجا مباشرا من برامجي الناجحة عنوانه "ألحان وألوان" كان يقدم كل أسبوع في التلفزة المغربية وكنت أكتب كلمات استعراضاته وأغانيه ويلحنه ملحنين كل أسبوع في مقدمتهم الطاهرجيمي أما المطربين فقد كانوا من الممثلين يتقدمهم الممثل محمد الخلفي ،وأمام نجاح هذا العمل توفقت أيضا في تأليف أول ملحمة غنائية مغربية كان عنوانها "حديث األجيال" أنتجتها مع التلفزة المغربية على عهد إدارة األستاذ عبد اهلل شقرون وكانت فيلما سينمائيا عن المقاومة المغربية من أجل الحرية إخراج مشترك أخرجته بمساعدة عبد الرحمن الخياط ،عبد اللطيف لحلو ،محمد البوعناني ،عبد اهلل الزروالي .وقام ببطولته :عبد الهادي بلخياظ وعدد من نجوم األغنية في ذلك الوقت كما كتبت القصة ،السيناريو ،وكلمات االستعراضات واألغاني وكان ملحنها االستاذ عبد العاطي أمنا .هذه األعمال كلها أتلفتها التلفزة المغربية من باب العداء لي والحسد والغيرة من نجاحي حيث صنعت شئ من ال شئ كما قلت سابقا ،وكانت لي تجربة ملحمة أخرى هي" الدرالبيضاء فجرا " ،ألفتها وكتبت كلمات استعراضاتها التي لحنتها نخبة من الملحنين الكبارمنهم :محمد العلوي ،إبراهيم العلمي ،حسن القدميري ،على أن أقدم هذه الملحمة في المسرح وأن تنتجها وزارة الداخلية ويتولى أمرإنتاجها المسرح البلدي بالدارالبيضاء ومديره عبد اللطيف الزيادي .وسارالعمل إلى االنتهاء لكنه تم توقيفه بأمر شقيق مديرالمسرح" Page 5
وكما يقول المثل العربي "ذهب الحماربأم عمر فال رجعت وال رجع الحمار" أقول هذا لكي ال أذهب بعيدا في الحديث ويطول شرحه. س :تقلدت العديد من املهام واملسؤوليات اجلسيمة "رئيسا لالحتاد السينمائي العربي بالقاهرة ( ،)6311-6391ومديرا عاما ملركز التعاون العربي الدولي بدبي (،) 6391 - 6391 و عضوا يف اللجنة الدائمة لإلعالم اإلسالمي برابطة العامل اإلسالمي مبكة ()6316وغريها ، كيف تنظرإىل كل هذه التجربة يف التدبرياإلداري وماهي أهم اإلكراهات اليت كانت تعرتض حتقيق براجمك وتصوراتك بشكل عام على املستوى العربي ؟ ج " :االتحاد السينمائي العربي" لم يكن جمعية وإنما مؤسسة مالية للخواص المستثمرين للعمل على النهوض بالسينما العربية " .مركز التعاون العربي الدولي " أسسه رجال أعمال من دبي وأنا أحد مؤسسيه ومستثمرين خليجيين للتعاون مع البالد العربية والغرب وكنت مديره العام في مقره بدبي وهو الذي أنتج معي عملين مشتركين إماراتيين ومغربيين مع مصروكانت مهمتي صعبة بعدما خصصت دبي أمواال هائلة بال حساب للسينما ومهرجاناتها وعهدت بها إلى االنجليز وعناصر من الدول األوروبية التي تنوء بمشاكل أزمة كساد وصاروا يتصرفون بشراهة لصالحها على حساب اإلخوة العرب وال تخدم إال الشركات األمريكية والصهيونية التي تسخر كل سياستها ومراميها لتشويه المسلمين واإلسالم في األفالم التي ينتجونها ولو أنها بمال األغنياء العرب الذين يؤمنون باهلل ورسوله محمد ... أما فيما يخص مسؤليتي باللجنة الدائمة لإلعالم اإلسالمي برابطة العالم اإلسالمي فقد كانت هناك قيود أكثررغم أنني استطعت معهم أن نأسس" اإلتحاد اإلسالمي لإلنتاج الفني" (السينما والتلفاز) و"مهرجان اإلنتاج اإلعالمي اإلسالمي" وكان علي أن آخذ موافقة وزراة االتصال ليكون مقرالمشروعين بالمغرب ولكنهم رفضوا ألنهم كانوا في خضم صراع مع السعودية حول اتهامها بنشر"الوهابية" بالمغرب وهكذا تخليت عن المشروعين وانسحبت حتي من رابطة العالم اإلسالمي. س :يعيش الفن السينمائي يف املغرب أزمة تتعلق أساسا بآليات التمويل والدعم القارة وبآفة القرصنة وظهور وسائط جديدة هذا فضال عن غياب اجلمهور .يف زخم هذا الواقع امللتبس أمازال هناك وقت وفرصة إلعادة اجلمهور إىل القاعات السينمائية أم المفر من البحث عن احللول البديلة كخلق السينما اخلاصة بكل بيت وكل أسرة ؟ ج :ليس ماذكرت في سؤالك هو السبب إن السبب هم من يديرون السينما في بالدنا الذين فتحوا باب القرصنة في مهن اإلنتاج واإلخراج على مصرعيه أمام العديد من األدعياء والدخالء الذين نصبوا أنفسهم مؤطرين أوصياء على السينما المغربية مع أنها تنشد الخالص من هؤالء ألنهم خلقوا مشاكل وحزازات وبلبلة وأفلسوا السينما المغربية بجهلهم .إن هؤالء هم المشكل الذي تعاني منه السينما المغربية ،فقد جعلوا بعض المخرجين " الددائين " المعدودين الذين يأخذون نصيب األسد بالتناوب من
Page 6
صندوق الدعم لعمل أفالم فاشلة والقليل منها من يقبل عليه الجمهور والسينما المغربية تزداد فقرا وانقراض قاعات العرض السينمائية في تصاعد ولم يبق منها إال القليل. أما عن القرصنة وهروب الجمهور من القاعات السينمائية فكما يقول المثل المغربي :أش يدي الريح من الضص .وعن خلق سينما خاصة في كل بيت وأسرة فهناك وسائل عرض في أغلب البيوت وبتقنيات عالية وشاشات بأحجام تقترب من شاشات السينما وأكثرها جودة في العرض والحل الوحيد هو تشييد المركبات السينمائية الضخمة والفخمة وانتاج األفالم الجيدة ومن دون شك سوف تجدون الجمهور حاضرا باقبال منقطع النظير وليس هناك بديل غير هذا ويكفينا ضحكا على الذقون . س :يشهد املغرب طفرة يف اإلنتاج السينمائي مقارنة مع سنوات العشرية املاضية ودول أخرى يف إفريقيا ،كيف يقيم املخرج عبداهلل املصباحي هذه الطفرة يف الوطن ؟ ج :ما هي هذه الطفرة في اإلنتاج التي تريدني أن أقيمها؟ هل هي أفالم الهواة التي يصور أغلبها بالفيديو والعالقة لصانعيها بالمهنة السينمائية وال بكتابة السيناريو ..هذه األفالم ليست أفالما بالمعنى الصحيح للكلمة ،ال يمكن أن تحسب على السينما المغربية .وكيف نقول أننا تفوقنا في عدد األفالم المنتجة في بلدان كثيرة بهذه الخردة التي قلت أنه ال يمكن أن تسمى أفالما سينمائية وحتى من ارتكبوا ذنب إخراجها يعترفون ملتمسين عذرا بأنهم يجربون في الميدان السينمائي ألول مرة ،فلماذا إذن تدفع السينما المغربية ثمن تجريبهم ؟ لماذا اليعملون مساعدين مع مخرجين متمكنين يتعلمون منهم المهنة أوال ثم يصبحوا بعد ذلك مخرجين ؟ وهذا هو المعمول به دوليا حتي لو كانوا درسوا وتخرجو من معاهد تعلم السينما .أخشى أن يقولوا لنا معجزة أخرى أن فيلم "القمر األحمر"' لمخرجه حسن بنجلون أحرز على األوسكار هذه السنة. س :مارأيك يف املهرجانات السينمائية اليت تنظم يف املدن كما يف بعض القرى املغربية؟ ج :منذ تواجدت في بالدنا مهرجانات بعدد الحالقي ..هناك في تاريخ المهرجانات ببالدنا فعال فقط وال غيرمهرجانات يمكن أن أسميها بهذا اإلسم أوال مهرجان طنجة الدولي لبلدان البحر المتوسط الذي أقبره المركز السينمائي حسدا لنجاحه المدوي من أول دورة وقال أن طنجة التستحق مهرجانا دوليا بهذه القيمة التي ال تستحقها إال مدينة الرباط العاصمة وقالوا أن الدورة الثانية ستكون فيها ثم أوقفوا المهرجان ولم يتحقق لهم األمل فاختفى هذا المهرجان الدولي العظيم لتكون دورته الثانية في الرباط ولكن لم يكون بمقدور متطفلي المركز السينمائي تنظيم مهرجان بقيمته .وحكاية هذا المهرجان أن مواطنا مثقفا اسمه الحاج ناصرصاحب قاعة سينمائية بطنجة اسمها "المبروك" وكان ناجحا في إصدار كتاب لوزارة التعليم عنوانه "إقرأ" ويعمل معه مصري اسمه كمال بركات رجل مسرح كان في فرقة يوسف وهبي وهاجر من مصرمع زوجته المغربية فعينه مديرا لسينما "المبروك " التي كان كمال بركات يدفعه ليهيئها لتبصح أفضل قاعة سينمائية ومسرحية وقاعة لمهرجانات ولعروض في شمال المغرب ومن ثمة جاءت فكرة مهرجان طنجة السينمائي الدولي لدول البحراألبيض المتوسط .كان هذا في عهد الملك محمد الخامس Page 7
طيب اهلل ثراه وانضم إليهما إيطالي يعمل في السينما يتردد كثيرا على طنجة وكان أحد أصدقائه عنده دكان بقالة بطنجة وله أصدقاء يعملون في السينما بإيطاليا إذ كان يعمل "شاف مطبخ " استديوهات سنيشيتا " أكبر االستديوهات اإليطالية .وشارك في مهرجان طنجة عدد من كبارالنجوم اإليطاليين تتقدمهم النجمة العالمية الكبيرة " جينا لولوبريجيدا " ونجوم من مصرعلى رأسهم ناديا لطفي .وأنتج فيلما روائيا مغربيا طويال ليفتتح المهرجان منتجوه مغاربة و من اخراج :العربي بناني وعبد العزيز الرمضاني عنوانه "عندما يثمرالنخيل" المهرجان المغربي المهم الثاني هو الذي أنشأته في مراكش بدعم من جمعية األطلس الكبير التي كان يرأسها السيد محمد المديوري الرئيس الشرفي للجمعية " :مهرجان مراكش الدولي للسينما والتليفزيون" وكان مهرجانا في قمة النجاح أبهرالمشاركين المغاربة والدوليين و حضرته شخصيات مهمة باسم الجسر مديرعام معهد العالم العربي ونجوم كبار منهم :الفرسيين روجي Roger Haninونخبة من المخرجين من بينهم :الجزائري األخضر حامينا الحائز على السعفة الذهبية في "مهرجان كان" بفيلمه " وقائع سنوات الجمر" الذي قدمه في مهرجاننا في المسابقة وفازبالجائزة الكبرى التاج الذهبي ،خالد الصديق مخرج "بس يا بحر" الفيلم الحائزعلى 3جوائز في مهرجانات و 4في مهرجانيين عربيين بسوريا وقرطاج بتونس والكويت ،والمخرجة التليفزيونية المتميزة "إنعام محمد علي" وكاتبة السيناريو كوثرهيكل الشهيرة في مصرومن الوزراء :محد بن عيسى وزير الشؤون الثقافية المغربي األسبق ،وموسى السعدي وزير السياحة آنذاك ومحمد الكنديري وزيرالتربية الوطنية ومحمد العلمي اإلدريسي المشيشي الذي ترأس في تلك الدورة األولى لجنة التحكيم المتكونة من المهدي المنجرة من أكاديمية المملكة المغربية والدكتورمحمد طالل مدير الدراسات بمعهد الصحافة والمخرج محمد الرياني وماري غضبان ناقدة من مصروكمال الشيخ مخرج رئيس نقابة السينمائيين المصريين وخياطي خميس ناقد توني ونكولوجان فيكتورمدير برامج BBCوبيكوليتا بيري مديرة تدريس السينما Harrow College London , Gerard Nevesرئيس تحرير مجلة CINE [ REVUEبلجيكا ،جان ديفور رئيس فن السمعي البصري بمعهد العالم العربي بباريس ومحمد فاي مديرعام اإلذاعة والتلفزيون بالسينغال وبعض السفراء العتمدين بالرباط منهم :عبد الحميد مهري سفير الجزائرواإلئحة طويلة من مشاركين من أعلى مستوى . المهرجان الثالث من أكبرالمهرجانات المغربية "مخرجان الدارالدولي للثقافة والسينما والتليفزيون" أنشأته بالدارالبيضاء وكان بدعم مغربي منه الداعمين الجماعات المحلية بالدار البيضاء وداعمين من بلدان عربية منها :مطار دبي ،الصندوق الكويتي للثنمية العربية ،المملكة العربية السعودية رجال أعمال .وحضره نجوم مصريين وبريطانيين ومخرجين واالئحة طويلة . وأخيرا المهرجان الرابع هومهرجان مراكش الدولي الذي صارنجما من نجوم المهرجانات العالمية الكبرى .
Page 8
س :بعالقة مع السؤال السابق أال ترى أن السينما يف املغرب تعيش مفارقة وتناقضا صارخا بني وجود بنية حتتية سينمائية عاملية "أستوديوهات أطلس" بوارزازات وتنظيم مهرجان مراكش العاملي يف مقابل إنتاج وطين يوزع بالكاد داخل الوطن ؟ ج :أنا أول من بدأ إنجاز مدينة سينمائية بتطوان وكونت لها أطرا مغربية عملت معي سنة في تصوير فيلمي العالمي " أفغانستان لماذا؟" ولما وقع خالف بيني وبين الممولين السعوديين للفيلم انسحبوا من الشراكة معي في مشروع "مدينة السينما" هاته .واستديو أطلس استفاذ من العمال الذين تكونوا على يدي في جميع المهن الالزمة للتصويروعلي يد تقنيين مشهورين في السينما العالمية كانوا يعملون معي في فيلم "أفغانستان لماذا ؟ " ولما توقفت "مدينة السينما" أخذهم بعض من كانوا يعملون معي إلى وارزازت ليعملوا معهم في األفالم األجنبية ثم تكونت استديوهات أطلس بوحي من فكرتي في تأسيس مدينة السينما في تطوان ،واقتنوا األرض مثلي من إدارة األمالك المخزنية والباقي بقايا ديكورات أفالم عالمية صورت في وازازات أخذوها ورتبوها في مساحة ما يسمونه استديوهات .ليس هذا بمعنى ماسميته في سؤالك بنيات تحتية عالمية .وليس هناك أي استثمارات مبهرة في هذا الموضوع . س :عالقة السينما بالفن الروائي املغربي أال يفكر املخرج عبداهلل املصباحي يف اإلشتغال على عمل روائي مغربي متميز قد انقرتح مثال "اخلبز احلايف " حملمد شكري أو"املرأة والوردة " حملمد زفزاف أو"لعبة النسيان " حملمد برادة أو غريها من األعمال الروائية األخرى ؟ ج :وأنا في القاهرة في عزانتاج أفالم مغربية بدأتها بفيلم "سأكتب اسمك على الرمال" للكاتب المغربية حفيظة العسري بطولة سميرة سعيد وعزت العاليلي في نسختين نسخة مصرية بهذا العنوان ونسخة مغربية بعنوان "أرض التحدي " عن المسيرة الخضراء ووحدتنا الترابية المغربية وكفاح الملك محمد الخامس والشعب المغربي في سبيل الحرية .هذا الفيلم عرض بنجاح في جل البلدان العربية في السينما والتليفزيون ،وبعض القنوات عرضته عددا من المرات .وفي إطارمحاربتي التي سألتني عنها في بداية الحوارلم يعرض في المغرب البلد المنتج وأنا مخرجه مغربي ال في السينما وال في التليفزيون ورفضته القناة الثانية 2Mبحجة أنها ال تعرض األفالم عن القضايا الوطنية المتخصصة فيها التلفزة المغربية وهذه القناة بدورها اشترت مني حق عرض الفيلم بالمغرب ودفعت ثمنه ولم تعرضه . وتعاقدت مع االستاذ عبد الكريم غالب لإلشتغال على قصته "المعلم علي" حيث كنت سأنتج وأخرج منها فيلما يقوم فيه عادل إمام بدورالبطولة واحمد السنوسي "بزيز" وكذلك قصة ألحمد عبد السالم البقالي "سأبكي يوم ترجعين " كإنتاج مشترك مع دولة الكويت الشقيقة وقد كلفوا للتعاون معي عبد الرحمن نصاررجل أعمال كويتي من أصل مصري وله أعمال كثيرة في الجماهيرية الليبية وضرب لي موعدا لكي يزورني في المغرب ويحضر في بالتوالتصوير ،وهكذا رتبنا اللقاء بيننا في الرباط وسهرنا جميعا في ضيافة الفنانة سميرة سعيد ثم رافقته إلى أوطيل حسان وافترقنا هناك على أمل أن نذهب في اليوم التالى إلى الدار البيضاء التي يتواجد بها مركز عملي السينمائي ثم إصطحبت الشاعرمحمد الطنجاوي Page 9
الذي أصرعلى أن أبيت بمنزل تلك الليلة ،لكن حدثت المفاجأة السيئة حين داهم البيت رجالن من المخابرات المغربية اللذان أخذاني إلى مقراإلستعالمات حيث وجدت باندهاش بالغ المنتج عبدالرحمان نصارمحتجزا عندهم وهناك قاما باستجوابي في شأن عالقتي به ولم يشفع لي سوى عالقة الصداقة التي كانت تربطني مع رجل مخابرات إسمه "جميل" وكنت توفرحينها على (كارت فيزيت) الخاصة به ، وقدمتها لرجال اإلستعالمات اللذين إعتذرا لي بكل لطف وكانا قد أفرجا عن المنتج عبدالرحمان نصارالذي وجدته في الفندق حامال متاعه وهو يقسم بأغلظ األيمان أن يغادرالمغرب على الفورصارخا في وجهي :دول بهدلوني يا عبد اهلل .موش حابقى في البلد دي وال دقيقه طالع للمطار حاال" قلت له مهدئا من غضبته :أنت بتهزر والفيلم موش حانعملو " فأجاب :نعملو في أي بلد مانعملوش ماتفرقش معايا" .وكانت هذه نهاية حلم عمل أفالم عن قصص مغربية مع دول الخليج .كان في برنامجي "الخبز الحافي" لمحمد شكري والمرأة والوردة لمحمد زفراف ولعبة النسيان لمحمد برادة والزالوا في مشاريعي لسنة 4161-4161إن شاء اهلل . س :يعيش العامل العربي على إيقاع إنتفاضات وثورات تأكل األخضر واليابس أال تفكرون يف إجنازعمل سينمائي يوثق هلذه الثورات الزائفة ؟ ج :لم تتوقف محاولة الهيمنة على الشعوب عبر المراحل المختلفة للتاريخ على أسلوب أو (تكتيك) فقد حرص االستعمار دائما وفي جميع تلك المراحل على طرق كل األبواب ومحاولة النفاذ من أي مدخل يوصله إلخضاع الشعوب المستضعفة تحت هيمنته .وكان دائما يعمل على تطوير نفسه بأساليب عديدة وملتوية وذلك تماشيا مع ما وصلت إليه الشعوب من إدراك ووعي وطنيين .ومن أحدث األساليب التي لجأت إليها قوى االستعمار العالمي في تعاملها مع الشعوب هو غزو مجتمعاتهم من خاللهم وخلق الخالف والفتن والحروب بينهم واستئصال قيم ومعتقدات وأفكار المجتمع وإحالل قيم ومعتقدات وأفكار محلها يمكن من خاللها تطويع تلك الشعوب وتوظيفها في خدمة األهداف االستعمارية وتعتبرالسينما إحدى الوسائل اإلعالمية الفعالة لفضح هذه التآمرعلى الشعوب ...أما بالنسبة لسؤالك المتعلق بالتفكير في إنجازعمل سينمائي يوثق لهذه الفترة فإنني فكرت في هذا الموضوع وكتبت سيناريو فيلم عنوانه : "ربيع عربي في غوانتنامو" يعالج كل األحدات الدائرة في بلدان الربيع العربي ويسلط عليها الضوء بشكل قوي ومركز عبر السينما كقناة من قنوات الثقافة المؤثرة المهمة في حياة المجتمعات اإلنسانية اآلن وقد أفرزت في تسلسل دقيق كافة السبل التي يستغلها المستعر أيضا في محاربة المجتمع العربي وعملية تشويه تاريخ هذا اإلنسان وثراته .وتطرقت الى طرق لشركات اإلنتاج في بعض الدول العربية التي تنتمي لمنظمات صهيونية ومن خالل بعض الممثلين العرب في بالدول األجنبية الذين وقعوا في شهوة بريق السينما وبالنسبةإلنتاج الفيلم انتظرأن اتفق مع منتجين من دول الخليج ممن تعاملوا معي سابقا . س :أال تفكرون يف كتابة سريتكم الذاتية سينمائيا يف فيلم وثائقي ؟ Page 10
ج :سيرتي الذاتية ال يسعها فيلم وثائقي سينمائي واحد وإنما مسلسل تليفزيوني في 1أجزاء في كل جزء 11حلقة ،وأنا بصدد التعاقد عليه مع إحدى القنوات العربية التليفزيونية الكبرى .إن سيرتي ليست فنية سينمائية أدبية فقط فهي عبارة عن فترات كثيرة من حياتي في المنفى بالقاهرة مع عبد الكريم الخطابي وزعماء المغرب العربي مثل عالل الفاسي ومصالي الحاج والحبيب بورقيبة ،فترة المقاومة ضد االستعمار في سبيل الحرية والكرامة ،فترة حكم الملوك الثالث محمد الخامس والحسن الثاني طيب اهلل ثراهما ،واليوم في عهد الملك محمد السادس أطال اهلل في عمره . في سيرتي الذاتية أربط بين اإلبداع الفكري والسياسي والفني والسينمائي وأكشف العديد من األسرار والدورالذي تلعبه السينما ونجومها والسياسة في العالم والبالد العربية التي لم تحقق فاعلية تواجدها السياسي والعلمي والثقافي إلى اليوم .السينما ونجومها وكيف أوجدوني عن قرب مع عدد من الزعماء والرؤساء العرب الذين أصبحوا أصدقائي وخصوصا الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات في مصر لما هاجرت إليها من جديد في السبعينات وقد سبق أن نشرت عددا من الحلقات من سيرتي الذاتية في جريدة الشرق األوسط في لندن ،وفي المغرب في جريدة الميثاق الوطني وصحيفة الصحراء المغربية وجريدة الخبر وهذا لم يكن إال القليل جدا منها رغم أن كل صحيفة قد نشرت حوالي 11حلقة ، كان مجهودا مشكورا ولكني كسينمائي كنت مياال لتقديمها في التلفزيون ألن الصورة الحقيقية واألرشيف سيلعبان دورا مهما جدا في الحكي كتاريخ وروعة القيمة الفنية ستشد الجمهور وستكون نسبة مشاهدتها في العالم العربي مرتقعة جدا س :أخيرا ماهورأيكم في هذه التجارب السينمائية المغربية التي وصلت إلى العالمية "سهيل بنبركة " محمد التازي " مومن السميحي " حميد بنمسعود " "نبيل لحلو" ج :كلها عادية ولم تصل إلي العالمية ألنها لم تعرض في القاعات السينمائية العالمية الكبري وإنما في أماكن عرض قليلة استعاب جمهور ولو قليل العدد من cinéphiles Leالذين يشاهدون أفالم Ciné Clubالتستحق الذكرمن المردودية وال تنفع السينما المغربية في االنتشاروال في شيء ثم أن سهيل بنبركة ومحمد التازي وال نبيل لحلو لم يحصلوا على جوائز في أي مهرجان دولي فقط هناك مومن السميحي الذي حصل على جائزة في مهرجان قرطاج عن فيلمه Cherguiأما حميدو بنمسعود فلم يعمل أي فيلم يذكر في أوروبا ما عدا فيلما واحدا مع كلود لولوش " الحياة الحب و الموت " لعب فيه دور مجرم في قفص اإلتهام ينتظراإلعدام . شكرا لكم ولسعة صدركم.
سرية سينمائية حافلة بالعطاء : إزداد المخرج المغربي عبد اهلل المصباحي بتاريخ االزدياد مارس 6391حاصل إجازة في العلوم االقتصادية من جامعة فريبورغ (سويسرا) وماستر الدراسات العليا السينمائية من المدرسة العليا للسينما بباريس وإجازة في األدب تخصص تاريخ الشعوب من جامعة السوربون بفرنسا. إشتغل مديرعاما لمركز التليفزيون واالتصال الدولي وخبيرا في التنمية التضامنية المستدامة Page 11
إهتم بالميدان السينمائي منذ أكثر من 11سنة ( من 6311إلى اآلن ) ،كتب السيناريو وأخرج العديد من األفالم الروائية الطويلة: من أعماله: سيناريو وإخراج " الصمت في االتجاه الممنوع " ( ) 6391إنتاج مغربي سيناريو وإ خراج " غدا لن تتبدل األرض " إنتاج مغربي ( ) 6391سيناريو وإخراج " إخواني األعزاء " إنتاج مؤسسة السينما ( الخياله ) بليبيا ( 6391فيلم " مهرجان الشباب العربي بطرابلس ) ( ) 6391إنتاج مؤسسة السينما ( الخياله ) ب ليبيا " الضوء األخضر" إنتاج مغربي مشترك مع مؤسسة السينما ( الخيالة ) بليبيا ومؤسسة السينما " ساتبيك " بتونس ( " ) 6391أين تخبئون الشمس؟ إنتاج مغربي مصري إماراتي مشترك ( " ) 6391دموع المالئكة " إنتاج مغربي مصري مشترك ( " ) 6393 سأكتب اسمك على الرمال " إنتاج مغربي إماراتي مشترك ( " ) 6311طارق بن زياد" إنتاج مغربي مصري مشترك ( ) 6311كتب سيناريو وإخراج " أفغانستان لماذا ؟ " إنتاج عالمي مغربي سعودي مشترك ( )6314وسيناريو وإخراج " أرض التحدي " إنتاج مغربي ()6311 وسيناريو" جنة الفقراء " إنتاج مغربي ( )6311وسيناريو و إ خراج ثالثية " المغاربة " ثالثة أفالم روائية مطولة " :القدس باب المغاربة " " ،المغاربة ونداء الملك " " ،مغربيات من القدس " ، سيناريو و إ خراج ثالثية " أفغانستان لماذا؟ " وثالثة أفالم روائية مطولة " :أفغانستان اهلل وأعداءه "، " غوانتنامو الحر األخرى " " ،كابول تنادي بغداد ")4161 - 4113 ( ، أما في المجال المهني اإلداري فقد إشتغل مديرا عاما لوكالة المغربية لألفالم فرع المغرب للشركة الدولية فرانكوريكس فيلم باريس ( )6311 - 6319 ومدير إدارة المصنفات السينمائية ورقابة األفالم بوزارة اإلعالم ( )6311مدير وكيل للمركز السينمائي المغربي () 6319 مدير المركز الوطني للفيلم ( )6313بالمغرب رئيس االتحاد السينمائي العربي بالقاهرة (-6391 ) 6311 مدير عام مركز التعاون العربي الدولي بدبي ( ) 6391 - 6391عضو في اللجنة الدائمة لإلعالم اإلسالمي برابطة العالم اإلسالمي بمكة () 6316 مدير و رئيس تحرير مجلة رسالة الفن واألدب والسينما () 6316 رئيس تحرير مجلة األخبار ( )6314مستشار لوزير المالية (مديرية االستثمارات الخارجية) جولة الوزير ببلدان الخليج العربي و ملتقى المغرب وبلدان الخليج لالستثمار بالمملكة المغربية () 4119 ومن أعماله التليفزيونية: فقد كتب سيناريو وأخرج فيلم " شروق " لحساب وزارة اإلعالم الكويت ( )6311كتب وأخرج للتليفزيون المغربي 411عمال (أفالم ،برامج منوعات ،مسلسالت) كتب وأخرج للتليفزيون المغربي الفيلم السينمائي الروائي "حديث األجيال" ( )6396-6311كتب وأخرج عددا من األفالم التليفزيونية Page 12
للتليفزيون المغربي :الغريب +الحصار +ا لدمية +اإلنسان ال يعيش مرتين كتب وأخرج مسلسل "فارس غرناطة" إلذاعة وتليفزيون الكويت ( )6391كتابة وإنتاج 9أفالم تليفزيونية عن المرأة للتلفزة المغربية ( )6311كتب وأخرج مسلسل " عائشة المر كتب وأخرج للتليفزيون المغربي " عاشئة المرأة المجهولة " ومسلسل" سعادة اآلخرين " إنتاج مشترك مع التليفزيون المغربي (-6319 )6311كتب وأخرج 61فيلما قصيرا" :سنوات الصناعة التقليدية" " ،روائع الصناعة التقليدية "، "أنغام وخطوات " )(1989كتب وأخرج مسلسل " الر جال ال يبكون " إنتاج التلفزة المغربية ( )6331كتب وأخرج 61فيلما تليفزيونيا روائيا 61 +أفالم تسجيلية عن الجماعات الحضرية والقروية (-6336 61 )6334فيلما عن السياحة والفنادق بالمغرب ( )6339كتب وأخرج أفالما تليفزيونية " :واحة " ، "6واحة " ، "4عائشة قنديشة" " ،الخيل والطرب""،شيخات بدون رصيد""،ليالي الراي" ، "الموغار"" ،ليل الغريبة" كتب وأخرج مسلسل "في سبيل الحرية " إنتاج مشترك مع التلفزة المغربية ( )4111كتب وأخرج أفالم تحسيسية لوزارة الصحة "أرضعيني حليبك يا أمي "عن الرضاعة الطبيعية " ،تحصنوا ضد السيدا " عن محاربة السيدا ( ) 4116كتب وأخرج 1أفالم تحسيسية للبنك اإلسالمي للتنمية بجدة فرع المغرب " :نور العيون" " ،نعمة البصر""،نبتة األمل "" ،خيوط من ذهب" وفي المجال اإلعالمي اإلذاعي فقد كتب لإلذاعة المغربية 41رواية إذاعية ()6313 وفي المسرح: إشتغل ثالث سنوات في المسرح الوطني الشعبي بأفينيون بفرنسا بإدارة المخرج الفرنسي الشهير جان فيالر والممثل والمخرج العالمي أرسون ويلس ( ) 6313 -6319كما كتب وأخرج العديد من المسرحيات للمسرح المغربي وللمسرح العالمي منها: " =الجدار" عرضت بمسرح شيلر طياطر ببرلين وطاليا طياطر همبورغ ألمانيا ()6311 عبداهلل المصبحي أيضا هومؤسس ومدير عام مهرجان مراكش الدولي للسينما والتليفزيون ()6311 مع جمعية األطلس الكبير مؤسس ومدير عام مهرجان الدار البيضاء الدولي للسينما والتليفزيون ( )6331عضو في لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي الدولي مع المخرج السينمائي األمريكي الشهي "كينغ فيدور" ( )6314عضو في لجنة التحكيم في مهرجان "كارلو فيفاري" تشيكوسالفي ( )6331عضو في لجنة التحكيم في "مهرجان تشقند" روسيا محاضرات عن السينما :اإلمارات العربية ،افتتاح الموسم الثقافي بأبو ظبي ( )6331محاضرة بنادي السينما في الكويت ( )6331محاضرة بحمعية الثقافة الفنون في جدة -المملكة العربية السعودية ( )6331محاضرة في نقابة الفنانين بدمشق – سوريا ( )6339ومحاضرة في المركز القومي للسينما ( )6331ألف عددا من الكتب ( ) 4111 -6333منها " :اعتصاب في مخيمات العار" صدر عن مطبعة النجاح " ،أفغانستان الحرب األخرى " عن دار " إشراق " " ،حلقات من سيرتي الذاتية " بجريدة الشرق األوسط لندن وجريدة " الميثاق " المغرب Page 13
حوارمع الناقد والروائي املغربي الدكتورحممد برادة أجنزاحلوار :عبده حقي
خاص تقديم : يعتبرالناقد والقاص والروائي الدكتورمحمد برادة من بين أهم الكتاب الطليعيين في األدب المغربي المعاصرالذين أسهموا بشكل وافروالفت في التراكم النقدي والروائي ليس على مستوى المغرب فحسب وإنما على الصعيد العربي بما حققه وأنجزه من كتب ومتابعات وقراءات نقدية غزيرة جدا كانت بكل تأكيد على مدى نصف قرن وماتزال ذلك الجسرالثقافي بين المغرب والمشرق العربي ومن جانب آخربما أنجزه من ترجمات هامة ألشهرالكتب النقدية التنظيرية الفرنسية على الخصوص ل"روالن بارت وجان جينيه وميخائيل باختين ولوكليزو" وغيرهم والتي أسهمت في تحديث الدرس والمقاربات النقدية والبحوث الجامعية ومد جسورالمثاقفة مع شمال حوض البحراألبيض المتوسط مما جعل منه ذاكرة ثقافية مغربية وعربية هرمية بامتياز. الدكتورمحمد برادة كان أيضا من بين أهم األسماء المؤسسة التحاد كتاب المغرب أواخرالستينات إلى جانب شيخ الصحفيين واألدباء المغاربة عبدالكريم غالب ومحمد عزيز لحبابي ومصطفى القباج وغيرهم وسيتوج هذا المساراإلتحادي بتقلده للرئاسة من سنة 6791إلى سنة . 6791ومن جانب آخروإليمانه الراسخ بتالزم الفعل الثقافي بالسياسي من خالل اإلنتماء العضوي فقد إنخرط أيضا منذ أوائل الستينات في الدفاع عن أهم القضايا الحقوقية والسياسية المغربية والعربية بشكل عام ولعل أهمها قضية الدمقرطة والتحرر.. Page 1
قصة "المعطف البالي" كانت أولى قطرات الغيث السردية التي نشرها محمد برادة بجريدة العلم المغربية سنة 6799ثم نشرمجموعته القصصية األولى موسومة ب"سلخ الجلد" سنة 6797أما أولى رواياته "لعبة النسيان" فقد صدرت سنة 6799ثم تدفقت بعدها روايات أخرنذكرمن بينها "الضوء الهارب" "مثل صيف لن يتكرر" "إمرأة النسيان" إلى آخررواية له صدرت في ربيع سنة 4162موسومة ب"بعيدا من الضوضاء ..قريبا من السكات" . أما في مجال الترجمة فإن المكتبة العربية تزخربالعديد من إنجازاته القيمة نذكرمنها على الخصوص كتاب "درجة الصفرفي الكتابة " لروالن بارت " من المنغلق إلى المنفتح لمحمد عزيزالحبابي " و" قصائد تحت الكمامة وهي ديوان شعرلعبد اللطيف اللعبي " و" الخطاب الروائي لميخائيل باختين " وبمناسبة ترجمة روايته "إمرأة النسيان " إلى اإلسبانية وهوفي طريقه إلى الضفة األخرى األندلسية لتوقيعها أجرينا معه هذا الحوارالهام . ــــ لحـسـن الحظ أن للنص الذي نكتبه أكثرمن حياة ــــ مـهـمة الترجمة إلى كل اللغات هي واحدة في وظــيـفتها :مــد الجســور بـين الثـقافات ــــ الترجمة عندنا تخضع لمقاييس وجهود فردية وتظل في دائرة الــهواية. ــــ في طليعة عناصـر التجـويد الروائي ،الموهبة والتجربة الحياتية الواسعة ،وصوغ رؤية إلى العالم تسـعف القارئ على فـهـم مجتمعه بعيدا من النظـرة الوثوقية المسبقة. ــــ الكتابة عـنـدي هي مـغامرة وتجـريب .ومن الصعب في هذا المضمار أن نتحدث عن مشروع محدد المالمح واألهداف ــــ ومـثلما أن التاريخ مصنوع من الـمآسي والمهازل والخيبات والنجاحات ،فـإن الرواية هي بامتياز الشكل الجامع لكل التناقضات والصراعات والعواطف والـمفارقات... ــــ ال شك أن المبدعين الجيدين هم في حاجة إلى جوائز تتيح لهم االستـمرار في اإلنتـاج س :تتشرف جملة إحتاد كتاب اإلنرتنت املغاربية ويف زمحة إنشغاالتكم النقدية واإلبداعية بأن تقتنص هذه اللحظة املائزة والنفيسة بإجراء هذا احلوارمعكم مبناسبة صدورالرتمجة اإلسبانية لروايتكم "إمرأة النسيان" بداية هنيئا لكم بهذا اإلصداراملتميزوسؤالي األول دكتورحممد برادة وأنتم يف طريقكم إىل توقيعها بإسبانيا ماهي داللة هذه الرتمجة يف عمقها التارخيي اإليبريوعربي مقارنة مع ترمجة بلغة أخرى فرنسية أوأجنليزية أوروسية ؟ ج :أظــن أن مـهـمة الترجمة إلى كل اللغات هي واحدة في وظــيـفتها :مــد الجســور بـين الثـقافات، واإلسهام في تـفـعـيـل تـبـادل التــأثـيـر بين إنـتاجات الــفكر والــمـخيـلة بــاتـجـاه بـلــورة قـيم إنسانية، كونية تـوطـد عـالئـق الـحضــارات...بالنــسبة لـلغة اإلسـبانية ،يـسـرني أن تـسـعـفـني تـرجمة روايتي إليـها ،في الوصول إلى قـراء مـحـتـمـــليـن ،ألن أكـثـر من عـنـصـر يـــمـد حـبـال الـقـرابة بـيـنـنــا: الموقع الجغرافي ،التاريخ الـمشتـرك (خاصة في األنـدلس) ،وجود جاليـة مغربية مـهاجرة وافـرة Page 2
الـعدد ...وقد استـرعى انــتباهي خالل تـوقيع "امرأة النسيان" في طـبعتها اإلسبانية ،أن بعض الذين قـرأوها ،أشاروا أثناء المناقشة ،إلى وجود تـشابه بين وضعية األحزاب عندهم والصورة الـبـارودية التي تـرسمها الرواية للحزب اليساري المغربي السائر نحو االنحدار وفقـدان المصداقية...ونقطة االلتقاء هذه، تعود إلى األزمة العميقة التي تعيشها إسبانيا نتيجة فشل تـعاظم عدد السـاخطين على اليمين واليسار، والبحث عن مستقبل يبدو مظلما بعد تعـثر مشروع االتحاد األوروبي ،وتالشي الثقة في السياسيـيـن الذين يقولون ما ال يفعلون ...لذلك فـإن السياق المتقارب بين وضعي المجتمعين ،على رغم تـباين الفترتين التاريخيـتين ،جعل "امرأة النسيان" تالمس موضوعا مشتركا. س :يف تقديركم ،هل إستطاعت هذه الرتمجة اليت أجنزتها كل من ســيـلـيا تـيـلـيـزوعادل بــرادة أن تكون وفية للحمولة الفكرية واألبعاد اجلمالية والسردية للنسخة العربية األصلية ؟ ج :ال أستطيع أن أحكم على مـدى دقة الترجمة ووفـائها بالغرض ،ألنـني ال أعـرف اللغة اإلسبانية؛ ألجل ذلك أتـطلع إلى رأي األصدقاء الذين يـعرفون اللغــتـيــن .ومن خالل ردود الفعل األولى لبعض القراء اإلسبانــيـين الذين استمعت إليهم ،يبدو أن العناصر األساس في الرواية قد وصلتهم ،بغض النظر عن دقة التعبيـر وتالوين األسلوب. س :قمتم برتمجة العديد من األعمال اإلبداعية األدبية يف الشعروالرواية إىل اللغة العربية للطاهربن جلون وعبداللطيف اللعيب وغريهما ،ماهوإحساسكم بني كونكم كاتبا مرتمجا (بكسراجليم) وكاتبا مرتمجا (بفتح اجليم) ؟ ج :الفـرق مهم بـين الـمتـرجـم والمتـرجــم :األول يمارس نوعا من "الـحـلول" المؤقت في لغة الـمترجـم له ،مع االحتفاظ بـســمات تلتصق بلـغته الخاصة ومنهـجه في تأويل النص والمعاني...وعندما ال يكون الـنص المـترجـم "مفـروضا" على الـمـترجـم ،فـإن هذا األخير يختاره ألنـه يـصادف هـوى في نفسه ،ويتـمنى في قـرارة نفسه لـو كان هـو مــن كـتـبــه .أما عندما يصبح المـتـرجـم متـرجـما ،فـإنه سـيــعـاين أن نـصـــــه يـبـدأ حياة جديدة عـبـر قـراء مجـهولـين لـديه ،ال يستطيع أن يـتـنـبأ بـردود فعلهم وطـبيـعة تلقـيـهم .ذلــك أننا عندما نـكتب بالعربية ،يمكن أن نـستـحضـر ،بكيفية تـقريـبيـة ،ذوق ومسـتوى القراء العرب المحتملين؛ أمـا بالنـسبة لـلقراء األجانب فـإن تخـمين نوعية التلـقـي لديهم تكون غائبة عنـدنا ،ألنـنا ال نكتب حسب مقايـيس تالئم أفق انتظار القراء األجانب .ومن ثـم ،ال نـتـعرف على تـلـقـي "اآلخـر" إال بعد الترجمة وقراءة ردود فـعل النـقاد وتـقيـيـمهم للنصوص المترجـمة. س :الجدال يف أن املغرب يعتربرائدا يف الدول العربية يف جمال الرتمجة بفضل جيل الرواد أمثالكم واألجيال اليت جاءت من بعدكم ،لكن مالذي جيعل هذه احلركية املتألقة يف الرتمجة الحتتفي باألعمال الروائية والشعرية املغربية لنقلها إىل لغات عاملية أخرى ،أذكرعلى سبيل املثال أعمالكم وأعمال عبداهلل العروي ومبارك ربيع وأمحد ملديين وغريهم ؟ Page 3
ج :ال أظن أننا دولة رائدة في الترجمة قياسا إلى الدول العربية ،ألننا ال نـتـوفـر على هيئة تضم مجموع المترجـمين وتعمل وفق مخطط وستـراتيجية مـعلن عنها ،بل الترجمة عندنا تخضع لمقاييس وجهود فردية وتظل في دائرة الــهواية .وكانت هناك محاولة في تسعينات القرن الماضي ،بتعاون مع وزارة الثقافة ،إلنشاء هيئة المترجمين المغاربة وفـق خطة متكاملة لـتـعـزيز الجهود التي تـبـذل في الفضاء العـربــي الذي يسعى إلى تـدارك النقص المهول في مجال الترجمة؛ لكن المشروع أقـبـر وظلت المبادرات الفردية هي السائدة ،وهي جد محدودة قياسا إلى مـا يـنـجـزه المركز القومي في مصـر ،أو هيئات أخرى في اإلمارات والكويت...أمـا بالنسبة لـتـرجمة أعمال مغربية إلى لغات أجنبية ،فـالمسألة ال تخضع لـرغبة ذاتية أو مبادرات فـردية ،بــل هي مـتعلقة أساسا بـإرادة و"اختيار" دور النــشـر األجنبية التي هي مؤسسات حـرة وتختار وفـق أذواق واهتمامات القـراء األجانب الذين يقـتـنون الكتب ويتـيحون لدور النشـر االستمـرار .لذلك فـإن تـرجمة أعمال أدبية مغربية بمبادرات فـردية لـن تـنجح في إقناع الناشرين األجانب وبالتالي لن تـوفــق إلى تـسويق الكتاب المترجم وتوصيله إلى قـرائه المحتمـلين .إن عملية الوصول إلى القراء األجانب عملية جد مـعقدة ،وال مـناص من أن تأتي المبادرة من "اآلخـر" المتـابع لما يـنـشـر عبر لغات العالم؛ ومقايـيـسه تـتراوح بين الجودة الفنية العالية (ظاهرة رواية الواقعية السحرية في أمريكا الـالتـينية ،مثال) ،أو البحث عن نصوص تـقدم "شهادة" عن أوضاع سياسية متردية أو سلوك اجتماعي يستـحق الفضح .ونـتيجة لهذا الوضع الترجمي المعقد ،نالحظ أن الزمالء العرب الذين يكتبون مباشرة بالفرنسية أو اإلنجليزية ،سرعان ما يشقون طريقهم مستـفـيدين من الـبنـيـات الثقافية وأواليات التوزيع ذات الخبرة الواسعة ،...علما أن عدد الذين يكتبون بالعربية هم أضعاف أضعاف زمالئهم الكاتبين بلغة أجنبية. س :هل صحيح أن الروائيني النقاد يتوفقون أكثريف كتابة الرواية مقارنة مع غريهم من الكتاب باعتبارأنهم يشتغلون على بنيات الرواية برؤية أكادميية وعاملة بأدوات خمتربها السردي ؟ ج :ال أرى أن الروائيـين الـنقاد يتوفقون أكثـر في كتابة النصوص السـردية ،ألن الجودة تـعود إلى عـناصـر متعددة تـتـخطى المعرفة األكاديمية والنـقدية .وفي طليعة عناصـر التجـويد الروائي ،الموهبة والتجربة الحياتية الواسعة ،وصوغ رؤية إلى العالم تسـعف القارئ على فـهـم مجتمعه بعيدا من النظـرة الوثوقية المسبقة .يـضاف إلى ذلك ،عالقة الروائي باللغة ومستوياتها المتعددة الكاشفة لخلفية األفكار والمواقف المتحكمة في جـدلية المجتمع والعالم...وإذا اعتمدت روايات على وصفة أكاديمية جاهـزة، فـإنها قد تؤول إلى إنـتـاج نصوص بـدون نـكهـة أو روح تزرع فيها الحياة .لكن ،يجب التـنـبـيـه إلى أنه من غير المقبول اليوم ،أن يـزعم روائي أنـه يكتب اعتمادا على السـليقة أو التلقائية دون االلتفات إلى ما أنجـزه كتاب كبار من قبله .إنه ال مناص للروائي من أن يسـتوعب تاريخ الرواية العالمية ،وأن يتمعـن
Page 4
في األشكال وطرائق السرد التي تكون معلما بارزا في منجـزات الرواية الكونية .من غير ذلك سيكون الروائي معرضا للوقوع في التكرار والعجز عن إيجاد الشكل المالئم لتجربته الروائية. س :بارتباط مع السؤال السابق ،من رواية لعبة النسيان إىل رواية الضوء اهلارب هل ميكننا أن نتحدث عن مالمح مشروع روائي يقتعد على خلفية عاملة بالنظرية النقدية من جهة ومن جهة أخرى على ذاكرة إجتماعية وثقافية وسياسية حتفريف ثالوث الذاكرة واملوت واملرأة ؟ ج :أنا ال أمـيل إلى استـعمال كلمة "مـشـروع روائي" ،ألن الكتابة عـنـدي هي مـغامرة وتجـريب .ومن الصعب في هذا المضمار أن نتحدث عن مشروع محدد المالمح واألهداف .ربـما مع طول الممارسة تأخذ بعض المكونات الروائية في الـتـبـلور والـطـفـو ،لـتمـيـز عالمي الروائي .وقد أشـرتم إلى بروز اهتمامي بثالوث الذاكرة والموت والـمرأة ،وهي عناصر تشغلني إلى جانب أخـرى داللية وشكلية .فأنا أسعى إلى كتابة الذاكرة المختلفة عن محاكاة الواقع واستـنساخه .وأعـتبـر التعدد اللغوي وتعدد األصوات عنصرا مهما في بناء عالم روائي متميـز وصوغ رؤية خاصة إلى العالم .لكن ،في اآلن نفسه ،أحاول أن أتعامل مع جميع الـتـيمات والموضوعات على قدم المساواة ،ألن الحياة ال تستـقيم إذا قـصـرناها على مجاالت دون أخرى .بعبارة ثانية ،العواطف والسلوكات واألفكار تــتجاور وتـتقاطع وتـتبادل التـأثـير، وال يمكن أن نعزل السياسة عن الحب والجنس ،عن الوفاء والخيانة ،عن الشـر والخير ،وال التاريخ عن تجلياته المختلفة وطرائق فهمه وتأثـيره في الوعي والمصـائـر...يضاف إلى كل ذلك ،عنـصر التـخيـيـل الذي يوسع رحابة العالم ،ويسمح بفهــم مـا يجعله الواقع مـسـطــحا وفـاقــد المعنى... س :لوقمنا جبرد حلصيلة اإلصدارات اإلبداعية األدبية املغربية فسنالحظ تصاعدا متميزا يف أرقام املنجزالروائي ،هل فعال نعيش زمن الرواية وأن الرواية أضحت ديوان العرب أم أن هناك تطاوال على هذا اجلنس أعين إما هناك روايات بال روائيني أوهناك روائيني بال روايات ؟ ج :هناك بالفعل تزايد في اإلصدارات الروائية بالمغرب ،قياسا إلى ما كان عليه في ستينات القرن الماضي؛ وهي ظاهرة يمكن أن نربطها بـإمكانات الشكل الروائي في التعـبيـر عن تعقيدات الحياة المجتمعية ،واختالل القيم ،والحاجة إلى فـهم التحوالت المتسارعة في العقديـن األخيريـن...وجـنـس الرواية أقـدر-كما أوضح منظرو الرواية-على تجـسيد "نـثـريـة" الحياة والتـقاط لغة الكالم والتواصل المصاحبة لفتـرات الـتـغـيــر .إذن تـصدر الرواية لبقية أجناس التعـبـيـر ال تعني أفضليـتها على الشعر أو القصة أو المسرح .وفي اآلن نفسه ،ال يعني هذا االهتمام أن الذين سيخوضون غمار الرواية سيحققون مستوى جيدا في جمالية النص وداللته .نحن في أول الطريق ،والرواية "صـعب ســلــمها" ،ومن الطبيعي أن يفوق الـغـث السمين .وأظن أن من أسباب ذلك ،كـون الكتـاب الشباب يـتـعجـلون النـشـر وال يعملون على استـكمال األدوات والشروط التي تجعل رواياتهم قادرة على جذب اهتمام قـراء محتملين غير مستعدين لـتبديد وقتهم في قراءة لغو الكالم أو قراءة روايات ال تـبـرر سـبب وجودها بمـقاييس فنـية مقنعة... Page 5
س :دخلت الرواية العربية مع ظهورالرقمية يف جتربة جديدة ما اصطلح عليه البعض بالرواية الرقمية نذكرعلى سبيل املثال جتربة األردني حممد سناجلة الذي أصدرثالث روايات هي "شات" و"ظالل الواحد" و"صقيع" بداية هل لديكم فكرة عن هذا اإلبداع األدبي الرقمي العربي (قصة رقمية) (قصيدة رقمية) وثانيا أليس من السابق ألوانه أن نتحدث عن تأسيس لنظرية نقدية رقمية ؟ ج:أتابع من بعيد وبخبرة جد محدودة ،ما يـجـد في مجال الرقمية والنشـر اإللكتروني .وهي مسألة مهمة وستأخذ وقتا قـبل أن تفرض نفسها على عاداتنا وسلوكنا الثقافي (أقصد جيلي) .لكن ،أظن أن تـغـيـر وسائل التعـبير لن يمحو المقاييس األساس عند الـتقيـيم النقدي والفني .بعبارة ثانية ،ال أظن أن غلبة اإلبداع الرقمي ستؤدي إلى محـو مقاييس اإلبداع والجمال التي انـزرعت في نفوس البشـر منذ عصور مغرقة في الـقـدم .وكل تحول في حوامل التـعـبيـر واإلبداع قد يحمل عناصر إضافية في االقتـراب من بلورة معايـيـر جمالية ذات طـابع إنساني كـوني ،إال أن هذا المجال ال يعرف إلــغاء الـالحق للـسابق، كما الحال في العلوم. س :بني النشرالورقي واإللكرتوني ما يشبه احلرب الباردة ومن دون شك أن بوادراحلسم فيها سيكون للنشراإللكرتوني إذ أن كل اجلرائد املغربية أطلقت نسخها األلكرتونية هذا فضالعن تصاعد ملحوظ للكتاب اإللكرتوني باعتباركم من جيل الكتاب الرواد ماهوشعوركم يف حلظة إفتقاد حلميمية وملمس الورق واستبدال كتاب اجليب بكتاب اإليباد اإللكرتوني ؟ ج :فعال ،هذه مسألة تـهدد عاداتنا القـرائية والتواصلية ،إال أنها نتـيجة طبيـعية لتطورات التـقـانة وعـولـمة كل مجاالت العيش واالتصال...بالنسبة لي ،أحاول أن أستعمل الكتاب واإللكتروني حسب حاجتي إلى القراءة ونوعيتها ،فألجأ إلى المنشورات اإللكترونية عندما يتعلق األمر بمقاالت إخبارية وصحفية أو معلومات عامة .أما نصوص اإلبداع والفكر الفلسفي فأفضل االعتماد على الكتب التي تتيـح التمهل والتمحيص وكتابة التعليقات والتساؤالت...وال أظن أن الكتاب الورقي المطبوع سيتالشى من فضاء الثقافة ،ألن سحره وخصوصيته يمنحانه حق االستمرار؟ س :عشتم العديد من احملطات السياسية التارخيية املغربية والعربية من أواخراخلمسينات إىل الثورات الراهنة (حروب ،إنقالبات ،إنهياراملعسكرالشرقي ،احلادي عشرمن أيلول ، الثورات العربية ..إخل) كيف تنظرون كأكادميي وروائي عربي ومثقف إلي ماجيري من املاء إىل املاء وهل الرواية العربية قادرة على إستيعاب كل هذا الزخم وقادرة على تسويركل هذا الدم والدخان ؟ ج :هذا سؤال شاسع األطراف ال يتسع المجال هنا السـتـيـعابه؛ لكنني أرى أن حق التـعـبير األدبي والفني أضحى قائما وحاضرا لدى المبدعين العرب الذين استطاعوا ،على رغم القمع وأنظمة االستـبداد، Page 6
أن يجعلوا منه وسيلة للتـنـفيس والفضح والمقاومة .ولم تـنجح الرقابات بأنواعها أن تـكتم أنفاس اإلبداع العربي المعاصر الذي استطاع أن يصبح المـرآة الصادقة لما يجري في أعماق المجتمع وفي مسالك النفوس...لذلك ستظـل الرواية ،إلى جانب أشكال تعبيـرية أخرى ،وسيلة للمعرفة والمتعة واسـتـيـحاء الواقع المتحول وما يـكـتنـفه من تـدهور وتـمـزق .لكن المستـقبل العربي الغامض ،المجهول ،الهــش، هـو في اآلن نفــسـه ينطوي على جـدلية تحمل بـذور التـغـيـيـر وفق منطق العصـر وحاجيات مجتمعاتنا الـشـابـة .ومـثلما أن التاريخ مصنوع من الـمآسي والمهازل والخيبات والنجاحات ،فـإن الرواية هي بامتياز الشكل الجامع لكل التناقضات والصراعات والعواطف والـمفارقات... س :أخريا نود أن نستمزج رأيكم يف ظاهرة اجلوائزالعربية وما يثارحوهلا من أسئلة شائكة ، عن رمزيتها ،قيمتها املالية ،جلان القراءة واجلهات الراعية هلا وأحيانا خلفياتها السياسية ؟ ج :أجـد أن مسألة الجوائز األدبية والفكرية التي بـرزت في الحقل الثقافي العربي منذ عقود ،هي ظاهرة إيجابية ،خاصة تلك التي تصدر عن مؤسسات وأشخاص ال يمثلون نظاما سياسيا ،ويـتـوخون إسناد اإلبداع في سـياق عـربي مضاد لحرية الخلق والتعـبـير .وال شك أن المبدعين الجيدين هم في حاجة إلى جوائز تتيح لهم االستـمرار في اإلنتـاج .وعلى خالف ما يوجد في الحقول الثقافية األوروبية ،فـإن الحقل األدبي عندنا ال يتمتع باستقاللية مادية (مبيعات الكتب وحقوق المؤلف )...تتيح للمبدعين أن يعيشوا من قلمهم .وهو أمر غريب داخل فضاء عربي يضم أكثـر من 111مليون نسمة! أما مسألة تنظيم هذه الجوائز فهي تـحتاج إلى مراجعة ،ألن تـغـيـيـر اللجان في كل دورة ال يضمن العثور على مـحـكــميـن لهم الشروط المطلوبة .واألفضل أن نسلك الطريق المتبع في بعض الجوائز األدبية العالمية التي تعتمد على لجنة تحكيم قـارة ،مكونة من أعضاء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة ،ويكون من حق الجمهور أن يتدخل بمالحظاته وتقييماته بعد إعالن النتائج .ويتم تعويض األعضاء الذين تقدم بهم السـن أو التحقوا بالرفيق األعلى .لكن األهم ،هو أن تحدد الجهات الراعية للجوائز أهدافها واشـتـراطاتها ليكون المرشحون على بـيـنـة من اختياراتهم.
Page 7
حـوارمع الكاتب والصحفي حممد أديب السالوي مبناسبة تأسيس مؤسسة حممد أديب السالوي للفكرواإلبداعي املسرحي
تقديم األستاذ محمد أديب السالوي إسم إعالمي وأدبي وثقافي وفني مغربي شهيرووازن بالمغرب ،اليمكن ألي باحث اليوم أن يؤرخ لتحوالت الثقافة واإلعالم المغربيين بعد اإلستقالل من دون أن يطرق باب مكتبة محمد األديب السالوي التي تعتبرذخيرة ثقافية وإعالمية وفنية تمشي على قدمين وبمناسبة تأسيس مؤسسة محمد أديب السالوي للفكرواإلبداع المسرحي أجرت مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة الحوارالتالي: س :أستاذ حممد أديب السالوي لنبدأ حوارنا هذا من آخر جديدك فقد مت مؤخرا إطالق مؤسسة حممد أديب السالوي للفكر واإلبداع املسرحي حدثنا كيف انبثقت هذه الفكرة ومن وراء هذا املشروع املغربي الثقايف والفكري اهلام ؟ ج :أود أن أشير بداية ،قبل الحديث عن هذه المؤسسة ،إلى أن الصحافة الوطنية و الدولية ،نشرت خالل السنتين الماضيتين سلسلة رسائل ومقاالت لباحثين وكتاب وأدباء بعضها يتعلق بما أنتجته مؤخرا في الفنون المسرحية و التشكيلية ،وفي القضايا السياسية واالجتماعية ،وبعضها يتعلق بوضعيتي المادية المتردية ،فالعديد من هؤالء الكتاب والباحثين ،طالبوا برد االعتبار لمواطن أعطى خالل الخمسين سنة كل شيء ،ولم يأخذ أي شيء. هكذا بعث بعضهم برسائل خاصة إلى الديوان الملكي وإلى الوزير األول ووزير الثقافة ،تخبرهم أنمحمد أديب السالوي ،الذي دخل عقده الثامن ،وأعطى حوالي أربعين مؤلفا في مختلف الفنون و القضايا، Page 1
يعيش بال راتب ،بال تقاعد ،وبال تغطية صحية ،وأنه يتهيأ لبيع مكتبته ومنزله من أجل مواصلة الحياة الكريمة ،وبعضهم حملوا هذه الجهات مسؤولية ما يمكن أن يحدث لي بعد ذلك. طبعا ،لم تتحرك حتى اآلن أية جهة ،لمنحي"منحة" شهرية للعيش الكريم،أو إلنقاذي من هذه الحالة،وعندما استقبلني السيد وزير الثقافة مؤخرا ،أخبرني أن الديوان الملكي طلب من وزارته البحث في حالتي المادية ،وأن الوزارة أجابت الديوان الملكي بتقرير مفصل عن الموضوع...و أنه بدوره ينتظر من الديوان الملكي أن يتخذ المبادرة. في هذه األجواء ،طرحت الفكرة نفسها بالوسط الثقافي في غيابي ،فلم اعلم عنها إال في الحفل الذينظمه لي مسرح محمد الخامس ،خالل شهر نوفمبر الماضي لتوقيع كتابي" السياسة الثقافية في المغرب الراهن" حيث أعلن عنها الدكتور عبد اللطيف ندير مدير مجلة الحياة الفنية ومجلة النبوغ المغربي، مؤكدا أن المثقف الذي لم تمنحه الدولة حقه في العيش الكريم ،على مجتمعه الثقافي أن يمنحه هذا الحق ولو بطريقة رمزية. وخالل المؤتمر االستثنائي لنقابة المسرحيين المغاربة تم اإلعالن عن ميالد المرصد الوطني لنقابةالمسرحيين المغاربة ،وعن تأسيس مؤسسة محمد أديب السالوي للدراسات واألبحاث الدرامية ،لرد االعتبار لصاحبها الذي يعود إليه الفضل حسب المرصد الوطني ،في بلورة تاريخ المسرح المغربي داخل المغرب وخارجه. س :من دون شك أن هذه املؤسسة الفكرية سوف تكون ذخرية وازنة يف الذاكرة الثقافية واإلعالمية املغربية هل مت تصور ما إلسرتاتيجية عمل يف املستقبل هلذه املؤسسة ؟ ج :أتمنى ذلك ،حتى هذه اللحظة ،يلتف حول هذه المؤسسة نخبة من المفكرين و المبدعين والباحثين، نذكر من بينهم ،الدكتور عبد اللطيف ندير ،الدكتور محمد العزيز ،الدكتور عبد اهلل الشيخ ،الدكتور الجياللي الكدية ،األستاذ محمد العلمي ،األستاذ محمد السعيدي ،األستاذ محمد خشلة ،األستاذ الطاهر الطويل ،األستاذة خديجة بركات ،وغيرهم من األصدقاء والمهتمين. وحسب الورقة التي أعدتها اللجنة التي أشرفت على تأسيس هذا المشروع ،فإن ندوة موسعة سينظمهاالمرصد الوطني للمسرح المغربي قريبا ،من أجل تحديد األهداف اإلستراتيجية لهذه المؤسسة ،ورسم منهجية عملها الثقافي ،وهو ما سيكون موضوع كتاب سيصدر إن شاء اهلل في ربيع السنة الجديدة. ان أهداف هذا الصنف من المؤسسات الثقافية ،ليس فقط المحافظة على تراث صاحبها ،ولكن أيضا إشباع حاجات اإلنسان ورغباته الثقافية عن طريق إنتاج الخدمات الثقافية المختلفة. ما أتمناه لهذه المؤسسة هو: االرتقاء بالثقافة المسرحية ،لتكون حلقة إبداعية حقيقية.اإلسهام في اغتناء الثقافة بمعناها العام.الحرص على وظيفة الثقافة النقدية.Page 2
العمل من أجل أن تكون الثقافة ،هي ضمير األمة وهويتها.خلخلة المظاهر التي تكرس التخلف الثقافي القديم و الحديث على ساحتنا الثقافية الوطنية.تحرير الثقافة من هيمنة السلطة الحاكمة والنافدة والعمل من أجل االستقالل الثقافي عنمصالح السلطة وهيمنتها. العمل على إرساء ثقافة حديثة ،قائمة على حريات الفكر و الرأي والتعبير و اإلبداع.تلك هي أمنيتي...و ال شك ستكون تلك هي أمنية أصدقائي األعزاء الذين عملوا على تأسيس هذه المؤسسة. س :أعلنت مؤخرا عن فكرة تربعك مبكتبتك هلذه املؤسسة ،ما هو إحساسك وأنت ترى كل هذا الكم اهلائل من ذاكرتك ومتاعك الفكري األدبي واإلعالمي والتوثيقي يرحل من فضائك احلميمي الدافئ يف بيتك إىل مؤسسة حممد أديب السالوي ؟ ج :نعم،أعلنت مباشرة بعد تأسيس هذه المؤسسة في مدينة المحمدية ،تبرعي بمكتبتي الخاصة لها، ومكتبتي ال تتضمن فقط ذخيرتي من الكتب التي جمعتها كتابا كتابا ،طوال الخمسين سنة الماضية ،وتعد بعشرات المئات ،تغطي مختلف العلوم و الفنون ،بل تحوي هذه المكتبة أيضا مئات الملفات الوثائقية عن كل ما يهم المغرب و تاريخه و فنونه وصنائعه وأعالمه...إضافة إلى أصول كتبي وأبحاثي ومقاالتي الصحفية ،التي يتضمنها موقعي االلكتروني ،أو التي نشرت بل ظهور االنترنيت. وقد تسألني لماذا قمت بهذه المبادرة مبكرا ،...فأجيبك بسرعة ،اتخذت هذ المبادرة خوفا من أن يصل بي جنوني إلى بيع هذه الذخيرة ،والتخلي عنها لجهة من الجهات مقابل مبلغ من المال...،و ما أشد حاجتي إليه في الوقت الراهن ،حيث علي أن أصرف على صحتي و بيتي و أسرتي ،في زمن صعب ،ال تسمح لي فيه كرامتي أن أمد يدي ألحد. وال أخفيكم ،بأني شعرت براحة شاملة ،بعد أن اتخذت هذا القرار ،فهذا الكم الهائل من الكتب و الوثائق و المقاالت و الصور ،سيخرج من بيتي ،ولكنه سيدخل مؤسستي معززا مكرما ،ليكون رهن إشارة كل الباحثين و الطلبة و األساتذة و المهتمين بالشأن الثقافي ،وهذه ستكون بال شك حسنة من حسنات هذه المؤسسة التي من بين أهدافها تنمية الفعل الثقافي ،وبلورة المبادئ الثقافية التي ناضلت من أجلها خالل حياتي اإلبداعية واإلعالمية. س :جتمع جل آراء املفكرين واإلعالميني والفنانني على أن الوطن مل ينصفك على نفس القدر من العطاء الذي أسديته ..ما رأيك ؟ ج :إن...أراء المفكرين واإلعالميين والفنانين ،أجمعت على أن المؤسسة الثقافية /المؤسسة الحكومية، هي التي لم تنصفني حتى هذه اللحظة .أما الوطن الذي تمثله جمعيات المجتمع المدني واألحزاب و المنظمات اإلعالمية وجماهير لقراء والمتعلمين والطلبة ،فإنه يعانقني بحرارة ،ويطالب برد االعتبار إلي ،وينظم لي في كل مناسبة حفالت تكريمية وازنة ،وهو ما يجعلني قادرا على االستمرار ،وعلى Page 3
العمل والعطاء ،ولي أن أعترف بأني ال اعرف اليأس ،إني متفائل ،لربما أشعر بالعياء ،ولكني أنتظر الفرج ،وفرج اهلل قريب. س :لنعد إىل امللف الذي أجنزته جملة إحتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة حول الكاتب املغربي وسؤال التفرغ والذي شاركت فيه مبقال هام ،أال ترى أننا يف املغرب قد حيلم الكتاب بكل شيء إال متتيعهم بالتفرغ ؟ ج:في حقيقة األمر،إننا نحلم بكل شيء ،نحلم بالحرية والكرامة وبدولة الحق والقانون..ونحلم بحق الكاتب و المبدع والباحث بالتفرغ. وال ادري ،كيف للذين يتحدثون عن التنمية الوطنية،ال يفكرون في التنمية الثقافية ،التي يشكل " التفرغ" آلية من آلياتها ،والتي يعتبرها علماء االقتصاد في العالم الحديث،البوابة األولى واألساسية للتنمية فبدون هذا الصنف من التنمية ال يمكن للتنمية الوطنية أن يكون لها وجود .ومن أجل تحقيق التنمية الثقافية الشاملة ،ال بد للدولة أن تمنح للكتاب والمفكرين و األدباء و الفنانين و الباحثين حق التفرغ للعمل الثقافي، إلعطاء التنمية الثقافية موقعها على األرض. في سنة ،6791سألت أديبا سوفياتيا بموسكو ،بعد أن أخبرني أن هذه السنة ( )6791منحت الدولة السوفياتية ألف شاعر حق التفرغ...لماذا ذلك ،قال :من أجل دعم التنمية الوطنية في االتحاد السوفياتي. في سنة ،6791أعلن المجلس األعلى للثقافة والفنون بجمهورية مصر العربية ،أن مصر منحت خالل هذه السنة( )6791ثالثمائة كاتب و باحث و فنان حق التفرغ...والهدف هو بلورة التنمية الثقافية بالبالد. إذن ،عندما أثار اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة هذا الموضوع ،الذي ما زال غائبا عنا /،ما زال حلما ضبابيا ،كان ذلك من أجل إثارة االنتباه لمفاهيم و قيم التنمية الثقافية ،التي بدأ الحديث عنها يمتد من الخطاب السياسي إلى الخطاب الثقافي...و لكن بال فائدة. س :أصدرت على مدى مخسني سنة ما يناهز أربعني كتابا ختتلف مواضيعها بني أسئلة التشكيل والسياسة والثقافة واإلعالم كما دخلت يف جتربة النشر اإللكرتوني بإصدارك أربعة كتب رقمية ،كيف تقيم درجات الربح واخلسارة يف السندين معا الورقي واإللكرتوني ؟ ج :أعتقد أنك ال تسألني عن الربح المادي ،فهذا األخير منعدم .فإذا جمعت ما حصدته ماليا من أربعين كتابا ،أصدرتها على مدى نصف قرن ،ال يكفيني لنفقات شهرين آو ثالثة من حياتي ،و هذا موضوع ال يحتاج إلى تفسير أو تعليق ،فهو معروف لدى كل من يؤلف الكتب في بلد متخلف ثقافيا ،ال يعتمد في عمله على إستراتيجية و ال منهجية ثقافية. أما إذا كان سؤالك يتجه نحو الربح المعنوي ،فأؤكد لك أن خزائن الدنيا ال تكفيني لخزن أرصدتي المعنوية ،إن األربعين كتابا ،جعلتني صديقا محترما محبوبا لدى ماليين الناس في المغرب و العالم العربي ،جعلتني سعيدا بعالقاتي اإلنسانية ،جعلتني معززا مكرما من طرف شرائح من الناس لم أعرفهم مباشرة ،و لم ألتق بهم مباشرة ...وهو شيء ال يقدر بثمن. Page 4
وعندما دخلت معكم إلى مجال النشر االلكتروني ،قلت لكم ،إني أريد أن أؤسس معكم مستقبال افتراضيا بالمغرب والعالم،وإني على يقين أني سأعانق في المدى القريب ،ماليين القراء الجدد ،الذين يتخذون من االنترنيت مدرستهم...ووجهتهم الثقافية. وعلى أن أخبركم بهذه المناسبة ،بأني أهيئ لمجلتكم الغراء خالل السنة الجديدة ( )4162أربعة كتب جديدة ،إضافة إلى الجزء الثالث و األخير من مذكراتي اإلعالمية. ما أتمناه ،هو أن يتضاعف التواصل مع موقع مجلتكم الرائدة ،حتى تصبح هذه المجلة منبرا لكل األدباء والفنانين والباحثين المغاربة ،الذين يرغبون االنخراط ،في فضاءات الحداثة. س :أال ترى أن النشر اإللكرتوني قد قوض هيبة الكتاب والصحافة الورقية بشكل عام ؟ ج:سيحدث ذلك بكل تأكيد في المستقبل القريب ،وهو ما يتطلب إيجاد قوانين للنشر...وللقراءة االلكترونية ،كما هو موجود في أوروبا ،والواليات المتحدة ألمريكية ،هناك للنشر االلكتروني شروطه و للقراءة ثمنها ،وهو ما يجعل الثقافة حية /نشطة /فعالة على كل الواجهات. س :أليس جيلك حمظوظا اليوم بتجريبه لشتى وسائل التواصل من زمن الورق حتى زمن الفيسبوك واإلمايل ؟ ج :إن جيلي محظوظ بكل تأكيد عاش كل التطورات التي عرفتها وسائل اإلعالم والتواصل...شخصيا عملت في الصحافة التي كانت تعتمد على حروف الرصاص ،وعلى الصور الحديدية ،وعلى طباعة اللون الواحد ،وعملت في الصحافة التي تطبع باألقمار االصطناعية في خمس عواصم ي لحظة واحدة. وإذاعيا ،عملت في االستوديوهات التقليدية الخشبية ،كما عملت في االستوديوهات االلكترونية التي تعتمد الحاسوب ،وتلفزيا عملت في األبيض واألسود /االستوديوهات األرضية المحدودة ،وعملت في الملونة ذات البارابول الدولي المفتوح ،والتي تلتقط رسائلها المرئية من أقصى أنحاء العالم ،بلمسة أصبع. وافتراضيا ،ها هم األحياء من جيلي ،يعيشون ثقافة الفيسبوك وثقافة البريد االلكتروني /والموقع اللكتروني ،وثقافة الهاتف النقال /الهاتف الذكي الذي يفتح لك آفاق التواصل بالصوت والصورة ويزودك بكل المعلومات الجغرافية عن المتكلمين معك من أنحاء الدنيا المختلفة. عندما كنت اعمل رئيسا للتحرير في منظمة الطيران والفضاء ()6771-6792بالمملكة العربية السعودية ،شاهدت كيف يتلقى الحاسوب األرضي ،الرسائل الكتابية و المصورة عن 'بعد عشرة آالف كلم) من طيران المراقبة العسكرية ،كما شاهدت الحواسب المتخصصة وهي تتلقى تقارير االستعالمات العسكرية العابرة للقارات ،إنها الوسائل التي لم تكن متاحة للجيوش قبل سنوات،والتي كتب لي أن أعيشها على أرض لواقع. نعم ،يمكن القول أن جيلي محظوظ ألنه عاش منجزات القرن التاسع عشر ،وتطوراته التكنولوجية في اإلعالم واالتصال ،كما عاش /يعيش -في ذات الوقت -تطلعات األلفية الثالثة في هذا المجال. Page 5
س :من دون شك أنه كان بوسعك أن تكون ملحنا أو مذيعا أو ممثال على غرار العديد من أقرانك وأصدقائك قبل وبعد االستقراء مثل أمحد الطيب لعلج وعبدالوهاب الدكالي وعبداحليم السقاط وغريهم ،ما هي الرسالة اليت ميكن أن توجهها اآلن من موقعك كصحفي وكاتب ؟ ج:نعم ،جربت حظي مع المسرح ،في نهاية العقد الخامس من القرن الماضي ،حيث انخرطت سنة 6799في فرقة عبد القادر البدوي بمدينة الدرالبيضاء ،وتعرفت من خاللها على النصوص المسرحية العالمية والعربية ،وعلى تقنيات الخشبة وشروطها وثقافتها ،وعلى أعالم المسرح المغربي في تلك الفترة وكنت أسعى أن أصبح ممثال ولكن الظروف الحياتية ،جرتني إلى الصحافة ،التي جعلتني أتعرف أكثر على فنون الخشبة وفنون الموسيقى والتشكيل والسينما ،بل جعلتني انخرط في هذه الفنون من خالل المتابعة و النقد و القراءة و التحليل اليومي و المباشر. هكذا وبعد نصف قرن من معايشة هذه المجالت والتساكن معها إعالميا و ثقافيا ،وجدت نفسي جزء ال يتجزأ منها ،فأنا صديق لكل الفنانين ،في كل المجاالت و القطاعات ،وأنا أيضا ناقد ومؤرخ و باحث، أعمل في فضاءاتها جنبا إلى جنب مع أعالمها و الفاعلين بها. ما أتمناه للمجاالت الفنية ،وهي تنتقل إلى األلفية الثالثة ،أن تنخرط بفعالية في ثقافة القرن الواحد والعشرين /أن تستفيد ليس قط من أساليبها ومناهجها في اإلنتاج ،ولكن في أساليبها التسويقية والتنظيمية أيضا. ما أتمناه أوال وأخيرا ،أن تستطيع وزرة الشؤون الثقافية التي ترعى وتؤطر المجاالت الفنية المغربية ،أن تحافظ على هوية الفنون المغربية ،وأن تدعم فاعليتها على أرض الواقع ،بما تملكه من إمكانات ووسائل وسياسات. س:صدر لك جزأين من مذكراتك اإللكرتونية كيف كانت أصداؤها يف أوساط املثقفني ومتى سنرى األجزاء املتبقية ؟ ج:األصداء التي وصلتني حتى اآلن ،تتمنى أن تستفيد المعاهد اإلعالمية في المغرب من هذه المذكرات، بما تحمله من تجارب و نضاالت في سبيل مهنة نظيفة ،بعيدة عن المزايدات السياسية. وفي هذا الموضوع ،أخبرني طالب بكلية اآلداب و العلوم اإلنسانية بالرباط ( محمد بن عبد اهلل السماللي) بأنه سيجعلها موضوعا لدبلوم الماستر ،في علم التاريخ. أما عن باقي أجزاء هذه المذكرات ،فستكون جاهزة للنشر بحول اهلل في ربيع السنة الجديدة ،4162إن أطال اهلل عمرنا. س :كلمة أخرية إىل كل الفاعلني يف احلقل الثقايف املغربي الراهن وإىل وزير الثقافة الذي سيأتي بعد حممد أمني الصبيحي ؟ Page 6
ج :كلمتي للفاعلين في الحقل الثقافي ،هي اعتراف بعضهم ببعض ،ألن االعتراف باآلخر فضيلة أخالقية ال مثيل لها. أما كلمتي للسيد وزير الثقافة القادم ،بعد األستاذ محمد أمين الصبيحي ،أن ال يقبل بشروط السياسات الحكومية الفاشلة /،أن يجعل من وزرائه مؤسسة وطنية للدفاع عن الهوية المغربية /أن يبادر بتأسيس المجلس األعلى للثقافة و الفنون ،من كل الفعاليات الثقافية ،وأن يكلفه بوضع إستراتيجية ثقافية قوية /،أن يجعل من " تفرغ الكتاب واألدباء والباحثين والفنانين ،القادرين على اإلنتاج قراره األول ،ذلك ألن التفرغ هو بوابة أولى للتنمية الوطنية". سيــرة خمتصـــرة اإلسم الكامل :محمد السالوي األندلسي إسم الشهرة :محمد أديب السالوي من مواليد مدينة فاس سنة 6797 تابع دراسته ،بجامعة القرويين بفاس ،وقام بعدة تداريب في اإلعالم والصحافة ،بمصر ،ولبنان ،وألمانيا الغربية. :1983-1961 عمل محررا ،وسكرتيرا للتحرير ومديرا للتحرير بعدة صحف مغربية ،منها :جريدة األنباء (صادرة عن وزارة االتصال) جريدة العلم (صادرة عن حزب االستقالل) جريدة الصحافة (مستقلة) كما عمل خالل هذه الفترة ملحقا ثقافيا بالمكتب الدائم للتعريب بالرباط (التابع لجامعة الدول العربية) ،ومنسقا ومستشار للتحرير في مجلة اللسان العربي ،الصادر عن مجاميع اللغة العربية :1990-1983 رئيس تحرير بمنظمة الطيران والفضاء البريطانية وملحق إعالمي بإدارة التدريب الجوي ،للقوات الجوية الملكية /الرياض-المملكة العربية السعودية :1997-1991 مدير رئيس تحرير الجريدة الشعبية (حرة مستقلة) – الرباط :2004-1997 مستشار في اإلعالم واالتصال بوزارة المياه والغابات /مستشار بوزارة الصيد البحري /مستشار بوزارة التكوين المهني – الرباط :2007-2004 منسق عام لجمعية الزاوية الخضراء للتربية والثقافة -المملكة المغربية المجالت العربية التي شارك في تحريرها: Page 7
مجلة اآلداب /بيروت مجلة المعرفة /دمشق مجلة األقالم /بغداد مجلة البيان /الكويت مجلة العربي /الكويت مجلة الفيصل /الرياض مجلة فنون /بغداد مجلة الفكر /تونس مجلة العربي /الكويت مجلة مجرة /القنيطرة -المغرب مجلة اليمامة /الرياض مجلة دعوة الحق /الرباط مجلة الثقافة المغربية /الرباط مجلة حوار /باريس مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة /فاس -المغرب إصداراته األدبية والفنية والسياسية •ديوان المعداوي باالشتراك مع أحمد المجاطي وإبراهيم الجمل دار 1965: البيضاء( .منشورات اتحاد كتاب المغربي العربي) الكتاب/الدار •المسرح المغربي من أين وإلى أين؟ 1975: وزارة الثقافة واإلرشاد القومي/سوريا •االحتفالية في المسرح العربي 1981: الموسوعة الصغيرة /وزارة الثقافة واإلعالم ،بغداد/العراق •أعالم التشكيل العربي بالمغرب 1982: وزارة الثقافة واإلعالم بغداد/العراق •التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة 1983: وزرة الثقافة واإلرشاد القومي دمشق/سوريا •قضايا مغربية 1984: دار األندلس /بيروت •إعالم المسرح المغربي الحديث 1985: دار األندلس /بيروت Page 8
•الشعر المغربي (مقاربة تاريخية) 1986: دار إفريقيا الشرق/الدار البيضاء •المسرح المغربي ،البداية واالمتداد 1996: دار وليلي للطباعة والنشر/مراكش •تضاريس الزمن اإلبداعي 1996: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •هل دقت ساعة اإلصالح..؟ 1997: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •المخدرات في المغرب وفي العالم 1997: دار البوكيلي للطباعة والنشر /القنيطرة. •الحروفية والحرفيون 1998: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •الرشوة/األسئلة المعلقة 1999: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •أطفال الفقر 2000: دار المعارف الجديدة/الرباط •االنتخابات في المغرب ...إلى أين؟ 2001: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •السلطة وتحديات التغيير 2002: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •المشهد الحزبي بالمغرب :قوة االنشطار 2003: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •اإلرهاب يريد حال 2003: دار البوكيلي للطباعة والنشر/القنيطرة •عندما يأتي-الفساد 2008: كتاب الحدث ،جريدة الحدث/الرباط •التشكيل المغربي ،البحث عن الذات 2009: دار مرسم /الرباط •السلطة المخزنية /تراكمات األسئلة 2010: دار الوطن /الرباط •أية جهوية لمغرب القرن الواحد والعشرين 2010: Page 9
دار الوطن /الرباط •مائة عام من اإلبداع التشكيلي بالمغرب 2010: دار مرسم /الرباط •المسرح المغربي ،جدلية التأسيس 2011: دار مرسم /الرباط •المغرب األسئلة والرهانات 2011: مطابع الرباط نت المغرب •السياسة وأخواتها 2012: مطابع الرباط نت المغرب •الحكومة والفساد ،من ينتصر على من؟ 2012: مطابع الرباط نت المغرب •التشكيل المغربي بصيغة المؤنث 2013: نقابة األدباء والباحثين المغاربة /الدار البيضاء •السياسة الثقافية في المغرب الراهن 2013: مطابع الرباط نت •المسرح المغربي ،المسالك والوعود( باالشتراك مع ناد مغاربة آخرين) 2013: الهيئة لعربية للمسرح /الشارقة /اإلمارات العربية المتحدة اإلصدارات االلكترونية 2013:مذكرات الصحفي محمد أديب السالوي (أوراق خارج األقواس -الجزء األول) مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة 2013:مذكرات الصحفي محمد أديب السالوي (أوراق خارج األقواس -الجزء الثاني) مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة 2013:السلطة المخزنية :تراكمات األسئلة (الطبعة الثانية) مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة 2013:الحكومة واألزمة ،من يقود من...؟ مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة تحت الطبع الفنون التقليدية المغربيةالرباط نت اللغة العربية ،قضايا واشكاالتمنشورات الزمن – الرباط Page 10
األزمة المغربية بألوان الطيفالرباط نت /الرباط قراءات في التشكيل المغربي الحديثدار مرسم /الرباط جوائز وشهادات 1983:حاصل على الميدالية الذهبية عن أبحاثه في الفن التشكيلي المغربي من البنيالي العالمي للفنون التشكيلية بالقاهرة /ج.م.ع. 1984:حاصل على جائزة الكتاب عن التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة ،من معرض الكتاب بدمشق /الجمهورية السورية. 2012:حاصل الدرع الثقافي لجمهورية مصر العربية (المركز الثقافي المصري /الرباط) 2013:حاصل على جائزة النقد التشكيلي ،ربيع سوس التشكيلي /أكادير
Page 11
حوار خاص مع الشاعرة املغربية األصيلة أمينة املريين* حاورها :عبده حقي
خاص تقديم إذا كانت كل شاعرة أوشاعريخصب ويسقي حدائقه الشعرية من مرجعية ما قد تمتح من روافد األصالة ويقينياتها أومن رياح الحداثة وقناعاتها أومنهما معا ،فإن شاعرتنا أمينة المريني قد نسكت في معبدها الشعري وما بدلت تبديال بنفس وروح ورؤية تشربت من عتاقة العدوتين وعبق أندلسي تليد كامن بين أسواروأقواس وحارات فاس العالمة ..لقد رمنا من خالل هذا الحوارأساسا أن نكرس إليماننا ومبدئنا بحق اإلختالف بأن يكون فسحة بوح إن لم نقل منبرإعترافات جريئة غيرمسبوقة تصدع بها الشاعرة األصيلة أمينة المريني باعتبارها صوتا شعريا نسويا صوفيا مغربيا جاهد واستمات وأصرمنذ أربعة عقود ومايزال على أن يبقى وفيا للجذورالروحانية والصوفية الكامنة في الوعي مجتمعاتنا العربية اإلسالمية ...في هذا الحوارالمكاشفة نتعرف مع شاعرتنا على أسباب الشعروأسباب التصوف وأسباب هذا اإلختيارالصعب بالرغم من كل هذه التحوالت التاريخية الجدلية والجمالية والشعرية والموضوعاتية التي عرفتها القصيدة العربية. ـــ "لوال معارك اإلقصاء التي خضتها في التسعينيات مع ظاهرة الشللية الثقافية التي جملت وجوها وقبحت أخرى لتأخرالنشرعندي أكثر " ـــ "أنا مفتونة منذ الطفولة بالمساجد كنت أتطوع وأنا طفلة أنا وأختي لتنظيفها ،مفتونة بالمآذن و بالمزارات وبطقوس رمضان والعيدين" ـــ "أخطا من استسهل قصيدة النثر وأخطا من ازدرى قصيدة الوزن .....فاألولى " Page 1
ـــ "أتصور ان عولمة االقتصاد والسياسة التعني عولمة الهويات والمجتمعات االسالمية والقضاء على الخصوصيات " ـــ "الحرية مكفولة للبشر بموجب قانون سماوي قبل المواثيق االنسانية ،لكن حين تمس الثوابت والمقدسات كالدين والوطن واللغة" ... س :األستاذة أمينة املريين هل تتذكرين أوىل خربشاتك الشعرية قبل أربعة عقود ونيف؟ وماهوالعامل السري أوالعلين الذي جعل من أمينة شاعرة وليست قاصة أوروائية أوحتى طبيبة أطفال مثال ؟. ج :أتذكرأن أولها كان بداية السبعينيات من القرن الماضي حين كنت تلميذة بثانوية أم البنين .أكتب خواطر وأعرضها على أساتذتي فيأخذونها بالتوجيه....توجهي الشعري يعود الى والدتي/اطال اهلل عمرها/فهي التي حببت الي الشعر كنت أصغي اليها وهي تتغنى بصوت جميل بأشعار المرحوم عالل الفاسي..هذا الصوت المنقوش في الذاكرة هوالحبل السري الذي "يربطني بكوكبة الشعراء س :حينما نتحدث عن أمينة املريين الشاعرة من مدينة فاس يتبادرإىل ذهننا توا القاصة خناتة بنونة مثال على إعتبار أنكما من نفس اجليل تقريبا وأنكما تتقامسان نفس الشروط اإلجتماعية والثقافية اليت أسهمت يف تكوينكما إىل أي حد هذه املقارنة صحيحة ؟ ج :ولدت فجراالستقالل بينما األستاذة خناثة ولدت سنة....0491وسميت باسم الألميرة المرحومة لال أمينة شقيقة الملك الراحل الحسن الثاني ..كان والدها المغفور له محمد الخامس محبوبا من شعبه...حديث والدي بعد ذلك عن الكفاح الوطني حيث كان صانعا تقليديا انخرط الى جانب بعض الصناع في حركة المقاومة بفاس رسخ في نفسي عشقا قويا للوطن ...بيئة فاس ايضا بمساجدها ومآذنها وأضرحتها وكتاتيبها وأهلها المحافظين شكلت تجربتي..أي أديبة أوأديب عاش في فاس تجد في روحه عبق المآذن ونفحات القرويين وأنوار سيدي أحمد التيجاني ..وإشراقات سيدي علي بوغالب.... س :طيب بعالقة بالسؤال السابق لوكنت قاصة أو روائية هل ستنحوكتاباتك نفس املنحى الصويف الروحاني اإلسالمي أم أن القصيدة هي القالب واملعماراألدبي األنسب لتوجهك واختياراتك املوضوعاتية ؟ ج :الرؤية األدبية مشروع األديب يشكل من خالله أعماله ويجعلها جسما متناميا يقدم من خالله وعيه بالعالم وفيها من الكشف الفني والشمولية ما يسمو بالقوالب وأي قالب هو مجرد عارض واتفاق بينما الجوهر هو الرؤية الشعرية التي تمتح إشعاعاتها من التجربة اإلنسانية وتعبرعن قدرات المبدع وخبرته في الخلق واإلبداع قبل أن نتحدث عن المعمار يجدر أن نعرف هل األديب يمتلك رؤية أو مشروعا أم ال س :من من الشعراء الرواد املغاربة من أثروا أوتأثرت بتجاربهم الشعرية التقليدية قبل مخسة عقود يف فاس ،أويف املغرب والعامل اإلسالمي بشكل عام ؟ Page 2
ج :أنا قرأت قبائل الشعراء منذ امرئ القيس وحفظت من عيون الشعر الكثير ثم نسيت..وربما هذا الذي أورثني حاسة موسيقية قوية .علم العروض ال يصنع شاعرا إنما الحفظ الذي أشارإليه الجاحظ هو الذي يقوي ملكة الشعر....لكن أظل معجبة بالحلوي والجواهري والسياب والمتنبي وجوته وجالل الدين الرومي وابن عربي....وغيرهم. س :لوطلبنا منك تصنيف حصيلة منجزك الشعري منذ البداية إىل اليوم إىل أي األغراض تنتسب قصائدك هل إىل الشعرالكالسيكي أم الصويف أم اإلسالمي أم التقليدي ؟ ج :واهلل هذا عمل موكول الى الناقد ..وإن كنت أعتقد ان اإليديولوجيا إذا دخلت األدب أفسدته لكن الشاعر يجب أن يجعل الشعر هدف الشعر....فالقصيدة الناجحة هي التي تكتب فقط من أجل الشعر وهي التي تقود وال تقاد وهي التي تفاجئ والتفاجأ وألن الشاعر إنسان واالنسان بفطرته نزاع الى األنقى واألسمى فال بأس اذا وجه الشعر الى تسديد افعاله الناطقة الى جهة الحق والخير للوصول الى السعادة القصوى س :طيب إىل ما يعزى تأخرك يف النشربعد جتربة طويلة ناهزت أربعة عقود مل خيرج قطافك األول (ورود زناتة ) إال سنة 0441ملاذا ؟ ج :أعرف شعراء كثيرين لديهم حصيلة ثالثة دواوين ولم ينشروا إلى حد اآلن ..في البدء لم أكن مهتمة بالنشر ..ولوال معارك اإلقصاء التي خضتها في التسعينيات مع ظاهرة الشللية الثقافية التي جملت وجوها وقبحت أخرى لتأخرالنشرعندي أكثر لكنه أصبح تحديا وأصبحت الجوائز تأكيدا للذات وغدا خوض المعترك ضرورة فإما أن يكون الشاعر شاعرا أو ال يكون. س :باإلضافة إىل ديوانك البكر(ورود زناتة ) صدرت لك أيضا :حرة يف ظل اإلسالم ( ) 0441 وسآتيك فردا ( ) 1110واملكابدات ( 1112املكاشفات ( )1111املالحظ من خالل عتبات العناوين هناك تدرج موضوعاتي من التيمة الدينية الواضحة إىل طرق التيمات الصوفية من خالل العناوين ما رأيك ؟ ج :أزعم أنني متخصصة في الكتابة الصوفية ذات الجذور الدينية الصريحة....وتلك نتيجة حتمية أنا عشت في بيئة محافظة ..وجو فاس الروحي ألهمني كثيرا وشكل تجربتي أنا مفتونة منذ الطفولة بالمساجد كنت أتطوع وأنا طفلة أنا وأختي لتنظيفها ،مفتونة بالمآذن و بالمزارات وبطقوس رمضان والعيدين كما أن النص الصوفي هو حنيني الى المطلق ومركبي للبحث عن الجمال األعلى بالتخلص من األسر المادي حسب تعبير ابن سينا .النص الصوفي ينع بذوري األولى إنه ليس تصاوفا بل هو فعل حقيقي لصقل الروح من صدا الوجود ولذلك يصعب فصله عن هويتي الدينية ولست مع بعض الشعراء الذين رفضوا االنتماء الديني في نصوصهم الصوفية النهم بذلك.
Page 3
س :يف خضم املئات من األصوات النسائية الشعرية يف املغرب اليوم كيف تنظرالشاعر(األصيلة ..احملافظة ) أمينة املريين إىل خصوصية القصيدة النسائية ؟ ج :ال أتحمس كثيرا لتصنيف الشعر إلى نسائي ورجولي .فالشعر هو شعر اإلنسان ال شعر رجل وامرأة ....فمثال من يقرأ شعري غير موقع باسمي يصعب عليه عند غياب القرينة أن يجنس شعرى... س :الأحد ميكنه مصادرة إي إنسان احلق يف حرية التعبري لكن أال ترين أن إستسهال قصيدة النثر هو من بني األسباب اليت أسهمت يف تفجريكل هذه املئات من األصوات على النت ؟ ج:أخطا من استسهل قصيدة النثر وأخطا من ازدرى قصيدة الوزن .....فاألولى لم يقعد لها بعد ولذلك من يقتحمها أشبه بمن يقتحم األدغال الفاتنة ألنه قد يضيع الطريق إليها..أما الذين يزدرون الثانيه ــ قصيدة الوزن ــ فانهم لم يعدوا أن يكونوا تابعين لحداثة غريبة عنا وهناك فريق يستسهل قصيدة الوزن فيسقطون في النظم ...الوزن ليس قيمة شعرية مطلقة..والشاعر الشاعر ..يقدر على كل األشكال أويتجاوزها ..كما فعل أدونيس ..القصيدة عندي ال تكون قيمة بشكلها ولكن بالصورة واللغة والرؤيا....اذن اصبح متجاوزا ذاك الصراع حول االشكال ...وقد أصاب الجاحظ حين اعتبرالشعر صياغة وضربا من التصوير وبذلك تجاوز الوزن ألنه معيار تقليدي وهناك تجارب نثرية غنية بالشعرية الخالقة وهناك نماذج موزونة تصيب بالغثيان ...ويمكن أن نجلو من نظرية النظم عند الجرجاني آفاقا رحبة في الكتابة الشعرية....أما ما نراه على النت.فهو حادث أيضا على الورق.. .ففي كل منهما تصادف شعراء وأشباه شعراء... س :من دون شك أن اإلنرتنت وشبكات التواصل اإلجتماعية قد أسهمت كثريا يف تقريب القارئ املغربي والعربي من جتربتك الشعرية ،ماهورأيك وأين تفضلني إقامة قصائدك حتت سقف من ورق أم حتت أعمدة أضواء النشراإللكرتوني ؟ ج :نشرت إلكترونيا خالل فترة محدودة ولم أنشر بعدها إلسباب أولها أنني أتلمس خطواتي االولى في هذا المضمار...ومنها ان هذا النوع من النشر يدخل في مجامالت وردود قد يضيق وقتي عنها ألنه موزع بين العمل والكتابة والنوم الباكر ...ومن اللياقة أن نرد ونتتبع في لباقة ...ناهيك أن بعض نصوصي تعرضت على أيدي البعض للمسخ....إضافة الى ما أعرفه في النت من مجامالت مجانية ومناوشات كالمية ومقالب وتصفية حسابات..في غياب أية رقابة .....وتحضرني أمثلة كثيرة منها أن شاعرا عراقيا أقحم نفسه في أمر يخص القصيدة المغربية في معرض رده على شاعرة من المغرب لها وزنها....فكان ماكان من شتيمة وتعريض فلماذا يدخل االنسان نفسه في مازق هو في غنى عنه؟؟ أنا مع االنفتاح على الجديد ولكن بتوفر ضمانات قانونية أواخالقية..... س :لنبقى يف موضوع مقالب اإلنرتنت مما الشك فيه أن تكنولوجيا املعلومات والتواصل واإلنرتنت أيضا قد قلبت الكثريمن يقينياتنا الثقافية والسياسية والروحية يف ظل إنتفاء سلطة الرقابة واحلجزواملنع ماهوتصورك لواقع ومستقبل اجملتمعات العربية واإلسالمية ؟ Page 4
ج :أتصور ان عولمة االقتصاد والسياسة التعني عولمة الهويات والمجتمعات االسالمية والقضاء على الخصوصيات ،خصوصا وأن هذه المجتمعات تصدر من تصور شمولي للكون والحياة ويبقى على القيمين ترسيخ الوعي لدى الشباب بهويتهم ونفحهم برشفات نورانية تقوي وتحصن الذات ...العولمة كما يقول الجابري قطار يمر بنا ركبناه ام لم نركبه ....ولذلك يجب ان نعرف كيف نركبه س :يتصدراملشهد احلقوقي النسائي يف املغرب الواجهة النضالية على املستوى العربي واإلسالمي إنطالقا من توجهك األدبي اإلسالمي (احملافظ) كيف تنظرين إىل جرأة بعض النساء املغربيات اليوم يف ظل احلقوق الكونية اليت أقربها دستوراململكة واملواثيق الدولية ؟ ج :الحرية مكفولة للبشر بموجب قانون سماوي قبل المواثيق االنسانية ،لكن حين تمس الثوابت والمقدسات كالدين والوطن واللغة ...فانها تتحول الى فوضى ...فكيف يتم تجريم التعدد في مجتمع مسلم وهلل من حكمته شؤون؟ وما األفضل أن تتعدد الزوجات أم الخليالت!؟ وكيف يهاجم نظام االرث وأنا أعلم أنه نظام عادل بحكم أن المراة في الحقيقة ترث أكثرمن الرجل فلوافترضنا أن نصيبه 91و نصيبها 11 فهو مطالب باالنفاق شرعا بينما هي غيرملزمة بها فالواجب أن ينفق عليها وتحتفظ بمالها زيادة على ذلك ،وإذا تكلفت المرأة عندنا باإلنفاق من مالها فانما يكون ذلك عن طيب خاطر منها .وانخراطها اآلن في النفقة إنما يعود إلى متغيرات العصر والى رياح التغريب التي هبت علينا س :طيب هذه إشكالية طبعا اليسع اجملال للخوض فيها باستفاضة يف هذا احلوار ...األستاذة أمينة املريين خضت جتربة إعالمية إذاعية بتقدميك لربنامج إذاعي باإلذاعة اجلهوية بفاس "الواحة الشعرية" كيف كانت أصداء الربنامج وإىل أي حد أسهم يف تفتق مواهب لشواعروشعراء قادمون ؟ ج:قدمت البرنامج خالل تسع سنوات تعرفت من خالله الى حساسيات شعرية مختلفة في الزجل والفصيح والحساني واالمازيغي---وأجريت حوارات مع شعراء شباب لهم حضورهم اآلن في المشهد الشعري ثم غادرت اإلذاعة باختياري حين أحسست أن بعض الظروف قد تغيرت لكن عوضني اهلل بانشغال آخر بالفئة الشابة حين أصبحت عضوا بالمكتب التنفيذي التحاد كتاب المغرب مكلفة بابداعات الشباب... س :حصلت على عدة جوائزحملية وعربية هل اجلوائز األدبية ضرورية يف مساراملبدعة ؟ ج ــ الجائزة أساسية في مسير المبدع خصوصا العصامي الذي ال يتسلق كذا النشرالمستمر وحضور اللقاءات الشعرية بعيدا عن االنتقائية والنرجسية بعض الشعراء عافاهم اهلل اليحضرون قراءة حتى يسالوا عمن سيقرأ معهم وبعضهم يشترط أسماء معينة والبعض اآلخر يريد ان يكون وحده ولم يسألوا أنفسهم يوما عما اذا كان االخرون يودون حتى سماعهم مثل هؤالء اضحوا نكتة يتندر بها كذا التخلي عن الغرور والطموح القاتل ومنطق التسلق واالنتهازوالربح السريع الخطوات في هذا المجال يجب أن تكون محسوبة بالملمتر الن أي خطوة خاطئة تعرقل المسير لسنوات وأعود الى مسالة الجائزة على ضرورتها Page 5
يجب أخذ االمربروية الن بعض الجوائز قد تكون محسومة سلفا قبل المشاركة فيها وعلى كل حال فالشاعر ال يصنعه أحد وقد رأينا فقاقيع توهجت ثم بادت ..الشاعر يصنعه قلمه اليصنعه المطبلون والمهرجون والشلة واالخوانيات والقرابات وأكيد أن الناس يعبرون والشاعر الحقيقي يبقى كالنخل سامقا مهما تالطم سعفه وسيأتي على الناس زمن يجلس فيه التاريخ بحكمته المعهودة ليكتب ما مضى النه في االخير ما ينفع الناس يبقى أما الزبد فيذهب جفاء. س ــ أخيرا ماهو عنوان ديوانك القادم ؟ ج ــ لدي مشرو ع ديوان أحتفي فيه بالمكان وفاس تيمة رئيسة فيه لم اختر له العنوان بعد وأخيرا اشكركم وأتمنى لكم مزيدا من التوفيق. شكرا لك الشاعرة أمينة المريني.
تعريف بالشاعرة أمينة املريين إزدادت الشاعرة أمينة المريني سنة 0422م بمدينة فاس العتيقة ..ونشأت وترعرعت على القيم والمبادئ األصيلة ،التي تشربتها من مناهل علماء فاس ومفكريها ..درست بكتاب الحي ،ثم تابعت دراستها االبتدائية والثانوية والعالية في مدارس فاس والرباط .وعملت أستاذة للغة العربية بالتعليم اإلعدادي ثم الثانوي ..وقامت بمهمة اإلرشاد التربوي للمعلمين المتخرجين من المراكز التربوية .بدأت بكتابة الشعر منذ سن الخامسة عشرة ،حيث كانت محاوالتها الشعرية األولى .نشرت إنتاجها الشعري في مجلة (الراية) والمشكاة ومناراإلسالم ،والمنتدى ،ودفاترالمغربية ،باسم (فتاة المحيط) .هي عضو في رابطة األدب اإلسالمي العالمية وعضو في جمعية االمتداد -المكتب المركزي المغربي قامت بإعداد برنامج إذاعي (واحات الشعر) في إذاعة فاس الجهوية . حازت على جائزة الثقافة واإلعالم بوالية فاس سنة 0441عن ديوانها (ورود في زنزانة) .كما حازت على الجائزة الرابعة في المباراة الشعرية العربية التي نظمت بمناسبة افتتاح مسجد الحسن الثاني. أصدرت ديوانها الشعري األول سنة .0441حيث حددت فيه تصورها للشعر من خالل أبيات متفرقة في الديوان كقولها :وما الشعر إال ذوب روح ونغمة أليفين صيغا من لظى القلب والفكرصدر لها: ورود من زناتة ( – ) 0441دار السلمى الحديثة حرة في ظل اإلسالم ( – ) 0441مطبعة أنفوبرات – فاس سآتيك فردا ( – ) 1110منشورات حلقة الفكر المغربي – مطبعة إيميديا – فاس المكابدات ( – ) 1112مطبعة إميديا – فاس المكاشفات ( )1111منشورات حلقة الفكر المغربي – فاس
Page 6
حوار مع الدكتورحممد العمري مبناسبة صدوركتابه (رحلة يف كتاب زمن الطلبة والعسكر) حاوره :عبده حقي
خاص ــ التاريخ يحتاج إلى االندفاع واالرتداد ،إلى المجازفة والرزانة .يحتاج إلى السرفاتي والعروي متفاعلين ــ المغاربة يجهلون أن جغرافية المغرب دواء في حد ذاتها. تقديم: لماذا نكتب سيرتنا الذاتية ؟ ماهي قيمة األثراألدبي الذي قد تحفره في ذاكرة قارئها اليوم واألجيال القادمة ؟ يقينا أن لكل سيرة ذاتية جوابها الخاص ،لكن حين يفاجئنا الدكتورمحمد العمري بإصدارسيرته الثانية (زمن الطلبة والعسكر) فمن دون شك أننا بصدد أجوبة متعدد عن عملية حفرأعمق وبإصرارواثق في بئرالذاكرة الذي الو لن ينضب بكل تأكيد. (زمن الطلبة والعسكر) سيرة ذاتية ثانية بعد سيرته األولى (أشواق درعية ـ العودة إلى الحارة) وهي تشي بشهادة رصينة وواثقة عن تحوالت مغرب الستينات وما بعدها بكل توتراته السياسية واعتماالته السوسيوثقافية والفكرية… ومهما حشدنا وانتقينا من األسئلة وحاولنا اإلحاطة بذخائرذاكرة ضيفنا اليوم فإن ماتبقى من آللئ المكاشفة لهو أنفس بكثيرمما نقدمه للقراء في فقرات هذا الحوار. Page 1
واألستاذ محمد العمري من مواليد سنة 5491بقرية الحارة على ضفاف وادي درعة جنوب المغرب . وهو خبيرمعتمد لدى اللجنة الوطنية لمنح اإلعتماد في الدراسات العليا والدكتوراه التابعة لوزارة التلعيم العالي إبتداءا من 5441وعضومنتخب باللجنة العلمية لكلية اآلداب بجامعة فاس وعضومجلس الجامعة بها ،كما شغل عضواللجنة العلمية لشعبة اللغة العربية وأخيرا عضوإتحاد كتاب المغرب. حازاألستاذ محمد العمري على الجائزة الكبرى للكتاب بالمغرب عن إصداره (تحليل الخطاب الشعري : البنية الصوتية) سنة . 5441كما حازسنة 7111على جائزة الملك فيصل العالمية فرع اللغة واألدب في موضوع األبحاث التي تناولت البالغة العربية. صدرله كتاب في بالغة الخطاب اإلقناعي سنة 5491ــ تحليل الخطاب الشعري البنية الصوتية في الشعرسنة 5441ــ إتجاهات التوازن الصوتي في الشعرالعربي القديم سنة 5444ـــ الموازنات الصوتية في الرؤية البالغية ـــ اإلفراني وقضايا الثقافة واألدب سنة 5447ـــ البالغة العربية أصولها وامتداداتها ـــ دائرة الحوارومزالق العنف ـــ أشواق درعية :العودة إلى الحارة (سيرة ذاتية )5ـــ البالغة الجديدة بين التخييل والتداول ـــ منطق رجال المخزن وأوهام األصولية سنة 7111ـــ وأخيرا وليس آخرا زمن الطلبة والعسكر(سيرة ذاتية )7وهومحورلقائنا هذا. س :بداية نهنئك على إصدار سريتك الذاتية الثانية املوسومة بـ (زمن الطلب والعسكر). ومن املالحظ أن القارئ لسريتك (زمن الطلبة والعسكر) حيتاركثريا يف متاهات شعابها وتشعب رصدها ملسرية مثقف مفرد بصيغة اجلمع؛ فهو البدوي واملتمدن والعضوي وامللتزم واألكادميي ،أي االنتماءات تشعر بقربه من شخصيتك العميقة أكثر؟ ج :شكرا على اهتمامكم ،وعلى هذه الفرصة التي أتحتموها لي للتواصل مع قراء مجلة اتحاد كتاب األنتيرنيت ورواد فضائها ،أتمنى أن أكون عند حسن الظن. جوابا عن سؤالكم أقول :أريد أن أكون متمدنا ،ولكن البدوي الذي تسرب إلى داخلي في الطفولة األولى (في االثنتي عشرة سنة التي على ضفاف نهر درعة) ،ينتفض كلما كان ثمن “التمدن” (أو التمدين) مما ال يعرض تحت أشعة الشمس ،إنها عقدة الكرامة .عشنا في زمن يطلب فيه من كل راغب في “دخول ألمدينة” خلع حيائه وتقويس عموده الفقري والسير على أربع كشمبانزي ،والبدوي متصلب كأي نخلة على ضفاف درعة .ال أخفيك! حاولت معه بدون فائدة؛ عندما وصلنا كانت المدينة محتلة من طرف مخلوقات غريبة. وأريد أن أكون أكاديميا ولكن حاجيات قومي آنية ال تحتمل االنتظار .لذلك شطرت ذاتي .بين الكتابة األكاديمية المحايدة والكتابة الثقافية “المتحيزة” (إلى ما أراه حقا) .أنا صوفي ماركسي ،إذا جاز الجمع. االلتزام ،في نظري ،عملية تصريف لألكاديمي .مرة رفضت مجلة المناهل نشر دراسة لي أنجزت بطلب منها ،وذلك ألني ،حسب ما بلغني أحد أعضائها ،أمارس السياسة بالعلم (“أنت باغي تدير السياسة بالعلم وهذا شغلك”) ،قلت له :صحيح هذا شغلي!
Page 2
االنتماء الذي أحرص عليه ،وأسعى إلى تحقيق شروطه ،هو الذي جمعه القدماء في صفة “العالم العامل” .بين عيني في هذا المجال وعلى الدوام أبو علي اليوسي والجاحظ .أبو علي اليوسي الذي كتب رسالتين عظيمتين إلى السلطان إسماعيل ،والجاحظ الذي جعل حياته معركة دائمة ضد الزيف والنفاق. س (:زمن الطلبة والعسكر) هل كان زمن هدنة إسرتاتيجة أم اسرتاحة حمارب أم وقتا ميتا من الزمن املغربي؟ ج :بعد أحداث 5491واغتيال الشهيد المهدي بن بركة ،وظهور بوادر انقسام الحركة االتحادية بين الثورة واإلصالح ،حل سكون مثل الذي يسبق العاصفة :وقف الطرفان (المعارضة والمخزن) ينظران إلى بعضهما! في هذه اللحظة خرج من صفوف األحزاب ومن صفوف المخزن من صفعهما معا: المخزن صفعه ذراعه األيمن (العسكر) ،واألحزاب الوطنية صفعتها طليعتها (الطلبة :أوطيم) .فالحركة الماركسية حركة طالبية .ولذلك قلت بأن “زمن الطلبة والعسكر” مقتطع من مسار الصراع بين المعارضة التاريخية والمخزن .كان ذلك الزمن ضد الهدنة ،ولكنه لم يكن وقتا ميتا ،كانت له عواقب خطيرة على المغرب :فقدت فيه األحزاب والمخزن معا هبتهما ،وبدأ نجم المجتمع المدني والحقوقي في الصعود ،بالموازاة مع ظهور قرون األصوليات المتطرفة. س :تتعدد اجلغرافية يف عوامل (زمن الطلبة والعسكر) من املهد ببوسكورة جنوبا مرورا بتارودانت ومراكش واحملمدية وصوال إىل فاس والفقيه بنصاحل والدار البيضاء ،ثم فاس مرة أخرى والرباط … ما الذي تغري يف الطفل الورزازي وما الذي بقي فيه وفيا لثوابت املكان الصحراوي؟ ج :الطفولة ألوان وروائح ومالمح وأنغام .رائحة التراب ورائحة الحليب ميزتهما مرة واحدة ،في الطفولة ،وأصوات أحواش تسمعتها مرة واحدة في الطفولة…الخ .رائحة الزفت عرفتها الحقا ،ولم أدخلها في جغرافيتي .أحن دائما إلى التراب والحيوانات وغروب الشمس ،وعواء الذئاب بعد حلول الظالم ،هذه أمور تبقى في األعماق. التغير ،أو التطور ،وقع في توسيع االنتماء ،صار انتمائي للوطن :أنا مغربي ورزازي محمدي بيضاوي فاسي ماللي…الخ .في حوار مع أحد النشطاء األمازيغيين على النيت وصفني بالعقوق والتنكر لألصول، قلت له“ :أنا مغربي عربي أمازيغي ،ال عربي وال أمازيغي!” ،فنعتني بالتناقض الذي ال يليق بمن يدعي أستاذية البالغة والمنطق ،كما قال! فشرحت له بأنني كالماء :مركب من األكسيجين (عربي) واإليدروجين (أمازيغي) ،ولكنه ليس هو األكسيجين وال هو األيدروجين ،فانقطع عن النقاش .بعض الناس ال يستطيعون أن يكونوا وطنيين! هم إما طائفيون دغمائيون ،وإما عرقيون عنصريون ،وإما إقليميون شوفينيون. في هذه اللحظة أجيبك من تارودانت ،حضرت الذكرى الذهبية لتأسيس المعهد اإلسالمي حيث تلقيت تعليمي االبتدائي والثانوي ،وفي الصيف الماضي كرمت في ورزازات من قبل جمعية ثقافية .ويوم 9 Page 3
أبريل المقبل سأكرم من قبل جمعية ألق المحمدية ،وعند حصولي على جائزة الملك فيصل العالمية كرمت من طرف السلطات المحلية بالمحمدية إلى جانب الالعب الدولي أحمد فرس والحارس الشهير لحدائق المحمدية .وقد تنقرض ساللة الزنابير من الجامعة فأكرم في مدينة أحبها أعطتني وأعطيتها. س :هل هذا التعدد يف املعارف بني األصيل واحلداثي هو الذي أسهم كثريا يف تشكيل شخصيتك الفكرية واألدبية املتعددة؟ ج :سأعلق على الفكرة التي بنيت عليها ،في حد ذاتها ،وأترك ما يخص شخصي لتقديركم ،وحسن ظنكم ،فأنت سخي معي كثيرا .يقولون“ :فاقد الشيء ال يعطيه” .ويقولون“ :كل إناء بما فيه ينضح” ،أو يرشح .العطاء بقدر التملك ،والرشح متناسب طردا وعكسا مع المساحة الراشحة؛ كلما كانت متسعة كانت كمية الرشح أكثر .واالتساع يكون أفقيا وعموديا: يكون أفقيا بتداخل المعارف وامتداد بعضها في بعض ،وهذه قضية يفرضها التصدي لتحليل الخطاب، أي علم الخطاب ،أي البالغة .البالغة التي اعتبرها حازم القرطاجني “علما كليا” لعلوم اإلنسان واللسان تتطلب “اإللمام” بكل تلك علوم .فالبالغي مثل الطبيب يحتاج قبل التصدي للعالج أن يكون ملما بعلوم شتى :بيولوجيا ،وكيمياء ،وفيزياء…الخ. ويكون التوسع عموديا في الزمن ،حيث يقع التعارف بين الماضي والحاضر :ففي الماضي إرهاصات الحاضر ،وفي الحاضر تجليات مكتملة لمكنونات الماضي وتشكل أجنته .وبالذهاب واإلياب بينهما تنكشف خريطة اإلنسان :جباله و وهاده وغيوبه .من األكيد أن االنغالق في الماضي يسبب نوعا من الغباء ،وتغييبه يسبب العماء .ال يمكن التصدي لنقد الخطاب/الفكر دون تحصيل معرفة أفقية إدراكية، وعمودية تناصية. وهذا الطريق طويل يترك من يعي رهانه وينقطع له تلميذا على الدوام وقارئا دون هوادة وفي كل اتجاه. قد يرى الناس أنه قطع مسافة ،ولكنه يرى نفسه ،على الدوام ،في نقطة بداية جديدة ،كمن يتسلق سلسلة جبلية :عند كل قمة يجد سفحا جديدا .يتعرض محلل الخطاب ـــ بخالف الراوية والخطيب ـــ المتحان يومي؛ يشحذ أدواته ولكنه يشعره بنسبية معرفته إمكانياته ،إن لم يشعر بعجزه ،فيهب من جديد للبحث عن مفاتيح جديدة .ولذلك يكثر المعنعنون والنقلة ويقل المحللون والمنسقون. س :هل تعتقد أن سوء إستيعاب النظرية املاركسية يف السبعينيات واعتبارها وصفة جاهزة ومفاهيمها مبثابة قطع غيار هو ما أفشل املشروع االشرتاكي عند النخبة السياسية واملثقفة بالعامل العربي واملغربي على اخلصوص؟ ج :استسمحكم في أن نبتعد عن التحليل النظري األكاديمي الصارم الموثق ،وعن التحليل السياسي “المتحيز” ،لنالمس المسألة بالغيا احتماليا .المسألة في غاية التعقيد :التاريخ يحتاج إلى االندفاع واالرتداد ،إلى المجازفة والرزانة .يحتاج إلى السرفاتي والعروي متفاعلين ،ولن يسير بواحد منهما. المشكل يأتي من القطيعة بين القوتين .بلغة الشعر: Page 4
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول ،وهي المحل الثاني فإن هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكـان “العنف الثوري” المستنير ضرورة إنسانية ،المشكل هو حين يلغى اإلنسان لصالح النص ،حين يقبل اإلنسان أن يصدق النص الذي يقول :الشمس آفلة ،ويكذب عينه التي تراها ناصعة؛ فيغمضها لكي ال يتناقض مع النص .يكون ،في هذه الحال ،مثل من يقع في غيبوبة فيحتاج إلى صفعة أو رش بماء بارد أو مادة كاوية (النشادر مثال)..الخ. حالة الخمول الفكري والهستيرية الجسدية التي كنا عليها مع النصوص الماركسية هي تماما حالة االستنفار الجسدي واالرتخاء العقلي التي يعيشها السلفيون الجهاديون اليوم ،هم اآلخرون مقتنعون بأن المشكلة ليست في مالءمة النص مع اإلنسان الحديث بل في إعادة صياغة اإلنسان الحديث حسب النص، والنص له وجه واحد ،وليس حمال أوجه .مركبة اليوم جاهزة في نظرهم ،إنها “الخالفة اإلسالمية”، وهي فضائية؛ لن تحلق إال بقطع غيار أصلية صنعت في القرن األول الهجري ،من أهم قطعها “ما ملكت أيمانكم” ،أي تشييئ المرأة .هذا ما يتوهمه األصوليون المتطرفون .ومن قال بغير ذلك فهو عندهم “كلب عاوي ،حتى ولو كان يوسف القرضاوي” .بين النص والجسد يوجد اإلنسان. هذا المستوى من االندفاع غير العقالني هو الذي سميته الزوبعة الحلزونية الماركسية ،اآلن هناك زوبعة حلزونية سلفية ،مصيرها مصير زوبعتنا :المظلمة ال تبرر العماء ،والمالكم الذي يستسلم النفعاالته فوق الحلبة يسهل مهمة خصمه ،يسقط بالضربة القاضية ،أو يخرج من المعركة متالشيا .لذلك قلت بأن العروي كان مثل داروين في قوله بالتطور الطبيعي/التاريخانية ،من السهل التهكم من داروين ،كما يفعل بعض الخطباء الدينيين ،ولكن هيهات أن ترتقي إلى المستوى البحثي الذي بنى عليه نظريته. س :هل كانت جتربة اإلعتقال ضريبة النضال احلتمية ،أم كانت عند البعض قيمة رمزية مضافة لفك عقدة (عدم االعتقال) باعتباره وساما للتفاخر وتوشيح سرية املناضل؟ ج :قلت (في السيرة) إن فلول الماركسيين الذين أفلتوا من االعتقال توجهوا للتحريض داخل النقابة وفي أقسام التدريس ،وهم يحملون شيئا أشبه “بعقدة عدم االعتقال” ،نعم! قد ال يرتقي األمر إلى الرغبة في الشهادة ،وغبطة الشهداء على شهادتهم ،ولكن ليست له عالقة أبدا بالتباهي ،أو انتظار أي مقابل شخصي .باألمس كانت صورة غيفارا والطوباماروس وهوشيمين وأيلول األسود وغيرها من األسماء التي يتحول معها اإلحساس بالموت واالعتقال إلى “حديث خرافة” .ال ينبغي قياس حماس تلك األيام بمساومات نهاية القرن الماضي من أجل المواقع والوظائف :اليوم نتحدث عن الربيع الديموقراطي العربي الذي يحرق فيه الناس أنفسهم من أجل الكرامة ،وفي السبعينيات وما قبلها كان ربيع االشتراكية والثورة الكونية ضد األمبريالية بنفس الطقوس. من المفيد أن تعرف األجيال الالحقة (الثائرة والالمبالية) أن من المغاربة رجاال استحلوا ،قبلهم ،السجن والغربة والحرمان تحت شعار الكرامة ،ومنهم آخرون باعوا واشتروا من أجل مصالحهم الخاصة .لقد قلت أيضا إن من حسن حظنا نحن الذين ضيقنا الخناق على المخزن محليا ودوليا أن خصومنا لم يكونوا Page 5
مصلحين ،ولم يحققوا للمغرب غير الفقر واألمية ،ولو أنهم كانوا صالحين وخدموا المصلحة العامة ـــــ ولو بالمستوى الذي حققه بورقيبة ،رحمه اهلل ،في تونس ــــ لكان علينا ،أن نعتذر عن عنادنا في مقاومتهم بكل الوسائل . س :كتبت يف السجن عن احلياة السياسية على عهد السلطان إمساعيل حبيث كما قلت شدت إنتباهك عالقته املتوترة مع املثقفني يف عصره من فقهاء وعلماء وشعراء ..إخل هل كنت حتيل تلك احلقبة على عهد امللك الراحل احلسن الثاني وإىل أي حد يف رأيك يتقاطع العهدان معا؟ ج :عندما تحركت آلة القمع واالعتقاالت في صفوف قيادة النقابة الوطنية للتعليم قبيل إضراب 5414 وأحسست أنها اقتربت مني ،تركت العمل واختفيت عن األنظار أحد عشر يوما .انشغلت خاللها بجمع الكتب والوثائق التي سأحتاج إليها في السجن .المصير معروف .كان من بينها رسائل اليوسي وكتب أخرى في تاريخ المغرب في القرنين السابع عشر والثامن عشر .أثارتني العالقة المتوترة بين الملك إسماعيل وعلماء عصره بسبب رفضهم تمليكه أفراد الجيش الذين سماهم “عبيد البخاري” .كانت قصة سجن رأس المعارضة بفاس الشيخ عبد السالم جسوس والتشهير به ثم خنقه في السجن مرعبة. استحضرت اغتيال رأس المعارضة في المغرب ،المهدي بن بركة ،والتضييق على المثقفين بشتى الوسائل وتساءلت أليس التاريخ يعيد نفسه؟ أليس المطلوب منا نحن مثقفي أواخر القرن العشرين أن نكتب بدورنا عقد عبودية المغاربة للمخزن ،ستكون خيانة كبيرة .وجدت ضالتي في رسالتي اليوسي إلى الملك إسماعيل .كنت أجد في الملك الحسن الثاني صورة مطابقة للسلطان إسماعيل .فكتبت مقدمة عن عصر المولى إسماعيل قلت فيها كل ما كنت أود أن أقوله في عصر الحسن الثاني .ومما نسب إلى الملك إسماعيل قوله لرسول لويس الرابع عشر الذي حثه على احترام شعبه :قل للويز إنه يحكم البشر وأنا أحكم البقر .وكان الملك الحسن يردد القول بعدم جاهزية المغاربة للحكم الديمقراطي ،وأن من األحسن أال يعطي ما قد يضطر لسحبه. اعترض الدكتور عزة حسن ،حفظه اهلل ،على تلك المقدمة ،فأعدت صياغتها بشكل علمي محايد فأجازها ونشرت في كتاب :اإلفراني وقضايا الثقافة واألدب .ومن يومها اتجهت إلى الكتابة الصحفية لتفريغ المواقف السياسية والفكرية بعيدا عن العمل األكاديمي الذي يخضع لقواعد كونية محايدة. س :عايشت العديد من االنتفاضات السياسية واالجتماعية باملغرب من أحداث موالي بوعزة إىل أحداث ينايربفاس يف 5445كيف تنظرإىل تلك األحداث اآلن من زاوية الربيع العربي؟ ج :تحدثت في مقال سابق عن المسار المغربي في الحراك العربي ،واعتبرته متميزا لسببين :أولهما من صنعنا جميعا ،والثاني من صنع القدر .الذي من صنعنا هو الذي تندرج فيه هذه األحداث المذكورة: ،5445 ،5499 ،5491 ،5411وأخرى قبلها ( )5491وأخرى بعدها .ففي إطار هذا الصراع عرفنا النظام المحزني العتيق وعرفناه ،قرعنا العظم بالعظم حتى النت عريكتنا وعريكته ،واقتربنا جميعا Page 6
من السكتة القلبية .فكانت بداية التقارب والمصالحة ،التي ساهم القدر في تسريعها ،كما تعلم ،ولو إلى حين ،وعندما جاء الحراك العربي الحديث وجد القطار على السكة .ولوال الردة التي وقعت ابتداء من 7117لكان المغرب في موقع المتفرج على ما يقع لألنظمة التي خدعت شعوبها بثورات كاذبة .رغم خطورة تلك األحداث وما رافقها من انقالبات فإن الوضع الدولي لم يكن مسعفا. س :خضت برفقة الدكتورمحيد احلميداني مغامرة إصدارجملة رائدة ووازنة تهتم بالدراسات السيميائية لكنها مل تعمر طويال حبيث كما قلت أنها استنفذت مشروعها يف ثالث سنوات وهو يف الغالب مصري جل املشاريع الثقافية الطموحة يف املغرب .ما هي األسباب الرئيسية هلذه اإلخفاقات املتكررة؟ ج :مجلة دراسات سيميائية التي أصدرتها بالتعاون مع الزميل األستاذ حميد لحميداني هي امتداد لمجلة دراسات أدبية ولسانية التي أصدرناها بالتعاون مع الزمالء محمد الولي ومحمد أوراغ ومبارك حنون. ولذلك فعمر التجربة ككل أطول بكثير مما ذكر .أما أسباب توقف دراسات سيميائية بالتحديد فترجع إلى أن المشروع توسع بشكل كان يقتضي أن يتحول إلى مؤسسة ،خاصة بعد أن خضنا تجربة النشر على هامش المجلة (منشورات سال) ،وتراكمت المرجوعات التي تتطلب إعادة التوزيع .ولم نبادر في هذا االتجاه النشغالنا بمشاريعنا العلمية والتعليمية .كانت هذه األسباب ضاغطة ،وزاد األمر تعقيدا حين رفعت الشركة الموزعة حصتها من 11٪إلى 91٪من طرف واحد ،ثم جاءت الضربة القاضية عندما فرضت الدولة الضريبة على المجالت الثقافية لغرض القضاء عليها .هذه هي الظروف الموضوعية التي أدت إلى توقف مجلة دراسات سيميائية .وهناك ظروف ذاتية تتعلق بتحقيق الذات والتشبع واالنشغال بتحصيل المنافع . س :رمبا قد تكون أزمة النشر واحدة من هذه األسباب .هل تعتقد أن النشر اإللكرتوني واإلنرتنيت قد أتى باحلل السحري؟ ج :كلمة “ربما” مهمة هنا! ألن مسألة اإلبدال ما تزال معلقة! هل حلول اإللكتروني محل الورقي مسألة تقنية فقط؟ لو تأكد ذلك لكان الجواب سهال؛ لو تعلق األمر بحل سحري الختفى الكتاب الورقي في السنوات األولى التي ظهرت فيها إمكانية الكتاب اإللكتروني .من األكيد أن هاجس “االفتراضية” الذي كان يشوش على الذهنية التقليدية في تعاملها مع اإلليكترونيات يتآكل شيئا فشيئا بعد تحول الدردشات إلى ثورات. ومن األكيد أيضا أن ظهور الحواسيب وبرامج معالجة النصوص قد سهل عملية الطبع بشكل لم نكن نتخيله .فقد كانت عملية رقن المجلة وتصحيح البروفات وإعادة التصحيح تتطلب األسابيع بل الشهور. وأذكر أن طموحنا كان إصدار ستة أعداد في السنة أو أكثر ،فتراجع اإلنجاز إلى ثالثة أعداد بسبب عملية الرقن والتراسل عن طريق البريد العادي الذي كان يغط في نوم عميق.
Page 7
أما حلول اإلليكتروني محل الورقي بصورة نهائية فمسألة فلسفية نفسية وحضارية إلى حد كبير ،مثلها مثل حلول الكتابة محل الشفوية ،ستدوم المزاوجة مدة ال نعرف مداها .أنا أفضل اآلن البحث في المعاجم اإلليكترونية وكتب التراث الموضوعة على النيت ،ولكن حين أريد قراءة رواية ،أو مراجعة كتاب أو دراسة أفضل أن يكون ورقيا أقلب أوراقه بيدي ،لم أجازف بعد بالعبور من الشاشة إلى المطبعة ،مازالت الثقة مربوطة بالورق ،كما يقع اآلن في األبناك .والفعالية والكفاءة في النيت والثقة في الورق. س :يف سنة 7111طلبت منك املنظمة العربية للرتبية والثقافة إجناز تراجم ألربع من أعالم العلماء يف إطار املوسوعة العامة ألعالم العرب واملسلمني هل حتقق هذا املشروع؟ ـــــ كان المشروع ضخما ،وكانت شروط اإلنجاز أكاديمية دقيقة .بعد تسليم المواد التي كلفت بإنجازها لم أتلق أي بيان. س:وبعد عودتك من الرياض دخلت يف جتربة حياتية ووجودية متفردة تتعلق بهاجس املوت بعد إصابتك بأحد الفريوسات الفتاكة ،كانت هذه التجربة قد قلبت رؤيتك الفلسفية والوجودية للذات والعامل .ما الذي أهتز وختلخل يف يقينياتك وما الذي تغري بعدها؟ ج :األمر يتعلق برعشة بشرية ،بهزة نفسية عنيفة ،فيها األحباب واألطفال أكثر مما فيها النفس .وقد قلت لنفسي ما قاله الشاعر الخارجي في ساحة المعركة: أقول لها ،وقد جأشت وجاشت :مكانك تحمدي أو تستريحي األمر يتعلق بهزة نفسية ترتب عنها أمران: أولهما إدراك تداخل الروح والجسد :اكتشفت ،على حين غرة ،أن الجسد الذي تدعونا أدبيات مثالية للسمو فوقه واحتقاره هو جزء من كيان؛ يكون كال أو يزول كال ،هذا هو الممكن فوق أرضنا .الناس يقولون :العقل السليم في الجسم السليم ،ولكنهم ال يدركون مغزى هذا الكالم .وال أتمنى ألحد أن يؤدي الثمن الالزم إلدراكه .الروح توهج للجسد .ونحن ال نحس بالجسد إال حين يعتل .ولذلك يقال :السليم هو الذي ال يعلم أن توجد معدته ،وال قلبه…الخ .وحين قال الخطيب األموي“ :واهلل لأدعن لكل رجل منكم شغال في جسده” ،كان يعلم ما يقوله .لقد جعل لي المرض شغال في جسدي فانشغلت به سنوات .وكتبت مرثيتي بعنوان :أشواق درعية ،العودة إلى الحارة ،ال بكاء ،ولكن وقوفا على أطالل الطفولة ،وكان ذلك نوعا من االستشفاء .الجسد المعتل سجن وعذاب للروح والعقل واإلرادة ،محنة. واألمر الثاني هو التطبيع مع الموت .طبعت مع الموت ،بعد أن صار من ضمن الحاضرين المالزمين لي ،خاصة عندما انطلق الفيروس بعناد ،وانهار الجسد أمام الدواء ،وظهرت مضاعفات وأمراض إضافية .صرت انتظر زيارة عزرائيل في كل لحظة ،حتى استأنست به ،ثم غاب عني .واآلن كل ما أرجوه منه هو أن يأتي على حين غرة .التطبيع مع الموت يعني نوعا من الزهد ،ولكنه يعني أيضا نبذ الخوف وغرس الشتلة التي في اليد ثم االنسحاب .التطبيع مع الموت جعلني أعيش لحظاتي ممتلئة :ال أنتظر شيئا ،وال أخاف شيئا ،وال أحدا. Page 8
س :كيف حال الصحة اليوم؟ ج:زال ذلك الخطر الداهم وبقيت بعض مخلفاته أراوغها بمهارة تحير األطباء .أنا بخير .كل ما بقي بعد تلك المحنة ربح .المغاربة يجهلون أن جغرافية المغرب دواء في حد ذاتها ،ولذلك ال أستقر في مكان، كلما حل المرض بمكان تركته فيه وسافرت .المهم أن أستطيع القراءة والكتابة إلى آخر نفس. س :حفلت الساحة الفكرية والعلمية بكلية اآلداب بفاس بالعديد من األمساء العربية واملغربية الكبرية مثل أجمد الطرابلسي وحممد بنشريفة وصاحل األشرت ،وجيل حممد برادة وأمحد اجملاطي ،ثم جيل التسعينات .كيف تنظر اآلن إىل هذه األجيال الثالثة؟ من منها بصم التاريخ العلمي والفكري جلامعة فاس؟ ج :الحقيقة هناك لحظتان قويتان في الجامعة المغربية ،ساهمت فيهما جامعة فاس بنصيب ظاهر ،في المجال البالغي واألدبي ومناهج الدراسة: اللحظة األولى ارتبطت بالتأسيس والتعريب .بدأت هذه العملية فعال مع تأسيس أول شعبة للغة العربية بفاس منتصف الستينيات من القرن الماضي .وقد برز فيها أساتذة وردوا من الشرق العربي ،وفي مقدمتهم وعلى رأسهم ،الدكتور أمجد الطرابلسي ،والدكتور صالح األشتر ،ومحمد نجيب البهبيتي، وقباوة ،وعبد اهلل الطيب المجدوب… ،وبرز بجانبهم تدريجيا جيل من المغاربة ،منهم حسن المنيعي، ومحمد بنشريفة ،وأحمد اليابوري ،ومحمد الكتاني ،ومحمد برادة ،وعباس الجراري ،وأحمد المجاطي.. وآخرون .وقد مهد بعض هؤالء المغاربة لالنطالقة الثانية؛ ثم واكبها بعضهم وشكل برزخا بين اللحظتين (مثل محمد برادة وأحمد اليابوري وحسن المنيعي) ،وتخلف عنها آخرون .وانطبعت هذه المرحلة باالهتمام بالتعريف بتاريخ األدب وأجناسه وفنونه ،دون اهتمام كبير باألسئلة النظرية ،مع تكريس االنفصال بين القديم والحديث ،وهيمنة القديم. اللحظة الثانية كانت بعد ذلك بعشرين سنة ،أي في النصف األول من الثمانينيات .حين رجع إلى الجامعة الطلبة الذين ذهبوا في بعثات إلى الخارج ،أو عادوا من التعليم الثانوي بعد تهييئ دراسات عليا .وإذا كانت المرحلة األولى قد أدت وظيفة التعريف بتاريخ األدب العربي وباألجناس األدبية ،فإن ميزة المرحلة الثانية هي طرح سؤال المناهج والنظريات :من البنيوية التكوينية ،إلى البنيوية الشكالنية، وجمالية التلقي ،والسيميائيات األدبية ،وفي هذا االمتداد جاءت أسئلة البالغة الجديدة ونظرية اإلقاع…الخ وقد كانت مجلة دراسات أدبية لسانية ،ومجلة دراسات سميائية أدبية لسانية ،ومنشوراتها مساهمة بارزة في اإلجابة عن أسئلة هذه المرحلة ،وإبراز أسماء جديدة مضافة إلى الرعيل األول .موجود أكثرها في فهارس المجلتين .فمجلة دراسات إنجاز مهم في سجل جامعة فاس ،ما دام السؤال يحصر الحديث فيها. من أسماء الباحثين الذين كرسهم عطاؤهم في هذه المرحلة محمد العمري وحميد لحميداني ومحمد الولي ورشيد بنحدو ،واختطف الموت األستاذ الكغاط بعد أن أبان عن كفاءة في تخصصه .وهذا تقدير شخصي
Page 9
للمرحلة محصور في الدرس األدبي والبالغي في جامعة فاس .اعتمدت فيه على اإلنتاج العلمي .أما عدد المدرسين فبالمئات. س :كنت أول من بادر إىل خلق وحدة للنقد القديم للدراسات العليا مع أحد الزمالء حدثنا عن هذا املشروع اهلام جدا؟ أين وصل اليوم؟ ج :وحدة النقد القديم التي أنشأتها أوائل تسعينيات القرن الماضي بكلية اآلداب بفاس حلقة من وحدات الدراسات العليا التي أنشأتها وأشرفت عليها بتعاون مع زمالء آخرين .ورغم أنها حوربت بقوة ــــ كما بينا في زمن الطلبة والعسكر ــــ فقد كانت تجربة ناجحة :أنجزت في إطارها أعمال علمية ذات قيمة. وعندما جاء إصالح الدراسات العليا اقتضت ظروف موضوعية وعلمية تطويرها في اتجاه بالغي نصي ،فأنشأت وحدة التواصل وتحليل الخطاب .فرغم أن التغيير كان قسريا فقد كان مالئما لمساري نحو البالغة العامة ،بل خدم هذا المسار .ولذلك كانت وحدة التواصل وتحليل الخطاب حدثا علميا امتدت آثاره في الجامعات المغربية ،ثم في برنامج إصالح التعليم ،حيث أضيفت مادة التواصل ،ومادة تحليل الخطاب ،إلى البرنامج الدراسي .وعندما انتقلت إلى الرباط نهاية القرن الماضي ـــ لضرورة صحية ــــ أسست وحدة جديدة بعنوان :البالغة الجديدة والنقد األدبي .وكأنها دمج للوحدتين السابقتين. وقد شرعت اآلن مجموعة من الباحثين في البالغة وتحليل الخطاب ،من طلبة هذه الوحدات ،في إخراج أعمال علمية جديدة سيكون لها شأن .منها كتاب :القراءة العربية لكتاب فن الشعر ألرسطو الذي ظهر في السنة الماضية ،لعبد الرحيم وهابي ،فهو من طلبة الوحدة األولى( ،وحدة النقد القديم) .وقد سمعت أن هذا الكتاب القيم أختير ضمن الالئحة الصغيرة إلحدى الجوائز العربية الكبرى (ضمن الخمس األوائل) وهذا تتويج في حد ذاته. س:من دون شك أنك خربت بعمق طواحني النشر الورقي ،خصوصا مع جتربة جملة (دراسات لسانية وأدبية) ،واليوم قد حقق اإلنرتنيت والنشر اإللكرتوني الكثري من آمال األجيال الرواد يف التواصل مع املتلقني والباحثني ،لن أسألك عن إجيابيات النشر اإللكرتوني فهي كثرية، لكن أين ترى سلبياته وهل مازال للنشر الورقي طعمه القديم؟ ج :النشر اإلليكتروني نعمة ال حدود لها .عندما بدأت ،في منتصف تسعينيات القرن الماضي ،أطبع مقاالتي لجريدة الرياض وأحولها إلى الجريدة في نفس الليلة دون أن أخرج من البيت إلى البريد كما كانت العادة ،كنت أنشد مع أم كلثوم“ :يا اللي شوفتو قبل ما تشوك عينيا ،عمري ضاع يحسبوه إزاي عاليا” .كان ذلك منذ سبع عشرة سنة ،أما اآلن فحكاية اخرى. إذا تحقق شرط التحرير والتحكيم والتوثيق والحماية من التالعب ،فليس هناك شيء يمكن أن يعتبر سلبيا. مازال الكتاب الورقي يبعث على الثقة ،ألنه يحمل رقم إيداع قانوني ،وترقيما دوليا ،ونسخه موجودة في أماكن متعددة محفوظة .يظهر لي أن الكتابة اإلليكترونيبة في حاجة إلى التخلص من النظام الورقي الذي يعتمد الصفحات ،ربما يكون من األجدى واألنفع اعتماد ترقيم الفقرات ،أو مجموع فقرات .لكي يسافر Page 10
الرقم مع المادة مهما تغيرت الطبعات والصفحات .والطلبة يسألون :هل يمكن اإلحالة على األنتيرنيت، وكيف؟ ومع ذلك فإن جيلنا سيظل في حاجة إلى لمس الورق وتقليبه ،واإلطالل في نفس الوقت على عدة صفحات. الكثير من الصحف اإللكترونية ال تقوم بعملية التحرير ،ال للمقاالت وال للتعليقات ،فتنشر السخافات. س:بعد اجلزء األول من سريتك الذاتية (أشواق درعية) واجلزء الثاني (زمن الطلبة والعسكر) هل تفكر يف جزء ثالث؟ وما هو عنوانه املقرتح؟ ج :من البين أن (زمن الطلبة والعسكر) ليس سيرة شاملة مستقصية ،بل هو سيرة موضوع أو تيمة: الصراع .وقد صدق أحد المعلقين حين قال :يبدو وكأن القدر يسوق صاحب السيرة إلى مواقع األزمات واالنفجارات .ولذلك بقيت مسارات أخرى مفتوحة وسالكة .منها تجربة الرحلة إلى الشرق ،فهي تجربة مشوقة جديرة بالحكي ،ألنها مليئة بالمتناقضات. وقد أثار (زمن الطلبة والعسكر) من ردود فعل القراء ما لم يثره كتاب آخر من كتبي .تجلى ذلك في تعاليق كتابية وفي أحاديث تلفونية يدوم بعضها أكثر من الساعة .كل هؤالء المعلقين قرأوا الكتاب دفعة واحدة في أجل قصير :من يوم إلى ثالثة أيام .أحد أسباب اإلصرار على قراءة الكتاب دفعة واحدة ليس احتواءه على عقدة يحث القارئ الخطا نحو فك لغزها ،بل هو توالي الصور القصيرة التي ال تترك القارئ يسهو نتيجة إحساسه بالتكرار .ولذلك فالكتاب قابل للتوسع من أي نقطة .بل الفصل األول والثاني قابالن للتحول إلى سيناريو مسلسل أو فيلم مطول. محمد العمري :باحث في البالغة وتحليل الخطاب http://www.medelomari.net
Page 11
حوار مع املؤلف والناقد املسرحي عبدالكريم برشيد أجرى احلوارعبده حقي
خاص تقديم :المسرح المغربي في حاجة اليوم أكثرمن أي وقت مضى إلى حوارالمكاشفة وشفافية الحقيقة من أجل تعرية مكامن األلغام المزروعة من تحت ركح أبي الفنون ..ولكي نشفي غليل أسئلتنا كان علينا أن نطرق باب أحد أقطاب النقد والتأليف المسرحي بالمغرب الدكتورعبدالكريم برشيد لما عرفنا عنه من صراحة جريئة ونادرة وثقافة أكاديمية مسرحية وتراثية مغربية وعربية واسعة وأيضا مما خاضه على الخصوص من معارك مع أبي الفنون منذ أن صدع ببيانه األول قبل أربعة عقود حول "المسرح اإلحتفالي" إلى آخربيان ناري أطلقه يوم 8يونيه الجاري بعنوان "نداء إلى المسرحيين المنبوذين" والبقية من البيانات آتية من دون شك . ولمعرفة المزيد عن خبايا غابة برشيد المسرحية وعن أسباب محطات التمرد وعالمات التفرد في سيرته المسرحية وبعض مظاهرعلل المسرح المغربي الراهن وأخيرا عن إخفاقات السياسة الثقافية بالمغرب أجرينا معه هذا الحوارالحصري الخاص بمجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربية . ــ األساس في المسرح أنه حاجة من حاجات اإلنسانية النفسية والروحية واالجتماعية ــ حقا ،المغاربة أكثر عطاء وأكثر واقعية وأكثر موضوعية وجدية في مجال النقد المسرحي ــ االحتفالية ،تعيش اليوم عمرا جديدا من أعمارها المتعددة والمتالحقة ــ ال معنى للجرأة إال إذا كانت جرأة العلماء ،وكانت جرأة المفكرين ،وكانت جرأة الفنانين الحقيقيين ــ لقد أوجد هذا الدعم ظواهر غريبة عن روح المسرح ،وبعيدة جدا عن أخالق المسرح ،وظهر فيه االنتهازيون واالنتفاعيون والوصوليون والسماسرة وتجار الرقيق أيضا ــ ال وجود اليوم لشيء يسمى وزارة الثقافة في المغرب . س :بداية شكرا لكم على قبول دعوتنا إلجراء هذا احلوار وكما يقول املثل العربي "األمور خبوامتها" قمتم يوم اجلمعة 72يونيه بتوقيع إصداركم األخري املوسوم ب"الصدمة Page 1
املزدوجة ⁄املسرح واحلداثة" نود منكم لو تفضلتم باختصار بسط أهم حماورهذا املنجز النقدي املسرحي اجلديد؟ ج :يأتي هذا الكتاب الجديد في إطار مشروع نقدي كبير ،ولقد كان من المفروض أن يصدر قبل كتاب (التأسيس والتحديث في تيارات المسرح العربي الحديث) ولكنه جاء بعده بشهر ،والكتابان معا يحيالن على الكتب التي سوف تأتي مستقبال ،والتي هي كتاب ( التيار التجريبي في المسرح العربي) و(التيار التأصيلي في المسرح العربي) و(التيار التأسيسي االحتفالي في المسرح) وسيكون هناك كتاب سادس للخالصات واالستنتاجات العامة. ويتألف كتاب الصدمة المزدوجة من فاتحة وخاتمة باإلضافة إلى الفصول التالية :فصل :من التمثيل إلى المسرح ،وفصل التمثيل االجتماعي والتمثيل المسرحي ،وفصل التمثيل المختلف في الثقافات المختلفة، وفصل المسرح في درجة الحداثة ،وفصل تجارب وأسماء ومشاريع ،وفيه أتحدث عن تجربة المسرحي القطري حمد الرميحي وعن تجربة المسرحي المغربي محمد تيمد وعن تجربة المسرحي العراقي جواد األسدي وعن تجربة المسرحي الفلسطيني راضي شحادة وعن تجربة المسرحي العراقي صالح القصب وعن تجربة المسرحي المغربي الكبير أحمد الطيب العلج. ولقد كان المثقفون في مدينة الدار البيضاء على موعد مع حفل تقديم هذا الكتاب والذي شارك في قراءته ومناقشته األساتذة كمال فهمي وعبد السالم لحيابي ود .المختار العبدالوي ود.عبدالرزاق بالل ود .ندير عبد اللطيف وأحمد جليد وإبراهيم وردة وبوشعيب الطالعي وجناح التامي ،وقد تم اللقاء في مركز ( مدى) بمدينة الدار البيضاء وبتنظيم من الصالون األدبي فيل وآرت ومركز مدى . س :أيضا دكتورعبد الكريم برشيد تضمن أحد أعداد جملة (دبي الثقافية) هلذه السنة كتابا مرفقا لكم بعنوان "التأسيس والتحديث يف تيارات املسرح احلديث " يف 722صفحة ومن خالل العنوان يبد وأن هذا الكتاب ينفتح يف مقاربته النقدية على املسرح العاملي يف كونيته وأنطولوجيته كيف كانت أصداء هذا الكتاب على املستوى العربي؟ ج :لعل أجمل ما في كتاب ( دبي األدبية) هو أنه يوزع على نطاق عربي واسع ،ولقد كان كتاب ( التأسيس والتحديث في تيارات المسرح العربي الحديث) محظوظا بال شك ،ألنه وصل إلى كل من يهمه األمر ،ولقد وصلتني من كل العالم العربي استفسارات وتساؤالت عن الكتاب ،وعن معنى التيارات، وعن مناهجها وفلسفاتها وعن سياقاتها التاريخية ومرجعياتها الفكرية والجمالية. س :بعالقة املسرح مع احللقة ـ سيدي الكتفي ـ سلطان الطلبة واملسرح العمالي وأيضا بساحات اهلديم وبوجلود وجامع لفنا هل مازال العرض املسرحي اليوم يف زمن الوسائطية الرقمية ،قادرا على احلفاظ على بعض محيمية هذا املشرتك يف عالقته املباشرة باملتلقي على الركح؟ ج :األساس في المسرح أنه حاجة من حاجات اإلنسانية النفسية والروحية واالجتماعية ،وأعتقد أن هذه الحاجة مازالت موجودة إلى حدود هذا اليوم ،ومن المؤكد أنها ستظل قائمة وموجودة ،مادام هذا اإلنسان Page 2
موجودا ،ومادام محافظا على إنسانيته وحيويته ومدنيه وروحه االحتفالية والتعييرية ،وفي المسرح نحيا حياتنا ،ونعبر عن هذه الحياة بعفوية وتلقائية ،وفي هذا المسرح نضحك أحيانا ،ونعير عن هذا الضحك الساخر بالكوميديا ،وفي هذا المسرح نحزن أيضا ،ونعبر عن هذا الحزن بالتراجيدا ،وهذا ما يعطي المسرح حقيقته ،ويجعله فنا خالدا ومتجددا. ويخطئ من يقارن بين المسرح والوسائط الرقمية ،ألن المسرح ليس صورة تنقل ،وليس معلومة ترحل، وليس فرجة نتفرج عليها ،ألنه ال أحد موجود في هذا المسرح إال نحن وحياتنا ،ومتى كان اإلنسان يتفرج على حياته؟ في المسرح نحضر ،ونؤكد على هذا الحضور ،وفي المسرح نلتقي ألنه ال يمكن أن نغلق علينا األبواب، وأن نعوض حضور الناس بالتفرج على صورهم عن بعد ،وفي المسرح نعيش الحاالت والقضايا الساخنة والحارة ،وفيه نكون فاعلين ومتفاعلين ،بدل أن نكون سلبيين ومنفعلين ومستهلكين ،وبهذا يكون المسرح هو الحقيقة ،وتكون كل الوسائط الرقمية مجرد صور متحركة ،وكما يقول أحمد الطيب العلج في إحدى أغنيه ( الصوره خيالووخيالو ماشي بحالو( المسرح إذن ،هو التالقي اإلنساني ،وهو تظاهرة اجتماعية لها عالقة عضوية بفضاء المدينة وبمناخها وبطقسها ،وهذا ما يجعله فنا لكل العصور ولكل المراحل التاريخية ،ويجعله قابال ألن يتعايش مع كل الثقافات ومع كل اللغات. وينبغي أال ننسى أن هذا المسرح هو أدب أوال ،وأنه بهذا كلمة مكتوبة ومقروءة ،وأنه نص عابر للقارات وعابر للعصور والدهور ،وأنه من الممكن أن نستمتع بالمعاني وبالصور وبالموسيقى وبالحاالت وبالمقامات وبالحوارات التي في هذا النص. والمسرح فن ثانيا ،والصحيح أن نقول هو مجموعة فنون متضامنة ومتحدة ،وفيه تحضر الكلمة والحركة ،ويحضر الصوت والصمت ،ويحضر الفراغ واالمتالء ،ويحضر الناس واألشياء ،وتحضر األزياء واألقنعة ،ويحضر الرقص والغناء ،ويحضر اإللقاء واإلنشاد. والمسرح ثالثا ،مكان في المدينة له هندسة معمارية خاصة ،وهي الهندسة التي استعارتها دور السينما، وحافظت عليها ولم تضف إليها شيئا مهما ،ولهذا المكان ـ البناية دوراجتماعي شبيه بما تقوم به الساحة في المدينة ،وبما تقوم به الحديقة العمومية ،وبما تقوم به المدرسة والجامعة ،وبما يقوم به المسجد والمعبد ،وبما تقوم به المصحة النفسية أيضا. وهذا المسرح ،رابعا ،هو بالتأكيد فضاء عام ،أو هو بيت جماعي ،وبيت من ال بيت له ،وفيه يمارس المواطن الشعبي مواطنته ،وهو بهذا برلمانه الذي يطرح فيه قضاياه الحقيقية ،ولعل هذا هو ما يفسر أن يرتبط مولد المسرح في اليونان بمولد الديمقراطية ،وأن يكون هذا الفن ـ العلم مدرسة لتعلم أصول المواطنة الحقة.
Page 3
س :من دون شك أن النقاد والباحثني املغاربة يف اجملال املسرحي أكثرإنشغاال واشتغاال وأوفرعطاءا مقارنة مع باقي النقاد يف الدول العربية األخرى إىل ما تعزى هذه الدينامية ثم أليست أزمة املسرح إحدى حمركاتها الرئيسية؟ ج :حقا ،المغاربة أكثر عطاء وأكثر واقعية وأكثر موضوعية وجدية في مجال النقد المسرحي ،ألنهم ينطلقون أساسا من الحس النقدي السليم ،ومن الوعي النقدي الشامل ،ومن السؤال النقدي الدقيق، ويعتمدون على العقل إلى جانب اعتمادهم على النقل ،والشك في قراءتهم النقدية شيء أساسي ،وهم اليوم يقفزون على القراءات الوصفية وعلى القراءات األخالقية وعلى القراءات اإليديولوجية ،وينبغي أن ال ننسى أن المناخ العام الذي ينكتب فيه المسرح المغربي ،إبداعا ونقدا وتنظيرا وتأريخا ،هو مناخ فكري ساهم في إيجاده مجموعة من المفكرين المغاربة نجد على رأسهم عابد الجابري وطه عبد الرحمن وعبد اهلل العروي وعبد الكبير الخطيبي ومحمد سبيال و وغيرهم كثير . س :لنعد شيئا ما إىل عقود حيث ال ميكن ألي صحفي أو باحث أن يلج غابة عبد الكريم برشيد الفيحاء من دون أن يتحدث عن "دوحة االحتفالية" اليت ختفي الغابة ،كيف تنظرون اليوم على بعد أربعة عقود من إطالق بيان "املسرح االحتفالي" وما هي حصيلة أم املعارك هاته يف تارخيك املسرحي؟ ج :هذه االحتفالية لم تظهر من فراغ ،وهي أساسا رؤية ورؤيا ،وهي تفكيروتصور ،وهي فعل وانفعال وتفاعل ،وهي جزء ساسي وحيوي من تاريخ المغرب الحديث ،وال يعقل أن نتحدث عن المسرح العربي من غير أن نتوقف طويال عند أفكارها واقتراحاتها وإبداعاتها وبياناتها ومواقفها ومعاركها التي دامت أربعين سنة . وهذه االحتفالية ،تعيش اليوم عمرا جديدا من أعمارها المتعددة والمتالحقة ،فبعد العمر التأسيسي الذي عاشته في السبعينات ،نجدها اآلن تعيش عمر التمدد والتعدد ،وتحيا زمن التجديد واالرتقاء ،وإذا كان فعل التأسيس واضحا وظاهرا للعيان ،فإن فعل التجديد يتم داخليا في الخفاء ،ولهذا فإن كثيرا من العيون ال تراه ،فالفلسفة االحتفالية تزداد مع األيام اتساعا ،ولقد عبرت عن هذا من خالل كتاب ( فلسفة التعييد االحتفالي) والذي صدر عن منشورات توبقال ،كما عبرت عن فلسفتها األخالقية في ( بيان ما معنى أن تكون احتفاليا) والذي صدر ضمن ( بيانات عمان لالحتفالية المتجددة) كما عبرت عن رؤيتها لألغنية االحتفالية ،التي أسسها الشاعر والزجال والمسرحي االحتفالي محمد الباتولي ،وقد جاء هذا في بيان مسرحي جديد لم ينشر بعد ،وهو يحمل عنوان ( بيان األغنية االحتفالية) وفي مجال اإلبداع فإن هذه االحتفالية ال تتوقف عن اإلدهاش واالندهاش ،ومسرحياتها حاضرة في كل العالم العربي ،ويخطئ من يجسدن هذه االحتفالية في أجساد أشخاص ،ألن كل األجساد مطلوبة للرحيل، ولكن األفكار باقية ،ومن حق أي مسرحي أن يختلف مع هذه األفكار ،وأن يقترح غيرها ،ولكنه ليس من حق أية جهة أن تصادر هذا اإلرث اإلنساني العام ،والذي هو ملك لكل اإلنسانية في كل زمان ومكان . Page 4
س :االحتفالية هي يف العمق احتفاء باملوروث وباملشرتك وكل التجليات األنرتبولوجية يف اجملتمع وهي بالتالي األقرب إىل الذاكرة اجلمعية من أي تيار آخر ،أين إذن تكمن جيوب مقاومتها إذا كانت جتعل من احمللية هدفها األمسى قبل العاملية ؟ ج :أعترف لك ،بأنني أمام هذه الجيوب المقاومة للمد االحتفالي ال أملك اليوم جوابا جامعا ومانعا، وأعرف بأنني ال أملك في مجال التفسير والتحليل لهذه الظاهرة الغربية والعجيبة سوى االندهاش واالستغراب ،وأرى ضروريا أن أنطلق من األسئلة األساسية التالية ،السؤال األول هو :أين وصلت هذه المقاومة اليوم ،وهل حققت أي فتح علمي أو فني في هذه المقاومة؟ أما السؤال الثاني فهو :ما طبيعة هذه المقاومة ،وهل هي فعال مخالفة علمية وفكرية وجمالية ،أم إنها مجرد تدافع حساسيات وأنانيات غير سوية ،وال شيء غير ذلك؟ وأما السؤال الثالث فهو :من يكون هؤالء الذين عاكسوا هذه االحتفالية ،وما هو وزنهم وحجمهم الحقيقي ،وما هي إضافاتهم الفكرية والفنية في الحركة المسرحية المغربية والعربية؟ وأجد أن هذه األسئلة تؤدي بنا جميعا إلى الحقيقة التالية ،وهي أن هذه المقاومة كانت ( لعب عيال ) كما يقول المصريون ،وأنها لم تكن ـ في حقيقة األمر ـ تعاكس هذه االحتفالية ،ولكنها كانت تعاكس روح الحقيقة ،وكانت تعاكس العقل والمنطق ،وكانت تعاكس الواقع والتاريخ ،ولعل هذا هو ما جعلها محصورة في المغرب ،ولم تستطع أن تجد لها أي صدى على المستوى العربي ،بدليل أنه ال أحد من النقاد المسرحيين العرب الكبار ،قد شكك في قوة وجدة وجدية وفي مصداقية الحركية االحتفالية ،ويكفي أن يحتفي بها شيخ النقاد المسرحيين العرب د .علي الراعي ،وأن يقر بخطورتها الفكرية والجمالية كبار المسرحيين العرب ،وأن تدخل المدرسة المغربية من خالل نصوصها اإلبداعية ومن خالل بياناتها وكتبها ،وأن تقتحم الكليات والمعاهد المسرحية في كل العالم العربي ،وأن يحتفي بها اإلعالم المكتوب والمسموع والمصور ،وأن تظل أكبر موضوع مسرحي على امتدادا أربعة عقود كاملة. كما يمكن أن نخلص إلى الحقيقة الثانية التالية ،وهي أن هذه المقاومة كانت تعبيرا عن مراهقة سياسية، وأنها كانت تعبيرا عن نقص في التفكير ،وكانت تعبيرا عن بؤس في التقدير ،وكانت رفضا لفعل االجتهاد الفكري والمسرحي ،وكانت سباحة ضد التيار ،وكانت اعتداء على الفكر والفن باسم السياسة، وذلك في زمن لم يكن مسموحا فيه أال تكون مسيسا ،وأال تكون يساريا ،وأال تكون منساقا مع الفن العام، ومع االختيار العام ،ومع الذوق العام ومع شعارات المرحلة. في هذا المناخ اإليديولوجي المغلق ظهرت االحتفالية ،وألن هذه الحركة المسرحية تنطلق من رؤية احتفالية للوجود ،فقد كان ضروريا أن تعبر عن هذه الرؤية ،وأن تجهر بها ،وأن تعلن عنها أمام كل العالم ،وأن تختزل قناعتها في التعريف التالي للمسرح ،والذي هو التعبير الحر لإلنسان الحر في المجتمع الحر ،وبالتأكيد فإن مثل هذا الفعل لم يكن سهال في ذلك الزمن السبعيني ،وكان يتطلب شجاعة وجرأة ،وكان يتطلب أن نقدم كثيرا من التضحيات ،ولم يكن ممكنا أن نتنازل عن قناعاتنا الفكرية ،أو أن نتراجع عن أية فكرة من أفكارنا المبدئية . Page 5
لقد قفزت هذه االحتفالية على العشائرية القبلية ،وقفزت على الطائفية الدينية ،وقفزت على الطبقية السياسية إلى اإلنسانية ،وانتقلت من المحلية إلى الكونية ،وانتقلت من ترديد الشعارات إلى صياغة االختيارات الفكرية والجمالية الجديدة ،وهذا بالتأكيد هو ما جعلها خصما وعدوا للذين ال يؤمنون بالتعدد واالختالف ،والذين ال يتسامحون مع المنحرفين والمحرفين ومع المنشقين ومع المجددين ،وإلى حدود اليوم ،ما زالت هذه الحرب على االحتفالية قائمة ،مع أن خرائط األمس قد تغيرت ،ومع أن التاريخ قد قال كلمته ،ومع أن الواقع قد قال كلمته ،ومع أن النقد العالم قد قال كلمته في حق هذه االحتفالية. س :عن الدكتورعبد الكريم برشيد املسرحي الذي ولد "متمردا" على كل أشكال امليوعة واستغباء املتلقي املغربي ،فقد أطلقت نداءا ناريا يوم 8يونيه اجلاري بعنوان "نداء إىل املسرحيني املنبوذين" قلت فيه مثاال غري مسبوق أصبح دارجا على لسان كل الفنانني واملثقفني يقول "أغبى من وزارة الثقافة" ما هي دكتورعبد الكريم برشيد األسباب احلقيقية لتفجريك هلذا (احلزام الناسف)؟ ج :هو نداء بدرجة صرخة ،وهو صرخة في صحراء المسرح المغربي ،وال أحد يمكن أن يصرخ إال متألما ومتوجعا ،وكذلك هو حالي وحال كل المسرحيين المغاربة في هذا النداء ،أي حال من رأى سفينة المسرح المغربي تغرق ،فكان ضروريا أن يصرخ هذه الصرخة القوية والمدوية ،والتي هي بالتأكيد تعبير عن رفض سياسة الظلم والقهر ،وهي تعبير عن رفض الفساد الذي وصل في وزارة الثقافة إلى حده األقصى ،ولهذا فقد كان ضروريا بالنسبة لنا أن نقول اليوم كفى ،وأن نفضح المفسدين ،وأن نكشف النقاب عن الوجوه البشعة ،وأن نعلن أمام الرأي العام بأن األمر يتعلق أساسا بوطن وبمواطنين ،وأن هذا الوطن أكبر من أي حزب من األحزاب ،وهو أكبر من أية جماعة من الجماعات ،وأنه ال يليق بالمسرح إال أن يكون شعبيا ،وأن يكون ديمقراطيا ،وأن يكون لهذه الديمقراطية معنى الحوار ومعنى االشتراك ومعنى االقتسام ومعنى التسامح ،وأعتقد أن دولة الحق والقانون ال يمكن أن تسير إال بالحق والقانون، ونحن في هذا النداء نفضح السلطة الثقافية التي تسير الشأن الثقافي والمسرحي بعقلية ومنهجية العصابات والمليشيات والخليات السرية. وأن يأتي اليوم نداء من مسرحي مغربي ،معروف بمصداقيته واستقالليته ،وأن تحييه وأن تثمنه وأن تزكيه كل ( الطبقة) المسرحية المغربية ،فإن هذا ال يمكن أن يكون له إال معنى واحد ،وهو أن الخلل موجود فعال في هذا الوطن المسرحي ،وأن هذا الخلل يتجسد في الظلم والقهر وفي سياسة إشعال الحروب الطائفية بين المسرحيين المغاربة ،وذلك من خالل تقريب المقربين وإبعاد الغرباء. وأعرف أنه ال شيء يتم بالمجان وبال معنى ،وهناك سياسة ثقافية وراء كل هذا ،وال أحد يعرف اليوم عن هذه السياسة أي شيء ،وكل شيء يطبخ في المطابخ السرية والمغلقة ،ويتم تنزيل القرارات التعسفية من فوق ،وكل هذا ونحن نعيش زمن الدستور الجديد ،ونتغنى بسياسة القرب ،فال أحد من المثقفين اليوم عنده علم بما يجري ويدور في الكواليس اإلدارية ،ومتى كان الشأن الثقافي شأنا إداريا؟ Page 6
فال أحد من المسرحيين له الحق في أن يشارك في السياسة المسرحية ،وماذا يمكن أن نسمي هذا سوى أنه االستبداد في بشع وأقذع صوره؟ وال أحد من المسرحيين له علم بما يقع ،أو بما سوف يقع ،مع أن هذا المسرح هو مسرحهم ،وأنه ال يحق تدبير أمرهم إال بإشراكهم في مسائل فنهم وصناعتهم وحرفتهم ،وأرى أن أرباب الطاكسيات وأرباب المخابز في المغرب ،أكثر تحكما في مجالهم من المسرحيين بشكل خاص ومن كل المثقفين بصفة عامة. س :يف موضوع خمتلف متاما يتعلق باملسرح وحرية التعبري فقد أثارت إحدى املسرحيات النسائية جدال فنيا واجتماعيا وجنسيا قل نظريه يف أي دولة عربية ،كيف تقيمون هذه التجربة اليت تعرضت ألبشع النعوت وتهديدات التطرف؟ أال يشاهد مغاربة العامل عربالصحون املقعرة واليوتوب واألقراص املدجمة مسرحيات فرنسية وأجنليزية أجرأ من مسرحية (ديالي)؟ ج :المسألة من أساسها طرحت بشكل مغلوط ،ولقد كان وراءها نوع خاص من الصحافة المغربية، والتي تمثلها صحافة اإلثارة ،والتي درجت على أن تبيع وتشتري في كل شيء ،وأن تحرف كل شيء، وأن تزايد بالشعارات الكبيرة ،مرة باسم الوطنية ،ومرة باسم الحرية ،ومرة باسم الدين ،ومرة باسم اإليديولوجيا ،ومرة باسم الجرأة ،مع أنه ال معنى للجرأة إال إذا كانت جرأة العلماء ،وكانت جرأة المفكرين ،وكانت جرأة الفنانين الحقيقيين ،أما جرأة الحمقى والمرضى والمعطوبين نفسيا وذهنيا فتلك مسألة أخرى ،وللعلم ،فأنا لست مع أية جهة من الجهات ،وال أعتقد أنه يمكن تصنيفي بسهولة ،ولقد فكرت وأبدعت وأنا خارج كل الصفوف وخارج كل الخنادق والخانات ،وكنت دائما ضد عسكرة المجال الفكري والجمالي ،وأرى أنه من الغباء أن نصنف الفنانين المبدعين بنفس التصنيفات الحزبية والصحفية، وأن نسقط عليهم نفس األسماء ونفس المصطلحات ،وأن نرهبهم بها. شيء مؤكد أن ما أكتبه اليوم ليس وليد هذا اليوم ،وأنا في حياتي اليومية ال أنطق عن الهوى ،وال أرتجل أفكاري ومواقفي ،ألنها جزء من منظومتي الفكرية االحتفالية ،والتي أسستها على امتداد أربعة عقود كاملة ،وأعتقد أنه من حقي أن أخالف كل العالم ،ولكنه ليس من حقي أن أخالف أفكاري ومبادئي وقيمي واختياراتي الجمالية ،فأنا أنتمي إلى ذلك الذي يسمى المسرح ،والذي هو أبو كل الفنون وكل العلوم وكل الصناعات ،واألساس في هذا المسرح أنه كتابة قبل كل شيء ،وأن هذه الكتابة هي الحوار ،وأنه ال وجود لحوار حقيقي إلى مع التعدد والتنوع ،سواء في األفكار أو في الرؤى أو في االختيارات ،وأنا لم أفعل سوى أنني أدليت برأيي ،وأن هذا الرأي هو رأي واحد من الناس ،وليس رأي كل الناس ،فلماذا إذن كل هذا الضجيج وهذا الصخب؟ ولماذا تضيق بعض الصدور عن قبول الرأي المختلف والمخالف؟ وهل كان ينتظر مني أن أطلب الترخيص من متزعمي الحداثة المتوحشة قبل أن أكتب أية كلمة ،وأن دلي بأي رأي؟ فأنا لست سلطة ،وال أمثل أية جهة تملك سلطة الضبط والمنع ،وفي المقابل ،فإنني ال أسمح ألية جهة ألن تمنعني من حقي المشروع في الكالم وفي التعبير ،خصوصا وأنني قد بنيت كل فلسفتي االحتفالية على Page 7
مبدأ ( التعبير الحر لإلنسان الحر في المجتمع الحر) وإنني ـ وبالمناسبة ـ أدين كل تلك الجهات التي حاولت ـ وباسم الحرية ـ أن ترهبني ،وأن تصادر حريتي في أن يكون لي رأي ،وإذا كان هذا الرأي لم يعجبها فتلك مسألة أخرى ،وأعتقد أن القيامة ال يمكن أن تقوم لمجرد رأي عابر. ومن أغرب الغرائب أن تدخل صحافة اإلثارة على الخط ،وأن تجعل من هذا الرأي العابر قضية حياة و موت ،وأن تربط كل مستقبل المسرح المغربي بالحديث عن مسرحية ليست مسرحية ،وأن تغضب ألنني سميت األشياء باسمها الحقيقي ،وأنني قد قلت بأن ما يقدم في المسارح ليس هو نفسه ما يمكن أن يقدم في الكباريهات وفي األندية الليلية ،وبالنسبة إلي ،فأنا ال أملك موقفا أخالقيا من أي شيء ،كيفما كان ،وأن يكون هذا الشيء منسجما مع اسمه ومع مكانه وزمانه وسياقه ،فاإلثارة مقبولة في النادي الليلي ،ومقبولة في نوع من السينما ،وال اعتراض لي عليها ،ولكنها غير مقبولة في المسرح ،والذي هو مؤسسة تربوية وتثقيفية وعلمية وعالجية قبل كل شيء. س :رأيكم يف مسألة الدعم واحلروب القبلية اليت تشتعل يف كل موسم حوهلا ،ثم أال تعتقد أن ختصيص يوم وطين للمسرح من بني أسباب فشل املسرح؟ ج :فعال ،لقد أوجد هذا الدعم ظواهر غريبة عن روح المسرح ،وبعيدة جدا عن أخالق المسرح ،وظهر فيه االنتهازيون واالنتفاعيون والوصوليون والسماسرة وتجار الرقيق أيضا ،أي أولئك الذين أقاموا أسواقا سرية للنخاسة ،وأصبحوا يبيعون ويشترون الممثلين والفنانين فيها ،وكل هذا في غفلة من التاريخ ومن الوزارة الوصية على المسرح. وإذا كانت الساحة المسرحية المغربية اليوم ،تعرف حروبا وتكتالت وتحالفات ومؤامرات ،فإن أسباب كل هذا ترجع كلها إلى لعنة الدعم ،فال حد أصبح يختلف معك فكريا ،وال حد عنده رأي مخالف يواجهك به ،وال أحد يمكن أن يفكر في أي شيء من غير الدعم ،ومن يحظى بهذا الدعم هو وحده المسرحي الكبيروالخطير ،وهو الذي ينبغي على الجميع تقليده وتكرار تجربته ،وهذا ما يفسر أن يعرف المسرح المغربي هذه النمطية في الكتابة وفي اإلخراج وفي األداء ،والتي تجعلك تشاهد مسرحية واحدة ،وليس مسرحيات كثيرة ومتنوعة. وما ال تفهمه الوزارة الوصية ،هو أن الدعم وحده ال يصنع نهضة مسرحية ،وأن اإلبداع ـ في معناه الحقيقي ـ هو معاني وأفكار قبل كل شيء ،وهو صور وخيال ،وهو بحث واجتهاد ،وهو معاناة صادقة وحقيقة ،ويمكن أن نرجع إلى تجربة مسرح الهواة في السبعينات مثال ،والتي أعطت أسماء كبيرة في التأليف وفي اإلخراج وفي التمثيل وفي النقد وفي التننظير المسرحي ،وكل ذلك في غياب أي دعم من أية جهة ،وعلى العكس من ذلك ،فقد كان هناك تضييق على حرية كثير من الفرق المسرحية ،ولم يمنعها ذلك من أن تركب التحدي ،وأن تبدع في ظل شروط اجتماعية وسياسية صعبة وقاسية ،وأن تقدم مسرحا فقيرا ماديا ،ولكنه غني بأفكاره وبمشاريعه وبطموحه وبكتاباته. واليوم ،وقد أصبحت وزارة الثقافة هي التي تنتج المسرحيات ،وهي نفسها التي تشتري هذه المسرحيات، وهي التي تنظم المهرجانات ـ أو تساهم فيها ـ لترويج هذه المسرحيات ،وهي التي تستدعي الضيوف Page 8
والصحفين لمشاهدة المسرحيات والكتابة عنها ،فقد أصبح من الضروري أن نستغرب لهذه الوضعية الشاذة ،والتي ال وجود لها إال في هذا البلد الغريب الذي يسمى المغرب ،فاإلنتاج المسرحي موجود، ولكن أين هو الطلب؟ وغياب الجمهور المسرحي يدفعنا ألن نتساءل :لماذا تنتتج الوزارة هذه المسرحيات؟ هل فقط ،حتى يقال بأن لدينا حركة مسرحية مغربية؟ وأين هي الحركة مع وجود مسرح ال يمكن أن يعيش إال بالسيروم وبالدفع والجر؟ وإلى متى؟ إلى أن تقوم القيامة؟ أما السؤال الثاني فهو لمن؟ للكراسي الفارغة؟ وأعتقد أن هذا العبث ال ينبغي يطول أكثر ،وأرى أنه قد أصبح من واجبنا جميعا أن نصرخ بصوت واحد ،وأن نقول الكلمة التي ينبغي أن تقال ،والتي هي :كفى ..كفى س :من دون شك أن املسرح املغربي يعيش مفارقة تتمثل يف جيلني إن مل نقل فريقني ،جيل أكادميي خريج املعهد العالي وجيل مجعوي خريج دور الشباب ،أال ترى أن اجليل األول هو األجدى بلقمة العيش من الثاني حتى ال ينضاف إىل طوابري املعطلني املدبلمني أمام الربملان وشوارع العاصمة؟ ج :المسرح أساسا هو التعدد والتنوع ،وهو وجود األنا واألنت ،وهو وجود النحن واآلخر ،فهو الدنيا التي تسع الجميع ،وال يمكن أن تضيق عن أي أحد ،والذين في نفوسهم ضيق ال يمكن أن يكونوا من أهل المسرح ،ويمكن أن تتعايش في هذا المسرح كل الحساسيات وكل التجارب ،وأن تتحاور فيه كل األجيال وكل األسماء ،ورغم أن العالم الغربي مازال يفاجئ العالم بتجاربه الجديدة والمتجددة ،فإنه لم يتوقف لحظة عن االهتمام بربرتواره المسرحي ،ولهذا فقد كان ضروريا أن نكف عن ارتجال الخالفات والصراعات الغبية ،وأن نهتم بروح اإلبداع ،وأن نعرف بأنه ال أحد يمكن أن يرضي كل األذواق ،وبأنه ال وجود لجمهور مسرحي واحد يطلب ( نوعا) مسرحيا واحدا س :الدكتورعبدالكريم برشيد هل تقبلون يف يوم ما بتقلد منصب وزير تيقنوقراط يف وزارة الثقافة إذا كان اجلواب بالنفي ملاذا ،وإذا كان باإلجياب ما هو أول عمل سوف تقومون به مباشرة غداة تعيينكم؟ ج :كان من الممكن أن أقبل ،لو أن هذا كان منذ أكثر من عشر سنوات ،أما اآلن ،وقد أصبح وضع الثقافة المغربية مميعا بالصدقات والعطايا وبالصفقات المشبوهة ،وأصبح لإلبداع األدبي والفني سوق كبير ،وأصبح لهذا السوق تجاروسماسرة ،يفهمون في األرقام وال يفهمون شيئا في األفكار والمعاني ،فال أعتقد أنني من الممكن أن قبل ،ولقد أعلنت مؤخرا انسحابي من هذه الوزارة ،ووضعت في اعتباري الحقيقة التالية ،وهي أنه ال وجود اليوم لشيء يسمى وزارة الثقافة في المغرب . س :يف ظل ثورة الرقمية والتكنولوجيا ومواقع التواصل االجتماعي كيف تعيشون هذه الطفرة ثم أال تفكرون يف إطالق موقعكم اإللكرتوني اخلاص للملمة كل أعمالكم وحبوثكم ؟ Page 9
ج :أعيش هذه الطفرة وأنا موجود فيها وغريب عنها ،وحالي فيها مثل حال صديقي امرؤ القيس الذي أتيت به من صحراء العرب ،وألقيت به في باريس ،وبالمناسبة فإنني أطلب منه ومن التاريخ ومن السادة المؤرخين أن يسامحوني ،أما بخصوص الموقع ،فقد أجد الجرأة و( السنطيحة) ألدخل يوما هذا العالم الجديد . س :يعيش العامل العربي على إيقاع ثورات حارقة منذ ثالث سنوات يف رأيكم الدكتورعبد الكريم برشيد هل فعال كل ما جيري يف تقديركم هو مدبر بأيادي خفية من اخلارج ،ثم باعتباركم مثقفا عربيا هل فعال خذل املثقف العربي اجلماهري يف وقت ومنعطف تارخيي حاسم ما أحوجها إليه اآلن من أي وقت مضى ،من أجل تأطريها عقالنيا بعيدا عن مؤامرة مقولة (الفوضى اخلالقة)؟ ج :بالتأكيد هي من تدبير األيادي الخفية األجنبية ،بتواطؤ ـ طبعا ـ مع العمالء الذين بيننا ،والذين لهم أجسادهم معنا ،ولكن سيوفهم علينا وعلى رقابنا ،أما المثقف العربي فهو بريء من كل هذه المسرحية الميلودرامية ،وهو منفي في وطنه ،أو خارج وطنه ،ونحن ال نتذكره إال في الوقت بدل الضائع، والسياسيون يرتكبون األخطاء القاتلة ،ويريدون من المثقف المهمش في مجتمعه ،والموجود خارج كل السياقات أن يدفع الثمن ،وذلك هو الالمعقول في أبشع صوره ،وهذا هو المعنى الذي عبرت عنه في مسرحية (عنترة في المرايا المكسرة) والتي كتبتها سنة 0791وقدمتها فرقة المعمورة سنة 0791 وفيها يعيش عنترة كل أنواع العبودية من قبيلته وعشيرته ،ومع ذلك ،يريدون من العبد أن يحررقومه، ومتى كان بإمكان هذا المثقف المستعبد والمقصي أن يفعل شيئا لشعبه وأمته؟ س :دكتورعبدالكريم برشيد بصراحة إذا كنتم تتحسرون على شيء ما يف مساركم املسرحي الزاخرما هو؟ ويف املقابل إذا كنتم ممتنون لشخص أسهم كثريا يف حنت شخصيتكم فمن هو؟ ج :أنا ال أتحسر على أي شيء ،وأعتبر أن الواقع ال يمكن أن يكون إال واقعيا ،وأن األشياء مشروطة بشروطها وبحيثياتها وبمقدماتها ،وإنني ـ مثل كل الناس ـ قد ارتكبت أخطاء ،مرة عن جهل ،ومرة ألن رهاناتي كانت في غير محلها ،ولكنني عملت دائما على تصحيح أخطائي ،وحرصت على أن أعتبرها تجربة البد منها ،وال أظن أنه من الممكن أن نتعلم في مدرسة الحياة مجانا ،وإنني أدفع ثمن أخطائي من غير أن أشكو حالي ،وإنني ال أتوقف لحظة عن ترديد الكلمة التالية ( الشكوى لغير اهلل مذلة ( أما الذين نحتوا شخصيتي فيأتي على رأسهم الوالد رحمه اهلل ،والذي كان عاشقا للمعرفة والحكمة ،وكان عاشقا للغة العربية ،وأيضا جدتي لال خدوج لحلو رحمها اهلل ،والتي كانت امرآة قوية وال تتكلم إال بالحكم واألمثال الشعبية ،أما في المسرح ،فإنني أدين بالشيء الكثير ألستاذي الحسين المريني رحمه اهلل ،ولقد أهديت كتاب ( الصدمة المزدوجة :المسرح والحداثة) لروحه . س :أخريا ،بعد كل هذه اإلصدارات القيمة اليت نشرتها على مدى أربعة عقود أال يزال هناك نصيب وافر لسريتك الذاتية؟ Page 10
ج :لقد نشرت منذ كتاب ( غابة اإلشارات) وهو عبارة عن سيرة فكرية ،كما أصدرت منذ شهور كتابا جديدا يحمل عنوان ( اعترافات الحكواتي الجديد) ولي كتاب ثالث جاهز عنوانه ( أنا الذي رأيت) هذا باضافة إلى كتاب يمزج بين الرحلة والمسرحية والسيرة الذاتية ،وقد أعطيته عنوان ( الرحلة البرشيدية)
سرية أدبية ومسرحية عبد الكريم برشيد :بطاقة تعريف– الدكتورعبد الكريم برشيد/كاتب-مؤلف/مخرج مسرحي/كاتب صحفيولد سنة 0711بمدينة أبركان بشرق المغربليسانس األدب العربي ـ كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بفاس 0790ديبلوم التربية وعلم النفس ـ كلية اآلداب بفاس 0790ديبلوم الدراسات العليا المعمقة (ماجيستير) بأطروحة في موضوع(اإلحتفالية وهزات العصر) بجامعة المولى إسماعيل بمكناس 1110 ـ دكتوراه بأطروحة في موضوع ( تيارات المسرح العربي المعاصر ،من النشأة إلى اإلرتقاء) جامعة المولى إسماعيل ـ مكناس دبلوم في اإلخراج المسرحي من أكاديمية مونبوليي بفرنسا – سنة 0791األمين العام لنقابة األدباء والباحثين المغاربة.أمين المال في نقابة المسرحيين المغاربة.عضو لجنة التخطيط الشامل للثقافة العربية – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلومالكويت 0781 عضو لجان التحكيم في كثير من المهرجانات المغربية والعربيةفي الصحافة عضو مؤسس لمجلة (الثقافة الجديدة) وعضو هيئة تحريرها إبتداء من أواسط السبعينيات من القرنالماضي.. رئيس تحرير نشرة (ربيع المسرح العربي) والتي كان ينشرها مهرجان ربيع المسرح العربي 0771ـ 0771 رئيس تحرير نشرة (الموسم) الصادرة عن موسم أصيلة الثقافي – صيف 0771رئيس تحرير مجلة (التأسيس – دفاتر مسرحية) والتي صدرت من مدينة مكناس سنة 0781رئيس تحرير مجلة (مقامات) التربوية ،والتابعة لنيابة وزارة النعليم بمدينة الخميسات ـ 0771كاتب ركن صحفي بإسم (سوق الكالم) في جريدة (الميثاق الوطني)كاتب ركن (مقامات اليوم) في جريدة (مغرب اليوم) ـ 0771ـ 0771في الكتابة اإلبداعية المسرحية له أكثر من خمس وثالثين نصا مسرحيا ،كتبت جلها باللغة العربية الفصحى..ترجمت بعض مسرحياته إلى الفرنسية واإلنجليزية واإلسبانية والكرديةPage 11
تدرس نصوصه المسرحية في المدارس الثانوية المغربية وفي مدارس البعثة الفرنسية وفي كثير منالكليات وفي المعاهد المسرحية المغربية والعربية قدمت هذه النصوص في كثير من الدول العربية واألجنبيةصدرت في كتب وفي مجالت وفي بعض المالحق الثقافية للجرائدالنصوص المسرحية: *عنترة في المرايا المكسرة /الحومات /السرجان والميزان /سالف لونجة /الزاوية /منديل األمان / حكاية العربة /إبن الرومي في مدن الصفيح /الناس والحجارة /عطيل والخيل والبارود /عرس األطلس /فاوست واألميرة الصلعاء /إمرؤ القيس في باريس /إسمع يا عبد السميع /حكاية قرية إسمها الدنيا /العين والخلخال /مرافعات الولد الفصيح /غريب وعجيب /ليلة سمر في ضوء القمر / مشاهدات صعلوك /النمرود في هوليود /خيطانو المجنون /صياد النعام /جحا في الرحى /شطحات جحجوح /جمهورية جحجوح /الحكواتي األخير /السي الماضي /رباعيات المجذوب /ليالي المتنبي / على باب الوزير /الدجال والقيامة ../يا ليل يا عين :موال مسرحي /المقامة البهلوانية /جحا فاس في اإلخراج المسرحي أحد مؤسسي جمعية النهضة الثقافية بمدينة الخميسات سنة 0790ـ بداخل جمعية النهضة أوجد فرقة مسرحية حملت إسم الطليعة ،وأخرج لها المسرحيات التالية: *مسافر ليل للشاعر صالح عبد الصبور *حكاية جوقة التماثيل لسعد اهلل ونوس *ثوب اإلمبراطور للدكتور عبد الغفار مكاوي *الحسين يموت مرتين ،عن نص من نصوص التعازي الشعبية *موال البنادق – تركيب شعري عن القضية الفلسطينية *زقاق المدق عن رواية نجيب محفوظ *السي الماضي من تأليف المخرج نفسه *رباعيات المجذوب من تأليف المخرج نفسه *سالف لونجة من تأليف المخرج نفسه *الزاوية من تأليف المخرج نفسه في الكتب النقدية صدر له في مجال البحث المسرحي ،و في الدراسات المسرحية و اإلجتماعية و الفكرية ،الكتبالتالية: *حدود الكائن والممكن في المسرح اإلحتفالي – دار الثقافة – الدار البيضاء سنة 0781 *المسرح اإلحتفالي – عن دار الجماهيرية – طرابلس – ليبيا – سنة 0771 *اإلحتفالية :مواقف ومواقف مضادة – منشورات تانسيفت – مراكش *اإلحتفالية في أفق التسعينات – إتحاد كتاب العرب – دمشق – سوريا *كتابات على هامش البيانات – مطبعة فضالة -المحمدية 0777 Page 12
*المؤذنون في مالطة – كتاب الجيب – منشورات الزمن ـ 1111 *غابات اإلشارات – مطبعة تريفة – أبركان ـ 1111 *الكتابة بالحبر المغربي – مطبعة رانو ـ 1111ــ الدار البيضاء. ـ الصعود إلى فلسطين ـ مطبعة النجاح الجديدة ـ الدار البيضاء 1111 ــ الحكواتي األخير ـ إيدي سوفت ـ الدار البيضاء ـ 1111 ــ غابة اإلشارات ــ اعترافات الحكواتي الجديد ــ "الصدمة المزدوجة ⁄المسرح والحداثة" 1101 ــ "التأسيس والتحديث في تيارات المسرح الحديث "عن دبي الثقافية وفي طريق النشر: ــ أنا الذي رأيت ــ الرحلة البرشيدية ــ التيار التجريبي في المسرح العربي ــ التيار التأصيلي في المسرح العربي ــ التيار التأسيسي االحتفالي في المسرح
Page 13
حوارمع الدكتورالقاص املغربي مصطفى يعلى حاوره :عبده حقي
خاص تقديم: ما أحلى وما أمتع وما أفيد الرجوع إليه ..الرجوع إلى صوت رائد ورافد في اإلبداع القصصي المغربي ..وما أحوج الثقافة واألدب المغربيين إلى العودة إلى الروافد الفكرية والعلمية واألدبية ،الستينية والسبعينية على الخصوص من طينة الدكتورالقاص مصطفى يعلى من أجل القبض على الزمن القصصي البعيد والهارب بأقالمه السامقة إلى عتمة النسيان إن لم نقل دهاليزالجحود ،حتى نضع هذا الجنس السردي المشاكس منذ عصرشهريارالسحيق في إطاره األنطولوجي الحقيقي ..في هذا الحوارمع القاص الدكتورمصطفى يعلى رحلة في مدارات القصة القصيرة المغربية منذ ثالثينات القرن الماضي إلى زمن الشبكة العنكبوتية ومن دي موباسان وجويس شماال حتى نجيب محفوظ ويوسف إدريس وزفزاف وشكري جنوبا ..رحلة ممتعة قراءة ومفيدة بحثا ونقدا ودراسة... والدكتور من مواليد سنة ، 5491بمدينة القصر الكبير ،حاصل على دكتوراه الدولة في األدب العربي الحديث ،من كلية آداب الرباط في السنة الجامعية ، 5441/5441حول موضوع " :القصص الشعبي بالمغرب -دراسة مورفولوجية" ،تحت إشراف الدكتور محمد السرغيني .وهو عضو في اتحاد كتاب المغرب ،ورئيس سابق لفرعه بمدينة القنيطرة ومديرتحريرمجلة (المجرة) الثقافية وعضوالعديد من الهيآت األدبية ومجموعات البحث والدراسات السردية .نشرالعديد من إبداعاته القصصية ومقاالته النقدية بمختلف المنابروالمالحق الثقافية المغربية والعربية منذ أواخرستينات القرن الماضي .صدرت له Page 1
أولى باكورته القصصية (أنياب طويلة في وجه المدينة ) سنة 5491وإصدارات هامة جدا في مجال القصص الشعبي منها ( امتداد الحكاية الشعبية ) ضمن سلسلة (موسوعة شراع الشعبية) وآخرها (نحو تأصيل الدراسة األدبية الشعبية بالمغرب) ضمن إصدارات إتحاد كتاب المغرب. س :تتشرف جملة كتاب اإلنرتنت بإجراء هذا احلوار معكم باعتباركم أحد األصوات الرائدة يف الكتابة القصصية املغربية منذ أربعة عقود ونيف ،وإذ نشكركم على تلبيتكم دعوتنا ،بداية دكتور مصطفى يعلى أنتم من مواليد مدينة القصر الكبري سنة ،5491كيف تورطتم يف كتابة القصة القصرية يف مدينة هادئة ختتلف بنيتها االجتماعية البطيئة مع بنية املدن الكربى املصطخبة اليت تدعي أنها مهد الكتابة القصصية؟ ج :شكرا أوال على االستضافة الكريمة ،راجيا لمشروعكم الثقافي الرائد هذا ،كل توفيق. شخصيا أعتقد أن مدينة صغيرة عتيقة ،هي فضاء جد مناسب لكتابة القصة القصيرة .إن ما أشرت إليه من صعوبة ،يرتبط في الحقيقة بالرواية التي تعتبر صورة عن الحياة ،وفق نظرية الرواية لدى هنري جيمس .إذ تتطلب فضاءات متشعبة معقدة ،في المدن الضخمة. بيد أن القصة القصيرة هي فن المهمشين ،كما يذهب فرانك أوكونور في كتابه الفذ (الصوت المنفرد)؟. وانطالقا من هذا المنظور ،أسأل :أليست المدن الصغرى مثل مدينة القصر الكبير مهمشة أصال ،وغاصة بالشخصيات المغرقة في التهميش؟ .أضف إلى هذه الحقيقة ،كون هذه الفضاءات التقليدية المستقرة ،هي مستنبت نموذجي لتداول الحكايات الشعبية ،علما بأن العالقة األسرية وطيدة بين القصص الشعبي والقصة القصيرة .لكل هذا ال نستغرب إن ولد قصاصون في هذه البيئات الضيقة عمرانا ومعاناة .أال ترى معي أيها الصديق ،أن القصة المغربية قد نشأت في المدن الصغيرة بأحيائها العتيقة المنغلقة من مثل فاس موالي إدريس وتطوان الترنكات وأصيلة باب الحمر ،بينما لم تنتج العاصمة الرباط وفيما بعد سوى قصاصين اثنين ،أعني المرحومين عبد العزيز بنعبد اهلل وعبد الجبار السحيمي؟ .من هنا كانت القصر الكبير بالنسبة لي حاضنة لموضوعات وفضاءات وشخوص عدد من قصصي ،مثلما يتجلى من مراجعة مجموعاتي األربع. وأكيد أن هنالك عدة روافد وحوافز لهذا االختيار ،أوجزها في النقط الموالية: ـ المناخ المفعم باألجواء األسطورية والخرافية ،في الدروب الضيقة الملتوية ،واألزقة المغلقة؛ حيث كانت تكثر رواية الحكايات في ساحة (الحالقي) وفي المنزل وفي الدرب ولدى الجيران . ـ تدعيم هذه األجواء بالقراءات المبكرة لمتون السير الشعبية في طبعاتها الصفراء ،من مثل (حمزة العرب) ـ الهوس بالسينما ،التي كانت تعرض أفالما مأخوذة عن األعمال السردية لكبار المبدعين أمثال فيكتور Page 2
هوغو وشارل ديكنز وتولستوي ودسويفسكي ونجيب محفوظ. ـ أثر الدراسة الثانوية على يد أساتذة البعثة التعليمية المصرية الرائعة مطلع الستينيات .فإذا كانت القصة القصيرة قد سكنتني في المرحلة السابقة المبكرة بصورة عفوية غير واعية ،فإن مرحلة الثانوي جعلتني أمتلك وعيا نظريا مبدئيا بها ،ووجهتني لقراءة أهم النصوص لدى شوامخ كتابها كالسيكيين وحدثيين، أجانب وعربا ومغاربة. ـ سحر النشر في الصفحات الثقافية للجرائد الوطنية بداية الستينات ،حيث كانت الكتابة امتيازا ،ال يجترحه سوى كبار الكتاب في المرحلة .مما حرضني على إدمان القراءة في السرد أكثر ،توقا المتالك سلطة الكتابة وفرض الذات في مدينتي الصغيرة أوال ،ثم في الساحة الثقافية المغربية الفقيرة ثانيا . هذا بعض من كل ،وإال فإن التكوين العام للشخصية في رأيي ،هو الذي يصنع نوعية األديب قصاصا أو روائيا أو شاعرا أو مسرحيا ،في المدن الصغرى كما في المدن الكبرى. س :هل اهتمامكم بالقصص الشعيب ينم عن دور احللقة وحكايات اجلدة واألزليات وغريها ،يف توريطكم يف الكتابة القصصية بشكل عام ،أم هناك عوامل أخرى ؟ ج صحيح كما قلت سابقا إنني قد تشبعت منذ الطفولة بالقصص الشعبي ،لكوني كنت مطوقا بالحكي الشعبي من كل جهة؛ في الحلقة والبيت والدرب والجيران كما ذكرت سالفا .األمر الذي كون لدي دربة خاصة على استيعاب هذا المتخيل الشعبي المدهش .وربما من هذا الهوس كان االنتقال إلى كتابة القصة القصيرة .وإن كانت هناك دوافع أخرى وقفت وراء هذا التوجه .أذكر منها نهم القراءة المبكرة بالعربية واإلسبانية ،مما مكنني من االطالع على أعمال كثير من كتاب القصة القصيرة من الشرق والغرب، أمثال تشيكوف وإدجار آالن بو وجي دي موباسان و أو هنري وإرنست همنغواي وفرانز كافكا وخورخي لويس بورخيس ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وعبد الكريم غالب وعبد المجيد بن جلون والالئحة طويلة. بيد أن هناك كما سبقت اإلشارة ،تأثير السينما .فقد كانت مدرسة حقيقية لجيلي يوم كانت أهم وسيلة للفرجة واالنفتاح على اآلخر .فبما كانت تقدمه من أفالم روائية رائعة ،أمكنها أن تزرع في ذهنيتي مزيدا من النزوع نحو الحكي وتداول ملخصات األفالم المشاهدة بين األصدقاء والزمالء .نظرا للدور المحوري الذي كانت تلعبه السينما خالل طفولة جيلي ،إن على المستوى الفرجوي وإن على المستوى التثقيفي ،في غياب مؤسسات مماثلة . وما دمت قد ربطت أنت في السؤال بين االهتمام بالقصص الشعبي والتورط في كتابة القصة القصيرة، يمكنني أن أؤكد العالقة األسرية الرابطة بين االثنين ،حتى تتبين مرونة االنتقال من األولى إلى الثانية. فكما ذهب إنريكي آندرسون إمبريرت في كتابه العميق (نظرية وتقنية القصة القصيرة Teoria y Page 3
) ،tecnica del cuentoإن القصة القصيرة قد تناسلت من القصص الشعبي .لهذا ليس غريبا أن يكون التزود بالمأثور القصصي الشعبي مبكرا ،قد خلق في ذاكرتي هذا النزوع الفطري نحو كتابة القصة القصيرة فيما بعد .وإال فلماذا لم أكن شاعرا أو مسرحيا مثال؟. س :هل تتذكرأول نص قصصي خرجت به إىل العلن يف سريتك األدبية قبل مخسة عقود ؟ ج :أذكر أن أول نص قصصي نشرته ،وأنا ما أزال طالبا ،أتابع دراستي بالسنة الجامعية األولى ،في كلية اآلداب بفاس ،كان تحت عنوان (سأبدأ من الصفر) .وذللك سنة ،5411على الصفحة الثقافية لجريدة األنباء ،التي كان يديرها الكاتب والشاعر محمد الطنجاوي. س :حصلت على اإلجازة يف األدب العربي سنة ،5411حدثنا عنها وعن قيمتها األدبية والرمزية؟ ج :كانت اإلجازة في األدب العربي سنة ،5411حدثا مائزا له قيمته المادية واالجتماعية المعتبرة. فأوال ،كان منصب السلم العاشر ألستاذ بسلك التعليم الثانوي في االنتظار ،مقابل راتب شهري كان له بال في الفترة ،مقداره 917،77درهما .وثانيا ،كان لوقع اإلجازة على األسماع أثر خاص ،في وقت كانت الشهادة االبتدائية والبروفي ينظر إليهما بكثير من التقدير .بيد أنه كان للحاصلين على اإلجازة في تلك الفترة ،اعتبار آخر يتجلى فيما تمتعوا به من كفاءة معرفية ودراية تربوية وسلوك أخالقي مثالي، فحققوا بهذا مكانة مرموقة بين الناس .وللتدليل على هذا ،يكفي أن أستدعي هنا للتمثيل وليس الحصر، بعض األسماء المعروفة ،أمثال :محمد الخمار ،محمد الميموني ،محمد أنقار ،إبراهيم الخطيب ،محمد بوخزار ،إدريس الناقوري ،أحمد المديني ،أمين الخمليشي ،محمد السوالمي ،محمد عنيبة الحمري ،محمد الكغاط ،محمد بنعمارة وأضرابهم .وال غرو ،فإن معظم هؤالء كانوا ينشرون كتاباتهم وإبداعاتهم بالمنابر الوطنية وهم ما يزالون بعد طلبة في الجامعة ،بل إن كال من المرحوم محمد بندفعة ومحمد عنيبة الحمري قد نشرا دوانيهما الشعريين خالل فترة الدراسة الجامعية. س :لو أردنا أن نؤسس للكتابة القصصية باملغرب ،فمن هو اجليل األجدر بذلك؟ هل جيل أمحد امشاعو والقطيب التناني وعبد اجمليد بنجلون؟ أم جيل الستينات ،مثل عبد الكريم غالب وعبد اجلبار السحيمي وحممد برادة ؟ ج :في البحث العلمي ال نتعامل مع الظواهر بمثل هذه العقلية التي سادت خالل السبعينيات على وجه التخصيص ،مستندة إلى االبتسار واالجتزاء عن حسن نية أو سوئها .انطالقا من هذا المبدإ األكاديمي، يمكن الذهاب إلى أن كل من ذكرتهم وغيرهم قد ساهموا جميعا في إدخال هذا النوع السردي إلى دائرة االهتمام ،لدى المغاربة إبداعا وتلقيا ،بعد أن كان الشعر هو سيد الساحة األدبية الوطنية .ذلك أننا وجدنا Page 4
كتابا مغاربة قد نشروا نصوصهم القصصية ،في ثالثينيات أو أربعينيات أو خمسينيات القرن الماضي. نذكر منهم عالل الجامعي ،ملكة الفاسي ،عبد الرحمن الفاسي ،أحمد بناني ،عبد المجيد بن جلون ،عبد الكريم غالب ،أحمد عبد السالم البقالي ،محمد الخضر الريسوني ،آمنة اللوه .بل يمكن الرجوع إلى فترة ما قبل الثالثينيات مع المقامات والقصص الشعبي ،كإرهاصات الستنبات الكتابة القصصية المعاصرة في حقلنا اإلبداعي. أما في مرحلة الستينيات والسبعينيات ،فقد عرفت هذه الكتابة تطورا كميا ونوعيا ملحوظا ،من غير أن يعني هذا أنها قد تأسست في هذين العقدين حصرا .إذ لكل مرحلة من مراحل مسار قصصنا العربي بالمغرب ،أسماؤها ونوعيتها وإضافاتها ومستويات تطورها .وهكذا كانت القصة القصيرة التي تهمنا في هذا الحديث ،عبارة عن حكاية أومقال قصصي أو صورة قصصية أو قصة تيمورية متشبثة باألضالع الثالثية الموباسانية المعروفة (مقدمة ـ عقدة ـ خاتمة) .ثم انتقلت إلى التجريب في العقد السبعيني كما هو . معروف س :عرفت القصة القصرية ازدهارا على مستويات عدة ،تتعلق أساسا باقتحامها عوامل التجريب يف السبعينات .ماهي العوامل اليت ساعدتها على ذلك مع قلة املنابر الصحفية وعوائق النشر؟ ج :فعال ،كانت القصة القصيرة تستأثر بالساحة اإلبداعية المغربية بجانب الشعر ،خالل الستينيات والسبعينيات ،لعاملين اثنين أساسيين من بين عوامل التأثير في الظاهرة ،وهما: ـ كون القصة القصيرة كانت نبتا جديدا على حديقة األدب في المغرب .فبعد أن استنبتت بشكل أولي في التربة المغربية خالل العقود الثالثة السابقة على الستينيات ،توسع لدى المثقفين التعاطي الواعي لهذا النوع السردي ،نتيجة توفر المتون المهمة منها ،المتمثلة في النماذج المنتثرة في المجالت العربية والمغربية ،وفي مقدمتها مجلة المجلة والكاتب والطليعة المصرية ،واآلداب البيروتية واألقالم العراقية وآفاق المغربية .فضال عن المجاميع القصصية الواردة من الشرق العربي لكبار الكتاب ،خصوصا من مصر ،التي كانت تموج بكتابات من سموا نقديا بجيل الستينات .دون أن ننسى الترجمات المتوالية للقصص العالمي في المنابر الوطنية والعربية المختلفة . ـ العامل الثاني ،يتجلى في ارتفاع مستوى التعليم بدرجة ملحوظة ،بعد فترة االستقالل ،حيث واصل أبناء الطبقة الوسطى دراستهم العليا ،وتمكنوا من استيعاب النظريات والمفاهيم الخاصة بالقصة القصيرة .كما تأثروا بقراءاتهم الواعية للنصوص الجيدة منها عربيا وعالميا ،مثلما هي لدى يوسف إدريس ويحي حقي ونجيب محفوظ وهمغواي وكافكا وألبرتو مورافيا وغيرهم .مما ساعد على ظهور اتجاهين بارزين في القصة القصيرة المغربية خالل ربع قرن التالي على فترة االستقالل؛ هما االتجاه الواقعي النقدي من Page 5
جهة ،مستفيدا من مد الفكر الماركسي وموجة االلتزام المهيمنين خالل الستينيات ،ومن االنفراز الطبقي، بعد تواريه طيلة مرحلة مقاومة االستعمار .ويتعلق األمر من جهة ثانية ،بالنزعة التجريبية المحتشمة، وخاصة خالل السبعينيات ،وفق تحديدك في هذا السؤال ،متأثرة بما قرأه أصحابها لفرانز كافكا وأمثاله، ال سيما وأن أصداء موجة الرواية الجديدة للثالثي آالن روب غرييه ونتالي ساروت وميشيل بوتور، كانت تتردد بقوة بين المثقفين الطليعيين بمغرب هذا العقد . س :أصدرت يف هذه الفرتة حتديدا سنة ،5494جمموعتك القصصية البكر "أنياب طويلة يف وجه املدينة" ،البيضاء ،مطبعة األندلس .5491 ،كم كانت التكلفة املالية حينها ،وما هي أصداؤها؟
ج :كان إصدار مجموعة (أنياب طويلة في وجه المدينة) مغامرة لذيذة ،رغم أنها كلفتني الكثير .فقد وصلت الكلفة المادية إلى ثالثة آالف درهم أللفي نسخة .وكان لهذا المقدار المالي قيمة كبيرة في ذلك الحين .كما كلفتني هذه المجموعة القصصية ،جهدا استثنائيا خالل الطبع والتوزيع .وال أترك هذه المناسبة تمر من غير أن أذكر هنا حدثين طريفين حصال معي خالل عمليتي الطبع والتوزيع. األولى ،أنني والصديق محمد بنيس ،ظللنا خالل أسبوع تقريبا ،نساعد في تصفيف األحرف الرصاصية بالمطبعة البدائية في الدار البيضاء .وعندما أوشكنا على االنتهاء من المهمة ،رجعنا إلى المطبعة بعد تناول الغذاء ،ففوجئنا بأحد العمال قد بعثر على األرض برجليه ،ودون انتباه منه طبعا ،صندوق األحرف الرصاصية المصففة .فكان علينا أن نبدأ عملية التصفيف الشاقة من البداية. والثانية ،حدثت عند التوزيع الشخصي للمجموعة على المكتبات بأهم المدن المغربية ،وبمساعدة عدد من األصدقاء .ذلك أنني قصدت مكتبة ذات فضاء شاسع ،في حي األحباس بالدار البيضاء ،وطلبت من صاحبها عرض المجموعة القصصية الصغيرة الحجم في مكتبته .لكنه اعتذر بأنه ال يوجد في مكتبته مكان فارغ!. كان للمجموعة صدى طيب لدى األصدقاء والمعارف وكثير من القراء .فقد كان نشر كتاب آنئذ في حد ذاته أمرا غير عادي ،بالساحة الثقافية عموما واإلبداعية تخصيصا .كتب عنها بعضهم ،وأهملها آخرون، لكون صاحبها كان يغرد خارج السرب .وتلك قصة أخرى. س :انشغالك باإلبداع القصصي ،قادك من دون شك إىل االهتمام بل التخصص األكادميي بالنقد والدراسات القصصية ،مما يشكل لديك رؤية متكاملة إبداعا ونقدا؛ حدثنا عن خمتربك السردي ،وملاذا القصص الشعيب بالذات ؟ ج :ذكرت سابقا بأن االرتباط بالحكي ،قد انطلق منذ الطفولة .هذا سبب .والسبب الثاني ،يندرج ضمن
Page 6
انشغال جيلي بتسليط األضواء الكشافة على الحركة األدبية المغربية ،قديمها وحديثها ،نظرا لما كانت تالقيه من إهمال لدى األشقاء المشارقة .وكذا ،نظرا لغياب المعرفة الكافية به .وهناك سبب ثالث ،ويتعلق بالقصص الشعبي المغربي .فقد بدا لي من التعاطي مع هذا القصص ،أنه قد ظلم كثيرا ،رغم ما يمتلكه من بالغة وروعة فنية .ثم إنني وجدت فيه إضافة إلى الدافع الذاتي ،أرضا بكرا غير مطروءة ،يمكن للباحث األكاديمي والناقد األدبي أن يجترح من وراء التخصص فيه كثيرا من اإلضافات النظرية واإلجرائية المهمة . س :يعترب الدكتور مصطفى يعلى ،إىل جانب الدكتور عبد الرحيم املؤذن والدكتور أمحد املديين والدكتور محيد احلميداني ،من األمساء البارزة اليت اشتغلت على الدرس السردي القصصي ،باختصار كيف تقيم هذه املختربات؟ وما السبيل إىل إثراء حقل الدراسات السردية يف هذا اجملال؟ ج :تلك مرحلة مرت .حيث كان الباحثون المغاربة يشتغل كل واحد منهم على انفراد رؤية ومنهجا ،من أجل الكشف عن هذا الجانب أو ذاك من جوانب تراثنا األدبي القديم والحديث بما فيه المعاصر .في حين كان غيرنا في األمم المتقدمة يشتغلون ضمن خاليا بحث ،وفي نكران ذات ،وفي ظل ظروف مواتية ،لذا تمكنوا من تقديم كثير من المنجزات النظرية والمنهجية المعتد بها عالميا .ومع ذلك ،يمكن القول إن تلك الجهود الفردية للباحثين المغاربة ،قد تمكنت بالنسبة للتراكم السردي في المغرب ،أن تنزع الغطاء عن متونه ،وتعين مراحل تطوره ،وتحدد لوائح مبدعيه ،وتكشف أسرار جمالياته ،وتصنف اتجاهاته .وهذا ليس باألمر الهين ،بل على أرضيته تنهض األبحاث والدراسات المنشغلة بمختلف المالمح والظواهر األدبية الجديدة .أما راهنا ،فنحن بصدد مرحلة ثانية تشتغل على التجربة السردية المغربية والعربية، بواسطة نظريات ومناهج أكثر حداثة وجد متطورة .وهذا أمر طبيعي للمسار التطوري للدراسات األدبية أكاديمية ونقدية حرة .خصوصا وأن الساحة الجامعية قد اغتنت بالمختبرات السردية ،إلى جانب انتشار الجمعيات والمنتديات المخصوصة بالسرد ودراسته ونقده . س :أال ترون أن التجربة القصصية الثمانينية يف املغرب ،قد شكلت قطيعة مع األجيال السابقة ،بارتيادها لعوامل التجريب ،واالنكفاء على تقليب اهلموم الذاتية بدل القضايا االجتماعية ،اليت عرفتها قصص الواقعية االجتماعية يف السبعينات مع زفزاف واخلوري وشكري وغريهم؟ ج :ال أعتقد أن هناك قطيعة جيلية جذرية ،في الكتابات اإلبداعية ،أحرى النقدية .إذ ثبت بفعل نظرية التناص ،أن ما يحكم مسار األدب هو التأثر والتجاور والتساند والتكامل في سياق تطوري متماسك ،رغم
Page 7
ما قد يبدو على السطح من اختالف وتفارق .إن التفسير الذي أعتقده هنا ،يتجه نحو اعتبار مرحلة الستينيات والسبعينيات كانت قد استنفدت ظروفها اإليديولوجية ،التي أنتجت ما سبقت اإلشارة إليه من استيحاء للصراع الطبقي وهيمنة الواقعية النقدية ،حيث ذابت الذوات الفردية في الذات الجماعية المهيمنة .أما ابتداء من الثمانينيات ،فقد اختلفت الظروف وتشعبت العالئق وتراكمت المستجدات ،مما عزل الفرد في هموم ذاتية تتعلق بمصارعة الواقع اليومي من أجل الوجود .وهو ما انعكس على الكتابة اإلبداعية .وبذلك تكون مرحلة مختلفة عن التجربتين الستينية والسبعينية حياة وإبداعا ،قد انطلقت مع جيل جديد له معاناته الخاصة ومفاهيمه الجديدة ورؤاه إلى الحياة .لكن من غير قطع حبل السرة ،الممتد من أجيال ما قبل الثمانينيات وخاللها وما بعدها إلى اآلن .ألم يبدأ التجريب في السبعينيات؟ ثم هل انقطع كل كتاب ما قبل الثمانينيات عن اإلبداع السردي؟ وبالنسبة لتمركز النصوص حول ذات الكاتب ،ألم تستمر خناثة بنونة بكتابتها المتمحورة حول ذاتها حتى في هذا العقد وما بعده؟ . س :إىل ما يعزى شبه غياب الصوت النسائي إىل حدود أواسط التسعينات ،وانفجار النشر الرقمي واإلنرتنت؟ ج :أوال ،دعني أن أوجز خطا بيانيا ،يرصد تواجد المرأة المغربية إبداعيا .حتى اآلن إن ما ندريه كون الصوت النسائي الذي اقتحم مبكرا عالم األدب سرديا ،هو صوت مليكة الفاسي .فقد انطلق نشر قصصها القصيرة خالل الثالثينات من القرن العشرين .وكان علينا أن ننتظر إلى الخمسينات لنلتقي مع آمنة اللوه في روايتها القصيرة (الملكة خناثة) الحاصلة على جائزة (جوائز المغرب ومرويكوس) .ولم يعل صوت المرأة في اإلبداع القصصي ،إال مع خناثة بنونة ورفيقة الطبيعة وفاطمة الراوي بالنصف الثاني من عقد الستينات. وثانيا ،لفهم الظاهرة على ضوء التفسير االجتماعي ،ينبغي أن نستحضر وضعية المرأة المغربية حتى فترة االستقالل .إذ لم يكن لها حضور في الواقع االجتماعي ،ألنها كانت حبيسة البيت ،وغارقة في األمية ،ومكبلة ماديا .ولم تبدأ في االنخراط في الحياة العامة ،وفي الحركة الثقافية سوى بعد تلك الفترة، حيث دخلت المدارس واقتحمت الجامعات ،واحتكت بالتجربة الحياتية خارج البيت .أما في الثمانينات والتسعينات ،فقد كانت المرأة المغربية قد أصبحت عنصرا فاعال في كل الميادين ،واحتلت مكانتها في كل مراتب الحياة .لهذا يالحظ أن تجربتها أكثر غنى ،وروافد إبداعها أغزر تنوعا وخصوبة . س :ظاهرة قصصية فرضت صوتها كجنس قصصي له خصوصياته البنيوية واجلمالية والسردية ،يتعلق األمر مبا يسمى بالقصة القصرية جدا؟ كيف تنظر إىل تراكمها اآلن وكيف تنظر إىل مستقبلها؟.
Page 8
ج :القصة القصيرة جدا ،فن سردي جديد بمعنى الكلمة .فقد أفرزه القرن العشرون على احتشام ،لكنه أخذ يستفحل في األلفية الثالثة .ولعلك تذكر أننا في مجلة "مجرة" التي تصدر عن دار البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع بالقنيطرة ،كنا قد خصصنا ملفا واسعا بعدد مزدوج للقصة القصيرة جدا ،ترك أثرا طيبا لدى القراء. وإذا كان الكثيرون راهنا ،قد شرعوا يركبون موجة القصة القصيرة جدا ،طمعا في سهولة تناولها كما يظنون ،فإن القلة القليلة من كتابها هم من يستوعبون شروطها وضوابطها .ويمكنني أن أزعم بالمناسبة، أن هذه القصة من أصعب األنواع السردية .فهي تجمع في كلمات وجمل محدودة ،بين التجربة الحياتية العميقة ،ومنتهى التكثيف البليغ ،والشاعرية المدهشة ،والمفارقات المعجزة ،وما إلى هذا من عناصر التحدي لقدرات المبدع. أما بالنسبة لمستقبل القصة القصيرة جدا .فيمكنني الذهاب بعيدا ،فأعتقد أن المستقبل ليس للرواية وال للقصة ،بل للقصة القصيرة جدا .وذلك بسبب روح العصر ،المتسمة بالسرعة المتناهية والتخصصات الدقيقة .إذ لم يعد الزمن يسمح بالتعاطي للنصوص الطويلة وفق ما كان عليه الحال في القرنين الماضيين .كما أن أدوات التواصل الفكري واإلبداعي ،أصبحت تتحكم في أحجام وأشكال األعمال األدبية ،مثلما يتجسد في سلطة التغريد بالتويتر ،والتواصل الفيسبوكي . س :وما رأيك يف القصة القصرية التفاعلية ،اليت ترتكز أساسا على التشعبية ،أو ما يسمى بالنص املرتابط؟ ج :بصراحة ،لم أتعرف على هذه التجربة بعد .فتعاملي مع اإلنترنيت جديد ومحدود .وال عجب ،فأنا من الجيل الذي تربى على الكتاب .وليس تعاملنا مع اإلنترنيت إال محاولة منا للحاق بمنجزات العصر المستجدة. س :تشرفون على إصدار اجمللة الورقية (جمرة) ،وهي مغامرة يف ظل احنسار املقروئية وتراجعها ،حدثنا عن آفاق هذا املشروع األدبي والثقايف اهلام يف زمن اإلنرتنت ؟ ج :كان تأسيس هذه المجلة في التسعينات ،مشروعا مشتركا بين ثلة من األسماء (محمد البوكيلي ،بشير القمري ،مصطفى يعلى ،محمد زفزاف ،محمد الكغاط ،مبارك الدريبي ،محمد سعيد سوسان ،محمد واحمان) .على أن تتولى دار البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع بالقنيطرة ،نشرها وتوزيعها .وكانت الفكرة التي وقفت وراء إصدارها ،أن يتاح لكل األقالم الكفأة المجال الذي تنشر به في استقاللية عن أي تبعية لهذه الجهة أو تلك .فضال عن هدفية ربط المجلة بمحيطها الجامعي ،من حيث توفير منبر جاد يتسع للكتابات األكاديمية ،على اعتبار (مجرة) تصدر في دائرة وجود جامعة ابن طفيل. Page 9
وككل فعل ثقافي حر في العالم الثالث ،عانت المجلة من كثير من عوامل التثبيط ،التي كان من الممكن أن تتسبب في إيقافها منذ صدور أعدادها األولى .لكن اإليمان بجدواها ،وتضحيات مديرها الصديق محمد البوكيلي ،ساعدا على مغالبة تلك العوامل السلبية .وهاهي بصدد إغناء رصيدها الطويل العريض، بإصدار العدد الرابع والعشرين قريبا . فيما يتعلق بتلقي "مجرة" من لدن القراء ،يمكنني أن أؤكد لك بأنها قد كسبت الرهان ،بمثابرتها وملفاتها األدبية النوعية الجادة .إذ أضحت شريحة مهمة من القراء تنتظر باهتمام صدور أعدادها المتوالية، واإلقبال عليها بكثير من التقدير ،والسؤال عنها باستمرار .السيما وأن هناك خصاصا حادا يعاني منه المغرب بالنسبة للمنابر األدبية . وأقول لك عن آفاق هذه المجلة ،إنها مستمرة على المدى المنظور ،في نشر الملفات الضافية عن مختلف الظواهر األدبية الحاضرة في الساحة الثقافية .إلى جانب فسح المجال لكل الكتاب الجادين من مختلف األعمار واالتجاهات ،ألن ما يهمها هو الفعل الثقافي وما يحققه من تراكمات خصبة ومخصبة .أيضا ،إن هيئة تحريرها تفكر دوما في اعتماد صيغ جديدة لتقديم المادة الثقافية لقرائها ،وتطوير نوعية مواضيعها، بعد أن غطت ملفاتها السابقة معظم األجناس األدبية المعروفة تقريبا. س :لو طلبنا من الدكتور مصطفى يعلى انطباعا سريعا ،وهو يعيش بني عصر الورق وعصر الرقمية،ما هو إحساسك ؟ ج :إنها معادلة صعبة .ذلك أنني متعود على التعامل مع المكتوب ورقيا ،والتركيز على العبارات والفقرات والصفحات ،باستعمال قلم الرصاص تلخيصا وتعليقا وإصالحا ونقدا .وهو األمر الذي يجعل األفكار تترسخ جيدا في الذهن أكثر .لهذا فالكتب التي قرأتها بهذه الطريقة ،من الصعب أن يتعامل معها غيري من القراء بارتياح ،بسبب تشويش قلم الرصاص. لكن من ناحية أخرى ،وجدت أن الفضاء الرقمي يقدم إمكانيات هائلة للمتلقي ،ال تفلت أي شيء .بحيث أصبح مرجعا مسعفا في أي موضوع ،وبأكثر سرعة وأقل جهد .لهذا صار من غير الممكن االستغناء عنه .وأذكر في هذا الصدد ،أنني قضيت أواخر السبعينات سنتين كاملتين في جمع المادة الخام لبحث دبلوم الدراسات العليا ،في حين يمكنني اآلن أن أحصل على نفس المادة وأكثر في دقائق .ولعل أهم ما يروق لي على هذا المستوى الرقمي ،هو توفر المصادر والمراجع قديمة وحديثة ،صادرة عن دور النشر المعتد بها علميا في هذا القطر أو ذاك من األقطار العربية ،ما كنا نحلم أن تصلنا في الماضي. وفي انتظار أن تسفر المنافسة بين اإلمكانيتين الورقية والرقمية ،عن نتيجة ما مستقبال ،سأظل أفضل الكتاب الورقي( ،وكل فتاة بأبيها معجبة) كما يقول المثل المأثور .وإن كنت أود لو يظل الورقي والرقمي . يخدمان معا ثقافة اإلنسان بنوع من التكامل Page 10
س:أصدرت جملتنا عدة كتب رقمية ،تتنوع بني الدراسات والسرد ،آخرها إصدار األعمال الكاملة يف ثالثة أجزاء للشاعر الفلسطيين عز الدين املناصرة؛ أال ترون أن الكاتب املغربي مل ميلك بعد الشجاعة لكي يدخل جتربة اإلصدارات اإللكرتونية؟ ،وإىل ما يعزى هذا التوجس؟ ج :إنها ظاهرة جديدة ،لم تتأصل بعد في ثفقافتنا .وأكيد أن كتابنا سيقبلون على النشر الرقمي ،حين يأنسونه ويلمسون فائدته ،على غرار ما فعلوا مع اإلنترنيت عموما عند ظهوره .وينبغي أن نستحضر أن عددا غير قليل من مثقفينا ال يحسن حتى اآلن التعامل مع الحاسوب أصال ،أحرى االستفادة من اإلصدار الرقمي . س :أخريا تعيش كل الدول العربية ثورات وانتفاضات مايسمى بالربيع العربي ،الذي حتول إىل جحيم عربي ،أنتم سيدي الدكتورمصطفى يعلى ككاتب ومثقف عربي ،كيف تنظرون إىل هذه النار اليت أشعرتنا باخليبة واليأس ،أكثر مما أشعرتنا باألمل؟ ج:أظنك األستاذ عبده حقي تقصد الخريف العربي؟ .إن من عاش شبابه ورجولته في سياق وطني عربي قومي ،ممتلئا باآلمال العريضة والتوقعات الفردوسية ،خصوصا بعد الحصول على االستقالل عن االستعمار الغربي المقيت؛ ال يمكنه إال أن يشعر بوجع الحسرة ،أمام ما حاق بالشعوب العربية من ويالت .وفي اعتقادي أن المؤامرات الدولية والصهيونية ما كانت لتتوفق فيما خطط له ،لوال التواطؤ العربي ،وتهميش المثقفين الشرفاء ،وصمت رجال الدين الحقيقيين المتنورين ،وكبح عجلة التطور .ومع ذلك ،فإن التاريخ ليس أعمى أو أعرج ،بل إنه يرى ويتحرك .ولعل الغد يأتي بما هو أفضل . ــــ شكرا لكم القاص الدكتورمصطفى يعلى سيرة أدبية :الدكتورالقاص مصطفى يعلى من مواليد سنة ، 5491بمدينة القصر الكبير ،في المغرب ،في ظل أسرة محافظة . درس بالكتاب ،ثم باالبتدائي ،فاإلعدادي بنفس المدينة .وأتم دراسته الثانوية بمدينة العرائش بينسنتي 5411و . 5411 حصل على شهادة الباكالوريا سنة 5411بمدينة تطوان .أما تعليمه الجامعي ،فقد تم بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بمدينة فاس ،حيث أحرز على اإلجازة فياألدب العربي وشهادة األهلية التربوية سنة . 5411 نال شهادة استكمال الدروس من كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط في السنة الجامعية 5499و. 5491 حصل على دبلوم الدراسات العليا بكلية اآلداب بفاس في السنة الجامعية ، 5419/5411حولPage 11
موضوع (( :ظاهرة المحلية في الفن القصصي بالمغرب -من أوائل األربعينيات إلى نهاية الستينيات))، وذلك تحت إشراف الدكتور إبراهيم السوالمي . حصل على دكتوراه الدولة في األدب العربي الحديث ،من كلية آداب الرباط في السنة الجامعية ، 5441/5441حول موضوع " :القصص الشعبي بالمغرب -دراسة مورفولوجية" ،تحت إشراف الدكتور محمد السرغيني. ثانيا :العمـــــل: بعد أن حصل على اإلجازة سنة 5411عين أستاذا بالسلك الثاني الثانوي للغة العربية في مدينةالقنيطرة ،حيث استقر بها منذ ذلك التاريخ . ثم عمل أستاذا مكونا في اللغة العربية بالمركز التربوي الجهوي بالقنيطرة بين 5499و. 5419بعد حصوله على دبلوم الدراسات العليا ،عين أستاذا مساعدا بكلية اآلداب بالمحمدية ،من سنة 5419إلى . 5414 انتقل إلى العمل بنفس الصفة بكلية آداب القنيطرة سنة .5414وهو اآلن أستاذ التعليم العالي بنفسالكلية ،وقد رئس شعبة اللغة العربية وآدابها بها في دورت (5441ـ 5441( )5441ـ ).1777 النـشـاط األدبـي: هو عضو في اتحاد كتاب المغرب ،ورئيس سابق لفرعه بمدينة القنيطرة .عضو تحرير مجلة " اآلداب والعلوم اإلنسانية " لكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالقنيطرة ،وعضوبهيئة تحرير مجلة " مجرة " وعضو بالهيئة االستشارية لمجلة ( قاف صاد ) المتخصصة في القصة القصيرة .ـ رئيس مجموعة البحث في األشكال األدبية ( أرخبيل ) بكلية آداب القنيطرة .ـ رئيس مختبر ( أرخبيل ) للدراسات واألبحاث األدبية ،بمسلك الدراسات العربية بكلية آداب القنيطرة .ـ عضو هيأة التدريس ومنسق لمجموعة التكوين والبحث في اآلداب المغربية المعاصرة :دراسات مقارنة ،التي ترأسها دة .زهور كرام بنفس الكلية .ـ عضو مجموعة إعداد ( معجم المؤلفين والرواية المغربية 5417 ـ ،)1777في إطار (بروتارس ) ІІІبكلية آداب القنيطرة .ـ شارك بإنتاجه في معظم األعداد الخاصة باألدب المغربي من المجالت الوطنية والعربية ،منها :ـ مجلة اتحاد كتاب المغرب ( آفاق ) ،عدد خاص بالقصة القصيرة ،ع .5494 /1 .ـ مجلة ( األقالم ) العراقية ،ملف خاص :من األدب المعاصر في القطر المغربي.ع ،1 .دسمبر .5417ـ مجلة ( الثقافة ) السورية :األدب في المملكة المغربية .تشرين الثاني ـ كانون األول . 5415ـ مجلة ( آفاق ) :عدد خاص بندوة الرواية المغربية .ع 1 - 9 .دجنبر . 5419ـ مجلة ( اآلداب ) البيروتية ،عدد ممتاز :األدب المغربي الحديث .ع 5-1 .يناير /فبراير . 5441ـ مجلة ( آفاق ) :ملف القصة القصيرة في المغرب .ع ،17 .يناير . 5441ـ مجلة ( آفاق ) Page 12
:نحو نظرية عربية في السرد :دراسات ومقاربات .عدد مزدوج .5444 /15-11ـ مجلة وزارة الثقافة المغربية ( المناهل ) ،عدد مزدوج خاص ب ( األدب الشعبي المغربي ) ،ع ،11 / 19 .نوفمبر .1775ـ مجلة ( المناهل ) ،عدد مزدوج خاص ب ( محمد المختار السوسي :سلطة المعرفة وسؤال الهوية ) ،ع ،11 / 91 .أكتوبر .1771ـ مجلة ( مجرة ) عدد خاص ب ( الثقافة واألدب الشعبيان )، ع ،4 .صيف .1771ـ مجلة ( مجرة ) ،عدد خاص ب ( المدينة في األدب ) ،ع ،57 .ربيع .1779 ـ شارك في مجموعة من اللقاءات الثقافية داخل المغرب وخارجه. منها داخل المغرب: ـ ندوة الرواية المغربية ،التي نظمها اتحاد كتاب المغرب بمدينة مراكش( .5419عنوان المداخلة : بيبليوغرافيا الرواية المغربية 5417ـ " )5417أعمال الندوة منشورة بمجلة " آفاق " ع 9/1 .دجنبر " .5419 ـ الندوة المغاربية حول موضوع ( الثقافة الشعبية إحدى ركائز وحدة المغرب العربي ) .من 11شتنبر إلى 1اكتوبر ، 5414المنظمة من طرف المجلس البلدي بمدينة القنيطرة ( .عنوان المداخلة :إشكالية المصطلح السردي الشعبي ) "أعمال الندوة مطبوعة سنة" .5445 ـ الملتقى الثالث المنظم من طرف المجلس البلدي بالقنيطرة بتعاون مع كلية اآلداب والعلوم اإلنساية بالقنيطرة ،حول موضوع ( المدينة المغاربية والكتابة ) ،من 1إلى 51اكتوبر ( .5447عنوان المداخلة :تجليات المدينة المغربية في الكتابة القصصية "أعمال الندوة مطبوعة سنة ".5441 ـ الندوة العالمية التي نظمتها كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالقنيطرة ،حول موضوع (منطقة الغرب : المجال واإلنسان ،أيام 19-11اكتوبر ( . 5445عنوان المداخلة :مورفولوجية الحكاية الشعبية بمنطقة الغرب ) "أعمال الندوة مطبوعة سنة " .5449 ـ الندوة العالمية التي نظمتها مجموعة البحث في منطقة جبالة ،فرع الحكاية الشعبية ،وذلك حول موضوع (الحكاية والسرد:األدوات التربوية واإلنتاج السوسيوثقافي) ،بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالقنيطرة ،أيام59ـ 54دجنبر( .5449عنوان المداخلة :الحطاب األخالقي في الحكاية الخرافية "أعمال الندوة منشورة سنة " .5444 ـ الندوة العلمية التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية ،بالشراكة مع الجمعية المغربية للتراث اللغوي، حول موضوع ( الحكاية الشعبية في التراث المغربي ) ،يومي 11ـ 11شتنبر ، 1771بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط ( .عنوان المداخلة :القصص الشعبي المغربي :إشكال التصنيف والتجنيس) ـ اليوم الدراسي حول موضوع :اإلبداع الشعبي والتنمية ،المنظم من طرف فريق البحث في المعجم األدبي والفني ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالقنيطرة ،يوم 11أبريل ( .1771عنوان المداخلة : Page 13
األدب الشعبي واألدب الرسمي :خطان متوازيان يلتقيان) ـ اليوم الدراسي حول :الحكاية الشعبية في إفريقيا ـ مقاربة أولية ،المنظم من طرف كرس اليونسكو عن المرأة وحقوقها ،بكلية آداب القنيطرة ،والشبكة الوطنية للثقافات واآلداب الشفهية بنفس الكلية ،و معهد الدراسات اإلفريقية بالرباط( .عنوان المداخلة :وظائف المرأة في الحكاية العجيبة السودانية) ومنها خارج المغرب: ـ األسبوع الثقافي الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب في ليبيا أواخر مارس ( 5419قراءة قصصية) . ـ األسبوع الثقافي الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب في العراق صيف ( 5411قراءة قصصية) . ـ أيام الحكاية بالمحمدية 55ـ 51نونبر ،5449المنظمة من طرف محترف الحكاية الشعبية بكلية أداب المحمدية ( ،عنوان المداخلة :الحكاية المرحة فن المفارقة األساس في السرد الشعبي). ـ أشغال مجموعة البحث المغربية الفرنسية حول إعداد قاموس دبلوماسي عالمي فرنسي عربي ،وذلك بباريس أيام 5ـ .5441 / 4 / 51 ـ المؤتمر الدولي حول موضوع ( ثقافة الطفل العربي ـ رؤية مستقبلية للقرن الحادي والعشرين ) ، المنعقد بكلية اآلداب فرع بنها ،جامعة الزقازيق ،جمهورية مصر العربية ،وذلك أيام 1 /19 ،11 ،11 ( .1777 /عنوان المداخلة :الخطاب األخالقي الموجه لألطفال ـ الحكاية الخرافية نموذجا). ـ ملتقى التجربة الكويتية في المجالين األكاديمي واإلعالمي بدولة الكويت ،المنظم من طرف وزارة اإلعالم بدولة الكويت ،أيام 15ماي ـ 5يونيو .1779 المؤتمر العربي حول (التراث الشعبي العربي :وحدة األصل والهدف ) ،المنظم بدمشق من طرفالمجلس األعلى لرعاية الفنون واآلداب والعلوم االجتماعية /وزارة التعليم العالي ،أيام 59ـ 51مارس .1771نشرت أعماله في جزئين عن وزارة التعليم العالي السورية ،دمشق ( 1771 ،عنوان المداخلة : القصص الشعبي العربي :وحدة في التنوع وتنوع في الوحدة). ـ ندوة ( المرأة في المأثور الشعبي ) ،المنعقدة بمدينة مصراتة الليبية ،والمنظمة من طرف المركز الوطني للمأثورات الشعبية بليبيا ،أيام 1ـ 1فبراير ( .1771عنوان المداخلة :تنويعات كيد المرأة في الحكاية الشعبية). ـ ندوة ( الخيمة العربية فضاء للقيم السامية والعيش المشترك ) بالجزائر ،المنظمة من طرف وزارة الثقافة بالجمهورية الجزائرية ،أيام 11أبريل ـ 1مايو ( 1779عنوان المداخلة :الخيمة في القصص الشعبي). يتوزع إنتاجه األدبي بين اإلبداع القصصي ،والدراسة األدبية ،والبحث البيبليوغرافي .نشر إنتاجه بمعظم الجرائد المغربية ،وبأهم المجالت الوطنية والعربية :العلم ،المحرر ،البيان ،Page 14
االتحاد االشتراكي ،أقالم ،الثقافة الجديدة ،المدينة ،آفاق ،الكاتب العربي ،األقالم ،المورد ،لوتس، المعرفة ،الوحدة ،اآلداب ،مواسم ،المناهل القدس العربي ،مجلة البيان الكويتية. ترجمت بعض قصصه إلى اإلسبانية والفرنسية.صدرت له أربع مجموعات قصصية هي:( 1-أنياب طويلة في وجه المدينة) مطبعة األندلس ،الدار البيضاء.5491 ، ( 2-دائرة الكسوف) ،اتحاد الكتاب العرب ،دمشق ،سوريا.5417 ، ( 3-لحظة الصفر) ،البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع ،القنيطرة.5441 ، 4ـ (شرخ كالعنكبوت) ،البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع ،بدعم من وزارة الثقافة المغربية ،القنيطرة، .1771 أعد (فهرست المجاميع القصصية المغربية ،)5491 -5499مـنـشور بمجلة المورد العراقية ،م، 1.ع .5494-1.ثم (فهرست المجاميع القصصية المغربية من سنة 5499إلى سنة ،)5417منشور بمجلة األقالم العراقية ع ،1.س ،51.بغداد .5417وله أيضا بيبليوغرافيا الفن الروائي في المغرب 5419-5417أعدها بتكليف من المكتب المركزي التحاد كتاب المغرب بمناسبة ندوة الرواية المغربية بمراكش ،نشرت بمجلة آفاق ع 9-1.دجنبر .5419وله أيضا ،في هذا السياق" ،بيبليوغرافيا القصص الشعبي ودراسته بالمغرب" ،منشورة بمجلة "اآلداب والعلوم اإلنسانية" كلية اآلداب ،القنيطرة،5449 ، و"بيبليوغرافيا النقد القصصي بالمغرب "5417 -5419منشورة بالجزء الثالث من كتاب "زهرة اآلس في فضائل العباس" دار المناهل ،الرباط.5449 ، و صدر له من المؤلفات: كتاب ( امتداد الحكاية الشعبية ) ضمن ( سلسلة (موسوعة شراع الشعبية) ،ع ، 1 .طنجة ،سبتمبر ـاكتوبر ـ نوفمبر ـ دجنبر . 5444 كتاب ( القصص الشعبي في المغرب ـ دراسة مورفولوجية ) .المدارس للنشر والتوزيع ،الدارالبيضاء . 1775 ، كتاب " السرد المغربي ـ بيبليوغرافية متخصصة " .المدارس للنشر والتوزيع ،بدعم من وزارة الثقافةالمغربية ،الدار البيضاء . 1775 ، كتاب ( القصص الشعبي :قضايا وإشكاالت ) ،بدعم من وزارة الثقافة المغربية ،دار البوكيلي للطباعةوالنشر والتوزيع ،القنيطرة /المغرب. 1779 ، كتاب ( القصص الشعبي :قضايا وإشكاالت ) ،بدعم من وزارة الثقافة المغربية ،دار البوكيلي للطباعةوالنشر والتوزيع ،القنيطرة /المغرب. 1779 ، Page 15
كتاب ( السرد ذاكرة ) ،دار اآلمان ،الرباط ،المغرب.1774 ،وله كتابان معدان للطبع: نحو تأصيل الدراسة األدبية الشعبية بالمغرب.السرد المغربي :حفر عن خصوصيات المجتمع المحلي في نصوص القصاصين المغاربة الرواد.ــ "ظاهرة المحلية في السرد المغربي" لمصطفى يعلى ،عن مطبعة األمنية ،بالرباط ،1755في 191 صفحة ،من القطع الكبير .والكتاب هو حفر عن خصوصيات المجتمع المغربي ،المشخصة جماليا في نصوص القصاصين المغاربة الرواد، ــ «نحو تأصيل الدراسة األدبية الشعبية بالمغرب» إصدارات إتحاد كتاب المغرب
Page 16
حوارمع القاص املغربي أمحد بوزفور: حاوره عبده حقي
خاص ــــ يخيل لي أحيانا أنني لم أبدأ الكتابة بعد . ـــــ نعم بدأت من الشعر قراءة ومحاولة كتابة .وما أزال في هذه البداية حتى اآلن ــــ أنا ال أسعى للتمرد ،أوبكلمة أدق ،إلعالن التمرد . ــــ أكاد أن أكون أميا في كيفيات التعامل مع تقنيات الحاسوب وثقافة الشبكة . ـــــ ها أنذا أقف جانبا وأتنحى عن طريقكم ..مروا إلى كتابة الرواية. ـــــ ازداد العنف في الجامعة ألن الجامعة لم تعد جامعة . تقديم : الحوارمع القاص المغربي أحمد بوزفوريشعرك كما لوأنك داخل مختبر سردي قصصي خاص يضع ضمن أولوياته وإنشغاالته اليومية اإلرتقاء بهذا الفن شكال ومضمون في الواقع كما في الحلم ،مما جعل من بوزفورأحد األصوات المائزة والحاضرة في المشهد القصصى الراهن والمدافعة عنه بشغف جيني راسخ حتى أنه بات اليترجل عن صهوته لإلحتفاء بالقصة وقتما دعته لذلك في المدن كما في القرى النائية .. Page 1
القاص أحمد بوزفورمن مواليد سنة 5491بإقليم تازة تلقى تعليمه األولي في الكتاتيب القرآنية ثم التحق بالقرويين بمدينة فاس التي تابع فيها دراسته االبتدائية والثانوية .في سنة 5411حصل على شهادة الباكلوريا وفي نفس السنة تعرض لالعتقال وأخلي سبيله بعد تالت أشهر بسبب نشاطه السياسي. التحق بكلية اآلداب وحصل بعد ذالك على اإلجازة في األدب العربي .و في سنة 5491نال شهادة استكمال الدروس في األدب المغربي الحديث. نشرت أولى قصة له تحت عنوان" :يسألونك عن القتل" سنة 5495في جريدة العلم . في سنة 5499التحق أحمد بوزفور بكلية اآلداب بعاصمة المغرب الرباط كأستاذ للشعرالعربي الجاهلي. ثم انتقل بعد ذلك إلى كلية اآلداب عين الشق في الدارالبيضاء كأستاذ لألدب العربي. في سنة 5494نال شهادة دبلوم الدراسات العليا عن رسالته "تأبط شعرا ". من مواقفه الثقافية الجريئة رفضه جائزة المغرب للكتاب التي قدمتها له وزارة الثقافة المغربية سنة .1001 من أعماله القصصية والنقدية . ـــ الغابر الظاهر (مجموعة قصصية )5499 ـــ تأبط شعرا :دراسة تحليلية في الشعر الجاهلي ،البيضاء ،نشر الفنك109 ،5440 ،ص. ـــ النظر في الوجه العزيز (مجموعة قصصية )5491 ـــ ديوان السندباد :أصدره عام 5441عن منشورات الرابطة ـــ الزرافة المشتعلة ( -الزرافة المشتعلة قراءات في القصة القصيرة المغربية .أحمد بوزفور .شركة النشر والتوزيع .المدارس .البيضاء) 1000 . ـــ صياد النعام (مجموعة قصصية )5441 ـــ ققنس (مجموعة قصصية) 1009 ـــ قالت نملة (مجموعة قصصية) 1050 ــــ نافذة على الداخل (مجموعة قصصية ) 1051 س :سؤال يفرض نفسه بإحلاح يف بداية هذا احلواركيف جاء األستاذ أمحد بوزفورإىل اإلبداع القصصي وهل تتذكرون بعض نصوص البدايات ؟ ج :ال أتذكر البدايات بالضبط ...حتى ليخيل لي أنني بدأت أكتب منذ ولدت ،ويخيل لي أحيانا أنني لم أبدأ الكتابة بعد .وفي كل األحوال ،فلست بدعا من كثير من زمالئي الكتاب ..البد أنني قرأت نصوصا أعجبتني إلى حد أن فكرت في كتابة نصوص جميلة مثلها. س :يلتقي جل القصاصني يف املغرب يف كونهم إنطلقوا شعراء ،هل القاص أمحد بوزفورإنطلق هوأيضا من التجربة الشعرية ؟ Page 2
ج :نعم بدأت من الشعر قراءة ومحاولة كتابة .وما أزال في هذه البداية حتى اآلن ...أقرأ الشعر باستمرار ،وأحاول كتابته فال أنجح ،فأهاجر إلى القصة .يبدو لي أنني مجرد شاعر فاشل ( حرق ) إلى القصة. س :من هم الكتاب العرب والغربيني الذين قد تكون إستأنست بتجاربهم القصصية أوالروائية ؟
ج:
لكل كاتب قرأته أثر في نفسي وأثر على كتابتي .وإذا نسيت فلن أنسى أنطون تشيخوف وإرنست
هيمنجواي وكافكا وبورخيس ويوسف إدريس وزفزاف س :أنتم من جيل الكتاب السبعينيني ،هل فعال جيل السبعينات هواملؤسس احلقيقي للتجربة القصصية يف املغرب الراهن ؟
ج:
كال طبعا جيل السبعينيات جيل متأخر .وليس مؤسسا .ربما أسس للتجريب في القصة وليس
لتجربة القصة جنسا أدبيا س :هل قصة (يسألونك عن القتل) هوأول نص قصصي خرجت به إىل العلن ونشرته على صفحة جريدة مغربية ؟
ج: س :حدثنا عن جتربة نشرأوىل جمموعاتك القصصية (النظريف الوجه العزيز) سنة ،5491 نعم .نص ( يسألونك عن القتل ) هو أول نص نشرته،
كيف دخلت إىل هذه املغامرة يف زمن كان النشرالورقي فيه حلم أحالم كل الكتاب وكم كانت تكلفته املالية آنذاك ؟
ج:
يعود الفضل في جمع نصوص ( النظر في الوجه العزيز ) وطبعها وتصحيحها ونشرها إلى
الصديق العزيز األستاذ مصطفى المسناوي .ولوال ثقته وجهده وصبره لما نشرت هذه المجموعة أصال. ـــ س :مما الشك فيه أن جتربتكم قد حققت فرادتها مقارنة مع التجارب اجملايلة هلا باحتفائها أوال جبمالية الصورة القصصية وتشكيلها ثم بإيقاعها القصصي املتميز واخلاص ،كيف إستطاع القاص أمحد بوزفور تشييد خمتربه القصصي اخلاص واملتميز؟
ج:
يعجبني هذا التعبير ( مختبر قصصي ) .كأنني فعال أعمل في مختبر .العينات هي الواقع
والنصوص .والتجربة هي المزج والتحليل والذوق والتحضير .والنتيجة هي القصة .كيف استطعت تشييد مختبري القصصي؟ ليس األمر صعبا .يستطيع أي كاتب أن يبني مختبره .المهم هو ما ينتجه المختبر وليس المختبر ذاته .وأنا عادة أول المنتقدين لما ينتجه مختبري ،ولذلك أعيد التفكير ،وأغير أدواتي بعد كل تجربة.
Page 3
س :يرتدد يف األوساط الثقافية أن القاص أمحد بوزفوركاتب مغربي متمرد سواء على
مستوى الشأن الثقايف العام ــ رفضك جلائزة املغرب للكتاب سنة 1001ــ أوحتى على مستوى اإلبداع القصصي مبقالكم األخري(القصة القصرية من التجريب إىل التخريب) هل أنت فعال كاتب متمرد ؟ ج :كاتب متمرد؟ كال أنا ال أسعى للتمرد ،أوبكلمة أدق ،إلعالن التمرد .أنا داخل سوق رأسي غالبا ،وال أتحرك إال حين أفقد صبري .وواقعنا لألسف يفقد اإلنسان صبره .إنني مواطن قبل أن أكون كاتبا، وأعيش وسط الناس وأذوق ما يذوقون ،وأحس بما يذوقون إحساسا مضاعفا ،فال عجب إذا فقدت صبري وصرخت ،وهذا ال يحدث إال نادرا .لكنني في الكتابة أتمرد باستمرار ،وعلى ذاتي وكتاباتي السابقة أساسا. س :عرف اإلبداع القصصي املغربي طفرة مائزة مع إنتشارالويب والسند الشبكي كيف جيد القاص أمحد بوزفورنفسه يف هذا السند وما هو تقييمك اخلاص للقصة القصرية (الشبكية) ؟ ج :أكاد أن أكون أميا في كيفيات التعامل مع تقنيات الحاسوب وثقافة الشبكة .لكنني أطلع على ما يجد في الفايسبوك ،وأعلق أحيانا على تدخالت أصدقائي .وأتابع جديد القصة على بعض المواقع ،وأحاول أن أبقى قريبا من إبداعات الشباب وجديد أصواتهم .وأجد أحيانا نصوصا رائعة تفتنني فأجمجمها وأنوه بها. وأجد أحيانا نصوصا رديئة أندهش لجرأة أصحابها وأحسدهم على هذه الجرأة ...أنا الجبان في النشر على الشبكة .لكنني مستاء من كم األخطاء اللغوية والنحوية في ما يكتب بالعربية ،وال أعرف هل يعود ذلك فقط إلى سرعة الرقن والنشر قبل المراجعة والتصحيح ،أو يعود إلى ضعف الرصيد اللغوي لدى بعض الكتاب. س :تأسست يف املغرب العديد من اإلطارات الثقافية املهتمة بتطوروحركية الفن القصصي باملغرب ،كيف تنظرون بعني األب هلذه الدينامية القصصية اجلمعوية ؟ ج :نعم تكاثرت األطر والجمعيات المهتمة بالقصة في بلدنا والحمد هلل ...لكنهم يهتمون كثيرا بالكتاب على حساب الكتابة .آمل أن يزداد اهتمامهم بالكتابة دراسة وتحليال ونقدا ،وبالكتب قراءة وتحفيزا على القراءة .الكتاب كثروا والقراء قلوا .لم ال نعطي جوائز للقراء؟ س :ماهورأيكم يف جنس القصة القصرية جدا اليت صارت مطية للعديد من األصوات ذات التجربة والرتاكم احملدود ؟ ج :الق.ق.ج شكل جديد على القصة المغربية ،لكنه مأل الدنيا وشغل الناس اآلن .ويخيل لي أنه أصعب أشكال القصة ألن النص الناجح في هذا الشكل نادر ،وعليك أن تغربل الكثير من التراب لكي تعثر على شذرة ذهب ضائعة وسط أكوامه.وقد سبق لي أن قلت إن الشيوخ هم الذين ينجحون في هذا الشكل أكثر من الشباب ،ربما ألن الشيوخ يملكون من التجربة والقراءة والخبرة ما يستطيعون به أن يعبروا عن Page 4
الكثير بالقليل ،وعن سعة الرؤيا بدقة العبارة .لكي تقوم القصة القصيرة جدا ،وألنها قصيرة جدا ،فالبد أن يكون لها عمق بئر شطون ...أي تجربة كاملة من الحفر العميق في الحياة .لكنني أندهش أحيانا حين أعثر على نص رائع من الق.ق.ج كتبه كاتب شاب .وعادة ما يكون هذا الكاتب عبقريا موهبته أكبر من سنه. س :جل كتاب القصة القصرية الرواد يف املغرب حتولوا إىل كتاب روائيني ،ما الذي منع القاص أمحد بوزفورمن دخول مغامرة الكتابة الروائية ؟ ج :ما الذي يمنعني من كتابة الرواية ؟ ال أحد يمنعني وال شيء .لكنني أحب القصة وأجد في كتابتها متسعا ألحالمي ،وأنا أتساءل لماذا يتضايق الناس من بقائي في القصة؟ هاأنذا أقف جانبا وأتنحى عن طريقكم ..مروا إلى كتابة الرواية. س :يرتدد كثريا يف األوساط الثقافية العربية تواري املثقف عن دوره الطليعي يف خضم احلراك واإلنتفاضات العربية الراهنة ،هل هذا صحيح ؟ ج :كال لم يتوار المثقف الطليعي الشريف ..وهو موجود دائما في مجتمعنا ..لكن المثقفين االنتهازيين والباحثين عن مرق السلطة يصخبون في اإلعالم كثيرا ،ويثيرون على السطح الكثير من الغبار فيغطوا به مواقف الشرفاء. س :إهتزالرأي العام اجلامعي والوطين ألحداث العنف اليت تدور يف اجلامعة املغربية أليس غياب أوتغييب دوراملثقف واألديب باخلصوص من بني أسباب تصحرسيكولوجيات الطلبة ونزوعهم حنوتدبري بعض خالفاتهم اإلديولوجية والسياسية بالعنف ؟ ج :ازداد العنف في الجامعة ألن الجامعة لم تعد جامعة .حين تراجعت الفلسفة في الجامعة مرغمة، وحين توالت الضربات المغرضة على االتحاد الوطني لطلبة المغرب ،وحين تراجع الفكر والنقاش وحرية الرأي وهمش األساتذة المفكرون وبرز األيديولوجيون ذوو الفكر األحادي المتهاونون في التدريس والمتساهلون في التنقيط والمشجعون للتذلل والتمسح و( لحس الكابة ) .وحين تراجع اليسار عن القيام بدوره في المجتمع والثقافة وابتكار الحراك ،وحين أخذ الوزراء ينتقدون وجود كليات اآلداب في بلدنا ،ويسخرون من الشعر والفكر ويدعون إلى أن تكون الجامعة كلها مختبرات علوم إلنتاج المواطن التقني ...حين حدث كل ذلك أصبحت الجامعة مشتال إلنتاج العنف والتطرف والفكر األحادي وإغالق األبواب .الجامعة هي نافذتنا على المستقبل ،وإدا بقيت مغلقة هكذا فقل على المستقبل السالم. س :أخريا هل لنا أن نعرف عنوان آخرقصتك القصرية اليت مل تنشربعد ؟
Page 5
ج :كتبت قصة قصيرة جدا بعنوان ( الطاغية ) ..وتتحدث عن طفل صغير وميت يهيمن على السلطة في بيت أبويه. مجلة إتحاد كتب اإلنترنت المغاربة تشكركم على سعة صدركم وصبركم في هذا الحوارالمطول
Page 6
حوارمع الدكتورعبداجلليل ناظم عضوهيئة دارطوبقال للنشر أجنزاحلوار :عبده حقي
خاص مامعنى أن يقدم ثلة من األدباء المغاربة على تأسيس دار للنشرأواسط الثمانينات بهدف النهوض بدورالكتاب في اإلرتقاء بالفكروالمعرفة والوعي والثقافة في مجتمع مغربي متخلف ومنشغل أساسا بالبحث عن ضرورات حياته المعيشية اليومية وأيضا في ذروة الصراع بين أحالم المثقف وأحالم السلطة ...تلك هي المغامرة التقدمية والجريئة والعالمة التي دخلتها دارالنشرطوبقال التي رأت النوريوم الخامس من نونبر 5891بمبادرة من األساتذة محمد الديوري ،محمد بنيس ،عبد الجليل ناظم .وبمناسبة مرورثالثون سنة على تأسيسها أجرينا الحوارالتالي مع أحد مؤسسيها الدكتورعبدالجليل ناظم : س :منذ اخلامس من نونرب 5891أقلعت سفينة دارالنشر طوبقال ،اليوم بعد إنصرام ثالثة عقود كيف ينظرالدكتورعبداجلليل ناظم إىل احلصيلة بني أحالم البداية وذخرية النهاية ؟ ج :أحييك و أشكرك على دعوتك لهذا الحوار بمناسبة مرور ثالثين سنة على تأسيس دار توبقال للنشر .عندما أنظر إلى هذا العمر من العمل من أجل الكتاب المغربي يعتريني إحساس متناقض ،لقد حققت الدار هدف إنتاج كتاب مغربي حديث قادر على المنافسة و االستمرار بدون أي تنازل على المعايير المعرفية أو الجمالية ،لكن الطموح هو أكبر من ذلك بكثير ،و لذلك يحس المرء باإلحباط حين يعاين الوضع الثقافي. Page 1
س :لوتوقفنا قليال عند احلصيلة كم إصدارا نشرت دارطوبقال ؟ وماهي األجناس األدبية والعلمية األكثرإنتشارا لديكم ؟ ج :بلغت عناوين الدار أزيد من خمسمئة بدون احتساب إعادة الطبع .و هي موزعة سالسل معرفية على رأسها المعرفة الفلسفية و األدبية. س :هل مازالت معايريومقاييس اإلنتقاء هي نفسها أم تغريت مع تغريأمناط اإلستهالك الفكري واألدبي إذا كان طبعا هناك تغيريا يف هذه األمناط ؟ ج :تعني كلمة التغيير في سؤالكم التحول إلى الكتاب االلكتروني .انتشار الوسائل الرقمية ال يدل في حد ذاته على انتشار القراءة .من جهة أخرى ،المعيار األساسي ألي ثقافة واعية يتلخص في ثالثة : المعرفة ،اإلبداع ،االنفتاح .خارج هذا المعيار نسقط في االجترار .في توبقال حافظنا على هذا المعيار بدون تنازل كما قلت سابقا. س :كانت أزمة القراءة وماتزال أزمة مزمنة وبنيوية سوسيوثقافية كيف واجهتم هذه املعضلة العربية منذ اإلقالع قبل ثالثني عاما ؟ ج :واجهنا أزمة القراءة أوال بكسب ثقة القارئ و هذا شيء نعتز به. س :سؤال قد يبدو حمرجا نوعا ما ،نود أن نعرف ماهو اإلصدار الذي حقق أعلى مبيعات ورواجا لدار النشر طوبقال على مدى ثالثة عقود ؟ ج :عناوين كثيرة حققت مبيعات .في سياق محدودية قارئ الكتاب المبدع ،السؤال يتعلق ب" الكمية المحدودة من السحب التي ال تتعدى الثالث آالف نسخة في أحسن األحوال " وهذه هي المشكلة. س :وماذا عن مشكلة التوزيع اليت تعاني منها سوق املنشورات يف املغرب ؟ ج :التوزيع مشكل معقد ،حاولت توبقال خلق بنية مرنة وهذا غير كافي بطبيعة الحال. س :األستاذ عبداجلليل ناظم رمبا قد خفت حدة مشكلة التوزيع مع ظهورأسانيد وحوامل جديدة للتلقي (اإلنرتنت ،املواقع اإللكرتونية ..إخل ) ماهورأيكم يف أدوات التلقي هاته ؟
ج س :رمبا سيكون هذا هورأس األسئلة يف هذا احلوار املهم جدا ،فقد دخل على خط األسانيد و الحوامل الجديدة ال تعطي نتائج على مستوى القراءة إال في المجتمع القارئ
النشرمنذ عشر سنوات مايسمى بالكتاب اإللكرتوني الذي حقق أعلى رقم مبيعات مقارنة مع الكتاب الورقي يف الواليات املتحدة األمريكية أوال كيف تنظرون إىل هذا الغريم اجلديد ، ثم أال تفكرون يف دخول هذه املغامرة الرقمية ؟
Page 2
ج :حالة أمريكا مثال واضح لما قلت .إن ازدهار الكتاب االلكتروني أدى إلى ارتفاع مستوى القراءة الورقية و قد أعيد فتح المكتبات في وجه العموم بعد أن كانت قد أغلقت .و كذا المكتبات الخاصة .لنتأمل هذا المثال. س :بعالقة مع السؤال السابق فقد أطلقت كل اجلرائد الوطنية نسخها اإللكرتونية ومن املتوقع أن يزداد تراجع عدد مبيعات الصحف الورقية يف حني سوف يزداد عدد زوارالنسخ اإللكرتونية ماذا يشكل هذا اإلنقالب اإلعالمي الورقي بالنسبة لكم وللدارعموما ؟ ج :وضع الكتاب يختلف عن وضع الدوريات .مع ذلك علينا أن نتابع كل االحتماالت. س :وبالرغم من كل هذا الرتاجع فالكتاب الورقي مازال يقاوم وتقام له معارض جهوية ، وطنية ودولية ماهي إسرتاتيجية دار النشر طوبقال للرفع من حضورها ومن مبيعات إصداراتها يف املستقبل على املدى املتوسط والبعيد؟ ج :االستمرار في االنفتاح على المعرفة اإلنسانية . س :على املستوى العربي وباعتباركم رئيسا الحتاد الناشرين املغاربيني ماهي حدود التنسيق والتعاون مع إحتاد الناشرين العرب ؟ ج :األوضاع سيئة على المستوى العربي .نحاول بتواضع الحفاظ على الحد األدنى من التنسيق. س :من دون شك أن فعل القراءة هومنظومة يتداخل فيها العديد من الفاعلني مثال وزارة الثقافة ووزارة الشبيبة والرياضة ووزارة التعليم واجملتمع املدني أليس هذا التشتت يف حتفيزوتدبري فعل القراءة مسؤول عن غموض يف الرؤية ؟ ج :المسألة الثقافية على أهميتها ليست على رأس جدول األعمال ،و المؤسف أن المجهودات المبذولة إما فردية أو معزولة في وزارة بعينها .الشأن الثقافي حيوي و وجودي و يمس المستقبل .لنوسع أنظارنا لما يحدث في العالم. س :مارأيك يف جائزة املغرب للكتاب ؟ثم أال ترى أننا يف حاجة إىل خلق جائزة املغرب للقراءة ج :الجائزة في نظري دعم لإلبدع و في الوقت نفسه دعم للبنية التحتية للكتاب المغربي
Page 3
حوارمع امللحن املغربي املوهوب حممد بلخياط حاوره :عبده حقي
خاص تقديم : كانت الموسيقى وماتزال وستبقى من بين أهم مالمح التراث لدى الشعوب العريقة والحديثة ،فقد أسهمت كثيرا في تأثيث هويتها الفنية وإثراء ثروتها الالمادية ،ومجدت النتصارات حروبها وأحزانها ،كما خلدت ووثقت لسلمها ورغد عيشها. في المغرب واكبت األغنية بمختلف أنماطها التقليدية والعصرية تحوالت المجتمع السياسية واإلجتماعية منذ الحماية إلى اليوم عرفت فيها هذه األنماط تحوالت على مستوى جميع بنياتها الجمالية والموضوعاتية وأفرزت أجياال من الملحنين والمطربين كانت تواقة إلى التحديث والتجديد الموسيقى مع الحفاظ على الملمح الهوياتي فيها مثل الحسين السالوي ـ أحمد البيضاوي ـ عبدالسالم عامرـ عبدالعاطي أمنا ـ عبدالوهاب الدكالي ـ عبدالنبي الجيراري ـ محمد بن عبدالسالم إلى جيل عزالدين منتصرومحمد بلخياط ونعمان لحلووغيرهم من الشباب الملحنين الذين تتلمذون أكاديميا وذوقيا على جيل الرواد . واليوم هانحن نضع أيدينا على قلوبنا ونشهد مع الحزن العميق حد البكاء كيف يذبح مجد هذه األغنية المغربية في العلن ،وعلى مرآى ومسمع من الجميع في وسائل اإلعالم السمعية البصرية خصوصا في بعض اإلذاعات الخاصة والمهراجانات الوطنية والمحلية باسم حرية التعبير والعولمة واإلنفتاح على اآلخر(الراب والتيكنو وغيرهما ) ومن أجل إستجالء بعض مكامن وأسباب هذا التردي والحد من هذا التدحرج المهول في هذا المنحدر الفني ،كان علينا أن نتوجه بأسئلتنا إلى أحد األسماء الوازنة التي ظهرت في المرحلة الوسطى بين جيل Page 1
الرواد ومابعده إنه الملحن المغربي اإللمعي ،الموهوب محمد بلخياط الذي يعتبرمن بين أهم الملحنين الذين نهلوا من تجربة وثراء مجد األغنية الستينية وشكلوا زمرة من الشباب الذين حملوا المشعل بعد السبعينات ليواصلوا باألغنية المغربية ألق ماحققه الرواد الكبار. األستاذ محمد بلخياط من مواليد مدينة الرباط سنة .1591وهو خريج المعهد الوطني للموسيقى والرقص بالرباط سنة ،1599ولحن حوالي 111أغنية متنوعة المضامين ما بين عاطفي واجتماعي ، ديني ووطني منها ،من أشهرها «راجع لي ثاني» مع عماد عبد الكبير« ،الغربة والعشق الكادي» مع محمد الغاوي و«طل علينا» مع البشير عبده .وقد ألف العديد من المؤلفات الموسيقية والدراسات التي تعتمد في برامج التعليم الموسيقي. س ــ األستاذ حممد بلخياط بداية حدثنا عن األسباب اإلجتماعية إلختيارك اجملال املوسيقي كموهبة وكمهنة ؟ ج ــ أوال شكرا على هذه اإللتفاتة والتي أعتبرها إهتماما وانشغاال منكم كإعالمي وكاتب بما يجري وما يحدث في الساحة الفنية،وهذا يعكس مدى حبكم وعشقكم للفن باعتباره رافد من الروافد التي يقوم عليها المجتمع المغربي ..لم يكن الفن أو المجال الموسيقي اختيارا بقدر ما كان كيانا وقدرا يسكنني حتى النخاع ..أحيا وأعيش به انطالقا من الموهبة الربانية التي حباني بها اهلل ،لهذا كان حتما علي أن انشغل به أي بعالم الموسيقى وأن أشتغل فيه كمهني صانع للموسيقى ،ومؤطر على مستوى األكاديمي. س ــ أنت من مواليد مدينة الرباط سنة 1591واألكيد أن العاصمة كانت تضم أشهرالفنانني وامللحنني يف الستينات ،من هم األساتذة الذين قد تكون تتلمذت عليهم أو تأثرت بهم ؟ ج ــ منذ ان اكتشفت في نفسي ولعي الشديد بالموسيقى واإلرهاصات الموسيقية األولية والتي لم تكن سوى بوادر موهبة فنية كامنة بداخلي ،بادرت وبتشجيع من بعض األصدقاء وأفراد العائلة إلى صقلها بالدراسة األكاديمية والتحصيل للعلوم الموسيقية وذلك بدخولي للمعهد الوطني للموسيقى بالرباط ،كان ذلك خالل السنة الدراسية 1595 - 1591وبالموازاة مع ذلك التحقت ببرنامج مواهب الذي كان يعده ويقدمه الفنان الكبير والملحن المقتدر المرحوم عبد النبي الجيراري ،فكان هذا البرنامج بمثابة مدرسة لي وتجربة حقيقة في تفعيل الحس الموسيقي والموهبة لدي ،وبالفعل ا صبحت عنصرا قارا في البرنامج عازافا على آلة العود ضمن الفرقة الموسيقية للبرنامج .وأصدقك القول أنني صنعت انطالقتي الفنية كملحن من خالل تجربتي في برنامج مواهب بتشجيع من األستاذ عبد النبي الجيراري ،وبدراستي األكاديمية بالمعهد ،فكانت وهلل الحمد انطالقة موفقة بالرغم من وجود فطاحلة الموسيقى والغناء أنذاك أمثال :أحمد البيضاوي وعبد القادر الراشدي وعبد السالم عامر ومحمد بنعبد السالم وعبد الوهاب الدكالي وغيرهم ،إال أنني استطعت أن أجد لي مكانا بينهم . Page 2
س ــ أنت خريج املعهد الوطين للموسيقى والرقص بالرباط سنة 1599حدثنا عن مناهج وظروف التدريس هناك يف بداية السبعينات ؟ ج ــ لم يعرف المغرب نظام تدريس بعض الفنون ــ ومن بينها الموسيقى والمسرح ــ إال بعد اإلستقالل، فكانت الريادة في ذلك والفضل الكبير لألستاذ الفنان الكبير عبد الوهاب أكومي الذي أشرف على إدارة المعهد الوطني للموسيقى والرقص والفن المسرحي .وبالرغم من بساطة التجربة وضعف اإلمكانيات الممنوحة لها من الجهات الوصية عليها إال أنها كانت مشتال حقيقيا وضالة لكل المواهب المتعطشة للفن، فكان اإلعتماد على البرامج الموسيقية الغربية بإشراف وتدريس أساتذة أكفاء أجانب مثل شاطر وماريطون وسيليري وأساتذة مغاربة كان تكوينهم في المجال الموسيقي عن طريق االحتكاك بأساتذة أجانب مثل األستاذ ادريس الشرادي وغيره .وعلى مستوى الموسيقى العربية الشرقية كان االعتماد على مناهج شرقية مصرية وسورية ولبنانية ،وبالرغم من معانات طلبة الموسيقى من قلة اإلمكانيات والنظرة الدنياوية التي كان ينظر بها المجتمع لهم أنذاك ،إال أن حبهم وشغفهم بالموسيقى وإيمانهم بمواهبهم كان هو السيمة الطاغية التي شجعتهم على مواصلة طريقهم نحو تحقيق أهدافهم. س ــ عرفت األغنية املغربية منذ أوائل اإلستقالل تألقا ملفتا هل ميكن أن حتدثنا عن أسباب هذا التألق ؟ ج ــ أوال :ساهم في تحقيق هذا التألق كون تلك الحقبة عرفت وجود فنانين كباريتمتعون بمواهب قوية وحس موسيقي راق ،عاصروا بعضهم ،وتنافسوا فيما بينهم تنافسا شريفا ،ولم يكن الهم المادي هدفهم األول .ثانيا :كان وفاءهم وإخالصهم للرسالة الفنية التي على عاتقهم وفاء وإخالصا غير مشروط .ثالثا: كانوا صادقين ومتفانيين في إعمالهم اإلبداعية ،واعتقد أن هذه السيمات اليمكن ألصحابها إال أن يتركوا أعماال تخلد أسماءهم ويشهد التاريخ لهم بروعتها. س ــ أمل يكن اإلحتكاك مع عمالقة األغنية املصرية أيضا سببا يف هذا التألق حبيث سافرالكثريمن املطربني يف هذه الفرتة إىل القاهرة وبريوت وصقلوا هناك مواهبهم ؟ ج ــ أكيد ما من فنان إال ويمر بمرحلة اإلعجاب والتأثر بفنان ما ،وبالفعل تاثر جل رواد األغنية المغربية بالفنانين المشارقة ومنهم من قابلهم ،لكن في النهاية كل واحد منهم بصم األغنية المغربية ببصمته الخاصة ولونه المميز . س ــ متى بدأت التلحني وماهي أول أغنية حلنتها ومن غناها من املطربني ؟ أليست "الغربة والعشق الكادي" اليت غناها حممد الغاوي ؟ ج ــ ككل فنان البد من بعض اإلرهاصات والخواطر واألفكار الموسيقية في البداية قبل أن يجد الفنان أول الطريق الذي سيسير عليه ،إلى أن يستقر رأيه وذوقه على لون معين قد يتميز به ،حينها يقدم أول تجربة له التي يمكن أن تشكل مسارا لمشواره الفني ،وطبعا رافقتني هذه اإلرهاصات والخواطر Page 3
الموسيقية الغنائية خالل مرحلة تكويني قدمت بعضها على سبيل التجربة مع الفرقة السمفونية للمعهد الوطني للموسيقى وأنا طالب بنفس المعهد ،وقدمت محاوالت أخرى في برنامج مواهب فكانت بداية مشجعة ،إال أنني على المستوى الرسمي ــ اي التسجيل والتعامل مع اإلذاعة كملحن محترف ــ كانت لي تجربتان مع المطرب المقتدر عبد الواحد التطواني ،األولى أغنية وطنية بمناسبة عيد العرش سنة 1599عنوانها "شباب األمة مجند" من كلمات األستاذ محمد رؤوف سجلت مع الجوق الجهوي لمدينة الدار البيضاء برئاسة المرحوم إبراهيم العلمي في نفس السنة ،والثانية أغنية عاطفية عنوانها "ماذا بي " من كلمات نفس الزجال سجلت مع نفس الجوق سنة .1599غير أنني أعتبر أغنية راجع لي ثاني باألفراح هي مفتاح ..ال أقول الشهرة ولكنها فتحت لي األبواب وتم اعتمادي كملحن باإلذاعة المغربية وهي من كلمات األستاذ محمد رؤوف وغناء المرحوم عماد عبد الكبيرسجلت سنة 1599مع الجوق الجهوي لمدينة فاس برئاسة المرحوم أحمد الشجعي. س ــ حققت الكثريمن أغانيك شهرة نادرة نذكرمن بينها "الغربة والعشق الكادي" و"طل علينا" و"راجع لي باألفراح"و"مال الزين تغريمالو" وغريها ماهي أسباب هذا النجاح والتألق ؟ ج ــ صحيح أنني أول من لحن للمطربة فاطمة مقدادي وتعاملت معها في مجموعة من األغاني من أبرزها "لمدينة زينة " المعروفة ب" صحيبي " لكن دعني أصحح لكم معلومة أغنية "مال الزين" التي تغنيها فاطمة مقدادي هي ليست من ألحاني وإنما هي من ألحان الزميل أحمد العلوي .نأتي إلى جوهر سؤالكم " ماهي أسباب نجاح وتألق بعض أغاني" الحقيقة أنني أخذت على نفسي عهدا أن ال أبصم على إي إبداع موسيقي غنائي لي إال بعد التأكد من أنه يحمل مواصفات العمل الجميل الحسن ،الذي يروق كل من استمع إليه ويستحسنه ،وقد سرت بذلك على نهج من سبقوني من رواد األغنية هذا كل ما في األمر. س ــ من دون شك أن اإلذاعة (الراديو) لعبت دورا هاما يف تألق األغنية خصوصا يف عقدين الستينات والسبعينات ،كيف تنظرإىل دوراإلذاعات اخلاصة اليوم أالتتحمل جلها القسط األوفرمن أسباب تردي األغنية الشبابية امللغمة بالكلمات الساقطة والفوضى؟ ج ــ ليس هناك أدنى شك في أن اإلذاعة المركزية "الوطنية " والمحطات اإلذاعية الجهوية قد لعبت جمعهما دورا كبيرا في إنتاج األغنية المغربية الوطنية منها والعاطفية واإلجتماعية ،والتعريف بها ونشرها على نطاق واسع يشمل جميع التراب الوطني لدرجة أنه يمكن اعتبار هذه اإلذاعات المالذ الوحيد للفنان المغربي في غياب شركات إنتاج فني ،والمغاربة كلهم يعرفون هذا ،ألنهم عرفوا األغنية المغربية وتعرفوا على مبدعيها عن طريق هذه المحطات وحفظوها ورددوها حتى صارت جزءا مهما من ذاكرتهم وذكرياتهم .إال أنه المالحظ اآلن غياب هذه المواكبة واإلهتمام من طرف جل اإلذاعات، وأقصد هنا المحطات اإلذاعية الخاصة التي باتت تروج وفي ساعات الدروة أغاني تفتقر إلى مواصفات Page 4
اإلبداع الحقيقي ،وأغاني خارجية مستوردة أغلبها ذو طابع غربي وتترك حيزا قليال من الوقت غالبا في الساعات المتأخرة من الليل لبعض األغاني المغربية... س ــ يف رأيك وبكل صراحة كيف ميكن أن تعود األغنية املغربية إىل جمدها السابق ؟ ج ــ في اعتقادي أنه إذا تظافرت الجهود من مسؤولين عن القطاع الثقافي والفني ومبدعين ومستثمرين، وكذلك الفاعلين في المجتمع المدني ،وحضرت الروح الوطنية والمواطنة الحقيقية ،فإنه يمكن إصالح مافسد ،واإلعتناء بما أهمل ،وترميم ما دمر ،ألننا شعب قادر على تحقيق المعجزات .ويبقى هذا تمني أرجوا تحقيقه وليس ذلك علينا بعزيز. س ــ الكثريمن الفنانني املطربني وامللحنني يعيشون أوضاع إجتماعية خمجلة ،وبعد نصف قرن بدأنا نسمع عن بطاقة الفنان والتغطية اإلجتماعية هل من نداء بهذه املناسبة لإلهتمام أكثربالفنانني واألدباء املغاربة ؟ ج ــ كيف يمكن للفنان ــ داخل المغربي ــ أن تكون له وضعية اجتماعية مريحة وهو ال يشتغل ،وإن اشتغل قد يشتغل مرة أومرتين في السنة ،فهذا الوضع اليمكن أن يعيله لوحده فباألحرى أن يعيل عائلة بكاملها ،إنه بالفعل وضع مزري ،ومن تراهم يعيشون وضعا مريحا فهم قلة واستثناء .أما عن التغطية الصحية وبطاقة الفنان فهذه جهود غير كافية ألن الفنان ليس عاجزا وال متسوال ،هو يريد فقط أن ينصف وتتاح له فرص العمل ليشتغل ويعمل بشكل دائم ومتواصل ،ويقتات من عمله بكرامة هذا أقصى ما يريده الفنان.. س ــ وما رأيك يف مسألة التكريم ؟ ج ــ التكريم هو اعتراف بجهود الشخص المكرم وتتويجا له على الخدمات التي قدمها لبالده ولإلنسانية جمعاء ،وهو سنة حميدة تعرفها جميع بقاع العالم ،ولها أكثر من داللة أهمها اإلنطباع الذي يتركه على نفسية الشخص المكرم .ويبقى التكريم كبيرا في رمزيته إذا كان منظما بشكل يليق بمقام هذا الشخص ومحبطا ومخيبا لألمال إذا كان دون المستوى المطلوب .لهذا أهيب بكل من يفكر في إقامة تكريم لرمز من رموز الثقافة والفن والرياضة أوفي مجاالت أخرى ،أن يفكر ألف مرة في هذا العمل ألنه قد يرفع من معنويات الشخص المكرم لحد الشعور باإلعتزاز واإلمتنان ،وقد ينزل به أسفل درجات اإلحباط وخيبة األمل. س ــ اإلنرتنت أسهم كثريا يف الرتويج وخدمة األغنية إعالميا بشكل عام كما أسهم يف جانب آخريف قرصنتها ومتييعها كيف ينظراألستاذ حممد بلخياط إىل هذا الوضع املؤسف ؟ ج ــ لألسف هوشر ال بد منه ،له ما له من إجابيات وسلبيات ،فإجابياته تكمن في سرعة التواصل بين بني البشر اينما كانوا وأينما وجدوا ،وسرعة الحصول على المعلومة والخدمات في زمن قياسي مهما Page 5
طالت المسافة وبعدت ،يجعل العالم بين يديك قرية صغيرة .وسلبياته في استغالله من طرف البعض لتحقيق أغراض ذنيئة وسيئة ،وأهداف مدمرة .وطبعا من بين هذه األهداف قرصنة جهود وأعمال الغير في شتى المجاالت من بينها :األعمال الفنية .يبقى األمل معقود على تكنولوجية جديدة مبتكرة للحد من استغالل األنترنيت لألهداف المدمرة لألخالق والقيم والجهود اإلنسانية. س ــ أخريا ماهوجديدك ؟ ج ــ جديدي بعضه وتحديدا ثالثة أغاني مع الفنان محمد الغاوي سترى النور قريبا في إطار األغاني المدعمة من طرف وزارة الثقافة ،واآلخر سيظل حبيس غرفتي إلى أن تكتب له الفرصة لست أدري متى لكنني سأظل متفائال.. ختاما أجدد شكري وامتناني لكم على عملكم الذؤوب الذي يواكب الفنان في مساره الفني ،ويسلط الضوء عليه .وهذا عمل أبعاده ومراميه نبيلة ،يسهم في خدمة الثقافة والفن في بالدنا من باب المواطنة القحة. مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربية تشكركم مرة أخرى الملحن الكبيرالموسيقارمحمد بلخياط . ونستأذن األستاذ الملحن محمد بلخياط بتقديم أغنيتين متوفرتين على اليوتوب 1ــ األولى للمطربة المغربية فاطمة مقدادي بعنوان :المدينة زينة . 1ــ الثانية وهي من أشهر أغانيه لحنها للمطرب محمد الغاوي تحت عنوان :العشق الكادي
Page 6
حوارمع املخرج املغربي شفيق السحيمي حاوره :عبده حقي
خاص تقديم: على إثررفض إدارة الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة إنتاج عمله الدرامي األخير) شوك السدرة( شفيق السحيمي من اليعرف هذا الوجه التلفزي المغربي الذي آنس البيوت المغربية بأعماله الدرامية المتألقة والتي أثرت الذاكرة الفضية بشغبها التيماتي وعمقها الفني التلقائي من وجع التراب وتريكة البطاش وأعمال أخرى متفردة تجعل كل متتبع للحركية شفيق السحيمي يتسائل ماسرهذا المنع الذي تعرض له عمله الدرامي األخير(شوك السدرة) في هذا الحوارونحن نرافق شفيق السحيمي في مسيرته اإلحتجاجية إلى الرباط نجلي بعضا من هذه القضية السابقة في تاريخ الدراما المغربية س :يف رسالة موجهة إىل مدير القطب العمومي فيصل العرايشي بتاريخ فاتح
دجنرب 0202تستفسره فيها حول رفض إنتاج مشروعك الدرامي األخري(شوك السدرة) نود أن تطلع مجهورك يف املغرب واجلالية باخلارج ماذا كان رد اإلدارة ؟
ج :لم يكن هناك أي رد سواء شفوي أو كتابي فقذ طلبوا مني مهلة اسبوعين لقراءة السيناريو فمنحتهم ثالثة اسابيع عن حسن نية وبعدها اتصلت عدة مراة لتقفل الهواتف علي
Page 1
س :خالل مواكبتنا حلملتك عربخمتلف املنابراإلعالمية الورقية واإللكرتونية الحظ املتتبعون قوة موقفك واستناده على وثائق ومعطيات وبيانات دامغة يف صاحلك أين إذن يكمن سررفض إدارة الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة ؟ ج :السر يكمن في كون كل معين بظهير بهذا الوطن يظن أنه حامال لكارت بالنش يفعل بالمغاربة ما يريد س :هل خلق جلنة للدعم مبقر(ك.د.ش) يعتربسابقة نضالية قصد تبين قضية فنية باألساس ؟ ج :خلق لجنة داخل نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل هذا هو دورها كنقابة تدافع عن العاملين بأي حقل كان ومناسبة لدفع الفنانين لخلق نقابة داخل االطار النقابي كسائر الدول وليس بخلق نقابة على شكل نادي وليس بالضروري أن يكونوا منضويين تحث (ك.د.ش) بامكانهم اختيار اي نقابة وطنية وكيفما كان انتمائها السياسي المهم ال يخرجون على قاعدة تزيد من تهميشهم أكثر مما هم عليه س :أال ميكن أن يتطورهذا اإلطارليصبح مجعية للدفاع على حقوق املخرجني املتظلمني من حيف ما ؟ ج :ال أظن أن هناك من يريد فتح صراع مع أي جهاز إعالمي ببالدنا وهذا واضح من غياب أي دعم لهذه الفكرة س :هل مازلت مصرا على إطالق مسرية التضامن يف تاريخ 3فربايرمن الدارالبيضاء إىل الرباط وإىل جانب إميانك بقوة مطلبك ماهي الرهانات واألوراق األخرى اليت قد تسعفك يف ربح قضيتك ؟ ج :المسيرة األولى كانت لرفع المنع عني ومسيرة 3فبراير لن أوقفها وبأي وجه كان حتى تحل جميع الملفات وتسوى وضعية جميع المبدعين كتابة وبحضوراللجنة الدائمة لمساندة المبدعين المغاربة والنقابة التي ستنبثق عن اجتماع يوم التاسع والعشرين من هذا الشهر س :الفرجة التلفزية حق من حقوق املواطن الذي تفاعل وأحب أعمالك (وجع الرتاب ـ تريكة البطاش ـ ) ماهي أصداء قضيتك يف الشارع وداخل البيوت املغربية ؟ ج :أصداء الشارع المغربي وبيوت المغاربة بالداخل والخارج ومساندتهم لحقي المشروع فاجأتني لم أكن أعتقد أن استنكارهم سيكون عنيفا س :إىل أي حد أسهم الفايس بوك يف التعريف بقضيتك وهل يف نظرك صار الفايس بوك ساحة لإلحتجاج العاملي إىل درجة قلب نظام الديكتاتوريف تونس ؟ Page 2
ج :الفايسبوك حصلنا من خالله على أكثر من سبعة االف رسالة دعم س :سؤال أخريهل أنت مع أوضد برجمة الدراما املغربية والعربية يف رمضان وماهوتصورك من أجل العمل على حضورها على مدارالسنة ؟ ج :أنا مع تشجيع المغاربة على القراءة كل يوم وإذا فتحوا تلفزيونهم يجدونه يواكب طموحاتهم وتطلعاتهم وليس تلفزيونا يبيع عقول المغاربة لكوكاكوال والفاش كيري بالمناسبات وليكون تلفزيون يحترم نفسه وجب أن يتحكم فيه وزيرا لإلعالم يحاسب على ما ينتجه ويحاسب الحزب الذي ينتمي اليه ويسهر عليه نساء ورجال لهم مصداقية وقادرين على التسيير والتخطيط واالنتاج وليس بوجوه يتم تعينها بظهير تفلت من الرقابة والمحسابة.
تابع تتمة احلوارات
Page 3
حوارمع الروائي واإلعالمي املغربي حممد اإلحسايين حاوره عبده حقي
خاص
تقديم محمد اإلحسايني روائي وقاص وإعالمي مغربي دشن تجربته األدبية منذ أوائل السبعينات إلى جانب رعيل األدباء والمثقفين المغاربة الذين كابدوا بحق حرقة وعنف الكلمة ورمزيتها في سنوات الجمروالرصاص وقمع الحريات الفكرية . في هذا الحوارنسافرمع محمد اإلحسايني على مدى أربعة عقود في تجربته اإلبداعية األدبية واإلعالمية ونستمزج أيضا رأيه في مايموربه المشهد الثقافي المغربي من حركية وتقلبات واختالالت أيضا . س :من خالل سرية الكتابة املوثقة على ظهر روايتك األخرية (فارس من حجر) الصادرة
سنة 2102يالحظ أنك إنطلقت يف مسارك الكتابي السبعيين روائيا ،ملاذا الرواية بالضبط قبل القصة أو القصيدة أوغريها من األجناس األدبية ؟ ج -استوعبت جزءا من الفن السردي بما فيه الروائي منذ سن المراهقة .قرأت العديد من Page 1
الروايات ،بدء من روايات جورجي زيدان ،واأليام لطه حسين ،ونجيب محفوظ ; ،و الغريب لـ ألبير كامو ،واأليدي القذرة ،ل ج" .بول سارتر" ،وقصص "ألبرتو مورافيا" ،وقصص فولتير، واعترافات ج.ج" .روسو" ،وكتابه "إميل"،باعتبار أنني أشتغل في التربية ،بجانب علم النفس االجتماعي ،والتحليل الفرويدي ،وتلميذه "يونغ" كما سبق لي أن قرأت مجالت أدبية كالرسالة ألحمد زيات ،واألديب البيروتية ،و سلسلة "الروائع" ،ثم مجلة "األداب" التي عرفتها أواسط الخمسينات من القرن الماضي. وبخصوص المجال السردي الذي تعلقت به في معمعة الصراعات االجتماعية المعاصرة ،أذكر أنني سلكت منعطفا جديدا حينما وقعت في يدي رواية هاني الراهب " :المهزومون" أوائل الستينات ،وأنا ما زلت في سلك التعليم ،أزاول دروس الكفاءة التربوية ،قبل زواجي ،والذي أعجبني في رواية هاني هو تعامله مع اللغة بطريقة حديثة غير مسبوقة ،وكلما قرأت سطرا من الرواية ،تنتصب أمامي قولتان :قولة "بول فاليري" ":ليس األدب في النهاية ،سوى استغالل خصائص لغة ما" ،وقولة ابن جني " :أكثر اللغة -مع تأمله -مجاز" .لذلك لم أول أهمية لما نشره جورج طرابيشي عن نقده لرواية "المهزومن". وبغير ذلك ،كنت قد قرأت سابقا" ،موباسان" ،و"مدام بوفاري" لـ فلوبير ،وأسطورة سيزيف ل ألبير كامو ،و"العبث " مترجمة وفي نصها األصلي ،و"كليغوال" ،متبوع ب سوء تفاهم ،وروايات "نتالي ساروت".والبحث عن الزمن الضائع المتشابكة وغيرها من الروايات أألجنبية التي لم أعد أتذكرها. بخصوص سؤالكم :لماذا الرواية وليس الشعر ،ذلك أن الشعر كان ديوان العرب يسجلون فيه وقائعهم الحقيقية وعواطفهم ،وحكمهم بطرق فنية عالية ،في أوزان شتى اكتشف الخليل أغلبها بين مختلف ومؤتلف ،وزاد عليه األخفش بحرا هو المتدارك ،ناهيك عن الموشحات وغيرها .لكن األوزان ليست هي الشعر عندي أو عند غيري .اليوم أصبحت الرواية هي المستحقة أن تكون ديوان الكتاب والمثقفين .وال أدري هل يعي "الشعراء" -بين مزدوجتين" -الرواية" غير وعيهم للشعر نقطة التحول، أو إن األمر يتعلق باصطياد الجوائز ،والجري وراءها بلهفة إلى حد قريب من االنتحار .يكفي أن أقول إنني اخترت الرواية بدال من كتابة الشعر ،كما كنت أفعل أواخر الخمسينات وبداية الستينات ،وأنا مقتنع بهذا االختيار ،ال جريا وراء الشهرة أو الجوائز ،إنما أسعى أن أعزز المشهد الثقافي وتبادل التأثيرات، وعدم احتكار الحقائق ،والتواصل مع شرائح المثقفين. س :صدرت روايتك البكر(املغرتبون) يف طبعتني األوىل يف العراق والطبعة الثانية يف الواليات املتحدة األمريكية أمل يكن بوسعك أن تنشرها يف املغرب ؟ ج -لتصحيح معلوماتكم ،الطبعة األولى صدرت عن دار النشر المغربية بالدار البيضاء ،4791 يومذاك كانت "المغتربون" هي نحو الرقم العاشر من الروايات الصادرة في المغرب حسب مجلة أقالم المغربية 4791التي كان يصدرها المرحوم األستاذ أحمد السطاتي والذي سأتابعه في لقاءات اتحاد كتاب المغرب بالرباط -؛ أما النشرة العراقية التي أشرتم إليها فقد جاءت -دون علمي -تحت ما سمته تلك Page 2
الطبعة " :النشر المشترك" ،وقد كتب عن ذلك بتساؤل ،أحد الكتاب الروائيين المغاربة ،ألن عمله نشر أيضا بدون علمه .أنا لم يصدر عني أي رد فعل عن ذلك ،فليكن النشر المشترك ! اقرأوا ،اقرأوا .وقد نفدت الطبعة األولى باكملها ،والطبعة العراقية .كان األصدقاء يحرجونني كل مرة حينما يطلبون اقتناء نسخة منها ،ألنهم لم يجدوها حتى في دار النشر المغربية ،والنسخة الوحيدة التي بقيت لدي لحد اآلن هي النسخة العراقية اقتنيتها شخصيا في الرباط أوائل التسعينات من القرن الماضي ،والمسودة لها .وقد أعدت ترقينها ورتبتها شخصيا على أساس إعادة طبعها ،بيد أن طلبا من عالم اجتماع متقاعد يقيم في الواليات المتحدة قرأ عنها ،فطلب مني السماح له بنشرها لفائدة تعزيز مكتبة عربية – على ما يقول -في الواليات المتحدة ،باإلضافة إلى نشر "سأم باريس" قصائد نثرية لبودلير من ترجمتي ،فوافقت ،على أساس تحريك البركة الراكدة ،دون إبرام أي عقد س :املتتبع إلنتاجك الروائي يالحظ شبه إنتظام يف اإلصدارات اليتعدى الست سنوات بني الرواية والرواية ،هل ميكن أن نتحدث عن مشروع روائي مل يكتمل ؟ ج :نعم ،المشروع الروائي غادر السيرورة إلي الصيرورة منذ أن فتحت ملف المسودات لم يتوقف ؛ بيد أن هناك محطات لال ستراحة ،ألن العمل الصحافي مرهق على العموم ،أكثر من العمل التربوي أو التجاري اللذين كنت أمارسهما قبل االلتحاق بمهنة المتاعب .وال أدري هل كانت الصحافة نعمة لي أو نقمة علي ،مع أن ساعة الحضور في أي جريدة في العاصمة ،ال يتعدى ساعتين في الصباح ،ثم أغادر إلى الصباح التالي مرهقا محطم األعصاب ،بعد تأدية األعمال المنوطة بي ،أغادر تحت أنظار المشرفين ،الذين طالما الحظوا ذلك ،ولكنهم أجيبوا بأن المشتكى به حالة خاصة ،وهذا عكس الساعات الطوال التي كنت أقضيها ب "المحرر" ،أوجريدة "العدالة" ،بال فائدة ،في الدار البيضاء... س :أصدرت جمموعتك القصصية اليتيمة (مذكرات كلب غري عابئ وال خمدوع) سنة ، 0891حدثنا عن هذه اجملموعة ثم ملاذا ظلت يتيمة إىل اليوم ؟ ج" :مذكرات كلب غير عابئ وال مخدوع" ،هي في الحقيقة رواية صغيرة ،وليست مجموعة قصصية ،إال أنني جمعتها مع قصص أخري ليحمل الكتاب هذا االسم .فصولها كالتالي كما يرويها الكلب التخطيط لها منذ أن قرأت "مذكرات حمار" ،وأنا في بلدة أنامر بتافروت بالفرنسية "ميسور" كان لمؤلفة غاب عني اسمها ،ألن الكتاب استعرته من قريبة لي .ومنذ ذلك الحين ،كانت مذكرات كلب تختمر في الذهن ،ولم تكن مسودات أبدا ،بل جاءت متتابعة في فصولها بالمقهى "الخضراء" في ميرس السلطان بالدار البيضاء .كان ذلك فترة توقف جريدة "العدالة" عن الصدور ،تمتعت بذلك الفراغ ،فكنت أستغله في الكتابة األدبية بعيدا عن السياسة بمسافات .المكان المفضل للكتابة يومذاك ،كان "المقهى الخضراء" ،أو "مقهى أالسكا" الذي يطل على "المدينة القديمة" ،و يؤدي إلى ساحة األمم المتحدة" .مذكرات كلب"... هي رواية صغيرة مؤلفة من 79صفحة بحجم طباعة اتحاد الكتاب العرب بدمشق ،ويمكن فصلها عن Page 3
القصص األخري في أي وقت .وجمع كل شيء في سلة واحدة ،كان بسبب أزمة النشر لألعمال األدبية في بالدنا ،وعدم تشجيع انتشارها ،مع أنها مكسب روحي ووطني وحضاري ال غنى عنه .في هذه الظروف ،كنت أكتب فصوال عن "مذكرات كلب" ،أرسلها إلى جريدة "العلم" للنشر في الملحق الثقافي الذي كان يصدر أيام الجمع .ولم أتوقف عن متابعة بقية الفصول إال بعد أن التحقت بجريدة "العلم" باقتراح من المرحوم عبد الجبار السحيمي أحد رؤساء التحرير ،والذي كان ينوي أن يسند إلي رئاسة القسم الثقافي .لكن المسئولين أرادوا أن أشتغل في القسم السياسي ،وغيره من األقسام.أول مقال نشرته في الصفحة األخيرة مودعا طموح المرحوم عبد الجبار السحيمي ،ومنتقدا بعض االنتهازيين الذين يزعمون أنهم يدافعون عن القضية الفلسطينية ،هو ":بعيدا من السياسة وقريبا منها".وقد اضطررت أن أحدث توازنا بين االشتغال بالجانب السياسى والجانب األدبي ،في معمعة الصراعات اإليديولوجية القائمة آنذاك. في المقهى الخضراء ،كنت أحرر مع األستاذ الصغير المسكيني أيضا مجلة " المدينة" ،بداية أدبية مثمرة ال بأس بها بالرغم من أن مهنة األدب أدركتنا من زمان ،أنا والصغير ،الذي سيغير اتجاهه نحو الكتابة المسرحية بعد رجوعه من العراق للمرة الثانية ،وقد غادر بدوره مهنة التعليم إلى المسرح... تتألف رواية "مذكرات كلب - ،"...الكلب اسمه"ميسور" -من الفصول التالية المعنونة : ميسور يكتنه أسرار اإلنسان والكون. ميسور يدرك تبعات الوعي فيرفض المستقبل. عودة ريمون من حيفا وقد خسر ثروته وفقد زوجته. كلما ضرب ميسور في األرض ازداد جهال بالناس واألشياء. جاكوب يظهر أثره وخبره في بالد الكنانة الخ... الشيخ يعلن قطيعته للحاج كردان -مالك الكلب ميسور-...وانتهز ميسور أول فرصة فأطلق ساقيه للريح. الحاج كردان يبحث عن الذكريات ويتشبث ببقايا شباب غابر. استمد الحاج كردان الزعامة من سلوك األيائل. أبعاد عبثية.هذا كل ما في أمر هذه الرواية ،إذ تبين لي فيما بعد أن الكتابة القصصية أكثر تركيزا ،ولكن على موضوع واحد أو فكرة واحدة ،وينتهي األمر ،بالرغم من أنها جد مركزة أكثر من الرواية التي تتوسع في األفكار والصراعات. س :وما حظ الشعر يف جتربتك ؟ ج :دعني أقول لك إنني أعرفه ولكن قلما أستعمله .ومع ذلك ،ال يمكنني االبتعاد عنه .كنا ندرس ونحن تالميذ الشعر الجاهلي وشعر صدر اإلسالم واألموي والعباسي واألندلسي ،وما يسمونه عصور Page 4
االنحطاط ،بمناهج مختلفة مرة على المنهج المصري – المفصل والمجمل -ومرة أخرى على المنهج الشامي .ثم إن رسالتي في دبلوم األدب العربي من القاهرة ،كانت حول الشعر زمن خراب بغداد بواسطة التتار والمغول .لم يكن هناك منهج مغربي خالص إال فيما بعد.وكنا ننصت باهتمام إلى أساتذة النحو والبالغة ،وهم يتبخترون بيننا كأنهم يملكون مفاتيح السماوات واألرض .كنا نخشى من السقوط في هذين الدرسين أكثر من اهتمامنا مثال بدروس العروض التي كان يتعاطاها كل واحد منا كما يشاء. ومن ثم نشأت خرافة" الشعر صعب سلمه" التي ال يزال يرددها بعض الشعراء و"الباحثين األكاديميين" حتى اليوم في ردودهم على حجب جائزة الشعر. بالنسبة إلي ،اقتصرت طموحاتي الشعرية على اإللمام باتجاهات رواد الشعر الجديد في أواسط الخمسينات والستينات :ودواوين رواد الشعر آنذاك نازك المالئكة ،بدر شاكر السياب ،صالح عبد الصبور ،عبد المعطي حجازي’ وغيرهم ،إما بواسطة دواوينهم التي تصل إلى المغرب ،أو بواسطة ما تنشره عنهم المجالت األدبية كاألديب وغيرها. س:عرفت الكتابة الروائية يف العشرين سنة األخرية تطورا يف الكم والنوع أيضا ماجعلها حاضرة بامتيازيف العديد من امللتقيات العربية والدراسات النقدية والرتمجات العاملية واجلوائز(حممد األشعري ـ أمحد املديين ـ حممد برادة ) مثال ماتفسريك هلذه الظاهرة ؟ ج :حتى يوجد تكامل في "الكم والنوع" ،يفترض أن يكون هناك تحليل للكتابة الروائية إبداعا ونقدا، إبداع نصوص ،وهي فعال موجودة ،وقراءة نصوص ،أو اإلشارة إليها على األقل .سأتحدث عن تفسير ظاهرة الكم الروائي المتزايد .ومع ذلك فالرواية المغربية بألف خير ومعها الروائيون كيفما كانت توجهاتهم .ربما يفوق الكم الروائي المتدفق في السنوات األخيرة ما نشر منذ نشوء "الروياة المغربية" إلى اليوم .وهذا يشكل مشهدا ثقافيا في ذاته له داللة ما ،قد يحمل معه إيجابيات أوسلبيات .اقتحمت الرواية المغربية ببسالة واقتدار ،المنتديات والمعارض واللقاءات العربية والمغاربية ،على مستوى النصوص اإلبداعية ،أو على مستوى النقود المساهمة في تعزيز السرد العربي والمغربي معا .بقي لنا مسألة الكيف ،فهو ،في نظري ،ال يمكن تحديده إيجابيايا إال بالقيام بتحليل النصوص ذاتها الموجودة والمؤهلة للقراءة النقدية ،عندئذ سنحصل على خالصات ترتبط بها ،بعيدا عن أحكام االقيمة .وهناك من انتقل من "الشعر" إلى الرواية .كل ما أرجو ،بالنسبة إلى األسماء التي قدمتموها لي كأمثال ،أن تكلل جهودهم بالنجاح والتوفيق ،وتعزيز دور السرد المغر بي. س :ماهو رأيك من موقعك ككاتب سبعيين جرب قساوة وأيضا متعة النشرالورقي ثم يعيش حاليا جتربة النشراإللكرتوني ،أمازال للكلمة حرقتها وتأثريها يف املتلقي ؟ ج :األفضل أن أبدأ بقساوة النشر :عشت تجربة عطلة بيولوجية بالنسبة للكتابة لسنوات ،بسبب ظروف خاصة ،ال مجال لذكرها هنا ؛ غير أنني لم أكن غافال عما كان يجري في الساحة الثقافية Page 5
المغربية وال في الساحة الثقافية العربية ،وعما ينشره المبدعون عندنا في الشعر والقصة والرواية وفي النقد والمساجالت اللغوية وتتبعت مهزلة السجال اللغوي حول "السوق األوروبية المشتركة" :هل الراء بالفتح أو بالكسر .ولما صفا لي الجو ،أخذت أنبش في األوراق القديمة ،ألقوم بتأمالت استذكارية لرواية "المغتربون" .كثير من األوراق ضاع ،بسبب التنقالت وعدم استقرار في مكان معين ؛ ولكن اإلرادة ما كانت لتخمد رغم الظروف القاسية التي مررت منها :رتبت المسودات ؛ لكن المسودات ،ال تكفي إل قنا ع ناشر بطبع العمل ،والكثير منهم كانوا ال يفرقون بين الكتاب اإلبداعي ،والكتاب المدرسي المقرر .كانت تجربة قاسية تتطلب صبر أيوب ،بدءا من أوراق الكتابة التي كانت تباع في بعض المتاجر في درب عمر ،حيث امتنع أحد الباعة بالجملة التعامل معي ،وصدني باحتقار ،بالرغم من أنني كنت أكثر منه أناقة ،ثم تحولت إلى جاره وكان مواطنا يهوديا ،فلبى رغباتي بكل لطف ،وخيرني في نوع الورق المطلوب ،وأنواع المداد واألقالم .هذه هي الخطوة األولى .حررت الروية بخط رقعي، وعنوانها بالخط الثلثي .وما زلت أتذكر ذلك اليوم من شهر مارس ،وكان عاصقا ،حيث تعامل معي ناشر مشهور بجفاء قائال " :عد إلي بعد أسبوع أو عشرة أيام حتى أتفرغ إليها" .وقد سبق أن رفضت مطبعة شهيرة في "روش نوار" طبع الرواية .وضعت أوراقي في ثالجة االنتظار ،مع نسيان الطبع. وبعد أيام قررت أن أعرض الرواية على دار النشر المغربية ،ولكن بدون ثياب أنيقة ،كصعلوك من الصعاليك .أقنعت بواب المطبعة بمقابلة مدير الدار ،سأل لماذا ؟ أجبت لطبع رواية ،لبيت فضوله، فأرشدني إلى المسئول عن الدار ،األستاذ عبد الغفار العاقل ،في الطابق األول ،خريج العلوم السياسية آنذاك .عبدالغفار لم يصدق أن الرواية لي ،وبعد مناقشات حول بعض الروائيين الغربيين المشاهير ،اقتنع بالروية فعال .فوعدني بالرد بعد قرار لجنة القراءة ،ثم دعا موظفي وموظفات الدار لرؤية رواية تاجر فحم ،فوجدتني وسط المعجبين والمعجبات ،في تلك األثناء ،دخل األستاذ مصطفى عمارمدير الدار، ليستغرب تجمهر مرؤوسيه أمامي ،فأمر بالحسم في أمر الرواية .غادرت الدار على أن أعود بعد أسبوع ألستمع لقرار اللجنة .غبت نحو عشرة أيام ،ألفاجأ أن الرواية في طور الطبع ،وأن علي فقط أن أقوم بتصحيها ،كان التصحيخ األول ،ثم الثاني ،ثم التوقيع على "صالح للنشر" ،فالعقد .أما بالنسبة إلى تجربة النشر اإللكتروني ،فهي قفزة نوعية في مجال االتصال ،والطباعة معا :تخلصت المطابع من تلوث الرصاص المستعمل في اللينو ،ومن الملزمات الحديدية ،وأيضا بالنسبة للمؤلف ،يمكن أن ينشر عمله على نطاق واسع ،ويقرأه ماليين الناس في كل أنحاء المعمور في لحظته .العالم اليوم عبارة عن قرية صغيرة. س :ننتقل الآلن إىل اجلانب اإلعالمي ،متى وكيف إخنرطت يف مهنة املتاعب وماهي املنابراليت إشتغلت بها أو تعاونت معها وكيف تنظر إىل املشهد الصحفي الورقي اليوم ؟ ج :لن أبالغ إذا قلت إنني مهتم بالصحافة منذ أن كنت تلميذا كنت أطالع بنهم في عهد الحماية" ،
Page 6
آخر ساعة"" ،االثنين"" ،المصري"" ،الصباح" التونسية ،إلى جانب "العلم" و"الرأي العام"، و"األطلس" و"المغرب" و"المعرفة" التي كان تصدرها من تطوان الزميل محمد المساري .وغيرها من الصحف المغربية الغائبة عن الذاكرة .ما زلت اتذكر مقاال افتتاحيا كتبه المرحوم األستاذ أحمد بن سودة" في الرأي العام تحت عنوان ":النفوذ الفرنسي في المغرب" أو البرستيج وكرونيك "حديث المفتي" على صيغة المقامات بالسجع .إلى جانب ذلك ما كانت تكتبه جريدة "كومبا" في الجزائر ،أيام ألبير كامو، لكنني لم أقرأ لهذا الكاتب إال في أوسط الستينات .قلت كيف أكون موهبتي في الصحافة ؟ انخرطت في مكتبة دار أمريكا التي كانت في زنقة ورائية في شارع باريس ،فقرأت أشياء كانت تنقصني عن الصحافة ،والطب ،ونظام المحاكم في الواليات المتحدة ،بل قرأت أشياء كثيرة عن لينين ونشأته ،والشعر المهجري .أما كيف تهيأ الصحف وتطبع ،فقد جاء ذلك بعد أن انضممت إلى جريدة "المحرر" ،لم أجد هناك من الصحافيين الذين يمكن االستفادة من تجاربهم سوى ثالثة أشخاص :المرحوم عمر بن جلون، ومصطفى القرشاوي ،وحسن العلوي ،أوقل إن حسن العلوي يختصر هذين االثنين المذكورين .فكانت مصطلحات الصحافة المغربية كتابة وممارسة تطرق أذني " :ملزمة" ،ح ،41ح 41الخ سقط سهوا، افتتحاية" ،النفخ في الخبر"" ،البواقي"" ،ليزيسباس"" ،أسود"" ،أبيض"" ،الخبر"" ،التعليق" "نظرة خاطفة قبل الطبع" ،النسخة الذاهبة إلى الرقيب ،علما أن المحرر ،لم تكن مشتركة في وكالة المغرب العربي يومذاك .بل كان كتابها ومحرروها والمتعاطفون معها في المجال الثقافي من المناضلين مثل : أحمد المديني ،البشير الوادنوني -إدريس الناقوري -محمد البرينى ،الذي كان يعلق على اإلصدارات في مجلة " الم -ألف" التي كانت تصدر باللغة الفرنسية .وكنا ننتظر يوم الصدور بفارغ صبر .وفي هذه األثناء كلن المرحوم عمر بنجلون قد كلفني بترتيب نقط المشاركين في الجريدة مع رسم بياني لها على مستوى القطر ،ثم كلفني رئيس التحرير المرحوم مصطفى القرشاوي بدوره بإعداد أرشيف البترول من خالل أكداس المجالت والجرائد المكدسة على سطح دار النشر المغربية مقر جريدة المحررآنذاك، فعملت جردا لكل ذلك في حينه مدفوعا برغبة استيعاب كل جوانب الصحافة المغربية .وسأرى بعد استئناف صدور المحرر نوعا من صراع ثقافي -إيديولوجي بين األستاذين الكبيرين :عبد اهلل العروي، وعابد الجابري ،وهذا األخير حضر شخصيا ليراجع بنفسه موضوعه بدقة متناهية .وسأفاجأ بتحليل األستاذ محمد عز الدين لرواية " المغتربون" .وأنا بعد في جريدة" المحرر" ،لم أعد أتذكر هل سبقه التلفزيون المغربي إلجراء مقابلة حول الرواية ،مما أضجر المرحوم مصطفى القرشاوي ،الذي احتج عالنية على دخول الطاقم التلفزيوني للمطبعة حيث توجد المحرر في طور الطبع فتبين له أنني لم أستدع طاقم التلفزيون ،بل جاءت الدعوة من أحد مسئولي دار النشر المغربية .وهناك تكوينات صحافية تلقيتها خارج المغرب ،وفي الرباط .عززت من مكتسباتي في اإلخراج الورقي واإلليكتروني ،وكيفية التعامل مع الصور،والمقابالت الصحفية والربورتاج ،وتحرير الخبر ،وتحرير االفتتاحيات تلقيتها على أساتذة مصريين وعراقيين ،ومغاربة.مع توثيقها بشهاداتهم. Page 7
س :عرف املشهد الثقايف املغربي العديد من األحداث اهلامة آخرها إنسحاب 22عضوا من إحتاد كتاب املغرب ما تعليقك بكل جترد وموضوعية ؟ ج :دعني أركز في االنسحابات .في تعليالت هؤالء الكتاب المرموقين الذين هم فوق العبث بما يضطلعون به من مسئولية وانضباط في تعليالتهم لالنسحاب الكفاية التامة .شخصيا ال يصلني كعضو قيدوم من االتحاد سوى التعازي والمواسيات لبعض المرضى شفاهم اهلل وشفى االتحاد ذاته .فمقر االتحاد حيث تظل هناك سيدة محصنة في برودة الشقة ،لم تعد تحتمل الزيارات ،وهي في حالة انفرادية ،فكان على السي ابراهيم والدها أن يرجعها إلى مقر عملها في مكتب االتحاد االشتراكي بالرباط ،حيث الصحافيون العاملون في الجريدة والزوار.ليس هناك تواصل حقيقي بين أعضاء االتحاد كما كان سابقا، عهد األستاذ محمد برادة واليابوري ،إو في عهد األستاذ عبد الكريم غالب. س :ماهو عنوان عملك القادم ؟ ج:العمل قادم بحول اهلل .وكل عمل يسبقه المخاض والمعاناة ،وحتى يخرج إلى الوجود سأخبر قراءكم بعنوانه ،في وقته. س :متيزت العشرية األخرية برحيل العديد من األدباء واملفكرين واإلعالميني مثل املهدي املنجرة وحممد عابد اجلابري وعبداجلبارالسحيمي وفريد بلكاهية وحممد شكري وعبدالرحيم املودن وغريهم هل أنت مطمئن على مستقبل النخب املغربية يف املستقبل ؟ ج :هؤالء الذين رحلوا لهم مكانة هامة في األوساط األدبية والفنية والفكرية .أعمالهم تراث وطني هام، وأعتقد أنه ينبغي أال ننسى القيام بعملية جرد ألعمالهم واالحتفاظ بنتائج ذلك ،وهذا هو المفروض أن يكون حاصال ،إذا لم يحصل .ال يساورني أدنى شك ،أن مستقبل النخب المغربية سيعرف تطورا نوعيا ومختلفا عن النخب السابقة بالرغم من المكانة التاريخية المرتبطة بحياة هذه الشخصيات التي يقدرها المثقفون بكونهم وضعوا اللبنات األساسية للثقافة والفكر والفن ،وتلمذت على أيديهم عدة أجيال .والشيء الذي يجعلني أطمئن على مستقبل النخب المغربية ،هوتطور المفهوم الثقافي ذاته المرتبط انتربولوجيا بتطور البنيات االجتماعية ذاتها ،وينبغي دراسة الطبقات االجتماعية على ضوء اإلحصاء األخير :مدى انمحاء الفروق الطبقية أو زيادتها ،إلى أين نسير ...ال أحد ينكر الجديد في البنيات التحتية ألن التطور ال يرتبط بالجانب الروحي فقط الذي تمثله الثقاقة فهو عملية متكاملة ترتبط بسلوكات معينة ،وباإلشباع المادي بتوفير حاجيات األفراد والمجتمع ،بالرغم من السلبيات المالحظة (مثال :زبناء المقهى يتناوبون على قراءة الجرائد بفنجان قهوة أو بتناول بعض الفطائر ،والفرد قد يشتري حذاء بثمن خيالي أوهاتفا يتباهى به ،مما يدل أن هناك حاجيات غير مشبعة بعد ،ولكن الفرد اليقرأ كتابا وال ينمي ثقافته .أظن أن المسألة في حاجة إلى الوعي بالتوازنات ،وهذا سوف ينمحي تدريجيا بتطور السلوكيات .الخطورة في ذلك بالرغم من غياب الميكانزمات المصاحبة للعمل الثقافي .هذه اللقاءات الشعبية التي تقام على هامش Page 8
اإلصدارات التكفي وحدها في غفلة من المواكبة المدرسية والمواكبة اإلعالمية على مستوى السمع البصري السائد حاليا ،وعلى مستوى الصحافة المكتوبة .ذلك أن الثقافة تربية ،والتربية ال تعني تكديس قواعد المعادالت أو القواعد أو المعلومات آليا في الذهن ،بل تعني تنمية كل القدرات المرتبطة بالفرد في وجوده ومعاشه. س:لوكنت وزيرا للثقافة يف دولة عربية ماهوأول مشروع سوف تعمل على تنفيذه قبل كل شيء ؟
ج:
لنكن واقعيين ،الدول العربية لم تتوحد ،بالرغم من وجود جامعة عربية منذ األربعينات من القرن
الماضي .وجود خالفات ثنائية ،وحروب أهلية متفاقمة للتشطيب على جذور الدولة القطرية .هذا الطموح الذي ذكرتموه غير وارد عندي ،إطالقا ،وال أسمح لنفسي بأن أتبناه .أنا مغربي بسيط ،لكنني أعتز بخصوصيتي اعتزازي باالنتماء إلى بلدي واإلنسانية جمعاء .أما إذا سايرت منطق تمنياتكم، وحدثت مفاجأة ال قدر اهلل ،فإنني سأقترح بدل المفاجأة التي تتجاوزني ،سأقترح ،ضم وزارة الثقافة إلى وزارة اإلعالم ،وتعزيز معاشات الكتاب والصحافيين ،ورجال المسرح"،عظم خوك ألبخاري" .وإبدال الجوائز المادية بجوائز تقديرية لها قوة اعتبارية ،ولو لفترة وجيزة وتعزيز وزارة التربية الوطنية بالكفاءات والقدرات ،خاصة في التعليم األساسي الذي تكتنفه األمية ،حتى ال تذهب الجهود الدراسية هدرا .فمن غير المعقول أن ال يعتني أستاذ بمظهره الشخصي ومن غير المعقول أن يعتدي تلميذ على أستاذه أو أستاذته ونتفرج ،وغير معقول أن يطلب أستاذ من تلميذه سيجارة ،وغير معقول إنتاج دكاترة ب"العرام" في العلوم غير الحقة .ينبغي تعزيز البحث العلمي على المستوى األكاديمي وتطهير المؤسسات التربوية علما أن هناك أساتذة مخلصين يضحون بالغالي والثمين من أجل تكوين أجيال صاعدة ،فلنمد لهم أيادينا ،وأن هناك أيضا إداريين غارقين في بيروقراطيتهم ،فلنحاول التعامل معهم بحذر واحتياط.
Page 9
حوارمع املخرج املغربي مومن السميحي : حاوره عبده حقي مبناسبة فعاليات مهرجان ( كان ) cannes5102
خاص تقديم يعتبرالمخرج السينمائي المغربي مومن السميحي إبن مدينة طنجة من بين رجاالت الفن السابع الطليعيين ليس في المغرب فحسب وإنما في العالم العربي وأيضا من بين رواد السينما القالئل الذين مزجوا في تجربتهم بين الممارسة والتنظيرأي بين النقد السينمائي العالم والرصين وبين اإلخراج الناجح والمتألق . بدأ مومن السميحي مساره بفيلمه القصير "سي موح بدون خط أو الزغبي" 0791وفي 0791سيخرج مومن السميحي فيلمه األول الطويل "الشرقي أو الصمت العنيف" والذي يعتبربحق بيانه السينمائي الذي لم يحد عنه في أفالمه الالحقة" :أسطورة الليل" " ،0790قفطان الحب منقط بالهوى" " ،0799مع ماتيس في طنجة" " ،0771وقائع مغربية" " ،0777العايل" " ،5112طفولة متمردة" .5119 بمناسبة فعاليات مهرجان " كان " cannesالسينمائي أجرينا معه هذا الحوار. س :بداية شكرا للمخرج مومن السميحي على تلبية دعوتنا بإجراء هذا احلواراخلاص ولنبدأ من حيث جتب أن تكون البداية ماهي األسباب اليت جعلتك تتجه إىل معهد الدراسات السينمائية العليا بباريس سنة 0719؟ ج:الرغبة التي ال تقاوم في المعرفة والدراسة بباريس " ..عصفور من الشرق" ؛ رغبة حققتها فرصة Page 1
منحة حصلت عليها للدراسة هنالك. س :أمل يكن اإلختيارصعبا يف تلك املرحلة بالنظرإىل غياب تقاليد ووعي بثقافة سينمائية ودورها اجملتمعي والسياسي يف مغرب أواخرالستينات الذي كان يعاني من الفقرواألمية واهلشاشة الثقافية ؟ ج:صعب جدا و غير واعي ؛ نزوة الشباب ؛ و رغبة إقتفاء آثار توفيق الحكيم و طه حسين كانت أقوى من أي تخمين. س :أنتم من مؤسسي ورواد الفن السينمائي يف املغرب إىل جانب عبداهلل املصباحي وسهيل بنربكة ومصطفى الدرقاوي وأمحد البوعناني ..إخل كيف تنظرإىل تراكم اإلنتاج السينمائي املغربي باملقارنة مع دول اجلواروالعامل العربي ؟ ج:قلت و أكرر أنه ليس هنالك إال نبوغا مغربيا في السينما العربية .وال أرى في السينما العربية إال شادي عبد السالم الذي وصل إلى مرتبة العالمية أي في مستوى تاريخ السينما العالمي . س :الشك أن السينما فن لكنها أيضا صناعة باألساس تتطلب رساميل ضخمة غريأن املخرج مومن السميحي قد عودنا دائما على إجنازأفالم متألقة وناجحة مبيزانيات متواضعة ، مالسريف ذلك ؟ ج :البحث عن الكتابة السينمائية و التموضع في تاريخ السينما بغض النظر عن المتفرج المفترض واألسطوري . س:تشتغلون مومن السميحي برؤية املشروع الروائي السينمائي الطويل النفس خالفا لباقي املخرجني املغاربة حيث تتمحورغالبا أفالمك يف فضاء مدينة طنجة وشخصنتها واإلحتفاء مبوروثها السوسيوثقايف ملاذا طنجة بالتحديد ؟ ج:طنجة مسقط الرأس ذو بعد تاريخي عربي (مدينة إبن تاشفين و أبو بكر إبن طفيل و عبد اهلل كنون و محمد شكري وعبد القادر السميحي و عبد اإلاله كنون) وفضاء أسطوري عالمي بفنانيها (دالكروا و ماتيس) وكتابها (مارك توين وبيير لوتي و بول موران و بول بولس وكم آخرين) إنني وليد هذه البيئة تجرئت الطموح إلى اإلضافة سينمائيا وأرجو عفو من يذم الطموح. س :مت عرض فيلمك املتميز(الطنجاوي) مرتني خارج املسابقة يف املهرجان الدولي 05 مبراكش كيف كانت أصداء (الطنجاوي ) ؟ ج:أفالمي تكون و تجمع مشاهديها و متذوقيها مع مر األيام و ليس فوريا فمهرجان مراكش أصبح من التظاهرات العالمية الكبيرة وإذا منطلقا هائال لألفالم. س :من دون شك أن السينما املغربية قد عرفت طفرة نوعية وكمية يف السنوات األخرية Page 2
بفضل الدعم واملهنية والكفاءات العالية ،هل هذا مؤشرعلى مستقبل واعد كثريا ؟ ج:هذا تحقق بفضل نور الدين الصايل مديرالمركز ،وبعد تراكم الكم يجب اآلن العمل أكثر علي النوعية والقيمة الفنية المتميزة س:تعيش جل الدول العربية ما يسمى بالربيع العربي أال تفكرون يف توثيق هذا احلراك يف عمل سينمائي ؟ ج:أجل وثقته من أول أعمالي عند وصفي لمآسي الهجرة في شريط "السي موح" إلى آخرها()5102 مفرزا فكر طه حسين الثوري في فيلمي األخير "مع طه حسين"مرورا بمجهودي الدائب في مقاربة و محاوالت تحليل مآسينا مع اإلستعمار والمجتمع اإلقطاعي واآلالم النفسية في كل األفالم األخرى و المعري وإبن خلدون وطه حسين و محمود درويش و الكنفاني و محفوظ و…و… ألم يوثق المثقف العربي هذا الحراك من أألزل ؟ س :القرصنة هذه اآلفة العاملية اليت أضرت بالكثريمن املؤسسات الفنية السينمائية والغنائية باخلصوص واليت أسهمت فيها الرقمية والتكنولوجيات احلديثة ماهورأيك فيما حيصل اآلن من إنتهاكات حلقوق النشروامللكية الفكرية ومالسبيل إىل احلد منها ؟ ج :البد من حل إلنتهاك الحقوق المشروعة إال أنني سعيد جدا بمالحظة ما يحصل من تداول األفالم الجيدة وكون الكبار من المخرجين رونوار و رسيلليني وبركمان وهتشكوك وستياجيت راي و... عشرات اآلخرين أصبحوا في متناول الجميع بفضل الثورة الرقمية س :ماهي مشاريعك املستقبلية على مستوى الدراسات السينمائية واإلخراج أيضا ؟ ج:سلسة "الصورة" ستصدر الكتاب الثاني من ترجمة "عبقريات سينمائية" و أحضر حاليا إلخراج فيلم عن التراث العربي القديم س :كلمة أخرية للممثلني املغاربة ؟ لكل السينمائيين أيضا وكل العرب :إياكم و الشوهة ! ال يمكن الوصول إلى الجودة و القيم الرفيعة إال بمشاهدة و دراسة تاريخ السينما وعطاءات مخرجيه الكبار من شتى أنحاء المعمورة شكرا جزيال نتمنى أن نكون قد وفقنا في إنتقاء األسئلة.
Page 3
حوارمع الكاتب والتشكيلي واملغين حممود ميكري مبناسبة إفتتاح معرضه بالرباط : حاوره عبده حقي
خاص تقديم إنه عضومجموعة اإلخوان ميكري الغنائية الشهيرة التي تضم كال من جليلة ومحمود وحسن ويونس . من من جميع األجيال منذ أواسط ستينات القرن الماضي إلى اليوم من لم (يثمل) وينتشي بروائعها الخالدة التي حققت شهرة عالمية تجاوزت كل الحدود بالرغم من ضرواة المرحلة الفنية السبعينية التي عرفت ظهورمجموعات ناس الغيوان وجيل جياللة ولمشاهب ومجموعات غنائية رائدة في موسيقى الروك على غرار(البيت جيز ) Bee Geesو(بوني إيم ) Boney Mو(رولينغ ستون The Rolling )Stonesو(السوبيرترامب ) Supertrampوغيرهم بالرغم من هذه المرحلة الناتئة فنيا فقد فرضت مجموعة اإلخوان ميكري صوتها وحققت شهرة تجاوزت كل الحدود من الهند شرقا إلى الكارايبي غربا Page 1
حيث طافت أغانيها كل القارات (يامرايا ـ شعلتها نارـ ديرامدام ـ مغروم ـ يالهايم ـ كل شي فيه يسحرني ـ فراق لحمام ـ لليلي طويل األغنية الشهيرة التي قرصنت مقاماتها الموسيقية فرقة (بوني إيم) إلى أغاني الثمانينات (لن يسمح قلبي ـ حرية ـ يادار) ومن المعلوم أن جميع أفراد المجموعة لم تقتصرمواهبهم على اإلبداع الموسيقي فحسب وإنما إتسعت لتمتد إلى التجريب واإلنخراط بنفس الحماس في حقول السينما والتشكيل والرسم والكتابة والرقص… ويمكن إعتبارمحمود ميكري تجاوزا هو قائد هذه الفرقة العالمية والذي نفتح معه هذا الحوارالخاص بمناسبة إفتتاح معرضه التشكيلي بإحدى المقاهي بمدينة الرباط والذي ضم لوحات من إنجاز والده المرحوم (حمودة ميكري) التي تعود إلى ثالثينات القرن الماضي باإلضافة إلى لوحات لضيفنا: س :الفنان حممود ميكري شكرا على تلبيتك دعوتنا إلجراء هذا احلوارمبناسبة إفتتاح معرضكم الذي يضم لوحات من إجنازوالدكم املرحوم محودة ميكري إىل جانب بعض لوحاتك ملاذا اآلن وماهي الغاية من عودة اإلبن إىل األب ؟ ج :شكرا لك السي عبده ولموقع إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة ،الهدف من هذا المعرض هوإطالع الجمهورالمغربي وخصوصا عشاق مجموعة اإلخوان ميكري على إرث فني تشكيلي يندرج ضمن الرؤية الفنية لعائلة ميكري فالوالد رحمه اهلل لم يكن رجل إدارة فحسب وإنما كان أيضا عازفا ورساما ومنفتحا على الثقافة والفن في مفهومهما الشامل. س :هل هذا يعين أن جمموعة اإلخوان ميكري هي نتاج بيئة جمتمعية فنية أسهمت كثريا يف رسم معامل مستقبلها املوسيقى ؟ ج :بكل تأكيد فجدي كان في تلمسان عازف (قصبة) ناي ماهرمعروف ووالدتي كانت من النساء المنشدات لألمداح الدينية والصوفية ووالدي عازف عود وراسما ..وبالتالي فنحن اإلخوان ميكري األبناء جئنا كاستمرارية لهذا المسارالفني في العائلة. س :يتساءل مجهوركم اليوم عن سرغيابكم كمجموعة عن الساحة الفنية والغنائية منذ سنني عديدة. ج :بالعكس ليس هناك غياب ..إننا نشتغل ونعمل ،كل فرد منا يشتغل في ميدانه الفني الخاص .يونس يواصل أعماله السينمائية وحسن في الموسيقى والتلحين وأنا في الرسم والكتابة وقد أحرزنا على العديد من الجوائزالمغربية والعالمية ،كما يسرني أن ازف إلى جمهورنا العزيزخبرقرب إطالق ألبوماتنا الجديدة ألخي يونس وأنا ريثما تتوفرالظروف الفنية لذلك. س :أال تعتقد الفنان حممود أن اإلعالم بشكل عام مل يوفكم حقكم واإلحتفاء بتجربتكم الغنائية املتفردة على املستوى املغاربي والعربي ؟ Page 2
ج :بالعكس إن اإلعالم المغربي خصوصا اإلذاعة والجرائد قد واكبت تجربتنا منذ سبعينات القرن الماضي ولوالهما لما حققنا هذا اإلنتشارالمتميز ..كما التفوتني هذه الفرصة دون أن أكررمرة أخرى اإلعتراف بالدعم والرعاية التي شملنا بها الراحل المغفورله الحسن الثاني وتوجيهاته السامية للقيمين آنذاك على مجال األغنية المغربية لإلحتفاء واإلهتمام بتجربتنا. س :يف لقاء سابق بيننا يعود إىل أوائل تسعينات القرن املاضي على هامش مهرجان أصيلة قلت أنكم كنتم تلقون أحيانا بعض التهميش والتنكروعدم تفاعل بعض املشرفني على اإلنتاج الغنائي باإلذاعة الوطنية آنذاك أليس كذلك ؟ ج :صحيح حصل هذا لكن بشكل نادر. س :الفنان حممود ميكري أعتقد أنه الخوف على الظاهرة امليكرية فهناك اخللف القادمون مثل جنلك عالء وناصرجنل أخيكم حسن دون أن ننسى إبنتك اليت متارس هواية الرقص العصري ؟ ج :طبعا إنهم أيضا فروع من تلك الشجرة الفنية ..يعشقون ويمارسون العزف والغناء على النمط الميكري وكل واحد منهم في تجربته الخاص طبعا. س :كيف تنظرإىل املشهد الفين والغنائي باخلصوص يف املغرب ؟ ج :هناك مع األسف فوضى واستفحال القرصنة وهذه أمورتقتل الفن والتطوره وهذه فرصة كي نجدد دعوتنا إلى المزيد من الحزم. س :شكرا لكم السي محمود ميكري.
Page 3
حوارمع اإلعالمي حممد العوني رئيس منظمة حرية اإلعالم والتعبري : حاوره عبده حقي
خاص
تقديم:
عقدت منظمة حريات اإلعالم والتعبيرالمعروفة إختصارا ب(حاتم) ندوة يوم الخميس 2غشت الماضي في موضوع (من أجل مدونة لإلعالم واإلتصال تضمن الحرية والتعددية ) أسهم فيها كل من رشيد الفياللي المكناسي ،األستاذ الباحث والكاتب العام السابق لـ “ترانسبارنسي المغرب” ،والباحث في القانون محمد المسكي ،واإلعالمي محمد العوني مديرا للنقاش بصفته رئيسا للمنظمة وقد تركزت أهم محاور هذه الندوة حول العديد من القضايا اإلعالمية الراهنة لعل أهمها الحق في الوصول إلى المعلومة كمكسب أقره الدستوراألخير .في هذا الموضوع تحديدا وفي قضايا إعالمية أخرى ملحة حاورت مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة األستاذ محمد العوني رئيس منظمة حريات اإلعالم والتعبير. س :بداية شكرا على تلبيتكم دعوة مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة اإللكترونية من أجل إنجاز هذا الحوار الهام في هذا الظرف والمنعطف التاريخي الذي يعرف فيه الحقل اإلعالمي بكل وسائطه التقليدية والحديثة حراكا وتجاذبا وتحوالت بنيوية حاسمة ولقد نظمتم بهذا الصدد ندوة تمحورت أساسا حول واقع وآفاق الولوج إلى المعلومة ،ماهي أستاذ محمد العوني أهم الخالصات التي توصلت إليها هذه الندوة ؟ ج :شكرا لاللتفاتتكم الطيبة أوال هذه الندوة جاءت في سياق اللقاءات حول قضايا اإلعالم التي تنظمها منظمة حريات اإلعالم والتعبير(حاتم) تحت شعار :من أجل مدونة لقوانين اإلعالم واإلتصال تضمن Page 1
الحرية والتعددية وجاءت كذلك في سياق التفاعالت ومجموعة من الوقائع التي حدثت في المغرب في الفترة األخيرة وكان من أبرزها إنتهاك الحق في الوصول إلى المعلومة مثل واقعة كشف تعويضات وزيرالمالية األسبق ومدير الخزينة العام للمغرب وفي نفس الوقت هوكان مديرا للضرائب فكان قد تبادل هو والوزيرتعويضات عالية القيمة وعوض أن يفتح تحقيق قضائي في الموضوع ويتم البحث عمن سمي بمسرب المعلومة فقد تم اإلعتداء على أحد األطربوزارة المالية باعتبارأنه هو من سرب هذه المعلومة وتم اقتحام وتفتيش منزله وانتهاك سرية حاسوبه الشخصي وهذا يعني أن المغرب في هذه الحالة لم يتخلص من الممارسات القديمة وهذا يتناقض مع الفصل 22من الدستوروأن هناك تناقض مع البحث عن الحقيقة ومع الحق في الوصول إلى المعلومة وعوض أن تكون هناك متابعة لمن نهب المال العام يتم متابعة من كشف عنه وفضحه علما أن المغرب قد وقع على اإلتفاقية الدولية لمحاربة الفساد وهي إتفاقية تنص على حماية الشهود والمبلغين. س :الولوج إىل املعلومة هو حق دستوري كما سبقت اإلشارة إىل ذلك ،األستاذ حممد العوني مالذي جيعل الدولة ماتزال يف بعض األحيان متارس نفس التعتيم للوصول إىل املعلومة ؟ ج :لقد نص الدستورالمعدل على الحق في الوصول إلى المعلومة في فصله 22وهذا مكسب من مكاسب الحركة الحقوقية من بينها منظمة حريات اإلعالم والتعبيروترانسبرانسي التي ألحت على دسترة هذا الحق بشكل واضح يضمن تحمل الدولة من خالل المرفق العام وعبراإلدارات الخاصة أقول تحملها مسؤولية إنتاج المعلومة ثم تمكين المواطنات والمواطنين منها. س :إذا كان اإلعالميون والصحفيون الذين يتوفرون على محاية مؤسساتية ومهنية خاصة جيدون صعوبات يف الوصول إىل املعلومة فمابالك باملواطنات واملواطنني العاديني ؟ ج :هذا يعيدني إلى السؤال السابق لكي أتحدث عن التعتيم واإلحتكاروالسرية وحجب المعلومة واألخبارالتي تغرق فيها بالدنا ،فهناك نوع من التقاليد ينبغي محاربتها واإلقالع عنها إذا أردنا أن ندخل إلى عصرالمعلومة ومجتمع المعرفة والذي كثيرا ما سمعنا عنه ودولة الحق والقانون والمؤسسات وهذه كلها مقومات تتطلب لتتحقق على أرض الواقع من ضمن ماتتطلب أن يكون هناك فتحا للمساواة أمام سلطة المعرفة والتي تؤكدها المعلومة اليوم والخبروالمعطيات التي بحوزة اإلدارات والمؤسسات عامة وحتى في بعض األحيان لدى بعض الخواص الذين يشتغلون في أمور وقضايا لها عالقة بتدبيرالشأن العام أو عالقة بمصلحة المواطنات والمواطنين والبالد عامة وبالتالي هو حق للجميع وعلى رأسهم الصحفيين الذي هم أولى من يجب أن يستفيد من هذا الحق بصفتهم وسطاء للمجتمع والراي العام والمتلقين من أجل تزويدهم باألخبارالتي ترتكزعلى المعلومات والمعطيات باإلضافة إلى األحداث التي تقع هنا وهناك وبالتالي نجد نوعا من الظلم لإلعالم واإلعالميين نتيجة محاولة معاقبتهم وذلك بعدم Page 2
تمكينهم من المعلومات واألخباروالعمل على حجبها بشكل غيرمقبول لذا فنحن نطالب بأن يتم إقرارقانون يجرم هذا السلوك كما يجب إحداث جزاءات وعقوبات في حق كل من يمنع أو يحجب األخبارأويستولي بشكل من األشكال على المعلومات واليجعلها في متناول المواطنين والمواطنات وفي مقدمتهم الباحثين الجامعيين في مختلف التخصصات ألن من المؤسف أن الكثيرمن هؤالء من اليستطيعون الوصول إلى المعلومة وبالتالي ي فهم يضطرون في بعض األحيان البحث عنها خارج الوطن حتى يتمكنوا من إنجازمشارعهم العلمية والفكرية… س :جرت العادة يف هذا الصدد أن نوجه اإلنتقادات إىل اجلهات واألركان املستحوذة على املعلومة وننسى أو نتناسى أن نوجه أيضا إنتقداتنا إىل بعض الصحفيني الذين يدخلون يف لعبة املساومة من أجل احلصول على املعلومة بطريقة أو بأخرى مارأيك ؟ ج :أكيد أن هناك بعض الصحفيين الذين يستطيبون لعبة وفخ إعطاء المعلومة بمقابل معين لكن هم على كل حال قليلون وينبغي أن نكون نوعا ما منصفين لهم لإلعالميين بشكل عام في المغرب ألن هناك الكثيرمن الصحفيين الذين يبذلون يوميا مجهودات كبيرة من أجل الوصول إلى األخباروأيضا التحقيق فيها وتمحيصها خاصة أن المصادر التي تعطي هذه األخبارقليلة ونادرة لكن سؤالك في الحقيقة يجب أن يوجه إلى المؤسسات اإلعالمية التي التقوم بأدوارها في حماية الصحفيين من أجل أن يقوموا بعملهم بكل حرية ومسؤولية وانطالقة وأن يساندوا في الحاالت التي يتعرضون فيها لإلعتداءات أو المتابعات هذا من جهة ومن جهة ثانية فهم التوفرلهم اإلمكانيات المادية الضرورية ليقوموا بأدوارهم لمواجهة هذه التقاليد السلبية التي تسود بالدنا على مستوى حجب األخباروالمعطيات والتعتيم وإقفال كل أبواب المصادرومعاقبة حتى كل من يسرب معلومات وثالثا هذه المؤسسات اإلعالمية التوفرالوسائل المادية الضرورية والشروط المهنية لقيام الصحافي بواجبه في التقصي والتحري وهذا يقتضي شروط مهنية مريحة بحيث يستحيل أن نطلب من الصحافي أن يتولى اإلشراف او أن يمأل بياض صفحة في جريدة ورقية أو مساحة زمنية في في برنامج إذاعي أوتلفزي دون أن نوفرله المساحة الضرورية لإلشتغال ..اليمكن للصحافي أن يقوم بهذه المهمة يوميا ولساعات طويلة من دون عطلة أومقابل مشرف وغيرها من الشروط الالزمة لتحقيق ذلك … إن العديد من الصحافيين من يحاولون فضح كل من يمتنع عن أن يزودهم بهذه المعلومات والمعطيات واألخبارالطاجزة غير أن مؤسساتهم اإلعالمية تمنعهم من ذلك. س :يعرف المشهد اإلعالمي ببالدنا رجات وتدافع في اآلراء وخرجات إعالمية ساخنة خاصة فيما يتعلق بأوضاع الصحفيين في الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة ،مسألة دفترالتحمالت والحوار الوطني حول اإلعالم والمجتمع قانون الصحافة المرتقب مدونة اإلعالم ..إلخ في رأيك أستاذ محمد العوني إلى مايدل هذا الحراك أال يمكن أن نتفاءل لألفق الذي سيتشكل من خالله ؟ ج :أتمنى أن يكون تفاؤلك في سياق مرتبط بالواقع لكن الوضع في الحقيقة اليدعو للتفاؤل بشكل موضوعي إذا أردنا التعاطي مع المعطيات في الواقع هناك حديث تم تداوله منذ سنوات طويلة حول Page 3
إعطاء اإلعالم المكانة التي يستحقها وخصوصا السمعي البصري منه وما تعلق باإلستقاللية واإلسهام في البناء الديموقراطي . س :هل تقصد بالسنوات الطويلة أي منذ مناظرة 3991؟ ج :أجل منذ مناظرة 3991أي منذ 22سنة الزلنا ندور في الحلقة المفرغة ،هناك تحكم وتسلط على اإلعالم بشكل اليجعله يقوم بأدواره وهناك عملية إفراغ للعمل اإلعالمي من كل محتوى ،ونموذج الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة هونموذج فاقع للنظر لمن يتتبع األمور وهناك محاربة لكل سعي من قبل الصحفيين لكي يبنوا إستقالليتهم وأن يشتغلوا بمهنية عالية وهذا يعني أن هناك فك إرتباط هذه اآلفاق بوعي المسؤولين وكذلك البد من دورالمجتمع المدني والبد من التحسيس بمكانة اإلعالم وضرورة إنتقاله إلى مرحلة متطورة بحيث اليمكن تصور إنتقال ديموقراطي من دون تحريرحقيقي لإلعالم من كل تسلط وتالعب بالرأي العام. س :هذا جيرنا إىل سؤال آخر يف موضوع اإلستقاللية مارأيك يف إنفتاح احلقل اإلعالمي السمعي على القطاع اخلاص ؟ ج :مع األسف عملية تحريراإلعالم السمعي ينبغي أن توضع بين ظفرين … إن التحرير لم يكتمل إذ لم يكن له المضمون والشكل ولهذا سنجد أن هناك تعدد إذاعي لكن هذا التعدد اليعكس تعبيرات المجتمع كما هي في الواقع فنجد الكثيرمن اإلذاعات الخاصة فيها بعض اإلشراقات غيرأنها إستثناءات تؤكد القاعدة التي هي اإلبتعاد عن البحث عن الحقيقة والترويج لها والعمل اليومي من أجل بناء إستقاللية إعالمية في الواقع لهذا سنجد أن هناك غلبة للتمييع في اإلعالم اإلذاعي وغياب المهنية مثلما وقع للصحافة المكتوبة خالل نهاية التسعينات وبداية األلفين حيث ظهرت منابرإعالمية متقدمة ومتطورة في العمل اإلعالمي النقدي الذي يدافع عن اإلستقرلية بكل ما أوتي من إمكانيات ومهارات ومهنية لكن تم التراجع عن هذا المستوى بفعل حصار قوي في إتجاه الجناح المهيمن داخل السلطة السياسية الذي أفرغ اإلعالم المكتوب وسيطر على جزء كبير منه نظرا لتحكمه في الموارد المالية وفي سوق اإلشهاروهو نفس الوضع نالحظه اليوم باإلذاعات الخاصة فبالرغم من جدتها كنا نتمنى أن تؤسس لتجارب رائدة لكن مع األسف لم يحصل هذا لكن في المقابل الينبغي أن نغمط الزمالء حقهم فهناك إشراقات غيرأنها تبدو مثل الواحات أوجزر معزولة في فضاء يتجه إلى عدم اإلعتماد على مقاييس المهنية وبناء عىقات التواصل الذي يعكس أوضاع الرأي العام ويسعى في هذا الرأي العام يتفاعل معه ويفعل فيه وهذا الوضع هو مع األسف لم نصل إليه بعد وهذا مؤسف ،فهناك أموال كثيرة تضيع وهذا ينضاف إلى الفضاء التلفزي أيضا الذي ينفرالمتلقي سواء كان قارئا أو مستمعا أو مشاهدا وعندما ينفره فإن لهذا المتلقي بدائل عديدة وهذه البدائل مضرة بالوطن وباإلعالم المغربي … هناك بدائل في أغلبها مضرة بمصالح الوطن ومضرة بالمهنة وبتطويرها … إذن ينبغي على المسؤولين على اإلعالم أن يخجلوا من أنفسهم عندما Page 4
يطلعوا على هذه النسب من المشاهدين والمستمعين والقراء الذين يتوجهون إلى قنوات وفضائيات وإلى مجالت وجرائد خارجية أوإلى البديل األوسع اآلن المتمثل في اإلعالم اإللكتروني الذي يتضمن هو كذلك اإلعالم األجنبي وهو حاضر بقوة ألن الحرب على اإلعالم واستقالليته أيضا ممارسة في اإلعالم اإللكتروني بالمغرب. س :يثار حاليا موضوع املغادرة الطوعية يف هيكلة املوارد البشرية للشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة ؟ ج :اجل لقد غادرمنذ شهر تقريبا أوأقل بقليل حوالي 22من أطر الشركة الوطنية من بينهم تقنيون وصحفيون وإداريون. س :أعتقد أن هذه األطر املغاردة قد راكمت جتربة إعالمية وتقنية وفنية عالية منذ عشرات السنني أال ميكن أن تؤثرهذه املغادرة على جودة املنتوج اإلعالمي يف الشركة ؟ ج :هذا نزيف في الحقيقة اليمكن تصوره إال في مؤسسة التعطي اإلعتبار ألطرها وتقلب طبيعة المؤسسة ومع األسف أنه يوجد ضمن الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة تقريبا 2122إطارمن بينهم 022 صحافي فقط غادر منهم في فترة سابقة ويغادر منهم اآلن العشرات باإلضافة إلى من يغادرون إلى التقاعد .إذن هناك نزيف في األطر اإلعالمية وهذا يؤثرأوال على المؤسسة فهي مقلوبة رأسا على عقب فعوض أن تكون أغلبية العاملين هي من اإلعالميين من صحفيين وتقنيين وفنيين نجد أن األغلبية هي أطر إدارية أغلبها العالقة لها باإلعالم مباشرة ثم هناك سيطرة مدراء ومسؤولين العالقة لهم بالعمل اإلعالمي وهيكلة المؤسسة ككل فيها تصورأن اإلذاعة لم تبق كمديرية علما أن هناك أربع قنوات داخل هذه اإلذاعة الوطنية وهناك األمازيغية وإذاعة القرآن الكريم واإلذاعة الدولية .إذن هذه أربع إذاعات بدون أطرمسيرة بينما نجد أن هناك مديرية الشؤون المالية واإلدارية ومديرية الجانب التقني والمديرية العامة وهناك أزيد من 312مسؤول في اإلذاعة والتلفزة ضمنهم أزيد من 12مذيع وهؤالء يستنزفون ميزانية اإلذاعة والتلفزة وهذا يدفع اإلعالميين والصحفيين على الخصوص إلى مغادرة اإلذاعة والتلفزة ألنهم يشتغلون ويكدون واآلخرون يأخذون تعويضات مرتفعة ،فهناك مدراء يتقاضون 5ماليين سنتيم شهريا ومنهم من يتقاضون 1ماليين شهريا في حين جل الصحافيين التصل مرتباتهم حتى إلى أقل من نصف هؤالء. س :األستاذ حممد العوني حضرت أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة اإلتصال باملعهد العالي لإلتصال واإلعالم يوم 32مارس من هذه السنة وكنت من أبرز املناهضني لفكرة تقنني الصحافة اإللكرتونية لكن يف املقابل كيف تنظرإىل الفوضى العارمة اليت يشهدها هذا القطاع ؟
Page 5
ج :نعم مثلما وقع في الصحافة المكتوبة في المغرب هناك نقاش مجانب للصواب وهو نقاش يحاول من خالل بعض التوجهات المتسلطة خلط حرية اإلعالم وحرية التعبيربتنظيم المهنة وهذا نفسه يعاد طرحه في اإلعالم اإللكتروني وهناك مجاالت للتعبير واسعة اليمكن تقنينها أبدا ونحن اليمكن أن نعيد صنع العجلة وما علينا إال أن نطل على تجارب البلدان التي سبقتنا في هذا المجال وحققت تطورا هائال وبالتالي هناك مجال للعمل اإلعالمي الذي أصبح اإلعالم اإللكتروني أحد جبهاته … إن هذا اإلعالم اإللكتروني يقوم بأدوار ووظائف طبقا للشروط المهنية ينبغي أن يخضع للتنظيم العادي كما هو األمر في الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية أما أن تحاول وزارة اإلتصال أو غيرها من أجهزة الدولة لتفرض قوانين الرقابة والمنع والحجب وإحصاء األنفاس داخل اإلنترنت فهذا غيرمقبول … إنه نفس النقاش الذي وقع قبل سنوات عديدة في المغرب حول بعض األطراف التي لجأت إلى إصدارنشراتها الخاصة بشكل غير مهني وقضينا سنوات طويلة من أجل أن نصل إلى هذا الفصل المنهجي الضروري بين ماهو مؤسسة إعالمية وماهو تعبيرحر كما هو الحال عند كاتب معين يكتب عمودا يوميا أو أسبوعيا في جريدة ما إن هذا يندرج ضمن حريته الشخصية فهل يمكن أن نراقبه ..؟ إذن الموضوع هو كيف يكون هناك تنظيم لإلعالم عامة واإلعالم اإللكتروني خاصة وهذا التنظيم يبدأ أوال بتوفيرحقوق اإلعالميين قبل أن نطالبهم بواجباتهم .اليمكن محاربة اإلشاعة بدون توفير المعلومة والخبرللناس عامة وللصحافيين بشكل خاص ..أيضا اليمكن محاربة القذف والشتم الذي يتورط فيه البعض دون أن نوفرفضاءات للحوارالمفتوح الذي يعبر فيه الجميع .اليمكن تجاوز هذه اإلنزالقات بدون توفيرشروط للحوار واإلعالم قد تجاوز وظائفه التقليدية وأصبح فضاءا للحواروالتواصل والنقاش العميق ..هذا الجانب هو الذي ينبغي أن نوفره عبربرامج حوارية في اإلعالم السمعي البصري وأن يشرك فيه الجميع ،آنذاك سنجد أنفسنا أمام الحوارالراقي الذي يطرد الحوارات المسفة والمبتذلة وهو من دون الشك السبيل الوحيد وليس بالتقنين والعقاب علما أنه عندما نالحظ ونمحص في اإلعالم المغربي عامة نجد الخروقات واإلنتهاكات من قبل اإلعالميين وهي نادرة لكن الحاضر بقوة هو إنتهاك حقوق اإلعالميين بدءا بمحاولة السلطات التحكم في اإلعالم والتالعب بالرأي العام وعدم تقديراإلعالميين وإعطائهم المكانة التي يستحقون. س :أخريا األستاذ حممد العوني جملة إحتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة تشكركم على سعة . صدركم وعلى تفاعلكم مع قرائها
Page 6
حوار مع الناقد السينمائي املغربي أمحد سيجلماسي : ذاكرة السينما املغربية بامتياز أجنز احلوار :عبده حقي
خاص تقديم عرف الناقد والصحافي السينمائي أحمد سيجلماسي ،أستاذ الفلسفة بالتعليم الثانوي من 2891إلى ، 1222باهتمامه بالتوثيق لذاكرة السينما بالمغرب منذ ثالثين سنة ،هذا االهتمام الذي نشأ عنده منذ مرحلتي الطفولة والمراهقة حيث كان مولعا بتجميع صور الممثلين وملصقات األفالم التي كان يشاهدها في مختلف القاعات السينمائية الشعبية بمسقط رأسه فاس وبالدار البيضاء أثناء زيارته ألخته التي كانت تقطن بحي درب السلطان في الستينات من القرن الماضي ،وذلك قبل أن ينفتح على النوادي السينمائية بفاس (نادي الشاشة ،نادي الفن السابع ،نادي ايزنشتاين ،نادي ، 21نادي الركاب للسينما والثقافة ) التي صقلت اهتمامه التوثيقي هذا بعروضها السينمائية ذات القيمة الفنية والفكرية وبنقاشاتها ومختلف أنشطتها وأغنت ثقافته السينمائية وجعلته يتعرف على كبار المبدعين السينمائيين في العالم . األستاذ أحمد سيجلماسي من مواليد فاس سنة ، 2892له اهتمام خاص بتاريخ السينما بالمغرب ،نشر العديد من النصوص في مختلف المنابر اإلعالمية الورقية (ثم اإللكترونية فيما بعد) منذ سنة ، 2899 كما شارك في ندوات عدة وفي مؤلفات جماعية حول تجارب مخرجين كبار كداوود أوالد السيد ومحمد عبد الرحمان التازي ومومن السميحي وأحمد المعنوني وجياللي فرحاتي وسعد الشرايبي ... يحضر البعد التاريخي – التوثيقي بقوة في كتاباته النقدية والصحافية التي تدخل في إطار مشروع شمولي حول التأريخ للظاهرة السينمائية بالمغرب ،ومن نصوصه في هذا المجال نذكر على سبيل المثال 222 :سنة من السينما بالمغرب ،مالحظات أولية حول السينما كمصدر من مصادر التاريخ Page 1
المعاصر ،الفيلموغرافيا السينمائية المغربية ،تاريخ حركة األندية السينمائية بالمغرب ،التأريخ للظاهرة السينمائية بالمغرب ،بيوفيلموغرافيات بعض الفاعلين السينمائيين المغاربة (محمد عصفور ،ابراهيم السايح ،محمد عبازي ،حميدو بنمسعود ،عبد القادر مطاع ،راوية ،محمد مرنيش ،خديجة جمال ، محمد الحبشي ،محمد الركاب ،نعيمة لمشرقي ،أحمد الطيب لعلج ،محمد مجد ،محمد بسطاوي ، محمد خيي ،محمد الشوبي ،إدريس الروخ ... ) ... ، صدر له سنة 2888كتاب " المغرب السينمائي :معطيات وتساؤالت " وأعد ونشط بإذاعة فاس الجهوية من 2882الى 1222برنامجين سينمائيين هما " :ملفات سينمائية " و " المغرب السينمائي " ،كما شارك في عضوية لجنة دعم االنتاج السينمائي الوطني من 2889الى 1222وفي المكتب المسير للجامعة الوطنية لألندية السينمائية بالمغرب من 2882الى ، 2881وكان رئيسا للجنة الصحافة بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة سنة 2889وعضوا (أو رئيسا) في لجن تحكيم مسابقات األفالم بمهرجانات وملتقيات سينمائية مغربية عديدة .يشتغل حاليا كمسؤول إعالمي بالعديد من التظاهرات السينمائية المنظمة بمختلف المدن المغربية ،التي ال يبخل عليها بأفكاره ومالحظاته وخبرته ،ويحضر إلصدار سلسلة من الكتب ذات الطبيعة التوثيقية – التأريخية حول الفيلموغرافيا المغربية واإلصدارات السينمائية وحركة األندية السينمائية والممثلين والمخرجين ... في هذا الحوار المطول نبش في جانب من تاريخ أحمد سيجلماسي السينمائي منذ مرحلة الطفولة ،وإثارة لبعض القضايا المرتبطة بالنقد والصحافة السينمائيين وبواقع السينما بالمغرب والحركية الملحوظة على مستويي إنتاج األفالم وتنظيم التظاهرات السينمائية ،وتعرف على انطباعاته فيما يخص سينما األلفية الثالثة بالمغرب وأمور أخرى . املدرسة وحب السينما وفنون أخرى س :األستاذ أمحد سيجلماسي ،حدثنا بداية عن عالقتك بالسينما وأنت طفل بفاس ! ج :عندما أعود بذاكرتي إلى مرحلة الطفولة ،خاصة عندما كنت تلميذا بمدرسة باب ريافة اإلبتدائية (قرب جنان السبيل) في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي ،تمر أمام عيني لقطات ومشاهد من أفالم شارلي شابلن ولوريل وهاردي وباستر كيطون وغيرها كنا نشاهدها داخل قسم عادي بعد إحضار األفالم وآلة العرض ( 21ملم) وإغالق النوافذ والستائر السوداء اللون .هذه الصور السينمائية الصامتة والمتحركة ،كنا كتالميذ صغار من القسم الثالث وما بعده نتفاعل معها بعفوية في جو من الضحك والمرح الطفوليين ،وكانت حصص هذه العروض السينمائية األسبوعية بمثابة متنفس لنا داخل مؤسسة تعليمية يطبعها طابع الصرامة والجدية وتتقاسمها في الغالب عقليتان لدى أسرة التدريس : عقلية جل معلمي اللغة العربية الذين كانوا يكرهوننا على الحفظ (القرآن الكريم والمحفوظات وقواعد النحو إلخ )..ويعاقبوننا جسديا ومعنويا في حاالت اإلخالل بواجباتنا المدرسية ،وعقلية بعض معلمي الفرنسية الذين كانوا يوظفون السينما والمسرح والموسيقى والرسم وغيرها من الفنون في تمكيننا من Page 2
اللغة الفرنسية نطقا وكتابة وإلقاء ،وكانوا يشرفون على تنظيم مسابقات مختلفة في بعض المناسبات وخصوصا في نهاية الموسم الدراسي . الزلت أذكر كذلك أول وقوف لي على خشبة مسرح سينما أمبير في موسم 2812/2898رفقة معلمنا موسيو سيريوا ،اليهودي الديانة ،وثلة من تالميذ القسم الثالث وهو يديرنا كمايسترو أثناء أدائنا لنشيد بالفرنسية أمام لجنة تحكيم في إطار مسابقة بين المدارس . لقد زرع فينا هذا المعلم وغيره حب السينما والفنون األخرى ،والزلت لحد اآلن أحفظ عن ظهر قلب الكثير من األناشيد التي كان يدربنا على إلقائها وحفظها في بداية كل حصة دراسية معه .زد على ذلك أن مدير المدرسة موسيو غران جان كان متفتحا هو اآلخر ويتعاطف مع التالميذ ويشجعهم على اكتشاف مواهبهم الرياضية والفنية وغيرها . لقد انفتحت على الفنون وقراءة القصص منذ السنوات األولى في مدرستنا العمومية " باب ريافة " ،ومما عزز ارتباطي بالقراءة ومشاهدة األفالم في هذا السن المبكر هو تواجد العديد من المراكز الثقافية العربية واألجنبية بالقرب من المدرسة ،وهذه المراكز كانت تقدم لنا خدمات كثيرة بالمجان .ففي طريق العودة من المدرسة إلى منزلنا بحي " قصبة النوار" (قرب باب بوجلود) مرورا بساحة البطحاء ،كنت أزور رفقة بعض أصدقاء الدراسة المركز الثقافي المصري أو البريطاني أو األمريكي ،المتمركزون آنذاك في حي البطحاء وما جاوره ،وكنا نستفيد يوميا أو أسبوعيا من قراءة كتبهم ومنشوراتهم ونشاهد أفالمهم (من أشهرها عند المصريين سلسلة األطفال " زوزو " وقصص إبراهيم األبراشي وأفالم إسماعيل ياسين وغيرها ،وعند البريطانيين مجلة " هنا لندن " في نسختها العربية . )... وبعد التعود على مشاهدة األفالم في المدرسة والمراكز الثقافية المصرية والبريطانية واألمريكية والفرنسية انفتحت رفقة أصدقاء الحي على القاعات السينمائية الشعبية (بوجلود ،الهالل ،األندلس ، الملكية ) في مطلع الستينات عندما تجاوزت العاشرة من العمر ،وأصبحت مدمنا على مشاهدة األفالم األمريكية (رعاة البقر ،أفالم البيبلوم ،أفالم الحركة والمغامرات عموما ) ...واألفالم المصرية (البدوية ك " رابحة " و " عنترة بن شداد " ،والدينية /التاريخية ك " ظهور اإلسالم " و " الناصر صالح الدين " ، ...واالستعراضية كأفالم فريد األطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهما )...واألفالم الهندية (من بطولة ديليب كومار وشامي كابور وغيرهما )..وبعض األفالم األروبية الفرنسية واإليطالية بشكل خاص . وعندما انتقلت إلى اإلعدادي بملحقة ثانوية موالي إدريس (مدرسة شارع السالوي حاليا) بالمدينة الجديدة من 2811إلى 2819انفتحت على قاعات سينمائية أخرى كأمبير وأسطور وبيجو وقوس قزح وأبولو ولوكس ولوباريس (سينما الهواء الطلق بزنقة كوني ) . كنت كلما شاهدت فيلما جديدا أحكي قصته بالتفاصيل ألصقائي في الحي على شكل حلقة ليلية بدرب الساحة (قصبة النوار) ،وفي هذه الفترة كنت كذلك مولعا ب " الحالقي " (فضاءات باب الماكينة ،باب الساكمة ،باب فتوح ،بوجلود ) ...وبرواة السير (كاألزلية والعنترية) وقصص " ألف ليلة وليلة " Page 3
وعلى رأسهم " براق العيار سابق الطيار " ،كما كنا نسميه ونحن يافعين . أفالم كثرية نقشت يف ذاكرتي س :ماهي األفالم العاملية واملغربية اليت نقشت يف ذاكرتك ؟ ج :األفالم العالمية التي نقشت في ذاكرتي كثيرة جدا يصعب إحصاؤها ،فقد شاهدت أفالما مختلفة ومتنوعة من كل األصناف واألجناس والجنسيات .وقد اختلف إعجابي بها باختالف المراحل العمرية . ففي مرحلة الطفولة (مرحلة اإلبتدائي) أعجبت والزلت لحد اآلن بأفالم فيلسوف السينما العالمية شارلي شابلن ،وفي مرحلة اإلعدادي كنت مياال أكثر ألفالم البيبلوم (أي األفالم التي تستلهم قصصها من األساطير اليونانية القديمة وأبطالها المشهورين كهرقل وعوليس وغيرهما أو من التاريخ الروماني القديم وحروبه ومعاركه أو من سير بعض الشخصيات الدينية كعيسى وموسى عليهما السالم )...واألفالم الهندية وخصوصا التي دبلجها الراحل إبراهيم السايح إلى العربية الدارجة ومن أشهرها فيلم " منكال البدوية " و " أمنا الهند " من إخراج محبوب خان ،وكذلك أفالم النجمين الهنديين شامي كابور وديليب كومار وغيرهما كثير ،واألفالم االستعراضية العربية من بطولة عبد الحليم حافظ (بشكل خاص) وفريد األطرش وفيروز وصباح وماهر العطار ومحرم فؤاد وسميرة توفيق ... عندما انتقلت إلى التعليم الثانوي وقع تحول في اختياراتي لألفالم بتأثير من بعض أساتذة اللغة الفرنسية ، الذين كانوا يوجهوننا كتالميذ لمشاهدة بعض األفالم ذات القيمة الفنية والفكرية (أفالم الموجة الجديدة الفرنسية نموذجا أو األفالم السياسية ك " ساكو وفانزيتي " و " اإلعتراف " و " القضية ماتيي " . )... وتعزز هذا التحول عندما انخرطت ألول مرة سنة 2818في نادي سينمائي كان معروفا بفاس وخارجها آنذاك هو " نادي الشاشة " ،وبفضل عروض هذا النادي ومناقشاته لألفالم تعرفت على سينمات وأفالم لم أكن أعرفها من قبل لسبب بسيط هو أن معظمها لم يكن باإلمكان مشاهدتها في القاعات التجارية . ومنذ لحظة االحتكاك األولى بحركة األندية السينمائية أصبحت أهتم بالسينما ال كفرجة فحسب بل كثقافة وإبداع فني كذلك .وفي هذا اإلطار شاهدت روائع سينمائية من توقيع مخرجين كبار من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد وأروبا الشرقية واإلتحاد السوفياتي والواليات المتحدة األمريكة وأمريكا الالتينية وبعض الدول العربية من ضمنها المغرب الذي اكتشفنا بعض مخرجيه الكبار فيما بعد كأحمد البوعناني (طرفاية أو مسيرة شاعر ،ستة وإثنا عشر ،الذاكرة ، 22السراب )...وحميد بناني (وشمة) وأحمد المعنوني (أليام أليام ،الحال ) والجياللي فرحاتي (جرحة في الحائط ،عرائس من قصب )...ومحمد الركاب (حالق درب الفقراء ) ... قبل وبعد اإلخنراط يف النوادي السينمائية س :لنركز على فرتة السبعينات ،حدثنا عن تنامي الوعي بالفن السينمائي من خالل األندية السينمائية ؟ ج :قبل اإلنخراط في النوادي السينمائية بفاس انطالقا من موسم ( 2822/2818نادي الشاشة) وما تاله Page 4
من مواسم أخرى (نادي ، 21نادي الفن السابع ،نادي إيزنشتاين ) وصوال إلى مساهمتي في تأسيس " نادي الركاب للسينما والثقافة " في مطلع التسعينات من القرن الماضي ،كان اهتمامي بالسينما وأفالمها يرتكز باألساس على الفرجة وتتبع أخبار الممثلين والممثالت وجمع صورهم وقراءة المجالت السينمائية والفنية العربية (الكواكب ،الموعد )...والفرنسية (مجلة السينما ،سينما العالم . )...وكنت حينها أحفظ عن ظهر قلب (والزلت لحد اآلن) جل أسماء نجوم السينما العربية (المصرية واللبنانية أساسا) والهندية واألمريكية واألروبية بحكم طبيعة األفالم التي كانت تعرض بنجاح بالقاعات السينمائية في عصرها الذهبي منذ الخمسينات إلى منتصف الثمانينات .وبعد انخراطي في األندية السينمائية والمواضبة على االستفادة من عروضها المختلفة وحضور مناقشات األفالم وبعض األنشطة الثقافية المرتبطة بها (كالندوات واللقاءات المفتوحة مع المبدعين وأسابيع السينما الفلسطينية والبولونية والسويسرية وغيرها ) بدأت ثقافتي السينمائية تتشكل شيئا فشيئا إلى أن أصبحت قادرا على تذوق الفن السينمائي الرفيع والتمييز بين األفالم و الال أفالم .كما تحول اهتمامي من التركيز على الممثلين فقط إلى التقرب من عوالم المخرجين اإلبداعية ومحاولة الوقوف على ما يميز بعضهم عن البعض اآلخر على مستوى الكتابة السينمائية .ومما زاد في تعميق معرفتي بمختلف المدارس واإلتجاهات السينمائية العالمية وبخصوصيات المبدعين الكبار كتروفو وغودار ودي سيكا ويوسف شاهين وساتيا جيت راي وصالح أبو سيف وبوالنسكي وفاجدا وبيرغمان وهيتشكوك وغيرهم كثير قراءاتي للكتب والمجالت السينمائية الرصينة (ك " دفاتر السينما " ،الفرنسية ،و" الحياة السينمائية " ،السورية ،و" الم ألف " (ال) ، المغربية ،وغيرها) خصوصا بعد أن أصبحت طالبا جامعيا في العلوم اإلقتصادية بكلية الحقوق بالدار البيضاء أو في الفلسفة وعلم اإلجتماع وعلم النفس بكلية اآلداب (ظهر المهراز) بفاس ،بالموازاة مع عملي كأستاذ للرياضيات باإلعدادي من 2821إلى . 2891 لقد شكلت األندية السينمائية ،بالنسبة لي ولغيري من عشاق السينما وثقافتها ،مدرسة حقيقية تعلمنا فيها أبجديات اللغة السينمائية وتقنيات التنشيط الثقافي السينمائي وأساليب التدبير الجمعوي ،واستمتعنا عبر برامجها المتنوعة بروائع السينما العالمية ،واستأنسنا من خالل أنشطتها ونشراتها المختلفة بتقنياتها السينما ومهنها ومصطلحاتها وغير ذلك . األندية السينمائية واإلرهاصات األولية للنقد السينمائي س :هل ميكن إعتبار حركة األندية السينمائية ،اليت غطت أنشطتها جل املدن املغربية وبعض املراكز القروية ،مبثابة املرجعية األساسية للنقد السينمائي ببالدنا ؟ ج :مما الشك فيه أن اإلرهاصات األولية للنقد السينمائي المغربي تشكلت داخل األندية السينمائية منذ الستينات مع الفيدرالية الوطنية ثم بعد ذلك مع الجامعة الوطنية لألندية السينمائية بالمغرب (جواسم) التي تأسست سنة . 2821فهذا النقد ظل شفويا لعدة سنوات داخل األندية السينمائية وبدأ يتبلور تدريجيا على شكل نصوص مكتوبة بالفرنسية أو العربية نشرت في الجرائد الوطنية ونشرات األندية الموسمية وبعض Page 5
المجالت القليلة ك " الشاشة المغربية " (في النصف األول من عقد الستينات) و" الم ألف " ( 122عدد من 2811إلى )2899و" سينما ( " 1أربعة أعداد سنة )2822و" دراسات سينمائية " ( 21عددا من 2899إلى ... )2882ويمكن القول إجماال أن جل نقاد السينما المغاربة تربوا في أحضان حركة األندية السينمائية ..منهم من استمر في تغليب النقد الشفوي في التظاهرات السينمائية ،ومنهم من دخل مغامرة النشر الورقي أوال على صفحات الجرائد والمجالت داخل الوطن وخارجه ثم اإللكتروني الحقا ، ومنهم من أعد أو نشط أو أنتج برامج سينمائية لإلذاعة والتلفزيون ،ومنهم من أصدر كتبا سينمائية ... س :كيف إذن إخنرطت يف جمال النقد السينمائي ؟ ج :كغيري من النقاد المغاربة مارست النقد الشفوي في البداية ،وفي منتصف الثمانينات انطلقت تجربتي في النشر الورقي مع جرائد " االتحاد اإلشتراكي " و " العلم " ومجلة " دراسات سينمائية " وغيرها على شكل مواكبات صحفية ألنشطة بعض األندية السينمائية أو بعض التظاهرات هنا وهناك أو على شكل ترجمات من الفرنسية إلى العربية لمقاالت ذات منحى تأريخي لها عالقة بالسينمات الهندية والمصرية والمغاربية وغيرها ،وكنت من حين آلخر أنشر بعض القراءات المركزة في أفالم وتجارب سينمائية مغربية أو بعض األوراق التعريفية بالمخرجين والممثلين المغاربة وغيرهم بمناسبات تكريمهم . كما واكبت نقديا العديد من البرامج التلفزيونية واإلذاعية (خصوصا السينمائية والفنية منها) وعبرت من خالل بعض المقاالت عن وجهات نظري في واقع الممارسة السينمائية ببالدنا .والزلت لحد اآلن ،لكن بكثافة أكثر مقارنة مع الماضي ،أواكب مستجدات الساحة السينمائية الوطنية ،ورقيا وإلكترونيا ،بحكم ارتباطي بكثير من التظاهرات السينمائية كمسؤول إعالمي ،وأحاول من حين آلخر التوثيق والتأريخ لبعض جوانب تاريخنا السينمائي . س :لنتحدث بصراحة ،هل لدينا فعال يف املغرب نقد سينمائي حمرتف وأكادميي ؟ ج:من الصعب الحديث عن نقد سينمائي محترف بالمغرب وذلك ألن جل الممارسين له بمستوياته المختلفة (اإلنطباعي ،الصحفي ،التأويلي ،األكاديمي )...هم هواة أوعشاق للسينما وثقافتها ،ألنهم ال يعيشون من مردوديته إن كانت له فعال مردودية .فما دامت الممارسة السينمائية ببالدنا لم تتأسس بعد كممارسة احترافية بالمعنى الحقيقي للكلمة أي كصناعة تراهن على السوق ويتحكم فيها منتجون خواص حقيقيون ،فسيظل وضع الناقد السينمائي كوضع الممثل أو المخرج أو التقني أو غيرهم من الفاعلين في حقل السينما ،ال يتحرك الواحد منهم إال عندما يتوفر دعم الدولة باعتبارها المحرك األول واألساسي لعجلة اإلنتاج وتنظيم المهرجانات وإصدار المنشورات وغير ذلك . ورغم غياب الناقد السينمائي المحترف ،الذي يعيش من مهنته كناقد سينمائي (أو فني) ومن الخدمات الثقافية التي يقدمها لفائدة منبر إعالمي ورقي أو إلكتروني أو إذاعي أو تلفزيوني أو غيره ،فال تخلو الساحة السينمائية المغربية من نقاد وباحثين حقيقيين لهم حضور منتظم واطالع واسع على تاريخ السينما وما يرتبط بها من معرفة وتتميز كتاباتهم وتدخالتهم بالرصانة والعمق . Page 6
إال أن النقاد الذين عرفوا بانتظاميتهم في الكتابة والنشر على امتداد ثالثة عقود على األقل ،كما عرفوا بغزارة كتاباتهم بالفرنسية أصال وأحيانا بالعربية (الصديقين أحمد عريب ومحمد باكريم نموذجان) وارتباطهم بالعديد من المنابر اإلعالمية (جرائد ومجالت) بمقابل مادي على امتداد تاريخهم النقدي ، يحسبون على رؤوس أصابع اليد الواحدة . أما الغالبية العظمى ممن مارسوا الكتابة النقدية السينمائية في فترة من فترات حياتهم الثقافية والجمعوية فقد ظلت كتاباتهم موسمية ومتقطعة ،وجلهم إن لم نقل كلهم لم يتقاضوا تعويضا ماليا عن نشرها ، والكثيرون منهم توقفوا عن الكتابة لسبب من األسباب . مجال النقد شأنه شأن مجاالت التشخيص واإلخراج وتنفيذ اإلنتاج وباقي التخصصات التقنية السينمائية األخرى ،فيه المتخصصون والموهوبون والمتمكنون وفيه الدخالء والمتطفلون ومن ال مهنة لهم أصال . س :النقد السينمائي يتطلب منابر خاصة ،مارأيك يف الصحافة الورقية اخلاصة بالنقد السينمائي ؟ ج :الصحف والمجالت الورقية المتخصصة في النقد والثقافة السينمائيين بالمغرب شبه منعدمة ، فباستثناء " المجلة المغربية لألبحاث السينمائية " ،التي أصدرت منها " الجمعية المغربية لنقاد السينما " لحد اآلن ثالثة أعداد بدعم من وزارة اإلتصال ،األول في دجنبر 1221والثاني في أبريل 1222 والثالث في نونبر ، 1222وباستثناء مجلة " سينفيليا " (صدر منها ابتداء من أواخر سنة 1222عددان ورقيان) ،وباستثناء المجلة السنوية " وشمة " التي تصدرها جمعية أصدقاء السينما بتطوان ،ال توجد مجالت سينمائية أخرى أو جرائد أو نشرات متخصصة في الفن السابع .فحتى الصفحات السينمائية التي اشتهرت بها العديد من جرائدنا الوطنية في السبعينات والثمانينات وما بعدها توقفت ولم تصمد منها إال صفحات قليلة لعل أشهرها الصفحة األسبوعية لجريدة " العلم " التي يشرف عليها حاليا الصديق الشاب الصحفي والمخرج السينمائي التهامي بورخيص وصفحة جريدة " الرأي " (بالفرنسية) التي يحررها أسبوعيا الناقد والمؤرخ السينمائي المغربي أحمد عريب وصفحة جريدة " البيان " (بالفرنسية) التي يشرف عليها الناقد والصحافي محمد باكريم . وواقع اليوم ال يختلف كثيرا عن واقع األمس ،وذلك ألن المغرب لم يشهد في تاريخه السينمائي صدور إال عدد محدود جدا من المجالت السينمائية من بينها " :الشاشة المغربية " (في منتصف الستينات) و " سينما ( " 1أربع أعداد فقط سنة )2822و" دراسات سينمائية " ( 21عددا من 2899إلى )2882و " سين .ما " و " سينماك " وغيرها ،باإلضافة إلى مجالت أخرى تحضر فيها السينما إلى جانب فنون أخرى من بينها " فيزيون " و" سيني مسرح " و " سينما وتلفزيون " وغيرها ... كل هذه المجالت أو الصفحات السينمائية كان وراءها جمعويون وعشاق للسينما ومتطوعون من حركة األندية السينمائية وغيرهم ،ولم تكن وراءها مؤسسات إعالمية قوية ومحترفة ،ولهذا لم تعمر طويال كل هذه التجارب .زد على ذلك أن المجتمع المغربي ليس مجتمعا قارئا ،فكيف يمكن ضمان استمرارية Page 7
هذه المنشورات وغيرها ؟ س :يغلب على النقد أنه سينمائي وليس سينمائي تلفزيوني ؟ ملاذا ؟ ج :في السابق كان الممارسون للنقد السينمائي يقللون من شأن التلفزيون وإنتاجاته بحكم أن إبداعات السينما أكثر عمقا وقوة ولها قدرة على الصمود زمنيا ،وأن األفالم والمسلسالت والبرامج التلفزيونية وغيرها غالبا ما يتم نسيانها بعد عرضها على الشاشة الصغيرة .ورغم هذه النظرة الدونية إلنتاجات التلفزيون فقد شهد التاريخ النقدي المغربي اهتماما بالسينما والتلفزيون معا من طرف ثلة من النقاد المغاربة .فأنا شخصيا نشرت العديد من المقاالت النقدية حول برامج التلفزيون وحررت ركنا أسبوعيا بعنوان " مآخد " ،عندما كنت متعاونا خارجيا مع صفحتي جريدة " العلم " " :عين على التلفزة " و " العلم السينمائي " من 2898إلى حدود أواخر التسعينات من القرن الماضي ،قبل أن أرتبط بجريدة " األحداث المغربية " بعد انطالقتها سنة 2889والتي كنت أزودها بمواد ركن أسبوعي يحمل عنوان " مفارقات سينمائية " ومواد أخرى سينمائية وتلفزيونية .ففي صفحة " عين على التلفزة " نشرت العديد من المقاالت النقدية حول برامج مشهورة ،أثار بعضها ردود فعل عنيفة أحيانا من طرف المشرفين على تلك البرامج (برنامج " ذاكرة المدن " نموذجا) ،كما واكبت إعالميا مختلف البرامج التلفزيونية (في القناتين األولى والثانية) التي كانت تهتم بالسينما كبرنامج " الشاشة الكبرى " ،الذي كان يشرف عليه الناقد السينمائي الراحل محمد الدهان ( )1221 – 2891من 2892إلى 2882بالقناة األولى ،و برامج " ترافلينغ " (فاطمة التواتي) و " زوايا " (إدريس اشويكة) و" صورة " (فوزية زين الدين) و" عالم السينما " و " كاميرا األولى " و " شاشات " (عبد اإلله الجوهري) وغيرها . حاليا تقلصت المسافات بين السينما والتلفزيون ،بحكم الثورة التي شهدتها تكنولوجيا اإلعالم والتواصل ، وأصبح باإلمكان إنتاج أعمال قابلة لإلستغالل سينمائيا وتلفزيونيا في نفس الوقت .ونتيجة لهذه التحوالت التكنولوجية الهائلة تقوى التعاون بين السينما والتلفزيون وأصبح المخرجون يشتغلون في المجالين معا مع مراعاة خصوصيات كل منهما ،كما أصبح النقد يجمع بين ما هو سينمائي وتلفزيوني . س :أال تفكر ،أستاذ سيجلماسي ،يف إصدار كتب يف جمال النقد السينمائي ؟ ج :أنا اآلن بصدد اإلعداد إلصدار مجموعة من الكتب الصغيرة الحجم (كتب جيب) تباعا ضمن سلسلة " المغرب السينمائي " أحاول من خاللها تصريف ما راكمته من معطيات وأفكار على امتداد أكثر من ثالثة عقود من المواكبة شبه اليومية للشأن السينمائي ببالدنا .وهذه السلسلة التي ستنطلق سنة ، 1229 بحول اهلل ،بكتابين توثيقيين األول بعنوان " محمد مزيان :سينمائي وحيد ومتمرد " (بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيله يوم 12يناير )1229والثاني بعنوان " ممثالت وممثلون :بيوفيلموغرافيات مغربية " ،تدخل في إطار مشروع للتأريخ الشمولي للظاهرة السينمائية بالمغرب ( الفيلموغرافيا ،القاعات السينمائية ،المنشورات ،الفاعلين السينمائيين ،حركة األندية السينمائية ...،إلخ . ) ...هذا مع العلم أنه صدر لي سنة 2888كتيب بعنوان " المغرب السينمائي :معطيات وتساؤالت " ،ضمن سلسة كتب Page 8
الجيب " شراع " (العدد )19التي كان يصدرها ويشرف عليها اإلعالمي الكبير خالد مشبال ،باإلضافة إلى مشاركتي في الكتب الجماعية التالية " :إدريس الروخ :ولد البالد " ( )1222و " سينما سعد الشرايبي :بنياتها ودالالتها " ( )1221و " سينما أحمد المعنوني :اإلنتساب الواقعي والبعد الجمالي " ( )1222و " نور الدين كشطي :حلم وعشق ...ورحيل مفجع " ( )1222و" سينما مومن السميحي : قلق التجريب وفاعلية التأسيس النظري " ( )1222و " أسئلة النقد السينمائي المغربي " ( )1228و" المكونات الجمالية والفكرية لسينما محمد عبد الرحمان التازي " ( )1228و " سينما داود أوالد السيد : المرتكزات والخصوصية " ( )1222و" التاريخ والسينما " (. )2881 س :كلمة أخرية للنقاد السينمائيني املغاربة .. ج :بما أن هناك جمعية مغربية لنقاد السينما يترأسها األخ خليل الدمون منذ سنوات ،أتمنى أن تدرج هذه الجمعية في مشاريعها المستقبلية ،باإلضافة إلى مختلف أنشطتها وإصداراتها (المجلة والكتب ) ،إحداث موقع إلكتروني متطور لتجميع ذاكرة النقد السينمائي المشتتة في مختلف المنابر اإلعالمية (الورقية والمسموعة والمرئية واإللكترونية وغيرها) بدءا بأعضائها ،وذلك لتمكين الباحثين في المثن النقدي المغربي من اإلطالع على مختلف نصوص النقاد القديمة والجديدة وتقييمها في مختلف مراحلها التاريخية .كما أتمنى أن يعمل باقي النقاد غير المنضوين تحت لواء هذه الجمعية المذكورة على تجميع كتاباتهم وإصدارها في كتب أو على األقل تدوينها وتوثيقها في مدونات إلكترونية حفظا لها من الضياع ، كما فعل الناقد والباحث الصديق محمد الدهان ( )1221 – 2891قبل رحيله بسنوات معدودات انطباع عام حول الحركية السينمائية الحالية س :أنتم من األمساء البارزة يف مواكبة احلركية السينمائية اليت يشهدها املغرب من مشاله إىل جنوبه ،ماهو إنطباعكم العام حول هذه الدينامية ؟ وهل ميكن احلديث عن جوانب إجيابية وأخرى سلبية فيها ؟ ج :يبدو للمتتبع لمشهدنا السينمائي أن السنوات األخيرة شهدت انتعاشة ملحوظة في إنتاج األفالم الطويلة والقصيرة ،وفي تنظيم التظاهرات السينمائية المختلفة ،بحيث أصبح النشاط السينمائي طاغيا إلى حد ما على باقي األنشطة الفنية المسرحية والغنائية وغيرها ..فعلى سبيل المثال اقترب العدد اإلجمالي للمهرجانات والتظاهرات السينمائية المنظمة سنة 1222ببالدنا ،من أصغرها إلى أكبرها وهو مهرجان مراكش الدولي للفيلم ،من رقم المائة .كما أنتج المغرب في العشرية األخيرة ( )1221 – 1221ما يفوق نصف األفالم الطويلة التي راكمها في تاريخه السينمائي الفعلي منذ 2891إلى 1221أي 212 فيلما من مجموع ، 129ألنه أصبح ينتج سنويا ما بين 22و 12فيلما سينمائيا طويال وما بين 22 و 222فيلم قصير . هناك تطور تصاعدي مستمر في وتيرة إنتاجنا السينمائي نالحظه من عشرية ألخرى ،وسببه يرجع باألساس إلى سياسة الدولة منذ سنة 2892في دعم اإلنتاج السينمائي الوطني وما شهده الغالف المالي Page 9
المخصص لدعم السينما من زيادات .وبفضل هذه السياسة أصبح المغرب ،من حيث إنتاج األفالم ،في المراتب األولى إفريقيا وعربيا إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا .لكن ،هذه السياسة لم تمكن المغرب لحد اآلن من خلق صناعة سينمائية قائمة الذات كالصناعة المصرية مثال ،إذ يكفي أن توقف الدولة دعمها إلنتاج األفالم ،لسبب من األسباب ،حتى ينهار كل شيء .ومن مفارقات العشرية األخيرة أنه في اللحظة التي انتعش فيها إنتاج األفالم شهد عدد رواد القاعات السينمائية تراجعا كبيرا بسبب تقلص عدد هذه القاعات وعوامل أخرى .فالعدد الحالي للقاعات ،إلى حدود 12شتنبر ، 1222حسب إحصائيات المركز السينمائي المغربي (المؤسسة العمومية الوصية على قطاع السينما بالمغرب) ، ينحصر في 12قاعة فقط ب " 92شاشة " متمركزة كلها في عشرة مدن فقط هي :الدار البيضاء (22 قاعات – 19شاشة) ،ومراكش ( 2قاعات – 21شاشة) ،وطنجة ( 2قاعات – 9شاشات) ،والرباط ( 2قاعات – 2شاشات) ،ومكناس ( 1قاعات – 1شاشات) ،وفاس (قاعة واحدة – 1شاشات) ، وتطوان (قاعتان – شاشتان) ،وسال وأكادير ووجدة (قاعة واحدة لكل مدينة – شاشة واحدة لكل مدينة) .وبهذا نالحظ أن باقي المدن المغربية انقرضت منها القاعات السينمائية وبالتالي انخفض عدد رواد القاعات من تسعة ماليين ونصف سنة ، 1221التي كان عدد القاعات فيها ، 292إلى أقل من المليونيين سنة . 1221 فيما يتعلق بالتظاهرات السينمائية ،ازداد عددها في السنوات األخيرة في مختلف مناطق المغرب ، وأصبحت بمثابة بديل (بشكل من األشكال) للقاعات السينمائية المنقرضة ،الشيء الذي جعل المغرب يحتل مرتبة الصدارة ،عربيا وإفريقيا ،على هذا الصعيد ،ودفع بوزارة اإلتصال سنة 1221إلى إحداث لجنة خاصة لدعم تنظيم المهرجانات والتظاهرت السينمائية بغالف مالي سنوي يقارب 12مليون درهم ،استفادت منه 92تظاهرة ومهرجان سنة 1222مقابل 91سنة . 1221 الفيلم المغربي ليست له مردودية محترمة ومشجعة عبر شباك التذاكر والقنوات التلفزيونية وأقراص (الدي في دي) ال في الداخل وال في الخارج ،ألن سوقه الداخلية محدودة للغاية رغم اإلقبال الظاهر على بعض عناوينه ( " الطريق إلى كابول " من إخراج إبراهيم الشكيري نموذجا) ،وألن الدولة (المنتج الرئيسي له عبر صندوق الدعم أو التسبيق على المداخيل) لم تفكر بعد وبجدية في تسويقه والترويج له خارج البلد . سياستنا السينمائية الحالية سياسة عرجاء ،فكرنا في دعم اإلنتاج ولم نفكر في طرق وفضاءات ترويجه داخليا وخارجيا . ما ينقص صراحة هو سياسة سينمائية شمولية تنظر للقطاع السينمائي من جوانبه المختلفة ،من عناوينها تشجيع القطاع الخاص على اإلستثمار في بناء المركبات السينمائية وإنتاج األفالم المختلفة عبر تشريعات قانونية محفزة توفر ضمانات كافية لرؤوس األموال وإعفاءات ضريبية وغير ذلك ،وإدخال التربية الفنية عموما والثقافة السينمائية خصوصا إلى المؤسسات التعليمية ،من الروض إلى الجامعة ،بغية Page 10
إعداد أجيال الغد المرتقب أن تشكل مستقبال قاعدة عريضة لرواد القاعات السينمائية والمسارح ودور الثقافة وغيرها ،وتشجيع الجمعيات السينمائية ،ودعم المنشورات السينمائية المختلفة ،وإحداث برامج إذاعية وتلفزيونية متعددة لترويج الثقافة والمعرفة السينمائيتين والتعريف على نطاق واسع بروائع السينما العالمية وبالمنتوجات الوطنية والعربية وغيرها ،وإحداث معاهد للتكوين السينمائي الرصين (افتتح في الموسم الجامعي 1222/1221المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالرباط ،التابع لوزارة اإلتصال ) ،وتفعيل الخزانة السينمائية الموجودة منذ سنة 2882بالرباط مع إحداث فروع لها بمختلف جهات المملكة ،وتقنين قطاع السينما بشكل جيد يحفظ حقوق كل العاملين فيه على اختالف تخصصاتهم ،وغير ذلك من األمور التي جاء ذكرها كتوصيات قديمة /جديدة في " الكتاب األبيض " حول السينما المغربية . س :لنعد إىل املهرجانات والتظاهرات املنظمة بكثافة طيلة السنة يف الكثري من املدن املغربية ،وخاصة منها اليت تفتقر إىل قاعات سينمائية ،ما هو تقييمك هلا ؟ وماذا تقرتح لتطويرها حبكم ارتباطك (ثقافيا وإعالميا) بالعديد منها ؟ ج :أوال ،أالحظ غيابا شبه مطلق ألي تنسيق بين منظمي المهرجانات والتظاهرات السينمائية ،ال على مستوى تواريخ وفترات التنظيم ،وال على مستوى التسميات التي تحملها والتيمات التي تشتغل عليها ، وال على مستوى البرامج والشعارات المرفوعة والشخصيات المختارة للتكريم ومواضيع الندوات والموائد المستديرة والورشات التكوينية ومؤطريها وغير ذلك . ثانيا ،أرى تشابها كبيرا بين مجموعة من التظاهرات في مكونات برامجها ونوعية األفالم التي تعرضها وطبيعة المستفيدين من أنشطتها ،واألدهى من ذلك أن بعض المشرفين عليها ال يمتلكون تصورا واضحا لما يطمحون إلى تحقيقه من أهداف فنية وثقافية وغيرها عبر تنظيم هذه التظاهرات السينمائية التي ال تحمل أحيانا من السينما إال اإلسم . ثالثا ،كثير من هذه التظاهرات ال مردودية ثقافية أو فنية لها ،وإنما هي مناسبات للقاء بين األصدقاء وأفراد العائلة واالستمتاع بلحظات استجمام بعيدا عن إكراهات العمل وروتينية الحياة اليومية . رابعا ،اإلرتجال والفوضى والجهل وغياب االحترافية في التنظيم ،سمات تشترك فيها مجموعة من التظاهرات بسبب غياب اإلنسان المناسب في المكان المناسب .فهل يعقل أن يشرف على تظاهرة سينمائية أشخاص ال عالقة لهم ال بالسينما وال بثقافتها ؟ خامسا ،التواصل بوسائل العصر التكنولوجية الجديدة ،واإلهتمام الجدي بالتوثيق الورقي والرقمي والسمعي البصري لألنشطة عبر إنتاج مطبوعات وأفالم مضبوطة شكال ومحتوى ،يعتبران من نقائص الكثير من التظاهرات .فهل يعقل أال تتوفر هذه التظاهرات على مواقع إلكترونية محينة باستمرار ؟ وهل يعقل أال تصدر ولو كتابا سينمائيا أو عددا واحدا من مجلة في السنة ؟ سادسا ،هناك تظاهرات تجاوز عمرها العشر سنوات بكثير واليزال منظموها (أو باألحرى منظمها Page 11
األوحد) يرتكبون نفس األخطاء القاتلة في اختيار األفالم وتنفيذ البرامج المهلهلة المسطرة على عجل ، ورغم فشلهم الواضح والذريع في التنظيم والتنشيط لم يكتفوا بتظاهرة واحدة بل أصبحوا ينظمون تظاهرات أخرى وكأن تنظيم التظاهرات الرديئة أصبح سجال تجاريا مربحا . سابعا وأخيرا ،عدم التدقيق في شروط قبول األفالم المشاركة في المسابقات ،مع الخلط غالبا بين أفالم المحترفين وأفالم الهواة ،خلق جيشا من المتوهمين والمتوهمات أنهم أصبحوا بين ليلة وضحاها " مخرجين سينمائيين " أو " كتاب سيناريو " أو " ممثلين " أو ، ...دون موهبة وتكوين رصين ،وأحيانا دون مشاهدة أفالم المخرجين العالميين الكبار واإلطالع على مختلف أدبيات السينما وثقافتها ،المتوفرة بغزارة ورقيا ورقميا ،الشيء الذي أفرز ظاهرة رواج نفس األفالم (واألشخاص أيضا) هنا وهناك ، رغم رداءة وسذاجة بعضها ،وحصول بعضها اآلخر على العديد من الجوائز من مهرجانات وتظاهرات مختلفة .وبناء على المالحظات السابقة ،ورغبة في تطوير محتوى وأداء العديد من تظاهراتنا السينمائية المتفاوتة القيمة ،أقترح ما يلي : أوال ،ضرورة إعادة النظر في معايير وسياسة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ببالدنا وقانونها المنظم ،فال يعقل أن يستحوذ مهرجان مراكش الدولي للفيلم وحده على أربعين في المائة من الحجم اإلجمالي للدعم سنتي 1221و 1222تباعا ،ويوزع الفتات على باقي التظاهرات (أقل من سبعة في المائة من حجم هذا الدعم وزعت على أربعين تظاهرة سنة ، )1221فهذا المهرجان الكبير الذي يتصدر قائمة المهرجانات ببالدنا ،والمصنف في فئة (أ) هو والمهرجان الوطني للفيلم بطنجة ، ليس في حاجة إلى هذا الدعم نظرا لموارده المتنوعة والمتعددة .إن ميزانيته السنوية تفوق الحجم اإلجمالي للميزانية المخصصة لدعم تنظيم أكثر من خمسين مهرجانا وتظاهرة في السنة . وما قلناه على مهرجان مراكش ينطبق أيضا على مهرجاني طنجة الوطني والمتوسطي ،ألنهما من تنظيم الدولة عبر مؤسسة المركز السينمائي المغربي العمومية ،فتكاليف تنظيمهما ينبغي أن تصرف من ميزانية وزارة اإلتصال ومن مداخيل المركز السينمائي المغربي . ولكي يتم تطوير أداء باقي المهرجانات ،من فئتي (ب) و (ج) ،والتظاهرات السينمائية المتوسطة والصغيرة المنظمة في مختلف مناطق المملكة وجعلها فضاءات مناسبة لعرض ومناقشة األفالم المغربية واألجنبية والتباري أيضا ،ينبغي توفير الدعم المالي واإلعالمي واللوجيستيكي الكافي لها ،مع تبسيط مساطير صرفه وتسريعها وتشديد المراقبة على أوجه توظيفه المختلفة . ثانيا ،مطالبة المؤسسات والجمعيات الراغبة في تنظيم تظاهرات تحمل إسم " مهرجان " بتقديم مشروع متكامل يتضمن ،باإلضافة إلى ما هو متعارف عليه في دفتر التحمالت أو قرار الدعم ،تبني قاعة سينمائية توجد في حالة إغالق والعمل على إحيائها وتشغيلها بعد إصالحها وترميمها ورقمنتها بتوافق مع مالكيها وبتعاون مع السلطات المحلية والمجالس المنتخبة ولجنة دعم رقمنة وإصالح وإحداث القاعات السينمائية (المعدلة أو المحدثة سنة )1221وغيرها (قاعتي " هوليود " بسال و " الريف " بمارتيل Page 12
نموذجان) ،وذلك حفاظا على إرثنا العمراني الفني وذاكرتنا السينمائية الفرجوية من التالشي والضياع ، أو تخصيص جزء من الدعم لتوفير فضاءات جديدة أو تجهيز ورقمنة قاعات متوفرة بدور الشباب التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة وبدور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة وبالمركبات الثقافية التابعة لبعض المجالس البلدية المنتخبة وغيرها . ثالثا ،الرفع من مبالغ دعم التظاهرات الصغرى والمتوسطة بشروط من بينها اإلنفتاح بشكل منتظم على التالميذ والطلبة من خالل عروض أسبوعية أو شهرية طيلة السنة تتوج بتنظيم ملتقى أو أيام سينمائية ذات خصوصية معينة ،مع إصدار سنوي لمجلة أو كتاب في الثقافة السينمائية وإحداث موقع إلكتروني يضمن تواصال مستمرا بين التظاهرة والجهة المنظمة لها وبين المستفيدين من أنشطتها . رابعا ،إحداث هيأة وطنية للتنسيق بين مختلف المهرجانات والتظاهرات السينمائية لتجاوز الفوضى والتزامن الحاصل في تواريخ التنظيم ،والحترام خصوصية كل تظاهرة أو مهرجان وخلق تناغم وانسجام بين مكونات النسيج الجمعوي السينمائي الوطني .فما يالحظ على تظاهراتنا السينمائية هو حضورها بكثافة في الشهور من مارس إلى يونيو ومن شتنبر إلى نونبر ،وتراجع هذا الحضور في الصيف (يوليوز وغشت) والشتاء (دجنبر ويناير وفبراير) .وفي هذا اإلطار يمكن للجامعة الوطنية لألندية السينمائية بالمغرب (جواسم) ،باعتبارها إطارا جمعويا وطنيا ،أن تضطلع بمهمة التنسيق ، على األقل بالنسبة للتظاهرات والمهرجانات التي تنظمها أندية وجمعيات منضوية تحت لوائها بكل من سيدي قاسم وسيدي سليمان وإفران وأزرو وكرسيف ومكناس وفاس ومرتيل وطنجة وبرشيد وزرهون ووجدة والدار البيضاء والعيون وميدلت والريش وبني مالل والمحمدية والفقيه بن صالح وابن أحمد ... وذلك عبر إصدار مجلة ورقية وأخرى رقمية تحمل إسم " النادي السينمائي " تكون مهمتها إخبارية تنسيقية وثقافية تكوينية من خالل أبواب تعرف بالمهن واإلصدارات السينمائية وبأهم األفالم ومخرجيها داخل الوطن وخارجه وبمختلف التجارب واإلتجاهات السينمائية عبر العالم وغير ذلك من األمور المرتبطة بالسينما والفن السابع . س :هناك حاليا جيل جديد من املخرجني الشباب املغاربة ،ماهوانطباعك حول سينما األلفية الثالثة مع ظهور أمساء من قبيل نبيل عيوش ونورالدين خلماري وحممد عهد بنسودة وحكيم بلعباس وغريهم ....؟ ج :ظهور جيل المخرجين الشباب منذ منتصف عقد التسعينيات بالضبط ضخ دماء جديدة في شرايين اإلبداع السينمائي المغربي ،فهؤالء الشباب الذين ساهموا في الرفع من الكم الفيلموغرافي المنتوج سنويا ببالدنا بفضل سياسة الدعم ،منهم من لم يضف جديدا على المستوى اإلبداعي ،وعددهم كبير مع كامل األسف ،ومنهم من طور أساليب الكتابة السينمائية وانفتح على مواضيع جديدة وأثار بذلك اهتمام النقاد والمهرجانات داخل المغرب وخارجه . وإذا استثنينا شريحة " المخرجين " الذين ال هم لهم سوى الكسب المادي على حساب اآلخرين ،يمكن Page 13
القول أن الكم الفيلموغرافي المغربي المتحقق في السنوات األخيرة قد بدأ يفرز أسماء إبداعية لها خصوصيتها ،ولها بصمتها التي تميزها عن غيرها .وفي هذا الصدد يمكنني اإلشارة إلى األسماء الشابة الواعدة التي أثبتت حضورها إبداعيا من خالل أفالمها األولى كنبيل عيوش وحكيم بلعباس ومحمد مفتكر وفوزي بن السعيدي ونور الدين لخماري وهشام العسري وعز العرب العلوي لمحارزي وغيرهم ...لقد برهن هؤالء المخرجون الشباب على تمكنهم بشكل جيد من اللغة السينمائية ،وعلى جرأتهم في إثارة وتناول بعض القضايا والمواضيع التي ظل مسكوتا عنها إلى عهد قريب .يحضرني هنا إسم نبيل عيوش الذي يبهرنا من عمل آلخر بالمستوى التقني العالي ألفالمه وبتجديد مواضيعها ،فمن فيلم " علي زاوا " وظاهرة األطفال المشردين في شوارع الدار البيضاء وعوالمهم وأحالمهم ومعاناتهم ،إلى فيلم " يا خيل اهلل " حول استقطاب شباب معوزين وغسل أدمغتهم من طرف جماعات دينية متطرفة ،مرورا بفيلم " أرضي " الوثائقي الذي عبر عن شجاعة هذا المخرج في إثارة مسألة الصراع الفلسطيني – اإلسرائيلي .إلى جانب نبيل عيوش يحضر حكيم بلعباس المهووس بتصوير المهمشين والناس البسطاء ، وتوثيق جوانب بدأت تتالشى من حياتنا وعاداتنا وتقاليدنا وفضاءاتنا بأسلوب يتداخل فيه البعدان الروائي والتسجيلي ،ويحضر فيه اإلرتجال الفني الخالق والتلقائية والصدق اإلنسانيان ،فالمتتبع ألعمال هذا المخرج (همسات ،خيط الروح ،عالش ألبحر ؟ ،أشالء ،حرفة بوك حيت غلبوك ،شي غادي وشي جاي ،محاولة فاشلة لتعريف الحب )...يقف على نوع آخر من السينما ،له مرتكزاته وعوالمه وطرق إبداعه الخاصة به . ال يقتصر األمر هنا على هذين المبدعين فقط ،ألن سينمانا يحق لها أن تفتخر بأعمال وتجارب مخرجين شباب آخرين ال يقلون إبداعية عن نبيل وحكيم ،من بينهم فوزي بن السعيدي (الحافة ،خط الشتا ،ألف شهر ،يا له من عالم جميل ،بيع الموت ) ...وهشام العسري (هم الكالب ،البحر من ورائكم) ونرجس النجار (العيون الجافة) وعز العرب العلوي (إيزوران ،أندرومان ) ونور الدين لخماري (مذكرات قصيرة ،العرض األخير ،مخالب الليل ،النظرة ،كازا نيكرا ،الزيرو ) ومحمد مفتكر (ظل الموت ، رقصة الجنين ،نشيد الجنازة ،براق ،جوق العميين )...وياسمين قصاري (عندما يبكي الرجال ، الراكد )...وغيرهم ... س :السينما املغربية رغم هذه احلركية فهي مازالت تقاوم لفرض وجودها يف عامل رقمي شرس ،ماهي يف رأيكم اآلليات القمينة بعودة اجلمهورإىل القاعات ؟ ج :عودة الجمهور إلى قاعات السينما تقتضي تربية المواطن منذ مراحل الطفولة المبكرة على التعاطي اإليجابي مع الصورة وتعويده تدريجيا على اإلستهالك الواعي لمختلف الصور الثابتة والمتحركة وتمكينه عبر المدرسة والثانوية والجامعة والنوادي السينمائية وغيرها من أدوات تحليل وتفكيك مكونات الصورة ليصبح قادرا على استخالص مضامينها والتمتع بجمالها وإبداء الرأي فيها (شكال ومضمونا) واإلبداع في مجاالت إنتاجها المختلفة . Page 14
س :طبعت الفرتة اليت قضاها نورالدين الصايل على رأس مؤسسة املركز السينمائي املغربي بغزارة نسبية يف إنتاج األفالم ،ما رأيك يف هذه الغزارة ؟ وكيف تنظرإىل مستقبل املركزالسينمائي املغربي بعد الصايل ؟ ج :هذه الغزارة الفيلموغرافية النسبية سببها الزيادة في الغالف المالي المخصص من قبل الدولة لإلنتاج السينمائي الوطني ،وهي غزارة لم تفرز مع كامل األسف كيفا مشرفا على المستوى اإلبداعي إذا ما استثنينا بعض العناوين القليلة جدا . المرحلة التاريخية التي أشرف فيها الناقد نور الدين الصايل على إدارة الشأن السينمائي بالبالد ،من شتنبر 1221إلى أكتوبر ، 1222لها إيجابياتها وسلبياتها كما كان األمر مع اإلدارات السابقة . وسيحين الوقت الحقا لتقييم هذه المرحلة بشكل موضوعي .فيما يتعلق بمستقبل المركز السينمائي المغربي بعد الصايل ،أقول بأنه آن األوان إلعادة النظر تنظيميا في هذه المؤسسة العمومية الوصية على قطاع السينما ببالدنا وإحداث فروع لها في مختلف جهات المملكة وتمكينها قانونيا من لعب دور أكثر فعالية في نشر الثقافة السينمائية بواسطة األفالم عبر خلق شبكة من قاعات الفن والتجريب (على شاكلة قاعة الفن السابع الرباطية) ،وتوفير األفالم المغربية على مختلف الوسائط (الدي في دي نموذجا) في األسواق ،وإخراج الخزانة السينمائية من سباتها العميق عبر إعداد برامج ثقافية سينمائية وتنفيذها بشراكة مع الجمعيات والمهرجانات السينمائية الوطنية وبعض المؤسسات الثقافية األجنبية وغيرها (أسابيع للفيلم المغربي ،أسابيع سينمات أجنبية ،استرجاعات ألفالم المخرجين الكبار ...إلخ )... ،إحداث موقع إلكتروني جد متطور يتضمن أهم المعطيات عن المغرب السينمائي ويعرف باألفالم المغربية ومبدعيها وبكل العاملين في حقول السينما ،طبع مجلة سينمائية شاملة (في نسختين ورقية وإلكترونية) بمساهمة نقاد وصحافيين وباحثين متخصصين في السينما ،خلق مؤسسة وطنية للترويج للمنتوج السينمائي المغربي داخليا وخارجيا .... المهرجانات السينمائية ومسألة التكريم س :كيف تنظر إىل مسألة تكريم السينمائيني يف املهرجانات والتظاهرات السينمائية ؟ ج :فقرة التكريم تكاد تكون من الفقرات الثابتة في جل المهرجانات والتظاهرات السينمائية وغيرها ، سواء في حفلي اإلفتتاح أو اإلختتام أو ما بينهما ،لكن المالحظ أن معايير اختيار المكرمين وطرق االحتفاء بهم تختلف من تظاهرة ألخرى .ففي الوقت الذي نجد فيه بعض المنظمين يجتهدون في اختيار المكرمين وفقا لتصورات واضحة ومنسجمة مع طبيعة مهرجاناتهم واختياراتها الفنية والثقافية ويضعون برنامجا خاصا بالمكرمين يتضمن عروضا لنماذج من أفالمهم ولقاء مفتوحا معهم حول تجاربهم اإلبداعية ويصدرون منشورات توثق لمسارهم الفني وتساءل بعض جوانبه ،نجد تظاهرات أخرى ال يتوفر منظموها على أي تصور واضح لمسألة التكريم .وهكذا قد يتم اختيار مخرج أو ممثل لتكريمه في مهرجان متخصص في الفيلم القصير ،مثال ،دون أن تكون له أية مشاركة محترمة في هذا الجنس Page 15
السينمائي ،كما أن بعض المنظمين يسعون في الغالب إلى جلب أسماء معروفة بشعبيتها في المسرح و التلفزيون لتكريمها في مهرجانات السينما بغية جلب جمهور أكثر لحفالت اإلفتتاح /اإلختتام وإضفاء نوع من المشروعية " إعالميا " على تظاهراتهم الباهتة ثقافيا وفنيا .ومما تجدر اإلشارة إليه أن بعض الفنانين " أشبعوا " تكريمات هنا وهناك ،في حين ظل آخرون بعيدون عن منصات التكريم رغم أحقيتهم وريادتهم وتاريخهم السينمائي الطويل والعريض . المشكل ليس في المكرمين (بفتح الراء وتشديدها) وإنما في األشخاص أو الجهات التي تختارهم العتبارات غير موضوعية في الغالب . التكريم فعل حضاري يتم من خالله تكريس ثقافة االعتراف ،لكن يجب أن تكون معايير اختيار المستحقين له نزيهة ودقيقة وشفافة ،ويجب أال نكتفي أثناءه بإلقاء شهادات شفوية في حق المكرمين بل من المفيد أن يخلف وراءه أثرا ملموسا على شكل كتاب أو مطبوع أو عمل سمعي بصري توثيقي يذكر األجيال الحالية والقادمة بعطاءات المستفيدين منه وبمكانتهم في عالم السينما وتاريخها .كما ال ينبغي أن نحصر التكريم في دائرة الممثلين والمخرجين فقط بل البد من توسيع هذه الدائرة لتشمل باقي التخصصات من تصوير ومونطاج وصوت وسيناريو ونقد وصحافة متخصصة ...إلخ ..ألن العمل السينمائي هو عمل جماعي باألساس . أجرى الحوار :عبده حقي
Page 16
حوارمع األستاذ خمتارلغزيوي صحايف ومدير نشر جريدة (األحداث املغربية) وموقع (أحداث.أنفو) أجنزاحلوار :عبده حقي
خاص تقديم :األستاذ مختارلغزيوي من جيل الصحافيين الشباب التسعينيين ..إحتضنته جريدة األحداث المغربية منذ والدتها أواخرالتسعينات واحتضنها هوأيضا بالقلب وبالعقل وبالقلم المقاوم منذ ذلك التاريخ إلى أن تقلد مؤخرا مسؤولية اإلدارة بها .وكما يعلم كل متتبعي الحقل الصحافي الورقي المغربي أن جريدة "األحداث المغربية" كانت أول جريدة يومية مستقلة وقد إستطاعت بجرأتها النادرة أن تفجرالعديد من األسئلة الشائكة حول بعض الطابوهات التي ظلت جل الجرائد التقليدية تخشى إثارتها بكل شجاعة مما جعل "األحداث المغربية " جريدة تسبق زمنها بكثيرمن السنين. في هذا الحوارمع مديرها الجديد األستاذ مختارلغزيوي نكتشف رؤية جديدة ودينامية متحمسة لمواصلة التألق ومواكبة تطورالعصرالرقمي. ـــ الدراسات الجادة التي أجريت في المجال تؤشر إلى أن الورقي يخوض معركة شبه محسومة مع الرقمي العتبارات لوجيستيكية. ــــ ومن يريد االغتناء المشروع عليه أن يقصد مجاال آخر غير الصحافة ــــ قارئ 8991انقرض وأن حديث القلب إليه قد استوفى كل أغراضه لكنه لم ينته ــــ نحن نميز بين اإلسالم العظيم ،وبين من يوظفون اإلسالم ألغراض سياسوية صغيرة . ـــ سنبقى شوكة في حلوقكم ،تأكدوا من هذا األمر جيدا س :شكرا لكم على تلبية دعوتنا إلجراء هذا احلواراهلام الذي يأتي بعد شهور قليلة على Page 1
حتملكم مسؤولية إدارة جريدة (األحداث املغربية) اليومية وبداية لننطلق من آخرمقال نشرمتوه يف عمودكم اليومي حول املوقع اإللكرتوني اجلديد (األحداث آنفو) وقد تبني من خالل املقال نوع من املهادنة والذهاب بالرأي أبعد إىل القبول بواقع الصحافة اإللكرتونية عكس العديد من مواقفكم وتصرحياتكم السابقة خصوصا يف إحدى مشاركاتكم يف حلقة (ملف للنقاش) الذي تبثه قناة ميدي 1تيفي ،هل حان الوقت للقبول واإلقراربوجود الغريم احلاسوبي ؟ ج :الشكر لكم أوال على الدعوة الكريمة ،لإلجابة عن سؤالكم أقول إن اإلقرار بوجود من أسميتموه الغريم الحاسوبي هو أمر يتجاوزني بكثير ألنه واقع ال يرتفع ،بل هو اليوم المستقبل األكيد والمضمون للصحافة إذ الورقي سائرإلى زوال ،والوسيط الرقمي سيتولى المجال في نقل األخبار واآلراء لفترة من الزمن قبل أن تخترع البشرية وسيطا آخر يفوقه أداء .لكن اإلقرار اليعني المهادنة مع النماذج المتواضعة من هاته الصحافة التي تسمي نفسها إلكترونية اليوم وتغتنم فرصة فراغ السوق لكي تقدم نفسها باعتبارها األولى في المجال ،مستغلة عديد العوامل ،ومستغلة أساسا أن أساتذتنا ممن كانوا يشرفون على الصحف الورقية لم يفهموا أهمية الوسيط الرقمي ،بل ربما استهتروا به قبل أن يجدوا أنفسهم متجاوزين من طرف األحداث ،ومضطرين للركوب متأخرين على الموجة .أتصور أن الفعل األفضل اليوم هو تقديم بديل إلكتروني حقيقي عوض االكتفاد باالنتقاد وضم اليدين .وأتصور أن الميدان مفتوح لكل المبادرات وعلى المرء أن يقدم فيه مايعرف فعله أو مايتصور أنه يعرف فعله . س :مجيع اجلرائد والصحف اليومية واألسبوعية املغربية أطلقت نسخها اإللكرتونية مما سيخلق وضعا إعالميا جديدا يفرض فيه النشراإللكرتوني نفسه كفاعل ضروري مبوازاة مع صنوه الورقي أاليضايقكم وزمالؤكم بداية أفول رمزية وهيبة الصحايف الورقي اليت تكرست منذ عقود ،ثم من جانب آخركيف تنظرون إىل إغراق املشهد باملئات من املواقع اإللكرتونية وصعود جيل من الصحفيني اهلواة أغلبهم من الشباب العاطلني عن العمل ؟ ج :اإلغراق في نهاية المطاف جيد ،وبدونه لن نتمكن يوما من التمييز بين الطالح وبين الصالح .البد من تحقيق تراكم كمي كبير ووسطه سنعثر على بعض الفلتات النوعية الجيدة .أيضا قضية أن يمارس الكل الصحافة أنا لست ضدها في الختام .جميل أن يتصور الكل بأن الصحافة مهنة سهلة وبدون قواعد وال ضوابط وأن فعل الكتابة متاح للكل وأنه الفرق بين أحد وأحد إال باإلقدام حد الصفاقة والوقاحة أحيانا على ميادين البد من إتقان عديد األمور قبل الخوض فيها .لماذا أقول جميل؟ ألنه من الصعب أن تقنع من يريد فعل ذلك بأال يفعله .لذلك أفضل أن أدعوه معي للنزول إلى الميدان ،وأن يجرب معنى الكتابة يوميا ومعنى البحث عن الخبر يوميا ومعنى البحث عن الروبرتاج يوميا ومعنى مواجهة كل ماتفرضه الحرفة الحقيقية يوميا ،وبعدها ،وإذا مااستمر على نفس عناده وادعائه أنه هو اآلخر قادر على أن يكون صحافيا فاعلم أنه صحافي بالفعل .إذا ألقى أسلحته في اليوم الثاني أو الثالث أو الشهر الثاني أو الثالث أو Page 2
العام الثاني أو الثالث فاعلم أنه جرب معنى مهنة المتاعب وأعطاها "شبر ديال التيساع" بعد اقتناعه أنه اليصلح لها وهي التصلح له. س :العديد من الصحف واألسبوعيات العاملية الشهرية علقت نسخها الورقية وتسريالتوقعات إىل نهاية النسخة الورقية مع حلول سنة ألفني وثالثني 0202كيف تتلقون مثل هذه األخبارنفسيا ومعنويا إنطالقا من عالقتكم احلميمية مع "األحداث املغربية " الورقية واليت متتد إىل مايناهزمخسة عشرسنة ؟ ج :أتلقى كل أخبار ميداننا ونتلقاها هنا في "األحداث المغربية" وفي موقع "أحداث.أنفو" بعين تتوقع كثيرا مما يحدث فيه .ال يخفى عليكم أن مهنيي الصحافة اليوم التفاجئهم هاته األخبار وال تعد صادمة بالنسبة لهم ألنهم توقعوها منذ سنوات ،وألن كل الدراسات الجادة التي أجريت في المجال تؤشر إلى أن الورقي يخوض معركة شبه محسومة مع الرقمي العتبارات لوجيستيكية مرتبط بتكاليف الطبع والنشر والتوزيع أوال وقبل كل شيء ،والعالقة لها بجودة مايقدمه الورقي مقارنة مع الرقمي .لذلك أتصور أنه من الجيد عوض مواجهة الموجة العاتية المقبلة أن يبحث اإلنسان عن طريقة ذكية لتالفي إصابته بأكبر قدر من األضرار حين لقائها ،ثم التفكير في طريقة معينة لجعل تلك الموجة العاتية القادمة إليه طريقة إليصال مايقدمه من منتوج إلى جمهور آخر بطريقة أخرى ،وأتخيل أن المجال مفتوح وهو يصرخ ملء قوته "فليتنافس المتنافسون" س :العشرات من الصحفيني املغاربة الشباب من جيل التسعينات من هاجروا السند الورقي وأسسوا هلم مواقع إلكرتونية يف نظركم (كيفاش ،كود ،فربايركم ،أكورا ،أخربكم ..إ) إىل ما تؤشرهذه اهلجرة إىل السند اإللكرتوني ؟ ج :تؤشر إلى ضيق المجال الصحافي التقليدي في المغرب أوال ،وتؤشر أساسا إلى أنه مجال البد أن تكون قادرا على البقاء فيه ،ومن أجل ذلك البد من تضافر عوامل عديدة أهمها العامل االقتصادي ،ثانيها قوة المؤسسة التي تقف وراءك ،ثالثها القدرة على التخطيط االستراتيجي الذي يضمن لك البقاء في الساحة ،وليس العبور أو فتح جريدة وإقفالها في ظرف أشهر ثم إطالق عنوان آخر وقتله وهكذا دواليك. المسألة فعال صعبة ومعقدة ،وزمالؤنا سواء من ذكرت مواقعهم أو آخرين قدموا إضافات فعلية قد نتفق مع جزء منها وقد نختلف مع الجزء اآلخر ،لكنهم هم أيضا -بغض النظر عن كل شيء -أسسوا للبنات بناء هذه الصحافة المغربية التي الزالت تبحث عن نفسها ،وتحبث عن التخلص من تبعات مراحل تأسيسها األولى التي استندت على السياسة وهو مالم يتخلص منه العديدون إلى اليوم .أيضا البد من التنويه بمسألة ظللت أقولها دوما :القادمون من التجارب المكتوبة في الصحافة انتقلوا بشكل أفضل إلى اإللكتروني من القادمين من المجهول .لكن هل األمر مفاجئ حقا؟ س :يف ظل هذا املشهد امللتبس يعيش اجلسم الصحايف املغربي "املستقل" وضعا قامتا حيث فاحت مؤخرا روائح ملفات فساد صحفية فجرتها تصرحيات مسؤولني وتسريبات كتب Page 3
وقضايا إحتيال ونصب مزعومة ومساومات وتواطؤات صحفيني ..إخل كلها تضرب يف العمق املكون األخالقي واملهين ملهنة املتاعب يف ظل هذا السواد ولعنة الفساد هاته كيف تنظرإىل عملية التطهريحتى تتصاحل الصحافة الورقية مع املواطن واملتلقي بشكل عام ؟ ج :أنا مع التشدد الكامل في هذه المسألة .اليعقل أن تكون صحافيا وأن تمضي يومك بأكمله في مطالبة المجتمع باالبتعاد عن الفساد ،ومطالبة الحكومة بأن تكون معصومة من األخطاء وبمطالبة المسؤولين اآلخرين بأن ينزهوا أنفسهم عن كل شيء وفي الوقت ذاته تجد أنه من العادي أن ترتكب الزالت تلو الزالت ،وأال يقول لك أي شخص وال أي جهة أي شيء .األمر صعب فعال وسيء ،وإذا ماهربنا كل مرة وجهت إلى أحدنا تهم بفساد ما إلى الشعارات الكبرى الكاذبة عن استهداف الصحافة والصحافيين فسنكون جزءا من منظومة فساد ندعي يوميا أننا نحاربها .األفضل هو أن نحترم عمل القضاء المغربي وأن ننتظر أحكامه ،وأن نوجه إلى بعضنا البعض النصيحة باالبتعاد عن المتشابهات فالحالل بين والحرام بين ،ومن يريد االغتناء المشروع عليه أن يقصد مجاال آخر غير الصحافة ألنها ليست مجاال للمجال .من يريد أشياء أخرى فعليه أن يتحمل تبعات هذه األشياء... س :بعالقة مع السؤال السابق هل تنزيل قانون الصحافة القادم قادرعلى احلد من هذه الكولسات واإلنزالقات اخلطرية ؟ ج :البلد مليئ بالقوانين ،يلزمنا ماهو أهم من القانون .تلزمنا القدرة والرغبة واإليمان بأن نطبق القانون. ثم يلزمنا أمر آخر هام وأساسي قلته باستمرار لوزير القطاع في كل اللقاءات التي جمعتنا :يلزمنا االستماع لصوت المهنيين .ال أتخيل شكل هذا القانون الذي التصوغه كل هيئات تحرير المغرب ،وال أتخيل كيف سيكون و 99في المائة من الصحافيين المغاربة اليعلمون عنه إال مايصلهم من نتف وشذرات من هنا ومن هناك إشراك العاملين والمهنيين في النقاش كله ،وليس في بعضه فقط هو الكفيل بإخراج قانون قابل أوال للتطبيق وقادر على االستجابة لكل مانريده لهذ القطاع من أشياء جيدة يستحقها من أجل أن يكون رافعة انتقال أكبر في المجتمع ال أداة نزول أكثر فأكثر إلى حضيض تعبنا منه جميعا، نحن منتسبو هذا الميدان قبل القراء وعموم المتتبعين س :ماخطورة ومعنى أن تكون اليوم مديرجريدة مستقلة "األحداث املغربية" يف هذا املشهد الصحايف القامت وامللغم ؟ ج :معناها أن يكون صراعك اليومي قائما على جعل الجريدة تعكس أحداث المغرب مثلما يقول إسمها، وأن يكون ارتباطها بمايشغل بال المغربية والمغربي ،ال بما يشغل بال هذه الجهة أو تلك .أعترف أننا نحزن حين نرى انشغاالت أخرى تحرك الناس في جرائد أخرى ،ونفهم أن زر الوصل بهاته الجهة أو بتلك هو الذي اشتغل ،لكننا وبقدر الحزن بقدر الفخر أننا نتحرك من تلقاء مصلحة بالدنا أوال وحبنا لهذا المغرب العظيم ،ومن تلقاء هم المهنة وماتفرضه من احترام ألخالقياتها وأبجدياتها واضعين نصب العين واإلحساس واإلدراك شعار الجريدة الجديد "األحداث المغربية :من العقل إلى القلب" القتناع أساسي لدينا Page 4
أن المغربية والمغربي اليوم يحتاجان لمن يقول لهما كالما يدخل ذهنهما ال لمن يبيعهما الوهم والعناوين البراقة المليئة بالكثير من الفراغ. س :احلق يف الوصول إىل املعلومة هذا هوالسؤال الطويل والعريض الذي كان ومازال يؤرق الصحايف واإلعالمي بشكل عام منذ عشرات السنني يف نظركم أستاذ خمتارلغزيوي هل تغريالوضع نسبيا مع تنزيل دستورسنة 0288؟ ج :أعتقد أن معركة هذا الحق ستبقى مطروحة إلى أن يقتنع أصحاب القرار السياسي واالقتصادي أن المعلومة إذ تضحى متداولة بين الناس ومعروفة وسهلة الوصول إليها تعفينا من عوالم اإلشاعات أوال، وتمكن من تدبر أمر جو نقي صاف من الشوائب ،قادر على أن يقنع المغربي أنه يعيش في مجتمع غير خائف من تداول أي معلومة من معلوماته ،وأتصور أن المعركة تستحق الصراع الذي يخاض من أجلها، وأننا سنقنع أنفسنا في الختام بأنه ال يصح إال الصحيح ،وأن المغربي يستحق فعال أن يقرأ كل صفحات مجتمعه ككتاب مفتوح المبرر إطالقا إلخفاء أو تغطية أى صفحة من صفحاته س :التواصل مع الفيسبوك عملية مد وجزر ،أخذ وعطاء ..على املستوى املهين ماذا إستفادت جريدة "األحداث املغربية" من تفاعل الفيسبوك والتويرت ،مثال هل إرتفع عدد قرائها الورقيني وزوارها الرقميني ؟ ج :أنا أحرص بقوة على هذا التفاعل وإن كان يجلب في جزء منه بعض المتاعب الناجمة عن لجوء بعض األسماء المستعارة أو بعض المتضايقين منا أو من الجريدة إلى أساليب سب غير مقبولة ،لكننا مقتنعون أن الزمن هو زمن هذا التواصل االجتماعي ،وهو أمر أتاح لنا بالمقابل ولوجا حقيقيا لشريحة من القراء العالقة لها بالشريحة التقليدية القارئة لألحداث المغربية ،وهو أمر نسعى إلى تعزيزه أكثر وإلى جعله رافدا أساسيا من روافد عالقتنا بالمغربيات والمغاربة س :التطورالتكنولوجي والرقمي أسهم كثريا يف تعدد األسانيد مثل احلواسيب واأللواح الذكية والسمارتفون ،ماذا أعدت مؤسسة اجلريدة على مستوى التكوين وإعادة التكوين لفريق التحريرالذي مازال أغلب أعضائه يستعملون البيك والورق ؟ ج :أكتفي هنا بالقول إن مفاجأة الموقع وطريقة وصوله إلى كل هاته الوسائط التي تحدثت عنها سيجيب عن السؤال .ترقبوا معنا "أحداث.أنفو" في الحواسيب العادية ،وترقبوه في الهواتف الذكية وترقبوه في األلواح المشابهة ،وسنطلب منكم رأيكم منذ اليوم األول إلطالق الموقع في نسخته الجديدة . س :من القلب إىل القلب وأخريالشعاراجلديد من (العقل إىل العقل)هل يعين هذا أن اجلريدة دخلت سن الرشد واإلبتعاد عن مواضيع اإلثارة اجملانية ؟ ج :أتصور دونما مبالغة أن الجريدة الوحيدة التي انطلقت راشدة هي األحداث المغربية إذ استجابت لحاجة كانت موجودة لدى القراء المغاربة سنة إطالقها والدليل هو أنها الجريدة التي حققت نسبة ارتفاع Page 5
واضطراد في أرقام مبيعاتها لم تبلغها أي جريدة مغربية إلى حد اآلن مع احترام كل العناوين التي جاءت بعدنا والتي استوحت أساسا وأوال وآخرا تجربة "األحداث المغربية" .الذي وقع بكل صراحة هو أن قارئ 8991الذي لم تكن عالقته باألنترنيت مثلما هي عليه اآلن وجد في األحداث المغربية مالم توفره له جريدة أخرى حينها ،وأتصور أيضا أن موضوع التربية الجنسية وإخراج مجتمعنا من كبته ومن عالقته الظاهرية الملتبسة بالجنس هو نقاش مجتمعي محترم اليكن أن نلغيه بمجرد االستهزاء منه ألن عدم التعامل السوي معه أساس كثير من المشاكل والجرائم التي نسمع عنها كالتحرش أو اغتصاب الصغار .اليوم نتصور أن قارئ 8991انقرض وأن حديث القلب إليه قد استوفى كل أغراضه لكنه لم ينته ،وعوضه سنغلب حديث العقل بعد أن اكتشفنا في مشهدنا الصحافي أن العاطفة تغلب في اتجاه غير سليم كثيرا. س :بعد أيام قليلة سيحل شهر رمضان األبرك وسوف تشتعل من جديد األسئلة القدمية اجلديدة السطحية والشائكة حول قضايا اإلسالم الراهن عن التسامح والتطرف عن اجلنة والنارواملالئكة والشياطني أوال ماداللة إطالق النسخة اإللكرتونية مع فاتح هذا الشهر ،ثانيا ماهي اإلضافة النوعية اليت ستأتي بها وثالثا ماهي الرسالة اليت تود توجيهها بهذه املناسبة الكرمية خصوصا أنكم تتلقون بني احلني واآلخر بعض املناوشات واملضايقات اإلرهابية بسبب توجه منربكم احلداثي املتفتح ؟ ج :إطالق الموقع في فاتح رمضان قاعدة مغربية أخذناها من تربيتنا في مجتمع يتبرك بأيامه المفترجة والمباركة .نحن أبناء هذا البلد وأبناء هذا الدين ،تربينا في دروب وأزقة مغربنا القديمة ،دلفنا إلى مساجدنا العتيقة ،وحفظنا ماتيسر من قرآن كريم ومن سنة نبوية ومن كل ماله عالقة بدين الرحمة المهدى إلى العالمين ،لذلك ال مشكلة لدينا في قولها بكل قوة وبكل صراخ :نحن نميز بين اإلسالم العظيم، وبين من يوظفون اإلسالم ألغراض سياسوية صغيرة .ديننا فوق الرأس والعين ،وهو تاج على هاماتنا وندافع عن انتسابنا إليه بكل قوة ،وال نقبل أي دروس من أي كان في هذا الموضوع خصوصا وأننا معتزون ومفتخرون بإمارة المؤمنين في المغرب التي تتوج هذا االرتباط المغربي المعتدل والمتسامح والوسطي باإلسالم .بالمقابل لدينا مشكل حقيقي مع من يريدون تشويه صورة ديننا وبث المشهد المؤسف والدامي عنه الذي نراه اليوم في سوريا أو العراق أو غيرها .هؤالء معركتنا معهم فخر لنا ونحتسبها أجرا عن اهلل سبحانه وتعالى ألننا نحفظ اآلية الكريمة "وما أرسلناك إال رحمة للعالمين" ،ونعرف أن المغالين والمتشددين يطبقون عكس هذه اآلية تماما ،ونقولها لهم بالصوت العالي المرتفع :سنبقى شوكة في حلوقكم ،تأكدوا من هذا األمر جيدا . س :رأيكم يف األمساء التالية : ـــ محمد لبريني أستاذ لنا قدم الكثير وهو يرتاح اليوم راحة مستحقة. Page 6
ـــ المهدي المنجرة : رحمه اهلل تعرض لكثير من االستغالل الصغير إلسمه ،وأهم شيء يقال عنه أنه كان عاشقا كبيرا للمغرب ولتمغربيت ـــ مصطفى الخلفي : وزيرنا في القطاع ،زميلنا سابقا الذي يجب عليه أن يتذكر أنه كان إبن هذا القطاع قبل أن يصبح وزيره ـــ عبداهلل البقالي : نقيب الصحافيين المغاربة ،نتمنى له التوفيق في مهمة غير سهلة على اإلطالق . شكرا لكم ومتمنياتنا لكم بمزيد من التألق خدمة لإلعالم المكتوب المغربي .
Page 7
حوارخاص مع األستاذ عبدالرحيم العالم رئيس إحتاد كتاب املغرب حاوره :عبده حقي
خاص تقديم يعيش المشهد الثقافي المغربي حالة بركانية عشية إنعقاد المؤتمر 81التحاد كتاب المغرب والذي يصادف أيضا مرورنصف قرن على تأسيسه وحضوره الوازن في الساحة الثقافية المغربية والعربية حقق فيها اإلتحاد الكثيرمن المكاسب كما أنه أضاع فيها الكثيرمن المكاسب وأخطأ الكثيرمن الفرص بسبب بعض الخالفات واإلختالالت على مستوى المركزوالفروع … ويأتي هذه الحوارالخاص مع األستاذعبدالرحيم العالم أحد أعضاء المكتب المركزي الحالي (الشرسين) غداة إعالنه عن ترشحه لرئاسة فترة الوالية القادمة بعد أن كان قد أعلن في بالغ سابق صادرفي أواخرفبرايرالماضي عن عدم الترشح !! في هذا الحوارنعود مع األستاذعبدالرحيم العالم إلى األسرارالحقيقية وراء هذا القراراألخيروالنبش أيضا بأسئلة أخرى في راهن ومستقبل اإلتحاد في ظل المستجدات السياسية والثقافية والمجتمعية في بالدنا. س .يف تصريح سابق أكدت أنك لن ترتشح مرة أخرى ملنصب رئاسة إحتاد كتاب املغرب مالذي تغريوحفزك من جديد على الرتشح ؟ ج:حفزني وضع االتحاد وغيرتي المتواصلة على هذه المنظمة التي وهبتها أزيد من عشر سنوات من عمري ومن جهدي ،وهذا أمر معروف وال أفتخر به ،وال أنتظر عنه أي جزاء .لكن تجربتي السابقة التي راكمتها في االتحاد ،وخبرتي المتواضعة التي كونتها في تدبير شؤون هذه المنظمة ،فضال عن Page 1
الدعم والتحفيز الكبيرين اللذين مافتئت أتلقاهما من األصدقاء ،بمن فيهم بعض رؤساء االتحاد السابقين وبعض مؤسسيه ورواده وأصدقائه ،كان كفيال بأن يدفعني إلى التراجع عن انسحابي السابق من حلبة الترشح المفتوحة أمام الجميع ،ألعلن عن ترشيحي لرئاسة االتحاد مجددا ،خصوصا وقد شعرت بأن االتحاد مازال في حاجة إلي وإلى خدماتي ،دون أن ننسى أن المؤتمر ،في نهاية األمر ،هو فوق الجميع، وعلينا جميعا أن نحتكم لقراراته. هي إذن عوامل ذاتية وأخرى موضوعية ،فقد وجدت في نفسي أنني مؤهل لقيادة االتحاد مرة أخرى، واإلضافة إلى رصيده الرمزي والنضالي والثقافي ،وخصوصا بعد التجربة السابقة التي قدت فيها االتحاد في أصعب مراحله ومحطاته ،وتمكنت ،رفقة بعض األصدقاء في المكتب التنفيذي ،وحتى من خارجه، مشكورين ،من العبور باتحادنا ،بسالم ،إلى محطته الجديدة والكبرى ،التي هي المؤتمر .لذا ،فمن حقي أن أترشح ،بل ومن واجبي ،كما أن من حق كل من يرى في نفسه أنه مستعد لتحمل المسؤولية بكل تفان وإخالص ونكران ذات ،وأنه سيقدم قيمة مضافة إلى هذه المنظمة ،أن يترشح ،على أن يصب ترشحه في خدمة المنظمة ،وليس لخدمة مصالح ومطامع أخرى ،أو فقط للتالعب بمصير هذا الخيمة الدافئة التي تجمعنا جميعا ،أو العبث بإرثها الثقافي والرمزي. س :جاءت كلمتك (ملاذ أرشح نفسي لرئاسة إحتاد كتاب املغرب؟ ) على صيغة برنامج انتخابي (سياسي⁄ثقايف) وهي سابقة يف تاريخ اإلحتاد كيف كانت ردود الفعل ؟
ج:شكرا لك على سؤالك وعلى اهتمامك الصادقين .لقد حرصت على أن أعلن عن ترشيحي ،وفق صيغة جديدة ،أخبر بها الرأي الثقافي العام ،وخصوصا أعضاء االتحاد والمؤتمرين ،وأعلمهم بأن ترشيحي ليس آت من فراغ ،بل هو نابع من معرفة دقيقة ومباشرة باالتحاد وبانشغاالته األساسية وبمستقبله أيضا ،من هنا حرصت على أن أعلن عن ترشيحي وفق برنامج ثقافي وتنظيمي طموح ،وغير نهائي ،أعلنه أمام الجميع ،مستهدفا من ورائه فتح نقاش مسؤول ومثمر حول منظمتنا وحول مستقبلها، بمعنى أنني أعي جيدا الغاية من ترشيحي ،وأعي ما ينتظرني من مسؤوليات وواجبات تجاه منظمتنا .أنا شخص عملي ،هكذا كنت دائما وسأظل.. هي ،كما تفضلت ،سابقة في تاريخ االتحاد ،وعلينا نحن أيضا أال نتخلف عن المتغيرات التي يعرفها مجتمعنا والعالم من حوله ،أما االرتجال فهو ضد كل عمل جاد ومسؤول ،كما أنه علينا أن نؤمن بمبدأ المسؤولية والمحاسبة .من هنا ،أعلن مسؤوليتي أمام برنامجي ،كما أنني مستعد ألن أحاسب عليه .أظن أن هذا السلوك يعكس ديمقراطية جديدة داخل االتحاد ،وأتمنى أن تشكل هذه المبادرة ،ونحن ندخل اليوم في طور خمسينية جديدة في تاريخ االتحاد ،خطوة أخرى نحو األمل ونحو المستقبل. س :تضمنت كلمتك منطلقات وبرامج ثقافية وتنظيمية طموحة ،ماهي الضمانات الكفيلة بالوفاء بها وحتقيقها خالل الوالية القادمة ؟ Page 2
ج:الضمانات كثيرة ،تتوقف على مدى قدرتي على مواصلة العمل داخل أجهزة االتحاد بنفس اإليقاع ،بل إن السياق العام يفترض إيقاعا أسرع ،في تعاون طبعا مع مكتب تنفيذي أتمناه أكثر حيوية مني وطموحا، كما أتمنى أن يضم أعضاء يؤمنون بنبل العمل الجمعوي ويقدرون أهدافه وغاياته ،وخصوصا عندما يتعلق األمر بالعمل التطوعي داخل أجهزة منظمة ثقافية عريقة ومشهود لها ،تاريخيا ،بموقعها االعتباري والرمزي في المشهد الثقافي الوطني والعربي والدولي. من الضمانات الممكنة أيضا ،المتغيرات الكبرى التي تعرفها بالدنا ،في سياق الحراك االجتماعي العربي ،بما واكب ذلك من إقرار لدستور جديد ،تحتل فيه الثقافة حيزا متميزا ،فضال عن التحول الذي طال برامج أحزابنا الوطنية ،فيما يتعلق بانفتاحها على الثقافة وإيمانها بضرورة إصالح الشأن الثقافي ببالدنا ،عدا أن البرنامج الحكومي كان بدوره طموحا ،من حيث اهتمامه بالثقافة وبإصالحها وتطويرها في بالدنا ،هذه كلها معطيات أخرى موازية ومهمة ،كفيلة بأن تضمن لنا نحن في االتحاد ،مجاال أوسع لالشتغال في مناخ صحي ،بما هو مجال أضحى يولي الثقافة في بالدنا اهتماما كبيرا ومتزايدا ،بعيدا عن أي تشنج أو نفور أو عدمية. من بين الضمانات األخرى ،ما لمست في الوالية الحالية من حرص من الدولة لعدد ومن بعض الجهات الحكومية وبعض المؤسسات ،التي تجمعها باالتحاد عالقة تعاون وشراكة ،على التعاون مع االتحاد، وعلى مواصلة دعمه ودعم أنشطته ،بغاية نهوضه بدوره الثقافي المركزي .هذه كلها عوامل ودوافع، إلى جانب أخرى ،تجعلني أتفاءل بمستقبل منظمتنا ،وبأن البرنامج الذي سطرته لهذه الغاية أراه قابال للتنفيذ ،إذا ما توفرت له النوايا الحسنة ،خصوصا وأنني أومن ،مع ذلك ،بأن العمل داخل االتحاد يجب أن يكون جماعيا وفي إطار تشاركي. س :ماهي توقعاتك لنتائج املؤمتر القادم وكيف تنظر إىل مستقبل اإلحتاد ؟ ج :أتوقعها جيدة ،مادام أن التحضير لمؤتمرنا قد تم أيضا بصورة جيدة ،ولو بإمكانات بشرية قليلة جدا، سيكون مؤتمرا مختلفا عن سابقيه ،وهو كالم ال يتغيا أية دعاية مجانية ،بل ألن مفاجآت هذا المؤتمر ستكون كثيرة ومؤثرة وإيجابية ،سنتوجها باحتفالية باذخة بالذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد كتاب المغرب. لدي شعور بأن اإلخوة المؤتمرين يتشبثون بمنظمتهم ويحترمونها ويقدرون دورها أيما تقدير ،كما أنهم يحرصون على استمراريتها بنفس الشموخ ،وهو أمر كاف لكي يكون المؤتمرون مسؤولين أمام مؤتمره، ولكي يحرصوا على إنجاحه. لقد واكب الصراع دائما مؤتمرات اتحاد كتاب المغرب ،وكان في جله إيجابيا ،وهو أمر عادة ما يخلق حركية وحيوية قبيل المؤتمر وفي إبانه ،هذا أمر طبيعي ووضع صحي ،وعلينا دائما أن نتلقف مثل هذا الصراع ،ولو كان ذا أبعاد شخصية ،في بعده اإليجابي ،وليس السلبي ،لكون ذلك إنما يعكس غيرة الجميع على منظمتهم وعلى مستقبلها الذي أتفاءل به ،وأراه مشرقا ،ومشعا ،ومتنورا .فخمسون سنة من
Page 3
تاريخ االتحاد ،ليس زمنا وإرثا سهال ،لكي نعرضه للتالشي واالندثار .نحن نعلم جميعا أن اتحاد كتاب المغرب أقدم من وزارة الثقافة في بالدنا وفي كثير من البالد العربية ،وهو أمر كاف لكي نحترم فيه شبابه ،حتى ال أقول شيخوخته ووقاره المتجددين. س :أاليفكر اإلحتاد يف إعادة النظر يف قانونه األساسي حتى يتالءم مع التحوالت الثقافية واجملتمعية اليت أفرزتها مستجدات تكنولوجيا املعلوميات واإلتصال ،وخصوصا ما تعلق بظهور الكاتب الرقمي ؟ ج:بالفعل ،عكفت اللجنة التحضيرية للمؤتمر المقبل على مراجعة القانون األساسي لالتحاد ،بالنظر للثغرات والفراغات التي يعرفها القانون الحالي ،على مستوى الهياكل التنظيمية وتحديد المهام ومسطرة الترشيح واالنتخابات والعضوية والتمثيليات داخل األجهزة التنفيذية والمقررة .ومن المعلوم أيضا أن االتحاد كان من المنظمات السباقة إلى االنفتاح على تكنولوجيا المعلوميات واستخدامها في تدبير أموره، وفي ترويج أخباره ومواقفه ونداءاته وأخبار أعضائه وأنشطة الفروع ،بما في ذلك نشره لبعض الكتب الورقية إلكترونيا في موقع االتحاد .ومع ذلك ،فإن بعض المشاكل التنظيمية والهيكلية والمادية التي يعرفها االتحاد ،لم تمكنه بعد من االستغالل المناسب للفورة التكنولوجية التي يعرفها العالم اليوم ،وكلنا ثقة في اتحاد كتاب األنترنيت المغاربة وفي مجلتهم اإللكترونية المتميزة ،وفي ما يقدمان من برامج ،وما يقدمان عليه من خطوات وما ينجزانه من مشاريع في هذا اإلطار ،واتحاد كتاب المغرب سيشرفه كثيرا أن يتعاون مع هذا اإلطار الحيوي والنشيط ،في سياق من التكامل والتبادل البناءين ،ومن شأنه ذلك أن يصب في خدمة ثفافتنا الوطنية وفي توسيع إشعاعها ،بمختلف مكوناتها وروافدها وأسئلتها ونصوصها وقضاياها..
Page 4
حوار مع الشاعرحممد بودويك عضواملكتب املركزي الحتاد كتاب املغرب مكلف باإلعالم يف أفق إنعقاد املؤمتر 81لإلحتاد حاوره :عبده حقـــي
خاص تقديم تستعد الفعاليات الثقافية المغربية لإلحتفاء بالذكرى الفضية الخمسين لتأسيس إتحاد كتاب المغرب ..خمسون سنة من عمراإلتحاد عرف فيها مسارهذا اإلطار الثقافي المغربي العتيد العديد من اإلنجازات على المستوى الوطني والعربي كما عرف فيها أيضا العديد من اإلخفاقات الناتجة اساسا عن صراعات الداخل وإكراهات الخارج . وتتشرف مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة اإللكترونية بأن تفتح هذا الحوار مع الكاتب محمد بودويك عضوالمكتب المركزي ومكلف باإلعالم في اإلتحاد بهدف تـقريب وجهة نظره من ماضي وراهن ومستقبل اإلتحاد في ظل التحوالت الثقافية والسياسية واإلعالمية التي يعيشها المغرب والعالم العربي وكذلك في ظل اإلنقالبات الحاصلة في تعدد أسناد النشروتداعيات ذلك على الوضع اإلعتباري للكاتب المغربي بصفة عامة .
س :بداية السي حممد بودويك نصف قرن بالتحديد إنصرم من عمرإحتاد كتاب املغرب عاش فيها كل أشكال التضييق والصراعات املركزية والفروعية كما عايش زالزل سياسية مغربية وعربية منذ أواسط الستينات إىل اآلن .طبعا لستم راضون عن املكاسب الراهنة ،لكن يف املقابل كيف تقيمون أنصاف املكاسب اليت حتققت ؟ ج :الرضا التام غير وارد ،إذ الرضا عالمة اليقين الموهوم ،واإلنجاز النهائي الكاذب .لكن ،بالمقابل ،توجد قناعة نسبية بأن ما حققه اتحاد كتاب المغرب كاف ليجعلني أقول بأن وجوده المادي واألدبي والرمزي ،شكل اختراقا للبنيات الفكرية اآلسنة ،والمنظورات التقليدية لألشياء والواقع والناس.
Page 1
اشتغل اتحاد الكتاب طيلة عقود بفسيفساء متنوعة من المثقفين العضويين ،من مشارب وقناعات ومباديء إيديولوجية وسياسية مختلفة ،تنتسب إلى حزب االستقالل واالتحاد االشتراكي ومنظمة العمل الديمقراطي (آنذاك) ،وحزب الطليعة، وحزب التقدم واالشتراكية ،وبعض المثقفين المستقلين لكن الذين يحملون السؤال المؤرق التاريخي :كيف نجعل وطننا ينخرط في معترك النهوض والديمقراطية والعدالة االجتماعية ،ويقطع –إلى غير رجعة -مع فلول االستعمار واألوليغارشيا ،والمتنعمين بظل المؤسسات الحاكمة ،و”الكواسج” الجدد. فقد انفتح اتحاد كتاب المغرب على األفق المغاربي والعربي ،وكرس –كما سبق -ثقافة حداثية مست والمست أشكال التعبير المختلفة ،والمقاربات الفكرية المتنوعة -اإلشكاالت ،واألسئلة الرائجة في الحقل الثقافي التي كان ينغل بها المغرب ..في فترات السبعينيات و الثمانينيات ،وصوال إلى التسعينات. وستخرج المنظمة في لحظة أساسية ،من شرنقتها ،وعدم اإلكتفاء بواحدية التوجه العام( :اليساري االشتراكي) إلى سن ثقافة االعتراف بالرموز التاريخية التي ساهمت في إرساء وإذكاء الحركة الثقافية الوطنية ،وفتح الباب في وجه األدباء الشباب الذين عملوا على ضخ دم جديد في ممارسة االتحاد ،وفي نشر إشعاعه ،إذ كانت األصوات الجديدة إغناء الفتا وإثراء عميقا لبنى وأسس وأبعاد اتحاد الكتاب ،وترسيخا لقيم األدب والفكر الجديدين من جهة ثانية ،ثم تكريسا لمهام الحداثة والتحديث.
س :منذ التأسيس واإلحتاد يستمد قوته من استقالليته (النسبية) وعدم مساومته ألية جهة سياسية مقارنة مع إحتادات عربية أخرى ،عماذا سوف تراهنون يف املستقبل ليبقى اإلحتاد وفيا ملبدئ اإلستقاللية ؟ ج :على رغم رئاسة االتحاد ،على التوالي ،من لدن مثقفين مسيسين -ما لم نستثن المؤسس األول المرحوم – محمد عزيز الحبابي الذي لم يكن منتميا -عبد الكريم غالب (حزب االستقالل) – محمد برادة واليابوري ومحمد األشعري وعبد الرفيع جواهري وحسن نجمي (االتحاد االشتراكي) ،وعبد الحميد عقار ،على رغم ذلك ،فإن المكتب المسير (المكتب المركزي) كان يضم جل الحساسيات السياسية الوطنية والتقدمية النشيطة في البالد .ومع توحده في الرؤيا ،والمتكأ اإليديولوجيين ،بما يعني اشتراكه في مباديء وقيم الديمقراطية و الحداثة والتقدمية ،فالشك أنه كان عامل تنويع وتخصيب ودينامية ثقافية وتدبيرية جد معتبرة عبرت عن نفسها ،وترجمت تماسكها وتشوفها على مستوى التيسير ،والتدبير ،وإدارة الثقافي وطنيا وعربيا. تأسس اتحاد كتاب المغرب على االستقاللية والتقدمية والجماهيرية والديمقراطية ،االستقاللية بإزاء التحكم واالستحواذ الحزبين –كائنا ما كان هذا الحزب -وبإزاء النظام الحاكم ،والمؤسسات الممثلة له ،والتي حاولت –في غير مناسبة- اختراقه ،وتفجيره ،وإحالل بيادق تابعة خانعة لفرض وتصريف ثقافة المخزن ،ما يعني زرع ثقافة االستسالم والتواكل والتبعية و”األبراجية” ،والتقليدانية .فهل نجح االتحاد في هذا الرهان؟ يمكن القول بكل اطمئنان :إنه نجح إلى حد بعيد ،إذ ظل خالل عقود عديدة مشاكسا ،ومخلخال للبنيات التقليدية ،ومنافحا عن الديمقراطية والحرية والعدالة االجتماعية ،ومنددا بكل أساليب الحجر ،والتضييق والقمع التي انتهجها النظام وأزالمه في حق مناضالت ومناضلين دفعوا الثمن غاليا من أجل أفكارهم التقدمية ،ومواقفهم المبدئية في الحياة الحرة الكريمة .وكل من يرمي هاته المنظمة العتيدة بتهمة عدم االستقاللية حيال السلطة والمؤسسة الحاكمة ،ال يعدو أن يكون ظالما لها ،ومفتريا عليها ( :إنني ال أنفي حضور التوجيه Page 2
الحزبي في بعض المحطات الدالة ،والفضول “السياسي” المسطح بما يفيد دس األنف في الشأن الثقافي للتحكم في زمام التسيير والبرمجة وصوال إلى اإلقصاء) .وما تلكؤ السلطة في منح اتحاد الكتاب ،صفة المنفعة العمومية ألكثر من ثالثة عقود منذ التأسيس ،إال دليل على استعصاء المنظمة عن التدجين ،والتهجين ،وفشل الحاكمين في اختراقها ،ومن ثم توجيهها ،والتحكم في حاضرها ومستقبلها بما يعني رهن استراتيجيتها الثقافية ،وفق مخطط حكومي رمي في الفترة إياها، بالالشعبي والالديمقراطي. فكيف أراهن على مستقبل المنظمة الثقافية التي هي اتحاد كتاب المغرب ،والحال أن مستقبلها من صنع مثقفيها ومبدعيها، والمنتسبين إلى ميثاقها ،وقوانينها التنظيمية ،واستراتيجيتها الثقافية التي هي خارطة طريق تقود الخطو ،وتيسر البرمجة، واالشتغال المرحلي .نعم ،يمكن الحديث –اآلن -في سياق الحراك االجتماعي –السياسي الجديد ،عن مماشاة التغيير، والفعل في مسار األحداث والوقائع ،والعمل على االرتقاء بالثقافي في ترابط عضوي بالسياسي بالمعنى الشامل والنبيل للسياسي وطرح المماحكات التافهة جانبا ،من أجل تدبير االختالف المشاربي السياسي ،وتنسيبه ،إذا أريد للمنظمة أن تعيد عافيتها ،وتسترد توثبها وعنفوانها وروحها.
س :عرفت أواخرالتسعينات من القرن املاضي إثارة مسألة حتويل منظمة اإلحتاد إىل مجعية ذات النفع العام .ومن أجل تنويرالرأي العام ،أين وصل هذا امللف املطليب اهلام ؟ ثم أال ختشون أن يكون هذا املكسب مبقابل تنازالت هي من رصيد اإلحتاد النضالي ؟ ج :أشرت قبال ،إلى أن هذه الصفة :صفة المنفعة العمومية ،أو النفع العام ،لم يستجب لها من طرف الدولة إال بعد تلكؤ ولأي بعد أن سلخ االتحاد من عمره أزيد من ثالثة عقود ،أما وقد استجيب لالتحاد ،ومنح الصفة التي يفترض أن تخول له “الماء والمرعى” أي إطالق األنشطة الثقافية ،وتصريف برنامجه العام ،وبرامج الفروع والجهات ،فإنها ظلت كتلك العجلة الصدئة التي ال تتحرك رغم التنظيف والتزييت ،فال نفع عام وال يحزنون. علما أن تخصيص ميزانية أو اعتماد مالي لتمويل أنشطة المنظمة –على غرار جمعيات أخرى نالت أكثر مما تستحق -هو حق ثابت من حقوق المنظمات الثقافية الفاعلة ،والحال أن االتحاد فاعل جمعوي قوي ،إذ تعدت فاعليته وحضوره الثقافي الضارب والمركوز ،حدود البالد ،فأضحى يحظى بتقدير واحترام مخصوصين من قبل منظمات واتحادات الكتاب واألدباء العرب. من هنا ،فإن المنظمة تعتاش ثقافيا على منحة وزارة الثقافة ،ومنحة المجلس البلدي ،وهما منحتان ال يمكن ،بحال ،أن تلبيا انتظارات االتحاد ،وتستجيبا لبرامجه وأفقه .وإذا اعتبرنا أن وضع “شقة” ضيقة رهن االتحاد –في والية الشاعر حسن نجمي -إعماال وأجرأة لهذه الصفة ،فنحن نقر بهذه “الصدقة” التي لم تتبعها صدقات ،وهو ما يفرض رفع سقف المطالب من أجل إقرار الصفة ،وخوض أشكال نضالية بغاية تنزيل بنودها. وال مجال العتبار المكسب –إذا تحقق بحذافيره كلها -منة أو صدقة” أو “إحسانا” ،يستوجب –بالمقابل -تلبية طلبات المانح المضمرة ،وإال فإن كل الجمعيات الفاعلة ثقافيا وتربويا ،وحقوقيا ،وكل الجرائد والصحف ،والنقابات واألحزاب السياسية، التي تمنح من طرف الدولة ما به تقيم أودها ،وتفعل ،برامجها وأنشطتها ،تعمل بحسب شروط المانح ،وترفع عقيرتها في غدوها ورواحها -بالتهليل له والمديح ،بحسبان هذا المنطق.
Page 3
س :ماهو تصورك من موقعك كمكلف إعالمي باإلحتاد بعد املؤمترالقادم يف عهد وزيرللثقافة من حزب إشرتاكي يساري ضمن تشكيلة حكومية يرتأسها حزب إسالمي خصوصا ما تعلق حبرية اإلبداع الفين واألدبي ،وهل اإلشارات احلالية من احلزب الذي يرتأس احلكومة مشجعة ؟ ج :في اجتماع لنا مع وزير الثقافة األستاذ الصبيحي ،ما يبعث على التفاؤل والتطمين ،طالما أن الرجل غير غريب على الميدان ،فهو سليل بيت علم ومعرفة ،ومدرك ألهمية الثقافة كمدخل أساس للتنمية ،وبناء إنسان األلفية الثالثة .ومدرك ،بعد ذلك –لحال الثقافة المغربية ،وعدم إيالئها االعتبار المطلوب .لهذا ،فتفاؤلي مسنود .غير أن إشارات ما ،وممارسات معينة ،وكالما يطلق ،أحيانا –على عواهنه -من قبل مسؤولين وأتباع محسوبين على حزب العدالة والتنمية ،تكدر صفاء الصورة المتفائلة التي رسمت قبل حين ،وتغبش األفق المفتوح ،األفق المنتظر .فما نسمعه وما نقرؤه وما يصلنا من لغو بخصوص المهرجانات الفنية السينمائية ،والغنائية .وما دبحه دفتر التحمالت للتلفزيون المغربي ،من بنود لعل فيها ما يصادر حرية البرمجة ،وإطالق المواد الحية والمنشرحة ،كل ذلك أشياء تبعث على الخوف ،ولكن تتطلب منا رفع سقف التصدي واليقظة عاليا.
س :من األسئلة الشائكة القدمية اجلديدة سؤال يتعلق بالعضوية وما أثاره من إنتقادات تضرب أحيانا يف مصداقية اإلنتماء لإلحتاد ،أليس الظرف التارخيي اليوم مواتيا للتفكرييف تعديل شروط العضوية خصوصا يف ظل التحوالت احلاصلة يف واقع النشرالورقي واإللكرتوني ؟ ج :قيل الكثير عن “العضوية” الممنوحة ،وهذا الكثير الذي قيل يدمغ المكتب التنفيذي (المركزي سابقا) ،بالتواطؤ، والمحسوبية ،والزبونية ،واإلخوانية..إلخ .والحال أن العضوية –كما تعلم -ال تصنع كاتبا ،وال تضفي مصداقية نوعية، وقيمة مضافة ،على ما يكتبه الكاتب .فهناك أصدقاء كثيرون لهم قيمتهم االعتبارية ثقافيا –في البالد -من دون أن ينتسبوا إلى المنظمة بطائقيا ،إما ألنهم زاهدون في اللقب الرسمي ،واألضواء ،أو ألنهم يعتقدون –أن الجمعية -أيا كانت – هي قيد رسمي -وحري بالكاتب أن يكون حرا ،وأن كتابته هي ما يرفعه أو يضعه ،ال الجمعية .ومع ذلك ،وبعيدا عن المعيرة :أي بعيدا عن االستناد إلى المعايير ،وأية معايير؟ ،فإن المكتب التنفيذي ،بمعية –أحيانا -أدباء لهم اعتبارهم في المشهد الثقافي العام -هو من يمنح العضوية لهذا ،ويحجبها عن ذاك ،في ضوء تقديرات يصعب توصيفها :إذ يتداخل فيها الذاتي بالموضوعي ،االنطباعي الشخصي ،بالمنهجي الصارم ،الذوق بالثقافة ..إلخ .ولذلك ،ظل منح العضوية مثار نقاش وسجال ،ومحط تهجم وانتقاد ،ونيل من مصداقية المنظمة. صحيح أن الظرفية التاريخية مواتية –اليوم -وسياقها قمين بحملنا جميعا ،على التفكير في تعديل شروط العضوية، و”عقلنة” المعيرة” ولو بشكل نسبي يتغيا الموضوعية واإلجماع ،وعرض الطلب على أكثر من لجنة إذا استشكل األمر، ودب النزاع ،واألخذ والرد. ومن ثمة ،فالحاجة ماسة إلى تعديل القوانين التنظيمية لالتحاد ،بما يتماشى والتحوالت والهبات الثقافية والسياسية واالجتماعية ،من جهة ،وبما يجعل اتحاد كتاب المغرب بعد المؤتمر 81على موعد مع توصيف جديد للكاتب(ة) المغربي. وهذا ما يجعل السؤال المسكوت عنه يتلع الرأس على الشكل التالي : ما المراد باتحاد كتاب المغرب؟ هل هو اتحاد لألدباء واألديبات بحصر المعنى؟ أم اتحاد لكل كاتب(ة) حتى ولو اقتصر على أطروحة دكتوراه في األدب؟ هل من الجائز أن يكون كتاب االقتصاد والعلوم ،أعضاء في االتحاد؟ وهل ينتمون Page 4
بمنطق التسمية ومنطوقها إلى الكتاب واألدباء؟ وأصحاب األطاريح الذين ينتسبون إلى المنظمة اسميا ثم ينطفئون ،ومع ذلك يحسبون على االتحاد؟ إلخ ..إلخ ..فالسؤال يتناسل.
س :الشك يف أن النشراإللكرتوني قد أسهم كثريا يف تفجريطاقات كتاب شباب على اخلصوص غبنهم النشرالورقي ومنهم من تعرضوا لإلقصاء املمنهج يف الفروع ،من وجهة نظرك كيف ميكن لإلحتاد أن خيلق نوعا من املصاحلة الرمزية لرد اإلعتبارهلؤالء ؟ ج :إذا كان النشر اإللكتروني ،أسهم في تفجير طاقات كتاب شباب ظلمهم النشر الورقي بإبعادهم ،وعدم اإللتفات إلى إبداعهم ،فإنه من جهة أخرى ،أسهم في الخلط والخبط ،إذ –بذريعة الحرية ،وعدم المراقبة ،أصبحنا نقرأ “أدبا” مهزوزا، وإبداعا يشكو من أعطاب في البناء واللغة ،والتخييل ،وفكرا (مقاالت) يتسرب من “شقوقها” الشحوب والعي ،واألخطاء، واالضطراب البين .فأنت أمام شاشة الكبميوتر ،تبذل جهدا مضاعفا من حيث متابعة الجيد والجميل والقوي ،واطراح الغث والضعيف والمهزوز. فكيف يستقيم األمر لديك؟ أليس في األمر عنت ومشقة ضنكى؟. فإذا أقصيت هذا الجزء من اهتمامي ،وعدت معك إلى الجانب اآلخر الجميل الذي يكتب وفق مواصفات األدب واإلبداع، فإنني أشاطرك الرأي بأن العديد من الكتاب والمبدعين :قاصين وروائيين ،وشعراء( :ات) ،مورس عليهم إقصاء ممنهج، وإبعاد مقصود ،وتهميش عن سابق إصرار وترصد ،وقع ذلك خالل فترات أعمت فيه الحزبية الضيقة ،والدائرة اإلخوانية، أبصار بعض المسيرين والمدبرين للشأن الثقافي ،فكانوا –يا للمفارقة -باطشين كالمؤسسة المخزنية التي ينتقدونها.
س :من دون شك أن الرصيد الثقايف لإلحتاد يقاس أيضا مبجموع اإلصدارات واملنشورات فضال عن األنشطة الثقافية على مستوى املركز والفروع ؟ ج :نعم ،بيد أن هذا القياس يصبح مشروعا متى ما عرفنا العراقيل واإلكراهات المالية التي يعانيها المكتب المسير ،حيث إن طبع ونشر وإصدار كتب ومجالت باسم االتحاد ،تتطلب ماال كثيرا ،وتتطلب شراكة حقيقية مدعمة و مساندة لمشاريع اتحاد كتاب المغرب .وهو ما يحدث – في غالب األحيان -رغم شح المورد .وال تنس أن االتحاد ينشر موسميا مجلة “آفاق” ،المكلفة وبخاصة في حلتها الجديدة اآلن ،وعدد مستكتبيها ،وكاتبيها. كما يطبع ألعضائه ما يتوصل به منهم ،في أجناس الكتابة المختلفة ،باحثا عن المصدر الممول والمسوق. زد على ذلك ،ما استحدثه االتحاد في والية الشاعر محمد األشعري ،إذ يتعلق األمر بجائزة األدباء الشباب ،التي يعقبها طبع األعمال الفائزة ،ومكافأة أصحابها.
س :تعيش بالدنا حتوالت دميوقراطية رائدة على املستوى العربي لعل من جتلياتها تفعيل مبدأ ربط املسؤولية باحملاسبة إىل أي حد ميكن إعمال هذا املبدأ على مستوى اإلحتاد يف الوالية القادمة ؟ ج :في كل مؤتمر مؤتمر ،يتقدم المكتب التنفيذي بعرض التقريرين :المالي واألدبي ،اللذين يعكسان ،بالمعطيات الرقمية، والبيانات المدعومة بالفواتير والحسابات ،حصيلة عمله بين المؤتمرين ،وهما التقريران اللذان يناقشها المؤتمرون قبل التصويت عليهما بالمصادقة من عدمها.
Page 5
وبالتالي ،فالمحاسبة قائمة وناجزة في تحديد المسؤوليات ،مسؤولية النجاعة في التدبير ،أو التقصير في إدارة الشأن الثقافي والتسيير. وعلى ذلك ،فالميزانية تعرض على لجنة افتحاص متخصصة ومدققة ،تنبثق عن المؤتمرين ومن المؤتمر .وما ثبت أن جهة –من خارج االتحاد -انبرت ممحصة ،أو طالبة دس أنفها في تدبير المكتب التنفيذي لملفاته وبرامجه وأنشطته خالل واليته التسييرية .وهل تعطينا الحكومة ماال وفيرا ،وميزانية يتحلب لها الريق ،حتى تتبعنا باالفتحاص والمراقبة والمساءلة؟ قصارى ما يأتينا من دعم مالي ،باإلضافة إلى بعض المؤسسات العمومية –موسميا وحسب الطلب والحاجة ال يتعدى وزاره الثقافة ،والمجلس البلدي.
س :تعرف جل الدول العربية إنتفاضات وعصيانا ضد أنظمة القمع ومصادرة احلريات ،من موقعك كعضوباملكتب املركزي لإلحتاد ومكلف باإلعالم بكل صراحة ماذا قدم إحتاد كتاب املغرب للربيع املغربي والعربي من مواقف وبيانات ومؤازرة ؟؟ ج :لم يقدم شيئا ذا بال ،بل اتسم موقف االتحاد بالتذبذب والبلبال ،ربما لغموض المساق النضالي لهذه الهبات الجماهيرية، وربما الختالط الحابل بالنابل ،بما يعني ما تحصل من هذه الهبات أو(الثورات) إذ سرقت من لدن الحركات اإلسالمية؛ ما يزيد األفق التباسا وكدرا ،والحاضر –هزهزة ولخبطة -فهل صمت االتحاد إزاء ما جرى ويجري ،وعدم تزكيته ومباركته لحراك 02فبراير ،والثورات التونسية والمصرية واليمينة والليبية والسورية ،تقية أم ترجمة لواقع شتات المكتب ،وانبهام موقفه ،وغبش تصوره حيال الغليان االجتماعي الجماهيري مغربيا وعربيا. أضع السؤال ،وال أنتوي اإلجابة ،ألن اإلجابة اصطفاف وتورط.
س :كلمة أخرية لكل الكاتبات والكتاب املغاربة بهذه املناسبة اخلمسينية ؟ ج :أحيي –ختاما -الكاتبات والكتاب المغاربة قاطبة ،وأدعوهم إلى الكتابة المسؤولة ،واإلبداع المؤسس على قيم الحق والخير والجمال ،مذكرا إياهم بالذكرى الخميسنية التي هي عمر منظمة عتيدة تاريخية اسمها( :اتحاد كتاب المغرب)، (أقول هذا للجديدات والجدد في عالم الكتابة واإلبداع) ،وهي المنظمة التي بصمت عميقا –مسار الثقافة واألدب والفن، ببالدنا ،إذ قيض لها من قاد دفتها في بحر لجي ،وخضم مضطرب ،إلى بر الفكر واألدب بخصوصية مغربية حديثة وحداثية ،انخرطت في سؤال الحاضر والمستقبل ،راجة البركة اآلسنة التقليدية ،والمعيقة للتقدم ،والتطور ،واندمجت –في معترك الصراع السياسي كاشفة وفاضحة -السياسة الالشعبية والالديمقراطية التي أوصلت البالد إلى الطريق المسدود، وطارحة أسئلة حارقة على فوران المرحلة في أن نكون أوال نكون معرفيا وأدبيا وفنيا ،وهو ما يعني تأصيل مغربية الكتابة بتواشج وثيق ومتين مع إبداالت الكتابة والمعرفة مشرقيا وكونيا. إنها ذكرى يستطاب استرجاعها ،من دون اإلقامة فيها ،ألن السؤال اليوم ليس سؤال األمس ،وأدوات البناء في الكتابة والمسرح والتشكيل والسينما والغناء ،غيرها البارحة !
Page 6
حوارمع الروائي والسيناريست املغربي عبداإلله احلمدوشي أجنزاحلوار :عبده حقي
خاص تقديم مامن شك في أن الروائي والسيناريست المغربي عبداإلله الحمدوشي يعتبرمن الرواد الكتاب الذين إنخرطوا في مغامرة الكتابة الروائية في سن شبابي مبكرجدا وذلك بإصداره أواسط الثمانينات لروايته األولى الموسومة ب (الحالم) وهو في مقام ثان أيضا من الروائيين المغاربة القالئل جدا الذين آصروا بين الرواية وكتابة السيناريو الذين حقق فيهما ضيفنا إنجازات عالمية سنتعرف على تفاصيلها في هذا الحوارالخاص . خاص بمجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة اإللكترونية . س :لكل كتابة بدايات ولكل كاتب حلظة والدة إبداعية ،كيف تورط الكاتب املغربي عبداإلله احلمدوشي يف مغامرة الكتابة ؟ ج :البداية كانت عبارة عن حلم برواية صغيرة عنوانها (الحالم) صدرت في أواسط الثمانينيات على نفقتي المتواضعة ،ماأدهشني وورطني في الكتابة هو أن األلفين نسخة من الرواية بيعت تقريبا كاملة في ظرف ستة أشهر واسترجعت نفقتي مع ربح جيد ،الشيء الذي لن يتكرر أبدا في المستقبل س :ماهي املنابرالثقافية الورقية أواإلذاعية أو غريها من الوسائط اليت شجعتك وحفزتك على إختيارهذا الطريق الصعب ؟
Page 1
ج :قبل نشر روايتي األولى جربت نشر بعض القصص القصيرة في الصحف ولكنها لم تنشر ،فقلت لماذا أضيع وقتي في انتظار أن تنشر لي قصة قصيرة ،عوض ذلك بدأت في كتابة الرواية مباشرة فكانت رواية الحالم ،بعدها نشرت بعض القصص القصيرة في جرائد مغربية س ــــ قبل احلديث عن إصدارك الروائي البكر(احلامل) الذي صدرسنة ، 6891هل لك أن تعرفنا على بعض عناوين خمطوطاتك وكتاباتك اليت سبقت رواية (احلامل) إىل الوجود مثال هل جربت كتابة القصة القصرية أوالقصيدة أوغريهما من األجناس السردية القصرية ؟ ج :من البداية اهتممت بالسينما وكتابة السيناريو ،ويمكن القول أن تجاربي كلها كانت في هذا االتجاه ، لم تستهويني كثيرا القصة القصيرة ،لكن في البداية كتبت الشعر ،ليس بهدف نشره ولكن ألتغنى بأول تجربة حب .. س :يبقى اإلصداراألول هوحلم وأقصى غايات كل كاتب مبتدئ كيف أوال عنت لك فكرة املغامرة الروائية يف سن مبكرجدا ؟ ج :كما قلت ،كان النشر صعبا في الصحف ،خصوصا وهي تابعة ألحزاب وال تنشر اال لزبائنها ومريديها أو بتوصيات ،أدرت ظهري لكل هذا وكتبت الروايات وأخذت سلفة لنشرها وبذلك اعتمدت على نفسي ومازلت الى اآلن ،ويمكن القول أن التجربة كانت ناجحة وهاهي رواياتي تترجم الى اللغة االنجليزية وتدرس في عدة جامعات أمريكية س :كيف كان شعورك وأنت تعانق إصدارك األول وماهي األصداء اليت خلفها بني أقرانك من األصدقاء ويف الوسط الثقايف الثمانيين ؟ ج :كان األمر بمثابة كابوس مخيف ،فروايتي األولى لم يقرأها أحد قبل نشرها سواي ،اذ كنت منعزال وبعيدا عن أي تواصل مع الكتاب والمهتمين ،لكن دهشتي كانت عظيمة اذ كتب عنها في ذلك الوقت في مجلة ' العربي' الشهيرة ،رفقة الكاتب محمد زفاف وبلمليح ،حيث صدرت لنا أعمال في نفس السنة ، وكان المقال عن روايتي جد مشجع س :لألمكنة سحرها وللفضاءات تأثريها يف املعماراملكاني لكل رواية هل كان ملدينة مكناس وحارتها العتيقة حظها األوفريف رواية احلامل ؟ ج :روايتي التسليم التي لم تأخذ لسوء حظها مكانة مرموقة في الرواية المغربية والتي أعتبرها أحسن ماكتبت ،هي رواية عن مدينة مكناس واحتفاء بالمدينة القديمة وأولياء مكناس وأنوي أن أعيد نشر هذه الرواية التي كتبتها في أواسط التسعينيات ولم توزع اال بأعداد قليلة س :بعد رواية(احلامل )واصلت بكل إصرارومشاكسة الكتابة الروائية فأصدرت بعدها "بيت الريح" ثم (التسليم)كيف حدث هذا اإلنعطاف يف مسارك من الرواية إىل التجريب يف كتابة Page 2
السيناريو؟ وهل كان( الباب األوتوماتيكي) هوأول سيناريوكتبته ؟ ج :تجربتي الروائية صارت جنبا الى جنب مع تجربتي في كتابة السيناريو ،فيلم الباب األتوماتيكي ترك صدى كبيرا في حينه واعتبر نموذجا لمايجب أن تكون عليه األفالم المغربية ،هذا برغم ضعف االمكانيات وخضوع التلفزة أنذاك الى رقابة الداخلية التي غير النهاية ،أما أول أفالمي فكان بعنوان بيت الريح س :كتابة السيناريو حتيل مباشرة إىل الفيلم التلفزي أوالسينمائي ،كيف إستهوتك السينما بعواملها التقنية واملركبة لولوج مغامرة كتابة الرواية البوليسية بتعاون مع كاتب متخصص هوامليلودي احلمدوشي ،هل هي لعبة األمساء أم غواية الكتبة فقط ؟ ج :لعبة األسماء ،لكن بعد سنوات الرصاص وصدور الكثير من الكتب حولها من طرف معتقلين سياسيين حكوا عن تجربتهم وماتعرضوا له من تعذيب ..كان المغرب يطمح الى دخول عهد التناوب ، ففكرت أننا في حاجة الى نوع أدبي جديد ،وكانت الرواية البوليسية ألن أسلوبها قريب من أسلوب روايات االعتقال ،لكن الفرق هو أنني أردت أن أكتب عن بوليسي المستقبل الذي ينزع االعترافات بالمنطق وليس بالعنف ،وطبعا هذه الروايات ،تنطوي على دور توعوي وتربوي ينشر الفكر المنطقي والوعي بالحقوق س :لكل جنس سردي خمتربه اخلاص من أين يستقي الروائي والسيناريست عبد اإلله احلمدوشي مستحضراته اإلبداعية للكتابة الروائية والسيناريو؟ ج :من القراءة أوال ومن السينما ثانيا ،ومن التفاصيل الصغيرة لليومي التي تحفل به قضايا الناس في الصحافة المغربية ،أقتات على هذه األشياء ولكن انطالقا من رؤيتي الخاصة لنفسي وللواقع وللعالم ، وأطمح ألكون مشوقا ومثيرا لفضول القاريء أو المتفرج ،كما أنني أعتبر أن الكثير من المجاالت الثقافية في المغرب مازالت عذراء ،فالمغرب لم يكتب بعد روائيا ولم يصور بعد سينمائيا س :متت ترمجة روايتيك األخريتني (الرهان) و(املستنزفون) إىل األجنليزية من طرف جواتان مسولن وهو أستاذا لآلداب املقارن جبامعة دارمتوت األمريكية ،هل حققت الرتمجة غايتها ووفاءها للروايتني األصليتني معا ثم هل هذه الرتمجة مؤشر واضح على أن عبداإلله احلمدوشي قد المس سقف العاملية مثل حممد شكري وحممد زفزاف وليلى أبوزيد وغريهم ؟ ج :هناك رواية الذبابة البيضاء أيضا قد تمت ترجمتها وستصدر في غضون الخريف المقبل في أمريكا ..والواقع أنني لم أحس بنفسي كاتبا اال بعد أن ترجمت الى االنجليزية وصدرت رواياتي في طبعات فاخرة وكتب عنها في صحف عالمية ..ال أكتب اآلن اال ألكون مترجما الى لغات أخرى ألن القراءة ماتت في المغرب والوطن العربي
Page 3
س :ماذا يشكل بالنسبة لك فوز فيلم "خلف األبواب " الذي كتبت له السيناريو وحازعلى جائزة أحسن سيناريو يف مهرجان كاليفورنيا العاملي ؟ ج :أفتخر كثيرا بهذه الجائزة ألن حجم األفالم األخرى المشاركة كان كبيرا والمنافسة قوية ونحن الممثلين الوحيدين للعرب وافريقيا في هذا المهرجان ،وكان فوزي بجائزة السيناريو اعترافا عالميا قويا ،الشيء الذي لم يحصل في المغرب س :هل قدرالكتاب والفنانني املغاربة أن ينتظروا دائما اإلعرتاف بهم من اخلارج حتى ينصفهم وطنهم يف الداخل فيما بعد ؟ ج :مع األسف الفساد يعم الميدان الثقافي والفني في المغرب والطفيليون والمثقفون والكتاب الوهميون هم من يتصدرون الكراسي العالية والمنصات س :الأحد ينكرأن هناك دينامية سينمائية على مستوى املهرجانات من طنجة إىل الداخلة جنوبا ويف املقابل هناك عوز يف اإلنتاج السينمائي والنقدي مع تزايد إغالق القاعات العريقة خصوصا اليت خلفها اإلستعمارالفرنسي فمثال مبدينة مكناس اليت ننحدرمنها معا مت إغالق جل القاعات وبعضها حتول إىل مقاهي هذا فضال عن آفة القرصنة وأنتشاراإلنرتنت كيف تنظرإىل مستقبل السينما املغربية من خالل هذه الشاشة السوداء احلالية ؟ ج :ان بقي األمر على حاله ستموت السينما المغربية وهي لم تولد بعد ،المشكل ليس في القاعات ولكن في األفالم الشاردة والركيكة والبعيدة عن هموم الناس والخالية من الرؤية الفنية واللمسة السحرية ... س :على ذكراإلنرتنت كيف تنظرإىل جتربة النشراإللكرتوني والصحافة الرقمية بشكل خاص وهل بدأ عصرأفول الورق ؟ ج :سينتهي قريبا عصر الورق ،لكن الكتابة الجيدة واالبداع األصيل سيبقى دائما حيا ومتواجدا وسيزدهر أكثر مع الوسائط الجديدة
Page 4
حوارمع الدكتورعبدالسالم املُساوي املدير الفين األسبق للمهرجان الوطين للفيلم الرتبوي أجراه :عبد حقي
خاص تقديم إستطاع المهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس أن يرسخ تقليدا سينمائيا وطنيا يحتفي كل سنة باإلبداع السينمائي في بعده وقيمه الفنية والتربوية .ولم تكن لتتحقق له هذه اإلستمرارية وهذا الحضوروالصيت الوازن داخل الوطن وخارجه لوالتظافروإيمان األطقم والجهات الساهرة عليه بجدواه في اإلرتقاء بالفيلم التربوي إلى المستوى الذي يليق به في المشهد السينمائي المغربي ككل .
Page 1
وقد تأسس المهرجان سنة 1002من طرف جمعية اإلبداع وللسينما والمسرح بفاس وبعد دورته الثانية تبنته األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس بولمان التي أسهمت كثيرا في إشعاعه وتطويرفعالياته تدريجيا من اإلطار اإلقليمي إلى اإلطار الجهوي ثم إلى اإلطار الوطني . في هذا الحوار الخاص نعود مع الدكتورعبدالسالم المساوي المديرالفني األسبق للمهرجان إلى تقييم شامل لتجربته في اإلدارة الفنية التي ناهزت ثماني سنوات وعن أسباب إستقالته من مهامه . س :بداية نود أن نعرف الدواعي احلقيقية الستقالتكم من اإلدارة الفنية للمهرجان الوطين للفيلم الرتبوي وهو يف قمة النضج !؟ ج:أنا لم اقدم استقالتي من اإلدارة الفنية للمهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس ،وإنما ـ إذا أردنا التدقيق ـ انتهت مهامي اإلدارية كرئيس للمركز الجهوي للتوثيق والتنشيط واإلنتاج التربوي إثر نجاحي في مباراة للتعليم العالي في العام الماضي ،وضمن هذه المهام المتعددة كنت أشرف على اإلدارة الفنية لهذا المهرجان الذي ربيته صغيرا بعد أن استلمته في األقماط من جمعية فضاء اإلبداع للسينما والمسرح في أواسط سنة ،1002وتعهدته بالرعاية بمساعدة رئيس الجمعية المذكورة وأطر تربوية طوال ثمان سنوات إلى أن شب عن الطوق ..صحيح كانت هناك محاولة من األكاديمية إلقناعي باالستمرار في المساهمة في تنظيمه حتى بعد استالمي مهامي الجديدة ،ولكن الصيغة المقترحة لم تكن تناسبني وأنا الحريص على االطراد في تطور دوراته ..إذ طلب مني أن أكون مجرد عضو داخل لجنة التنظيم..
س:
طيب لنعد عقودا إىل الوراء رمبا واكبت زخم ظاهرة النوادي السينمائية (سيين
كلوب) يف سبعينيات ومثانينيات القرن املاضي يف كل ربوع اململكة أقصد املدن الكربى الرباط والدارالبيضاء وفاس ومكناس ..إخل اليت استطاعت أن ختلق هلا مجهورها النوعي ..هل يف رأيك إختالف السياق التارخيي وتعدد الوسائط وفائضها إن مل نقل التخمة يف الصورة اليوم هو السبب يف تراجع التفاعل السينمائي ؟
Page 2
ج :كان إلحداث األندية السينمائية المغربية خالل سنوات السبعينات أثر محمود في إشاعة أجواء الثقافة الفنية والتنويرية التي تطلبتها تلك المرحلة ،من أجل إخراج المجتمع المغربي من الركود الثقافي المهيمن ،ومن التقليد الذي كان يكبل األفكار والطموح إلى الرغبة في التحرر واالنعتاق من روح الجمود التي فرضتها العقليات التقليدية المتحكمة في دواليب السياسة والثقافة والمجتمع .ولئن كان الهاجس اإليديولوجي هو المحرك لدينامية تلك األندية اعتبارا لألولويات والحاجات التي فرضتها الظروف االجتماعية ،فإن آثارها الفنية أتت أكلها من زاويتين :إشاعة الثقافة السينمائية ،وإن طغى في تلك المرحلة مبدأ تغليب مضامين األفالم على حساب ثقافة الصورة والتقنيات الجمالية ،نظرا للهاجس اإليديولوجي المهيمن ،والحفز على إنجاز أفالم سينمائية مغربية ،ودخول تجربة اإلنتاج من قِبَل الهواة. لقد ساهمت األندية في التأطير والتوجيه عبر اختيار األفالم ومناقشتها دفعا للتلقي السلبي الذي كان يغلب عليه النهم الفرجوي ،واستفدنا نحن كتالميذ في الثانوي في تلك المرحلة من هذه األندية والمشرفين عليها وكان غالبيتهم من أساتذتنا .نفس هذه األندية كانت سببا في تحول عدد من المشرفين عليها إلى مخرجين سينمائيين وكتاب سيناريو ونقاد. من هنا يتأكد الدور األساسي لهذه النوادي التي أدت إلى تشكل إرهاصات فضاء سمعي بصري وطني ،وهو النموذج الذي أرادت المدرسة المغربية أن تتمثله الحقا بإعطاء النوادي التربوية والفنية والثقافية أهمية قصوى في االضطالع باألنشطة المندمجة والموازية في المسار التكويني للتلميذ وتلكم كانت أحد شواغل المهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس الذي تشرفت بإدارته الفنية. وبالعودة إلى سؤالك :فأنا ال اجد تراجعا في التفاعل السينمائي ،ودليلي على ذلك وجود حركة موارة في تنظيم المهرجانات والملتقيات التواصلية حول السينما (قد يكون المغرب أول دولة عربية من حيث عدد المهرجانات والملتقيات) ..وهي مناسبات لعرض األفالم ومناقشتها وتقديم دروس في السينما. تعدد الوسائط أيضا ساهم ويساهم في العرض المطرد لألفالم السينمائية ومشاهدتها في أي وقت ،ثم إن
Page 3
إغالق القاعات السينمائية هو أمر طبيعي في سياقنا االقتصادي واالجتماعي والثقافي وعلى الدوائر المسؤولة أن تفكر في صيغ أخرى ،وتلك ظاهرة عالمية وليست مغربية فقط ،وال شك أن بعض هذه البدائل يتمثل في تشييد مركبات سياحية تدخل السينما في صميم اهتمامها. س :كان ومازال من بني أهداف املهرجان الوطين للفيلم الرتبوي ترسيخ ثقافة سينمائية يف الوسط التعليمي لكن املالحظ أن إشعاع املهرجان اليتعدى أيامه الثالثة املعدودة يف السنة ؟ ج:األيام الثالثة للمهرجان ما هي إال تتويج لمجهود سنوي متعدد ..إذ نجمع في هذه األيام عددا ال يستهان به من نساء ورجال التربية المهتمين وتالميذ وسينمائيين ومبدعين للوقوف على حصاد السنة من المنتوج الفيلمي الذي اجتهدت األندية التربوية والسينمائية التابعة للمؤسسات التعليمية في مختلف ربوع الوطن في إنجازها .كما يتضمن برنامج أيام المهرجان ندوة وطنية نفرد موضوعها كل سنة لمحور أساس حول التربية والسينما (الطفولة والسينما ،الفيلم التربوي دعامة للسلوك المدني ،السينما التربوية ومدرسة االحترام .....إلخ) عالوة على أوراش تكوينية وموائد مستديرة تستحضر االنشغال البيداغوجي فيما هي تالمس خصوصيات الخطاب السينمائي ..في تلك األيام الثالثة أيضا نفرد لثقافة االعتراف حيزاً إنسانيا ضروريا يستحضر مجهودات الرواد في حقلي التربية والسينما ،ويكفي استحضار هذه األسماء التي كرمت خالل السنوات التي أشرفت فيها على تنظيم المهرجان (عبد الرزاق غازي فخر وهذا قيدوم األندية السينمائية ورجل تربية ،ونعيمة المشرقي ،وحسن الصقلي ،ومديرة الثانوي المعروفة خديجة العلوي قبي ،ومحمد التسولي وعبد القادر مطاع وحمادي التونسي .)...في تلك األيام الثالثة كانت تداهمني دموع الفرح والتأثر وأنا أرى توالي صعود التالميذ إلى الخشبة إلى جوار أساتذتهم ومؤطريهم وهم يقدمون أفالمهم الصغيرة والجميلة ،في خطوات أعتبر إيقاعها مؤشراً على طموح سيحقق الكثير لهذا البلد مستقبال ..وحتى ال أزايد فالمهرجان ال يستهدف باألساس تكوين سينمائيي المستقبل (وإن كان
Page 4
يطمح إلى ذلك) بل يستهدف تنويع طرائق ووسائل التربية المفيدة. قلت :ال يتحدد عمر المهرجان في ثالثة أيام بل هو مجهودات كثيرة تتوزع على شهور السنة التعليمية في فضاءات تربوية وثقافية متعددة ..حيث يقف التالميذ والتلميذات أمام الكاميرا ليقدموا أدوارا في أفالم فتية تبغي معالجة ظواهر تربوية سائدة أو تطمح لتقديم العالمات المضيئة والقدوة الحسنة للتالميذ ولألساتذة على حد سواء .كما أن المهرجان يستمر بعد انتهاء المهرجان !! من خالل توزيع األفالم الفائزة في المسابقة الرسمية وباقي األفالم األخرى التي تحققت لها الجودة الفنية والفكرية على األندية والجمعيات التي ترغب في عرضها ضمن أنشطتها التربوية والثقافية .وكنت أيضا ال أتردد في نسخها وتقديمها لبعض اآلباء واألمهات الذين يرغبون في عرضها لفائدة أطفالهم بالبيوت.
س:
حاول املهرجان من خالل شعاراته (مدرسة النجاح ـ مدرسة اإلحرتام ..إخل) اإلرتقاء
باألهداف اإلجرائية البيداغوجية اليت تسطرها الوزارة الوصية إىل أي حد حتقق هذا التكامل ؟ ج:يدرك الكثيرون أن الشعارات المرفوعة بمناسبة تنظيم أنشطة هي بالدرجة األولى إعالن عن حسن الغرض والنية ،وتأكيد لألهداف التي يريد ذلك النشاط تحقيقها على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد. وشعارات "مدرسة االحترام" ـ على سبيل المثل ـ هو شعار دائم بدوام العملية التربوية ،ألن تحقيق مدرسة االحترام في نهاية المطاف هو تحقيق للنجاح المدرسي الذي دوخ األمم على امتداد التاريخ ..من هنا كان المهرجان دائما يراهن من خالل المسابقة الرسمية لألفالم التربوية على موضوعات األفالم حيث يتم التنصيص في شروطها على مالمح األفكار التربوية التي ينبغي أن تؤطر األفالم القصيرة، حتى تصبح هذه األفالم مسهمة في تحقيق األهداف النوعية في مناسبات عرضها على التالميذ .وأغتنم هذه الفرصة ألقترح على المشتغلين بالتنشيط التربوي والتكوين أن يطلبوا هذه األفالم
ـ وخاصة منها
الفائزة بجوائز المهرجان ـ من إدارة أكاديمية فاس بولمان الستثمارها في مختلف المناسبات ،فهي مواد
Page 5
مناسبة لخلق نقاش بيداغوجي حول قضايا تربوية متعددة ،ويحسن عرضها في المؤسسات التعليمية ودور الشباب ومراكز تكوين األساتذة (المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين). س :تتكون جلان التحكيم عادة من فعاليات وازنة يف احلقول الرتبوية والفنية واإلعالمية فيما تغيب وجهة نظر الفئة املستهدفة من املتعلمني يف جلان التحكيم ما السبب ؟ ج:تعودنا في كل دورة أن نوجه الدعوة إلى خبراء في السينما والتربية والثقافة لالضطالع باختيار األفالم الجيدة التي ينبغي أن تحظى باهتمام المهرجان وجوائزه ،إال أنني أجد أن سؤالك يشير إلى غياب تالميذ عن لجان التحكيم ..وأنا أزكي إشارتك هاته ،وأعلن بأن حضور تلميذ أو تلميذة مع أعضاء اللجنة سيكون مفيداً ..خصوصا وأن الكبار ال يستطيعون دائما أن ينوبوا عن األطفال في اختياراتهم ..لذلك أوجه سؤالك ـ اقتراحك للمنظمين سواء بفاس أو بباقي المدن لتوجيه الدعوة لعينة من األطفال يرون فائدة في حضورهم إلى جوار الكبار في لجان التحكيم.
س:
إىل أي حد إستطاعت األوراش املنظمة على هامش املهرجانات اإلرتقاء جبودة اإلبداع
السينمائي يف الفيلم الرتبوي؟ ج :من يقارن بين األفالم المشاركة في الدورات األربع األولى واألفالم التي شاركت بها األندية بدءاً من الدورة السادسة إلى اليوم سيالحظ الفرق الكبير الذي مسَ هذا المنتوج الفتيّ من حيث الجودة في التقنيات وفي فكرة األفالم ومضمونها .لقد كان لتوالي دورات المهرجان ولألوراش المتنوعة التي عرفتها فقراته وركزت على مهن السينما (السيناريو ،التصوير ،اإلخراج )......الدور المؤكد في نشر الوعي بأساسيات الخطاب السينمائي ومكوناته؛ زد على ذلك تنصيص أدبيات المهرجان على ضرورة االستفادة من
Page 6
المحترفين عند إنجاز هذه األفالم ..وقد شارك في هذه األوراش التكوينية خبراء مغاربة ودوليون من مخرجين وتقنيين ..وكان طموحنا أن تتوطد العالقة مع المركز السينمائي المغربي الذي نشكر تفاعله مع هذا المهرجان ،ومع بعض مدارس السينما في المغرب ليأخذ مجال التكوين دوره ..وعلى المشرفين الجدد على مهرجان فاس أن يفكروا في آليات تطويره ..لقد تركناه في عهدتهم بعد أن حقق انتشاراً وطنياً ،بل وهناك مخرجون عرب أبدوا الرغبة في حضوره وعرض أفالمهم فيه ،وعليهم أن يتولوا بعض الثغرات للدفع به إلى األفق المنشود. س :دأب املهرجان على تكريم فنانني مشهورين مثل نعيمة املشرقي وعبداهلادي بلخياط ومحادي التونسي وحسن الصقلي وغريهم فيما غاب عن اإلدارة الفنية تكريم الرواد األموات مثل حممد عصفور والعربي الدغمي وحسن املفيت وغريهم ملاذا ؟ ج:إكرام الميّت دفنه !! إن أي تكريم ينبغي أن يشمل األحياء حتى يحسوا بمثل هذه االلتفاتات ..لقد كرمنا حسن الصقلي وكان سعيدا بذلك ،ورحل في ما بعد فحمدنا اهلل على مبادرتنا ..طبعا هذا ال يمنع من تكريم الراحلين الذين أخلصوا لعملهم ولفنهم ،ولكن بأشكال الئقة من خالل االهتمام بمنتوجهم والتعريف به ،ومن خالل إطالق أسمائهم على الشوارع والمؤسسات اعترافاً بإسهاماتهم الفنية والتربوية..
س
:راهنت إدارة املهرجان على البعد الدولي منذ الدورة العاشرة لكن الشيء حتقق من
هذا الرهان منذ الدورتني السابقتني؛ هل يعود السبب حلجم اإلمكانيات أم لغرور حلظي !؟ ج:هل حققنا الجودة في ما هو محلي وطني حتى نفكر في ما هو أبعد من ذلك؟؟ من كان يتحدث عن
Page 7
تحويل المهرجان من اإلطار الوطني إلى الدولي؟؟ متحمسون رسميون يلقون كلماتهم في منصة االفتتاح أو االختتام !! هؤالء لم يكونوا يكتوون بمعاناة التنظيم وال يعرفون واقع الحال ..هؤالء لم يكونوا يطوفون على (اللي يسوا واللي ما يسواش) بحثاً عن دعم لنفقات المهرجان (جوائز ،إيواء ،تغذية ،طبع وثائق ،).....،والبد هنا من أتوجه بكل عبارات الشكر واالمتنان لعدد من شركاء المهرجان الذين ظلوا يقدمون له الدعم ووثقوا في أهدافه وغاياته ،فبهؤالء ضمن المهرجان استمراره .فبفضل جهود هؤالء وأولئك تمكنت أكاديمية فاس وجمعية فضاء اإلبداع من مراكمة هذا العدد من الدورات وفي شروط تنظيمية جيدة رغم بساطة نفقات المهرجان .والبد أيضا في هذا السياق من توجيه الشكر إلى السيد حسن أمزيل المدير السابق لألكاديمية الذي تفاعل بشكل إيجابي جدا مع تبني هذه التظاهرة وهي ما زالت في طور البدايات لما عرضت عليه الفكرة ،بعد أن زارني السيد محمد فراح العوان صاحب هذه المبادرة طالباً الرعاية الجهوية لملتقاه الذي كان قد نظم منه دورتين إقليميتين على عهد الراحل محمد فجاج نائب نيابة المدينة سابقا .بل ما يدعو لشكر السيد أمزيل هو أنه كان يطوف معي على الداعمين وكان جد متحمس إلنجاح هذه التظاهرة التربوية الهامة .البد أيضا من شكر النجمة نعيمة المشرقي التي شجعتني شخصيا على متابعة إدارة هذا المهرجان وقدمت لي دعما معنويا كبيرا ،ونفس الشكر أتوجه به إلى كل من عمر بلخمار وأحمد سيجلماسي وحمادي كيروم وعبد اإلله الجوهري وثريا ماجدولين ،فهؤالء رعوا المهرجان منذ كان صغيراً .ووجدت فيهم أنا وزميلي محمد فراح العوان كل الدعم والمؤازرة .فيما يخص البعد الدولي ،أنا شخصيا لم أكن متحمسا له ألنني كنت أريده أن يبقى تظاهرة مدرسية تعنى بخصوصية المدرسة المغربية محققة لألهداف المرسومة ،وكنت أخاف أن يتسبب البعد الدولي في تحييد األبعاد البيداغوجية التي هي أساس فكرة هذه التظاهرة ،هذا عالوة على شح الموارد المالية التي من الممكن أن تخلف موعدها مع مهرجان بمواصفات دولية. س :يف حصيلة إدارتكم الفنية ما الذي مل يتحقق ويدعوكم للحسرة ؟
Page 8
ج:ال شيء يدعوني للحسرة بل على العكس من ذلك كل شيء يدعوني لالبتهاج ،لقد تحقق جزء كبير مما كنت أطمح إليه ،لقد عانيت الشيء الكثير في اإلعداد والتنظيم ،ولكن النتائج الباهرة كانت دائما تنسيني في المتاعب .لقد استطعنا كأكاديمية وجمعية وشركاء أن نصل بالمهرجان إلى هذه الحلة الموفقة، وغدا قدوة لكثير من المهتمين بالسينما التربوية على مستوى المغرب كله ..الحظ أن أكاديميات جهوية للتربية والتكوين سارت على منوالنا (الدار البيضاء الكبرى ـ مكناس تافياللت ـ مراكش الحوز تانسيفت ـ الجهة الشرقية.).... س :اآلن ومبناسبة الدورة احلادية عشرة ،كيف تنظرإىل جتربتك من خارج املسؤولية ؟ ج:ما يدعوني لالطمئنان هو استمرار تنظيم المهرجان ،صحيح لقد غبت عن الدورة الحادية عشرة ألسباب مهنية كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ،لكن تولي األستاذ محمد فراح العوان رئيس الجمعية لإلدارة الفنية ساهم في ضمان استمرارية المهرجان ،باإلضافة إلى المجهود المشكور الذي يقدمه طاقم جيد من أطر وموظفي األكاديمية ،ومرت الدورة في ظروف حسنة حسب األصداء التي كانت تصلني .وهذا يدل على أن عملنا كان مؤسساً على أرضية صلبة وبرغبة مواطنة في تحقيق األهداف البيداغوجية المنشودة.
Page 9
حوارمع الكاتب عبده حقي مدير جملة احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة :إلتقاه بالرباط الطاهر الطويل
ننحاز لصوت المثقف العربي الحداثي ولقيم الحوار الديمقراطي الرباط ـ ‘القدس العربي’ ـ من الطاهر الطويل :منذ أربع سنوات ،يدير الكاتب المغربي عبده حقي موقعا إلكترونيا ثقافيا تحت اسم ‘مجلة اتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة’ ،بمهنية واقتدار عاليين ،لدرجة استطاع هذا الموقع أن ينحت حضورا وازنا في اإلعالم الثقافي بالمغرب وبالوطن العربي ككل؛ السيما وأن الموقع ـ باإلضافة إلى مواده اإلبداعية ودراساته النقدية ومواكباته اإلعالمية ـ يفتح من حين آلخر ملفات للنقاش ،من بينها ملف حول التوثيق األدبي للثورات العربية ،وآخر حول الدخول الثقافي في ظل الحراك السياسي العربي ،وثالث عن أنتولوجيا الشعر المغربي في العشرية ( 0222و ،)0202ورابع حول الكاتبات العربيات ورهانات اإلنترنت. حول رهانات هذا الموقع وأدواره الثقافية كان لـ’القدس العربي’ هذا الحوار مع مديره األديب عبده حقي: س :كيف انبثقت فكرة تأسيس موقع احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة ج :فكرة تأسيس الموقع جاءت غداة تمتيعي بعضوية اتحاد كتاب اإلنترنت العرب ضمن قائمة سنة ،0222وقد تزامن ذلك مع مبادرات إنشاء فروع لالتحاد ببعض الدول العربية كاألردن ومصر وسوريا ،وكان من المفترض أن نؤسس نحن أيضا في المغرب فرعا يضم مجموع األعضاء المنتمين لالتحاد المركزي ،وهكذا تعددت المبادرات والمحاوالت والنوايا؛ لكن مع األسف كلها آلت إلى الفشل ألسباب تتعلق تارة بتدافع أو بتضارب بعض األعضاء ،وتارة أخرى ألسباب تقنية ولوجيستية وتنظيمية… من هنا ،نشأت الفكرة وقلت لماذا النتجاوز إكراهات الواقع واالرتقاء إلى فضاء افتراضي يعفينا من متاعب التدافع بالمناكب وتالطم اآلراء ،وهكذا كانت فكرة إطالق موقع اتحاد افتراضي في Page 1
الثامن من تشرين األول (أكتوبر) 0222بعد استشارة مع رئيس إتحاد كتاب اإلنترنت العرب وقتئذ الدكتور محمد سناجلة الذي تفهم كثيرا أهداف هذا المطلب ،وشجعني بكثير من الدعم الرمزي والمعنوي عبر رسائله اإللكترونية. من دون شك ،إن إطالق بالون الموقع في الفضاء االفتراضي وبذلك االسم االتحادي وبالشعار الهادف الذي رفعناه ،كان الحدث الثقافي األبرز أواخر سنة 0222خصوصا أن العديد من األسئلة الملحة و(الفضولية) قد أثيرت حول صانع هذه (القنبلة) الثقافية وليس أسئلة حول دورها المستقبلي في تحريك المشهد الثقافي بالمغرب الذي كانت تهيمن عليه بعض المؤسسات الثقافية العتيدة والراسخة وتسيطر على ذهنية مثقفيه ديكتاتورية النشر الورقي حيث كان االنتظار في قاعة طبيب أسنان أهون من انتظار نشر مادة أدبية في ملحق من المالحق الثقافية… واليوم بعد مرور أربع سنوات ونصف على إطالق هذا اإلتحاد االفتراضي في فضاء الرقمية حدثت انقالبات ال تحصى في جميع المجاالت المتعلقة بالنشر والثقافة غيرت الكثير من تصوراتنا ويقينياتنا التقليدية ،إلى درجة أن الحديث اليوم عن االتحادات والمنظمات القطرية صار ضربا من الوهم في معمعان عولمة ال حدود لفضائها الشبكي الذي ألغى ـ في كثير من المواقف ـ ضرورة دمغة تأشيرة الحدود الجغرافية. س :كيف كانت ردود الفعل؟ وكيف تفاعل األدباء واملثقفون مع هذه املبادرة؟ ج :يجب بداية أن أذكر بأن السياق كان مختلفا عما هو عليه اليوم ،وهذا يعني أن التطور في مجال تكنولوجيا المعلوميات واالتصال والرقمية يسير بسرعة جنونية قد نعجز عن مالحقتها بما نملك ككتاب من ثقافة رقمية هزيلة .فقبل أربع سنوات فقط على تأسيس موقع اتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة ،كان التعاطي والتفاعل مع النشر الشبكي يتلبس بشيء من المزاح ،إن لم نقل االستخفاف الذي قد يصل أحيانا إلى االزدراء المكشوف ،حيث كانت بعض المؤسسات والمنابر الثقافية تستعلي وتتوجس من االعتراف بهذه الكائنات األدبية الرقمية الهابطة من كوكب اإلنترنت وتقانته التكنولوجة والمعلومياتية ،فيما كانت مياه النشر اإللكتروني تحفر الصخر في صمت وثبات وإيمان بأن العالم يتطور نحو قريته الصغيرة، وبالتالي كان علينا أن نقبل بشروط هذه الحرب الصغيرة والخاطفة ونواصل مشروعنا اإلعالمي الثقافي إلى أن يتبين الخيط األبيض من الخيط األسود .ولن أخفيك سرا إن قلت إن جل األدباء والمثقفين في المغرب ترددوا كثيرا في دعمنا ومساعدتنا للنهوض بهذا المنبر االتحادي واالعتراف به كسند إلكتروني صمم أساسا ليكون صوتا لجميع األديبات واألدباء على اختالف روافدهم الثقافية ،سواء الذين ركبوا معنا منذ المحطة األولى أو الذين آثروا التريث إلى حين االلتحاق بنا فيما بعد ،وهذا ليس عيبا على كل حال. س :حسنا ،وماذا عن اخلط التحريري الذي تبنته إدارة املوقع منذ االنطالقة؟ ما هي اخلطوط العريضة اليت رمستموها من أجل البحث عن التميز؟ ج :من دون شك ،أن مالمح خطنا التحريري في الموقع كانت (جاهزة) ذهنيا وتصوريا بالنظر إلى تميز منبرنا بكونه منشأة إعالمية ثقافية ،وبالنظر أيضا إلى ما تفرضه المرحلة علينا جميعا ككتاب وأدباء ومفكرين من أجل اإلسهام في بلورة وعي ثقافي حداثي وديمقراطي يواكب مستجدات الثورة الرقمية Page 2
والتكنولوجية وتداعياتها على بنياتنا الفكرية والثقافية وحتى السياسية .ولعل الحراك والثورات العربية وكل هذا العصيان المدني الذي تميد به األرض العربية من المحيط إلى الخليج منذ سنة ونصف والذي توج بإسقاط أعتى األنظمة الديكتاتورية العربية وما تبقى منها هم على شفيراألفول ..كل ما حدث ويحدث منذ سنة ونصف هو من النتائج الحتمية والحميدة التي أسهمت فيها وسائط االتصال الحديثة، خصوصا على مستوى تعميم المعلومة وذيوع الخبر بالصوت والصورة والفيديو وتطور فكرة الصحافة المواطنة .وعموما ،فخطنا التحريري ينتصر أساسا لدعم صوت المثقف العربي الحداثي ..ينتصر لقيم الحوار الديمقراطي ويناهض كل أشكال اإلقصاء والعنف الرمزي أو المادي. الرقمية غيرت الوضع االعتباري للكاتب س :يقوم املوقع على شعار ‘من أجل ثقافة رقمية مغربية تواكب العصر’ ،إىل أي حد استطعتم رفع هذا التحدي واالخنراط يف مشروعه؟ ج :من أجل ثقافة رقمية مغربية تواكب العصر’ كان هذا هو شعارنا الذي رفعناه منذ الثامن من تشرين األول (أكتوبر) ،0222ما يعني أننا بكل وضوح وجهنا دعوتنا الضمنية عبره إلى كل األديبات واألدباء لالنخراط في مضمار الثقافة الرقمية ،باعتبارها أفق هويتهم القادمة بإلحاح .وكما أقول دائما ،إن الكاتب أصبح مؤسسة نشر قائمة الذات تمشي على قدمين ،يكفيه فقط أن يملك حاسوبا متصال باإلنترنت أو ينشئ مدونة خاصة بكتاباته أو حسابا في منتدى أو في شبكة تواصل اجتماعي .وبالتالي ،فإن الرقمية قد غيرت الوضع االعتباري للكاتب ،كما تمثلته المجتمعات العربية ورسخته في ذهنيتها صيرورة النشر الورقي منذ قرن ونصف تقريبا .إن هذا الوضع الجديد بقدر ما أسهم في دمقرطة أدوات النشر ومنح مساحات للتعبير ال حدود لها للجميع بقدر ما تعاظم معه دور الكاتب في البحث عن القيمة األدبية والجمالية المتفردة والتميز المستحق. س :ماهو تقييمك للمرحلة الراهنة على مستوى النشر الورقي واإللكرتوني؟ ج :إن النشر باعتباره أساسا صناعة ومظهرا جليا للمنتوج الثقافي يعرف منعرجا حاسما في تاريخ اإلنسانية وعالقتها بقدسية الكتاب ودوره الوظيفي في تشكيل أنساق وعينا الفردي والجماعي وصعود ونزول منسوب مقروئيتنا من عصر آلخر ومن قطرآلخر .ولم يكن هذا السؤال ليطرح قبل انتشار الشبكة العنكبوتية وما فرضته وسائطها من تغيير إيجابي على مستوى دمقرطة آليات التواصل والمعرفة. ومن دون شك ،إننا نعيش مرحلة ما يمكن أن أصطلح عليه بمرحلة ‘الورقمية’ ،أي تلك المرحلة المفصلية بين عصر الورق وعصر الرقمية .ومما الريب فيه أن تراجع عدد مبيعات الصحف الورقية على المستوى العالمي له داللته الواضحة وإشاراته الغامزة والالمزة على أن النشر اإللكتروني بات حقيقة واقعية وليس افتراضية .اليوم ،أصبحت جل الصحف الورقية المغربية تتوفر على نسخها اإللكترونية التي تحين مع عشية كل يوم ،بل هناك من المؤسسات التي استعاضت بصفة نهائية عن نسخها الورقية بنسخة إلكترونية جذابة وقابلة للتحيين اللحظي وقادرة على مواكبة سرعة األحداث وتعددها في الزمان والمكان .ومن المؤسف حقا ،أن الكثير من الزمالء من الزالوا لم يصدقوا هذا Page 3
الحريق الذي أشعلته الرقمية من تحت أقدامهم ،والذي سيذهب ال محالة بكل هذه األطنان من الصحف الورقية سواء في المدى المتوسط أو البعيد .وأعتقد أن العديد من المؤسسات والمقاوالت اإلعالمية الورقية قد أغلقت وسرحت أطقمها ،وبالتالي قبلت بهذا الرحيل القصري وقلبها يخفق بنوستالجيا الزمن الورقي الجميل. اإلعالم اإللكتروني‘ :االنفجار الكبير’ س :باعتبارك مديرا ملوقع احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة ،ما رأيك يف ما يعيشه اإلعالم اإللكرتوني باملغرب من مشهد متقلب بني املهنية تارة والفوضى تارة أخرى؟ ج :أجل ،إن الملمح العام الذي يطغى على المشهد اإلعالمي اإللكتروني هو الفوضى ،حيث الكل يتلصص على الكل ويسرق من الكل ،والمعلومة ال أصل لها وال مصدر لها إال نادرا .قد نتفق جميعا على أن غليان المشهد اإلعالمي اإللكتروني هو من دون شك من إفرازات الثورة الرقمية واالنتشار الهائل للشبكة العنكبوتية وسهولة النشر وإنشاء مواقع إلكترونية إخبارية وكذا غياب قانون خاص بالصحافة اإللكترونية ينظمها على مستوى المهني والمقاوالتي اإلعالمي .إن هذه الثورة اإلعالمية اإللكترونية ما كانت لتتحقق ولتنفجر لوال تضافر العديد من العوامل ،لعل من أهمها انخراط الدولة المغربية في إستراتيجية سياسية تروم تشجيع االستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلوميات واالتصال منذ بداية التسعينات من القرن العشرين .إن ما يعيشه المجال اإلعالمي اإللكتروني من انفجار كبير (Big ) bangمدهش ومخيف أيضا لهو بكل صراحة في وجهه المضيء ثمرة لهذه السياسة الرائدة على مستوى منطقة شمال إفريقيا .وتجدر اإلشارة إلى أن المغرب هو أول بلد عربي تم االعتراف فيه بمهنة الصحافي اإللكتروني منذ سنة 0220من طرف وزارة االتصال على عهد حكومة التناوب األولى ،وهذه حقيقة يجهلها الكثير من المهتمين ،وأن عدد المواقع اإللكترونية اإلخبارية اليوم يناهز 022موقعا بين اهتمامات جهوية ووطنية ،وأن موقع ‘هسبريس’ يأتي ضمن المواقع العشر األولى في العالم من حيث عدد الزوار الذين ناهزوا المليون في لحظة من اللحظات ،وأن المغرب يأتي اليوم في المرتبة األولى على مستوى شمال إفريقيا في عدد مستخدمي اإلنترنت حسب آخر إحصاء أصدره المكتب الدولي للذكاء االقتصادي (أوكسفورد بيزنيس غروب) يوم األربعاء 3أيار (مايو) 0200وذلك بفضل اإلستراتيجية الوطنية (المغرب الرقمي 0222ــ ) 0203التي اعتمدتها الدولة .وال تفوتني الفرصة دون أن أنوه بفعاليات اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة االتصال في العاشر من آذار (مارس) 0200في موضوع واقع الصحافة اإللكترونية الذي شهد سجاالت ونقاشات حادة بين المناصرين لتقنين القطاع وبين المطالبين بالمزيد من الحرية اإلعالمية اإللكترونية وخصوصا ما تعلق بإلغاء الفصل السالب للحرية. س :تطلق إدارة املوقع بني احلني واآلخر ملفات للنقاش ،إىل أي حد استطاعت هذه امللفات أن جتيب عن األسئلة العالقة يف الفكر والثقافة العربية؟ ج :أعتقد أن هذه الملفات وأسئلتها االستشكالية التي طرحناها على األديبات واألدباء المغاربة والعرب منذ والدة الموقع هي قوتنا المركزية وذخيرتنا الثقافية النفيسة التي يترصع بها أرشيفنا منذ أربع سنوات Page 4
ونصف .إننا ال نبادر بطرحها إال إذا استشعرنا براهنية أسئلتها في المشهد الثقافي برمته وباعتبارها السؤال الملح الذي يشغل فكر األديبات واألدباء في الهنا واآلن ،ثم إحساسنا العميق بدور منبرنا اإللكتروني في مد الجسور بين محيط العرب وخليجهم .واليوم ،فقد بلغ عدد الملفات التي طرحناها للنقاش ما يناهزسبعة لعل أهمها في رأيي ملف ‘المثقفون العرب وسؤال توثيق الثورة’ والذي أسهمت فيه العديد من األسماء الوازنة في الساحة الثقافية والفنية العربية مثل أميمة الخليل ومحمد العمري وأحمد أبومطر وسميحة خريس وظبية خميس ومحمد عزالدين التازي وفدوى مساط والزهرة زيراوي وغيرهم. س :أخريا ما هي مشاريعكم املستقبلية ؟ ج :قبل أن أتحدث عن المشاريع ،أتساءل إن كان موقع إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة وما راكمه على رفوف أرشيفه الخاص يستحق هذا الرهان الذي رفعناه منذ أربع سنوات؛ أترك طبعا اإلجابة والنقد البناء للقارئات والقراء ولجميع الرواد .إننا نروم أساسا تحقيق تفاعلية أكثر من خالل تمكين األعضاء من النشر الفوري والمباشر بالموقع من دون حاجتهم إلى مصفاة نشر هنا وهناك ورقابة تجاوزتها كونية الشبكة العنكبوتية.
Page 5
حوارمع القاص والسينوغراف والتشكيلي عبد اجمليد اهلواس * أجنز احلوار :عبده حقي
خاص تقديم *أجري الحواربتاريخ 21يوليوز 2111بمقهى الميناء بمدينة أصيلة وقد نشر بجريدة المنظمة شهرغشت من نفس السنة. الحوارمع عبدالمجيد الهواس اليحتمل نقطة النهاية ،إنه لقاء يغريك بالنبش في ذاكرة الطفولة الملهمة وتقليب أوراق اليافع الباحث عن هوية إبداعية وأخيرا الشاب القاص والسينوغراف والتشكيلي خريج وأستاذ بالمعهد العالي للفن والتنشيط المسرحي بالرباط ،وقد أجرينا معه هذا الحوارمن أجل أن نلملم في مدارته ماتفرق في مجاالت إبداعه القصصي والمسرحي والتشكيلي. س :بداية حدثنا عن حكاية تورطك يف الكتابة ؟
ج:
مثل الفاكهة المحرمة ابتدأت عالقتي مع الكتابة..كان أبي حريصا على أن نطلع على أي كتاب
يخرج عن إطار المقررات الدراسية ،حرصا منه على تربية "مثالية" ...كانت ثمة دائما بالبيت كتب مقفلة ..مثل غرف سوداء ..وكانت لي أيضا غرفة سوداء ..بابها مقفل إلى األبد ألجها عبر النافذة ..كان أجمل شيء في األمر أن أبي لم يحرص أبدا على صالح ذلك الباب ..فظل ينادي علي كلما تأخرت داخلها فأبرر اختفائي بأني أصلي ..قرأت صلوات جبران ..وتهت كثيرا في معابده ،وحلمت كثيرا في تلك العتمات الرطبة ..وركضت في براري الخيال متجاوزا تلك السياجات التي يرسمها البيت ..فابتدأت الكتابة مثل فرجة استثنائية على عوالم نائية كانت تحجبها عادة التفاصيل الكئيبة للبيت لتشكل تلك اللذة التي نلتهم ربها عادة فاكهة مسروقة. س :ماهو شعورك وأنت حتصل يف أواسط الثمانينات على جائزة صحيفة اليوم السابع للقصة القصرية ؟ Page 1
ج:
أواسط الثمانينات كنا الزلنا نعتقد بأن مكاتب المالحق الثقافية بالجرائد هي األكثر جدية في كل
شيء وأن الهاجس األدبي والفني هو الهاجس الوحيد الذي يحكم تلك الصفحات ،لم نكن نعرف بأن المسألة هي أيضا مرتبطة بانتماءات حزبية وصداقات أو بأسماء معروفة ..لكني أدركت بعد جائزة اليوم السابع بأن اعترافا من الخارج يحسم في أمر كل التساؤالت ويفتح كثيرا من األبواب المقفلة . للتويج قيمة رمزية ودفعة معنوية كبيرة لكنه أبدا اليحسم في أمر الكتابة كما يحسم في أمرها البعض كما لو كانت شهادة مدرسية. س :وماهي القيمة العنوية هلذه اجلائزة على املستوى العربي ؟ ج :على المستوى العربي ،كان هناك"مستوى عربيا" ونضاالت عديدة على جميع األصعدة ..لم تكن الثقافة وال األدب وال السياسة قد عرفت كل هذه االنكسارات التي تعرفها اآلن ،كان الكاتب والكتاب يشكالن قوة رمزية أكثر مما هو عليه اآلن في مجتمعاتنا ..حصدنا كثيرا من الخيبات في الطريق.. وإبتدأت هناك أصوات متفردة لألجيال الجديدة تحفر خطوطها بعمق في حياتنا الثقافية ..أصوات كثيرة رحلت في دهاليز المرض والصمت والتهميش وأصوات أخرى قد حصل لها نفس الشيء ..لن نأسف على موتانا ..لكني أتساءل وفي أواخرهذا القرن لماذا ال نجد ولم مجلة أدبية واحدة تعنى بجدية بأدبنا المغربي رغم تعدد الهيئات والمؤسسات الثقافية التي تدعي حرصها على أهمية الثقافة والكتاب في تكوين المجتمعات. س :وكيف جاء تورطك مرة أخرى يف عامل الرسم والصباغة والتشكيل واملسرح ؟ ج :في البيت أيضا كنت أرسم تحت أغطية السرير"قصة الفاكهة المحرمة مرة أخرى" أرسم واتلف ذلك فيما بعد ثم وجدت تصريفة لنشاطي المحظور إذ بدأت اهتم بالخط وبرسم اآليات القرآنية ..ال يشفع لي ذلك في أن يوافق أبي على أن أدرس الفنون التشكيلية ..خلسة أيضا بدأت أمارس المسرح ويوم التحقت بالمعهد افتتنت بكتابات "كوردن ادوار كويك" وأبحاث "ادولف آبيا" عن الفضاء المسرحي ومن ثمة أخرجت الرسومات التي كنت ادفنها تحت أغطية السرير وبدأت ادرس السينوغرافيا بجد. س :كيف حتدد أهمية السينوغرافيا يف أي عمل مسرحي ؟
ج:
أثناء الدراسة كانت أستاذة مادة الرقص تسألنا دائما نذهب في الشارع منكسرين كانت تحثنا بأنه
ننظر بمستوى األفق حيث الرؤية تبدو أشمل وحيث اإلنتباه التفاصيل صغيرة يكون بديهيا تتحسن أيضا حالة ،التنفس فيظهر العمق واأللوان واألحجام والشخوص ..بصفاء أكبر ،كل ذلك يحضر أثناء عمل مسرحي ..التشكيل والمادة والضوء هم نمط حياة أوال ..أن يكون عمال مسرحيا ناجحا هو أن يكون منبع دقة في المالحظة وقدرة على اقتناء تفاصيل دقيقة عادة ما تكون جوهر األشياء ..إذن فالسيينوغرافيا هي خالصة كل ذلك ..أن ترى أبعد مما تراه حين تطأطئ رأسك.. س :كان لعملكم املسرحي األخريأصداءا هامة على املستوى الوطين حدثنا عن Page 2
أسرارجناحكم؟
ج:
كانت أصداءا طيبة لكن هذا اليكفي إذ يسهل أن "تصنع" أصداءا طيبة عن أي عمل مسرحي في
بالدنا بمجرد تنظيم حفلة سمر حميمية مع مجموعة من الصحفيين لتحسيسهم بأهمية العمل المسرحي ، لكن األصداء الحقيقية هي عادة ال تنطق بقدر ما تحس ،فتنمو الرغبة في مشاهداتك الحقا العمل المسرحي الجيد اليصنع فقط باألفكارالجيدة وحسن النية ..أو بتصفيفات الجمهور .يصنع من داخل العلبة إياها من الحرص على التفاصيل أيضا من احترام المهن التقنية التي تصنع تفاصيل الفرجة ..إن ضاءات جيدة قبل أن تكون فكرة أو شغفا فإن ثمة يد تديركاشفات الضوء فتلسعها الحرارة ألنها تؤمن بسحر ما يقع ..كذلك يحدث أن يختلف عرض عن عرض آخر ..إن أهمية العمل المسرحي هي أيضا في صدق كل هذه الترتيبات ..حين وصلنا إلى مسرح"الكوميدي دورانس" وجدنا الحرص ذاته على أن تكون العروض جيدة ..نتحدث كيمياء سحرية بين الخشبة والصالة ..أجمل ما سمعناه عن عروضنا المسرحية.. أعمق مما يقوله النقاد ،بين الرباط والبيضاء ورانس هو أن تلتقي تقني المسرح في صباح الغد فيقولون لك":ياه ! .لم تكن ليلة األمس. س :كيف ميكن ألديب وكاتب بشكل عام أن يستفيد من مجاليات السينوغرافيا ؟
ج:
العكس هو الصحيح ..السينوغرافيا تمتح من األداب ..تبقى الراوية أعمق ..إن العمل األدبي الرائع
هو الذي يجد مكانه لذى أي متلق ..أمام القدرة على التخيل واإلبداع تنتفي كل الحدود بين قارئ مهتم وقارئ هاو ..الخيال يصنع كل هذا لذلك في المسرح ليس هناك متلق غيرخبيرالخبرة/العمق ذاته الذي تحمله الكائنات منذ أول التكوين ..الجمال هو كيف نرى ذلك من زاوية متعددة ..السينوغرافيا في عمل مسرحي ما هي صدى ما يخلفه ما قرأناه وما رأيناة ..هي ما نراه اآلن ونوجهه كل ذلك عبرالخطوط وااليقاع واأللوان ..االيحاءات تأتي أوال من النص األدبي ..بعدها يصيرالنص مبررا لخلق الفرجة. س :بعد جمموعتك القصصية األوىل (الليالي البيضاء) ماهو جديدك يف اإلبداع القصصي؟ ج :أنشر نادرا نصوصا قصصية ..أنتظرلها أن تصدرفي كتاب ريثما تتوفرلها اإلمكانيات المادية ، لكني عموما أكتب بشكل أقل .بعد المجموعة األولى كان يلزمني بعض التريث ..فالكتابة ليست تسلية ، هي مثل نبتة حساسة تحتاج إلى عناية فائقة وتحتاج أيضا إلى فضاء يخفق فيه هديرالباصات وهواء أنقى ..تحتاج إلى خبرة أعمق بالكائنات التي تدب حولنا ..لكنها ليست الواجهة الوحيدة ..االهتمامات الفنية كلما تتعدد يطعم بعضها البعض اآلخر ..المهم هو أن نكون قريبين دائما من هذه الدائرة ..فاإلبداع مصدرشاعرية وحيوية كبيرين ..الكتابة والتشكيل والمسرح ..أولئك هم أصدقائي ..يحيونني كلما عبرت الشارع. *أجري الحواربتاريخ 21يوليوز 2111بمقهى الميناء بمدينة أصيلة وقد نشر بجريدة المنظمة شهرغشت من نفس السنة.
Page 3