حوارات نادرة في الثقافة المغربية

Page 1


‫الفهرس‬ ‫ـــ تقديم‬ ‫‪1‬ـــ حوارمع شيخ الشعراء املغاربة الدكتورحممد السرغيين إلتقاه بفاس ‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪2‬ـــ حوارمع رائد الشعراملغربي املعاصروشيخ الشعراء الدكتورحممد السرغيين حاوره ‪:‬‬ ‫عبده حقي‬ ‫‪3‬ـــ حوارمع عميد السينما املغربية املخرج عبداهلل املصباحي أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪4‬ـــ حوارمع الناقد والروائي املغربي الدكتورحممد برادة أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪5‬ـــ حوارمع الكاتب والصحفي حممد أديب السالوي مبناسبة تأسيس مؤسسة حممد أديب‬ ‫السالوي للفكرواإلبداعي املسرحي‬ ‫‪6‬ـــ حوارمع الشاعرة املغربية األصيلة أمينة املريين حاورها ‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪7‬ـــ حوارمع الدكتورحممد العمري مبناسبة صدوركتابه (رحلة يف كتاب زمن الطلبة‬ ‫والعسكر) حاوره ‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪8‬ـــ حوارمع املؤلف والناقد املسرحي عبدالكريم برشيد أجرى احلوارعبده حقي‬ ‫‪9‬ـــ حوارمع الدكتورالقاص املغربي مصطفى يعلى أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪11‬ـــ حوارمع القاص املغربي أمحد بوزفور‪:‬حاوره عبده حقي‬ ‫‪11‬ـــ حوارمع الدكتورعبداجلليل ناظم عضوهيئة دارطوبقال للنشرأجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫‪Page 1‬‬


‫‪12‬ـــ حوارمع امللحن املغربي املوهوب حممد بلخياط حاوره ‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪13‬ـــ حوارمع املخرج املغربي شفيق السحيمي حاوره ‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪14‬ـــ حوارمع الروائي واإلعالمي املغربي حممد اإلحسايين حاوره عبده حقي‬ ‫‪15‬ـــ حوارمع املخرج املغربي مومن السميحي حاوره عبده حقي‬ ‫‪16‬ـــ حوارمع الكاتب والتشكيلي واملغين حممود ميكري مبناسبة إفتتاح معرضه بالرباط‬ ‫حاوره عبده حقي‬ ‫‪17‬ـــ حوارمع اإلعالمي حممد العوني رئيس منظمة حرية اإلعالم والتعبري ‪:‬‬ ‫حاوره عبده حقي‬ ‫‪18‬ـــ حوارمع الناقد السينمائي املغربي أمحد سيجلماسي ذاكرة السينما املغربية‬ ‫بامتيازأجنز احلوار‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪19‬ـــ حوارمع خمتارلغزيوي صحايف ومدير نشر جريدة (األحداث املغربية) أجنزاحلوار‪:‬‬ ‫عبده حقي‬ ‫‪21‬ـــ حوارمع األستاذ عبدالرحيم العالم رئيس إحتاد كتاب املغرب حاوره ‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪21‬ـــ حوارمع الشاعرحممد بودويك يف أفق إنعقاد املؤمتر‪ 18‬لإلحتاد حاوره ‪ :‬عبده حقـــي‬ ‫‪22‬ـــ حوارمع الروائي والسيناريست املغربي عبداإلله احلمدوشي أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬ ‫‪23‬ـــ حوارمع الدكتورعبدالسالم املساوي املدير الفين األسبق للمهرجان الوطين للفيلم‬ ‫الرتبوي أجراه‪ :‬عبد حقي‬

‫‪Page 2‬‬


‫‪24‬ـــ حوارمع الكاتب عبده حقي مدير موقع احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة‪ :‬إلتقاه بالرباط‬ ‫الطاهر الطويل‬ ‫‪25‬ـــ حوارمع القاص والسينوغراف والتشكيلي عبد اجمليد اهلواس أجنز احلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫‪Page 3‬‬


‫حوارات الثقافة املغربية أجنزها ‪ :‬عبده حقي‬

‫تقديم ‪:‬‬ ‫الحوارنافذة على الوجه اآلخر‪ ..‬هو إفضاء بمالم تتسع وتسمح فسحة اإلبداع والفكروالنقد وحدودها للبوح‬ ‫به‪ ..‬الحوارلعبة لمشاغبة جميلة تتغيا إستكناه المكامن الخبيئة واألسرارالدفينة في قامة المحاورأكان كاتبا‬ ‫أم فنانا أم مفكرا ‪..‬إلخ‬ ‫الحوارهوهذا النص المحايث للنص الغائب ‪ ..‬إستنطاق ومكاشفة في جلسة حميمية إفتراضية حتى نقترب‬ ‫أكثروجها لوجه وتكتمل صورة البورتريه في إطارخارطة الهوية وبطاقة التعريف ‪...‬‬ ‫وهذه الحزمة من الحوارات الثقافية مع ثلة من الكتاب والفنانين والمخرجين المغاربة هي ثمرة تفاعل‬ ‫تلقائي وتعبيرعن إرتقاء إلى مدارج الشموخ الذي عبرعنه ضيوفنا المحاورين من أجل التوثيق التأريخي‬ ‫لمساراتهم اإلنكتابية واإلبداعية والتوقف على أرصفة محطاتها واحدة تلوأخرى ‪...‬‬ ‫ومنذ بداية مشروعنا هذا قبل سنوات توخينا أن تكون حزمة أسئلتنا إحاطة بما أمكن من اإلقتناص من‬ ‫سيرة هؤالء الكتاب واألدباء والفنانين وأن تكون رحلة سندبادية التنسى في أرخبيالت إبداعاتهم‬ ‫وانشغاالتهم وهمومهم المختلفة ‪.‬‬ ‫نستطيع أن نقول بكل تواضع ومن دون وثوق زائد أننا قد حققنا غاية جميلة وهادفة تتشبث بالماضي‬ ‫الثمين وتتوق إلى المستقبل بل إلى السكن المتجدد في المستقبل لكي يطل عليها األجيال الصاعدة حتى‬ ‫ينصتوا إلى دردشات قاماتها الحكيمة والسامقة التي شيدت بمثابراتها وإصرارها وعنادها وسهادها أيضا‬

‫‪Page 1‬‬


‫هذا السقف القرميدي الباذخ األخضرالذي تستظل وتينع تحته الثقافة المغربية على إختالف أطيافها وتنوع‬ ‫فسيفسائها ‪.‬‬ ‫هم ثلة من الوجوه التي أعطت وبذلت الكثيرعلى مدى عقود عديدة مما أهلها بكل موضوعية لتفخراليوم‬ ‫بتجاعيدها الغائرة وكبريائها المستحق ‪ ...‬إنها قامات مغربية تسطع في علياء السماء العربية والعالمية ‪..‬‬ ‫تلتئم هنا في هذه اللمة األنيسة ‪ ..‬وإذاكانت هناك من قيمة معنوية ورمزية وازنة تحسب لهذا الكتاب‬ ‫اإللكتروني الحواري األول من نوعه على الصعيد المغربي والعربي ‪ ،‬فإن أجمل وأغلى ما يمكن أن‬ ‫نفخربه هوهذا التوثيق الهام لهذه اللحظات التاريخية الثقافية التي سوف تمكننا من أن نحدد وجهة الطريق‬ ‫السيارالثقافي المغربي إلى المستقبل ألن الفعل الثقافي أي فعل ثقافي هوجزء اليتجزأ من اآلليات‬ ‫األساسية في منظومة حماية الوطن ضد خاليا المسخ والردم والرجعية ‪ ،‬ومن دون أن استقرارالوطن‬ ‫وتقدمه وتحديثه أيضا هي مهمة الثقافة ومسؤولية المثقفين الجدال في ذلك ‪.‬‬

‫‪Page 2‬‬


‫حوارمع شيخ الشعراء املغاربة الدكتورحممد السرغيين‬ ‫إلتقاه بفاس ‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫أشتهي أن أموت في كامل الصالحية‬ ‫تعددت الكتابات وتعددت األسباب والموت واحد … وإذا كان للموت شكل واحد فمغامرة مقاربته إبداعيا‬ ‫تتعدد بتعدد زوايا الشعوروالنظرإليه إن وجوديا أوفلسفيا أو إيديولوجيا وجيليا أيضا‪.‬‬ ‫أن يكتب شاعرعربي عن الموت الرمزي أوموته القادم حتما ‪ ..‬معناه أن يوقف عداد الذات لحظة ليلج‬ ‫تجربة إفتراضية لطقوس إسدال ستارالحياة عن مشهد التوقيع األخير بلغة تمتح قاموسها من تمثالت‬ ‫وتهيؤات كرستها نكبة الحياة وغمرتها تراكمات المعرفة وذخائرالذاكرة…‬ ‫وإقتناص حوارمع شيخ الشعراء المغاربة الدكتورمحمد السرغيني في موضوعة الموت وعالقته بالكتابة‬ ‫وبالشعربالتحديد بعد هذه الرحلة الطويلة من عمره الزاخروالثري التي ناهزت الواحد والسبعين سنة ‪،‬‬ ‫تجعلنا في محطتها هاته نوقن أن عودتنا برفقته من جغرافيا عالمه اآلخرقد حققت بكل تأكيد غايتها‬ ‫القصوى في اإلطاللة عن بعض أسراروألغازالموت المتربص بالكتابة والكاتب بشكل عام…‬ ‫في هذا الحوارنتلمس مع شيخ الشعراء المغاربة محمد السرغيني في عتمة الحاضربعضا من بصيص‬ ‫تجربته الشعرية الطويلة التي ناهزت نصف قرن كما نستجلي وجهة نظره وموقفه كشاعرعربي من‬ ‫عذوبة أوعذاب الموت…‬ ‫س ‪ :‬بعد هذه الرحلة العمرية الطويلة من الكتابة واإلبداع الشعري اليت قاربت نصف قرن‬ ‫دعنا دكتورحممد السرغيين نبدأ حوارنا من اللحظة الراهنة ماهوجديدك ؟‬

‫‪Page 1‬‬


‫ج ‪ :‬شكرا لك ‪ ،‬أنا بصدد كتابة نص شعري طويل في موضوعة الموت قد أكون (يضحك) بدأت‬ ‫أشعربنوع من الخطربقرب نهاية العمر… في األيام القليلة الماضية وبينما أنا أتصفح جريدة الشرق‬ ‫األوسط عثرت على قصيدة رائعة للشاعرالعراقي حميد سعيد ‪ ..‬قرأتها في العديد من المرات ووجدت‬ ‫أنها نص يسايرتماما األفكارالتي أشتغل عليها وقررت أن أضع مقطعا منها في مقدمة نصي الجديد الذي‬ ‫يتناول الموت كتيمة أساسية فيه … إن الموت حاضرفي العديد من سلوكنا وانشغاالتنا اليومية ‪..‬‬ ‫فاإلنسان يأكل ‪ ..‬يشرب ‪ ..‬ينام ‪ ..‬يعمل ‪ ..‬يمشى على األرض ثم فجأة يختفى ‪ ..‬يصيرمن تحت األرض‬ ‫بعد أن كان يمشي عليها ‪ ..‬فنحن جميعا حين نكون في عنفوان شبابنا النبالي بالقلق الوجودي للموت ‪،‬‬ ‫لكن بعد أن نعمرنصيبنا من السنين يصيرتفكيرنا جديا في مسألة الموت … إن جل المثقفين عندما‬ ‫يقاربون موضوعة الموت سواء كانوا فالسفة أو شعراء نجد جلهم يتجنبون الحديث عن حقيقة الموت‬ ‫كماهي ويتحدثون عنها من وجهة نظرمخالفة للحقيقة… ومن دون شك أن حقيقة الموت اليعلم بها إال اهلل‬ ‫عزوجل لكن من جانبنا كبشريمكن أن نتحدث مثال عن عزرائيل ملك الموت عن سكراتها وعن‬ ‫القبوروعذابها ‪..‬إلخ بمعنى أننا لوإستفضنا في الحديث هنا فسوف نقع في المحظوروأننا لورجعنا إلى كل‬ ‫الديانات السماوية واألرضية سنالحظ أنها كلها تتحدث عن الوعد ويوم الحساب والجزاء إما بالجنة‬ ‫أوبالنار‪.‬‬ ‫س ‪ :‬لكن دكتورأالميكن أن تكون نكبة املوت أقل وقعا وفاجعة يف ذهن املثقف والفيلسوف‬ ‫واملفكرالالهوتي منها يف تصوراإلنسان العادي ؟‬ ‫ج ‪ :‬المثقف إذا كان وصوليا يشعربأن الفرصة قد ضاعت منه ‪ ،‬أما إذا كان مثقفا عضويا ‪organique‬‬ ‫اليغمس قلمه في الدواة إال بعد تفكيرعميق فهوغالبا ما يطرح السؤال حول مامدى فاعلية ما كتبه في‬ ‫الحياة العامة وهويتألم ألما عظيما عندما يشرف على الموت ألنه يكون لديه إحساس كبيرجدا بأن المسافة‬ ‫الزمنية التي عاشها البد أن يحاسب نفسه عليها ‪ ..‬ماذا فعل فيها حتى يطمئن قلبه أوقد اليشعرباإلرتياح‬ ‫والطمأنينة والمهم هذا هومايسمى بصدمة الموت على المستوى العقلي والذهني…‬ ‫س ‪ :‬هذا التفكرييف موضوع املوت وعبثيته جيعلنا نطرح بقلق يومي بالغ سؤال جدوى‬ ‫الكتابة ‪ ،‬أليس كذلك ؟‬ ‫ج ‪ :‬إن كل أديب يعشق الكتابة فهويتخذها وسيلة للتواصل مع العالم … أما الكاتب الذي يشعربأنه لم تعد‬ ‫لديه القوة الذهنية والبدنية للكتابة فتلك أزمة الأول لها والآخر‪ ،‬لكن بالنسبة لكثيرمن الناس الذين يستغلون‬ ‫الكتابة (للتبنيدة) بمعنى التظاهر والبحث عن الصيت فهم اليصارعون حدة التفكيرفي جدوى الكتابة يوميا‬ ‫بل إنهم فقط يسبحون في فراغ والأقول يملؤونه‪.‬‬ ‫أما هذا النص الذي أكتبه في هذه اآلونة فأنا أتساءل فيه من خالل بيت شعري للمتنبي وأقول ‪(:‬أمات‬ ‫الموت أم ذعرالذعريتساءل فلماذا هذا الموت اليموت ؟؟ (يضحك) أما في حالة ماإذا مات المثقف فماذا‬ ‫يمكن أن يحدث ؟ هنا يدخل التفكيرالميتافيزيقي … لكن أنا شخصيا وفي غماركل هذه األسئلة أفكر في‬ ‫‪Page 2‬‬


‫أشكال كثيرة من الموت ‪ ..‬منها الموت الطبيعي والموت بسبب حادثة شغل أوحادثة سيرأوالموت‬ ‫األوتانازي المعروف عندد اليابانيين وفي هذا الصدد نالحظ أن نسبة اإلنتحارات عندهم كثيرة جدا‬ ‫بالقياس إلى باقي بلدان العالم ‪ .‬فهل هذا الشعب قد بلغت حساسيته كل هذه الدرجة بحيث صاراإلنسان‬ ‫عندهم يشعربأنه لم يعد مرغوبا فيه وأنه لم يعد بإمكانه أن يقدم شيئا للمجتمع فينتحر!! إن ظاهرة‬ ‫األوتانازيا تتطلب مجموعة من اإلستعدادات السيكولوجية والمجتمعية والذهنية قد اليقدم عليها سوى‬ ‫اإلنسان الذي له القدرة الباطنية على إنجازهذا الفعل وعندما نعود إلى التيارات الفلسفية والدينية اليابانية‬ ‫مثال الديانة البوذية نجد أن هذا الشعب يتوفرعلى األهلية السيكولوجية العامة لكي ينفذ مثل هذا السلوك‬ ‫الذي بواسطته إستطاع أن يختصرالعصورالتي قضاها اإلنسان في الغرب وفي إفريقيا وآسيا لكي ينشئ‬ ‫الحضارة الحالية وأنهم في مدة قرنين من الزمن أصبحوا في طليعة الدول المتقدمة…‬ ‫س ‪ :‬طيب لنعد إىل موضوع املوت وعندما نستحضرقضية املوت اإلرادي اإلختياري عند‬ ‫الكثريمن املفكرين واألدباء كإرنست همنغواي ويف العامل العربي غالبا ما نثريجتربة‬ ‫الشاعراللبناني خليل حاوي الذي أقدم على اإلنتحارإحتجاجا على اإلجتياح اإلسرائيلي‬ ‫للبنان مل يكن خلليل حاوي أن يضع حدا حلياته بسبب موقف وجودي أوفلسفي أوفكري وإمنا‬ ‫بدافع سياسي مارأيك يف ذلك ؟‬ ‫ج ‪ :‬البد من اإلشارة إلى أن الشاعراللبناني خليل حاوي عاش في حقبة كانت الفلسفة الوجودية في أوج‬ ‫عطائها ‪ ..‬وعندما نعود إلى التيارالوجودي فهواليدعوإلى اإلنتحارنهائيا لكن بسبب القدرة النفسية التي‬ ‫يمنحها لإلنسان تجعله مهيأ لكي يقدم على فعل اإلنتحار‪ ..‬لكن تجربة خليل حاوي وإن كان الكل يرجع‬ ‫سببها لإلجتياح اإلسرائيلي لبنان فأنا غيرمتفق إطالقا معه … وعلينا أن نعرف أن الشاعرخليل حاوي‬ ‫مسيحي لبناني وأن المشاكل التي يعاني منها المسيحيون اللبنانيون هي منفصلة تماما عن مشاكل اللبناني‬ ‫السني أو الشيعي … ماهي إذن بعض هذه المشاكل ؟؟‬ ‫من الناحية المسيحية السوريانية وهذا مذهب وحسب ما أعلم أنه أنقى مذهب مسيحي اآلن ‪ ..‬لماذا ؟ ألنه‬ ‫مذهب قائم على تمجيد الفن فغالبا ما نجد هؤالء المسيحيين موسيقيين ومطربين ‪ ..‬وهذه الرهافة الفنية‬ ‫من شأنها أن تخلق الكائن المرهف والقوي اإلحساس بالمحيط لكن يقال أن صاحبنا كان ينتسب سياسيا‬ ‫إلى حزب العث العربي وأن هذا الحزب لم يستطع أبدا أن يجد حاللمشاكل العرب المسيحيين والعرب‬ ‫المسلمين والعرب السنة والشيعة ‪ ،‬ومن حيث هذه القضية فالمسيحيون العرب الذين كانوا سنين في‬ ‫حزب البعث كانت لديهم حاجة متشبثون بها هي أنهم ساهموا مساهمة فعلية في بناء الفكرالعربي القديم‬ ‫بحيث أن الذين نقلوا الفكر العربي من اليونانية إلى العربية كلهم مسيحيون مثل (حنين إبن إسحاق)‬ ‫وغيره ثم في اللحظة الراهنة شاركوا مشاركة فعالة في هذا الباب ومنها أنهم بقوا محافظين على الكتابة‬ ‫باللغة العربية … أما الشيعة والسنة فهم ينظرون إلى القضية من زاوية نظرإسالمية التفرق بين العربي‬ ‫واإلسالم وعلى كل حال هذا النقاش قد جرى بحدة وحسمه مجموعة من الباحثين المسيحيين منهم‬

‫‪Page 3‬‬


‫الشاعرخليل حاوي … ولما أقرء شعر خليل حاوي الأشعر فيه بنوع من التماهي مع حزب البعث‬ ‫والقضايا أخرى إطالقا ‪ ..‬إذن ماذا نجد في شعره لست أدري … إنه هاوي شعرفحسب الأقل‬ ‫والأكثروالدليل على ذلك أن أغلب قصائده ينظمها على بحرالرمل‪.‬‬ ‫س ‪ :‬دكتورحممد السرغيين ودائما يف موضوع املوت نود أن نعرف كيف قاربت التجربة‬ ‫الشعرية واألدبية املغربية عموما هذه التيمة ؟‬ ‫ج ‪ :‬حسب قرءاتي هناك قلة ممن إهتموا بهذه الموضوعة ويمكن أن أشيرهنا إلى الراحل الخمار الكنوني‬ ‫مثال الذي أشار إليها إشارة خفيفة باعتبارالموت نهاية حياة … ومن هؤالء األدباء من يعتقدون أن هناك‬ ‫حياة بعد الموت ومنهم من يعتقد بالفناء األبدي…‬ ‫س ‪ :‬من دون شك دكتورأن رؤيتنا ملسألة املوت تتغريبتغرياألجيال وتعاقب السنني‬ ‫وانصرامها بسرعة حنو املستقبل … اآلن لوعدنا بك إىل ثالثني عاما إىل املاضي كيف كنت‬ ‫ستنظرإىل موضوعة املوت ؟‬

‫ج ‪ :‬هنا قد نجد أنفسنا في مطب ‪ ..‬البد أن نطرح بعض األسئلة المتعلقة بشروط هذه المرحلة ؟‬ ‫س ‪ :‬لنعد مثال إىل سبعينات القرن املاضي ؟‬ ‫ج ‪ :‬السبعينات بكل شروطها الموضوعية ‪ ..‬أقول لو عدت إليها بشروطها الثقافية وبقيت محافظا على‬ ‫ما حصلت عليه في الفترة الراهنة فسوف تنظرللموت على أنها غبن يغمراإلنسان ويجعله يشعرأنه مأل‬ ‫قدرا من الفراغ … اآلن والهنا فللموت وجوه متعددة منها الطبيعي واإلرادي (اإلنتحار) والمفاجئ ومهما‬ ‫يكن من أمرفالموت مازالت تمارس قانونها الطبيعي بنفس الصيغة التي كانت تمارس منذ األزل منها‬ ‫الجزء القداسي والشعائري ومنها حتى المآتم لكن هل في إستطاعتنا أن نطبق ماوصلنا إليه من علم على‬ ‫مفهوم جديد للموت ؟؟ أعتقد لونستطيع أن نتخلص من مجموعة من العقد الكامنة فينا وفي الجينات التي‬ ‫إنحدرنا منها ‪ ..‬هذا شيء متعذرألننا النستطيع تغيير جيناتنا لكن لدينا حيلة يمكن القيام بها هي أننا كيف‬ ‫نشتهي أن يكون موتنا … طبعا أنا شخصيا أشتهي أن أموت في كامل الصالحية !! ألنني أكره أن أكون‬ ‫عبئا على اآلخرين هذه من جهة ومن جهة أخرى في كثير من األحايين أعتقد أن البكاء على الميت‬ ‫ولوكان من أقرب المقربين فهومجرد ملق والدليل على ذلك أنه حين يموت أعزاألحباب ومباشرة بعد أيام‬ ‫قليلة يتحول الميت إلى (وجبة) عشاء (يضحك) أو(غذاء) وأتساءل هل باإلمكان خلق طقوس شعائرية‬ ‫ودينية تبين للناس أن الميت قد ترك شيئا يذكروهذا أمرنعاني منه جميعا في هذا البلد السعيد وخاصة‬ ‫نحن الذين نشتغل بالمعرفة والثقافة ‪..‬إلخ وإذن هذا النص الذي أكتب يسيرفي هذا السياق‪.‬‬ ‫س ‪ :‬دكتور حممد السرغيين أالترى أن هذا النص قد يتماهى مع السرية الذاتية باعتبارها‬ ‫يف التقليد اإلبداعي توقيعا وجتميعا لتجربة حياة بعد طول عمر؟؟‬

‫‪Page 4‬‬


‫ج ‪ :‬أنا أعتقد تمام اإلعتقاد أن اإلنسان الذي يكون عليه وجوب كتابة السيرة الذاتية عليه أن يطرح سؤاال‬ ‫على نفسه ‪ :‬ماذا أنجزت ؟ بالطبع هي مسألة اليفرمنها أي إنسان وحتى لو لم ينجزشيئا ذا قيمة فإنه دائم‬ ‫الوهم على أنه حقق في حياته منجزا ثقافيا مهما … هناك حالة واحدة يكون فيها اإلنسان لديه رسالة‬ ‫وخاصة إذا كانت رسالة ذهنية دأب على تطويرها في حياته شيئا فشيئا إلى أن وصل بها إلى عنفوان‬ ‫التفكيروبلغت مرحلة ) ‪ (la saturation‬التشبع فبدل أن يقول عشت ومشيت وصادقت فالن وأحببت‬ ‫فالنة كل هذا الجدوى منه بل عليه أن يتحدث عن الحركة التي صنعها منذ والدتها إلى النشأة والتطور‬ ‫وهكذا سيكون بالفعل قد قدم عمالهاما أما كتابة السيرة الذاتية وخصوصا عند الروائيين فهي التخرج عن‬ ‫تداعيات الضميرالمتكلم…‬ ‫س ‪ :‬هل ميكن أن نعرف عنوان عملك القادم الذي حدثتنا عنه والذي جعلت تيمة املوت‬ ‫موضوعه احملوري ؟‬ ‫ج ‪ :‬العنوان سيكون (يفكرقليال) هو ‪( :‬من العالم اآلخر) فأنا أتصورالموت كأن اإلنسان إنتقل من‬ ‫دارحمراء إلى داربيضاء‪.‬‬ ‫س ‪ :‬دكتورحممد السرغيين تطلع علينا األخباريوميا عن أحداث سياسية عربية من احمليط‬ ‫إىل اخلليج بني إحتجاجات هنا وثورات هناك وقتل للمتظاهرين برصاص احلاكمني يف ليبيا‬ ‫ومصروسوريا واليمن من خالل جتربتكم الثقافية الطويلة ومواكبتكم للتاريخ السياسي‬ ‫العربي على مدى نصف قرن تقريبا من سنوات اإلستعمارإىل اآلن وكذا إقامتكم يف العراق‬ ‫أواخراخلمسينات وبداية الستينات ‪ ،‬كيف تنظرإىل ماجيري اآلن على طول اخلارطة العربية ؟‬ ‫ج ‪ :‬هناك تصورواحد وليس إثنين هوأن الثورات الحالية صنعها الشباب وأستغلها الكبار‪ .‬ففي‬ ‫مصرالشباب هم من قادوا الثورة واستشهدوا من أجل إسقاط النظام كما هو الشأن في تونس وليبيا ‪..‬إلخ‬ ‫أما في المغرب فلدينا حركة ‪ 02‬فبرايروهي حركة أطلقها شباب يافعون رفعوا شعارإسقاط اإلستبداد ‪،‬‬ ‫لكن المشكل هو أن تيارات أخرى ركبت عليها واليوم هذه التيارات هي من تتحدث عن الحراك السياسي‬ ‫المغربي‪.‬‬ ‫س ‪ :‬دكتوراليوم نتحدث عن تواري وخفوت صوت املثقف الذي عرف يف تاريخ الفكرالعربي‬ ‫أنه هومن يضطلع بالدورالريادي يف قيادة اإلصالحات بل والثورات يف رأيك دكتور مالسبب يف‬ ‫صمت املثقف العربي اليوم باستثناء حاالت معزولة (أدونيس) مثال ؟‬ ‫ج ‪ :‬هذه قضية لي فيها وجهة نظر… عندما نتحدث عن المثقف فهناك أعداد التحصى من أنماط‬ ‫المثقفين فليس هناك على وجه األرض كائن بوجوه متعددة أكثرمن المثقف … فاألروبيون حاولوا خلق‬ ‫مصطلحات عن المثقف العضوي والمثقف الثوري ‪..‬الخ في الحقيقة أن الثورة تقوم وعندما تستوي‬ ‫يتنازع حولها الذين أطلقوها ونفس الشيء يحدث اآلن وهذه ظاهرة المحيد عنها ‪ ،‬غيرأنها تعتبرخطوة‬ ‫‪Page 5‬‬


‫تليها خطوات أخرى لكن عندما تقع الفوضى فالناس يصبح لديهم هم واحد هو القضاء على الفوضى‬ ‫وبالتالي يصيرالتفكيرالسائد هوكيف نستأصل هذه الفوضى الحالية…‬ ‫س ‪ :‬دكتورعدوى هذا احلراك العربي إنتقلت إىل الواليات املتحدة األمريكية وأوروبا ومت‬ ‫إحتالل شارع وول سرتيت وغريها من الساحات الشهرية على غرارماحدث يف ميدان‬ ‫التحريربالقاهرة والساحة اخلضراء يف ليبيا هل هي عالمات تراجع الرأمسالية العاملية ؟؟‬ ‫ج ‪ :‬أتذكرأنه أيام اإلتحاد السوفياتي كان هناك شخص ثري وبمقدوره أن يشتري روسيا كلها بالرغم من‬ ‫النظام الشيوعي القائم وقتئذ … الأعتقد أنه بوادرإنهيارالنظام الرأسمالي ثم لنتساءل هل اإلنسانية قادرة‬ ‫على إختيارنموذج إقتصادي اليقوم على ركيزتي المال والذهب ؟ الأعتقد ذلك إطالقا‪.‬‬ ‫إنتهى‬ ‫إشارة ‪ :‬أجري الحواريوم األحد ‪ 8‬أكتوبر‪ 0222‬بأحدى المقاهي بمدينة فاس بشكل عفوي وغيرمرتب‬ ‫من قبل‪.‬‬ ‫نبذة عن الشاعر‬ ‫ازداد الشاعرمحمد السرغيني بمدينة فاس سنة ‪ ، 2392‬درس بجامع القرويين ‪ ،‬ثم التحق بكلية اآلداب‬ ‫ببغداد سنة ‪ ، 2393‬ثم عاد إلى المغرب وانتسب إلى كلية اآلداب بالرباط ‪ ،‬قبل أن يسافر إلى باريس‬ ‫ويلتحق بجامعة السوربون ‪..‬في سنة ‪ 2399‬حصل على شهادة األدب المقارن ‪.‬في سنة ‪ 2392‬حصل‬ ‫على شهادة دكتوراه السلك الثالث ‪.‬في سنة ‪ 2389‬حصل على شهادة دكتوراه الدولة ‪.‬عمل أستاذا بكلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بفاس ‪..‬يعد محمد السرغيني أحد رواد القصيدة العربية المعاصرة بالمغرب ‪،‬‬ ‫إلى جانب الشاعرين المرحومين ‪ :‬أحمد المجاطي ومحمد الخمار الكنوني ‪..‬محمد السرغيني شاعر دائم‬ ‫التجريب ‪ ،‬شعرية الخطاب عنده ال حدود لها ‪ ،‬إنه شاعر متجدد باستمرار ‪ ،‬وربما – في اعتقادي –‬ ‫أدى به البحث المستمر عن أساليب جديدة في القول الشعري إلى اإلغراق في الغموض غير المستحب ‪..‬‬ ‫ومهما كان ‪ ،‬يبقى الدكتور محمد السرغيني أستاذ أجيال ‪ ،‬ورائدا من رواد الشعر المغربي المعاصر ‪،‬‬ ‫أمد اهلل في عمره ‪.‬من إصداراته الشعرية‪ :‬ويكون إحراق أسمائه اآلتية ‪ ،،‬الدار البيضاء ‪*2389‬‬ ‫بحار جبل قاف ‪ ،،‬الدار البيضاء ‪2332‬‬ ‫*الكائن السبائي ‪ ،،‬مكناس ‪2330‬‬ ‫*من فعل هذا بجماجمكم ‪ ،،‬فاس ‪2331‬‬ ‫وله أيضا إسهامات نوعية في النقد والترجمة والرواية‪..‬‬

‫‪Page 6‬‬


‫حوارمع رائد الشعراملغربي املعاصروشيخ الشعراء‬ ‫الدكتورحممد السرغيين‬ ‫حاوره ‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص مبحورجملة الثقافة املغربية حول (الشعراملغربي املعاصر)‬ ‫تقديم ‪:‬‬ ‫حين عزمنا على إجراء حوارفي موضوع الشعرالمغربي المعاصر‪ ،‬خاص بمجلة الثقافة المغربية ‪،‬‬ ‫النخفي أنه قد إنتابنا قلق بصعوبة هذه المهمة التوثيقية التاريخية العظيمة ‪ ...‬من أين سنبدأ رحلتنا زمنيا‬ ‫وفي أية محطة سنتوقف إذا كنا مجبرين على التوقف ونحن قد حققنا غايتنا بالعبورعلى كل الجسور‬ ‫واإلنقالبات البنيوية والجمالية التي طالت جسد القصيدة المغربية منذ القديم ‪ .‬وكان علينا أن نعود حتما‬ ‫إلى النبع الريان ‪ ،‬العميق والشاسع ‪ ...‬ولم يكن هذا النبع سوى أحد رواد الشعر المغربي‬ ‫المعاصرالدكتورمحمد السرغيني الذي راكم تجربة ناهزت الستون سنة خبرفيها عباب كل البحور‬ ‫الشعرية من العمودي التقليدي إلى الهايكوالوميض أخيرا‪ ،‬خبرها بالطول والعرض كتابة وتحليال‬ ‫وتدريسا وبناءا وهدما وجيليا وجماليا ‪ ...‬وبالرغم من عودتنا هاته إلى هذا المصدرالموثوق به شعريا‬ ‫فإننا لن ندعي أن حوارنا قد أحاطا بكل ذخائرونفائس هذه التجربة الشعرية المغربية المتفردة بحيث‬ ‫لإلجابة على كل األسئلة يلزمنا كم من جلسة وحوارمع الدكتورمحمد السرغيني‪...‬‬ ‫قد الأغامربالقول أن شيخ الشعراء المغاربة هواليوم أب القصيدة المغربية الحديثة وهوأكثرمن هذا شيخها‬ ‫األوحد والواحد المتبقى اآلن في المغرب أمد اهلل في عمره‪:‬‬ ‫س ‪ :‬عندما نتحدث عن الشعر املغربي املعاصر كيف حندد هذا الشعر زمنيا؟‬ ‫ج‪:‬القضية في نظري شخصيا إذا كنا نعتبر (ال) الموجودة في الشعر تغرق جميع أنواع الشعرفالشعر‬ ‫كان موجودا قبل هذا الوقت ‪ ،‬لكن إذا كانت (ال) تعود على الحركات التحليلية في الشعر المغربي‬ ‫انطالقا من أوائل الخمسينات إلى ما بعد فهذا أمرآخر بحيث يمكن أن نتحدث عن فالن وفالن ‪..‬‬ ‫‪Page 1‬‬


‫باعتبارهم شاركوا في إيجاد هذا االنقالب ‪ .‬لقد كان الناس يكتبون القصيدة العمودية وال يكتبون القصيدة‬ ‫العمودية بشكل فيه التجييل ولكن كانوا يكتبون القصيدة العمودية في إطارها القديم ككل على جميع‬ ‫المستويات اللغوية والتعبيرية ‪ ..‬الخ لكن بعد ذلك أخذ نوع من االنفراج يقع ونتيجة لهذا االنفراج تنبه‬ ‫الناس إلى أنه في اإلمكان أن يكتب اإلنسان قصيدة مغايرة ‪ ،‬هذه العوامل التي دعت إلى االنقالب هي ما‬ ‫وقع في الشرق من تغير ‪ ،‬ثانيا المغاربة كانوا سباقين إلى قراءة الشعر باللغتين الفرنسية واإلسبانية‬ ‫وتنبهوا إلى نقل الكتابة الشعرية ومع ذلك حافظوا على األطراألساسية في القصيدة والتي منها وحدة‬ ‫البيت وانقسام البيت إلى صدر وعجز والعروض والقافية وشيئا فشيئا بدأنا نتخلص من هذه األشياء‪ .‬يبدو‬ ‫لي أن سبب تخلصنا من هذه األشياء أننا كنا نقرأ الشعر المهجري في بداية الخمسينات وكان هذا‬ ‫هوالشائع وتمخض عن الشعر المهجري ثورة في مصر أعطتنا جماعة أبولو ‪ .‬إن هذه التمخضات جعلتنا‬ ‫نبحث عن طريق لكتابة الشعر‪ ،‬لقد كنا نكتب الشعر الوجداني بالمعنى العام سواء كان ذاتيا أوجماعيا‪.‬‬ ‫بعد ذلك أخذنا نكتب شعرا ال عالقة له باللحظة المعيشة الحالية‪ ..‬اللحظة المعيشة في ذلك الوقت كانت‬ ‫تعني االنخراط العضوي في السياسة بما كانت ثورات سياسية انقالبات جعلتنا نزداد اتصاال بالشعر‬ ‫الغربي وخاصة الشعرالذي يناصر اإلنسان ككل‪.‬‬ ‫س‪:‬هناك العديد من األمناط الشعرية اليت تشكلت وتطورت يف مسار الشعر املغربي املعاصر‬ ‫منها العمودي التفعيلي واحلروالعقودي والنثري وأخريا اهلايكو‪ ،‬ما هوالنمط الذي شكل‬ ‫نتوءا بارزا يف هذه الظاهرة‪.‬؟‬ ‫ج‪:‬إنها ظاهرة نتجت عن تحول انتقلنا إليه ‪ ،‬لكن هذه الظاهرة لم تعش طويال إذ سرعان ما قطعنا الصلة‬ ‫مع العروض والقافية وانتقلنا إلى التفعيلي واآلن قطعنا الصلة مع التفعيلي إلى ما يسمونه قصيدة النثر‬ ‫معنى ذلك أن اإلمكانيات المعاصرة التي نعيشها جعلتنا ال نقيم مدة طويلة فيما وصلنا إليه وانتقلنا بهذه‬ ‫السرعة وآخر ما وصلنا إليه في اللحظة الراهنة هو نمط الهايكو الياباني‬ ‫س‪:‬هل يعين هذا أن الشعر املغربي املعاصرقد فك إرتباطه باملرجعية املشرقية؟‬ ‫ج‪:‬اآلن استبدل الشعرالمرجعية الشرقية بالمرجعية الغربية بنسبة عالية إننا ونقرأ للشعرالذي ينتجه‬ ‫الغرب مباشرة وخاصة منه الشعرالفرنسي اإلسباني واإلنجليزي والروسي هذه القراءة تجعلنا نقع في‬ ‫مشكلة ‪ .‬ما هي هذه المشكلة؟ نحن نقرأ شعرا هو نتيجة لحضارة معينة يعيشها الناس حرفيا ونحن نقلدهم‬ ‫ولم نصل بعد إلى ما وصلوا إليه هذا هو ما يمكن أن يعاب على هذه الفترة التي نعيشها نحن ‪.‬‬ ‫ولسنا فقط في هذه المشكلة فهناك اللبنانيون والمصريون خصوصا من جيل الشباب‪.‬‬ ‫س‪ :‬الكثري من النقاد يؤكدون على أن مرحلة التأسيس يف الشعر املغربي املعاصر هي‬ ‫مرحلة الستينات فيما يرى آخرون أن مرحلة السبعينات هي األجدر بهذه التسمية وهنا‬ ‫رمبا نعود إىل ذلك اجلدال الساخن الذي داريف السبعينات والذي فجره شعراء شباب وقتئذ‬ ‫مثل حممد بنيس‪.‬؟‬ ‫‪Page 2‬‬


‫ج‪:‬هذا الجدال التافه أثاره متأخرون وتضررمنه متقدمون‪ ..‬قبل الستينات كان ينشرمحمد الصباغ قصائده‬ ‫في مجلة األنيس في نهاية األربعينات وطيلة الخمسينات‪ ..‬فال يمكن أن ننسى الخطوات التي قام بها‬ ‫هؤالء الرواد ‪ ..‬قضية الريادة هي قضية مصطنعة صنعها النقد فقط وهي ال تقدم وال تؤخر في دراستنا‬ ‫للشعر على اإلطالق بدل أن نقول فالن سبق فالن نقول إن فالن سبق فالن في فتح الطريق أمام تيار‬ ‫شعري ولكننا ال نقول ما يقوم عليه هذا التيار‪.‬‬ ‫س‪ :‬أال ميكن إعتبارأن الثالث أمساء اليت برزت يف مطلع الستينات مثل الدكتور حممد‬ ‫السرغيين وحممد اخلمار الكنوني وأمحد اجملاطي هم من أسسوا لظاهرة شعرية متفردة‬ ‫بامتياز بصمت الشعراملعاصر؟‬ ‫ج‪:‬يمكن ولكن هذا التشكل لم ينتج عنه أي شيء ‪ ،‬بل يمكن أن يقال ذلك باعتبارأن هؤالء األشخاص‬ ‫الذين ذكرت أسماءهم بعضهم قد دراسوا في الشرق العربي وعايشوا االنتفاضات والثورات التي وقعت‬ ‫في الشرق التي انتهت بانتصارالقوميين مثل جمال عبدالناصروحزب البعث بصفة عامة ‪ ،‬هؤالء‬ ‫الشعراء رجعوا إلى المغرب بهذه الرؤى وحتى في الشرق التغييرالذي حدث في قصيدة التفعيلة خاصة‬ ‫مع السياب كان واقعا في هذا النطاق ومنهم أيضا البياتي ‪ ...‬هؤالء الشعراء المغاربة الثالث الذين ذكرت‬ ‫عادوا إلى المغرب بهذه الحمولة الشرقية التي تلقوها ولكنهم كانوا شاعرين بوجوب جعل ما يكتبون‬ ‫شعرا مغربيا صرفا‪.‬ولذلك التمسوا الكتابة في بعض األشياء ذات النكهة المغربية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬تعود مرة أخرى إىل مقولة الريادة فالتأسيس فقد أثارجدال ونقاشا حادين حول أحقية‬ ‫هذه التمسية على اعتبار أن جيل السبعينات الذي حسب زع بعضهم أنهم هم من شكلوا‬ ‫االنطالقة احلقيقية هلوية شعرية معاصرة باملغرب هل هذا صحيح؟‬ ‫ج ‪ :‬ليس صحيحا على اإلطالق كل ما يمكن أن يقال أن جيل السبعينات أراد أن يبحث لنفسه عن موقع‬ ‫في هذه الخطوة فادعى ذلك لكن مقارنة بسيطة بين شعر الستينات والسبعينات يخرج اإلنسان منها بهذه‬ ‫القضية ‪ :‬إن جيل الستينات كانوا على بينة دقيقة من الكتابة الشعرية ومعنى ذلك أن ميراثهم الشعري كان‬ ‫حاضرا وبارزا ومعنى ذلك أيضا أن مخلفاتهم بنوها بطريقتهم الخاصة أما هؤالء السبعينيون فلم يبنوا‬ ‫طريقتهم على ما حصل عليه الستينيون بل خيل اليهم أنهم قاموا بعمل جبار ولذلك كثيرا منهم ابتعد عن‬ ‫النطاق اليساري واخذوا يسبحون في األطرالعامة كما لو كانوا شعراء ينتمون إلى حضارة خاصة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬رايكم يف ظاهرة التحقيب والتجييل يف الشعراملغربي املعاصرنقول مثال جيل‬ ‫الستينات جيل السبعينات والثمانينات ‪..‬إخل أو جيل النكبة جيل الواقعية اإلشرتاكية‬ ‫‪...‬اخل‪.‬‬ ‫ج ‪ :‬كل تحقيب وتجييل هونوع من االفتئاس ‪ ،‬لماذا؟ ألن الجيل الحاضر يريد أن يبحث لنفسه عن ما‬ ‫يميزه عن الجيل السابق ثم إن النقد الذي يواكب الجيلين هو من يستطيع أن يظهرخصوصيبة‬ ‫التيارالفالني عن التيارالفالني وهذا شيء لم يقع لحد اآلن‪..‬فالتجييالت والتحقيبات ال يمكن أن تخدم إال‬ ‫‪Page 3‬‬


‫إنسانا يضع مؤلفا كبيرا للحديث عن شعرامة معينة وتقسيم مراحل إال شريطة أن يذكر كل حقبة بما‬ ‫تمتاز به في طريقتها عن الحقتها‪.‬‬ ‫س ‪ :‬على كل حال التحقيب جيب أن يكون حتقيبا ظاهراتيا وتياراتيا وليس زمنيا فيزييا أي‬ ‫عشريا ‪...‬‬

‫ج ‪ :‬سواء أكان ظاهراتيا وعشريا هي خدمة نقدية ال يرجى منه شيء‪...‬‬ ‫س‪ :‬واكبت دكتورحممد السرغيين عن قرب النهضة الشعرية يف املشرق خصوصا يف العراق‬ ‫إىل أي حد اسهمت هذه التجربة يف تشكل القصيدة عند حممد السرغيين وبالتالي يف األجيال‬ ‫الالحقة من الشعراء الشباب‪ .‬؟‬ ‫ج‪ :‬لقد عشت في العراق بين ‪2591‬و‪ 2595‬وتلك الفترة كانت ثورة شعرية في العراق بالنسبة لجيلنا‬ ‫من المغاربة وكنت اتصل بالكثيرممن يمثلونها هناك اال السياب لم استطع أن اتصل به‪.‬‬ ‫س‪ :‬ما هي األمساء اليت كنت تتصل بها؟‬ ‫ج‪ :‬عبدالوهاب البياتي وحسين مردان ولميعة عياش عمارة في ذلك الوقت اكتشفت أن ما عشناه في‬ ‫المغرب من معركة بين جيل المؤسسين والجيل الذي تاله كانت أيضا موجودة في العراق فكل واحد منهم‬ ‫كان يعتقد انه هو من اسس للظاهرة لكن من الوجهة الموضوعية الخالصة لم يكن هناك شاعرأجود من‬ ‫السياب الن السياب في نظري كان من أكثر العراقيين األكثراتصاال بالفكراليساري الغربي ألنه كان يقرأ‬ ‫مباشرة باالنجليزية وهذا قد شهد به الناقد العراقي الفلسيطيني األصل جبرا إبراهيم جبرا ‪..‬كان‬ ‫يكثرقراءة الشاعرة االنجليزية إديث سيتويل لها في قصيدتها الشهيرة )‪ (The rain‬يعني المطروعنها‬ ‫كتب السياب قصيدته (مطر‪..‬مطر‪..‬مطر) تحس بأنها قصيدة عراقية وأيضا عندما تقرا قصيدة (الموسس‬ ‫العمياء) تحس بالنكهة العراقية باإلضافة إلى الموضوع اإلنساني التي تشتمل عليه ومهما يكن من أمرفأنا‬ ‫قبل أن أسافرإلى العراق من أجل إستكمال دراساتي العليا كنت تحت تأثيرالشعرالمهجري ألنني كنت‬ ‫أكتشف من ورائه أنه يخدم اإلنسان ولكن فيما بعد لما اكتشفت أن اغلب شعراء المهجر كانوا مسيحيين‬ ‫ومتدينين فهم كانوا يضعون الصورة لإلنسان هي صورة مسيحية فاهلل خلق العالم على صورته أي خلق‬ ‫اإلنسان فاكتشفت على أنني كنت أسير في نفس السياق وهذا كان خطا كان يجب أن أتحول عن هذا أي‬ ‫عن طريق اليساروخاصة خالل إقامتي في باريس اكتشفت انه يجب اإلشادة باإلنسان عن طريق اإلنسان‬ ‫ومن هنا أخذت األمور تأخذ بعد آخر وهذا البعد ال يزال مستمرا إلى اآلن‪.‬‬ ‫س ‪ :‬دكتورحممد السرغيين بكل صراحة هل ميكن أن نعتربأن ظاهرة الشعراملغربي‬ ‫املعاصرقد انتهت اليوم؟‬ ‫ج ‪ :‬ال يستطيع اإلنسان أن يقول عن ظاهرة الشعر أنها انتهت أوأن يبحث بشكل دقيق اركيولوجي عن‬ ‫وقت بدايتها ‪ ..‬ال إطالقا كل ما يمكن أن يقال أن تيارا شعريا يظهر ثم ينتشرويجد كثيرا من الناس‬ ‫يقبلونه كمنتجين وكقراء وبعد أن يعيش مدة من الزمن يخفت ويقل ويكون ذلك داللة على أن الشعراء‬ ‫‪Page 4‬‬


‫اكتشفوا أنهم استقطبوا ما في هذه التجربة وهم بصدد البحث عن تجارب أخرى إنا افضل عن ذلك أن‬ ‫ينتقل اإلنسان الشاعر من تجربة إلى تجربة أخرى وليس هذا االنتقال ميكانيكيا أو مدعاة إلى تقليد شيء‬ ‫من األشياء ولكنه شعورمن الشخص بان ما يجود فيه اآلن قد أعطى مهمته وانتهى عليه إذن إن ينقب‬ ‫ويفتح طرقا أخرى‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بعد هذه التجربة الشعرية الطويلة اليت ناهزت نصف قرن أو أكثرقليال ما هي حصيلة‬ ‫"الشاعر حممد السرغيين اآلن؟‬ ‫ج ‪ :‬أنا اعتبر الحصيلة جيدة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬هل تتحدث هنا عن جتربتك الشخصية أم التجربة الشعرية بصفة عامة؟‬ ‫ج‪ :‬إنني أتحدث عن الحصيلة كلها إنها جيدة من حيث الكم قبل هؤالء الشعراء اآلن كنت تفتح عينيك‬ ‫على طول الخارطة المغربية وكنت ال تجد الشعراء إال في المدن الرئيسية أما اآلن فآنت تحتار بحيث هم‬ ‫موجودون حتى في القرى ويكتبون الشعر الجيد الشيء الذي يدعو إلى القول بان انتشار‬ ‫الشعرغيرمحدود‪...‬وباللغتين العربية والفرنسية فقد راقني احد الشعراء من ضواحي فاس يكتبون بشكل‬ ‫جيد‪ ،‬إذن من حيث الكم هناك الفائدة وبالتالي فالكم سينتهي في النهاية بإعطاء الكيف‪.‬‬ ‫س‪ :‬كلمة أخرية عن هذا احملوراخلاص بالشعراملغربي املعاصرواليت ستعترب شهادة تارخيية‬ ‫من احد رواد الشعر يف املغرب والعامل العربي‪.‬‬ ‫ج‪:‬يجب الشعراء الذين تحملوا مسؤولية الكتابة الشعرية أن يتخلصوا من بعض الصبيانيات ‪ ..‬ما هي‬ ‫هذه الصبيانيات؟ الجري وراء الشهرة بالحق أو بالباطل والجري وراء الحصول على الجوائز والجري‬ ‫وراء التقليد األعمى لألشياء الجديدة في الغرب دون التعمق فيها‪...‬أنا لست ضد أن يكتب اإلنسان قصيدة‬ ‫على شكل الهايكو ولكن أن يكتبها وهو مغربي صرف‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل ما زال للقصيدة املغربية هوية؟‬ ‫ج‪:‬الهوية التي يقال إنهما توجد في القصيدة إنها هوية مصطنعة ‪..‬إنها حربائية فهي عند الشاعر فالن‬ ‫تعني شيء وعند شاعر ثاني تعني شيئا آخر فالقصيدة تتحكم فيها الظروف الحالية التي نعيشها وهي‬ ‫ظروف اجتماعية وسياسية واديولوجية فالقصيدة ال يمكن أن تكون قصيدة إال إذا عبرت عن جميع‬ ‫مظاهر الحياة اإلنسانية لكن أنا ضد تعمد إدخال هذه األشياء في الشعر‪.‬‬

‫‪Page 5‬‬


‫حوارمع عميد السينما املغربية املخرج عبداهلل املصباحي‬ ‫أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫في أول حوارله مع مجلة إلكترونية مغربية وعربية يأبى عميد المخرجين السينمائيين المغاربة عبداهلل‬ ‫المصباحي إال أن يفجرالعديد من الحقائق ويرفع الستارعن الكثيرمن خبايا وأسرارالفن السابع بالمغرب‬ ‫والعالم العربي في تفاصيل مثيرة وجرأة نادرة جدا حول مساره السينمائي الذي يمتد على مدى نصف‬ ‫قرن من الزمن وحول كواليس واقع السينما المغربية بما لها وما عليها من إنجازات منفلتة وكذلك من‬ ‫إخفاقات وتعثرات تعددت أسبابها المباشرة والغيرالمباشرة ‪...‬‬ ‫فهل كل ما جاء في هذا الحوار(اإلحتجاجي والصدامي) كاف لتشخيص مكامن الداء في الصناعة‬ ‫السينمائية المغربية التي مازالت تحبو وتتلمس طريقها للمصالحة مع المتلقي المغربي والتي مازالت‬ ‫أيضا تخوض معاركها لتشق طريقها نحو العالمية أم أن كل هذه التفاصيل ليست إآل الشجرة التي تخفي‬ ‫الغابة عند البعض أوالزوبعة في فنجان عند الرأي ونظرالبعض اآلخر؟‬ ‫نتمنى أن يكون هذا الحواربداية لفتح نقاش مكاشفة جدي وهادف بين كل الفاعلين في الحقل السينمائي‬ ‫المغربي ‪ ،‬كما نعلن أن مجلتنا اإللكترونية المستقلة تفتح صفحاتها لتعدد اآلراء ووجهات النظرعلى‬ ‫إختالف توجهاتها الفنية والفكرية لكل من أرد أن يدلي برأيه في هذا الموضوع أوالتعقيب على هذا‬ ‫الحوار‪.‬‬ ‫إزداد المخرج المغربي عبد اهلل المصباحي في مارس ‪ 6391‬وهوحاصل على اإلجازة في العلوم‬ ‫االقتصادية من جامعة فريبورغ (سويسرا) وماستر الدراسات العليا السينمائية من المدرسة العليا‬ ‫للسينما بباريس وإجازة في األدب تخصص تاريخ الشعوب من جامعة السوربون بفرنسا ‪.‬‬ ‫إشتغل مديرا عاما لمركزالتلفزيون واالتصال الدولي وخبيرا في التنمية التضامنية المستدامة وإهتم‬ ‫بالميدان السينمائي منذ ‪ 6311‬إلى اليوم ‪ .‬كتب السيناريو وأخرج العديد من األفالم الروائية الطويلة منها‬ ‫‪ " :‬الصمت في االتجاه الممنوع " ‪" 6391‬غدا لن تتبدل األرض "‪ " 6391‬إخواني األعزاء " ‪6391‬‬ ‫‪Page 1‬‬


‫" الضوء األخضر" ‪ " 6391‬أين تخبئون الشمس؟ ‪( 6391‬تابع باقي سيرة المخرج عبداهلل المصباحي‬ ‫السينمائية في خاتمة الحوار)‪.‬‬ ‫وتجدراإلشارة فقط إلى إن هذا الحوارقد تم إنجازه على مراحل قبل شهرين وجاء متزامنا مع العدوان‬ ‫اإلسرائيلي على غزة ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬األستاذ عبداهلل املصباحي الكثريمن جيل الشباب من املمثلني واملخرجني يف حاجة‬ ‫ماسة إىل اإلستئناس بتجارب الرواد من أمثالكم بداية كيف إخنرطتم أواخراخلمسينات يف‬ ‫طريق الفن السينمائي ‪ ،‬يف هذا اإلختيارالصعب يف زمن كان املغرب يفتقرإىل بنية حتتية‬ ‫وثقافة إجتماعية فنية متفتحة على فن حداثي وجريء بامتياز؟‬ ‫ج ‪ :‬شكرا لكم بداية على إنجاز هذا الحوار‪ ،‬نحن السينمائيون األوائل المؤسسون للسينما المغربية جئنا‬ ‫إليها متخرجين من معاهد سينمائية بالخارج لذلك لم نجد صعوبة للتغلب على البنية الفنية المنغلقة التي‬ ‫تتحدث عنها وعملنا أفالما منفتحة حداثية بامتياز ولم تغلبنا ال رقابة وال قلة إمكانيات ألننا كنا نعتمد على‬ ‫ثقافتنا السينمائية الجادة التي كانت هي مطلبنا الوحيد في السينما التي كنا نقوم بتأسيسها في ذلك الوقت‬ ‫بأقل اإلمكانيات عمال بالمثل المغربي " الحادقه يمكن ليها تغزل برجل حمار بدال من المغزل الرقيق " ‪.‬‬ ‫لم نكن مثل اليوم نتوصل بهذا الدعم للسينما المغربية الذي ال يستفيد منه إال كل من هب ودب وال كل من‬ ‫العالقة له بالسينما ‪ ...‬أفالم بداية السينما المغربية كانت أفضل بكثير بال دعم والسينما المغربية اليوم‬ ‫بصراحة اليسيرها إال جهلة ومنتجين ومخرجين ال يفقهون شيئا في السينما والنتيجة هؤالء يغتنون‬ ‫والسينما المغربية لم تحقق فاعلية تواجدها كما يجب أن تكون وأصبحت هو مجرد قضية ‪ .‬واآلن كل ما‬ ‫حققته هو نقل فوضى االنتاج السينمائي ومصدرارتزاق لطوابيرمن المنتجين والمخرجين المرتزقة‬ ‫المتطفلين على المهنة (من المغاربة القاطنين أوالمهاجرين المولودين في الخارج) بغض النظرعما‬ ‫تغص به سيناريوهات أفالم مرتجلة والتي ال عالقة لها بأي سيناريست حقيقي بها مايكون عشرات‬ ‫المشاريع الغثة بمئات األفالم السخيفة التي تضيف إلى مجتمعنا المزيد من العقد عبر عروض رخيصة‬ ‫يحرص منتجوها ومروجها على عملية الكسب ‪ .‬وكانت منظمة "اليونسكو" قد بدأت تحقق في موضوع‬ ‫خروقات لحقوق اإلنسان في ميدان السينما والتليفزيون ووجهت رسائل للمعنيين باألمر في عهد نبيل‬ ‫بنعبد اهلل في وزارة االتصال و فيصل العرايشي الذي حول اإلذاعة والتلفزة إلى شركة خاصة وال يزال‬ ‫فيها مند أعوام ‪ .‬وال تزال منظمة اليونسكو تنتظرالرد " هل هناك خروقات لحقوق اإلنسان في السينما‬ ‫واإلذاعة والتليفزيون في المغرب ‪ .‬وال أحد يرد على هذ السؤال‪.‬‬ ‫س ‪ :‬طيب لننطلق يف حوارنا هذا مما حيدث حاليا من دماروتقتيل للشعب الفلسطيين يف‬ ‫غزة ‪ .‬لقد قمتم بإخراج الثالثية الشهرية "القدس باب املغاربة " و"مغربيات يف القدس‬ ‫" و"حمرقة غزة " املأساة الغزاوية تتكرراليوم ومل تنته بعد ‪ ،‬إىل أي حد إستطاعت هذه‬ ‫الثالثية أن تتوفق يف نقل معاناة شعبنا العربي يف فلسطني املغتصبة وماهي أصداؤها ثم‬ ‫هل تفكرون يف جزء رابع ؟‬ ‫‪Page 2‬‬


‫ج ‪ :‬الفيلم األول من الثالثية "القدس باب المغاربة "أحضر اآلن عرضه في القاعات السينمائية‬ ‫واألصداء عنه جيدة في المغرب والعالم العربي وقد كرمت عن هذا الفيلم ونلت عنه الجائزة الكبرى في‬ ‫الملتقى الدولي لتحرير األسرى الفلسطينيين ووسام من وزارة تحرير األسرى وكرمت ونلت شهادة‬ ‫اعتراف وتقدير من السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة تحرير فلسطين ‪ .‬والتكريمات والجوائز الجديدة‬ ‫األخرى التي حضيت بها ومنها تنويه من جامعة الدول العربية وهذا نص رسالته ‪( :‬السيد عبد اهلل‬ ‫المصباحي منتج ومخرج فيلم القدس باب المغاربة أود أن أتقدم لكم بخالص الشكر والتقدير على دوركم‬ ‫في انتاج وإخراج هذا الفيلم الذي يعتبر نموذج متميز في التعبير السينمائي عن واقع القضايا العربية وإن‬ ‫األمانة العامة للجامعة العربية تقدر لكم دوركم المتميز وجهودكم الملموسة في االرتقاء بفن السينما على‬ ‫المستوى العربي الشامل ‪ .‬وأتمنى لكم المزيد من النجاح في هذا الشأن ‪ .‬شاكرين مقدرين لكم حسن‬ ‫تعاونكم ‪ .‬وتفضلوا بقبول وافر االحترام الدكتور نبيل العربي األمين العام لجامعة الدول العربية ‪ ).‬إنتهى‬ ‫نص الرسالة‪.‬‬ ‫وكرمت في مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف عن فيلمي "القدس باب المغاربة" ومعه مجموع‬ ‫أفالمي‪ .‬كما كرمت في مهرجان طنجة للفيلم الوطني عن نفس الفيلم وكرمتني وزارة الثقافة بجمهورية‬ ‫مصروأقيم في دار األوبرا بالقاهرة أسبوع للسينما المغربية خاص بأفالمي ‪ .‬و كرمت في حفل بمنزل‬ ‫سفير جمهورية مصر بالرباط إستدعي له السفراء األجانب المعتمدين بالمغرب‪ .‬وتم تكريمي بالمؤثمر‬ ‫العربي للتعايش بين الديانات الذي عقد بالقاهرة وكرمت عن فيلمي "القدس باب المغاربة" ونلت جائزة‬ ‫الموتمر العربي الكبرى عن فيلمي "أين تخبئون الشمس؟ " عن التعايش بين الديانات ‪ .‬وحظيت أيضا‬ ‫بتكريم له بالنسبة لي قيمة خاصة حيث كرمتني أعظم معلمة دينية فى المغرب (مسجد الحسن الثاني)‬ ‫وهى أول مرة يحدث فيها هذا التكريم فى العالم اإلسالمى أن يكرم مبدع سينمائي فى مسجد حيث قامت‬ ‫مؤسسة مسجد الحسن الثانى بالدار البيضاء بتكريمي عن فيلمي "القدس باب المغاربة" واالحتفاء بي‬ ‫بمناسبة مرور خمسين سنة طبعتها نضاليتي المتميزة فى خدمة السينما المغربية والعربية وباعتباري أحد‬ ‫األبناء البررة لمدينة الدارالبيضاء التى تحتاج فى كل وقت وحين إلى استذكار المقومات الثقافية والفكرية‬ ‫والفنية ألبنائها‪.‬‬ ‫س ‪ :‬هل ميكن أن نتحدث بهذا الصدد عن سينما تهتم بالتأريخ أم بسينما تهتم بلعب‬ ‫الدورالسياسي والديبلوماسي على غرار أفالم أخرى تتمحورحول أفغانستان مثال ؟‬ ‫ج ‪ :‬هذا الموضوع اشتغلت عليه سنتين في دبلوماسية الثقافة والسينما لما كان السيد سعد الدين العثماني‬ ‫في وزارة الخارجية وتعاون معي في هذا مسؤولون في قسم الثقافة ومديرة قسم الثقافة والعلوم السيدة‬ ‫لمياء الراضي ورئيسة القسم الثقافي السيدة سلوى بشري وفيها كان االتصال بوزارة الخارجية التركية‬ ‫بواسطة سفيرالمغرب بأنقرا من أجل عرض فيلمي السياسي التاريخ القديم والحديث "القدس باب‬ ‫المغاربة" في أنقرا وإسطنبول للترويج في تركيا لدورالمغرب في القضية الفلسطينية تاريخيا وكان‬ ‫العرض سيكون في سنة ‪ 4161‬إال أنه تأجل إلى ‪ 4161‬بسبب مشكل دبلجة الفيلم إلى التركية ‪.‬وقد‬ ‫‪Page 3‬‬


‫تحملت تركيا نفقات الدبلجة ومصاريف العروض والتنقل وإقامة الوفد المغربي المصاحب للفيلم وبعض‬ ‫الممثلين المغاربة في الفيلم وأنا طبعا مخرجه ‪.‬‬ ‫وهذه السنة أقوم بالتعاون مع وزارة التعليم العالي على مشروع كبيرمبتكر جديد وهو قريب في هدفه مما‬ ‫جاء في مداخلة السيد الوزير لحسن الداودي في الندوة الدولية التي انعقدت بالرباط حول موضوع‬ ‫دورالمؤسسات التربوية والثقافية في تعزيز "منظومة القيم" الذي دعا فيه الوزيرإلى ‪ " :‬إدراج مواد‬ ‫أدبية في مناهج التعليم العلمي للمعلمين من أجل هذا الهدف " وسيكون مشروعنا بتعاون مع الجامعات‬ ‫المغربية ودول عربية وأوروبية و سميناه " السينما المغربية في جامعاتنا من أجل تاريخنا وحاضرنا"‬ ‫سينطلق هذا الموسم في آخر اكتوبر ‪4161‬‬ ‫س ‪ :‬يعتربالسيناريست واملخرج عبداهلل املصباحي ذاكرة غنية وزاخرة للسينما والتلفزة‬ ‫واملسرح يف املغرب ويصعب على كل مهتم بهذه اجملاالت أن يفهم لغزاإلقصاء والتهميش‬ ‫الذي طال شخصكم ‪ ،‬فما سر كل هذا اجلحود ‪ ،‬ثم بكل صراحة أال يكون هذا احليف والغنب هو‬ ‫سبب إستقراركم وعائلتكم بالقاهرة بشكل دائم ؟‬ ‫ج ‪ :‬التجربة علمتني أننا أصبحنا في مرحلة غريبة تتميزبأن البعض يكره نجاح اآلخرين ويحسدونك‬ ‫ويحاولون تحطيمك بجميع األساليب الدنيئة ‪ ،‬ألن الساحة السينمائية وقعت في حبائل "الددائية" وهي‬ ‫سياسة صهيونية لتحطيم ثقافة اآلخرين بقلب كل الموازين في مفاهيمها لتفرع من قيمتها التي تعلو بها‬ ‫الي الرقي واالزدهار وتصبح أي شيء حتى يمكن للجهالء أن يعبثوا بها لتصير ثقافة وفنا بال أصول‬ ‫واليحتاج للدراسة والتحصيل الثقافي والفني وهذا يسري في جميع الميادين ‪ ،‬الموسيقى ‪ ،‬الشعر ‪،‬‬ ‫والسينما خصوصا وسبب هذه المحاربة الشرسة لي كان واليزل يتضح للعيان بوضوح ‪ ،‬إنها حرب‬ ‫الجهلة ضد المثقفين وال يسقط في هذا الفخ سوى الفاشلين والضعفاء وإنما المثقفين الناجحين واألقوياء‬ ‫بثقافتهم فهم الذين يكسبون المعركة ‪ ،‬وهناك أيضا في هذه اللعبة المرتشون واإلنتهازيون يسعون من‬ ‫أجل نصيب مما يعتبرونه "الكعكة" في أي مشروع ناجح ويريدون أخذ ما يعتبرونه نصيبهم فيه‬ ‫كرشاوي والكعكة هي ‪ 41‬مليون دوالر مول بها رجال أعمال سعوديين فيلمي "أفغانستان لماذا؟" وأنا لم‬ ‫أرشيهم بمليم واحد وقاموا بحجز الفيلم في المركز السينمائي المغربي لصالح الممولين السعوديين بدون‬ ‫أي قانون متجاهلين شروط العقد الذي بيني وبينهم ‪.‬‬ ‫واليوم والحمد هلل في عهد الملك محمد السادس عدت من هجرة طويلة الى مصر والعالم العربي إلى‬ ‫بلدي الذي أصبح ينعم بالديموقراطية والعدل واسترجعت فيلمي "أفغانستان لماذا؟" وأحاول اآلن إنقاذ هذا‬ ‫العمل السينمائي المغربي العالمي الضخم الذي أنجزت وألول مرة في تاريخ السينما المغربية وكان‬ ‫سيكون أول فيلم عن "أفغانستان" في العالم والذي مرعلى حجزه في المركز السينمائي المغربي لصالح‬ ‫الممولين السعوديين بدون قانون ‪ 94‬سنة واليزال الفيلم رغم ما حدث من تعطيل وتأخيرفي كامل‬ ‫ضخامته تصويرا وإنجازا وكأنه صورالبارحة وكتبت له سيناريو جديد معدل لتحديث أحداثه وأضفت‬ ‫من أجل هذا جزءا جديدا عن الغرواألمريكي ألفغانستان عنوانه "غوانتنامو "وبقي الجزء األول القديم‬ ‫‪Page 4‬‬


‫كله فالش باك عن االحتالل السوفييتي مع الجزء الجديد عن االحتالل األمريكي ألفغانستان وسيكون‬ ‫الفيلم في نسخته الجديدة مفاجأة كبرى للجمهور المغربي في منتصف هذا الموسم السينمائي إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫س ‪ :‬حتتفظ لكم الذاكرة السينمائية العربية بالفضل الكبرييف إجنازعدة أفالم إستعراضية‬ ‫وغنائية متألقة شارك فيها العديد من الفنانني من املغرب ومصر ولبنان مثل أفالم"‬ ‫الصمت يف إجتاه ممنوع " و"الضوء األخضر" و"أين ختبؤون الشمس ؟" ‪ ..‬إخل أالميكن‬ ‫إحياء هذه التجربة مع طاقات شبابية من املمثلني واملمثالت املغاربة اليوم خصوصا خرجيي‬ ‫معاهد التكوين ؟‬ ‫ج ‪ :‬يمكن أن أخرج وأنتج أفالما غنائية أخرى خصوصا وأن تجاربي فيها كانت كلها ناجحة ‪،‬‬ ‫فالجمهور يحب األفالم الغنائية اإلستعراضية وعليها قامت السينما المصرية والهندية في بدايتهما ‪،‬‬ ‫فالغناء كان سبب نجاحهما والسينما المصرية عززها مطربين نجوم كبار مثل محمد عبد الوهاب ‪ ،‬فريد‬ ‫األطرش ‪ ،‬محمد فوزي ‪ ،‬اسمهان ‪ ،‬صباح ‪ ،‬فائزة أحمد وخلفهم مطربون ملئوا الفراغ الذي تركوه‬ ‫وعلى رأسهم عبد الحليم حافظ ‪ ،‬وردة ‪ ،‬نجاة الصغيرة وغيرهم ‪.‬‬ ‫في بداية التلفزة المغربية كونت فريقا من التقنيين مع حميد بنشريف و حسن المفتي وكانت تجربة‬ ‫طورت األغنية في التلفزيون وأدخلت إليها روح الحداثة مبكرا وكنا أول من ابتكر أغاني "الكليب" في‬ ‫ستينات القرن الماضي قبل ظهوره عند الغربيين باستناء أمريكا‪.‬‬ ‫كانت برامج خاصة بالغناء أنتجها مع التلفزة المغربية أحيانا ونخرجها إخراجا مشتركا أنا وحميد‬ ‫بنشريف وحسن المفتي ‪ ،‬وكتبت كلمات االستعراضات واألغاني وأخرجت مع زمالء بالتناوب برنامجا‬ ‫مباشرا من برامجي الناجحة عنوانه "ألحان وألوان" كان يقدم كل أسبوع في التلفزة المغربية وكنت أكتب‬ ‫كلمات استعراضاته وأغانيه ويلحنه ملحنين كل أسبوع في مقدمتهم الطاهرجيمي أما المطربين فقد كانوا‬ ‫من الممثلين يتقدمهم الممثل محمد الخلفي ‪ ،‬وأمام نجاح هذا العمل توفقت أيضا في تأليف أول ملحمة‬ ‫غنائية مغربية كان عنوانها "حديث األجيال" أنتجتها مع التلفزة المغربية على عهد إدارة األستاذ عبد اهلل‬ ‫شقرون وكانت فيلما سينمائيا عن المقاومة المغربية من أجل الحرية إخراج مشترك أخرجته بمساعدة‬ ‫عبد الرحمن الخياط ‪ ،‬عبد اللطيف لحلو ‪ ،‬محمد البوعناني ‪ ،‬عبد اهلل الزروالي ‪ .‬وقام ببطولته ‪ :‬عبد‬ ‫الهادي بلخياظ وعدد من نجوم األغنية في ذلك الوقت كما كتبت القصة ‪ ،‬السيناريو ‪ ،‬وكلمات‬ ‫االستعراضات واألغاني وكان ملحنها االستاذ عبد العاطي أمنا ‪ .‬هذه األعمال كلها أتلفتها التلفزة المغربية‬ ‫من باب العداء لي والحسد والغيرة من نجاحي حيث صنعت شئ من ال شئ كما قلت سابقا ‪ ،‬وكانت لي‬ ‫تجربة ملحمة أخرى هي" الدرالبيضاء فجرا "‪ ،‬ألفتها وكتبت كلمات استعراضاتها التي لحنتها نخبة من‬ ‫الملحنين الكبارمنهم ‪ :‬محمد العلوي ‪ ،‬إبراهيم العلمي ‪،‬حسن القدميري ‪ ،‬على أن أقدم هذه الملحمة في‬ ‫المسرح وأن تنتجها وزارة الداخلية ويتولى أمرإنتاجها المسرح البلدي بالدارالبيضاء ومديره عبد اللطيف‬ ‫الزيادي ‪ .‬وسارالعمل إلى االنتهاء لكنه تم توقيفه بأمر شقيق مديرالمسرح"‬ ‫‪Page 5‬‬


‫وكما يقول المثل العربي "ذهب الحماربأم عمر فال رجعت وال رجع الحمار" أقول هذا لكي ال أذهب‬ ‫بعيدا في الحديث ويطول شرحه‪.‬‬ ‫س ‪ :‬تقلدت العديد من املهام واملسؤوليات اجلسيمة "رئيسا لالحتاد السينمائي العربي‬ ‫بالقاهرة (‪ ،)6311-6391‬ومديرا عاما ملركز التعاون العربي الدولي بدبي (‪،) 6391 - 6391‬‬ ‫و عضوا يف اللجنة الدائمة لإلعالم اإلسالمي برابطة العامل اإلسالمي مبكة (‪)6316‬وغريها ‪،‬‬ ‫كيف تنظرإىل كل هذه التجربة يف التدبرياإلداري وماهي أهم اإلكراهات اليت كانت تعرتض‬ ‫حتقيق براجمك وتصوراتك بشكل عام على املستوى العربي ؟‬ ‫ج ‪ " :‬االتحاد السينمائي العربي" لم يكن جمعية وإنما مؤسسة مالية للخواص المستثمرين للعمل على‬ ‫النهوض بالسينما العربية‪ " .‬مركز التعاون العربي الدولي " أسسه رجال أعمال من دبي وأنا أحد‬ ‫مؤسسيه ومستثمرين خليجيين للتعاون مع البالد العربية والغرب وكنت مديره العام في مقره بدبي وهو‬ ‫الذي أنتج معي عملين مشتركين إماراتيين ومغربيين مع مصروكانت مهمتي صعبة بعدما خصصت دبي‬ ‫أمواال هائلة بال حساب للسينما ومهرجاناتها وعهدت بها إلى االنجليز وعناصر من الدول األوروبية التي‬ ‫تنوء بمشاكل أزمة كساد وصاروا يتصرفون بشراهة لصالحها على حساب اإلخوة العرب وال تخدم إال‬ ‫الشركات األمريكية والصهيونية التي تسخر كل سياستها ومراميها لتشويه المسلمين واإلسالم في األفالم‬ ‫التي ينتجونها ولو أنها بمال األغنياء العرب الذين يؤمنون باهلل ورسوله محمد ‪...‬‬ ‫أما فيما يخص مسؤليتي باللجنة الدائمة لإلعالم اإلسالمي برابطة العالم اإلسالمي فقد كانت هناك قيود‬ ‫أكثررغم أنني استطعت معهم أن نأسس" اإلتحاد اإلسالمي لإلنتاج الفني" (السينما والتلفاز) و"مهرجان‬ ‫اإلنتاج اإلعالمي اإلسالمي" وكان علي أن آخذ موافقة وزراة االتصال ليكون مقرالمشروعين بالمغرب‬ ‫ولكنهم رفضوا ألنهم كانوا في خضم صراع مع السعودية حول اتهامها بنشر"الوهابية" بالمغرب وهكذا‬ ‫تخليت عن المشروعين وانسحبت حتي من رابطة العالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يعيش الفن السينمائي يف املغرب أزمة تتعلق أساسا بآليات التمويل والدعم القارة‬ ‫وبآفة القرصنة وظهور وسائط جديدة هذا فضال عن غياب اجلمهور‪ .‬يف زخم هذا الواقع‬ ‫امللتبس أمازال هناك وقت وفرصة إلعادة اجلمهور إىل القاعات السينمائية أم المفر من‬ ‫البحث عن احللول البديلة كخلق السينما اخلاصة بكل بيت وكل أسرة ؟‬ ‫ج ‪:‬ليس ماذكرت في سؤالك هو السبب إن السبب هم من يديرون السينما في بالدنا الذين فتحوا باب‬ ‫القرصنة في مهن اإلنتاج واإلخراج على مصرعيه أمام العديد من األدعياء والدخالء الذين نصبوا‬ ‫أنفسهم مؤطرين أوصياء على السينما المغربية مع أنها تنشد الخالص من هؤالء ألنهم خلقوا مشاكل‬ ‫وحزازات وبلبلة وأفلسوا السينما المغربية بجهلهم ‪ .‬إن هؤالء هم المشكل الذي تعاني منه السينما‬ ‫المغربية ‪ ،‬فقد جعلوا بعض المخرجين " الددائين " المعدودين الذين يأخذون نصيب األسد بالتناوب من‬

‫‪Page 6‬‬


‫صندوق الدعم لعمل أفالم فاشلة والقليل منها من يقبل عليه الجمهور والسينما المغربية تزداد فقرا‬ ‫وانقراض قاعات العرض السينمائية في تصاعد ولم يبق منها إال القليل‪.‬‬ ‫أما عن القرصنة وهروب الجمهور من القاعات السينمائية فكما يقول المثل المغربي ‪ :‬أش يدي الريح من‬ ‫الضص ‪ .‬وعن خلق سينما خاصة في كل بيت وأسرة فهناك وسائل عرض في أغلب البيوت وبتقنيات‬ ‫عالية وشاشات بأحجام تقترب من شاشات السينما وأكثرها جودة في العرض والحل الوحيد هو تشييد‬ ‫المركبات السينمائية الضخمة والفخمة وانتاج األفالم الجيدة ومن دون شك سوف تجدون الجمهور‬ ‫حاضرا باقبال منقطع النظير وليس هناك بديل غير هذا ويكفينا ضحكا على الذقون ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يشهد املغرب طفرة يف اإلنتاج السينمائي مقارنة مع سنوات العشرية املاضية ودول‬ ‫أخرى يف إفريقيا ‪ ،‬كيف يقيم املخرج عبداهلل املصباحي هذه الطفرة يف الوطن ؟‬ ‫ج ‪ :‬ما هي هذه الطفرة في اإلنتاج التي تريدني أن أقيمها؟ هل هي أفالم الهواة التي يصور أغلبها‬ ‫بالفيديو والعالقة لصانعيها بالمهنة السينمائية وال بكتابة السيناريو ‪ ..‬هذه األفالم ليست أفالما بالمعنى‬ ‫الصحيح للكلمة ‪ ،‬ال يمكن أن تحسب على السينما المغربية ‪ .‬وكيف نقول أننا تفوقنا في عدد األفالم‬ ‫المنتجة في بلدان كثيرة بهذه الخردة التي قلت أنه ال يمكن أن تسمى أفالما سينمائية وحتى من ارتكبوا‬ ‫ذنب إخراجها يعترفون ملتمسين عذرا بأنهم يجربون في الميدان السينمائي ألول مرة ‪ ،‬فلماذا إذن تدفع‬ ‫السينما المغربية ثمن تجريبهم ؟ لماذا اليعملون مساعدين مع مخرجين متمكنين يتعلمون منهم المهنة أوال‬ ‫ثم يصبحوا بعد ذلك مخرجين ؟ وهذا هو المعمول به دوليا حتي لو كانوا درسوا وتخرجو من معاهد تعلم‬ ‫السينما ‪ .‬أخشى أن يقولوا لنا معجزة أخرى أن فيلم "القمر األحمر"' لمخرجه حسن بنجلون أحرز على‬ ‫األوسكار هذه السنة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬مارأيك يف املهرجانات السينمائية اليت تنظم يف املدن كما يف بعض القرى املغربية؟‬ ‫ج ‪ :‬منذ تواجدت في بالدنا مهرجانات بعدد الحالقي ‪ ..‬هناك في تاريخ المهرجانات ببالدنا فعال فقط وال‬ ‫غيرمهرجانات يمكن أن أسميها بهذا اإلسم أوال مهرجان طنجة الدولي لبلدان البحر المتوسط الذي أقبره‬ ‫المركز السينمائي حسدا لنجاحه المدوي من أول دورة وقال أن طنجة التستحق مهرجانا دوليا بهذه القيمة‬ ‫التي ال تستحقها إال مدينة الرباط العاصمة وقالوا أن الدورة الثانية ستكون فيها ثم أوقفوا المهرجان ولم‬ ‫يتحقق لهم األمل فاختفى هذا المهرجان الدولي العظيم لتكون دورته الثانية في الرباط ولكن لم يكون‬ ‫بمقدور متطفلي المركز السينمائي تنظيم مهرجان بقيمته‪ .‬وحكاية هذا المهرجان أن مواطنا مثقفا اسمه‬ ‫الحاج ناصرصاحب قاعة سينمائية بطنجة اسمها "المبروك" وكان ناجحا في إصدار كتاب لوزارة التعليم‬ ‫عنوانه "إقرأ" ويعمل معه مصري اسمه كمال بركات رجل مسرح كان في فرقة يوسف وهبي وهاجر‬ ‫من مصرمع زوجته المغربية فعينه مديرا لسينما "المبروك " التي كان كمال بركات يدفعه ليهيئها لتبصح‬ ‫أفضل قاعة سينمائية ومسرحية وقاعة لمهرجانات ولعروض في شمال المغرب ومن ثمة جاءت فكرة‬ ‫مهرجان طنجة السينمائي الدولي لدول البحراألبيض المتوسط ‪ .‬كان هذا في عهد الملك محمد الخامس‬ ‫‪Page 7‬‬


‫طيب اهلل ثراه وانضم إليهما إيطالي يعمل في السينما يتردد كثيرا على طنجة وكان أحد أصدقائه عنده‬ ‫دكان بقالة بطنجة وله أصدقاء يعملون في السينما بإيطاليا إذ كان يعمل "شاف مطبخ " استديوهات‬ ‫سنيشيتا " أكبر االستديوهات اإليطالية ‪ .‬وشارك في مهرجان طنجة عدد من كبارالنجوم اإليطاليين‬ ‫تتقدمهم النجمة العالمية الكبيرة " جينا لولوبريجيدا " ونجوم من مصرعلى رأسهم ناديا لطفي ‪ .‬وأنتج‬ ‫فيلما روائيا مغربيا طويال ليفتتح المهرجان منتجوه مغاربة و من اخراج ‪ :‬العربي بناني وعبد العزيز‬ ‫الرمضاني عنوانه "عندما يثمرالنخيل" المهرجان المغربي المهم الثاني هو الذي أنشأته في مراكش بدعم‬ ‫من جمعية األطلس الكبير التي كان يرأسها السيد محمد المديوري الرئيس الشرفي للجمعية ‪" :‬مهرجان‬ ‫مراكش الدولي للسينما والتليفزيون" وكان مهرجانا في قمة النجاح أبهرالمشاركين المغاربة والدوليين و‬ ‫حضرته شخصيات مهمة باسم الجسر مديرعام معهد العالم العربي ونجوم كبار منهم‪ :‬الفرسيين روجي‬ ‫‪Roger Hanin‬ونخبة من المخرجين من بينهم ‪ :‬الجزائري األخضر حامينا الحائز على السعفة‬ ‫الذهبية في "مهرجان كان" بفيلمه " وقائع سنوات الجمر" الذي قدمه في مهرجاننا في المسابقة‬ ‫وفازبالجائزة الكبرى التاج الذهبي ‪ ،‬خالد الصديق مخرج "بس يا بحر" الفيلم الحائزعلى ‪ 3‬جوائز في‬ ‫مهرجانات و‪ 4‬في مهرجانيين عربيين بسوريا وقرطاج بتونس والكويت ‪،‬والمخرجة التليفزيونية المتميزة‬ ‫"إنعام محمد علي" وكاتبة السيناريو كوثرهيكل الشهيرة في مصرومن الوزراء‪ :‬محد بن عيسى وزير‬ ‫الشؤون الثقافية المغربي األسبق ‪ ،‬وموسى السعدي وزير السياحة آنذاك ومحمد الكنديري وزيرالتربية‬ ‫الوطنية ومحمد العلمي اإلدريسي المشيشي الذي ترأس في تلك الدورة األولى لجنة التحكيم المتكونة من‬ ‫المهدي المنجرة من أكاديمية المملكة المغربية والدكتورمحمد طالل مدير الدراسات بمعهد الصحافة‬ ‫والمخرج محمد الرياني وماري غضبان ناقدة من مصروكمال الشيخ مخرج رئيس نقابة السينمائيين‬ ‫المصريين وخياطي خميس ناقد توني ونكولوجان فيكتورمدير برامج ‪ BBC‬وبيكوليتا بيري مديرة‬ ‫تدريس السينما ‪ Harrow College London , Gerard Neves‬رئيس تحرير مجلة ‪CINE‬‬ ‫[ ‪REVUE‬بلجيكا ‪ ،‬جان ديفور رئيس فن السمعي البصري بمعهد العالم العربي بباريس ومحمد فاي‬ ‫مديرعام اإلذاعة والتلفزيون بالسينغال وبعض السفراء العتمدين بالرباط منهم ‪ :‬عبد الحميد مهري سفير‬ ‫الجزائرواإلئحة طويلة من مشاركين من أعلى مستوى ‪.‬‬ ‫المهرجان الثالث من أكبرالمهرجانات المغربية "مخرجان الدارالدولي للثقافة والسينما والتليفزيون"‬ ‫أنشأته بالدارالبيضاء وكان بدعم مغربي منه الداعمين الجماعات المحلية بالدار البيضاء وداعمين من‬ ‫بلدان عربية منها ‪ :‬مطار دبي ‪ ،‬الصندوق الكويتي للثنمية العربية ‪ ،‬المملكة العربية السعودية رجال‬ ‫أعمال ‪ .‬وحضره نجوم مصريين وبريطانيين ومخرجين واالئحة طويلة ‪.‬‬ ‫وأخيرا المهرجان الرابع هومهرجان مراكش الدولي الذي صارنجما من نجوم المهرجانات العالمية‬ ‫الكبرى ‪.‬‬

‫‪Page 8‬‬


‫س ‪ :‬بعالقة مع السؤال السابق أال ترى أن السينما يف املغرب تعيش مفارقة وتناقضا صارخا‬ ‫بني وجود بنية حتتية سينمائية عاملية "أستوديوهات أطلس" بوارزازات وتنظيم مهرجان‬ ‫مراكش العاملي يف مقابل إنتاج وطين يوزع بالكاد داخل الوطن ؟‬ ‫ج ‪ :‬أنا أول من بدأ إنجاز مدينة سينمائية بتطوان وكونت لها أطرا مغربية عملت معي سنة في تصوير‬ ‫فيلمي العالمي " أفغانستان لماذا؟" ولما وقع خالف بيني وبين الممولين السعوديين للفيلم انسحبوا من‬ ‫الشراكة معي في مشروع "مدينة السينما" هاته ‪ .‬واستديو أطلس استفاذ من العمال الذين تكونوا على يدي‬ ‫في جميع المهن الالزمة للتصويروعلي يد تقنيين مشهورين في السينما العالمية كانوا يعملون معي في‬ ‫فيلم "أفغانستان لماذا ؟ " ولما توقفت "مدينة السينما" أخذهم بعض من كانوا يعملون معي إلى وارزازت‬ ‫ليعملوا معهم في األفالم األجنبية ثم تكونت استديوهات أطلس بوحي من فكرتي في تأسيس مدينة السينما‬ ‫في تطوان ‪ ،‬واقتنوا األرض مثلي من إدارة األمالك المخزنية والباقي بقايا ديكورات أفالم عالمية‬ ‫صورت في وازازات أخذوها ورتبوها في مساحة ما يسمونه استديوهات ‪ .‬ليس هذا بمعنى ماسميته في‬ ‫سؤالك بنيات تحتية عالمية ‪ .‬وليس هناك أي استثمارات مبهرة في هذا الموضوع ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬عالقة السينما بالفن الروائي املغربي أال يفكر املخرج عبداهلل املصباحي يف اإلشتغال على‬ ‫عمل روائي مغربي متميز قد انقرتح مثال "اخلبز احلايف " حملمد شكري أو"املرأة والوردة‬ ‫" حملمد زفزاف أو"لعبة النسيان " حملمد برادة أو غريها من األعمال الروائية األخرى ؟‬ ‫ج ‪ :‬وأنا في القاهرة في عزانتاج أفالم مغربية بدأتها بفيلم "سأكتب اسمك على الرمال" للكاتب المغربية‬ ‫حفيظة العسري بطولة سميرة سعيد وعزت العاليلي في نسختين نسخة مصرية بهذا العنوان ونسخة‬ ‫مغربية بعنوان "أرض التحدي " عن المسيرة الخضراء ووحدتنا الترابية المغربية وكفاح الملك محمد‬ ‫الخامس والشعب المغربي في سبيل الحرية ‪ .‬هذا الفيلم عرض بنجاح في جل البلدان العربية في السينما‬ ‫والتليفزيون‪ ،‬وبعض القنوات عرضته عددا من المرات ‪ .‬وفي إطارمحاربتي التي سألتني عنها في بداية‬ ‫الحوارلم يعرض في المغرب البلد المنتج وأنا مخرجه مغربي ال في السينما وال في التليفزيون ورفضته‬ ‫القناة الثانية ‪ 2M‬بحجة أنها ال تعرض األفالم عن القضايا الوطنية المتخصصة فيها التلفزة المغربية‬ ‫وهذه القناة بدورها اشترت مني حق عرض الفيلم بالمغرب ودفعت ثمنه ولم تعرضه ‪.‬‬ ‫وتعاقدت مع االستاذ عبد الكريم غالب لإلشتغال على قصته "المعلم علي" حيث كنت سأنتج وأخرج منها‬ ‫فيلما يقوم فيه عادل إمام بدورالبطولة واحمد السنوسي "بزيز" وكذلك قصة ألحمد عبد السالم البقالي‬ ‫"سأبكي يوم ترجعين " كإنتاج مشترك مع دولة الكويت الشقيقة وقد كلفوا للتعاون معي عبد الرحمن‬ ‫نصاررجل أعمال كويتي من أصل مصري وله أعمال كثيرة في الجماهيرية الليبية وضرب لي موعدا‬ ‫لكي يزورني في المغرب ويحضر في بالتوالتصوير‪ ،‬وهكذا رتبنا اللقاء بيننا في الرباط وسهرنا جميعا‬ ‫في ضيافة الفنانة سميرة سعيد ثم رافقته إلى أوطيل حسان وافترقنا هناك على أمل أن نذهب في اليوم‬ ‫التالى إلى الدار البيضاء التي يتواجد بها مركز عملي السينمائي ثم إصطحبت الشاعرمحمد الطنجاوي‬ ‫‪Page 9‬‬


‫الذي أصرعلى أن أبيت بمنزل تلك الليلة ‪ ،‬لكن حدثت المفاجأة السيئة حين داهم البيت رجالن من‬ ‫المخابرات المغربية اللذان أخذاني إلى مقراإلستعالمات حيث وجدت باندهاش بالغ المنتج عبدالرحمان‬ ‫نصارمحتجزا عندهم وهناك قاما باستجوابي في شأن عالقتي به ولم يشفع لي سوى عالقة الصداقة التي‬ ‫كانت تربطني مع رجل مخابرات إسمه "جميل" وكنت توفرحينها على (كارت فيزيت) الخاصة به ‪،‬‬ ‫وقدمتها لرجال اإلستعالمات اللذين إعتذرا لي بكل لطف وكانا قد أفرجا عن المنتج عبدالرحمان‬ ‫نصارالذي وجدته في الفندق حامال متاعه وهو يقسم بأغلظ األيمان أن يغادرالمغرب على الفورصارخا‬ ‫في وجهي ‪ :‬دول بهدلوني يا عبد اهلل ‪ .‬موش حابقى في البلد دي وال دقيقه طالع للمطار حاال" قلت له‬ ‫مهدئا من غضبته ‪ :‬أنت بتهزر والفيلم موش حانعملو " فأجاب ‪ :‬نعملو في أي بلد مانعملوش ماتفرقش‬ ‫معايا" ‪ .‬وكانت هذه نهاية حلم عمل أفالم عن قصص مغربية مع دول الخليج ‪ .‬كان في برنامجي "الخبز‬ ‫الحافي" لمحمد شكري والمرأة والوردة لمحمد زفراف ولعبة النسيان لمحمد برادة والزالوا في مشاريعي‬ ‫لسنة ‪ 4161-4161‬إن شاء اهلل ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يعيش العامل العربي على إيقاع إنتفاضات وثورات تأكل األخضر واليابس أال تفكرون يف‬ ‫إجنازعمل سينمائي يوثق هلذه الثورات الزائفة ؟‬ ‫ج ‪ :‬لم تتوقف محاولة الهيمنة على الشعوب عبر المراحل المختلفة للتاريخ على أسلوب أو (تكتيك) فقد‬ ‫حرص االستعمار دائما وفي جميع تلك المراحل على طرق كل األبواب ومحاولة النفاذ من أي مدخل‬ ‫يوصله إلخضاع الشعوب المستضعفة تحت هيمنته ‪ .‬وكان دائما يعمل على تطوير نفسه بأساليب عديدة‬ ‫وملتوية وذلك تماشيا مع ما وصلت إليه الشعوب من إدراك ووعي وطنيين ‪ .‬ومن أحدث األساليب التي‬ ‫لجأت إليها قوى االستعمار العالمي في تعاملها مع الشعوب هو غزو مجتمعاتهم من خاللهم وخلق‬ ‫الخالف والفتن والحروب بينهم واستئصال قيم ومعتقدات وأفكار المجتمع وإحالل قيم ومعتقدات وأفكار‬ ‫محلها يمكن من خاللها تطويع تلك الشعوب وتوظيفها في خدمة األهداف االستعمارية وتعتبرالسينما‬ ‫إحدى الوسائل اإلعالمية الفعالة لفضح هذه التآمرعلى الشعوب ‪ ...‬أما بالنسبة لسؤالك المتعلق بالتفكير‬ ‫في إنجازعمل سينمائي يوثق لهذه الفترة فإنني فكرت في هذا الموضوع وكتبت سيناريو فيلم عنوانه ‪:‬‬ ‫"ربيع عربي في غوانتنامو" يعالج كل األحدات الدائرة في بلدان الربيع العربي ويسلط عليها الضوء‬ ‫بشكل قوي ومركز عبر السينما كقناة من قنوات الثقافة المؤثرة المهمة في حياة المجتمعات اإلنسانية‬ ‫اآلن وقد أفرزت في تسلسل دقيق كافة السبل التي يستغلها المستعر أيضا في محاربة المجتمع العربي‬ ‫وعملية تشويه تاريخ هذا اإلنسان وثراته ‪ .‬وتطرقت الى طرق لشركات اإلنتاج في بعض الدول العربية‬ ‫التي تنتمي لمنظمات صهيونية ومن خالل بعض الممثلين العرب في بالدول األجنبية الذين وقعوا في‬ ‫شهوة بريق السينما وبالنسبةإلنتاج الفيلم انتظرأن اتفق مع منتجين من دول الخليج ممن تعاملوا معي‬ ‫سابقا ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أال تفكرون يف كتابة سريتكم الذاتية سينمائيا يف فيلم وثائقي ؟‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪10‬‬


‫ج ‪ :‬سيرتي الذاتية ال يسعها فيلم وثائقي سينمائي واحد وإنما مسلسل تليفزيوني في ‪ 1‬أجزاء في كل‬ ‫جزء ‪ 11‬حلقة ‪ ،‬وأنا بصدد التعاقد عليه مع إحدى القنوات العربية التليفزيونية الكبرى ‪ .‬إن سيرتي‬ ‫ليست فنية سينمائية أدبية فقط فهي عبارة عن فترات كثيرة من حياتي في المنفى بالقاهرة مع عبد الكريم‬ ‫الخطابي وزعماء المغرب العربي مثل عالل الفاسي ومصالي الحاج والحبيب بورقيبة ‪ ،‬فترة المقاومة‬ ‫ضد االستعمار في سبيل الحرية والكرامة ‪ ،‬فترة حكم الملوك الثالث محمد الخامس والحسن الثاني‬ ‫طيب اهلل ثراهما ‪ ،‬واليوم في عهد الملك محمد السادس أطال اهلل في عمره ‪.‬‬ ‫في سيرتي الذاتية أربط بين اإلبداع الفكري والسياسي والفني والسينمائي وأكشف العديد من األسرار‬ ‫والدورالذي تلعبه السينما ونجومها والسياسة في العالم والبالد العربية التي لم تحقق فاعلية تواجدها‬ ‫السياسي والعلمي والثقافي إلى اليوم‪ .‬السينما ونجومها وكيف أوجدوني عن قرب مع عدد من الزعماء‬ ‫والرؤساء العرب الذين أصبحوا أصدقائي وخصوصا الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات في‬ ‫مصر لما هاجرت إليها من جديد في السبعينات وقد سبق أن نشرت عددا من الحلقات من سيرتي الذاتية‬ ‫في جريدة الشرق األوسط في لندن ‪ ،‬وفي المغرب في جريدة الميثاق الوطني وصحيفة الصحراء‬ ‫المغربية وجريدة الخبر وهذا لم يكن إال القليل جدا منها رغم أن كل صحيفة قد نشرت حوالي ‪ 11‬حلقة ‪،‬‬ ‫كان مجهودا مشكورا ولكني كسينمائي كنت مياال لتقديمها في التلفزيون ألن الصورة الحقيقية واألرشيف‬ ‫سيلعبان دورا مهما جدا في الحكي كتاريخ وروعة القيمة الفنية ستشد الجمهور وستكون نسبة مشاهدتها‬ ‫في العالم العربي مرتقعة جدا‬ ‫س ‪ :‬أخيرا ماهورأيكم في هذه التجارب السينمائية المغربية التي وصلت إلى العالمية "سهيل بنبركة "‬ ‫محمد التازي " مومن السميحي " حميد بنمسعود " "نبيل لحلو"‬ ‫ج ‪ :‬كلها عادية ولم تصل إلي العالمية ألنها لم تعرض في القاعات السينمائية العالمية الكبري وإنما في‬ ‫أماكن عرض قليلة استعاب جمهور ولو قليل العدد من ‪cinéphiles Le‬الذين يشاهدون أفالم ‪Ciné‬‬ ‫‪Club‬التستحق الذكرمن المردودية وال تنفع السينما المغربية في االنتشاروال في شيء ثم أن سهيل‬ ‫بنبركة ومحمد التازي وال نبيل لحلو لم يحصلوا على جوائز في أي مهرجان دولي فقط هناك مومن‬ ‫السميحي الذي حصل على جائزة في مهرجان قرطاج عن فيلمه ‪ Chergui‬أما حميدو بنمسعود فلم‬ ‫يعمل أي فيلم يذكر في أوروبا ما عدا فيلما واحدا مع كلود لولوش " الحياة الحب و الموت " لعب فيه‬ ‫دور مجرم في قفص اإلتهام ينتظراإلعدام ‪.‬‬ ‫شكرا لكم ولسعة صدركم‪.‬‬

‫سرية سينمائية حافلة بالعطاء ‪:‬‬ ‫إزداد المخرج المغربي عبد اهلل المصباحي بتاريخ االزدياد مارس ‪ 6391‬حاصل إجازة في العلوم‬ ‫االقتصادية من جامعة فريبورغ (سويسرا) وماستر الدراسات العليا السينمائية من المدرسة العليا‬ ‫للسينما بباريس وإجازة في األدب تخصص تاريخ الشعوب من جامعة السوربون بفرنسا‪.‬‬ ‫إشتغل مديرعاما لمركز التليفزيون واالتصال الدولي وخبيرا في التنمية التضامنية المستدامة‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪11‬‬


‫إهتم بالميدان السينمائي منذ أكثر من ‪ 11‬سنة ( من ‪ 6311‬إلى اآلن ) ‪ ،‬كتب السيناريو وأخرج العديد‬ ‫من األفالم الروائية الطويلة‪:‬‬ ‫من أعماله‪:‬‬ ‫سيناريو وإخراج " الصمت في االتجاه الممنوع " ( ‪ ) 6391‬إنتاج مغربي سيناريو وإ خراج " غدا‬ ‫لن تتبدل األرض " إنتاج مغربي ( ‪ ) 6391‬سيناريو وإخراج " إخواني األعزاء " إنتاج مؤسسة‬ ‫السينما ( الخياله ) بليبيا ( ‪ 6391‬فيلم " مهرجان الشباب العربي بطرابلس ) ( ‪ ) 6391‬إنتاج‬ ‫مؤسسة السينما ( الخياله ) ب ليبيا " الضوء األخضر" إنتاج مغربي مشترك مع مؤسسة السينما (‬ ‫الخيالة ) بليبيا ومؤسسة السينما " ساتبيك " بتونس ( ‪ " ) 6391‬أين تخبئون الشمس؟ إنتاج مغربي‬ ‫مصري إماراتي مشترك ( ‪ " ) 6391‬دموع المالئكة " إنتاج مغربي مصري مشترك ( ‪" ) 6393‬‬ ‫سأكتب اسمك على الرمال " إنتاج مغربي إماراتي مشترك ( ‪" ) 6311‬طارق بن زياد" إنتاج مغربي‬ ‫مصري مشترك ( ‪ ) 6311‬كتب سيناريو وإخراج " أفغانستان لماذا ؟ " إنتاج عالمي مغربي‬ ‫سعودي مشترك (‪ )6314‬وسيناريو وإخراج " أرض التحدي " إنتاج مغربي (‪)6311‬‬ ‫وسيناريو" جنة الفقراء " إنتاج مغربي (‪ )6311‬وسيناريو و إ خراج ثالثية " المغاربة " ثالثة أفالم‬ ‫روائية مطولة ‪ " :‬القدس باب المغاربة "‪ " ،‬المغاربة ونداء الملك "‪ " ،‬مغربيات من القدس " ‪،‬‬ ‫سيناريو و إ خراج ثالثية " أفغانستان لماذا؟ " وثالثة أفالم روائية مطولة ‪" :‬أفغانستان اهلل وأعداءه "‪،‬‬ ‫" غوانتنامو الحر األخرى "‪ " ،‬كابول تنادي بغداد "‪)4161 - 4113 ( ،‬‬ ‫أما في المجال المهني اإلداري فقد إشتغل مديرا عاما لوكالة المغربية لألفالم فرع المغرب للشركة‬ ‫الدولية فرانكوريكس فيلم باريس ( ‪)6311 - 6319‬‬ ‫ومدير إدارة المصنفات السينمائية ورقابة األفالم بوزارة اإلعالم (‪ )6311‬مدير وكيل للمركز‬ ‫السينمائي المغربي (‪) 6319‬‬ ‫مدير المركز الوطني للفيلم (‪ )6313‬بالمغرب رئيس االتحاد السينمائي العربي بالقاهرة (‪-6391‬‬ ‫‪) 6311‬‬ ‫مدير عام مركز التعاون العربي الدولي بدبي (‪ ) 6391 - 6391‬عضو في اللجنة الدائمة لإلعالم‬ ‫اإلسالمي برابطة العالم اإلسالمي بمكة (‪) 6316‬‬ ‫مدير و رئيس تحرير مجلة رسالة الفن واألدب والسينما (‪) 6316‬‬ ‫رئيس تحرير مجلة األخبار (‪ )6314‬مستشار لوزير المالية (مديرية االستثمارات الخارجية) جولة‬ ‫الوزير ببلدان الخليج العربي و ملتقى المغرب وبلدان الخليج لالستثمار بالمملكة المغربية (‪) 4119‬‬ ‫ومن أعماله التليفزيونية‪:‬‬ ‫فقد كتب سيناريو وأخرج فيلم " شروق " لحساب وزارة اإلعالم الكويت ( ‪ )6311‬كتب وأخرج‬ ‫للتليفزيون المغربي ‪ 411‬عمال (أفالم ‪ ،‬برامج منوعات ‪ ،‬مسلسالت) كتب وأخرج للتليفزيون المغربي‬ ‫الفيلم السينمائي الروائي "حديث األجيال" ( ‪ )6396-6311‬كتب وأخرج عددا من األفالم التليفزيونية‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪12‬‬


‫للتليفزيون المغربي ‪ :‬الغريب ‪ +‬الحصار ‪ +‬ا لدمية ‪ +‬اإلنسان ال يعيش مرتين كتب وأخرج‬ ‫مسلسل "فارس غرناطة" إلذاعة وتليفزيون الكويت (‪ )6391‬كتابة وإنتاج ‪ 9‬أفالم تليفزيونية عن‬ ‫المرأة للتلفزة المغربية (‪ )6311‬كتب وأخرج مسلسل " عائشة المر كتب وأخرج للتليفزيون المغربي "‬ ‫عاشئة المرأة المجهولة " ومسلسل" سعادة اآلخرين " إنتاج مشترك مع التليفزيون المغربي (‪-6319‬‬ ‫‪ )6311‬كتب وأخرج ‪ 61‬فيلما قصيرا‪" :‬سنوات الصناعة التقليدية" ‪ " ،‬روائع الصناعة التقليدية "‪،‬‬ ‫"أنغام وخطوات "‬ ‫)‪(1989‬كتب وأخرج مسلسل " الر جال ال يبكون " إنتاج التلفزة المغربية (‪ )6331‬كتب‬ ‫وأخرج ‪ 61‬فيلما تليفزيونيا روائيا ‪ 61 +‬أفالم تسجيلية عن الجماعات الحضرية والقروية (‪-6336‬‬ ‫‪ 61 )6334‬فيلما عن السياحة والفنادق بالمغرب (‪ )6339‬كتب وأخرج أفالما تليفزيونية ‪" :‬واحة‬ ‫‪" ، "6‬واحة ‪" ، "4‬عائشة قنديشة" ‪" ،‬الخيل والطرب"‪"،‬شيخات بدون رصيد"‪"،‬ليالي الراي" ‪،‬‬ ‫"الموغار"‪" ،‬ليل الغريبة" كتب وأخرج مسلسل "في سبيل الحرية " إنتاج مشترك مع التلفزة المغربية‬ ‫(‪ )4111‬كتب وأخرج أفالم تحسيسية لوزارة الصحة "أرضعيني حليبك يا أمي "عن الرضاعة الطبيعية‬ ‫‪" ،‬تحصنوا ضد السيدا " عن محاربة السيدا (‪ ) 4116‬كتب وأخرج ‪ 1‬أفالم تحسيسية للبنك اإلسالمي‬ ‫للتنمية بجدة فرع المغرب ‪" :‬نور العيون" ‪" ،‬نعمة البصر"‪"،‬نبتة األمل "‪" ،‬خيوط من ذهب"‬ ‫وفي المجال اإلعالمي اإلذاعي فقد كتب لإلذاعة المغربية ‪ 41‬رواية إذاعية (‪)6313‬‬ ‫وفي المسرح‪:‬‬ ‫إشتغل ثالث سنوات في المسرح الوطني الشعبي بأفينيون بفرنسا بإدارة المخرج الفرنسي الشهير جان‬ ‫فيالر والممثل والمخرج العالمي أرسون ويلس ( ‪ ) 6313 -6319‬كما كتب وأخرج العديد من‬ ‫المسرحيات للمسرح المغربي وللمسرح العالمي منها‪:‬‬ ‫" =الجدار" عرضت بمسرح شيلر طياطر ببرلين وطاليا طياطر همبورغ ألمانيا (‪)6311‬‬ ‫عبداهلل المصبحي أيضا هومؤسس ومدير عام مهرجان مراكش الدولي للسينما والتليفزيون (‪)6311‬‬ ‫مع جمعية األطلس الكبير مؤسس ومدير عام مهرجان الدار البيضاء الدولي للسينما والتليفزيون‬ ‫(‪ )6331‬عضو في لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي الدولي مع المخرج السينمائي األمريكي‬ ‫الشهي "كينغ فيدور" (‪ )6314‬عضو في لجنة التحكيم في مهرجان "كارلو فيفاري" تشيكوسالفي‬ ‫(‪ )6331‬عضو في لجنة التحكيم في "مهرجان تشقند" روسيا محاضرات عن السينما ‪ :‬اإلمارات‬ ‫العربية ‪ ،‬افتتاح الموسم الثقافي بأبو ظبي (‪ )6331‬محاضرة بنادي السينما في الكويت‬ ‫(‪ )6331‬محاضرة بحمعية الثقافة الفنون في جدة ‪ -‬المملكة العربية السعودية (‪ )6331‬محاضرة‬ ‫في نقابة الفنانين بدمشق – سوريا (‪ )6339‬ومحاضرة في المركز القومي للسينما (‪ )6331‬ألف‬ ‫عددا من الكتب ( ‪ ) 4111 -6333‬منها ‪" :‬اعتصاب في مخيمات العار" صدر عن مطبعة‬ ‫النجاح‪ " ،‬أفغانستان الحرب األخرى " عن دار " إشراق " ‪ " ،‬حلقات من سيرتي الذاتية " بجريدة‬ ‫الشرق األوسط لندن وجريدة " الميثاق " المغرب‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪13‬‬


‫حوارمع الناقد والروائي املغربي الدكتورحممد برادة‬ ‫أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم ‪:‬‬ ‫يعتبرالناقد والقاص والروائي الدكتورمحمد برادة من بين أهم الكتاب الطليعيين في األدب المغربي‬ ‫المعاصرالذين أسهموا بشكل وافروالفت في التراكم النقدي والروائي ليس على مستوى المغرب فحسب‬ ‫وإنما على الصعيد العربي بما حققه وأنجزه من كتب ومتابعات وقراءات نقدية غزيرة جدا كانت بكل‬ ‫تأكيد على مدى نصف قرن وماتزال ذلك الجسرالثقافي بين المغرب والمشرق العربي ومن جانب آخربما‬ ‫أنجزه من ترجمات هامة ألشهرالكتب النقدية التنظيرية الفرنسية على الخصوص ل"روالن بارت وجان‬ ‫جينيه وميخائيل باختين ولوكليزو" وغيرهم والتي أسهمت في تحديث الدرس والمقاربات النقدية‬ ‫والبحوث الجامعية ومد جسورالمثاقفة مع شمال حوض البحراألبيض المتوسط مما جعل منه ذاكرة ثقافية‬ ‫مغربية وعربية هرمية بامتياز‪.‬‬ ‫الدكتورمحمد برادة كان أيضا من بين أهم األسماء المؤسسة التحاد كتاب المغرب أواخرالستينات إلى‬ ‫جانب شيخ الصحفيين واألدباء المغاربة عبدالكريم غالب ومحمد عزيز لحبابي ومصطفى القباج وغيرهم‬ ‫وسيتوج هذا المساراإلتحادي بتقلده للرئاسة من سنة ‪ 6791‬إلى سنة ‪ . 6791‬ومن جانب آخروإليمانه‬ ‫الراسخ بتالزم الفعل الثقافي بالسياسي من خالل اإلنتماء العضوي فقد إنخرط أيضا منذ أوائل الستينات‬ ‫في الدفاع عن أهم القضايا الحقوقية والسياسية المغربية والعربية بشكل عام ولعل أهمها قضية الدمقرطة‬ ‫والتحرر‪..‬‬ ‫‪Page 1‬‬


‫قصة "المعطف البالي" كانت أولى قطرات الغيث السردية التي نشرها محمد برادة بجريدة العلم المغربية‬ ‫سنة ‪ 6799‬ثم نشرمجموعته القصصية األولى موسومة ب"سلخ الجلد" سنة ‪ 6797‬أما أولى رواياته‬ ‫"لعبة النسيان" فقد صدرت سنة ‪ 6799‬ثم تدفقت بعدها روايات أخرنذكرمن بينها "الضوء الهارب"‬ ‫"مثل صيف لن يتكرر" "إمرأة النسيان" إلى آخررواية له صدرت في ربيع سنة ‪ 4162‬موسومة‬ ‫ب"بعيدا من الضوضاء ‪ ..‬قريبا من السكات" ‪.‬‬ ‫أما في مجال الترجمة فإن المكتبة العربية تزخربالعديد من إنجازاته القيمة نذكرمنها على الخصوص‬ ‫كتاب "درجة الصفرفي الكتابة " لروالن بارت " من المنغلق إلى المنفتح لمحمد عزيزالحبابي " و"‬ ‫قصائد تحت الكمامة وهي ديوان شعرلعبد اللطيف اللعبي " و" الخطاب الروائي لميخائيل باختين "‬ ‫وبمناسبة ترجمة روايته "إمرأة النسيان " إلى اإلسبانية وهوفي طريقه إلى الضفة األخرى األندلسية‬ ‫لتوقيعها أجرينا معه هذا الحوارالهام ‪.‬‬ ‫ــــ لحـسـن الحظ أن للنص الذي نكتبه أكثرمن حياة‬ ‫ــــ مـهـمة الترجمة إلى كل اللغات هي واحدة في وظــيـفتها‪ :‬مــد الجســور بـين الثـقافات‬ ‫ــــ الترجمة عندنا تخضع لمقاييس وجهود فردية وتظل في دائرة الــهواية‪.‬‬ ‫ــــ في طليعة عناصـر التجـويد الروائي‪ ،‬الموهبة والتجربة الحياتية الواسعة‪ ،‬وصوغ رؤية إلى العالم‬ ‫تسـعف القارئ على فـهـم مجتمعه بعيدا من النظـرة الوثوقية المسبقة‪.‬‬ ‫ــــ الكتابة عـنـدي هي مـغامرة وتجـريب‪ .‬ومن الصعب في هذا المضمار أن نتحدث عن مشروع محدد‬ ‫المالمح واألهداف‬ ‫ــــ ومـثلما أن التاريخ مصنوع من الـمآسي والمهازل والخيبات والنجاحات‪ ،‬فـإن الرواية هي بامتياز‬ ‫الشكل الجامع لكل التناقضات والصراعات والعواطف والـمفارقات‪...‬‬ ‫ــــ ال شك أن المبدعين الجيدين هم في حاجة إلى جوائز تتيح لهم االستـمرار في اإلنتـاج‬ ‫س ‪ :‬تتشرف جملة إحتاد كتاب اإلنرتنت املغاربية ويف زمحة إنشغاالتكم النقدية واإلبداعية بأن‬ ‫تقتنص هذه اللحظة املائزة والنفيسة بإجراء هذا احلوارمعكم مبناسبة صدورالرتمجة‬ ‫اإلسبانية لروايتكم "إمرأة النسيان" بداية هنيئا لكم بهذا اإلصداراملتميزوسؤالي األول‬ ‫دكتورحممد برادة وأنتم يف طريقكم إىل توقيعها بإسبانيا ماهي داللة هذه الرتمجة يف‬ ‫عمقها التارخيي اإليبريوعربي مقارنة مع ترمجة بلغة أخرى فرنسية أوأجنليزية أوروسية ؟‬ ‫ج ‪ :‬أظــن أن مـهـمة الترجمة إلى كل اللغات هي واحدة في وظــيـفتها‪ :‬مــد الجســور بـين الثـقافات‪،‬‬ ‫واإلسهام في تـفـعـيـل تـبـادل التــأثـيـر بين إنـتاجات الــفكر والــمـخيـلة بــاتـجـاه بـلــورة قـيم إنسانية‪،‬‬ ‫كونية تـوطـد عـالئـق الـحضــارات‪...‬بالنــسبة لـلغة اإلسـبانية‪ ،‬يـسـرني أن تـسـعـفـني تـرجمة روايتي‬ ‫إليـها‪ ،‬في الوصول إلى قـراء مـحـتـمـــليـن‪ ،‬ألن أكـثـر من عـنـصـر يـــمـد حـبـال الـقـرابة بـيـنـنــا‪:‬‬ ‫الموقع الجغرافي‪ ،‬التاريخ الـمشتـرك (خاصة في األنـدلس)‪ ،‬وجود جاليـة مغربية مـهاجرة وافـرة‬ ‫‪Page 2‬‬


‫الـعدد‪ ...‬وقد استـرعى انــتباهي خالل تـوقيع "امرأة النسيان" في طـبعتها اإلسبانية‪ ،‬أن بعض الذين‬ ‫قـرأوها‪ ،‬أشاروا أثناء المناقشة‪ ،‬إلى وجود تـشابه بين وضعية األحزاب عندهم والصورة الـبـارودية التي‬ ‫تـرسمها الرواية للحزب اليساري المغربي السائر نحو االنحدار وفقـدان المصداقية‪...‬ونقطة االلتقاء هذه‪،‬‬ ‫تعود إلى األزمة العميقة التي تعيشها إسبانيا نتيجة فشل تـعاظم عدد السـاخطين على اليمين واليسار‪،‬‬ ‫والبحث عن مستقبل يبدو مظلما بعد تعـثر مشروع االتحاد األوروبي‪ ،‬وتالشي الثقة في السياسيـيـن الذين‬ ‫يقولون ما ال يفعلون‪ ...‬لذلك فـإن السياق المتقارب بين وضعي المجتمعين‪ ،‬على رغم تـباين الفترتين‬ ‫التاريخيـتين‪ ،‬جعل "امرأة النسيان" تالمس موضوعا مشتركا‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يف تقديركم ‪ ،‬هل إستطاعت هذه الرتمجة اليت أجنزتها كل من ســيـلـيا تـيـلـيـزوعادل‬ ‫بــرادة أن تكون وفية للحمولة الفكرية واألبعاد اجلمالية والسردية للنسخة العربية األصلية ؟‬ ‫ج ‪ :‬ال أستطيع أن أحكم على مـدى دقة الترجمة ووفـائها بالغرض‪ ،‬ألنـني ال أعـرف اللغة اإلسبانية؛‬ ‫ألجل ذلك أتـطلع إلى رأي األصدقاء الذين يـعرفون اللغــتـيــن‪ .‬ومن خالل ردود الفعل األولى لبعض‬ ‫القراء اإلسبانــيـين الذين استمعت إليهم‪ ،‬يبدو أن العناصر األساس في الرواية قد وصلتهم‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عن دقة التعبيـر وتالوين األسلوب‪.‬‬ ‫س ‪ :‬قمتم برتمجة العديد من األعمال اإلبداعية األدبية يف الشعروالرواية إىل اللغة العربية‬ ‫للطاهربن جلون وعبداللطيف اللعيب وغريهما ‪ ،‬ماهوإحساسكم بني كونكم كاتبا مرتمجا‬ ‫(بكسراجليم) وكاتبا مرتمجا (بفتح اجليم) ؟‬ ‫ج ‪ :‬الفـرق مهم بـين الـمتـرجـم والمتـرجــم‪ :‬األول يمارس نوعا من "الـحـلول" المؤقت في لغة‬ ‫الـمترجـم له‪ ،‬مع االحتفاظ بـســمات تلتصق بلـغته الخاصة ومنهـجه في تأويل النص والمعاني‪...‬وعندما‬ ‫ال يكون الـنص المـترجـم "مفـروضا" على الـمـترجـم‪ ،‬فـإن هذا األخير يختاره ألنـه يـصادف هـوى في‬ ‫نفسه‪ ،‬ويتـمنى في قـرارة نفسه لـو كان هـو مــن كـتـبــه‪ .‬أما عندما يصبح المـتـرجـم متـرجـما‪ ،‬فـإنه‬ ‫سـيــعـاين أن نـصـــــه يـبـدأ حياة جديدة عـبـر قـراء مجـهولـين لـديه‪ ،‬ال يستطيع أن يـتـنـبأ بـردود فعلهم‬ ‫وطـبيـعة تلقـيـهم‪ .‬ذلــك أننا عندما نـكتب بالعربية‪ ،‬يمكن أن نـستـحضـر‪ ،‬بكيفية تـقريـبيـة‪ ،‬ذوق‬ ‫ومسـتوى القراء العرب المحتملين؛ أمـا بالنـسبة لـلقراء األجانب فـإن تخـمين نوعية التلـقـي لديهم تكون‬ ‫غائبة عنـدنا‪ ،‬ألنـنا ال نكتب حسب مقايـيس تالئم أفق انتظار القراء األجانب‪ .‬ومن ثـم‪ ،‬ال نـتـعرف على‬ ‫تـلـقـي "اآلخـر" إال بعد الترجمة وقراءة ردود فـعل النـقاد وتـقيـيـمهم للنصوص المترجـمة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬الجدال يف أن املغرب يعتربرائدا يف الدول العربية يف جمال الرتمجة بفضل جيل الرواد‬ ‫أمثالكم واألجيال اليت جاءت من بعدكم ‪ ،‬لكن مالذي جيعل هذه احلركية املتألقة يف الرتمجة‬ ‫الحتتفي باألعمال الروائية والشعرية املغربية لنقلها إىل لغات عاملية أخرى ‪ ،‬أذكرعلى سبيل‬ ‫املثال أعمالكم وأعمال عبداهلل العروي ومبارك ربيع وأمحد ملديين وغريهم ؟‬ ‫‪Page 3‬‬


‫ج‪ :‬ال أظن أننا دولة رائدة في الترجمة قياسا إلى الدول العربية‪ ،‬ألننا ال نـتـوفـر على هيئة تضم مجموع‬ ‫المترجـمين وتعمل وفق مخطط وستـراتيجية مـعلن عنها‪ ،‬بل الترجمة عندنا تخضع لمقاييس وجهود‬ ‫فردية وتظل في دائرة الــهواية‪ .‬وكانت هناك محاولة في تسعينات القرن الماضي‪ ،‬بتعاون مع وزارة‬ ‫الثقافة‪ ،‬إلنشاء هيئة المترجمين المغاربة وفـق خطة متكاملة لـتـعـزيز الجهود التي تـبـذل في الفضاء‬ ‫العـربــي الذي يسعى إلى تـدارك النقص المهول في مجال الترجمة؛ لكن المشروع أقـبـر وظلت‬ ‫المبادرات الفردية هي السائدة‪ ،‬وهي جد محدودة قياسا إلى مـا يـنـجـزه المركز القومي في مصـر‪ ،‬أو‬ ‫هيئات أخرى في اإلمارات والكويت‪...‬أمـا بالنسبة لـتـرجمة أعمال مغربية إلى لغات أجنبية‪ ،‬فـالمسألة ال‬ ‫تخضع لـرغبة ذاتية أو مبادرات فـردية‪ ،‬بــل هي مـتعلقة أساسا بـإرادة و"اختيار" دور النــشـر األجنبية‬ ‫التي هي مؤسسات حـرة وتختار وفـق أذواق واهتمامات القـراء األجانب الذين يقـتـنون الكتب ويتـيحون‬ ‫لدور النشـر االستمـرار‪ .‬لذلك فـإن تـرجمة أعمال أدبية مغربية بمبادرات فـردية لـن تـنجح في إقناع‬ ‫الناشرين األجانب وبالتالي لن تـوفــق إلى تـسويق الكتاب المترجم وتوصيله إلى قـرائه المحتمـلين‪ .‬إن‬ ‫عملية الوصول إلى القراء األجانب عملية جد مـعقدة‪ ،‬وال مـناص من أن تأتي المبادرة من "اآلخـر"‬ ‫المتـابع لما يـنـشـر عبر لغات العالم؛ ومقايـيـسه تـتراوح بين الجودة الفنية العالية (ظاهرة رواية الواقعية‬ ‫السحرية في أمريكا الـالتـينية‪ ،‬مثال)‪ ،‬أو البحث عن نصوص تـقدم "شهادة" عن أوضاع سياسية متردية‬ ‫أو سلوك اجتماعي يستـحق الفضح‪ .‬ونـتيجة لهذا الوضع الترجمي المعقد‪ ،‬نالحظ أن الزمالء العرب‬ ‫الذين يكتبون مباشرة بالفرنسية أو اإلنجليزية‪ ،‬سرعان ما يشقون طريقهم مستـفـيدين من الـبنـيـات الثقافية‬ ‫وأواليات التوزيع ذات الخبرة الواسعة‪ ،...‬علما أن عدد الذين يكتبون بالعربية هم أضعاف أضعاف‬ ‫زمالئهم الكاتبين بلغة أجنبية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬هل صحيح أن الروائيني النقاد يتوفقون أكثريف كتابة الرواية مقارنة مع غريهم من‬ ‫الكتاب باعتبارأنهم يشتغلون على بنيات الرواية برؤية أكادميية وعاملة بأدوات خمتربها‬ ‫السردي ؟‬ ‫ج‪ :‬ال أرى أن الروائيـين الـنقاد يتوفقون أكثـر في كتابة النصوص السـردية‪ ،‬ألن الجودة تـعود إلى‬ ‫عـناصـر متعددة تـتـخطى المعرفة األكاديمية والنـقدية‪ .‬وفي طليعة عناصـر التجـويد الروائي‪ ،‬الموهبة‬ ‫والتجربة الحياتية الواسعة‪ ،‬وصوغ رؤية إلى العالم تسـعف القارئ على فـهـم مجتمعه بعيدا من النظـرة‬ ‫الوثوقية المسبقة‪ .‬يـضاف إلى ذلك‪ ،‬عالقة الروائي باللغة ومستوياتها المتعددة الكاشفة لخلفية األفكار‬ ‫والمواقف المتحكمة في جـدلية المجتمع والعالم‪...‬وإذا اعتمدت روايات على وصفة أكاديمية جاهـزة‪،‬‬ ‫فـإنها قد تؤول إلى إنـتـاج نصوص بـدون نـكهـة أو روح تزرع فيها الحياة‪ .‬لكن‪ ،‬يجب التـنـبـيـه إلى أنه‬ ‫من غير المقبول اليوم‪ ،‬أن يـزعم روائي أنـه يكتب اعتمادا على السـليقة أو التلقائية دون االلتفات إلى ما‬ ‫أنجـزه كتاب كبار من قبله‪ .‬إنه ال مناص للروائي من أن يسـتوعب تاريخ الرواية العالمية‪ ،‬وأن يتمعـن‬

‫‪Page 4‬‬


‫في األشكال وطرائق السرد التي تكون معلما بارزا في منجـزات الرواية الكونية‪ .‬من غير ذلك سيكون‬ ‫الروائي معرضا للوقوع في التكرار والعجز عن إيجاد الشكل المالئم لتجربته الروائية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بارتباط مع السؤال السابق ‪ ،‬من رواية لعبة النسيان إىل رواية الضوء اهلارب هل ميكننا‬ ‫أن نتحدث عن مالمح مشروع روائي يقتعد على خلفية عاملة بالنظرية النقدية من جهة ومن‬ ‫جهة أخرى على ذاكرة إجتماعية وثقافية وسياسية حتفريف ثالوث الذاكرة واملوت واملرأة ؟‬ ‫ج‪ :‬أنا ال أمـيل إلى استـعمال كلمة "مـشـروع روائي"‪ ،‬ألن الكتابة عـنـدي هي مـغامرة وتجـريب‪ .‬ومن‬ ‫الصعب في هذا المضمار أن نتحدث عن مشروع محدد المالمح واألهداف‪ .‬ربـما مع طول الممارسة‬ ‫تأخذ بعض المكونات الروائية في الـتـبـلور والـطـفـو‪ ،‬لـتمـيـز عالمي الروائي‪ .‬وقد أشـرتم إلى بروز‬ ‫اهتمامي بثالوث الذاكرة والموت والـمرأة‪ ،‬وهي عناصر تشغلني إلى جانب أخـرى داللية وشكلية‪ .‬فأنا‬ ‫أسعى إلى كتابة الذاكرة المختلفة عن محاكاة الواقع واستـنساخه‪ .‬وأعـتبـر التعدد اللغوي وتعدد األصوات‬ ‫عنصرا مهما في بناء عالم روائي متميـز وصوغ رؤية خاصة إلى العالم‪ .‬لكن‪ ،‬في اآلن نفسه‪ ،‬أحاول أن‬ ‫أتعامل مع جميع الـتـيمات والموضوعات على قدم المساواة‪ ،‬ألن الحياة ال تستـقيم إذا قـصـرناها على‬ ‫مجاالت دون أخرى‪ .‬بعبارة ثانية‪ ،‬العواطف والسلوكات واألفكار تــتجاور وتـتقاطع وتـتبادل التـأثـير‪،‬‬ ‫وال يمكن أن نعزل السياسة عن الحب والجنس‪ ،‬عن الوفاء والخيانة‪ ،‬عن الشـر والخير‪ ،‬وال التاريخ عن‬ ‫تجلياته المختلفة وطرائق فهمه وتأثـيره في الوعي والمصـائـر‪...‬يضاف إلى كل ذلك‪ ،‬عنـصر التـخيـيـل‬ ‫الذي يوسع رحابة العالم‪ ،‬ويسمح بفهــم مـا يجعله الواقع مـسـطــحا وفـاقــد المعنى‪...‬‬ ‫س ‪ :‬لوقمنا جبرد حلصيلة اإلصدارات اإلبداعية األدبية املغربية فسنالحظ تصاعدا متميزا يف‬ ‫أرقام املنجزالروائي ‪ ،‬هل فعال نعيش زمن الرواية وأن الرواية أضحت ديوان العرب أم أن‬ ‫هناك تطاوال على هذا اجلنس أعين إما هناك روايات بال روائيني أوهناك روائيني بال روايات ؟‬ ‫ج‪ :‬هناك بالفعل تزايد في اإلصدارات الروائية بالمغرب‪ ،‬قياسا إلى ما كان عليه في ستينات القرن‬ ‫الماضي؛ وهي ظاهرة يمكن أن نربطها بـإمكانات الشكل الروائي في التعـبيـر عن تعقيدات الحياة‬ ‫المجتمعية‪ ،‬واختالل القيم‪ ،‬والحاجة إلى فـهم التحوالت المتسارعة في العقديـن األخيريـن‪...‬وجـنـس‬ ‫الرواية أقـدر‪-‬كما أوضح منظرو الرواية‪-‬على تجـسيد "نـثـريـة" الحياة والتـقاط لغة الكالم والتواصل‬ ‫المصاحبة لفتـرات الـتـغـيــر‪ .‬إذن تـصدر الرواية لبقية أجناس التعـبـيـر ال تعني أفضليـتها على الشعر أو‬ ‫القصة أو المسرح‪ .‬وفي اآلن نفسه‪ ،‬ال يعني هذا االهتمام أن الذين سيخوضون غمار الرواية سيحققون‬ ‫مستوى جيدا في جمالية النص وداللته‪ .‬نحن في أول الطريق‪ ،‬والرواية "صـعب ســلــمها"‪ ،‬ومن‬ ‫الطبيعي أن يفوق الـغـث السمين‪ .‬وأظن أن من أسباب ذلك‪ ،‬كـون الكتـاب الشباب يـتـعجـلون النـشـر وال‬ ‫يعملون على استـكمال األدوات والشروط التي تجعل رواياتهم قادرة على جذب اهتمام قـراء محتملين‬ ‫غير مستعدين لـتبديد وقتهم في قراءة لغو الكالم أو قراءة روايات ال تـبـرر سـبب وجودها بمـقاييس فنـية‬ ‫مقنعة‪...‬‬ ‫‪Page 5‬‬


‫س ‪ :‬دخلت الرواية العربية مع ظهورالرقمية يف جتربة جديدة ما اصطلح عليه البعض‬ ‫بالرواية الرقمية نذكرعلى سبيل املثال جتربة األردني حممد سناجلة الذي أصدرثالث روايات‬ ‫هي "شات" و"ظالل الواحد" و"صقيع" بداية هل لديكم فكرة عن هذا اإلبداع األدبي‬ ‫الرقمي العربي (قصة رقمية) (قصيدة رقمية) وثانيا أليس من السابق ألوانه أن نتحدث عن‬ ‫تأسيس لنظرية نقدية رقمية ؟‬ ‫ج‪:‬أتابع من بعيد وبخبرة جد محدودة‪ ،‬ما يـجـد في مجال الرقمية والنشـر اإللكتروني‪ .‬وهي مسألة مهمة‬ ‫وستأخذ وقتا قـبل أن تفرض نفسها على عاداتنا وسلوكنا الثقافي (أقصد جيلي)‪ .‬لكن‪ ،‬أظن أن تـغـيـر‬ ‫وسائل التعـبير لن يمحو المقاييس األساس عند الـتقيـيم النقدي والفني‪ .‬بعبارة ثانية‪ ،‬ال أظن أن غلبة‬ ‫اإلبداع الرقمي ستؤدي إلى محـو مقاييس اإلبداع والجمال التي انـزرعت في نفوس البشـر منذ عصور‬ ‫مغرقة في الـقـدم‪ .‬وكل تحول في حوامل التـعـبيـر واإلبداع قد يحمل عناصر إضافية في االقتـراب من‬ ‫بلورة معايـيـر جمالية ذات طـابع إنساني كـوني‪ ،‬إال أن هذا المجال ال يعرف إلــغاء الـالحق للـسابق‪،‬‬ ‫كما الحال في العلوم‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بني النشرالورقي واإللكرتوني ما يشبه احلرب الباردة ومن دون شك أن بوادراحلسم‬ ‫فيها سيكون للنشراإللكرتوني إذ أن كل اجلرائد املغربية أطلقت نسخها األلكرتونية هذا‬ ‫فضالعن تصاعد ملحوظ للكتاب اإللكرتوني باعتباركم من جيل الكتاب الرواد ماهوشعوركم‬ ‫يف حلظة إفتقاد حلميمية وملمس الورق واستبدال كتاب اجليب بكتاب اإليباد اإللكرتوني ؟‬ ‫ج‪ :‬فعال‪ ،‬هذه مسألة تـهدد عاداتنا القـرائية والتواصلية‪ ،‬إال أنها نتـيجة طبيـعية لتطورات التـقـانة‬ ‫وعـولـمة كل مجاالت العيش واالتصال‪...‬بالنسبة لي‪ ،‬أحاول أن أستعمل الكتاب واإللكتروني حسب‬ ‫حاجتي إلى القراءة ونوعيتها‪ ،‬فألجأ إلى المنشورات اإللكترونية عندما يتعلق األمر بمقاالت إخبارية‬ ‫وصحفية أو معلومات عامة‪ .‬أما نصوص اإلبداع والفكر الفلسفي فأفضل االعتماد على الكتب التي تتيـح‬ ‫التمهل والتمحيص وكتابة التعليقات والتساؤالت‪...‬وال أظن أن الكتاب الورقي المطبوع سيتالشى من‬ ‫فضاء الثقافة‪ ،‬ألن سحره وخصوصيته يمنحانه حق االستمرار؟‬ ‫س ‪ :‬عشتم العديد من احملطات السياسية التارخيية املغربية والعربية من أواخراخلمسينات‬ ‫إىل الثورات الراهنة (حروب ‪ ،‬إنقالبات ‪ ،‬إنهياراملعسكرالشرقي ‪ ،‬احلادي عشرمن أيلول ‪،‬‬ ‫الثورات العربية ‪ ..‬إخل) كيف تنظرون كأكادميي وروائي عربي ومثقف إلي ماجيري من املاء‬ ‫إىل املاء وهل الرواية العربية قادرة على إستيعاب كل هذا الزخم وقادرة على تسويركل هذا‬ ‫الدم والدخان ؟‬ ‫ج‪ :‬هذا سؤال شاسع األطراف ال يتسع المجال هنا السـتـيـعابه؛ لكنني أرى أن حق التـعـبير األدبي‬ ‫والفني أضحى قائما وحاضرا لدى المبدعين العرب الذين استطاعوا‪ ،‬على رغم القمع وأنظمة االستـبداد‪،‬‬ ‫‪Page 6‬‬


‫أن يجعلوا منه وسيلة للتـنـفيس والفضح والمقاومة‪ .‬ولم تـنجح الرقابات بأنواعها أن تـكتم أنفاس اإلبداع‬ ‫العربي المعاصر الذي استطاع أن يصبح المـرآة الصادقة لما يجري في أعماق المجتمع وفي مسالك‬ ‫النفوس‪...‬لذلك ستظـل الرواية‪ ،‬إلى جانب أشكال تعبيـرية أخرى‪ ،‬وسيلة للمعرفة والمتعة واسـتـيـحاء‬ ‫الواقع المتحول وما يـكـتنـفه من تـدهور وتـمـزق‪ .‬لكن المستـقبل العربي الغامض‪ ،‬المجهول‪ ،‬الهــش‪،‬‬ ‫هـو في اآلن نفــسـه ينطوي على جـدلية تحمل بـذور التـغـيـيـر وفق منطق العصـر وحاجيات مجتمعاتنا‬ ‫الـشـابـة‪ .‬ومـثلما أن التاريخ مصنوع من الـمآسي والمهازل والخيبات والنجاحات‪ ،‬فـإن الرواية هي‬ ‫بامتياز الشكل الجامع لكل التناقضات والصراعات والعواطف والـمفارقات‪...‬‬ ‫س ‪ :‬أخريا نود أن نستمزج رأيكم يف ظاهرة اجلوائزالعربية وما يثارحوهلا من أسئلة شائكة ‪،‬‬ ‫عن رمزيتها ‪ ،‬قيمتها املالية ‪ ،‬جلان القراءة واجلهات الراعية هلا وأحيانا خلفياتها السياسية ؟‬ ‫ج‪ :‬أجـد أن مسألة الجوائز األدبية والفكرية التي بـرزت في الحقل الثقافي العربي منذ عقود‪ ،‬هي ظاهرة‬ ‫إيجابية‪ ،‬خاصة تلك التي تصدر عن مؤسسات وأشخاص ال يمثلون نظاما سياسيا‪ ،‬ويـتـوخون إسناد‬ ‫اإلبداع في سـياق عـربي مضاد لحرية الخلق والتعـبـير‪ .‬وال شك أن المبدعين الجيدين هم في حاجة إلى‬ ‫جوائز تتيح لهم االستـمرار في اإلنتـاج‪ .‬وعلى خالف ما يوجد في الحقول الثقافية األوروبية‪ ،‬فـإن الحقل‬ ‫األدبي عندنا ال يتمتع باستقاللية مادية (مبيعات الكتب وحقوق المؤلف‪ )...‬تتيح للمبدعين أن يعيشوا من‬ ‫قلمهم‪ .‬وهو أمر غريب داخل فضاء عربي يضم أكثـر من ‪ 111‬مليون نسمة! أما مسألة تنظيم هذه‬ ‫الجوائز فهي تـحتاج إلى مراجعة‪ ،‬ألن تـغـيـيـر اللجان في كل دورة ال يضمن العثور على مـحـكــميـن‬ ‫لهم الشروط المطلوبة‪ .‬واألفضل أن نسلك الطريق المتبع في بعض الجوائز األدبية العالمية التي تعتمد‬ ‫على لجنة تحكيم قـارة‪ ،‬مكونة من أعضاء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة‪ ،‬ويكون من حق الجمهور أن‬ ‫يتدخل بمالحظاته وتقييماته بعد إعالن النتائج‪ .‬ويتم تعويض األعضاء الذين تقدم بهم السـن أو التحقوا‬ ‫بالرفيق األعلى‪ .‬لكن األهم‪ ،‬هو أن تحدد الجهات الراعية للجوائز أهدافها واشـتـراطاتها ليكون‬ ‫المرشحون على بـيـنـة من اختياراتهم‪.‬‬

‫‪Page 7‬‬


‫حـوارمع الكاتب والصحفي حممد أديب السالوي مبناسبة تأسيس‬ ‫مؤسسة حممد أديب السالوي للفكرواإلبداعي املسرحي‬

‫تقديم‬ ‫األستاذ محمد أديب السالوي إسم إعالمي وأدبي وثقافي وفني مغربي شهيرووازن بالمغرب ‪ ،‬اليمكن‬ ‫ألي باحث اليوم أن يؤرخ لتحوالت الثقافة واإلعالم المغربيين بعد اإلستقالل من دون أن يطرق باب‬ ‫مكتبة محمد األديب السالوي التي تعتبرذخيرة ثقافية وإعالمية وفنية تمشي على قدمين وبمناسبة تأسيس‬ ‫مؤسسة محمد أديب السالوي للفكرواإلبداع المسرحي أجرت مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة‬ ‫الحوارالتالي‪:‬‬ ‫س‪ :‬أستاذ حممد أديب السالوي لنبدأ حوارنا هذا من آخر جديدك فقد مت مؤخرا إطالق‬ ‫مؤسسة حممد أديب السالوي للفكر واإلبداع املسرحي حدثنا كيف انبثقت هذه الفكرة ومن‬ ‫وراء هذا املشروع املغربي الثقايف والفكري اهلام ؟‬ ‫ج ‪ :‬أود أن أشير بداية‪ ،‬قبل الحديث عن هذه المؤسسة‪ ،‬إلى أن الصحافة الوطنية و الدولية‪ ،‬نشرت خالل‬ ‫السنتين الماضيتين سلسلة رسائل ومقاالت لباحثين وكتاب وأدباء بعضها يتعلق بما أنتجته مؤخرا في‬ ‫الفنون المسرحية و التشكيلية‪ ،‬وفي القضايا السياسية واالجتماعية‪ ،‬وبعضها يتعلق بوضعيتي المادية‬ ‫المتردية‪ ،‬فالعديد من هؤالء الكتاب والباحثين‪ ،‬طالبوا برد االعتبار لمواطن أعطى خالل الخمسين سنة‬ ‫كل شيء‪ ،‬ولم يأخذ أي شيء‪.‬‬ ‫هكذا بعث بعضهم برسائل خاصة إلى الديوان الملكي وإلى الوزير األول ووزير الثقافة‪ ،‬تخبرهم أن‬‫محمد أديب السالوي‪ ،‬الذي دخل عقده الثامن‪ ،‬وأعطى حوالي أربعين مؤلفا في مختلف الفنون و القضايا‪،‬‬ ‫‪Page 1‬‬


‫يعيش بال راتب‪ ،‬بال تقاعد‪ ،‬وبال تغطية صحية‪ ،‬وأنه يتهيأ لبيع مكتبته ومنزله من أجل مواصلة الحياة‬ ‫الكريمة‪ ،‬وبعضهم حملوا هذه الجهات مسؤولية ما يمكن أن يحدث لي بعد ذلك‪.‬‬ ‫طبعا‪ ،‬لم تتحرك حتى اآلن أية جهة‪ ،‬لمنحي"منحة" شهرية للعيش الكريم‪،‬أو إلنقاذي من هذه الحالة‪،‬‬‫وعندما استقبلني السيد وزير الثقافة مؤخرا‪ ،‬أخبرني أن الديوان الملكي طلب من وزارته البحث في‬ ‫حالتي المادية‪ ،‬وأن الوزارة أجابت الديوان الملكي بتقرير مفصل عن الموضوع‪...‬و أنه بدوره ينتظر من‬ ‫الديوان الملكي أن يتخذ المبادرة‪.‬‬ ‫في هذه األجواء‪ ،‬طرحت الفكرة نفسها بالوسط الثقافي في غيابي‪ ،‬فلم اعلم عنها إال في الحفل الذي‬‫نظمه لي مسرح محمد الخامس‪ ،‬خالل شهر نوفمبر الماضي لتوقيع كتابي" السياسة الثقافية في المغرب‬ ‫الراهن" حيث أعلن عنها الدكتور عبد اللطيف ندير مدير مجلة الحياة الفنية ومجلة النبوغ المغربي‪،‬‬ ‫مؤكدا أن المثقف الذي لم تمنحه الدولة حقه في العيش الكريم‪ ،‬على مجتمعه الثقافي أن يمنحه هذا الحق‬ ‫ولو بطريقة رمزية‪.‬‬ ‫وخالل المؤتمر االستثنائي لنقابة المسرحيين المغاربة تم اإلعالن عن ميالد المرصد الوطني لنقابة‬‫المسرحيين المغاربة‪ ،‬وعن تأسيس مؤسسة محمد أديب السالوي للدراسات واألبحاث الدرامية‪ ،‬لرد‬ ‫االعتبار لصاحبها الذي يعود إليه الفضل حسب المرصد الوطني‪ ،‬في بلورة تاريخ المسرح المغربي‬ ‫داخل المغرب وخارجه‪.‬‬ ‫س‪ :‬من دون شك أن هذه املؤسسة الفكرية سوف تكون ذخرية وازنة يف الذاكرة الثقافية‬ ‫واإلعالمية املغربية هل مت تصور ما إلسرتاتيجية عمل يف املستقبل هلذه املؤسسة ؟‬ ‫ج ‪ :‬أتمنى ذلك‪ ،‬حتى هذه اللحظة‪ ،‬يلتف حول هذه المؤسسة نخبة من المفكرين و المبدعين والباحثين‪،‬‬ ‫نذكر من بينهم‪ ،‬الدكتور عبد اللطيف ندير‪ ،‬الدكتور محمد العزيز‪ ،‬الدكتور عبد اهلل الشيخ‪ ،‬الدكتور‬ ‫الجياللي الكدية‪ ،‬األستاذ محمد العلمي‪ ،‬األستاذ محمد السعيدي‪ ،‬األستاذ محمد خشلة‪ ،‬األستاذ الطاهر‬ ‫الطويل‪ ،‬األستاذة خديجة بركات‪ ،‬وغيرهم من األصدقاء والمهتمين‪.‬‬ ‫وحسب الورقة التي أعدتها اللجنة التي أشرفت على تأسيس هذا المشروع‪ ،‬فإن ندوة موسعة سينظمها‬‫المرصد الوطني للمسرح المغربي قريبا‪ ،‬من أجل تحديد األهداف اإلستراتيجية لهذه المؤسسة‪ ،‬ورسم‬ ‫منهجية عملها الثقافي‪ ،‬وهو ما سيكون موضوع كتاب سيصدر إن شاء اهلل في ربيع السنة الجديدة‪.‬‬ ‫ان أهداف هذا الصنف من المؤسسات الثقافية‪ ،‬ليس فقط المحافظة على تراث صاحبها‪ ،‬ولكن أيضا‬ ‫إشباع حاجات اإلنسان ورغباته الثقافية عن طريق إنتاج الخدمات الثقافية المختلفة‪.‬‬ ‫ما أتمناه لهذه المؤسسة هو‪:‬‬ ‫االرتقاء بالثقافة المسرحية‪ ،‬لتكون حلقة إبداعية حقيقية‪.‬‬‫اإلسهام في اغتناء الثقافة بمعناها العام‪.‬‬‫الحرص على وظيفة الثقافة النقدية‪.‬‬‫‪Page 2‬‬


‫العمل من أجل أن تكون الثقافة‪ ،‬هي ضمير األمة وهويتها‪.‬‬‫خلخلة المظاهر التي تكرس التخلف الثقافي القديم و الحديث على ساحتنا الثقافية الوطنية‪.‬‬‫تحرير الثقافة من هيمنة السلطة الحاكمة والنافدة والعمل من أجل االستقالل الثقافي عن‬‫مصالح السلطة وهيمنتها‪.‬‬ ‫العمل على إرساء ثقافة حديثة‪ ،‬قائمة على حريات الفكر و الرأي والتعبير و اإلبداع‪.‬‬‫تلك هي أمنيتي‪...‬و ال شك ستكون تلك هي أمنية أصدقائي األعزاء الذين عملوا على تأسيس هذه‬ ‫المؤسسة‪.‬‬ ‫س‪ :‬أعلنت مؤخرا عن فكرة تربعك مبكتبتك هلذه املؤسسة ‪ ،‬ما هو إحساسك وأنت ترى كل‬ ‫هذا الكم اهلائل من ذاكرتك ومتاعك الفكري األدبي واإلعالمي والتوثيقي يرحل من فضائك‬ ‫احلميمي الدافئ يف بيتك إىل مؤسسة حممد أديب السالوي ؟‬ ‫ج‪ :‬نعم‪،‬أعلنت مباشرة بعد تأسيس هذه المؤسسة في مدينة المحمدية‪ ،‬تبرعي بمكتبتي الخاصة لها‪،‬‬ ‫ومكتبتي ال تتضمن فقط ذخيرتي من الكتب التي جمعتها كتابا كتابا‪ ،‬طوال الخمسين سنة الماضية‪ ،‬وتعد‬ ‫بعشرات المئات‪ ،‬تغطي مختلف العلوم و الفنون‪ ،‬بل تحوي هذه المكتبة أيضا مئات الملفات الوثائقية عن‬ ‫كل ما يهم المغرب و تاريخه و فنونه وصنائعه وأعالمه‪...‬إضافة إلى أصول كتبي وأبحاثي ومقاالتي‬ ‫الصحفية‪ ،‬التي يتضمنها موقعي االلكتروني‪ ،‬أو التي نشرت بل ظهور االنترنيت‪.‬‬ ‫وقد تسألني لماذا قمت بهذه المبادرة مبكرا‪ ،...‬فأجيبك بسرعة‪ ،‬اتخذت هذ المبادرة خوفا من أن يصل بي‬ ‫جنوني إلى بيع هذه الذخيرة‪ ،‬والتخلي عنها لجهة من الجهات مقابل مبلغ من المال‪...،‬و ما أشد حاجتي‬ ‫إليه في الوقت الراهن‪ ،‬حيث علي أن أصرف على صحتي و بيتي و أسرتي‪ ،‬في زمن صعب‪ ،‬ال تسمح‬ ‫لي فيه كرامتي أن أمد يدي ألحد‪.‬‬ ‫وال أخفيكم‪ ،‬بأني شعرت براحة شاملة‪ ،‬بعد أن اتخذت هذا القرار‪ ،‬فهذا الكم الهائل من الكتب و الوثائق و‬ ‫المقاالت و الصور‪ ،‬سيخرج من بيتي‪ ،‬ولكنه سيدخل مؤسستي معززا مكرما‪ ،‬ليكون رهن إشارة كل‬ ‫الباحثين و الطلبة و األساتذة و المهتمين بالشأن الثقافي‪ ،‬وهذه ستكون بال شك حسنة من حسنات هذه‬ ‫المؤسسة التي من بين أهدافها تنمية الفعل الثقافي‪ ،‬وبلورة المبادئ الثقافية التي ناضلت من أجلها خالل‬ ‫حياتي اإلبداعية واإلعالمية‪.‬‬ ‫س‪ :‬جتمع جل آراء املفكرين واإلعالميني والفنانني على أن الوطن مل ينصفك على نفس القدر‬ ‫من العطاء الذي أسديته ‪ ..‬ما رأيك ؟‬ ‫ج‪ :‬إن‪...‬أراء المفكرين واإلعالميين والفنانين‪ ،‬أجمعت على أن المؤسسة الثقافية‪ /‬المؤسسة الحكومية‪،‬‬ ‫هي التي لم تنصفني حتى هذه اللحظة‪ .‬أما الوطن الذي تمثله جمعيات المجتمع المدني واألحزاب و‬ ‫المنظمات اإلعالمية وجماهير لقراء والمتعلمين والطلبة‪ ،‬فإنه يعانقني بحرارة‪ ،‬ويطالب برد االعتبار‬ ‫إلي‪ ،‬وينظم لي في كل مناسبة حفالت تكريمية وازنة‪ ،‬وهو ما يجعلني قادرا على االستمرار‪ ،‬وعلى‬ ‫‪Page 3‬‬


‫العمل والعطاء‪ ،‬ولي أن أعترف بأني ال اعرف اليأس‪ ،‬إني متفائل‪ ،‬لربما أشعر بالعياء‪ ،‬ولكني أنتظر‬ ‫الفرج‪ ،‬وفرج اهلل قريب‪.‬‬ ‫س‪ :‬لنعد إىل امللف الذي أجنزته جملة إحتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة حول الكاتب املغربي‬ ‫وسؤال التفرغ والذي شاركت فيه مبقال هام ‪ ،‬أال ترى أننا يف املغرب قد حيلم الكتاب بكل شيء‬ ‫إال متتيعهم بالتفرغ ؟‬ ‫ج‪:‬في حقيقة األمر‪،‬إننا نحلم بكل شيء‪ ،‬نحلم بالحرية والكرامة وبدولة الحق والقانون‪..‬ونحلم بحق‬ ‫الكاتب و المبدع والباحث بالتفرغ‪.‬‬ ‫وال ادري‪ ،‬كيف للذين يتحدثون عن التنمية الوطنية‪،‬ال يفكرون في التنمية الثقافية‪ ،‬التي يشكل " التفرغ"‬ ‫آلية من آلياتها‪ ،‬والتي يعتبرها علماء االقتصاد في العالم الحديث‪،‬البوابة األولى واألساسية للتنمية فبدون‬ ‫هذا الصنف من التنمية ال يمكن للتنمية الوطنية أن يكون لها وجود‪ .‬ومن أجل تحقيق التنمية الثقافية‬ ‫الشاملة‪ ،‬ال بد للدولة أن تمنح للكتاب والمفكرين و األدباء و الفنانين و الباحثين حق التفرغ للعمل الثقافي‪،‬‬ ‫إلعطاء التنمية الثقافية موقعها على األرض‪.‬‬ ‫في سنة ‪ ،6791‬سألت أديبا سوفياتيا بموسكو‪ ،‬بعد أن أخبرني أن هذه السنة (‪ )6791‬منحت الدولة‬ ‫السوفياتية ألف شاعر حق التفرغ‪...‬لماذا ذلك‪ ،‬قال‪ :‬من أجل دعم التنمية الوطنية في االتحاد السوفياتي‪.‬‬ ‫في سنة ‪،6791‬أعلن المجلس األعلى للثقافة والفنون بجمهورية مصر العربية‪ ،‬أن مصر منحت خالل‬ ‫هذه السنة(‪ )6791‬ثالثمائة كاتب و باحث و فنان حق التفرغ‪...‬والهدف هو بلورة التنمية الثقافية بالبالد‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬عندما أثار اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة هذا الموضوع‪ ،‬الذي ما زال غائبا عنا‪ /،‬ما زال حلما‬ ‫ضبابيا‪ ،‬كان ذلك من أجل إثارة االنتباه لمفاهيم و قيم التنمية الثقافية‪ ،‬التي بدأ الحديث عنها يمتد من‬ ‫الخطاب السياسي إلى الخطاب الثقافي‪...‬و لكن بال فائدة‪.‬‬ ‫س‪ :‬أصدرت على مدى مخسني سنة ما يناهز أربعني كتابا ختتلف مواضيعها بني أسئلة‬ ‫التشكيل والسياسة والثقافة واإلعالم كما دخلت يف جتربة النشر اإللكرتوني بإصدارك أربعة‬ ‫كتب رقمية ‪ ،‬كيف تقيم درجات الربح واخلسارة يف السندين معا الورقي واإللكرتوني ؟‬ ‫ج‪ :‬أعتقد أنك ال تسألني عن الربح المادي‪ ،‬فهذا األخير منعدم‪ .‬فإذا جمعت ما حصدته ماليا من أربعين‬ ‫كتابا‪ ،‬أصدرتها على مدى نصف قرن‪ ،‬ال يكفيني لنفقات شهرين آو ثالثة من حياتي‪ ،‬و هذا موضوع ال‬ ‫يحتاج إلى تفسير أو تعليق‪ ،‬فهو معروف لدى كل من يؤلف الكتب في بلد متخلف ثقافيا‪ ،‬ال يعتمد في‬ ‫عمله على إستراتيجية و ال منهجية ثقافية‪.‬‬ ‫أما إذا كان سؤالك يتجه نحو الربح المعنوي‪ ،‬فأؤكد لك أن خزائن الدنيا ال تكفيني لخزن أرصدتي‬ ‫المعنوية‪ ،‬إن األربعين كتابا‪ ،‬جعلتني صديقا محترما محبوبا لدى ماليين الناس في المغرب و العالم‬ ‫العربي‪ ،‬جعلتني سعيدا بعالقاتي اإلنسانية‪ ،‬جعلتني معززا مكرما من طرف شرائح من الناس لم أعرفهم‬ ‫مباشرة‪ ،‬و لم ألتق بهم مباشرة‪ ...‬وهو شيء ال يقدر بثمن‪.‬‬ ‫‪Page 4‬‬


‫وعندما دخلت معكم إلى مجال النشر االلكتروني‪ ،‬قلت لكم‪ ،‬إني أريد أن أؤسس معكم مستقبال افتراضيا‬ ‫بالمغرب والعالم‪،‬وإني على يقين أني سأعانق في المدى القريب‪ ،‬ماليين القراء الجدد‪ ،‬الذين يتخذون من‬ ‫االنترنيت مدرستهم‪...‬ووجهتهم الثقافية‪.‬‬ ‫وعلى أن أخبركم بهذه المناسبة‪ ،‬بأني أهيئ لمجلتكم الغراء خالل السنة الجديدة (‪ )4162‬أربعة كتب‬ ‫جديدة‪ ،‬إضافة إلى الجزء الثالث و األخير من مذكراتي اإلعالمية‪.‬‬ ‫ما أتمناه‪ ،‬هو أن يتضاعف التواصل مع موقع مجلتكم الرائدة‪ ،‬حتى تصبح هذه المجلة منبرا لكل األدباء‬ ‫والفنانين والباحثين المغاربة‪ ،‬الذين يرغبون االنخراط‪ ،‬في فضاءات الحداثة‪.‬‬ ‫س‪ :‬أال ترى أن النشر اإللكرتوني قد قوض هيبة الكتاب والصحافة الورقية بشكل عام ؟‬ ‫ج‪:‬سيحدث ذلك بكل تأكيد في المستقبل القريب‪ ،‬وهو ما يتطلب إيجاد قوانين للنشر‪...‬وللقراءة‬ ‫االلكترونية‪ ،‬كما هو موجود في أوروبا‪ ،‬والواليات المتحدة ألمريكية‪ ،‬هناك للنشر االلكتروني شروطه و‬ ‫للقراءة ثمنها‪ ،‬وهو ما يجعل الثقافة حية‪ /‬نشطة‪ /‬فعالة على كل الواجهات‪.‬‬ ‫س‪ :‬أليس جيلك حمظوظا اليوم بتجريبه لشتى وسائل التواصل من زمن الورق حتى زمن‬ ‫الفيسبوك واإلمايل ؟‬ ‫ج‪ :‬إن جيلي محظوظ بكل تأكيد عاش كل التطورات التي عرفتها وسائل اإلعالم والتواصل‪...‬شخصيا‬ ‫عملت في الصحافة التي كانت تعتمد على حروف الرصاص‪ ،‬وعلى الصور الحديدية‪ ،‬وعلى طباعة‬ ‫اللون الواحد‪ ،‬وعملت في الصحافة التي تطبع باألقمار االصطناعية في خمس عواصم ي لحظة واحدة‪.‬‬ ‫وإذاعيا‪ ،‬عملت في االستوديوهات التقليدية الخشبية‪ ،‬كما عملت في االستوديوهات االلكترونية التي تعتمد‬ ‫الحاسوب‪ ،‬وتلفزيا عملت في األبيض واألسود‪ /‬االستوديوهات األرضية المحدودة‪ ،‬وعملت في الملونة‬ ‫ذات البارابول الدولي المفتوح‪ ،‬والتي تلتقط رسائلها المرئية من أقصى أنحاء العالم‪ ،‬بلمسة أصبع‪.‬‬ ‫وافتراضيا‪ ،‬ها هم األحياء من جيلي‪ ،‬يعيشون ثقافة الفيسبوك وثقافة البريد االلكتروني‪ /‬والموقع‬ ‫اللكتروني‪ ،‬وثقافة الهاتف النقال‪ /‬الهاتف الذكي الذي يفتح لك آفاق التواصل بالصوت والصورة ويزودك‬ ‫بكل المعلومات الجغرافية عن المتكلمين معك من أنحاء الدنيا المختلفة‪.‬‬ ‫عندما كنت اعمل رئيسا للتحرير في منظمة الطيران والفضاء (‪)6771-6792‬بالمملكة العربية‬ ‫السعودية‪ ،‬شاهدت كيف يتلقى الحاسوب األرضي‪ ،‬الرسائل الكتابية و المصورة عن 'بعد عشرة آالف‬ ‫كلم) من طيران المراقبة العسكرية‪ ،‬كما شاهدت الحواسب المتخصصة وهي تتلقى تقارير االستعالمات‬ ‫العسكرية العابرة للقارات‪ ،‬إنها الوسائل التي لم تكن متاحة للجيوش قبل سنوات‪،‬والتي كتب لي أن‬ ‫أعيشها على أرض لواقع‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬يمكن القول أن جيلي محظوظ ألنه عاش منجزات القرن التاسع عشر‪ ،‬وتطوراته التكنولوجية في‬ ‫اإلعالم واالتصال‪ ،‬كما عاش‪ /‬يعيش‪ -‬في ذات الوقت‪ -‬تطلعات األلفية الثالثة في هذا المجال‪.‬‬ ‫‪Page 5‬‬


‫س‪ :‬من دون شك أنه كان بوسعك أن تكون ملحنا أو مذيعا أو ممثال على غرار العديد من‬ ‫أقرانك وأصدقائك قبل وبعد االستقراء مثل أمحد الطيب لعلج وعبدالوهاب الدكالي‬ ‫وعبداحليم السقاط وغريهم ‪ ،‬ما هي الرسالة اليت ميكن أن توجهها اآلن من موقعك كصحفي‬ ‫وكاتب ؟‬ ‫ج‪:‬نعم‪ ،‬جربت حظي مع المسرح‪ ،‬في نهاية العقد الخامس من القرن الماضي‪ ،‬حيث انخرطت سنة‬ ‫‪ 6799‬في فرقة عبد القادر البدوي بمدينة الدرالبيضاء‪ ،‬وتعرفت من خاللها على النصوص المسرحية‬ ‫العالمية والعربية‪ ،‬وعلى تقنيات الخشبة وشروطها وثقافتها‪ ،‬وعلى أعالم المسرح المغربي في تلك الفترة‬ ‫وكنت أسعى أن أصبح ممثال ولكن الظروف الحياتية‪ ،‬جرتني إلى الصحافة‪ ،‬التي جعلتني أتعرف أكثر‬ ‫على فنون الخشبة وفنون الموسيقى والتشكيل والسينما‪ ،‬بل جعلتني انخرط في هذه الفنون من خالل‬ ‫المتابعة و النقد و القراءة و التحليل اليومي و المباشر‪.‬‬ ‫هكذا وبعد نصف قرن من معايشة هذه المجالت والتساكن معها إعالميا و ثقافيا‪ ،‬وجدت نفسي جزء ال‬ ‫يتجزأ منها‪ ،‬فأنا صديق لكل الفنانين‪ ،‬في كل المجاالت و القطاعات‪ ،‬وأنا أيضا ناقد ومؤرخ و باحث‪،‬‬ ‫أعمل في فضاءاتها جنبا إلى جنب مع أعالمها و الفاعلين بها‪.‬‬ ‫ما أتمناه للمجاالت الفنية‪ ،‬وهي تنتقل إلى األلفية الثالثة‪ ،‬أن تنخرط بفعالية في ثقافة القرن الواحد‬ ‫والعشرين‪ /‬أن تستفيد ليس قط من أساليبها ومناهجها في اإلنتاج‪ ،‬ولكن في أساليبها التسويقية والتنظيمية‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ما أتمناه أوال وأخيرا‪ ،‬أن تستطيع وزرة الشؤون الثقافية التي ترعى وتؤطر المجاالت الفنية المغربية‪ ،‬أن‬ ‫تحافظ على هوية الفنون المغربية‪ ،‬وأن تدعم فاعليتها على أرض الواقع‪ ،‬بما تملكه من إمكانات ووسائل‬ ‫وسياسات‪.‬‬ ‫س‪:‬صدر لك جزأين من مذكراتك اإللكرتونية كيف كانت أصداؤها يف أوساط املثقفني ومتى‬ ‫سنرى األجزاء املتبقية ؟‬ ‫ج‪:‬األصداء التي وصلتني حتى اآلن‪ ،‬تتمنى أن تستفيد المعاهد اإلعالمية في المغرب من هذه المذكرات‪،‬‬ ‫بما تحمله من تجارب و نضاالت في سبيل مهنة نظيفة‪ ،‬بعيدة عن المزايدات السياسية‪.‬‬ ‫وفي هذا الموضوع‪ ،‬أخبرني طالب بكلية اآلداب و العلوم اإلنسانية بالرباط ( محمد بن عبد اهلل‬ ‫السماللي) بأنه سيجعلها موضوعا لدبلوم الماستر‪ ،‬في علم التاريخ‪.‬‬ ‫أما عن باقي أجزاء هذه المذكرات‪ ،‬فستكون جاهزة للنشر بحول اهلل في ربيع السنة الجديدة ‪ ،4162‬إن‬ ‫أطال اهلل عمرنا‪.‬‬ ‫س‪ :‬كلمة أخرية إىل كل الفاعلني يف احلقل الثقايف املغربي الراهن وإىل وزير الثقافة الذي‬ ‫سيأتي بعد حممد أمني الصبيحي ؟‬ ‫‪Page 6‬‬


‫ج‪ :‬كلمتي للفاعلين في الحقل الثقافي‪ ،‬هي اعتراف بعضهم ببعض‪ ،‬ألن االعتراف باآلخر فضيلة‬ ‫أخالقية ال مثيل لها‪.‬‬ ‫أما كلمتي للسيد وزير الثقافة القادم‪ ،‬بعد األستاذ محمد أمين الصبيحي‪ ،‬أن ال يقبل بشروط السياسات‬ ‫الحكومية الفاشلة‪ /،‬أن يجعل من وزرائه مؤسسة وطنية للدفاع عن الهوية المغربية‪ /‬أن يبادر بتأسيس‬ ‫المجلس األعلى للثقافة و الفنون‪ ،‬من كل الفعاليات الثقافية‪ ،‬وأن يكلفه بوضع إستراتيجية ثقافية قوية‪ /،‬أن‬ ‫يجعل من " تفرغ الكتاب واألدباء والباحثين والفنانين‪ ،‬القادرين على اإلنتاج قراره األول‪ ،‬ذلك ألن‬ ‫التفرغ هو بوابة أولى للتنمية الوطنية‪".‬‬ ‫سيــرة خمتصـــرة‬ ‫اإلسم الكامل‪ :‬محمد السالوي األندلسي‬ ‫إسم الشهرة‪ :‬محمد أديب السالوي‬ ‫من مواليد مدينة فاس سنة ‪6797‬‬ ‫تابع دراسته‪ ،‬بجامعة القرويين بفاس‪ ،‬وقام بعدة تداريب في اإلعالم والصحافة‪ ،‬بمصر‪ ،‬ولبنان‪ ،‬وألمانيا‬ ‫الغربية‪.‬‬ ‫‪:1983-1961‬‬ ‫عمل محررا‪ ،‬وسكرتيرا للتحرير ومديرا للتحرير بعدة صحف مغربية‪ ،‬منها‪ :‬جريدة األنباء (صادرة عن‬ ‫وزارة االتصال) جريدة العلم (صادرة عن حزب االستقالل) جريدة الصحافة (مستقلة) كما عمل خالل‬ ‫هذه الفترة ملحقا ثقافيا بالمكتب الدائم للتعريب بالرباط (التابع لجامعة الدول العربية)‪ ،‬ومنسقا ومستشار‬ ‫للتحرير في مجلة اللسان العربي‪ ،‬الصادر عن مجاميع اللغة العربية‬ ‫‪:1990-1983‬‬ ‫رئيس تحرير بمنظمة الطيران والفضاء البريطانية وملحق إعالمي بإدارة التدريب الجوي‪ ،‬للقوات‬ ‫الجوية الملكية‪ /‬الرياض‪-‬المملكة العربية السعودية‬ ‫‪:1997-1991‬‬ ‫مدير رئيس تحرير الجريدة الشعبية (حرة مستقلة) – الرباط‬ ‫‪:2004-1997‬‬ ‫مستشار في اإلعالم واالتصال بوزارة المياه والغابات‪ /‬مستشار بوزارة الصيد البحري‪ /‬مستشار بوزارة‬ ‫التكوين المهني – الرباط‬ ‫‪:2007-2004‬‬ ‫منسق عام لجمعية الزاوية الخضراء للتربية والثقافة‪ -‬المملكة المغربية‬ ‫المجالت العربية التي شارك في تحريرها‪:‬‬ ‫‪Page 7‬‬


‫مجلة اآلداب‪ /‬بيروت‬ ‫مجلة المعرفة‪ /‬دمشق‬ ‫مجلة األقالم‪ /‬بغداد‬ ‫مجلة البيان‪ /‬الكويت‬ ‫مجلة العربي‪ /‬الكويت‬ ‫مجلة الفيصل‪ /‬الرياض‬ ‫مجلة فنون‪ /‬بغداد‬ ‫مجلة الفكر‪ /‬تونس‬ ‫مجلة العربي‪ /‬الكويت‬ ‫مجلة مجرة‪ /‬القنيطرة‪ -‬المغرب‬ ‫مجلة اليمامة‪ /‬الرياض‬ ‫مجلة دعوة الحق‪ /‬الرباط‬ ‫مجلة الثقافة المغربية‪ /‬الرباط‬ ‫مجلة حوار‪ /‬باريس‬ ‫مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة‪ /‬فاس‪ -‬المغرب‬ ‫إصداراته األدبية والفنية والسياسية‬ ‫•ديوان المعداوي باالشتراك مع أحمد المجاطي وإبراهيم الجمل دار‬ ‫‪1965:‬‬ ‫البيضاء‪( .‬منشورات اتحاد كتاب المغربي العربي)‬ ‫الكتاب‪/‬الدار‬ ‫•المسرح المغربي من أين وإلى أين؟‬ ‫‪1975:‬‬ ‫وزارة الثقافة واإلرشاد القومي‪/‬سوريا‬ ‫•االحتفالية في المسرح العربي‬ ‫‪1981:‬‬ ‫الموسوعة الصغيرة‪ /‬وزارة الثقافة واإلعالم‪ ،‬بغداد‪/‬العراق‬ ‫•أعالم التشكيل العربي بالمغرب‬ ‫‪1982:‬‬ ‫وزارة الثقافة واإلعالم بغداد‪/‬العراق‬ ‫•التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة‬ ‫‪1983:‬‬ ‫وزرة الثقافة واإلرشاد القومي دمشق‪/‬سوريا‬ ‫•قضايا مغربية‬ ‫‪1984:‬‬ ‫دار األندلس‪ /‬بيروت‬ ‫•إعالم المسرح المغربي الحديث‬ ‫‪1985:‬‬ ‫دار األندلس‪ /‬بيروت‬ ‫‪Page 8‬‬


‫•الشعر المغربي (مقاربة تاريخية)‬ ‫‪1986:‬‬ ‫دار إفريقيا الشرق‪/‬الدار البيضاء‬ ‫•المسرح المغربي‪ ،‬البداية واالمتداد‬ ‫‪1996:‬‬ ‫دار وليلي للطباعة والنشر‪/‬مراكش‬ ‫•تضاريس الزمن اإلبداعي‬ ‫‪1996:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•هل دقت ساعة اإلصالح‪..‬؟‬ ‫‪1997:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•المخدرات في المغرب وفي العالم‬ ‫‪1997:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪ /‬القنيطرة‪.‬‬ ‫•الحروفية والحرفيون‬ ‫‪1998:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•الرشوة‪/‬األسئلة المعلقة‬ ‫‪1999:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•أطفال الفقر‬ ‫‪2000:‬‬ ‫دار المعارف الجديدة‪/‬الرباط‬ ‫•االنتخابات في المغرب‪ ...‬إلى أين؟‬ ‫‪2001:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•السلطة وتحديات التغيير‬ ‫‪2002:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•المشهد الحزبي بالمغرب‪ :‬قوة االنشطار‬ ‫‪2003:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•اإلرهاب يريد حال‬ ‫‪2003:‬‬ ‫دار البوكيلي للطباعة والنشر‪/‬القنيطرة‬ ‫•عندما يأتي‪-‬الفساد‬ ‫‪2008:‬‬ ‫كتاب الحدث‪ ،‬جريدة الحدث‪/‬الرباط‬ ‫•التشكيل المغربي‪ ،‬البحث عن الذات‬ ‫‪2009:‬‬ ‫دار مرسم‪ /‬الرباط‬ ‫•السلطة المخزنية‪ /‬تراكمات األسئلة‬ ‫‪2010:‬‬ ‫دار الوطن‪ /‬الرباط‬ ‫•أية جهوية لمغرب القرن الواحد والعشرين‬ ‫‪2010:‬‬ ‫‪Page 9‬‬


‫دار الوطن‪ /‬الرباط‬ ‫•مائة عام من اإلبداع التشكيلي بالمغرب‬ ‫‪2010:‬‬ ‫دار مرسم‪ /‬الرباط‬ ‫•المسرح المغربي‪ ،‬جدلية التأسيس‬ ‫‪2011:‬‬ ‫دار مرسم‪ /‬الرباط‬ ‫•المغرب األسئلة والرهانات‬ ‫‪2011:‬‬ ‫مطابع الرباط نت المغرب‬ ‫•السياسة وأخواتها‬ ‫‪2012:‬‬ ‫مطابع الرباط نت المغرب‬ ‫•الحكومة والفساد‪ ،‬من ينتصر على من؟‬ ‫‪2012:‬‬ ‫مطابع الرباط نت المغرب‬ ‫•التشكيل المغربي بصيغة المؤنث‬ ‫‪2013:‬‬ ‫نقابة األدباء والباحثين المغاربة‪ /‬الدار البيضاء‬ ‫•السياسة الثقافية في المغرب الراهن‬ ‫‪2013:‬‬ ‫مطابع الرباط نت‬ ‫•المسرح المغربي‪ ،‬المسالك والوعود( باالشتراك مع ناد مغاربة آخرين)‬ ‫‪2013:‬‬ ‫الهيئة لعربية للمسرح‪ /‬الشارقة‪ /‬اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫اإلصدارات االلكترونية‬ ‫‪2013:‬مذكرات الصحفي محمد أديب السالوي (أوراق خارج األقواس‪ -‬الجزء األول)‬ ‫مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة‬ ‫‪2013:‬مذكرات الصحفي محمد أديب السالوي (أوراق خارج األقواس‪ -‬الجزء الثاني)‬ ‫مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة‬ ‫‪2013:‬السلطة المخزنية‪ :‬تراكمات األسئلة (الطبعة الثانية)‬ ‫مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة‬ ‫‪2013:‬الحكومة واألزمة‪ ،‬من يقود من‪...‬؟‬ ‫مجلة اتحاد كتاب االنترنيت المغاربة‬ ‫تحت الطبع‬ ‫الفنون التقليدية المغربية‬‫الرباط نت‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬قضايا واشكاالت‬‫منشورات الزمن – الرباط‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪10‬‬


‫األزمة المغربية بألوان الطيف‬‫الرباط نت‪ /‬الرباط‬ ‫قراءات في التشكيل المغربي الحديث‬‫دار مرسم ‪ /‬الرباط‬ ‫جوائز وشهادات‬ ‫‪1983:‬حاصل على الميدالية الذهبية عن أبحاثه في الفن التشكيلي المغربي من البنيالي العالمي للفنون‬ ‫التشكيلية بالقاهرة‪ /‬ج‪.‬م‪.‬ع‪.‬‬ ‫‪1984:‬حاصل على جائزة الكتاب عن التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة‪ ،‬من معرض الكتاب‬ ‫بدمشق‪ /‬الجمهورية السورية‪.‬‬ ‫‪2012:‬حاصل الدرع الثقافي لجمهورية مصر العربية (المركز الثقافي المصري‪ /‬الرباط)‬ ‫‪2013:‬حاصل على جائزة النقد التشكيلي‪ ،‬ربيع سوس التشكيلي‪ /‬أكادير‬

‫‪Page‬‬ ‫‪11‬‬


‫حوار خاص مع الشاعرة املغربية األصيلة أمينة املريين*‬ ‫حاورها ‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫إذا كانت كل شاعرة أوشاعريخصب ويسقي حدائقه الشعرية من مرجعية ما قد تمتح من روافد األصالة‬ ‫ويقينياتها أومن رياح الحداثة وقناعاتها أومنهما معا ‪ ،‬فإن شاعرتنا أمينة المريني قد نسكت في معبدها‬ ‫الشعري وما بدلت تبديال بنفس وروح ورؤية تشربت من عتاقة العدوتين وعبق أندلسي تليد كامن بين‬ ‫أسواروأقواس وحارات فاس العالمة ‪ ..‬لقد رمنا من خالل هذا الحوارأساسا أن نكرس إليماننا ومبدئنا‬ ‫بحق اإلختالف بأن يكون فسحة بوح إن لم نقل منبرإعترافات جريئة غيرمسبوقة تصدع بها الشاعرة‬ ‫األصيلة أمينة المريني باعتبارها صوتا شعريا نسويا صوفيا مغربيا جاهد واستمات وأصرمنذ أربعة‬ ‫عقود ومايزال على أن يبقى وفيا للجذورالروحانية والصوفية الكامنة في الوعي مجتمعاتنا العربية‬ ‫اإلسالمية ‪ ...‬في هذا الحوارالمكاشفة نتعرف مع شاعرتنا على أسباب الشعروأسباب التصوف وأسباب‬ ‫هذا اإلختيارالصعب بالرغم من كل هذه التحوالت التاريخية الجدلية والجمالية والشعرية والموضوعاتية‬ ‫التي عرفتها القصيدة العربية‪.‬‬ ‫ـــ "لوال معارك اإلقصاء التي خضتها في التسعينيات مع ظاهرة الشللية الثقافية التي جملت وجوها‬ ‫وقبحت أخرى لتأخرالنشرعندي أكثر "‬ ‫ـــ "أنا مفتونة منذ الطفولة بالمساجد كنت أتطوع وأنا طفلة أنا وأختي لتنظيفها ‪ ،‬مفتونة بالمآذن و‬ ‫بالمزارات وبطقوس رمضان والعيدين"‬ ‫ـــ "أخطا من استسهل قصيدة النثر وأخطا من ازدرى قصيدة الوزن ‪.....‬فاألولى "‬ ‫‪Page 1‬‬


‫ـــ "أتصور ان عولمة االقتصاد والسياسة التعني عولمة الهويات والمجتمعات االسالمية والقضاء على‬ ‫الخصوصيات "‬ ‫ـــ "الحرية مكفولة للبشر بموجب قانون سماوي قبل المواثيق االنسانية‪ ،‬لكن حين تمس الثوابت‬ ‫والمقدسات كالدين والوطن واللغة" ‪...‬‬ ‫س ‪:‬األستاذة أمينة املريين هل تتذكرين أوىل خربشاتك الشعرية قبل أربعة عقود ونيف؟‬ ‫وماهوالعامل السري أوالعلين الذي جعل من أمينة شاعرة وليست قاصة أوروائية أوحتى‬ ‫طبيبة أطفال مثال ؟‪.‬‬ ‫ج‪ :‬أتذكرأن أولها كان بداية السبعينيات من القرن الماضي حين كنت تلميذة بثانوية أم البنين‪ .‬أكتب‬ ‫خواطر وأعرضها على أساتذتي فيأخذونها بالتوجيه‪....‬توجهي الشعري يعود الى والدتي‪/‬اطال اهلل‬ ‫عمرها‪/‬فهي التي حببت الي الشعر كنت أصغي اليها وهي تتغنى بصوت جميل بأشعار المرحوم عالل‬ ‫الفاسي‪..‬هذا الصوت المنقوش في الذاكرة هوالحبل السري الذي "يربطني بكوكبة الشعراء‬ ‫س‪ :‬حينما نتحدث عن أمينة املريين الشاعرة من مدينة فاس يتبادرإىل ذهننا توا القاصة‬ ‫خناتة بنونة مثال على إعتبار أنكما من نفس اجليل تقريبا وأنكما تتقامسان نفس الشروط‬ ‫اإلجتماعية والثقافية اليت أسهمت يف تكوينكما إىل أي حد هذه املقارنة صحيحة ؟‬ ‫ج‪ :‬ولدت فجراالستقالل بينما األستاذة خناثة ولدت سنة‪....0491‬وسميت باسم الألميرة المرحومة لال‬ ‫أمينة شقيقة الملك الراحل الحسن الثاني ‪..‬كان والدها المغفور له محمد الخامس محبوبا من شعبه‪...‬حديث‬ ‫والدي بعد ذلك عن الكفاح الوطني حيث كان صانعا تقليديا انخرط الى جانب بعض الصناع في حركة‬ ‫المقاومة بفاس رسخ في نفسي عشقا قويا للوطن ‪...‬بيئة فاس ايضا بمساجدها ومآذنها وأضرحتها‬ ‫وكتاتيبها وأهلها المحافظين شكلت تجربتي‪..‬أي أديبة أوأديب عاش في فاس تجد في روحه عبق المآذن‬ ‫ونفحات القرويين وأنوار سيدي أحمد التيجاني ‪..‬وإشراقات سيدي علي بوغالب‪....‬‬ ‫س‪ :‬طيب بعالقة بالسؤال السابق لوكنت قاصة أو روائية هل ستنحوكتاباتك نفس املنحى‬ ‫الصويف الروحاني اإلسالمي أم أن القصيدة هي القالب واملعماراألدبي األنسب لتوجهك‬ ‫واختياراتك املوضوعاتية ؟‬ ‫ج‪ :‬الرؤية األدبية مشروع األديب يشكل من خالله أعماله ويجعلها جسما متناميا يقدم من خالله وعيه‬ ‫بالعالم وفيها من الكشف الفني والشمولية ما يسمو بالقوالب وأي قالب هو مجرد عارض واتفاق بينما‬ ‫الجوهر هو الرؤية الشعرية التي تمتح إشعاعاتها من التجربة اإلنسانية وتعبرعن قدرات المبدع وخبرته‬ ‫في الخلق واإلبداع قبل أن نتحدث عن المعمار يجدر أن نعرف هل األديب يمتلك رؤية أو مشروعا أم ال‬ ‫س‪ :‬من من الشعراء الرواد املغاربة من أثروا أوتأثرت بتجاربهم الشعرية التقليدية قبل‬ ‫مخسة عقود يف فاس ‪ ،‬أويف املغرب والعامل اإلسالمي بشكل عام ؟‬ ‫‪Page 2‬‬


‫ج ‪ :‬أنا قرأت قبائل الشعراء منذ امرئ القيس وحفظت من عيون الشعر الكثير ثم نسيت‪..‬وربما هذا الذي‬ ‫أورثني حاسة موسيقية قوية ‪.‬علم العروض ال يصنع شاعرا إنما الحفظ الذي أشارإليه الجاحظ هو الذي‬ ‫يقوي ملكة الشعر‪....‬لكن أظل معجبة بالحلوي والجواهري والسياب والمتنبي وجوته وجالل الدين‬ ‫الرومي وابن عربي‪....‬وغيرهم‪.‬‬ ‫س‪ :‬لوطلبنا منك تصنيف حصيلة منجزك الشعري منذ البداية إىل اليوم إىل أي األغراض‬ ‫تنتسب قصائدك هل إىل الشعرالكالسيكي أم الصويف أم اإلسالمي أم التقليدي ؟‬ ‫ج‪ :‬واهلل هذا عمل موكول الى الناقد ‪..‬وإن كنت أعتقد ان اإليديولوجيا إذا دخلت األدب أفسدته لكن‬ ‫الشاعر يجب أن يجعل الشعر هدف الشعر‪....‬فالقصيدة الناجحة هي التي تكتب فقط من أجل الشعر وهي‬ ‫التي تقود وال تقاد وهي التي تفاجئ والتفاجأ وألن الشاعر إنسان واالنسان بفطرته نزاع الى األنقى‬ ‫واألسمى فال بأس اذا وجه الشعر الى تسديد افعاله الناطقة الى جهة الحق والخير للوصول الى السعادة‬ ‫القصوى‬ ‫س‪ :‬طيب إىل ما يعزى تأخرك يف النشربعد جتربة طويلة ناهزت أربعة عقود مل خيرج قطافك‬ ‫األول (ورود زناتة ) إال سنة ‪ 0441‬ملاذا ؟‬ ‫ج‪ :‬أعرف شعراء كثيرين لديهم حصيلة ثالثة دواوين ولم ينشروا إلى حد اآلن ‪..‬في البدء لم أكن مهتمة‬ ‫بالنشر ‪..‬ولوال معارك اإلقصاء التي خضتها في التسعينيات مع ظاهرة الشللية الثقافية التي جملت وجوها‬ ‫وقبحت أخرى لتأخرالنشرعندي أكثر لكنه أصبح تحديا وأصبحت الجوائز تأكيدا للذات وغدا خوض‬ ‫المعترك ضرورة فإما أن يكون الشاعر شاعرا أو ال يكون‪.‬‬ ‫س‪ :‬باإلضافة إىل ديوانك البكر(ورود زناتة ) صدرت لك أيضا ‪ :‬حرة يف ظل اإلسالم ( ‪) 0441‬‬ ‫وسآتيك فردا ( ‪ ) 1110‬واملكابدات ( ‪ 1112‬املكاشفات (‪ )1111‬املالحظ من خالل عتبات‬ ‫العناوين هناك تدرج موضوعاتي من التيمة الدينية الواضحة إىل طرق التيمات الصوفية‬ ‫من خالل العناوين ما رأيك ؟‬ ‫ج‪ :‬أزعم أنني متخصصة في الكتابة الصوفية ذات الجذور الدينية الصريحة‪....‬وتلك نتيجة حتمية أنا‬ ‫عشت في بيئة محافظة ‪..‬وجو فاس الروحي ألهمني كثيرا وشكل تجربتي أنا مفتونة منذ الطفولة بالمساجد‬ ‫كنت أتطوع وأنا طفلة أنا وأختي لتنظيفها ‪ ،‬مفتونة بالمآذن و بالمزارات وبطقوس رمضان والعيدين كما‬ ‫أن النص الصوفي هو حنيني الى المطلق ومركبي للبحث عن الجمال األعلى بالتخلص من األسر المادي‬ ‫حسب تعبير ابن سينا‪ .‬النص الصوفي ينع بذوري األولى إنه ليس تصاوفا بل هو فعل حقيقي لصقل‬ ‫الروح من صدا الوجود ولذلك يصعب فصله عن هويتي الدينية ولست مع بعض الشعراء الذين رفضوا‬ ‫االنتماء الديني في نصوصهم الصوفية النهم بذلك‪.‬‬

‫‪Page 3‬‬


‫س‪ :‬يف خضم املئات من األصوات النسائية الشعرية يف املغرب اليوم كيف‬ ‫تنظرالشاعر(األصيلة ‪ ..‬احملافظة ) أمينة املريين إىل خصوصية القصيدة النسائية ؟‬ ‫ج‪ :‬ال أتحمس كثيرا لتصنيف الشعر إلى نسائي ورجولي‪ .‬فالشعر هو شعر اإلنسان ال شعر رجل وامرأة‬ ‫‪....‬فمثال من يقرأ شعري غير موقع باسمي يصعب عليه عند غياب القرينة أن يجنس شعرى‪...‬‬ ‫س ‪ :‬الأحد ميكنه مصادرة إي إنسان احلق يف حرية التعبري لكن أال ترين أن إستسهال قصيدة‬ ‫النثر هو من بني األسباب اليت أسهمت يف تفجريكل هذه املئات من األصوات على النت ؟‬ ‫ج‪:‬أخطا من استسهل قصيدة النثر وأخطا من ازدرى قصيدة الوزن ‪.....‬فاألولى لم يقعد لها بعد ولذلك‬ ‫من يقتحمها أشبه بمن يقتحم األدغال الفاتنة ألنه قد يضيع الطريق إليها‪..‬أما الذين يزدرون الثانيه ــ‬ ‫قصيدة الوزن ــ فانهم لم يعدوا أن يكونوا تابعين لحداثة غريبة عنا وهناك فريق يستسهل قصيدة الوزن‬ ‫فيسقطون في النظم ‪...‬الوزن ليس قيمة شعرية مطلقة‪..‬والشاعر الشاعر ‪..‬يقدر على كل األشكال‬ ‫أويتجاوزها ‪..‬كما فعل أدونيس ‪..‬القصيدة عندي ال تكون قيمة بشكلها ولكن بالصورة واللغة‬ ‫والرؤيا‪....‬اذن اصبح متجاوزا ذاك الصراع حول االشكال ‪...‬وقد أصاب الجاحظ حين اعتبرالشعر‬ ‫صياغة وضربا من التصوير وبذلك تجاوز الوزن ألنه معيار تقليدي وهناك تجارب نثرية غنية بالشعرية‬ ‫الخالقة وهناك نماذج موزونة تصيب بالغثيان‪ ...‬ويمكن أن نجلو من نظرية النظم عند الجرجاني آفاقا‬ ‫رحبة في الكتابة الشعرية‪....‬أما ما نراه على النت‪.‬فهو حادث أيضا على الورق‪.. .‬ففي كل منهما تصادف‬ ‫شعراء وأشباه شعراء‪...‬‬ ‫س‪ :‬من دون شك أن اإلنرتنت وشبكات التواصل اإلجتماعية قد أسهمت كثريا يف تقريب‬ ‫القارئ املغربي والعربي من جتربتك الشعرية ‪ ،‬ماهورأيك وأين تفضلني إقامة قصائدك حتت‬ ‫سقف من ورق أم حتت أعمدة أضواء النشراإللكرتوني ؟‬ ‫ج‪ :‬نشرت إلكترونيا خالل فترة محدودة ولم أنشر بعدها إلسباب أولها أنني أتلمس خطواتي االولى في‬ ‫هذا المضمار‪...‬ومنها ان هذا النوع من النشر يدخل في مجامالت وردود قد يضيق وقتي عنها ألنه‬ ‫موزع بين العمل والكتابة والنوم الباكر ‪...‬ومن اللياقة أن نرد ونتتبع في لباقة ‪...‬ناهيك أن بعض‬ ‫نصوصي تعرضت على أيدي البعض للمسخ‪....‬إضافة الى ما أعرفه في النت من مجامالت مجانية‬ ‫ومناوشات كالمية ومقالب وتصفية حسابات‪..‬في غياب أية رقابة ‪.....‬وتحضرني أمثلة كثيرة منها أن‬ ‫شاعرا عراقيا أقحم نفسه في أمر يخص القصيدة المغربية في معرض رده على شاعرة من المغرب لها‬ ‫وزنها‪....‬فكان ماكان من شتيمة وتعريض فلماذا يدخل االنسان نفسه في مازق هو في غنى عنه؟؟ أنا مع‬ ‫االنفتاح على الجديد ولكن بتوفر ضمانات قانونية أواخالقية‪.....‬‬ ‫س‪ :‬لنبقى يف موضوع مقالب اإلنرتنت مما الشك فيه أن تكنولوجيا املعلومات والتواصل‬ ‫واإلنرتنت أيضا قد قلبت الكثريمن يقينياتنا الثقافية والسياسية والروحية يف ظل إنتفاء‬ ‫سلطة الرقابة واحلجزواملنع ماهوتصورك لواقع ومستقبل اجملتمعات العربية واإلسالمية ؟‬ ‫‪Page 4‬‬


‫ج‪ :‬أتصور ان عولمة االقتصاد والسياسة التعني عولمة الهويات والمجتمعات االسالمية والقضاء على‬ ‫الخصوصيات ‪ ،‬خصوصا وأن هذه المجتمعات تصدر من تصور شمولي للكون والحياة ويبقى على‬ ‫القيمين ترسيخ الوعي لدى الشباب بهويتهم ونفحهم برشفات نورانية تقوي وتحصن الذات ‪ ...‬العولمة كما‬ ‫يقول الجابري قطار يمر بنا ركبناه ام لم نركبه‪ ....‬ولذلك يجب ان نعرف كيف نركبه‬ ‫س‪ :‬يتصدراملشهد احلقوقي النسائي يف املغرب الواجهة النضالية على املستوى العربي‬ ‫واإلسالمي إنطالقا من توجهك األدبي اإلسالمي (احملافظ) كيف تنظرين إىل جرأة بعض النساء‬ ‫املغربيات اليوم يف ظل احلقوق الكونية اليت أقربها دستوراململكة واملواثيق الدولية ؟‬ ‫ج‪ :‬الحرية مكفولة للبشر بموجب قانون سماوي قبل المواثيق االنسانية‪ ،‬لكن حين تمس الثوابت‬ ‫والمقدسات كالدين والوطن واللغة‪ ...‬فانها تتحول الى فوضى‪ ...‬فكيف يتم تجريم التعدد في مجتمع مسلم‬ ‫وهلل من حكمته شؤون؟ وما األفضل أن تتعدد الزوجات أم الخليالت!؟ وكيف يهاجم نظام االرث وأنا أعلم‬ ‫أنه نظام عادل بحكم أن المراة في الحقيقة ترث أكثرمن الرجل فلوافترضنا أن نصيبه ‪ 91‬و نصيبها ‪11‬‬ ‫فهو مطالب باالنفاق شرعا بينما هي غيرملزمة بها فالواجب أن ينفق عليها وتحتفظ بمالها زيادة على‬ ‫ذلك ‪ ،‬وإذا تكلفت المرأة عندنا باإلنفاق من مالها فانما يكون ذلك عن طيب خاطر منها ‪ .‬وانخراطها اآلن‬ ‫في النفقة إنما يعود إلى متغيرات العصر والى رياح التغريب التي هبت علينا‬ ‫س‪ :‬طيب هذه إشكالية طبعا اليسع اجملال للخوض فيها باستفاضة يف هذا احلوار‪ ...‬األستاذة‬ ‫أمينة املريين خضت جتربة إعالمية إذاعية بتقدميك لربنامج إذاعي باإلذاعة اجلهوية بفاس‬ ‫"الواحة الشعرية" كيف كانت أصداء الربنامج وإىل أي حد أسهم يف تفتق مواهب‬ ‫لشواعروشعراء قادمون ؟‬ ‫ج‪:‬قدمت البرنامج خالل تسع سنوات تعرفت من خالله الى حساسيات شعرية مختلفة في الزجل‬ ‫والفصيح والحساني واالمازيغي‪---‬وأجريت حوارات مع شعراء شباب لهم حضورهم اآلن في المشهد‬ ‫الشعري ثم غادرت اإلذاعة باختياري حين أحسست أن بعض الظروف قد تغيرت لكن عوضني اهلل‬ ‫بانشغال آخر بالفئة الشابة حين أصبحت عضوا بالمكتب التنفيذي التحاد كتاب المغرب مكلفة بابداعات‬ ‫الشباب‪...‬‬ ‫س‪ :‬حصلت على عدة جوائزحملية وعربية هل اجلوائز األدبية ضرورية يف مساراملبدعة ؟‬ ‫ج ــ الجائزة أساسية في مسير المبدع خصوصا العصامي الذي ال يتسلق كذا النشرالمستمر وحضور‬ ‫اللقاءات الشعرية بعيدا عن االنتقائية والنرجسية بعض الشعراء عافاهم اهلل اليحضرون قراءة حتى يسالوا‬ ‫عمن سيقرأ معهم وبعضهم يشترط أسماء معينة والبعض اآلخر يريد ان يكون وحده ولم يسألوا أنفسهم‬ ‫يوما عما اذا كان االخرون يودون حتى سماعهم مثل هؤالء اضحوا نكتة يتندر بها كذا التخلي عن‬ ‫الغرور والطموح القاتل ومنطق التسلق واالنتهازوالربح السريع الخطوات في هذا المجال يجب أن تكون‬ ‫محسوبة بالملمتر الن أي خطوة خاطئة تعرقل المسير لسنوات وأعود الى مسالة الجائزة على ضرورتها‬ ‫‪Page 5‬‬


‫يجب أخذ االمربروية الن بعض الجوائز قد تكون محسومة سلفا قبل المشاركة فيها وعلى كل حال‬ ‫فالشاعر ال يصنعه أحد وقد رأينا فقاقيع توهجت ثم بادت ‪ ..‬الشاعر يصنعه قلمه اليصنعه المطبلون‬ ‫والمهرجون والشلة واالخوانيات والقرابات وأكيد أن الناس يعبرون والشاعر الحقيقي يبقى كالنخل سامقا‬ ‫مهما تالطم سعفه وسيأتي على الناس زمن يجلس فيه التاريخ بحكمته المعهودة ليكتب ما مضى النه في‬ ‫االخير ما ينفع الناس يبقى أما الزبد فيذهب جفاء‪.‬‬ ‫س ــ أخيرا ماهو عنوان ديوانك القادم ؟‬ ‫ج ــ لدي مشرو ع ديوان أحتفي فيه بالمكان وفاس تيمة رئيسة فيه لم اختر له العنوان بعد وأخيرا‬ ‫اشكركم وأتمنى لكم مزيدا من التوفيق‪.‬‬ ‫شكرا لك الشاعرة أمينة المريني‪.‬‬

‫تعريف بالشاعرة أمينة املريين‬ ‫إزدادت الشاعرة أمينة المريني سنة ‪0422‬م بمدينة فاس العتيقة ‪ ..‬ونشأت وترعرعت على القيم‬ ‫والمبادئ األصيلة‪ ،‬التي تشربتها من مناهل علماء فاس ومفكريها‪ ..‬درست بكتاب الحي‪ ،‬ثم تابعت‬ ‫دراستها االبتدائية والثانوية والعالية في مدارس فاس والرباط‪ .‬وعملت أستاذة للغة العربية بالتعليم‬ ‫اإلعدادي ثم الثانوي‪ ..‬وقامت بمهمة اإلرشاد التربوي للمعلمين المتخرجين من المراكز التربوية‪ .‬بدأت‬ ‫بكتابة الشعر منذ سن الخامسة عشرة‪ ،‬حيث كانت محاوالتها الشعرية األولى‪ .‬نشرت إنتاجها الشعري في‬ ‫مجلة (الراية) والمشكاة ومناراإلسالم‪ ،‬والمنتدى‪ ،‬ودفاترالمغربية‪ ،‬باسم (فتاة المحيط)‪ .‬هي عضو في‬ ‫رابطة األدب اإلسالمي العالمية وعضو في جمعية االمتداد‪ -‬المكتب المركزي المغربي قامت بإعداد‬ ‫برنامج إذاعي (واحات الشعر) في إذاعة فاس الجهوية ‪.‬‬ ‫حازت على جائزة الثقافة واإلعالم بوالية فاس سنة ‪0441‬عن ديوانها (ورود في زنزانة)‪ .‬كما حازت‬ ‫على الجائزة الرابعة في المباراة الشعرية العربية التي نظمت بمناسبة افتتاح مسجد الحسن الثاني‪.‬‬ ‫أصدرت ديوانها الشعري األول سنة ‪ .0441‬حيث حددت فيه تصورها للشعر من خالل أبيات متفرقة‬ ‫في الديوان كقولها‪ :‬وما الشعر إال ذوب روح ونغمة أليفين صيغا من لظى القلب والفكرصدر لها‪:‬‬ ‫ورود من زناتة ( ‪ – ) 0441‬دار السلمى الحديثة‬ ‫حرة في ظل اإلسالم ( ‪ – ) 0441‬مطبعة أنفوبرات – فاس‬ ‫سآتيك فردا ( ‪ – ) 1110‬منشورات حلقة الفكر المغربي – مطبعة إيميديا – فاس‬ ‫المكابدات ( ‪– ) 1112‬مطبعة إميديا – فاس‬ ‫المكاشفات (‪ )1111‬منشورات حلقة الفكر المغربي – فاس‬

‫‪Page 6‬‬


‫حوار مع الدكتورحممد العمري مبناسبة صدوركتابه‬ ‫(رحلة يف كتاب زمن الطلبة والعسكر)‬ ‫حاوره ‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫ــ التاريخ يحتاج إلى االندفاع واالرتداد‪ ،‬إلى المجازفة والرزانة‪ .‬يحتاج إلى السرفاتي والعروي متفاعلين‬ ‫ــ المغاربة يجهلون أن جغرافية المغرب دواء في حد ذاتها‪.‬‬ ‫تقديم‪:‬‬ ‫لماذا نكتب سيرتنا الذاتية ؟ ماهي قيمة األثراألدبي الذي قد تحفره في ذاكرة قارئها اليوم واألجيال‬ ‫القادمة ؟‬ ‫يقينا أن لكل سيرة ذاتية جوابها الخاص ‪ ،‬لكن حين يفاجئنا الدكتورمحمد العمري بإصدارسيرته الثانية‬ ‫(زمن الطلبة والعسكر) فمن دون شك أننا بصدد أجوبة متعدد عن عملية حفرأعمق وبإصرارواثق في‬ ‫بئرالذاكرة الذي الو لن ينضب بكل تأكيد‪.‬‬ ‫(زمن الطلبة والعسكر) سيرة ذاتية ثانية بعد سيرته األولى (أشواق درعية ـ العودة إلى الحارة) وهي‬ ‫تشي بشهادة رصينة وواثقة عن تحوالت مغرب الستينات وما بعدها بكل توتراته السياسية واعتماالته‬ ‫السوسيوثقافية والفكرية…‬ ‫ومهما حشدنا وانتقينا من األسئلة وحاولنا اإلحاطة بذخائرذاكرة ضيفنا اليوم فإن ماتبقى من آللئ المكاشفة‬ ‫لهو أنفس بكثيرمما نقدمه للقراء في فقرات هذا الحوار‪.‬‬ ‫‪Page 1‬‬


‫واألستاذ محمد العمري من مواليد سنة ‪ 5491‬بقرية الحارة على ضفاف وادي درعة جنوب المغرب ‪.‬‬ ‫وهو خبيرمعتمد لدى اللجنة الوطنية لمنح اإلعتماد في الدراسات العليا والدكتوراه التابعة لوزارة التلعيم‬ ‫العالي إبتداءا من ‪ 5441‬وعضومنتخب باللجنة العلمية لكلية اآلداب بجامعة فاس وعضومجلس الجامعة‬ ‫بها ‪ ،‬كما شغل عضواللجنة العلمية لشعبة اللغة العربية وأخيرا عضوإتحاد كتاب المغرب‪.‬‬ ‫حازاألستاذ محمد العمري على الجائزة الكبرى للكتاب بالمغرب عن إصداره (تحليل الخطاب الشعري ‪:‬‬ ‫البنية الصوتية) سنة ‪ . 5441‬كما حازسنة ‪ 7111‬على جائزة الملك فيصل العالمية فرع اللغة واألدب‬ ‫في موضوع األبحاث التي تناولت البالغة العربية‪.‬‬ ‫صدرله كتاب في بالغة الخطاب اإلقناعي سنة ‪ 5491‬ــ تحليل الخطاب الشعري البنية الصوتية في‬ ‫الشعرسنة ‪ 5441‬ــ إتجاهات التوازن الصوتي في الشعرالعربي القديم سنة ‪ 5444‬ـــ الموازنات‬ ‫الصوتية في الرؤية البالغية ـــ اإلفراني وقضايا الثقافة واألدب سنة ‪ 5447‬ـــ البالغة العربية أصولها‬ ‫وامتداداتها ـــ دائرة الحوارومزالق العنف ـــ أشواق درعية ‪ :‬العودة إلى الحارة (سيرة ذاتية ‪ )5‬ـــ‬ ‫البالغة الجديدة بين التخييل والتداول ـــ منطق رجال المخزن وأوهام األصولية سنة ‪ 7111‬ـــ وأخيرا‬ ‫وليس آخرا زمن الطلبة والعسكر(سيرة ذاتية ‪ )7‬وهومحورلقائنا هذا‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بداية نهنئك على إصدار سريتك الذاتية الثانية املوسومة بـ (زمن الطلب والعسكر)‪.‬‬ ‫ومن املالحظ أن القارئ لسريتك (زمن الطلبة والعسكر) حيتاركثريا يف متاهات شعابها وتشعب‬ ‫رصدها ملسرية مثقف مفرد بصيغة اجلمع؛ فهو البدوي واملتمدن والعضوي وامللتزم‬ ‫واألكادميي‪ ،‬أي االنتماءات تشعر بقربه من شخصيتك العميقة أكثر؟‬ ‫ج ‪ :‬شكرا على اهتمامكم‪ ،‬وعلى هذه الفرصة التي أتحتموها لي للتواصل مع قراء مجلة اتحاد كتاب‬ ‫األنتيرنيت ورواد فضائها‪ ،‬أتمنى أن أكون عند حسن الظن‪.‬‬ ‫جوابا عن سؤالكم أقول‪ :‬أريد أن أكون متمدنا‪ ،‬ولكن البدوي الذي تسرب إلى داخلي في الطفولة األولى‬ ‫(في االثنتي عشرة سنة التي على ضفاف نهر درعة)‪ ،‬ينتفض كلما كان ثمن “التمدن” (أو التمدين) مما‬ ‫ال يعرض تحت أشعة الشمس‪ ،‬إنها عقدة الكرامة‪ .‬عشنا في زمن يطلب فيه من كل راغب في “دخول‬ ‫ألمدينة” خلع حيائه وتقويس عموده الفقري والسير على أربع كشمبانزي‪ ،‬والبدوي متصلب كأي نخلة‬ ‫على ضفاف درعة‪ .‬ال أخفيك! حاولت معه بدون فائدة؛ عندما وصلنا كانت المدينة محتلة من طرف‬ ‫مخلوقات غريبة‪.‬‬ ‫وأريد أن أكون أكاديميا ولكن حاجيات قومي آنية ال تحتمل االنتظار‪ .‬لذلك شطرت ذاتي‪ .‬بين الكتابة‬ ‫األكاديمية المحايدة والكتابة الثقافية “المتحيزة” (إلى ما أراه حقا)‪ .‬أنا صوفي ماركسي‪ ،‬إذا جاز الجمع‪.‬‬ ‫االلتزام‪ ،‬في نظري‪ ،‬عملية تصريف لألكاديمي‪ .‬مرة رفضت مجلة المناهل نشر دراسة لي أنجزت بطلب‬ ‫منها‪ ،‬وذلك ألني‪ ،‬حسب ما بلغني أحد أعضائها‪ ،‬أمارس السياسة بالعلم (“أنت باغي تدير السياسة بالعلم‬ ‫وهذا شغلك”)‪ ،‬قلت له‪ :‬صحيح هذا شغلي!‬

‫‪Page 2‬‬


‫االنتماء الذي أحرص عليه‪ ،‬وأسعى إلى تحقيق شروطه‪ ،‬هو الذي جمعه القدماء في صفة “العالم‬ ‫العامل”‪ .‬بين عيني في هذا المجال وعلى الدوام أبو علي اليوسي والجاحظ‪ .‬أبو علي اليوسي الذي كتب‬ ‫رسالتين عظيمتين إلى السلطان إسماعيل‪ ،‬والجاحظ الذي جعل حياته معركة دائمة ضد الزيف والنفاق‪.‬‬ ‫س ‪(:‬زمن الطلبة والعسكر) هل كان زمن هدنة إسرتاتيجة أم اسرتاحة حمارب أم وقتا ميتا‬ ‫من الزمن املغربي؟‬ ‫ج ‪ :‬بعد أحداث ‪ 5491‬واغتيال الشهيد المهدي بن بركة‪ ،‬وظهور بوادر انقسام الحركة االتحادية بين‬ ‫الثورة واإلصالح‪ ،‬حل سكون مثل الذي يسبق العاصفة‪ :‬وقف الطرفان (المعارضة والمخزن) ينظران‬ ‫إلى بعضهما! في هذه اللحظة خرج من صفوف األحزاب ومن صفوف المخزن من صفعهما معا‪:‬‬ ‫المخزن صفعه ذراعه األيمن (العسكر)‪ ،‬واألحزاب الوطنية صفعتها طليعتها (الطلبة‪ :‬أوطيم)‪ .‬فالحركة‬ ‫الماركسية حركة طالبية‪ .‬ولذلك قلت بأن “زمن الطلبة والعسكر” مقتطع من مسار الصراع بين‬ ‫المعارضة التاريخية والمخزن‪ .‬كان ذلك الزمن ضد الهدنة‪ ،‬ولكنه لم يكن وقتا ميتا‪ ،‬كانت له عواقب‬ ‫خطيرة على المغرب‪ :‬فقدت فيه األحزاب والمخزن معا هبتهما‪ ،‬وبدأ نجم المجتمع المدني والحقوقي في‬ ‫الصعود‪ ،‬بالموازاة مع ظهور قرون األصوليات المتطرفة‪.‬‬ ‫س‪ :‬تتعدد اجلغرافية يف عوامل (زمن الطلبة والعسكر) من املهد ببوسكورة جنوبا مرورا‬ ‫بتارودانت ومراكش واحملمدية وصوال إىل فاس والفقيه بنصاحل والدار البيضاء‪ ،‬ثم فاس مرة‬ ‫أخرى والرباط … ما الذي تغري يف الطفل الورزازي وما الذي بقي فيه وفيا لثوابت املكان‬ ‫الصحراوي؟‬ ‫ج‪ :‬الطفولة ألوان وروائح ومالمح وأنغام‪ .‬رائحة التراب ورائحة الحليب ميزتهما مرة واحدة‪ ،‬في‬ ‫الطفولة‪ ،‬وأصوات أحواش تسمعتها مرة واحدة في الطفولة…الخ‪ .‬رائحة الزفت عرفتها الحقا‪ ،‬ولم‬ ‫أدخلها في جغرافيتي‪ .‬أحن دائما إلى التراب والحيوانات وغروب الشمس‪ ،‬وعواء الذئاب بعد حلول‬ ‫الظالم‪ ،‬هذه أمور تبقى في األعماق‪.‬‬ ‫التغير‪ ،‬أو التطور‪ ،‬وقع في توسيع االنتماء‪ ،‬صار انتمائي للوطن‪ :‬أنا مغربي ورزازي محمدي بيضاوي‬ ‫فاسي ماللي…الخ‪ .‬في حوار مع أحد النشطاء األمازيغيين على النيت وصفني بالعقوق والتنكر لألصول‪،‬‬ ‫قلت له‪“ :‬أنا مغربي عربي أمازيغي‪ ،‬ال عربي وال أمازيغي!”‪ ،‬فنعتني بالتناقض الذي ال يليق بمن يدعي‬ ‫أستاذية البالغة والمنطق‪ ،‬كما قال! فشرحت له بأنني كالماء‪ :‬مركب من األكسيجين (عربي)‬ ‫واإليدروجين (أمازيغي)‪ ،‬ولكنه ليس هو األكسيجين وال هو األيدروجين‪ ،‬فانقطع عن النقاش‪ .‬بعض‬ ‫الناس ال يستطيعون أن يكونوا وطنيين! هم إما طائفيون دغمائيون‪ ،‬وإما عرقيون عنصريون‪ ،‬وإما‬ ‫إقليميون شوفينيون‪.‬‬ ‫في هذه اللحظة أجيبك من تارودانت‪ ،‬حضرت الذكرى الذهبية لتأسيس المعهد اإلسالمي حيث تلقيت‬ ‫تعليمي االبتدائي والثانوي‪ ،‬وفي الصيف الماضي كرمت في ورزازات من قبل جمعية ثقافية‪ .‬ويوم ‪9‬‬ ‫‪Page 3‬‬


‫أبريل المقبل سأكرم من قبل جمعية ألق المحمدية‪ ،‬وعند حصولي على جائزة الملك فيصل العالمية‬ ‫كرمت من طرف السلطات المحلية بالمحمدية إلى جانب الالعب الدولي أحمد فرس والحارس الشهير‬ ‫لحدائق المحمدية‪ .‬وقد تنقرض ساللة الزنابير من الجامعة فأكرم في مدينة أحبها أعطتني وأعطيتها‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل هذا التعدد يف املعارف بني األصيل واحلداثي هو الذي أسهم كثريا يف تشكيل‬ ‫شخصيتك الفكرية واألدبية املتعددة؟‬ ‫ج ‪:‬سأعلق على الفكرة التي بنيت عليها‪ ،‬في حد ذاتها‪ ،‬وأترك ما يخص شخصي لتقديركم‪ ،‬وحسن‬ ‫ظنكم‪ ،‬فأنت سخي معي كثيرا‪ .‬يقولون‪“ :‬فاقد الشيء ال يعطيه”‪ .‬ويقولون‪“ :‬كل إناء بما فيه ينضح”‪ ،‬أو‬ ‫يرشح‪ .‬العطاء بقدر التملك‪ ،‬والرشح متناسب طردا وعكسا مع المساحة الراشحة؛ كلما كانت متسعة‬ ‫كانت كمية الرشح أكثر‪ .‬واالتساع يكون أفقيا وعموديا‪:‬‬ ‫يكون أفقيا بتداخل المعارف وامتداد بعضها في بعض‪ ،‬وهذه قضية يفرضها التصدي لتحليل الخطاب‪،‬‬ ‫أي علم الخطاب‪ ،‬أي البالغة‪ .‬البالغة التي اعتبرها حازم القرطاجني “علما كليا” لعلوم اإلنسان واللسان‬ ‫تتطلب “اإللمام” بكل تلك علوم‪ .‬فالبالغي مثل الطبيب يحتاج قبل التصدي للعالج أن يكون ملما بعلوم‬ ‫شتى‪ :‬بيولوجيا‪ ،‬وكيمياء‪ ،‬وفيزياء…الخ‪.‬‬ ‫ويكون التوسع عموديا في الزمن‪ ،‬حيث يقع التعارف بين الماضي والحاضر‪ :‬ففي الماضي إرهاصات‬ ‫الحاضر‪ ،‬وفي الحاضر تجليات مكتملة لمكنونات الماضي وتشكل أجنته‪ .‬وبالذهاب واإلياب بينهما‬ ‫تنكشف خريطة اإلنسان‪ :‬جباله و وهاده وغيوبه‪ .‬من األكيد أن االنغالق في الماضي يسبب نوعا من‬ ‫الغباء‪ ،‬وتغييبه يسبب العماء‪ .‬ال يمكن التصدي لنقد الخطاب‪/‬الفكر دون تحصيل معرفة أفقية إدراكية‪،‬‬ ‫وعمودية تناصية‪.‬‬ ‫وهذا الطريق طويل يترك من يعي رهانه وينقطع له تلميذا على الدوام وقارئا دون هوادة وفي كل اتجاه‪.‬‬ ‫قد يرى الناس أنه قطع مسافة‪ ،‬ولكنه يرى نفسه‪ ،‬على الدوام‪ ،‬في نقطة بداية جديدة‪ ،‬كمن يتسلق سلسلة‬ ‫جبلية‪ :‬عند كل قمة يجد سفحا جديدا‪ .‬يتعرض محلل الخطاب ـــ بخالف الراوية والخطيب ـــ المتحان‬ ‫يومي؛ يشحذ أدواته ولكنه يشعره بنسبية معرفته إمكانياته‪ ،‬إن لم يشعر بعجزه‪ ،‬فيهب من جديد للبحث‬ ‫عن مفاتيح جديدة‪ .‬ولذلك يكثر المعنعنون والنقلة ويقل المحللون والمنسقون‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل تعتقد أن سوء إستيعاب النظرية املاركسية يف السبعينيات واعتبارها وصفة جاهزة‬ ‫ومفاهيمها مبثابة قطع غيار هو ما أفشل املشروع االشرتاكي عند النخبة السياسية واملثقفة‬ ‫بالعامل العربي واملغربي على اخلصوص؟‬ ‫ج‪ :‬استسمحكم في أن نبتعد عن التحليل النظري األكاديمي الصارم الموثق‪ ،‬وعن التحليل السياسي‬ ‫“المتحيز”‪ ،‬لنالمس المسألة بالغيا احتماليا‪ .‬المسألة في غاية التعقيد‪ :‬التاريخ يحتاج إلى االندفاع‬ ‫واالرتداد‪ ،‬إلى المجازفة والرزانة‪ .‬يحتاج إلى السرفاتي والعروي متفاعلين‪ ،‬ولن يسير بواحد منهما‪.‬‬ ‫المشكل يأتي من القطيعة بين القوتين‪ .‬بلغة الشعر‪:‬‬ ‫‪Page 4‬‬


‫الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول‪ ،‬وهي المحل الثاني‬ ‫فإن هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكـان‬ ‫“العنف الثوري” المستنير ضرورة إنسانية‪ ،‬المشكل هو حين يلغى اإلنسان لصالح النص‪ ،‬حين يقبل‬ ‫اإلنسان أن يصدق النص الذي يقول‪ :‬الشمس آفلة‪ ،‬ويكذب عينه التي تراها ناصعة؛ فيغمضها لكي ال‬ ‫يتناقض مع النص‪ .‬يكون‪ ،‬في هذه الحال‪ ،‬مثل من يقع في غيبوبة فيحتاج إلى صفعة أو رش بماء بارد أو‬ ‫مادة كاوية (النشادر مثال)‪..‬الخ‪.‬‬ ‫حالة الخمول الفكري والهستيرية الجسدية التي كنا عليها مع النصوص الماركسية هي تماما حالة‬ ‫االستنفار الجسدي واالرتخاء العقلي التي يعيشها السلفيون الجهاديون اليوم‪ ،‬هم اآلخرون مقتنعون بأن‬ ‫المشكلة ليست في مالءمة النص مع اإلنسان الحديث بل في إعادة صياغة اإلنسان الحديث حسب النص‪،‬‬ ‫والنص له وجه واحد‪ ،‬وليس حمال أوجه‪ .‬مركبة اليوم جاهزة في نظرهم‪ ،‬إنها “الخالفة اإلسالمية”‪،‬‬ ‫وهي فضائية؛ لن تحلق إال بقطع غيار أصلية صنعت في القرن األول الهجري‪ ،‬من أهم قطعها “ما ملكت‬ ‫أيمانكم”‪ ،‬أي تشييئ المرأة‪ .‬هذا ما يتوهمه األصوليون المتطرفون‪ .‬ومن قال بغير ذلك فهو عندهم “كلب‬ ‫عاوي‪ ،‬حتى ولو كان يوسف القرضاوي”‪ .‬بين النص والجسد يوجد اإلنسان‪.‬‬ ‫هذا المستوى من االندفاع غير العقالني هو الذي سميته الزوبعة الحلزونية الماركسية‪ ،‬اآلن هناك زوبعة‬ ‫حلزونية سلفية‪ ،‬مصيرها مصير زوبعتنا‪ :‬المظلمة ال تبرر العماء‪ ،‬والمالكم الذي يستسلم النفعاالته فوق‬ ‫الحلبة يسهل مهمة خصمه‪ ،‬يسقط بالضربة القاضية‪ ،‬أو يخرج من المعركة متالشيا‪ .‬لذلك قلت بأن‬ ‫العروي كان مثل داروين في قوله بالتطور الطبيعي‪/‬التاريخانية‪ ،‬من السهل التهكم من داروين‪ ،‬كما يفعل‬ ‫بعض الخطباء الدينيين‪ ،‬ولكن هيهات أن ترتقي إلى المستوى البحثي الذي بنى عليه نظريته‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل كانت جتربة اإلعتقال ضريبة النضال احلتمية‪ ،‬أم كانت عند البعض قيمة رمزية‬ ‫مضافة لفك عقدة (عدم االعتقال) باعتباره وساما للتفاخر وتوشيح سرية املناضل؟‬ ‫ج ‪ :‬قلت (في السيرة) إن فلول الماركسيين الذين أفلتوا من االعتقال توجهوا للتحريض داخل النقابة وفي‬ ‫أقسام التدريس‪ ،‬وهم يحملون شيئا أشبه “بعقدة عدم االعتقال”‪ ،‬نعم! قد ال يرتقي األمر إلى الرغبة في‬ ‫الشهادة‪ ،‬وغبطة الشهداء على شهادتهم‪ ،‬ولكن ليست له عالقة أبدا بالتباهي‪ ،‬أو انتظار أي مقابل‬ ‫شخصي‪ .‬باألمس كانت صورة غيفارا والطوباماروس وهوشيمين وأيلول األسود وغيرها من األسماء‬ ‫التي يتحول معها اإلحساس بالموت واالعتقال إلى “حديث خرافة”‪ .‬ال ينبغي قياس حماس تلك األيام‬ ‫بمساومات نهاية القرن الماضي من أجل المواقع والوظائف‪ :‬اليوم نتحدث عن الربيع الديموقراطي‬ ‫العربي الذي يحرق فيه الناس أنفسهم من أجل الكرامة‪ ،‬وفي السبعينيات وما قبلها كان ربيع االشتراكية‬ ‫والثورة الكونية ضد األمبريالية بنفس الطقوس‪.‬‬ ‫من المفيد أن تعرف األجيال الالحقة (الثائرة والالمبالية) أن من المغاربة رجاال استحلوا‪ ،‬قبلهم‪ ،‬السجن‬ ‫والغربة والحرمان تحت شعار الكرامة‪ ،‬ومنهم آخرون باعوا واشتروا من أجل مصالحهم الخاصة‪ .‬لقد‬ ‫قلت أيضا إن من حسن حظنا نحن الذين ضيقنا الخناق على المخزن محليا ودوليا أن خصومنا لم يكونوا‬ ‫‪Page 5‬‬


‫مصلحين‪ ،‬ولم يحققوا للمغرب غير الفقر واألمية‪ ،‬ولو أنهم كانوا صالحين وخدموا المصلحة العامة ـــــ‬ ‫ولو بالمستوى الذي حققه بورقيبة‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬في تونس ــــ لكان علينا‪ ،‬أن نعتذر عن عنادنا في‬ ‫مقاومتهم بكل الوسائل ‪.‬‬ ‫س‪ :‬كتبت يف السجن عن احلياة السياسية على عهد السلطان إمساعيل حبيث كما قلت‬ ‫شدت إنتباهك عالقته املتوترة مع املثقفني يف عصره من فقهاء وعلماء وشعراء ‪..‬إخل هل كنت‬ ‫حتيل تلك احلقبة على عهد امللك الراحل احلسن الثاني وإىل أي حد يف رأيك يتقاطع العهدان‬ ‫معا؟‬ ‫ج ‪:‬عندما تحركت آلة القمع واالعتقاالت في صفوف قيادة النقابة الوطنية للتعليم قبيل إضراب ‪5414‬‬ ‫وأحسست أنها اقتربت مني‪ ،‬تركت العمل واختفيت عن األنظار أحد عشر يوما‪ .‬انشغلت خاللها بجمع‬ ‫الكتب والوثائق التي سأحتاج إليها في السجن‪ .‬المصير معروف‪ .‬كان من بينها رسائل اليوسي وكتب‬ ‫أخرى في تاريخ المغرب في القرنين السابع عشر والثامن عشر‪ .‬أثارتني العالقة المتوترة بين الملك‬ ‫إسماعيل وعلماء عصره بسبب رفضهم تمليكه أفراد الجيش الذين سماهم “عبيد البخاري”‪ .‬كانت قصة‬ ‫سجن رأس المعارضة بفاس الشيخ عبد السالم جسوس والتشهير به ثم خنقه في السجن مرعبة‪.‬‬ ‫استحضرت اغتيال رأس المعارضة في المغرب‪ ،‬المهدي بن بركة‪ ،‬والتضييق على المثقفين بشتى‬ ‫الوسائل وتساءلت أليس التاريخ يعيد نفسه؟ أليس المطلوب منا نحن مثقفي أواخر القرن العشرين أن‬ ‫نكتب بدورنا عقد عبودية المغاربة للمخزن‪ ،‬ستكون خيانة كبيرة‪ .‬وجدت ضالتي في رسالتي اليوسي إلى‬ ‫الملك إسماعيل‪ .‬كنت أجد في الملك الحسن الثاني صورة مطابقة للسلطان إسماعيل‪ .‬فكتبت مقدمة عن‬ ‫عصر المولى إسماعيل قلت فيها كل ما كنت أود أن أقوله في عصر الحسن الثاني‪ .‬ومما نسب إلى الملك‬ ‫إسماعيل قوله لرسول لويس الرابع عشر الذي حثه على احترام شعبه‪ :‬قل للويز إنه يحكم البشر وأنا‬ ‫أحكم البقر‪ .‬وكان الملك الحسن يردد القول بعدم جاهزية المغاربة للحكم الديمقراطي‪ ،‬وأن من األحسن‬ ‫أال يعطي ما قد يضطر لسحبه‪.‬‬ ‫اعترض الدكتور عزة حسن‪ ،‬حفظه اهلل‪ ،‬على تلك المقدمة‪ ،‬فأعدت صياغتها بشكل علمي محايد فأجازها‬ ‫ونشرت في كتاب‪ :‬اإلفراني وقضايا الثقافة واألدب‪ .‬ومن يومها اتجهت إلى الكتابة الصحفية لتفريغ‬ ‫المواقف السياسية والفكرية بعيدا عن العمل األكاديمي الذي يخضع لقواعد كونية محايدة‪.‬‬ ‫س‪ :‬عايشت العديد من االنتفاضات السياسية واالجتماعية باملغرب من أحداث موالي بوعزة‬ ‫إىل أحداث ينايربفاس يف ‪ 5445‬كيف تنظرإىل تلك األحداث اآلن من زاوية الربيع العربي؟‬ ‫ج ‪:‬تحدثت في مقال سابق عن المسار المغربي في الحراك العربي‪ ،‬واعتبرته متميزا لسببين‪ :‬أولهما من‬ ‫صنعنا جميعا‪ ،‬والثاني من صنع القدر‪ .‬الذي من صنعنا هو الذي تندرج فيه هذه األحداث المذكورة‪:‬‬ ‫‪ ،5445 ،5499 ،5491 ،5411‬وأخرى قبلها (‪ )5491‬وأخرى بعدها‪ .‬ففي إطار هذا الصراع‬ ‫عرفنا النظام المحزني العتيق وعرفناه‪ ،‬قرعنا العظم بالعظم حتى النت عريكتنا وعريكته‪ ،‬واقتربنا جميعا‬ ‫‪Page 6‬‬


‫من السكتة القلبية‪ .‬فكانت بداية التقارب والمصالحة‪ ،‬التي ساهم القدر في تسريعها‪ ،‬كما تعلم‪ ،‬ولو إلى‬ ‫حين‪ ،‬وعندما جاء الحراك العربي الحديث وجد القطار على السكة‪ .‬ولوال الردة التي وقعت ابتداء من‬ ‫‪ 7117‬لكان المغرب في موقع المتفرج على ما يقع لألنظمة التي خدعت شعوبها بثورات كاذبة‪ .‬رغم‬ ‫خطورة تلك األحداث وما رافقها من انقالبات فإن الوضع الدولي لم يكن مسعفا‪.‬‬ ‫س‪ :‬خضت برفقة الدكتورمحيد احلميداني مغامرة إصدارجملة رائدة ووازنة تهتم‬ ‫بالدراسات السيميائية لكنها مل تعمر طويال حبيث كما قلت أنها استنفذت مشروعها يف‬ ‫ثالث سنوات وهو يف الغالب مصري جل املشاريع الثقافية الطموحة يف املغرب‪ .‬ما هي‬ ‫األسباب الرئيسية هلذه اإلخفاقات املتكررة؟‬ ‫ج‪ :‬مجلة دراسات سيميائية التي أصدرتها بالتعاون مع الزميل األستاذ حميد لحميداني هي امتداد لمجلة‬ ‫دراسات أدبية ولسانية التي أصدرناها بالتعاون مع الزمالء محمد الولي ومحمد أوراغ ومبارك حنون‪.‬‬ ‫ولذلك فعمر التجربة ككل أطول بكثير مما ذكر‪ .‬أما أسباب توقف دراسات سيميائية بالتحديد فترجع إلى‬ ‫أن المشروع توسع بشكل كان يقتضي أن يتحول إلى مؤسسة‪ ،‬خاصة بعد أن خضنا تجربة النشر على‬ ‫هامش المجلة (منشورات سال)‪ ،‬وتراكمت المرجوعات التي تتطلب إعادة التوزيع‪ .‬ولم نبادر في هذا‬ ‫االتجاه النشغالنا بمشاريعنا العلمية والتعليمية‪ .‬كانت هذه األسباب ضاغطة‪ ،‬وزاد األمر تعقيدا حين‬ ‫رفعت الشركة الموزعة حصتها من ‪ 11٪‬إلى ‪ 91٪‬من طرف واحد‪ ،‬ثم جاءت الضربة القاضية عندما‬ ‫فرضت الدولة الضريبة على المجالت الثقافية لغرض القضاء عليها‪ .‬هذه هي الظروف الموضوعية التي‬ ‫أدت إلى توقف مجلة دراسات سيميائية‪ .‬وهناك ظروف ذاتية تتعلق بتحقيق الذات والتشبع واالنشغال‬ ‫بتحصيل المنافع ‪.‬‬ ‫س‪ :‬رمبا قد تكون أزمة النشر واحدة من هذه األسباب‪ .‬هل تعتقد أن النشر اإللكرتوني‬ ‫واإلنرتنيت قد أتى باحلل السحري؟‬ ‫ج‪ :‬كلمة “ربما” مهمة هنا! ألن مسألة اإلبدال ما تزال معلقة! هل حلول اإللكتروني محل الورقي مسألة‬ ‫تقنية فقط؟ لو تأكد ذلك لكان الجواب سهال؛ لو تعلق األمر بحل سحري الختفى الكتاب الورقي في‬ ‫السنوات األولى التي ظهرت فيها إمكانية الكتاب اإللكتروني‪ .‬من األكيد أن هاجس “االفتراضية” الذي‬ ‫كان يشوش على الذهنية التقليدية في تعاملها مع اإلليكترونيات يتآكل شيئا فشيئا بعد تحول الدردشات إلى‬ ‫ثورات‪.‬‬ ‫ومن األكيد أيضا أن ظهور الحواسيب وبرامج معالجة النصوص قد سهل عملية الطبع بشكل لم نكن‬ ‫نتخيله‪ .‬فقد كانت عملية رقن المجلة وتصحيح البروفات وإعادة التصحيح تتطلب األسابيع بل الشهور‪.‬‬ ‫وأذكر أن طموحنا كان إصدار ستة أعداد في السنة أو أكثر‪ ،‬فتراجع اإلنجاز إلى ثالثة أعداد بسبب‬ ‫عملية الرقن والتراسل عن طريق البريد العادي الذي كان يغط في نوم عميق‪.‬‬

‫‪Page 7‬‬


‫أما حلول اإلليكتروني محل الورقي بصورة نهائية فمسألة فلسفية نفسية وحضارية إلى حد كبير‪ ،‬مثلها‬ ‫مثل حلول الكتابة محل الشفوية‪ ،‬ستدوم المزاوجة مدة ال نعرف مداها‪ .‬أنا أفضل اآلن البحث في المعاجم‬ ‫اإلليكترونية وكتب التراث الموضوعة على النيت‪ ،‬ولكن حين أريد قراءة رواية‪ ،‬أو مراجعة كتاب أو‬ ‫دراسة أفضل أن يكون ورقيا أقلب أوراقه بيدي‪ ،‬لم أجازف بعد بالعبور من الشاشة إلى المطبعة‪ ،‬مازالت‬ ‫الثقة مربوطة بالورق‪ ،‬كما يقع اآلن في األبناك‪ .‬والفعالية والكفاءة في النيت والثقة في الورق‪.‬‬ ‫س‪ :‬يف سنة ‪ 7111‬طلبت منك املنظمة العربية للرتبية والثقافة إجناز تراجم ألربع من أعالم‬ ‫العلماء يف إطار املوسوعة العامة ألعالم العرب واملسلمني هل حتقق هذا املشروع؟‬ ‫ـــــ كان المشروع ضخما‪ ،‬وكانت شروط اإلنجاز أكاديمية دقيقة‪ .‬بعد تسليم المواد التي كلفت بإنجازها لم‬ ‫أتلق أي بيان‪.‬‬ ‫س‪:‬وبعد عودتك من الرياض دخلت يف جتربة حياتية ووجودية متفردة تتعلق بهاجس املوت‬ ‫بعد إصابتك بأحد الفريوسات الفتاكة‪ ،‬كانت هذه التجربة قد قلبت رؤيتك الفلسفية‬ ‫والوجودية للذات والعامل‪ .‬ما الذي أهتز وختلخل يف يقينياتك وما الذي تغري بعدها؟‬ ‫ج ‪ :‬األمر يتعلق برعشة بشرية‪ ،‬بهزة نفسية عنيفة‪ ،‬فيها األحباب واألطفال أكثر مما فيها النفس‪ .‬وقد‬ ‫قلت لنفسي ما قاله الشاعر الخارجي في ساحة المعركة‪:‬‬ ‫أقول لها‪ ،‬وقد جأشت وجاشت‪ :‬مكانك تحمدي أو تستريحي‬ ‫األمر يتعلق بهزة نفسية ترتب عنها أمران‪:‬‬ ‫أولهما إدراك تداخل الروح والجسد‪ :‬اكتشفت‪ ،‬على حين غرة‪ ،‬أن الجسد الذي تدعونا أدبيات مثالية‬ ‫للسمو فوقه واحتقاره هو جزء من كيان؛ يكون كال أو يزول كال‪ ،‬هذا هو الممكن فوق أرضنا‪ .‬الناس‬ ‫يقولون‪ :‬العقل السليم في الجسم السليم‪ ،‬ولكنهم ال يدركون مغزى هذا الكالم‪ .‬وال أتمنى ألحد أن يؤدي‬ ‫الثمن الالزم إلدراكه‪ .‬الروح توهج للجسد‪ .‬ونحن ال نحس بالجسد إال حين يعتل‪ .‬ولذلك يقال‪ :‬السليم هو‬ ‫الذي ال يعلم أن توجد معدته‪ ،‬وال قلبه…الخ‪ .‬وحين قال الخطيب األموي‪“ :‬واهلل لأدعن لكل رجل منكم‬ ‫شغال في جسده”‪ ،‬كان يعلم ما يقوله‪ .‬لقد جعل لي المرض شغال في جسدي فانشغلت به سنوات‪ .‬وكتبت‬ ‫مرثيتي بعنوان‪ :‬أشواق درعية‪ ،‬العودة إلى الحارة‪ ،‬ال بكاء‪ ،‬ولكن وقوفا على أطالل الطفولة‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫نوعا من االستشفاء‪ .‬الجسد المعتل سجن وعذاب للروح والعقل واإلرادة‪ ،‬محنة‪.‬‬ ‫واألمر الثاني هو التطبيع مع الموت‪ .‬طبعت مع الموت‪ ،‬بعد أن صار من ضمن الحاضرين المالزمين‬ ‫لي‪ ،‬خاصة عندما انطلق الفيروس بعناد‪ ،‬وانهار الجسد أمام الدواء‪ ،‬وظهرت مضاعفات وأمراض‬ ‫إضافية‪ .‬صرت انتظر زيارة عزرائيل في كل لحظة‪ ،‬حتى استأنست به‪ ،‬ثم غاب عني‪ .‬واآلن كل ما‬ ‫أرجوه منه هو أن يأتي على حين غرة‪ .‬التطبيع مع الموت يعني نوعا من الزهد‪ ،‬ولكنه يعني أيضا نبذ‬ ‫الخوف وغرس الشتلة التي في اليد ثم االنسحاب‪ .‬التطبيع مع الموت جعلني أعيش لحظاتي ممتلئة‪ :‬ال‬ ‫أنتظر شيئا‪ ،‬وال أخاف شيئا‪ ،‬وال أحدا‪.‬‬ ‫‪Page 8‬‬


‫س‪ :‬كيف حال الصحة اليوم؟‬ ‫ج‪:‬زال ذلك الخطر الداهم وبقيت بعض مخلفاته أراوغها بمهارة تحير األطباء‪ .‬أنا بخير‪ .‬كل ما بقي بعد‬ ‫تلك المحنة ربح‪ .‬المغاربة يجهلون أن جغرافية المغرب دواء في حد ذاتها‪ ،‬ولذلك ال أستقر في مكان‪،‬‬ ‫كلما حل المرض بمكان تركته فيه وسافرت‪ .‬المهم أن أستطيع القراءة والكتابة إلى آخر نفس‪.‬‬ ‫س‪ :‬حفلت الساحة الفكرية والعلمية بكلية اآلداب بفاس بالعديد من األمساء العربية‬ ‫واملغربية الكبرية مثل أجمد الطرابلسي وحممد بنشريفة وصاحل األشرت‪ ،‬وجيل حممد برادة‬ ‫وأمحد اجملاطي‪ ،‬ثم جيل التسعينات‪ .‬كيف تنظر اآلن إىل هذه األجيال الثالثة؟ من منها بصم‬ ‫التاريخ العلمي والفكري جلامعة فاس؟‬ ‫ج‪ :‬الحقيقة هناك لحظتان قويتان في الجامعة المغربية‪ ،‬ساهمت فيهما جامعة فاس بنصيب ظاهر‪ ،‬في‬ ‫المجال البالغي واألدبي ومناهج الدراسة‪:‬‬ ‫اللحظة األولى ارتبطت بالتأسيس والتعريب‪ .‬بدأت هذه العملية فعال مع تأسيس أول شعبة للغة العربية‬ ‫بفاس منتصف الستينيات من القرن الماضي‪ .‬وقد برز فيها أساتذة وردوا من الشرق العربي‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمتهم وعلى رأسهم‪ ،‬الدكتور أمجد الطرابلسي‪ ،‬والدكتور صالح األشتر‪ ،‬ومحمد نجيب البهبيتي‪،‬‬ ‫وقباوة‪ ،‬وعبد اهلل الطيب المجدوب…‪ ،‬وبرز بجانبهم تدريجيا جيل من المغاربة‪ ،‬منهم حسن المنيعي‪،‬‬ ‫ومحمد بنشريفة‪ ،‬وأحمد اليابوري‪ ،‬ومحمد الكتاني‪ ،‬ومحمد برادة‪ ،‬وعباس الجراري‪ ،‬وأحمد المجاطي‪..‬‬ ‫وآخرون‪ .‬وقد مهد بعض هؤالء المغاربة لالنطالقة الثانية؛ ثم واكبها بعضهم وشكل برزخا بين اللحظتين‬ ‫(مثل محمد برادة وأحمد اليابوري وحسن المنيعي)‪ ،‬وتخلف عنها آخرون‪ .‬وانطبعت هذه المرحلة‬ ‫باالهتمام بالتعريف بتاريخ األدب وأجناسه وفنونه‪ ،‬دون اهتمام كبير باألسئلة النظرية‪ ،‬مع تكريس‬ ‫االنفصال بين القديم والحديث‪ ،‬وهيمنة القديم‪.‬‬ ‫اللحظة الثانية كانت بعد ذلك بعشرين سنة‪ ،‬أي في النصف األول من الثمانينيات‪ .‬حين رجع إلى الجامعة‬ ‫الطلبة الذين ذهبوا في بعثات إلى الخارج‪ ،‬أو عادوا من التعليم الثانوي بعد تهييئ دراسات عليا‪ .‬وإذا‬ ‫كانت المرحلة األولى قد أدت وظيفة التعريف بتاريخ األدب العربي وباألجناس األدبية‪ ،‬فإن ميزة‬ ‫المرحلة الثانية هي طرح سؤال المناهج والنظريات‪ :‬من البنيوية التكوينية‪ ،‬إلى البنيوية الشكالنية‪،‬‬ ‫وجمالية التلقي‪ ،‬والسيميائيات األدبية‪ ،‬وفي هذا االمتداد جاءت أسئلة البالغة الجديدة ونظرية اإلقاع…الخ‬ ‫وقد كانت مجلة دراسات أدبية لسانية‪ ،‬ومجلة دراسات سميائية أدبية لسانية‪ ،‬ومنشوراتها مساهمة بارزة‬ ‫في اإلجابة عن أسئلة هذه المرحلة‪ ،‬وإبراز أسماء جديدة مضافة إلى الرعيل األول‪ .‬موجود أكثرها في‬ ‫فهارس المجلتين‪ .‬فمجلة دراسات إنجاز مهم في سجل جامعة فاس‪ ،‬ما دام السؤال يحصر الحديث فيها‪.‬‬ ‫من أسماء الباحثين الذين كرسهم عطاؤهم في هذه المرحلة محمد العمري وحميد لحميداني ومحمد الولي‬ ‫ورشيد بنحدو‪ ،‬واختطف الموت األستاذ الكغاط بعد أن أبان عن كفاءة في تخصصه‪ .‬وهذا تقدير شخصي‬

‫‪Page 9‬‬


‫للمرحلة محصور في الدرس األدبي والبالغي في جامعة فاس‪ .‬اعتمدت فيه على اإلنتاج العلمي‪ .‬أما عدد‬ ‫المدرسين فبالمئات‪.‬‬ ‫س‪ :‬كنت أول من بادر إىل خلق وحدة للنقد القديم للدراسات العليا مع أحد الزمالء حدثنا‬ ‫عن هذا املشروع اهلام جدا؟ أين وصل اليوم؟‬ ‫ج‪ :‬وحدة النقد القديم التي أنشأتها أوائل تسعينيات القرن الماضي بكلية اآلداب بفاس حلقة من وحدات‬ ‫الدراسات العليا التي أنشأتها وأشرفت عليها بتعاون مع زمالء آخرين‪ .‬ورغم أنها حوربت بقوة ــــ كما‬ ‫بينا في زمن الطلبة والعسكر ــــ فقد كانت تجربة ناجحة‪ :‬أنجزت في إطارها أعمال علمية ذات قيمة‪.‬‬ ‫وعندما جاء إصالح الدراسات العليا اقتضت ظروف موضوعية وعلمية تطويرها في اتجاه بالغي‬ ‫نصي‪ ،‬فأنشأت وحدة التواصل وتحليل الخطاب‪ .‬فرغم أن التغيير كان قسريا فقد كان مالئما لمساري نحو‬ ‫البالغة العامة‪ ،‬بل خدم هذا المسار‪ .‬ولذلك كانت وحدة التواصل وتحليل الخطاب حدثا علميا امتدت آثاره‬ ‫في الجامعات المغربية‪ ،‬ثم في برنامج إصالح التعليم‪ ،‬حيث أضيفت مادة التواصل‪ ،‬ومادة تحليل‬ ‫الخطاب‪ ،‬إلى البرنامج الدراسي‪ .‬وعندما انتقلت إلى الرباط نهاية القرن الماضي ـــ لضرورة صحية ــــ‬ ‫أسست وحدة جديدة بعنوان‪ :‬البالغة الجديدة والنقد األدبي‪ .‬وكأنها دمج للوحدتين السابقتين‪.‬‬ ‫وقد شرعت اآلن مجموعة من الباحثين في البالغة وتحليل الخطاب‪ ،‬من طلبة هذه الوحدات‪ ،‬في إخراج‬ ‫أعمال علمية جديدة سيكون لها شأن‪ .‬منها كتاب‪ :‬القراءة العربية لكتاب فن الشعر ألرسطو الذي ظهر في‬ ‫السنة الماضية‪ ،‬لعبد الرحيم وهابي‪ ،‬فهو من طلبة الوحدة األولى‪( ،‬وحدة النقد القديم)‪ .‬وقد سمعت أن هذا‬ ‫الكتاب القيم أختير ضمن الالئحة الصغيرة إلحدى الجوائز العربية الكبرى (ضمن الخمس األوائل) وهذا‬ ‫تتويج في حد ذاته‪.‬‬ ‫س‪:‬من دون شك أنك خربت بعمق طواحني النشر الورقي‪ ،‬خصوصا مع جتربة جملة (دراسات‬ ‫لسانية وأدبية)‪ ،‬واليوم قد حقق اإلنرتنيت والنشر اإللكرتوني الكثري من آمال األجيال الرواد‬ ‫يف التواصل مع املتلقني والباحثني‪ ،‬لن أسألك عن إجيابيات النشر اإللكرتوني فهي كثرية‪،‬‬ ‫لكن أين ترى سلبياته وهل مازال للنشر الورقي طعمه القديم؟‬ ‫ج ‪ :‬النشر اإلليكتروني نعمة ال حدود لها‪ .‬عندما بدأت‪ ،‬في منتصف تسعينيات القرن الماضي‪ ،‬أطبع‬ ‫مقاالتي لجريدة الرياض وأحولها إلى الجريدة في نفس الليلة دون أن أخرج من البيت إلى البريد كما‬ ‫كانت العادة‪ ،‬كنت أنشد مع أم كلثوم‪“ :‬يا اللي شوفتو قبل ما تشوك عينيا‪ ،‬عمري ضاع يحسبوه إزاي‬ ‫عاليا”‪ .‬كان ذلك منذ سبع عشرة سنة‪ ،‬أما اآلن فحكاية اخرى‪.‬‬ ‫إذا تحقق شرط التحرير والتحكيم والتوثيق والحماية من التالعب‪ ،‬فليس هناك شيء يمكن أن يعتبر سلبيا‪.‬‬ ‫مازال الكتاب الورقي يبعث على الثقة‪ ،‬ألنه يحمل رقم إيداع قانوني‪ ،‬وترقيما دوليا‪ ،‬ونسخه موجودة في‬ ‫أماكن متعددة محفوظة‪ .‬يظهر لي أن الكتابة اإلليكترونيبة في حاجة إلى التخلص من النظام الورقي الذي‬ ‫يعتمد الصفحات‪ ،‬ربما يكون من األجدى واألنفع اعتماد ترقيم الفقرات‪ ،‬أو مجموع فقرات‪ .‬لكي يسافر‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪10‬‬


‫الرقم مع المادة مهما تغيرت الطبعات والصفحات‪ .‬والطلبة يسألون‪ :‬هل يمكن اإلحالة على األنتيرنيت‪،‬‬ ‫وكيف؟‬ ‫ومع ذلك فإن جيلنا سيظل في حاجة إلى لمس الورق وتقليبه‪ ،‬واإلطالل في نفس الوقت على عدة‬ ‫صفحات‪.‬‬ ‫الكثير من الصحف اإللكترونية ال تقوم بعملية التحرير‪ ،‬ال للمقاالت وال للتعليقات‪ ،‬فتنشر السخافات‪.‬‬ ‫س‪:‬بعد اجلزء األول من سريتك الذاتية (أشواق درعية) واجلزء الثاني (زمن الطلبة والعسكر)‬ ‫هل تفكر يف جزء ثالث؟ وما هو عنوانه املقرتح؟‬ ‫ج ‪:‬من البين أن (زمن الطلبة والعسكر) ليس سيرة شاملة مستقصية‪ ،‬بل هو سيرة موضوع أو تيمة‪:‬‬ ‫الصراع‪ .‬وقد صدق أحد المعلقين حين قال‪ :‬يبدو وكأن القدر يسوق صاحب السيرة إلى مواقع األزمات‬ ‫واالنفجارات‪ .‬ولذلك بقيت مسارات أخرى مفتوحة وسالكة‪ .‬منها تجربة الرحلة إلى الشرق‪ ،‬فهي تجربة‬ ‫مشوقة جديرة بالحكي‪ ،‬ألنها مليئة بالمتناقضات‪.‬‬ ‫وقد أثار (زمن الطلبة والعسكر) من ردود فعل القراء ما لم يثره كتاب آخر من كتبي‪ .‬تجلى ذلك في‬ ‫تعاليق كتابية وفي أحاديث تلفونية يدوم بعضها أكثر من الساعة‪ .‬كل هؤالء المعلقين قرأوا الكتاب دفعة‬ ‫واحدة في أجل قصير‪ :‬من يوم إلى ثالثة أيام‪ .‬أحد أسباب اإلصرار على قراءة الكتاب دفعة واحدة ليس‬ ‫احتواءه على عقدة يحث القارئ الخطا نحو فك لغزها‪ ،‬بل هو توالي الصور القصيرة التي ال تترك‬ ‫القارئ يسهو نتيجة إحساسه بالتكرار‪ .‬ولذلك فالكتاب قابل للتوسع من أي نقطة‪ .‬بل الفصل األول والثاني‬ ‫قابالن للتحول إلى سيناريو مسلسل أو فيلم مطول‪.‬‬ ‫محمد العمري‪ :‬باحث في البالغة وتحليل الخطاب‬ ‫‪http://www.medelomari.net‬‬

‫‪Page‬‬ ‫‪11‬‬


‫حوار مع املؤلف والناقد املسرحي عبدالكريم برشيد‬ ‫أجرى احلوارعبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم ‪ :‬المسرح المغربي في حاجة اليوم أكثرمن أي وقت مضى إلى حوارالمكاشفة وشفافية الحقيقة من‬ ‫أجل تعرية مكامن األلغام المزروعة من تحت ركح أبي الفنون ‪ ..‬ولكي نشفي غليل أسئلتنا كان علينا أن‬ ‫نطرق باب أحد أقطاب النقد والتأليف المسرحي بالمغرب الدكتورعبدالكريم برشيد لما عرفنا عنه من‬ ‫صراحة جريئة ونادرة وثقافة أكاديمية مسرحية وتراثية مغربية وعربية واسعة وأيضا مما خاضه على‬ ‫الخصوص من معارك مع أبي الفنون منذ أن صدع ببيانه األول قبل أربعة عقود حول "المسرح‬ ‫اإلحتفالي" إلى آخربيان ناري أطلقه يوم ‪ 8‬يونيه الجاري بعنوان "نداء إلى المسرحيين المنبوذين" والبقية‬ ‫من البيانات آتية من دون شك ‪.‬‬ ‫ولمعرفة المزيد عن خبايا غابة برشيد المسرحية وعن أسباب محطات التمرد وعالمات التفرد في سيرته‬ ‫المسرحية وبعض مظاهرعلل المسرح المغربي الراهن وأخيرا عن إخفاقات السياسة الثقافية بالمغرب‬ ‫أجرينا معه هذا الحوارالحصري الخاص بمجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربية ‪.‬‬ ‫ــ األساس في المسرح أنه حاجة من حاجات اإلنسانية النفسية والروحية واالجتماعية‬ ‫ــ حقا‪ ،‬المغاربة أكثر عطاء وأكثر واقعية وأكثر موضوعية وجدية في مجال النقد المسرحي‬ ‫ــ االحتفالية‪ ،‬تعيش اليوم عمرا جديدا من أعمارها المتعددة والمتالحقة‬ ‫ــ ال معنى للجرأة إال إذا كانت جرأة العلماء‪ ،‬وكانت جرأة المفكرين‪ ،‬وكانت جرأة الفنانين الحقيقيين‬ ‫ــ لقد أوجد هذا الدعم ظواهر غريبة عن روح المسرح‪ ،‬وبعيدة جدا عن أخالق المسرح‪ ،‬وظهر فيه‬ ‫االنتهازيون واالنتفاعيون والوصوليون والسماسرة وتجار الرقيق أيضا‬ ‫ــ ال وجود اليوم لشيء يسمى وزارة الثقافة في المغرب ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بداية شكرا لكم على قبول دعوتنا إلجراء هذا احلوار وكما يقول املثل العربي "األمور‬ ‫خبوامتها" قمتم يوم اجلمعة ‪ 72‬يونيه بتوقيع إصداركم األخري املوسوم ب"الصدمة‬ ‫‪Page 1‬‬


‫املزدوجة ‪⁄‬املسرح واحلداثة" نود منكم لو تفضلتم باختصار بسط أهم حماورهذا املنجز‬ ‫النقدي املسرحي اجلديد؟‬ ‫ج ‪ :‬يأتي هذا الكتاب الجديد في إطار مشروع نقدي كبير‪ ،‬ولقد كان من المفروض أن يصدر قبل كتاب‬ ‫(التأسيس والتحديث في تيارات المسرح العربي الحديث) ولكنه جاء بعده بشهر‪ ،‬والكتابان معا يحيالن‬ ‫على الكتب التي سوف تأتي مستقبال‪ ،‬والتي هي كتاب ( التيار التجريبي في المسرح العربي) و(التيار‬ ‫التأصيلي في المسرح العربي) و(التيار التأسيسي االحتفالي في المسرح) وسيكون هناك كتاب سادس‬ ‫للخالصات واالستنتاجات العامة‪.‬‬ ‫ويتألف كتاب الصدمة المزدوجة من فاتحة وخاتمة باإلضافة إلى الفصول التالية‪ :‬فصل‪ :‬من التمثيل إلى‬ ‫المسرح‪ ،‬وفصل التمثيل االجتماعي والتمثيل المسرحي‪ ،‬وفصل التمثيل المختلف في الثقافات المختلفة‪،‬‬ ‫وفصل المسرح في درجة الحداثة‪ ،‬وفصل تجارب وأسماء ومشاريع‪ ،‬وفيه أتحدث عن تجربة المسرحي‬ ‫القطري حمد الرميحي وعن تجربة المسرحي المغربي محمد تيمد وعن تجربة المسرحي العراقي جواد‬ ‫األسدي وعن تجربة المسرحي الفلسطيني راضي شحادة وعن تجربة المسرحي العراقي صالح القصب‬ ‫وعن تجربة المسرحي المغربي الكبير أحمد الطيب العلج‪.‬‬ ‫ولقد كان المثقفون في مدينة الدار البيضاء على موعد مع حفل تقديم هذا الكتاب والذي شارك في قراءته‬ ‫ومناقشته األساتذة كمال فهمي وعبد السالم لحيابي ود‪ .‬المختار العبدالوي ود‪.‬عبدالرزاق بالل ود‪ .‬ندير‬ ‫عبد اللطيف وأحمد جليد وإبراهيم وردة وبوشعيب الطالعي وجناح التامي‪ ،‬وقد تم اللقاء في مركز (‬ ‫مدى) بمدينة الدار البيضاء وبتنظيم من الصالون األدبي فيل وآرت ومركز مدى ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أيضا دكتورعبد الكريم برشيد تضمن أحد أعداد جملة (دبي الثقافية) هلذه السنة كتابا‬ ‫مرفقا لكم بعنوان "التأسيس والتحديث يف تيارات املسرح احلديث " يف ‪ 722‬صفحة ومن‬ ‫خالل العنوان يبد وأن هذا الكتاب ينفتح يف مقاربته النقدية على املسرح العاملي يف كونيته‬ ‫وأنطولوجيته كيف كانت أصداء هذا الكتاب على املستوى العربي؟‬ ‫ج ‪ :‬لعل أجمل ما في كتاب ( دبي األدبية) هو أنه يوزع على نطاق عربي واسع‪ ،‬ولقد كان كتاب (‬ ‫التأسيس والتحديث في تيارات المسرح العربي الحديث) محظوظا بال شك‪ ،‬ألنه وصل إلى كل من يهمه‬ ‫األمر‪ ،‬ولقد وصلتني من كل العالم العربي استفسارات وتساؤالت عن الكتاب‪ ،‬وعن معنى التيارات‪،‬‬ ‫وعن مناهجها وفلسفاتها وعن سياقاتها التاريخية ومرجعياتها الفكرية والجمالية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بعالقة املسرح مع احللقة ـ سيدي الكتفي ـ سلطان الطلبة واملسرح العمالي وأيضا‬ ‫بساحات اهلديم وبوجلود وجامع لفنا هل مازال العرض املسرحي اليوم يف زمن الوسائطية‬ ‫الرقمية‪ ،‬قادرا على احلفاظ على بعض محيمية هذا املشرتك يف عالقته املباشرة باملتلقي على‬ ‫الركح؟‬ ‫ج ‪ :‬األساس في المسرح أنه حاجة من حاجات اإلنسانية النفسية والروحية واالجتماعية‪ ،‬وأعتقد أن هذه‬ ‫الحاجة مازالت موجودة إلى حدود هذا اليوم‪ ،‬ومن المؤكد أنها ستظل قائمة وموجودة‪ ،‬مادام هذا اإلنسان‬ ‫‪Page 2‬‬


‫موجودا‪ ،‬ومادام محافظا على إنسانيته وحيويته ومدنيه وروحه االحتفالية والتعييرية‪ ،‬وفي المسرح نحيا‬ ‫حياتنا‪ ،‬ونعبر عن هذه الحياة بعفوية وتلقائية‪ ،‬وفي هذا المسرح نضحك أحيانا‪ ،‬ونعير عن هذا الضحك‬ ‫الساخر بالكوميديا‪ ،‬وفي هذا المسرح نحزن أيضا‪ ،‬ونعبر عن هذا الحزن بالتراجيدا‪ ،‬وهذا ما يعطي‬ ‫المسرح حقيقته‪ ،‬ويجعله فنا خالدا ومتجددا‪.‬‬ ‫ويخطئ من يقارن بين المسرح والوسائط الرقمية‪ ،‬ألن المسرح ليس صورة تنقل‪ ،‬وليس معلومة ترحل‪،‬‬ ‫وليس فرجة نتفرج عليها‪ ،‬ألنه ال أحد موجود في هذا المسرح إال نحن وحياتنا‪ ،‬ومتى كان اإلنسان يتفرج‬ ‫على حياته؟‬ ‫في المسرح نحضر‪ ،‬ونؤكد على هذا الحضور‪ ،‬وفي المسرح نلتقي ألنه ال يمكن أن نغلق علينا األبواب‪،‬‬ ‫وأن نعوض حضور الناس بالتفرج على صورهم عن بعد‪ ،‬وفي المسرح نعيش الحاالت والقضايا‬ ‫الساخنة والحارة‪ ،‬وفيه نكون فاعلين ومتفاعلين‪ ،‬بدل أن نكون سلبيين ومنفعلين ومستهلكين‪ ،‬وبهذا يكون‬ ‫المسرح هو الحقيقة‪ ،‬وتكون كل الوسائط الرقمية مجرد صور متحركة‪ ،‬وكما يقول أحمد الطيب العلج في‬ ‫إحدى أغنيه ( الصوره خيالووخيالو ماشي بحالو(‬ ‫المسرح إذن‪ ،‬هو التالقي اإلنساني‪ ،‬وهو تظاهرة اجتماعية لها عالقة عضوية بفضاء المدينة وبمناخها‬ ‫وبطقسها‪ ،‬وهذا ما يجعله فنا لكل العصور ولكل المراحل التاريخية‪ ،‬ويجعله قابال ألن يتعايش مع كل‬ ‫الثقافات ومع كل اللغات‪.‬‬ ‫وينبغي أال ننسى أن هذا المسرح هو أدب أوال‪ ،‬وأنه بهذا كلمة مكتوبة ومقروءة‪ ،‬وأنه نص عابر للقارات‬ ‫وعابر للعصور والدهور‪ ،‬وأنه من الممكن أن نستمتع بالمعاني وبالصور وبالموسيقى وبالحاالت‬ ‫وبالمقامات وبالحوارات التي في هذا النص‪.‬‬ ‫والمسرح فن ثانيا‪ ،‬والصحيح أن نقول هو مجموعة فنون متضامنة ومتحدة‪ ،‬وفيه تحضر الكلمة‬ ‫والحركة‪ ،‬ويحضر الصوت والصمت‪ ،‬ويحضر الفراغ واالمتالء‪ ،‬ويحضر الناس واألشياء‪ ،‬وتحضر‬ ‫األزياء واألقنعة‪ ،‬ويحضر الرقص والغناء‪ ،‬ويحضر اإللقاء واإلنشاد‪.‬‬ ‫والمسرح ثالثا‪ ،‬مكان في المدينة له هندسة معمارية خاصة‪ ،‬وهي الهندسة التي استعارتها دور السينما‪،‬‬ ‫وحافظت عليها ولم تضف إليها شيئا مهما‪ ،‬ولهذا المكان ـ البناية دوراجتماعي شبيه بما تقوم به الساحة‬ ‫في المدينة‪ ،‬وبما تقوم به الحديقة العمومية‪ ،‬وبما تقوم به المدرسة والجامعة‪ ،‬وبما يقوم به المسجد‬ ‫والمعبد‪ ،‬وبما تقوم به المصحة النفسية أيضا‪.‬‬ ‫وهذا المسرح‪ ،‬رابعا‪ ،‬هو بالتأكيد فضاء عام‪ ،‬أو هو بيت جماعي‪ ،‬وبيت من ال بيت له‪ ،‬وفيه يمارس‬ ‫المواطن الشعبي مواطنته‪ ،‬وهو بهذا برلمانه الذي يطرح فيه قضاياه الحقيقية‪ ،‬ولعل هذا هو ما يفسر أن‬ ‫يرتبط مولد المسرح في اليونان بمولد الديمقراطية‪ ،‬وأن يكون هذا الفن ـ العلم مدرسة لتعلم أصول‬ ‫المواطنة الحقة‪.‬‬

‫‪Page 3‬‬


‫س ‪ :‬من دون شك أن النقاد والباحثني املغاربة يف اجملال املسرحي أكثرإنشغاال واشتغاال‬ ‫وأوفرعطاءا مقارنة مع باقي النقاد يف الدول العربية األخرى إىل ما تعزى هذه الدينامية ثم‬ ‫أليست أزمة املسرح إحدى حمركاتها الرئيسية؟‬ ‫ج ‪ :‬حقا‪ ،‬المغاربة أكثر عطاء وأكثر واقعية وأكثر موضوعية وجدية في مجال النقد المسرحي‪ ،‬ألنهم‬ ‫ينطلقون أساسا من الحس النقدي السليم‪ ،‬ومن الوعي النقدي الشامل‪ ،‬ومن السؤال النقدي الدقيق‪،‬‬ ‫ويعتمدون على العقل إلى جانب اعتمادهم على النقل‪ ،‬والشك في قراءتهم النقدية شيء أساسي‪ ،‬وهم اليوم‬ ‫يقفزون على القراءات الوصفية وعلى القراءات األخالقية وعلى القراءات اإليديولوجية‪ ،‬وينبغي أن ال‬ ‫ننسى أن المناخ العام الذي ينكتب فيه المسرح المغربي‪ ،‬إبداعا ونقدا وتنظيرا وتأريخا‪ ،‬هو مناخ فكري‬ ‫ساهم في إيجاده مجموعة من المفكرين المغاربة نجد على رأسهم عابد الجابري وطه عبد الرحمن وعبد‬ ‫اهلل العروي وعبد الكبير الخطيبي ومحمد سبيال و وغيرهم كثير ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬لنعد شيئا ما إىل عقود حيث ال ميكن ألي صحفي أو باحث أن يلج غابة عبد الكريم برشيد‬ ‫الفيحاء من دون أن يتحدث عن "دوحة االحتفالية" اليت ختفي الغابة‪ ،‬كيف تنظرون اليوم‬ ‫على بعد أربعة عقود من إطالق بيان "املسرح االحتفالي" وما هي حصيلة أم املعارك هاته‬ ‫يف تارخيك املسرحي؟‬ ‫ج ‪ :‬هذه االحتفالية لم تظهر من فراغ‪ ،‬وهي أساسا رؤية ورؤيا‪ ،‬وهي تفكيروتصور‪ ،‬وهي فعل وانفعال‬ ‫وتفاعل‪ ،‬وهي جزء ساسي وحيوي من تاريخ المغرب الحديث‪ ،‬وال يعقل أن نتحدث عن المسرح العربي‬ ‫من غير أن نتوقف طويال عند أفكارها واقتراحاتها وإبداعاتها وبياناتها ومواقفها ومعاركها التي دامت‬ ‫أربعين سنة ‪.‬‬ ‫وهذه االحتفالية‪ ،‬تعيش اليوم عمرا جديدا من أعمارها المتعددة والمتالحقة‪ ،‬فبعد العمر التأسيسي الذي‬ ‫عاشته في السبعينات‪ ،‬نجدها اآلن تعيش عمر التمدد والتعدد‪ ،‬وتحيا زمن التجديد واالرتقاء‪ ،‬وإذا كان‬ ‫فعل التأسيس واضحا وظاهرا للعيان‪ ،‬فإن فعل التجديد يتم داخليا في الخفاء‪ ،‬ولهذا فإن كثيرا من العيون‬ ‫ال تراه‪ ،‬فالفلسفة االحتفالية تزداد مع األيام اتساعا‪ ،‬ولقد عبرت عن هذا من خالل كتاب ( فلسفة التعييد‬ ‫االحتفالي) والذي صدر عن منشورات توبقال‪ ،‬كما عبرت عن فلسفتها األخالقية في ( بيان ما معنى أن‬ ‫تكون احتفاليا) والذي صدر ضمن ( بيانات عمان لالحتفالية المتجددة) كما عبرت عن رؤيتها لألغنية‬ ‫االحتفالية‪ ،‬التي أسسها الشاعر والزجال والمسرحي االحتفالي محمد الباتولي‪ ،‬وقد جاء هذا في بيان‬ ‫مسرحي جديد لم ينشر بعد‪ ،‬وهو يحمل عنوان ( بيان األغنية االحتفالية)‬ ‫وفي مجال اإلبداع فإن هذه االحتفالية ال تتوقف عن اإلدهاش واالندهاش‪ ،‬ومسرحياتها حاضرة في كل‬ ‫العالم العربي‪ ،‬ويخطئ من يجسدن هذه االحتفالية في أجساد أشخاص‪ ،‬ألن كل األجساد مطلوبة للرحيل‪،‬‬ ‫ولكن األفكار باقية‪ ،‬ومن حق أي مسرحي أن يختلف مع هذه األفكار‪ ،‬وأن يقترح غيرها‪ ،‬ولكنه ليس من‬ ‫حق أية جهة أن تصادر هذا اإلرث اإلنساني العام‪ ،‬والذي هو ملك لكل اإلنسانية في كل زمان ومكان ‪.‬‬ ‫‪Page 4‬‬


‫س ‪ :‬االحتفالية هي يف العمق احتفاء باملوروث وباملشرتك وكل التجليات األنرتبولوجية يف‬ ‫اجملتمع وهي بالتالي األقرب إىل الذاكرة اجلمعية من أي تيار آخر‪ ،‬أين إذن تكمن جيوب‬ ‫مقاومتها إذا كانت جتعل من احمللية هدفها األمسى قبل العاملية ؟‬ ‫ج ‪ :‬أعترف لك‪ ،‬بأنني أمام هذه الجيوب المقاومة للمد االحتفالي ال أملك اليوم جوابا جامعا ومانعا‪،‬‬ ‫وأعرف بأنني ال أملك في مجال التفسير والتحليل لهذه الظاهرة الغربية والعجيبة سوى االندهاش‬ ‫واالستغراب‪ ،‬وأرى ضروريا أن أنطلق من األسئلة األساسية التالية‪ ،‬السؤال األول هو‪ :‬أين وصلت هذه‬ ‫المقاومة اليوم‪ ،‬وهل حققت أي فتح علمي أو فني في هذه المقاومة؟‬ ‫أما السؤال الثاني فهو‪ :‬ما طبيعة هذه المقاومة‪ ،‬وهل هي فعال مخالفة علمية وفكرية وجمالية‪ ،‬أم إنها‬ ‫مجرد تدافع حساسيات وأنانيات غير سوية‪ ،‬وال شيء غير ذلك؟ وأما السؤال الثالث فهو‪ :‬من يكون‬ ‫هؤالء الذين عاكسوا هذه االحتفالية‪ ،‬وما هو وزنهم وحجمهم الحقيقي‪ ،‬وما هي إضافاتهم الفكرية والفنية‬ ‫في الحركة المسرحية المغربية والعربية؟‬ ‫وأجد أن هذه األسئلة تؤدي بنا جميعا إلى الحقيقة التالية‪ ،‬وهي أن هذه المقاومة كانت ( لعب عيال ) كما‬ ‫يقول المصريون‪ ،‬وأنها لم تكن ـ في حقيقة األمر ـ تعاكس هذه االحتفالية‪ ،‬ولكنها كانت تعاكس روح‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وكانت تعاكس العقل والمنطق‪ ،‬وكانت تعاكس الواقع والتاريخ‪ ،‬ولعل هذا هو ما جعلها‬ ‫محصورة في المغرب‪ ،‬ولم تستطع أن تجد لها أي صدى على المستوى العربي‪ ،‬بدليل أنه ال أحد من‬ ‫النقاد المسرحيين العرب الكبار‪ ،‬قد شكك في قوة وجدة وجدية وفي مصداقية الحركية االحتفالية‪ ،‬ويكفي‬ ‫أن يحتفي بها شيخ النقاد المسرحيين العرب د‪ .‬علي الراعي‪ ،‬وأن يقر بخطورتها الفكرية والجمالية كبار‬ ‫المسرحيين العرب‪ ،‬وأن تدخل المدرسة المغربية من خالل نصوصها اإلبداعية ومن خالل بياناتها‬ ‫وكتبها‪ ،‬وأن تقتحم الكليات والمعاهد المسرحية في كل العالم العربي‪ ،‬وأن يحتفي بها اإلعالم المكتوب‬ ‫والمسموع والمصور‪ ،‬وأن تظل أكبر موضوع مسرحي على امتدادا أربعة عقود كاملة‪.‬‬ ‫كما يمكن أن نخلص إلى الحقيقة الثانية التالية‪ ،‬وهي أن هذه المقاومة كانت تعبيرا عن مراهقة سياسية‪،‬‬ ‫وأنها كانت تعبيرا عن نقص في التفكير‪ ،‬وكانت تعبيرا عن بؤس في التقدير‪ ،‬وكانت رفضا لفعل‬ ‫االجتهاد الفكري والمسرحي‪ ،‬وكانت سباحة ضد التيار‪ ،‬وكانت اعتداء على الفكر والفن باسم السياسة‪،‬‬ ‫وذلك في زمن لم يكن مسموحا فيه أال تكون مسيسا‪ ،‬وأال تكون يساريا‪ ،‬وأال تكون منساقا مع الفن العام‪،‬‬ ‫ومع االختيار العام‪ ،‬ومع الذوق العام ومع شعارات المرحلة‪.‬‬ ‫في هذا المناخ اإليديولوجي المغلق ظهرت االحتفالية‪ ،‬وألن هذه الحركة المسرحية تنطلق من رؤية‬ ‫احتفالية للوجود‪ ،‬فقد كان ضروريا أن تعبر عن هذه الرؤية‪ ،‬وأن تجهر بها‪ ،‬وأن تعلن عنها أمام كل‬ ‫العالم‪ ،‬وأن تختزل قناعتها في التعريف التالي للمسرح‪ ،‬والذي هو التعبير الحر لإلنسان الحر في‬ ‫المجتمع الحر‪ ،‬وبالتأكيد فإن مثل هذا الفعل لم يكن سهال في ذلك الزمن السبعيني‪ ،‬وكان يتطلب شجاعة‬ ‫وجرأة‪ ،‬وكان يتطلب أن نقدم كثيرا من التضحيات‪ ،‬ولم يكن ممكنا أن نتنازل عن قناعاتنا الفكرية‪ ،‬أو أن‬ ‫نتراجع عن أية فكرة من أفكارنا المبدئية ‪.‬‬ ‫‪Page 5‬‬


‫لقد قفزت هذه االحتفالية على العشائرية القبلية‪ ،‬وقفزت على الطائفية الدينية‪ ،‬وقفزت على الطبقية‬ ‫السياسية إلى اإلنسانية‪ ،‬وانتقلت من المحلية إلى الكونية‪ ،‬وانتقلت من ترديد الشعارات إلى صياغة‬ ‫االختيارات الفكرية والجمالية الجديدة‪ ،‬وهذا بالتأكيد هو ما جعلها خصما وعدوا للذين ال يؤمنون بالتعدد‬ ‫واالختالف‪ ،‬والذين ال يتسامحون مع المنحرفين والمحرفين ومع المنشقين ومع المجددين‪ ،‬وإلى حدود‬ ‫اليوم‪ ،‬ما زالت هذه الحرب على االحتفالية قائمة‪ ،‬مع أن خرائط األمس قد تغيرت‪ ،‬ومع أن التاريخ قد‬ ‫قال كلمته‪ ،‬ومع أن الواقع قد قال كلمته‪ ،‬ومع أن النقد العالم قد قال كلمته في حق هذه االحتفالية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬عن الدكتورعبد الكريم برشيد املسرحي الذي ولد "متمردا" على كل أشكال امليوعة‬ ‫واستغباء املتلقي املغربي‪ ،‬فقد أطلقت نداءا ناريا يوم ‪ 8‬يونيه اجلاري بعنوان "نداء إىل‬ ‫املسرحيني املنبوذين" قلت فيه مثاال غري مسبوق أصبح دارجا على لسان كل الفنانني‬ ‫واملثقفني يقول "أغبى من وزارة الثقافة" ما هي دكتورعبد الكريم برشيد األسباب‬ ‫احلقيقية لتفجريك هلذا (احلزام الناسف)؟‬ ‫ج ‪ :‬هو نداء بدرجة صرخة‪ ،‬وهو صرخة في صحراء المسرح المغربي‪ ،‬وال أحد يمكن أن يصرخ إال‬ ‫متألما ومتوجعا‪ ،‬وكذلك هو حالي وحال كل المسرحيين المغاربة في هذا النداء‪ ،‬أي حال من رأى سفينة‬ ‫المسرح المغربي تغرق‪ ،‬فكان ضروريا أن يصرخ هذه الصرخة القوية والمدوية‪ ،‬والتي هي بالتأكيد‬ ‫تعبير عن رفض سياسة الظلم والقهر‪ ،‬وهي تعبير عن رفض الفساد الذي وصل في وزارة الثقافة إلى‬ ‫حده األقصى‪ ،‬ولهذا فقد كان ضروريا بالنسبة لنا أن نقول اليوم كفى‪ ،‬وأن نفضح المفسدين‪ ،‬وأن نكشف‬ ‫النقاب عن الوجوه البشعة‪ ،‬وأن نعلن أمام الرأي العام بأن األمر يتعلق أساسا بوطن وبمواطنين‪ ،‬وأن هذا‬ ‫الوطن أكبر من أي حزب من األحزاب‪ ،‬وهو أكبر من أية جماعة من الجماعات‪ ،‬وأنه ال يليق بالمسرح‬ ‫إال أن يكون شعبيا‪ ،‬وأن يكون ديمقراطيا‪ ،‬وأن يكون لهذه الديمقراطية معنى الحوار ومعنى االشتراك‬ ‫ومعنى االقتسام ومعنى التسامح‪ ،‬وأعتقد أن دولة الحق والقانون ال يمكن أن تسير إال بالحق والقانون‪،‬‬ ‫ونحن في هذا النداء نفضح السلطة الثقافية التي تسير الشأن الثقافي والمسرحي بعقلية ومنهجية العصابات‬ ‫والمليشيات والخليات السرية‪.‬‬ ‫وأن يأتي اليوم نداء من مسرحي مغربي‪ ،‬معروف بمصداقيته واستقالليته‪ ،‬وأن تحييه وأن تثمنه وأن‬ ‫تزكيه كل ( الطبقة) المسرحية المغربية‪ ،‬فإن هذا ال يمكن أن يكون له إال معنى واحد‪ ،‬وهو أن الخلل‬ ‫موجود فعال في هذا الوطن المسرحي‪ ،‬وأن هذا الخلل يتجسد في الظلم والقهر وفي سياسة إشعال‬ ‫الحروب الطائفية بين المسرحيين المغاربة‪ ،‬وذلك من خالل تقريب المقربين وإبعاد الغرباء‪.‬‬ ‫وأعرف أنه ال شيء يتم بالمجان وبال معنى‪ ،‬وهناك سياسة ثقافية وراء كل هذا‪ ،‬وال أحد يعرف اليوم‬ ‫عن هذه السياسة أي شيء‪ ،‬وكل شيء يطبخ في المطابخ السرية والمغلقة‪ ،‬ويتم تنزيل القرارات التعسفية‬ ‫من فوق‪ ،‬وكل هذا ونحن نعيش زمن الدستور الجديد‪ ،‬ونتغنى بسياسة القرب‪ ،‬فال أحد من المثقفين اليوم‬ ‫عنده علم بما يجري ويدور في الكواليس اإلدارية‪ ،‬ومتى كان الشأن الثقافي شأنا إداريا؟‬ ‫‪Page 6‬‬


‫فال أحد من المسرحيين له الحق في أن يشارك في السياسة المسرحية‪ ،‬وماذا يمكن أن نسمي هذا سوى‬ ‫أنه االستبداد في بشع وأقذع صوره؟‬ ‫وال أحد من المسرحيين له علم بما يقع‪ ،‬أو بما سوف يقع‪ ،‬مع أن هذا المسرح هو مسرحهم‪ ،‬وأنه ال يحق‬ ‫تدبير أمرهم إال بإشراكهم في مسائل فنهم وصناعتهم وحرفتهم‪ ،‬وأرى أن أرباب الطاكسيات وأرباب‬ ‫المخابز في المغرب‪ ،‬أكثر تحكما في مجالهم من المسرحيين بشكل خاص ومن كل المثقفين بصفة عامة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يف موضوع خمتلف متاما يتعلق باملسرح وحرية التعبري فقد أثارت إحدى املسرحيات‬ ‫النسائية جدال فنيا واجتماعيا وجنسيا قل نظريه يف أي دولة عربية‪ ،‬كيف تقيمون هذه‬ ‫التجربة اليت تعرضت ألبشع النعوت وتهديدات التطرف؟ أال يشاهد مغاربة العامل‬ ‫عربالصحون املقعرة واليوتوب واألقراص املدجمة مسرحيات فرنسية وأجنليزية أجرأ من‬ ‫مسرحية (ديالي)؟‬ ‫ج ‪ :‬المسألة من أساسها طرحت بشكل مغلوط‪ ،‬ولقد كان وراءها نوع خاص من الصحافة المغربية‪،‬‬ ‫والتي تمثلها صحافة اإلثارة‪ ،‬والتي درجت على أن تبيع وتشتري في كل شيء‪ ،‬وأن تحرف كل شيء‪،‬‬ ‫وأن تزايد بالشعارات الكبيرة‪ ،‬مرة باسم الوطنية‪ ،‬ومرة باسم الحرية‪ ،‬ومرة باسم الدين‪ ،‬ومرة باسم‬ ‫اإليديولوجيا‪ ،‬ومرة باسم الجرأة‪ ،‬مع أنه ال معنى للجرأة إال إذا كانت جرأة العلماء‪ ،‬وكانت جرأة‬ ‫المفكرين‪ ،‬وكانت جرأة الفنانين الحقيقيين‪ ،‬أما جرأة الحمقى والمرضى والمعطوبين نفسيا وذهنيا فتلك‬ ‫مسألة أخرى‪ ،‬وللعلم‪ ،‬فأنا لست مع أية جهة من الجهات‪ ،‬وال أعتقد أنه يمكن تصنيفي بسهولة‪ ،‬ولقد‬ ‫فكرت وأبدعت وأنا خارج كل الصفوف وخارج كل الخنادق والخانات‪ ،‬وكنت دائما ضد عسكرة المجال‬ ‫الفكري والجمالي‪ ،‬وأرى أنه من الغباء أن نصنف الفنانين المبدعين بنفس التصنيفات الحزبية والصحفية‪،‬‬ ‫وأن نسقط عليهم نفس األسماء ونفس المصطلحات‪ ،‬وأن نرهبهم بها‪.‬‬ ‫شيء مؤكد أن ما أكتبه اليوم ليس وليد هذا اليوم‪ ،‬وأنا في حياتي اليومية ال أنطق عن الهوى‪ ،‬وال أرتجل‬ ‫أفكاري ومواقفي‪ ،‬ألنها جزء من منظومتي الفكرية االحتفالية‪ ،‬والتي أسستها على امتداد أربعة عقود‬ ‫كاملة‪ ،‬وأعتقد أنه من حقي أن أخالف كل العالم‪ ،‬ولكنه ليس من حقي أن أخالف أفكاري ومبادئي وقيمي‬ ‫واختياراتي الجمالية‪ ،‬فأنا أنتمي إلى ذلك الذي يسمى المسرح‪ ،‬والذي هو أبو كل الفنون وكل العلوم وكل‬ ‫الصناعات‪ ،‬واألساس في هذا المسرح أنه كتابة قبل كل شيء‪ ،‬وأن هذه الكتابة هي الحوار‪ ،‬وأنه ال‬ ‫وجود لحوار حقيقي إلى مع التعدد والتنوع‪ ،‬سواء في األفكار أو في الرؤى أو في االختيارات‪ ،‬وأنا لم‬ ‫أفعل سوى أنني أدليت برأيي‪ ،‬وأن هذا الرأي هو رأي واحد من الناس‪ ،‬وليس رأي كل الناس‪ ،‬فلماذا إذن‬ ‫كل هذا الضجيج وهذا الصخب؟ ولماذا تضيق بعض الصدور عن قبول الرأي المختلف والمخالف؟ وهل‬ ‫كان ينتظر مني أن أطلب الترخيص من متزعمي الحداثة المتوحشة قبل أن أكتب أية كلمة‪ ،‬وأن دلي بأي‬ ‫رأي؟‬ ‫فأنا لست سلطة‪ ،‬وال أمثل أية جهة تملك سلطة الضبط والمنع‪ ،‬وفي المقابل‪ ،‬فإنني ال أسمح ألية جهة ألن‬ ‫تمنعني من حقي المشروع في الكالم وفي التعبير‪ ،‬خصوصا وأنني قد بنيت كل فلسفتي االحتفالية على‬ ‫‪Page 7‬‬


‫مبدأ ( التعبير الحر لإلنسان الحر في المجتمع الحر) وإنني ـ وبالمناسبة ـ أدين كل تلك الجهات التي‬ ‫حاولت ـ وباسم الحرية ـ أن ترهبني‪ ،‬وأن تصادر حريتي في أن يكون لي رأي‪ ،‬وإذا كان هذا الرأي لم‬ ‫يعجبها فتلك مسألة أخرى‪ ،‬وأعتقد أن القيامة ال يمكن أن تقوم لمجرد رأي عابر‪.‬‬ ‫ومن أغرب الغرائب أن تدخل صحافة اإلثارة على الخط‪ ،‬وأن تجعل من هذا الرأي العابر قضية حياة و‬ ‫موت‪ ،‬وأن تربط كل مستقبل المسرح المغربي بالحديث عن مسرحية ليست مسرحية‪ ،‬وأن تغضب ألنني‬ ‫سميت األشياء باسمها الحقيقي‪ ،‬وأنني قد قلت بأن ما يقدم في المسارح ليس هو نفسه ما يمكن أن يقدم في‬ ‫الكباريهات وفي األندية الليلية‪ ،‬وبالنسبة إلي‪ ،‬فأنا ال أملك موقفا أخالقيا من أي شيء‪ ،‬كيفما كان‪ ،‬وأن‬ ‫يكون هذا الشيء منسجما مع اسمه ومع مكانه وزمانه وسياقه‪ ،‬فاإلثارة مقبولة في النادي الليلي‪ ،‬ومقبولة‬ ‫في نوع من السينما‪ ،‬وال اعتراض لي عليها‪ ،‬ولكنها غير مقبولة في المسرح‪ ،‬والذي هو مؤسسة تربوية‬ ‫وتثقيفية وعلمية وعالجية قبل كل شيء‪.‬‬ ‫س ‪ :‬رأيكم يف مسألة الدعم واحلروب القبلية اليت تشتعل يف كل موسم حوهلا‪ ،‬ثم أال تعتقد‬ ‫أن ختصيص يوم وطين للمسرح من بني أسباب فشل املسرح؟‬ ‫ج ‪ :‬فعال‪ ،‬لقد أوجد هذا الدعم ظواهر غريبة عن روح المسرح‪ ،‬وبعيدة جدا عن أخالق المسرح‪ ،‬وظهر‬ ‫فيه االنتهازيون واالنتفاعيون والوصوليون والسماسرة وتجار الرقيق أيضا‪ ،‬أي أولئك الذين أقاموا أسواقا‬ ‫سرية للنخاسة‪ ،‬وأصبحوا يبيعون ويشترون الممثلين والفنانين فيها‪ ،‬وكل هذا في غفلة من التاريخ ومن‬ ‫الوزارة الوصية على المسرح‪.‬‬ ‫وإذا كانت الساحة المسرحية المغربية اليوم‪ ،‬تعرف حروبا وتكتالت وتحالفات ومؤامرات‪ ،‬فإن أسباب‬ ‫كل هذا ترجع كلها إلى لعنة الدعم‪ ،‬فال حد أصبح يختلف معك فكريا‪ ،‬وال حد عنده رأي مخالف يواجهك‬ ‫به‪ ،‬وال أحد يمكن أن يفكر في أي شيء من غير الدعم‪ ،‬ومن يحظى بهذا الدعم هو وحده المسرحي‬ ‫الكبيروالخطير‪ ،‬وهو الذي ينبغي على الجميع تقليده وتكرار تجربته‪ ،‬وهذا ما يفسر أن يعرف المسرح‬ ‫المغربي هذه النمطية في الكتابة وفي اإلخراج وفي األداء‪ ،‬والتي تجعلك تشاهد مسرحية واحدة‪ ،‬وليس‬ ‫مسرحيات كثيرة ومتنوعة‪.‬‬ ‫وما ال تفهمه الوزارة الوصية‪ ،‬هو أن الدعم وحده ال يصنع نهضة مسرحية‪ ،‬وأن اإلبداع ـ في معناه‬ ‫الحقيقي ـ هو معاني وأفكار قبل كل شيء‪ ،‬وهو صور وخيال‪ ،‬وهو بحث واجتهاد‪ ،‬وهو معاناة صادقة‬ ‫وحقيقة‪ ،‬ويمكن أن نرجع إلى تجربة مسرح الهواة في السبعينات مثال‪ ،‬والتي أعطت أسماء كبيرة في‬ ‫التأليف وفي اإلخراج وفي التمثيل وفي النقد وفي التننظير المسرحي‪ ،‬وكل ذلك في غياب أي دعم من‬ ‫أية جهة‪ ،‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬فقد كان هناك تضييق على حرية كثير من الفرق المسرحية‪ ،‬ولم يمنعها‬ ‫ذلك من أن تركب التحدي‪ ،‬وأن تبدع في ظل شروط اجتماعية وسياسية صعبة وقاسية‪ ،‬وأن تقدم مسرحا‬ ‫فقيرا ماديا‪ ،‬ولكنه غني بأفكاره وبمشاريعه وبطموحه وبكتاباته‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬وقد أصبحت وزارة الثقافة هي التي تنتج المسرحيات‪ ،‬وهي نفسها التي تشتري هذه المسرحيات‪،‬‬ ‫وهي التي تنظم المهرجانات ـ أو تساهم فيها ـ لترويج هذه المسرحيات‪ ،‬وهي التي تستدعي الضيوف‬ ‫‪Page 8‬‬


‫والصحفين لمشاهدة المسرحيات والكتابة عنها‪ ،‬فقد أصبح من الضروري أن نستغرب لهذه الوضعية‬ ‫الشاذة‪ ،‬والتي ال وجود لها إال في هذا البلد الغريب الذي يسمى المغرب‪ ،‬فاإلنتاج المسرحي موجود‪،‬‬ ‫ولكن أين هو الطلب؟‬ ‫وغياب الجمهور المسرحي يدفعنا ألن نتساءل‪ :‬لماذا تنتتج الوزارة هذه المسرحيات؟‬ ‫هل فقط‪ ،‬حتى يقال بأن لدينا حركة مسرحية مغربية؟ وأين هي الحركة مع وجود مسرح ال يمكن أن‬ ‫يعيش إال بالسيروم وبالدفع والجر؟ وإلى متى؟ إلى أن تقوم القيامة؟‬ ‫أما السؤال الثاني فهو لمن؟ للكراسي الفارغة؟‬ ‫وأعتقد أن هذا العبث ال ينبغي يطول أكثر‪ ،‬وأرى أنه قد أصبح من واجبنا جميعا أن نصرخ بصوت‬ ‫واحد‪ ،‬وأن نقول الكلمة التي ينبغي أن تقال‪ ،‬والتي هي ‪ :‬كفى ‪ ..‬كفى‬ ‫س ‪ :‬من دون شك أن املسرح املغربي يعيش مفارقة تتمثل يف جيلني إن مل نقل فريقني‪ ،‬جيل‬ ‫أكادميي خريج املعهد العالي وجيل مجعوي خريج دور الشباب‪ ،‬أال ترى أن اجليل األول هو‬ ‫األجدى بلقمة العيش من الثاني حتى ال ينضاف إىل طوابري املعطلني املدبلمني أمام الربملان‬ ‫وشوارع العاصمة؟‬ ‫ج ‪ :‬المسرح أساسا هو التعدد والتنوع‪ ،‬وهو وجود األنا واألنت‪ ،‬وهو وجود النحن واآلخر‪ ،‬فهو الدنيا‬ ‫التي تسع الجميع‪ ،‬وال يمكن أن تضيق عن أي أحد‪ ،‬والذين في نفوسهم ضيق ال يمكن أن يكونوا من أهل‬ ‫المسرح‪ ،‬ويمكن أن تتعايش في هذا المسرح كل الحساسيات وكل التجارب‪ ،‬وأن تتحاور فيه كل األجيال‬ ‫وكل األسماء‪ ،‬ورغم أن العالم الغربي مازال يفاجئ العالم بتجاربه الجديدة والمتجددة‪ ،‬فإنه لم يتوقف‬ ‫لحظة عن االهتمام بربرتواره المسرحي‪ ،‬ولهذا فقد كان ضروريا أن نكف عن ارتجال الخالفات‬ ‫والصراعات الغبية‪ ،‬وأن نهتم بروح اإلبداع‪ ،‬وأن نعرف بأنه ال أحد يمكن أن يرضي كل األذواق‪ ،‬وبأنه‬ ‫ال وجود لجمهور مسرحي واحد يطلب ( نوعا) مسرحيا واحدا‬ ‫س ‪ :‬الدكتورعبدالكريم برشيد هل تقبلون يف يوم ما بتقلد منصب وزير تيقنوقراط يف وزارة‬ ‫الثقافة إذا كان اجلواب بالنفي ملاذا‪ ،‬وإذا كان باإلجياب ما هو أول عمل سوف تقومون به‬ ‫مباشرة غداة تعيينكم؟‬ ‫ج ‪ :‬كان من الممكن أن أقبل‪ ،‬لو أن هذا كان منذ أكثر من عشر سنوات‪ ،‬أما اآلن‪ ،‬وقد أصبح وضع‬ ‫الثقافة المغربية مميعا بالصدقات والعطايا وبالصفقات المشبوهة‪ ،‬وأصبح لإلبداع األدبي والفني سوق‬ ‫كبير‪ ،‬وأصبح لهذا السوق تجاروسماسرة‪ ،‬يفهمون في األرقام وال يفهمون شيئا في األفكار والمعاني‪ ،‬فال‬ ‫أعتقد أنني من الممكن أن قبل‪ ،‬ولقد أعلنت مؤخرا انسحابي من هذه الوزارة‪ ،‬ووضعت في اعتباري‬ ‫الحقيقة التالية‪ ،‬وهي أنه ال وجود اليوم لشيء يسمى وزارة الثقافة في المغرب ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يف ظل ثورة الرقمية والتكنولوجيا ومواقع التواصل االجتماعي كيف تعيشون هذه‬ ‫الطفرة ثم أال تفكرون يف إطالق موقعكم اإللكرتوني اخلاص للملمة كل أعمالكم وحبوثكم ؟‬ ‫‪Page 9‬‬


‫ج ‪ :‬أعيش هذه الطفرة وأنا موجود فيها وغريب عنها‪ ،‬وحالي فيها مثل حال صديقي امرؤ القيس الذي‬ ‫أتيت به من صحراء العرب‪ ،‬وألقيت به في باريس‪ ،‬وبالمناسبة فإنني أطلب منه ومن التاريخ ومن السادة‬ ‫المؤرخين أن يسامحوني‪ ،‬أما بخصوص الموقع‪ ،‬فقد أجد الجرأة و( السنطيحة) ألدخل يوما هذا العالم‬ ‫الجديد ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يعيش العامل العربي على إيقاع ثورات حارقة منذ ثالث سنوات يف رأيكم الدكتورعبد‬ ‫الكريم برشيد هل فعال كل ما جيري يف تقديركم هو مدبر بأيادي خفية من اخلارج‪ ،‬ثم‬ ‫باعتباركم مثقفا عربيا هل فعال خذل املثقف العربي اجلماهري يف وقت ومنعطف تارخيي‬ ‫حاسم ما أحوجها إليه اآلن من أي وقت مضى‪ ،‬من أجل تأطريها عقالنيا بعيدا عن مؤامرة‬ ‫مقولة (الفوضى اخلالقة)؟‬ ‫ج ‪ :‬بالتأكيد هي من تدبير األيادي الخفية األجنبية‪ ،‬بتواطؤ ـ طبعا ـ مع العمالء الذين بيننا‪ ،‬والذين لهم‬ ‫أجسادهم معنا‪ ،‬ولكن سيوفهم علينا وعلى رقابنا‪ ،‬أما المثقف العربي فهو بريء من كل هذه المسرحية‬ ‫الميلودرامية‪ ،‬وهو منفي في وطنه‪ ،‬أو خارج وطنه‪ ،‬ونحن ال نتذكره إال في الوقت بدل الضائع‪،‬‬ ‫والسياسيون يرتكبون األخطاء القاتلة‪ ،‬ويريدون من المثقف المهمش في مجتمعه‪ ،‬والموجود خارج كل‬ ‫السياقات أن يدفع الثمن‪ ،‬وذلك هو الالمعقول في أبشع صوره‪ ،‬وهذا هو المعنى الذي عبرت عنه في‬ ‫مسرحية (عنترة في المرايا المكسرة) والتي كتبتها سنة ‪ 0791‬وقدمتها فرقة المعمورة سنة ‪0791‬‬ ‫وفيها يعيش عنترة كل أنواع العبودية من قبيلته وعشيرته‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬يريدون من العبد أن يحررقومه‪،‬‬ ‫ومتى كان بإمكان هذا المثقف المستعبد والمقصي أن يفعل شيئا لشعبه وأمته؟‬ ‫س ‪ :‬دكتورعبدالكريم برشيد بصراحة إذا كنتم تتحسرون على شيء ما يف مساركم املسرحي‬ ‫الزاخرما هو؟ ويف املقابل إذا كنتم ممتنون لشخص أسهم كثريا يف حنت شخصيتكم فمن هو؟‬ ‫ج ‪ :‬أنا ال أتحسر على أي شيء‪ ،‬وأعتبر أن الواقع ال يمكن أن يكون إال واقعيا‪ ،‬وأن األشياء مشروطة‬ ‫بشروطها وبحيثياتها وبمقدماتها‪ ،‬وإنني ـ مثل كل الناس ـ قد ارتكبت أخطاء‪ ،‬مرة عن جهل‪ ،‬ومرة ألن‬ ‫رهاناتي كانت في غير محلها‪ ،‬ولكنني عملت دائما على تصحيح أخطائي‪ ،‬وحرصت على أن أعتبرها‬ ‫تجربة البد منها‪ ،‬وال أظن أنه من الممكن أن نتعلم في مدرسة الحياة مجانا‪ ،‬وإنني أدفع ثمن أخطائي من‬ ‫غير أن أشكو حالي‪ ،‬وإنني ال أتوقف لحظة عن ترديد الكلمة التالية ( الشكوى لغير اهلل مذلة (‬ ‫أما الذين نحتوا شخصيتي فيأتي على رأسهم الوالد رحمه اهلل‪ ،‬والذي كان عاشقا للمعرفة والحكمة‪ ،‬وكان‬ ‫عاشقا للغة العربية‪ ،‬وأيضا جدتي لال خدوج لحلو رحمها اهلل‪ ،‬والتي كانت امرآة قوية وال تتكلم إال بالحكم‬ ‫واألمثال الشعبية‪ ،‬أما في المسرح‪ ،‬فإنني أدين بالشيء الكثير ألستاذي الحسين المريني رحمه اهلل‪ ،‬ولقد‬ ‫أهديت كتاب ( الصدمة المزدوجة‪ :‬المسرح والحداثة) لروحه ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أخريا‪ ،‬بعد كل هذه اإلصدارات القيمة اليت نشرتها على مدى أربعة عقود أال يزال هناك‬ ‫نصيب وافر لسريتك الذاتية؟‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪10‬‬


‫ج ‪ :‬لقد نشرت منذ كتاب ( غابة اإلشارات) وهو عبارة عن سيرة فكرية‪ ،‬كما أصدرت منذ شهور كتابا‬ ‫جديدا يحمل عنوان ( اعترافات الحكواتي الجديد) ولي كتاب ثالث جاهز عنوانه ( أنا الذي رأيت) هذا‬ ‫باضافة إلى كتاب يمزج بين الرحلة والمسرحية والسيرة الذاتية‪ ،‬وقد أعطيته عنوان ( الرحلة البرشيدية)‬

‫سرية أدبية ومسرحية‬ ‫عبد الكريم برشيد‪ :‬بطاقة تعريف–‬ ‫الدكتورعبد الكريم برشيد‪/‬كاتب‪-‬مؤلف‪/‬مخرج مسرحي‪/‬كاتب صحفي‬‫ولد سنة ‪ 0711‬بمدينة أبركان بشرق المغرب‬‫ليسانس األدب العربي ـ كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بفاس ‪0790‬‬‫ديبلوم التربية وعلم النفس ـ كلية اآلداب بفاس ‪0790‬‬‫ديبلوم الدراسات العليا المعمقة (ماجيستير) بأطروحة في موضوع‬‫(اإلحتفالية وهزات العصر) بجامعة المولى إسماعيل بمكناس ‪1110‬‬ ‫ـ دكتوراه بأطروحة في موضوع ( تيارات المسرح العربي المعاصر ‪ ،‬من النشأة إلى اإلرتقاء) جامعة‬ ‫المولى إسماعيل ـ مكناس‬ ‫دبلوم في اإلخراج المسرحي من أكاديمية مونبوليي بفرنسا – سنة ‪0791‬‬‫األمين العام لنقابة األدباء والباحثين المغاربة‪.‬‬‫أمين المال في نقابة المسرحيين المغاربة‪.‬‬‫عضو لجنة التخطيط الشامل للثقافة العربية – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‬‫الكويت ‪0781‬‬ ‫عضو لجان التحكيم في كثير من المهرجانات المغربية والعربية‬‫في الصحافة‬ ‫عضو مؤسس لمجلة (الثقافة الجديدة) وعضو هيئة تحريرها إبتداء من أواسط السبعينيات من القرن‬‫الماضي‪..‬‬ ‫رئيس تحرير نشرة (ربيع المسرح العربي) والتي كان ينشرها مهرجان ربيع المسرح العربي ‪0771‬‬‫ـ ‪0771‬‬ ‫رئيس تحرير نشرة (الموسم) الصادرة عن موسم أصيلة الثقافي – صيف ‪0771‬‬‫رئيس تحرير مجلة (التأسيس – دفاتر مسرحية) والتي صدرت من مدينة مكناس سنة ‪0781‬‬‫رئيس تحرير مجلة (مقامات) التربوية‪ ،‬والتابعة لنيابة وزارة النعليم بمدينة الخميسات ـ ‪0771‬‬‫كاتب ركن صحفي بإسم (سوق الكالم) في جريدة (الميثاق الوطني)‬‫كاتب ركن (مقامات اليوم) في جريدة (مغرب اليوم) ـ ‪ 0771‬ـ ‪0771‬‬‫في الكتابة اإلبداعية المسرحية‬ ‫له أكثر من خمس وثالثين نصا مسرحيا ‪ ،‬كتبت جلها باللغة العربية الفصحى‪..‬‬‫ترجمت بعض مسرحياته إلى الفرنسية واإلنجليزية واإلسبانية والكردية‬‫‪Page‬‬ ‫‪11‬‬


‫تدرس نصوصه المسرحية في المدارس الثانوية المغربية وفي مدارس البعثة الفرنسية وفي كثير من‬‫الكليات وفي المعاهد المسرحية المغربية والعربية‬ ‫قدمت هذه النصوص في كثير من الدول العربية واألجنبية‬‫صدرت في كتب وفي مجالت وفي بعض المالحق الثقافية للجرائد‬‫النصوص المسرحية‪:‬‬ ‫*عنترة في المرايا المكسرة ‪ /‬الحومات ‪ /‬السرجان والميزان ‪ /‬سالف لونجة ‪ /‬الزاوية ‪ /‬منديل األمان ‪/‬‬ ‫حكاية العربة ‪ /‬إبن الرومي في مدن الصفيح ‪ /‬الناس والحجارة ‪ /‬عطيل والخيل والبارود ‪ /‬عرس‬ ‫األطلس ‪ /‬فاوست واألميرة الصلعاء ‪ /‬إمرؤ القيس في باريس ‪ /‬إسمع يا عبد السميع ‪ /‬حكاية قرية إسمها‬ ‫الدنيا ‪ /‬العين والخلخال ‪ /‬مرافعات الولد الفصيح ‪ /‬غريب وعجيب ‪ /‬ليلة سمر في ضوء القمر ‪/‬‬ ‫مشاهدات صعلوك ‪ /‬النمرود في هوليود ‪ /‬خيطانو المجنون ‪ /‬صياد النعام ‪ /‬جحا في الرحى ‪ /‬شطحات‬ ‫جحجوح ‪ /‬جمهورية جحجوح ‪ /‬الحكواتي األخير ‪ /‬السي الماضي ‪ /‬رباعيات المجذوب ‪ /‬ليالي المتنبي ‪/‬‬ ‫على باب الوزير‪ /‬الدجال والقيامة ‪../‬يا ليل يا عين ‪ :‬موال مسرحي ‪ /‬المقامة البهلوانية ‪ /‬جحا فاس‬ ‫في اإلخراج المسرحي‬ ‫أحد مؤسسي جمعية النهضة الثقافية بمدينة الخميسات سنة ‪0790‬‬‫ـ بداخل جمعية النهضة أوجد فرقة مسرحية حملت إسم الطليعة‪ ،‬وأخرج لها المسرحيات التالية‪:‬‬ ‫*مسافر ليل للشاعر صالح عبد الصبور‬ ‫*حكاية جوقة التماثيل لسعد اهلل ونوس‬ ‫*ثوب اإلمبراطور للدكتور عبد الغفار مكاوي‬ ‫*الحسين يموت مرتين‪ ،‬عن نص من نصوص التعازي الشعبية‬ ‫*موال البنادق – تركيب شعري عن القضية الفلسطينية‬ ‫*زقاق المدق عن رواية نجيب محفوظ‬ ‫*السي الماضي من تأليف المخرج نفسه‬ ‫*رباعيات المجذوب من تأليف المخرج نفسه‬ ‫*سالف لونجة من تأليف المخرج نفسه‬ ‫*الزاوية من تأليف المخرج نفسه‬ ‫في الكتب النقدية‬ ‫صدر له في مجال البحث المسرحي ‪ ،‬و في الدراسات المسرحية و اإلجتماعية و الفكرية ‪ ،‬الكتب‬‫التالية‪:‬‬ ‫*حدود الكائن والممكن في المسرح اإلحتفالي – دار الثقافة – الدار البيضاء سنة ‪0781‬‬ ‫*المسرح اإلحتفالي – عن دار الجماهيرية – طرابلس – ليبيا – سنة ‪0771‬‬ ‫*اإلحتفالية‪ :‬مواقف ومواقف مضادة – منشورات تانسيفت – مراكش‬ ‫*اإلحتفالية في أفق التسعينات – إتحاد كتاب العرب – دمشق – سوريا‬ ‫*كتابات على هامش البيانات – مطبعة فضالة ‪-‬المحمدية ‪0777‬‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪12‬‬


‫*المؤذنون في مالطة – كتاب الجيب – منشورات الزمن ـ ‪1111‬‬ ‫*غابات اإلشارات – مطبعة تريفة – أبركان ـ ‪1111‬‬ ‫*الكتابة بالحبر المغربي – مطبعة رانو ـ ‪ 1111‬ــ الدار البيضاء‪.‬‬ ‫ـ الصعود إلى فلسطين ـ مطبعة النجاح الجديدة ـ الدار البيضاء ‪1111‬‬ ‫ــ الحكواتي األخير ـ إيدي سوفت ـ الدار البيضاء ـ ‪1111‬‬ ‫ــ غابة اإلشارات‬ ‫ــ اعترافات الحكواتي الجديد‬ ‫ــ "الصدمة المزدوجة ‪⁄‬المسرح والحداثة" ‪1101‬‬ ‫ــ "التأسيس والتحديث في تيارات المسرح الحديث "عن دبي الثقافية‬ ‫وفي طريق النشر‪:‬‬ ‫ــ أنا الذي رأيت‬ ‫ــ الرحلة البرشيدية‬ ‫ــ التيار التجريبي في المسرح العربي‬ ‫ــ التيار التأصيلي في المسرح العربي‬ ‫ــ التيار التأسيسي االحتفالي في المسرح‬

‫‪Page‬‬ ‫‪13‬‬


‫حوارمع الدكتورالقاص املغربي مصطفى يعلى‬ ‫حاوره‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‪:‬‬ ‫ما أحلى وما أمتع وما أفيد الرجوع إليه ‪ ..‬الرجوع إلى صوت رائد ورافد في اإلبداع القصصي المغربي‬ ‫‪ ..‬وما أحوج الثقافة واألدب المغربيين إلى العودة إلى الروافد الفكرية والعلمية واألدبية ‪ ،‬الستينية‬ ‫والسبعينية على الخصوص من طينة الدكتورالقاص مصطفى يعلى من أجل القبض على الزمن‬ ‫القصصي البعيد والهارب بأقالمه السامقة إلى عتمة النسيان إن لم نقل دهاليزالجحود ‪ ،‬حتى نضع هذا‬ ‫الجنس السردي المشاكس منذ عصرشهريارالسحيق في إطاره األنطولوجي الحقيقي ‪ ..‬في هذا الحوارمع‬ ‫القاص الدكتورمصطفى يعلى رحلة في مدارات القصة القصيرة المغربية منذ ثالثينات القرن الماضي‬ ‫إلى زمن الشبكة العنكبوتية ومن دي موباسان وجويس شماال حتى نجيب محفوظ ويوسف إدريس‬ ‫وزفزاف وشكري جنوبا ‪ ..‬رحلة ممتعة قراءة ومفيدة بحثا ونقدا ودراسة‪...‬‬ ‫والدكتور من مواليد سنة ‪ ، 5491‬بمدينة القصر الكبير‪ ،‬حاصل على دكتوراه الدولة في األدب العربي‬ ‫الحديث ‪ ،‬من كلية آداب الرباط في السنة الجامعية ‪ ، 5441/5441‬حول موضوع ‪" :‬القصص الشعبي‬ ‫بالمغرب ‪ -‬دراسة مورفولوجية"‪ ،‬تحت إشراف الدكتور محمد السرغيني‪ .‬وهو عضو في اتحاد كتاب‬ ‫المغرب‪ ،‬ورئيس سابق لفرعه بمدينة القنيطرة ومديرتحريرمجلة (المجرة) الثقافية وعضوالعديد من‬ ‫الهيآت األدبية ومجموعات البحث والدراسات السردية ‪ .‬نشرالعديد من إبداعاته القصصية ومقاالته‬ ‫النقدية بمختلف المنابروالمالحق الثقافية المغربية والعربية منذ أواخرستينات القرن الماضي ‪ .‬صدرت له‬ ‫‪Page 1‬‬


‫أولى باكورته القصصية (أنياب طويلة في وجه المدينة ) سنة ‪ 5491‬وإصدارات هامة جدا في مجال‬ ‫القصص الشعبي منها ( امتداد الحكاية الشعبية ) ضمن سلسلة (موسوعة شراع الشعبية) وآخرها (نحو‬ ‫تأصيل الدراسة األدبية الشعبية بالمغرب) ضمن إصدارات إتحاد كتاب المغرب‪.‬‬ ‫س‪ :‬تتشرف جملة كتاب اإلنرتنت بإجراء هذا احلوار معكم باعتباركم أحد األصوات الرائدة‬ ‫يف الكتابة القصصية املغربية منذ أربعة عقود ونيف‪ ،‬وإذ نشكركم على تلبيتكم دعوتنا‪ ،‬بداية‬ ‫دكتور مصطفى يعلى أنتم من مواليد مدينة القصر الكبري سنة ‪ ،5491‬كيف تورطتم يف‬ ‫كتابة القصة القصرية يف مدينة هادئة ختتلف بنيتها االجتماعية البطيئة مع بنية املدن‬ ‫الكربى املصطخبة اليت تدعي أنها مهد الكتابة القصصية؟‬ ‫ج ‪:‬شكرا أوال على االستضافة الكريمة‪ ،‬راجيا لمشروعكم الثقافي الرائد هذا‪ ،‬كل توفيق‪.‬‬ ‫شخصيا أعتقد أن مدينة صغيرة عتيقة‪ ،‬هي فضاء جد مناسب لكتابة القصة القصيرة‪ .‬إن ما أشرت إليه‬ ‫من صعوبة‪ ،‬يرتبط في الحقيقة بالرواية التي تعتبر صورة عن الحياة‪ ،‬وفق نظرية الرواية لدى هنري‬ ‫جيمس‪ .‬إذ تتطلب فضاءات متشعبة معقدة‪ ،‬في المدن الضخمة‪.‬‬ ‫بيد أن القصة القصيرة هي فن المهمشين‪ ،‬كما يذهب فرانك أوكونور في كتابه الفذ (الصوت المنفرد)؟‪.‬‬ ‫وانطالقا من هذا المنظور‪ ،‬أسأل‪ :‬أليست المدن الصغرى مثل مدينة القصر الكبير مهمشة أصال‪ ،‬وغاصة‬ ‫بالشخصيات المغرقة في التهميش؟‪ .‬أضف إلى هذه الحقيقة‪ ،‬كون هذه الفضاءات التقليدية المستقرة‪ ،‬هي‬ ‫مستنبت نموذجي لتداول الحكايات الشعبية‪ ،‬علما بأن العالقة األسرية وطيدة بين القصص الشعبي‬ ‫والقصة القصيرة‪ .‬لكل هذا ال نستغرب إن ولد قصاصون في هذه البيئات الضيقة عمرانا ومعاناة‪ .‬أال‬ ‫ترى معي أيها الصديق‪ ،‬أن القصة المغربية قد نشأت في المدن الصغيرة بأحيائها العتيقة المنغلقة من مثل‬ ‫فاس موالي إدريس وتطوان الترنكات وأصيلة باب الحمر‪ ،‬بينما لم تنتج العاصمة الرباط وفيما بعد سوى‬ ‫قصاصين اثنين‪ ،‬أعني المرحومين عبد العزيز بنعبد اهلل وعبد الجبار السحيمي؟‪ .‬من هنا كانت القصر‬ ‫الكبير بالنسبة لي حاضنة لموضوعات وفضاءات وشخوص عدد من قصصي‪ ،‬مثلما يتجلى من مراجعة‬ ‫مجموعاتي األربع‪.‬‬ ‫وأكيد أن هنالك عدة روافد وحوافز لهذا االختيار‪ ،‬أوجزها في النقط الموالية‪:‬‬ ‫ـ المناخ المفعم باألجواء األسطورية والخرافية‪ ،‬في الدروب الضيقة الملتوية‪ ،‬واألزقة المغلقة؛ حيث‬ ‫كانت تكثر رواية الحكايات في ساحة (الحالقي) وفي المنزل وفي الدرب ولدى الجيران ‪.‬‬ ‫ـ تدعيم هذه األجواء بالقراءات المبكرة لمتون السير الشعبية في طبعاتها الصفراء‪ ،‬من مثل (حمزة‬ ‫العرب)‬ ‫ـ الهوس بالسينما‪ ،‬التي كانت تعرض أفالما مأخوذة عن األعمال السردية لكبار المبدعين أمثال فيكتور‬ ‫‪Page 2‬‬


‫هوغو وشارل ديكنز وتولستوي ودسويفسكي ونجيب محفوظ‪.‬‬ ‫ـ أثر الدراسة الثانوية على يد أساتذة البعثة التعليمية المصرية الرائعة مطلع الستينيات‪ .‬فإذا كانت القصة‬ ‫القصيرة قد سكنتني في المرحلة السابقة المبكرة بصورة عفوية غير واعية‪ ،‬فإن مرحلة الثانوي جعلتني‬ ‫أمتلك وعيا نظريا مبدئيا بها‪ ،‬ووجهتني لقراءة أهم النصوص لدى شوامخ كتابها كالسيكيين وحدثيين‪،‬‬ ‫أجانب وعربا ومغاربة‪.‬‬ ‫ـ سحر النشر في الصفحات الثقافية للجرائد الوطنية بداية الستينات‪ ،‬حيث كانت الكتابة امتيازا‪ ،‬ال‬ ‫يجترحه سوى كبار الكتاب في المرحلة‪ .‬مما حرضني على إدمان القراءة في السرد أكثر‪ ،‬توقا المتالك‬ ‫سلطة الكتابة وفرض الذات في مدينتي الصغيرة أوال‪ ،‬ثم في الساحة الثقافية المغربية الفقيرة ثانيا ‪.‬‬ ‫هذا بعض من كل‪ ،‬وإال فإن التكوين العام للشخصية في رأيي‪ ،‬هو الذي يصنع نوعية األديب قصاصا أو‬ ‫روائيا أو شاعرا أو مسرحيا‪ ،‬في المدن الصغرى كما في المدن الكبرى‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل اهتمامكم بالقصص الشعيب ينم عن دور احللقة وحكايات اجلدة واألزليات وغريها‪ ،‬يف‬ ‫توريطكم يف الكتابة القصصية بشكل عام‪ ،‬أم هناك عوامل أخرى ؟‬ ‫ج صحيح كما قلت سابقا إنني قد تشبعت منذ الطفولة بالقصص الشعبي‪ ،‬لكوني كنت مطوقا بالحكي‬ ‫الشعبي من كل جهة؛ في الحلقة والبيت والدرب والجيران كما ذكرت سالفا‪ .‬األمر الذي كون لدي دربة‬ ‫خاصة على استيعاب هذا المتخيل الشعبي المدهش‪ .‬وربما من هذا الهوس كان االنتقال إلى كتابة القصة‬ ‫القصيرة‪ .‬وإن كانت هناك دوافع أخرى وقفت وراء هذا التوجه‪ .‬أذكر منها نهم القراءة المبكرة بالعربية‬ ‫واإلسبانية‪ ،‬مما مكنني من االطالع على أعمال كثير من كتاب القصة القصيرة من الشرق والغرب‪،‬‬ ‫أمثال تشيكوف وإدجار آالن بو وجي دي موباسان و أو هنري وإرنست همنغواي وفرانز كافكا‬ ‫وخورخي لويس بورخيس ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وعبد الكريم غالب وعبد المجيد بن جلون‬ ‫والالئحة طويلة‪.‬‬ ‫بيد أن هناك كما سبقت اإلشارة‪ ،‬تأثير السينما‪ .‬فقد كانت مدرسة حقيقية لجيلي يوم كانت أهم وسيلة‬ ‫للفرجة واالنفتاح على اآلخر‪ .‬فبما كانت تقدمه من أفالم روائية رائعة‪ ،‬أمكنها أن تزرع في ذهنيتي مزيدا‬ ‫من النزوع نحو الحكي وتداول ملخصات األفالم المشاهدة بين األصدقاء والزمالء‪ .‬نظرا للدور‬ ‫المحوري الذي كانت تلعبه السينما خالل طفولة جيلي‪ ،‬إن على المستوى الفرجوي وإن على المستوى‬ ‫التثقيفي‪ ،‬في غياب مؤسسات مماثلة ‪.‬‬ ‫وما دمت قد ربطت أنت في السؤال بين االهتمام بالقصص الشعبي والتورط في كتابة القصة القصيرة‪،‬‬ ‫يمكنني أن أؤكد العالقة األسرية الرابطة بين االثنين‪ ،‬حتى تتبين مرونة االنتقال من األولى إلى الثانية‪.‬‬ ‫فكما ذهب إنريكي آندرسون إمبريرت في كتابه العميق (نظرية وتقنية القصة القصيرة ‪Teoria y‬‬ ‫‪Page 3‬‬


‫)‪ ،tecnica del cuento‬إن القصة القصيرة قد تناسلت من القصص الشعبي‪ .‬لهذا ليس غريبا أن‬ ‫يكون التزود بالمأثور القصصي الشعبي مبكرا‪ ،‬قد خلق في ذاكرتي هذا النزوع الفطري نحو كتابة‬ ‫القصة القصيرة فيما بعد‪ .‬وإال فلماذا لم أكن شاعرا أو مسرحيا مثال؟‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل تتذكرأول نص قصصي خرجت به إىل العلن يف سريتك األدبية قبل مخسة عقود ؟‬ ‫ج‪ :‬أذكر أن أول نص قصصي نشرته‪ ،‬وأنا ما أزال طالبا‪ ،‬أتابع دراستي بالسنة الجامعية األولى‪ ،‬في‬ ‫كلية اآلداب بفاس‪ ،‬كان تحت عنوان (سأبدأ من الصفر)‪ .‬وذللك سنة ‪ ،5411‬على الصفحة الثقافية‬ ‫لجريدة األنباء‪ ،‬التي كان يديرها الكاتب والشاعر محمد الطنجاوي‪.‬‬ ‫س‪ :‬حصلت على اإلجازة يف األدب العربي سنة ‪ ،5411‬حدثنا عنها وعن قيمتها األدبية‬ ‫والرمزية؟‬ ‫ج‪ :‬كانت اإلجازة في األدب العربي سنة ‪ ،5411‬حدثا مائزا له قيمته المادية واالجتماعية المعتبرة‪.‬‬ ‫فأوال‪ ،‬كان منصب السلم العاشر ألستاذ بسلك التعليم الثانوي في االنتظار‪ ،‬مقابل راتب شهري كان له‬ ‫بال في الفترة‪ ،‬مقداره ‪ 917،77‬درهما‪ .‬وثانيا‪ ،‬كان لوقع اإلجازة على األسماع أثر خاص‪ ،‬في وقت‬ ‫كانت الشهادة االبتدائية والبروفي ينظر إليهما بكثير من التقدير‪ .‬بيد أنه كان للحاصلين على اإلجازة في‬ ‫تلك الفترة‪ ،‬اعتبار آخر يتجلى فيما تمتعوا به من كفاءة معرفية ودراية تربوية وسلوك أخالقي مثالي‪،‬‬ ‫فحققوا بهذا مكانة مرموقة بين الناس‪ .‬وللتدليل على هذا‪ ،‬يكفي أن أستدعي هنا للتمثيل وليس الحصر‪،‬‬ ‫بعض األسماء المعروفة‪ ،‬أمثال‪ :‬محمد الخمار‪ ،‬محمد الميموني‪ ،‬محمد أنقار‪ ،‬إبراهيم الخطيب‪ ،‬محمد‬ ‫بوخزار‪ ،‬إدريس الناقوري‪ ،‬أحمد المديني‪ ،‬أمين الخمليشي‪ ،‬محمد السوالمي‪ ،‬محمد عنيبة الحمري‪ ،‬محمد‬ ‫الكغاط‪ ،‬محمد بنعمارة وأضرابهم‪ .‬وال غرو‪ ،‬فإن معظم هؤالء كانوا ينشرون كتاباتهم وإبداعاتهم بالمنابر‬ ‫الوطنية وهم ما يزالون بعد طلبة في الجامعة‪ ،‬بل إن كال من المرحوم محمد بندفعة ومحمد عنيبة‬ ‫الحمري قد نشرا دوانيهما الشعريين خالل فترة الدراسة الجامعية‪.‬‬ ‫س‪ :‬لو أردنا أن نؤسس للكتابة القصصية باملغرب‪ ،‬فمن هو اجليل األجدر بذلك؟ هل جيل‬ ‫أمحد امشاعو والقطيب التناني وعبد اجمليد بنجلون؟ أم جيل الستينات‪ ،‬مثل عبد الكريم‬ ‫غالب وعبد اجلبار السحيمي وحممد برادة ؟‬ ‫ج‪ :‬في البحث العلمي ال نتعامل مع الظواهر بمثل هذه العقلية التي سادت خالل السبعينيات على وجه‬ ‫التخصيص‪ ،‬مستندة إلى االبتسار واالجتزاء عن حسن نية أو سوئها‪ .‬انطالقا من هذا المبدإ األكاديمي‪،‬‬ ‫يمكن الذهاب إلى أن كل من ذكرتهم وغيرهم قد ساهموا جميعا في إدخال هذا النوع السردي إلى دائرة‬ ‫االهتمام‪ ،‬لدى المغاربة إبداعا وتلقيا‪ ،‬بعد أن كان الشعر هو سيد الساحة األدبية الوطنية‪ .‬ذلك أننا وجدنا‬ ‫‪Page 4‬‬


‫كتابا مغاربة قد نشروا نصوصهم القصصية‪ ،‬في ثالثينيات أو أربعينيات أو خمسينيات القرن الماضي‪.‬‬ ‫نذكر منهم عالل الجامعي‪ ،‬ملكة الفاسي‪ ،‬عبد الرحمن الفاسي‪ ،‬أحمد بناني‪ ،‬عبد المجيد بن جلون‪ ،‬عبد‬ ‫الكريم غالب‪ ،‬أحمد عبد السالم البقالي‪ ،‬محمد الخضر الريسوني‪ ،‬آمنة اللوه‪ .‬بل يمكن الرجوع إلى فترة‬ ‫ما قبل الثالثينيات مع المقامات والقصص الشعبي‪ ،‬كإرهاصات الستنبات الكتابة القصصية المعاصرة في‬ ‫حقلنا اإلبداعي‪.‬‬ ‫أما في مرحلة الستينيات والسبعينيات‪ ،‬فقد عرفت هذه الكتابة تطورا كميا ونوعيا ملحوظا‪ ،‬من غير أن‬ ‫يعني هذا أنها قد تأسست في هذين العقدين حصرا‪ .‬إذ لكل مرحلة من مراحل مسار قصصنا العربي‬ ‫بالمغرب‪ ،‬أسماؤها ونوعيتها وإضافاتها ومستويات تطورها‪ .‬وهكذا كانت القصة القصيرة التي تهمنا في‬ ‫هذا الحديث‪ ،‬عبارة عن حكاية أومقال قصصي أو صورة قصصية أو قصة تيمورية متشبثة باألضالع‬ ‫الثالثية الموباسانية المعروفة (مقدمة ـ عقدة ـ خاتمة)‪ .‬ثم انتقلت إلى التجريب في العقد السبعيني كما هو‬ ‫‪.‬‬ ‫معروف‬ ‫س‪ :‬عرفت القصة القصرية ازدهارا على مستويات عدة‪ ،‬تتعلق أساسا باقتحامها عوامل‬ ‫التجريب يف السبعينات‪ .‬ماهي العوامل اليت ساعدتها على ذلك مع قلة املنابر الصحفية‬ ‫وعوائق النشر؟‬ ‫ج‪ :‬فعال‪ ،‬كانت القصة القصيرة تستأثر بالساحة اإلبداعية المغربية بجانب الشعر‪ ،‬خالل الستينيات‬ ‫والسبعينيات‪ ،‬لعاملين اثنين أساسيين من بين عوامل التأثير في الظاهرة‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ـ كون القصة القصيرة كانت نبتا جديدا على حديقة األدب في المغرب‪ .‬فبعد أن استنبتت بشكل أولي في‬ ‫التربة المغربية خالل العقود الثالثة السابقة على الستينيات‪ ،‬توسع لدى المثقفين التعاطي الواعي لهذا‬ ‫النوع السردي‪ ،‬نتيجة توفر المتون المهمة منها‪ ،‬المتمثلة في النماذج المنتثرة في المجالت العربية‬ ‫والمغربية‪ ،‬وفي مقدمتها مجلة المجلة والكاتب والطليعة المصرية‪ ،‬واآلداب البيروتية واألقالم العراقية‬ ‫وآفاق المغربية‪ .‬فضال عن المجاميع القصصية الواردة من الشرق العربي لكبار الكتاب‪ ،‬خصوصا من‬ ‫مصر‪ ،‬التي كانت تموج بكتابات من سموا نقديا بجيل الستينات‪ .‬دون أن ننسى الترجمات المتوالية‬ ‫للقصص العالمي في المنابر الوطنية والعربية المختلفة ‪.‬‬ ‫ـ العامل الثاني‪ ،‬يتجلى في ارتفاع مستوى التعليم بدرجة ملحوظة‪ ،‬بعد فترة االستقالل‪ ،‬حيث واصل أبناء‬ ‫الطبقة الوسطى دراستهم العليا‪ ،‬وتمكنوا من استيعاب النظريات والمفاهيم الخاصة بالقصة القصيرة‪ .‬كما‬ ‫تأثروا بقراءاتهم الواعية للنصوص الجيدة منها عربيا وعالميا‪ ،‬مثلما هي لدى يوسف إدريس ويحي حقي‬ ‫ونجيب محفوظ وهمغواي وكافكا وألبرتو مورافيا وغيرهم‪ .‬مما ساعد على ظهور اتجاهين بارزين في‬ ‫القصة القصيرة المغربية خالل ربع قرن التالي على فترة االستقالل؛ هما االتجاه الواقعي النقدي من‬ ‫‪Page 5‬‬


‫جهة‪ ،‬مستفيدا من مد الفكر الماركسي وموجة االلتزام المهيمنين خالل الستينيات‪ ،‬ومن االنفراز الطبقي‪،‬‬ ‫بعد تواريه طيلة مرحلة مقاومة االستعمار‪ .‬ويتعلق األمر من جهة ثانية‪ ،‬بالنزعة التجريبية المحتشمة‪،‬‬ ‫وخاصة خالل السبعينيات‪ ،‬وفق تحديدك في هذا السؤال‪ ،‬متأثرة بما قرأه أصحابها لفرانز كافكا وأمثاله‪،‬‬ ‫ال سيما وأن أصداء موجة الرواية الجديدة للثالثي آالن روب غرييه ونتالي ساروت وميشيل بوتور‪،‬‬ ‫كانت تتردد بقوة بين المثقفين الطليعيين بمغرب هذا العقد ‪.‬‬ ‫س‪ :‬أصدرت يف هذه الفرتة حتديدا سنة ‪،5494‬جمموعتك القصصية البكر "أنياب طويلة يف‬ ‫وجه املدينة"‪ ،‬البيضاء‪ ،‬مطبعة األندلس‪ .5491 ،‬كم كانت التكلفة املالية حينها‪ ،‬وما هي‬ ‫أصداؤها؟‬

‫ج‪ :‬كان إصدار مجموعة (أنياب طويلة في وجه المدينة) مغامرة لذيذة‪ ،‬رغم أنها كلفتني الكثير‪ .‬فقد‬ ‫وصلت الكلفة المادية إلى ثالثة آالف درهم أللفي نسخة‪ .‬وكان لهذا المقدار المالي قيمة كبيرة في ذلك‬ ‫الحين‪ .‬كما كلفتني هذه المجموعة القصصية‪ ،‬جهدا استثنائيا خالل الطبع والتوزيع‪ .‬وال أترك هذه‬ ‫المناسبة تمر من غير أن أذكر هنا حدثين طريفين حصال معي خالل عمليتي الطبع والتوزيع‪.‬‬ ‫األولى‪ ،‬أنني والصديق محمد بنيس‪ ،‬ظللنا خالل أسبوع تقريبا‪ ،‬نساعد في تصفيف األحرف الرصاصية‬ ‫بالمطبعة البدائية في الدار البيضاء‪ .‬وعندما أوشكنا على االنتهاء من المهمة‪ ،‬رجعنا إلى المطبعة بعد‬ ‫تناول الغذاء‪ ،‬ففوجئنا بأحد العمال قد بعثر على األرض برجليه‪ ،‬ودون انتباه منه طبعا‪ ،‬صندوق األحرف‬ ‫الرصاصية المصففة‪ .‬فكان علينا أن نبدأ عملية التصفيف الشاقة من البداية‪.‬‬ ‫والثانية‪ ،‬حدثت عند التوزيع الشخصي للمجموعة على المكتبات بأهم المدن المغربية‪ ،‬وبمساعدة عدد من‬ ‫األصدقاء‪ .‬ذلك أنني قصدت مكتبة ذات فضاء شاسع‪ ،‬في حي األحباس بالدار البيضاء‪ ،‬وطلبت من‬ ‫صاحبها عرض المجموعة القصصية الصغيرة الحجم في مكتبته‪ .‬لكنه اعتذر بأنه ال يوجد في مكتبته‬ ‫مكان فارغ‪!.‬‬ ‫كان للمجموعة صدى طيب لدى األصدقاء والمعارف وكثير من القراء‪ .‬فقد كان نشر كتاب آنئذ في حد‬ ‫ذاته أمرا غير عادي‪ ،‬بالساحة الثقافية عموما واإلبداعية تخصيصا‪ .‬كتب عنها بعضهم‪ ،‬وأهملها آخرون‪،‬‬ ‫لكون صاحبها كان يغرد خارج السرب‪ .‬وتلك قصة أخرى‪.‬‬ ‫س‪ :‬انشغالك باإلبداع القصصي‪ ،‬قادك من دون شك إىل االهتمام بل التخصص األكادميي‬ ‫بالنقد والدراسات القصصية‪ ،‬مما يشكل لديك رؤية متكاملة إبداعا ونقدا؛ حدثنا عن خمتربك‬ ‫السردي‪ ،‬وملاذا القصص الشعيب بالذات ؟‬ ‫ج‪ :‬ذكرت سابقا بأن االرتباط بالحكي‪ ،‬قد انطلق منذ الطفولة‪ .‬هذا سبب‪ .‬والسبب الثاني‪ ،‬يندرج ضمن‬

‫‪Page 6‬‬


‫انشغال جيلي بتسليط األضواء الكشافة على الحركة األدبية المغربية‪ ،‬قديمها وحديثها‪ ،‬نظرا لما كانت‬ ‫تالقيه من إهمال لدى األشقاء المشارقة‪ .‬وكذا‪ ،‬نظرا لغياب المعرفة الكافية به‪ .‬وهناك سبب ثالث‪ ،‬ويتعلق‬ ‫بالقصص الشعبي المغربي‪ .‬فقد بدا لي من التعاطي مع هذا القصص‪ ،‬أنه قد ظلم كثيرا‪ ،‬رغم ما يمتلكه‬ ‫من بالغة وروعة فنية‪ .‬ثم إنني وجدت فيه إضافة إلى الدافع الذاتي‪ ،‬أرضا بكرا غير مطروءة‪ ،‬يمكن‬ ‫للباحث األكاديمي والناقد األدبي أن يجترح من وراء التخصص فيه كثيرا من اإلضافات النظرية‬ ‫واإلجرائية المهمة ‪.‬‬ ‫س‪ :‬يعترب الدكتور مصطفى يعلى‪ ،‬إىل جانب الدكتور عبد الرحيم املؤذن والدكتور أمحد‬ ‫املديين والدكتور محيد احلميداني‪ ،‬من األمساء البارزة اليت اشتغلت على الدرس السردي‬ ‫القصصي‪ ،‬باختصار كيف تقيم هذه املختربات؟ وما السبيل إىل إثراء حقل الدراسات السردية‬ ‫يف هذا اجملال؟‬ ‫ج‪ :‬تلك مرحلة مرت‪ .‬حيث كان الباحثون المغاربة يشتغل كل واحد منهم على انفراد رؤية ومنهجا‪ ،‬من‬ ‫أجل الكشف عن هذا الجانب أو ذاك من جوانب تراثنا األدبي القديم والحديث بما فيه المعاصر‪ .‬في حين‬ ‫كان غيرنا في األمم المتقدمة يشتغلون ضمن خاليا بحث‪ ،‬وفي نكران ذات‪ ،‬وفي ظل ظروف مواتية‪ ،‬لذا‬ ‫تمكنوا من تقديم كثير من المنجزات النظرية والمنهجية المعتد بها عالميا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن القول إن تلك‬ ‫الجهود الفردية للباحثين المغاربة‪ ،‬قد تمكنت بالنسبة للتراكم السردي في المغرب‪ ،‬أن تنزع الغطاء عن‬ ‫متونه‪ ،‬وتعين مراحل تطوره‪ ،‬وتحدد لوائح مبدعيه‪ ،‬وتكشف أسرار جمالياته‪ ،‬وتصنف اتجاهاته‪ .‬وهذا‬ ‫ليس باألمر الهين‪ ،‬بل على أرضيته تنهض األبحاث والدراسات المنشغلة بمختلف المالمح والظواهر‬ ‫األدبية الجديدة‪ .‬أما راهنا‪ ،‬فنحن بصدد مرحلة ثانية تشتغل على التجربة السردية المغربية والعربية‪،‬‬ ‫بواسطة نظريات ومناهج أكثر حداثة وجد متطورة‪ .‬وهذا أمر طبيعي للمسار التطوري للدراسات األدبية‬ ‫أكاديمية ونقدية حرة‪ .‬خصوصا وأن الساحة الجامعية قد اغتنت بالمختبرات السردية‪ ،‬إلى جانب انتشار‬ ‫الجمعيات والمنتديات المخصوصة بالسرد ودراسته ونقده ‪.‬‬ ‫س‪ :‬أال ترون أن التجربة القصصية الثمانينية يف املغرب‪ ،‬قد شكلت قطيعة مع األجيال‬ ‫السابقة‪ ،‬بارتيادها لعوامل التجريب‪ ،‬واالنكفاء على تقليب اهلموم الذاتية بدل القضايا‬ ‫االجتماعية‪ ،‬اليت عرفتها قصص الواقعية االجتماعية يف السبعينات مع زفزاف واخلوري‬ ‫وشكري وغريهم؟‬ ‫ج‪ :‬ال أعتقد أن هناك قطيعة جيلية جذرية‪ ،‬في الكتابات اإلبداعية‪ ،‬أحرى النقدية‪ .‬إذ ثبت بفعل نظرية‬ ‫التناص‪ ،‬أن ما يحكم مسار األدب هو التأثر والتجاور والتساند والتكامل في سياق تطوري متماسك‪ ،‬رغم‬

‫‪Page 7‬‬


‫ما قد يبدو على السطح من اختالف وتفارق‪ .‬إن التفسير الذي أعتقده هنا‪ ،‬يتجه نحو اعتبار مرحلة‬ ‫الستينيات والسبعينيات كانت قد استنفدت ظروفها اإليديولوجية‪ ،‬التي أنتجت ما سبقت اإلشارة إليه من‬ ‫استيحاء للصراع الطبقي وهيمنة الواقعية النقدية‪ ،‬حيث ذابت الذوات الفردية في الذات الجماعية‬ ‫المهيمنة‪ .‬أما ابتداء من الثمانينيات‪ ،‬فقد اختلفت الظروف وتشعبت العالئق وتراكمت المستجدات‪ ،‬مما‬ ‫عزل الفرد في هموم ذاتية تتعلق بمصارعة الواقع اليومي من أجل الوجود‪ .‬وهو ما انعكس على الكتابة‬ ‫اإلبداعية‪ .‬وبذلك تكون مرحلة مختلفة عن التجربتين الستينية والسبعينية حياة وإبداعا‪ ،‬قد انطلقت مع‬ ‫جيل جديد له معاناته الخاصة ومفاهيمه الجديدة ورؤاه إلى الحياة‪ .‬لكن من غير قطع حبل السرة‪ ،‬الممتد‬ ‫من أجيال ما قبل الثمانينيات وخاللها وما بعدها إلى اآلن‪ .‬ألم يبدأ التجريب في السبعينيات؟ ثم هل انقطع‬ ‫كل كتاب ما قبل الثمانينيات عن اإلبداع السردي؟ وبالنسبة لتمركز النصوص حول ذات الكاتب‪ ،‬ألم‬ ‫تستمر خناثة بنونة بكتابتها المتمحورة حول ذاتها حتى في هذا العقد وما بعده؟ ‪.‬‬ ‫س‪ :‬إىل ما يعزى شبه غياب الصوت النسائي إىل حدود أواسط التسعينات‪ ،‬وانفجار النشر‬ ‫الرقمي واإلنرتنت؟‬ ‫ج‪ :‬أوال‪ ،‬دعني أن أوجز خطا بيانيا‪ ،‬يرصد تواجد المرأة المغربية إبداعيا‪ .‬حتى اآلن إن ما ندريه كون‬ ‫الصوت النسائي الذي اقتحم مبكرا عالم األدب سرديا‪ ،‬هو صوت مليكة الفاسي‪ .‬فقد انطلق نشر قصصها‬ ‫القصيرة خالل الثالثينات من القرن العشرين‪ .‬وكان علينا أن ننتظر إلى الخمسينات لنلتقي مع آمنة اللوه‬ ‫في روايتها القصيرة (الملكة خناثة) الحاصلة على جائزة (جوائز المغرب ومرويكوس)‪ .‬ولم يعل صوت‬ ‫المرأة في اإلبداع القصصي‪ ،‬إال مع خناثة بنونة ورفيقة الطبيعة وفاطمة الراوي بالنصف الثاني من عقد‬ ‫الستينات‪.‬‬ ‫وثانيا‪ ،‬لفهم الظاهرة على ضوء التفسير االجتماعي‪ ،‬ينبغي أن نستحضر وضعية المرأة المغربية حتى‬ ‫فترة االستقالل‪ .‬إذ لم يكن لها حضور في الواقع االجتماعي‪ ،‬ألنها كانت حبيسة البيت‪ ،‬وغارقة في‬ ‫األمية‪ ،‬ومكبلة ماديا‪ .‬ولم تبدأ في االنخراط في الحياة العامة‪ ،‬وفي الحركة الثقافية سوى بعد تلك الفترة‪،‬‬ ‫حيث دخلت المدارس واقتحمت الجامعات‪ ،‬واحتكت بالتجربة الحياتية خارج البيت‪ .‬أما في الثمانينات‬ ‫والتسعينات‪ ،‬فقد كانت المرأة المغربية قد أصبحت عنصرا فاعال في كل الميادين‪ ،‬واحتلت مكانتها في‬ ‫كل مراتب الحياة‪ .‬لهذا يالحظ أن تجربتها أكثر غنى‪ ،‬وروافد إبداعها أغزر تنوعا وخصوبة ‪.‬‬ ‫س‪ :‬ظاهرة قصصية فرضت صوتها كجنس قصصي له خصوصياته البنيوية واجلمالية‬ ‫والسردية‪ ،‬يتعلق األمر مبا يسمى بالقصة القصرية جدا؟ كيف تنظر إىل تراكمها اآلن وكيف‬ ‫تنظر إىل مستقبلها؟‪.‬‬

‫‪Page 8‬‬


‫ج‪ :‬القصة القصيرة جدا‪ ،‬فن سردي جديد بمعنى الكلمة‪ .‬فقد أفرزه القرن العشرون على احتشام‪ ،‬لكنه‬ ‫أخذ يستفحل في األلفية الثالثة‪ .‬ولعلك تذكر أننا في مجلة "مجرة" التي تصدر عن دار البوكيلي للطباعة‬ ‫والنشر والتوزيع بالقنيطرة‪ ،‬كنا قد خصصنا ملفا واسعا بعدد مزدوج للقصة القصيرة جدا‪ ،‬ترك أثرا طيبا‬ ‫لدى القراء‪.‬‬ ‫وإذا كان الكثيرون راهنا‪ ،‬قد شرعوا يركبون موجة القصة القصيرة جدا‪ ،‬طمعا في سهولة تناولها كما‬ ‫يظنون‪ ،‬فإن القلة القليلة من كتابها هم من يستوعبون شروطها وضوابطها‪ .‬ويمكنني أن أزعم بالمناسبة‪،‬‬ ‫أن هذه القصة من أصعب األنواع السردية‪ .‬فهي تجمع في كلمات وجمل محدودة‪ ،‬بين التجربة الحياتية‬ ‫العميقة‪ ،‬ومنتهى التكثيف البليغ‪ ،‬والشاعرية المدهشة‪ ،‬والمفارقات المعجزة‪ ،‬وما إلى هذا من عناصر‬ ‫التحدي لقدرات المبدع‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لمستقبل القصة القصيرة جدا‪ .‬فيمكنني الذهاب بعيدا‪ ،‬فأعتقد أن المستقبل ليس للرواية وال‬ ‫للقصة‪ ،‬بل للقصة القصيرة جدا‪ .‬وذلك بسبب روح العصر‪ ،‬المتسمة بالسرعة المتناهية والتخصصات‬ ‫الدقيقة‪ .‬إذ لم يعد الزمن يسمح بالتعاطي للنصوص الطويلة وفق ما كان عليه الحال في القرنين‬ ‫الماضيين‪ .‬كما أن أدوات التواصل الفكري واإلبداعي‪ ،‬أصبحت تتحكم في أحجام وأشكال األعمال‬ ‫األدبية‪ ،‬مثلما يتجسد في سلطة التغريد بالتويتر‪ ،‬والتواصل الفيسبوكي ‪.‬‬ ‫س‪ :‬وما رأيك يف القصة القصرية التفاعلية‪ ،‬اليت ترتكز أساسا على التشعبية‪ ،‬أو ما يسمى‬ ‫بالنص املرتابط؟‬ ‫ج‪ :‬بصراحة‪ ،‬لم أتعرف على هذه التجربة بعد‪ .‬فتعاملي مع اإلنترنيت جديد ومحدود‪ .‬وال عجب‪ ،‬فأنا‬ ‫من الجيل الذي تربى على الكتاب‪ .‬وليس تعاملنا مع اإلنترنيت إال محاولة منا للحاق بمنجزات العصر‬ ‫المستجدة‪.‬‬ ‫س‪ :‬تشرفون على إصدار اجمللة الورقية (جمرة)‪ ،‬وهي مغامرة يف ظل احنسار املقروئية‬ ‫وتراجعها‪ ،‬حدثنا عن آفاق هذا املشروع األدبي والثقايف اهلام يف زمن اإلنرتنت ؟‬ ‫ج‪ :‬كان تأسيس هذه المجلة في التسعينات‪ ،‬مشروعا مشتركا بين ثلة من األسماء (محمد البوكيلي‪ ،‬بشير‬ ‫القمري‪ ،‬مصطفى يعلى‪ ،‬محمد زفزاف‪ ،‬محمد الكغاط‪ ،‬مبارك الدريبي‪ ،‬محمد سعيد سوسان‪ ،‬محمد‬ ‫واحمان)‪ .‬على أن تتولى دار البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع بالقنيطرة‪ ،‬نشرها وتوزيعها‪ .‬وكانت‬ ‫الفكرة التي وقفت وراء إصدارها‪ ،‬أن يتاح لكل األقالم الكفأة المجال الذي تنشر به في استقاللية عن أي‬ ‫تبعية لهذه الجهة أو تلك‪ .‬فضال عن هدفية ربط المجلة بمحيطها الجامعي‪ ،‬من حيث توفير منبر جاد يتسع‬ ‫للكتابات األكاديمية‪ ،‬على اعتبار (مجرة) تصدر في دائرة وجود جامعة ابن طفيل‪.‬‬ ‫‪Page 9‬‬


‫وككل فعل ثقافي حر في العالم الثالث‪ ،‬عانت المجلة من كثير من عوامل التثبيط‪ ،‬التي كان من الممكن‬ ‫أن تتسبب في إيقافها منذ صدور أعدادها األولى‪ .‬لكن اإليمان بجدواها‪ ،‬وتضحيات مديرها الصديق‬ ‫محمد البوكيلي‪ ،‬ساعدا على مغالبة تلك العوامل السلبية‪ .‬وهاهي بصدد إغناء رصيدها الطويل العريض‪،‬‬ ‫بإصدار العدد الرابع والعشرين قريبا ‪.‬‬ ‫فيما يتعلق بتلقي "مجرة" من لدن القراء‪ ،‬يمكنني أن أؤكد لك بأنها قد كسبت الرهان‪ ،‬بمثابرتها وملفاتها‬ ‫األدبية النوعية الجادة‪ .‬إذ أضحت شريحة مهمة من القراء تنتظر باهتمام صدور أعدادها المتوالية‪،‬‬ ‫واإلقبال عليها بكثير من التقدير‪ ،‬والسؤال عنها باستمرار‪ .‬السيما وأن هناك خصاصا حادا يعاني منه‬ ‫المغرب بالنسبة للمنابر األدبية ‪.‬‬ ‫وأقول لك عن آفاق هذه المجلة‪ ،‬إنها مستمرة على المدى المنظور‪ ،‬في نشر الملفات الضافية عن مختلف‬ ‫الظواهر األدبية الحاضرة في الساحة الثقافية‪ .‬إلى جانب فسح المجال لكل الكتاب الجادين من مختلف‬ ‫األعمار واالتجاهات‪ ،‬ألن ما يهمها هو الفعل الثقافي وما يحققه من تراكمات خصبة ومخصبة‪ .‬أيضا‪ ،‬إن‬ ‫هيئة تحريرها تفكر دوما في اعتماد صيغ جديدة لتقديم المادة الثقافية لقرائها‪ ،‬وتطوير نوعية مواضيعها‪،‬‬ ‫بعد أن غطت ملفاتها السابقة معظم األجناس األدبية المعروفة تقريبا‪.‬‬ ‫س‪ :‬لو طلبنا من الدكتور مصطفى يعلى انطباعا سريعا‪ ،‬وهو يعيش بني عصر الورق وعصر‬ ‫الرقمية‪،‬ما هو إحساسك ؟‬ ‫ج‪ :‬إنها معادلة صعبة‪ .‬ذلك أنني متعود على التعامل مع المكتوب ورقيا‪ ،‬والتركيز على العبارات‬ ‫والفقرات والصفحات‪ ،‬باستعمال قلم الرصاص تلخيصا وتعليقا وإصالحا ونقدا‪ .‬وهو األمر الذي يجعل‬ ‫األفكار تترسخ جيدا في الذهن أكثر‪ .‬لهذا فالكتب التي قرأتها بهذه الطريقة‪ ،‬من الصعب أن يتعامل معها‬ ‫غيري من القراء بارتياح‪ ،‬بسبب تشويش قلم الرصاص‪.‬‬ ‫لكن من ناحية أخرى‪ ،‬وجدت أن الفضاء الرقمي يقدم إمكانيات هائلة للمتلقي‪ ،‬ال تفلت أي شيء‪ .‬بحيث‬ ‫أصبح مرجعا مسعفا في أي موضوع‪ ،‬وبأكثر سرعة وأقل جهد‪ .‬لهذا صار من غير الممكن االستغناء‬ ‫عنه‪ .‬وأذكر في هذا الصدد‪ ،‬أنني قضيت أواخر السبعينات سنتين كاملتين في جمع المادة الخام لبحث‬ ‫دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬في حين يمكنني اآلن أن أحصل على نفس المادة وأكثر في دقائق‪ .‬ولعل أهم ما‬ ‫يروق لي على هذا المستوى الرقمي‪ ،‬هو توفر المصادر والمراجع قديمة وحديثة‪ ،‬صادرة عن دور النشر‬ ‫المعتد بها علميا في هذا القطر أو ذاك من األقطار العربية‪ ،‬ما كنا نحلم أن تصلنا في الماضي‪.‬‬ ‫وفي انتظار أن تسفر المنافسة بين اإلمكانيتين الورقية والرقمية‪ ،‬عن نتيجة ما مستقبال‪ ،‬سأظل أفضل‬ ‫الكتاب الورقي‪( ،‬وكل فتاة بأبيها معجبة) كما يقول المثل المأثور‪ .‬وإن كنت أود لو يظل الورقي والرقمي‬ ‫‪.‬‬ ‫يخدمان معا ثقافة اإلنسان بنوع من التكامل‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪10‬‬


‫س‪:‬أصدرت جملتنا عدة كتب رقمية‪ ،‬تتنوع بني الدراسات والسرد‪ ،‬آخرها إصدار األعمال‬ ‫الكاملة يف ثالثة أجزاء للشاعر الفلسطيين عز الدين املناصرة؛ أال ترون أن الكاتب املغربي مل‬ ‫ميلك بعد الشجاعة لكي يدخل جتربة اإلصدارات اإللكرتونية؟‪ ،‬وإىل ما يعزى هذا التوجس؟‬ ‫ج‪ :‬إنها ظاهرة جديدة‪ ،‬لم تتأصل بعد في ثفقافتنا‪ .‬وأكيد أن كتابنا سيقبلون على النشر الرقمي‪ ،‬حين‬ ‫يأنسونه ويلمسون فائدته‪ ،‬على غرار ما فعلوا مع اإلنترنيت عموما عند ظهوره‪ .‬وينبغي أن نستحضر أن‬ ‫عددا غير قليل من مثقفينا ال يحسن حتى اآلن التعامل مع الحاسوب أصال‪ ،‬أحرى االستفادة من اإلصدار‬ ‫الرقمي ‪.‬‬ ‫س‪ :‬أخريا تعيش كل الدول العربية ثورات وانتفاضات مايسمى بالربيع العربي‪ ،‬الذي‬ ‫حتول إىل جحيم عربي‪ ،‬أنتم سيدي الدكتورمصطفى يعلى ككاتب ومثقف عربي‪ ،‬كيف‬ ‫تنظرون إىل هذه النار اليت أشعرتنا باخليبة واليأس‪ ،‬أكثر مما أشعرتنا باألمل؟‬ ‫ج‪:‬أظنك األستاذ عبده حقي تقصد الخريف العربي؟‪ .‬إن من عاش شبابه ورجولته في سياق وطني عربي‬ ‫قومي‪ ،‬ممتلئا باآلمال العريضة والتوقعات الفردوسية‪ ،‬خصوصا بعد الحصول على االستقالل عن‬ ‫االستعمار الغربي المقيت؛ ال يمكنه إال أن يشعر بوجع الحسرة‪ ،‬أمام ما حاق بالشعوب العربية من‬ ‫ويالت‪ .‬وفي اعتقادي أن المؤامرات الدولية والصهيونية ما كانت لتتوفق فيما خطط له‪ ،‬لوال التواطؤ‬ ‫العربي‪ ،‬وتهميش المثقفين الشرفاء‪ ،‬وصمت رجال الدين الحقيقيين المتنورين‪ ،‬وكبح عجلة التطور‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن التاريخ ليس أعمى أو أعرج‪ ،‬بل إنه يرى ويتحرك‪ .‬ولعل الغد يأتي بما هو أفضل ‪.‬‬ ‫ــــ شكرا لكم القاص الدكتورمصطفى يعلى‬ ‫سيرة أدبية ‪ :‬الدكتورالقاص مصطفى يعلى‬ ‫من مواليد سنة ‪ ، 5491‬بمدينة القصر الكبير‪ ،‬في المغرب‪ ،‬في ظل أسرة محافظة ‪.‬‬ ‫درس بالكتاب ‪ ،‬ثم باالبتدائي ‪ ،‬فاإلعدادي بنفس المدينة ‪ .‬وأتم دراسته الثانوية بمدينة العرائش بين‬‫سنتي ‪ 5411‬و ‪. 5411‬‬ ‫حصل على شهادة الباكالوريا سنة ‪ 5411‬بمدينة تطوان ‪.‬‬‫أما تعليمه الجامعي ‪ ،‬فقد تم بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بمدينة فاس ‪ ،‬حيث أحرز على اإلجازة في‬‫األدب العربي وشهادة األهلية التربوية سنة ‪. 5411‬‬ ‫نال شهادة استكمال الدروس من كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط في السنة الجامعية ‪5499‬و‬‫‪. 5491‬‬ ‫حصل على دبلوم الدراسات العليا بكلية اآلداب بفاس في السنة الجامعية ‪ ، 5419/5411‬حول‬‫‪Page‬‬ ‫‪11‬‬


‫موضوع ‪(( :‬ظاهرة المحلية في الفن القصصي بالمغرب ‪ -‬من أوائل األربعينيات إلى نهاية الستينيات))‪،‬‬ ‫وذلك تحت إشراف الدكتور إبراهيم السوالمي ‪.‬‬ ‫حصل على دكتوراه الدولة في األدب العربي الحديث ‪ ،‬من كلية آداب الرباط في السنة الجامعية‬‫‪ ، 5441/5441‬حول موضوع ‪" :‬القصص الشعبي بالمغرب ‪ -‬دراسة مورفولوجية"‪ ،‬تحت إشراف‬ ‫الدكتور محمد السرغيني‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬العمـــــل‪:‬‬ ‫بعد أن حصل على اإلجازة سنة ‪ 5411‬عين أستاذا بالسلك الثاني الثانوي للغة العربية في مدينة‬‫القنيطرة ‪ ،‬حيث استقر بها منذ ذلك التاريخ ‪.‬‬ ‫ثم عمل أستاذا مكونا في اللغة العربية بالمركز التربوي الجهوي بالقنيطرة بين ‪ 5499‬و‪. 5419‬‬‫بعد حصوله على دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬عين أستاذا مساعدا بكلية اآلداب بالمحمدية‪ ،‬من سنة ‪5419‬‬‫إلى ‪. 5414‬‬ ‫انتقل إلى العمل بنفس الصفة بكلية آداب القنيطرة سنة ‪ .5414‬وهو اآلن أستاذ التعليم العالي بنفس‬‫الكلية‪ ،‬وقد رئس شعبة اللغة العربية وآدابها بها في دورت (‪5441‬ـ‪ 5441( )5441‬ـ ‪).1777‬‬ ‫النـشـاط األدبـي‪:‬‬ ‫هو عضو في اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬ورئيس سابق لفرعه بمدينة القنيطرة ‪.‬‬‫عضو تحرير مجلة " اآلداب والعلوم اإلنسانية " لكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالقنيطرة‪ ،‬وعضو‬‫بهيئة تحرير مجلة " مجرة " وعضو بالهيئة االستشارية لمجلة ( قاف صاد ) المتخصصة في القصة‬ ‫القصيرة‪ .‬ـ رئيس مجموعة البحث في األشكال األدبية ( أرخبيل ) بكلية آداب القنيطرة ‪ .‬ـ رئيس مختبر‬ ‫( أرخبيل ) للدراسات واألبحاث األدبية‪ ،‬بمسلك الدراسات العربية بكلية آداب القنيطرة‪ .‬ـ عضو هيأة‬ ‫التدريس ومنسق لمجموعة التكوين والبحث في اآلداب المغربية المعاصرة‪ :‬دراسات مقارنة‪ ،‬التي‬ ‫ترأسها دة‪ .‬زهور كرام بنفس الكلية‪ .‬ـ عضو مجموعة إعداد ( معجم المؤلفين والرواية المغربية ‪5417‬‬ ‫ـ ‪ ،)1777‬في إطار (بروتارس )‪ ІІІ‬بكلية آداب القنيطرة‪ .‬ـ شارك بإنتاجه في معظم األعداد الخاصة‬ ‫باألدب المغربي من المجالت الوطنية والعربية ‪ ،‬منها‪ :‬ـ مجلة اتحاد كتاب المغرب ( آفاق )‪ ،‬عدد خاص‬ ‫بالقصة القصيرة ‪ ،‬ع‪ .5494 /1 .‬ـ مجلة ( األقالم ) العراقية‪ ،‬ملف خاص ‪ :‬من األدب المعاصر في‬ ‫القطر المغربي‪.‬ع‪ ،1 .‬دسمبر‪ .5417‬ـ مجلة ( الثقافة ) السورية ‪ :‬األدب في المملكة المغربية ‪ .‬تشرين‬ ‫الثاني ـ كانون األول ‪ . 5415‬ـ مجلة ( آفاق ) ‪ :‬عدد خاص بندوة الرواية المغربية ‪ .‬ع‪ 1 - 9 .‬دجنبر‬ ‫‪ . 5419‬ـ مجلة ( اآلداب ) البيروتية ‪ ،‬عدد ممتاز ‪ :‬األدب المغربي الحديث ‪ .‬ع‪ 5-1 .‬يناير ‪ /‬فبراير‬ ‫‪ . 5441‬ـ مجلة ( آفاق ) ‪ :‬ملف القصة القصيرة في المغرب ‪ .‬ع‪ ،17 .‬يناير ‪ . 5441‬ـ مجلة ( آفاق )‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪12‬‬


‫‪ :‬نحو نظرية عربية في السرد ‪ :‬دراسات ومقاربات ‪ .‬عدد مزدوج ‪ .5444 /15-11‬ـ مجلة وزارة‬ ‫الثقافة المغربية ( المناهل )‪ ،‬عدد مزدوج خاص ب ( األدب الشعبي المغربي )‪ ،‬ع‪ ،11 / 19 .‬نوفمبر‬ ‫‪ .1775‬ـ مجلة ( المناهل )‪ ،‬عدد مزدوج خاص ب ( محمد المختار السوسي ‪ :‬سلطة المعرفة وسؤال‬ ‫الهوية )‪ ،‬ع‪ ،11 / 91 .‬أكتوبر ‪ .1771‬ـ مجلة ( مجرة ) عدد خاص ب ( الثقافة واألدب الشعبيان )‪،‬‬ ‫ع‪ ،4 .‬صيف ‪ .1771‬ـ مجلة ( مجرة )‪ ،‬عدد خاص ب ( المدينة في األدب )‪ ،‬ع‪ ،57 .‬ربيع ‪.1779‬‬ ‫ـ شارك في مجموعة من اللقاءات الثقافية داخل المغرب وخارجه‪.‬‬ ‫منها داخل المغرب‪:‬‬ ‫ـ ندوة الرواية المغربية‪ ،‬التي نظمها اتحاد كتاب المغرب بمدينة مراكش‪( .5419‬عنوان المداخلة ‪:‬‬ ‫بيبليوغرافيا الرواية المغربية ‪ 5417‬ـ ‪" )5417‬أعمال الندوة منشورة بمجلة " آفاق " ع‪ 9/1 .‬دجنبر‬ ‫‪" .5419‬‬ ‫ـ الندوة المغاربية حول موضوع ( الثقافة الشعبية إحدى ركائز وحدة المغرب العربي ) ‪ .‬من ‪ 11‬شتنبر‬ ‫إلى ‪ 1‬اكتوبر ‪ ، 5414‬المنظمة من طرف المجلس البلدي بمدينة القنيطرة‪ ( .‬عنوان المداخلة ‪ :‬إشكالية‬ ‫المصطلح السردي الشعبي ) "أعمال الندوة مطبوعة سنة‪" .5445‬‬ ‫ـ الملتقى الثالث المنظم من طرف المجلس البلدي بالقنيطرة بتعاون مع كلية اآلداب والعلوم اإلنساية‬ ‫بالقنيطرة ‪ ،‬حول موضوع ( المدينة المغاربية والكتابة ) ‪ ،‬من ‪ 1‬إلى‪ 51‬اكتوبر ‪ ( .5447‬عنوان‬ ‫المداخلة ‪ :‬تجليات المدينة المغربية في الكتابة القصصية "أعمال الندوة مطبوعة سنة ‪".5441‬‬ ‫ـ الندوة العالمية التي نظمتها كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالقنيطرة ‪ ،‬حول موضوع (منطقة الغرب ‪:‬‬ ‫المجال واإلنسان ‪ ،‬أيام ‪ 19-11‬اكتوبر ‪( . 5445‬عنوان المداخلة ‪ :‬مورفولوجية الحكاية الشعبية بمنطقة‬ ‫الغرب ) "أعمال الندوة مطبوعة سنة ‪" .5449‬‬ ‫ـ الندوة العالمية التي نظمتها مجموعة البحث في منطقة جبالة‪ ،‬فرع الحكاية الشعبية‪ ،‬وذلك حول‬ ‫موضوع (الحكاية والسرد‪:‬األدوات التربوية واإلنتاج السوسيوثقافي)‪ ،‬بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫بالقنيطرة‪ ،‬أيام‪59‬ـ ‪ 54‬دجنبر‪( .5449‬عنوان المداخلة‪ :‬الحطاب األخالقي في الحكاية الخرافية "أعمال‬ ‫الندوة منشورة سنة ‪" .5444‬‬ ‫ـ الندوة العلمية التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬بالشراكة مع الجمعية المغربية للتراث اللغوي‪،‬‬ ‫حول موضوع ( الحكاية الشعبية في التراث المغربي )‪ ،‬يومي ‪ 11‬ـ ‪ 11‬شتنبر ‪ ، 1771‬بمقر أكاديمية‬ ‫المملكة المغربية بالرباط‪ ( .‬عنوان المداخلة ‪ :‬القصص الشعبي المغربي‪ :‬إشكال التصنيف والتجنيس)‬ ‫ـ اليوم الدراسي حول موضوع ‪ :‬اإلبداع الشعبي والتنمية‪ ،‬المنظم من طرف فريق البحث في المعجم‬ ‫األدبي والفني‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالقنيطرة‪ ،‬يوم ‪ 11‬أبريل ‪ ( .1771‬عنوان المداخلة ‪:‬‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪13‬‬


‫األدب الشعبي واألدب الرسمي‪ :‬خطان متوازيان يلتقيان)‬ ‫ـ اليوم الدراسي حول ‪ :‬الحكاية الشعبية في إفريقيا ـ مقاربة أولية‪ ،‬المنظم من طرف كرس اليونسكو عن‬ ‫المرأة وحقوقها‪ ،‬بكلية آداب القنيطرة‪ ،‬والشبكة الوطنية للثقافات واآلداب الشفهية بنفس الكلية‪ ،‬و معهد‬ ‫الدراسات اإلفريقية بالرباط‪( .‬عنوان المداخلة‪ :‬وظائف المرأة في الحكاية العجيبة السودانية)‬ ‫ومنها خارج المغرب‪:‬‬ ‫ـ األسبوع الثقافي الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب في ليبيا أواخر مارس ‪( 5419‬قراءة قصصية‪) .‬‬ ‫ـ األسبوع الثقافي الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب في العراق صيف ‪ ( 5411‬قراءة قصصية‪) .‬‬ ‫ـ أيام الحكاية بالمحمدية ‪ 55‬ـ ‪ 51‬نونبر ‪ ،5449‬المنظمة من طرف محترف الحكاية الشعبية بكلية أداب‬ ‫المحمدية‪ ( ،‬عنوان المداخلة ‪ :‬الحكاية المرحة فن المفارقة األساس في السرد الشعبي‪).‬‬ ‫ـ أشغال مجموعة البحث المغربية الفرنسية حول إعداد قاموس دبلوماسي عالمي فرنسي عربي ‪ ،‬وذلك‬ ‫بباريس أيام ‪ 5‬ـ ‪.5441 / 4 / 51‬‬ ‫ـ المؤتمر الدولي حول موضوع ( ثقافة الطفل العربي ـ رؤية مستقبلية للقرن الحادي والعشرين ) ‪،‬‬ ‫المنعقد بكلية اآلداب فرع بنها ‪ ،‬جامعة الزقازيق ‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬وذلك أيام ‪1 /19 ،11 ،11‬‬ ‫‪ ( .1777 /‬عنوان المداخلة ‪ :‬الخطاب األخالقي الموجه لألطفال ـ الحكاية الخرافية نموذجا‪).‬‬ ‫ـ ملتقى التجربة الكويتية في المجالين األكاديمي واإلعالمي بدولة الكويت‪ ،‬المنظم من طرف وزارة‬ ‫اإلعالم بدولة الكويت‪ ،‬أيام ‪ 15‬ماي ـ ‪ 5‬يونيو ‪.1779‬‬ ‫المؤتمر العربي حول (التراث الشعبي العربي‪ :‬وحدة األصل والهدف )‪ ،‬المنظم بدمشق من طرف‬‫المجلس األعلى لرعاية الفنون واآلداب والعلوم االجتماعية ‪ /‬وزارة التعليم العالي‪ ،‬أيام ‪ 59‬ـ ‪ 51‬مارس‬ ‫‪ .1771‬نشرت أعماله في جزئين عن وزارة التعليم العالي السورية‪ ،‬دمشق‪ ( 1771 ،‬عنوان المداخلة ‪:‬‬ ‫القصص الشعبي العربي ‪ :‬وحدة في التنوع وتنوع في الوحدة‪).‬‬ ‫ـ ندوة ( المرأة في المأثور الشعبي )‪ ،‬المنعقدة بمدينة مصراتة الليبية‪ ،‬والمنظمة من طرف المركز‬ ‫الوطني للمأثورات الشعبية بليبيا‪ ،‬أيام ‪ 1‬ـ ‪ 1‬فبراير ‪ ( .1771‬عنوان المداخلة ‪ :‬تنويعات كيد المرأة في‬ ‫الحكاية الشعبية‪).‬‬ ‫ـ ندوة ( الخيمة العربية فضاء للقيم السامية والعيش المشترك ) بالجزائر‪ ،‬المنظمة من طرف وزارة‬ ‫الثقافة بالجمهورية الجزائرية‪ ،‬أيام ‪ 11‬أبريل ـ ‪ 1‬مايو ‪ ( 1779‬عنوان المداخلة ‪ :‬الخيمة في القصص‬ ‫الشعبي‪).‬‬ ‫يتوزع إنتاجه األدبي بين اإلبداع القصصي‪ ،‬والدراسة األدبية‪ ،‬والبحث البيبليوغرافي ‪.‬‬‫نشر إنتاجه بمعظم الجرائد المغربية ‪ ،‬وبأهم المجالت الوطنية والعربية ‪ :‬العلم ‪ ،‬المحرر‪ ،‬البيان ‪،‬‬‫‪Page‬‬ ‫‪14‬‬


‫االتحاد االشتراكي ‪ ،‬أقالم ‪ ،‬الثقافة الجديدة ‪ ،‬المدينة‪ ،‬آفاق ‪ ،‬الكاتب العربي ‪ ،‬األقالم ‪ ،‬المورد‪ ،‬لوتس‪،‬‬ ‫المعرفة‪ ،‬الوحدة ‪ ،‬اآلداب ‪ ،‬مواسم ‪ ،‬المناهل القدس العربي ‪ ،‬مجلة البيان الكويتية‪.‬‬ ‫ترجمت بعض قصصه إلى اإلسبانية والفرنسية‪.‬‬‫صدرت له أربع مجموعات قصصية هي‪:‬‬‫( ‪1-‬أنياب طويلة في وجه المدينة) مطبعة األندلس‪ ،‬الدار البيضاء‪.5491 ،‬‬ ‫( ‪2-‬دائرة الكسوف)‪ ،‬اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.5417 ،‬‬ ‫( ‪3-‬لحظة الصفر)‪ ،‬البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القنيطرة‪.5441 ،‬‬ ‫‪4‬ـ (شرخ كالعنكبوت)‪ ،‬البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بدعم من وزارة الثقافة المغربية‪ ،‬القنيطرة‪،‬‬ ‫‪.1771‬‬ ‫أعد (فهرست المجاميع القصصية المغربية ‪ ،)5491 -5499‬مـنـشور بمجلة المورد العراقية ‪ ،‬م‪، 1.‬‬‫ع‪ .5494-1.‬ثم (فهرست المجاميع القصصية المغربية من سنة ‪ 5499‬إلى سنة ‪ ،)5417‬منشور‬ ‫بمجلة األقالم العراقية ع‪ ،1.‬س‪ ،51.‬بغداد ‪ .5417‬وله أيضا بيبليوغرافيا الفن الروائي في المغرب‬ ‫‪ 5419-5417‬أعدها بتكليف من المكتب المركزي التحاد كتاب المغرب بمناسبة ندوة الرواية المغربية‬ ‫بمراكش‪ ،‬نشرت بمجلة آفاق ع‪ 9-1.‬دجنبر ‪ .5419‬وله أيضا‪ ،‬في هذا السياق‪" ،‬بيبليوغرافيا القصص‬ ‫الشعبي ودراسته بالمغرب"‪ ،‬منشورة بمجلة "اآلداب والعلوم اإلنسانية" كلية اآلداب‪ ،‬القنيطرة‪،5449 ،‬‬ ‫و"بيبليوغرافيا النقد القصصي بالمغرب ‪ "5417 -5419‬منشورة بالجزء الثالث من كتاب "زهرة اآلس‬ ‫في فضائل العباس" دار المناهل‪ ،‬الرباط‪.5449 ،‬‬ ‫و صدر له من المؤلفات‪:‬‬ ‫كتاب ( امتداد الحكاية الشعبية ) ضمن ( سلسلة (موسوعة شراع الشعبية)‪ ،‬ع‪ ، 1 .‬طنجة ‪ ،‬سبتمبر ـ‬‫اكتوبر ـ نوفمبر ـ دجنبر ‪. 5444‬‬ ‫كتاب ( القصص الشعبي في المغرب ـ دراسة مورفولوجية ) ‪ .‬المدارس للنشر والتوزيع ‪ ،‬الدار‬‫البيضاء ‪. 1775 ،‬‬ ‫كتاب " السرد المغربي ـ بيبليوغرافية متخصصة "‪ .‬المدارس للنشر والتوزيع ‪ ،‬بدعم من وزارة الثقافة‬‫المغربية‪ ،‬الدار البيضاء ‪. 1775 ،‬‬ ‫كتاب ( القصص الشعبي ‪ :‬قضايا وإشكاالت )‪ ،‬بدعم من وزارة الثقافة المغربية‪ ،‬دار البوكيلي للطباعة‬‫والنشر والتوزيع‪ ،‬القنيطرة ‪ /‬المغرب‪. 1779 ،‬‬ ‫كتاب ( القصص الشعبي ‪ :‬قضايا وإشكاالت )‪ ،‬بدعم من وزارة الثقافة المغربية‪ ،‬دار البوكيلي للطباعة‬‫والنشر والتوزيع‪ ،‬القنيطرة ‪ /‬المغرب‪. 1779 ،‬‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪15‬‬


‫كتاب ( السرد ذاكرة )‪ ،‬دار اآلمان‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪.1774 ،‬‬‫وله كتابان معدان للطبع‪:‬‬ ‫نحو تأصيل الدراسة األدبية الشعبية بالمغرب‪.‬‬‫السرد المغربي ‪ :‬حفر عن خصوصيات المجتمع المحلي في نصوص القصاصين المغاربة الرواد‪.‬‬‫ــ "ظاهرة المحلية في السرد المغربي" لمصطفى يعلى‪ ،‬عن مطبعة األمنية‪ ،‬بالرباط ‪ ،1755‬في ‪191‬‬ ‫صفحة‪ ،‬من القطع الكبير‪ .‬والكتاب هو حفر عن خصوصيات المجتمع المغربي‪ ،‬المشخصة جماليا في‬ ‫نصوص القصاصين المغاربة الرواد‪،‬‬ ‫ــ «نحو تأصيل الدراسة األدبية الشعبية بالمغرب» إصدارات إتحاد كتاب المغرب‬

‫‪Page‬‬ ‫‪16‬‬


‫حوارمع القاص املغربي أمحد بوزفور‪:‬‬ ‫حاوره عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫ــــ يخيل لي أحيانا أنني لم أبدأ الكتابة بعد ‪.‬‬ ‫ـــــ نعم بدأت من الشعر قراءة ومحاولة كتابة‪ .‬وما أزال في هذه البداية حتى اآلن‬ ‫ــــ أنا ال أسعى للتمرد‪ ،‬أوبكلمة أدق‪ ،‬إلعالن التمرد ‪.‬‬ ‫ــــ أكاد أن أكون أميا في كيفيات التعامل مع تقنيات الحاسوب وثقافة الشبكة ‪.‬‬ ‫ـــــ ها أنذا أقف جانبا وأتنحى عن طريقكم‪ ..‬مروا إلى كتابة الرواية‪.‬‬ ‫ـــــ ازداد العنف في الجامعة ألن الجامعة لم تعد جامعة ‪.‬‬ ‫تقديم ‪:‬‬ ‫الحوارمع القاص المغربي أحمد بوزفوريشعرك كما لوأنك داخل مختبر سردي قصصي خاص يضع‬ ‫ضمن أولوياته وإنشغاالته اليومية اإلرتقاء بهذا الفن شكال ومضمون في الواقع كما في الحلم ‪ ،‬مما جعل‬ ‫من بوزفورأحد األصوات المائزة والحاضرة في المشهد القصصى الراهن والمدافعة عنه بشغف جيني‬ ‫راسخ حتى أنه بات اليترجل عن صهوته لإلحتفاء بالقصة وقتما دعته لذلك في المدن كما في القرى‬ ‫النائية ‪..‬‬ ‫‪Page 1‬‬


‫القاص أحمد بوزفورمن مواليد سنة ‪ 5491‬بإقليم تازة تلقى تعليمه األولي في الكتاتيب القرآنية ثم التحق‬ ‫بالقرويين بمدينة فاس التي تابع فيها دراسته االبتدائية والثانوية‪ .‬في سنة ‪ 5411‬حصل على شهادة‬ ‫الباكلوريا وفي نفس السنة تعرض لالعتقال وأخلي سبيله بعد تالت أشهر بسبب نشاطه السياسي‪.‬‬ ‫التحق بكلية اآلداب وحصل بعد ذالك على اإلجازة في األدب العربي‪ .‬و في سنة ‪ 5491‬نال شهادة‬ ‫استكمال الدروس في األدب المغربي الحديث‪.‬‬ ‫نشرت أولى قصة له تحت عنوان‪" :‬يسألونك عن القتل" سنة ‪ 5495‬في جريدة العلم ‪.‬‬ ‫في سنة ‪ 5499‬التحق أحمد بوزفور بكلية اآلداب بعاصمة المغرب الرباط كأستاذ للشعرالعربي الجاهلي‪.‬‬ ‫ثم انتقل بعد ذلك إلى كلية اآلداب عين الشق في الدارالبيضاء كأستاذ لألدب العربي‪.‬‬ ‫في سنة ‪ 5494‬نال شهادة دبلوم الدراسات العليا عن رسالته "تأبط شعرا "‪.‬‬ ‫من مواقفه الثقافية الجريئة رفضه جائزة المغرب للكتاب التي قدمتها له وزارة الثقافة المغربية سنة‬ ‫‪.1001‬‬ ‫من أعماله القصصية والنقدية ‪.‬‬ ‫ـــ الغابر الظاهر (مجموعة قصصية ‪)5499‬‬ ‫ـــ تأبط شعرا ‪ :‬دراسة تحليلية في الشعر الجاهلي‪ ،‬البيضاء‪ ،‬نشر الفنك‪109 ،5440 ،‬ص‪.‬‬ ‫ـــ النظر في الوجه العزيز (مجموعة قصصية ‪)5491‬‬ ‫ـــ ديوان السندباد ‪ :‬أصدره عام ‪ 5441‬عن منشورات الرابطة‬ ‫ـــ الزرافة المشتعلة (‪ -‬الزرافة المشتعلة قراءات في القصة القصيرة المغربية‪ .‬أحمد بوزفور‪ .‬شركة‬ ‫النشر والتوزيع‪ .‬المدارس‪ .‬البيضاء‪) 1000 .‬‬ ‫ـــ صياد النعام (مجموعة قصصية ‪)5441‬‬ ‫ـــ ققنس (مجموعة قصصية) ‪1009‬‬ ‫ـــ قالت نملة (مجموعة قصصية) ‪1050‬‬ ‫ــــ نافذة على الداخل (مجموعة قصصية ) ‪1051‬‬ ‫س ‪ :‬سؤال يفرض نفسه بإحلاح يف بداية هذا احلواركيف جاء األستاذ أمحد بوزفورإىل اإلبداع‬ ‫القصصي وهل تتذكرون بعض نصوص البدايات ؟‬ ‫ج ‪ :‬ال أتذكر البدايات بالضبط‪ ...‬حتى ليخيل لي أنني بدأت أكتب منذ ولدت‪ ،‬ويخيل لي أحيانا أنني لم‬ ‫أبدأ الكتابة بعد‪ .‬وفي كل األحوال‪ ،‬فلست بدعا من كثير من زمالئي الكتاب‪ ..‬البد أنني قرأت نصوصا‬ ‫أعجبتني إلى حد أن فكرت في كتابة نصوص جميلة مثلها‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يلتقي جل القصاصني يف املغرب يف كونهم إنطلقوا شعراء ‪ ،‬هل القاص أمحد‬ ‫بوزفورإنطلق هوأيضا من التجربة الشعرية ؟‬ ‫‪Page 2‬‬


‫ج ‪ :‬نعم بدأت من الشعر قراءة ومحاولة كتابة‪ .‬وما أزال في هذه البداية حتى اآلن‪ ...‬أقرأ الشعر‬ ‫باستمرار‪ ،‬وأحاول كتابته فال أنجح‪ ،‬فأهاجر إلى القصة‪ .‬يبدو لي أنني مجرد شاعر فاشل ( حرق ) إلى‬ ‫القصة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬من هم الكتاب العرب والغربيني الذين قد تكون إستأنست بتجاربهم القصصية‬ ‫أوالروائية ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫لكل كاتب قرأته أثر في نفسي وأثر على كتابتي‪ .‬وإذا نسيت فلن أنسى أنطون تشيخوف وإرنست‬

‫هيمنجواي وكافكا وبورخيس ويوسف إدريس وزفزاف‬ ‫س ‪ :‬أنتم من جيل الكتاب السبعينيني ‪ ،‬هل فعال جيل السبعينات هواملؤسس احلقيقي‬ ‫للتجربة القصصية يف املغرب الراهن ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫كال طبعا جيل السبعينيات جيل متأخر ‪ .‬وليس مؤسسا‪ .‬ربما أسس للتجريب في القصة وليس‬

‫لتجربة القصة جنسا أدبيا‬ ‫س ‪ :‬هل قصة (يسألونك عن القتل) هوأول نص قصصي خرجت به إىل العلن ونشرته على‬ ‫صفحة جريدة مغربية ؟‬

‫ج‪:‬‬ ‫س ‪ :‬حدثنا عن جتربة نشرأوىل جمموعاتك القصصية (النظريف الوجه العزيز) سنة ‪،5491‬‬ ‫نعم ‪ .‬نص ( يسألونك عن القتل ) هو أول نص نشرته‪،‬‬

‫كيف دخلت إىل هذه املغامرة يف زمن كان النشرالورقي فيه حلم أحالم كل الكتاب وكم كانت‬ ‫تكلفته املالية آنذاك ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫يعود الفضل في جمع نصوص ( النظر في الوجه العزيز ) وطبعها وتصحيحها ونشرها إلى‬

‫الصديق العزيز األستاذ مصطفى المسناوي‪ .‬ولوال ثقته وجهده وصبره لما نشرت هذه المجموعة أصال‪.‬‬ ‫ـــ س ‪ :‬مما الشك فيه أن جتربتكم قد حققت فرادتها مقارنة مع التجارب اجملايلة هلا باحتفائها‬ ‫أوال جبمالية الصورة القصصية وتشكيلها ثم بإيقاعها القصصي املتميز واخلاص ‪ ،‬كيف إستطاع‬ ‫القاص أمحد بوزفور تشييد خمتربه القصصي اخلاص واملتميز؟‬

‫ج‪:‬‬

‫يعجبني هذا التعبير ( مختبر قصصي )‪ .‬كأنني فعال أعمل في مختبر‪ .‬العينات هي الواقع‬

‫والنصوص‪ .‬والتجربة هي المزج والتحليل والذوق والتحضير‪ .‬والنتيجة هي القصة‪ .‬كيف استطعت تشييد‬ ‫مختبري القصصي؟ ليس األمر صعبا‪ .‬يستطيع أي كاتب أن يبني مختبره‪ .‬المهم هو ما ينتجه المختبر‬ ‫وليس المختبر ذاته‪ .‬وأنا عادة أول المنتقدين لما ينتجه مختبري‪ ،‬ولذلك أعيد التفكير‪ ،‬وأغير أدواتي بعد‬ ‫كل تجربة‪.‬‬

‫‪Page 3‬‬


‫س ‪ :‬يرتدد يف األوساط الثقافية أن القاص أمحد بوزفوركاتب مغربي متمرد سواء على‬

‫مستوى الشأن الثقايف العام ــ رفضك جلائزة املغرب للكتاب سنة ‪ 1001‬ــ أوحتى على‬ ‫مستوى اإلبداع القصصي مبقالكم األخري(القصة القصرية من التجريب إىل التخريب) هل أنت‬ ‫فعال كاتب متمرد ؟‬ ‫ج ‪ :‬كاتب متمرد؟ كال أنا ال أسعى للتمرد‪ ،‬أوبكلمة أدق‪ ،‬إلعالن التمرد‪ .‬أنا داخل سوق رأسي غالبا‪ ،‬وال‬ ‫أتحرك إال حين أفقد صبري‪ .‬وواقعنا لألسف يفقد اإلنسان صبره‪ .‬إنني مواطن قبل أن أكون كاتبا‪،‬‬ ‫وأعيش وسط الناس وأذوق ما يذوقون‪ ،‬وأحس بما يذوقون إحساسا مضاعفا‪ ،‬فال عجب إذا فقدت صبري‬ ‫وصرخت‪ ،‬وهذا ال يحدث إال نادرا‪ .‬لكنني في الكتابة أتمرد باستمرار‪ ،‬وعلى ذاتي وكتاباتي السابقة‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫س ‪ :‬عرف اإلبداع القصصي املغربي طفرة مائزة مع إنتشارالويب والسند الشبكي كيف جيد‬ ‫القاص أمحد بوزفورنفسه يف هذا السند وما هو تقييمك اخلاص للقصة القصرية (الشبكية) ؟‬ ‫ج ‪ :‬أكاد أن أكون أميا في كيفيات التعامل مع تقنيات الحاسوب وثقافة الشبكة‪ .‬لكنني أطلع على ما يجد‬ ‫في الفايسبوك‪ ،‬وأعلق أحيانا على تدخالت أصدقائي‪ .‬وأتابع جديد القصة على بعض المواقع‪ ،‬وأحاول أن‬ ‫أبقى قريبا من إبداعات الشباب وجديد أصواتهم‪ .‬وأجد أحيانا نصوصا رائعة تفتنني فأجمجمها وأنوه بها‪.‬‬ ‫وأجد أحيانا نصوصا رديئة أندهش لجرأة أصحابها وأحسدهم على هذه الجرأة‪ ...‬أنا الجبان في النشر‬ ‫على الشبكة‪ .‬لكنني مستاء من كم األخطاء اللغوية والنحوية في ما يكتب بالعربية‪ ،‬وال أعرف هل يعود‬ ‫ذلك فقط إلى سرعة الرقن والنشر قبل المراجعة والتصحيح‪ ،‬أو يعود إلى ضعف الرصيد اللغوي لدى‬ ‫بعض الكتاب‪.‬‬ ‫س ‪ :‬تأسست يف املغرب العديد من اإلطارات الثقافية املهتمة بتطوروحركية الفن القصصي‬ ‫باملغرب ‪ ،‬كيف تنظرون بعني األب هلذه الدينامية القصصية اجلمعوية ؟‬ ‫ج ‪ :‬نعم تكاثرت األطر والجمعيات المهتمة بالقصة في بلدنا والحمد هلل‪ ...‬لكنهم يهتمون كثيرا بالكتاب‬ ‫على حساب الكتابة‪ .‬آمل أن يزداد اهتمامهم بالكتابة دراسة وتحليال ونقدا‪ ،‬وبالكتب قراءة وتحفيزا على‬ ‫القراءة‪ .‬الكتاب كثروا والقراء قلوا‪ .‬لم ال نعطي جوائز للقراء؟‬ ‫س ‪ :‬ماهورأيكم يف جنس القصة القصرية جدا اليت صارت مطية للعديد من األصوات ذات‬ ‫التجربة والرتاكم احملدود ؟‬ ‫ج ‪ :‬الق‪.‬ق‪.‬ج شكل جديد على القصة المغربية‪ ،‬لكنه مأل الدنيا وشغل الناس اآلن‪ .‬ويخيل لي أنه أصعب‬ ‫أشكال القصة ألن النص الناجح في هذا الشكل نادر‪ ،‬وعليك أن تغربل الكثير من التراب لكي تعثر على‬ ‫شذرة ذهب ضائعة وسط أكوامه‪.‬وقد سبق لي أن قلت إن الشيوخ هم الذين ينجحون في هذا الشكل أكثر‬ ‫من الشباب‪ ،‬ربما ألن الشيوخ يملكون من التجربة والقراءة والخبرة ما يستطيعون به أن يعبروا عن‬ ‫‪Page 4‬‬


‫الكثير بالقليل‪ ،‬وعن سعة الرؤيا بدقة العبارة‪ .‬لكي تقوم القصة القصيرة جدا‪ ،‬وألنها قصيرة جدا‪ ،‬فالبد‬ ‫أن يكون لها عمق بئر شطون‪ ...‬أي تجربة كاملة من الحفر العميق في الحياة‪ .‬لكنني أندهش أحيانا حين‬ ‫أعثر على نص رائع من الق‪.‬ق‪.‬ج كتبه كاتب شاب‪ .‬وعادة ما يكون هذا الكاتب عبقريا موهبته أكبر من‬ ‫سنه‪.‬‬ ‫س ‪ :‬جل كتاب القصة القصرية الرواد يف املغرب حتولوا إىل كتاب روائيني ‪ ،‬ما الذي منع‬ ‫القاص أمحد بوزفورمن دخول مغامرة الكتابة الروائية ؟‬ ‫ج ‪ :‬ما الذي يمنعني من كتابة الرواية ؟ ال أحد يمنعني وال شيء‪ .‬لكنني أحب القصة وأجد في كتابتها‬ ‫متسعا ألحالمي ‪ ،‬وأنا أتساءل لماذا يتضايق الناس من بقائي في القصة؟ هاأنذا أقف جانبا وأتنحى عن‬ ‫طريقكم‪ ..‬مروا إلى كتابة الرواية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يرتدد كثريا يف األوساط الثقافية العربية تواري املثقف عن دوره الطليعي يف خضم‬ ‫احلراك واإلنتفاضات العربية الراهنة ‪ ،‬هل هذا صحيح ؟‬ ‫ج ‪ :‬كال لم يتوار المثقف الطليعي الشريف‪ ..‬وهو موجود دائما في مجتمعنا‪ ..‬لكن المثقفين االنتهازيين‬ ‫والباحثين عن مرق السلطة يصخبون في اإلعالم كثيرا‪ ،‬ويثيرون على السطح الكثير من الغبار فيغطوا‬ ‫به مواقف الشرفاء‪.‬‬ ‫س ‪ :‬إهتزالرأي العام اجلامعي والوطين ألحداث العنف اليت تدور يف اجلامعة املغربية أليس‬ ‫غياب أوتغييب دوراملثقف واألديب باخلصوص من بني أسباب تصحرسيكولوجيات الطلبة‬ ‫ونزوعهم حنوتدبري بعض خالفاتهم اإلديولوجية والسياسية بالعنف ؟‬ ‫ج ‪ :‬ازداد العنف في الجامعة ألن الجامعة لم تعد جامعة‪ .‬حين تراجعت الفلسفة في الجامعة مرغمة‪،‬‬ ‫وحين توالت الضربات المغرضة على االتحاد الوطني لطلبة المغرب‪ ،‬وحين تراجع الفكر والنقاش‬ ‫وحرية الرأي وهمش األساتذة المفكرون وبرز األيديولوجيون ذوو الفكر األحادي المتهاونون في‬ ‫التدريس والمتساهلون في التنقيط والمشجعون للتذلل والتمسح و( لحس الكابة )‪ .‬وحين تراجع اليسار عن‬ ‫القيام بدوره في المجتمع والثقافة وابتكار الحراك‪ ،‬وحين أخذ الوزراء ينتقدون وجود كليات اآلداب في‬ ‫بلدنا‪ ،‬ويسخرون من الشعر والفكر ويدعون إلى أن تكون الجامعة كلها مختبرات علوم إلنتاج المواطن‬ ‫التقني‪ ...‬حين حدث كل ذلك أصبحت الجامعة مشتال إلنتاج العنف والتطرف والفكر األحادي وإغالق‬ ‫األبواب‪ .‬الجامعة هي نافذتنا على المستقبل‪ ،‬وإدا بقيت مغلقة هكذا فقل على المستقبل السالم‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أخريا هل لنا أن نعرف عنوان آخرقصتك القصرية اليت مل تنشربعد ؟‬

‫‪Page 5‬‬


‫ج ‪ :‬كتبت قصة قصيرة جدا بعنوان ( الطاغية ) ‪ ..‬وتتحدث عن طفل صغير وميت يهيمن على السلطة‬ ‫في بيت أبويه‪.‬‬ ‫مجلة إتحاد كتب اإلنترنت المغاربة تشكركم على سعة صدركم وصبركم في هذا الحوارالمطول‬

‫‪Page 6‬‬


‫حوارمع الدكتورعبداجلليل ناظم عضوهيئة دارطوبقال للنشر‬ ‫أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫مامعنى أن يقدم ثلة من األدباء المغاربة على تأسيس دار للنشرأواسط الثمانينات بهدف النهوض‬ ‫بدورالكتاب في اإلرتقاء بالفكروالمعرفة والوعي والثقافة في مجتمع مغربي متخلف ومنشغل أساسا‬ ‫بالبحث عن ضرورات حياته المعيشية اليومية وأيضا في ذروة الصراع بين أحالم المثقف وأحالم‬ ‫السلطة ‪ ...‬تلك هي المغامرة التقدمية والجريئة والعالمة التي دخلتها دارالنشرطوبقال التي رأت النوريوم‬ ‫الخامس من نونبر‪ 5891‬بمبادرة من األساتذة محمد الديوري‪ ،‬محمد بنيس‪ ،‬عبد الجليل ناظم ‪ .‬وبمناسبة‬ ‫مرورثالثون سنة على تأسيسها أجرينا الحوارالتالي مع أحد مؤسسيها الدكتورعبدالجليل ناظم ‪:‬‬ ‫س ‪ :‬منذ اخلامس من نونرب‪ 5891‬أقلعت سفينة دارالنشر طوبقال ‪ ،‬اليوم بعد إنصرام‬ ‫ثالثة عقود كيف ينظرالدكتورعبداجلليل ناظم إىل احلصيلة بني أحالم البداية وذخرية‬ ‫النهاية ؟‬ ‫ج ‪ :‬أحييك و أشكرك على دعوتك لهذا الحوار بمناسبة مرور ثالثين سنة على تأسيس دار توبقال للنشر‬ ‫‪ .‬عندما أنظر إلى هذا العمر من العمل من أجل الكتاب المغربي يعتريني إحساس متناقض ‪ ،‬لقد حققت‬ ‫الدار هدف إنتاج كتاب مغربي حديث قادر على المنافسة و االستمرار بدون أي تنازل على المعايير‬ ‫المعرفية أو الجمالية ‪ ،‬لكن الطموح هو أكبر من ذلك بكثير‪ ،‬و لذلك يحس المرء باإلحباط حين يعاين‬ ‫الوضع الثقافي‪.‬‬ ‫‪Page 1‬‬


‫س ‪ :‬لوتوقفنا قليال عند احلصيلة كم إصدارا نشرت دارطوبقال ؟ وماهي األجناس األدبية‬ ‫والعلمية األكثرإنتشارا لديكم ؟‬ ‫ج ‪ :‬بلغت عناوين الدار أزيد من خمسمئة بدون احتساب إعادة الطبع ‪.‬و هي موزعة سالسل معرفية‬ ‫على رأسها المعرفة الفلسفية و األدبية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬هل مازالت معايريومقاييس اإلنتقاء هي نفسها أم تغريت مع تغريأمناط اإلستهالك‬ ‫الفكري واألدبي إذا كان طبعا هناك تغيريا يف هذه األمناط ؟‬ ‫ج ‪ :‬تعني كلمة التغيير في سؤالكم التحول إلى الكتاب االلكتروني ‪ .‬انتشار الوسائل الرقمية ال يدل في‬ ‫حد ذاته على انتشار القراءة ‪ .‬من جهة أخرى ‪ ،‬المعيار األساسي ألي ثقافة واعية يتلخص في ثالثة ‪:‬‬ ‫المعرفة ‪ ،‬اإلبداع ‪ ،‬االنفتاح ‪ .‬خارج هذا المعيار نسقط في االجترار‪ .‬في توبقال حافظنا على هذا المعيار‬ ‫بدون تنازل كما قلت سابقا‪.‬‬ ‫س ‪ :‬كانت أزمة القراءة وماتزال أزمة مزمنة وبنيوية سوسيوثقافية كيف واجهتم هذه‬ ‫املعضلة العربية منذ اإلقالع قبل ثالثني عاما ؟‬ ‫ج ‪ :‬واجهنا أزمة القراءة أوال بكسب ثقة القارئ و هذا شيء نعتز به‪.‬‬ ‫س ‪ :‬سؤال قد يبدو حمرجا نوعا ما ‪ ،‬نود أن نعرف ماهو اإلصدار الذي حقق أعلى مبيعات‬ ‫ورواجا لدار النشر طوبقال على مدى ثالثة عقود ؟‬ ‫ج ‪ :‬عناوين كثيرة حققت مبيعات‪ .‬في سياق محدودية قارئ الكتاب المبدع ‪ ،‬السؤال يتعلق ب" الكمية‬ ‫المحدودة من السحب التي ال تتعدى الثالث آالف نسخة في أحسن األحوال " وهذه هي المشكلة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬وماذا عن مشكلة التوزيع اليت تعاني منها سوق املنشورات يف املغرب ؟‬ ‫ج ‪ :‬التوزيع مشكل معقد ‪ ،‬حاولت توبقال خلق بنية مرنة وهذا غير كافي بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫س ‪ :‬األستاذ عبداجلليل ناظم رمبا قد خفت حدة مشكلة التوزيع مع ظهورأسانيد وحوامل‬ ‫جديدة للتلقي (اإلنرتنت ‪ ،‬املواقع اإللكرتونية ‪..‬إخل ) ماهورأيكم يف أدوات التلقي هاته ؟‬

‫ج‬ ‫س ‪ :‬رمبا سيكون هذا هورأس األسئلة يف هذا احلوار املهم جدا ‪ ،‬فقد دخل على خط‬ ‫األسانيد و الحوامل الجديدة ال تعطي نتائج على مستوى القراءة إال في المجتمع القارئ‬

‫النشرمنذ عشر سنوات مايسمى بالكتاب اإللكرتوني الذي حقق أعلى رقم مبيعات مقارنة‬ ‫مع الكتاب الورقي يف الواليات املتحدة األمريكية أوال كيف تنظرون إىل هذا الغريم اجلديد ‪،‬‬ ‫ثم أال تفكرون يف دخول هذه املغامرة الرقمية ؟‬

‫‪Page 2‬‬


‫ج ‪ :‬حالة أمريكا مثال واضح لما قلت ‪.‬إن ازدهار الكتاب االلكتروني أدى إلى ارتفاع مستوى القراءة‬ ‫الورقية و قد أعيد فتح المكتبات في وجه العموم بعد أن كانت قد أغلقت ‪.‬و كذا المكتبات الخاصة ‪.‬لنتأمل‬ ‫هذا المثال‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بعالقة مع السؤال السابق فقد أطلقت كل اجلرائد الوطنية نسخها اإللكرتونية ومن‬ ‫املتوقع أن يزداد تراجع عدد مبيعات الصحف الورقية يف حني سوف يزداد عدد زوارالنسخ‬ ‫اإللكرتونية ماذا يشكل هذا اإلنقالب اإلعالمي الورقي بالنسبة لكم وللدارعموما ؟‬ ‫ج‪ :‬وضع الكتاب يختلف عن وضع الدوريات ‪ .‬مع ذلك علينا أن نتابع كل االحتماالت‪.‬‬ ‫س ‪ :‬وبالرغم من كل هذا الرتاجع فالكتاب الورقي مازال يقاوم وتقام له معارض جهوية ‪،‬‬ ‫وطنية ودولية ماهي إسرتاتيجية دار النشر طوبقال للرفع من حضورها ومن مبيعات‬ ‫إصداراتها يف املستقبل على املدى املتوسط والبعيد؟‬ ‫ج‪ :‬االستمرار في االنفتاح على المعرفة اإلنسانية ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬على املستوى العربي وباعتباركم رئيسا الحتاد الناشرين املغاربيني ماهي حدود‬ ‫التنسيق والتعاون مع إحتاد الناشرين العرب ؟‬ ‫ج‪ :‬األوضاع سيئة على المستوى العربي ‪ .‬نحاول بتواضع الحفاظ على الحد األدنى من التنسيق‪.‬‬ ‫س ‪ :‬من دون شك أن فعل القراءة هومنظومة يتداخل فيها العديد من الفاعلني مثال وزارة‬ ‫الثقافة ووزارة الشبيبة والرياضة ووزارة التعليم واجملتمع املدني أليس هذا التشتت يف‬ ‫حتفيزوتدبري فعل القراءة مسؤول عن غموض يف الرؤية ؟‬ ‫ج‪ :‬المسألة الثقافية على أهميتها ليست على رأس جدول األعمال ‪ ،‬و المؤسف أن المجهودات المبذولة‬ ‫إما فردية أو معزولة في وزارة بعينها ‪ .‬الشأن الثقافي حيوي و وجودي و يمس المستقبل ‪ .‬لنوسع‬ ‫أنظارنا لما يحدث في العالم‪.‬‬ ‫س ‪ :‬مارأيك يف جائزة املغرب للكتاب ؟ثم أال ترى أننا يف حاجة إىل خلق جائزة املغرب للقراءة‬ ‫ج‪ :‬الجائزة في نظري دعم لإلبدع و في الوقت نفسه دعم للبنية التحتية للكتاب المغربي‬

‫‪Page 3‬‬


‫حوارمع امللحن املغربي املوهوب حممد بلخياط‬ ‫حاوره ‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم ‪:‬‬ ‫كانت الموسيقى وماتزال وستبقى من بين أهم مالمح التراث لدى الشعوب العريقة والحديثة ‪ ،‬فقد أسهمت‬ ‫كثيرا في تأثيث هويتها الفنية وإثراء ثروتها الالمادية ‪ ،‬ومجدت النتصارات حروبها وأحزانها ‪ ،‬كما‬ ‫خلدت ووثقت لسلمها ورغد عيشها‪.‬‬ ‫في المغرب واكبت األغنية بمختلف أنماطها التقليدية والعصرية تحوالت المجتمع السياسية واإلجتماعية‬ ‫منذ الحماية إلى اليوم عرفت فيها هذه األنماط تحوالت على مستوى جميع بنياتها الجمالية والموضوعاتية‬ ‫وأفرزت أجياال من الملحنين والمطربين كانت تواقة إلى التحديث والتجديد الموسيقى مع الحفاظ على‬ ‫الملمح الهوياتي فيها مثل الحسين السالوي ـ أحمد البيضاوي ـ عبدالسالم عامرـ عبدالعاطي أمنا ـ‬ ‫عبدالوهاب الدكالي ـ عبدالنبي الجيراري ـ محمد بن عبدالسالم إلى جيل عزالدين منتصرومحمد بلخياط‬ ‫ونعمان لحلووغيرهم من الشباب الملحنين الذين تتلمذون أكاديميا وذوقيا على جيل الرواد ‪.‬‬ ‫واليوم هانحن نضع أيدينا على قلوبنا ونشهد مع الحزن العميق حد البكاء كيف يذبح مجد هذه األغنية‬ ‫المغربية في العلن ‪ ،‬وعلى مرآى ومسمع من الجميع في وسائل اإلعالم السمعية البصرية خصوصا في‬ ‫بعض اإلذاعات الخاصة والمهراجانات الوطنية والمحلية باسم حرية التعبير والعولمة واإلنفتاح على‬ ‫اآلخر(الراب والتيكنو وغيرهما )‬ ‫ومن أجل إستجالء بعض مكامن وأسباب هذا التردي والحد من هذا التدحرج المهول في هذا المنحدر‬ ‫الفني ‪ ،‬كان علينا أن نتوجه بأسئلتنا إلى أحد األسماء الوازنة التي ظهرت في المرحلة الوسطى بين جيل‬ ‫‪Page 1‬‬


‫الرواد ومابعده إنه الملحن المغربي اإللمعي ‪ ،‬الموهوب محمد بلخياط الذي يعتبرمن بين أهم الملحنين‬ ‫الذين نهلوا من تجربة وثراء مجد األغنية الستينية وشكلوا زمرة من الشباب الذين حملوا المشعل بعد‬ ‫السبعينات ليواصلوا باألغنية المغربية ألق ماحققه الرواد الكبار‪.‬‬ ‫األستاذ محمد بلخياط من مواليد مدينة الرباط سنة ‪ .1591‬وهو خريج المعهد الوطني للموسيقى‬ ‫والرقص بالرباط سنة ‪ ،1599‬ولحن حوالي ‪ 111‬أغنية متنوعة المضامين ما بين عاطفي واجتماعي ‪،‬‬ ‫ديني ووطني منها‪ ،‬من أشهرها «راجع لي ثاني» مع عماد عبد الكبير‪« ،‬الغربة والعشق الكادي» مع‬ ‫محمد الغاوي و«طل علينا» مع البشير عبده‪ .‬وقد ألف العديد من المؤلفات الموسيقية والدراسات التي‬ ‫تعتمد في برامج التعليم الموسيقي‪.‬‬ ‫س ــ األستاذ حممد بلخياط بداية حدثنا عن األسباب اإلجتماعية إلختيارك اجملال املوسيقي‬ ‫كموهبة وكمهنة ؟‬ ‫ج ــ أوال شكرا على هذه اإللتفاتة والتي أعتبرها إهتماما وانشغاال منكم كإعالمي وكاتب بما يجري وما‬ ‫يحدث في الساحة الفنية‪،‬وهذا يعكس مدى حبكم وعشقكم للفن باعتباره رافد من الروافد التي يقوم عليها‬ ‫المجتمع المغربي ‪ ..‬لم يكن الفن أو المجال الموسيقي اختيارا بقدر ما كان كيانا وقدرا يسكنني حتى‬ ‫النخاع ‪ ..‬أحيا وأعيش به انطالقا من الموهبة الربانية التي حباني بها اهلل‪ ،‬لهذا كان حتما علي أن انشغل‬ ‫به أي بعالم الموسيقى وأن أشتغل فيه كمهني صانع للموسيقى‪ ،‬ومؤطر على مستوى األكاديمي‪.‬‬ ‫س ــ أنت من مواليد مدينة الرباط سنة ‪ 1591‬واألكيد أن العاصمة كانت تضم‬ ‫أشهرالفنانني وامللحنني يف الستينات ‪ ،‬من هم األساتذة الذين قد تكون تتلمذت عليهم أو‬ ‫تأثرت بهم ؟‬ ‫ج ــ منذ ان اكتشفت في نفسي ولعي الشديد بالموسيقى واإلرهاصات الموسيقية األولية والتي لم تكن‬ ‫سوى بوادر موهبة فنية كامنة بداخلي‪ ،‬بادرت وبتشجيع من بعض األصدقاء وأفراد العائلة إلى صقلها‬ ‫بالدراسة األكاديمية والتحصيل للعلوم الموسيقية وذلك بدخولي للمعهد الوطني للموسيقى بالرباط‪ ،‬كان‬ ‫ذلك خالل السنة الدراسية ‪ 1595 - 1591‬وبالموازاة مع ذلك التحقت ببرنامج مواهب الذي كان يعده‬ ‫ويقدمه الفنان الكبير والملحن المقتدر المرحوم عبد النبي الجيراري‪ ،‬فكان هذا البرنامج بمثابة مدرسة لي‬ ‫وتجربة حقيقة في تفعيل الحس الموسيقي والموهبة لدي‪ ،‬وبالفعل ا صبحت عنصرا قارا في البرنامج‬ ‫عازافا على آلة العود ضمن الفرقة الموسيقية للبرنامج ‪ .‬وأصدقك القول أنني صنعت انطالقتي الفنية‬ ‫كملحن من خالل تجربتي في برنامج مواهب بتشجيع من األستاذ عبد النبي الجيراري‪ ،‬وبدراستي‬ ‫األكاديمية بالمعهد‪ ،‬فكانت وهلل الحمد انطالقة موفقة بالرغم من وجود فطاحلة الموسيقى والغناء أنذاك‬ ‫أمثال‪ :‬أحمد البيضاوي وعبد القادر الراشدي وعبد السالم عامر ومحمد بنعبد السالم وعبد الوهاب‬ ‫الدكالي وغيرهم‪ ،‬إال أنني استطعت أن أجد لي مكانا بينهم ‪.‬‬ ‫‪Page 2‬‬


‫س ــ أنت خريج املعهد الوطين للموسيقى والرقص بالرباط سنة ‪ 1599‬حدثنا عن مناهج‬ ‫وظروف التدريس هناك يف بداية السبعينات ؟‬ ‫ج ــ لم يعرف المغرب نظام تدريس بعض الفنون ــ ومن بينها الموسيقى والمسرح ــ إال بعد اإلستقالل‪،‬‬ ‫فكانت الريادة في ذلك والفضل الكبير لألستاذ الفنان الكبير عبد الوهاب أكومي الذي أشرف على إدارة‬ ‫المعهد الوطني للموسيقى والرقص والفن المسرحي‪ .‬وبالرغم من بساطة التجربة وضعف اإلمكانيات‬ ‫الممنوحة لها من الجهات الوصية عليها إال أنها كانت مشتال حقيقيا وضالة لكل المواهب المتعطشة للفن‪،‬‬ ‫فكان اإلعتماد على البرامج الموسيقية الغربية بإشراف وتدريس أساتذة أكفاء أجانب مثل شاطر‬ ‫وماريطون وسيليري وأساتذة مغاربة كان تكوينهم في المجال الموسيقي عن طريق االحتكاك بأساتذة‬ ‫أجانب مثل األستاذ ادريس الشرادي وغيره‪ .‬وعلى مستوى الموسيقى العربية الشرقية كان االعتماد على‬ ‫مناهج شرقية مصرية وسورية ولبنانية‪ ،‬وبالرغم من معانات طلبة الموسيقى من قلة اإلمكانيات والنظرة‬ ‫الدنياوية التي كان ينظر بها المجتمع لهم أنذاك‪ ،‬إال أن حبهم وشغفهم بالموسيقى وإيمانهم بمواهبهم كان‬ ‫هو السيمة الطاغية التي شجعتهم على مواصلة طريقهم نحو تحقيق أهدافهم‪.‬‬ ‫س ــ عرفت األغنية املغربية منذ أوائل اإلستقالل تألقا ملفتا هل ميكن أن حتدثنا عن أسباب‬ ‫هذا التألق ؟‬ ‫ج ــ أوال‪ :‬ساهم في تحقيق هذا التألق كون تلك الحقبة عرفت وجود فنانين كباريتمتعون بمواهب قوية‬ ‫وحس موسيقي راق‪ ،‬عاصروا بعضهم‪ ،‬وتنافسوا فيما بينهم تنافسا شريفا‪ ،‬ولم يكن الهم المادي هدفهم‬ ‫األول‪ .‬ثانيا ‪ :‬كان وفاءهم وإخالصهم للرسالة الفنية التي على عاتقهم وفاء وإخالصا غير مشروط‪ .‬ثالثا‪:‬‬ ‫كانوا صادقين ومتفانيين في إعمالهم اإلبداعية‪ ،‬واعتقد أن هذه السيمات اليمكن ألصحابها إال أن يتركوا‬ ‫أعماال تخلد أسماءهم ويشهد التاريخ لهم بروعتها‪.‬‬ ‫س ــ أمل يكن اإلحتكاك مع عمالقة األغنية املصرية أيضا سببا يف هذا التألق حبيث‬ ‫سافرالكثريمن املطربني يف هذه الفرتة إىل القاهرة وبريوت وصقلوا هناك مواهبهم ؟‬ ‫ج ــ أكيد ما من فنان إال ويمر بمرحلة اإلعجاب والتأثر بفنان ما‪ ،‬وبالفعل تاثر جل رواد األغنية‬ ‫المغربية بالفنانين المشارقة ومنهم من قابلهم‪ ،‬لكن في النهاية كل واحد منهم بصم األغنية المغربية‬ ‫ببصمته الخاصة ولونه المميز ‪.‬‬ ‫س ــ متى بدأت التلحني وماهي أول أغنية حلنتها ومن غناها من املطربني ؟ أليست‬ ‫"الغربة والعشق الكادي" اليت غناها حممد الغاوي ؟‬ ‫ج ــ ككل فنان البد من بعض اإلرهاصات والخواطر واألفكار الموسيقية في البداية قبل أن يجد الفنان‬ ‫أول الطريق الذي سيسير عليه‪ ،‬إلى أن يستقر رأيه وذوقه على لون معين قد يتميز به‪ ،‬حينها يقدم أول‬ ‫تجربة له التي يمكن أن تشكل مسارا لمشواره الفني‪ ،‬وطبعا رافقتني هذه اإلرهاصات والخواطر‬ ‫‪Page 3‬‬


‫الموسيقية الغنائية خالل مرحلة تكويني قدمت بعضها على سبيل التجربة مع الفرقة السمفونية للمعهد‬ ‫الوطني للموسيقى وأنا طالب بنفس المعهد‪ ،‬وقدمت محاوالت أخرى في برنامج مواهب فكانت بداية‬ ‫مشجعة‪ ،‬إال أنني على المستوى الرسمي ــ اي التسجيل والتعامل مع اإلذاعة كملحن محترف ــ كانت لي‬ ‫تجربتان مع المطرب المقتدر عبد الواحد التطواني‪ ،‬األولى أغنية وطنية بمناسبة عيد العرش سنة‬ ‫‪1599‬عنوانها "شباب األمة مجند" من كلمات األستاذ محمد رؤوف سجلت مع الجوق الجهوي لمدينة‬ ‫الدار البيضاء برئاسة المرحوم إبراهيم العلمي في نفس السنة‪ ،‬والثانية أغنية عاطفية عنوانها "ماذا بي "‬ ‫من كلمات نفس الزجال سجلت مع نفس الجوق سنة ‪ .1599‬غير أنني أعتبر أغنية راجع لي ثاني‬ ‫باألفراح هي مفتاح ‪ ..‬ال أقول الشهرة ولكنها فتحت لي األبواب وتم اعتمادي كملحن باإلذاعة المغربية‬ ‫وهي من كلمات األستاذ محمد رؤوف وغناء المرحوم عماد عبد الكبيرسجلت سنة ‪ 1599‬مع الجوق‬ ‫الجهوي لمدينة فاس برئاسة المرحوم أحمد الشجعي‪.‬‬ ‫س ــ حققت الكثريمن أغانيك شهرة نادرة نذكرمن بينها "الغربة والعشق الكادي"‬ ‫و"طل علينا" و"راجع لي باألفراح"و"مال الزين تغريمالو" وغريها ماهي أسباب هذا‬ ‫النجاح والتألق ؟‬ ‫ج ــ صحيح أنني أول من لحن للمطربة فاطمة مقدادي وتعاملت معها في مجموعة من األغاني من‬ ‫أبرزها "لمدينة زينة " المعروفة ب" صحيبي " لكن دعني أصحح لكم معلومة أغنية "مال الزين" التي‬ ‫تغنيها فاطمة مقدادي هي ليست من ألحاني وإنما هي من ألحان الزميل أحمد العلوي‪ .‬نأتي إلى جوهر‬ ‫سؤالكم " ماهي أسباب نجاح وتألق بعض أغاني" الحقيقة أنني أخذت على نفسي عهدا أن ال أبصم على‬ ‫إي إبداع موسيقي غنائي لي إال بعد التأكد من أنه يحمل مواصفات العمل الجميل الحسن‪ ،‬الذي يروق كل‬ ‫من استمع إليه ويستحسنه‪ ،‬وقد سرت بذلك على نهج من سبقوني من رواد األغنية هذا كل ما في األمر‪.‬‬ ‫س ــ من دون شك أن اإلذاعة (الراديو) لعبت دورا هاما يف تألق األغنية خصوصا يف عقدين‬ ‫الستينات والسبعينات ‪ ،‬كيف تنظرإىل دوراإلذاعات اخلاصة اليوم أالتتحمل جلها القسط‬ ‫األوفرمن أسباب تردي األغنية الشبابية امللغمة بالكلمات الساقطة والفوضى؟‬ ‫ج ــ ليس هناك أدنى شك في أن اإلذاعة المركزية "الوطنية " والمحطات اإلذاعية الجهوية قد لعبت‬ ‫جمعهما دورا كبيرا في إنتاج األغنية المغربية الوطنية منها والعاطفية واإلجتماعية‪ ،‬والتعريف بها‬ ‫ونشرها على نطاق واسع يشمل جميع التراب الوطني لدرجة أنه يمكن اعتبار هذه اإلذاعات المالذ‬ ‫الوحيد للفنان المغربي في غياب شركات إنتاج فني‪ ،‬والمغاربة كلهم يعرفون هذا‪ ،‬ألنهم عرفوا األغنية‬ ‫المغربية وتعرفوا على مبدعيها عن طريق هذه المحطات وحفظوها ورددوها حتى صارت جزءا مهما‬ ‫من ذاكرتهم وذكرياتهم‪ .‬إال أنه المالحظ اآلن غياب هذه المواكبة واإلهتمام من طرف جل اإلذاعات‪،‬‬ ‫وأقصد هنا المحطات اإلذاعية الخاصة التي باتت تروج وفي ساعات الدروة أغاني تفتقر إلى مواصفات‬ ‫‪Page 4‬‬


‫اإلبداع الحقيقي‪ ،‬وأغاني خارجية مستوردة أغلبها ذو طابع غربي وتترك حيزا قليال من الوقت غالبا في‬ ‫الساعات المتأخرة من الليل لبعض األغاني المغربية‪...‬‬ ‫س ــ يف رأيك وبكل صراحة كيف ميكن أن تعود األغنية املغربية إىل جمدها السابق ؟‬ ‫ج ــ في اعتقادي أنه إذا تظافرت الجهود من مسؤولين عن القطاع الثقافي والفني ومبدعين ومستثمرين‪،‬‬ ‫وكذلك الفاعلين في المجتمع المدني‪ ،‬وحضرت الروح الوطنية والمواطنة الحقيقية‪ ،‬فإنه يمكن إصالح‬ ‫مافسد‪ ،‬واإلعتناء بما أهمل‪ ،‬وترميم ما دمر‪ ،‬ألننا شعب قادر على تحقيق المعجزات‪ .‬ويبقى هذا تمني‬ ‫أرجوا تحقيقه وليس ذلك علينا بعزيز‪.‬‬ ‫س ــ الكثريمن الفنانني املطربني وامللحنني يعيشون أوضاع إجتماعية خمجلة ‪ ،‬وبعد نصف‬ ‫قرن بدأنا نسمع عن بطاقة الفنان والتغطية اإلجتماعية هل من نداء بهذه املناسبة لإلهتمام‬ ‫أكثربالفنانني واألدباء املغاربة ؟‬ ‫ج ــ كيف يمكن للفنان ــ داخل المغربي ــ أن تكون له وضعية اجتماعية مريحة وهو ال يشتغل‪ ،‬وإن‬ ‫اشتغل قد يشتغل مرة أومرتين في السنة‪ ،‬فهذا الوضع اليمكن أن يعيله لوحده فباألحرى أن يعيل عائلة‬ ‫بكاملها‪ ،‬إنه بالفعل وضع مزري‪ ،‬ومن تراهم يعيشون وضعا مريحا فهم قلة واستثناء‪ .‬أما عن التغطية‬ ‫الصحية وبطاقة الفنان فهذه جهود غير كافية ألن الفنان ليس عاجزا وال متسوال‪ ،‬هو يريد فقط أن ينصف‬ ‫وتتاح له فرص العمل ليشتغل ويعمل بشكل دائم ومتواصل‪ ،‬ويقتات من عمله بكرامة هذا أقصى ما يريده‬ ‫الفنان‪..‬‬ ‫س ــ وما رأيك يف مسألة التكريم ؟‬ ‫ج ــ التكريم هو اعتراف بجهود الشخص المكرم وتتويجا له على الخدمات التي قدمها لبالده ولإلنسانية‬ ‫جمعاء‪ ،‬وهو سنة حميدة تعرفها جميع بقاع العالم‪ ،‬ولها أكثر من داللة أهمها اإلنطباع الذي يتركه على‬ ‫نفسية الشخص المكرم‪ .‬ويبقى التكريم كبيرا في رمزيته إذا كان منظما بشكل يليق بمقام هذا الشخص‬ ‫ومحبطا ومخيبا لألمال إذا كان دون المستوى المطلوب‪ .‬لهذا أهيب بكل من يفكر في إقامة تكريم لرمز‬ ‫من رموز الثقافة والفن والرياضة أوفي مجاالت أخرى‪ ،‬أن يفكر ألف مرة في هذا العمل ألنه قد يرفع‬ ‫من معنويات الشخص المكرم لحد الشعور باإلعتزاز واإلمتنان‪ ،‬وقد ينزل به أسفل درجات اإلحباط‬ ‫وخيبة األمل‪.‬‬ ‫س ــ اإلنرتنت أسهم كثريا يف الرتويج وخدمة األغنية إعالميا بشكل عام كما أسهم يف‬ ‫جانب آخريف قرصنتها ومتييعها كيف ينظراألستاذ حممد بلخياط إىل هذا الوضع املؤسف ؟‬ ‫ج ــ لألسف هوشر ال بد منه‪ ،‬له ما له من إجابيات وسلبيات‪ ،‬فإجابياته تكمن في سرعة التواصل بين‬ ‫بني البشر اينما كانوا وأينما وجدوا‪ ،‬وسرعة الحصول على المعلومة والخدمات في زمن قياسي مهما‬ ‫‪Page 5‬‬


‫طالت المسافة وبعدت‪ ،‬يجعل العالم بين يديك قرية صغيرة‪ .‬وسلبياته في استغالله من طرف البعض‬ ‫لتحقيق أغراض ذنيئة وسيئة‪ ،‬وأهداف مدمرة‪ .‬وطبعا من بين هذه األهداف قرصنة جهود وأعمال الغير‬ ‫في شتى المجاالت من بينها‪ :‬األعمال الفنية‪ .‬يبقى األمل معقود على تكنولوجية جديدة مبتكرة للحد من‬ ‫استغالل األنترنيت لألهداف المدمرة لألخالق والقيم والجهود اإلنسانية‪.‬‬ ‫س ــ أخريا ماهوجديدك ؟‬ ‫ج ــ جديدي بعضه وتحديدا ثالثة أغاني مع الفنان محمد الغاوي سترى النور قريبا في إطار األغاني‬ ‫المدعمة من طرف وزارة الثقافة‪ ،‬واآلخر سيظل حبيس غرفتي إلى أن تكتب له الفرصة لست أدري متى‬ ‫لكنني سأظل متفائال‪..‬‬ ‫ختاما أجدد شكري وامتناني لكم على عملكم الذؤوب الذي يواكب الفنان في مساره الفني‪ ،‬ويسلط الضوء‬ ‫عليه‪ .‬وهذا عمل أبعاده ومراميه نبيلة‪ ،‬يسهم في خدمة الثقافة والفن في بالدنا من باب المواطنة القحة‪.‬‬ ‫مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربية تشكركم مرة أخرى الملحن الكبيرالموسيقارمحمد بلخياط ‪.‬‬ ‫ونستأذن األستاذ الملحن محمد بلخياط بتقديم أغنيتين متوفرتين على اليوتوب‬ ‫‪ 1‬ــ األولى للمطربة المغربية فاطمة مقدادي بعنوان ‪ :‬المدينة زينة ‪.‬‬ ‫‪ 1‬ــ الثانية وهي من أشهر أغانيه لحنها للمطرب محمد الغاوي تحت عنوان ‪ :‬العشق الكادي‬

‫‪Page 6‬‬


‫حوارمع املخرج املغربي شفيق السحيمي‬ ‫حاوره ‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‪:‬‬ ‫على إثررفض إدارة الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة إنتاج عمله الدرامي األخير) شوك السدرة(‬ ‫شفيق السحيمي من اليعرف هذا الوجه التلفزي المغربي الذي آنس البيوت المغربية بأعماله الدرامية‬ ‫المتألقة والتي أثرت الذاكرة الفضية بشغبها التيماتي وعمقها الفني التلقائي من وجع التراب وتريكة‬ ‫البطاش وأعمال أخرى متفردة تجعل كل متتبع للحركية شفيق السحيمي يتسائل ماسرهذا المنع الذي‬ ‫تعرض له عمله الدرامي األخير(شوك السدرة)‬ ‫في هذا الحوارونحن نرافق شفيق السحيمي في مسيرته اإلحتجاجية إلى الرباط نجلي بعضا من هذه‬ ‫القضية السابقة في تاريخ الدراما المغربية‬ ‫س ‪ :‬يف رسالة موجهة إىل مدير القطب العمومي فيصل العرايشي بتاريخ فاتح‬

‫دجنرب‪ 0202‬تستفسره فيها حول رفض إنتاج مشروعك الدرامي األخري(شوك السدرة) نود‬ ‫أن تطلع مجهورك يف املغرب واجلالية باخلارج ماذا كان رد اإلدارة ؟‬

‫ج ‪ :‬لم يكن هناك أي رد سواء شفوي أو كتابي فقذ طلبوا مني مهلة اسبوعين لقراءة السيناريو فمنحتهم‬ ‫ثالثة اسابيع عن حسن نية وبعدها اتصلت عدة مراة لتقفل الهواتف علي‬

‫‪Page 1‬‬


‫س ‪ :‬خالل مواكبتنا حلملتك عربخمتلف املنابراإلعالمية الورقية واإللكرتونية الحظ‬ ‫املتتبعون قوة موقفك واستناده على وثائق ومعطيات وبيانات دامغة يف صاحلك أين إذن‬ ‫يكمن سررفض إدارة الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة ؟‬ ‫ج ‪ :‬السر يكمن في كون كل معين بظهير بهذا الوطن يظن أنه حامال لكارت بالنش يفعل بالمغاربة ما‬ ‫يريد‬ ‫س ‪ :‬هل خلق جلنة للدعم مبقر(ك‪.‬د‪.‬ش) يعتربسابقة نضالية قصد تبين قضية فنية‬ ‫باألساس ؟‬ ‫ج ‪ :‬خلق لجنة داخل نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل هذا هو دورها كنقابة تدافع عن العاملين بأي‬ ‫حقل كان ومناسبة لدفع الفنانين لخلق نقابة داخل االطار النقابي كسائر الدول وليس بخلق نقابة على شكل‬ ‫نادي وليس بالضروري أن يكونوا منضويين تحث (ك‪.‬د‪.‬ش) بامكانهم اختيار اي نقابة وطنية وكيفما كان‬ ‫انتمائها السياسي المهم ال يخرجون على قاعدة تزيد من تهميشهم أكثر مما هم عليه‬ ‫س ‪ :‬أال ميكن أن يتطورهذا اإلطارليصبح مجعية للدفاع على حقوق املخرجني املتظلمني من‬ ‫حيف ما ؟‬ ‫ج ‪ :‬ال أظن أن هناك من يريد فتح صراع مع أي جهاز إعالمي ببالدنا وهذا واضح من غياب أي دعم‬ ‫لهذه الفكرة‬ ‫س ‪ :‬هل مازلت مصرا على إطالق مسرية التضامن يف تاريخ ‪ 3‬فربايرمن الدارالبيضاء إىل‬ ‫الرباط وإىل جانب إميانك بقوة مطلبك ماهي الرهانات واألوراق األخرى اليت قد تسعفك يف‬ ‫ربح قضيتك ؟‬ ‫ج ‪ :‬المسيرة األولى كانت لرفع المنع عني ومسيرة ‪ 3‬فبراير لن أوقفها وبأي وجه كان حتى تحل جميع‬ ‫الملفات وتسوى وضعية جميع المبدعين كتابة وبحضوراللجنة الدائمة لمساندة المبدعين المغاربة والنقابة‬ ‫التي ستنبثق عن اجتماع يوم التاسع والعشرين من هذا الشهر‬ ‫س ‪ :‬الفرجة التلفزية حق من حقوق املواطن الذي تفاعل وأحب أعمالك (وجع الرتاب ـ تريكة‬ ‫البطاش ـ ) ماهي أصداء قضيتك يف الشارع وداخل البيوت املغربية ؟‬ ‫ج ‪ :‬أصداء الشارع المغربي وبيوت المغاربة بالداخل والخارج ومساندتهم لحقي المشروع فاجأتني لم‬ ‫أكن أعتقد أن استنكارهم سيكون عنيفا‬ ‫س ‪ :‬إىل أي حد أسهم الفايس بوك يف التعريف بقضيتك وهل يف نظرك صار الفايس بوك‬ ‫ساحة لإلحتجاج العاملي إىل درجة قلب نظام الديكتاتوريف تونس ؟‬ ‫‪Page 2‬‬


‫ج ‪ :‬الفايسبوك حصلنا من خالله على أكثر من سبعة االف رسالة دعم‬ ‫س ‪ :‬سؤال أخريهل أنت مع أوضد برجمة الدراما املغربية والعربية يف رمضان وماهوتصورك‬ ‫من أجل العمل على حضورها على مدارالسنة ؟‬ ‫ج ‪ :‬أنا مع تشجيع المغاربة على القراءة كل يوم وإذا فتحوا تلفزيونهم يجدونه يواكب طموحاتهم‬ ‫وتطلعاتهم وليس تلفزيونا يبيع عقول المغاربة لكوكاكوال والفاش كيري بالمناسبات‬ ‫وليكون تلفزيون يحترم نفسه وجب أن يتحكم فيه وزيرا لإلعالم يحاسب على ما ينتجه ويحاسب الحزب‬ ‫الذي ينتمي اليه ويسهر عليه نساء ورجال لهم مصداقية وقادرين على التسيير والتخطيط واالنتاج وليس‬ ‫بوجوه يتم تعينها بظهير تفلت من الرقابة والمحسابة‪.‬‬

‫تابع تتمة احلوارات‬

‫‪Page 3‬‬


‫حوارمع الروائي واإلعالمي املغربي حممد اإلحسايين‬ ‫حاوره عبده حقي‬

‫خاص‬

‫تقديم‬ ‫محمد اإلحسايني روائي وقاص وإعالمي مغربي دشن تجربته األدبية منذ أوائل السبعينات إلى‬ ‫جانب رعيل األدباء والمثقفين المغاربة الذين كابدوا بحق حرقة وعنف الكلمة ورمزيتها في سنوات‬ ‫الجمروالرصاص وقمع الحريات الفكرية ‪.‬‬ ‫في هذا الحوارنسافرمع محمد اإلحسايني على مدى أربعة عقود في تجربته اإلبداعية األدبية‬ ‫واإلعالمية ونستمزج أيضا رأيه في مايموربه المشهد الثقافي المغربي من حركية وتقلبات واختالالت‬ ‫أيضا ‪.‬‬ ‫س ‪:‬من خالل سرية الكتابة املوثقة على ظهر روايتك األخرية (فارس من حجر) الصادرة‬

‫سنة ‪ 2102‬يالحظ أنك إنطلقت يف مسارك الكتابي السبعيين روائيا ‪ ،‬ملاذا الرواية بالضبط‬ ‫قبل القصة أو القصيدة أوغريها من األجناس األدبية ؟‬ ‫ج ‪ -‬استوعبت جزءا من الفن السردي بما فيه الروائي منذ سن المراهقة‪ .‬قرأت العديد من‬ ‫‪Page 1‬‬


‫الروايات‪ ،‬بدء من روايات جورجي زيدان‪ ،‬واأليام لطه حسين‪ ،‬ونجيب محفوظ‪ ; ،‬و الغريب لـ‬ ‫ألبير كامو‪ ،‬واأليدي القذرة‪ ،‬ل ج‪" .‬بول سارتر"‪ ،‬وقصص "ألبرتو مورافيا"‪ ،‬وقصص فولتير‪،‬‬ ‫واعترافات ج‪.‬ج‪" .‬روسو"‪ ،‬وكتابه "إميل"‪،‬باعتبار أنني أشتغل في التربية‪ ،‬بجانب علم النفس‬ ‫االجتماعي‪ ،‬والتحليل الفرويدي‪ ،‬وتلميذه "يونغ" كما سبق لي أن قرأت مجالت أدبية كالرسالة ألحمد‬ ‫زيات‪ ،‬واألديب البيروتية‪ ،‬و سلسلة "الروائع"‪ ،‬ثم مجلة "األداب" التي عرفتها أواسط الخمسينات من‬ ‫القرن الماضي‪.‬‬ ‫وبخصوص المجال السردي الذي تعلقت به في معمعة الصراعات االجتماعية المعاصرة‪ ،‬أذكر أنني‬ ‫سلكت منعطفا جديدا حينما وقعت في يدي رواية هاني الراهب ‪" :‬المهزومون" أوائل الستينات‪ ،‬وأنا ما‬ ‫زلت في سلك التعليم‪ ،‬أزاول دروس الكفاءة التربوية‪ ،‬قبل زواجي‪ ،‬والذي أعجبني في رواية هاني هو‬ ‫تعامله مع اللغة بطريقة حديثة غير مسبوقة‪ ،‬وكلما قرأت سطرا من الرواية‪ ،‬تنتصب أمامي قولتان ‪ :‬قولة‬ ‫"بول فاليري" ‪ ":‬ليس األدب في النهاية‪ ،‬سوى استغالل خصائص لغة ما"‪ ،‬وقولة ابن جني ‪" :‬أكثر‬ ‫اللغة‪ -‬مع تأمله‪ -‬مجاز"‪ .‬لذلك لم أول أهمية لما نشره جورج طرابيشي عن نقده لرواية "المهزومن"‪.‬‬ ‫وبغير ذلك‪ ،‬كنت قد قرأت سابقا‪" ،‬موباسان"‪ ،‬و"مدام بوفاري" لـ فلوبير‪ ،‬وأسطورة سيزيف ل ألبير‬ ‫كامو‪ ،‬و"العبث " مترجمة وفي نصها األصلي‪ ،‬و"كليغوال"‪ ،‬متبوع ب سوء تفاهم‪ ،‬وروايات "نتالي‬ ‫ساروت"‪.‬والبحث عن الزمن الضائع المتشابكة وغيرها من الروايات أألجنبية التي لم أعد أتذكرها‪.‬‬ ‫بخصوص سؤالكم ‪ :‬لماذا الرواية وليس الشعر‪ ،‬ذلك أن الشعر كان ديوان العرب يسجلون فيه‬ ‫وقائعهم الحقيقية وعواطفهم‪ ،‬وحكمهم بطرق فنية عالية‪ ،‬في أوزان شتى اكتشف الخليل أغلبها بين‬ ‫مختلف ومؤتلف‪ ،‬وزاد عليه األخفش بحرا هو المتدارك‪ ،‬ناهيك عن الموشحات وغيرها‪ .‬لكن األوزان‬ ‫ليست هي الشعر عندي أو عند غيري‪ .‬اليوم أصبحت الرواية هي المستحقة أن تكون ديوان الكتاب‬ ‫والمثقفين‪ .‬وال أدري هل يعي "الشعراء"‪ -‬بين مزدوجتين‪" -‬الرواية" غير وعيهم للشعر نقطة التحول‪،‬‬ ‫أو إن األمر يتعلق باصطياد الجوائز‪ ،‬والجري وراءها بلهفة إلى حد قريب من االنتحار‪ .‬يكفي أن أقول‬ ‫إنني اخترت الرواية بدال من كتابة الشعر‪ ،‬كما كنت أفعل أواخر الخمسينات وبداية الستينات‪ ،‬وأنا مقتنع‬ ‫بهذا االختيار‪ ،‬ال جريا وراء الشهرة أو الجوائز‪ ،‬إنما أسعى أن أعزز المشهد الثقافي وتبادل التأثيرات‪،‬‬ ‫وعدم احتكار الحقائق‪ ،‬والتواصل مع شرائح المثقفين‪.‬‬ ‫س‪ :‬صدرت روايتك البكر(املغرتبون) يف طبعتني األوىل يف العراق والطبعة الثانية يف‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية أمل يكن بوسعك أن تنشرها يف املغرب ؟‬ ‫ج ‪ -‬لتصحيح معلوماتكم‪ ،‬الطبعة األولى صدرت عن دار النشر المغربية بالدار البيضاء ‪،4791‬‬ ‫يومذاك كانت "المغتربون" هي نحو الرقم العاشر من الروايات الصادرة في المغرب حسب مجلة أقالم‬ ‫المغربية ‪ 4791‬التي كان يصدرها المرحوم األستاذ أحمد السطاتي والذي سأتابعه في لقاءات اتحاد‬ ‫كتاب المغرب بالرباط‪ -‬؛ أما النشرة العراقية التي أشرتم إليها فقد جاءت‪ -‬دون علمي‪ -‬تحت ما سمته تلك‬ ‫‪Page 2‬‬


‫الطبعة ‪" :‬النشر المشترك"‪ ،‬وقد كتب عن ذلك بتساؤل‪ ،‬أحد الكتاب الروائيين المغاربة‪ ،‬ألن عمله نشر‬ ‫أيضا بدون علمه‪ .‬أنا لم يصدر عني أي رد فعل عن ذلك‪ ،‬فليكن النشر المشترك ! اقرأوا‪ ،‬اقرأوا‪ .‬وقد‬ ‫نفدت الطبعة األولى باكملها‪ ،‬والطبعة العراقية‪ .‬كان األصدقاء يحرجونني كل مرة حينما يطلبون اقتناء‬ ‫نسخة منها‪ ،‬ألنهم لم يجدوها حتى في دار النشر المغربية‪ ،‬والنسخة الوحيدة التي بقيت لدي لحد اآلن هي‬ ‫النسخة العراقية اقتنيتها شخصيا في الرباط أوائل التسعينات من القرن الماضي‪ ،‬والمسودة لها‪ .‬وقد‬ ‫أعدت ترقينها ورتبتها شخصيا على أساس إعادة طبعها‪ ،‬بيد أن طلبا من عالم اجتماع متقاعد يقيم في‬ ‫الواليات المتحدة قرأ عنها‪ ،‬فطلب مني السماح له بنشرها لفائدة تعزيز مكتبة عربية – على ما يقول‪ -‬في‬ ‫الواليات المتحدة‪ ،‬باإلضافة إلى نشر "سأم باريس" قصائد نثرية لبودلير من ترجمتي‪ ،‬فوافقت‪ ،‬على‬ ‫أساس تحريك البركة الراكدة‪ ،‬دون إبرام أي عقد‬ ‫س ‪ :‬املتتبع إلنتاجك الروائي يالحظ شبه إنتظام يف اإلصدارات اليتعدى الست سنوات‬ ‫بني الرواية والرواية‪ ،‬هل ميكن أن نتحدث عن مشروع روائي مل يكتمل ؟‬ ‫ج ‪:‬نعم‪ ،‬المشروع الروائي غادر السيرورة إلي الصيرورة منذ أن فتحت ملف المسودات لم يتوقف‬ ‫؛ بيد أن هناك محطات لال ستراحة‪ ،‬ألن العمل الصحافي مرهق على العموم‪ ،‬أكثر من العمل التربوي أو‬ ‫التجاري اللذين كنت أمارسهما قبل االلتحاق بمهنة المتاعب‪ .‬وال أدري هل كانت الصحافة نعمة لي أو‬ ‫نقمة علي‪ ،‬مع أن ساعة الحضور في أي جريدة في العاصمة‪ ،‬ال يتعدى ساعتين في الصباح‪ ،‬ثم أغادر‬ ‫إلى الصباح التالي مرهقا محطم األعصاب‪ ،‬بعد تأدية األعمال المنوطة بي‪ ،‬أغادر تحت أنظار‬ ‫المشرفين‪ ،‬الذين طالما الحظوا ذلك‪ ،‬ولكنهم أجيبوا بأن المشتكى به حالة خاصة‪ ،‬وهذا عكس الساعات‬ ‫الطوال التي كنت أقضيها ب "المحرر"‪ ،‬أوجريدة "العدالة"‪ ،‬بال فائدة‪ ،‬في الدار البيضاء‪...‬‬ ‫س‪ :‬أصدرت جمموعتك القصصية اليتيمة (مذكرات كلب غري عابئ وال خمدوع) سنة‬ ‫‪ ، 0891‬حدثنا عن هذه اجملموعة ثم ملاذا ظلت يتيمة إىل اليوم ؟‬ ‫ج‪" :‬مذكرات كلب غير عابئ وال مخدوع"‪ ،‬هي في الحقيقة رواية صغيرة‪ ،‬وليست مجموعة‬ ‫قصصية‪ ،‬إال أنني جمعتها مع قصص أخري ليحمل الكتاب هذا االسم‪ .‬فصولها كالتالي كما يرويها الكلب‬ ‫التخطيط لها منذ أن قرأت "مذكرات حمار"‪ ،‬وأنا في بلدة أنامر بتافروت بالفرنسية‬ ‫"ميسور" كان‬ ‫لمؤلفة غاب عني اسمها‪ ،‬ألن الكتاب استعرته من قريبة لي‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬كانت مذكرات كلب تختمر‬ ‫في الذهن‪ ،‬ولم تكن مسودات أبدا‪ ،‬بل جاءت متتابعة في فصولها بالمقهى "الخضراء" في ميرس السلطان‬ ‫بالدار البيضاء‪ .‬كان ذلك فترة توقف جريدة "العدالة" عن الصدور‪ ،‬تمتعت بذلك الفراغ‪ ،‬فكنت أستغله في‬ ‫الكتابة األدبية بعيدا عن السياسة بمسافات‪ .‬المكان المفضل للكتابة يومذاك‪ ،‬كان "المقهى الخضراء"‪ ،‬أو‬ ‫"مقهى أالسكا" الذي يطل على "المدينة القديمة"‪ ،‬و يؤدي إلى ساحة األمم المتحدة‪" .‬مذكرات كلب‪"...‬‬ ‫هي رواية صغيرة مؤلفة من ‪ 79‬صفحة بحجم طباعة اتحاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬ويمكن فصلها عن‬ ‫‪Page 3‬‬


‫القصص األخري في أي وقت‪ .‬وجمع كل شيء في سلة واحدة‪ ،‬كان بسبب أزمة النشر لألعمال‬ ‫األدبية في بالدنا‪ ،‬وعدم تشجيع انتشارها‪ ،‬مع أنها مكسب روحي ووطني وحضاري ال غنى عنه‪ .‬في‬ ‫هذه الظروف‪ ،‬كنت أكتب فصوال عن "مذكرات كلب"‪ ،‬أرسلها إلى جريدة "العلم" للنشر في الملحق‬ ‫الثقافي الذي كان يصدر أيام الجمع‪ .‬ولم أتوقف عن متابعة بقية الفصول إال بعد أن التحقت بجريدة‬ ‫"العلم" باقتراح من المرحوم عبد الجبار السحيمي أحد رؤساء التحرير‪ ،‬والذي كان ينوي أن يسند إلي‬ ‫رئاسة القسم الثقافي‪ .‬لكن المسئولين أرادوا أن أشتغل في القسم السياسي‪ ،‬وغيره من األقسام‪.‬أول مقال‬ ‫نشرته في الصفحة األخيرة مودعا طموح المرحوم عبد الجبار السحيمي‪ ،‬ومنتقدا بعض االنتهازيين الذين‬ ‫يزعمون أنهم يدافعون عن القضية الفلسطينية‪ ،‬هو ‪ ":‬بعيدا من السياسة وقريبا منها"‪.‬وقد اضطررت أن‬ ‫أحدث توازنا بين االشتغال بالجانب السياسى والجانب األدبي‪ ،‬في معمعة الصراعات اإليديولوجية القائمة‬ ‫آنذاك‪.‬‬ ‫في المقهى الخضراء‪ ،‬كنت أحرر مع األستاذ الصغير المسكيني أيضا مجلة " المدينة"‪ ،‬بداية أدبية‬ ‫مثمرة ال بأس بها بالرغم من أن مهنة األدب أدركتنا من زمان‪ ،‬أنا والصغير‪ ،‬الذي سيغير اتجاهه نحو‬ ‫الكتابة المسرحية بعد رجوعه من العراق للمرة الثانية‪ ،‬وقد غادر بدوره مهنة التعليم إلى المسرح‪...‬‬ ‫تتألف رواية "مذكرات كلب‪ - ،"...‬الكلب اسمه"ميسور"‪ -‬من الفصول التالية المعنونة ‪:‬‬ ‫ ميسور يكتنه أسرار اإلنسان والكون‪.‬‬‫ ميسور يدرك تبعات الوعي فيرفض المستقبل‪.‬‬‫ عودة ريمون من حيفا وقد خسر ثروته وفقد زوجته‪.‬‬‫ كلما ضرب ميسور في األرض ازداد جهال بالناس واألشياء‪.‬‬‫ جاكوب يظهر أثره وخبره في بالد الكنانة الخ‪...‬‬‫ الشيخ يعلن قطيعته للحاج كردان‪ -‬مالك الكلب ميسور‪-‬‬‫‪...‬وانتهز ميسور أول فرصة فأطلق ساقيه للريح‪.‬‬‫ الحاج كردان يبحث عن الذكريات ويتشبث ببقايا شباب غابر‪.‬‬‫ استمد الحاج كردان الزعامة من سلوك األيائل‪.‬‬‫ أبعاد عبثية‪.‬‬‫هذا كل ما في أمر هذه الرواية‪ ،‬إذ تبين لي فيما بعد أن الكتابة القصصية أكثر تركيزا‪ ،‬ولكن على‬ ‫موضوع واحد أو فكرة واحدة‪ ،‬وينتهي األمر‪ ،‬بالرغم من أنها جد مركزة أكثر من الرواية التي تتوسع‬ ‫في األفكار والصراعات‪.‬‬ ‫س‪ :‬وما حظ الشعر يف جتربتك ؟‬ ‫ج‪ :‬دعني أقول لك إنني أعرفه ولكن قلما أستعمله‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يمكنني االبتعاد عنه‪ .‬كنا ندرس‬ ‫ونحن تالميذ الشعر الجاهلي وشعر صدر اإلسالم واألموي والعباسي واألندلسي‪ ،‬وما يسمونه عصور‬ ‫‪Page 4‬‬


‫االنحطاط‪ ،‬بمناهج مختلفة مرة على المنهج المصري – المفصل والمجمل‪ -‬ومرة أخرى على المنهج‬ ‫الشامي‪ .‬ثم إن رسالتي في دبلوم األدب العربي من القاهرة‪ ،‬كانت حول الشعر زمن خراب بغداد بواسطة‬ ‫التتار والمغول‪ .‬لم يكن هناك منهج مغربي خالص إال فيما بعد‪.‬وكنا ننصت باهتمام إلى أساتذة النحو‬ ‫والبالغة‪ ،‬وهم يتبخترون بيننا كأنهم يملكون مفاتيح السماوات واألرض‪ .‬كنا نخشى من السقوط في هذين‬ ‫الدرسين أكثر من اهتمامنا مثال بدروس العروض التي كان يتعاطاها كل واحد منا كما يشاء‪.‬‬ ‫ومن ثم نشأت خرافة" الشعر صعب سلمه" التي ال يزال يرددها بعض الشعراء و"الباحثين‬ ‫األكاديميين" حتى اليوم في ردودهم على حجب جائزة الشعر‪.‬‬ ‫بالنسبة إلي‪ ،‬اقتصرت طموحاتي الشعرية على اإللمام باتجاهات رواد الشعر الجديد في أواسط‬ ‫الخمسينات والستينات ‪ :‬ودواوين رواد الشعر آنذاك نازك المالئكة‪ ،‬بدر شاكر السياب‪ ،‬صالح عبد‬ ‫الصبور‪ ،‬عبد المعطي حجازي’ وغيرهم‪ ،‬إما بواسطة دواوينهم التي تصل إلى المغرب‪ ،‬أو بواسطة ما‬ ‫تنشره عنهم المجالت األدبية كاألديب وغيرها‪.‬‬ ‫س‪:‬عرفت الكتابة الروائية يف العشرين سنة األخرية تطورا يف الكم والنوع أيضا ماجعلها‬ ‫حاضرة بامتيازيف العديد من امللتقيات العربية والدراسات النقدية والرتمجات العاملية‬ ‫واجلوائز(حممد األشعري ـ أمحد املديين ـ حممد برادة ) مثال ماتفسريك هلذه الظاهرة ؟‬ ‫ج‪ :‬حتى يوجد تكامل في "الكم والنوع"‪ ،‬يفترض أن يكون هناك تحليل للكتابة الروائية إبداعا ونقدا‪،‬‬ ‫إبداع نصوص‪ ،‬وهي فعال موجودة‪ ،‬وقراءة نصوص‪ ،‬أو اإلشارة إليها على األقل‪ .‬سأتحدث عن تفسير‬ ‫ظاهرة الكم الروائي المتزايد‪ .‬ومع ذلك فالرواية المغربية بألف خير ومعها الروائيون كيفما كانت‬ ‫توجهاتهم‪ .‬ربما يفوق الكم الروائي المتدفق في السنوات األخيرة ما نشر منذ نشوء "الروياة المغربية"‬ ‫إلى اليوم‪ .‬وهذا يشكل مشهدا ثقافيا في ذاته له داللة ما‪ ،‬قد يحمل معه إيجابيات أوسلبيات‪ .‬اقتحمت‬ ‫الرواية المغربية ببسالة واقتدار‪ ،‬المنتديات والمعارض واللقاءات العربية والمغاربية‪ ،‬على مستوى‬ ‫النصوص اإلبداعية‪ ،‬أو على مستوى النقود المساهمة في تعزيز السرد العربي والمغربي معا‪ .‬بقي لنا‬ ‫مسألة الكيف‪ ،‬فهو‪ ،‬في نظري‪ ،‬ال يمكن تحديده إيجابيايا إال بالقيام بتحليل النصوص ذاتها الموجودة‬ ‫والمؤهلة للقراءة النقدية‪ ،‬عندئذ سنحصل على خالصات ترتبط بها‪ ،‬بعيدا عن أحكام االقيمة‪ .‬وهناك من‬ ‫انتقل من "الشعر" إلى الرواية‪ .‬كل ما أرجو‪ ،‬بالنسبة إلى األسماء التي قدمتموها لي كأمثال‪ ،‬أن تكلل‬ ‫جهودهم بالنجاح والتوفيق‪ ،‬وتعزيز دور السرد المغر بي‪.‬‬ ‫س‪ :‬ماهو رأيك من موقعك ككاتب سبعيين جرب قساوة وأيضا متعة النشرالورقي ثم‬ ‫يعيش حاليا جتربة النشراإللكرتوني‪ ،‬أمازال للكلمة حرقتها وتأثريها يف املتلقي ؟‬ ‫ج‪ :‬األفضل أن أبدأ بقساوة النشر ‪ :‬عشت تجربة عطلة بيولوجية بالنسبة للكتابة لسنوات‪ ،‬بسبب‬ ‫ظروف خاصة‪ ،‬ال مجال لذكرها هنا ؛ غير أنني لم أكن غافال عما كان يجري في الساحة الثقافية‬ ‫‪Page 5‬‬


‫المغربية وال في الساحة الثقافية العربية‪ ،‬وعما ينشره المبدعون عندنا في الشعر والقصة والرواية‬ ‫وفي النقد والمساجالت اللغوية وتتبعت مهزلة السجال اللغوي حول "السوق األوروبية المشتركة" ‪ :‬هل‬ ‫الراء بالفتح أو بالكسر‪ .‬ولما صفا لي الجو‪ ،‬أخذت أنبش في األوراق القديمة‪ ،‬ألقوم بتأمالت استذكارية‬ ‫لرواية "المغتربون"‪ .‬كثير من األوراق ضاع‪ ،‬بسبب التنقالت وعدم استقرار في مكان معين ؛ ولكن‬ ‫اإلرادة ما كانت لتخمد رغم الظروف القاسية التي مررت منها ‪ :‬رتبت المسودات ؛ لكن المسودات‪ ،‬ال‬ ‫تكفي إل قنا ع ناشر بطبع العمل‪ ،‬والكثير منهم كانوا ال يفرقون بين الكتاب اإلبداعي‪ ،‬والكتاب المدرسي‬ ‫المقرر‪ .‬كانت تجربة قاسية تتطلب صبر أيوب‪ ،‬بدءا من أوراق الكتابة التي كانت تباع في بعض‬ ‫المتاجر في درب عمر‪ ،‬حيث امتنع أحد الباعة بالجملة التعامل معي‪ ،‬وصدني باحتقار‪ ،‬بالرغم من أنني‬ ‫كنت أكثر منه أناقة‪ ،‬ثم تحولت إلى جاره وكان مواطنا يهوديا‪ ،‬فلبى رغباتي بكل لطف‪ ،‬وخيرني في‬ ‫نوع الورق المطلوب‪ ،‬وأنواع المداد واألقالم‪ .‬هذه هي الخطوة األولى‪ .‬حررت الروية بخط رقعي‪،‬‬ ‫وعنوانها بالخط الثلثي‪ .‬وما زلت أتذكر ذلك اليوم من شهر مارس‪ ،‬وكان عاصقا‪ ،‬حيث تعامل معي ناشر‬ ‫مشهور بجفاء قائال ‪" :‬عد إلي بعد أسبوع أو عشرة أيام حتى أتفرغ إليها"‪ .‬وقد سبق أن رفضت مطبعة‬ ‫شهيرة في "روش نوار" طبع الرواية‪ .‬وضعت أوراقي في ثالجة االنتظار‪ ،‬مع نسيان الطبع‪.‬‬ ‫وبعد أيام قررت أن أعرض الرواية على دار النشر المغربية‪ ،‬ولكن بدون ثياب أنيقة‪ ،‬كصعلوك‬ ‫من الصعاليك‪ .‬أقنعت بواب المطبعة بمقابلة مدير الدار‪ ،‬سأل لماذا ؟ أجبت لطبع رواية‪ ،‬لبيت فضوله‪،‬‬ ‫فأرشدني إلى المسئول عن الدار‪ ،‬األستاذ عبد الغفار العاقل‪ ،‬في الطابق األول‪ ،‬خريج العلوم السياسية‬ ‫آنذاك‪ .‬عبدالغفار لم يصدق أن الرواية لي‪ ،‬وبعد مناقشات حول بعض الروائيين الغربيين المشاهير‪ ،‬اقتنع‬ ‫بالروية فعال‪ .‬فوعدني بالرد بعد قرار لجنة القراءة‪ ،‬ثم دعا موظفي وموظفات الدار لرؤية رواية تاجر‬ ‫فحم‪ ،‬فوجدتني وسط المعجبين والمعجبات‪ ،‬في تلك األثناء‪ ،‬دخل األستاذ مصطفى عمارمدير الدار‪،‬‬ ‫ليستغرب تجمهر مرؤوسيه أمامي ‪ ،‬فأمر بالحسم في أمر الرواية‪ .‬غادرت الدار على أن أعود بعد‬ ‫أسبوع ألستمع لقرار اللجنة‪ .‬غبت نحو عشرة أيام‪ ،‬ألفاجأ أن الرواية في طور الطبع‪ ،‬وأن علي فقط أن‬ ‫أقوم بتصحيها‪ ،‬كان التصحيخ األول‪ ،‬ثم الثاني‪ ،‬ثم التوقيع على "صالح للنشر"‪ ،‬فالعقد‪ .‬أما بالنسبة إلى‬ ‫تجربة النشر اإللكتروني‪ ،‬فهي قفزة نوعية في مجال االتصال‪ ،‬والطباعة معا ‪ :‬تخلصت المطابع من‬ ‫تلوث الرصاص المستعمل في اللينو‪ ،‬ومن الملزمات الحديدية‪ ،‬وأيضا بالنسبة للمؤلف‪ ،‬يمكن أن ينشر‬ ‫عمله على نطاق واسع‪ ،‬ويقرأه ماليين الناس في كل أنحاء المعمور في لحظته‪ .‬العالم اليوم عبارة عن‬ ‫قرية صغيرة‪.‬‬ ‫س‪ :‬ننتقل الآلن إىل اجلانب اإلعالمي ‪ ،‬متى وكيف إخنرطت يف مهنة املتاعب وماهي‬ ‫املنابراليت إشتغلت بها أو تعاونت معها وكيف تنظر إىل املشهد الصحفي الورقي اليوم ؟‬ ‫ج ‪:‬لن أبالغ إذا قلت إنني مهتم بالصحافة منذ أن كنت تلميذا كنت أطالع بنهم في عهد الحماية‪" ،‬‬

‫‪Page 6‬‬


‫آخر ساعة"‪" ،‬االثنين"‪" ،‬المصري"‪" ،‬الصباح" التونسية‪ ،‬إلى جانب "العلم" و"الرأي العام"‪،‬‬ ‫و"األطلس" و"المغرب" و"المعرفة" التي كان تصدرها من تطوان الزميل محمد المساري‪ .‬وغيرها من‬ ‫الصحف المغربية الغائبة عن الذاكرة‪ .‬ما زلت اتذكر مقاال افتتاحيا كتبه المرحوم األستاذ أحمد بن سودة"‬ ‫في الرأي العام تحت عنوان‪ ":‬النفوذ الفرنسي في المغرب" أو البرستيج وكرونيك "حديث المفتي" على‬ ‫صيغة المقامات بالسجع‪ .‬إلى جانب ذلك ما كانت تكتبه جريدة "كومبا" في الجزائر‪ ،‬أيام ألبير كامو‪،‬‬ ‫لكنني لم أقرأ لهذا الكاتب إال في أوسط الستينات‪ .‬قلت كيف أكون موهبتي في الصحافة ؟ انخرطت في‬ ‫مكتبة دار أمريكا التي كانت في زنقة ورائية في شارع باريس‪ ،‬فقرأت أشياء كانت تنقصني عن‬ ‫الصحافة‪ ،‬والطب‪ ،‬ونظام المحاكم في الواليات المتحدة‪ ،‬بل قرأت أشياء كثيرة عن لينين ونشأته‪ ،‬والشعر‬ ‫المهجري‪ .‬أما كيف تهيأ الصحف وتطبع‪ ،‬فقد جاء ذلك بعد أن انضممت إلى جريدة "المحرر"‪ ،‬لم أجد‬ ‫هناك من الصحافيين الذين يمكن االستفادة من تجاربهم سوى ثالثة أشخاص ‪ :‬المرحوم عمر بن جلون‪،‬‬ ‫ومصطفى القرشاوي‪ ،‬وحسن العلوي‪ ،‬أوقل إن حسن العلوي يختصر هذين االثنين المذكورين‪ .‬فكانت‬ ‫مصطلحات الصحافة المغربية كتابة وممارسة تطرق أذني ‪" :‬ملزمة"‪ ،‬ح‪ ،41‬ح‪ 41‬الخ سقط سهوا‪،‬‬ ‫افتتحاية‪" ،‬النفخ في الخبر"‪" ،‬البواقي"‪" ،‬ليزيسباس"‪" ،‬أسود"‪" ،‬أبيض"‪" ،‬الخبر"‪" ،‬التعليق" "نظرة‬ ‫خاطفة قبل الطبع"‪ ،‬النسخة الذاهبة إلى الرقيب‪ ،‬علما أن المحرر‪ ،‬لم تكن مشتركة في وكالة المغرب‬ ‫العربي يومذاك‪ .‬بل كان كتابها ومحرروها والمتعاطفون معها في المجال الثقافي من المناضلين مثل ‪:‬‬ ‫أحمد المديني‪ ،‬البشير الوادنوني‪ -‬إدريس الناقوري‪ -‬محمد البرينى‪ ،‬الذي كان يعلق على اإلصدارات في‬ ‫مجلة " الم‪ -‬ألف" التي كانت تصدر باللغة الفرنسية‪ .‬وكنا ننتظر يوم الصدور بفارغ صبر‪ .‬وفي هذه‬ ‫األثناء كلن المرحوم عمر بنجلون قد كلفني بترتيب نقط المشاركين في الجريدة مع رسم بياني لها على‬ ‫مستوى القطر‪ ،‬ثم كلفني رئيس التحرير المرحوم مصطفى القرشاوي بدوره بإعداد أرشيف البترول من‬ ‫خالل أكداس المجالت والجرائد المكدسة على سطح دار النشر المغربية مقر جريدة المحررآنذاك‪،‬‬ ‫فعملت جردا لكل ذلك في حينه مدفوعا برغبة استيعاب كل جوانب الصحافة المغربية‪ .‬وسأرى بعد‬ ‫استئناف صدور المحرر نوعا من صراع ثقافي‪ -‬إيديولوجي بين األستاذين الكبيرين ‪ :‬عبد اهلل العروي‪،‬‬ ‫وعابد الجابري‪ ،‬وهذا األخير حضر شخصيا ليراجع بنفسه موضوعه بدقة متناهية‪ .‬وسأفاجأ بتحليل‬ ‫األستاذ محمد عز الدين لرواية " المغتربون"‪ .‬وأنا بعد في جريدة" المحرر"‪ ،‬لم أعد أتذكر هل سبقه‬ ‫التلفزيون المغربي إلجراء مقابلة حول الرواية‪ ،‬مما أضجر المرحوم مصطفى القرشاوي‪ ،‬الذي احتج‬ ‫عالنية على دخول الطاقم التلفزيوني للمطبعة حيث توجد المحرر في طور الطبع فتبين له أنني لم أستدع‬ ‫طاقم التلفزيون‪ ،‬بل جاءت الدعوة من أحد مسئولي دار النشر المغربية‪ .‬وهناك تكوينات صحافية تلقيتها‬ ‫خارج المغرب‪ ،‬وفي الرباط‪ .‬عززت من مكتسباتي في اإلخراج الورقي واإلليكتروني‪ ،‬وكيفية التعامل‬ ‫مع الصور‪،‬والمقابالت الصحفية والربورتاج‪ ،‬وتحرير الخبر‪ ،‬وتحرير االفتتاحيات تلقيتها على أساتذة‬ ‫مصريين وعراقيين‪ ،‬ومغاربة‪.‬مع توثيقها بشهاداتهم‪.‬‬ ‫‪Page 7‬‬


‫س‪ :‬عرف املشهد الثقايف املغربي العديد من األحداث اهلامة آخرها إنسحاب‪ 22‬عضوا من‬ ‫إحتاد كتاب املغرب ما تعليقك بكل جترد وموضوعية ؟‬ ‫ج‪ :‬دعني أركز في االنسحابات‪ .‬في تعليالت هؤالء الكتاب المرموقين الذين هم فوق العبث بما‬ ‫يضطلعون به من مسئولية وانضباط في تعليالتهم لالنسحاب الكفاية التامة‪ .‬شخصيا ال يصلني كعضو‬ ‫قيدوم من االتحاد سوى التعازي والمواسيات لبعض المرضى شفاهم اهلل وشفى االتحاد ذاته‪ .‬فمقر االتحاد‬ ‫حيث تظل هناك سيدة محصنة في برودة الشقة‪ ،‬لم تعد تحتمل الزيارات‪ ،‬وهي في حالة انفرادية‪ ،‬فكان‬ ‫على السي ابراهيم والدها أن يرجعها إلى مقر عملها في مكتب االتحاد االشتراكي بالرباط‪ ،‬حيث‬ ‫الصحافيون العاملون في الجريدة والزوار‪.‬ليس هناك تواصل حقيقي بين أعضاء االتحاد كما كان سابقا‪،‬‬ ‫عهد األستاذ محمد برادة واليابوري‪ ،‬إو في عهد األستاذ عبد الكريم غالب‪.‬‬ ‫س‪ :‬ماهو عنوان عملك القادم ؟‬ ‫ج‪:‬العمل قادم بحول اهلل‪ .‬وكل عمل يسبقه المخاض والمعاناة‪ ،‬وحتى يخرج إلى الوجود سأخبر‬ ‫قراءكم بعنوانه‪ ،‬في وقته‪.‬‬ ‫س‪ :‬متيزت العشرية األخرية برحيل العديد من األدباء واملفكرين واإلعالميني مثل‬ ‫املهدي املنجرة وحممد عابد اجلابري وعبداجلبارالسحيمي وفريد بلكاهية وحممد شكري‬ ‫وعبدالرحيم املودن وغريهم هل أنت مطمئن على مستقبل النخب املغربية يف املستقبل ؟‬ ‫ج ‪:‬هؤالء الذين رحلوا لهم مكانة هامة في األوساط األدبية والفنية والفكرية‪ .‬أعمالهم تراث وطني هام‪،‬‬ ‫وأعتقد أنه ينبغي أال ننسى القيام بعملية جرد ألعمالهم واالحتفاظ بنتائج ذلك‪ ،‬وهذا هو المفروض أن‬ ‫يكون حاصال‪ ،‬إذا لم يحصل‪ .‬ال يساورني أدنى شك‪ ،‬أن مستقبل النخب المغربية سيعرف تطورا نوعيا‬ ‫ومختلفا عن النخب السابقة بالرغم من المكانة التاريخية المرتبطة بحياة هذه الشخصيات التي يقدرها‬ ‫المثقفون بكونهم وضعوا اللبنات األساسية للثقافة والفكر والفن‪ ،‬وتلمذت على أيديهم عدة أجيال‪ .‬والشيء‬ ‫الذي يجعلني أطمئن على مستقبل النخب المغربية‪ ،‬هوتطور المفهوم الثقافي ذاته المرتبط انتربولوجيا‬ ‫بتطور البنيات االجتماعية ذاتها‪ ،‬وينبغي دراسة الطبقات االجتماعية على ضوء اإلحصاء األخير ‪ :‬مدى‬ ‫انمحاء الفروق الطبقية أو زيادتها‪ ،‬إلى أين نسير‪ ...‬ال أحد ينكر الجديد في البنيات التحتية ألن التطور ال‬ ‫يرتبط بالجانب الروحي فقط الذي تمثله الثقاقة فهو عملية متكاملة ترتبط بسلوكات معينة‪ ،‬وباإلشباع‬ ‫المادي بتوفير حاجيات األفراد والمجتمع‪ ،‬بالرغم من السلبيات المالحظة (مثال‪ :‬زبناء المقهى يتناوبون‬ ‫على قراءة الجرائد بفنجان قهوة أو بتناول بعض الفطائر‪ ،‬والفرد قد يشتري حذاء بثمن خيالي أوهاتفا‬ ‫يتباهى به‪ ،‬مما يدل أن هناك حاجيات غير مشبعة بعد‪ ،‬ولكن الفرد اليقرأ كتابا وال ينمي ثقافته‪ .‬أظن أن‬ ‫المسألة في حاجة إلى الوعي بالتوازنات‪ ،‬وهذا سوف ينمحي تدريجيا بتطور السلوكيات‪ .‬الخطورة في‬ ‫ذلك بالرغم من غياب الميكانزمات المصاحبة للعمل الثقافي‪ .‬هذه اللقاءات الشعبية التي تقام على هامش‬ ‫‪Page 8‬‬


‫اإلصدارات التكفي وحدها في غفلة من المواكبة المدرسية والمواكبة اإلعالمية على مستوى السمع‬ ‫البصري السائد حاليا‪ ،‬وعلى مستوى الصحافة المكتوبة‪ .‬ذلك أن الثقافة تربية‪ ،‬والتربية ال تعني تكديس‬ ‫قواعد المعادالت أو القواعد أو المعلومات آليا في الذهن‪ ،‬بل تعني تنمية كل القدرات المرتبطة بالفرد في‬ ‫وجوده ومعاشه‪.‬‬ ‫س‪:‬لوكنت وزيرا للثقافة يف دولة عربية ماهوأول مشروع سوف تعمل على تنفيذه قبل كل‬ ‫شيء ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫لنكن واقعيين‪ ،‬الدول العربية لم تتوحد‪ ،‬بالرغم من وجود جامعة عربية منذ األربعينات من القرن‬

‫الماضي‪ .‬وجود خالفات ثنائية‪ ،‬وحروب أهلية متفاقمة للتشطيب على جذور الدولة القطرية‪ .‬هذا‬ ‫الطموح الذي ذكرتموه غير وارد عندي‪ ،‬إطالقا‪ ،‬وال أسمح لنفسي بأن أتبناه‪ .‬أنا مغربي بسيط‪ ،‬لكنني‬ ‫أعتز بخصوصيتي اعتزازي باالنتماء إلى بلدي واإلنسانية جمعاء‪ .‬أما إذا سايرت منطق تمنياتكم‪،‬‬ ‫وحدثت مفاجأة ال قدر اهلل‪ ،‬فإنني سأقترح بدل المفاجأة التي تتجاوزني‪ ،‬سأقترح‪ ،‬ضم وزارة الثقافة إلى‬ ‫وزارة اإلعالم‪ ،‬وتعزيز معاشات الكتاب والصحافيين‪ ،‬ورجال المسرح‪"،‬عظم خوك ألبخاري"‪ .‬وإبدال‬ ‫الجوائز المادية بجوائز تقديرية لها قوة اعتبارية‪ ،‬ولو لفترة وجيزة وتعزيز وزارة التربية الوطنية‬ ‫بالكفاءات والقدرات‪ ،‬خاصة في التعليم األساسي الذي تكتنفه األمية‪ ،‬حتى ال تذهب الجهود الدراسية‬ ‫هدرا‪ .‬فمن غير المعقول أن ال يعتني أستاذ بمظهره الشخصي ومن غير المعقول أن يعتدي تلميذ على‬ ‫أستاذه أو أستاذته ونتفرج‪ ،‬وغير معقول أن يطلب أستاذ من تلميذه سيجارة‪ ،‬وغير معقول إنتاج دكاترة‬ ‫ب"العرام" في العلوم غير الحقة‪ .‬ينبغي تعزيز البحث العلمي على المستوى األكاديمي وتطهير‬ ‫المؤسسات التربوية علما أن هناك أساتذة مخلصين يضحون بالغالي والثمين من أجل تكوين أجيال‬ ‫صاعدة‪ ،‬فلنمد لهم أيادينا‪ ،‬وأن هناك أيضا إداريين غارقين في بيروقراطيتهم‪ ،‬فلنحاول التعامل معهم‬ ‫بحذر واحتياط‪.‬‬

‫‪Page 9‬‬


‫حوارمع املخرج املغربي مومن السميحي ‪:‬‬ ‫حاوره عبده حقي‬ ‫مبناسبة فعاليات مهرجان ( كان ‪) cannes‬‫‪5102‬‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫يعتبرالمخرج السينمائي المغربي مومن السميحي إبن مدينة طنجة من بين رجاالت الفن السابع الطليعيين‬ ‫ليس في المغرب فحسب وإنما في العالم العربي وأيضا من بين رواد السينما القالئل الذين مزجوا في‬ ‫تجربتهم بين الممارسة والتنظيرأي بين النقد السينمائي العالم والرصين وبين اإلخراج الناجح والمتألق ‪.‬‬ ‫بدأ مومن السميحي مساره بفيلمه القصير "سي موح بدون خط أو الزغبي" ‪0791‬وفي ‪ 0791‬سيخرج‬ ‫مومن السميحي فيلمه األول الطويل "الشرقي أو الصمت العنيف" والذي يعتبربحق بيانه السينمائي الذي‬ ‫لم يحد عنه في أفالمه الالحقة‪" :‬أسطورة الليل" ‪" ،0790‬قفطان الحب منقط بالهوى" ‪" ،0799‬مع‬ ‫ماتيس في طنجة" ‪" ،0771‬وقائع مغربية" ‪" ،0777‬العايل" ‪" ،5112‬طفولة متمردة" ‪.5119‬‬ ‫بمناسبة فعاليات مهرجان " كان ‪ " cannes‬السينمائي أجرينا معه هذا الحوار‪.‬‬ ‫س‪ :‬بداية شكرا للمخرج مومن السميحي على تلبية دعوتنا بإجراء هذا احلواراخلاص ولنبدأ‬ ‫من حيث جتب أن تكون البداية ماهي األسباب اليت جعلتك تتجه إىل معهد الدراسات‬ ‫السينمائية العليا بباريس سنة ‪ 0719‬؟‬ ‫ج‪:‬الرغبة التي ال تقاوم في المعرفة والدراسة بباريس ‪" ..‬عصفور من الشرق" ؛ رغبة حققتها فرصة‬ ‫‪Page 1‬‬


‫منحة حصلت عليها للدراسة هنالك‪.‬‬ ‫س‪ :‬أمل يكن اإلختيارصعبا يف تلك املرحلة بالنظرإىل غياب تقاليد ووعي بثقافة سينمائية‬ ‫ودورها اجملتمعي والسياسي يف مغرب أواخرالستينات الذي كان يعاني من الفقرواألمية‬ ‫واهلشاشة الثقافية ؟‬ ‫ج‪:‬صعب جدا و غير واعي ؛ نزوة الشباب ؛ و رغبة إقتفاء آثار توفيق الحكيم و طه حسين كانت أقوى‬ ‫من أي تخمين‪.‬‬ ‫س‪ :‬أنتم من مؤسسي ورواد الفن السينمائي يف املغرب إىل جانب عبداهلل املصباحي‬ ‫وسهيل بنربكة ومصطفى الدرقاوي وأمحد البوعناني ‪ ..‬إخل كيف تنظرإىل تراكم اإلنتاج‬ ‫السينمائي املغربي باملقارنة مع دول اجلواروالعامل العربي ؟‬ ‫ج‪:‬قلت و أكرر أنه ليس هنالك إال نبوغا مغربيا في السينما العربية‪ .‬وال أرى في السينما العربية إال‬ ‫شادي عبد السالم الذي وصل إلى مرتبة العالمية أي في مستوى تاريخ السينما العالمي ‪.‬‬ ‫س‪ :‬الشك أن السينما فن لكنها أيضا صناعة باألساس تتطلب رساميل ضخمة غريأن املخرج‬ ‫مومن السميحي قد عودنا دائما على إجنازأفالم متألقة وناجحة مبيزانيات متواضعة ‪،‬‬ ‫مالسريف ذلك ؟‬ ‫ج‪ :‬البحث عن الكتابة السينمائية و التموضع في تاريخ السينما بغض النظر عن المتفرج المفترض‬ ‫واألسطوري ‪.‬‬ ‫س‪:‬تشتغلون مومن السميحي برؤية املشروع الروائي السينمائي الطويل النفس خالفا‬ ‫لباقي املخرجني املغاربة حيث تتمحورغالبا أفالمك يف فضاء مدينة طنجة وشخصنتها‬ ‫واإلحتفاء مبوروثها السوسيوثقايف ملاذا طنجة بالتحديد ؟‬ ‫ج‪:‬طنجة مسقط الرأس ذو بعد تاريخي عربي (مدينة إبن تاشفين و أبو بكر إبن طفيل و عبد اهلل كنون و‬ ‫محمد شكري وعبد القادر السميحي و عبد اإلاله كنون) وفضاء أسطوري عالمي بفنانيها (دالكروا و‬ ‫ماتيس) وكتابها (مارك توين وبيير لوتي و بول موران و بول بولس وكم آخرين) إنني وليد هذه البيئة‬ ‫تجرئت الطموح إلى اإلضافة سينمائيا وأرجو عفو من يذم الطموح‪.‬‬ ‫س‪ :‬مت عرض فيلمك املتميز(الطنجاوي) مرتني خارج املسابقة يف املهرجان الدولي ‪05‬‬ ‫مبراكش كيف كانت أصداء (الطنجاوي ) ؟‬ ‫ج‪:‬أفالمي تكون و تجمع مشاهديها و متذوقيها مع مر األيام و ليس فوريا فمهرجان مراكش أصبح من‬ ‫التظاهرات العالمية الكبيرة وإذا منطلقا هائال لألفالم‪.‬‬ ‫س‪ :‬من دون شك أن السينما املغربية قد عرفت طفرة نوعية وكمية يف السنوات األخرية‬ ‫‪Page 2‬‬


‫بفضل الدعم واملهنية والكفاءات العالية ‪ ،‬هل هذا مؤشرعلى مستقبل واعد كثريا ؟‬ ‫ج‪:‬هذا تحقق بفضل نور الدين الصايل مديرالمركز ‪ ،‬وبعد تراكم الكم يجب اآلن العمل أكثر علي‬ ‫النوعية والقيمة الفنية المتميزة‬ ‫س‪:‬تعيش جل الدول العربية ما يسمى بالربيع العربي أال تفكرون يف توثيق هذا احلراك يف‬ ‫عمل سينمائي ؟‬ ‫ج‪:‬أجل وثقته من أول أعمالي عند وصفي لمآسي الهجرة في شريط "السي موح" إلى آخرها(‪)5102‬‬ ‫مفرزا فكر طه حسين الثوري في فيلمي األخير "مع طه حسين"مرورا بمجهودي الدائب في مقاربة و‬ ‫محاوالت تحليل مآسينا مع اإلستعمار والمجتمع اإلقطاعي واآلالم النفسية في كل األفالم األخرى و‬ ‫المعري وإبن خلدون وطه حسين و محمود درويش و الكنفاني و محفوظ و…و… ألم يوثق المثقف‬ ‫العربي هذا الحراك من أألزل ؟‬ ‫س‪ :‬القرصنة هذه اآلفة العاملية اليت أضرت بالكثريمن املؤسسات الفنية السينمائية‬ ‫والغنائية باخلصوص واليت أسهمت فيها الرقمية والتكنولوجيات احلديثة ماهورأيك فيما‬ ‫حيصل اآلن من إنتهاكات حلقوق النشروامللكية الفكرية ومالسبيل إىل احلد منها ؟‬ ‫ج‪ :‬البد من حل إلنتهاك الحقوق المشروعة إال أنني سعيد جدا بمالحظة ما يحصل من تداول األفالم‬ ‫الجيدة وكون الكبار من المخرجين رونوار و رسيلليني وبركمان وهتشكوك وستياجيت راي و‪...‬‬ ‫عشرات اآلخرين أصبحوا في متناول الجميع بفضل الثورة الرقمية‬ ‫س‪ :‬ماهي مشاريعك املستقبلية على مستوى الدراسات السينمائية واإلخراج أيضا ؟‬ ‫ج‪:‬سلسة "الصورة" ستصدر الكتاب الثاني من ترجمة "عبقريات سينمائية" و أحضر حاليا إلخراج فيلم‬ ‫عن التراث العربي القديم‬ ‫س‪ :‬كلمة أخرية للممثلني املغاربة ؟‬ ‫لكل السينمائيين أيضا وكل العرب ‪ :‬إياكم و الشوهة ! ال يمكن الوصول إلى الجودة و القيم الرفيعة إال‬ ‫بمشاهدة و دراسة تاريخ السينما وعطاءات مخرجيه الكبار من شتى أنحاء المعمورة‬ ‫شكرا جزيال نتمنى أن نكون قد وفقنا في إنتقاء األسئلة‪.‬‬

‫‪Page 3‬‬


‫حوارمع الكاتب والتشكيلي واملغين حممود ميكري‬ ‫مبناسبة إفتتاح معرضه بالرباط ‪:‬‬ ‫حاوره عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫إنه عضومجموعة اإلخوان ميكري الغنائية الشهيرة التي تضم كال من جليلة ومحمود وحسن ويونس ‪.‬‬ ‫من من جميع األجيال منذ أواسط ستينات القرن الماضي إلى اليوم من لم (يثمل) وينتشي بروائعها الخالدة‬ ‫التي حققت شهرة عالمية تجاوزت كل الحدود بالرغم من ضرواة المرحلة الفنية السبعينية التي عرفت‬ ‫ظهورمجموعات ناس الغيوان وجيل جياللة ولمشاهب ومجموعات غنائية رائدة في موسيقى الروك على‬ ‫غرار(البيت جيز ) ‪Bee Gees‬و(بوني إيم ) ‪ Boney M‬و(رولينغ ستون ‪The Rolling‬‬ ‫)‪Stones‬و(السوبيرترامب ) ‪ Supertramp‬وغيرهم بالرغم من هذه المرحلة الناتئة فنيا فقد فرضت‬ ‫مجموعة اإلخوان ميكري صوتها وحققت شهرة تجاوزت كل الحدود من الهند شرقا إلى الكارايبي غربا‬ ‫‪Page 1‬‬


‫حيث طافت أغانيها كل القارات (يامرايا ـ شعلتها نارـ ديرامدام ـ مغروم ـ يالهايم ـ كل شي فيه يسحرني‬ ‫ـ فراق لحمام ـ لليلي طويل األغنية الشهيرة التي قرصنت مقاماتها الموسيقية فرقة (بوني إيم) إلى أغاني‬ ‫الثمانينات (لن يسمح قلبي ـ حرية ـ يادار) ومن المعلوم أن جميع أفراد المجموعة لم تقتصرمواهبهم على‬ ‫اإلبداع الموسيقي فحسب وإنما إتسعت لتمتد إلى التجريب واإلنخراط بنفس الحماس في حقول السينما‬ ‫والتشكيل والرسم والكتابة والرقص…‬ ‫ويمكن إعتبارمحمود ميكري تجاوزا هو قائد هذه الفرقة العالمية والذي نفتح معه هذا الحوارالخاص‬ ‫بمناسبة إفتتاح معرضه التشكيلي بإحدى المقاهي بمدينة الرباط والذي ضم لوحات من إنجاز والده‬ ‫المرحوم (حمودة ميكري) التي تعود إلى ثالثينات القرن الماضي باإلضافة إلى لوحات لضيفنا‪:‬‬ ‫س ‪ :‬الفنان حممود ميكري شكرا على تلبيتك دعوتنا إلجراء هذا احلوارمبناسبة إفتتاح‬ ‫معرضكم الذي يضم لوحات من إجنازوالدكم املرحوم محودة ميكري إىل جانب بعض لوحاتك‬ ‫ملاذا اآلن وماهي الغاية من عودة اإلبن إىل األب ؟‬ ‫ج ‪ :‬شكرا لك السي عبده ولموقع إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة ‪ ،‬الهدف من هذا المعرض هوإطالع‬ ‫الجمهورالمغربي وخصوصا عشاق مجموعة اإلخوان ميكري على إرث فني تشكيلي يندرج ضمن‬ ‫الرؤية الفنية لعائلة ميكري فالوالد رحمه اهلل لم يكن رجل إدارة فحسب وإنما كان أيضا عازفا ورساما‬ ‫ومنفتحا على الثقافة والفن في مفهومهما الشامل‪.‬‬ ‫س ‪ :‬هل هذا يعين أن جمموعة اإلخوان ميكري هي نتاج بيئة جمتمعية فنية أسهمت‬ ‫كثريا يف رسم معامل مستقبلها املوسيقى ؟‬ ‫ج ‪ :‬بكل تأكيد فجدي كان في تلمسان عازف (قصبة) ناي ماهرمعروف ووالدتي كانت من النساء‬ ‫المنشدات لألمداح الدينية والصوفية ووالدي عازف عود وراسما ‪..‬وبالتالي فنحن اإلخوان ميكري األبناء‬ ‫جئنا كاستمرارية لهذا المسارالفني في العائلة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يتساءل مجهوركم اليوم عن سرغيابكم كمجموعة عن الساحة الفنية والغنائية منذ‬ ‫سنني عديدة‪.‬‬ ‫ج ‪ :‬بالعكس ليس هناك غياب ‪ ..‬إننا نشتغل ونعمل ‪ ،‬كل فرد منا يشتغل في ميدانه الفني الخاص ‪ .‬يونس‬ ‫يواصل أعماله السينمائية وحسن في الموسيقى والتلحين وأنا في الرسم والكتابة وقد أحرزنا على العديد‬ ‫من الجوائزالمغربية والعالمية ‪ ،‬كما يسرني أن ازف إلى جمهورنا العزيزخبرقرب إطالق ألبوماتنا‬ ‫الجديدة ألخي يونس وأنا ريثما تتوفرالظروف الفنية لذلك‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أال تعتقد الفنان حممود أن اإلعالم بشكل عام مل يوفكم حقكم واإلحتفاء بتجربتكم‬ ‫الغنائية املتفردة على املستوى املغاربي والعربي ؟‬ ‫‪Page 2‬‬


‫ج ‪ :‬بالعكس إن اإلعالم المغربي خصوصا اإلذاعة والجرائد قد واكبت تجربتنا منذ سبعينات القرن‬ ‫الماضي ولوالهما لما حققنا هذا اإلنتشارالمتميز‪ ..‬كما التفوتني هذه الفرصة دون أن أكررمرة أخرى‬ ‫اإلعتراف بالدعم والرعاية التي شملنا بها الراحل المغفورله الحسن الثاني وتوجيهاته السامية للقيمين‬ ‫آنذاك على مجال األغنية المغربية لإلحتفاء واإلهتمام بتجربتنا‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يف لقاء سابق بيننا يعود إىل أوائل تسعينات القرن املاضي على هامش مهرجان أصيلة‬ ‫قلت أنكم كنتم تلقون أحيانا بعض التهميش والتنكروعدم تفاعل بعض املشرفني على‬ ‫اإلنتاج الغنائي باإلذاعة الوطنية آنذاك أليس كذلك ؟‬ ‫ج ‪ :‬صحيح حصل هذا لكن بشكل نادر‪.‬‬ ‫س ‪ :‬الفنان حممود ميكري أعتقد أنه الخوف على الظاهرة امليكرية فهناك اخللف القادمون‬ ‫مثل جنلك عالء وناصرجنل أخيكم حسن دون أن ننسى إبنتك اليت متارس هواية الرقص‬ ‫العصري ؟‬ ‫ج ‪ :‬طبعا إنهم أيضا فروع من تلك الشجرة الفنية‪ ..‬يعشقون ويمارسون العزف والغناء على النمط‬ ‫الميكري وكل واحد منهم في تجربته الخاص طبعا‪.‬‬ ‫س ‪ :‬كيف تنظرإىل املشهد الفين والغنائي باخلصوص يف املغرب ؟‬ ‫ج ‪ :‬هناك مع األسف فوضى واستفحال القرصنة وهذه أمورتقتل الفن والتطوره وهذه فرصة كي نجدد‬ ‫دعوتنا إلى المزيد من الحزم‪.‬‬ ‫س ‪ :‬شكرا لكم السي محمود ميكري‪.‬‬

‫‪Page 3‬‬


‫حوارمع اإلعالمي حممد العوني رئيس منظمة حرية اإلعالم والتعبري ‪:‬‬ ‫حاوره عبده حقي‬

‫خاص‬

‫تقديم‪:‬‬

‫عقدت منظمة حريات اإلعالم والتعبيرالمعروفة إختصارا ب(حاتم) ندوة يوم الخميس ‪ 2‬غشت الماضي‬ ‫في موضوع (من أجل مدونة لإلعالم واإلتصال تضمن الحرية والتعددية ) أسهم فيها كل من رشيد‬ ‫الفياللي المكناسي‪ ،‬األستاذ الباحث والكاتب العام السابق لـ “ترانسبارنسي المغرب”‪ ،‬والباحث في القانون‬ ‫محمد المسكي‪ ،‬واإلعالمي محمد العوني مديرا للنقاش بصفته رئيسا للمنظمة وقد تركزت أهم محاور‬ ‫هذه الندوة حول العديد من القضايا اإلعالمية الراهنة لعل أهمها الحق في الوصول إلى المعلومة كمكسب‬ ‫أقره الدستوراألخير‪ .‬في هذا الموضوع تحديدا وفي قضايا إعالمية أخرى ملحة حاورت مجلة إتحاد‬ ‫كتاب اإلنترنت المغاربة األستاذ محمد العوني رئيس منظمة حريات اإلعالم والتعبير‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بداية شكرا على تلبيتكم دعوة مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة اإللكترونية من أجل إنجاز هذا‬ ‫الحوار الهام في هذا الظرف والمنعطف التاريخي الذي يعرف فيه الحقل اإلعالمي بكل وسائطه التقليدية‬ ‫والحديثة حراكا وتجاذبا وتحوالت بنيوية حاسمة ولقد نظمتم بهذا الصدد ندوة تمحورت أساسا حول واقع‬ ‫وآفاق الولوج إلى المعلومة ‪ ،‬ماهي أستاذ محمد العوني أهم الخالصات التي توصلت إليها هذه الندوة ؟‬ ‫ج ‪ :‬شكرا لاللتفاتتكم الطيبة أوال هذه الندوة جاءت في سياق اللقاءات حول قضايا اإلعالم التي تنظمها‬ ‫منظمة حريات اإلعالم والتعبير(حاتم) تحت شعار‪ :‬من أجل مدونة لقوانين اإلعالم واإلتصال تضمن‬ ‫‪Page 1‬‬


‫الحرية والتعددية وجاءت كذلك في سياق التفاعالت ومجموعة من الوقائع التي حدثت في المغرب في‬ ‫الفترة األخيرة وكان من أبرزها إنتهاك الحق في الوصول إلى المعلومة مثل واقعة كشف تعويضات‬ ‫وزيرالمالية األسبق ومدير الخزينة العام للمغرب وفي نفس الوقت هوكان مديرا للضرائب فكان قد تبادل‬ ‫هو والوزيرتعويضات عالية القيمة وعوض أن يفتح تحقيق قضائي في الموضوع ويتم البحث عمن سمي‬ ‫بمسرب المعلومة فقد تم اإلعتداء على أحد األطربوزارة المالية باعتبارأنه هو من سرب هذه المعلومة‬ ‫وتم اقتحام وتفتيش منزله وانتهاك سرية حاسوبه الشخصي وهذا يعني أن المغرب في هذه الحالة لم‬ ‫يتخلص من الممارسات القديمة وهذا يتناقض مع الفصل ‪ 22‬من الدستوروأن هناك تناقض مع البحث‬ ‫عن الحقيقة ومع الحق في الوصول إلى المعلومة وعوض أن تكون هناك متابعة لمن نهب المال العام يتم‬ ‫متابعة من كشف عنه وفضحه علما أن المغرب قد وقع على اإلتفاقية الدولية لمحاربة الفساد وهي إتفاقية‬ ‫تنص على حماية الشهود والمبلغين‪.‬‬ ‫س ‪ :‬الولوج إىل املعلومة هو حق دستوري كما سبقت اإلشارة إىل ذلك ‪ ،‬األستاذ حممد‬ ‫العوني مالذي جيعل الدولة ماتزال يف بعض األحيان متارس نفس التعتيم للوصول إىل‬ ‫املعلومة ؟‬ ‫ج ‪ :‬لقد نص الدستورالمعدل على الحق في الوصول إلى المعلومة في فصله ‪ 22‬وهذا مكسب من‬ ‫مكاسب الحركة الحقوقية من بينها منظمة حريات اإلعالم والتعبيروترانسبرانسي التي ألحت على دسترة‬ ‫هذا الحق بشكل واضح يضمن تحمل الدولة من خالل المرفق العام وعبراإلدارات الخاصة أقول تحملها‬ ‫مسؤولية إنتاج المعلومة ثم تمكين المواطنات والمواطنين منها‪.‬‬ ‫س ‪ :‬إذا كان اإلعالميون والصحفيون الذين يتوفرون على محاية مؤسساتية ومهنية خاصة‬ ‫جيدون صعوبات يف الوصول إىل املعلومة فمابالك باملواطنات واملواطنني العاديني ؟‬ ‫ج ‪ :‬هذا يعيدني إلى السؤال السابق لكي أتحدث عن التعتيم واإلحتكاروالسرية وحجب المعلومة‬ ‫واألخبارالتي تغرق فيها بالدنا ‪ ،‬فهناك نوع من التقاليد ينبغي محاربتها واإلقالع عنها إذا أردنا أن ندخل‬ ‫إلى عصرالمعلومة ومجتمع المعرفة والذي كثيرا ما سمعنا عنه ودولة الحق والقانون والمؤسسات وهذه‬ ‫كلها مقومات تتطلب لتتحقق على أرض الواقع من ضمن ماتتطلب أن يكون هناك فتحا للمساواة أمام‬ ‫سلطة المعرفة والتي تؤكدها المعلومة اليوم والخبروالمعطيات التي بحوزة اإلدارات والمؤسسات عامة‬ ‫وحتى في بعض األحيان لدى بعض الخواص الذين يشتغلون في أمور وقضايا لها عالقة بتدبيرالشأن‬ ‫العام أو عالقة بمصلحة المواطنات والمواطنين والبالد عامة وبالتالي هو حق للجميع وعلى رأسهم‬ ‫الصحفيين الذي هم أولى من يجب أن يستفيد من هذا الحق بصفتهم وسطاء للمجتمع والراي العام‬ ‫والمتلقين من أجل تزويدهم باألخبارالتي ترتكزعلى المعلومات والمعطيات باإلضافة إلى األحداث التي‬ ‫تقع هنا وهناك وبالتالي نجد نوعا من الظلم لإلعالم واإلعالميين نتيجة محاولة معاقبتهم وذلك بعدم‬ ‫‪Page 2‬‬


‫تمكينهم من المعلومات واألخباروالعمل على حجبها بشكل غيرمقبول لذا فنحن نطالب بأن يتم إقرارقانون‬ ‫يجرم هذا السلوك كما يجب إحداث جزاءات وعقوبات في حق كل من يمنع أو يحجب األخبارأويستولي‬ ‫بشكل من األشكال على المعلومات واليجعلها في متناول المواطنين والمواطنات وفي مقدمتهم الباحثين‬ ‫الجامعيين في مختلف التخصصات ألن من المؤسف أن الكثيرمن هؤالء من اليستطيعون الوصول إلى‬ ‫المعلومة وبالتالي ي فهم يضطرون في بعض األحيان البحث عنها خارج الوطن حتى يتمكنوا من‬ ‫إنجازمشارعهم العلمية والفكرية…‬ ‫س ‪ :‬جرت العادة يف هذا الصدد أن نوجه اإلنتقادات إىل اجلهات واألركان املستحوذة على‬ ‫املعلومة وننسى أو نتناسى أن نوجه أيضا إنتقداتنا إىل بعض الصحفيني الذين يدخلون يف‬ ‫لعبة املساومة من أجل احلصول على املعلومة بطريقة أو بأخرى مارأيك ؟‬ ‫ج ‪ :‬أكيد أن هناك بعض الصحفيين الذين يستطيبون لعبة وفخ إعطاء المعلومة بمقابل معين لكن هم على‬ ‫كل حال قليلون وينبغي أن نكون نوعا ما منصفين لهم لإلعالميين بشكل عام في المغرب ألن هناك‬ ‫الكثيرمن الصحفيين الذين يبذلون يوميا مجهودات كبيرة من أجل الوصول إلى األخباروأيضا التحقيق‬ ‫فيها وتمحيصها خاصة أن المصادر التي تعطي هذه األخبارقليلة ونادرة لكن سؤالك في الحقيقة يجب أن‬ ‫يوجه إلى المؤسسات اإلعالمية التي التقوم بأدوارها في حماية الصحفيين من أجل أن يقوموا بعملهم بكل‬ ‫حرية ومسؤولية وانطالقة وأن يساندوا في الحاالت التي يتعرضون فيها لإلعتداءات أو المتابعات هذا من‬ ‫جهة ومن جهة ثانية فهم التوفرلهم اإلمكانيات المادية الضرورية ليقوموا بأدوارهم لمواجهة هذه التقاليد‬ ‫السلبية التي تسود بالدنا على مستوى حجب األخباروالمعطيات والتعتيم وإقفال كل أبواب‬ ‫المصادرومعاقبة حتى كل من يسرب معلومات وثالثا هذه المؤسسات اإلعالمية التوفرالوسائل المادية‬ ‫الضرورية والشروط المهنية لقيام الصحافي بواجبه في التقصي والتحري وهذا يقتضي شروط مهنية‬ ‫مريحة بحيث يستحيل أن نطلب من الصحافي أن يتولى اإلشراف او أن يمأل بياض صفحة في جريدة‬ ‫ورقية أو مساحة زمنية في في برنامج إذاعي أوتلفزي دون أن نوفرله المساحة الضرورية لإلشتغال‬ ‫‪..‬اليمكن للصحافي أن يقوم بهذه المهمة يوميا ولساعات طويلة من دون عطلة أومقابل مشرف وغيرها‬ ‫من الشروط الالزمة لتحقيق ذلك … إن العديد من الصحافيين من يحاولون فضح كل من يمتنع عن أن‬ ‫يزودهم بهذه المعلومات والمعطيات واألخبارالطاجزة غير أن مؤسساتهم اإلعالمية تمنعهم من ذلك‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يعرف المشهد اإلعالمي ببالدنا رجات وتدافع في اآلراء وخرجات إعالمية ساخنة خاصة فيما‬ ‫يتعلق بأوضاع الصحفيين في الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة ‪ ،‬مسألة دفترالتحمالت والحوار الوطني‬ ‫حول اإلعالم والمجتمع قانون الصحافة المرتقب مدونة اإلعالم ‪ ..‬إلخ في رأيك أستاذ محمد العوني إلى‬ ‫مايدل هذا الحراك أال يمكن أن نتفاءل لألفق الذي سيتشكل من خالله ؟‬ ‫ج ‪ :‬أتمنى أن يكون تفاؤلك في سياق مرتبط بالواقع لكن الوضع في الحقيقة اليدعو للتفاؤل بشكل‬ ‫موضوعي إذا أردنا التعاطي مع المعطيات في الواقع هناك حديث تم تداوله منذ سنوات طويلة حول‬ ‫‪Page 3‬‬


‫إعطاء اإلعالم المكانة التي يستحقها وخصوصا السمعي البصري منه وما تعلق باإلستقاللية واإلسهام في‬ ‫البناء الديموقراطي ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬هل تقصد بالسنوات الطويلة أي منذ مناظرة ‪ 3991‬؟‬ ‫ج ‪ :‬أجل منذ مناظرة ‪ 3991‬أي منذ ‪ 22‬سنة الزلنا ندور في الحلقة المفرغة ‪ ،‬هناك تحكم وتسلط على‬ ‫اإلعالم بشكل اليجعله يقوم بأدواره وهناك عملية إفراغ للعمل اإلعالمي من كل محتوى ‪ ،‬ونموذج‬ ‫الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة هونموذج فاقع للنظر لمن يتتبع األمور وهناك محاربة لكل سعي من‬ ‫قبل الصحفيين لكي يبنوا إستقالليتهم وأن يشتغلوا بمهنية عالية وهذا يعني أن هناك فك إرتباط هذه اآلفاق‬ ‫بوعي المسؤولين وكذلك البد من دورالمجتمع المدني والبد من التحسيس بمكانة اإلعالم وضرورة إنتقاله‬ ‫إلى مرحلة متطورة بحيث اليمكن تصور إنتقال ديموقراطي من دون تحريرحقيقي لإلعالم من كل تسلط‬ ‫وتالعب بالرأي العام‪.‬‬ ‫س ‪ :‬هذا جيرنا إىل سؤال آخر يف موضوع اإلستقاللية مارأيك يف إنفتاح احلقل اإلعالمي‬ ‫السمعي على القطاع اخلاص ؟‬ ‫ج ‪ :‬مع األسف عملية تحريراإلعالم السمعي ينبغي أن توضع بين ظفرين … إن التحرير لم يكتمل إذ لم‬ ‫يكن له المضمون والشكل ولهذا سنجد أن هناك تعدد إذاعي لكن هذا التعدد اليعكس تعبيرات المجتمع‬ ‫كما هي في الواقع فنجد الكثيرمن اإلذاعات الخاصة فيها بعض اإلشراقات غيرأنها إستثناءات تؤكد‬ ‫القاعدة التي هي اإلبتعاد عن البحث عن الحقيقة والترويج لها والعمل اليومي من أجل بناء إستقاللية‬ ‫إعالمية في الواقع لهذا سنجد أن هناك غلبة للتمييع في اإلعالم اإلذاعي وغياب المهنية مثلما وقع‬ ‫للصحافة المكتوبة خالل نهاية التسعينات وبداية األلفين حيث ظهرت منابرإعالمية متقدمة ومتطورة في‬ ‫العمل اإلعالمي النقدي الذي يدافع عن اإلستقرلية بكل ما أوتي من إمكانيات ومهارات ومهنية لكن تم‬ ‫التراجع عن هذا المستوى بفعل حصار قوي في إتجاه الجناح المهيمن داخل السلطة السياسية الذي أفرغ‬ ‫اإلعالم المكتوب وسيطر على جزء كبير منه نظرا لتحكمه في الموارد المالية وفي سوق اإلشهاروهو‬ ‫نفس الوضع نالحظه اليوم باإلذاعات الخاصة فبالرغم من جدتها كنا نتمنى أن تؤسس لتجارب رائدة لكن‬ ‫مع األسف لم يحصل هذا لكن في المقابل الينبغي أن نغمط الزمالء حقهم فهناك إشراقات غيرأنها تبدو‬ ‫مثل الواحات أوجزر معزولة في فضاء يتجه إلى عدم اإلعتماد على مقاييس المهنية وبناء عىقات‬ ‫التواصل الذي يعكس أوضاع الرأي العام ويسعى في هذا الرأي العام يتفاعل معه ويفعل فيه وهذا الوضع‬ ‫هو مع األسف لم نصل إليه بعد وهذا مؤسف ‪ ،‬فهناك أموال كثيرة تضيع وهذا ينضاف إلى الفضاء‬ ‫التلفزي أيضا الذي ينفرالمتلقي سواء كان قارئا أو مستمعا أو مشاهدا وعندما ينفره فإن لهذا المتلقي بدائل‬ ‫عديدة وهذه البدائل مضرة بالوطن وباإلعالم المغربي … هناك بدائل في أغلبها مضرة بمصالح الوطن‬ ‫ومضرة بالمهنة وبتطويرها … إذن ينبغي على المسؤولين على اإلعالم أن يخجلوا من أنفسهم عندما‬ ‫‪Page 4‬‬


‫يطلعوا على هذه النسب من المشاهدين والمستمعين والقراء الذين يتوجهون إلى قنوات وفضائيات وإلى‬ ‫مجالت وجرائد خارجية أوإلى البديل األوسع اآلن المتمثل في اإلعالم اإللكتروني الذي يتضمن هو كذلك‬ ‫اإلعالم األجنبي وهو حاضر بقوة ألن الحرب على اإلعالم واستقالليته أيضا ممارسة في اإلعالم‬ ‫اإللكتروني بالمغرب‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يثار حاليا موضوع املغادرة الطوعية يف هيكلة املوارد البشرية للشركة الوطنية لإلذاعة‬ ‫والتلفزة ؟‬ ‫ج ‪ :‬اجل لقد غادرمنذ شهر تقريبا أوأقل بقليل حوالي ‪ 22‬من أطر الشركة الوطنية من بينهم تقنيون‬ ‫وصحفيون وإداريون‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أعتقد أن هذه األطر املغاردة قد راكمت جتربة إعالمية وتقنية وفنية عالية منذ عشرات‬ ‫السنني أال ميكن أن تؤثرهذه املغادرة على جودة املنتوج اإلعالمي يف الشركة ؟‬ ‫ج ‪ :‬هذا نزيف في الحقيقة اليمكن تصوره إال في مؤسسة التعطي اإلعتبار ألطرها وتقلب طبيعة‬ ‫المؤسسة ومع األسف أنه يوجد ضمن الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة تقريبا ‪ 2122‬إطارمن بينهم ‪022‬‬ ‫صحافي فقط غادر منهم في فترة سابقة ويغادر منهم اآلن العشرات باإلضافة إلى من يغادرون إلى‬ ‫التقاعد ‪ .‬إذن هناك نزيف في األطر اإلعالمية وهذا يؤثرأوال على المؤسسة فهي مقلوبة رأسا على عقب‬ ‫فعوض أن تكون أغلبية العاملين هي من اإلعالميين من صحفيين وتقنيين وفنيين نجد أن األغلبية هي‬ ‫أطر إدارية أغلبها العالقة لها باإلعالم مباشرة ثم هناك سيطرة مدراء ومسؤولين العالقة لهم بالعمل‬ ‫اإلعالمي وهيكلة المؤسسة ككل فيها تصورأن اإلذاعة لم تبق كمديرية علما أن هناك أربع قنوات داخل‬ ‫هذه اإلذاعة الوطنية وهناك األمازيغية وإذاعة القرآن الكريم واإلذاعة الدولية ‪ .‬إذن هذه أربع إذاعات‬ ‫بدون أطرمسيرة بينما نجد أن هناك مديرية الشؤون المالية واإلدارية ومديرية الجانب التقني والمديرية‬ ‫العامة وهناك أزيد من ‪ 312‬مسؤول في اإلذاعة والتلفزة ضمنهم أزيد من ‪ 12‬مذيع وهؤالء يستنزفون‬ ‫ميزانية اإلذاعة والتلفزة وهذا يدفع اإلعالميين والصحفيين على الخصوص إلى مغادرة اإلذاعة والتلفزة‬ ‫ألنهم يشتغلون ويكدون واآلخرون يأخذون تعويضات مرتفعة ‪ ،‬فهناك مدراء يتقاضون ‪ 5‬ماليين سنتيم‬ ‫شهريا ومنهم من يتقاضون ‪ 1‬ماليين شهريا في حين جل الصحافيين التصل مرتباتهم حتى إلى أقل من‬ ‫نصف هؤالء‪.‬‬ ‫س ‪ :‬األستاذ حممد العوني حضرت أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة اإلتصال‬ ‫باملعهد العالي لإلتصال واإلعالم يوم ‪ 32‬مارس من هذه السنة وكنت من أبرز املناهضني‬ ‫لفكرة تقنني الصحافة اإللكرتونية لكن يف املقابل كيف تنظرإىل الفوضى العارمة اليت يشهدها‬ ‫هذا القطاع ؟‬

‫‪Page 5‬‬


‫ج ‪ :‬نعم مثلما وقع في الصحافة المكتوبة في المغرب هناك نقاش مجانب للصواب وهو نقاش يحاول من‬ ‫خالل بعض التوجهات المتسلطة خلط حرية اإلعالم وحرية التعبيربتنظيم المهنة وهذا نفسه يعاد طرحه‬ ‫في اإلعالم اإللكتروني وهناك مجاالت للتعبير واسعة اليمكن تقنينها أبدا ونحن اليمكن أن نعيد صنع‬ ‫العجلة وما علينا إال أن نطل على تجارب البلدان التي سبقتنا في هذا المجال وحققت تطورا هائال‬ ‫وبالتالي هناك مجال للعمل اإلعالمي الذي أصبح اإلعالم اإللكتروني أحد جبهاته … إن هذا اإلعالم‬ ‫اإللكتروني يقوم بأدوار ووظائف طبقا للشروط المهنية ينبغي أن يخضع للتنظيم العادي كما هو األمر في‬ ‫الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية أما أن تحاول وزارة اإلتصال أو غيرها من أجهزة الدولة لتفرض‬ ‫قوانين الرقابة والمنع والحجب وإحصاء األنفاس داخل اإلنترنت فهذا غيرمقبول … إنه نفس النقاش‬ ‫الذي وقع قبل سنوات عديدة في المغرب حول بعض األطراف التي لجأت إلى إصدارنشراتها الخاصة‬ ‫بشكل غير مهني وقضينا سنوات طويلة من أجل أن نصل إلى هذا الفصل المنهجي الضروري بين ماهو‬ ‫مؤسسة إعالمية وماهو تعبيرحر كما هو الحال عند كاتب معين يكتب عمودا يوميا أو أسبوعيا في جريدة‬ ‫ما إن هذا يندرج ضمن حريته الشخصية فهل يمكن أن نراقبه ‪..‬؟ إذن الموضوع هو كيف يكون هناك‬ ‫تنظيم لإلعالم عامة واإلعالم اإللكتروني خاصة وهذا التنظيم يبدأ أوال بتوفيرحقوق اإلعالميين قبل أن‬ ‫نطالبهم بواجباتهم ‪ .‬اليمكن محاربة اإلشاعة بدون توفير المعلومة والخبرللناس عامة وللصحافيين بشكل‬ ‫خاص ‪ ..‬أيضا اليمكن محاربة القذف والشتم الذي يتورط فيه البعض دون أن نوفرفضاءات‬ ‫للحوارالمفتوح الذي يعبر فيه الجميع ‪ .‬اليمكن تجاوز هذه اإلنزالقات بدون توفيرشروط للحوار واإلعالم‬ ‫قد تجاوز وظائفه التقليدية وأصبح فضاءا للحواروالتواصل والنقاش العميق ‪ ..‬هذا الجانب هو الذي ينبغي‬ ‫أن نوفره عبربرامج حوارية في اإلعالم السمعي البصري وأن يشرك فيه الجميع ‪ ،‬آنذاك سنجد أنفسنا‬ ‫أمام الحوارالراقي الذي يطرد الحوارات المسفة والمبتذلة وهو من دون الشك السبيل الوحيد وليس‬ ‫بالتقنين والعقاب علما أنه عندما نالحظ ونمحص في اإلعالم المغربي عامة نجد الخروقات واإلنتهاكات‬ ‫من قبل اإلعالميين وهي نادرة لكن الحاضر بقوة هو إنتهاك حقوق اإلعالميين بدءا بمحاولة السلطات‬ ‫التحكم في اإلعالم والتالعب بالرأي العام وعدم تقديراإلعالميين وإعطائهم المكانة التي يستحقون‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أخريا األستاذ حممد العوني جملة إحتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة تشكركم على سعة‬ ‫‪.‬‬ ‫صدركم وعلى تفاعلكم مع قرائها‬

‫‪Page 6‬‬


‫حوار مع الناقد السينمائي املغربي أمحد سيجلماسي ‪:‬‬ ‫ذاكرة السينما املغربية بامتياز‬ ‫أجنز احلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫عرف الناقد والصحافي السينمائي أحمد سيجلماسي ‪ ،‬أستاذ الفلسفة بالتعليم الثانوي من ‪ 2891‬إلى‬ ‫‪ ، 1222‬باهتمامه بالتوثيق لذاكرة السينما بالمغرب منذ ثالثين سنة ‪ ،‬هذا االهتمام الذي نشأ عنده منذ‬ ‫مرحلتي الطفولة والمراهقة حيث كان مولعا بتجميع صور الممثلين وملصقات األفالم التي كان يشاهدها‬ ‫في مختلف القاعات السينمائية الشعبية بمسقط رأسه فاس وبالدار البيضاء أثناء زيارته ألخته التي كانت‬ ‫تقطن بحي درب السلطان في الستينات من القرن الماضي ‪ ،‬وذلك قبل أن ينفتح على النوادي السينمائية‬ ‫بفاس (نادي الشاشة ‪ ،‬نادي الفن السابع ‪ ،‬نادي ايزنشتاين ‪ ،‬نادي ‪ ، 21‬نادي الركاب للسينما والثقافة )‬ ‫التي صقلت اهتمامه التوثيقي هذا بعروضها السينمائية ذات القيمة الفنية والفكرية وبنقاشاتها ومختلف‬ ‫أنشطتها وأغنت ثقافته السينمائية وجعلته يتعرف على كبار المبدعين السينمائيين في العالم ‪.‬‬ ‫األستاذ أحمد سيجلماسي من مواليد فاس سنة ‪ ، 2892‬له اهتمام خاص بتاريخ السينما بالمغرب ‪ ،‬نشر‬ ‫العديد من النصوص في مختلف المنابر اإلعالمية الورقية (ثم اإللكترونية فيما بعد) منذ سنة ‪، 2899‬‬ ‫كما شارك في ندوات عدة وفي مؤلفات جماعية حول تجارب مخرجين كبار كداوود أوالد السيد ومحمد‬ ‫عبد الرحمان التازي ومومن السميحي وأحمد المعنوني وجياللي فرحاتي وسعد الشرايبي ‪...‬‬ ‫يحضر البعد التاريخي – التوثيقي بقوة في كتاباته النقدية والصحافية التي تدخل في إطار مشروع‬ ‫شمولي حول التأريخ للظاهرة السينمائية بالمغرب ‪ ،‬ومن نصوصه في هذا المجال نذكر على سبيل‬ ‫المثال ‪ 222 :‬سنة من السينما بالمغرب ‪ ،‬مالحظات أولية حول السينما كمصدر من مصادر التاريخ‬ ‫‪Page 1‬‬


‫المعاصر ‪ ،‬الفيلموغرافيا السينمائية المغربية ‪ ،‬تاريخ حركة األندية السينمائية بالمغرب ‪ ،‬التأريخ للظاهرة‬ ‫السينمائية بالمغرب ‪ ،‬بيوفيلموغرافيات بعض الفاعلين السينمائيين المغاربة (محمد عصفور ‪ ،‬ابراهيم‬ ‫السايح ‪ ،‬محمد عبازي ‪ ،‬حميدو بنمسعود ‪ ،‬عبد القادر مطاع ‪ ،‬راوية ‪ ،‬محمد مرنيش ‪ ،‬خديجة جمال ‪،‬‬ ‫محمد الحبشي ‪ ،‬محمد الركاب ‪ ،‬نعيمة لمشرقي ‪ ،‬أحمد الطيب لعلج ‪،‬محمد مجد ‪ ،‬محمد بسطاوي ‪،‬‬ ‫محمد خيي ‪ ،‬محمد الشوبي ‪ ،‬إدريس الروخ ‪... ) ... ،‬‬ ‫صدر له سنة ‪ 2888‬كتاب " المغرب السينمائي ‪ :‬معطيات وتساؤالت " وأعد ونشط بإذاعة فاس‬ ‫الجهوية من ‪ 2882‬الى ‪ 1222‬برنامجين سينمائيين هما ‪ " :‬ملفات سينمائية " و " المغرب السينمائي "‬ ‫‪ ،‬كما شارك في عضوية لجنة دعم االنتاج السينمائي الوطني من ‪ 2889‬الى ‪ 1222‬وفي المكتب‬ ‫المسير للجامعة الوطنية لألندية السينمائية بالمغرب من ‪ 2882‬الى ‪ ، 2881‬وكان رئيسا للجنة‬ ‫الصحافة بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة سنة ‪ 2889‬وعضوا (أو رئيسا) في لجن تحكيم مسابقات‬ ‫األفالم بمهرجانات وملتقيات سينمائية مغربية عديدة ‪ .‬يشتغل حاليا كمسؤول إعالمي بالعديد من‬ ‫التظاهرات السينمائية المنظمة بمختلف المدن المغربية ‪ ،‬التي ال يبخل عليها بأفكاره ومالحظاته وخبرته‬ ‫‪ ،‬ويحضر إلصدار سلسلة من الكتب ذات الطبيعة التوثيقية – التأريخية حول الفيلموغرافيا المغربية‬ ‫واإلصدارات السينمائية وحركة األندية السينمائية والممثلين والمخرجين ‪...‬‬ ‫في هذا الحوار المطول نبش في جانب من تاريخ أحمد سيجلماسي السينمائي منذ مرحلة الطفولة ‪ ،‬وإثارة‬ ‫لبعض القضايا المرتبطة بالنقد والصحافة السينمائيين وبواقع السينما بالمغرب والحركية الملحوظة على‬ ‫مستويي إنتاج األفالم وتنظيم التظاهرات السينمائية ‪ ،‬وتعرف على انطباعاته فيما يخص سينما األلفية‬ ‫الثالثة بالمغرب وأمور أخرى ‪.‬‬ ‫املدرسة وحب السينما وفنون أخرى‬ ‫س‪ :‬األستاذ أمحد سيجلماسي ‪ ،‬حدثنا بداية عن عالقتك بالسينما وأنت طفل بفاس !‬ ‫ج ‪ :‬عندما أعود بذاكرتي إلى مرحلة الطفولة ‪ ،‬خاصة عندما كنت تلميذا بمدرسة باب ريافة اإلبتدائية‬ ‫(قرب جنان السبيل) في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي ‪ ،‬تمر أمام عيني لقطات‬ ‫ومشاهد من أفالم شارلي شابلن ولوريل وهاردي وباستر كيطون وغيرها كنا نشاهدها داخل قسم عادي‬ ‫بعد إحضار األفالم وآلة العرض (‪ 21‬ملم) وإغالق النوافذ والستائر السوداء اللون ‪ .‬هذه الصور‬ ‫السينمائية الصامتة والمتحركة ‪ ،‬كنا كتالميذ صغار من القسم الثالث وما بعده نتفاعل معها بعفوية في جو‬ ‫من الضحك والمرح الطفوليين ‪ ،‬وكانت حصص هذه العروض السينمائية األسبوعية بمثابة متنفس لنا‬ ‫داخل مؤسسة تعليمية يطبعها طابع الصرامة والجدية وتتقاسمها في الغالب عقليتان لدى أسرة التدريس ‪:‬‬ ‫عقلية جل معلمي اللغة العربية الذين كانوا يكرهوننا على الحفظ (القرآن الكريم والمحفوظات وقواعد‬ ‫النحو إلخ ‪ )..‬ويعاقبوننا جسديا ومعنويا في حاالت اإلخالل بواجباتنا المدرسية ‪ ،‬وعقلية بعض معلمي‬ ‫الفرنسية الذين كانوا يوظفون السينما والمسرح والموسيقى والرسم وغيرها من الفنون في تمكيننا من‬ ‫‪Page 2‬‬


‫اللغة الفرنسية نطقا وكتابة وإلقاء ‪ ،‬وكانوا يشرفون على تنظيم مسابقات مختلفة في بعض المناسبات‬ ‫وخصوصا في نهاية الموسم الدراسي ‪.‬‬ ‫الزلت أذكر كذلك أول وقوف لي على خشبة مسرح سينما أمبير في موسم ‪ 2812/2898‬رفقة معلمنا‬ ‫موسيو سيريوا ‪ ،‬اليهودي الديانة ‪ ،‬وثلة من تالميذ القسم الثالث وهو يديرنا كمايسترو أثناء أدائنا لنشيد‬ ‫بالفرنسية أمام لجنة تحكيم في إطار مسابقة بين المدارس ‪.‬‬ ‫لقد زرع فينا هذا المعلم وغيره حب السينما والفنون األخرى ‪ ،‬والزلت لحد اآلن أحفظ عن ظهر قلب‬ ‫الكثير من األناشيد التي كان يدربنا على إلقائها وحفظها في بداية كل حصة دراسية معه ‪ .‬زد على ذلك‬ ‫أن مدير المدرسة موسيو غران جان كان متفتحا هو اآلخر ويتعاطف مع التالميذ ويشجعهم على اكتشاف‬ ‫مواهبهم الرياضية والفنية وغيرها ‪.‬‬ ‫لقد انفتحت على الفنون وقراءة القصص منذ السنوات األولى في مدرستنا العمومية " باب ريافة " ‪ ،‬ومما‬ ‫عزز ارتباطي بالقراءة ومشاهدة األفالم في هذا السن المبكر هو تواجد العديد من المراكز الثقافية العربية‬ ‫واألجنبية بالقرب من المدرسة ‪ ،‬وهذه المراكز كانت تقدم لنا خدمات كثيرة بالمجان ‪ .‬ففي طريق العودة‬ ‫من المدرسة إلى منزلنا بحي " قصبة النوار" (قرب باب بوجلود) مرورا بساحة البطحاء ‪ ،‬كنت أزور‬ ‫رفقة بعض أصدقاء الدراسة المركز الثقافي المصري أو البريطاني أو األمريكي ‪ ،‬المتمركزون آنذاك في‬ ‫حي البطحاء وما جاوره ‪ ،‬وكنا نستفيد يوميا أو أسبوعيا من قراءة كتبهم ومنشوراتهم ونشاهد أفالمهم‬ ‫(من أشهرها عند المصريين سلسلة األطفال " زوزو " وقصص إبراهيم األبراشي وأفالم إسماعيل ياسين‬ ‫وغيرها ‪ ،‬وعند البريطانيين مجلة " هنا لندن " في نسختها العربية ‪. )...‬‬ ‫وبعد التعود على مشاهدة األفالم في المدرسة والمراكز الثقافية المصرية والبريطانية واألمريكية‬ ‫والفرنسية انفتحت رفقة أصدقاء الحي على القاعات السينمائية الشعبية (بوجلود ‪ ،‬الهالل ‪ ،‬األندلس ‪،‬‬ ‫الملكية ) في مطلع الستينات عندما تجاوزت العاشرة من العمر ‪ ،‬وأصبحت مدمنا على مشاهدة األفالم‬ ‫األمريكية (رعاة البقر ‪ ،‬أفالم البيبلوم ‪ ،‬أفالم الحركة والمغامرات عموما‪ ) ...‬واألفالم المصرية (البدوية‬ ‫ك " رابحة " و " عنترة بن شداد " ‪ ،‬والدينية ‪ /‬التاريخية ك " ظهور اإلسالم " و " الناصر صالح الدين‬ ‫" ‪ ، ...‬واالستعراضية كأفالم فريد األطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهما ‪ )...‬واألفالم الهندية (من بطولة‬ ‫ديليب كومار وشامي كابور وغيرهما ‪ )..‬وبعض األفالم األروبية الفرنسية واإليطالية بشكل خاص ‪.‬‬ ‫وعندما انتقلت إلى اإلعدادي بملحقة ثانوية موالي إدريس (مدرسة شارع السالوي حاليا) بالمدينة‬ ‫الجديدة من ‪ 2811‬إلى ‪ 2819‬انفتحت على قاعات سينمائية أخرى كأمبير وأسطور وبيجو وقوس قزح‬ ‫وأبولو ولوكس ولوباريس (سينما الهواء الطلق بزنقة كوني ) ‪.‬‬ ‫كنت كلما شاهدت فيلما جديدا أحكي قصته بالتفاصيل ألصقائي في الحي على شكل حلقة ليلية بدرب‬ ‫الساحة (قصبة النوار) ‪ ،‬وفي هذه الفترة كنت كذلك مولعا ب " الحالقي " (فضاءات باب الماكينة ‪ ،‬باب‬ ‫الساكمة ‪ ،‬باب فتوح ‪ ،‬بوجلود ‪ ) ...‬وبرواة السير (كاألزلية والعنترية) وقصص " ألف ليلة وليلة "‬ ‫‪Page 3‬‬


‫وعلى رأسهم " براق العيار سابق الطيار " ‪ ،‬كما كنا نسميه ونحن يافعين ‪.‬‬ ‫أفالم كثرية نقشت يف ذاكرتي‬ ‫س‪ :‬ماهي األفالم العاملية واملغربية اليت نقشت يف ذاكرتك ؟‬ ‫ج ‪ :‬األفالم العالمية التي نقشت في ذاكرتي كثيرة جدا يصعب إحصاؤها ‪ ،‬فقد شاهدت أفالما مختلفة‬ ‫ومتنوعة من كل األصناف واألجناس والجنسيات ‪ .‬وقد اختلف إعجابي بها باختالف المراحل العمرية ‪.‬‬ ‫ففي مرحلة الطفولة (مرحلة اإلبتدائي) أعجبت والزلت لحد اآلن بأفالم فيلسوف السينما العالمية شارلي‬ ‫شابلن ‪ ،‬وفي مرحلة اإلعدادي كنت مياال أكثر ألفالم البيبلوم (أي األفالم التي تستلهم قصصها من‬ ‫األساطير اليونانية القديمة وأبطالها المشهورين كهرقل وعوليس وغيرهما أو من التاريخ الروماني القديم‬ ‫وحروبه ومعاركه أو من سير بعض الشخصيات الدينية كعيسى وموسى عليهما السالم ‪ )...‬واألفالم‬ ‫الهندية وخصوصا التي دبلجها الراحل إبراهيم السايح إلى العربية الدارجة ومن أشهرها فيلم " منكال‬ ‫البدوية " و " أمنا الهند " من إخراج محبوب خان ‪ ،‬وكذلك أفالم النجمين الهنديين شامي كابور وديليب‬ ‫كومار وغيرهما كثير ‪ ،‬واألفالم االستعراضية العربية من بطولة عبد الحليم حافظ (بشكل خاص) وفريد‬ ‫األطرش وفيروز وصباح وماهر العطار ومحرم فؤاد وسميرة توفيق ‪...‬‬ ‫عندما انتقلت إلى التعليم الثانوي وقع تحول في اختياراتي لألفالم بتأثير من بعض أساتذة اللغة الفرنسية ‪،‬‬ ‫الذين كانوا يوجهوننا كتالميذ لمشاهدة بعض األفالم ذات القيمة الفنية والفكرية (أفالم الموجة الجديدة‬ ‫الفرنسية نموذجا أو األفالم السياسية ك " ساكو وفانزيتي " و " اإلعتراف " و " القضية ماتيي " ‪. )...‬‬ ‫وتعزز هذا التحول عندما انخرطت ألول مرة سنة ‪ 2818‬في نادي سينمائي كان معروفا بفاس وخارجها‬ ‫آنذاك هو " نادي الشاشة " ‪ ،‬وبفضل عروض هذا النادي ومناقشاته لألفالم تعرفت على سينمات وأفالم‬ ‫لم أكن أعرفها من قبل لسبب بسيط هو أن معظمها لم يكن باإلمكان مشاهدتها في القاعات التجارية ‪.‬‬ ‫ومنذ لحظة االحتكاك األولى بحركة األندية السينمائية أصبحت أهتم بالسينما ال كفرجة فحسب بل كثقافة‬ ‫وإبداع فني كذلك ‪ .‬وفي هذا اإلطار شاهدت روائع سينمائية من توقيع مخرجين كبار من فرنسا وألمانيا‬ ‫وإيطاليا والسويد وأروبا الشرقية واإلتحاد السوفياتي والواليات المتحدة األمريكة وأمريكا الالتينية‬ ‫وبعض الدول العربية من ضمنها المغرب الذي اكتشفنا بعض مخرجيه الكبار فيما بعد كأحمد البوعناني‬ ‫(طرفاية أو مسيرة شاعر ‪ ،‬ستة وإثنا عشر ‪ ،‬الذاكرة ‪ ، 22‬السراب ‪ )...‬وحميد بناني (وشمة) وأحمد‬ ‫المعنوني (أليام أليام ‪ ،‬الحال ) والجياللي فرحاتي (جرحة في الحائط ‪ ،‬عرائس من قصب ‪ )...‬ومحمد‬ ‫الركاب (حالق درب الفقراء ) ‪...‬‬ ‫قبل وبعد اإلخنراط يف النوادي السينمائية‬ ‫س ‪ :‬لنركز على فرتة السبعينات ‪ ،‬حدثنا عن تنامي الوعي بالفن السينمائي من خالل‬ ‫األندية السينمائية ؟‬ ‫ج ‪ :‬قبل اإلنخراط في النوادي السينمائية بفاس انطالقا من موسم ‪( 2822/2818‬نادي الشاشة) وما تاله‬ ‫‪Page 4‬‬


‫من مواسم أخرى (نادي ‪ ، 21‬نادي الفن السابع ‪ ،‬نادي إيزنشتاين ) وصوال إلى مساهمتي في تأسيس "‬ ‫نادي الركاب للسينما والثقافة " في مطلع التسعينات من القرن الماضي ‪ ،‬كان اهتمامي بالسينما وأفالمها‬ ‫يرتكز باألساس على الفرجة وتتبع أخبار الممثلين والممثالت وجمع صورهم وقراءة المجالت السينمائية‬ ‫والفنية العربية (الكواكب ‪ ،‬الموعد ‪ )...‬والفرنسية (مجلة السينما ‪ ،‬سينما العالم ‪ . )...‬وكنت حينها أحفظ‬ ‫عن ظهر قلب (والزلت لحد اآلن) جل أسماء نجوم السينما العربية (المصرية واللبنانية أساسا) والهندية‬ ‫واألمريكية واألروبية بحكم طبيعة األفالم التي كانت تعرض بنجاح بالقاعات السينمائية في عصرها‬ ‫الذهبي منذ الخمسينات إلى منتصف الثمانينات ‪ .‬وبعد انخراطي في األندية السينمائية والمواضبة على‬ ‫االستفادة من عروضها المختلفة وحضور مناقشات األفالم وبعض األنشطة الثقافية المرتبطة بها‬ ‫(كالندوات واللقاءات المفتوحة مع المبدعين وأسابيع السينما الفلسطينية والبولونية والسويسرية وغيرها )‬ ‫بدأت ثقافتي السينمائية تتشكل شيئا فشيئا إلى أن أصبحت قادرا على تذوق الفن السينمائي الرفيع والتمييز‬ ‫بين األفالم و الال أفالم ‪ .‬كما تحول اهتمامي من التركيز على الممثلين فقط إلى التقرب من عوالم‬ ‫المخرجين اإلبداعية ومحاولة الوقوف على ما يميز بعضهم عن البعض اآلخر على مستوى الكتابة‬ ‫السينمائية ‪ .‬ومما زاد في تعميق معرفتي بمختلف المدارس واإلتجاهات السينمائية العالمية‬ ‫وبخصوصيات المبدعين الكبار كتروفو وغودار ودي سيكا ويوسف شاهين وساتيا جيت راي وصالح‬ ‫أبو سيف وبوالنسكي وفاجدا وبيرغمان وهيتشكوك وغيرهم كثير قراءاتي للكتب والمجالت السينمائية‬ ‫الرصينة (ك " دفاتر السينما "‪ ،‬الفرنسية ‪ ،‬و" الحياة السينمائية " ‪ ،‬السورية ‪ ،‬و" الم ألف " (ال) ‪،‬‬ ‫المغربية ‪ ،‬وغيرها) خصوصا بعد أن أصبحت طالبا جامعيا في العلوم اإلقتصادية بكلية الحقوق بالدار‬ ‫البيضاء أو في الفلسفة وعلم اإلجتماع وعلم النفس بكلية اآلداب (ظهر المهراز) بفاس ‪ ،‬بالموازاة مع‬ ‫عملي كأستاذ للرياضيات باإلعدادي من ‪ 2821‬إلى ‪. 2891‬‬ ‫لقد شكلت األندية السينمائية ‪ ،‬بالنسبة لي ولغيري من عشاق السينما وثقافتها ‪ ،‬مدرسة حقيقية تعلمنا فيها‬ ‫أبجديات اللغة السينمائية وتقنيات التنشيط الثقافي السينمائي وأساليب التدبير الجمعوي ‪ ،‬واستمتعنا عبر‬ ‫برامجها المتنوعة بروائع السينما العالمية ‪ ،‬واستأنسنا من خالل أنشطتها ونشراتها المختلفة بتقنياتها‬ ‫السينما ومهنها ومصطلحاتها وغير ذلك ‪.‬‬ ‫األندية السينمائية واإلرهاصات األولية للنقد السينمائي‬ ‫س ‪:‬هل ميكن إعتبار حركة األندية السينمائية ‪ ،‬اليت غطت أنشطتها جل املدن‬ ‫املغربية وبعض املراكز القروية ‪ ،‬مبثابة املرجعية األساسية للنقد السينمائي ببالدنا ؟‬ ‫ج ‪ :‬مما الشك فيه أن اإلرهاصات األولية للنقد السينمائي المغربي تشكلت داخل األندية السينمائية منذ‬ ‫الستينات مع الفيدرالية الوطنية ثم بعد ذلك مع الجامعة الوطنية لألندية السينمائية بالمغرب (جواسم) التي‬ ‫تأسست سنة ‪ . 2821‬فهذا النقد ظل شفويا لعدة سنوات داخل األندية السينمائية وبدأ يتبلور تدريجيا على‬ ‫شكل نصوص مكتوبة بالفرنسية أو العربية نشرت في الجرائد الوطنية ونشرات األندية الموسمية وبعض‬ ‫‪Page 5‬‬


‫المجالت القليلة ك " الشاشة المغربية " (في النصف األول من عقد الستينات) و" الم ألف " (‪ 122‬عدد‬ ‫من ‪ 2811‬إلى ‪ )2899‬و" سينما ‪( " 1‬أربعة أعداد سنة ‪ )2822‬و" دراسات سينمائية " (‪ 21‬عددا من‬ ‫‪ 2899‬إلى ‪ ... )2882‬ويمكن القول إجماال أن جل نقاد السينما المغاربة تربوا في أحضان حركة‬ ‫األندية السينمائية ‪ ..‬منهم من استمر في تغليب النقد الشفوي في التظاهرات السينمائية ‪ ،‬ومنهم من دخل‬ ‫مغامرة النشر الورقي أوال على صفحات الجرائد والمجالت داخل الوطن وخارجه ثم اإللكتروني الحقا ‪،‬‬ ‫ومنهم من أعد أو نشط أو أنتج برامج سينمائية لإلذاعة والتلفزيون ‪ ،‬ومنهم من أصدر كتبا سينمائية ‪...‬‬ ‫س ‪ :‬كيف إذن إخنرطت يف جمال النقد السينمائي ؟‬ ‫ج ‪ :‬كغيري من النقاد المغاربة مارست النقد الشفوي في البداية ‪ ،‬وفي منتصف الثمانينات انطلقت‬ ‫تجربتي في النشر الورقي مع جرائد " االتحاد اإلشتراكي " و " العلم " ومجلة " دراسات سينمائية "‬ ‫وغيرها على شكل مواكبات صحفية ألنشطة بعض األندية السينمائية أو بعض التظاهرات هنا وهناك أو‬ ‫على شكل ترجمات من الفرنسية إلى العربية لمقاالت ذات منحى تأريخي لها عالقة بالسينمات الهندية‬ ‫والمصرية والمغاربية وغيرها ‪ ،‬وكنت من حين آلخر أنشر بعض القراءات المركزة في أفالم وتجارب‬ ‫سينمائية مغربية أو بعض األوراق التعريفية بالمخرجين والممثلين المغاربة وغيرهم بمناسبات تكريمهم ‪.‬‬ ‫كما واكبت نقديا العديد من البرامج التلفزيونية واإلذاعية (خصوصا السينمائية والفنية منها) وعبرت من‬ ‫خالل بعض المقاالت عن وجهات نظري في واقع الممارسة السينمائية ببالدنا ‪ .‬والزلت لحد اآلن ‪ ،‬لكن‬ ‫بكثافة أكثر مقارنة مع الماضي ‪ ،‬أواكب مستجدات الساحة السينمائية الوطنية ‪ ،‬ورقيا وإلكترونيا ‪ ،‬بحكم‬ ‫ارتباطي بكثير من التظاهرات السينمائية كمسؤول إعالمي ‪ ،‬وأحاول من حين آلخر التوثيق والتأريخ‬ ‫لبعض جوانب تاريخنا السينمائي ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬لنتحدث بصراحة ‪ ،‬هل لدينا فعال يف املغرب نقد سينمائي حمرتف وأكادميي ؟‬ ‫ج‪:‬من الصعب الحديث عن نقد سينمائي محترف بالمغرب وذلك ألن جل الممارسين له بمستوياته‬ ‫المختلفة (اإلنطباعي ‪ ،‬الصحفي ‪ ،‬التأويلي ‪ ،‬األكاديمي ‪ )...‬هم هواة أوعشاق للسينما وثقافتها ‪ ،‬ألنهم ال‬ ‫يعيشون من مردوديته إن كانت له فعال مردودية ‪ .‬فما دامت الممارسة السينمائية ببالدنا لم تتأسس بعد‬ ‫كممارسة احترافية بالمعنى الحقيقي للكلمة أي كصناعة تراهن على السوق ويتحكم فيها منتجون خواص‬ ‫حقيقيون ‪ ،‬فسيظل وضع الناقد السينمائي كوضع الممثل أو المخرج أو التقني أو غيرهم من الفاعلين في‬ ‫حقل السينما ‪ ،‬ال يتحرك الواحد منهم إال عندما يتوفر دعم الدولة باعتبارها المحرك األول واألساسي‬ ‫لعجلة اإلنتاج وتنظيم المهرجانات وإصدار المنشورات وغير ذلك ‪.‬‬ ‫ورغم غياب الناقد السينمائي المحترف ‪ ،‬الذي يعيش من مهنته كناقد سينمائي (أو فني) ومن الخدمات‬ ‫الثقافية التي يقدمها لفائدة منبر إعالمي ورقي أو إلكتروني أو إذاعي أو تلفزيوني أو غيره ‪ ،‬فال تخلو‬ ‫الساحة السينمائية المغربية من نقاد وباحثين حقيقيين لهم حضور منتظم واطالع واسع على تاريخ السينما‬ ‫وما يرتبط بها من معرفة وتتميز كتاباتهم وتدخالتهم بالرصانة والعمق ‪.‬‬ ‫‪Page 6‬‬


‫إال أن النقاد الذين عرفوا بانتظاميتهم في الكتابة والنشر على امتداد ثالثة عقود على األقل ‪ ،‬كما عرفوا‬ ‫بغزارة كتاباتهم بالفرنسية أصال وأحيانا بالعربية (الصديقين أحمد عريب ومحمد باكريم نموذجان)‬ ‫وارتباطهم بالعديد من المنابر اإلعالمية (جرائد ومجالت) بمقابل مادي على امتداد تاريخهم النقدي ‪،‬‬ ‫يحسبون على رؤوس أصابع اليد الواحدة ‪.‬‬ ‫أما الغالبية العظمى ممن مارسوا الكتابة النقدية السينمائية في فترة من فترات حياتهم الثقافية والجمعوية‬ ‫فقد ظلت كتاباتهم موسمية ومتقطعة ‪ ،‬وجلهم إن لم نقل كلهم لم يتقاضوا تعويضا ماليا عن نشرها ‪،‬‬ ‫والكثيرون منهم توقفوا عن الكتابة لسبب من األسباب ‪.‬‬ ‫مجال النقد شأنه شأن مجاالت التشخيص واإلخراج وتنفيذ اإلنتاج وباقي التخصصات التقنية السينمائية‬ ‫األخرى ‪ ،‬فيه المتخصصون والموهوبون والمتمكنون وفيه الدخالء والمتطفلون ومن ال مهنة لهم أصال ‪.‬‬ ‫س‪ :‬النقد السينمائي يتطلب منابر خاصة ‪ ،‬مارأيك يف الصحافة الورقية اخلاصة بالنقد‬ ‫السينمائي ؟‬ ‫ج ‪ :‬الصحف والمجالت الورقية المتخصصة في النقد والثقافة السينمائيين بالمغرب شبه منعدمة ‪،‬‬ ‫فباستثناء " المجلة المغربية لألبحاث السينمائية " ‪ ،‬التي أصدرت منها " الجمعية المغربية لنقاد السينما "‬ ‫لحد اآلن ثالثة أعداد بدعم من وزارة اإلتصال ‪ ،‬األول في دجنبر ‪ 1221‬والثاني في أبريل ‪1222‬‬ ‫والثالث في نونبر ‪ ، 1222‬وباستثناء مجلة " سينفيليا " (صدر منها ابتداء من أواخر سنة ‪ 1222‬عددان‬ ‫ورقيان) ‪ ،‬وباستثناء المجلة السنوية " وشمة " التي تصدرها جمعية أصدقاء السينما بتطوان ‪ ،‬ال توجد‬ ‫مجالت سينمائية أخرى أو جرائد أو نشرات متخصصة في الفن السابع ‪ .‬فحتى الصفحات السينمائية التي‬ ‫اشتهرت بها العديد من جرائدنا الوطنية في السبعينات والثمانينات وما بعدها توقفت ولم تصمد منها إال‬ ‫صفحات قليلة لعل أشهرها الصفحة األسبوعية لجريدة " العلم " التي يشرف عليها حاليا الصديق الشاب‬ ‫الصحفي والمخرج السينمائي التهامي بورخيص وصفحة جريدة " الرأي " (بالفرنسية) التي يحررها‬ ‫أسبوعيا الناقد والمؤرخ السينمائي المغربي أحمد عريب وصفحة جريدة " البيان " (بالفرنسية) التي‬ ‫يشرف عليها الناقد والصحافي محمد باكريم ‪.‬‬ ‫وواقع اليوم ال يختلف كثيرا عن واقع األمس ‪ ،‬وذلك ألن المغرب لم يشهد في تاريخه السينمائي صدور‬ ‫إال عدد محدود جدا من المجالت السينمائية من بينها ‪ " :‬الشاشة المغربية " (في منتصف الستينات) و "‬ ‫سينما ‪( " 1‬أربع أعداد فقط سنة ‪ )2822‬و" دراسات سينمائية " (‪ 21‬عددا من ‪ 2899‬إلى ‪ )2882‬و‬ ‫" سين ‪ .‬ما " و " سينماك " وغيرها ‪ ،‬باإلضافة إلى مجالت أخرى تحضر فيها السينما إلى جانب فنون‬ ‫أخرى من بينها " فيزيون " و" سيني مسرح " و " سينما وتلفزيون " وغيرها ‪...‬‬ ‫كل هذه المجالت أو الصفحات السينمائية كان وراءها جمعويون وعشاق للسينما ومتطوعون من حركة‬ ‫األندية السينمائية وغيرهم ‪ ،‬ولم تكن وراءها مؤسسات إعالمية قوية ومحترفة ‪ ،‬ولهذا لم تعمر طويال‬ ‫كل هذه التجارب ‪ .‬زد على ذلك أن المجتمع المغربي ليس مجتمعا قارئا ‪ ،‬فكيف يمكن ضمان استمرارية‬ ‫‪Page 7‬‬


‫هذه المنشورات وغيرها ؟‬ ‫س ‪ :‬يغلب على النقد أنه سينمائي وليس سينمائي تلفزيوني ؟ ملاذا ؟‬ ‫ج ‪ :‬في السابق كان الممارسون للنقد السينمائي يقللون من شأن التلفزيون وإنتاجاته بحكم أن إبداعات‬ ‫السينما أكثر عمقا وقوة ولها قدرة على الصمود زمنيا ‪ ،‬وأن األفالم والمسلسالت والبرامج التلفزيونية‬ ‫وغيرها غالبا ما يتم نسيانها بعد عرضها على الشاشة الصغيرة ‪ .‬ورغم هذه النظرة الدونية إلنتاجات‬ ‫التلفزيون فقد شهد التاريخ النقدي المغربي اهتماما بالسينما والتلفزيون معا من طرف ثلة من النقاد‬ ‫المغاربة ‪ .‬فأنا شخصيا نشرت العديد من المقاالت النقدية حول برامج التلفزيون وحررت ركنا أسبوعيا‬ ‫بعنوان " مآخد " ‪ ،‬عندما كنت متعاونا خارجيا مع صفحتي جريدة " العلم " ‪ " :‬عين على التلفزة " و "‬ ‫العلم السينمائي " من ‪ 2898‬إلى حدود أواخر التسعينات من القرن الماضي ‪ ،‬قبل أن أرتبط بجريدة "‬ ‫األحداث المغربية " بعد انطالقتها سنة ‪ 2889‬والتي كنت أزودها بمواد ركن أسبوعي يحمل عنوان "‬ ‫مفارقات سينمائية " ومواد أخرى سينمائية وتلفزيونية ‪ .‬ففي صفحة " عين على التلفزة " نشرت العديد‬ ‫من المقاالت النقدية حول برامج مشهورة ‪ ،‬أثار بعضها ردود فعل عنيفة أحيانا من طرف المشرفين على‬ ‫تلك البرامج (برنامج " ذاكرة المدن " نموذجا) ‪ ،‬كما واكبت إعالميا مختلف البرامج التلفزيونية (في‬ ‫القناتين األولى والثانية) التي كانت تهتم بالسينما كبرنامج " الشاشة الكبرى " ‪ ،‬الذي كان يشرف عليه‬ ‫الناقد السينمائي الراحل محمد الدهان (‪ )1221 – 2891‬من ‪ 2892‬إلى ‪ 2882‬بالقناة األولى ‪ ،‬و‬ ‫برامج " ترافلينغ " (فاطمة التواتي) و " زوايا " (إدريس اشويكة) و" صورة " (فوزية زين الدين) و"‬ ‫عالم السينما " و " كاميرا األولى " و " شاشات " (عبد اإلله الجوهري) وغيرها ‪.‬‬ ‫حاليا تقلصت المسافات بين السينما والتلفزيون ‪ ،‬بحكم الثورة التي شهدتها تكنولوجيا اإلعالم والتواصل ‪،‬‬ ‫وأصبح باإلمكان إنتاج أعمال قابلة لإلستغالل سينمائيا وتلفزيونيا في نفس الوقت ‪ .‬ونتيجة لهذه التحوالت‬ ‫التكنولوجية الهائلة تقوى التعاون بين السينما والتلفزيون وأصبح المخرجون يشتغلون في المجالين معا‬ ‫مع مراعاة خصوصيات كل منهما ‪ ،‬كما أصبح النقد يجمع بين ما هو سينمائي وتلفزيوني ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬أال تفكر ‪ ،‬أستاذ سيجلماسي ‪ ،‬يف إصدار كتب يف جمال النقد السينمائي ؟‬ ‫ج ‪ :‬أنا اآلن بصدد اإلعداد إلصدار مجموعة من الكتب الصغيرة الحجم (كتب جيب) تباعا ضمن سلسلة‬ ‫" المغرب السينمائي " أحاول من خاللها تصريف ما راكمته من معطيات وأفكار على امتداد أكثر من‬ ‫ثالثة عقود من المواكبة شبه اليومية للشأن السينمائي ببالدنا ‪ .‬وهذه السلسلة التي ستنطلق سنة ‪، 1229‬‬ ‫بحول اهلل ‪ ،‬بكتابين توثيقيين األول بعنوان " محمد مزيان ‪ :‬سينمائي وحيد ومتمرد " (بمناسبة الذكرى‬ ‫العاشرة لرحيله يوم ‪ 12‬يناير ‪ )1229‬والثاني بعنوان " ممثالت وممثلون ‪ :‬بيوفيلموغرافيات مغربية "‬ ‫‪ ،‬تدخل في إطار مشروع للتأريخ الشمولي للظاهرة السينمائية بالمغرب ( الفيلموغرافيا ‪ ،‬القاعات‬ ‫السينمائية ‪ ،‬المنشورات ‪ ،‬الفاعلين السينمائيين ‪ ،‬حركة األندية السينمائية ‪ ...،‬إلخ ‪ . ) ...‬هذا مع العلم أنه‬ ‫صدر لي سنة ‪ 2888‬كتيب بعنوان " المغرب السينمائي ‪ :‬معطيات وتساؤالت " ‪ ،‬ضمن سلسة كتب‬ ‫‪Page 8‬‬


‫الجيب " شراع " (العدد ‪ )19‬التي كان يصدرها ويشرف عليها اإلعالمي الكبير خالد مشبال ‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى مشاركتي في الكتب الجماعية التالية ‪ " :‬إدريس الروخ ‪ :‬ولد البالد " (‪ )1222‬و " سينما سعد‬ ‫الشرايبي ‪ :‬بنياتها ودالالتها " (‪ )1221‬و " سينما أحمد المعنوني ‪ :‬اإلنتساب الواقعي والبعد الجمالي "‬ ‫(‪ )1222‬و " نور الدين كشطي ‪ :‬حلم وعشق ‪ ...‬ورحيل مفجع " (‪ )1222‬و" سينما مومن السميحي ‪:‬‬ ‫قلق التجريب وفاعلية التأسيس النظري " (‪ )1222‬و " أسئلة النقد السينمائي المغربي " (‪ )1228‬و"‬ ‫المكونات الجمالية والفكرية لسينما محمد عبد الرحمان التازي " (‪ )1228‬و " سينما داود أوالد السيد ‪:‬‬ ‫المرتكزات والخصوصية " (‪ )1222‬و" التاريخ والسينما " (‪. )2881‬‬ ‫س‪ :‬كلمة أخرية للنقاد السينمائيني املغاربة ‪..‬‬ ‫ج ‪ :‬بما أن هناك جمعية مغربية لنقاد السينما يترأسها األخ خليل الدمون منذ سنوات ‪ ،‬أتمنى أن تدرج هذه‬ ‫الجمعية في مشاريعها المستقبلية ‪ ،‬باإلضافة إلى مختلف أنشطتها وإصداراتها (المجلة والكتب ) ‪ ،‬إحداث‬ ‫موقع إلكتروني متطور لتجميع ذاكرة النقد السينمائي المشتتة في مختلف المنابر اإلعالمية (الورقية‬ ‫والمسموعة والمرئية واإللكترونية وغيرها) بدءا بأعضائها ‪،‬وذلك لتمكين الباحثين في المثن النقدي‬ ‫المغربي من اإلطالع على مختلف نصوص النقاد القديمة والجديدة وتقييمها في مختلف مراحلها‬ ‫التاريخية ‪ .‬كما أتمنى أن يعمل باقي النقاد غير المنضوين تحت لواء هذه الجمعية المذكورة على تجميع‬ ‫كتاباتهم وإصدارها في كتب أو على األقل تدوينها وتوثيقها في مدونات إلكترونية حفظا لها من الضياع ‪،‬‬ ‫كما فعل الناقد والباحث الصديق محمد الدهان (‪ )1221 – 2891‬قبل رحيله بسنوات معدودات‬ ‫انطباع عام حول الحركية السينمائية الحالية‬ ‫س ‪ :‬أنتم من األمساء البارزة يف مواكبة احلركية السينمائية اليت يشهدها املغرب من مشاله‬ ‫إىل جنوبه ‪ ،‬ماهو إنطباعكم العام حول هذه الدينامية ؟ وهل ميكن احلديث عن جوانب‬ ‫إجيابية وأخرى سلبية فيها ؟‬ ‫ج ‪ :‬يبدو للمتتبع لمشهدنا السينمائي أن السنوات األخيرة شهدت انتعاشة ملحوظة في إنتاج األفالم الطويلة‬ ‫والقصيرة ‪ ،‬وفي تنظيم التظاهرات السينمائية المختلفة ‪ ،‬بحيث أصبح النشاط السينمائي طاغيا إلى حد ما‬ ‫على باقي األنشطة الفنية المسرحية والغنائية وغيرها ‪ ..‬فعلى سبيل المثال اقترب العدد اإلجمالي‬ ‫للمهرجانات والتظاهرات السينمائية المنظمة سنة ‪ 1222‬ببالدنا ‪ ،‬من أصغرها إلى أكبرها وهو مهرجان‬ ‫مراكش الدولي للفيلم ‪ ،‬من رقم المائة ‪ .‬كما أنتج المغرب في العشرية األخيرة (‪ )1221 – 1221‬ما‬ ‫يفوق نصف األفالم الطويلة التي راكمها في تاريخه السينمائي الفعلي منذ ‪ 2891‬إلى ‪ 1221‬أي ‪212‬‬ ‫فيلما من مجموع ‪ ، 129‬ألنه أصبح ينتج سنويا ما بين ‪ 22‬و ‪ 12‬فيلما سينمائيا طويال وما بين ‪22‬‬ ‫و‪ 222‬فيلم قصير ‪.‬‬ ‫هناك تطور تصاعدي مستمر في وتيرة إنتاجنا السينمائي نالحظه من عشرية ألخرى ‪ ،‬وسببه يرجع‬ ‫باألساس إلى سياسة الدولة منذ سنة ‪ 2892‬في دعم اإلنتاج السينمائي الوطني وما شهده الغالف المالي‬ ‫‪Page 9‬‬


‫المخصص لدعم السينما من زيادات ‪ .‬وبفضل هذه السياسة أصبح المغرب ‪ ،‬من حيث إنتاج األفالم ‪ ،‬في‬ ‫المراتب األولى إفريقيا وعربيا إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا ‪ .‬لكن ‪ ،‬هذه السياسة لم تمكن المغرب‬ ‫لحد اآلن من خلق صناعة سينمائية قائمة الذات كالصناعة المصرية مثال ‪ ،‬إذ يكفي أن توقف الدولة‬ ‫دعمها إلنتاج األفالم ‪ ،‬لسبب من األسباب ‪ ،‬حتى ينهار كل شيء ‪ .‬ومن مفارقات العشرية األخيرة أنه‬ ‫في اللحظة التي انتعش فيها إنتاج األفالم شهد عدد رواد القاعات السينمائية تراجعا كبيرا بسبب تقلص‬ ‫عدد هذه القاعات وعوامل أخرى ‪ .‬فالعدد الحالي للقاعات ‪ ،‬إلى حدود ‪ 12‬شتنبر ‪ ، 1222‬حسب‬ ‫إحصائيات المركز السينمائي المغربي (المؤسسة العمومية الوصية على قطاع السينما بالمغرب) ‪،‬‬ ‫ينحصر في ‪ 12‬قاعة فقط ب " ‪ 92‬شاشة " متمركزة كلها في عشرة مدن فقط هي ‪ :‬الدار البيضاء (‪22‬‬ ‫قاعات – ‪ 19‬شاشة) ‪ ،‬ومراكش (‪ 2‬قاعات – ‪ 21‬شاشة) ‪ ،‬وطنجة (‪ 2‬قاعات – ‪ 9‬شاشات) ‪ ،‬والرباط‬ ‫(‪ 2‬قاعات – ‪ 2‬شاشات) ‪ ،‬ومكناس (‪ 1‬قاعات – ‪ 1‬شاشات) ‪ ،‬وفاس (قاعة واحدة – ‪ 1‬شاشات) ‪،‬‬ ‫وتطوان (قاعتان – شاشتان) ‪ ،‬وسال وأكادير ووجدة (قاعة واحدة لكل مدينة – شاشة واحدة لكل مدينة)‬ ‫‪ .‬وبهذا نالحظ أن باقي المدن المغربية انقرضت منها القاعات السينمائية وبالتالي انخفض عدد رواد‬ ‫القاعات من تسعة ماليين ونصف سنة ‪ ، 1221‬التي كان عدد القاعات فيها ‪ ، 292‬إلى أقل من‬ ‫المليونيين سنة ‪. 1221‬‬ ‫فيما يتعلق بالتظاهرات السينمائية ‪ ،‬ازداد عددها في السنوات األخيرة في مختلف مناطق المغرب ‪،‬‬ ‫وأصبحت بمثابة بديل (بشكل من األشكال) للقاعات السينمائية المنقرضة ‪ ،‬الشيء الذي جعل المغرب‬ ‫يحتل مرتبة الصدارة ‪ ،‬عربيا وإفريقيا ‪ ،‬على هذا الصعيد ‪ ،‬ودفع بوزارة اإلتصال سنة ‪ 1221‬إلى‬ ‫إحداث لجنة خاصة لدعم تنظيم المهرجانات والتظاهرت السينمائية بغالف مالي سنوي يقارب ‪ 12‬مليون‬ ‫درهم ‪ ،‬استفادت منه ‪ 92‬تظاهرة ومهرجان سنة ‪ 1222‬مقابل ‪ 91‬سنة ‪. 1221‬‬ ‫الفيلم المغربي ليست له مردودية محترمة ومشجعة عبر شباك التذاكر والقنوات التلفزيونية وأقراص‬ ‫(الدي في دي) ال في الداخل وال في الخارج ‪ ،‬ألن سوقه الداخلية محدودة للغاية رغم اإلقبال الظاهر‬ ‫على بعض عناوينه ( " الطريق إلى كابول " من إخراج إبراهيم الشكيري نموذجا) ‪ ،‬وألن الدولة (المنتج‬ ‫الرئيسي له عبر صندوق الدعم أو التسبيق على المداخيل) لم تفكر بعد وبجدية في تسويقه والترويج له‬ ‫خارج البلد ‪.‬‬ ‫سياستنا السينمائية الحالية سياسة عرجاء ‪ ،‬فكرنا في دعم اإلنتاج ولم نفكر في طرق وفضاءات ترويجه‬ ‫داخليا وخارجيا ‪.‬‬ ‫ما ينقص صراحة هو سياسة سينمائية شمولية تنظر للقطاع السينمائي من جوانبه المختلفة ‪ ،‬من عناوينها‬ ‫تشجيع القطاع الخاص على اإلستثمار في بناء المركبات السينمائية وإنتاج األفالم المختلفة عبر تشريعات‬ ‫قانونية محفزة توفر ضمانات كافية لرؤوس األموال وإعفاءات ضريبية وغير ذلك ‪ ،‬وإدخال التربية‬ ‫الفنية عموما والثقافة السينمائية خصوصا إلى المؤسسات التعليمية ‪ ،‬من الروض إلى الجامعة ‪ ،‬بغية‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪10‬‬


‫إعداد أجيال الغد المرتقب أن تشكل مستقبال قاعدة عريضة لرواد القاعات السينمائية والمسارح ودور‬ ‫الثقافة وغيرها ‪ ،‬وتشجيع الجمعيات السينمائية ‪ ،‬ودعم المنشورات السينمائية المختلفة ‪ ،‬وإحداث برامج‬ ‫إذاعية وتلفزيونية متعددة لترويج الثقافة والمعرفة السينمائيتين والتعريف على نطاق واسع بروائع السينما‬ ‫العالمية وبالمنتوجات الوطنية والعربية وغيرها ‪ ،‬وإحداث معاهد للتكوين السينمائي الرصين (افتتح في‬ ‫الموسم الجامعي ‪ 1222/1221‬المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالرباط ‪ ،‬التابع لوزارة‬ ‫اإلتصال ) ‪ ،‬وتفعيل الخزانة السينمائية الموجودة منذ سنة ‪ 2882‬بالرباط مع إحداث فروع لها بمختلف‬ ‫جهات المملكة ‪ ،‬وتقنين قطاع السينما بشكل جيد يحفظ حقوق كل العاملين فيه على اختالف تخصصاتهم‬ ‫‪ ،‬وغير ذلك من األمور التي جاء ذكرها كتوصيات قديمة ‪ /‬جديدة في " الكتاب األبيض " حول السينما‬ ‫المغربية ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬لنعد إىل املهرجانات والتظاهرات املنظمة بكثافة طيلة السنة يف الكثري من املدن‬ ‫املغربية ‪ ،‬وخاصة منها اليت تفتقر إىل قاعات سينمائية ‪ ،‬ما هو تقييمك هلا ؟ وماذا تقرتح‬ ‫لتطويرها حبكم ارتباطك (ثقافيا وإعالميا) بالعديد منها ؟‬ ‫ج ‪ :‬أوال ‪ ،‬أالحظ غيابا شبه مطلق ألي تنسيق بين منظمي المهرجانات والتظاهرات السينمائية ‪ ،‬ال على‬ ‫مستوى تواريخ وفترات التنظيم ‪ ،‬وال على مستوى التسميات التي تحملها والتيمات التي تشتغل عليها ‪،‬‬ ‫وال على مستوى البرامج والشعارات المرفوعة والشخصيات المختارة للتكريم ومواضيع الندوات‬ ‫والموائد المستديرة والورشات التكوينية ومؤطريها وغير ذلك ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ ،‬أرى تشابها كبيرا بين مجموعة من التظاهرات في مكونات برامجها ونوعية األفالم التي تعرضها‬ ‫وطبيعة المستفيدين من أنشطتها ‪ ،‬واألدهى من ذلك أن بعض المشرفين عليها ال يمتلكون تصورا واضحا‬ ‫لما يطمحون إلى تحقيقه من أهداف فنية وثقافية وغيرها عبر تنظيم هذه التظاهرات السينمائية التي ال‬ ‫تحمل أحيانا من السينما إال اإلسم ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ ،‬كثير من هذه التظاهرات ال مردودية ثقافية أو فنية لها ‪ ،‬وإنما هي مناسبات للقاء بين األصدقاء‬ ‫وأفراد العائلة واالستمتاع بلحظات استجمام بعيدا عن إكراهات العمل وروتينية الحياة اليومية ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ ،‬اإلرتجال والفوضى والجهل وغياب االحترافية في التنظيم ‪ ،‬سمات تشترك فيها مجموعة من‬ ‫التظاهرات بسبب غياب اإلنسان المناسب في المكان المناسب ‪ .‬فهل يعقل أن يشرف على تظاهرة‬ ‫سينمائية أشخاص ال عالقة لهم ال بالسينما وال بثقافتها ؟‬ ‫خامسا ‪ ،‬التواصل بوسائل العصر التكنولوجية الجديدة ‪ ،‬واإلهتمام الجدي بالتوثيق الورقي والرقمي‬ ‫والسمعي البصري لألنشطة عبر إنتاج مطبوعات وأفالم مضبوطة شكال ومحتوى ‪ ،‬يعتبران من نقائص‬ ‫الكثير من التظاهرات ‪ .‬فهل يعقل أال تتوفر هذه التظاهرات على مواقع إلكترونية محينة باستمرار ؟‬ ‫وهل يعقل أال تصدر ولو كتابا سينمائيا أو عددا واحدا من مجلة في السنة ؟‬ ‫سادسا ‪ ،‬هناك تظاهرات تجاوز عمرها العشر سنوات بكثير واليزال منظموها (أو باألحرى منظمها‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪11‬‬


‫األوحد) يرتكبون نفس األخطاء القاتلة في اختيار األفالم وتنفيذ البرامج المهلهلة المسطرة على عجل ‪،‬‬ ‫ورغم فشلهم الواضح والذريع في التنظيم والتنشيط لم يكتفوا بتظاهرة واحدة بل أصبحوا ينظمون‬ ‫تظاهرات أخرى وكأن تنظيم التظاهرات الرديئة أصبح سجال تجاريا مربحا ‪.‬‬ ‫سابعا وأخيرا ‪ ،‬عدم التدقيق في شروط قبول األفالم المشاركة في المسابقات ‪ ،‬مع الخلط غالبا بين أفالم‬ ‫المحترفين وأفالم الهواة ‪ ،‬خلق جيشا من المتوهمين والمتوهمات أنهم أصبحوا بين ليلة وضحاها "‬ ‫مخرجين سينمائيين " أو " كتاب سيناريو " أو " ممثلين " أو ‪ ، ...‬دون موهبة وتكوين رصين ‪ ،‬وأحيانا‬ ‫دون مشاهدة أفالم المخرجين العالميين الكبار واإلطالع على مختلف أدبيات السينما وثقافتها ‪ ،‬المتوفرة‬ ‫بغزارة ورقيا ورقميا ‪ ،‬الشيء الذي أفرز ظاهرة رواج نفس األفالم (واألشخاص أيضا) هنا وهناك ‪،‬‬ ‫رغم رداءة وسذاجة بعضها ‪ ،‬وحصول بعضها اآلخر على العديد من الجوائز من مهرجانات وتظاهرات‬ ‫مختلفة ‪.‬وبناء على المالحظات السابقة ‪ ،‬ورغبة في تطوير محتوى وأداء العديد من تظاهراتنا السينمائية‬ ‫المتفاوتة القيمة ‪ ،‬أقترح ما يلي ‪:‬‬ ‫أوال ‪ ،‬ضرورة إعادة النظر في معايير وسياسة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ببالدنا‬ ‫وقانونها المنظم ‪ ،‬فال يعقل أن يستحوذ مهرجان مراكش الدولي للفيلم وحده على أربعين في المائة من‬ ‫الحجم اإلجمالي للدعم سنتي ‪ 1221‬و ‪ 1222‬تباعا ‪ ،‬ويوزع الفتات على باقي التظاهرات (أقل من‬ ‫سبعة في المائة من حجم هذا الدعم وزعت على أربعين تظاهرة سنة ‪ ، )1221‬فهذا المهرجان الكبير‬ ‫الذي يتصدر قائمة المهرجانات ببالدنا ‪ ،‬والمصنف في فئة (أ) هو والمهرجان الوطني للفيلم بطنجة ‪،‬‬ ‫ليس في حاجة إلى هذا الدعم نظرا لموارده المتنوعة والمتعددة ‪ .‬إن ميزانيته السنوية تفوق الحجم‬ ‫اإلجمالي للميزانية المخصصة لدعم تنظيم أكثر من خمسين مهرجانا وتظاهرة في السنة ‪.‬‬ ‫وما قلناه على مهرجان مراكش ينطبق أيضا على مهرجاني طنجة الوطني والمتوسطي ‪ ،‬ألنهما من‬ ‫تنظيم الدولة عبر مؤسسة المركز السينمائي المغربي العمومية ‪ ،‬فتكاليف تنظيمهما ينبغي أن تصرف من‬ ‫ميزانية وزارة اإلتصال ومن مداخيل المركز السينمائي المغربي ‪.‬‬ ‫ولكي يتم تطوير أداء باقي المهرجانات ‪ ،‬من فئتي (ب) و (ج) ‪ ،‬والتظاهرات السينمائية المتوسطة‬ ‫والصغيرة المنظمة في مختلف مناطق المملكة وجعلها فضاءات مناسبة لعرض ومناقشة األفالم المغربية‬ ‫واألجنبية والتباري أيضا ‪ ،‬ينبغي توفير الدعم المالي واإلعالمي واللوجيستيكي الكافي لها ‪ ،‬مع تبسيط‬ ‫مساطير صرفه وتسريعها وتشديد المراقبة على أوجه توظيفه المختلفة ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ ،‬مطالبة المؤسسات والجمعيات الراغبة في تنظيم تظاهرات تحمل إسم " مهرجان " بتقديم مشروع‬ ‫متكامل يتضمن ‪ ،‬باإلضافة إلى ما هو متعارف عليه في دفتر التحمالت أو قرار الدعم ‪ ،‬تبني قاعة‬ ‫سينمائية توجد في حالة إغالق والعمل على إحيائها وتشغيلها بعد إصالحها وترميمها ورقمنتها بتوافق مع‬ ‫مالكيها وبتعاون مع السلطات المحلية والمجالس المنتخبة ولجنة دعم رقمنة وإصالح وإحداث القاعات‬ ‫السينمائية (المعدلة أو المحدثة سنة ‪ )1221‬وغيرها (قاعتي " هوليود " بسال و " الريف " بمارتيل‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪12‬‬


‫نموذجان) ‪ ،‬وذلك حفاظا على إرثنا العمراني الفني وذاكرتنا السينمائية الفرجوية من التالشي والضياع ‪،‬‬ ‫أو تخصيص جزء من الدعم لتوفير فضاءات جديدة أو تجهيز ورقمنة قاعات متوفرة بدور الشباب التابعة‬ ‫لوزارة الشبيبة والرياضة وبدور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة وبالمركبات الثقافية التابعة لبعض المجالس‬ ‫البلدية المنتخبة وغيرها ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ ،‬الرفع من مبالغ دعم التظاهرات الصغرى والمتوسطة بشروط من بينها اإلنفتاح بشكل منتظم على‬ ‫التالميذ والطلبة من خالل عروض أسبوعية أو شهرية طيلة السنة تتوج بتنظيم ملتقى أو أيام سينمائية‬ ‫ذات خصوصية معينة ‪ ،‬مع إصدار سنوي لمجلة أو كتاب في الثقافة السينمائية وإحداث موقع إلكتروني‬ ‫يضمن تواصال مستمرا بين التظاهرة والجهة المنظمة لها وبين المستفيدين من أنشطتها ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ ،‬إحداث هيأة وطنية للتنسيق بين مختلف المهرجانات والتظاهرات السينمائية لتجاوز الفوضى‬ ‫والتزامن الحاصل في تواريخ التنظيم ‪ ،‬والحترام خصوصية كل تظاهرة أو مهرجان وخلق تناغم‬ ‫وانسجام بين مكونات النسيج الجمعوي السينمائي الوطني ‪ .‬فما يالحظ على تظاهراتنا السينمائية هو‬ ‫حضورها بكثافة في الشهور من مارس إلى يونيو ومن شتنبر إلى نونبر ‪ ،‬وتراجع هذا الحضور في‬ ‫الصيف (يوليوز وغشت) والشتاء (دجنبر ويناير وفبراير) ‪ .‬وفي هذا اإلطار يمكن للجامعة الوطنية‬ ‫لألندية السينمائية بالمغرب (جواسم) ‪ ،‬باعتبارها إطارا جمعويا وطنيا ‪ ،‬أن تضطلع بمهمة التنسيق ‪،‬‬ ‫على األقل بالنسبة للتظاهرات والمهرجانات التي تنظمها أندية وجمعيات منضوية تحت لوائها بكل من‬ ‫سيدي قاسم وسيدي سليمان وإفران وأزرو وكرسيف ومكناس وفاس ومرتيل وطنجة وبرشيد وزرهون‬ ‫ووجدة والدار البيضاء والعيون وميدلت والريش وبني مالل والمحمدية والفقيه بن صالح وابن أحمد ‪...‬‬ ‫وذلك عبر إصدار مجلة ورقية وأخرى رقمية تحمل إسم " النادي السينمائي " تكون مهمتها إخبارية‬ ‫تنسيقية وثقافية تكوينية من خالل أبواب تعرف بالمهن واإلصدارات السينمائية وبأهم األفالم ومخرجيها‬ ‫داخل الوطن وخارجه وبمختلف التجارب واإلتجاهات السينمائية عبر العالم وغير ذلك من األمور‬ ‫المرتبطة بالسينما والفن السابع ‪.‬‬ ‫س‪ :‬هناك حاليا جيل جديد من املخرجني الشباب املغاربة ‪ ،‬ماهوانطباعك حول سينما األلفية‬ ‫الثالثة مع ظهور أمساء من قبيل نبيل عيوش ونورالدين خلماري وحممد عهد بنسودة‬ ‫وحكيم بلعباس وغريهم ‪ ....‬؟‬ ‫ج ‪ :‬ظهور جيل المخرجين الشباب منذ منتصف عقد التسعينيات بالضبط ضخ دماء جديدة في شرايين‬ ‫اإلبداع السينمائي المغربي ‪ ،‬فهؤالء الشباب الذين ساهموا في الرفع من الكم الفيلموغرافي المنتوج سنويا‬ ‫ببالدنا بفضل سياسة الدعم ‪ ،‬منهم من لم يضف جديدا على المستوى اإلبداعي ‪ ،‬وعددهم كبير مع كامل‬ ‫األسف ‪ ،‬ومنهم من طور أساليب الكتابة السينمائية وانفتح على مواضيع جديدة وأثار بذلك اهتمام النقاد‬ ‫والمهرجانات داخل المغرب وخارجه ‪.‬‬ ‫وإذا استثنينا شريحة " المخرجين " الذين ال هم لهم سوى الكسب المادي على حساب اآلخرين ‪ ،‬يمكن‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪13‬‬


‫القول أن الكم الفيلموغرافي المغربي المتحقق في السنوات األخيرة قد بدأ يفرز أسماء إبداعية لها‬ ‫خصوصيتها ‪ ،‬ولها بصمتها التي تميزها عن غيرها ‪ .‬وفي هذا الصدد يمكنني اإلشارة إلى األسماء‬ ‫الشابة الواعدة التي أثبتت حضورها إبداعيا من خالل أفالمها األولى كنبيل عيوش وحكيم بلعباس ومحمد‬ ‫مفتكر وفوزي بن السعيدي ونور الدين لخماري وهشام العسري وعز العرب العلوي لمحارزي وغيرهم‬ ‫‪ ...‬لقد برهن هؤالء المخرجون الشباب على تمكنهم بشكل جيد من اللغة السينمائية ‪ ،‬وعلى جرأتهم في‬ ‫إثارة وتناول بعض القضايا والمواضيع التي ظل مسكوتا عنها إلى عهد قريب ‪ .‬يحضرني هنا إسم نبيل‬ ‫عيوش الذي يبهرنا من عمل آلخر بالمستوى التقني العالي ألفالمه وبتجديد مواضيعها ‪ ،‬فمن فيلم " علي‬ ‫زاوا " وظاهرة األطفال المشردين في شوارع الدار البيضاء وعوالمهم وأحالمهم ومعاناتهم ‪ ،‬إلى فيلم "‬ ‫يا خيل اهلل " حول استقطاب شباب معوزين وغسل أدمغتهم من طرف جماعات دينية متطرفة ‪ ،‬مرورا‬ ‫بفيلم " أرضي " الوثائقي الذي عبر عن شجاعة هذا المخرج في إثارة مسألة الصراع الفلسطيني –‬ ‫اإلسرائيلي ‪ .‬إلى جانب نبيل عيوش يحضر حكيم بلعباس المهووس بتصوير المهمشين والناس البسطاء ‪،‬‬ ‫وتوثيق جوانب بدأت تتالشى من حياتنا وعاداتنا وتقاليدنا وفضاءاتنا بأسلوب يتداخل فيه البعدان الروائي‬ ‫والتسجيلي ‪ ،‬ويحضر فيه اإلرتجال الفني الخالق والتلقائية والصدق اإلنسانيان ‪ ،‬فالمتتبع ألعمال هذا‬ ‫المخرج (همسات ‪ ،‬خيط الروح ‪ ،‬عالش ألبحر ؟ ‪ ،‬أشالء ‪ ،‬حرفة بوك حيت غلبوك ‪ ،‬شي غادي وشي‬ ‫جاي ‪ ،‬محاولة فاشلة لتعريف الحب ‪ )...‬يقف على نوع آخر من السينما ‪ ،‬له مرتكزاته وعوالمه وطرق‬ ‫إبداعه الخاصة به ‪.‬‬ ‫ال يقتصر األمر هنا على هذين المبدعين فقط ‪ ،‬ألن سينمانا يحق لها أن تفتخر بأعمال وتجارب مخرجين‬ ‫شباب آخرين ال يقلون إبداعية عن نبيل وحكيم ‪ ،‬من بينهم فوزي بن السعيدي (الحافة ‪ ،‬خط الشتا ‪ ،‬ألف‬ ‫شهر ‪ ،‬يا له من عالم جميل ‪ ،‬بيع الموت ‪ ) ...‬وهشام العسري (هم الكالب ‪ ،‬البحر من ورائكم) ونرجس‬ ‫النجار (العيون الجافة) وعز العرب العلوي (إيزوران ‪ ،‬أندرومان ) ونور الدين لخماري (مذكرات‬ ‫قصيرة ‪ ،‬العرض األخير ‪ ،‬مخالب الليل ‪ ،‬النظرة ‪ ،‬كازا نيكرا ‪ ،‬الزيرو ) ومحمد مفتكر (ظل الموت ‪،‬‬ ‫رقصة الجنين ‪ ،‬نشيد الجنازة ‪ ،‬براق ‪ ،‬جوق العميين ‪ )...‬وياسمين قصاري (عندما يبكي الرجال ‪،‬‬ ‫الراكد ‪ )...‬وغيرهم ‪...‬‬ ‫س ‪ :‬السينما املغربية رغم هذه احلركية فهي مازالت تقاوم لفرض وجودها يف عامل رقمي‬ ‫شرس ‪ ،‬ماهي يف رأيكم اآلليات القمينة بعودة اجلمهورإىل القاعات ؟‬ ‫ج ‪ :‬عودة الجمهور إلى قاعات السينما تقتضي تربية المواطن منذ مراحل الطفولة المبكرة على التعاطي‬ ‫اإليجابي مع الصورة وتعويده تدريجيا على اإلستهالك الواعي لمختلف الصور الثابتة والمتحركة‬ ‫وتمكينه عبر المدرسة والثانوية والجامعة والنوادي السينمائية وغيرها من أدوات تحليل وتفكيك مكونات‬ ‫الصورة ليصبح قادرا على استخالص مضامينها والتمتع بجمالها وإبداء الرأي فيها (شكال ومضمونا)‬ ‫واإلبداع في مجاالت إنتاجها المختلفة ‪.‬‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪14‬‬


‫س ‪ :‬طبعت الفرتة اليت قضاها نورالدين الصايل على رأس مؤسسة املركز السينمائي‬ ‫املغربي بغزارة نسبية يف إنتاج األفالم ‪ ،‬ما رأيك يف هذه الغزارة ؟ وكيف تنظرإىل مستقبل‬ ‫املركزالسينمائي املغربي بعد الصايل ؟‬ ‫ج ‪ :‬هذه الغزارة الفيلموغرافية النسبية سببها الزيادة في الغالف المالي المخصص من قبل الدولة لإلنتاج‬ ‫السينمائي الوطني ‪ ،‬وهي غزارة لم تفرز مع كامل األسف كيفا مشرفا على المستوى اإلبداعي إذا ما‬ ‫استثنينا بعض العناوين القليلة جدا ‪.‬‬ ‫المرحلة التاريخية التي أشرف فيها الناقد نور الدين الصايل على إدارة الشأن السينمائي بالبالد ‪ ،‬من‬ ‫شتنبر ‪ 1221‬إلى أكتوبر ‪ ، 1222‬لها إيجابياتها وسلبياتها كما كان األمر مع اإلدارات السابقة ‪.‬‬ ‫وسيحين الوقت الحقا لتقييم هذه المرحلة بشكل موضوعي ‪ .‬فيما يتعلق بمستقبل المركز السينمائي‬ ‫المغربي بعد الصايل ‪ ،‬أقول بأنه آن األوان إلعادة النظر تنظيميا في هذه المؤسسة العمومية الوصية على‬ ‫قطاع السينما ببالدنا وإحداث فروع لها في مختلف جهات المملكة وتمكينها قانونيا من لعب دور أكثر‬ ‫فعالية في نشر الثقافة السينمائية بواسطة األفالم عبر خلق شبكة من قاعات الفن والتجريب (على شاكلة‬ ‫قاعة الفن السابع الرباطية) ‪،‬وتوفير األفالم المغربية على مختلف الوسائط (الدي في دي نموذجا) في‬ ‫األسواق ‪،‬وإخراج الخزانة السينمائية من سباتها العميق عبر إعداد برامج ثقافية سينمائية وتنفيذها‬ ‫بشراكة مع الجمعيات والمهرجانات السينمائية الوطنية وبعض المؤسسات الثقافية األجنبية وغيرها‬ ‫(أسابيع للفيلم المغربي ‪ ،‬أسابيع سينمات أجنبية ‪ ،‬استرجاعات ألفالم المخرجين الكبار ‪ ...‬إلخ ‪)...‬‬ ‫‪،‬إحداث موقع إلكتروني جد متطور يتضمن أهم المعطيات عن المغرب السينمائي ويعرف باألفالم‬ ‫المغربية ومبدعيها وبكل العاملين في حقول السينما ‪ ،‬طبع مجلة سينمائية شاملة (في نسختين ورقية‬ ‫وإلكترونية) بمساهمة نقاد وصحافيين وباحثين متخصصين في السينما ‪ ،‬خلق مؤسسة وطنية للترويج‬ ‫للمنتوج السينمائي المغربي داخليا وخارجيا ‪....‬‬ ‫المهرجانات السينمائية ومسألة التكريم‬ ‫س ‪ :‬كيف تنظر إىل مسألة تكريم السينمائيني يف املهرجانات والتظاهرات السينمائية ؟‬ ‫ج ‪ :‬فقرة التكريم تكاد تكون من الفقرات الثابتة في جل المهرجانات والتظاهرات السينمائية وغيرها ‪،‬‬ ‫سواء في حفلي اإلفتتاح أو اإلختتام أو ما بينهما ‪ ،‬لكن المالحظ أن معايير اختيار المكرمين وطرق‬ ‫االحتفاء بهم تختلف من تظاهرة ألخرى ‪ .‬ففي الوقت الذي نجد فيه بعض المنظمين يجتهدون في اختيار‬ ‫المكرمين وفقا لتصورات واضحة ومنسجمة مع طبيعة مهرجاناتهم واختياراتها الفنية والثقافية ويضعون‬ ‫برنامجا خاصا بالمكرمين يتضمن عروضا لنماذج من أفالمهم ولقاء مفتوحا معهم حول تجاربهم‬ ‫اإلبداعية ويصدرون منشورات توثق لمسارهم الفني وتساءل بعض جوانبه ‪ ،‬نجد تظاهرات أخرى ال‬ ‫يتوفر منظموها على أي تصور واضح لمسألة التكريم ‪ .‬وهكذا قد يتم اختيار مخرج أو ممثل لتكريمه في‬ ‫مهرجان متخصص في الفيلم القصير ‪ ،‬مثال ‪ ،‬دون أن تكون له أية مشاركة محترمة في هذا الجنس‬ ‫‪Page‬‬ ‫‪15‬‬


‫السينمائي ‪ ،‬كما أن بعض المنظمين يسعون في الغالب إلى جلب أسماء معروفة بشعبيتها في المسرح و‬ ‫التلفزيون لتكريمها في مهرجانات السينما بغية جلب جمهور أكثر لحفالت اإلفتتاح ‪ /‬اإلختتام وإضفاء‬ ‫نوع من المشروعية " إعالميا " على تظاهراتهم الباهتة ثقافيا وفنيا ‪ .‬ومما تجدر اإلشارة إليه أن بعض‬ ‫الفنانين " أشبعوا " تكريمات هنا وهناك ‪ ،‬في حين ظل آخرون بعيدون عن منصات التكريم رغم أحقيتهم‬ ‫وريادتهم وتاريخهم السينمائي الطويل والعريض ‪.‬‬ ‫المشكل ليس في المكرمين (بفتح الراء وتشديدها) وإنما في األشخاص أو الجهات التي تختارهم‬ ‫العتبارات غير موضوعية في الغالب ‪.‬‬ ‫التكريم فعل حضاري يتم من خالله تكريس ثقافة االعتراف ‪ ،‬لكن يجب أن تكون معايير اختيار‬ ‫المستحقين له نزيهة ودقيقة وشفافة ‪ ،‬ويجب أال نكتفي أثناءه بإلقاء شهادات شفوية في حق المكرمين بل‬ ‫من المفيد أن يخلف وراءه أثرا ملموسا على شكل كتاب أو مطبوع أو عمل سمعي بصري توثيقي يذكر‬ ‫األجيال الحالية والقادمة بعطاءات المستفيدين منه وبمكانتهم في عالم السينما وتاريخها ‪ .‬كما ال ينبغي أن‬ ‫نحصر التكريم في دائرة الممثلين والمخرجين فقط بل البد من توسيع هذه الدائرة لتشمل باقي‬ ‫التخصصات من تصوير ومونطاج وصوت وسيناريو ونقد وصحافة متخصصة ‪ ...‬إلخ ‪ ..‬ألن العمل‬ ‫السينمائي هو عمل جماعي باألساس ‪.‬‬ ‫أجرى الحوار ‪ :‬عبده حقي‬

‫‪Page‬‬ ‫‪16‬‬


‫حوارمع األستاذ خمتارلغزيوي صحايف ومدير نشر جريدة‬ ‫(األحداث املغربية) وموقع (أحداث‪.‬أنفو)‬ ‫أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‪ :‬األستاذ مختارلغزيوي من جيل الصحافيين الشباب التسعينيين ‪ ..‬إحتضنته جريدة األحداث‬ ‫المغربية منذ والدتها أواخرالتسعينات واحتضنها هوأيضا بالقلب وبالعقل وبالقلم المقاوم منذ ذلك التاريخ‬ ‫إلى أن تقلد مؤخرا مسؤولية اإلدارة بها ‪ .‬وكما يعلم كل متتبعي الحقل الصحافي الورقي المغربي أن‬ ‫جريدة "األحداث المغربية" كانت أول جريدة يومية مستقلة وقد إستطاعت بجرأتها النادرة أن تفجرالعديد‬ ‫من األسئلة الشائكة حول بعض الطابوهات التي ظلت جل الجرائد التقليدية تخشى إثارتها بكل شجاعة‬ ‫مما جعل "األحداث المغربية " جريدة تسبق زمنها بكثيرمن السنين‪.‬‬ ‫في هذا الحوارمع مديرها الجديد األستاذ مختارلغزيوي نكتشف رؤية جديدة ودينامية متحمسة لمواصلة‬ ‫التألق ومواكبة تطورالعصرالرقمي‪.‬‬ ‫ـــ الدراسات الجادة التي أجريت في المجال تؤشر إلى أن الورقي يخوض معركة شبه محسومة مع‬ ‫الرقمي العتبارات لوجيستيكية‪.‬‬ ‫ــــ ومن يريد االغتناء المشروع عليه أن يقصد مجاال آخر غير الصحافة‬ ‫ــــ قارئ ‪ 8991‬انقرض وأن حديث القلب إليه قد استوفى كل أغراضه لكنه لم ينته‬ ‫ــــ نحن نميز بين اإلسالم العظيم‪ ،‬وبين من يوظفون اإلسالم ألغراض سياسوية صغيرة ‪.‬‬ ‫ـــ سنبقى شوكة في حلوقكم‪ ،‬تأكدوا من هذا األمر جيدا‬ ‫س ‪ :‬شكرا لكم على تلبية دعوتنا إلجراء هذا احلواراهلام الذي يأتي بعد شهور قليلة على‬ ‫‪Page 1‬‬


‫حتملكم مسؤولية إدارة جريدة (األحداث املغربية) اليومية وبداية لننطلق من آخرمقال‬ ‫نشرمتوه يف عمودكم اليومي حول املوقع اإللكرتوني اجلديد (األحداث آنفو) وقد تبني من‬ ‫خالل املقال نوع من املهادنة والذهاب بالرأي أبعد إىل القبول بواقع الصحافة اإللكرتونية عكس‬ ‫العديد من مواقفكم وتصرحياتكم السابقة خصوصا يف إحدى مشاركاتكم يف حلقة (ملف‬ ‫للنقاش) الذي تبثه قناة ميدي‪ 1‬تيفي ‪ ،‬هل حان الوقت للقبول واإلقراربوجود الغريم‬ ‫احلاسوبي ؟‬ ‫ج ‪ :‬الشكر لكم أوال على الدعوة الكريمة‪ ،‬لإلجابة عن سؤالكم أقول إن اإلقرار بوجود من أسميتموه‬ ‫الغريم الحاسوبي هو أمر يتجاوزني بكثير ألنه واقع ال يرتفع‪ ،‬بل هو اليوم المستقبل األكيد والمضمون‬ ‫للصحافة إذ الورقي سائرإلى زوال‪ ،‬والوسيط الرقمي سيتولى المجال في نقل األخبار واآلراء لفترة من‬ ‫الزمن قبل أن تخترع البشرية وسيطا آخر يفوقه أداء‪ .‬لكن اإلقرار اليعني المهادنة مع النماذج‬ ‫المتواضعة من هاته الصحافة التي تسمي نفسها إلكترونية اليوم وتغتنم فرصة فراغ السوق لكي تقدم‬ ‫نفسها باعتبارها األولى في المجال‪ ،‬مستغلة عديد العوامل‪ ،‬ومستغلة أساسا أن أساتذتنا ممن كانوا‬ ‫يشرفون على الصحف الورقية لم يفهموا أهمية الوسيط الرقمي‪ ،‬بل ربما استهتروا به قبل أن يجدوا‬ ‫أنفسهم متجاوزين من طرف األحداث‪ ،‬ومضطرين للركوب متأخرين على الموجة‪ .‬أتصور أن الفعل‬ ‫األفضل اليوم هو تقديم بديل إلكتروني حقيقي عوض االكتفاد باالنتقاد وضم اليدين‪ .‬وأتصور أن الميدان‬ ‫مفتوح لكل المبادرات وعلى المرء أن يقدم فيه مايعرف فعله أو مايتصور أنه يعرف فعله ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬مجيع اجلرائد والصحف اليومية واألسبوعية املغربية أطلقت نسخها اإللكرتونية مما‬ ‫سيخلق وضعا إعالميا جديدا يفرض فيه النشراإللكرتوني نفسه كفاعل ضروري مبوازاة مع‬ ‫صنوه الورقي أاليضايقكم وزمالؤكم بداية أفول رمزية وهيبة الصحايف الورقي اليت تكرست‬ ‫منذ عقود ‪ ،‬ثم من جانب آخركيف تنظرون إىل إغراق املشهد باملئات من املواقع اإللكرتونية‬ ‫وصعود جيل من الصحفيني اهلواة أغلبهم من الشباب العاطلني عن العمل ؟‬ ‫ج ‪ :‬اإلغراق في نهاية المطاف جيد‪ ،‬وبدونه لن نتمكن يوما من التمييز بين الطالح وبين الصالح‪ .‬البد‬ ‫من تحقيق تراكم كمي كبير ووسطه سنعثر على بعض الفلتات النوعية الجيدة‪ .‬أيضا قضية أن يمارس‬ ‫الكل الصحافة أنا لست ضدها في الختام‪ .‬جميل أن يتصور الكل بأن الصحافة مهنة سهلة وبدون قواعد‬ ‫وال ضوابط وأن فعل الكتابة متاح للكل وأنه الفرق بين أحد وأحد إال باإلقدام حد الصفاقة والوقاحة أحيانا‬ ‫على ميادين البد من إتقان عديد األمور قبل الخوض فيها‪ .‬لماذا أقول جميل؟ ألنه من الصعب أن تقنع‬ ‫من يريد فعل ذلك بأال يفعله‪ .‬لذلك أفضل أن أدعوه معي للنزول إلى الميدان‪ ،‬وأن يجرب معنى الكتابة‬ ‫يوميا ومعنى البحث عن الخبر يوميا ومعنى البحث عن الروبرتاج يوميا ومعنى مواجهة كل ماتفرضه‬ ‫الحرفة الحقيقية يوميا‪ ،‬وبعدها‪ ،‬وإذا مااستمر على نفس عناده وادعائه أنه هو اآلخر قادر على أن يكون‬ ‫صحافيا فاعلم أنه صحافي بالفعل‪ .‬إذا ألقى أسلحته في اليوم الثاني أو الثالث أو الشهر الثاني أو الثالث أو‬ ‫‪Page 2‬‬


‫العام الثاني أو الثالث فاعلم أنه جرب معنى مهنة المتاعب وأعطاها "شبر ديال التيساع" بعد اقتناعه أنه‬ ‫اليصلح لها وهي التصلح له‪.‬‬ ‫س ‪ :‬العديد من الصحف واألسبوعيات العاملية الشهرية علقت نسخها الورقية‬ ‫وتسريالتوقعات إىل نهاية النسخة الورقية مع حلول سنة ألفني وثالثني ‪ 0202‬كيف تتلقون‬ ‫مثل هذه األخبارنفسيا ومعنويا إنطالقا من عالقتكم احلميمية مع "األحداث املغربية "‬ ‫الورقية واليت متتد إىل مايناهزمخسة عشرسنة ؟‬ ‫ج ‪ :‬أتلقى كل أخبار ميداننا ونتلقاها هنا في "األحداث المغربية" وفي موقع "أحداث‪.‬أنفو" بعين تتوقع‬ ‫كثيرا مما يحدث فيه‪ .‬ال يخفى عليكم أن مهنيي الصحافة اليوم التفاجئهم هاته األخبار وال تعد صادمة‬ ‫بالنسبة لهم ألنهم توقعوها منذ سنوات‪ ،‬وألن كل الدراسات الجادة التي أجريت في المجال تؤشر إلى أن‬ ‫الورقي يخوض معركة شبه محسومة مع الرقمي العتبارات لوجيستيكية مرتبط بتكاليف الطبع والنشر‬ ‫والتوزيع أوال وقبل كل شيء‪ ،‬والعالقة لها بجودة مايقدمه الورقي مقارنة مع الرقمي‪ .‬لذلك أتصور أنه‬ ‫من الجيد عوض مواجهة الموجة العاتية المقبلة أن يبحث اإلنسان عن طريقة ذكية لتالفي إصابته بأكبر‬ ‫قدر من األضرار حين لقائها‪ ،‬ثم التفكير في طريقة معينة لجعل تلك الموجة العاتية القادمة إليه طريقة‬ ‫إليصال مايقدمه من منتوج إلى جمهور آخر بطريقة أخرى‪ ،‬وأتخيل أن المجال مفتوح وهو يصرخ ملء‬ ‫قوته "فليتنافس المتنافسون"‬ ‫س ‪ :‬العشرات من الصحفيني املغاربة الشباب من جيل التسعينات من هاجروا السند‬ ‫الورقي وأسسوا هلم مواقع إلكرتونية يف نظركم (كيفاش ‪ ،‬كود ‪ ،‬فربايركم ‪ ،‬أكورا ‪ ،‬أخربكم ‪..‬إ)‬ ‫إىل ما تؤشرهذه اهلجرة إىل السند اإللكرتوني ؟‬ ‫ج ‪ :‬تؤشر إلى ضيق المجال الصحافي التقليدي في المغرب أوال‪ ،‬وتؤشر أساسا إلى أنه مجال البد أن‬ ‫تكون قادرا على البقاء فيه‪ ،‬ومن أجل ذلك البد من تضافر عوامل عديدة أهمها العامل االقتصادي‪ ،‬ثانيها‬ ‫قوة المؤسسة التي تقف وراءك‪ ،‬ثالثها القدرة على التخطيط االستراتيجي الذي يضمن لك البقاء في‬ ‫الساحة‪ ،‬وليس العبور أو فتح جريدة وإقفالها في ظرف أشهر ثم إطالق عنوان آخر وقتله وهكذا دواليك‪.‬‬ ‫المسألة فعال صعبة ومعقدة‪ ،‬وزمالؤنا سواء من ذكرت مواقعهم أو آخرين قدموا إضافات فعلية قد نتفق‬ ‫مع جزء منها وقد نختلف مع الجزء اآلخر‪ ،‬لكنهم هم أيضا ‪ -‬بغض النظر عن كل شيء ‪ -‬أسسوا للبنات‬ ‫بناء هذه الصحافة المغربية التي الزالت تبحث عن نفسها‪ ،‬وتحبث عن التخلص من تبعات مراحل‬ ‫تأسيسها األولى التي استندت على السياسة وهو مالم يتخلص منه العديدون إلى اليوم ‪ .‬أيضا البد من‬ ‫التنويه بمسألة ظللت أقولها دوما‪ :‬القادمون من التجارب المكتوبة في الصحافة انتقلوا بشكل أفضل إلى‬ ‫اإللكتروني من القادمين من المجهول‪ .‬لكن هل األمر مفاجئ حقا؟‬ ‫س ‪ :‬يف ظل هذا املشهد امللتبس يعيش اجلسم الصحايف املغربي "املستقل" وضعا قامتا‬ ‫حيث فاحت مؤخرا روائح ملفات فساد صحفية فجرتها تصرحيات مسؤولني وتسريبات كتب‬ ‫‪Page 3‬‬


‫وقضايا إحتيال ونصب مزعومة ومساومات وتواطؤات صحفيني ‪..‬إخل كلها تضرب يف العمق‬ ‫املكون األخالقي واملهين ملهنة املتاعب يف ظل هذا السواد ولعنة الفساد هاته كيف تنظرإىل‬ ‫عملية التطهريحتى تتصاحل الصحافة الورقية مع املواطن واملتلقي بشكل عام ؟‬ ‫ج ‪ :‬أنا مع التشدد الكامل في هذه المسألة‪ .‬اليعقل أن تكون صحافيا وأن تمضي يومك بأكمله في مطالبة‬ ‫المجتمع باالبتعاد عن الفساد‪ ،‬ومطالبة الحكومة بأن تكون معصومة من األخطاء وبمطالبة المسؤولين‬ ‫اآلخرين بأن ينزهوا أنفسهم عن كل شيء وفي الوقت ذاته تجد أنه من العادي أن ترتكب الزالت تلو‬ ‫الزالت‪ ،‬وأال يقول لك أي شخص وال أي جهة أي شيء‪ .‬األمر صعب فعال وسيء‪ ،‬وإذا ماهربنا كل‬ ‫مرة وجهت إلى أحدنا تهم بفساد ما إلى الشعارات الكبرى الكاذبة عن استهداف الصحافة والصحافيين‬ ‫فسنكون جزءا من منظومة فساد ندعي يوميا أننا نحاربها‪ .‬األفضل هو أن نحترم عمل القضاء المغربي‬ ‫وأن ننتظر أحكامه‪ ،‬وأن نوجه إلى بعضنا البعض النصيحة باالبتعاد عن المتشابهات فالحالل بين‬ ‫والحرام بين‪ ،‬ومن يريد االغتناء المشروع عليه أن يقصد مجاال آخر غير الصحافة ألنها ليست مجاال‬ ‫للمجال‪ .‬من يريد أشياء أخرى فعليه أن يتحمل تبعات هذه األشياء‪...‬‬ ‫س ‪ :‬بعالقة مع السؤال السابق هل تنزيل قانون الصحافة القادم قادرعلى احلد من هذه‬ ‫الكولسات واإلنزالقات اخلطرية ؟‬ ‫ج ‪ :‬البلد مليئ بالقوانين‪ ،‬يلزمنا ماهو أهم من القانون‪ .‬تلزمنا القدرة والرغبة واإليمان بأن نطبق القانون‪.‬‬ ‫ثم يلزمنا أمر آخر هام وأساسي قلته باستمرار لوزير القطاع في كل اللقاءات التي جمعتنا‪ :‬يلزمنا‬ ‫االستماع لصوت المهنيين‪ .‬ال أتخيل شكل هذا القانون الذي التصوغه كل هيئات تحرير المغرب‪ ،‬وال‬ ‫أتخيل كيف سيكون و‪ 99‬في المائة من الصحافيين المغاربة اليعلمون عنه إال مايصلهم من نتف‬ ‫وشذرات من هنا ومن هناك إشراك العاملين والمهنيين في النقاش كله‪ ،‬وليس في بعضه فقط هو الكفيل‬ ‫بإخراج قانون قابل أوال للتطبيق وقادر على االستجابة لكل مانريده لهذ القطاع من أشياء جيدة يستحقها‬ ‫من أجل أن يكون رافعة انتقال أكبر في المجتمع ال أداة نزول أكثر فأكثر إلى حضيض تعبنا منه جميعا‪،‬‬ ‫نحن منتسبو هذا الميدان قبل القراء وعموم المتتبعين‬ ‫س ‪ :‬ماخطورة ومعنى أن تكون اليوم مديرجريدة مستقلة "األحداث املغربية" يف هذا‬ ‫املشهد الصحايف القامت وامللغم ؟‬ ‫ج ‪ :‬معناها أن يكون صراعك اليومي قائما على جعل الجريدة تعكس أحداث المغرب مثلما يقول إسمها‪،‬‬ ‫وأن يكون ارتباطها بمايشغل بال المغربية والمغربي‪ ،‬ال بما يشغل بال هذه الجهة أو تلك‪ .‬أعترف أننا‬ ‫نحزن حين نرى انشغاالت أخرى تحرك الناس في جرائد أخرى‪ ،‬ونفهم أن زر الوصل بهاته الجهة أو‬ ‫بتلك هو الذي اشتغل‪ ،‬لكننا وبقدر الحزن بقدر الفخر أننا نتحرك من تلقاء مصلحة بالدنا أوال وحبنا لهذا‬ ‫المغرب العظيم‪ ،‬ومن تلقاء هم المهنة وماتفرضه من احترام ألخالقياتها وأبجدياتها واضعين نصب العين‬ ‫واإلحساس واإلدراك شعار الجريدة الجديد "األحداث المغربية‪ :‬من العقل إلى القلب" القتناع أساسي لدينا‬ ‫‪Page 4‬‬


‫أن المغربية والمغربي اليوم يحتاجان لمن يقول لهما كالما يدخل ذهنهما ال لمن يبيعهما الوهم والعناوين‬ ‫البراقة المليئة بالكثير من الفراغ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬احلق يف الوصول إىل املعلومة هذا هوالسؤال الطويل والعريض الذي كان ومازال يؤرق‬ ‫الصحايف واإلعالمي بشكل عام منذ عشرات السنني يف نظركم أستاذ خمتارلغزيوي هل‬ ‫تغريالوضع نسبيا مع تنزيل دستورسنة ‪ 0288‬؟‬ ‫ج ‪ :‬أعتقد أن معركة هذا الحق ستبقى مطروحة إلى أن يقتنع أصحاب القرار السياسي واالقتصادي أن‬ ‫المعلومة إذ تضحى متداولة بين الناس ومعروفة وسهلة الوصول إليها تعفينا من عوالم اإلشاعات أوال‪،‬‬ ‫وتمكن من تدبر أمر جو نقي صاف من الشوائب‪ ،‬قادر على أن يقنع المغربي أنه يعيش في مجتمع غير‬ ‫خائف من تداول أي معلومة من معلوماته‪ ،‬وأتصور أن المعركة تستحق الصراع الذي يخاض من أجلها‪،‬‬ ‫وأننا سنقنع أنفسنا في الختام بأنه ال يصح إال الصحيح‪ ،‬وأن المغربي يستحق فعال أن يقرأ كل صفحات‬ ‫مجتمعه ككتاب مفتوح المبرر إطالقا إلخفاء أو تغطية أى صفحة من صفحاته‬ ‫س ‪ :‬التواصل مع الفيسبوك عملية مد وجزر‪ ،‬أخذ وعطاء ‪ ..‬على املستوى املهين ماذا‬ ‫إستفادت جريدة "األحداث املغربية" من تفاعل الفيسبوك والتويرت‪ ،‬مثال هل إرتفع عدد‬ ‫قرائها الورقيني وزوارها الرقميني ؟‬ ‫ج ‪ :‬أنا أحرص بقوة على هذا التفاعل وإن كان يجلب في جزء منه بعض المتاعب الناجمة عن لجوء‬ ‫بعض األسماء المستعارة أو بعض المتضايقين منا أو من الجريدة إلى أساليب سب غير مقبولة‪ ،‬لكننا‬ ‫مقتنعون أن الزمن هو زمن هذا التواصل االجتماعي‪ ،‬وهو أمر أتاح لنا بالمقابل ولوجا حقيقيا لشريحة‬ ‫من القراء العالقة لها بالشريحة التقليدية القارئة لألحداث المغربية‪ ،‬وهو أمر نسعى إلى تعزيزه أكثر‬ ‫وإلى جعله رافدا أساسيا من روافد عالقتنا بالمغربيات والمغاربة‬ ‫س ‪ :‬التطورالتكنولوجي والرقمي أسهم كثريا يف تعدد األسانيد مثل احلواسيب واأللواح‬ ‫الذكية والسمارتفون ‪ ،‬ماذا أعدت مؤسسة اجلريدة على مستوى التكوين وإعادة التكوين‬ ‫لفريق التحريرالذي مازال أغلب أعضائه يستعملون البيك والورق ؟‬ ‫ج ‪ :‬أكتفي هنا بالقول إن مفاجأة الموقع وطريقة وصوله إلى كل هاته الوسائط التي تحدثت عنها سيجيب‬ ‫عن السؤال‪ .‬ترقبوا معنا "أحداث‪.‬أنفو" في الحواسيب العادية‪ ،‬وترقبوه في الهواتف الذكية وترقبوه في‬ ‫األلواح المشابهة‪ ،‬وسنطلب منكم رأيكم منذ اليوم األول إلطالق الموقع في نسخته الجديدة ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬من القلب إىل القلب وأخريالشعاراجلديد من (العقل إىل العقل)هل يعين هذا أن اجلريدة‬ ‫دخلت سن الرشد واإلبتعاد عن مواضيع اإلثارة اجملانية ؟‬ ‫ج ‪ :‬أتصور دونما مبالغة أن الجريدة الوحيدة التي انطلقت راشدة هي األحداث المغربية إذ استجابت‬ ‫لحاجة كانت موجودة لدى القراء المغاربة سنة إطالقها والدليل هو أنها الجريدة التي حققت نسبة ارتفاع‬ ‫‪Page 5‬‬


‫واضطراد في أرقام مبيعاتها لم تبلغها أي جريدة مغربية إلى حد اآلن مع احترام كل العناوين التي جاءت‬ ‫بعدنا والتي استوحت أساسا وأوال وآخرا تجربة "األحداث المغربية"‪ .‬الذي وقع بكل صراحة هو أن‬ ‫قارئ ‪ 8991‬الذي لم تكن عالقته باألنترنيت مثلما هي عليه اآلن وجد في األحداث المغربية مالم توفره‬ ‫له جريدة أخرى حينها‪ ،‬وأتصور أيضا أن موضوع التربية الجنسية وإخراج مجتمعنا من كبته ومن‬ ‫عالقته الظاهرية الملتبسة بالجنس هو نقاش مجتمعي محترم اليكن أن نلغيه بمجرد االستهزاء منه ألن‬ ‫عدم التعامل السوي معه أساس كثير من المشاكل والجرائم التي نسمع عنها كالتحرش أو اغتصاب‬ ‫الصغار‪ .‬اليوم نتصور أن قارئ ‪ 8991‬انقرض وأن حديث القلب إليه قد استوفى كل أغراضه لكنه لم‬ ‫ينته‪ ،‬وعوضه سنغلب حديث العقل بعد أن اكتشفنا في مشهدنا الصحافي أن العاطفة تغلب في اتجاه غير‬ ‫سليم كثيرا‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بعد أيام قليلة سيحل شهر رمضان األبرك وسوف تشتعل من جديد األسئلة القدمية‬ ‫اجلديدة السطحية والشائكة حول قضايا اإلسالم الراهن عن التسامح والتطرف عن اجلنة‬ ‫والنارواملالئكة والشياطني أوال ماداللة إطالق النسخة اإللكرتونية مع فاتح هذا الشهر‪ ،‬ثانيا‬ ‫ماهي اإلضافة النوعية اليت ستأتي بها وثالثا ماهي الرسالة اليت تود توجيهها بهذه‬ ‫املناسبة الكرمية خصوصا أنكم تتلقون بني احلني واآلخر بعض املناوشات واملضايقات اإلرهابية‬ ‫بسبب توجه منربكم احلداثي املتفتح ؟‬ ‫ج ‪ :‬إطالق الموقع في فاتح رمضان قاعدة مغربية أخذناها من تربيتنا في مجتمع يتبرك بأيامه المفترجة‬ ‫والمباركة‪ .‬نحن أبناء هذا البلد وأبناء هذا الدين‪ ،‬تربينا في دروب وأزقة مغربنا القديمة‪ ،‬دلفنا إلى‬ ‫مساجدنا العتيقة‪ ،‬وحفظنا ماتيسر من قرآن كريم ومن سنة نبوية ومن كل ماله عالقة بدين الرحمة‬ ‫المهدى إلى العالمين‪ ،‬لذلك ال مشكلة لدينا في قولها بكل قوة وبكل صراخ‪ :‬نحن نميز بين اإلسالم العظيم‪،‬‬ ‫وبين من يوظفون اإلسالم ألغراض سياسوية صغيرة‪ .‬ديننا فوق الرأس والعين‪ ،‬وهو تاج على هاماتنا‬ ‫وندافع عن انتسابنا إليه بكل قوة‪ ،‬وال نقبل أي دروس من أي كان في هذا الموضوع خصوصا وأننا‬ ‫معتزون ومفتخرون بإمارة المؤمنين في المغرب التي تتوج هذا االرتباط المغربي المعتدل والمتسامح‬ ‫والوسطي باإلسالم‪ .‬بالمقابل لدينا مشكل حقيقي مع من يريدون تشويه صورة ديننا وبث المشهد المؤسف‬ ‫والدامي عنه الذي نراه اليوم في سوريا أو العراق أو غيرها‪ .‬هؤالء معركتنا معهم فخر لنا ونحتسبها‬ ‫أجرا عن اهلل سبحانه وتعالى ألننا نحفظ اآلية الكريمة "وما أرسلناك إال رحمة للعالمين"‪ ،‬ونعرف أن‬ ‫المغالين والمتشددين يطبقون عكس هذه اآلية تماما‪ ،‬ونقولها لهم بالصوت العالي المرتفع ‪ :‬سنبقى شوكة‬ ‫في حلوقكم‪ ،‬تأكدوا من هذا األمر جيدا ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬رأيكم يف األمساء التالية ‪:‬‬ ‫ـــ محمد لبريني‬ ‫أستاذ لنا قدم الكثير وهو يرتاح اليوم راحة مستحقة‪.‬‬ ‫‪Page 6‬‬


‫ـــ المهدي المنجرة ‪:‬‬ ‫رحمه اهلل تعرض لكثير من االستغالل الصغير إلسمه‪ ،‬وأهم شيء يقال عنه أنه كان عاشقا كبيرا‬ ‫للمغرب ولتمغربيت‬ ‫ـــ مصطفى الخلفي ‪:‬‬ ‫وزيرنا في القطاع‪ ،‬زميلنا سابقا الذي يجب عليه أن يتذكر أنه كان إبن هذا القطاع قبل أن يصبح وزيره‬ ‫ـــ عبداهلل البقالي ‪:‬‬ ‫نقيب الصحافيين المغاربة‪ ،‬نتمنى له التوفيق في مهمة غير سهلة على اإلطالق ‪.‬‬ ‫شكرا لكم ومتمنياتنا لكم بمزيد من التألق خدمة لإلعالم المكتوب المغربي ‪.‬‬

‫‪Page 7‬‬


‫حوارخاص مع األستاذ عبدالرحيم العالم رئيس إحتاد كتاب املغرب‬ ‫حاوره ‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫يعيش المشهد الثقافي المغربي حالة بركانية عشية إنعقاد المؤتمر‪ 81‬التحاد كتاب المغرب والذي‬ ‫يصادف أيضا مرورنصف قرن على تأسيسه وحضوره الوازن في الساحة الثقافية المغربية والعربية‬ ‫حقق فيها اإلتحاد الكثيرمن المكاسب كما أنه أضاع فيها الكثيرمن المكاسب وأخطأ الكثيرمن الفرص‬ ‫بسبب بعض الخالفات واإلختالالت على مستوى المركزوالفروع … ويأتي هذه الحوارالخاص مع‬ ‫األستاذعبدالرحيم العالم أحد أعضاء المكتب المركزي الحالي (الشرسين) غداة إعالنه عن ترشحه‬ ‫لرئاسة فترة الوالية القادمة بعد أن كان قد أعلن في بالغ سابق صادرفي أواخرفبرايرالماضي عن عدم‬ ‫الترشح !! في هذا الحوارنعود مع األستاذعبدالرحيم العالم إلى األسرارالحقيقية وراء هذا‬ ‫القراراألخيروالنبش أيضا بأسئلة أخرى في راهن ومستقبل اإلتحاد في ظل المستجدات السياسية والثقافية‬ ‫والمجتمعية في بالدنا‪.‬‬ ‫س‪ .‬يف تصريح سابق أكدت أنك لن ترتشح مرة أخرى ملنصب رئاسة إحتاد كتاب املغرب‬ ‫مالذي تغريوحفزك من جديد على الرتشح ؟‬ ‫ج‪:‬حفزني وضع االتحاد وغيرتي المتواصلة على هذه المنظمة التي وهبتها أزيد من عشر سنوات من‬ ‫عمري ومن جهدي‪ ،‬وهذا أمر معروف وال أفتخر به‪ ،‬وال أنتظر عنه أي جزاء‪ .‬لكن تجربتي السابقة‬ ‫التي راكمتها في االتحاد‪ ،‬وخبرتي المتواضعة التي كونتها في تدبير شؤون هذه المنظمة‪ ،‬فضال عن‬ ‫‪Page 1‬‬


‫الدعم والتحفيز الكبيرين اللذين مافتئت أتلقاهما من األصدقاء‪ ،‬بمن فيهم بعض رؤساء االتحاد السابقين‬ ‫وبعض مؤسسيه ورواده وأصدقائه‪ ،‬كان كفيال بأن يدفعني إلى التراجع عن انسحابي السابق من حلبة‬ ‫الترشح المفتوحة أمام الجميع‪ ،‬ألعلن عن ترشيحي لرئاسة االتحاد مجددا‪ ،‬خصوصا وقد شعرت بأن‬ ‫االتحاد مازال في حاجة إلي وإلى خدماتي‪ ،‬دون أن ننسى أن المؤتمر‪ ،‬في نهاية األمر‪ ،‬هو فوق الجميع‪،‬‬ ‫وعلينا جميعا أن نحتكم لقراراته‪.‬‬ ‫هي إذن عوامل ذاتية وأخرى موضوعية‪ ،‬فقد وجدت في نفسي أنني مؤهل لقيادة االتحاد مرة أخرى‪،‬‬ ‫واإلضافة إلى رصيده الرمزي والنضالي والثقافي‪ ،‬وخصوصا بعد التجربة السابقة التي قدت فيها االتحاد‬ ‫في أصعب مراحله ومحطاته‪ ،‬وتمكنت‪ ،‬رفقة بعض األصدقاء في المكتب التنفيذي‪ ،‬وحتى من خارجه‪،‬‬ ‫مشكورين‪ ،‬من العبور باتحادنا‪ ،‬بسالم‪ ،‬إلى محطته الجديدة والكبرى‪ ،‬التي هي المؤتمر‪ .‬لذا‪ ،‬فمن حقي‬ ‫أن أترشح‪ ،‬بل ومن واجبي‪ ،‬كما أن من حق كل من يرى في نفسه أنه مستعد لتحمل المسؤولية بكل تفان‬ ‫وإخالص ونكران ذات‪ ،‬وأنه سيقدم قيمة مضافة إلى هذه المنظمة‪ ،‬أن يترشح‪ ،‬على أن يصب ترشحه في‬ ‫خدمة المنظمة‪ ،‬وليس لخدمة مصالح ومطامع أخرى‪ ،‬أو فقط للتالعب بمصير هذا الخيمة الدافئة التي‬ ‫تجمعنا جميعا‪ ،‬أو العبث بإرثها الثقافي والرمزي‪.‬‬ ‫س‪ :‬جاءت كلمتك (ملاذ أرشح نفسي لرئاسة إحتاد كتاب املغرب؟ ) على صيغة برنامج انتخابي‬ ‫(سياسي‪⁄‬ثقايف) وهي سابقة يف تاريخ اإلحتاد كيف كانت ردود الفعل ؟‬

‫ج‪:‬شكرا لك على سؤالك وعلى اهتمامك الصادقين‪ .‬لقد حرصت على أن أعلن عن ترشيحي‪ ،‬وفق‬ ‫صيغة جديدة‪ ،‬أخبر بها الرأي الثقافي العام‪ ،‬وخصوصا أعضاء االتحاد والمؤتمرين‪ ،‬وأعلمهم بأن‬ ‫ترشيحي ليس آت من فراغ‪ ،‬بل هو نابع من معرفة دقيقة ومباشرة باالتحاد وبانشغاالته األساسية‬ ‫وبمستقبله أيضا‪ ،‬من هنا حرصت على أن أعلن عن ترشيحي وفق برنامج ثقافي وتنظيمي طموح‪ ،‬وغير‬ ‫نهائي‪ ،‬أعلنه أمام الجميع‪ ،‬مستهدفا من ورائه فتح نقاش مسؤول ومثمر حول منظمتنا وحول مستقبلها‪،‬‬ ‫بمعنى أنني أعي جيدا الغاية من ترشيحي‪ ،‬وأعي ما ينتظرني من مسؤوليات وواجبات تجاه منظمتنا‪ .‬أنا‬ ‫شخص عملي‪ ،‬هكذا كنت دائما وسأظل‪..‬‬ ‫هي‪ ،‬كما تفضلت‪ ،‬سابقة في تاريخ االتحاد‪ ،‬وعلينا نحن أيضا أال نتخلف عن المتغيرات التي يعرفها‬ ‫مجتمعنا والعالم من حوله‪ ،‬أما االرتجال فهو ضد كل عمل جاد ومسؤول‪ ،‬كما أنه علينا أن نؤمن بمبدأ‬ ‫المسؤولية والمحاسبة‪ .‬من هنا‪ ،‬أعلن مسؤوليتي أمام برنامجي‪ ،‬كما أنني مستعد ألن أحاسب عليه‪ .‬أظن‬ ‫أن هذا السلوك يعكس ديمقراطية جديدة داخل االتحاد‪ ،‬وأتمنى أن تشكل هذه المبادرة‪ ،‬ونحن ندخل اليوم‬ ‫في طور خمسينية جديدة في تاريخ االتحاد‪ ،‬خطوة أخرى نحو األمل ونحو المستقبل‪.‬‬ ‫س ‪ :‬تضمنت كلمتك منطلقات وبرامج ثقافية وتنظيمية طموحة‪ ،‬ماهي الضمانات الكفيلة‬ ‫بالوفاء بها وحتقيقها خالل الوالية القادمة ؟‬ ‫‪Page 2‬‬


‫ج‪:‬الضمانات كثيرة‪ ،‬تتوقف على مدى قدرتي على مواصلة العمل داخل أجهزة االتحاد بنفس اإليقاع‪ ،‬بل‬ ‫إن السياق العام يفترض إيقاعا أسرع‪ ،‬في تعاون طبعا مع مكتب تنفيذي أتمناه أكثر حيوية مني وطموحا‪،‬‬ ‫كما أتمنى أن يضم أعضاء يؤمنون بنبل العمل الجمعوي ويقدرون أهدافه وغاياته‪ ،‬وخصوصا عندما‬ ‫يتعلق األمر بالعمل التطوعي داخل أجهزة منظمة ثقافية عريقة ومشهود لها‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬بموقعها االعتباري‬ ‫والرمزي في المشهد الثقافي الوطني والعربي والدولي‪.‬‬ ‫من الضمانات الممكنة أيضا‪ ،‬المتغيرات الكبرى التي تعرفها بالدنا‪ ،‬في سياق الحراك االجتماعي‬ ‫العربي‪ ،‬بما واكب ذلك من إقرار لدستور جديد‪ ،‬تحتل فيه الثقافة حيزا متميزا‪ ،‬فضال عن التحول الذي‬ ‫طال برامج أحزابنا الوطنية‪ ،‬فيما يتعلق بانفتاحها على الثقافة وإيمانها بضرورة إصالح الشأن الثقافي‬ ‫ببالدنا‪ ،‬عدا أن البرنامج الحكومي كان بدوره طموحا‪ ،‬من حيث اهتمامه بالثقافة وبإصالحها وتطويرها‬ ‫في بالدنا‪ ،‬هذه كلها معطيات أخرى موازية ومهمة‪ ،‬كفيلة بأن تضمن لنا نحن في االتحاد‪ ،‬مجاال أوسع‬ ‫لالشتغال في مناخ صحي‪ ،‬بما هو مجال أضحى يولي الثقافة في بالدنا اهتماما كبيرا ومتزايدا‪ ،‬بعيدا عن‬ ‫أي تشنج أو نفور أو عدمية‪.‬‬ ‫من بين الضمانات األخرى‪ ،‬ما لمست في الوالية الحالية من حرص من الدولة لعدد ومن بعض الجهات‬ ‫الحكومية وبعض المؤسسات‪ ،‬التي تجمعها باالتحاد عالقة تعاون وشراكة‪ ،‬على التعاون مع االتحاد‪،‬‬ ‫وعلى مواصلة دعمه ودعم أنشطته‪ ،‬بغاية نهوضه بدوره الثقافي المركزي‪ .‬هذه كلها عوامل ودوافع‪،‬‬ ‫إلى جانب أخرى‪ ،‬تجعلني أتفاءل بمستقبل منظمتنا‪ ،‬وبأن البرنامج الذي سطرته لهذه الغاية أراه قابال‬ ‫للتنفيذ‪ ،‬إذا ما توفرت له النوايا الحسنة‪ ،‬خصوصا وأنني أومن‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬بأن العمل داخل االتحاد يجب‬ ‫أن يكون جماعيا وفي إطار تشاركي‪.‬‬ ‫س‪ :‬ماهي توقعاتك لنتائج املؤمتر القادم وكيف تنظر إىل مستقبل اإلحتاد ؟‬ ‫ج‪ :‬أتوقعها جيدة‪ ،‬مادام أن التحضير لمؤتمرنا قد تم أيضا بصورة جيدة‪ ،‬ولو بإمكانات بشرية قليلة جدا‪،‬‬ ‫سيكون مؤتمرا مختلفا عن سابقيه‪ ،‬وهو كالم ال يتغيا أية دعاية مجانية‪ ،‬بل ألن مفاجآت هذا المؤتمر‬ ‫ستكون كثيرة ومؤثرة وإيجابية‪ ،‬سنتوجها باحتفالية باذخة بالذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد كتاب المغرب‪.‬‬ ‫لدي شعور بأن اإلخوة المؤتمرين يتشبثون بمنظمتهم ويحترمونها ويقدرون دورها أيما تقدير‪ ،‬كما أنهم‬ ‫يحرصون على استمراريتها بنفس الشموخ‪ ،‬وهو أمر كاف لكي يكون المؤتمرون مسؤولين أمام مؤتمره‪،‬‬ ‫ولكي يحرصوا على إنجاحه‪.‬‬ ‫لقد واكب الصراع دائما مؤتمرات اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬وكان في جله إيجابيا‪ ،‬وهو أمر عادة ما يخلق‬ ‫حركية وحيوية قبيل المؤتمر وفي إبانه‪ ،‬هذا أمر طبيعي ووضع صحي‪ ،‬وعلينا دائما أن نتلقف مثل هذا‬ ‫الصراع‪ ،‬ولو كان ذا أبعاد شخصية‪ ،‬في بعده اإليجابي‪ ،‬وليس السلبي‪ ،‬لكون ذلك إنما يعكس غيرة‬ ‫الجميع على منظمتهم وعلى مستقبلها الذي أتفاءل به‪ ،‬وأراه مشرقا‪ ،‬ومشعا‪ ،‬ومتنورا‪ .‬فخمسون سنة من‬

‫‪Page 3‬‬


‫تاريخ االتحاد‪ ،‬ليس زمنا وإرثا سهال‪ ،‬لكي نعرضه للتالشي واالندثار‪ .‬نحن نعلم جميعا أن اتحاد كتاب‬ ‫المغرب أقدم من وزارة الثقافة في بالدنا وفي كثير من البالد العربية‪ ،‬وهو أمر كاف لكي نحترم فيه‬ ‫شبابه‪ ،‬حتى ال أقول شيخوخته ووقاره المتجددين‪.‬‬ ‫س‪ :‬أاليفكر اإلحتاد يف إعادة النظر يف قانونه األساسي حتى يتالءم مع التحوالت الثقافية‬ ‫واجملتمعية اليت أفرزتها مستجدات تكنولوجيا املعلوميات واإلتصال‪ ،‬وخصوصا ما تعلق‬ ‫بظهور الكاتب الرقمي ؟‬ ‫ج‪:‬بالفعل‪ ،‬عكفت اللجنة التحضيرية للمؤتمر المقبل على مراجعة القانون األساسي لالتحاد‪ ،‬بالنظر‬ ‫للثغرات والفراغات التي يعرفها القانون الحالي‪ ،‬على مستوى الهياكل التنظيمية وتحديد المهام ومسطرة‬ ‫الترشيح واالنتخابات والعضوية والتمثيليات داخل األجهزة التنفيذية والمقررة‪ .‬ومن المعلوم أيضا أن‬ ‫االتحاد كان من المنظمات السباقة إلى االنفتاح على تكنولوجيا المعلوميات واستخدامها في تدبير أموره‪،‬‬ ‫وفي ترويج أخباره ومواقفه ونداءاته وأخبار أعضائه وأنشطة الفروع‪ ،‬بما في ذلك نشره لبعض الكتب‬ ‫الورقية إلكترونيا في موقع االتحاد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن بعض المشاكل التنظيمية والهيكلية والمادية التي‬ ‫يعرفها االتحاد‪ ،‬لم تمكنه بعد من االستغالل المناسب للفورة التكنولوجية التي يعرفها العالم اليوم‪ ،‬وكلنا‬ ‫ثقة في اتحاد كتاب األنترنيت المغاربة وفي مجلتهم اإللكترونية المتميزة‪ ،‬وفي ما يقدمان من برامج‪ ،‬وما‬ ‫يقدمان عليه من خطوات وما ينجزانه من مشاريع في هذا اإلطار‪ ،‬واتحاد كتاب المغرب سيشرفه كثيرا‬ ‫أن يتعاون مع هذا اإلطار الحيوي والنشيط‪ ،‬في سياق من التكامل والتبادل البناءين‪ ،‬ومن شأنه ذلك أن‬ ‫يصب في خدمة ثفافتنا الوطنية وفي توسيع إشعاعها‪ ،‬بمختلف مكوناتها وروافدها وأسئلتها ونصوصها‬ ‫وقضاياها‪..‬‬

‫‪Page 4‬‬


‫حوار مع الشاعرحممد بودويك عضواملكتب املركزي الحتاد كتاب املغرب‬ ‫مكلف باإلعالم‬ ‫يف أفق إنعقاد املؤمتر‪ 81‬لإلحتاد حاوره ‪ :‬عبده حقـــي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫تستعد الفعاليات الثقافية المغربية لإلحتفاء بالذكرى الفضية الخمسين لتأسيس إتحاد كتاب المغرب ‪ ..‬خمسون سنة من‬ ‫عمراإلتحاد عرف فيها مسارهذا اإلطار الثقافي المغربي العتيد العديد من اإلنجازات على المستوى الوطني والعربي كما‬ ‫عرف فيها أيضا العديد من اإلخفاقات الناتجة اساسا عن صراعات الداخل وإكراهات الخارج ‪.‬‬ ‫وتتشرف مجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة اإللكترونية بأن تفتح هذا الحوار مع الكاتب محمد بودويك عضوالمكتب‬ ‫المركزي ومكلف باإلعالم في اإلتحاد بهدف تـقريب وجهة نظره من ماضي وراهن ومستقبل اإلتحاد في ظل التحوالت‬ ‫الثقافية والسياسية واإلعالمية التي يعيشها المغرب والعالم العربي وكذلك في ظل اإلنقالبات الحاصلة في تعدد أسناد‬ ‫النشروتداعيات ذلك على الوضع اإلعتباري للكاتب المغربي بصفة عامة ‪.‬‬

‫س ‪ :‬بداية السي حممد بودويك نصف قرن بالتحديد إنصرم من عمرإحتاد كتاب املغرب عاش‬ ‫فيها كل أشكال التضييق والصراعات املركزية والفروعية كما عايش زالزل سياسية مغربية‬ ‫وعربية منذ أواسط الستينات إىل اآلن ‪ .‬طبعا لستم راضون عن املكاسب الراهنة ‪ ،‬لكن يف‬ ‫املقابل كيف تقيمون أنصاف املكاسب اليت حتققت ؟‬ ‫ج ‪ :‬الرضا التام غير وارد‪ ،‬إذ الرضا عالمة اليقين الموهوم‪ ،‬واإلنجاز النهائي الكاذب‪ .‬لكن‪ ،‬بالمقابل‪ ،‬توجد‬ ‫قناعة نسبية بأن ما حققه اتحاد كتاب المغرب كاف ليجعلني أقول بأن وجوده المادي واألدبي والرمزي‪ ،‬شكل اختراقا‬ ‫للبنيات الفكرية اآلسنة‪ ،‬والمنظورات التقليدية لألشياء والواقع والناس‪.‬‬

‫‪Page 1‬‬


‫اشتغل اتحاد الكتاب طيلة عقود بفسيفساء متنوعة من المثقفين العضويين‪ ،‬من مشارب وقناعات ومباديء إيديولوجية‬ ‫وسياسية مختلفة‪ ،‬تنتسب إلى حزب االستقالل واالتحاد االشتراكي ومنظمة العمل الديمقراطي (آنذاك)‪ ،‬وحزب الطليعة‪،‬‬ ‫وحزب التقدم واالشتراكية‪ ،‬وبعض المثقفين المستقلين لكن الذين يحملون السؤال المؤرق التاريخي‪ :‬كيف نجعل وطننا‬ ‫ينخرط في معترك النهوض والديمقراطية والعدالة االجتماعية‪ ،‬ويقطع –إلى غير رجعة‪ -‬مع فلول االستعمار‬ ‫واألوليغارشيا‪ ،‬والمتنعمين بظل المؤسسات الحاكمة‪ ،‬و”الكواسج” الجدد‪.‬‬ ‫فقد انفتح اتحاد كتاب المغرب على األفق المغاربي والعربي‪ ،‬وكرس –كما سبق‪ -‬ثقافة حداثية مست والمست أشكال‬ ‫التعبير المختلفة‪ ،‬والمقاربات الفكرية المتنوعة‪ -‬اإلشكاالت‪ ،‬واألسئلة الرائجة في الحقل الثقافي التي كان ينغل بها‬ ‫المغرب‪ ..‬في فترات السبعينيات و الثمانينيات‪ ،‬وصوال إلى التسعينات‪.‬‬ ‫وستخرج المنظمة في لحظة أساسية‪ ،‬من شرنقتها‪ ،‬وعدم اإلكتفاء بواحدية التوجه العام‪( :‬اليساري االشتراكي) إلى سن‬ ‫ثقافة االعتراف بالرموز التاريخية التي ساهمت في إرساء وإذكاء الحركة الثقافية الوطنية‪ ،‬وفتح الباب في وجه األدباء‬ ‫الشباب الذين عملوا على ضخ دم جديد في ممارسة االتحاد‪ ،‬وفي نشر إشعاعه‪ ،‬إذ كانت األصوات الجديدة إغناء الفتا‬ ‫وإثراء عميقا لبنى وأسس وأبعاد اتحاد الكتاب‪ ،‬وترسيخا لقيم األدب والفكر الجديدين من جهة ثانية‪ ،‬ثم تكريسا لمهام‬ ‫الحداثة والتحديث‪.‬‬

‫س‪ :‬منذ التأسيس واإلحتاد يستمد قوته من استقالليته (النسبية) وعدم مساومته ألية جهة‬ ‫سياسية مقارنة مع إحتادات عربية أخرى ‪ ،‬عماذا سوف تراهنون يف املستقبل ليبقى اإلحتاد‬ ‫وفيا ملبدئ اإلستقاللية ؟‬ ‫ج ‪ :‬على رغم رئاسة االتحاد‪ ،‬على التوالي‪ ،‬من لدن مثقفين مسيسين‪ -‬ما لم نستثن المؤسس األول المرحوم – محمد عزيز‬ ‫الحبابي الذي لم يكن منتميا‪ -‬عبد الكريم غالب (حزب االستقالل) – محمد برادة واليابوري ومحمد األشعري وعبد الرفيع‬ ‫جواهري وحسن نجمي (االتحاد االشتراكي)‪ ،‬وعبد الحميد عقار‪ ،‬على رغم ذلك‪ ،‬فإن المكتب المسير (المكتب المركزي)‬ ‫كان يضم جل الحساسيات السياسية الوطنية والتقدمية النشيطة في البالد‪ .‬ومع توحده في الرؤيا‪ ،‬والمتكأ اإليديولوجيين‪ ،‬بما‬ ‫يعني اشتراكه في مباديء وقيم الديمقراطية و الحداثة والتقدمية‪ ،‬فالشك أنه كان عامل تنويع وتخصيب ودينامية ثقافية‬ ‫وتدبيرية جد معتبرة عبرت عن نفسها‪ ،‬وترجمت تماسكها وتشوفها على مستوى التيسير‪ ،‬والتدبير‪ ،‬وإدارة الثقافي وطنيا‬ ‫وعربيا‪.‬‬ ‫تأسس اتحاد كتاب المغرب على االستقاللية والتقدمية والجماهيرية والديمقراطية‪ ،‬االستقاللية بإزاء التحكم واالستحواذ‬ ‫الحزبين –كائنا ما كان هذا الحزب‪ -‬وبإزاء النظام الحاكم‪ ،‬والمؤسسات الممثلة له‪ ،‬والتي حاولت –في غير مناسبة‪-‬‬ ‫اختراقه‪ ،‬وتفجيره‪ ،‬وإحالل بيادق تابعة خانعة لفرض وتصريف ثقافة المخزن‪ ،‬ما يعني زرع ثقافة االستسالم والتواكل‬ ‫والتبعية و”األبراجية”‪ ،‬والتقليدانية‪ .‬فهل نجح االتحاد في هذا الرهان؟ يمكن القول بكل اطمئنان‪ :‬إنه نجح إلى حد بعيد‪ ،‬إذ‬ ‫ظل خالل عقود عديدة مشاكسا‪ ،‬ومخلخال للبنيات التقليدية‪ ،‬ومنافحا عن الديمقراطية والحرية والعدالة االجتماعية‪ ،‬ومنددا‬ ‫بكل أساليب الحجر‪ ،‬والتضييق والقمع التي انتهجها النظام وأزالمه في حق مناضالت ومناضلين دفعوا الثمن غاليا من‬ ‫أجل أفكارهم التقدمية‪ ،‬ومواقفهم المبدئية في الحياة الحرة الكريمة‪ .‬وكل من يرمي هاته المنظمة العتيدة بتهمة عدم‬ ‫االستقاللية حيال السلطة والمؤسسة الحاكمة‪ ،‬ال يعدو أن يكون ظالما لها‪ ،‬ومفتريا عليها ‪( :‬إنني ال أنفي حضور التوجيه‬ ‫‪Page 2‬‬


‫الحزبي في بعض المحطات الدالة‪ ،‬والفضول “السياسي” المسطح بما يفيد دس األنف في الشأن الثقافي للتحكم في زمام‬ ‫التسيير والبرمجة وصوال إلى اإلقصاء)‪ .‬وما تلكؤ السلطة في منح اتحاد الكتاب‪ ،‬صفة المنفعة العمومية ألكثر من ثالثة‬ ‫عقود منذ التأسيس‪ ،‬إال دليل على استعصاء المنظمة عن التدجين‪ ،‬والتهجين‪ ،‬وفشل الحاكمين في اختراقها‪ ،‬ومن ثم‬ ‫توجيهها‪ ،‬والتحكم في حاضرها ومستقبلها بما يعني رهن استراتيجيتها الثقافية‪ ،‬وفق مخطط حكومي رمي في الفترة إياها‪،‬‬ ‫بالالشعبي والالديمقراطي‪.‬‬ ‫فكيف أراهن على مستقبل المنظمة الثقافية التي هي اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬والحال أن مستقبلها من صنع مثقفيها ومبدعيها‪،‬‬ ‫والمنتسبين إلى ميثاقها‪ ،‬وقوانينها التنظيمية‪ ،‬واستراتيجيتها الثقافية التي هي خارطة طريق تقود الخطو‪ ،‬وتيسر البرمجة‪،‬‬ ‫واالشتغال المرحلي‪ .‬نعم‪ ،‬يمكن الحديث –اآلن‪ -‬في سياق الحراك االجتماعي –السياسي الجديد‪ ،‬عن مماشاة التغيير‪،‬‬ ‫والفعل في مسار األحداث والوقائع‪ ،‬والعمل على االرتقاء بالثقافي في ترابط عضوي بالسياسي بالمعنى الشامل والنبيل‬ ‫للسياسي وطرح المماحكات التافهة جانبا‪ ،‬من أجل تدبير االختالف المشاربي السياسي‪ ،‬وتنسيبه‪ ،‬إذا أريد للمنظمة أن تعيد‬ ‫عافيتها‪ ،‬وتسترد توثبها وعنفوانها وروحها‪.‬‬

‫س ‪ :‬عرفت أواخرالتسعينات من القرن املاضي إثارة مسألة حتويل منظمة اإلحتاد إىل مجعية‬ ‫ذات النفع العام ‪ .‬ومن أجل تنويرالرأي العام ‪ ،‬أين وصل هذا امللف املطليب اهلام ؟ ثم أال‬ ‫ختشون أن يكون هذا املكسب مبقابل تنازالت هي من رصيد اإلحتاد النضالي ؟‬ ‫ج ‪ :‬أشرت قبال‪ ،‬إلى أن هذه الصفة‪ :‬صفة المنفعة العمومية‪ ،‬أو النفع العام‪ ،‬لم يستجب لها من طرف الدولة إال بعد تلكؤ‬ ‫ولأي بعد أن سلخ االتحاد من عمره أزيد من ثالثة عقود‪ ،‬أما وقد استجيب لالتحاد‪ ،‬ومنح الصفة التي يفترض أن تخول له‬ ‫“الماء والمرعى” أي إطالق األنشطة الثقافية‪ ،‬وتصريف برنامجه العام‪ ،‬وبرامج الفروع والجهات‪ ،‬فإنها ظلت كتلك العجلة‬ ‫الصدئة التي ال تتحرك رغم التنظيف والتزييت‪ ،‬فال نفع عام وال يحزنون‪.‬‬ ‫علما أن تخصيص ميزانية أو اعتماد مالي لتمويل أنشطة المنظمة –على غرار جمعيات أخرى نالت أكثر مما تستحق‪ -‬هو‬ ‫حق ثابت من حقوق المنظمات الثقافية الفاعلة‪ ،‬والحال أن االتحاد فاعل جمعوي قوي‪ ،‬إذ تعدت فاعليته وحضوره الثقافي‬ ‫الضارب والمركوز‪ ،‬حدود البالد‪ ،‬فأضحى يحظى بتقدير واحترام مخصوصين من قبل منظمات واتحادات الكتاب واألدباء‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬فإن المنظمة تعتاش ثقافيا على منحة وزارة الثقافة‪ ،‬ومنحة المجلس البلدي‪ ،‬وهما منحتان ال يمكن‪ ،‬بحال‪ ،‬أن تلبيا‬ ‫انتظارات االتحاد‪ ،‬وتستجيبا لبرامجه وأفقه‪ .‬وإذا اعتبرنا أن وضع “شقة” ضيقة رهن االتحاد –في والية الشاعر حسن‬ ‫نجمي‪ -‬إعماال وأجرأة لهذه الصفة‪ ،‬فنحن نقر بهذه “الصدقة” التي لم تتبعها صدقات‪ ،‬وهو ما يفرض رفع سقف المطالب‬ ‫من أجل إقرار الصفة‪ ،‬وخوض أشكال نضالية بغاية تنزيل بنودها‪.‬‬ ‫وال مجال العتبار المكسب –إذا تحقق بحذافيره كلها‪ -‬منة أو صدقة” أو “إحسانا”‪ ،‬يستوجب –بالمقابل‪ -‬تلبية طلبات المانح‬ ‫المضمرة‪ ،‬وإال فإن كل الجمعيات الفاعلة ثقافيا وتربويا‪ ،‬وحقوقيا‪ ،‬وكل الجرائد والصحف‪ ،‬والنقابات واألحزاب السياسية‪،‬‬ ‫التي تمنح من طرف الدولة ما به تقيم أودها‪ ،‬وتفعل‪ ،‬برامجها وأنشطتها‪ ،‬تعمل بحسب شروط المانح‪ ،‬وترفع عقيرتها في‬ ‫غدوها ورواحها‪ -‬بالتهليل له والمديح‪ ،‬بحسبان هذا المنطق‪.‬‬

‫‪Page 3‬‬


‫س ‪ :‬ماهو تصورك من موقعك كمكلف إعالمي باإلحتاد بعد املؤمترالقادم يف عهد وزيرللثقافة‬ ‫من حزب إشرتاكي يساري ضمن تشكيلة حكومية يرتأسها حزب إسالمي خصوصا ما تعلق‬ ‫حبرية اإلبداع الفين واألدبي ‪ ،‬وهل اإلشارات احلالية من احلزب الذي يرتأس احلكومة مشجعة ؟‬ ‫ج ‪ :‬في اجتماع لنا مع وزير الثقافة األستاذ الصبيحي‪ ،‬ما يبعث على التفاؤل والتطمين‪ ،‬طالما أن الرجل غير غريب على‬ ‫الميدان‪ ،‬فهو سليل بيت علم ومعرفة‪ ،‬ومدرك ألهمية الثقافة كمدخل أساس للتنمية‪ ،‬وبناء إنسان األلفية الثالثة‪ .‬ومدرك‪ ،‬بعد‬ ‫ذلك –لحال الثقافة المغربية‪ ،‬وعدم إيالئها االعتبار المطلوب‪ .‬لهذا‪ ،‬فتفاؤلي مسنود‪ .‬غير أن إشارات ما‪ ،‬وممارسات‬ ‫معينة‪ ،‬وكالما يطلق‪ ،‬أحيانا –على عواهنه‪ -‬من قبل مسؤولين وأتباع محسوبين على حزب العدالة والتنمية‪ ،‬تكدر صفاء‬ ‫الصورة المتفائلة التي رسمت قبل حين‪ ،‬وتغبش األفق المفتوح‪ ،‬األفق المنتظر‪ .‬فما نسمعه وما نقرؤه وما يصلنا من لغو‬ ‫بخصوص المهرجانات الفنية السينمائية‪ ،‬والغنائية‪ .‬وما دبحه دفتر التحمالت للتلفزيون المغربي‪ ،‬من بنود لعل فيها ما‬ ‫يصادر حرية البرمجة‪ ،‬وإطالق المواد الحية والمنشرحة‪ ،‬كل ذلك أشياء تبعث على الخوف‪ ،‬ولكن تتطلب منا رفع سقف‬ ‫التصدي واليقظة عاليا‪.‬‬

‫س ‪ :‬من األسئلة الشائكة القدمية اجلديدة سؤال يتعلق بالعضوية وما أثاره من إنتقادات‬ ‫تضرب أحيانا يف مصداقية اإلنتماء لإلحتاد ‪ ،‬أليس الظرف التارخيي اليوم مواتيا للتفكرييف‬ ‫تعديل شروط العضوية خصوصا يف ظل التحوالت احلاصلة يف واقع النشرالورقي واإللكرتوني ؟‬ ‫ج ‪ :‬قيل الكثير عن “العضوية” الممنوحة‪ ،‬وهذا الكثير الذي قيل يدمغ المكتب التنفيذي (المركزي سابقا)‪ ،‬بالتواطؤ‪،‬‬ ‫والمحسوبية‪ ،‬والزبونية‪ ،‬واإلخوانية‪..‬إلخ‪ .‬والحال أن العضوية –كما تعلم‪ -‬ال تصنع كاتبا‪ ،‬وال تضفي مصداقية نوعية‪،‬‬ ‫وقيمة مضافة‪ ،‬على ما يكتبه الكاتب‪ .‬فهناك أصدقاء كثيرون لهم قيمتهم االعتبارية ثقافيا –في البالد‪ -‬من دون أن ينتسبوا‬ ‫إلى المنظمة بطائقيا‪ ،‬إما ألنهم زاهدون في اللقب الرسمي‪ ،‬واألضواء‪ ،‬أو ألنهم يعتقدون –أن الجمعية‪ -‬أيا كانت – هي قيد‬ ‫رسمي‪ -‬وحري بالكاتب أن يكون حرا‪ ،‬وأن كتابته هي ما يرفعه أو يضعه‪ ،‬ال الجمعية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وبعيدا عن المعيرة ‪ :‬أي‬ ‫بعيدا عن االستناد إلى المعايير‪ ،‬وأية معايير؟‪ ،‬فإن المكتب التنفيذي‪ ،‬بمعية –أحيانا‪ -‬أدباء لهم اعتبارهم في المشهد الثقافي‬ ‫العام‪ -‬هو من يمنح العضوية لهذا‪ ،‬ويحجبها عن ذاك‪ ،‬في ضوء تقديرات يصعب توصيفها‪ :‬إذ يتداخل فيها الذاتي‬ ‫بالموضوعي‪ ،‬االنطباعي الشخصي‪ ،‬بالمنهجي الصارم‪ ،‬الذوق بالثقافة‪ ..‬إلخ‪ .‬ولذلك‪ ،‬ظل منح العضوية مثار نقاش‬ ‫وسجال‪ ،‬ومحط تهجم وانتقاد‪ ،‬ونيل من مصداقية المنظمة‪.‬‬ ‫صحيح أن الظرفية التاريخية مواتية –اليوم‪ -‬وسياقها قمين بحملنا جميعا‪ ،‬على التفكير في تعديل شروط العضوية‪،‬‬ ‫و”عقلنة” المعيرة” ولو بشكل نسبي يتغيا الموضوعية واإلجماع‪ ،‬وعرض الطلب على أكثر من لجنة إذا استشكل األمر‪،‬‬ ‫ودب النزاع‪ ،‬واألخذ والرد‪.‬‬ ‫ومن ثمة‪ ،‬فالحاجة ماسة إلى تعديل القوانين التنظيمية لالتحاد‪ ،‬بما يتماشى والتحوالت والهبات الثقافية والسياسية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وبما يجعل اتحاد كتاب المغرب بعد المؤتمر ‪ 81‬على موعد مع توصيف جديد للكاتب(ة) المغربي‪.‬‬ ‫وهذا ما يجعل السؤال المسكوت عنه يتلع الرأس على الشكل التالي ‪:‬‬ ‫ما المراد باتحاد كتاب المغرب؟ هل هو اتحاد لألدباء واألديبات بحصر المعنى؟ أم اتحاد لكل كاتب(ة) حتى ولو اقتصر‬ ‫على أطروحة دكتوراه في األدب؟ هل من الجائز أن يكون كتاب االقتصاد والعلوم‪ ،‬أعضاء في االتحاد؟ وهل ينتمون‬ ‫‪Page 4‬‬


‫بمنطق التسمية ومنطوقها إلى الكتاب واألدباء؟ وأصحاب األطاريح الذين ينتسبون إلى المنظمة اسميا ثم ينطفئون‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك يحسبون على االتحاد؟ إلخ‪ ..‬إلخ‪ ..‬فالسؤال يتناسل‪.‬‬

‫س ‪ :‬الشك يف أن النشراإللكرتوني قد أسهم كثريا يف تفجريطاقات كتاب شباب على اخلصوص‬ ‫غبنهم النشرالورقي ومنهم من تعرضوا لإلقصاء املمنهج يف الفروع ‪ ،‬من وجهة نظرك كيف‬ ‫ميكن لإلحتاد أن خيلق نوعا من املصاحلة الرمزية لرد اإلعتبارهلؤالء ؟‬ ‫ج ‪ :‬إذا كان النشر اإللكتروني‪ ،‬أسهم في تفجير طاقات كتاب شباب ظلمهم النشر الورقي بإبعادهم‪ ،‬وعدم اإللتفات إلى‬ ‫إبداعهم‪ ،‬فإنه من جهة أخرى‪ ،‬أسهم في الخلط والخبط‪ ،‬إذ –بذريعة الحرية‪ ،‬وعدم المراقبة‪ ،‬أصبحنا نقرأ “أدبا” مهزوزا‪،‬‬ ‫وإبداعا يشكو من أعطاب في البناء واللغة‪ ،‬والتخييل‪ ،‬وفكرا (مقاالت) يتسرب من “شقوقها” الشحوب والعي‪ ،‬واألخطاء‪،‬‬ ‫واالضطراب البين‪ .‬فأنت أمام شاشة الكبميوتر‪ ،‬تبذل جهدا مضاعفا من حيث متابعة الجيد والجميل والقوي‪ ،‬واطراح الغث‬ ‫والضعيف والمهزوز‪.‬‬ ‫فكيف يستقيم األمر لديك؟ أليس في األمر عنت ومشقة ضنكى؟‪.‬‬ ‫فإذا أقصيت هذا الجزء من اهتمامي‪ ،‬وعدت معك إلى الجانب اآلخر الجميل الذي يكتب وفق مواصفات األدب واإلبداع‪،‬‬ ‫فإنني أشاطرك الرأي بأن العديد من الكتاب والمبدعين‪ :‬قاصين وروائيين‪ ،‬وشعراء‪( :‬ات)‪ ،‬مورس عليهم إقصاء ممنهج‪،‬‬ ‫وإبعاد مقصود‪ ،‬وتهميش عن سابق إصرار وترصد‪ ،‬وقع ذلك خالل فترات أعمت فيه الحزبية الضيقة‪ ،‬والدائرة اإلخوانية‪،‬‬ ‫أبصار بعض المسيرين والمدبرين للشأن الثقافي‪ ،‬فكانوا –يا للمفارقة‪ -‬باطشين كالمؤسسة المخزنية التي ينتقدونها‪.‬‬

‫س ‪ :‬من دون شك أن الرصيد الثقايف لإلحتاد يقاس أيضا مبجموع اإلصدارات واملنشورات فضال‬ ‫عن األنشطة الثقافية على مستوى املركز والفروع ؟‬ ‫ج ‪ :‬نعم‪ ،‬بيد أن هذا القياس يصبح مشروعا متى ما عرفنا العراقيل واإلكراهات المالية التي يعانيها المكتب المسير‪ ،‬حيث‬ ‫إن طبع ونشر وإصدار كتب ومجالت باسم االتحاد‪ ،‬تتطلب ماال كثيرا‪ ،‬وتتطلب شراكة حقيقية مدعمة و مساندة لمشاريع‬ ‫اتحاد كتاب المغرب‪ .‬وهو ما يحدث – في غالب األحيان‪ -‬رغم شح المورد‪ .‬وال تنس أن االتحاد ينشر موسميا مجلة‬ ‫“آفاق”‪ ،‬المكلفة وبخاصة في حلتها الجديدة اآلن‪ ،‬وعدد مستكتبيها‪ ،‬وكاتبيها‪.‬‬ ‫كما يطبع ألعضائه ما يتوصل به منهم‪ ،‬في أجناس الكتابة المختلفة‪ ،‬باحثا عن المصدر الممول والمسوق‪.‬‬ ‫زد على ذلك‪ ،‬ما استحدثه االتحاد في والية الشاعر محمد األشعري‪ ،‬إذ يتعلق األمر بجائزة األدباء الشباب‪ ،‬التي يعقبها‬ ‫طبع األعمال الفائزة‪ ،‬ومكافأة أصحابها‪.‬‬

‫س ‪ :‬تعيش بالدنا حتوالت دميوقراطية رائدة على املستوى العربي لعل من جتلياتها تفعيل‬ ‫مبدأ ربط املسؤولية باحملاسبة إىل أي حد ميكن إعمال هذا املبدأ على مستوى اإلحتاد يف الوالية‬ ‫القادمة ؟‬ ‫ج ‪ :‬في كل مؤتمر مؤتمر‪ ،‬يتقدم المكتب التنفيذي بعرض التقريرين‪ :‬المالي واألدبي‪ ،‬اللذين يعكسان‪ ،‬بالمعطيات الرقمية‪،‬‬ ‫والبيانات المدعومة بالفواتير والحسابات‪ ،‬حصيلة عمله بين المؤتمرين‪ ،‬وهما التقريران اللذان يناقشها المؤتمرون قبل‬ ‫التصويت عليهما بالمصادقة من عدمها‪.‬‬

‫‪Page 5‬‬


‫وبالتالي‪ ،‬فالمحاسبة قائمة وناجزة في تحديد المسؤوليات‪ ،‬مسؤولية النجاعة في التدبير‪ ،‬أو التقصير في إدارة الشأن الثقافي‬ ‫والتسيير‪.‬‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬فالميزانية تعرض على لجنة افتحاص متخصصة ومدققة‪ ،‬تنبثق عن المؤتمرين ومن المؤتمر‪ .‬وما ثبت أن‬ ‫جهة –من خارج االتحاد‪ -‬انبرت ممحصة‪ ،‬أو طالبة دس أنفها في تدبير المكتب التنفيذي لملفاته وبرامجه وأنشطته خالل‬ ‫واليته التسييرية‪ .‬وهل تعطينا الحكومة ماال وفيرا‪ ،‬وميزانية يتحلب لها الريق‪ ،‬حتى تتبعنا باالفتحاص والمراقبة‬ ‫والمساءلة؟ قصارى ما يأتينا من دعم مالي‪ ،‬باإلضافة إلى بعض المؤسسات العمومية –موسميا وحسب الطلب والحاجة ال‬ ‫يتعدى وزاره الثقافة‪ ،‬والمجلس البلدي‪.‬‬

‫س ‪ :‬تعرف جل الدول العربية إنتفاضات وعصيانا ضد أنظمة القمع ومصادرة احلريات ‪ ،‬من‬ ‫موقعك كعضوباملكتب املركزي لإلحتاد ومكلف باإلعالم بكل صراحة ماذا قدم إحتاد كتاب‬ ‫املغرب للربيع املغربي والعربي من مواقف وبيانات ومؤازرة ؟؟‬ ‫ج ‪ :‬لم يقدم شيئا ذا بال‪ ،‬بل اتسم موقف االتحاد بالتذبذب والبلبال‪ ،‬ربما لغموض المساق النضالي لهذه الهبات الجماهيرية‪،‬‬ ‫وربما الختالط الحابل بالنابل‪ ،‬بما يعني ما تحصل من هذه الهبات أو(الثورات) إذ سرقت من لدن الحركات اإلسالمية؛ ما‬ ‫يزيد األفق التباسا وكدرا‪ ،‬والحاضر –هزهزة ولخبطة‪ -‬فهل صمت االتحاد إزاء ما جرى ويجري‪ ،‬وعدم تزكيته ومباركته‬ ‫لحراك ‪ 02‬فبراير‪ ،‬والثورات التونسية والمصرية واليمينة والليبية والسورية‪ ،‬تقية أم ترجمة لواقع شتات المكتب‪ ،‬وانبهام‬ ‫موقفه‪ ،‬وغبش تصوره حيال الغليان االجتماعي الجماهيري مغربيا وعربيا‪.‬‬ ‫أضع السؤال‪ ،‬وال أنتوي اإلجابة‪ ،‬ألن اإلجابة اصطفاف وتورط‪.‬‬

‫س ‪ :‬كلمة أخرية لكل الكاتبات والكتاب املغاربة بهذه املناسبة اخلمسينية ؟‬ ‫ج ‪ :‬أحيي –ختاما‪ -‬الكاتبات والكتاب المغاربة قاطبة‪ ،‬وأدعوهم إلى الكتابة المسؤولة‪ ،‬واإلبداع المؤسس على قيم الحق‬ ‫والخير والجمال‪ ،‬مذكرا إياهم بالذكرى الخميسنية التي هي عمر منظمة عتيدة تاريخية اسمها‪( :‬اتحاد كتاب المغرب)‪،‬‬ ‫(أقول هذا للجديدات والجدد في عالم الكتابة واإلبداع)‪ ،‬وهي المنظمة التي بصمت عميقا –مسار الثقافة واألدب والفن‪،‬‬ ‫ببالدنا‪ ،‬إذ قيض لها من قاد دفتها في بحر لجي‪ ،‬وخضم مضطرب‪ ،‬إلى بر الفكر واألدب بخصوصية مغربية حديثة‬ ‫وحداثية‪ ،‬انخرطت في سؤال الحاضر والمستقبل‪ ،‬راجة البركة اآلسنة التقليدية‪ ،‬والمعيقة للتقدم‪ ،‬والتطور‪ ،‬واندمجت –في‬ ‫معترك الصراع السياسي كاشفة وفاضحة‪ -‬السياسة الالشعبية والالديمقراطية التي أوصلت البالد إلى الطريق المسدود‪،‬‬ ‫وطارحة أسئلة حارقة على فوران المرحلة في أن نكون أوال نكون معرفيا وأدبيا وفنيا‪ ،‬وهو ما يعني تأصيل مغربية‬ ‫الكتابة بتواشج وثيق ومتين مع إبداالت الكتابة والمعرفة مشرقيا وكونيا‪.‬‬ ‫إنها ذكرى يستطاب استرجاعها‪ ،‬من دون اإلقامة فيها‪ ،‬ألن السؤال اليوم ليس سؤال األمس‪ ،‬وأدوات البناء في الكتابة‬ ‫والمسرح والتشكيل والسينما والغناء‪ ،‬غيرها البارحة !‬

‫‪Page 6‬‬


‫حوارمع الروائي والسيناريست املغربي عبداإلله احلمدوشي‬ ‫أجنزاحلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫مامن شك في أن الروائي والسيناريست المغربي عبداإلله الحمدوشي يعتبرمن الرواد الكتاب الذين‬ ‫إنخرطوا في مغامرة الكتابة الروائية في سن شبابي مبكرجدا وذلك بإصداره أواسط الثمانينات لروايته‬ ‫األولى الموسومة ب (الحالم) وهو في مقام ثان أيضا من الروائيين المغاربة القالئل جدا الذين آصروا‬ ‫بين الرواية وكتابة السيناريو الذين حقق فيهما ضيفنا إنجازات عالمية سنتعرف على تفاصيلها في هذا‬ ‫الحوارالخاص ‪.‬‬ ‫خاص بمجلة إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة اإللكترونية ‪.‬‬ ‫س‪ :‬لكل كتابة بدايات ولكل كاتب حلظة والدة إبداعية ‪ ،‬كيف تورط الكاتب املغربي عبداإلله‬ ‫احلمدوشي يف مغامرة الكتابة ؟‬ ‫ج‪ :‬البداية كانت عبارة عن حلم برواية صغيرة عنوانها (الحالم) صدرت في أواسط الثمانينيات على‬ ‫نفقتي المتواضعة ‪ ،‬ماأدهشني وورطني في الكتابة هو أن األلفين نسخة من الرواية بيعت تقريبا كاملة في‬ ‫ظرف ستة أشهر واسترجعت نفقتي مع ربح جيد ‪ ،‬الشيء الذي لن يتكرر أبدا في المستقبل‬ ‫س‪ :‬ماهي املنابرالثقافية الورقية أواإلذاعية أو غريها من الوسائط اليت شجعتك وحفزتك‬ ‫على إختيارهذا الطريق الصعب ؟‬

‫‪Page 1‬‬


‫ج‪ :‬قبل نشر روايتي األولى جربت نشر بعض القصص القصيرة في الصحف ولكنها لم تنشر ‪ ،‬فقلت‬ ‫لماذا أضيع وقتي في انتظار أن تنشر لي قصة قصيرة ‪ ،‬عوض ذلك بدأت في كتابة الرواية مباشرة‬ ‫فكانت رواية الحالم ‪ ،‬بعدها نشرت بعض القصص القصيرة في جرائد مغربية‬ ‫س ــــ قبل احلديث عن إصدارك الروائي البكر(احلامل) الذي صدرسنة ‪ ، 6891‬هل لك أن‬ ‫تعرفنا على بعض عناوين خمطوطاتك وكتاباتك اليت سبقت رواية (احلامل) إىل الوجود مثال‬ ‫هل جربت كتابة القصة القصرية أوالقصيدة أوغريهما من األجناس السردية القصرية ؟‬ ‫ج‪ :‬من البداية اهتممت بالسينما وكتابة السيناريو‪ ،‬ويمكن القول أن تجاربي كلها كانت في هذا االتجاه ‪،‬‬ ‫لم تستهويني كثيرا القصة القصيرة ‪ ،‬لكن في البداية كتبت الشعر ‪ ،‬ليس بهدف نشره ولكن ألتغنى بأول‬ ‫تجربة حب ‪..‬‬ ‫س‪ :‬يبقى اإلصداراألول هوحلم وأقصى غايات كل كاتب مبتدئ كيف أوال عنت لك فكرة‬ ‫املغامرة الروائية يف سن مبكرجدا ؟‬ ‫ج‪ :‬كما قلت ‪ ،‬كان النشر صعبا في الصحف ‪ ،‬خصوصا وهي تابعة ألحزاب وال تنشر اال لزبائنها‬ ‫ومريديها أو بتوصيات ‪ ،‬أدرت ظهري لكل هذا وكتبت الروايات وأخذت سلفة لنشرها وبذلك اعتمدت‬ ‫على نفسي ومازلت الى اآلن ‪ ،‬ويمكن القول أن التجربة كانت ناجحة وهاهي رواياتي تترجم الى اللغة‬ ‫االنجليزية وتدرس في عدة جامعات أمريكية‬ ‫س‪ :‬كيف كان شعورك وأنت تعانق إصدارك األول وماهي األصداء اليت خلفها بني أقرانك من‬ ‫األصدقاء ويف الوسط الثقايف الثمانيين ؟‬ ‫ج‪ :‬كان األمر بمثابة كابوس مخيف ‪،‬فروايتي األولى لم يقرأها أحد قبل نشرها سواي ‪،‬اذ كنت منعزال‬ ‫وبعيدا عن أي تواصل مع الكتاب والمهتمين ‪ ،‬لكن دهشتي كانت عظيمة اذ كتب عنها في ذلك الوقت في‬ ‫مجلة ' العربي' الشهيرة ‪ ،‬رفقة الكاتب محمد زفاف وبلمليح ‪ ،‬حيث صدرت لنا أعمال في نفس السنة ‪،‬‬ ‫وكان المقال عن روايتي جد مشجع‬ ‫س‪ :‬لألمكنة سحرها وللفضاءات تأثريها يف املعماراملكاني لكل رواية هل كان ملدينة مكناس‬ ‫وحارتها العتيقة حظها األوفريف رواية احلامل ؟‬ ‫ج‪ :‬روايتي التسليم التي لم تأخذ لسوء حظها مكانة مرموقة في الرواية المغربية والتي أعتبرها أحسن‬ ‫ماكتبت ‪ ،‬هي رواية عن مدينة مكناس واحتفاء بالمدينة القديمة وأولياء مكناس وأنوي أن أعيد نشر هذه‬ ‫الرواية التي كتبتها في أواسط التسعينيات ولم توزع اال بأعداد قليلة‬ ‫س‪ :‬بعد رواية(احلامل )واصلت بكل إصرارومشاكسة الكتابة الروائية فأصدرت بعدها "بيت‬ ‫الريح" ثم (التسليم)كيف حدث هذا اإلنعطاف يف مسارك من الرواية إىل التجريب يف كتابة‬ ‫‪Page 2‬‬


‫السيناريو؟ وهل كان( الباب األوتوماتيكي) هوأول سيناريوكتبته ؟‬ ‫ج‪ :‬تجربتي الروائية صارت جنبا الى جنب مع تجربتي في كتابة السيناريو ‪ ،‬فيلم الباب األتوماتيكي‬ ‫ترك صدى كبيرا في حينه واعتبر نموذجا لمايجب أن تكون عليه األفالم المغربية ‪ ،‬هذا برغم ضعف‬ ‫االمكانيات وخضوع التلفزة أنذاك الى رقابة الداخلية التي غير النهاية ‪ ،‬أما أول أفالمي فكان بعنوان بيت‬ ‫الريح‬ ‫س‪ :‬كتابة السيناريو حتيل مباشرة إىل الفيلم التلفزي أوالسينمائي ‪ ،‬كيف إستهوتك‬ ‫السينما بعواملها التقنية واملركبة لولوج مغامرة كتابة الرواية البوليسية بتعاون مع كاتب‬ ‫متخصص هوامليلودي احلمدوشي ‪ ،‬هل هي لعبة األمساء أم غواية الكتبة فقط ؟‬ ‫ج‪ :‬لعبة األسماء ‪ ،‬لكن بعد سنوات الرصاص وصدور الكثير من الكتب حولها من طرف معتقلين‬ ‫سياسيين حكوا عن تجربتهم وماتعرضوا له من تعذيب ‪..‬كان المغرب يطمح الى دخول عهد التناوب ‪،‬‬ ‫ففكرت أننا في حاجة الى نوع أدبي جديد ‪ ،‬وكانت الرواية البوليسية ألن أسلوبها قريب من أسلوب‬ ‫روايات االعتقال ‪ ،‬لكن الفرق هو أنني أردت أن أكتب عن بوليسي المستقبل الذي ينزع االعترافات‬ ‫بالمنطق وليس بالعنف ‪ ،‬وطبعا هذه الروايات ‪ ،‬تنطوي على دور توعوي وتربوي ينشر الفكر المنطقي‬ ‫والوعي بالحقوق‬ ‫س‪ :‬لكل جنس سردي خمتربه اخلاص من أين يستقي الروائي والسيناريست عبد اإلله‬ ‫احلمدوشي مستحضراته اإلبداعية للكتابة الروائية والسيناريو؟‬ ‫ج‪ :‬من القراءة أوال ومن السينما ثانيا ‪ ،‬ومن التفاصيل الصغيرة لليومي التي تحفل به قضايا الناس في‬ ‫الصحافة المغربية ‪ ،‬أقتات على هذه األشياء ولكن انطالقا من رؤيتي الخاصة لنفسي وللواقع وللعالم ‪،‬‬ ‫وأطمح ألكون مشوقا ومثيرا لفضول القاريء أو المتفرج ‪ ،‬كما أنني أعتبر أن الكثير من المجاالت‬ ‫الثقافية في المغرب مازالت عذراء ‪ ،‬فالمغرب لم يكتب بعد روائيا ولم يصور بعد سينمائيا‬ ‫س‪ :‬متت ترمجة روايتيك األخريتني (الرهان) و(املستنزفون) إىل األجنليزية من طرف جواتان‬ ‫مسولن وهو أستاذا لآلداب املقارن جبامعة دارمتوت األمريكية ‪ ،‬هل حققت الرتمجة غايتها‬ ‫ووفاءها للروايتني األصليتني معا ثم هل هذه الرتمجة مؤشر واضح على أن عبداإلله‬ ‫احلمدوشي قد المس سقف العاملية مثل حممد شكري وحممد زفزاف وليلى أبوزيد وغريهم ؟‬ ‫ج‪ :‬هناك رواية الذبابة البيضاء أيضا قد تمت ترجمتها وستصدر في غضون الخريف المقبل في أمريكا‬ ‫‪..‬والواقع أنني لم أحس بنفسي كاتبا اال بعد أن ترجمت الى االنجليزية وصدرت رواياتي في طبعات‬ ‫فاخرة وكتب عنها في صحف عالمية ‪..‬ال أكتب اآلن اال ألكون مترجما الى لغات أخرى ألن القراءة‬ ‫ماتت في المغرب والوطن العربي‬

‫‪Page 3‬‬


‫س‪ :‬ماذا يشكل بالنسبة لك فوز فيلم "خلف األبواب " الذي كتبت له السيناريو وحازعلى‬ ‫جائزة أحسن سيناريو يف مهرجان كاليفورنيا العاملي ؟‬ ‫ج‪ :‬أفتخر كثيرا بهذه الجائزة ألن حجم األفالم األخرى المشاركة كان كبيرا والمنافسة قوية ونحن‬ ‫الممثلين الوحيدين للعرب وافريقيا في هذا المهرجان ‪ ،‬وكان فوزي بجائزة السيناريو اعترافا عالميا قويا‬ ‫‪ ،‬الشيء الذي لم يحصل في المغرب‬ ‫س‪ :‬هل قدرالكتاب والفنانني املغاربة أن ينتظروا دائما اإلعرتاف بهم من اخلارج حتى‬ ‫ينصفهم وطنهم يف الداخل فيما بعد ؟‬ ‫ج‪ :‬مع األسف الفساد يعم الميدان الثقافي والفني في المغرب والطفيليون والمثقفون والكتاب الوهميون‬ ‫هم من يتصدرون الكراسي العالية والمنصات‬ ‫س‪ :‬الأحد ينكرأن هناك دينامية سينمائية على مستوى املهرجانات من طنجة إىل الداخلة‬ ‫جنوبا ويف املقابل هناك عوز يف اإلنتاج السينمائي والنقدي مع تزايد إغالق القاعات العريقة‬ ‫خصوصا اليت خلفها اإلستعمارالفرنسي فمثال مبدينة مكناس اليت ننحدرمنها معا مت إغالق‬ ‫جل القاعات وبعضها حتول إىل مقاهي هذا فضال عن آفة القرصنة وأنتشاراإلنرتنت كيف‬ ‫تنظرإىل مستقبل السينما املغربية من خالل هذه الشاشة السوداء احلالية ؟‬ ‫ج‪ :‬ان بقي األمر على حاله ستموت السينما المغربية وهي لم تولد بعد ‪ ،‬المشكل ليس في القاعات ولكن‬ ‫في األفالم الشاردة والركيكة والبعيدة عن هموم الناس والخالية من الرؤية الفنية واللمسة السحرية ‪...‬‬ ‫س‪ :‬على ذكراإلنرتنت كيف تنظرإىل جتربة النشراإللكرتوني والصحافة الرقمية بشكل خاص‬ ‫وهل بدأ عصرأفول الورق ؟‬ ‫ج‪ :‬سينتهي قريبا عصر الورق ‪ ،‬لكن الكتابة الجيدة واالبداع األصيل سيبقى دائما حيا ومتواجدا‬ ‫وسيزدهر أكثر مع الوسائط الجديدة‬

‫‪Page 4‬‬


‫حوارمع الدكتورعبدالسالم املُساوي املدير الفين األسبق للمهرجان‬ ‫الوطين للفيلم الرتبوي‬ ‫أجراه‪ :‬عبد حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫إستطاع المهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس أن يرسخ تقليدا سينمائيا وطنيا يحتفي كل سنة باإلبداع‬ ‫السينمائي في بعده وقيمه الفنية والتربوية ‪ .‬ولم تكن لتتحقق له هذه اإلستمرارية وهذا الحضوروالصيت‬ ‫الوازن داخل الوطن وخارجه لوالتظافروإيمان األطقم والجهات الساهرة عليه بجدواه في اإلرتقاء بالفيلم‬ ‫التربوي إلى المستوى الذي يليق به في المشهد السينمائي المغربي ككل ‪.‬‬

‫‪Page 1‬‬


‫وقد تأسس المهرجان سنة ‪ 1002‬من طرف جمعية اإلبداع وللسينما والمسرح بفاس وبعد دورته الثانية‬ ‫تبنته األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس بولمان التي أسهمت كثيرا في إشعاعه‬ ‫وتطويرفعالياته تدريجيا من اإلطار اإلقليمي إلى اإلطار الجهوي ثم إلى اإلطار الوطني ‪.‬‬ ‫في هذا الحوار الخاص نعود مع الدكتورعبدالسالم المساوي المديرالفني األسبق للمهرجان إلى تقييم‬ ‫شامل لتجربته في اإلدارة الفنية التي ناهزت ثماني سنوات وعن أسباب إستقالته من مهامه ‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بداية نود أن نعرف الدواعي احلقيقية الستقالتكم من اإلدارة الفنية للمهرجان الوطين‬ ‫للفيلم الرتبوي وهو يف قمة النضج !؟‬ ‫ج‪:‬أنا لم اقدم استقالتي من اإلدارة الفنية للمهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس ‪ ،‬وإنما ـ إذا أردنا التدقيق‬ ‫ـ انتهت مهامي اإلدارية كرئيس للمركز الجهوي للتوثيق والتنشيط واإلنتاج التربوي إثر نجاحي في‬ ‫مباراة للتعليم العالي في العام الماضي‪ ،‬وضمن هذه المهام المتعددة كنت أشرف على اإلدارة الفنية لهذا‬ ‫المهرجان الذي ربيته صغيرا بعد أن استلمته في األقماط من جمعية فضاء اإلبداع للسينما والمسرح في‬ ‫أواسط سنة ‪ ،1002‬وتعهدته بالرعاية بمساعدة رئيس الجمعية المذكورة وأطر تربوية طوال ثمان‬ ‫سنوات إلى أن شب عن الطوق‪ ..‬صحيح كانت هناك محاولة من األكاديمية إلقناعي باالستمرار في‬ ‫المساهمة في تنظيمه حتى بعد استالمي مهامي الجديدة‪ ،‬ولكن الصيغة المقترحة لم تكن تناسبني وأنا‬ ‫الحريص على االطراد في تطور دوراته‪ ..‬إذ طلب مني أن أكون مجرد عضو داخل لجنة التنظيم‪..‬‬

‫س‪:‬‬

‫طيب لنعد عقودا إىل الوراء رمبا واكبت زخم ظاهرة النوادي السينمائية (سيين‬

‫كلوب) يف سبعينيات ومثانينيات القرن املاضي يف كل ربوع اململكة أقصد املدن الكربى الرباط‬ ‫والدارالبيضاء وفاس ومكناس ‪..‬إخل اليت استطاعت أن ختلق هلا مجهورها النوعي‪ ..‬هل يف‬ ‫رأيك إختالف السياق التارخيي وتعدد الوسائط وفائضها إن مل نقل التخمة يف الصورة اليوم‬ ‫هو السبب يف تراجع التفاعل السينمائي ؟‬

‫‪Page 2‬‬


‫ج‪ :‬كان إلحداث األندية السينمائية المغربية خالل سنوات السبعينات أثر محمود في إشاعة أجواء الثقافة‬ ‫الفنية والتنويرية التي تطلبتها تلك المرحلة‪ ،‬من أجل إخراج المجتمع المغربي من الركود الثقافي‬ ‫المهيمن‪ ،‬ومن التقليد الذي كان يكبل األفكار والطموح إلى الرغبة في التحرر واالنعتاق من روح الجمود‬ ‫التي فرضتها العقليات التقليدية المتحكمة في دواليب السياسة والثقافة والمجتمع‪ .‬ولئن كان الهاجس‬ ‫اإليديولوجي هو المحرك لدينامية تلك األندية اعتبارا لألولويات والحاجات التي فرضتها الظروف‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فإن آثارها الفنية أتت أكلها من زاويتين‪ :‬إشاعة الثقافة السينمائية‪ ،‬وإن طغى في تلك المرحلة‬ ‫مبدأ تغليب مضامين األفالم على حساب ثقافة الصورة والتقنيات الجمالية‪ ،‬نظرا للهاجس اإليديولوجي‬ ‫المهيمن‪ ،‬والحفز على إنجاز أفالم سينمائية مغربية‪ ،‬ودخول تجربة اإلنتاج من قِبَل الهواة‪.‬‬ ‫لقد ساهمت األندية في التأطير والتوجيه عبر اختيار األفالم ومناقشتها دفعا للتلقي السلبي الذي‬ ‫كان يغلب عليه النهم الفرجوي‪ ،‬واستفدنا نحن كتالميذ في الثانوي في تلك المرحلة من هذه األندية‬ ‫والمشرفين عليها وكان غالبيتهم من أساتذتنا‪ .‬نفس هذه األندية كانت سببا في تحول عدد من المشرفين‬ ‫عليها إلى مخرجين سينمائيين وكتاب سيناريو ونقاد‪.‬‬ ‫من هنا يتأكد الدور األساسي لهذه النوادي التي أدت إلى تشكل إرهاصات فضاء سمعي بصري‬ ‫وطني‪ ،‬وهو النموذج الذي أرادت المدرسة المغربية أن تتمثله الحقا بإعطاء النوادي التربوية والفنية‬ ‫والثقافية أهمية قصوى في االضطالع باألنشطة المندمجة والموازية في المسار التكويني للتلميذ وتلكم‬ ‫كانت أحد شواغل المهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس الذي تشرفت بإدارته الفنية‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى سؤالك‪ :‬فأنا ال اجد تراجعا في التفاعل السينمائي‪ ،‬ودليلي على ذلك وجود حركة‬ ‫موارة في تنظيم المهرجانات والملتقيات التواصلية حول السينما (قد يكون المغرب أول دولة عربية من‬ ‫حيث عدد المهرجانات والملتقيات)‪ ..‬وهي مناسبات لعرض األفالم ومناقشتها وتقديم دروس في السينما‪.‬‬ ‫تعدد الوسائط أيضا ساهم ويساهم في العرض المطرد لألفالم السينمائية ومشاهدتها في أي وقت‪ ،‬ثم إن‬

‫‪Page 3‬‬


‫إغالق القاعات السينمائية هو أمر طبيعي في سياقنا االقتصادي واالجتماعي والثقافي وعلى الدوائر‬ ‫المسؤولة أن تفكر في صيغ أخرى‪ ،‬وتلك ظاهرة عالمية وليست مغربية فقط‪ ،‬وال شك أن بعض هذه‬ ‫البدائل يتمثل في تشييد مركبات سياحية تدخل السينما في صميم اهتمامها‪.‬‬ ‫س ‪ :‬كان ومازال من بني أهداف املهرجان الوطين للفيلم الرتبوي ترسيخ ثقافة سينمائية يف‬ ‫الوسط التعليمي لكن املالحظ أن إشعاع املهرجان اليتعدى أيامه الثالثة املعدودة يف السنة ؟‬ ‫ج‪:‬األيام الثالثة للمهرجان ما هي إال تتويج لمجهود سنوي متعدد‪ ..‬إذ نجمع في هذه األيام عددا ال‬ ‫يستهان به من نساء ورجال التربية المهتمين وتالميذ وسينمائيين ومبدعين للوقوف على حصاد السنة من‬ ‫المنتوج الفيلمي الذي اجتهدت األندية التربوية والسينمائية التابعة للمؤسسات التعليمية في مختلف ربوع‬ ‫الوطن في إنجازها‪ .‬كما يتضمن برنامج أيام المهرجان ندوة وطنية نفرد موضوعها كل سنة لمحور‬ ‫أساس حول التربية والسينما (الطفولة والسينما‪ ،‬الفيلم التربوي دعامة للسلوك المدني‪ ،‬السينما التربوية‬ ‫ومدرسة االحترام‪ .....‬إلخ) عالوة على أوراش تكوينية وموائد مستديرة تستحضر االنشغال البيداغوجي‬ ‫فيما هي تالمس خصوصيات الخطاب السينمائي‪ ..‬في تلك األيام الثالثة أيضا نفرد لثقافة االعتراف حيزاً‬ ‫إنسانيا ضروريا يستحضر مجهودات الرواد في حقلي التربية والسينما‪ ،‬ويكفي استحضار هذه األسماء‬ ‫التي كرمت خالل السنوات التي أشرفت فيها على تنظيم المهرجان (عبد الرزاق غازي فخر وهذا قيدوم‬ ‫األندية السينمائية ورجل تربية‪ ،‬ونعيمة المشرقي‪ ،‬وحسن الصقلي‪ ،‬ومديرة الثانوي المعروفة خديجة‬ ‫العلوي قبي‪ ،‬ومحمد التسولي وعبد القادر مطاع وحمادي التونسي‪ .)...‬في تلك األيام الثالثة كانت‬ ‫تداهمني دموع الفرح والتأثر وأنا أرى توالي صعود التالميذ إلى الخشبة إلى جوار أساتذتهم ومؤطريهم‬ ‫وهم يقدمون أفالمهم الصغيرة والجميلة‪ ،‬في خطوات أعتبر إيقاعها مؤشراً على طموح سيحقق الكثير‬ ‫لهذا البلد مستقبال‪ ..‬وحتى ال أزايد فالمهرجان ال يستهدف باألساس تكوين سينمائيي المستقبل (وإن كان‬

‫‪Page 4‬‬


‫يطمح إلى ذلك) بل يستهدف تنويع طرائق ووسائل التربية المفيدة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ال يتحدد عمر المهرجان في ثالثة أيام بل هو مجهودات كثيرة تتوزع على شهور السنة‬ ‫التعليمية في فضاءات تربوية وثقافية متعددة‪ ..‬حيث يقف التالميذ والتلميذات أمام الكاميرا ليقدموا أدوارا‬ ‫في أفالم فتية تبغي معالجة ظواهر تربوية سائدة أو تطمح لتقديم العالمات المضيئة والقدوة الحسنة‬ ‫للتالميذ ولألساتذة على حد سواء‪ .‬كما أن المهرجان يستمر بعد انتهاء المهرجان !! من خالل توزيع‬ ‫األفالم الفائزة في المسابقة الرسمية وباقي األفالم األخرى التي تحققت لها الجودة الفنية والفكرية على‬ ‫األندية والجمعيات التي ترغب في عرضها ضمن أنشطتها التربوية والثقافية‪ .‬وكنت أيضا ال أتردد في‬ ‫نسخها وتقديمها لبعض اآلباء واألمهات الذين يرغبون في عرضها لفائدة أطفالهم بالبيوت‪.‬‬

‫س‪:‬‬

‫حاول املهرجان من خالل شعاراته (مدرسة النجاح ـ مدرسة اإلحرتام ‪..‬إخل) اإلرتقاء‬

‫باألهداف اإلجرائية البيداغوجية اليت تسطرها الوزارة الوصية إىل أي حد حتقق هذا التكامل ؟‬ ‫ج‪:‬يدرك الكثيرون أن الشعارات المرفوعة بمناسبة تنظيم أنشطة هي بالدرجة األولى إعالن عن حسن‬ ‫الغرض والنية‪ ،‬وتأكيد لألهداف التي يريد ذلك النشاط تحقيقها على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد‪.‬‬ ‫وشعارات "مدرسة االحترام" ـ على سبيل المثل ـ هو شعار دائم بدوام العملية التربوية‪ ،‬ألن تحقيق‬ ‫مدرسة االحترام في نهاية المطاف هو تحقيق للنجاح المدرسي الذي دوخ األمم على امتداد التاريخ‪ ..‬من‬ ‫هنا كان المهرجان دائما يراهن من خالل المسابقة الرسمية لألفالم التربوية على موضوعات األفالم‬ ‫حيث يتم التنصيص في شروطها على مالمح األفكار التربوية التي ينبغي أن تؤطر األفالم القصيرة‪،‬‬ ‫حتى تصبح هذه األفالم مسهمة في تحقيق األهداف النوعية في مناسبات عرضها على التالميذ‪ .‬وأغتنم‬ ‫هذه الفرصة ألقترح على المشتغلين بالتنشيط التربوي والتكوين أن يطلبوا هذه األفالم‬

‫ـ وخاصة منها‬

‫الفائزة بجوائز المهرجان ـ من إدارة أكاديمية فاس بولمان الستثمارها في مختلف المناسبات‪ ،‬فهي مواد‬

‫‪Page 5‬‬


‫مناسبة لخلق نقاش بيداغوجي حول قضايا تربوية متعددة‪ ،‬ويحسن عرضها في المؤسسات التعليمية‬ ‫ودور الشباب ومراكز تكوين األساتذة (المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين)‪.‬‬ ‫س‪ :‬تتكون جلان التحكيم عادة من فعاليات وازنة يف احلقول الرتبوية والفنية واإلعالمية فيما‬ ‫تغيب وجهة نظر الفئة املستهدفة من املتعلمني يف جلان التحكيم ما السبب ؟‬ ‫ج‪:‬تعودنا في كل دورة أن نوجه الدعوة إلى خبراء في السينما والتربية والثقافة لالضطالع باختيار‬ ‫األفالم الجيدة التي ينبغي أن تحظى باهتمام المهرجان وجوائزه‪ ،‬إال أنني أجد أن سؤالك يشير إلى غياب‬ ‫تالميذ عن لجان التحكيم‪ ..‬وأنا أزكي إشارتك هاته‪ ،‬وأعلن بأن حضور تلميذ أو تلميذة مع أعضاء اللجنة‬ ‫سيكون مفيداً‪ ..‬خصوصا وأن الكبار ال يستطيعون دائما أن ينوبوا عن األطفال في اختياراتهم‪ ..‬لذلك‬ ‫أوجه سؤالك ـ اقتراحك للمنظمين سواء بفاس أو بباقي المدن لتوجيه الدعوة لعينة من األطفال يرون فائدة‬ ‫في حضورهم إلى جوار الكبار في لجان التحكيم‪.‬‬

‫س‪:‬‬

‫إىل أي حد إستطاعت األوراش املنظمة على هامش املهرجانات اإلرتقاء جبودة اإلبداع‬

‫السينمائي يف الفيلم الرتبوي؟‬ ‫ج‪ :‬من يقارن بين األفالم المشاركة في الدورات األربع األولى واألفالم التي شاركت بها األندية بدءاً من‬ ‫الدورة السادسة إلى اليوم سيالحظ الفرق الكبير الذي مسَ هذا المنتوج الفتيّ من حيث الجودة في التقنيات‬ ‫وفي فكرة األفالم ومضمونها‪ .‬لقد كان لتوالي دورات المهرجان ولألوراش المتنوعة التي عرفتها فقراته‬ ‫وركزت على مهن السينما (السيناريو‪ ،‬التصوير‪ ،‬اإلخراج‪ )......‬الدور المؤكد في نشر الوعي بأساسيات‬ ‫الخطاب السينمائي ومكوناته؛ زد على ذلك تنصيص أدبيات المهرجان على ضرورة االستفادة من‬

‫‪Page 6‬‬


‫المحترفين عند إنجاز هذه األفالم‪ ..‬وقد شارك في هذه األوراش التكوينية خبراء مغاربة ودوليون من‬ ‫مخرجين وتقنيين‪ ..‬وكان طموحنا أن تتوطد العالقة مع المركز السينمائي المغربي الذي نشكر تفاعله مع‬ ‫هذا المهرجان‪ ،‬ومع بعض مدارس السينما في المغرب ليأخذ مجال التكوين دوره‪ ..‬وعلى المشرفين‬ ‫الجدد على مهرجان فاس أن يفكروا في آليات تطويره‪ ..‬لقد تركناه في عهدتهم بعد أن حقق انتشاراً‬ ‫وطنياً‪ ،‬بل وهناك مخرجون عرب أبدوا الرغبة في حضوره وعرض أفالمهم فيه‪ ،‬وعليهم أن يتولوا‬ ‫بعض الثغرات للدفع به إلى األفق المنشود‪.‬‬ ‫س ‪ :‬دأب املهرجان على تكريم فنانني مشهورين مثل نعيمة املشرقي وعبداهلادي بلخياط‬ ‫ومحادي التونسي وحسن الصقلي وغريهم فيما غاب عن اإلدارة الفنية تكريم الرواد األموات‬ ‫مثل حممد عصفور والعربي الدغمي وحسن املفيت وغريهم ملاذا ؟‬ ‫ج‪:‬إكرام الميّت دفنه !! إن أي تكريم ينبغي أن يشمل األحياء حتى يحسوا بمثل هذه االلتفاتات‪ ..‬لقد‬ ‫كرمنا حسن الصقلي وكان سعيدا بذلك‪ ،‬ورحل في ما بعد فحمدنا اهلل على مبادرتنا‪ ..‬طبعا هذا ال يمنع‬ ‫من تكريم الراحلين الذين أخلصوا لعملهم ولفنهم‪ ،‬ولكن بأشكال الئقة من خالل االهتمام بمنتوجهم‬ ‫والتعريف به‪ ،‬ومن خالل إطالق أسمائهم على الشوارع والمؤسسات اعترافاً بإسهاماتهم الفنية‬ ‫والتربوية‪..‬‬

‫س‬

‫‪ :‬راهنت إدارة املهرجان على البعد الدولي منذ الدورة العاشرة لكن الشيء حتقق من‬

‫هذا الرهان منذ الدورتني السابقتني؛ هل يعود السبب حلجم اإلمكانيات أم لغرور حلظي !؟‬ ‫ج‪:‬هل حققنا الجودة في ما هو محلي وطني حتى نفكر في ما هو أبعد من ذلك؟؟ من كان يتحدث عن‬

‫‪Page 7‬‬


‫تحويل المهرجان من اإلطار الوطني إلى الدولي؟؟ متحمسون رسميون يلقون كلماتهم في منصة االفتتاح‬ ‫أو االختتام !! هؤالء لم يكونوا يكتوون بمعاناة التنظيم وال يعرفون واقع الحال‪ ..‬هؤالء لم يكونوا‬ ‫يطوفون على (اللي يسوا واللي ما يسواش) بحثاً عن دعم لنفقات المهرجان (جوائز‪ ،‬إيواء‪ ،‬تغذية‪ ،‬طبع‬ ‫وثائق‪ ،).....،‬والبد هنا من أتوجه بكل عبارات الشكر واالمتنان لعدد من شركاء المهرجان الذين ظلوا‬ ‫يقدمون له الدعم ووثقوا في أهدافه وغاياته‪ ،‬فبهؤالء ضمن المهرجان استمراره‪ .‬فبفضل جهود هؤالء‬ ‫وأولئك تمكنت أكاديمية فاس وجمعية فضاء اإلبداع من مراكمة هذا العدد من الدورات وفي شروط‬ ‫تنظيمية جيدة رغم بساطة نفقات المهرجان‪ .‬والبد أيضا في هذا السياق من توجيه الشكر إلى السيد حسن‬ ‫أمزيل المدير السابق لألكاديمية الذي تفاعل بشكل إيجابي جدا مع تبني هذه التظاهرة وهي ما زالت في‬ ‫طور البدايات لما عرضت عليه الفكرة‪ ،‬بعد أن زارني السيد محمد فراح العوان صاحب هذه المبادرة‬ ‫طالباً الرعاية الجهوية لملتقاه الذي كان قد نظم منه دورتين إقليميتين على عهد الراحل محمد فجاج نائب‬ ‫نيابة المدينة سابقا‪ .‬بل ما يدعو لشكر السيد أمزيل هو أنه كان يطوف معي على الداعمين وكان جد‬ ‫متحمس إلنجاح هذه التظاهرة التربوية الهامة‪ .‬البد أيضا من شكر النجمة نعيمة المشرقي التي شجعتني‬ ‫شخصيا على متابعة إدارة هذا المهرجان وقدمت لي دعما معنويا كبيرا‪ ،‬ونفس الشكر أتوجه به إلى كل‬ ‫من عمر بلخمار وأحمد سيجلماسي وحمادي كيروم وعبد اإلله الجوهري وثريا ماجدولين‪ ،‬فهؤالء رعوا‬ ‫المهرجان منذ كان صغيراً‪ .‬ووجدت فيهم أنا وزميلي محمد فراح العوان كل الدعم والمؤازرة‪ .‬فيما‬ ‫يخص البعد الدولي‪ ،‬أنا شخصيا لم أكن متحمسا له ألنني كنت أريده أن يبقى تظاهرة مدرسية تعنى‬ ‫بخصوصية المدرسة المغربية محققة لألهداف المرسومة‪ ،‬وكنت أخاف أن يتسبب البعد الدولي في تحييد‬ ‫األبعاد البيداغوجية التي هي أساس فكرة هذه التظاهرة‪ ،‬هذا عالوة على شح الموارد المالية التي من‬ ‫الممكن أن تخلف موعدها مع مهرجان بمواصفات دولية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬يف حصيلة إدارتكم الفنية ما الذي مل يتحقق ويدعوكم للحسرة ؟‬

‫‪Page 8‬‬


‫ج‪:‬ال شيء يدعوني للحسرة بل على العكس من ذلك كل شيء يدعوني لالبتهاج‪ ،‬لقد تحقق جزء كبير‬ ‫مما كنت أطمح إليه‪ ،‬لقد عانيت الشيء الكثير في اإلعداد والتنظيم‪ ،‬ولكن النتائج الباهرة كانت دائما‬ ‫تنسيني في المتاعب‪ .‬لقد استطعنا كأكاديمية وجمعية وشركاء أن نصل بالمهرجان إلى هذه الحلة الموفقة‪،‬‬ ‫وغدا قدوة لكثير من المهتمين بالسينما التربوية على مستوى المغرب كله‪ ..‬الحظ أن أكاديميات جهوية‬ ‫للتربية والتكوين سارت على منوالنا (الدار البيضاء الكبرى ـ مكناس تافياللت ـ مراكش الحوز تانسيفت ـ‬ ‫الجهة الشرقية‪.)....‬‬ ‫س ‪ :‬اآلن ومبناسبة الدورة احلادية عشرة‪ ،‬كيف تنظرإىل جتربتك من خارج املسؤولية ؟‬ ‫ج‪:‬ما يدعوني لالطمئنان هو استمرار تنظيم المهرجان‪ ،‬صحيح لقد غبت عن الدورة الحادية‬ ‫عشرة ألسباب مهنية كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬لكن تولي األستاذ محمد فراح العوان رئيس‬ ‫الجمعية لإلدارة الفنية ساهم في ضمان استمرارية المهرجان‪ ،‬باإلضافة إلى المجهود المشكور‬ ‫الذي يقدمه طاقم جيد من أطر وموظفي األكاديمية‪ ،‬ومرت الدورة في ظروف حسنة حسب‬ ‫األصداء التي كانت تصلني‪ .‬وهذا يدل على أن عملنا كان مؤسساً على أرضية صلبة وبرغبة‬ ‫مواطنة في تحقيق األهداف البيداغوجية المنشودة‪.‬‬

‫‪Page 9‬‬


‫حوارمع الكاتب عبده حقي مدير جملة احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة‬ ‫‪ :‬إلتقاه بالرباط الطاهر الطويل‬

‫ننحاز لصوت المثقف العربي الحداثي ولقيم الحوار الديمقراطي‬ ‫الرباط ـ ‘القدس العربي’ ـ من الطاهر الطويل‪ :‬منذ أربع سنوات‪ ،‬يدير الكاتب المغربي عبده حقي موقعا‬ ‫إلكترونيا ثقافيا تحت اسم ‘مجلة اتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة’‪ ،‬بمهنية واقتدار عاليين‪ ،‬لدرجة استطاع‬ ‫هذا الموقع أن ينحت حضورا وازنا في اإلعالم الثقافي بالمغرب وبالوطن العربي ككل؛ السيما وأن‬ ‫الموقع ـ باإلضافة إلى مواده اإلبداعية ودراساته النقدية ومواكباته اإلعالمية ـ يفتح من حين آلخر ملفات‬ ‫للنقاش‪ ،‬من بينها ملف حول التوثيق األدبي للثورات العربية‪ ،‬وآخر حول الدخول الثقافي في ظل الحراك‬ ‫السياسي العربي‪ ،‬وثالث عن أنتولوجيا الشعر المغربي في العشرية (‪ 0222‬و‪ ،)0202‬ورابع حول‬ ‫الكاتبات العربيات ورهانات اإلنترنت‪.‬‬ ‫حول رهانات هذا الموقع وأدواره الثقافية كان لـ’القدس العربي’ هذا الحوار مع مديره األديب عبده حقي‪:‬‬ ‫س ‪ :‬كيف انبثقت فكرة تأسيس موقع احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة‬ ‫ج ‪ :‬فكرة تأسيس الموقع جاءت غداة تمتيعي بعضوية اتحاد كتاب اإلنترنت العرب ضمن قائمة سنة‬ ‫‪ ،0222‬وقد تزامن ذلك مع مبادرات إنشاء فروع لالتحاد ببعض الدول العربية كاألردن ومصر‬ ‫وسوريا‪ ،‬وكان من المفترض أن نؤسس نحن أيضا في المغرب فرعا يضم مجموع األعضاء المنتمين‬ ‫لالتحاد المركزي‪ ،‬وهكذا تعددت المبادرات والمحاوالت والنوايا؛ لكن مع األسف كلها آلت إلى الفشل‬ ‫ألسباب تتعلق تارة بتدافع أو بتضارب بعض األعضاء‪ ،‬وتارة أخرى ألسباب تقنية ولوجيستية‬ ‫وتنظيمية… من هنا‪ ،‬نشأت الفكرة وقلت لماذا النتجاوز إكراهات الواقع واالرتقاء إلى فضاء افتراضي‬ ‫يعفينا من متاعب التدافع بالمناكب وتالطم اآلراء‪ ،‬وهكذا كانت فكرة إطالق موقع اتحاد افتراضي في‬ ‫‪Page 1‬‬


‫الثامن من تشرين األول (أكتوبر) ‪ 0222‬بعد استشارة مع رئيس إتحاد كتاب اإلنترنت العرب وقتئذ‬ ‫الدكتور محمد سناجلة الذي تفهم كثيرا أهداف هذا المطلب‪ ،‬وشجعني بكثير من الدعم الرمزي والمعنوي‬ ‫عبر رسائله اإللكترونية‪.‬‬ ‫من دون شك‪ ،‬إن إطالق بالون الموقع في الفضاء االفتراضي وبذلك االسم االتحادي وبالشعار الهادف‬ ‫الذي رفعناه‪ ،‬كان الحدث الثقافي األبرز أواخر سنة ‪ 0222‬خصوصا أن العديد من األسئلة الملحة‬ ‫و(الفضولية) قد أثيرت حول صانع هذه (القنبلة) الثقافية وليس أسئلة حول دورها المستقبلي في تحريك‬ ‫المشهد الثقافي بالمغرب الذي كانت تهيمن عليه بعض المؤسسات الثقافية العتيدة والراسخة وتسيطر على‬ ‫ذهنية مثقفيه ديكتاتورية النشر الورقي حيث كان االنتظار في قاعة طبيب أسنان أهون من انتظار نشر‬ ‫مادة أدبية في ملحق من المالحق الثقافية… واليوم بعد مرور أربع سنوات ونصف على إطالق هذا‬ ‫اإلتحاد االفتراضي في فضاء الرقمية حدثت انقالبات ال تحصى في جميع المجاالت المتعلقة بالنشر‬ ‫والثقافة غيرت الكثير من تصوراتنا ويقينياتنا التقليدية‪ ،‬إلى درجة أن الحديث اليوم عن االتحادات‬ ‫والمنظمات القطرية صار ضربا من الوهم في معمعان عولمة ال حدود لفضائها الشبكي الذي ألغى ـ في‬ ‫كثير من المواقف ـ ضرورة دمغة تأشيرة الحدود الجغرافية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬كيف كانت ردود الفعل؟ وكيف تفاعل األدباء واملثقفون مع هذه املبادرة؟‬ ‫ج‪ :‬يجب بداية أن أذكر بأن السياق كان مختلفا عما هو عليه اليوم ‪ ،‬وهذا يعني أن التطور في مجال‬ ‫تكنولوجيا المعلوميات واالتصال والرقمية يسير بسرعة جنونية قد نعجز عن مالحقتها بما نملك ككتاب‬ ‫من ثقافة رقمية هزيلة‪ .‬فقبل أربع سنوات فقط على تأسيس موقع اتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة‪ ،‬كان‬ ‫التعاطي والتفاعل مع النشر الشبكي يتلبس بشيء من المزاح‪ ،‬إن لم نقل االستخفاف الذي قد يصل أحيانا‬ ‫إلى االزدراء المكشوف‪ ،‬حيث كانت بعض المؤسسات والمنابر الثقافية تستعلي وتتوجس من االعتراف‬ ‫بهذه الكائنات األدبية الرقمية الهابطة من كوكب اإلنترنت وتقانته التكنولوجة والمعلومياتية‪ ،‬فيما كانت‬ ‫مياه النشر اإللكتروني تحفر الصخر في صمت وثبات وإيمان بأن العالم يتطور نحو قريته الصغيرة‪،‬‬ ‫وبالتالي كان علينا أن نقبل بشروط هذه الحرب الصغيرة والخاطفة ونواصل مشروعنا اإلعالمي الثقافي‬ ‫إلى أن يتبين الخيط األبيض من الخيط األسود‪ .‬ولن أخفيك سرا إن قلت إن جل األدباء والمثقفين في‬ ‫المغرب ترددوا كثيرا في دعمنا ومساعدتنا للنهوض بهذا المنبر االتحادي واالعتراف به كسند إلكتروني‬ ‫صمم أساسا ليكون صوتا لجميع األديبات واألدباء على اختالف روافدهم الثقافية‪ ،‬سواء الذين ركبوا معنا‬ ‫منذ المحطة األولى أو الذين آثروا التريث إلى حين االلتحاق بنا فيما بعد‪ ،‬وهذا ليس عيبا على كل حال‪.‬‬ ‫س ‪:‬حسنا‪ ،‬وماذا عن اخلط التحريري الذي تبنته إدارة املوقع منذ االنطالقة؟ ما هي اخلطوط‬ ‫العريضة اليت رمستموها من أجل البحث عن التميز؟‬ ‫ج ‪:‬من دون شك‪ ،‬أن مالمح خطنا التحريري في الموقع كانت (جاهزة) ذهنيا وتصوريا بالنظر إلى تميز‬ ‫منبرنا بكونه منشأة إعالمية ثقافية‪ ،‬وبالنظر أيضا إلى ما تفرضه المرحلة علينا جميعا ككتاب وأدباء‬ ‫ومفكرين من أجل اإلسهام في بلورة وعي ثقافي حداثي وديمقراطي يواكب مستجدات الثورة الرقمية‬ ‫‪Page 2‬‬


‫والتكنولوجية وتداعياتها على بنياتنا الفكرية والثقافية وحتى السياسية‪ .‬ولعل الحراك والثورات العربية‬ ‫وكل هذا العصيان المدني الذي تميد به األرض العربية من المحيط إلى الخليج منذ سنة ونصف والذي‬ ‫توج بإسقاط أعتى األنظمة الديكتاتورية العربية وما تبقى منها هم على شفيراألفول ‪ ..‬كل ما حدث‬ ‫ويحدث منذ سنة ونصف هو من النتائج الحتمية والحميدة التي أسهمت فيها وسائط االتصال الحديثة‪،‬‬ ‫خصوصا على مستوى تعميم المعلومة وذيوع الخبر بالصوت والصورة والفيديو وتطور فكرة الصحافة‬ ‫المواطنة‪ .‬وعموما‪ ،‬فخطنا التحريري ينتصر أساسا لدعم صوت المثقف العربي الحداثي‪ ..‬ينتصر لقيم‬ ‫الحوار الديمقراطي ويناهض كل أشكال اإلقصاء والعنف الرمزي أو المادي‪.‬‬ ‫الرقمية غيرت الوضع االعتباري للكاتب‬ ‫س‪ :‬يقوم املوقع على شعار ‘من أجل ثقافة رقمية مغربية تواكب العصر’‪ ،‬إىل أي حد‬ ‫استطعتم رفع هذا التحدي واالخنراط يف مشروعه؟‬ ‫ج‪ :‬من أجل ثقافة رقمية مغربية تواكب العصر’ كان هذا هو شعارنا الذي رفعناه منذ الثامن من تشرين‬ ‫األول (أكتوبر) ‪ ،0222‬ما يعني أننا بكل وضوح وجهنا دعوتنا الضمنية عبره إلى كل األديبات واألدباء‬ ‫لالنخراط في مضمار الثقافة الرقمية‪ ،‬باعتبارها أفق هويتهم القادمة بإلحاح‪ .‬وكما أقول دائما‪ ،‬إن الكاتب‬ ‫أصبح مؤسسة نشر قائمة الذات تمشي على قدمين‪ ،‬يكفيه فقط أن يملك حاسوبا متصال باإلنترنت أو‬ ‫ينشئ مدونة خاصة بكتاباته أو حسابا في منتدى أو في شبكة تواصل اجتماعي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن الرقمية قد‬ ‫غيرت الوضع االعتباري للكاتب‪ ،‬كما تمثلته المجتمعات العربية ورسخته في ذهنيتها صيرورة النشر‬ ‫الورقي منذ قرن ونصف تقريبا‪ .‬إن هذا الوضع الجديد بقدر ما أسهم في دمقرطة أدوات النشر ومنح‬ ‫مساحات للتعبير ال حدود لها للجميع بقدر ما تعاظم معه دور الكاتب في البحث عن القيمة األدبية‬ ‫والجمالية المتفردة والتميز المستحق‪.‬‬ ‫س ‪ :‬ماهو تقييمك للمرحلة الراهنة على مستوى النشر الورقي واإللكرتوني؟‬ ‫ج‪ :‬إن النشر باعتباره أساسا صناعة ومظهرا جليا للمنتوج الثقافي يعرف منعرجا حاسما في تاريخ‬ ‫اإلنسانية وعالقتها بقدسية الكتاب ودوره الوظيفي في تشكيل أنساق وعينا الفردي والجماعي وصعود‬ ‫ونزول منسوب مقروئيتنا من عصر آلخر ومن قطرآلخر‪ .‬ولم يكن هذا السؤال ليطرح قبل انتشار‬ ‫الشبكة العنكبوتية وما فرضته وسائطها من تغيير إيجابي على مستوى دمقرطة آليات التواصل والمعرفة‪.‬‬ ‫ومن دون شك‪ ،‬إننا نعيش مرحلة ما يمكن أن أصطلح عليه بمرحلة ‘الورقمية’‪ ،‬أي تلك المرحلة‬ ‫المفصلية بين عصر الورق وعصر الرقمية ‪ .‬ومما الريب فيه أن تراجع عدد مبيعات الصحف الورقية‬ ‫على المستوى العالمي له داللته الواضحة وإشاراته الغامزة والالمزة على أن النشر اإللكتروني بات‬ ‫حقيقة واقعية وليس افتراضية‪ .‬اليوم‪ ،‬أصبحت جل الصحف الورقية المغربية تتوفر على نسخها‬ ‫اإللكترونية التي تحين مع عشية كل يوم‪ ،‬بل هناك من المؤسسات التي استعاضت بصفة نهائية عن‬ ‫نسخها الورقية بنسخة إلكترونية جذابة وقابلة للتحيين اللحظي وقادرة على مواكبة سرعة األحداث‬ ‫وتعددها في الزمان والمكان‪ .‬ومن المؤسف حقا‪ ،‬أن الكثير من الزمالء من الزالوا لم يصدقوا هذا‬ ‫‪Page 3‬‬


‫الحريق الذي أشعلته الرقمية من تحت أقدامهم‪ ،‬والذي سيذهب ال محالة بكل هذه األطنان من الصحف‬ ‫الورقية سواء في المدى المتوسط أو البعيد‪ .‬وأعتقد أن العديد من المؤسسات والمقاوالت اإلعالمية‬ ‫الورقية قد أغلقت وسرحت أطقمها‪ ،‬وبالتالي قبلت بهذا الرحيل القصري وقلبها يخفق بنوستالجيا الزمن‬ ‫الورقي الجميل‪.‬‬ ‫اإلعالم اإللكتروني‪‘ :‬االنفجار الكبير’‬ ‫س‪ :‬باعتبارك مديرا ملوقع احتاد كتاب اإلنرتنت املغاربة‪ ،‬ما رأيك يف ما يعيشه اإلعالم‬ ‫اإللكرتوني باملغرب من مشهد متقلب بني املهنية تارة والفوضى تارة أخرى؟‬ ‫ج ‪ :‬أجل‪ ،‬إن الملمح العام الذي يطغى على المشهد اإلعالمي اإللكتروني هو الفوضى‪ ،‬حيث الكل‬ ‫يتلصص على الكل ويسرق من الكل‪ ،‬والمعلومة ال أصل لها وال مصدر لها إال نادرا‪ .‬قد نتفق جميعا‬ ‫على أن غليان المشهد اإلعالمي اإللكتروني هو من دون شك من إفرازات الثورة الرقمية واالنتشار‬ ‫الهائل للشبكة العنكبوتية وسهولة النشر وإنشاء مواقع إلكترونية إخبارية وكذا غياب قانون خاص‬ ‫بالصحافة اإللكترونية ينظمها على مستوى المهني والمقاوالتي اإلعالمي‪ .‬إن هذه الثورة اإلعالمية‬ ‫اإللكترونية ما كانت لتتحقق ولتنفجر لوال تضافر العديد من العوامل‪ ،‬لعل من أهمها انخراط الدولة‬ ‫المغربية في إستراتيجية سياسية تروم تشجيع االستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلوميات واالتصال منذ‬ ‫بداية التسعينات من القرن العشرين‪ .‬إن ما يعيشه المجال اإلعالمي اإللكتروني من انفجار كبير ‪(Big‬‬ ‫) ‪bang‬مدهش ومخيف أيضا لهو بكل صراحة في وجهه المضيء ثمرة لهذه السياسة الرائدة على‬ ‫مستوى منطقة شمال إفريقيا‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن المغرب هو أول بلد عربي تم االعتراف فيه بمهنة‬ ‫الصحافي اإللكتروني منذ سنة ‪ 0220‬من طرف وزارة االتصال على عهد حكومة التناوب األولى‪ ،‬وهذه‬ ‫حقيقة يجهلها الكثير من المهتمين‪ ،‬وأن عدد المواقع اإللكترونية اإلخبارية اليوم يناهز ‪ 022‬موقعا بين‬ ‫اهتمامات جهوية ووطنية‪ ،‬وأن موقع ‘هسبريس’ يأتي ضمن المواقع العشر األولى في العالم من حيث‬ ‫عدد الزوار الذين ناهزوا المليون في لحظة من اللحظات‪ ،‬وأن المغرب يأتي اليوم في المرتبة األولى‬ ‫على مستوى شمال إفريقيا في عدد مستخدمي اإلنترنت حسب آخر إحصاء أصدره المكتب الدولي للذكاء‬ ‫االقتصادي (أوكسفورد بيزنيس غروب) يوم األربعاء ‪ 3‬أيار (مايو) ‪ 0200‬وذلك بفضل اإلستراتيجية‬ ‫الوطنية (المغرب الرقمي ‪ 0222‬ــ ‪ ) 0203‬التي اعتمدتها الدولة‪ .‬وال تفوتني الفرصة دون أن أنوه‬ ‫بفعاليات اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة االتصال في العاشر من آذار (مارس) ‪ 0200‬في موضوع‬ ‫واقع الصحافة اإللكترونية الذي شهد سجاالت ونقاشات حادة بين المناصرين لتقنين القطاع وبين‬ ‫المطالبين بالمزيد من الحرية اإلعالمية اإللكترونية وخصوصا ما تعلق بإلغاء الفصل السالب للحرية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬تطلق إدارة املوقع بني احلني واآلخر ملفات للنقاش‪ ،‬إىل أي حد استطاعت هذه امللفات أن‬ ‫جتيب عن األسئلة العالقة يف الفكر والثقافة العربية؟‬ ‫ج ‪ :‬أعتقد أن هذه الملفات وأسئلتها االستشكالية التي طرحناها على األديبات واألدباء المغاربة والعرب‬ ‫منذ والدة الموقع هي قوتنا المركزية وذخيرتنا الثقافية النفيسة التي يترصع بها أرشيفنا منذ أربع سنوات‬ ‫‪Page 4‬‬


‫ونصف‪ .‬إننا ال نبادر بطرحها إال إذا استشعرنا براهنية أسئلتها في المشهد الثقافي برمته وباعتبارها‬ ‫السؤال الملح الذي يشغل فكر األديبات واألدباء في الهنا واآلن‪ ،‬ثم إحساسنا العميق بدور منبرنا‬ ‫اإللكتروني في مد الجسور بين محيط العرب وخليجهم‪ .‬واليوم‪ ،‬فقد بلغ عدد الملفات التي طرحناها‬ ‫للنقاش ما يناهزسبعة لعل أهمها في رأيي ملف ‘المثقفون العرب وسؤال توثيق الثورة’ والذي أسهمت فيه‬ ‫العديد من األسماء الوازنة في الساحة الثقافية والفنية العربية مثل أميمة الخليل ومحمد العمري وأحمد‬ ‫أبومطر وسميحة خريس وظبية خميس ومحمد عزالدين التازي وفدوى مساط والزهرة زيراوي‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫س‪ :‬أخريا ما هي مشاريعكم املستقبلية ؟‬ ‫ج ‪ :‬قبل أن أتحدث عن المشاريع‪ ،‬أتساءل إن كان موقع إتحاد كتاب اإلنترنت المغاربة وما راكمه على‬ ‫رفوف أرشيفه الخاص يستحق هذا الرهان الذي رفعناه منذ أربع سنوات؛ أترك طبعا اإلجابة والنقد البناء‬ ‫للقارئات والقراء ولجميع الرواد‪ .‬إننا نروم أساسا تحقيق تفاعلية أكثر من خالل تمكين األعضاء من‬ ‫النشر الفوري والمباشر بالموقع من دون حاجتهم إلى مصفاة نشر هنا وهناك ورقابة تجاوزتها كونية‬ ‫الشبكة العنكبوتية‪.‬‬

‫‪Page 5‬‬


‫حوارمع القاص والسينوغراف والتشكيلي عبد اجمليد اهلواس‬ ‫* أجنز احلوار‪ :‬عبده حقي‬

‫خاص‬ ‫تقديم‬ ‫*أجري الحواربتاريخ ‪ 21‬يوليوز‪ 2111‬بمقهى الميناء بمدينة أصيلة وقد نشر بجريدة المنظمة‬ ‫شهرغشت من نفس السنة‪.‬‬ ‫الحوارمع عبدالمجيد الهواس اليحتمل نقطة النهاية ‪ ،‬إنه لقاء يغريك بالنبش في ذاكرة الطفولة الملهمة‬ ‫وتقليب أوراق اليافع الباحث عن هوية إبداعية وأخيرا الشاب القاص والسينوغراف والتشكيلي خريج‬ ‫وأستاذ بالمعهد العالي للفن والتنشيط المسرحي بالرباط ‪ ،‬وقد أجرينا معه هذا الحوارمن أجل أن نلملم في‬ ‫مدارته ماتفرق في مجاالت إبداعه القصصي والمسرحي والتشكيلي‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بداية حدثنا عن حكاية تورطك يف الكتابة ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫مثل الفاكهة المحرمة ابتدأت عالقتي مع الكتابة‪..‬كان أبي حريصا على أن نطلع على أي كتاب‬

‫يخرج عن إطار المقررات الدراسية‪ ،‬حرصا منه على تربية "مثالية" ‪ ...‬كانت ثمة دائما بالبيت كتب‬ ‫مقفلة‪ ..‬مثل غرف سوداء‪ ..‬وكانت لي أيضا غرفة سوداء‪ ..‬بابها مقفل إلى األبد ألجها عبر النافذة‪ ..‬كان‬ ‫أجمل شيء في األمر أن أبي لم يحرص أبدا على صالح ذلك الباب‪ ..‬فظل ينادي علي كلما تأخرت‬ ‫داخلها فأبرر اختفائي بأني أصلي‪ ..‬قرأت صلوات جبران‪ ..‬وتهت كثيرا في معابده‪ ،‬وحلمت كثيرا في‬ ‫تلك العتمات الرطبة‪ ..‬وركضت في براري الخيال متجاوزا تلك السياجات التي يرسمها البيت‪ ..‬فابتدأت‬ ‫الكتابة مثل فرجة استثنائية على عوالم نائية كانت تحجبها عادة التفاصيل الكئيبة للبيت لتشكل تلك اللذة‬ ‫التي نلتهم ربها عادة فاكهة مسروقة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬ماهو شعورك وأنت حتصل يف أواسط الثمانينات على جائزة صحيفة اليوم السابع‬ ‫للقصة القصرية ؟‬ ‫‪Page 1‬‬


‫ج‪:‬‬

‫أواسط الثمانينات كنا الزلنا نعتقد بأن مكاتب المالحق الثقافية بالجرائد هي األكثر جدية في كل‬

‫شيء وأن الهاجس األدبي والفني هو الهاجس الوحيد الذي يحكم تلك الصفحات ‪ ،‬لم نكن نعرف بأن‬ ‫المسألة هي أيضا مرتبطة بانتماءات حزبية وصداقات أو بأسماء معروفة ‪ ..‬لكني أدركت بعد جائزة اليوم‬ ‫السابع بأن اعترافا من الخارج يحسم في أمر كل التساؤالت ويفتح كثيرا من األبواب المقفلة ‪.‬‬ ‫للتويج قيمة رمزية ودفعة معنوية كبيرة لكنه أبدا اليحسم في أمر الكتابة كما يحسم في أمرها البعض كما‬ ‫لو كانت شهادة مدرسية‪.‬‬ ‫س ‪ :‬وماهي القيمة العنوية هلذه اجلائزة على املستوى العربي ؟‬ ‫ج ‪ :‬على المستوى العربي ‪ ،‬كان هناك"مستوى عربيا" ونضاالت عديدة على جميع األصعدة‪ ..‬لم تكن‬ ‫الثقافة وال األدب وال السياسة قد عرفت كل هذه االنكسارات التي تعرفها اآلن ‪ ،‬كان الكاتب والكتاب‬ ‫يشكالن قوة رمزية أكثر مما هو عليه اآلن في مجتمعاتنا‪ ..‬حصدنا كثيرا من الخيبات في الطريق‪..‬‬ ‫وإبتدأت هناك أصوات متفردة لألجيال الجديدة تحفر خطوطها بعمق في حياتنا الثقافية‪ ..‬أصوات كثيرة‬ ‫رحلت في دهاليز المرض والصمت والتهميش وأصوات أخرى قد حصل لها نفس الشيء‪ ..‬لن نأسف‬ ‫على موتانا‪ ..‬لكني أتساءل وفي أواخرهذا القرن لماذا ال نجد ولم مجلة أدبية واحدة تعنى بجدية بأدبنا‬ ‫المغربي رغم تعدد الهيئات والمؤسسات الثقافية التي تدعي حرصها على أهمية الثقافة والكتاب في تكوين‬ ‫المجتمعات‪.‬‬ ‫س ‪ :‬وكيف جاء تورطك مرة أخرى يف عامل الرسم والصباغة والتشكيل واملسرح ؟‬ ‫ج ‪ :‬في البيت أيضا كنت أرسم تحت أغطية السرير"قصة الفاكهة المحرمة مرة أخرى" أرسم واتلف‬ ‫ذلك فيما بعد ثم وجدت تصريفة لنشاطي المحظور إذ بدأت اهتم بالخط وبرسم اآليات القرآنية‪ ..‬ال يشفع‬ ‫لي ذلك في أن يوافق أبي على أن أدرس الفنون التشكيلية‪ ..‬خلسة أيضا بدأت أمارس المسرح ويوم‬ ‫التحقت بالمعهد افتتنت بكتابات "كوردن ادوار كويك" وأبحاث "ادولف آبيا" عن الفضاء المسرحي ومن‬ ‫ثمة أخرجت الرسومات التي كنت ادفنها تحت أغطية السرير وبدأت ادرس السينوغرافيا بجد‪.‬‬ ‫س ‪ :‬كيف حتدد أهمية السينوغرافيا يف أي عمل مسرحي ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫أثناء الدراسة كانت أستاذة مادة الرقص تسألنا دائما نذهب في الشارع منكسرين كانت تحثنا بأنه‬

‫ننظر بمستوى األفق حيث الرؤية تبدو أشمل وحيث اإلنتباه التفاصيل صغيرة يكون بديهيا تتحسن أيضا‬ ‫حالة‪ ،‬التنفس فيظهر العمق واأللوان واألحجام والشخوص‪ ..‬بصفاء أكبر‪ ،‬كل ذلك يحضر أثناء عمل‬ ‫مسرحي‪ ..‬التشكيل والمادة والضوء هم نمط حياة أوال‪ ..‬أن يكون عمال مسرحيا ناجحا هو أن يكون منبع‬ ‫دقة في المالحظة وقدرة على اقتناء تفاصيل دقيقة عادة ما تكون جوهر األشياء‪ ..‬إذن فالسيينوغرافيا هي‬ ‫خالصة كل ذلك‪ ..‬أن ترى أبعد مما تراه حين تطأطئ رأسك‪..‬‬ ‫س ‪ :‬كان لعملكم املسرحي األخريأصداءا هامة على املستوى الوطين حدثنا عن‬ ‫‪Page 2‬‬


‫أسرارجناحكم؟‬

‫ج‪:‬‬

‫كانت أصداءا طيبة لكن هذا اليكفي إذ يسهل أن "تصنع" أصداءا طيبة عن أي عمل مسرحي في‬

‫بالدنا بمجرد تنظيم حفلة سمر حميمية مع مجموعة من الصحفيين لتحسيسهم بأهمية العمل المسرحي ‪،‬‬ ‫لكن األصداء الحقيقية هي عادة ال تنطق بقدر ما تحس‪ ،‬فتنمو الرغبة في مشاهداتك الحقا العمل‬ ‫المسرحي الجيد اليصنع فقط باألفكارالجيدة وحسن النية‪ ..‬أو بتصفيفات الجمهور‪ .‬يصنع من داخل العلبة‬ ‫إياها من الحرص على التفاصيل أيضا من احترام المهن التقنية التي تصنع تفاصيل الفرجة‪ ..‬إن ضاءات‬ ‫جيدة قبل أن تكون فكرة أو شغفا فإن ثمة يد تديركاشفات الضوء فتلسعها الحرارة ألنها تؤمن بسحر ما‬ ‫يقع‪ ..‬كذلك يحدث أن يختلف عرض عن عرض آخر‪ ..‬إن أهمية العمل المسرحي هي أيضا في صدق‬ ‫كل هذه الترتيبات‪ ..‬حين وصلنا إلى مسرح"الكوميدي دورانس" وجدنا الحرص ذاته على أن تكون‬ ‫العروض جيدة‪ ..‬نتحدث كيمياء سحرية بين الخشبة والصالة‪ ..‬أجمل ما سمعناه عن عروضنا المسرحية‪..‬‬ ‫أعمق مما يقوله النقاد‪ ،‬بين الرباط والبيضاء ورانس هو أن تلتقي تقني المسرح في صباح الغد فيقولون‬ ‫لك‪":‬ياه !‪ .‬لم تكن ليلة األمس‪.‬‬ ‫س ‪ :‬كيف ميكن ألديب وكاتب بشكل عام أن يستفيد من مجاليات السينوغرافيا ؟‬

‫ج‪:‬‬

‫العكس هو الصحيح‪ ..‬السينوغرافيا تمتح من األداب‪ ..‬تبقى الراوية أعمق‪ ..‬إن العمل األدبي الرائع‬

‫هو الذي يجد مكانه لذى أي متلق‪ ..‬أمام القدرة على التخيل واإلبداع تنتفي كل الحدود بين قارئ مهتم‬ ‫وقارئ هاو‪ ..‬الخيال يصنع كل هذا لذلك في المسرح ليس هناك متلق غيرخبيرالخبرة‪/‬العمق ذاته الذي‬ ‫تحمله الكائنات منذ أول التكوين‪ ..‬الجمال هو كيف نرى ذلك من زاوية متعددة‪ ..‬السينوغرافيا في عمل‬ ‫مسرحي ما هي صدى ما يخلفه ما قرأناه وما رأيناة‪ ..‬هي ما نراه اآلن ونوجهه كل ذلك عبرالخطوط‬ ‫وااليقاع واأللوان‪ ..‬االيحاءات تأتي أوال من النص األدبي‪ ..‬بعدها يصيرالنص مبررا لخلق الفرجة‪.‬‬ ‫س ‪ :‬بعد جمموعتك القصصية األوىل (الليالي البيضاء) ماهو جديدك يف اإلبداع القصصي؟‬ ‫ج ‪ :‬أنشر نادرا نصوصا قصصية‪ ..‬أنتظرلها أن تصدرفي كتاب ريثما تتوفرلها اإلمكانيات المادية ‪،‬‬ ‫لكني عموما أكتب بشكل أقل‪ .‬بعد المجموعة األولى كان يلزمني بعض التريث‪ ..‬فالكتابة ليست تسلية ‪،‬‬ ‫هي مثل نبتة حساسة تحتاج إلى عناية فائقة وتحتاج أيضا إلى فضاء يخفق فيه هديرالباصات وهواء‬ ‫أنقى‪ ..‬تحتاج إلى خبرة أعمق بالكائنات التي تدب حولنا‪ ..‬لكنها ليست الواجهة الوحيدة‪ ..‬االهتمامات‬ ‫الفنية كلما تتعدد يطعم بعضها البعض اآلخر‪ ..‬المهم هو أن نكون قريبين دائما من هذه الدائرة‪ ..‬فاإلبداع‬ ‫مصدرشاعرية وحيوية كبيرين‪ ..‬الكتابة والتشكيل والمسرح‪ ..‬أولئك هم أصدقائي‪ ..‬يحيونني كلما عبرت‬ ‫الشارع‪.‬‬ ‫*أجري الحواربتاريخ ‪ 21‬يوليوز‪ 2111‬بمقهى الميناء بمدينة أصيلة وقد نشر بجريدة المنظمة‬ ‫شهرغشت من نفس السنة‪.‬‬

‫‪Page 3‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.