Khittah dan khidmah nu (arab) 1 5 14

Page 1


‫الخطة والخدمة نهضة العلماء‬ ‫‪,2014‬مجمع البخوث النهضية©‬


.


.


‫دعاء ميالد نهضة العلماء ‪,٨٥‬‬ ‫‪ ١٧‬يوليو‪١١.٢‬‬ ‫بقلم‪ :‬كياهي أمحد مصطفى بشري‬ ‫الفاحتة‪...‬‬ ‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬ ‫الحمد هلل رب العاملين حمدا يوافي نعمه ويكافي مزيده يا ربنا لك‬ ‫الحمد ولك الشكرولك الثناء كما ينبغي لجالل وجهك الكريم ولعظيم‬ ‫سلطانك اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وموالنا محمد النبي االمي‬ ‫وعلى اله واصحابه اجمعين‪,‬‬ ‫اللهم يا هللا الاله اال انت يا رحمن يا رحيم يا مالك يا قدوس يا‬ ‫سالم يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبار يا متكبر‪( ...‬الى اخر االسماء‬ ‫الحسنى)‬ ‫ه‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ربنا انا نسألك بأسمائك األعظم كما أمرتنا‪ ،‬فاستجب دعائنا‬ ‫كما وعدتنا‬ ‫يا أهلل يا غفار‪ ،‬اغفر لنا واهل بالد اندون�سي هذا‪ .‬واغفر ذنوبنا‬ ‫وذنوب والة امورنا‪.‬‬ ‫يا هللا يا حق‪ ،‬اهدنا الصراط الحق‪ ،‬وارزقنا قوة نم�شي بها في‬ ‫ضوء ارشادك‪.‬‬ ‫يا هللا يا كريم‪ ،‬اعد رحمتك الى بالدنا واهلها‪ .‬واعد الينا والى والة‬ ‫امورنا سليم العقل واالنسانية‪ .‬وال تدع الهوى‪ ،‬والظلم‪ ،‬والغرض‬ ‫الساعة تجلب الذل وتمزق األخوة بيننا‪.‬‬ ‫يا هللا يا جبار‪ ،‬ارزق والة امورنا قوة وشجاعة يحمون بهما‬ ‫مصالحنا‪ ،‬شعب اندنسيا‪ ،‬في االدب والخطوة والعمل‪ ،‬وامنحهم‬ ‫قوة و شجاعة في القيادة معنا ملحاربة االختالس‪ ،‬والراديكالية وسائر‬ ‫املنكرات التى تعاني بالدنا واهلها‬ ‫يا هللا يا عدل‪ ،‬ارزقنا ووالة امورنا قوة ظاهرا وباطنا‪ ،‬حتى‬ ‫نستطيع ان نفكرونسلك بالعدل من غيرمتأثربالهوى‪ ،‬فرحها وحزنها‪،‬‬ ‫وغيرمتأثربحقارة الجاه والحاجة الفردية‪ ،‬ونستطيع ان ننظرالحق‬ ‫ونتبعها ‪ ،‬ونستطيع ان ننظرالباطل ونجتنبها‬ ‫يا هللا يا قدوس‪ ،‬طهر قلوبنا من الحقد والبغض وسائر قذرات‬ ‫القلوب‬ ‫يا هللا يا رحيم‪ ،‬ارحم شعبنا واعطهم القوة والصبروسهل امورهم‬ ‫وارزقهم ما ال يطمعهم‬ ‫و‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫يا هللا يا رحمن يا رحيم‪ ،‬اجعل جمعيتنا نهضة العلماء جمعية‬ ‫تماثل نفسها وقت تأسيسها في عام ‪ 85‬املا�ضي‪ ،‬جمعية تخدم‬ ‫االمة والوطن والدولة االندونسية‪ .‬واجعلها طليعة في دعوة االسالم‬ ‫خصوصا في شعاره رحمة للعاملين؛ واتباع دعوة الرسول صلى هللا‬ ‫عليه وسلم وأخالقه‪ .‬واجعلها رحمة لالمة وليس عباء عليها والوطن‬ ‫والدولة االندونسية‪ .‬وارزق رؤسائها وجميع اعضاء هيئتها‪ ،‬قوة ظاهرا‬ ‫وباطنا لتحمل مسؤوليتهم‪ ،‬ويقوم بشأن تابعهم وال يبعدهم‪ ،‬وافتح‬ ‫بصيرتهم وذهنهم لكي يكون فكرهم وموقفهم وعملهم موافق لخطة‬ ‫نهضة العلماء‪ .‬وارزقهم القناعة وابعد عنهم الطمع واالنبهار بالدنيا‬ ‫والتدع الغرض الساعة ينصرفهم من حسن هدف جمعيتهم ‪ :‬في‬ ‫خدمة األمة والشعب والوطن‪ ،‬البتغاء مرضاتك‪.‬‬ ‫ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي االخرة حسنة وقنا عذاب النار‬ ‫وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد هلل‬ ‫رب العاملين‬

‫ز‬


.


‫حمتويات الكتاب‬ ‫‪ .1‬شركة العنان مرابطة نهضة التجار‪1...........................................‬‬ ‫‪ .2‬مقدمة القانون األسا�سى‪ ‬لجمعية نهضة العلماء‬ ‫للشيخ العالم الفاضل محمد هاشم أشعرى الجومبانى ‪6........‬‬ ‫‪ .3‬أربعين حديثا تتعلق بمبادئ جمعية نهضة العلماء ‪16 .............‬‬ ‫‪ .4‬في ذكرى عيد اإلستقالل اإلندوني�سي الثامن ‪22 ........................‬‬ ‫‪ .5‬مبادئ العمل السيا�سي للنهضيين ‪31.........................................‬‬ ‫‪ .6‬القيم املعيارية وإعادة تفعيل التعاليم الدينية‬ ‫في اإلسالم املدخل التقريبي ‪34...................................................‬‬ ‫‪ .7‬جداول أعمال هامة لـ «بحث املسائل»‪:‬‬ ‫نظرة إلى الواقع عند تنزيل الصحة النظرية ‪47.............................‬‬ ‫‪ .8‬مقابلة خيالية مع حضرة الشيخ هاشم أشعري ‪55.......................‬‬

‫ط‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫‪ .9‬تاريخ الفقه السيا�سي اإلسالمي‬ ‫محاولة لفهم ميالد شكل الدولة في الفقه الس ‪63 ...................‬‬ ‫‪ .10‬اإلعادة إلى خطة ‪1945‬‬ ‫دولة فانجاسيال هي دولة اإلسالم عند نهضة العلماء ‪81 ..........‬‬ ‫‪ .11‬الجهاد! ‪86................................................................................‬‬

‫ي‬


‫شركة العنان مرابطة نهضة التجار‬ ‫بقلم‪ :‬كياهي وهاب حسب اهلل‬ ‫بسم هللا الذي جعل قوله فإذا قضيت الصالة فانتشروا في األرض‬ ‫وابتغوا من فضل هللا كثيرا األية معجزة علي الكفرة الفجرة وحرم مثل‬ ‫البيع كالجعلة والشركة على من العلم له في الفساد والصحة وجعل‬ ‫قوله إذاتداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ليكتب بينكم كاتب‪,‬‬ ‫شرعية من شعائر األسالم الباهرة كجعله تعالى احسان ظن بعض‬ ‫عباده بعضا حقيقة الزمة مكنونة وجعل الغيرة على الكفرة حمية‬ ‫للدين وعمدة في الشجاعة املمدوحة وسبب مرابطة اهل الشهادة‬ ‫املطلوبة بقوله تعالى‪:‬‬ ‫(واعتصموا بحبل هللا جميعا والتفرقوا واذكر نعمة هلل عليكم‬ ‫إذكنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)‬ ‫وبقوله تعالى‪( :‬وتعاونوا على البروالتقوى األية)‬ ‫‪1‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫وبقول صاحب الشفاعة‪ :‬كونوا مألفين والتكونوا منفرين وبقوله‬ ‫انصرأخاك ظاملا أومظلوما أي بإزالة ظلمه بأي حيلة ووسيلة والبد ان‬ ‫ماذكرعلى مراد قوله عليه الصالة والسالم (من رأ منكم منكرا فليغير‬ ‫بيده) هذا موجب على والة األمور (فإن لم يستطع فبلسانه) هذا على‬ ‫العلماء (فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان) هذا على‬ ‫العوام ثم الحمد هلل حمدا وافيا كافيا النعم والرحمة التي منهما قوه‬ ‫تعالى القد�سي (أنا ثالث الشريكين مالم يخن أحدهما صاحبه فإذا‬ ‫خان خرجت من بينهما) أي أنا معهما في الحفظ واإلعانة في أموالهما‬ ‫وقد اشترك النبي صلى هللا عليه وسلم بالسائب وافتخر بشركته به‬ ‫ثم الصالة والسالم على سيدنا محمد عبده ورسوله القائل من طلب‬ ‫الدنيا حالال تعففا عن املسألة وسعيا علي عياله وتعطفا على جاره‬ ‫لقي هللا ووجهه كالقمر ليلة البدر‪ ,‬والقائل أيضا (التاجر الصدوق‬ ‫يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء) وعلى أله وأصحابه‬ ‫األنجام النيران واملؤمنين واملؤمنات االحياء منهم واألموات –‬ ‫وبعد‪ ,‬فلما رأينا انحطاط ابناء وطاننا وقلة اهتمامهم بالشريعة‬ ‫اإلسالمية بدليل قلة الطلبة وتعطل الربط املتعددة وبعضها تصير‬ ‫حرية حتى اليمكن فيها إقامة الصالة مع الجماعة وامتالء املدارس‬ ‫الهولندية وأهلها أهل الدين اليعطى القيمة وعلي يده العظمة‬ ‫والشهامة والشوكة في البحروالبروالقناطرواملحطة فتكفرنا وامعنا‬ ‫النظر في أسبابه فوجدنا ان من أعظمها بالنسبة لألساتيذ ثالثة‬ ‫وبالنسبة للتالميذ ماال اح�صى عدده فاألول من الثالثة تكلفهم‬ ‫‪2‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫التجرد مع عدم االستطاعة فيصير أكثرهم يتذللون إلى األغنياء‬ ‫االغبياء والوكالء الفجراء والثاني عدم مباالتهم بالجيران الضعفاء‬ ‫الذين اليعلمون أركان الصالة بل واليقدرون على تلفظ الشهادة‬ ‫والشك أن جهلهم مركب ليس لهم مبشروالمندرفي أمردينهم والمدبر‬ ‫في معاشهم ورئساؤهم لحقوقهم اكلة ظلمة والعالم بالدين ليس له‬ ‫حركة واعتذربخوف الفتنة للوهومة مع أنهم اذا انتصروا به يعظمونه‬ ‫ويطيعونه في أمره اياهم من الصالة وغيرها والثالث االستغناء عن‬ ‫علم الغير واالكتفاء بما علمه وما ادركه فاليحتاجون الى التشاور‬ ‫وال الى الترابط وال الى الجمعية املخصوصة للعلماء لبحث مايقوى‬ ‫الدين القويم وبحث ما هواملحتاج اليه كالكتابة الهولندية هل تعلمها‬ ‫حرام أم فرض كفاية وبحث أسباب زيادة طلب العلم النافعة ودفع‬ ‫ظلم الظلماء الواضح ليصيروا الى املساواة متقدمين والى أهل الدين‬ ‫مسعرين ولبحث سبب نقصان عصيان العاصين املتجاهرين الذين‬ ‫كنا بسببهم مخطئين متضررين لقوله صلى هللا عليه وسلم (الخطيئة‬ ‫اذا خفيت التضراال صاحبها واذاظهرت فلم تغيرضرت العامة) وأنتم‬ ‫يامعاشرنا التمرون بقدرعشرة خطوات اال وقد رأيتم فيها الخطيئة‬ ‫املتجاهرات فهل الكل في هذا الزمان غرقى في بحارالتوحيد فيستوي‬ ‫عنده الخير والشر أم الكل عوام فال أحد يعلم الحكم أم بكل األمر‬ ‫الى القدر بال اختيار أم الكل ايس من الرحمة الدائمة ام الكسل‬ ‫جبل أهل جاوة مع أنه كم من فسقة جهلة غير معتبرات اجتمعوا‬ ‫وصاحبوا واشتكوا الى البالدية على طريقة الجمعية لطلب ما هم إليه‬ ‫حاجة فتقبلت بقبول حسن واعطتهم اياها فهل تظنون ياعلماؤنا‬ ‫‪3‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫اذا اشتكيتم الى البالدية بطريقة الجمعية طلبا الى حجر الخطيئة‬ ‫الجاهرة انها التسمعه والتجيبه كال ثم كال بل هي أشد اجابة الي‬ ‫مطالبكم بالشكاية الجاهرة مادمتم على الوفاق وذلك ألن الدولة‬ ‫الهولندية عادلة ولشكاية الرعايا سامعة والى حسنهم طالبة وانما أنتم‬ ‫الذين سكتوا كأنهم ميتون ومما الشك ان الوفاق اليمكن االبالتشاور‬ ‫قبل فاكثرامثالنا اذا وجهت اليهم هذه املسألة التفتوا عنها واستدلوا‬ ‫بادلة الصوفيين ويعلمون عمل املتسوفين ويتقولون بقول الجبريين‬ ‫ويتبسمون تبسم اليائسين وربما أدخل البعض نفسهم درجة العامة‬ ‫ثم هوفي غيرهذه املسألة يطلب االمامة ثم إذا شمرواحد منهم بمبادئ‬ ‫التشييد والترابط والتشاور فضحوه بعدم النتيجة في تلك الساعة‬ ‫ولم يتأملوا ان وجود الكر�سي من دخول املفازة‪ .‬فيا شبان ابناء الوطن‬ ‫العالم واالساتيذ الكرام فهال اوجدتم الشركة العملية ولكل بلد شركة‬ ‫واحدة مستقلة وهي بالعلماء وغيرهم من أهل العلم مخصوصة ثم‬ ‫بنيتم مما حصل منها دارالندوة على ما هوشأن الصحابة ثم عقدتم‬ ‫االجتماع فيها كل سنة اربع مرات اومرة واحدة وذلك للبيعة واملشاورة‬ ‫في اظهار الشريعة املحمدية على الخاصة والعامة وفي تزايد الطلبة‬ ‫وتعميرالربط الفارغة وفي عيش املعلم الفقيرفي البلدة او القرية وفي‬ ‫تأخيراملفاسد الجاهرة‪ .‬فيا أيها االخوان اما تنظرون مدارس األجانب‬ ‫وامتألها وألوفات املدارس القروية التي اليبحث فيما �شيء ما من‬ ‫الشريعة املحمدية بل هناك ما‪ ,‬وما‪ ,‬وما‪ ,‬فهل تظن ان الرحمة ناقصة‬ ‫بغير تفريط نفس االمة وقد قال تعالى‪« :‬ان هللا اليغير ما بقوم حتى‬ ‫يغيروا ما بأنفسهم» فاهل السنة قد اعتقدوا واقروا ان الخيروالشر‬ ‫‪4‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫من هللا تعالى وان القدراليتغيروان خيرالقرون قرن النبي ثم وثم وثم‬ ‫لكنهم اثبتوا واذعنوا ان لكل �شيء سببا وعالمة فسبب الصالة مثال‬ ‫دخول الوقت والعمل بها عالمت اهل الجنة كما انهم اثبتوا ان القدر‬ ‫اليتغير هو الذي أبرز للمالئكة ال الذي عنده تعالى قال تعالى (يمحو‬ ‫هللا مايشاء ويثبت وعنده ام الكتاب) وكما حققان الر�ضى بالشر‬ ‫اتكاال الى القدرهوعقائد الفالسفة الجبرية‪ .‬وبسبب األمعان املذكور‬ ‫والفكراملئثور والدليل املسطور اوجد شيخنا واستاذنا وخالنا هاشم‬ ‫التبو ايرني الشركة العمالية باعانة من رسمت اسماؤهم ووظيفتهم‬ ‫تحت هذا العنوان وسموها شركة العنان ورموزت ب ‪ S.K.N‬ومما‬ ‫شرط فيها تنصيف الربح كل سنة مرة واحدة نصف يقسم على قدر‬ ‫مالهم والنصف االخر يرجع الي رأس املال ليزداد كبرها جعلها هللا‬ ‫قدوة مباركة وكان رئيسها الشيخ املذكور أما صندوق املال فعند‬ ‫عبد الوهاب التمبا برا�سي وله خمس مفاتيح مختلفات مسكها‬ ‫خمسة اعضاء معتبرين لكل واحد واحد ثم الدفاتروالصكوك فعند‬ ‫الحج بصري والشيخ منصور والكاتبين وقد أجمعوا علي تصرفها الي‬ ‫الزراعة ال الى التجارة لعسرها مع عدم املمارسة ووقع االنعقاد اخر‬ ‫رجب سنة ‪ 6331‬من الهجرة النبوية على صاحبها الصالة والسالم‬ ‫والرحمة الدائمة واتفقوا على طلب (ريع فرسون) بعد سنتين اوثالث‬ ‫سنين فحصله يارب العاملين وهلل درالشاعر‪:‬‬ ‫اذا لم يكن نفع لذي العلم والجحا * فماهو بين الناس إال كالجاهل‬ ‫كذاك اذالم ينفع املرء غيره * يعد كشوك بين زهرالحمايل‬ ‫‪5‬‬


‫مقدمة القانون األساسى‬ ‫‪ ‬جلمعية نهضة العلماء‬ ‫بقلم‪ :‬الشيخ العامل الفاضل‬ ‫حممد هاشم أشعرى اجلومبانى‬ ‫َْ‬ ‫َّ ْ َ َّ َ ْ ُ ْ َ َ َ‬ ‫ُ ْ لمَ َ‬ ‫ان َعلى َع ْب ِد ِه ِل َيك ْو َن ِلل َعا ِ ْي َن نذ ِْي ًرا‪,‬‬ ‫ال َح ْم ُد ِاهللِ ال ِذي نزل الفرق‬ ‫َ َ ُ ُ لمْ ُ ْ‬ ‫ْ ْ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ْ َ َ​َ‬ ‫هللا ا ل َك َوال ِحك َمة َو َعل َم ُه ِم َّما َيش ُاء‪َ ,‬و َم ْن ُيؤ َت ال ِحك َمة فق ْد‬ ‫وأتاه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ ْو ِت َي خ ْي ًرا ك ِث ْي ًرا‪.‬‬ ‫َ َ َ َ​َ‬ ‫ال تعالى‪ :‬‬ ‫ق‬ ‫النب ُّي ا َّنا َا ْ َس ْل َن َ‬ ‫َي َاأ ُّي َها َّ‬ ‫اك َشاه ًدا َو ُم َب ّش ًرا َو َنذ ْي ًرا‪َ .‬و َ‬ ‫ً‬ ‫هللا‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫اع‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب ِا ْذنه َوس َر ً‬ ‫اجا ُم ِني ًرا‪( .‬األحزاب ‪)٤٦-٤٥‬‬ ‫ِ ِ​ِ ِ‬ ‫لمْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا ْد ُع ِالى َس ِب ْي ِل َرِّب َك ِبال ِحك َم ِة َوا ْو ِعظ ِة ال َح َس َن ِة َو َج ِادل ُه ْم ِبال ِت ْي ِه َي‬ ‫َ َ لمْ ُ‬ ‫َا ْح َس ُن ا َّن َرَّب َك ُه َو َا ْع َل ُم ب َم ْن َ‬ ‫ض َّل َع ْن َس ِب ْي ِل ِه َو ُه َو ا ْعل ُم ِبا ْه َت ِد ْي َن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(النحل ‪)١٢٥‬‬ ‫‪6‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ف َب ِش ْر ِع َب ِاد ال ِذ ْي َن َي ْس َت ِم ُع ْو َن الق ْو َل ف َيت ِب ُع ْو َن ا ْح َس َن ُه‪ .‬أول ِئ َك‬ ‫َّ ْ َ َ َ ُ ُ ُ َ ُ َ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫اب‪( .‬الزمر ‪)١٨ -١٧‬‬ ‫ال ِذين هداهم هللا‪ .‬وأول ِئك هم أولو االلب ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫لمْ ُ ْ‬ ‫ْ َ َ ُ َ َ‬ ‫َوق ِل ال َح ْم ُد ِهللِ ال ِذ ْي ل ْم َي َّت ِخذ َول ًدا َول ْم َيك ْن ل ُه ش ِرْي ٌك ِفى ا ل ِك‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُّ َ َ ْ‬ ‫َول ْم َيك ْن ل ُه َو ِل ٌّي ِم َن الذ ِ ّل َوك ِّـب ْر ُه تك ِب ْي ًرا‪( .‬الكهف ‪)١١١‬‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ً َ َّ ُ ْ ُ َ َ َ َّ ُ ْ ُّ َ َ‬ ‫وان هذا ِصر ِاطي مست ِقيما فات ِبعوه‪ .‬وال تت ِبعوا‬ ‫الس ُب َل ف َتف َّر َق ِبك ْم‬ ‫َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ َّ ُ‬ ‫َ َّ ُ َ‬ ‫صاك ْم ِب ِه ل َعلك ْم ت َّت ُق ْو َن‪( .‬األنعام ‪)١٥٣‬‬ ‫عن س ِبي ِل ِه‪ .‬ذ ِلكم و‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َ ُ َّ َ َ َ ُ َّ ُ َ َ ُ لأْ َ ْ ْ ُ ْ ۖ‬ ‫يا أيها ال ِذين آمنوا أ ِطيعوا الله وأ ِطيعوا الرسول وأ ِولي ا م ِر ِمنكم‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ ُ ُّ ُ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫الل ِه َو َّ‬ ‫الر ُسو ِل ِإ ْن ك ْن ُت ْم تؤ ِم ُنو َن ِبالل ِه‬ ‫ف ِإ ْن ت َنا َز ْع ُت ْم ِفي �شي ٍء فردوه ِإلى‬ ‫ٰ َ َ‬ ‫آْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ لاً‬ ‫َوال َي ْو ِم ال ِخ ِرۚ ذ ِل َك خ ْي ٌر َوأ ْح َس ُن تأ ِوي ‪( .‬النساء ‪)٥٩‬‬ ‫النو َر َّالذي ُأ ْنز َل َم َع ُه ۙ‬ ‫ص ُرو ُه َو َّات َب ُعوا ُّ‬ ‫َف َّالذ َ‬ ‫ين َآم ُنوا به َو َع َّز ُر ُوه َو َن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َٰ‬ ‫لمْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫أول ِئك هم ا ف ِلحو ‪( .‬األعراف ‪)١٥٧‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َوال ِذ ْي َن َجـاؤ ِام ْن َب ْع ِد ِه ْم َي ُق ْول ْو َن َرَّب َنا اغ ِف ْرل َنا ولإِ ِخ َوا ِن َنا ال ِذ ْي َن‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ًّ َّ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫َ​َ‬ ‫َس َب ُق ْونا ِبا ِإل ْي َم ِان َوال ت ْج َع ْل ِف ْي قل ْو ِب َنا ِغال ِلل ِذ ْي َن آ َم ُن ْوا َرَّب َنا ِا َّن َك َرؤف‬ ‫َر ِح ْي ٌم (الحشر ‪)١٠‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ ُْ َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫اس ِا َّنا خل ْق َناك ْم ِم ْن ذك ٍر َوأنثى َو َج َعل َناك ْم ش ُع ْو ًبا َوق َبا ِئ َل‬ ‫ياايها الن‬ ‫َ َ َ ُ ْ َّ َ ْ َ َ ُ ْ ْ َ َ ْ َ ُ‬ ‫هللا اتقاكم‪( .‬الحجرات ‪)١٣‬‬ ‫ِلتعارفوا ِان اكرمكم ِعند ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫�شى َ‬ ‫ِا َّن َما َي ْخ َ‬ ‫هللا ِم ْن ِع َب ِاد ِه ال ُعل َم ُاء‪( .‬فاطر ‪)٨٢‬‬ ‫اع َاه ُد ْوا َ‬ ‫ص َد ُق ْوا َم َ‬ ‫م َن المْ ُ ْؤمن ْي َن ر َ‬ ‫هللا َع َل ْيه َفم ْن ُه ْم َم ْن َق َ‬ ‫ال َ‬ ‫ٌ‬ ‫�ضى‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ َّ ُ ْ َ ْ ْ ً‬ ‫نحبه و ِمنهم من ينت ِظر وما بدلوا تب ِديال‪( .‬األحزاب ‪)٢٣‬‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َّ ُ َّ‬ ‫الل َه َو ُك ُونوا َم َع َّ‬ ‫الص ِاد ِق َين‪(.‬التوبه ‪)١١٩‬‬ ‫يا أيها ال ِذين آمنوا اتقوا‬ ‫‪7‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َ َّ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫اب ِال َّي‪( .‬لقمان ‪)١٥‬‬ ‫وات ِبع س ِبيل من أن‬ ‫ُ لاَ َ َ‬ ‫َ ْ َُ َ ْ َ ّ ْ‬ ‫الذك ِر ِإ ْن ك ْن ُت ْم ت ْعل ُمو َن‪( .‬االنبياء ‪)٧‬‬ ‫فاسألوا أهل ِ‬ ‫َ َ​َ ْ ُ َ َْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫س ل َك ِب ِه ِعل ٌم‪( .‬اإلسراء ‪)٦٣‬‬ ‫والتقف مالي‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َّ َّ َ ُ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ين ِفي قل ِوب ِه ْم َزْي ٌغ ف َيت ِب ُعو َن َما تش َاب َه ِم ْن ُه ْاب ِتغ َاء ال ِف ْت َن ِة‬ ‫فأما ال ِذ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ ۗ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ُ لاَّ َّ‬ ‫الل ُه ۗ َ‬ ‫َّ‬ ‫اس ُخو َن ِفي ال ِعل ِم َي ُقولو َن‬ ‫واب ِتغاء تأ ِو ِيل ِه وما يعلم تأ ِويله ِإ‬ ‫الر‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫َآم َّنا به ُكلٌّ م ْن ع ْند َرّب َنا ۗ َو َما َي َّذ َّك ُر إلاَّ ُأ ُولو الأْ َ ْل َ‬ ‫اب‪( .‬ال عمران ‪)٧‬‬ ‫ب‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َو َم ْن ُي َشا ِقق َّ‬ ‫الر ُسو َل ِم ْن َب ْع ِد َما ت َب َّي َن ل ُه ال ُه َد ٰى َو َيت ِب ْع غ ْي َر َس ِب ِيل‬ ‫ِ‬ ‫لمْ ُ ْ َ ُ َ ّ َ َ َ َّ ٰ َ ُ‬ ‫ۖ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ا ؤ ِم ِنين نوِل ِه ما تولى ونص ِل ِه جهنم وساءت م ِصيرا‪( .‬النساء ‪)١١٥‬‬ ‫اع َل ُم ْوا َأ َّن َ‬ ‫خآص ًة َو ْ‬ ‫َو َّات ُق ْوا ِف ْت َن ًة لاَ ُتص ْي َب َّن َّال ِذ ْي َن َظ َل ُم ْوا م ْن ُك ْم َّ‬ ‫هللا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُْ ْ َ‬ ‫اب‪(.‬األنفال ‪)25‬‬ ‫ق‬ ‫ش ِديد ال ِع ِ‬ ‫َو َال َت ْر َك ُن ْوآ ا َلى َّالذ ْي َن َظ َل ُم ْوا َف َت َم َّس ُك ُم َّ‬ ‫الن ُار‪( .‬هود ‪)١١٣‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ُ َ ْ ُ َ ُ ْ َ َ ْ ُ‬ ‫ود َها َّ‬ ‫يك ْم َنا ًرا َو ُق ُ‬ ‫الن ُ‬ ‫اس‬ ‫يا أيها ال ِذين آمنوا قوا أنفسكم وأه ِل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َ َ َ لاَ َ ٌ لاَ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ظ ش َد ٌاد لاَ َي ْع ُ‬ ‫صو َن الل َه َما أ َم َر ُه ْم َو َي ْف َعلو َن‬ ‫وال ِحجارة عل ْي َها م ِئكة ِغ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َما ُيؤ َم ُرو َن‪( .‬التحريم ‪)٦‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َوالتك ْونوا كال ِذ ْي َن قال ْوا َس ِم ْع َنا َو ُه ْم ال َي ْس َم ُع ْو َن‪( .‬األنفال ‪)٢١‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُّ ْ ْ َّ‬ ‫الد َو ّ ْ َ‬ ‫ا َّن َش َّر َّ‬ ‫الص ُّم ال ُبك ُم ال ِذ ْي َن ال َي ْع ِقل ْو َن‪( .‬األنفال ‪)٢٢‬‬ ‫هللا‬ ‫ِ‬ ‫آب ِعند ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫لمْ َ‬ ‫ُ ُ ٌ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َول َتك ْن ِم ْنك ْم ا َّمة َي ْد ُع ْو َن ِالى الخ ْي ِر َو َيأ ُم ُر ْو َن ِبا ْع ُر ْو ِف َو َي ْن َه ْو َن َع ِن‬ ‫لمْ ُ َ ُ َ‬ ‫لمْ ُ‬ ‫ا ْنك ِر َواول ِئ َك ُه ُم ا ْف ِل ُح ْو َن‪( .‬ال عمران ‪)١٠٤‬‬ ‫َ​َ ُ َ ْ ْ ْ‬ ‫َو َت َع ُاو ُن ْوا َع َلى ْالب ّر َو َّ‬ ‫الت ْق َوى َوال ت َع َاون ْوا َعلى ا ِالث ِم َوال ُع ْد َو ِان َو َّات ُق ْوا‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ َّ َ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫اب‪( .‬املائدة ‪)٢‬‬ ‫هللا ِان هللا ش ِديد ال ِعق ِ‬ ‫‪8‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ُ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫اصب ُر ْوا َو َ‬ ‫َي َاا ُّي َها َّالذ ْي َن َأ َم ُن ْوا ْ‬ ‫ص ِاب ُر ْوا َو َر ِابط ْوا َو َّات ُق ْوا اهللا ل َعلك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت ْف ِل ُح ْو َن‪( .‬ال عمران ‪)٢٠٠‬‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ ً َ َ​َ َ ُ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ َْ ْ َْ‬ ‫هللا‬ ‫هللا ج ِميعا وال تف َّرقوا واذ ك ُرو ا ِنع َمة ِ‬ ‫واعت ِص ُموا ِبحب ِل ِ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ ْ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ً َ َ َّ َ‬ ‫ف َب ْي َن ُق ُل ْوب ُك ْم َف َا ْ‬ ‫ص َب ْح ُت ْم ِب ِن ْع َم ِت ِه‬ ‫عليكم ِا ذ كنتم ا عد آء فأ ل‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِاخ َو ًانا‪( .‬ال عمران ‪)١٠٣‬‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ‬ ‫اصب ُر ْوا ا َّن َ‬ ‫هللا َم َع َّ‬ ‫الص ِاب ِ ْري َن‪.‬‬ ‫َوالتناز ُع ْوا فتفشل ْوا َوتذه َب ِ ْري ُحك ْم َو ْ ِ ِ‬ ‫(األنفال ‪)46‬‬ ‫َّ َ لمْ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ٌ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ َّ ُ ْ َ َ َّ ُ‬ ‫هللا ل َعلك ْم‬ ‫ِانماا ؤ ِمنون ِاخوة فأص ِلحوا بين اخويكم واتقوا‬ ‫ُ‬ ‫ت ْر َح ُم ْو َن‪(.‬الحجرات ‪)10‬‬ ‫َ​َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ان خ ْي ًرا ل ُه ْم َوا ش َّد تث ِب ْي ًتا‬ ‫َول ْو ا َّن ُه ْم ف َعل ْوا َم ُاي ْو َعظ ْو َن ِب ِه لك‬ ‫َ ً لأَ َ َ ْ َ ُ ْ ْ َ ُ َّ َ ْ ً َ ْ ً َ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫و ِاذا تيناهم ِمن لدنا اجرا ع ِظيما ولهديناهم ِصراطا م ٍست ِقيما‪.‬‬ ‫(النساء ‪)66-68‬‬ ‫َ َّ ْ َ َ َ ُ ْ ْ َ َ َ ْ َ َّ ُ ْ ُ ُ َ َ َ َّ َ لمَ َ لمْ ُ‬ ‫وال ِذين جاهدوا ِفينا لنه ِدينهم سبلنا و ِان‬ ‫هللا َع ا ْح ِس ِن ْي َن‪.‬‬ ‫(العنكبوت ‪)69‬‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُّ ْ َ َ َ َّ ّ َ َ ُّ َ َّ ْ َ َ َ ُ ْ َ ُّ َ‬ ‫صل ْوا َعل ْي ِه‬ ‫ِان هللا ومال ِئكته يصلون على الن ِب ِي ياايها ال ِذين امنوا‬ ‫ّ َ‬ ‫َو َس ِل ُم ْوا ت ْس ِل ْي ًما‪ ( .‬األحزاب ‪)56‬‬ ‫َ َّ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ ّ ْ َ َ َ ُ ْ َّ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫الصالة َوا ْم ُر ُه ْم ش ْو َرى َب ْي َن ُه ْم َو ِم َّما‬ ‫لرب ِهم واقاموا‬ ‫وال ِذين استجابوا ِ‬ ‫ْ‬ ‫َر َزق َن ُاه ْم ُي ْن ِف ُق ْو َن‪( .‬الشورى ‪)38‬‬ ‫َو َّالذ ْي َن َّات َب ُع ْو ُه ْم با ْح َسان َر�ض َي ُ‬ ‫هللا َع ْن ُه ْم‪( .‬التوبة ‪)100‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َ‬ ‫“ا َّم َاب ْع ُد“‬ ‫‪9‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َ َّ ْ ْ َ َ َ َّ َ ُ َ َ ْ ّ َ َ َ َّ ُ َ ْ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫التآ لف ُه َو اال ْم ُر ال ِذ ْي ال َي ْج َه ُل‬ ‫ف ِإن ا ِالج ِتماع والتعارف وا ِال ِتحاد و‬ ‫َ َ ٌ ََْ َ​َ ُ َْ َ‬ ‫َُ‬ ‫ف َو َق ْد َق َ‬ ‫هللا‬ ‫احد منفعته‪ .‬كي‬ ‫ال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬يد ِ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َّ َّ ُّ ْ ُ ْ ْ َ َ َ ْ ُ َّ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ‬ ‫مع الجماع ِة ف ِاذاشذ الشاذ ِمنهم ِاختطفته الشيطان كمايخت ِطف‬ ‫َْ‬ ‫ّْ‬ ‫الذئ ُب ِم َن الغ َن ِم‪ ,‬ذكره الحافظ السيوطي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ا َّن َ‬ ‫�ضى لك ْم ثالثا ويكره لكم ثالثا‪ ,‬ف َي ْر َ‬ ‫هللا َي ْر َ‬ ‫�ضى لك ْم ا ْن ت ْع ُب ُد ْو ُه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ْ َ ًْ َ​َ ْ َ َْ ْ َ ْ‬ ‫هللا َج ِم ْي ًعا َوالتف َّرق ْوا‪َ ،‬وا ْن‬ ‫وال تش ِركو ِاب ِه شيئا‪ ,‬وان تعت ِص ُموا ِبحب ِل ِ‬ ‫َ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ُ َ ْ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ُّ َ‬ ‫السؤ ِال‬ ‫تناصحوا من واله هللا امركم‪ .‬ويكره لكم ِقيل وقال‪ ,‬وكثرة‬ ‫َ َ َ َ لمْ َ‬ ‫اعة ا ِال‪.‬‬ ‫وِاض‬ ‫عن أبي هريرة ر�ضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صل هللا عليه‬ ‫َ‬ ‫َ​َ َ َ ُ ْ َ َ​َ​َ َ ُ ْ َ َ​َ​َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫اغ ُ‬ ‫ض ْوا‪َ ,‬والت َد َاب ُر ْوا َوال َي ِب ْع‬ ‫وسلم‪ :‬التحاسدوا‪ ,‬والتناجشوا‪ ,‬والتب‬ ‫ْ‬ ‫َب ْع ُ‬ ‫ض ُك ْم َع َلى َب ْيع ب ْع َ ُ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫هللا ِاخ َو ًانا‪ ,‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ض‪ ,‬وكونوا ِعباد ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ا َّن َما ْا ُال َّم ُة ْال َوح ْي َد ُة َك ْالج ْسـ * ــم َو َا ْف َـر ُاد َها َك ْا َأل ْع َ‬ ‫ض ِاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُك ُّل ُع ْ‬ ‫ضـو َل ُه َوظ ْي َف ُة ُ‬ ‫اس ِتغ َن ِاء‬ ‫ص ْن ٍـع * الت َرى ال ِج ْس ُم َع ْن ُه ِفى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ​َ‬ ‫لمْ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ لمْ َ ْ ُ ْ َ َّ َّ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫اس ال ُب َّد ل ُه ْم ِم َن ا ِال ْج ِت َم ِاع َوا خالط ِة ‪ِ ,‬ألن‬ ‫و ِمن ا علو ِم ان الن‬ ‫ََُ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْال َف ْر َد ْال َواح َد َال ُي ْمك ُن َا ْن َي ْس َتق َّل ب َجم ْيع َح َ‬ ‫ضظ ٌّر ِب ُحك ِم‬ ‫اجا ِت ِه‪ ،‬فهو م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الض ُر ْو َرة ِالى ا ِال ْج ِت َم ِاع ال ِذ ْي َي ْج ِل ُب ِالى ا َّم ِت ِه الخ ْي َر َو َي ْدف ُع َع ْن َها الش َّر‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ ْ َ َ ْ ّ َ ُ َ ْ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫ضاف ُر َها َعلى ا ْم ِر‬ ‫والضير‪ .‬فا ِإل ِتحاد وارِتباط القلو ِب ِببع ِضها وت‬ ‫َ‬ ‫اجت َم ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫اع َها َع َلى َكل َمة َواح َدة م ْن َأ َه ّم َا ْس َباب َ‬ ‫الس َع َاد ِة ‪َ ,‬وا ْق َوى‬ ‫و ِاح ٍد‪ ,‬و ِ‬ ‫ِ ٍ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َد َو ِاعى المْ َ َح َّب ِة َو ْاملَ َو َّد ِة‪َ ,‬و َك ْم ِ​ِبه ُع ِّم َ‬ ‫البال ُد ‪َ ,‬و َس َاد ِت ال ِع َب ُاد‪َ ,‬وانتش َر‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْالع ْم َر ُان‪َ ,‬و َت َق َّد َمت ْا َال ْو َط ُ‬ ‫ان‪َ ,‬و ُا ّس َست المْ َ َمالك‪ُ,‬‬ ‫وس ّه َلت َ‬ ‫ُ‬ ‫املس َا ِل ُك‪َ ,‬و َك ُثرَ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪10‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫اص ُل ا َلى َغ ْير َذل َك م ْن َف َوائد ْاال ّت َحاد َّالذ ْي ُه َو َا ْع َظ ُم ْال َف َ‬ ‫َّ‬ ‫ضا ِئ ِل‪,‬‬ ‫الت َو ُ ِ‬ ‫ِ​ِ ِ​ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َ​ََْ ُ ْ َْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اب والوسا ِئ ِل‪.‬‬ ‫وأمتن االسب ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َق ْد َأ َّخى رسول هللا صلىاهلل عليه وسلم َب ْي َن َا ْ‬ ‫ص َح ِاب ِه َح َّتى كأ َّن ُه ْم‬ ‫ْ َ​َ ّ ْ َ​َ​َ ُ ْ َ​َ​َ ُ ْ َ َ ٌ َ ٌ َ ْ‬ ‫اش َت َكى ُع ْ‬ ‫ض ٌو ِم ْن ُه‬ ‫ِفي تو ِد ِهم وتراح ِم ِهم وتواص ِل ِهم جسد و ِاحد‪ِ ,‬اذ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ َ ْ ُ َّ َ َّ ْ َ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ُ ُ ْ َ َ‬ ‫تداعى له سا ِئر الجس ِد ِبالحمى والسه ِر‪ ،‬ف ِبذ ِلك كانت نصرتهم على‬ ‫َع ُد ّوه ْم َم َع ِق َّل ِة َع َد ِده ْم‪َ ,‬ف َد َّو ُخ ْوا َالمْ َ َم ِال َك‪َ ,‬و ْاف َت َت ُح ْوا ْالب َال َد‪َ ,‬و َم َّ‬ ‫ص ُر ْوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمْ‬ ‫لمْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ْا َال ْم َ‬ ‫ص َار‪َ ,‬و َمد ْوا ِظال َل ال ِع ْم َران‪ ,‬وش َّيدوا ا َم ِالك َو َس َّهل ْواا َس ِالك‪ ,‬ق َ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪ :‬وآت ْي َن ُاه ِم ْن ك ِ ّل ش ْي ٍئ َس َب ًبا‪(.‬الكهف ‪)٤٨‬‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫لمْ َ َ‬ ‫ف ِلل ِه َد ُّر َم ْن قال‪َ .‬وا ْح َس ٌن ِفى ا ق ِال ‪:‬‬ ‫َ​َ َ ُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ك ْون ْوا َج ِم ْي ًعا َيا ُب َن َّي ِاذا َع َرا * خط ٌب َوال ت َتف َّرق ْوا أ َح ًادا‪.‬‬ ‫َ َْ ْ َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َْ‬ ‫اح ِا َذ ْ‬ ‫َت ْأ َبى ْالق َد ُ‬ ‫اج َت َم ْع َن تك ُّس ًرا * َوِاذا افت َرق َن تك َّس َر ْت أف َر ًادا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫هللا ل ْم ُيؤ ِت أ َح ًدا ِبال ِف ْرق ِة خ ْي ًرا‪ ,‬ال‬ ‫وقال علي كرم هللا وجهه‪ِ :‬ان‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ​َ َ ُ​ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫ِم َن األ َّوِل ْي َن َوال ِم َن األ ِخ ِرْي َن‪ِ ,‬أل َّن الق ْو َم ِاذا تف َّرق ْت قل ْو ُب ُه ْم ول ِع َب ْت ِب ِه ْم‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ ُ ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ َ َ‬ ‫أ ْه َو ُائ ُه ْم فال َي َر ْو َن ِلل َم ْنف َع ِة ال َع َّام ِة َم َحال َوال َمق َاما َوال َيك ْون ْو َن ا َّمة ُم َّت ِح َدة‬ ‫ُ​ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َب ْل ا َح ًادا‪ُ ،‬م ْج َت ِم ِع ْي َن ا ْج َس ًادا‪ُ ،‬م ْفت ِر ِق ْي َن قل ْو ًبا َوا ْه َو ًاء‪ ،‬ت ْح َس ُب ُه ْم َج ِم ْي ًعا‬ ‫َ َ َ‬ ‫ص ُار ْوا َك َما ق ْي َل‪َ :‬غ َن ًما ُم َت َب ّد َد ًة ف ْي َ‬ ‫َو ُق ُل ْو ُب ُه ْم َش َّتى‪َ ,‬و َ‬ ‫ص ْح َراء‪ ,‬ق ْدأ َحاط ْت‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫َ َ َ َ ْ ْ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫اع ّ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫السباع لم ي ِصل ِاليها‪،‬‬ ‫السب ِاع‪ ،‬فبق ُاءها مدة سالمِ ة‪ِ ،‬إ َّم ِا ألن ِ‬ ‫ِب َها انو ِ‬ ‫الس َب َ‬ ‫اع َأ َّد ْت ُه المْ ُ َز َ‬ ‫َو َال ُب َّد م ْن َا ْن َيص َل ِا َل ْي َها َي ْو ًما َما‪َ ،‬وإ َّما َأل َّن ّ‬ ‫اح َم ُة َ‬ ‫الى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َْ​َ َ ُ ْ ٌ ْ ً َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫اص ًبا َوا غل ْو ُب‬ ‫ا ِلقت ِال بينها‪ ،‬فيغ ِلب ف ِريق ف ِريقا‪ ،‬في ِصي ُر الغ ِالب غ ِ‬ ‫َ ً َ َ َ ُ ْ َ​َ ُ َْ َ َ‬ ‫اص ٍب َو َس ِار ٍق‪.‬‬ ‫غ‬ ‫سا ِرقا‪ ،‬فتقع الغنم بين ِ‬ ‫‪11‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َ َّ َ ُّ ُ َ َ ُ ُّ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ ْ َ ْ َ‬ ‫جم ْي ِع األ ْز َم ِان‪َ ,‬ب ْل‬ ‫الخذال ِن‪ ,‬والفش ِل ِفي‬ ‫فو ِ‬ ‫فالتفرق سبب الضع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُه َو َم ْج َل َب ُة ْال َف َساد‪َ ,‬و َمط َّي ُة ْال َك َساد‪َ ,‬و َداع َي ُة ْال َخ َراب َو ّ‬ ‫الد َم ِار‪َ ,‬و َد ِاه َية‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫لع ْ‬ ‫الش َّتار‪َ ,‬ف َك ْم م ْن َعائالت كب ْي َرة كان ْت ف ْي َرغ ٍد م َن ا َ‬ ‫ش َو ُب ُي ْو ٍت‬ ‫ي‬ ‫الع ِار و‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َكث ْي َرة َك َان ْت آهلة بأ ْهل َها‪َ ,‬ح ّتى اذا َد َّب ْت ف ْيه ْم َع َقار ُب َّ‬ ‫الت َن ُازِع َو َس َرى ُس ُّم َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ص َب َحتْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف ْي ُق ُل ْوبه ْم وأخذ من ُه ُم الش ْيطان َمأخذه تف َّرق ْوا شذ َر َمذ َر فأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُب ُي ْوت ُه ْم خ ِاو َية َعلى ُع ُر ْو ِش َها‪.‬‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َ َ ٌّ َ َّ َ ُ َ ْ َ ُ َّ ْ َ َّ َ ْ ُ ْ ْ َ‬ ‫ض ُعف ِبا ِإلخ ِتال ِف‬ ‫وقد افصح ع ِلي كرم هللا وجهه‪ِ” :‬ان الحق ي‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ْ َّ‬ ‫َ َ َّ ْ َ‬ ‫اط َل ق ْد َي ْقوى ِبا ِال ِت َح ِاد َوا ِال ِتف ِاق”‪.‬‬ ‫وا ِإلف ِت َر ِاق وان الب ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ َّ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ص َّف َح غ ْي َر ق ِل ْي ٍل ِم ْن ا ْح َو ِال‬ ‫و ِبالجمل ِة فمن نظر ِفي ِمر ِأة التوا ِريخ وت‬ ‫ُّ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ِ َ ُّ ُ ْ َ َ َ َّ َّ َ َّ‬ ‫ْ ُ َ َ َ َّ‬ ‫ات الدهو ِر وماحصل لها ِالى هذا الدثو ِر‪ ,‬رأى ان ِعزها ال ِذي‬ ‫األ َم ِم وتقل َب ِ‬ ‫َّ‬ ‫َك َان ْت َم ْغ ُم ْو َس ًة ف ْيه‪َ ,‬و َف ْخ َر َها َّالذي َت َل َّف َع ْت َ‬ ‫ِبح َو ِاش ْي ِه‪َ ,‬و َم ْج َد َها ال ِذ ْي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َت َق َّن َع ْت به‪َ ,‬و َت َح َّل ْت بس ْرَباله‪ ,‬إ َّن َما ُه َو َث ْم َر ُة َما َت َع َّل َق ْت به‪َ ,‬و َت َم َّس َكتْ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ ِ​ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ب َأ ْذ َياله‪ ,‬م ْن ا َّن ُه ْم قد ات َح َد ْت ا ْه َو ُاء ُه ْم‪َ ,‬و ْ‬ ‫اجت َم َع ْت ك ِل َم ُت ُه ْم‪َ ,‬واتفق ْت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫و ْج َه ُت ُه ْم‪َ ,‬و َت َواطأ ْت افكا ُ ُه ْم‪ ,‬فك َ‬ ‫ان َهذا أقوى َع ِام ٍل ِف ْي ِإ ْعال ِء َسط َو ِت ِه ْم‪,‬‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ ً َ ْ ً ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ​َ‬ ‫واكبر ن ِصي ٍر ِفي نص ِرت ِهم‪ ,‬و ِحصنا ح ِصينا ِفي ِحف ِظ شوك ِت ِهم وسالم ِة‬ ‫َم ْذ َهبه ْم‪َ ,‬ال َتن َا ُل َا ْع َد َاء ُه ْم م ْن ُه ْم َم َر ًاما‪َ ,‬ب ْل ُي َط ْأط ُؤو َن ُر ُؤ َ‬ ‫وس ُه ْم ِل َه ْي َب ِت ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ْ َ ً َ َ ْ ُ ُ ْ َن َ ْ ً َ ْ ً ْ َ ُ َ ٌ َ َ َّ َ ُ َ ْ ً ُ ْ‬ ‫ِاكراما‪ ,‬ويبلغو شأوا ع ِظيما‪ِ ،‬تلك أمة الغيب هللا شمسا تش ِرقها‪،‬‬ ‫َْ‬ ‫َو َال َب َّل َغ ُ‬ ‫هللا َع ُد َّو َها ان َوا َر َها‪.‬‬ ‫ُّ َّ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُّ َ ْ ُ َ َ ُ َ َّ ُ َ ْ‬ ‫اع ِة‪ ,‬ا ْه ِل‬ ‫الس َادة االت ِق َي ُآء ِم ْن ا ْه ِل السن ِة والجم‬ ‫فيا ايها ألعلمآء و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫لعل ْو َم ِم َّم ْن ق ْبلك ْم‪َ ,‬و َم ْن ق ْبلك ْم‬ ‫َمذ ِاه ِب اال ِئم ِة االربع ِة‪ ,‬انتم قد أخذتم ا‬ ‫َّ َ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫م َّم ْن َق ْب َل ُه با ّت َ‬ ‫الس َن ِد ِال ْيك ْم‪َ ,‬وت ْنظ ُر ْو َن َع َّم ْن تأخذ ْو َن ِد ْي َنك ْم‪،‬‬ ‫ص ِال‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪12‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َّ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َف َأ ْن ُت ْم َخ َزَن ُت َها َو َأ ْب َو ُاب َها َو َال ُت ْؤ ُتوا ُ‬ ‫الب ُي ْو َت ِاال ِْمن ا ْب َو ِاب َها‪ ,‬ف َم ْن ات َاها ِم ْن‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ ُ ّ َ َ ً َ َّ َ ْ ً َ ْ َ ُ ْ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫الفت ِن‪ ,‬وتأخذوا‬ ‫غي ِر ابو ِابها س ِمي سا ِرقا‪ ,‬وِان قوما قدخاضوا ِبحار ِ‬ ‫ْ َ َ ْ َ ُّ َ َ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫السن ِن َوأ َر َز املُ ْؤ ِم ُن ْو َن ا ُمل ِح ُّق ْو َن اكث ُر ُه ْم َوت َش َّد َق امل ْب َت ِد ُع ْو َن‬ ‫ِبا ِلبدع دون‬ ‫َّ ِ ُ ْ َ ُ ُّ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ْ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ​َ‬ ‫السا ِرقون كلهم فقلبوا الحقا ِئق‪ .‬وانكروا املعروف‪ ،‬وعرفوا املنكر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ ُْ َ َ َ‬ ‫هللا َول ْي ُس ْوا ِم ْن ُه ِفي ش ْي ٍئ‪َ ،‬و ُه ْم ل ْم َي ْق َت ِص ُر ْوا َع َلى ِذل َك‬ ‫اب ِ‬ ‫يدعون ِالى ِكت ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ً‬ ‫َ َ ٌ ْ‬ ‫َب ْل َع ِمل ْوا َج ْم ِع َّية َع َلى ِتل َك امل َس ِال ِك‪ ,‬ف َعظ َم ْت ِبذ ِل َك‪ ‬ك ْب َوة‪َ ,‬وان َت َح َل ِال ْي َها‬ ‫َ َّ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َّ ْ َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫هللا َعل ْي ِه‬ ‫هللا صلى‬ ‫من غلبت علي ِه الشقوة‪ ،‬ولم يس َمعوا قو َل رسو ِل ِ‬ ‫َّ َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ َ ّ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫اع ِة كذ ِاب ْي َن‪ ,‬‬ ‫َو َسل َم‪ : ‬فانظ ُر ْوا َع َّم ْن تأخذ ْو َن ِد ْي َنك ْم‪ِ ,‬ا ًّن َب ْي َن َي َد ِي الس‬ ‫َ َ‬ ‫َ​َ ْ ُ ْ َ َ ّ ْ َ َ َ ُ َ ْ ُ ُ َ​َْ ُ ْ َ َ ّ َ‬ ‫الد ْي ِن ِاذا َوِل َي ُه غ ْي ُر ا ْه ِل ِه‪,‬‬ ‫الدي ِن ِاذا وِليه أهله وابكوا على ِ‬ ‫التبكوا على ِ‬ ‫حديث صحيح رواه االمام أحمد والحاكم‪.‬‬ ‫ولقد صدق عمر بن الخطب ر�ضي هللا عنه َح ْي ُث َق َ‬ ‫ال‪”َ :‬ي ْه ِد ُم‬ ‫ال ْاملُ َنافق ب ْالك َ‬ ‫ْا ِال ْس َال َم ج َد ُ‬ ‫اب‪”.‬‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫لجاهل ْينَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َا ْن ُت ُم ا َ‬ ‫لع ُد ْو ُل الذ ْي َن ُي ْنف ْون انت َح َ ْ ْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ال املب ِط ِلين وتأ ِوي ِل ا ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َّ َ ّ ْ َ لمَ َّ‬ ‫َ‬ ‫لعا ِ ْي َن ال ِت ْي َج َعل َها َع َلى ِل َس ِان َم ْن ش َاء‬ ‫وتح ِريف الغ ِالين ِبحج ِة ر ِب ا‬ ‫َْ‬ ‫َّ َ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫“ال َت َز ُ‬ ‫ال‬ ‫ِم ْن خل ِق ِه‪َ ،‬وأن ُت ُم الطا ِئفة ال ِت ْي ِف ْي ق ْوِل ِه صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫لح ّق َظاهرْي َن‪َ ,‬ال َي ُ‬ ‫طائ َف ٌة م ْن ُا َّمت ْي َع َلى ْا َ‬ ‫ض ُّر ُه ْم َم ْن نا َوأ ُه ْم َح َّتى َيأ ِت َي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ‬ ‫هللا‪”.‬‬ ‫ام ُر ِ‬ ‫َ َ ُّ ُ ْ ُ ُّ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ ً َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُّ َ‬ ‫الض َعف ِاء‬ ‫فهلموا كلكم ومن ت ِبعكم ج ِميعا ِمن الفقر ِاء واالغ ِني ِاء و‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ ْ َّ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َّ َ ْ َ ْ ُ َ​َ‬ ‫قوي ِاء ِالى ه ِذ ِه الجم ِعي ِة املبارك ِة املوسوم ِة ِبجم ِعي ِة نهض ِةالعلم ِاء‪,‬‬ ‫واال ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َو ْاد ُخ ُل ْو َها ب ْا َمل َح َّبة َوْالو َداد َوْاألل َفة َوْا ِال ّت َحاد‪َ ,‬وْاإل ّت َ‬ ‫ص ِال ِبأ ْر َو ٍاح َوأ ْج َس ٍاد‪,‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َّ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َّ َ ُ ْ َ ٌ َ ْ َ ْ َ َْ‬ ‫ف ِإنها جم ِعية عد ٍل وأم ٍان وِاصال ٍح وِاحس ٍان‪ ,‬وِإنها حلوة ِبأفو ِاه األخي ِار‪,‬‬ ‫‪13‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ُ َّ ٌ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ‬ ‫اصح ف ْي َذل َك َو ُح ْسن َّ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫الت َع ُاو ِن‬ ‫غ‬ ‫صة على غال ِص ِم االش َر ِار‪ ,‬وعليك ْم ِبالتن ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َّ َ‬ ‫اض َي ٍة‪.‬‬ ‫على ما هن ِالك‪ِ ,‬بمو ِعظ ٍة شا ِفي ٍة‪ ,‬ودعو ٍة متال ِفي ٍة‪ ,‬وحج ٍة ق ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َو ْ‬ ‫اص َد ْع ِب َما تؤ َم ُر ِل َت ْنق ِم َع ال ِب َد ُع َع ْن ا ْه ِل امل َد ِر َوال َح َج ِر‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ‬ ‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪“ِ :‬اذاظ َه َر ِت ال ِفت ُن ا ِوال ِب َد ُع‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َْ ْ ْ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وس َّب َا ْ‬ ‫ص َح ِاب ْي فل ُيظ ِه ِر ال َع ِال ُم ِعل َم ُه ف َم ْن ل ْم َي ْف َع ْل ذ ِل َك ف َعل ْي ِه ل ْع َنة‬ ‫َ لمْ َ َ َ َ َّ َ‬ ‫اس ا ْج َم ِع ْي َن”‪ ,‬أخرجه الخطيب البغدادي في الجامع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هللا وا ال ِئك ِة والن ِ‬ ‫ْ‬ ‫اع َلى الب ّر َو َّ‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬و َت َع َاو ُن ْو َ‬ ‫الت ْـق َوى‪( .‬املائدة ‪)٢‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ​َْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫س ا َح ٌد َوِا ِن اش َت َّد على رضا‬ ‫َوقال سيدنا علي كرم هللا وجهه ‪ :‬فلي‬ ‫ْ ُ​ُ َ َ َ َْ​َ ْ َ ُ​ُ َ َ َْ َ َُ ُ‬ ‫هللا ا ْهل ُه ِم َن‬ ‫هللا ِحرصه‪ ,‬وطال ِفى العم ِل اج ِتهاده‪ِ ,‬بب ِال ِغ ح ِقيق ِة ما‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫اعة‪َ ,‬و َلك ْن م ْن َواجب ُح ُق ْوق هللا َع َلى ْالع َباد َّ‬ ‫الط َ‬ ‫الن ِص ْي َحة ِب َم ْبل ِغ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْ ْ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ ْ َ ّ َ ْ َ ُ ْ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫جه ِد ِهم‪ ,‬والتعاون على ِاقام ِة الح ِق بينهم وليس امرؤ وِان عظمت ِفى‬ ‫َ َ‬ ‫ّ َ َ َ َ‬ ‫ْال َح ّق َم ْن َزل ُت ُه َو ُت َق ّد َم ُ‬ ‫ى‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ماح َمل ُه‬ ‫الد ْي ِن ف ِض ْيل ُت ُه‪ِ ,‬بف ْو ِق ا ْن ُي َع َاو َن على‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫هللا م ْن َحقه‪َ ,‬وال امرؤ َوِان َ‬ ‫صغ َرته النف ْو ُ‬ ‫س َوافت َح َمته ال ُع ُي ْون ِبف ْو ٍق‪,‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َْ‬ ‫ان ي ِعين على ذ ِلك او يعان علي ِه‪.‬‬ ‫َف َّ‬ ‫الت َع ُاو ُن ُه َو َّالذ ْي َع َل ْيه َم َد ُار ن َظام ْا ُأل َمم‪ِ ,‬ا ْذ َل ْو َال ُه َل َت َق َ‬ ‫اع َد ِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْال َع َزائ ُم َو ْاله َم ُم‪ ,‬ال ْعت َقاد ْال َع ْجز َع ْن ُم َطا َ َدة ْال َع َواد ْي‪َ .‬ف َم ْن َت َع َاو َنتْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ْ َ ُ َ َ​َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫وه َّنئ ْت َع ْيش ُت ُه‪.‬‬ ‫ِفي ِه دنياه و ِآخرته‪ ,‬فقد كملت سعادته‪ ,‬وطابت حياته‪،‬‬ ‫قال السيد احمد بن عبدهللا السقاف رحمه هللا تعالى‪ :‬انها‬ ‫َ​َ‬ ‫الراب َط ُة َق ْد َس َط َع ْت َب َشائ ُر َها‪َ ،‬و ْ‬ ‫َّ‬ ‫اج َت َم َع ْت َد َوا ِئ ُر َها‪ ،‬فأ ْي َن َت ْذ َه ُب ْو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُّ َ لمْ ُ ْ ُ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َ َْ َْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫عنها‪ ،‬أين تذهبو عنها ايها ا ع ِرضو ‪ ,‬كونوا ِمن الس ِاب ِقين‪ ،‬او ال‪،‬‬ ‫َ َ َّ‬ ‫الالحق ْي َن‪َ ،‬وا َّي ُاك ْم َا ْن َت ُك ْو ُن ْوا م َن ْال َخالف ْي َن َف ُي َناد ْي ُك ْم ل َس ُ‬ ‫ان‬ ‫ف ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪14‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ُ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫َّ‬ ‫الت ْفرْيع ب َق َوار َع َ(ر ُ‬ ‫ض ْوا ب َأ ْن َي ُك ْو ُن ْوا َم َع ْال َخ َ‬ ‫ف َوط ِب َع َع َلى قل ْو ِب ِه ْم‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ َِ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ َ ََْ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هللا اال القوم الخ ِاسرون)‪,‬‬ ‫ف ُه ْم ال يفقهون)‪ ,‬التوبة ‪( ,١٧‬فال يأمن مكر ِ‬ ‫األعراف ‪.٩٩‬‬ ‫َ‬ ‫َُ ْ ُ​ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ً‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َرَّب َنا الت ِزغ قل ْو َب َنا َب ْع َد ِاذ َه َد ْيت َنا َو َه ْب ل َنا ِم ْن ل ُدن َك َر ْح َمة ِا َّن َك ان َت‬ ‫ْال َو َّه ُ‬ ‫اب‪( .‬ال عمران ‪)٨‬‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َر َّب َنا فاغ ِف ْرل َنا ذ ْنو َب َنا َوك ِّف ْر َع َّنا َس ِّيئا ِت َنا َوت َوف َنا َم َع ا ال ْب َر ِار ‪.‬‬ ‫(ال عمران ‪)١٩٣‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ ْ ُ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫َرَّب َنا َوأ ِت َنا َما َو َع ْدت َنا َعلى ُر ُس ِل َك َوالتخ ِزنا َي ْو َم ال ِق َي َام ِة ِا َّن َك التخ ِلف‬ ‫لمْ‬ ‫ا ِ ْي َع َاد‪( .‬ال عمران ‪)١٩٤‬‬

‫‪15‬‬


‫أربعني حديثا تتعلق مببادئ‬ ‫مجعية نهضة العلماء‬ ‫بقلم‪ :‬الشيخ العامل الفاضل‬ ‫حممد هاشم أشعرى اجلومبانى‬ ‫بسم اهلل الرمن الرحيم‬ ‫َ َ َّ‬ ‫‪ْ ُ َ َ ْ َ َ ْ ُ ُ َ َّ ُ ّ .1‬‬ ‫ال‪ِ :‬لل ِه‪َ ،‬و ِل ِك َت ِاب ِه‪،‬‬ ‫هللا؟ ق‬ ‫ِ‬ ‫الدين الن ِصيحة‪ ،‬قلنا‪ :‬لمِ ن يارسو َل ِ‬ ‫َ‬ ‫لمْ‬ ‫ُ‬ ‫َوِل َر ُس ِول ِه‪َ ،‬ولأِ ِئ َّم ِة ا ْس ِل ِم َين‪َ ،‬و َع َّام ِت ِه ْم‪ ،‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪ .2‬لاَ َت ْب ُكوا َع َلى ّ‬ ‫وه َأ ْه َل ُه‪َ ،‬و َلكن ْاب ُكوا َع َل ْيه إ َذا َو َّل ْي ُت ُم ُ‬ ‫الدين إ َذا َو َّل ْي ُت ُم ُ‬ ‫وه‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫غ ْي َرأ ْه ِل ِه‪ ،‬رواه الطبراني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ لمْ ُ ْ‬ ‫األ ْع َمال َّ‬ ‫الص ِال َح ِة فستكون ِفت ٌن ك ِقط ِع الل ْي ِل ا ظ ِل ِم‪.‬‬ ‫‪َ .3‬ب ِاد ُروا ِب‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْ ً َُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫صب ُح َّ‬ ‫ص ِب ُح كا ِف ًرا‪.‬‬ ‫الر ُج ُل ُمؤ ِم ًنا َو ُي ْم ِ�سي كا ِف ًرا‪َ .‬و ُي ْم ِ�سي مؤ ِمنا وي‬ ‫ي ِ‬ ‫َ ُّ ْ‬ ‫َيب ْي ُع ِد ْي َن ُه ب َع َ‬ ‫الدن َيا‪ ,‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ض ِمن‬ ‫ر‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪16‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َ ُ َ‬ ‫ْ ُ َُ‬ ‫اع َملوا‪ ،‬فك ٌّل ُم َي َّس ٌرلمِ ا خ ِل َق ل ُه‪ ،‬رواه الطبراني‪.‬‬ ‫‪ .4‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ .5‬أ َح ُّب األ ْع َم ِال ِإلى هللا ت َعالى أ ْد َو ُم َها َوِإ ْن ق َّل‪ ،‬متفق عليه‬ ‫َ​َْ ُ ْ َ َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫األ ْع َمال َما ُتط ُيقو َن َ‪.‬ف َ‬ ‫هللا ال َي َم ُّل َح َّتى ت َملوا‪ ،‬رواه‬ ‫و‬ ‫‪ .6‬عليكم ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مسلم‪.‬‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ص َد َق ٌة َو َّ‬ ‫ال َع َلـى ال َـخ ْير َك َفـاعله َو ُ‬ ‫‪ُ .7‬ك ُّل َم ْع ُروف َ‬ ‫الد ُّ‬ ‫هللا ُي ِح ُّب ِإغاثة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ‬ ‫ا�ل�مل ُه ْو ِف‪ ،‬رواه الدارقطني وابن أبي دنيا‪.‬‬ ‫‪َ .8‬م ْن َ َأى م ْن ُك ْم ُم ْن َك ًرا َف ْل ُي َغ ّي ْر ُه ب َيده‪َ .‬فإ ْن َل ْم َي ْس َتط ْع َفبل َسانه‪َ .‬فإنْ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ ِ​ِ ِ ِ ِ‬ ‫َِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َل ْم َي ْس َتط ْع فب َقلبه‪َ .‬وذل َك أ ْ‬ ‫ض َعف ا ِإل َيم ِان‪ ،‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ​ِ ِ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫ّ َ لاَ ُ َ ّ ُ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫لخ َّ‬ ‫‪ .9‬إن هللا يع ِذب العامة ِبعم ِل ا‬ ‫اص ِة َح َّتى َي َر ْوا امل ْنك َر َب ْي َن‬ ‫َ ْ َ َ ْ ْ َ ُ ْ َ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ لاَ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َ َ ُْ‬ ‫ظهراني ِهم وهم ق ِادرون على أن ين ِكروه ف ين ِكروه ف ِإذا فعلوا‬ ‫َ َ َ َّ َ ُ َ َّ َ َ َ َّ َ‬ ‫اصة‪ ،‬رواه البغوي في شرح السنة‪.‬‬ ‫ذ ِلك عذب هللا العامة والخ‬ ‫َ‬ ‫‪ .10‬عن أبي َذر ر�ضي هللا تعالى‪ ،‬قال ‪َ :‬أ ْو َ‬ ‫صا ِني خ ِل ِيل ْي صلى هللا عليه‬ ‫َّ َ َ لاَ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ْ َ َ لاَ َ َ َ‬ ‫وسلم‪ ،‬بخ َ‬ ‫صا ِني أ ْن أخاف ِفي الل ِه ل ْو َمة ِئ ٍم‪،‬‬ ‫ص ٍال ِمن الخي ِر‪ ,‬أو‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َّ َ ْ َ ُ ّ ً‬ ‫وأوصا ِني أن أقول الحق وإن كان مرا‪ ،‬رواه ابن حبان‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َّ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َُ ْ‬ ‫اللـه في ّ‬ ‫الس ّ ِر‬ ‫ات َوثالث ُم ْه ِلك ٍ‬ ‫‪ .11‬ثالث ُمن ِج َي ٍ‬ ‫ات‪ ،‬فاملن ِجيات خشية ِ ِ ِ‬ ‫َ َ َ َ ُ ْ ُ َْ َْ َ َ َ ّ َ َ ْ‬ ‫االقت َ‬ ‫ص ُاد ِع ْن َد‬ ‫الرضا‪ ،‬و ِ‬ ‫والعال ِني ِة‪ ،‬والح َكم ِبالعد ِل ِعند الغض ِب و ِ‬ ‫َ‬ ‫الف ْقر َوالغ َنى‪َ .‬وأ َّما املُ ْهل َك ُ‬ ‫ات َف ُش ٌّح ُم َط ٌ‬ ‫اع‪َ ،‬و َه ًوى ُم َّت َب ٌع‪َ ،‬وإ ْع َج ُ‬ ‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫امل ْر ِء ِبنف ِس ِه‪ ،‬رواه البزار‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .12‬كلك ْم َر ٍاع َوكلك ْم َم ْسؤ ْو ٌل َع ْن َر ِع َّي ِته‪ ،‬ا ِإل َم ُام َر ٍاع َو َم ْسؤ ْو ٌل َع ْن‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬و َّ‬ ‫الر ُج ُل َر ٍاع ِف ْي أ ْه ِل ِه َو ُه َو َم ْسؤ ْو ٌل َع ْن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬وامل ْرأة ِف ْي‬ ‫‪17‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َْ َْ َ َ ٌ‬ ‫ُ ٌَ‬ ‫ْ َ‬ ‫اع َّية َو َم ْسؤ ْولة َع ْن َر ِع َّي ِت َها‪َ ،‬والخ ِاد ُم ِفي َم ِال َس ِّي ِد ِه‬ ‫بي ِت زو ِجها ر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َر ٍاع َو َم ْسؤ ْو ٌل َع ْن َر ِع َّي ِت ِه‪ ,‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ص ُم ْت‪َ ،‬و َم ْن َك َ‬ ‫‪ َ .13‬م ْن َك َ‬ ‫ان ُي ْؤم ُن باهلل َو ْال َي ْوم اآلخر َف ْل َي ُق ْل َخ ْي ًرا َأ ْول َي ْ‬ ‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َُْ ْ ْ َ َُ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َ َْْ‬ ‫ان ُيؤ ِم ُن ِباهلل َوال َي ْو ِم‬ ‫اآلخ ِرفليك ِرم جاره‪ ،‬ومن ك‬ ‫يؤ ِمن ِباهلل واليو ِم ِ‬ ‫َُْ ْ ْ َ َ‬ ‫ض ْيفه‪ ,‬رواه الشيخان‪.‬‬ ‫اآلخ ِرفليك ِرم‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ َ َّ َ َ ْ َ‬ ‫‪َّ .14‬‬ ‫احذ ُرو ُه ْم‪ ,‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ إن َب ْي َن َي َد ِي الساع ِة كذ ِابين ف‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫‪ ِ .15‬ا ْس َتع ْي ُن ْوا َع َلى إ ْن َجاح ْا َ‬ ‫لح َوا ِئ ِج ِبا ِلك ْت َم ِان ف ِإ َّن ك َّل ِذ ْي ِن ْع َم ٍة َم ْح ُس ْو ٌد‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫رواه الطبراني‪.‬‬ ‫الر ْح ُ‬ ‫من َت َبا َر َك َو َت َع َالى ا ْر َح ُموا َأ ْه َل األ ْ‬ ‫ الر ِاح ُمو َن َي ْر َح ُم ُه ُم َّ‬ ‫‪َّ .16‬‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫َي ْر َح ْم ُكم َم ْن في َّ‬ ‫ماء رواه ابو داود‪.‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .17‬املُ ْسل ُم َم ْن َسل َم املُ ْسل ُمو َن م ْن لسانه َو َ‬ ‫ده‪ ،‬وامل َه ِاج ُر َم ْن َه َج َر َما‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ​ِ ِ‬ ‫َ​َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫نهى الله عنه متفق عليه‪.‬‬ ‫َّ ُ ْ َ َّ َّ َ َّ َّ‬ ‫الظ َّن َأ ْك َذ ُب ْا َ‬ ‫لح ِد ْي ِث رواه الشيخان‪.‬‬ ‫‪ِ .18‬إياكم والظن ف ِإن‬ ‫َّ‬ ‫اح َتر ُسوا م َن َّ‬ ‫ْ‬ ‫الن َ‬ ‫اس ِب ُس ْو ِء الظ ِ ّن رواه الطبراني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ .19‬‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َُ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫الق َذ َاة في َع ْين َأخيه‪َ ،‬وي ْن َ‬ ‫الجذ َع في َع ْي ِن ِه رواه‬ ‫ى‬ ‫�س‬ ‫‪ .20‬يب ِصرأحدكم‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابن حبان‪.‬‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ ً ْ ُ َ ُّ ْ َ َ َّ َ ّ‬ ‫ُ ً‬ ‫س الل ُه َع ْن ُه ك ْ َربة ِم ْن‬ ‫‪ .21‬من نفس عن مؤ ِم ٍن كربة ِمن كر ِب الدنيا‪ ،‬نف‬ ‫ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫الدن َيا‬ ‫ك َر ِب َي ْو ِم ال ِق َي َام ِة‪َ .‬و َم ْن َي َّس َر َعلى ُم ْع ِس ٍر‪َ ،‬ي َّس َرالل ُه َعل ْي ِه ِفي‬ ‫ّ‬ ‫َ​َ ْ َ​َ ُ ْ ً َ​َ ُ ُّ‬ ‫ُّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اآلخ َر ِة‪َ .‬والل ُه ِفي‬ ‫اآلخ َر ِة‪ .‬ومن ست َر مس ِلما‪ ،‬ست َره الله ِفي الدنيا و ِ‬ ‫و ِ‬ ‫‪18‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َْ ْ َْ َ َ َ ْ َُْ َْ َ‬ ‫َ​َ ْ َ​َ َ َ ً‬ ‫يقا َي ْل َتم ُ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫يه‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫عو ِن العب ِد ما كان العبد ِفي عو ِن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ً َ َّ َ ّ‬ ‫َ ً‬ ‫َ‬ ‫الل ُه َل ُ‬ ‫يقا إ َلى ْال َج َّنة‪َ .‬و َما ْ‬ ‫اج َت َم َع ق ْو ٌم ِفي‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ِف ِيه ِعلما‪ ،‬سهل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫الله‪َ ،‬ي ْتلو َن ك َت َ‬ ‫اب الل ِه‪َ ،‬و َي َت َدا َر ُسون ُه َب ْي َن ُه ْم‪ِ ،‬إال ن َزل ْت‬ ‫بي ٍت ِمن ُب ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت ِ‬ ‫ّ‬ ‫لمْ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َّ َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َّ ُ‬ ‫الر ْح َمة َو َح َّف ْت ُه ُم ا ال ِئكة‪َ ،‬وذك َر ُه ُم الل ُه‬ ‫علي ِهم الس ِكينة‪ ،‬وغ ِشيتهم‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِف َيم ْن ِع ْن َد ُه‪َ .‬و َم ْن أ َبطأ ِب ِه َع َمل ُه‪ ،‬ل ْم ُي ْس ِـر ْع ِب ِه ن َس ُب ُه رواه مسلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫‪ .22‬ال ُيؤ ِم ُن أ َح ُدك ْم َح َّتى ُي ِح َّب أل ِخ ِيه َما ُي ِح ُّب ِل َن ْف ِس ِه رواه مسلم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ َ​َ َ ْ َ ٌَ‬ ‫َّ‬ ‫ص َدقة ِم ْن َم ٍال ‪َ .‬و َما َز َاد الل ُه َع ْبدا ِب َع ْف ٍو ِإال ِع ًّزا‪َ .‬و َما‬ ‫‪ .23‬ما نقصت‬ ‫َ​َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اض َع أ َح ٌد ِلل ِه ِإال َرف َع ُه رواه مسلم‪.‬‬ ‫تو‬ ‫َ ْ ً َ​َ ْ َ ْ َْ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫لمْ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ْ‬ ‫‪ .24‬ال ت ْح ِق َر َّن ِم َن ا ْع ُرو ِف شيئا‪ ،‬ولو أن تلقى أخاك ِبوج ٍه ط ِلي ٍق‬ ‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫ُ َ​َ‬ ‫َْ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ليل ِه فل َي ْنظ ْرأ َح ُدك ْم َم ْن ُيخ ِال ُل رواه ابو داود‬ ‫‪ .25‬الرج ُل على ِد ِين خ ِ‬ ‫والترمذي‪.‬‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫‪َ .26‬م ْن تش َّب َه ِبق ْو ٍم ف ُه َو ِم ْن ُه ْم رواه ابو داود‪.‬‬ ‫َّ ّ َ َ َ َ َ ً َ َ ْ ُ َ ً‬ ‫يبا َف ُط َوبى ل ْل ُغ َرَباء َّالذ َ‬ ‫ين ُي ْ‬ ‫ص ِل ُحو َن‬ ‫الدين بدأ غ ِريبا وير ِجع غ ِر‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ِ .27‬إن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َما َأ ْف َس َد ُه َّ‬ ‫الن ُ‬ ‫اس ِم ْن ُس َن ِتي رواه الترمذي‪.‬‬ ‫‪َ .28‬م ْن َر ِغ َب َع ْن ُس َّنتي َف َل ْي َ‬ ‫س ِم ِ ّني رواه مسلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صاح َب ب ْد َعة َف َق ْد أ َع َ‬ ‫ان َع َلى َه ْ‬ ‫‪َ .29‬م ْن َو َّق َر َ‬ ‫اإل ْسال ِم رواه الطبراني‪.‬‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ ُ ٌ َ ُ ّ ُ ْ ُ ْ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬ ‫وم ِب ِه آن َاء‬ ‫‪ .30‬ال حسد ِإال ِفي اثنتي ِن ‪ :‬رجل آتاه الله القرآن‪ .‬فهو يق‬ ‫َ ّ‬ ‫ً َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الل ْيل َو َآن َاء َّ‬ ‫الن َه ِار َو َر ُج ٌل آت ُاه الل ُه َماال‪ .‬ف ُه َو ُي ْن ِف ُق ُه آن َاء الل ْي ِل َوآن َاء‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الن َه ِاررواه الشيخان‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫َ ٌ َ ْ َ َّ َ‬ ‫يب م َن َّ‬ ‫الناس‪َ ،‬بع ٌ‬ ‫‪َّ .31‬‬ ‫الس ِخ ُّي َقر ٌ‬ ‫يد‬ ‫يب ِم َن هللا‪ ،‬ق ِر‬ ‫ِ ِ‬ ‫يب ِمن الجن ِة‪ ،‬ق ِر ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يد م َن ْال َج َّنة‪َ ،‬بع ٌ‬ ‫َ ٌ‬ ‫البخ ُ َ ٌ َ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫يد ِم َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِمن الن ِار‪ .‬و ِ‬ ‫يل ب ِعيد ِمن هللا‪ ،‬ب ِع ِ‬ ‫َ ٌ َ َّ َ ْ َ ُ َّ َ‬ ‫الس ِخ ُّي أ َح ُّب ِإلى هللا َع َز َو َج َّل‬ ‫الناس‪ ،‬ق ِريب ِمن الن ِار‪ .‬والج ِاهل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِم ْن َع ِاب ٍد ب ِخ ٍيل رواه الترمذي‪.‬‬ ‫َ َ ُ ْ ْ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫‪ .32‬ال تزال أمتي ِبخ ْي ٍر َما أخذوا ال ِعل َم َع ْن أك ِاب ِر ِه ْم أخرجه أبو نعيم‬ ‫في الحلية‪.‬‬ ‫َّ َ ْ ْ َ ٌ َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫ين‪ .‬فانظ ُروا َع َّم ْن تأخذو َن ِد َينك ْم‪ ،‬رواه االمام‬ ‫‪ِ .33‬إن هذا ال ِعلم ِد‬ ‫أحمد‪.‬‬ ‫َّ َ ْ َ َ َ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫و‬ ‫‪ ِ .34‬إن أخوف ما أخاف عليكم بع ِدي كل منا ِف ٍق ع ِل ِيم اللس ِان‪ ،‬ر اه‬ ‫الطبراني‪.‬‬ ‫َّ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َ ْ ً‬ ‫اس َنك ْم أخالقا رواه الشيخان‪.‬‬ ‫‪ِ .35‬إن ِمن ِخي ِاركم أح ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ ْ َ ْ ًَ َْ َ َ ْ‬ ‫س‪َ :‬ح َيات َك ق ْب َل َم ْو ِت َك‪َ ،‬و ِص َّح ِت َك ق ْب َل‬ ‫‪ .36‬اغت ِنم خمسا قبل خم ٍ‬ ‫َ َ َ َ​َ​َ َ َ َْ َ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َْ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫اك ق ْب َل‬ ‫سق ِمك‪ ،‬وفراغك قبل شغ ِلك‪ ،‬وشبابك قبل هر ِمك‪ ،‬و ِغن‬ ‫َ‬ ‫ف ْق ِر َك رواه البيهقي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ٌ َ َ ْ ُ ُ ْ َ َ َ َ ُ ُ َّ ُ َ ُ ُّ َ ّ ُ َ‬ ‫اب‬ ‫‪ِ .37‬ستة لعنتهم ولعنهم الله‪ ،‬وكل ن ِب ٍي مجاب ُالدعوة‪ :‬الزا ِئد ِفي ِكت ِ‬ ‫َّ َ لمْ ُ َ ّ َ َ َّ َ لمْ ُ َ َ ّ ُ َ َ‬ ‫ْ َ​َ‬ ‫وت ِل ُي ِذ َّل‬ ‫الل ِه‪ ،‬وا ك ِذ ُب ِبقد ِر الل ِه وا تس ِلط على أ َّم ِتي ِبالجب ُر ِ‬ ‫ُ َ َ َّ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َّ ُ َ ُ َّ َ ْ َ َ َّ ُ َ لمْ ُ ْ َ‬ ‫الله‪َ ،‬و َّ‬ ‫التا ِر ُك‬ ‫من أعز الله‪ ،‬وي ِعز من أذ َّل الله‪ ،‬وا ست ِح ُّل ح ْرمة ِ‬ ‫ُّ‬ ‫لس َّن ِت ْي‪ ،‬رواه الطبراني‪.‬‬ ‫‪ .38‬إن هللا تعالى قال‪ :‬من َع َادى َأ ْو َأ َذى َأ ْو َأ َذ َّل َأ ْو َأ َه َ‬ ‫ان ِف ْي ِه ِر َو َيات‪,‬‬ ‫لي َول ًّيا َوفي ر َو َاية‪َ :‬ول َّي ْاملُ ْؤمن ْي َن َف َق ْد َأ َذ ْن ُت ُه َ(أ ْع َل ْم ُت ُه) ب ْا َ‬ ‫لح ْر ِب‪ ,‬وفي‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪20‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ْ ُ‬ ‫ُ ْ َ​َ‬ ‫رواية‪َ :‬ف َق ْد ْ‬ ‫اس َت َح َّل ُم َحا َرَب ِتي‪َ ,‬و ِفي أخ َري فق ْد َب َار َز ِن ْي ِبامل َحا َرَب ِة‬ ‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َّ َ ُ َّ َ َ َ َ َ‬ ‫ضالل ٍة‪َ ،‬و َي ُد هللا‬ ‫‪ِ .39‬إ َّن هللا ال َي ْج َم ُع أ َّم ِتي ‪ -‬أو قال أمة محم ٍدـ على‬ ‫ماعة‪َ ،‬و َم ْن َش َّذ َش َّذ في َّ‬ ‫َ​َ ْ َ َ‬ ‫الن ِاررواه الترمذي وغيره وزاد ابن‬ ‫على الج ِ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ ْ لاَ ُ َ َ َ ْ َ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫لح ِ ّق َوأ ْه ِله‬ ‫ماجه ف ِإذا وقع الاِ خ ِت ف فعليك ِبالسو ِاد األعظ ِم مع ا‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ْ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫الط َ‬ ‫أ‬ ‫اع ِة َوِإ ْن تأ َّم َر َعل ْي َك‬ ‫وصيك ْم ِب َت ْق َوى هللا عز وجل والسم ِع و‬ ‫‪ِ .40‬‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ٌ َ َّ ُ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ْ َ ً َ ً َ َ ُ‬ ‫عبد ف ِإنه من ي ِع‬ ‫ش ِم ْنك ْم َب ْع ِدي ف َس َي َرى اخ ِتالفا ك ِثيرا‪ ،‬ف َعل ْيكم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ َ ُ َّ ْ ُ َ‬ ‫ضوا َعل ْي َها ب َّ‬ ‫الراشد َ‬ ‫ين امل ْهد ّي َين‪َ ،‬ع ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الن َو ِاج ِذ‪،‬‬ ‫اء‬ ‫ف‬ ‫ِبسن ِتي وسن ِة الخل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ َّ ْ َ َ َ ٌَ‬ ‫َ ُ َ ْ َ​َ‬ ‫ات ُ‬ ‫األمو ِر‪ ،‬ف ِإن كل ِبدع ٍة ضاللة رواه أبو داود‬ ‫وِإ َّياك ْم و ُمحدث ِ‬ ‫والترميذي‪ِ .‬‬

‫‪21‬‬


‫يف ذكرى عيد اإلستقالل‬ ‫اإلندونيسي الثامن‬ ‫بقلم‪ :‬عبد الواحد هاشم‬ ‫“لولم يكن هناك غيرة إسالمية في إندونيسيا‪،‬‬ ‫النخسفت الوطنية الحقيقية عن إندونيسيا‪”...‬‬ ‫(د‪ .‬دوويس ديكيراملشهور بـ “دانوديرجا ستيا بودي”)‬ ‫منذ أن عرفت إندونيسيا بالوطنية‪ ،‬لم تكن الصورة الحقيقية‬ ‫للوطنية يعصف بها عدم الوضوح والتلخبط في مضمونها مثل ما‬ ‫وقع اآلن‪ .‬وهذا التلخبط وعدم الوضوح يبدأ قبل حوالي سنة أو‬ ‫سنتين من استعمار اليابان لهذا البلد‪ .‬ويزداد هذا التلخبط ليصل‬ ‫إلى ذروته اليوم‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ونحن نتذكر بأنه عند ما شعر الهوالنديون بالخطر والتهديد‬ ‫الياباني‪ ،‬يحاول هؤالء الهوالنديون بكل وسيلة ممكنة الحصول‬ ‫على ميليشيات من أبناء الشعب اإلندوني�سي بتكلفة متواضعة بل‬ ‫ورخيصة ملواجهة الجنود اليابانيين‪ .‬وأمام هذه املحاولة الهوالندية‬ ‫لبناء امليليشيات الشعبية اإلندونيسية‪ ،‬انقسمت آراء ومواقف قادتنا‬ ‫الوطنية إلى رأيين‪.‬‬ ‫الرأي األول‪ :‬وهو لهؤالء الذين يهمهم وطنهم بالدرجة األولى ومن‬ ‫بينهم جميع املنظمات واإلتحادات واملجتمعات اإلسالمية‪ ،‬حيث يرون‬ ‫بضرورة أن يدفع الهوالنديون ثمن امليلشيات ُم َق َّد ًما‪ .‬وهذا «الثمن»‬ ‫يتمثل في أن يسمح الهوالنديون بوجود البرملان اإلندوني�سي‪.‬‬ ‫الرأي الثاني‪ :‬وهولهؤالء الذين يسيطرعليهم مفهوم الديمقراطية‬ ‫الغربية‪ ،‬حيث يرون بأن هوالندا هي دولة ديمقراطية ومن الواجب‬ ‫علينا نصرتها أمام الخطر الياباني دون أن نطلب منها ذلك الثمن‬ ‫مقدما‪.‬‬ ‫الحقا‪ ،‬يتم عرض هذين الرأيين شعبيا عبروسائل اإلعالم املتاحة‬ ‫آنذاك‪ ،‬بل وعبر اإلجتماعات الشعبية والحزبية‪ ،‬مع ما في ذلك من‬ ‫عرض وجهات النظروالحجج العقلية التي تساند هذين الرأيين‪ ،‬كل‬ ‫ٌ‬ ‫على حسب ما يترائى له‪...‬‬ ‫وأخيرا وبحمد هللا وفضله‪ ،‬تم اختيار الرأي األول وترجيحه على‬ ‫الرأي الثاني ليصبح مبدأ من مبادئ الكفاح الوطني اإلندوني�سي‪ .‬فلو‬ ‫‪23‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫كان الرأي الثاني هو الرأي الراجح وقتذاك‪ ،‬ويتم بناء امليليشيات‬ ‫املشارإليها لصد الخطرالياباني وبالتالي لم تستطيع اليابان في الدخول‬ ‫إلى إندونيسيا مثال‪ ،‬فلربما يختلف الوضع عما نحن عليه اآلن‪ .‬كما‬ ‫أنه ليس من املستحيل أن يستبعد الهوالنديون “الثنائي األوحد”‬ ‫(سوكارنو ومحمد حتى) عن مسرح العمل الوطني ليتم استبدالهما‬ ‫بـ”القادة الديمقراطيين” الذين ال يكترثون وال يهتمون بالوطنية‬ ‫بالدرجة األولى‪ ،‬ليتأخر بذلك إعالن اإلستقالل اإلندوني�سي إلى أجل‬ ‫ال نعرف مداه‪.‬‬ ‫ثم جاء اإلحتالل الياباني ليبدأ عهد جديد يتسم بعدم وضوح‬ ‫الرؤية في اآلفاق الفكرية ملفاهيمنا ومواقفنا الوطنية‪ .‬فلقد كان‬ ‫من املفترض أن نأخذ بالحذر الشديد تجاه “الضيوف األجانب»‬ ‫ونأخذ بعين اإلعتبار املصالح العليا للشعب اإلندوني�سي بكل حرص‬ ‫وحذر‪ .‬غير أن مثل هذا املفهوم واملوقف بدأ يتغير تدريجيا‪ .‬وقادتنا‬ ‫اإلندونيسيون بدورهم يقبلون دون تحفظ عدة املشروعات التي‬ ‫قدمها إليهم املستشارون اليابانيون (‪ .)sidokan‬ومن أهم هذه‬ ‫املشروعات اليابانية‪ :‬توفير القوى العاملة (‪ )romusa‬وعملية زيادة‬ ‫اإلنتاج الزراعي أضعافا مضاعفة‪ ،‬كالهما لصالح اليابان‪.‬‬ ‫فقد كان هناك ما يقرب من ‪ 4.500.000‬من الجاويين الذين‬ ‫ماتوا بعد أن تم إرسالهم كقوى عاملة إلى سومطرة وكاليمانتان‬ ‫وسوالويس ومااليا وإندوجينا وتايالند‪ .‬وهذا باإلضافة إلى عدد غير‬ ‫محصور ماتوا جوعى بسبب نقص املواد الغذائية في جزيرة جاوى‬ ‫‪24‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫صدر اليابانيون معظم املحاصيل الزراعية‬ ‫نفسها‪ ،‬وذلك بعد أن ّ‬ ‫اإلندونيسية إلى بلدهم‪.‬‬ ‫وساد َج ٌّو عام من اإلستسالم الكامل واإلستعداد التام لتنفيذ‬ ‫املشروعات اليابانية على نفوس الشعب اإلندوني�سي بمختلف فئاته‪،‬‬ ‫ليس فقط على القادة الشعبية وإنما أيضا على القادة الدينية‬ ‫اإلسالمية‪ .‬فقد كان هناك “مجلس اإلسالم اإلندوني�سي” (‪)MIAI‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫حولته اليابان ليصبح “مجلس شورى املسلمين اإلندونيسيين”‬ ‫(‪ ،)Masyumi‬والذي في بداية تحوله قام ببرنامج زيادة املحاصل‬ ‫الزراعية املشارإليها‪.‬‬ ‫غير أن جيال من الشباب جاؤوا ليتسلموا زمام القيادة واملبادرة‬ ‫من “الجيل القديم” الذين استسلموا باملشروعات اليابانية‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك الحين يكون املجلس قناة للتعبيرعن هموم الشعب وتطلعاتهم‬ ‫وأفكارهم‪ ،‬ولم يكن أداة للحملة اليابانية كسابق عهده‪ .‬كما حاول‬ ‫املجلس التخفيف من حدة الوحشية اإلستعمارية اليابانية تجاه‬ ‫الشعب اإلندوني�سي‪ ،‬باإلضافة إلى الدور الفعال الذي قام به في‬ ‫ميليشيات الدفاع الوطني (‪ )PETA‬من جهة‪ ،‬واملساهمة في ميليشيات‬ ‫“حزب هللا اإلندوني�سي” من جهة أخرى‪.‬‬ ‫إذا قلنا بأن التجمعات اإلسالمية واملسلمين اإلندونيسيين عموما‬ ‫قد استطاعوا التنحي واإلبتعاد عن حدة الوحشية اإلستعمارية‬ ‫اليابانية‪ ،‬فاألمرليس كذلك بالنسبة إلى غيرهم من الحركات الوطنية‪.‬‬ ‫فقد سيطرت تجمعات يسميها أعضائها بـ “تجمعات الشعب ملساندة‬ ‫‪25‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫اليابان ضد قوات التحالف” (‪ )hookookai‬ساحة الحركات الوطنية‪.‬‬ ‫وهناك حركة شبابية وطنية تسمي نفسها “شباب مينتينج ‪”31‬‬ ‫(‪ ،)31 pemuda menteng‬ليس بإمكانها امل�ضي قدما في برامجها‬ ‫الحركية إال في أواخر عهد ما يسمى بـ “مؤتمر حركات شبابية” في‬ ‫باندونج‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬أمكننا القول بأن اإلستعمار الياباني إلندونيسيا قد‬ ‫استطاع أن يرجح كفة الرأي الذي يرى أولوية الحركات الديمقراطية‬ ‫(بمفهومها الضيق) على الحركات الوطنية التي ازدهرت لفترة قصيرة‬ ‫ما بين عامي ‪ 1940‬و ‪ .1941‬وذلك نتيجة الخوف والذعراللذان أ�ل�مّا‬ ‫بنفوس قيادة الجيل القديم‪َ .‬وت َح َّول موقف الدفاع عن تطلعات‬ ‫الشعب ومصالحهم إلى موقف اإلستسالم الكامل إلرادة اليابان عبر‬ ‫مشاريعها اإلستعمارية التي قدمها هؤالء املستشارون اليبانيون‪.‬‬ ‫كما أصبحت أدوار القادة القدامي منحصرة في الدفاع عن الحملة‬ ‫اليابانية مع محاولة تغليفها بغالف جميل على أمل أن يتقبلها الشعب‬ ‫تدريجيا‪.‬‬ ‫وحينذاك‪ ،‬ظهر موقفان متباينان ال ثالث لهما‪ ،‬وهما املوقف‬ ‫الرسمي واملوقف غيرالرسمي‪ .‬أما املوقف الرسمي فهو املوقف الذي‬ ‫يحاول جاهدا في الدعاية والدفاع عن املشاريع اليابانية‪ ،‬وذلك عبر‬ ‫الخطابات اإلذاعية والكتابات الصحفية والخطابات الجماهرية‬ ‫في امليادين العامة‪ .‬وأما املوقف غير الرسمي فهو املوقف الذي يتم‬ ‫تداوله ِس ِّريا بين آذان أفراد الشعب‪ ،‬بحيث ال يتجرؤن في التعبير‬ ‫‪26‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫عنه علنيا‪ .‬وبهذا املوقف السري‪َّ ،‬‬ ‫عب َر الشعب مع أقربائهم وذويهم‬ ‫القريبين عن لعنتهم وسخطهم تجاه اإلستعمار الياباني‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫العصيان املدني والكسل في الذهاب إلى أماكن العمل العامة التي‬ ‫يسيطرعليها اليابانيون‪.‬‬ ‫ثم أخيرا‪ ،‬كان هناك اإلعالن عن استقالل إندونيسيا‪ .‬وهواإلعالن‬ ‫الذي يسبب في نهضة الشعب اإلندوني�سي بصورة قوية وعظيمة‪.‬‬ ‫فكل أطياف الشعب بدؤوا يتحركون ويكافحون‪ ،‬من األطفال في‬ ‫العاشرة من عمرهم حتى الشيوخ ذوي السبعين عاما‪ ،‬من الرجال‬ ‫حتى النساء‪ ،‬من األغنياء حتى الفقراء‪ ،‬من املتعلمين حتى األميين‪...‬‬ ‫جميعهم يتحركون معا وبيد واحدة يكافحون ويناضلون‪.‬‬ ‫وفوق كل تلك املشاعر الوطنية الجارفة والجياشة‪ ،‬تصدرت‬ ‫حماسة دينية قوية وأصيلة بحيث تصبح صرخات التكبيروالتمجيد‬ ‫هلل الواحد القهار مصدرا لزوال الشك والخوف والذعر من صدور‬ ‫الشباب ملواجهة املوت بكرامة (دفاعا عن الوطن)‪ .‬وبهذا النضال‬ ‫الشعبي تتأسس جمهورية إندونيسيا‪.‬‬ ‫ثم كانت هناك مفاوضات وأعمال دبلوماسية كوسيلة إلتمام‬ ‫ذلك النضال الذي تم بتضحيات شعبية واسعة النطاق‪ .‬وأخيرا تم‬ ‫اإلعتراف دوليا بقيام دولة إندونيسيا على الرغم من أن جزءا منها‬ ‫(وهي إيريان) ما زال في قبضة اإلستعمار‪ .‬ويقول الناس اليوم بأن‬ ‫املرحلة التي نحن فيها اآلن هي مرحلة البناء والتنمية بدال من مرحلة‬ ‫الكفاح املسلح في ميادين املعارك والغزوات‪ .‬ونحن متفقون بهذا‪.‬‬ ‫‪27‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫لقد مرت بنا سبعة أعوام من اإلستقالل‪ .‬ولكن خالل هذه الفترة‬ ‫الزمانية‪ ،‬نتسائل أنفسنا‪ :‬هل نحن نتقدم إلى األمام أم نتخلف إلى‬ ‫الوراء؟ ربما يقول املتشائمون‪ :‬نزداد تخلفا‪ ،‬وسياساتنا الوطنية‬ ‫أصبحت ال تتأسس على املصالح الشعبية وإنما على مصالح النخبة‬ ‫الحاكمة‪ ،‬واقتصادياتنا أضحت أسوأ مما كانت عليه أيام اإلستعمار‪،‬‬ ‫وثقافاتنا تم تدويلها (أي لتصبح عاملية ودولية ولتصبح عارية عن‬ ‫املقومات والخصائص الوطنية)‪ ،‬كما أن مقاييس أخالقنا بعيدة كل‬ ‫البعد عن مبادئها وقواعدها‪.‬‬ ‫بينما يقول املتفائلون‪ :‬صحيح‪ ،‬هناك بعض اإلنحطاطات في‬ ‫مختلف األصعدة‪ .‬غير أن ذلك يبدو طبيعيا إذا نظرنا إلى التعب‬ ‫النف�سي (لشعبنا) خالل خمسة أعوام مضت‪ .‬وهذا باإلضافة إلى أن‬ ‫العالم حولنا يتغيركل يوم ليفرض لنا واقعا جديدا غيرالواقع الذي‬ ‫عشنا عليه من قبل‪ .‬ولئن لم نتغير‪ ،‬فلسوف يرتكنا العالم في آخر‬ ‫الصفوف‪...‬‬ ‫غيرأننا نقول‪ :‬بعيدا عن التفاؤل والتشاؤم‪ ،‬فمن الوضوح التام‬ ‫أنه للمرة الثانية خالل عشرة أعوام يصدر مثل هذا اإلنقسام في‬ ‫املوقف الوطني بين ما هو رسمي وما هو بخالفه‪.‬‬ ‫فبينما كانت هناك خطابات دعائية رسمية عبر الصحف‬ ‫واملجالت ومنابر مجلس الشعب توحي بأننا على خير ما يرام‪ ،‬كان‬ ‫هناك في املقابل شعب في حيرة من أمرهم ينظرون إلى ما جرى حولنا‬ ‫بعين الحيرة والشك‪ .‬وهذه الحيرة تبدأ في شهر مارس ‪ 1950‬عند ما‬ ‫‪28‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫تمت علمية إعادة قيمة العملة الوطنية (‪ ،)redenominasi‬حيث‬ ‫كان من املفروض نظريا أن يتم ذلك لصالح الشعب الذي يعاني‬ ‫أساسا من حركات صعود مستمرة في أسعار السلع نتيجة انتشار‬ ‫العملة أكثرمما ينبغي‪ .‬غيرأن النظرية �شيء والواقع �شيء آخرتماما‪...‬‬ ‫ففي الواقع يكون التجاراألجانب هم الجانب الرابح من هذه العملية‪.‬‬ ‫فقرارالحكومة بالسماح لهؤالء التجارليرفعوا أسعارسلعهم يسبب في‬ ‫معاناة الشعب أضعافا مضاعفة‪ .‬فثروات الشعب يتم اآلن تنقيص‬ ‫قيمتها إلى النصف في الوقت الذي ترتفع فيه جميع أسعاراملنتجات‬ ‫والسلع في السوق‪ .‬وهذا األمراألخيربطبيعة الحال يكون لصالح هؤالء‬ ‫التجار‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬بأوضح العبارات‪ ،‬تكون قرارات الحكومة املتواصلة حتى‬ ‫اآلن ليست ملصلحة الشعب بل لصالح التجارمن الفئات الخاصة‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬عندما يتم النظر إلى القضايا الكبرى وإدارة‬ ‫البالد عموما‪ ،‬يميل الناس إلى اإلعتماد على مجرد العقل مع أنه كان‬ ‫من األنسب أن يتم مثل هذا النظر باإلعتماد على الفطرة السليمة‬ ‫والحكمة بجانب العقل املجرد‪.‬‬ ‫وعند دراسة الحقوق مثال‪ ،‬يكون ُج ُّل اهتمام الطلبة منصبا إلى‬ ‫استخدام العقل املجرد بصورة متواصلة ومستمرة‪ .‬مع أن القا�ضي‬ ‫عندما يحكم في قضية معينة فهواليمكن أن يعتمد على عقله فحسب‬ ‫وإنما ال بد من اإلستعانة بالفطرة السليمة والحكمة في النظروالرأي‪.‬‬ ‫‪29‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫وكما قلنا إن مثل هؤالء الطلبة بل والناس جميعا اليوم يعتمدون‬ ‫على مجرد العقل بعيدين عن الفطرة السليمة والحكمة في مختلف‬ ‫قضاياهم وشؤونهم‪ ،‬اقتصادية كانت وأمنية‪ ،‬وثقافية وغيرها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬ليس من الغريب أن نرى إندونيسيا حتى اآلن وملرات‬ ‫عديدة واقعة تحت وطأة املشاريع واألجندة األجنبية التي قدمها‬ ‫املستشارون األجانب مثل ما هو الحال إبان اإلستعمارالياباني‪ .‬ولئن‬ ‫كانت تلك املشاريع اليابانية َت ُ‬ ‫ص ُّب في صالح مجموعة يمكن تسميتها‬ ‫بـ “مجوعة ساكورا” إبان ذلك اإلستعمار‪ّ ،‬‬ ‫فكأن املشاريع نفسها اآلن‬ ‫تصب في صالح املجموعة ذاتها وإن تتسمى بأسامي وألقاب مختلفة‪.‬‬ ‫وهذه املجموعة هي التي تمكنت من أخذ املزايا واملصالح الناجمة عن‬ ‫تلك املشاريع ألنفسهم دون غيرهم‪ .‬إال أننا لم نرحتى اآلن امكانية أن‬ ‫يلتحق اإلندونيسيون الوطنيون بهذه املجموعة‪.‬‬ ‫* مترجم‪ :‬أحمد نظيف عبد املجيب‬

‫‪30‬‬


‫مبادئ العمل السياسي للنهضيني‬ ‫(املؤمتر العام جلمعية نهضة العلماء املنعقد بـ “كرابياك‬ ‫يوجياكارتا” عام ‪)1989‬‬ ‫ ‪1 .‬العمل السيا�سي للنهضيين يحمل معنى املشاركة الشعبية لجميع‬ ‫املواطنين في اطار املواطنة املتكاملة مع اإللتزام الكامل باملبادئ‬ ‫الخمسة للدولة (بنجاسيال) والدستور ‪.5491‬‬ ‫ ‪2 .‬السياية عند “نهضة العلماء” هي تلك التي تتأسس على املواطنة‬ ‫ووحدة املواطنين مع العمل الدؤوب لتدعيم وحدة الوطن‬ ‫للوصول إلى األهداف العليا وهي العدالة اإلجتماعية والرفاهية‬ ‫الحقيقية‪ ،‬مع اعتباركون ذلك من جملة العبادة لنيل السعادة‬ ‫في الدارين‪.‬‬ ‫ ‪3 .‬كما أن السياسة عند “نهضة العلماء” هي تطويرمفاهيم الحرية‬ ‫الحقيقية والديمقراطية مع توعية الشعب بضرورة اإلدراك التام‬ ‫‪31‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫بكل الحقوق والواجبات واملسؤوليات لجميع املواطنين لصالح‬ ‫املصالح العامة‪.‬‬ ‫ ‪4 .‬العمل السيا�سي عند “نهضة العلماء” ال بد وأن يكون مراعيا‬ ‫لآلداب واألخالق والثقافة التي تتأسس على تلك املبادئ الخمسة‬ ‫لدولة إندونيسيا‪.‬‬ ‫ ‪5 .‬العمل السيا�سي عند “نهضة العلماء” ال بد أن يتم بالصدق‬ ‫الوجداني واألخالق الدينية والدستورية مع مراعاة القوانين‬ ‫واملقدسات الوطنية املتفق عليها ومع تطويرمبدأ الشورى لحل‬ ‫مشاكل الوطن وقضاياه‪.‬‬ ‫ ‪6 .‬العمل السيا�سي عند “نهضة العلماء” يتم تنفيذه لتدعيم اإلتفاق‬ ‫الوطني‪ ،‬كما يكون متماشيا مع تعاليم األخالق الكريمة على مبدأ‬ ‫أهل السنة والجماعة‪.‬‬ ‫ ‪7 .‬العمل السيا�سي عند “نهضة العلماء” لن يتم بأي حال من األحوال‬ ‫من خالل التضحية على املصالح العامة والوحدة الوطنية‪.‬‬ ‫ ‪8 .‬اإلختالف في النزعات واإلنتماءات الحزبية للنهضيين ال بد يكون في‬ ‫إطاراألخوة والتواضع واإلحترام املتبادل مع الحفاظ على الوحدة‬ ‫النهضية والوطنية‪.‬‬ ‫ ‪9 .‬العمل السيا�سي عند «نهضة العلماء» يتطلب وجود التواصل‬ ‫اإلجتماعي املتبادل من خالل التنمية الوطنية‪ ،‬وذلك لخلق الجو‬ ‫املناسب والظروف املواتية في تطويرالجمعيات األهلية التي تتسم‬ ‫‪32‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫باإلستقالل الذاتي‪ ،‬لتكون قادرة على لعب دورها كوسيلة شعبية‬ ‫للتجمع وإبداء اآلراء واملشاركة الفعالة في التنمية‪.‬‬ ‫*مترجم‪ :‬أحمد نظيف عبد املجيب‬

‫‪33‬‬


‫القيم املعيارية وإعادة تفعيل‬ ‫التعاليم الدينية يف اإلسالم‬ ‫املدخل التقريبي‬

‫بقلم‪ :‬عبد الرمحن واحد‬ ‫قبل أربعة عشرعاما (من صدور هذه املقالة)‪ ،‬كان هناك “زلزال”‬ ‫يهز املسلمين في إندونيسيا والذي كان في حقيقته ما هو إال زوبعة في‬ ‫فنجان‪ .‬ويمكن القول بأن هذه الزوبعة ما كانت ينبغي لها أن تصدر‬ ‫توابعها مثل كل زلزال تتبعه التوابع‪ ،‬األمر الذي يجعل املراقبين‬ ‫‪-‬الذين ال يفهمون حقيقة ماجرى‪ --‬في حيرة من أمرهم‪ .‬فالقضية‬‫املثيرة للجدل آنذاك عبارة عن تقديم مشروع القانون ملجلس الشعب‬ ‫اإلندوني�سي الذي يعطي السماح للشعب أن يقوموا بتبني األوالد‬ ‫على التشريع الغربي الذي أعطى كل حقوق األوالد الطبيعيين كاملة‬ ‫لألوالد املتبنيين‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ونظرا للبلبلة التي أثارتها القضية لدى الرأي العام ولوجود بعض‬ ‫اإلعتبارات السياسية‪ ،‬تم تجميد ذلك املشروع القانوني‪ ،‬ليتم بعد‬ ‫ذلك بحث مشروع آخر وتم اصدار قانون األحوال الشخصية عام‬ ‫‪.1974‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه هو ملاذا ردود األفعال لهذه القضية‬ ‫تكون زائدة عن الالزم؟ أليس من الطبيعي أن يكون هناك اتجاه‬ ‫“غربنة” مفهوم التبني مع العلم بأن منظومة القوانين التشريعية‬ ‫لبلدنا في واقع األمركانت وال تزال تتأسس على نظرية ومفهوم التشريع‬ ‫الغربي؟‬ ‫بل األمريكاد يكون غيرمعقول عندما نحاول الدفاع عن “أسلمة”‬ ‫مفهوم التبني‪ ،‬في وقت ال يزال كل هياكيل القوانين لبلدنا تتركز على‬ ‫هياكيل التشريع الغربي‪ .‬أليس معقوال أكثرأن ال يزال جل نظراتنا ‪--‬‬ ‫إن لم يكن كلها ‪ُ --‬م ْن َ‬ ‫ص ًّبا على كيان التشريع الغربي بحكم الواقع‪ ،‬مع‬ ‫محاولة التغييرالتكتيكي في بنية هياكل القانون الغربي حسب الحاجة‬ ‫الوطنية‪ ،‬ومع إعطاء الطابع املحلي وصبغته بالثقافات والتقاليد‬ ‫املحلية تجاه بعض القضايا واألجندة الوطنية؟‬ ‫هذه هي املقدمة املنطقية التي ال بد من تقريرها قبل كل �شيء‪.‬‬ ‫لكن الرياح ال تجري بما تشتهي السفن‪ .‬وهذه املقدمة املنطقية‬ ‫األساسية ال ترى نورا في واقعنا اليوم‪ ،‬لنجد أن قانون األحوال‬ ‫الشخصية املشار إليه يمكن اعتباره “شذوذا” في جوانب هياكل‬ ‫املنظومة املتبعة في تشريعنا الذي ‪ --‬كما قلنا آنفا ‪ --‬ما يزال متمركزا‬ ‫‪35‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫على مقدمات منطقية للتشريع الغربي‪ .‬فتكون آفاق تشريعاتنا‬ ‫الوطنية مصابة بـ “ازدواجية املعاير”‪ ،‬وتكون عملية تنظيم مواد‬ ‫تشريعاتنا “مضطربة” خاصة عندما تتبعنا تلك املقدمات املنطقية‬ ‫األساسية بمزيد من اإلمعان النظري‪.‬‬ ‫لعلنا نقول بأنه ما زال أمامنا الكثير لنقوم بإصالحه قبل أن‬ ‫نتمكن من الوصول إلى مرحلة عملية التنظيم ملواد تشريعاتنا‪.‬‬ ‫غير أنه من املهم بمكان‪ ،‬أن ندرك بأن تلك الشذوذ السالفة الذكر‬ ‫مازالت في مقدمة التحديات التي تواجهنا‪ ،‬لنتكمن بالتالي من تقديم‬ ‫البيان الشافي والعقالني لتطويرنظام تشريعاتنا في املستقبل القريب‬ ‫والبعيد‪.‬‬ ‫وفيما يلي محاولة لتقديم املفاهيم الجديدة تجاه التعامل مع‬ ‫شريعتنا الغراء لتتما�شى بالعصراملتغير‪.‬‬ ‫كانت ردود األفعال لذلك املشروع القانوني الشعبي‪ ،‬تنشأ من‬ ‫واقع الفقه‬ ‫املتداول واملوروث لدى مجتمعنا من أن أحكام اإلرث ال بد وأن‬ ‫تتأسس على وجود العالقة النسبية (عالقة الدم‪/‬العالقة األسرية)‪،‬‬ ‫وليست العالقة العشائرية‪ .‬وفي هذا املبدأ الفقهي ألحكام اإلرث‪،‬‬ ‫تكون هناك التفرقة الواضحة بين أصحاب الفروض الذين ينتسبون‬ ‫إلى املورث بعالقة الدم بصورة مباشرة وبين هؤالء القربى الذين‬ ‫ينتسبون إلى املورث بعالقة الدم بصورة غير مباشرة‪ .‬فبناء على‬ ‫ذلك‪ ،‬ليس غريبا أن ال يكون هناك مكان لألوالد املتبنيين في توزيع‬ ‫‪36‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫األموال اإلرثية‪ .‬ولكن ما زال هناك سبيل لعملية نقل امللك إلى األوالد‬ ‫املتبنيين‪ ،‬وذلك عن طريق الهبة املشروعة قبل وفاة املورث أو عن‬ ‫طريق الوصية بشرط عدم استغراقها على ما فوق ثلث التركة‪.‬‬ ‫من هنا يتبلور مبدأ “حفظ النسل” الذي يتأسس على عالقة‬ ‫الدم‪ .‬غيرأن من املهم جدا النظرإلى أن هذا املبدأ ال يتما�شى في الواقع‬ ‫مع عدد من مبادئ األسرة املتداولة في مجتمع إندونيسيا قبل ظهور‬ ‫اإلسالم‪ .‬ففي تقاليد “املينانجكاباو” مثال نجد ما يسمى بـ “نظام األسرة‬ ‫الكبيرة” الذي يبنى على أساس نسب األم وليس األب‪ .‬وهذا باإلضافة‬ ‫إلى ظهور عملية اإلنتساب من أي شخص ال يرتبط بعالقة الدم عبر‬ ‫خطوات معينة تقوم بها القبيلة‪ .‬واألمرذاته نجده في تقاليد “باتاك”‬ ‫التي تقبل دخول أي “فرد خارجي” في نظامهم النسبي العائلي‪.‬‬ ‫ومن الغريب أن ذلك املبدأ الفقهي ينتشرويتبلور في وسط ذلك‬ ‫املبدأ التقليدي املنافس‪ ،‬في وقت أننا رأينا أن العادات والتقاليد‬ ‫الشعبية ما زالت هي اليد العليا في الدفاع عن كيان الثقافة والحضارة‬ ‫املحلية‪ .‬فـ “حيوية” تقاليدنا املحلية وجدت “منافسة”‪ ،‬هي ذلك املبدأ‬ ‫الفقهي في ما يتعلق بقضية “حفظ النسل” التي هي محور من محاور‬ ‫الشريعة األساسية‪.‬‬ ‫غير أنه في املقابل هناك واقع أهم من ذلك‪ ،‬أال وهو أن املبادئ‬ ‫والقيم اإلسالمية تواجه تحديات عديدة عبرتاريخ إندونيسيا تجعلها‬ ‫مضطرة إلى “تغيير شكلها” وليس مضمونها‪ .‬وهذه املقالة سوف‬ ‫تحاول إثبات حقيقة أن املبادئ والقيم اإلسالمية ال تجد دائما أرضا‬ ‫‪37‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫خصبة لتطبيقها بكل حذافيرها في وسط ديناميكية املجتمع املتغير‪.‬‬ ‫فـ “النفس بالنفس والعين بالعين” مبدأ يمكن الحفاظ عنه جملة وال‬ ‫يمكن تطبيقه تفصيال في أرض الواقع‪ .‬وكذلك قطع يد السارق الذي‬ ‫نص عليه القرآن الكريم‪ ،‬ال يكاد يطبق في معظم البالد اإلسالمية مع‬ ‫إمكانية التأكيد بأن مفهوم “الجزاء على كل جريمة” مازال ماثال أمام‬ ‫أعين مجتمعنا اإلسالمي‪.‬‬ ‫وفي الحقيقة يظهرأيضا مبدأ “النفس بالنفس” أومبدأ “املماثلة‬ ‫بين الجريمة والعقوبة” في نظام التعويض املالي لدى حصول الجريمة‪،‬‬ ‫حيث إن النصوص الدينية تشير إلى إمكانية التعويض بدال من‬ ‫إجراء العقوبة كما هو املقرر‪ .‬وهذا األمرأدى إلى ظهور اإلجتهادات في‬ ‫استبدال أنواع العقوبات املنصوصة قرآنيا وحديثيا بأنواع أخرى‬ ‫تبدومناسبة للواقع الحالي‪ ،‬مثل التعويض بدفع فاتورة العالج الطبي‬ ‫بعد حصول الجريمة على األطراف‪.‬‬ ‫ويتطور هذا التغير في األشكال الذي طرأ على مواد األحكام‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬حيث كان هناك واقع آخر يتمثل في العزوف عن تطبيق‬ ‫العديد من األحكام اإلسالمية في معظم بلدان املسلمين‪ .‬فقد تم‬ ‫استبدال عقوبة قطع اليد والرجم بعقوبة الحبس‪ ،‬بل وقد تم كذلك‬ ‫إنهاء أحكام الرق باعتبار أنها ال تتما�شى مع فكرة حقوق اإلنسان‬ ‫والعصرنة‪.‬‬ ‫لكن يمكننا القول بأنه من خالل هذا التغيرالسالف الذكر‪ ،‬ما‬ ‫زالت القيم واملبادئ اإلسالمية ماثلة أمام أعيننا‪ .‬فلم يزل هناك نظام‬ ‫‪38‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫العالقة األسرية التي تأسست على عالقة الدم على الرغم من متانة‬ ‫التشريع الغربي وانتشاره في مجتمعنا اإلندوني�سي وكذلك بالنسبة‬ ‫إلى التقاليد املحلية التي تسمح بنظام األسرة الكبيرة كما هو موضح‬ ‫أعاله‪ .‬أما مبدأ املماثلة بين الجريمة والعقوبة فهو أيضا رأى نوره‬ ‫املتمثلة في استبدال بعض أنواع العقوبات املنصوصة بعقوبات‬ ‫أخرى تبدو مناسبة وعادلة‪.‬‬ ‫فحيوية أحكام الدين اإلسالمي ‪--‬إذن‪ --‬تبدوظاهرة من خالل ما‬ ‫تكلمنا عنه آنفا‪ .‬وهي مازالت متينة رغم أنف كل �شيء‪ ،‬حتى نشاهد‬ ‫في اآلونة األخيرة ظهور اتجاه معاكس إلظهار تلك القيم الحنيفية في‬ ‫التشريع الوطني مثل ما جرى في ماليزيا من فرض قانون منع الخلوة‬ ‫بين الجنسين ال تربطهما عالقة محرمية في أماكن مغلقة‪.‬‬ ‫غيرأنه بعد كل ما تقدمنا به‪ ،‬تثور هذه التسائالت في أذهاننا‪ :‬ملاذا‬ ‫ذلك التغيرفي األشكال ملواد األحكام اإلسالمية ال يتم بصورة رسمية‬ ‫وعلنية؟ ملاذا ال نعلن أمام الناس أن تشريعاتنا الوطنية تحرم الرق‬ ‫و قطع يد السارق والرجم؟‬ ‫أليس إذا تم ذلك كله بصورة معلنة ورسمية‪ ،‬فالقضية منتهية‬ ‫وتلك التساؤالت تجد إجابتها الشافية؟ ونحن إذ نمتنع عن ذلك‪،‬‬ ‫أليس هذا هو عين اإلزدواجية؟ لقد قمنا بذلك التغييرولكننا ال نريد‬ ‫أن نعترف به رسميا؟ أليست هذه اإلزدواجية هي التي تجرنا إلى أن‬ ‫نقبل التشريع الغربي في حياتنا؟‬ ‫‪39‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫فمن املعلوم أن مصادر أحكام الشريعة اإلسالمية هي الكتاب‬ ‫والسنة واإلجماع والقياس‪ ،‬مع إمكانية القول بأن اإلجماع والقياس‬ ‫ما هما إال مصدران ثانويان يمكن دمجهما إلى الكتاب والسنة‪ ،‬وذلك‬ ‫مع اختالف أقوال األصوليين في هذا “اإلندماج املصدري”‪ .‬وهذه‬ ‫املصادرترسم خطوطا عريضة في عملية استنباط األحكام الشرعية‪،‬‬ ‫وكان من أولوياتها تحديد أنواع أفعال املكلفين وتقسيمها من حيث‬ ‫أحكامها إلى واجب‪/‬فرض ومستحب ومكروه ومباح وحرام‪ ،‬مع رأي‬ ‫املذهب الحنفي بضرورة التفرقة بين الواجب والفرض‪ ،‬حيث إن‬ ‫مفهوم الواجب عندهم هو الذي تم إقراروجوبه عبراألدلة القطعية‬ ‫من القرآن والسنة املتواترة‪ ،‬أما الفرض فهو الذي تم إقرارفرضيته‬ ‫عبراألدلة الظنية مثل خبراآلحاد والقياس‪ .‬والحنفية أيضا يقررون في‬ ‫مذهبهم وجود التفرقة بين املكروه كراهة تحريم وبين الحرام‪ ،‬حيث‬ ‫إن األول تم إقراره ظاهرا‪ ،‬بينما تم إقرارالثاني نصا‪.‬‬ ‫وعندما نحاول أن نعطي اإلجابة على واقع تلك اإلزدواجية‪،‬‬ ‫لعل من املفيد الرجوع إلى ذلك التقسيم ألفعال املكلفين‪ ،‬فنقول‬ ‫إن املباحات واملستحبات واملكروهات ال تحتاج إلى إعطاء مزيد من‬ ‫اهتماماتنا في نطاق حياتنا اإلجتماعية‪ .‬فتلك الثالثة راجعة إلى أفراد‬ ‫املكلفين‪ ،‬ألنها ال تأتي بالعواقب الدينية واإلجتماعية إال من حيث‬ ‫منافعها الشخصية لألفراد‪ .‬وهذا بخالف الواجبات واملحرمات التي‬ ‫ال بد وأن تكون ملزمة لجميع أفراد املجتمع‪ ،‬مع األخذ في اإلعتباربأن‬ ‫تلك الواجبات واملحرمات ال تأتي من إرادة اإلنسان وإما أتت من إرادة‬ ‫‪40‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫هللا عزوجل‪ .‬من هنا وبعبارة واضحة‪ ،‬لن يكون مقبوال عند املسلمين‬ ‫أن تظهردعوات لـ”دفن” ما هومن مرادات هللا في اإلنسان‪ ،‬إال إذا كان‬ ‫هناك أمور أخرى يمكن اعتبارها من مرادات هللا لنسخها أو تبديلها‬ ‫بأحسن منها أو مثلها‪ ،‬وذلك مثل قضية تحريم الخمرحيث قرر ربنا‬ ‫عزوجل في البداية أن فيه إثما ومنافعا للناس‪ ،‬ثم يقرر سبحانه بعد‬ ‫ذلك أن إثمه أكبرمن نفعه وصوال إلى األمرباجتنابها‪ .‬وهذا معناه أن‬ ‫“حيادية” الخمر قد تم تغييرها من قبل القرآن‪ ،‬لتكون محرمة إلى‬ ‫األبد بعد أن كانت “مباحة”‪ .‬واألمرنفسه رأيناه في قضية أكل امليتة‪،‬‬ ‫حيث كانت في بدايتها محرمة في كل األحوال‪ ،‬ثم يأتي استثناء من عند‬ ‫هللا تعالى بجوازأكلها للمضطرين‪.‬‬ ‫أما قضايا الرق وقطع يد السارق والرجم وأمثالها فهي أيضا‬ ‫قضايا تم تنصيصها صراحة في كتاب هللا وسنة رسوله‪ .‬وبالتالي يكون‬ ‫من الصعب أن يتم “نسخها” من قبل “مرادات” اإلنسان‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫هذه املرادات ليست منصوصة في الكتاب والسنة‪ ،‬وإنما نشأت من‬ ‫متطلبات عملية تطبيق الدين اإلسالمي تجاه املستجدات املتغيرة‪.‬‬ ‫وهذه بالطبع تختلف عن قضية الطالق ‪ ،‬من حيث إن النصوص‬ ‫الشرعية قررت بأن صيغة “أنت طالق” كانت كافية وصريحة في إيقاع‬ ‫الطالق‪ ،‬إال أن الحاجة اإلدراية لتنظيم الحياة األسرية تتطلب إصدار‬ ‫القانون الوطني الذي ينص على أن الطالق لن يقع ولن يتم اإلعتراف‬ ‫به إال من خالل قراراملحكمة الدينية املختصة‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫فمن الواضح من منظور ديني أنه لن يكون هناك لزوم في نسخ‬ ‫أحكام قطع يد السارق وأمثاله‪ .‬وبالتالي لن يكون هناك تشريع بشري‬ ‫يقوم بنسخ تلك األحكام أو تغييرها‪ .‬غيرأن املجتمع بحكم إنسانيتهم‬ ‫يرون أن مثل قطع اليد شيئ غيرإنساني‪ .‬من هنا‪ ،‬تكون “املساهمة”‬ ‫التي يمكن تقديمها لحياة املسلمين هي أن نتركهم يطبقون أنواعا‬ ‫أخرى من العقوبات املناسبة لديهم على الجرائم املرتكبة‪ ،‬ما داموا‬ ‫متمسكين بمبدأ “العقوبة الراعة لكل الجريمة”‪ .‬فبهذا املبدأ‪ ،‬ال تزال‬ ‫القيم واملبادئ الشرعية لديننا الحنيف ماثلة أمام أعيننا على الرغم‬ ‫من أننا ال نطبق حرفية النصوص املنقولة إلينا بكل حذافيرها‪ .‬وهذا‬ ‫مع اعتقاد راسخ بأننا ال نقوم بنسخ تلك النصوص أو تغييرها‪ ،‬وإنما‬ ‫فقط نقوم بتأجيل تطبيق حرفيتها حتى سمح لنا الزمان بذلك‪.‬‬ ‫عند ذلك‪ ،‬وصلنا إلى ما نسميه بـ “إعادة الترتيب والتشكيل” بين‬ ‫القيم الدينية وبين عملية “إعادة التفعيل” لتعاليم الدين اإلسالمي‬ ‫أمام مستجدات حياة املجتمع‪ .‬وعملية إعادة التفعيل هذه في واقع‬ ‫األمر ما هي إال إعادة تفسير النصوص التي لها صالحيتها‪ .‬وهذه‬ ‫العملية األخيرة ال بد من إجرائها مرة بعد أخرى ملواجهة احتياجات‬ ‫الحياة املتطورة واملتنامية‪ .‬وذلك كله يتطلب مهارة وقدرة فائقة لدى‬ ‫املسلمين في أن يعيدوا نظراتهم تجاه القيم الدينية من النصوص‬ ‫الشرعية ليطبقوها في حياتهم‪ .‬ولدينا علما “أصول الفقه” و “قواعد‬ ‫الفقه” اللذان يحرسان تلك العملية من اإلنزالق نحواألخطاء في كل‬ ‫إجتهاداتنا‪.‬‬ ‫‪42‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ومن غيرأن ندرك بحقيقة ما جرى‪ ،‬فإنه أمكننا القول بأن عملية‬ ‫“إعادة الترتيب والتشكيل” السالفة الذكرأصبحت مألوفة لدينا دون‬ ‫أن نشعر بها‪ .‬فاملصافحة بين الجنسين ال تربطهما عالقة محرمية‬ ‫مازالت هي محرمة عند األكثرين‪ ،‬ونحن منهم‪ ،‬إال أن هناك تفسيرات‬ ‫أخرى معينة تجيزتلك املصافحة من غيرأن نقول بأن هذه التفسرات‬ ‫خارجة عن نطاق الدين‪ ،‬والعياذ باهلل‪...‬‬ ‫وعملية “إعادة الترتيب والتشكيل” بين القيم الدينية وبين عملية‬ ‫“إعادة التفعيل” لتلك التعاليم الدينية ستكون ضمن احتيجاتنا‬ ‫الحقيقية‪ ،‬ما دام املسلمون ال يريدون تخطي النصوص الشرعية‪،‬‬ ‫في وقت ال يزالون متمسكين بعدم اإلنسحاب الكامل عن كل أشكال‬ ‫الحياة املتغيرة‪ .‬وبعبارة أوضح‪ ،‬يمكن اعتبار عملية “إعادة الترتيب‬ ‫والتشكيل” هذه محاولة للحفاظ على استمرارية فرض القيم الدينية‬ ‫وسط كل املتغيرات لئال نبتعد عن جذور ثقافتنا وأصول تعاليم ديننا‬ ‫الحنيف‪.‬‬ ‫ومستقبال‪ ،‬ستكون هذه الرؤى نقطة انطالق نحو “تطبيق‬ ‫الشريعة” بصورتها املتميزة‪ ،‬حيث لن يتم تطبيق حرفية النصوص‬ ‫التي غالبا ما تثير مخاوف الكثيرين‪ ،‬وإنما يتم تطبيق قيم الشريعة‬ ‫ومبادئها عبر صياغتها كأساس أخالقي َم ِر ٍن فحسب‪ ،‬وليس كمواد‬ ‫قانونية جامدة‪ .‬وهذه الصياغة ال يجوز اتهامها بتفريط الشريعة أو‬ ‫حتى بالنفاق عليها‪ ،‬وذلك ألن النفاق فيه نوع قصد التبري واإللتفاف‬ ‫حول الشريعة بنية اإلبتعاد عنها‪ .‬على أن هذه الصياغة ‪--‬كما أشرنا‬ ‫‪43‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫آنفا‪ --‬ما هي إال تقديم تفسيرجديد على النصوص لتتما�شى مع واقع‬ ‫حياة اإلنسان املتجددة واملتغيرة‪.‬‬ ‫وواقع إعادة التفعيل لتعاليم ديننا عبرتقديم تفسيرات جديدة‬ ‫للنصوص الشرعية‪ ،‬بطبيعته سيحمل تأثيرا علميا وعمليا على‬ ‫املصدر الثالث من مصادر الشريعة وهو اإلجماع‪ .‬هذا املصدر كان‬ ‫في أصله شكل من أشكال اتفاق أصحاب الرسول صلى هللا عليه‬ ‫وسلم باملدينة‪ ،‬وهو الذي عند علماء املذهب املالكي يسمى بـ «عمل‬ ‫أهل املدينة»‪ .‬غير أن اإلمام املطلبي الشافعي يعارض هذا اإلتجاه‬ ‫األصولي ملا في ذلك عند رأيه من جمود فكري ال يتما�شى مع وقائع‬ ‫الحياة املتطورة‪ ،‬األمرالذي يجعل اإلمام الشافعي يقدم اتجاها آخر‬ ‫«أكثر واقعيا» وهو املسمى بـ «اإلستقراء»‪ ،‬حيث إن الشافعي ال يرى‬ ‫إغفال الحياة بكل وقائعها‪ ،‬لكن ذلك البد من إخضاعها تحت سلطة‬ ‫قيم النصوص ومبادئها‪ .‬من هنا يتم «توسيع» نطاق الفقهاء املجمعين‬ ‫في عملية اإلجماع‪ ،‬ليشمل كل الفقهاء بعد أن كان منحصرا على‬ ‫فقهاء املدينة من الصحابة رضوان هللا عليهم‪.‬‬ ‫غير أن اإلجماع بحكم كونه «مصدرا مؤيدا» لنصوص الكتاب‬ ‫والسنة‪ ،‬فهو بالتالي ال يعدو كونه مؤيدا للثبات الذي صار عنوانا‬ ‫رئيسيا لقيم النصوص ومبائدها املستقرة في أذهان املسلمين من عند‬ ‫الرسول الكريم إلى ما ال يعلم نهايته إال هللا‪ .‬وهذا العنوان الرئي�سي‬ ‫يجعل اإلجماع «مقدسا» ال يمسه كائن من كان‪ .‬فكلما صدر إجماع‬

‫‪44‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫فهو سيكون هكذا أبد الدهر وال يمكن إعادة النظر عليه بتفسيرات‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫لكن يمكن اإلعتراف بظهور بعض املحاوالت للدخول داخل كنف‬ ‫جدران اإلجماع‪ .‬من ذلك‪ :‬محاوالت توسيع نطاق املجمعين مرة أخرى‬ ‫بعد ذلك الذي فعله الشافعي‪ ،‬ليشمل غيرالفقهاء من املتخصصين‬ ‫في كافة فنون املعرفة من الفلسفة وعلم اإلجتماع والتاريخ وغيرها‪.‬‬ ‫من هنا نقول‪ :‬إذا أمكننا إدخال مختلف صنوف املعرفة في‬ ‫اإلجماع ألجل توسيع نطاقه بحكم متطلبات الوقائع املتغيرة دائما‪،‬‬ ‫فإنه يمكننا كذلك من إعادة النظرلكل ما تم اإلجماع عليه من الصدر‬ ‫األول حتى يومنا هذا‪ .‬وهذا هوبعض األفكارالتي قدمها أمثال «محمد‬ ‫عبده» في مطلع هذا القرن‪ .‬إال أن مثل هذه األفكار لم تجد صداها‬ ‫بعد في آذان الفقهاء ولم يتم ذلك في أرض الواقع حتى األن (على األقل‬ ‫ُ‬ ‫حتى صدور هذه املقالة)‪.‬‬ ‫وقبل أن يتم ذلك كله‪ ،‬يكون من املفيد أن ينشاء ادراك عام‬ ‫بضرورة وجود اإلعتبارات غيرالفقهية في داخل عملية إعادة التفعيل‬ ‫لتعاليم ديننا من قبل املجتمع كأفراد وليس كجماعات‪ .‬فكل مسلم‬ ‫بإمكانه أن يقرر موقفه تجاه مسلمات القضايا الفقهية التي تم‬ ‫اإلجماع عليها‪ .‬وذلك مع األخذ في اإلعتباربأن ما يقرره ذلك املسلم ال‬ ‫يعدوكونه تقديما لتفسيرجديد لنصوص شريعتنا الغراء‪ .‬وهذا يعني‬ ‫أنه إذا تم تقديم ذلك التفسيرالجديد فال يجوز أن نعتبرذلك محاولة‬ ‫‪45‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫للخروج واإلبتعاد عن كنف الشريعة‪ ،‬وإنما هي محاولة لتقديم وجه‬ ‫جديد ملفهوم قيمنا الشرعية والدينية‪.‬‬ ‫ويمكن القول كذلك بأن تقديم تفسيرجديد للنصوص الشرعية‬ ‫هو في حقيقة األمر دليل على «حيوية القيم املعيارية» لدى اإلسالم‪.‬‬ ‫إال أننا ما زلنا نعترف بصعوبة ذلك النوع من التجديد ألفكارنا الدينية‬ ‫املوروثة‪ ،‬رغم أن ذلك ليس من األمور املستحيلة‪ .‬فالخطوات نحوذلك‬ ‫التجديد ال يجب أن تتوقف وإنما ال بد من اإلستمرارية املتواصلة‪،‬‬ ‫وصوال إلى ترسيخ وتجسيد مبدأ «اإلسالم رحمة للعاملين» ‪ ...‬آمين‪...‬‬ ‫عبد الرحمن عبد الواحد‪ ،‬جاكرتا ‪ 8‬أبريل ‪.1987‬‬ ‫* مترجم‪ :‬أحمد نظيف عبد املجيب‬

‫‪46‬‬


‫جداول أعمال هامة لـ «حبث املسائل»‪:‬‬ ‫نظرة إىل الواقع عند تنزيل الصحة النظرية‬ ‫بقلم‪ :‬حممد أمحد سهل حمفوظ‬ ‫كانت مقولة «نهضة العلماء هي املعهد اإلسالمي (املدرسة‬ ‫اإلسالمية الداخلية) الكبير‪ ،‬بينما املعهد اإلسالمي هونهضة العلماء‬ ‫الصغيرة » تجد مبرراتها من بين أمور‪ ،‬منها‪ :‬أنشطة « بحث املسائل »‬ ‫التي نظمت ونمت وتطورت مع « جمعية نهضة العلماء »‪ .‬وأنا ال أدري‬ ‫على وجه اليقين عن سجالت تاريخيته‪ ،‬ولكن يبدو أن بحث املسائل‬ ‫ليس مجرد نشاطات منتجة من قبل نهضة العلماء من العدم‪ ،‬بل هو‬ ‫إضفاء الطابع املؤس�سي على النشاط الذي كان تقليدا بين املدارس‬ ‫قبل وقت طويل من تشكيل نهضة العلماء نفسها رسميا في ‪31‬يناير‬ ‫‪ 1926‬في سورابايا‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫وقبل وصوله الى أشكاله ونطاقه كما هو اليوم‪ ،‬فبحث املسائل‬ ‫هوهومجرد إضفاء الصفة الرسمية على األنشطة التي تشكل جزءا‬ ‫من عملية التنفيذ لوظائف تقليدية لعلماء املعاهد باعتبارهم رموز‬ ‫السلطة الدينية حول القضايا الدينية الواقعية التي تقدم بها املجتمع‬ ‫أو أشخاص كأفراد منهم‪.‬‬ ‫هناك وجهات نظر مختلفة يمكن استخدامها لتفسير ظاهرة‬ ‫تقديم املسألة الواقعية وتقرير الحكم الشرعي عليها‪ ،‬ولكن األكثر‬ ‫شعبية في املعاهد اإلسالمية (وبعد ذلك أيضا في نطاق بحث املسائل‬ ‫لنهضة العلماء) أن يتم التعامل حول ذلك في إطار اإلفتاء‪ .‬في هذا‬ ‫السياق‪ ،‬كان املجتمع بمثابة املستفتي‪ ،‬والعلماء بمثابة املفتي‪،‬‬ ‫والجواب على تلك املسألة بمثابة الفتوى‪.‬‬ ‫ملاذا كان ذلك إفتائا؟ ربما كان مصطلح اإلفتاء هو البديل األكثر‬ ‫تهذيبا وبساطة من مصطلح « االجتهاد »‪ .‬فكما هو معروف‪ ،‬يعتبر‬ ‫االجتهاد في املعاهد اإلسالمية جزءا من « املجال املقدس » الذي ينبغي‬ ‫عدم املساس به‪ .‬لقد ترسخ هذا التقليد في املعاهد اإلسالمية‪ ،‬حتى إن‬ ‫العلماء األكثرحجية تجنبوا دائما مصطلح االجتهاد لنضاله الفكري‬ ‫من أجل تحديد الحكم الشرعي ملسألة ما‪ ،‬وذلك على الرغم من أن‬ ‫االجتهاد في الواقع لديه العديد من املستويات‪ .‬العلماء في املعاهد‬ ‫اإلسالمية يميلون إلى افتراض أن املستوى األعلى الذي يستحقون‬ ‫أن يحملوه هو مستوى « حمالة الفقه »‪ ،‬أعني أنهم مجرد الخبراء‬ ‫عن آراء العلماء املختلفة ملسألة من املسائل‪ ،‬ولم يكونوا مجتهدين‬ ‫‪48‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫إطالقا‪ .‬هذا املستوى هو املستوى السادس‪ ،‬وهو املستوى األدنى في‬ ‫التصنيف الفقهي وفقا لكتاب الفتاوى املكية‪.‬‬ ‫عندما يأتي « بحث املسائل » بوصفه إضفاء الطابع الرسمي‬ ‫واملؤس�سي لوظيفة العلماء كمفتيين‪ ،‬فيتحتم عليهم أن يتبنوا املميزات‬ ‫األكثربروزا من الفتوى‪ :‬عدم إلزامية الفتوى‪ .‬فمن الناحية النظرية‪،‬‬ ‫إن الفتوى ليس لديها أي قوة ملزمة حتى على املستفتي‪ ،‬وهو الذي‬ ‫بنشاط في والدة تلك الفتوى‪ .‬املستفتي الذي لم يقتنع بالفتوى‬ ‫يهتم‬ ‫ٍ‬ ‫مفت أخر‪ ،‬للحصول‬ ‫كان من املمكن أن يقدم نفس املسألة على ٍ‬ ‫على رأي آخر‪.‬‬ ‫وفي الحياة الواقعية فإن جميع الجهود في منتدى بحث املسائل‬ ‫ال تكون بالضرورة منتجة ألحكام شرعية ملزمة على النهضيين‪ ،‬بله‬ ‫أن تكون ملزمة على غيرهم‪ .‬ثم على الصعيد التظيمي للجمعية‪،‬‬ ‫إن الفتاوى املصدرة من منتدى بحث املسائل على املستوى من‬ ‫املستويات اإلدارية ليست بالضرورة واجبة التنقيذ من قبل املنظمة‬ ‫التي تحته‪ .‬مثال متطرف‪ :‬إن منتدى بحث املسائل ملجلس وكيل الفرع‬ ‫لنهضة العلماء بإمكانه‪ ،‬وكان ذلك جائزا‪ ،‬اتخاذ قرار فقهي مخالف‬ ‫للقرار الفقهي الذي أصدره منتدى بحث املسائل ملؤتمر جميعة‬ ‫العلماء‪ ،‬طاملا كان ذلك املجلس قادرا على الدفاع العلمي عن اختياره‬ ‫الفقهي وعملية تقريرالرأي فيه‪ .‬هذه الظاهرة هو في الواقع جزء من‬ ‫الديمقراطية الفقهية‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ودمقرطة الفقه في حد ذاتها ليست خطابا « تخريبيا » مثيرا‬ ‫للجدل‪ ،‬وذلك ألنه خارج النظام الرسولي ‪ ،‬في الواقع‪ ،‬لم يرد اتفاق‬ ‫مطلق حول ما هي و حول من هم الذين يحتجزون والية السلطة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وما هي ومن هم الذين يحملون السلطة الوحيدة لتفسير‬ ‫أويتكلمون باسم الشريعة اإلسالمية‪ .‬في ظل نظام ديمقراطي‪ ،‬يمكن‬ ‫ألي شخص املساهمة بإبداء أفكاره وآرائه‪ .‬وفي النهاية كان للمجتمع‬ ‫حق االختيار في أي من مختلف الفتاوى التي اعتبرها أصح‪ .‬حتى في‬ ‫دولة مع النظام السيا�سي الذي ادعى تقع مباشرة على تعاليم اإلسالم‬ ‫أيضا‪ ،‬كان الفقه الديمقراطي هو الخياراألكثرحكمة‪ .‬أما السلطات‬ ‫السياسية فال تخدم إال بوصفه ُم َي ِ ّسرا يحرس النظام االجتماعي‪،‬‬ ‫ويجب أن ال تتطور إلى مستبدة دينية‪.‬‬ ‫اطية جدا‪.‬‬ ‫كان أنشطة بحث املسائل نفسها منذ البداية ديمقر ً‬ ‫ورغم أن معظم أعضاء جمعية نهضة العلماء ال يزالون يستخدمون‬ ‫القيم واإلجراءات اإلقطاعية في تفاعالتها االجتماعية‪ ،‬فإن تلك‬ ‫األنشطة قادرة على التحرر من الحواجزاالجتماعية من خالل فرض‬ ‫الرأي الذي ينبني على أساس من مستوى افتراض الحقيقة الواردة‬ ‫في ذلك‪ ،‬ال على أساس مكانة قائله أو طبقته الهيكلية أو االجتماعية‪.‬‬ ‫مستخدما للقول املأثور عن الديمقراطية‪ ،‬أقول‪ :‬أنشطة بحث‬ ‫املسائل هي عملية التدين من األمة‪ ،‬من قبل األمة‪ ،‬ولألمة‪.‬‬ ‫إن أنشطة بحث املسائل هي التقاليد الفنية التي يحفظ باستمرار‬ ‫وجودها واستمراريتها من حين إلى حين‪ ،‬ليس فقط ألنها كانت إحدى‬ ‫ُ‬ ‫‪50‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫امل ْج َل َخات الفكرية لجمعية نهضة العلماء ‪ ،‬ولكن أيضا ألنها شغلت‬ ‫َ‬ ‫وظيفة ودورا مهما كوسائل إلنشاء وحفظ ورعاية استمرار العالقة‬ ‫بين الوحي املطلق وبين واقع الحياة املعقد‪.‬‬ ‫والحفاظ على الوجود واالستدامة أصبح تحديا غير بسيط‬ ‫لجمعية نهضة العلماء من أجل أمرين على األقل‪:‬‬ ‫األول‪ :‬إعداد جيل قادم ككوادر أنشطة بحث املسائل‪ .‬فهناك‬ ‫مخاوف على توقف عملية إعداد تلك الكوادر الذي يكون بمثابة‬ ‫تهديد صريح ألنشطة بحث املسائل‪ .‬فقد كثراألرق حيث إن أنشطة‬ ‫بحث املسائل لم تظهر على الشاسة سوى تلك الوجوه القديمة‪.‬‬ ‫وكانت هيمنة كباررجال الدين مقلقة جدا‪ ،‬خصوصا عند ما ال تقوم‬ ‫على نظام ونمط العالقات األساسية ولكن تقوم فقط على القدرات‬ ‫الفكرية‪.‬‬ ‫عملية اإلعداد لجيل قادم ألنشطة بحث املسائل كانت في ما‬ ‫سبق أمرا طبيعيا وتلقائيا ألن تلك املهمة أوكلت إلى املعاهد اإلسالمية‬ ‫كوسيلة ونظام تقليدي للتعليم الديني الذي كان له القدرة بقدر‬ ‫كاف على والدة كوادرعلماء الفقه‪ .‬املشكلة هي أن هناك ميوال لتغيير‬ ‫اتجاه املعاهد اإلسالمية من أن تكون مؤسسات وأنظمة إلعداد كوادر‬ ‫العلماء إلى مجرد أن تكون مؤسسات تعليمية كان اختصاصها يقتصر‬ ‫على املسائل املهنية باملعنى األكثر ضيقا‪ ،‬وهو فتح أوسع الفرص‬ ‫للخريجين لدخول سوق العمل‪ .‬املعاهد اإلسالمية التي اتخذت تلك‬ ‫الخطوات لها اعتباراتها الظرفية واالجتماعية التي يجب احترامها‪،‬‬ ‫‪51‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ولكن في سياق أنشطة بحث املسائل‪ ،‬أصبحت هذه الظاهرة جزءا‬ ‫من خسارة ال يمكن تعويضها‪ ،‬على األقل حتى اليوم‪.‬‬ ‫الثاني‪ ،‬بالتناسب عكسيا مع انخفاض الكوادر‪ ،‬كانت القضايا‬ ‫الدينية املطروحة في منتدى بحث املسائل تزداد زيادة ملحوظة‪،‬‬ ‫على األقل إذا كنا نرى ذلك من جانب ّ‬ ‫تعقد املشكلة‪ .‬وهناك عديد‬ ‫من االتجاهات في هذه األعوام التي َر َّوجت أن تطرح مشكلة َّما ليس‬ ‫فقط من أجل أن تقريرحكمه الشرعي‪ ،‬ولكن أيضا من أجل أن يصاغ‬ ‫تحديد املوقف الشرعي تجاهها كواقع اجتماعي‪ .‬صيغة السؤال‪« :‬‬ ‫إذا كان حراما (غيرمسموح به) فما هو الحل؟ » هي فرع من األسئلة‬ ‫الذي أصبح كثيرالورود مرافقا للقضايا املطروحة‪.‬‬ ‫ظاهرة صيغة السؤال « ما هو الحل؟ » هو في الواقع انعكاس‬ ‫لغموض املجتمع بين نظر واعتناق متطلبات اإليمان ومطالب‬ ‫الظروف‪ .‬هذا هو اتجاه سيماالكاما (‪ )simalakama‬الذي يجب‬ ‫التعمال معه تعامال حكيما‪ ،‬على األقل للحفاظ على املجتمع كي ال‬ ‫يرمون متطلبات اإليمان عرض الحائط ملجرد أن عملية مصالحتهم‬ ‫مع مطالب الظروف ال تزال تعاني من التأتأة والفشل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بنائا على العرضين السابقين‪ ،‬فإن التحدي األسا�سي ألنشطة‬ ‫بحث املسائل اآلن هو كيف يمكننا ضمان نمو كوادر جديدة قادرة‬ ‫على فهم تلك القضية‪ .‬إذا لم يكن باإلمكان تشجيع املعاهد اإلسالمية‬ ‫على العودة إلى خطتها بصفتها مؤسسات للتفقه في الدين فذلك يعني‬ ‫أن قضية بحث املسائل تحتاج إلى تفكيربديلي من أجل والدة الفقهاء‬ ‫‪52‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫يعادلون خريجي املعاهد اإلسالمية التقليدية‪ .‬كصيغة‪ ،‬فمن الواضح‬ ‫أن هذا التحدي بسيط جدا‪ ،‬على الرغم من أن جهود تحقيقه ستكون‬ ‫عملية طويلة جدا‪ ،‬كبيرة‪ ،‬ومعقدة‪.‬‬ ‫مهما كان طولها وعظمتها وتعقيدها‪ ،‬فتلك العملية ال تكون‬ ‫اال َش ً‬ ‫طرا من التحدي الذي يلزم على أنشطة بحث املسائل حلها‪.‬‬ ‫والشطر اآلخر هو تطوير الحوار بين الفقه والواقع االجتماعي‪ .‬سبق‬ ‫ُ‬ ‫أن ُو ِجد االعتقاد أنه خلف حجاب تقليديته قد صاغ في الواقع‬ ‫الفقه‬ ‫عند الكتاب األصفر كل األجوبة على جميع املشاكل التي قد واجهها‬ ‫أو يواجهها أو سيواجهها املحتمع‪ .‬في هذا االعتقاد‪ ،‬كانت املشكلة‬ ‫الوحيدة هي كيف يمكننا الغوص وإيجاد الصيغة املناسبة ملشكلة‬ ‫َّما في محيط شاسع يسمى بفقه الكتاب األصفر‪.‬‬ ‫الفقه هو الفن الذي لديه‪ ،‬باإلضافة إلى مؤسسات وكماالت‬ ‫نظرية معقدة‪ ،‬مستند منطقي شديد القوة‪ .‬القضية الفقهية التحتاج‬ ‫إلى أن تحدث في الواقع لكي يمكن صياغة حكمها الشرعي‪ .‬ولذلك‬ ‫امتألت كتب الفقه الكالسيكية بما في ذلك صياغة الحكم الشرعي‬ ‫لحاالت افتراضية‪ .‬وعندما أصبحت تلك االفتراضات حقيقية‪ ،‬يرى‬ ‫بعض الناس أنه لم يبق لنا أخذ تلك الصيغة التي كانت متاحة منذ‬ ‫فترة طويلة‪.‬‬ ‫ففي مسائل تتعلق بقضايا العبادة‪ ،‬إن هذا الرأي لديه مستوى‬ ‫عال جدا من الصحة‪ .‬ولكن في سياق فقه املعامالت‪ ،‬فإن الصحة‬ ‫النظرية لصيغة حكمها ينبغي إعادة النظر حولها بإدخال الواقع‬ ‫‪53‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫االجتماعي الحالي كأحد العناصر لصياغة الحكم الشرعي‪ .‬إذا كان‬ ‫تنوع الثقافات والتقاليد يولد تنوع املذاهب (بل يولد أيضا تنوعا‬ ‫في اآلراء داخل مظلة مذهب واحد)‪ ،‬فإن من املحتم إن تكون لدى‬ ‫ثقافات اليوم وتقاليده نفس الفرصة العتباردورها كعناصرلصياغة‬ ‫الفقه الجديد‪ ،‬وذلك لتجنب طغيان النظرية على الواقع‪.‬‬ ‫هذه املقاربة ال تعني بالضرورة أننا نمهد الطريق لعملية االجتهاد‬ ‫إلنشاء مذهب جديد تماما‪ ،‬بل تعنى تلك املقاربة إحياء طريقة‬ ‫التمذهب املفقودة منذ زمن طويل‪ ،‬وهو التمذهب املنهجي‪ .‬في حين‬ ‫إنها بالتأكيد ليست سهلة‪ ،‬إال أنها خيارال مفرمنه‪ .‬ففي هذا السياق‬ ‫فإن العينات الفقهية ال يكتفى بإرجاع حكمها إلى أقوال (آراء) األئمة‬ ‫الجاهزة ‪ ،‬بل ال بد من إعادة صياغة حكمها بالنظر إلى الواقع‬ ‫االجتماعي أمام مبادئ املقاصد الشرعية واملصالح العامة‪.‬‬ ‫إن النجاح في عملية الحواربين النظرية والواقع هوبمثابة التذكرة‬ ‫التي سوف توصل أنشطة بحث املسائل إلى وجودها الجوهري في نظر‬ ‫املجتمع‪ .‬فبدون ذلك إني َلق ِلق في أن يصبح أنشطة بحث املسائل‬ ‫مجرد التقاليد االحتفالية من أجل إنفاق الوقت‪ ،‬واملال‪ ،‬والجهد‪،‬‬ ‫والفكر‪ ،‬بدون أن تتطور‪ .‬وفي النهاية‪ ،‬من املمكن أن ال يعرف املجتمع‬ ‫فوائدها وعالقتها بواقع الحياة اليومية‪ .‬نعوذ باهلل من ذلك‪.‬‬ ‫حاجين‪ 71 ،‬يوليو ‪2007‬‬ ‫* مترجم‪ :‬عبد الغفور ميمون & همزة إكليل‬ ‫‪54‬‬


‫مقابلة خيالية مع حضرة‬ ‫الشيخ هاشم أشعري‬ ‫بقلم‪ :‬الدكتور أمحد مصطفى بشري‬ ‫حينما كتب جوس دور (عبد الرحمن واحد) مقابلة خيالية‬ ‫عن د‪ /‬نور خالص ماجد في صحيفة «أديتور» افتتح ذلك بعبارته‬ ‫املزاحية الذكية ‪»:‬اذا سبق أن يختلق كرستينطا ويبيصانا مقابلة‬ ‫خيالية مع سوكرنا‪ ،‬فال يلزم ذلك أن مثل تلك املقابلة حق خاص‬ ‫له‪ .‬حتى لو كان بإمكانه إظهار براءة االختراع مسجلة من املؤسسات‬ ‫املحلية أو الدولية‪ ،‬فإنه ما زال بإمكاني اختالق مقابلة خيالية مع د‪/‬‬ ‫نور خالص ماجد‪ .‬ملاذا؟ ألن كرستينطا جعل الشخص الذي قابله‬ ‫مصدره األخباري‪ .‬أما أنا فأبحث عن املصدراألخباري خارج الشخص‬ ‫الذي قابلته»‪.‬‬ ‫الحجة نفسها أستخدمها هنا في بداية هذه املقابلة الخيالية‪:‬‬ ‫‪55‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫حتى لو كان باستطاعة كرستينطا و جوس دور إظهار براءة‬ ‫االختراع مسجلة من املؤسسات املحلية أو الدولية‪ ،‬ما زال بإمكاني‬ ‫اختالق مقابلة خيالية مع حضرة الشيخ هاشم أشعري‪ ،‬ملاذا؟ ألن‬ ‫كرستينطا جعل شخصه املصدر األخباري‪ ،‬وجوس دور بحث عن‬ ‫مصدره األخباري من خارج شخصه‪ ،‬أما أنا فأريد مجرد «عالج للشوق‬ ‫املتبادل» مع شيخي الوقور عن طريق فضاء خيالي‪.‬‬ ‫فربما كان تعبيري عن ذلك بـ «الشوق املتبادل» غيردقيق‪ ،‬على‬ ‫الرغم من كون ذلك مجرد خيال‪ .‬ولذا وضعت فيه عالمة االقتباس‪،‬‬ ‫الن الشوق كان من جتهي فقط‪ ،‬بجانب أنني لم أعاصرذلك الشخص‬ ‫الذي أشتاق إليه‪.‬‬ ‫مما سمعت عن حضرة الشيخ ومن سجالت أفكاره التي تمكنت‬ ‫من جمعها حتى اآلن‪ ،‬حصلت على صورة واضحة عن شخصية ذلك‬ ‫األب الروحي لجمعية نهضة العلماء حتى كأني معاصرله‪.‬‬ ‫ومؤخرا حين أهداني الشيخ محيط مزادي—حفظه هللا—‬ ‫نسخة من الكتاب الذي ألفه السيد محمد أسعد شهاب بعنوان‬ ‫«العالمة هاشم أشعري واضع لبنة استقالل إندونيسيا» (طبعة‬ ‫بيروت)‪ ،‬ونسختين من خطب حضرة الشيخ‪ ،‬تفاقم شوقي اليه‪ .‬فلم‬ ‫أمتلك نف�سي عن كبح الرغبة الى إجراء مقابلة خيالية معه‪.‬‬ ‫عمالقة‬ ‫حلقة‬ ‫فجأة كنت متواجدا في ذلك املجلس الرائع‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يغشاها وقار يخفق القلوب‪ .‬فلوال ابتسامات لطيفة تشع من وجوه‬ ‫الحاضرين ملا تمكنت من تحمل مجرد الجلوس في تلك الحلقة‪ .‬هؤالء‬ ‫‪56‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫الذين يجلسون راشقين حولي بدوا لي كأنهم مجموعة من الجبال‬ ‫التي توفرشعورا من الهدوء والسالم‪ ،‬بحيث يتناقص بذلك شعوري‬ ‫بالرعب والقلق‪.‬‬ ‫عديد من الوجوه—مئات أو حتى آالف—باعثة ألنوار ت�ضيء‬ ‫ذلك املجلس‪ ،‬بعض منهم عرفته شخصيا أو عن طريق الصور‬ ‫والقصص‪ ،‬وبعض منهم سمعت أسمائهم من قبل‪ ،‬وكان كثير منهم‬ ‫لم أعرفه ولم أسمع حتى أسمائه‪ .‬فمن املؤكد أن ذاك الشخص هو‬ ‫كياهي عبد الوهاب حسب هللا‪ ،‬مازال وجهه الصغير الشكل مبتهجا‬ ‫يخفي قوتها الال نهائية‪ .‬يجلس بجابنه كياهي بشري شنسوري‪،‬‬ ‫كياهي رادن أسنوي قدوس‪ ،‬كياهي نووي فاسوروان‪ ،‬كياهي رضوان‬ ‫سمارنج‪ ،‬كياهي معصوم السم‪ ،‬كياهي نخراوي مالنج‪ ،‬كياهي ندارا‬ ‫منطح بنكاالن‪ ،‬كياهي عبد الحميد فقيه جريسيك‪ ،‬كياهي عبد‬ ‫الحليم شيربون‪ ،‬كياهي رضوان عبد هللا‪ ،‬كياهي مس علوي‪ ،‬وكياهي‬ ‫عبد هللا عبيد من سوربايا‪ .‬والذي يلبس طربوسا عاليا هو الشيخ‬ ‫أحمد غنايم املصري‪ ،‬وبجانبه الشيخ عبد العليم الصديق‪.‬‬ ‫أوه‪ ،‬ذاك كياهي صالح دارات‪ ،‬كياهي سبكي فاراكن‪ ،‬كياهي عباس‬ ‫بونتت‪ ،‬كياهي معروف كديري‪ ،‬كياهي بيضاوي السم‪ ،‬كياهي دلهار‬ ‫ماجالنج‪ ،‬كياهي عامرفكالوعن‪ ،‬وكياهي مندور تمانجونخ‪ .‬من املؤكد‬ ‫أن هؤالء الذين يتحدثون همسا هم كياهي عبد الواحد هاشم مع‬ ‫كياهي محفوظ صديق‪ ،‬وكياهي دخالن مع كياهي إلياس‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫شاهدت أيضا كياهي سليمان كردي كليمنتان‪ ،‬سيد عبد هللا‬ ‫غطمير فاليمبانج‪ ،‬سيد أحمد الحب�شي بوغور‪ ،‬كياهي جنيدي مع‬ ‫كياهي مرزوقي جاكرتا‪ ،‬كياهي رادين عدنان مع كياهي مسعود ساال‪،‬‬ ‫كياهي مستعين توبان‪ ،‬كياهي حنبلي مع كياهي عبد الجليل قدوس‪،‬‬ ‫كياهي ياسين بانتن‪ ،‬كياهي مناف كديري‪ ،‬كياهي منور جوكجا‪ ،‬كياهي‬ ‫دمياطي ترمس‪ ،‬كياهي خليل السم‪ ،‬كياهي خليل رمبانج‪ ،‬كياهي صالح‬ ‫تايو‪ ،‬كياهي محفوظ سيدان‪ ،‬كياهي زهدي فكالوعن‪ ،‬كياهي معصوم‬ ‫سبالك‪ ،‬كياهي أبو بكر فاليمبانج‪ ،‬كياهي دمياطي فماالنج‪ ،‬كياهي‬ ‫فقيه الدين سكار فوتيه‪ ،‬كياهي عبد اللطيف جيببر‪ ،‬الحاج حسن‬ ‫جيفو‪ ،‬الحاج رادين مختار بانيومس‪ ،‬كياهي سعيد مع كياهي أنوار‬ ‫سوربايا‪ ،‬كياهي محمدون فوندوهان‪ ،‬كياهي سراج فايامان‪ ،‬كياهي‬ ‫خضري تغالرجا‪ ،‬كياهي عبد الحميد فاسوروان‪ ،‬كياهي بدر الدين‬ ‫هونجو واعصا ساالتيجا‪ ،‬كياهي محروس علي ليربايا‪ ،‬كياهي فالن‬ ‫وكياهي فالن ‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫وكان في خضم هؤالء العلماء وزعماء نهضة العلماء حضرة الشيخ‬ ‫متربعا في عظمته بوجه متواضع دائم االبتسام‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬مهما كانت وجوههم شفافة‪ ،‬ما زلت أرى ملحة من‬ ‫القلق املرير‪ .‬وبالتالي فالسؤال األول الذي طرحته—بعد التغلب‬ ‫على تدني احترام الذات الغير العادي—هو‪ :‬يا حضرة الشيخ‪ ،‬أرى‬ ‫سيادتك وجميع املشايخ الحاضرين في هذا املجلس متقلبي املزاج‪.‬‬ ‫حتى إني أرى في عين حضرة الشيخ الظليلة الدموع الراكدة‪ .‬فهل‬ ‫‪58‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫في مثل هذه الحالة السلمية والسعيدة �شيء يجعل حضرة الشيخ‬ ‫وجميع املشايخ قلقين للغاية؟ فما هوذلك األمرالذي تشعرون بالقلق‬ ‫حياله؟‬ ‫تقريبا في وقت واحد ابتسم الجميع ابتساما من الصعب أن أعرف‬ ‫معناه‪ .‬بدا أن كياهي عبد الوهاب حسب هللا كاد أن يجيب على سؤالي‪،‬‬ ‫ولكن على عجل أومأ إليه حضرة الشيخ بلطف‪ .‬نظر حضرة الشيخ‬ ‫في وجهي بابتسامته التي لم تزل بعد‪ ،‬كما لو كان يحاول مساعدتي‬ ‫ُ‬ ‫للتخلص من القلق نتيحة الهيبة التي تحاصرني من جميع النواحي‪.‬‬ ‫عندها فقط قال في صوت ناعم ولكنه واضح‪:‬‬ ‫يا بني كنت على حق‪ .‬نحن جميعا هنا نعيش في سالم وسعادة‪،‬‬ ‫والحمد هلل‪ .‬كما ترى ال ينقصنا �شيء َّما‪ .‬إذا كان هناك مخاوف‬ ‫تقلقنا فتلك على وجه التحديد أمور تخصكم‪ .‬نحن نتابع دائما ما‬ ‫تقومون به في حق وفي أوساط الجمعية التي بنيناها‪ .‬في الواقع نأمل‬ ‫أن الجمعية بعدنا سوف تزداد اتفاقا وقوة‪ ،‬وتتطور بشكل متزايد‪،‬‬ ‫وتتكثر فائدة للدين والوطن واألمة‪ ،‬وتقترب أكثر من هدفه املنشود‪.‬‬ ‫من أجل ذلك نترك لكم املحزون الكافي‪ ،‬والقدر املقبول من العلم‪،‬‬ ‫والخطة الواضحة‪ ،‬واإلرشادات الصريحة‪.‬‬ ‫أسسنا هذه الجمعية لتوحيد علماء أهل السنة والجماعة‬ ‫وأتباعهم‪ ،‬ليس فقط من أجل الحفاظ على اإلسالم على طريقة أهل‬ ‫السنة والجماعة واستمراره وتطويره وتدريس تعاليمه‪ ،‬ولكن أيضا‬ ‫من أجل الخدمة لألمة والدولة والناس جميعا‪.‬‬ ‫‪59‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫في الواقع نحن ممتنون حيث إن الخطة قد وضعت بنجاح‬ ‫صياغته بوضوح وتفصيل‪ ،‬مما أدى إلى أن الجيل الذي جاء الحقا‬ ‫لم يفتقد مسار سابقيه‪ ،‬وبالتالي فإن خطوات نضالهم تستقرأكثر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ولكن ملاذا لم تدرس تلك الصيغة ولم ت َع َّيش بعناية فائقة من أجل‬ ‫ممارستها والعمل بها؟ ملاذا‪ ،‬بعكس ذلك‪ ،‬أصيب عديد من أعضاء‬ ‫الجمعية بالصدمة واالهتزاز ‪ ،‬بل بدا أنهم خارج نطاق السيطرة؟‬ ‫شاجرووابخ بعضهم بعضا‪ .‬لم يكتفوا بمجرد اختالف الرأي والتدابر‪،‬‬ ‫بل قطعوا العالقات املتبادلة‪ .‬وذلك مع معرفتهم بأنهم—بعضهم‬ ‫ببعض—إخوة‪ ،‬وأبناء أمة واحدة‪ ،‬وشركاء وطن واحد‪ ،‬وأتباع دين‬ ‫واحد‪ ،‬ومعتنقو مذهب واحد وهو أهل السنة والجماعة‪ ،‬وأعضاء‬ ‫جمعية واحدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫«ال حول وال قوة إال باهلل» غمغم الحاضرون معا‪ ،‬مما يجعل‬ ‫خضوعي متزايدا‪ .‬شعرت أن أزواجا متعددة من العيون طعنت في‬ ‫نف�سي مثل السكاكين الساخنة‪ ،‬في الوقت الذي يواصل حضرة‬ ‫الشيخ كالمه بلهجة متواضعة ممتألة باألبوة‪:‬‬ ‫املتنازعون‪ ..‬عن أي مجد يدافع كل منهم؟ وعلى أي مبدإ من‬ ‫بخفة باألخوة العظيمة‬ ‫مبادئ اإلسالم يحافظ؟ لدرجة أنهم يضحون ٍ‬ ‫‪..‬‬ ‫منذ البداية لقد حذرت‪ ،‬سواء في مقدمة القانون األسا�سي أو في‬ ‫العديد من املناسبات األخرى‪ ،‬عن مخاطرالتفرق والتشرذم وأهميات‬ ‫الحفاظ على الوحدة‪ .‬فبالتشرذم واالنقسام ليس هناك ما يمكن‬ ‫‪60‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫القيام به بشكل جيد‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬بالوحدة سوف يتم التغلب—‬ ‫إن شاء هللا تعالى—على أي تحد من التحديات‪ ،‬مهما كان‪ ،‬كبيرا أو‬ ‫صغيرا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫االختالفات في الرأي قد ت َو ِ ّسع اآلفاق‪ ،‬ولكن التباغض والتحاسد‬ ‫والتدابر والتقاطع—مهما كان السبب—إنما أسفرت عن خسائر‬ ‫كبيرة‪ ،‬وقد حظره ديننا‪.‬‬ ‫فإذا كان التباغض والتحاسد والتدابر والتقاطع كارثة في أي‬ ‫منظمة وجمعية‪ ،‬فإن الكارثة التي تترتب عليها ال يمكن وصفها وال‬ ‫تحديد اسمها إذا حدثت في جمعية العلماء وأتباعهم‪.‬‬ ‫أخذ حضرة الشيخ َن َفسا عميقا اتبعه فيه ألوف من الكياهيين‬ ‫َ‬ ‫التنفس هادر الذكر في هجة الشكوى‪ :‬ال‬ ‫بشكل متزامن‪ .‬وتبع ذلك‬ ‫حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬ ‫أشتغل بجمع شجاعتي لكي أقول لحضرة الشيخ‪« :‬إن أعضاء‬ ‫الجمعية بخير—فإذا كان هناك قليل من التوترفذلك أمرطبيعي‪،‬‬ ‫وقد تحسن أمرهم في هذا الحين‪ ،‬فال �شيء يستحق أن يهتم به كأمر‬ ‫محزون» حين فاجأني بقوله‪:‬‬ ‫ال داعي لك من تغطية الوضع الحقيقي‪ ،‬نحن نعرف كل �شيء‪.‬‬ ‫ربما كان الوضع ليس بالحدة التي تبدو لنا‪ ،‬ومع ذلك فذلك الوضع‬ ‫الذي يبدو لنا قد جعلنا بالفعل قلقين حزنين‪ .‬نحن نريد خدمة هذه‬ ‫الجمعية مضاهية لعظمتها ‪..‬‬ ‫«فما هي نصيحة حضرة الشيخ؟» َس َبقني السؤال بدون ٍ‬ ‫وعي مني‪.‬‬ ‫‪61‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫نصيحتي لكم أن‪َّ :‬‬ ‫تقربوا الى هللا أكثر مما م�ضى‪ ،‬واقراؤوا مرة‬ ‫أخرى القانون األسا�سي وخطة الجمعية بدقة فائقة‪ .‬افهموا وعيشوا‬ ‫معانيه ثم طبقوه! واحترسوا من استفزازات املصالح اللحظية! هذا‬ ‫كل �شيء!‬ ‫وحين أسمع تلك النصيحة ُ‬ ‫وعي‪ ،‬إلى وجوه‬ ‫ِ‬ ‫ألفت نظري‪ ،‬من غير ٍ‬ ‫حولي شفافة متنورة ذات هيبة‪ ،‬فهم جميعا يومؤون برؤوسهم بلطف‬ ‫كأنهم يوقنونني أن نصيحة حضرة الشيخ ليست بسيطة كما توقعت‪.‬‬ ‫بعد أنه صوت كياهي‬ ‫«وتعلموا اختالف اآلراء!» صوت صارخ يظهر ُ‬ ‫عبد الواحد هاشم‪« .‬فاالختالف معك في الرأي أمر طبيعي‪ ،‬ويكون‬ ‫االختالف غيرطبيعي وصبيانيا اذا سبب العداوة بين األشقاء‪».‬‬ ‫مرة أخرى يومئون جميعا برؤوسهم بلطف‪.‬‬ ‫لم أتمكن ولم أرغب في استمراراملقابلة‪ ،‬وإنما كنت منتظرا ‪ ..‬راغبا في‬ ‫نصائح أكثروأكثر‪ .‬ولكن التي سمعت بعد ذلك هي آيات من القرآن الكريم‬ ‫يتلوها بخشوع—ما شاء هللا!!—كياهي عبد الوهاب حسب هللا‪ :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اصب ْر َن ْف َس َك َم َع َّالذ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿و ْ‬ ‫ين َي ْد ُعو َن َرَّب ُه ْم ِبال َغ َد ِاة َوال َع ِ�ش ّ ِي ُي ِر ُيدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َْْ‬ ‫َ ْ َ ُ َ لاَ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ ُ ُ َ َ ْ َ َ ُّ ْ لاَ ُ‬ ‫الدن َيا َو ت ِط ْع َم ْن أغفل َنا‬ ‫وجهه‪ ،‬و تعد عيناك عنهم ت ِريد ِزينة الحي ِاة‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ ْ َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ً‬ ‫ان أ ْم ُر ُه ف ُرطا‪﴾ .‬‬ ‫قلبه عن ِذك ِرنا واتبع هواه وك‬ ‫وبحلول نهاية القراءة آلية ‪ 82‬من سورة الكهف لم أسمع أي �شيء‬ ‫آخرما عدا الذكروالذكر‪ ..‬الذي كاد أن يمزق هديره السماء‪.‬‬ ‫* مترجم‪ :‬عبد الغفور ميمون & همزة إكليل‬ ‫‪62‬‬


‫تاريخ الفقه السياسي اإلسالمي‬ ‫حماولة لفهم ميالد شكل الدولة‬ ‫يف الفقه السين‬ ‫بقلم‪ :‬عبد الغفور ميمون‬ ‫ ‪1 .‬مقدمة‬ ‫واحدة من املشاكل الكبرى لألمة اإلسالمية منذ وقت سحيق‬ ‫إلى الوقت الحالي هي إشكالية الفقه السيا�سي‪ .‬منذ أن تركهم نبيهم‬ ‫محمد صلى هللا عليه وسلم للقاء ربه سبحانه وتعالىلم يتوقف الفقه‬ ‫السيا�سي من إنتاج النزاع والصراع بينهم‪ ،‬ولم يتم قط التوصل إلى‬ ‫نقطة الفكر املثالي النهائي‪ .‬بل إن أعظم صراع في اإلسالم هو صراع‬ ‫يتولد من مناقشة النظام السيا�سي‪ .‬ولقد وصف اإلمام الشهرستاني‬ ‫(ت‪ .‬عام ‪ 548‬هـ ‪ 1154 /‬م) هذا الصراع‪:‬‬ ‫‪63‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫الخالف الخامس‪ :‬في اإلمامة‪ ،‬وأعظم خالف بين األمة خالف‬ ‫اإلمامة‪ ،‬إذ ما ُس َّل سيف في اإلسالم على قاعدة دينية مثل‬ ‫‪1‬‬ ‫ما ُس َّل على اإلمامة في كل زمان‪.‬‬ ‫فكان حتما أن والدة الفرق والطوائف الكبيرة في اإلسالم ال يمكن‬ ‫فصلها عن طهو االضطرابات املحيطة بالسياسة اإلسالمية‪ .‬وجهة‬ ‫أخرى مخالفة إلى حد َّما أبداها الشيخ عبد الحليم محمود‪ ،‬من أن‬ ‫الفرق التي تولدت في تاريخ اإلسالم تنقسم إلى نوعين‪ :‬األحزاب الدينية‬ ‫والفرق الدينية‪ .‬النوع األول هوأمثال الشيعة والخوارج‪ ،‬والنوع الثاني‬ ‫أمثال املشبهة واملعتزلة واألشعرية ومدرسة ابن تيمية‪ .‬ومع ذلك ال ينكر‬ ‫عبد الحليم محمود أن إحدى املشاكل الرئيسية التي يواجهها النوع‬ ‫‪2‬‬ ‫الثاني هي السؤاالت التي ترتبط ارتباطا وثيقا بمشاكل السياسة‪.‬‬ ‫باحث أكاديمي من خارج اإلسالم يرى نفس ال�شيء‪ ،‬وهو أن‬ ‫الطهو السيا�سي قوي جدا دوره في إنجاب الجماعات اإلسالمية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يوليوس ولهوسن في هذا املوضوع ألف كتابه‪The Religio-Political :‬‬ ‫‪Opposition Parties in Early Islam, I. The Khawārij. II. Shi’ites‬‬ ‫الذي ترجمه الدكتور عبد الرحمن بدوي إلى العربية بعنوان “أحزاب‬ ‫املعارضة السياسية الدينية في صدر اإلسالم؛ الشيعة والخوارج‪”.‬‬ ‫ً‬ ‫ففي هذا الكتاب توجه بداية من أجل تحليله لتاريخ والدة الفرق إلى‬ ‫معركة صفين‪ ،‬حيث إن املتطرفين اإلسالميين الذين هم غيرراضين‬ ‫‪ .1‬امللل والنحل لإلمام الشهرستاني‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،20‬طبعة داراملعرفة‪ ،‬بيروت‪ 1404 ،‬هـ ‪.‬‬ ‫‪ .2‬التفكيرالفلسفي في اإلسالم لعبد الحليم محمود‪ ،‬ص ‪ ،75‬طبعة داراملعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ثانية‪.‬‬

‫‪64‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫عن النظام الحكومي واالجتماعي أخذوا فرصة حادثة التحكيم إلعالء‬ ‫رأيهم أن “ال حكم إال هلل‪ ”.‬كارين أرمسترونج‪ ،‬أكاديمية مشهورة تعنى‬ ‫بتاريخ اإلسالم‪ ،‬حاولت أن تنظر أبعد من ذلك‪ ،‬فقالت إن بذور‬ ‫املشاكل السياسية في اإلسالم تولدت منذ عصرالرسول ‪ ،‬حيث إن‬ ‫مسيرة حياة الرسول ‪ ‬ال بد من تغيرمجراها بعد نجاحه امللحوظ في‬ ‫بناء املجتمع اإلسالمي في املدينة املنورة‪ .‬إن النبي محمدا لم يعد مجرد‬ ‫نبي‪ ،‬إنه اآلن—بجانبه كونه نبيا—زعيم سيا�سي ذكي وحارسماتيزي‬ ‫(جذابة)‪ .‬ومنذ ذلك الحين لم يعد من املمكن فصل اإلسالم عن‬ ‫السياسة‪ ،‬على عكس النبي عي�سى ‪ ‬الذي ظل مدة حياته تحت‬ ‫‪3‬‬ ‫اإلمبراطورية الرومانية‪.‬‬ ‫ليس املقصود من هذه الورقة ملناقشة تلك االضطرابات‬ ‫السياسية‪ ،‬وال لدراسة والدة الفرق السياسية أو الدينية التي‬ ‫تصاحبها‪ .‬وإنما يهدف هذا البحث إلى دراسة النظريات السياسية التي‬ ‫ُأنْتِجَت من قِبَل الفرقة السنية كمجوعة محورية في التاريخ‪ ،‬وبطبيعة‬ ‫الحال كنموذج من الفقه السيا�سي الذي يتمسك به أعضاء جمعية‬ ‫نهضة العلماء (النهضيون)‪ .‬وذلك من خالل ربطها بالسياق التاريخي‬ ‫الذي يكمن وراءها أو يصاحبها‪ .‬هذا النهج له أهميته‪ ،‬خاصةفي هذه‬ ‫العصور املتأخرة‪ ،‬وذلك أوال ألن النظام السيا�سي الحديث قد تطور‬ ‫بشكل واسع حتى إن عددا من الناس تجد صعوبة في جلب النظريات‬ ‫‪ .3‬سيرة النبي محمد (‪ )Muhammad, A Biography of The Prophet‬لكارين أرمسترونج‪ ،‬املترجمة‪:‬‬ ‫الدكتورة فاطمة نصر والدكتور محمد عناني‪ ،‬ص ‪ ،247‬طبعة شركة السطور‪ ،‬القاهرة‪،1998 ،‬‬ ‫طبعة ثانية‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫السياسية كما هي في كتب الفقه لتطبيقها في الحياة السياسية‬ ‫املعاصرة‪ .‬وثانيا ألن الحاجة ماسة إلى محاوالت لتطوير النظريات‬ ‫عيأن النظريات التي كانت هناك‬ ‫الفقهية ملسائل السياسة بإدر ِ‬ ‫اك وو ِ‬ ‫إنما هي محض نتيجة الجتهادات أسالفنا‪ .‬وثالثا‪ :‬أنه إذا توافق جميع‬ ‫مؤرخي العلوم السياسية أن النظريات السياسية ترتبط ارتباطا وثيقا‬ ‫بتطورات الواقع السيا�سي‪ ،‬فإن هذه الحقيقة تجد تبريراته التي من‬ ‫الصعب إنكارها في فقه السياسة اإلسالمي‪ .‬ولقد عبرالباحث محمد‬ ‫ضياء الدين الريس عن ذلك االرتباط الواثق بين النظريات والواقع‬ ‫في اإلسالم بأنهما جانبان ل�شيء واحد أو جزءان متكامالن أحدهما‬ ‫‪4‬‬ ‫متمم لآلخر‪.‬‬ ‫ ‪2 .‬محمد ‪ ‬نبي أم زعيم سيا�سي؟‬ ‫إن مثل هذا التساؤل غير تقليدي في الدراسة التراثية‪ .‬إن جميع‬ ‫كتب التراث تقريبا اتفقوا على أن النبي محمد ‪ ‬قائد سيا�سي بجانب‬ ‫كونه زعيما دينيا‪ .‬بتصفح أبواب وفصول في كتب الفقه سنجد‬ ‫مباحث عن القضاء والشهادات والدعاوى والبينات وغير ذلك‪ ،‬مما‬ ‫هووثيق االرتباط بنظام الحكم والدولة‪ .‬حتى إن كثيرمن العلماء ألفوا‬ ‫كتبا مخصوصة للبحث حول أنظمة الدولة مثل اإلمام املاوردي (ت‪.‬‬ ‫‪ 450‬هـ) واإلمام أبي يعلى الفراء (ت‪ 458 .‬هـ)‪ .‬وأكثر تحديدا ما ألفه‬ ‫اإلمام القرافي (ت‪ 684 .‬هـ) ما ألفه العالم اإلمام القرافي (ت‪ 684 .‬هـ)‪،‬‬ ‫‪ .4‬النظريات السياسية اإلسالمية ملحمد ضياء الدين الريس‪ ،‬ص ‪ ،23‬طبعة الترات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة‬ ‫سابعة‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪66‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫“اإلحكام في تمييز الفتاوى عن األحكام وتصرف القا�ضي واإلمام”‪،‬‬ ‫ففيه تفرقة صريحة بين قول النبي بمثابة كونه إماما وبين قوله‬ ‫بمثابة كونه قاضيا‪ .‬وقد سبقأن السياسية اإلسالمية هي واقع مهيمن‬ ‫منذ نجاح النبي محمد ‪ ‬في بناء املجتمع اإلسالمية في املدينة‪ .‬هذه‬ ‫الحقيقة لم يتم قبولها كمجرد واقع من وقائع حياة الرسول واألمة‬ ‫اإلسالمية التي قد يتغيروينقلب إلى واقع آخر‪ ،‬ولكن بمرورالوقت تم‬ ‫قبولها كمفهوم فقهيالذي ال بد منه في حياة األمة‪ .‬فعلى سبيل املثال‪،‬‬ ‫دمج ابن خلدون في تعريفه للخالفة بين الدين والسياسة باعتبارها‬ ‫إرثا من النبي ‪ ،‬حيث قال‪:‬‬ ‫هي في الحقيقة خالفة عن صاحب الشرع في حراسة الدين‬ ‫‪5‬‬ ‫وسياسة الدنيا به‪.‬‬ ‫على حسب ما وصل إلى الباحث إن ذلك التساؤل برز ألول مرة‬ ‫بعد سقوط الخالفة العثمانية في تركيا عام ‪ .1924‬علي عبد الرازق‪،‬‬ ‫القا�ضي الشرع وقد تخرج في جامعة األزهر‪ ،‬صدركتابه الشهيرجدا‬ ‫َ‬ ‫«اإلسالم وأصول الحكم» عام ‪ .1925‬ففيه ق َّدم سؤاله‪ :‬هل النبي‬ ‫ملك أم ال؟ كما نص صراحة بأن الرسالة �شيء وامللك �شيء آخر!‬ ‫وأن النبي محمد ‪ ‬نبي ال ملك‪ .‬في الفقه السني يبدو مثل هذا‬ ‫السؤال سخيفا جدا‪ ،‬حيث سيتصادم مع كثير مما هو مجمع عليه‬ ‫في الفقه‪ .‬ولقد قسم اإلمام القرافي في هذا الصدد مواقف النبي ‪‬‬ ‫وتصريحاته إلى أربعة أنواع‪ :‬األول ما هومن قبيل الفتوى‪ ،‬وهوإخباره‬ ‫‪ .5‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬املكتبة الشاملة‪ ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪67‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫عن هللا تعالى بما يجده في األدلة من حكم هللا تبارك وتعالى؛ والثاني‬ ‫ما هو من قبيل التبليغ‪ ،‬وهو مقت�ضى الرسالة‪ ،‬والرسالة هي أمر هللا‬ ‫تعالى له بذلك التبليغ‪ ،‬فهو ينقل عن الحق للخلق في مقام الرسالة؛‬ ‫والثالث ما هومن قبيل الحكم‪ ،‬فهومغايرللرسالة والفتيا ألن الفتيا‬ ‫والرسالة تبليغ محض واتباع صرف‪ .‬والحكم إنشاء وإلزام من قِبَله‬ ‫‪ ‬بحسب ما يسنح من األسباب والحجاج؛ والرابع ما كان من قبيل‬ ‫اإلمامة‪ ،‬وهو السياسيات العامة في الخالئق وضبط معاقد املصالح‬ ‫مثل قمع الجناة وقتل الطغاة وتوطين العباد في البالد وما إلى ذلك‬ ‫مما هو من هذا الجنس‪ 6.‬هذا التصنيف الذي يعترف بوضع النبي‬ ‫‪ ‬كرئيس للحكومة مهم جدا في منظور الفقه‪ ،‬ألنه بدون مالحظته‬ ‫يصعب اتباع الرسول ‪ ‬بطريق صحيح‪ ،‬بل قد يؤدي إلى تخبيط‬ ‫الشريعة‪ .‬فباإلمكان تخيل االضطرابات الهائلة اجتماعيا وسياسيا‬ ‫ُّ‬ ‫قمع الثورة واالنتفاضة بحجة اتباع‬ ‫حق‬ ‫إذا كان لكل فرد من األفراد‬ ‫ِ‬ ‫الرسول ‪ ‬دون النظرإلى وضعه هو‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإن تساؤالت وتصريحات الشيخ علي عبد الرازق‬ ‫أصبح لها أهميتها بالنظر إلى التساؤل اآلتي الذي هو ملهم من تلك‬ ‫التساؤالت‪“ :‬إذا كان الرسول ‪ ‬رئيس دولة فما هونظام دولته وكيف‬ ‫كانت إجراءاتها؟ صرح علي بن عبد الرازق بشكل قاطع بأن عددا من‬ ‫القضايا الهامة في نظام الدولة غائب عن النصوص املوجودة أمامنا‪.‬‬ ‫‪ .6‬اإلحكام في تمييز الفتاوى عن األحكام وتصرفات القا�ضي واإلمام‪ ،‬لإلمام القرافي‪ ،‬ص ‪ 100 ,99‬و‬ ‫‪ ،105‬طبعة دارالبشائراإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ثانية‪.‬‬

‫‪68‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫فال يوجد هناك بيان عن نظام تعيين القضاة واملحافظ‪ ،‬كما ال يوجد‬ ‫بيان عن نظام الشورى الذي ورد في القرآن الكريم (سورة الشورى‪/‬‬ ‫‪ ،38 :42‬وسورة آل عمران‪)159 :3 /‬؛ ثم ال يوجد أيضا بيان حول‬ ‫عملية انتقال السلطة علي أهميتها القصوى‪.‬‬ ‫‪3 .3‬الخالفة اإلسالمية‬ ‫لقد سبق أن النبي ‪ ‬قائد سيا�سي بجانب كونه زعيما دينيا‪ .‬هذان‬ ‫املركزان مالزمان له ‪ ، ‬خصوصا بعد الهجرة إلى املدينة املنورة‪.‬‬ ‫وقد قسم املؤرخون مراحل الدعوة املحمدية إلى مرحلتين‪ ،‬مرحلة‬ ‫ما قبل الهجرة ومرحلة ما بعد الهجرة‪ .‬وهما مرحلتان متكاملتان‪،‬‬ ‫فاألولى مرحلة إعداد وتقوية لإليمان‪ ،‬والثانية مرحلة بناء األمة‬ ‫واملجتمع ومرحلة ترجمة وتنفيذ األفكار‪ .‬في املرحلة الثانية تمكنت‬ ‫األمة اإلسالمية من أن يقوموا بأنفسهم‪ ،‬كما كان لهم استقاللهم‬ ‫امللحوظ في شؤونهم‪ .‬وبالتالي كانت قيادة النبي ‪ ‬في األمور السياسية‬ ‫أكثر رسوخا‪ ،‬كما كانت قيادتها في الشؤون الدينية‪ .‬ويمكن القول‬ ‫أنه ‪ ‬قائد قوي جدا وبارز على الجانبين معا‪ ،‬جانب الدين وجانب‬ ‫السياسة‪ .‬فال عجب أن الفجوة بين ما هو مثالي وما هو واقعي تضيق‬ ‫بكثير‪.‬‬ ‫وفي وقت الحق عند ما توفي الرسول ‪ ‬الحقا إلى الحضرة‬ ‫القدسة‪ ،‬ترك وراءه هاتين القيادتين‪ ،‬القيادة الدينية والقيادة‬ ‫السياسية‪ .‬فال بد لخليفته من أن يتحملهما على حد سواء‪ ،‬وكان‬ ‫ذلك بالطبع ثقيال جدا‪،‬ليس فقط من أجل أنهما ثقيلتان ذاتيا‪ ،‬ولكن‬ ‫‪69‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫أيضا من أجل أن الرسول ‪ ‬أدى أماناتهما على وجه تام كامل ال مثيل‬ ‫له‪ .‬هذه هي الظروف التي كانت خلف الشروط املثالية املعقدة التي‬ ‫بدا مستحيالتوفيرها في القيادات في الدولة اإلسالمية‪.‬‬ ‫مثل هذا الجنيالوجيا ذكره ابن خلدون في مقدمته‪ ،‬الفصل‬ ‫الخامس والعشرين في معنى الخالفة واإلمامة‪:‬‬ ‫إن مقت�ضى السلطة التغلب والقهر‪ ،‬كانت أحكام صاحبه في‬ ‫الغالب جائرة عن الحق‪ ،‬فوجب أن يرجع في ذلك إلى قوانين‬ ‫سياسية مفروضة يسلمها الكافة وينقادون إلى أحكامها‪ .‬وإذا‬ ‫خلت الدولة من مثل هذه السياسة لم يستتب أمرها‪ ،‬وال‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫ُ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ين خلوا ِم ْن ق ْب ُل﴾ سورة‬ ‫هللا ِفي ال ِذ‬ ‫يتم استيالؤها‪﴿ :‬سنة ِ‬ ‫األحزاب‪.38 :33 /‬فإذا كانت هذه القوانين مفروضة من‬ ‫العقالء وأكابر الدولة وبصرائها كانت سياسة عقلية‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت مفروضة من هللا بشارع يقررها ويشرعها كانت سياسة‬ ‫دينية نافعة في الحياة الدنيا وفي األخرة‪.‬وهذا األخيرهوالذي‬ ‫يجب اتباعه من قبل املسليمن ألن الخلق ليس املقصود بهم‬ ‫دنياهم فقط‪ ،‬بل املقصود بهم إنما هودينهم املف�ضي بهم إلى‬ ‫السعادة في آخرتهم‪ .‬فجاءت الشرائع بحملهم على ذلك في‬ ‫جميع أحوالهم من عبادة ومعاملة‪ ،‬حتى في امللك الذي هو‬ ‫طبيعي لالجتماع اإلنساني‪ ،‬فأجروه على منهاج الدين ليكون‬ ‫ً‬ ‫‪7‬‬ ‫الكل محوطا بنظرالشارع‪.‬‬ ‫‪ .7‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬ص ‪.97 - 96‬‬

‫‪70‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫وخلص ابن خلدون إلى أن‪:‬‬ ‫ما كان منه بمقت�ضى القهروالتغلب وإهمال القوة العصبية في‬ ‫مرعاها فجور وعدوان ومذموم عنده؛ وما كان منه بمقت�ضى‬ ‫أيضا‪ ،‬ألنه نظر بغير نور هللا‪:‬‬ ‫السياسة وأحكامها َفمذموم َ ً‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫﴿و َم ْن ل ْم َي ْج َع ِل‬ ‫هللا ل ُه نو ًرا ف َما ل ُه ِم ْن نو ٍر﴾ سورة النور‪/‬‬ ‫‪ ،40 :24‬ألن الشارع أعلم بمصالح الكافة فيما هو مغيب‬ ‫عنهم من أمور آخرتهم‪ ،‬وأعمال البشر كلها عائدة عليهم‬ ‫في معادهم‪ ،‬من ملك أو غيره‪ .‬وأحكام السياسة إنما تطلع‬ ‫على مصالح الدنيا فقط‪ ،‬ومقصود الشارع بالناس صالح‬ ‫آخرتهم فوجب بمقت�ضى الشرائع حمل الكافة على األحكام‬ ‫الشرعية في أحوال دنياهم وآخرتهم‪ .‬فهي في الحقيقة خالفة‬ ‫‪8‬‬ ‫عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به‪.‬‬ ‫هذا النوع من التفسيريؤدي إلى وجوب إقامة الخالفة اإلسالمية‬ ‫وجوبا شرعيا‪ ،‬بمعنى أن القيام بمهمة الرسول ‪ ‬خالفا عنه في األمور‬ ‫ُ‬ ‫الدينية والشؤون السياسية واجب ديني‪ .‬ق ِّد َم عدد من الحجج من‬ ‫﴿يا َأ ُّي َها َّالذ َ‬ ‫أجل تقديم الدعم لها‪ .‬أوال‪ :‬سورة النساء‪َ 59 :4 /‬‬ ‫ين َآم ُنوا‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ َّ َ َ َ ُ َّ ُ َ َ ُ لأْ َ ْ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫أ ِطيعوا الله وأ ِطيعوا الرسول وأ ِولي ا م ِر ِمنكم﴾‪ .‬ر ى البخار عن‬ ‫ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬نزلت في عبد هللا بن حذافة بن قيس بن عدي‬

‫‪ .8‬املرجع السابق ص ‪.97‬وعبارة املادوردي‪«:‬اإلمامة موضوعة لخالفة النبوة في حراسة الدين وسياسة‬ ‫الدنيا‪ ».‬األحكام السلطانية لإلمام املاوردي‪ ،‬ص ‪ ،15‬طبعة دارالحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪71‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫إذ بعثه النبي ‪ ‬في سرية»‪ ،‬مما يدل على أن املراد بـ أولى األمر هم‬ ‫‪9‬‬ ‫القيادات الحكومية‪.‬‬ ‫الحجة الثانية‪ :‬السنة‪ .‬ذكراإلمام املاوردي حديثا رواه أبو هريرة‬ ‫عن الرسول ‪ ‬قال‪ « :‬سيليكم بعدي والة‪ ،‬فيليكم البرببره‪ ،‬ويليكم‬ ‫الفاجر بفجوره‪ ،‬فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق‪ ،‬فإن‬ ‫أحسنوا فلكم ولهم‪ ،‬وإن أساءوا فلكم وعليهم‪ » .‬قال محققه أحد‬ ‫جاد‪ :‬ضعيف‪ :‬رواه الدارقطني في سننه‪ ،‬باب‪ :‬صفة من تجوز الصالة‬ ‫معه والصالة عليه‪ ،‬والطبراني في األوسط‪ ،‬وقال‪ :‬لم يرو هذا الحديث‬ ‫عن هشام بن عروة إال عبد هللا بن محمد بن عروة‪ ،‬تفرد به إبراهيم‬ ‫بن املنذر‪ ،‬ولم يسند هشام بن عروة عن أبي صالح هذا‪ ،‬وأورده‬ ‫الهيثمي في مجمع الزوائد‪ ،‬وقال‪ :‬رواه الطبراني في األوسط‪ ،‬وفيه عبد‬ ‫هللا بن محمد بن يحيى بن عروة وهو ضعيف جدا‪ 10.‬هناك أحاديث‬ ‫أخرى يمكن أن تورد هنا‪ ،‬مثل حديث‪ «:‬من مات وليس في عنقه بيعة‪،‬‬ ‫مات ميتة جاهلية‪»11.‬‬ ‫الحجة الثالثة اإلجماع‪ .‬وقد بين اإلمام سيف الدين اآلمدي عن‬ ‫هذه الحجة‪ ،‬فقال‪ :‬الدليل القاطع على وجوب قيام اإلمام واتباعه‬ ‫شرعا ما ثبت بالتواترمن إجماع املسلمين فى الصدر األول بعد وفاة‬ ‫‪ .9‬الجامع الصحيح لإلمام البخاري‪ ،‬ج ‪ ,6‬ص ‪ ,1674‬طبعة دار ابن كثير‪ ،‬بيروت‪198 7،‬؛ األحكام‬ ‫السلطانية للمادوردي ص ‪16‬؛ نقد كتاب اإلسالم وأصول الحكم للشيخ محمد الخضرحسين‪ ،‬ضمن‬ ‫تأليف محمد عمارة‪ ،‬معركة اإلسالم وأصول الحكم‪ ،‬ص ‪ ،240‬دارالشروق‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬ ‫‪ .10‬األحكام السلطانية للماوردي‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪ .11‬املسند الصحيح لإلمام مسلم‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪ ،1478‬طبعة دارإحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪72‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫رسول هللا ‪ ‬على امتناع خلو الوقت عن خليفة وإمام‪ ،‬حتى قال‬ ‫أبو بكر فى خطبته املشهورة بعد رسول هللا ‪«: ‬أال إن محمدا قد‬ ‫مات‪ ،‬وال بد لهذا الدين ممن يقوم به‪»12.‬ثم في العصور التي بعده‬ ‫نقل عن عدد من الشخصيات التي لها ثقلها التاريخي عدم لزوم‬ ‫نصب الخليفة‪ ،‬مثل أبي بكر األصم‪ 13‬وهشام الفوطي‪14‬والنجدات‬ ‫من الخوارج‪ .15‬إال أنهم أنما ظهروا بعد عصر اإلجماع الذي عليه‬ ‫الصحابة‪ ،‬وفي املنظور الفقهي إن مثل هذا الخرق لإلجماع غيرمعتبر‪.‬‬ ‫الحجة الرابعة‪ :‬الدليل العقلي‪ ،‬وكان ينبغي أن يعتبر من األدلة‬ ‫النقلية‪-‬الشرعية‪ .‬وهو أن اإلنسان كائن اجتماعي الذي ال يمكن أن‬ ‫يعيش وحده‪ .‬فمن أجل تلبية احتياجاته ال بد له من حاجة ماسة‬ ‫‪ .12‬غاية املرام في علم الكالم‪ ،‬لسيف الدين اآلمدي‪ ،‬ص ‪ ،364‬طبعة املجلس األعلى للشئون اإلسالمية‪،‬‬ ‫القاهرة‪ 1391 ،‬هـ ‪.‬‬ ‫‪ .13‬أبو بكرعبد الرحمن بن كيسان‪ ،‬من الشخصيات البارزة عند املعتزلة (نوفي حوالي عام ‪ 225‬هـ)‪،‬‬ ‫قال‪ :‬إن اإلمامة إنما وجبت عند الفتنة‪ ،‬دون األمن حينما نفذ األمة اإلسالمية الشريعة اإلسالمية‬ ‫من عند أنفسهم‪ .‬شرح املواقف لعضد الدين اإليجي‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪ ,579‬طبعة دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة‬ ‫‪ 1997‬م‪.‬‬ ‫‪ .14‬هشام بن عمرو الفوطي‪ ،‬شخصية بارزة من شخصيات املعتزلة‪ ،‬قال‪ :‬إن األمة إذا اتفقوا على‬ ‫الحق احتاجوا إلى إمام‪ .‬وبالعكس‪ ،‬إذا عصت وفجرت وقتلت اإلمام لم يجب حينئذ على أهل الحق منهم‬ ‫إقامة إمام‪ .‬انتهى‪ .‬قال عبد القاهر البغدادي معلقا على هذا الرأي‪ :‬أما قول الفوطي بسقوط اإلمامة‬ ‫عند الفتنة فضميره في هذا القول إبطال إمامة علي ‪ t‬ألنها عقدت له في حال قتل عثمان ووقوع الفتنة‬ ‫فيه‪ .‬وعلي هو اإلمام حقا على رغم الفوطي وأتباعه‪ .‬اهـ أصول الدين لعبد القاهرالبغدادي‪ ،‬ص ‪،271‬‬ ‫و ‪ ،272‬طبعة مدرسة اإللهيات‪ ،‬إستنبول‪.1928 ،‬‬ ‫‪ .15‬النجدات هم أتباع نجدة بن عامر الحنفي (توفي عام ‪ ،)69‬قالوا إن إقامة إمام لم تجب شرعا‬ ‫وال عقال‪ ،‬وإنما وجب عليهم إقامة الحق‪ .‬الفصل في امللل والنحل البن حزم‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪ ،145‬طبعة‬ ‫مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ؛ شرح املقاصد لسعد الدين التفتازاني‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ ،273‬طبعة‬ ‫داراملعارف العثمانية‪ ،‬باكستان‪.1891 ،‬‬

‫‪73‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ملساعدة اآلخرين‪ .‬ثم إن احتياجات البشر متنوعة جدا مما يطالب‬ ‫تقسيم مجاالت العمل‪ .‬ثم إنهم عند ما بنوا مجتمعهم فسرعان ما‬ ‫حدثت بينهم االحتكاكات والخالفات التي إذا لم تعالج في أقرب وقت‬ ‫وبحكمة فسوف تؤدي إلى الفو�ضى وفقدان النظام العام‪ .‬ومثل هذا‬ ‫األمريتطالب حكومة محترمة وموثوقا بها‪16.‬هذا الدليل الرابع أصبحت‬ ‫له أهميته في إطار إعادة بناء السياسة اإلسالمية املتطورة‪،‬ألن مثل‬ ‫هذه الحجة من تداعياته أن توصل إلى ميالد «العلوم السياسية»‪،‬‬ ‫مخالفة بذلك عن الححج التي قبلها التي تؤدي إلى ميالد «الفقه‬ ‫السيا�سي»‪ .‬الفقه أكثرتركيزا ملناقشة ما هوالحالل وما هوالحرام‪ ،‬في‬ ‫حين إن العلم يتركزأكثرنحومزيد من اإلجابة على السؤال عن كيفية‬ ‫إدارة ورعاية الجمهور‪ .‬وقد وجه علي عبد الرازق نقده لهذا الوضع‬ ‫املحرج‪ ،‬حيث إن اإلسالم قد أنتج مجموعة متنوعة واسعة من العلم‪،‬‬ ‫ولكن لم يستطع أن يولد العلم السيا�سي‪17.‬أحد األجوبة الذي ربما‬ ‫َ‬ ‫يمكن أن ُيق َّدم هو أن اإلسالم منذ عهده األول داخل في مجال الفقه‬ ‫مما يعني أن كل عمل وممارسة ترتبط باإلسالم يجب أن تبتدئ وأن‬ ‫َ‬ ‫ُي ْعثرعلى أساسها من القرآن أوالحديث أواإلجماع أوتجربات الصحابة‬ ‫وإن كانت هذه التجربات ليست مثالية على اإلطالق‪ ،‬بل ربما تخالف‬ ‫‪18‬‬ ‫مبادئ العدالة اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ .16‬األحكام السلطانية للماوردي‪ ،‬ص ‪15‬؛ شرح املواقف لإليجي‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.575‬‬ ‫‪ .17‬اإلسالم وأصول الحكم لعلي عبد الرازق‪ ،‬ص ‪.126‬‬ ‫‪ .18‬الشيخ محمود لطفي عامر‪ ،‬رئيس جمعية سلفية بمصريفتي بجوازتوريث الحكم من محمد حسني‬ ‫مبارك إلى ولده جمال مبارك‪ .‬قال عن فتواه‪ :‬إنها ليست ابتداعا أواجتهادا جديدا‪ ،‬وإنما ما استقرعليه‬

‫‪74‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫بعد قراءة متأنية لتلك الحجج لوجوب نصب اإلمام يبدو لنا أنه‬ ‫لم تأت حجة واحده تقت�ضي بصراحة تشكيل نموذج معين للحكومة‪،‬‬ ‫مثل نموذج الخالفة لحزب التحريرالتي تتوجه إلى توحيد كيان سيا�سي‬ ‫لجميع األمة اإلسالمية‪ .‬ففي النصوص املتوفرة لدينا لم يرد تفسير‬ ‫وبيان عما إذا كانت الدولة القومية‪ ،‬أو الدولة امللكية‪ ،‬أو الحكومات‬ ‫اإلمبراطورية‪ ،‬أو الدولة بنظام االتحادية‪ ،‬أو الدولة املتحدة‪ ،‬مأمورا‬ ‫بها أم بالعكس هي محظورة؟ هذه النتيجة هي حصيلة قراءة الدكتور‬ ‫عبد الرزاق السنهوري في كتابه «فقه الخالفة وتطورها»‪:‬‬ ‫والحقيقة أن النصوص التي تذكر في هذا املجال ليست قاطعة‬ ‫في وجوب الخالفة باعتبارها ذلك النوع من نظم الحكم الذي يتميز‬ ‫بالخصائص التي أشرنا إليها‪ ،‬بل إنها تلزم املسلمين بإيجاد حكومة َّما‬ ‫‪19‬‬ ‫دون تحديد نوع هذه الحكومة‪ ،‬وتوجب عليهم طاعة هوالء الحكام‪.‬‬ ‫هذا النوع من االجتهاد مستخدم به أيضا من قبل جمعية نهضة‬ ‫العلماء إقليم الجاوة الشرقية‪ ،‬التي قررتفي مؤتمرها عام ‪/ 1428‬‬ ‫‪ ، 2007‬املنعقد في املعهد الديني زين الحسن جينجونج فروبولينجو‪:‬‬

‫السلف الصالح‪ ،‬وهم خير القرون الثالثة األولى املفضلة من تاريخ اإلسالم‪ ،‬ووصف الرئيس مبارك‬ ‫بأنه أميراملؤمنين‪ .‬ثم قال مؤسسا لرأيه‪ :‬أن التوريث بدأ في عهد معاوية ‪ t‬ولم يعترض غالبية الصحابة‬ ‫وعلى رأسهم ابن عمر وابن عباس ر�ضي هللا عنهما‪ ،‬وعد هذا األمر اجتهادا من الخليفة معاوية‪ ،‬ولعدم‬ ‫شق عصا الجماعة وافق املسلمون على ذلك‪ ،‬واستمرالحال قرونا باستخالف ولي للعهد ولم ينكرهذا‬ ‫الصنيع أي إمام من أئمة أهل السنة والجماعة‪ ،‬كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل‪ .‬يراجع‪:‬‬ ‫‪http://www.alarabiya.net/articles/2008/02/25/46121.html‬‬

‫‪ .19‬فقه الخالفة وتطورها‪ ،‬للدكتور عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬ص ‪6‬‬

‫‪75‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫السؤال‪ :‬هل هناك مطالب شرعية نصية تتطلب توحيد شكل‬ ‫الخالفة (الدولة) في النظام الدستوري اإلسالمي؟ الجواب‪ :‬ال يوجد‬ ‫‪20‬‬ ‫دليل ن�صي يتطلب ذلك ألن شكل نظام الخالفة نوع من االجتهاد‪.‬‬ ‫‪4 .4‬الدول اإلسالمية‬ ‫في عدد من املراجع التاريخية بدا من أول وهلةوجود اتفاق تاريخي‬ ‫أن النبي محمدا ‪ ‬وحد املسلمين في كيان سيا�سي يرأسه رسول هللا‬ ‫‪ ‬نفسه‪ .‬كان لألمة اإلسالمية آنذاك دولة واحدة فقط تضم جميع‬ ‫املسلمين‪ .‬وقد استمرت هذه الوحدة الدولية في العصر الراشدي‬ ‫باستثناء عصرخالفة اإلمام علي ‪ ‬الذي واجه منافسة من معاوية‪.‬‬ ‫وكذلك في عصر معاوية وخليفته يزيد‪ .‬ففي هذا العهد برز عدد من‬ ‫املنافسين على الخالفة‪ ،‬منهم الحسن ثم الحسين ابنا علي ر�ضي هللا‬ ‫عنهم‪ ،‬وعبد هللا بن الزبير‪ .‬وكان كل واحد منهم يشعرويدعيبأحقيته‬ ‫على الخالفة أكثرمن غيره‪ .‬وعلى الرغم من واقع ازدواجية القيادة في‬ ‫الدولة اإلسالمية‪ ،‬ولكن ال يزال كل واحد ُي َم ِ ّجد وحدة قيادية ويحاول‬ ‫تنسيق الجهود من أجل تحقيقها‪ .‬حتى ذلك الحين‪ ،‬على ما يبدو لم‬ ‫يكن هناك أي خطاب عن تقسيم السلطة السياسية اإلسالمية في‬ ‫مختلف بلدان ذات سيادة ومستقلة‪.‬وفي وقت الحق عندما ظهرت‬ ‫‪ .20‬قرارات مجلس بحث املسائل لجمعية نهضة العلماء عن الخالفة وإضفاء الطابع الرسمي للشريعة‪.‬‬ ‫نصوص ومراجع قدمت لتقريرها‪ ،‬ومنها‪ :‬الغيث الهامع شرح جمع الجوامع‪ :‬لم ينص ال على أمة اإلسالم‬ ‫يجب أن يتطابق معها ملك اإلسالم أو دولة اإلسالم‪ ،‬وال على من يخلف الرسول في تدبير شؤون هذه‬ ‫األمة‪ ،‬وال حتى على ضرورة أن يكون هناك من يخلفه في ذلك‪ ،‬بل ترك املسألة للمسلمين وكأنها داخلة‬ ‫في قوله عليه السالم‪ :‬أنتم أعلم بأمور دنياكم‪ .‬اهـ ص ‪ .71‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ :‬ال تشترط صفة‬ ‫الخالفة وإنما املهم وجود الدولة ممثلة بمن يتولى أمورها ويدفع غائلة األعداء عنها‪ .‬اهـ ج ‪ ،6‬ص ‪.662‬‬

‫‪76‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫الخالفة العباسية في بغداد توجه عبد الرحمن الدخيل إلى األندلس‬ ‫إلنشاء الخالفة األموية هناك‪.‬‬ ‫إن مثل هذا يتعارض مع الظاهرة الحديثة بعد انهيار الخالفة‬ ‫العثمانية في تركيا‪ ،‬حيث نشأت دوالت أودويالت صغيرة ذات سيادة‬ ‫كامة ومستقلة عبر حركة ضخمة في العالم اإلسالمي تسمى بحركة‬ ‫ميالد االيديولجية القومية الوطنية‪ .‬من هنا يطرح السؤال نفسه‪:‬‬ ‫هل هذه الدوالت لها مبررها الفقهي؟ أو بتعبير آخر ‪ :‬هل هي معترف‬ ‫بها في املنظور الفقهي؟ وهل يسمح في اإلسالم التقسيم السيا�سي‬ ‫لألرا�ضي اإلسالمية في دوالت صغيرة؟ وهل يسمح لألمة اإلسالمية‬ ‫أن يكون لهم إمامان أو خليفتان في آن واحد؟ ليست هذه األسئلة‬ ‫جديدة كلها‪ ،‬ولكن السياق السيا�سي أعاد صياغتها من جديد وبقوة‪.‬‬ ‫إن والدة اإلخوان املسلمين وحزب التحرير وفرقة أسامة بن الدن‬ ‫وغيرها ترتبط قليال أو كثيرا بتلك األسئلة‪.‬‬ ‫جمهور العلماء يؤكدون حظر الثنائية القيادية في جسم‬ ‫األمة اإلسالمية‪ .‬قدمت عدد من الحجج من أجل التدعيم لهذا‬ ‫الحظر‪ ،21‬منها حديث رسول هللا ‪ : ‬إذا بويع لخليفتين فاقتلوا اآلخر‬ ‫منهما‪22‬؛وحديثه ‪ :‬من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه‬ ‫‪23‬‬ ‫فليطعه إن استطاع‪ ،‬فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق اآلخر‪.‬‬ ‫‪ .21‬األحكام السلطانية للماوردي‪ ،‬ص ‪29‬؛ األحكام السلطانية ألبي يعلى الفراء‪ ،‬ص ‪ ،25‬طبعة دار‬ ‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.2000 ،‬‬ ‫‪ .22‬رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري في املسند الصحيح‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.1480‬‬ ‫‪ .23‬رواه مسلم عن عبد هللا بن عمرو بن العاص في املسند الصحيح‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.1472‬‬

‫‪77‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ولكن الحجة األكثر شعبية هي اإلجماع وتجربات الحياة السياسية‬ ‫لجيل السلف الصالح‪ ،‬خاصة جيل عصر الرسالة وعصر الخالفة‬ ‫الراشدة‪ .‬ويظهر هذا صريحا في جواب اإلمام النووي حين رد على‬ ‫الرأياملجيز لذلك التعدد‪ ،‬حيث اعتمد أوال على إجماع الجيل األول‬ ‫كحجة على ذلك‪ .‬قال‪:‬‬ ‫وهو قول فاسد مخالف ملا عليه السلف والخلف ولظواهر‬ ‫‪24‬‬ ‫إطالق األحاديث‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬ ‫ويؤيد هذا اإلجماع حديث شهير ‪ :‬عليكم بسنتي وسنة الخلفاء‬ ‫َ‬ ‫‪25‬‬ ‫الراشدين املهديين‪ ،‬عضوا عليها بالنواجذ‪.‬‬ ‫ويرى اآلخرون بجوازتعيين القياديتين في آن واحد‪ ،‬وكانت حجتهم‬ ‫ال تنفصل بعيدا عن التجرية التاريخية في مسير الحياة السياسية‬ ‫لجيل السلف الصالح‪ ،‬على الرغم من عدم النصوص الصريحة‬ ‫التي تؤيد ذلك‪ .‬فوفقا لهم‪ ،‬كانت هذه االثنينية حدثت أيام الخليفة‬ ‫علي بن أبي طالب ‪ ،‬حيث ظهرت قياديتان أوالهما في املدينة ثم‬ ‫في الكوفة برئاسة اإلمام علي‪ ،‬وثانيتهما في الشام برئاسة معاوية بن‬ ‫أبي سفيان‪ .‬ثم ذكروا دليلين آخرين يؤيدان ذلك‪ .‬األول‪ :‬إذا كان في‬ ‫األرا�ضي اإلسالمية إمامان في بلدين أو ناحيتين كان كل واحد منهما‬ ‫أقوم بما في يديه وأضبط ملا يليه‪ .‬والثاني‪ :‬أنه ملا جاز بعثة َّ‬ ‫نبي ْين في‬

‫‪ .24‬شرح النووي لصحيح مسلم‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪ ،232‬طبعة دارإحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ 1392 ،‬هـ ‪.‬‬ ‫‪ .25‬رواه الحاكم في املستدرك‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،174‬طبعة دارالكتب العلميةـ بيروت‪ 1411 ،‬هـ ‪.‬‬

‫‪78‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫عصرواحد ولم يؤد ذلك إلى إبطال النبوة كانت االمامة أولى‪ ،‬وال يؤدي‬ ‫‪26‬‬ ‫ذلك إلى إبطال اإلمامة‪.‬‬ ‫وهناك رأي ثالث أكيرواقعية ومنطقية‪ ،‬قال بجوازنصب اإلمامين‬ ‫في آن واحد للمطالب والضرورات التي يشق تجنبها‪ .‬وعليه ذهب‬ ‫األستاذ أبو إسحاق والشوكاني إلى أنه إذا تباعدت أطراف البالد‬ ‫اإلسالمية بحيت يتعذرتوحيد األمة في كيان سيا�سي واحد فال بأس في‬ ‫أن يكون لكل قطرمن األقطاراإلسالمية إمامهم وسلطانهم املستقل‪.‬‬ ‫قال اإلمام الشوكاني‪ :‬إن هذا الحل هو املناسب للقواعد الشرعية‪،‬‬ ‫واملطابق ملا تدل عليه األدلة‪ .‬ودع عنك ما يقال في مخالفته‪ ،‬فإن‬ ‫الفرق بين ما كانت عليه الوالية اإلسالمية في أول اإلسالم وما هي عليه‬ ‫اآلن أوضح من شمس النهار‪27.‬وكان هذا الرأي الثالث ال يخلو أيضا‬ ‫من تدخل مسيرة تاريخ األمة اإلسالمية‪ ،‬فلقد حاول إمام الحرمين‬ ‫تفسيرخلفية هذا الرأي التاريخية‪ ،‬فقال‪ :‬وهذا يشبه حال خلفاء بني‬ ‫‪28‬‬ ‫العباس بالعراق والفاطميين بمصرواألمويين باملغرب‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى ذلك الخالف بين العلماء‪ ،‬وكذا إلى خلفية كل رأي‬ ‫وقول‪ ،‬يستحق أن يطرح سؤال عن ما إذا كان إجماع الصحابة‬ ‫متوجها إلى صحة توحيد األمة اإلسالمية في كيان سيا�سي واحد أم‬ ‫‪ .26‬الجامع ألحكام القرآن لإلمام القرطبي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،274‬طبعة دارالكتب املصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة‬ ‫ثانية‪ 1348 ،‬هـ ‪ 1964 /‬م‪.‬‬ ‫‪ .27‬السيل الجرارلإلمام الشوكاني‪ ،‬ص ‪ ،941‬طبعة دارابن حزم‪ ،‬بيروت‪2004 ،‬؛ تفسيرالقرآن العظيم‬ ‫البن كثير‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،222‬طبعة دارطيبة‪ ،‬الرياض‪.1999 ،‬‬ ‫‪ .28‬تفسيرابن كثيرالسابق‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫متوجها إلى صحته ووجوبه عبر العصور الالحقة إلى قيام الساعة؟‬ ‫فبعد قراءة تاريخ مسيرة األمة اإلسالمية وكذا النصوص املتوفرة‪ ،‬يبدو‬ ‫أن اإلجابة األكثرمنطقية هي أن اإلجماع إنما يتركزعلى صحة الوحدة‬ ‫السياسية ال على وجوبها‪ .‬وهذا يعني أن وحدة الكيان السيا�سي لألمة‬ ‫اإلسالمية في شكل الوحدة الوطنية تمثل مرحلة تاريخية معترف بها‬ ‫فقهيا ومبرر بها دينيا‪ ،‬ولكنها ال تنافي صحة املرحلة التاريخة الالحقة‬ ‫لألمة التي قد تخالفها بقليل أو كثير‪.‬ظهر لنا أمر مهم قد يدعم هذا‬ ‫االستنتاج‪ ،‬وهوعدم نص من النصوص صريح يدلعلى وجوب توحيد‬ ‫األمة اإلسالمية في الوحدة الوطنية‪.‬‬ ‫‪5 .5‬االختتام‬ ‫بالطبع ال يزال هناك العديد من القضايا التي تجتاج إلى معالجة أو‬ ‫توسيع بحثها هنا‪ ،‬مثل مفهوم الفقه السيا�سي اإلسالمي بشأن انتقال‬ ‫السلطة‪ ،‬وأهل الحل والعقد‪ ،‬والعقد السيا�سي‪ ،‬والشروط التي يجب‬ ‫توفرها لشخصية اإلمام‪ ،‬والوالية الضرورية‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬وبطبيعة‬ ‫الحال كان لكل منها عالقته املحددة مع مسيرة التاريخ السيا�سي لألمة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ولكن املساحة املحدودة تفرض عدم مناقشة كل ذلك‪.‬‬ ‫األمر املهم الذي يريد الباحث أن يصارح به هو أنه ال يمكن إطالقا‬ ‫دراسة الفقه السيا�سي بتجاهل التاريخ السيا�سي لألمة‪.‬‬ ‫وهللا أعلم بالصواب‪.‬‬

‫‪80‬‬


‫اإلعادة إىل خطة ‪1945‬‬ ‫دولة فاجناسيال هي دولة اإلسالم‬ ‫عند نهضة العلماء‬ ‫بقلم‪ :‬حممد جاد املوىل‬ ‫ناقش مسؤول وجمعية نهضة العلماء في مؤتمرها الوطني املقرر‬ ‫من ‪ 14‬إلى ‪ 17‬سبتمبر‪ 2012‬بشربون عن واقعية األزمة الوطنية التي‬ ‫قدمه املفكرون والتي ظهر أن ذات الدولة قد تغيرت وأساسها قد‬ ‫تحولت‪ .‬لذلك استعابت الجمعية إلى قلق العلماء تركيزا على املوضوع‬ ‫“اإلعادة إلى خطة ‪ ”1945‬بشأنها تهديفا للمؤتمر‪.‬‬ ‫إن جذور قلق هؤالء كياهي هو ظهور األزمة إذ أن الهدف‬ ‫لحياتنا الشعبيىة والحكومية واقعيا قد تغيرت تغيرا جما لكون قوة‬ ‫الرأسمالية التي تسيطرعلى أهداف الوطن وصوره التي تؤسس على‬ ‫‪81‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫إيديولوجية نيوليبرالية‪ .‬ومن القلقات حينا آخر أن من بداية حركة‬ ‫إعادة التشكيل سابقا نشرت املذاهب واملفاهم الدينية املتطرفة‬ ‫التي تدعو من جديد إلى تحميل “اإلسالم بشأنه إيديولوجيا بديال”‬ ‫مما يجرى إلى اآلن من نظام‪ .‬وقد قوض أتباع تلك املذاهب جمهورية‬ ‫إندونيسيا املتحدة املؤسسة على فانجاسيال والقانون األسا�سي ‪1945‬‬ ‫التي تعبر من الالإسالم‪ ،‬وألجل ذلك لزوم تبديلها بنظام “الدولة‬ ‫اإلسالمية” التي هي عندهم‪.‬‬ ‫وجمهور ية إندونيسيا أنشأها كل العناصر الشعبية سويا‬ ‫من الفرق واللغات واألديان‪ .‬وإنشاءها مشير إلى تصريح استقالل‬ ‫إندونيسيا من املستعمرين‪ .‬وكان املسلمون بوصفهم معظم السكان‬ ‫ومحرق نار سيادتها منذ قرون قبل عبارة عن السابقين والفاعلين‬ ‫األولين الذين يطردون املستعمرين من بالد إندونيسيا املحبوبة‪.‬‬ ‫من أوج أدوار نهضة العلماء املهمة في إنشاء الدولة هو تورط‬ ‫زعماءها في قسم البحث واالستعداد الستقالل إندونيسيا املقرر في‬ ‫مارس ‪ 1945‬لتركيب القانون األسا�سي جنينية الدولة اإلندونيسية‪.‬‬ ‫وكان أحمد واحد هاشم الحاج من األعضاء التاسعة في لجنة‬ ‫االستعداد الستقالل إندونيسيا الذين يستنبطون األساس والصورة‬ ‫واألهداف لبناء دولتنا الشهيربـ”فياغام جاكرتا”‪ ،‬باإلضافة إلى نسخة‬ ‫االستقالل املقروءة في ‪ 17‬أغسطوس ‪ 1945‬م‪ .‬ففي ديناميكية تلك‬ ‫اللجنات قد قررت صورة دولتنا إندونيسيا وهي دولة تؤسس على‬ ‫فانجاسيال والقانون األسا�سي ‪ .1945‬وفي كل تلك الديناميكية كانت‬ ‫‪82‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫نهضة العلماء لها دور هام واستراتيجي لتضمن االختالفات الشديدة‬ ‫مثل ما وجد في “حذف سبع كلمات” املكتوبة بـفياغام جاكرتا في‬ ‫مقدمة القانون األسا�سي ‪ 1945‬ولبه‪ 1.‬وملا امتدت الثورة اإلندونيسية‬ ‫أربع سنوات أصبحت نهضة العلماء قوة أولى تدفع جسديا عن سيادة‬ ‫جمهورية إندونيسيا ورد على احتالل هولند من جديد‪ .‬بل من خالل‬ ‫الخطوة املسرحية أخرج زعماء نهضة العلماء في اجتماعهم بسورابايا‬ ‫‪ 22‬أكتوبر‪“ 1945‬قرارالجهاد” املشيرإلى أن إقامة سيادة جمهورية‬ ‫إندونيسيا وهجوم احتالل جيوش هولند من جديد عبارة عن واجبة‬ ‫الدين املقدسة‪ :‬جهاد !‬ ‫استتباعا إلى السنة النبوية واألصحاب واألبطال املسلمين ملدة‬ ‫تاريخهم‪ ،‬فقط ال يميز زعماء نهضة العلماء القضايا الدينية من‬ ‫القضايا السياسية‪ .‬إال أن انطالقا من التجارب السياسية في األمكنة‬ ‫واألزمنة املتنوعة عانى املسلمون من الصورة واألشكال السياسية‬ ‫شتى‪ .‬فعدم القرارات الرسمية عن صورة الدولة في النصوص املعتبرة‬ ‫حينا وفي تاريخ املسلمين الطويل حينا آخرليس بمعنى أنهم ال يبالون‬ ‫على صورة الدولة ولكنهم يفهمون أن وجوب إقامة هذه الدولة في‬ ‫نفس الوقت وجوب اإلبحاث عن الصور أو األشكال فيها التي تقدر‬ ‫من وقوع األهداف الشرعية (املصالح العامة والضرورية الخمسة) في‬ ‫زمان ومكان وحال ما أساسا على الفكرالقوية وتطور اجتهاد معتمد‪.‬‬ ‫‪ .1‬وتلك السبعة هي «بإقامة الشريعة عند أتباعها فرضا»‪ ،‬هذه الكلمات عبارة عن زيادة تسبقها‬ ‫كلمة ّ‬ ‫إلهي‪ .‬توحيدا للشعب‪ ،‬ولرد املتدينين غيراملسلمين بإندونسيا الشرقية‪ ،‬فتلك السبعة حذفت‬ ‫وبدلت بكلمة «األحد»‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫يبد أن هذه الفكرة السياسية تمثل ما قدمه الشيخ ابن عقيل الحنبلي‬ ‫القائل على أن ‪:‬‬ ‫ماكان فعال يكون معه الناس أقرب إلى الصالح وأبعد عن‬ ‫الفساد وإن لم يضعه الرسول صلى هللا عليه وسلم وال نزل‬ ‫‪2‬‬ ‫به وحي‪.‬‬ ‫وفي صدد إندونيسيا فمطابقا بمااستنبطه رواد هذا الوطن‬ ‫ومنهم العلماء املشهورون بنيت دولة شعبية تعني جمهورية إندونيسيا‬ ‫املؤسسة بفانجاسيال‪ .‬رأى العلماء أن القيم األساسية املشتملة على‬ ‫فانجاسيال عبارة عن توقيع القيم اإلسالمية (أهل السنة والجماعة)‪.‬‬ ‫انطالقا مما قد سبق قمنا بالتركيز أن جمهورية إندونيسيا‬ ‫املؤسسة على فانجاسيال املشتملة عليها قيم عظيمة كما هواملكتوب‬ ‫في مقدمة القانون األسا�سي ‪ 1945‬املناسبة باألهداف الشرعية بشأنها‬ ‫اجتهادا قام به العلماء واملشايخ املتقنون علومهم ومسؤوليتهم هي‬ ‫الدولة اإلسالمية عند أهل السنة والجماعة املرموزة واملطبوقة في‬ ‫صدد الوالية وتواريخ إندونيسيا الشعبية‪.‬‬ ‫ذلك أننا نحتاج إلى التأكيد أن “دولة فانجاسيال بشأنها دولة‬ ‫إسالمية عند نهضة العلماء” تعبر عن نقطة االنطالق ملحتاجات‬ ‫شتى عمليا تكتيكيا ونماء لبرامج استيراتيجية لطول األمد‪ .‬من‬ ‫املحتاجات العملية التبديل للبالغة عن صورة الدولة املشعورة‬ ‫‪ .2‬محمد بن أبي بكرأيوب‪ ،‬الطرق الحكومية في السياسة الشرعية البن القيم الجوزية (القاهرة‪:‬‬ ‫مطبعة املدني‪ ،‬مجهول السنة)‪ ،‬ص‪.17 .‬‬

‫‪84‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫بالصعبة واملتخيرة كقول‪“ :‬دولة فانجاسيال ليست بدولة إسالمية‬ ‫وليست بدولة علمانية ولكنها صالحة عند الدين اإلسالمي”‪ .‬إضافة‬ ‫إلى غيرعملي أن ذلك القول في نفس الوقت غيرإنتاجي‪.‬‬ ‫وهذا التأكيد مهم لعلماء نهضة العلماء وأتباعها املشتركون فى حياة‬ ‫الدولة السياسية لخلوصها من ثنائية املعاير األخالقية بين منظور‬ ‫الديني الالتاريخي ومنظور الدولة العلماني حتى أصبح استغراقهم في‬ ‫السياسة الدولتية أتم وأكمل مستعينا باألخالقية العالية إذ أنهم‬ ‫من التعبيرات واملسؤوالت عن دينهم بوصفهم عبدا وسكانا‪ .‬وكذلك‬ ‫بالنسبة لنهضة العلماء بشأنها جمعية دينية اجتماعية وثقافية ما‬ ‫إن كان وقوعها في الشؤون الشعبية أوسع ـ بل في الشؤون الدولية ـ‬ ‫حتى برزت إسهاماتهم املبدعة في مستوى الحضارة‪.‬‬ ‫وهللا أعلم بالصواب‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫اجلهاد!‬ ‫بقلم‪ :‬بشري أديب‬ ‫نحن األمة اإلندونيسية منذ اليوم السابع عشرة اوغسطوس سنة‬ ‫ّ‬ ‫مستقلين‪/‬‬ ‫ميالدية أصبحنا احرارا‬ ‫ألف وتسعمائة وخمس وأربعين‬ ‫ّ‬ ‫طلقاء بعد ان ّ‬ ‫كنا عبيدا مغلولين تحت قيود الظلمة املستعمرين‪.‬‬ ‫وكان سوكرنا ّ‬ ‫هتا ذاك اليوم قد أعلنا حريتنا واستقاللنا باسمنا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫نحن الشعب اإلندونيسين‪ .‬فنحن اجمعنا إذا احرارفى يوم واحد وفى‬ ‫ساعة واحدة‪ ،‬حرية ليست هى هدية من املستعمرين بل انتزعنا منهم‬ ‫بقوتنا و جهادنا رغم انوهم ولم يكن احدنا اكثر حرية من صاحبه‬ ‫وال ابناء امللوك ّ‬ ‫منا أحق بها من ابناء السوقية‪ .‬فنحن فى الحرية وفى‬ ‫الحقوق والواجبات سواسية‪.‬‬ ‫ّثم بعد ذلك اقام الحكومة الديموقراطية وانشأنا القانون‬ ‫األسا�سى وبذلك قامت الدولة اإلندونيسية املستقبلة‪ .‬فإن اركان‬ ‫الدولة عند األنا�سى انما هى اربعة ‪:‬‬ ‫‪86‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫الناحية‪ ،‬األمة‪ ،‬الحكومة‪ ،‬القانون‪.‬‬ ‫فناحيتنا ما بين ساباغ وميروكى‪ ،‬وامتنا أمة اإلندونيسية‬ ‫وحكومتنا حكومة إندونيسية ديموقراطية‪ ،‬وقانوننا األسا�سى قانون‬ ‫الف وتسعمائة وخمس واربعين مع مقدمته الشهيرة بالبنجاسيال‪.‬‬ ‫وكل فرد من األفراد األمة له حق فى تدبير الدولة وتلوينها وقيادة‬ ‫الحكومة وادارتها وقفا لألسس الديموقراطية ‪ :‬وبناء على ذلك قامت‬ ‫األحزاب السياسية‪ ،‬وبهذه األحزاب كان األفراد ينتهزون قرصهم‬ ‫ويزاولون حقوقهم ويبدون آمالهم واراداتهم‪ ،‬ثم األحزاب هى التى‬ ‫تحاول وتجاهد فى سبيل تلك اآلمال واإلرادة بطريق البرملان ومجلس‬ ‫الشيوخ او بعبارة أخرى بطريق مجلس النواب واملجلس اإلستشارى‬ ‫(‪ )MPR‬أو و�صي العرش‪.‬‬ ‫ومما ال يخفى علينا جميعا ان هللا سبحانه حثنا وامرنا امرا جازما‬ ‫بأن نجاهد فى سبيل مرضاته ّ‬ ‫جل وعال‪ .‬نجاهد ونكافح لتكون كلمة‬ ‫هللا هى العليا‪ ،‬نجاهد ليعزاإلسالم واملسلمون ونكافح لتجرى األحكام‬ ‫العادلة فى البلدان‪.‬‬ ‫فكما ان غيرنا يجاهد فى سبيل اتجاهاته وارادته‪ ،‬كذلك نجاهد‬ ‫ونكافح فى سبيل اراداتنا طبقا لتعليم هللا ورسوله وذلك ال ّ‬ ‫شك‬ ‫مسموح عند القانون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شرعيا يثاب على فعله ويعاقب على‬ ‫ّان الجهاد امرمفترض فرضا‬ ‫تركه‪ .‬وليس ذلك األمر ّ‬ ‫خاصا فى زمان الرسول فحسب ولكنه عام‬ ‫‪87‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫فى ّأي زمان ومكان‪ .‬اال ان صفة الجهاد وهيئته تتغير بتغيير الظروف‬ ‫وتتبدل بتبديل ّ‬ ‫القوة والضعف فال يساغ ألحد من املسلمين أن يقعد‬ ‫عن الكفاح والجهاد بأي علة وبأي عذرما‪ .‬قال هللا تعالى انفروا خفافا‬ ‫وثقاال وجاهدوا بأموالكم وانفسكم فى سبيل هللا ذلكم خير لكم ان‬ ‫كنتم تعلمون‪ .‬وقال تعالى ‪ :‬فالذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل‬ ‫هللا والذين آووا ونصروا أولئك هم املؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق‬ ‫كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم‪.‬‬ ‫وقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وجاهدوا فى سبيل هللا بأموالكم‬ ‫وانفسكم والسنتكم‪.‬‬ ‫نحن املسلمون اإلندونيسين انما نجاهد اليوم بطريق األعمال‬ ‫الخيرية وبطريق السياسة‪ ،‬والرسول صلى هللا عليه وسلم واصحابه‬ ‫يجاهدون بالقتال والغزوات بجنب القاء الخطبة وابداء الحجة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واى الجهادين اثقل؟ هيهات وشتان ما بينهما (بين املشرق واملغرب)‪.‬‬ ‫إن الجهاد فى سبيل هللا لهوافضل األعمال واعالها واثمن القربات‬ ‫واسماها‪ .‬به قام الدين الحنيف وبه عزاإلسالم واملسلمون‪ ،‬وبه انتشر‬ ‫اإلسالم الى االنحاء وبه تحافظ ذ ّ ّريتنا‪.‬‬ ‫ومن الناس من يقول ان الجهاد أمرخارجي وليس داخال من أركان‬ ‫اإلسالم الخمسة وليس ذلك أفضل من الصالة فانها عماد الدين فمن‬ ‫أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين‪ .‬فما فائدة الجهاد‬ ‫اذا كنا نحن قد صلينا بخضوع وخشوع فضال اذا كنا قد حججنا الى‬ ‫بيت الحرام ونلنا ّ‬ ‫حجا مبرورا‪ ،‬الحج الذى قال فيه الرسول صلى هللا‬ ‫‪88‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫عليه وسلم ‪ :‬الجح املبرور ليس له جزاء اال الجنة‪ ،‬وهل هناك شيئ‬ ‫يجزى به الجهاد؟‬ ‫ان هذا القائل مغرور غره جهله وازالل الشيطان‪ .‬فمثله كمثل‬ ‫القائل ‪ّ :‬‬ ‫أهم ّ‬ ‫مهمات القوت‪ ،‬وأفضله األرز‪ ،‬فما فائدة الزراعة اذا‬ ‫كنا نحن قد أكلنا الرز؟؟‬ ‫سلوا ذلك القائل املكرم ‪ :‬هل يوجد الرز بدون الزراعة ؟ ألم‬ ‫املكرم إن الدين اإلسالمى انما نشأ بمكة ّ‬ ‫ّيذكر القائل ّ‬ ‫وتم باملدينة؟‬ ‫مكة وأندونيسيا؟ وهل وصل الدين اإلسالمى‬ ‫كم تكون املسافة بين ّ‬ ‫الى اندونيسيا بدون الجهاد؟؟ من أين وممن عرف ذلك القائل هللا‬ ‫وممن قد أحسن هو الصالة؟‬ ‫وحده ومن أين ّ‬ ‫ّ‬ ‫اال ّ‬ ‫بالزراعة‪ ،‬كذلك الصالة وسائر‬ ‫فكما ان الرز ال يحصل‬ ‫الشرائع االسالمية ال تصل الينا معشراإلندونيسيين اال بالجهاد‪.‬‬ ‫انه مما ال يخفى علينا وعلى ذلك القائل ان اإلندونيسين‬ ‫وخصوصا الجاويين منذ مآت السنين اعتنقوا غير اإلسالم‪ ،‬منهم‬ ‫من يعبدون االشجارواالحجار‪ .‬ومنها من يعبدون النيران‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يعبدون االرواح‪ ،‬ومنهم من يعبدون الديوا والهياكل وهم مشركون‪ .‬ثم‬ ‫بعد الوصول العلماء الجاهدين املهاجرين من خارج البالد وجهادهم‬ ‫ومجاهداتهم انقلب اإلندونيسيون فأصبحوا مؤمنين مسلمين‪ ،‬من‬ ‫هم هؤالء العلماء‪ ،‬هم موالنا ابراهيم السمرقندى وموالنا اسحق‬ ‫ّ‬ ‫والسيد رحمة هللا الشهير باسم‬ ‫املغربى وموالنا الشريف هداية هللا‬ ‫ّ‬ ‫كالسيد ابراهيم ابن رحمة هللا والزعيم‬ ‫رادين رحمة ثم من بعدهم‬ ‫‪89‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫رادين فتح ابن امللك كرطا ويجايا ماجا فاهيت‪ ،‬والزعيم رادين شهيد‬ ‫لوقا جايا ابن تومغكوغ ويال تكطا التوبانى الشهير باسم سونان كالى‬ ‫جاكا‪ ،‬وغيرهم من العلماء املجاهدين فى سبيل هللا‪ ،‬فى نشر الدين‬ ‫والعلوم الدينية‪ ،‬فهؤآلء هم املتقدمون وانتم املتأخرون‪ ،‬وهم السلف‬ ‫وانتم الخلف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قالان جهادنا اليوم يكفى بجهاد النفس والدعاء‬ ‫ومنهم من‬ ‫فانها ّ‬ ‫والهتفات ّ‬ ‫مخ العبادة وقد وعدنا ربنا باالجابة حيث قال ّ‬ ‫عزمن‬ ‫قال ‪ :‬ادعونى استجب لكم‪ ،‬وايضا ان الهداية بيد هللا سبحانه حيث‬ ‫قال تعالى مخاطبا لرسوله انك ال تهدى من احببت ولكن هللا يهدى‬ ‫فألهم كل ّ‬ ‫ّ‬ ‫األهم ان ندعوهللا يهدى األندونيسيين اجمعهم‪.‬‬ ‫من يشاء‪،‬‬ ‫ّان هذا الكالم لهو كلمة حق أريد بها الباطل‪ .‬صحيح ان الرسول‬ ‫صلى هللا عليه وسلم ما زال يهتف قائال ‪ّ :‬‬ ‫اللهم اهد قومى فانهم ال‬ ‫ّ‬ ‫يعلمون اال انه عليه صلوات هللا وسالمه مع ذلك لم يزل يواجه قريشا‬ ‫بخطبته البليغة املؤثرة وحجته القانعة وبسيوفه املسلولة وال يكتفى‬ ‫بمجرد دعواته وهتفاته‪.‬‬ ‫ومنهم من قال ان حزبنا «نهضة العلماء» قد اصبح جمعية قزمية‬ ‫ال ترتبط أي ارتباط باالمور السياسية وال تجاهد فى الشؤن الدولية‬ ‫وليس لها شعار فى االنتخاب العام‪ ،‬فكيف حالنا؟ صحيح ان هناك‬ ‫الحزب السيا�سى االسالمى ولكن كانت رياسته بيد الزعيم الذى ليس‬ ‫من العلمآء‪ ،‬وفى الصالة اذا كان االمام فاسقا او غير قارئ او الحنا‬ ‫فإلفراد افضل من االئتمام‪ ،‬هكذا يقول‪.‬‬ ‫‪90‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫أما قول «أن نهضة العلماء أصبح جمعا قزما» ليس صحيحا‪.‬‬ ‫أن السياسة عند نهضة العلماء على ثالثة معان وهي سياسة وطنية‬ ‫وسياسة راعية وسياسة سلطانية‪ .‬فالسياسة السلطانية التي تنفذ‬ ‫عبر أحزاب السيا�سي ليس وظيفة نهضة العلماء‪ ،‬الن نهضة العلماء‬ ‫جمعية خيرية دينية ودائما تتمسك بقول املصطفى صلى هللا عليه‬ ‫وسلم‪« :‬إذا وسد األمرالى غيرأهله فانتظرالساعة»‪.‬‬ ‫فوظيفة نهضة العلماء هي السياسة الراعية بمعنى عمل سيا�سي‬ ‫لحماية تطبيق دين االسالم وشريعته في اندونسيا‪ ،‬والسياسة الوطنية‬ ‫بمعنى عمل سيا�سي لحفظ دولة االندونسيا وأهلها من الخطورة‬ ‫الداخلية او الخارجية‪.‬‬ ‫واما قياس الجهاد السيا�سى بصالة الجماعة فإنه قياس معه‬ ‫الفارق ألن الصالة تحصل وتتأتى باإلنفراد والجماعة والجهاد‬ ‫لاّ‬ ‫السيا�سى فى الدولة الديمو قراطية ال يتأتى وال تحصل ا بالجماعة‬ ‫والجمعية‪.‬‬ ‫نحن معشراملسلمين كما نبحنا يجب علينا الجهاد بأي طريق من‬ ‫الطرق فلنجاهد نصركم هللا حق الجهاد وان كان جمعيتنا اصبح كما‬ ‫يقولون جمعية قزمية وكلتا متأسفون‪ .‬فلنجاهد حتى تكون اصواتنا‬ ‫فوق اصوات غيرنا ونكون نحن الغالبين‪ .‬وكلمتنا التى هى كلمة الحق‬ ‫هى العليا ويعزاالسالم واملسلمين واألندونسيين‪.‬‬ ‫فاليحزنكم انقالب نهضة العلمآء ّ‬ ‫وتحولها من الحزب الى الجمعية‬ ‫املضوعة األصلية حتى يبعثكم ذلك الى عدم املباالة او قلتها بالجهاد‬ ‫‪91‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السيا�سى‪ .‬فما ال يدرك كله ال يترك جله ومن لم يستطع القيام فى‬ ‫الصالة تجب عليه على ّاي حال استطاع عليه‪ .‬فيجب على املسلمين‬ ‫باندونيسيا اجمعهم ان يختاروا فى االنتخاب العام اآلتى وكالئهم‬ ‫ويحرم عليهم اختيارغيرهم او التوفق ويحرم عليهم اختيارللمال‪.‬‬ ‫اما هؤالء االخوان الذين يخازون الى معارضينا ويجاملونهم فانهم‬ ‫صنفان‪ ،‬صنف مثله كمثل سيدنا العباس ر�ضي هللا عنه فانه فى‬ ‫ولكنه فى الحقيقة‬ ‫الظاهريخازالى قريش ويقوم فى صف واحد معهم ّ‬ ‫مع الرسول صلى هللا عليه وسلم مع الخفاء والعماء‪ .‬ولهذا الصنف‬ ‫تدعوهللا سبحانه ع�سى ان ال ينسوا ما فضلهم هللا من العلم واملعرفة‬ ‫وان يتذكروا ّ‬ ‫ان‬ ‫عزهم وان هالك املسلمين هالكهم‪.‬‬ ‫االسالم‬ ‫عز‬ ‫ّ‬ ‫وصنف أخر مثله كمثل األسد الذى ال يعرف قيمة الذهب‬ ‫والجواهر‪.‬‬ ‫حكى عن قديم الزمان ّ‬ ‫ان رجال ّ‬ ‫غنيا‪ ،‬له سندوق مملوء ذهبا‬ ‫وجواهرووضع ذلك الصندوق فى الصحرآء ووكل وائتمن على حرامته‬ ‫األسد الباسل‪ .‬فكان اللصوص ال يجرؤن على التقرب من ذلك املحل‬ ‫الذى فيه الصندوق ألن الحسد الحارس ما زال ّ‬ ‫يتنبه ويحرس حتى جاء‬ ‫ّ‬ ‫اللص العاقل ومعه لحم سمين والقاه فى محل قريب من الصندوق‪.‬‬ ‫واذ ذاك كان الناس ّ‬ ‫يتعجبون من صالح ذلك العاقل وسخاوته‪ .‬فلما‬ ‫شم األسد رائحة اللحم ورآه ترك الصندوق وم�شى ووثب مسرعا الى‬ ‫اللحم‪ ،‬فأكله اكلة الجائع ون�سى ما يحرسه‪ .‬ثم بسهولة وبال خوف ما‬ ‫‪92‬‬


‫اخلطة واخلدمة نهضة العلماء‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أخذ ّ‬ ‫اللص اللعاقل الصندوق فإنا هلل وإنا اليه راجعون‪ .‬فيا خسارة‬ ‫ذاك الغنى!‬ ‫ولهذا الصنف ندعو هللا الهادى ع�سى ان يهديه الى الصراط‬ ‫املستقيم‪ ،‬من يهد هللا فال ّ‬ ‫مضل له ومن يضلل فال هادى له‪ .‬فتقدموا‬ ‫بكل جهد وصابروا ورابطوا ّ‬ ‫فان‬ ‫حق وهوانه‪ ,‬حزب هللا هم‬ ‫هللا‬ ‫وعد‬ ‫ّ‬ ‫الغالبون‪.‬‬ ‫تقدموا فى األمور الخيرية واالجتماعية بطريق نهضة العلمآء‪.‬‬ ‫وباالضافة الى ذلك الجهاد الذى ذكرته ال تنسوا املجاهدة‬ ‫ّ‬ ‫والتضرع الى هللا سبحانه باكين ورافعين االكف ليعلى‬ ‫واملناجاة‬ ‫االسالم وال يعلى عليه‪ ،‬انه سميع عليم‪ .‬واخيرا ندعو هللا ان يوفق‬ ‫رئيسنا رئيس الجمهورية املحبوبة وجميع زعمائنا ورؤستنا املتقين‬ ‫الى ما فيه رضاه ‪::‬‬

‫‪93‬‬


.


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.