حدتو ذاكرة المقاومة 1956

Page 1

1


‫حدتى‬ ‫ذاكرة المقاومت فً بىرسعٍد ‪1956‬‬

‫‪2‬‬


3


‫د‪.‬أحمد القصٍر‬

‫حدتى‬ ‫ذاكرة المقاومت فً بىرسعٍد‬ ‫‪1956‬‬

‫دار الثقافت الجدٌدة‬ ‫‪4‬‬


‫حدتى ذاكرة المقاومت فً بىرسعٍد ‪1956‬‬ ‫د‪.‬أحمد القصٍر‬ ‫الطبعت األولى ‪2010‬‬

‫تصمٍم الغالف‪ :‬د‪.‬أحمد القصٍر‬ ‫لىحت ظهر الغالف‪ :‬لعضى حدتى الراحل الفنان زهدي‬ ‫حقىق النشر والطبع محفىظت للمؤلف‬

‫دار الثقافت الجدٌدة‬ ‫‪5‬‬


‫حدتو ذاكرة المقاومة في بورسعيد عام ‪1956‬‬ ‫‪ -1‬مدخل‬ ‫أنجزت منظمة “الحركة الديمقراطية لمتحرر الكطني ” المعركفة‬ ‫باسـ “حدتك” أدكا ار رائدة كرئيسية في تاريخ مصر الحديث‪.‬‬ ‫كتركت بصماتيا عمى صفحاتو‪ .‬كقد كضعت جدكؿ أعماؿ‬

‫الحركة الكطنية في أربعينات كخمسينات القرف العشريف‪،‬‬

‫كحققت الكثير مف بنكده‪ .‬كما كاف قادتيا كككادرىا ركادا في‬ ‫مجاالت عديدة منيا السياسية كاألدبية كالفكرية‪ .‬كفي‬

‫كاقع‬

‫األمر جسدت حدتك حالة فكرية نضالية مستمرة في التاريخ‬ ‫حسبما أكضحنا في كتابات سابقة‪ .‬كعمى الرغـ مف ذلؾ كاجو‬ ‫أصحاب تمؾ اإلنجازات التاريخية التنكيل كالتنكر ألدكارىـ ال‬ ‫مف قكػ التخمف كأعداء الشعب فحسب بل كمف قكػ كطنية‬ ‫مفترض أنيا حميفة ‪.‬‬ ‫برز دكر حدتك في مجاالت نشر الفكر الكطني ك الدعكة إلى‬ ‫االستقالؿ كالمساكاة كالحرية كمحاربة الصييكنية‪ .‬كقاـ قادتيا‬ ‫‪6‬‬


‫كككادرىا بتأسيس المجنة الكطنية لمطمبة كالعماؿ كقيادة اليبة‬ ‫الشعبية عاـ‬

‫‪ ،1946‬كأسيمكا‬

‫بأدكار رئيسية‬

‫ؼ الحركة‬ ‫ؼ‬

‫الجماىيرية كحماية الحريات كفي الكفا ح المسمح ضد القكات‬

‫البريطانية في السنكات األكلى مف خمسينات القرف العشريف‪.‬‬

‫كما برز دكرىـ في مجاؿ تأسيس النقابات كخمق حركة عمالية‬ ‫نشطة في المناطق العمالية الشييرة مثل شب ار الخيمة كالمحمة‬ ‫الكبرػ كا إلسكندرية كبكرسعيد‪ .‬كفضال عف ذلؾ انفردت حدتك‬ ‫بالعمل كسط الفالحيف كداخل الجيش‪ ،‬كقامت بدكر رئيسي في‬ ‫ثكرة ‪ 23‬يكليك ‪ .1952‬كما برز دكرىا بشكل ساطع في مجاؿ‬ ‫نشر فكر التحرر كالمساكاة كفي مياديف اإلبداع الفكرؼ كاألدبي‬ ‫كفنكف الصحافة كالثقافة السينمائية كاألفالـ الركائية كالتسجيمية‬

‫كالفف التشكيمي‪.‬‬ ‫إف المبدعيف مف أبناء حدتك أ سيمكا في خمق حركة أدبية‬ ‫كثقافية كفنية شكمت ثقافة جديدة في المجتمع المصرؼ‪ .‬ككانكا‬ ‫طالئع مغردة بالكطنية كحب الكطف‪ .‬كعمى الرغـ مف كل ذلؾ‬ ‫تعرض ىؤالء الطالئع لالضطياد كالتنكيل ك‬ ‫‪7‬‬

‫ـ حاكلة طمس‬


‫دكرىـ في بعض المجاالت كانكاره‪ .‬كيمكف أف نشير في ىذا‬ ‫الصدد إلى أف دكر حدتك قي ثكرة ‪ 23‬يكليك ‪ 1952‬تعرض‬ ‫لمحاكالت التجاىل كاإلنكار‪ .‬كما حدث نفس الشئ بالنسبة‬ ‫لدكرىا البطكلي في المقاكمة الشعبية في بكرسعيد كتكحيد‬ ‫مختمف فصائميا في جبية متحدة أثناء العدكاف الثالثي‬

‫عمى‬

‫مصر عاـ ‪ .1956‬كقد شنت ذلؾ العدكاف اسرائيل كبريطانيا‬ ‫كفرنسا كقامت خاللو القكات األنجمك‪ -‬فرنسية باحتالؿ مدينة‬ ‫بكرسعيد‪ .‬كيشكل دكر حدتك في تمؾ المقاكمة‬

‫مكضكع ىذا‬

‫الكتاب‪ .‬كقد سبق أف تناكلنا دكر حدتك في تأسيس كبناء تنظيـ‬ ‫الضباط األحرار كفي قياـ ثكرة ‪ 23‬يكليك ‪ 1952‬خاصة في‬ ‫كتاب "حدتك ذاكرة كطف"‪.‬‬

‫لكف ال يزاؿ بعض الناصر ؼيف‬

‫يحاكلكف إنكار ىذا الدكر مع أنو محفكر عمميا في صفحات‬ ‫التاريخ‪ .‬كعمى سبيل المثاؿ ذكر سامي شرؼ الكزير السابق‬ ‫كسكرتير الرئيس جماؿ عبدالناصر لممعمكمات‬

‫في كتابو‬

‫"سنكات كأياـ مع جماؿ عبدالناصر" الصادر عاـ ‪ 2006‬ما‬ ‫يمي‪" :‬يقكؿ شيكعيك حدتك‪ ،‬كىـ فصيل مف التيار الشيكعي في‬ ‫‪8‬‬


‫مصر أف الضباط كبعض المدنييف في ىذا الفصيل ىـ الذيف‬ ‫قامكا أك بمعنى أصح ىـ الذيف صنعكا ثكرة يكليك"‪.‬‬ ‫لـ يذكر سامي شرؼ ذلؾ الكالـ بغرض تأكيد دكر حدتك كانما‬ ‫بقصد التقميل مف شأنو‪ .‬لكف حقائق التاريخ ال تخضع لألىكاء‪.‬‬ ‫فإف دكر حدتك في ثكرة يكليك راسخ في التاريخ‪ .‬كىناؾ ضركرة‬ ‫إلى اإلشارة إلى بعض الحقائق التي نعتقد أنيا ال تغيب عف‬ ‫شخصية مثل سامي شرؼ‪ .‬كسكؼ نتناكؿ ىذا المكضكع بمزيد‬ ‫مف التفصيل كالمعمكمات في مكاف آخر لمتأكيد عمى األدكار‬ ‫الرئيسية لحدتك فيما يتعمق بثكرة‬

‫‪ 23‬يكليك ‪ 1952‬كعالقة‬

‫التحالف كالصراع مع عبدالناصر‪ .‬لكننا نكد اآلف أف نشدد فقط‬ ‫عمى أف حدتك لـ تقـ بدكر رئيسي في بناء تنظيـ الضباط‬ ‫قط ‪ ،‬بل كانت طكاؿ‬ ‫األحرار كفي قياـ ثكرة ‪ 23‬يكليك ‪ 1952‬ؼ‬ ‫الفترة بيف قياـ الثكرة كحتى منتصف يناير ‪ 1953‬طرفا رئيسيا‬ ‫في الصراع داخل مجمس قيادة الثكرة حكؿ مستقبل الحكـ في‬ ‫مصر كقضية الديمقراطية‪ .‬ككاف يمثل حدتك في مجمس قيادة‬ ‫الثكرة يكسف صديق صاحب الدكر الرئيسي في تحقيق الثكرة‬ ‫‪9‬‬


‫كخالد محي الديف صاحب النفكذ السياسي في سالح الفرساف‪،‬‬ ‫أؼ سالح المدرعات‪ .‬كتمسؾ االثناف بضركرة تطبيق برنامج‬ ‫الضباط األحرار بما في ذلؾ إقامة حياة برلمانية‪ .‬كقد استقاؿ‬ ‫يكسف صديق مف مجمس قيادة الثكرة في منتصف يناير‬ ‫‪ 1953‬بمجرد إلغاء األحزاب السياسية كاعتراضا عمى اعتقاؿ‬ ‫بعض ضباط الجيش‪ .‬كظل مدافعا عف مكاقفو‪ ،‬كتعرض‬ ‫لتحديد اإلقامة كالنفي إلى الخارج‪ ،‬لكنو عاد إلى مصر س ار‪.‬‬ ‫كما تـ اعتقالو كمعو زكجتو كبعض أفراد أسرتو بالسجف‬ ‫الحربي‪ .‬فقد طالب خالؿ أزمة مارس ‪ 1954‬بتشكيل حككمة‬ ‫جبية كطنية مف كافة القكػ السياسية إلجراء انتخابات نيابية‪.‬‬ ‫كبعث بمذكرة بيذا ِالشأف إلى رئيس الجميكرية نشرتيا صحيفة‬ ‫المصرؼ تحت العنكاف الرئيسي بالصفحة األكلى‪ .‬كظل يكسف‬ ‫صديق معتقال بالسجف الحربي منذ أبريل‬

‫‪ 1954‬حتى مايك‬

‫‪.1955‬‬ ‫كما كاف أبناء حدتك بيف ضباط سالح الفرساف ىـ الذيف طالبكا‬ ‫بضركرة إيقاؼ السمككيات الخاطئة لبعض ضباط الثكرة‬ ‫‪10‬‬


‫كمحاسبة أصحابيا‪ .‬كفضال عف ذلؾ كاف ضباط حدتك بسالح‬ ‫الفرساف أيضا ىـ الذيف أجبركا عبدالناصر كمجمس قيادة‬ ‫الثكرة عمى اتخاذ ق اررات ‪ 25‬مارس ‪ 1954‬التي كانت تقضي‬ ‫بعكدة الحياة اؿنيابية كاقامة جميكرية برلمانية‪ .‬كىي الق اررات‬ ‫التي ألغاىا عبدالناصر كمجمس الثكرة‬

‫بعد صدكرىا بأياـ‬

‫معدكدة‪.‬‬ ‫ىنا استقاؿ خالد محي الديف مف مجمس قياد‬

‫ة الثكرة‪ ،‬كجرػ‬

‫إبعاده إلى أكركبا‪ .‬كما تـ التنكيل بضباط حدتك بسالح الفرساف‬ ‫كتشريدىـ‪ .‬فقد تـ إلقاء القبض علػ ىؤالء الضباط كتعرضكا‬ ‫للمحاكـ ة ‪ .‬كصدرت أحكاـ ضد أربعة منيـ ىـ أحمد المصرؼ‬ ‫كأحمد قدرؼ كحسني الصاكؼ كعزت األلفي‪ .‬كما تـ فصل‬ ‫جميع ضباط حدتك بسالح الفرساف مف الجيش‪.‬‬ ‫‪ -2‬حدتو ذاكرة المقاومة في بورسعيد‬ ‫قامت حدتك بأدكار رئيسية كحاسمة في تنظيـ المقاكمة الشعبية‬ ‫في بكرسعيد أثناء العدكاف الثالثي كاحتالؿ القكات البريطانية‬ ‫‪11‬‬


‫كالفرنسية لممدينة عاـ ‪ .1956‬كشمل ذلؾ المقاكمة المسمحة‪،‬‬ ‫كرصد قكات العدك‪ ،‬كتكجيو المقاتميف كنقميـ إلى أماكف تجمع‬ ‫تمؾ القكات‪ ،‬كالمساىمة في إخفاء السالح‪ ،‬كتعبئة األىالي‪،‬‬ ‫كشحذ ركح التحدؼ كالمقاكمة‪ ،‬كطباعة المنشكرات كتكزيعيا‪،‬‬ ‫كتنظيـ مظاىرات تحدت مدرعات العدك كدباباتو‪ .‬كما قامت‬ ‫بدكر أساسي في تكحيد فصائل المقاكمة في "الجبية المتحدة‬ ‫لممقاكمة الشعبية"‪ ،‬كأصدرت مجمة "االنتصار" الناطقة باسـ‬

‫ىذه الجبية ‪ .‬كلعب أبناء حدتك خاصة الذيف ينتمكف إلى مدينة‬ ‫بكرسعيد ذاتيا أدكا ار محكرية في تمؾ المياـ النضالية‪.‬‬ ‫كأبرز ىؤالء ابراىيـ ىاجكج كأحمد شكقي المرجاكؼ كصالح‬

‫دىب كعبدالمحسف الحفناكؼ‪ .‬كما كاف معيـ النقابي أحمد‬ ‫كامل جميل رئيس نقابة شركة إسك‪ .‬كتحمل ىؤالء في شجاعة‬ ‫كصالبة عبء تمؾ المياـ طكاؿ أربعة أسابيع كاممة‪.‬‬

‫كتمثل‬

‫تمؾ األسابيع المرحمتيف األكلى كالثانية مف مراحل المقاكمة‬ ‫الثالث‪ .‬كفي المرحمة الثالثة انضـ إلييـ عشرة زمالء مف خارج‬ ‫بكرسعيد‪.‬‬ ‫‪12‬‬


‫البد أف نكضح بأنو عند بدء العدكاف كاف‬

‫يكجد إلى جانب‬

‫أبناء حدتك البكرسعيدييف الذيف ذكرنا أسماءىـ آنفا‬

‫ثالثة‬

‫أعضاء آخريف مف حدتك مف خارج بكرسعيد‪ .‬كىـ سعد رحمي‬ ‫عضك المجنة المركزية لحدتك كالمس‬

‫غكؿ عف نشاط حدتك‬

‫بالمدينة‪ ،‬كدمحم منير مكافي كىك ضابط صغير في الجيش‬ ‫برتبة مالزـ ‪ ،‬كسعد عبدالمطيف المحامي عضك لجنة منطقة‬ ‫كجو بحرؼ بحدتك‪ .‬كىي المجنة التي كانت تشرؼ عمى النشاط‬ ‫الحزبي لحدتك في محافظات الكجو البحرؼ‪ .‬غير أف بكرسعيد‬ ‫كانت تشكل منطقة حزبية مستقمة تابعة لممركز في القاىرة‪.‬‬ ‫كنكد التنكيو بأف مشاركة سعد عبدالمطيف في المقاكمة كانت‬ ‫خالؿ المرحمة األكلى ألنو غادر بكرسعيد بعد ذلؾ حسبما‬ ‫سنكضح فيما بعد‪.‬‬ ‫في األسبكع الخامس‪ ،‬أؼ في بداية المرحمة الثالثة‪ ،‬انضـ إلي‬ ‫أؤلئؾ األبطاؿ عشرة زمالء مف الحزب الشيكعي المصرؼ‬ ‫حدتك مف خارج بكرسعيد‪ .‬كىك ما زاد مف قدراتيـ كخبراتيـ‬ ‫النضالية‪ .‬كقد تسممكا إلى المدينة عبر بحيرة المنزلة‪ .‬كجرػ‬ ‫‪13‬‬


‫المخابرات كالصاعقة ‪ .‬ككاف‬

‫ذلؾ بمعاكنة عدد مف ضباط‬

‫ىؤالء الزمالء ينقسمكف إلى مجمكعتيف‪ .‬كضمت المجمكعة‬ ‫األكلى سبعة زمالء تسممكا إلى بكرسعيد عمى أنيـ صياد‬

‫كف‬

‫عمى دفعتيف خالؿ ليمتيف متتاليتيف‪ .‬كحممكا معيـ ماكينات‬ ‫ركنيك لمطباعة كأحبارا كاستنسل كأكراؽ طباعة‪ .‬كينبغي التنكيو‬ ‫أف ابراىيـ ىاجكج اشترؾ مع ىذه المجمكعة في تيريب أدكات‬ ‫الطباعة‪ .‬ككاف قد خرج مف بكرسعيد لممرة الثانية لمدة يكـ‬ ‫كاحد‪ .‬كسكؼ نشير فيما بعد لعممية خركجو األكلى مف‬ ‫بكرسعيد س ار مع زمالء آخريف بعد األسبكع األكؿ مف العدكاف‪.‬‬ ‫كفي ليمة ثالثة تسممت المجمكعة الثانية عمى أنيـ تجار‬ ‫خض اركات‪ .‬ككاف عددىـ ثالثة زمالء‪ .‬كقد حممكا معيـ‬ ‫"أكميشيات" مجمة "االنتصار" التي أعدتيا دار الفكر بالقاىرة‪.‬‬ ‫كىي دار نشر تابعة لحدتك‪ .‬كما حممكا "ماكيت" لممجمة‪.‬‬ ‫‪ -3‬تاريخ توفرت وثائقو‬ ‫لـ تصدر كتابات كافية حكؿ دكر حدتك البطكلي في المقاكمة‬ ‫ببكرسعيد عمى الرغـ مف تكفر المصادر‪ .‬كنعني بتمؾ المصادر‬ ‫‪14‬‬


‫كافة منشكرات كبيانات المقاكمة خاصة التي صدرت عف‬ ‫"المجنة العميا لممقاكمة الشعبية" أك " الجبية المتحدة لممقاكمة‬ ‫الشعبية"‪ .‬كال يمكف أف ننسى أيضا العدد األكؿ كالعدد الثاني‬ ‫مف مجمة "االنتصار" الناطقة باسـ الجبية‬

‫المتحدة لممقاكمة‬

‫الشعبية‪ .‬كعالكة عمى ذلؾ فقد كضع الزميالف أحمد شكقي‬ ‫المرجاكؼ كصالح دىب تقري ار عف "الجبية المتحدة لممقاكمة‬ ‫الشعبية"‪ .‬كتضمف ىذا التقرير تدكينا لدكر حدتك في أحداث‬ ‫المقاكمة كتطكراتيا منذ بدء العدكاف ‪ .‬كما احتكػ عمى نسخ مف‬ ‫كافة الكثائق التي صدرت عف المقاكمة‪ .‬كتنبع أىمية ىذا‬ ‫التقرير مف أف صالح دىب كالمرجاكؼ ليسا مجرد شاىدؼ‬ ‫عياف‪ ،‬بل ألنيما أيضا مف أبطاؿ المقاكمة كقادتيا طكاؿ فترة‬ ‫العدكاف‪ .‬كفضال عف ذلؾ ىناؾ التقرير الذؼ كضعو أبناء‬ ‫حدتك في بكرسعيد بعد األياـ العشرة األكلى مف العدكاف كأرسمكه‬ ‫إلى خارج بكرسعيد لكل مف زمالئيـ كضباط بالجيش ليـ صمة‬ ‫بالمقاكمة‪ .‬كتضمف ذلؾ التقرير تقديرات لعدد قكات العدك‬ ‫كتكزيعيا في بكرسعيد كأكضاع المدينة كاحتياجاتيا‪ .‬كينبغي أف‬ ‫‪15‬‬


‫نشير أيضا إلى التقارير التي أرسميا سعد رحمي مف داخل‬ ‫المدينة إلى قيادة حدتك حكؿ المقاكمة كأكضاع المدينة‪ .‬كىذه‬ ‫مجرد أمثمة لمكثائق التي كانت متكفرة‪ .‬كتشكل ىذه الكثائق‬ ‫مصادر أكلية‪ ،‬لكف لـ يتـ نشرىا رغـ أنيا كانت في حكزة قيادة‬ ‫حدتك‪ .‬كقد ظير بعض ما احتكتو تمؾ الكثائق مف معمكمات‬ ‫في مطبكعات محددة مثل كتاب "أياـ االنتصار" تأليف أحمد‬ ‫رفاعي كعبدالمنعـ شتمة‪ .‬كىك عمل رغـ أىميتو ال يقدـ تغطية‬

‫شاممة لممقاكمة كبطكالت أبناء حدتك ‪ .‬فيك كتيب صغير يتككف‬ ‫مف ‪ 40‬صفحة مف بينيا حكالي ‪ 15‬صفحة عبارة عف بعض‬ ‫بيانات لممقاكمة كبعض الصكر‪ .‬كتعتبر تمؾ البيانات في حد‬ ‫ذاتيا كثائق نادرة‪ .‬كمف بينيا عمى سبيل المثاؿ البياف الثاني‬ ‫"لمجنة العميا لممقاكمة الشعبية" التي أسستيا حدتك كالذؼ أعمف‬ ‫إباحة دـ كل مف يتعامل مع العدك‪ .‬كمف بينيا أيضا بياف‬ ‫تكحيد فصائل المقاكمة في "الجبية المتحدة لممقاكمة"‪.‬‬ ‫صدر ىذا الكتيب بمناسبة مركر عاـ عمى المعركة‪ .‬كما‬ ‫احتكػ عمى معمكمات عف المقاكمة جاءت في تقرير أحمد‬ ‫‪16‬‬

‫كقد‬


‫شكقي المرجاكؼ كصالح دىب عف "الجبية المتحدة لممقاكمة‬ ‫الشعبية" الذؼ أشرنا إليو آنفا ‪.‬‬ ‫كيتمثل العمل الثاني الياـ الذؼ صدر عف دكر حدتك في‬ ‫المقاكمة في كتاب "بكرسعيد‪ ...‬أياـ المقاكمة" تأليف كماؿ‬ ‫القمش كالصادر عاـ‬

‫‪ .1997‬كىك عبارة عف تسجيل‬

‫شبو‬

‫تفصيمي لدكر حدتك في المقاكمة استنادا إلى حكارات مع‬ ‫الزميل ابراىيـ ىاجكج أحد ككادر حدتك البارزيف مف أبناء‬ ‫بكرسعيد كصاحب الدكر المحكرؼ في عممية المقاكمة‪.‬‬ ‫‪ -4‬محاوالت إنكار دور حدتو‬

‫عمى الرغـ مف ىذه الحقائق فإف بعض الناصرييف يحاكلكف‬

‫إنكار ذلؾ الدكر التاريخي لحدتك‪ .‬كمف جانب آخر فإف أبناء‬ ‫حدتك تعرضكا لمتنكيل كاالضطياد بدءا مف نياية العدكاف‬ ‫كطكاؿ السنكات التالية‪ .‬ككاف بينيـ بالطبع أصحاب تمؾ‬ ‫البطكالت‪ .‬كيمكف أف نشير إلى أمثمة لعمميات االضطياد‪ .‬فقد‬ ‫‪ 1957‬لكف تـ شطب جميع‬

‫جرت انتخابات نيابية في عاـ‬ ‫‪17‬‬


‫المرشحيف الشيكعييف‪ .‬كما شمل المنع مف الترشيح شخصيات‬ ‫كطنية ىامة ليا عالقات كثيقة كنضالية مع حدتك‪ .‬ككاف بينيـ‬ ‫عمى سبيل المثاؿ أبكبكر حمدؼ سيف النصر كىك شخصية‬ ‫كفدية صاحبة تاريخ نضالي‪ .‬كمف بينيـ أيضا أحمد صادؽ‬ ‫عزاـ صاحب امتياز صحيفة المالييف كالعضك القيادؼ بالحزب‬ ‫الكطني الجديد‪ ،‬أؼ حزب فتحي رضكاف‪.‬‬

‫كتـ أيضا‪ ،‬كعمى‬

‫سبيل المثاؿ‪ ،‬منع الضابط أحمد حمركش الذؼ كاف المس غكؿ‬ ‫السياسي لقسـ الجيش بحدتك مف الترشيح مع أنو مف أصحاب‬ ‫األدكار الرئيسية في تنظيـ الضباط األحرار كفي قياـ ثكرة‬ ‫يكليك ذاتيا‪ .‬بل كاف التنسيق في تمؾ األعماؿ يتـ بشكل‬ ‫مباشر بينو كبيف جماؿ عبدالناصر شخصيا‪.‬‬ ‫لـ تسمح الحككمة بالترشيح ألؼ شخص مف حدتك سكػ ألحد‬ ‫المثقفيف‪ .‬كىك د‪.‬عبدالعظيـ أنيس‪ .‬ككانت حدتك ذاتيا رفضت‬ ‫ترشيحىو‪ ،‬كطمبت منو أف ؼتقدـ لمترشيح في دائرة أخرػ‪ .‬لكف ق‬ ‫رفض االقتراح ‪ .‬كأعمنت حدتك تأييدىا لمرشح عمالي بشركة‬ ‫التراـ في تمؾ الدائرة االنتخابية بالعباسية‪ .‬ككاف تأييد حدتك‬ ‫‪18‬‬


‫لممرشح العمالي يعكد إلى ارتباطاتيا الحزبية كالنقابية الكثيقة‬ ‫بعماؿ شركة التراـ‬

‫كمخازنيا بالعباسية‪ .‬ككانت ىذه النقابة‬

‫تمتزـ بالمكاقف السياسية لحدتك‪ .‬كمثاؿ ذلؾ مكقفيا مف قضية‬ ‫الديمقراطية خالؿ أزمة مارس ‪ .1954‬فقد قامت ىذه النقابة‬ ‫خالؿ تمؾ األزمة بتشغيل خطكط التراـ بالقاىرة في مكاجية‬ ‫عممية شل حركة المكاصالت التي شجعتيا‬

‫كحرضت عمييا‬

‫الحككمة كمجمس قيادة الثكرة بيدؼ خمق مناخ يتيح لمجمس‬ ‫الثكرة إلغاء ق اررات ‪ 5‬مارس ك ‪ 25‬مارس ‪ 1954‬التي كانت‬ ‫تقضي بعكدة الحياة النيابية ‪ .‬ك قد قامت الحككمة بقطع تيار‬ ‫الكيرباء عف خطكط التراـ إلجبارىا عمى التكقف‪ .‬كما تـ‬ ‫االعتداء بشكل كحشي عمى محمكد فرغمي رئيس النقابة الذؼ‬ ‫كاف مرتبطا بحدتك‪.‬‬ ‫مف الكاضح أف كراء عدـ اعتراض الحككمة عمى ترشيح‬ ‫شخص رفضت حدتك ترشيحو أكثر مف دافع أك ىدؼ‪ .‬فمف‬ ‫جانب سعت الحككمة إلى إيجاد مكاجية كتعارض بيف المثقفيف‬ ‫كالعماؿ‪ .‬كمف جانب آخر أرادت الحككمة أف تقف ضد حدتك‬ ‫‪19‬‬


‫كأف تناصر عضكا ضد منظمتو‪ .‬كعمى أية حاؿ فقد انفصل‬ ‫ذلؾ العضك عف حدتك منذ ذلؾ التاريخ‪ .‬غير أنو تقدـ في عاـ‬ ‫‪ 1961‬بطمب لالنضماـ ثانية لحدتك لكنيا رفضت ذلؾ الطمب‬ ‫طمب‬ ‫ا‬ ‫كأعمنت بيانا بأسباب الرفض بينما قبمت في نفس الكقت‬ ‫مماثال تقدـ بو محمكد أميف العالـ‪.‬‬ ‫يمكف‬

‫فيما يتعمق باضطياد السمطات الحككمية ألبناء حدتك‬

‫أيضا أف نشير إلى أف تمؾ السمطات لـ تستطع‪ ،‬عمى سبيل‬ ‫المثاؿ‪ ،‬أف تمنع أبناء حدتك مف المشاركة في احتفاؿ بكرسعيد‬ ‫يكـ ‪ 23‬ديسمبر ‪ 1957‬بمناسبة مركر عاـ عمى انسحاب‬ ‫القكات المعتدية‪ .‬كىك االحتفاؿ الذؼ حضره الرئيس جماؿ‬ ‫عبدالناصر‪ .‬لكنيا تعاممت معيـ بطريقة بكليسية‬

‫ال تميق‬

‫بمكانتيـ كأدكارىـ البطكلية في المقاكمة‪ .‬كما ال يمكف أف تميق‬ ‫بمثل تمؾ المناسبة الكطنية‪ .‬فقد عمدت السمطات الحككمية‬ ‫عمى أف يالزـ كل زميل مف حدتك أثناء االحتفاؿ أحد مخبرييا‪.‬‬ ‫ككانت ىذه السمطات تقكـ بمراقبة كل زمالء حدتك في المدينة‬

‫دكف تكقف كبشكل فج منذ جالء القكات البريطانية كالفرنسية‬ ‫‪20‬‬


‫عف المدينة في ‪ 23‬ديسمبر ‪ .1956‬فأماـ باب منزؿ كل زميل‬ ‫مف أبناء حدتك كاف يقف أحد المخبريف ليال كنيا ار دكف‬

‫انقطاع‪ .‬كفي صباح يكـ االحتفاؿ كاف كل مف يغادر منزلو‬ ‫متجيا إلى االحتفاؿ يجد مخب ار يالزمو كظمو ‪ .‬عمى ىذا النحك‬ ‫الغريب تعاممت السمطات الحككمية مع ابطاؿ كاجيكا العدكاف‬ ‫بشجاعة كاصرار‪.‬‬ ‫كنكد أيضا التنكيو بأف بعض أعضاء حدتك مف غير أبناء‬ ‫بكرسعيد الذيف شارككا في المقاكمة انتقمكا مف القاىرة ك اشترككا‬ ‫في ذلؾ االحتفاؿ‪ .‬كنعني ىنا أحمد حجازؼ كشكرؼ‬ ‫عبدالكىاب‪ .‬لكف تـ بعد ذلؾ بعدة أشير اعتقاؿ شكرؼ‬ ‫عبدالكىاب كتعذيبو في السجف الحربي مع عدد آخر مف‬ ‫الزمالء الشيكعييف‪ .‬ككاف ىذا الزميل قد تـ تجنيده في الجيش‬

‫مع عدد مف أعضاء حدتك ‪ ،‬كعمـ المسغكلكف بيكيتيـ السياسية‬

‫كأف شكرؼ عبدالكىاب ذىب إلى بكرسعيد كشارؾ في المقاكمة‪.‬‬ ‫فتـ اعتقاليـ كتعذيبيـ بالسجف الحربي‪.‬‬

‫كتمقى الزميل شكرؼ‬

‫عبدالكىاب جرعات تعذيب أكثر عنفا عقابا لمشاركتو في‬ ‫‪21‬‬


‫المقاكمة‪ .‬كلـ يشفع لو أف االنجميز اعتقمكه كعذبكه كأنو كاجو‬ ‫خطر المكت‪ .‬كما لـ يشفع لو أنو كاف مف الزمالء الذيف‬ ‫شارككا س ار في ظل االحتالؿ في طباعة العدد األكؿ مف مجمة‬ ‫"االنتصار" التي صدرت باسـ "الجبية المتحدة لممقاكمة‬ ‫الشعبية" في بكرسعيد ‪ .‬كما تـ أيضا اعتقاؿ الضابط منير‬ ‫معنا‬

‫مكافي بالسجف الحربي كأمضى بعد ذلؾ سنكات معتقال‬

‫بسجف الكاحات‪ .‬لقد تـ اعتقالو بدال مف تكريمو‪ .‬ككأف االعتقاؿ‬ ‫ىك جزاء مشاركتو في المقاكمة‪.‬‬ ‫كما تـ في أكؿ يناير ‪ ،1959‬أؼ بعد معركة بكرسعيد بعاميف‪،‬‬ ‫كبعض العاطفيف عمييـ‬

‫ضمف‬

‫اعتقاؿ قادة حدتك كككادرىا‬

‫حممة إرىابية ضد الشيكعييف‪ .‬كقامت الحككمة بمحاكـ‬

‫ة‬

‫البعض منيـ أماـ محكمة عسكرية خاصة‪ .‬ككنت شخصيا‬ ‫ضمف الذيف جرت محاكمتيـ‪ .‬كبعد المحاكمة تعرضنا لعممية‬ ‫تعذيب بشعة‪ .‬ك استشيد خالؿ ذلؾ التعذيب القائد الكطني‬ ‫كالمفكر شيدؼ عطية‪ ،‬كىك مف أبرز قادة حدتك‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫إف بعض الناصرييف ؼحاكؿكف إنكار دكر حدتك في المقاكمة‪.‬‬ ‫كيزعـ ىؤالء بأف الشيكعييف لـ يشترككا في المقاكمة‪ .‬لكنيـ في‬

‫سياؽ تمؾ المزاعـ الخاطئة يذكركف أدكا ار عديدة قاـ بيا‬

‫الشيكعيكف في بكرسعيد‪ .‬فمـ يكف باستطاعتيـ تجاىل تمؾ‬ ‫األعماؿ‪ .‬كىي تشكل بالفعل جزءا مف الذاكرة التاريخية ألىالي‬ ‫بكرسعيد كالكطف‪ .‬فمماذا ىذا التناقض؟ عمى سبيل المثاؿ نجد‬ ‫أف يحى الشاعر مؤلف كتاب "الكجو اآلخر لمميدالية ‪ -‬حرب‬ ‫السكيس ‪ "1956‬الصادر عاـ ‪ 2006‬لـ يتناكؿ في كتابو البالغ‬ ‫‪ 744‬صفحة دكر حدتك كأعماليا الرئيسية في مجاؿ المقاكمة‬ ‫الشعبية‪ .‬كعمى سبيل المثاؿ ذكر المؤلف في كتابو اسـ الجبية‬ ‫المتحدة كاسـ مجمة االنتصار دكف أف يشير إلى أف حدتك ىى‬ ‫صاحبة الدكر الرئيسي في تشكيل "الجبية المتحدة لممقاكمة‬ ‫الشعبية"‪ .‬كما لـ يذكر أف حدتك ىي التي أصدرت مجمة‬ ‫االنتصار‪.‬‬ ‫كمف جانب آخر نجد نفس ىذا الكاتب يردد صراخو عبر‬ ‫االنترنت قائال "إف الشيكعييف لـ يشارككا بالمرة في المقاكمة في‬ ‫‪23‬‬


‫بكرسعيد"‪ .‬غير أف ق ذكر في نفس المكضكعات التي نشرىا‬

‫عبر االنترنت عدة أعماؿ قاـ بيا الشيكعيكف في بكرسعيد في‬ ‫مكاجية الغزك كاالحتالؿ عاـ ‪ .1956‬كفيما يمي بعض ما جاء‬ ‫في كتاباتو في ىذا الشأف‪:‬‬

‫أ‪ -‬لقد قاؿ عمى سبيل المثاؿ‪":‬البد مف القكؿ بأف المئات مف‬ ‫أفراد الشعب بأجمعو‪ ،‬بـ ف فييـ الشيكعيكف‪ ،‬قد قاكمكا إنزاؿ‬ ‫المظالت في مطار الجميل كاكتفى نشاطيـ بعد ذلؾ‪ ...‬كاكتفكا‬ ‫بتكزيع بعض المنشكرات عمى أىالي المدينة"‪.‬‬ ‫ب‪ -‬كما قاؿ‬

‫في مكضكع نشره عبر االنترنت بتاريخ‬

‫أكتكبر‪" :2007‬في مقيى ريفكلي تـ المقاء مع مجمكعة مف‬ ‫أعضاء الحزب االشتراكي (مصر الفتاة سابقا) كأعضاء مف‬ ‫الحزب الشيكعي المكحد كبدأ الحديث عف تكحيد الجيكد في‬ ‫المقاكمة‪ .‬كطمب ممثل الحزب الشيكعي أف يقابل المسئكؿ‬ ‫عنيـ‪ ،‬كألف العالقة بينيـ كانت جيدة كىناؾ ثقة قابمكه‬

‫‪24‬‬

‫‪30‬‬


‫بالمسئكؿ كالذؼ عرؼ فيما بعد أنو أحد ضباط الصاعقة‪،‬‬ ‫كاتفقكا عمى تكحيد الجيكد"‪.‬‬ ‫مف الميـ أف نكضح ىنا أف ممثل الشيكعييف في ىذا االجتماع‬ ‫ىك ابراىيـ ىاجكج‪ .‬كىك الذؼ اقترح عمى الحزب االشتراكي‬ ‫تكحيد جيكد المقاكمة‪ .‬كما أف ابراىيـ ىاجكج ىك الذؼ نظـ‬ ‫المظاىرات التي تحدت قكات االحتالؿ‪ .‬ككانت المظاىرة‬ ‫األكلى يكـ ‪ 21‬نكفمبر ‪ 1956‬بمناسبة كصكؿ قكات الطكارغ‬ ‫الدكلية‪ .‬كقد استشيد خالليا طفالف أحدىما ىك حسف حمكد‬ ‫الذؼ كاف قد اندفع كسط المظاىرة حامال صكرة كبيرة لجماؿ‬ ‫عبدالناصر‪ .‬كالطفل الشييد الثاني ىك رمضاف السيد‪.‬‬ ‫بعد كاف ابراىيـ ىاجكج ىك المسئكؿ أيضا مف قبل‬

‫كفيما‬ ‫"الجبية‬

‫المتحدة لممقاكمة الشعبية " عف تنظيـ كقيادة مظاىرة الشيداء‬ ‫يكـ الجمعة ‪ 7‬ديسمبر رغـ رفض محافع بكرسعيد كرجاؿ‬ ‫إدارتو ليذه المظاىرة‪ .‬فقد طمبكا مف ابراىيـ ىاجكج أف يمغييا‬ ‫لكنو رفض‪ .‬كسنتناكؿ فيما بعد ىاتيف المظاىرتيف بشئ مف‬ ‫التفصيل‪.‬‬ ‫‪25‬‬


‫ج‪ -‬التحذير من التعامل مع العدو‬

‫إف حدتك حاضرة دكما حتى عند مف يحاكلكف إنكار دكرىا‪.‬‬ ‫فإف ىؤالء الناكر ؼف يكرركف القكؿ بػأف‬

‫"الشيوعيين الذين‬

‫توجييم حدتو لم يشتركوا في مقاومة العدوان عمى بورسعيد‬

‫عام ‪ ."1956‬لكنيـ في نفس الكقت يذكركف أمثمة عديدة‬

‫لمشاركة حدتك في تمؾ المقاكمة إضافة لما أشرنا إليو آنفا‪ .‬أؼ‬

‫أنيـ يؤكدكف بأنفسيـ ما يحاكلكف عبثا إنكاره‪ .‬فإف كل مف‬

‫يكتب عف المقاكمة يجد أمامو أعماال بارزة قامت بيا حدتك‪.‬‬ ‫كفيما يتعمق بالتحذير مف التعامل مع العدك‪ ،‬عمي سبيل‬ ‫المثاؿ‪ ،‬جاء في نفس المكضكع المنشكر عبر االنترنت المشار‬ ‫إليو آنفا ما يمي‪" :‬كانت بعض تنظيمات المقاكمة تصدر‬ ‫منشكرات بخط اليد تحث الناس عمى عدـ التعامل مع العدك‬

‫كمنيا (تنظيـ اليد السكداء‪ ،‬المنتقمكف األحرار‪ ،‬االنتقاميكف‪،‬‬ ‫جيش سرؼ) ثـ المجنة العميا لممقاكمة الشعبية كىي تابعة‬

‫لمحزب الشيكعي المكحد‪ ،‬كقد كزعت منشك ار مكتكبا عمى اآللة‬ ‫‪26‬‬


‫الكاتبة طالبت فيو الناس باالمتناع عف العمل أك التعاكف مع‬ ‫العدك‪ .‬كحذرت الخكنة مف االنتقاـ"‪.‬‬ ‫تشير تمؾ الكممات إلى المشاركة الكاضحة لمشيكعييف كالى أف‬ ‫منشكراتيـ كانت تصدر مكتكبة عمى اآللة الكاتبة بينما‬ ‫منشكرات كل الجماعات األخرػ مكتكبة بخط اليد‪ .‬أؼ أف‬ ‫إمكانات الشيكعييف كانت ىي األكبر‪ .‬كنحف ننتساءؿ‪ :‬أليست‬ ‫تمؾ مشاركة في اؿمقاكمة؟ إف يحى الشاعر يتحدث ىنا عف‬ ‫دكر الشيكعييف في الدعكة إلى مقاطعة العدك‪ .‬لكنو حاكؿ مف‬ ‫جانب آخر الشكشرة عمى ذلؾ الدكر بالقكؿ إف "الشيكعييف في‬ ‫بكرسعيد يستغمكف أف الناس مرىقة لدرجة كبيرة كاالنجميز‬

‫يقدمكف إغراءات كثيرة لمتعاكف معيـ ككصل األجر الذؼ يقدـ‬ ‫لعشرة أمثاؿ ما كاف العامل يحصل عميو"‪.‬‬ ‫ىنا ينبغي أف نسأؿ صاحب تمؾ الكممات الغريبة كغير‬ ‫المنطقية‪ :‬ىل دعكة الشيكعييف أىالي بكرسعيد إلى عدـ التعامل‬ ‫مع العدك تعني أنيـ يستغمكف أكضاعيـ الصعبة أـ تعني أنيـ‬

‫يطمبكف منيـ المزيد مف التضحية مف أجل الكطف؟‬ ‫‪27‬‬


‫البد أيضا مف تكضيح أف دكر الشيكعييف في ىذا المجاؿ لـ‬ ‫يقتصر عمى كتابة المنشكرات كتكزيعيا أك كتابة الشعارات في‬ ‫الشكارع‪ .‬بل نشطكا كسط األىالي كالنقابات‪ ،‬كدعكا إلى‬ ‫مقاطعة العدك كعدـ التعامل معو‪ ،‬ككجدكا استجابة عامة‬ ‫كقكية‪ .‬كمثاؿ ذلؾ المكاقف الكطنية الرائعة لعماؿ الشحف‬ ‫كالتفريغ‪ .‬ككاف عددىـ حكالي ‪ 1700‬عامل‪ .‬فعندما ذىب أحمد‬ ‫كامل جميل رئيس نقابة شركة إسك‬

‫لمبتركؿ يدعكىـ لممقاطعة‬

‫كجدىـ عمى درجة عالية مف الكعي كيرفضكف بشكل حازـ‬

‫التعاكف مع العدك‪ .‬كعبركا عف مكاقفيـ الكطنية بفخر كاعتزاز‪.‬‬ ‫كعمى سبيل المثاؿ قاؿ عامل شحف كتفريغ اسمو كامل صميب‬ ‫"إحنا كطنييف‪ .‬ككنا مقاطعيف أياـ اليكلندييف كالفرنساكييف لما‬ ‫كانكا بيحاربكا بتكع اليند الصينية‪ ،‬كرفضنا العمل عمى سفنيـ"‪.‬‬ ‫كأضاؼ قائال "إحنا ناس كطنييف كبنكره االستعمار‪ ،‬إحنا‬ ‫صحيح فقراء كرزقنا يكـ بيكـ كحالتنا دلكقتي زفت‪ ،‬لكف مش‬

‫ممكف نتعاكف مع االنجميز"‪ .‬كما قاؿ زميل آخر لو "دكؿ‬

‫عرضكا عمينا أكثر مف عشرة أضعاؼ أجرنا كاحنا مش القييف‬ ‫‪28‬‬


‫نأكل كرفضنا"‪ .‬ككانت لجنة عمالية لممقاكمة قد تشكمت‬ ‫بتكجييات مف حدتك‪ .‬كجاء ىذا التشكيل بناء عمى دعكة مف‬

‫النقابي أحمد كامل جميل‪ .‬كانضـ إلييا نقابيكف مف نقابة عماؿ‬ ‫شركة شل كاف بينيـ دمحم سمطاف سكرتير النقابة‪ .‬كما انضـ‬ ‫إلييا عمي اسماعيل مف نقابة عماؿ الشحف كالتفريغ‪.‬‬

‫‪ -5‬حدتو توحد فصائل المقاومة في جبية متحدة‬ ‫إف الذيف زعمكا أف الشيكعييف لـ يشترككا في المقاكمة في‬

‫بكرسعيد إنما يتجاىمكف حقائق التاريخ التي سجمكىا بأنفسيـ في‬ ‫كتاباتيـ كمف بينيا تشكيل جبية متحدة لممقاكمة‪ .‬فقد‬

‫دعت‬

‫"المجنة العميا لممقاكمة الشعبية" التابعة لحدتك كافة التنظيمات‬ ‫األخرػ لمتكحد معا في جبية كاحدة‪ .‬كاستجاب الجميع ما عدا‬ ‫منظمة كاحدة تابعة لييئة التحرير‪ .‬كىي ىيئة حككمية ‪ .‬كأصدر‬ ‫الجميع بيانا أعمف تأسيس الجبية‪ .‬كيالحع أف‬

‫يحى الشاعر‬

‫الذؼ زعـ بأف الشيكعييف لـ يشترككا في المقاكمة يعترؼ بأف‬ ‫تنظيمات المقاكمة استجابت لشعار الشيكعييف الذؼ دعا إلى‬ ‫‪29‬‬


‫"جبية متحدة لكل الشعب"‪ ،‬كذلؾ عندما قاؿ "كقبمت كل‬

‫اؿتنظيمات ىذا الشعار‪ :‬جيش سرؼ ‪ ،‬اليد السكداء‪ ،‬االنتقاميكف‪،‬‬ ‫كتنظيمات أخرػ‪ .‬كتردد في االشتراؾ منظمة تابعة لييئة‬ ‫التحرير التنظيـ الرسمي كىي منظمة ىاتاشاما"‪.‬‬ ‫ثـ استطرد قائال "كشعر االنجميز بخطكرة تكحيد كل المقاتميف‪،‬‬ ‫كبدأ الطابكر الخامس يشيع أف ىذه الجبية جبية شيكعييف‪،‬‬ ‫جبية الممحديف كالكفرة‪ .‬ككزعكا منشك ار بيذا المعنى ككزعكه‬ ‫بالطائرات‪ .‬كلـ يكف غريبا عمييـ‪ ،‬كلكف األشد غرابة أف يياجـ‬ ‫الجبية كيحاكؿ النيل منيا تحت نفس الشعار ككصفيا بالجبية‬ ‫الممحدة اإلخكاف المسمميف"‪.‬‬

‫يبدك أف يحى الشاعر ال يريد أف يتخمى عف مكاقفو المتناقضة‪.‬‬ ‫فيك مف جانب كبكصفو أحد أبناء بكرسعيد يتحدث عف أشياء‬

‫حدثت بالفعل‪ ،‬كلكف يبدك أنو يستنكر أف يككف أصحاب تمؾ‬

‫األعماؿ ينتمكف إلى حدتك‪ .‬كليذا كضع كالمو السابق اإلشارة‬ ‫إليو تحت عنكاف زائف يقكؿ "أصدرت الجبية الشيكعية في‬ ‫بكرسعيد بيانا كاذبا أعمنت فيو تكحيد كل المقاتميف"‪.‬‬ ‫‪30‬‬

‫كىنا‬


‫نتساءؿ‪ :‬كيف يقكؿ أف الجبية الشيكعية أصدرت‬ ‫أعمنت فيو تكحيد كل المقاتميف"‬

‫"بيانا كاذبا‬

‫ثـ يقكؿ بعد ذلؾ مباشرة إف‬

‫قكات العدك شعرت بخطكرة المكقف‪ .‬بل قاؿ بالحرؼ الكاحد‬

‫"كشعر االنجميز بخطكرة تكحيد كل المقاتميف"‪ .‬يا لو مف‬

‫تناقض!‬

‫كمف دالئل ىذا التناقض أيضا أف صاحب تمؾ الكممات أكرد‬

‫فقرة ىامة مف المنشكر الذؼ ردت بو الجبية عمى مزاعـ العدك‬

‫في منشكره الذؼ كزعو بالطائرة‪ .‬كىي فقرة تبرز دكر الشيكعييف‬

‫في المقاكمة‪.‬‬ ‫فقد قاؿ‬

‫"اجتمعت الجبية كأصدرت منشك ار يدافع عف‬

‫الشيكعييف المنضميف لمجبية‪ .‬كقاؿ المنش ػكر إف ق ػذه الجبية‬ ‫جبية كل الشعب المقاتل ضد االستعمار كالعدكاف بصرؼ‬ ‫النظر عف أرائيـ الخاصة كأفكارىـ‪ ،‬إنيا جبية الكطنييف‬ ‫المعادية لمعدكاف كالمناضميف ضده‪ ،‬كالشيكعيكف كطنيكف‬ ‫كأعداء االستعمار كقاتمكا كيقاتل ػكف ض ػده"‪( .‬أنظر‪ :‬موقع ٌحى‬

‫الشاعر على االنترنت )‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن الجبهت شكلت‬ ‫‪31‬‬


‫قكات ضاربة مقاتمة مف جميع القكػ كالفئات‬

‫بمف في ذلؾ‬

‫رجاؿ الشرطة‪ .‬ككاف مف بينيـ عمى سبيل المثاؿ اليكزباشى‬ ‫عزالديف األمير الذؼ كاف يقكد مجمكعة مف مكزعي الصحف‬ ‫كالخبز كالبمبكطية كالشباب‪ .‬كما كاف ليذا الضابط دكر رئيسي‬ ‫في عممية خطف الضابط االنجميزؼ مكر ىاكس‪ .‬فقد شارؾ‬ ‫في التخطيط ليذه العممية كتنفيذىا‪.‬‬ ‫‪ -1/5‬مساىمة بعض الجاليات في المقاومة‬ ‫أسيمت بعض الجاليات العربية كاألجنبية المقيمة في بكرسعيد‬ ‫في عممية المقاكمة‪ .‬كتعاكنت بشكل فعاؿ مع الجبيو المتحدة‬ ‫لممقاكمة الشعبية‪ .‬فقد قامت منظمة "أيككا‬

‫" لتحرير قبرص‬

‫ك"المجنة السكدانية لمقاكمة االستعمار" بتنسيق نشاطيما في‬ ‫ىذا المجاؿ مع الجبية‪ .‬كينبغي أف نشير إلى أف المنشكرات‬ ‫المشتركة التي صدرت عف "الجبية المتحدة لممقاكمة الشعبية"‬ ‫كمنظمة "أيككا" القبرصية كانت مكتكبة بالمغتيف العربية‬ ‫كاليكنانية‪ .‬ككانت صفحة المنشكر مقسمة إلى عامكديف‪ .‬كفي‬ ‫‪32‬‬


‫العامكد األيمف يقع النص العربي بينما يقع النص اليكناني‬ ‫لممنشكر في العامكد األيسر مف الصفحة‪ .‬كبينما كاف‬

‫اليكنانيكف يدعمكف المقاكمة كانت أبناء بعض الجاليات‬

‫األجنبية األخرػ مثل الجالية المالطية يشكمكف جزءا مف‬ ‫الطابكر الخامس لمعدك‪ .‬كعند جالء قكات االحتالؿ عف المدينة‬ ‫أخذت معيا عناصر الطابكر الخامس إلى خارج البالد ‪.‬‬ ‫‪ -6‬مراحل مشاركة حدتو في المقاومة‬ ‫أشرنا مف قبل إلى أف دكر حدتك في المقاكمة في بكرسعيد مر‬ ‫بثالث مراحل‪ .‬كتشكل ىذه المراحل في مجمكعيا ممحمة‬ ‫نضالية كحمقة مف حمقات الذاكرة الكطنية‪ .‬كتمثمت المرحمة‬ ‫األكلي في األياـ العشرة األكلى لمعدكاف‪ .‬كبدأت المرحمة الثانية‬ ‫مع عكدة مجمكعة مف ككادر حدتك مف أبناء بكرسعيد إلى‬ ‫المدينة‪ .‬ككاف ىؤالء قد خرجكا منيا س ار عف طريق بحيرة‬ ‫المنزلة بعد انقضاء األسبكع األكؿ لمعدكاف‪ .‬كىؤالء الزمالء ىـ‬ ‫ابراىيـ ىاجكج كأحمد شكقي المرجاكؼ‪ .‬ككاف معيـ سعد رحمي‬ ‫كسعد عبدالمطيف المحامي‪ .‬كىما مف غير أبناء بكرسعيد‪ .‬كقد‬ ‫‪33‬‬


‫التقكا فكر خركجيـ بزمالئيـ مف أبناء حدتك كبعض ضباط‬ ‫عبدالناصر في المطرية كالحممية كالزقازيق‪ ،‬كتمقكا تدريبا‬ ‫عسكريا سريعا بقرية الحممية بمركز أبكحماد‪ ،‬كعاد ثالثة منيـ‬ ‫إلى بكرسعيد س ار بعد يكميف عف طريق بحيرة المنزلة‪ .‬كقد‬ ‫امتدت المرحمة الثانية ما بيف اليكـ العاشر كنياية األسبكع‬ ‫الرابع لمعدكاف‪ .‬كتبدأ المرحمة الثالثة بخركج ابراىيـ ىاجكج س ار‬ ‫لممرة الثانية لمدة يكـ كاحد كعكدتو إلى بكرسعيد مع عدد مف‬ ‫أبناء حدتك حامميف معيـ ركنيكىات كأحبار‬

‫ا كأدكات كأكراؽ‬

‫طباعة‪ .‬كسكؼ نتناكؿ ىذا األمر تفصيال فيما بعد‪.‬‬ ‫‪ -7‬أعمال بارزة في المرحمة األولى‬ ‫قامت حدتك بأدكار أساسية في تنظيـ المقاكمة الشعبية كحشدىا‬ ‫كتكحيدىا في مكاجية االحتالؿ األنجمك فرنسي‪ .‬كتمكنت مف‬ ‫القياـ بتمؾ األدكار بفضل جذكرىا المغركسة في تربة بكرسعيد‪.‬‬ ‫كقاـ بغرس تمؾ الجذكر عدد مف المناضميف المنتميف إلييا‬

‫‪34‬‬


‫كالذيف كلدكا عمى أراضييا‪ .‬فقد لعبت ىذه الككادر مف أبناء‬ ‫حدتك البكرسعيدييف دك ار رئيسيا في ىذا المجاؿ‪.‬‬ ‫كقد ذكرنا مف قبل أسماء ىؤالء األبطاؿ الذيف شارككا في‬ ‫اؿـ قاكمة‪ .‬غير أف مف الميـ أف نشير إلى أف بعض أبناء‬ ‫بكرسعيد الذيف شارككا في غرس جذكر حدتك النضالية في تربة‬ ‫المدينة لـ يتح ليـ المشاركة في المقاكمة‪ .‬كنعني ىنا الزميميف‬ ‫أحمد عبدالعميـ كنصر حمكد‪ .‬فقد كانا في المعتقل عند كقكع‬ ‫العدكاف‪.‬‬ ‫أشرنا مف قبل إلى أعضاء حدتك الذيف كاجيكا العدكاف منذ‬ ‫بدايتو سكاء مف أبناء بكرسعيد أك الزمالء الثالثة الذيف مف‬ ‫خارجيا‪ .‬كقد عاش ىؤالء األبطاؿ جميعا داخل بكرسعيد منذ‬ ‫بداية اليجكـ االسرائيمي يكـ ‪ 29‬أكتكبر مرك ار باإلنذار األنجمك‬ ‫فرنسي‪ ،‬ثـ عمميات اإلنزاؿ الجكؼ لقكات المظالت‪ ،‬كضرب‬ ‫األحياء السكنية بالقنابل الحارقة كاإلنزاؿ البحرؼ‪ .‬كأنجزكا‬ ‫أعماال بطكلية خالؿ األياـ العشرة األكلي مف العدكاف كطكاؿ‬ ‫فترة االحتالؿ الذؼ انتيى في ‪ 23‬ديسمبر ‪. 1956‬‬ ‫‪35‬‬


‫‪ -1/7‬مدينة م قاتمة‬ ‫سطرت المدينة ممحمة أسطكرية في المقاكمة‪ .‬كشارؾ فييا‬ ‫الجميع مف أىالي كرجاؿ مف الشرطة كالجيش‪ .‬كقد اختمط‬ ‫الجيش باألىالي كنقل مدافعو ككضعيا في الشكارع تحت‬ ‫البكاكي‪ .‬كبدا أف العدك لـ يكف يتكقع تمؾ المقاكمة العنيفة مف‬ ‫جانب المدفعية كالمقاكمة الشعبية‪ .‬كفي مكاجية المقاكمة‬ ‫العنيفة قرر العدك إحراؽ المدينة مف الجك‪ .‬كقد أحبطت‬ ‫المقاكمة خطط العدك إلنزاؿ جنكده مف البكارج عمى الشاطئ‪.‬‬ ‫لذلؾ ركز أيضا عمى قصف شاطئ البحر حيث تكجد المقاكمة‬ ‫في الكبائف كفيما بينيا‪ .‬كأحرؽ العدك األحياء التي تتركز فييا‬

‫المقاكمة‪ .‬كمف بينيا حي المناخ المزدحـ بالسكاف كبيكتو‬ ‫الخشبية‪ ،‬بيكت العماؿ كالصيادييف كالحرفييف‪ ،‬كما أحرقكا حي‬ ‫الجميل حيث تتركز المقاكمة الشعبية أيضا‪ .‬كتحكلت بكرسعيد‬ ‫إلى كتمة ليب‪ .‬ككانت جثث الضحايا تتكدس في الشكارع‪.‬‬ ‫كاجو األىالي كل ذلؾ بشجاعة فائقة‪ .‬كظيرت ضركرة إلخالء‬ ‫‪36‬‬


‫النساء كاألطفاؿ مف المدينة التي تحترؽ كتدمر‪.‬‬

‫كفي تمؾ‬

‫األكضاع الصعبة برزت بطكالت عديدة‪ .‬كعمى سبيل المثاؿ‬ ‫ذىبت مجمكعة مف األىالي‪ ،‬كسط قصف ال يتكقف عمى‬ ‫القناة‪ ،‬كنقمكا المنشات مف القناة إلى بحيرة المنزلة عمى عربات‬ ‫كارك‪ .‬كتـ استخداـ تمؾ المنشات في إخالء النساء كاألطفاؿ‬ ‫عف طريق البحيرة‪ .‬كفي تمؾ العممية البطكلية استشيد عمي‬ ‫شمبي رئيس نقابة سائقي المنشات‪ .‬كشيد يكـ ‪ 5‬نكفمبر أعماال‬ ‫نضالية ىامة عمى نطاؽ المدينة شارؾ فييا الشيكعيكف أبناء‬

‫حدتك‪ .‬كيمكف أف نشير إلى بعض ما قامكا بو‪.‬‬ ‫‪ -2/7‬توزيع السالح عمى األىالي‬ ‫في صباح يكـ ‪ 5‬نكفمبر قاـ الضابط منير مكافي‪ ،‬كىك مف‬ ‫أبناء حدتك حسبما أكضحنا مف قبل‪ ،‬بإحضار عربة نقل‬ ‫محممة بالسالح كالذخيرة كأنزؿ حمكلتيا في شارع كسرػ قائال‬ ‫لألىالي"السالح أىو خدكه"‪ .‬ككرر ىذه العممية مرة ثانية ‪ .‬كبعد‬ ‫ذلؾ أخذ األىالي إلى قطار محمل بالسالح كالذخيرة‬ ‫‪37‬‬

‫كاف قد‬


‫كصل إلى محطة بكرسعيد يكـ ‪ 3‬نكفمبر لكي يتـ تسميح أىالي‬ ‫المدينة‪ .‬لكف ظل السالح بعربات القطار كلـ يتـ تكزيعو‪ .‬كقاـ‬ ‫األىالي الذيف كجييـ منير مكافي إلى محطة القطارات بتكسير‬ ‫أقفاؿ عربات القطار كأنزلكا ما بيا مف سالح كذخيرة‪ .‬كبيذا‬

‫أصبح جميع أىالي بكرسعيد يحممكف السالح‪ .‬كتجمعكا في‬ ‫الشكارع كأقامكا فييا المتاريس‪.‬‬

‫‪ -3/7‬ىاجوج وسعد عبدالمطيف يوجيان األىالي بسيارة‬ ‫مكشوفة‬ ‫في نفس يكـ ‪ 5‬نكفمبر قاـ أبناء حدتك بأدكار بطكلية أخرػ‪.‬‬ ‫فقد كانت ىناؾ دعايات مضممة لألىالي‪ .‬كعمى سبيل المثاؿ‬ ‫كاف يتـ اإلعالف عمى أف ىناؾ إنزاال لمقكات المعتدية في‬ ‫مناطق معينة بينما يتـ اإلنزاؿ في مناطق أخرػ‪ .‬كحاكؿ‬ ‫ابراىيـ ىاجكج كأحمد شكقي المرجاكؼ أخذ عربة مف عربات‬ ‫مصمحة االستعالمات لمتنقل بيا في شكارع المدينة لتكعية‬ ‫األىالي كتكجيييـ ألماكف نزكؿ القكات المعتدية‪ ،‬لكنيـ لـ‬ ‫‪38‬‬


‫يجدكا أؼ عربات‪ .‬كاستطاعكا إقناع سائق عربة جيب مكشكفة‬ ‫تابعة لسالح خفر السكاحل بأف يضع السيارة تحت تصرفيـ‬ ‫كأف يتحرؾ معيـ‪ .‬كركب ىاجكج كسعد عبدالمطيف العربة‬ ‫يخطبف في الشكارع عف الكطف كالمخاطر التي تيدده‪.‬‬ ‫ا‬ ‫كأخذا‬ ‫كدعكا الناس إلى "عدـ إطالؽ الرصاص بدكف ىدؼ"‪" ،‬كل‬ ‫رصاصة بانجميزؼ"‪" ،‬لف نسمح لمعدك بأف يمر"‪ ،‬ك"سنقاتل كلف‬ ‫نمقي السالح"‪.‬‬ ‫كاف الناس يتجمعكف حكؿ السيارة‪ ،‬كيتـ تكجيييـ إلى مكاقع‬ ‫تجمعات قكات العدك في المالحة كالجميل كساحل بكرسعيد‪.‬‬ ‫كما تـ إيقاؼ سيارات النقل كجرػ استخداميا في نقل‬ ‫المسمحيف إلى أماكف تجمعات العدك‪ .‬كانت تمؾ مبادرة‬

‫شجاعة‪ .‬ككاف الناس يتزاحمكف لمقاتمة العدك كىـ يقكلكف "يال‬ ‫نمكت رجالو"‪.‬‬ ‫قاؿ ابراىيـ ىاجكج في كمماتو التي سجميا زميمنا كماؿ القمش‬ ‫عف المقاكمة في بكرسعيد‪" :‬كانت ميمتنا أف نجعل الناس‬

‫يسيطركف عمى أنفسيـ"‪ .‬كما قاؿ عف نفسو كعف زميمو في‬ ‫‪39‬‬


‫حدتك سعد عبدالمطيف المحامي "إف نفكسيـ كانت مشحكنة‬ ‫بعكامل مختمفة‪ ،‬نحف نسير بعربة مكشكفة‪ .‬كمف الممكف ألؼ‬ ‫كبالطبع كنت خائفا‪ ،‬كلكف البد أف‬ ‫ػ‬ ‫رصاصة طائشة أف تقتمنا‪.‬‬ ‫نكاصل‪ ...‬كاف البد أف نكاصل بيف لحظات الخكؼ كالمغامرة‬ ‫كالبطكلة‪ ،‬خاصة أف الناس كانكا يتكجيكف دائما بالسؤاؿ‬

‫نحكؼ‪ :‬نركح فيف يا أبكخميل‪ ،‬نعمل إيو؟"‪ .‬كفي شارع الحميدؼ‬ ‫ىاجمت طائرة لمعدك السيارة أثناء قياـ ىاجكج كسعد‬ ‫عبدالمطيف بالخطابة في مجمكعة مف الناس‪ .‬فدخمكا في حارة‬ ‫ضيقة ثـ قفزكا مف السيارة كدخمكا أحد المنازؿ‪ .‬كبعد لحع ات‬ ‫تـ قذؼ السيارة بالقنابل كتدميرىا‪.‬‬ ‫‪ -4/7‬أعمال أخرى ألبناء حدتو يوم ‪ 5‬نوفمبر‬ ‫في نفس يكـ ‪ 5‬نكفمبر قاـ أعضاء الحزب الشيكعي المكحد‬ ‫حدتك بأعماؿ عديدة‪ .‬ككانكا يصدركف أكثر مف منشكر يكميا‬ ‫لمتكعية كلشرح أىداؼ العدكاف كالدفاع عف جماؿ عبدالناصر‬ ‫كرمز لممقاكمة‪ .‬كما تناكلت المنشكرات بيانات عف تحركات‬ ‫‪40‬‬


‫العدك‪ .‬ككانت مكتكبة باأللة الكاتبة‪ .‬كما تـ كتابة‬

‫الشعارات‬

‫التالية عمى الجد ارف‪" :‬حافع عمى سالحؾ" ك"لف يمر العدك إال‬ ‫عمى جثثنا"‪ .‬جرػ ؾػؿ ذلؾ تح ػت قصف القنابل كاحراؽ العدك‬ ‫لممدينة‪ ،‬ككسط الجثث التي تغطي الشكارع‪ ،‬كاختالط الجيش‬ ‫باألىالي‪ ،‬كالمدافع الثقيمة التي جرػ تكزيعيا تحت البكاكي في‬ ‫الشكارع‪ .‬كاألىالي يجمعكف الغذاء لمجرحى العائديف مف سيناء‪،‬‬ ‫كيضمدكف جراحيـ‪.‬‬ ‫‪ -8‬تناقض موقف السمطة‬ ‫جرت محاكالت إلنكار دكر أبناء حدتك كأعماليـ البطكلية في‬ ‫المقاكمة حسبما أشرنا مف قبل‪.‬‬

‫كىى محاكالت اشترؾ فييا‬

‫بعض رجاؿ المخابرات كبعض المس غكليف الناصرييف حسبما‬ ‫يظير في بعض المكاقع عمى االنترنت‪ .‬كعمي سبيل المثاؿ‬ ‫نشر بعض ىؤالء مكضكعا عنكانو "لـ يشترؾ الحزب الشيكعي‬ ‫في المقاكمة السرية في بكرسعيد"‪ .‬كجاء فيو "أنفي ما يدعيو‬ ‫الحزب الشيكعي كأطالب الحزب الشيكعي أف يثبت العكس"‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫كما جاء في نفس المكضكع ما يمي‪" :‬كالحمد هلل ما زاؿ عمى‬ ‫قيد الحياة كل مف السادة عبدالفتاح ابكالفضل كسعد عفرة‬ ‫كسمير غانـ كسامي شرؼ السكرتير السابق لمرئس جماؿ‬ ‫عبدالناصر كالكزير السابق كأنا لننفي ىذا االدعاء‪ ..‬كننفي ما‬ ‫يدعيو الحزب الشيكعي كنتحدػ الحزب الشيكعي أف يثبت‬ ‫العكس "‪.‬‬ ‫الغريب أف الضباط عبدالفتاح ابكالفضل كسعد عفرة كسمير‬ ‫غانـ كانكا مف ضباط المخابرات المسغكليف عف المقاكمة في‬ ‫فترة العدكاف الثالثي كتعاممكا مع الشيكعييف الذيف شارككا في‬ ‫تمؾ المقاكمة‪ .‬كما أنيـ يعرفكف جيدا أف‬

‫"الجبية المتحدة‬

‫لممقاكمة الشعبية " التي شكميا الشيكعيكف في بكرسعيد كانت‪،‬‬

‫عمى سبيل المثاؿ‪ ،‬ىي المس غكلة مع بعض ضباط الصاعقة‬ ‫عف حفع األمف في حي العرب في بكرسعيد في أعقاب‬ ‫انسحاب القكات المعتدية مف ذلؾ الحي في منتصف ديسمبر‬ ‫كتمركزىا في حي ا إلفرنج‪ .‬كقد أذاعت الصحفية أمينة شفيق‬ ‫زكجة عبدالمنعـ القصاص عضك الجبية كالذؼ شارؾ ضمف‬ ‫‪42‬‬


‫أبناء حدتك في المقاكمة بيانيف في ىذا الشأف أحدىما باسـ‬

‫المحافع كآخر باسـ الجبية‪ .‬كقامت بذلؾ مف خالؿ ميكرفكف‬ ‫عمى عربة طافت شكارع المدينة‪ .‬فقد تمكنت الجبية مف قيادة‬ ‫جماىير بكرسعيد التي كانت تنتظر تكجيياتيا‪.‬‬ ‫كعالكة عمى ذلؾ فإف الضابط سعد عفرة كىك أحد األشخاص‬

‫الذيف يدعكف بأف الشيكعييف لـ يشترككا في المقاكمة حصل‬

‫مف حدتك عمى عدة كثائق عف دكر الشيكعييف في المقاكمة‪.‬‬ ‫فقد استمـ في عاـ ‪ 1957‬مف الزميل أحمد عبدالعميـ‪ ،‬كىك مف‬ ‫ككادر حدتك كمف أبناء بكرسعيد‪ ،‬ركنيك طباعة كاف يستخدـ‬ ‫في طباعة منشكرات المقاكمة كمطبكعاتيا‪ .‬كما استمـ نسخا‬ ‫مف كافة تمؾ اؿمنشكرات كاؿمطبكعات كذلؾ لكي يتـ كضعيا‬ ‫في المتحف الحربي‪ .‬كىك ما يعني أف بعض ضباط المخابرت‬

‫ينكركف حقائق التاريخ ال عف عدـ عمـ بيا كانما عف عمد‪.‬‬ ‫يبدك أ ف بعض أصحاب المزاعـ التي تحاكؿ إنكار دكر‬ ‫الشيكعييف ينسكف أنيـ سجمكا في كتاباتيـ أعماال عديدة‬

‫لمشيكعييف في بكرسعيد حسبما أكضحنا مف قبل‪ .‬كما أنيـ‬ ‫‪43‬‬


‫يتجاىمكف أيضا أف بعض زمالئيـ مف ضباط الجيش‬ ‫كالمخابرات الذيف ليـ صمة بالمقاكمة شيدكا بالمحكمة أثناء‬ ‫محاكمات الشيكعييف باالسكندرية في‬

‫‪ 1959‬ك ‪ 1960‬بأف‬

‫الشيكعييف شارككا في المقاكمة في بكرسعيد‪.‬‬ ‫ينبغي أف نكضح أيضا أف ىناؾ ما يشير إلى أف رجاؿ‬

‫المخابرات الذيف ينكركف دكر الشيكعييف قد اعترفكا في كاقع‬ ‫األمر بأىمية ىذا الدكر بالفعل في بكرسعيد‪ .‬فقد جاء في‬ ‫كتابات أحد أكلئؾ الذيف تحدكا الشيكعييف أف يثبتكا أنيـ‬ ‫اشترككا في المقاكمة ما يكضح أف المخابرات ذاتيا كانت‬ ‫تعرؼ أىمية الشيكعييف كخبراتيـ كدكرىـ المؤثر في بكرسعيد‪.‬‬ ‫فقد قاؿ عمى سبيل المثاؿ "اتخذت المخابرات العامة القرار‬ ‫بضركرة إحتكاء نشاط الشيكعييف كاالستفادة مف شبكتيـ السرية‬ ‫المكجكدة‪ ،‬كاستغالؿ خبرة نشاطاتيـ الحزبية كالتأثير عمييا‬ ‫كتكجيييا بشكل مؤقت لتدعيـ نشاطات المقاكمة في المدينة"‪.‬‬ ‫إف ىذه الكممات إنما تعكس تناقض مكقف السمطة‪ .‬فيي ال‬ ‫تريد أف تتخمى عف عدائيا لمشيكعييف كتصر عمى إنكار دكرىـ‬ ‫‪44‬‬


‫كتتكجس ش ار تجاه ىؤالء المناضميف المخمصيف لمكطف‪ .‬كفي‬ ‫نفس الكقت كجدت ىذه السمطة أف ىؤالء المناضميف الشيكعييف‬ ‫أبناء حدتك ليـ جذكر في المدينة كيحظكف بثقة أىالييا‪ .‬فإف‬ ‫المكاقف الكطنية ألبناء حدتك كنضاليـ كتضحياتيـ جعمتيـ‬

‫يتمتعكف بثقة أىالي بكرسعيد كينجحكف في قيادتيـ خاصة في‬ ‫كقت عصيب في ظل االحتالؿ‪.‬‬ ‫ليذا قررت المخابرات االستفادة مف خبرات الشيكعييف كمكانتيـ‬ ‫في المدينة حسب الكممات التي أشرنا إلييا آنفا كالتي كتبيا‬ ‫شخص كثيق الصمة بالمخابرات كالسمطة الناصرية‪ .‬كىي‬ ‫كممات تشير في حد ذاتيا كبغض النظر عف دكافعيا إلى أف‬ ‫دكر الشيكعييف كاف ىاما خالؿ احتالؿ القكات البريطانية‬ ‫كالفرنسية لممدينة في ‪ .1956‬لـ يكتف ىذا الكاتب بذلؾ‪ .‬بل‬ ‫قاؿ أيضا إف "المخابرات لفت نظرىا ازدياد نشاط خاليا من‬ ‫الحزب الموحد الذي توجيو حدتو‪،‬‬

‫فبدأ االستعداد الكقائي‬

‫الحتكاء نشاطاتيـ التي قد بدأت تتطكر كتستغل حقيقة تكزيع‬

‫السالح عمى جميع أفراد الشعب دكف تفرقة"‪.‬‬ ‫‪45‬‬


‫ما ىذا الكالـ!؟ إننا أماـ أحد المكاقف التي تتسـ بالعبثية‪ .‬فقد‬ ‫كاف أبناء حدتك يكجيكف كل طاقاتيـ بل كأركاحيـ في مكاجية‬ ‫عدكاف أجنبي مدمر بينما كانت بعض أجيزة الدكلة تقكـ‬ ‫بمراقبتيـ‪ .‬إف األمر يدعك إلى ما ىك أكثر مف االستغراب‪ .‬فإف‬ ‫البالد كانت تقاتل الغزاة كتكاجو مخاطر المصير بينما تنشغل‬ ‫بعض أجيزة الدكلة بمراقبة رجاؿ المقاكمة األشداء في كقت‬ ‫انيارت فيو بعض أجيزة الحككمة ذاتيا في المدينة‪ .‬يبدك أف‬ ‫ىذا الكاتب الذؼ تحدث عف المخابرات كجد أف دكر الشيكعييف‬ ‫في بكرسعيد كاف بار از كلو تأثيره كيصعب إنكاره فحاكؿ إثارة‬ ‫البمبمة كالتقميل مف شأنو‪.‬‬ ‫‪ -9‬المرحمة الثانية وخروج بعض كوادر حدتو مؤقتا من‬ ‫بورسعيد‬ ‫في األياـ األكلى لمعدكاف شاىد أحد الزمالء ضابط المخابرات‬

‫البريطانية جكف كليامز‪ ،‬الذؼ عمل مف قبل عدة سنكات في‬ ‫منطقة القناة كيتحدث المغة العربية بطالقة‪ ،‬يدخل مبنى‬ ‫‪46‬‬


‫المباحث العامة بالمدينة‪ .‬كقاـ ىذا الزميل بإبالغ الزمالء‬ ‫باحتماؿ كجكد مخاطر تيدد‬

‫الشيكعييف المعركفيف لممباحث‬

‫العامة كالمخابرات البريطانية‪ .‬كذلؾ ألف كليامز سيطمع عمى‬ ‫الممفات الخاصة بيـ المكجكدة بالمباحث العامة‪ .‬كقد بمغت‬ ‫خطكرة ضابط المخابرات ىذا إلى حد تمكنو مف معرفة أماكف‬ ‫ضباط الصاعقة كتـ إلقاء‬

‫اختباء أكثر مف مجمكعة مف‬

‫القبض عمييـ‪ .‬كاستطاعت المقاكمة فيما بعد أف تترصده كأف‬ ‫تصيبو كىك في سيارتو بقنبمة يدكية أدت إلى كفاتو بالرغـ مف‬ ‫نقمو لمعالج بكاسطة طائرة ىميكككبتر‪.‬‬ ‫ككاف إلقاء اؿ ؽبض عمى ضباط الصاعقة مف دكافع خطف‬ ‫الضابط االنجميزؼ مكر ىاكس‪ ،‬كىك ابف عمة الممكة اليزابيث‬ ‫ممكة بريطانيا‪ ،‬لكي يتـ مبادلتو بضباط الصاعقة المقبكض‬ ‫عمييـ‪ .‬لكف اإلجراءات المحمكمة التي اتخذتيا السمطات‬ ‫البريطانية لمبحث عنو أدت إلى اختناقو ككفاتو في مكاف‬

‫احتجازه‪ .‬كقد تمت عممية الخطف ىذه قبل أياـ مف قتل جكف‬ ‫كيميامز‪.‬‬ ‫‪47‬‬


‫ت عقد اجتماع حزبي لمناقشة ما سكؼ يترتب عمى دخكؿ‬ ‫ـ‬ ‫ضابط المخابرات البريطاني مبنى المباحث العامة‪ .‬كحضر‬ ‫االجتماع عدد مف الزمالء األساسييف في حدتك‪ .‬كتقرر أف‬ ‫يخرج مف المدينة مؤقتا الزـ يالف ابراىيـ ىاجكج كأحمد شكقي‬ ‫المرجاكؼ مف أبناء بكرسعيد ‪ .‬كما تقرر أف يخرج معيـ ا سعد‬ ‫رحمي كسعد عبدالمطيف مف غير أبناء بكرسعيد‪ ،‬كأف يظل في‬ ‫المدينة الزمالء غير المعركفيف لممباحث العامة كالمخابراات‬ ‫البريطانية ليكاصمكا النضاؿ‪ .‬كما تقرر أف يمتقي الذيف‬

‫سيغادركف المدينة بالقيادييف في القاىرة كأف يعكدكا بخطة‬ ‫مناسبة لمعمل السرؼ في ظل كجكد قكات االحتالؿ‪ .‬كتـ‬ ‫الخركج مف المدينة عف طريق بحيرة المنزلة‪ .‬ككاف ذلؾ بعد‬ ‫انقضاء األسبكع األكؿ مف العدكاف‪ .‬كصمكا إلى المطرية في‬ ‫الصباح كالتقكا بزمالء حزبييف‪ ،‬كتمقكا في نفس اليكـ كفي‬

‫صباح اليكـ التالي تدريبا عسكريا سريعا بقرية الحممية‪ .‬كانتقمكا‬ ‫في نفس اليكـ لمدينة الزقازيق‪ .‬كالتقى الزمالء الثالثة سعد‬ ‫رحمي كىاجكج كالمرجاكؼ بزمالء ليـ مف حدتك كبعض ضباط‬ ‫‪48‬‬


‫الجيش كالذيف تـ التنسيق معيـ ليقكمكا بتنظيـ عممية التسمل‬ ‫إلى بكرسعيد‪ .‬كطمب ضباط الجيش مف الزمالء الذيف‬

‫سيعكدكف إلى بكرسعيد بإعداد تقرير يتضمف عدد قكات العدك‬ ‫كتكزيعيا‪ ،‬كأماكف الطائرات كالدبابات‪ ،‬كشكل العالمات‬ ‫المكجكدة عمى الكاسكتات كعمى السيارات عالكة عمى حالة‬ ‫الناس كاإلدارة المحمية كالتمكيف في المدينة‪ .‬ثـ انتقل الجميع‬ ‫مف الزقازيق إلى‬

‫المطرية لكي يعكد الزمالء الثالثة إلى‬

‫بكرسعيد‪ .‬كلكف لـ تسمح الظركؼ في تمؾ الميمة إال بتسمل‬ ‫ابراىيـ ىاجكج كحده بينما انتظر سعد رحمي كأحمد شكقي‬ ‫المرجاكؼ حتى الميمة التالية‪.‬‬ ‫ينبغي التنكيو بأف جميع الضباط األعضاء في حدتك الذيف‬ ‫كانكا قد ترككا الجيش أك تـ طردىـ منو بسبب عقيدتيـ‬ ‫كمكاقفيـ السياسية المناصرة لمديمقراطية عادكا بعد العدكاف‬ ‫الرتداء البدلة العسكرية لمدفاع عف الكطف‪ .‬كفي ىذا اإلطار‬ ‫تكلى قيادة المنطقة الشرقية بالزقازيق الضابط السابق لطفي‬ ‫كاكد كالذؼ جرت محاكمتو بسبب مطالبتو بالديمقراطية بعد‬ ‫‪49‬‬


‫انفصاؿ سكريا عف مصر‪ .‬ككاف مف أبناء حدتك كأصبح فيما‬ ‫بعد مف أقطاب حزب التجمع‪ .‬كتجدر اإلشارة إلى أف القيادة‬ ‫الشرقية بالزقازيق أصدرت لي تصريحا بحمل السالح لكي أقكـ‬ ‫بتدريب األىالي بمنطقة الصالحية‪ .‬ككاف ذلؾ التصريح بتكقيع‬ ‫لطفي كاكد‪ .‬كلـ أكف آنذاؾ عمى معرفة شخصية بو‪ .‬كالبد مف‬ ‫التنكيو أيضا بأف الضابط السابق آماؿ المرصفي كاف ضمف‬ ‫أركاف حرب المنطقة الشرقية‪ .‬كىك مف الذيف حممكا السالح ليمة‬ ‫ثكرة ‪ 23‬يكليك ‪ .1952‬كما كاف مف أعضاء حدتك في سالح‬ ‫الفرساف‪ ،‬لكف تـ طرده مف الجيش لمطالبتو بالديمقراطية‬ ‫كالحياة النيابية مع زمالئو في السالح مف أعضاء حدتك خالؿ‬ ‫أزمة مارس ‪ .1954‬كلكنو عاد لممشاركة في معركة صد‬ ‫العدكاف ثـ ترؾ الجيش بعد ذلؾ‪.‬‬ ‫‪ -10‬جمع معمومات عن قوات االحتالل‬ ‫بعد عكدة الزمالء الثالثة ابراىيـ ىاجكج كأحمد شكقي المرجاكؼ‬ ‫عقد اجتماع حضره بعض‬

‫كسعد رحمي إلى بكرسعيد تـ‬ ‫‪50‬‬


‫الزمالء كعدد مف الشباب العاطفيف عمى الحزب‪ .‬كجرت‬ ‫مناقشة المياـ المطمكبة الخاصة بجمع معمكمات عف قكات‬ ‫العدك كتكزيعيا كعف حالة الناس في المدينة كاألكضاع‬

‫التمكينية‪ .‬كنقل ابراىيـ ىاجكج لممجتمعيف مضمكف المياـ التي‬ ‫طمبيا الضباط الذيف التقى بيـ في مدينة الزقازيق‪ .‬كتـ تكميف‬ ‫عشرة أشخاص بالقياـ بيذه المياـ عمى أف يمتقي الجميع في‬ ‫صباح اليكـ التالي‪.‬‬

‫كمف المفارقات أف الشخص الذؼ ال يمل ترديد كممات زاعقة‬

‫تقكؿ إف الشيكعييف لـ يشترككا بالمرة في المقاكمة السرية في‬ ‫بكرسعيد كتب عف ىذا االجتماع في مكقعو عمى االنترنت‬

‫قائال‪" :‬في مقيى الطناحي كالذؼ يتجمع فيو مجمكعات كبيرة‬ ‫مف الشباب جمع عبدالمحسف (يقصد الزميل عبدالمحسف‬

‫الحفناكؼ أحد ككادر حدتك‪ -‬المؤلف) مجمكعة منيـ ليحدثيـ‬

‫ابراىيـ ىاجكج الذؼ شرح ليـ الكضع السياسي لممدينة كالميمة‬

‫العاجمة المطمكبة فك ار‪ .‬كىي جمع أكبر عدد مف المعمكمات‬

‫عف العدك‪ ،‬كشرح ليـ الطريقة التي يمكف بيا رصد كتجميع‬ ‫‪51‬‬


‫المعمكمات ككزع العمل عمييـ عمى كعد المقاء في اليكـ‬

‫التالي"‪ .‬كما أضاؼ قائال عف نفس المكضكع كعف زميمنا‬

‫ابراىيـ ىاجكج "في اليكـ التالي تقابل مع الشباب في مقيى‬ ‫ريفكلي لمحصكؿ عمى المعمكمات‪ .‬ككانت الحصيمة مذىمة‬

‫لدرجة كبيرة‪ .‬جمع الشباب معمكمات عمى قدر عاؿ مف‬

‫األىمية كالدقة كتفننكا في الحصكؿ عمى المعمكمات"‪ .‬ىذه‬

‫شيادة كاضحة عف عمل شديد األىمية قاـ بو الشيكعيكف في‬

‫ظل العدكاف‪ .‬كىي شيادة كتبيا شخص يعمف بشكل دائـ عدـ‬ ‫مشاركة الشيكعييف في المقاكمة‪ .‬كىنا نتساءؿ‪ :‬ىل ىناؾ‬

‫تناقض أكثر مف ذلؾ؟‬

‫كطبقا لما قالو ابراىيـ ىاجكج عف نفس المكضكع فإنو‬

‫اتضح‬

‫في اليكـ التالي أف الجميع نجح تماما في إنجاز الميمة‪ .‬كعمى‬ ‫سبيل المثاؿ اتجو أحمد كامل جميل رئيس نقابة عماؿ شركة‬

‫أسك كمعو عربة كارك إلى منطقة الرسكة حيث شركات أسك‬ ‫كسكككني فاككـ كشل‪ ،‬كاستطاع أف يحصي عددا كبي ار مف‬

‫الجنكد كالعربات كالدبابات‪ .‬كما أف المعركة أثرت في الشاب‬

‫طالب الثانكية الذؼ كاف يبدك أنو ليس معنيا إال بأناقتو كخمقت‬ ‫‪52‬‬


‫مفق شخصية تتمتع بقدرات فائقة‪ .‬فقد ظل طكاؿ النيار في‬

‫ميداف المحافظة حيث أكبر تجمع لمعدك‪ .‬كأخذ يعد العربات‬

‫التي تخرج أك تدخل‪ ،‬كيسجل العالمات‪ ،‬كيرسـ الالفتات‪.‬‬

‫كتعرض لمخاطر القبض عميو كالقتل‪ .‬كاستطاع بذكاء ككسط‬

‫مخاطر شديدة أف يجمع معمكمات عمى قدر كبير مف األىمية‬

‫عف قكات العدك كتسميحيا‪ .‬أما الشاب دمحم الذؼ كاف يخشى‬ ‫مف قبل االرتباط بالشيكعييف فقد أخذ يطمب بإلحاح قبكلو‬

‫عضكا بالحزب‪ ،‬كتطكع لمقياـ بأعماؿ خطرة‪.‬‬

‫‪ .‬ازداد تأجج‬

‫الركح الكطنية كسط المعركة كالمخاطر‪ .‬كجمعت مجمكعة‬ ‫صغيرة في يكـ كاحد معمكمات عمى درجة عالية مف الدقة‬

‫كاألىمية‪ .‬جرػ تقدير قكات العدك بخمسة كستيف ألف جندؼ‪.‬‬

‫كاتضح فيما بعد أف ىذا الرقـ قريب مف الصحة كأنو يقل قميال‬

‫عف الرقـ الحقيقي‪ .‬كقاـ ىاجكج بكتابة التقرير ليال‪ .‬كتضمف‬ ‫التقرير خريطة لمدينة بكرسعيد بيا أماكف طائرات العدك‪،‬‬ ‫كتكزيع قكاتو كأماكف تكاجدىا‪ ،‬كحجـ كل تجمع كنكعو‬

‫بالتفصيل‪ .‬كما أشار التقرير إلى مكقف اإلدارة المحمية‬

‫كسمبياتو كالى أف التمكيف المكجكد في المدينة يكفي لشير‬ ‫‪53‬‬


‫كاحد‪ .‬ككاف صالح دىب ىك الذؼ حصل عمى المعمكمات‬

‫الخاصة بالتمكيف‪.‬‬

‫أكضح التقرير أف المدينة في احتياج إلى النقكد كالخض اركات‪.‬‬ ‫كما اقترح أف يقكـ المحافع باالتفاؽ مع البنكؾ بصرؼ مرتبات‬ ‫المكظفيف كعماؿ الشركات كاعانات لألىالي‪.‬‬

‫كأشار التقرير‬

‫أيضا إلى ضركرة كصكؿ مجمكعة مف الزمالء الحزبييف‬ ‫المدربيف عسكريا لممساعدة في تنظيـ أعماؿ المقاكمة‪ .‬كقاـ‬ ‫ىاجكج بإرساؿ التقرير إلى المطرية عف طريق الصياد الحاج‬ ‫محمكد الذؼ كاف قد قاـ بإعادة ىاجكج إلى بكرسعيد متسمال‬ ‫في قاربو‪ .‬كشارؾ في إنجاز ىذا العمل كاعداد الخريطة عدد‬ ‫مف المناضميف بينيـ أحمد شكقي المرجاكؼ كصالح دىب‬ ‫كعبدالمحسف الحفناكؼ كأحمد كامل جميل ‪.‬‬ ‫‪ -11‬حدتو ترد عمى دعايات العدو ومنشوراتو‬ ‫اثناء جمسة زمالء حدتك لمناقشة المعمكمات التي تـ جمعيا‬ ‫عف قكات العدك كزع االنجميز بكاسطة الطائرة منشك ار بالمغة‬ ‫‪54‬‬


‫العربية يياجـ الجيش كعبدالناصر كيقكؿ‪ :‬إف جيش ناصر‬ ‫ىرب ضباطو كلـ يدافع عف أىالي المدينة كاف ناصر‬

‫كعصابتو يمرحكف اآلف في القاىرة‪ .‬كعمى الفكر قاـ الشيكعيكف‬ ‫بالرد عمى ذلؾ المنشكر‪ .‬ككزعكا منشك ار تحدث عف مقاكمة‬ ‫الجيش البطكلية في الدفاع عف بكرسعيد‪ .‬كأشار إلى بعض‬ ‫الكقائع كالمكاقع كالى بطكالت المدفعية‪ .‬كما تحدث عف الذيف‬ ‫استشيدكا مف الضباط كالجنكد دفاعا عف المدينة‪ .‬كاختتـ‬ ‫المنشكر بشعار عبدالناصر "سنقاتل‪ ..‬سنقاتل" عالكة عمى‬ ‫شعارؼ "المكت لألعداء" ك "عاش جماؿ رمز المقاكمة"‪ .‬كلعب‬ ‫سعد رحمي دك ار أساسيا في كتابة المنشكرات‪ .‬ككاف أحدىا‬ ‫باالنجميزية مكجيا لجنكد االحتالؿ‪ .‬كساعدت منظمة‬

‫"أيككا"‬

‫القبرصية في تكزيعو بيف قكات االحتالؿ ذاتيا‪.‬‬ ‫‪ -12‬المجنة العميا لممقاومة الشعبية‬ ‫شكمت حدتك بعد األسبكع األكؿ مف العدكاف‬

‫"المجنة العميا‬

‫لممقاكمة الشعبية "‪ .‬كتأسست فركع ليا عمى مستكػ األحياء‬ ‫‪55‬‬


‫كالشكارع الكبرػ‪ .‬ككاف صالح دىب ىك المس غكؿ حزبيا عف‬ ‫المجنة‪ .‬كمف األمكر التي تثير االنتباه أف بعض الذيف ينكركف‬ ‫قاؿكا إف "ىذه المجنة تابعة‬ ‫عمى الشيكعيكف دكرىـ في المقاكمة ػ‬ ‫لمحزب الشيوعي الموحد الذي توجيو حدتو"‪.‬‬

‫كىنا نقكؿ إف الكاقع يفرض نفسو؛ فإف دكر الشيكعييف البطكلي‬ ‫في المقاكمة في بكرسعيد ال يمكف أف يزكؿ مف التاريخ‪ .‬كقد‬

‫كانت ىذه المجنة العميا لممقاكمة ىي التي قامت بالدكر‬

‫الرئيسي في تكحيد فصائل المقاكمة بالمدينة في "الجبية‬

‫المتحدة لممقاكمة الشعبية"‪.‬‬

‫ي أول مظاىرة في ظل االحتالل يوم‬ ‫‪ -13‬تنظ م‬

‫‪ 21‬نوفمبر‬

‫‪1956‬‬ ‫اجتمع زمالء الحزب الشيكعي المصرؼ حدتك كقرركا االستفادة‬ ‫مف كصكؿ قكات الطكارغ الدكلية المزمع كصكليا لممدينة يكـ‬

‫‪ 21‬نكفمبر‪ .‬كفكركا في القياـ بمظاىرة إلعطاء دفعة لألىالي‬ ‫كرفع معنكياتيـ‪ .‬فقد تكقعكا أف يتجمع البكرسعيديكف ليشاىدكا‬ ‫‪56‬‬


‫كصكؿ قكات الطكارغ الدكلية‪ .‬كليذا قرركا استقباليا بمظاىرة‬ ‫تعطي دفعة لمعنكيات الجماىير‪.‬‬

‫كفي ىذا الصدد قاؿ ابراىيـ ىاجكج "اجتمعنا‪ .‬كحشدنا كل قكانا‬ ‫مف الشباب‪ ،‬كجمعنا أكبر قدر مف صكر عبدالناصر‪ ،‬لصقنا‬

‫عددا منيا عمى لكحات مف الخشب كأصبحت كالفتات‪ ،‬عممنا‬

‫الفتات مف القماش كتبت عمييا الشعارات‪ :‬يسقط االستعمار‪،‬‬ ‫عاش جماؿ رمز المقاكمة‪ ،‬المكت لممعتديف‪ ،‬عاشت كحدة‬

‫الشعب كالجيش كالحككمة‪ .‬كتبنا الشعارات بالفرنسية‬

‫كاالنجميزية كالعربية‪ .‬أخفينا ىذا كمو كطكيناه‪ ،‬كزعنا حممة‬

‫الالفتات كالشعارات في أماؾػف متفرقة بيف الناس المتجمعة في‬

‫محطة السكؾ الحديدية‪ ،‬مئات مف الرجاؿ كالنساء كاألطفاؿ في‬

‫انتظار رؤية البكليس الدكلي"‪.‬‬

‫عندما كصل القطار حامال تمؾ القكات قادما مف مطار‬

‫أبكصكير ارتفعت تمؾ الالفتات‪ .‬كتـ حمل أحد الزمالء عمى‬

‫األكتاؼ‪ .‬كىتف عاش جماؿ عبدالناصر كيسقط االستعمار‪.‬‬ ‫شعر األىالي بالذىكؿ‪ .‬كلـ يردد اليتاؼ في البداية سكػ‬

‫الشيكعييف كعدد ضئيل مف األىالي‪ .‬كمع استمرار اليتاؼ‬ ‫‪57‬‬


‫أخذت أعداد المشاركيف في التزايد‪ .‬كبعد دقائق شارؾ‬

‫المترددكف في اليتافات‪ .‬سارت المظاىرة في شارع مصطفى‬ ‫كامل متجية إلى القناة‪.‬‬

‫اكتسبت المظاىرة قكة كأصبح اليتاؼ مدكيا‪ .‬كدخمت المظاىرة‬

‫شارعا رئيسيا ىك شارع فؤاد‪ ،‬كالمتظاىركف يمكحكف بايدييـ كما‬ ‫يحممكف مف صكر في كجكه جنكد العدك كييتفكف باسـ ناصر‪.‬‬ ‫كيصف ابراىيـ ىاجكج تمؾ المحظات قائال "كاف الجنكد‬

‫االنجميز بعضيـ يبتسـ مذىكال كالبعض اآلخر جامد المالمح‪.‬‬

‫أما الناس فقد عادكا في الحاؿ إلى المحظات األكلى مف‬

‫المعركة‪ ،‬إلى الحماس كالرغبة في القتاؿ كالتحدؼ كاالستخفاؼ‬

‫بالمكت‪ .‬كانت الشرفات ممتمئة بالناس الذيف يصفقكف كييتفكف‬

‫كيمكحكف‪ .‬كانضـ إلينا كل الجالسيف عمى المقاىي كالكاقفيف في‬

‫المحالت كالسائريف‪ .‬ككل إنساف يمتقي بنا ينضـ إلينا"‪ .‬كصمت‬ ‫المظاىرة إلى شارع كتشنر عمى البالج عند ثكنات الجيش‬

‫المصرؼ التي احتميا االنجميز‪ .‬كفي ميداف المحافظة صكبت‬

‫القكات البريطانية مدافعيا كدباباتيا في اتجاه المتظاىريف الذيف‬

‫كاصمكا دكف تردد كأيدييـ تمكح في كجكه قكات العدك‪ .‬كىتافيـ‬ ‫‪58‬‬


‫يعمك صائحيف‪ :‬مرحبا بالمكت في سبيل بالدنا‪ ،‬المكت‬

‫لممعتديف‪ ،‬سننتقـ لشيدائنا‪ ،‬عاش جماؿ رمز المقاكمة‪.‬‬

‫‪ -1/13‬الطفل حسن حمود يزيد المظاىرة اشتعاال‬ ‫اندفع طفل صغير عمره‬

‫‪ 11‬عاما إلى الصفكؼ األكلى‬

‫لممظاىرة حامال صكرة ضخمة لعبدالناصر في بركاز‪ .‬كاخترؽ‬ ‫الصفكؼ كانضـ إلى حممة األعالـ كالالفتات كالصكر‪ .‬كحممو‬

‫الناس عمى األكتاؼ كىـ يصفقكف‪ .‬كأخذ الطفل ييتف‪ .‬كأصبح‬ ‫اليتاؼ كالرعد كفي كممة كاحدة ناصر‪ ..‬ناصر‪ .‬كدخمت‬

‫المظاىرة شارع دمحم عمي‪ .‬كعند تقاطع دمحم عمي مع شارع‬

‫الثالثيني اخترقت المظاىرة سيارة لمعدك كأطمقت رصاصتيف‬ ‫قاتمتيف عمى الطفل حسف حمكد كىك ييتف حامال صكرة‬

‫عبدالناصر‪ .‬كما قتل ذلؾ الرصاص الغادر طفال آخر اسمو‬

‫رمضاف السيد ‪ .‬كقد زاد استشيادىما ركح المقاكمة اشتعاال‪ .‬في‬ ‫ذلؾ الحيف كاف نصر حمكد عضك حدتك كالشقيق األكبر‬

‫لمطفل حسف حمكد مسجكنا في قضية شيكعية‪ .‬كعند استشياد‬ ‫شقيقو الصغير قامت الحككمة باإلفراج عنو‪ .‬كنكد التنكيو بأنو‬ ‫عندما بدأ العدكاف طمب نصر حمكد كالزميل أحمد عبدالعميـ‪،‬‬ ‫‪59‬‬


‫ابف بكرسعيد أيضا كأحد ككادر حدتك الذؼ كاف مسجكنا آنذاؾ‬

‫أيضا‪ ،‬اإلفراج عنيما لممساىمة في المقاكمة دفاعا عف‬

‫مدينتيما‪ .‬كلكف الحككمة لـ تستجب كتجاىمت ذلؾ الطمب‪.‬‬ ‫غير أنيا أفرجت عف نصر حمكد بعد أف استشيد شقيقو‪.‬‬

‫مف األمكر المثيرة لالستغراب أف كتاب "الكجو اآلخر لمميدالية"‬

‫الذؼ تناكؿ المقاكمة في بكرسعيد في‬

‫‪ 744‬صفحة تجاىل‬

‫الحديث عف ىذه المظاىرة التي نظمتيا حدتك كالتي كانت تمثل‬ ‫صحكة لممدينة في مكاجية كابكس االحتالؿ‪ .‬كلـ تتـ اإلشارة‬

‫إلي تمؾ المظاىرة إال في كممتيف كبشكل عرضي‪ .‬فعند‬

‫الحديث عف إضراب يكـ ‪ 22‬نكفمبر ‪ 1956‬أؼ اليكـ التالي‬

‫ليذه المظاىرة قاؿ الكتاب في صفحة ‪ 385‬إف المقاكمة نظمت‬

‫في المدينة "مظاىرة عمى ىيئة جنازة صامتة عمى ركح‬

‫الشييديف حسف سميماف حمكد كرمضاف السيد المذيف استشيدا‬ ‫في مظاىرات األمس"‪.‬‬

‫‪ -14‬إضراب ‪ 22‬نوفمبر‬

‫‪60‬‬


‫في اليكـ التالي الستشياد حسف حمكد‬

‫كرمضاف السيد بادر‬

‫األىالي كبشكل تمقائي كقامكا بإضراب عاـ كأغمقت المحالت‬

‫حدادا عمى الشييديف ‪ .‬كعمل الشيكعيكف عمى تنظيـ تمؾ‬

‫المبادرة‪ .‬كقامكا بدعكة بقية المحالت لاللتزاـ ب‬

‫اإلضراب ‪.‬‬

‫كاستمر اإلضراب طكاؿ ذلؾ اليكـ عمى الرغـ مف اإلنذار الذؼ‬

‫أعمنتو قكات االحتالؿ بأنيا ستفتح المحالت بالقكة كتصادر ما‬

‫بيا مف سمع‪.‬‬

‫‪ -15‬المرحمة الثالثة لممقاومة بدءا من األسبوع الخامس‬ ‫أكضحنا مف قبل أنو تـ إعداد تقرير عف المدينة كأحكاليا‪ ،‬كعف‬ ‫قكات العدك‪ .‬كىك التقرير الذؼ تـ إعداده بعد عكدة الزمالء‬ ‫الثالثة سعد رحمي كابراىيـ ىاجكج كالمرجاكؼ إلى بكرسعيد‪.‬‬ ‫كطمب ذلؾ التقرير أف ترسل ليـ حدتك عددا مف الككادر‬ ‫الحزبية المدربة عسكريا لممشاركة في عممية المقاكمة‪ .‬كمف‬ ‫أجل ذلؾ خرج ىاجكج مرة ثانية متسمال مف بكرسعيد بعد أربعة‬ ‫أسابيع مف مقاكمة العدكاف‪ .‬ككاف الخركج عف طريق بحيرة‬ ‫‪61‬‬


‫المنزلة‪ .‬كأخذ ىاجكج معو تقري ار عف المقاكمة كأكضاع المدينة‬ ‫أعده سعد رحمي ك فيمما يصكر جانبا مف الدمار كالجرائـ التي‬ ‫ارتكبتيا قكات العدك في المدينة‪ .‬كقاـ بتصكير ىذا الفيمـ‬ ‫قنصل دكلة صديقة كىك يتجكؿ في الشكارع‪ .‬كأعطى‬

‫القنصل‬

‫الفيمـ إلى أحد المحاميف مف أبناء المدينة كطمب تكصيمو إلى‬ ‫المسغكليف بالقاىرة‪ .‬كقاـ المحامي بإعطاء الفيمـ إلى سعد‬ ‫رحمي عضك المجنة المركزية لمحزب الشيكعي المصرؼ حدتك‬ ‫كالمسغكؿ عف نشاط حدتك بالمدينة‪.‬‬

‫ك كاف االستعداد يجرؼ‬

‫بالفعل مف أجل دخكؿ عدد مف الزمالء إلى بكرسعيد‪ .‬فقد تـ‬ ‫تدريب أعداد ليست قميمة مف األعضاء الحزبييف تدريبا عسكريا‬ ‫في قريتي طكيحر كالحممية بمركز أبكحماد بمحافظة الشرقية‪.‬‬ ‫كينبغي أف أذكر أف زميمنا محمكد المناسترلي الضابط السابق‬ ‫بالجيش كاف يتكلى تدريبنا بقرية طكيحر‪ .‬كما تـ اإلعداد‬ ‫إلصدار مجمة تنطق باسـ المقاكمة‪ .‬كشارؾ في ذلؾ الفناف‬ ‫حسف فؤاد كالفناف عبدالمنعـ القصاص‪ .‬كفي المطرية التقى‬ ‫‪62‬‬


‫ىاجكج بزمالء قيادييف في حدتك كاف بينيـ أحمد رفاعي‬ ‫كعبدالمنعـ شتمة‪ .‬كطمبكا منو أف يذىب إلى مدينة المنصكرة‬ ‫لشراء أجيزة ركنيك لمطباعة كاستنسل كأحبار كأكراؽ طباعة‬ ‫كالعكدة في نفس اليكـ‪ .‬كتقابل ىاجكج في المنصكرة مع زمالء‬ ‫آخريف مف حدتك مف بينيـ سعد عبدالمطيف الذؼ شارؾ في‬ ‫المقاكمة ببكرسعيد خالؿ األسبكع األكؿ الحتالؿ المدينة‪ .‬كتـ‬ ‫شراء أدكات الطباعة كالعكدة إلى المطرية‪.‬‬ ‫‪ -16‬تسمل كوادر حدتو إلى بورسعيد‬ ‫عاد ىاجكج إلى بكرسعيد متسمال في ليمة نفس اليكـ‪ .‬كما تسمل‬ ‫في نفس الكقت عدد مف ككادر حدتك مف غير أبناء بكرسعيد‪.‬‬ ‫كتمت العممية في مجمكعتيف خالؿ ثالث لياؿ متتالية‪ .‬كحممت‬ ‫المجمكعة األكلى معيا ر كنيكىات طباعة كأكراؽا كمكاد طباعة‬ ‫في أربع قفف يغطي سطحيا كمية مف األسماؾ لتخفي أدكات‬ ‫الطباعة‪ .‬ككاف يحمل كل قفة شخصاف‪ .‬كقاـ بيذه العممية‬ ‫الزمالء ابراىيـ ىاجكج‪ ،‬أحمد حجازؼ‪ ،‬شكرؼ عبدالكىاب‪،‬‬ ‫‪63‬‬


‫الشيخ عبدالسالـ الخشاف‪ ،‬منير صادؽ مكافي‪ ،‬فتحي مجاىد‪،‬‬ ‫أحمد العدؿ‪ ،‬كمحمكد صبيح‪ .‬في الميمة األكلى تسمل ىاجكج‬ ‫كالطالب منير صادؽ مكافي كمعيما إحدػ القفف‪ .‬كفي الميمة‬

‫اؿثانية تسمل الزمالء الستة اآلخركف كمعيـ ثالث قفف‪ .‬كفي‬ ‫ليمة تالية تسممت المجمكعة الثانية مف الزمالء‪.‬‬

‫ضمت ىذه المجمكعة أحمد رفاعي كعبدالمنعـ شتمة عضكؼ‬ ‫المجنة المركزية لمحزب الشيكعي المكحد ‪ -‬حدتك‪ .‬ككاف معيما‬ ‫الفناف عبدالمنعـ القصاص الذؼ أحضر معو مف القاىرة‬ ‫"أكميشييات" مجمة االنتصار التي أعدتيا "دار الفكر"‪.‬‬ ‫كصحبيـ في نفس المركب التي تسممكا بكاسطتيا إلى بكرسعيد‬ ‫الضباط دمحم أبكنار كصالح زعزكع كسمير ىريدؼ‪ .‬ككاف أحمد‬ ‫رفاعي ىك المسغكؿ حزبيا عف عممية التسمل كالمقاكمة ‪ .‬كقد‬ ‫أقاـ ىك كعبدالمنعـ شتمة لفترة بالمطرية‪ .‬ككاف االثناف ينسقاف‬ ‫مع ضباط عبدالناصر لعممية الدخكؿ إلى بكرسعيد‪ .‬كينبغي‬ ‫التنكيو بػأف عممية التسمل تأخرت حتى آخر شير نكفمبر‬ ‫بسبب تردد كخكؼ ضباط‬

‫الصاعقة كالمخابرات مف دخكؿ‬ ‫‪64‬‬


‫الشيكعييف إلى المدينة عمى الرغـ مف أف ىؤالء الضباط‬ ‫تعاكنكا طكاؿ شير نكفمبر ـ ػع الشيكعييف مف أبناء بكرسعيد ‪.‬‬ ‫كقد زاؿ تردد اؿضباط بعد أف جاءت مكافقة مف القيادة بالقاىرة‬ ‫عمى دخكؿ الشيكعييف المدينة‪.‬‬ ‫‪ -17‬بعض أعمال المرحمة الثالثة‬ ‫اكتسبت المقاكمة في مرحمتيا الثالثة دفعة جديدة بانضماـ أبناء‬ ‫حدتك الذيف تسممكا إلييا مف خارج بكرسعيد كانض‬

‫ـ كا إلى‬

‫زمالئيـ الذيف عاشكا المعركة منذ األياـ األكلى لمعدكاف‪ .‬كمف‬ ‫بيف أعماؿ حدتك اليامة في المرحمة الثالثة مف مراحل المقاكمة‬ ‫‪ 7‬نكفمبر كاصدار مجمة‬

‫تنظيـ مظاىرة الشيداء يكـ‬

‫"االنتصار" الناطقة باسـ "الجبية المتحدة لممقاكمة الشعبية"‪.‬‬ ‫كقد صدر العدد األكؿ مف ىذه المجمة يكـ‬

‫‪ 10‬ديسمبر‬

‫‪ .1956‬كما شيدت المرحمة الثالثة تصاعد العمميات الفدائية‬ ‫ضد قكات االحتالؿ‪.‬‬ ‫‪ -1/17‬مجمة "االنتصار"‬ ‫‪65‬‬


‫في اليكـ المحدد لطباعة مجمة االنتصار الناطقة باسـ الجبية‬

‫المتحدة لممقاكمة الشعبية ىاجمت قكة بريطانية مقر مطبعة‬

‫مخمكؼ كألقت القبض عمى صاحبيا دمحم شاكر مخمكؼ بينما‬ ‫كاف يقكـ باإلعداد لطباعة العدد األكؿ مف المجمة‪ .‬كما ألقت‬

‫القبض أيضا عمي منير صادؽ مكافي عضك حدتك الذؼ كاف‬

‫سيشارؾ في عممية اؿطباعة ليال ‪ .‬ككانت ىيئة تحرير المجمة‬ ‫تتككف مف أحمد رفاعي كعبدالمنعـ القصاص كصالح دىب‪.‬‬

‫كما ينبغي التنكيو بأف مخمكؼ لـ يكف مجرد صاحب مطبعة‬

‫كانما شخصية كطنية ليا تاريخيا النضالي‪ .‬فيك مف مؤسسي‬

‫حزب "الحزب االشتراكي" "مصر الفتاة" سابقا‪ .‬كقد شارؾ ىذا‬

‫الحزب في المقاكمة في عاـ ‪ 1951‬ثـ في ‪ .1956‬كما ينبغي‬ ‫التنكيو أف مخمكؼ ىك الذؼ أصدر أكؿ منشكر ضد قكات‬

‫االحتالؿ تحت عنكاف "سنقاتل‪ ...‬سنقاتل"‪.‬‬

‫يقكؿ ابراىيـ ىاجكج إنيـ كانكا يكزعكف منشك ار كل ساعة ك إنيـ‬ ‫كانكا يطبعكف ‪ 300‬نسخة فقط مف كل منشكر‪ .‬كلكنيـ‬

‫أصبحكا يطبعكف اآلالؼ بعد أف كضع مخمكؼ مطبعتو بكل‬ ‫إمكاناتيا تحت تصرؼ المقاكمة‪ .‬كبالرغـ مف ىذه األدكار‬ ‫‪66‬‬


‫الكطنية فإف مخمكؼ تعرض ىك اآلخر مثمو مثل أبناء حدتك‬

‫لالضطياد‪ .‬كما رفضت السمطات بعد كفاتو إطالؽ اسمو عمى‬ ‫أحد شكارع بكرسعيد مع أف ك ازرة الدفاع طمبت ماكينة مطبعتو‬

‫التي طبعت منشكرات المقاكمة لتضعيا في المتحف الحربي‪.‬‬ ‫ككانت ىذه الماكينة قد سمميا سامي مخمكؼ ابف صاحب‬

‫المطبعة إلى حزب التجمع في بكرسعيد كتـ عرضيا بمقر‬

‫الحزب‪ .‬كجاءت ىذه المبادرة مف ابف مخمكؼ تحية لعبدالمنعـ‬ ‫القصاص كتكريما لدكره في المقاكمة كفي إصدار مجمة‬

‫"االنتصار"‪ .‬ككاف ذلؾ بعد كفاة القصاص في يناير‬

‫‪.1996‬‬

‫كتـ بالفعل تسميـ الماكينة إلى ك ازرة الدفاع عمى اعتبار أف‬

‫المتحف الحربي ىك مكانيا الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -2/1/17‬صدور مجمة "االنتصار" في ‪ 10‬ديسمير ‪1956‬‬ ‫بعد اعتقاؿ مخمكؼ قاـ زمالء الحزب الشيكعي المصرؼ‬

‫المكحد – حدتك بطباعة العدد األكؿ مف مجمة االنتصار يكـ‬

‫‪ 10‬ديسمبر ‪ .1956‬كتمت الطباعة باستخداـ أدكات الطباعة‬ ‫كأحد الركنيكىات التي قامكا بتيريبيا إلى بكرسعيد‪ .‬كجرت‬ ‫‪67‬‬


‫عممية الطباعة ليال‬

‫في غرفة‬

‫فكؽ سطح منزؿ الزميل‬

‫عبدالمحسف الحفناكؼ‪ .‬كقاـ ب الطباعة شكرؼ عبدالكىاب‬ ‫كعبدالمحسف الحفناكؼ كعبدالمنعـ القصاص‪ .‬ككاف شكرؼ‬

‫عبدالكىاب قد قضى عدة أياـ في قبضة القكات المحتمة التي‬

‫ألقت القبض عميو عندما انتزع مع زمالء لو الفتات تسترشد‬

‫بيا تمؾ القكات في تنقالتيا داخل المدينة‪ .‬كظل شكرؼ بعد‬ ‫اإلفراج عنو لمدة يكميف ال يخرج مف المنزؿ الذؼ يقيـ فيو‬

‫بتعميمات مف زمالئو الذيف ناقشكه في مالبسات القبض عميو‬

‫كاإلفراج عنو‪ .‬كىؤالء الزمالء ىـ سعد رحمي كعبدالمنعـ شتمو‬

‫عضكا المجنة المركزية لمحزب الشيكعي المكحد حدتك‪ .‬كما‬ ‫اشترؾ في مناقشتو الضابط دمحم أبكنار‪ .‬كىك أحد الضباط‬

‫الذيف كانكا مكمفيف بالتنسيق مع الشيكعييف بينما يقكؿ البعض‬

‫أنو كاف مكمفا بمراقبتيـ‪.‬‬

‫كفيما بعد صدر العدد الثاني مف "االنتصار" بتاريخ‬ ‫ديسمبر مطبكعا بالمطبعة كليس الرنيك‪ .‬ككاف مخمكؼ قد تـ‬ ‫اإلفراج عنو‪ .‬كما أف القكات المعتدية كانت قد انسحبت مف‬ ‫حي العرب قبل ذلؾ بعدة أياـ كتمركزت في حي اإلفرنج‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪19‬‬


‫ككاف ذلؾ بيدؼ تفادؼ خسائرىا اليكمية نتيجة العمميات‬ ‫الفدائية مف جانب كاستعدادا لمجالء الذؼ تـ في‬

‫‪ 23‬ديسمبر‬

‫‪ 1956‬مف جانب آخر‪ .‬كنكد التنكيو بأف بعض المعمكمات‬ ‫المنشكرة عمى االنترنت حكؿ مجمة االنتصار غير دقيقة‪ .‬كعمى‬ ‫سبيل المثاؿ فإف تمؾ المعمكمات تقكؿ أف العدد الثاني مف تمؾ‬ ‫المجمة صدر بتاريخ ‪ 17‬ديسمير‪ .‬كىذا خطأ‪ .‬كقد استندت في‬ ‫تحديد تكاريخ صدكر العدد األكؿ كالعدد الثاني إلى تمؾ األعداد‬

‫ذاتيا‪ .‬فإف التاريخ المدكف عمى العدد األكؿ ىك‬

‫‪ 10‬ديسمبر‬

‫‪ 1956‬بينما يحمل العدد الثاني تاريخ ‪ 19‬ديسمبر ‪.1956‬‬ ‫تحدث كتاب "الكجو اآلخر لمميدالية" لمؤلفو يحى الشاعر عف‬ ‫بطكلة مخمكؼ‪ .‬كأشار خالؿ ذلؾ إلى "الجبية المتحدة" كالى‬ ‫مجمة "االنتصار"‪ .‬لكنو تجاىل األدكار التي قامت بيا الجبية‪.‬‬ ‫كما أغفل أف حدتك ىى التي كانت كراء تكحيد فصائل المقاكمة‬ ‫المختمفة في ىذه الجبية‪ .‬كعالكة عمى ذلؾ تجاىل الكتاب‬ ‫الجية التي أصدرت "االنتصار"‪ .‬فقد تحدث المؤلف في صفحة‬ ‫‪ 342‬مف كتابو عف مخمكؼ قائال‪" :‬ىذا البطل الصامت الذؼ‬ ‫‪69‬‬


‫كضع جميع مصادر مطبعتو كآالتيا كأمكالو في سبيل تحرير‬ ‫مصر كالذؼ ظل يساىـ في المعركة بطبع منشكرات الجبية‬ ‫المتحدة إلى أف اعتقمو جنكد المستعمر كىك يعد طبع أكؿ عدد‬ ‫مف مجمة االنتصار"‪.‬‬ ‫عمى ىذا النحك أشار المؤلف إلى الجبية كالى مجمة االنتصار‬

‫دكف أف يذكر أف حدتك ىي التي شكمت تمؾ الجبية كأصدرت‬

‫مجمة االنتصار‪ .‬لكف تجدر اإلشارة إلى أف مؤلف ىذا الكتاب‬ ‫اعترؼ فيما بعد في الكتابات التي نشرىا في مكقعو عمى‬ ‫اإلنترنت بدكر حدتك في تكحيد فصائل المقاكمة كتشكيل‬ ‫الجبية‪ .‬كقد أشرنا إلى ىذا األمر مف قبل‪.‬‬ ‫‪ -18‬مظاىرة الشيداء والوحدة الوطنية يوم ‪ 7‬ديسمبر‬ ‫كاف ابراىيـ ىاجكج قائدا بار از يتحرؾ كسط جماىير المدينة‬ ‫كيحظى بثقتيا رغـ صغر سنو‪.‬‬

‫ككاف الجميع يستجيب‬

‫لتكجيياتو المعبرة عف الشيكعييف كالجبية المتحدة لممقاكمة‬ ‫الشعبية عمى الرغـ مع أف محافع بكرسعيد كرجاؿ إدارتو كانكا‬ ‫‪70‬‬


‫يعارضكف صراحة كمباشرة تمؾ التكجيات‪ .‬كمثاؿ ذلؾ المكقف‬ ‫مف مظاىرة دعـ الكحدة الكطنية كتحية الشيداء‪ .‬فقد قررت‬ ‫الجبية القياـ بمظاىرة يكـ ‪ 7‬ديسمبر تنطمق بعد صالة الجمعة‬ ‫مف جامع الرحمة كتتجو إلى المقابر‪ ،‬ككزعت منشك ار بذلؾ‪.‬‬ ‫ككاف مف أىداؼ المظاىرة تحية الشيداء مف جانب كدعـ‬ ‫الكحدة الكطنية مف جانب آخر‪ .‬فقد ظيرت في المدينة بكادر‬ ‫فتنة بيف المسمميف كالمسيحييف بتحريض مف قكات االحتالؿ‬ ‫كالطابكر الخامس‪ .‬كىنا اعترض المحافع بشدة عمى المظاىرة‬ ‫قائال إنيا ستؤدؼ إلى مذبحة ألىالي بكرسعيد‪.‬‬ ‫لـ يكتف المحافع برفض المظاىرة بل دفع بعض الجيات‬ ‫إلصدار منشكر ردا عمى منشكر الجبية التي أعمنت مف خاللو‬ ‫عف المظاىرة‪ .‬كزعـ المنشكر الذؼ صدر بإيعاز مف المحافع‬ ‫أف المظاىرة قد ألغيت‪ .‬كعالكة عمى ذلؾ أصدر المحافع‬

‫تعميمات إلى كعاظ المساجد لكي تككف خطبة الجمعة ضد‬

‫المظاىرة‪ .‬كبالفعل تحدث بعض الكعاظ في الخطبة ضد‬ ‫المظاىرة قائميف ال تمقكا بأنفسكـ لمتيمكة‪ .‬لكف الجبية أصرت‬ ‫‪71‬‬


‫عمى خطتيا‪ ،‬ككمفت ابراىيـ ىاجكج بالتحضير لممظاىرة‬ ‫كتنظيميا كقيادتيا‪ .‬كبدأ التجمع لممظاىرة بعد صالة الجمعة‬ ‫يكـ ‪ 7‬ديسمبر ‪ 1956‬عند مساجد العباسي كالتكفيقي كالرحمة‪.‬‬ ‫كعندئذ جاءت شخصية رسمية كبيرة في عربة مسرعة اخترقت‬ ‫الحشد أماـ جامع الرحمة قبل انطالؽ المظاىرة كأبمغت ابراىيـ‬ ‫ىاجكج بأف المظاىرة ممنكعة‪ .‬كرد ابراىيـ ىاجكج بأف المظاىرة‬ ‫ستتـ كأنو ال يتمقى األكامر إال مف الجبية‪ .‬كحدث صداـ‬ ‫كاشتباؾ باأليدؼ بينيما‪ .‬كلـ يسمح ىاجكج لمذيف حاكلكا منع‬ ‫المظاىرة كافشاليا مف المشاركة فييا‪.‬‬ ‫انطمقت المظاىرة رغـ حصار الدبابات كالمصفحات البريطانية‬ ‫كارىاب طائر ات العدك التي كانت تحمق فكؽ رؤؤس‬

‫المتظاىريف‪ .‬كفي كل خطكة كاف ينضـ إلييا أعداد جديدة‪ .‬في‬ ‫البداية كانت ىناؾ ىتافات‪ .‬كعندما أخذت األعداد تتزايد‬ ‫كازدادت الثقة تحكلت إلى مظاىرة صامتة‪ .‬كتقدـ المظاىرة‬ ‫رجل ديف كأحد القساكسة كرفاؽ حدتك كخمفيـ النساء كأىالي‬ ‫الشيداء‪ .‬كفي الكسط كقف زميل مف حدتك اسمو عمي يحمل‬ ‫‪72‬‬


‫العمـ المصرؼ كبجكاره زمالء آخركف يحممكف الالفتات‪ .‬كفي‬

‫الجبانة حمل الزمالء ابراىيـ ىاجكج فكؽ األكتاؼ كألقي خطبة‬

‫تحية لمشيداء كالمقاكمة‪ .‬يقكؿ ابراىيـ ىاجكج في حديثو‬

‫الذؼ‬

‫سجمو كماؿ القمش في كتابو "أربعكف عاما عمى العدكاف‪ ..‬أياـ‬

‫المقاكمة"‪" :‬كصمنا المقابر‪ ،‬كحكؿ نصب الشيداء‪ ،‬رفعني‬ ‫زمالئي عمى أكتافيـ ألخطب‪ ،‬كقمت في كالـ مختصر محدد‬ ‫عف خطكرة كأىمية كحدتنا الشعبية كالكطنية بيف المسمميف‬ ‫كاألقباط‪ ،‬ثـ تحية لشيدائنا الذيف سقطكا في المعركة‪ ،‬كقمت‬ ‫قسما عمى قبكر شيدائنا لف نمقي السالح حتى يخرج آخر‬ ‫جندؼ مغتصب مف بالدنا‪ .‬كطالبت الناس أف يقفكا دقيقتيف مف‬ ‫الصمت حدادا كتحية لذكرػ الشيداء‪ ،‬كنزلت مف عمى أكتاؼ‬

‫زمالئي‪ ..‬تضاعف الصمت حتى شمل الككف كمو‪ ...‬لف‬

‫الصمت العميق الناس في جك مف الرىبة اليائمة‪ ،‬رىبة الكقكؼ‬ ‫كالخشكع أماـ المكت الذؼ تجسد كتجسدت ذكراه في القمكب‬ ‫حتى انتيت الدقيقتاف‪ ...‬كاف الناس جميعا قد قدمكا ضحايا‬

‫يرقدكف تحت ىذا التراب‪ .‬ككاف الحزف مثي ار لإلصرار عمى‬ ‫‪73‬‬


‫المقاكمة أك المحاؽ بالشيداء األعزاء‪ ..‬انتيت دقائق الصمت‪،‬‬ ‫كطفا الناس عمى سطح التراب مف جديد‪ .‬كقدمت ليـ أحمد‬ ‫رفاعي ليقكؿ كممة‪ .‬ككاف خطيبا مؤث ار كقكيا عزؼ عمى‬ ‫أكتارىـ الحزينة كأبرز مف داخميا نغـ المقاكمة‪ ،‬كانفتح الناس‬ ‫لكالمو‪ ....‬ككانت كل كممة يمقييا تبرز في الحاؿ عمى‬ ‫مالمحيـ كجمكدىـ‪ ،‬عف الحرب كالعدكاف كاألعداء كالعزـ عمى‬ ‫االنتصار أك االستشياد"‪.‬‬ ‫كفي نفس اليكـ ألقت قكات العدك القبض عمى ابراىيـ ىاجكج‪.‬‬ ‫كانت المظاىرة أكبر تحد لقكات االحتالؿ‪ .‬كتصاعدت بعدىا‬ ‫العمميات الفدائية ضد قكات العدك‪ .‬كما كانت درسا كصفعة‬ ‫لكل قكػ االستسالـ كالتخاذؿ‪ .‬إف الكطف يفخر بيذه البطكالت‬ ‫المحفكرة في دفتر أحكاؿ مصر‪ .‬كىي تشكل جانبا ىاما مف‬ ‫الذاكرة الكطنية‪.‬‬

‫‪74‬‬


‫تأليف‬

‫صدر لممؤلف‬

‫* حدتو ذاكرة وطن (الطبعة الثانية)‪ ،‬دار الثقافة الجديدة‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪.2009‬‬

‫‪75‬‬


‫* منيجية عمم االجتماع بين الماركسية والوظيفية والبنيوية‪ ،‬الييئة‬ ‫المصـرية العامـة لمكتاب‪ ،‬القاىرة‪( 1985 ،‬الطبعة األولى)‪ ،‬ودار‬ ‫العالم الثالث (الطبعة الثانية)‪ ،‬القاىرة‪. 2006 ،‬‬ ‫* التحديث في اليمن والتداخل بين الدولة والقبيمة‪ ،‬دار العالم الثالث‪،‬‬ ‫القاىرة‪.2006 ،‬‬ ‫* أدباء ثوريون في الثقافة المصرية‪ ،‬دار العالم الثالث‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪.2006‬‬ ‫* الحركة الشيوعية وىيكل (مجموعة من المؤلفين)‪ ،‬دار العالم الثالث‪،‬‬ ‫القاىرة‪.2006 ،‬‬ ‫* أول الشعر كان إصرار‪ ،‬دار العالم الثالث‪.2005 ،‬‬ ‫* شرخ في بنية الوىم‪ :‬اليجرة والتحول في اليمن‪ ،‬دار ثابت‪ ،‬القاىرة ‪،‬‬ ‫‪.1990‬‬ ‫* اليمن اليجرة والتنمية‪ ،‬دار الثقافة الجديدة‪ ،‬القاىرة‪.1985 ،‬‬ ‫* أحوال يمنية (تحت الطبع)‪.‬‬

‫ترجمة‬ ‫* تشيكوف‪ ،‬وزارة التعميم العالي‪ ،‬سمسمة األلف كتاب‪ ،‬القاىرة‪( ،‬الطبعة‬ ‫األولى)‪ ،1966 ،‬والييئة العامة لقصور الثقافة (الطبعة الثانية)‪،‬‬ ‫القاىرة‪.2006 ،‬‬

‫‪76‬‬


‫* أوروبا والتخمف في أفريقيا‪ ،‬سمسمة عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪.1989 ،‬‬ ‫* ثورة الحفاة‪ ،‬منتدى الفكر العربي‪ ،‬عمان‪.1987 ،‬‬ ‫* حول األمم الغنية والفقيرة‪ ،‬دار الثقافة الجديدة‪ ،‬القاىرة‪.1979 ،‬‬ ‫* التنمية االقتصادية في البمدان النامية‪ ،‬الييئة المصرية العامة‬ ‫لمكتاب‪ ،‬القاىرة‪.1974 ،‬‬ ‫* الحروب والسكان (باالشتراك مع سعد رحمي )‪ ،‬دار الثقافة الجد يدة‪،‬‬ ‫القاىرة‪.1974 ،‬‬ ‫* ىكذا بدأت االشتراكية (باالشتراك مع شوقي جالل)‪ ،‬مكتب يوليو‬ ‫لمترجمة والنشر‪ ،‬القاىرة‪.1965 ،‬‬

‫‪77‬‬


78


‫رقم اإليداع‪:‬‬

‫الترقيم الدولي‪:‬‬

‫‪79‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.