26 issue

Page 1

‫العـدد السادس والعشرون | عـدد الصفحات ‪ 12‬صفحة‬ ‫السـعر‪ 15 :‬ليـرة سـورية‬

‫جريدة مستقلة تسلط الضوء على الواقع الميداني وأهم التطورات على التراب السوري‬

‫‪www.facebook.com/alkataebjareda‬‬

‫الكتائب | العـدد السادس والعشرون | الثالثاء ‪2014/04/15‬‬

‫معاناة االقتصاد السوري‬

‫االفتتاحية‬

‫معركة الساحل‬ ‫أدى فتــح جبهة الســاحل إلى حــدوث إرباك‬ ‫كبيــر في صفــوف جيش النظــام‪ ،‬وبدأ بنقل‬ ‫الشــبيحة والمرتزقة واإلرهابيين اللبنانيين‬ ‫واإليرانيين إلى تلك الجبهة سعيا ً منه إليقاف‬ ‫تقدم الثوار نحو معقله الذي سعى منذ بداية‬ ‫الثورة إلى جعله بمنأى عن المعارك الدائرة‬ ‫فــي عمــوم أرجاء ســوريا‪ ،‬وباتــت معركة‬ ‫الســاحل بحق من أهم المعارك التي ستحدد‬ ‫ســير األحداث خــال المرحلــة القادمة من‬ ‫عمر الثورة‪.‬‬ ‫انقســمت مواقف المعارضين‪ ،‬ومن يدعون‬ ‫معارضة النظام (كهيئة التنســيق وغيرها)‪،‬‬ ‫إلى قســمين‪ ،‬القســم األول كان مؤيدا ً لفتح‬ ‫الجبهــة انطالقــا ً مــن نظــرة اســتراتيجية‬ ‫(وليســت طائفية كما يدعــي البعض)‪ ،‬ففتح‬ ‫هذه الجبهة أدى لتخفيف الضغط عن جبهات‬ ‫أخــرى‪ ،‬كما أعاد األمل ورفع المعنويات بعد‬ ‫سقوط يبرود‪.‬‬ ‫أمــا القســم الثاني‪ ،‬وهــم قلــة‪ ،‬فكانوا ضد‬ ‫المعركة بدعوى تهديدها للنسيج االجتماعي‬ ‫الســوري! متناســين مــا فعلــه النظــام من‬ ‫تحطيم لذلك النسيج على مدى ثالث سنوات‬ ‫مــن عمر الثورة‪ ،‬بل على مدى أربعين عاما ً‬ ‫من حكــم عصابة األســد‪ ،‬وبالتالــي فنتائج‬ ‫هــذه المعركة لن يكون لها تأثير على صعيد‬ ‫تفكيك النسيج اإلجتماعي المفكك أصالً‪.‬‬ ‫لفــت نظــري دعــوة علــى إحــدى صفحات‬ ‫الفيســبوك تدعــو إلــى فتح جبهات دمشــق‬ ‫بالتزامــن مــع معركة الســاحل‪ ،‬األمر الذي‬ ‫أراه عين الصواب وذو فائدة كبيرة للثورة‪،‬‬ ‫وفتــح الجبهتين معا ً كفيــل بزعزعة النظام‬ ‫ومنعه من االســتفراد بالمناطــق واحدة تلو‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫إن التنســيق والتخطيــط لفتح عــدة جبهات‬ ‫فــي وقــت واحــد أمــر بالــغ األهميــة فــي‬ ‫الوقــت الحالــي‪ ،‬وعمل كهذا كفيل بتســريع‬ ‫الخطــى نحــو إســقاط النظــام بعد تشــتيت‬ ‫قوته العســكرية‪ .‬وبات البــد من إنهاء حالة‬ ‫العشــوائية في اختيار زمان ومكان المعارك‬ ‫واالنتقال إلى وضع اســتراتيجية عســكرية‬ ‫شاملة‪.‬‬

‫في ظل حرب النظام المجنونة ضد شعبه‬

‫صفحـة‬

‫لقاء العدد‬ ‫أنس جنيدي‬ ‫أبــو مــالك‬

‫الجهــــاد‬ ‫في االسالم‬

‫هل سيحرك‬ ‫كيماوي حرستا‬ ‫ما لم يحركه كيماوي‬ ‫الغوطة؟‬

‫هيئة التحرير‬

‫صفحـة ‪6‬‬

‫صفحـة ‪8‬‬

‫‪3‬‬

‫صفحـة ‪10‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫ملفـات ثورية‬ ‫جريدة الكتائب‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫االســتراتيجية هي علم التخطيــط بصفة عامة‪،‬‬ ‫وهي مصطلح عسكري باألساس وتعني الخطة‬ ‫الحربية‪ ،‬أو هي فن التخطيط للعمليات العسكرية‬ ‫قبــل نشــوب الحــروب‪ ،‬وفــي نفــس الوقت فن‬ ‫إدارة تلــك العمليــات عقــب نشــوب الحــروب‪.‬‬ ‫وتعكس االســتراتيجية الخطط المحددة ُمســبقا ً‬ ‫لتحقيق هدف معين على المدى البعيد في ضوء‬ ‫اإلمكانيــات المتاحــة‪ ،‬أو التي يمكــن الحصول‬ ‫عليهــا‪ .‬فهــي خطــط أو طــرق توضــع لتحقيق‬ ‫هــدف معين علــى المــدى البعيد اعتمــادا ً على‬ ‫التخطيطــات واإلجراءات األمنية في اســتخدام‬ ‫المصادر المتوفرة في المدى القصير‪.‬‬ ‫االســتراتيجية تعنــي أصــول القيــادة الــذي ال‬ ‫اعوجــاج فيــه‪ ،‬فهي تخطيــط عال المســتوى‪،‬‬ ‫فمن ذلك االســتراتيجية العسكرية أو السياسية‬ ‫التــي تضمــن لإلنســان تحقيــق األهــداف من‬ ‫خالل اســتخدامه وســائل معينة‪ ،‬فهي علم وفن‬ ‫التخطيط والتكتيك والعمليات‪ ،‬ثم اســتعملت هذه‬ ‫الكلمــة في المجــاالت المتعددة في شــتى مناح‬ ‫الحيــاة العامة‪ ،‬وال عالقة لذلك بكلمة صراط وال‬ ‫توجــد كلمة بلفظ صراطيــة‪ .‬ويعود أصل الكلمة‬ ‫إلى التعبير العسكري ولكنها اآلن تستخدم بكثرة‬ ‫في ســياقات مختلفة مثل اســتراتيجيات العمل‪،‬‬ ‫استراتيجيات التسويق‪...‬الخ‪.‬‬ ‫تعتبــر الحــرب واحــدة مــن الظواهــر الحتمية‬ ‫في حيــاة اإلنســان‪ ،‬واكبت مســيرته على هذه‬ ‫األرض وكانــت معلما ً بارزا ً في تاريخه الطويل‪.‬‬ ‫وألن الحرب كذلك فقد اســتحوذت ‪-‬كسواها من‬ ‫فروع المعرفة اإلنســانية‪ -‬على اهتمام كثير من‬ ‫المفكرين والدارسين الذين حاولوا الوصول إلى‬ ‫استنتاجات ومبادئ وقوانين عامة لهذه الظاهرة‬ ‫المعقــدة من خالل الدراســة المقارنــة لتجارب‬ ‫الحروب اإلنسانية على مختلف أنماطها‪.‬‬ ‫ظهــرت بواكير المؤلفــات في هــذا المجال قبل‬ ‫أكثــر من ســتة وعشــرين قرنا ً علــى يد بعض‬ ‫العســكريين الصينييــن‪ ،‬تلتهــا مؤلفــات أخرى‬ ‫لعســكريين ومفكريــن إغريــق ورومان وعرب‬ ‫وأوروبييــن تناولــت جميعهــا بعــض المفاهيم‬ ‫والمبــادئ األساســية والتفصيليــة للحرب‪ .‬مما‬ ‫نتــج عنه نشــوء فرع جديد من فــروع المعرفة‬ ‫اإلنسانية اصطلح على تسميته (الفن العسكري)‬ ‫أو (الفن الحربي)‪.‬‬ ‫وكنتيجــة حتمية للتطــور والتوســع الهائل في‬ ‫مجال المعرفة العســكرية قســم الفن العســكري‬ ‫إلى مستويات ثالثة رئيسية هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلستراتيجية العليا أو الشاملة‪.‬‬ ‫‪ -2‬اإلستراتيجية العسكرية‪.‬‬ ‫‪ -3‬التخطيط (التعبية)‪.‬‬

‫غيــر أن هذا التقســيم الذي اعتمدته المدرســة‬ ‫العســكرية الغربيــة تقريبــا ً لم يطابــق تماما ً ما‬ ‫اعتمدته المدرســة العســكرية الشرقية وبعض‬ ‫مفكري المدرسة األولى الذين اعتمدوا تقسيمات‬ ‫أخــرى ال تختلــف عن التقســيم آنــف الذكر في‬ ‫المضمون وإن اختلفت في الشكل‪.‬‬ ‫قســمت المدرســة الشــرقية الفن العسكري إلى‬ ‫اســتراتيجية وفــن عمليات وتخطيط‪ ،‬وقســمه‬ ‫الجنرال (أندريه بوفر) إلى إستراتيجية وتخطيط‬ ‫وشؤون إدارية‪.‬‬

‫تعريف االستراتيجية‬

‫عرف (كالوتز) االستراتيجية بأنها (فن استخدام‬ ‫المعــارك كوســيلة للوصول إلى هــدف الحرب)‬ ‫وعرفهــا (مولتكــه) بأنهــا (إجــراء المالئمــة‬ ‫العملية للوسائل الموضوعة تحت تصرف القائد‬

‫‪02‬‬

‫االسـتـراتيجيـــة‬

‫للوصول إلــى الهدف المطلــوب)‪ ،‬بينما عرفها‬ ‫(ليدل هارت) بأنها (فن توزيع واستخدام مختلف‬ ‫الوســائط العســكرية لتحقيق هدف السياســة)‪.‬‬ ‫أما الجنرال (بالــت) فقد عرفها بأنها (فن تعبئة‬ ‫وتوجيه موارد األمة أو مجموعة من األمم ‪ -‬بما‬ ‫فيها القوات المسلحة ‪ -‬لدعم وحماية مصالحها‬ ‫من أعداءهــا الفعلييــن أو المحتملين‪ ،‬في حين‬ ‫يعرفها الجنــرال (أندريه بوفر) بأنها (فن حوار‬ ‫اإلرادات تستخدم القوة لحل خالفاتها)‪.‬‬ ‫تعكس هــذه التعريفات المختلفــة االختالف بين‬ ‫مفاهيم أصحابها لمعنى االســتراتيجية ومدياتها‬ ‫ووســائلها‪ ،‬مما يوحي بأن مفهــوم هذه الكلمة‬ ‫أو االصطــاح لــم يتبلــور بعد في أذهــان رواد‬ ‫االســتراتيجية ومفكريهــا‪ .‬والحقيقــة أن حداثة‬ ‫فن االســتراتيجية والتطور السريع‪ ،‬الذي لحق‬ ‫مفهــوم هذا الفن كنتيجة حتميــة للتطور الهائل‬ ‫الــذي شــهدته المعــارف والتقنية العســكرية‪،‬‬ ‫قد وســع مجاله ومداه بحيــث أصبح لكل وضع‬ ‫أو مجال سياســي أو اقتصادي أو عســكري أو‬ ‫اجتماعــي اســتراتيجية خاصةً‪ ،‬ممــا يجعل من‬ ‫العســير إيضاح معنــى االســتراتيجية بكلمة أو‬ ‫ببعض كلمات‪.‬‬ ‫ومــن خــال اســتقراء التعريفــات الســابقة‬ ‫يمكــن الوقــوف علــى الفــروق بيــن اصطالح‬ ‫االستراتيجية وسواه من االصطالحات المقترنة‬ ‫به كالسياسة والتخطيط والشؤون اإلدارية‪ .‬فقد‬ ‫يختلط مفهوم االســتراتيجية بمستواها األعلى‪،‬‬ ‫أي االســتراتيجية العليــا الشــاملة‪ ،‬بمفهــوم‬ ‫السياســة‪ ،‬أو قد يختلــط مفهوم االســتراتيجية‬ ‫بمســتواها األدنى‪ ،‬أي اإلســتراتيجية العسكرية‬ ‫أو العملياتيــة‪ ،‬بمفهــوم التخطيــط أو الشــؤون‬ ‫اإلداريــة‪ .‬فالسياســة هــي التــي ترســم وتحدد‬ ‫الهــدف الذي تســعى األمــة أو الدولــة لتحقيقه‬ ‫ســواء بالسبل العســكرية أو ســواها‪ ،‬في حين‬ ‫تعتبــر االســتراتيجية العليــا األداة التنفيذيــة‬ ‫للسياســة‪ ،‬أي أنها السياسة في مرحلة التنفيذ‪،‬‬ ‫أو السياسة في مرحلة الحركة العنيفة أو القابلة‬ ‫للعنف‪ .‬وال يعني هذا أن الحل العسكري هو الحل‬ ‫الوحيد أو الوســيلة اليتيمة أمام االســتراتيجية‬ ‫لتحقيق هدف السياســة‪ ،‬بل ثمة وســائل وسبل‬ ‫أخرى سياسية واقتصادية ونفسية ودبلوماسية‬

‫تسلكها االستراتيجية للوصول للهدف‪ ،‬وإن كان‬ ‫ســبيل القوة العســكرية هو األكثر قوة وحسماً‪،‬‬ ‫والذي يُلجأ إليه في نهاية المطاف عادة‪.‬‬ ‫تختلف االســتراتيجية العســكرية عن التخطيط‬ ‫وإدارة الشــؤون‪ ،‬في أن التخطيط (فن استخدام‬ ‫األســلحة فــي المعركــة للوصول إلــى المردود‬ ‫األقصــى) كما يقــول (اندريه بوفــر) أو (عملية‬ ‫اشــتباك) كمــا يقــول (باليــت)‪ ،‬أي أن حــدوده‬ ‫محصــورة في اإلجراءات والتدابير التي تتخذها‬ ‫القيــادة الميدانية على مســرح المعركة‪ ،‬أي أنه‬ ‫فن القتال في الميدان‪.‬‬ ‫أما الشــؤون اإلدارية فهي علــم تجهيز وإدامة‬ ‫القطعات أي علــم (الحركة والتموين) وهي مع‬ ‫التخطيط تؤمــن (تحقيق التعــاون المتبادل بين‬ ‫العوامــل المادية ويتصفان معــا ً بصفات علمية‬ ‫واقعيــة تجعلهمــا مشــابهين لفــن الهندســة)‪.‬‬ ‫أمــا االســتراتيجية العســكرية فهي فــن توزيع‬ ‫واســتخدام اإلمكانــات والوســائل العســكرية‬ ‫المختلفــة لتحقيــق هــدف السياســة بالطريقــة‬ ‫المثلــى التــي تؤمــن التــواؤم بيــن اإلمكانــات‬ ‫والهدف وتحقيق أقل قدر من المقاومة لنخططها‬ ‫باستخدام عامل المناورة‪ .‬ويكون التخطيط عادة‬ ‫إحدى الوســائل التي تســتخدمها االستراتيجية‬ ‫العسكرية نتيجة للتطور التقني والفكري وزيادة‬ ‫لحاجــة للتخصص‪ ،‬تبعا ً لذلــك فقد تعددت أوجه‬ ‫ومستويات وحقول االســتراتيجية بحيث أصبح‬ ‫لــكل حقل من الحقــول ســراطيته الخاصة التي‬ ‫تالئم اعتباراته المعنوية ومعطياته المادية‪.‬‬ ‫مــن حيــث المســتوى هنــاك اســتراتيجية عليا‬ ‫أو شــاملة واســتراتيجية بحتة أو عســكرية أو‬ ‫عملياتية‪ .‬وضمن االســتراتيجية العسكرية ثمة‬ ‫اســتراتيجية برية وبحرية وجوية‪ .‬أما من حيث‬ ‫المجال فثمة اســتراتيجية سياســية واقتصادية‬ ‫واجتماعيــة وعســكرية وغيرهــا‪ .‬ومــن حيث‬ ‫المدى فقد تميزت االســتراتيجية بأنها شـــاملة‬ ‫ومحدودة أو مرحلية ومن حيث طريقة الوصول‬ ‫للهــدف فقد تقســم االســتراتيجية إلى مباشــرة‬ ‫وغير مباشرة‪.‬‬ ‫وبالرغــم مــن التقســيمات آنفــة الذكــر فــإن‬ ‫االســتراتيجية فــي حقيقتهــا واحــدة مــن حيث‬ ‫الجوهــر والهدف واألســلوب‪ .‬وليس التقســيم‬

‫إال ضــرورة عمليــة أو علمية نشــأت من خالل‬ ‫تشــعب وتضخــم مهــام الســراطيات‪ .‬و يجــب‬ ‫لضمــان نجــاح االســتراتيجية تســاند وتوافق‬ ‫وتكامــل كافة الخطط الســراطيات المختلفة لكي‬ ‫تــؤدي مجتمعــة ومتضافرة إلــى تحقيق الهدف‬ ‫العام للسياســة‪ .‬وضمانا ً لهذا التكامل والتضافر‬ ‫فقد وضعت االستراتيجية العليا أو الشاملة على‬ ‫قمة الهرم السراطي واعتبرت السلطة العليا في‬ ‫الدولة هي المســؤولة عــن وضعها وتوجيهها‪.‬‬ ‫فاالستراتيجية العسكرية مثالً هي التنفيذ العملي‬ ‫لمخططات االســتراتيجية العليا من حيث توجيه‬ ‫وإدارة الصراع المســلح‪ .‬فهي تابعة لها تتنكب‬ ‫خطاها‪ .‬أي أن اإلســتراتيجية العليا تعالج جزئيا ً‬ ‫مــن خــال االســتراتيجية العســكرية‪ ،‬في حين‬ ‫تعالــج األخيرة جزئيا ً بالتخطيط‪ .‬وبكلمة موجزة‬ ‫فإن االســتراتيجية العليا هي سياسية حرب‪ ،‬أما‬ ‫االســتراتيجية العســكرية هي فن قيادة الحرب‪،‬‬ ‫والتخطيط هو فن القتال‪.‬‬ ‫تختلف االســتراتيجية العليا في الدولة من حيث‬ ‫الســلطة القائمــة عليهــا ومن حيث مســتواها‬ ‫ومداها ووسائلها‪ .‬فالقيادة السياسية العسكرية‬ ‫العليــا في الدولة هي التي تتولى االســتراتيجية‬ ‫العليا‪ ،‬في حين تعتبر االســتراتيجية العســكرية‬ ‫ضمن نطاق النشــاط العملي للقيادة العســكرية‬ ‫العليــا‪ .‬واالســتراتيجية العليــا هــي التــي تقدر‬ ‫وتنمــي وتحشــد كافــة اإلمكانــات والطاقــات‬ ‫االقتصادية والبشــرية والعســكرية والمؤازرة‬ ‫وســواها من قوى الضغط للتأثيــر على عزيمة‬ ‫الخصــم ومعنوياتــه وإرادتــه إلجبــاره علــى‬ ‫الخضــوع والتســليم‪ ،‬وبالتالي تحقيــق أهداف‬ ‫السياســة أو البعــض منهــا‪ .‬وهــي تحــدد كافة‬ ‫المهام واألدوار لمختلف السراطيات العامة من‬ ‫سياســية واقتصاديــة واجتماعية ودبلوماســية‬ ‫وعســكرية‪ ،‬وتؤمن توافقها وانســجامها‪ .‬وهي‬ ‫تتولى كذلك وتعالج كافة مراحل الصراع السابقة‬ ‫والمواكبة والالحقة للحرب وتؤمن التوافق بين‬ ‫شتى وسائط وأسلحة الصراع وتنظم استخدامها‬ ‫وتوجيههــا‪ .‬وربمــا خططت أيضا ً إلقامة ســام‬ ‫وطيد يعقــب مرحلة الصراع بنفي كل المؤثرات‬ ‫وإزالة اآلثار التي تحول دون ذلك‪.‬‬ ‫أما االستراتيجية العسكرية فهي تختص بمرحلة‬ ‫الصــراع المســلح أي أن مداها ونطاقها محدود‬ ‫بالحــرب‪ ،‬في حين تنحصــر مهمتها في معالجة‬ ‫قضايــا توزيع واســخدام الوســائل واإلمكانات‬ ‫العســكرية لتحقيق هدف االســتراتيجية العليا‪،‬‬ ‫معتمدة في ذلك على التقدير الســليم والمواءمة‬ ‫الناجحة بين وسائلها وإمكاناتها وبين غاياتها‪.‬‬ ‫فاالستراتيجية العسكرية هي أداة االستراتيجية‬ ‫العليــا إلحراز النصر في ميــدان القتال وتحقيق‬ ‫هــدف السياســة وهــي تابعــة لها تعمــل وفق‬ ‫مخططهــا ومنهجها وفي تطبيقهــا العملي على‬ ‫مســتوى أدنــى‪ ،‬وهي تشــكل الوجــه التنفيذي‬ ‫لسياســة القوة‪ .‬وتعتمد االستراتيجية العسكرية‬ ‫في ســبيل تحقيــق النجاح إلى محاولــة اختزال‬ ‫إمكانــات المقاومــة المعاديــة إلى الحــد األدنى‬ ‫للوصــول إلــى هدفهــا بأقصر وأيســر الســبل‬ ‫وأقلهــا تكلفــة‪ ،‬مدرعة بدراســة عميقة وتقدير‬ ‫ســليم لعوامل الزمان والمكان والقدرات المادية‬ ‫الســراطي وبفهم‬ ‫والمعنويــة المشــكلة للوضع‬ ‫ّ‬ ‫حقيقــي ألهدافهــا‪ ،‬ومتســلحة بعاملــي الحركة‬ ‫والمفاجأة الذين يشــكالن معــا ً عنصر المناورة‬ ‫االستراتيجية التي تحدد تتابع العوامل وعالقات‬ ‫األوضــاع المتعاقبــة‪ .‬حيــث أن المنــاورة هــي‬ ‫العامل الموجه والمحرك لبقية العوامل والمعبر‬ ‫عن الصراع المجــرد بين إرادات الخصوم على‬ ‫شكل أفعال وردود أفعال متعاقبة‪.‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫ملـف العـدد‬

‫‪03‬‬

‫معاناة االقتصاد السوري‬ ‫في ظل حرب النظام المجنونة ضد شعبه‬ ‫ســابق عهدها‪ ،‬األمــر الذي لــن يتحقق بوجود‬ ‫شخصيات تمتلك مثل هذه العقلية!‬

‫بقلـم‪ :‬فاضل الحمصي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مع مواصلة النظام حربه المجنونة ضد الشــعب‬ ‫الســوري وتدميره الممنهج للمدن والقرى فوق‬ ‫رؤوس ســاكنيها يســتمر االقتصــاد الســوري‬ ‫بالتدهــور واالنحدار‪ ،‬منذرا ً بســنوات صعبة قد‬ ‫يصل فيها وضع االقتصاد ليكون أشبه باالقتصاد‬ ‫الصومالي أو األفغاني‪.‬‬ ‫الخســائر حتــى الســاعة جســيمة جــداً‪ ،‬وقد ال‬ ‫يتعافى االقتصاد من تبعاتها خالل عشرين عاماً‪،‬‬ ‫فماذا لو اســتمرت الحرب لســنوات أخرى؟ وقد‬ ‫وصل اليوم ثلثي الشــعب الســوري إلى ما دون‬ ‫خط الفقر‪ ،‬ففي حال استمرار جنون النظام فأين‬ ‫سنصل؟‬

‫تأثر الليرة السورية‬

‫تأثر ســعر صرف الليرة الســورية ووصلت إلى‬ ‫معدالت قياســية لم يســبق لها مثيــل‪ ،‬ففي حين‬ ‫كان ســعرها يقــارب ‪ 50‬ليرة ســورية للدوالر‬ ‫األمريكي‪ ،‬يســتقر ســعرها حاليا ً إلــى ما يقارب‬ ‫‪ 160‬ليرة مقابل الدوالر الواحد‪ ،‬وقد وصل في‬ ‫بعض المراحل إلى ‪ 300‬ليرة للدوالر الواحد‪.‬‬

‫األوضاع المعيشية للمواطنين‬

‫التدمير الممنهج‬

‫اعتمد النظام منذ بداية العام ‪ 2012‬مبدأ معاقبة‬ ‫المناطق الثائرة‪ ،‬فــكان يقصف ويدمر بالمدافع‬ ‫واألســلحة الثقيلة أي قرية أو حي ينجح الجيش‬ ‫الحــر أو أبنــاء المنطقــة بتحريــره‪ ،‬وقــد أدى‬ ‫القصــف إلى تدمير أحياء بأكملهــا وإزالة قرى‬ ‫من على الخارطة تماماً‪ ،‬فعلى سبيل المثال قرية‬ ‫المباركية في ريف حمــص‪ ،‬قام النظام بقصفها‬ ‫وتدميرهــا ومــن ثم تجريــف البيــوت وإزالتها‬ ‫تمامــا ً عقابا ً ألهــل القرية الذيــن انضم بعضهم‬ ‫إلى صفوف الجيش الحر‪ ،‬فأراد حينها أن تكون‬ ‫المباركية عبرة لبقية القرى والبلدات تماما ً كأي‬ ‫سلطة احتالل خارجية!‬ ‫وبحســب دراســة «اإلســكوا» فــإن ترتيــب‬ ‫المحافظات األكثر تضررا ً من جهة دمار المنازل‬ ‫كان على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ -1‬حلب‪ :‬تدمير حوالــي نصف منازلها‪ ،‬وتُقدر‬ ‫بـ ‪ 424‬ألف منــزل مدمر كليا ً أو جزئياً‪ ،‬تحتاج‬ ‫لحوالي ‪ 187‬مليار ليرة سورية لبنائها‪.‬‬ ‫‪ -2‬ريف دمشــق‪ :‬تدمير نصف منازلها‪ ،‬وتُقدر‬ ‫بـ ‪ 303‬آالف منزل‪ ،‬تحتاج لحوالي ‪ 145‬مليار‬ ‫ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -3‬حمــص‪ :‬تدميــر حوالــي ‪ 200‬ألــف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 97‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -4‬إدلــب‪ :‬تدميــر حوالــي ‪ 156‬ألــف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 57‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -5‬درعــا‪ :‬تدميــر حوالــي ‪ 105‬آالف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 46‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -6‬ديــر الزور‪ :‬تدميــر حوالي ‪ 82‬ألف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 37‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -7‬حماة‪ :‬تدمير حوالي ‪ 78‬ألف منزل‪ ،‬تحتاج‬ ‫لحوالي ‪ 32‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -8‬الرقة‪ :‬تدمير حوالي ‪ 59‬ألف منزل‪ ،‬تحتاج‬ ‫لحوالي ‪ 21‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -9‬الالذقيــة‪ :‬تدميــر حوالــي ‪ 57‬ألــف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 25‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -10‬الحســكة‪ :‬تدمير حوالــي ‪ 56‬ألف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 20‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -11‬دمشــق‪ :‬تدميــر حوالــي ‪ 37‬ألف منزل‪،‬‬

‫تحتاج لحوالي ‪ 17‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -12‬طرطــوس‪ :‬تدمير حوالي ‪ 12‬ألف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 6‬مليارات ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -13‬الســويداء‪ :‬تدميــر حوالي ‪ 5‬آالف منزل‪،‬‬ ‫تحتاج لحوالي ‪ 2.5‬مليار ليرة سورية‪.‬‬ ‫‪ -14‬القنيطــرة‪ :‬تدميــر حوالــي ‪ 900‬منزل‪،‬‬ ‫تحتــاج لحوالــي ‪ 300‬مليــون ليــرة ســورية‬ ‫لبنائهــا‪ .‬لذا‪ ،‬يبلغ مجموع إعادة الترميم حوالي‬ ‫‪ 700‬مليار ليرة سورية‪.‬‬

‫تدمير البنية التحتية‬

‫تعتبر البنــى التحتية من أهــم المقومات إلعادة‬ ‫أحيــاء المناطــق الســكنية المدمــرة‪ ،‬ففي حال‬ ‫وجودها يغدو األمر أســهل‪ ،‬ولكن قذائف النظام‬ ‫لم تترك شــيئا ً دون تدمير حتى شبكات الصرف‬ ‫الصحي! عدا عن تدمير شبكات الماء والكهرباء‬ ‫التي لم تعد صالحة لالستخدام في المناطق التي‬ ‫تعرضت للقصف‪ ،‬وبحســب وزارة الكهرباء في‬ ‫حكومة النظام تتجاوز خسائر القطاع الكهربائي‬ ‫خالل الثورة الســورية ‪ 80‬مليار ليرة (أكثر من‬ ‫‪ 600‬مليــون دوالر)‪ ،‬حيــث تتراوح الخســائر‬ ‫اليومية بين ‪ 100‬و‪ 150‬مليون ليرة ســورية‪.‬‬ ‫فأي بنية تحتية هذه التي بقيت في سوريا؟‬

‫تأثر اإلنتاج الزراعي‬

‫تعتبر ســوريا بلــدا ً زراعيا ً يعتمــد االقتصاد فيه‬ ‫على اإلنتاج الزراعي بشــكل رئيسي‪ ،‬وقد عمل‬ ‫النظــام علــى معاقبة ســكان القــرى واألرياف‬ ‫الثائــرة والتــي يعمل معظــم أهلها فــي القطاع‬ ‫الزراعي‪ ،‬فمنعهم من العمل في أراضيهم تارة‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى القصف والحرق المتعمد لألراضي‬ ‫تارة أخرى‪.‬‬

‫تضرر القطاع الصناعي‬

‫انهار اإلنتــاج الصناعي وتوقفت معظم المعامل‬ ‫عــن العمل بســبب األوضاع األمنيــة المتردية‪،‬‬ ‫وبســبب القصــف والدمار الذي أصــاب بعضها‬ ‫اآلخــر‪ ،‬ولــم يتبقــى ســوى حوالــي ‪ %40‬من‬ ‫المعامل الموجودة في ســوريا قادرة على العمل‬ ‫واإلنتــاج‪ .‬فــي حلب وحدهــا يوجد فــي المدينة‬ ‫الصناعيــة أكثر من ‪ /1500/‬منشــأة صناعية‪،‬‬ ‫وهي اآلن متوقفة بشكل تام بعد تعرض المدينة‬ ‫الصناعيــة للقصف‪ ،‬وقد تضرر بســبب توقفها‬ ‫أكثــر ‪ 50‬ألــف عامل‪ ،‬ودُمــرت عــدة المعامل‬ ‫نتيجة القصف الهمجي من قبل جيش النظام‪.‬‬ ‫وكذلــك هــو الحال فــي المناطــق الصناعية في‬ ‫كل من دمشــق وحمص‪ ،‬والتي تمثل الشــريان‬ ‫الرئيسي الداعم للقطاع الصناعي السوري‪.‬‬ ‫وبعــد تحريــر مناطق صناعية فــي حلب وادلب‬ ‫برزت ظاهرة تفكيك المعامل وســرقتها من قبل‬ ‫بعض من يدعون االنتماء للثورة زورا ً وبهتاناً‪،‬‬ ‫وسيكون لهذا األمر تبعات كارثية على االقتصاد‬ ‫الســوري مســتقبالً‪ ،‬والبد من محاسبة من قام‬ ‫بهذه األفعال‪.‬‬

‫انهيار القطاع السياحي‬

‫كان قطاع السياحة متواضعا ً منذ ما قبل الثورة‪،‬‬ ‫فال يمكــن مقارنة إيرادات الســياحة الســورية‬ ‫بجارتهــا تركيــا مثــاً‪ ،‬وذلك بســبب سياســات‬ ‫النظــام ووضعــه علــى لوائــح الــدول الداعمة‬ ‫لإلرهاب‪ .‬ورغم تواضعه فقد كان يشــكل حوالي‬ ‫‪ %10‬من إجمالي الناتج المحلي‪ ،‬وقد وصل بعد‬ ‫انطالق الثــورة إلى المعدوم تقريبــاً‪ .‬وقد خرج‬ ‫علينا رئيــس وزراء حكومة النظام فيما يشــبه‬ ‫النكتــة حين أعلن عــن توقيع اتفاقية ســياحية‬ ‫مع الصين بهدف تنشــيط الســياحة! في خطوة‬ ‫منه إلقنــاع المؤيدين بقرب عودة األوضاع إلى‬

‫إن أخطر ما يواجه االقتصاد السوري هو تراجع‬ ‫قــدرة النــاس االقتصادية وعجزهــم عن توفير‬ ‫المستلزمات الحياتية اليومية من طعام ومسكن‬ ‫وملبس وغيرها‪ ،‬فقــد ازدادت البطالة ووصلت‬ ‫إلى أرقام خيالية‪ ،‬وبات معظم المواطنين بحاجة‬ ‫إلى المســاعدات لتوفير تلك المســتلزمات‪ ،‬كما‬ ‫ارتفعــت األســعار بأرقام كبيــرة‪ ،‬وكان البعض‬ ‫يربط بين ارتفاع األسعار وارتفاع سعر الدوالر‪،‬‬ ‫لكن األســعار بقيت علــى حالها عنــد انخفاض‬ ‫الدوالر فيما يشــير إلى أن رفع األسعار سياسة‬ ‫ممنهجة من قبل النظام تهدف إلى التضييق على‬ ‫النــاس أوالً‪ ،‬وزيادة ثروات اللصوص المقربين‬ ‫منه الذين يسيطرون على موارد البالد ثانياً‪.‬‬ ‫وحســب «االســكوا» ففــي كل دقيقــة يخســر‬ ‫االقتصاد السوري ما يقارب عشرة ماليين ليرة‬ ‫ســورية «‪ 65‬ألــف دوالر تقريبــاً»‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى تأكيدات تتحدث عن أن كل ســاعة ينزلق ما‬ ‫يقارب تســعة آالف شخص إلى خط الفقر األدنى‬ ‫«يعيشــون علــى دوالر واحد في اليــوم»‪ ،‬إلى‬ ‫جانب خسارة سوريا لـ ‪ 37‬عام من «التنمية»‪.‬‬

‫مستقبل االقتصاد السوري‬

‫هناك قاعدة تقول أن كل سنة من الحرب األهلية‬ ‫تحتاج إلى ‪ 7‬ســنوات للتعافي‪ ،‬وبالتالي فيما لو‬ ‫توقفت الحرب اآلن فاالقتصــاد بحاجة إلى أكثر‬ ‫من ‪ 20‬عاما ً ليعود إلى ســابق عهده وليس إلى‬ ‫التقدم والتطور‪.‬‬ ‫وقــد أقدم النظام على توقيع اتفاقيات مشــبوهة‬ ‫للتنقيب عن النفط والغاز لصالح شركات صينية‬ ‫وروسية‪ ،‬في خطوة تعتبر رهنا ً لموارد البالد بيد‬ ‫هذه الــدول مقابل دعمها له في حربه المجنونة‬ ‫ضد شعبه‪.‬‬ ‫لقــد أدت جميــع الظروف الســابقة إلــى هجرة‬ ‫رؤوس األمــوال مــن البــاد‪ ،‬وقد أقــدم العديد‬ ‫من التجار والصناعيين الســوريين على سحب‬ ‫أموالهم من ســوريا وإنشــاء معامل وشــركات‬ ‫فــي دول أخرى كتركيا ولبنــان ومصر واألردن‬ ‫وغيرهــا‪ ،‬ومــن الصعــب إعــادة هــذه األموال‬ ‫لتســاهم في إحيــاء االقتصاد الســوري مجدداً‪،‬‬ ‫وهــذا األمر يتطلــب إنهاء الحــرب أوالً وتوفير‬ ‫األمن‪ ،‬األمر الضروري لينهض االقتصاد وتعود‬ ‫عجلة اإلنتاج للدواران مجدداً‪.‬‬


‫المشهد الميداني‬

‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫‪04‬‬

‫الثوار يسيطرون على أول منفذ بحري لهم‬ ‫على البحر األبيض المتوسط‬ ‫وتقدم كبير للثوار على مختلف جبهات حلب‬ ‫جريدة الكتائب‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫شــهدت الفترة الماضية تصاعدا ً لوتيرة المعارك‬ ‫في الســاحل قبل أن تهدأ األمور نســبيا ً ويتوقف‬ ‫الثــوار عن التقــدم لتحرير مناطــق جديدة‪ ،‬كما‬ ‫شــهدت هجوما ً عنيفا ً من قبل قوات النظام على‬ ‫المليحــة فــي ريف دمشــق‪ ،‬وتعرضــت المدينة‬ ‫لغــارات كثيرة جدا ً وصلت في بعض األحيان إلى‬ ‫‪ 22‬غارة يومياً‪ .‬وشهدت حلب تقدما ً للثوار على‬ ‫عدة جبهات‪ ،‬على عكس حمص المحاصرة التي‬ ‫تتعرض لهجوم عنيف من قبل قوات النظام‪.‬‬ ‫دمشـــق‪ :‬فــي دمشــق‪ ،‬تعرضت أحيــاء جوبر‬ ‫والقــدم والعســالي ومناطــق بمخيــم اليرمــوك‬ ‫لقصف جوي ومدفعي من قبل قوات النظام‪.‬‬ ‫وفي ريف دمشــق اســتمر هجوم قــوات النظام‬ ‫على بلدة المليحة‪ ،‬ونفذ الطيران الحربي غارات‬ ‫كثيرة على المليحة ممــا أدى لوقوع دمار هائل‬ ‫وســقوط شهداء وجرحى‪ ،‬كما ألقت المروحيات‬ ‫براميل متفجرة على المدينة‪ ،‬ودارت اشــتباكات‬ ‫عنيفة على أطراف المليحة وجرت عدة محاوالت‬ ‫من قوات النظام مدعومة بعناصر من ميليشيات‬ ‫عراقية ولبنانية القتحــام المدينة دون أن تنجح‬ ‫بذلك‪ ،‬وقد أدت هذه االشــتباكات إلى تكبيد قوات‬ ‫النظام خسائر كبيرة في األرواح والعتاد‪.‬‬ ‫وألقــت مروحيــات النظام براميــل متفجرة على‬ ‫مدينة داريا بريف دمشــق الغربــي‪ ،‬ما أدى إلى‬ ‫تدمير مســجد عمر بن الخطاب في المدينة‪ .‬كما‬ ‫ألقــت براميــل أيضا ً على حي جوبــر ومعضمية‬ ‫الشام ودوما وكفر بطنا وخان الشيح والزبداني‪.‬‬ ‫واستخدمت قوات النظام غازات سامة في قصف‬ ‫اســتهدف حي جوبر بدمشــق‪ ،‬كما اســتخدمت‬ ‫قوات النظام الغازات الســامة في قصفها لمدينة‬ ‫حرســتا بالغوطة الشــرقية‪ ،‬ممــا أدى لوقوع ‪6‬‬ ‫شــهداء وإصابة آخرين باإلغماء ومشــاكل في‬ ‫التنفس‪.‬‬ ‫وقد تصاعدت وتيرة القتال في الغوطة الشــرقية‬ ‫وتجــددت المعــارك بالقــرب من مطار دمشــق‬ ‫الدولــي‪ .‬واســتهدف الثــوار اللــواء ‪ 68‬قــرب‬ ‫أســتراد الســام‪ .‬كما ســيطر الثوار على معامل‬ ‫الخميرة قرب بلدة شبعا‪..‬‬ ‫حلـــب‪ :‬وفي حلب ســيطر الثوار علــى مواقع‬ ‫في حي جمعية الزهــراء بمدينة حلب قرب فرع‬ ‫المخابرات الجوية والقصر العدلي بعد اشتباكات‬ ‫عنيفــة‪ .‬وتمكن الثوار أيضا ً من الســيطرة على‬ ‫منطقــة الكراجات وأجــزاء من حــي العامرية‪،‬‬ ‫وقطعــوا طريق اإلمداد الوحيد لقوات النظام إلى‬ ‫مدينة حلب‪ .‬كما قاموا باقتحام منطقة الراموسة‪،‬‬ ‫وأطلقــوا معركــة جديدة في حي الراموســة بعد‬ ‫ســيطرتهم علــى نقاط مهمــة بالحــي‪ ،‬وهو ما‬ ‫مكنهــم مــن قطــع الطريق بيــن الحــي ومطار‬ ‫النيرب والكلية الحربية‪ .‬كما سيطر مقاتلو غرفة‬ ‫عمليات «أهل الشــام» على منطقة عقرب على‬ ‫الطريق العــام (الراموســة‪-‬الحمدانية) في حي‬ ‫الراشدين غربي مدينة حلب‪.‬‬ ‫كما دارت اشــتباكات بين قوات النظام ومقاتلي‬ ‫المعارضة في محيط أكاديمية األســد العسكرية‬ ‫ومدينة الشــيخ نجار الصناعية‪ .‬وأغار الطيران‬

‫المروحي على أحياء الصاخور ومســاكن هنانو‬ ‫وعلى مواقع في المنطقة الصناعية بالشيخ نجار‬ ‫شــمالي المدينة‪ ،‬كما شــنت غــارات على دوار‬ ‫الليرمون وطريق الكاســتيلو‪ ،‬وغارتين جويتين‬ ‫بالقرب مــن مخيم حنــدرات بالمدينــة‪ .‬وقصف‬ ‫الطيــران المروحــي بالبراميــل المتفجرة أحياء‬ ‫الشعار وكرم الجبل والشيخ مقصود وكرم البيك‬ ‫والليرمــون وطريق الكاســتيلو ودوار الجندول‬ ‫ودوار الجزماتــي وأحيــاء هنانو والميَسّــر في‬ ‫مدينة حلب‪.‬‬ ‫وألقــت المروحيات براميل متفجــرة أيضا ً على‬ ‫قبتــان الجبل وعنجــارة ومعــارة األرتيق وكفر‬ ‫حمــرة وعندان وحريتــان ودارة عزة واألتارب‬ ‫وأورم الصغــرى وإعــزاز وتــل جبيــن ودويــر‬ ‫الزيتون‪.‬‬ ‫درعا‪ :‬وفي درعا تتعرض المدينة لقصف عنيف‬ ‫بعد سيطرة الثوار على حواجز الصوامع وسجن‬ ‫غــرز المركــزي واقترابهم من المنشــية‪ ،‬وهي‬ ‫الحي الوحيد الذي تسيطر عليه قوات النظام في‬ ‫درعا‪ .‬وقد أغار الطيران الحربي على حي طريق‬ ‫السد بالمدينة‪ ،‬وأدى القصف إلى سقوط شهداء‬ ‫وجرح آخرين إضافــة إلى دمار كبير في األبنية‬ ‫واشتعال الحرائق في محيط القصف‪ .‬كما قصفت‬ ‫المدفعية الثقيلة أحياء طريق السد ومخيم درعا‬ ‫وأحياء درعا البلد‪.‬‬ ‫وتعرض الحي الشــرقي ببصرى الشام للقصف‬ ‫بالبراميل المتفجرة‪ ،‬وشمل القصف أيضا ً بلدات‬ ‫النعيمة والحراك واليادودة بالمحافظة نفسها‪.‬‬ ‫وفي القنيطــرة تمكن الثوار من الســيطرة على‬ ‫كامــل التل األحمر الغربي الواقع بريف القنيطرة‬ ‫الجنوبــي ضمن معركة صــدى األنفال‪ .‬وجاءت‬ ‫هذه الســيطرة بعد عملية حصار اســتمرت أكثر‬ ‫من شــهرين‪ ،‬تم علــى إثرها تدمير عــدة آليات‬ ‫وقتــل العديد من جنود النظــام‪ ،‬كما دمروا دبابة‬ ‫للنظام في منطقة الهور‪.‬‬ ‫حمص‪ :‬وفي حمص استشــهد ســتة أشــخاص‬ ‫بينهــم امــرأة وطفلتــان في قصــف للطيران‬ ‫الحربــي على مناطــق في بلــدة الغنطو‬ ‫بريف حمص‪ ،‬كما تعرضت أحياء الوعر‬ ‫وباب هود بحمص لقصــف بالمدفعية‪،‬‬ ‫ا حتد مــت‬ ‫فــي حيــن‬

‫معــرة مصريــن فــي الريــف الشــمالي‪ ،‬وقرية‬ ‫االشتباكات بالجزيرة السابعة في حي الوعر‪.‬‬ ‫كمــا تعرضــت قرية غزيلــة لغارة جوية وســط الصالحيــة شــمال مدينة خان شــيخون بالريف‬ ‫اشــتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام على الجنوبي‪.‬‬ ‫جبهة حوش حجو‪.‬‬ ‫الالذقية‪ :‬وفي الالذقية اســتعاد الثوار السيطرة حمــاه وفي حماه قامت مروحيــات تابعة للنظام‬ ‫علــى المرصــد ‪ 45‬بريــف الالذقيــة بعــد مقتل بإلقاء براميل متفجرة على مدينة مورك شمالي‬ ‫العشــرات من قوات النظــام وعناصر حزب هللا حماه‪ ،‬واندلعت اشــتباكات عنيفة بين الجيشــين‬ ‫اللبنانــي المســاندة لهــم‪ .‬والمرصــد ‪ 45‬موقع الحــر والنظامي على حواجز الشــيلوط وجســر‬ ‫إستراتيجي يشرف على مساحات واسعة‪ ،‬كانت شــيزر والقرامطــة والجديدة‪ ،‬مع ســعي الثوار‬ ‫قوات النظام قد ســيطرت عليه لساعات‪ .‬وتأتي للتخفيف عــن جبهة مدينة مــورك التي تتصدر‬ ‫أهمية المرصد من كونه يرتفع عن سطح البحر واجهة األحداث العسكرية منذ شهرين‪ .‬وشهدت‬ ‫بنحــو ‪ 900‬متر ويتوســط عــددا ً مــن المواقع مورك تجددا ً لالشــتباكات العنيفة على مشارفها‬ ‫الهامة حيــث يطل على جبلي األكراد والتركمان بين الثوار وقــوات النظام خصوصا ً على الجهة‬ ‫شــرقاً‪ ،‬وعلى مدينة كسب وجبل األقرع شماالً‪ ،‬الجنوبيــة فــي ظــل قصــف عنيف تتعــرض له‬ ‫وعلــى البحر المتوســط غربــاً‪ ،‬وعلــى منطقة المدينة‪.‬‬ ‫البسيط حتى مدينة الالذقية جنوباً‪ .‬وتجدد القتال وقصفت قوات النظــام بالقنابل العنقودية قريتي‬ ‫فــي محيــط بلدة كســب الخاضعــة للثــوار‪ ،‬كما المهاجريــن وقبــر فضة في ســهل الغاب بريف‬ ‫تصدى الجــش الحر لمحــاوالت عناصر الدفاع حماة‪ ،‬مما أســفر عن دمار كبيــر‪ .‬كما تعرضت‬ ‫الوطنــي التابع لجيــش النظام التســلل إلى جبل مدينتا كفرزيتا واللطامنة بريف حماة الشــمالي‬ ‫لقصف صاروخي ومدفعي عنيف‪.‬‬ ‫تشالما بريف الالذقية‪.‬‬ ‫وألقــى الطيران المروحــي البراميــل المتفجرة وفي منحى آخر ســيطر الثوار على بلدة «خربة‬ ‫علــى وادي شــيخان بريــف الالذقيــة‪ ،‬في حين الحجامــة» بريــف حمــاة الشــمالي‪ ,‬بينما صد‬ ‫تصــدى مقاتلو معركــة األنفــال لمحاولة جيش الثــوار محاولة القتحام مدينــة مورك‪ ،‬وأعطبوا‬ ‫النظــام التقدم من جنوب كســب بريف الالذقية‪ ،‬دبابتين وقتلت عناصر من جيش النظام‪.‬‬ ‫وسط تواصل القصف على المدينة‪ .‬وباتت قرية‬ ‫السمرا أول موطئ قدم للثوار على شاطئ البحر ديــر الــزور‪ :‬وفي ديــر الزور قصــف الجيش‬ ‫األبيض المتوسط‪ ،‬حيث تمكنوا من الوصول إلى الحــر بمدافــع الهــاون المربع األمنــي بمنطقة‬ ‫مثــل هذه النقطة المتقدمة‪ ،‬فــي عقر دار النظام غــازي عيــاش ومطار ديــر الزور العســكري‪.‬‬ ‫ومعاقل الموالين له‪.‬‬ ‫فيما تعرضت بلــدة الدحلة لقصف جوي من قبل‬ ‫إدلــب‪ :‬وفــي ادلب ســيطر الثوار علــى حاجز طائرات النظام‪ .‬واســتطاع الثوار السيطرة على‬ ‫الصالحية في محيط بلدة كفر ياســين‪ ،‬فاغتنموا جــزء من القطــاع الجنوبــي لمطار ديــر الزور‬ ‫مستودعا ً للذخيرة في قرية الصالحية بعد تدمير العســكري وتمكنوا من قتل وأسر عدد من قوات‬ ‫دبابــة للنظام هناك‪ .‬كما ســيطر الثوار على بلدة النظام‪.‬‬ ‫مــواز‪ ،‬دارت اشــتباكات عنيفة بين‬ ‫صعيد‬ ‫بابولين االستراتيجية‪ ،‬وتمكن الثوار من تحرير على‬ ‫ٍ‬ ‫عناصر من تنظيم الدولة اإلســامية في العراق‬ ‫حاجز المسبح على أطراف خان شيخون‪.‬‬ ‫واستهدف الطيران الحربي والمروحي بالبراميل والشام وكتائب من الثوار بمدينة البوكمال قرب‬ ‫الحدود السورية العراقية‪.‬‬ ‫المتفجــرة مــدن وبلدات جبــاال وربع‬ ‫وســيطر عناصر داعش على جســر السياســية‬ ‫الجور وخــان شــيخون وحيش‬ ‫والفرع السابق لحزب البعث وصوامع الحبوب‪،‬‬ ‫بريــف إدلــب الجنوبي‪ ،‬وســط‬ ‫ثــم بعد ذلك احتدمت المعــارك بين مقاتلي‬ ‫اشتباكات عنيفة على الحواجز‬ ‫التنظيــم وعناصر مــن جبهة النصرة‬ ‫الواقعة قرب مدينة‬ ‫والجيــش الســوري الحــر‪ ،‬مما أدى‬ ‫خــان شــيحون‪.‬‬ ‫لســقوط قتلى من‬ ‫كمــا اســتهدف‬ ‫الطرفين‪.‬‬ ‫ا لطيــر ا ن‬ ‫ا لحر بي‬ ‫بلــد ة‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫الصفحة اإلخبـارية‬

‫‪05‬‬

‫حقوق اإلنسان‪ :‬النظام مسؤول عن االنتهاكات‬ ‫كررت المفوضة العليا لحقوق اإلنســان فــي األمم المتحدة أن النظام‬ ‫الســوري هو المســؤول الرئيســي عن االنتهاكات التــي ترتكب في‬ ‫البالد‪ ،‬داعية مجلس األمن الدولي إلى إحالة هذا الملف إلى المحكمة‬ ‫الجنائية الدولية‪ .‬ومع تذكيرها بأن الفرق التابعة لها رصدت انتهاكات‬ ‫لحقوق اإلنسان من جانب الثوار وقوات النظام على السواء‪ ،‬شددت‬ ‫نافــي بيالي على أنه ال يمكن المقارنــة بين الجانبين‪ ،‬فالحكومة هي‬ ‫المســؤول الرئيســي عن االنتهــاكات‪ .‬وخالل جلســة مغلقة لمجلس‬ ‫األمــن‪ ،‬عرضــت المفوضة العليــا الوضع في ســوريا‪ ،‬وذكرت أمام‬ ‫الصحفييــن بأنها كانت طلبت تدخل المحكمــة الجنائية الدولية للمرة‬ ‫األولــى في أغســطس‪/‬آب ‪ 2011‬مــع بدء النزاع الســوري‪ .‬وكون‬ ‫دمشــق لم توقع معاهدة المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬يتطلب هذا األمر‬ ‫قــرارا ً مــن مجلس األمــن‪ ،‬وهو أمر مســتبعد في ظــل الحماية التي‬

‫يحظى بها النظام الســوري من روســيا والصين‪ .‬وأفاد دبلوماسيون‬ ‫بأن الدول الغربية ‪-‬وخصوصا فرنســا وبريطانيا‪ -‬تفكر رغم ذلك في‬ ‫التقدم مع نهاية أبريل‪/‬نيســان بمشــروع قــرار يطلب تدخل المحكمة‬ ‫الجنائية في خطوة تكثف الضغط على النظام‪ .‬وأضاف المصدر نفسه‬ ‫أن الظــرف الراهن مــؤات ألن المجلس يضم حاليــا ‪ 11‬بلدا عضوا‬ ‫وقع معاهدة المحكمة الجنائية‪ .‬واســتعدادا ً لهذا األمر‪ ،‬وزعت فرنسا‬ ‫األســبوع الفائت على شــركائها تقريــرا ً يتضمــن آالف الصور عن‬ ‫معتقلين قضوا جراء التعذيب في سجون النظام‪ .‬وتنوي باريس أيضا ً‬ ‫تنظيم اجتماع غير رسمي في األمم المتحدة لمناقشة هذا التقرير‪ .‬من‬ ‫جهتها‪ ،‬أقرت سفيرة نيجيريا جوي أوغوو التي تترأس مجلس األمن‬ ‫بـ»عــدم وجود توافق» حول تدخل المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬وقالت‬ ‫«ال يزال هذا األمر موضع تشاور»‪.‬‬

‫استئناف نقل األسلحة الكيميائية السورية‬ ‫أكــد الناطق باســم القوة البحريــة المكلفة نقل األســلحة الكيمائية‬ ‫الســورية أن عمليــات إجــاء هذه األســلحة اســتؤنفت‪ ،‬موضحا‬ ‫أنــه ما زال مــن الممكن احتــرام البرنامج الزمنــي المحدد إلزالة‬ ‫هذه الترســانة‪ .‬وقال مســؤول الشؤون العامة ســايمن رودي إن‬ ‫توقف خاللها شــحن مواد‬ ‫العمليــات اســتؤنفت بعــد فترة زمنيــة‬ ‫َ‬ ‫كيميائية من ســوريا‪ .‬واعتبر رودي أن الوضع األمني جيد بدرجة‬

‫كافية الســتئناف عمليات الشــحن‪ ،‬مشــيرا ً إلى أن ‪ 14‬حاوية تم‬ ‫تحميلهــا منذ ‪ 4‬أبريل‪/‬نيســان الجاري على الســفينة الدانماركية‬ ‫«آرك فوتورا» في مرفأ الالذقية شــمال غربي ســوريا‪ .‬وتابع أن‬ ‫هذا يعني أن العمليات مطابقة للبرنامج الزمني المحدد‪ ،‬مســتدركا‬ ‫بالقــول إن الوضــع األمني ســيلعب دورا مهما فــي احترام المهل‬ ‫المحددة والمقررة ليوم ‪ 30‬يونيو‪/‬حزيران المقبل‪.‬‬

‫خطة أميركية لدعم المعارضة‬ ‫قال مصدران أمنيان أميركيان إن الواليات المتحدة تضع اللمسات‬ ‫األخيــرة علــى خطة لزيــادة تدريــب مقاتلي المعارضة الســورية‬ ‫وإرســال شحنات من األســلحة الصغيرة‪ ،‬بينما اســتنكرت القوى‬ ‫الدولية الداعمة للمعارضة السورية أي فكرة عن إجراء انتخابات‬ ‫رئاسية ينظمها نظام األسد‪ .‬وقال المسؤوالن المطلعان على الخطة‬

‫إن الواليات المتحدة ســتزيد المســاعدات وسترسل هذه الشحنات‬ ‫لجماعــات المقاتليــن المعتدلــة التــي يوجد معظمها فــي األردن‪،‬‬ ‫باإلضافــة إلى الحدود الجنوبية الســورية‪ .‬ورجح المســؤوالن أن‬ ‫تكون تلك اإلمدادات اإلضافية متواضعة وأال تشمل صواريخ أرض‬ ‫جو‪.‬‬

‫لواء التوحيد يُقرر منع اإلعالميين من دخول قطاعاته بال تصريح‬ ‫أصــدرت القيــادة العامة في لــواء التوحيد التابع للجبهة اإلســامية‬ ‫تعميما ً إلى كافة القادة العســكريين واإلداريين والقطاعات في مدينة‬ ‫حلب وريفها يقتضي منع دخول اإلعالميين لقطاعات اللواء‪ .‬وأضاف‬ ‫التعميــم الذي أُعلن عنه ابتــداء من األحد الموافق ‪ ،2014-4-6‬أن‬ ‫دخــول الصحفيين والشــبكات اإلعالمية بات ممنوعــا ً دون تصريح‬

‫رسمي ممهور بختم المكتب اإلعالمي للّواء‪ ،‬وذلك حرصا ً على سير‬ ‫العمل العسكري على حد تعبيره‪ .‬ويغطي لواء التوحيد عدة أجزاء من‬ ‫جبهات حلب القديمة إضافة لتواجده في العديد من النقاط العســكرية‬ ‫في مدينة حلب وفي بعض الجبهات الشمالية األخرى‪.‬‬

‫انتخاب هيئة سياسية جديدة‬ ‫لالئتــالف الوطنــي‬ ‫انتخبت الهيئة العامة لالئتالف الوطني لقوى الثورة‬ ‫والمعارضــة الســورية هيئة سياســية جديــدة‪ ،‬بعد‬ ‫توســعتها من تســعة عشــر عضوا إلى ‪24‬عضوا‪،‬‬ ‫حيث حافظ بعض األعضاء على مقاعدهم مثل رئيس‬ ‫وفــد المفاوضات إلــى جنيف هادي البحــرة وخرج‬ ‫منها ميشــيل كيلــو‪ .‬وكانت الهيئــة العامة لالئتالف‬ ‫الوطنــي قــد انتخبت مســاء األحد وزيريــن جديدين‬ ‫للتربية والصحة في الحكومة السورية المؤقتة التي‬ ‫يترأســها أحمد طعمة‪ ،‬في حين بقيت حقيبة الداخلية‬ ‫شــاغرة في ظل تعثر محاوالت التوافق على مرشح‬ ‫لتوليها‪ .‬وأفادت األنباء بــأن الهيئة العامة لالئتالف‬ ‫انتخبــت محي الدين بنانــة وزيرا للتعليــم‪ ،‬وعدنان‬ ‫محمد حزوري وزيرا ً للصحة في الحكومة المؤقتة‪.‬‬ ‫وبالنســبة ألعضاء الهيئــة السياســية الجديدة‪ ،‬فقد‬ ‫أوضحــت مصــادر فــي االئتــاف أن كال مــن هادي‬ ‫البحــرة وأنس العبدة ونذير الحكيــم وأحمد رمضان‬ ‫وعبــد األحد أصطيفو حافظوا علــى مقاعدهم‪ ،‬بينما‬ ‫خرج ميشيل كيلو وكذلك فايز سارة‪ ،‬وموفق نيربية‬ ‫ســفير االئتالف في بروكســل ومنذر ماخوس سفير‬ ‫االئتالف في فرنسا‪.‬‬ ‫وبقــي في مكانه كل من الرئيس أحمد الجربا ونوابه‬ ‫الثالثــة‪ ،‬فــاروق طيفور ونورا األميــر وعبد الحكيم‬ ‫بشار واألمين العام بدر جاموس‪ .‬وعاد إلى عضوية‬ ‫الهيئة بعد غياب ثالثة أشــهر ســالم المســلط‪ .‬ومن‬ ‫الفائزيــن الجــدد جمال الورد وخالــد الناصر ويحيى‬ ‫مكتبي ورياض حســن ونصر حريــري ومحمد خير‬ ‫الوزيــر وصالح درويش ومحمد خير بنكو وحســان‬ ‫وأنــور بــدر وأحمــد جقــل وعاليــة منصــور وزياد‬ ‫الحســن‪ .‬وخسر كل من الناطق باسم االئتالف ووفد‬ ‫المعارضة إلى مفاوضات جنيف لؤي صافي‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى أكرم العساف وكمال اللبواني وعبد الباسط سيدا‬ ‫(رئيس المجلــس الوطني األســبق) ومنى مصطفى‬ ‫وريما فليحان‪.‬‬

‫في سوريا تقتل امرأة كل ثالث ساعات‬ ‫وثقت الشبكة السورية لحقوق اإلنسان مقتل ‪ 141‬امرأة خالل شهر‬ ‫آذار الماضي‪ ،‬بينهم سيدتان قضتا تحت التعذيب في مراكز االحتجاز‪.‬‬ ‫وقالت الشبكة أن ‪ 12935‬امرأة قضت في سوريا منذ بداية الثورة‪،‬‬ ‫بينهــن ‪ 3614‬طفلــة‪ ،‬بمعدل امــرأة كل ثالث ســاعات‪ .‬وقال مدير‬ ‫الشــبكة السورية لحقوق اإلنســان فاضل عبد الغني الذي وثق خالل‬ ‫ســنوات الثورة آالف االنتهاكات ضــد المرأة‪« :‬لم ينصف أحد معاناة‬

‫المرأة الســورية وتضحياتها واألهم من ذلك لم يحاسب أحد ممن قام‬ ‫باالنتهاكات بحقها‪ ،‬وإذا لم يطبق مبدأ مســؤولية الحماية في سوريا‬ ‫فمتــى وأين ســيطبق؟ وما هي الحاجــة إليه؟»‪ .‬وأصدرت الشــبكة‬ ‫السورية لحقوق اإلنسان بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تقريرا ً وثقت‬ ‫فيــه مقتل ‪ 31‬امــرأة تحت التعذيب داخل مراكــز االحتجاز‪ ،‬واعتقال‬ ‫نحو ‪ 5000‬أخريات على يد قوات النظام منذ بداية الثورة‪.‬‬

‫االئتالف ينقل جميع المهمات التنفيذية للحكومة المؤقتة‬ ‫أكد المتحدث باسم االئتالف الوطني السوري المعارض لؤي صافي‪،‬‬ ‫إن جميــع المهمــات التنفيذية لدى االئتالف نقلــت للحكومة المؤقتة‬ ‫عسكريا ً وسياسيا ً وخدماتياً‪ ،‬وفي قضايا االغاثة ومساعدة السوريين‪.‬‬ ‫وبحســب وكالة األناضول‪ ،‬قال صافي في مؤتمر صحفي عقده قبيل‬ ‫اختتام أعمال الدورة ‪ ١٣‬لالئتالف في إســطنبول أنه «خالل اليومين‬ ‫الماضيين شــاركت الحكومة المؤقتة بكثافة في االجتماعات‪ ،‬وقدمت‬ ‫عــددا ً من التقاريــر والخطط‪ ،‬ويمكن القول‪ ،‬اليــوم‪ ،‬إن كل المهمات‬

‫التنفيذيــة نقلت للحكومة المؤقتة»‪ .‬وأضاف أيضا أنه “تم اســتيفاء‬ ‫الشرط األساسي للجامعة العربية فيما يتعلق بالهيئة التنفيذية‪ ،‬وهي‬ ‫الحكومــة المؤقتة‪ ،‬وهناك خطة إلجــراء مزيد من الحوار مع األمين‬ ‫العــام للجامعة العربية نبيل العربي لتســليم مقعد ســوريا الشــاغر‪،‬‬ ‫باعتباره الممثل الشــرعي للشــعب الســوري‪ ،‬وأُكد ذلــك في مؤتمر‬ ‫القمة العربية األخير في الكويت”‪.‬‬

‫ضاحي خلفان‪ :‬بشار األسد… كرت محروق‪ ..‬انتهى‬ ‫نصح الفريق ضاحي خلفان تميم‪ ،‬نائب رئيس الشــرطة واألمن العام‬ ‫بدبي بشــار األســد بالتنحي‪ ،‬وقال‪ ” :‬لو كنت مكانه لتنحيت ولجأت‬ ‫بشــخص مقبول” وأضاف‪ ” :‬بشــار األســد غير مقبول خليجياً‪ ،‬وال‬ ‫عربياً‪ ،‬وال إســامياً‪ ،‬وال عالمياً”‪ .‬وأردف في مقابلة مع سي ان ان‪:‬‬

‫“بشــار األســد بعد هذا القتل لم يعد صالحا ً لحكم ســورية مرة ثانية‪،‬‬ ‫بشار “كرت محروق “انتهى”‪ .‬كما أنه طالب الواليات المتحدة بكف‬ ‫يدهــا عن الدول العربية وعن دعم المعارضة التي تتخذ أشــكاال عدة‬ ‫وفرضها على الشعب‪.‬‬

‫الجربا يطالب أميركا بالرد على‬ ‫«اإلبادة» بحلب‬ ‫طالبــت المعارضــة الســورية الواليــات المتحــدة‬ ‫بمــا وصفته ردا مناســبا على ما تقــول إنها إبادة‬ ‫جماعية ارتكبتها قوات النظام الســوري في حلب‪.‬‬ ‫ورفــض رئيــس االئتــاف الوطني لقــوى الثورة‬ ‫والمعارضة الســورية أحمد الجربا في رسالة إلى‬ ‫وزير الخارجية األميركي جون كيري يوم ‪ 8‬أبريل‪/‬‬ ‫نيســان الجاري‪ ،‬اتهامات بــأن مقاتلي المعارضة‬ ‫اســتهدفوا مســيحيين ودنســوا مواقع مقدسة في‬ ‫محافظة الالذقية على ساحل البحر المتوسط‪.‬‬ ‫وقــال الجربــا «إن نظــام األســد ينفذ علــى مدى‬ ‫األســابيع الماضية حملة قصف مكثفــة بالبراميل‬ ‫المتفجــرة خاصــة على حلــب‪ ،‬ممــا أدى إلى قتل‬ ‫وتشــويه عشــرات المدنيين دون تمييــز‪ ،‬وتدمير‬ ‫أحياء بالكامل والتســبب في نــزوح جماعي جديد‬ ‫لالجئين»‪ .‬وأضاف «ما زلنا في انتظار رد مناسب‬ ‫على هذه الجرائم الجماعية ضد اإلنسانية‪ ،‬وندعو‬ ‫زعماء المجتمع الدولي وخاصة الواليات المتحدة‬ ‫وحلفاءها التخاذ موقف بشأن هذه اإلبادة الجماعية‬ ‫للشعب السوري»‪.‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫لقاء العدد‬

‫‪06‬‬

‫أنـس جنيـدي (أبـو مالـك)‬

‫عضو مكتب التخطيط والعمليات في كتائب الفاروق بالساحل‬ ‫• الساحل هوالشريان الرئيسي للنظام‪ ،‬وكان لزام ًا علينا أن نقوم بتوجيه ضربات لقطع هذا الشريان‬ ‫• المعارك في الساحل مستمرة‪ ،‬وستتوقف فقط في حال نفاذ الذخيرة وعدم تقديم الدعم الالزم لالستمرار‬ ‫• يجب على االئتالف واألركان والحكومة المؤقتة العمل الفوري على دعم جبهات القتال في الساحل‬ ‫حوار‪ :‬فاضل الحمصي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أنــس جنيدي (أبو مالك) مــن أبناء حمص ومن‬ ‫أوائل المشــاركين في المظاهرات السلمية ومن‬ ‫بعدهــا العمل العســكري ضد النظــام‪ ،‬وهو اآلن‬ ‫عضــو مكتــب التخطيــط والعمليات فــي كتائب‬ ‫الفاروق بالساحل ومشارك مع كتائبه في معارك‬ ‫الساحل‪.‬‬ ‫ما هي أهمية معركة الساحل ؟‬ ‫بعد خســارة الجيش النظامــي للكثير من كوادره‬ ‫واســتنزافه فــي المعــارك المفتوحــة فــي كل‬ ‫المحافظــات وحــدوث االنشــقاقات فــي صفوفه‬ ‫أرغم على االستعانة بمواليه في مناطق الساحل‬ ‫وجبــال العلويين‪ ،‬وكان خطأ الثــوار من البداية‬ ‫هــو خوضهم للمعارك فــي مناطقهم‪ ،‬مما أعطى‬ ‫النظام ذريعة لتدميــر أحياء المدن والقرى فوق‬ ‫رؤوس ســاكنيها كمــا حصــل فــي بابــا عمرو‬ ‫والقصيــر وداريا وغيرها ‪ ..‬فيمــا بقيت مناطق‬ ‫مواليــه آمنة حتى اللحظــة‪ .‬وكان النداء للتوجه‬ ‫للعمــل علــى ضــرب النظام فــي عقــر داره في‬ ‫الســاحل لما لهذه الجبهة من أهمية كبيرة تتمثل‬ ‫بالضغط على النظام لتخفيف الحصار المفروض‬ ‫على ريف دمشــق وحمص وحلب وسحب القسم‬ ‫األكبر من شبيحة النظام لمؤازرة قراهم ومدنهم‬ ‫في الساحل‪ .‬كما ال يجب أن ننسى معركة (عائشة‬ ‫أم المؤمنين) التي جرت منذ شــهور وتم تحرير‬ ‫‪ 14‬قريــة خاللها من قــوات النظام كان لها دور‬ ‫إيجابي في تخفيــف الضغط عن داريا والغوطة‪،‬‬ ‫ممــا دفــع النظام إلــى التفاوض وطلــب الهدنة‪.‬‬ ‫وأصبــح الثوار علــى قناعة بأن جبهة الســاحل‬ ‫هي الفرصة الوحيدة للعمل الســتكمال مشــروع‬ ‫الثورة السورية‪.‬‬ ‫معركــة الســاحل هــي معركــة اســتراتيجية لما‬ ‫لهــذه المنطقة من أهمية متمثلة بكونها مخزون‬ ‫عســكري كبيــر للنظــام‪ ،‬وكونها تحتــوي على‬ ‫أكبــر ميناء عســكري يقــوم النظام باالســتفادة‬ ‫منه وتلقي الدعم مــن الدول التي تقف معه مثل‬ ‫روســيا والصين‪ ،‬وأيضآ بعض الــدول العربية‪،‬‬ ‫وأصبح لزامآ علينا العمل على قطع عصب حياته‬ ‫وحرمانه من أهمية موانئه البحرية والعمل على‬ ‫فتــح الجبهة لما تشــكله من خطــر كبير‪ ،‬ناهيك‬ ‫عــن أهميــة قطع طريــق لبنان طرطــوس الذي‬ ‫يعتبــر طريق قــوات حزب هلل اللبنانيــة الموالية‬ ‫للنظــام‪ ،‬وتخفيف الضغط عن باقــي المحافظات‬ ‫التي أوشكت أن تســقط‪ ،‬مثل مدينة حمص التي‬ ‫تعتبــر نقطة وصــل للنظام وتحقيقآ لمشــروعه‬ ‫في تقســيم ســوريا وإقامة دولته المزعومة من‬ ‫الســاحل الســوري حتى حــدود العــراق مرورآ‬ ‫بحمــص وحماه ودمشــق‪ ،‬كونهــا تعتبر الهالل‬ ‫الواصــل بين العراق ولبنــان‪ ،‬مما يحقق إليران‬ ‫أحالمها بالسيطرة على سوريا‪.‬‬

‫لمــاذا اخترتــم هــذا التوقيــت بالــذات لفتح هذه‬ ‫الجبهة؟‬ ‫يعتبر هذا التاريــخ وهذا التوقيت ضرورة ملحة‬ ‫لنــا لما تعانيــه الثورة مــن انتكاســة في بعض‬ ‫الجبهات منها الغوطــة وحمص وبعض جبهات‬ ‫حلب‪ ،‬وبعد نكسة سقوط يبرود أيضاً‪ .‬والخطورة‬ ‫األكبر هي احتمال ســقوط حمــص لما تمثله من‬ ‫رمزيــة فــي الثورة‪ .‬فــكان ال بد لنــا من تخفيف‬ ‫الضغط عن كل هذه الجبهات وإحياء األمل ورفع‬ ‫المعنويات من جديد‪.‬‬

‫مــاذا قــدم لكــم‬ ‫ا ال ئتــا ف‬ ‫واألركان مــن‬ ‫دعم ؟‬ ‫بعض الجهات‬ ‫ا لد و ليــة‬ ‫تخوفــت مــن‬ ‫فتــح جبهات‬ ‫الســاحل لمــا‬ ‫لها من أهمية‬

‫البعــض يقول بأن المعركــة هي هجوم على‬ ‫المناطــق والقُرى العلويــة‪ ،‬ردا ً على قصف‬ ‫النظام لمناطق السُــنة‪ ،‬فهل معركتكم هي رد‬ ‫على النظام أم هي معركة استراتيجية؟‬ ‫جبهة الساحل هي الممر والشريان الرئيسي‬ ‫للنظــام كونهــا تســهل حركة وصــول جبال‬ ‫العلوييــن بمنطقــة الغــاب ومنطقــة جســر‬ ‫الشغور وتؤمن لهم ســهولة الحركة والنقل‬ ‫والتذخير‪ ،‬وكان لزاما ً علينا أن نقوم بتوجيه‬ ‫ضربات لقطع هذا الشــريان‪ .‬وقد قام إخوتنا‬ ‫في الكتائب واأللوية بالعمل على فتح معركة‬ ‫األنفال وســيطروا على معبر كسب الذي يعد‬ ‫آخر معبر بيد النظام مع تركيا‪ ،‬كما سيطروا‬ ‫على أول منفذ بحري لهم في منطقة الســمرا‬ ‫المطلة على البحر األبيض المتوسط‪ ،‬وتكلل‬ ‫نجاحهــم بالســيطرة عى القمــة ‪ 45‬المهمة‬ ‫اســتراتيجيآ وعســكريآ كونها تشــرف على‬ ‫مركــز معســكرات وتجمعــات الشــبيحة من‬ ‫النظام وحزب هلل لذلك استمات النظام في العمل‬ ‫على استعادتها ومحاولة السيطرة عليها‪.‬‬ ‫الثــورة الســورية هــي ثــورة شــعب ضــد ظلم‬ ‫واســتبداد النظام‪ ،‬ومــن خبث النظــام أنه أوهم‬ ‫الطائفــة العلويــة بأنها مســتهدفة فــي وجودها‬ ‫وكيانها مما دفعهم للقتال في صفوفه واالستماتة‬ ‫في القضاء على الثورة الســورية لتوهمهم بأننا‬ ‫إرهابيــون وأصوليون ومتشــددون‪ ،‬وأن هدفنا‬ ‫هو القتل واالغتصاب والتدمير‪ .‬نحن لم نقم لحد‬ ‫اآلن بــأي عمل ينتهك فيه حقوق اإلنســان‪ ،‬ولم‬ ‫نقتل شــخصا ً من الطائفة العلوية بدون أن يكون‬ ‫قد تورط في الدم الســوري‪ ،‬وهناك أمثلة كثيرة‬ ‫على حسن تعاملنا مع األسرى‪.‬‬

‫عسكرية ومعنوية كبيرة‪ ،‬مما دفعها للضغط على‬ ‫األركان القديمة المتمثلة بســليم ادريس وقيادة‬ ‫جبهة الســاحل للعمل على إيقافها وعدم توجيه‬ ‫أي دعــم أو تذخيرها‪ .‬بالمقابل قام اللواء ســليم‬ ‫ادريس بالذهاب إلى ادلب لدعم فصائل وحركات‬ ‫مواليــة له ولمن يقف معه بــدالً من دعمنا‪ ،‬مما‬ ‫دفعنــا للتواصل مــع األركان الجديــدة المتمثلة‬ ‫بالعميد عبد اإلله البشــير والتواصل مع الســيد‬ ‫وزير الدفاع والســيد أحمد الجربــا الذين قدموا‬ ‫لنا القليل بســبب شــح الذخيرة والسالح حسب‬ ‫كالمهم‪ .‬ولالســتمرار فــي المعركة نقــوم حاليا ً‬ ‫بجمــع الذخيرة والســاح من الكتائــب الراغبة‬ ‫بالعمل والمؤمنة بالثورة السورية‪.‬‬

‫مــا هي األهمية العســكرية لحصولكم على منفذ‬ ‫بحري؟‬ ‫هناك أهميــة كبيرة لحصولنا علــى منفذ بحري‬ ‫في الوقت الحالي‪ ،‬وســوف تتضح أهميته خالل‬ ‫الفتــرة المقبلة‪ .‬واألهم حاليــآ هو حرمان النظام‬ ‫مــن االســتفادة من مرافئــه البحرية لمــا تمثله‬ ‫من أهمية اســتراتيجية له في تلقي المســاعدات‬ ‫من الــدول الحليفة له‪ ،‬والتي تقــف معه وتقاتل‬ ‫معــه لغاية هــذه اللحظة على المســتوى الدولي‬ ‫واإلقليمي‪.‬‬

‫إلــى متى تتوقعون اســتمرار المعــارك في هذه‬ ‫الجبهة؟‬ ‫المعارك في الســاحل مستمرة‪ ،‬وستتوقف فقط‬ ‫فــي حال نفاذ الذخيرة وعــدم تقديم الدعم الالزم‬ ‫لالســتمرار‪ ،‬وسيكون لتوقفها ردة فعل عكسية‪،‬‬ ‫وخصوصــآ بعد الكــم الهائل مــن المقاتلين من‬ ‫بقية المناطق المحــررة الذين التحقوا بالمعارك‬ ‫الدائرة في الســاحل‪ .‬وحسب المعطيات الحالية‬ ‫أتوقــع أن تتوقــف المعارك نظــرآ النعدام الدعم‬ ‫الدولــي لهذه الجبهــة وتركيز الدعــم لألركان‪،‬‬

‫فتــم مثالً تقديم الســاح إلى ســليم ادريس الذي‬ ‫قام بتســليمها إلى التشكيالت التابعة له في ادلب‬ ‫والمناطــق المحــررة والتي لم تشــارك بمعارك‬ ‫الساحل حتى اآلن‪.‬‬ ‫يجب على االئتالف واألركان الجديدة والحكومة‬ ‫المؤقتة العمل الفوري على دعم جبهات القتال‬ ‫فــي الســاحل وذلك ضمانــآ الســتمرارية العمل‬ ‫ونجاحه‪.‬‬ ‫كيــف هــو وضــع المدنييــن فــي األماكــن التي‬ ‫حررتموهما ؟‬ ‫بعد الســيطرة على كسب والمناطق األخرى قدم‬ ‫الثوار أروع األمثلة بحفاظهم على مقدرات البلد‬ ‫وممتلــكات المدنيين‪ ،‬حيث حافظوا على المنازل‬ ‫والمؤسســات والكنائس وقاموا بإخالء الجرحى‬ ‫الذين ســقطوا نتيجة قصف النظــام‪ .‬وادعاءات‬ ‫النظــام بأننا قمنا بقتــل أو خطف أحد من إخوتنا‬ ‫األرمن كلها أكاذيب وادعاءات باطلة‪ ،‬وبالعكس‬ ‫تمامــآ تم تســهيل حركتهم وحمايتهــم ومعالجة‬ ‫الجرحى منهم وإخراج كبار الســن ووضعهم في‬ ‫أماكن آمنة‪ .‬ولم يتم المساس بالكنائس بل حافظ‬ ‫الثوار عليها وعلى محتوياتها‪.‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫مختارات من الصحافة‬

‫‪07‬‬

‫طهـران إذ تــروج لـ «صفقـة» دوليـــة‬ ‫تبقـــي نظــام األســد‬ ‫عبد الوهاب بدرخان ـ صحيفة الحياة‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أكثــر من مرة أعلن االميــن العام لـ «حزب هللا»‬ ‫أن مرحلــة اســقاط النظام الســوري «انتهت»‪.‬‬ ‫وفــي العــام ‪ 1991‬اعتبر أن صدّام حســين أنه‬ ‫انتصر فــي «حــرب الخليج» األولــى‪ ،‬فالعراق‬ ‫دُمّــر ونظامه بقي‪ ،‬وبــإرادة اميركية‪ ،‬لكنه كان‬ ‫قــد ســقط فعالً‪ .‬وإذ كرر حســن نصــر هللا أخيرا ً‬ ‫صمود نظام بشار االســد‪ ،‬الذي أثبت أنه «ليس‬ ‫ضعيفــاً» وأن لديــه «حاضنــة شــعبية»‪ ،‬فــإن‬ ‫نصر هللا تحــدّث بصفته مصــدر «القوة» لنظام‬ ‫كان يتهــاوى لحظــة قررت ايــران وأتباعها في‬ ‫لبنان والعراق التدخل إلنقاذه‪ .‬وحين يشــير الى‬ ‫«الحاضنة الشعبية» فإنه ال يكترث بكون النظام‬ ‫استخدم أساليب عصابات «اإلرغون» االرهابية‬ ‫االســرائيلية ومجازرها لطرد نحو نصف الشعب‬ ‫الســوري من أرضه ومدنه‪ .‬لم يؤكد نصر هللا أن‬ ‫الحرب حسمت بل توقع «حرب استنزاف»‪ ،‬ألن‬ ‫المعارضة «غير قادرة على القيام بحرب كبيرة»‬ ‫ال في الساحل وال في الجنوب‪ ،‬رغم وجود «دول‬ ‫تموّ ل وتســلّح وتحرّ ض» تمامــا ً كما تفعل ايران‬ ‫وروسيا والعراق لكن بنجاح أكبر‪.‬‬ ‫فــي ســياق متصل أ ّكــد نائــب وزيــر الخارجية‬ ‫االيراني اقصاء خطر اســقاط نظام االســد‪ ،‬لكن‬ ‫بصيغة مختلفة عما جاء في حديث نصر هللا الى‬ ‫صحيفة «الســفير»‪ .‬قال حسين أمير عبداللهيان‬ ‫في تصريحات خالل زيارته اإلمارات أن ايران ال‬ ‫تسعى الى «بقاء األسد رئيسا ً مدى الحياة» (!)‪،‬‬ ‫لكنها ال تشاطر «فكرة استخدام القوى المتطرفة‬ ‫واإلرهــاب إلطاحتــه»‪ .‬كان بإمكانــه أن يضيف‬ ‫أن ايــران «ال تشــاطر» فقــط بل تســتخدم فعالً‬ ‫تنظيم «داعش» وغيره إلســقاط «ثورة الشعب‬ ‫السوري»‪ .‬يدرك الرجالن أن عدم سقوط النظام‬ ‫ال يعني أنه ال يزال صالحا ً لحكم سورية‪ .‬ما العمل‬ ‫به اذاً؟ طالما أنه صالح لالســتعمال االيراني فإن‬ ‫نصر هللا يرى‪ ،‬من موقعه‪ ،‬أن نظام االسد يتيح لـ‬ ‫«حــزب هللا» تطوير قدراته القتالية في تمرينات‬ ‫حيّة ضد الشــعب السوري ‪« -‬العدو»‪ ،‬أما اآلخر‬ ‫عبداللهيان فيعرض مســاومة من خالل «مسار‬ ‫مــواز» لمفاوضــات جنيــف‪ ،‬واثقا ً بــأن ميزان‬ ‫ٍ‬ ‫القوى الذي أقامته ايران على األرض ســيفرض‬ ‫بقاء االســد ألنه الضمان الوحيد لنفوذها الحالي‬ ‫في سورية‪.‬‬ ‫يقــدّم االيرانيــون هــذا المســار كإطــار دولي ‪-‬‬ ‫اقليمي بديل من مســار جنيــف المتأرجح حالياً‪،‬‬ ‫لكنــه اطار تســتعجله طهــران ليلتقي مــع تقدّم‬ ‫مفاوضاتها النووية وتريد اقحام الملف السوري‬ ‫فــي مســاوماته‪ .‬وقــد توافــق موســكو عليــه‬ ‫العتباريــن‪ :‬ألنــه يكــرّ س األمر الواقــع الحالي‬ ‫مع بعــض التعديالت‪ ،‬وألن انضاجه يتطلّب وقتا ً‬ ‫وعمالً كي ينتج حالً حقيقياً‪ .‬فالروس ال يحبّذون‬ ‫نهاية قريبة لألزمة إال اذا ضمنوا ما سيحصلون‬ ‫عليه في ســورية وفي مناطق اخرى‪ .‬لكن ثالثي‬ ‫النظــام ‪ -‬ايران ‪ -‬روســيا ال يكفــي وحده إلنهاء‬ ‫الحرب‪ ،‬بــل يحتاج الى الواليات المتحدة لفرض‬ ‫الح ّل واقناع الســعودية به‪ ،‬كذلــك تركيا‪ ،‬فضالً‬ ‫عن األطراف االوروبية المعنية‪.‬‬

‫يمكــن أن يوصــف االيرانيــون بــأي شــيء إال‬ ‫بالســذاجة‪ ،‬لكــن اطارهم المقترح يميــل ظاهرا ً‬ ‫وباطنــا ً الــى ترجيــح «شــروط المنتصــر»‪ ،‬اذ‬ ‫يَفتــرض أن األزمة لــم تكن ولن تكــون داخلية‬ ‫وانمــا هــي نــزاع بالوكالــة (أو باألصالــة فــي‬ ‫حــال ايران) بين قوى خارجية فــإذا توفرت لها‬ ‫الظــروف واالرادة يمكــن أن تحلّهــا‪ .‬أمــا البعد‬ ‫الداخلي فيســتطيع النظام أن يتواله اذا استجيبت‬ ‫مطالبتــه بوقف دعــم المعارضة‪ ،‬هــذا يفترض‬ ‫أيضا ً أن االيرانيين عثروا على سوريين متمتّعين‬ ‫بصفة تمثيلية ال غبار عليها ومستعدّين للتوقيع‬ ‫على صك اإلذعان إلمالءات النظام‪ .‬فكلما ســئل‬ ‫الــروس أو االيرانيون يشــيرون الى «معارضة‬ ‫الداخل»‪ ،‬المدجّنة أو المستأنســة‪ ،‬التي يعرفون‬ ‫جيــدا ً أنها قد تكــون جزءا ً من الحــل لكن يتعذّر‬ ‫انتاج تسوية معها أو بواسطتها‪.‬‬ ‫لعــل المفارقــة االخــرى فــي اقتراح «المســار‬ ‫المــوازي» أنــه يتمثّــل النهــج االســرائيلي في‬ ‫التفــاوض‪ ،‬بمعزل عن األمم المتحدة وبشــروط‬ ‫المنتصر التي ال تصنع تســويات عادلة ودائمة‪،‬‬ ‫اذ يــروّ ج أصحابــه االيرانيون لـــ «صفقة» مع‬ ‫القــوى الدولية واالقليمية إلبقــاء النظام وتخلّي‬ ‫هــذه القوى عــن دعم مــا يســمّونه «معارضة‬ ‫الخــارج» (وكأن وجودها القســري في الخارج‬ ‫مجهول األســباب) بــل ارغامها علــى الرضوخ‬ ‫لألمر الواقع‪ .‬ســبق للــروس أن قدّموا اطروحةً‬ ‫طووها بعدما استنتجوا أنها ال تقنع أي‬ ‫كهذه‪ ،‬ثم َ‬ ‫طرف دولي أو اقليمي بســبب ال واقعيتها وعدم‬ ‫توازنهــا‪ ،‬تاركين للصــراع العســكري أن يأخذ‬ ‫«كي وعــي» المعارضة‬ ‫مجــراه علّه يفلح فــي‬ ‫ّ‬ ‫كي‬ ‫وداعميهــا‪ ،‬كما يحاول االســرائيليون أيضا ً ّ‬ ‫وعي الفلسطينيين ليستسلموا‪.‬‬

‫لكن العــرض االيراني المطوّ ر لهــذه االطروحة‬ ‫يفتــي بأنها اقتراح الفرصة األخيرة للحفاظ على‬ ‫ســورية موحّدة قبل أن يتوسّع الحسم العسكري‬ ‫فيصبح أي ح ّل بعدئذ محكوما ً بـ «التقسيم»‪ .‬وإذ‬ ‫قال حســن نصــر هللا «اعتقد أننــا تجاوزنا خطر‬ ‫التقســيم» فقد بدا كمن يجهــل أو يتجاهل مغزى‬ ‫«حــرب القلمون» التــي خاضهــا مقاتلو حزبه‬ ‫اســتكماالً لرســم خريطة «الدولــة» التي ّ‬ ‫خطط‬ ‫لها نظام االســد منذ زمن وباتت اآلن مشــروعا ً‬ ‫ال تتبنّاه ايران فحســب بــل تجري تعديالت عليه‬ ‫ليشــمل أيضا ً دوالً اخرى مجاورة‪ .‬قد تكون تلك‬ ‫الحــرب ضمنت‪ ،‬وفقــا ً اليــران و «حزب هللا»‪،‬‬ ‫عدم اســقاط نظام االســد‪ ،‬لكنها في كل األحوال‬ ‫لم تضمن اســتعادته الحكم والسيطرة على كامل‬ ‫البــاد‪ .‬ويُســتد ّل مــن إعــام النظام أنــه لم يعد‬ ‫معنيــا ً إال بما يســمّيه «ســورية المفيــدة» التي‬ ‫تشــمل مناطق يريد ضمّها الــى «دولته»‪ ،‬لذلك‬ ‫أبلغ االســد زائره الروســي أخيرا ً أن «المرحلة‬ ‫النشــطة» من العملية العســكرية ســتنتهي هذه‬ ‫الســنة‪ ،‬وبعدها ســنتحوّ ل الــى ما كنّــا نقوم به‬ ‫طــوال الوقت‪ ...‬محاربــة االرهابيين»‪ ،‬ما يعني‬ ‫أنه ســير ّكز في المرحلة المقبلة على تصفية أي‬ ‫وجود للمعارضة في ريــف الالذقية وكل منطقة‬ ‫الساحل وتحصين دفاعاتها وسدّ المنافذ اليها‪.‬‬ ‫يُظهر الصراع الســوري تفاوتا ً كبيرا ً بين النظام‬ ‫والمعارضــة‪ ،‬تكتّمــا ً أو تصريحــاً‪ ،‬في توصيف‬ ‫الوقائــع وتحديــد األهــداف‪ ،‬وهــو مــا انعكس‬ ‫علــى تحليــل التطــورات الميدانيــة‪ .‬فالموالون‬ ‫والمعارضــون اتفقــوا ضمنــا ً علــى أن «حرب‬ ‫القلمــون» خطوة متقدمــة نحو التقســيم لكنهم‬ ‫تفرّ قــوا فــي قول ذلك علنــاً‪ ،‬الموالــون للتغطية‬ ‫علــى لعبــة النظــام‪ ،‬والمعارضــون العتقادهم‬

‫بــأن التقليل من ذكر التقســيم يبعــده‪ .‬وقد فعلوا‬ ‫ذلك أيضا ً بالنســبة الــى «الطائفية» و «الحرب‬ ‫األهلية»‪ ،‬الموالون اعتقادا ً بـ «علمانية» يدّعيها‬ ‫النظــام ويعرفون أنهــا أكذوبــة‪ ،‬والمعارضون‬ ‫تجنبــا ً لســمعة «اســامية» يســهل أن تصبــح‬ ‫«ارهابيــة» تُســتغ ّل ضدّهــم‪ ...‬لذلــك كان الفتا ً‬ ‫أخيــرا ً ذلك الجدل فــي أوســاط المعارضة حول‬ ‫دالالت «معركة الساحل» وإبرازه مجددا ً مسألة‬ ‫«طمأنة األقليّات»‪ .‬وإذ د ّل الى روح وطنية حيّة‬ ‫عنــد المعارضين مقابل انعدامها لــدى النظام و‬ ‫«شــبّيحته»‪ ،‬فإنــه أ ّكد أيضــا ً إلــزام المعارضة‬ ‫نفســها بمعاييــر اخالقية وانســانية لــم يعترف‬ ‫النظام بها يوماً‪.‬‬ ‫ال شــك فــي أن هــذا مــن المواقــف الصعبة بل‬ ‫المســتحيلة التي فرضتها ممارســات النظام‪ .‬لم‬ ‫يُسمع أي صوت بين الموالين يقول إن المجازر‬ ‫وتدميــر المــدن والقتــل بالســاح الكيمــاوي‬ ‫والتعذيب حتى الموت وتهجير ماليين السوريين‬ ‫تقتل التعايش بين الطوائف‪ ،‬أو يقول أن «حرب‬ ‫القلمــون» مــا كان يجــب أن تقع ألنهــا تقوّ ض‬ ‫وحــدة البلــد‪ .‬لكــن سُــمع داخــل المعارضة من‬ ‫قال إن «معركة الســاحل» مــا كان يجب أن تقع‬ ‫خشــية حصول مجازر طائفية وتحــوّ ل الصراع‬ ‫الــى «حرب أهليــة»‪ .‬الواقع أن النظــام هو من‬ ‫فرض منطق الحرب الشــاملة‪ ،‬وال يعني التمييز‬ ‫هنا ســوى تزكية لفكرة أن منطقةً ما ومواطنيها‬ ‫ليســوا ســوريين‪ ،‬أو أن قتــل أبنــاء طائفــة ما‬ ‫مســموح وقتــل أبناء طائفــة اخرى محــرّ م‪ ،‬أو‬ ‫اســتباحة األقليــة جريمة أما اســتباحة األكثرية‬ ‫فمســألة فيها نظــر‪ ...‬ال عجب اذا ســخر النظام‬ ‫وحلفــاؤه االيرانيــون مــن جــدل كهــذا فيما هم‬ ‫يحققون «انجازاتهم» الدموية‪.‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫مقاالت‬

‫‪08‬‬

‫الجهــاد فــي االســـالم‬ ‫بقلم‪ :‬الشيخ أبو الحسن‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تعريف الجهاد‬

‫الجهــاد لغة مأخوذ مــن ْال َج ْهــد أو ْال ُج ْهد‪ ،‬وهو‬ ‫بذل الوســع‪ ،‬والعمل ببــذل الطاقة‪ .‬أمــا تعريفه‬ ‫االصطالحــي‪ :‬إذا أطلــق فــي الغالــب ينصــرف‬ ‫إلــى جهــاد الكفــار وقتالهــم‪ ،‬مــن المعانديــن‪،‬‬ ‫والمحاربيــن‪ ،‬والمرتديــن‪ ،‬والبغــاة‪ ،‬ونحوهم‪،‬‬ ‫ومقصــوده إعالء كلمة هللا عــز وجل‪ ،‬وهذا هو‬ ‫المعنى الخاص للجهاد‪.‬‬ ‫أمــا المعنى العام فكما عرفه شــيخ اإلســام ابن‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْع َو ُه َو ْالقُ ْد َرةُ فِي‬ ‫تيمية رحمه هللا‪« :‬و بَذ ُل الوُ س ِ‬ ‫ق»‪.‬‬ ‫ُحصُو ِل َم ْحبُو ِ‬ ‫ب ْال َح ّ ِ‬ ‫ويقــول ابن القيم رحمه هللا‪ :‬والت َّ ْح ِقي ُ‬ ‫س‬ ‫ق أ َ َّن ِج ْن َ‬ ‫ــان‪،‬‬ ‫ْال ِج َهــا ِد فَــرْ ضُ َ‬ ‫ب‪َ ،‬وإِمَّا بِال ِلّ َ‬ ‫عي ٍْن إِمَّا بِ ْالقَ ْل ِ‬ ‫س ِ‬ ‫َوإِمَّا بِ ْال َما ِل‪َ ،‬وإِمَّا بِ ْاليَدِ‪ ،‬فَعَلَى ُك ِ ّل ُم ْ‬ ‫س ِل ٍم أ َ ْن يُ َجا ِهدَ‬ ‫ِبنَوْ عٍ ِم ْن َه ِذ ِه األنواع»‪ .‬فعلى كل مسلم أن يجاهد‬ ‫بنوع من هذه األنواع‪ ،‬بالقلب‪ ،‬باللسان‪ ،‬بالمال‪،‬‬ ‫باليد‪ ،‬ونقول في عصرنا الحاضر‪ :‬وبالقلم أيضاً‪.‬‬

‫بصيــرة‪ ،‬والدعــوة بابها واســع ليســت تختص‬ ‫ببعض المؤهلين من طلبة العلم‪ ،‬ولكن أنت عليك‬ ‫دعوة‪ ،‬وال ســيما في عموم قوله صلى هللا عليه‬ ‫عنِّي َولَوْ آيَةً»‪ ،‬فالمســلم مكلف‬ ‫وســلم‪« :‬بَ ِلّغُوا َ‬ ‫بدعوة أهــل بيته‪ ،‬والقيام علــى أوالده‪ ،‬والقيام‬ ‫على من تحت يده‪ ،‬وال ســيما إذا كنت مســؤوالً‬ ‫على مــن تحت يدك مــن العمــال أو الموظفين‪،‬‬ ‫كمدير مدرسة‪ ،‬ومدير عمل‪ ،‬مدير مصنع‪ ،‬فالبد‬ ‫أن تجاهد في دعوتهم وإصالحهم بقدر ما عندك‬ ‫من علم وصالحيات‪ ،‬وما عليك من مسئوليات‪.‬‬ ‫النــوع الرابــع‪ :‬الصبــر على مشــاق الدعوة‪،‬‬ ‫والكالم على الصبر باب واسع جداً‪.‬‬ ‫المرتبة الثانية‪:‬‬

‫جهاد الشيطان‬

‫وقال العلماء إن له مرتبتين‪ :‬جهاده على دفع ما‬ ‫يلقى إلى العبد من الشــبهات والشــكوك القادحة‬ ‫فــي اإليمان‪ ،‬فالمســلم إذا كان في ديار اإلســام‬ ‫وعنــد أهل العلم يكون ســليم القلب بإذن هللا‪ ،‬إال‬ ‫إذا أقحم نفســه في أمور علمية لم يبلغها فإنه قد‬ ‫يقع في ُ‬ ‫شــبَه‪ ،‬لكن عامة المســلمين والذين هم‬ ‫قريبون من العلم يســلمون من مداخل الشيطان‪.‬‬ ‫أنواع الجهاد‬ ‫أوالً‪ :‬جهــاد الكفار‪ ،‬وهــو نوعان‪ :‬جهاد الطلب‪ ،‬وجهاد الشــيطان على دفع ما يلقي من الشبهات‬ ‫والشــكوك تكــون للذين يقتحمــون أنواع بعض‬ ‫وجهاد الدفع‪.‬‬ ‫العلوم والمعارف وهم لم يحصلوا اآللة الكافية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬جهاد المنافقين والمرتدين‪.‬‬ ‫ثالثــاً‪ :‬جهاد البغــاة‪ ،‬وهم الذيــن يخرجون على المرتبة الثانية‪:‬‬ ‫جهاد الشهوات‬ ‫اإلمام إمام المسلمين الحق‪.‬‬ ‫والشهوات مدخل للشــيطان عريض‪ ،‬ولهذا قال‬ ‫عدُوا ًّ‬ ‫ســبحانه‪﴿ :‬إِ َّن ال َّ‬ ‫عدُوٌّ فَات َّ ِخذُوهُ َ‬ ‫شــ ْي َطانَ لَ ُك ْم َ‬ ‫مراتب الجهاد‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫قــال العلمــاء إن الجهاد له أربــع مراتب‪ :‬جهاد إِن َما يَ ْد ُ‬ ‫عو ِح ْزبَهُ ِليَ ُكونوا ِم ْن أ ْ‬ ‫ب السَّــ ِعير﴾‪،‬‬ ‫ص َحا ِ‬ ‫النفــس‪ ،‬وجهــاد الشــيطان‪ ،‬وجهــاد الكفــار وال شك أن الشهوات كثيرة وجاذبة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫اس حُبُّ ال َّ‬ ‫اء َو ْالبَ ِنينَ‬ ‫شــ َه َوا ِ‬ ‫والمنافقين‪ ،‬وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ت ِمنَ ال ِنّ َ‬ ‫﴿ز ِيّنَ ِللنَّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب َوال ِفض ِة َوالخ ْي ِل‬ ‫المرتبة األولى‪:‬‬ ‫َوالقن ِ‬ ‫يــر ال ُمقنط َر ِة ِمنَ الذ َه ِ‬ ‫اط ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ث ذ ِلكَ َمتَــا ُ‬ ‫ع ال َحيَا ِة‬ ‫ــام َوالحَــرْ ِ‬ ‫جهاد النفس‬ ‫ال ُم َ‬ ‫ســوَّ َم ِة َواألنعَ ِ‬ ‫الدُّ ْنيَا َو َّ‬ ‫اللُ ِعندَهُ ُحس ُْن ال َمآب﴾‪ ،‬فالشهوات سواء‬ ‫إن جهاد النفس له أربعة أنواع‪:‬‬ ‫النــوع األول‪ :‬جهاد في بذل العلــم وتعلم أمور فــي المأكوالت‪ ،‬في المشــروبات‪ ،‬في النســاء‪،‬‬ ‫الدين ْ‬ ‫والهدى‪ ،‬والذي ال فالح للنفس وال ســعادة زينة األمــوال‪ ،‬زينة المراكب‪ ،‬متــاع الدنيا بكل‬ ‫ال فــي المعاش وال فــي المعــاد إال بتحصيله‪ ،‬ال أنواعه‪ ،‬ال شــك أن للشــيطان فيــه على النفس‬ ‫نريد أن تكون األمة كلها عالمة‪ ،‬إنما المفروض مدخالً عظيماً‪ ،‬ومن أعظم ما يجاهد به اإلنســان‬ ‫على كل مســلم نوع من العلم فرض عين‪ ،‬فعليه نفسه هو جهاد الشهوات‪.‬‬ ‫أن يبــذل جهــده لتحصيل العلم الــذي هو فرض المرتبة الثالثة‪:‬‬ ‫جهاد الكفار والمنافقين‬ ‫عيــن في حقــه‪ ،‬وهو‪ :‬أصــول الديــن وقواعده‬ ‫ــار‬ ‫ــي َجا ِهــ ِد ال ُكفَّ َ‬ ‫كالصالة وأحكامها‪ ،‬والوضوء وأحكامه‪ ،‬حقوق قــال هللا تعالى‪﴿:‬يــا أَيُّ َهــا النَّ ِب ُّ‬ ‫الوالدين‪ ،‬يعــرف المعامالت التي يمارســها في َو ْال ُمنَا ِف ِقيــنَ َو ْ‬ ‫علَي ِْهــم﴾‪ ،‬وقد ال يكون جهاد‬ ‫اغلُ ْظ َ‬ ‫المنافقين بالقتال بقدر ما يكون باللسان‪ ،‬والقلب‪،‬‬ ‫حياته‪.‬‬ ‫النــوع الثاني‪ :‬جهاد العمــل‪ ،‬بمعنى بذل الجهد والمال‪ ،‬واليد‪.‬‬ ‫فــي األعمــال الصالحــة‪ ،‬ولهــذا ســميت أحكام‬ ‫جهاد الطلب‬ ‫الشــرع تكاليف شــرعية ألنها ال تكــون إال ببذل‬ ‫جهــد وكلفة‪ ،‬وهللا ســبحانه وتعالى قــال لنا‪﴿ :‬الَ وهــو أن تطلب الكفــار في عقر دارهــم‪ ،‬بمعنى‬ ‫يُ َك ِلّفُ َّ‬ ‫اللُ نَ ْفسًــا إِالَّ وُ سْــعَ َها﴾‪ ،‬فاهلل يكلفنا لكنه لم أن المســلمين يقاتلــون الكفــار ليــس إلجبارهم‬ ‫يكلفنا إال قدر طاقتنا‪ ،‬وقال تعالى ‪﴿:‬فَاتَّقُوا َّ‬ ‫اللَ َما علــى الدخول في الدين فاهلل عــز وجل فال ِإكراه‬ ‫اسْــت َ َط ْعت ُ ْم)‪ ،‬فبذل الجهــد للعمل جهاد‪ ،‬ولهذا قال فــي الدين‪ ،‬وإنما من أجــل أن تفتح األبواب أمام‬ ‫أهــل العلم‪ :‬جهادها ‪-‬أي النفــس‪ -‬على العمل به الدعوة‪ ،‬وليسمع الناس دين هللا عز وجل‪ ،‬ولهذا‬ ‫بعــد العلم‪ .‬فال يكون العمــل صحيحًا إال بعلم‪ ،‬لذا قال سبحانه في جهاد الطلب كما يسميه العلماء‪:‬‬ ‫﴿وقَاتِلُوا ال ُم ْ‬ ‫ــر ِكينَ كَافَّةً َك َمــا يُقَاتِلُونَ ُك ْم كَافَّة﴾‪،‬‬ ‫بوب البخاري باب «العلم قبل القول والعمل»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ــروا ِخفَافًا َو ِثقَ ًال َو َجا ِهــدُوا ِبأَمْ َوا ِل ُك ْم‬ ‫النــوع الثالــث‪ :‬جهــاد الدعــوة إلــى هللا على وقال‪﴿ :‬ان ِف ُ‬

‫ســبِي ِل َّ‬ ‫َوأَنفُ ِ‬ ‫﴿وقَاتِلُ َو ُه ْم َحتَّى المرتبة الرابعة‪:‬‬ ‫س ُك ْم فِي َ‬ ‫الل﴾‪ ،‬وقال‪َ :‬‬ ‫َل تَكُونَ فِتْنَةٌ َويَكُونَ ال ِدّ ُ‬ ‫ين ُكلُّهُ ِ َّل ﴾‪.‬‬ ‫جهاد البدع والمنكرات‬ ‫هــذا النــوع من الجهــاد يكون باليد‪ ،‬واللســان‪،‬‬ ‫جهاد الدفع‬ ‫والقلب‪ ،‬حســب المراتب التــي بينها النبي صلى‬ ‫جهاد الدفع يكون فرض عين‪ ،‬بينما جهاد الطلب هللا عليه وســلم في قوله‪َ « :‬م ْن َرأَى ِم ْن ُك ْم ُم ْنكَرا ً‬ ‫ســانِ ِه‪ ،‬فَ ِإ ْن لَ ْم‬ ‫فــرض كفاية‪ ،‬على ما ســوف يأتــي من تفصيل فَ ْليُغَ ِيّــرْ هُ ِبيَ ِدهِ‪ ،‬فَ ِإ ْن لَ ْم يَسْــت َ ِطعْ فَ ِب ِل َ‬ ‫بما يتعلق باإلمام ومســؤوليته فــي ذلك‪ ،‬فجهاد يَسْــت َ ِطعْ فَ ِبقَ ْل ِب ِه‪َ ،‬وذَ ِلكَ أ َ ْ‬ ‫ان»‪ ،‬وحديث‬ ‫ضعَفُ ْ ِ‬ ‫الي َم ِ‬ ‫الدفع هو حين يقتحم الكفار ديار المســلمين‪ ،‬أو عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه عند مسلم « َما‬ ‫شيء من ديار المسلمين‪ ،‬فيكون حينئذ المدافعة ِم ْن نَبِ ّي ٍ بَعَثَهُ هللاُ فِي أ ُ َّم ٍة قَ ْب ِلي إِ َّل كَانَ لَهُ ِم ْن أ ُ َّمتِ ِه‬ ‫والمقاومة‪ ،‬وتكون فرض عين متدرجة على من َح َو ِاريُّــونَ ‪َ ،‬وأ َ ْ‬ ‫صحَابٌ يَأ ْ ُخذُونَ ِبسُــنَّتِ ِه َويَ ْقتَدُونَ‬ ‫كانــوا متلصقين بالكفار‪ ،‬ثم مــن يليهم‪ ،‬وهكذا‪ِ ،‬بأَمْ ِرهِ‪ ،‬ث ُ َّم ِإنَّ َهــا ت َ ْخلُفُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم ُخلُوفٌ يَقُولُونَ‬ ‫ــرونَ ‪ ،‬فَ َم ْن‬ ‫﴿وقَا ِتلُوا ِفي َ‬ ‫ســ ِبي ِل َمــا َل يَ ْفعَلُــونَ ‪َ ،‬ويَ ْفعَلُــونَ َما َل ي ُْؤ َم ُ‬ ‫ومن ذلك قول هللا عز وجل‪َ :‬‬ ‫َّ‬ ‫﴿و َما لَ ُك ْم َل تُقَاتِلُونَ‬ ‫ســانِ ِه‬ ‫اللِ الَّ ِذينَ يُقَاتِلُونَ ُك ْم﴾‪ ،‬وقال‪َ :‬‬ ‫َجا َهدَ ُه ْم بِيَ ِد ِه فَه َُو ُم ْؤ ِم ٌن‪َ ،‬و َم ْن َجا َهدَ ُه ْم بِ ِل َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ُــو ُم ْؤ ِم ٌن‪َ ،‬و َم ْ‬ ‫سبِي ِل َّ‬ ‫اللِ َوال ُم ْ‬ ‫ُــو ُم ْؤ ِم ٌن‪،‬‬ ‫ضعَ ِفينَ ِمنَ ِ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫الر َجا ِل َوالنِ َ‬ ‫فِي َ‬ ‫ــن َجا َهدَ ُه ْم ِبقَل ِب ِه فه َ‬ ‫اء فه َ‬ ‫ُ‬ ‫ان َحبَّة َخرْ دَ ٍل»‪ ،‬وهذا‬ ‫َان الَّ ِذيــنَ يَقُولُونَ َربَّنَا أ َ ْخ ِر ْجنَــا ِم ْن َه ِذ ِه َولَي َ‬ ‫َو ْال ِو ْلــد ِ‬ ‫ْس َو َرا َء ذَ ِلكَ ِمنَ ْ ِ‬ ‫الي َم ِ‬ ‫القَرْ يَــ ِة َّ‬ ‫ــم أ َ ْهلُ َهــا َو ْ‬ ‫اجعَل لَّنَا ِمــن لَّدُنكَ َو ِليا ًّ األمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراتبه‪.‬‬ ‫الظا ِل ِ‬ ‫َو ْ‬ ‫يرا﴾‪.‬‬ ‫مسؤولية المسلم في هذا متدرجة‪ ،‬فأهل الحسبة‬ ‫اجعَ ْل لَّنَا ِمن لَّدُنكَ نَ ِص ً‬ ‫الجهــاد يكــون فــرض عيــن إذا حضر المســلم لهــم دورهم فــي منكرات األســواق‪ ،‬والمنكرات‬ ‫المكلف القتال‪ ،‬والتقى الزحفان‪ ،‬وتقابل الصفان‪ ،‬العامــة‪ ،‬والمنكــرات الظاهــرة‪ ،‬والمســلم لــه‬ ‫وإذا حضر العدو بلدا ً من بلدان المســلمين تَعَيَّنَ مسؤوليته في المنكرات في بيته ومع أهل بيته‪،‬‬ ‫علــى أهل البلد قتاله وطــرده‪ ،‬وهو جهاد الدفع‪ ،‬وكذلك المســؤول فــي دائرته‪ ،‬قد يزيــل المنكر‬ ‫واســت َ ْنفَ َر إمــام المســلمين النــاس وطلب منهم بيده في بيته‪ ،‬أو كان من أهل الحســبة‪ ،‬أو يزيل‬ ‫ذلك‪ ،‬ألنه سبحانه قال‪﴿ :‬ان ِف ُروا ِخفَافاً﴾‪ ،‬يعني إذا بلســانه إذا كان يســتطيع‪ ،‬وإذا خاف على نفسه‬ ‫اســتنفركم اإلمام‪ ،‬وكما قال النبي صلى هللا عليه فينكر بقلبه‪ ،‬وإنكار القلب ال يُعذر فيه مسلم‪،‬‬ ‫وسلم‪«:‬وإِذَا ا ْ‬ ‫ست ُ ْنفِرْ ت ُ ْم‪ ،‬فَا ْن ِف ُروا»‪.‬‬ ‫بمعنــى‪ :‬بغــض المنكــرات وكــره وقوعهــا من‬ ‫َ‬ ‫المســلم‪ ،‬فالبد للمســلم أن يتمعــر وجهه حينما‬ ‫يــرى حرمات هللا ت ُ ْنتَهك‪ ،‬ولهــذا قال النبي صلى‬ ‫هللا عليه وسلم في اإلنكار بالقلب‪} :‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫مقاالت‬

‫‪09‬‬

‫ان َحبَّةُ َخرْ دَل}‪.‬‬ ‫َولَي َ‬ ‫ْــس َو َرا َء ذَلــــِكَ ِمــــنَ ْ ِ‬ ‫الي َم ِ‬

‫شروط الجهاد‬

‫ذكر العلماء شروطا ً ينبغي أن تتوفر فيمن يجاهد‬ ‫في ســبيل هللا منها‪ :‬اإلســام‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬والعقل‪،‬‬ ‫والحرية‪ ،‬والذكورية‪ ،‬فالمرأة األصل أنه ال جهاد‬ ‫عليهــا‪ ،‬لكنهــا قد تحضــر المعــارك لحاجة‪ ،‬إما‬ ‫لمــداواة الجرحى أو ما إلى ذلك كما هو معروف‬ ‫في اإلســام‪ ،‬وقد تُقَاتِل‪ ،‬وقد تُدَافِعُ‪ ،‬وهذا حسب‬ ‫الضــرورة‪ ،‬لكن األصــل في الوجــوب أنه على‬ ‫الذكور‪ ،‬وكذلك السالمة من العاهات المانعة من‬ ‫القتال‪ ،‬أي أن يكون قادرا ً ليس أعمى وال أعرج‪،‬‬ ‫علَى‬ ‫ْس َ‬ ‫وال مريضــاً‪ ،‬ألن هللا تعالــى يقــول‪﴿ :‬لَي َ‬ ‫ــر ٌ‬ ‫ــر ٌ‬ ‫علَى‬ ‫ج َو َل َ‬ ‫ج َو َل َ‬ ‫علَى األ َ ْع َرجِ َح َ‬ ‫األ َ ْع َمــى َح َ‬ ‫يض َح َرج﴾‪ ،‬والشــرط الســابع االســتطاعة‬ ‫ال َم ِر ِ‬ ‫والطاقة‪.‬‬

‫االستطاعة والطاقة‬

‫شــروط الجهــاد كلهــا واضحــة وليــس فيها ما‬ ‫يحتاج إلى مزيد بســط‪ ،‬إال االستطاعة فهي التي‬ ‫تحتــاج إلــى مزيد تحريــر وتحقيــق‪ ،‬وهي التي‬ ‫تفســر حال األمة في الجهاد طوال تاريخها‪ ،‬بما‬ ‫فــي ذلك عهــد النبوة وعهد الخلفاء الراشــدين‪.‬‬ ‫فإذا لم يتمكن المســلمون من الجهاد‪ ،‬فإن هناك‬ ‫أحكامــا ً أخرى يجب أن يلتزمــوا بها من الصبر‬ ‫وتــرك القتال‪ ،‬ألنهم غير قادريــن فيُكتَفى بجهاد‬ ‫الدفــع ورد العدوان بقدر اإلمــكان‪ ،‬بل أحيانا ً قد‬ ‫صا ِل ُح إما ُم المســلمين وإن كان في ذلك ضعف‪،‬‬ ‫يُ َ‬ ‫سواء بمقابل‪ ،‬أو بغير مقابل‪.‬‬

‫إذن ولي األمر‬

‫القتال والدعوة إليه مسؤولية اإلمام وولي األمر‪،‬‬ ‫وال يجوز ألحد من المسلمين أن يدعو إلى الجهاد‬ ‫وقتــال الكفار إال بــإذن ولي األمــر‪ ،‬الذي جعله‬ ‫ســتْرا ً بين المســلمين وبين عدوهم‪،‬‬ ‫هللا وقاية و ِ‬ ‫للحديــث الذي أخرجه البخــاري في صحيحه في‬ ‫حديث أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى‬ ‫اإل َما ُم ُجنَّةٌ يُقَات َ ُل ِم ْن‬ ‫هللا عليه وســلم قال‪ِ « :‬إنَّ َما ِ‬ ‫َو َرائِ ِه َويُتَّقَى بِ ِه‪ ،‬فَ ِإ ْن أ َ َم َر بِت َ ْق َوى َّ‬ ‫عدَلَ‪ ،‬فَ ِإ َّن‬ ‫اللِ َو َ‬ ‫علَ ْي ِه ِم ْنهُ»‪،‬‬ ‫لَــهُ بِذَ ِلكَ أ َ ْجــرا ً َوإِ ْن قَا َل بِغَي ِْر ِه فَــ ِإ َّن َ‬ ‫يعلــق اإلمام النــووي على هــذا الحديث فيقول‪:‬‬ ‫سّــتْ ِر‪ِ ،‬لَنَّهُ يَمْ نَ ُع ْالعَدُوَّ ِم ْن‬ ‫«ال َما ُم ُجنَّةٌ‪ :‬أ َ ْي‪ :‬كَال ِ‬ ‫ِْ‬ ‫اس بَ ْع َ‬ ‫أَذَى ْال ُم ْ‬ ‫ْض‪،‬‬ ‫ض ُه ْم ِم ْن بَع ٍ‬ ‫س ِل ِمينَ ‪َ ،‬ويَمْ نَ ُع النَّ َ‬ ‫اس‪َ ،‬ويَ َخافُونَ‬ ‫الس َْل ِم‪َ ،‬ويَت َّ ِقي ِه النَّ ُ‬ ‫َويَ ْح ِمي بَ ْيضَةَ ْ ِ‬ ‫س ْط َوتَهُ‪َ ،‬و َم ْعنَى يُقَات َ ُل ِم ْن َو َرائِ ِه‪ :‬أ َ ْي‪ :‬يُقَات َ ُل َمعَهُ‬ ‫َ‬ ‫سا ِد‬ ‫ســائِ ُر أ َ ْه ِل ْالفَ َ‬ ‫ْال ُكفَّار‪َ ،‬و ْالبُغَاةُ‪َ ،‬و ْال َخ َو ِارجُ‪َ ،‬و َ‬ ‫َو ُّ‬ ‫الظ ْل ِم ُم ْطلَقًا»‪.‬‬ ‫وكمــا هــو معلــوم فإن األئمــة ال يتخــذون رأي‬ ‫مــن عند أنفســهم‪ ،‬بل عندهم مستشــارون‪ ،‬من‬ ‫يعرفون ظروف الســلم الحرب‪ ،‬وظروف القوة‪،‬‬ ‫وظروف القوة للطرف اآلخر‪.‬‬ ‫فالبــد أن يكــون الجهاد تحت رايــة ينظمها ولي‬ ‫األمر‪ ،‬ويرتب أحكامها الشــرعية‪ ،‬كما هو ثابت‬ ‫في ســنته صلى هللا عليه وســلم‪ ،‬وسنة الخلفاء‬ ‫الراشدين‪ ،‬وهذا معلوم مشهور‪ ،‬والتاريخ معلوم‬ ‫في ذلك‪.‬‬ ‫فاالنحرافــات واألخطــاء التي حصلــت في وقتنا‬ ‫بســبب تــرك العمل بســنة رســول هللا صلى هللا‬ ‫عليه وســلم وإهمال شــروط الجهــاد الصحيح‪،‬‬ ‫وأخالقياته وآدابه‪.‬‬

‫فعلى ســبيل المثال الخوارج خرجوا على األئمة‬ ‫ولــم ينفعوا اإلســام‪ ،‬ولم ينشــروه‪ ،‬مجرد قتال‬ ‫وســفك دماء ولم يسلم منهم أحد‪ ،‬وكذلك الفئات‬ ‫الضالــة المنتشــرة في العالم اإلســامي لم يزدد‬ ‫اإلسالم بها إال بالء وتشويشاً‪ ،‬فليس هذا طريق‬ ‫الدعــوة‪ ،‬وال طريــق نصر اإلســام‪ ،‬وال طريق‬ ‫عزة اإلسالم والمسلمين‪.‬‬ ‫أيضا مما يستتبع ذلك أنه يجوز لإلمام عقد الذمة‬ ‫مع مــن يرى‪ ،‬كأهل الكتــاب‪ ،‬والمجوس‪ ،‬وعقد‬ ‫الهدنة مع الكفار‪ ،‬حتى قال العلماء‪ :‬يجوز عقدها‬ ‫من غيــر جزية‪ ،‬يعني من غيــر مقابل لمصلحة‬ ‫معينــة‪ ،‬كما فعل النبي صلى هللا عليه وســلم في‬ ‫صلــح الحديبيــة‪ ،‬فإنه عقــد معهم هدنــة بدون‬ ‫مقابل‪ ،‬بل حتى فيها شــروط بدا في ظاهر األمر‬ ‫أنها مجحفة في حق المسلمين‪ .‬كما يجوز إعطاء‬ ‫الكافر المفرد األمان من كل مسلم‪ ،‬ليدخل الكافر‬ ‫بــاد المســلمين‪ .‬وهذه كلها أمور تــدل على أنه‬ ‫ليســت حالة المسلمين دائما ً مع الكفار هي حالة‬ ‫قتال‪ ،‬بل قتال‪ ،‬ومهادنات‪ ،‬وصلح‪ ،‬ومصالحات ‪.‬‬

‫موانع الجهاد‬

‫أي الموانــع التــي تمنــع وجوبــه علــى آحــاد‬ ‫المســلمين‪ ،‬وتمنــع اإلمــام من حقه فــي إقامة‬ ‫الجهاد‪.‬‬ ‫األول‪ :‬عدم قدرة المســلمين واســتطاعتهم على‬ ‫القتــال‪ ،‬لضعف قوتهــم‪ ،‬أو قلة عددهم‪ ،‬إذا رأوا‬ ‫ضعفا ً ما استطاعوا ال يلزمهم الجهاد‪ ،‬لكن هذا ال‬ ‫يعني أنهم ال يبذلون الجهد في تحسين أوضاعهم‬ ‫واالســتعداد إلــى آخــره‪ ،‬لكنه ال يلزمهــم القتال‬ ‫والبدء بالقتال‪.‬‬ ‫الثانــي‪ :‬إذا كان هنــاك عقد ومعاهــدة مع الكفار‬ ‫ال يجوز أن ننقضه‪ ،‬إال إذا وجد ما يســتدعي من‬ ‫إخالل بالشــروط‪ ،‬أو انتهاء مــدة إلى آخره‪ ،‬كما‬ ‫حدث في فتح مكة فإن ســبب الفتح نقض قريش‬ ‫لشروط صلح الحديبية‪.‬‬

‫الثالــث‪ :‬أن تكــون هنــاك مصلحــة ظاهــرة في‬ ‫عــدم القتال‪ ،‬كمــا في صلح الحديبيــة‪ ،‬وإن كان‬ ‫المســلمون معهم قــدرة ورأوا أن المصلحة في‬ ‫عدم القتال لهم ذلك‪.‬‬ ‫فالموانع إما عدم القــدرة‪ ،‬أو وجود معاهدة‪ ،‬أو‬ ‫رأوا أن المصلحــة أال نقاتــل ألن مصلحــة األمة‬ ‫أو ألن الدعــوة تنتشــر أكثر‪ ،‬إلى آخــره‪ ...‬هذه‬ ‫كلهــا أمور يقدرها اإلمام‪ ،‬أو أن تكون المفاســد‬ ‫أكبــر‪ ،‬فحينئذ ال يجــوز ألن درء المفاســد ُمقَدَّ ٌم‬ ‫علــى جلب المصالح‪ ،‬وهذه المصالح والمفاســد‬ ‫يقدرها اإلمام‪ ،‬ومن خلفه من أهل العلم والرأي‪،‬‬ ‫وأصحاب الخبرات القتالية‪ ،‬والخبرات العلمية‪.‬‬

‫المخالفات في باب الجهاد‬

‫منها‪ :‬البدء بالقتال من أفراد والشروط لم تتحقق‬ ‫مثل‪ :‬القدرة‪ ،‬واالستطاعة‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬أو إذن‬ ‫ولــي األمر‪ ،‬فهذه مخالفات وال يجوز لمســلم أو‬ ‫لفئة أن تتجاوز هذه الشروط‪ ،‬أو تتجاوز اإلمام‪،‬‬ ‫ألنها توقع نفســها في التهلكة‪ ،‬وتوقع اإلســام‬ ‫والمسلمين في حرج ‪.‬‬ ‫ومنهــا‪ :‬التســوية بيــن قتــال الحربــي‪ ،‬وقتــال‬ ‫المسالم‪ ،‬والمعاهد‪ ،‬فإن الفئة الضالة عندهم فقه‬ ‫عجيب‪ ،‬وفقه ‪-‬إن صح التعبير‪ -‬ضال‪ ،‬حيث إنهم‬ ‫يتجــاوزون في التعدي على مــن له عهد‪ ،‬أو له‬ ‫ذمة‪ ،‬وهــذا معلوم أنه مخالف لهدي النبي صلى‬ ‫هللا عليــه وســلم‪ ،‬فإنــه كان يفرق بين المســالم‬ ‫والمحارب‪.‬‬ ‫ويقول ابن عباس ‪ :‬كَانَ ال ُم ْ‬ ‫علَى َم ْن ِزلَتَي ِْن‬ ‫ش ِركُونَ َ‬ ‫سلَّ َم َوال ُم ْؤ ِم ِنينَ ‪ :‬كَانُوا‬ ‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫ِمنَ النَّ ِب ّي ِ َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫ب‪ ،‬يُقَاتِلُ ُه ْم َويُقَاتِلُونَهُ‪َ ،‬و ُم ْ‬ ‫ُم ْ‬ ‫ش ِر ِكي‬ ‫ش ِر ِكي أ َ ْه ِل حَرْ ٍ‬ ‫ع ْهــدٍ‪ ،‬الَ يُقَاتِلُ ُه ْم َوالَ يُقَاتِلُونَــهُ‪ .‬وقد فرق‬ ‫أ َ ْهــ ِل َ‬ ‫الفقهــاء بين علة القتال وعلــة القتل والمقاتلة‪،‬‬ ‫فغير الحربي المقاتل ال يجوز قتله‪.‬‬ ‫ومنهــا‪ :‬قتــل المســلمين‪ ،‬وتخريــب الممتلكات‬ ‫بالتدمير والتفجير باسم الجهاد‪ ،‬هذا ليس جهادا ً‬

‫بل هــو إجرام‪ ،‬وليــس من الديــن‪ ،‬وفاعله آثم‪،‬‬ ‫تخريــب الممتلــكات‪ ،‬وتفجير وقتل المســلمين‪،‬‬ ‫وقتــل األبرياء وتدميــر أموال المســلمين‪ ،‬هذه‬ ‫األمور من البدع المغلظة‪.‬‬ ‫ومنهــا‪ :‬قصر الجهــاد على جهــاد الدفع‪ ،‬وهذه‬ ‫من أخطاء بعض المثقفين‪ ،‬وإنكار جهاد الطلب‪،‬‬ ‫فجهــاد الطلب حق‪ ،‬فمن يقــول ليس هناك جهاد‬ ‫طلب فهذا غير صحيــح‪ ،‬وهو من األخطاء التي‬ ‫يجب التنبه لها‪ ،‬وجهاد الطلب هو الذي قامت به‬ ‫الفتوحات اإلســامية‪ ،‬ولكنه ال يمكن تحقيقه في‬ ‫هذا الوقت نظرا ً للظروف‪ ،‬ولضعف المســلمين‪،‬‬ ‫لكنــه موجود وحق‪ ،‬ولكن يجب تحقق الشــروط‬ ‫السابقة فيه ‪.‬‬ ‫ومنهــا‪ :‬أن الجهــاد ال مكان له فــي هذا العصر‪،‬‬ ‫وهــذا غير صحيح‪ ،‬فــإن المســلمون عليهم أن‬ ‫يســتعدوا ويُ ِعــدُّوا العــدة‪ ،‬فإذا جــاءت الظروف‬ ‫موافقة لما عنهم من القوة جاهدوا‪.‬‬ ‫ومنهــا‪ :‬اعتقــاد أن التعامل مع الكفــار ال يكون‬ ‫إال بقتــال‪ ،‬وهذا خطأ فاحــش‪ ،‬أو أن العالقة بين‬ ‫المســلمين والكفــار هي عالقة توتــر‪ ،‬أو عالقة‬ ‫قتــل‪ ،‬أو ال توجــد عالقات فيها مصالــح‪ ،‬وفيها‬ ‫تبــادل‪ .‬يقول هللا عز وجل في ســورة الممتحنة‪:‬‬ ‫﴿الَ يَ ْن َها ُكــ ُم َّ‬ ‫ِين‬ ‫اللُ ع َِن الَّ ِذينَ لَــ ْم يُقَاتِلُو ُك ْم فِي الد ِ‬ ‫َولَ ْم ي ُْخ ِرجُو ُكم ِمّن ِديَ ِار ُك ْم أَن تَبَرُّ َو ُه ْم َوت ُ ْقس ُ‬ ‫ِــطوا‬ ‫اللَ ي ُِحبُّ ال ُم ْقس ِ​ِطين ِإنَّ َما يَ ْن َها ُك ُم َّ‬ ‫ِإلَي ِْه ْم ِإ َّن َّ‬ ‫اللُ ع َِن‬ ‫يــن َوأ َ ْخ َرجُو ُكم ِمّن ِديَ ِار ُك ْم‬ ‫الَّ ِذيــنَ قَاتَلُو ُك ْم فِي ال ِدّ ِ‬ ‫اج ُكم﴾‪ .‬وفي آية أخرى يقول‬ ‫ــروا َ‬ ‫َو َظا َه ُ‬ ‫علَى إِ ْخ َر ِ‬ ‫ســى َّ‬ ‫اللُ أَن يَ ْجعَــ َل بَ ْينَ ُك ْم َوبَيْنَ‬ ‫هللا عز وجل‪َ ﴿ :‬‬ ‫ع َ‬ ‫الَّ ِذيــنَ عَادَ ْيتُم ِ ّم ْنهُــم م ََّودَّة ﴾ كيف تأتي هذه األية‬ ‫بهــذه الرقة؟ وهــذه المخاطبة للمســلمين‪ ،‬هي‬ ‫تخاطــب النفس البشــرية‪ ،‬ألنه لــو تصورنا هذا‬ ‫الحديث القوي في مفاصلة المشــركين والبراءة‬ ‫منهــم‪ ،‬بينما لو نظرنا في حــال محمد صلى هللا‬ ‫عليه وســلم وأصحابه نــرى أن لهم أقارب‪ ،‬هذا‬ ‫أب‪ ،‬وهــذا ابــن‪ ،‬وهذا أخ‪ ،‬وهــذه زوجة‪ ،‬وهذه‬ ‫أم‪ ،‬وهــذه أخت‪ ،‬هذا كافــر‪ ،‬وهذا مؤمن‪ ،‬فيوجد‬ ‫سى َّ‬ ‫نوع من التواصل‪ ،‬فقال هللا عز وجل‪َ ﴿ :‬‬ ‫اللُ‬ ‫ع َ‬ ‫أَن يَ ْجعَــ َل بَ ْينَ ُك ْم َوبَيْنَ الَّ ِذينَ عَادَ ْيتُم ِ ّم ْنهُم م ََّودَّة﴾‪،‬‬ ‫كلمات فيهــا رجاء‪ ،‬بمعنى أن المســلم ال يتطلع‬ ‫إلــى العدوانية‪ ،‬بل يتطلع إلــى أن تنقلب العداوة‬ ‫إلــى مودة‪ ،‬هــو يحــب أن يصالح الكفــار ولكن‬ ‫سى َّ‬ ‫اللُ أَن يَ ْجعَ َل بَ ْينَ ُك ْم‬ ‫بالضوابط اإلسالمية‪َ ﴿ :‬‬ ‫ع َ‬ ‫ْ‬ ‫َّــودَّة﴾‪ .‬فاعتقاد أن‬ ‫َوبَيْــنَ الَّ ِذيــنَ عَادَ ْيتُــم ِ ّمنهُم م َ‬ ‫التعامــل مع الكفار ال يكون إال بقتال‪ ،‬هذا اعتقاد‬ ‫خاطــئ‪ ،‬ناهيك أن كثيرا ً مــن المناطق دخلت في‬ ‫اإلسالم بدون قتال‪ ،‬ســواء في عهد النبي صلى‬ ‫هللا عليــه وســلم كاليمــن وغيره‪ ،‬أو فــي العهد‬ ‫الحاضــر‪ ،‬كم دخلت أقطار في اإلســام‪ ،‬ومئات‪،‬‬ ‫وقبائل تدخل في اإلسالم بغير قتال‪ ،‬فليس القتال‬ ‫وحده هو الســبيل لنشر اإلسالم‪ ،‬أو للموقف مع‬ ‫الكفــار‪ ،‬ولهذا يقول اإلمــام ابن القيم رحمه هللا‪:‬‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫ســلَّ َم‬ ‫اللُ َ‬ ‫ــيرةَ النَّ ِب ّي ِ َ‬ ‫” َو َم ْن تَأ َ َّم َل ِ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫س َ‬ ‫علَى دِينِ ِه قَ ُّ‬ ‫ط‪َ ،‬وأَنَّهُ ِإنَّ َما‬ ‫تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَ ْم يُ ْك ِر ْه أ َ َحدا ً َ‬ ‫قَاتَــ َل َم ْن قَاتَلَهُ‪َ ،‬وأَمَّا َم ْن َهادَنَهُ فَلَ ْم يُقَاتِ ْلهُ َما دَا َم‬ ‫علَى ُه ْدنَتِ ِه‪ ،‬لَ ْم يَ ْنقُ ْ‬ ‫ع ْهدَهُ‪ ،‬بَ ْل أ َ َم َرهُ َّ‬ ‫ض َ‬ ‫ُم ِقيمــا ً َ‬ ‫اللُ‬ ‫تَعَالَــى أ َ ْن يَ ِف َي لَ ُه ْم ِبعَ ْه ِد ِه ْم َما اسْــتَقَا ُموا لَهُ كما‬ ‫قال‪﴿ :‬فَ َما اسْــتَقَا ُموا لَ ُك ْم فَاسْــت َ ِقي ُموا لَ ُه ْم ِإ َّن َّ‬ ‫اللَ‬ ‫ي ُِحبُّ ال ُمت َّ ِقين﴾‪.‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫آراء‬

‫‪10‬‬

‫هل سيحرك كيماوي حرستا وريفي حماة وإدلب‬ ‫ما لم يحركه كيماوي الغوطة؟‬ ‫بقلم‪ :‬بشار إدلبي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫تزامنــت تصريحــات منــدوب النظام فــي األمم‬ ‫المتحــدة حول وجود معلومات لــدى نظامه عن‬ ‫قرب استخدام قوات المعارضة ألسلحة كيميائية‬ ‫مع اكتشاف أنفاق كان الثوار يح ّ‬ ‫ضرون للدخول‬ ‫عبرهــا إلــى قلب دمشــق‪ ،‬فهــل كان القصد من‬ ‫ذلك اإلشــارة إلى اســتعداد النظام لضرب الريف‬ ‫الدمشقي باألسلحة الكيماوية مرّ ة أخرى في حال‬ ‫قيام عملية عسكرية كبرى في دمشق تهدد كيانه‬ ‫ووجوده؟‬ ‫عمليــا ً ال يوجــد غير هــذا التفســير‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫اســتخدام النظام لغاز الكلــور مؤخرا ً في مناطق‬ ‫تتعرض فيها قواته لخسائر وترزح تحت حصار‬ ‫خانــق في حرســتا وكفرزيتــا في ريــف حماه‪،‬‬ ‫وكذلــك في التمانعــة في ريف ادلــب‪ ،‬وهذا يدل‬ ‫أيضا ً على اســتعداده الســتخدام ذلك السالح في‬ ‫أي مكان تتعرض فيه ســيطرته للتهديد باإلزالة‬ ‫الكاملــة‪ ،‬وكل ذلك يؤكد احتفاظ النظام بجزء من‬ ‫مخزونه الكيماوي في حالة جهوزية لالســتخدام‬ ‫المباشر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ليست غريبة الالمباالة األمريكية والغربية تجاه‬ ‫تلــك التصريحــات‪ ،‬أو حتــى االســتخدام الفعلي‬ ‫للكيمــاوي مجــدداً‪ ،‬فال يغيب عنهــم حقيقة عدم‬ ‫وجــود الســاح الكيمــاوي بغير حــوزة النظام‪،‬‬ ‫وكذلك عدم إبدائهم حتى القلق عن استخدامه لغاز‬ ‫الكلــور ضد المدنيين‪ ،‬فمروحيــات النظام تحلّق‬ ‫في المنطقة منزوعة السالح على حدود إسرائيل‬ ‫وتلقــي البراميل المتفجرة وهذا ما كان ليتم لوال‬ ‫موافقة إسرائيلية تتبع اتصاالت مباشرة أو غير‬ ‫مباشــرة معه‪ ،‬وحتى نزع األسلحة الكيماوية لم‬ ‫يكن خوفا ً من أن يستخدمها النظام ضد إسرائيل‬ ‫ولكنها قد تشــكل خطرا ً عليها بعد سقوطه‪ ،‬وهو‬ ‫لم يكن ليتجرأ على اســتخدام مثــل تلك الغازات‬ ‫مرّ ة أخرى لوال تأكده من تواصل الصمت الغربي‬ ‫تجاه جرائمه مهما زادت قبحاً‪.‬‬ ‫اعترف ضابط فرنسي شارك في عملية عسكرية‬ ‫فرنســية في راوندا بعد مجازر اإلبادة الجماعية‬ ‫التــي حدثت فيهــا عــام ‪ّ 1994‬‬ ‫أن األوامر التي‬ ‫أعطيت له كانت المحافظة على النظام المسؤول‬ ‫عن تلك المجازر‪ ،‬والتي أودت بحياة ‪ 800‬ألف‬ ‫شــخص في أقل من مائة يوم أمام أنظار العالم‪،‬‬ ‫واألوامر لم تكن العمــل على وقف تلك المجازر‬ ‫أو مالحقة مرتكبيها‪ ،‬فال يتوقعن أحد أي شــيء‬ ‫من الغرب‪ ،‬فلقد وضعوا مخططاتهم حول سوريا‬ ‫ضمــن جــدول زمني لــن يغيّرها مــا يُقترف من‬ ‫جرائم‪ ،‬وليس علينا ســوى االنتظــار لمعرفة ما‬ ‫سيحدث‪.‬‬

‫تحدثت تقارير عن شــحنات أسلحة أمريكية غير‬ ‫نوعيــة ُزوّ دت بهــا المعارضة الســورية‪ ،‬األمر‬ ‫الذي أدى إلــى إحراز الثوار تقدم على عدد من‬ ‫الجبهات‪ ،‬قد يكون سببها رغبة أمريكية بالضغط‬ ‫على روســيا في ســورية‪ ،‬خاصــة أنّها ال تمتلك‬ ‫الكثيــر مــن أدوات الضغط عليها فــي أوكرانيا‪،‬‬ ‫وهــي بحاجــه لعمــل شــيء مــع انتقــال حمى‬ ‫االستقالل إلى الشــرق األوكراني حيث األغلبية‬ ‫الروســية‪ ،‬أيا ً كان الســبب ّ‬ ‫فإن فمــا يجري على‬ ‫وفــر يُدفع باتجاه اإلســتمرار‬ ‫كر‬ ‫ٍ‬ ‫الســورية من ٍ‬ ‫ليمــرّ على ك ّل قرية ومدينة‪ ،‬بحيث ال يســلم منه‬ ‫أي بيــت أو حجر فيها‪ ،‬ناهيــك عما يحصده من‬ ‫شــهداء ســواء من الثــوار أو المدنيين‪ ،‬ال ريب‬ ‫ّ‬ ‫أن سورية أصبحت ساحة يتصارع فيها الجميع‪،‬‬ ‫ولكنهــم متفقون على أن تكــون نهاية صراعهم‬ ‫تسوية خارج حدودها‪.‬‬ ‫يعمــد الغــرب عند حدوث أزمة مــا‪ ،‬وخاصة إذا‬ ‫كانــت غيــر متوقعــة‪ ،‬إلــى العمل علــى إدارتها‬ ‫وليس حلّهــا‪ ،‬وهذا ما يؤمّن اســتمرار هيمنته‬ ‫علــى كلى الطرفين المتنازعين‪ ،‬حيث يُســتجدى‬ ‫للتدخــل فيقوم بفرض شــروط تســوية يتوارى‬ ‫بيــن ثناياهــا ما ي ّكــرس األزمة ويجعلهــا واقعا ً‬ ‫تعيشــه تلك الشــعوب‪ ،‬وهذا ما نزال نراه حولنا‬ ‫ســواء في الصراع بين الهند وباكســتان أو بين‬ ‫كوريا الشــمالية وجيرانها‪ ،‬أو في أزمات لم تكن‬ ‫متوقعــة كما حدث في مصر‪ ،‬حيث تركت األمور‬ ‫لتأخذ منحاها‪ ،‬فأسقط مبارك‪ ،‬ثم جرت انتخابات‬ ‫رئاســية نزيهــة‪ ،‬ولكــن كان الجيــش ‪ -‬حليف‬ ‫األمريكيين – هو المســيطر علــى كامل تفاصيل‬ ‫المشــهد المصــري قبل أن يتدخــل وينقلب على‬

‫طالما لم نشهد له انعكاسات عملية على األرض‪،‬‬ ‫مــا يهم في تلك المعادلة هو رأس األفعى إيران‪،‬‬ ‫فهــي المتحكــم بكل خيوط المشــهد العســكري‪،‬‬ ‫والباقــي ليســو أكثر مــن دمى وبيــادق تحركها‬ ‫كيفما شاءت‪.‬‬

‫الرئيس المنتخب ويعيد البالد إلى عهود التخلف‬ ‫والدكتاتورية‪ ،‬وتلــك أمور ما كانت لتحدث دون‬ ‫مباركة أمريكية‪ ،‬خاصة ّ‬ ‫أن التمويل الخليجي لها‬ ‫كان علنيــاً‪ ،‬فهل تُترك تلك الدول لتقوم بما قامت‬ ‫بــه في مصر في حين تعجز عــن تزويد حلفائها‬ ‫مــن الثوار الســوريين بصــاروخ واحــد مضاد‬ ‫ســيكون العراق في الثالثين من الشهر الجاري‬ ‫للطائرات؟‬ ‫على موعد مع اســتحقاق االنتخابات البرلمانية‪،‬‬ ‫وكذلك لم يكن متوقعا ً ما حدث في سوريا ‪ -‬حتى والتي قد تطيــح برجل إيران المالكي بعد حدوث‬ ‫ّ‬ ‫أن كثير من السوريين في األشهر األولى للثورة كثيــر مــن االنشــقاقات‪ ،‬ليــس فقــط فــي كتلته‬ ‫ظلّــوا منكفئين وغير مصدقين لما يجري حولهم السياسية‪ ،‬وإنّما في كتلته البرلمانية‪ ،‬إضافة لما‬ ‫– لذلــك يُترك النظام ليدمر الجيش والبلد وينهك يجــري في العراق على يديــه وتحوله إلى كرت‬ ‫الشــعب قتــاً وتجويعا ً وتشــريدا ً ريثمــا يبحثوا محــروق ال تصلــح المراهنة عليــه مرة أخرى‪،‬‬ ‫عن نظــام جديد يحمــي حدود إســرائيل‪ ،‬وحتى ولكــن قد ال يكفي هذا لحــدوث تغيير في العراق‬ ‫لــو حدث أي شــيء خارج عــن تخطيطهم وأتى لمصلحــة الثورة الســورية‪ ،‬فبمعطيــات الواقع‬ ‫نظام وطني سيجد نفسه بال جيش يقدر على فعل الحالــي فيه لــن تأتي حكومة جديــدة إال إذا كان‬ ‫شــيء إلســرائيل مثالً‪ ،‬وهي كل مــا يهمهم من مرضي عنها في طهران‪ ،‬وبانتظار ذلك ســيظ ّل‬ ‫األمر‪ ،‬وهذا إذا تجاهلنا ما سيواجهه من فوضى المالكي رئيســا ً لحكومة تصريــف األعمال متى‬ ‫وخروج بعض المناطق عن السيطرة‪ ،‬فالنموذج انتهــت واليتــه‪ ،‬كما حــدث انتخابــات ‪،2010‬‬ ‫وبالتالي لــن تؤثر انتخابات العــراق كثيرا ً على‬ ‫الليبيي غير بعيد‪.‬‬ ‫المشهد السوري‪.‬‬ ‫عــادة ما يحــرص النظام على الظهــور بصورة ما زال الشــعب الســوري يتخبط في نفق أزمته‬ ‫إعالميــة متماســكة توحــي بالقوة والســيطرة‪ ،‬المظلــم‪ ،‬وال تلــوح في األفق القريــب أية بوادر‬ ‫ولكن التراشــق اإلعالمي مع حلفائه اإليرانيين ِجدّية لحل يضع حدا ً لمعاناته‪.‬‬ ‫واللبنانييــن مؤخــرا ً ال بــدّ أنّه يعبّــر عن ظهور‬ ‫بعض بــوادر الخالف بينهــم‪ ،‬أو على األقل بين‬ ‫أفــراد من جيش النظام وشــبيحته وبين عناصر‬ ‫المرتزقــة اللبنانييــن واإليرانييــن المشــتركين‬ ‫جميعــا ً في عملياته اإلجرامية‪ ،‬وهذا ما يفســره‬ ‫قتل مراسلي قناة المنار في معلوال التي يسيطر‬ ‫عليهــا النظام‪ ،‬ولكن األمر يظ ّل غير ذي جدوى‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫الصفحـة األدبـيـــة‬

‫‪11‬‬

‫صـــورة الرئـــيس‬ ‫بقلم‪ :‬ناصر الحسو‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كانت صور قائدنا المظفر المقدام تملئ الشوارع‬ ‫والمكاتــب وكل مــكان مــن وطني‪،‬عباراتــه‬ ‫الثورية تزين الجــدران المتآكلة وصفحات كتبنا‬ ‫المدرســية‪ ،‬وقائدنــا دائم االبتســامة‪ ،‬منشــرح‬ ‫الصــدر‪ ،‬واثق النفس‪ ،‬وســيم المنظــر‪ ،‬منذ أن‬ ‫ولدت وأنا أرى صوره تالحقني أينما ذهبت‪ ،‬في‬ ‫كل مكان القائد معنا‪ ،‬يراقبنا يتفقد حالنا‪ ،‬يطمئن‬ ‫علينــا‪ ،‬قائدنا يجيــد الكالم وصياغــة الخطابات‬ ‫ويجيد إعطاء األوامر وإصــدار البيانات‪ ،‬وكلما‬ ‫اعتــدى العــدو علينا احتفظ لنفســه بحــق الرد‬ ‫باســم الوطن‪ ،‬قائدنا يعــرف أكثر منا‪ ،‬ما لنا وما‬ ‫علينــا‪ ،‬لــذا كل األمور بيده‪ ،‬كل الســلطات بيده‪،‬‬ ‫هو الرئيــس والحاكم والملك والجنرال والطبيب‬ ‫والطيار وقائد الجيش والمثقف والسياسي‪.‬‬ ‫قائدنا رجل عظيم يجيد فن السياسة‪ ،‬بنى في كل‬ ‫مــكان من الوطن إمارة‪ ،‬وتســمى عندنا اإلمارة‬ ‫بفرع األمن يرأسها قريب للقائد من ذوي الرتب‬ ‫العالية‪ ،‬وكل شخص يخالف قائدنا يستضاف في‬ ‫اإلمارة‪ ،‬في أماكن تســمى أقبية‪ ،‬فيها كل أشكال‬ ‫الموت‪ ،‬وكل األقبية مزينة بصور قائدنا المبتسم‬ ‫لتتفــاءل هنــاك بصورتــه ولتعيد رســم خارطة‬ ‫الوطــن على صــدى آهات البشــر‪ ،‬تحت تعذيب‬ ‫جالدي العصر‪.‬‬ ‫منذ أن كنت صغيرا ً وصور قائدنا في كل الساحات‬ ‫يريــد اختــزال الوطن‪ ،‬صــورة يختصــر وجود‬ ‫عشــرون مليــون معذب خلف الصــور‪ ،‬وعندما‬ ‫كبرت في العمر قليالً وارتقيت في الفكر‪ ،‬ســألت‬ ‫نفسي لما كل تلك الصور؟ وماذا فعل قائدنا حتى‬ ‫دشــن في الصدور والكتب رمزا ً للوطن؟ وبدأت‬ ‫أتنزه بعقلــي في حدائق كتــب التاريخ المعاصر‬ ‫بحثــا ً عن مجد وعن معركــة فيها قائدنا انتصر‪،‬‬ ‫وكيف للحكم َوصل‪.‬‬ ‫جاء قائدنا من قرية من الجبل‪ ،‬ونزل في السهل‪،‬‬ ‫وتعلــم كمــا تعلمنا في مدرســة ثم غــاب الخبر‪،‬‬ ‫وخــرج للعلن مــن جديد جنــراالً يبــرق النجوم‬ ‫والســيوف على أكتافه يقرأ خبــر‪ ،‬حدث انقالب‬ ‫وســميت حركة تصحيحية وما إن تم األمر حتى‬ ‫كان قائدنــا قد صــار الرئيس صاحــب الفخامة‪،‬‬ ‫ومكتبا ً له في دمشــق فــي المالكية‪ ،‬ولد الرئيس‬ ‫وولد القائد وبدأت الحكاية‪.‬‬ ‫حكاية صورة الرئيس‪ ،‬الذي استلم حكم سوريا‪،‬‬ ‫بلد الياســمين والحــب‪ ،‬بلد الشــعر والرقي‪ ،‬بلد‬ ‫الشــآم‪ ،‬وألن الرئيس يعــرف كل األمور ويتقن‬ ‫السياســة حول البلد من بلد إلى ســجن ومعتقل‪،‬‬ ‫شعارات الحزب بدأت تعلو كل باب‪ ،‬وااليدولوجيا‬ ‫العتيقة تعلو على كل صوت يريد الحرية والكرامة‬

‫للبلد والوطن‪ ،‬خاض القائد حربا ً ســميت تشرين‬ ‫مــع العــدو اإلســرائيلي‪ ،‬جابت الدبابــات أرض‬ ‫الوطن وارتفعت هدير الدبابات وعلت الطائرات‬ ‫ســماء الوطن‪ ،‬كل يوم اإلذاعات تذيع قواتنا تدك‬ ‫معاقل العدو على الجبهة‪ ،‬وتقتل وتأســر اآلالف‬ ‫من الصهاينة‪ ،‬وتنشــر بعض الصور فيها عشر‬ ‫جنود من الصهاينة‪ ،‬أما اآلالف األخرى لم تتسع يــا قائدنــا المظفر‪ ،‬سياســتك لم تصنــع لنا أمة‬ ‫للصور!!‬ ‫عربيــة واحدة ولم تترك رســالة خالــدة حكمتنا‬ ‫بالمــوت وبأقبية الســجون والمعتقالت وزرعت‬ ‫بعــد برهــة ينقشــع غبــار الدبابــات والطائرات الشــك في نفس كل منا‪ ،‬عبر سلســلة طويلة من‬ ‫والمدافــع والجنود‪ ،‬وإذ نحن لــم نعبر بحيرة أو الممارســات الوحشــية‪ ،‬وقتلت من شعبك ما لم‬ ‫نحرر أرضا ً كما كان الخبر‪ ،‬ويختزل المشهد في يقتله العدو الغاشــم‪ ،‬وصنعت لنا أكبر الســجون‬ ‫علم في القنيطرة وهي مدمرة ومن ثم تذكر في المنطقة‪ ،‬ومارست أبشع صور الطائفية التي‬ ‫رفع ٍ‬ ‫فيما بعد بكل الصور‪.‬‬ ‫ادعيت محاربتها‪ ،‬وشــوهتَ اإلسالم والمسيحية‬ ‫في بلدنا‪ ،‬فكنت زنديقا ً لبس لبوس القدسية‪.‬‬ ‫وتســتمر الحكايــة ‪ .....‬فيكتشــف البعــض منا يا قائدنا مت أخيرا ً فانفصل بالموت وحده جسدك‬ ‫تلــك األكاذيب وحقيقــة الصــور‪ ،‬فيهتف الناس عن كرسي الرئاسة‪ ،‬ولكن بقيت الوصية‪ ،‬فجاء‬ ‫تريــد الخالص من هذه الصــور‪ ،‬فيغضب قائدنا للحكم من بعدك ابنك البار صاحب الطول البهية‪،‬‬ ‫ويجمع العســكر‪ ،‬ويقول ال أريد صوتا ً يعلو على وجاء الخبر ببدأ مسيرة التطوير والتحديث بقيادة‬ ‫صوت (أمة عربية واحدة ‪ ،‬ذات رســالة خالدة) الطبيب والجنرال والمواطن‪ .‬الرئيس الذي ادعى‬ ‫فيرتكــب العســكر مذبحة حمــاة ويدمى الصور‪ ،‬أنه المواطن أوالً قبل أن يكون رئيساً‪.‬‬ ‫صور األطفال القتلى والشــيوخ والعجز والنساء‬ ‫تغتصبــن من قبل العســكر‪ ،‬وبعدهــا تكبر إمارة وبــدأ بــث الصور هو يــأكل وهو يشــرب وهو‬ ‫الخــوف أكثر وأكثر‪ ،‬ويكثر فــي الوطن الضباط‬ ‫والعســكر ويقــل األطبــاء والمعلميــن والعلماء‬ ‫والمحاميــن والقضــاة‪ ،‬فيصغــر العقــل والجهل‬ ‫يكبــر‪ ،‬ويســيطر على مســاحة الوطــن ثلة من‬ ‫األغبياء ملكوا القوة والعسكر‪.‬‬

‫يمشــي وهو يتفقد وهو يعد بالتطوير وهو يزور‬ ‫وهو تفلســف بالمصطلحات‪ ،‬ليقنعنا الصور بأنه‬ ‫مثلنا بشر وللحكم وصل‪ ،‬ويا ليت الحكم البنه ما‬ ‫وصل‪ ،‬ويا ليت انقطع حبل الســري عن المولود‬ ‫قبل الــوالدة عن قائدنــا الثاني المظفــر‪ .‬وبدأت‬ ‫الثورة وتغيرت الصور ‪.......‬‬ ‫استشــاط قائدنا غضبــاً‪ ،‬كيف تحــرق الصور؟‬ ‫وقائدنا وأباه قد تعبوا كل تلك السنين من أجل أن‬ ‫يستمر الشعب برفع الصور‪ ،‬وليستمر الحال من‬ ‫األب لالبن فاالبن حتى يفنى نســل البشر‪ ،‬وكيف‬ ‫الشعارات تتغير بين ليلة وضحاها ويصبح على‬ ‫كل لســان (ســوريا بدها حرية) هذا الشــعار َ‬ ‫هز‬ ‫عرش الرئيس وسبب له عقدة في نفسه‪ ،‬فجمع‬ ‫الضباط والعسكر وقال‪ :‬لهم أريد إخراس هؤالء‬ ‫بــأي ثمن‪ ،‬أنا أو أحرق البلــد فانطلق الرصاص‬ ‫الحاقــد يقتل دون هدف أطفاالً ونســاء وشــيوخ‬ ‫وعجز‪ ،‬وكلما قتل العســكر ارتفع الصوت أكثر‪،‬‬ ‫(واحد واحد الشــعب الســوري واحــد) هنا قيل‬ ‫عن الشــعب مندس في نشــرات أخبــار المؤيدة‬ ‫للقائد‪ ،‬وعندما اســتفحل األمــر تحركت الدبابات‬ ‫والطائرات والمدفعية تدك وكر اإلرهابيين والقتلى‬ ‫بالعشــرات كما جاء في الخبــر‪ ،‬وخرجت للعلن‬ ‫بعض الصور‪ ،‬بعض االعترافات لشــباب ونساء‬ ‫استسلموا إلرادة الجالد فصرحوا واعترفوا كما‬ ‫يريد العســكر وكما يريد الصور والخبر‪ .‬وعندما‬ ‫انقشع الغبار كما في المرة السابقة كانت الصور‬ ‫تتحــدث‪ ،‬مدن بأكملها مدمــرة‪ ،‬مئات اآلالف من‬ ‫الشهداء‪ ،‬ومئات اآلالف من المعتقلين‪ ،‬واآلالف‬ ‫من النســاء مغتصبة في مراكز االعتقال‪ ،‬اآلالف‬ ‫مــن المدارس والمشــافي والمؤسســات العامة‬ ‫والخاصة مدمرة‪ ،‬الماليين من أبناء شعبنا ُهجر‬ ‫وأصبــح في الــدول المجاورة الجئيــن‪ ،‬ومازال‬ ‫الحقــد األعمى يزرع الموت بكل صنوفها في كل‬ ‫بقعة من وطننا‪.‬‬ ‫ياقائدنــا المظفــر ‪ ......‬لســت بقائدنــا ولم تكن‬ ‫يوما ً بقائد‪ ،‬أنت عميل الشــيطان والحقد والبغي‬ ‫والكره والموت‪ ،‬سمي ما شئت به نفسك‪ ،‬وضع‬ ‫من الرتب ما شــئت وما أردت‪ ،‬بالنسبة لنا نحن‬ ‫السوريون فأنت خائن ألنك دمرت البلد وقضيت‬ ‫على مستقبل األجيال فقط كي تبقى صورك تزين‬ ‫كل األماكن حتى تموت وتستمر الحكاية فتصور‬ ‫سيادتك كم كنت عظيما ً وكم كانت صورك وصور‬ ‫أباك مؤثرة في قلوبنا الرقيقة ‪.‬‬


‫الكتائب العـدد السادس والعشـرون ‪2014/04/15‬‬

‫الورقـــة األخيــرة‬

‫‪12‬‬

‫االعتصام األول في الثورة‪ ..‬ومجزرة ساحة الساعة ‪..‬‬ ‫جريدة الكتائب‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫لــم يكن يوما ‪ 18‬و ‪ 19‬من العام ‪ 2011‬يومين‬ ‫عاديين في تاريخ حمص‪ ،‬فقد باتا ذكرى ليومين‬ ‫من أجمل أيام المدينة وأسوءها على حد سواء‪،‬‬ ‫فــاألول يذكــر باالعتصــام الشــهير عند ســاعة‬ ‫حمــص‪ ،‬والثانــي يذكر بالمجــزرة الروعة التي‬ ‫حدثت عقب ذلك االعتصام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ظن أهــل حمص للوهلة األولــى يومها أنهم في‬ ‫حلم‪ ،‬وال ســيما عند وصولهم إلى مركز المدينة‬ ‫وتجمعهم في ســاحة الساعة الجديدة بعد العودة‬ ‫مــن تشــييع عدد مــن الشــهداء الذين ســقطوا‬ ‫برصاص الغدر األســدي في مظاهرة سلمية من‬ ‫المظاهرات التي كانت تشهدها حمص حينها‪.‬‬ ‫بعد وصول الناس إلى ســاحة الســاعة الجديدة‪،‬‬ ‫والتــي باتت تعرف بإســم ســاحة الحريــة فيما‬ ‫بعــد‪ ،‬حاولت قوات األمــن أن تحيط بهم وتفض‬ ‫اعتصامهــم بقــوة الســاح‪ ،‬ولم تنجــح في ذلك‬ ‫نظرا ً لإلقبال الشــعبي الكبير والعــدد الهائل من‬ ‫المتظاهرين‪.‬‬ ‫متنعــت قــوات األمــن معــن االقتــراب مــن‬ ‫المتظاهريــن‪ ،‬وحاولــت اســتفزازهم‪ ،‬باإلضافة‬ ‫لمحاولــة اعتقــال كل مــن يحــاول الدخــول إلى‬ ‫ســاحة االعتصــام‪ ،‬وكان الوقت حينهــا حوالي‬ ‫الســاعة الثالثــة ظهراً‪ ،‬حيــث أدّى المعتصمون‬ ‫والذين يقدر عددهــم ببضعة آالف صالة العصر‬ ‫في الســاحة‪ ،‬ومن ثم عاودوا التظاهر والهتاف‬ ‫ضد النظام‪ ،‬وكانت هتافاتهم ثورية ال تنم عن أي‬ ‫حقــد أو تفرقة أو عنصرية‪ ،‬حيث كانت الهتافات‬ ‫«حريــة لألبد غصبا ً عنك يا أســد» و «اعتصام‬ ‫اعتصــام حتــى يســقط النظــام» و «واحد واحد‬ ‫الشــعب الســوري واحد» باإلضافة إلى الهتاف‬ ‫الشهير «ارحل «‪.‬‬ ‫واســتمرت األمور حتى قرابة الساعة الخامسة‬ ‫مســاءً‪ ،‬حيث بدأ خبر االعتصام ينتشــر في كافة‬ ‫أحياء حمص‪ ،‬وبدأت الجموع تزحف نحو ساحة‬ ‫االعتصــام مــن كل حــدب وصوب‪ ،‬ومــع وقت‬ ‫صالة المغرب كانت الســاحة تعج بأكثر من مائة‬ ‫ألــف متظاهر من الشــباب والشــيوخ واألطفال‬ ‫والنســاء‪ ،‬كما بدأت قــوات األمــن بالتوافد إلى‬ ‫محيط االعتصام بأعداد كبيرة‪ ،‬وجرت مفاوضات‬ ‫بيــن رجال الديــن والمســؤولين األمنيين الذين‬ ‫يهــددون بفتــح النــار علــى المعتصميــن إذا لم‬ ‫يقوموا بفض االعتصــام‪ ،‬ونجحت المفاوضات‪،‬‬ ‫ولم يكن يعلم أهل حمص المعتصمين في الساحة‬ ‫بأنهم يؤجلون توقيت المجزرة فقط‪.‬‬

‫بعــد أن أدى المعتصمــون صــاة المغــرب فــي‬ ‫ســاحة االعتصام بدأت األمور تتجه إلى التنظيم‬ ‫تلقائياً‪ ،‬حيث أشــرفت مجموعة من الشبان على‬ ‫إقامة حواجز مصنوعة من األنقاض واألخشاب‬ ‫حول الســاحة وتفتيــش كل من يريد الدخول إلى‬ ‫االعتصام لمنع دخول أية أسلحة أو أشياء مضرة‬ ‫ومخلــة باآلداب إلى ســاحة االعتصام‪ ،‬في حين‬ ‫أشــرفت مجموعــة أخرى على تنظيف الســاحة‬ ‫بشــكل منتظــم‪ ،‬وكلفــت مجموعة ثالثة نفســها‬ ‫بتوزيع األطعمة ومياه الشرب على المعتصمين‪،‬‬ ‫وتكفلت رابعة بتجهيز األنوار ومكبرات الصوت‬ ‫واإلشــراف عليهــا‪ ،‬فــي حين أخــذت مجموعة‬ ‫أخــرى علــى عاتقهــا حمايــة مؤسســة البريد‬ ‫وســور القصــر العدلي من أجل عــدم إلحاق أي‬ ‫أذى باألمــاك العامة‪ ،‬وذلــك خوفا ً على أن يعكر‬ ‫صفو ســلمية االحتجاجات أية شوائب‪ ،‬كاالتهام‬ ‫بالتخريب أو التحريض وما شــابه من ادعاءات‬ ‫النظام األسدي حينها‪.‬‬ ‫في هذا الوقت كانت حناجر عشــرات األالف من‬ ‫أهل حمــص تصــدح بأغاني الحرية المنشــودة‬ ‫وتطالــب برحيــل النظــام‪ ،‬وتســتمع للكلمــات‬ ‫التــي يلقيهــا الناشــطون والمثقفون‪ ،‬كمــا أقام‬ ‫المعتصمــون خيمة في وســط ســاحة االعتصام‬ ‫أطلقــوا عليها اســم «خيمة الوحــدة الوطنية»‪،‬‬ ‫واستمرت األمور في مشهد حضاري يزداد تألقا ً‬ ‫ورقيا ً مع مرور دقائق االعتصام‪ ،‬دون أن يكون‬ ‫هناك تواجد ألية وسيلة إعالمية‪ ،‬واقتصر األمر‬ ‫علــى اتصــاالت هاتفية مــع القنــوات اإلعالمية‬ ‫ونقل وقائع االعتصام عبر الهاتف‪.‬‬ ‫علــى الجانب اآلخر كانت قــوات األمن تعد العدة‬ ‫القتحام الســاحة وفض االعتصام بالقوة‪ ،‬وكانت‬ ‫ترســل تهديداتها إلى علماء الديــن المتواجدين‬ ‫مــع المتظاهريــن بــأن يفضــوا االعتصــام وإال‬ ‫ســتكون العاقبة وخيمة بالنســبة ألكثر من مائة‬ ‫ألف متظاهر في الســاحة‪ ،‬كما حاولت عصابات‬ ‫األمــن أن تعكر صفو االعتصــام بطرق مختلفة‪،‬‬ ‫كإرســال شــباب الفتعــال المشــاكل وغيرها من‬ ‫المنغصــات‪ ،‬باإلضافة إلى محاولة إلصاق تهمة‬ ‫التطرف بالمعتصمين عبر إرسال شخص يرتدي‬ ‫ثيابا ً أفغانية إلى الســاحة ومحاولته جمع الناس‬ ‫حولهــم وبث أفــكار متطرفة بيــن الجموع‪ ،‬فما‬ ‫كان مــن المعتصميــن إال أن ألقــوا القبض على‬ ‫هذا الشخص ولدى تفتيشه تبين أنه عنصر أمن‪،‬‬ ‫فقام المتظاهرون بطــرده ليقطعوا الطريق على‬ ‫الميليشــيا األمنيــة مرة أخرى بمحاولة تشــويه‬ ‫صورة االعتصام‪.‬‬

‫رئيـس التحـرير‬ ‫فاضــل الحمصــي‬

‫مــع حلول الســاعة الثانية عشــرة عند منتصف‬ ‫الليــل بــدأت مجموعة مــن الناس تغادر ســاحة‬ ‫االعتصــام مــن أجــل االســتراحة‪ ،‬ال ســيما أن‬ ‫الســاحة لم تكن مجهزة للنوم‪ ،‬فاألمر ما زال في‬ ‫يومه األول‪ ،‬وكان الناس يعدون أنفسهم للعودة‬ ‫صباحا ً لمتابعة االعتصام‪ ،‬في حين فضل اآلالف‬ ‫البقاء معتصمين في الساحة والنوم على األرض‬ ‫واألرصفــة‪ ،‬وهتفوا مجــددا ً بأنهم لــن يغادروا‬ ‫الســاحة حتــى رحيــل النظــام‪ ،‬وبعد ذلــك بدأت‬ ‫وتيرة التهديدات تزداد شــيئا ً فشــيئا ً حتى وصل‬ ‫األمر بأن يتصل الشــبيح «ماهر األسد» بالشيخ‬ ‫محمود الداالتي ويعلمه بضرورة فض االعتصام‬ ‫فورا ً وإال ســتكون العواقب كارثية‪ ،‬وعندها قام‬ ‫الشيخ الداالتي بإخبار جموع المتظاهرين باألمر‬ ‫عبر مكبرات الصــوت لكي ال يتخذ قرارا ً يخالف‬ ‫رأي الجماهيــر‪ ،‬فتعالــت األصــوات المطالبــة‬ ‫بالبقاء في الساحة‪ ،‬ولكن مع إخراج النساء من‬ ‫الساحة‪ ،‬وتم األمر كذلك حيث تم إخراج النساء‪،‬‬ ‫وانقسم المعتصمون إلى حلقات للنقاش وأخرى‬ ‫للنــوم وثالثــة للهتــاف‪ ،‬أي أن الوضع اســتمر‬ ‫بشــكل طبيعي حتى تمام الساعة الثانية إال عشر‬ ‫دقائــق‪ ،‬حيث فوجئ الناس بنيــران قوات األمن‬ ‫تفتح بشــكل عشوائي باتجاه المعتصمين من كل‬ ‫الجهات ليسقط المئات أرضا ً مضرجين بدمائهم‪،‬‬ ‫وقد اســتمر إطالق النار حوالي الساعة في كافة‬ ‫األنحاء‪ ،‬أما المتظاهرون فمنهم من سقط جريحا ً‬ ‫اســتطاع رفاقه أن يحملوه ويلــوذوا الفرار به‪،‬‬ ‫ومنهــم من ســقط شــهيدا ً لتروي دمائه ســاحة‬ ‫االعتصــام وترســم لوحــة الحرية علــى أرض‬ ‫ساحة حمص الكبرى‪.‬‬

‫فريـق التحـرير‬

‫د‪ .‬مصعب سليمان الجمل ‪ -‬أ‪ .‬مصطفـى القاسـم‬ ‫ بشــــــار إدلبـــــــي‬‫أصــــالن أصــــالن‬ ‫الشيخ الدكتور أبو الحسن ‪ -‬عبـد الرزاق زقزوق‬

‫للمتابعة والتواصل‬

‫بعــد ذلــك قام عناصــر األمــن باقتحام الســاحة‬ ‫ليعتقلــوا المصابيــن ويرقصــوا فــوق جثــث‬ ‫الشــهداء وليحتفلــوا بالنصر الــذي حققوه ضد‬ ‫المدنييــن العزل ويهتفوا باســم الشــبيح األكبر‬ ‫ويعلنوهــا حربا ً على الشــعب!! وكانت الهتافات‬ ‫التــي يرددها عناصر األمن فوق جثث الشــهداء‬ ‫«يا بشــار التهتم … نحنا رجالك نشــرب دم»‪،‬‬ ‫وأيضا ً «شبيحة لألبد … ألجل عيونك يا أسد»‪،‬‬ ‫وغيرها من الشتائم الطائفية‪.‬‬ ‫ومن ثم بدأت عناصر األمن والشبيحة بنقل جثث‬ ‫الشــهداء بواسطة جرافة وســيارة شاحنة‪ ،‬وقد‬ ‫فــاق عــدد الشــهداء ال ‪ 300‬شــهيد إلى جانب‬ ‫مئــات الجرحى والمعتقلين‪ ،‬ولكــن حتى اآلن ال‬ ‫يوجد رقم دقيق لعدد ضحايا المجزرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ظن أهــل حمص يومها أنهم بحضارتهم ورقيهم‬ ‫وطيب أخالقهم وإنســانيتهم سيحرجون النظام‪،‬‬ ‫وأنــه لــن يتجــرأ على إطــاق النــار على آالف‬ ‫المعتصميــن العــزل‪ ،‬ولكــن اإلجــرام والحقــد‬ ‫اللذان يجريان في أركانه ال يســمحان له ســوى‬ ‫بالتصرف بهــذه الطريقة وارتكاب المجازر لكي‬ ‫ينام قرير العين‪.‬‬ ‫واليــوم وبعد مــرور ثالثــة أعوام علــى ذكرى‬ ‫المجــزرة تؤكد األحــداث بأن النظام لــو لم يكن‬ ‫يرتعد خوفا ً من اعتصام الســاعة حينها لما أقدم‬ ‫علــى ارتكاب مجزرة‪ ،‬ويؤكــد أهل حمص أيضا ً‬ ‫بأنهم مستمرون في ثورتهم وسيحررون ساحة‬ ‫الحريــة التــي باتت محتلــة اليوم مــن قبل نظام‬ ‫األسد المجرم‪.‬‬

‫إعـداد وإخـراج‬

‫الرحيـــم (أبو عمّار)‬ ‫عبد ّ‬

‫‪alktaeb-newspaper@hotmail.com | www.fb.com/alkataebjareda‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.