الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
جملة فصليةفكرية حتليلية تعنى بشؤون الشرق األوسط
قرائنا األعزاء
إدارة اجمللة رئيس مجلس اإلدارة شاهو كوران المشرف العام زياد محمد
serqalawset@gmail.com
رئيس التحرير استريك كلو
http://www.alawset.net
رقم االعتماد
هيئة التحرير صالح الدين مسلم سليامن محمود هجار شَ كر
لدى نقابة الصحفيين العراقيين
148
رقم اإليداع دار ال�كتب والوثائق ببغداد 868
اإلخراج الفني نجم محمد
1
ميكنكم متابعتنا واإلدالء بآرائكم ومقرتحاتكم وإرسال مساهامتكم عرب وسائل التواصل التالية
لسنة 2005
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
مواد العدد في الحوار العربيّ الكرديّ /هيئة التحرير 003 ................................................. األخوة والسالم وتجاوز الشوفينية القومية والدينية جوهر المسلمينوأحفاد العمّوريين /عبد اهلل أوجالن 13 - 4........................................................ حو َل مفهوم المواطنة ،والوحدة الوطنيّة /سليمان محمود 20 - 14................................ العالقات العربية الكردية بين أطماع اسرائيل وايران /جالل زناتي25 - 21.........................ُ حديث الخنادق أم رصاصُ البنادق /دانا جالل 28 - 26............................. العرب وال ُكر ُد ال ُكر ُد والعربُ في سوريا /رياض ّدرار 31 - 29....................................................... في تاريخ العالقات الكرديّة والعربيّة -اإلسالميّة /صالح الدين مسلم 40 - 32................... قراءة في العالقة الكردية -العربية في ظ ّل الحُكم اإلسالميالعهد األيوبي نموذجا ً /دلبرين فارس 47 - 41....................................................... ظالل الفكر البعثي على العالقات الكردية -العربية /أحمد مصطفى 60 -48..................... الكرد والعرب تعايش مشترك وعالقات تاريخية مديدة /خالص مسور 68 - 61................... األمّة الديمقراطيّة مثال عمليّ لواقع التعايش بين المكونات فيالشمال السوريّ /إلهام أحمد 76 - 69............................................................. أصالة العالقة الكردية الفلسطينية منذ اندالع الثورة /مصطفى دحدوح 83 - 77................... ال ُكردي ضِ يا ُگوك أَ ْلپ فيلسوف (القومية التركية) /د .أحمد خليل 89 - 84...................... العالقات الكردية -الفارسية تاريخيا ً /أمير كريمي 94 - 90........................................ المغالطات المهنية التي تتلبس زيّ الدعاية السوداء /مصطفى عبدي وفرهاد أحمى 103 - 95..... حول مفهوم الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي المعاصر /أنس أحمد 109 - 104................... ال ُكر ُد تاري ٌخ ونضال -شخصي ٌْ ساهمت في مُقارعة االستعمار الفرنسي ّات ُكردي ٌّة وتحرير سوريا الحديثة /روهان قامشلو 120 - 110..................................................... عبد هللا أوجالن يسجنُ سجّ انه /عاطف مغاوري 122 - 121............................................. -أوجالن من مؤامرة للسقوط الى الصمود /كولي فيلي 124 - 123.....................................
العدد - 36شتاء 2017
2
الشرق األوسط الديمقراطي ف ا� ت� ت�اح ي�ة العدد
ّ الكردي العربي يف احلوار ّ
العربي عن سياسة االستعالء العربي الكرد ّي في تخلّي الطرف أهم ّية احلوار تكمن ّ ّ ّ واألب احلاضن الذي يحق ّ له معاقبة االبن العاق بنظره ،وفلسفة الرضا عن االبن البار بنظره بالتبعية واالنصياع وعدم الرجولية السلطويّة يتعلّق الذهنية أيضاً ،فمفهوم االبن البار في ّ ّ ّ االعتراض ،وكذلك تخلّي الطرف الكرد ّي عن مفهوم العبد الذليل ،أي البحث عن مفهوم الرضى العربية في سوريا ألاّ تعطي احلق ّ لها أن تنظر بعني العطف األغلبية أو عدم الرضى ،وعلى ّ ّ العربية ومنها الشعب الكرد ّي ،بل يجب أن يُنتفى مفهومي والشفقة إلى الشعوب غير ّ الليبرالية األغلبية دميقراطية الدميقراطية وليست القضية األغلبية واألكثريّة وهذا جوهر ّ ّ ّ ّ ّ ّ التي أنتجت الويالت والدمار واحلروب. العربي هو من ابتدأ القومي سواء كان اجلانب التعصب وبالطبع تخلّي كال الطرفني عن ّ ّ ّ بهذه الفكرة املستوردة ،وحيث نشأت ردّة فعل الكرد ّي للوقوع في فخّ القومويّة ،وسواء كان القومي ،فما التعصب الناحية في إنعاش فكرة أي من الطرفني يلقى اللوم عليه في هذه ّ ّ ّ القومي ،فلكلّ مكون احلق ّ في شعوره التعصبي وليس يهم هو التخلّص من الفكر القومو ّي ّ ّ ّ ّ ً وحقّ التعصب. عن ا بعيد القومي وطموحه القومي ه القومي ّ ّ ّ ّ التاريخية بني الكرد والعرب ،أو بني الكرد والترك، ومن هنا ومن خالل هذا البحث في العالقة ّ أو بني الكرد والفرس ،والتنقيب عن نقاط التالقي ال االختالف والبحث عن سبل احلل ،والنظر إلى فاقية سايكس بيكو على أنها الكارثة التي أدّت إلى كلّ هذا التناحر واالقتتال ،حيث أصبح ات ّ ّ والفارسية العربية الشعب الكرد ّي مجزّأ ما بني أربعة دول اعتمدت فيها اللغات القومية؛ ّ ّ والتركية ،وشنّت حمالت الصهر واإلبادة على الشعوب األخرى ،فبات هناك خلط كبير ما بني ّ القومية عبر القومية وما بني الشعب الذي ينتمي إلى لغة الدولة ،فاستطاعت الدولة الدولة ّ ّ التركية وغير العربية وغير القرن املاضي ح ّتى اآلن أن تخلق شرخا ً كبيرا ً ما بني الشعوب غير ّ ّ القومية. الفارسية وما بني اجملتمعات املنتمية إلى لغة الدولة ّ ّ وقد حاولنا في ملف هذا العدد قدر املستطاع تسليط الضوء على هذه العالقة ما بني العربي على وجه اخلصوص ،والبحث في أغوار هذه العالقة ،من خالل الشعب الكرد ّي والشعب ّ وجهات نظر متع ّددة ،ومن خالل ك ّتاب وباحثني من معظم األطياف الفكريّة التي ساهمت في تسليط الضوء على هذه العالقة ،والبحث عن املشاكل والعوائق التي فرّقت ما بني الشعوب، ومن هو املستفيد؟ وما هو احللّ املقترح؟ هيئة تحرير المجلة
3
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
القومية والدينية األخوة والسالم وجتاوز الشوفينية ّ جوهر املسلمني وأحفاد العموريني
عبد اهلل أوجالن
إنّ منطقة السومريين هي منطقة تقاطع لمنطقتين أساسيتين تلعبان دوراً كبيراً في التاريخ ،ومن الواضح أنّ مملكة السومريين التي كانت تقع في أخصب منطقة ما بين الصحراء العربية وسلسلة جبال طوروس ـ زاغروس ستتعرض لالعتداءات والغزوات الدائمة كلما تطورت حضارتها ،إذ كانت الحضارة السومرية تفتح الشهية وتبهر العيون بغناها كاإلمبراطورية اإلغريقية والرومانية ،واألكثر من ذلك كانت ت ّتبع سياسة توسعية دائماً. وقد لعبت موجات القبائل السامية دوراً مهمّة في مراحل كبرى ،وإن إسهاماتها في تش ّكل حضار َتي مصر وسومر واضحة جداً ،وغالبا ً ما كان مرتبطا ً بالقيادات النبوية ،ويشكل العموريون الذين خرجوا ضد السومريين في الشرق والكنعانيون والعبريون الذين قاوموا مصر أحيانا ً وش ّنوا هجوما ً عليها أحيانا ً أخرى في الغرب ،المرحلة الثانية ،أمّا المرحلة األخيرة؛ فهي مرحلة انتشار العرب الساميين في العصر اإلسالمي اإلقطاعي ،ومازال العرب يواصلون انتشارهم. لقد بدأ التصلب الحقيقي باستيالء العموريين ذوي األصول السامية على المدن السومرية ،حيث جلب المسار األكادي البابلي اآلشوري معه التوحيد في المفهوم الديني واإللهي مع تحقيقه القوة االقتصادية والسياسية على قاعدة من العنف المتطرف ،أي جلب مفهوم اإلله الحاكم الذي يعاقب ،واقتضت التجارة التي ازدادت أهميتها ،إيجاد قوانين قاسية ،كما أنّ التحاد القبائل إسهاما ً مه ّما ً في هذا التطور ،إذ أنّ االعتقاد باإلله (إيل) الذي يعتبر اإلله المشترك للقبائل ذات األصول السامية يظهر تطوراً يبتدئ مع النبي إبراهيم وينتهي مع النبي محمد الذي وصل إلى مصطلح «هللا» القوي الم ّتصف بـ 99صفة ،حقا ً إنّ هللا هو انعكاس فكري لمركزية القبائل التي استمرت عشرة آالف عام على األقل في شبه الجزيرة العربية التي مرّ فيها هذا المصطلح بالعديد من المراحل حتى العدد - 36شــتاء 2017
4
serqalawset@gmail.com
تحول إلى رمز قوي للقبائل السامية بشكل عام، ووصل إلى الذروة مع النبي محمد ،حيث أخذ شكله النهائي باعتباره هوية إيديولوجية لمجتمع التجار ،وهو إله يتميز بجانب قومي يعد أعلى انعكاس إيديولوجي للقوة االجتماعية للساميين والعرب. وعندما أنشأ السومريون والمصريون المراكز الحضارية كانت القبائل ذات الجذور السامية والتي يقال لها؛ العموريون عند السومريين والعبرانيين ،والعموريتAmorit ،وقبائل الصحراء الغربية و Abiruالقبائل المغبرة الشرقية عند المصريين تنتقل بين المركزين بشكل مستمر ،وكانوا ينضمون إلى النظام كقوة عمل متجددة ،أو أحيانا ً يقومون بغزوات وبأعمال السلب والسرقة ،يبدأ هذا المسار مع نشوء الحضارة منذ 3000ق.م، حيث تظهر باعتبارها مصدراً للتناقضات التاريخية الهامة .في شمال شبه الجزيرة العربيةْ ،إذ لم تكن تمتلك قدرة المنافسة مع النظام ،ولكنها كانت تمتلك إمكانيات الدفاع الجيد في عمق الصحراء ،إذ كانت مؤسسة شيوخ القبائل التي تمثل زعامة القبيلة ،قد تجاوزت دور الساحر والشامان. وفي هذا السياق َتع ّد أورفا وما حولها التي تتشرف بأنها مدينة األنبياء المنطق َة التي انتشرت فيها المستوطنات السومرية حوالي عام2000 ق.م ،وفي الوقت ذاته تع ّد المنطقة التي تشكل مصدراً للتاريخ لوقوف ثقافتين تاريخيتين في تلك المرحلة وجها ً لوجه واالشتباك فيما بينهما ،وهما مجموعة العموريين الرعاة المتنقلين َذ ِوي األصول السامية المتدفقين بشكل مستمر من الصحراء العربية نحو الشمال وباتجاه ميزوبوتاميا ،وبين الهوريين “”Hurri الزراعيين الشماليين ذوي األصول اآلرية، وأكثر من ذلك فهي شهدت انشغال هؤالء بالتجارة في المستوطنات السومرية.
5
الشرق األوسط الدميقراطي
محلة سيدنا حممد العظيمة إنّ تحليل مصطلح «هللا» الذي قام به سيدنا محمد كان أكبر حملة تاريخية عظيمة باسمه، حيث أنّ هذه المشكلة كانت بمثابة القفل ،ورغم أن تحديد األرضية المادية يتمتع بأهمية كبيرة إلاّ أن األصعب في ذلك هو تحليل المصطلح اإليديولوجي األساسي أي «هللا « ،وال توجد قيمة علمية كبيرة لمحاوالت تعريف هللا من قبل التيارات الالهوتية والفلسفية ،ولم يتم إجراء التحليل االجتماعي للمصطلح بعد. إن « أل» = الروح هو إله تعود جذوره إلى السامية ،وهو مصطلح اإلله ،رغم المعطيات المحدودة الموجودة بين أيدينا، وأعتقد أنه تصو ٌر بمعنى «إله السماء العالي» وقد طورته القبائل بعد مرحلة الدين الطوطمي وتحت تأثير الحضارة على األغلب ،ويلفظ ذلك في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية بشكل مختلف وبلهجات مختلفة ،ويمكن أن يكون قد ت ّم تحويله إلى مصطلح كهوية إيديولوجية أساسية بشكل يوازي «القبيلة = الشيخ» و «الطبيعة = أل» ،وإنّ التفكير به كمالك شامل للنظام الطبيعي يتزامن مع تطور القبائل ،وكما هو الشيخ صاحب القبيلة فإنّ صاحب الطبيعة هو أل «هللا» .إنّ الشيخ هو في موقع الزعيم السياسي والمعنوي للقبيلة في الوقت نفسهْ ،إذ تكمن قوة القبيلة وتعاظمها في مسؤوليات وقوة الشيخ ،إنه شكل بدائي من الملكية ،والتفكير الناجم عن هذا الوضع لدى الشيخ أسفر عن تنصيب نفسه على رأس القبيلة ،أي أ ّنه صاحبها ،وهكذا يكون هللا فوق الطبيعة كلها وصاحبها ،وقد تطوّ َر كال المفهومين وأُوليا باألهمية ،وبذلك فقد تم وضع «أل» مقابل « العالي» ،وفي المرحلة التي تحررت فيها القبيلة من الخنوع واالرتباط الكلي بشروط الطبيعة، وحصلت على مقومات العيش الحر واآلمن،
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
إن االعتقاد باإلله (إيل) الذي يعترب اإلله املشرتك للقبائل ذات األصول السامية يظهر تطوراً يبتدئ مع النيب إبراهيم وينتهي مع النيب حممد ومع حدوث التمايز تشكلت العالقات الفوقية والتحتية ،ومثلما لعب الصاحب العالي دور المهيمن فإ ّنه في نفس المرحلة ضعفت العقائد الطوطمية ،وبتشابه مماثل حدث االنفصال في الطبيعة إلى أرض وسماء ،مع تصورهم أن «أل» هو حاكم السموات واألرض «كما يحكم شيخ القبيلة قبيلته ورعاياه» ،وبذلك تم وضع مصطلح اإلله .فمصطلح هللا يعبر عن الملكية إلى جانب السمو ،وهذه صفة مهمة كمالك وحاكم ،إن المالك والملك مشتقة من مصدر «الملك» ،وتتفاعل عالقة الملكية في جميع اللغات السامية وتكتسب مع ًنى عند القبيلة يصل فيها إلى الملك ،وتتقي الملكية والسمو في القبيلة مقابلها على شكل حاكم السموات واألرض أي هللا ،في عالقة األرض والطبيعة والسماء. قوة الدفاع الطبيعية للصحراء إنّ وجود تلك المدن بجوار اإلمبراطوريات الثالثة يع ّد ميّزة بارزة لها .ولم تتمكن أيّة إمبراطورية ض ّم المدن المذكورة إلى حدودها بشكل كامل ،وكأنّ الصحراء كانت تلعب دور بحر من الدفاع الطبيعي .ولم تستطع أيّة قوة مقاوم َة القبائل العربية التي كانت تمتلك الحديد وقوة السيف والخيول ،التي تلعب دوراً إستراتيجيا ً هنا ،ونضجت الظروف األساسية لمرحلة تاريخية إستراتيجية عند توحّ د الدور الذي تلعبُه الجمال (سفن الصحراء) في
التجارة مع السيف والخيول التي توحدت مع قوة الدفاع الطبيعية للصحراء .ولم تتخلص جيوش اإلمبراطوريات الثالثة من تكبّد الخسائر واالنسحاب رغم قيامها بعدة حمالت على مكة ،إذ ليس هناك ما تقوم به الجيوش النظامية في هذه الظروف ،فقصة تش ّتت الجيش الحبشي من خالل الحجارة التي أمطرتها طيور األبابيل «آية في القرآن» هي الشرح الديني لمحاربة الفُ َرق القبلية بواسطة السيف والخيول ،وفي الوقت الذي أ ّدت فيه التجارة بين اإلمبراطوريات الثالثة إلى غنى غير طبيعي وظهرت قوة الخيول والسيف ،وحرب الكريال حسب ظروف الصحراء جلبت معها إمكانيات نجاح كبيرة ،ولكن يصعب االعتماد على حرب الكريال الصحراوية في كل مرحلة تاريخية، وك ّل حرب بما فيها تلك التي قامت ضد األنظمة في الصحراء الغربية والمغرب والجزائر والسودان ،وهناك قيام كريال مشابه لكريال الصحراء من صحاري منغوليا وتركمانستان، أ ّدت إلى أقوى حمالت توسع في التاريخ .وكذلك كانت طرق الكر والفر عند اآلريين تعتمد على أنظمة جبال زاغروس ـ طوروس ،بينما اعتمد األلمان والسالف على غابات وسهوب الشمال ضد المراكز الحضارية في ظروف مشابهة، وبنفس المنطق .ومن المعروف أيضا ً أنه قد تشكلت ظروف مشابهة في المراكز الحضارية التي تطوّ رت في وديان النيل ودجلة والفرات ابتدا ًء من األلفية الثالثة قبل الميالد في شبه الجزيرة العربية .لقد أدى وجود القرى ذات اإلنتاج الغزير في العصر النيوليتي ،والظروف التجارية التي ظهرت مبكراً بين مراكز مدن النيل والفرات ودجلة إلى تحول للقبائل السامية، وهذا ما جعلها قوة دفاعية وهجومية في آن معاً، وكانت تقوم بالنهب بشكل متتابع ،وتعيش حياة مستقرة عندما تحصل على القوة ،وتهرب إلى أعماق الصحراء عندما ال تتمكن من امتالك
العدد - 36شــتاء 2017
6
serqalawset@gmail.com
القوة. اهلوية االيديولوجية لإلسالم إنّ وصف النبي محمد كشخصية ثورية تليق بالعصور هي مسألة ال تقبل النقاش، وعند مقارنته باألنبياء الثالثة الهامين إبراهيم، موسى ،عيسى .نرى أ ّنه استطاع عرض منطقه وإرادته بشكل أقوى وطبّقهما ونظمهما على أرض الواقع ،وهو الشخصية التي استطاعت تنظيم مسارها بشكل ناجح وتحوّ لت بجهودها الكبيرة إلى وضع القوة الحاكمة في الجزيرة العربية وهي على قيد الحياة ،وعلى هذا الصعيد يمكن مقارنته بشخصيات نادرة في التاريخ مثل االسكندر ولينين ،وعند مقارنتنا للمفهوم التاريخي واالجتماعي سنرى النبيّ محمّداً علميا ً ليس بطريقة الدوغمائية الدينية ،وإ ّنما كمعلم إيديولوجي ورجل سياسة وعملياتي وال حاجة للنظر إلى النبي محمّد وتقييمه من خالل إكسائه درعا ً من القدسية ،ألنّ العلم سيعطيه حقه ألنه من الشخصيات التي تأتي في المقدمة تاريخياً ،فالتطور العقائدي لإلسالم لم يس ُم بمحمد كما يعتقد ،بل تم إظهاره بهوية شخص منهمك بالعقيدة الدينية وهو ال يستحق ذلك. وفي الوقت الذي نعرّ ف هذا التطور التاريخي الكبير بهذا الشكل ،فإنّ رؤية خصائص ومساهمة النبي محمد عن كثب ينطوي على أهمية كبيرة .كما تشير المصادر فإنّ الظروف التي ولد ونشأ فيها النبي محمد هي ظروف مثلث مكة والمدينة والطائف والتي تعتبر المناطق الداخلية لشبه الجزيرة العربية الموجودة في نقطة تقاطع اإلمبراطوريات الثالث التي تشكل القوى األساسية لذلك العصر ،وهي اإلمبراطوريات البيزنطية والساسانية والحبشية ،فقد ت ّم إنشاء هذه المدن اعتماداً على التجارة التي شهدت تطوراً كبيراً بين اإلمبراطوريات الثالث ،فالتم ّدن يعني التطوّ َر والغِنى واالزدهار بالنسبة للنظام القبلي
7
الشرق األوسط الدميقراطي
الصحرواي ،فالتمدن في اللغة العربية يعني التحوّ ل إلى المدينة ويعني التحضّر ،واسم المدينة مأخوذ من هذا الفعل ،وهذه المدن التي بناها العرب األثرياء الساميّون على الطرق التجارية م ّكنتهم من التحضر. إنّ هذا التقييم القصير يُظهر عالقة اإلسالم بمفهوم التجارة من ناحية الهوية اإليديولوجية والتمأسس العسكري والسياسي أيضاً ،فظهور اإلسالم وصعوده يمثل قوّ ًة وهيب َة للتاجر وذكاءه والتزامه بالقواعد ،وتعتبر أوّ َل عملية لألسرة ً ودولة التجارية التي تخلق قوة ضاربة كبيرة، وحضار ًة جديدتين بهوية إيديولوجية مستقلة، وهي انفجار كالبركان لتراكم تجاري تحقق عبر آالف السنين في شبه الجزيرة العربية، وأ ّدى إلى التأثير على جميع أنحاء العالم بعد التجربة الملكية للقبائل العبرية في القدس ،وذلك يمثل حملة دينية وعسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة مستندة إلى تجارة القبائل العربية لتحوِّ لها إلى دولة أساسية وقوة حضارية ،وتظهر سنة محمد وعدة آيات قرآنية المديح للتجارة وتقديسها كقيمة إلهية ،بينما نرى أنّ الغذاء النباتي والفواكهة والحيوانات األليفة كانت مقدسة في العصر النيوليتي وفي المجتمع السومري الذي كان يعتمد على الزراعة ،والمصري الذي كان يعتمد على العبودية ،فكلمة مقدس «كاووتا» بالسومرية تعني الغذاء ،وإن طبقة التجار هي القوة االجتماعية الكبيرة الثانية التي اعتمدت عليها الحضارة بعد الطبقة الزراعية القروية، وانتشرت العبودية بين تلك الطبقتين ،ويأتي الحرفيون المرتبطون بالتجارة بعد التجار على األغلب ،ويطلق على هذه الطبقة اسم طبقة التجار المرابين في الشرق األوسط ،وهؤالء روّ اد تطور الفائدة والربا ،كمؤسّس ٍة تتص ّدر التجارةُ الدور األوّ َل في تطوّ ِر النقد والعمليات َ الحسابية والرياضيات ،ويظهر التفكير المجرّ د معاني مختلفة تطوراً يعبّر عن وتحميل الكلمات َ
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
انعكاس لتغيير الحياة االقتصادية والتجارة. ٍ يمكننا القول :إ ّ الحضارة كانت كما ه ن مل يقم العثمانيون ّ بأي دور سوى المصرية والسومرية مدينتين لهبة النيل ودجلة والفرات ،فإنّ اإلسالم كان هبة التجارة التي دور «حراس القرب» ،أمّا السلطان كان مركزها مكة في شبه الجزيرة العربية .حممد الفاتح فقد أدى الدعاء على واإلرث العبري هو ثمار تجارة تطوّ رت بين املقابر فقط بعد عدة رعشات المراكز الحضارية في األساس ،وعندما نأخذ بعين االعتبار الهيمنة اليهودية على التجارة الموت ،إن كل أنواع موسيقى وشعر القصر والتمويل العالمي يمكننا فه ُم ِ دور التجارة العثماني كانت تعبر عن ازدواجية غير العظيم في التطور الحضاري بشكل أفضل. مشروعة للبكاء واللذة الرخيصة ،وما أريد أن أقوله :أنه في الوقت الذي كانت تبكى فيه العثمانيون حراس القبور القيم الحضارية الكبيرة المفقودة ،كانت الحياة إذا قيّمنا المرحلة الواقعة بين القرن العاشر السفيهة تمارس فوق قبورها الرقصة البدائية والخامس عشر نراها مرحلة الرعشة الكبيرة على األموات ،إن القهر الذي ال يحتمل للحياة واألخيرة ،حيث تم صب األسمنت على القيم في الشرق األوسط ،ليس نابعا ً عن حرارته أو الثقافية التي يزيد عمرها عن 15000سنة ،بطالة العمل أو التناقضات التي ال معنى لها ،أو بعد القرن الخامس عشر ،وقام المغول بدفن ما الجهل ،بل ينبع من انتقام الماضي الذي تعرض تبقى بسرعة وبعنف ،ولم يقم العثمانيون بأيّ للخيانة والذي ال يعفو. دور سوى دور «حراس القبر» ،أمّا السلطان محمد الفاتح فقد أدى الدعاء على المقابر فقط تشتت العربيني بعد عدة رعشات ،وما تبقى يشبه قيام العرب وبالنسبة لليهود فقد جرّ وا على أنفسهم أكبر البدو بإهمال آثار الحضارة المصرية ،أو كان الكوارث ،ففي الوقت الذي كانوا يحضرون يتم الرقص بغباء مثل الرقصات اإلفريقية فيه النهيار روما بفتحهم الطريق أمام عيسى، البدائية ،إنّ نظام القصر العثماني كان مثل تشتتوا في كافة أنحاء األرض ،وفي الوقت سكون القبر ،وذلك واضح إلى درجة كان يتم الذي كانوا يسعون فيه لتعليم العالم في كل قتل األطفال فيه من أجل سالمة السلطة ،وال مكان كانوا يعرضون أنفسهم للمجازر بسبب يمكن أن يكون لذلك عالقة باإلسالم ،فقد كان شوفينية الشعب المتفوق ،وبينما كانوا يلعبون مفهوم أهل البيت هو المحافظة على حب كل دوراً ثقافيا ً أساسيا ً أثناء والدة اإلسالم ومحمد أفراد العائلة إلى درجة التقديس ،وكانت األنماط في الجزيرة العربية ،تلقوا الضربة القاسية من المتردية التي استلمت الحكم ،تعتمد على تطوير اإلسالم ذاته ،وبينما كانوا من القوى الخالقة ً الموت وليس الحياة على هذا الشكل دائما ،فكان في العصور الوسطى؛ أوقعوا أنفسهم في موقع ً نيرون الروماني رمزا لسلطان الموت الذي تم تعرضوا فيه لكل أنواع المجازر ،وبينما كانوا تنفيذه على عيسى عند ظهور المسيحية ،وتم يأخذون مواقعهم على رأس القوى الطبقية االلتزام بذلك عند البيزنطيين بظالم دامس ،والمثقفة التي لعبت دوراً أساسيا ً في فكر وقوة ً وقام العثمانيون المتبرجين باإلسالم مظهرا رأس المال األساسي الذي وضع األسس لعصر بلعب آخر المشهد الثالث واألخير من مسرحية العدد - 36شــتاء 2017
8
serqalawset@gmail.com
الرأسمالية لم يستطيعوا أن ينقذوا أنفسهم من المجازر والضربات التي تلقوها من الرأسمالية ومن الماركسية فيما بعد ،هؤالء هم العبريون أصل القوة والقومية والثقافة. جتديد دين النيب إبراهيم لقد ظهر العرب كآخر جيل للقبائل الصحراوية على ساحة التاريخ بعد أن قاموا بانفجار كبير مع قيام النبي محمد بتجديد دين النبي إبراهيم ،ويشكل اإلسالم وهللا والقومية العربية هوية ونسيجا ً إيديولوجيا ً مترابطا ً بإحكام ،وفي الواقع وكما يتضح من الناحيتين العرقية والدينية ،فإنهم أقرباء لليهود ،ويأتي ازدياد التناقض فيما بينهم من التمايز الطبقي. وتقدم الصراع خطوة إلى األمام بين اليهود الذين أصبحوا أثرياء من التجارة ،والعرب الذين يعبّرون عن آخر اتحاد للقبائل الصحراوية مع ظهور اإلسالم .في الحقيقة لقد بدأت هذه المرحلة مع النبيّ إبراهيم الذي قام بإنطالقات ضد ملوك المدن السومرية األغنى من العبريين ،كما وجه موسى نفس القبائل العبرية الفقيرة ضد الملكية المصرية .ويتواصل هذا النوع من الصراعات في إسرائيل الحالية ،ولم يكن هذا الصراع أقل من صراع الهلينيين مع الرومانيين ،والبابليين مع اآلشوريين .إذ تعود الخبرة اليهودية الكبيرة في التاريخ إلى الدروس التي تلقوها من هذا الصراع وقوة التجارة .لقد تعرض اليهود إلى أكبر تهجير من قبل الرومانيين بعد الذي تعرضوا له على يد البابليين ،وانتشروا في جميع أنحاء العالم بعد عام 70م. إنّ امتالك اليهود الذهن التجاري األكثر مكراً في العالم ،قد حرّ ض المجتمعات التي أقاموا فيها وهذا ما أ ّدى إلى تعرّ ضهم إلى اإلبادة بشكل متكرر .وأصبح ظهور الدولة
9
الشرق األوسط الدميقراطي
اإلسرائيلية أمراً الب ّد منه مع الفاشية األلمانية الهتلرية ،إنّ إسرائيل هي تس ّدد األوساط المحيطة وفي مقدمتها العرب فاتورة اإلبادة التي مارستها الفاشية األلمانية بحق اليهود. ويأتي اليهود في مقدمة قائمة المجموعات المؤثرة في تطور وانتشار الرأسمالية وال سيما في الحضارة األوروبية وأمريكا .ولهم تأثير في التجارة والمال والعلم والفن وحتى في األماكن الحسّاسة في السياسة في جميع أنحاء العالم ،حيث تقف وراءها الرأسمالية ،وقد ازدادت تناقضاتهم مع العرب حول موضوع األرض ،وال يمكن إزالة إسرائيل لكن تحول شكلها الموجود يمكن أن ينتج وسائالً للحل، كما أنّ تحوّ ل القومية العربية أيضا ً شرط .وفي حال العكس فإنّ وجود قوميتين قد يؤدي حتى إلى استخدام قنبلة ذرية جديدة .وإلسرائيل تفوّ ق إستراتيجي في هذا النمط من الحرب ،لكن ذلك لن يفيد في المجريات العملية. وفي القدس تم تعقيد المشكلة لتتحول الى ظلم كبير ،والذي أدى الى ذلك هو التشبث بالقومية التي وصلت إلى طريق مسدود في جميع أنحاء العالم ،وكأنّ هذه المدينة المقدسة تحمل لعنة القومية والقبائلية السابقة ،إلاّ أن اسمها يعني القدسية وديار السالم .فكما لعب اليهود دوراً في ظهور أبوية األديان التوحيدية، كذلك لعبوا نفس الدور في ظهور القومية، مع أ ّنهم يعتبرون من أكثر الذين تضرروا وأصبحوا ضحية لهذين المفهومين .باإلضافة الى ذلك أ ّدت التجارب التي عاشها اليهود بين الحضارات إلى نشأتهم على قيم قوية في مجاالت العلم والفن واالقتصاد ،وابتدا ًء من كتابة الكتب المقدسة والكثير من المؤلفات لرجال العلم والفنون ،فقد وصلوا إلى قوّ ة كبيرة من الناحية المادية والمعنوية ،حتى كأ ّنهم يحركون كل اإليديولوجيات والمؤسسات األساسية على أصابعهم.
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
القضية الكردية هي من أشد القضايا تعقيداً يف الشرق األوسط، وتتخذ طابعها من منط تكوّن الواقع الذي تستند إليه ،وال مفر من أن تشابك القضية الكردية بشكل أكثر يف املستقبل أمّا بالنسبة للعرب ،فقد ظلوا متخلفين باعتبارهم آخر المجموعات الصحراوية السامية .لكن انتشارهم في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية وأفريقيا الشمالية ،أدى إلى وصولهم إلى ثروة وقوة نوعية من الناحية الجغرافية على األقل ،بذلك وقعت مجموعتان ساميتان في وضع المواجهة على الصعيد العالمي ،فغدَ وا ضحايا ما خلقوه من دين وقومية ،وبدأت تبتلعهم الوحوش التي خلقوها بأيديهم ،ولذلك فإنّ تجاوز مواقفهما المعتمدة على الدين والقومية هو الحل الوحيد .إذ يجب على هاتين المجموعتين اللتين يمكن أن تلعبا دوراً مه ّما ً في الشرق األوسط أن تتفقا في إطار مقاييس الحضارة الديمقراطية ،وهكذا فإنّ المخرج الوحيد هو الفيدرالية المرنة بدالً من االنقسام القومي والديني ،ويجب برمجة فيدرالية عربية إسرائيلية تحت نظام اقتصاد السوق الحر مع حرية الكيانات الثقافية وألمد طويل ،علما ً بأنّ الفيدرالية ضرورية أيضا ً من أجل العرب المنقسمين إلى ثالثة وعشرين دويلة .فليس لالتحاد العربي الموجود «الجامعة العربية» دو ٌر وظيفيٌّ كما يجب ،بل إنّ فيدرالية ديمقراطية عربية ـ إسرائيلية ترغم العرب على التوحد تحت سقف واحد ،ومن الواضح أنّ الشرق األوسط برمّته سيستفيد من هذه الفيدرالية عدا بعض األطراف الرجعية،
ويظهر أ ّنه ال مفر من سير العالقات العربية اإلسرائيلية نحو الحل تحت ظل فيدرالية في القرن الواحد والعشرين ،ويمكن للتجربة الديمقراطية إلسرائيل في العالم أن تلعب دوراً تاريخيا ً في دمقرطة العرب. أهمية الوفاق العربي -اإلسرائيلي سيكون الوفاق العربي ـ اإلسرائيلي خطوة كبيرة على طريق السالم والوحدة الديمقراطية في الشرق األوسط ،وستكتسب األطروحة المضادة ألطروحة الحضارة الديمقراطية األوروبية التي تستمد غذائها من الشرق األوسط ،قوة كبيرة من خالل الوفاق المذكور، وسيكون لها تأثير تسلسلي في العالم اجمع ،كما ستساهم المرحلة الجديدة التي ُتبنى على أساس الفيدرالية الديمقراطية في أن يسير الشرق األوسط نحو تركيب الحضارة الديمقراطية وإلى مرحلة حضارية تليق بتاريخه .حقا ً إنّ النتائج التاريخية لالتفاق العربي ـ اإلسرائيلي مهمة جداً ،ألنّ ذلك سيسرّ ع من ح ّل التناقضات األخرى في المنطقة وسيضغط من أجل الحل الديمقراطي ،فالتطور في هذا االتجاه والذي نرى تأثيره منذ اآلن سيكتسب طابعا ً سائداً، وال يمكن انتظار استمرار مرحلة الصراع في جوّ من عدم الوفاق مطوّ الً ،ألنّ الظروف المحلية واإلقليمية والدولية لن تتحمل هذا الوضع طويالً ،وسنرى أ ّنه ال مفرّ من السالم المستند إلى التحول الديمقراطيّ بين العرب أنفسهم ،وبين العرب وإسرائيل وكل المنطقة في القرن الواحد والعشرين وتصاعده عبر حملة اقتصادية وفنية متطورة ،هكذا سيكون للشرق األوسط الذي سيكتسب قوّ ة على هذا األساس ،إمكانية خلق تطوّ رات تليق بتاريخه في كل العالم وتطوير الحضارة الديمقراطية نحو تركيبات جديدة.
العدد - 36شــتاء 2017
10
serqalawset@gmail.com
اآلريون ومن ذلك نرى أنّ علم المصطلحات يرى وجود عالقة قريبة بين « « ARو»»ARD والتي تعني المحراث .وبعد ذلك استخدم العرب كلمة أرض ،ويستخدم الكرد في أيامنا هذه كلمة «أرد» بمعنى األرض أو الحقل .وبذلك نرى أن مصطلح آري « »ARYENيعني التجمّع والشعب الذي يملك األرض والتراب ويحرثها. وبالتالي نستطيع أن نستنتج أنه أطلق مصطلح آري على كل تجمعات الشعوب التي شهدت الثورة الزراعية ،ويتبين لنا من هذا أنّ وجهات النظر المتأخرة والتي ترى أنّ « »ARIالعظمة و» »ARتعني النار ،هي وجهات نظر غير واقعية كثيراً .وألنّ هذه التجمعات كانت أكثر تقدما ً حسب مرحلتها ،فإ ّنه من غير الصحيح استنتاج نتائج عرقية من تقييمها على أ ّنها آرية وعظيمة .وقيام الفاشية األلمانية بتحريف هذا المصطلح ال يمت إلى العلمية بصلة ويستهدف من ذلك الدعاية اإليديولوجية .وعندما نستخدم هذا المصطلح من اآلن فصاعداً ،فإنني أشعر بوجوب إظهار أهمية ضرورة فهمه بهذا المحتوى. لقد تعرض الكرد وبالدهم لجميع غزوات العصر العبودي ،وإذا بدأنا من كلكامش السومري نرى أن البابليين واآلشوريين والبارسيين والهلينيين والرومان والساسانيين والبيزنطيين والعرب واألتراك والمغول قد قاموا باحتالل المنطقة تسلسلياً ،لكن النظام األساسي هو النظام العشائري ،وواصلوا هذا الميراث حتى يومنا هذا بالصراع فيما بينهم والتوحد في بعض األحيان. إنّ القضية الكردية هي من أشد القضايا تعقيداً في الشرق األوسط ،تتخذ طابعها من نمط تكوّ ن الواقع الذي تستند إليه ،وال مفر من أن تشابك القضية الكردية بشكل أكثر في
11
الشرق األوسط الدميقراطي
المستقبل ـ مثلما كان في التاريخ وحتى يومنا هذا ـ سيؤدي إلى كثير من المشاكل الجديدة إذا لم يجر تناولها بطريقة صحيحة ،وتمتلك القضية الكردية صفة أكثر شمولية من قضية الصراع العربي ـ اإلسرائيلي التي تشغل العالم كثيراً ،كما أنها وجدت في موقع أكثر عمقا ً منها من حيث الشكل ،ويؤدي عدم ظهور هذه المشكلة كليا ً إلى تقييمات ناقصة وخاطئة، نظراً لوجودها في أكثر المناطق إستراتيجية من زاوية تعداد السكان والجغرافيا والظروف االجتماعية والسياسية ،وتأتي في المقدمة من حيث نوعية القضايا وثقلها .ويؤدي تقسيمها بين الفرس والعرب واألتراك كقوميات أساسية في المنطقة ،إلى تأثير واسع لها على مستوى المنطقة بأكملها ،وحل هذه المشكلة في جزء من األجزاء يسفر عن الضغوط على الدول لحلها في األجزاء األخرى ،مثلها مثل األواني المستطرقة ،ويكون التأثير مشابها ً في حال حدوث عكس ذلك .إنّ الظروف الجغرافية الوعرة جعلت عامل الكفاح المسلح مندرجا ً على جدول األعمال دائماً ،فقد خلق االحتالل الذي حدث في جميع مراحل التاريخ مقاومة بشكل أو بآخر ،وكأنّ الحياة تسير مع حالة نفسية التمرد الطبيعية ،وقد وصل تعداد السكان إلى أربعين مليون نسمة لوجود اإلمكانيات الطبيعية المتطورة ،ويشكل هذا الرقم ك ّما ً كبيراً من أجل إقامة الحسابات اإلستراتيجية عليه. وفي هذا الوضع فإنّ تعريف الظاهرة الكردية يحظى بأهمية كبيرة ،وأكبر خالف يتمركز حول كيفية تعريف هذه الظاهرة ،هو بقاء العرب تسمية الكرد بـ «عرب اليمن»، واألتراك يسمونهم بـ « أتراك الجبل» ،والفرس يعتبرونهم من أنفسهم ،أو أن يرى الكرد أنفسهم أصفى الشعوب وأنقاها .ال يمكن أن تكون هذه المواقف السياسية الناتجة عن ذلك مختلفة عن غيرها ،وال مفر من أن تجلب المواقف
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
مل يستطع الكرد جعل الدين اإلسالمي أو اإليديولوجية القومية الرأمسالية دلي ً ال قوميًا هلم ،كما مل تسفر حماوالتهم سوى لرتويضهم. ويعيش الكرد كشعب فقري تعرض خليانة احلضارات أكثر من غريه، السياسية المميزة معها ممارسات مميزة ،إذ ال يؤمل سوى أن تجلب معها صراع العميان ومآسي ومآزق ال يمكن الخروج منها. إنّ المساعي تبذل في يومنا الراهن إلبقاء الشعب الكردي في موقعه المسحوق في الشرق األوسط ،ويعتبر تمزقهم ووجود النظام اإلقطاعي والعشائري أكبر سبب لبقائهم متخلفين ،ولم يستطيعوا التخلص من كماشة الضغط الداخلي والخارجي ،ولم تلعب اإليديولوجية الدينية والقومية دوراً إيجابيا ً في تطورهم السياسي كما حدث عند الشعوب المجاورة ،ففي الوقت الذي حول الدين ومفهوم القومية كل من العرب والفرس واألتراك الى دول بتقويتهم كقومية ووطن ،أما بالنسبة للكرد ،فإنها لعبت دوراً أساسيا ً في اضطهادهم وتذويبهم ،ولم يستطع الكرد جعل الدين اإلسالمي اإلقطاعي أو اإليديولوجية القومية الرأسمالية دليالً قوميا ً لهم ،كما لم تسفر محاوالتهم سوى لترويضهم .ويعيش الكرد كشعب فقير تعرض لخيانة الحضارات أكثر من غيره ،وتتم تغذية الضعف القومي واالجتماعي بالقيم اإلقطاعية والعشائرية دائماً ،حيث لم يستطيعوا االرتقاء إلى مواقع قومية واجتماعية أكثر سمواً. ندخل في مرحلة تتطلب تناوالً أكثر واقعية للظاهرة الكردية والقضية الكردية في ظل هذه االنتقادات المتعلقة بالمنهج ،ويجب على جميع
األطراف واألوساط العالمية المعنية بالمشكلة تحديد مواقفها وجعلها قادرة على عدم خلق بوسنة أو كوسوفو أو شيشان جديدة كي ال تستمر حالة التعقيد كحل قائم ،ويجب على هذه األطراف أن تقوم بتطوير الحلول على أساس الوقائع وتطلعات الكرد التي ال يمكن تأجيلها، والتي تأتي من عمق التاريخ ،كما يجب أن ترى أن مصالحها السياسية واالقتصادية تمرّ عبر حل هذه القضية حتى وإن لم تكن تدرك أنّ ذلك كان يناسب مصالحهم في الماضي، فتحقيق سالم كردي مشرف في القرن الحادي والعشرين يحظى بأهمية كبيرة لجميع األطراف ،إن مناهج تعفين المسألة وتأجيل الحل لفترة طويلة سيشغل المنطقة بكاملها أكثر من انشغالها بالصراع العربي اإلسرائيلي والحرب العراقية اإليرانية ،كما أن وضع وقف إطالق النار الحالي القائم يرتبط بتوازنات غير موثوق بها ،يمكن أن تنهار في أية لحظة، كما أن الجغرافيا والتضخم السكاني واألزمة االقتصادية واالجتماعية المتفاقمة تقدم كل الخامات للتمرد والحروب الشاملة ،وأي انفجار جديد يعني خسارة ربع قرن والعودة بالنتيجة إلى نفس النقطة،ان إنعدام الثقة الموجود في جذور المشكلة والمواقف الجبانة والدوغمائية المفرطة ،جعلت التناول المعاصر للقضية بعيداً عن الساحة طوال القرن العشرين وحتى في القرن التاسع عشر ،وبات واضحا ً اآلن أنه ال يمكن أن يستمر القرن الحادي والعشرين على هذه الوتيرة ،حيث ال يمكن للعصر أن يقبل هذا الوضع القائم ،و كل من يحاول أن يجرب ذلك لن يستطيع تخليص نفسه من العزلة التي يعيشها النظام العراقي. الشرق األوسط ،جغرافية حب احلقيقة هناك سؤال هام يجب طرحه وهو :أال تستطيع األنظمة الحضارية ذات الجذور
العدد - 36شــتاء 2017
12
serqalawset@gmail.com
سيكون دور اإلسالم إجيابيًا يف التحول القومي للعصور الوسطى إىل حني توحيده للقبائل ،لقد لعب اإلسالم دوراً ّ مهمًا يف تكوين األمة والقوم ،مثلما أ ّدت الرأمسالية إىل تشكل القومية واألمة الشرق أوسطية إحداث هذه االنطالقة من ذاتها؟ ،هذا هو السؤال الذي يبحث عن جواب في يومنا الراهن ،ونجد بأنّ كالً من الكندي والفارابي وابن سينا والسهروردي ومنصور الحالج قد بذلوا جهوداً وتضحيات كبيرة من أجل تنوير الشرق األوسط ،منذ القرن العاشر إلى القرن الثاني عشر .وكان الحب الشديد لديهم هو البحث عن الحقيقة ،ومن المعروف أنّ ذلك يتفوق من حيث القيمة على المصالح االقتصادية والسياسية ،وتعالى صوت حب الحقيقة في جغرافية الشرق األوسط أكثر من أيّ وقت مضى ،وظهر المرشدون الكبار أمثال موالنا جالل الدين الرومي ،ومحيي الدين ابن العربي كمرشدين للحقيقة ،وكان هناك تقدم في العلم أيضاً ،حيث ت ّم إحراز تقدم في الرياضيات والطب وعلم الفلك واألبحاث النباتية والحيوانية، وكان الشرق األوسط يتفوّ ق على أوروبا في كل ذلك ،وكان التفوق في مجال اآلداب مذهالً ،فقد أثبت أدب المالحم نفسه في القرون الوسطى من خالل الشاهنامة ومجنون ليلى ،أمّا الفلسفة ً قريبة إلى التاريخية البن خلدون ،فقد كانت المادية الجدلية ،ورغم ذلك لم تتطوّ ر حركة التنوير في الشرق األوسط .إنّ سبب عدم تطور حركة التنوير ـ التي تعتبر حجر األساس للهوية األوروبية الجديدة ـ في الشرق األوسط على الرغم من جميع اإلمكانيات المالئمة أمر مهم
13
الشرق األوسط الدميقراطي
جداً .فقد نتحدث في هذا الصدد عن غزوات المغول ولكنها لم تكن السبب األساسي ،وإنّ البحث عن السبب األساسي يكمن في تح ّكم اإليديولوجية المتخلفة والدوغمائية التي كانت تشكل ثقالً كاألسمنت على العقل وفي عمق التمأسس السياسي ،ويكون ذلك هو التناول األصح من غيره. دور اإلسالم يف تكوين األمة سيكون دور اإلسالم إيجابيا ً في التحول القومي للعصور الوسطى إلى حين توحيده للقبائل ،لقد لعب اإلسالم دوراً مه ّما ً في تكوين األمة والقوم ،مثلما أ ّدت الرأسمالية إلى تشكل القومية واألمة .وقد لعب األشخاص الموجودون في السلطة والذين كانوا من أقوام مختلفة دوراً ناجحا ً في تطوير أقوامهم .وإنّ أكثر الذين ب َقوا في السلطة هم من القومية العربية والفارسية والتركية ،ولهذا حصة كبيرة في أن يكون العرب والفرس واألتراك هم القوميات اإلسالمية البارزة في يومنا هذا، حتى إن لم يتم ذلك عن معرفة ،ومن الواضح أنّ مصيرها كان سيصبح مختلفا ً لوال وجود اإلسالم .ومن المفيد تحليل العالقة الموجودة يجر التركيز بين الوطنية والطبقية بعمق ،إذا لم ِ على هذه المسألة كما يجب .إنّ الوصول إلى األممية واإلسالمية المنفتحة على األخوة والسالم وتجاوز الشوفينية القومية والدينية بهذا الصدد ،سيلعبان دوراً ب ّنا ًء في تجاوز كثير من القضايا .إنّ في جوهر اإلسالم كما المسيحية مفاهيما ً إنسانية تتيح إمكانية كبيرة للعدالة والسالم ،وهناك وظائف مهمّة يجب أن يقوم بها كالتوجه لألممية.
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ّ َ حول مفهوم املواطنة ،والوحدة الوطنية
سليمان محمود
ُ يهتموا بأقلّياتهم العرب إذا لم الباحث القوميّ العربيّ «غسّان سالمة» :إ ّن قا َل َ ّ العرب حسابها حلّت مشكل ُة األقلّيات على ُ اهتم بها غيرهم ،وإن لم يحسبِ ّ حسابهم ،)1(.وبرأي الدكتور سالم زرنوقة فإنّ العالق َة بين ال ُكرد والعرب لم وذهب الدكتور جمال األتاسي إلى تشهد نوعا ً من التضاد بالمعنى القوميّ (،)2 َ الوطنية فكتب يقولُ :إ ّن املسأل َة الوطني َة الكردي ّ َة واحدةٌ من املسائل أبعد من ذلك، َ ّ العربية إلى احلوار من حولها وفتح ملفّ ها ودعوةُ السياسة األساسية لهذه املنطقة، ُ ّ قوماتها قضيتنا القومية وحتديد املوقف منها ،إمنا يتناولُ بالضرورة العربية ذاتَهاُ ، وم ّ ّ ّ وسبل حتقيقها(.)3 ومبادئها ،كما يتناول وحدتنا العربية ُ ّ
وقال الدكتور جمال األتاسي« :إ ّن جمال عبد الناصر كا َن في طليعة القادة العرب القوميني الذين أكّدوا على حق ّ ّ الشعب الكرد ّي في احلصول على حقوقه»(،)4 تتقوى بضمان ُمساندة القومي َة العربي َة قد وقي َل على لسان عبد الناصر «إ ّن ّ ّ وكتب منذر الموصلّي مؤلّف كتاب (عربٌ الكرد ووقوفهم ض ّد أعداء العرب»(.)5 َ وأكراد) إنّ ك َّل قوميّ عربيّ مُنفتح الفكر ومُحبّ ألُمته العربية ومُستوعبٌ لرسالتها
يكون مع جميع الشعوب في طموحها للحصول على حقوقها التحرريّة ،ال ب ّد أن َ الوطنيّة ،وبالخاصّة ال ّ شعب الكرديّ الصديق ،بل الشقيق)6(. ْ حجر عثر ٍة في طريق وقفت وإذا ما ت ّم التغلّبُ على العوامل الطبيعيّة التي َ ُ تحقيق إقامة المُساواة التامة أمام القانون ما بين المواطنين، االندماج ،فإنّ باإلمكان بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقيّة ولغاتهم وألوانهم وأديانهم ومذاهبهم .وهذا ما ً تلبية حص َل في فترة القرنين الماضيين في بلدان أوروبا الغربية وأمريكا الشماليّة، لحاجا ٍ الطريق المُعاكسة إذا ت أملتها عوام ُل اقتصاديّة أساسيّة .ويسي ُر القطا ُر في ِ العدد - 36شتاء 2017
14
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
السياسيّة العربية والكردية والتركية والفارسية المجا َل رحبا ً للحوار والتفاهم والتعاون والتحالف
َ العالقة بني ُ ّ الكرد والعرب فإن مل تشهد نوعًا من التضاد باملعنى القومي ّ
والوحدة .وفي مثل هذه األجواء يمكنُ إيجاد الحلول المبدئيّة للمسائل المُع ّقدة على اختالفها. ِف كفا ُح الكرد من أجل حقوقهم ويجبُ أن ال يُضع َ يعيشون ضمنها. المشروعة مركز ّي َة الدولة التي َ
صغير أو كبير، كيان كرديّ ، كما ال يمكنُ أليّ ٍ ٍ س بصور ٍة صحيحةٍ ،ويتم ّت َع بصحّ ٍة جيّدة أن يتن ّف َ عمدَ ال ُح ّكا ُم إلى إقامة السدود والحواجز ،بمُبارك ٍة ويدو َم ،إالّ إذا كانت أوس ُع الشعوب العربية مُع َلن ٍة أو مُستترة من الدوائر االستعماريّة ،إنْ كفاحهم والتركيّة والفارسيّة تؤيّدهم وتدع ُم َ كان في تجاهُل مطالب بعض الناس بسبب َ المشروع. َ انتماءاتهم العرقيّة ،أو في فرض التمييز ض ّدهم، ْ فعلت ذنب هذه الشعوب ،إذا يكون ولن َ َ أو في محاوالت دمجهم بالقوّ ة ،وحينئ ٍذ ال يعو ُد ذلك ،بل ذنب القادة الكرد الذين لم يُحسنوا غير َ َ كردستان الشماليّة أتراكا ً األترا ُ ك المُهجّ رون إلى َ يكون حريصا ً صياغ َة خطابهم الذي يجبُ أن َ وكذلك العربُ المهجّ رون إلى بك ّل معنى الكلمة، َ أيضا ً على مصالح هذه الشعوب .وهكذا فإنني كردستان الجنوب وغيرها. َ ُ أنطلق من وحدة كفاح الكرد مع الشعوب التي ت السيّدةُ «دانييل متيران» إن قُلتم وقد كتب ِ تلك ،ض َّد العدوّ يعيشون معها في هذه الدولة أو َ ً ّ يوما بأنني ،باعتباري فرنسيّة ،ال يحق لي أن األوّ ل الم ّ ُتمثل بالجهل واألميّة والتخلّف بمختلف أكون بورغونيّة ،وإنّ بورغونيا ال وجودَ لها، َ أشكاله وألوانه ،وض ّد العدو الثاني المتمثل بك ّل فإنني مباشر ًة سأتعلّ ُم لغ َة منطقتي ،وأنمّي ُترا َثها َمن يقفُ حجر عثر ٍة في طريق تحرّ ر الشعوب َ وسأطالبُ ببقاء بورغويّتي( .)7وبالتالي فإنّ ح َّل من جهلها وأمّيتها وتخلّفها(.)8 المسألة الكرديّة أو ح ّل أية مسألة تواجهها بلداننا، بحاج ٍة ما ّس ٍة أوالً إلى ممارسة الديمقراطيّة داخ َل ُ واملسألة الكرد ّية: الفكر العربي، ُ األحزاب والتنظيمات والحركات السياسية مبدئ ّيا ً يجبُ أن العرب والكردَ نشير إلى أنّ َ َ الكرديّة والعربية وغيرها ،وثانيا ً إفسا ُح المجال يشتركون في مساحا ٍ ت تاريخيّة وجغرافيّة َ رحبا ً أما َم النقد والتفاعل تفا ُعالً إيجابياً ،واالرتقاء وحضاريّة ودينيّة واسعة للغاية ،ويقرّ الكر ُد كما به إلى مستوى نقد الذات علنا ً وعلى رؤوس أردف شخصي َتهم ووجودَ هم العربُ أنّ اإلسال َم َ األشهاد ،ودعوةُ األعضاء العاديين إلى المشاركة ولذلك يمكنُ جعله بكثير من المفردات والمعاني، َ ٍ ُقترفة ،والتخلّص من في الكفاح ض ّد األخطاء الم َ قاسما ً محور ّيا ً بين العرب والكرد ،وال زال نتائجها الوخيمة .وإذا ما ت ّم السي ُر في هذا السبيل، بكثير من االعتزاز والسموّ ، العربُ يتذ ّكرون، ٍ ينفت ُح أما َم األحزاب والتنظيمات والحركات ما ق ّدم ُه صال ُح الدين األيوبي -الكرديّ -للعرب
15
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
والمسلمين ،عندما دافع عن الدين اإلسالميّ َ ت الصليبيين عن العالم العربي ور َّد هجما ِ صائغ للرؤية واإلسالميّ .ويُعت َب ُر اإلسال ُم أه َّم ٍ الكونية والعقائدية التي من خاللها ينظ ُر الكر ُد والعربُ على السواء إلى الكون وماهية الوجود. ٌ ٌ مركزية يجبُ أن يُبنى عليها خلفية ذلك وفي َ
الكر ُد مل ُيطالبوا يومًا بتغيري هو ّية األرض اليت هم عليها ،أو ُ أصحاب االنفصال عنها ،ذلك ألنهم هذه األرض وهذا الوطن ،وال ّ حيق ألحد أن َّ مين بوجودهم عليها ٍ
أيُّ خطا ٍ ب سياسي أو فكريّ لصياغة أيّ عالق ٍة كرديةٍ -عربية .وغير اإلسالم ،فإنّ عام َل الزمن الشعوبُ العربية واإلسالميّة ،وعلى هذا األساس قد ساه َم إلى أبعد الحدود في تالقي وتما ُزج الكر ِد يجبُ أن ُتعيدَ الحرك ُة الكردي ُة بك ّل شقوقها بنا َء س هذا التمازج من بالعرب وبالعكس .وقد تكرّ َ خطابها السياسي والفكري ربما ينسجم مع حقائق خالل التدا ُخل الجغرافيّ لموقع الكرد ومواقع التاريخ والجغرافيا ،كما أنّ هذه الحركة عليها أن العرب المكانيّة ،فالكر ُد وجو ُدهم تاريخ ٌي في تعيدَ االعتبار لإلسالم الذي أعطى الكردَ الكثير، المنطقة التي نصطل ُح على تسميتها بالعالم وليس روّ َج ل ُه بعضُ يساريّو الحركة الكرديّة من َ العربي واإلسالمي ،والعربُ وجو ُدهم تاريخيّ أنّ اإلسال َم استأص َل الكردَ من واقعهم الجغرافي أيضاً .وحتى إذا تم ّك َن الكر ُد من إقامة مشروعهم العرب عليهم والتاريخي والشخصانيّ .كما أنّ َ أقرب حلفائهم المركزيين سيكونون السياسي ،فإنّ َ أن يتخلّوا عن عصبيتهم القوميّة والتي تحو ُل العرب والمسلمين ،ألن ُه من غير المنطقي إهما ُل بينهم وبين اإلقرار بحقوق الثقافات األخرى التي حقائق التاريخ والجغرافيا في مجال المشاريع ِ كانت م ّ ُتجذر ًة في الواقع العربي واإلسالميّ ... تكون (واشنطن السياسية الكبرى ،وال يمكنُ أن َ إنّ اإلسال َم من أكثر العناصر قدر ًة على إجراء على سبيل المثال) هي الحليف ُة المُرتقب ُة للمشروع مُصالح ٍة تاريخيّة بين العرب والكرد ،ومثلما ت القض ّي َة الكردية لصالح الكرديّ ،وهي التي جيّر ِ جمعهم في حق ٍ ب تاريخيّة سابقة في ساحات جها ٍد َ حساباتها السياسية واالستراتيجية ،وساهمت مع واحدة وفي ساحات بنا ٍء حضاريّ واحدة ،قاد ٌر حلفائها في العالم العربي إلى وأ ِد القضية الكردية متكامل ،ولهذا مشروع في يصيغهم أن م اليو ٍ َ ٍ بأثمان باهظ ٍة مدفوع ٍة من ومُالحقة رموزها ٍ وجب على الكرد كما العرب إجراء مُصالحة َ قبل عواصم المحور األمريكي في ّ خط طنجة- مع النفس ومع الذات ،وإجراء مراجعة شاملة جاكرتا( خط عرض العالم اإلسالمي) ،كما ال لمفردات الخطاب الفكري والسياسي الذي صاغ ً عالقة استراتيجية مع يمكنُ تصوّ ر أن يقي َم الكر ُد المسلكية السياسية للعرب أو للكرد .ومن ث ّم عواصم القرار الدولي المتورّ طة في وأد القضيّة االنطالق نحو خطا ٍ ب انفتاحي يستوحي مقوّ مات الكرديّة والمزوّ دة األساسية لألسلحة لل َمحاور الموروث الحضاري اإلسالميّ القائم على مبدأ الجغرافية التي يتمرك ُز الكر ُد في نطاقها .ويبقى العدل والمساواة في الحقوق والواجبات من أجل الحليف الطبيعي للمشروع الكرديّ هي القو ُل بأنّ َ العدد - 36شتاء 2017
16
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
ذلك من أجل األجيال القادمة التي يُرا ُد لها أن
عتب اإلسال ُم َّ وُي رَُ صائغ للرؤية أهم ٍ الكونية والعقائدية اليت من ُ والعرب على ينظر الكر ُد خالهلا ُ السواء إىل الكون وماهية الوجود رؤي ٍة مستقبليّة أكثر إشراقاً .وفي هذا السياق قد
تنسى خصوصيتها في زمن العولمة والكوكبية، ُ حوار إحقاق هذه الخطوة بدون فتح ولن يتأ ّتى ٍ
موسّع بين األنتليجانسيا العربية والكردية والتي بيدها القدرة على نسج هذه االستراتيجية في ضوء تراكمات التجارب السابقة .وعلى الشعب الكرديّ األنتليجانسيا العربية أن تقرَّ بأنّ َ ض إلى مظلوم ّي ٍة ّ عز نظيرها وأنّ المث ّقف قد تعرّ َ الذي يرفضُ الظل َم في كمبوديا وفيتنام والجزائر
يباد ُر بعضُ الكرد إلى طرح إشكالي ٍة من قبيل والصومال عليه أن يرفض ُه في كردستان حتى العرب أولى بصناعة خطا ٍ ب جدي ٍد يستوعبُ أنّ َ لو كان الذي يمارسُ لعب َة إبادة الشعب الكردي ت استقاللية في الخصوصيّة على الكردَ كأ ّم ٍة ذا ِ نظاما ً ي ّدعي أن ُه على صل ٍة بالعروبة. العرب في مرحلة الدولة والكرد في اعتبار أنّ َ فالظل ُم ال إيديولوجيّة ل ُه وال قاعدة فكريّة له، مرحلة النضال من أجل الحرية أو من أجل الظل ُم ظل ٌم وهو مُستن َك ٌر في ك ّل الشرائع واألديان المشروع المستقلّ ،وهذه اإلشكالية وإن كانت ت األنتليجانسيا ت البشرية ،ومثلما اهت ّم ِ والفلسفا ِ ً وجيهة إلى ح ٍّد ما إالّ أنه ال ينبغي المزج بين العربية بكبريات القضايا السياسية والفكرية في حركة األنظمة والشعوب وتحديداً عندما يتعلّ ُق ُ القارات الخمس ،فمن با ٍ ب أولى إيالء القضية األم ُر بالعالم العربي واإلسالمي ،ألنّ النظم ً نوع خاصّ ،لما لهذه القضية من ا اهتمام الكردية ٍ العربية واإلسالمية كانت على الدوام في اال ّتجاه من تدا ُخ ٍل عميق بواقعنا العربي واإلسالمي، المعاكس لتطلّعات األمّة وآمالها ومشروعها وفي الظرف الراهن ال يمكنُ المُراهنة على الحضاريّ . حلول جذريّة لها باعتبار األنظمة العربية إليجاد ٍ ومثلما يناف ُح الكر ُد عن مشروعهم السياسي ُ أنّ النظا َم العربي الرسمي يسجّ ُل باضطراد والثقافيّ وهذا من ح ّقهم ،تناض ُل الشعوبُ العربية انهيارا ٍ ت خطيرة في كافة المجاالت .وال يمكنُ واإلسالمي ُة من أجل حقوقها في الديمقراطية منطقيا ً المُراهنة على المريض في تفعيل أيّ ومبدأ التداول على السُلطة وغير ذلك من الحقوق تكون على موقفٍ ،المُراهن ُة الوحيدةُ يجبُ أن َ التي باتت في األلفيّة الثالثة من البديهيّات ،لكنها األنتليجانسيا العربية والكردية والتي بدورها في العالم العربي واإلسالمي من المُحرّ مات. يجبُ أن تتفاع َل َ وفق األسس اآلنفة الذكر ،وخلق عقيم حو َل َمن أولى جدل وبدل الدخول في ٍ ٍ خطا ٍ ُنسجم ونشره بين الجماهير العريضة... بم ٍ بإنصاف َمن! وفتح مل ّفات الماضي ،فإنه من إنها خطوةٌ كبيرةٌ ومغامرةٌ غير مسبوقة .لكن بمكان إعادة رسم معالم استراتيجية الضرورة ٍ يجبُ أن نبدأَ!!!()9 كردية -عربية في الفكر والسياسة والحركة وك ّل
17
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
وح ُ ُ ُ أصحاب هذه األرض مُ اة الكردُ -كالعرب - هذا الوطن: كثي ٌر من عُلماء التاريخ واألجناس ،ومن ضمنهم العُلماء العرب ،كتبوا في كتبهم وأبحاثهم عن ال ّ شعب الكرديّ وأصله وتاريخه، الذي يمت ّد ألكثر من خمسة آالف سنة في هذه المنطقة بالذات ،وتحديداً بين بُحير َتي «أورمية الكثير عن أسالف ِه من الميديين ووان» ،كما كتبوا َ والميتانيين ،وعن ثقافته وتقاليد ِه وفلكلوره الشعبيّ الغنيّ ،وعن دور ال ُكرد المُشرّ ف في نشر اإلسالم وفي ترسيخ دعائمه ،ور ّد كيد األعداء وكذلك الدول واإلمارات التي ش ّكلوها في عنه، َ العهد اإلسالميّ وقبله. ً ربّما إننا ال نمل ُ دقيقة عن عدد ك إحصائي ًّة ال ُكرد المُشاركين في الحروب الصليبيّة إلى جانب صالح ال ّدين ،لكنّ الذي نعلم ُه جيّداً هو كان لهم دو ٌر مُشرّ فٌ في الدفاع عن اإلسالم أن ُه َ والعرب ،بغضّ النظر عن عددهم يومئذٍ ،وما آلوا إليه اليو َم ،وهذا األم ُر ليس بخا ٍ ف على أحدٍ، ذلك سوا ٌء في المشرق أو في المغرب ،ورغ َم َ بعض الوثائق التاريخيّة حول فإننا نور ُد هنا َ ذلك .يقو ُل ن .ه نيوباي ،في كتابه( صالح الدين َ الدعم «جاء إلى صالح الدين وعصره) ما يلي: َ ُ من الشمال والشرق ،من مدن اجلزيرة واملوصل ال(...ص.»)136 وديار بكر ،خمس ُة آالف ّ خي ٍ مدن الجزيرة (جزيرة ابن ومن المعروف أنّ َ عمر) وديار بكر ،جمي ُع س ّكانها من الكرد، ً ُ تفوق نسبة والموص ُل كذلك كان الكر ُد يُش ّكلون النصف ،حتى وق ٍ ت قريب. َ
عقيم َ حول بدل الدخول يف ٍ جدل ٍ مَن أوىل بإنصاف مَن! ،فإنه من مبكان إعادة رسم معامل الضرورة ٍ اسرتاتيجية كردية -عربية يف الفكر والسياسة واحلركة ّ وكل ذلك من أجل األجيال القادمة وعن معركة يافا ،يذك ُر نفسُ المصدر،
وبوضوح أكثر ،ما يلي« :فأرسلَ صالح الدين ٍ وسنجار املوصل يجلب لكي الفاضل، ابن ُه فرقَ َ َ وديار بكر التي كانت ما تزالُ في دمشق َ من أجل قواته الكردية الدفاع عن بيروت، َ وقام هو ،مع ّ واململوكية ،بالتو ّجه إلى يافا التي والتركية ّ ّ عنيف». قتال ٍ اقتحمها بع َد ٍ وحو َل الموضوع نفسه ،يذك ُر «ميخائيل زاباروف» في كتابه (الحروب الصليبيّة في تنظيم صالح الدين الشرق) ما يلي« :اعادَ ُ َ ك صار َ املقاتلون من ت املُسلّحة ،ومنذ ذا َ القوا ِ الكرد والسلجوقيني(»...ص .)189وتشي ُر األرقام التي أوردها البحّ اث ُة والمؤرّ خين بأنّ جيش صالح الدين كان يتجاو ُز عشرات َ اآلالف ،حسب جميع المصادر التاريخية والتقديرات المختلفة ،وما كان يتطلّبه حجم المعارك التي خاضها ،كما كان الكر ُد يشكلّون جزءاً هاما ً ورئيسيا ً من هذا الجيش ،نظراً العتماد صالح الدين على العنصر الكرديّ ، ألسباب عديدة حسبما تؤ ّك ُد المصاد ُر المذكورة آنفاً. حريصين على هذه الكر ُد كانوا وال زالوا َ ليس بأق ّل من العرب وغيرهم ،من األرض، َ
العدد - 36شتاء 2017
18
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
الكر ُد لم يُطالوا يوما ً بتغيير هويّة األرض
فالظلم ال إيديولوجيّة ُ له وال ُ الظلم ٌ ظلم وهو قاعدة فكر ّية له، ُ ُستنك ٌر يف ّ م َ كل الشرائع واألديان والفلسفات البشرية ِ
التي هم عليها ،أو االنفصال عنها ،ذلك ألنهم ّ يحق أصحابُ هذه األرض وهذا الوطن ،وال ألح ٍد أن يمنَّ بوجودهم عليها. مُساهم ُة أكراد سوريا في ال ّدفاع عن أرضهم: ق ّد َم الكر ُد تضحيا ٍ جسام في سبيل استقالل ت ٍ
سوريا الحديثة ،وكان لهم دو ٌر كبي ٌر في تأسيس الدولة السوريّة الحديثة ،والتص ّدي لالستعمار ُدعاة التعصّب القومي ،الذين َ نضال إلى جوار آنذاك ،مُش ّكلين ملحم َة يجعلون من أنفسهم الفرنسي َ ٍ ت أوصيا َء على هذه األرض ،ومن غيرهم ُغرباء .الشعب السوريّ بكافة أطيافه ،وما أن استقرّ ِ
امتالك الكر ِد وأقو ُل بأنّ َ ِ ت لألرض ال يغ ّي ُر من األحوا ُل في سوريا االستقالل ،حتى بدأ ِ طابعها الوطنيّ كما يزع ُم المُتحذلقون. األوساط الشوفينية ُ ُ أوائل الخمسينيات تدعو منذ ِ َ إنّ تاريخ سوريا ملي ٌء بالشواهد الحيّة على المسؤولين للقيام بتطبيق سياسة التمييز القوميّ ّ ّ تفاني الكر ِد في سبيل الوطن وعزته ،وسجل ُه حيالهم بهدف القضاء على تطلّعاتهم المشروعة، رفع كلمته يفخ ُر بأبنائه ال ُكرد الذين ساهموا في ِ عبر إجراءا ٍ ت استثنائيّة من شأنها العمل وذلك َ َ ُ في جميع المراحل واألوقات ،فالكر ُد لهم أيا ٍد على هجرة الكرد من مناطقهم في الجزيرة إلى ناصعة بيضاء في خدمة اإلسالم والعرب. المحافظات األخرى بهدف تشغيلهم. ال ُكر ُد ما كانوا يوما ً جسما ً غريبا ً على هذه شارك الكر ُد في سوريا في ك ّل الثورات َ ً ً ً األرض ،بل كانوا دوما عنصرا إيجابيا في السوريّة ،ومن أه ّم ثوراتهم :ثورة البرازيين
بإخالص وشر ٍ يساهمون بناء الوطن، ٍ َ ف في في حما َة ،وانتفاضات عامودا ض ّد االنتداب ٌ تق ّدم ِه وازدهارهِ ،وهم -كغيرهم من المواطنين -الفرنسي ،ولألكراد شخصيات بارزةٌ على مرّ أصحابُ هذه األرض وحُماةُ هذا الوطن. التاريخ اإلسالمي ،مثل الفارابي وابن خلكان الكر ُد ،في هذا البلد ،ال يوج ُد ما يُميّزهم عن وابن كثير وعبد القادر الكيالني وخالد النقشبندي
غيرهم من المواطنين ،فهم لم يقدموا على ما والدينوري وابن تيمية وبديع الزمان الهمذاني من شأنه اإلساءة للوطن ووحدة أرضه ،وإنّ وأبو الفداء. التشبي َه المشوّ َه الذي يق ّدم ُه البعضُ عن الشعب ومن الشخصيات األدبية والثقافية الذين أغنوا ّ ً الكردي ،إنما أصبح من مُخلفات الماضي وباليا ،المكتب َة العربية عباس محمود الع ّقاد وأحمد َ ُ أفكارهم هذه وإنّ َ سوف تكتبُ في زاوي ٍة مهمل ٍة ومحمد تيمور وأحمد شوقي ومحمد كرد علي ً ومظلم ٍة من صفحات التاريخ ،باعتبارها نموذجا وعائشة التيمورية وقاسم أمين وحسين مروان ّ للظلم واالضطهاد القوميّ ،والتخلف الفكري وبلند الحيدري وسليم بركات ،كما كان لشخصيا ٍ ت الذي َ زمن بعيد. لفظت ُه الشعوبُ منذ ٍ كردي ٍة دو ٌر بار ُز وكبير في كتابة تاريخ سوريا،
19
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ومنهم وزي ُر الحربية يوسف العظمة بطل معركة َ أطلق ميسلون ،ومحو إيبو شاشو أو ُل سوري ً رصاصة في وجه المستعمر الفرنسي ،وإبراهيم هنانو وأحمد البارافي ،أول سوري يرفع العل َم َ فوق سرايا الدفاع الفرنسي ،ومحمد السوري سعيد آغا الد ّقوري قائد ثورة الشمال في عامودا، ومحمد علي العابد أول رئيس لسوريا ،وحسني
يستطيع ٌ ُ ينكر أو أحد أن ال َ ّب النضال الوطين املش َرتك بني ُيغي َ الكرد والعرب واملسيحيني معًا يف معارك الشرف ّ ضد االحتالل الفرنسي يف معظم مدن وقرى وروابي اجلزيرة
الزعيم رئيس الجمهورية ،وأديب الشيشكلي الكردية :محمد جميل باشا وحاجو آغا وعيسى رئيس الجمهورية ،ومحسن البرازي رئيس آغا مسلم وعيسى عبد الكريم أحد مؤسسي الكتلة ً الوزراء ،وعبد الرحمن األيوبي أيضا رئيس الوطنية ،باإلضافة إلى فرحان آغا العيسى، رفعن العل َم الوزراء ،وسليمان الحلبي قات ُل الجنرال الفرنسي وزوجته من أوائل النساء اللواتي َ ّ كليبر في َ مصر ،والمفكر التنويري عبد الرحمن السوريّ َ فوق بيتهم. الكواكبي. ّب النضال ال يستطي ُع أح ٌد أن ينكر أو يُغي َ َ الهوامش: المشترك بين الكرد والعرب والمسيحيين الوطني َ -1كامريان قره داغي ،جريدة احلياة اللندنية1992 ، ْ قامت ض ّد معا ً في معارك الشرف والتي -2صالح سامل زونوقة( ،الكرد والعالقة مع القوميات االحتالل الفرنسي في معظم مدن وقرى وروابي اجملاورة) ُ حيث لم يتم ّكن الجزيرة، الفرنسيون من بسطِ َ -3منذر املوصللي( عرب وأكراد -رؤية عربية للقضية حُكمهم المركزيّ على الجزيرة السوريّة، الكردية)،دار الغصون1991، مخفر في قرية وعندما حاو َل الفرنسيون إنشا َء ٍ هجوم على «بياندور» قا َم السيّد حاجو آغا بشنّ ٍ القاعدة الفرنسية في بياندور ومعهم عد ٌد من
-4املصدر نفسه -5القذايف والقضية الكردية ،دار امللتقى .1992 -6منذر املوصللي ،من مصدر سابق،
ذلك انتقا ٌم فظيع من الوطنيين الغيورين ،قاب َل َ ّ العزل ،باإلضافة قبل الفرنسيين ض ّد األهالي خوري ،دار عطية1997، إلى واقعة «كري تبي» في منطقة الجوادية التي -8الباحث نذير جزماتي. الفرنسيين ،وأيضا ً ما يُعرفُ دحر فيها الكر ُد َ َ -9حييى أبو زكريا(كاتب جزائري مقيم يف استوكهومل) ُ حيث قا َم بـ «طوشا عامودى» عام 1937م،
-7دانييل متريان ،بكل احلريات ،ترمجة ميشال
الفرنسيون على إثرها بقصف مدينة عامودا. وكان من أه ّم الشخصيات الكردية المجاهدة ض ّد الفرنسيين في منطقة الجزيرة ذات الغالبة العدد - 36شتاء 2017
20
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
العالقات العربية الكردية بني أطماع اسرائيل وايران
د .جالل زناتى أستاذ التاريخ والفكر السياسى كلية الرتبية – جامعة االسكندرية
الشك أنه منذ أحداث ثورات الربيع العربي ،والتى عصفت بمنطقة الشرق األوسط والمشهد السياسى في المنطقة العربية يأخذ مسارً ا ي ّتسم تارة بالهدوء وبالضوضاء ،تارة أخرى ما بين مطالب لقوميات وأقليات سعت لنيل حريتها ،أو لشعوب طالما آثرت أن تحصل على حريات كثيرً ا ما سُلبت منها فى ظل األنظمة سادت أو تلك التى ق ّدر لها أن تتغير بقيت أو بقدر محدود ،والسيما فى المنطقة العربية والتى تزخر بأطماع استعمارية لك ٍّل من إسرائيل وإيران. ومن بين تلك القوميات التى سعت إلى هذا األمر القومية الكردية ،فالشعب الكردي في المنطقة العربية والشرق األوسط جزء من أمة عظيمة هي (األمة ّ المجزأة والمغبونة تاريخ ًّيا وسياس ًّيا ،حيث يبلغ عدد نفوس هذه األمة الكوردية)، ما يقارب 40مليون نسمةّ ، موزعة بين خمسة دول ،وهو شعب توّ اق إلى الحرية والحياة الحرة القائمة على أساس حقوقه الثابتة في الديانات والمواثيق الدولية، وحقوق المواطنة ،والتطلّع نحو المستقبل المشرق في تحقيق أمانيه القومية الثابتة والمشروعة ،وهو شعب عاشق للجبال ألنها مالذه اآلمن من سالح العنصرية، ومن اضطهاد الفكر الشوفيني الضيق ،ومن ممارسات مختلف األنظمة التي تعاق َبت على ارض الشرائع في المناطق التى ينتشر فيها أبناء تلك األمّة. وقد كان للطبيعة الوعرة والجبلية الجبا ُل أصدقاء الكورد دائمًا في المحن وعند الشدائد ،إلاّ أ ّنها لم تكن وحدَ ها في قلوب الكثيرين من محبِّي هذا الشعب، والمدركين قضاياه المصيرية ،وحقوقه الثابتة تاريخ ًّيا .وقد حان الوقت لتوطيد أواصر العالقات بين الشعبين العربي والكوردي في العراق ،ليكون أنموذجً ا
21
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تعرض شعب كوردستان ،إىل أبشع صنوف الظلم واالضطهاد القومي نتيجة سياسة القمع ّ ّ والفكري والطائفي ّ يُحتذى به بعد سنوات الظلم والقهر والجرائم، التي تعرّ ض لها الكورد ،من األنظمة المختلفة، وبخاصة من النظام السابق ،لما للحوار بين العرب والكورد من تأثير على صنع السالم وتجاوز للماضي، الذي هو قانون الحياة األول ٍ ولما فيه من ارتباط بين تاريخنا العربيّ والكرديّ معًا. ك أنّ هذه الخطوة ُتع ّد من الخطوات الش ّ المهمّة األساسية لفهم اآلخر ،وبناء السالم والتعايش األخوي بين كل القوميات ومكوّ نات الطيف العربيّ الكرديّ قوم ًّيا ودين ًّيا وفكر ًّيا، وفق أسس التسامح واحترام اآلخر ،وبصورة متساوية ومتكافئة .والحوار المطلوب هو حوار األخوة ،والقائم على حسن النوايا ،ألنّ الجميع وبخاصة شعب كوردستان ،قد تعرّ ض إلى أبشع صنوف الظلم واالضطهاد نتيجة سياسة القمع القوميّ والطائفيّ والفكريّ بك ّل بشاعة. وممّا يذكر في هذا الشأن محاولة الكيان الصهيوني استغالل هذا الخالف والترويج لزيارات عدة قام بها نشطاء يمثلون أطياف من األكراد ،ومنها تلك الزيارة التى أفردت لها الصحافة العبرية تفصيالت من زيارة الصحفي الكردي السوري؛ سروان كاجو ودعوته إلى إنشاء منطقة عازلة بعي ًدا عن
نظام األسد فى سوريا ،وتوسيع العالقات بين دولة الكيان وكردستان سوريا ،وقد انطلقت العديد من األقالم والتي تتخوف من التحوالت الديمقراطية ،ومن نيل الكورد حقوقهم بعد نضال وتضحيات طويلة ،وذلك من خالل نشر العديد من تلك االخبار باتهام الكورد بإيواء الوجود اإلسرائيلي في كوردستان ،من خالل استثمارات أو شراء األراضي ،أو من خالل االدعاء بتوطين اليهود العراقيين ،الذين هم من أصل كوردي ،في كوردستان ،أو الزعم بوجود عمالء للموساد اإلسرائيلي يقومون بتدريب ميليشيات كوردية ،للقيام بعمليات تخريبية ،أو اغتيال شخصيات علمية ،أو بحجة التجسس على بعض دور الجوار ،وغيرها من التهم التي ال صحّ ة لها وال دليل عليها. والشك أنّ مصادر هذه االتهامات معروفة دوافعُها للجميع ،التي تتل ّقف هذه األخبار (وإن كان بعض األطراف فرادى يحاولون إجراء تلك ّ وتوظفها ض ّد األخوة الكورد ،في االتصاالت)، محاولة منها لتشويه صورتهم إقليم ًّيا ودول ًّيا، وبالتالي إنّ مثل هذه التصرفات غير المسؤولة، تسيء إلى األخوّ ة العربية – الكوردية ،ممّا يوجب التصدي لها .وعلى المثقفين العرب مسؤولية أخالقية وإنسانية في فضح هذه االدعاءات الزائفة ،وعدم السماح مطل ًقا لك ّل ما يسيء إلى األخوة العربية – الكوردية .ألنّ الوحدة الوطنية وهذه األخوة هي من الخطوط الحمراء التي ال يجوز بتا ًتا ال َمساس بها. كما أنّ الهدف من وراء الحملة الظالمة ض ّد الكورد؛ هو خلق حالة التوتر بين الشعبين الكوردي والعربي ،وكذلك الشعب الكوردي ،ال يمكن أن يضحيّا بالعالقات والروابط التاريخية
العدد - 36شتاء 2017
22
serqalawset@gmail.com
من حق الكورد إقامة دولة مستقلة ،إلاّ ّأنهم اختاروا االحتاد االختياري داخل الوطن الواحد مع إخوتهم العرب وباقي القوميات والمصيرية مع الشعب العربي ،وال يمكن أن يحرجوا ،أو يجرحوا المشاعر العربية. إذ ليس من الحكمة التضحية بهذه الروابط األخوية التاريخية على الرغم من أنّ الجميع يعلم بوجود العالقات ،الرسمية وغير الرسمية، بين العديد من الدول العربية ودولة إسرائيل، وأملي الكبير من المثقفين العرب في االنتباه إلى مثل هذه المحاوالت الهادفة إلى اإلساءة لألخوة العربية – الكردية ،وضرورة االرتفاع إلى مستوى المسؤولية الوطنية ،فالكورد هم جزء من األمة الكوردية المجزأة ،والمغبونة تاريخ ًّيا .وكانت الحركة التحررية الكوردية تناضل من أجل إثبات الهوية للشعب الكوردي، والدفاع عن الوجود ،ض ّد حمالت اإلبادة .وهذا ما دفع بالعديد من العقليات العربية العنصرية إلى توجيه التهم الباطلة في أن الكورد هم دعاة لالنفصال ،وعمالء لألطراف الخارجية، بينما الحقيقة هي أنّ الشعب الكوردي مثل أيّ شعب على األرض ،من ح ّقه أن ينشىء دولته المستقلة .وهو شعب بال دولة .ومع ذلك ورغم حق الكورد في إقامة دولة مستقلة طب ًقا لقواعد القانون الدولي ،واالتفاقيات ذات الصلة ،ومنها معاهد سيفر ،1920إلاّ أ ّنهم اختاروا االتحاد االختياري داخل الوطن الواحد مع إخوتهم
23
الشرق األوسط الدميقراطي
العرب وباقي القوميات .غير أنّ العقليات ّ الحق الذي العنصرية تستكثر عليهم ح ّتى هذا يشكل الحد األدنى من حقوقهم ،والمطبق في كثير من دول العالم التي تتضمن قوميات متعددة. ولذلك نحن مع الكورد في خياراتهم ،ومعهم في تقرير نوع الشراكة في الوطن ،وإلى جانب حقهم في تأسيس الصيغة الفيدرالية للحكم َّ الحق في كضمان لوحدة الدولة العراقية ،فإنّ لهم إدارة الدولة المركزية في العراق أيضاً .والب ّد لنا من أن نبارك جهود وحكمة األخوة في القيادة للحزبين المناضلين (الديمقراطي الكردستاني، واال ّتحاد الوطني) في دعم وترسيخ االستقرار، وتفعيل القانون في كردستان .فطالما انتظر إخوتهم العرب ترتيب البيت الكوردي ،وتقوية وضعهم اإلستراتيجي في كردستان ،لتحقيق طموحات الشعب الكوردي في بناء مجتمع مدني ينعم باالستقرار واألمن والرخاء ،ويخدم اإلنسان ويضمن حقوقه ،بدعم مقومات النظام المؤسسي الدستوري ،و بناء السالم. كما نشير إلى أ ّنه ال يمكن نسيانُ الدماء التي سالت من العرب والكورد في حروب ومعارك ّ نعتز بهم فلسطين ،ومن أبطال النضال الذين كانوا من الكورد صالح الدين األيوبي من القادة الكورد الذين دخلت أسماؤهم التاريخ ،وهو يقود العرب والكورد فاتحً ا القدس إبّان الحروب الصليبية .وال يمكن نسيان دور العلماء الكورد، في مختلف العلوم ،وبخاصة في علم اللغة العربية ،والعلوم الشرعية ،والثقافات والعلوم األخرى. إن مستقبل العالقات بين أكبر شريكين في وطن واحد ،و هما( :الكورد و العرب)،
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ْإذ يجب توحيد الجهود لبناء دولة المؤسسات الدستورية ،واحترام الحقوق القومية المشروعة للكرد ،وكذلك االعتراف بحقوق جميع األقليات األخرى ،وتطبيق القانون بصورة عادلة بما يحقق المساواة ،وفي احترام حقوق المرأة وتعديل وضعها الحقوقيّ ،وفي إطالق الحرّ يّات العامة ،ومعاقبة ك ّل من ارتكب ويرتكب جرائم ضد الكورد والقوميات األخرى ،وف ًقا للقانون، وبضرورة تعويض ك ّل األشخاص الذين تضرّ روا من الجرائم الدولية التي ارتكبت ضدهم من طرد وتهجير ،ومصادرة األمالك، وقتل وغيرها ،وإعادة المهجّ رين والمهاجرين إلى العراق ،وفي ضرورة وضع سياسة تعليمية جديدة من المراحل الدراسية األولى، تشييع ثقافة حقوق اإلنسان ونبذ العنف، وترسيخ التسامح وقيم الفضيلة ،وفي تعليم اللغة الكوردية في المناطق العربية ،وتدريس اللغة العربية في المناطق الكوردية ،وفي فتح قنوات تلفزيونية ووسائل اإلعالم األخرى ،الناطقة باللغة الكردية في المناطق العربية. ونعتقد أنّ حكمة القيادة الكوردية وتجربتها النضالية المريرة والطويلة ،ستوظف ليس للكورد فقط ،وإنما لخدمة وبناء عراق المستقبل بكل أطيافه القومية والدينية والسياسية .كما نعتقد أنّ اآلفاق المستقبلية للشراكة بين العرب ّ ستتعزز أكثر مع بناء عراق ديمقراطي والكورد، برلماني تع ّدديّ ومؤسّسات دستورية ،في ظل مجتمع مدنيّ ،يقوم على احترام حقوق اإلنسان والنظام الفيدراليّ بجهود مشتركة ،وكذلك في توظيف الثروات وتوزيعها بصورة عادلة لمصلحة اإلنسان العراقي ومستقبله. في نفس الوقت فإنّ القوى االستعمارية
على املثقفني العرب مسؤولية أخالقية وإنسانية يف عدم السماح مطلقا ّ ً لكل ما يسيء إىل األخوة العربية -الكوردية ومنها إيران تحاول أن تستغ ّل تلك األوضاع لتحقيق نوع من النفوذ على حساب العرب واألكراد فى المنطقة ،السيما فى ظ ّل اإلدارة األمريكية الجديدة للرئيس األمريكى؛ ترامب، والتي تب ّ شر بنتائج وخيمة على الخريطة السياسية فى الشرق األوسط على وجه التحديد. وبناءًا على ما سبق لدينا عدد من المقترحات لبناء أسس الحوار الناجح في ظل اتحاد اختياريّ وشراكة عادلة ُنجْ ملها فى النقاط التالية: -1يتعين على الشعب العربي في العراق أن يحترم حق الشعب الكوردي في تقرير المصير ،وأنّ يؤمن بأنّ الشعب الكوردي هو جزء من األمّة الكوردية ،وأنّ الكورد يعيشون على أرضهم منذ آالف السنين ،وأنّ للكورد خصوصية تاريخية ،وقومية ،واجتماعية، ولغوية يجب احترامها. -2إنّ الشعب العربي هو جزء من األمة العربية ،وإن هناك روابط تاريخية ولغوية ودينية وجغرافية مشتركة بين الشعبين وبين األمتين تحتم عليهم مواجهة تلك القوى فى المنطقة مثل داعش التى تجاوز تعداد مقاتليها 31أل ًفا ،وعلى الرغم من 135ألف طلعة جوية لم يتم القضاء عليه نظرً ا لمؤامات المصلحة بين القطبين الروسى واالمريكى فى المنطقة
العدد - 36شتاء 2017
24
serqalawset@gmail.com
ّ أن اآلفاق املستقبلية للشراكة ّ ستتعزز أكثر بني العرب والكورد، مع بناء عراق دميقراطي برملاني ّ تعد ّ ومؤسسات دستورية دي ّ وغيرها من التنظيمات اإلرهابية التى ته ّدد بقاء تلك القوميات. -3ضرورة التخلص من الفكر العنصري الضيق ،الذي جلب الكوارث على البالد والعباد ،والتخلي عن سياسة إلغاء اآلخر، وصهره ،وال ب ّد من اإليمان بقيم التسامح، السيما في ظل العولمة واحترام حقوق اإلنسان وبناء الديمقراطية والمجتمع المدني. -4تقع على العرب والكورد مسؤولية تطوير العالقات وتنميتها واالعتراف باآلخر، وأنّ من حق الكورد االستقالل إذا رغبوا في ك الشراكة واالتحاد االختياري ،ألنه حق ف ّ مشروع قانو ًنا لهم اذا استحال العيش المشترك. وال يمكن اللجوء إلى القوة لفرض التعايش، فالشراكة ال تقوم إال بالتراضي والفهم المتبادل، واأله ّم من ذلك هو خيار الشعب الكوردي في تحديد نمط العالقة داخل الوطن الواحد بالرجوع إليه ،أل ّنه هو المرجعية في هذا الميدان .والب ّد من االعتراف أنّ الذي يستفتي على نمط العيش والشراكة هم الكورد. -5إقامة ندوات توعية متواصلة عن مفاهيم الفيدرالية ،والعيش المشترك ،وحقوق اإلنسان والثقافة الجديدة غير العنصرية. -6منع تداول مصطلحات تضرّ باألخوة
25
الشرق األوسط الدميقراطي
العربية – الكوردية مثل وصف البشمركة بالمليشيات ،ووصف األحزاب الكوردية بالجماعات ،بينما هي جزء من حركة تحررية ق ّدمت اآلالف من الضحايا من أجل قضية الكورد. -7االبتعاد عن النسب والمحاصصة في الوظائف والمناصب ،والتركيز على األك ّفاء ألنّ الكرد شركاء في الوطن ،وتاريخ شراكة عادلة ومنصفة. -8على المثقفين العرب ،ووسائل اإلعالم العربية ،واجبات أخالقية وإنسانية في تطوير العالقات بين الشعبين العربي والكوردي في العراق ،وفي نقل الحقيقة كما هي ،وف ًقا لقواعد أخالقيات المهنة في العمل الصحفي ،ووف ًقا لدور المثقفين العرب في ضرورة ترسيخ قيم التسامح والتفاهم واحترام الخصوصيّات لكل شعب .فقد عانى الكورد من التعتيم اإلعالمي، والغبن الكبير من وسائل اإلعالم العربية – وحتى اإلسالمية -وهو تقصير واضح يمسّ شرف المهنة. كما نقترح بإعداد ميثاق شرف للشراكة العادلة ،وللحوار العربي -الكوردي ،من أجل توثيق العالقات العربية -الكوردية ،وبناء السالم والديمقراطية والمجتمع المدني ،في ضوء قواعد االتحاد االختياري في العراق الجديد ،هذه االقتراحات إن أراد العرب والكرد العيش معًا بتحكيم العقل ،وإلاّ لن يتب ّقى لكال الطرفين أوطان قد عاشوا فيها وتفتت ،أو ْ تتحقق تلك األحالم. أوطان حلموا بها ولمّا
العدد - 36شتاء 2017
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
ُ ُ ُ ُ العرب والكرد. .حديث اخلنادق أم رصاص البنادق
دانا جالل عمر بن منذ دخول الكرد الدين اإلسالمي بعد احتالل بالدهم في زمن الخليفة َ اختار الكرديُ رتب َة المقاتل المؤ َّتمر والتابع لقادة العرب والفرس واألتراك الخطاب، َ إلنشاء خالفاتهم وإمبراطورياتهم القومية المُغلَّف ِة بالخطاب الديني وراياته. اإلنجاز الكردي في عالقة الكرد باإلسالم وإن كان على حساب تشويه عملية تطوره الطبيعي و التاريخي كأمّة ومن ثم بناء دولته القومية؛ تمثل بإبعاد العامل القومي عن الديني من خالل إنشاء الدولة األيوبية التي ابتعدت كثيراً عن مفهوم (الخالفة – القومية). إنّ تجرب َة الدولة األيوبية تؤكد بأن الكردي قد فهم الدين اإلسالمي من خالل قراءته الخاصة ،لدرجة يمكننا القول إنه تمكن من تكريد الدين ليصبح الكردي أكثر تفهما ً لجوهر اإلسالم ،بل وأكثر إسالمية من الذين أنشؤوا خالفاتهم وإمبراطورياتهم تحت راياتها. ال يمكن الحديث عن العالقات (العربية – الكردية) دون التطرّ ق إلى مشترك ديني جمع الشعبين ،أي اإلسالم وأحزابها ،باستثناء حاالت نادرة كما هو عليه موقف آية َ هللا العظمى السيد محسن الحكيم ،الذي أصدر فتواه في أواسط الستينات ،والتي تدعو الجنود العرب بعدم مقاتلة إخوانهم الكرد في حرب ظلت مشتعلة منذ أيلول 1961م فإن الكردي ووفق الموروث االسالمي هو ابن الجنِّ ونِتاج زنى ،كما وإن من عالمات ظهور الساعة الذي يسبقه ظهور المُن َّتظر حصول الكرد على حقوقهم القومية. الخاسر األكبر في العالقات (العربية – الكردية) من خالل المشترك الديني هو إن َ الكردي .فالكردي المُسلم كان َيقمع شقيقه اإليزيدي (مجازر مير محمد كور) ،العلوي، الكاكائي ،المسيحي ،الشيعي ،اليهودي نصرة لمذهب األغلبية الكردية واألكثر تمذهبا ً فيه وهي «النقشبندية» ،التي ال يمكن فصلها عن حضانتها األموية األكثر تطرفا ً وتشدداً على الصعيد القومي والمذهبي في التاريخ االسالمي. الكردي حينما يلتحق باإلسالم السياسي يتوهّم في عملية تضليل يتعرض له بأن قوميته عائق لدخوله الجنة فيدخل في مجال االختيار والتراتيبية؛ الكردي الذي ع ُِرف عنه روح التسامح واالبتعاد عن كل فعل إرهابي ،يخضع لإلرهاب ويمارسه من خالل العدد - 36شتاء 2017
26
serqalawset@gmail.com
الرئيس العراقي الشهيد عبد الكريم قاسم اعرتف بوجود الشعب الكردي ،إذ قال( :العراق هو عراق العرب واألكراد) ،وصاغ نصًا دستوريًا يؤكد «شراكة العرب واألكراد» انتمائه للقاعدة وداعش. االختالف الشكلي في مواقف التنظيمات إن َ اإلرهابية مع المنظمات والجمعيات اإلسالمية ناهيك عن قادة أحزاب اإلسالم السياسي وحماس وحزب هللا نموذجاً؛ يؤكد بأن العامل الديني ومن خالل واجهاتها السياسية قد أضرّ بالعالقات (العربية – الكردية) ،بل وبالعالقات (الكردية- الكردية) ،وهذا ما حدث ويحدث بقيام أردوغان باالستفادة من العامل الديني لدى الكرد للتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية التركي الفاشي. المواقف السلبية وعبر التاريخ من قبل دعاة إن َ اإلسالم العروبيون تجاه الكرد ال يعني أنه ليس هناك أمل بتوطيد العالقات (العربية الكردية) من خالل العامل الديني ،فموقف السيد مقتدى الصدر الذي كان يرفع شعار (ال إله إال هللا كوردستان عدوّ هللا) في كركوك ،قد ارتقى لدرجة االعتراف بحق الكرد إلنشاء دولتهم القومية في جنوب كردستان ورغبته بجيرة جيدة مع تلك الدولة. البُعد اآلخ ُر الذي كان له تأثي ٌر في العالقات (العربية – الكردية) هو البع ُد القومي ،كان له تأثير قبل وأثناء وبعد نشوء الدول القومية في (العراق وسوريا) .لقد لعب الكرد دورهم ،بل وفي كثير من األحيان القيادي في حركات التحرر الوطنية في العراق وسوريا والذي انتهى بإنشاء دول قومية ،بل وعنصرية صادرت الحقوق القومية حروب إبادة متعددة األشكال الكردية ومارست َ بحق كرد سوريا والعراق ،وبلغت ذروتها في َ دمشق وبغداد. فترة حكم البعث في باستثناء موقف الرئيس العراقي الشهيد عبد
27
الديمقراطي الشرقاألوسط الشرق األوسط الدميقراطي
الكريم قاسم الذي أعاد البارزاني األب من منفاه، واعترف وألول مرة بوجود الشعب الكردي، وأطلق مقولته المشهورة (العراق هو عراق العرب واألكراد) ،وصياغته لنص دستوري يؤكد «شراكة العرب واألكراد» في الوطن العراقي االحزاب القومية في دستور 27تموز .1958إن َ العربية السلطوية كانت مواقفها بين العداء المطلق والصمت الجبان تجاه ما تعرّ ض له الكر ُد من مآسي وويالت. موقف الرئيس الليبي السابق معمر القذافي الذي دعم وبشكل مادي ومعنوي حركة التحرر الكردية في جنوب كردستان ،وعلى وجه الخصوص االتحاد الوطني الكردستاني ،ناهيك عن تصريحاته الشجاعة بأن الكرد حالهم حال الشعب الفلسطيني لهم حق الدولة ،يمث ُل موقفا ً ثوريا ً وشجاعاً. أما موقف الرئيس المصري األسبق جمال عبد الناصر الذي استقبل مصطفى البرزاني بعد عودته من منفاه بعد ثورة 14تموز من العام 1958في العراق ،واستقباله للرئيس العراقي السابق جالل الطالباني في العام 1963يمثل موقفا ً ايجابيا ً تجاه الكرد ومن ثم موقفا ً لصالح العالقات العربية الكردية. التيار القومي العروبي وباستثناء حاالت إن َ ً ً لعب دورا سلبيا في تطوير العالقات فردية َ (العربية – الكردية) على خالف األحزاب القومية الكردية التي بقيت مرتبطة بقضايا العرب وجدانيا ً وسياسيا ً وعلى وجه الخصوص قضية فلسطين التي تعتب ُر مركزية عند العرب. ً أما التيار الليبرالي الذي كان ناشطا في أربعينات وخمسينيات القرن الماضي ،فمواقفه كانت مترددة ،وإن كان بأفضل من التيار الديني والقومي .التيار الليبرالي العراقي المتمثل بموقف أبرز رموزه كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي ومنهاج حزبه المتطور بشأن القضية الكردية يمثل األكثر تطورا في هذا المجال. أما التيار اليساري وبطليعته األحزاب الشيوعية ،فإن مواقف تلك األحزاب ال تقارن
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
بمواقف بقية التيارات مع األخذ بنظر االعتبار إلى اختالف المواقف في هذا التيار ،فعلى نقيض الحزب الشيوعي العراقي الذي رفع شعار حق تقرير المصير للكرد ،وطالب بالفيدرالية حتى قبل األحزاب الكردية في جنوب كردستان ،ناهيك عن دماء آالف الشهداء الشيوعيين العراقيين في الحزب الشيوعي جبال جنوب كردستان ،نجد أن َ السوري اعتبر انتفاضة قامشلو في 21اذار من العام 2004مؤامر ًة إمبريالية رجعية ضد النظام في دمشق. تمث ُل سوريا والعراق بوابة العالقات (العربية الكردية) ،ألنهما تضمان أجزاء من كردستان، مواقف المعارضة فيهما لها أهمية كبيرة لذا فإن َ على صعيد ترسيخ أو تغريب العالقات العربية الكردية. المعارضة العراقية فترة النضال ضد فاشية البعث كانت لها مواقفٌ شجاعة ،فقد اعترفت منذ العام 1992بحق تقرير المصير للشعب الكردي (مؤتمر في ّنا) وبالفيدرالية (مؤتمر صالح الدين) ،على خالف المعارضة السورية الحالية ت الكردَ من خالل قادته اليساريين التي وصف ِ والليبراليين قبل اإلسالميين المتشددين؛ بأنهم غج ٌر وبال وطن ،كما قال موفق مصطفى السباعي، اكتشف أنّ الكردَ هم عربٌ ومالحهم هيثم الذي َ نسوا انتماءهم القومي عبر متاهات التاريخ . يمكن اعتبار العالقة بين الكرد وثوراتهم مع الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية ً نقلة نوعية ضمن العالقة بين الشعبين .فالمقاوم ُة الفلسطينية التي شهدت انتماء الكرد لها ،إضافة إلى مشاركتهم في الحروب (العربية -اإلسرائيلية) وملحمة قلعة شقيف ،واستشهاد عدد من مقاتلي حزب العمال الكردستاني أثناء االجتياح اإلسرائيلي ٌ عالمات بارزة في تلك العالقة .بالمقابل فإن الكردَ وباألخص كرد الجنوب لم ولن ينسوا قيام منظمة التحرير الفلسطينية وعلى وجه الخصوص الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بتدريب الشباب الكردي بعد انهيار ثورة 1975في جنوب كردستان. حقيقة يجب أن نعترف بها ،وتتمثل بأننا نشه ُد
ُ متثل سوريا والعراق بوابة العالقات (العربية الكردية)، ألنهما تضمان أجزاء من َ مواقف كردستان ،لذا فإن املعارضة فيهما هلا أهمية كبرية على صعيد ترسيخ أو تغريب العالقات العربية الكردية تغيرا ٍ ت جذرية في العالقة بين الشعبين ،وعلى وجه الخصوص في سوريا والعراق .هناك قوى عربية كانت تساند الكردَ فترة نضالهم القومي، يبتعدون اآلن عن قضية الشعب الكردي العادلة، مع كل تطور في مجال حصول هذا الشعب على حقه القومي؛ ويقابله ظهور نزعات قومية ضيقة األفق بين الكثير من األوساط الكردية في البلدين. إن الح َّل الديمقراطي للقضية الكردية كما هو عليه الحال في روج آفا ،والذي طرحه االتحاد الديمقراطي مسترشداً بأفكار أوجالن، وابتكار أشكال جديدة للنضال الفكري والسياسي والعسكري؛ بعنوانه «األمة الديمقراطية» وتفاصيله «اإلدارة الذاتية الديمقراطية» ،وراية العنوان والخندق والتفاصيل المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية تمثل األسس الديمقراطية ،بل ودمقرطة للعالقة بين الشعبين ،وهذا ما نجده في منبج والرقة الحقا ً كواقع جديد وبديالً ديمقراطيا ً ً ومأسسة لعالقات جديدة بين الشعبين. لقد أكد التاريخ ،إنه حينما يهزم الكردي فإن هزيم َة العربي هو تحصيل حاصل ،وما االحتالالت الفارسية والتركية للمدن العربية إالّ دليل على ذلك .فهل يعم ُل الكر ُد والعرب على وضع استراتيجية لترسيخ وتوطيد العالقات المشتركة وبشكل ديمقراطي في منطقة هي األكثر استهدافا ً وتغيراً؟
العدد - 36شتاء 2017
28
الشرق األوسط الديمقراطي
ُ ُ ُ الكرد والعرب يف سوريا
رياض درّ ار
الحوا ُر العربي ال ُكردي في سوريا ما بين العرب والكرد من أخو ٍة ليس له مثي ٌل مع بقية وحُسن جوار وسالم وصداقة وتعايش وتصاهُرَ ، ٍ األُمم والشعوب ،وهم تص ّدوا لموجات الغزو وواجهوا تح ّديات الخارج وص ّدوا كل محاوالت اإلخضاع والهيمنة .وإذا وُ ِجد سببٌ للفراق ،فبينهم َ ألفُ وروابط مصلحة وعالقات تعايش وأهداف دين جامع يجمعهم ،من ٍ ٍ مشتركة .والحوا ُر في هذا الظرف الراهن يستهدفُ مراجعة المستجدات الحاصلة والتغيرات الناجمة عن ثورات الربيع العربي التي تتطلبُ ْ قامت عليها الدولة القومية منذ نشوئها ما بعد سايكس مراجع َة البنية التي ت وتركته من ندو ٍ بيكو ،وما خلقته من عقبا ٍ ب في العالقات تتطلبُ قراء ًة خال من ت بين الشعبين من أجل جديد ًة لوضع أسس تح ّدد العالقا ِ مستقبل ٍ ٍ ٍ َ تعكير ومن أيّة حواجز تعترضُ طريق العالقات األخوية. أي ٍ طابع الضرورة ،بهدف الكشف عن والحوا ُر في سوريا يكتسي َ عناصر القلق لدى الطرفين العربي والكردي ،والسعي لتوضيح المطالب المُح ّقة التي يرونها من أجل توكيد السلم االجتماعي ،وتحقيق التنمية، وبناء الديمقراطية وتأكيد حقوق المواطنة إلى جانب الحقوق اإلنسانية للجميع ،وهذا يتطلبُ الوضوح في الحديث عن حق تقرير المصير، َ وعن الفيدرالية ،وعن العالقات مع دول اإلقليم وتأثيراتها ،ومسائل تتعلق بالقانون الدولي اإلنساني والمصير المشترك والروابط التاريخية التي تربط الشعبين ومدى القدرة على تمكينها. في المسألة الفيدرالية مسألة التخوف إزاء الفدرالية والوجل من نتائج تطبيقها تحتاج توضيحا ً الب ّد منه ،فالبعضُ يرى أنّ الفيدرالي َة تكونُ بجمع الهدف مناطق أو دول مقسمة ،وال تصلح في دولة موحّ دة الحدود ،مع أنّ َ
29
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الديمقراطي
ّ ّ تتضم ُن خيارات املواطن احلرّة إن ِ َّ حق تقرير املصري وال تعين التقسيم تقرير شكل احلياة أواالنفصال ،وإمنا ُ نظام مشولي وحرية األفراد ،وعد ُم ِ فرض ٍ ُ مينع خياراتهم ونشاطاتهم ومعتقداتهم وطريقة تعبريهم عن قناعاتهم، وحريتهم يف التنظيم واالجتماع. من الفدرالية َ وفق قواعد الفقه الدستوري تعزي ُز وحدة األقاليم بصالحيات واختصاصات في إطار من الالمركزية ،وتقاسُم الوظائف وح ّل ٍ إشكالية الدولة المركزية بتوزيع المسؤوليات على األقاليم والمناطق ،بل إن تحديدَ المسؤوليات والحقوق والواجبات يمكنُ له أن يُصحّ َح ت بين المركز واألطراف ،ويحمل العالقا ِ الجميع مسؤولية التنمية واإلعمار والتعليم والصحة والسياحة والضمان االجتماعي ،وبقية الخدمات التي لها طابع تحسين ظروف السكان ومعيشتهم ،والتي ليست من مسؤولية المركز حقائب سيادية ومسائل استراتيجية، الذي يتولى َ كالخارجية والدفاع .وإدارة الموارد الكبرى في النظام الفدرالي سوف تخفّ أو تنعدم مظاهر االستعالء القومي أو الطائفي ومحاوالت فرض الهيمنة من جهة واحدة تحت أي مسمى كان ّ وتتعزز قي ُم المساواة والمواطنة دينيا أو حزبياً؛ والعيش المشترك .ويمكن لعدوى الديمقراطية أن تنتشر بفضل المعرفة السكانية للمرشحين، والتطبيق المباشر آلليات الترشيح واالنتخاب دون عوائق والتواصل القريب مع الممثلين َ بيروقراطية في التعامل أو مكانية في اإلقامة، ولع ّل أفض َل صيغة ُتقترح لتطبيق الفدرالية غلب عليها أساس مناطقي ،وإن أن تقو َم على َ ٍ
وجو ٌد قومي أو خصائص مشتركة لكيان تاريخي ،فيجب أن يكون ضامنا ً للتنوّ ع ،عامالً على المشاركة النسبية في اإلدارة ،ويمكن أن أكثر من فدرالية في المنطقة الواحدة بين تكون َ الساحل والوسط والشمال السوري والجنوب والمنطقة الشرقية .وفي شكل الفدرالية هناك صي ٌغ في العالم يمكن االستعان ُة بأنسبها للواقع السوري ،وأنسبُ تنظيم إداري يتعلق بتوسيع ٍ هناك نظرةٌ ك أنّ دائرة المشاركة .وال ش ّ َ ضيق ُة األفق وقاصرةٌ بشأن موضوع الفدرالية، ٌ وخشية من كونها أو ُل طريق االنفصال ،يرافقها ب ومن الجمهور نظرةُ استعال ٍء وإنكار من ال ُنخ ِ ٌ دعوات ومن إعالم النظام ،و ذلك كل ُه يرافقه باسم الوطنية الكاذبة التي لم تنجز شيئا ً من الصدح بها من قبل الحزب الحقوق خالل فترة َ الحاكم والنظام القائم .وهي ذات الموقف من حقوق أخرى كحق المرأة وحقوق األقليات وحقوق اإلنسان .إنّ معالج َة آثار المرحلة الشمولية والدولة المركزية التي قامت على سيطرة الحزب الواحد ،والتضييق األمني على المواطنين وانتهاكات حقوق اإلنسان ،تتطلب مزيداً من االنفتاح على خيارات المواطنين الحرة ،ومعالجة آثار الحقبة الماضية ،وتأكيد احترام الحقوق اإلنسانية وفق الشريعة الدولية ت المواطن الحرّ ة تتضمّنُ للحقوق .وإنّ خيارا ِ َّ طلب حق تقرير المصير بكلم ٍة جامع ٍة ال تعني َ التقسيم واالنفصال ،وإنما تقري ُر شكل الحياة نظام شمولي فرض وحرية األفراد ،وعد ُم ِ ٍ يمن ُع خياراتهم ونشاطاتهم ومعتقداتهم وطريقة تعبيرهم عن قناعاتهم ،وحريتهم في التنظيم واالجتماع. مبدأ حق تقرير املصري وفي الفيدرالية ُّ اختيار النظام القانوني حق ِ َ وفق عق ٍد اجتماعي تراه مناسباً، واالجتماعي
العدد - 36شتاء 2017
30
الشرق األوسط الديمقراطي
ّ احلل يف سوريا هو ٌّ حل سياسي، والبد من تغيري القاعدة احلاكمة ُ ُ الواحد والقائد فاحلزب للسياسة، َ يصبح من املاضي، األبدي شيٌء جيب أن وجيب أن يكون االعتما ُد على القوة الذاتية واالستعانة بقوى احللفاء ضمن املصاحل املشرتكة فقط. واختيار حُرّ . مادام ناتجا ً عن إدار ٍة ديمقراطية، ٍ وبالنسبة للشعب ال ُكردي ،فمن حقه اختيا ُر المصير الذي يناسب مصلح َته بين البقاء ضمن الفدرالية االتحادية للدولة السورية أو اختيار ُ االتفاقات تحقيق حلم الدولة القومية التي منعته الدولية والمعاهدات بين قوى استعمارية من تحقيقها ،وإنّ التفاه َم مع العرب ودراسة المصالح المشتركة والنتائج المؤثرة على هذا االختيار، سيكون عامالً مشجعا ً على االستقالل أو االتحاد الطوعيّ .وك ُّل تسوية تقو ُم على اإلكراه نتائجها ٌ يكون حل يجبُ أن َ وخيمة على الطرفين ،فأيُّ ٍ لصالح الطرفين ،العربي والكردي والعالقات المستقبلية بينهما ،والخيا ُر الديمقراطي سيقو ُد إلى ح ّل سلمي للقضية الكردية والعربية، بما يم ّكنه من تلبية الحقوق في ظ ّل النظام َ حقوق اإلنسان الفدرالي الدستوري الذي يحتر ُم تمييز في الدين أو القومية والمواطن ،من غير ٍ أو الجنس أو اللغة أو االنحدار االجتماعي أو أي آخر .وال ب ّد من ضمانا ٍ سب ٍ ت قانونية لنجاح ب َ اختيار ضمن صياغا ٍ ت مقبولة تؤسّس لعق ٍد أيّ ٍ لبس فيه ،واالبتعاد عن كل سياسي اجتماعي ال َ ما هو خالفي أو إشكالي .ويمكن التعوي ُل اليو َم على الكرد في بناء أواصر العالقات من جديد بعد االنتصارات التي يحققونها على تنظيمات التطرّ ف واإلرهاب ،وبعد طرد داعش
31
والقضاء على فلولها ،فالكرد اليوم في سوريا هم بيض ُة القبّان في االستقرار وفي تحقيق الوحدة الوطنية وفي رسم السياسات القادمة، بعد فشل المعارضة السياسية وانسداد األفق أمام استمرار النظام القائم في إعادة الدولة إلى ما كانت عليه ،ضرورات الب ّد منها ،الح ّل في سوريا هو ح ٌّل سياسي ،والبد باإلضافة إلى التمسّك بتغيير النظام الحالي من تغيير القاعدة الحاكمة للسياسة ،فالحزبُ الواح ُد والقائد األبدي يصبح من الماضي ،ويجب أن شي ٌء يجب أن َ يكون االعتما ُد على القوة الذاتية واالستعانة بقوى الحلفاء ضمن المصالح المشتركة فقط،، والتمسك بالوحدة الوطنية مع النظام الفدرالي، وضرورة التوقف عن التجريح من الطرفين، ُ فاأللفاظ المستعملة ال تزيد النفوس إلاّ تقززاً ّ وتصبُّ فوق النار زيتاً ،وهي من أطراف متضرّ رة من أي لقاء ومتضررة من أي تفاهم أو تعايش بي الشعبين ،وهي تعيش على تركة قدر من التسامح الماضي ،ويحتاج األمر إلي ٍ في التعاطي مع تركة الماضي البغيض من أجل تجاوزه .والب ّد من تصّور العالقات العربية مسار تاريخي بعيد عن أي ظروف الكردية في ٍ ضاغطة أو ارتكاسا ٍ ت حاصلة ،وأن تكون على أساس المساواة وحقوق اإلنسان والمواطنة الكاملة .فالمواطن ُة هي التحدي األول لنجاح الدولة القانونية ،ومن دون المواطنة الصحيحة ال يمكن تحقيق التعددية وال يمكن ضمان حرية االختيار أو التعبير ،وكلما ترس ْ ّخت قاعدةُ الحريات الفردية والعامة وتمت إعادة النظر بالقوانين واألنظمة السائدة وتخليصها عن كل ت الدول ُة ماله عالقة بكبح حقوق االنسان ،انتقل ِ من االستبداد والتسلّط إلى الحرية والديمقراطية.
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الديمقراطي
ّ ّ ّ يف تاريخ العالقات الكردية والعربية -اإلسالمية
صالح الدين مسلم
متهيد لقد كان الهدف أوّ الً وأخيراً لمعتنقي براديغما اإلدارة الذاتيّة واألمّة الديمقراطيّة هو نسب ك ّل مشكلة وقضيّة تناحريّة بين المكوّ نات العرقيّة واألثنيّة في الشرق األوسط إلى قضايا المجتمع والدولة ،ولتحليل أيّة ظاهرة ما يجب فهم ظاهر َتي السلطة والدولة القوميّة في الشرق األوسط عامّة ،والدول العربيّة خاصّة ،فال ب ّد من فهم ارتباط المدينة بالرأسماليّة وارتباط المدينة بدورها بالسلطة الطرف، وارتباط هذا الطرف باألطراف التي تدور حول فلك السلطة المركزيّة المتجسّدة في عاصمة االحتكار الرأسماليّ «نيويورك» ،وما هذه المدن المشا ّدة إلاّ بيادق بيد السلطة المركزية النيويوركيّة ،مع أنّ ظاهر ِة السلطة خالقة األزمات االجتماعية وجوهرها على مرّ التاريخ ،فالدولة تع ّد تعبيراً رسميا ً عن ش ّتى أشكال رأس المال والملكية والسلطة .فالدولة تسعى دائما ً إلى إحالل القانون مح ّل األخالق ،وإلى إقامة الحكم البيروقراطيّ مقام السياسة .وعلى كال طرفي هذا التناقض المستمر طيلة التاريخ ،تتطور المنهجية الرسمية للمدنية الدولتية والمنهجية غير الرسمية لنظام الحضارة الديمقراطية. لاّ وما هذه البيادق التي تدار بيد السلطة المركزيّة في نيويورك ،إ أدوات تقوم بدورها في قمع الشعوب ،وك ّل هذه الحركات المناوئة للسلطة ديمقراطية في جوهرها ،وقد كانت الثورات في بداياتها ذات طابع وطنيّ ديمقراطيّ ،على غرار ما حصل في قريناتها من الثورات الفرنسية والروسية واألميركيّة .وكانت تستند إلى تحالف فسيح للقوى الوطنية الديمقراطية .أي أنّ الفضل في النصر يعود أساسا ً إلى تحالف األمة الديمقراطي ،لكنّ الدولة المشادة تسرق تلك المكتسبات في النهاية ،وجميع الدول القومية المشاد صرحها في منطقة الشرق األوسط بعد ذلك التاريخ ،إ ّنما تحمل تواقيع إنكلترا سابقا ثم أمريكا الحقاً ،فالمجتمعات األخالقية العدد - 36شتاء 2017
32
الشرق األوسط الديمقراطي
والسياسية على تنافر وتناقض جدليّ متبادل مع الدولة ،وبالتالي يظهر ا ّتجاهان مختلفان مبنيان على التناقضات القائمة ،فإمّا أنْ تحتدم أكثر ً مؤدية إلى الحرب ،أو أن ت ّتجه نحو الوفاق مؤ ّد ً ية إلى السالم. لكنّ الح ّل يكمن في فهم هذه المعادلة الدولتيّة وارتباطها باالحتكار أوّ الً وآخراً، ومن يمارس هذه العقلية وك ّل دولتيّ ي ّدعي أ ّنه من الشعب ،يثبت في ممارساته العمليّة ارتباطاته الواضحة بالسلطة والدولة ،ويثبت أ ّنه جنديّ من جنود هذا الجيش الدولتيّ الذي يخدمه ويعضده ،ويخدم فردانيته ،وما االلتفات إلى المجتمع إلاّ ضرورة االرتباط بالمسؤولية المنوطة بعاتقه ،ليدرك مفهوم الثقافة والسياسة والديمقراطية وفق منظور المجتمع ،وبالتالي الوصول إلى سيسولوجيّة الحريّة في أرفع صورها عبر بوّ ابة المجتمع الذي ُنهبت منه ماءا ُته التسع والتسعون منذ هيمنة أنكي الرجل على الديمقراطيّة اإلنانيّة األموميّة. لقد اعتمد ك ّل نظام دولتيّ مهيمن ساد في العالم على أيديولوجيّة معيّنة ،منذ نشوء الدولة قبل خمسة آالف عام ح ّتى اآلن ،ويمكن أن ينفرد ك ّل مركز تاريخيّ في العالم عبر التاريخ بخصائص تميّزه عن األخرى ،وإن اجتمعت اإلمبراطوريّات العالميّة على مقولة واحدة أال وهي؛ (الطبقات واالستعباد والظلم وتحالف التجّ ار مع الراهب والعسكريّ ) ،ليؤلّفوا ثالثيّة ّ (التاجر والراهب - المنظر األيديولوجيّ والعسكريّ ) ولتضع ج ّل ثقلها على الشعب المغيّب عن الحياة ،إلاّ أنّ هناك بعض الفروقات بين نظام وآخر. وقد ظلّت بعض األقالم العربيّة تعزف على وتر العالقات الكرديّة العربية بصيغة تحليل هذه العالقات على أنّ الكرد فيه كانوا دائما ً مساعدين في تطوّ ر الدولة العربيّة اإلسالميّة،
33
أيّ هم في المرتبة الثانيّة ،وأنّ العرب راضون عن الكرد المطيعين ،وظلّت تلك األقالم إلى يومنا هذا تريد أن تصف الكرد اإليجابيين على أ ّنهم الكرد الذين لم يخونوا الدولة ،بل كانوا من دعائمها وأ ّنهم تح ّدثوا باللغة العربيّة وافتخروا بها ،وظلّت الدولة تستقدم تلك الشخصيات التي نسفت نفسها وانخرطت في غمار الدولة، بينما وصفوا الثائرين على الدولة بالمتمرّ دين والمرتدين وهم الكرد السلبيين بنظرهم ،ومن هنا ظهر مفهوم الكرد اإليجابيّين والكرد السلبيّين ،أي اإليجابيّ للدولة والسلبيّ للدولة. ومن جهة أخرى ظهرت النخبة الكرديّة التي طأطأت رأسها أمام هيبة الدولة العربيّة أو اإلسالميّة ،وصارت هذه الفلسفة السمة الرئيسة لهذه الطبقة ،وللحديث تتمّة. نشوء الدولة اإلسالمية يف كردستان ،ور ّدة فعل الكرد عليها إنّ هناك تعتيما ً إعالم ّيا ً وتاريخ ّيا ً واضحا ً على تلك الفترة التي نشأ فيها اإلسالم في كردستان في عهد الخليفة الراشديّ الثاني عمر ّ الخطاب ،من خالل الفاتح اإلسالميّ عياض بن بن غنم المضري القرشيّ ،وسواء كان الفتح اإلسالمي لكردستان بالحرب أو بالسلم ،فما يه ّم هنا هو تحوّ ل اإلسالم من عقيدة المجتمع إلى عقيدة الدولة وأيديولوجيّتها اإلسالم الس ّنيّ ، وبالتالي تحوّ ل الصراع إلى صراع قومويّ طبقيّ عشائريّ في العصر األمويّ ،إلى صراع طبقيّ بين الطبقة اإلسالميّة الس ّنيّة والطبقة الشيعيّة الباطنيّة كر ّدة فعل على اإلسالم الس ّني. لقد وقف الكرد متفرّ جين إلى هذا الصراع الطبقيّ والصراع العسكريّ ما بين اإلمبراطوريّات الثالثة( :العربية اإلسالميّة، الساسانيّة ،البيزنطيّة) وكانوا كلّما احتدم الصدام يلجؤون إلى الجبال ،ويبدو أ ّنه كان
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الديمقراطي
وما االلتفات إىل اجملتمع اّإل ضرورة إلدراك مفاهيم الثقافة والسياسة والدميقراطية وفق منظور اجملتمع، وبالتالي الوصول إىل سيسولوجيّة احلر ّية يف أرفع صورها عرب بوّابة اجملتمع الذي ُنهبت منه ُ ماءاته التسع والتسعون منذ هيمنة أنكي الرجل على الدميقراطيّة اإلنانيّة األموميّة. هنالك خالفٌ حينذاك ما بين فقهاء الدولة في نعت الكرد بالك ّفار ،فهناك من كان ينظر إليهم على أ ّنهم أتباع دين سماويّ وهو الزرداشتيّة أو المجوسيّة ،اعتماداً على اآلية 17في سورة ِين َّابئ َ ِين آ َم ُنوا َوالَّذ َ الحج ﴿ :إِنَّ الَّذ َ ِين َها ُدوا َوالص ِ ِين أَ ْش َر ُكوا إِنَّ ُوس َوالَّذ َ ارى َو ْال َمج َ ص َ َوال َّن َ للا َع َلى ُك ِّل للا َي ْفصِ ُل َب ْي َن ُه ْم َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة إِنَّ هَّ َ هَّ َ َشيْ ٍء َش ِهي ٌد ﴾ .ويبدو أنّ الشيعة لم يك ّفروهم ولم ينجسّوهم ،لكنّ اإلسالم الس ّني الدولتي ا ّتخذ القرار في تكفيرهم وتنجيسهم ،ولذلك ا ُّتخذت فرامانات اإلبادة تجاه اإليزيديين خلفاء الزرداشتيين. وكلّما ازدادت الضائقة الما ّديّة للدولة اإلسالميّة اعتمدت على نظام الجزية؛ أي الضريبة على ك ّل شخص غير مسلم ومعتنق دينا ً سماو ّياً ،فحينها كانوا يعتبرون زردشت نب ّيا ً وكتابه اآلفستا كتابا ً سماو ّياً؛ لجباية الجزية – الضريبة ،وعندما يريدون أن يسيطروا على مناطق اإليزيديين كانوا يك ّفروهم ،فقد كان ً لعبة بيد فقهاء الدولة. الدين اإلسالميّ وهكذا انخرط الكرد السهليّون في اإلسالم، وظ ّل الجبليّون بعيدين عن اإلسالم ،وقد استطاعوا أن يؤسّسوا أنفسهم في جيش أبي مسلم الخراساني مؤسّس الدولة العبّاسيّة الذي قتله أبو جعفر المنصور بعد أن استلم الحكم،
والذي بدأ بسلسلة من االنشقاقات في المكوّ نات الكرديّة واألرمنيّة والفارسيّة والتركمانيّة... التي تجمّعت حول بابك الخرّ مي ،وظهرت في الحركات المناوئة لإلسالم الس ّني الدولتيّ من خالل اإلسماعيليّة والقرامطة وصوالً إلى صالح الدين األيوبيّ مؤسّس الدولة األيوبيّ التي امت ّدت أكثر من مئتي عام. اجملتمعي يف زمن صالح الدين التعايش ّ األيوبي ّ لم يكن صالح الدين األيوبي رجالً متطلعا ً إلى الدولة بقدر ما كان رجل حرب وشهامة ،لقد كان شعاره إعالء راية اإلسالم ،لكنه كان يدرك يرون أنّ اإلسالم خاصٌّ بهم أنّ العرب ظلّوا َ فحسب ،وكان الصراع صراعا ً على السلطة والمغانم والشهوات ،إ ّنما الصراع عند الكرد الذين اعتمد عليهم في جيشه -هو البحثعن الخلود ،خلود أكيليسي إلثبات الهوية ،فكم من المرات استنجد بالخليفة العربي في بغداد الذي ال حول له سوى أنه منصب فخري -كي ينادي في األمة اإلسالمية ليحارب الشعب اإلسالميّ معه ض ّد الصليبيين أعدا َء الجميع دون استثناء ،لكنه لم يستجب له لئال يحفر اسم الكردي على صفحات التاريخ. فالقائد عبد هللا أوجالن وهو في سجنه يحاصر الدولة الخائنة كما حاصر صال ُح مصر التي استنجد وزيرها شاور الدين َ بالصليبين مرات ومرات ،فلم يقتحم صالح الدين الكرديّ مدينة عربية إلاّ واستنجد ملكها العربي بالصليبين (القاهرة ،دمشق ،حلب، صور ).....لكنه هزمهم كلهم وأعطاهم األمان، وحرّ ر القدس التي كانت محتلة قرابة قرن من الزمن ،ولم ينجح األيوبيّ في تحرير القدس من خالل اعتماده على القوّ ات الكرديّة فحسب ،بل نجح من خالل التوافق بين الشعوب الكرديّة
العدد - 36شتاء 2017
34
الشرق األوسط الديمقراطي
والعربيّة والتركمانيّة واألرمنيّة وغيرها من الشعوب ،وكذلك التوافق واال ّتفاق المجتمعيّ بين األثنيّات المختلفة ،ومن خالل تأمين معيشتهم ورفع مستوى دخل أفرادهم ،ومنحهم الحرّ يّة في المعتقد والمذهب والتيار والعادات والتقاليد ،وهنا ازدادت ثقة المجتمع به. لسنا في صدد فكرة الدولة التي كانت الهاجس الوحيد للقادة ،واألسر الوحيد الذي لم يبرحوه، وبالتالي كانت هي اللغة الوحيدة السائدة في ذلك الوقت ،وقد كانت السلطة هي الدافع الوحيد للقادة؛ للقتال وكذلك الغنائم والنساء والجواري والغلمان ،لكن ما فعله األيوبي هو أ ّنه بحث عن ح ّل توافقيّ للمجتمعات ،وإعادة الصياغة المجتمعيّة لألمم المتضاربة ضمن بوتقة الدولة اإلسالميّة التي فقدت هيبتها ،إثر تضعضع الخليفة الذي بات يمتلك السلطة األيديولوجيّة فحسب ،وبات الوزراء والسالطين يبحثون عن السلطة ضمن هذه الدولة ،لذلك استطاع المجتمع أن يتخلّص من الدعوات العدائيّة للقوميّة العروبيّة التي سقطت مع آخر الخلفاء العروبيين؛ أبي جعفر المنصور والس ّفاح ،وبعد انهيار الدولة األمويّة. كانت األيوبيّة الكرديّة عنوان المرحلة الجديدة لال ّتفاق االجتماعيّ ،ولم تطرح كلمة الدولة الكرديّة ،وإ ّنما كان التوافق على أيديولوجيّة اال ّتفاق المجتمعيّ الذي أوصل األيوبيّ إلى د ّفة القيادة وطرد الغزاة الصليبين من هذه األرض التي لم يستطيعوا أن يسيطروا عليها بفكرهم الغربيّ الذي لم يدرك مفاتيح إدراك ماهية المجتمع ،وهذا ما امتلكه األيوبيّ واستطاع أن يحرّ ر القدس القبلة التي أنشدها الصليبيّون للهرب من شبح الالح ّل في مناطقهم الغربيّة. ليس من السهولة بمكان تحليل هذه القوّ ة التي طردت جحافل الصليبيّن من هذه األرض
35
الشرقيّة ،هذه الهجمة الصليبيّة التي ألمّت بالشعب الشرق أوسطيّ التي شحذت ك ّل قواها الحتالل الشرق الدامي ،ففي ذلك الوقت أيضا ً رأى الشرقيّون أنّ تحرير القدس من المعجزات بعد احتالل دام قرنا ً من الزمان ،كما اآلن يرى المتثاقفون؛ جنو ُد الحداثة الرأسماليّة في استحالة تطبيق األمّة الديمقراطيّة في الشرق األوسط. اإلسالم يّ السن والشيعي إنّ النزاع الناشب بين طهران وم ّكة هو نزاع قديم يمت ّد ألفا ً وأربعمئة سنة ،وهو نفسه الصراع بين بغداد العبّاسيّة ذات االمتداد الشيعيّ ودمشق ذات االمتداد األمويّ الس ّني، والصراع بين الشيعة المقاومين المناضلين سابقا ً والسنة السلطويين سابقا ً أيضاً ،وهو بأحد معانيه كان نزاعا ً حول ما إذا كان النظام الجديد سيكون نظام جمهورية ديمقراطية شعبيّة أم نظام سلطنة مونارشيّة تنتقل بالوراثة من األب إلى اإلبن ،لك ّنه تحوّ ل في نهاية المطاف إلى صراع دولتيّ سلطويّ تجاريّ بين سلطتين متناحرتين تريد أن تغزوالحياة الفكرية والحدود والتجارة ،منذ معركة ص ّفين إلى اآلن ،والتي ك تشهد اليوم اشتباكات مماثلة في شدتها ال تنف ّ وح َّدتها تدور في سوريا واليمن والعراق ولبنان وك ّل أنحاء كردستان .ولم يكن النظام الهرميّ ّ المتوطد في تلك المرحلة يتيح أيّة القبليّ فرصة للجمهورية ،أو باألحرى حتى لظهور ديمقراطية بدائية. فعند تحليلنا جوهر الحرب التي حصلت على الحوثيين الشيعة في اليمن من قبل التحالف العربيّ الس ّني ،ور ّدة الفعل الرافضة من قبل مؤيّدي التيار الشيعي ورموزه ،كنصر هللا وغيره من التيار اإليراني ،وتداعيات هذه الحرب على تطوّ ر نفوذ المعارضة المسلّحة في سوريا ،سنرى جوهر الصراع القديم الذي
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الديمقراطي
تؤجّ جه الرأسماليّة العالميّة ،فالصراع والصدام المحتدم مازال بين المدن ،فصنعاء وعدن وإدلب وحلب ودمشق والر ّقة والموصل ...هي مراكز الصراع اآلن. إنّ الحداثة الرأسماليّة تطرح على الساحة الصراع الخراسانيّ العبّاسيّ المتج ّدد ،وهو في أوجه ،وال تزال الرأسمالية تستمرّ في مسيرة النصر منذ أربعة قرون ح ّتى اآلن ،لك ّنها تعرّ ت ّ وتعثرت في الشرق األوسط .والرأسمالية هي االبن غير الشرعيّ لمركز الثقافة في الشرق األوسط وقد تن ّكرت لمعروف هذه الحضارة التي تعبث بها وتخلق فيها الصراعات والتناحرات ،وهؤالء المتصارعون هم من لدن الجبابرة األوائل الذين مرّ وا على صفحات التاريخ الدولتي كفرعون واإلسكندر وغيرهم من الطغاة ،وما التغيير إلاّ في األدوار ،فإيران التي تلعب دور كسرى لكن في أيام ضعفه، وأميركا التي تلعب دور القيصر في أيّام قوّ ته، والسعوديّة التي تلعب دور أبي جعفر المنصور كذلك في أيّام ضعفه ،وأردوغان الذي يلعب دور السلطان عبد الحميد الثانيّ بلبوس جديد، ّ يتجذر في األغوار السحيقة والتناقض الجدليّ لجوهر الصراع ،ويتلبّس بلبوس وأنماط وأشكال ع ّدة ،لكن ضمن معمعة الصراع الدولتي تبدأ المعارضة المجتمعيّة التي لم تكن بالحسبان، وهي تدخل ضمن المنظومة الرأسمالية التي تبحث عن تكيّف آخر لها ضمن هذه المعمعة، نطاق شامل. وعلى ٍ العثمانيون – اإلسالم والكرد باتت الدولة التركيّة دولة حرب منذ نشأة اإلمبراطوريّة العثمانيّة ذي النشأة المغوليّة، وقد اعتمدت الدين اإلسالميّ الس ّني منهجا ً لتصارع به الدولة المسيحيّة الغربيّة ،وعلى الرغم من تقلّص هذه اإلمبراطوريّة التركيّة
اجتمعت اإلمرباطوريات العاملية على مقولة واحدة أال وهي؛ (الطبقات واالستعباد والظلم وحتالف التجار مع الراهب والعسكري).
ّ وتأطرها في لبوس بعد الحرب العالميّة األولى الدولة القوميّة ،لتواكب الحداثة الرأسماليّة وتقلّد األنموذج الغربيّ من حيث المظهر الخارجيّ ، لكنّ فلسفة الحرب لم تفارق مخيّلتها ،بل باتت فلسفتها والمنهج الفكريّ الذي لم يفارقها ،وقد شهد العرب أسوأ تراجع فكريّ وثقافيّ وأدبيّ وسياسيّ واقتصاديّ على مرّ تاريخها في فترة حكم العثمانيين ،وكذلك الشعوب األخرى التي كانت تعيش تحت كنف هذا الوحش النهم الذي ال يعرف معنى اإلرث الثقافيْ ،إذ أنّ هذا التركيّ المتلوّ ن والذي جرّ دته الدولة من ك ّل شيء، بات منقطع الساللة عن إرثه الثقافي البعيد عن ثقافة الشرق األوسط ،المتن ّكر لموطنه الحقيقيّ ، الذي يسعى إلى إرضاخ ثقافة الشرق األوسط إلى تفكير قد تن ّكر له هو باألساس ،من هنا جاء االغتراب في الهويّة الدولتيّة التركيّة ،فما فهموا اإلسالم والديانات الشرقيّة ،وال فهموا العلمانيّة الغربيّة ،لذلك سمّى المف ّكرون العرب العصر العثمانيّ عصر االنحطاط العربيّ ، َ ّ مصير الشعوب التي رزحت وظ ّل التخلف َ تحت سيطرة التركي حتى اآلن. لقد تد ّفق الرأسمال إلى الخزينة التركيّة عبر الحروب اإلنكشاريّة التي ال طائل إنسانيّ منها، واعتمدوا على نظام سرقة األطفال اليتامى والمشرّ دين وغيرهم من األطفال ،ليل ّقنونهم ثفافة النهب والسلب والتبعيّة للدولة والسلطان ويستأجروا علماء الدين المسلمين ليروّ جوا للسلطان العثمانيّ الذي دخل البالد العربيّة
العدد - 36شتاء 2017
36
الشرق األوسط الديمقراطي
ّ تجذرت دون معارك ،أو ثورات ،وبالتالي ثقافة الحرب والغزو في كينونة المستب ّد التركي ،وكذلك في االقتصاديّ التركيّ ،من هنا كانت نظرة االقتصاديين األتراك فيها قمعيّة واستبداديّة أكثر من غيرهم ،فاألتراك كسلطة ظلّوا يحاربون الشعوب التي تعيش في كنفها على يد جنود غير أتراك ،فقد حاربت األرمن بالكرد ،وحاربت الكرد بالعرب، وحاربت الروم بالالذيين ،وص ّفت وأبادت ك ّل الشعوب من خالل تأطيرها وفق الثقافة التركيّة التي استمدت نفسها من الثقافات األخرى ،فك ُّم الكلمات العربيّة والكرديّة والفارسيّة والالتينيّة في اللغة التركيّة يتجاوز اللغة التركيّة األصليّة أساساً. ظ ّل المستب ّد التركيّ يعتمد على المكر والخداع والكذب والمناورة والتلفيق ،ولم يستطع أن يتأقلم مع فكرة السالم والتعايش والوفاق واال ّتفاق ،لم يفهم سوى لغة السلميّ ِ التصفية واإلبادة والصهر ،فهو ال يمتلك شيئا ً ليعطيه ،وكان تكالب السلطويين العرب الدونيين الذين فقدوا مع انهيار الدولة القوميّة في العراق وسوريا ومصر سابقا ً هويتهم ،فباتوا ينبشون الماضي ليبحثوا عن هوية ،ولم يروا سوى الركوع لالهوية الدولتيّة التركيّ ،وبهذا استطاع أردوغان أن يصنع أتباعا ً مطيعين له ،يغردون لهْ ،إذ يريدون األمن الداخليّ التركيّ ناسين أمنهم السوريّ الذي تدمّر داخل ّيا ً ّ يمت بصلة إلى شيء اسمه وخارج ّيا ً وك ّل ما مستقبل أو غ ٍد مبين ،معتمدين على أيديولجيتهم اإلنكاريّة للهويّة الكرديّة التي تعلّموها في المدارس التركيّة. ّ لقد أعدم جمال باشا السفاح ك ّل أولئك العرب الذين تضامنوا معه في حرب الترعة، بعد أن تو ّدد إلى العرب ،كما يتو ّدد لهم اآلن أردوغان بحجّ ة الدين وإعادة اإلمبراطوريّة
37
المسلوبة ،وما إن خسر معركته حتى قام بتعذيب الشعب العربيّ والتنكيل به ح ّتى لُ ّقب بالس ّفاحْ ،إذ ال يمكن أن تأمن جانب مستعمر ما يريد أن يستغلّك اآلن ويوهمك أ ّنه سيعطيك حقوقك بعد أن تهدأ األوضاع ،وهذا ما سيفعله أردوغان بعد أن يتخلّص من خصومه ،وهذا ما كان سيفعله االئتالف بالشعب الكرديّ بعد أن يعتلي العرش. لكنّ السؤال المطروح في هذا السياق؛ هو لماذا ك ّل هذا التهافت العربيّ على التبعيّة لهذا ت األيديولوجيّات السلطان العثمانيّ ؟ هل انتف ِ عند العرب وعند المسلّمين؟ هل هو الحنين إلى التبعيّة العثمانيّة؟ فإذا كان لجوء المعارضة السوريّة طريقا ً ومساراً ال مسار سواه وال ح ّل غيره ،فما بال قطر في هذه المعادلة التبعيّة؟ فهي المعادلة والتركيبة العربيّة في تقمّص دور التبعيّة بعد أن انهارت األيديولوجيّة اإلسالميّة الدولتيّة ،بعد أن ُ شوِّ هت هذه األيديولوجيّة من قبل مسخ الدولة اإلسالميّة في الشام والعراق، ّ ومنظريها ومؤيّديها العلنيّين والسرّ يين في منظومة الثورة المضا ّدة التي قتلت روح ثورة الشعوب المتطلّعة إلى الديمقراطيّة المجتمعيّة. العربي وربيع الشعوب الربيع ّ عندما قامت المظاهرات السلميّة في سوريا، والتي كانت تعبّر في بداياتها عن الحقيقة االجتماعيّة في سوريا ،فكانت الشعارات في كوباني وقامشلو وعفرين تساند الثورة في درعا وحمص وغيرها من المناطق السوريّة، وما كان من أهالي درعا وغيرها من المدن خارج منطقة غربيّ كردستان إلاّ االلتفاف حول الشعب الكرديّ والتعبير له عن أسفها أل ّنها لم تساند الكرد في ثورة ،2004وكانت هذه االنطالقة هي المعيار األخالقي السياسيّ للتعبير عن الحالة االجتماعيّة السويّة التي آلت إليها،
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الديمقراطي
قبل أن يتسلّل المتسلّلون الطبقيّون ليحوّ روها عن مسارها ،ويصبغوها بطابع إسالميّ التفرّ د والهيمنة ،فبعد أيّام ال أكثر جعلوا الجامع المنبر الوحيد النطالقة المظاهرات ،إلى أن وصلت إلى حالة التشرذم الذي آلت إليه. لقد كانت الثورة في بداياتها ض ّد السلطة، وسرعان ما تحوّ لت إلى استهداف شخص واحد بعينه ،وهي العلاّ قة التي مازال االئتالف يعلّق عليها ثورته ،فباتت تصوّ ر الجنة الموعودة في رحيل شخص مح ّدد ،مع أنّ ك ّل المؤشرات كانت تشير إلى استحالة رحيله في وقت ّ منظري الثورة مب ّكر ،فمن الغباء أن تقول :إنّ في الخارج لم يعوا هذه النقطة ،بل أدركوها جيداً وعرفوا ما سيصيب سوريا ،لكنّ الطامة الكبرى في فلسفة الليبراليّة التي جعلوها نبراسا ً لهم, ،التي تدعو إلى الفردانيّة والطبقات ،وهي الداء عي ُنه. من كان ليقنع المنتفض في درعا أنّ المآل سيفضي به إلى هذه الحال ،وأنّ هذه الثورة ستتحوّ ل إلى اقتتال طائفيّ عرقيّ أثنيّ بحجّ ة الثورة ،ح ّتى أنّ مفردات ومصطلحات الثورة قد أُزيلت من قواميس الواقع ،وبات الوضع دولة راديكاليّة تريد أن تفرض هيمنتها بلغة القومويّة األصوليّة والشرائعيّة القاتلة ،وبات االنسياق إلى الخارج هو البحث عن الحلّ ،فما يجري على األرض السوريّة هو تحقيق لمصالح من هو خارج سوريا ،فك ّل ما هو عالقة بمسألة النسيج االجتماعيّ ومسألة التوافق والمشاركة والحلول ال يلقى أيّة التفاتة من أيّ طرف في معادلة (النظام والمعارضة) فالحرب التي تحصل هي حرب نفوذ ،إمّا يتقلّص نفوذ فالن أو يزيد نفوذ فالن. من يتتبّع ربيع الشعوب الذي أطلقوا عليه اسم الربيع العربيّ الذي انطلق من تونس ،والذي اختصر في مصطلح الربيع العربيّ ليصبغ أولئك
القومويّون الثور َة بطابع قوميّ ،فقد صوّ روا أنّ العربيّ وحده يشعر بالقمع واالستغالل ،وكأ ّنه متفرّ د بالنهوض من الغفلة؛ ولكي يحصل شرخ ما بين العرب والمكوّ نات األخرى ،وذلك إلبعاد األثنيّات والقوميات األخرى من ساحة الصراع في الشرق األوسط ،ولكي يكونوا في الطرف اآلخر من الصراع ،وهذا ما ّ خططته المنظومة الحداثوية العالمية الجديدة .وعندما انتقلت الثورة إلى سوريا بعد مرورها بمصر وليبيا واليمن ،وبدأت االنتفاضة الشعبيّة التي ْ استطاعت الدول أن تحوّ لت إلى ساحة صراع، ت ّتفق فيما بينها لتقسيم اإلرادات وسلبها ،فكيف لدولة قامعة لشعبها وتؤيد شعبا ً ثائراً في دولة أخرى؟ وما كان أيّ ح ّل طرحته الدول التي تؤمن بمبدأ استغالل شعوبها إلاّ ويصبّ ضد إرادة الجماهير ،ففاقد الشيء ال يعطيه. كان ظهور الجماعات اإلسالميّة التي سرقت الثورة من الشعوب وحوّ لت د ّفتها ،الكارثة التي ألمّت بالشعب ،فنسي الشعب ممارسات الدولة المستب ّدة االحتكاريّة التي كشفت عن قناعها وأظهرت وحشيّتها الحقيقيّة عبر البوّ ابة السوريّة ،ح ّتى وصل األمر إلى فقاعة داعش التي كانت نتاج هذه القومويّة الضيّقة والفكر الذكوريّ المهيمن واإلسالمويّة الراديكاليّة التي حرّ فت من قبل الدول التي تعاقبت على الشعب الذي جعل الدين مطيّة. ّ الكردي والسلطة الثقافيّة الدولتيّة االنبطاح في الحديث عن الثقافة االضمحالليّة االنقشاعيّة االنحالليّة الالأخالقيّة التي وصل إليها الكثير من فاشلي مسرحيّة المعارضة السوريّة ،الذين كانوا قبل فترة ّ يمثلون دور المالئكة ،المخلّصين الشعب من آفات العرقيّة والشوفينيّة حيث كانوا يصورون أنفسهم الشراع الذي سيوصل الشعب السوريّ إلى
العدد - 36شتاء 2017
38
الشرق األوسط الديمقراطي
ظل املستبد الرتكي يعتمد على املكر واخلداع والكذب واملناورة والتلفيق ومل يستطع أن يتأقلم مع فكرة السالم والتعايش السلمي والوفاق واالتفاق ض ّفة األمان ،لكنّ الوضاعة التي وصلت بهؤالء المعارضين الذين كانوا ّ يمثلون يوما ً الوج َه المشرق للثقافة في فترة من الفترات ،قد تضاءلت ث ّم تالشت فانقشع الوجه القميء عن معظمهم. فالنخبة اليساريّة والليبراليّة والقوميّة واإلسالميّة العربيّة التي ذاقت الويالت على يد النظام السوريّ والتي عرفت معنى القمع ،والتي كان اسمها يلمع وينير الطريق أمام متطلّعي الحرّ يّة ،قد وصلت إلى درجة من الحنق والغيظ أمام ك ّل انتصار للشعوب المتطلّعة إلى الحرّ يّة، وباتوا يصفون انتصارات الكرد وانتصارات الشعوب في الشمال السوريّ بالحرب التي تقسّم سوريا على يد الكرد األشرار حسب وصفهم، ليصلوا إلى مرحلة متصاعدة من قلّة الحيلة في إيجاد مشروع بديل عن مشاريعهم الفاشلة، ْإذ أضحى مشروعهم الوحيد هو االرتماء في أحضان السلطان التركيّ .ووصلت معظم هذه النخبة إلى مرتبة االنحطاط األخالقيّ ،حين شتم ت الكرد المقاتالت بكلمات عاهرة، أحدهم فتيا ِ وكذلك التشويه اإلعالميّ ،والنفاق والكذب والمؤامرات ..إلى ما هنالك من ألفاظ سوقيّة من المفترض ألاّ يستخدموها حسب االتكيت اإلعالميّ ،فأضحوا ال يسبّون داعش الذي جعل خطف نساءهم أسرى ،وجعلهم مشرّ دين ،حيث َ داعش النساء واألمالك وقت َل الرجال واألطفال
39
والنساء ،وخرّ ب مسيرة الحياة اليوميّة ،ففي ك ّل قريّة تتحرّ ر من براثن داعش هناك قصص ومالحم وأساطير ،فاألحرى بهم أن يخلّدوا بطوالت هذه القوّ ات التي حرّ رت أخوتهم من براثن داعش ،ال أن يحاربوا الحُرّ ات العفيفات، فقد كان األحرى بهم أن يروا إيروس التي في داخلهم ،التي اجتاحتهم وقتلت ك ّل شرف فيهم، حتى أوصلتهم إلى مرحلة قذف المحصّنات ،فلم َ يبق عمل ال أخالقيّ إلاّ وقاموا به. اخلط الثالث ّ ّ خط الشعوب يف وجه الدولة القوميّة لقد ا ّتحد التيار القوموي العروبي والفارسيّ والتركيّ بالتيار اإلسالمويّ سواء الس ّني أو الشيعيّ ،وظهرت النخب الثقافية التي بدأت ّ ببث سمومها ،فظهر الهجين السيء الذي ابتلع ك ّل ما هو جميل في سوريا والعراق وتركيا وإيران بلونه الواحد ،ودفن هذا التيار تاريخ الشعوب ما قبل اإلسالم؛ بما عصور ما قبل اإلسالم تعتبر عصور جاهليّة بالتعريف اإلسالمويّ الضيّق، وكان الهدف الثاني هو دفن تاريخ األقلّيّات، وبدالً من االستفادة من تاريخ المجتمعات البعيدة عن الدولة اختصر التاريخ بإنشاء الدولة ،فعلى سبيل المثال يمكننا االستفادة في حاالت التشابه ما بين المجتمعات فالنظام الدفاع الجبلي للكرد يشابه النظام الدفاعي الصحراوي لدى العرب هذا على سبيل التشابه ما بين نظام الحماية، وكذلك بعض العادات والتقاليد والفن والموسيقا والثقافة بشكل عام. وعوضا ً عن ذلك بدأت عقدة النقص التي كانت تسير جنبا ً إلى جنب مع الكرديّ أينما حلّ ،فجعلته على سبيل المثال ين ّقب في تاريخ الشخصيات المشهورة عبر التاريخ اإلسالميّ ويبحث عن جذرها العربيّ اإلسالميّ ،فعلى سبيل قالوا :إنّ الصحابي جابان أبا ميمون مسلم
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الديمقراطي
وصوالً إلى زرياب وابن خلكان وابن تيميه وابن األثير وفي العصر الحديث الكواكبي وقاسم أمين ومحمد عبده ومحمود عبّاس الع ّقاد وأحمد شوقي ومحمد حسنين هيكل ودريّه عوني ...إلى ما هنالك من شخصيات قالوا إ ّنها كرديّة لطمأنة الم ّد العروبيّ كالسيل الجارف، مع أنّ ك ّل الذين خانوا القومية الكرديّة كانوا تحت راية اإلسالم ،من المال إدريس البدليسي 1512إلى المال كريكار ،ومن الخطأ أن يُنسب ك ّل ذلك إلى ر ّدة الفعل ض ّد اإلسالم المجتمعيّ ، بل يجب أن تكون ر ّدة الفعل ض ّد الدولة اإلسالمويّة العروبيّة ،لكن بالمقابل اعتمد الكرد على القبيلة كمصدر للتشريع بينما انخرطت اإلسالميّة في الدولة كوحدة سياسيّة ،وكانت ر ّدة الفعل العروبيّ قاسية ج ّداً ض ّد أيّة ثورة كرديّة ،وليست القوموية العروبيّة فحسب وإنما القوموية الفارسيّة والتركيّة أيضاً. وقد كانت العادات االجتماعية تسود شبه الجزيرة العربية ،والتبادل التجاري والمقايضة يسود شبه اإلدارات الذاتية الكونفدرالية دون وجود ملك عربي واحد يحكم الجزيرة ،فعندما حاول كليب أن يتفرّ د بالسلطة وينصّب نفسه ملكا ً ويبني األسوار والجيوش ويستبد في حكمه ،فما كانت النتيجة إلاّ وأن قُتِل على يد ابن عمه جسّاس بن مرة الرافض للعقليّة االستبداديّة والتي وقع أسيرها فيما بعد ،وقامت الحرب التي كان هدفها الوحيد الملك والعرش وإن رسمت أ ّنها من أجل ناقة ،وكان الح ّل إلنهاء هذه الحرب هو إعطاء المُلك والعرش للجرو بن كليب لكن دون سلطة ،فانتهت الحرب وانتصر الشعب وانتصرت العادات على التجبّر والتفرّ د. فلو عاد الشعب العربيّ إلى تاريخ الوئام الحضاريّ واالجتماعيّ الذي كان سائداً في الجزيرة العربية والكونفدراليات التي كانت
منتشرة بين القبائل العربية ما قبل اإلسالم على سبيل المثال ،ألدرك ماهية االتفاق االجتماعي الذي كان موجوداً بينهم حينذاك! فقد كانوا يعقدون االتفاقيات الداخلية مع النعمان بن منذر على سبيل المثال ،أو االتفاقيات الخارجيّة؛ كاالتفاق مع كسرى على سبيل المثال ،دون أن ينصاعوا لقوانين كسرى أو النعمان ،فكانوا يؤمنون بمقولة - :إنّ لكسرى دولته ولنا نحن العرب مجتمعنا ،وكونفدرياالتنا ،وعاداتنا َ وتقاليدنا ،فال حاكم واحد للجزيرة العربيّة المترامية األطراف ،وال سيّد واحد ،فك ّل قبيلة تدير شؤونها بنفسها ،وال سجون ومعتقالت وال حدود وبيّنات ،وإ ّنما تجريد ونفي وعزل. لكن بعد أن وصلت الشعوب الكرديّة والعربيّة والسريانية والتركمانيّة إلى مكتسبات وانتصارات في روج آفا والشمال السوريّ عامّة ،وذلك بفضل الشعوب التي تعيش على هذه األرض السوريّة ،وعلى أولئك الذين ال يقرؤون الشرق األوسط بشكل صحيح ،وتاريخ الوئام الحضاري المجتمعيّ ما بين الشعوب، إعادة النظر في الدولة القوميّة التي انهارت مع سقوط ص ّدام حسين ،والتي ستجهز عليها بفضل الكرد في المعقل اإلرهابي في قصر السلطان الجديد في أنقرة ،فمعادلة الشعوب هي معادلة والوفاق، الح ّل الوحيدة للباحثين عن الح ّل بالسلم ِ أو الحرب ،وقد أثبتت الشعوب أ ّنهم جاهزون لها ،ولن تتخلّى مكوّ نات الشمال السوريّ عن أيّ مكتسب حصلوا عليه ،فقد أدركوا معنى الحياة الحرّ ة ،وثورة األمّة الديمقراطيّة هي الوحيدة التي تجسّد ثورة الحقيقة ،والفيدراليّة ّ الخط الثالث المجتمعيّة آتية ال ريب ،وقد أثبت أ ّنه ّ خط الشعوب ينتصر أمام شراسة الدولة القوميّة.
العدد - 36شتاء 2017
40
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
ّ ُ قراءة يف العالقة الكردية -العربية يف ظل احلكم اإلسالمي ً العهد األيوبي منوذجا
دلبرين فارس
مدخل: ظ ّل موضو ُع العالقات الكردية العربية ،خاصة خالل العهد اإلسالمي ،بعيداً عن التناول التاريخي .فتاري ُخ السُلطة والدولة واأليديولوجية كانت الطاغية كونها كانت الحاكمة والمتسلطة على مشهد الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والفكرية ،فقلما تج ُد مصدراً يتناول هذا الموضع بشكله الحقيقي البنيوي دون أن يخلو من االنحياز والتأثر بالواقع السلطوي .فكما هو معروف في التاريخ ُ تسلط الضو َء على حُكم الملوك أغلب المدوّ نات والمراجع التاريخية اإلسالمي فإن َ واألمراء وسيرهم وأعمالهم ،بينما بقي التاري ُخ االجتماعي (السيسيولوجي) في الدرجة األخيرة من التدوين وبشيء من التزييف لصالح السلطة الحاكم ،لذا كانت البنية الشعبية العريضة مُهمشة حتى عند ممّن ي ّدعون العل َم والمعرفة وهم جالسون إلى جوار الحاكم. حكم طبقي لبنية النظام المدني ،ويقسم فيها الشعوب فتاري ُخ الدولة هو تاريخ ٍ أسس يؤخذ فيه مبدأ القوة والمال القاعدة األساسية لتكوين النظام ،أما بالنسبة على ٍ للطبقة التحتية والتي تشكل القاعدة العريضة واألصيلة للهوية المعنوية والمادية األصيلة لكافة الشعوب فكانت خارجة عن هذا النظام ،فك ّل المدونات التاريخية لم تكن تعبّر وتوثق سوى عالقات الطبقة الحاكمة والطبقات التي كانت في سُدة الحكم «الداخلة في نظام المدنية» ،لذا بقيت القبائل أو باألصح الشريحة القبلية خارج التدوين التاريخي وبقيت تعاني من التي لم تتطاوع في النظام المدني َ التهميش والقهر ،بينما تحولت األرستقراطية القبلية والمتهافتة للسطلة بأي شكل وفوق كل االعتبارات إلى التحالف مع القوة المدنية الحاكمة سواء وتحت أي مُسمى وبأي إيديولوجية كانت. ت االجتماعية بين الشعوب «األقوام» منذ نشوء القبيلة من هنا فإن العالقا ِ
41
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ُ فتاريخ الدولة هو تاريخ حكم طبقي لبنية النظام ٍ املدني ،ويقسم فيها الشعوب أسس يؤخذ فيه مبدأ على ٍ القوة واملال القاعدة األساسية لتكوين النظام كنظام سياسي اجتماعي اقتصادي لم يبرز ،كما برزت جوانب السلطة والحرب والقتل والنهب خاصة في عصر ازدهار أدوات السلطة، والتي لم تجلب إلى اللحظة سوى الكوارث على البشرية ،وهذا ليس مقتصراً على فترة معينة ،هذا ال يعني إن تلك الشريحة الخارجة عن المدنية والتي كانت نواة ك ّل الثورات والمقاومات ضد قوى الشر واالستغالل لم تملك الثقافة والفن وتعيش في عالقة وئام مع جيرانها وشاركا سويا ً في مناهضة القوى االستبدادية السلطوية ،وهذه الشريحة الزالت مستمرة في مقاوماتها رغم مرور عشرات الدول واألنظمة المدنية الحاكمة. إن عد َم التنبه إلى أهمية العالقات العربية الكردية ،موجباته وضرورة تناوله ،أوالًمن الناحية المعرفية – التاريخية ،ومن ثم الجيوسياسية ،يشكالن نقطة ضعف كبيرة للثقافة والمعارف العربية المعاصرة. بنية العالقة الكرد ّية العربية يف فرتة السيادة اإلسالميّة: وقبل الحديث عن العالقة الكردية – العربية خالل فترة السيادة اإلسالمية عسكريا ً وسياسيا ً واقتصاديا ً وفكرياً ،وخاصة في مرحلة ازدهار القوى اإلسالمية والتي لعب فيها الكر ُد إلى جانب العرب دوراً بارزاً ،خاصة في تشكيل هوية األمة اإلسالمية ،وذلك بعد تسلم العباسيين لمقاليد الحكم اإلسالمي كمركزية
أو مدنية إسالمية سياسية على مستوى الشرق األوسط والعالم ،تلك المرحلة التي تصاعدت فيها السالالت والشخصيات غير العربية ومصر وفي غالبية لسدة الحكم فعليا ً في الشام َ المناطق التي امتد إليها المّد اإلسالمي عسكريا ً وإيديولوجياً ،يجب تسليط الضوء على بعض الجوانب البنيوية لإلسالم كأيديولوجية فكرية انتشرت على بقعة جغرافية كبيرة ،واستطاعت أن تكون قوة ضاربة وأن تنافس أكبر قوتين في تلك الفترة اإلمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية) والتي تراجعت إلى العمق األوربي ً مجموعة من الملكيات اإلقطاعية لتشكل فيما بع ُد األرستقراطية ،واإلمبراطورية الساسانية التي زالت عن المسرح السياسي والعسكري في الشرق األوسط. يمكن القول إن االسال َم كإيديولوجيا فكرية ومجتمعية تعبّر في جوهرها عن المسار الثوري الفكري الطبيعي لألديان التوحيدية السابقة لها كالزردشتية واليهودية والمسيحية، وال يمكن انقطاعها عن المسار الميثيولوجي القديم السومري والمصري. المسار الذي نتحدث عنه هو المسا ُر التطوّ ري للحركات والثورات المجتمعية الفكرية المناهضة للعبودية بكل أشكالها ومراحلها ،كذلك لإلقطاعية القبلية وللبرجوازية التي طوّ رت في شكلها المحدث كرأسمالية ليبرالية متممة للمدنية وللتقاليد السلطوية الفردية الذكورية ،ونخص بذلك تلك البقعة «شبه جزيرة العرب» التي ظهر فيها الدين اإلسالمي ،كوننا نتحدث عن اإلسالم الذي كان منطلقه بقيادة نبي اإلسالم محمد ،والذي كان صاحب هذه الرسالة الفكرية الفلسفية المجتمعية والتي كانت في جوهرها تمثل القيم األخالقية اإلنسانية في مجتمع غابت عنه القي ُم واألخالق «وما بُعثت ٍ إال ألتم َّم مكار َم االخالق» ،ومن هذا المنطلق
العدد - 36شتاء 2017
42
serqalawset@gmail.com
يُعتبر النبي محمد قائد لهذه «الثورة» ،إنّ ما تنظيم وانقالب على قام به النبي محمد من ٍ ما كانت عليه األوضاع االجتماعية ،خاصة بالنسبة لتلك الشريحة المقموعة المستعبدة في شبه الجزيرة العربية منطلق الشعوب العربية ومنطلق اإلسالم كدين ،تثبت ثورية اجتماعية برزت في الشخصية السياسية اإلصالحية للنبي محمد ،ونرى هذه الشخصية الثورية من خالل قراءة سيرته كشخص وقائد لهذه الثورة ،ورغم بروز الجانب العقائدي لديه لكنها لم تطغى على شخصيته وثورته «إن تصنيفه من بين أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم خي ُر دليل وشهادة على ذلك ،لكن يبقى السؤال الذي يجب أن استطاع َمن خلف محمد النبي في يُطرح ،هل َ َ تسيير هذه الثورة أن يطبق مفاهيمها ويجسدَ جوهرها في إدارتهم للجغرافية التي امت ّد إليها اإلسالم؟». ُتب َر النبي محمد شخصية دينية عقائدية اع ِ ال أكثر في فكر إيديولوجية أصحاب السلطة والعقائديين التكفيرين بكل نماذجهم ،ولم تتجاوز تفاسيرهم ونظرتهم للتاريخ وللشعوب سوى السلطة المتسترة بالدين ،والتي امتدت لتسيطر على الشرق األوسط ،ولتؤسس لمركزية سلطوية ساللية أحدثت صراعا ٍ ت لم تهدأ إلى يومنا هذا من جهة. من جهة ثانية لم تكن الفترة الممتدة من القرن السابع الميالدي وإلى القرن التاسع عشر عه ٌد للسطلة وأصحابها ،فقد تخلل هذا التاريخ الطويل مراحل من االزدهار واالنفتاح والثورات الشعبية كذلك فقد كانت العالقات بين الشعوب ،وهنا نقصد تلك الشريحة التحتية القبلية والقروية والتي حافظت على الثقافة تعايش وتصالح في المعنوية المتأصلة ،عالقة ٍ ما بينها ،هذا وشهدت تلك المرحلة الزمنية أشكاالً متعددة للحكم بعيداً عن المركزية
43
الشرق األوسط الدميقراطي
المطلقة حيث شهد منطقة االمتداد اإلسالمي نوعا ً من اإلمارات واإلدارة الالمركزية، خاصة مع بد ِء مرحلة االزدهار اإلسالمي في القرن الثاني عشر الميالدي من العهد العباسي، حيث شهدت هذه الفترة تنوعا ً ثقافيا ً واجتماعيا ً وسياسياً ،انعكس ذلك على التطور الثقافي المادي والمعنوي على مستوى الدولة ،وساهم ذلك في تكوين الثقافة العربية اإلسالمية ،كون اللغة الرسمية الثقافية والمركزية كانت اللغة العربية ،ونخص بالذكر العهد األيوبي العهد ً أحداثا ً تاريخية هامة شهدها الشرق الذي شهد األوسط ،في مقدمتها «الحمالت الصليبية». حركات التمرد من ناحية أخرى شهدت فترة السيادة اإلسالمية حركات ثورية تمردية جاءت كردة فعل على البطش الذي قامت به السلطة السياسية الدينية الحاكمة والتي تحالفت مع البيروقراطية في بالد الشام والعراق وكردستان ومصر خاصة خالل الفترة األموية والتي حكمت حتى النصف األول من القرن الثامن الميالدي. ٌ ال شك أن الفترة العباسية كانت أيضا ً شبيهة بالفترة األموية من حيث نظام الحكم الساللي وجوهر اإلسالم كثورة ولم يتبنوا مضمون َ فكرية اجتماعية ثقافية تسعى للتخلص من العبودية وتدعو لألخالق والمساواة والحرية بين الناس جميعاً .المؤامرة التي حيكت ضد أبو مسلم الخراساني ومقتله بهذا الشكل التآمري من قبل الحاكم العباسي المنصور ،يشبه كثيراً حاالت التآمر والقمع والتنكيل التي شهدتها األنظمة الحاكمة لكردستان المقسمّة. وبالعودة إلى الفترة العباسية خاصة خالل حكم األيوبيين ،نرى مرحلة النضج اإلسالمي، حيث ظهرت في هذه الفترة تطو ٌر كبير على الصعيد الفكري اإلسالمي ،فتطوير حركة الترجمة خاصة للفلسفة اإلغريقية واالنفتاح
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
على التاريخ القديم للحضارات الشرق أوسطية في حركة االنبعاث والتنوير العلمي والفلسفي والذي ساهم في دعم التفسير الديني اإلسالمي، ساهم في تشكيل األمة اإلسالمية ،لكن لم يستمر طويالً بسبب المصير الذي واجهه أصحاب الفلسفة والتنوير الفكري على يد العقائديين السلطويين. من جهة أخرى يعتبر العه ُد العباسي مرحلةَ النضوج للحضارة اإلقطاعية ومركزاً لها في الشرق األوسط ،لكنّ تطور البنية المعرفية التحتية التي شهدتها المركزية اإلسالمية أثر في ازدهارها على كافة األصعدة السياسية والعسكرية والعلمية وأصبحت قوة كبرى ،لذا سنرى إن هذا االزدهار سيقلق ويثير حفيظة القوى المركزية األوربية والتي كانت تضطرب داخليا ً بسبب السياسات االستبدادية التي مارستها األنظمة اإلقطاعية الملكية، والمدعومة طبعا ً من المؤسسة الدينية والتي تقاسمت السلطة والمال مع ملوك اإلقطاع. لذا سنرى كيف أن هذه األنظمة ستزحف بكل جيوشها نحو الشرق لضرب هذه القوى ولتسيطر على األراضي الخصبة وتؤسس لها إمارات إقطاعية. نهاية احلضارة العبودية من جهة أخرى َيعتب ُر العهد العباسي ً نهاية للحضارة العبودية ،أدى هذا اإلقطاعية بشكل جزئي إلى تحرير اإلنسان من ولو ٍ اإليديولوجية السلطوية العبودية ،وهذه الخاصية التي تميز بها اإلسالم كإيديولوجيا ثورية. هذا ولم يتطور أي شكل من أشكال الديمقراطية في نظام الحكم واإلدارة اإلسالمية ،كون النظام اإلقطاعي الذي يمثل الجوهر للمركزية اإلسالمية والتي تكونت من إمارات ودول إقطاعية ساللية أسرية شكلت منها(الخالفة العباسية) ،عملت على توحيد
المجتمعات بالقوى تحت سلطة سياسية دينية جهاز ممثالً بالسلطان أو األمير الذي يحكم عبر ٍ عسكري سياسي ديني إقطاعي بيروقراطي، ولم يكن للشريحة «الطبقة التحتية الفقيرة المقهورة» أي دور غير العمل والعمل لكسب لقمة عيشها أو الهروب خارج تلك المركزية اإلقطاعية. ندرك بأن المركزية اإلسالمية اإليديولوجية الدينية تمحورت حول المذهب السني الذي كان يدير دفة الحكم وفق نظام طبقي عسكري ديني تجاري خالل عهودها كافة ،فيما بقيت الطبقة المعارضة (المهمشة) للنظام السياسي القائم خارج اإلطار التنظيمي السياسي وشكلت لها تنظيما ً إيديولوجيا ً فلسفيا ً مستمداً من الفلسفة اإلغريقية والميثولوجيا الشرق أوسطية، وطوّ رت طرقا ً صوفية مناهضة للمركزية كيان سياسي اإلسالمية وصلت بها لتأسيس ٍ مضاد للمركزية اإلقطاعية ،لكن هذه الكيانات الوليدة لم تستطع الصمود طويالً أمام جحافل اإلقطاعيين الذين كانوا نواة القوة العسكرية الضخمة للسلطة المركزية ،ورغم محاولة بعض الفالسفة والمفكرين الخارجين عن المركزية السنية في التوفيق بين النظام السياسي وبين التيارات المجتمعية الفكرية األخرى المعارضة ،إلنقاذ المجتمع والبينة الثورية لإلسالم ،فأمثال ابن رشد والفارابي استطاعوا أن يثروا اإلسال َم فكريا ً وعلميا ً وفلسفياً ،لكن وكما قلنا إن الدوغمائية الفكرية السلطوية عادت بعنجهيتها للقضاء على النموذج الفلسفي الفكري الراقي لإلسالم ،كون هذا النموذج ال يصبّ في خدمة سُلطتهم. لذا ومن هذا المنطلق لعب النظا ُم السياسي بشكل عام دوراً كبيراً في تكثيف اإلسالمي ٍ وتوسيع اإلقطاع ،وذلك بدعم الكيانات اإلقطاعية بمؤسسة عسكرية إيديولوجية (العهد العثماني)،
العدد - 36شتاء 2017
44
serqalawset@gmail.com
لهذا عندما وصل هذا النظام إلى ذروته في ممارسة السلطة واالحتكار خاصة بعد الركون والركود شهدت المنطقة صراعات دامية ،هذا بعد أن كانت تلهي تلك المجتمعات بحرو ٍ ب تحت شعارا ٍ ت دينية أو ما سُمي «بالفتوحات»، لذا فإن تحول المركزية اإلقطاعية إلى أداة قمع وسل ٍ ب ونهب على الطبقة الفالحية الكادحة كان ً مرهونا بذلك. صالح الدين األيوبي كان مسلمًا ودفاعه كان عن اإلسالم بقدر دفاعه عن األرض والشعب بكل مكوناته وثقافته وأديانه يف الشرق: هذا وشهدت المرحلة التي تلت الحكم األيوبي (صالح الدين األيوبي) تفاقما ً لقضايا المجتمعات اإلسالمية ،حيث بدأت المدنية اإليرانية استعدادها للر ّد على هزيمتها تجاه العرب المسلمين بإنتاجها المذهب الشيعي كغطاء ديني وفكري مضاد لإلسالم السني السياسي ،بينما كان أمراء األنساب الحاكمة من الكرد والسالجقة والترك سيجدون مصلحتهم في المذهب السني كتقليد مسيطر في اإلسالم. في حين أن الشرائح الفقيرة والمحرومة من الكرد والعرب والتركمان وغيرهم من أبناء الطبقة التحتية ستختار المذهب الشيعي والعلوي، وستلعب الجغرافية السياسية المقسمة دوراً في هذا الشأن ،من هنا فالشك أن الطبقة القبلية الساعية للسلطة ستؤسس سالالت حاكمة وثيقة الصلة بالمدنية المركزية وسيكون الصراع بين السالالت للحفاظ على سلطتها ،بينما ستضطر للمقاومة تارة واللجوء إلى الجبال واألماكن المحصنة للحفاظ على وجودها. مقاومات الكرمانج والبدو فالحروبُ التي حصلت والتي تحصل لم تكن من صنع تلك الشريحة ألنها كانت بعيدة ُ المقاومات عن الصراعات السلطوية ،وستظهر التي مثلتها الشريحة الشعبية القبلية البدوية
45
الشرق األوسط الدميقراطي
أنظمة املدنية هي مراكز لتكثيف وتكوين السلطة عرب إنتاج أدوات العنف والتسلط. وشبه البدوية الكردية(الكرمانج) والعربية كحام لإلرث القبلي بكل مضامينها (البدو) ٍ فعل على سياسات الطبقة الثقافية المعنوية ،كرد ٍ األرستقراطية القبلية التي استلمت السلطة وتحالفت مع القوى المركزية المهيمنة على مدار تاريخ المدنية. من هنا وبالرغم من الترويج المكثف بدافع من والمؤدلج ألنماط أنظمة المدنية ٍ اإليديولوجيا الرسمية الحاكمة ،إال أنها لم ولن تكن كيانات اجتماعية ،إنما هي مراكز لتكثيف وتكوين السلطة عبر إنتاج أدوات العنف والتسلط. وبالنظر إلى التضحيات التاريخية التي ق ّدمها الكر ُد في سبيل األمة اإلسالمية واألمة العربية دون أي تردد أو مراوغة ،كان الهدف منها الدفاع عن أنفسهم وعن جيرانهم وشركائهم في الوطن ،وهذا كان السبي ُل للحفاظ على العالقات ال ُكردية-العربية والتمسك بها في إطار الرابطة الحضارية والدينية التي تربط الشعبين اجتماعيا ً وثقافيا ً وجغرافياً. هذا األمر يعرفه المثقف والمفكر والمؤرخ العربي وال ُكردي جيداً ،على خالف ذاك الكاتب «القومجي» أو المخدوع باإليديولوجيات القوموية البعثية أو العروبية ،والتي ال تخدم إال أصحاب النزعة السلطوية بالفعل ،ويهدف من خاللها إلى خلق الفتن وافتعال األزمات االجتماعية ليطيل أمد سلطته ،وليمرّ ر عبرها أجندات فردانية عبر أدواته الخانعة والمتمرسة
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
في المغاالة والنفاق. إن ما قدمه أبو مسلم الخراساني رغم اختالف آراء بعض المؤرخين على ما أنجزه أو ما كان يسعى إليه ،يعتبر تضحيه حقيقية أجل نصرة اإلسالم وأعالء شأن المسلمين، خصوصا ً عندما تصل األمور إلى التضحية بنفسه. هذا األمر برز في شخصية صالح الدين األيوبي أيضاً ،الذي لم يفرق بين كردستان ومصر والشام والعراق واليمن ولم يفضل َ كرديا ً على عربي أو مسلما ً على مسيحي أو يهودي أو إيزيدي ،...وفي هذا الصدد يقول ابن المقفع« :إن الملك صالح الدين عامل رعيته بخير يعجز الواصف عن وصفه في البالد ٍ وأرسى العدل وأحسن إليهم وأزال مظالم كثيرة على الناس ...وكان يجلس للحكم بين الناس فينصف المظلوم من الظالم ويكون في مجلسه مجموعه من الفقهاء ومشاهير الدولة للنظر في القضايا بين الناس والعمل بما توجبه أحكام الشريعة والحق والعدل.»... وهذه ليس شهادة ابن المقفع فقط ،بل يشهد له حتى خصومه وأعدائه والكثير من المؤرخين والعلماء في عصره ومن بعده على ذلك ،كما يسجل لصالح الدين حماية المسيحيين الشرقيين وخصوصا ً أقباط مصر الذين أحبوه ،ووضعوا صورته في كنائسهم وأديرتهم. بالرغم من أن السلطنة التي أسسها صالح الدين لم تدم طويالً من بعده ،إال أن صالح الدين ي َُع ُّد في الوعي العربي اإلسالمي مُحرراً القدس، كما اس ُتلهمت شخصيته في المالحم واألشعار، كما أُلِّ َفت عشرات الكتب عن سيرته ،وتناولتها المسرحيات والتمثيليات واألعمال الدرامية، وال يزال صالح الدين يُضرب به المثل كقائد مسلم مثالي واجه أعداءه بحسم ،دون تفريط في شهامته وأخالقه.
هذا وأصبحت راي ُة صالح الدين(النسر) شعاراً على العلم المصري ،واعتمد الح ًقا كشعار لعدد من الدول العربية األخرى مثل العراق وفلسطين واليمن وسوريا. هناك من يرى أن بُعد الهوية اإلسالمية للشعب الكردي كان مبرراً للبعض الضطهاده والثأر من دفاع ال ُكرد عن هذه الهوية ليس على أرضه فحسب وإنما في أجزاء كبيرة من العالم العربي واإلسالمي ،الكثير من المؤامرات حيكت ضد صالح الدين والقادة الكرد ،حاول أصحابها التخلص من هذه النزعة التحررية للكرد والتي لم يكن فيها البعد القومي هو األساس ،لكن كانت سداً منيعا ً في وجه مطامعهم ومصالحهم. ولعل أبرز األحداث التاريخية اإلسالمية ظهرت خالل الفترة العباسية األيوبية ،والتي ستؤثر بظاللها ونتائجها على المنطقة ككل حتى الوقت الراهن ،حيث تشير لنا المصادر والوقائع التاريخية بأن صالح الدين األيوبي، أنجز لإلسالم وللمنطقة ما لم ينجزه غيره ،أي تمكنه في النهاية من دحر الغزو األوروبي الذي وبتشريع قاده ملوك وأمراء اإلقطاع األوربيين، ٍ من رجال الدين (السلطة الدينية البابوية) وتحت شعار ديني إثارة مشاعر الكثير من الفقراء ٍ المسيحيين في الغرب األوروبي وولد الرغبة عند الكثيرين من رجال النهب والسلب خاصة بعد ترويج البعض لكنوز الشرق (بعد االزدهار االقتصادي والعلمي والعمراني في الشرق)، ضف على ذلك رغبة الكثير من اإلقطاعيين واألرستقراطيين في تأسيس إقطاعيا ٍ ت لهم في الشرق بعدما حرموا منها في الغرب نتيجة لبعض القوانين التي أصدرتها الملكيات األوروبية بمشاركة السلطة الدينية التي كانت تحكم إلى جانب الملوك ،وخاصة ذاك القانون المتعلق بتوريث االبن األكبر للمملكة واإلمارة،
العدد - 36شتاء 2017
46
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
السياسية والفكرية والمادية والثقافية واألدبية، ويكفي لنا دوما ً ذك ُر أهم المعايير المفهومة شعبيا ً للتعبير عن حقيقة ورصانة هذه العالقة والتي تتمثل في االختالط االجتماعي بل أحيانا ً االندماج الثقافي ،كما هو حاصل مثالً منذ زمن بعيد بين أبناء مدن عريقة كردية وعربية سواء كان في الشام أو العراق وحتى في مصر، ناهيك عن العالقة بين الكرد والعرب في عموم أجزاء كردستان المقسمة. إن تجربة روج آفا تمثل نموذجا ً للتعايش واألخوة بين العرب والكرد وكافة المكونات، ٌ تثبيت تاريخي على ما أوردناه عن حقيقة وهذا تآخي وتعايش الشعوب وليس مصالح وأجندات انتهازية وشوفينية لسلطويين .هذه الظاهرة السيسيولوجية الفريدة في روج آفا ورغم كل الظروف والمحن ،استطاعت أن تعيد مجرى اإلنسانية إلى حقيقتها وتظهر حقيقة الكرد كشعب مضحي ثانية عن األرض والقيم اإلنسانية بآالف الشهداء من أبنائه.
أسس إقطاعية في والتي كانت مقيمة على ٍ القرن الحادي عشر الميالدي (األمر ذاته كان في الشرق ولكن بدون قانون يثبت ذلك) وعلى هذا األساس كان الصراع على الشرق صراعا ً إقطاعيا ً اقتصاديا ً سياسيا ً ولم يكن صراعا ً دينيا ً قط ،فما سُمي بالحروب الصليبية لم تكن حروبا ً للدفاع عن «الصليب» في الشرق ،فقدسية الصليب ظهر من الشرق ،والمسيح كان شرقيا ً ودفاعه كان عن الشرقيين بالدرجة األولى المستعبدين تحت ظلم ونير الملوك «المألهين» قبل دفاعه عن الغربيين ،وهذا التوضيح الموجز ليس دفاعا ً عن اإلسالم وعن الفكر اإلسالمي، بقدر ما هو كشف الستار عن بعض الحقائق، والتي حاول بعض المؤرخين إظهارها كواقعة وحقيقة تاريخية. لم يغ ُز صالح الدين الغرب وال حتى الشرق كما فعل بعض الغزاة ،ولم يشن حروبا ً تدميرية تبيد فيها اآلخرين ،ولم يلغ ويقصي العرب والتركمان وغيرهم من المكونات الشرقية عن الحياة السياسية واالجتماعية والثقافية خالل لالطالع راجع المصادر والمراجع التالية فترة حكمه ،وهذا ال يعني بأن صالح الدين لم يحارب من وقف بوجه سياسته ،أو من -1مرافعات قائد الشعب الكردي عبداهلل أوجالن – كان يكيد له المؤامرات ،وأؤكد ثانية بأن هذا ليس دفاعا ً عن صالح الدين أو مقدمة لمدح اجمللدات اخلمسة. صالح الدين بقدر ما هو استشفافٌ -2البالذري -فتوح البلدان لعصر اتسم ٍ -3املسعودي -التنبه واإلشراف ،ومروج الذهب بالعدل والتسامح والعلم والتطور ،في مرحلة -4الدينوري -يف األخبار الطوال سادتها الحروب والكوارث والنزاع ،قتل فيه -5الطربي -تاريخ الرسل الكثير من األبرياء والفقراء ،في سبيل تحقيق -6ابن األثري اجلزري -الكامل يف التاريخ األرستقراطيين والرأسماليين الساعيين البتالع -7ابن فضل اهلل العمري القرشي -مسالك األبصار األرض بمن فيها لمطامعهم ومصالحهم تحت يف ممالك األمصار مسميات مدنية عديدة. -8شرفخان بدليسي -شرفنامه وعلى هذا األساس يمكن فهم عالقة التعاطي -9حممد أمني زكي -خالصة تاريخ الكرد وكردستان. الكردي مع الشعوب العربية كأشقاء في الدين والجغرافيا السياسية ،فضالً عن مساهمة الكرد في الحضارة اإلسالمية من جميع النواحي
47
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ظالل الفكر البعثي على العالقات الكورية العربية
بير رستم (أحمد مصطفى)
ال ُكرد وبحسب موقع الموسوعة الحرة؛ «هم شعوب تعيش في غرب آسيا شمال الشرق األوسط بمحاذاة جبال زاكروس وجبال طوروس في المنطقة التي يسميها األكراد كردستان الكبرى» ،وهي اليوم عبارة عن أجزاء من شمال شرق العراق كعرق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا .يعتبر ال ُكرد ٍ جزءًا من العرقيات اإليرانية .يتواجد األكراد -باإلضافة إلى هذه المناطق -بأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا وبعض مناطق «أذربيجان ولبنان» .وتضيف الموسوعة؛ «يعتبر األكراد أحد أكبر القوميات التي ال تملك دولة مستقلة أو كيانا ً سياسيا ً موحداً معترفا ً به عالمياً» .ويقول المؤرخ ال ُكردي «محمد أمين زكي» بخصوص منشأ ال ُكرد ما يلي:ينقسم منشأ الشعب ال ُكردي إلى طبقتين، األولى وهي «نواة الشعب ال ُكردي» ويسمّون بحسب المؤرخ بـ«شعوب جبال زاغروس» (وهم ميتاني ،كوتي ،كورتي ،جوتي ،جودي ،كاساي ،سوباري، خالدي ،نايري ،هوري ،لولو) هؤالء سكنوا ُكردستان منذ بداية التاريخ .والطبقة الثانية هم شعوب هندوأوروبية ،هاجروا إلى المنطقة في القرن العاشر قبل الميالد (الميديين والكاردوخيين) ،واختلطوا وامتزوجوا مع الشعوب األصلية ليشكلوا معا ً «الشعب ال ُكردي». وهكذا يعتبر ال ُكرد أحد أقدم شعوب المنطقة ،وقد أسسوا خالل مراحل التاريخ عدداً من الدول واإلمارات ،وأهمّها تلك التي عُرفت باإلمبراطورية الميدية، واستناداً إلى كتابات (هيرودوت) فإنّ الميديين كانوا مؤلفين من ست قبائل رئيسية؛ وهي الفيلية وباريتاك وستروخات وآريا وبودي وموغي ،وأطلق (هيرودوت) اسم اآلريين على القبائل الميدية ،ويضيف كذلك:أصل الميديين يرجع إلى شخص اسمه؛ (دياكو) الذي كان زعيم قبائل منطقة جبال زاكروس وفي منتصف القرن السابع قبل الميالد حصل الميديون على استقاللهم ،وش ّكلوا إمبراطورية ميديا، العدد - 36شتاء 2017
48
serqalawset@gmail.com
يعترب الكرد أحد أكرب القوميات اليت ال متلك دولة مستقلة أو كيانًا سياسيًا موحداً معرتفًا به عامليًا وكان فرورتيش ( )633 - 665قبل الميالد أوّ ل إمبراطور ،وجاء بعده ابنه «هووخشتره» «وبحلول القرن السادس قبل الميالد تمكنوا من إنشاء إمبراطورية ضخمة امتدت إلى ما يعرف اآلن بأذربيجان ،إلى آسيا الوسطى.»... ويقول المؤرخ هيرودت كذلك؛ «اعتنق الميديون الديانة الزردشتية ،وتم ّكنوا في 612 قبل الميالد من تدمير عاصمة اآلشوريين في نينوى ..واستمر نفوذ الميديين في المنطقة إلى أن تمرّ د الملك الفارسي كورش على الميديين وحقق انتصاراً كبيراً عليهم سنة 553قبل الميالد» .وكذلك فقد أسس أسالفنا «مملكة ُكردوخ» وهو «كيان آخر مستقل بدأ 189 قبل الميالد ،واستمر 90عاماً ،قام اآلرمنيون بإطاحتهم وحكم منطقتهم». أمّا في العصر الحديث ،فقد قامت «جمهورية مهاباد» و«هي جمهورية استمرّ ت فترة قصيرة ،وكانت أحدث كيان كردي استمر لمدة 11شهراً فقط ،أسسها القاضي محمد بمساعدة مصطفى البرزاني في شمال غرب إيران عام .»1948وأخيراً كان والدة «إقليم ُكردستان شبه المستقل منذ عام ،1991والتي نصّ عليها دستور العراق الجديد عام 2005ككيان ا ّتحادي ضمن العراق» ،ناهيكم عن عدد من اإلمارات والدول في المرحلة اإلسالمية ،مثل :اإلمارة أو الدولة الشدادية ()1199 - 951م التي
49
الشرق األوسط الدميقراطي
«حكمت أجزاء من أرمينيا ومنطقة حران الذي كان جزءاً ممّا يعرف اآلن بأذربيجان ،ويرجع سبب التسمية إلى مؤسس اإلمارة ،محمد بن شداد ،اإلمارة الحسوانية ( )1015 - 959التي كانت تحكم غرب إيران و شمال بالد مابين النهرين وكانت عاصمتها مدينة دينوار الواقعة شمال شرق مدينة كرمنشاه الحالية في إيران. ُسمّيت اإلمارة بالحسوانية نسبة إلى مؤسسها حسناوي بن حسين والذي كان رئيس قبيلة بارزكاني الكردية ،اإلمارة العنازية (990 )1117وكذلك الدولة األيوبية (- 11711250م ،واأليوبيون هم «بنو أيوب» ساللة كردية األصل تولّت في مصر ،سورية والعراق من 1171م حتى 1250/1260م .وأيضا ً «اإلمارة البدليسية» ( )1847 - 1182التي تأسست على يد أبناء قبيلة روزاكي الكردية بعد أن استطاعوا تحقيق نصر على ملك جورجيا؛ (داوود كوروباالوس) وتم ّكنوا من الهيمنة على منطقتي بدليس و ساسون الواقعتين على أراضي أرمينيا ،حيث ت ّم احتالل هذه اإلمارة في فترات متناوبة من قبل قبيلة آق قوينلو التركمانية من 1467إلى 1495والصفويون من « 1507إلى ،»1514وغيرها العديد من اإلمارات مثل؛ اإلمارة األردالنية (- 1169 ،)1867إمارة بهدينان (،)1843 - 1376 إمارة سوران ( )1838 - 1399وإمارة بابان (.)1851 - 1649 لكن ولألسف وبعد كل هذه اإلمارات والدول بقي شعبنا في العصر الحديث دون كيان سياسي ،ويقول موقع ( )BBCبخصوص حرمان الشعب ال ُكردي من إنشاء كيان سياسي مستقل ما يلي( :في مطلع القرن العشرين، بدأ الكثير من األكراد التفكير في تكوين دولة مستقلة ،باسم «كردستان» .وبعد هزيمة الدولة
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
العثمانية في الحرب العالمية األولى ،وضع الحلفاء الغربيون المنتصرون تصوّ راً لدولة كردية في معاهدة سيفر عام .1920إلاّ أنّ هذه ّ تحطمت بعد ثالث سنوات ،إثر توقيع اآلمال معاهدة لوزان التي وضعت الحدود الحالية لدولة تركيا ،بشكل ال يسمح بوجود دولة كردية) .وتضيف الموسوعة الحرة بخصوص القضية التالي؛ «هناك الكثير من الجدل حول الشعب الكردي ابتدا ًء من منشئهم ،وامتداداً إلى تاريخهم ،وحتى مستقبلهم السياسي .وقد ازداد هذا الجدل التاريخي ح ّد ًة في السنوات األخيرة، وخاصة بعد التغيرات التي طرأت على واقع األكراد في العراق عقب حرب الخليج الثانية، وتشكيل الواليات المتحدة لمنطقة حظر الطيران التي أ ّدت إلى نشأة كيان إقليم كردستان في شمال العراق» .وهكذا فقد جزأت ُكردستان بين أربع دول وكيانات غاصبة وتحولت لشبه مستعمرة أو باألحرى مستعبدة دولية ،وذلك بعد معاهدة لوزان ،وح ُِرم شعبُنا من أيّة حقوق سياسية وطنية ،إلى أن كانت والدة إقليم ُكردستان وقبلها جمهورية مهاباد ولفترة وجيزة وأخيراً فإن التطورات الجارية في روج آفاي ُكردستان والمنطقة عموما ً ألقى الكثير من الضوء على المسألة ال ُكردية وبات ال ُكرد يشكلون رقما ً حقيقيا ً في المعادالت اإلقليمية. وهكذا ونتيجة لالتفاقيات الدولية فقد لحق جزء من الجغرافية ال ُكردستانية بالدولة السورية الحديثة والتي نالت استقاللها في 8 آذار عام 1920أوّ ل مرة بعد سقوط الخالفة العثمانية ،إلاّ أنّ الحكومة السورية تعتبر 17 أبريل عام 1946يوما ً لالستقالل الوطني وذلك إثر جالء االستعمار الفرنسي عن البلد وقد كان لشعبنا ال ُكردي دو ٌر مه ٌم في االستقالل ،حيث شارك وإلى جانب باقي المكونات في الدفاع
حاولت سوريا أن تطمس كل ما ُّ ميت إىل كوردية يوسف العظمة، وذلك بعد هيمنة الفكر البعثي العروبي على مقاليد البالد عن األراضي السورية ونيل االستقالل ،وذلك في مختلف مناطق التواجد ال ُكردي حيث ت ّم إطالق أول رصاصة في وجه االستعمار الفرنسي في المناطق ال ُكردية بعفرين ،وذلك من قبل المجاهد «محو إيبو شاشو» ،كما تعتبر «انتفاضة بياندور» واحدة من المالحم البطولية لشعبنا في وجه االستعمار الفرنسي، ويقول الكاتب والسياسي ال ُكردي «محمد مال أحمد» بخصوص هذه االنتفاضة ال ُكردية ما يلي :انتفاضة بياندور انتفاضة كردية ،قامت بها ،في شهر حزيران من عام ( 1923كما يقول بيير روندو) ،عشائر كردية ضد ظلم واضطهاد الفرنسيين ،المنتدبين على سوريا. وكانت االنتفاضة بداية الرحلة الكردية مع فرنسا في سوريا ،وإن كانت بدايات التعارف الكردي الفرنسي في مؤتمر السالم بباريس .. وقد كانت انتفاضة بياندور انتفاضة وطنية، وردة فعل من مواطنين لسوريا (بحكم المادة 30من معاهدة لوزان) على الظلم الذي ال قوة من مستعمر لسوريا ،واحتجاجا ً مسلحا ً على ممارساتها الالإنسانية في الواقع الجديد للمجتمع الكردي بعد التقسيم ،الذي رافقته متغيّرات حدثت لكردستان ،وتأثر بها شعبها .كما كانت دعوة صريحة لفرنسا من أجل تطبيق العدالة في التعامل مع المواطنين ،والسماح بالحريات، لكنها مع األسف أصبحت كصرخة في واد،
العدد - 36شتاء 2017
50
serqalawset@gmail.com
جزأت كوردستان بني أربع دول وكيانات غاصبة وحتولت لشبه مستعمرة أو باألحرى مستعبدة دولية ،وذلك بعد معاهدة لوزان ذهبت بعد ذلك ،مع أدراج الرياح. ويضيف الكاتب «واالنتفاضة بحد ذاتها جزء من تاريخ كردستان الملحقة بسوريا ،وجزء من تاريخ شعبها .ال يمكن القفز من فوقها»( ،وكذا الحال مع انتفاضة عامودا عام .)1937وهكذا وعلى الرغم من تشكل الجغرافية السورية دون إرادة شعبنا وإلحاق جزء من جغرافية ُكردستان بها وذلك على طول الشريط الحدودي الشمالي منها مع الجمهورية التركية التي تأسست على أنقاض الخالفة العثمانية والتي بدورها أخذت الجزء األكبر من الجغرافية ال ُكردستانية كدولة غاصبة ،إلاّ أنّ شعبنا لم يبخل على الوطن بأبنائه كقرابين على مذبح الحرية واالستقالل عن االستعمار الفرنسي ،بل كان وزير الحربية للجيش السوري المدافع عن دمشق في عهد الملك فيصل األول؛ ملك المملكة السورية إبّان االستقالل األول هو الضابط «يوسف العظمة» ذي األصول ال ُكردية وتقول الموسوعة الحرة بخصوص هذا القائد ما يلي«:يوسف العظمة» اسمه الكامل يوسف بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل باشا آل العظمة ( 9أبريل 24 – 1884يوليو )1920قائد عسكري سوري استشهد في مواجهة الجيش الفرنسي الذي ق ُد َم الحتالل سوريا ولبنان ،حيث كان وزير الحربية للحكومة العربية في سوريا بقيادة الملك
51
الشرق األوسط الدميقراطي
فيصل األول ،أتقن العربية والتركية والفرنسية واأللمانية واإليطالية واإلنكليزية ..لم يخلّف من الذرية إلاّ ابنته الوحيدة (ليلى) ،رحلت مع أمها إلى تركيا وأنجبت هناك .ويذكر أن منزله حاليا ً تحوّ ل إلى متحف خاص بمقتنياته. ولألسف فقد حاولت سوريا أن تطمس كل ما ُّ يمت إلى ُكرديته ،وذلك بعد هيمنة الفكر البعثي العروبي على مقاليد البالد. وبالتالي ومن خالل ما سبق نستنتج أنّ شعوب المنطقة ومكوناتها كانت تعيش بنوع من اإلخاء والمحبة في ظل الخالفة العثمانية، وذلك على الرغم من أنّ هذه األخيرة كانت تمارس سياسة التتريك مع باقي مكوّ نات الخالفة ،وعلى األخص في المناطق ال ُكردية حيث التعليم باللغة التركية ومحاولة طمس كل ما يمت للثقافة واألدب ال ُكردي ،بل واعتبار ال ُكرد ليسوا إلاّ «أتراك الجبال» ،لكن رغم كل ذلك كان هناك نوع من التسامح واإلخاء الديني بين الشعوب والملل والنحل ،مما دفع بالكثيرين من ال ُكرد والعرب للدفاع عن دولة الخالفة في وجه االستعمار الغربي األوربين وذلك حتى بعد سقوط الخالفة العثمانية إبّان الحرب العالمية األولى ()1918 - 1914 وعلى األخص بعد توقيع «معاهدة مودروس» مع الحلفاء والتي أخرجوا على أثرها من الحرب ،وأصبحت جزءاً من ُكردستان ملحقا ً بسوريا الحديثة ..وهكذا ورغم إقرار الحدود بين الدولتين الجارتين؛ سوريا وتركيا ،وتقسيم الجغرافية والشعب ال ُكردي ،فإن شعبنا بقي وفيا ً لتلك العالقات التاريخية بين شعوب المنطقة ،ووقف إلى جانب إخوته العرب في وجه االحتالل الفرنسي وقد ق ّدمنا مالمح عن ذاك النضال األخويّ والذي يؤكد على عمق االنتماء إلى هو ّي ٍة حضارية مشتركة تتقاطع في
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
الجوانب التاريخية والدين والثقافة والعادات والقيم المشتركة ،والتي لم تكن قد تشوّ هت بع ُد بالفكر العنصري والقوموية الشوفينية. لكن ولألسف وبعد تولّي «حزب البعث» السلطة في سوريا ،وذلك على أثر االنقالب العسكري ( )1963والذي قادته «المجموعة العسكرية» المُش ّكلة من خمسة ضباط بعثيين ضد حكومة االنفصال ،ومن ثم االنقالب الذي قاده الرئيس السوري السابق؛ «حافظ األسد» على رفاقه البعثيين عام 1970وقد سمّاها بـ «الحركة التصحيحية» ،وبها رسّخ أركان ما ُسمّي فيما بعد بـ((دولة البعث والعروبة)) في سوريا والحقا ً «سوريا األسد» .وهكذا فقد شكلت هذه المرحلة بداية االنهيار في العالقات األخوية ال ُكردية العربية على مستوى اإلقليم أو الدولة السورية الحديثة ،حيث وبعد أن ْ شهدنا التالحم الشعبي بين مختلف مكوّ نات سوريا وعلى األخص ال ُكرد والعرب في وجه االحتالل الفرنسي ومن ثم نيل االستقالل واستالم عدد من الشخصيات الوطنية ال ُكردية المقاليد السيادية في البلد مثل كل من السادة؛ «المجاهد البطل إبراهيم بن سليمان آغا بن محمد هنانو ،قائد الثورة في شمالي سوريا ضد االنتداب الفرنسي ،ولد في بلدة كفر تخاريم غربي حلب سنة 1869م ..وأنتخب ممثالً لمدينة حلب في المؤتمر السوري الذي انعقد ألول مرة سنة 1919م». وكذلك «الرئيس السوري حسني بن الشيخ رضا بن محمد بن يوسف الزعيم .ولد عام 1889م في حلب ألبوين كرديين .درس العلوم العسكرية في حلب ودمشق وإستانبول ،والتحق بالجيش العثماني ثم بالجيش العربي الفيصلي، وبعد االنتداب الفرنسي على سوريا التحق الزعيم بالجيش الفرنسي ،وارتقى إلى رتبة
ومن أهم منجزات حسين الزعيم وضع دستور جديد للبالد و ّ سن القانون املدني كولونيل سنة 1941م .وبعد استقالل سورية انخرط الزعيم في صفوف الجيش السوري و ُعيّن مديراً عاما ً للشرطة ،ثم استلم قيادة الجيش السوري عام 1948م عندما أعلن العرب الحرب على الدولة اإلسرائيلية المعلنة. قاد الزعيم أول انقالب عسكري في سوريا والشرق األوسط يوم 29آذار 1949م ،ثم ان ُتخب رئيسا ً للجمهورية السورية في 5 حزيران 1949م وارتقى إلى رتبة مشير».. وكذلك «رئيس وزرائه محسن البرازي». وتضيف ويكيبيديا بخصوص مرحلة حسني الزعيم ما يلي«:ومن أهم منجزاته رغم فترة حكمه القصيرة»: • وضع دستور جديد للبالد. • سنّ القانون المدني الذي ال زال يُعمل به في سوريا إلى اليوم. • وضع مشروع مساواة المرأة مع الرجل ومنحها كافة الحقوق اإلنسانية والسياسية. • إنشاء ديوان للمظالم والشكايات. عرفت كما أنّ الحركة السياسية والثقافية َ عدداً من الرموز والشخصيات الوطنية ال ُكردية مثل السادة؛ «خالد بكداش ولد بدمشق عام 1912م ،ثم انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري سنة 1930م ،وكان أول من ترجم (البيان الشيوعي) إلى اللغة العربية» .وكذلك ك ٌّل من الممثلين «خالد تاجا؛ الممثل السوري
العدد - 36شتاء 2017
52
serqalawset@gmail.com
توركيا كانت متارس سياسة الترتيك مع باقي مكوّنات اخلالفة، وعلى األخص يف املناطق الكوردية الشهير بأنطوني كوين العرب كما وصفه الشاعر محمود درويش ،ولد في 6تشرين الثاني 1939م له من األبناء :هيندار وأفيندار والممثل السوري المخضرم عبد الرحمن آل رشي ،نجم تلفزيوني وسينمائي ومسرحي، ولد بحي األكراد (ركن الدين) بدمشق في 1944/9/7م» وأيضا ً «الممثل والكاتب السوري الكبير نهاد قلعي الخربوطلي ،الشهير بشخصية حسني البورظان .ولد بدمشق عام 1928م لعائلة كردية من مدينة خربوت (آل عزيز) الواقعة في وسط األناضول في تركيا حالياً» .وذلك إلى جانب العديد من الشخصيات الفكرية والثقافية في التاريخ اإلسالمي من أصول ُكردية مثل؛ (ابن األثير) «هم ثالثة إخوة ،أعال ٌم يشار إليهم بالبنان في زمانهم، اشتهروا جميعا ً باسم ابن األثير الجزري حتى اختلط على الناس ذلك فاعتقدوهم شخصا ً واحداً ،لقبوا بالجزري نسبة إلى جزيرة ابن عمرو؛ أي جزيرة بوطان؛ (الكاتب) .وكذلك لقبوا بالشيباني نسبة إلى قرية شيبانة الواقعة خرائبها اليوم على الضفة اليمنى لنهر صفين جنوبي جزيرة ابن عمرو ببضعة كيلو مترات ضمن األراضي السورية (شرقي مدينة المالكية السورية)». وأيضا ً «ابن الصالح الشهرزوري الحافظ أبو َعمرو تقي الدين عثمان بن أبي القاسم صالح
53
الشرق األوسط الدميقراطي
الدين عبد الرحمن بن موسى بن أبي النصر الكردي الشهرزوري العالِم الشافعي الفقيه وال ُم َفسر والم َُح ِّدث ،ولد في شرخان القريبة من َشه َْرزور (الواقعة في إقليم ُكردستان العراق حالياً) سنة 577للهجرة» .والشخصية الدينية الجدلية؛ «ابن تيمية هو تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد هللا الشهير بابن َتيمية نسبة إلى جدته ألمه َتيمية ،ولد في حران وهي بلدة تقع حاليا في الجزيرة الفراتية بين دجلة والفرات في العاشر أو الثاني عشر من ربيع األول سنة 661هجرية .انتقل مع عائلته إلى دمشق سنة 667هجرية بعد غزو المغول لبالد الجزيرة وحرّ ان» .وكذلك «ابن خالكان؛ المؤرخ قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان بن باوك عبد هللا بن ساكل بن الحسين بن مالك بن جعفر بن يحيى بن خالد بن َبرْ َمك فهو من نسل عائلة البرامكة الكردية الزرزارية .ولد في أربيل (في كردستان العراق حالياً) سنة 608هجرية 1211 /م» .وأيضا ً (ابو الفداء صاحب حماة) «الملك المؤيد عماد الدين أبو الفداء إسماعيل ابن الملك األفضل علي ابن الملك المظفر محمود ابن الملك المنصور محمد ابن الملك المنصور عمر ابن شاهنشاه بن أيوب .ولد بدمشق سنة 672هجرية ،وتوفي في حماه سنة 732للهجرة» وكذلك «الدينوري؛ شيخ علماء النبات أبو حنيفة أحمد بن داوود الدينوري ولد في دينور الواقعة بين (همدان وكرمنشاه) في سنة 215للهجرة 828 /م وتوفي سنة 282 للهجرة 895 /م». ومؤخراً برز عدد من الشخصيات الفكرية والثقافية في ساحة الثقافة العربية ،ناهيكم
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
عن تلك التي كتبت باللغة ال ُكردية مثل كل من الشعراء الخالدين؛ «أحمد خانى ،ماليى جزيري وفقى تيران» وغيرهم العديد مثل آل بدرخان؛ «جالدت وكاميران بدرخان بك» والشاعر «جيكرخوين» والعديد من الشخصيات الوطنية والكتاب والشعراء في مختلف األقاليم ال ُكردستانية أمثال« :بديع الزمان النورسي ،بلند الحيدري ،جميل صدقي الزهاوي ،محمد كرد علي ،معروف الرصافي، نوري السعيد ،يلماز كونى ،يشار كمال وبكر صدقي؛ رئيس أركان الجيش العراق األسبق» ...وغيرهم العديد من الشخصيات الوطنية والفكرية الثقافية .وكذلك لدينا عدد من رجال الدين الذين برزوا في العصر الحديث مثل الشخصية الدينية المعروفة على صعيد العالم اإلسالمي عموما ً ونقصد به «الشيخ العالمة محمد سعيد بن الشيخ رمضان البوطي ،ولد سنة 1929م في قرية (جيلكا) الكردية التابعة حاليا لمدينة المالكية شمال شرقي سورية» .. وقد تكون هذه السمة والمجال الوحيد والذي ترك لل ُكرد في ظل ((دولة البعث)) حيث بقي الشيخ الجليل ولسنوات طويلة يحتل مواقع دينية مرموقة مع عدد من الشخصيات ال ُكردية األخرى مثل «الشيخ أحمد بن الشيخ محمد أمين كفتارو المولود في دمشق ،ركن الدين ،حي الزينبية عام 1912م ،عالم ،مربّ ،من مج ّددي الفكر اإلسالمي ،وروّ اد الصحوة والتقريب بين المذاهب» وكذلك األستاذ «مروان شيخو»، ناهيكم عن عدد من الشخصيات التاريخية العظيمة مثل شخصية القائد التاريخي «صالح الدين األيوبي»؛ مؤسس الدولة األيوبية. إذاً ومن خالل ما سبق ،نجد أنّ الخارطة الثقافية والفكرية وفي مختلف المجاالت ،تزخر بالعديد من الشخصيات والرموز ال ُكردية ،ممّا
برز عدد من الشخصيات الفكرية والثقافية يف ساحة الثقافة العربية ،مثل كل من الشعراء اخلالدين؛ «أمحد خانى، ماليى جزيري وفقى تريان يؤ ّكد على األدوار المهمة والتي كان يلعبها أبناء الشعب ال ُكردي في مختلف العصور واألحقاب التاريخية للدولة اإلسالمية وحتى في الفترات القريبة حيث الدولة الوطنية الحديثة، لكن ولألسف ومع هيمنة الفكر العروبي البعثي إثر االنقالب الذي قاده كل من البعث في العراق ( )1962وسوريا ( )1963وخضوع َ واللذين يتقاسمان مع كل من تركيا هذين البلدين ُ وإيران جغرافية كردستان ،فإن شعبنا بدأ يعاني المزيد من سياسات الغبن والعداء والتهميش، بل وممارسة مختلف المشاريع األمنية القمعية بحق أيّ صوت ُكردي يطالب بالمساواة مع باقي مكونات المنطقة ،وقد وصل األمر بالبلدين إلى التخطيط الممنهج إلبادة ال ُكرد ومحوهم من خارطة المنطقة ،وكانت ذروة تلك السياسات ما ارتكبه النظام العراقي البعثي من مجازر وأنفال ّ بحق شعبنا حيث أباد ما يقارب ( )200ألف إنسان ُكردي ،وما زالت مدينة حلبجة تعاني من آثار السالح الكيماوي ،وكذلك فقد طبّق النظامان البعثيان في كل من سوريا والعراق ما يسمى بـ «الحزام األمني» العروبي العنصري، وذلك في فصل الجغرافية ال ُكردية على طرفي الحدود المصطنعة للدولتين ،والقائم على جسد الجغرافية ال ُكردستانية ،بحيث ت ّم الفصل بين أبناء القبيلة والعائلة ال ُكردية الواحدة ولألسف. ويقول الباحث ال ُكردي «د.آزاد أحمد علي»
العدد - 36شتاء 2017
54
serqalawset@gmail.com
كما ّ أن احلركة السياسية عرفت عدداً من الرموز والثقافية َ والشخصيات الوطنية الكوردية مثل السادة؛ «خالد بكداش في بحثه القيّم والمعنون بـ(الحزام العربي في الجزيرة السورية) واصفا ً إيّاه «بأكبر تغيير ديموغرافي في الشرق األوسط» .وبخصوص القضية ما يلي« :بعد استقالل سورية عام 1946م سعى التيار القومي العربي والقومي السوري إزاحة العديد من العائالت ال ُكردية عن مفاصل الحكم ،فتنامت سياسات اإلقصاء السياسية أوالً ،فالثقافية والفكرية الحقاً ،وذلك من قبل األوساط الحاكمة التي تعاقبت على الحكم من بعد فيصل .وبلغت هذه السياسة الذروة في منتصف القرن العشرين عام ( )1949مع عملية إعدام الجنرال حسني الزعيم ،الشخصية العسكرية ال ُكردية ورئيس الجمهورية السورية ،إلى جانب رئيس وزرائه الدكتور محسن البرازي ،الشخصية الحقوقية واألستاذ الجامعي ال ُكردي الكبير» .ويضيف «في مرحلة الحقة تابعت النخب العربية الحاكمة في دمشق نفس سياسة تعريب القطاع العسكري ،وإقصاء العسكريين واإلداريين ال ُكرد ،وقد أعطيت لهذه التوجهات بُعداً تطبيق ّيا ً في مرحلة حكم جمال عبد الناصر (الجمهورية العربية المتحدة) ،حيث كانت سورية اإلقليم الشمالي فيها .الحقا ً قام ما يسمى بالحكم الوطني بالتركيز على مسألة األرض وإمكانية حرمان ال ُكرد من حق التملك ،فكانت عملية منع ال ُكرد من تملك األراضي ،من أولى خطوات التعريب
55
الشرق األوسط الدميقراطي
الناعمة والقانونية». ويضيف الكاتب والباحث ال ُكردي؛ ((تصاعدت وانتعشت لتت ّم محاربة ال ُكرد في لقمة العيش ،فصدر المرسوم التشريعي رقم ( )193لعام ،1952المتضمن «عدم إنشاء أو تعديل أي حق من الحقوق العينية على األراضي الكائنة في مناطق الحدود إال برخصة مسبقة تصدر بقرار من «وزير الداخلية» .هذا المرسوم حرم ال ُكرد حصريا ً من تسجيل األراضي الزراعية بأسمائهم، في كامل الشريط الحدودي بدءاً من محافظة إدلب على حدود لواء اسكندرون غرباً ،وحتى ريف محافظة الحسكة شرقاً ،على الحدود مع تركيا ،ومن على ضفاف نهر دجلة وحتى تخوم جبل سنجار بمحاذاة الحدود العراقية .وكانت النتيجة األولية لهذا المرسوم -القرار عدم قيام أي مشروع زراعي أو صناعي ،أو حتى أيّة منشأة خدمية عائدة ملكيّتها للمواطنين األكراد في هذه المناطق الغنية والواسعة ،وتوقفت عملية التنمية العمرانية ،وتضاعفت الهجرة من المناطق ال ُكردية ،سواء البشرية منها أو هروب الرساميل .هذا وقد عدل وتعمق تأثير هذا المرسوم بموجب القانون رقم ( )75لعام 1964ليتم اعتبار كامل محافظة الحسكة منطقة حدودية .جدير بالتوضيح أنّ هذه اإلجراءات كانت خاصة بال ُكرد في التطبيق العملي ،ألنّ باقي المواطنين كانوا يحصلون على الرخص وبالتالي الموافقات «األمنية» المطلوبة التابعة لوزارة الداخلية ،للقيام بأعمالهم واستثماراتهم بشكل طبيعي». ويستكمل الباحث ليستوضح أكثر فيقول: «لم تكتف السلطات الحاكمة ومن خلفها من منظرين وسياسيين بهذه اإلجراءات لمحاربة ال ُكرد اقتصاديا بل كانت تتطلع إلى المزيد ،إلى
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
أن صدر قانون اإلصالح الزراعي العائد لعهد الوحدة ،بأهدافه المزدوجة ،االجتماعية المتمثلة في توزيع األراضي على الفالحين الفقراء، والقوموية العروبية التي اندرجت ضمن خطة ممنهجة إللغاء ملكيات األرض الكبيرة للمالكين ال ُكرد في عموم سورية ،وبالتالي تم ضرب الثقل السكاني والسياسي ألكراد سورية بدءا بعيد الوحدة بين مصر وسورية (-1961 ،)1958وصوال إلى عهد حافظ األسد أوائل السبعينات من القرن الماضي» .ويضيف؛ ((لقد خططت ورسمت لهذه السياسة العنصرية على أعلى المستويات السياسية ،فقد ا ّتخذت بهذا الخصوص أخطر القرارات المصيرية في المؤتمر القطري الثالث لحزب البعث العربي االشتراكي عام ،1966حسب الفقرة الخامسة من توصياته ،والمتضمن ما نصه: «إعادة النظر في ملكية األراضي الواقعة على الحدود السورية التركية ،وعلى امتداد 353كم وبعمق 13- 15كم ،واعتبارها ملكا ً للدولة ،وتطبق فيها أنظمة االستثمار المالئمة بما يح ّقق أمن الدولة» وبذلك تمّت مصادرة حوالي 5250كم 2من أراضي شمال الجزيرة السورية الخصبة ،وجعلها مُلكا ً حصر ّيا ً للدولة بهدف تحويلها إلى مزارع فمستوطنات زراعية تستوعب العنصر العربي فقط ،ولطمس معالم وهوية المجتمع ال ُكردي المحلي المستم ّد من واقع الغالبية المطلقة لسكانها)). وهكذا وبموجب هذا المشروع فقد «بلغ عدد السكان ال ُكرد المقيمين في هذا الشريط الحدودي حينها ،المسجلين في سجالت األجانب (المجردون من الجنسية السورية) في ريف هذه المنطقة حوالي ( )25ألف شخص. الحقا ً واستكماالً لنهج حكومات البعث المعادي للوجود ال ُكردي اجتماعيا ً وقومياً ،أ ّكد المؤتمر
شكل حكم حافظ األسد األداة واملرحلة التنفيذية لسياسات التعريب والتهجري العنصرية ضد الكورد القطري الخامس لحزب البعث في أيار 1971 على تطبيق هذه السياسة ،وبالتالي شكل حكم حافظ األسد األداة والمرحلة التنفيذية لسياسات التعريب والتهجير العنصرية ضد ال ُكرد. مشروعي الحزام واإلحصاء علما ً أنّ كلاّ ً من َ ّ (التجريد من الحقوق المدنية) كانا نهجا ً وخط ًة يُكمِّل ك ٌّل منهما اآلخر ،وكانا يسيران في خطين متوازيين ويفعالن فعلهما في تحطيم بنية المجتمع ال ُكردي الريفي وتفتيته ..لقد تم تنفيذ مشروع الحزام بحذر وخوف شديدَ ين ،على الرغم من أنّ األجواء كانت قد مهدت لتطبيقه بأقل الخسائر .بحيث جاء قرار التنفيذ كتحصيل حاصل ،الذي ا ّتخذ من قبل القيادة القطرية لحزب البعث بموجب :القرار رقم ()521 تاريخ 24حزيران عام 1974م ،وكان قد ت ّم إعداد قوائم جموع الفالحين المطلوب ترحيلهم من ديارهم وأرضهم في منطقة الرقة – الطبقة نحو الجزيرة». طبعا ً هذا اإلجراء العنصري ُ طبّق كذلك في باقي المناطق ال ُكردية األخرى؛ مثل كوباني وعفرين وتحت مشروع «اإلصالح الزراعي» حيث ما زالت تلك المستوطنات العربية مزروعة في المناطق ال ُكردية ،وكمثال فإنّ أخصب األراضي في منطقة عفرين والممتدة على طول ضفتي نهرها ،قد أعطيت للعرب الوافدين والذين تم جلبهم من الرقة
العدد - 36شتاء 2017
56
serqalawset@gmail.com
احلزام العربي يف اجلزيرة السورية أكرب تغيري دميوغرايف يف الشرق األوسط وريف حلب الشرقي وهي ما زالت تشهد على سياسات البعث العنصرية .وهكذا فإن قضية (الحزام العربي) مع المشروع العنصري اآلخر _ونقصد مسألة؛ اإلحصاء_ يش ّكالن جوهر الفكرة والمشروع العنصري العروبي وكانت البداية في إحداث شرخ مجتمعي عميق في العالقات ال ُكردية العربية ،وذلك من خالل طرح وتطبيق هكذا مشاريع شوفينية لحزب البعث والذي أخذ سوريا رهينة لفكره العروبي، وقد قام بإعداد ذاك المشروع العنصري، الضابط األمني؛ «محمد طلب هالل» و«كان ضابطا ً في وزارة الداخلية السورية تخرج برتبة مالزم أول في 1961في عهد االنفصال ليتقلد المناصب العسكرية والسياسية حيث وصل إلى رتبة عميد متقاعد .ليتبوّ أ العضوية المؤقتة للقيادة القطرية ،كما شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ،ووزيراً للزراعة في 1970ثم نائبا ً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للصناعة عام 1971كما شغل منصب سفير سورية في بولونيا بين عامي 1972و.1979 مات يوم األربعاء 2011/2/9عن عمر ناهز 80عاماً ،و قد نع ْت ُه القيادتان القومية والقطرية لحزب البعث العربيّ السوري». وقد كتب هذا الضابط األمني البعثي مشروعه العنصري بعقلية فاشية نازية، ً مرحلة مفصلية في ولتكون مقترحاته بحق
57
الشرق األوسط الدميقراطي
العالقات ال ُكردية العربية وبداية لكل السياسات العنصرية الالحقة بحق شعبنا حيث كتب وتحت عنوان« :مقترحات بشأن المشكلة الكردية ..دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية ،االجتماعية ،السياسية» كراسا ً يقترح فيه عدداً من األفكار والمبادئ .. وإليكم ما أقترحه من أفكار عنصرية؛ «إزاء كل ما ذكر ،الب ّد لنا في زحمة األحداث من أن تعالج األمور ببرودة العقل ولهيب اإلميان ،بعيدة كلَّ البعد عن أن تكون املعاجلة صدى أحداث يومية، أو جانبية ،أو ردة من ردود الفعل ،حتى ال نقع في الشرك والتخطيط الذي يرسمه األغيار». ويضيف؛ «علينا أوّال ً أن نتجن َّ َب مواطن الزلق، رس أسس التخطيط على العلم والدراسة ل ُن ِ الشاملة ضمن هذه املرحلة التاريخية التي منر ّ بها ،حيث أصبح معلوما ً لدينا بشكل واضح وجلي ،أننا نخوضها في شمالي قطرنا العربي العراقي _وهو يشير إلى الثورة ال ُكردية؛ الكاتب_« ،معركة عقيدة وسالح ،فالب ّد أن نشرع ،وعلى الفور من االنسجام في التخطيط مع ما نقوم به من عمليات في شمالي العراقي، وفي هذه املرحلة بالذات ،إذ ما الفائدة أن تنتهي هناك ،وتبقى هنا وعلى مستوى من الدالل ،أو القريب من الدالل باسم املواطنة ،وقد بان وظهر كلُّ شيء ،وانكشفت جميع األوراق هنا وهناك، وفي تركيا وإيران أيضا ً بالنسبة لألكراد». ويستكمل ذاك الضابط البعثي؛ «لذا نقترح أن يوضع تخطيط شامل بالنسبة للجزيرة، وجذري ،كي ال تعود المشكلة من جديد بعد فترة من الزمن ،أو فترات ،فالمنطقة كلها كما علمنا في تركيا والعراق وسوريا ،بل وحتى إيران ،ملتحمة مع بعضها على طول الحدود (ويقصد بذلك المناطق ال ُكردية وهذا اعتراف من أعتى رموز العقلية القومجية العروبية بأن
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تلك المناطق /المنطقة تشكل جغرافية ُكردستان – التعليق من كاتب المقال /البحث)_ ،وعلينا استغالل موقف تركيا اآلن ،ألنه قد يتغير في المستقبل وفق أهواء السياسة االستعمارية، حيث هم اآلن يهجّ رون كل عنصر خطر إلى داخل البالد؛ لذا فإننا نقترح: « -1أن تعمد الدولة إلى عمليات التهجير إلى الداخل ،مع التوزيع في الداخل ،ومع مالحظة عناصر الخطر أوالً فأوالً ،وال بأس أن تكون الخطة ثنائية أو ثالثية السنين ،تبدأ بالعناصر الخطرة ،لتنتهي إلى العناصر األقل خطورة ...وهكذا». « -2سياسة التجهيل :أي عدم إنشاء مدارس ،أو معاهد علمية في المنطقة ،ألن هذا أثبت عكس المطلوب بشكل صارخ وقوي». « -3إن األكثرية الساحقة من األكراد المقيمين في الجزيرة ،يتمتعون بالجنسية التركية» -ليس بمستغرب؛ كون تركيا كانت امتداداً للخالفة العثمانية وكانت سوريا جزء من الخالفة االسالمية وبالتالي فكان كل أمم الخالفة يحملون تلك الوثائق وليس الشعب ال ُكردي وحدهم ،أيضا ً التعليق من كاتب هذا البحث_ «فال ب ّد لتصحيح السجالت المدنية، وهذا يجري اآلن ،إنما نطلب أن يترتب على ذلك إجالء كل من لم تثبت جنسيته ،وتسليمه إلى الدولة التابع لها .أضف إلى ذلك يجب أن يدرس من تثبت جنسيته دراسة معقولة، ومالحظة كيفية كسب الجنسية ،ألن الجنسية ال تكسب إال بمرسوم جمهوري .فكل جنسية ليست بمرسوم ،يجب أن تناقش ،تبقي من تبقي ،أي األقل خطراً ،وتنزع من تنزع عنه الجنسية» -الحظوا معنا «نزع الجنسية» كذلك التعليق من كاتب هذا البحث« ،-لنعيده بالتالي إلى وطنه .ثم هناك تنازع الجنسيات ،فإ ّنك تجد
سد باب العمل أمام األكراد، حتى جيعلهم يف وضع ،أو ًال غري قادر على التحرك ،وثانيًا يف وضع غري املستقر املستعد للرحيل يف أية حلظة أحدهم يحمل جنسيتين في آن واحد ،أو قل ثالث جنسيات ،فالبد والحالة هذه أن يُعاد إلى جنسيته األولى ،وعلى كل حال ،فالمهم ما يترتب على ذلك اإلحصاء والتدقيق من أعمال ،حيث يجب أن تقوم فوراً عمليات اإلجالء». « -4سد باب العمل :الب ّد لنا أيضا ً مساهمة في الخطة من س ِّد أبواب العمل أمام األكراد، حتى نجعلهم في وضع ،أوالً غير قادر على التحرك ،وثانيا ً في وضع غير المستقر المستعد للرحيل في أية لحظة -وهذه السياسة ُ طبّقت مؤخراً من خالل «منع األجهزة األمنية ألبناء شعبنا المجرّ دين من الجنسية في العمل في المطاعم وغيرها ،كونهم محرومين أساسا ً من العمل لدى دوائر الدولة» ،التعليق من كاتب هذا البحث ،-وهذا يجب أن يأخذ به اإلصالح الزراعي ،أوّ الً في الجزيرة ،بأن ال يؤجر، وال يملك األكراد ،والعناصر العربية كثيرة وموفورة ،بحمد هللا» .وقد طبقت تلك السياسة من خالل «الحزام العربي» وكذلك المراسيم الجمهورية الالحقة كالمرسوم الجمهوري في الفترة األخيرة والذي حمل رقم ( )49وفي تصادف عجيب مع القانون رقم ( )49والذي يحكم باإلعدام على كل من ينتمي إلى جماعة اإلخوان المسلمين؛ حيث هنا اإلعدام الفردي بالنسبة لإلخوان وهناك االعدام الجماعي للشعب؛ «شعبنا ال ُكردي في غرب ُكردستان»
العدد - 36شتاء 2017
58
serqalawset@gmail.com
سياسة التجهيل :أي عدم إنشاء مدارس ،أو معاهد علمية يف املنطقة ،ألن هذا أثبت عكس املطلوب بشكل صارخ وقوي – أيضا ً التعليق من عندنا. « -5شن حملة من الدعاية الواسعة بين العناصر العربية ومر ّكزة على األكراد ،بتهيئة العناصر العربية أوّ الً لحساب ما ،وخلخلة وضع األكراد ثانياً ،بحيث يجعلهم في وضع غير مستقر» ..وقد رأينا تطبيقات هذه السياسة في األحداث الدامية بملعب القامشلي الرياضي بتاريخ 2004/3/12وما كانت من بعدها من انتفاضة شعبنا في غرب ُكردستان – التعليق من عندنا. « -6نزع الصفة الدينية عن مشايخ الدين عند األكراد» -بل وصل الجريمة لحد قتلهم؛ جريمة اغتيال محمد معشوق خزنوي في عام – 2005أيضا ً التعليق من كاتب المقال_، «وإرسال مشايخ بخطة مرسومة عربا ً أقحاحاً ،أو نقلهم إلى الداخل ،بدالً من غيرهم، ألن مجالسهم ،ليست مجالس دينية أبداً ،بل وبدقة العبارة مجالس كردية ،فهم لدى دعوتنا إياهم ،ال يرسلون برقيات ضد البرزاني ،إنما يرسلون ضد سفك دماء المسلمين ،وأي قول هذا القول!». « -7ضرب األكراد في بعضهم ،وهذا سهل ،وقد يكون ميسوراً بإثارة من ي ّدعون منهم بأنهم من أصول عربية ،على العناصر الخطرة منهم ،كما يكشف هذا العمل أوراق من ي ّدعون بأنهم عرباً».
59
الشرق األوسط الدميقراطي
« -8إسكان عناصر عربية وقومية في المناطق الكردية على الحدود ،فهم حصن المستقبل ،ورقابة بنفس الوقت على األكراد، تكون هذه من ريثما يتم تهجيرهم ،ونقترح أن َ « َشمّر» ألنهم أوالً من أفقر القبائل باألرض، وثانيا ً مضمونين قوميا ً مئة بالمئة :وقد طبقت هذه السياسة كما رأينا من خالل الحزام العربي أو ما سمي بـ «مزارع الدولة» في عام 1974 حيث يقول بيان صادر عن المنظمة الكردية لحقوق اإلنسان في الذكرى ( )34بخصوص هذا المشروع العنصري ما يلي :وبعد ذلك تتالت األعمال التنفيذية لهذا المشروع االستيطاني، حيث بدأت السلطة باالستيالء على أراضي المواطنين الكرد على طول الحدود السورية مع كل من تركيا والعراق في محافظة الحسكة وبطول /375/كم وعرض ما بين – 10/ /15كم ،لتشكل ما يسمى «مزارع الدولة». وفي 1974/6/24اجتمعت القيادة القطرية لحزب البعث وأصدرت قرارها رقم /521/ المتضمن التعليمات التنفيذية الخاصة بتطبيق هذا المشروع العنصري ،حيث جلبت مواطنين عرب من محافظتي الرقة وحلب وسلّمتهم األراضي المستولى عليها ،وبنت لهم تجمعات سكنيّة نموذجية تتم ّتع بكافة المواصفات الصحية ،والتي بلغت /41/تجمّعا ً استيطان ّياً، في تح ٍّد صارخ لكل القوانين واألعراف الدولية وبشكل خاص مواد اإلعالن العالمي لحقوق االنسان – التعليق كذلك منا؛ كاتب الدراسة. « -9جعل الشريط الشمالي للجزيرة منطقة عسكرية كمنطقة الجبهة ،بحيث توضع فيها قطعات عسكرية مهمتها إسكان العرب ،وإجالء األكراد ،وفق ما ترسم الدولة من خطة». « -10إنشاء مزارع جماعية للعرب الذين تسكنهم الدولة في الشريط الشمالي ،على أن
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تكون هذه المزارع مدربة ومسلحة عسكريا ً كالمستعمرات اليهودية على الحدود تماماً». نعتقد بأن هذا االقتراح ال يحتاج إلى تعليق. -11عدم السماح لمن ال يتكلم اللغة العربية بأن يمارس حق االنتخاب والترشيح في المناطق المذكورة». « -12منع إعطاء الجنسية السورية مطلقا ً لمن يريد السكن في تلك المنطقة ،مهما كانت جنسيته األصلية (عدا الجنسية العربية)...إلخ. هذا ،وإن هذه المقترحات ليست كافية ،بل أردنا منها إثارة المسؤولين بحسب خبرتنا، لتكون تباشير مشروع خطة جذرية شاملة، لتؤخذ للذكرى بعين االعتبار» .ويذيل مشروعه العنصري باسمه؛ «المالزم أول محمد طلب هالل؛ رئيس الشعبة السياسية». كلمة أخيرة؛ وهكذا استكمل المشروع العنصري للضابط األمني «محمد طلب هالل» ومع تلك األجواء والمناخات التي وفرتها المنظومة البعثية العروبية ومن خالل مشروعها القوموي مع القبضة األمنية التي كانت تضرب أي حراك ُكردي _كما تقترح الوثيقة العنصرية لضرب أي عنصر فاعل في المجتمع ال ُكردي_ وصل األمر في البلد إلى درجة بات الحديث عن كل ما هو ُكردي يعرض صاحبها للمالحقة األمنية واالعتقال والسجن والتعذيب في األقبية األمنية السورية، وذلك بتهمة «خطر على أمن الدولة» أو «اقتطاع جزء من أراضي الدولة السورية وإلحاقها بدولة أجنبية» وقد ذاق اآلالف من أبناء شعبنا وعلى األخص الكوادر السياسية والثقافية ،كل صنوف التعذيب واإلذالل في تلك األقبية ..إلى أن كانت انطالقة ما سمّي بالربيع العربي والثورة السورية حيث استطاع شعبنا أن يخرج من تحت القبضة األمنية
إسكان عناصر عربية وقومية يف املناطق الكردية على احلدود، فهم حصن املستقبل ،ورقابة بنفس الوقت على األكراد ،ريثما يتم تهجريهم والفكر البعثي وظالله العنصرية الشوفينية ليحقق تجربته الفتية في اإلدارة الذاتية و«أخوّ ة الشعوب» وعلى ضوء االهتداء بالمشروع الفكري السياسي للسيد «عبد هللا أوجالن» والذي يتلخص بفكرة «األمة الديمقراطية» والتي نأمل أن تكون بداية مرحلة جديدة في الحياة الحرة الكريمة ،ليس فقط ألبناء شعبنا، بل لكل شعوب «روج آفا» والشمال السوري؛ من عر ٍ ب وكلدان وآشور وجركس وأرمن إلى جانب ال ُكرد ،وذلك بأن يحققوا تجربتهم الديمقراطية الحقيقية ولندفن مرحلة من أكثر ً قتامة في تاريخ شعبنا ال ُكردي وعموم المراحل شعوب سوريا. المراجع والمصادر: -1موقع ويكيبيديا -2تاريخ الكرد وكردستان – محمد أمني زكي. -3موقع BBCاإلخبارية. -4موقع والتى مه ،مقالة للكاتب «محمد مال أحمد» بعنوان :انتفاضة بياندور. « -5احلزام (العربي) في اجلزيرة السورية … أكبر تغيير دميوغرافي في الشرق األوسط» بحث تاريخي للكاتب الدكتور؛ آزاد أحمد علي. -6وثيقة مشروع الضابط األمني؛ «محمد طلب هالل». « -7الكُرد… في املعادالت السياسية»؛ كتاب الكتروني لكاتب هذا البحث.
العدد - 36شتاء 2017
60
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
الكرد والعرب تعايش مشرتك ،وعالقات تارخيية مديدة
خالص مسور يعتقد بأن هناك مشتركات كثيرة بالنسبة للعالقة الكردية-العربية وهو ما سنتطرق إليها الحقاً ،يقول بعض المهتمين بالشؤون العربية -الكردية بأن أقرب الشعبين إلى بعضهما في منطقة الشرق األوسط هما العرب والكرد ،وذلك بفعل التجاور ،والعالقات التاريخية ،والمصاهرة ،والدين...الخ .وإن كان هناك تجاوزات على الحقوق الكردية نتيجة القمع واالضطهاد الذي مارسه بعض الحكام العرب بحق الكرد في كل من سورية والعراق بشكل خاص،إال أن ذلك ال يفسد للود قضية كما يقال .بدأت العالقة الكردية العربية في بداية الدعوة االسالمية وذلك حينما أرسل كسرى إلى عامله في اليمن (باذان) ليرسل له هذا الدعي العربي على حد قوله ،وليختبره أهو دعي أم نبي .ويقال بأن(باذان) ارسل إليه كرديين كانا في جيشه إلى مكة ،وحينما اقتربا من بيت الرسول (ص) نادياه بحدة وغلظة ،ويقال أن الرسول نفر منهما وتملكه خوف من هيبتهما وغالظتهما، فطلبا من الرسول محمد السير معهما إلى كسرى الفرس بناء على أوامره ،ولكن الرسول رجاهما أن يبقيانه إلى الصباح ليتجهز للرحيل إلى حيث سيد الفرس، فأمهاله الرجالن إلى الغد ،وهذا يدل على طيبىة قلبيهما ولبيس غلظتهما وإنما بالغ منكروا الكرد في ذلك حتى يظهروا الكرد في موقف معاد للرسالة المحمدية ويطفئوا كل مقاومة كردية في سبيل حقوقهم المشروعة. ولكن وفي الصباح حينما جاء الرسوالن الكرديان ليرافقا الرسول إلى االمبراطور أخبرهما الرسول بأن االمبراطور كسرى قد مات وأن ابنه قد قتله وأصبح محله في الحكم ،وحينما تأكدا من ذلك تعجب منه الرسوالن فآمنا به على الفور وقاال نشهد بأنك لنبي .هذه القصة رغم المبالغة في تفاصيل األحداث ،أال أنها تدل على بدايات االحتكاك بين الكرد والعرب في بدايات االسالم ،وعلى أن الكرد يكونوا قد آمنوا بالرسالة االسالمية في بواكير عهدها. واستكماالً لألمر فقد كان هناك الصحابي الكردي الجليل ويدعى(جابان
61
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
إن أقرب الشعبني إىل بعضهما البعض يف منطقة الشرق األوسط هما العرب والكرد ،وذلك بفعل التجاور ،والعالقات التارخيية، واملصاهرة ،والدين الكردي) وهو والد التابعي الجليل(ميمون الكردي) المكنى (بأبي بصير) ،وجابان هذا أشار إليه(ابن حجر العسقالني) في كتابه (اإلصابة في تمييز الصحابة) .وكان جابان قد روى حديثا ً واحداً عن النبي رواه عنه ابنه(ميمون) وقد أورد ذلك (ابن األثير) حيث قال :سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم غير مرة حتى بلغ عشرا يقول (:أيما رجل تزوج امرأة وهو ينوي أال يعطيها صداقا ً لقي هللا وهو زان). وكان جابان هذا قد شارك في قطع طريق قريش بعد صلح الحديبية ،وأسلم على يديه (الديلم الكردي) وهوقائد حرس كسرى الذي ساعد المسلمين في تحقيق النصر على جنود كسرى الفرس في معركة القادسية الشهيرة. ويقول الباحث العربي عبد الكريم الخليل :لقد خرج من بين األكراد جيل من األسود األبطال والعلماء األفذاذ الذين ساهموا بدورهم لبسط نفوذ اإلسالم في مناطق مختلفة من أقطار األرض .نعم ها هو القائد صالح الدين األيوبي الذي كان قائدا بارزا وقف في وجه الحمالت الصليبية التي هاجمت األراضي اإلسالمية في بالد الشام للسيطرة عليها على وجه العموم وبيت المقدس على وجه الخصوص....ذلك القائد الفذ الذي استطاع بحنكته ودرايته أن يفشل مخططات الذين استغلوا شارة الصليب في تحقيق مآربهم في مشرقنا ويقف فی وجههم
حتی استطاع أن يطردهم خاسرين مهزومين من البالد اإلسالمية كالشام وغيرها(.)1 لقد كان الملك الناصر صالح الدين األيوبي من أشهر ملوك اإلسالم( .)1193- 1338وهو من أكراد الروادية أبا ً وأما ً وكان مستقرالعائلة بلدة (دوين) وهي بلدة تقع في أذربيجان الحالية. ليس هذا فحسب بل وعلى مر التاريخ نجد للقادة الكرد العسكريين أدواراً بارزة في حماية الديار اإلسالمية ،ومنهم أيضا ً أسد الدين شيركوه عم صالح الدين األيوبي وكان من أبرز القيادات العسكرية في جيش عماد الدين الزنكي الذي استطاع أن يقف في وجه الهجمة الغربية وأن يعيد مصر إلى أحضان األمة اإلسالمية. كما قدمت مجموعة من التجار الكرد إلى مكة آنذاك وأعلنوا إسالمهم بين يدي رسول هللا ،وعلى العموم دخل الكرد االسالم في أوائل عهد الخليفة (عمر بن الخطاب) على يد القائد االسالمي الشهير(عياض بن غنم) ،وأورد المؤرخ االسالمي (البالذري) ،أن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب ولى عتبة بن فرقد الموصل سنة عشرين ،فوجد بالموصل ديارات فصالحه أهلها على الجزية ،ثم فتح المرج، وفرات ،وأرض باهذري ،وباعذري ،وحبتون، والحيانة ،والمعلة ،وداسير ،وجميع معاقل األكراد()2 ونشير إلى أن األمويين كانوا يحتفلون بعيد نيروز وفق طقوس خاصة وباألخص في عهد والي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي الذي أولى هذا العيد رعاية خاصة ،وقد أصبح نيروز على يديه عيدا مميزاً واكتسب حلة قشيبة .كما كان العباسيون يحتفلون بهذا العيد بشكل الفت للنظر ويعتبر منح االلقاب والنياشين لبعض أمراء الكرد من قبل الخلفاء العباسيين مظهرا من مظاهر العالقة الودية واالحترام والتقدير،
العدد - 36شتاء 2017
62
serqalawset@gmail.com
واعترافا ً بدور أولئك األمراء في أحداث عصرهم ،ولم تكن لتعطى األلقاب إال لمكانة الشخصية ونفوذها .باإلضافة إلى األلقاب فقد حصل الكرد على موافقة وتعضيد الخالفة في مناطقهم ،ويذكر أن الداعي للبيت العباسي وقائد جيوشهم في نفس الوقت ،الكردي أبو مسلم الخراساني الداهية الذي ساعد في ازاحة الدولة األموية وإحالل الدولة العباسية محلها. وفي سنة 989م استقبل الخليفة العباسي القادر باهلل لرسولين أرسال من قبل األميرين الكرديين أبو طالب رستم بن فخر الدولة، وبدر بن حسنويه ،فلقب أبي طالب بمجد الدولة وكهف األمة وعهد إليه أعمال الري ،وكنى بدراً أبا النجم ولقبه بنصر الدولة ،وعهد إليه أعمال في إقليم الجبل أي مناطق األكراد ،وحمل إليه الخلع الجميلة وعقد له اللواء ،ويظهر أن بدراً لم يكن راضيا ً عن لقبه وسأل الخليفة أن يلقب بناصر الدولة فأجابه الخليفة فيما بعد ولقبه بناصر الدولة والدين .فلقب الدين يدل على شأن بدر في مساهماته الدينية نظراً لخدماته في هذا المجال ،ويشير إلى مشاركته في الشؤون الدينية ،وإعالئه شؤون الدين وإالعالء من شأن االسالم ،ولذا فهو يعد من أبرز أمراء عصره وأبرزهم ذكراً .كما حصل األمير الكردي احمد بن مروان على الخلع والتشريف أي المالبس، ولقب بنصر الدولة وعمادها ذي الصراطين، كما نقش اسم الخليفة القادر على ظهر درهم فضي في الدولة المروانية وهو ما يدل على العالقة الودية والثقة المتبادلة بين العرب والكرد آنذاك(.)3 ويذكر االستاذ عماد الدين خليل دور الكرد في االسالم فيقول :وهكذا وجد الكرد أنفسهم، وصنعوا تاريخهم في ظالل العصر االسالمي وشاركوا مشاركة فاعلة في مصائر األمة االسالمية في السلم والحرب ،وفي الحضارة
63
الشرق األوسط الدميقراطي
والسياسة معاً .فحينما احتك قادة الفتوحات بالكرد في مناطقهم الحالية أبدى الكرد في بعض مناطقهم مقاومة شيددة ،فارسل القادة إلى الخليفة يخبرونه بذلك فسألهم كيف القوم؟ أي أن عمراً أراد أن يعرف النقاط التي يمكن منها استمالة قلوبهم دون قتال كثير ،فأخبروه بأن الكرد قوم شديدوا الميراس ولكنهم يطيعون زعمائهم القبليين طاعة عمياء ،فأمرهم باالتصال بزعمائهم أو رؤوساء عشائرهم والعمل على استمالتهم وإقناعم بتوزيع األراضي والضياع عليهم واستمالتهم إلى االسالم فإن آمن هؤالء فستؤمن رعيتهم. ففعل القادة ذلك ونجحت الخطة بشكل كبير، وهكذا يكون قسم كبيرمن الكرد دخلوا االسالم دون حرب كبرى ،وحينما أخبره القادة بوجود كرد يعتنقون الديانة اليزيدية أمرهم بقوله الشهير (عاملوهم معاملة أهل الكتاب)،هذا األمرباإلضافة إلى شجاعتهم كانا عاملين من عوامل حماية اليزديين وحاال دون إبادتهم أو ترك دينهم واجبارهم على دخول االسالم ،ألنهم لم يعتبروا كفارا أي اعتبرت ديانتهم سماوية ألن االسالم يقول (ال هوادة مع الكفار) أي إما القتل أو اعتناق االسالم وهذا ما لم يحصل مع اإليزيديين .هذا وقد كان الكرد من المجاهدين في سبيل االسالم وشاركوا بقوة في الفتوحات االسالمية والوقوف في وجه أعداء االسالم ،كما كان كرد شهرزور من المولين والمناصرين للخليفة األموي عمر بن عبد العزيز ،ويظهر كان هناك مودة بين بعض الكرد والخلفاء األمويين وعلى حد قول المقدسي الذي قال إن سكان اقليم الجبال وهو واحد من مواطن الكرد، يفرطون في حب الخليفة األموي األول معاوية بن أبي سفيان. وقد أصبحت كردستان فيما بعد احدى أهم الثغور األمامية التي رابط فيها المجاهدون للدفاع
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
عن الحدود االسالمية ضد الروم البيزنطيين. كما شارك العلماء الكرد في بناء الحضارة االسالمية بقوة وكانت لهم مساهمات فعالة في كافة المجاالت العلمية واألدبية ،باإلضافة إلى االهتمام والمشاركة في بناء المؤسسات والعلوم النظرية ،وقد بلغ عددهم()419عالما ً وأغلبهم محدثون وعلماء خالل القرنين السابع والثامن الهجريين ،وبلغت مؤلفاتهم( )541مؤلفاً(.)4 من أمثال المؤرخ الكردي ابن خلكان(- 1211 )1282م ،الذي درس الفقه في الموصل وتولى القضاء في مصروألف كتابه(وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان) وفيه يتناول الشخصبات العربية واالسالمية البارزة .ونشير إلى إن مشاركة المسلم الكردي لم تكن بأقل من مشاركة العربي واألعجمي وهو الذي شارك في حماية ونشر الدين االسالمي ،وكانت مشاركة دينية وعلمية وعقلية. وهناك علماء الكرد الذين وضعوا أسس الفقه االسالمي وحموا العقيدة االسالمية من التشتت واالندثار ،مثل اإلمام العالمة شيخ اإلسالم تقي الدين أبو عمرو عثمان بن المفتي صالح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري الموصلي صاحب كتاب (علوم الحديث) .ومنهم كذلك العالم الشهير والمرجع األساسي في علوم الفقه وأشهر فقهاء االسالم على مر تاريخه ،وهو المدعو شيخ اإلسالم تقي الدين المعروف بابن تيمية الحراني الكردي األصل الذي ولد سنة 661هـ(1262م) أي بعد خمس سنوات من سقوط الخالفة العباسية سنة 656هـ (1258م) على أيدي التتار .ثم الدينوري أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري، ولد في العقد األول من القرن الثالث الهجري ُنسب أجداده األقربون، بمدينة دي َن َور ،وإليها ي َ والحقيقة أن المصادر اإلسالمية لم تذكر نسبته إلى الكرد ،وإنما نسبته إلى دِي َن َور ،Dinewer
هذا هو اسمها المشهور ،ويقال لها( :دَ ْي َن َور) (دينهور)، أيضاً ،وتسميها المصادر السريانية ِ وهي من أهم مدن إقليم الجبال في كردستان الشرقية (غربي إيران) ،وهي تقع غربي َه َمذان ،وشمالي كر َمنشاه تحديدا .و من آثاره كتاب (البيان) ،و( الشعر والشعراء) و(رسالة في الطب) .وقد أتى (ابن َت ْغري َبرْ دي) في كتابه (النجوم الزاهرة) ،على ذكر اسم عالم كردي آخر وهو ابن الحاجب فقال( :عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الشيخ اإلمام العالم العالّمة جمال الدين أبو عمرو المعروف بابن الحاجب الكردي المالكي النحوي ،صاحب التصانيف في النحو وغيره ،ولد في سنة 570 هـ في إسنا من بالد الصعيد في مصر .من آثاره في النحو -1 :الكافية -2اإليضاح في شرح المفصل -3أمالي ابن الحاجب -4شرح كتاب سيبويه. وهناك اإلمام بديع الزمان الجزري الكردي من جزيرة بوطان( )1206 - 1136م ،وكان يعتبر من أشهر الميكانيكين في العالم آنذاك أي في عهد االراتقة ،ثم المؤرخ الكردي الذائع الصيت المعروف بابن األثير الجزري واخوته االثنين اآلخرين أيضاً .وهناك الفقيه الكردي بدر الدين حسن بن علي االربلي االصل المولود بحصن كيفا عام 1447م والذي يعد من العلماء البارزين مفتيها ومحققها ومدققها مع الديانة والصيانة ،وقد أصبح مفتي البالد الحلبية وقد ذكره المؤرخ الغزي بقوله :وأجازه باالفتاء والتدريس جماعة زمانه ،وواسطة عقد أقرانه ،ثم تصدر ببلده لإلفادة ،وانتفع بتدريسه وإفادته ،وصار شيخ بلده .كما كان العالم الكردي الشيخ عبد هللا البيتوشي قد سكن في االحساء في المملكة العربية السعودية وبدأ بالتدريس والتأليف والتثقيف لشعب المملكة، وتزوج من أهلها وكان يقصده الطالب من
العدد - 36شتاء 2017
64
serqalawset@gmail.com
المملكة السعودية ومن جميع اآلفاق ألخذ العلم على يديه مقدما ً بذلك خدمة جليلة للعلوم العربية والشرعية. ومن األدباء والشعراء المحدثين نذكر أمير الشعراء أحمد شوقي ()1932-1868م ،الذي ولد في القاهرة سنة 1868م ألب كردي وأم من أصول يونانية و ي َُع ُّد أشهر شعراء العرب في العصر الحديث على االطالق ،ومن آثاره الشوقيات ،ومجنون ليلى ،وعنترة .ثم الشاعر الكردي الذي كتب بالعربية وتغنى بالحرية معروف الرصافي (1945-1875م ،الذي ولد في حي (القراغول) في العاصمة العراقية بغداد ،وهو ينتمي من جهة أبيه إلى عشيرة (جبارة) أو (جباري) الكردية ،وجاء في كتاب (العشائر الكردية) أن عشيرة جباري تسكن لواء كركوك ،وهي تمتهن الزراعة ،وقد وقفت الحفيد خالل العشيرة إلى جانب الشيخ محمود َ ثورته ضد اإلنكليز سنة ( )1919في كردستان الجنوبية. هذا ونعود إلى القول وحسب كتب المؤرخين العرب والمسلمين بأن االتصال األكبر للكرد بالعرب كان في العام الثامن الهجري أو العام 639ميالدي ،وهناك روايات متعددة حول طريقة إسالم الكرد ،فبعض الروايات تذكر أن الكرد دخلوا االسالم طواعية ،وبعضهم يقول أنهم دخلوا االسالم بالحرب في بعض مناطقهم وسلميا في مناطق أخرى ،ومن الروايات التي يذكرها الطبري حول هذه القضية فيقول: (أرسل الخليفة عمر بن الخطاب المدعو (سلمة بن قيس األشجعي) حيث التقى بمشركي االكراد ،فدعاهم إلى ما أمر به أمير المؤمنين فرفضوا ،عند ذاك دعاهم إلى الجزية ،فأبوا عندها قاتلهم قتاالً شديداً وانتصر عليهم ....ثم بعث رجالً إلى الخليفة لتهنئته بالنصر) .هذه إحدى الروايات التي ترى أن الكرد دخلوا في
65
الشرق األوسط الدميقراطي
لقد خرج من بني األكراد جيل من األبطال والعلماء ساهموا يف بسط نفوذ اإلسالم يف مناطق خمتلفة من أقطار األرض .كما هو القائد صالح الدين األيوبي االسالم بحد السيف ،ولكن هناك روايات أخرى مضادة لها وترى أن الكرد دخلوا االسالم بسهولة ويسر. ويورد (البالذري) إحدى وثائق الصلح وفيها يرد اسم الكرد وتقول (:وال يهدم بيت نار وال يعرض ألكراد البلشجان ،وسبالن، وساترودان ،وال يمنع أهل الشيز خاصة من الزفن في أعيادهم وإظهار ما كانوا يظهرونه). ونسبهم المسعودي إلى العرب كما ينسبهم (ابن الكلبي) أيضا ً إلى العرب ويقول ( :أن الكرد ينتسبون إلى كرد بن عمرو بن ميزيقيا بن عامر بن ماء السماء). يقول في هذا الشاعر العربي في إحدى أبياته عن الكرد ويقول: لعمرك ما كرد من أبناء فارس لكنه كرد بن عمرو بن عامر وقد حدث احتكاك كما كان هناك اتصالت كما ترى الكاتبة الكردية(درية عوني) بشكل مباشر بين العرب والكرد بعد فتح قلعة حلوان، وكان الكرد قد أقامو عدد من الدول في العهد االسالمي ومن هذه الدول: الدولة الروادية ()618 – 230هـ، برئاسة محمد الروادي في مدينة تبريز في كردستان الشرقية ،والدولة الساالرية برئاسة ساالر مرزبان بين عامي (42 – 300ه) في أذربيجان وكانت هذه الدولة كردية حسب دائرة المعارف االسالمية .والدولة الحسسنوية في الدينور وشهرزور برئاسة األمير حسين،
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
يذكر عماد الدين خليل عن دور الكرد يف االسالم قائ ً ال :وهكذا وجد الكرد أنفسهم ،وصنعوا تارخيهم يف ظالل العصر االسالمي وشاركوا مشاركة فاعلة يف مصائر األمة االسالمية يف السلم واحلرب، ويف احلضارة والسياسة معًا والدولة المروانية في دياربكر بين عامي(350 )476هـ علما ً بأن قائد الجيش المرواني كانضابطا ً من العرب يدعى أبا حكيم وهو من بلدة الحديثة العراقية( .)5أما عن العالقة الكردية – العربية المعاصرة فلالنصاف نقول ،بأن هناك عرب تغنوا بأمجاد الكرد ودافعوا عن حقوقهم المشروعة من أمثال محمد مهدي الجواهري الشاعر العراقي الكبير الذي تعاطف مع قضية الشعب الكردي وتضامن مع كردستان موطن الكرد فقال رائعته الشهيرة: قلبي لكردستان يهدى والفم ولقد يجود بأصغريه املعدم سلم على اجلبل األشم وأهله هم وألنت تعرف عن بنيه من ُ ونذكر الموقف الصلب والشجاع آلية هللا العظمى السيد محسن الحكيم في العراق حينما أقدم على اصدار فتوى دينية تحرم على الجنود العرب مقاتلة إخوانهم من الكرد الذين ثاروا يدافعون عن حقوقهم المشروعة وقد رفعوا السالح في وجه العنجهية والدكتاتورية ،فهؤالء طالب الحق والحرية اليجب سفك دمائهم. وكذلك موقف الزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي أوعز إلى قادة العراق آنذاك بالسماح بدخول القائد الكردي المال مصطفى البارزاني إلى العراق والذي كان عائداً من منفاه في االتحاد السوفييتي السابق عام 1958م ،وقد
استقبله الرئيس جمال عبد الناصر بنفسه على ظهر الباخرة التي كانت تقله ،وكذلك استقباله للسيد جالل الطالباني عام 1963م وقد أحسن استقباله كممثل للثورة الكردية في كردستان الجنوبية. وقد قابل قادة عرب آخرون جالل الطالباني ومسعود البارزاني في مديات مختلفة حتى إن حزب االتحاد الوطني الكردستاني تأسس في دمشق برئاسة جالل الطالباني عام 1975م، كما أفسح الرئيس السوري حافظ االسد المجال لعبد هللا اوجالن والكريال الكردية في سورية ولبنان ،واستقبلهم وخصص مكانا لهم للتدريب في سهل البقاع في لبنان ومن هناك أفلح حزب العمال الكردستاني في ادخال أولى مجموعاته المقاتلة الى كردستان الشمالية وتركيا ،كما استقبل الزعيم الليبي معمر القذافي العديد من كوادر حزب العمال الكردستاني وفتح لهم أبواب ليبيا. ويمكن اإلشارة هنا إلى دور األحزاب اليسارية في العراق والحزب الشيوعي العراقي والموقف اإليجابي من (فهد) مؤسس الحزب ،وكامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي وورود حقوق الكرد في برنامج الحزب ،وموقف حسين جميل الحقوقي الديمقراطي وإضافته عبارة شراكة العرب واألكراد في الوطن العراقي ،في دستور .1958 ودور صديق الشعب الكردي عزيز شريف، وكذلك مواقف المثقف العراقي البارزهادي العلوي الذي تبرأ من قوميته بسبب قصف أطفال الكرد في حلبجة ،ومثله السيد منذر الفضل ،وكاظم حبيب ،وآخرون ممن وقفوا الي جانب الشعب الكردي في محنته والمواقف الصعبة التي مر بها. وبالقدر نفسه نستذكر مواقف الشخصيات
العدد - 36شتاء 2017
66
serqalawset@gmail.com
الكردية البارزة ازاء قضايا األمة العربية، ويمكن االفاضة في هذا الجانب وبخاصة مواقف أدباء ومثقفين أكراد من القضية الفلسطينية والعربية عموماً ،وتبيان ذلك وتوضييحه يقع على عاتق المثقفين والباحثين العرب والكرد ..هذا ورغم التدخالت الخارجية والفتن والشوفينية المترسخة في أذهان قادة حكام المنطقة أال أن العرب والكرد لم يهجم أحدهما على اآلخر طوال التاريخ المديد لتجاورهما، وكل ما هنالك كان الحكام يحاولون إثارة الفتنة بين الكرد والعرب ومكونات المنطقة األخرى، أال أن المحاوالت كلها باءت بالفشل وتحطمت على صخرة األخوة العربية الكردية وأخوة الشعوب ومكونات المنطقة على العموم .وقد كان ببين الكرد والعرب على الدوام حسن جوار ومودة وسالم .ويذكر التاريخ أن الشيخ احمد السليماني الكردي رحل في عام 1305هـ إلى المدينة المنورة ومكث فيها اربع سنوات، وهو الذي بنى في مكة المكرمة داراً لضيافة المحتاجين ليقيموا فيها خالل فترة مناسك الحج، وقد استفاد من الدار خلق كثير من ضيوف الحرمين الشريفين. وفي العصر الحديث تضامن الكرد والعرب معا ً في الثورات الوطنية ليناضلوا يداً بيد وكتفا لكتف ضد االستعمار في كل من سورية والعراق ،وقد شارك الكرد في ثورة العشرين ضد االحتالل االنكليزي وكانت ثورة ملحمية سجل فيها العرب الكرد آيات من البطولة والفداء ،ولقنوا االنكليز دروسا في معنى التضامن ،والحرية ،والنضال .وفي عام 1958م أعلن الدستور العراقي المؤقت الذي أعلن صراحة في بنده الثالث أن الشعب العراقي يتكون من قوميتين هما العرب والكرد، وعلى أنهما شركاء في هذا الوطن .وقد احتفل الشعبان العربي والكردي باألخوة العربية
67
الشرق األوسط الدميقراطي
الكردية وكانت فرحة الشعبين حقيقية ووالؤهما للعراق صريحة وواضحة. وفي سورية حارب الكرد إلى جانب العرب ضد االستعمار الفرنسي وكان الكرد أول من أطلق النار على المستعمر ،وكان هناك مجاهدون كرد قاموا بثورات شهيرة ضد المستعمر الفرنسي ،أمثال المجاهد الكردي ابراهيم هنانو الذي قاد المجاهدين من الكرد والعرب في جبل الزاوية قرب ادلب ،وتمكن من تحقيق عدة انتصارات على المحتل ،إلى أن تم القضاء على ثورته الوطنية .ومنهم يوسف العظمة الذي كان وزيراً للدفاع في الحكومة السورية ،وقد أبى أن يدخل الفرنسيون سورية دون مقومة ،فتصدى لجيوش االحتالل بإيمان راسخ وعزيمة ال تلين ،ورغم اقتداره وشجاعته لم يستطع الصمود في وجه أحدث الطائرات والدبابات الفرنسية وظل يقاتل حتى سقط صريعا ً على أرض المعركة واستشهد مع رفاقه االبطال عام 1920م .وهناك الكثير من الرموز الكردية األخرى التي قادت وشاركت في الدفاع عن األراضي السورية جنبا الى جنب مع اخوانهم العرب. ومن جهة أخرى فكانت ثورة (بياندور) التي جرت في تلك القرية الواقعة شرقي مدينة قامشلو في عام 1932م كانت ملحمة رائعة وتالحما ً أخويا ً في تاريخ الشعبين العربي والكردي ،حيث تصدى العرب والكرد في تلك الملحمة للقائد الفرنسي (روغان) وجنوده العائدين من مهمة عسكرية في مدينة ديرك وتمكنوا من تحقيق نصر ساحق على القوات الفرنسية قتل على إثرها (روغان) القائد الفرنسي ومجوعة من جنوده كما سقط في المعركة خمس عشرة شهيدا من المجاهدين، وبذلك أنقذوا الشعبين والمكونات األخرى في المنطقة من ظلمه وجبروته ،وهكذا يثبت
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
التاريخ بأن وحدة الشعوب تخلق المعجزات وتخلق تماسكا ً وتالحما وطنيا ً رائعاً .وفي عفرين كان المجاهد محو إيبو شاشو يجاهد الفرنسيين وقد أقض مضاجعهم دفاعا ً عن الوطن السوري المحتل ،كما كان هناك آخرون في عفرين من الثوارالذين ضحوا من أجل الشعب السوري وحريته. وقد تولى الكرد رئاسة الدولة السورية وخدموا الشعب السوري بكل تفان وإخالص، ومنهم الرئيس محمد علي العابد بن احمد عزت بن هولو باشا الوالي الكردي على بالد الشام وأمير الحج الشامي في نفس الوقت ،حيث أصبح العابد في 11حزيران عام 1932م أول رئيس للجمهورية السورية في عهد االنتداب الفرنسي والذي جاء إلى الحكم بانتخابات نزيهة وكان كردياً ،ثم الضابط حسني الزعيم الذي تولى الرئاسة بانقالب عسكري عام 1949م، ثم فوزي سلو الذي أصبح رئيسا ً لسورية بين عامي ( )1953 – 1951م ،وكان الرابع هو العقيد أديب الشيشكلي الذي تولى رئاسة سورية عام 1954م. كما استشهد اثنا عشر من قوات الكريال التابعة لحزب العمال الكردستاني في قلعة شقيف في لبنان عام 1982م دفاعا عن الشعب الفلسطيني ،ومنهم قائد المجموعة الشهيد عبد القادر جوبوقجو. ورغم أن بعض الدكتاتوريات من االنظمة العربية عمدت وخططت لتحجيم الكرد واضطهادهم وحتى محاوالت إشعال الفتن بينهم وبين العرب وإبادتهم بشكل ممنهج أحياناً ،إال أن موقف الشعبين لم يتأثر بهذه المحاوالت وبقي الشعبان في حالة وئام وتوافق إال في حاالت نادرة ،حيث لم يكن هناك تمايز قومي بين العرب والكرد ،وقد حدث التمايز بين القوميات بفعل االفكار الشوفينية التي انزلقت إليها أقطاب
الطورانية التركية بعد ثورة الجونتا التركية عام 1908وما بعد ،وحكومتي البعث في كل من سوريا والعراق .وما يتطلب من الكرد والعرب اليوم ،هو إزالة الحواجز النفسية التي زرعتها كل من الحكومات العراقية والسورية المتعاقبة، والتقرب من بعضهما ومن كل المكونات في هاتين الدولتين بما يرضي الشعبين وجميع االطراف في سبيل إحقاق الحقوق السياسة المشروعة لمكونات المنطقة عموماً ،وحرصا ً على وحدة الدولتين وتحصينهما ضد االنقسام والتمزق على أساس من الفيدرالية الديمقراطية والتي تفرض نفسها كحل أنجع لكل مكونات المنطقة ،ولحماية السلم األهلي والعيش معا ً بوئام ومودة وتقدير ،ليصار إلى وحدة المكونات واستقرارها وديمومة حياتها في جو من الرخاء والسلم واالزدهار. املراجع: ( - )1انظرخالد محمدي -مقال. ( - )2البالذري -انظر – موسوعة الفتوحات االسالمية – محمود شاكر – ص – .65 ( - )3االمارات الكردية في العهد البويهي – قادر محمد حسن ص 85 - ( -)4اسهامات العلماء الكرد في الحضارة االسالمية –تريفة احمد – ص – ب ( – )5عرب واكراد وئام ام خصام -درية عوني -ص – .44
العدد - 36شتاء 2017
68
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
ّ ّ ّ األمة الدميقراطية مثال عملي لواقع ّالتعايش بني املكونات يف الشمال السوري
إلهام أحمد الرئيسة املشرتكة جمللس سوريا الدميقراطية
واملؤسسات بشكل عام أهمية العالقات ما بني الشعوب ّ إنّ موضوع العالقات ما بين الشعوب والمؤسّسات بشكل عام موضوع سيسيولوجي ثقافيّ ،ويصبّ في مجال الحماية أيضاً ،فعلى تراب بقعة مثل بقعة الشرق األوسط ،اختلط فيها تاريخ الشعوب وتشابكت فيما بينها ،فمن الصعب أن نجد شعبا ً واحداً أو قوميّة واحدة قد عاشت على منطقة جغرافيّة مح ّددة من جغرافيّة الشرق األوسط عامّة ،فعبر آالف السنين وعلى أرض الشرق األوسط تعايشت حضارات متالحقة فيما بينها وداومت ح ّتى اآلن ،ومن خاللها استطاعت ّ والتأثر المجتمعات المتعايشة في الشرق األوسط أن ُتغني نفسها من خالل التأثير ّ وتؤثر ،فلذلك فيما بين مكوّ ناتها ،واستطاعت هذه الحضارات المتالحقة أن تتأثر إذا حاولت أن تفصل ما بين هذه العالقات ما بين الشعوب المتعايشة فيما بينها فلن تستطيع ،وال يمكن أن تدرس الشرق األوسط إلاّ من خالل هذه العالقات ما بين الشعوب. فتعايش الشعوب فيما بينها على هذه األرض قد أ ّدى إلى التالحم وصالت القربى والدم ،ومن خالل الثقافة والفنّ فيما بين هذه الشعوب المتالحمة ،فهذا التداخل السيسيولوجي ما بين شعوب المنطقة أ ّدى إلى تأثير المجتمعات ببعضها البعض، فاألعراق القديمة كما يقال :هم الميديّون ث ّم البرس ث ّم العرب ،ويمكننا مالحظة هذا التأثير فيما بين الشعوب ،فعلى سبيل المثال نجد الكرد والفرس والعرب المصريون وسواهم في تلك المناطق يحتفلون بعيد نوروز ،هذا العيد الذي يرمز إلى انتصار الشعوب المتحالفة المتطلّعة إلى الحرّ يّة ،حيث تحتفل هذه الشعوب بهذا العيد، ونرى احتفاالت أخرى مشابهة تحتفل بها شعوب المنطقة ،وكذلك هناك أحزان متشابهة وقصص متشابهة ،ومن هنا نستطيع القول :إنّ هذه العالقة مهمّة ج ًّدا من خالل استمرارها ،وديمومتها ،وتطوّ رها ،فعلى أرض الواقع نجد ضيعة كرديّة
69
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
بجانبها ضيعة عربيّة أو تركيّة أو فارسيّة... فبالتالي عندما نرى هذا التداخل القويّ وبهذا الشكل ولكي تستطيع هذه الشعوب أن تستمرّ بحياة حرّ ة على أرضها هذه ،فهناك حاجة ملحّ ة إلى عالقة صحيحة بين هذه الشعوب ،ولكي تصبح هذه الشعوب غنيّة على أرضها هذه، تستطيع أن تستمرّ بعالقاتها من خالل الهويّة الوطنيّة ،وتستطيع المجتمعات أن تصل إلى حرّ يتها من خالل أرضها وعالقاتها وارتباطها بثقافتها ،كل ذلك ومن دون خوف أو عائق، والعكس من ذلك؛ فالمجتمعات التي تخاف وال تقبل بعضها البعض ،والشعوب التي تخاف من اإلبادة دائماً ،تجلب معها كوارث كبيرة ،ولذلك نقول :إنّ تطوير العالقات ضروريّ ج ّداً من الناحية اإلستراتيجيّة والتاريخيّة. الدولة القوميّة هي السبب الرئيس للنزاع ما بني املكوّنات أمام ك ّل أنواع الظلم والتمييز واالعتداء والالعدل فإنّ اتفاق المجتمعات مهم ج ّداً ،فلكي تحمي المجتمعات نفسها عليها أن تتصالح وتتفق مع جيرانها ،فعلى سبيل المثال :عندما نشأت حضارة ميديا اعتمدت على ا ّتفاق المجتمع ،على أساس كونفدرال ما بين القبائل
وبهذه الطريقة ت ّم اإلعالن عن نوروز ،وأيضا ً في عهد صالح الدين األيّوبيّ أيضا ً وإن كانت تحت راية اإلسالم لكن كان هناك ا ّتفاق ما بين المجتمعات والشعوب ض ّد الظلم والطغيان، واآلن أيضا ً هناك ا ّتفاق ما بين المجتمعات السورية على أرضها أيضا ً أنموذجها في قوّ ات سوريا الديمقراطيّة ،مثل النظام الفيدراليّ الذي نشأ في الشمال السوريّ وهذه نماذج وليست كقوّ ى سياسيّة ت ّتفق فيما بينها ،وإ ّنما اال ّتفاق ما بين الشعوب والمجتمعات أيضاً ،وهذه نماذج مهمّة. وعلى العكس من هذه األمثلة نرى النظام السلطويّ الذي يعتمد على نظام األمّة الواحدة، وهي التي تعتمد على التناقض والفتنة والتخوّ ف ما بين المجتمعات ،مثال ذلك الدولة القوميّة التي تعتمد على الهويّة الواحدة وهي أساس بنائها؛ فعلى سبيل المثال نجد الدولة العربيّة تعتمد على الهويّة العربيّة فحسب ،أمّا باقي المجتمعات والهويات والثقافات األخرى التي تعيش ضمن حدود هذه الدولة ُتط َمس ويت ّم القضاء عليها، فقط هناك هوية واحدة تخرج إلى المأل ،وك ّل المجتمعات األخرى تنصهر تحت ظالل هذه الهويّة ،ومثالها المعاش نجده في تركيا بشكل واضح ،وكذلك في إيران وفي الدول العربيّة،
العدد - 36شتاء 2017
70
serqalawset@gmail.com
حتت راية اإلسالم اتفق اجملتمعات والشعوب ّ ضد الظلم والطغيان ،واآلن أيضًا هناك ّاتفاق ما بني اجملتمعات السورية على أرضها أمنوذجها يف قوّات سوريا الدميقراطيّة فنظام الدولة القوميّة في الدول العربيّة تعيش هذا النموذج ،وفي سوريا وبطريقة ملفتة للنظر قد عاشت هذه التجربة ،ففي عام 1962عندما ُ طبّق الحزام العربيّ جلب معه اعتدا ًء سافراً خرج الكرديّ باإلكراه على الشعب الكرديّ ،فأ ُ َ من منزله وأُسكن العربيّ عوضا ً عنه ،وبالطبع ال ذنب للشعب العربيّ في هذا الحدث ،فالذنب األكبر يقع على عاتق الدولة ،أي النظام الذي يعتمد على الخطط الصهريّة اإلمحائيّة اإلباديّة، وتزرع في المجتمعات هذه الذهنيّة ،حيث ّ توطد فكرة؛ أنّ الهويّة العربيّة فوق ك ّل الهويّات ،وأنّ الهويّات الثانيّة ليست موجودة وهي صغيرة ج ّداً ،وليست في مستوى اإلنسانيّة ،فعلى اإلنسان كي يصبح إنسانا ً يجب أن يكون عرب ّياً، ترك ّياً ،فارس ّياً ،وبهذه الطريقة تزرع هكذا ذهنيّة في المجتمعات ،فليس باإلبادة يحصل ذلك ،فقد كان 260ألف كرد ّيا ً مجرّ داً من الجنسيّة ،ففي نفس المنطقة التي ت ّم اإلحصاء فيها ت ّم تجريد الكرد من الجنسيّة ،فحسب القانون ال يع ّد معروفا ً من أين أتى هذا العدد الج ّم من الكرد، فال ّ حق لهذا الكرديّ المجرّ د من الجنسيّة في شيء ،فال يستطيع أن يشتري أو يبيع عقاراً ،أو ّ يوظف والعمل ،وال يستطيع يكمل دراسته أو التن ّقل أيضا ً خارج منطقته ،فكأ ّنه أسي ٌر في وطنه ،فهذه اإلجراءات هي إجراءات غير ّ بحق الكرد ،وظلّت مطبّقة على الكرد إنسانيّة
71
الشرق األوسط الدميقراطي
على مدى عشرات السنين ،فهذا المسار الم ّتبع ّ مخططا ً إلمحاء بقيّة الكرد في المجتمعات كان العربيّة ،ففي نظام التربية والتعليم كان يُنظر إلى الطالب الذي يتح ّدث بغير العربيّة على أ ّنه ال ينتمي إلى العالم المتحضّر وهي لغة قرباطيّة غير إنسانيّة ،وكان يت ّم تحقير اللغات غير العربيّة والنظر إليها نظرة دونيّة في كل المحافل؛ في أماكن العمل ،في السوق ،في كل المؤسسات واألماكن ،وتف ّ شت في الكرد ظاهرة الدونيّة ،حيث بات يبحث عن السبل المؤ ّدية إلرضاء العربيّ ؛ ليجد نفسه مقبوالً لديه ،وبهذه الطريقة تمّت ممارسة صهر الكرد طواعية، وهنا لسنا في صدد الدولة القوميّة العربيّة فحسب ،وإ ّنما في الدولة القوميّة التركيّة والفارسيّة أيضاً ،فقد وصل المستوى إلى ح ّد الخجل من اللغة الكرديّة ،والتهرّ ب منها، فهذه إجراءات غير إنسانيّة قامت بها الدولة القوميّة على الشعوب األخرى ،فقد كان يُنظر إلى الشخص الذي يتكلّم باللغة الكرديّة على أ ّنه ناقص ،وما السبيل إلى أن يكون إنسانا ً كامالً إلاّ أن يتح ّدث باللغة العربيّة ،من خالل الفكرة السائدة التي تقول :عليك أن تكون عرب ّيا ً حتى تصل إلى مستوى المواطنة ،فأنت ليس عرب ّيا ً فقيمتك ضئيلة. إنّ هذه اإلجراءات هي إجراءات سياسيّة يت ّم التخطيط لها ض ّد الشعوب ،لتصنع شرخا ً ما بينهاْ ،إذ باتت العالقة ما بين العربيّ والكرديّ تسودها الحساسيّة البالغة ،فال ينسى الكرديّ أن أرضه ووطنه يُسلبان منه ،وهو متحسّر أبداً كي يعود إلى ترابه وملكه ،وبالمقابل ينظر العربيّ إلى الكرديّ على أ ّنه غريب بال هويّة جاء من الخارج وال ّ حق له في أن يمتلك شيئاً ،وبالتالي ُتغلق القضيّة ،فالكرديّ قد طمس وذاب وظهر عوضا ً عنه العربيّ أو التركيّ أو الفارسيّ ،
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
وبذلك ت ّتبع الدولة القوميّة االنصهار القوميّ للشعوب األخرى ،ولذلك يظ ّل الكرديّ يبحث عن ح ّقه من العربيّ أو التركيّ أو الفارسيّ ،بأنّ هذه القوميّة قد نهبت ك ّل شيء م ّنه ،والعربيّ دائما ً يستحضر هذه الذهنيّة من خالل ممارساته اليوميّة. ففي ذهنيّة هذه الدولة القوميّة؛ نجد أ ّنه بالقدر الذي تقول فيه :إ ّني عربيّ ،تكون فيه ناجحا ً ومتفوّ قاً ،وتقاس الوطنيّة بالقدر الذي يفتدي به الفرد نفسه في خدمة هذه الدولة القوميّة ،ففي الكرد وفي بقيّة المجتمعات يت ّم زرع هذه الذهنيّة ،لذلك فهي سياسة خطرة ج ّداً ،أل ّنها سياسة تهدف إلى قتل ك ّل تلك األلوان واألطياف والثقافات المجتمعيّة ،لتظهر ثقافة أحاديّة فحسب .لذلك نجد في لثقافة العربيّة الواحدة أنموذجا ً واحداً فحسب؛ هو الحاكم ّ الطاغي ،ففي دولة مثل سوريا ال يحق أليّ شخص أن يكون رئيسا ً للجمهوريّة ،وليس هناك فرصة ألي شخص أن يكون وزيراً ،أو مرشحا ً ليكون وزيراً ،وكذلك في أيّة مؤسّسة من مؤسّسات الدولة ،ففي المناطق الكرديّة نجد حاكما ً غير كرديّ يحكمها ،فيعدل هذا العربيّ حسب وجدانه وضميره ،وحسب الذهنيّة التي تصبّ في خدمة الدولة ،أي سياسة الحزب الواحد؛ حزب البعث العربيّ االشتراكيّ ، لذلك فهي إجراءات في قمة الخطورة؛ فهي تسلك الطريق أمام االقتتال الطائفي والعرقيّ ، وهي ّ خطة مدبّرة بإحكام لهذه التفرقة ،فالذين انصهروا في هذا النظام واندمجوا فيه من الكرد والشعوب األخرى صاروا الخدم األكثر طواعية لهذا النظام الذي يصهرهم ويبيدهم، سواء بهويتهم الكرديّة أو بهويّتهم العربيّة، فالكرديّ الجيد هو من يخدم هذا النظام ،لكي يجعل الكرد صامتين ،وكذلك فالعربيّ الذي
يخدم النظام يتحرّ ك ضمن هذا اإلطار ،والقسم الكبير من المجتمع ومن ضمنهم العرب الذين يرزحون تحت ظ ّل هذه الدولة القوميّة قد قمعوا وغبنوا وصاروا من دون ّ حق يُذ َكر. إنّ هذا النظام يولي األهميّة للمدينة ويهمل الريف بتاتاً ،فك ّل اإلمكانات ُتوجد في المدن، ويغدو الريف جاهالً ال حول له وال قوّ ة ،ويت ّم نهب المجتمع بأكمله في خدمة طبقة معيّنة من المجتمع ،من قبل الفئة التي تدير هذا النظام، ْإذ أنّ هدف نظام الدولة القوميّة من قبل الذين يديرونه سواء كانوا طائفة أم عشيرة أم قوميّة يرون أنفسهم على رأس هذا النظام ،فيقول :أنا عربيّ فأنا أحافظ على هذه الدولة ،وأيّ اعتداء عليّ هو اعتداء على الدولة برمّتها ،مثلما يحصل اآلن في سوريا من خالل هذا الوضع المُعاش في سوريا ،فبشار األسد هو رمز سوريا ،فأي اعتداء عليه هو اعتداء على سوريا برمّتها ،وأي اعتداء على أي مسؤول في هذه الدولة هو اعتداء على الدولة كلّها ،وال ينظرون إلى التخريبات التي تقوم بها تلك الشخصيّات حتى تحصل ك ّل هذه المآسي في هذا الوطن بين ك ّل المكوّ نات واألطياف المجتمعيّة بروح الشوفينيّة والفاشستيّة التي تصبح سببا ً في عدم ثقة العرب بالكرد ،وبالمقابل ال يثق الكردي بالعربي ،وهكذا تكون بقية المكوّ نات في حالة ّ فتنظم الدولة أحد األطراف صراع فيما بينها،
العدد - 36شتاء 2017
72
serqalawset@gmail.com
مقابل الطرف اآلخر ،وبذلك تستطيع أن تقود المجتمع بهذه الطريقة ،فبالتالي هي التي تلحق الضرر األكبر على العالقات بين المجتمعات، وبالتالي ّ تنظم العسكر من العرب ومن بعض الكرد من أجل مصالحه السلطويّة. الصراع ما بني األمّة الدميقراطيّة والدولة القوميّة هناك من يقول لك :على الكرد أن يُشيدوا دولتهم كي يصلوا إلى حقوقهم .وكأنّ الح ّل في الدولة ،وذلك من خالل المثال العربي الذي يرى أنّ العرب وصلوا إلى حقوقهم من خالل الدولة ،فما على الكرد إلاّ أن يسلكوا نفس المسار للوصول إلى حقوقهم ،ومن خالل المثال الحيّ الماثل أمام أعيننا في أنّ الدولة ال تحمي األمم ،فهذه الحمالت التي تقوم بها تركيا نرى أنّ عدداً كبيراً من الترك معتقلين في السجون، سواء من العسكريين أو القضاة أو اإلداريين أو اإلعالميين ،فالكثير منهم اعتقل وسجن واختطف ،وذلك أل ّنهم معارضة ،فمن يعارض النظام فهو يعارض مصالح الدولة برمّتها، وهكذا تفسّر األمور حينها ،وكذلك في سوريا، فك ّل هذه الممارسات من قصف وتدمير وتشريد وتهجير وتغيير ديمغرافيّ نجده في سوريا أترى يصبّ في مصلحة العربي؟! بالطبع ال ،فهذه الممارسات ض ّد مصالح العرب والكرد على السواء ،لذلك ال يمكن من خالل الدولة الوصول إلى الحرية ،فباألساس هذا خداع كبير عندما يقال :الدولة تعطي ّ حق الشعوب ،لذلك نرى أن البديل يكمن في خلق مجتمع حرّ وهو أصح وأفضل من خلق دولة قوميّة ،فعندما تكون لديك هويّة في مجتمع حرّ وتحصل من خاللها على جميع حقوقك في المكان الذي تعيش فيه في نظام ديمقراطيّ فهذا كاف ،فليست الغاية
73
الشرق األوسط الدميقراطي
فإذا كان هناك إنكار فستكون هناك إبادة ،والعكس فإذا كانت هناك ح ّر ّية فسيكون هناك إحياء وحياة، أن تصبح مسيطراً ،إنّ الهدف الرئيس هو أن تحصل على حرّ يّتك. المه ّم أن نثبّت الغاية ،أن نعرف ما هي الغاية المنشودة؟ فالهدف أن أُنشئ دولة أم أصل إلى الحرّ يّة؟! فإذا كان الهدف هو الحرّ يّة ،فيمكن أن يحصل ذلك خارج إطار الدولة القوميّة، فليست الدولة القوميّة الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحرّ يّة ،فهناك ع ّدة سبل أخرى للوصول إلى الحرّ يّة ومن تلك السبل األمّة الديمقراطيّة، وأنموذجها الماثل للعيان هو الشمال السوريّ الذي يعيش هذه الحالة ،فأيّ جرح يحصل في الدولة القوميّة فاألمّة الديمقراطيّة تعالج هذا الجرح ،وتوضّح الحقيقة وتقول للشعوب :هذا النظام الذي أوصلنا إلى حالة صرنا فيها في مواجهة بعضنا البعض ،وصرنا في عداء مع بعض ،وهناك محاوالت دائمة وحثيثة لخلق تناقض ما بين الكرد والعرب ،وقد حاولت دول كثيرة خلق هذا االقتتال ما بين الكرد والعرب، فلو لم نحتط لهذا االقتتال ما بين الشعوب ولم نأخذ حذرنا وتدبيرنا في الشمال السوريّ لكان هناك اقتتال كبير ،فهذه الدعايات التي حصلت مثل (مالذي يفعله الكرد في منبج؟ منبج مدينة عربيّة ،ما الذي يفعله الكرد في الرقة؟) وكلّها دعايات لخلق روح الشوفينيّة وتغذيتها وتقويتها ما بين الشعوب ،لكي يقول الكردي :ألبقى داخل حدودي ومناطقي ،وكذلك يفعل العربيّ . ولكي يحصل ذلك فسيقول الكرديّ للعربيّ :
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
اخرج من مناطقي فال مكان لك هنا ،وعندما يقول :اترك منزلك وارحل ،فمن هناك تحصل الفتنة الكبيرة والحرب واالقتتال ،وبذلك يصلون إلى مآربهم ،وبالتالي يظهر الكرديّ على أ ّنه شوفينيّ ال يقبل العربيّ ،وبذلك يقول العربي: هذه مناطقي وأنا أقبل بداعش هنا ،وبالتالي يحصل االقتتال العربيّ الكرديّ ،وبالتالي تصل أنظمة الدول القوميّة إلى مآربها ،فإذا كان النظام فيجد فراغا ً هناك ،فيضرب هذا وذاك ويخرج منتصراً حاكماً ،وأيضا ً الدولة التركيّة التي تريد أن يحصل فراغ هنا أيضاً، من خالل إظهار صورة أنّ أولئك الذين يريدون تحرير الشعوب من داعش هم أنفسهم يمارسون ممارسات عنصريّة ،وبالتالي يصلون إلى مآربهم وغاياتهم ،لذلك قالوا :إنّ الكرد يبيدون العرب ،ودائما ً غيّروا ك ّل ما هو على األرض، وزيّفوا الحقيقة ،لكنّ األمّة الديمقراطيّة أظهرت ك ّل الحقائق ،ففي األماكن التي ت ّم تحريرها كان الهدف األوّ ل هو كيف سيكون تقارب الشعوب فيما بينها؟ وهذه الهواجس المطروحة في الوسط العربيّ القائلة؛ إذا حك َمنا الكر ُد فما الذي سيقومون به؟ وهذه المخاوف كيف ستزال؟ وقد أثبت أنّ الكرد ليسوا قوّ ة سلطويّة ،فالكرد عكس ذلك فهم يجلبون معهم الديمقراطيّة ،والكثير منهم يدرك هذه الحقيقة التاريخيّة ،فالكثيرون ممّن يعيشون في المناطق المحرّ رة من ضواحي الر ّقة قد قالوا :لقد وصلنا إلى المدنيّة والتحضّر بعد أن وصل الكرد إلى مناطقنا ،من
خالل البناء والعمران والزراعة ،فالكرد أينما حلّوا حلّت معهم الحياة ،أمّا هذه القِوى التسلّطيّة جاءت لتزرع الفتنة ما بين المكوّ نات ،فاألمّة الديمقراطيّة تقوم على فكرة تجمع هذه األمم، الفكرة التي تقوم على أن يكون العربيّ حرّ اً والكرديّ حرّ اً بالمقابل ،واألرمنيّ والتركمانيّ أيضا ً وك ّل المكوّ نات التي تعيش على هذه األرض ،ويعاد إحياء هذه العالقات التاريخيّة التي كانت موجودة ،فال يهضم ّ حق الكرديّ وال ّ حق العربيّ ،فهما يعيشان في عالقة مشتركة يقويّ كالهما اآلخر ،وإن كان هناك اختالف في بعض األفكار فال يكون ذلك سببا ً للحروب وسفك الدماء والكوارث وبالعكس لتكون سببا ً في الوصول إلى اإلغناء ،لتخرج فكرة الديمقراطيّة وغنى الثقافة إلى الساحة ،وكلّها ضمن المشي في سياق العدالة والتماثل المجتمعي ،فال تنشأ األمّة الديمقراطيّة على أساس إنكار الهويّات، وإ ّنما عكس ذلك تقوم على تقويّة ك ّل الهويات الموجودة ،وتتجاذبها في حياة مشتركة. األمّة الدميقراطيّة واقع وليس خيا ًال لنشاهد المناطق المحرّ رة ذات األكثرية العربيّة ابتدا ًء من تل رفعت وصوالً إلى الش ّدادة ،ولنقارن ما بين حكم هذه المناطق عندما كانت ترزح تحت حكم الجيش الحر ،أو النظام السوريّ ،داعش ،قوّ ات سوريا لديمقراطيّة، ففي وقت سيطرة النظام كان هناك لونٌ واح ٌد فحسب ،فقط اللغة العربيّة هي الطاغية ،وال يوجد لون آخر ،هناك تناقض ما بين المجتمع، وغليان مستمر ،وعندما حكم الجيش الحر وهو في قمّة لونه الوطني ولم يتحوّ ل إلى عصابة بعد، فعندما كان يخرج النظام من المناطق كانت كل مق ّدرات المجتمع والمؤسّسات تسرق وتنهب، وفي أوقاتهم لم تكن هناك مدارس ،ففي زمانهم
العدد - 36شتاء 2017
74
serqalawset@gmail.com
كان هناك تخريب فحسب ،فكانوا يقولون نحن آتون لنخلّصكم من الديكتاتوريّة ونحرّ ركم، لكنّ تقاربهم الشوفينية من المجتمعات ونفس منطق النظام الذي كان يمارسه ،حيث ن َفوا الكرد والمجتمعات األخرى ،وباسم العرب قاموا بتلك الممارسات ،لكنهم سيطروا على ك ّل ما هو ملك عام ،فصار المجال مجا َل تجارة فحسب ،بعدها جاء داعش الذي أزال ك ّل شيء كان قائماً ،فبعض األشياء التي بقيت عندما كان الوضع تحت سيطرة الجيش الحرّ ولكن في زمن داعش قد أزيل أيضاً ،فقط لون واحد فحسب ،وليس إسالم ًّيا بل هو لون تكفيريّ ، فالموجود هو لون الرجل فحسب ،وال يوجد شيء آخر ،فقط سواد ،إبادة وقتل وتدمير .في الوقت الذي حرّ رت قوّ ات سوريا الديمقراطيّة ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة تلك المناطق ،بدأت حياة جديدة ،وأنموذجها الماثل للعيان في منبج؛ فعندما تحرّ رت تلك المناطق من داعش بدأت تلك النساء المنبجيات يرمين تلك العباءات السوداء ويحرقنها ،وكانت ً مغلقة منذ سنوات وقد افتتحت كل المدارس أبوابها ،وكذلك افتتحت المؤسسات المجتمعيّة والمدنيّة ،وبدأت المؤسّسات بتطوير نفسها، فبات الشركسيّ يعرف نفسه ،وكذلك التركمانيّ والعربيّ والكرديّ ،وبدأ ذلك الموزاييك يخرج إلى المأل ،وبدأت تلك األطياف المجتمعيّة تنشئ معا ً مجلسا ً موحّ داً ،يديرون فيه مدينتهم ،دون أن يقول الكرديّ ماذا سيفعل العربيّ بي؟ أو
75
الشرق األوسط الدميقراطي
يقول العربيّ ما هذا الكرديّ ؟ وما هذا الشركسي والتركمانيّ ...؟ وماذا يفعل هنا؟ وعلى العكس من هذا فإذا لم يكن هنالك كردي يقول العربيّ : لماذا ال يوجد كرديّ أو تركمانيّ في مجلسنا؟ فهذه الثقافة التي بدأت تنشأ هي ثقافة األمّة الديمقراطيّة ،فنماذجها عمليّة ،ومن خالل اإلقناع على ما أظن هي الحياة العمليّة ،فليس المسألة أن تضع فلسفتها أو بنيتها التاريخيّة فاألمّة الديمقراطيّة شيء حياتي ويوميّ وفي الغاية هي الشفافيّة ،فالكرديّ والعربيّ على أساس سيصلون إلى بعضهما البعض؟ على أساس الحرّ يّة سيصلون ،فإذا كان هناك إنكار فستكون هناك إبادة ،والعكس فإذا كانت هناك حرّ يّة فسيكون هناك إحياء وحياة ،فالعربي الذي يعيش في مكان ما ويرى أنّ جاره كردي ويعيشون معا بسالم وحقوقهم متماثلة وال فرق بينهما ،والعربي يرى بعين الغِنى إلى هذه العالقات ،والكرديّ أيضاً ،فاألساس على التراب الغني الثقافات الموجودة بقوتها تظهر إلى الوجود ،وك ّل إنسان يرى هذا الشيء بعينه، ال يقرأ عن هذا الشيء في الكتب ،وعندما يرى في نفس الخندق يستشهد العربيّ والكردي والسرياني والتركماني تزداد الثقة أكثر في أنّ هذا النظام وحدَ ه يستطيع أنّ يؤمن المستقبل، فإذا لم تكن هذه التضحيّة موجودة فلن تحصل هذه القناعة بتاتاً ،لذلك ففي الحياة المعاشة ك ّل شيء يزيد من الثقة.
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تقاس الوطنية يف الدولة القوميّة؛ بالقدر الذي يفتدي به الفرد نفسه يف خدمة الدولة القوميّة ،وهي ذهنية خطرةّ ، ألنها تهدف إىل قتل ّ كل األلوان واألطياف والثقافات اجملتمعيّة ،لتظهر ثقافة أحاد ّية فقط. مستقبل سوريا املنشود سوريا تستطيع أن ُتبنى في إطار سوريا الفيدراليّة ،فمثالً مدينة حلب عربيّة س ّنيّة، لكن بالمقابل هناك نصف مليون كرديّ يعيش فيها ،وكذلك هناك األرمن والمسيحيّون، هذا فقط في المركز ،لكن عندما نشاهد حلب مع ريفها نرى أنّ كوباني وعفرين منطقتان كرديّتان ،ومنبج فيها نسبة كبيرة من العرب لكن فيها نسب من المكوّ نات األخرى ،وكذلك ريف الباب فيه الكثير من الكرد ،فهذه المدينة ُتعرف بأ ّنها مدينة عربيّة س ّنية ،لكن فيها الكثير من األطياف والمكوّ نات ،ففي حماة مثالً ومن خالل تاريخها ،نجد الكثير من المكوّ نات الكرديّة التي تقول :إ ّنها من جذور كرديّة لك ّنها ال تتح ّدث الكردية ،وكذلك حمص فيها العديد من المكوّ نات المسيحيّة ...فالمجتمع السوريّ ليس ضمن لون واحد فال تستطيع أن تقول: إ ّنهم عرب فحسب أو س ّنة فحسب أو علويّون فقط ،فالمجتمع السوريّ هكذا ،فالب ّد أن يكون النظام في سوريا نظاما ً فيدرال ّيا ً على أساس الثقاقة ،فالمدينة بحسب الثقافات الموجودة فيها تقود نفسها ،ال أن تح ّدد جغرافيّة معيّنة ونح ّددها بحدود ،فأيّ منطقة تستطيع بناء منطقتها بثقافتها ،وبهذه الطريقة تصبح سوريا
كلّها أنموذجا ً فيدرال ّياً ،فهذه التناقضات المذهبيّة والعرقيّة التي حصلت في سوريا تقول ذلك، فالعلويّون أمام خطر كبير أمام الس ّنة ،والس ّنة أمام العلويين ،وأمام وضع الحقد واالحتقان، فهذا الوضع هو وضع سيء ج ّداً ،ففي سوريا إذا لم تنتخب أنموذجا ً للحل ،فستعيش سوريا نفس الوضع الذي عاشته العراق ،أل ّنها في خطر محدق ،فيجب أن يوضع ح ّد لهذا، فالعلويّون والس ّنة يجب أن يدركوا أنّ الح ّل ال يكمن في دولة مركزيّة ولن تؤ ّدي إلى السالم أبداً ،وستجلب الدمار معها أبداًْ ،إذ يجب أن تكون سوريا ال مركزيّة ،فيدراليّة ،وأن تكون هذه الفيدراليّة على أساس الثقافات ،بهذه الحالة يمكن أن ُتح ّل األزمة السوريّة ،وإلاّ ستستمر هذه األزمة ح ّتى تتقسّم سوريا كلمة ختاميّة بعد المؤتمر الثاني لمجلس سوريا الديمقراطية نرى العديد من الشخصيّات والكتل السياسيّة تدنو أكثر فأكثر م ّنا ،وبدأت تناقش وتنضم ،فالضيع المحرّ رة التابعة للر ّقة تنضم ّ إلى هذا الخط ،وتقبل هذا المشروع دون أيّ ضغط ،فالكثير من المناطق المحرّ رة ال تقبل وجود النظام ،أل ّنها ترى أنّ النظام لم يح ّقق العدالة المرجوّ ة ،فهذا نستطيع ذكره بأمثلة ع ّدة توضّح قبول المجتمع. وكيف أنّ نوروز أضحت عيداً لجميع المكوّ نات في المنطقة ،فيمكن هذه السنة سنة 2017أن تصبح سنة تحرير الشعوب ،وسالم المنطقة ،وديمقراطيّة النظام ،ونتمنى النجاح لمجلّتكم مجلة الشرق األوسط الديمقراطيّ ، ونحن في أمل أن تستطيع هذه المجلة أن تكون ّ ممثلة لصوت ثقافة شعوب المنطقة.
العدد - 36شتاء 2017
76
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
أصالة العالقة الكردية الفلسطينية منذ اندالع الثورة
مصطفى الدحدوح – غزة
مرّت العالقة الفلسطينية الكردية بالعديد من احلقبات واملراحل التاريخية التي دونت في تاريخ العالقة الفلسطينية الكردية رغم جملة املتغيرات التي حصلت خالل تلك احلقبات، لكن لم يستطع التاريخ أن يدون تلك احلقبات بشكل رسمي لغموض تلك العالقة املتجذرة بني الشعبني ،والتي تتمحور حول التبادل الفكري والثقافي بني الشعبني منذ اندالع الثورة الفلسطينية وصوال ً إلى استشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أبي عمار ،لتمر ّ العالقة الكردية مبنعطفات الفلسطينية مختلفة عن سابقتها.
77
بداية العالقة الكردية الفلسطينية لم يكن من السهل التعرف على بدايات العالقة الكردية الفلسطينية التي لم يفِ بتفاصيلها في بداية األمر وصوالً إلى شخصيات فلسطينية تاريخية كانت على عالقة وثيقة مع المكون الكردي بشكل مباشر خالل مسيرتهم النضالية في مشروع الثورة الفلسطينية ،لكن وصفوا تلك العالقة بالعالقة الغامضة والتي لم يستطيع أحد الحديث عن تفاصيلها كا ّفة لغموض جوهرها. ليوضح المناضل الثوري الفلسطيني فتحي شاهين أكثر الشخصيات المنخرطة في تحديد العالقة الكردية الفلسطينية منذ بداياتها ،ليشير إلى بداية تلك العالقة، والتي كانت منذ بداية عام 1957والتي كانت مع ّ ليتمثل بداية الحديث عن تكوين فرق ثورية فلسطينية، التواجد الكردي بشكل فعليّ في تحديد منهجية فكرية نضالية لتوزيع تلك المنهجية ،لتكون تلك النقطة بداية التبادل في العالقات بين المكونين بشكل فعلي. وبالفعل نجح ك ٌّل من الوفد الكردي والشخصيات الفلسطينية الصورية باالجتماع بشكل سرّ ي داخل العاصمة بيروت ،والتنقل بينها وبين الالذقية التي كانت ّ محط االجتماعات السرية بين المكوّ نين لينتهي المطاف باالفتراق بين المكونين في تلك المرحلة في مطالع عام 1962لتمر العالقة بحالة من التباعد الظاهري جراء المراقبة العسكرية اإلسرائيلية على تلك االجتماعات
العدد - 36شــــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
قسمت اتفاقية سايكس بيكو ّ املناطق اجلغرافية الكرد ّية بني أربع دول قمعية تنافست يف ارتكاب جرائم وحشية يف طرق قمع التطلع ّ الكردي. القومي التحرّري ّ التي كانت تحصل بين الجانبين بشكل سري لتخلق مخاوف فعلية من قبل إسرائيل. مرحلة 1969اندالع الثورة مرحلة التجربة األقوى لم يختلف حديث المناضل شاهين عن حديث المناضل غازي البلتاجي أحد رموز الثورة الفلسطينية موضحين أنّ فترة ما بين 1969حتى نهاية عام 1980م هي األكثر قوّ ة و ّ تجذراً في العالقة الفلسطينية الكردية بشكل قويّ و فعلي على الساحة الميدانية سياس ّيا ً ونضال ّيا ً واقتصاد ّيا ً لتشهدَ تلك المرحلة تطوّ رات ومتغيّرات جرّ اء التواصل القياديّ الفعليّ بين الجانبين. ّ متمث ً لة القيادة الفلسطينية بالقائد الراحل ياسر عرفات والقائد المعتقل عبد هللا أوجالن، ّ الخطر المحتدم لتمثل تلك المرحلة مرحل َة ِ على إسرائيل جرّ اء نظرة أوجالن و قيادته بأن إسرائيل عنصر محتلّ ،ويجب محاربتها جرّ اء الوقوف مع الشعب الفلسطيني والقتال في صفوفه ،وصوالً إلى تحرير البالد من ذلك الخطر الذي يه ّدد فلسطين. حيث وضّح المناضل غازي البلتاجي أ ّنه التقى بأوجالن ألكثر من مرة في األردن بشكل سرّ ي ،وذلك خالل اجتماعات مع القيادة إليضاح الرؤية النضالية القادمة .وبالمقابل إلدراكه أنّ القضية الفلسطينية قضية نبيلة ،و
يجب التضحية من أجلها. وأوضح المناضل أنّ العالقة كانت قائمة على التشاركية الفكرية النضالية العسكرية حيث سجّ لت نماذج نضالية كردية لليوم ،تذكر في تاريخ الثورة الفلسطينية من خالل تضحية عدد من المناضلين األكراد بأرواحهم من أجل القضية. وذكر العديد من المناضلين الفلسطينيين أ ّنهم يتذكرون العديد من رجال أوجالن والقيادة الكردية ،جرّ اء القتال في خندق الثورة الفلسطينية دون تراجع نحو تحرير فلسطين، وقد استشهد بعضهم في ساحات القتال ،ويوجد جثمانهم في األراضي الفلسطينية ،وأشهر تلك الشخصيات المناضل الثوري الكردي زاهر عسكر الذي دوّ ن اسمه على لوائح المناضلين الشجعان. مرحلة 1982المواجهة الحقيقة في بيروت عندما أقدمت إسرائيل في عام 1982على اجتياح بيروت من أجل القضاء على حركة المقاومة التحرّ رية الفلسطينيَّة المسلَّحة ،اندلعت معركة تاريخيَّة شهيرة (يُحكى عنها ح ّتى اآلن في األدبيّات الصهيونية العسكرية) في قلعة الشقيّف في لبنان ،وكانت أولى المعارك التي شهدتها الحربُ اللبنانيَّة آنذاك. لتقع االشتباكات بين وحدات كوماندوس تابعة إلى لواء الجوالني التابع للقوات اإلسرائيلية من جهةٍ ،ومسلّحي منظمّة التحرير الفلسطينيَّة بفصائلها حركة فتح والجبهة الشعبية والديمقراطية ،باإلضافة إلى تواجد مسلّحي حزب العمال الكردستاني PKK بجانب مسلّحي المنظمة ،ليقع مئات المقاتلين أسرى في قبضة الجيش اإلسرائيلي ،وقد نقلتهم سلطات االحتالل إلى داخل فلسطين المحتلة وعرضت صورهم ،وكان من بينهم العشرات من الشباب الكرد. وبدأت آنذاك تتضح طبيعة العالقة السرية
العدد - 36شـــتاء 2017
78
serqalawset@gmail.com
العالقة الكردية الفلسطينية كانت قائمة على التشاركية الفكرية النضالية العسكرية حيث ّ سجلت مناذج نضالية كردية لليوم، تذكر يف تاريخ الثورة الفلسطينية
الشرق األوسط الدميقراطي
العالقة العسكرية بين منظمة التحرير الفلسطينيّة و PKKلم تقتصر العالقات الكردية الفلسطينية على التضامن السياسي فحسب ،بل تع ّدتها إلى التدريبات العسكرية المباشرة بين مقاتلين من تنظيم حزب العمال الكردستاني PKKليكون الحزب الوطني حامل فكر التحرر القومي ضد التحركات القمعية التي تهدد التواجد الكردي ،وقد خاض ذلك الحزب معركة تحرر ضد العسكر التركي منذ الثمانينيات ،واتخذت المواجهة جراء اعتراف تركيا بالدولة اإلسرائيلية تلقت العديد من الضربات القاضية جراء التقارب في العالقات بين تركيا و إسرائيل.
القائمة بين القوات الكردية ومنظمة التحرير الفلسطينيّة واتضاح الدعم المالي الممنوح في تلك الحقبة لتكشف طبيعة الترابط الجوهري بين الشعبين أخالقيا ً وإنسانيا ً وسياسيا ً ونضالياً، لتبدأ تلك الحادثة بإجراء متغيّرات في طبيعة العالقة بين الشعبين لتأخذ منحدراً آخر جرّ اء التكوين التحرري اليساري الكردي العربي تزايد حدة الضغوط الموجهة على الجانبين املشرتك من قبل السياسات الدولية التي افتعلت اتفاقية قامت القيادة الكردية والفلسطينية بخلق سايكس -بيكو لطمس الشعبين جراء تقسيم منهجية فكرية ضمنية بين الشعبين ،قائمة على بالدهم و تشريد أبناء شعبهم. تكوين رؤية فكرية تحررية يسارية كردية فلسطينية مشتركة تتمحور حول العمل على السياسة الدولية لقمع الرتابط القومي رفض التطرف القومي ،وتأسيس مفاهيم حرية الفلسطيين الكردي الشعوب والعدالة االجتماعية والعمل على ّ تمثلت قوة العالقة الترابطية بين الجانبين تكوين مفاهيم تطمح لحماية الفكر الحر من في بحث الطرفين على حلول لمواجهة الهجمة التدخالت الخارجية. الدولية الطامحة للقضاء على الفكر والهوية وساعدت تلك المفاهيم بضمان فعلي للشعب الكردية والفلسطينية بشكل مباشر ،سواء من الكردي والفلسطيني والعمل على انطالق العديد خالل قمع ممنهج من قبل طرف قوي يتحكم من حركات اليسار العسكري التي قرّ بت بين بالمصير السياسي في المنطقة من خالل اللوبي القضايا المختلفة للشعوب ،ضد مشاريع الهيمنة الصهيوني ،سواء من خالل قرار وعد بلفور والتسلّط اإلقليمية والدوليَّة .لكن مع انهيار عام 1917الذي كان األساس السياسي الواقعي المشروع الوطني للدولة العربية الحديثة، لشرعنة تأسيس مفهوم دولة إسرائيلية. وإنشاء أنظمة استبداد عسكرية مهمّتها مراقبة أو اتفاقية سايكس -بيكو عام 1916التي المجتمع ،وال ّتف ّتت الشامل لكامل النظام اإلقليمي قسّمت المناطق الجغرافية ذات التواجد الس ّكاني السياسي الرسمي ،وانقسام المجتمعات العربيَّة الكرديّ بين أربع دول قمعية خلقت بينها مفهوم إلى طوائف وعشائر وملل وجهات ،وانحسار التنافس الوحشي في ارتكاب الجرائم في طرق الحركات اليساريَّة وزوال دورها التحرّ ري قمع التطلع التحرّ ري القوميّ الكرديّ . تقريباً ،تراجعت المقاومات العربية المسلّحة
79
العدد - 36شــــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
من المستوى الوطني العام إلى المستوى األهلي الخاص ،وتحوّ لت إلى مقاومات يضمُر البعد الوطني فيها على حساب المذهبي األهلي .لكن يبقى الخيط الحقوقي السياسي رابطا ً وثيقا ً بين أعدل قضيتين في المنطقة؛ القضية الكردية والقضية الفلسطينية. االندماج احلضاري سجل تاريخ الحضارات تاريخا ً مشتركا ً منذ قرون يستند إلى التمازج الحضاري والتعايش والتعاون والتواصل .فإنّ العالقات الكردية – الفلسطينية تحتل موقع الصدارة وتأخذ منها موقع القلب ،فقد تميزت هذه العالقات ومنذ أكثر من ثمانية قرون بعالمات وأحداث بارزة في تاريخ الشعبين. منذ انتماء األغلبية الساحقة من أبناء كردستان إلى الدين اإلسالمي بعد أن كانوا يتوزعون بين الزرداشتية والمسيحية ،ويتضمن التراث الكردي – المدون والشفاهي – العديد من اإلشارات والمناسبات التي تعبر عن التعلق الروحي بالقدس الشريف. وكان لهذا التواجد الكردي في مدن سورية ولبنان وفلسطين ومصر واليمن وشمال أفريقيا من جانب أبناء كردستان األثر الكبير في تعزيز التمازج الثقافي والتبادل الحضاري والتأثير المتبادل في العالقات الكردية – العربية والتي ما زلنا ننطلق منها حتى اآلن في عملية تطويرها وترسيخها. احتفظت ذاكرة الكرد والعرب لقرون، وخالل تعاقب األجيال بذلك التاريخ المشترك الناصع البياض رغم ما حاوله بعض المؤرخين والدخالء لتشويه تلك الرؤية والعالقة القائمة والعمل على إخفاء الوثائق والحقائق حول تفاصيل جوهر العالقة بين الكرد والفلسطينيين التي يحاول الكثير بالعمل على مسح معالمها بشكل أو بآخر ،لكونهم الشعبين المضطهدين في العالم يعملنا على تكوين جسم قادر على
خلقت القيادة الكردية والفلسطينية منهجية فكرية قائمة على رفض التطرف القومي ،وتأسيس مفاهيم حرية الشعوب والعدالة االجتماعية مواجهة المرحلة. األكراد والعالقة اإلسرائيلية يتواجد تقارب مع بعض أكراد العراق مع إسرائيل بشكل جذري خالل العالقات القائمة بين الجانبين بشكل علنيّ ،بعد أن كانت تلك العالقة تمر بشكل سرّ يّ بين الجانبين ،لتصبح تلك الفئة من االكراد تنظر اليها من االغلبية الكردية بنظرة غير المرغوب بهم ،جراء تحالفهم مع الجانب اإلسرائيلي ولوضوح النظرة العامة للمكون الكردي تجاه إجراء عالقة وطيدة مع إسرائيل. ليعود ذلك لعدة أسباب أهمها تورط الجانب اإلسرائيلي في عملية اعتقال القائد عبد هللا أوجالن بالتعاون مع قوات تركية ،وذلك لكون الشخص الذي يش ّكل خطراً على المشروع اإلسرائيلي الذي يسير بمساندة حقيقة من تركيا التي اعترفت منذ آذار عام 1949بقيام دولة إسرائيل األراضي الفلسطينية ،ليكون أوجالن وقواته خطراً محتدما ً على ذلك المشروع الذي كان منافياً ،لمبدأ حزب العمال الكردستاني. افتتاح مراكز مشرتكة يف سوريا منذ حركة إعادة البناء والتقييم وتصحيح المسار ووضع البرنامج السياسي اليساري عام ،1965من جانب الحركة الوطنية الكردية السورية تم التوجه ومنذ بداية انطالقة الثورة الفلسطينية نحو حركة التحرير الفلسطينية حيث
العدد - 36شـــتاء 2017
80
serqalawset@gmail.com
يتضمن الرتاث الكردي – املدون والشفاهي – العديد من اإلشارات واملناسبات اليت تعرب عن التعلق الروحي بالقدس الشريف. بادر الطرفان إلى إقامة العالقات والصالت في سورية ولبنان من منطلقين أساسيين: األول :إليماننا بالتآخي القومي بين العرب والكرد والتعايش والمصير المشترك ولكون القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للشعب العربي في كافة أقطاره ،أي كنا نعتبر العالقة مع الحركة السياسية الفلسطينية كتجسيد نضالي للعالقات الكردية العربية ،خاصة وأن الساحتين السورية والعربية عموما ً كانت تفتقر إلى حركات ديمقراطية ذات توجّ ه تتقبل الوجود الكردي وتعترف بحقوقه المشروعة. الثاني :بسبب ذلك النهوض العارم للحركة الوطنية الفلسطينية ،وبرنامج منظمة التحرير الفلسطيني وفصائلها الوطني الديمقراطي ذو األبعاد األممية واإلنسانية المعادية لإلمبريالية والصهيونية ،تلك الحركة التي تحوّ لت إلى مركز لكافة أحرار العالم وقوى التحرر والتقدم لمختلف الشعوب والقوميات. وأفاد أحد حضور تلك الجلسات بأنه منذ اللقاءات األولى مع قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية ،وبمختلف تياراتها وميولها وتنظيماتها دون استثناء شعرنا باالرتياح الكامل ألسباب عديدة أولها رغم تر ّددنا وتخوفنا من طرح قضيتنا بشكل كامل وصريح فاجأنا الطرف المقابل بموقف متفهّم وقابل لحقوق الكرد بما فيها حق تقرير المصير وشعور مفعم ّ واطالع مفصل على حالة بالعاطفة األخوية
81
الشرق األوسط الدميقراطي
األكراد ومأساتهم في جميع أجزاء كردستان. كما فاجأنا الطرف الكردي بشعور مطابق لمشاعرنا حول تاريخنا المشترك ومفخرة صالح الدين ،والتأكيد على وجود أقلية كردية في فلسطين يتميز أبناؤنا بالنضال والشجاعة، ووجود بعضهم في سلم القيادات األولى و نوّ ه أنّ ذلك اللقاء األوّ ل سجل اندفاعا ً نحو الحركة الكردية وهذا ما أتى خالل الكونغراس الشهير الخامس من آب لعام 1965خاصة وأنّ طالب جامعة دمشق شاهدوا وسمعوا خالل محاضرات لقيادات فلسطينية بأن هناك شعب كردي وحركة كردية وحقوق كردية بما فيها حق تقرير المصير ،حيث ظهر خطاب سياسي جديد للحركة الوطنية العربية بشأن القومية الكردية أكثر تقدما ً وأوضح هدفا ً وأعمق فكراً بعد أن كان الخطاب السائد من جانب التيارات األخرى في الحركة العربية – البعثية، والناصرية ،واإلسالمية ،والشيوعية – يتجاهل وجود الشعوب والقوميات األخرى وخاصة الشعب الكردي وخاصة في سورية والعراق. النظرة الكردية جتاه منظمة التحرير الفلسطينية عكس العديد من الكتاب الكرد بأ ّنهم ينظرون إلى منظمة التحرير الفلسطينية بأ ّنهم يرون أ ّنها كانت تلعب في حقبة حكم الرئيس الراحل أبي عمار بوضع مرحلة جديدة في العالقات العربية – الكردية وكانت بداية االنفتاح العربي غير الرسمي على الكرد وحركتهم التحررية. مقابل ذلك وبسبب دور التيار السياسي الكردي القريب من القضية العربية والذي كان في موقع المحرك فيه ،وصل التنسيق مع الجانب الفلسطيني إلى درجات راقية من العمل المشترك والتفهم المتبادل واالعتراف بحقوق البعض بصورة متكافئة ،إلى درجة توجه اليسار الكردي من مختلف أجزاء كردستان
العدد - 36شــــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
في بيروت إلى حركة المقاومة الفلسطينية بهدف التدريب واالستفادة من تلك الخبرات الثمينة في مجاالت حروب األنصار ،والجبهة الوطنية المتحدة ،والعالقات الديمقراطية بين الفصائل والتيارات ضمن الحركة الواحدة، وصياغة البرنامج العلمي الواقعي المناسب لمرحلة التحرر الوطني ،ودورات التأهيل الفكري والسياسي واألمني ،ودور اليسار في حركة التحرر وخطورة التوجهات المغامرة والتطرف القومي ،باإلضافة إلى عملية االنفتاح والتبادل الفكري والسياسي مع العديد من حركات التحرر واألحزاب والمنظمات وخاصة األحزاب الوطنية اللبنانية ،وكذلك ممثلي الدول االشتراكية سابقاً. الضغوط املنبثقة عن النظام السوري لتحطيم العالقة الكردية الفلسطينية الحق النظام البعثي السوري منظمة التحرير الفلسطينية بالعديد من المراحل محاوالً العمل على قسم ظهرها خالل القضاء على حركة فتح جرّ اء العمليات العسكرية التي قامت بها ضد قيادة المنظمة ،وذلك ضمن تمرير مخططات كانت يطمح لتنفيذها حافظ االسد في عهد حكمه ،وكانت تلعب القيادة السورية بقطع التواصل بين المنظمة والقيادة الكردية لكونها كانت تحشى نهضة الكرد ضد السياسية القمعية التي ترتكب ضدهم من قبل قوات النظام. وليقوم النظام بطرد العديد من قيادات المنظمة من األراضي السورية ،وذلك بعد المالحقة اإلسرائيلية ألفراد المنظمة في بيروت ،واندالع سلسلة عمليات اغتياالت لعدد من الشخصيات البارزة ،وبالمقابل تواجد ر ّد من قبل الثوار داخل األراضي المحتلة ،ليكشف أحد الرجال الثوار الذي رفض الكشف عن هويته أنّ بعض العمليات كانت تن ّفذ بتواجد لبعض األفراد الكرد لوضع مخطط تنفيذ تلك العملية ،وكان يوجد مقر االجتماعات على
ّ فإن العالقات الكردية الفلسطينية حتتل موقع الصدارة وتأخذ منها موقع القلب الحدود األردنية الفلسطينية أو الحدود اللبنانية الفلسطينية. الوساطة الفلسطينية العراقية للمكون الكردي وبسبب شعور قيادة منظمة التحرير بمسؤوليتها القومية تجاه الكرد فقد حاولت في مراحل مختلفة القيام بدور الوسيط إليجاد حلول سلمية بين الحركة الوطنية الكردية العراقية والحكومات العراقية المتعاقبة ،وح ّققت خطوات ،وفي بعض المراحل وبالتنسيق مع الجبهة الكردستانية في العراق ،كما أنها وانطالقا ً من نفس المشاعر قطعت الطريق في أوقات عديدة على مخططات ومشاريع كانت تهدف إلى توطين فلسطينيين في مناطق كردية في سوريا والعراق ،وهناك وثائق تد ّل على صحة تلك المعلومات ،لكنّ حتى اللحظة يتم حجب تلك الوثائق. وتمحورت كافة المحاوالت من أجل أن تبقى العالقات بين الشعبين سليمة وأخوية وبعيدة عن القهر والتصادم واالقتتال .وضد ّ مخططات التعريب التي حاولت حكومات عربية (في سوريا والعراق) تنفيذها. العالقة الكردية الفلسطينية املعاصرة خالل متابعة كافة المراحل السابقة يتضح أنّ العالقة الكردية الفلسطينية لم تمرّ بأيّ حالة من القطيعة أو التوتر في العالقة ،وذلك يعود
العدد - 36شـــتاء 2017
82
serqalawset@gmail.com
احلركة الوطنية الفلسطينية حتوّلت إىل مركز لكافة أحرار العامل وقوى التحرر والتقدم ملختلف الشعوب والقوميات لتجذر العالقة الفكرية ،ولطبيعة العالقة القائمة بين الشعبين ،ولكونها ليست عالقة مصالح ،بل عالقة ترابط قضية وأيديولوجية فكرية. فالتواجد العسكري لضباط أكراد من سورية والعراق في المعارك الفلسطينية منذ النكبة حتى استشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جعل من المشهد كشعب واحد يقف في خندق واحد للدفاع عن هدف واحد. وبعد عودة قيادة منظمة التحرير إلى الوطن وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية ظلت وفيّة لمبادئها تجاه العالقة الكردية الفلسطينية وشهدت عالقاتنا الثنائية نقلة نوعية جديدة بافتتاح مكتب للحركة الكردية بفلسطين واعتباره وبعد التوصل إلى الحل النهائي الرسمي وإعالن الدولة الفلسطينية المستقلة كممثلية ذات صفه رسمية لحركة التحرر الوطني الكردية. كما بادر الرئيس ياسر عرفات إلى رعاية المؤتمر التأسيسي لجمعية الصداقة الفلسطينية- الكردية التي أقيمت في صيف 1999في رام هللا وهي أول جمعية صداقة عربية كردية في العصر الحديث ،حيث قابله الجانب الكردي بإقامة أول جمعية صداقه كردية عربية في أربيل بكردستان العراق في عام .2000 إن عالقات الصداقة والتعاون القديمة والمتطورة بين الحركتين الكردية والفلسطينية ستظل قاعدة راسخة ومتينة في صرح العالقات الكردية-العربية التي تحتاج إلى إعادة البناء
83
الشرق األوسط الدميقراطي
على أسس سليمة من جانب قوى الشعبين الوطنية والديمقراطية على درب التعايش السلمي والمستقبل الزاهر والتضامن األخوي. األصالة الكردية خالدة بعقول مناضلي الثورة الفلسطينية الكاتب والمحلل السياسي وأحد رجال الثورة الفلسطينية هاني حبيب قال :إنّ تجربتي مع رفاق أكراد في مرحلة النضال الفلسطيني كانت فريدة من نوعها ،ففي عام 1981م عدت في خدمة ثورية في بيروت ،وأرسلت الى منطقة الدامور وتعرفت على مجموعة من الرفاق وتعرّ فت على أحدهم ،وكان اسمه عبد هللا و كان يتكلّم العربية بصعوبة. وكان يلقب بعبد هللا التركي ،واجتمعنا معاً، فتتبيّن أ ّنه يستاء من اللقب الذي يُطلق عليه، وقال :أنا كردي فأحببت أصالة فكره ،وكان متعلّما ً ج ًّدا وصاحب فكر تحرّ ري ثوري نموذجي وكان تعامله مثل فكره النموذجي. مما ترك لدي طابعا ً إيجاب ّيا ً عن الشخصيات الكردية ،وتبين لي نتيجة اجتماعي بالرفاق الفلسطينيين أنني لست الوحيد صاحب النظرة اإليجابية ،لكون كل رفيق كان لديه أكثر من رفيق كردي يضرب به المثل و يفتخر به. علما أنّ المناضلين األكراد كانوا أصحاب والء للقضية الفلسطينية ،كأنهم أصحاب القضية وهذا ما كان يجعلنا األقرب بيننا وبينهم ،وكانوا األكثر دفاعا ً في الساحة وأ ّنهم يمتازون بالبنية الصلبة والمعرفية. وأنّ الفن الشعبي الكردي جعلني أشعر التوأمة الكردية الفلسطينية ،وبتواجد التقارب في العادات والتقاليد واألهازيج والموسيقا واالغاني الثورية التي تعكس جوهر قضيتهم التي ال تعكس جوهر قضيتنا ،رغم اختالف اللغة ،لكن القلوب والهموم والفكر تسير في طريق واحدة؛ الحرية من أجل التحرر.
العدد - 36شــــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
َ ْ ُ ُ ضيا گوك ألپ فيلسوف (القومية الرتكية) الكردي ِ د .أحمد محمود الخليل
في القرن العشرين ،أث ّر مفكّران كُرديان من شمالي كُردستان ،تأثيرا ً بالغا ً في تركيا ثقافيا ً وسياسيا ً واجتماعياً ،وما زال تأثيرهما مستمرّا ً إلى اآلن: محمد فاحت ِضيا، األول :هو ّ (ضيا گُوك أَلْپ) املشهور بلقب ِ ،Gökalpوهو فيلسوف (القومية التركية) في صيغتها الطورانية. والثاني :هو الشيخ سعيد نُورْسي ،واش ُتهر بلقب (بديع الزمان) ،وهو مفكر (األممية اإلسالمية) ،وصاحب (حركة النور). ومحمد فاحت ِضيا هو موضوع دراستنا هذه
ولد محمد فاتح ضِ يا في مدينة َچرْ مِك Çermik التابعة لوالية آ َمد (دياربكر) يوم 23أكتوبر 1876م ،وهو من ُكرد زازا ،واسم أبيه محمّد توفيق أفندي ،واسم والدته َزليخة خانم .والجدير بالذكر أنّ مدينة آ َمد ورثت اسمها من الميديين (ميد/مادَ /مد)، وهم فرع من أسالف ال ُكرد ،أمّا (دياربكر) فكان اسما ً للمنطقة اإلدارية التابعة لوالية آ َمد في العهود اإلسالمية قبل العهد العثماني ،وحينما احت ّل العرب
(ضِ يا ُگوك أَ ْلپ)
المسلمون منطقة آ َمد جعلوها مراعي خاصة لقبائل َب ْكر ،فسمّيت (ديار بكر) ،وفي العهد العثماني ح ّل العدد - 36شتاء 2017
84
serqalawset@gmail.com
اسم (ديار بكر) مح َّل اسم (آمد) في الوثائق الرسمية وفي المراجع. وقد بدأ محمد ضِ يا دراسة العلوم الدينية التقليدية والتصوّ ف ،ودرس اللغة العربية واللغة الفارسية عند عمّه المدرّ س حاجى حسيب بگ، وفي سنة ،1981تعرّ ف في آ َمد على عبد هللا َج ْودَ ت بگ ،وهو طبيب ومف ّكر وشاعر ُكرديّ ، من مؤسّسي جمعية (االتحاد العثماني) سنة ،1889وكانت مناهضة للسلطان عبد الحميد الثانيّ ، وتأثر محمد ضِ يا بأفكاره ،وجدير بالذكر أنّ هذه الجمعية أصبحت بعدئذ باسم (جمعية االتحاد والتر ّقي) ،وقامت بانقالب ،1908 وأجبرت السلطان عبد الحميد الثاني على التنازل عن السلطة ألخيه محمد رشاد سنة 1909م، ث ّم انسحب عبد هللا َج ْودَ ت من الجمعية ،بعد أن أصبحت حركة شوفينية معادية للقومية ال ُكردية. وكان محمد ضِ يا يريد استكمال دراسته في إستنبول ،فلم يستطع بسبب األزمة الما ّدية (المالية) ،وضغطت عليه عائلته ليتزوّ ج ،فأقدم
85
الشرق األوسط الدميقراطي
(جانب من سور مدينة آمد)
على االنتحار وهو في الثامنة عشرة من العمر (حوالي سنة ،)1891وأطلق رصاصة على رأسه ،وأجرى له الطبيب عبد هللا جودت ،مع جرّ اح روسي كان في آ َمد ،عملية جراحية بدون تخدير ،واستخرجا الرصاصة من رأسه .وفي سنة 1891نفسها بدأ محمد ضِ يا دراسته في المدرسة الثانوية العسكرية في آمد ،وتو ّفي والده بينما كان في عامه الدراسي األخير. وفي سنة ،1896انتقل محمد ضِ يا إلى إستنبول ،وكان أخوه نِهاد طالبا ً في مدرسة أَرْ َز ْنجان العسكرية ،فساعده على أن يدرس في مدرسة الطب ال َبيطري ،ألنّ الدراسة فيها كانت مجّ انية ،وفي إستنبول التقى بكل من إسحاق سكوتي ( ُكردي من آ َمد) ،وإبراهيم تيمو (من أصل أرناؤوطي/ألباني) ،وكانا من أعضاء جمعية (االتحاد العثماني) التي سبق ذكرُها، وكانت جمعية سرّ ية ،تنشط في الكلية الطبية العسكرية ،وأصبح محمد ضِ يا عضواً فيها، وفي سنة 1898اع ُتقل بسبب نشاطه السياسي
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
السري الممنوع ،وسُجن عشرة أشهر ،وقيل: سُجن م ّدة سنة. وبعد إطالق سراحهُ ،نفي محمد ضِ يا إلى آ َمد سنة ،1900من غير أن يستكمل دراسته في الطبّ البيطري ،وتو ّفي عمّه حاجى حسيب بگ، وتزوج ابنة عمه؛ وجيهة خانم بنا ًء على وصيّة عمّه ،وأنجب منها ابنا ً اسمه؛ (سادات) ،وثالث بنات؛ هنّ (سانيها ،حرّ يةُ ،توركان) .وعمل في وظائف متد ّنية حتى سنة ،1908وكان يعيش حياة رغيدة معتمداً على ممتلكات زوجته ،وكان يمارس نشاطاته السياسية سرّ اً. وبعد نجاح ثورة سنة 1908التي قامت بها (جمعية االتحاد والتر ّقي) ،وإجبار السلطان عبد الحميد الثاني على إصدار الوثيقة الدستورية الثانية ،ا ّتخذ محمد ضِ يا االس َم الرمزي ُ (گوك أَ ْلپ) ،Gökalpوهو اسم تركي مؤلف من مقطعين ( Gökأي :سماء) و( alpأي: بطل) ،ومعنى االسم؛ (بطل السماء/المحارب ُعرف باسم (ضِ يا ُگوك أَ ْلپ) السماوي) ،وصار ي َ (زيا ُگوك أَ ْلپ). أو ِ وقد أسّس ضِ يا ُگوك أَ ْلپ فرعا ً لـ (جمعية اال ّتحاد والتر ّقي) في آ َمد ،وأصدر جريدة (بايمن) ،وفي سنة 1909حضر مؤتمر (االتحاد والترقي) المنعقد في سالونيك كمندوب عن آ َمد، واختير عضواً في هيئة إدارة فرع الجمعية في سالونيك ،وأصبح رئيس القسم الخاص بأمور الشباب في ذلك الفرع ،وقام بتدريس الفلسفة وعلم االجتماع للشباب. وخالل ذلك كتب ضِ يا ُگوك أَ ْلپ مقاالت عديدة في مجلة فلسفية ،ور ّكز على ضرورة تأسيس دولة تركية قوية ،تجمّع األتراك في العالم
ُيعرف عن ِضيا كوك َأ ْلب بأنه املؤسس أبو القومية الرتكية و ّ احلقيقي لعلم االجتماع الرتكي أجمع .وفي سنة ُ ،1912نقلت إدارة الجمعية إلى إستنبول ،وانتقل إليها ضِ يا ُگوك أَ ْلپ ،واختير نائبا ً في مجلس النوّ اب عن مدينة مادَن ( َمعْ دَ ن) التابعة لوالية آمد ،وحينما أُقفل مجلس النواب بعد أربعة أشهر عمل مدرّ سا ً في كلية اآلداب بجامعة إستنبول. وفى الفترة بين ( ،)1914 – 1913لم يقبل ضِ يا ُگوك أَ ْلپ تعيينه موظفا ً في وزارة التربية والتعليم ،واستمرّ يدرّ س في الجامعة .وفي سنة ُ 1915عيّن مدرسا ً لعلوم االجتماع في قسم الفلسفة بجامعة إستنبول ،وبفضله دخل تدريس علم االجتماع إلى تلك الجامعة أول مرة. وبعد انتهاء الحرب العالمية األولى ،وسيطرة (الحلفاء) على إستنبول ،اعتقل اإلنكليز ضِ يا ُگوك أَ ْلپ أربعة أشهر سنة ،1919وحوكم بتهمة (إبادة األرمن) ،ونفى ضِ يا ُگوك أَ ْلپ تلك التهمة، و ُنفي مع بعض زمالئه من جمعية (االتحاد والتر ّقي) إلى جزيرة مالطا ،وبقي في المنفى سنتين ،قام خاللهما بتعليم زمالئه الفلسف َة وعل َم االجتماع ،وطوّ ر أفكاره الخاصة بـ (القومية التركية) ،Turkismوعاد إلى تركيا في ربيع سنة ،1921لكن لم يُس َمح بالعودة إلى التدريس في جامعة إستنبول ،فعاد إلى مدينة آ َمد ،وشرع
العدد - 36شتاء 2017
86
serqalawset@gmail.com
الليربالية األوربية -كنظام اجتماعي -ال حتقق التماسك الوطين ،بل ّ تشجع الفردية واالنعزالية يدرّ س علم االجتماع وعلم النفس في المدارس الثانوية ،وبدأ بنشر بعض كتاباته في الصحف اليومية الرئيسة في إستنبول وأنقرة. وفي نهاية سنة ،1922اس ُتدعي ضِ يا ُگوك أَ ْلپ إلى أنقرة لإلشراف على إدارة لجنة التأليف للترجمة والنشر في وزارة التربية والتعليم، وبدعم من مصطفى كمال آتاتورك ُعيّن نائبا ً في الجمعية الوطنية الكبرى الثانية ،وعمل في لجنة التعليم الخاصة بإصالح النظام المدرسي، ً إضافة إلى المشاركة وفي المناهج الدراسية، في صياغة دستور سنة ،1924وترجم ِة بعض الموضوعات الثقافية إلى اللغة التركية ،وتو ّفي في 25أكتوبر ،1924ودفن في مقبرة السلطان محمود الثاني. فيلسوف (القومية الرتكية عُرف ضِ يا ُگوك أَ ْلپ بأنه «أبو القومية التركية» ،وفي سنة 1936وصفه عالم االجتماع التركي نيازي بركس Niyazi Berkesبلقب «المؤسّس الحقيقي لعلم االجتماع التركي»، فيلسوف (القومية ُترى ،كيف أصبح هذا ال ُكردي َ
دوركهايم 1858( Émile Durkheim ،)1917وترجم مؤلفاته إلى التركية ،وقدتوصّل إلى االعتقاد بأن الليبرالية األورپية- كنظام اجتماعي -ال تحقق التماسك الوطني ،بل تشجّ ع الفردية واالنعزالية ،وتقلّل من دور الدولة في تنظيم حياة المجتمع ،وأنّ حياة الجماعة أه ّم من حياة الفرد ،حسبما كان دوركهايم يرى أيضاً. ورفض ضِ يا ُگوك أَ ْلپ مبدأ (الرابطة العثمانية) ومبدأ (الرابطة اإلسالمية) ،ودعا إلى (القومية التركية) والهوي ِة الطورانية ،وتتريكِ شعوب اإلمبراطورية العثمانية ،وذلك بتعزيز اللغة التركية والثقافة التركية لدى المواطنين العثمانيين .وبعد عودته من المنفى في مالطا إلى إستنبول ،أصبح من مؤسّسي «ترك أوجاغى»
التركية)؟ ّ تأثر ضِ يا ُگوك أَ ْلپ بالفكر األورپي الحديث، وال سيّما بأفكار عالم االجتماع الفرنسي إميل
87
الشرق األوسط الدميقراطي
العدد - 36شــتاء 2017
(قرب ِضيا گُوك أَلْپ)
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
أي (العرق التركي) ،وفيلسوف (اآليديولوجيا التركية العالمية) أي (پان -طوران) Pan- (علمنة تركيا) ، Turanianismودعا إلى َ فكرياً ،وكان يؤيّد مصطفى كمال آتاتورك بقوة وحماس ،وأُعجب آتاتورك بأفكاره ،وحوّ لها إلى سياسات عنصرية ،وكان ال ُكرد أكثر ضحاياها. ومن أفكار ضِ يا ُگوك أَ ْلپ أنّ هوية األمة ال تتأسّس على االنتماء إلى العِرق الواحد ،أو على وحدة الجغرافيا ،وال على اإلرادة السياسية، المشترك الديني ،واألخالقي، وإنما تقوم على َ والثقافي ،ورأى أنّ ك ّل هذه األسس تتش ّكل بتأثير التربية ،وقد قال« :تعلّمت من خالل دراستي السوسيولوجية أن الجنسيّة تعتمد على التربية قط». واعتقد ضِ يا ُگوك أَ ْلپ أنّ األمّة يجب أن مشترك» كي تبقى ،وأن الفرد يكون لها «وعي َ يصبح مواطنا ً أصيالً في أمّته من خالل تجسيد ثقافتها .واعتقد أيضا ً أنّ الشعب في الدولة الحديثة يجب أن يصبح متجانسا ً من حيث الثقافة والدين والهوية القومية ،وكتب في مقال له سنة 1911 أن «األتراك هم الشعب السوپرمان ،يقصد اإلنسان األعلى (المتفوّ ق) الذي ذكره الفيلسوف
الشيخ سعيد بريان وأصحابه أرسى يف قبضة الرتك سنة 1925
من أفكار ِضيا كوك َأ ْلب ّ تتأسس على أن هوية األمة ال ّ االنتماء إىل الِعرق الواحد ،أو على وحدة اجلغرافيا ،وال على اإلرادة السياسية ،وإمنا تقوم على املش َرتك الديين ،واألخالقي ،والثقايف األلماني فريدريك نيتشه Friedrich )1900 - 1844( Nietzscheفي كتابه «هكذا تكلّم زرادشت». ودعا ضِ يا ُگوك أَ ْلپ إلى ثقافة التنوير األورپية ،وإلى الحرية الدينية ،وتنبّأ في سنة 1900بزوال الدولة العثمانية ،ودعا بقوة الي إلغاء الشريعة وإقصاء المحاكم الدينية وإحالل المحاكم المدنية عن شؤون المجتمع، ِ الحديثة محلَّها .وإنّ من يدرس سيرة آتاتورك السياسية يجد أ ّنه تب ّنى جميع أفكار ُگوك أَ ْلپ، وحوّ لها إلى سياسات في الدولة التركية. ولم يكن ضِ يا ُگوك أَ ْلپ مف ّكراً في علم ّ ووظف االجتماع فقط ،بل كان شاعراً بارزاً، شعره لخدمة آيديولوجيا (القومية التركية)، وإلحياء النمط الشعري التركي ما قبل اإلسالم. وفي سنة ،1911قال في قصيدة له بعنوان (طوران): «بالنسبة لألتراك ،الوطن يعين ال تركيا وال تركستان. الوطن هو بلد كبري واألبدي – طوران». وفي سنة ،1923أي قبل وفاته بسنة، أصدر ضِ يا ُگوك أَ ْلپ أفكاره بشأن (القومية
العدد - 36شتاء 2017
88
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تن ّكروا لهويتهم ال ُكردستانية ،وأداروا ظهورهم للقضية ال ُكردية األساسية (وطنٌ محتلّ ،وشعبٌ مستع َمر) ،وليس هذا فحسب ،بل إ ّنه أصبح فيلسوف القومية التركية بصيغتها الشوفينية، وأصبحت فلسفته بال ًء على األمّة ال ُكردية ،وما زال ال ُكرد إلى اآلن يعانون من السياسات التي أنتجتها تلك الفلسفة .وهذه واحدة من الغرائب العديدة في تاريخ ُكردستان.
املراجع: -
جوناثان راندل :أمة في شقاق ،ص 352
– .353
(متثال ِضيا گُوك أَلْپ يف آمد)
-
گراهام ڤاولر وآخرون :القضية الكوردية
في تركيا ،ص .16
التركية) في كتابه« :مبادئ التركية» ،ويرى عدد من المؤرخين وعلماء االجتماع أن أفكاره Gökalp’s adaptation of Emile ساهمت في عمليات (اإلبادة الجماعية لألرمن)، Durkheim’s sociology in his ُصري ممّن وكان المف ّكر السوري ساطِ ع الح َ formulation of the modern Turkish ّ تأثر بأفكار ُگوك أَ ْلپ ،وجدير بالذكر أن ساطع nation› International Sociology May الحصري هو أبرز المفكرين القوميين العرب 2013 vol. 28 no. 350-335 3. في النصف األول من القرن العشرين. • Taha Parla: The social and وقد أنجز ُگوك أَ ْلپ حوالي أربعة عشر political thought of Ziya Gökalp : مؤلّفاً ،منها« :الضوء الذهبي» ،و«التقاليد 1924 – 1876. Leiden 1985 التركية» ،و»الطريق الصحيح» ،و»مبادئ • Mihran Dabag: Jungtürkische القومية التركية» ،و»تاريخ الحضارة التركية»، Visionen und der Völkermord an و»القومية التركية بين اإلسالم والمعاصرة»، den Armeniern, in: Dabag / Platt: و»تاريخ القبائل ال ُكردية» ،و»التفاحة الحمراء- Genozid und Moderne (Band 1), شعر» ،و»ملحمة االزدهار» ،و»الثقافة Opladen 1998. ISBN 8-1822-8100-3 والحضارة». هذه سيرة أحد المف ّكرين ال ُكرد الذين Turkay Salim Nefes ‹Ziya
89
العدد - 36شــتاء 2017
•
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ّ ّ ًّ العالقات الكردية الفارسية(تارخييا)
أمير كريمي
مدخل: ً ً ُ ُ ربّما يكونُ إظها ُر العالقات ما بين الكرد والفرس صعبا شيئا ما ،وذلك ألسبا ٍ ب ُ يظهر تأثير اإليديولوجيّات دون أن ع ّدة .ومن الصعب َ تلك العالقات َ الحديث عن َ تكون الرؤيا قريبةً ً الحديثة على تلك العالقات ،هي ستظه ُر حتما ،لكننا نأم ُل أن َ من الحقيقة. ً ْ ُ احتاجت إلى دراسا ٍ حسب ت تاريخيّة، العالقات قديمة أو تاريخيّة ت كلّما كان ِ َ ٌ مشكلة في المصادر روح ذاك العصر .هذا يجع ُل العم َل صعبا ً نوعا ً ما ،وث ّم َة ٌ هناك مصاد ٌر يونانيّة وبعض المصادر التي موثوقات كثيرة، أيضاً ،إذ ال توج ُد َ تعو ُد للنظام أو السُلطة اإليرانيّة. إيران غامضٌ ،ث ّم َة نقاط كثيرة مُبهمة فيه ،مكتوبٌ بنظر ٍة عنصريّة، تاري ُخ َ ّش كثيراً تب في القرنين التاسع عشر والعشرين ،وهم َ وخلف ُه أهدافٌ سياسيّةُ ،ك َ ً ُ صعوبة في الدراسة. يخلق اللون غير الفارسيّ ،وهذا َ ربّما ما يمكننا القيا ُم ب ِه هو أسلوبُ تحليل التاريخ بنظر ٍة مختلفة ،كما بيّن ُه القائ ُد ُ بين تاريخ السُلطة والشعوب .وإذا ما مشينا على ُخطا تلك أوجالنُ ، حيث فص َل ما َ ت الفارسيّة الكرديّة. التوجيهات التاريخيّة ،نستطي ُع أن نفه َم العالقا ِ ونستطي ُع إيجازها بع ّدة مراحل :المرحلة التاريخية القديمة (التي نشأ فيها المجتم ُع الطبيعيّ ) ،ومرحل ُة تأسيس النظام السياسيّ (مجيء اإلسالم) والتي قلّ ْ صت من السلطة الفارسيّة ،ومرحلة العصر الحديث (والتي بُنيت فيها السلطة على أساس القومية) .وبإمكاننا أن نق ّي َم تلك العالقات في ك ّل مرحل ٍة على حدا. المرحلة األولى( المرحلة التاريخ ّية القديمة): ُ ونستطي ُع أن نسمّيها(مرحلة االشتراك) ،هي مرحلة بناء الحياة والمجتمع إليران .الثقاف ُة الطبيعيّ ،وكان لجبل زاغروس دو ٌر مه ّم فيها ،إنه العمو ُد الفقريّ َ إيران أساسها في جبال زاغروس ،هناك الكثي ُر من اآلثار عمرها أكثر األ ّم في َ العدد - 36شتاء 2017
90
serqalawset@gmail.com
جبال زاغروس كانت املُ َّ ُ تنفس يف مقابل استبداد ّية الساسانيني، وكانلكل من احلركتني املانوية واملزدكية دوٌر مهم يف إضعاف األطر السياسية الساسانية. من عشرة آالف سنة .إنّ ما يجم ُع بين الشعوب وأصول هناك (كور -لور -فرس) أنهم من منشأ ٍ زاغروسيّة ،إنها حتى وق ٍ طويل في التاريخ ت ٍ كأقوام أو شعو ٍ ما كانت ُتحسبُ ب منفصلة ،بل ٍ نهر واحدٍ ،هو كانت تجري في ثقاف ٍة واحدةٍٍ ، ُ الزابُ العريق ،صاحبُ الثقافة المشتركة .إنّ مصدر كمرجع ثقافيّ أو جغرافيّة زاغروس ُتع ّد ٍ ٍ ٌ ثقافة قروي ٌّة غنيّة ،العشائ ُر للثقافة األ ّم .إنها هناك كمجموعا ٍ ت مستقلّة ،لك ٍّل كانت موجود ًة َ غير أنها كانت تش ّك ُل (ا ّتحاداً) خصوصياتها، َ بجانب بعضها ،وعلى أساس العهد(ال على أساس غ َلبة أحدهم على اآلخر) ،عه ٌد في إطار ُشتركة ،وح ّل المشكالت الداخليّة الحماية الم َ مشتركة)، بنفسها .األسلوبُ كان (ريادة أو قيادة َ وكان تقليداً أو ُس ّن ًة ضمن الحياة الزاغروسية. ُ المئات من العشائر والقرى كانت تعيشُ هناك ضمن جغراف ّي ٍة واحدة كـ(شع ٍ ذاك ب ا ّتحادي)َ . َ َ يقفز االستقرا ُر والثقاف ُة الغنيّة كانت سببا ً أن المجتم ُع قفزا ٍ ت مهمّة. لم يكن يوج ُد مفهوم القوميّة ،وفي الميثولوجيا ً وخاصة الشهنامة ،ير ُد ذكر(إدارات محليّة)، تلك قرىً وعشائر لها نظام مجتمعي طبيعيَ . ُ مشتركة في زاغروس في المجموعات كانت َ غناها ،في حمايتها ،في ك ّل شيء .وقد هاجمتها دو ٌل وإمبراطوري ٌ ّات كـ(بابل وآشور) والتي ْ ذلك كان ارتكبت بح ّقها المجازر .في مقابل َ َ َ تحت نفسهُ .ا ّتحا ُد ميديا ض ّم االتحا ُد يحمي َ
91
الشرق األوسط الدميقراطي
مظلّت ِه ك َّل شعوب تلك المنطقة ،وبقيادة قوم (الميد) أجداد ال ُكرد. حتى تلك الفترة ،في جميع المصادر قوم ما مباشر ًة (آشورية ،بابلية) لم يُط َلق على ٍ ٌ منطقة تسمّى باسم اس َم فارس ،فقط كانت قرب نهر أورمية ،المكانُ الذي تقي ُم (بارسو)، َ ُ محافظات فارس اليو َم. فيه نفسها ،سياسيا ً ذلك ،قوّ ْ ت قبائ ُل فارس َ َ بعد َ ْ ُ عالقات الكرد والفرس هناك ودخلت وعسكر ّياً، مرحلة تاريخي ًّة أخرى .إذ تدخ ُل أسرةٌ فارسيّةٌ ً السُلط َة السياسي َة باسم العائلة (األخمينيّة)، ُ وتستحوذ عليها ،ويتغ ّي ُر تستل ُم السلط َة من ميديا بشكل جذريّ في ذاك العهد ،ويضعفُ النظا ُم ٍ االتحا ُد شيئا ً فشيئاً. ً ً ُ السُلط ُة السياسية تبني دوما ً ثقافة خاصة بها، الثقاف ُة الزاغروسي ُة غني ٌّة ،لكنّ السلط َة السياسي َة تحاو ُل أن تفص َل بين (الميديين والفارسيين). فيخفّ دو ُر الميديين نتيج َة المجازر التي قامت بها السلط ُة اإليرانية. ت (السلط ُة المركزي ُة اإليرانية) وترك ِ ُ تأثيرها ،حتى في الزمن اإلسالمي ،حيث ذهبت با ّتجاه المركزيّة. ت السُلطة السياسية- في وقت الساسانيين برز ِ وغلب عنص ُر ال ّدين. العسكرية -الدينية معاً، َ ٌ في زمن الساسانيين هناك نقاط مهمّة نقف عندها ،من الناحية الثقافية أو نستطي ُع أن َ اللغويّة ،فنحنُ ال نستطيع أن نفص َل العنصرين اإليرانيون يقولون الفارسي والميدي .مثالً، َ اللسان الذي تح ّد َ ث به الساسانيون هو أن َ ً فارسي بهلوي ،لكنّ حقيقة عندما ننظ ُر إلى هذا اللسان نج ُد تقاربا ً بينه وبين الكوران في شرق كردستان والجنوب ،فأهل خانقين وكرمنشاه يتحدثون بها .حتى كلم ُة (بهلوي) ،إذا أعدناها إلى العربية تصب ُح (فيولي) أي :فيليّ ،وهذا أم ٌر مه ّم .أيضا ً في األدبيات العربية كانوا يقولون ٌ نقطة مهمة للساسانيين (الفهوليّون) ،وهذه
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
أيضاً .لذا ال نستطي ُع أن نفص َل بينهما .المشاك ُل هي من ناحية السلطة السياسيّة ،التي تحوّ لت إلى مركزيّة(ك ُّل شي ٍء مُل ٌ ك للشاه). بشكل إيران والروم الحرب بين كما أنّ َ َ ٍ خاصّ كان لها تأثيرها السلبيّ على المجتمع، كردستان، إذ القس ُم األكب ُر من الجبهة كان في َ نج ُد في تاريخ الساسان أسما َء كـ(آمد -ماردين- نصيبين) ،وهي مناطق إقليم الكرد ،التي ْ تلك الحروب. شاركت في َ ً إضافة إلى الحرب التي مارستها الدولةُ الزردشتيّة مقابل العقيدة الميترائيّة ،فقد ضغطت على المجتمع. ُ لعب الشعبُ في في مقابل ظلم الساسانيينَ ، ٌ ْ مقاومات فظهرت إقليم زاغروس دوراً مهماً، كبيرة ،مثل(المانويّة) وهي حركة دينية اجتماعية كمقابل للسلطة السياسية المذهبية الساسانية .أيضا ً الحركة المزدكية التي ظهرت مقابل الظلم الساسانيّ والدين الرسمي الزردشتي ،وكان لها تأثي ٌر كبير على المجتمع، حيث قاومت سياسيا ً وعسكرياً. فجبا ُل زاغروس كانت المُتن َّفس في مقابل ديكتاتوريّة واستبداديّة كبيرة ،وكان لتلك الحركتين دو ٌر مهم في إضعاف األطر السياسية الساسانية. حربُ الساسانيون ض ّد الكرد حقيقةٌ تاريخيّة .الساسانيون كانوا بحاج ٍة إلى قوّ ة الكرد مقابل حربهم ض ّد الروم ،ومن أجل الحُكم ْ ظهرت على جغرافيّة زاغروس وكردستان، ٌ ٌ خاصة من الكرد تخاطبُ الحاك َم المستب ّد طبقة لكردستان ،كي يحكموا باسمهم ويستثمروا القوة ً مرتبطة ت الطبق ُة هذه الكردية ضمن يدهم .كان ِ ُ ت بمركز السلطة اإليرانية ،وكانت تن ّفذ األجندا ِ في حروب الروم .هؤالء أثرّ وا كثيراً في تاريخ كردستان ،إذ لم يكونوا يعملون بحسب قوة َ ّ الشعب الكردي ،بل يمثلون السلطة الخارجية وكانوا يعملون مع الساسانيين ومرتبطين
بالسلطة المركزية ،وهذا أم ٌر ّأثر أيضا ً في عدم تطوير المجتمع آنذاك. ُ المرحلة الثانية :مرحلة مجيء اإلسالم وتأسيس النظام السياسي بعدها يأتي اإلسال ُم ،فتنكسر الديكتاتوريّة ْ ذلك ساعدت على الساسانية .عوام ُل عديدة َ األخالقي املُهتريء من الداخل/ (نظامهم ّ واملسيحية)، واملقاومات املانوية ،املزدكية، ّ وينفت ُح بابُ اإليرانيون إيران أما َم اإلسالم. َ َ قبلوا اإلسال َم براحةٍ ،األم ُر كان مختلفا ً في مناطق كردستان ،فهي لم تقع تماما ً َ تحت جناح الزردشتية الرسميّة ،ح َم ْ ت ثقافتها .ولمّا جاء ْ تلك الطبقة التي كانت تعم ُل مع اإلسال ُم قبلت َ الساسانيين اإلسال َم وأرادوا أن يستمرّ وا في ْ ُ بقيت وقاومت ،منهم المعتقدات القديم ُة حكمهم، الخرّ ميون ،وهم استمرا ٌر للمزدكيّة القديمة، كانوا في جبال زاغروس أيضاً. كـ(دين أو هم لم يواجهوا اإلسال َم ٍ إيديولوجيّة) ،بقدر ما كانوا ض ّد الخالفة العباسيّة المستب ّدة ،غير أنهم انكسروا أيضاً. عناصر إسالميّة إليهم ،باسم بعدها أضافوا َ مقاومة شعبيةٌ ٌ كردستان ،فظهرت العلويّة في َ كمقابل للخالفة والعنصر التركيّ الذي ق ّد َم نفس ُه ٍ ّ تلك المقاومة كان دو ُر كممث ٍل للخالفة .وفي َ الزاغروسيين الكرد هو الرياديّ .ففي القرن التاسع عشر وما بعد ّ ُ التنظيمات التي ت نظم ِ نفسها ووسّعت نطا َقها. تعم ُل باسم العلويّة َ إيران وعناصرها إنّ حمالً كبيراً من حماية َ ٌ تلك ،وإيرانُ األساسية مرتبط بالمقاومة العلويّة َ َم ٌ بذلك ،وهذه لكردستان وجبال زاغروس دينة َ َ ٌ مشتر ً كة وكان لها حقيقة ،فهذه المقاوم ُة كانت َ ً وخاصة في تأثي ٌر كبي ٌر في العالم اإلسالمي إيران. َ فيما بعد عصر اإلسالم ،ث ّم َة نقاطٌ مشتركة ما بين الكرد والفرس ،ومن أهمها: التصوّ ف ،فأصله وجذوره موجو ٌد في العقيدة
العدد - 36شتاء 2017
92
serqalawset@gmail.com
الميترائية والتي منبعها من جبال زاغروس. َ برز التصوّ فُ كـ(حالة ديمقراطية) أما َم قسوة وجفاف دين الخالفة .فتصوّ فُ السهرورديّ ، صاحبُ (حكمة النور) له رمو ٌز ميترائية وكان ل ُه تأثي ٌر على كل جغرافيّة إيران ،وجالل الدين الروميّ وحافظ الشيرازيّ يبرزان بقوة في األدبيات الفارسيّة ،ث ّم في القرنين الثاني ٌ أدبيات غزلية من مفهوم والثالث عشر تخر ُج ّ كذلك على أدبيات الكرد، وتؤث ُر التصوّ ف، َ ّ بشكل مثالً نرى(مالّ جزيري) الذي تأثر ٍ أساس واضح بحافظ الشيرازيّ .وهذا يد ّل على ٍ ٍ مشتركٍ للتصوّ ف. في مفهوم السُلطة اإليرانية الساسانيّة ث ّم َة مفهو ٌم راس ٌخ هو( تصغي ُر الكرد وشعب زاغروس) ،وأمثل ُة ذلك موجودةٌ في الشاهنامة (كتابٌ خاصٌّ يحتوي خيا َل اإليرانيين إلعادة الزمن الذهبيّ لهم) ،ير ُد ذك ُر الكرد كشع ٍ ب بعي ٍد هرب من ُ ظلم الضحّ اك عن المدنيّة ،متوحّ شٌ ، َ إلى الجبال وابتعدَ عن الحضارة ،...بهذه الذهنيّة ي َ ُنظ ُر إلى ال ُكرد وشعب زاغروس. قس ٌم من اإليرانيين أرادوا إعاد َة السلطة اإليرانيّة القديمة ،ولمّا وجدوا أ ّنهم ما عادوا قادرين على إعادة سلطة الساسانيين بعد اإلسالم، عملوا على التو ّغل داخل السلطة العربيّة (التي تغيير غلب عليها المكوّ ن التركيّ ) ،وإجراء ٍ في دواخلها ،ونذك ُر هنا القاضي(نظام المُلك)، ومن أه ّم وسائلهم أيضا ً كانت مفاهي ُم العلويّة وتقديسهم آلل البيت ،وما التش ّي ُع االثنا عشري ٌ ٌ إالّ كامنة إلعادة ْ القدر اإليراني القديم، رغبة إنها تعادي العلو ّي َة ل ُت ّ سخرها في خدمتها. المرحلة الثالثة :مرحلة العصر س ُ الحديث(والتي ُب ْ لطة على األساس نيت فيها ال ُ القومي) ّ ْ ُ غايات وصلت وفي القرن السادس عشر، زمن ال ّ ْ شاه والسُلطة أعادت إيران أهدا َفها، َ َ بشكل جدي ٍد هو( التشيّع االثني اإليرانية ،لكن ٍ
93
الشرق األوسط الدميقراطي
تعود جذور التصوّف ،إىل العقيدة امليرتائية واليت منبعها من جبال زاغروس .فتصو ُ ّ السهروردي، ّف ٌ رموز صاحب (حكمة النور) له ُ ميرتائية ْ ت عشري)، فصاغت لها دينا ً رسم ّياً ،وأصبغ ِ َ السلط َة اإليران ّية بمفاهي َم إسالميّة ،وعلى هذا األساس أنشأت( الحكومة الصفويّة) -المركزيّة، وألغت إراد َة اآلخر. إيران كانوا من ال ُس ّنة، القس ُم األكب ُر من ُكرد َ هؤالء اُع ُتبروا كأعداء لهم ،وتمّت المجاز ُر بحقهم .أمّا الباقي فكانوا من المذهب العلويّ ، َ تحت راية هؤالء أيضا ً أرادوا أن يدخلوهم ُ المحاوالت ال زالت التشيّع الصفوي ،وهذه ُ تغيير إيديولوجيّ للكرد محاوالت مستمرّ ًة. ٍ العلويين وتسخيرهم لخدمة أهدافهم السياسيّة. هذا ّأث َر على العالقات الكرديّة اإليرانيّة .لقد غيّروا من سياساتهم القديمة ،واعتمدوا على الكرد العلويين في محاربة العثمانيين ،عملوا جيش موحّ د، على انحالل العشائر وتشكيل ٍ خراسان ،غيّروا بذلك ديموغرافيّة نفوهم إلى َ إيران لتثبيت سُلطتهم ولتشتيت المنطقة في َ باقي الشعوب .كان العص ُر الصفويّ صعبا ً على ال ُكرد عموماً ،فالكر ُد انقسموا إلى قسمين في حربهم(منهم مع العثمانيين ومنهم مع الصفويين). ٌ زمن إيران دور جديد، ذلك بدأ في بعد َ َ َ ُ الحكومة الزنديّة ،والعائلة أصلها كرديّ ، فـ(كريم خان الزنديّ ) له خصوصيّة الثقافة نفسهُ(وكيل الرعايا) الزاغروسيّة ،إذ سمّى َ ولم يتسمّى بالسلطان أو الشاه .منذ ذلك الزمن (القرن الثامن عشر) وحتى اليوم ،لم تشهد المنطق ُة استقراراً ما بين الحكمداريّة والشعب ً حالة من الديمقراطيّة إالّ في زمن الزنديين. أو
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ُ نالحظ أن ُه حالما تظه ُر الزاغروس ّي ُة بروحها، ّ َ تخلق الرفا َه، وتؤث ُر في السياسة ،تستطي ُع أن واالستقرار في إيران .هذا أم ٌر مه ٌم الحر ّي َة، َ وتجربة جيدة كانت في إيران .فك ُّل المجموعات القوميّة وحتى اآلن تنظ ُر إلى شخصيّة وأخالق بشكل إيجابيّ . كريم خان الزنديّ ٍ بعدها ،وفي القرن التاسع عشر ،من المهم إيران، أيضا ً أن نحلّ َل العالقات بين الشعوب في َ ُ حيث َ وصار ل ُه تأثي ٌر عالميّ من برز(الغرب) َ خالل االستعمار الحديث وتطوّ ر التجارة، َ تحت سلطة اإلنكليز، فأرضُ الهند صارت ظهر وسطع نج ُم االتحاد السوفياتي كقوّ ة .هنا َ َ الفك ُر الحداثي بين أفراد السلطة اإليرانيّة، وأرادوا إجراء إصالحات على هذا األساس، فبعثوا متعلّميهم إلى أوروبا للدراسة ،هؤالء جلبوا معهم فكراً جديداً ،فظهرت فكرةُ التعصّب القومي .لقد كان لبريطانيا دو ٌر مه ٌم في هذا الفكر الجديد ،علما ُء التاريخ اإلنكليز جاؤوا إيران ،وبحثوا في تاريخ إيران ،وكتبوا إلى َ تاريخهم على أساس أصالة الفرس وتقديس َ اإليراني المكتوب حاليا ً ما التاريخ الشاه .إنّ َ أساس علميّ أو تاريخيّ دقيق. ُني على ب َ ٍ ذلك انقالبٌ ،قام به قائ ٌد عسكريّ ، حدث بعد َ َ ُ ُ ت الحكومة البهلو ّية السلط َة ،ليبدأ في واستلم ِ إيران وبمساعدة اإلنكليز عص ٌر جدي ٌد ،قا َم على انكسار ك ّل المقاومات( العربية/الكردية). قامت الحكومة الجديدةُ بتثبيت حُكم العسكر ْ ت اللباس الكرديّ وألغت باقي األلسنة ،منع ِ ت الدول ُة القوميةُ والكتابة الكرديّة .وقد صنع ِ الجديدةُ طبقا ٍ ت برجوازيّة صغيرة على أساس اإليديولوجية ،وأقنعتهم أنّ عد َم إبادة الكرد هو إبادةٌ ذلك. إليران ،والحقيق ُة عكسُ َ َ ّ إنّ تنامي مفهوم التشيّع هو أكثر ما أثر ت على العالقات ،فالطبقة القيادية الدينيّة خنق ِ المجتمع ،وكذلك والي ُة الفقيه المطلق .وصار َ العنص ُر الكرديّ واجبٌ محوهُ من الناحية
فتضاعف السياسيّة ،وكاف ٌر من الناحية الدينيّة، َ الظل ُم على الكرد ،وتمّت المجاز ُر بح ّقهم .كثي ٌر من القرى أ ُ ْ بيدت في مهابادَ ،وأُعد َم شبابُ الكرد َ بالمئات ،وما زا َل جنوبُ تحت كردستان يق ُع َ هذا الظلم واالحتالل. خامتة : ٌ مقاومات عديدةٌ برزت سابقاً ،غير أنها انكسرت جميعها ،وألسبا ٍ ب عديدة .بيدَ أنّ ً المقاوم َة الحديث َة ال زالت قائمة والكر ُد يلعبون الدور القياديّ فيها. َ إيران(ك ّل نعيش معا ً في إذا ما أردنا أن َ َ االثنيّات والقوميّات) يجبُ أن نزي َل العنصر ّي َة َ نتجاوز تكبُّر إثنية على أخرى، من بيننا ،وأن على أساس كشف الحقائق التاريخية ،خاصةً في العصر القديم ،حينما كانت مناب ُع الحياة في جبال زاغروس ،ونهر الثقافة األ ّم التي تنبع من وشرب الك ّل منها. هناك َ باب التقارُب، نفتح مه ٌم جداً أيضا ً أن َ َ ليكون الشك َل من الناحية الثقافية والسياسيّة. َ َ إيران منفتحا ً على جميع الثقافات، الحديث في َ كونفيدرال ّياً ،ال مركز ّياً .وليس األساسُ إثنيةً انفتح هكذا باب، واحد ًة أو دينا ً واحداً .إذا ما َ ُ تلعب عندها تستطي ُع الثقاف ُة الزاغروسية أن َ دورها الفعّا َل في المجتمع. إنّ زاغروس حافظ ُة تاريخ إيران ،وليس ُ إغالق هذه الحافظة ،وما زا َل جز ٌء على إيران ٌ كبي ٌر من تلك الحافظة محفوظ عند الكرد ،رغ َم ً وخاصة في ك ّل الظلم الواقع قديما ً وحديثاً، المقاومة الحديثة ،إنها تعيشُ بشكل يوميّ هناك. ٍ ً تصير حديقة كبير ًة ،بك ّل تستطي ُع إيرانُ أن َ زهورها الملوّ نة ،ولكن ليس باإلدارة الحاليّة والذهنية القومية الدينية المنغلقة ،بل بالعودة إلى طبيعتها األولى ،وتجاوز الذهنية القائمة على النظرة العنصريّة للمسألة الكرديّة .
العدد - 36شتاء 2017
94
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
ّ املغالطات املهنية التي تتلبس زي الدعاية السوداء
مصطفى عبدي – فرهاد حمي
تكمن أسباب تزايد الحملة المضادة لمشروع اإلدارة الذاتية وتجربتها في شمال سورية ،إلى جملة من الدوافع السياسية المحضة ،حيث تستثمر بعض الجهات ملفات حقوقية مفتعلة لتمرير مشاريعها على األراضي السورية دون اإلحاطة والتمحيص بمالبسات الحرب على اإلرهاب وخاصية الدفاع المشروع تبعا ً للقانون الدولي واإلنساني ،وإذا ذكرنا مقاربة وحدات حماية الشعب من األزمة المندلعة في سوريا عبر خطابها وممارساتها سنالحظ أنها تلتزم بخطاب وطني واضح بعيد عن التطرف ،وتعتمد على الدفاع عن الهوية السورية الجامعة هدفا ً محوريا ً لها ،حيث يصل عدد المقاتلين العرب بين صفوف قوات سوريا الديمقراطية لوحدها إلى 23ألفاً ،فضالً عن التشكيالت الدفاعية من المكونات المسيحية في الجزيرة السورية ،ومنذ بداية األحداث السورية وقفت هذه القوات بالضد من الخطاب اإلسالمي المتطرف ،والتزمت سياسة الحماية والدفاع عن كل المكونات في مناطق سيطرتها ،ورفضت بنفس الوقت التعاون مع النظام السوري الذي ارتكب جرائم حرب على غرار التنظيمات المتطرفة ،وخاضت من أجل هذه المواقف حروب ميدانية مع النظام في كل من حلب والقامشلي والحسكة ،سقط على إثرها الكثير من المقاتلين في هذه المعارك. وبالتوازي ،لم تسمح وحدات حماية الشعب أن تهيمن الجماعات اإلرهابية على المناطق الكردية والعربية في شمال سوريا بغرض تحويلها إلى بؤرة لإلرهاب عبر إقامة دويالت إسالمية جهادية تزعزع من خاللها األمن المحلي والعالمي، وألن وحدات حماية الشعب سلكت هذا المنحى ولم تذعن للتوصيات اإلقليمية المناهضة للمكونات السورية المتنوعة ،جرى تسويق حمالت إعالمية منظمة ً مستغلة في من الجهات المعادية دوما ً بغرض تشويه حقيقتها وجوهر نضالها ذلك تحريف الحقائق الميدانية وإدراجها ضمن السياق القانوني المصطنع تناسبا ً ألغراض سياسية معروفة.
95
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تعتبر وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية القوة العسكرية السورية الجامعة التي تناضل في سبيل إرساء القواعد الديمقراطية في عموم البلاد ،فهي تؤمن بالتنوع العرقي والطائفي والمذهبي وتكافح الإرهاب العالمي لإحلال السلام والأمن في المجتمع هذه الحمالت زادت وتيرتها عشية التعاون والتنسيق المباشر بين قوات سوريا الديمقراطية « »SDFومن ضمنها وحدات حماية الشعب « »YPGمع التحالف الدولي ضمن إستراتيجية الحرب على اإلرهاب ،وتحقيق انتصارات عسكرية بهزيمة الدولة االسالمية وإعادة المهجرين إلى قراهم وتنظيم الشؤون الخدمية العامة في المناطق المحررة حديثا ً من داعش، وذلك با ّتباع خاصية االعتماد على القدرات الذاتية المحلية المتعارضة مع التوصيات
اإلقليمية المعروفة للجماعات المتحاربة في سوريا ،وهذا كان جليا ً لدى اجتماع الرئيس المشترك لحزب االتحاد الديمقراطي «»PYD مع قيادات جهاز المخابرات التركية الذين طلبوا حينها من مسلم جملة من الشروط من بينها الدخول تحت سقف التشكيالت اإلسالمية التي تدعمها تركيا. ً وهذا ينطبق أيضا على الترويج لعالقات الوحدات مع النظام ،ومع إيران ،فخالل المعارك الدامية مع النظام في مدينة الحسكة ساندت الميليشيات اإليرانية القوات النظامية، ّ مؤخراً عن خطة لمواجهة كما وأ ّنها أعلنت وحدات الحماية في الحسكة من خالل تشكيل فيلق عسكري لتجنيد الشباب ،وكل هذه المعطيات موثوقة وهي مفتوحة أمام الصحافة الدولية. وعليه ،تصبح تلك االتهامات المدروسة التي تدخل في غمار توصيف هذه القوات تحت خانة «اإلرهاب» تخرج من سياق الصدقية والحجج القويمة المنسجمة مع الوقائع الميدانية، بقدر ما تلبست ثوب خطابات إعالمية مضادة، حيث يكمن المغزى من ورائها تشويه هوية وحدات حماية الشعب التي أوقفت زحف جحافل اإلرهاب نحو المناطق الكردية بعد معارك كوباني بصورة خاصة ،كما أنّ الرأي العام المحلي والدولي على دراية بوجود خبراء الكثير من الدول األجنبية العاملة ضمن التحالف الدولي مثل بريطانيا والواليات المتحدة يعملون وينسقون مع هذه القوات ويدركون ماهية هذا التنظيم بتفاصيله اإلدارية والتنظيمية على األرض والذي يعتمد بصورة كبيرة على قدراته الذاتية في التجنيد والتطويع وتأمين األسلحة وتدريب القوات الميدانية على الفنون القتالية. تعتبر وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية بمثابة القوة العسكرية السورية
العدد - 36شتاء 2017
96
serqalawset@gmail.com
الجامعة التي تناضل في سبيل إرساء القواعد الديمقراطية في عموم البالد بخالف النظام والفصائل التي تعارضه ،فهي تؤمن بالتنوع العرقي والطائفي والمذهبي وتكافح اإلرهاب العالمي المتمثل بتنظيم داعش وشقيقاتها إلحالل السالم واألمن في المجتمع. وكل هذه المعطيات مفتوحة أمام المنظمات الدولية الحقوقية إن شاءت أن تجري زيارات عملية إلى المنطقة وكتابة التحقيقات الميدانية في هذا الصدد ،وسبق أن تمكنت المئات من المؤسسات الدولية واإلعالمية المتنوعة من زيارة روجآفا -شمال سوريا ،ونشرت الكثير من التقارير عبر إسناد شهادات حية ودراسة الحالة ميدانياً ،وللبعض منها مقرّ ات عمل دائمة في روجافا. هذا وتعمد العديد من المراكز االعالمية، أو الحقوقية وضمن سياسة ممنهجة الستهداف التجربة الديمقراطية في شمال سوريا لنشر تقارير باالعتماد على معطيات ومعلومات وشهادات غير موثقة في نزاهتها أو تكاد تكون مستوحاة من خصوم اإلدارة الذاتية الذين فشلوا في تحويل هذه المناطق إلى إمارات إرهابية أو مسرحا ً لعمليات النظام السوري المستبد كما جرى في المناطق السورية األخرى، َ وثائق دامغة تدين وحدات حماية واعتبارها الشعب .ومعظم المعلومات والشهادات تعتمد على األحداث الماضية أو مجتزئ منها ،والتي جرى تكذيبها وتفنيدها مراراً من قبل الجهات المسؤولة والمنظمات والوسائل اإلعالمية العالمية حينها ،مما يضعها في مشهد انتقاء تكرار األحداث المفتعلة لغايات تخدم أجندة سياسة صرفة ،والمشترك فيما بينهم أنّ غالب الشهادات تحاكي تماما ً وجهة النظر الدعائية المضادة عبر التحامل المتعمّد ض ّد قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب منذ انطالقة
97
الشرق األوسط الدميقراطي
الصراع الدمويّ في البالد وانتشار الجماعات اإلرهابية على تخوم المناطق الكردية .فتحتوي على الكثير من االتهامات دون إعطاء أيّ اعتبار لجملة التعقيدات المتداخلة مع الواقع المتدهور في شمال سوريا ،ال يمكن تصوير ّ مؤثرات الوقائع الدامغة في ظل استبعاد اإلرهاب بتشكيالتها المتنوعة -أحرار الشام وجبهة النصرة وتنظيم الدولة اإلسالمية...إلخ، فضالً عن خاصية تكوين الجماعات الموالية التي ت ّتبع مشاريع الجمهورية اإلسالمية اإليرانية من جهة ،والنظام التركي الذي يسند التشكيالت اإلخوانية والسلفية وأحيانا ً الجهادية حسب المصادر الدولية المتنوعة من جهة ثانية ،وذلك باستغالل هذه األطراف المتناحرة األحداث الصاعدة في سوريا لصالح مشاريعهما القومية االستعمارية أو الدينية ،وهي مؤثرات تطعن بشرعية القانون الدولي وحقوق اإلنسان ليالً ونهاراً ،فضالً عن انزالق مناصري كال الطرفين إلى ارتكاب جرائم حرب .زد على ذلك ،أ ّنهم ال يميزون – أو ال يريدون التمييز- بين المشاريع الدفاعية في مواجهة اإلرهاب والتي تفرض قانونيا ً بوجوب تأمين سياسة أمنية محكمة لتفادي تحويل المناطق والمكونات السورية المتنوعة التي باتت عرضة للهجمات اإلرهابية المتوالية ،كما أنّ التكتيكات التي ت ّتبعها هذه الجماعات عبر توظيف الخاليا النائمة المنحدرة من المجتمع المحلي عامل مؤثر من ناحية وجوب تأمين الحماية الالزمة للس ّكان المحليين ،وكأنهم يريدون أن يبوحوا للرأي العام بما مفاده: «يلزم أن تستسلم وحدات حماية الشعب أمام هذه الفوضى العارمة دون أن ت ُ ّتخذ أي تدابير أمنية احتياطية وفق الصيغة القانونية املتمثلة في الدفاع املشروع». هذه المقاربات المفتقرة إلى المنهجية
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تركيا في دعم الجماعات اإلرهابية المسلحة والمصنفة على الئحة المنظمات اإلرهابية وقعت وحدات حماية ّ العالمية كما جرى في مدينة رأس العين وتل الشعب «صك التزام» تمر انطالقا ً من عام (.)2012 حزب العمال الكردستاني واالحتاد في 5تموز 2014مع الدميقراطي ووحدات محاية الشعب ال تتو ّقف آلية الدعاية السوداء التي ُتحاك «نداء جنيف» ،وهي وتنسج خيوطها دوما ً في الغرف اإلعالمية واألمنية في أنقرة وبعض الجهات السورية منظمة غير حكومية المحسوبة على المعارضة اإلسالميّة المتش ّددة في اإلشهار يومياً ،قضية ربط العمال دولية تدعم التزام الكردستاني بوحدات حماية الشعب ،وهي مزاعم نفتها مراراً وتكراراً وحدات الحماية الجماعات المسلحة وحزب االتحاد الديمقراطي وقوّ ات سورية تعهدت بقوانين الحرب، الديمقراطية ،كما ونفتها أيضا ً الخارجية ّ األمريكية والبنتاغون وهم يعملون ميدانيا ً مع بموجبه نزع صفة هذه القوات التي تعتبر قوّ ة ضاربة في مواجهة اإلرهاب ،وأرشيف وزارة الخارجية والدفاع عمن دون سن المقاتل ّ مفتوحة أمام المؤسسات اإلعالمية التي تريد التأكيد من هذا األمر ،ال أن تستعين بآراء الـ 18 شخصيات منحازة لجهات سياسة صرفة غير والحيادية تنطلق يوميا ً من الدوائر اإلعالمية موجودة على أرض الواقع ،بل تنحصر مهمتها في الدول التي تعبث باألمن األهلي في سوريا ،في التسويق والترويج للدعاية المضادة. كما يجري اآلن في شمال حلب من خالل اتهامات جتنيد األطفال ،والقاصرين عملية «درع الفرات» التي تقودها تركيا من عقب صدور تقرير منظمة حقوق اإلنسان خالل مجموعة من الفصائل اإلسالمية ومنها (فيلق الشام ،أحرار الشام ،جيش السنة ،نور الدولية والذي تحدث عن وجود بعض الدين الزنكي ،سلطان مراد ،لواء حمزة )..الخروقات المتواضعة لدى وحدات حماية وهي تشكيالت إسالمية متحالفة مع فرع تنظيم الشعب قياسا ً باألرقام الهائلة لدى األطراف القاعدة في سوري (جبهة النصرة ،فتح الشام ،المتحاربة األخرى ،قامت وحدات حماية هيئة تحرير الشام) .وتشير المصادر الحقوقية الشعب وكذلك الشرطة الكردية التي تعرف والمحلية بوجود حملة تطهير ممنهجة تديرها بـ «األسايش» بوضع اللوائح الداخلية ،ببنود القوات التركية بالتحالف مع هذه التشكيالت واضحة ،تحظر تجنيد األطفال دون 18سنة الموالية لها على األرض ،وال تتوقف االنتهاكات وهي تقبل «املواطنني السوريني الذين أمتّوا عند هذا الحد ،بل تؤكد التقارير الدولية بتورّ ط الثامنة عشرة». العدد - 36شتاء 2017
98
serqalawset@gmail.com
تجاوز عدد الصحفيين الأجانب -الذين دخلواروجآفا -شمال سورية منذ حرب كوباني1500 ، صحفي ًا وعاد جميعهم ّ إلى مؤسساتهم سالمين ،ولم يو َّثق
اختطاف ،أو مضايقات لأي أحد منهم ّ وفي ذات السياق ،و ّقعت وحدات حماية الشعب «صك التزام» في 5تموز 2014 مع «نداء جنيف» ،وهي منظمة غير حكومية دولية تدعم التزام الجماعات المسلحة بقوانين الحرب ،تعهّدت بموجبه نزع صفة المقاتل عمّن دون سن الـ 18وكخطوة أولية نزعت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب صفة المقاتل عن 149مقاتل ضمن الفئة العمرية ما دون 18 عاماً)14(. منظمة هيومن رايتس وتش قامت بنشر تقرير بتاريخ 15يوليو 2015اتهمت فيه وحدات الحماية بتجيد االطفال ،وهو التقرير الذي اعتمده الصحفي في بحثه من خالل العنوان دون متابعة التفاصيل التالية .تقرير هيومن رايتس كان واضحاً ،حيث جاء فيه أن وحدات الحماية حققت تقدما ً في منع تجنيد األطفال .وكان إيجابيا ً في إظهار ثقة المنظمة بقيام وحدات الحماية باتخاذ خطوات أكثر للقضاء على هذه الحاالت .وذكرت أ ّنها قامت
99
الشرق األوسط الدميقراطي
أي الوحدات -في 13يونيو بتسريح 27صبيًا بينما سرّ حت وحدات حماية المرأة في 20أبريل 16فتاة ،كما وفرضت عقوبات على سبعة ضباط ألنهم وافقوا على تجنيد أطفال ،وفُصل ثالثة منهم عن الخدمة. أما بالنسبة لـ «قانون واجب الدفاع الذاتي» فإن شروطه واضحة ،حيث يتضمن تدريب كل من أتم الثامنة عشرة من عمره ولم يتجاوز الثالثين سنة ميالدية ،وأنّ اإلناث لهنّ حق الخيار في االلتحاق بخدمة واجب الدفاع الذاتي(طوعا ً وليس فرضاً) ،وم ّدة الخدمة 9 أشهر ،ويعفى من الواجب المكلف الوحيد ألحد أبويه (لألم أو األب) والمصابين بمرض غير قابل للشفاء أو بعاهة دائمة. ممارسة الضغوط على الصحفيني احملليني واالجانب نشرت منظمة CFSاأللمانية المعنية ببناء خريطة شاملة للحِراك المدني في سورية تقريرها األول ،والذي تضمّن نتائج المسح لعدد منظمات المجتمع المدني السورية بشكل عام وماهيتها ،وعند متابعة إحصائية للمؤسسات اإلعالمية في روجآفا -شمال سوريا حتى عام ،2016نجد أ ّنه قد ت ّم إحصاء وجود حوالي 70وسيلة ومؤسسة إعالمية ،ناهيك عن العشرات من الوكاالت العالمية ،والمؤسسات فتح بعضُها مكاتب دائمة .أمّا الدولية والتي َ مجموع عدد المؤسسات المدنية فقد بلغ 220 منظمة ،واحتلت محافظة الحسكة (كانتون الجزيرة) المرتبة األولى على مستوى المدن السورية في عدد منظمات المجتمع العامة بلغ عددها 155منظمة ،فيما كانت غالبية المدن الكردية تتص ّدر اإلحصائيات العامة في عدد المنظمات المدنية ودرجة نشاطها ويعمل فيها ال يقل عن 2500شخص.
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تجاوز عدد الصحفيين األجانب الذين دخلوا روج آفا -شمال سورية منذ حرب كوباني، 1500صحف ّيا ً وعاد جميعهم إلى مؤسساتهم سالمين ،ولم َّ يوثق اختطاف ،أو مضايقات أليّ أحد منهم ،باستثناء الصحفي السويدي يواكيم ميدين الذي اعتقل من قبل النظام لـ ست ساعات بتاريخ 21شباط .2015 ُ أصدر ا ّتحاد الصّحفيين الكرد السّوريين تقريره السنوي عن ملف االنتهاكات بحق الصحفيين بتاريخ 11يناير كانون الثاني 2017حيث ّ وثق ( 10انتهاكات) من قبل اإلدارة الذاتية ،تتراوح بين حاالت االعتداء بالضرب( )3واالعتقال المؤ ّقت ( )7علما ً أنّ بينهما حوادث ال يمكن اعتمادها؛ كونها جاءت كإجراءات قانونية ،مثالً توقيف على ذمة التحقيق لمدة ساعتين ،ومنها حوادث اعتداء ذات دوافع شخصية. من خالل هذه اإلحصائيات والتوثيق نجد زيف التقرير الذي يحاول اإليحاء بأنّ شمال سوريا يعتبر مكانا ً خطيراً على ممارسة العمل اإلعالمي ،من جهة قيام وحدات الحماية بتضييق الخناق على الصحفيين وإغالق مؤسساتهم ،وهو ما ينافي الحقيقة تماماً. ونتابع في ذات السياق بغرض إعادة التذكير بالتعميم الذي أصدره مؤخراً المجلس األعلى لإلعالم ،حيث يقضي هذا التعميم بتقديم التسهيالت الالزمة لإلعالميين والصحفيين ممّن يحملون بطاقات إعالمية ،وهو صادر عن القيادة العامة لقوات األسايش ،لتسهيل مهمة اإلعالميين. التهجري والتطهري العرقي واالستبداد إنّ وصم الوحدات الكردية على األرض على أنها تنتهج السلوك االستبدادي بالتعاون مع النظام السوري لتطويق الخناق ضد النشطاء
والجماعات السياسية الكردية المخالفة وزجهم في السجون وفرض سياسة التهجير القسري، اتهام يتكرر وفي هذا المضمار ،وسبق أن قدمت الوحدات الكردية تعهّدات للمنظمات الدولية الحقوقية التي لديها وسائل معينة تستقصي األمور الميدانية وهي ملتزمة بالقانون الدولي وشرعية حقوق اإلنسان ،وإن كان البحث وعبر شهادات مشبوهة يريد أن يفتح أبواب المناطق الكردية أمام الفوضى في ظل المواجهة اليومية واللحظية مع اإلرهاب العالمي ،فاالعتقاد السائد والراسخ لدى اإلدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية يتمثل في أن قضية أمن األهالي والحفاظ على حياتهم يتطلب حماية قانونية ومؤسساتية، ّ المنظمات ومن الواجب االلتزام بها .وتستطيع الدولية الحقوقية والمؤسسات اإلعالمية وكذلك الصحفيين األجانب أن يزورا روجآفا -شمال سوريا بغرض إجراء التحقيقات الميدانية المطولة في هذا الصدد. كما وأنّ تكرار تهمة «تهجير العرب» ،يت ّم باالعتماد على فقرات غير متكاملة من تقارير دولية والتي بنيت عليها االتهامات الضمنية كاعتماد شهادات أشخاص عبر وسائل االتصال ال عن طريق المقابالت الشخصية ،ووجود شهادات متناقضة .واتهامات التهجير القسري المفترضة لم تؤكد مطلقاً ،لتبقى ضمن إطار التخمينات التي ال تشير إلى «تهجير قسري» على افتراض أنّ المدنيين كانوا ينزحون من قراهم في مناطق النزاع تفاديا ً للقتل العشوائي، كما وأنّ التنظيمات اإلرهابية المتعاقبة على المنطقة كانت تنتهج في إستراتيجيتها الحربية زرع العبوات الناسفة واأللغام والسيارات المفخخة واالنتحاريين وتفخيخ المنازل وهو ما يعيق في الغالب ويؤخر إعادة توطين المدنيين إلى قراهم.
العدد - 36شتاء 2017
100
serqalawset@gmail.com
من ثوابت (قسد) الديمقراطية والحرية والعيش المشترك وحرية المرأة بوصفها قوة ريادية تتعزز باستمرار من خلال التدريب المتواصل لتحقيق التعايش السلمي بين كل المكونات ،وأي محاولة من أي فرد أو فصيل لنشر المفاهيم العنصرية والقومية والطائفية ستعرض صاحبها للعقوبات التي تح ّددها الأنظمة الداخلية كونها تعمل على تمزيق النسيج الوطني إضافة لما ورد أعاله ،فإ ّنه جرى تشكيل لجنة تقصي الحقائق من قبل (االئتالف السوري) بعد تحرير مدينة تل أبيض ،سرعان ما أعلن أعضاء من اللجنة نفسها استقالتهم بسبب قيام اللجنة بنشر تحقيق أوليّ تضمن تزييفا ً للحقائق ،واعتمدت شهادات منشورة
101
الشرق األوسط الدميقراطي
في وسائل التواصل االجتماعي دون التأ ّكد من واقعيتها ،بل واعتبرتها وثائق اتهام لوحدات الحماية بممارسة التهجير في المدينة .كما أنّ «لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا» أصدرت تقريراً بتاريخ 13أغسطس 2015نفت فيه «تهجير» وحدات حماية الشعب للمكون العربي ،إضافة الى التقرير الصادر عن لجنة تقصي الحقائق المستقلة التابعة لالمم المتحدة والتي نفت كلّ ّيا ً كل اتهامات التهجير على العكس فقد أ ّكد التقرير أن وحدات الحماية بذلت جهوداً إلعادة المهجّ رين الى قراهم ومدنهم. تعتبر وحدات حماية الشعب السبّاقة إلى تأمين احتياجات المواطنين اإلغاثية العاجلة بعد تحرير أي منطقة من داعش حتى قبل مجيء المنظمات اإلغاثية المختصة وتقديم الرعاية الطبية حسب اإلمكانيات المتاحة. جتاهل تشكيل قوات سورية الدميقراطية يت ّم تجاهل أن وحدات حماية الشعب هي إحدى مكوّ نات قوات سوريا الديمقراطية التي أعُلن عن تشكيلها في الـ 10من شهر تشرين األول/أكتوبر 2016وهي تضم :وحدات حماية الشعب ،وحدات حماية املرأة ،قوات الصناديد، اجمللس العسكري السرياني ،بركان الفرات ،ثوار جتمع الرقة ،شمس الشمال ،لواء السالجقةّ ، ألوية اجلزيرة ،جبهة األكراد ،جيش الثوار ،لواء التحرير ،وانض ّم إليها الحقاً: منطقة الرقة :لواء أحرار الرقة ولواء شهداء الرقة ولواء صقور الرقة ولواء ثوار تل أبيض. منطقة كوباني :جتمع الفرات -جرابلس، كتائب شهداء الفرات ،كتائب شهداء السد، كتائب أحرار جرابلس ،كتيبة الشهيد كاظم عارف التابعة جليش الثوار ،لواء جند احلرمني. منطقتي إدلب والشهباء :جيش الثوار، قوات الفرقة ،30لواء شهداء ريف إدلب ،لواء
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
تأسيسها جعلت منها القوّ ة األساسية للدفاع عن شعوب شمال سوريا وحمايتها ،وتعتبر في أثبت أهالي كوباني الوقت الراهن القوة الوحيدة التي استطاعت أن ّ تنظم نفسها بشكل جيد لحماية المنطقة من بأنهم أول مدينة سورية ً كافة الهجمات ،وهي أصال تكوّ نت على أسس رفضت قبول واحتضان ديمقراطية ،م ّكنتها من احتضان كافة المكونات دون أي تمييز أثني أو عرقي أو ديني أو طائفي، تم إخلاء وأثبتت أ ّنها تملك منظومة السيطرة على قواتها داعش ،حيث ّ عبر تنظيمها وتدريبها لتمنع ظهور أية حاالت أكثر من 400قرية وبلدة، انتقامية أو ثأرية أو كيدية خارجة عن األهداف التي نشأت أصالً من أجلها ،أو أي شيء من هذا إضافة إلى المدينة التي القبيل ,وهي ملتزمة بكل القوانين والمعاهدات الدولية حيال معاملة المدنيين وحماية أمالكهم رفض معظم س ّكانها ومعاملة األسرى. إنّ الثوابت عليها هذه القوات من المدنيين البقاء فيها، ّ الديمقراطية والحرية والعيش المشترك وحرية وانتظار حكم الإرهاب المرأة بوصفها قوة ريادية تتعزز باستمرار من خالل التدريب المتواصل لتحقيق التعايش ل البعد عن البعيد ك ّ السلمي بين كل المكونات ،لذلك فإنّ أيّة محاولة من أي فرد أو فصيل لنشر المفاهيم العنصرية الكردية. الثقافة ّ والقومية والطائفية وغيرها ستعرض صاحبها للعقوبات التي تح ّددها األنظمة الداخلية ومبادئ عني جالوت ،لواء 99مشاة ،لواء احلمزة ،لواء المحاكمة العسكرية ،كونها تعمل على تمزيق القعقاع ،لواء املهام اخلاصة ،لواء السالجقة، النسيج الوطني. لواء أحرار الشمال ،قوات عشائر حلب وريفها، جبهة األكراد .اي 33تشكيل عسكريّ لها قيادة وحدات احلماية منعت املدنيني من محل موحدة وغرفة تنسيق وإدارة وعمليات تتحكم السالح للدفاع عن قراهم وتدير الحمالت العسكرية. أعلن تنظيم الدولة اإلسالمية الحرب الشاملة هذه القوات والتي هي مزيج من تحالف على كوباني في 14أيلول ،2014وليس في عربي – كردي تم ّكنت حتى إعداد هذا التقرير نهاية العام 2014كما ورد في التقرير ،وكان من تحرير مناطق تجاوزت مساحتها 16000 هدفه السيطرة على ما سمّاه التنظيم «عين كم( 2االجمالي 30الف كم )2من داعش ّ مسخراً لذلك اإلسالم» وضمها إلى دولته، تض ّم هذه المساحة العديد من المدن الكبرى جيشا ً من مقاتليه المدرّ بين ،وأكثر أسلحته فتكا ً مثل منبج ،الشدادة والهول وعشرات النواحي من مدافع ودبابات ،ومختلف أنواع األسلحة وآالف القرى والمزارع ،هذه االنتصارات التي استطاع جمعها من مطار الطبقة والفرقة التي حصدتها قوات سوريا الديمقراطية منذ العدد - 36شتاء 2017
102
serqalawset@gmail.com
لقد تم ّكنت وحدات حماية الشعب في حرب كوباني من تحقيق إنجاز كبير؛ وهو سرعة إجلاء المدنيين وإنقاذهم من الموت المحتوم ،وهو الأمر الذي ن ّفذته أيض ًا ع ِقب مأساة شنكال في آب ،2014حين فتحت أكبر وأهم ممر إنساني ساهم في إنقاذ حياة الآلاف من الأيزيديين. 17في الرقة واللواء 93في عين عيسى مع تخطيط وتحضيرات كبيرة في حصار وحرب من ثالثة ا ّتجاهات عبر ستة محاور عسكرية ضخمة ،فإعالن الحرب الشاملة جاء بحكم أنّ المدينة باألصل كانت محاصرة ومنهكة لفترات طويلة ،مما رافقها نزوح ما يقارب حوالي نصف مليون مدني باتجاه تركيا، ّ ليسطر أهالي كوباني بأنهم أول مدينة سورية رفضت قبول واحتضان داعش ،حيث ت ّم إخالء أكثر من 400قرية وبلدة ،إضافة إلى المدينة التي رفض معظم س ّكانها المدنيّ البقاء فيها، وانتظار حكم دولة البغدادي البعيد ك ّل البعد عن الثقافة الكرديّة.
103
الشرق األوسط الدميقراطي
كانت حرب داعش استكماالً للحرب التي أعلنتها جبهة النصرة ،وفصائل من الجيش الحر على المدينة ،فكان شعارهم المشهور حينها يشدد «بأنهم سيصلّون العيد في جوامعها» ،وقبيل تاريخ الحرب قامت العشرات من الفصائل العسكرية بفرض حصار على كوباني ،شمل قطع الكهرباء ،والماء، ومنع حركة المواصالت ،مع تنفيذ هجمات على القرى والبلدات الكردية ،باإلضافة إلى اعتقاالت شملت المئات من المدنيين، والموظفين واألطفال. الهجمات على كوباني المحاصرة كانت شرسة وبالسالح الثقيل والنزوح كان بداية يتم تدريجيا ً من القرى التي تشهد مواجهات باتجاه المدينة ومع انكسار خطوط الدفاعات األولى عبر المحاور الستة تحت شدة الهجمات الشرسة ،وبعد أسبوع من المقاومة البطولية، اتخذت وحدات الحماية قراراً بوجوب إجالء المدنيين العزل ،وهو ما قلّل سقوط الضحايا المدنيين الذين كان التنظيم يقتلهم دونما رحمة وهوادة ،وبالتالي فإنّ الصحفي هنا يناقض ت الحماية نفسه ،ففي مقدمة التقرير ا ّتهم وحدا ِ بتجنيد المدنيين ،وهنا يتهم وحدات الحماية بأنها عارضت رفع المدنيين للسالح لمنع تق ّدم دبابات التنظيم ،وكأنه يوحي بأهمية زج المدنيين في القتال ومواجهة السالح الثقيل، وهو ما يعني حشر المدنيين في مواجهة اإلبادة الممنهجة .لقد تم ّكنت وحدات الحماية في حرب كوباني وحسب تقديرات من البنتاغون من تحقيق إنجاز كبير؛ وهو سرعة إجالء المدنيين وإنقاذهم من الموت المحتوم ،وهو األمر الذي ن ّفذته أيضا ً عقِب مأساة شنكال في آب ،2014 حين فتحت أكبر وأهم ممر إنساني ساهم في إنقاذ حياة اآلالف من األيزيديين.
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
حول مفهوم الدميقراطية و اجملتمع الدميقراطي املعاصر
أنس أحمد
مقدمة: يع ّد مفهوم الديمقراطية من المفاهيم شائعة االستعمال في العالم اليوم ،خصوصا ً أنّ كافة األنظمة السياسية المعاصرة دكتاتورية ،وتوتاليتارية ،وثيوقراطية ،تحاول أن تضفي على نفسها صفات الديمقراطية ،وت ّدعي تمثيل الشعب ،ممّا أ ّدى إلى اللبس وإساءة فهم المفهوم واستعماله ،وأحيانا ً تعريفه بدقة ،إلاّ أنّ الفرق واضح بين الشعارات واال ّدعاء بتأييد وتمثيل الشعب ،وبالتالي إضفاء الشرعية على نظام الحكم ،والواقع والتطبيق العملي. أوال -مفهوم الدميقراطية وأسلوبها الديمقراطية في األساس ككلمة تعود الى اللغة اليونانية القديمة وهي مكونة من مقطعين ،األول « »Demosو تعني الشعب ،والثاني « »Kratosوتعني حكم أو سلطة ،وبذلك تصبح الكلمة « »Demoskratosأي حكم الشعب. أمّا اذا ما بحثنا في التعريفات التي جاء بها الفقهاء للديمقراطية فال مجال لتعدادها أو حصرها ،إلاّ أنّ هناك التعريف األشمل للديمقراطية وهو «حكم الشعب» أو حكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه ،فالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية منبثقة من الشعب ،وتحكم أيضا ً باسم الشعب ،والشعب باختياره يقوم بتنصيب ح ّكامه. إذاً فالديمقراطية هي نموذج للحكم يتم ّتع الشعب فيه بسلطان قوي خالفا ً لرغبات ومصالح األرستقراطية أو الملكية المطلقة أو القادة والمقرّ بين واألتباع وغيرهم من العناصر المتن ّفذة التي تحاول االستمرار في احتكار السلطة والثروة ومنع بقية أفراد الشعب من المشاركة فيهما. لقد تطوّ رت المفاهيم حول كيفية تطبيق مبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه ففي حين كان اليونان يرون أن حكم الشعب ديمقراطيا ً ال يمكن أن يت ّم إال بواسطة سيطرة العدد - 36شتاء 2017
104
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
طبقة النبالء وحرمان العبيد والعامة من الحرية أو ممارسة أي حق في الحكم ،أصبح مفهوم لكي تكون املساواة دميقراطية الديمقراطية يعني في الوقت الحاضر إعطاء جيب أن تعين ّ حق ّ كل فرد يف أن الحرية ألوسع طيف من الجماهير أو إن صح التعبير لكامل أفراد المجتمع من اجل مشاركتها خيتار وجو َده اخلاص ،ويدير شؤونه الفعالة في حكم نفسها بنفسها عن طريق لكيال تكون الدميقراطية ّ مهددة إرسال ممثليها إلى المؤسسات السياسية وبناء بسلطة األغلبية المؤسسة السياسية من القاعدة باتجاه الهرم وليس العكس الذي نراه في بعض االنظمة التي درجة من الحرية الفردية ّ تؤثر سلبا ً على ّ تدعي الديمقراطية فتبنيها من السلطة العلية شروط انبثاق الحرية الحقيقية المرتبطة بالقيم ّ المتمثلة بالدولة باتجاه القاعدة ،فالديمقراطية في االجتماعية كالعدالة والمساواة ،وهكذا يمكن جوهرها ليست بحاجة الى الدولة ،وقد اتفق مع لليبرالية أن تتحول إلى عائق أمام الديمقراطية ما ورد في كتاب األمّة الديمقراطية حيث قرأت ألنها تتجاهل قيم العدالة والمساواة وتتيح للدولة بأن الديمقراطية :هي نظام سياسي يخالف نظام التدخل عوضا ً عنها. الدولة وهي ادارة المجتمع لذاته بذاته دون الحاجة الى الدولة. ثانيا -أسس ومقومات الدميقراطية فالدولة والديمقراطية تكونان على طرفي ال يمكن الحديث عن تطبيق فعلي وحقيقي ً نقيض دائما ،فال يمكن لدولة أن تكون للديمقراطية ،ما لم يت ّم تكريس مجموعة من ديمقراطية ،وكذلك ال يمكن للديمقراطية أن المبادئ والمقومات والخصائص التي يتميز تكون دولة أيضاً. بها هذا المفهوم ،وعليه يمكن القول :إنّ هناك لاّ كما أعتقد بأنّ الديمقراطية ال تتحقق إ من مجموعة من المبادئ واألسس التي ما لم يت ّم ّ معان جوفاء، خالل تحقيق أصلها ومعناها المتجلي بــ «حكم تكريسها تبقى الديمقراطية مجرّ د ٍ الشعب» ،ويتحقق ذلك بإدارة نفسه بنفسه عبر وشعارات دون تطبيق حقيقي ،وعليه سنتناول إدارات ذاتية ديمقراطية لك ّل مجموعة على في هذه الفقرة مجموع األسس والمبادئ التي ّ حدا فتمثلها وتحقق وجودها؛ أي تطبيق نظام يرتكز عليها النظام الديمقراطي. ديمقراطي اجتماعي الخاصية وذلك بديالً عن أولى هذه األسس هو أس الحرية وهذا ما ال الديمقراطية الليبرالية التي يكون فيها الشكل نجده في دول العالم الثالث ،التي ال تعرف أو الديمقراطي ذو طابع سياسي اقتصادي أكثر تعترف بالحرية السياسية ،بحيث ال تزال أغلب ً من كونه اجتماع ّيا أو باألحرى غير اجتماعي دول هذا العالم محرومة من االنتخابات النزيهة ً أصال ،إذ أنّ الليبرالية تقوم على أساس استقالل بل نجدها انتخابات مزورة أو مزيفة أو يقوم بها الفرد الذات واحترام الحرية الشخصية وحماية نظام الدولة نيابة عن الشعب. الحريات السياسية بعيداً عن القيم االجتماعية إنّ الحرية في النظام الديمقراطي ال تعني التي هي أساس الديمقراطية وجوهرها. أن يفعل اإلنسان كل ما يريده ،ألنّ أش ّد الدول فالليبرالية التي تقوم على السعي إلى أقصى
105
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ديمقراطية تضع حدوداً لحرّ يّات األفراد دون أن يقصد من ذلك القضاء على الحرّ يّات أو التقليل من شأنها ،بل تنظيمها بغية الحفاظ على مصالح الجماعة وحقوق اآلخرين. إنّ ثاني أسٍّ من أسس الديمقراطية هو المساواةْ ،إذ ُتعتبر المساواة بين أفراد المجتمع عنصراً من عناصر الديمقراطية ،فعلى النظام السياسي الذي يطبّق الديمقراطية أن يقوم بممارسة المساواة بين أفراد الشعب ،دون تفرقة لسبب من األسباب ،فعلى النظام السياسي أن يساوي في معاملته بين جميع المواطنين في ظله ،وألاّ تكون الديمقراطية لفئة على حساب فئة أخرى ،وهناك عدة نصوص تتناول هذه الفكرة ،فقد نصّت وثيقة االستقالل األمريكية على أ ّنه :إ ّننا نؤمن بأنّ الناس قد خلقوا متساوين .وقد نصّ إعالن حقوق اإلنسان و المواطن الفرنسي في ما ّدته األولى :يُولد الناس أحراراً ،ويبقون كذلك و متساوين في الحقوق. كما أريد التوضيح بأنّ المساواة كأُسٍّ من أسس الديمقراطية ال يعني المساواة الفعلية بين األفراد من حيث الظروف الحياتية والمعيشية، بل المساواة القانونية التي تعني عدم التفرقة أو التمييز بين األفراد في تمتعهم بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور ،وما أعنيه بالمساواة القانونية هو أن يكون القانون واحداً بالنسبة لجميع المواطنين دون تفرقة أو تمييز. كما يرى أليكسيس دو توكفيل وهو منظر الديمقراطية أنّ الديمقراطية والمساواة على ارتباط قويّ ،إذ ال ديمقراطية دون مساواة ،وال مساواة دون ديمقراطية. إذاً فالنظام الديمقراطي هو النظام الذي يستطيع ضمان الحرية والمساواة لمجتمع قائم على وجود نظام يستمد سيادته ومشروعيته من سيادة الشعب.
النظام الدميقراطي هو النظام الذي يستطيع ضمان احلرية واملساواة جملتمع قائم على وجود نظام يستمد سيادته ومشروعيته من سيادة الشعب ثالثا -أنواع الدميقراطية هناك الكثير من أشكال و أنواع الدميقراطية، املهم اّإل أن ّني سأذكُر بعضا ً منها ،أو باألحرى ّ منها و سنبدأ بــــــــ: الدميقراطية املباشرة: شكل من أشكال الحكم نادر الحدوث نظراً لصعوبة جمع كل أفراد الشعب في مكان واحد من أجل عملية التصويت ،ولذلك فلم تطبق الديمقراطية المباشرة إال في مجتمعات صغيرة العدد نسبياً .وكان أشهرها أثينا القديمة .فكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم بشكل مباشر بدالً من التصويت على اختيار نواب يمثلونهم .وكان كل المواطنين من الذكور االحرار يشاركون في التصويت والتحدث في الجمعيات العمومية ،بغضّ النظر عن درجة فُقرهم أو غناهم ،لكنّ ذلك كان يتطلب الكثير من الوقت ،ممّا ال يتناسب مع المجتمعات الكبيرة. الدميقراطية شبه املباشرة: وهي نظام وسط بين الديمقراطية المباشرة التي يح ُكم الشعب فيها نفسه بنفسه دون وسيط، والديمقراطية النيابية التي تقتصِ ر مهمّة الشعب فيها على اختيار نوّ اب يمارسون وظائف
العدد - 36شتاء 2017
106
serqalawset@gmail.com
السلطة باسمه ونيابة عنه .فتختلف الديمقراطية شبه المباشرة عن الديمقراطية المباشرة من ناحية عدم ممارسة الشعب كافة شؤون السلطة، ْإذ يكتفي بممارسة البعض منها ،ويعمل على انتخاب من يمثله لمباشرة الجانب األكبر منها. وبهذا نالحظ أنّ الديمقراطية شبه المباشرة ُتبيح للشعب ّ حق االشتراك في بعض شؤون السلطة بجانب البرلمان. الدميقراطية التمثيلية أو النيابية: في ظل الديمقراطية النيابية يقوم الشعب بانتخاب من يمثله؛ لمباشرة شؤون السلطة ً نيابة واستقالالً عنه ،وبذلك تتميّز الديمقراطية النيابية عن الديمقراطية المباشرة في إسناد مباشرة شؤون السلطة لنواب عن الشعب ال ألفراد الشعب أنفسهم .ومن هنا يصبح البرلمان هو صاحب السلطة والسيادة وليس الشعب. الدميقراطية الليربالية: لصق بالديمقراطية اليوم صفة غالبا ً ما ُت َ الليبرالية .والديمقراطية الليبرالية شكل من الديمقراطية التمثيلية تخضع فيه لحكم القانون ك ٌّل من القدرة على انتخاب ممثلين ،وإرادة األغلبية ممارسة سلطتها في اتخاذ القرار، وعاد ًة ما يتوسّط ذلك دستور يؤ ّكد على حماية حرّ يّات وحقوق األفراد واألقليات .ولقد تزايد ّ مؤخراً شيوع هذا الشكل من الحكم ،حتى أنّ حوالي نصف المعمورة بات اليوم يعيش في ظ ّل أنظمة ديمقراطية ليبرالية. رابعا -أخطار الدميقراطية: حسب رأيي ال يمكن تطبيق مبدأ الديمقراطية في األنظمة ذات الطابع األحادي والشمولي مثل «األنظمة القومية أو الدينية» فهي تحد من
107
الشرق األوسط الدميقراطي
الدميقراطية :هي نظام سياسي خيالف نظام الدولة و هي ادارة اجملتمع لذاته بذاته دون احلاجة اىل الدولة تحقيق الوجود السياسي واالجتماعي والثقافي لدى مجموعة الفئات األخرى التي تكون بدورها األقل تمثيالً ،وإذا ما طبقت الديمقراطية في هذه الحال كانت النتيجة هي عملية استبداد عن طريق الديمقراطية. فمن األخطار الديمقراطية هو استبداد األغلبية عندما يكون مبدأ األغلبية هو من يح ّدد قواعد عمل الديمقراطيات ،فـإنّ «الرأي العام» هو من يقود العالم ،هكذا ونتيجة العودة دائما ً إلى الرأي العام نكون قد فقدنا جزءاً من هويتنا الشخصية لصالح سلوكيات ومواقف مطابقة لسلوكيات ومواقف األغلبية .بإمكان األغلبية على هذا النحو أن تسحق األقلية وتقلّل من مساحة الحرية الشخصية لها. ومن األخطار الديمقراطية تطبيق الديمقراطية في البلدان المتنوعة التي تتعدد فيها القوميات واألثنيات والمذاهب؛ وخطرها يكمن في أنّ عدم استعمال الديمقراطية كثقافة تعايش بين المكونات وإ ّنما ثقافة تمايز عرقي أو مذهبي أو طائفي ،حيث يعطي مفهوم حكم الشعب نفسه بنفسه ترخيصا ً لحق تقرير المصير لهذا الشعب واالنفصال في حال انعدام كما ذكرنا ثقافة العيش المشترك والوحدة الوطنية. ومن أخطار الديمقراطية أيضا «الفوضى» إذ أن الفوضى هي من أخطار الديمقراطية، و بشكل خاص في النظم الليبرالية عندما ال
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
توضع حدود لحريات الناس ،حيث يمكن أن تؤدي ممارستهم لها إلى الفوضى والتع ّدي على حريات اآلخرين ،لذلك يجب تنظيم مسافة للحرية بحيث يكون لهذه المسافة حدو ٌد ال تتجاوز أو تضرّ بحرية اآلخرين. خامسا -اجملتمع الدميقراطي املعاصر مع انهيار الحركات القومية ووصول أنظمتها بالمجتمعات الشرق أوسطية إلى طريق مسدود ال تستطيع هي نفسها أن تنكره، تتنامى في أوساط الرأي العام ،وفي أوساط الرأي العام العالمي أيضاً ،نزعة عدائية تجاه البرامج والشعارات واألهداف التي استحوذت في الماضي القريب على عقول الناس وأفئدتهم لعقود طويلة ،كالبرامج النمطية كاإلصالح أو الشعارات الكالسيكية كالوحدة والدولة القومية وما إلى هنالك من شعارات فضفاضة باتت محظورة في الذهنية المتشكلة حديثاً. وطرحت الكثير من مشاريع التغيير لتحسين الواقع السياسي واالجتماعي وسنخصّ بالذكر المشروع الديمقراطي في شرقنا األوسط ،ولع ّل األهمية تكمن في ضرورة االنتقال السياسي لما شهده الشرق األوسط من ثورات واحتجاجات ِ شعبية وصلت إلى جحر السلطة السياسية وتغييرها. ً عبر الفكر الديمقراطي حديثا إلى الشرق األوسط ،و لم تترسّخ مبادئه اجتماع ّيا ً وال ح ّتى سياس ّياً ،إذ كانت عبارة عن أصداء خالية ُتقرع في أذهان الشعوب دون أي تأثير يُذكر ،ويعود السبب للتعاطي الشكلي والظاهري للديمقراطية بعيداً عن معناها الحقيقي إذ لم تطبّق مبادئها وال حتى أسسها ولم يعمل عليها حفاظا ً على المصالح األوليغارشية ،وضمانا ً لبقاء السلطة المركزية وهيمنتها ،وباإلضافة لذلك تزويدها
الدولة ال تكون دميقراطية إلاّ إذا كان القانون فيها واحداً يسري على مجيع املواطنني بال استثناء وال متييز بجرعات من الخطاب الديني التعبوي المحرّ ض على العداء للنظام الديمقراطي كونه غربيا ً باعتقادهم ،إلاّ أ ّنني أعتقد أنّ صا ً الديمقراطية ليست نظاما ً غربيا ً خا ّ وال نحو ذلك ،بل نتاجا ً إنسان ّيا ً ساهمت فيه البشرية عبر تاريخها الطويلْ ،إذ أنّ أيّ أساس حضاري ال يمكن أن يخلق على حدا ،فال ُّن ُ ظم الحضارية جاءت نتيجة سلسلة حضارية متواصلة ،وأعتقد أنّ الحرية التي هي أساس الديمقراطية إنما هي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على المبادئ األخالقية والدينية بعيداً عن التزوير الذي تعاني منه نتيجة ّ تدخل المصالح السياسية فيها. نعود إلى الديمقراطية حيث كما ذكرنا مسبقا ً أنّ الديمقراطية هي سلطة الشعب ،غير أنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو :أيّ شكل من أشكال الحكم ّ يمثل سلطة الشعب ،كيف يقوم الشعب بحكم نفسه...؟ أعتقد أنّ الديمقراطية الحديثة يجب أن تتر ّكز وتنشأ على السلطة االجتماعية ،وذلك ّ المتمثل بحكم الشعب، لضمان مفهومها والسعي بتغذيتها بالمبادئ والقيم اإلنسانية، وتحويل مركز نشاطها من دمقرطة الدولة والسلطة المركزية نحو دمقرطة المجتمع والسلطة االجتماعيةْ ،إذ أنّ الممارسة الديمقراطية السليمة تفترض دمقرطة المجتمع
العدد - 36شتاء 2017
108
serqalawset@gmail.com
بح ّد ذاته ،وليس دمقرطة السلطة السياسية. كانت المرحلة األولى لظهور الديمقراطية تتجلّى في مرحلة الدولة الديمقراطية في العهد الماضي لدى الغرب ،أمّا المرحلة الثانية فهي مرحلة المجتمع الديمقراطي بحد ذاته ،أي توطيد مبادئ الديمقراطية في ممارسات الفرد والجماعة معاً ،كما أ ّنه يجب على المجتمع الديمقراطي أن يتمتع بشروط و قيم إنسانية أوّ لها الحرية الفردية والجماعيةْ ،إذ أنّ الحرّ يّات الفردية والجماعية صلب الديمقراطية وغايتها، لكنها ال تتحقق من دون تأمين شروط ومبادئ أخرى وهي العدالة والمساواة االجتماعية ،كما جرى تعريف الثقافة الديمقراطية على أ ّنها المساواة ،إذ أنّ الديمقراطية تستلزم هدم نظام مراتبي ورؤية كلية للمجتمع واستبدال اإلنسان المراتبي باإلنسان المتساوي على حد تعبير لويس ديمون .ولكي تكون المساواة ديمقراطية يجب أن تعني ّ حق ك ّل فرد في أن يختار وجودَ ه الخاص ،ويدير شؤونه لكيال تكون الديمقراطية مه ّددة بسلطة األغلبية. كما ال يقبل الفكر الديمقراطي المعاصر بالمُسلَّمة القائلة :بأنّ احترام الحريات الفردية يقود حتما ً إلى تحقيق القيم اإلنسانية المطلوبة كما تقودها الليبراليةْ ،إذ يمكن لليبرالية أن تتحول إلى عائق أمام الديمقراطية ألنها تعمل على تجاهل قيم العدالة والمساواة ،فأيّ معنى للحرية من دون عدالة ومساواة فعلية ال يمكن أن تقود إلى الديمقراطية. أمّا اإلشكالية األعقد في الديمقراطية هي اعتبار األفراد ناخبين ،وليس ُ ص ّناعا ً للقرار السياسيّ ،فالديمقراطية ال تعني تحويل األفراد في المجتمع ما إلى مجرّ د ناخبين ال خيار لديهم سوى االختيار ،بل العكس يعني أن يش ّكلوا ت ومؤسسات سياسية وإدارية طبقا ً وحدا ٍ
109
الشرق األوسط الدميقراطي
ّ أن املمارسة الدميقراطية السليمة تفرتض دمقرطة اجملتمع ّ حبد ذاته ،وليس دمقرطة السلطة السياسية لإلرادة الفردية ومن ثم المجتمعية ،و بهذا يكون الفرد قد ساهم بتشكيل سلطته السياسية المنشودة ال أن يكون مساهِما ً باختيارات حرّ ة بين تيارات سياسية لم تنطلق من الذات واإلرادة الحرة. ال يمكن للسياسة الديمقراطية التي تعطي أكبر حرية ألكبر عدد ،فتحمي أكبر تنوّ ع ممكن وتعترف به ،بل السياسة الديمقراطية سياسة تمثيل األفراد في الحكم عن طريق إدارات ذاتية لكل مجموعة ،وانتخاب هذه اإلدارات كلاّ ً على حدا دون التعرض إلى نظام انتخابي شامل يبرمج القرار وفق صالح األغلبية ،أي انطالق القرار السياسي من القواعد االجتماعية والتي تقوم بدورها عن طريق إدارة شؤونها بنفسها دون تسلّط األغلبية على حياتهم السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية. أخيراً :ال يمكن أن تقوم ديمقراطية بال مساواة سياسية ،فهي المقدمة الالزمة أو الضرورية للمساواة االجتماعية .فالدولة ال تكون ديمقراطية إلاّ إذا كان القانون فيها واحداً يسري على جميع المواطنين بال استثناء وال تمييز ،وكان جميع المواطنين يشاركون في شؤون الدولة والحكم ،وما الديمقراطية إال سياسة االعتراف باآلخر ،كما قال شارل تايلور.
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ٌ ُ ُ الكرد ْ تاريخ ُ ونضال
ّ ٌ ُ ٌّ شخصيات كردية ساهمت يف مقارعة االستعمار الفرنسي، وحترير سوريا احلديثة روهان قاميشلو
َ ّ مشاركة إن ُ الكرد يف بناء سوريا ،من األزل وحتى اليوم ،مل تكن ً ً وخاصة ّ أن بغريبة، من بني أبنائها َمن َ َ وشارك يف الوطن ح ّرر االستقالل .ويف إطار عرض تاريخ بعض الشخصيات الكردية اليت ْ لعبت دوراً هامًا يف تاريخ سوريا وتاريخ املنطقة، ُ نستعرض بعضًا منهم.
يُع ُد المُجاه ُد الكردي محمد إيبو شاشو من الوجوه البارزة في قيادة نضال الشعب السوري ض ّد االحتالل الفرنسي ،ويقو ُل عن ُه المؤرخون: َ أطلق الرصاص على الفرنسيين بأن ُه أو ُل َمن في سوريا .فهو من مواليد قرية( باسكا) عام 1881م ،الواقعة على سهل(ليجة) على الحدود اجتمع محو ورجا ٌل آخرين السورية التركية، َ حلب ،وقرروا مُحارب َة في حيّ (آغيول) بمدينة َ الفرنسيين ،وا ّتخذوا من سهل( العُمق) ليبدأ نشاطاتهم ض ّد الفرنسيين. وعن فتر ِة نضاله يقو ُل الكاتبُ «أدهم آل جندي» في كتابه (تاريخ الثورات السورية في عهد االنتداب الفرنسي)1960 ،م إنّ المجاهدَ أطلق الرصاصةَ َ البط َل(محو إيبو شاشو الكرديّ ) األولى في وجه الفرنسيين المُستعمرين ،وكانت مجموعت ُه نوا َة المجموعات السوريّة ،وقد ت الحكوم ُة المحل ّي ُة في «حارم» قوّ ًة من أرسل ِ الدركِ لمُالحقت ِه فتوارى عن األنظار ،ولكنّ الجنودَ ساقوا زوج َت ُه أمامهم عائدين إلى حارم، فثار محو واستأسدَ في سبيل الكرامة وال ّ شرف، َ دارت بينهم معركةٌ وتبع رجا َل الدركِ حيثُ ْ َ ْ أسفرت عن مصرع بعض الجنود الفرنسيين، العدد - 36شتاء 2017
110
serqalawset@gmail.com
حممد إيبو شاشو :هو ُ أول مَن َ أطلق الرصاص على الفرنسيني يف سوريا وكان َ النواة األوىل للثورة السور ّية فيما ُ بعد وهرب الباقون ،عاد محو مع زوجته. َ ُ بعد هذه الحادث أم َّد محو بكم ّي ٍة من البنادق والقذائف والعتاد وانض ّم إليه أفرا ٌد آخرون، ً مؤلفة من أربعين جند ّيا ً فجرّ دَ الفرنسيون قوّ ًة لمُطاردته مع رفاق ِه لكنهم تص ّدوا لهم ببسالةٍ، فانسحب الجنو ُد هاربين ،وا ّت َ خذ من جبل َ ً (خاستيا وقازقلي)في منطقة عفرين مخبأ ل ُه ولرفاقهِ ،وتجم َّع حول ُه أكث ُر من أربعين مجاهداً، ْ كانت نقل عسكرية ث ّم قادَ هجوما ً على قافل ِة ٍ ْ الكامل، انتهت بالحرق تجتا ُز سه َل العمق، ِ ُجاهدين هاجموا من منطق َتي وبالتحالفِ مع م َ عفرين وحارم بتاريخ 1920/1/22هاجموا َ مخفر قرية«الحمام» في منطقة عفرين ،وفي َ
111
مقتل قائد النهاية استولوا على المخفر بعدَ ِ ْ أرسلت القيادةُ الحامية والمُالزم دولونالي ،ث ّم الفرنسي ُة قوّ ًة بقيادة الكابتن«دروهيل» لمُطاردة ُجاهدين البالغ عددهم ستمائة المُجاهدين ،لكنّ الم َ ومعهم«محو إيبو شاشو» هجموا على القوة الفرنسيّة المُتمركزة في القرية بالر ّ شاشات، َ فسقط منهم 50شهيداًو 17أسيراً. ْ شاركت ت الفرنسي َة ويُقا ُل إنّ الطائرا ِ في إحدى المعارك ض ّد مُجاهدي محو ،وفي منتصف ليلة 1939/1/23هاجموا منز َل ْ ودارت بينهم المُستشار الفرنسي في «إعزاز» ٌ معركة حامية امت ّد ْ ت حتى الفجر ،وبسبب ّ ُ القوات ت شراسة المجاهدين في القتال اضطر ِ الفرنس ّي ُة االستنجادَ بحاميتها المتمركزة في «حلب» بقيادة الكولونيل«دوشى ليون»، َ وكذلك بقواتها المتمركزة في قرى«قطمة» َ ُ الطائرات ت المجاورة ،وفي هذه األثناء شارك ِ الذين الفرنس ّي ُة في الهجوم على مُقاتلي«محو» َ َ إسقاط طائر ٍة منها. استطاعوا ً ونتيجة لتواطؤ أحد أقربائ ِه وبعض األغوات ،أُغتي َل محم غدراً في باب مغار ٍة رب قرية ( تتران) كان قد ا ّتخذها مقرّ اً له قُ َ َ
إبراهيم هنانو
البطل محمد إيبو شاشو:
الشرق األوسط الدميقراطي
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
الزعيم الوطين إبراهيم هنانو ُ الكبري ،الذي ّ تصدى لالستعمار وقاوم ُ َه يف مطلع القرن العشرين، تفخر ويأتي يف طليعة األبطال الذي ُ بهم سوريا اليو َم في منطقة عفرين ،بعد أن استبس َل في مقاومة الفرنسيين ،وكان النوا َة األولى للثورة السوريّة فيما بع ُد)1(.
جُ املاهد الكبري إبراهيم هنانو:
ال يوج ُد شخصٌ في سوريا أو في العالم العربي لم يسمع بإبراهيم هنانو ،إن ُه كبي ُر المُجاهدين في الثورة السوريّة ،والزعي ُم الوطني الكبير ،الذي تص ّدى لالستعمار وقاو َم ُه في مطلع القرن العشرين ،ويأتي في طليعة األبطال الذين تفتخ ُر بهم سوريا اليو َم. ولدَ في بلدة «كفر حارم» الواقع ِة غربي حلب عام 1869م ،وهو ينحد ُر من عائلة هنانو َ العريقة ،ذات الزعامة والوجاهة ،التي تنتمي إلى عشيرة البرازي ال ُكردية المعروفة .تقلّدَ وظائف إداريّة في العهد العثمانيّ ،ث ّم عادَ إلى َ بالده سن َة 1908م ،وا ُ نتخب عضواً في المجلس َ بحلب .عندما دخ َل جيشُ األمير فيصل العُمومي َ حلب فاتحاً()1918عادَ إليها، بن الحسين مدين َة َ وا ُ َ بدمشق، نتخب عضواً في( المؤتمر السوريّ ) َ وعضواً في(جمعيّة العربية الفتاة) السريّة ،ث ّم فانتدب لتأليف الفرنسيون مدين َة أنطاكية، احت ّل َ َ ُ مجموعا ٍ ت عربي ٍة تشاغلهم ،وجع َل مقرّ هُ في ْ وفوجئت سوريا بنكبة«ميسلون»1920 حلب، َ َ فامتنع في وحلب، دمشق واحتالل الفرنسيين َ َ بالد بيالن(شمالي حلب) بقوّ ٍة من المتطوّ عين
ً حكومة ف الوطنيين ،وقاتل ُه الفرنسيون ،وألّ َ ً ْ وكثرت ب بـ «المتو ّكل على هللا» وطنية ،ولُ ّق َ وخاض سبعا ً ُ نطاق نفوذهِ، سع َ جمو ُعهُ ،وا ّت َ ً ُصب فيها بهزيمةٍ، وعشرين معركة لم ي َ َ واستمرّ عاما ً كامالً ي ُ ُنفق مما بجيب ِه في َ انبسط فيها سلطانهُ. ت التي الجها ِ ّ لع على بيان إذاعة األمير عبد هللا بن اط َ ّان ،يقو ُل فيه إن ُه جا َء من الحجاز الحسين في عم َ «لتحرير سوريا» ،فكات َب ُه إبراهيم هنانو ،ث ّم ّان عاصمة األردنّ ،فلم ْ يجد فيها قصدَ هُ إلى عم َ البريطانيون فلسطين ،فاعتقل ُه وزار ما أم َل، َ َ َ َ وسيق إلى في القدس وسلّموهُ إلى الفرنسيين، ً محاكمة انتهت باعتبار ثورت ِه حلب ،فحوك َم َ «سياسية مشروعة». تحوّ َل إلى الميدان السياسيّ ،يحاربُ الدول َة ْ فاجتمعت على زعامته الفرنس ّي َة المُنتدِبة، فأحسن قيادتها ،وكان سوريا كلّها ،وقادها َ منهاجهُ« :ال أعترفُ بدولة فرنسا المُنتدبة، ت البال ُد عا َم وال تعاون معها» ،ول ّم ُدعي ِ َ 1928م النتخاب الجمعيّة التأسيسيّة ووضع انتخب إبراهيم هنانو الدستور السوريّ ، َ ختير رئيسا ً للجن ِة الدستور في عن حلب ،وا ُ َ َ الجمعية التأسيسية ،فأت ّم وضع دستور عام 1930م. قا َل المؤرّ خ اللبناني يوسف إبراهيم يزبك: أربع رسائ َل كتب َ إنّ الزعي َم السوفييتي(لينين) َ ّ بخطه سن َة 1919م إلى إبراهيم هنانو يدعوهُ فيها إلى التعاون مع حركات التحرّ ر الوطنية في المنطقة ،واالعتماد على مساعدة اال ّتحاد السوفييتي في الصراع العادل ض ّد االستعمار. ()2
علي بوظو:
وهناك المف ّك ُر والمحامي علي بن عبد َ الوهّاب بوظو (1986-915م) ،وهو من
العدد - 36شتاء 2017
112
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
ّ املفك ُر علي بن عبد الو ّهاب بوظو، من َ َ َ وكان الفرنسي، االنتداب عمل ضد ّ الشعبّ ، عضواً بارزاً يف حزب ّ ومث َل دمشق دورات متوالية النيابي يف يف اجمللس ّ ٍ وهو ٌ علم من رجاالت سوريا الفكرية والنضالية يف اإلدارة ُ واحلكم. فلسطين ،ال يطلبُ من الدنيا سوى الجهاد في سبيل هللا ،وقد استشهدَ عام 1938إثر معركة ُ ْ هناك. دفن وقعت بأراضي شرقي األردن َ حيث َ ُ الضابط خليل بكر ظاظا ،توفي وهناك عام 1938م ،وهو من مواليد دمشق ،خد َم ضابطا ً في الجيش السوري أيا َم الحُكم الفيصلي ،1920-1918وقائد سريّة خيّالة المتطوعين في حمص وحماة .وقاو َم الفرنسيين، وبعد انهيار الحُكم الفيصلي في سوريا 1920 لجأ إلى شرقي األردن بعد أن حك َم عليه الفرنسيون باإلعدام.
الرئيس أديب الشيشكلي:
علي بوظو
َ بدمشق ،عم َل في صفوف مواليد حيّ األكراد االنتداب ت التنظيمات السياسيّة التي قارع ِ َ وكان الفرنسيّ خال َل الثورة السوريّة ال ُكبرى، َ شعبّ ، عضواً بارزاً في حزب ال ّ ومث َل دمشق في المجلس النيابيّ في دورا ٍ ت متوالية وعديدة ُ ْ أسندت إليه وزارةُ الداخلية منذعام ،1949حتى والزراعة ،هو عل ٌم من رجاالت سوريا الفكرية والنضالية في اإلدارة والحُكم. وهناك المُجاه ُد الوطني إبراهيم شيخاني، وهو من مواليد مدينة دمشق عام 1860م. َ حضر معاركها التحق بالثورة السورية الكبرى َ َ التحق بثورة حتى النهاية .وفي عام1938
113
ولدَ في تشرين الثاني عام 1909م في مدينة حماة ،وهو ابن السيّد حسن آغا الشيشكلي وهو أصل كرديّ ،تزوّ َج من السيدة فطينة بنت من ٍ مصطفى آغا الفنري عام 1928م .بعد تخرّ جه مدرسة من في التجهيز محافظة حماة، َ التحق بالمدرسة َ بدمشق الحربية تشرين في األول ،1929 وتخرّ ج منها برتبة ضابط.
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ُ حياته أديب الشيشكلي بدأ العسكرية ضابطًا,،ومن ثم توىل رئاسة األركان لينتخب ٌ حريص فيما بعد رئيسًا .قال :أنا أبنائه على هذا الوطن وعلى ِ فكان قائداً بدأ حيات ُه العسكرية ضابطاً، َ للموقع العسكريّ في البوكمال ،ثم انتق َل إلى َ دمشق في أثناء الحرب العالمية الثانية ،ويو َم محاصرة الديغوليين لسوريا ُنق َل إلى حامية الر ّقة ،وفي حركة العدوان الفرنسي عام كتائب 1945م كان ممن أعلنوا المقاوم َة ،وقادَ َ َ التحق بالمجاهدين العرب في المجاهدين ،كما فلسطين ض ّد العدوان الصهيونيّ . َ َ حدث االنقالبُ السوريّ األوّ ُل وعندما والثاني ،كان هو الموجّ ُه الفعليّ لهذه التحرّ كات، كان هو القائ ُد والزعي ُم لالنقالب الثالث. ث ّم َ نيسان 1955م. تولّى رئاس َة األركان العامّة في َ نتخب رئيسا ً للجمهورية السورية في 11حزيران عام وا ُ َ 1953م ،وظ ّل بهذا المنصب حتى المُكالمة الهاتفية األخيرة من الزعيم محمود شوكت آال ر ّ تآمر عليه شي الذي َ لصالح شركة النفط البريطانية بواسطة رجل األعمال اللبنانيّ «إميل البستاني» ،ونصح ُه ً ُخادعة بتركِ البالد والسفر إلى الخارج، م فأجاب ُه الشيشكلي :أنا حريصٌ على هذا الوطن وعلى أبنائهِ. ً ت ّم اغتياله غدرا من قبل المغترب «نواف أبو غزالة» في منفاه في البرازيل عام .1964 ()3
خالد وجنيب وحمسن الربازي:
وعلينا أن ال ننسى المجاهدين من أبناء
مدينة حماة األبيّة ،وخاص ًّة أبنا ُء عشيرة الذين ضربوا أروع األمثلة البرازيّ ال ُكرديّة، َ في الثورات السورية ،وساهموا في النضال ت البال ُد على استقاللها. السياسي حتى حصل ِ ومنهم المجاه ُد الوطني خالد البرازيّ (-1882 1952م) ،الذي قاو َم اال ّتحاديين األتراك أيا َم الدولة العثمانية ،ونتيج َة الحالة الوطنية عندهُ في في عام( )1941أثنا َء الحرب العالمية ُن َ الثانية ،من قبل السلطتين اإلنكليزية والفرنسية فلسطين ومنها إلى جزيرة «قمران» ،وبقي إلى َ فيها م ّد َة سنتين ،وفي يوم العدوان الفرنسي على السالح مع أوالدهِ، مدينة حماة سنة 1945حم َل َ وأظهر من البطولة مع الصفوف، وكان يتق ّد ُم َ َ مضرب األمثال. أوالده وعشيرته ما جعلهم َ لعب نجيب آغا البرازي ،أح ُد وجهاء كما َ ً ً مدينة حماة ،دورا بارزا في التاريخ السياسي السوري ،فبين أعوام( -1919حتى )1925 َ وافق على تعام َل مع الملك فيصل األوّ ل ،كما ْ جرت عام1925م. الثورة السورية الكبرى التي َ بيروت ،وبين وت ّم اعتقال ُه لم ّدة ثالثة أشهر في أعوام 1928-1927انض ّم إلى الوطنيين السوريين ،وبين أعوام 1932-1931ت ّم انتخاب ُه نائبا ً على القائمة المناوئة للحكومة ،وفي سنة 1936شجّ َع المُضربين أثنا َء االحتجاجات المُناهضة لالنتداب الفرنسي ،حتى ت ّم وضع ُه َ تحت اإلقامة الجبريّة في بيروت. أمّا محسن البرازيّ ،فهو من مواليد حماة ،1904من عشيرة البرازية الكردية المُنتشرة في تركيا وبالد ال ّ شام ،أت ّم دراست ُه في تجهيز فرساي بفرنسا ،ونا َل شهاد َة الدكتوراه في الحقوق من جامعة باريس ،وعادَ إلى سوريا و ُعي َّن أستاذاً مُدرّ ساً ،فوزيراً للمعارفِ ،فأمينا ً عاما ً للقصر الجمهوري ،فرئيسا ً للوزارة في ّ بالزعيم، طيح عهد حسني الزعيم .وعندما أ ُ َ ُن ّف َذ فيه حُك ُم اإلعدام مع حسني الزعيم بتاريخ
العدد - 36شتاء 2017
114
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
الزركلي قاوم الفرنسيني بشعرِه والسخرية منهم ،فحكموا عليه ّ باإلعدام الربازي قاو َم حّ ّ االتاديني خالد األتراك أيا َم الدولة العثمانية ً مجموعة من ترك لنا 14آب 1949م .وقد َ ُ ٌ يقولون بأنهم كرد ،والقو ُل وآخرون المؤلّفات ،منها :دروسٌ في الفقه الرومانيّ /عربٌ ، َ َ ٌ ُحاضرات في الحقوق المدنية الفرنسية /الثاني هو ما رجّ ح ُه الدكتور أحمد الخليل م باالستناد إلى بعض أقوال المؤرّ خين والحقائق دروسٌ في الفقه المدني الفرنسيّ )4(. التاريخيّة )6(،وما ذكرهُ الدكتور كميل الحاج خري ّ في كتابه ( الموسوعة المُيسرة في الفكر الفلسفي الدين الزركلي: وقا َم العالّم ُة خير الدين الزركلي المؤرّ ُخ ،واالجتماعي،ص )470عن عبد الرحمن إسالمي إصالحي ال ّشاع ُر والدبلوماسيّ والصّحفي ،الذي ينتسبُ الكواكبي بأنهُ « :مفكّر ٌ ّ غنية». َ دمشق. إلى عشيرة الزركلية ال ُكردية ،في سوري ،من أسر ٍة كردي ّ ٍة ّ جمع هذا المُف ّك ُر بين الثقافة الواسعة لقد َ قاوم الفرنسيين بشعر ِه والسّخرية منهم، ْ ُجزت أمالك ُه على والنزعة العلميّة ،عم َل في الصحافة ،وشغ َل فحكموا عليه باإلعدام ،وح ً ً دمشق بعدَ معركة ميسلون1920م .رئيسا فخريا لعد ٍد من الوظائف في العهد َ إثر دخولهم وقا َم ابنُ عمه محمد بن سليم الزركلي العثمانيّ ،وكان حبُّ اإلصالح وحريّة القول عمل من أعماله ،وقيام ِه باديتين في ك ّل بالمُشاركة في الثورة السورية الكبرى ،وت ّم ٍ ِ اعتقال ُه عام 1922لمشاركت ِه في المظاهرات بإصالحا ٍ ت معروفة عندما ُعي َّن رئيسا ً لبلديّة الشطر األكبر حلب سن َة1892م ،وقد أمضى َ َ احتجاجا ً على اللورد بلفور ،واضطرّ إلى الرحيل إلى شرقي األردن بسبب عمل ِه لقصيد ٍة من عمر ِه في عهد السُلطان العثماني عبد ذلك العهد ألقاها في ذكرى ميسلون ،هاج َم فيها سُلطات الحميد الثاني (،)1909-1876 َ االنتداب الفرنسي)5(.
عبد الرمحن الكواكيبّ:
يُع ُّد المُف ّكر الثائر عبد الرحمن الكواكبي ُ والظلم العثماني من أوائل َمن تص ّدى لالستبداد أيا َم حُكمهم لبالد ال ّ شام ،فهو من مواليد مدينة ت األقوا ُل حلب عام 1855م ،وقد اختلف ِ أصل أسرته الكواكبيّة ،فيُقا ُل بأنهم حو َل ِ
115
عبد الرمحن الكواكيب من تصدى لالستبداد ُ أوائل مَن ّ والظلم العثماني أيا َم ُحكمهم لبالد ّ الشام. دعا إىل حر ّية الشعب العربي، ومناهضة االستبداد العثماني
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
المعروف بالقهر واالستبداد ،وكان من يقف الكواكبي -وهو مث ّقفٌ متنوّ ر الطبيعي أن َ موقف الغاضب على محبٌّ للعدالة والحريّة- َ اإلصالح االستبداد والمُستب ّدين، وأدرك أنّ َ َ يكون شامالً ،ويكون على صعيدين الب ّد أن َ ّ اثنين :األوّ ل ثقافي ،ويتمثل في نشر العلوم ّ ويتمث ُل في العقلية والتقنية .والثاني سياسي، تغيير الفكر السياسي االستبدادي والذي رسّخت ُه السلطن ُة العثمانية في العقول والنفوس. نفس ُه لتنفيذ مشروعه نذر الكواكبي َ وقد َ اإلصالحي ال ّ وطبع مصر فسافر إلى شامل، َ َ َ كتاب ُه األوّ ل َ(أ ُ ّم القُرى)في القاهرة ،وكتابه الثاني (طبائع االستبداد ومصارع االستعباد)، وفي هذين الكتابين دعا إلى حريّة الشعب لذلك ع ّد العربي ،ومناهضة االستبداد العثمانيَ ، الكواكبي واحداً من أكثر الشخصيات الفكريّة راديكالي ًّة في أواخر القرن التاسع عشر، ْ سخطت عليه، عيون السلطان العثماني لكنّ َ وتم ّكنت في القاهرة من قتل ِه بدسّ ال ُس ّم له في فنجان القهوة في مقهى يلدز ،وت ّم لهم ذلك ،فأخذ يتلوّ ى من األلم ويقي ُء حتى َ آخر كلماته لفظ َ «لقد سمّموني يا عبد القادر» وكان يوم 14 حزيران سنة )7(.1902
َ دمشق سنة1867م ،تعلّ َم السوريّة ،ولدَ في َ الحقوق في ودرس وتابع دراست ُه باآلستانة بها َ َ ْ نزحت من منطقة باريس ،وهو من عائل ٍة كرد ّي ٍة َ «بالو» بجنوب شرق األناضول إلى سوريا بسبب الخالفات السياسيّة بين أجداد ِه والسُلطة العثمانيّة ،وق ّد َم والدهُ دعما ً كبيراً بالمال والسّالح لثورة إحسان باشا التي اندلعت في مُدن ديار بكر وسيرت وأورفا ض ّد العثمانيين. وفي عهد االنتداب الفرنسيّ للبالد السوريّة ُعي َّن وزيراً للمالية ،وبعدها رئيسا ً للجمهورية فيها ،سنة 1932وحتى ،1936ث ّم استقا َل باريس والتقى مع النحّ اس باشا وسافر إلى َ َ ّ ت العالقةُ رئيس وزراء مصر األسبق وتوطد ِ فن بينهما .وتو ّفي في باريس سنة 1939م و ُد َ في دمشق)8(.
حسين الزعيم:
هو حسني الزعيم بن حسن زعيم البهدينيّ ، حلب ،وهو من ولدَ عام 1897م في مدينة َ أصل كرديّ ،وتعلّ َم في المدرسة الحربية في ٍ استانبول ،وخد َم في الجيش التركيّ ث ّم الفرنسي وثار أيا َم احتالل سوريا ،وتولّى رئاسة األركانَ ، على رأس الجيش السوريّ عام 1949م ،ونفى ب مجلس النوّ اب وقبض على زمام الدولة ،ول ّق َ َ َ نتخب رئيسا ً ف وزار ًة ،ث ّم ا ُ ّ حممد علي عابد: َ نفس ُه بالمُشير ،وألّ َ َ حزيران عام1949م ،قُت َل مع ّي رئيسا ً للجمهورية للجمهوريّة في َ وهو أوّ ُل َمن ُسم َ العدد - 36شتاء 2017
116
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
بباريس. في غرفة التشريح بمدرسة الطبّ َ
يوسف العظمة:
يب َ قتل اجلنرال» سليمان احلل ّ الفرنسي كليرب» قائد اجليش ّ مبصر واحلاكم العا ّم َ رئيس وزرائه محسن البرازيّ رميا ً بالرصاص عقب انقال ٍ ب عسكريّ تزعّم ُه العقيد سامي حلمي َ وكان أوّ ل الح ّناوي ،عندما قا َم بانقالبه العسكريّ َ انقال ٍ ب يحص ُل في البالد ،قا َل ل ُه فارس الخوريّ : ً َ التاريخ فتحت بابا يصعبُ على «سامحك هللا، َ ِ إغالقهُ».
سليمان احلليبّ:
وهو المولود في قرية ( كوكان) في جبل سافر إلى حلب عام 1777م، األكراد شمالي َ َ لنيل إجازتهِ ،وعندما غزا األزهر الشريف ِ نابليونُ بعض واستباح مساجدها ،قاب َل مصر َ َ َ قادة الجيش العثمانيّ ،فعاهدَ هم على أن يقت َل الجنرال «كليبر» قائد الجيش الفرنسيّ والحاكم بمصر. العا ّم َ فقصدَ القاهر َة ،وقضى 31يوما ً يتع ّقبُ كليبر َ بخنجر ،كان يُخفي ِه في ظفر به ،فطعن ُه حتى َ ٍ ثيابهِ ،ع ّد َة طعناتٍ. بض علي ِه وحوك َم أما َم محكم ٍة عسكريّة قُ َ ْ فقضت بإعدام ِه صلبا ً على الخازوق، فرنسيّة، حرق يدهُ اليمنى ،ث ّم يُترك ُ طعمةً ُ بعدَ أن ت َ للعُقبان ،و ُن ّف َذ فيه ذلك ،في ت ّل العقارب يوم 17 حزيران1800م ،و ُعلّ ْ قت إلى جانبه رؤوسُ ثالثة من عُلماء األزهر. طعن به كليبر محفوظا ً وال زا َل الخنج ُر الذي َ في مدينة كاركاسون بفرنسا ،كما حفظوا جمجمت ُه
117
وهو من كبار ال ّ شهداء والمناضلين في سبيل استقالل سوريا الحديثة .هو من مواليد َ دمشق عام1884م ،خد َم ضابطا ً في الجيش العثمانيّ ،و ُعي َّن رئيسا ً ألركان حرب الفرقة العثمانيّة في بلغاريا ورومانيا ،ث ّم رئيسا ً ألركان حرب الجيش العثمانيّ المُرابط في قفقاسيا ،فرئيسا ً ألركان حرب الجيش األول باآلستانة. ت الحربُ العالم ّي ُة األولى عادَ ولمّا انته ِ َ دمشق ،فاختارهُ األمير فيصل إلى موطن ِه في بن الحسين مُرافقا ً لهُ ،فرئيسا ً ألركان الحرب العامّة برتبة قائم مقام في سوريا ،ث ّم والّهُ ّ الجيش فنظ َم وزار َة الحربيّة سن َة،1920 َ َ ناهز عددهُ عشر َة آالف جنديّ . الوطنيّ الذي استمرَّ في عمل ِه إلى أن تل ّقى الملك فيصل إنذار غورو الفرنسيّ بوجوب تسريح الجيش، َ ُ كان الجيشُ المُرابط على الحدود وبينما َ كان الجيشُ الفرنسيّ يتق ّد ُم بأمر ضاً، مُنف ّ َ
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
الجنرال غورو ،فعادَ المل ُ ك فيصل يستنج ُد جيش أهليّ يقو ُم بالوطنيين السوريين لتأليفِ ٍ َ وتسارع شبابُ دمشق بال ّدفاع عن البالد، َ وشيوخها إلى ساحة القتال ومعهم بعضُ الجنود ويتق ّدمهم يوسفُ العظمة ،وعندما إيقاف الزحف الفرنسيّ ؟ سُئ َل :هل تستطي ُع َ ّ َ أدع التاريخ يُسجّ ُل أنهم دخلوا أجاب :لن َ َ سوريا بدون مُقاومة. وكان قد جع َل على رأس وادي القرن َ ً في طريق المُهاجمين ألغاما ً خفيّة ،فلمّا َ بلغ أمر بإطالقها ،فلم ميسلون ورأى العدوَّ مقبالً َ َ ُ يبحث فإذا بأسالكها قد فأسرع إليها تنفجرْ ، َ طعت ،فعل َم أنّ القضا َء قد ن ّفذ ،فلم يسع ُه إالّ قُ ْ أن ارتقى ذرو ًة ينظ ُر إلى دبابات الفرنسيين ً زاحفة نحوهُ ،وجماهي ُر الوطنيين من أبناء قتيل وشريد ،فعمدَ إلى بندقيّت ِه فلم البالد بين ٍ ُ يطلق نيرانها على العدوّ ،حتى أصابت ُه يزل ٌ بصدر رح ٍ ب وكأن ُه ينتظرها، قنبلة تل ّقاها ٍ ْ فن ففاضت روح ُه في أشرفِ معركةٍ ،و ُد َ في المكان الذي اُستشهدَ في ِه يوم 24تموز .1920
فوزي السلو
ّ عسكري بانقالب قا َم الشيشكلي ٍ على حكومة الرئيس معروف الدوالييب ،مما أ ّدى إىل استقالة رئيس البالد هاشم األتاسي ،فعينّ َ الشيشكلي َ صديق ُه فوزي سلو رئيسًا للدولة ورئيسًا للحكومة ووزيراً للدفاع والداخلية وقبرهُ اليو َم يُع ُّد رمزاً للتضحية الوطنية دافع عن شرفِ سوريا أما َم الخالدة ،فقد َ المُستعمرين.
فوزي السلو:
ُخضرم، هو قائ ٌد عسكريّ سوريّ ،وسياسيّ م َ وهو كرديّ األصل. َ درس في الكليّة دمشق عام 1905م، ولدَ في َ َ والتحق بالقوات الخاصّة حمص، الحربية في َ ُ ْ ْ فرضت فرنسا نشئت عندما الفرنسيّة ،والتي أ انتدابها على سوريا في .1920 تخرّ ج برتبة مالزم ،1924ث ّم ت ّم ترقيت ُه إلى مالزم أوّ ل ،1929وتعي َّن أستاذاً للتدريب في المدرسة الحربية. ورجع التبّاع دورة سافر إلى فرنسا 1936 َ َ أركان الحرب وبقي في المدرسة الحربية حتى ،1939وارتقى إلى رتبة مق ّدم ث ّم عقيد 1944م. فلسطين ،1948وكان من الوفد حارب في َ َ المُفاوض للهدنة السوريّة اإلسرائيلية عام.1949 كان مُقرّ با ً من العقيد أديب الشيشكلي الذي عيّن ُه وزيراً للدفاع في جميع الحكومات المدنية ما بين( .)1951-1949قا َم الشيشكلي بانقال ٍ ب عسكريّ في 1951على حكومة الرئيس معروف الدواليبي ،مما أ ّدى إلى استقالة رئيس البالد هاشم األتاسي ،فعي َّن الشيشكلي صدي َق ُه
العدد - 36شتاء 2017
118
serqalawset@gmail.com
ترّبى أمحد بارايف يف ج ّو وط ّ ين مُف َعم بالثور ّيةُ ، حيث كان سببًا ٍ مباشراً حلماس البارايف يف مقاومة َ ولبنان الوجود الفرنسي يف سوريا ّ بكل ق ّوٍة فوزي سلو رئيسا ً للدولة ورئيسا ً للحكومة ووزيراً للدفاع والداخلية ،وحك َم الرجُالن سوريا وأصبح حتى عام 1953م ،عندما استقا َل سلو َ الشيشكلي رئيسا ً حتى عام.1954 اعتز َل فوزي سلو العم َل السياسي ،وتوفيّ عمر يناه ُز 67عاما ً وذلك سن َة .1972 عن ٍ
أمحد بارايف:
ينحد ُر أحمد بارافي من عشيرة البارافيّة ال ُكرديّة ،التي تقطنُ في(دشتا بارافيا) ،في مدينتي خانك وخضّور بين نهري دجل َة والفرات .وإنّ كلم َة البارافية تعني (بجانب المياه) ً ْ هاجرت ونتيجة لتلك الضغوط العثمانيّة دمشق ،وتحديداً عائلت ُه واستقرّ ْ َ ت في مدينة ْ واختارت عائل ُة في حيّ األكراد (ركن ال ّدين)، البارافي سوريا موطنا ً دائما ً لها. ُفع ٍم أمّا نشأت ُه فقد تربّى في جوّ وطنيّ م َ ُ حيث كان سببا ً مباشراً لحماس البارافي بالثوريّة، ولبنان في مقاومة الوجود الفرنسي في سوريا َ بك ّل قوّ ةٍ .لم ّ يتخذ مكانا ً مح ّدداً للمقاومة ،بل تحوّ َل من منطق ٍة إلى أخرىّ . الث ُ ابت في تن ّقالته هو هدفٌ واح ٌد :ضرب تواجُد الجيوش الفرنسيّة ت على األراضي السوريّة، لذلك وعندما أصدر ِ َ ُ َ العفو عن جميع دمشق ُلطات الفرنس ّي ُة في الس َ ّ غامر وقد َم إلى ت البارافيّ ،لكن ُه الثوّ ار ،استثن ِ َ َ دمشق برفقة سلطان باشا األطرش.
119
الشرق األوسط الدميقراطي
كان رفيقا ً ولصيقا ً لسلطان باشا َ األطرش وللشيخ مصطفى الخليلي زعيم ثورة حوران ،ومحمد سعيد داري وسعيد العاص وغيرهم .هو بط ٌل من أبطال الثورة الذين ضحّ وا بك ّل ما يملكون ألجل السوريّة َ دحر االستعمار وإجالئه عن أرض الوطن بقي هاجسا ً لك ّل أبنائه. الذي طالما َ َ والتحق ولدَ في حيّ األكراد ،1898 َ أطلق عليه بسلك الشرطة (أو الدرك كما الفرنسيون) في وق ٍ ت كان االترا ُ ك ال يزالون َ مُسيطرين فيه على دمشق ،وتخرّ َج كصفّ ضابط ،و ُعي َّن في مخفر الغزالنيّة. ت العشائ ُر العربي ُة والثوّ ا ُر وبعد أن نجح ِ الذين كان يقودهم فيصل الحسين في طرد َ سارع البارافي (وهو دمشق، العثمانيين من َ ً كان في العشرين من عمره مُرتديا زيّ َ فسبق جميع الناس الدرك وبرتبة عريف) وصعدَ إلى سطح سراي الحكومة فأنز َل ورفع مكان ُه العل َم العربيّ العلم التركيّ َ َ دمشق. على سارية سراي دار الحكومة في ٌ حكومة وطنيةُ ،عي َّن العريف وعندما تش ّكلت أحمد البارافي رئيسا ً لمخفر الدرك في قطنا. وانتشر لبنان وبعد أن احت ّل الفرنسيون َ َ سلك جيشهم في أرجائهِ، ترك البارافيُّ َ َ الدركِ وانض ّم هو وأخوه عبد القادر، ومعهم 50فارسا ً كرد ّيا ً من قوميته إلى قافلة الوطنيين الذين َ فارس بلغ عددهم 1000 ٍ من العرب وال ُكرد وال ّ شركس وغيرهم مثل األمير محمود فاعور والمجاهد أحمد مريود والذين يع ّدون الع ّد َة لمُقارعة الفرنسيين في داخل األراضي اللبنانيّة. ُ َ مرجعيون حيث احت ّل الفرسانُ منطقة َ َ مناطق لبنانيّة وواجهوا القوى الفرنسي َة في أخرى مثل راشيا والصويرة وشتورا خسائر وأنحاء البقاع اللبناني ،وألحقوا َ
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
أصدر المل ُ ك فيصل فادحة بالفرنسيين ،إلى أن َ أمراً برجوعهم إلى مراكز تجمّعهم في قطنا وذلك لبنان، بعد شهرين من مقاومتهم في َ َ تفاهم مع انتظاراً لما سيقو ُم به الملك فيصل من ٍ ّ وخط َط الغتيال الجنرال الفرنسي الفرنسيين. غورو في قطنا أثنا َء قيام ِه بزيارة قطنا .وساعدَ وأعمال لوجستيّة وقا َم بمُالحقة بسالح ار الثوّ َ ٍ ٍ وشارك الجواسيس وعُمالء الجيش الفرنسيّ ، َ أكبر في ثورة قطنا وثورة جبل العرب ،لكنّ َ معرك ٍة خاضها ض ّد الجيش الفرنسيّ كانت في بيته الواقع في ركن ال ّدين ،القابع على سفوح َ ت جبل قاسيون المُط ّل على مدينة دمشق ،وكان ِ ُحاصر المعرك ُة التي خاضها من بيت ِه والم َ بالقوّ ات الفرنسية من المعارك البطولية باعتزاز ،فقد استبس َل فيها المُشرّ فة التي ُتذ َك ُر ٍ واستطاع أن يقت َل عدداً من رغ َم عدم التكافؤ، َ ٌ المهاجمين بينهم ضابط فرنسيّ . هناك نزح إلى شرق األردن ومن ث ّم َ َ ص َل ببعض سافر إلى فلسطين من أجل أن يت ّ َ َ ً الشخصيّات الوطنية فيها ،وعاد ثانية إلى خيار المجاهدون ،وا ّتخذوا اجتمع ّان إلى أن َ َ َ عم َ ً َ َ تجهيز دمشق بعد أن استكملوا الرجوع ثانية إلى العدد المطلوب من الثوّ ار ،والتقوا جميعا ً في منزل زعيم جبل العرب سلطان باشا األطرش، وقرّ روا مُهاجمة محطة الدبر ،بعدَ أن علموا القطار من مندوب المفوّ ض السّامي يستق ّل بأنّ َ َ درعا با ّتجاه دمشقَ. ً ثانية إلى وبعدَ معرك ِة عين ترما التجأ وبقرار من األمير عبد هللا ت ّم شرقي األردن، ٍ توظيف عد ٍد من هؤالء في دوائر حكومت ِه رغ َم اعتراض المستعمر اإلنكليزيّ على القرار، قرار العفو و ُعيّن بارافي في سلك الدرك ،إالّ أنّ َ الذي أصدرهُ المفوّ ض الساميّ الفرنسي في ّ َ بحق الثوّ ار ،ورغ َم أن ُه استثنى بارافي دمشق َ دمشق وبرفقة من العفو ،غير أن ُه عادَ إلى بلد ِه
يوسف العظمة قاد املقاومة ضد الفرنسيني وعندما ُس َ ئل :هل َ ُ الفرنسي؟ إيقاف الزحف تستطيع ّ َ التاريخ ُي ّ َ سج ُل ّأنهم أجاب :لن أد َع دخلوا سوريا بدون مُقاومة. َ دمشق ،األمر سلطان باشا األطرش دخ َل إلى عفي عن ُه أيضاً)9(. أحرج الذي الفرنسيين ،وأ ُ َ َ َ الهوامش: -1جرجي زيدان :تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر. -2كتاب( احلكومات السورية في القرن العشرين) ،تأليف :حسن ظاظا ،وسعاد أسعد جمعة ،الصادر بدمشق .2006 اخلير( أديب الشيشكلي)، -3هاني ّ دمشق /1994املوسوعة العسكرية /موسوعة أعالم سوريا. شخصيات كردية في -4خالد عيسى: ٌ الوثائق الفرنسية2009 ، -5األعالم /معجم املؤرّخني الدمشقيني/ موسوعة أعالم سوريا. -6أصل األسرة الكواكبية /مجلة املعرفة. -7د .أحمد اخلليل :مشاهير الكرد في التاريخ. -8عن كتاب أعالم الكرد للكاتب العراقي مير البصري /وعن أعالم دمشق في القرن السابع عشر /ومذكرات نحاس باشا رئيس وزراء مصر. -9سليم اجلابي(أحمد بارافي :بطلٌ قاوم َ االستعمار الفرنسي) ،دمشق.2006
العدد - 36شتاء 2017
120
الشرق األوسط الدميقراطي
ُ
ّ
عبد اهلل أوجالن يسجن سجانه
عاطف مغاورى نائب رئيس حزب التجمع املصري
رغ َم مرور ( )18عاما ً ًعلى اعتقال الزعيم الكردي ،قائد حزب العمّال الكردستانى ،المطالب بحقوق أبناء قوميته الكرد الذين يخضعون للحكم التركي ،ولم تهدأ الحرك ُة الكردية للمطالبة بكافة األشكال من أجل التمتع بحقوقهم القومية، ويقدمون مزيد من التضحيات ويقبلون العديد من المبادرات من أجل وقف الصراع ووقف نزيف الدم الكردي -التركي، وصوالً لتسويات من شأنها اإلقرار واالعتراف ببعض الحقوق القومية للكرد .. وإذا كنا قد أطلقنا ندا ًء فور اعتقال عبد هللا أوجالن «فاوضوه بدالً من أن تحاكموه» وبمراجعة مرافعة عبد هللا أوجالن أمام جالديه أثناء محاكمته من تأكيده على ضرورة مواجهة الثنائية البغيضة التى تستهدف استنزاف الجهد والدماء عبر ثنائية المواجهة كرد /ترك .. ومن الدروس المستفادة من عملية اعتقال السيد عبد هللا أوجالن عام 1999فى تكاتف كل األطراف فى اإليقاع بالسيد عبد هللا أوجالن فى األسر التركي وضلوع المحور االستعماري الغربي فى التآمر ضد السيد عبد هللا أوجالن وما يمثله من قيمة ورمز فى تاريخ النضال الكردى من أجل نيل الحقوق القومية ،والذى مزج بعبقرية بين النضال من أجل الحقوق القومية لقومه والقضية االجتماعية .انحيازه للقضية االجتماعية ولم يكن الدافع وراء نضاله وتضحياته بواعث قبلية
121
العدد - 36شتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
أو عشائرية أو اثنيه ضيقة لذا ارتبط دائما ً ومناضلى حزبه بالنضال اإلنسانى فى مواجهة االستعمار والهيمنة العربية على مقدرات الشعوب. وبنضال عبد هللا أوجالن واعتقاله يؤكد على حقيقة أن القضايا العربية التحررية هى المرادف الطبيعى للنضال الكردى فى مواجهة التقسيمات والمشاريع اإلقليمية والدولية القتسام المنطقة من خالل توظيف ثنائيات وصراعات عرقية واختالق صراع قومى ما بين العرب والكرد رغم أن القوميتين من ميراث التركة العثمانية (رجل أوربا المريض) التى توارثته القوى االستعمارية الغربية من خالل سايكس- بيكو وما لحق بهما من المشروع االستيطاني االقتالعي بوعد بلفور والذى تجسد بإعالن إسرائيل عام 1948بما يعني أن اختالق الصراع بين العرب والكرد الهدف منه تهديد مصالح ومستقبل أبناء القوميتين. ومن المشهود له أن السيد أوجالن عرض وقدم قبل وأثناء االعتقال عدة مبادرات من شأنها وقف نزيف الدم وإنهاء الصراع الذي يتواصل من عدة عقود وطرح وقف إطالق النار من طرف واحد عدة مرات ،ولكن التفكير االقصائي والسعي الستعادة أمجاد سلطانية تدفع الشعوب أثمانها أفشل كل ذلك. واليوم يقوم السلطان العثمانى الجديد (أردوغان) باللعب بورقة الكرد من أجل المزيد من التغول والتوغل والتوسع على حساب السيادة الوطنية لدول الجوار (العراق وسوريا) ،وهو ما نراه بتدخل قواته داخل األراضي السورية تحت ما يسمى قوات درع الفرات ،منتهكا ً القانون الدولي باحترام سيادة
وأراضي الغير وإلقاء القبض على قيادات حزب الشعوب الديمقراطية الذى حقق نجاحا ً باهراً فى االنتخابات التركية والقيام بحل البلديات في جنوب شرق تركيا وديار بكر ،بتهمة التعاطف مع الحقوق الكردية وإحالل محلهم قيادات من حزب أردوغان (العدالة والتنمية). واليوم وفي الوقت الذى يشتد فيه الصراع وتتدخل القوى وكافة األطراف الدولية ندعو كافة األطراف الدولية واإلقليمية بالتوقف عن االستخدام الالمبدئى والال أخالقى لمعاناة ومطالب الكرد ،وفى ذات الوقت نناشد القيادات الكردية بمزيد من الحذر وعدم االنزالق فى االستقطابات اإلقليمية والدولية فى صراعات المنطقة ،وااللتفاف حول برنامج ومشروع يحقق أماني وأحالم الكرد القومية. وإن ( )18عاما ً من االعتقال لم تؤثر فى موقف عبد هللا أوجالن ونضال الكرد إال مزيد من االنتصار رغم التضحيات تلو التضحيات التي تمهد الطريق من أجل كسب معركة الحقوق. لم تنطفئ جذوة النضال الكردى ومن سايكس -بيكو األولى فى بداية القرن العشرين إلى سايكس -بيكو المعدلة فى بداية القرن الحادي والعشرين ،والشعوب تدفع أثمان مخططات ومؤامرات دولية وإقليمية وهى دعوة نؤكد عليها لتتجمع حولها القوى واألحزاب السياسية بالوطن العربي ،تأكيداً على أن القوميتين العربية والكردية قوميتين توأمتين ،مهما سعى أصحاب المصالح لبذر الخالف والشقاق والصراع بينهما.
العدد - 36شتاء 2017
122
serqalawset@gmail.com
الشرق األوسط الدميقراطي
أوجالن من مؤامرة للسقوط اىل الصمود
گويل فيلي
تنظر القوى العالمية الكبرى إلى منطقة الشرق األوسط على أ ّنها دول العالم الثالث أو الرابع ...وهي دول تحت الطلب ،وجنود في لعبة الشطرنج على رقعة منطقة غنية بكل شيء ،ولكن فقيرة فكريا ً ويعانون أنيميا ذهنية ..فقد كان وجود حركة إنسانية بحجم وقوة PKKفي المنطقة هو حجر عثرة في طريق مباراة الدول الكبرى التي تجري كل بضع سنوات في هذه المنطقة الملتهبة ..لكنّ أوجالن؛ الشخصية الديناميكية قد حاول أن يكيّف روح الثورة مع واقع المنطقة وجوع س ّكانها االجتماعي واألمني والفكري ..لكن في نفس الوقت كان الشخصية تنحن أمام سخونة الضغط الدولي ...واصطدمت طموحات الصلبة التي لم ِ الحكومات الكبرى بصخرة العناد وتصميم القائد الشرق األوسطي الذي لم يستسلم أمام عواصف وتسونامي األورو-أميركي .ولم يكن أوجالن قائداً تحت الطلب ،بل كان مطالبا ً بحقوق إنسانية لإلنسان الشرق أوسطيّ والنهوض به ،وإخراجه من مرحلة االنصياع الى مرحلة صنع القرار .وهذا بحد ذاته كان خطراً جسيما على تر من شعوبنا إلاّ ظهوراً محنية لالمتطاء ،فكيف سيسمح مصالح وهيب ِة دول لم َ أن تتحول هذه الشعوب الى فرسان؟! َ لقد جسّوا نبض أوجالن الثائر ،وسجّ ل مقياس النبض درجة امتياز ،ورأوا أنّ استمرار القلب بهذا المعدل من النبض وصعوبة ترويض هذا الخيل األصيل سيكون معوقا ً أمام تغيير مدمر سيعصف بالمنطقة ،ولم يكن بمقدورهم أن يُوقِفوا قلبه عن النبض ،وتآمرت عليه كبريات الدول وجعلوا مساحة الكوكب ال تتسع لوجوده ،وقد حاصروه وأسروه وسلموه أللد أعدائه لعدة أسباب .وحاولوا ضرب روح المقاومة عند تالمذته وتخويفهم ليحيدوا عن الطريق .ليكون جميالً في رقبة تركيا ويكونوا الحاكم الفعلي في تحريك تركيا .ولتكون ضربة أليّة حركة تحرّ رية في المنطقة تفكر أن تولد بعيداً عن أضواء وسطوة تلك الدول .ولكسر المطرقة والمنجل في شخص أوجالن ،وفي شكل حركته ،وإطفاء النجمة الماركسيّة وإلغاء
123
العدد - 36شــتاء 2017
الشرق األوسط الدميقراطي
serqalawset@gmail.com
ومل يكن أوجالن قائداً حتت الطلب ،بل كان مطالبًا حبقوق إنسانية لإلنسان الشرق أوسطي والنهوض به ،وإخراجه ّ من مرحلة االنصياع اىل مرحلة صنع القرار اللون األحمر القاني. واألهم من ذلك فقد كانوا حسب حساباتهم النفسيّة أنّ وضْ ع الصقر في األسر سيجعله يضرب رأسه بجدران السجن حتى ينكسر منقاره ويموت جوعاً ،فتموت األسطورة األوجالنيّة بين جدران السجن ،ويصبح عبر األيام نسيا ً منسياً .فحسب منظورهم أنّ عاشق للحرية سيموت في األسر ،وأنّ األغالل ستقوده إمّا إلى االنتحار أو إلى الجنون. لقد أخطؤوا في دراساتهم وتقديراتهم، وانتقل أوجالن من درجة ثائر إلى درجة فيلسوف معتكف يكتب ألفباء الثورة بشكل ّ منظر مختلف ،وتحوّ ل من قائد ثوري إلى ومرجعية ثورية ورمز ،وانقلبت فكره االنتحار المتو ّقعة له الى فكر فلسفي وإشعاع ومنبع لكل متعطش أللفباء الحرية .فقد أضاف السجن إلى شخصية أوجالن أكثر بكثير من حساباتهم، ح ّتى أصبح مكتبة فكرية -ثقافية – ثورية – إنسانية – حضارية – فلسفية -مرجعية ،وفوق ك ّل ذلك رمزاً وطن ّيا ً وقوم ّيا ً وعالمياً. كان أوجالن يسبق الحدث ،ويقرأ المرحلة بشكل دقيق وعقالنيّ ،وكان إضافة إلى كونه ثائراً وفيلسوفاً ،كان ملما ً بعلم االجتماع والنفس ،لقد درس شخصية ابن الوطن الفقير إلى شخصية البرجوازي ،ووضع إصبعه على مكامن الضعف والقوّ ة في مجتمعنا ،ودخل إلى قلب المجتمع من الباب المغلق ،ألاَ وهو باب
المرأة؛ تلك القوّ ة الكامنة غير المكتشفة إلى اآلن كثروة طبيعيّة موجودة لم يتعرّ ف أحد إلى غناه وأهميته ،بل لم يكتفوا بإهمالها بل جرى تهميشها واالستهانة بطاقاتها ،وبدل أن تكون المرأة نقطة ضعف في المجتمع وكائنا ً مشكوكا ً في قدراته العقلية ،فجّ ر تلك الطاقة ،وتحوّ لت من مرحلة السبات الى مرحلة التفعيل .لذا صنع المفتاح الذهبي لفتح أبواب تلك الخزائن َ واستثمارها االستثمار الوطني -اإلنساني الصحيح. هنا وحتى من خلف القضبان قطع أوجالن الطريق أمام الغرب ،فقال لهم :أنا بعيد عن الساحة السياسية بالجسد ،لكنّ فكري هو خارطة طريق تقطع عليكم خارطة الشرق األوسطية الجديدة، وتلميذاتي النجيبات هنّ بيضة القبان والعبات سياسيات محترفات وقوة ال يستهان بهنّ ،ومن بعدي هنّ المرجعية ،ولهنّ كلمة الفصل ،لذا عليهم ألاّ يهمشوننا .وغدت كبريات الدول تتسابق لتأخذ الكورد حليفا ً إستراتيجيا ً لها ألنهم فرسان الشرق، وبعيداً عنهم يبقى الحمل الغربي في المنطقة غير متوازنا ً ومختالً ،وأيّ كوردي يحلم ليس فقط بدولة بل بشهقة من الحرية بعيداً عن فضاءات أوجالن سيدفن هو وحلمه في وكر األوهام، وإن كانت الدول سترسم خارطة للمنطقة من جديد على أنقاض سايكس -بيكو ،فلن نكون فيها سوى ملعوب فيهم بدل أن نكون العبين، ألنّ بناء الدول واألمم لن يكون بالشعارات واالرتماء في حضن المحتل واستجداء الشفقه وانتظار الفتات من موائد حسناتهم ،بل أنْ نتوحّ د تحت راية ترى في الفداء بالروح وقت الحاجة أرخص ما يق ّدم قربانا ً على محراب الحرية والكرامة ،وترى أنّ الحرية تؤخذ وال تشحذ ،ويجب أن نقرأ الواقع بضمير أمة كاملة ال بمصالح شخصيّة ضيّقة ،والشعب الذي ال يتعلم وال يجيد قراءة تاريخه أُمّيٌّ ،وإن كان يجيد القراءة والكتابة.
العدد - 36شتاء 2017
124