من مؤلفات الزعيم عبد ا اوجل ن مانيفستو المجتمع الديمقراطي مانيفستو المجتمع الديمقراطي -المجلد الول ) -الدمقرطة وقضايا تجاوز الحداثة الرأسمالية( -تاليف عبد ا اوجل ن المدنية -عصر اللهة المقَّن ةعة والملوك المتسترين – اسم الكتاب :مانيفستو المجتمع الديمقراطي المجلد الول) :الدمقرطة وقضايا تجاوز الحداثة الرأسمالية( المدنية ّ َ عصر اللهة المقن ةعة والملوك المتسترين – تاليف عبد ا اوجل ن ترجَمته من التركية :زاخو شيار )مع شكر خاص لكل من ساهم في التنقيح والتدقيق والمراج ةعة( مطب ةعة آزادي تاريخ الطبع :حزيرا ن 2009 الفهرس مدخل5 ................................................................................ سق الحقيقة25 ........................................ الفصل الول :حول السلوب ونَ َ الفصل الثاني :المصادر الولية للمدنية85 ............................................. -1بماذا تُِديُن البشريةُ لقوس جبال طوروس – زاغروس؟87 ................... -2قضايا انتشار اللغة والثقافة الرية96 ........................................ -3التفسير السليم للحياة الناب ةعة من الهلل الخصيب ،وتطورها الجتماعي 108 الفصل الثالث :المجتمع المديني )عصر اللهة المقّن ةعة والملوك المتسترين(129 ....... -1كيف نفسر المجتمع السومري؟132 ......................................... -2التفسير السليم للمجتمع المديني150 ......................................... -3قضية انتشار المجتمع المديني174 .......................................... أ-قضاياانتشار الحضارات ذات الوصول السومرية والمصرية175 .......... ب-التطورات في ثقافة الصين والهند والهنود الحمر200 .................. ج-الحضارة الغريقية – الرومانية وقضايا انتشارها207 ................. -4مراحل المجتمع المديني وقضايا المقاومة235 .............................. مدخل: ص استقبََلني عندما أوتي بي إلى سجن إمرالي ،كا ن على مستوى ممثِل الهيئة الرئاسية لـ"لجنِة أوُل شخ ٍ مناهض ِة الت ةعذيب" التاب ةعة للمفوضية الوروبية .وكا ن أول ما قاله لي" :ستبقى في هذا السجن ،ونحن سلَّمْتني الدولةُ اليونانية ض الحلول عبر المفوضية الوروبية" .لقد َ سنراقب وض ةعك ،وسنس ةعى ليجاِد ب ةع ِ س خيانٍة للصداقِة ل مثيل أسا على وذلك CIA واستخباراتها المريكية القومية إلى مراقبِة الوليات المتحدة ِ ُ ً ت مقّيدا إلى لها في التاريخ .وعندما ُأضيَفت م ةعادلة المصالح المنف ةعية إلى علقاتها مع جمهورية تركيا ،أوصبح ُ وصخوِر إمرالي في "عصِر الملوك ال ةعراة واللهة غير المقّن ةعة" ،وُحِكم علّي بقَدريٍّة تضاهي أسطورَة بروماتوس . والم ةعادلة التي مّهَدت لهذه المرحلة بخروجي من سوريا أكثُر لفتاً للنظار .فالمفهوم الذي أخرَجني من سوريا يرتكز في مضمونه مجدداً إلى تصادِم التناقض بين الخط الذي رسمُته للصداقة ،وبين سياسِة إسرائيل تجاه الكورد .فإسرائيُل المنهمكة بُِرُبوبِيِّتها للقضية الكردية ،وخاوصًة ب ةعد الحرب ال ةعالمية الثانية ،أضَحت بالغةَ الحساسية تجاهها ،لدرجِة أنها لم تحتمل طراز الحل الكردي الثاني ،الذي َتزايََد تأثيُره ووْقُ ةعه متمثلً في ق الستخبارات شخصي .ذلك أ ن طرازي في الحل لم َيكن يتناسب وحساباِتهم على الطل.ق .علّي أل أنكر ح ّ السرائيلية )الموساد( التي َدَعتني بشكٍل غيِر مباشر إلى طريقتها في الحل .ولكني لم أكن مست ةعداً أو منفتحاً لذلك ،ل أخلقيًا ،ول سياسيًا .لم َترَغْب إدارةُ سورية ال ةعربية بتاتا ً بتجاوِز شكِل ال ةعلقات التي يغلب عليها الطابع التكتيكي مع قيادة ،PKKعلماً بأ ن رئاسة حافظ السد تحققت اعتماداً على وصراع الهيمنِة بين كّل من الوليات المتحدة المريكية والتحاد السوفييتي .ومع انهيار السوفييت ،لم يكن الوضُع الَحِرج يساعده في ق التوازَ ن مع تركيا من خللي أنا )عبر ،(PKK الحفاظ على أية علقٍة تكتيكية .ف ةعندما كا ن )حافظ السد( يَُحقّ ُ ت جمهورية تركيا لسوريا والمبتدئة منذ عام 1958من جهة ،وانحيازها كا ن يبحث عن رّد إزاء تهديدا ِ سبة في هذا الشأ ن ،فقد وّفر إمكانيةَ إقامِة المتطرف لسرائيل من جهة ثانية .وباعتبار أ ن PKKأداةٌ منا ِ علقٍة تكتيكية م ةعه على المدى الطويل .ولم يكن ُيراد رؤية إمكانيِة أْ ن ُتمّهد هذه ال ةعلقة لسياسٍة كرديٍة ثانية،
ولم تتمكن جميُع مساعي الدارات التركية من التأثير في هذا السيا.ق. َ ف للشارة إلى أّ ن إسرائيل هي القوةُ الساسية التي أخَرَجتني من سوريا .ول ريب هذا التذكيُر الموَجُز وحده كا ٍ ت ال ةعسكريةَ التركيةَ َل ةعَبت دورها في ذلك أيضًا .علينا أل ننسى ت السياسيةَ المريكيةَ والضغوطا ِ في أّ ن التهديدا ِ ف ت سريٍة مع تركيا منذ أعوام الخمسينات .وللمرة الثانية ،اكتمل التحال ُ أّ ن إسرائيل كانت ضمن م ةعاهدا ٍ المناِهض لـ PKKبين الوليات المتحدة المريكية وإسرائيل وجمهوريِة تركيا ،لدى إضافِة الم ةعاهدة المسماة بـ"مكافحة الرهاب" في عام .1996 .ق جمهوريِة تركيا مع إدارِة PDKو YNKعلى ال ةعامُل الخر الهام الواجب إضافته إلى هذه المرحلة هو اتفا ُ س مناهضِة ،PKKوبم ةعنى آخر ،اتفاُقها مع المجلس الكردي الفيدرالي المتكو ن في عام ،1992ومع أسا ِ ت جمهوريِة تركيا وقواتها إدارته التي هي على علقٍة مع كّل من أمريكا وإسرائيل .ل شك في أّ ن حكوما ِ المسلحة كانت تتحرك بمفهوٍم تكتيكي في ظروف تلك اليام .ولكْن ،للتاريخ سيره الخاص .فالدراكات المتغايرة ت هامة .وي ةعود هذا الخطأ التاريخي ،الذي طالما اغتاظت منه تركيا في راهننا ،إلى للغاية تَُ ةعّين مجرى مستجدا ٍ وعيها الضيق والسطحي والناني والحادي الجانب .وهكذا تََحّقق خروجي من سوريا في عام ِ 1998باتحاد مجموع هذه ال ةعوامل على حسابها. ت بمرحلِة انتظاٍر زائدٍة في هذه أقولها علناً أني ،أنا أيضًا ،كنت منتبهاً لضرورِة خروجي من سوريا .وقد مرر ُ ت للرقي بها إلى ج السياسي المتنامي لجل كردستا ن ،والصداقةَ التي طالما س ةعي ُ الساحة .إل أّ ن جاذبيةَ النه ِ سراني .علّي العتراف بأّ ن الدارة السورية على أرفِع المستويات كانت المستوى الستراتيجي ،كانتا وكأنهما َتأ ِ تشدد بإوصراٍر على مخاطِر هذا المر .لكني ل أزاُل أدافع عن أهميِة وحياتيِة الصداقة الستراتيجية بين ت الصداقة القَّيمة مع الش ةعب الش ةعوب .وهذا هو المفهوم عينه الذي وّجهني إلى اليونا ن .فتطويُر علقا ِ اليوناني ،وإْ ن َلم يَُكن مع الدولة اليونانية ،كا ن يثير اهتمامي من الدرجة الثانية .فالتواوصل المتباَدل مع ثقافتهم الكلسيكية وتاريخهم المأساوي كا ن مهماً للغاية .وضرورةُ الصداقة م ةعهم كانت تفرض ذاتها بكل عناد. ق الخروج .فمنذ ن ةعومِة أظافري كانوا يلقبونني بـ"Dînê çolê, جباُل كردستا ن كانت الحتماَل الثانَي لطري ِ ُ ّ ،"dînê çiyaأي "مجنو ن البراري ،مجنو ن الجبال" .ولكّن حسابي لُِمؤثَرين اثَنين ج ةعلني أرِج ئ هذا الدرَب للمرتبة الثانية :فالمنطقة التي سأكو ن فيها في الجبال ،في الوطن ،كانت ستت ةعرض للغارات والقصف المتواوصل ع السلحة كأمر ل مفر منه ،مما كا ن سوف ُيلِحق أضراراً جسيمًة بالش ةعب والرفا.ق؛ إضافة إلى عامِل بكافِة أنوا ِ .ق ال ةعلقات .ولدى الم ةعا ن في كّل ذلك ،فإنه كا ن ي ةعني التركيَز بالضرورة على السبل ال ةعسكرية ق نطا ِ ضي ِ ً .ق فيها كليا .المُر الخر الهام الذي كا ن يصدني عن الخروج إلى الجبال هو افتقاُر الشبيبة فحسب ،والنزل َ للتدريب بشكٍل ل ُيصّد.ق ،وضرورةُ تدريبي وإعدادي لها بكّل تأكيد. باختصار ،فإّ ن مزاعَم ال ةعديد من الوساط الرسمية وغيِر الرسمية في تركيا بأنه "حاوصرناهم ،انظروا كيف نلنا النتائج" ل ت ةعكس الحقيقة كثيرًا .بَْيَد أّ ن كّل المحاولت الحثيثة التي ل تزال قائمةً في سياسِة التضييق على كّل ت من إيرا ن وال ةعرا.ق قد أدت إلى بروِز عقيدٍة عمياء ثابتة ،بدًل من إعطاِء النتيجة المتوّخاة .في حين أّ ن ال ةعلقا ِ التكتيكيةَ المقامَة مع سوريا وإيرا ن حاملةٌ بنتائَج ل يمكن التكهن بها منذ ال ن .ولكْن ،يمكن القول أّ ن هذه ال ةعلقات ُت ةعتََبر وسيلةً لسياسٍة تحتضن في ثناياها الكثير من المور .ولدى الحسِم بأمِر الثنائية" :إما ال ةعلقة ت جمهوريِة تركيا مع أمريكا – التحاد الوربي – إسرائيل ،أو مع إيرا ن – روسيا – الصين"ُ ،ترى ،هل حكوما ُ مست ةعدةٌ لتََحّمِل كّل النتائج الناجمة عن ذلك؟ ّ ت س التي استخلصُتها من مغامرتي خلل الشهر الثلثة على خط أثينا – موسكو – روما ذا ُ ل شك في أّ ن الدرو َ َ ُ شّكل در ف بأل المتحصنة الرأسمالية الحداثة على الت ةعرف على رتي قد ف قيمٍة تاريخيٍة ثمينة. ع وقناع – والتي تُ َ َ ِ ٍ ٌ ً المصطلَح الولي لمراف ةعتي هذه – مرتبطة مباشرة بمغامرتي تلك .فلولها ،دعَك من قيامي بهذه التحليلت، ت سُأنهي مصيري كحركٍة يساريٍة ي بدائي ،أو كن ُ ربما كن ُ سّمر وأت ةعّلق بالدولتية القومية كقومو ّ ت سأتَ َ سسي الدول .إني أضع نصَب عينّي عدَم التحدث مؤ لدى حتى الم ةعاشة ة المثل ت مئا في ل ص ح مثلما كلسيكية، ّ ِ ِ َ َ َ س قوي بأني لن أستطيَع الووصوَل إلى قوِة الحّل التي ي حد ٌ بشكٍل حاسٍم كمبدٍأ للم ةعرفة الجتماعية ،ولكْن ،لد ّ أمتلكها ال ن. بالنسبة لي ،ساطٌع تماما ً أ ّ ن القوة الحقيقية والوصلية للحداثة الرأسمالية ل تنبع من مالها أو سلحها ،بل من ق كافِة اليوتوبيات – بما فيها يوتوبيا الشتراكية الخيرة والقوى – وكتِم أنفاسها ضمن قدرتها على خن ِ ُ ّ َ ليبراليتها المتنكرة بألبسٍة متغايرِة اللوا ن بما يَفو.ق قوة أمهِر ساحر .وإذا لم يَُحلْل موضوُع خنقها لكافِة ق واث ي اليوتوبيات النسانية في بوتقِة ليبراليتها ،ناهيك حينها عن الكفاح ضد الرأسمالية ،فإّ ن أعظَم تياٍر فكر ّ ٍ من نفسه لن يتخلص من التحول إلى خادٍم مطيٍع لها في أحسن الحوال .ما ِمْن أحٍد حّلل الرأسماَل بقدِر ماركس ع الدولة والثورة بقدِر لينين .ولكْن ،اتضح لل ةعيا ن اليوم أّ ن التقاليد الماركسية – ،وِقلةٌ نادرةٌ تََ ةعّمَقت في موضو ِ اللينينية قد أهدت َكّما ً ل ُيستها ن به من المواد والم ةعاني إلى الرأسمالية ،حتى ولو بََدت مضادةً لها .وكثيراً ما ف أشكاِل الوعي نصادف أوضاعا ً ينّم فيها التاريخ عن نتائَج تَُفو َ ت إراداتنا التي هي مجموُع مختل ِ .ق توق ةعا ِ المتباينة .ل أوضح ذلك كقدٍر محتوم ،أو ك ةعلقٍة جدليٍة ل مفر منها .بل ،وعلى النقيض ،أستنبط منه نتيجَة
ق أكثر على يوتوبيا الحرية. ضرورِة التركيز ب ةعم ٍ َ إذا َلم نحلل الفرَد والمجتمَع اللذين ُتحّرضهما الليبرالية ،ولم نَُوّجه النساَ ن إلى مساره الطبي ةعي؛ فلن تَُكوَ ن ح ذلك مطّوًل. النتيجةُ أب ةعَد من الموت بالسرطا ن الجتماعي .سأسهب في شر ِ َ َ أود الووصوَل إلى القوِل بأني لن أستطيع تحليَل مصيري بشكٍل سليم ،ما لم أحلل الحداثة الرأسمالية ،أي ،النظاَم ضَلت بي إلى الساحر المتستر وراء تلك السيدة ذات السب ةعين من ال ةعمر ،ممّثلِة المفوضية الوروبية التي تَفَ ّ سجِن إمرالي .فهذه المرحلة قد ابتُِدَعت من بدايتها إلى نهايتها على يِد كّل من إسرائيل وأمريكا والتحاد الوروبي بَِمِ ةعّية روسيا السوفييتية المنهارة .في حين أّ ن دوَر الحكومات السورية واليونانية والتركية في المؤامرة ل يذهب أب ةعد من الخدمات البيروقراطية من المرتبة الثانية. ت ذلك علناً للمسؤولين التراك ،أي ،لممثلي لقد ذكرُت في فترة التحقيق أنه ل م ةعنى للفرح باعتقالي .قل ُ المؤسسات الربع الساسية :استخبارات هيئة الركا ن ال ةعامة ،منظمة الستخبارات القومية ،MITمديرية ت الصداقة بهذه الدناءة والغدر المن ال ةعام ،والمخابرات ال ةعسكرية )مخابرات الجندرمه( .فاستغلُل علقا ِ الت ةعسفي ،وتحاُملهم علّي ،ورميي في الطائرة بمؤامرٍة فريدٍة من نوعها؛ ليس بطراٍز شهٍم في الحرب .حتى هذه الحقيقةُ ُت ةعتَبر مثالً ضارباً للنظر في الشارة إلى ماهيِة ليبراليِة الحداثة الرأسمالية التي هي شكُل نفوِذ الوليات المتحدة المريكية .إنها النظام الذي ل ي ةعرف حدوداً للقمع والستغلل. ت وحيداً ت الجرأَة على مناهضتها حتى عندما كن ُ سق كفاحي .فقد أبدي ُ لس ُ ت جاهلً لدولتيِة القومية التركية في نَ َ وفي أض ةعف حالتي .وكّل شاهٍد يدرك أني ناضلت بشكل جيد ،ول عجَب في ذلك .فما كا ن في الميدا ن هو قراُر وفرماُ ن الموت بحق الكردايتية .وفي هذه الحال ،إما كنُت سأقاوم وأتشبث بإنسانيتي وكرامتي ،أو كنت سأنتهي متخبطاً في عبوديٍة مجهولِة اللو ن والهوية .ل أناقش هذا الواقع هنا ،ول أغتاظ منه .ولكّن النقطة الساسية ي شكٍل من الشكال .إنه نظاٌم التي كن ُ ت أغتاظ منها هي ال ةعجُز عن وضِع حّد للحماقة الفكرية واليديولوجية بأ ّ ُ ُ يزعم أ ّ ن ما يسمى بحقو.ق النسا ن تكاد ل تتسع لها الرض ول السماء .بينما الحقيقة هي نسبة الستغلِل سلّ َ طها على بَِني جلدتها ،بل وعلى البشرية جم ةعاء بنحٍو ل مثيل له والحروب التي َخ ّ صتها حفنةٌ من الناس لِتُ َ ص َ َ ي من الكائنات الحية .وهي ل تكتفي بذلك وحسب ،بل وُتسّمم البيئة برمتها ،بما فيها سطحها في نظاِم أ ّ وباطنها ،ومن ثم تمنحها للبشرية. س في هذه الثقافة هو كا ن المجتمُع الذي ُوِلد ُ ت فيه مشحوناً بالمؤثرات الثقافية للقرية النيوليتية .والسا ُ ت بهذه ال ةعواطف .لكْن ،وكأنه ل يكفي البقاء علينا خارَج ت ترعرع ُ الصداقة الشفافة والنضال غير الت ةعسفي .كن ُ ب منذ س كقَدٍر مكتو ٍ مساِر كاف ِة المراحل الحضارية ،وتحويل التأثيرات السلبية المري ةعة للمدنية إلى اغترا ٍ ب قا ٍ وصرنا بإطاِر الدولِة القومية أمٍد ب ةعيد؛ بل وتََوّحدت التقاليُد الصارمة الشد ت ةعصباً مع الحداثة الرأسمالية ،فحو ِ من خلِل القومويِة الثنية ضمن الحدود القصوى للشوفينية؛ لَِيغدَو كّل ذلك تسلطا ً ونفوذاً أيديولوجيا ً م ةعقداً ف الواضِع إوصبَ ةعه على الزناد متأهبا ً في كّل لحظة ،يغدو السُم الثاني ف المكشو ِ يص ةعب تفكيكه .وبإضافِة ال ةعن ِ شبَهُ بمسماٍر مدكوٍك في الرض حتى قبل الولدة. للقدر المحتوم متجسداً في التحوِل إلى ما هو أَ ْ َلم يَُكن خروجي من حدوِد جمهوريِة تركيا حصيلةَ مقاومٍة باسلٍة باهرة .أما الدافع وراء خروجي هذا ،فكا ن ت يساريٍة دوغمائيٍة وثوقية .و البحَث عن ساحِة حياٍة جديدٍة لحل القضية الوطنية التي تََ ةعّلقنا بها بِِ ةعّدِة تحليل ٍ PKKفي الشر.ق الوسطَ ،لم يَُكن ح ّ ت النظام. ض المنجزات بالستفادة من ثغرا ِ ق ب ةع ِ ظه يذهب أب ةعَد من تحقي ِ لكْن ،ومع ذلك ،ل يمكن الستخفاف بمساعيه وطموحاته في تطويِر وت ةعزيِز ذاته كقوٍة مناِهضٍة للنظام القائم. إّ ن توّجهَ PKKنحو الكفاح المسلح الدائم ،وخاوصًة في الجبال بالدرجة الولى ،أمٌر ِجّد هاّم من حيث النتائج التي سيوّلدها .في حين أّ ن هذا بالنسبة للكرد ي ةعني التوجهَ قدماً وصوب التسّيس .أما النقطاُع عن ال ةعناوصر المتواطئة الكلسيكية ،فََولَّد م ةعه الدراَك بإمكانيِة وجوِد بديٍل حّر لول مرةَ .لم تَُكن انطلقتنا متَوقَّ ةعةً ول مقبولةً ب النظم الستبدادية المتبقية من ال ةعصور الوسطى الكلسيكية ،ول من الدول القومية الملَحقة بها من جان ِ ف قوى الهيمنة المبريالية والدوِل القومية القليمية وتحال م تفاه وراء السبب هو وهذا بال ةعصرية. ة ِ والمسما ِ ِ مع الكورد المتواطئين حول الوصرار على أ ن " PKKتنظيم إرهابي" .فالكردي الحر ،بفرده ومجتم ةعهُ ،ي ةعطلّ سد كّل حفظياِتهم )ما حفظوه عن ظهِر قلب( رأساً على عقب .وأيديولوجيةُ الفتوحات السلمية، وُيف ِ وأيديولوجيات القومية الليبرالية قد َمَحت الكردايتي الحرة من دفاترها منذ زمٍن غابر ،واعتبََرتها خارَج مجرى التاريخ. ً ً ض جزيرٍة م ةعزولٍة متجسدا في شخصي هو ما يتم دحضه أساسا والس ةعي للحكم عليه في سجٍن انفراد ّ ي في َعر ِ ت اليوميةُ المطّبقة علّي في سجِن إمرالي النفرادي طيلةَ تسِع سنوات ،إنما هي هذه الكردايتية الحرة .والسياسا ُ ت جدية، مدروسةٌ وممنهجة .والنظر إليها على أنها سياسا ُ ت التركية فحسب يؤدي إلى مغالطا ٍ ت الم ةعتقل ِ ت حادٍة وعن سيادِة ال ةعقم السياسي بالنسبة للكرد والترك على حّد سواء. ويسفر بدوره عن وصراعا ٍ ت جيداً أّ ن التركياتيةَ عاجزةٌ عن ممارسِة الحرب أو السلم باسمها .فالدور الذي أناطته الحداثة لكني أدرك ُ ب الشر.ق الرأسمالية بها هو أْ ن تَُكوَ ن الحار َ س المين والشرطي والدركي الفظ الساعي لج ةعِل كافِة ش ةعو ِ الوسط ،بما فيها الش ةعب التركي ،منفتحةً لقمِع واستغلِل النظام الرأسمالي.
ت الناضول موثوقةً بأوتاٍد متينة .ما وسواًء الذين داخل أوروبا أو خارجها ،ما يهمهم هو أْ ن تَُكوَ ن تركيا وثقافا ُ ع السياسات والستراتيجيات ،وبنسبٍة عليا من ي سياسٍة أخرى ،بل يتم تسيير أد ّ ُيطّبق هنا ليس كأ ّ .ق أنوا ِ الخفاء والشمولية والتماسك .وبموجب ذلك ،يمكننا استي ةعاب علقات الناتو والتحاد الوروبي بشكٍل أفضل. حتى هذه المور التي س ةعيُت لشرحها إلى ال ن تشير إلى أني لن أستطيَع تقديَم مراف ةعٍة قّيمة ،ما َلم أَقُْم بإدراك سَب م ةعانيها عبر الحقو.ق الحداثة الرأسمالية والغوص في أعماقها .ساطٌع أيضا ً أّ ن ركائَز مراف ةعتي لن َتكتَ ِ .ق ش َ ف النقاَب عن أسبا ِ الصرف المجرد .فالتناول السياسي والستراتيجي السطحي لن َيك ِ ب التكتم على سيا ِ مرحلِة "إعادة المحاكمة" .كما أّ ن استي ةعاَب م ةعنى إعادِة المحاكمة يتسم بأهميٍة قصوى لتسليِط الضوِء على حّل الكردايتية الحرة .وانطلقتي في "الجمهورية الديمقراطية" تجاه القضاء التركي الصوري ،وكذلك أطروحاتي الشاملة باسم "من دولة الرهبا ن السومريين نحو الحضارة الديمقراطية" و"دفاعاً عن ش ةعب" ،والتي قدمُتها ق فهِم في دعواي المرفوعة إلى محكمة حقو.ق النسا ن الوروبية؛ إنما كانت في مضمونها س ةعيا ً لتحقي ِ ب ضرورِة "تحويل الديمقراطيِة الحقة وال ةعدالة الحقة .في حين أّ ن مراف ةعاتي الخيرةَ هذه تهدف إلى استي ةعا ِ الحداثة الرأسمالية إلى قضية ،وتجاوزها" ،بقدِر ما تهدف إلى إضفاِء الم ةعاني الغنيِة والشاملة للدمقرطة َكَحّل بديٍل ،سواًء بنظامها السياسي ،أو بروابطها مع الحرية .بالتالي ،فهذا ما يدل مرةً أخرى على أّ ن مراف ةعاتي بمجملها متكاملةٌ ومتّممةٌ لب ةعضها. ُ ً ً َ ً ُ ت أّ ن المحاكمَة الولى في إمرالي كانت ل ةعبة است ةعراضية .فحقيقة ،لم تَكن الشروط أثناَءها وفيرة للقيام ت ذكر ُ كن ُ .ق التفاوصيل .كا ن كّل شيٍء يسير وفق المخطط المرسوم، ع حقوقي .بل كا ن كّل شيٍء مخططا ً مسبقا ً وبأد ّ بدفا ٍ س القضاة الم ةعّين وخاوصياته ومزاياه ،إلى المشاركين في مرحلة بدءاً من يوِم إوصدار القرار ،وموطِن رئي ِ المحاكمة ،ومن فترِة المحاكمة إلى كيفيِة استخداِم الوسائل العلمية .وكا ن قد حصل التفا.ق في هذا الصدد مع كّل من أمريكا والتحاد الوروبي .وما كا ن يقع على عاتقي تجاه هذا الواقع هو أل أَُكوَ ن مداف ةعاً حقوقيا ً مزيفًا. .ق في الوسط .والوضع عينه كا ن سارياً على التحاد الوروبي .فالمشكلة كلها كانت وبالوصلَ ،لم يَُكن ثمة حقو ٍ تتجسد في كيفيِة استخدامي أساساً ضمن مجمِل إطار القضية الكردية .وكا ن على كّل شيٍء أْ ن ُيسّخَر لخدمِة هذا .ق التحاد الغرض .وبالوصل ،فمرحلة كينيا ،من البداية وحتى النهايةَ ،لم تَُكن سوى خرقاً لقوانيِن وحقو ِ ع الوروبي .بل وحتى قوانين كينيا ونظام الحقو.ق التركي أيضاً كا ن قد تم خرقهما .أما البقاُء على موضو ِ العداِم قائما ً في الَجندة ،فكا ن مت ةعلقاً بالنتائج السياسية للدعوى .كانوا َيزَعمو ن أني خائف .ومن هنا ،كا ن .ق الدائم لتهديدي بالعدام سيكو ن مفيداً لهم .ما كا ن علّي القيام به تجاه هذه الوضاع هو تقديم مساَهمٍة التطر ُ ُ ً ً في المسار السياسي .ولهذا السبب كانت ماهية الرسالِة السياسية للمراف ةعات مهمة جدا .كما كا ن من الضروري ت ل ةعمله .كا ن هذا هو البحث عن أجوبٍة جذرية للمغالطات الجدية التي أسفرت عن هذه المحصلة .وهذا ما س ةعي ُ الساس الذي ترسخ عليه المفهوُم السائد في كافِة مراف ةعاتي في تلك المرحلة .وَلم تَُكن المساَهمةُ في نضاِل ض نسبِة التحول إلى أداٍة في هذه الل ةعبة لقّل درجٍة أمراً ممكناً إل بهذا المنوال. الحرية ،وتخفي ُ ُ ُ َ .ق النسا ن الوروبية على اعتقالي بَِكوِنه ُمنافياً للحقو.ق حقو ة محكم م ك تح ن أ بانتظار ت كن أقولها علنا ً أني ْ ُ َ ِ ُ ّ والقوانين .وهكذا كا ن بالمكا ن أْ ن تَتََولَد الفروصة لمحاكمٍة عادلة .لكّن هذا الحكَم َلم َيصُدر ،فكا ن دليلً وصارخاً سَد في الضطرار للقوِل ب ةعدِم عدالِة المحاكمة .بالوصل ،فكّل شيٍء جرى على الجحاف .وما تبّقى من المر تََج ّ ض للمشاهدِة علنًا .وب ةعد انتظاٍر طويٍل من المل بمحاكمٍة عادلة ،وصدر الحكُم المطابق لسابقه على كاست ةعرا ٍ الملفات ِمن قِبَِل المحكمَتين الجنائيَتين الحادية عشرة في أنقرة والثالثة عشرة في إسطنبول ،واللَتين هما من بقايا محاِكِم الدولة القومية القديمة .لقد وصدر هذا الحكُم بالفضيحِة الحقوقية الشني ةعة ،والمبادرات المنافية كلياً ت الطويلِة المدى ت البنود ،وبمزاعِم النشغال والجراءات الخاوصة بالملفات ،وحصيلةَ اللقاءا ِ للحقو.ق في عشرا ِ والحاديِة الجانب من قِبَِل مفوضي ِة التحاد الوروبي مع الحكومة التركية ،مقابل التنازلت السياسية الهامة التي حصلت عليها الولى لصالحها .لقد حصل الوفا.ق مع اللجنة الوزارية للتحاد الوروبي على هذا الساس، ف محكمِة فأعيدت الملفا ُ غ الصبر موق َ ت ثانيةً إلى محكمِة حقو ِ .ق النسا ن الوروبية .ول يزال الجميُع ينتظر بفار ِ ُ َ ت .ق النسا ن الوروبية إزاَء قرارها في المحاكمة ال ةعادلة .هكذا أفِرغت جهودي من محتواها حينما كن ُ حقو ِ أتأهُب للقيام بالدفاع الحقوقي الساسي خلل مرحلِة إعادِة المحاكمة .ولذلكَ ،لم َتذهب المحاكمةُ الحقوقية أب ةعَد من كونها است ةعراضًا. ب بشكٍل أفضل في هذه المرحلة هو كوُ ن أمريكا والتحاِد الوروبي وجمهوريِة تركيا في تواوصٍل المُر المستوَع ُ ص عموِم القضية الكردية .فبينما ُتقّدم ف وبح ٍ كثي ٍ .ق فيما بينهم بخصوص PKKوشخصي ،وبخصو ِ ث عن وفا ٍ ب آخر على مواقفها صّر من جان ٍ ت القتصاديَة الواس ةعة مقابل تصفيِة القضية الكردية لديها ،فهي تُ ِ تركيا التنازل ِ س الدولة الفيدرالية الكردية في ال ةعرا.ق .ومع مروِر كّل يوٍم يتضح أكثر أنه ثمة في الدعم المشروط لتأسي ِ ت علناً مع أمريكا ،فقد لقاءا ٌ ت والمساوما ُ سيَّرت هذه التنازل ُ ت مكوكيةٌ مرّكزةٌ َتجري في هذه المواضيع .وبينما ُ كا ن أهّمها مت ةعلقاً باعتقالي ،والبقاِء علّي محكوماً بالعدام دو ن محاكمة ،وبتصفيِة القضية الكردية في تركيا، .ق النقد الدولي IMFوم ةعاييُر كوبنهاغن للتحاد وإعلِ ن PKKكـ"تنظيٍم إرهابي" .في حيْن كا ن وصندو ُ الوروبي ستاراً حسناً لهذا الوفا.ق القذر.
ف الشني ةعِة والمريبة في مؤسسات التحاد الوروبي. أقولها علنيةً أني َلم أَُكن أتَ َ صوُر حصوَل كّل هذه المواق ِ .ق النسا ن والم ةعايير الديمقراطية في التحاد وقد حثتني هذه الحقائ ُ ق على القيام بِتََحّر وتَقَ ّ ص عمي ٍ ق بصدِد حقو ِ ف جذريًة الوروبي .وقد تبين خلَل ت ةعمقي في هذه المواضيع أّ ن القضايا أعم ُ ب مواق َ ق مما نتصور ،وتتطل ُ س الدرجة من ال ةعمق لَِحّلها والتغلب عليها .ل ريب في أّ ن التحاَد الوروبّي قطَع أشواطا ً متقدمةً على وص ةعيِد بنف ِ .ق النسا ن والديمقراطية ،ويَُ ةعّد نافذةَ المِل ل ةعاَلمنا الراهِن في هذا المضمار .لكّن الحداثَة الرأسمالية القاب ةعةَ حقو ِ ً في أسسه وركائزه تج ةعله موثوقا بأغلٍل غليظٍة تتسبب في التشاؤم وخيبِة المل إزاء قدرته على تحقيقه ت أخرى. انطلقا ٍ س ي ةعتقدو ن أّ ن قياَم الثورات ،ولو في جزٍء من أوروبا ،سيشكل وصماَم الما ن لنتصاِر ثوراِتهم. الرو ر الثوا كا ن ُ ُ ولكْن ،م ةعلوٌم أّ ن طموحاِتهم هذه لم تتحقق .وعلى النقيض ،فقد قامت الثورةُ الوروبية الليبراليةُ المناِهضةُ صهِر روسيا السوفييتية ومجمِل النظام الذي راَدته وتََزّعَمته في بوتقتها .والمُر ينطبق على كافِة الثورات بِ َ س المصير ،فإ ن التطلَع إلى الدمقرطة الديمقراطية في راهننا .ولكي ل َتلقى الماُل الم ةعقودةُ على أوروبا نف َ .ق وحقو للديمقراطية يمكن ول ال ةعالمي. س المال ال ةعالمية ُي ةعتَبر السبيَل الكثَر واق ةعيةً في عصِر ازدهاِر رأ ِ ِ سَب م ةعانيها السامية إل في ظّل هذه البراديغما . ت القائمة في أوروبا أْ ن َتكتَ ِ النسا ن والحريا ِ ف الساسية التي هذه الدوافُع وال ةعلُل التي س ةعينا لشرحها بخطوطها ال ةعريضة تستلزم التحليَل ال ةعميق للوصنا ِ أدت إلى عدِم الرغبة في "إعادة المحاكمة" ،وَتج ةعُل إسقا َ ت إليها سابقا ً في واقِع ط البنود الساسية التي تطرق ُ مراف ةعاتي على مصادرها الوصلية أمراً مهمًا .ورغم أّ ن الختزالية المفر َ ع جدّيين في طةَ تؤدي إلى ضلٍل وخدا ٍ ٌ الوعي ،لكنه من المهّم بمكا ن تََحّمل مثِل هذه المخاطر ،باعتباِر أّ ن القضية ناب ةعة من الحداثة .وبالوصل، فالفصول الساسية التي نحاول حّلها تتسم بتكامٍل داخلي ،مما سيَُحّد من مخاطِر الختزالية إلى الحد الدنى. ت م ةعالجَته ب ةعد المدخل .من سق الحقيقة" Hakikat Rejimiالفصَل الول الذي رغب ُ يشكل "السلوب ونَ َ الم ةعلوم أ ن السلوَب ي ةعني السبيَل أو الطريقة المألوفة في البحث والتدقيق .وسيساعد ت ةعريف هذه ال ةعادات المجّربة في التاريخ واليوم الراهن في تسليط الضوء عليها .ذلك أ ن إيضاَح السباب الولية للمفاهيم السلوبية ق لسلوكه دائمًا ،ولو أننا بجوانبها اليجابية والسلبية سيَؤّمن السهولَة في تحليلتنا .إذ ،ل بد من وجوِد طري ٍ لسنا متشبثين بالسلوب على نحٍو َمَرضّي. سق الحقيقة هو أفضل الساليب للووصول إلى م ةعنى "الحياة" .ما هي "الحقيقة" التي طالما ما قصدناه بنَ َ شغلت بال النسا ن وفكره؟ كيف يمكن الووصول إليها؟ بم ةعنى آخر ،فالبحث عن أجوبٍة لقضاياها ال ةعالقِة الممتن ةعِة ق جدّيين .سنس ةعى في هذا الفصل إلى إزالة ب تحليلها في سبيل بح ٍ يأتي في مقدمة المواضيع الواج ِ ث وتدقي ٍ ت الفكرية الولية ،وعن مصطلَحي "الموضوعانية الشيئية" و"الذاتانية المثالية" ض النظريا ِ الستار عن ب ةع ِ سرا وسحرا مخيلة وذهنية البشرية جم ةعاء. اللَذين وكأنهما أ َ َ ح استحالِة تناوِل وفي فصل "تمييٌز قّيم بين الزما ن والمكا ن في التطور الجتماعي" ،سنس ةعى أساسا ً ليضا ِ قضايا إنشاء الفئات الجتماعية الساسية بشكٍل منفصل عن الزما ن والمكا ن .فتناُوُل أشكال نشوء المجتم ةعات ي وكأنه ل وجوَد لب ةعاٍد مكانية فيها؛ ث تاريخية" وصرفة ،أو شرُحها بشكٍل تجريد ّ ومضامينها على نحِو "أحدا ٍ ً ح رذالًة ،وينتهي به المطاف المصال د لش ة أدا ويج ةعله تام، ه وتي جدية ت اعتلل نحو إنما يَُجّر وعينا الجتماعي ّ ٍ ٍ ِ ببلغٍة زائفة ولََغٍط ديماغوجّي لدى المجتمع باسم "الحقيقة" .عندما تؤخذ الب ةعاد الزَمكانية للمضامين أساساً ت إضفاِء الم ةعاني القّيمِة على بكل سطوعها وجلئها لدى إنشاء الوقائع والحقائق الجتماعية ،ستزداد إمكانيا ُ "حياة النسا ن" .وحينئذ ،سيتم إدراك أّ ن الكثيَر من المصطلحات والنظريات ليست سوى مفارقات كبرى في السفسطة والخداع والمغالطة ،و"قوالب كلمية" )كليشيهات كلمية محفوظة( .سن ةعمل بشكٍل ملموس على إضفاء الم ةعاني على التطور التاريخي والمكاني للمدنية الراهنة )نقصد الساسية منها( على نحِو عناوصر أولية. ح ولدِة الرأسمالية كشكٍل إنتاجي، وفي فصل "عصر الملوك ال ةعراة واللهة غير المقَّن ةعة" سنجهد ليضا ِ ف عن جوهرها الباطني ،حيث تتبدى ظاهريا ً وكأنها والسرطنة الناجمة عنها في المجتمع .سنحاول الكش َ َ واضحةٌ للغاية ،في حين أّ ن الرأسمالية جوهريا ً قد َأوثََقت ُعرى السلطة السياسية بذاتها .سنكشف حقيقة م ةعاني ت ال ةعلم ،بحيث غدت دوامةً يستحيل ب الكّل ضد الكل ،والم َ ت ومصطلحا ِ سّيرِة بأساليب ال ةعلموية ونظريا ِ حر ِ ّ النفاُذ من تسلطها في الميدا ن الذهني .كما سن ةعمل على إنارِة مهارِة النظام الرأسمالي في تحويِل جميِع التيارات المكافحة ضده إلى آلٍة ملئم ٍة لتسخيرها في خدمته ،وفي مقدمتها التيارات الماركسية والفوضوية والتحررية ضع وقيمة المقايضة )التبادل( إلى آلهٍة جديدة تتحكم الوطنية ،وحتى الديمقراطية – الجتماعية .كيف َتحّول التب ّ بجميع المجتم ةعات ،ب ةعد أ ن كانت تزدريها في البداية؟ والحفنُة النادرة من الملوك القدامى المرتدين للملبس ت خاوصة في حياتهم الستثنائية داخل ردهات قلعهم وقصورهم، .ق وامتيازا ٍ المختلفة اللوا ن والمتمت ةعين بحقو ٍ كيف تكاثروا بإفراط ،وكيف أوصبحوا عراًة مكشوفين ،بحيث لم ي ةعد بالمكا ن تمييزهم عن أتباعهم؟ ورغم أ ن ت َتفنى في ظّل بيئِة هذا ي للغاية وماد ّ هذا النظام علمّي للغاية وسلطو ّ ي للغاية ،فلماذا يتم التحول إلى جماعا ٍ النظام وبنيته الداخلية بالموت والمراض التي ل يتسبب بها حتى أكثُر الناس جه ً ل؟ سنجهد لوضِع اليد على ألغاِز هذه السئلة وإيجاِد الجوبِة لها .سنفحص كيفيَة إضفاِء الم ةعاني أو عدمية الم ةعاني على الدوار والحياة
الحقيقية ،سواًء بصدد انقسامات الدولة القومية المتصدعة ببناها القتصادية والجتماعية ومؤسساتها السياسية ،أو بصدد التقسيمات ال ةعلمية الناجمة عن هذه المفاهيم والنظريات .سنشرح الدوَر الوصلّي لّليبرالية ت القومويِة والفردية .وسُنظِهر كيف تَُكو ن الرأسماليةُ حربا ً دائمة التي تَُ ةعّد ِدينا ً رسميًا ،مثلما هي حال النزعا ِ َ مسّلطًة على المجتم ةعات ببناها الداخلية والخارجية ،وبالتالي ،كيف تَُكّو ن حالة الزمة والفوضى المتوترة والمضطربة في الحياة. ً ص كيفيِة الخلص من وفي الفصل الُمَ ةعنَو ن باسم "عصر الحياة بيوتوبيات الحرية مجددا" ،سنسترسل في فح ِ ت الحرية. الحياة المتأزمة والفوضوية للحداثة الرأسمالية ،والووصوِل مجدداً إلى أنماِط حياٍة مشحونة بيوتوبيا ِ سنتطر.ق فيه إلى كيفية الووصوِل لتكامِل الم ةعاني الروحية والذهنية الجديدة في سبيِل الحصول مجدداً على ت ةعابي ِر الحياة المثالية والخلبة المطرودة والمنفية من الحياة ال ةعصرية الرأسمالية القاب ةعِة تحت سيادِة البنى المادية .سنتحدث كذلك عن كيفيِة بس ِط الجنحة للتحليق نحو الكو ن المسمى بـ"الحياة الحرة" في ظل تكامِل ب الحياِة ال ةعصرية الرأسمالية المزيلِة للم ةعاني حالةً من الهروب من الموت، تلك الم ةعاني .وبينما تكو ن قوال ُ َ ت ،وبتروا الحياةَ عن المقدسا أفسدوا وكيف م ةعانيها، من الحياة – الموت ة ثنائي سنكشف عن كيفية إفراغهم ِ ت أبدي ومحشٍر سرمدي .كما سنس ةعى لضفاء جوانبها الساحرِة والجذابة والشاعرية ،لُينشئوا بذلك عصَر مو ٍ الم ةعاني على َخيار الحياة الحرة المثالية كحالٍة من ال ةعيد الكوني ،رغم أنها لم ت ةعد ُتدَرك بسهولة بسبب الرموز التي أضفيت عليها عبر ال ةعديد من الوصطلحات من قبيل مصطلح ما وراء الحداثة ،ورغم مصادفة ال ةعديد من ت ةعبيراتها التوفيقية المتمفصلة .حيث سنست ةعرض ونَُخ ّ ق الووصوِل إلى حياِة الجماعات اللحظية واليومية ط طري َ ً ذات الم ةعاني الغنية ،بدلً من اللجوء إلى أشكاِل المجتمع والنتاج مثلما جرت ال ةعادة ،وبدل من العتماد على المصطلحات والنظريات الفاسدة بسبب مثل هذه التصنيفات المسدودة. .ق الوس َ ت ط في عصِر الرأسمالية" بشكٍل منفصٍل ضمن خصووصياته .ما هي المؤّثرا ُ هذا وسنتناول "الشر َ ت الرأسماليِة الفاشلِة في إسقاطه خلل الولية التي تصو ن الشر َ .ق الوسط وتج ةعله وصامداً ثابتاً أمام محاول ِ ُ َ ي الحتمالت يحتويها وأ ال ةعالم؟ في ال ةعقيمة ل المشاك ة بؤر إلى ط الوس .ق الشر ول تح ُ ّ ِ الحربين ال ةعالميتين؟ لماذا ّ ِ في طواياه كساحٍة وزماٍ ن أساسّيين للحرب ال ةعالمية الثالثة الناشبة بشكٍل من الشكال في راهننا؟ كيف علينا .ق الوسط ووصموِده إزاء الحداثة الرأسمالية؟ هل يمكن لهذه الساحة ،التي إضفاء الم ةعاني على مقاومِة الشر ِ َ هي مهُد الحضارات ،أ ن تتحوَل بشكٍل م ةعاكس إلى مقبرٍة لها لتصبح ساحة النتقال والتوجِه نحو عصِر يوتوبيات الحياة الحرة؟ هل سيكو ن باستطاعِة هذه الساحة المل ّ طخة لمقّدساتها بالطين والداِهسِة لحياتها تحت القدام أ ن ت ةعيد وصياغةَ مقّدساِتها وتولَّد "أنما َ ط الحياة الحرة" الخلبِة والشاعرية والموسيقية المشحونة ب الماديِة وال ةعلمية للحداثة بالم ةعاني الفاضلة؟ وفي سبيل ذلك ،هل ستقدر على تحطيِم الوثا ن والقوال ِ الرأسمالية ،لتتمكن من تأسيس أشكاِل الدارِة الديمقراطية ذات المكانيات الوفِر لحياٍة أكثَر حريًة ،وتشكيِل س الحكمة المفَ ةعَمة بالم ةعاني السامية؟ سنبحث عن ردوٍد لمثل مجموعا ٍ ت إنتاجية متكاملٍة مع البيئة ،وبناِء مجال ِ هذه التساؤلت. هذا وسنتناول في فصٍل آخر "دو َر الكرد في الحرب الفاوصلة" ،تلك الحرب التي أش ةعلت الرأسماليةُ شرارَتها في شبَهُ بالم ةعركة الفاوصلة التي أسَمْتها المسيحيةُ الشر.ق الوسط ،بحيث أوصبَحْت المنطقةُ ساحةً من الوغى أَ ْ ُ والموسوية "َهْرَمَجّدو ن" ،والتي سّماها السلُم "المحشر ،القيامة" متأثراً بالديانتين الخَرَيين .وبم ةعنى من ب أو يَُهّرب الم ةعاني ،يمكُن ن ةع ُ ت الكرِد بأنهم "ش ةع ٌ ب آخر َيهُر ُ ب ليس بش ةعب" ،حيث من المحال مصادفةُ ش ةع ٍ ُ ب من قيمه وُمثله الجوهرية لهذه الدرجة ،أو رؤيِة مجموعٍة من البشر متباينٍة بهذا القدر .ل يمكن الزعُم ويَُجنّ ُ ت البشر القادرة على بأّ ن الكرَد ش ةع ٌ ت الحرب والقتال .ذلك أنهم من أكثر جماعا ِ ب خائُر القوى أو مفتقٌر لمهارا ِ ً ض غماِر الحرب والنتصار فيها ،نظرا لجغرافيتهم الستراتيجية وخصائصهم النثروبولوجية .كما إّ ن خو ِ ت الجرأِة الكامنة لدى نسائهم وشبابهم عاليةٌ جدًا ،لكنهم ُأحيلوا إلى جبناَء يخافو ن حتى ظلَلهم .ستضطر طاقا ِ ُ ً ً ً ع مشرو ة وصاحب ل إسرائي أ ن حين في الوسط، الشر.ق في لها ا جديد ا أساسي ا حليف الش ةعب هذا لختيار أمريكا َ ٍ ف كليًا. كرد ّ ي مختل ٍ َ ف المسيحيين ر ف الذي الش ةعب، هذا إ ن ض السلُم عليه النسيا ن وإنكار الذات ،سيحتل مكاَنه بالغلب في مصا ّ َ َ َ والموسويين ضمن َحلبَِة م ةعركِة َهْرَمَجّدو ن الفاوصلة إزاَء كافة البنى الطرائقية وال ةعقائدية )السلمية(. وبالوصل ،تتشكل الغالبية الساحقة من هذا المجتمع الكردي من علمانيي المذهَبين ال ةعلوي واليزيدي والمذاهب الخرى التي فقَدت م ةعانيها وعفا عليها الزمن منذ دهٍر غابر بين وصفوف الشرائح الفقيرة البائسة .أما الحفنةُ ب الطبقة ال ةعليا وزعماِء المجموعات والطرائق السلمية التقليديِة وال ةعصرية ،فيتخلو ن القليلة من أوصحا ِ بسرعٍة عن دورهم في التواطِؤ مع ال ةعرب وال ةعجم والترك ،ويبحثو ن لنفسهم عن أسياٍد جدٍد في مدِ ن ت يمكن إفناؤها بكل سهولة. ت وصغيرة وشخصيا ٍ ت المبريالية؛ وهم يشكلو ن مجموعا ٍ ومتروبول ِ ح النظُر إلى دوِر الكرد في هذه المرحلة الجديدة من الصراع والفوضى داخل الشر.ق الفاد الخطأ ولكن ،من ِ ُ الوسط بأنه مقتصٌر على التواطؤ .فالغالبية ال ةعظمى من الكرد المت ةعطشين لفلسفِة "الحياة الحرة" ستبقى في ب حياِة ال ةعصور انتظاِر رّوادها الفاضل لتروي ظمأها .وبينما ُت ةعتَبر هذه الغالبيةُ قابلةً للتخلي بسرعٍة عن قوال ِ
ب الدويلة القومية الم ةعروضة عليها، الوسطى المستهَلكة التي عفا عليها الزمن ،فهي لن تتشبث كثيراً بقال ِ والتي ل تسمح بفروصِة الحياة الحرة لي ش ةعب ،في حين ُت ةعتََبر ال ةعماَد المتَن للحداثِة الرأسمالية .وبالمقابل ،فإّ ن شكَل الدارة الكونفدرالية الديمقراطية الكثر ملءمًة لتحقيق طموحاتهم في الحرية والمساواة ،يَُ ةعّد الشكَل سبةً للكرد ،نظرًا لخصائصهم ومزاياهم التاريخية والجغرافية .من هنا ،تؤدي "منظومة السياسّي الكثَر منا َ المجتم ةعات الكردستانية (KCK" (Koma Civakên Kurdistanدورها ،وتتميز بم ةعانيها النبيلة وبحلولها الوصلح والنسب بصدد المشاكل المتمخضة عن البنى القالبية للدولة القومية المطّوقة إياها ،ولجل .ق نحو وسٍط جديٍد من الهّم والغّم بسبب تشكيِل بنًى مادية لدويلٍة قوميٍة جديدة .كما يَُ ةعّد KCK عدِم النزل ِ نموذجا ً ريادياً للكونفدرالية الديمقراطية الشر.ق أوسطية ،التي ُت ةعتَبر بدورها الصياغةَ الساسيةَ القادرة على إيصال كافة المجتم ةعات والثنيات ذات الوصول ال ةعربية واليرانية والتركية والكردية والرمنية والرومية ت الوصول الوروبية والمفتقرِة لحقو.ق ت ذا ِ واليهودية والقوقازية ،وجميِع المذاهب والديا ن ،وكذلك الجماعا ِ النسا ن والديمقراطية؛ إيصالها مجدداً إلى مقّدساتها واوصطلحاتها في الحياة الحرة ومنجزاتها المادية؛ ب ةعد أ ن كانت م ةعّرضةً للبادة والتطهير الِ ةعرقي ومفتقرًة ليوتوبياتها في الحياة الحرة بسبب القمع والستغلل ب ب الدولة القومية الناب ةعة من الحداثة الرأسمالية والمفروضة على موزاييك ش ةعو ِ والضطهاد في م ةعم ةعاِ ن حرو ِ الشر.ق الوسط .وإذا ما توّلدت جمهوريةٌ فيدراليٌة ديمقراطية من أحشاِء فوضى ال ةعرا.ق ،فقد تل ةعب دوراً ريادياً ق تطّوٍر في هذا التجاه. في تحقي ِ إ ن الحرَب ال ةعالمية الثالثة للحداثة الرأسمالية حاملٌة في أحشائها بال ةعديد من التطورات المترامية الطراف بإيجابياتها وسلبياتها ضمن الب ةعاد الجوهرية والزمكانية للشر.ق الوسط .ومحصلةُ هذه الحرب ستحّددها ت وجهوُد المجموعات المحّملة بالم ةعاني النبيلة .و PKKليس سوى واحٌد من هذه المجموعات التي مبادرا ُ ترتقي بذاتها على الدوام ،وتتميز بتطل ةعها إلى الحياة الحرة وطموحها في الريادة ،وتتسم بثقل م ةعانيها الفاضلة. من المفهوم تماماً أسباب عدم القيام بمحاكمٍة عادلة في ظّل شروِط الحداثة الرأسمالية ،سواًء بحقي ،أو بحق ش ةعبي الذي اختارني رائداً قيادي اً له ،أو ال ةعديد من الشخصيات والجماعات الش ةعبية الخرى .سأتطر.ق في فصل "النتيجة" إلى هذا الخصوص .أو بالحرى ،سأس ةعى لتسليط الضوء عليه وإثباته مع هذه المراف ةعة .ل يمكننا التغلب على نظاٍم يقتات دائماً على الحرب داخَل المجتمع وخارجه ،إل باللتفاف حول يوتوبياتنا في الحرية، وبتأسيس بؤِر المقاومة وال ةعدالة في كّل مكاٍ ن يتواجد فيه الضطهاد والستغلل والسلطة .وكّل السبل الخرى ف ول نتيجةَ لها سوى استهلُك ال ةعمر واستنفاذه. َأشبَهُ بدوامٍة عقيمٍة للحياة ،حيث ل هد َ َ ت البحث أدّو ن هذه المراف ةعة ضمن شروِط ال ةعزلة المطلقة في جزيرِة إمرالي .ومثلما أني ل أمتلك إمكانيا ِ والتدقيق المألوفة ،فهي ليست بالطريقة التي ُأرّجحها .إّ ن ُرّواَد البشرية الذين ُيتّممو ن ب ةعضهم الب ةعض بمساهماتهمُ ،ي ةعتَبرو ن المرِجَع الولّي بالنسبة لي أيضًا .لكني ل أرى داعيا ً لِذْكِر أسمائهم وإنجازاتهم .ذلك أنه ل يمكُن تحويُل المحاربين الِ ةعظام فكراً وعملً في سبيِل حياٍة حرة إلى َكّم .وأنا ضد البنى ال ةعلمية للحداثة بجانبها ت أو إرادٍة للحياِة الحرة يمكن أْ ن تكوَ ن عادلةً أو مواليًة للحرية مثلما أنا عليه هذا .وإيماناً مني بأنه ما ِمْن وصو ٍ ف السيَر برفاقيٍة ووصداقة. ف وسي ةعر ُ في ظروف ال ةعزلة هذه ،أهدي مراف ةعتي إلى كّل َمن َعِر َ
سق الحقيقة الفصل الول :حول السلوب ونَ َ ي إلى النتيجة فيما يت ةعلق بالهداف. ف السليم وال ةعادةَ أو الطري َ السلوب كمصطلح ي ةعني الموق َ ق المختصَر المؤد َ ب اليجابّي فلدى الجزم بالسبيل المبا َ صِر للووصول إلى الهدف ،يكو ن قد تم المساُك بالسلوب .والجان ُ شر والمخت َ ت طويلٍة أمٌر ل ب يكمُن في َكونِِه مجّربًا ،وفي قدرته على إعطاِء النتيجة المتوخاة .وتحديُده ب ةعَد اختبارا ٍ للسلو ِ َ مفّر منه لجل المهتمين بالسير عليه .إنه أشبَهُ بال ةعلقة بين الدليل والمرشد.
سْ ةعِينا ليلء الم ةعاني لغواِر التاريخ ،نجد أّ ن السلوَب الوَل الذي يواجهنا هو التناوُل الميثولوجي لكل ولدى َ ث والمفاهيم .وعلى النطا.ق المحدودُ ،ت ةعتَبر الميثولوجيا أيضا ً أسلوباً وطريقًة للكشف عن الحقيقة ،ذلك الحواد ِ أنها تستند إلى مفهوٍم كونّي .فإذا ما وض ةعنا ُنصَب أعيننا المستوى الذي َأنَجَزهُ ال ةعلُم في يومنا ،سنجد أ ن النظَر ب خاط ئ بالقدر الذي بولغ فيه ،حتى ولو تبّدى كتقييٍم إلى الطبي ةعة على أنها حيةٌ ومملوءةٌ بالرواح ليس بأسلو ٍ طفولي .بل إّ ن مفاهيم السلوب الذي َي ةعتِبر الطبي ةعةَ ميتةً وجامدة وخاليًة من الديناميكية والحيوية ،هي التي تفتقر للم ةعاني أكثَر مما عليه الميثولوجيا. إّ ن رواب َ ط التناوِل الميثولوجي للمور مع الحياة هي – وبكل تأكيد – بيئيٌة ،ومنفتحةٌ للحرية ،ب ةعيدةٌ عن القدرية ت البشريةَ بالحماس ،وليست حتمية .إّ ن مفهوَم الحياة هذا ،والمنسجَم مع الطبي ةعة والفطرة ،ميَّز الجماعا ِ ُ ت الُمتَرَعة بالمقدسات، وال ةعنفوا ن والت ةعددية إلى حيِن عصِر الديا ن الكبرى .فالملحُم والساطير والميثولوجيا ُ كانت ذهنيةَ الحياِة الساسية في ال ةعهد النيوليتي على وجِه الخصوص .كما أّ ن تضاُرَب القاويل مع الواقع الموضوعي Nesnelل ي ةعني أبداً استحالةَ تطويِر التفاسير ذات الم ةعاني القّيمة فيما يت ةعلق بمضمونها .بل يمكن ت م ةعانَي ثمينٍة للغاية بحق تلك القاويل )الميثولوجيات( ،بحيث ِمَن النادِر جداً فهُم التاريخ ح ذا ِ القيام بشرو ٍ س لفهِم الجماعات البشرية التي عاشت خارَج إطاِر هذه التفسيرات .ل غنى لنا عن الميثولوجيا كأسلو ٍ ب رئي ٍ َ ت حياتها على شكِل أقاويل .وقد ُبرِهن بما فيه الكفاية على أّ ن الساليَب ال ةعلمية الراهنة هي بالغلب أطوَل فترا ِ وصيَغت وكأنها مضادةٌ للسلوب الميثولوجي. عبارة عن ميثولوجيات ،ولو أنها ِ إّ ن السلوَب ال ةعلمي المّدع َي بال ةعمل وفق القوالب الدينية التوحيدية الدوغمائية وبالدساتير القط ةعية التي ُت ةعّد استمراراً للولى ،مرَغٌم على َرّد العتبار مجددًا للم ةعاني الميثولوجية وللسلوب الميثولوجي ،ب ةعَد أْ ن َحطّ من شأنهما إلى أقصى حد .فالميثولوجيات ،التي هي من أقارب اليوتوبياتُ ،ت ةعتَبَُر شك ً ل للم ةعنى والذهن الذي ل غنى َ شبَهُ بِتَْرِك للجنس البشري عنه .إّ ن تَْرَك ذهِن النسا ن بل يوتوبيا ،بل ميثولوجيا )بل ملحم ،بل أساطير( أ ْ البد ن بل ماء .وهنا ندرك بشكٍل أفضل أّ ن ذهن النسا ن ،الذي هو مجموُع أذها ن جميِع الكائنات الحية ،ل يمكن اختزال غناه الشامِل إلى حدوِد الذهنية الرياضية التحليلية .إّ ن هذا شذوٌذ عن الحياة .فمثلما أّ ن المليين من الذها ن الحية ل ت ةعرف الرياضيات ،ل يمكن حصر ذهن النسا ن ،الذي هو مجموُع تلك الذها ن الحية ،في ب فائض النتاج ،الذي ع للمدنية السومرية ،وقد اسُت ةعِملت في حسا ِ الرياضيات .بَْيَد أّ ن الرياضياَت أوُل اخترا ٍ ق النسا ن اليوم إلى مستوى آلٍة حاسبة .إذ ن ،والحال هذه، كا ن الشغَل الشاغَل آنذاك .ولكن ،يكاد ُيختََزُل منط ُ سيمات ما تحت الذرية ،والجساِم الفََلكية كيف ،وبَِم يمكننا استي ةعاب أذهاِ ن المليين من الحياء ،وحركِة الُج َ Astronomikغيِر القابلة للقياس؟ واضٌح أّ ن قوَة علوم الرياضيات ل تكفي لجل الكو ن الوصغر والكو ن الكبر .على القل ،من الضروري أْ ن نترك الباَب مفتوحا ً لساليَب جديدٍة بشأِ ن الم ةعاني ،كي ل نخنق أنفسنا بال ةعقائد القالبية الجامدة سلفًا. ل يمكُن استصغار شأِ ن الحدسيات الحية .فكّل ما هو موجوٌد باسم الحياة مخفّي في تلك الحدسيات ،التي ل يمكن ب إلى الفهِم هو أّ ن عاَلم هذه الحدسيات خاوصيةٌ الدعاء باستقلليتها عن الكوَنين الوصغِر والكبر .وما هو أقر ُ ب الميثولوجي في فهِم الكو ن .فقد يساهم في مساَعدتنا أوليةٌ للكو ن .ولهذا السبب ،ل يمكُن تقليل شأِ ن السلو ِ ب ال ةعلمي بأقل تقدير. على فهم الكو ن بقدِر السلو ِ ُي ةعتَبر التوجهُ ِمن المفهوم الميثولوجي وصوب المفهوم الديني الوثوقّي الدوغمائي مرحلةً انتقالية عظمى مرتبطةً عن كثب بَِكوِ ن التََحّو ِل المرتكز إلى الهرمية والطبقية داخل المجتمع قد سيطر على الميدا ن الذهني سلِّم واحتله .إّ ن علقة المتسلِّط والمستِغل تحتاج إلى القوالب المح ّ صنة عن المساءلة .أي أّ ن إضفاَء القيم الم َ بها للقوالب الثابتة ،كالقدسية ،وكلِم ا ،والحصانة؛ أمٌر مت ةعلق بالستغلل والسلطة ،وبالمصالح الهرمية سود التحكُم الفظ في مفهوٍم ما ،يَُكوُ ن الستبداُد والطغيا ن والستغلل والطبقية الُم َ شرَعَنة المستترة .فبقدِر ما يَ ُ مخفياً فيه بنفس القدر. خ البشرية ب ةعد المرحلة الميثولوجية .ويمكن ابتداءها مع تتميز المواق ُ ف الدينية بسيادتها لطوِل مرحلٍة في تاري ِ ُ ب كّل هذه الحاجة للقوالب الدينية .جلّي تماماً التاريخ المدّو ن ،أو قَبيله أو بَُ ةعيده .ما يتوجب استي ةعابه هو أسبا ُ ب بَِحّد ذاته .ففي المواقف الدينيةُ ،ي ةعتَبر الحراُك الساسّي بموجب الكلم الُم ةعزى إلى أ ن هذا الموق َ ف أسلو ٌ ٌ ف الحياة وسبيَل الووصول إلى الحقيقة .أما ض أنها متفوقة ومت ةعالية على الطبي ةعة والمجتمع؛ هد َ اللهة المفتَر ِ َ ي بالوامر وهو على قيد انحرا ُ ف النسا ن عن هذا الكلم ،في ةعني تحّمله كل أنواع ال ةعبودية ،واللتزاَم الجبار ّ َ ّ َ الحياة ،ويكو ن مصيُره جهنَم ب ةعد الممات .إننا على عتبِة عهِد إنشاءِ اللهة المقن ةعة .ويمكن التحديس والتلّمس
ق بكّل سهولة أّ ن هذا الله هو في الحقيقة ليس سوى ذاك الزعيُم أو المستبُِد الجباُر الذي ُيصِدر الوامَر بح ّ ع إدراِك النسا ن ومخاَتلِة فهمه .وبالوصل، المجتمع ،ويقوم باستغلله .والتقّنع المفِرط مرتبطٌ عن كثب بخدا ِ ت ظهورهم بـ الله – الَمِلك ُي ةعّبر عن هذا الخصوص كفاية .وما فتسميةُ الطغاِة المستبدين لنفسهم في بدايا ِ نصادفه ُعْقَب ذلك كواقٍع تاريخي سائد هو قَْوَننةُ أقوالهم ،وإبراُزها على أنها الحقيقة المطلقة .وكلما تجّذر ب الديني الوثوقي الدوغمائي مساراً رئيسيا ً منقوشاً في ذهن النسا ن .أو القمُع والستغلل ،استحاَل السلو ُ ع النسانية لنيِر عبوديٍة طويلِة المد، بالحرى ،تم إنشاؤه كواقٍع اجتماعي راسخ .وبهذا السلوب تّم تأميُن خنو ِ كي تتخبط تحت وطأِة الحكم الستبدادي الظالِم للطغاة الجبابرة ،أي ،اللهِة المقَّن ةعة ،التي حّولت الحياة إلى قحٍط شح. و ُ ع المفروض على الحشود البشرية إّ ن أهميةَ السلو ِ ب الديني كسبيٍل للت ةعوِد الذهني تتأتى من شرعنته للخضو ِ ف السنين .فقد غدا الست ةعماُر والستغلُل حصيلةَ التقاليِد الفظة ،ومن تجذيره لمفهوِم القدرّية على مّر آل ِ ب الكلِم المقدس وأمِر الكارثي ونشو ُ ب الُمَهّولة أمراً ممكنا ً بفضِل هذا السلوب .أي ،ال ةعيش بموج ِ ب الحرو ِ ست جدليةُ الرب! ل ريب في أّ ن هذا السلوَب سّهل الموَر كثيرًا على الممسكين بدفة الحكم والدارة ،حيث تأ ّ س َ ت ال ةعبودية على أنها مرحلةُ تطوٍر اضطرارية ل مفّر منها .بل، الراعي – الرعاع )القطيع( .وُأبِرَزت مجتم ةعا ُ س مفهوِم المجتمع الثابت الذي ل يتغير .فمن جانب ،ثمة مفهوُم والنكى أنه تّم تجميُد الواقع الطبي ةعّي على أسا ِ .ق والمت ةعالي على كل شيء، ب آخر ،ثمة مفهوُم الدار ّ المجتمِع والطبي ةعة الخاملة ،ومن جان ٍ ي الحاكِم المتفو ِ ق كّل شيء ،والف ةعاِل للغاية .وتَحّول ذلك إلى ثنائيٍة جدلية حتمية ومطلقة .ولو واللِه المتحكم بكّل شيء ،وخال ِ قلنا أّ ن هذا السلوَب أو المفهوَم هو الذي أدار ال ةعصوَر الولى والوسطى وساَد فيها ،فلن نكو ن مبالغين كثيرًا. ضِه على البشرية مفهوَم الطبي ةعِة الجامدة الجان ُ ب الوثوقي الدوغمائي يكمن في فر ِ ب الخطر في السلو ِ ً والخاملة وغيِر القادرة على الحركة إل بالوامر اللهية المقدسة الخارجية ،عوضا عن مفهوِم الطبي ةعة الحيوية المتطورِة ذاتيًا .والنتيجةُ الهّم الناجمُة عن ذلك في الميدا ن الجتماعي تتمثل في النظر إلى وجوِد البنى ض الدارِة الخارجية الراعية على الرعاع على أنه أمٌر جّد طبي ةعي .وبقدر قَِدم هذا السلوب ،فقد الخاملة ،وفَْر ِ وصَل ذروتَهُ في ال ةعصور الوسطى، استوَجَب وجوَد شخصانيٍة Öznellikمتفوقٍة ومت ةعالية على كّل شيء ،وو َ حيث غدا ال ةعالَُم الموضوعّي Nesnel Dünyaفي حالٍة غامضٍة ُمبَهمة ،بل واعتُبَِر وكأنه غيُر موجود .فبينما ت والُمثُُل الراسخةُ والبدية شكَل الحياِة الساسية. أوصبَحت الدنيا محطةَ حياٍة انتقاليٍة عابرة ،اعتُبَِرت الغايا ُ ضع في أرفع المراتب .إّ ن وَمن َعِر َ ت والكليشيهات أكثر ،اعتُِبر عاِلمًا ،وُو ِ ف القوالَب الدوغمائية والمسّلما ِ ح جماح التاريخ، طريقةَ التفكيِر هذه ،والمتّ ِ سمَة بتضادها مع السلوب الميثولوجي ،ل ةعبَْت دوراً أوليا ً في كب ِ وبالتالي الحياِة ،والحكِم عليهما بالسر والذل. أما الجانُب اليجابي في السلوب الديني ،فيتجسد في قط ةعه أشواطا ً ملحوظًة في ظاهرة الخل.ق ضمن المجتمع. .ق بارزة ،وجاءت بأحكاٍم ضت فكرةُ "الفضيلة – الرذيلة" لفوار َ ففي هذه المرحلة ،وفي ظل هذا السلوب ،ت ةعر َ ب إلى خاوصيٍة أساسية ،أل وهي مرونةُ ذهِن النسا ن ،وبالتالي ،إمكانيةُ تهيئته وصارمة .لقد تنّبه هذا السلو ُ س التطوِر وتأهيله .فاختل ُ ف النسا ن عبر هذه الذهنية عن عاَلم الحيواِ ن الدنى منه مرتبًة ،يشّكل أسا َ الخلقي. .ق في السلوب تكوينةٌ ق مجتم ةعيته .فالخل ُ ع إلى الخل.ق ،ل يمكُن إدارةَ النسا ن أو تحقي َ ومن دو ن الرجو ِ ي ل غنى عنه بالنسبة للمجتمع .ومن دوِ ن الدخول في الجدال حول مضمو ن الخل.ق وحقيقةٌ وإدراٌك إدار ّ اليجابي أو السلبي ،فإّ ن تطوراً على هذا الص ةعيد ُي ةعتَبر ضرورًة اضطرارية للوعي الجتماعي .ل شك في أّ ن .ق وعٌي ميتافيزيقي ،ولكّن هذه الخاوصية ل تج ةعل منها موضوعا ً تافها ً أو منبوذًا .ولن نبالغ إذا ما تحدثنا الخل َ ً عن تفو.ق الخل.ق الميتافيزيقية نسبة للخل.ق البدائية في ال ةعصر الميثولوجي .إّ ن مجّرَد التفكيِر بالمجتمع ش فيه .وربما س البشري أو القضاِء على بيئة ال ةعالَِم الممكِن ال ةعي ُ البشري مجرداً ِمن الخل.ق ي ةعني انقرا َ ض الجن ِ ت تتغذى منها .المرا ن سيا ن ،ويصبا ن في نفس أنه أَ ْ ق على نباتا ٍ شبَهُ بالديناوصورات التي انقرضت لنها لم تُْب ِ المجرى ،وينتهيا ن في آخر المآل بووصوِل النسا ن حالةً ل يمكن لِبَِني جنسه الستمرار في ال ةعيش .وما تفاُقم س لَِتهاوي وانحطاِط الخل.ق بشكٍل فظيع. قضايا البيئة في راهننا لدرجِة ووصولها حافةَ الهاوية سوى ان ةعكا ٌ ي على الديا ن الساسية فحسب ،بل ويسود في الفكر اليوناني الكلسيكي ب الدوغمائي التوكيد ّ ل يطغى السلو ُ ت أرسطو ف الموضوعية Nesnelحيزاً جّد محدود فيه .فمثاليا ُ ب الدياليكتيكي والمواق ُ أيضًا ،حيث يحتل السلو ُ وأفلطو ن كأساليَب سائدٍة ُتشّكل أمتَن مقّومات السلوب الديني الدوغمائي الوثوقّي في ال ةعصور الوسطى .فَكوُ ن
ف بل والمبدَع العظَم للمثالية ،ج ةعَل منه ال ةعزيَز المحبَّب والمقّرَب إلى المواقف – أو اعتباُر – أفلطو ن الفيلسو َ ب إلى النبوة. النبوية .إنه الفيلسو ُ ف القر ُ ب الوثوقّي الدوغمائي الُمنّقى جيداً من ُت ةعتََبر المواق ُ ف النبوية في الديا ن الثلثة الكبرى مؤ ّ سسةَ السلو ِ سسة للخل.ق الميتافيزيقية. ب الطافحةُ في هذه الديا ن الثلثة تتمثل في كونها عوامل مؤ ّ الشوائب .والجوان ُ .ق ذروَتها وتَُحّقق رواَجها مع بوذا ،زرادشت ،كونفوشيوس ،وسقراط ،ونخص بالذكر هنا وتصل الخل ُ ثنائيَة الفضيلة – الرذيلة التي اعتُبَِرت في الزرادشتية فلسفةً أساسيةً مكاِفئًة لقرينة النور – الظلم .وقد قطَ ةعت ت هؤلء الحكماء القّيمين. ت أخلقيةً شاس ةعًة وعظيمة في تاريخها عبر شخصيا ِ النسانيةُ مسافا ٍ لِ ةعَب مفهوُم "الطريقة ال ةعلمية" دوراً بارزاً في إيصال الرأسماليِة إلى نظاٍم عالمي .وفي هذا السلوب الجديد، الذي ُي ةعتَبر كّل ِمن روجر ،فرانسيس بيكو ن ،وديكارت رواداً له ،يتم التركيُز خصيصاً على الفصل والتمييز بين الذات ال ةعاقلة Özneوالموضوع الشيء .Nesneفي حين ،لم يكن لهما مكاٌ ن بارٌز في السلوب الدوغمائي الوثوقي لل ةعصور الوسطى ،بل تميزتا بفاعليٍة خافتٍة ظليلة. وأوروبا الغربيةُ المنتفضةُ مع النهضِة فَتََحْت عصراً جديداً في إظهاِر الذات ال ةعاقلة والموضوع الشيء بالترافق ح وثورِة التنويِر الفلسفي في المسيحية .وهكذا غدت ذاتانيةُ النسا ن وموضوعانيةُ ال ةعاَلم تشكل ن مع الوصل ِ ُ ً ي ب الدوغمائي التوكيد ّ لََبنةً أساسية وعامَلين أولّيين في الحياة .في حين ،تتهاوى أهمية الخل.ق والسلو ِ ال ةعامِل أساساً بكلم الرب .أو بالحرى ،يتم النتقال من عصِر الملوك المتسترين واللهِة المقَّن ةعِة القديِم إلى مرحلِة الملوِك ال ةعراِة واللهِة غيِر المقَّن ةعة .والغريزةُ المحّرضةُ الساسية في ذلك هي طراُز الست ةعماِر والستغلل الرأسمالي .فالستغلُل باسِم الربح يستدعي ضرورةَ تغييِر وعي المجتمع من جميع المناحي .وتَُ ةعّد س في "السلوب ال ةعلمي" الجديد .لقد باتت النسانيةُ والطبي ةعةُ هنا وجهاً هذه الضرورةُ أو الحاجةُ المؤثَّر ال ّ لوجه أمام استغلٍل أعظمي .ول بد من إعادة إنشاِء وتكويِن ضميِر )أخل.ق( المجتمع عبر تغييٍر ذهنّي شامل، لنه لن َيقبل الستغلَل والضطهاَد بسهولة .وفي هذه النقطة بالذات ستقع الفاعليةُ الكبرى على عاتق ض التشكيك بكّل شيٍء في سبيل ح أساسي .والكل على علٍم كيف مّر ديكارت بَِمَر ِ "السلوب" كسبيٍل وصحي ٍ ً ي متأوصل ،فلجأ إلى مقولته الشهيرة "أفكر ،إذ ن أنا موجود" .وم ةعلوٌم جدا أّ ن بيكو ن وأتباعه ق تحّوٍل جذر ّ تحقي ِ أبَدوا عنايًة فائقة بـ"الموضوعانية" .وبينما فتَح الوُل الباَب على مصراعيه لمكانية تفكيِر الفرد بشكٍل ف الفرد بـ"الموضوع الشيء" كيفما يشاء. مستقل ،أشهر الثاني وأتباعه البواَب أمام إمكانيِة تصّر ِ ف كّل الطبي ةعة ق غائر في السلوب ال ةعلمي .فت ةعري ُ ل بد من إعادِة ت ةعري ِ ح "الموضوعانية" ب ةعم ٍ ح مصطل ِ ف وشر ِ )بأحيائها وجمادها( على أنها "شيء موضوع" – بما في ذلك جسُد النسا ن ،وفيما عدا الفكر التحليلي – قد ح في است ةعما ِر الرأسمالية للطبي ةعة والمجتمع ،والتحكم بهما .ذلك أنه من غير الممكن تحقيق لَِ ةعَب دوَر المفتا ِ التحول الذهني اللزِم لل ةعصر الحديث ،بدو ن تجذيِر وشرعنِة التمييز بين الذات والموضوع. ت ال ةعامَل الشرعي الكثر تداولً وقبوًل في الفكر التحليليُ ،ي ةعتَبر الموضوُع Nesneال ةعنصَر بينما تكو ن الذا ُ ع المفارقات والشاعات عبره .وبم ةعنى آخر ،فهو يمثل "المادي" الملمو َ س الذي يمكن القياُم بكّل أنوا ِ ت مريرة بسبب هذا التمييز .إذ يجب عدَم تقييم الصراع بين شَبت وصراعا ٌ "الموضوعيَة" .Objektiviteوقد نَ َ ت اجتماعية عظمى تحته. ت وكفاحا ٌ ع على "الحقيقة" المطلقة ،حيث تستتر نضال ٌ الكنسية والِ ةعلم كمجرِد نزا ٍ ب النزاع والصراع بين المجتمع القديم المشحو ن بالخل.ق ،والمجتمِع الرأسمالي ال ةعاري إنه ضر ٌ ب من ضرو ِ ع بين الكنيسة والِ ةعلم فحسب .وبشكٍل الساعي لنزع الستار الخلقي عن ذاته .أي أّ ن المسألةَ ليست مجرَد نزا ٍ أعم ،إنه وصراٌع بين النظام الذي حافظ عليه وجداُ ن المجتمع طيلَة مسيرته التاريخية ،وَح َ ظر استغلَله ،ولََ ةعَن ح البواب على ع الجتماعي الرأسمالي الجديِد الساعي لفت ِ ذلك ،واعتبَره جرما ً ل ُيغتَفر؛ وبين المشرو ِ ي حظٍر أو ُجرٍم أو ل ةعنة. ف بأ ّ مصاري ةعها أمام است ةعماِر المجتمِع واستغلله والتسلِط عليه ،دو ن العترا ِ و"التجاه الموضوعي" هو المصطلح المفتاح لهذا المشروع. تتخفى تحت مفهوم "الموضوعانية" Nesnellikلـ"الفكر التحليلي" فكرةٌ مفادها :ما من "قيمٍة" ل يمكن إخضاعها لل ةعملية .إذ يمكن استغلل كّل ما في الطبي ةعة من حّي وجماد ،والتحكم بها وتمّلكها ،بحيث ل يقتصُر ق استغللها بكافِة الشكال .وفيما ح النسا ن فحسب ،بل ويمكن البحث والتنقيب فيها ،والتمتع بح ّ المُر على كد ِ ت المنتقاة ،يحق النظر لكّل شيٍء على أنه ميكانيكّي آلي ،وبالتالي ،التحكم به واستغلله بل رحمٍة أو عدا الذوا ِ ّ ت أساسية في مواجهة الطبي ةعة شفقة .أما الفرد ،والمواِطن ،ومجتمُع الدولة القومية ،المنظمو ن كـ ذوا ٍ ت جديدًة" ذاَت طاقٍة جنونيٍة قادرٍة على البادات الجماعية ،وإيصاِل البيئة لحالٍة والمجتمع ،فُي ةعتَبرو ن "اكتشافا ٍ
ل ُتطا.ق ،باعتباِر أنهم اللهةُ الجديدةُ غيُر المقَّن ةعة .وكأّ ن "اللوياثاَ ن" القديَم بات مس ةعورًا .وكأنه ما من شيٍء Nesneل يستطيع التحكَم به أو تمزيقه إربا ً إربًا .من المهم الستي ةعاب جيداً أّ ن النظَر إلى المواقف سبَّب في كوارَث الموضوعية الشيئية على أنها المصطلُح الكثُر نزاهًة وشفافية في السلوب ال ةعلمي قد تَ َ ت كبرى ،بل ومجازَر مَرّوعٍة بما يضاهي محاكَم التفتيش المتبقيِة من ال ةعصور الوسطى .يجب ُمهِلكة ،وانحرافا ٍ ف الموضوعي ليس مصطلحا ً علميا ً نزيهاً على الطل.ق. التشديد ،وب ةعناية ،على أّ ن الموق َ ب ُعطب وإفلس وشلل علم الجتماع في راهننا ،ما لم نستوعب أّ ن "السلوب ال ةعلمي" ل يمكننا إيضاح أسبا ِ بحّد ذاته وسيلةٌ لكبِر تقسيٍم طبقي .أقولها علنيًة أنه لـ"السلوب ال ةعلمي" "الموضوعي" دوٌر م ةعيٌّن وحاسٌم س أكثِر التيارات ال ةعلمية الجتماعية مثاليةً وطموحًا ،أل وهي "الشتراكيةُ ال ةعلمية" التي اعتََبرُتها – في إفل ِ أنا أيضاً – كذلك ،في إحدى المراحل. ق بالشتراكية ال ةعلمية وبكافِة مشتقاتها ،أو مروُرها بفترِة تحّوٍل من فالتفسُخ ،ومن ثم النهياُر الذي لَِح َ ً ً ت الخاوصة ،ب ةعد اجتيازها مرحلة طويلة من التطبيق وتشييِد النظام رأسماليِة الدولة المباشرِة إلى الرأسماليا ِ الجتماعي؛ إنما يرجع في أساسه إلى "السلوب ال ةعلمي" ومفهوِمه في "التشيؤ" .وإل ،ما ِمن شّك بتاتا ً في خ وجهوٍد حثيثة .سأكتفي بالتنويه إلى أني سأستفيض ُحسن نوايا المساهمين في نضاِل الشتراكيِة بإيماٍ ن راس ٍ ح هذه المواضيع في مكانها المناسب. في شر ِ إّ ن كافةَ البنى ال ةعلمية التي ُتضفي على التمييز بين الذات والموضوع دوراً أساسيًا ،هي أسيرةُ استقللياتها ف الكبر الحاوصَل باسم ب القيِم والُمُثل الجتماعية .ولربما أّ ن النحرا َ لدرجِة أنها تزعم بتفوقها على كافِة ضرو ِ ُ ي عصٍر مثلما هو ال ةعلم مخفّي في هذه المزاعم .ولربما لم يشهد التاريخ التحاَم ال ةعلم مع النظام المهيمن في أ ّ عليه في ال ةعصر الرأسمالي .فدنيا ال ةعلم ،بدءاً من أسلوبه إلى مضمونه ،هي القوةُ ال ةعظمى في إنشاء النظام، وفي تأمين شرعنته ووصونه .إّ ن السلوَب ال ةعلمي لل ةعصر الرأسمالي ،وبالتالي ،كافَة ال ةعلوم الناشئة فيهُ ،يشّكل ت المجتمع ض عنها فَ َ خ آليِة الربح في النظام ،وما تمّخ َ شَمَل كافةَ قطاعا ِ القوةَ الساسيةَ المؤديةَ إلى ترسي ِ ت ،مجاعٍة ،بطالٍة ،دماِر البيئة ،والتضخِم ت ،آلٍم ،مخاضا ٍ ب ،أزما ٍ وحلقاتِِه الداخليِة والخارجية من حرو ٍ َ سيُّ ئ في السكاني .وما عبارةُ "ال ةعلُم قوة" الموَجزة سوى ت ةعبيٌر عن الفتخار بهذه الحقيقة .قد يقال :وما ال ّ ع النزاهة ذلك؟ ف ةعندما تصدُح الوصوا ُ ت ،وتنطل ُ ق هذه الحكام بكّل سهولٍة من أحشاِء النظام المتحصن بدر ِ ف طبي ةعية. والشرعية ،تكو ن قد َعبَّرت عن أكثِر المواق ِ ت استحالِة الستمرار في كافة ميادينها وفروعاتها، وإذا كانت الحداثُة الرأسمالية في راهننا ت ةعطي إشارا ِ ب وافر في ذلك .من هنا ،فالمر المهّم والمصيري هنا هو توجيه فلـ"السلوب ال ةعلمي" الذي ترتكز إليه نصي ٌ النقد إلى السلوب الذي يشكل الدعامَة الركن للنظام ،وإلى "الضوابط ال ةعلمية" المطروحة للوسط .إّ ن نقطَة س الض ةعف الساسيةَ للنتقادات الموّجهِة لكافة النظمة ،بما فيها انتقاداُت الشتراكية ،تكمن في لجوئها إلى نف ِ ق وجودها .مع أّ ن الحقيقةَ تشير إلى أّ ن انتقاَد الواقِع الجتماعي السلو ِ ب الذي ترتكز إليه تلك النظمةُ في تحقي ِ ع في نفس النتيجة .فمن الناشِ ئ اعتماداً على نف ِ س السلوب الذي يستند إليه هذا الواقُع ل ُينِقذ الّنّقاَد من الوقو ِ ي مكاٍ ن سوى القرى أو س الدروب المرسومِة سلفًا ،ل يمكنهم الووصول ل ّ الشهيِر جداً أّ ن السائرين على نف ِ المد ن التي تؤدي إليها تلك الدروب .وهذا تماماً ما حصل لمناهضي النظاِم القائم ،بما فيهم الشتراكيةُ ال ةعلمية. ص والمزايا الطبقيِة والجتماعية للتمييز بين الذات إنني ُأبدي اهتماما ً بالغاً في تقييماتي إزاء تناُوِل الخصائ ِ ب النطولوجّي والموضوع بشكٍل أساسي .ذلك أّ ن هذين المصطلَحين البادَيين وكأنهما نزيها ن ،هما السب ُ ت )الوجوِد ّ ي( لنشوِء الحداثة التي غدت مستحيلَة الستمرار .وهذا ن المصطلحا ن ل علقة لهما بالمنجزا ِ ال ةعلمية كما ُي ةعتََقد ،وليسا نقّيين من الميزات النسبية .وهما مشحونا ن بمفهوٍم ثبوتّي قوالبي بصدد الطبي ةعة ب الوثوقّي الدوغمائي في ال ةعصور الوسطى بأقل تقدير .فالس ةعُي لفهِم الحياة والذات ،بقدر ما هو عليه السلو ُ عْب َر التمييز والفصل ال ةعلني بين الذات والموضوع يؤدي بالحياة إلى الختنا.ق المادي ،ويج ةعلها رج ةعيةً ب وُمَهّمشةً وُمبَهَمة أكثر مما كانت عليه حياة النسا ن في ال ةعصور الوسطى .فحياةُ النسا ن التي كتََم السلو ُ سها وَحرَمها من الحرية ،قد تشتتت إربا ً إرباً في الحداثة الرأسمالية اعتماداً على التمييز بين الذات ال ةعلمّي أنفا َ ُ ت المتأوصلة في كافة مناحي الحياة .إّ ن القيمة ال ةعظمى المفقودةَ مع تجّزِؤ التكامِل والموضوع ،ونشأت التصّدعا ُ حتى خلياه الوليِة بسبب "الضوابِط ال ةعلمية" ،هي تكاُمُل ووحدةُ الحياة الجتماعية المسّجلِة ضمن أب ةعاد الزما ن والمكا ن .ما من شيٍء في راهننا أخطُر من "تضييق الخنا.ق على الحياة" ،ومن مأساِة الحياة المبتورة من جوهرها ومقّوماتها الّزَمكانية .إننا وجهاً لوجه أمام أشّد المصائِر بؤسًا .فالسرطنةُ الجتماعية ليست
وصنِع الخيال ،بل هي التفسيُر المثل للواقع الملموس للنظام القائم إزاء الحياة. تصوراً من ُ .ق محدود .ل هذا الموضوُع ،الذي يتطلب التأمَل فيه بإم ةعا ن ،ل يمكن تناوله في المراف ةعة إل بتقييمه ضمن نطا ٍ أقترح أسلوبا ً جديداً بانتقاداتي هذه .كما أنها ل ت ةعني اقتراَح عدميِة السلوب .ذلك أني متيقظٌ للخصائص التي ب والقوانين الملتَزُم بها في حياِة النسا ن ،بل وفي حياِة الطبي ةعة بأحيائها وجماداتها. ت ةعّبر عنها السبُل والسالي ُ ب والقانو ن مشحوناً على الدوام كما ُأولي قيمةً ثمينًة للطريقة والسلوب .لكن ،وبينما يَُكو ن مفهوُم السلو ِ بمخاِطِر المضمو ن الحتمي المطلق ،فإني مضطّر للتشديد على أّ ن الوصراَر والثبوَت في ذلك ُيفضي إلى إنكاِر التطور والحرية .ل أتصور وجوَد َكوٍ ن بل أساليَب أو قوانين .ولكني ل أؤمن أيضاً بأولويِة ميكانيكيِة ديكارت، ت والقانوِ ن منطقاً ي شكوٌك عميقة َترى منط َ ق رياضّي فحسب .ولد ّ الذي ينظر إلى الكو ن َكنَ َ ق الرياضيا ِ س ٍ َمَرضيًّا ،بل وألحظُ شبها ً فظي ةعاً بين الرهبا ن السومريين الذين اخترعوا الرياضياَت والقانو ن ،وبين الذهنيِة ال ةعلمية الراهنة .إني على قناعٍة بأّ ن كليهما يمثل ن المدنية عينها. ب بديل .من الضروري القول أّ ن النفتاَح أكثر مناَهضةُ السلوب ل ت ةعني إنكاَره كليًا ،ول البحَث عن أسلو ٍ لمكانيِة التفسير القرب إلى َخياِر الحياة الحرة يتميز بم ةعانَي أسمى .وإذا كانت الغايةُ هي الووصوُل إلى م ةعنى الحياة ،ف ةعلى السلوب أ ن يكوَ ن وسيلةً في ذلك .فالدولةُ الكبرى والنتاُج الصناعّي ال ةعظيُم وحدهما قد ألحقا ج مع القوة ،يتزايد البت ةعاُد عن الم ةعنى. الحروَب والدماَر بالبشرية ،بدلً من الس ةعادِة والرفاه .فلدى اتحاِد النتا ِ وفي جميع الوقات يأتي أوصحاُب الدخار في مقدمة الشرائح البليدة التي ل ُتبدي تفاهماً تجاه الحياة .في حين ُين َ ص من مشكلِة السلوب ،أو تخطيها والتغلَب ظر إلى الدخار ب ةعيِن الشّك والريبة دائما ً داخَل المجتمع .إّ ن الخل َ شين .ولطالما نصادف أمثلةً عليها ،يتضمن م ةعانَي متأوصلة ،حيث يستوجب محاسبةَ ال ةعصِر والمدنية الُم ةعا َ ت ث عن المخرج هباًء ما لم توّجه النتقادا ُ ضاربًة للنظر عن ذلك في الزمنة التاريخية .سيذهب أ ّ ي بح ٍ الراديكالية الجذريُة إلى الرأسمالية وأساليبها وضوابطها ال ةعلميِة التي تَْمُهُر جميَع مؤسساِتها وقوالبها ال ةعصرية بطابَِ ةعها؛ وما لم نتوجه بالتالي إلى إعادِة إنشاِء ال ةعلم المساِعد على الدنّو أكثر من الحياة الحرة .ليس لدي نيةٌ ف البارزة في هذا في تقديِم أيةّ مساَهمٍة لثنائيِة الحداثة – ما وراء الحداثة .ومع احترامي لل ةعديد من المواق ِ ت أرى ما وراء الحداثة السيا.ق ،لكّن قناعتي راسخةٌ حتى ال ن بأنها ل تزال ب ةعيدةً عن جوهِر القضية .ول زل ُ استمراراً للحداثة بأغلفٍة وأقن ةعٍة جديدة. سق الحقيقة" ،حيث أبحث عبره عن سبيٍل للخروج من قضايا إني مضطٌر لتقديِم شروحي باسِم مصطلح "نَ َ ب بديل .ل ريب في أنه الحياة الُمبَ ةعدِة عن قيِم الحرية ،والُمثَقلِة بالخطاء والضلل؛ عوضاً عن البحث عن أسلو ٍ ب لهذه البحاث ،بدءاً من لطالما تّم البحُث عن الحقيقة في المجتمع البشري ،وبرَزت ال ةعديُد من الَخيارات كجوا ٍ الميثولوجيات إلى الديا ن ،ومن الفلسفة إلى ال ةعلوم الراهنة .ومثلما ل يمكن التفكيُر بال ةعيش في حياٍة خارَج إطاِر هذه الَخيارات ،فل يمكن إنكاُر وجوِد واقٍع مؤلم وهزلّي يفيد بأّ ن هذا الَكّم المتراكَم من القضايا ال ةعالقِة نابٌع من تلك الَخيارات .أي ،ثمة ثنائيةٌ تقول :ل يمكن ال ةعيش م ةعها ،ول بدونها .ولكّن الحداثةَ التي نحياها ذات .ق فريدٍة من نوعها ،حيث بلَغت حدوَد استحالِة الستمرار في ال ةعديد من الميادين .وإذا ما س ةعينا لت ةعدادها فوار َ ت الجتماعيةَ المت ةعاظمةَ بل ف سنلحظ :التضخَم السكاني ،نفاَذ الموارد ،دماَر البيئة ،التصدعا ِ بشكٍل خاط ٍ حدود ،الرواب َ ط الخلقيةَ المنحّلة ،انقطاَع الحياة عن الزما ن والمكا ن ،الحياةَ المتوترةَ والمفتقدةَ لجاذبيتها ب الجديدة وشاعريتها ،أكدا َ س السلحة النوويِة القادرة على إحالة الدنيا إلى وصحراٍء قاحلة ،وضروَب الحرو ِ اللمتناهية والمستفحلة في البنية الجتماعية برمتها .كّل ذلك يَُذّكر بيوِم القيامة والمحشر الحقيقي .إّ ن الووصوَل ض لوحةً تشاؤمية، إلى هذه المرحلة بَِحّد ذاته مؤ ّ س أنسا.ق حقيقتنا القائمة .أنا ل َأعِر ُ شٌر واضٌح على إفل ِ ت إزاء الحياة المنتهية داخَلنا ولكننا ل نستطيع البقاَء وصامتين ،ول نتمالُك أنفسنا عن الصراخ بأعلى وصو ٍ ف الدموع .ولكن ،علينا البح ُ ث عن الحل .وإل ،هل كا ن وأمامنا .علينا أل نفقد المل ،وأل نخنق أنفسنا بذر ِ بحثنا عن الحقيقة عملً تافهاً أم فارغًا؟ أم أننا كنا نمر ب ةعصِر القوى الظلمية؟ أين ،ومتى ارتُِكَبت الخطاُء الفادحة؟ أين ،ومتى تشبثنا بالفكاِر الدوغمائية الجامدة؟ ت المجتمع المخاِدعة المضّللة .ل يمكن أنا واث ٌ ق من أّ ن الحداثةَ الرأسمالية انتهَلت قوتها الساحقة من تكوينا ِ ت باسلٍة تجاه ذلك ،ولكّن ما حّل بالنظِم الُمقَّدمة على أنها نموذُج النصِر والنجاح واضٌح إنكاُر حصوِل كفاحا ٍ َ َ لل ةعيا ن .إذ ن ،والحال هذه ،هل هذا ال ةعالُم هو النهائّي والبدي ،مثلما يّدعي النظاُم القائم؟ أِمن غيِر الممكِن وجوُد ف بجهوِد عالٍَم آخر؟ إني منتبهٌ لتكراري للسئلة المطروحة يوميًا .ولكن ،يج ُ ب عدَم الستهتار أو الستخفا ِ ع في أخطاِء السلوب في ال ةعديد من النقاط ،إلى الكشف عن الوجه الباطني للكثير من الظواهر ،بدءاً من الوقو ِ
ت القائمة بشأِ ن السلطة والقتصاد إلى المفاهيم الخطاِء الموجودة في الضوابط ال ةعلمية ،ومن التفسيرا ِ والتمأسسات السلطوية المتحكمِة بالحقو.ق وِعلِم الجمال .وفي هذا السيا.ق أرى في ذاتي القدرةَ على الشروع بتجربٍة م ةعينة ،بل وأعتبر ذلك وظيفةً أو َدينا ً علّي اليفاء به إزاء قيم الحرية. ت القالبيةَ الثنائيةَ الساسيةَ المتحكمةَ بفكِر وكتمهيٍد للبدء بالموضوع ،أشير بجملٍة واحدٍة إلى أّ ن التقسيما ِ النسا ن قد أض ةعفت الم ةعنى وحّرفته ،من َقبيل :ذاتاني – موضوعاني ،مثالي – مادي ،دياليكتيكي – ميتافيزيقي، فلسفي – علمي ،وميثولوجي – ديني .والتجذراُت الحاوصلة في هذه الثنائيات والقرائن هي أخطاُء السلوب ب السلطة والستغلل تطّوَر وتطويَر الفكار الوليةُ المؤديةُ إلى ظهوِر الحداثة الرأسمالية .وقد َدَعَم أوصحا ُ ي دوراً بارزاً في ديمومِة وشرعنة النظم التي خ الحضارة المدينية ،لتؤد َ وال ةعقائد في هذا التجاه طيلةَ تاري ِ س في َدّر النفِع للنظِم أسسوها ،وُتحقّ َ خ مجّرٍد هو السا ُ ق ذروتها مع الرأسمالية .وتفسيُر هذه الثنائيا ِ ت كتاري ٍ ْ ي السلطوية والستغللية القائمِة عمليًا .ولو لم يُطبَ ْ .ق ذهنيِة البشرية بهذه القرائنَ ،لما كا ن بوسِع أ ّ ق على خنا ِ ت الذهنية حول هذه نظاٍم سلطو ّ ي أو استغللّي أ ن يكو ن مؤثراً لهذه الدرجة .فاستمراُر َمحَوَرِة الصراعا ِ ح الباحثين عن الحقيقة في مضماِر الثنائيا ِ ت يؤول إلى الجشع النِّهِم في مزيٍد من السلطة والستغلل .وبقدِر نجا ِ ب السلطة وداخَل بؤِر الستغلل. هذه الثنائيات ،تمّكنوا من احتلِل مكانٍة رفي ةعٍة ومنتقاٍة في مصا ّ ف أوصحا ِ ُ سق الحقيقة المذكوَر هنا وهكذاُ ،أضفَِيت الواق ةعيةُ ال ةعظمى على مقولة "الحقيقةُ سلطة ،والسلطة حقيقة" .إّ ن نَ َ ف الوفّي والميُن لنظاِم الستغلل السياسي .أما محصلةُ هذا التحالف ،فهي المزيُد من القمع هو الحلي ُ ع الحياة الحرة الفاضلة. والستغلل والضغط .وهذا بدوره يؤول إلى فقداِ ن وضيا ِ َ سق الحقيقة ذاك .في الحقيقة، ب هو التخلي عن ن َ إذ ن ،والحاُل هذه ،فأوُل عمٍل جد ّ ي علينا ف ةعلُهُ ِمن حيث السلو ِ َ سق الحقيقة التابع للنظام المُر يتطلب موقفا ً سلبيا ً ،Negativأي ،التصر َ ف السلبّي على جميع الوص ةعدة إزاء ن َ َ ف الم ةعاِرض عبَر تحليله .ل يمكُن المساك القائم! ل أقصد اتخاَذ جبهٍة فظة ،بل أعني ضرورة اتخاِذ الموق ِ ت باسلٍة قّيمة ،وبتطويِر جهوِد إنشاِء بالنقطة الحساسة للنظام القائم ،أو البدُء بَِحلِّه وتفكيكه ،إل عبر مقاوما ٍ شباِك السلطة فقط ،بل وتجاه بؤِر الستغلل في كافة أماكنها .جميُع المجموعات الم ةعاِرضة ،ليس تجاه ِ ُ شُ ئ المجتمع .ولو كا ن ض ما يقال ،فاليدي والقداُم ل تن ِ التكوينات الجتماعية هي ثمرةُ الذهنية .وعلى نقي ِ ث الهاّمة ،ومراحِل التطور ،والبنى الموجودِة كذلك ،لكانت الدنيا التي أماَمنا مختلفةً كّل الختلف .جميُع الحواد ِ في التاريخ ظهَرت للوسط كثمرٍة من ثماِر الرادات والذهنيات المؤّثرة .وأحُد أهّم الخطاء الجسيمة للسلوب الماركسي يكمن في انتظاره من البروليتاري القابع تحت وطأِة القمع والضطهاد والستغلل اليومي أ ن ُينش ئ المجتمَع الجديَد ،دو ن أ ن يوّجه الثورةَ وُي ةعّمَقها في الميادين الذهنية .لقد عجَز الماركسيو ن عن رؤيِة أ ن ي عبٌد َمغُزّو وُمسَت ةعَبد من جديد .بل وق ةعوا بأنفسهم في سفسطِة "ال ةعامِل الحر" .وبإضافِة الخطاء البروليتار ّ الخرى ،تكو ن قد اتضحت النتائُج وُأدِرَكت. ت النسانية في ال ةعلم ،كيف يجب أْ ن تَُكو ن الذهنيةُ التي علينا اكتسابها؟ للرد إذ ن ،ومع إيلء الم ةعاني لمنجزا ِ الصريح على هذا السؤال ،علينا بالمزيد من كشف النقاب من العما.ق عن الُمقاَربََتين الذهنيَّتين النابَ ةعَتين من س المصب. الذاتانية والموضوعانية ،والمؤّديََتين في النتيجة إلى نف ِ ث أولهما هو أ ن الموضوعانية ليست – كما ُيزَعم – ت ةعبيراً عن قوانيِن الطبي ةعة والمجتمع .ولدى البح ِ ي ل ةعبارِة "كلِم الرب" القديمة .إذ يصدح والتمحيص بإم ةعا ن ،سُيرى أ ن القوننةَ الموضوعيةَ هي الشكُل ال ةعصر ّ على الدوام وصدى القوى الخارقِة للطبي ةعة والمجتمع في هذه الموضوعانية .وبمزيٍد من النبش والسبر ،سُيدَرك ق س َ أ ن هذا الصوَت ي ةعود لحاكميِة وسيطرِة الطاغي الجباِر والستغللّي المستِبد .إ ن ال ةعقَل الموضوعي ونَ َ ت على يِد تلك ى وثيقٍة مع نظِم الحضارِة المدينية القائمة ،حيث ُرّوضت تلك الوصوا ُ أوصواتِِه الصادحة ذو ُعر ً النظم ،وأوصبحت مألوفًة للذا ن .وحتى لو تم جني الم ةعلومات الجديدة من الموضوعات ،Nesnelerفهي ُتلَحق ف ف جديد يوَثق سلفاً أو لحقا ً بأل ِ على الفور بأماكَن م ةعينٍة من النظام القائم .علينا مؤّكداً م ةعرفة أّ ن كّل اكتشا ٍ ب آلهِة النظام ب النظام التقني .وفي حاِل الوصرار على ال ةعكس ،فسيتم الت ةعر ُ ض لغض ِ قيٍد وقيد على يِد أوصحا ِ القائم ،مثلما نشهد في ُجّل المثلة التاريخية ،بدءاً من آدَم حتى إبراهيم ،ومن ماني إلى منصوِر الحلج ،ومن ف عدّو وعدو. سانت باول إلى جوردانو برونو .فلدى ُدنُّو الموضوعانية من الحقيقة وال ةعدل ،سيواِجه أل َ ستكو ن الموضوعانية ثمينًة للغاية إذا ما كا ن حقاً ي ةعني الشيَء الذي تراه عيُن القلب والدراك .وإذا ما ارتبطَ ج أ ن يكو ن المرُء ُمقاتِلً في بقيِم الحياة الحرة ،فسيؤدي إلى الحكمة الحقيقية .ولكن ،يجب حينها تََحّمَل نتائ ِ سبيل الفكر ،مثلما كا ن منصور الحلج وبرونو.
يجب الم ةعرفة ب ةعنايٍة وحساسية أنه بالمقدور استخلص نتيجة ذات اتجاَهين من الموضوعانية بالنسبة للقوانين سس ،والتجاه الذي يمثل الحقيقة؛ يتطلب انهماكاً ال ةعلمية .فالتمييُز بين التجاه الذي يمثل النظاَم الحاكم المتأ ّ عظيما ً ووصموداً عتيدًا .أما نمطُ الفكر الموضوعّي ال ةعائد بالغلب للفكر التحليلي ،فسيؤدي َمَهّمةَ الديناوصوِر ش المولُّد الثاني في التاريخ ،ما لم تتوث ْ ق ُعراه مع الفكاِر الحدسية النية المتأتية من الذكاء ال ةعاطفي .فالوح ُ للقنبلة الّذّرية ليس سوى نسخةٌ م ةعّدلة من اللوياثا ن القديِم مجّهزًا ببنية الفكر التحليلي للحداثة الرأسمالية .وهو سه المسؤوُل عن هذه اللوحة السوداوية السلبية التي تََحّدثنا عنها .وإذا ما أم ةعّنا النظَر في الله الجديد غيِر نف ُ المقَّنع ،والظاهِر بهيئة الدولة القومية ،سنلحظ عن كثب ما يقتدر عليه الفكُر التحليلي الموضوعي. ت الدراك أما الذاتانيُة القاب ةعة في القطب المقابل للموضوعانية ،فتّدعي الووصوَل إلى الحقيقة عبر مفارقا ِ ب من ضروب الفلطونية .ولدى ترِكها لوحدها، الحسي دوَ ن الحاجة إلى الموضوع الشيء .Nesneإنها ضر ٌ ُ سيظهر على الفور جانُبها المخاِدُع وأفكاُرها الثبوتيةُ القالبية ،مثلما حاُل الموضوعانية :الحقيقة هي بقدِر ما ب الوجودية )النطولوجيا( .فهي َت ةعتبُِر النساَ ن موجوداً نحسه وندركه .وهذا ما يصل من أحد جوانبه إلى مذه ِ س ال ةعديد من المدارس الفكرية باسمها ،فهي – مثلما الموضوعانية – ل بقدِر ما يخلق نف َ سه .ورغَم تأسي ِ تتخّلف عن احتلِل مكانها داخَل أروقِة النظام القائم .أما سقوطها في "الذاتية" )إنكار الموضوع (Obje بمفهومها إزاء الطبي ةعة والمجتمع ،فيؤدي إلى ج ةعلها دعامةً وطيدةً للفردية .فالمفهوُم الذي يج ةعل الفرد في ق ق للنانية عوضا ً عن ظهوِر الـ"أنا" السليمة ،مت ةعل ٌ الحداثة أنانيًا ،مرتبط عن كثب بالذاتانية .فتمهيدها الطري َ بالتوجِه الساسي الُمْحَكِم المؤدي إلى المجتمع الستهلكي. ُ الذاتانيةُ مسؤولةٌ أيضاً عن الفكر الدوغمائي المنحرف الذي مفاده "الحقيقة بقدِر الـ أنا" .والنظاُم الرأسمالي س على كافة الميادين الفنية ،وعلى رأسها الداب، َمِديٌن بالكثير لهذه البنية الفكرية .فهذا النمطُ الفكري المن ةعك ُ ع ال ةعاَلم الفتراضي ،حيث بس َ ط نفوذه على المجتمع برمته بوساطِة وصناعة قد ووصل في نهايِة المطاف إلى ابتدا ِ ُ ف مضاعفة .لقد أبقي على المجتمع يئن تحت الفن ،فأّمن وأحكَم المشروعيَة التي يحتاجها النظاُم القائم بأض ةعا ٍ ت ال ةعالَِم الفتراضي لحظيًا ،لُِيتَرَك يتخبط على الدوام في عدميِة القدرة على التفكير الذاتي .هكذا وطأِة هجما ِ ُ ُأسقِ َ َ ّ ب اليجابي طت الحقيقة إلى مستوى عالِم الت َ شّبِه والمحاكاة لتزوَل م ةعاني الفر.ق بين الوصل والشبه .الجان ُ للذاتانية كإدراك حسي هو ارتبا ُ ف الحساسات والحدسيات في ب بالفكر ال ةعاطفي .أي أّ ن استكشا َ طها عن ُقر ٍ الدراك الحسي ُي ةعتَبر جانبا ً قويًا. ب التصوف وفي ِحكمة الشر.ق الوسط لتحقيق التكامل بين المجتمع والطبي ةعة عبر جرت المحاول ُ ت في مذه ِ ت واس ةعة في ذلك ،بحيث ل يزال بالمقدور تف ةعيُلها والستفادةُ منها ب الدراك الحسي ،فقطَ ةعت مسافا ٍ أسلو ِ كمصدٍر منيع .تتميُز ذاتاني ُة الشر.ق المثالية بتفوقها على موضوعانية الغرب الشيئية بم ةعالجتها الخلقية سق َ َ س ذاتها على للمجتمع والطبي ةعة .هذا ولطالما َ ض عك ِ طت الذاتانيةُ أيضا ً – مثلما حاُل الموضوعانية – في َمَر ِ أنها وصوت الله .وكلتاهما تتلقيا ن في جانبهما هذا .فانطلقاً من مواقفهما إزاء الطبي ةعة والمجتمع بالعتماد على فكرِة الله الداخلي المت ةعالي ،لن تتخلصا من التحوِل إلى أداٍة مسّخرٍة لخدمِة الملوك المتسترين وال ةعراة الذين ليسوا سوى اللهةُ المقَّن ةعة وغيُر المقّّن ةعة للنظام القائم ،ولن ُتنِقذا ذاتيهما من اللحا.ق بهذا النظام. تحتّل الموضوعانيةُ مكانةً راسخًة في يومنا الراهن ،أو بالحرى في الحداثة الرأسمالية ،عبَر المدارس ب المؤسسات الروحانية الوض ةعية ومؤسساتها الجام ةعية ،في حين تحتل الذاتانيةُ مكانةً وطيدة عبر كافِة ضرو ِ شَحَمة تجاه النظام، والدينية؛ لتنتجا المشروعيةَ للنظام من جانَبين مختلَفين ،وتؤديا بذلك دوَر الِمْزيََتة والَم ْ سقاً للحقيقة .وباعتبارهما تشكل ن البنيةَ الكادريَة عوضا ً من أْ ن تَُكوَ ن كّل واحدٍة منهما أسلوبا ً أو نَ َ ت ال ةعنف والمؤسساتيةَ لشرعن ِة السلطة والستغلل ،فهما تتميزا ن بالفاعلية المماثلة لما تقوم به مؤسسا ِ والستغلل .إننا مرًة أخرى أمام قوى النظام المتكاملة مع مقولة "السلطةُ حقيقة ،والِ ةعلُم قوة" .أما البح ُ ث عن ث رأس المال – الِ ةعلم – السياسة ،والذي يمكن الحقيقة ،فليس سوى اسٌم يطَلق على ل ةعبٍة متجسدٍة في ثالو ِ ث آخر عن الحقيقة خارَج إطاِر هذه الل ةعبة ،إما هو عدّو النظام القائم ،فيجب تسميته بـ"الشركة" .وكّل بح ٍ القضاَء عليه ،أو يجب جذَبه لروقِة النظام وال ةعمل على وصهره في بوتقته .وإزاء الفقدا ن الكبير للم ةعنى ،فنحن ُمطَّوقو ن ضمن حصاِر المدنية المادية في أرقى مراحلها .فكيف لنا النفاُذ والن ةعتا.ق من طو.ق وحصاِر ُقوى ب له ،بدءاً من نيتشه رأس المال – الِ ةعلم – السياسة؟ إّ ن هذا السؤاَل ،الذي طالما بََحَث فلسفةُ الحرية عن جوا ٍ إلى ميشيل فوكو ،ليس من النوع الممكِن الجابة عليه بهذه السهولة .علينا تفّهم هؤلء الفلسفة الذين َلم ت الموت ،القنبلةُ الذّرية، يحتملوا الحداثة )"المجتمع المخصّي" و"موت النسا ن"( ،فقضت عليهم .فم ةعسكرا ُ
ق الخنا.ق على الحياة بشكل متطرف ،تفشي ب التطهير الثني ،دماُر البيئة ،البطالةُ الجماعية ،تضيي ُ حرو ُ السرطا ن وغيره من المراض كاليدز؛ إنما تدل على وصحِة تلك الحكام ،بل وتج ةعل من البحوث عن الحقيقة المضادة َمَهّمةً ضرورية وُملِّحًة. ت الشتراكية ال ةعلمية ،والديمقراطية الجتماعية ،والتحررية الوطنية ،التي مرًة أخرى أعيد وأوضح أ ن تيارا ِ ُين َ ت م ةعاِرضٍة عظمى ،قد حددت أماكَنها منذ زمٍن طويٍل كمذاهَب في كنف الحداثة ،وبدأت بتأديِة ظر لها كنظريا ٍ ث ما وراء الحداثة قد غيَّرت من هيئتها ،وباتت مهامها بموجب ذلك .ومن السهل الدراُك أّ ن ال ةعديَد من بحو ِ ت من الفكر الحداثي. تيارا ٍ عندما تبلُغ النظُم الذروَة تبدأ بالنحلل والتهاوي .وأعواُم السب ةعينات تَُمثُّل مرحلةَ بدِء سقوِط وانحداِر الحداثة الرأسمالية ،وطرح فقدا ن الثقة بها حصيلة تجزؤها وتراج ةعها الواضح في السلوب .ولهذه المرحلِة علقةٌ وثيقةٌ ببدِء ظهو ِر الفكر اليكولوجي ،والتيارات الفامينية ،والحركات الثنية – الثقافية ودخولها حيز التنفيذ. ت الحرة .من ب ال ةعلمي أظهَر لل ةعيا ن وجوَد عوالَم أخرى مختلفٍة ،وأبرَز قيمةَ التفسيرا ِ فتفّكُك وتجزؤ السلو ِ .ق ،والنظُر إلى المهم للغاية استقبال هذه المرحلة التي يمكن ن ةعُتها بمرحلة الفوضى بإدراٍك غنّي ووعٍي را ٍ ف المجموعات الفكرية البارزة حسب واق ةعها كبؤرٍة للمقاومة في أحشاِء جميِع بؤِر السلطة. مختلَ ِ ت الحقيقة ب الجديدة المغايرة ونظريا ِ إّ ن تقييَم هذه المرحلِة التاريخية بالغنية والخصيبة من حيث بروِز السالي ِ المختلفةُ ،يزيد من فروصِة إعادِة بناِء المجتمع على مستوى الجماعات .فتجسيُد يوتوبيات الحرية والمساواة س في البنى الجتماعية المنشأة قد أوصبح بمثابة َمَهّمٍة عمليٍة يومية تفرض نفسها بقوة .وما يلزم بشكٍل ملمو ٍ ُ لذلك هو م ةعرفة القيمِة ال ةعلمية للطريق المسلوك ،والتحلي بقوِة إرادِة الحرية .إننا نتحدث عن المرحلة التي يدنو ق حياةٌ حرة! ق الحقيقة من الحياِة الحرة .ما نقصده باختصار :الحقيقةُ عشق ،وال ةعش ُ فيها عش ُ َ إذ ن ،والحال هذه ،ل يمكننا الووصول إلى الم ةعلومات اللزمة ،ول إنشاء عالِمنا الجتماعي والقوى الرياديِة سق للحقيقة .لنبحْث عن ق وهيام ،سواًء من حيث السلوب ،أو كنَ َ الجديدة له؛ ما لم نت ةعقب الحياةَ الحرة ب ةعش ٍ ُقرب في تحصيِل الم ةعرفة وإنشاِء البنى الريادية على ضوِء فرضياتنا هذه. ض ثنائيِة الذات ال ةعاقلة – الموضوع الشيء ض ريادِة كّل من بيكو ن وديكارت .وب ةعَد دح ِ لنبدْأ في بحثنا برف ِ سبًة من جميع النواحي .ومثلما ل نقصد عاَلماً وثنائيِة الروح – البد ن ،سيكو ن اتخاُذ النساِ ن أساسا ً بدايةً منا ِ إنسانّي المركز ،فنحن ل نتبع أسلوب الفلسفة النسانية أيضًا .بل موضوُع بحثنا هو مجموُع الحقائق المتكاثفة في النسا ن. -1الذرات التي تتشكل منها بنية المادة ،تتميز بوجوٍد وتكويٍن غنّي للغاية في النسا ن ،سواء من جهة ت ةعدادها أو ترتيبها. -2يتميز النسا ن بأفضلية تمثيله لكافِة البنى النباتيِة والحيوانية لل ةعاَلم البيولوجي . س النساُ ن أرقى أشكاِل الحياة الجتماعية. -3أ ّ س َ -4يتمتع النساُ ن ب ةعالٍَم ذهنّي مرٍ ن للغاية وحّر للغاية. ش بشكٍل ميتافيزيقي. -5يمكنه ال ةعي ُ واضٌح جليا ً أّ ن َتواُجَد كافِة هذه الخصائص والمزايا بشكٍل متداخٍل ومتكامٍل في آٍ ن م ةعا ً داخَل النسا ن يج ةعُل منه مصدراً ل نِّد له للم ةعلومات .وإدراُك هذا المنبِع ضمن التكامِل المتسق يكاف ئ استي ةعاَب الكوِ ن الم ةعلوم ،أو أنه – بأقل تقدير – بدايةٌ وصحيحة لفهِم الكو ن. ص الروابط الحيوية فيما بينها ت الداخلية للذرات التي هي أوصُل المادة ،وفح ُ أوًل :يمكن تشخي ُ ص التكوينا ِ ق للمادة الحيوية المفكرة. ب منتظٍم وُمتّ ِ بأفضِل الشكال عبَر النسا ن .وبم ةعنى ما ،يمكننا تصّوُر النسا ن كترتي ٍ س ٍ ومثلما أّ ن تصوراتنا ل َت ةعتِبر النساَ ن مجرَد ُمَجّمع من المادة ،فهي ل تنظر إلى المادة َكبنيٍة خاليٍة كليّا ً من س الحّي .في حين أّ ن َعْقَد الروابِط بين المادة ذات الحس الحي الخاص بها ،وبين م ةعنى النسا ن المتجاوز الِح ّ ً َ لكونه مجّم ةعاً من المادة الصرف يَُ ةعّد مشكلة إدراٍك عصيبة وعويصة .من الضروري البحث عن المنبع الميتافيزيقي في هذا النوع من الدراك .في حين أّ ن تََ ةعّمقنا في هذا الدراك يتطلب مرونةً عقلية ل محدودة ،وقد يتخطى ثنائيةَ المادة – الم ةعنى .وَلربما كانت غايةُ كّل شيٍء حي وغيِر حي هو تجاُوُز هذه الثنائية .فبينما تكو ن ف الم ةعنى تجاوَز المادة .وقد يكو ن ممكناً رؤية أنفاس ال ةعشق الكثر كبتاً غايةُ المادة اكتساَب الم ةعنى ،يكو ن هد ُ وكبحاً في هذه الثنائية .وربما يكو ن قد طرأ َتغّيٌر على قرينة "الدفع – الجذب" بالذات ،لتتحول إلى ثنائية المادة – الم ةعنى .وربما كا ن القصُد هو هذه الثنائيات عندما قيل بوجوِد ال ةعشق في أوصِل الكو ن وأساسه .وكأ ن هذا
ق يرتكز إلى أمتِن دعائمه لدى النسا ن. ال ةعش َ ب إلى الصحة .ولكن ،يبدو من مقصُد حديثي هو اعتقادي بأّ ن البحَث في المادة داخَل النسا ن هو السلوب القر ُ غير الممكن الووصوُل إلى التفسيِر القرب إلى الصحة للمادة داخَل مختبرات الحداثة الم ةعزولة بإحكاٍم .في حين، ت على س ال ةعلقة بين الناظر والمنظور إليه في فيزياء كوانتوم .فمثلما ُيطِر ُ ل يمكن إطلقا ً قيا ُ ئ الناظُر تغييرا ٍ المادة ،بمقدوِر المنظور إليه أيضاً النفاذ من عين الناظر في شروِط المختبرات .إذ ن ،فالدراُك الصحيح غيُر ف ممكٍن لدى النسا ن إل بالستبطا ن .إذ ،ما ِمن مختبٍَر أعظَم وأفضَل إحكاماً من النسا ن .ومثلما َك َ ش َ ديموقريطس الذّرة بهذا السلوب ،فهو يكو ن بذلك قد حّدَد السلوَب الصحيح والسليم منذ زمٍن طويل .ما نقصده ليس عدَم فائدِة المختبرات ،بل نقصد أّ ن مكاَ ن المبادئ الساسية موجوٌد في الدراك الحسي فيما يخص النسا ن. .ق المبدأ أكثر ،حيث بالمستطاع ملحظة كافِة القوانين الفيزيائية والكيميائية في النسا ن على يمكننا توسيع نطا ِ نحٍو أقرب إلى الكمال .وما من مختبٍر فيزيائّي أو كيميائي يمكنه الووصول إلى مستوى النتظام والترتيب الغني ب إلى الصحِة عبر الموجو ِد في النسا ن .إذ ن ،بالمقدور الووصول إلى الم ةعلومة الفيزيائية أو الكيميائية القر ِ ت الكيماوية الوسِع بنيِة النسا ن .كما يمكننا استي ةعاب كيفيِة جرياِ ن التحول بين المادة – الطاقة والتفاعل ِ ج الم ةعاني السليمة فيما يت ةعلق بال ةعلقة والغنى الحاوصلة عبر بنيِة النسا ن .علوةً على أّ ن أغنى ضرو ِ ب استنتا ِ س الوحدة بين المادة – الطاقة – المتبادلة بين المادة – الطاقة موجودةٌ في النسا ن .إضافةً إلى إمكانية التما ِ ص للغايةُ :ترى ،هل هذه الوحدة الحاوصلةُ في النسا ن غ النسا ن .وهذا ما يوّجهنا نحو سؤاٍل عوي ٍ الفكر في دما ِ خاوصيةٌ من خصائص الكو ن؟ ندرك من ذلك أّ ن اتخاَذ النسا ن أساساً ي ةعد مبدأنا الولّي الغنى على الطل.ق من جهِة طاقته الكمونية في سقِّي السليم في الوعي والدراك .بالتالي ،يمكن اعتباره الطري َ ق الولي في الحصول على الم ةعرفة ،والمبدأَ النّ َ غ ماهيِة الحقيقة. بلو ِ ُ ثانيًا :بمقدورنا ملحظة قرينِة الحيوية – الجمود بأغنى نطاقاتها وأمثلتها داخل النسا ن .فالحيوية التي يتصف بها النساُ ن تتضمن المزايا الكثَر وفرةً واتساعاً من بين جميع الكائنات الملَحظة .لقد حقق تطّوُر الحيوية ذروَته في النسا ن .إلى جانب ذلك ،فالقسُم المادي فيه متداخٌل ومتواٍز في تطوره مع تطوِر الحيوية ،ليمنحنا ى من الرقي هو العلى على الطل.ق .وانتظاُم المادة في الدماغ ،إلى جانب الرقي في الحيوية ل يزال مستو ً .ق محدوٍد للغاية .ول نزال أمام مشكلٍة عويصة تنتظر سراً مكتنفاً باللغاز التي لم يَُفك ال ةعلُم رموَزها إل بنطا ٍ غ النسا ن ،ومهارة اكتشاف لغزها ،فيما يخص الروابط القائمة بين مهارةَ المادة في تنسي ِ ق ذاتها داخل دما ِ الحيوية المرتقية إلى حد القدرة على التفكير المجرد .وعندما قلنا بغنى المثال ،إنما قصدنا به هذا ال ةعضَو الرائع في رقيه .علوة على ذلك ،فكّل عضٍو من أعضاء البد ن الخرى ،يتصدرها القلب ،يشكل م ةعجزةً بكل م ةعنى الكلمة .وأنّوه على الفور هنا إلى أّ ن البحث في أعضاء النسا ن وأجهزته مسألةٌ م ةعقدةٌ للغاية بحيث ل يمكن تركها للطب وحده ،بل يتوجب البحث فيها من قَِبل كافة ال ةعلوم وفروعها متحدةً كي تكو ن موضوعاً لبحاث قَّيمة .في حين أّ ن تَْرَك النسا ن للميداَنين الطبي والنفسي على نحِو ثنائيِة الروح – البد ن يَ ةعّد أعظَم جهل ،بل وجريمةً فظي ةعةً لدرجة الجناية. ب رؤيتها في مثال النسا ن. ض الفرضيات بشأِ ن إنارِة ال ةعلقة بين الحيوية – الجمود الواج ِ يمكننا إيضاح ب ةع ِ ق وقبل أي شيء ،يجب القبول والقرار بكفاءِة الحيوية الكامنة في المادة .ولول هذه الكفاءة ،لما أمكَن ترافُ ُ الترتيب والنتظام المادي للذرات في النسا ن مع هذا المستوى الراقي من ال ةعواطف الجياشة والحيوية ال ةعاقلة. ت أقوى بشأ ن كمو ن الحيوية في المادة؟ الرد الول :من الضروري إذ ن ،والحال هذه ،كيف يمكننا بلوغ إدراكا ٍ ح الحيوية الكامنة .فقد يكو ن من الفضل تفسير هذا المبدأ تثبي ُ ت ثنائيِة "الدفع – الجذب" في وصدارِة اوصطل ِ ٌ الوصلي الملَحِظ في كافة الكو ن على أنه حيوية كامنة .ثانيًا :وتأسيساً على هذا المبدأ ،يمكننا الشارة إلى سيمية للموجات .ويمكننا إدراج مبدأِ أو قرينِة الوجود – الفراغ القائمة في الكو ن ضمن ذلك ،إذ ل الصفة الُج َ غ بل وجود .ولدى التأمل الغائر لقصى الحدود ،سنجد أنه بتجاوز قرينِة يمكن تصّور وجوٍد بل فراغ أو فرا ٍ الوجود – الفراغ سيزول الثنا ن م ةعًا .إذ ن ،بَِم يمكن تسمية الشيء الجديد المتكو ن؟ هذا هو السؤال الثاني ض على الفور بأنه "ا" مثلما جرت ال ةعادة .في حين أّ ن الستمهاَل في هذا ال ةعسيُر ال ةعويص .قد يَُرّد الب ةع ُ الموضوع قد يؤدي بنا إلى أفكاٍر قّيمٍة للغاية .وربما نبلغ بذلك جواَب أو م ةعنى لغِز حياتنا وأسرارها. سيم الموجود في سيمية للموجة .فخاوصية الُج َ من الم ةعلوم أنه لحصوِل الجذب والدفع ،يتطلب وجود الخاوصية الُج َ
كّل حزمِة ش ةعاع هي ال ةعلةُ والسبب للسرعة القصوى المقدرة بـ 000,300ألف كم/ثانية .وإدراُك وجوِد "الثقب ص سرعِة الضوء ؟ هذا أيضاً السود" الممت ّ ص للضوء ُيزيد من اللغز ت ةعقيدًا .ما هو الواقُع الناش ئ ب ةعد امتصا ِ شّ ةعة؟ أحُد السئلة ال ةعسيرة الرد .وإذا ما أسمينا الثقوَب السوداء ِبـ ُجُزر الطاقة المحضة ،فَبَِم نُ َ سّمي الطاقةَ الُم ِ س ظاهري ُترى ،هل الكوُ ن عبارةً عن قرينِة الثقب السود ال ةعمل.ق – المادة؟ وفي هذه الحال ،هل المادةُ ان ةعكا ٌ لما هو ليس بمادة؟ بالتالي ،أل نستطيع النظر إلى الكو ن المن ةعكس ظاهريا ً ككائٍن حّي ضخم؟ وهل مجموع ص لهذه القرينة الكونية واقتداء بها؟ على سبيل المثال؛ هل يمكن القرائن والثنائيات الموجودة في الحياة تشخي ٌ ت "الحب – البغض"" ،الفضيلة – الرذيلة"" ،الجمال – القبح" ،و"الصواب – الخطأ" أ ن تكو ن لثنائيا ِ ان ةعكاس ًا لهذه الكونية؟ وهكذا دواليك .يمكننا الكثار من التساؤلت ،ولكن ،سيكو ن من النجع النشغال بالسئلة التي ن ةعتني بها عن ُقرب ،ونهتم ب ةعلومها. ُ لقد ُبرِهن على أّ ن المادةَ طاقةٌ مّدَخرةٌ مكثفة .وم ةعادلة آينشتاين الشهيرة م ةعروفة .حيث ُيشار فيها إلى الفر.ق بين وزِ ن النسا ن الحي ووزِ ن النسا ن الميت ،والُمقَّدر بثمانيةَ عشر غراماً من الطاقة .فهل الحيويةُ تمثل في ت سقا ً خاوصاً من جريا ن الطاقة؟ وهل يحصل هذا الفراغ للطاقة بحفاظها على وجودها؟ أَول َتثبُ ُ هذه الحالة نَ َ َ وصح ُة الروحانية في ال ةعقيدة الرواحية آنذاك؟ أو على القل ،أل تصبح عقيدةً يجب أخذها على محمل الجد والعتبار؟ أل ي ةعني ذلك أّ ن الكوَ ن مليٌء بالرواح؟ أو ،أل ي ةعني إيلَء الهمية والجدية اللزمة لمفهوِم أو إدراِك أو تفسيِر هيغل بصدد الذكاء المطلق ) Geistالفكرة المطلقة ،ال ةعقل المطلق( أو بَِكْوِ ن الطاقة هي الروح الحيوية للمادة؟ يمكننا طرح المزيد من مثل هذه التساؤلت. الُمِهّم هنا هو النتبا ُه إلى كوننا لن نكو ن قريبين من الحقيقة إذا ما عملنا بالشروح الميتافيزيقية الشائ ةعِة في دوغمائية ال ةعصور الوسطى بالتمييز بين الحيوية – الجماد ،أو بت ةعليلت الحداثة الرأسمالية القائمة اعتماداً على التفريق بين الروح – البد ن أو بين الذات – الموضوع .فل مبدأُ القوة الخارجية الخالقة والباعثِة للرواح والنفوس ،ول المقاربات الم ةعتَِبرة للكو ن كثنائية الروح – المادة منذ البداية ،يمكنها إيضاح غنى حياتنا ص إدراكنا وفهمنا وكمالها .فالتساؤل ُ ت التي طرحناها ،والمثلةُ التي قدمناها تكفي للدللة على إمكاِ ن زيادِة فر ِ لكافة التطورات ،بما فيها موضوع الحي – الحيوية والم ةعجزات والمور الخارقة للطبي ةعة ،بشرِط زيادِة الم ةعا ن ف قوِة الملحظة وامتهانها. والتأمل في غنى الحياة لدى النسا ن ،واحترا ِ ف مناسب .والطبي ةعةُ في علينا القتناع بمبدِأ ال ةعدالة في الكو ن .فما من موجوٍد يمكنه أ ن ُيولََد دو ن علٍة أو ظر ٍ ب فيما إذا اعتبرنا المجتمَع المدينّي مسؤولً عن فقداننا تكوينها أكثُر عدًل مما نشاهد .وسنكو ن على وصوا ٍ لمهاراتنا في الملحظة ،أو في ت ةعرضها للتحريف والتشويه والتضليل .ووجوُد النسا ن أيضا ً تطّوٌر عادل. ت والمنظمات الجتماعية مسّخرةٌ وبالستطاعة القول أّ ن كّل النظام الكوني ،وال ةعاَلم البيولوجي ،والمؤسسا ِ لخدمِة تكويِن ونشوِء النسا ن .فهل من عدالٍة أعظم؟ أما إذا كانت التحريفات الكبرى المستفِحلة في المجتمع على يد الهرميِة والدولة قد طمست هذه الحقيقة؛ فيجب البحث عن المسؤول ضمن هذه القوى البشرية ث عن ال ةعدالة والم ةعني بها ،فهو القادر على تطوير كافِة المحّرفة والمضّللة .وهذه بالذات َمَهّمةُ النساِ ن الباح ِ ص القائلو ن "أبحث عن ع الم ةعاني وال ةعمليات والممارسات اللزمة في سبيِل ال ةعدالة .وبالطبع ،فالشخا ُ أنوا ِ ت هذه الوظيفة ،وتلبية متطلباتها بأكثر الشكال قيمةً وتنظيما ً وعمليًة ال ةعدل" هم الذين عليهم تحّمل مشقا ِ وديمومة. ع ال ةعظيم في ال ةعاَلم البيولوجي ،وأطواِر التطور التدريجي )الطبي ةعي( أمٌر ممكٌن في يبدو أّ ن اعتماَد التنو ِ سّهل مهمتنا .إذ ،بمستطاعنا إدراك النتقال الحاوصل بين عالََمي النبات والحيوا ن على إرشاداتنا الولية ،بل ويُ َ نحٍو أسهل بفضِل فهِم النتقالت والتحولت المتبادلة بين الجزيئات وال ةعناوصر الحية وغيِر الحية .وقد قَ َ طَع الِ ةعلُم ت شاس ةعًة في هذه المواضيع .فرغم كّل نواقصه والسئلِة ال ةعالقة دو ن رد ،إل أننا نتمتع بغنى شامٍل من مسافا ٍ الم ةعاني والوصطلحات .ف ةعالَُم النبات بحّد ذاته م ةعجزةٌ بكل م ةعنى الكلمة ،بدءاً من الطحالب البدائية إلى شجرِة فاكهٍة مذهلة ،ومن العشاب إلى الورود الشائكة .كلها مؤشٌر وصارٌخ على قدرِة المهارة والكفاءة الحيوية فيها. وبالخص تلك الُ ةعرى الوثيقة وال ةعلقات المتناسبةُ طردياً بين جماِل الوردة وآليِة دفاعها عن ذاتها بالشواك، ب التطور التدريجي لفتاً للنظار هو ض المور حتى لكثِر الناس جهلً وبلهًا .وأكثُر جوان ِ والتي توحي بب ةع ِ احتضاُ ن كّل َ ت ق لسابقه ،ووصوُنه إياه في أحشائه كجزٍء أو عامٍل من عوامل الغنى ،لدرجِة أ ن آِخر نبا ٍ طوٍر لح ٍ يستمر في وجوده كـ"الم" باعتباِره مختَزَل كّل النباتات .بم ةعنى آخر ،وعلى نقيض ما ُي ةعتََقد ،فالتطوُر الطبي ةعي ل يكو ن بإفناء الب ةعض )وجهة النظر الداروينية الوثوقية الدوغمائية( ،بل يحقق سيرورته وديمومته بالغناء
والكثار .إنه تطو ٌر يسري من النوع الواحد إلى مختلف النواع ،ومن الطحلب البدائي إلى التَكّثر والتنوع اللمتناهي .علينا النظر إلى التنوع والتوافر باعتباره لغةَ النباتات وحياَتها .فهي أيضاً لها عوائلها وأقاربها ،بل س ت ةعد مبدأً راسخا ً لدرجِة أنه يكاد ل يوجد كائٌن بل ع أو جن ٍ وحتى أعداؤها .ولكّن آليَة الدفاع الخاوصة بكّل نو ٍ آليِة دفاع. الخاوصيةُ الخرى الواج ُب ملحظتها هي التكاثر الجنسي والتكاثر اللجنسي .فبينما يكو ن التكاثر اللجنسي حالةً بدائيةً جداً من التناسل ،فإّ ن التكاثَر الجنسي ،أي ،التناسل بتزاوج الجنسين المختلَفين هو المبدأ الشائع. ق التكاثر والتمايز س الفصيلة أو النوع متأتيةٌ من مراحِل التطور والصيرورة .وتحقي ُ والذكورة والنوثة من نف ِ ف الفصائل .فبدو ن التمايز إلى فصائَل مختلفٍة على شكِل ذكورٍة في النواع يتطلب وجوَد الجنسين في مختل ِ ت الطبي ةعة .إذ تبدو النواُع الم ةعتوهةُ وأنوثة ،ل يمكن التكاثر والتنوع .هنا أيضاً نواجه م ةعجزةً من م ةعجزا ِ والم ةعّوقة التي نصادفها بكثرٍة حصيلَة التزاوج بين القارب ،والذي ي ةعد استمراراً لوجوِد الذكورة والنوثة في س الفصيلة ،تبدو وكأنها ضرورٌة من ضرورات التطور الطبي ةعي .يمكننا رب ُ ط التمايز الذكري – النثوي مع نف ِ التطور على أساس التناقض والتباين اليجابي )يمكننا تسميته بالجدلية اليجابية أيضًا( كمبدأٍ للتطور الجاري س" الكينونة )الِمْثل( ي ةعني إنكاَر التطور .من هنا يتضح تماماً في الكو ن برمته .جلّي تماماً أ ن الوصراَر في "نْف ِ ث عن الحقيقة المطلقة )كما في الفكر الميتافيزيقي( يفتقر للكفاءِة اللزمة في تفسيِر أّ ن مبدأَ الِمْثلية في كّل بح ٍ الكو ن. ً ُ ُ السؤاُل الكثر إلحاحا للطرح هو :ما غاية الكو ن من التطور؟ أو بالحرى ،أليست خاوصية التطور في الكو ن بذاتها برهاناً على حيويته؟ أيمكن لشيٍء ل كفاءة حيوية له أ ن يتطور؟ يساِعُد ال ةعاَلم البيولوجي على تيسير ب "الرض". الرد على هذا السؤال .والمسألةُ الهامة الخرى بشأِ ن التطور البيولوجي تت ةعلق باستثنائيِة كوك ِ ب حّي آخر حتى ال ن .إنها مسألةٌ شائكة بحق، ب مراقبة الجرام السماوية يقال أنه لم ُي ةعَثر على كوك ٍ فبموج ِ ُ ٌ ت كافِة الكواكب والمجرات محدودة للغاية .فبقدِر ما تستطيع الب ةعوضة تفسيَر فمقدرة النسا ن على تحديِد وتثبي ِ س القدر .فالزعم بمقدرِة النسا ن على م ةعرفِة كّل شيء َوْهٌم من أوهام ال ةعاَلم) ،ربما؟( يفسر النساُ ن الكوَ ن بنف ِ ع خلق ا. الفكر الميتافيزيقي ،وهو أشبهُ بموضو ِ ق في الكونّية بالرقام ل يوضح المور كثيرًا .علماً بأننا ل نزال على عتبِة إدراِك حكمِة إّ ن حصَر كياٍ ن تََحقّ َ ض النظر عن المفهوم الشهير "لكل ال ةعاَلم وأسبابه ،ول نزال نجهل ما سيض ةعه هذا الدراُك أمامنا .يجب عدَم غ ّ ب منيرة للفكر .ربما نوضح ُمرادنا على نحٍو كائٍن حّي عاَلمه" .ولربما يكو ن لفكرِة ال ةعوالم المتوازية جوان ُ أفضل من خلل المثال التالي :الخلية الحية الموجودة في إحدى أنسجِة النسا ن كائن خاص بذاته .بل ويتحقق التفكيُر في خليا الدماغ .فهل بمقدوِر هذا النوع من الخليا القول بأ ن :ال ةعالََم موجوٌد بقدر تفكيرنا؟ فهذه الخليا بالمقابل ل درايَة لها بالنسا ن ول بالكو ن الضخم خارج النسا ن .لكّن هذا ل ينفي وجوَد النسا ن والكوَنين الوصغر والكبرُ .ترى ،أل نستطيع اختزاَل النسا ن أيضاً إلى مستوى تلك الخلية ضمن الكو ن الكبر؟ سنستطيع الحكَم بوجوِد عوالم أخرى من زاوية مختلفة ،إْ ن تجرأنا على التسليم بذلك بسهولة .مقصدنا من "الكوا ن ف) َ المتوازية" هو :إْ ن كا ن كّل كوٍ ن مرتبطٌ ب َ سر ،إذ ن ،بالمكا ن وجوُد طور ،وصفحة( وِبطول موجة مثلما يُفَ ّ طي ٍ عدٍد ل متناٍه من الكوا ن .وما نظاُم التموجات الُمَوّلدة للنسا ن سوى واحٌد من تلك الكوا ن. ق الفق في التفكير .إننا نهدف للخلص ق المغالطات ،بل نس ةعى لتجاوِز ضي ِ ل نرمي من هذه الشروح إلى خل ِ ت ال ةعسيرة والُمَمنَهَجِة ض السلوب والرغاما ِ من مصيدِة تحري ِ ف الوعي والُم ةعتََقد ،والناجمِة بالغلب عن أمرا ِ ت الهرمية والدولة اللَتين ُت ةعتََبرا ن آلًة للتضليل والرياء أكثَر مما للدولة والهرمية .فبنيتنا الفكريةُ ثمرةُ آليا ِ نتصور بكثير .علوًة على أنهما طالما أفنتا وقضتا على ال ةعديد من الفكار الصائبة. عالَُم الحيوا ن نظاٌم بحّد ذاته .وقد ُعِثر بدايةً على النوع الممثِّل للخلية الحيوانية والنباتية م ةعًا .وبالطبع ،فمجرُد التأمل الدقيق يدل على عدِم إمكاِ ن النتقال إلى عاَلم الحيوا ن ما لم يتواجد عالَُم النبات .أي أّ ن الحياةَ النباتية تمثل الشرو َ ت المتطور شرطٌ أّولّي لوجوِد ط القَْبلية والتمهيدية للحياة الحيوانية .والهّم من ذلك أّ ن تواُجَد النبا ِ ف أرقى في عاَلم الحيوا ن ،من قَِبيل البصر، س وعواط َ حيواٍ ن متطور .فالحيويةُ الكامنة تؤدي لظهوِر أحاسي َ السمع ،اللم ،الرغبة ،الغضب ،والحب .أما انشغاُل الحيواِ ن الدائُم بتأميِن القوت ،فيستوجب البحَث في ظاهرة الجوع عن كثب .حيث من السهولة بمكا ن عقُد الروابِط الوثيقة بين الجوع والطاقة المفقودة .مرةً أخرى نحن وجهاً لوجه أمام الرابطة بين الحيوية والطاقة .فلدى زواِل الجوع يكو ن المُر الحاد ُ ث هو تخزيُن الطاقة المطلوبة.
كما من المهم روصد الحاجة الجنسية عن قرب .فهذه الحاجةُ التي تفرض نفسها كرغبٍة جامحة تَُ ةعّبر عن وظيفٍة غايُتها استمراُر الحياة .وتََرّكز الطاقة في التكوين الجنسي أيضاً يدعو للتفكير بروابطها مع ديمومة الحياة. ولكن ،يجب عدم النظر إلى الوظيفة الجنسية كمؤثٍر وحيد في ديمومة الحياة .ولربما كا ن النمطُ الجنسي ظاهرةً لديمومِة الحياة الكثر بدائية ،فهو ل يفيد إل بالستمرار الكمي للحياة. ق أمام التنوع وظهوِر أنماٍط أغنى من حياِة التطور التدريجي .علوة على ذلك ،فالتصال إنه يفتح الطري َ الجنسي )الِجماع( ل يمثل غريزَة الحياة والت ةعلق بها فحسب ،بل وي ةعني الخوف من الموت ،أو بالحرى ،يحمل ع جنسّي ي ةعني الموَت جزئيًا .وب ةعض الحيوانات تموت ب ةعد ممارسته مباشرة. الموَت بذاته بين طياته .فكل ِجما ٍ ق الموت. إذ ن ،والحال هذه ،فالتشبث بالجنس والت ةعص ُ ب له ي ةعني الحالَة الكثر بدائية للحياة ،وهو أشبهُ بتحق ِ ف المحبة والن ةعكاف على الجنس فقط يقّوي من احتماِل الموت .في حين ،وبقدِر تحويِل الجنس إلى إحياٍء ل ةعواط ِ والود والجمال ،يكو ن الدنّو من الخلود أكثر .وما الخلوُد المذكور في المأثورات الفنية سوى ثمرةٌ لهذا الوعي. كما يمكننا اعتبار التكاثر الجنسي نمطا ً دفاعيًا .فبقدر ما تتكاثر وتتناسل ،تش ةعر أنك موجوٌد ومستمٌر وُمصا ن. س والتوالد )التناسل( في مجتمِع النسا ن عن كثب .إّ ن تقييَم اللذة الكامنة في نمِط ال ةعملية سنتناول الجن َ الجنسية ،والتي هي ضماُ ن استمراِر وتكراِر الحياة ،على أنها "عشق" ي ةعد أفدَح خطأ .وعلى النقيض ،فاللذةُ الم ةعتِمدةُ على ال ةعملية الجنسية إنكاٌر لل ةعشق .تقوم الحداثةُ الرأسمالية بإشاعِة ونشِر الجنسانية كالسرطا ن، ق الحقيقي هو ال ةعنفواُ ن الندفاعي المحسوس من لغِة نشوِء لتقتل بها المجتمَع باسم ال ةعشق .في حين أّ ن ال ةعش َ ق ق هو كل ما في ال ةعالم ،والباقي قيٌل وقال" تفسيراً لل ةعشق الحقيقي .فال ةعش ُ الكو ن .وقد يكو ن قوُل مولنا "ال ةعش ُ مرتبطٌ بتجاوِز اللذة الجنسية ،أو بالوصح ،برقّي مستوى الحرية المتبادلة في أخل.ق النسا ن .بينما َترتبط ت المادي .الوصح هو رب ُ ط ال ةعشق الكائن بين كافِة عناوصِر الكو ن – الشهوةُ الجنسية بزواِل الحرية ،وبالثبو ِ وليس فقط بين الرجل والمرأة – بانسجاِم الوجود وتآلفه. ّ س والش ةعوِر م ةعجزةٌ بحّد ذاتها .فمث ً ل ،كيف يمكننا شرح حاسة البصر؟ مؤكٌد أ ن البصَر هو إّ ن تَطَّوَر الحوا ّ ال ةعنصر الحي الرقى .كما ل جدال في عدم إمكانية البصار دو ن ضوء .البصاُر فكر .من المهم رؤيةُ كّل المزايا الحيوية ،وفي وصدارتها الجنس ،كشكٍل من الفكر .الحيويةُ بذاتها ت ةعني لحّد ما مقدرَة الم ةعرفة .من هنا ،فمقولةُ .ق أوسع ،يمكننا النظُر لدوراِ ن الكو ن وفق قوانيَن ديكارت "أفكر ،إذ ن أنا موجود" في محلها .وعلى نطا ٍ منتظمٍة على أنه م ةعرفة .فالقوانين تَُذّكر بالم ةعرفة .ومع ذلك ،فالم ةعرفةُ المرتكزة إلى ال ةعين المجّردة تطوٌر رائع. ولهذا ندرك م ةعنى القول "لقد خلق ا الكو ن ليت ةعرف على ذاته" .ولجل م ةعرفة الذات عند هيغل ُت ةعتََبر أحكام صر ِمن أولى تَ َ صَر وُتب َ شّيؤ الفكر المطلق Geistمرتبطًة بالبصار والستبصار .ولربما كانت الرغبة في أْ ن ُتب ِ غايات الوجود. سين يذّكرا ن بتبايِن الحياة واختلفها .فبقدر تتبدى عواط ُ ف اللذِة واللم في حيويِة الحيوا ن أيضًا .فِكل الحسا َ اللذة والس ةعادة تكو ن الحياةُ مقبولةً ومحسوساً بها ،وبقدر الحساس باللم والحز ن يكو ن ش ةعورنا بالحياة سين مدرستا ن قط ةعيتا ن للم ةعرفة ،وقيمتهما في التوعية عالية. وكأنها ل ُتطا.ق وغير مستساغة .كل الحسا َ ب الجنو ن والتهور .واللُم أيضا ً م ةعلٌّم كبير ،ويؤدي بدوره لتقديِر فاللذةُ ت ةعّلم الكثير ،ولكنها قد تؤدي لكافِة ضرو ِ قيمِة الحياة بقوة .وبينما تكو ن نهايةُ اللذة والس ةعادة قريبةً جداً من اللم ،فاحتماُل الحياة الس ةعيدة كبيٌر أيضا ً في ش الس ةعادة نهاية اللم .وكلتا الحياَتين تتجليا ن بالنتباه إلى الفوار.ق بينهما ،واكتسا ِ ب الم ةعرفة والوعي ب ةعي ِ أكثر ،وتحمِل اللم أكثر. ص سيكو ن من الوصح تناُول ال ةعلقة بين الموت والحياة ضمن إطاِر المجتمع النساني ،كونها ذات خصائ َ ميتافيزيقيٍة للغاية .المسألةُ الخرى الهامةُ والمستِحقُة للتدقيق والم ةعا ن فيما يخص الحيوانات هي التغذي على اللحم .إذ يمكن لجمي ةعها ال ةعيش بالتغذي على النباتات .وأكُل اللحم ليس حاجًة اضطرارية .ولكن ،ثمة مجموعةٌ شائ ةعة من آكلت اللحم .فكيف لنا إيضاح ذلك؟ قد يكو ن الخطُر الذي يهدد الحياةَ في عالَِم الحيوا ن بسبب التناسل المفِرط عنصراً مساعداً على التحليل .فبينما يكو ن التكاثُر الجنسي سبي ً ل لضما ن استمرار الحياة ،لكّن ت الحياة المتنوعة .وعلى سبيل المثال ،قد يؤدي التكاثُر المفرط والسريُع الفراط فيه قد يقضي على إمكانيا ِ للفئرا ن إلى زوا ِل النباتات .كما يمكن للغنام والماعز والبقار ومثيلتها من الحيوانات أ ن تقضي على النباتات. علوة على ذلك ،ثمة تكاثٌر غيُر متوازٍ ن في عالم الطيور أيضًا .ودخوُل السد والف ةعى والصقر حيَز ال ةعمل في هذه الحالة ليس لغايِة القضاء على الحيوانات الخرى فحسب ،بل يبرز كضرورٍة اضطراريٍة لمكانيِة ديمومِة ف ت ةعسفي في الطبي ةعة .إذ ،ثمة عالِم الحيوا ن .لذاِ ،من غيِر الممكن اعتبار مثل هذا التقسيم في الوظائف كإجحا ٍ
توازٌ ن دقيق في هذا المر .فإذا ما اختل هذا التوازُ ن ،وامتل المكاُ ن بالفاعي والسود والصقور ،فلن يبقى حينئٍذ سوى عدٌد ِجّد محدوٍد من الحيوانات الحية .إّ ن النتظام التلقائي الذاتي للنظمة الطبي ةعية أمٌر مذهل. سنستفيض في التطر.ق للهمية القصوى لمسألِة تنظيِم التكاثر الجنسي في المجتمع النساني ،ومنزلتِِه في ع ال ةعلقة بين ال ةعالَِم البيولوجي ومسألِة أَْخِذ النسا ن استمراريِة الحياة ،وروابِطِه مع الخل.ق .ن ةعود إلى موضو ِ أساسًا ،ونشير ثانيةً إلى كوِ ن كّل الموجودات في ال ةعالم مختَزلًة في النسا ن ذاته .إذ يمكننا مشاهدةُ كافة مزايا الحياة التي ندركها في عالَمي النبات والحيوا ن داخَل النسا ن أيضًا .وهذا ما م ةعناه من ناحيٍة ما أّ ن النسا ن هو غايةُ التطور ل ةعالَمي الحيوا ن والنبات ،وهو وريثهما .أما وجوُد كائٍن حي أعلى من النسا ن ،فيمكن التفكير فيه كاحتماٍل ،ليس إل .ولربما أّ ن القوةَ المذهلةَ للنسا ن في مقدرِة دماغه على التفكير قد تج ةعل من وجوِد كائٍن أرقى أمراً ل داعي له .فالتطوُر ال ةعقلي لديه في ذروته ،حيث يَُ ةعّد خاوصيًة أولية لدى الكائنات الحية من حيث كونه ي ةعني القدرةَ على الم ةعرفِة والتفكير .إّ ن م ةعرفَة الكو ن لذاته تتحقق في النسا ن .وربما لهذه الغاية قيل في ت النساَ ن لَِت ةعَلموا ". آيٍة من الكتاب المقدس" :خلق ُ س غير ت وحيوا ن ،فال ةعك ُ ل شك في أنه ،وبينما يكو ن النساُ ن مجموعاً تراكميا ً لحيويِة كافِة الكائنات من نبا ٍ ُ وصحيح .أي ،وبجمع كّل النباتات والحيوانات ل يمكن الحصول على النسا ن .تتولد هنا الحاجة لخِذ النسا ن ف تمامًا .ل أرمي إلى ال ةعمِل بمفهوِم كوٍ ن "إنسانّي المركز" ،ول أتحدث عن فلسفِة وحدة الوجود ك ةعالٍَم مختل ٍ َ ع متميٍز بذاته. ح فْر ِ .ق النسا ن عن غيره من الكائنات كنو ٍ )وحدة الطبي ةعة والله( .بل أش ةعر بضرورِة إيضا ِ ف ومتمايز كليًا. فالنساُ ن هاٌم لدرجِة ضرورة ِتناوله ك ةعالٍَم مختل ٍ ثالثًا :إذ ن ،فالبح ُ ص به ُي ةعّد أسلوبا ً مهما ً وثميناً بالنسبة إلى ع حق ّ َ ق وجوَده في مجتمٍع خا ّ ث في النسا ن كنو ٍ سقها. البحث عن الحقيقة ونَ َ انفصاُل النسا ن عن "فصيلِة الثدييات البدائية" السابقِة له ،وأطواُر التطور النوعي ليس أمراً هاماً بالنسبة لموضوعنا .فنحن ل نبحث في النثروبولوجيا .ل ريب أننا كثيراً ما نصادف أمثلَة ال ةعيش المشترك على شكِل ع جماعا ٍ ت أو تجم ةعات ،ليس في عالِم الحيوا ن فحسب ،بل وفي عالِم النبات أيضًا .وبطبي ةعِة الحال ،فكّل نو ٍ ت متقاربة ومشتركة .فل أشجاَر بل غابة ،ول أسماَك بل سرب .ولكّن تجمَع مضطٌر لل ةعيش على شكِل تجم ةعا ٍ ّ َ ً ُ ق وسيخلق خل الذي م ظ المن ز الجها أنه أو أعلى، ا إنسان ع المجتم كا ن ولربما والنوعية. النسا ن متمايٌز بالماهية َ ُ ُ النساَ ن العلى .فلو أخذنا بإنساٍ ن ما من المجتمع ورميناه في وسِط غابة )ب ةعد ولدته مباشرة ،وب ةعد تأميِن س أَُخر الَحصانة والحماية له( ،فلن ينجو من التحول إلى كائٍن ثديي بدائي .وإذا ما وض ةعنا بجانبه عدةَ أنا ٍ يشبهونه في الحالة ،فستكو ن المرحلةُ المبتدئة َأشبَهُ كثيرًا بالمرحلة النتقالية الحاوصلة لدى الثدييات البدائية. ولكّن المَر ل يسري على عالَِم الحيوانات .هذا الوضُع لوحده يدل بشكٍل وصارخ على القيمة المتمايزة للمجتمع النساني ،وينير بشكٍل فريٍد دوَر النسا ن في بناِء المجتمع ،ودوَر المجتمع في إنشاِء النسا ن. ل ريب في أنه ل مجتمٌع دو ن إنسا ن .ولكّن الضلَل الكبر يكمن في اعتبار المجتمع مجرَد تجمٍع من الناس. فالنساُ ن بل مجتمع ليس سوى كائٌن ثديي بدائي .في حين أّ ن النساَ ن المجتم ةعي قادٌر على التحول إلى قوٍة غ قدرٍة فكرية عظمى .ولربما كا ن قراٌر من النسا ن سببا ً في تحويِل ال ةعالم كله إلى وصحراَء قاحلة مذهلة ،وبلو ِ تل ت واختراعا ٍ )كالقرار بتفجيِر القنابل النووية( .هذا النساُ ن قادٌر على القيام برحلٍة إلى الفضاء ،وباكتشافا ٍ ح قوِة المجتم ةعية وقدراتها .ومع أ ن التكوين الجتماعّي من شؤوِ ن علِم محدودة .إننا نسرد هذه المثلة ليضا ِ سق الحقيقة يمرا ن الجتماع ،إل أّ ن الموضوَع الذي نقوم بتحليله مختل ٌ ف كّل الختلف .فبلوُغ الم ةعرفة وبناُء نَ َ فقط وفقط من المجتمع .وكّل ما يتحقق في الفرد النسا ن ل بد وأ ن يكو ن مجتم ةعيًا .ل نقصد هنا النساَ ن الوارث وسليل الحيوانات والنباتات ،ول حتى المتبقي من الكو ن الفيزيائي أو الكيميائي .بل نتحدث عن النسا ن الناش ئ ضمن المجتمع. ُ لقد قامت كّل نظِم المدنيات ،بما فيها الحداثة الرأسمالية ،بالبحث والتدقيق في النسا ن منفصلً عن التاريخ والمجتمع .أو بالحرى ،نظَرت إلى كّل الفكار والبنى ال ةعائدة للنسا ن ب ةعيٍن منفصلة عن التاريخ والمجتمع ،بل وطرحتها كإنجاٍز للفراد المت ةعالين على المجتمع .ومنها ابتُِدَعت فكرةُ الملوك المتسترين وال ةعراة ،واللهة المقَّن ةعة وغير المقَّن ةعة .أنوه إلى أننا عندما نتغلغل في مفهومنا واوصطلحنا بصدد المجتمع ،سنتمكن من تحليل كل أولئك الملوك واللهة ،مثلما سنستطيع توضيح المنبع الوصلي لتلك الفكار ،وماهياتها ،وبناها الجتماعية الناشئة فيها ،وبالخص النظم الجتماعية الموّلدة للقمع والستغلل والضطهاد. إّ ن طرَح ال ةعلقة بين النسا ن والمجتمع بأفضِل الشكال وأوصلحها تَُ ةعّد المسألَة الولية في السلوب .فكّل من
بيكو ن وديكارت المّدعيا ن أنهما علميا ن للغاية ،قد تناول مسائَل السلوب ومشاكله وكأنهما ل علَم ول روابطَ لهما بالمجتمع الذي يربيا ن ويتحركا ن ضمنه .في حين أننا ن ةعلم اليوم ِعلَم اليقين أّ ن المجتمع الذي تأثرا به ليس سوى ذاك المجتمُع الذي أنشأ الرأسماليةَ كنظاٍم عالمي ،أي ،مجتمَع البَلََدين اللذين نسميهما اليوم إنكلترا ت علقٍة وثيقة بالمجتمع الذي ُيشِهر وهولندا .بالتالي ،فالساليب التي اتب ةعوها وكّونوها ليست سوى أفكاٌر ذا ُ الباَب على مصراعيه أمام الرأسمالية. ف أولي؟ إذ ن ،ما الذي يمكننا مشاهدته لو شرعنا بالبحث في المجتمع النساني كصن ٍ أ -المجتمُع تكويٌن يميز النسا ن عن الحيوا ن نوعيًا .وقد أوضحنا هذه الخاوصية كفاية. س الفراد .النقطة الهامة الواجب ب -مثلما يتكو ن المجتمع من الناس الشخاص ،فهو أيضاً ينش ئ ويكّو ن النا َ استي ةعابها هنا هي أّ ن تََكّو ن المجتمع أو التجم ةعات البشرية يتم على يِد النسا ن بمهاراته وقدراته .أي أّ ن ت النسا ن لنها تؤثر ب ةعمق في ت أعلى من النسا ن .بل واضٌح جليا ً أنها ُتمثل تصورا ِ المجتم ةعات ليست بتكوينا ٍ ت مختلفة ،بدءاً من الطوطم إلى الله .ولول النسا ن ،لما ذاكرته ومخيلته ،حتى لو ان ةعكس ذلك على نحِو هويا ٍ كا ن ثمة مجتمٌع ُتحّقق فيه الطواطم أو اللهة ديمومتها. ٌ ٌ ت ضمن حدوٍد تاريخية ومكانية م ةعينة .بم ةعنى آخر ،ثمة أزمنة وشروط جغرافية م ةعينة ج -تتواجد المجتم ةعا ُ تنشأ ضمنها المجتم ةعات .فما من مجتمٍع منفصٍل عن التاريخ أو المكا ن الجغرافي .أما القول بيوتوبيا المجتمع البدي الموجود في كّل الظروف ،فليس سوى َوْهٌم ل أوصل له. موضوُع التاريخ عموما ً ت ةعبيٌر عن تب ةعيِة الكائنات الحية على نحٍو عام ،والنساِ ن على نحٍو خاص لزمنٍة م ةعينة. ت م ةعينة شرطٌ اضطراري لِتََكّوِ ن هذا النوع من فوجوُد الفصول الرب ةعة أساسًا ،والتتاب ةعا ُ ت الزمنية ال ةعديدة بفترا ٍ َ الموجودات .علوة على ذلك ،ما من موجوٍد ل فترة زمنية م ةعينة له .وكلنا ن ةعلم أ ن اوصطلح "البد – الزل" م ةعنٌي فقط وفقط بحقيقة "التغير" .أي أّ ن الشيَء الوحيد الذي ل يتغير ،ول زماَ ن له ،هو التغير ذاته .في حين أّ ن الرواب َ ت السنين فيما يت ةعلق ط بين التاريخ والمجتمع أكثُر وثاقة وأكثُر قِ َ صراً زمنيًا .فبينما نتحدث عن مليارا ِ ح "المجتمِع الطويِل المد" إل إذا تجاوز عمره آلف السنين ب ةعمِر الكو ن ،نجد أنه ل يمكن إطل ُ .ق اوصطل ِ فحسب .أما الفتراُت الزمنية الشائ ةعة فهي من قبيل اليوم ،الشهر ،السنة ،والقر ن .ومكاُ ن المجتم ةعات على علقٍة وثيقة بالوجود النباتي والحيواني أساسًا .في حين ُي ةعتبر وجوُد المجتم ةعات في القطبين المتجمدين أو في المناطق الستوائية أمراً استثنائيًا .أما المكاُ ن الوفر والغنى بنباتاته وحيواناته ،فيشكل الرضيةَ الخصبة لنشوء المجتم ةعات الم ةعطاءة والمثمرة. ش ت ةعمل الكثير من المدارس الفكرية والبنى الدينية المتكونة ضمن أحشاِء الهرمية والتقاليد الدولتية على نق ِ وتوطيد فكرِة النظام المبتور من المكا ن والتاريخ الجتماعي في ذهن النسا ن ،وكأنه قدٌر محتوم .فمثلما ُيزَعم ض المفكرين والواعظين الدينيين بالحديث وصن ةعت التاريخ ،هكذا يقوم ب ةع ُ أّ ن ب ةعض الشخصيات البطولية قد َ الدائم عن تأسيسهم للنظمة الفكرية والدينية المنقط ةعة عن المجتمع التاريخي .ورغم إيلء الرأسمالية مكاناً فسيحاً لل ةعلم ،لكنها – فيما يت ةعلق بالمجتمع على وجه التخصيص – ُتبدي عنايًة كبرى للفكر المبني على الفرد، ي نظاٍم ديني أو فلسفي أو فكري؟" تبقى في ي تكويٍن مجتم ةعي أدى إلى أ ّ ت من قبيل "أ ّ في حين أّ ن تساؤل ٍ الظلم على الدوام .لقد ُبرِهن كفايةً على أّ ن زماَ ن ومكاَ ن المجتمع يَُكّونا ن الفرد ،مثلما الفراد أيضاً ينشئو ن ويَُخ ّ طو ن مسار مستقبلهم ،وخاوصًة بالصيغ والشكال التي تَلَّقوها من المجتمع .إذ ن ،فالب ةعاُد التاريخية والمكانية تأتي في وصدارِة الظروف اللزمة في م ةعالجِة قضايا السلوب وإدراِك الحقيقة. د -ثمة أمر هام آخر ،وهو أ ن الوقائع الجتماعية مصنوعة .والضلل الذي طالما يهوي فيه الناس بكثرة هو النظر إلى المؤسسات والبنى الجتماعية كواقٍع طبي ةعي .وبالتاليُ ،تقّدم النظُم المشروعة الحاكمةُ على سها على أنها المقدسة والثابتة دومًا ،وتَِ ةعظُ بمنهجيٍة مدروسة أنها وصاحبةُ المنظومات الجتماعية نف َ المؤسسات والكيانات اللهية ،وأنه تم تكليفها وت ةعيينها لهذه الغاية .وفي الحداثة الرأسمالية ت ةعمل هذه النظم على حقن ال ةعقول في المجتمع بأّ ن الكلمَة الفصل قد قيلت ،وأنه ل بديل للمؤسسات الليبرالية ،وأنه قد حّلت "نهاية التاريخ" .كما تتطر.ق بتواوصٍل مستمر إلى الدساتير والنظم السياسية الثابتة المحالة التغيير .مع أنه، ي وبنظرٍة خاطفة لمسيرِة التاريخ سنجد أّ ن ُعمَر هذه البنى الوطيدِة المحالة التغيير لم ُيكِمل المائةَ عاٍم في أ ّ زمن .المهم هنا هو المقولت اليديولوجية والسياسية المذكورة يومياً بغايِة تقييد فكر النسا ن وربط إرادته بها .فبؤر السلطة والستغلل بحاجٍة ماسة وحياتية لهذه البلغات اليديولوجية والسياسية .حيث ،وبدو ن اللجوء إلى البلغات اليديولوجية والسياسية الروصينة ،سيكو ن من ال ةعسير عليها إدارة المجتم ةعات الراهنة.
ولهذا الغرض َ .ق واسع متنوع ،إضافةً إلى إلحا.ق المؤسسات طّوَرت من الوسائل والجهزة العلمية على نطا ٍ ال ةعلمية والفكرية ببؤر السلطة والستغلل بشكل ساحق. ق منشأةٌ تكراراً ومرارًا ،سنحكم حينها على نحٍو أفضل ق الجتماعية حقائ ٌ بقدر ما ن ةعي وندرك أّ ن الحقائ َ وبم ةعياٍر أوصلح بضرورة هدمها وإعادة بنائها .إذ ،ما من وقائع اجتماعية محالةُ الهدِم أو التغيير .ونخص بالذكر هدم وتخطي المؤسسات القم ةعية والستغللية والتغلب عليها كضرورٍة حتمية لجل الحياة الحرة .وما نقصده بالحقيقة الجتماعية هي جميع المؤسسات اليديولوجية والمادية في المجتمع .ففي كافة الميادين الجتماعية تتأسس الحقائق الجتماعية على الدوام في الظروف الزمكانية المناسبة ،وُتهَدم ،أو تَرّمم ومن ثم ي ةعاد إنشاؤها؛ بدء ًا من اللغة إلى الدين ،ومن الميثولوجيا إلى ال ةعلم ،ومن القتصاد إلى السياسة ،ومن الحقو.ق إلى الفن ،ومن الخل.ق إلى الفلسفة. هـ -من الهمية بمكا ن عدم النظر المج ّرد إلى ال ةعلقة بين المجتمع والفرد .فالفراد هم الناشئو ن عبر التاريخ ف م ةعينة ،ولهم لغاتهم ،ويشاركو ن في البنى والمؤسسات الموجودة في كافة الميادين الجتماعية بتقاليد وأعرا ٍ التي ذكرناها .إنهم ينضمو ن للمؤسسات الجتماعية الُمَ ةعّدة سلفا ً وقديماً في المجتمع ب ةعنايٍة قصوى ،ويشاركو ن فيها بما ُتمليه عليهم أعرافها وتقاليدها ،وليس كما يرغبو ن .كما أّ ن مجتم ةعية الفرد تستلزم جهوداً تربوية وت ةعليمية عظمى .وبم ةعنى ما ،فالفرد ل يصبح عضواً منتمياً للمجتمع إل ب ةعد أ ن يهضم ويتبنى الثقافة التي تشكل ماضَي المجتمع برمته .المجتم ةعيةُ تتحقق بجهوٍد حثيثٍة متواوصلة .وكّل عملية اجتماعية هي في نفس الوقت عملية مجتم ةعية .لذلك ،فالفراد ل ينشأو ن كما يشاءو ن ،بل ل يمكنهم الخلص من النشوء والترعرع وفق ع الفرد للمقاومة والتطلع للحرية على الدوام في المجتم ةعات الطبقية مشيئة مجتم ةعاتهم .لكن ،ل شك في نزو ِ والهرمية خصيصاً كونها مجتم ةعات منفتحة على القمع والضطهاد والستغلل .فالفرد لن يقبل طوعاً بالمجتم ةعية المنِشئة لل ةعبودية والخنوع .كما أنه سيبدي مقاومةً ووصموداً أعظم حيال المجتم ةعات الغريبة والمختلفة عنه والمستغلة له ،كي ل يلتحم م ةعها ول ينصهر في بوتقتها .مع ذلك ،فستستمر المساعي ت المؤسسات القم ةعية والت ةعليمية لتلك المجتم ةعات ،بل وحتى للقضاء عليه والمحاولت لتغييره داخل عجل ِ ً َ ً ً ً ت الجتماعية تدور دوما كالطاحونة ،لتشكل طحينا وِمن ثم خميرة قابلة للتكوين بموجبها هي. وإفنائه .فال ةعجل ُ كّل َ ف يس ةعى على الدوام لحتلل مكاٍ ن له داخل المجتمع اعتماداً على توازنات التوافق ،سواًء المؤسسات طر ٍ المتناقضة والمتنازعة فيما بينها ،أو النسا ن المقاِوم تجاهها .فل المجتمُع لديه القدرةُ المطلقة على الصهر، ول الفرُد لديه الفروصة للنقطاع الكلي عن المجتمع. ب ومقاربة أقرَب إلى الصواب ،وبموجب باختصار ،فال ةعمُل على مثال النسا ن الذي يأخذ المجتمَع أساسا ً بأسلو ٍ أنسا.ق الحقيقة؛ قد يؤدي بنا إلى نتائَج قّيمٍة. راب ةعًا :إّ ن المرونة التي يتميز بها ذهُن النسا ن هي الرقى في مستواها ،مما يؤثر بالغلب في زيادِة حظنا سق لتكو ن بحوثنا ثمينةً وقّيمة .فبدو ن إدراِك وم ةعرفِة طبي ةعِة ذهِن النسا ن ،ستبقى طموحاتنا بصدد السلوب ونَ َ الحقيقة م ةعلقةً في الهواء. ف عقِل النسا ن .فبنيته الفكرية تتميز بمرونٍة بالغة لنها تتكو ن تطّرْقنا بكثرة للبنيِة الثنائية أثناء محاولتنا ت ةعري َ من القسم القديم في الدماغ )الفص اليمن منه( الذي ُي ةعنى بالفكر ال ةعاطفي ،والذي هو أرقى وأكثُر تطوراً نسبًة ب إلى الفكر التحليلي ،والقابِل لمسيرِة التطور التدريجي ،وِمن القسم الجديد )الفص اليسر من الدماغ( القر ِ للتطور الدائم .في حين أّ ن الفكَر وال ةعاطفة متساويا ن في المستوى على وجه التقريب لدى عاَلم الحيوا ن. فالمشاعر وال ةعواطف تتجاوب مع ما ت ةعلَّمته ،أي تقوم بما هو مطلوب منها ،من خلل الف ةعال المن ةعكسة المشروطة وغير المشروطة؛ وهي ردوُد ف ةعٍل آنية .هذه البنى عينها موجودةٌ في النسا ن أيضًا ،فالبد ن – على سبيل المثال – ُيبدي رّد ف ةعٍل تلقائي وآنّي بمجرِد ُقربه من ناٍر ُمحِرقة ،دو ن الحاجة للفكر التحليلي والتمهل. ق قمَة أفرست ،فيشرع حينها بتحليِل المئات من الظروف والشروط ليقرر ب ةعد دراستها ولكن ،إذا ما حاول تسّل َ بإم ةعا ن فيما إذا سيتسلقها أم ل .ل يمكن البحث عن الخداع والضلل في الفكر ال ةعاطفي ،حيث يتصرف النسا ن كيفما تكو ن ردوُد الف ةعل الفطرية )الغريزية( .في حين أّ ن الفكر التحليلي قد يتطلب سنينا ً طويلًة .ويجب أ ن ي ةعتمد البحث عن السلوب وال ةعمل والحقيقة على مثل هذه البنية الفكرية لدينا .لذا ،لن تنُجَو م ةعلومة الحقيقة والسلوب الصحيح من ال ةعشوائية ،ما لم نطِّلع على نظاِم عمِل عقلنا .إذ ن ،والحال هذه ،فمن الولوية م ةعرفة طبي ةعِة ال ةعقل جيدًا. الخاوصية الولى ل ةعقلنا هي تميزه ببنيٍة مرنٍة للغاية .وبالمستطاع القول أنه من النادر جداً وجوُد بنى ذهنيٍة –
من المت ةعاَرف عليها في الكو ن – قادر ٍة على الختيار والنتخاب الحر ،فيما خل عقل النسا ن .يمكننا تصّور سيمات ما ت بينية جّد محدودة .فنحن ل ندرك كيفية جريا ن الختيار الحر في الُج َ ميداِ ن الحرية على نحِو فترا ٍ تحت الذرية ،ول في بنى الكو ن الكبر .لكن ،وبالنظر إلى التنوع الموجود في الكو ن ،يمكننا الستنباط من خلل النتائج البارزة أ ن ذلك غير ممكن سوى بمهارة الحراك المر ن والوصطفاء )الختيار( الحر في عالم الجزيئيات والكو ن الكبر على السواء .أما في ذهن النسا ن ،فَحيُّز المرونة هذا قد اتسع كثيرًا .فنحن نتمتع بحريِة الحركة على نحٍو ل محدود ،وإْ ن كا ن على مستوى الكمو ن بالقل .وبالطبع ،ل نغفُل عن أّ ن هذا الكمو ن ل يمكن أ ن يدخل حيز الف ةعالية إل عبر المجتم ةعية. الخاصية الثانية لعقلنا هي
م كبيٍر من الدراكات الصحيحة ،بقدِر َتَلّقي الخاطئة منها .وتأسيساً ميُزه ببنيٍة ذهنيٍة مرنٍة منفتحة لَتَلّقي َك ّ َت َ على هذه الميزة ،بالمكا ن تحريف وتوجيه هذه المرونة كيفما ُيراد ،وفي كل لحظة ،من خلل الضغط وعبر ت ال ةعصا والَجَزر الساعيِة لوصطياد ال ةعواطف شبكة ال ةعواطف والمشاعر .ولهذا السبب ،يتم اللجوء إلى سياسا ِ ت القمع والت ةعذيب والقهر ،إلى جانب الساليب التضليلية والممارسات الخاطئة. واليقاع بها أساساً عبر آليا ِ ونخص بالذكر النظمَة الهرمية والدولتية المؤثرة في عقِل النسا ن وذهنيته اعتماداً على القمع المنت َ ظم المماَرس على مّر آلف السنين ،لدرجِة أنها أنشأت بنيةً ذهنيةً منسجمة ومآرَبها .ومن المزايا المألوفة والشائ ةعة جداً اوصطياُد ال ةعقل عبر المكافآت .وبالمقابل ،فإّ ن بنيتنا الذهنية المتميزَة بخاوصياتها في المقاومة غ الحقائق ال ةعظمى .وللذهنية المستقلة أيضًاَ ،ت ةعِرض كفاءاتها وقدراتها الفريدة في سلوِك السبل الصحيحة وبلو ِ ق استقلليِة دوٌر م ةعّين في اتسام الشخصيات ال ةعظيمة بهذه الصفات .فالختياُر الحر غيُر ممكٍن بالغالب إل بتَحّق ِ ال ةعقل .وثمة ُعرى وثيقٌة بين الدراك الغني الشامل والتمتع بالستقللية .ما نقصده باستقلِل ال ةعقل هنا قابليتهَ للتحرك بموجب م ةعايير ال ةعدالة بالغلب. كنا ذَكرنا سالفا ً أ ّ ن النظام الكوني يكمن خلف ال ةعلقة بين الحقيقة وال ةعدالة .من هنا ،يمكن القول أّ ن ال ةعقَل ال ةعادل هو القادر على استخدا ِم حقه في الختيار الحر بموجب النظام الكوني بالغلب .ولهذا الغرض ،فتاريُخ الحرية )التاريخ الجتماعي( قوةٌ تربويةٌ وت ةعليمية عظمى قادرة على تأهيِل وإعداِد ذهنيتنا لتتمكن من تحقيق س مدى قدرِة عقلنا على الغوص في المور الختيارات السليمة .في حين أّ ن طُُر َ .ق التحليل النفسي تس ةعى لقيا ِ بسرعٍة متصاعدة ،حيث تتزايد أهميةُ التحليل النفسي كميداٍ ن م ةعرفي جديد .لكّن هذا ال ةعلم قاوصٌر عن الووصول ب الولي في ذلك إلى تناُوله الفرَد بشكٍل مجرٍد ومن ةعزٍل عن إلى الم ةعرفة الصحيحة والمفيدة لوحده .وي ةعود السب ُ ت علم النفس الجتماعي في جبِر ت ناقصة وخاطئة للغاية .ومحاول ُ المجتمع ،مما يفتح الطري َ ق لتحصيِل م ةعلوما ٍ ً ً هذا النقص وتلفيه ليست مثمرة كثيرا في الوقت الحالي .ف ةعلم الجتماع نفسه لم يتأسس بشكٍل سليم ،فكيف سيؤدي علم النفس الجتماعي إلى نتائَج سليمة؟ بمقدورنا إدراك ذهنيِة الحيوا ن عبر علم النفس .كما بمقدورنا ق علم النفس .إل أننا ل نزال على عتبِة م ةعرفِة النسا ن كحيواٍ ن م ةعرفة النسا ن كحيواٍ ن أعلى )ناطق( عن طري ِ اجتماعي. ف نتائَج مثمرٍة عندما نتصور نظامنا في السلوب وتحصيِل الم ةعرفة ندرك اليوَم على نحٍو أفضل أ ن اقتطا َ ض وصدفة ،ما لم نت ةعرف جيدًا على بنيتنا الذهنية وطبي ةعتها .في حين ،يمكن لنظامنا في السلوب سيكو ن مح َ والم ةعرفة أ ن ُيثِمر عن أجوبٍة مثلى ورشيدٍة بمفاهيَم وصحيحة ،عندما نتووصل إلى الت ةعريف الصحيح وال ةعميق خ في ظّل هذه لل ةعقل ،ونحقق قدرته على الختيار الحر )الحرية الجتماعية( .إّ ن عَمَلنا المنهجي بأسلو ٍ ب راس ٍ الظروف سُيزيد من فروصتنا بأ ن نَُكوَ ن مجتم ةعا ً حراً وفرداً حرًا عن طريق ادخار الم ةعرفة الكثر وصحة. ع ومزايا ميتافيزيقية تج ةعله مثالً فريداً من نوعه من جهِة منهجيِة السلوب خامسًا :إ ن تََمّتَع النسا ن بطبا ٍ والم ةعرفة .بالمقدور ج ةعل السلوب وعلم البستمولوجيا )نظرية الم ةعرفة( أكثَر مهارةً واستطاعةً من خلل تحليِل الخصائص الميتافيزيقية للنسا ن .فاستي ةعاُب النسا ن من جهة التكوين والنشوء الميتافيزيقي موضوُع ف النسا ن الميتافيزيقي ُي ةعد إحدى المشاكِل الجتماعية ث هاّم حقًا .فافتقارنا الملحوظُ حتى لمكانيِة ت ةعري ِ بح ٍ ً ً ً ب اليجابية الجوان ما الحاجة؟ هذه تنبع م م ا؟ ميتافيزيقي يكو ن أ ن للنسا ن يمكن كيف ة. وم ةعالج ل تناو ل ُ ِّ الق ّ ص الميتافيزيقية الساسية؟ وهل تسري الميتافيزيقيا والسلبية فيها؟ أيمكن ال ةعيش بل ميتافيزيقيا؟ ما الخصائ ُ على الميدانين الفكري والديني فحسب؟ ما الرواب ُ ط بين المجتمع والميتافيزيقيا؟ هل الميتافيزيقيا مضادةٌ للدياليكتيك كما ُي ةعتََقد؟ أيمكن حصرها بهذا المضمار فقط؟ وهكذا دواليك.. وما دام النساُ ن الجوهَر Özneالساس ّي لم ةعارفنا ،فإذا لم نت ةعرف على الفكر الميتافيزيقي ومؤسساته باعتباره غ الم ةعرفة الكافية من هذا المصدر .إننا نتحدث عن من أهم ِسمات هذا الجوهر ،فسيبقى عزمنا ناقصاً في بلو ِ ف ال ةعديد من المدارس الفكرية – الميدا ن الذي لم تلتفت إليه علوم الجتماع ول علم النفس .فالكتفاُء بووص ِ ت المسألة تتصدرها المدارس الدينية – بالميتافيزيقية ،إنما يزيد الطين بلة ،ويج ةعل الخروَج من إشكال ِ شبهَ عسيرَ .يرِجُع مفهومنا وتناولنا للمسألة الميتافيزيقية إلى كونها خاوصيةً أولية للنسا ن الميتافيزيقية ِ
المجتم ةعي .فالميتافيزيقيا حقيقةٌ إنشائيةٌ اجتماعية ل َيقِدر النساُ ن الجتماعي على ال ةعيش بدونها .فإذا ما َجّردنا النساَ ن من الميتافيزيقيا ،فإما أننا نحوله بذلك إلى حيواٍ ن ممتاز )حيث ُبرِهن على وصحِة هذا الوصطلح الذي ب ممتازُ .ترى ،كم هي استخدَمه نيتشه لجل اللما ن ،وذلك في ألمانيا الفاشية النازية( ،أو نحّوله إلى حاسو ٍ فروصةُ الحياة للنسانية التي ووصَلت حالةً كهذه؟ ت ال ن على ِذكِر ماهيِة النسا ن الميتافيزيقي: لنأ ِ ُ .ق خاوصية النسا ن الميتافيزيقي. أ -الخل ُ ب -الديُن خاوصيةٌ ميتافيزيقية هامة. ج -ل يمكن ت ةعريف الفن بكافِة فروعه إل بالميتافيزيقيا. د -يتناسب المجتمُع المؤسساتي ،بل والمجتمُع برمته ،بالكثر مع الت ةعريف الميتافيزيقي. ُترى ،لماذا ،وكيف يكو ن النساُ ن ميتافيزيقياً عبر هذه الخصائص التي يمكننا الكثار من ت ةعدادها؟ .ق قدرِة التفكير عند النسا ن .فالنسا ن ،الذي ُي ةعتَبر كونا ً عارفاً لنفسه ،مضطٌر لنشاِء ذاته بما يفو.ق أوًل :آفا ُ َ َ ت )سواء بجوانبها المؤلمة وانف ةعال ث حواد من به ل ح ي ما تلفي من يتمكن كي طبي ةعي( و ف ) الطبي ةعي المستوى ُ ٍ ٍ ْ َ ّ أو المفِرحة( .ول مجاَل آخَر أمامه للتغلب على اللم والفراح الجسدية .فإبداُء قدرِة التحمل إزاَء مفاهيَم عديدٍة ت وغيرها ،بحاجٍة ضروريٍة واضطرارية للفكار ت ،الجماليا ِ ت ،الرغبا ِ ت ،الشهوا ِ ب ،المو ِ من قَِبيل الحرو ِ ً والم ةعتقدات والمؤسسات الميتافيزيقية .وحتى لو لم يكن اُ موجودا ،فإنه يس ةعى لبتداعه ،وي ةعمل على تطوير الفن والسمّو بم ةعارفه لتلبيِة احتياجاته هذه والش ةعوِر بالسكينة والطمأنينة. َ ولو فّكرنا من زاويٍة أخرى في الميتافيزيقيا ِمن حيث كونها ت ةعني ما ب ةعد الطبي ةعة ،فسنلتمس ضرورة عدِم إنكارها كثيرًا ،ول إغداقها بالمديح الَجّم .حقيقًة ،النساُ ن هو الموجوُد الكثُر تحام ً ل على الحدود الطبي ةعية. ف ةعيشه للميتافيزيقيا ،التي ت ةعني ما ب ةعد الطبي ةعة ،يتأتى من طباعه وخاوصياته الوجودية )النطولوجية( .بالتالي، ل م ةعنى أبدًا للدفاع عن ضرورة بقائه ضمن الطار الطبي ةعي فحسْب .أو بالوصح ،إّ ن البقاء داخَل الحدود الطبي ةعية سيؤدي بنا بالغلب إلى ت ةعريف النسا ن الميكانيكي اللي ،وهو المفهوُم الذي عّرفه ديكارت منذ سابق ح "الروح" الذي ل إيضاَح علمّي له. الزما ن ،وحاوَل النجاةَ منه بوساطِة اوصطل ِ ثاني ًا :إ ن عدم قدرة المجتمع على الستمرار بدو ن الخل.ق يستلزم التميز بالميتافيزيقية. ب انهياِر روسيا ل يمكن تنظيم المجتمع إل بوساطة الخل.ق باعتبارها محاَكمة حرة .ويمكننا إرجاع أسبا ِ السوفييتية ومصِر الفرعونية إزاء كافِة ضروبهما في ال ةعقلنية إلى افتقارهما للخل.ق .فال ةعقلنيةُ لوحدها ت عاجزٌة عن تأمين ديمومة المجتمع .قد تستطيع تحويَله إلى روبوت ،Robotأو َتبلُغ به إلى مستوى حيوانا ٍ ض مزايا الخل.ق :القدرةُ على تََحّمِل اللم ق تماسكه كُمَجّمٍع إنسانّي .لنَُ ةعّدد ب ةع َ راقية ،ولكنها ست ةعجز عن تحقي ِ وتلبيِة متطلباتها ،تحديُد إطاِر الرغبات والشهوات والملذات ،رب ُ ط التناسل بالضوابط الجتماعية بدلً من ح المتثاِل أو الخلِل بالتقاليد والعراف والدين والقوانين .ف ةعلى سبيل الطبي ةعية ،إوصداُر القرارات إزاء ترجي ِ المثال ،يَُ ةعّد رب ُ ط الخل.ق لل ةعلقة الجنسية المؤدية إلى التناسل بالقواعد والضوابط ضرورةً اضطراريةً بالنسبة للجنس البشري .ذلك أنه ل يمكن تحقيق ديمومِة المجتمع ،ما لم ُيضَبط الت ةعداُد السكاني فيه .هذا الموضوُع ف لتبياِ ن الضرورة القصوى للميتافيزيقيا الخلقية. بذاته كا ٍ ق النساُ ن كونا ً خاوص ًا به عبر الفن .ول يمكن استمرار المجتمع إل عن طريق البتكارات والبداعات ثالثًاَ :يخلُ ُ صّور مجتمٍع بل موسيقا ،بل آداب، القائمة في الميادين الساسية ،كالصوتيات ،الرسوم ،والم ةعمار .هل يمكن تَ َ ٌ ت المتواجدة في هذه الميادين تندرج م ةعانيها في الميتافيزيقيا .وهي ضرورة ل مفر أو بل َعَمار؟ كّل البداعا ِ ت النسا ن في الجماليات كتصوٍر ميتافيزيقي كليًا .فكيفما منها لتأميِن استمراريِة المجتمع .فالفن يلبي احتياجا ِ ُيولي النساُ ن الم ةعانَي للسلوكيات الخلقية عبر ترجيحه بين الفاضل – الرذيل ،فكذلك ُيضفي الم ةعانَي على السلوكيات الفنية عبر ُحكِم الجميل – القبيح. ت إنشاءا عن عبارة ذاته د بح وهو الميتافيزيقية، بالحكام ن ّ راب ةعًا :ميداُ ن الدارة السياسية أيضا ً مشحو ٌ ٍ ميتافيزيقي ٍة هي المتن ،حيث ل يمكننا شرح السياسة بالقوانين الطبي ةعية فحسب .فالحّد القصى لنمِط الدارة بالقوانين الطبي ةعية ي ةعني التحول إلى آلة روبوتية ،بينما يتجسد الوجه الثاني لها في سياسِة "رعايِة الرعاع" )تب ةعية القطيع( الفاشية .وإذا ما أشرنا إلى احتواِء الميدا ن السياسي لم ةعاني النتخاب والمواقف الحرة ،سنصل مرًة أخرى إلى المزايا الميتافيزيقية للنسا ن السياسي .ومقولةُ أرسطو "النساُ ن حيواٌ ن سياسي" ُتذّكرنا بهذا الم ةعنى بالغلب. .ق ،الفلسفِة ،الديِن ،وحتى "ال ةعلموية" مشحونةٌ الحقو ميادين ن أ على ب ةعناية التشديد خامسًا :علينا ّ ِ ٌ ٌ َ بالميتافيزيقيا .فجمي ةعنا ن ةعلم أّ ن كافة هذه الميادين بجوانبها الكمية والكيفية ُمتَرَعة ومثقلة بالمنجزات الميتافيزيقية في المجتمع التاريخي. ف أكثَر قيمةً وم ةعنى مواق َ ء إبدا نستطيع والمجتمع، الفرد ة حيا في للميتافيزيقيا وب ةعد تحديِد المكانة الوطيدة َ ِ بحقها. -1إما أّ ن المواقف والسلوكيات الميتافيزيقية اعتلَْت بشأ ن ذاتها على طوِل مسيرتها التاريخية ،وأشارت إلى
أنها الحقيقةُ المطلقة الساسية ،أو نَ َ ظر إليها نُّقاُدها وم ةعاِرضوها كميداٍ ن مشحوٍ ن بالمكر والزيف ،فدحضوا ع النسا ن وتضليله .يمكننا التأكيد بكّل حقيقتها وواق ةعيتها ،واعتبروها مجرَد آليٍة ت ةعمل أو كلٍم يقال بهد ِ ف خدا ِ سهولة على أّ ن ِكل الموقَفين ،إما هما غافل ن عن ماهيِة وعِي المجتمع التاريخي ،أو أنهما باَلغا فيه وضّخما من شأنه للغاية .والخاوصية التي لم ينتبه إليها ِكل المفهومين هيِ :من أّية ميزٍة أو حاجٍة اجتماعية – فردية سَموا بها وأعَلوا من شأنها أهملوا رواب َ ط الميتافيزيقيا بال ةعالم الطبي ةعي، نب ةعت الحاجة إلى الميتافيزيقيا؟ فالذين َ ب هذا الفريق ،إما أنكروا وجوَد الروابط بين الفكر والروح وخدعوا أنفسهم بأنهم أحراٌر بل نهاية .وأوصحا ُ وبين ال ةعالم المادي ،أو حّرفوها وبالغوا في شأنها لحّد انزلقهم كثيراً في أخطاء فادحة ،بدءاً من اعتقادهم بوجوِد نظاِم اللهة المت ةعالية الفائقة ووصوًل إلى تأليه النسا ن ذاته .ول ريب في أّنه لنظاِم الهرمية والدولة ب الوفر في مثِل هذه المستجدات. النصي ُ ق الذي أنكر أهميةَ الميتافيزيقيا وفّندها ،فهاجموها بِِحّدٍة تحت رايِة ال ةعاَلم المادي أو المدنية المادية أما الفري ُ سابقًا ،أو باسم ال ةعقلنية والوض ةعية في المرحلة الخيرة ،قائلين بأّ ن كّل ما تفوح منه رائحةُ الميتافيزيقيا هو ت ال ةعقلنية َمَر ٌ ض ،ووسيلةُ خداع ،ويتوجب دحضه وتفنيده كليًا .ولكن ،تم التنبه جيداً فيما ب ةعد إلى أّ ن التيارا ِ ُ ت نظر في الحياة من والوض ةعية التي تنادي بها الحداثة الرأسمالية على وجِه الخصوص قد أدت إلى وجها ِ ضت بالتالي على البيئة، قَِبيل" :الرعاع الفاشي" ،و"النسا ن الميكانيكي اللي" و"التشبه والمحاكاة"؛ فقَ َ ق لدماِر المجتمع التاريخي وتشتيته .إّ ن التشبَث المفرط بالقوانين الطبي ةعية ي ةعني ال ةعجَز عن إعاقِة لِتَُمّهد الطري َ ب الميتافيزيقيا، دماِر المجتمع وانفكاكه ،ليكو ن ذلك أسطَع برهاٍ ن على أّ ن "ال ةعلموية" ليست سوى أسوأُ ضرو ِ هذا إذا كا ن للحياة الجتماعية فيها م ةعنى أو قيمةً أوص ً ل! علينا التشديد بأهميٍة قصوى على أّ ن "ال ةعلموية" ليست إل ماديةٌ ضحلةٌ لب ةعِد الحدود ،وهي الكثُر احترافاً للسلطة والستغلل ،وبالتالي ،تبقى تتراوح في وضع ب الميتافيزيقيا. ع نفسها بالكثر ،سواًء بوعٍي أو بدونه ،لتَُمثَّل في النتيجة أقبَح أشكاِل رواس ِ خدا ِ ف الجماعة التي يمكننا ن ةعتها بـ"النهليستية" -2أما أوصحاُب الزمرة الحيادية ،والذين يأخذو ن أماكنهم في وصفو ِ ف من الطرفين ،وأنه ل داعي لموالِة الميتافيزيقيا أو فيزعمو ن أنهم ليسوا مضطرين للنحياز إلى أ ّ ي طر ٍ مناهضتها ،وأنه بالمكا ن ال ةعيش باستقلليٍة تامة عنها .من الضروري الشارة إلى أّ ن هذه الزمرَة ،التي تبدو شّكُل الجماعةَ الكثَر خطرًا .فالطرفا ن الخرا ن – على القل – لهم طموحاُتهم بريئةً وم ةعصومةً ظاهريًا ،تُ َ ّ ُ وغاياُتهم الكبرى ،وهم ُمدِركو ن لقيمِة الُمثل التي يَُمثلونها ،وعازمو ن على تشكيِل المجتمع وإعادِة بناِء الفرد. ب الزمرة الحيادية كليًا ،ورغَم عيشهم ضمن المجتمع واعتمادهم على قيمه وُمُثله ،إل أنهم يسلكو ن أما أوصحا ُ ف نهليستية )عدمية( ،ويؤمنو ن بإمكانيِة ال ةعيش بشكٍل ل ينتمو ن فيه إلى ذلك المجتمع .إنها المجموعةُ مواق َ القرب إلى الميتافيزيقيين "ال ةعلمويين" ،والتي ضاعَفت الحداثُة الرأسمالية من ت ةعدادها لتت ةعاظم كالكرة الثلجية، ت هذه ق م ةعاكس ،يمكننا ن ةع ُ وتتكّوُ ن من عناوصَر هشٍة وسافلٍة ضمن المجتمع المنهار والمتفكك .ومن منطل ٍ ب والمنظُر الفضُل لتمثيل هذه المجموعة بالقرب إلى الَحيَونة .ويبدو أ ن المت ةعصبين لكرِة القدم هم المثاُل القر ُ ت المشابهة لها بسرعٍة ملحوظة .كما يمكن البرها ن عبر هذه المثلة على المجموعة ،حيث تتكاثر المجموعا ُ ض السرطا ن .وكلتا الطريقتين التاريخيتين الم ةعنيتين أّ ن الحداثةَ الرأسمالية هي التي ُتضاِع ُ ف من َمَر ِ بالميتافيزيقيا تتِّحدا ن في نهايِة المطاف في بوتقِة مفهوم الوض ةعية ال ةعلموية للحداثة .وبينما يكو ن ِديُنهم هو الّديُن الوض ةعي ،الذي هو ميتافيزيقيا بهيئٍة مختلفة ،فإ ن إلههم هو الدولة القومية .هذا اللهُ المت ةعّري من قناعه، مشّخصاً في الدولة القومية بالذات ،يتم تقديسه وتمجيده بكّل رموزه وطلسمه وإيماءاته بشكٍل شامٍل في كافِة المجتم ةعات ال ةعصرية. ف أكثَر توازنًا .أو بالحرى ،وإدراكاً مني بأ ن الميتافيزيقيا -3أعتقد تماما ً بإمكانيِة بل وضرورِة تطويِر مواق َ ب إلى "الفاضل ،الجميل ،الحر ،الصحيح" في مياديِن تكويٌن اجتماعي ،فإني َأعتَبُِر تطويَر الميتافيزيقيِة القر ِ َ الخل.ق والفن والسياسة والفكرَ ،مَهّمة أوصيلة وأساسية .أي أّ ن مواوصلة بحثنا عن "الفاضل ،الجميل ،الحر، ض الميتافيزيقيا والصحيح" مثلما ساد في المجتمع التاريخي ،يشّكُل جوهَر "الحياة الفاضلة"؛ بشرِط عدِم دح ِ كلياً أو الستسلِم لها كليا ً أو السقوِط في سفسطائيِة وحماقِة الستقللية التامة عنها .وكلي إيماٌ ن بأّ ن فّن الحياة الفاضلة هذا هو القادُر على تأميِن إمكانيِة حياٍة قّيمة في المجتمع. ل ريب في أّ ن الميتافيزيقيا ليست قضاًء مكتوباً علينا ،ولكن ،من المحال التراجع عن إيجاِد وتطويِر الكثَر "فض ً ل ،جماًل ،حرية ،ووصحًة" .فبقدِر ما يكو ن الستسلُم للسوء والقبح وال ةعبودية والخطأ ليس قدراً محتومًا، َ َ ً فإّ ن نمط الحياة الفاضلة والجميلة والحرة والصحيحة ليس محال .كما أننا غيُر مرغمين على قبوِل الحياة النهليستية الناجمة عن الخيار السوأ في اللمبالة وعقِم الحل )أي ،في كافِة النظمة الهرمية والدولتية ،وفي مقدمتها الحداثةُ الرأسمالية( .والصراُع في هذا الموضوع ي ةعود إلى ُأولى عصوِر نشوِء المجتم ةعات ،وقديٌم بقدِر عمِر التاريخ .والجانُب الخاص في راهننا يكمن في عيشنا مرحلةَ انهياِر نظاٍم كنظاِم الحداثة الرأسمالية .وهذا مؤشٌر لضرورِة انتهاج الفكار والممارسات الخاوصة ،وإعادِة إنشاِء المكونات الجتماعية ،لتسييِر النضال في س سبيِل "الفاضل ،الجميل ،الحر ،والصحيح" .وبقدِر ما تستلزُم مثُل هذه الجهوِد الحثيثِة الشروَع بحما ٍ سق الحقيقة(. عنفوانّي لدرجِة الهيام وال ةعشق ،فهي تتطلب أيضاً البحوث الكثر علميةً )السلوب ونَ َ
ت البرها ن( ،التي س ةعينا لسردها حتى ال ن ،كوسائَل ضروريٍة يجب من الواجب تقييم عناوصر الحجة )أدوا ِ تف ةعيلها في إيجاِد الردود المناسبة لمشاكِل تجاوِز الحداثة الرأسمالية وتطويِر ونشِر الحداثة الديمقراطية .وهذا .ق الحقيقة( المؤدية إلى الحداثة الرسمية القائمة ،بقدِر تسليِط ما يتطلب انتقاَد الساليب ونُظُِم الم ةعرفة )طُُر ِ ٌ .ق واس ةعة .وأدواتنا م ةعنية بذلك .لقد الضوء على أسالي ِ ح آفا ٍ ب ونظِم الم ةعرفة لما وراء الحداثة ،والمؤديِة إلى فت ِ شّكُل مفتاَح الحل .ول يزال أسَهْبنا في سرِد السباب اللّّمية والكيفية الضروريِة للتركيز على النسا ن كم ةعضلٍة تُ َ ف السليُم والدراُك الصائُب للفرد والمجتمع يحافظ على أهميته القصوى .فكّل الجهود التي يبذلها كّل من الت ةعري ُ ضها علم الجتماع وعلم النفس الجتماعي وعلم النثروبولوجيا ليست م ةعطاءًة بالقدر الكافي ،بسبب تََ ةعّر ِ للتحريفات الجدية للحداثة ،ووقوِعها في ِشباك الم ةعرفة السلطوية .في حين تبقى الجهوُد الفرديةُ القّيمةُ بل ب المساهمات المنهجية ،وفي مقدمتهم مدرسةُ تنظيٍم أو منهاج .ورغَم كّل المواقف القّيمة والثمينة لوصحا ِ فرانكفورت وفرناند بروديل ،ومن قبلهما نيتشه ،ومن ب ةعدهم ميشيل فوكو ووالرشتاين ؛ إل أّ ن أساليَب ونُظَُم الم ةعرفة ل تزال ب ةعيدًة عن المنهجية في المرحلة الراهنة )أي ،مرحلةُ انهياِر الحداثة ،وبروِز ما وراء الحداثة الجديدة ،والتي نرغب تسميتها بـ الحداثِة الديمقراطية( .إّ ن الجهوَد المبذولةَ قّيمةٌ وثمينةٌ للغاية ،ولكنها متناثرةٌ ف بها ب الولي وراء ذلك هو عمليةُ التسميم التي يقوم بها النظاُم الرأسمالي ،والتي اعتَر َ ومجزأةٌ للغاية .والسب ُ والرشتاين بذاته .إنهم وكأنهم يتخبطو ن بين فَّكي كماشِة الحداثة. َ ت نيتشه بأهميٍة ملحوظة ،حيث قال بأّ ن الحداثة قامت بتأنيث المجتمع وخصيه وعلى سبيل المثال؛ تتميز عبارا ُ وتنميله .وكأنه يتنبأ ويتكهن بما سيجري ب ةعد خمسين سنة ،حين عّبر عن سياسِة الرعاع الفاشية التي مارسها ي روصيٍن ونظرٍة ثاقبة عندما قال في اللماُ ن بن ةعته إياهم بـ"الحيوا ن الشقر بامتياز" .واضٌح أنه قد نادى برأ ٍ كتابه )هكذا تكلم زرادشت( بأّ ن الَ ةعصَرَنة والتدّوَل القومي سيَوّلدا ن الرعاَع الفاشيين في ألمانيا عاجلً أم آج ً ل، ت النملة على نمط "الّمِة النملة" .وكأنه نبّي ال ةعصِر الرأسمالي. وعندما قال عن اليابا ن بأنه سَتبُرُز المجتم ةعا ُ ص حديدي". لقد قام ماكس فيبر بتثبي ٍ ت ِجّد ُمِهّم لدى إدراكه للحداثة واعتباِرها بأنها "إقحاُم المجتمع في قف ٍ ب وراء ال ةعاَلم المفتقِد لساحريته وعظمته ،أّكَد بذلك على الخصائص السب أنها على فبينما نظر إلى ال ةعقلنية ُ المادية للمدنية. ف كما ينتقد فرناند بروديل بشدٍة ووصرامٍة علوَم الجتماع المنقط ةعةَ عن الب ةعاِد التاريخية والمكانية .ف ةعندما ووص َ ت الشروَح المتهربةَ والصارفةَ النظَر عن الب ةعاد الزمكانية بأنها "أكدا ٌ س من الحوادث الفارغة" ،قّدم مساهما ٍ ت بروديل بشأِ ن التاريخ تفتح الفا.ق" :الفترة القصيرة – التاريخ جّد هامٍة بشأِ ن مسألِة السلوب .فاوصطلحا ُ الوقائ ةعي )الَح َدثي("" ،فترة الجواء الحاكمة – فترة الزمة الدورية" ،و"الفترة الطويلة – الفترة البنيوية ". تتميز انتقادا ُُ ت مدرسِة فرانكفورت الموّجهةُ إلى الحداثة والتنوير بمزايا تفتُح آفاقاً واس ةعة .ف ةعبارةُ أدورنو ت "التمركز" )التجميع( بأنها ت ةعني وص َ مؤثرةٌ وقويمةُ حين َو َ ف مدنيَة الحداثة المؤدية إلى تفشي م ةعسكرا ِ ش بصواب" .فهو "انتهاَء مرحلٍة في ثنايا الظلم" .وأُخ ّ ص بالذكر عبارَته الشهيرة "الحياةُ الخاطئة ل ُت ةعا ُ ب وم ةعرفة ،وكأنه بلَغ وعيا ً عظيمًا .وانتقاداُته بصدِد التنوير وال ةعقلنية س الحداثة كأسلو ٍ بذلك يُقِّر بخطأ ِ تأسي ِ أيضاً تفتح الفا.ق حقًا. ت الله السماوي في الحداثة ،فهي ت ةعليميةٌ حقًا .ونخص بالذكر مو إلى النسا ن ت مو فوكو أما إضافةُ ميشيل َ ِ َ ف المجتمع؛ حيث تَُ ةعّد تشخيصاً تحديَده للسلطَة ال ةعصرية بأنها ت ةعني تماما ً الحرَب الدائمة داخَل وخارَج وصفو ِ ت من قبيل :السلطِة ،الم ةعرفِة ،السجِن ،المشفى، مني ةعًا ،ولكن ،لم ُي ةعَمل به حتى ال ن .كما أّ ن سلسلةَ الوصطلحا ِ ً ت بارزة على وص ةعيِد السلوب، مشفى المجانين ،المدرسِة ،ثكنة الجيش ،الم ةعمِل ،والماخوِر ؛ قَّدَمت مساهما ٍ ج الم ةعرفة الحرة .أما ميشيل .ق غير مباشرة – إلى كيفيِة تأسي ِ بقدِر مساهماتها في الشارة – ولو بطر ٍ س منها ِ ب موته المبكر ،فكأنه يود فوكو ،الذي لم ُيس ةعفه الوقُت لتمام تحليلته بصدد السلطة – الحرب – الحرية بسب ِ ب دواِم حالِة الحرب داخَل وخارَج المجتمع .يمكننا الشارَة في تحليلته تلك إلى أّ ن الحداثةَ تقتل النساَ ن بسب ِ استنباط نتيجٍة من ذلك ،مفادها أّ ن الحريةَ هي شكُل الحياة الجتماعية الناجحة في البقاء خارج نطا.ق الحرب. ت إذ ن ،والحال هذه ،ل يمكن تحقيق الحرية ،ما لم يحصل إلغاء كّل من الصناعة الحربية المنِتجة لكافِة أدوا ِ ضع ش النظامية ،وقانوِ ن الربح الذي يشكل منبَع وغايَة ال ةعسكرتارية ؛ وما لم نَ َ الدمار والخراب ،والجيو ِ أيكولوجيا المجتمع ووسائَل دفاعه الذاتي ِعَوضا ً عن ذلك. سَم وصورةً )تصورًا( رائ ةعةً للنظام خ في إدراِك النظام الرأسمالي ال ةعالمي ،حيث َر َ يتميز والرشتاين ب ةعزٍم راس ٍ الم ةعاوصر منذ القر ن السادس عشر إلى يومنا الحالي .إل أنه غيُر جازٍم ،سواًء في تقييمه للنظام )حيث َي ةعتَِبر المرحلَة الرأسمالية ضرورةً اضطراريًة مثلما عند ماركس ،ويميل لمدحها( ،أو في كيفية م ةعاَرضِة النظام .ق الخلص منه .ولكنه يكاد يُقِّر بذلك عندما ُيرِج ةعه إلى سياسِة الترغيب Şerbetlemeفي النظام وتحديِد طر ِ البرجوازي .كما قّدم ب ةعنايٍة فائقة أطروحةً هاّمةً حين قال بأّ ن النظاَم الشتراكي ،وفي وصدارته روسيا السوفييتية ،دعك من تجاوزه للحداثة الرأسمالية ،بل إنه مّدها بالقوة والطاقة .وقال أيضا ً أّ ن انهيار النظام س المهارة الشتراكي ل ُي ةعّزز الليبراليَة الرأسمالية ،بل سيكو ن السبَب في تهاويها .لكنه لم يقدر على إبداِء نف ِ ت نظٍر مستقبليةً حاسمة ق النطلقات الجديدة .حيث ل يرسم وجها ِ في تحليِل أسبا ِ ب انهياِر النظام وكيفيِة تحقي ِ
فيما يت ةعلق بزماِ ن وكيفيِة انتهاِء الزمة البنيوية التي دخلتها الحداثُة الرأسمالية )فيما ب ةعد السب ةعينات( ،وربما ح قّيم ،ولو كا ن بسيطًا ،قد ُيسفر عن نتائَج هو ُمِح ّ ق في ذلك .لكن ،وبالمقابل ،فقوله ُمِهّم عندما َذَكَر بأّ ن كّل كفا ٍ عظيمة .إننا نلحظ هنا ابت ةعاده الكبيَر عن الحتمية الفظة .ويمكننا القول بأنه يتحلى بقوٍة تحليليٍة عظمى بشأِ ن ج الم ةعرفة. السلوب ومنها ِ ت موراي بوكين بصدِد اليكولوجيا، ل ريب في أنه يمكننا سرد أسماِء ال ةعديد من المتنورين الخرين .فتحليل ُ ب الناقص لدى كّل هؤلء ت واقتراحا ُ وانتقادا ُ ت فييرابند بصدِد السلوب والمنطق تفتح آفاقاً شاس ةعة .الجان ُ ق التواز ن الماهر في توحيِد الم ةعرفة مع ال ةعمل .ول شك في أّ ن القوة تحقي عن عجزهم في يكمن المتنورين ِ ال ةعظيمة للحداثة الرأسمالية في ربطهم وتوثيقهم بها لها تأثيُرها الكبير في ذلك .فرغم زعِم المدرسة الماركسية ي ت الكثَر وصرامًة وعلمية إلى الرأسمالية ،إل أنها لم تقدر على إعاقِة وقوعها بشكٍل تراجيد ّ بتوجيهها النتقادا ِ ً ص السلطة الم ةعِرفية ،ولم تستطع النجاةَ من التحول إلى بخصو للنظام ا جد ة مفيد ة لل التحول مؤلم إلى مرتبِة ٍ ٍ ِ ُ ف على ذلك. ح يساري لّليبرالية .وتجربة المائة والخمسين عاما ً برهاٌ ن كا ٍ جنا ٍ يمكننا إرجاع السبب الساسي في ذلك إلى محورتها لكافِة أساليبها ومّدخراتها الم ةعرفية حول "الختزالية القتصادية" .فـ"الشتراكية ال ةعلمية" لم تنُج من التحول إلى نسخٍة م ةعّدلة من المدرسة الوض ةعية من حيث م ةعالجتها للخصائص الميتافيزيقية والتاريخية للمجتمع على نحٍو ضحٍل وبسيط للغاية ،وإسقاطها ظاهرَة السلطة إلى مستوى هيئٍة حكوميٍة بسيطة ،وإضفائها دوراً سحرياً على التحليلت القتصادية والسياسية .ولدى شروِعها في علم الجتماع ،ورغم إضفائها دوراً تأسيسيا ً عليه بقدِر ما ف ةعله كّل من أميل دوركايم وماكس فيبر، إل أنها بقَيت عاجزةً عن تخطي دورها كمدرسٍة يسارية لّليبرالية فيما يت ةعلق بالسلوب والبستمولوجيا )نظرية الم ةعرفة( .مرةً أخرى يتجلى بكّل وضوح أّ ن الُمِهّم والم ةعيَّن في المر ليست النوايا ،بل هو بؤُر قوِة الصهر ب ،السلطةُ الم ةعرفية ،القوةُ التقنية( .ورغم أهميِة والتكامل المتحكمةُ بالمجتمع على يِد النظام المهيمن )السلو ُ القتصاد كقوٍة مؤثرة ،إل أنه ،وبدو ن تحليِله بشكل سليم مع السلطة والقوى الميتافيزيقية الساسيِة الخرى ب عليه ب ةعيٍن تاريخية واجتماعيٍة ثاقبة ،فإّ ن ال ةعزم على تخطي النظام القائم )الحداثة الرأسمالية( والتغل ِ ص شرعنِة ضرورِة ذلك كمرحلٍة تمهيدية( ،وطرَح المشاكل ال ةعالقة ،ووصياغَة طر.ق الحل في سبيل ذلك، )وبالخ ّ وترجمَتها إلى الممارسة ال ةعملية؛ إ ن ال ةعزم على كل ذلك لن ُيثِمر عن أي شيٍء أب ةعَد من التجاه الوض ةعي الفظ. والواقُع ال ةعملي والنظري القائُم يبرهن هذه الحقيقة بما فيه الكفاية. س الفوضويةَ Anarşistالبارزةَ كانتقاٍد راديكالي للحداثة الرأسماليةُ ،ت ةعتَبر ماهرةً وبارعةُ في إّ ن المدار َ السلوب ونظريِة الم ةعرفة .فهي ل َت ةعتِرف بتقدميِة الرأسمالية ،مثلما ف ةعل الماركسيو ن .وقد استطاع أوصحابها تناُوَل المجتمع من عدِة زوايا مختلفٍة تتخطى إطاَر الختزالية القتصادية ،فأّدوا بذلك دوَر "أطفاِل النظام ص من التحول ت لم تستطع الخل َ المتمردين" بكّل مهارٍة وكفاءة .ورغم كّل نواياها الحسنة ،إل أّ ن هذه التيارا ِ ق تحافظ على نفسها بكّل عناٍد إزاَء جرائِم وآثاِم النظام .وما ذكرُته بشأِ ن الماركسية في نهايِة المطاف إلى طرائ َ ف السليُم ينطبق على هذه التيارات أيضًا :النقاطُ الساسية التي بقيَْت على مسافٍة شاس ةعة منها هي :الت ةعري ُ .ق للسلوب ولقوة الم ةعرفة وال ةعمل في الحداثة ب عليه ،والستخداُم الحاذ ُ للنظام القائم ولقضايا تجاوزه والتغل ِ الديمقراطية. ت الحركات اليكولوجية والفامينية والثقافيِة وممارساتها ال ةعملية. ت مشابهة بصدِد نظريا ِ يمكننا إجراء تقييما ٍ َ ع :أين ومتى موضو في ورنا يسا القلق يبقى حيث الحديدي، القفص من وها ت ل الناجية الحجل خ فهي أَ ْ ُ ِ ّ ِ ِ شبَهُ بِِفرا ِ ت ت تب ةعث على المل ،حيث بإمكانها تقديم مساهما ٍ سُي ةعاد اوصطيادها؟ ومع ذلكِ ،من الُمهم النظر إليها كحركا ٍ ت التحرِر ت الجتماعيةَ الديمقراطيةَ وحركا ِ جمة عندما يتطور التياُر الساسي البديل .في حين أّ ن الحركا ِ الوطني التحَمت مبكراً بالنظام ال ةعصري ،وغدت قواه الداف ةعةَ له والمسّيرةَ إياه ،ونجَحت في التحول إلى مذهَبين منيَ ةعين للتياِر الليبرالي الساسي. صر لموقفي المناِهض للستشرا.ق سيكو ن مساَهمةً مفيدة في التوجه نحو المخت .ق إني على قناعٍة بأّ ن التطر َ َ ت متشابكة جدية لدى مراقبتي لذاتي تجاه الحداثة .يمكنني ذكر النتيجة .كما أني منتبهٌ لبقائي في ِخ َ ضّم تناقضا ٍ .ق أوسطيِة الكلسيكية ،والمتميزة بتناقضاتها ،بالتالي الشر ة الثقاف ر تأثي سبَبين لهذا المر على الفور .أولهما: ُ ِ ِ ُ بقضاياها الجذريِة مع الحداثة الرأسمالية .فهذه الثقافة ،وقبَل كّل شيء ،تتصف براديكاليتها في إيلِء الولوية ش بسهولٍة في المجتمع .بل إّ ن الرواب َ ط الجتماعية م ةعياٌر أساسي في للمجتمع لدرجٍة ل يمكن للفرديِة أ ن تنت ةع َ ي في تقييِم الشخصية ،حيث تّم السمّو بالروابط مع المجتم ةعات بالجماع .وللّديِن والتقاليِد السائدِة تأثيُرهما القو ّ ذلك .أما النقطاُع عن المجتمع ،فُين َ ظر إليه ب ةعيِن الزدراء ،ويصبُح موضوعاً للسخريِة والتهكم .هذا ول غ الروابِط الفضل نوعية ،فُيقاَبل بالتقديس والتبجيل .أما ُيستساغ تغييُر الجماعة أيضًا .لكن ،وفي حاِل بلو ِ الحظُي بمكاٍ ن ومكانٍة داخَل أروقِة الدولة والهرمية ،فُي ةعّد مصدَر غبطٍة وافتخار .ولثقافِة الدولة والهرمية الكلسيكية في الشر.ق الوسط تأثيٌر بارز في سيادِة هذا الوعي .وبتأثيِر ُمجَمِل هذه الخصائص ،فِمن ال ةعسير الستسل ُم للثقافات الخارجية ،وكذلك للثقافات ال ةعصرية .أو بالحرى ،من ال ةعصيب وصهرها في بوتقتها. ضلً في راهننا على بالتالي ،يجب أل َي ةعَترينا الذهول إزاء كوِ ن ثقافِة "المة" بتقاليدها الوطيدة ترجيحا ً مف ّ
الدولتية القومية التي ُت ةعد أقوى التيارات في يومنا .ذلك أّ ن الدولة القومية ثمرةٌ من ثمار الحداثة الرأسمالية، بالتالي ،فهي غريبة .ولدى المقارنة والمقايسة بين السلموية السياسية والدولة القومية ،واللَتين ت ةعتبرا ن نزعةً قوموية مضمونًا ،فستكو ن القومويةُ السلموية المحلية هي المرّجحة بغالبيٍة ساحقة .والتنافُر والتنازُع إزاء الحداثة يسود ال ةعديَد من مياديِن وأنماِط الحياة .إذ ،ما من مقاومة حصلت تجاه الحداثة الرأسمالية على ع الحداثة الرأسمالية الص ةعيد الثقافي ،فيما عدا الشر ِ .ق الوسط .وحتى لو حدثت ،فلم تستطع النجاة من ابتل ِ ٌ ُ خ البنية الثقافية على الص ةعيدين التاريخي لها ،أو وصهِرها في بوتقتها .هذه المقارنة لوحدها كافية لبرهاِ ن رسو ِ والجتماعي. ً ً ي تياٍر بأ التشبث س و ه في أنزلق لم أنني إل الغربية، الفكرية بالبنية ا بالغ ا اهتمام إبدائي ورغم الثاني؛ ب ّ السب ُ ََ ِ منها لمدٍة طويلة .ذلك أني أثناء بحثي عن الحقيقة ،ولو لم يتميز هذا البح ُ ث بالجذرية والمنهجية الكافيَتين، ب المؤدية إلى الحداثة ،وعاِلماً بتفوقها ال ةعلني .ولكّن كن ُ ت مدركاً تماما ً لماهيِة التراكم الم ةعرفي -ال ةعلمي والسالي ِ ردوَد الف ةعل التي اختلَجتني إزاَء ثقافِة الشر.ق الوسط لم أتواَ ن عن إبدائها تجاه هذه الثقافة ال ةعصرية أيضًا .ذلك ت بدرايٍة سليمة سها ،وأدرك ُ أني انتبه ُ ت – ولو متأخراً – إلى أّ ن كلَتيهما تنبثقا ن من مصنِع الحضارة المدينية نف ِ ف عاٍم بأقل تقدير .بالتالي ،لم أتواَ ن عن أ ن كلَتيهما تنحدرا ن من بنى الدولة والهرمية الم ةعّمرة منذ خمسِة آل ِ إبداء الحذاقة والجرأة في توجيِه النتقادات للجوانب المشتركة للثقافتين ،وتمريرهما في الغربال النقدي. ض الفرديةُ المجتمَع وتقضمه كالفأر .إذ ،ليس من ومن خلِل هذه النتقادات ،لن يكو ن وص ةعباً رؤية كيف َتقُر ُ ض المجتمع النساني أكثر من تمثيلها حريِة الفرد، ال ةعسير تشخيص الليبرالية الرأسمالية باعتبارها فّن َقر ِ وم ةعرفة أوصولها المتأتية من الثقافة التجارية الكلسيكية .كما من السهولة إيضاح منبِع الثقافة التجارية المرتبطة بال ةعديد من التقاليد القديمة في الشر.ق الوسط ،بما فيها الديا ن التوحيدية الكبرى الثلثة .أما التبضيُع خ وانهياِر المجتم ةعات والتجم ةعات وتباُدُل السلع ،اللذا ن ُي ةعدا ن من مقوما ِ ت التجارة ،فقد ل ةعبا دوراً رئيسا ً في تفس ِ .ق أوسطّي متجذٌر ووطيد .وتتميُز بتأثيرها المحّدد الممّثلِة لجماعيِة النسا ن .إّ ن الذهنيةَ التجارية تقليٌد شر ُ ت والبنى في المجتمع التي ت واللغا ِ خ ال ةعديد من عناوصِر المؤسسات والرموز والهويا ِ والم ةعّين في ثبو ِ ت ورسو ِ خ ع الله وتقديسه ،إلى تحويِل فّن إدارِة الدولة إلى ِحيٍَل ومكائد ،ووصولً إلى ترسي ِ يكتنفها الشك ،بدءاً من ابتدا ِ سها هذا ب والرياء والزدواجية في الخل.ق على نحٍو بنيوي .وتكمن مساهمةُ أوروبا الغربية في اقتبا ِ الكذ ِ ً ً ح والتنوير لج ةعله نظاما مهيمنا على المجتمع .أما النظاَم من الشر.ق الوسط ،واستغلِله عبر النهضة والوصل ِ في مجتم ةعات الشر.ق الوسط ،فل ُيستساغ التاجُر ومؤسساُته ،ول يولى مكانًة أولية .بل ،وعلى النقيضُ ،ين َ ظر إليه دوما ً ب ةعيِن الشك والريبة .في حين أّ ن ما نجَحت فيه الحداثةُ الرأسمالية في أوروبا ،هو ج ةعُلها نظاَم السل ةعة س المجتمع ،وحّثها كّل ال ةعلوم والديا ن والفنو ن لتسخيرها في خدمة هذا المجتمع الجديد .وهكذا، تاجاً على رأ ِ ي وتافهٌ في الشر.ق الوسط أوصبح محبذاً وم ةعززاً وأولياً في أوروبا. وثانو ي هامش فكّل ما هو ّ ّ ً ً لقد غدا انتقاُد حداثِة أوروبا ،بل ومناَهضُتها بالعتماد على ال ةعنف بطابِع السلم الراديكالي ،موضة دارجة في ت الميدانية التي تبدو وكأنها عدّو لدوٌد الشر.ق الوسط الراهن .لكن ،وحسَب رأيي ،فإّ ن كّل المواقف والتنظيما ِ ت مندرجة في إطار الحداثة، للحداثة والستشرا.ق ،بدءاً من أدوارد س ةعيد إلى حزب ا؛ قد تحوَلت إلى كيانا ٍ تماما ً مثلما َحّل بالتقاليد الماركسية ،ولن تنُجو في النتيجة من تقديِم الخدمات لها بكّل سماجٍة وذّل وهواٍ ن. ق بفضِل الحداثة ب ةعينها ،فهي بموجب طبي ةعتها ،وسواًء كانت ناجحةً أم فاشلة، فباعتبار أّ ن بروزها تََحقّ َ ستتوسل إلى الحداثة للشحادة بِنََهٍم وجشع ،وستدافع عنها بنفس المواقف .وبينما يكتفي أوصحاُبها بحصِر ت الحداثة الكثِر رج ةعية. س والّلحى ،تبقى أرواُحهم وأجساُدهم م ةعبأةً بمخلفا ِ تقاليدهم في الهيئة والملب ِ ت ت أسلوبي في النقد ونمطي في تقييِم الم ةعرفة بخطوطه ال ةعريضة .أو على القل ،سلط ُ كلي قناعةٌ بأني عرض ُ ف السلوب وال ةعلم المؤدَيين إلى الحداثة الرأسمالية .كما أرى أ ن أمامنا الضوء ،ولو بشكٍل محدود ،على ت ةعري ِ ح ضروري كترجي والديمقراطية" الحرية ة انطلق ق تحقي ل سبي في والم ةعرفة فروصة "تطويِر نمطنا في السلوب ِ ِ ِ ٍ للنفاذ من مرحلِة "الفوضى" البنيوية للحداثة؛ ولو أننا لسنا واثقين كثيراً من وصحِة ذلك .ولتسهيِل شرحنا )قولنا( هذا ،يمكننا سرده على نحِو بنوٍد أولية: س دعائَمه كّل ِمن روجر س أ الذي )البراديغما( والمفهوم ب رؤيةَ وانتقاَد الروابِط بين الرأسمالية -1يج ُ ّ َ وفرانسيس بيكو ن وديكارت بشأِ ن السلوب وال ةعلم. ب رؤيَة الدوافع الكامنة وراَء تجذيِر الفصل بين الذاتانية والموضوعانية وعكسه على ال ةعديد من -2يج ُ ع الستغلل الثنائيات الخرى؛ حيث يهدف إلى تقييِم المجتمع )الشيء الموضوع( كمصدٍر منفت ٍ ح لكافِة أنوا ِ ت ال ةعاقلة(. والضطهاد على يد الفردية )الذا ِ َ َ -3هذا المفهوُم في السلوب وال ةعلم نظَر ب ةعيٍن طبي ةعية إلى التمييز بين البرجوازي والبروليتاري في المجتمع، وأدى بالتالي إلى استخداِم البروليتاري كـ شيء موضوع. -4وضَ ةعت الحداثةُ الرأسمالية اللّبَنَةَ الساسية لفرضيِة ال ةعلم – السلطة انطلقاً من عبارتها "ال ةعلُم قوة"، ح فتاٍك وأساسي بيد النظام الحاكم. وحّوَلت التحاَد المبّكَر بين ال ةعلم والسلطة إلى سل ٍ -5ج ةعَلت الحداثُة الرأسمالية من الخرافات وال ةعقائِد الثبوتية المنحرفة البارزِة بما فيه الكفاية في الّدين
ست دينها هي ،وبس َ طت والميتافيزيقيا وسيلةً لتحويِل ال ةعلوم إلى ديٍن جديٍد على غرار ال ةعلم الوض ةعي ،وأ ّ س َ نفوذه باسم الصراع مع الدين والميتافيزيقيا. -6ج ةعَلت من الليبرالية )مذهب الحرية( أيديولوجيًة رسمية لها ،وحولتها إلى وسيلٍة مثالية في الوفا.ق من .ق كافِة اليديولوجيات الم ةعاِرضة بذاتها ،ووصهرها في بوتقتها من جهٍة ح فتاٍك في إلحا ِ جهة ،واستخدَمتها كسل ٍ ثانية ،وأوصبحت كـ"اليِد الخفية ،ال ةعقِل الخفي" لَِتبس َ ط أقوى هيمنة أيديولوجية. -7وبينما َأضَفت الرسميةَ على الليبراليِة وال ةعلوم الوض ةعية ،ح ّ طت من أهميِة التيارات اليديولوجية والمدارس الفكرية الخرى ،وبالخص تلك الم ةعاِرضة لها ،وثابَرت في جهودها تلك إلى أْ ن ألحَقتها بذاتها. -8ح ّ ص المناِهضين للنظام القائم في تقديِم الرشادات أو طت من شأِ ن الفلسفة والخل.ق ،وبذلك قلَّلت من فر ِ اتخاِذ المواقف اللزمة )الختيار الحر = الخل.ق(. ض الضوابط على ال ةعلم ،حقّ َ َ ح بشر م لتقو م ةعانيه، ة وقو الداخلي له م تكا م وانقسا ته تشت قت ِ ُِ -9وبالفراط في فر ِ َ َ ِ ُ ُ سُهُل ربطه بالسلطة وتحويله إلى ميداٍ ن الفيل عبر وبره ،والغابِة عبر شجرٍة منها .فال ةعلُم المشّتت إربا ً إربا ً يَ ْ ف الم ةعاني تقني َيدّر الربَح الوافر .وهكذا غدت الغايةُ الولية من ال ةعلم والم ةعرفة كسَب الربح الكبر ،ل اكتشا َ ج ال ةعلم – القوة – المال .أي أّ ن ال ةعلم – السلطة ج الم ةعرفة – ال ةعلم إلى منها ِ الوصيلة للحياة .وتم النتقاُل من منها ِ س الجديد للحداثة. س المال هو التحال ُ ف المقّد ُ – رأ َ -10وبالضافة إلى المرأة التي اكتمل تأنيثها )المرأة الكثر عبودية( على يِد مدنيِة الحداثة الرأسمالية )حضارة المدينة الطبقية( ،تم َخصُي الرجل وتأنيثه أيضاً )بذري ةعة الموا َ ق بذلك تب ةعيةُ المجتمع برمته طنة( ،لتتحقّ َ َ سَب هتلر ،المجتمُع كالزوجة الذليلة( .إ ن المجتمُع بالنسبة إلى الدولة القومية أ ْ كزوجات خان ةعات )فح ْ شبَهُ بحصاِ ن الركوب وِبالَ ةعْورة. ب دائمة ،سواًء داخَل المجتمع ،أو فيما بين المجتم ةعات ،كأمٍر -11تحوَلت السلطةُ في الحداثة إلى ساحِة حر ٍ ٌ ب الكل ضد الكل"، واقع )إذ لم يَُ ةعْد ثمَة م ةعنى للتفريق بين الدولة والمجتمع( .وعبارةُ هوبز "إنها حالة من حر ِ والتي قالها في مجتمِع ما قبِل الرأسمالية ،تصبح أكثر تأثيراً وشيوعا ً في ظّل الحداثة الرأسمالية .وما البادات ال ةعرقية سوى ذروةُ هذه الحروب. -12لقد تََولَّدت أزمةٌ بنيويةٌ حادة بسبب :اكتماِل مرحلِة التوسع في المركز والطراف في ظّل نظاِم الحداثة ض الرأسمالية ،ووصوِل اليكولوجيا أب ةعاداً ل ُتطا.ق ويستحيل م ةعها الستمرار ،البطالِة ،الفقِر المدقع ،انخفا ِ الجرة والم ةعاش ،ووصوِل البيروقراطية درجةً تبتلع فيها كّل ما حولها ،دّك دعائِم المجتمع اللهي ،هيمنِة شريحة المستثمرين الماليين ال ةعالميين المن ةعزلة عن النتاج والكثر تطف ً شباِك المقاومة ل؛ وبالمقابل تطّوِر ِ والتصدي في كافِة المياديِن لدى سواد المجتمع. -13تحتضن مراحُل الزمات البنيوية في أحشائها التشابَك والتداخَل بين النطلقات الثورية والثورية المضادة، وكذلك بين النطلقات الديمقراطية التحررية والنقلبات التوتاليتارية والفاشية .والذين يقومو ن بتطويِر أنماِط السلوب والّنظُِم ال ةعلمية بأمهر الشكال ،ليج ةعلوا منها أرضيًة أولية لنشاطاتهم ال ةعملية؛ هم الذين سيحالفهم الحّظ في إنشاِء النظام المجتم ةعي الجديد. -14في م ةعم ةعاِ ن الزمات البنيوية والفوضى البينية ،تستطيع الحركاُت الديمقراطية واليكولوجية والتحرريةُ ت قصيرٍة متلحقة ،أ ن والمناديةُ بالمساواة )ال ةعادلة( عبَر حملتها الصغيرة والمؤّثرة والمستمرة على فترا ٍ ت القادرةَ على تحديِد م ةعالِِم المستقبل على المدى الطويل. تؤ ّ س َ س الكيانا ِ ولجل ذلك يجب: -1تقييَم علِم الجتماع بأب ةعاده التاريخية والمكانية كدليِل عمٍل وكمرشٍد للنشاطات الميدانية. .ق النظام القائم ،وذلك اعتماداً على مناَهضِة كافِة الحقائق المذكورة في النقاط الرب ةعة -2تطويَر الحل خارَج نطا ِ عشرة ) (14التي س ةعينا لشرحها أعله ،وكذلك انطلقاً من حقيقِة كوِ ن الحداثِة الرأسمالية بنيةً سرطانيةً ضها على السطح. تستفحل في ال ةعديد من الميادين لتطفح أعرا ُ -3تجاُوَز كافِة الثنائيات والقرائن الفظة المرتكزِة إلى التمييز بين الذاتانية والموضوعانية )وفي وصدارتها المثالية – المادية ،الدياليكتيك – الميتافيزيقيا ،الليبرالية – الشتراكية ،التأليهية – اللحادية ( ،وال ةعمَل أساساً بِفَّن التفسير للم ةعاني الفاضلة والم ةعتِمِد على كافِة المنجزات ال ةعلمية. ص أو إهماِل أهميِة ميتافيزيقيِة النسا ن الم ةعتِمدِة على الفاضل ،الجميل ،الحر ،والصحيح ،سواًء -4عدَم إنقا ِ ت النشاء الجديدة. في الساليب النقدية ،أو في حمل ِ ح السياسِة الديمقراطية. -5ال ةعمَل أساساً باوصطل ِ ص إلى آلف الشخاص ،حسب -6تأسي َ س اللف من منظما ِ ت المجتمع المدني )يمكن أ ن تضم ثلثِة أشخا ٍ ُ ً ح اوصطل من ا انطلق وذلك والسلطة، ة الزم فيها تتواجد التي الميادين ة كاف في وضرورتها( وفوائدها فاعليتها ِ ِ السياسة الديمقراطية. -7تكويَن أُّمِة المجتمع الجديد المزَمِع إنشاؤه بحيث تكو ن أّمًة ديمقراطية .وبينما تَُكو ن المةُ الديمقراطية ف النظر عن حقيقة إمكانية تجانبهما وحتى تداخلهما. منفصلًة عن الدولة القومية ،فمن الضروري عدم وصر ِ
س الكونفدرالية -8تطويَر شكِل الدارة السياسية للمة الديمقراطية )تشبيهاً بالتصنيفات المألوفة( على أسا ِ ف المم كأمٍة ديمقراطية واحدة .كما الديمقراطية المحليِة ،الوطنيِة ،القليميِة ،وال ةعالمية) .أي ،يمكن تنظيم مختلَ ِ يمكن بناُء التنظيم على نحِو الدولة القومية والمة الديمقراطية ضمن إطاِر المة ذاتها .في حين أّ ن ت الديمقراطيةَ القليميةَ وكونفدراليَة المم الديمقراطية ال ةعالمية ضروريةٌ للغاية ،حيث يمكنها تأدية الكونفدراليا ِ مهاّمها وإبداء تأثيراتها الحاسمة في حّل المشاكل ال ةعالمية ال ةعالقة والمشاكل الوطنية والمحلية أيضاً على نحٍو أجدى وأكفأ من هيئِة المم المتحدة الحالية. ض للصناعة التقنية المتبقية من الحداثة ،والتي تَُ ةعّد إحدى أمتِن ض نقي ٍ -9تطويَر المجتمع الديمقراطي كم ةعاِر ٍ ث دعائم أساسية :آ -النتاجيات الرأسمالية ،ب -الصناعوية ،ج -الدولتية دعائمها )ترتكز الحداثةُ إلى ثل ِ القومية(؛ وإضفاَء الطابع اليكولوجي على القتصاد والتقنيات. -10ضماَ ن الدفاع الجتماعي من قِبَِل الميليشيا الش ةعبية. سِرّية الجديدة الم ةعتِمدِة على تََوّجِه المرأة من عبوديتها الغائرة نحو حريتها المتجذرِة -11إنشاَء النظمة الُ َ ومساواتها ال ةعميقةِ ،عوضاً عن النظام الذكوري المستند إلى السس الهرمية والدولتية الوطيدة. تكفي هذه البنوُد الساسية للت ةعبير عن وجهِة نظرنا البراديغمائية التي يمكننا زيادة ت ةعدادها وِذْكُر تفاوصيلها س الوقت الزماُ ن الذي أقامت فيه الدقيقة بإسها ٍ ب أشمل .إننا ن ةعي تماما ً أّ ن زماَ ن الحداثة الرأسمالية هو في نف ِ ً َ َ ً ب جهودا حثيثة وعظيمة في سبيِل إحياِء هذه يوتوبيا ُ ت الحرية والمساواة القيامة ولم ُتقِ ةعدها .وقد بذلت الش ةعو ُ ب ل حصر له ،وعانت آلماً مريرة .لذا ،ل يمكننا ضت الش ةعو ُ اليوتوبيات ،وُأريَقت الدماُء كالسيول .وتََ ةعّر َ ب لت ةعذي ٍ سدى .وعلى النقيض ،فسْ ةعُينا لتحليِل كافِة هذه الم ةعضلت هو بغايِة الووصول بهذا اعتباَر أ ن كّل ذلك ذَهَب ُ ق اللتحام والتكامل بين يوتوبياتنا وحياتنا؛ لنتمكن من التوجه قُُدماً وتحقي دربنا، ة لنار التاريخ إلى تفسيٍر سليم ِ ِ ومجدداً وصوَب الحياِة الخلبة والجذابة ،والملتِحفة بال ةعشق والهيام .فالنتقاُل إلى أنماِط الحياة الطوباوية المتميزة بالمال الراسخة يستلزم بذَل الجهود الحثيثة دو ن كلٍل أو ملل. ت في كّل لن نتجاوز حدودنا بالزعم بأننا نحن الذين نبتدئ بالسلوب وبالنظام ال ةعلمي مجددًا .ولكني عمل ُ ت تناولها ،على الشارة إلى وجوِد ب ةعض المور التي تجري في مساٍر خاط ئ ،والتنويِه المواضيع التي حاول ُ شّدُد بأهميٍة بالغة على عدِم النظر إلى محاولتي في بالتالي إلى أّ ن السبَب في ذلك ذو منبٍع براديغمائي .وأُ َ س لنظاٍم جديد بديٍل من الجذور ،ول رؤيِتها على أنها تفنيٌد كامٌل )النهليستية – التفسير والتطبيق وكأنها تأسي ٌ ال ةعدمية( لما انتقدُته .وفي نهايِة المآل ،من الُمِهّم بمكا ن انتقاَد الحداثة الرأسمالية المتسّببة بالمليين من المآسي والحوادث المشابهة لوض ةعي أنا )المجازر والبادات ال ةعرقية والحروب التي ل تحصى( .وأخص بالذكر ب اعتباَرها المسؤولَة الولى عن المرحلة الكثِر ظلما ً ومأساويًة ح جميِع المؤّثرات وال ةعوامل الواج ِ ضرورةَ شر ِ في التاريخ ،والتي يمر بها الش ةعب والمنطقة اللَذين أنتمي إليهما )الكرد والشر.ق الوسط( .فشرُحها بجدارٍة وبما يليق بالش ةعب والمنطقة ،إنما ُي ةعّد من أبسط الشروط وأدناها لْ ن يكوَ ن المرُء متنورًا .إلى جانب ذلك ،فمن الطبي ةعي أْ ن تكو ن َمَهّمتي الولية متأ ّ ت وفي كيفيِة الرد عليها ،باعتباري ُأحاَكم طرةً فيما ذكرُته من تساؤل ٍ كزعيٍم لتنظيٍم هو الوسُع نطاقا ً والكثُر تأثيرًا .فإذا كا ن القمع والستغلل والضطهاد والصهر والزمات في مكاٍ ن وزماٍ ن ما عميقًا ،وإذا كانت الحياُة تمضي متخبطة في الذل والهوا ن بما يضاهي الموَت ذاته؛ فأعتقد أنه ل حيلة لنا حينها إل بتناول المور بمنظوٍر براديغمائّي جذري .وسأسلك هذا النم َ ط في تناول المواضيع اللحقة.
الفصل الثاني :المصادر الولية للمدنية ح وسرِد المؤّثرات الساسية ،التي َمّهَدت لظهوِر مدنيتنا الراهنة ،بأب ةعادها سنس ةعى في هذا الفصل لشر ِ التاريخية والجغرافية .فقد أوصبحنا ن ةعي تماما ً أ ن السبيَل لم ةعرفِة مجتمٍع ما مرتبطة بم ةعرفِة ظروفه وشروطه التاريخية والجغرافية. يُقَّدر اليوم تاريُخ ِبدِء انقطا ِع النسا ن عن الثدييات البدائية حتى الثورة الزراعية بحوالي سب ةعة مليين عامًا. المكا ن هو خط "ريف" في أفريقيا الشرقية .تتأكد وصحة هذه الطروحة حاليًا ،سواء عبر البقايا الثرية ،أو ع قريبة من النسا ن في هذه المنطقة .ورغم عدِم اليقين في م ةعرفِة ما إذا كا ن هذا عبر التواجد الغزير لنوا ٍ النقطاع حصل بالّتغيار الحيائي ،أم بالتطور التدريجي الطبي ةعي؛ إل أ ن هذا غيُر مهّم بالنسبة لموضوعنا الحالي .ومن المزايا اليجابية لنوعنا البشري الجديد نظاُم الحنجرة الُمساِعُد على إخراج أشكاٍل عديدة من الصوتيات ،وُوسع القطر الدماغي .إّ ن تواُجَد البراري والغابات من جهة ،والبحيرات المائية من جهة ثانية، صّوُر مسألِة دنوه يُ َ شّكل عاملً استراتيجياً في "ريف" أفريقيا الشرقية لضماِ ن أمِن هذا النوع البشري .يمكن تَ َ ً شِ ةعر الحالي ارتباطاً بهربه مدة طويلة إلى جواِر البحيرات على وجه الخصوص ،وفقدانه بالتالي من النسا ن الُم ْ ب ملءمِة الطقوس المناخية لب ةعد الحدود .المزية اليجابية الخرى للـ"ريف" هي لوبره الحيواني ،إلى جان ِ
شّكَل بذلك طريقا ً طبي ةعياً يمتد إلى سلسلة جبال طوروس .وهو الطريق ق الوديا ن والسواحل نفسها ،لِيً َ تَتَّبُ ةعه طري َ نفسه الذي يشكل خط النكسار Fay Hattıوخط الووصل والفصل بين القارتين )آسيا وأفريقيا( في ال ن عينه. ت لمليين السنين .وبالمقدور القول أ ن الهجرات وصوب ُي ةعتََقد أ ن النسا ن بقي في "ريف" على شكِل كلنا ٍ .ق أفريقيا كانت متواوصلة ،في حين ،تؤكد ال ةعديد من الم ةعطيات على أ ن النتشار الساسي نحو أرجاء أعما ِ ق في الخط الشمالي من "ريف" .ويَُخّمن أ ن أنواعاً بشرية جمة انتشرت عبر نفس الطريق الم ةعمورة قد تََحقّ َ ع شبيهة بالنسا ن في أية إلى حين ظهور الهوموسابيانس )النسا ن ال ةعاقل( .ولم ُي ةعَثر إلى ال ن على تََكّوِ ن أنوا ٍ .ق أفريقي. بق ةعة أخرى من ال ةعالم ،حيث أ ن جميع النواع المكت َ شفة ذات منشأ شر ِ ت جمة ت ةعود إلى مليو ن سنة على القل ،وُيجَمع على وقد ُعِثر في المناطق الخرى من ال ةعالم على مستحاثا ٍ انتشا ِر شتى النواع إلى كافة أنحاء الم ةعمورة حتى قبل ال ةعصر الجليدي الرابع. ت مؤّلفٍة من كل الفرضيات تشير إلى أ ن النواع البشرية كانت طيلة هذه الحقبة الطويلة على شكل كلنا ٍ عشرين إلى ثلثين شخصًا ،تقتات على جمع الثمار والصيد .وُيجَمع عموماً على الرأي القائل بتأثيِر هذين شّكِل اليدي والرجل .هذا وَتدل بقايا المستحاثات على أنهم بقوا في أماٍ ن ضمن الكهوف وفي الَ ةعَمَلين في تَ َ الجزر وسط البحيرات ،وعلى الكواخ الموثوقة بأوتاد مني ةعة .وبالمستطاع القول أ ن الُملكية وال ةعائلة لم تتشكل ب ةعد ،وأ ن الكل ن كانت عائلة بحد ذاتها .كما يمكن التخمين أنهم كانوا ي ةعتمدو ن لغَة الشارات )لغة البد ن والصوت( ،وأنهم لم يقدروا على ترميز الوصوات ب ةعد .وهذا ما يج ةعلنا ن ةعي على نحٍو أفضل أ ن إضفاء الرمزية على اللغة قد تَطَلَّب مرحلةً عمليةً طويلةً للغاية. البحو ُ ث الجاريةُ ُتظِهر للوسط أّ ن نوَع النسا ن ال ةعاقل قد دنا من امتلِك خاوصيِة اللغة الرمزية قبل حوالي 150 – 200ألف سنة من ال ن .وتشير البحا ُ ف سبة للقَِيم الرمزية – َ سلَ ِ ت المكتَ ِ ث ذاتها إلى أّ ن التفاهَم بالوصوا ِ اللغات ال ةعصرية – بدلً من است ةعماِل لغِة الشارة ،قد انطلق لوِل مرٍة من خ ّ ط "ريف" عينه وصوب الشمال، لينفتح على ال ةعالم بأسره قبل حوالي خمسين ألف سنة .وهكذا ،قَّدم التفاهُم باللغة الرمزية فَُروصاً عظمى ،حيث ت البشريَة المتفاهمة والمتحركة على نحٍو أفضل هي التي حققت التفو.ق .وربما يمكن التخمين بأ ن المجموعا ِ ي الرابع. ح التاريخ ذا علقٍة وثيقٍة بهذا التطور .إنه ال ةعصُر الجليد ّ يكو ن زواُل النواع الخرى بسرعٍة من مسر ِ ويَُخّمن أّ ن َتقاطُ َع وَتلُزَم ِكل التطوَرين قد قضى على نوع النياندرثال ،الذي كا ن أكثَر انتشاراً حتى ذاك ال ةعصر. وهكذا بقي سي ُد ال ةعالم الجديد لوحده بكل هيبته وخيلئه على المسرح :إنه الهوموسابيانس ،أي ،النسا ن ال ةعاقل ت أكثر ت ةعدادًا، شّكَلت مجموعا ٌ والناطق .ل نرى هنا َتمايَُز اللغات والعرا.ق في البداية ،ولكن ،يتم التخمين بأنه تَ َ زاوَلت الصيَد بشكٍل مخطط ،واستخدمت الكهوف كمساكن وم ةعابد ،واحتََرَفت المرأةُ جمَع الثمار ،في حين ع الناطق قد حصل على هذا الساس. ف الرجُل الصيد .وب ةعض اللقى الثرية ُتثبِ ُ احتر َ ت أّ ن التطوَر المذهَل للنو ِ والرسومات المتبقية من هذا ال ةعصر قويةٌ ورائ ةعة ،حيث ُعِثر عليها في المنطقة الواق ةعة بين فرنسا وإسبانيا، ف منطقِة هكاري .كما أّ ن اعتبار كلتا المنطقَتين ُأولى الساحات الكثِر ملءمةً للهجرة إليها من وفي ب ةعض كهو ِ داخِل أفريقيا عبر شرقي البحر البيض المتوسط وغربيه ،موضوعاً يتناغم ونظريةَ الهجرة ال ةعامة. س جباِل طوروس – زاغروس؟ -1بماذا تُِديُن البشريةُ لقو ِ ب التجمع س جباِل طوروس – زاغروس هو با ُ ج والبراهين التي تحثنا على التفكير بأّ ن قو َ ثمة الكثيُر من الُحج ِ س الرئيسي في النطل.ق من "ريف" أفريقيا الشرقية ،ومركُز النتشار إلى أرجاء ال ةعالم .أولها؛ أّ ن هذا القو َ ضُع الصحراء الكبرى، ت متتالية .فََمْو ِ هو نهايُة الطريق الطبي ةعية في "ريف" ،ويتم المجيء إليه على موجا ٍ والبادية ال ةعربية الواس ةعة وكأنه يغلق الباَب على جانَبيه الشرقي والغربي ،ليَحّول برزخ السويس والسواحَل شّكُل السواحُل الجنوبية للبحر البيض ق طبي ةعي للنتشار .في حين تُ َ الشرقيَة للبحر البيض المتوسط إلى طري ٍ ق جبِل طار.ق .ولكنها ليست م ةعطاءًة المتوسط الطري َ ق الثانَي الهاّم للتوجه إلى إسبانيا وأوروبا عبر مضي ِ ومثمرةً كما هي السواحُل الشرقية ،نظرًا لبنيتها وشروطها الجغرافية ،إضافة إلى ال ةعوائق ال ةعسيرة ومشكلة ق المثالية ،فتبتدئ من السواحل الشرقية للبحر البيض المتوسط ،لتمر من القوس التغذية الموجودة .أما الطري ُ شّكُله سلسلةُ جباِل طوروس – زاغروس ،والذي يسمى أيضاً بالهلل الخصيب .فهي أراضي خصيبةٌ الذي تُ َ خّيرة ،لدرجٍة من غير المحتََمِل البقاُء فيها دو ن التحول إلى مجتم ةعيٍة راقية. من هنا نستنبط المَر الثاني ،أل وهو أّ ن هذا ال ةعطاِء النابِع من ملءمِة المناخ لجل الجماعات البشرية في هذه البق ةعة ،واحتضاَنها عدداً َجّماً من النباتات والفواكه على شكِل حقوٍل طبي ةعية ،واحتواَءها غنى وافراً من ف ُمثلى للحماية والمن ،وتأميَنها الغزارةَ القويَة للنهار والينابيع؛ كّل هذه ت الصيد ،ووجوَد كهو ٍ حيوانا ِ
ح "الجنة" في ذاكرِة البشرية لحقًا .وبمقارنِة المزايا كانت منا ِ سبةً لدرجٍة َجَ ةعَلتها تَُمّهد السبيَل لظهوِر مصطل ِ ش ثنائيِة ق الجوار؛ يصبح تََ ةع ّ ش ُ هذه المزايا اليجابيِة النفِة الذكر مع الصحارى والبوادي الواق ةعِة في مناط ِ ت الساسيِة في ذاكرِة النسانية أمراً مفهومًا .وانطلقاً من هذه المزايا ،يمكننا الجنة – النار كإحدى الوصطلحا ِ ف النوع البشري ب ةعد "ريف" الفترا ُ ض بكل سهولة أّ ن هذه الساحةَ كانت الميداَ ن الثانَي الهاّم لِتََجّمِع وتكاثُ ِ خ أفريقيا الشرقية .ولن نكو ن مبالغين بالقول أنها "ال ةع ّ ش المهّيأ لِفَْق ِ خ" التطور الحضاري في تاري ِ س وتفري ِ سها باعتبارها موطَن تدويِن ،أو بالحرى نشوِء ،القصص الملحمية والساطير البشرية .هذا ويمكن تقدي ُ ت ال ةعظمى اللحقة ثماراً لملحِم التقديس تلك. النسانية ،لتكو ن الثورا ُ س اللغة الرمزية قبل حوالي خمسين ألف عامًا .فالنتقاُل من ثالثًا؛ َحَدَثت التطورا ُ ت في هذه الساحة على أسا ِ ت كامنةً عظمى التفاهم بوسيلٍة بدائيٍة للغاية كلغِة الشارة إلى التفاهم عبَر لغِة الرموز احتضن في طواياه طاقا ٍ ق المجتم ةعية وحمايِة الذات وتأميِن للتطور .فنشوُء مساحٍة لغويٍة واس ةعٍة َمنََح النوَع النسانّي فروصاً كبرى لتحقي ِ ب شف ،ولم ُيطلَ ْ خ لم ُتكتَ َ ق عليها اسٌم ب ةعد .لذا ،قد يكو ن من النس ِ القوت .وَلربما كا ن هذا أعظَم ثورٍة في التاري ِ َ تسميةَ أوِل ثورٍة عظمى بـ"ثورة اللغة" ،لنه ما من ثورٍة َخَدمت المجتم ةعية في هذه الجغرافيا بالقدر الذي شفَةُ حديثًا(، ت وحيوانا ُ س جديد )النباتا ُ ت الصيد المكت َ ح مقّد ٍ ف ةعَلته هذه الثورة .فكّل يوٍم َيشَهُد وصياغةَ مصطل ٍ ش المواسِم الرب ةعِة ب إلى نظاِم المنازل )ال ةعي ُ ش لوِل مرٍة في الماكن المنة( ،وعي َ والنتقاَل إلى الستقرار القر ِ ُ ُ َ ت بأفضِل أحوالها .وكلما وصيغت جميُع هذه المراحل على نحِو مصطلحات ،كلما تَ َ شّكلت اللغة المشتَركة للجماعا ِ ت" المتماِيزة فيما بينها لوِل مرة. شّكَلت "الهويا ُ .ق واسع ،وبالتالي ،تَ َ على نطا ٍ ع بحق هويتها .إّ ن كم هو مؤلٌم أّ ن أوَل هويٍة أثنيٍة تشكلت في هذه الساحات تَُمّر اليوَم بتطهيٍر وحشّي مرّو ٍ شأ عبَر هذه الظواهر والوصطلحات المرحلةَ التي أسميناها بالتطوِر الجتماعي العظم ،تتحقق ،أو بالحرى ُتن َ س المتفاهمين الغنية .والتطوُر الوصطلحّي يَُمّهُد م ةعه الطري َ ق للتطوِر الفكري .وُيفتََرض كاحتماٍل قوي أّ ن النا َ ت قصوى بالمصطلحات ،والمتماسكين عبرها ،لن َيبَقوا على شكِل مجتمٍع كلني ضيق ،لنهم اكتسبوا ديناميكيا ٍ لجل مجتم ةعيٍة أرقى .كلي إيماٌ ن بأّ ن هذا الموضوَع هو أحُد الميادين الولية التي تستوجب وتستحق البحَث، سواء على وص ةعيد النثروبولوجيا ،أو من ناحيِة عصوِر ما قبِل التاريخ .ويبدو أّ ن عالَِم الثاِر والمؤرَخ ال ةعظيَم س كهذا بتسميته كتابَهُ الهّم على الطل.ق باسم "ماذا حدث في جوردو ن تشايلد كا ن ُمِحقّا ً عندما تََو ّ وصَل إلى حد ٍ ت الحداث الحاوصلة في هذه الجغرافيا في تلك الحقبة )يمكن قول ذلك بكّل التاريخ؟" ،والذي تناوَل فيه مجريا ِ ت المراحِل اللحقة( .هذا وعلّي التشديد على أنه من غيِر سهولة بشأِ ن المراحل الولى ،ولو أنه تناول مستجدا ِ الممكن تحليُل ماضي هذه المنطقة وتسلي ُ ط الضوء عليه بالساليب الركولوجية فحسب .إذ ل يمكن إنجاُز ت جميِع الضوابط ال ةعلمية ،بدءاً من علم ت هامًة بحق في تنوير تاريخ ال ةعصور الولى ،إل بتوحيِد م ةعطيا ِ تطورا ٍ الحياء )البيولوجيا( إلى علم ِفق ِه اللغة )الفيلولوجيا( ،ومن علم الجغرافيا )وبالخص جغرافيا المناخ والزراعة( إلى علم الجتماع ،ومن علم أوصل النسا ن )النثروبولوجيا( إلى علم اللهوت )الثيولوجيا( .وما ت النظر ،والدعوة لمزاولِة الوظائف والمهام. نقوم به هنا هو مجّرد لف ِ ت تشير إلى بدِء انتهاِء الحقبة الجليدية الراب ةعة قبل حوالي عشرين ألف يمدنا علم الجيولوجيا بوثائ َ ق وسجل ٍ ت ال ةعلوم الخرى ،فهو تَ َ ب إلى الصواب ،حيث ُبرِهن على أّ ن طّوٌر أقر ُ سنة .ونظراً لدعمه وتأييده بم ةعطيا ِ ف المطاَر كانت أكثر غزارًة ،وأّ ن الخضراَر كا ن أوفَر في الصحراء الكبرى والبادية ال ةعربية قبل عشرِة آل ِ ف الملئمة مع تَ َ س الحقبة على وجِه التقريب .بالضافة إلى سنة .وتتطابق هذه الظرو ُ طّوِر ثقافِة الرعي في نف ِ ذلك ،يتجسد التطوُر ال ةعظيُم الخر في بروِز المجموعات اللغوية الساميِّة المتفوقِة على البنى اللغويِة البدائيِة المتواجدة في أفريقيا .وما الثقافةُ الساميّةُ في مضمونها سوى "ثقافةُ رعي" .ف ةعلى سبيل المثالَ ،حِظَي الرعُي حينئذ بأهميٍة قصوى ،لدرجِة أّ ن التراكَم الثقافي ال ةعظيَم المتكّوَ ن بشأِ ن ال ةعديد من الحيوانات ،كالَجَمل ،والغنم، شّكَلت لتكتسب هويةً متميزًة والماعز ل يزال مستمراً إلى ال ن .وتأسيساً على ذلك ،نلحظ أّ ن الثنيةَ قد تَ َ سَرياِ ن ثقافِة الثنية )ال ةعشيرة( على نحٍو وطيٍد ومتجذر إلى ال ن ،سوى برهاٌ ن قاطع ومغايرة .وما الحفاظُ على َ ت ت هذه الثقافة في ال ةعديد من ألفاِظ ومفردا ِ ع ال ةعثور على الكثير من تأثيرا ِ على هذا التطور .بالمستطا ِ َ َ َ الحضارَتين السومرية والمصرية .وكأّ ن الثقافة الساميّة تََرَكت بصماِتها الراسخة لِتَُكوَ ن أثراً ممهوراً على ف عام ،لتنتشر في ت التاريخ لوِل مرة ،ارتباطاً بالمناخ الذي ظل ملئماً حتى قبَل حوالي ستِة آل ِ وصفحا ِ ت الراضي ت شاس ةعة ،بدءًا من الصحراء الكبرى إلى شرقي الجزيرة ال ةعربية ،ووصولً إلى ساحا ِ مساحا ٍ ً ً شّكُل َميداُ ن الثقافِة السامّية مرحلة متطورة واستمراراً أرقى الشمالية الخصبِة الصالحِة للزراعة .من هنا ،يُ َ
س للثقافة البارزة في "ريف" أفريقيا الشرقية .وسيدعم هذا الجيُل خا ّ وصّياِته Özgünlükلحقاً مع تأسي ِ الديا ن التوحيدية. لكن ،من المهم التشديد على أّ ن هذه الثقافة سيتم تقييمها كُأولى القبائِل المستولية على الحضارَتين المصرية والسومرية في التاريخ باسِم قبائِل الراميت وال ةعابيرو ) Apirularأي ،الناس الوسخين والُمْغبَّرين التين من الشر.ق والغرب( ،أكثَر من اعتبارها ُمَ ةعّينًة في تكوينهما .وبالمستطاع القول أّ ن السامّيين كانوا كيانا ً ِجّد هاّم ب عجِزهم عن تخ ّ طي الراضي الصالحِة في فجِر التاريخ ،وكأّ ن وصوت أقدامهم يب ةعث على الرت ةعاش .أما أسبا ُ وصم للزراعة في الشمال ،فربما ُي ةعزى إلى إنجاِز تطوٍر ثقافّي أكثر تفوقاً عليهم هناك .وقد يكو ن من النسب َو ْ ج نحو الزراعة ،بتسميتها بـ"ثقافِة الحقول" على وجِه هذه الكيانا ِ ت ،التي يمكننا اعتبارها ثقافةَ انتقاٍل متدّر ٍ سّمو ن بـ"الريين" في ب هذا التطور الجتماعي الحاوصل – والُم َ ال ةعموم .في حيِن أّنه من الممكن ن ةعت أوصحا ِ ب أوِل هويٍة ثقافيٍة في هذه الراضي ،ي ةعني التاريخ – بالحقليين أو الّتَرابِّيين )لفظ آري ،الذي يشير إلى أوصحا ِ في الكردية "التربة ،الرض ،والحقل"( .لذا ،بإمكاننا اعتبار الريين كمبدعي الزراعة ،كونهم أوُل من بدأ ح الراضي ال ةعذراء الواق ةع ِة شمالي الساميين للتطور الزراعي ،وفي مقدمتها قوس سلسلة جبال طوروس بفت ِ وزاغروس كبق ةعة نواة. ع الحيواني دوٌر رئيسّي في إنجاِز هذا ولطبي ةعِة المناخ ،وبنيِة التربة الخصبة ،والكساِء النباتي الخضر ،والتنو ِ ق السامّية ضمن عدٍد محدوٍد للغاية من الواحات ،واقتصرت على التطور .فبينما انحصرت الزراعةُ في المناط ِ ع قليلة من الشجاِر كالنخيل؛ كانت أراضي القوس )وُتدعى أيضاً الهلل الخصيب( وصالحةً لتكتنفها ع أنوا ٍ زر ِ ً َ سبة لقصى َحّد لزراعِة الكثير من الثمار والخضروات ،من قِبيِل الزيتو ن، الحقوُل من كل أطرافها ،ومنا ِ الفستقيات ،البلوِط )الصنوبريات( ،الَ ةعرَعر )أنواع الفواكه( ،الكروم )أنواع ال ةعنب( ،والحبوب )القمحيات(. علوة على أنها كانت ساحةً تَُجوُل فيها ال ةعديد من الحيوانات المتوحشة القابلة للتدجين على شكِل قط ةعاٍ ن كبيرة ت تشمل أنواع ًا عديدة ،وفي مقدمتها الغنم ،الماعز ،البقر ،الخنازير ،الكلب ،والقطط .بالضافة إلى الغابا ِ ي منتظم. ت الجبال ،ومروِر الفصوِل الرب ةعة بأمثِل حالتها وأفضلها .أما المطار ،فكأنها َر ّ الواس ةعِة على مرتف ةعا ِ ٌ ف الكثير من النهار والينابيع ملئمة للستقرار والستيطا ن .من هنا ،وفي ظّل كّل هذه الظروف وحوا ّ ّ َ غ فجِر التاريخ". "بزو د وص ر و ب ق ر ت الطبي ةعي من سبة، َ ُ َ ْ ُ المنا ِ ِ ت ال ةعصور الولى المدّونة إلى انحساِر الجليد في هذه الراضي وَتراُجِ ةعه إلى يشير علُم الجيولوجيا وسجل ُ ت الجبلية ال ةعالية قبَل خمسةَ عشَر ألف عام .وُي ةعتََقد بانتقاِل هذه المنطقة إلى ال ةعهد النيوليتي ،ب ةعد المرتف ةعا ِ مرورها بالطور الميزوليتي القصيِر المدى )ال ةعصر الحجري المتوسط فيما بين حوالي 15ألف – 10آلف ت اللف من .ق.م(؛ وذلك حصيلةَ كوِنها من أهّم المناطق التي َتكاثَ َ ف فيها استيطاُ ن النوع البشري طيلةَ مئا ِ س السنين ،وم ةعايشتها الثورة اللغوية بكثافة ،وفر ُ ض الثقافة السامّية عليها .وكهوف هكاري َتمّدنا برؤو ِ الخيوط الداّلة على عيشها ال ةعهَد الميزوليتي وما َقبله ب ةعمق .كما أّ ن الحجاَر المنحوتة ُتزّودنا ببراهين جمٍة في هذا المضمار ،حيث ن ةعثر على عدٍد وفيٍر من الدلة المشيرة إلى أّ ن النفجاَر الوصلي في المنطقة بدأ مع الحقبِة النيوليتية ،التي شهدتها هذه الراضي قبل حوالي اثني عشر ألف عام من ال ن .هذا ال ةعصر ،الذي يمكننا تسميته بالثورة الزراعية أو الحقلية أو القرويةُ ،ي ةعتَبر الرضيَة التمهيدية ،سواًء بالنسبة إلى النسانية ،أو .ق وعظيم .لذا ،من الصحيح تماماً التركيُز خ المدنية )التاريخ المدّو ن( .فهو بحّد ذاته عصٌر ثقافي عمل ٌ لتاري ِ ق مكانتها الجديرة بها في محك التاريخ .من ال ةعميق على هذه الثقافة ،التي لم ُتدَرك أهميُتها كما تستحق ،ولم َتل َ ب إلى الحقيقة والصواب عندما قال بأّ ن أهميَة ال ةعصر الثقافي في هذه الراضي ل هنا ،فإّ ن جوردو ن تشايلد أَْقَر ُ ت ت واختراعا ٍ تقل شأناً عن ثقافِة أوروبا الغربية الم ةعّمرِة أرب ةعةَ قروٍ ن فحسب .فقد شهدت هذه المنطقةُ اكتشافا ٍ ف ت بمثابة ثورات بم ةعانيها وأهميتها ،وذلك في مياديِن الزراعة ،الِحَر ِ ل عد لها ول حصر ،وَعِرَفت تطورا ٍ ف ف وتسمية واوصطلح آل ِ ت ،السَكِن ،الفّن ،الدارِة ،والدين .كما أوصبح أرضيةً لكتشا ِ اليدوية ،المواوصل ِ الظواهر الجديدة في كل ميداٍ ن من تلك الميادين. .ق هكذا ،وب ةعد اللغة الساميِّة ،تََكّوَنت "مجموعةُ اللغة الرية" المتميزةُ بغنى زاخٍر من المفردات يفو.ق النطا َ ف مضاعفة ،وكأنها اللَّبنةُ الساسيةُ لذاكرِة النسانية التي ل المحدوَد لّلغِة السامّية الرعوية ،ويضاهيها بأض ةعا ٍ ت شاس ةعًة ،بدءاً من الهند تضيع .وما انتشاُر هذه المجموعة اللغويِة بالتزامن والتوازي مع ثقافتها لِتَُ ةعّم مساحا ٍ ب تحليلتنا هذه .بم ةعنى آخر ،فموطُن ولدِة ونشوِء إلى السواحل الوروبية ،سوى مؤشٌر آخُر على قوِة وصوا ِ َ ق مجموعِة اللغِة الرية هو المنطقةُ النواةُ للهلِل الخصيب ،وليس – كما ُي ةعتَقد – بلَد الهند وأوروبا ومناط َ
التنقل المتوسط ِة بينهما )شمالي البحر السود ،السهوب الروسية ،والهضاب اليرانية( .وتَُلوُح وصحةُ هذه الحقيقة بجلٍء من خلِل التحليِل التيمولوجي لهذه الكلمة )آريا ن ،(Aryenوعبر عقِد روابطها مع الُبنى ت الساسية المستخَدمة في المجموعات اللغوية الهندوأوروبية .والهّم من هذا وذاك هو أّ ن الثنية للمفردا ِ س البنى اللغوية والمفرداتية فيها .والبنى َكوَ ن هذه الساحِة البذرةَ النواةَ للثقافة ُيحّتم – بطبي ةعة الحال – تأسي َ الثني ُة الثقافية التي ل تزال موجودة ،بالضافة إلى الدلئل التاريخية الخرى ،إنما تؤكد وصواَب هذه الحقيقة بما يكفي ،بل ويفيض. إذ ن ،والحال هذه ،يتميز الحزاُم اللغوي والثقافي الثاني الضخُم وال ةعظيم بوجوده وتاريخه وانتشاره بأهميٍة ب وإدراِك التطور الجتماعي ومرحلته الحضارية )ذات البنية المدينية(. .ق استي ةعا ِ تاريخيٍة قصوى في سيا ِ وبالمستطاع القول بانصهاِر جميِع المجموعات السابقة ضمن بوتقِة هاَتين المجموعَتين اللغويَتين والثقافيَتين الساسيَتين ،بحيث ل يس ةعنا سوى الحديث عن مجموعٍة لغويٍة ثقافيٍة ثالثٍة ظهرت في التخوم الجنوبية لسيبيريا )ياقوتستا ن وما شابه( ب ةعد انقضاِء ذاك ال ةعصر الجليدي .ولربما كانت الصيُن الموطَن الّم لهذه الثقافة المنتشرة ف عام .من الممكن القول أنه ِمن أحشاِء هذه الثقافة المنتشرة إلى أقاوصيها الغربية نحو الجنوب قبل تس ةعِة آل ِ شّكَل حزام شمالّي ثالٌث هو الوسع ،ليشمل الكثيرين وفي مقدمتهم التراك والمغول الممتدة حتى الفنلنديين ،تَ َ ت أركولوجيٍة وأتيمولوجية وأثنولوجية والتتار والكوريين والفييتناميين واليابانيين .هذا ونحظى ال ن بإثباتا ٍ ق أكيدة تشير إلى أّ ن جذور ثقافِة الهنود الحمر في قارة أمريكا هي ثمرةٌ من ثماِر النتشار الحاوصل عن طري ِ ق برينغ في المرحلة عينها .وبمستطاعنا إدراج السكيمو أيضا ً في لئحِة هذه المجموعة .كما أّ ن ال ةعديَد مضي ِ ٌ ً ت المجموعة السامّية ،رغم وصونها لمزاياها من الثقافات التي ل تزال متواجدة في أفريقيا مشحونة بتأثيرا ِ َ ت المندرجة في مجموعِة اللغِة ف من السنين .ونخص بالذكر في هذا المضمار تلك الثقافا ِ ت آل ٍ الم ةعّمرِة مئا ِ ت الكل ن التي ل تزال ت ةعيش مراحَل ما قبِل مليين السنين في السواحلية .هذا وبالمقدوِر ال ةعثوُر على مجموعا ِ .ق الغابات وعلى ذرى الجبال وفي ثنايا الصحارى والبوادي. أعما ِ َ ف عام ،نجد أّ ن البشرية ،وفي وصدارتها جنوبي الكرِة بموجب هذه اللوحة ،وبُِرجوعنا إلى ما قبِل ستِة آل ِ َ ت لغويٍة وثقافية أوليٍة ُمخّولٍة للنتقال إلى الحضارة. الرضية ووسط قسمها الشمالي ،قد َكّوَنت ثلَث مجموعا ٍ ت ومن الطبي ةعي بمكا ن حصوُل التنقل والترحال الكثيف فيما بين هذه الثقافات ،علوة على تََمّيِزها بفروقا ٍ واضحة ل نبرح نلحظها في يومنا الراهن بتأثيٍر من التاريخ والطبي ةعة الجغرافية. ث في الخاوصيةُ الهامة بالنسبة لموضوعنا هي التشخي ُ ص السليم للمنبِع الم للحضارة الهندوأوربية لدى البح ِ ت الثقافة النواِة المتأثرِة بالزما ن والمكا ن .وفي يومنا مصادرها .فَِ ةعلُم التاريخ يولي السبقية في الهمية لت ةعريفا ِ خ الحاضر نرى بوضو ٍ ح ساطع أنه ،حتى الثقافة الرأسمالية ما هي إل انتشار نواتي حاسم للغاية .فمفاهيُم التاري ِ غ بالوعي الخياليةُ والهوائيُة ،التي ل مصدر لهاُ ،تلِحق بوعينا ضربا ٍ ت قاضيًة .أي أّ ن ال ةعاجزين عن البلو ِ ح تفسيٍر ذي م ةعنى بشأِ ن حاضرنا التاريخي إلى تفسيرا ٍ ت وسروٍد حياتيٍة ملموسة ،سيكونو ن قاوصرين عن طر ِ ش مجتمٍع بل تاريخ بشكٍل مقتدر. أيضًا .إذ ،من المحاِل فَْهُم وعي ُ ض ما بين النهرين وللمدنية السومرية الناب ةعِة منه ت قد تلقي ُ كن ُ ت بض ةعةَ انتقادا ٍ ت حول إسقاطيتي المفرطة لحو ِ لدى تقييمي لمنبِع الحضارة في مراف ةعتي السابقة "مراف ةعة النسا ن الحر" .ومع أْخِذ هذه النتقادات ب ةعيِن ح أنني لم أتِّبع الختزالية ،ولكني ُأولي أهميًة فائقة للمنبع ال ةعين .وإذا ما شّبهنا مجرى العتبارُ ،أبّين بإلحا ٍ التاريخ بالنهر الم )ول مفر من ذلك من حيث البنية النطولوجية الوجودية للتطور الجتماعي( ،فإني ُأبّين هذه ت النظار إلى مسألِة الثقافة الم وفروعها الجانبية .أو بالحرى ،إني الفكار على نحِو ُم َ ع بقصِد لف ِ سّوَدِة مشرو ٍ ت النظاَر إليها مباشرة .فكيفما أّ ن المدنية المهيمنة في راهننا – أي ،الحداثة الرأسمالية – ت ةعتمد على جذوِر ألف ُ َ َ الحضارة الهندوأوروبية ،فإّ ن الثقافة الهندوأوروبية أيضا ً ت ةعتمُد على منبِع الثقافة الرية ،وعلى فرَعيه ي والمصري. السومر ّ وإذا ما َعِجْزنا عن التحليِل السليِم لقضي ِة النهر الم وفروعه الجانبية في الحضارة النسانية ،فلن نقدر على ضها الخر الذي إيلِء الم ةعاني الصحيحة لحاضرنا .إذ ،ثمةَ فروٌع جانبيةٌ تنصب بغزارٍة في النهر الم ،وثمة ب ةع ُ ف في منتصف الطريق .علوة على أّ ن المنبَع الُمَولَّد للنهر الم يتسم بم ةعاني م ةعّينٍة وحيوية .من ب ويَُج ّ ض ُ يَْن ُ غ م ةعانَي قديرٍة بشأ ِ ن التطور الجتماعي بأب ةعاده التاريخية والجغرافية ،ف ةعلينا تجربةُ هنا ،وما دمنا َنروم لبلو ِ ت السلوب في تحليِل قضاياه. متطلبا ِ -2قضايا انتشار اللغة والثقافة الرية:
ت نظٍر .ق في التاريخ .والموجودةُ منها ذا ُ إّ ن المواق َ ت وجها ِ ف التي تَّتخُذ الثقافةَ والحضارةَ أساسا ً محدودةُ النطا ِ س الثقافية والحضارية. مختلفة .أما القضايا التي نس ةعى لتحليلها وتفكيكها هنا ،فل نطرحها بالرتكاز إلى الس ِ .ق التطوِر الحضاري نسبةً إلى ذلك أننا مرَغمو ن على تقييم مكاِ ن الثقافة والحضارة وزمانهما في سيا ِ مساهماِتهما ،مع أخِذ أهميتِِهما الحيويِة ب ةعيِن العتبار .وفي حال ال ةعكس ،فالتاريُخ الذي بين أيدينا لن يتضمن ث ووقائع" )وهذا ما يحصل بالغلب( .وماهيةُ ِعلِم التاريخ الُم ةعيقةُ للم ةعرفة – س أحدا ٍ م ةعانَي أب ةعَد من "أكدا ِ بدلً من أ ن تكو ن ت ةعليميةً – على وصلٍة وثيقة بهذه الخاوصية .فالتاريُخ ،الذي هو عبارة عن سبائَك ت ةعداديٍة مؤلفٍة ب ،والقوِم وغيرها من الظواهر المشابهة ،ليس تاريخاً ت ةعليميا ً بشأِ ن التطور من الديِن ،السللِة ،الَملِِك ،الحر ِ ض إعاقِة تََ ةعّلِم التطور الجتماعي .بل ،وعلى النقيض ،هو ستائُر أيديولوجيةٌ مبتََدعةٌ عن قصٍد ووعي بغر ِ ب الجتماعي ،وهو مساعي أيديولوجيةٌ تهدف إلى إعداِد الذهنية والذاكرِة الجتماعية وفق مشيئِة أوصحا ِ ف تأميِن السلطة والستغلل .وهذه النماط من السرود ليست سوى أدوا ٌ ت دعائيةٌ متبقيةٌ من القديم الغابر بهد ِ ت الركائِز اليديولوجية بنسبٍة حيوية قصوى. المشروعية ذا ِ .ق تحليلتنا قلي ً ت لنَُو ّ ج الم ةعرفة .إحدى النتقادا ِ سْع من نطا ِ ل ،مع اللتزاِم بتصريحاتنا بشأِ ن السلوب ومنها ِ ُ الخرى الموّجهِة إلّي بصدِد المجموعة الريِة اللغويِة والثقافية ،هو احتماُل أْ ن تفوَح منها رائحة "ال ةعنصرية" – حسب زعمهم – لّ ن هتلر أيضاً استخدم المصطلَح نفسه .علينا القول لمثاِل هؤلء :إّ ن لف َ ظ "الشتراكية" ب هتلر .إذ ن ،هل علينا حينها التخلي عن الشتراكية بالزعم بأنه تفوح منها رائحةُ أيضا ً موجوٌد في اسِم حز ِ ٌ ال ةعنصرية؟ بَْيَد أّ ن الفاشيةَ ضلي ةعة لقصى الحدود في مساعيها "الغوغائية والديماغوجية" باستخداِمها الكثيَر ح باهر .وعلى كّل حال ،فنحن لسنا مرَغمين على التخلي عن الِ ةعلِم من المصطلحا ِ ت ال ةعلمية واليديولوجيِة بنجا ٍ ت الوصول اللغويِة والثقافية الريِة لم واليديولوجيا لنها ف ةعلت هكذا .ومثلما أّ ن الجنوَح للنزعِة القوموية ذا ِ َيخطْر ببالنا ولو بقدِر مثقاِل َذّرة ،فإني أبّين – وبكّل افتخاٍر واعتزاٍز وشرف – أني أحُد القائمين بالتفسيِر الكثِر ث الُمفِج ةعة التي ل تنفّك تنشب اليوَم في ال ةعرا.ق ،علينا أولً م ةعنى للقوموية .وإذا كنا نرمي لدراِك الكوار ِ ق النقد وتقديِم س علومنا التاريخية والجتماعية الم ةعمول بها حتى ال ن ،كي نملَك ح ّ بالعترا ِ ف والقبوِل بإفل ِ القتراحات التاريخية والسوسيولوجية الجديدة .وما نسَ ةعى ل ةعمله هنا ليس سوى تقديُم مساهمٍة زهيدٍة ص زاويٍة ،ولو بالخطوط ال ةعريضة ،حول هذا متواض ةعة بشأِ ن هذه المأساِة البشرية .لذا ،فإني مضطّر لتخصي ِ ب في "مراف ةعة النسا ن الحر": الموضوع الذي حاول ُ ت سرده بإسها ٍ شّكَل المجموعِة اللغويِة الثقافية الريِة ،سواًء من جهِة تكويِن لغتها ،أو من جهِة تشكيلها آ -إننا نقول بأ ن تَ َ ركيزةً أوليةً لبنيٍة تحتيٍة ثقافيٍة جذرية؛ أمٌر مرتب ٌ ت ما بين 000,10 ط بالشروط التاريخية والجغرافية .والسنوا ُ س هذه اللغِة والثقافة، س ُ ضَج فيها تمأ ُ – . 4000ق.م على وجه التقريب ُت ةعّبر عن "المرحلة الطويلة" التي نَ َ ت النسيج ت ،وآل ِ ث الزراعية ،وطقوِم الحيوانات ،وال ةعجل ِ حيث اختُِرع فيها شتى أشكاِل الفخاريات ،والمحاري ِ ع النباتية والحياكة ،والمطاحن اليدوية؛ علوةً على تمأ ُ س ِ س الفن والدين آنذاك .أما لئحةُ الغلل والنوا ِ وصنِع والحيوانية الوفيرة ،فقد َأثبَتت جدارَتها في الزيادة الملحوظة للت ةعداِد السكاني .هذا ول َيقتصُر المر على ُ ت ،والبنيِة الم ةعمارية ،وغيِرها من الثار الفنية والدينية باستخداِم الفؤوس ،السكاكيِن ،الطواحين ،ال ةعجل ِ الحجارِة المنحوتِة والمصقولة بشكل حديث فحسب؛ بل وُتصَنع الثاُر الكثَر عطاًء وبهاًء من الحجارِة الم ةعدنية أيضاً في المرحلة المسماة بالحقبِة الكالكوليتية .ول نبرح نصادف هذه المثلة الجمة في راهننا أيضًا .وقد ُعثَِر ت ت منطقِة برادوست Bradostiyanالواق ةعِة على حوا ّ ف جباِل زاغروس ،وفي مراكِز حفريا ِ في مراكِز حفريا ِ جايونو ،Çayönüوبالقرب من أورفا مؤخراً )كوباكلي تبه ُ (Göbeklitepeعثَِر على أمثلٍة م ةعمارية دينيٍة ومنازَل مصنوعٍة من الحجارة الضخمة المنحوتة على نحٍو مذهل ،وعلى ال ةعديد من الدوات المصنوعة من ف عام. ع جمي ةعها إلى ما قبِل أحَد عشَر أل ِ الحجارة الم ةعدنية؛ والتي ُبرِهن على رجو ِ ب الهل هناك يستخدمها إلى ت الم ةعّبرِة عنها ،والتي ل ينفّك الش ةع ُ ت الثقافيةَ ومجموَع المفردا ِ إّ ن هذه الدوا ِ ً ت من قبيلَ :جيو َ) Ceoگيو – Geoمكا ن(، سلّطُ الضوَء كفاية على هويِة منطقتها النواة .فالمفردا ُ اليوم ،تُ َ أرض ) Erdأرض ،تربة ،حقل( ،ژ ن ) Jinامرأة ،حياة( ،روج ) Rojشمس( ،برا ) Braأخ(ُ ،مور Mur وصول ) Solحذاء(َ ،نيو ) Neoجديد( ،گا ) Gaثور( ،گرا ن ) Granكبير ،ثقيل(َ ،مش Meş )موت(ُ ، ت المفردات التي يمكننا ت ةعدادها ،والتي ل تزال ُتسَتخَدم في )مشي(ُ ،خودا ) Gudaرب(؛ وغيُرها من عشرا ِ ً ُ ت الوروبية؛ إنما ُتنير لنا موضوَع النبِع ال ةعين .هذه اللفاظ ،التي ل تزال دارجة كجذٍر وطيٍد في ال ةعديد من اللغا ِ ُ س والفغا ن ت الش ةعوب الوصيلة وال ةعريقة )أقدِم الش ةعو ِ ت مجموعا ِ لغا ِ ب استقرارًا( والمشهورِة كالكرِد والفر ِ
والبَّلوجيين ؛ ُتبرِهن على أّ ن َمشَرَب المجموعة اللغوية والثقافية الرية ومنبَ ةعها ليس أوروبا والهند ،بل ف عام تقريبًا، ال ةعك ُ س هو الصحيح .ففي زماِ ن هذه الثقافة – التي يمكننا إرجاَع أوصولها إلى ما قبِل اثني عشَر أل ِ ت السومرية المدّونة وال ةعديد من مراكِز المناطق الثرية – كانت أوروبا تَُمّر انطلقاً من الوثائق والمخطوطا ِ بـ"ال ةعصر الحجري القديم" ،في حين كانت بلُد الهند ت ةعيش عصَر "البيغما" .إننا في وضٍع ُيخّولنا للشارة – خ هذه "الفترة الطويلة" وبكّل سهولة – إلى أّ ن اللغةَ والثقافة الريةَ قد َر ّ سَخت تمأ ُ س َ سها ،واختََرَعت طيلةَ تاري ِ ت الحياة الساسية( التي ت ةعيش عليها البشريةُ اليوم .وفيما خل ف الدلئل والتجهيزات )أدوا ِ ما ل يَقُّل عن نص ِ ف من الماكن الباطنية المطمورِة َتنتَِظُر التنقيَب والحفر. ض المراكز التي ذكرناها آنفًا ،ل تفتأ الل ُ أمثلِة ب ةع ِ ت الش ةعوب المنحدرِة من ال ةعهِد ال ةعريق الغابر ،والتي ل َتبَرُح تصوُ ن وجوَدها في راهننا علوةً على أّ ن مجموعا ِ ٌ ف عاٍم قبل أيضًا ،إنما هي مراكُز أثرية حية ،حيث َنلَم ُ س وجوَدها )تبايَُنها الثنّي( كهويٍة متأتيٍة من ستِة آل ِ ال ن بأقّل تقدير .مرةً أخرى علّي التنويهُ إلى أّ ن ِعلَم التاريخ سيبقى ي ةعاني القصوَر والنواقص الجدّية ،ما لم ت والوقائع القائمة في مركِز هذه النواِة الثقافية )الهلِل الخصيب( بكافِة أب ةعاِدها. ُي ةعّبر عن م ةعاني المجريا ِ ع جانبّي هام .ول ريَب إطلقا ً في غنى ب -ل يمكننا البَّتة التغاضي عن مكانِة ومنزلِة اللغِة والثقافة السامّية كفر ٍ س المرحلة من وجهِة النظر التاريخية .ولربما هذه البنيِة اللغوية – الثقافية المكّونِة لفروقاتها الممّيزة في نف ِ ٌ ُ كانت أغنى وأرقى من المجموعة اللغوية – الثقافية الرية من جهِة كونها ثقافة رعٍي وثقافة عشائرية ،حيث س آثاراً داّلة على ذلك في المخطوطات السومرية ،التي َتتحدث بلغة ملحِمية عن الصراعات والمنافسات نلَم ُ ٌ .ق اليوم! إّ ن البنيةَ َ الجارية بين أوصوِل الرعِي والزراعة على نحِو فرَعين أساسّيين .لَكْم هي شبيهة بـ عرا ِ َ سقة ،ربما يتزامن نشوُء الَملَحِميّةَ في لغتها وثقافِتها راقيةٌ ومتقدمة .وانطلقاً من مزايا الصحراء الرتيبِة والُمتّ ِ ي سما بهويته الولى إلِه السموات "أل ،Elا "Allahمع هذه المراحل .ومن المحتمل أّ ن المجتمَع ال ةعشائر ّ س على غراِر "أل ،ا" .لذا ،باستطاعتنا ح مقّد ٍ المتمّيزة والخارقة إلى عنا ن السماء ،ليصل بذلك إلى اوصطل ٍ ح الله بكونه "هويةٌ اجتماعية" ،وتأييُده بمثاِل "أل ،ا" كحجٍة قوية .ومن دعُم تفسيِر دوركايم لمصطل ِ َ ً ت "الشيخ ،السيد" قد تكّونت مبكرا في الثقافة السامّية ،لتتحول في عصر ت ومؤسسا ِ الُم ةعتََقد أّ ن اوصطلحا ِ ت "النبي ،المير". المدنية إلى مؤسسا ِ ل َنلَحظُ أيّةَ مساَهَمٍة للثقافِة السامّية في المدنيِة المصرية الفرعونية ،رغَم احتلِل هذه المدنيِة مكاَنها في الحقِل ح ثقافِة الرعِي السامّي ،إذ ،ل ن ةعثر على أ ّ ي مضموٍ ن ملمو ٍ س في أيِة مادٍة أو مصطل ٍ ح أو مؤسسٍة يدل على فت ِ ق المصريةُ أيضاً تنظر إلى هذه ق لثقافٍة مدينيٍة حضاريٍة كهذه في أعوام . 4000ق.م .وبالوصل ،فالوثائ ُ الطري َ شبٍَه بينهما في البنية اللغوية أيضًا .فالثقافةُ السامّية تحتّل مكاَنها الثقافة ب ةعيِن الغريب الدخيل .كما أنه ما من َ ت الكادية ،البابليِة ،الشورية ،الكن ةعانية، ت الولى عبَر الهويا ِ خ المكتوب ضمن التراكما ِ في التاري ِ والسرائيلية .في حيِن أّ ن الهويَة ال ةعربية ،التي تبرز للوسط حوالي أعوام . 2500ق.م ،يظهر اسمها ب ةعد ذلك ت سومريةٌ بكثير ،أي ،حوالي أعوام . 500ق.م .أما الراميو ن ،الراميتيو ن ،وال ةعابيرو ،فهي اوصطلحا ٌ ومصرية بالرجح. وُيرّجُح انصهاُر فينيقيا وفلسطين وحتى إسرائيل في بوتقِة اللغة والثقافة السامّية )مثلما حصل في الثقافة المصرية الفرعونية( فيما ب ةعد كاحتماٍل قوي .ونقاطُ البداية متداخلةٌ بين الثقافَتين الساحلية والرية .هذا وثمَة ت الهجرِة السامّية. دلئٌل تشير إلى زواِل حالتها الطبي ةعية الولى في خضّم موجا ِ ض البقايا الثريِة ال ةعريقة التي ل تزال وصامدةً في ت الركولوجيَة ،وكذلك ب ةع َ إّ ن المصادر السومريةَ والسجل ِ البقاء ،تَُزّوُدنا بالدلئل الجمِة المشيرِة إلى هجوِم السامّيين على ساحِة اللغة والثقافة الرية ،أو نزوِحهم ت الستيطاِ ن تلك إلى أعوام 5000 ت وحمل ِ ت متوالية .حيث بالمكاِ ن إرجاُع الهجما ِ وهجرتِِهم إليها على موجا ٍ َ َ َ ت الكادية ،البابلية ،الشورية ،الرامية ،وال ةعربية، .ق.م .ونخص بالذكر في هذا المضمار بالتسلسل :المستوطنا ِ َ َ ت الشورية وال ةعربية من ت واضحة .إل أّ ن التأثيرا ِ والتي تََرَكت بصماِتها في ميزوبوتاميا ال ةعليا على شكِل طبقا ٍ بينها أكثُر قوةً وبروزًا .في حيِن أّ ن ال ةعرَب شرعوا بحملِة وصهٍر ُمَرّكَزٍة مع الديانة السلمية ،بحيث تداخَلت ت باسلةً إزاَء هذا وتشابَكت ظاهرتا السلمِة والت ةعريب .وقد أبَدت الثقافةُ واللغةُ الرية وصموداً عنيداً ومقاوما ٍ ت الهجوم الغزِو والستيطا ن والصهِر ،بالضافة إلى أنها َ سّجَلت نجاحا ً مظّفراً بين الحين والخر تجاه حمل ِ سسيَن الوائِل للحضارِة السومرية ،وُرّواِد الحضارة والغزِو والستيطا ن والصهِر تلك .ويمكننا ذكر المؤ ّ ب المصرية ،والهكسوس ،وال ةعبرانيين كأمثلٍة مشهورٍة في هذا الشأ ن على طوِل محّك التاريخ .والتفسيُر القر ُ ع والقبوِل هو أّ ن الّرّواَد السومريين الوائل قد نزحوا إلى ميزوبوتاميا السفلى في عهِد تَّل حلف ) إلى الجما ِ
. 4000 – 6000ق.م( – الذي ُي ةعتََبر ال ةعصَر الذهبّي للثقافِة الريِة النواة في ميزوبوتاميا ال ةعليا – لينقلوا م ةعهم ت غ مستوى أرقى .ومن الم ةعلوم تماماً أ ن التأثيرا ِ هذه الثقافةَ إلى هناك ،ويَُ ةعّرضوها للتحوير والتغييِر لبلو ِ الكاديةَ والبابليةَ والشوريةَ ُأدِرَجت لحقا ً في تكوينِة البنيِة اللغوية والثقافيِة السومرية. إ ن تسميَة السومريين بالنتشاِر الثقافّي ل ةعهِد تل حلف سيساهم أكثر في فهِم التاريخ على نحٍو أقرَب إلى ض المجموعات من الساحِة الثقافية ت المهاجرة .ربما هاجَرت ب ةع ُ الصواب ،عوضاً عن تسميتهم بالمجموعا ِ الرية ،إل أّ ن ال ةعاِمَل الوصلّي المؤثَّر بالغلب هو انتشاُر الثقافة التي كانت ت ةعيش عصَرها الذهبّي في تلك الزمنة )على الص ةعيد الكوني( .أما البح ُ ت آسيا الوسطى أو القفقاس هنا – مثلما ُيزَعم أحيانا ً – ث عن تأثيرا ِ فليس سوى ضرٌب من الهذيا ن ،ل ن تلك المناطق كانت ول تزال ت ةعيش ال ةعصَر الحجري القديَم أثناء عهِد النشوء السومري )أعوام . 5000ق.م( ،وتت ةعّرف لِتَّوها على الثقافة الرية .كما أنها ل تتضمن أيةَ عوامَل ثقافيٍة – سواًء من حي ُ ث المضمو ن أو الشكل – تَُمّكنها من تغذية ثقافٍة غنيٍة وراقيٍة للغاية كالثقافة السومرية. في حيِن أّ ن قوتهم في الهجوم والغزو ل تزال ب ةعيدةً عن إحراِز التقدم الذي يَُخّوُلها لتجاوز الحزام اللغوي ص التداخل المستمر في هذا والثقافي الري .ونظراً ل ةعدِم وصحِة التفكير بصفاِء ونقاوِة ثقافتهم بسب ِ ب وفرِة فر ِ ت الهجرة القوقازية والسيوية الوسطى نزَحت إلى الحزام السومري وإلى الشأ ن ،فربما تكو ن ب ةع ُ ض مجموعا ِ َ شبَُه بأوروبا وأمريكا في ذاك الزما ن .وبطبي ةعِة الحال ،فالكثيُر من المجموعات الهلل الخصيب ،الذي كا ن أ ْ ت الم ةعمورة الربع وصوَب أوروبا لتستقّر الثقافية المتباينة ،وأغلبها من الفقراِء البؤساء ،تَتِّجهُ اليوَم من جها ِ ُ ُ فيها .فكيفما أّ ن الثقافةَ الوروبيَة الراهنة تنتشر اليوم في كافِة أرجاِء ال ةعالم ،فاللغة والثقافة الرية أيضا ً َمنََحت س والنفجار السكاني )في عهد تل حلف على فَُروصاً شبيهة بالنتشار ،وبالخص ب ةعد مرورها بمرحلِة التمأ ُ س ِ ت الكادحين وجِه التخصيص . 4000 – 6000ق.م( .أما الهجراُت المتجهة إلى أعماقها ،فيمكن تشبيُهها بهجرا ِ البؤساِء وصوَب أوروبا اليوم. جِ -من الهميِة بمكا ن القيام بالتفسيِر السليم لوادي النيل كساحٍة ثقافية هامة .إّ ن تطويَر الثقافة الزراعية في ب عن اللغة والبنية الثقافية السامّية ،نظراً هذا الوادي ،ونَْقَلها إلى الحضارة المصرية الفرعونية أمٌر غري ٌ لفتقارها لهذه المهارِة ِمن حي ُ ث المضموِ ن والمحتوى .بل إّ ن البنيةَ اللغوية المصريةَ تُقَّدُم تبايَُنها واختلَفها ِب ةعدِم احتضانها ليِة عناوصَر ساميٍّة بتاتًا .أما السودا ن وإثيوبيا وغيِرها من الثقافات المتواجدة في الوصقاع الفريقية الجنوبية؛ فل تزال آنذاك ب ةعيدةً عن تََخ ّ طي ال ةعصِر الحجري القديم .بالتالي ،فِمن غيِر الممكن – حتى ق للثقافة المصرية .أو بالحرى ،ل يتم التفكير بذلك إطلقًا .كما ل يمكن على الص ةعيد النظري – أْ ن تَُمّهَد الطري َ ي تقدٍم ت المهاجرَة ،والتي تَُ ةعّد استمراراً للقبائل الفريقية ،قد أنجَزت أ ّ التفكير – ولو نظريا ً – بأّ ن المجموعا ِ ملحوٍظ في وادي النيل خلَل مدٍة طويلٍة من الزمن .من هنا ،فهي بحاجٍة ماسة لِِغلِل الثورة الزراعية ونتاجاِتها ت زراعّي ناشٍ ئ في الهلل الخصيب ينمو تلقائيا ً ضمن ي أثٍر يدل على أّ ن أ ّ وأدواِتها .هذا ول َن ةعثُُر على أ ّ ي نبا ٍ أراضي وادي النيل .كما ل ن ةعثر فيها على أيِة أمثلٍة من الكائنات الحيوانية ،فيما خل الِحماِر المصري. ت النظريَة المت ةعلقة بانتشاِر الثقافِة الرية في عموِم ال ةعالم ،تدعونا للتفكير بأّ ن أحد فروَعها أيضاً إّ ن الفرضيا ِ ب إلى س المرحلة .هذا وعلينا عدم النسيا ن بأّ ن وادي "ريف" أفريقيا الشرقية قري ٌ ووصَل هذه المنطقة في نف ِ النيل ،وأّ ن تدفق البشر من الشمال وصوب الجنوب أمٌر ممكن ،بل ومرتََقب ،بقدِر التدفق من الجنوب نحو ت المتفوقة قد َحَمَلت تأثيراِتها المتباَدلة على الدوام عبر هذه الطر.ق القديمة .ومثلما أدى الشمال .والثقافا ُ النفجاُر الثقافي في الهلل الخصيب إلى نشوِء الثقافة السومرية ،فإّ ن تزامَن المدنية المصرية مع أعوام 4000 .ق.م قد يرتكز في مضمونه إلى موجِة النتشار الحاوصِل مع أعوام . 5000ق.م .فمزاياها في المضمو ن والشكل، ت في مصر من قِبَِل الهكسوس وإمكانيا ُ ت التواوصِل َتمنَُح هذه الفروصة .وبطبي ةعِة الحال ،فإّ ن تأسي َ س المستوطنا ِ سّجُل التاريُخ المدّو ن( في أعوام . 1700ق.م ،بل ت أعوام . 2000ق.م ،ويليهم ال ةعبرانيو ن )حسبما يُ َ في بدايا ِ ً ُ ص قوِة انتشاِر الثقافة َوُرقِّيُهم إلى المرات ِ ب الدارية فيها؛ تَُ ةعّد أمثلة مؤّكدةً على وصحِة فكرتنا هذه .ورغَم تناق ِ في الساحة الرية مع مروِر الزمن ،إل أنها ستواوصُل تدفقها بنحو مشابٍِه نحو الساحات السامّية فيما ب ةعد. سها الوطيَد في الهلل الخصيب ،غدا انتشاُرها وصوَب د -وب ةعدما َأثبََتت الثقافةُ الرية جدارَتها وأنجَزت تمأ ُ س َ شّدُد تكراراً ص نحو ما يسمى اليوم ببلِد إيرا ن ،أفغانستا ن ،باكستا ن ،والهند .وأُ َ الشر.ق أكثَر تأثيرًا ،وبالخ ّ ت الثقافية ،ل الجسدية. ت بشرية .إنه انتقاٌل للتأثيرا ِ على أّ ن ما َينتَقُِل هنا هو الثقافة ،أكثَر من أْ ن يكوَ ن مجموعا ٍ س أوَل َم ةعاِلم له في الهضاب اليرانية في أعوام . 7000ق.مُ ،يشِرُع بالنت ةعاش لِتَّوِه والنتقاُل الثقافي ،الذي نَتَلَّم ُ ت تبلغ أعواَم 5000ضمن الهضاب في بلِد الهند حوالي أعوام . 4000ق.م ،في حيِن أّ ن هذه التأثيرا ِ
ت الثقافيةَ السابقةَ لها ليست سوى عناوصُر منحدرةٌ من الوصول الفريقية التركمانية .وُي ةعتََقد أّ ن التراكما ِ ض القديمة ،ول تزال ُمتَ َ سّمَرًة في ال ةعصر الحجري القديم .ذلك أّ ن البقايا الثقافيةَ والبنى الجسديةَ لب ةع ِ المجموعات )وبالخص في الهند( تَُ ةعّزُز من وصحِة هذا الطرح .كما أنه ما ِمن براهين نظرية أو عملية تدل على التطور الثقافي كثمرٍة للتطورات المحلية هناك ،تماماً مثلما هي الحال في مصر وسومر. ض النتقادات َت ةعتَِبر هذا النم َ ط ِمن الفكِر إسقاطياً اختزاليا ً مفرطًا ،إل أنه من الضروري والمهم ولو أّ ن ب ةع َ ق بص ةعوبٍة بالغة .لنتأمِل الثقافةَ الوروبية مث ً ل، خ محدودة ،وتَتََحقّ ُ الستذكاُر بأّ ن الثورا ِ ت الثقافيةَ في التاري ِ ي مكاٍ ن آخر .من هنا ،فإّ ن َ حي ُ طرَح فكرٍة مشابهة بشأِ ن الثقافة في الهلل الخصيب ِنسبًَة ث ل مثيَل لها في أ ّ ت المتسمرِة في لتلك الزمنة أمٌر خل.ق ومبدٌع لقصى الحدود .ذلك أّ ن انتظاَر ثورٍة ثقافيٍة عظمى من المجموعا ِ ت اللف من السنين ،والتي بَلََغت شفيَر هاويِة الزوال ،واعتباَر ذلك ال ةعادات والتقاليد ال ةعائدِة إلى ما قبِل مئا ِ استحقاقاً لها؛ ل يمكن تأييُده البتة ،سواًء من جهِة الفكر النظري ،أو البقايا الثقافيِة الموجودة .أما النتشاُر ق نقلةً الثقافّي الحاوصُل في أعواِم . 3000ق.م ،والمتِجهُ وصوَب الشر.ق إلى منطقِة عيلم غربي إيرا ن ،فكأنه َحقّ َ ي دو ن نحو حضارٍة مركُزها سوس ،التي هي أَ ْ شبَهُ بمستوطنٍة سومرية على الرجح .إنه التأثيُر السومر ّ س مدينَتي هارابا وموهانجادارو الواق ةعتين على شواطِ ئ نهِر جدال .وبالسيِر نحَو الشر.ق ،سنجد أّ ن تأسي َ ت سارت على بينجاف )بنجاب( في باكستا ن الحالية ُيجاري أعواَم . 2500ق.م .واضٌح لل ةعيا ن أّ ن هذه الكيانا ِ ت أوصيلةً لبنى ثقافيٍة أخرى اعتماداً على النظريات ُخطى السومريين .ونظراً للسباب عينها ،ل يمكن َعّدها كيانا ٍ الرغامية .ف ةعندما يكو ن التراكُم الثقافي – الُمزَعم أنه أوصيل – في مستوى أقرَب إلى مرحلِة "البيغما" ،والقياُم ب فكرتنا هذه على منواٍل وصحيح، .ق حضارٍة أوصيلة منه؛ إنما هو أَ ْ شبَهُ بِتَ َ صّور الِحماِر ِحصانًا .ولستي ةعا ِ باشتقا ِ ف المجموعات القاطنة في المناطق الجغرافية الكثِر ُرقِيًّا ،والباقيِة في فسيكو ن من الناجع استذكاُر آل ِ ت ثقافيٍة ب عجزها عن تشييِد حضارٍة أو إنجاِز ثورا ٍ ت حياٍة مشابهٍة طيلةَ مليين السنين؛ وإدراُك أسبا ِ مستويا ِ عظمى. ُ ق مساَهماتها وال ةعديُد من أطروحاتها التركيبية .sentezفالنتشاُر والهلية يحصل ن ل ريَب في أّ ن لهذه المناط ِ ُ ُ ُ ّ شَر هنا هو القيُم النتاجية المادية والم ةعنوية المحققة للتطور ،ل بالغلب طوعياً وبالتداخل .بَْيَد أّ ن المنت ِ ت المنتشرُة ،التي َأثبََتت جدارَتها في هذا التجاه ،اعتُبَِرت على الدوام وكأنها ت الست ةعمارية .والثقافا ُ المجموعا ُ سةٌ كمنحٍة من الله" .وِمن المهّم بمكا ن عدم الخلط بين انتشار الثقافات التي تسمو بقيِم الحياة "م ةعجزا ٌ ت مقّد َ المادية والم ةعنوية ،وبين الست ةعمار والستيلء والغزِو والصهِر الرغامي .ذلك أّ ن القليل من النتشارات ت وحشيٍة مرّوٍعة أو است ةعماٍر أو وصهٍر إرغامي ،في حيِن أّ ن الغالبيةَ الساحقَة الثقافية حدثت على شكِل غزوا ٍ س وعنفوا ن ،نظراً لثباتها تَفَّوَقها في نوعيِة الحياة .أما منها أوصبَحت ُمْلكاً للجميع بقبولها واستساغتها بحما ٍ ف القومويةُ الضيقةُ إزاَء التاريخ ،فقد َأقَحَمت موضوَع النتشار الثقافي في وضٍع مسدود .لذا ،فإّ ن عدَم المواق ُ ضّخمه؛ يتميُز بأهميٍة الوقوع في مصيدِة القوموية التي تَُحّرف مجرى السيلِ ن التاريخي ،وتحجبه ،وُتنِكره ،وتُ َ ب ونسق الم ةعرفة. قصوى من حيث السلو ِ ب ومثيٌر بحيث يستحق البحَث ت الصينية الم موضوٌع غري ٌ هـ -يَُلوُح أّ ن المقاَرنَةَ بين الثقافِة الرية والثقافا ِ والتنقيب .إذُ ،ي ةعتََقد ويَُبرَهن على أّ ن الصين بَلََغت بثقافتها ال ّ طوَر العلى ِمن ال ةعصر النيوليتي في أعواِم 4000 س التواريخ ،فسيكو ن من اليسير .ق.م .وإذا وض ةعنا ُنصَب ال ةعين انتقاَل الثقافة الرية من أوروبا إلى الهند في نف ِ ي الحتمال .يَُرّجُح احتماُل كوِ ن الثقافِة الصينية اقتاتت على الثقافة ح قو ّ القوُل بانتقالها إلى الصين أيضا ً كطر ٍ الرية ،إل أّ ن جغرافيَّتها )سواحَل النهر الوصفر( على وجِه الخصوص ،وشرو َ طها التاريخيةَ المنطويةَ على ذاتها لب ةعِد حد ،وبنيَتها الخاوصةَ بها قد َمنََحت التطوَر المحلّي مكانةً أساسيًة .التأثير موجود حتمًا ،إل أّ ن المزايا الثقافيةَ المحليةَ َمّهَدْت لثورٍة "نيوليتية" ُتحاكيها وُتجاريها ،تماماً مثلما هي حاُل الصين اليوم .فكيفما أّ ن ت التاريخيةَ ال ةعظمى المنَجَزةَ المتماشيةَ مع الشروِط الجغرافيِة والديموغرافية قد َأسفََرت عن التطورا ِ ٌ ٌ ضت عنها كذلك "رأسمالية خاوصة بها" .إذ ِمن غيِر الممكن أْ ن تَتََكّوَ ن "شيوعيٍة" خاوصٍة بها؛ فقد تََمّخ َ ُ ص الولية للقوام المندرجة في شيوعيةُ الصيِن ورأسماليُتها ،ما لم تلتحما مع طبائِع الصين .أما الخصائ ُ المجموعة الثقافية الصينية الساسية )اليابانيو ن ،الكوريو ن ،التراك ،المغول ،الفييتناميو ن ،وغيرهم(، ي وسريٍع في حاِل فتتَج ّ ف إلى قبوِل ثقافِة المناَفسة على نحٍو قو ّ سُد في الصمود الصارم تجاه الخارج ،والن ةعطا ِ ت التقليِد والمحاكاة والمتصاص على نحٍو الفَ َ شل .وبقدِر جوانِبها الوطيدِة والصارمِة في التصدي ،فإ ن مهارا ِ ق في ثقافاتهم. استثنائي تساوقها وتلزمها .يبدو أّ ن هذا المَر خاوصيةٌ مشتَركةٌ وغائرةُ ال ةعم ِ
ت الخرى عبَر الصين .قد يكو ن انتقلت الثقافةُ النيوليتية والمرحلةُ الحضارية اللحقة إلى عناوصِر المجموعا ِ تشبيهُ الصينيين ضمن مجموعاتهم بال ةعرب السامّيين أمراً منيرًا .فالمجموعةُ الثقافية الصينيةُ أيضا ً – مثلما هي حاُل الثقافة السامّية تماما ً – َعِجَزت عن إبداِء قدرتها في أْ ن َتكوَ ن كونية كما فََ ةعلت الثقافةُ الرية .وفي هذه الحال ،سيكو ن من الناجع والمفيد ترتيُبها ليكو ن الريو ن في المرتبة الولى ،يليهم السامّيو ن ،ومن ثَّم الصين. و -يتميز تسلي ُ ت اللغوية ط الضوء على ال ةعلقات والصلت بين المجموعِة اللغوية والثقافية الرية والمجموعا ِ والثقافية الهندوأوروبية بأهميٍة قصوى ،بل وربما كاَ ن ِمن أهّم القضايا الوليِة لِِ ةعلِم التاريخ ،نظراً للكثيِر من غ تفسيٍر مشتَرٍك بشأنها. المغالطات والمفاَرقات الزائفِة بحقها ،ولكونها الحلقةُ المبَهمة التي َعِجزوا عن بلو ِ ث عظمى ف ةعندما تَّم إدرا ُك شراكة المجموعات اللغوية الهندوأوروبية في القر ن التاسع عشر ،بدأ الشروُع ببحو ٍ ح متضاربٍة ومتنافرٍة حوَل المنبِع الوصل لهذه المجموعات ،أي ،حول "اللغِة ح شرو ٍ بصددها ،وُبوِدَر لطر ِ ت ُترِجُع جذوَرها إلى الثقافة اليونانية ،وأخرى إلى الهند ،بل وإلى ثقافِة أوروبا سلَِفية"؛ لَِتبُرَز مداول ٌ والثقافة ال ّ ُ َ ت ذَهَبت أدراَج الرياح عندما أثبَِت بالحجج الشمالية ،وب ةعضها تُِ ةعيدها إلى اللما ن .إل أّ ن كّل هذه الفرضيا ِ القاط ةعِة موضوُع النقطا ِع عن الثدييات البدائية ) الكائنات السابقة للنسا ن( في "ريف" أفريقيا الشرقية، وموضوَع الثور ِة الزراعية النيوليتية في الهلل الخصيب؛ لتكتسب هاتا ن البؤرتا ن الساسيتا ن أهميةً عظمى سَ ةعينا لسرِد ُموَجِز ذلك سابقًا. في التاريخ البشري .وكنا قد َ ت بشأِ ن تحديِد المجموعة اللغوية والثقافية ال ةعريقِة والوصيلة في الهلل الخصيب أهميةً واكتسَبت المداول ُ ُ كبرى ،فَبََرَزت أولوية المجموعات الكرديِة البدائية ،الفارسية ،الفغانية ،والبلوجية والتي تسمى بالمجموعات ق وتفسيَرنا .ونخص بالذكر في هذا المضمار موضوَع الجزم بانتماِء الثقافة واللغة الرية "الرية" ،بما يتواف ُ ً ُ المرتكزة إلى الش ةعوب الوصيلة ،عندما فّكت رموُز البنية اللغوية للهوريين الذين هم الكرد الوائل .والطرح الذي اعتََبرُته وصحيحاً على الص ةعيد الشخصي ،هو أّ ن المنطقةَ النواَة للثورة النيوليتية فقط هي القادرة على إبداع ِمثِل سُمهُ سلسلةُ جباِل طوروس – س الذي َتر ُ هذه اللغة والثقافة .وقد تَّم الجزُم بأّ ن المنطقةَ النواةَ هي ِف ةعلً القو ُ ت شّكَلت مركَز ولدِة اللغة والثقافة الرية .والحفريا ُ زاغروس ،أي ،المنطقةُ المسماةُ بالهلِل الخصيب ،والتي َ ب هذه الثرية ،والف ةعاليا ُ ت التيمولوجية ،والمقاَرنات الثنولوجيةُ الحاوصلة مؤّخرًا؛ جميُ ةعها تَُ ةعّزُز من وصوا ِ الطروحة شيئا ً فشيئًا .هكذا تَّم تفكيُك َوَحّل القسِم العظم من القضية التي اكتَنََفت المجموعَة اللغوية والثقافيَة الهندوأوربية. ونظراً لكوِ ن "الفترة الزمنية" طويلةً جدًا ،والجغرافيا شاس ةعةٌ ومتراميةُ الطراف؛ فِمن غيِر الم ةعقول رسَم سِع اللغة والثقافة الرية وانتشاَرها كما هي عليه .رغم ذلك ،فمن اليسير القول بأّ ن التوسَع الحاوصل خريطِة تََو ّ ي الُمْجَمع عليه وصوب الجنوب والشر.ق ،قد تَّم بشكٍل مشابه وصوب الشمال والغرب أيضاً باتجاه أوروبا .والرأ ُ عموما ً هو أّ ن هذا النتشار ،الذي يَُخّمن ِبدؤه حوالي أعوام . 5000ق.م ،قد توجه نحو أوروبا الشرقية في أعوام . 4000ق.م ،ونحو أوروبا الغربية في أعوام . 2000ق.م؛ وتوطد فيها برسوخ .وال ةعديُد من المؤّرخين الم ةعروفين ،وفي وصدارِتهم جوردو ن تشايلدُ ،يرِج ةعو ن تاريَخ أوروبا إلى هذه السنوات ،حيث كا ن "ال ةعصُر الحجري القديم" سائداً ََقبلها .وُي ةعتََقد أ ن المنطقة المتوسطة بين ما ُي ةعَرف اليوم بجنوبي فرنسا وإسبانيا ،والتي ف سنة؛ قد عاشت أطوَل فتراِتها في الحقبِة الميزوليتية ع سائٍد قبل ثلثيَن أل ِ َعِرَفت الهوموسابيانس كنو ٍ )ال ةعصِر الحجري المتوسط( حصيلةَ التوسع المن َ ق من شمالي أفريقيا. طلِ ِ سّلط عليها لسنا في وضع البحث والتنقيب في نيوليتيكيِة أوروبا وثورِتها الزراعية ،ولكني على قناعٍة بأنه قد ُ ي س جسد ّ النوُر نظراً لهميِة قضيِة المنبع الم .حيث أعتقُد أيضا ً أّ ن النتشاَر في هذا التجاه لم يكن على أسا ٍ سُد خاوصيةُ أوروبا في أنها انتََهَلت ال ةعصَر النيوليتي جاهزاً )الهجرة( واستيطاني ،بقدِر ما هو ثقافي .تَتََج ّ ف سنة وهضِمها وبجوانِِبه الكثر إبداعًا .أي أّنها محظوظة باستقائها هذا الزخَم المتكّد َ س على مدى عشرِة آل ِ له دف ةعةً واحدة ،أو خلَل ُمّدٍة يمكن اعتبارها وجيزة .وبالمقدور القول أنه ،وكيفما َجَ ةعَلت أوروبا عالََمنا الراهَن سِ ةعها الثقافّي خلل أرب ةعِة قرو ن ،فهي بذاتها كانت ساحةً لنتشاِر الثورة النيوليتية أوًل ،ثم لنتشاِر ساحةً لتََو ّ ت الثل ُ شَرت في أوروبا سِع ثورِة الروح – الم ةعنى المسيحية .هذه الثورا ُ ث الكبرى انت َ المدنية الرومانية ،وتََو ّ على أرضيٍة ثقافي ٍة بالرجح ،ودو ن اللجوِء إلى الست ةعمار والستيطا ن الكولونيالي والصهر الرغامي ،فيما عدا ت المتفوقَة تحققت بتبني مفهوم "منحة ب الم ةعدودِة التي َ شّنتها المبراطوريةُ الرومانية .أي أ ن الثقافا ِ الحرو ِ خ البشرية ،تكو ن غ هذا الزخِم الثقافي ال ةعظيِم المتراكِم على َمّر عشرِة آل ِ ف سنة من تاري ِ الله" .ولدى بلو ِ ت السياسيِة ح ،التنويِر ،والثورا ِ الرضيةُ قد ُهيَّئت للثورا ِ ت الوروبية الكبرى اللحقة )النهضِة ،الوصل ِ
وصَفت ت الكبرى بمهاراِتها الخاوصة ،بل َر َ والصناعيِة التقنيِة وال ةعلمية( .إذ ن ،لم ُتنِجْز أوروبا هذه الثورا ِ ع النهر الم للتاريخ وفروِعه الجانبية ،وبتدفقه وانصباِبه فيها بغزارٍة وبدف ةعٍة واكتسبت أرضيَتها بتوسيِع قا ِ ضَرِة بفضِل ت النّ ِ واحدة .ل ريَب في أّ ن انحساَر "ال ةعصِر الجليدي" المتزاِمَن مع المراحل عينها ،وبروَز الغابا ِ ع هذه الطق ِ س الَمناخّي الملئم للغاية ،والتربةَ السماديةَ الم ةعطاءة والغنيةَ ِبغللها ،وتََجّهَز أوروبا بمجمو ِ ق النقلةَ الحضاريةَ ال ةعظمى التي تََرَكت بصماِتها على راهننا. الظروف كتركيبٍة جديدة sentez؛ قد ج ةعلها تَحقّ ُ وصُد دقائق هذه القصِة باستفاضٍة وعن كثب في الفصل الم ةعني. سو َ ف َنر ُ َ -3التفسير السليم للحياة الناب ةعة من الهلل الخصيب ،وتَ َ طّوُرها الجتماعي: ت ليضاحه ب ةعنايٍة فائقٍة تحت هذا ال ةعنوا ن – بمدى تأثيِر ُب ةعٍد زمكانّي اجتماعّي يت ةعلق هذا الموضوع – الذي َجِهد ُ ت اهتمامي عليه باستفاضٍة في قضيِة السلوب ،كا ن بشأِ ن ُمَ ةعيٍّن على نمِط حياٍة ُمَ ةعّينة .والموضوُع الذي رّكز ُ ت م ةعانيه أّ ن الوقائَع الجتماعيةَ "حقائ ٌ ق ُمن َ شأٌة" بِيَِد النسا ن .هذا المُر هاّم لدرجِة أنه ،وفي حاِل عدِم تثبي ِ ش الجهل السليمة كاملًة ،فقد يَُحّول ال ّ شروُع بأ ّ ي نشاٍط ت ةعبئو ّ ي "الت ةعلَم" و"الم ةعانَي" إلى أرضيٍة خصبٍة لنت ةعا ِ وعدميِة الم ةعنى .ما أّدعيه هو أّ ن الجهَل السائَد في الحداثِة الرأسمالية أفدُح من جهالِة "أبي جهل" الذي لََ ةعَنته ونَبََذته الدياُ ن الكبرى أثناَء انطلقاتها .ولربما كانت المدرسةُ الوض ةعيةُ ال ةعلةَ الساسيةَ في ذلك ،كوَنها ديٌن وصُمهُ بـ"الظواهرية " ،هو – بطبي ةعة ق من المادية الكثر اضمحللً و ُ منطل ٌ شّحًا .فهذا الدين ،الذي يمكننا َو ْ ج ذهنيِة النسا ن. الحال – ميتافيزيقي ،نظراً لمزاياه التي هي ثمرةٌ من نتا ِ .ق إلى كوِ ن النساِ ن كائنا ً ذا طبائَع ميتافيزيقيٍة من جهِة ولهذا السبب بالذات َأسَهب ُ ت في فصِل السلوب في التطر ِ ذهنيته .لكّن الوض ةعيةَ عاجزةٌ – دو ن وعي – عن رؤيِة أّ ن هذه الظواهريةَ ليست سوى "وثنيُة" ال ةعهود شّدُد على َ ح ادعائي بكوِ ن الظواهرية = الوثنية. شّح حالتها وأكثِرها اضمحلًل .لذا ،فإني أُ َ القديمة بِأ َ َ طر ِ فالظواهريةُ ليست شكلً لتفسيِر حقيقٍة ما ،وهي ليست فلسفةَ ال ةعلوم الم ةعتِمدِة على الظواهر ،مهما َزَعَمت ال ةعكس .ذلك أنه من الُمحال وجوُد فلسفٍة كهذه .فكّل ما تَقَُع عليه ال ةعيُن ،وكّل ما تسم ةعه الُُذُ ن هو ظاهرةٌ بَِحّد ي س ظاهرة .فأ ّ ذاتها .بل وكّل ِح ّ ي متهوٍر أو جاهٍل يمكنه الزعُم بأّ ن هذه فقط حقيقةُ الكو ن؟ فحسَب رأ ِ ق وجهِة نظِر نيتشه يمكن أْ ن تكوَ ن إدراكاً ً ً أفلطو ن ،ل يمكن اعتباُر الظاهرِة مظهرا أو ان ةعكاسا .وهي وف َ بسيطًا ،ليس إل .بالمكا ن التركيُز على الصلِة بين الظاهرة والدراك ،تماما ً مثلما َرّكزنا على ال ةعلقة فيما بين الذات والموضوع. س الظواهريةَ .أسَتخِدُم لف َ ظ "وصورة" عن َكم هو مؤس ٌ ف أّ ن الحداثةَ ليست سوى وصورةُ حياٍة ُمنشأٍة على أسا ِ وعي .ذلك أّ ن الحداثةَ مت ةعلقةٌ بأكثِر أشكاِل الحياة سطحيًة ،ل بجوهِرها .وما مقولةُ أدورنو "الحياةُ الخاطئةُ ل ُت ةعاش بصواب" ،والتي ذكَرها وَعِجَز عن تحليلها؛ سوى محصلةٌ لخيبِة المل والقنوِط الذي ألَّم به تجاه البادِة ض الفرس ،إل أنها تفتقُر لليضاح .أين هو الخطأ الولّي في الحياة؟ الِ ةعرقية لليهود .في هذه ال ةعبارة يكمُن ِمربَ ُ شئت؟ وما وصلُتها بنظاِم المجتمِع المهيمن؟ ما ِمن ردوٍد على ِمثِل َمِن المسؤوُل عن الحياِة الخاطئة؟ كيف ُأن ِ ع جذوِرها إلى مرحلِة التنوير وال ةعقلنية ،في حيِن أبَقوا على الموضوع – هذه التساؤلت ،بل اكتَفوا فقط بإرجا ِ ض ويَلُّفهُ الظلم. أي ،شكِل الحياِة الخاطئة – يكتنفه الغمو ُ ف ثَّمةَ جهوٌد مماثلةٌ لدى ميشيل فوكو أيضًا ،حيث يكتفي فقط بالقول "الحداثةُ مو ُ ت النسا ن" .فكيف لفيلسو ٍ ت النسا ن في جملٍة قصيرة ،ويلتفت عنه؟ ل م ةعنى للقول شهيٍر لهذه الدرجة أ ن َيح ُ شَر موضوعا ً حيويا ً كمو ِ سلّطُ عليها الضوء ،لكّن الموَت المبّكَر لم يدعه .فالحقيقةُ الهامة ،والتفسيُر الجدي يستلزما ن بأنه كا ن سيُ َ التنويَر واليضاح ،ولو في النفاس الخيرة .فمث ً ش الموت، ل ،لَْم ُيهِمل كوبرنيكوس ،حتى وهو على فرا ِ التووصيةَ بنشِر مؤلِّفه الخيِر الذي يقول فيه أ ن "الرض تدور حول الشمس" .وثمَة الكثيرو ن من أمثاله من سرين للحقائق في الغرب والشر.ق على السواء .لكن ،ولّ ن نُّقاَد ما وراِء الحداثة قد تَلَ ّ طخوا بالكثيِر من آثاِم المف ّ ب الحداثة في الحياة ،فهم يتطرقو ن للحقائق بخجل .بم ةعنى آخر ،فالمنغمسو ن في ال ةعبودية والسلطة، وذنو ِ ب س السلوب المشتَرك .إنه أسلو ٌ والمستقو ن من شرا ِ ب منهاجها الم ةعرفي ،والملّوثو ن بها؛ إنما يلجأو ن إلى نف ِ ي Ezopلحّد ما! تهكمّي ترميز ّ ت الحياة الخاطئة والصائبة .فهل ِمَن الممكن أْ ن تكو ن أَُكّرُر مجدداً أّ ن ما نس ةعى ليضاحه هو موضوُع تصورا ِ ت الحياةُ التي فَر َ ضتها جميُع المدنيات القديمة – وليس فقط الحداثةُ )الرأسمالية( – قد تم وض ةعها بتصورا ٍ سَرة إيرا ن، وصحيحة؟ وبدءاً من الرهبا ن إلى اللهة الملوِك السومريين ،وِمن اللهة الملوِك المصريين إلى أكا ِ من السكندر إلى أباطرِة روما ،ومن سلطيِن السلم إلى مونارشيي أوروبا؛ َأل يمكن تحميُل جميِع هذه
سسِة رسمياً للحياة مسؤوليةَ إرسائها على دعائَم خاطئٍة بقدِر ما هي عليه الحداثةُ الرأسمالية بأقّل النظمِة المؤ ّ س الحياةُ الخاطئة ِبا ّ ت تقدير؟ أََوَلم تتأ ّ ق التطوِر الجتماعي بهذه الحلقا ِ س ِ ق ُعنُ ِ طراٍد مع مروِر الزمن عبَر تطوي ِ ت السلسلة المتوالية؟ إذ ن ،لن يكفينا القتصاُر على تحميِل مسؤوليِة نمِط الحياة الخاطئِة على اَلشبَِه بحلقا ِ ق ج في الحرب والبادِة الِ ةعرقية وحسب ،لّ ن الّرّد على هذه القضيِة غائٌر في الُ ةعم ِ عات ِ ق الحداثة ونظاِمها الممنَه ِ ب ومنبِع كّل هذه القضايا ،عندما َرّكزنا على بقدِر تََوّغِل جذوِرها .ولهذا الغرض َ ص في أغواِر َمشَر ِ سَ ةعينا للغو ِ الثورِة الثقافية ال ةعظمى في الهلل الخصيب ،وعلى نمِط الحياة الناجم عنها. ل ريَب في استحالِة تفسيِر المجتمع كليا ً عبَر الثقافِة وحدها ،بل يتطلب إضافَة ال ةعديد من ال ةعوامل إليها .إل أنه ح "الثقافة" ما ض كوِ ن الثقافِة هي الساس .لِنَُو ّ نادراً ما يتم تفنيُد أو رف ُ ضح الم ةعنى الذي نضفيه على مصطل ِ ُدمنا نَُمّر عليه .مقصدنا منه :مكا ن أو بق ةعة جغرافية تتسم بمزايا ل مفّر منها لجل حياِة التاريخ والمجتمِع ضمن "فترة طويلة" من التاريخُ ،متَرَعةٌ بالم ةعاني .أي أننا ل نبدأ الَ ةعّد من الصفر لدى إضفاِء الم ةعاني على المجتمع في هذه الحقبة التاريخية والجغرافيا .إنما نََوّد الشارةَ إلى دوِرهما الرئيسّي في كيفيِة تشييِد الحياة سّجلِة ت الحياة الُم َ ت تتكو ن من حلقا ِ الجتماعية الُمنشأِة بأشكاٍل ل َعّد لها ول َحصر .أما القوُل بأّ ن المجتم ةعا ِ ُ عبر الزما ن والمكا ن ،وأّ ن كّل حلقٍة متصلةٌ بالخرى بقدِر ما لها َمّيزاُتها ومزاياها الخاوصة بها؛ فَن ةعتَِبره ِمن ح هذا المر. ضرورا ِ ت إيضا ِ ف سنة ،إنما يحّدد فاختل ُ ف أنماِط حياِة المجتم ةعات الساميِّة والصينية المستندِة إلى ركائِز ما قبِل عشرِة آل ِ ب م ةعاني حياتِِهم الراهنة بنسبٍة ملحوظة .وبالمكا ن قوُل المِر عيِنه بشأِ ن ثقافِة الحياة الرية أيضًا .من جان ٍ ت ثقافِة آخر ،ومن خلل "علم الم ةعاني" ،باستطاعتنا استنباط كيفيِة إضفاِء الشرعية الرسمية على مقوما ِ الحياة تلك في ظّل الهرميِة والدولة ،وتحَت ُحكِم الملوك الُمقَّن ةعين أو غير الُمقَّن ةعين ،المتسترين أو الُ ةعراة؛ ب ليَُحّرفوا م ةعانيها ويُ َ ح والشناعة والحرو ِ ع الُقب ِ شّوهوها بدرجٍة مرّوعة ،ويج ةعلوها قابلةً ومنفتحةً لشتى أنوا ِ ُ َ ُ ً والبادات الِ ةعرقية .وبقدِر ما تتواجُد أنماط الحياة الرسمية وغيِر الرسمية شاقوليا ،يكو ن ثمة أنماط حياٍة على ت متباينة أفقيًا .علوةً على أّ ن جوهَر الحياة الجتماعية في المنبِع الم هو الذي يحّدد أنما َ طها نحِو حلقا ٍ وأشكاَلها في جميِع هذه الحلقات. ح الثقافة .ل جداَل في أّ ن مجتمَع الكل ن أيضاً له ثقافُته ،وبالتالي نم ُ ط لِنَتََو ّ سع قليلً في َ سرِد مضموِ ن مصطل ِ حياِته .فم ةعاني الحياِة متشابهةٌ ضمن مجتمِع الكل ن المتسم بخاوصية الكونية خلل مسيرِة المجتمع البشري، ت شاس ةعةً ب ةعْد على حيث تَُكوُ ن البنيةُ اللغويةُ والفكريةُ فيها دارجًة عبر الشارات ،نظراً لكونها لم تقطع مسافا ٍ شبَهُ بقصِة ق النقطاع عن الثدييات البدائية ،وبالتالي عن الحيوانات .وتحويُل حياِة كلٍ ن ما إلى قصة هو أَ ْ طري ِ ت الضرورية ،المُن ،والتكاثُر ثالو ٌ ث يسري على جميِع الكائنات الحية على وجِه حياِة جميِع الكلنات .فالحاجا ُ التقريب .وقد كنا شَرحنا رواب َ .ق الذهنية المحدودة .أما بروُز الختلف والتبايِن في الحياة ،في ةعني ط ذلك مع الفا ِ تَ َ طّوَر المرونة الذهنية ،والنتقاَل إلى التفاهِم بلغِة الرموز ،وبلوَغ البنى الماديِة الممكِن تشييُدها حصيلة ذلك. ت Nesneالمادية المتزايدة مع المرونِة ع الموضوعا ِ إذ ن ،والحاُل هذه ،فالتطوُر الثقافي ت ةعبيٌر عن مجمو ِ الذهنية وتَ َ ق عن ذهنيِة مجتمٍع ما ،وقوالبِِه الفكرية، طّوِر اللغِة الرمزية .فبينما تَُ ةعبُّر الثقافةُ بإطارها الضي ِ ت والوسائل التي تلبي ع كّل الدوا ِ ولغتِِه؛ فإّ ن إطاَرها الواسَع يَُ ةعبُّر عن إضافِة التراكما ِ ت الماديِة إلى ذلك )مجمو ِ ي أّ ن الثقافَة ت ،الحمايِة ،ال ةعبادِة ،ووسائِل الجمال( .أ ْ ت وأنماِط ادخاره وتحويله ،المواوصل ِ ج القو ِ الحاجات ،إنتا ِ شبَِه في وسائلها وأدواتها ،وتَُ ةعّين مستوى التمييز واللمساواِة بين الفقر ف وال ّ تَُحّدُد الذهنية ،ومستوى الختل ِ والِغنى ،وتَُخ ّ ت الحياِة المتباينِة والمتقاربة. ط مساَر مستويا ِ ُ شئت ِبمهارِة النسا ن نفسه ،وباتت تَُ ةعبُّر ت الذهنيةَ والماديةَ أن ِ ت والُمّدَخرا ِ علينا التنويه مجدداً إلى أّ ن التراكما ِ عن ذاتها بتحولها إلى واقٍع اجتماعي .وفي هذا الوضع ،فإّ ن الشارةَ إلى َتشابُِه حياِة مجتمِع الكل ن الُمَ ةعّمرِة ف والتباين الجوهرية؛ لن يؤدي إلى مليين السنين على َمّر ال ةعصِر الحجري القديم ،وافتقاِرها إلى أوجِه الخل ِ ي للم ةعاني .ولهذا السبب بالذات َأوَلينا أهميةً فائقة لظهوِر الجياِل الثقافية ال ةعظمى إلى الوسط .ذلك أّ ن فقداٍ ن جد ّ ُ َ كّل جيٍل ثقافّي عظيٍم ي ةعني تَطّوَر حياٍة عظيمٍة ومختلفة .ومن هذا المنطلق ،بمقدورنا المطابقة بين التطور الجتماعي والتطور الثقافي .وبصياغٍة أخرى؛ بقدِر المرونة والحريِة الذهنية تَُكوُ ن اللغةُ الرمزية مشحونةً بالم ةعاني والغنى الفكري .وانطلقا ً من ذلك ،بقدِر امتلِك وسائَل ثقافيٍة ماديٍة أكثر ،تَُكو ن الحياةُ الجتماعيةُ أرقى. ٌ ٌ َ ْ َ َ ق النسا ن وتكوينه .ل شّك في إّ ن المجتم ةعية كواقٍع ُمنشأ – وهي فرضية أولية في هذا الفصل – ت ةعني أساسا ً خل َ
أننا ل نتغاضى عن مقداِر المادة ومدى التطور البيولوجي لديه ،ون ةعي تماماً أنه تم البح ُ ق فيزيائيٍة ث فيها كحقائ َ وكيميائيٍة وبيولوجية .بالضافِة إلى أّ ن ال ةعلوَم النثروبولوجيةَ والنفسيةَ الباحثةَ والمدقّقَةَ في النسا ن كذهٍن ونوع ُتنتُِج الم ةعانَي اللزمَة بشأنه في مجالها .وثمةَ ما تََ ةعّلمناه من ال ةعلوِم بحالتها المشتّتَِة والُمَجّزأة ،رغَم ب انتقاداتنا لها .وتشديُدنا على َكوِ ن الواقِع الجتماعّي ي ةعني مستو ً ى مختلفاً من الدراِك ،هو بدافِع استي ةعا ِ ضِع اليد عليها، .ق وو ْ الفوار.ق فيما بينه وبين ال ةعلوِم الخرى بشكل أفضل .ذلك أنه ،وبدو ن المساِك بهذه الفوار ِ سق َ َ ض "ال ةعلموية" .أما ح الذي َ ط فيه الوض ةعيو ن ،ولن ننجَو بالتالي من َمَر ِ سوف نقع في نف ِ س الخطأ الفاد ِ ُ حصيلةُ ذلك ،فهي البادةُ الِ ةعرقية التي آلت إليها الحداثةُ الرأسمالية .أما البادةُ الِ ةعرقية – أَكّرُرها ثانيةً – فهي ت اللهيِة والبشريِة َت ةعَجُز عن الُجرُم الشنيُع والثُم الفادُح الذي َأذَهَل أدورنو لدرجِة قولِِه بأّ ن كّل السلوكيا ِ ح بواعثه ،وفَّكَر بضرورِة رمِي كافِة الكتب في الناِر لتلتهمها ،وآَل إلى نتيجٍة مفاُدها أّ ن الحياةَ تأسست إيضا ِ .ق هذه على منواٍل خاط ئ .هذا ومن المهم تثبيت استحالِة استذكاِر مغدوري البادِة والتطهيِر ال ةعرقي خارَج نطا ِ ض هذه الحقيقة ،بل وت ةعتقدا ن بإمكانيِة ال ةعيش الم ةعاني .لكّن الحياةَ ال ةعصرية ،والمدرسَة الوض ةعية ت ةعاندا ن في رف ِ ت الِ ةعرقية .أو أنهما َتجرؤا ن على القول بإمكانيِة ال ةعيش مع هذه في هذه الحياة الجتماعية ،رغَم كّل هذه البادا ِ ت الذهنية وقيِم المدنية الماديِة المؤدية إلى هذه الجريمة ،دو ن القضاِء على الجريمة التحريفات والتشويها ِ ي ذهنيٍة أو عقل، ي كتاب ،وبالتالي في أ ّ ب هذه الجرأة ،التي يجب أل تتواجَد في أ ّ بكافِة ركائزها الولية .وبسب ِ ف على النزواء ،ويموت. َيرتَِ ةعد أدورنو ،وين ةعك ُ َ ما أس ةعى ل ةعمله هنا ،هو تحويُل منابِع هذه "الجرأة" وأشكاِل تجاوزها المحتَملِة إلى قضيٍة إشكالية ،وإبداُء ض النظر عن كفاءاتنا ومهاراتنا في الرد عليها وإيصاِلها إلى الم ةعاني والممارسِة .ذلك أنه ل مجاَل أمامنا لَِغ ّ الحداثة المستمرة في وجودها ،والمؤديِة إلى بروِز بؤِر البادة والتطهير ال ةعرقي المتمأسسِة طردياً مع الزمن. .ق اليوم الباديةُ لل ةعيا ن ،وماهيةُ كافِة أنظمِة الشر.ق الوسط في البادة ال ةعرقية – سواًء علنا ً أو فحقيقةُ عرا ِ استتاراً – ومشاركُتها جمي ةعاً في الجرائم والثام؛ واضحةٌ جليا ً ورهيبة بَِهوِلها ،بحيث أّ ن راوصديها يش ةعرو ن بها ،فما بالك بالمحترقين بألسنِة لهيبها والمنصهرين في بوتقتها .ورغم ذلك ،ثمة بالمقابل نزوٌع وميوٌل .ق ثنائيِة :إما الحياةُ عظمى متطل ةعةٌ للحياة الحرة .ولكنِ ،من المحاِل البتةَ ال ةعي ُ ش بشكٍل مشترك ومتداخٍل في نطا ِ ش هكذا والمشاركةُ في جريمٍة كهذه .فكيف حصَل وووصَلت هذه الحرة أو البادةُ الجماعية .إذ ل يمكننا ال ةعي ُ ب ب حرو ُ ف الوِل تنش ُ الراضي بتاريخها إلى هذه الحالة ،ب ةعدما كانت منبَع أسمى م ةعاني الحياة؟ ففي الطر ِ ف المقابل ثمةَ الحروب التي يقودها الثنيات التي كانت َمّهَدت الطري َ ق لبروِز ُأولى م ةعاني الحياة ،وفي الطر ِ الله الِخير للحداثُة! ما دام كذلك ،فل خياَر لنا من التحامل على الموضوع تكراراً وِمرارًا ،والّرّد على قضاياه، وإنجاِز ال ةعمليات اللزمة. وصَدها علّي سرد نكهِة الحياِة في الهلل الخصيب بلغٍة أدبيٍة نوعاً ما .وسأبدأ بحديثي عنها بملحظٍة كا ن قد َر َ ت جايونو في ديار بكر Diyarbakır؛ حيث يقول" :ل يمكن للحياة أ ن تَُكو ن ذات برادواي ،الذي ابتدأ حفريا ِ س سلسلِة جباِل زاغروس – طوروس"ُ .ترى ،ما م ةعنى في أيِة بق ةعٍة من ال ةعالم مثلما هي عليه في حوا ّ ف قو ِ خ الش ةعوُر الذي أضَفتهُ هذه ال ةعبارةُ على هذا النساِ ن المترعرع في أحضاِ ن ثقافٍة ب ةعيدٍة جدًا؟ وك ةعالِم آثاٍر وُمَؤّر ٍ مدرٍك تماماً للحضارة ،لماذا يََرى الحياَة الغنى والرقى بم ةعانيها في هذه الساحة الثقافية؟ علما ً بأّ ن القاطنين ب من الطاعو ن ،وَيستَِميتو ن ويَتَلَّوو ن للووصول إلى أوروبا اليوم على هذه الراضي يََودو ن الهرَب منها كالهر ِ سروا كّل مقّدساتهم وقيمهم الجمالية، س جدًا ،وينظرو ن للهجرِة إليها كالقدِر المحتوم ،لنهم َخ ِ َمَقابَِل َأجٍر بخ ٍ وكأنها لن ُتسَت ةعاد ثانية. ُ ت الفراَر من كّل شيٍء في ض الحداثة ،وأرد ُ وصب ُ ت في وق ٍ علّي القرار بأني – أنا أيضا ً – أ ِ ت من الوقات بَِمَر ِ َ ف في قرارِة نفسي بأّ ن تلك كانت أفظَع ضلٍل لي في الحياة. هذه الراضي ،حتى من الم والب .ولطالما أعتَِر ُ ت أنظُر ولكني أدرُك أيضاً أني لم أنقطع كلياً عما لحظه برادواي .فباعتباري ابُن تلك الجبال وسفوحها ،فقد كن ُ ش اللهة واللهات ،وإلى َحواّفها كلََبنات أساسية للجنة الوفيرة التي خلقوها، إلى ذراها الشاهقِة على أنها عر ُ ب "مجنو ن الجبال" ،لعلََم لحقا ً أّ ن .ق للتجوال فيها على الدوام .وقد اشتُِهر ُ فأتشو ُ ت منذ ن ةعومِة أظافري بلق ِ هذه الحياةَ عائدةٌ بالرجح إلى اللِه ديونيسوس ،الذي ُيقال أنه كا ن يتجول فيها برفقِة مجموعِة الفنانات ت سِويًّة .وكن ُ سّميات بـ الباخوسيات ،والمحيطات به أماما ً وخْلفًا ،لَيطَربوا ويلهوا ،ويأكلوا ويشربوا َ الحرات الُم َ َ ضل هذا الله على زيوس ،بل وكا ن يُذّيل ال ةعديد قد أحبب ُ ت هذه الحياةَ اللهية .والفيلسو ُ ف نيتشه أيضاً كا ن قد ف ّ ب المشتَرِك ت في القرية ،كن ُ من أقواله المأثورة بتوقيِع "الغلُم الِغّر لديونيسوس" .عندما كن ُ ت مهووسا ً باللِ ةع ِ
ت مقتن ةعاً ت الدينيةَ كثيرًا .وكن ُ مع الفتيات ،عوضا ً عن ُل ةعبِة ال ةعروس والغّميضة؛ وإْ ن كا ن ذلك ل يتناغم والواجبا ِ ستِر المرأة سْغ أو أُْبِد أ ّ ح البتة تجاه الثقافِة المهيمنِة بِ َ بأْ ن يَُكو ن المُر هكذا بطبي ةعِة الحال .هذا ولَْم أست ِ ي تسام ٍ ش الحر وَحْجِبها في البيت ،ولم آَبه بالقانو ن الذي َ سّموهُ الشرف )الناموس( .ول َأبَرُح ِبالّرّد بـ ن ةعم إزاَء النقا ِ ت الخرى في الحياة .وبالمقابل ،فإّ ن جوابي هو ل ب م ةعها ،ومشاطرِتها كّل المقدسا ِ اللمحدوِد مع المرأة ،والل ةع ِ ت ال ةعبوديِة المتباَدلِة الفائحِة برائحِة الُملِكّية ،والمرتكزِة إلى القوة ،أيا ً كا ن وأل ُ ف ل إزاَء ال ةعلقات والتب ةعيا ِ اسُمها ،وأياً كانت ذري ةعُتها. ت النساِء الحرة على ذرى تلك الجبال بإلهاِم اللهة النثى ،لضفاِء "الم ةعاني النفيسِة" لقد َحّيي ُ ت دوما ً مجموعا ِ ٌ سم ةعي نبأ يقول بأّ ن "حادثا ً َوقََع لشاحنٍة )أو عليها .ولطالما َيخطُُر ببالي كم كا ن غيظي كبيرًا ،كلما َترامى لِ َ ت إلى ب شرقي البلد ،فَلََقيَن َحتفَُهّن وهّن ذاهبا ٌ َجّراٍر( مكتظٍّة بمجموعٍة نسائيٍة في المنطقِة الفلنية من جنو ِ ث بقدِر ما أبديُته إزاَء الرجِل ال ةعمِل باُلجرة في الحقول" .وأتذكر جيداً أني لَْم أش ةعر بكل هذا المقت تجاهَ أ ّ ي َحَد ٍ ق من نسِل ب المرأة ومالكوها .فكيف حصَل وَلم يتب ّ وال ةعائلِة والهرمية والدولِة ،الذين يزعمو ن أنهم أوصحا ُ سغه اللهة النثى إل هذا النحطاطُ المرّوع؟ َلم يقبْل عقلي وروحي بهذا النحطاِط إطلقًا ،تماماً مثلما لم َتستَ ِ صّحِة المقولة سيِّة اللهة ،أو أل تَُكوَ ن أبدًا .ولطالما أُفَّكُر بِ ِ ذهنيتي .فبالنسبة لي؛ إما أْ ن تَُكوَ ن المرأةُ داخَل ُقد ِ ت عبارةَ ت قد استخدم ُ القائلِة بأّ ن "مستوى حياِة النساء في مجتمٍع ما م ةعياٌر أولّي في م ةعرفِة ذاك المجتمع" .كن ُ ف أمي ،حيث كانت َبدينةً مثلهن .إل أّ ن إنشاَء الحداثِة لنمِط الم "ِمن بقايا ثقافِة اللهِة الم" النيوليتيِة في َووص ِ ت كبرى في حياتي، الوصطناعيِة المزّيفِة َأعا َ سيِّة الموجودِة في أمي .ورغَم م ةعاناتي آلماً ومخاضا ٍ .ق رؤيتي للُقد ِ ي حادث .إل أنه ،وب ةعدما َح ّ سرُتها ،لطالما أستذكُر أمي ،وبالتالي جميَع طم ُ َلم أبِك جديا ً على أ ّ ت قوالَب الحداثة وَك َ .ق في التأمل .ولطالما أتأمُل صٍة ،فُتدِمع عيناي وأنا ُمستغِر ٌ ب ُمتَلَّو وبَِغ ّ .ق الوسط( ،بَِقل ٍ أمها ِ ت المنطقة )الشر ِ َ ْ ف الدرب م ةعنى وط ةعَم الماء الذي كن ُ ض طري َ ت أتََجّرُعه من ّدلِو البئر الثقيِل ب ةعدما أعتَِر ُ ق أمي وهي في منتص ِ ُ ً صر قلبي ألما .أووصي الجميَع بإعادِة النظِر في نمِط تَئِّن تحت وطأِة ثِقَلِِه ،وَيخطُُر ببالي كذكرى ُمميَّزٍة َت ةعتَ ِ ب الذهنية للحداثة ،وأتمنى أ ن ي ةعكسوا وجهةَ النظر هذه علقاتهم مع الوالدين ،ب ةعَد أْ ن يدكوا دعائَم كافِة القوال ِ ي شك – َيكمن الظفُر العظُم للحداثة في ت القرية" المتبقيِة ِمن ال ةعهد النيوليتي .إذ – ودو ن أ ّ على شتى "علقا ِ َ َ ف عاٍم ،وإسقاِطها إلى مستوى ال ةعدم .ومن أل عشر ة خمس ة طيل ة منشأ ال ة الثقافي نظرنا نجاحها بهدِم وجهِة ِ ِ ُ ِ س بمقاومٍة باسلة ،والَولَِع بحياٍة مشّرفٍة ث التشب ِ المستوَعب تماما ً استحالةُ انب ةعا ِ ث بنظرٍة أوصيلٍة حرة ،والَهَو ِ ت ُمَب ةعَثرٍة ومهدومٍة وم ةعدومة لهذه الدرجة. من أحشاِء أفراٍد ومجتم ةعا ٍ س الجبلي هو موضوع Nesneباعث على الهيام بالنسبة ت ينمو ،وُكّل حيواٍ ن يرعى في حوا ّ كّل نبا ٍ ف القو ِ لي ،إذ أنظُر إليهم وكأنهم مشحونو ن بم ةعانَي مقّدسة .فقد كنا أوصدقاء ،وكأنهم ُخلُِقوا لجلي ،وأنا لجلِِهم .لقد ت خلفهم كثيرًا ،وبكّل ولٍع وعشق .هكذا هو عشقي لحّد ما .وما لَْم أغِفرهُ لنفسي في هذا المضمار حتى ركض ُ ي رحمٍة أو شفقة .ما ِمن س ال ةعصافير التي كن ُ ت أوصطادها ،دو ن أْ ن يختلَجني ش ةعوٌر بأ ّ ال ن ،هو َقطِ ةعي رؤو َ ف المهالِك ال ةعميقِة المستترِة وراَء مفهوِم التمييز بين الذات سرٍد أثَّر في أعماقي َوَحّثني على استكشا ِ والموضوع ،بقدِر ما فََ ةعَلته بي هذه الوقائع .وَترجيحي لمفهوِم اليكولوجيا على وصلٍة وثيقٍة بهذا الولِع ب على هذه المخاطِر الروحية ال ةعظمى ،والمتبقيِة من ثقافِة الطفولي ،وباعترافي بهذا الُجرم .وما كاَ ن لي التغل ُ ع القناع عن السلطة وحروِبها ،باعتبارها فّن "الرجِل القوي المستِغل والمِر الناهي" )اللهِة الصيد ،إل ب ةعَد َنز ِ الُمقَّن ةعة وغيِر الُمقَّن ةعة ،والملوِك المتسترين والُ ةعراة( ،الذي هو وصيٌد ،ليس إل .وما كا ن لنا أ ن نَِ ةعَي ذاتنا ،أو ت سأضفي الم ةعانَي على ت والحيوانات .هكذا كن ُ َنقِدَر على تَبَّني المجتمِع اليكولوجي ،ما َلم نفهْم لغةَ النباتا ِ ذكرياتي مع نباتاتي وحيواناتي ،التي ل تنفّك ُتراودني بل انقطاع. ُ ول َأبَرُح ألقي الص ةعوبة في ضبِط عواطفي الجياشة – التي ل يمكن أ ن تَُزّوَدني بها أية رواية – كلما خطَرت ف الجبال ،فيقوُم بإعدادها وزراعتها منذ بدِء الربيع إلى أ ن وصقة لحوا ّ ببالي ِفلحةُ أبي في أحضاِ ن السهول الُمل ِ سها .واأسفاه! لماذا َلم أفهْم تماما ً أولئك ض الخري ُ س الحبوَب ويَُكّد َ ف عينيه ويغفو ،لَِيحصَد الِغلَل ،وَيدُر َ ُيغِم َ ب الله ،وَعِجزنا عن أْ ن نكو ن أوصدقاء؟ ورغَم أّ ن كّل علقاتي تدوُر على محوِر الصداقة ،إل السائرين على در ِ ّ ت الحداثة المرّوعة ب علقا ِ أني غيُر قادٍر على مسامحِة نفسي ل ةعدِم اللتزام بالِحداد عندما تُُوفَي أبي ،وذلك بسب ِ الرهيبة .ربما كا ن أبي خائَر القوى أكثَر من كّل الباء ،ولكنه كا ن أََحَد ِعباِد ا النزيهين المستقيمين .رغَم كّل شيء ،فالباُء الفلحو ن هم الكثُر قيمةً وقدراً بالنسبة لي. ت مرحلٍة مجهولة تحتضر. شِرب ،وكأنها محاول ُ ت القريِة تَتَبَّدى لي وكأنهُ أََكَل عليها الدهُر و َ كانت جميُع علقا ِ
هذا وَأعتَبُِر اللجوَء إلى المدينِة هرباً من القرية ُجرما ً بَِحّد ذاته ،ول ُيساِوُرني أدنى شّك في أّ ن الحياةَ المثلى ق في القرى اليكولوجية ،ل في بنى المدِ ن السرطانيِة للحداثة )للمدنية بِِرّمِتها( .ول يمكن السماح للنساِ ن تَتََحقّ ُ للمدينِة أْ ن َتغُدَو مكانا ً وصالحاً للسكن ،إل إذا تناغَمت وانسجَمت كلياً مع القرى اليكولوجية. ف هذه السلسِل الجبليِة الممتدِة من أمانوس إلى إني أُقَّيم الش ةعوَب الهلةَ القاطنةَ منُذ القَِدم إلى اليوم تحت َكنَ ِ شها في قَِمِم تلك الجباِل ب اللهة واللهات المترّب ةعِة على ُعُرو ِ زاغروس بأنهم ال ةعابرو ن المقّدسو ن على در ِ سها هو الصحيح. الشاهقة .لقد أوصبْح ُ ت مقتن ةعا ً يقينا ً أّ ن تهمة الرج ةعية وف َ ق وجهِة نظِر الحداثة ،إنما عك ُ وباعتباِر أّ ن الرج ةعية – التقدمية ليست سوى أحكاماً أيديولوجية ،وأ ن تحليَل ذهنيِة الحداثِة الرأسمالية ي ةعني ص في العما.ق النسانية الحقة ،لنها ليست رج ةعية فحسب ،بل وهي ال ةعدّو اللدود للبشرية؛ فَُكّلي إيماٌ ن الغو َ ت ال ةعودَة ال ةعظمى إلى الحرية .وبالنجاِة ِمن س ةعيِر الحداثة المؤّلفة ِمن جشِع الربح ،والصناعِة، بأني َحّقق ُ ُ والدولتيِة القومية ،غدا كّل شيٍء مفهوما ً أكثرَ ،ويَنُّم عن ِغنى م ةعاني الحياة .والهتماُم والهياُم اللذا ن أوِليِهما لَِجْثَوٍة )َكوَمٍة( ترابيٍة متبقيٍة ِمن ال ةعهِد النيوليتي ،ل أُبَّدلهما حتى بنيويورك .Newyorkفهذه المدينةُ الجوفاُء وصرِة الخاليةُ ِمن الم ةعاني ،والفاتحةُ أبواَبها على مصاري ةعها أماَم المزيِد ِمن "الحياِة الُمربَِحِة" ،وِمن ُمحا َ ش الصناعة"؛ ل م ةعنى لها سوى َكونها إحدى النسخ الم ةعدومة النساِ ن ضمن "قف ٍ ص حديدي" ،وأماَم "وحو ِ ت الثنتين والسب ةعين" التي ل يفهم أحد فيها شيئاً من الخر .ول ُيراوُدني أدنى ت اللغا ِ الم ةعاني لمدينِة "بابل ذا ِ ص البشريِة يَُمّر ِمن هدِم البنية السرطانية للمدنية. شّك من أّ ن خل َ َ ف التشبيه والتذكير بماهيِة ثقافِة الحياة التي ننحدُر منها .ذلك أننا لن صص ُ لقد قَ َ ت هذه القصة القصيرةَ بهد ِ ب دوِر "حمقى الحداثة" ،ما َلم ُندِرْك باقتداٍر وكفاءٍة نم َ ط هذه الحياة ،التي هي ثمرةٌ من ثماِر ننجَو من لَِ ةع ِ سُر الجميَع لَِتطاَل حتى الواقع الجتماعي المشّيد .ومن دو ن الن ةعتا.ق من نمِط حياِة الحداثِة السرطانية ،التي َتأ ِ َ َ ق بها سَ ةعينا ليضاحها عبر ال ةعبارات التي نط َ الراعَي على ذرى الجبال ،وت ةعني في جوهرها نهاية الحياة ،والتي َ أكثُر الفلسفِة تمرسا ً ومهارًة ،والتي َلم يكن شكي في كونها كذلك أقل درجة من شكوك الخرين؛ فمن غيِر ش ضمَن الحياة الحرة التي مّهدنا لها بذهنيتنا وإرادتنا )الفكر ،التنظيم ،الف ةعل( ،وضمن كّل الممكن لنا ال ةعي ُ َ ً ً ب في أنماِط غناها الذي تتميُز به هي ومصادرها .وسوف نِ ةعي – عاجل أم آجل – أنه "من المحاِل ال ةعي ُ ش بصوا ٍ ت وسيناريوهات خاطئة". حياتنا الراسيِة على تصورا ٍ سُردها قليلً باللغة ال ةعلمية .إّ ن الوقائَع الجتماعيةَ المشّيدَة في الهلل الخصيب تستمّر بوجودها صَتنا ونَ ْ سْط قِ ّ لَِنب ُ في ديمومِة الحياة الراهنة ،ولو بخطوطها ال ةعريضة .فال ةعوامُل الذهنيةُ وال ةعناوصُر الثقافيةُ المادية على حّد سواء ت الكميِة والنوعية الطارئِة عليها .واللغةُ مشتركةٌ في بنيتها ض التغّيرا ِ متشابهةٌ في المضمو ن ،رغَم ب ةع ِ ب الساسية .وأشكاُل الفكِر تستمر بوجودها على نحٍو منفصٍل في الميادين ال ةعلمية والدينية والفنية .وحرو ُ ع والهجوم مستمرةٌ اليوَم مثلما كانت في المس .كما ل تزال ال ةعائلةُ تحافظ على واق ةعها كمؤسسٍة أولية. الدفا ِ سَ ةعةُ أما الفوار ُ .ق الموجودةُ فيما بينها ،فُت ةعزى إلى استنادها على تَ َ ضّخِم مؤسسِة الدولة .فكلما زادت الدولةُ الُمتّ ِ ي ضمن ُملِكيِّتهاَ ،أطَرَأت عليهما ج الذهنيِة الجتماعيِة والزخِم الثقافّي الماد ّ دوماً على حسا ِ ب المجتمع من إدرا ِ ف ت كميٍة ونوعية وفقاً لحاجاتها ومناف ةعها .أما التطورا ُ ت الجتماعية ،فقد استمّرت بوجودها رغَم أن ِ تغييرا ٍ ت الساسية لثقافِة المدينة – س ما ُي ةعتََقد .سوف نجهُد لضفاِء الم ةعاني السليمِة على الجراءا ِ الدولة ،على عك ِ ت الدول ،بدءاً من دولِة الرهبا ن السومريين ت الجتماعية المتمخضِة عن كيانا ِ المسماِة بالحضارة – والمحصل ِ شَرت الطبقيَة إلى الدولة القومية للحداثِة الرأسمالية .وسنجد على وجِه التخصيص كيف أّ ن الدولةَ هي التي نَ َ ع م ةعقودٍة متش ةعبة ،وليس ال ةعكس. بالغلب على نحِو فرو ٍ إني على قناعٍة بأّ ن مصطلَح "الفترة" الذي َ طَرَحهُ فرناند بروديل لم ُيستوَعْب كفايةً من جهِة دوِرِه في التطوِر ص بالذكر أّ ن أنما َ ت الفترة – الثقافة ،الفترة – الحضارة ،والفترة – المجتمع الجتماعي .ونَُخ ّ ط مصطلحا ِ ً ً ق بمهارة في علِم التاريخ .لذا، تستلزم اليضاَح والشرَح ،لِتَُكوَ ن مساَهمة مني ةعة في التاريخ .لكنها ل ُتطبّ ُ ح هذا المصطلح واستخداِمِه بكّل جسارة في تحليلتي هذه: سأعمُل على شر ِ َ شّكِل للنهِر الم في ي الرابع ،كا ن على مجتمِع الهلل الخصيب الُم َ آ" -الفترة الطول"؛ فَب ةعَد َتراُجِع ال ةعهِد الجليد ّ ٌ ي جديٌد مشابه ،أو تَُحّل عليه كارثة نووية، سَريانه ،إلى أْ ن يأتَي عليه عصٌر جليد ّ الثورِة النيوليتية أْ ن يستمّر بِ َ ً ُ ُ ب أخرى مشاِبهٍة َيبلغ بها حالة ل يمكنه فيها ويستشري في جسِدِه وباٌء ل يمكن َ وصّدهُ أو َدرُءُه ،أو لسبا ٍ الستمراُر طبي ةعيًاَ .تحتَّل الثقافتا ن ذات المنشأ ِ الصينّي والسامّي مكاَنهما في هذا المجتمع ذي "الفترة الطول" ي سواِقي بالنسبِة إلى النهِر المِ .من الضرور ّ على شكِل فرَعين .أما الفروُع الثقافيةُ الصغيرةُ الخرى ،فهي كال ّ
شيُّد ،بكافِة عناوصره وعواملِه الذهنيِة والثقافية سن .فالمجتمُع الُم َ إدراُك البنيِة الداخلية لهذه الطروحة بشكٍل َح َ ب اجتماعّي داخلّي أْ ن َيهِدَمهُ خلَل هذه الفترة .يمكننا استخداُم المادية ،منيٌع ووطيٌد لدرجٍة ل يمكن ل ّ ي سب ٍ ب طرِحَي المتكرُر لقوالبِِه ومضامينِِه وتراكماتِِه ح "المجتمِع الثقافّي الولي" مقابَل هذه الفترة .ي ةعوُد سب ُ مصطل ِ ح "الفترة الطول" .ذلك أّ ن غ ت ةعري ٍ ف لـ"المجتمع الثقافي الولي" الُم ةعاِدِل والمكافِ ئ لوصطل ِ إلى َمراِمي في بلو ِ ت نفيسٍة ل ةعلِم الجتماع بم ةعانيهما الجديدِة هذه .يس ةعى علماءُ مصطلَحي الفترة والمجتمِع ُمَخّول ن لتقديِم مساَهما ٍ سيرورة إدراكاتهم الجتماعية إلى البد بميتافيزيقيٍة مزّيفٍة عبَر ع الليبراليو ن منذ ال ن إلى العتقاِد بِ َ الجتما ِ ف "المحشريِة" الخرى يَِ ةعُدو ن بـ"عصِر ح "نهايِة التاريخ" .فقد كا ن الماركسيو ن وأوصحا ُ ب المواق ِ مصطل ِ س ةعادٍة أبدية" مبتورٍة من الب ةعاد الّزَمكانية .في حيِن أّ ن المتشائمين السوداويين يَُرّجحو ن استذكاَر مفهوِم "ال ةعصِر الذهبي" الغابر ،والحديَث الببغائّي عن عدميِة الم ةعاني في "ال ةعصِر الصفيحي" الراهن. ج واضحٍة ُي ةعتبَُر مصطلُح الفترة الطول أكثَر علميةً بالنسبة لكافِة هذه النظريات الجتماعية ،حيث يَُمّدنا بِِحَج ٍ ث بصدِد الظروف الملموسِة وبدايِة النظام الجتماعي ونهايته .هذا ول َيخنُ ُ ق التاريَخ في إطاِر أكواٍم من الحدا ِ المتكدسة ،ول ُيسِقطه إلى مستوى أشكاِل المجتمع الضيقِة والمرحليِة البسيطة .فل الحدا ُ ث النية ،ول أشكاُل ح المجتمع تتميز بالكفاءة والقدرِة على تفسيِر م ةعاني الحياة بشكٍل شامل .ول تنجح سوى في إعطاِء شرو ٍ نسبيٍة في هذا المضمار.
ق ،القتصاِد ،والسياسةِ ن ،الحقو ِ ل الدين ،الدولِة ،الف ّ ثمة مساحٌة شاسعٌة لكافِة المؤسسات الولية من َقِبي ِ ع الثقافي الساسي ضمن إطاِر الفترة الطول .هذا ويطرأ التغييُر المستمر على المؤسسا ِ ت ل المجتم ِ داخ َ كما و ن إجراءاِتها ل الِقّلة منها ،فإ ّ ة لها .وبينما تزو ُ م بالمقابل تلك المضاد ُ ضها ،تتضخ ُ ض بع ُ وعا .فبينما َيَتَقّو ُ ق عام ،يمكننا القول ة أو في أخرى جديدة .وعلى نطا ٍ ت مغاير ٍ وفاعلياِتها تستمر بمعانيها ،إما في مؤسسا ٍ حاِدّيَة المجتمع الثقافي ن أُ َ ع المؤسسات والمصطلحات .كما أ ّ ة فيما بين جمي ِ ت جدليٌة َبّناء ٌ أنه ثمَة علقا ٌ ة داخَلية. ت جديد ٍ ء تكوينا ٍ ء أو ِمن بنا ِ ه ِمن شركائه القويا ِ جّرُد ُ الساسي ل ُت َ خْلِقيون" خْلِقيين " .فـ"ال َ ع بين "التطوريين" و"ال َ ع النزا ِ وفي هذه النقطة بالذات يمكننا استيعاب دواف ِ ت اللهيِة مدركون ومنتبهون لمصطل ِ ح "الفترة الطول" ،ويستمدو ن منه قوتَُهُم الساسية .بالمقدوِر َ سرُد اليا ِ
ق الكو ن ونهايته بمفهوٍم ثقافي .ولدى تفسيرنا لهم من زاويٍة سوسيولوجية ،نجد أّ ن التي تنص على فترة َخْل ِ ب المقّدسةُ ص المقّدسِة والساميِة وال ةعظيمِة للمجتمع المشّيد .وبالوصل ،ما الكت ُ الرأ َ ع للخصائ ِ ي الَخْلِقي وا ٍ الثلثة )التوراة ،النجيل ،والقرآ ن( سوى تفاسيُر ت ةعمل على سرِد الحياة المقّدسِة والساحرِة في الهلل ب ماهيِة تفاسيرها الخصيب .وما اعتنا ُ .ق الغالبيِة الساحقة من البشرية لهذه الدياِ ن الثلثِة الكبرى سوى بسب ِ تلك .فالزعُم بأّ ن هذه الحياةَ الثقافيةَ الجديدةَ المتحققةَ كم ةعجزٍة خارقة )هذا المصطلح مفهوٌم لجل تلك الحقبة صّوْر النسانية( ستستمر إلى أبد البدين ،وَجْ ةعِل ذلك عقيدًة أولية؛ إنما يشير إلى مدى قوِة تأثيِر هذه الثقافة .لِنَتَ َ ب الثدييات البدائية على َمّر ت البشريةَ التي َلم تن ةعت ْ ت وضربا ً من ضرو ِ ق من كونها كلنا ٍ م ةعا ً كيف أّ ن المجموعا ِ مليين السنين تصبح وجها ً لوجٍه أماَم ثورٍة استثنائيٍة خارقٍة في الهلل الخصيب ،وأمام إنشاٍء اجتماعّي ل س وساٍم وإلهّي وكأنه يمكن ت ةعريُفه إل بمفردِة الم ةعجزة .فهل سيتواَنو ن أو يتَخلُّفو ن عن مواجهتها كأمٍر مقّد ٍ عيد؟ َ ت النظار فوراً إلى أّ ن السوسيولوجيين ِمن أمثاِل دوركايم وال ةعلمويين الخرين لم يذهبوا أب ةعَد ِمن النظِر لَِنلفُ ِ ع الحداث والمؤسسات ،ليس إل .ولذلك ،ل تتجاوُز إلى المجتمِع على أنه مجموعا ٌ ت بشريةٌ مؤّلفةٌ من مجمو ِ ث التفسيرا ُ ت المت ةعددةُ على وص ةعيد الطبقية والدولة والقتصاِد والحقو.ق والسياسِة والفلسفة والدين َمنِط َ ق الحدا ِ ب ب عدم رواج هذه المواقف بما ي ةعادل حتى قيمةَ كتا ٍ والمؤسسات .ومع ذلك ،فهي ل تََوّد البتة إدراَك أسبا ِ مقّدس واحد .نقطةُ الض ةعف الهّم في سرودهم تكمن في عدِم استي ةعابهم أهميةَ مجتمِع الفترة الطول .علّي ت التشديُد مجّدداً على أّ ن البشريِة تمتلُك الذاكرة الغائرَة العما.ق لقصتها ،ولن تتخلى عنها بسهولة .والمجتم ةعا ُ ض الرموز والتراتيل المجردة – على عكس ما ُي ةعتََقد – ليست متشبثًة بالكتب الدينية المقدسة بسب ِ ب الرب وب ةع ِ ص حياتها فيها .ولنها تؤدي دوراً التي تؤلفها .بل إنها تُِجّلها وتُبَّجُلها لحساسها وش ةعورها بم ةعاني وآثاِر قِ َ ص ِ مماثلً لذاكرِة المجتمع الذي يحيا بشكٍل ما ،فهي مندرجةٌ بين الضرورات التي ل غنى عنها .أما مدى وصحِة أو خطأِ الحداث والمصطلحات التي تنص عليها ،فهي تفاوصيٌل من المرتبة الثانيةِ .من هنا ،وعندما قال فرناند خ السوسيولوجيا" ،إنما َيلفُ ُ بروديل عن وجِه ح ّ س ْ ب" َ ت النظاَر إلى الخطأِ ق بوجو ِ سلََجِة التاريخ وتَأِْري ِ ت الفترة – المجتمع ضمن مساِر التاريخ بم ةعانيها القّيمة ،لن ب وال ةعلم .فبدو ن تبياِ ن علقا ِ الساسّي في السلو ِ ُ ُ سِد الواقع الجتماعي، جرو ث إحدا من المنفصلة ة والسوسيولوجي ة التاريخي تنجَو الشروُح ح عميقة في َج َ ِ ِ ٍ َ َ ت والقواعَد وإفقاِدِه كّل م ةعانيه .كّدسوا الوقائَع الم ةعتمدة على الوثائق قدَر ما تشاءو ن ،واحفظوا المؤسسا ِ
ضحوها بالوثائق كيفما تََوّدو ن؛ لكْن ،لن تذهب مساَهماُتكم في علِم الم ةعنى الجتماعيةَ قدر ما ترغبو ن ،وو ّ ت فظة ،ما لم تُِجيبوا عن السئلة :ما الذي يقوله الحياء، التاريخّي والسوسيولوجي أب ةعَد من كونها لوازُم وأدوا ٌ بأي م ةعنى ،أين ،ومتى؟ ُ ت ت الوقائِع والظواهر على نحٍو أفضل ،إل أنهم لن َيخلصوا من النتقادا ِ رغَم أّ ن التطوريين يقومو ن بتثبي ِ ي والطبي ةعي ح الفترة الجتماعية .ذلك أّ ن الذاكرةَ الجتماعيةَ أهّم ِمن التطوِر التطور ّ لفتقاِرِهم لم ةعاني مصطل ِ للوقائِع والظواهر .كما أّ ن ِعلَم الم ةعنى بالنسبِة إلى النسا ن يتميُز بالسبقيِة على تسجيِل الظواهر ،لّ ن أنماطَ حياتهم تسيُل فيه كالنهر الجاري .أما عدُم تََخّليِهم عن الرب ،فُي ةعزى إلى قوِة الذاكرِة الجتماعية .فالمجتمُع – ح الربِ .من هنا ،فلن تنجَو الظواهريةُ – ح ذلك لحقاً – يكاف ئ بين ذاكرتِِه ومصطل ِ مثلما سنستفيض في شر ِ ً سهاِم النقِد اللذع ،ما داَمت ُم ةعاِرضة في أساسها لذاكرِة المجتمع ،وبالتالي التي هي داُء الحداثة – من ِ لميتافيزيقيته .فكيفما أّ ن النساَ ن ال ةعديَم الذاكرِة يلقي مصاعَب جمٍة ويتحوُل إلى طفٍل في الحياة ،كذلك ت ت التي َتفقُُد ذاكرَتها تَُكوُ ن وجهاً لوجه أماَم مخاطِر نسيا ن ذاتها والضياع .بالتالي ،فالمجتم ةعا ُ فالمجتم ةعا ُ المفتِقدةُ ض بكّل سهولٍة للست ةعماِر والستغلل والغزو والنصهار. الت ةعر من و تنج لن تها لذاكر َ ِ ِ ِ ً َ َ رغَم ادعاِء الوض ةعيين الظواهريين بت ةعريفِِهم ال ةعلمّي للمجتمع ،إل أّ ن المدرسة الفكرية القّل م ةعرفة بالمجرى سيرها للمجتمِع على أنه أكواٌم ماديةٌ بحتة مبتورةٌ عن الحقيقّي للمجتمع هي المدرسةُ الوض ةعيةُ الظواهرية .فَبَِتف ِ ُ ً ً ق أمام أكثِر ال ةعمليات التاريخ ،وبت ةعريِفها إياه على منواٍل هو الكثُر انحرافا ً وتَ َ شّوها ونقصانا؛ إنما َتفتَُح الطري َ الجتماعية خطورةِ .من هنا كا ن اوصطلُح الهندسِة الجتماعية على علقٍة وثيقٍة بالمدرسِة الوض ةعية ،التي ف ،التي هي في الِ ن عينِِه ح المرغوبة للمجتمع بالتدخِل الخارجي .هذه المواق ُ َت ةعتَقُِد بإمكانيِة رسِم الملم ِ َ ب الناشبِة داخَل المجتمع مفاهيُم رسميةٌ للحداثة ،تُ َ ب السلطة والستغلل والسل ِ شّكُل الذرائَع الشرعية لحرو ِ وخارَجه. ت المؤسساتية الساسية في التطوِر الجتماعي .فقد ح الفترة البنيوية مع التحول ِ ب -يمكننا تكييف مصطل ِ ف فترات إنشاِء البنى الساسية وانهياِرها في إضفاِء الم ةعاني على الواقع الجتماعي .وباتخاِذ وضع يساهم ت ةعري ُ القمع والستغلل لدى النسا ن مقياسًا ،سيكو ن بالمكا ن ج ةعُل التقسيم السائد للمجتم ةعات إلى عبوديٍة ،إقطاعية، ح ثمينة .فرب ُ ط الفترات البنيوية بأشكاِل المجتم ةعات تلك قد نَّم عن بروِز رأسماليٍة ،واشتراكية موضوعا ً لشرو ٍ َ ت قّيمٍة مع مصطلَحي الفترة الطوِل والفترة القصيرة، ب عدِم قدرتها على َعقِد وصل ٍ ت هامة .لكْن ،وبسب ِ أدبيا ٍ سلِّم بها. فهي تبقى عاجزةً عن ال ةعطاء ،ومتخبطةً في تكراِر قوالب الم ةعاني المحفوظة والُم َ ي والثقافّي الولي بشكٍل متداخل .فمثلما يمكُن بالمقدور تفسيُر المجتمع النيوليتي عبَر فترات المجتمَ ةعين البنيو ّ ت الذهنيِة والحياِة المادية الخاوصِة به عبَر "الفترة البنيوية" ،كذلك إيضاُح البنى المؤسساتية وتراكما ِ ح "الفترة الطول" نظراً لسيرورِة تأثيراتِِه الثقافية – التي ل تزال قائمةً – إلى بمستطاعنا إيضاُحهُ عبَر مصطل ِ ف موضوُع فترات المجتمع الثقافّي الولي أساساً من ال ةعلم ،الفن، ضِه للبادِة الجسدية .يتأل ُ حيِن انهياِرِه أو تََ ةعّر ِ ت البشرية الواس ةعِة والمجموعا الذهنية أشكال تؤلف فهي شابهها. وما والقوم ة، الثني الديِن ،اللغِة ،ال ةعائلة، ِ ِ النطا.ق كاحتماٍل راجح ،لنها تبقى محافظة على وجودها إلى حيِن انقضاِء الفترة ،حتى ولو طرأت عليها ج كافِة الفروع ال ةعلمية ،تَُ ةعّد اليكولوجيا في هذه المرحلة من إحدى المواضيِع التَّغّيرات المختلفة .وارتباطا ً بنتائ ِ ُ ب التي تُ َ س القتصادي .والسياسة الديمقراطية أيضاً من المواضيع الواج ِ شّكُل حجَر الزاوية َكِ ةعلٍم َم ةعنِّي بالتمأس ِ ال ةعمل بها دائمًا ،سواًء كِ ةعلم ،أو كمؤسسة. شّكُل المؤسسةَ الولى والهّم في الفترات البنيوية ،فِمن س الدولِة وأنماِط حياتها يُ َ وبالضافة إلى أّ ن تأسي َ ت ،الُمْلِك والرض والوطِن التي تَُ ةعّين ب الدولة يأتي كّل ِمن الهرميِة ،الطبقا ِ مواضي ةعها الهامِة الخرى إلى جان ِ حدوَد الدولة ،وأشكاِل الدولِة المتمثلة في دولِة الرهبا ن ودولِة السللت والدولِة الجمهورية والدولِة القومية. ت وفقا ً لنماِط النتاج كما تَُ ةعّد الشكاُل الدينيةُ موضوعا ً هاماً فيها .وكذلك فالمواضيُع التي تُقَ ّ سُم المجتم ةعا ِ ضّمِنها )نيوليتية ،عبودية ،إقطاعية ،رأسمالية ،اشتراكية( َتنَدِرُج ضمن مواضيِع الفترة البنيوية ،إلى جانب تَ َ موضوَع انهياِر المؤسسات أيضًا. قد يكو ن من المناسب تسميةُ ث في المواضيِع البنيوية الباح الجتماع م عل من المتش ةعبة ع الفرو ِ ِ ِ ِ َ ث في الفترة الطول بـ"سوسيولوجيا الثقافة بـ"السوسيولوجيا البنيوية" .كما أّ ن تسمية مواضيِع البح ِ ق النسجاِم فيه. الولية" ستكو ن في َمَحّلها من جهِة َتكاُمِل الطار وتحقي ِ ً ً ع الوقائع والظواهر المت ةعددِة كما وكيفا .كما جَ -تشتَِمُل مواضيُع الفترات الوسطى والقصيرِة على موضو ِ ث التَّغّيِر والتحوِل الثقافي والبنيوي كمواضيَع أساسية .في حيِن أّ ن مواضيَع المرحلِة تَتَ َ ضّمُن كّل أحدا ِ ً ت البنيوية عيِنها .على سبيِل المثال، المتوسطة تهتّم بالتغييرات الطوِل عمرا والبارزِة للوسط ضمن المؤسسا ِ ع المؤسسات التنظيمية، أنوا ت النظِم السياسية ،وشتى ت القتصادية ،تََغّيرا ِ ج الزما ِ ِ يمكن التفكيُر بإدرا ِ ُ ت الجتماعية النشاطا ل ك بر ت ةعت و هذا الطار. هذا ضمن وال ةعملياتية ة والسياسي ة والجتماعي القتصاديِة منها، ِ ِ ِ َ ّ ُ َ ً والمجتم ةعيِة للفرد من المواضيِع الرئيسية للفترة القصيرة .إضافة إلى أّ ن الوسائَل العلمية أيضا ً تَتِّخذ ِمن الوقائِع والظواهِر القصيرِة المِد أساساً لها بالرجح .هذا وَتحتَّل الحدا ُ ث اليوميةُ الجارية في كّل مؤسسٍة
بنيويٍة مكانَة الصدارة في الفترة القصيرة أيضًا. وباعتباِر أّ ن ِعلَم الجتماع هذا م ةعنّي أساساً بالوقائِع المندرجة ضمن الفترة القصيرة ،فقد يكو ن َن ةعتُهُ بـ سوسيولوجيا أوغست كومت تسميًة وصائبة .بم ةعنى آخر ،سيكو ن من النسب تسميُته بـ"السوسيولوجيا الوض ةعية" )مع عدِم التغاضي عن انتقاداِتها الساسية( .وبالف ةعل ،يجب أْ ن يكو ن للسوسيولوجيا فرٌع م ةعنّي ق ص بالذكر أّ ن الوقائَع تكو ن ُمَ ةعّينةً ولها وزُنها في مراحِل الفوضى الَحِرجة .وسيَتََحقّ ُ بالبحث في الوقائع .ونَُخ ّ التكاُمُل في حاِل َلحِم علِم الجتماع بالسوسيولوجيا الثقافيِة الولية والبنيوية ،والسوسيولوجيا الوض ةعية ،التي هي عبارة عن سرٍد وقائ ةعي. ث الجتماعية ،تحتاج الوس َ ت الكونية ،بما فيها الحدا ُ ط الذي نسميه والكيانا وفيما عدا ذلك ،فَُكّل الوقائِع ِ ُ َ ق وتكوين .ووجوُدها مؤّكٌد ،رغم عدِم بالكوانتوم والفوضى .ذلك أّ ن أوساط الكوانتوم والفوضى أوساط َخل ٍ ص والتدقيق في أغوارها ب ةعد .لذا ،فِمن بين المواضيِع الهامة التي َجَذَبت اهتماَم ال ةعلوم مؤخراً هو َكوُ ن كّل الغو ِ ً ت الفترات الطويلة والمتوسطة والقصيرِة تبقى محاِفظة على وجودها بفضِل "الوقائع الكيانات والتكوينات ذا ِ الجارية" في "كّل لحظة" وفي "الفواوصِل القصيرة" على َحّد سواء .هذا النوُع من "لحظِة الَخْلق" ،والذي يمكننا تسميُته بـ"لحظِة الكوانتوم" و"فاوصِل الفوضى" ،ل َيحتَِمل الهماَل بتاتًا .واحتماُل الحرية في الكو ن إنما ق" تلك .ذلك أّ ن كّل البنى الموجودِة في الطبي ةعة يَتََحقّ ُ ق في هذه "اللحظة" .والحريةُ ذاُتها مت ةعلقةٌ بـ"لحظِة الَخْل ِ ْ ُ َ ت الخلق" ،رغم اختلف نوعيتها من حيث التكوين ،وِمن حيث فترات الحياِة والمجتمع بحاجة إلى "لحظا ِ والحفاِظ على الوجود. ْ َ .ق اسٍم على علِم الجتماع الم ةعنّي بمواضيِع الخلق في إذ ن ،والحاُل هذه ،سيكو ن من المناسب التفكيُر في إطل ِ ُ ع الجتما م عل ة فتسمي الشخصي، رأيي ب وحس الجتماعي. أقصِر فترة من بين الفترات القصيرة على الص ةعيد َ ِ ِ الم ةعنّي بالوقائع الجتماعية في "لحظة الَخْلق" بـ"سوسيولوجيا الحرية" ستكو ن في َمَحّلها المناسب .والهّم ب سوسيولوجيا من كّل ذلك هو قناعتي بأّ ن سوسيولوجيا الحرية ،التي يمكننا ن ةعُتها بكونها ضر ٌ ب من ضرو ِ ض يتمخ وما النسا ن، ن ذه ي لب ةعِد الحدود؛ نظراً للمرونِة المذهلة التي يتميز بها ُ الذهنية ،هي حقٌل ضرور ّ ُ َ ُ ق ع وخلقية ،والبالغِة حداً منقطَع النظير في كفاءاِتها بفضِل المجتم ةعية .ولُرّبما كا ن البحث والتدقي ُ عنها من إبدا ٍ صّدُر سوسيولوجيا الحرية المواضيَع في فكِر الحرية وإرادِتها في وصدارِة المواضيع الهامة .وبطبي ةعِة الحال ،تَتَ َ ب من الحرية، السوسيولوجيةَ الواجَب تطويُرها ،باعتباِر أّ ن التطوَر الحاوصَل في لحظِة الَخْلق تطوٌر له جان ٌ ونظراً لكوِ ن هذه الفترات القصِر من الفترات القصيرة – أي "لحظةُ الكوانتوم" و"فاوصُل الفوضى" – التي ضُن في ثناياها الميداَ ن الجتماعي بالكثر. يمكننا تسميُتها أيضاً بسوسيولوجيا الَخْلقَ ،تحتَ ِ علوةً على ذلكِ ،من الضروري الحدي ُ ب الفكر ال ةعام ،ولو ث عن "الفترة الفلكية" Astronomik Süreمن با ِ أّ ن موضوَعنا غيُر م ةعنّي بها ،حي ُ ف مواضيَع هذه الفترة .لكْن ،وبالخطوط ال ةعامة ،فإّ ن يكتن ض الغمو يزال ثل ُ ُ ص" في الكو ن ،وبالتالي ع" و"التّقَّل ِ تََكّوَ ن وانهياَر "الشم ِ س" و"الجزِر السماوية" ،وميزة احتمال "التسا ِ ت ومواضيِع "الفترة اوصطلحا ة لئح في جها إدرا يمكننا قضايا هي الساسية؛ ع" ُ ِ ِ قوى "الجذ ِ ب" و"الدف ِ ُ الفلكية" .هذا وتأتي إشكالية ُعْمِر الكو ن في وصدارِة المواضيع التي تنتظر النقاش. ث السوسيولوجّي في مكاِنها ،وفقا ً للمواضيِع التي ب البح ِ ق أفكاِرنا هذه بشأِ ن أسلو ِ ح وتطبي ِ سن ةعمل على شر ِ سَب نتناولها .ويج ُ ب التجربة ،ل غير .لذاِ ،من الطبي ةعّي بمكا ن أْ ن َتكتَ ِ ب عدَم السهو أبداً عن أنني أعمُل ِمن با ِ سّوَدِة مشروع. أفكاُرنا قيمَتها َكُم َ ت الجتماعية في الهلِل الخصيب ،ولكْن بهذه الرؤية السوسيولوجيٍة هذه لو أََعدنا التأمَل والبحَث في التطورا ِ شِهَدت خلَل مرحلِة الثورِة النيوليتية القائمِة في هذه المنطقة أغنى المرة؛ سنلحظ أّ ن سوسيولوجيا الحريِة قد َ َ خ المجتم ةعات .فَمَع ارتداِد الجليِد بسرعٍة إلى قَِمِم الجباِل الشاهقة، فواوصِل الفوضى وأكثَرها عطاًء في تاري ِ ت المتنقلة المقتاتةُ على الصيِد وَجْمِع الثمار تَتََوّجهُ نحَو الحياِة المستقرة ،وتميُل للعتماِد شَرَعت المجموعا ُ َ س ِمن تجاربها في المراحِل الدرو طها واستنبا المجتم ةعية، بناها حل د ب ةع وذلك م ةعيشتها، في ة الزراع على َ َ ِ ِ ف ِمن السنين عن مكاِنها لبنًى أوسع. ت الل ِ ت الكل ن الُمَ ةعّمرِة مئا ِ السابقة .إنهم وجها ً لوجٍه أماَم تََخّلي جماعا ِ نحُن الَ ن على عتبِة حقبٍة َتشَهُد انفجاراً وتََحّولً ذهنيا ً مثيرًا .فَِ ةعَوضا ً عن ذهنيِة الكل ن القديمة ،والُبنيِة اللغويِة شّكِل ذهنيِة الش ةعب والثنية القاطنة في قرى غيِر المنقط ةعة كليا ً عن لغِة الشارات البدائية ،ثمةَ ان ةعطا ٌ ف نحَو تَ َ ت، أوسع نطاقًا .ويتطوُر نظاُم اللغة الرمزية بوتيرٍة عليا ،وُيبتََكر َعَدٌد ل حصَر له ِمن مواّد الغذاء ،المواوصل ِ ت ج ،الفخاِر ،الّرحى ،ال ةعمرا ن ،والمواضيِع الدينية والفنية؛ والتي تتطلب بدوِرها نظاماً من التسميا ِ النسي ِ ب الذهنية الجديدة. والقوال ِ وبينما َي ةعتَِمُد المجتمُع الجديد على حياِة القرية بالغلب ،تَتََحّوُل أواوصُر الكل ن إلى رواب َ ط أثنية .هذه الشكاُل سُد الجديدةُ ِمن البنى الماديِة ل ُيمكن لها المسير ،أو حتى البدء ،دو ن وجوِد إطاٍر ذهنّي أغنى وأرقى م ةعنًى .يَتََج ّ سوِم "اللهة – الم" كرمٍز للمجتمع النيوليتي ،جنباً إلى جنب مع بقاِء هذا التحّوُل الذهنّي ولغُته الجديدة في ُر ُ "الطوطم" كهويٍة للمجتمِع الكلنّي القديم .فبينما َيضَمِحّل عدُد الشكال الطوطمية ،تكتظ الوساط برسوم اللهة شّكُل بدوِرِه مرحلًة أرقى على الص ةعيد الديني ،لتجلب سُمّو دوِر المرأِة الم .وهذا ما يُ َ – الم ،التي َترِمُز إلى ُ
م ةعها عدداً وفيراً جداً من الوصطلحات ،وتبرز اللواحق المؤنّثَةُ في اللغة ،والتي ستصو ن منزلََتها الوليةَ في اللغِة الرمزية فترة طويلةً من الزمن .ول َنبَرُح اليوَم أيضاً ن ةعثر على هذه الخاوصيِة في ال ةعديد من اللغات .ومع ف من القدسية .فالمجتمُع الجديُد ي ةعني تماما ً مصطلحاً بروِز اللهة – الم تشرُع المجتم ةعيةُ َتلتَِح ُ ف بغطاٍء كثي ٍ جديداً وتسميةً جديدةِ .من هنا ،علينا إدراُج ما أسميناه بمرحلِة الثورة الذهنية ضمَن حقِل سوسيولوجيا الحرية، نظراً لِتَ َ طّلِبها البداع .وم ةعايشة هذه المرحلِة بشكل كثيف ،هي ِمن المواضيِع التي أجَمَع عليها المؤرخو ن ت الذهنيِة والسماء .إنه انفجاٌر أشمُل ِمن الثورِة الذهنية الرواد .فالل ُ ف من الظواهِر ي ةعني الل َ ف من الثورا ِ الحاوصلِة في أوروبا ،واستلزَم جهوداً حثيثةً أكثَر أوصالة وإبداعًا .وقد ُبرِهن تاريخيا ً على أّ ن الِقسَم العظَم ِمن ت التي نست ةعملها اليوم قد اختُِرع وُأبِدع في تلك الحقبة. المصطلحات والختراعا ِ ُ َ ف ما هو قائم. سو َ ف فظ ،ف َ ع اجتماعّي يشمل ما ل يَقِّل عن نص ِ وإذا ما ُقمنا بتصني ٍ ف نَِجُد أنها مرحلة إبدا ٍ ب ،الفواكِه ،قط ةعاِ ن المواشي ت ،الم ةعماِر ،الِغلل والحبو ِ فاللئحةُ الُمَكّونةُ من الدين ،الفّن ،ال ةعلِم ،المواوصل ِ ع خ ،ال ةعيِد ،السرة ،الهرميِة ،الدارِة ،الدفا ِ )الكبيرة منها والصغيرة( ،الحياكِة ،الفخاِر ،الطحِن بالرحى ،المطب ِ ت الزراعية ،والكثيِر مما يمكن إضافتُُه؛ إنما ل تزاُل ُت ةعتبَُر اليوَم أيضا ً اللئحَة والهجوم ،الهدايا وال ةعطايا ،الدوا ِ الساسيَة في الحياة الجتماعية ،ب ةعَد أْ ن طرأَ عليها التحويُر والتطويُر كما ً ونوعًا .وإذا ما تََمّحصنا البنى القرويةَ .ق الجتماعيةَ الكثَر أوصالة وُنبلً – والتي ُتفِ ةعم الحياَة وال ةعائليةَ المتبقيةَ ِمن ال ةعهِد النيوليتي ،وكذلك الخل َ ً ً ت الجوار بالم ةعاني النفيسة ،وُتزّوُد المجتمَع بالقوة والهيبة ،بدءا من الحترام والود ،ووصول إلى علقا ِ ت( الحداثِة الرأسماليِة في الّرقِّي والسمو. والت ةعاوِ ن والتضامن – سنجد أنها ُتضاِرُع وتضاهي ُمثَُل )أو لأخلقيا ِ ت تلك الحقبِة أساساً. إّ ن قوالَب الذهنيِة الساسية ،التي لن ي ةعفا عليها الزمُن أبدًا ،مشحونةٌ ببصما ِ كما أّ ن الحياةَ الوقائ ةعيةَ في المنطقة تَتََميُّز بِِغناها الوفيِر ِنسبةً ل ةعهِدها ،وذلك ِمن زاويِة السوسيولوجيا الوض ةعية .فقياساً بالمجتمِع الكلني ونمِط م ةعيشته الرتيبة الم ةعتمدِة على الصيِد والحماية وجمِع الثمار ،تَتَبَّدى الوقائُع والظواهُر الجديدةُ البارزةُ في الهلِل الخصيب كانفجاٍر ُمَدّو .فالوقائُع والظواهُر اللمتناهيةُ في ت ةعدادها، سطُ لنا وصوَت النساِ ن وأعمالَهُ بأغنى الحوال .هذا ويمكننا الستنباطُ من ت جديدًةَ ،تب ُ سبةُ تسميا ٍ والمكت ِ َ ب المقدسِة بأّ ن الم ةعانَي الولية التي تََرَكت بصماِتها على ذهنيِة النسا ن في تلك الحقبة ،قد ص الكت ِ نصو ِ ً ت السوسيولوجيا الوض ةعيِة مصطل عن ا لحق ضت تََمّخ َ ح "الجنة" .وقد نكو ن بذلك وجها ً لوجِه أماَم أوفِر لحظا ِ ِ َ ّ ً ً ب لْ ن يَُكوَ ن وابل غزيرا من النجوِم المتللئِة في سماِء البشرية ،حيث تنهمر الوقائُع َحظًّا .ذلك أنه تَطّوٌر أقر ُ ق خياَل التّ َ طّوِر الجتماعّي في الجنة، ت الربِع ِمن الم ةعمورة ،لُتحقّ َ والظواهُر اللم ةعةُ كالنجوِم البراقِة في الجها ِ ت تحويِلها إلى حقيقة ،وتَُحّولها إلى ثقافة. بل وَتزَرُع لحظا ِ شت بصماِتها على ِمَحّك التطوِر الجتماعي من جهِة ت المؤسساتية ،التي نَقَ َ ع ملحظة آثاِر كّل الترتيبا ِ بالمستطا ِ ُ َ ص بالذكر مرحلةَ ما بين . 4000 – 6000ق.م، خ ن و الخصيب. الهلل أراضي في البنيوية، السوسيولوجيا ّ ت الستقرار التي ستَتِّخُذها جميُع البنى والتي هي مرحلةُ تََمأ ُ س بكّل م ةعنى الكلمة .فقد تََحّدَدت أُطُُر مساحا ِ س ٍ أساساً في القرى والمدائن ،وتَّم النتقاُل إلى المستو َ س الديُن ،وبََرَزت ُأولى س َ طنات ،وُوِلدت الهرميُة ،وتََمأ َ ّ ت سَبت الثنيةُ ملمَحها في الوجود ،واتّ َ الم ةعابِد للَميدا ن ،واكتَ َ ضَحت م ةعالُِم البنى اللغويِة ،وتََوطَدت تقاليُد علقا ِ شيَّدت أعتى مراحِلها عبر الخل.ق .بم ةعنى آخر ،وكأّ ن المجتمَع النيوليتّي قد َجَزَم الجوار ،وكأّ ن الدارةَ قد َ سها .ولوِل مرٍة نَِجُد البنى الجتماعيةَ المؤّلفةَ سَم أموَر تََمأ ُ بديمومِة الثورة الزراعية والقروية ،وبالتالي َح َ س ِ سطُ لنا تكوينا ً ونشوءاً هو القوى والرسُخ في الهلِل الخصيب. ع السوسيولوجيا البنيويِة الساسّي تَْب ُ لموضو ِ ّ ص اليوَم ول يزال هناَك الكثيُر مما علينا تََ ةعلُمهُ ِمن حقيقِة هذا التَّحّوِل البنيوي ،الذي َيستدعي التدقي َ ق والتمحي َ سٍة في التاريخ البشري، ت أوصلية .بل ،وبقدِر ما َنسبُُر وَنفَح ُ أيضا ً كتمأ ُ س َ ص تلك البنى كأوِل قِيٍَم متمأ ِ سسا ٍ س السوسيولوجيا البنيوية .علينا الدراُك جيداً س القدر فيما يت ةعل ُ فسوف َنح ُ ق بتأسي ِ صُل على نتائَج سليمٍة بنف ِ َ َ أّ ن السوسيولوجيا البنيوية الراهنة ت ةعاني افتقاراً جديا ً لـ"ِعلِم الم ةعنى" .أما إذا أعاَدت النظَر في ذاِتها كجزٍء ِمن صيُر َت ةعبيراً قديراً عن ِعلِم الم ةعنى. السوسيولوجيا ال ةعامِة ،فقد تَ ِ ع في حقِل تَتّ ِ سُم مكانةُ اللغِة والثقافِة المتأسسَتين في الهلِل الخصيب بَِكونِِهما المنبع الوصلي ،كموضو ٍ شيُّد في هذه الراضي يَتََميُّز بَِكونِِه ذا أطوِل فترة .وكما َذَكرنا سابقًا، سوسيولوجيا الثقافِة الولية .فالمجتمُع الم َ ي الجتماعّي البارُز بالرتكاِز إلى الهلِل الخصيب ،قادر على وصوِ ن مرتبتِِه في فالحزاُم الثقافّي والحضار ّ ت اجتماعيٍة تتسبب في زواِلها بدرجٍة بليغة الصدارة ،ما لم ُيق َ ض على حياِة النسا ن بكوارَث طبي ةعيٍة أو آفا ٍ ٌ َ ٌ ٌ ً سط حضارة مدينية منحدرة ِمن الثقافِة الصينية )كال ةعودِة إلى عصِر الكل ن مجددا على سبيل المثال( .أما أْ ن تَْب ُ ص على وص ةعيِد الواقع ،وإْ ن لم يكن عوي د ج ر ّ ٌ أو الساميِّة نفوَذها كقوٍة مهيمنة ،فهو – ِنسبةً إلى أب ةعادها – أم ِ ٍ مستحيلً من الزاويِة النظرية .بَْيَد أّ ن الثقافَة الهندوأوروبية )بالتالي الثقافةَ الم ،اللغةَ والثقافةَ الرية( لم َتفقدُ ت الَمشاِرب ت الكاسحِة ذا ِ إطلقا ً طبائَ ةعها في الهيمنة ،رغَم هذا القدِر ِمن "الغزِو السلمي" والغزوا ِ شّن هجوٍم جديٍد في المستقبل ،إل أّ ن احتل َ ت ذا – الهندوأوروبية ة للثقاف لها "المغولية" .وقد ُتشِرُع الصيُن بِ َ ِ ِ الستقراِر المنقطِع النظيِر في جميِع أنحاء ال ةعالم – أو الستيلَء عليها ،أو إخضاَعها للست ةعمار أو الستيطاِ ن ت يبقى احتمالً ِجّد هزيل ،ما لم تَتَلَ ّ ث الطبي ةعية والويل ِ ت الخارجية )كالكوار ِ ق دعما ً ُم ةعِجَزِويّا ً ِمن المؤثرا ِ
.ق منطقِة الثقافة الصينيِة على سبيِل المثال(. الجتماعية القاضيِة خارَج نطا ِ هذا وبمقدوِرنا َعْقُد التكافِؤ بين سوسيولوجيا الثقافِة الوليِة والسوسيولوجيا ال ةعامة .وفي هذه الحال ،يمكننا ت الثنيِة – القومية ت الطارئِة على كّل ِمن الشكاِل الذهنية ،مؤ ّ سسِة ال ةعائلة ،الكيانا ِ ت والتحول ِ إدراُج التغيرا ِ ث الكبرى( ضمن حقِل ت الثل ِ سها تلك المرتكزِة إلى الثقافا ِ )المندرجِة ضمن إطاِر كافِة الثقافات ،وعلى رأ ِ ُ خ" ،التي واجَهْتها والتفس الفوضى ط "أوسا في ث البح ة ضرور السوسيولوجيا ال ةعامة .والهّم من كّل ذلك هو ِ ِ ِ َ ج الناجمِة عنها؛ وذلك كإحدى أهّم مواضيِع سوسيولوجيا الحريِة والسوسيولوجيا البنيوية ،وُمقّوماِتها ،والنتائ ِ السوسيولوجيا ال ةعامة. وعليه ،فالمرحلةُ الكبرى الثانيةُ ِمن المجتمِع الصاعِد في أراضي الهلل الخصيب ،والمبتدئةُ مع "دولِة الرهباِ ن ت أوصوٍل َهَرِميٍّة سِه انطلقةٌ ذا ُ السومرية"؛ سوف تَُكوُ ن مرحلَة "المجتمع المديني" .فالمجتمُع المدينّي في أسا ِ سلليٍة مستندٍة إلى ثقافِة الهلل الخصيب .أما مضمونُُه ،فهو إبداُء مجموعٍة سللية هرميٍة – أيا ً كانت – – ُ ي" المنحدِر ِمن الماضي القديم ،وَتسخيِرها في تنظيِم ت "الرجِل القو ّ َمقِدَرتها على الستفادِة ِمن إمكانيا ِ َ َ ع الغلل ،وإمكانيات الطبقيِة المرتبطِة بنمِط و ن ت و الغذاء، ة وفر ل عوام ق التحاِم ِ ِ "الدولة"؛ وذلك لدى تََحّق ِ ّ ِ َ النتاج مع ظاهرِة التَّمّد ن .ولطالما نشَهُد الكثيَر ِمن هذه المحاولت في هذا التجاه ضمن أراضي الهلل سُخ الخصيب ،ليس في ميزوبوتاميا السفلى فحسب ،بل وفي ميزوبوتاميا ال ةعليا والوسطى أيضًا .وبينما تَتََر ّ ب ضهاَ ،تف َ ب ةع ُ شُل أخرى في ذلك نظراً لطبي ةعِة الشروط والظروف المحيطِة بها .هذا ويَتُّم تفسيُر الدولِة في الكتا ِ ُ ش الدمويُة ،والستغلليُة، الوح هذا ة مسير أما البحر(. ب عبا من ج الخار ش )الوح ن اللوياثا أنها على س د ّ ُ ُ ُ ِ ِ ِ ِ المق ِ َ ّ ُ سلطة على سيا.ق التطور الجتماعي ،وأشكاُل استغلِلها واضطهاِدها واست ةعباِدها للنساِ ن في وأحيانا ً المبيدة الُم َ ظّل إدارِة الملوك ،الُمقَّن ةعين منهم وغيِر الُمقَّن ةعين ،المتسترين منهم وال ةعراة ،ولواِزُمها وأدواُتها الُمسّخرةُ في ص فيها سيكو ن ِمن بين المواضيِع التي سنتناولها لحقًا. شرعنِة ذلك؛ فإّ ن البحَث والتمحي َ الفصل الثالث :المجتمع المديني )عصر اللهة الُمقَّن ةعة والملوك المتسترين( ت الكبرى للوض ةعية ،Pozitivizmالتي هي اليديولوجيةُ الرسميةُ للحداثة الرأسمالية ،في لقد حصَلت التخريبا ُ ميداِ ن ِعلِم المجتمع .فتشييء الوض ةعّيين للمواضيع الجتماعية باسم ال ةعلميِة بوجهِة نظٍر اختزالية ،مثلما هي س السلوب في الحال في ميداِ ن الفيزياء ،قد وّلد م ةعه مشاكَل عويصةً َيصُ ةع ُ ب النفاُذ من وطأتها .وُبحوثهم بنف ِ الميدا ن الجتماعي باسم "الشتراكية ال ةعلمية" ،وبالخص في القتصاد )الميدا ن المادي للمجتمع( ،والذي فَِهموه وَحِفظوه على أنه الميداُ ن الذي ُت ةعنى به ما َزَعموا أنه الشتراكية الحقة؛ قد َحّول مشاكَل الم ةعاني إلى ت عسيرِة التفكيك .أما ذهنيةُ التناول الفيزيائي الكثِر تََخّلفاً حتى من البيولوجيا ،فقد َمّدت الرأسماليةَ م ةعضل ٍ ب ت قد حاول ُ ح آخر .كن ُ بقوٍة ل يمكن تأمينها عبر أ ّ ت في فصِل السلوب سرَد كيفيِة َكوِ ن هذا السلو ِ ي سل ٍ براديغما أساسيًة للرأسمالية ،ولكن ،يبدو أنه من ال ةعسير التقدُم في التحليل دو ن التطر.ق إليه بكثرة .وعلى عكس ما زعم "الشتراكيو ن ال ةعلميو ن" على وجه التخصيص ،فهم عاجزو ن حتى عن النتباه إلى َكوِنهم َجّردوا البروليتاريا والشرائَح الكادح َة الفقيرة الخرى ،التي تحركوا باسمها منذ البداية ،من أسلحتها الساسية صّور ببحثهم في المجتمع ب ةعد تشييئه ،وِبكوِنهم قابلين لتناوله ذهنياً على هذه الشاكلة .وسُنظِهر كيف يَُكو ن تَ َ المجتمع كظاهرٍة مماثلٍة للطبي ةعة الفيزيائية ،أو حتى البيولوجية ،ي ةعني بَِحّد ذاته الستسلَم للحداثة الرأسمالية. ت مشّرفٍة للغاية لما ح يكمن في تسييِر نضال ٍ علّي التبيا ن ،وبكّل أس ٍ ف وحنقٍة ومرارة ،أّ ن سوَء الطالِع الفاد ِ ً ق الفكر الوض ةعي المادي يناهز المائةَ وخمسين سنة باسم "الشتراكية ال ةعلمية" ،وخو ِ ضها منذ البداية بمنط ِ المحض المحكوم عليه بالفشل .ل شك في أّ ن ما يتستر وراء هذه المواقف والفكار هو ما زعموا أنه "التمايز سّيروا النضاَل تحت رايته بكثرة .ولكن الطبقة الم ةعنية ليست – كما اعتقدوا – طبقةَ ال ةعمال الطبقي" الذي َ والكادحين المقاِومين ب ةعبودي ٍة عمياء لجل التحول البروليتاري ،بل إنها طبقة "البرجوازية الصغيرة" التي انصهرت في بوتقِة الحداثة ،واستسلمت لها منذ زمٍن طويل .والمدرسةُ الوض ةعيةُ بالذات هي أيديولوجيةُ هذه سبَِة وصغاِر الَك َ الطبقة ،والمتسببةُ في نظرتها ال ةعمياء وردوِد ِف ةعلها الجوفاء إزاء الرأسمالية .فطبقةُ نبلِء ِ ض الواقع ،وكانت على الدوام المدينيين هذه ،والتي ل درايةَ لها بكيفيِة تكويِن الحياة الجتماعية على أر ِ شّكُل أيديولوجياً الفريسةَ السهل للنظام الرضيةَ الخصبَة للطرائق ال ةعقيمة؛ هي الشريحةُ الجتماعيةُ التي تُ َ الرسمي المهيمن. ب الوثنية الم ةعاوصرة ،عندما َيكو ن التناوُل الجتماعي موضوَع إّ ن الظواهريةَ )الوض ةعية( ضر ٌ ب من ضرو ِ ف لللوهيِة المفتِقدة لم ةعانيها .فاللوهيةُ كاوصطلح كانت ذات وظيفٍة الحديث .والوثنيةُ بدورها هي الطاُر الجو ُ مقدسٍة وسحريٍة لجل المجتمع في مرحلٍة ما ،وعندما تفقد وظيفَتها هذه ،ل يَتَبَّقى منها سوى حالَتها الوثنية.
أما الشرائُح المفتقرةً لِ ةعلِم الم ةعاني ،ف ةعبادُتها للوثا ن أمٌر مفهوم .فمثلما هم ل ي ةعلمو ن أّ ن الوثن ينبع من الوظيفة ،فهم – وعلى النقيض – غافلو ن أو ي ةعتقدو ن أّ ن عبادةَ الوثا ن سوف ُتثِمُر عن الم ةعاني ،أو أنها سَتبلُُغ قدسيَتها وجلَلها القديَمين .لذا ،فتحليُل الديا ن المناِهضة للوثنية ضمن هذا السيا.ق سُينير الموَر أكثر .ل يساورني الشّك بالوثنية ال ةعصرية للوض ةعيين المنقادين للظواهرية .هؤلء الوثنيو ن ال ةعصريو ن ،الذين يمكننا تسميتهم بالوثنية الم ةعاوصرة ،قد قال عنهم الفلسفةُ الَم ةعنِّيو ن بميداِ ن الحداثة )ال ةعصرانية( بالذات بأنهم أفضل "المتشبثين بالمواضيع والشياء Nesneالستهلكية ،وكأنها وثن". ظّن ماركس ومدرسُته أنه بمقدورهم تسلي ُ لقد َ ط الضوء على المجتمع ،التاريخ ،الفن ،الحقو.ق ،وحتى الديِن ت الجتماعيِة ُتؤثُّر في ب ةعضها كأنسجِة البد ن الواحد، عبر التحليِل القتصادي .ل جدال في أّ ن كافةَ المؤسسا ِ ت ت الجتماعية ،التي هي كيانا ٌ ولكّن الموَر تختلف كليا ً عندما َتكو ن المجتم ةعيةُ ميداَننا الم ةعني .فالمؤسسا ُ َأوَجَدها عقُل النسا ن ،ليست نسيجاً بيولوجيًا ،بل حتى أنها ليست نسيجاً من جسم النسا ن .ف ةعقُل النسا ن في الوسط الجتماعي َأشبَهُ بجبٍل بركانّي منفجٍر باستمرار عبر الم ةعاني والرادات التي ُينتُِجها .ول مثيَل لذلك في ض النقاط المشتركة مع الوقائع الفيزيائية النواع الخرى من الكائنات الحية .في حيِن يمكن التفكير بوجوِد ب ةع ِ في عاَلم الكوانتوم ،مع عدم إغفاِلنا َكوَ ن عقِل النساِ ن نفِسه ي ةعمل ضمن النسق والترتيب الكوانتومي .في حين أّ ن ال ةعالم المادي )بما فيه البنيةُ القتصادية الجتماعية( ي ةعني جموَد اللية الكوانتومية وتََغلَّفها .إّ ن َكوَ ن الذهِن وال ةعقل هما اللذا ن يديرا ن المجتمَع أمٌر ساطٌع لدرجٍة ل جدال فيه .حتى أّ ن َكوَ ن التوجِه نحو القتصاِد الجتماعي يحصل بال ةعمل الذهني أمٌر ل داعي لبرهنته. َ سلَجة التاريخ يأتي في وصدارِة الشروط س ْ علّي التنويه ثانية ،ولو تكرارًا ،إلى أّ ن تأريخ السوسيولوجيا ،و َ ب َتكُمُن في دنوه أكثر من تفسيِر التاريخ الولية للتقدِم في ِعلِم الم ةعنى .والميزةُ الناج ةعة الخرى لهذا السلو ِ ي ناج ةعًا، ب سياقه الطبي ةعي .ل أنكر أهميَة الفكر الدعائي .بل على النقيض ،ولكي يكو ن هذا النمطُ الفكر ّ بموج ِ ب مسارها المتحقق .أما الشروُع بالقول يجب م ةعرفة كيفيِة المساك بالتطورات التاريخية وتناوِلها بموج ِ "البنية التحتية تَُحّدُد التاريخ" أو ال ةعكس "التاريُخ عبارة عن أف ةعاِل الدولة وعملياتها" ،فلن يذهب أبَ ةعَد ِمن سِرَدت حوادُثه أو َكثَُر تحليله أو تفكيكه. ف وتشويِه التاريخ الحقيقي بالنسبة إلى ِعلِم الم ةعنى ،مهما ُ تحري ِ واضٌح لل ةعيا ن أنه من غيِر الممكن شرُح التاريخ ،وبالتالي المجتمع ،بهذا السلوب .فما يحدث حينها هو الحدي ُ ث عن الفيزيولوجيا الجتماعية ،وليس التاريخ .فشرُح كيفيِة تأثيِر المؤسسات الجتماعية )النسجة في ح للتاريخ، الفيزيولوجيا( على ب ةعضها الب ةعض ،أو كيفيِة تحديدها لب ةعضها الب ةعض ،هو – وبكل تأكيد – ليس بشر ٍ بل ظواهريةٌ َمحضةٌ للغاية. س َيكُمُن في قوة تدفقه وكيفيِة جريانه أثناَء لحظِة التدفق خ قَيٍّم ذي م ةعنى ،فإّ ن ِمربَ َ ض الفََر ِ وللحديث عن تاري ٍ تلك .فتدويُن التاريخ الحق ،أو التفسيُر الحقيقّي له يكمن في م ةعرفِة الرادة والم ةعاني الناجمِة عن نشاِط ال ةعقل وِف ةعِل الرادِة اللَذين كانا مؤثَرين في تلك اللحظة .ومثلما قد يكو ن ذلك حملًة اقتصادية ،فربما يكو ن ممارسةً أو عمليةً دينيةً أيضًا .المهّم هنا ليس السلَح ،بل لحظةَ الضغِط على الزناد ،واليَد الضاغطةَ عليه .قُْم بتحليِل قيمِة ح السلح اقتصاديا ً وفنيا ً وسياسياً وعسكرياً قدر ما تشاء ،فربما يكو ن لذلك قيمةٌ من حيث تزييِن الشر ِ وزخرفته .ولكن ،ل أتمالك نفسي عن التكرار مراراً بأنه عندما ُيقال بجرياِ ن التاريخ ،فما يجب فهُمه هو تشغيُل ي لجِل ح ِمن قِبَِل اليد القابضِة باستمرار على الزناد .قد ُيقال أنه ثَّمةَ حاجةٌ لمهارٍة عظمى ول ةعمٍل اقتصاد ّ السل ِ وصنِع السلح .هذا ممكن .ولكّن هذا التناوَل للمر ل َيفَهُم شيئاً من الت ةعبير عن التاريخ .يجب عدم إغفاِل َكوِ ن ُ ت دومًا .والقائُم على خ سلحا ً شّغالً على الدوام .إنه سلٌح شّغال ويٌد ضاغطةٌ على الزناد الُمَ ةعبّأِ بالطلقا ِ التاري ِ ت الدارة الستراتيجية في التاريخ هو أفضل من ُيدرك ذلك .يَُقوم أحُد أباطرِة روما ،وُيدعى مسؤوليا ِ َ فالنتيانوس )أعتقد أنه هو( بالمصادقِة على أخيه ليشارَكه الحكَم كإمبراطور .أما الذين انتََخبوه هو ،فأعَربوا ق سرُتم َح ّ عن تراُجِ ةعِهم عن رأيِِهم وأوصواتهم ب ةعَد مدٍة قصيرة .أما هو ،فَيشَرُح ماذا ي ةعنيه التاريخ بقوله "لقد َخ ِ ض بُِمَجّرِد انتخاِبكم لي". العترا ِ َ وِمن حي ُ خ الرأسمالي الم ةعاوصِر في الفصِل ح بالنسبِة إلى م ةعنى التاري ِ ث السلوب ،فسأسُرُد أهمية هذا الشر ِ الم ةعني بذلك. خ المدنية ،كي نُقَّدَم مساَهَمَتنا في ِعلِم الم ةعنى. علينا أل نغ ّ ج في تاري ِ ض النظر عن مشكلِة السلوب هذه للولو ِ ُ ح التاريخ ،فهو ي ةعني أيضاً قيمة مدى تسخيِره لخدمِة بقدِر ما َتكُمُن قيمة أ ّ ي تفسيٍر في القدرة على إيضا ِ الملتزمين بأحكاِمِه ومقتضياتِِه ،ولخدمِة القادرين على المساِك بزماِم المبادرِة في كّل وقت .في حين أّ ن
التفسيَر التاريخّي الحقيقي لجِل المتخبطين في تأديِة دوِر ضحايا التاريخ ،فهو القدرةُ على َت ةعبئتِِهم بالوعِي ث حرياتهم وإحيائها .أما إذا كا ن التفسيُر ص من دوِر الضحية والووصوِل إلى قوِة َب ةع ِ وتسليِحِهم بالرادِة للخل ِ التاريخي والجتماعي َيحُكُم على ضحاياه )كّل المسحوقين والمضطَهدين والمستَغلين( بالستسلم والخنوع ص؛ فمهما يَّدعي وصاحُبه أنه ِعلمي ،ومهما يتحدث عن أنه للمضحين بهم ،والذين ُيلُهوَنهم بالزعِم بُِقر ِ ب الخل ِ ضّللين واعين ،فهم إذ ن يقوم بالتفسير باسِم الضحايا؛ فإذا لم يَُكن هؤلء ذوي نوايا ضامرٍة أو ُمَحّرفين وُم َ سرو ن التاريخ كالوصنام الجوفاء. غافلو ن ،ويف ّ سر المجتمَع السومري؟ -1كيف نُفَ ّ ص مكاناً للسومريين تأسيساً على هذا الهدف. بما أّ ن موضوَعنا تمهيٌد للسوسيولوجيا البنيوية ،فسوف نَُخ ّ ص ُ ٌ إننا ل نَُؤّرخ المدنية ،ولكن ،يجب َفهم تفاسيري على أنها مساَهمة في ذلك .إذ أبحث عن رّد للسؤال :كيف ُنقّيم ح السلوب وتأميِن الدخوِل في التاريخ. المثاَل السومر ّ ي أثناء تفسيِر التاريخ؟ وعلى الردود أْ ن ُتساِهَم في إيضا ِ وثمةَ فائدةٌ في تناُوِل هذا المثاِل ِمن ِعّدِة نواحي. س النيوليتّي المسماةُ ِبمرحلِة آِ -من الم ةعلوم أّ ن الغذاَء الوافَر وتَنَّوَعه الغنّي خاوصيةٌ تََميزت بها مرحلةُ التمأ ُ س ِ تل حلف ). 4000 – 6000ق.م( التي َمّرت بفترِة ازدهاٍر باهر ،والكامنِة إلى الشماِل من هذه الحضارة ب )السومرية( الُمن َ شأ َِة في الحقول القصبية الرسوبيِة والراضي الخصيبِة المطمورة بالمياه في أماكِن َتقاُر ِ ج نهَري دجلة والفرات في ميزوبوتاميا السفلى .وما أدى إلى ذلك هو المجتمُع القروي المسفُِر عن واندما ِ ت دوَرها في ذلك .فالستقراُر ي ةعني الحقوَل ت النتاج ،بقدِر ما ل ةعَبت هذه التقنيا ُ شفة لتقنيا ِ الذهنيِة المكت ِ س ،في ةعني فيما ي ةعنيه تنظيَم الذهنيِة س ُ ت الجتماعية المتناميِة بتغذيِة ب ةعضها الب ةعض .أما التمأ ُ والتمأسسا ِ ي غيَر أولي ،رغَم الجتماعية وتحقي َ ق جماعيتها .كما أّ ن الفصوَل الملئمة ،والمطاَر الغزيرة َتجَ ةعُل من الّر ّ ب أهميته .وقد ُبرِهن على أّ ن ال ةعديَد من القرى المستقرة في ميزوبوتاميا ال ةعليا قد قاربت حدوَد المدينة استي ةعا ِ َ ت المثلِة من الحفريات في هذا والتمد ن مع التوجه نحو أعوام . 3000ق.م .وِعلُم الثار القديمِة قّدَم عشرا ِ السيا.ق. ُ ب السواُر المحيطة بالمدينة كمؤشٍر ُم ةعّين وُمحّدد لها ،إل أّ ن كما ُأبِرزت في ال ةعديد من الجثوات والخرائ ِ .ق الري ،واعتماَد الِغلِل على المطار أعاقا التوسَع وزيادَة الت ةعداد السكاني أكثر .بينما الراضي محدوديةَ نطا ِ ت القرويَة أسفَل نهَري دجلة والفرات ملئمةٌ كثيراً للري ،وتربَُتها غنيةٌ م ةعطاءة .وقد ُأثبَِت أّ ن الستيطانيا ِ الولى قد انحدرت من الشمال ،أي ،من ثقافِة تل حلف في مستهل أعوام . 5000ق.م .وبالوصل ،ولَِكوِ ن هذه المرحلة َتشَهُد تزايداً في الت ةعداد السكاني ،فهي ُترِغم الهالَي على الحراك الدائم .فالقرى المتزايدةُ والمتس ةعة ح هذه المرحلة سابقاً بخطوطها ال ةعريضة .فكلما زاَد تقتضي النتشاَر في الجهات الرب ةعة .كنا َ سَ ةعينا ليضا ِ الهبو ُ ب قلِة المطار .وهذا ما استوَجَب وجوَد تنظيٍم شامل .هكذا ط نحو الجنوب ،زادت أهميةُ وحتميةُ الري بسب ِ ق حوَل الم ةعابِد المسماة بالزقورات. نلحظُ أّ ن التنظيَم المثَل قد تََحقّ َ ف الثل ُ ث المتداخلة للزقورات بأهميٍة حياتيٍة وأوليٍة بالنسبة لحِل وتحليِل المجتمع السومري تتميز الوظائ ُ برمته .الوظيفُة الولى تت ةعلق بالماكثين في الطابق السفلي من ُعّمال الراضي ،والذين يَُ ةعّدو ن ِمن أملك الزقورات .ويُِقيم م ةعهم وصان ةعو الدوات والوسائط أيضًا .الوظيفةُ الثانيةُ هي المهاّم الداريةُ التي َيقوُم عليها ب حساَب العماِل النتاجيِة المت ةعاظمة ،وتأميَن ق الثاني .إذ يتوج ُ ب على الراه ِ الرهباُ ن القاطنو ن في الطاب ِ ق ال ةعمل الجماعي بين ال ةعاملين .أي أنه ُيديُر شؤوَ ن الّدين والدنيا م ةعًا. المشروعية اللزمِة )قوِة القناع( لتحقي ِ ق أما الوظيفةُ الثالثة ،فتَُؤّدى من قِبَِل الموجودات اللهية )ضر ٌ ب من ضرو ِ ب مجمِع اللهة ( المقيمِة في الطاب ِ ت ذلك في ت المدينية اللحقة ،مثلما أكد ُ ت بتأثيِرها الم ةعنو ّ ي نموذٌج مصّغٌر للمجتم ةعا ِ الثالث .وكأّ ن الزقورا ِ ت المد ن الراهنة، س ٌ مراف ةعتي "النسا ن الحر" .إنه تمأ ُ س مثالّي لدرجِة أنه غدا النموذَج الوصَل المَولَّد لمجتم ةعا ِ ت أنه الرحُم الّم لنمِط تنظيِم الدولة ت قد بين ُ ت اللف ،وَيزيد عدُد سكانها عن المليين .بل وكن ُ التي ُتناهز مئا ِ َ ت في زمانها لم تَُكْن مركَز المدينة فحسب ،بل كانت المدينة بَِ ةعيِنها. المتمأسسِة في مجتمِع المدينة .فالزقورا ُ والمدائُن بدورها كانت تنقسم إلى ثلثِة أقسام :الم ةعبُد )موطُن أو منزُل الرب( الذي هو قسٌم م ةعنّي بتوليِد ص لمدراءِ المدينة ،والماكُن الوسع قليلً لقامِة المشروعية وتأميِنها ،قسُم القامِة الوسِع قليلً والمخ ّ ص ُ س من نوعه ال ةعاملين ،الذين هم الشريحة الوسع .فالزقورا ُ ت تؤدي هذه الوظائ َ ف الثلَث م ةعًا ،وكأوِل مثاٍل مؤ ّ س ٍ في ال ةعالم. ب قلي ً ل ،فسنجد أّ ن الراهَب هو المباِدُر الوُل بكل تأكيد .فهو الرأسمالّي بالنسبة لزمانه )أقول ولو تََمَ ةعّنا عن كث ٍ
ذلك للستي ةعاب على نحو أفضل ،وإل ،لم َيبرز رأسمالّي الحداثِة حينذاك( أو هو َرّب ال ةعمل أو الغا .ذلك أنه س المدينة ،الذي سَيمُهُر المجتمَع الجديَد المنشأ مهتٌم بوظائِفه التاريخيِة التي عليه تأديتها .وبالوصل ،هو مؤ ّ س ُ بطاب ةعه ،ذلك أّ ن ما سيتشكل حوله ليس بقريٍة بسيطة ،بل إنها المدينة .وسندرك عظمةَ المهمِة ال ةعملقة التي ُتواِجهُ الراهَب على نحٍو أفضل إذا ما وض ةعنا نصَب ال ةعين مدى وص ةعوبِة هذا المر في يومنا الراهن .إذ ،ثمَة حاجةٌ ماسةٌ ل ةعدٍد كبيٍر من ال ةعمال لجِل المدينِة الُمزَمِع إنشاؤها ،فِمن أين له بهم؟ فاقتطاُع النساِ ن عن الكل ن ست ب ةعد ،مثلما هي اليوم. س َ أو الثنيِة أمٌر عسير .والمنقط ةعو ن الُفرادى ل يكفو ن .كما أّ ن البطالةَ لم تكن قد تمأ َ ب هي اللجوُء ولم يكن حصل النتقاُل إلى مرحلِة است ةعباِد الناس بال ةعنف .ربما كانت الفروصةُ المتبقيةُ بِيَِد الراه ِ ف الراهب المذهلِة بالفاعليةَ :مَهّمةُ إنشاِء الله .الموضوُع هاّم ح الله .وهنا بالذات تبدأ إحدى وظائ ِ لسل ِ شَل في هذه الوظيفة ،فسَي ةعَجُز عن إنشاِء المدينِة الجديدة أو المجتمِع الجديد ،وبالتالي، للغاية .ذلك أنه إذا ما فَ ِ ع أسباَب َكوِ ن مدراِء الدولة الوائِل رهبانًا. عن تأميِن النتاج الوافر .هذا المثاُل بَِحّد ذاتِِه يَُو ّ ضُح لنا بُِكّل سطو ٍ ج الوفير والمجتمِع الجديد فحسب ،بل وبإعادِة النشاء والتخطيِط ل ةعالَِم كافِة فالزقورا ُ ت ل ُت ةعنى بالدولة والنتا ِ ب الهتماِم بشؤوِ ن ب ،والسحر ،وال ةعلِم ،والفن ،وال ةعائلِة ،وحتى المقايضة الولى ،إلى جان ِ المصطلحات ،والحسا ِ س الرب؛ علوًة على إعادة تخطيط وإنشاِء كّل ذلك ،وربِطه بمشاريَع ملموسة .إذ ن ،فالراه ُ ب هو أوُل مهند ٍ س َعَمل ،وأوُل للمجتمع ،وأوُل م ةعماري ،وأوُل ِرسٍم تخطيطّي للنبوة ،وأوُل اقتصادي ،وأوُل مدير ،وأوُل رئي ِ َمِلك. َ ب بتفصيٍل أد.ق: لِنََر العماَل الساسية للراه ِ ب -يأتي إنشاُء الدين الجديِد واللِه الجديد في وصدارِة العماِل الهامِة للراهب .وحسَب تفسيري ،فمضموُ ن سّد ما يبدو وكأنه فراٌغ أو انقطاٌع لمرحلِة النتقال ع الرهباِ ن السومريين للديِن هو تشكيُل حلقِة الووصِل لِ َ اخترا ِ ً شئو ن خليطا من إلِه فيما بين عبادِة "الطوطم" القديمِة وبين الديا ن البراهيميِة المتجاوزِة للوثنية .إنهم ُين ِ ت – القوِة الناظمِة للسموات – ومن ديِن الطوطميِة المحّدِد لهويِة المجتمع .فالكّل ُيجِمُع على الرأي المصطلحا ِ ي شيٍء هاّم القائل بأّ ن الطوطَم ت ةعبيٌر عن الهويِة المحّددة للكل ن ،وكذلك للقبيلِة التي هي أوسُع من الكل ن .فأ ّ ً ت الم ةعبرةَ عن القوة أساسا .وما في حياة الكل ن َيغدو ُمَر ّ شَحا ً لِيَُكوَ ن طوطمًا .وبالغلب ،فهم يأخذو ن الموجودا ِ التسميا ُت التي ل نزال نصادفها في أسماِء ال ةعشائر سوى بقايا من تلك المرحلة ،من قَِبيِل السِد ،الصقِر، س ،الريح ،المطِر ،وغيِرها من أسماِء النباتات والشجاِر الهامة .ومدى تشييد القدسيِة الف ةعى ،الذئب ،الشم ِ المتمحورِة حول المرأة – الّم كقوٍة محركٍة لل ةعهِد النيوليتي ُيماثُِل هنا قوَة الراهب الرجل .حيث أّ ن ممثلي سبو ن الهميةَ على شكِل اللهة – الم التي َترُمُز إلى الخيِر وال ةعطاء. الطوطميِة واللِه السماو ّ ي َيكتَ ِ ض وصراعاً مريرًا تجاه آلهة الرهبا ن السومريين .ونخص بالذكر النزاَع بين وكا ن على اللوهية – الم أْ ن تخو َ "أنكي" ِإلِه الرجِل الماكر و"إينانا" الرمِز الولّي لللهِة النثى ،والذي أوصبَح الموضوَع الساسي الذي شغَل ب النزاع ع اختل ُ ف المصالح ،والذي أتاَح الفروصةَ وأدى إلى نشو ِ الملحَم السومرية .ويتستر تحت هذا الصرا ِ ض ال ةعلوي والصدام على جميع الوص ةعدة ،بين المجتمِع الريفي النيوليتي المتمركِز حول القرى الكامنة في الحو ِ لما بين النهرين بريادة المرأة -الم ،والمنغلق تجاه الستغلل ،وبين مجتمِع المدينة المبتدئ بالتكاثِر حديثًا، ح لوِل مرة للستغلل .وهكذا ُولَِدت "المشاكُل الجتماعية" الجديةُ لوِل مرة والُمن َ شأ ِ على يِد الراهب ،والمنفت ِ في التاريخ .إذ ،ما ِمن شّك في أّ ن الصراَع بين القوى الُمَوّجهِة لِِكل المجتمَ ةعين ينبع ِمن المشاكِل الجتماعية. ع واوصطلحاُته تَتََحّدُد من قِبَِل أشكاِل الذهنية السائدة في تلك لكن ،وكما نرى في التاريخ ،فَلَُغةُ هذا الصرا ِ المرحلة ،لّ ن أشكاَل الذهنيِة الراهنِة لم تكن موجودًة آنذاك .حيث ل يمكن الت ةعبيُر عن المجتمع نفسه إل بهويٍة شبِه إلهية ،لّ ن عقَل النسا ن ل يزال ب ةعيداً جداً عن مفهوم الهوية المجردة. لقد كا ن عقُل النسا ن في تلك المرحلة َي ةعتَقُِد بحيويِة الطبي ةعة ،وبأنها مليئةٌ باللهة والرواح )وهو ليس بتفكيٍر س بها قد تتمخض ب إلى الصواب( .وأ ّ رج ةعّي نسبًة لليوم الراهن ،بل ،وحسب اعتقادي ،إنه متقدم ،وَأقَر ُ ي َمسا ٍ سٍر عنه نتائج خطيرة .ذلك أّ ن لجمي ةعها قدسياُتها ،ويجب القتراب منها بكّل عنايٍة واحتراٍم وإجلل .وأ ّ ي َتجا ُ ضبوها أو بسيٍط تجاهها قد يؤدي لكوارَث فظي ةعة .بالتالي ،يتطل ُ ب تقديَم القرابيِن وال ةعطايا والنذوِر إليها كي ل ُيغ ِ ً ت واللهِة أهمية عظمى لدرجِة أّ ن تقديَم الطفال والصبيا ن س ُ ب إرضاُء الُمقّدسا ِ ُيثيروا ِحنقََتها .وهكذاَ ،يكتَ ِ والصبيات قرابيَن لهم أوصبَح تقليداً ساَد ردحا ً طوي ً ش ومرعب ،ولكن ،كانوا ُيؤِمنو ن ل من الزمن .إنه تقليٌد مده ٌ ض هذا التقليُد للتحريف والتحويِر مدةً طويلة على يِد الرهبا ن ببقاِء المجتمع وصامداً ومتماسكاً عبره .وقد تََ ةعّر َ ُ ب ال ةعلقات بين التجم ةعات والراهبات ،إل أنه ِمَن المؤّكِد ارتباطُ مضمونه بالقدسيِة وحمايِة الذات .فكافة ضرو ِ
ش ئ الذهُن ت فيما بين هذه القدسيات واللهة .هكذا كا ن قد ُأن ِ البشرية كا ن يَُ ةعّبر عنها عبر ال ةعلقات والتناقضا ِ ف لغةَ )أو بالحرى ديَن( الِ ةعلِم واللغة ،حيث ل وجوَد حينذاك لـ"لغِة الِ ةعلِم الوض ةعي" الراهن .فالبشريةُ لم َت ةعِر ْ س ةعِينا لتفسيِر التاريخ. الوض ةعّي هذا إل في القرَنيِن الخيرين .وعلينا أل َنغفََل عن هذه الحقيقة لدى َ سهُ المادية. س ُ تأسيساً على ذلك ،فالصراُع القائم بين إينانا وأنكي وصراٌع اجتماعّي عصيب .ول شّك في أّ ن له أُ ُ وصّحةَ هذا التفسير من خلِل الصراع القائم في تركيا .حيث نتلمس مرة أخرى ،وعن كثب، واليوم أيضا ً نلحظُ ِ ب الش ةعب الجمهوري CHPالمّدعي أنه ع الُم ةعاش بين قوى حز ِ كيفيةَ سرياِ ن جدليِة التاريخ ،عبر الصرا ِ ث بالدين وال ةعقيدة السلمية .علينا ب ال ةعدالة والتنمية AKPالميتافيزيقّي المتشب ِ وض ةعّي وعلمي ،وبين حز ِ ي لم ُيقِحم الديَن في وصراعاته الجتماعية. ي أو سياسّي أو اقتصاد ّ ح عسكر ّ التّنَّبهَ والِ ةعلَم جيداً بأنه ما ِمن كفا ٍ ففي حاِل ال ةعكس نكو ن قد َوَق ةعنا في حالِة "الشتراكية المشيدة". ع إّ ن اللهَ السماو ّ ي "آ ن" واللهَ الرضّي "أنكي" ،اللَذين ابتََدَعهما الرهباُ ن السومريو ن ،يتميزا ن بطبا ٍ س الرجُل ويَُؤّله .إنه رجولية .وَي ةعِكس هذا الواقُع بروَز قوِة الرجل في مجتمِع المدينة السومري ،حيث يُقَّد ُ َ َ سهُ الذي اكتسَب "القدسية واللوهية فيما تقدي ٌ س هائٌل لدرجِة أّ ن الرجَل القيادي الجليَل الجديد غدا المجتمَع نف َ سَبرنا تحت هذه الجراءات الم ةعموِل بها ،سندرك على نحٍو أفضل أّ ن المبّجَل بين السموات والرض" .وإذا ما َ ش عقيدةَ "إينانا" – أّ ن القوَة والمجلَّل هو "طبقةُ الرهبا ن" ،ليس إل .تماماً مثلما سنجد – عندما ننب ُ الجتماعيَة للنساِء المهات هي القوةُ المديرةُ والخلقةُ في ال ةعهِد النيوليتي. ب يستمر هذا الصراُع بشكٍل متكافٍ ئ ومتناظٍر حتى أعواِم . 2000ق.م ،ولو أّ ن الكفةَ كانت َترُجُح على حسا ِ ح تجاه التمييِز بين المرأِة والرجل ع الكفا ِ المرأة في المجتمع السومري مع مروِر الزمن .إّ ن البحَث في موضو ِ ضُح المور وُي ةعّلمنا أكثر .وسنس ةعى لف ةعل ذلك. ضمن أشكاله وألوانه عبر التاريخ إلى يومنا الراهن ُيو ّ ً ت لللهِة )التي يتناقص عددها طرديا(َ ،يقوُم بالمقابل بالتَّكّتِم ب الطاب َ ق ال ةعلو ّ بينما يَُخ ّ ص الراه ُ ص ُ ي ِمن الزقورا ِ ت ب ةعدِم وص ةعوِد أحٍد غيَرهُ )غير رئيس الرهبا ن( أَيّاً على هذا الطابق لقصى الحدود ،وُيوثّ ُ ق ت ةعليماته في السجل ِ كا ن .هذا التكتيُك هاّم لجِل التطور الديني الجديد ،حيث ُيزيد به ِمن تبجيِل الناس وفضولِِهم ،ويَُوطُّد ِمن تَبَِ ةعيتهم س الرهبا ن على نشِر أقواله بين المجتمع بَِكونِِه التقى اللهَ وتََكلَّم إليه في هذا الطابق. وانصياعهم .وُيثابُِر رئي ُ ق الناط أنه ذلك الرهبا ن. س رئي م" "كل إلى ر النظ سوى عليه ما الرب، م كل ع ُ ُ بالتالي ،فَمن َيرَغ ُ ِ ب سما َ ِ ِ ض الوحيُد باسِم الرب .وقد انتقَل هذا التقليُد كما هو عليه إلى الدياِ ن البراهيمية أيضًا .فسيدنا موسى والمفّو ُ كا ن قد تكلَم مع الرب في جبِل طوِر سيناء لينهَل منه "الووصايا ال ةعشر " .والسُم الخر لسيدنا عيسى هو ت عديدًة ،إل أّ ن الشيطاَ ن كا ن ُيفِرُغ ق باسم الرب" .وهو أيضا ً َ "الناط ُ شَرَع بمحاولِة الكلِم مع الرب مرا ٍ محاولتِِه تلك وُيفِشلها .ولكنه كا ن سينجح في ُمراِدِه في النهاية .أما السراُء والم ةعراُج لدى سيدنا محمد ، ق ال ةعلوي على شكِل مجمِع ب وتنسي ُ فيشير إلى استمراِر التقليِد عينه في السلم أيضًا .وسيتم ترتي ُ ق الطاب ِ اللهة بشكٍل أكثَر عظمةً وإبهار ًا في الديانة الغريقية الرومانية .أما في الديانات البراهيمية ،فسُي ةعاد تنسيقه ف للطبقِة الدينية وترتيبه مجدداً على شكِل الكنيسد والكنيسة والجامع لتزداَد عظمته وأُبَّهُته .إّ ن الدوَر المتضاع َ ف المجتمع واضٌح بجلء. في وصفو ِ ت( الرب .فلكي يكوَ ن تنظيُم المجتمِع الجديد س الرهبا ن هو الشخ ُ رئي ُ ق )بي ِ ص الناجُح في تركيِز فكِرِه في طاب ِ ض مؤثرًاِ ،مَن المهّم للغاية أْ ن يسيَر وف َ ضُع ب ةع ُ ق الكلِم الدائر في المحادثِة بينه وبين الرب .ولوِل َمرٍة ُتو َ ق لتمثيِل الرب .فهذا البتكاُر يثيُر فضوَل النساِ ن أكثر ،ولذلك ُوِجَدت الحاجةُ لِِمثِل هذه التماثيل في هذا الطاب ِ َ ب عموما ً لِِمثِل هذه الوصناِم والهياكِل الرمزية لللِه الوصطلحي .ذلك أّ ن ذاكرةَ النساِ ن في ذاك الزماِ ن أقَر ُ ت الذهنية المتجسدِة في الهياكل ،أكثَر ِمَن التفكيِر بذاك النمِط من المصطلحات التجريدية .ومن ال ةعسيِر التصورا ِ ُ ت البشرية َتشَهُد تأثيراً جداً إدراُك الفكرِة الشفهية أو المجردة ،أي ،غيِر المدعومِة برمٍز أو هيكل .فالجماعا ُ سمات( .بالتاليِ ،من المفهوِم تماما ً دوافُع اللجوِء ب لغِة الرموز والُمَج ّ كاسحا ً لُِلغِة الشارات )ضر ٌ ب من ضرو ِ َ َ سِد في الرموز والوصنام .في حين أّ ن التماثيَل الجمة للمرأِة البدينة ،والمتبقية من عهِد ت اللِه الُمَج ّ لوصطلحا ِ اللهة – الم ،أكثُر تواض ةعًا ،وَترُمُز للمرأِة – الم الم ةعطاءِة والخّيرِة والمبدعة. ت للرب في الطابق ال ةعلوي من الزقورات على شكِل مجمِع اللهة ،الكنسية ،الكنيسد ،الجامع، إذ ن ،فَكْوُ ن أوُل بي ٍ ُ ُ ت التاريخيِة المترابطِة ت ةعني والجام ةعِة أمٌر منيٌر وتربو ّ ي لب ةعِد الحدود .فهذه السلسلة المت ةعاقبة من التشكيل ِ َ ذاكرةَ المجتمِع وهويتَهُ المقدسَتين .فِ ةعلُم اللهوت ،الم ةعروف باسم الثيولوجيا ،يَُرّبي ويُنَّمي هذه الذاكرَة بتحويلها إلى فلسفة ،بَِحي ُ ت في ث تَُكوُ ن منقط ةعةً ومجّردةً من نموذجها الول .إّ ن أفدَح التحريفات والتحويرا ِ
ت المؤّكد في تَ َ طّوِر ال ةعلم التاريخ حصَلت في ميداِ ن علِم اللهوت واللهيات .ل يمكن إغفاُل أو إنكاُر دوِر اللهيا ِ ح منابِع اللوهية والفلسفة .لكن ،وبسبب تأديتهم دوَرهم باللجوِء إلى ُمَجّرِد المجرد ،ووثِن الوثن ،دو ن إيضا ِ وجذورها الجتماعية ،فإّ ن هذه الشريحةَ هي المسؤولةُ الولى عن كيفيِة نشوِء المدنية عمومًا ،والمدنية الراهنِة خصيصاً عبر المجتم ةعيِة التي شادوها. ت عظيمةً في .ق الوصول والجذوِر الصحيحة تُقَّدُم مساهما ٍ ل ريَب في أّ ن شروَح اللهيا ِ ت الغائرِة في أعما ِ وصياغِة ِعلِم الم ةعنى .ولكنِ ،من المهّم استي ةعاب َكوِ ن اللهوتيين هم أكبر الُمَحّرفين للم ةعاني ،سواًء بقصٍد أو بدونه ،عبَر َغلَبَِة منزلتهم باحتللهم أماكَنهم داخَل كافِة أروقِة الدولة والنظمِة الهرمية .لذا ،سنس ةعى لتحليِل ف إدراِك الشر.ق الوسط ت الجديدة التي تَقَّم ُ صوها في كّل فترٍة هامة ،وذلك بهد ِ وإفهاِم هذه المواضيِع والصياغا ِ الراهن. ُ ُ ُ ب هي هندسة المجتمع .فهو َيقوُم بنفسه بالتخطيِط للمجتمع الجديد وتشييده من ج -الوظيفة الثانية الهامة للراه ِ ق جهة ،وبتََدّبِر شؤونه بنفسه من جهة ثانية .هذه الَمَهمة تُ َ سّير في الطابق الثاني من الزقورات ،أي ،في طاب ِ ً ً س سِهم .وهكذا سيتكاثر الرهباُ ن كمفّوضين عن الرب ،ليُ َ شّكلوا طبقة مقّدسة تحت إشرا ِ الرهبا ن أنف ِ ف رئي ِ ب َلم الرهبا ن .بالتاليَ ، سَيرُمو ن لَِتشِكيِل أوِل هرميٍة )الدارِة المقدسة( ِمن حفنٍة إداريٍة لُِكّل مدينة .ولهذا السب ِ ُ ّ ج القيِم المادية عبر نَقُْل عبثا ً بأّ ن الرهباَ ن هم الرسُم التخطيطّي الوُل للُمَ ةعلِم الُمتََمّرس .فبينما ُيشِرفو ن على إنتا ِ تشغيِل رعاياهم في الطابق الول )بدايةُ الست ةعباد والّر.ق(َ ،ينَكّبو ن ُهم بَِمِ ةعيِّة اللِه على النشغال بال ةعلم ت الساسيِة ل ةعلوِم الكتابة ،الرياضيات ،علِم شِهَدت ُغَر ُ وتنظيمه .هكذا َ ق الوسط َوضَع اللَّبنا ِ ف الرهبا ن في الطاب ِ سّوَدٍة الفلك ،الطب ،الداب ،وبالطبع ،علِم اللهوت أيضًا .إذ ن ،فالطاب ُ س الوقت أوُل ُم َ ق الوسط هو في نف ِ صغٌرّ ق الرب نموذٌج مصغٌّر للم ةعابد ،وطاب ُ ع المدرسة والجام ةعة .أي أّ ن طاب َ ق الرهبا ن نموذٌج ُم َ لمشرو ِ َ للمدارس .ل جداَل في أّ ن إدارة شؤوِ ن مجتمِع المدينة هي المؤثُر الولّي في تسييِر هذه الف ةعاليات المت ةعاظمة. ف إذ ،يتوج ُ ت الماديةَ لم تُ َ سّير على نحٍو تلقائّي البتة ،أي ،لم ُتماَرس من طر ِ ب الدراك جيداً أّ ن الف ةعاليا ِ ب الُملكيات ،ال ةعامة "الكادحين الحرار" حسَب ت ةعبيِر ماركس .ذلك أنه ل وجوَد لكادحيَن أحراٍر تاب ةعين لوصحا ِ َ ي إنساٍ ن غير ُمست ةعبٍَد بالقمع ي مجتمٍع طبقي ،بما فيه مجتمُع المرحلة الرأسمالية .فأ ّ منها والخاوصة ،في أ ّ والشرعنة ،ل يمكن أْ ن ي ةعمَل بحريٍة في ُملكيِة الخرين! سنشرح هذه الموَر في مكانها المناسب. ق باسم يَُؤّمُن الرهباُ ن النسبَة ال ةعظمى من شؤونهم الداريِة عبر المشروعية .وَأفتَُك فنوِنهم هنا تكمن في النط ِ ت ال ةعلميةُ َتمنَُحُهم قدرةً إداريةً عظمى .ول ننسى أّ ن ال ةعلَم قوة، الرب ،واحتكاِر ال ةعلم .فتمثيُل الرب ،والكتشافا ُ ضَ ةعت في المجتمِع النيوليتي ،وبالخص في عهِد تل ت هذا ال ةعلِم قد ُو ِ حتى في الرأسمالية .ولنَُذّكر أيضا ً أّ ن لََبنا ِ ب حلف ). 4000 – 6000ق.م( .ومساهما ُ ت المرأة – الم أمٌر محّدٌد في هذه المرحلة .إذ يجب استي ةعا ُ ت إلها ِ ف النباتات ،تدجيِن الحيوا ن، الدوِر الت ةعليمي الول والوصِل للنساء – المهات في كافِة المواضيع الم ةعنيِة باكتشا ِ ت القداسة .فإوصراُر اللهِة الم إينانا ب ةعناد في ت النسج ،الطاحونة ،بناِء المنزل ،وبيو ِ وصنِع ِجَرار الفخار ،آل ِ سَرَقها ت ال ةعظمى )الماءات( المائِة والرب ةعة ) ،(104وأنه َ م ةعم ةعاِ ن نزاعها مع أنكي بأنها هي وصاحبةُ الكتشافا ِ ت قد حصَلت على يِد ع إلى الحقيقِة المستترة تحت قولها هذا .أ ْ ي أّ ن أغلَب الكتشافا ِ منها؛ إنما يشيُر بكّل سطو ٍ النساء – المهات ،وأّ ن الرجاَل الداريين قد سرقوها منهن .وسنرى لحقا ً كيف أّ ن مرحلةَ الحضارِة المدينية قد تَّم تشييُد وصرِحها على هذا الساس لَِحّد ما. ت والطب ت الرهبا ن في الكتشافات .فََدوُر اختراِعِهم للكتابِة وِعلِم الفلك والرياضيا ِ ل يمكن استصغار مساهما ِ س ال ةعلمية للحضارة .وسيكو ن القوُل بأّ ن للرهباِ ن السومريين مكانةُ واللهو ِ خ الس ِ ت أمٌر أكيٌد في ترسي ِ الصدارة في مرحلِة البدِء بال ةعلِم أمراً في محله. ٌ سّمَي ملوُك سومر الوائُل بالرهبا ن – الملوك .وحقيقُتهم بائنة في هذه التسمية .فالرهباُ ن وكما هو م ةعلوم ،فقد ُ ُ ب – ملك .والشرعية المتحققة عبر ال ةعلِم – الملوك هم أوائُل ملوِك مجتمِع المدينة .فلكّل مدينٍة في البداية راه ٌ ّ َ ت عينه .فَب ةعَد ت هي الدافُع الولّي وراَء إدارتهم الَمَلكية .ولكّن هذا المَر يَُمثُل جانَبهم الض ةعي َ ف في الوق ِ واللهو ِ ُ سِر الحاكمة .وَي ةعوُد الدوُر الكبُر في ذلك إلى الحاشيِة ت وال َ مرحلٍة م ةعينٍة يتم النتقاُل إلى مرحلِة السلل ِ ّ ف على "ل ةعبِة ف مع زعيِم السللة .وهكذا ،فسيتَغلب ال ةعن ُ ال ةعسكريِة الملتفِة حول "الرجِل القوي" المتحال ِ شلها .سنتناول هذا الموضوَع فيما ب ةعد. الراهب" وُيف ِ ق الول" لنهم – د -يتواجُد طاب ُ ب الَح َ ق ال ةعاملين في السفل .علينا بالستي ةعا ِ سِن لهؤلِء "ال ةعاملين في الطاب ِ ُ َ ب ظهوِر أوائِل ال ةعبيِد والقنا ن والُ ةعمالِ .من أين ،وكيف تَّم تأمينُهم؟ ما ربما – يُ َ شّكلو ن الخطوة الولى على در ِ
ت أَتوا ،ومقابَل ماذا؟ هل ثمةَ نساٌء بينهم؟ ما دوُر النساِء وال ةعائلة ع في ذلك؟ ِمن أ ّ ي جماعا ٍ دوُر الرغاِم والقنا ِ ق استنارةً هامةً لدينا. بينهم؟ إّ ن الرّد على هذه السئلِة سيَُحقّ ُ ت ال ةعمل .من الممكِن الفتراض ب في الصدارِة في تشكيِل أولى مجموعا ِ ع الراه ِ ِمن المحتمِل أْ ن تَُكوَ ن قوةُ إقنا ِ ت ج بتغذيِة ال ةعاملين بنسبٍة أفضَل ِمن المكاِ ن التين منه من الُقو ِ بأنهم قاموا في ُمستََهّل ترتي ِ ب وتنظيِم النتا ِ ت القبائلية الناشبِة مع المتزايِد مع بدِء الري .فالمت ةعارضو ن وغير المتفاهمين مع قبائلهم حصيلةَ الشتباكا ِ وصِهم .المؤثُر الخر ،والذي ربما ل ةعَب دوراً أهّم زيادِة ت ةعداِد السكا ن والهجرات ،ربما َرَأوا الم ةعبَد ملذاً لخل ِ .ق الوسِط تقليَد بكثير ،هو قدسيةُ ال ةعمِل في تشييِد الم ةعبِد والمشاركِة في إنتاجياته .فلطالما نصاد ُ ف في الشر ِ سخرة الرغامّي في الم ةعبِد َيشَمُل فئًة ح كل عائلٍة وقبيلٍة أولَدها لخدمِة الم ةعبد ضمَن حدوٍد م ةعينة .فََ ةعَمُل ال ّ من ِ َ شبَهُ ِبالّديِر ف والِ ةعّزة .إنه أ ْ عامًة ،بل وُيمَنح َمرتَبََة الشرف .وال ةعاملو ن في الم ةعبد َيسَتقبُِلهم المجتمُع بالتشري ِ ف وثواب. ب ُمشاِبهةٌ للطرائقية أيضًا ،فال ةعمُل في ُملكيِة الشيخ شر ٌ المسيحي .كما له جوان ٌ َ ت النظاَر من حي ُ ض علماءِ ت الزقورا ُ َتلفُ ُ ف لل ةعمل الجماعي .ف ةعلى سبيل المثال ،ثمة ب ةع ُ ج شفا ٍ ث كوِنها أوَل نموذ ٍ ق ج للتطبي ِ ح جليا ً أنها أوُل نموذ ٍ الجتماع )ماكس فيبر( يُقَّيمونها كـ"الشتراكية الفرعونية" .فِمن الواض ِ َ ج الم ةعمِل الَجمِ ةعي. الشيوعي .وتجم ةعا ُ ت الِحَرِفيين الحراِر أيضا ً َتنَدِرُج في مجموعِة ال ةعمل هذه .إنها أشبَهُ بإنتا ِ ُ َ ض من النتاج ،فيَتُّم تخزينه .ساطٌع تماما ً أنه نظاٌم فاضل لمواجهِة القحِط والَجدب .فهذا النمط من أما الفائ ُ ُ .ق َت ةعَجُز عن الووصوِل إليه أيّة عائلٍة أو قبيلة .إنه تجمٌع وقوةٌ ت ُيضاِع ُ الجراءا ِ ف ِمن قوِة الرهبا ن بشكٍل خار ٍ شّكُل ت من جهِة كوِنها تُ َ تتفو ُ ج أفضَل من الزقورا ِ .ق على كافِة ال ةعوائل والقبائل .ول يمكننا ال ةعثوُر على نموذ ٍ شْيَم وَجِنيَن المجتمع والدولِة الجديَدين. ّر َ ً ّ ّ َ ت ع المرأة وال ةعائلِة في نظاِم الزقورات؟ كثيراً ما نتََ ةعق ُ ب في الُمَؤلفا ِ هـِ -من المهّم التساؤل :ما الذي َحّل بأوضا ِ ُ ب الزقورات .وتَتَبَّدى هذه الم ةعاَرضة بأشكاٍل السومرية آثاَر مناَهضِة وم ةعاَرضِة ديِن اللهِة – الم لديِن راه ِ ُ شّيدَ ن الم ةعابَد بِثِقَِل نفوِذِهن ،بحيث يكاُد يكو ن ِلكّل مدينٍة إلهتها النثى التي َتصونها مختلفة .فالراهبا ُ ت يُ َ ُ َ .ق اليوم يأتي وتحميها .وخيُر مثاٍل على ذلك مغامرا ُ ت إينانا ،إلهِة أوروك .فمدينة أوروك )لربما أّ ن اسَم ال ةعرا ِ ٌ َ ق البحث .كما أنها مشهورة بِكوِنها ِمن أوروك( ،التي ُت ةعتَبَُر أوَل دولٍة – مدينٍة سومريٍة في التاريخ ،مثاٌل يستح ّ مدينةُ أوِل َملٍك رجل ،أل وهو گلگامش .ومن المحتمِل أْ ن تكوَ ن أوروك مثالً لوِل مدينٍة – دولة .وَيذُكُر التاريُخ س ت ما بين .3800ق.م إلى . 3000ق.م ُت ةعتَبَُر عهَد أوروك .وكوُ ن اللهِة إينانا مؤ ّ سسُتها ،فهذا ي ةعك ُ أّ ن السنوا ِ مدى قَِدِمها ومدى دوِر المرأة – الم الرئيسّي فيها .ونزاُع أوروك تجاه أريدو )مدينِة الله أنكي ،وربما تكو ن ع المرأِة والرجل متجسداً في دولَة الرهبا ن الولى( نزاٌع ملحمّي َيبُرُز فيه المثاُل الملمو ُ س بقوٍة لصرا ِ ض لهزيمٍة نكراَء في ال ةعهِد شخصيَتي إينانا وأنكي .ولكّن أشكاَل اللهِة المرأة تتضاءُل مَع الزمن ،وكأنها تت ةعر ُ البابلي ،حيث تغدو المرأةُ عبدةً بقدِر ما تصبُح عاهراً رسمياً على الص ةعيَدين ال ةعام والخاص. ق في قسٍم من أقساِم الزقورات .بل إّ ن تأديةَ دوِر ع Nesneعش ٍ ِمن الم ةعلوِم أّ ن النساَء لَِ ةعبَن دوَرُهّن كموضو ِ ت ت المنتَقيا ُ وصفَوِة ال ةعوائل وأنبِلها .حيث ُتؤخُذ الفتيا ُ ع Nesneال ةعشق أمٌر مشّر ٌ ت َ ف لجِل فتيا ِ موضو ِ ب ت إلى الم ةعبد ،ليكوَ ن منُح المرأِة ذاَتها مذهلً في نظاِم الرهبا ن .وتَُمّر هؤلء الفتيا ُ والمتميزا ُ ت بجميِع ضرو ِ ض النشطة )الفن والموسيقى(. ت في نظاِم سرايا الزقورا ِ س الجماليا ِ ت إلى أْ ن تَتََمّرسها وَتحتَِرَفها في ب ةع ِ درو ِ ق المجاورِة لَِنيِل إعجابهم ،حيث يَُزاِوجو ن بينهم في حاِل كما ُي ةعَرضَن على َ وصفَوِة الرجاِل التيَن من المناط ِ التفاهِم والتفا.ق .وبهذه الشاكلِة ُيزيُد الم ةعبد ِمْن وارداتِِه وِمن تأثيرِه أض ةعافاً مضاعفة .فالحظُي بامرأٍة من سدَ ن قوةَ تأثيِر الم ةعبِد بين ب رجاِل ال ةعوائل النبيلة .فضلً عن أّ ن هؤلء النساَء يَُج ّ الم ةعبِد ل يَُكوُ ن إل ِمن نصي ِ َ سهن بمجتمِع الدولِة الجديد لنهن قد تَلَّقيَن تدريَب الم ةعبد .إنهن أشبَهُ ف القبائل الجديدة ،وَيرُبطَن أنف َ وصفو ِ ب ل تبَرُح الدوُل تَتّبُِ ةعهُ بشكٍل مؤثر ،وفي بال ةعملِء الكثِر إنتاجاً وعطاًء لمجتمِع دولِة الرهبا ن الجديد .وهو أسلو ٌ ت الدعارة" .وكلما زاد مقدمتها إسرائيل .وتحقي ُ ق جماعيِة المرأِة على هذا النحِو يَُ ةعّد نموذجا ً أّولِيّا ً لفّن "بي ِ ق والهياِم إلى أسوِأ انحطاطُ المرأة وتهاويها ،تحوَلت ِمن إلهِة الم ةعابد النبيلِة الفاضلة ،ومن أنثى ال ةعش ِ ف ،أو الذّل ت الدعارة" .والمجتمُع السومري وصاح ُ ب الشر ِ "عاملٍة" يائسٍة بائسٍة َتمنُح نفسها في "بي ِ ج في هذا المضمار. واللشرف ،بكونِِه أوَل نموذ ٍ ع دو ن القوِل بأّنه كا ن بالمكا ن أ ن يكوَ ن هذا النظاُم مثاليا ً لو تَّم الرقّي به إلى لكني لن أَُمّر على الموضو ِ ى أكثر تشريفًا ،دو ن أْ ن ُيستَغّل على هذه الشاكلة .فالتربيةُ والتنشئةُ السليمة للفتيات أمٌر عسير ،سواًء مستو ً ُ ص الماديةُ مساِعدةٌ ُ ُ في النظِم التي تَُروُدها المرأة – الم أو التي يَقوُدها الرجُل – الب .فل الم ةعلوما ُ ت ول الفَر ُ
ت الماديَة ،وكا ن بالمقدوِر التفكيُر في م ةعابِد النساِء كساحٍة لذلك .فال ةعنايةُ بالمرأة أمٌر يتطلب الحترا َ ف والمكانا ِ ي السلطوي َأسقَ َ سسةَ عبر القمِع والضطهاد والستغلل. ط هذه المؤ ّ مثاليٍة لذلك .إل أّ ن المجتمَع الذكور ّ سسةٌ َينظُُر إليها المجتمُع ب ةعيِن الِغبطِة س الكافيِة في هذا السيا.ق .ذلك أنه ثمةَ مؤ ّ والمثاُل السومر ّ ي يَُمّدنا بالدرو ِ ق لتقديِم فتياته إليها .وحسَب اعتقادي ،فهو ِبحالِِه هذهَ ،يمنحنا مثالً أولياً لم يتم الووصوُل والسرور ،ويتساب ُ ص شاس ةعٍة للتطور في هذه الم ةعابِد )التي يمكُن تشبيهها بم ةعاهِد الفتيات إليه ب ةعد .ذلك أّ ن الفتيا ِ ت َحظين ِبفر ٍ الراهنة( ،ولم يَُكْن ُمراُدُهّن الساسّي انتقاَء الزواج .بل كاَ ن َمراُمُهّن ريادةَ المجتمِع والدولة الجديَدين ،وُكّن ي مجتمٍع مثالي يَُ ةعّد ت ةعليُم الفتيات غ حياٍة اجتماعيٍة أكثَر نبلً وَهيامًا .ففي أ ّ يُقَّدْمَن مساَهما ٍ ت ل غنى عنها لبلو ِ ت في نظاِم المدارس ،أي ،في بق ةعٍة تستلزُم القدسية وال ةعظمة ،أمراً إلزاميًا .ونخص بالذكر أّ ن مستوى الشابا ِ ف للغاية ،ول يَتََ ةعدى في أهدافِِه .ق ال ةعوائل الواس ةعة ،متخل ٌ ت ةعليِم المرأة في مؤسسِة السرة النواة ،أو في نطا ِ ي تط ةعي َم ال ةعبوديِة المتفشيِة في عموم المجتمع )مجتمِع الرجل( .لذا ،بمقدوِر "الم ةعاهِد النسائيِة الحرة" أْ ن تؤد َ ع ال ةعائلة بُِكلّيّتِِه في قسِم سوسيولوجيا الحرية. دوَرها كم ةعابَد م ةعا ِ وصرة .سأس ةعى للتطر ِ .ق لهذا المر ،ولموضو ِ ُ ت قد طّوَر لتسخيرها في خدمِة المجتمع والدولِة واضٌح أيضا ً أّ ن ترتيَب وتنظيَم شؤوِ ن المرأة في الزقورا ِ ّ الجديَدين .وهذا ما يبين لنا بجلٍء أّ ن الرهباَ ن فَّكروا ب ةعظمٍة باهرة ،ونَظموا شؤوَ ن المجتمع والدولِة الجديَدين على نحٍو أقرَب إلى الكماِل بَِحق. ث ال ةعهد .وحسَب م ةعرفتي ت ساطٌع بجلٍء في "التجارِة" الناشئِة كنشاٍط اجتماعّي حدي ِ كما أّ ن دوَر الزقورا ِ ض س الوقت ،حتى ولو لم ُيذَكر ذلك في الوثائق الرسمية .ففائ ُ وتخميني أنها أَّدت دوَر مركٍز تجار ّ ي في نف ِ النتاج ،وإنتاُج الحرفيين للدوات قد يَُكّوُ ن موضوعاً للتجارة .وَيشَرح التاريُخ أّ ن المرحلةَ ما بين – 4000 ي . 3000ق.م هي عصُر تَطَّوِر التجارة لوِل مرة .وهو متزامٌن مع ال ةعصِر الذي بدأ فيه المجتمُع السومر ّ ضِع بالنتقاِل من نظاِم الهدايا وال ةعطايا )بين ال ةعوائل والجماعات( إلى نظاِم المقايضة ،وانتشَرت ظاهرةُ التّبَ ّ ض المقايضة( .بالتاليِ ،مَن المحتمِل أْ ن يَُكوَ ن "مجتمُع التجار الوائل" ،ويمكن إدراُك َكونِِه كذلك ج بغر ِ )النتا ِ ُ ِمن خلِل أمثلتِِه البارزِة في التاريخ )ُيصاَدف مثالهُ في الَحفِرّيات(. َ كما َنشَهُد نظاَم أوروك الستيطاني ،الذي َيبدو أنه بََدأَ في المرحلِة ما بين . 3000 – 3500ق.م .ولربما كانت ف سلسلِة جباِل طوروس – زاغروس أوَل حملِة استيطاٍ ن باسِم الدولِة ت أوروك القائمةُ على حوا ّ مستوطنا ُ ت القبائِل المختلفة ل ُت ةعتَبَُر طبي ةعياً في التاريخ .أما مستوطنا ُ ب أّ ن مستوطنا ِ ت فأكثَر قَِدمًا .هذا إلى جان ِ ت السلل ِ استيطانًا .إذ ،ثمةَ حاجةٌ لوجوِد مدينٍة "متروبوليٍة" لقياِم المستو َ طنة .وعلى الغلب ،فمدينةُ أوروك َتمتَلُِك شهرِة مستو َ طَنتا أور ). 2000 – 3000ق.م( ت تَُخّوُلها لِتَُكوَ ن "متروبوًل" شهيراً للغاية .وتَِليها في ال ّ مستوطنا ٍ وآشور . Asur (2000 – 1750ق.م( .وحسب رأيي الشخصي ،فإّ ن ُكلً ِمن مدينَتي هارابا وموهانجادارو في منطقِة بنجاب في ال ةعصوِر القديمة )في أعوام . 2500ق.م( ،والحضارة المدينيِة المصريِة ذاِتها ). 4000ق.م – ق وتنحدُر ت ناب ةعاً من الحضارة المدينيِة السومريِة بالم ةعنى ال ةعام .فهي جميُ ةعها تنطل ُ 0م( ُت ةعتَبَُر نظاَم مستوطنا ٍ من الحضارِة الوصِل فيما بين دجلة والفرات ،ولو أنها تَ َ ت مباشرٍة مع طّوَرت ِبشكٍل مستقّل ،ولم تَُكْن على علقا ٍ مدِ ن سومر. ق أّ ن التجارةَ ل ةعَبت دوراً مؤثراً في نظاِم الرهبا ن .ذلك أنهم كانوا مضطّرين لتلبيِة نسبٍة ملحوظٍة من من الُمَحقّ ِ ض منها عبَر التجارِة )ثمةَ ال ةعديُد من المواِد الناقصة للمدائِن الحتياجا ِ ت النتاجية الناقصة ،وتصديِر الفائ ِ الموجودِة في الوادي السفلّي من ميزوبوتاميا ،بالتالي ،فالتجارةُ أو الستيلُء ضرورةٌ اضطرارية .وربما تم ض أُِقيَمت ال ةعديُد ت المكتن ُ ب تََر ّ سَخ نظاُم المستوطنا ِ القيام بِِكَليِهما( .ولهذا السب ِ ف للوساِط كالشبكة .ولهذا الغر ِ ص فإّ ن تجارَة ف نهَري دجلة والفرات .ولطالما نصاد ُ ف آثاَرها بكثرٍة هناك ،وبالخ ّ ضفا ِ ت على ِ من المستوطنا ِ ج كانت منتشرة. الخش ِ ب ،الم ةعادِ ن ،والنسي ِ سَ ةعينا لسرِد ذلك ف الزقورات ،مثلما َ ج أولّي مصّغٍر من مجتمِع الدولِة الجديد في أطرا ِ من المؤكِد قيام نموذ ٍ ض الواقع لمجتمِع س وُمَج ّ ج ملمو ٍ سٍد على أر ِ بالخطوِط ال ةعريضة .يَلُْوُح أنه من المؤكِد أيضا ً أّ ن أوَل نموذ ٍ ت السومريين .في حين أّ ن .ق نظاِمنا المدينّي بِِرّمتِِهَ ،يرِجُع في أوصولِِه إلى زقورا ِ المدينة ،والذي أَثَّر في سيا ِ كافةَ المثلِة الخرى من مصر إلى الصين َتقَتفي الدرَب نفسه .وبالف ةعل ،فولدةُ مجتمِع المدنية الدولتية قد تَّمت ضوِجِه بأشكاٍل مغايرة. س يشيُر إلى تََخّمِرِه أو نُ ُ في أحشاِء "رحِم م ةعابِد الرهبا ن" .وما ِمْن مثاٍل آخَر ملمو ٍ َ إذ ن ،والحاُل هذه ،واعتماداً على تفسيِرنا وشرِحنا لمثاِل الزقورات ،يمكننا القوُل أننا َولجنا عصَر اللهِة الُمقَّن ةعة والملوِك المتسترين الوَل مع نشوِء مجتمِع سومر .فبينما يَُكوُ ن الرهباُ ن السومريو ن اللهةَ المقَّن ةعةَ
ب ،وبأّيما عظمٍة في ب سياسية( على التتالي؛ وبأّيما وصخ ٍ الولىَ ،ي ةعقُبُُهم أيضا ً ظهوُر الملوِك المتسترين )بثيا ٍ المسير! و -نلحظ ظهوَر دولِة السللة ُعقَب مجتمِع دولِة الرهبا ن .ولكي تَُكوَ ن ُمتَرَعةً بالم ةعاني في تَ َ طّوِرها الجتماعّي ت على غراِر المجتمع الدولتي ،فإنها ُتولي الهميةَ لنمِط الرهبا ن .فهي بحاجٍة ماسٍة في بداياتها للشخصيا ِ ت نفسه. ب شؤونها .ذلك أنه ثمةَ تشييٌد اجتماعّي بحاجٍة لثبا ِ ب الشرعية وترتي ِ ال ةعاقلِة الحكيمِة في سبيِل اكتسا ِ ف س من ال ةعسيِر القوُل أنه َيص ةعب تحقيق ذلك بالقوِة السياسيِة وال ةعسكرية فحسب .فلكي تستطيَع تطبي َ ولي َ ق ال ةعن ِ ج الزائِد والقياِم بالتجارة ،بل وبالٍغ إياهما. هي بحاجٍة ماسٍة أّولً لنظاٍم مجتم ةعّي وإدار ّ ي منفت ٍ ح لتأميِن النتا ِ سه في هذا السيا.ق .فربما يَُكوُ ن للمِر م ةعناه في حاِل استطاَعت فالمجتمُع الجديُد يجب أْ ن يَُكوَ ن قد حقق تََمأ ُ س َ س بهذه الشاكلة .وفي حاِل ال ةعكس ،فل يمكنها تأديةُ القوةُ السياسيةُ وال ةعسكرية الستيلَء على مجتمٍع متمأس ٍ دوٍر أب ةعَد من تطويِر الفوضى. ت متباينٍة كا ن ل ت إلى هويا ٍ ت أيضا ً قديٌم ومتيٌن في ميزوبوتاميا .فمَع تمايِز الثنيا ِ ل ريَب في أّ ن تاريَخ السلل ِ ت الخبيرِة بشؤوِ ن الّلوِذ عن ت ضمن نظاِم ال ةعشيرة والقبيلة ،بحيث َتلتَ ّ ف حوَل الشخصيا ِ مفّر ِمن تَطَّوِر السلل ِ ق الم ةعطاءِة الَخّيرِة ،وَحّل مشاكِلها الداخلية .وِمن المحتمِل ُبروُز عائلٍة ال ةعشيرِة و َ وصوِنها ،وَموقََ ةعِتها في المناط ِ أو قبيلٍة ما للماِم أكثر ،بحي ُ شّكُل إدارةَ ال ةعشيرِة أو تستولي عليها .ول شّك في أّ ن رضى أعضاِء ال ةعشيرِة ث تُ َ ي دخيل )ربما عنها وقبولَُهم إياها أمٌر ُمحّدد .كما أّ ن أواوصَر القرابِة فيما بينهم ل تزال سائدًة ،ول َتسَمُح ل ّ ص بالذكِر أّ ن ب وانصَهَر فيها( .ونخ ّ يصبح الدخيُل عضواً في ال ةعشيرِة في حاِل انضماِمِه إليها بشكٍل مناس ٍ .ق التطوِر الجتماعي ب ةعَد هشاشِة السللةَ في ُمستََهّل تَ َ شّكِلها تَُ ةعّد انطلقةً هوياتيةً هي المتُن والمنُع ضمَن سيا ِ صَل في أعواِم . 5000ق.م بالغلب .أما منبُ ةعها ،فليس هويِة الكل ن .وُيجِمُع المؤرخو ن على أّ ن هذا التطوَر َح َ ت اللغويِة والثقافيِة الرية المجتمَع السومري ،بل أكبُر الظّن أنه التطوُر ال ةعشائر ّ ف المجموعا ِ ي في وصفو ِ الولى .ويمكن القوُل أّ ن تطوراً مشابها ً برَز بين الساميين فيما بين . 6000 – 9000ق.م ،وربما أنه القدم. ونشاهُد أّ ن حكَم السللت قد اكتسَب قوةً مني ةعًة في ميزوبوتاميا السفلى حتى أعواَم . 5000ق.م .فال ةعهُد المسمى بـ"الُ ةعَبيدي " فيما َقبِل عهِد أوروك )المتمركُز في أريدو فيما بين . 4000 – 5000ق.م( يتميز بَِمنََ ةعتِِه من حي ُ ث ت أنهم توجهوا نحو بناِء ت الدولة ،بل ثمة تطورا ٌ ت ُتثبِ ُ خ السللت ،إل أننا ل نلحظُ انتقاَلهم إلى تشكيل ِ رسو ِ ح الرية الثقافيِة فيما بين ع َأشبَهُ بالمستوطنات .كما نصاد ُ نو ٍ ف استقراَر ال ةعوائِل السامّية النخبويِة بين الشرائ ِ ض الرافديِن الُ ةعلِوي ،والذي نسميه أعوام . 4000 – 5000ق.م .ويلَحظُ بروُز أوِل استيطاٍ ن سامّي في حو ِ ب شرقي البلد. اليوم بجنو ِ من المهم بمكاٍ ن استي ةعاب خاوصيٍة هامٍة للسللتية ِمن جهِة أننا م ةعنيو ن بها راهناً عن كثب ،أل وهي أّ ن رغبَة سسِة ال ةعائلة في امتلِكها ل ةعدٍد َجّم من الطفال الذكوِر ُت ةعتَبَُر اللّبَنَةَ الساسيةَ ليديولوجية السللة .أي ال ةعائلة ومؤ ّ أّ ن تََ ةعّدَد الزوجات ،والرغبةَ في الولِد الذكوِر على الدوام هو الَمراُم الولّي ليديولوجيا السللة .والدافُع ب إلى الريادِة بالرتكاِز إلى قوِة "الم ةعنى"، المفهوُم وراَء ذلك َيكُمُن في القوِة السياسية .فبينما انتقَل الراه ُ .ق في السللِة للمراهنة على الريادة بالرتكاِز إلى القوِة "السياسية" .ولدى عدِم ي الحاذ ُ ص القو ّ فسيلجأ الشخ ُ سَريا ن .في حين أّ ن قوةً م ةعنويةً منّبهةً ومنذرةً من قَِبيِل ح القوِة السياسيِة يبدأُ ال ةعن ُ ف بال ّ المتثاِل لمصطل ِ ب لدى عدِم المتثاِل لها .أما المنبُع ال ةعيُن للقوِة السياسية فهو ب الرب" هي المؤثرةُ في قدرِة الراه ِ "غض ِ ص في مرحلِة وصَر الرجُل في مرحلِة الصيِد السابقة ،وبالخ ّ "الحاشيةُ ال ةعسكريةُ للرجِل القوي" ،تماما ً مثلما ُحو ِ سيادِة نفوِذ المرأِة – الّم. وباقتضاب ،علينا استي ةعاب حقيقِة ال ةعائلِة ونظاِم المرأة – الم كي نستطيَع فهَم هذه الظاهرِة )هذا الوعي(: ب المرأِة -الم الولَد ل فالزوُج في عهِد المرأة – الم ،إما أنه على الهامش ،أو أنه غيُر م ةعروف .فلدى إنجا ِ ي لم َيبُرزا ب ةعد. ق مع الرجِل الذي تحبه" .فال ةعش ُ ق والمجتمُع الجنسو ّ تَُكوُ ن في وضِع "المرأِة المماِرسِة لل ةعش ِ ي رجٍل بروابِط الزوجية ،ول الرجُل في وض ةعيٍة تَُخّولُهُ لَِبسِط نفوِذِه على المرأِة أو القوِل فل المرأةُ مرتبطةٌ بأ ّ "إنها زوجتي" .والصيُد بَِحّد ذاته التهاٌء وليس ب ةعمٍل قَيٍّم عندما يَ ُ طوُل زمنُهُ فل يكو ن مثمرًا .فضلً عن أنه ل تزاُل رغبتُهُ ضامرةً بأْ ن يَُكوَ ن له أطفاٌل ضمَن المجتمع .فالطفاُل عائدو ن للمرأِة – الم .وبطبي ةعِة الحال ،فالمرأةُ – الّم أيضا ً ل تبح ُ س بقدِر حاجتها ع الجنسي لجِل اللذة ،ول َتنَجّر وراءَ َ شَهواِتها .بل تماِر ُ س الجن َ ث عن الجما ِ ب الولّي وراَء انتماِء الطفاِل إلى المرأِة -الم كأ ّ ف التوالِد والتناسل .والسب ُ ي كائٍن حي ،وعادةً ما تَُكوُ ن بَِهَد ِ ُ َ ق بالطبع .بالتالي ،فالحديث عن هو كدُحها في تنشئتِِهم وتربيتِِهم .فإنجاُبها إياهم ،وتغذيُتها لهم َيمنُحها هذا الح ّ
سُم فيه م ةعرفةُ هويتِِه وَمن يَُكوُ ن أيةَ م ةعاٍ ن اجتماعية .ما يَُهّم ح ّ ق الُبُّوِة ي ةعد هذياناً وخرفا ً في ال ةعهِد الذي ل تَتّ ِ .ق المرأِة -الم تلك الغائرِة هنا هو أَُخ المرأِة – الم ،لنه يترعرُع م ةعهم .وتتأتى روصانةُ الخاِل والخالِة ِمن حقو ِ في القدم .إذ ن ،والحاُل هذه ،ف ةعائلةُ المرأِة -الم تَتََكّوُ ن ِمن الخاِل والخالِة )وأولِدِهما إْ ن ُوِجدوا( وأولِد المرأة. ف القائُل بال ةعائلِة الموميِة يَُ ةعبُّر عن هذا المر .هكذا ُيمِكُننا شرح المرأِة -الم والت ةعبيِر الجتماعّي ل ةعبادِة والت ةعري ُ س لل ةعهِد النيوليتي .فالرجُل هامشّي فيما عدا الخوال ،ولم اللهِة الم المنبثقِة منها ،والتي تُ َ شّكُل َحَجَر السا ِ ت البوِة والزوجية. تنشأ ب ةعْد اوصطلحا ُ ب هذا النظاِم القائِم رأسا ً على َعِقب ِمن حيث اليديولوجيا والتنفيذ .وفي هذا ستتطوُر السللتيةُ حصيلةَ َقل ِ سّن" مع النظاِم المسمى بالبو ّ ف كّل ِمن تجربِة وخبرِة "الرجِل الُم ِ ي ستتجذُر الدارةُ البطرياركيةُ البويةُ بتحال ِ ب الشاماِ ن الذي هو نوٌع من قيادِة القدسيِة السابقة ل ةعهِد الرهبا ن. الحاشيِة ال ةعسكرية لـ"الرجِل القوي" إلى جان ِ خ ب الحياِة المتراكمة .وُيمِكُن تَ َ سّن )الشيخ( تَُ ةعبُّر عن تجار ِ خبرةُ الرجِل الُم ِ صّور مجل ِ خ .فإدارةُ الشيو ِ س الشيو ِ ُ ب بالجيرونتوقراطيا ،قد بََرَزت َكتَطّوٍر مبكٍر في بنيِة ال ةعشائر .والرجُل ال ةعجوُز هو المسنين المسماةُ في الدا ِ ُ ف والِحَكم .والجماعة بحاجٍة إليه .وهو بالمقابل يس ةعى ص الحكيُم الذي ُيشاَوُر في المِر وُتنَهل منه الم ةعار ُ الشخ ُ سّن عبَر تجاربِِه تلك .وهكذا ُيقاُم توازٌ ن كهذا مع الجماعة. ب الَ ةعَجِز والِكبَِر في ال ّ ب على مصاع ِ للتغل ِ ف الصيِد .فقوتُهُ أما الرجُل القوي ،فيَُ ةعبُّر عن الس ةعي للنفاِذ من حصاِر المرأِة – الم بالقوِة المكت َ سبِة من احترا ِ ب الياف ةعين الساعين البدنيةُ وتقنيا ُ ت الصيِد ُتضاِع ُ ف ِمن حظِه في الصيِد الناجح .والتحاُد الذي أَ ّ س َ سهُ مع الشبا ِ ص نجاِحِهم أكثر .وربما أّ ن أوَل حاشيٍة عسكريٍة في التاريخ برَزت للستفادِة من خاوصيتِه هذه ،قد زاَد من فَُر ِ ف الذي ق الرجُل تفوقاً بارزاً إزاَء المرأِة لوِل مرٍة في التاريخ .أما التحال ُ للوسِط على هذه الشاكلة .وهكذا َحقّ َ سّنيها ،فسيَُ ةعّزُز من النظاِم البوي تجاه النظاِم المومي. أبَرَمته القبيلةُ مع ُم ِ ب الم ةعجزات في المجتمع .يتحمُل ف هي الشامانيو ن ،موّزعو الشفاِء ،وأوصحا ُ والحلقةُ الخيرةُ من هذا التحال ِ س الشاماُ ن وظائ َ ف في المجتمع .وتتمأس ُ ب والساحِر المشتَركة .وهو م ةعلٌّم ،وربما أوُل محتر ٍ ف وأدواَر الراه ِ ً ض الش ةعوذة .وعادة ما يَُكوُ ن الشاماُ ن رجلً ً ِمَهنِيّةُ الشاماِ ن في الجماعات تدريجيا ،وإْ ن كانت مختلطة بب ةع ِ ف ق ضربةً قاضيةً بالنظاِم المومي ،ولطالما نصاد ُ ف هذه القوى في إنشاِء السللتيةُ ،تلِح ُ بالغلب .ومع تحال ِ ت المحتدمِة فيما بينهما .يغدو الرجُل وصاحَب وأََب الطفاِل في ِظّل هذا صداما ال ر آثا ة السومري ت ِ َ ّ ِ في الُمَؤّلفا ِ ص الولَد الذكوَر لجِل القوة( ،وُيحِكُم قبضتَهُ على الُمّدخرات ب في الكثاِر من أولده )وبالخ ّ النظام ،بل وَيرَغ ُ ب الُملكيِة ال ةعامة لدولة الرهبا ن، التي أنجَزتها المرأةُ – الم اعتماداً عليهم .هكذا يتطّور نظاُم الُملكية .فإلى جان ِ ق البوِة ت والسِر الحاكمة .وأبوةُ الطفال ضرورةٌ على هذا الص ةعيد .أي أّ ن ح ّ تبرُز الُملكية الخاوصةُ للسلل ِ شرطٌ أولّي لنتقاِل الرث إلى أولده )للرجل بالغلب(. ت إّ ن بروَز السللتيِة والبطرياركية والبوِة برهاٌ ن ومؤشٌر في آٍ ن م ةعاً على الّدنُّو من المجتمع الطبقي .فالسلل ُ تستفيد من قواها ال ةعسكرية لضراِم ناِر "الثورِة السياسية" في خضّم منازعاتها مع دولِة الرهبا ن .وتَُدّوُ ن ت السياسية في هذا المضمار .وبالف ةعل ،فقد َغلََب نظاُم النصو ُ ت والنقلبا ِ ص السومريةُ ال ةعديَد من الصداما ِ السللِة على "دوِل أور" المنشأِة ب ةعَد دولِة المدينة أوروك .وتؤكُد سللةُ أور الولى والثانيةُ والثالثةُ على ت الرهبا ن اللهوتية، بروِز هذا التطور .وإدارةُ السللِة َأشبَهُ بنظاٍم سياسّي أكثر علمانية بالمقارنِة مع إدارا ِ ت جديدة ،وُتنِزُل مرتبةَ الرهبا ن ليغدوا نُّواَب القيادِة السياسية .ورغم أنهم ل يفتئو ن يؤدو ن شُ ئ إلهيا ٍ حيث ُتن ِ سرو ن قواهم طرديًا ،وسيؤولو ن إلى دعائيين مقّدسين للنظاِم الجديد ووسائ َ ط ساذجٍة أدواراً هامة ،إل أنهم سَيخ َ لتأميِن شرعيته .أي أّ ن اللهةَ الُمقنَّ ةعةَ موّلدةَ الدولِة سُت ةعتَبر ضمن حاشيِة الَملِِك المتستر وفي المرتبِة الثانية ف ت عن إعلِ ن ذاِتهم كـ"ملوٍك – آلهة" بهد ِ والثالثة .وسوف لن يتردَد الملوك المنحدرو ن من السلل ِ سسين للدولة .ويتجذُر التمايُز الطبقّي مع مرور ع الشرعية الذي تَُؤّمُنه لهم طبقةُ الرهباِ ن المؤ ّ الستفادة من در ِ ُ كل يوم ،ويتزايد ت ةعداُد المدائن ،وُيثبِ ُ ت نمط المجتمع الذي أسَميناه "المجتمع المديني السومري" ديموَمتَهُ ُ ت الشر.ق الوسط تقاليَدها الغائرةَ في القَِدم إلى يومنا وتمأ ُ س َ سه عن جدارة .وهكذا حمَلت السللتية في مجتم ةعا ِ ٌ َ الراهن .لذا ،ف ةعدُم تَطّوِر أنماِط النظِم الجمهورية والديمقراطية في الشر.ق الوسط مرتبط عن كثب بالتدوِل النابع من نظاَمي الرهبا ن والسللت. َ ج النيوليتي بأقّل تقدير. لقد َحّدَد نموذُج المجتمِع المديني السومري مساَر تَطّوِر المدنية في ال ةعالم بقدِر النموذ ِ ٌ ف عن "الثقافة" .فالمدنيةُ م ةعنية بثقافِة الطبقة و"المدنيُة" كمصطلح مت ةعلقةٌ بتمايٍز طبقّي مغايٍر ومختل ٍ س كّل ِمن المدنيِة والتجارِة واللهيات وال ةعلم ،تَطَّوُر البنيِة السياسية وال ةعسكرية ،بروُز س ُ ودولِتها .يَُ ةعّد تمأ ُ
ت طافحةً وسائدةً في المجتمع .ق مكاَ ن الخل.ق ،وظهوُر الجنسويِة الجتماعية للرجل؛ تَُ ةعّد كلها مؤشرا ٍ الحقو ِ ق ع هذه المزايا بثقافِة المجتمع المديني .ويتطاب ُ المديني الجديد .وبم ةعنى من الم ةعاني ،يمكننا تسمية مجمو ِ الوصطلحا ن في هذه الحالة ،وُيست ةعَمل ن بنفس الم ةعنى .وهكذا تبدأُ مرحلةٌ ثانيةٌ من التوسِع والنتشار مشابهةٌ .ق في هذه لنتشاِر ثقافِة المجتمِع النيوليتي المنبثقِة من الهلل الخصيب إلى جميِع أرجاِء ال ةعالم .ولكن ،مع فار ٍ ت المرة ،حيث سُيضاِع ُ ت الناضجا ِ ف من ذاته ويتكاثُر بَِ ةعقِد ِقرا ن أولِدِه الجدِد )ذكوٌر ،ل إناثًا( مع الفتيا ِ الراشدات من كافِة أنحاِء الم ةعمورة ،ب ةعَد أْ ن يكوَ ن قد أنجَبهم وأنشَأهم في أراضي الهلل الخصيب" ،مهِد س الحضارات" .التشبيهُ في محّله ،حيث يمكننا الفترا ُ س َ ض بأّ ن انتشاَر الثقافة النيوليتية وتوسَ ةعها قد تمأ َ وصلَنها من ال ةعالم .في حين أّ ن المجتمَع ت اللهِة -الم في كل بق ةعٍة و َ ت فتيا ِ ت وكفاءا ِ ج قدرا ِ بالغلب مع نضو ِ س الولِد الذكور في أماكِن انتشاره .وهكذا ،فإّ ن جيَل المدينّي الم ةعبَّر عن الثقافِة الرجولية السلطويِة ي ةعني تمأ ُ س َ ً ً ب الذكوَر أساساً )سينصهر الرجِل المديني ،الذي سيج ةعل من الفتاِة الصبية زوجةً تاب ةعة وخان ةعة له ،سُينِج ُ المجتمُع ذو الغالبيِة النسائية في بوتقِة المجتمع ذي الهيمنِة الرجولية( ،لتتكاثَر وتتوطَد رجولةُ حضارِتنا المدينية لتصَل يوَمنا الم ةعاوصَر مني ةعةً روصينة. -2التفسير السليم للمجتمع المديني: .ق أكثَر تفصيلً في زيادِة قدرتنا على الفهم ح المجتمع السومري بنطا ٍ سيساهم ت ةعميُم مساعينا بصدِد شر ِ ُ والستنارة .وما علينا عمُله هو تحليُل المدنية ،وإسقاط أقن ةعتها المتكاثرِة بإفراٍط في ذهنيتها ومؤسساتها، ف عن أحواِل المجتمع بشكٍل ح الحقيقية المخفية تحتها ،والكش ُ وإظهاُر الوجوه المستترة وراءها ،والمصال ِ س وشفاف. ملمو ٍ َ َ َ َ ضراً باسِم فمجتمُ ةعنا التاريخي يتذرع بأّ ن الحضارة القديمة قد شاخت وهرَمت ،س ةعياً منه لبراز ذاته ياف ةعا ً ن ِ ت المقاِرب "ال ةعصر الجديد ،ال ةعصِر القريب" .ثمة غرابةٌ في المر .فالشبابيةُ تَُ ةعبُّر عن ولدِة ظاهرٍة والتوقي ِ لولدتها .فإذا ما كا ن المجتمُع السومري يمثل لحظةَ ولدِة حضارتنا المدينية – مثلما برهّنا – فيجب تحديد مرحلِة الشبابية بموجب ذلك .وفي هذه الحالة ،سندرك أننا نَُمثُّل المجتمَع المديني الكثَر هرماً وشيخوخة ،وأّ ن ب يافع، ت الحداثِة والشبابية ليست سوى خداٌع ورياء .إّ ن قراءَة الزما ن بال ةعكس ،وإبراَز ال ةعجوِز وكأنه شا ٌ وصفا ِ هو استمراٌر ل ةعمليِة التّقَّنِع الم ةعموِل بها بشأِ ن المجتمع المديني. ب طرحه هو :لَِم يرى المجتمُع المديني ،الذي يمكننا ن ةعته بحضارِة المدينة ،الحاجَة السؤاُل الساسي الواج ُ للتَقَّنع الكثيف؟ لقد استمّرت مهارةُ الرهبا ن السومريين في التقنيع المذهِل بل انقطاع .وإل ،لماذا تََحوَلت اللوهيةُ المتميزة ح أولّي في النحطاط وان ةعداِم الم ةعنى بالكثر؟ بمضاميَن أوصيلٍة وثمينٍة في بداياتها إلى اوصطل ٍ ح المجتمع المديني وضده ،ولكّن أكثرها وص ةعوبةً في الت ةعبير وأَقَّلها َ ظفراً لقد ُذِكَرت ال ةعديُد من الراِء لصال ِ ب عليها .وهذا ما يدل بالنجاح هو النتقاُد الجذر ّ ي الراديكالي للحضارة ،والممارسةُ ال ةعملية في تجاوزها والتغل ِ ت البشرية في الحرية على فشِل الشروح الحاوصلة بصددها .كما ُيجِمع الم ةعنيو ن بالمر على تََ ةعّرض طموحا ِ ح مريٍع لدرجِة القوِل مراراً بالووصول منذ زمٍن ب ةعيٍد لوضٍع مسدوٍد يستحيُل الستمراُر فيهَ .يحكُم هيغل لقمٍع وكب ٍ خ المدنية بأنه مراسيُم "المذابح الدموية" ،إذ لم تَُمر سنةٌ بل حرب ،وتن ةعكس حياةُ القمع والضطهاد على تاري ِ وكأنها قانوٌ ن من قوانين الطبي ةعة ،ويُبَّجل الستغلُل والنهب ليغُدَوا قاعدةً راسخةً في الحياة .أما الصد.ق والشفافية واللتزاُم بالخل.ق ،فيندرُج في قائمِة الغباء والحماقة. ح المجتمع المديني بمضاميَن تمنُح فروصَة النتقاد المتطلع لتجاوزه أوّد الووصوَل إلى نتيجٍة مفادها ضرورة شر ِ ُ وتخطيه .فقد بََرَز لل ةعيا ن في مساعي وجهوِد ال ةعديِد من المدارس ،تَتَقَّدُمها المدرسة الماركسية ،أّ ن الكتفاَء بانتقاِد الحداثة الرأسمالية لوحدها ل يكفي للقدرة على تََخ ّ طي المجتمع المديني .وُي ةعزى ذلك أساسا ً إلى عدِم تحليِل المجتمع المديني كسلسلٍة مترابطٍة متماسكة .ولهذا السبب نرى أكثَر الم ةعاِرضين قساوةً من بين الراء ال ةعالمية الوروبية المركز وكأنهم هزيلو التأثير ،وليسوا ذوي شأ ن .ما نحن بحاجٍة ماسٍة إليه هو السرُد ت بتاريخها ومجتم ةعاتها، ت ومدنيا ٍ الواضح والمفهوم ل ةعقِد لواوصر بين المدنية الوروبية وسابقاتها من حضارا ٍ ت هذه المدنية، تماما ً ِمثَل أهميِة الربِط بين الثقافة النيوليتية والمدنيِة الوروبية .وَكوِني خاضٌع لقسى ضغوطا ِ ق طبي ةعي وكمهمٍة على عاتقي ،ولو كا ن بشكٍل هاٍو وغير احترافي. ض علّي القياَم بالتفسير كح ّ إنما َيفُر ُ ٌ ُ آ -تفسيُر المدنية قبل كل شيٍء قضية من قضايا السوسيولوجيا البنيوية .فإذا كا ن الشرط الولي لَِكينونِة ال ةعلِم ت المدرسِة الوض ةعية ،وبلوُغ "علم الم ةعاني" المتخطي للتفريق والتمييز بين غ في مستنق ةعا ِ هو عدم التَّمّر ِ
"الذات والموضوع "Nesne؛ فإّ ن الحاجةَ الماسة لذلك َتبرُز في ميداِ ن السوسيولوجيا البنيوية .فالَمَهمةُ ض المجتمع ومداواُته )تماماً مثلما يقوم الطبيب بالتشخيص الوحيدة للسوسيولوجيا ال ةعامة هي تشخي ُ ص أمرا ِ والم ةعالجة( .وقد يكو ن للم ةعرفِة دافٌع ومحفٌز واحٌد ل غير ،وهو إضفاُء الم ةعاني على الحياة التي نتشبث بها أشد ص فهِم القضايا البنيوية ،وإمكاَ ن إعادِة بنائها مجدداً في حاِل وجوِد خلٍل أو تَ َ شّبث .وهذا بدوره ما سيمنحنا فَُر َ ب فيها. عط ٍ ت عويصٍة جداً بشأنها .ووجوُد هذه ُي ةعتَبَُر المجتمُع المديني أكداساً من البنيويات التي يلقي علُم الم ةعنى وص ةعوبا ٍ ف علِم الم ةعنى بذاته ،وإخراِجِه من كونِه علَم م ةعنى .إنه كائٌن غريب، س بَِحّد ذاته على علقٍة وثيقٍة بتحري ِ الكدا ِ ف بـ"الكذب" ب كّل أسلحته وقاب ٌ بل هو لوياثاٌ ن ُمتَنَّك ٌ ض عليها بِيََديِه ،لُِيرِغَم ضحيتَهُ – إْ ن ُوِجَدت – على العترا ِ ي ضر ،وإل ،فسيقوُم بـ"البادة" بشتى الساليب .إّ ن تشبيهَ هذا الكائِن ،أي المدنية ،بأ ّ ككلمٍة أخيرٍة وهي َتحتَ ِ ف للغاية ،خاوصة إذا كنا نتميز بهويِة رجِل ال ةعلم ،فإّ ن ف في محله ،ولكْن متخل ٌ ب الوحوش َموقِ ٌ ب من ضرو ِ ضر ٍ ص المقتدَر للوحش ل ف لن يذهَب بنا أب ةعَد من خياِل الطفولة )الخيالت الوحشية( .كما أّ ن التشخي َ ِمثَل هذا الموق ِ َ ت ال ةعلج ذهَبت سدى .أما الدماُء يكفي ،بل يتطل ُ ب المداواةَ كمهمٍة عاجلة .واضٌح لل ةعيا ن أّ ن كافة محاول ِ ُ ُ ضِة للبادات الجماعية المروعة، المتدفقةُ والمراقة كالسيوِل الجارفة ،وأنماط الحياة المؤلمِة والمريرة والم ةعّر َ ع المراض ،ودماُر البيئة والمجاعةُ والبطالُة التي هي أنكى من السوِء ذاته ،واستشراُء مختل ِ ف أنوا ِ اليكولوجية )بيئِة الحياة التي ل غنى عنها لل ةعيش(؛ كّل هذه الظواهِر البارزة في المرحلِة الخيرة ،والتي ف َيزَعمو ن ب ضمَن جملٍة تشيُر للوضِع الخير القائم .لذا ،وباعتباِر أّ ن الل َ يمكنني حشرها في تقريٍر مقتَ َ ض ٍ أنهم م ةعنيو ن ب ةعلِم الجتماع كميداٍ ن لسوسيولوجيا الحرية والبنيوية ،ف ةعليهم إثبات جدارتهم في التشخيص ص من أكواِم الوساخ التي َيحَيوَنها .وفي حاِل ال ةعكس ،فمثلما قال أدورنو والم ةعالجة ،ما داموا يتطل ةعو ن للخل ِ ُ ت البادة "لن تبقى لجميِع اللهة السماوية – لرجاِل ال ةعلم الناطقين باسمها – أية كلمٍة ُتقاُل ب ةعَد تشييِد م ةعسكرا ِ الجماعية". ُ ُ ض صُر المدنية في كونها مراسيُم "المذابح الدموية" )حسَب هيغل( فحسب ،بل هي أنكى ،حيث تَ ةعّر ُ ل َتنَح ِ ت الِ ةعرقية المتواوصلة – رغم كونها الدافُع الوحيُد لحياِة النسا ن – فل يتبقى منها سوى م ةعانَي الحرية للبادا ِ ُ ُ ً ُحثالةُ الحياِة و ُ غ م ةعاني الحياة الحرِة من إفرا من ة المتبقي البقايا هي ة فالمدني ة، شفافي ر أكث ص وبتشخي خثارتها. ٍ َ ِ فحواها. عندما ننظر إلى نمِط حياِة أبسِط الكائنات الحية ،فما نراه ليس إل الم ةعنى الذي ُيضِفيِه على الحياة .إنه نمطٌ من الم ةعاني التي تَُمّدها بقدرِة التكاثر إلى ملييِن النواع ،وتََوّغِل الجذور حتى في أعتى الصخور ،ومواوصلِة ت الوجود حتى في ثنايا القطب المتجمِد عندما تتطل ُ ب الحاجة ،والطيراِ ن إْ ن لَِزَم المر ،والقدرِة على تطويِر تقنيا ٍ ي الم ةعاني – أو عدميِة ل متناهيٍة ل تطالها اكتشافا ُ ت النسا ن ول َتخطَُر بباِل بشر .أما المجتمُع المديني ،فأ ّ ب والرياء غ وجوِد الحياة الكثِر رقياً من م ةعانيها عبَر الكذ ِ الم ةعاني – التي يمتلكها ،فيما خل ُقدرته على إفرا ِ ف المن ّ ج منذ بداياته ،وإيصاِلها إلى شفيِر هاويِة النتحار في مراحلِِه الخيرة؟ والزيف وعبر ال ةعن ِ ظم والممنَه ِ ف هذه القوة مجدداً للمدنية الوروبية الِمحَور .وحسَب لقد َغَدت السوسيولوجيا الكلَم المؤد َ ي إلى إعادِة ت ةعري ِ ت احتراِم الت ةعبير المسيحي ،أوصبَحت الكلمُة الفصل للرب .لذا ،فالتخلي عن هذا الكلم ضرورةٌ من ضرورا ِ م ةعاني الحياة التي تمتلكها أبس ُ ط الكائنات الحية .فالوجوُد الرقى والسمى للخل.ق لن َيقِدَر على تفسير هذا الَكّم ي شيٍء كا ن .ولنستذكر ثانيةً أنه :ما ِمن كلٍم تقوله اللهة. ي شكٍل وِبأ ّ من ان ةعداِم الخل.ق ِبأ ّ ص ِقياِم ودماِر مؤسسات الدولة ،وناِئباتها غيِر المباشرة من أََوليس ما يتم َتلِقينُهُ على أنه تاريٌخ عبارةً عن قص ِ ت الجديدة بـ"رعايِة ت؟ أََوليس الهد ُ ف الولي في ازدهاِر وانحطاِط السللت هو حظُي السلل ِ المؤسسا ِ َ ُ ع وسلبَُهم ج السلطة عبر الِحيَِل والمكائِد والستبداِد؟ أَوليس هدفها الوحيُد نهَب الرعا ِ الرعاع" ،والمسماِة بتا ِ َ ب ،وحتى لحٍم وِجلٍد إْ ن تَطلَّب المر؟ ف وحلي ٍ لتأميِن احتياجاتها من وصو ٍ َ ٌ شبَّث بها وأثَبتها ص البطولة نزيهة من الستبداِد والطغيا ن ،وب ةعيدةٌ عن الستغلل؟ هل ِمن قيمٍة تَ َ أ ّ ي من قص ِ الُمّدعو ن بنهوضهم باسِم ال ةعشيرة أو القوِم أو الدين ،فيما َخل تاج السلطة؟ ٌ ق فيه ساحةٌ للحياة ،ولم تَُمر سنة عليه دو ن ي ِمن السماء القَّيمة يستحقها المجتمع المديني ،الذي لم َتب َ أ ّ حروب ،عدا تسميته بمؤسسِة "المذابح"؟ َ س أ ّ صب أو ُتقطع رؤو ُ ت ال ةعلمية والفنية والتقنية المرويِة كأقاوصيص قد تحققت دو ن أ ن ُتغتَ َ ي من الكتشافا ِ مكتشفيها الحقيقيين؟
ص تروي النظاَم والستقراَر والسلَم ي ةعني وصمَت الِحملِ ن الودي ةعة؟ أو أََوليس الواقُع الُم َ صّوُر على شكِل قص ٍ لِنَقُْل ،هل يتضمُن م ةعانَي عميقةً مختلفةً عما َترويه َمشاِهُد مسرحيٍة بشأِ ن إذلِل ال ةعبيد )الرقاء ،القنا ن ،ال ةعمال، ت بشأِ ن هذه المدنية بل نهاية ،وتتوغُل في العما.ق بل الكادحو ن ،وكافِة المضطَهدين(؟ تتزايُد م ةعاني التساؤل ِ ح هذه الحكايِة القصصية وتقديِمها على حدود .ولكْن ،ما ُيثيُر الدهشةَ بالوصل هو الجرأةُ بكل وقاحٍة على طر ِ ت المذهلة ،خياُل الجنِة التي سُتبلَُغ يوماً أنها التاريُخ المجيد ،الديُن المقدس ،ملحمةُ ال ةعشق والجمال ،الكتشافا ُ ت التحالف؛ وكأنها مسيرةُ القدر المحتوِم للبشرية. ما ،الصداقُة ،اللياقة والنبُل ،وضرورةٌ من ضرورا ِ ح هذه السئلة هو اهتمامي من الصميم بكّل ما أبداه جميُع المقاِومين والمكافحين ل ريَب في أّ ن َمراِمي من طر ِ س ّ ق وهياٍم تَُمثُّل جوهَر الصداقِة الحقة في ت باسلٍة ومواق َ ف مقدسٍة حقيقية ،وما َ من بطول ٍ طروه من ملحِم عش ٍ سبيِل الحياة التي ل م ةعنى لها سوى الحرية؛ واعتنائي بأقوالهم الخيرة التي لم تُقَْل ،والتزامي ال ةعميق بذكراهم ب التحصَن بالشواِك بقدِر الشجاِر التي تحمي زهورها اليان ةعةَ بأشواكها، بكّل تقديٍر وإجلل .وإذا كا ن المطلو ُ فإّ ن القياَم بذلك ي ةعني م ةعرفةَ أوصوِل الصراع في سبيِل وصوِ ن حياِة النساِ ن الحر ،الذي ربما تكو ن استطاعةُ الم ةعاني لديه في منتهى الجمال. ح "الطبقية"، ب -لننتقْل ُهَنيَه ًة من أحكامنا الخلقية إلى أحكامنا النظرية .من المهم للغاية استي ةعا ُ ب مصطل ِ ص من حيث الذي طالما ذَكَره الم ةعارضو ن في عهِد الحداثة )الرأسمالية( ،وإدراُكهُ من جميِع نواحيه ،وبالخ ّ ت "الَ ةعلِك دوِرِه في المساِر التاريخي .وإل ،وفي حاِل ال ةعكس ،فلن يذهَب المرءُ أب ةعَد من التحول إلى إحدى أدوا ِ والّلغِو الديماغوجي الغوغائي" الكثِر تفاهةً وسذاجة ،وإسداِل الستار على علِم الم ةعنى لطمسه. ب م ةعرفتها لدراِك الطبقية بحق ،هي أّ ن القدرةَ المن ّ سَم اليِد ظمةَ لقوتها تتمثل في قِ ْ الخاوصيةُ الولى الواج ُ والقدم .فهذا ن ال ةعضوا ن لوحدهما ل م ةعانَي قّيمة لهما .قد يَُكوُ ن التشبيهُ سوسيوبيولوجياً )اجتماعياً – أحيائيًا( بشكٍل ُمغاٍل ،ولكنه في محله .وعلى أيِّة حال ،ل جدال في أّ ن القوَة ليست سوى القوة الكثر منهجية للسلطة في ت السلطة الرقى المساِعدِة على المجتمع ،ولّلوياثا ن في المجتمِع المديني .فإذا فَ ّ سرنا الدولةَ بأنها تكامُل علقا ِ ق القمع والستغلل والطغيا ن على عموِم المجتمع الطبقي ،أفل يَُكو ن المتخبطو ن تحت نيِر الضغط تحقي ِ َ ُ .ق التنظيِم في الدولة ،لِتُِكوَ ن قوةَ ً َ َ والستغلل جزءا ل يتجزأ من شبكِة ال ةعلقات هذه؟ أفل تتَ ةعّدى المدنية نطا َ البناء والتنظيِم المتكامل لُِمجَمل الميادين من الدين إلى القتصاد؟ أََوليست الوظيفةُ الولية لهذه القوِة هي تشكيُل عدٍد ل متناٍه من الطبقات والشرائح الجتماعية الفقية والشاقولية المن ّ .ق إلى ظمة ،بدءاً من ال ةعبِد إلى الّر ّ ال ةعامل وغيرهم؟ أود التشديَد ب ةعنايٍة على أنه من المحال إتاحة أيِة فروصِة لِتَُكوَ ن اليُد والسا.ق ذاتا ً فاعلةً özneفي تنظيِم القوة. ق على كادحيها الذين تن ةعتهم فإذا كانت السلطةُ تنظيماً مظفرًا ،فهذا ي ةعني تحقي َ ق الهيمنِة والنفوذ المطل ِ ت ف السلطة ،حتى وإْ ن كانت تلك الذا ُ بالفظاظة .وهذا بدوره م ةعناه فقدانهم قيمَة الذات الفاعلة في ظّل ظرو ِ ب لم يحالف الح ّ ت الكادحين ال ةعبيد ،بدءاً من سبارتاكوس إلى كومونِة ظ كّل تمردا ِ موجودةً سلفًا .ولهذا السب ِ .ق باريس .ولم يكن نجاُحُهم ممكناً إل بشرٍط واحد :أْ ن َيجَ ةعلوا أنفسهم َدماً طازجاً للسلطة! ولكّن هذا ي ةعني الرفا َ ح هذا الواقع مرًة أخرى بالمجتمع المديني ،ليس إل .والشتراكيةُ ال ةعلمية خيُر مثاٍل ضار ٍ ب للنظر في توضي ِ بشكٍل وجيٍز من خلِل تجاربها طيلةَ قرٍ ن ونصف. ولكن ،أل توجُد رواب ُ ب س الواج ُ ت السلطة؟ الخاوصيةُ السا ُ ط بين هذه النتائج مع القحام والرفا.ق بدائرِة علقا ِ ت السلطة الرسمية ،وماهيُتها ،ومدى تََحّلي الطبقية لوحدها استي ةعاُبها هي مستوى تب ةعيِة الطبقيِة داخَل علقا ِ بم ةعانَي قّيمٍة وممارسٍة عملياتية أو ُخلُّوها منها .وسواًء كا ن السيُد والسنيور ورّب ال ةعمل والبرجوازي في الطبقة ال ةعليا من التمايز الطبقي ،أو كا ن ال ةعبد والقن وال ةعامل في الطبقة السفلى منه ،فهم يتفاهمو ن بالمنظوِر ت السلطة .ول قيمَة بارزة لعتراضاتهم فيما بينهم .فهذه ال ةعلقة سه ضمن علقا ِ اليديولوجي والسياسي نف ِ ف عقدٍة وعقدة .فإذا ما اعترضَت على واحدٍة منها ،أو حتى مّزقَتها واخترقَتها ،فجميُع ال ةعقِد َأشبَهُ بشبكٍة لها أل ُ .ق الممّز.ق التس ةعمائة وتسٍع وتس ةعين تبدأ بال ةعمل على الفور بحيث ،ومثلما تَُرّمُم ال ةعقدةَ الممّزقة ،فلن َتتُرَك خنا َ إياها إل ب ةعَد ربطه بأمتِن ُعَقدها ،حتى ولو تَطَلَّب المُر قطَع رأسه. س ت الدولة والسلطِة وفق رسمها التخطيطي الوِل المؤ ّ لنفكر في حاِل الكادح في قبيلٍة ما أو ال ةعامِل في علقا ِ س ِ ب بَِج ةعِله من أتباعه وِعباده على يِد الرهبا ن السومريين وزعماِء السللت .بالوصل ،إّ ن ال ةعامَل الذي شرَع الراه ُ ُ ح القدسية الذي ل تضاهيه أية قوٍة ماديٍة في قدرة متأثٌر للغاية بقوِة الشرعنة المذهلِة لللهة الجديدة )كاوصطل ِ َ َ التأثير على الفرد( المبتََدعة في كل الطابقين اللَذين َي ةعلوانه .ولو لم يَُكْن كذلك ،لكا ن من المحاِل إقحامهُ هناك.
ق آخَر أماَمه لتغذيٍة أفضل .ثالثًا؛ ل يمكن مقايسَة ثانيًا؛ إنه يتغذى ويقتا ُ ت أفضَل من السابق ،ول يتبدى أي طري ٍ ش خياَله وُيبهيه على الدوام. ت بالجمال ُينِ ةع ُ ع رغباته الجنسية بالسابق ،فواقُع الحوريات الطافحا ِ إشبا ِ ث بالطاعة والخنوع والمتثال للنظام الموجود ُتمَنحَن بنسبٍة تناهز ما ُتنِجُزه كانت النساُء المساِهمات في التشب ِ ف مضاعفة. الجيو ُ ش النظامية وما تُقَّدُمه الوسائُل العلمية الراهنة بأض ةعا ٍ هذا ال ةعبُد الجديُد الُمتَأ َ ّ طر في طبقٍة بَِحّد ذاتها ،ليس متمرداً لجِل الحرية ،بل ،وأكثر ما يمكن أ ن يَُكوَنه هو خائُن الحرية ،أو واق ةعةٌ مفّرغةٌ من مفهوِم الحياة الحرة ،أو ظاهرةٌ مختلفةٌ كليًا .وسَيسلُُك زعيُم السللِة أيضاً ممارسةً ف قوى التحالف ت الدولة والسلطة .فالشرطُ الولي هو البروُز أكثر بين وصفو ِ شبيهةً لدى توّجِهِه نحَو علقا ِ الساسية ،وترسيُخ تنظيٍم وطيٍد مرتكٍز إلى مصالَح روصينة .فالسللةُ )السرةُ الحاكمة( تتسم بالتقديِر والحترام ي ب الواس ةعة .وتقاليُد القبيلِة تُبَّجل الهرميةَ على الدوام .وأ ّ ت ال ةعائلة والنس ِ والشرعية المهيبِة ضمن علقا ِ س القبيلة سلميًا ،أو بالشتباك والنزاع .ومن غيِر الستراتيجي إبراز طابِع استياٍء بسيٍط ،إما أْ ن يَُحّل في مجل ِ ف في هكذا نمٍط من السللِة المتوجهة نحو التدول في خضّم هكذا علقات م ةعقدة. ب الض ةع ُ الطبقِة على أنها الجان ُ َ َ أوّد الووصوَل إلى أّ ن الطبقية إحدى أهّم طبائِع ومميزات المدنية ،ولكّن الم ةعانَي الستراتيجية الم ةعموَل بها أساساً في الثورات الطبقية ب ةعيدةٌ عن نيِل النتائج المرجوة في التنفيذ ال ةعملي ،وإْ ن تَبَّدت إمكانيةُ ذلك نظريًا .فجميُع ت على يِد س َ المدنيات والسلطات المنهارة قد أُِطيَح بها واندثرت مع عبيدها وكادحيها .في حين أّ ن نَ ْ ف السلطا ِ عبيدها أو كادحيها أمٌر نادٌر جدًا .وحتى لو حصل ،فالسلطةُ الجديدة ل تَُ ةعبُّر عن شيٍء أكثَر من كوِنها آلةً للمزيد من الظلِم والستغلِل والطغيا ن ،بحيث يَتََرّحم المرُء على سابقتها. ي إسقاطّي واختزالّي ُمغاٍل فيه .فالقمُع والستغلل طراٌز ونظاٌم ت ةعتمد ب طبقيٍة رأ ٌ إّ ن رؤيةَ التاريخ مجرَد حرو ٍ ق الديمومة .إل أّ ن أيديولوجيَتها وسياسَتها وحتى عليه الحضارة المدينية – وبالتالي تاريُخها – في تحقي ِ اقتصاَدها ي ةعمل بشكٍل مغاير .أو بالحرى ،فالطبقةُ المناِهضة للطبقِة النخبة ليست بنمٍط يرسم مجرى التاريخ .ل نناقش هنا مدى فظاعِة الست ةعباِد والسفالِة التي يفرضها النظاُم القائم وإنكاِره الحرية .ما نََوّد سرُدهُ هنا هو ق الطبقّي تجاه س وانهياِر نظِم السلطة والمدنية بم ةعانَي واستراتيجيا ٍ جرياُ ن تأسي ِ ت مغايرة ،وأّ ن الصراَع بالمنط ِ ي إلى النضماِم إليها عن وعٍي وكشكٍل جديٍد للسلطة ،أو الطبقِة في نظاِم السلطة ومدنيتها القائمة ،إما أْ ن يؤد َ ّ ب السوفييت والصين( .هذا )تجار فيها ر آخ ج طاز م د خ ض ب أب ةعَد من ُ بال ةعكس ،وفي حال مناهضتها ،فهو ل يذه ُ ٍ َ ٍ ما نناقشه ونتداوله .قد ُيوّجه إلينا نقٌد منذ ال ن بأننا غاَلينا في إسقاِط كل شيٍء على السلطة في هذا النقاش، وكأننا لم نترْك بابا ً للنفاِذ منها .أُنَّوهُ هنا إلى أننا سنتناول هذا الموضوع في فصِل سوسيولوجيا الحرية على .ق واسٍع للرّد عليه .ولكن ،أشيُر بسرعٍة َكَرّد على ذلك إلى أنه للحريِة أيضا ً َميداُنها الجتماعي ومنطُقها نطا ٍ واستراتيجيُتها الخاوصةُ بها والمغايرةُ بقدِر ما للسلطِة أيديولوجيُتها وسياسُتها وتنظيُمها بأقّل تقدير. ت أم حواُرها وتحالُُفها؟ مشكلةً َيكثُُر الجدُل بشأِنها في الممارسِة ال ةعملية ج -رغَم َكوِ ن التساؤِل :وصراُع المدنيا ِ الراهنة ،إل أّ ن م ةعانيها التاريخيةَ أشمُل بكثيٍر من ذلك. ت المتباينة .إّ ن الم ةعانَي المجتمُع المديني بنيةٌ تَُولُّد الصراَع أساسًا ،سواًء في داخلها أو فيما بين المدنيا ِ ع الدائم والغايا ِ ت التي لجلها ُأنتَِجت هذه البنية ،والتمييَز الطبقّي الم ةعتمَد عليه ،وواقَع القمِع والستغلل والخدا ِ ب المستمر في سبيل ذلك؛ كّل ذلك يوضُح دوافَع طباِعها الُمَوّلدِة دوماً للصراع .فالسلطةُ والطبقيةُ بَِحّد والحج ِ ذاتِِهما ت ةعنيا ن الصراع .وسَرياُ ن ذلك داخلياً أو خارجيا ً ل يَُغيُّر من جوهره شيئًا .كما أنه ليس من الواق ةعّي تغيير ت حربيةً أم سها وكأّ ن مضموَنها مختل ٌ ف عما هو عليه .فكوُنها مدنيا ٍ مضموِ ن المدنيات بَِتووصيِفها ،أو ب ةعك ِ س القوم أم من أقواٍم سلمية ،توحيديةً أم مت ةعددةَ اللهة ،م ةعطاءًة أم جدباَء قاحلة ،مثقفةً أم جاهلة ،تتأل ُ ف من نف ِ سّخرةً للمهمة إلى أْ ن تفتَح ال ةعالَم سها ُمَكلّفَةً وُم َ مختلفة؛ فهذا ل يَُغيُّر من ماهيِتها شيئًا .فالقوةُ الموّجهةُ َت ةعتَبُِر نف َ ف ض بنيو ّ أجمع .وبلوُغ القوِة والنفوذ ال ةعالمي َمَر ٌ ي ينبُع من السلطة ،حيث تبدأُ بالتراجِع في لحظِة تََوقّ ِ سِ ةعها .ومحصلةُ ذلك ل ت ةعني الرجوَع إلى الحاِل الطبي ةعي ،بل النهياَر والدمار .ذلك أنه ما ِمن حاٍل طبي ةعيٍة تََو ّ َ َ ض السرطا ن ،إما أْ ن ُتضطّر للقضاِء على الغير ،أو أْ ن ُيقضى عليها .وَكم لنظِم السلطة كافة ،بل إنها أشبَهُ بمر ِ َ ت كثيرة تنتمي لزعامِة عشيرٍة بسيطٍة امتَطت حصاَ ن المدنية لتقوَم بتأليِه ذاتها. من شخصيا ٍ ُ ب يَظّن أنه سُيبِدُع كّل عظيم .وهذا تحَت الدعاِء باللوهيِة تَتَ َ ستُّر قوةُ إفناء البشرية .فالذي ُيفني كثيراً في الحر ِ ت في حاِل ال ةعجِز عن ضبِط النانية نفسيًا .والنظاُم المديني يُقَّدُم المجتمَع ض المغالِة في الذا ِ ما ُي ةعزى إلى َمَر ِ ش واستفحاِل هذا المرض .ولذلك ُيقال أنه ما ِمن قيمٍة أو شخصيٍة اجتماعيٍة َت ةعَجُز الذي يهي ئ الجواَء لنت ةعا ِ ُ ٌ ت هي النظمة الكثُر تناقضا ً مع السلطةُ عن تميي ةعها وشرذمِتها .إنه تقييٌم مرتبط بجوهِر السلطة .والمدنيا ُ
ت سلطوية .إذ ،ما ِمن قيمٍة ل يمكن الفداَء بها تكريما ً للسلطةِ ،بدءاً من الخ إلى الزوج الحياِة لكونها مجتم ةعا ٌ ب أفظِع الجرائم ،ولم ص في القوى الداريِة للمدنيات ،سنجُد أنها لم تتواَ ن عن ارتكا ِ إلى الصديق .فلدى التمحي ِ ب والرياء بالسياسة. تترْك مكيدةً إل ولجَأت إليها .كما أنها تُ َ سّمي منهجيةَ الكذ ِ ت المدينية ،ويمكننا تسميُتها بحالِة د -من الضرور ّ ي َلفت النظاِر جيداً لخاوصيٍة هامٍة متمأسسٍة في المجتم ةعا ِ ب تقاليِد التأنيث المجتمِع الم ةعتاِد على السلطِة والمتآلف م ةعها .إنه َأشبَهُ بإعادِة تكويِن المرأِة بموج ِ ث المرأة .لقد ،karılaşmaإذ ،ل تتأكُد السلطةُ من وجوِدها قبَل أْ ن تَتََحقّ َ ق ِمن إعداِد المجتمع على غراِر تأني ِ .ق الهزيمِة س َ تََمأ َ ست ظاهرةُ التأنيث كأقدِم مظاهِر ال ةعبودية ،حصيلةَ بسِط نفوِذ المجتمِع الجنسوي ،ب ةعَد إلحا ِ ت محتدمٍة ضاريٍة وشاملٍة طويلِة المد على يِد الرجِل بالمرأة -الم وعباداِتها وطقوسها جم ةعاء َب ةعَد وصراعا ٍ سَخ هذا النفوُذ المهيمُن جذوَره في المجتمع حتى َقبَل اكتماِل تَ َ طّوِر الحضارة. شيَتِِه .وَلربما ر ّ القوي الجباِر وحا ِ َ َ إنه كفاٌح عتيٌد ومتواوصٌل لدرجِة أّ ن ثقافة المرأِة -الم قد ُمِحَيت كلياً من الذاكرة ،ولم تَُ ةعد تَتَذّكر المرأةُ ما الذي ب بالذات ،لم سَرْتهُ وأين وكيف فَقََدته ،وَغَدْت َت ةعتَبُِر النوثةَ الخان ةعةَ المنصاعةَ أمراً طبي ةعيًا .ولهذا السب ِ َخ ِ ّ ُ ُ ضْم أو تَتََجذر أية عبوديٍة بقدِر ما هي عليه عبودية المرأة. تُ َ شرَعْن أو ُته َ َ ولهذا التكويِن نوعا ن من التأثيِر الَهّداِم على المجتمع .أولُُهما؛ فتُح المجتمِع أمام ال ةعبودية ،وثانيهما؛ تسييُر كافِة أشكاِل ال ةعبوديِة الخرى تأسيسا ً على ظاهرِة التأنيث .فالتأني ُ ث ليس موضوعا ً جنسويا ً محضا ً مثلما ُي ةعتَقد، ف والسلوكيات التي ول يَُ ةعبُّر عن خاوصيٍة بيولوجية .بل إّ ن التأنيَث في جوهِرِه خاوصيةٌ اجتماعية .فجميُع المواق ِ ع ،تََحّمِل وهضِم الهانة والستحقار ،البكاِء ،العتياِد على ُتفيُد برف ِ ض أخل ِ .ق الحرية ،من َقبيِل ال ةعبودية ،الخنو ِ ضها؛ جميُ ةعها ُت ةعتبَُر ِمن مهنِة النوثة الخان ةعة، ح الذات وعر ِ الكذب والرياء ،السماجِة وان ةعداِم الطموح ،ومن ِ ط الوصلّي لل ةعبودية .كما أنها تَُ ةعّد الرضيةَ شّكُل بجانبها هذا الرضيةَ الجتماعيةَ المنحطة ،والوس َ وت ُ َ ُ ب ال ةعبودية واللأخلقية وأقدُمها .والمجتمُع المديني م ةعنّي ومرتبطٌ َ َ المؤسساتية التي تتفّ ةعل عليها كافة ضرو ِ ٌ ٌ ُ س هذه الرضية على كافِة الفئات الجتماعية .فتأنيث المجتمِع برمته ضرورة حتمية لسيِر النظام القائم. بان ةعكا ِ َ ُ ُ ف بمبدأِ الحريِة ث المجتمع .فالسلطة ل ت ةعتر ُ والسلطة ت ةعادُل الرجولة ،إذ ن ،والحاُل هذه ،ل ملذ من تأني ِ ي الطابع. والمساواة ،وإل ،فل يمكنها أْ ن تَُكو ن .بالتالي ،فالتشابهُ بين السلطِة والمجتمِع الجنسوي جوهر ّ ب عادةٌ م ةعروفةٌ لدى اليونانيين ،الذين يَُ ةعّدو ن أحَد أهّم ب الياف ةعين رسمياً كـ"غلم" لرجٍل حكيٍم مجّر ٍ فَمْنُح الشبا ِ ت ب ذلك مدةً طويلة .فحتى فيلسو ٌ وأعظِم مراحِل الحضارة المدينية .لقد َعِجز ُ ف ذائُع ال ّ صي ِ ت عن تحليِل أسبا ِ ق ِمثَل سقراط يقول" :ليس ُمِهّماً الستفادةُ الدائمةُ من الغلم ،بل المهم تربيُته على يِد سيده" .إذ ن ،فالمنط ُ ص النثوية .ولكي والغايةُ البارزةُ هنا ليست النتفاَع الدائَم ِمن الشبا ِ ب َكِغلما ن ،بل إعداُدُهم للتحلي بالخصائ ِ ب في مجتمٍع مستأَنث .إذ ِمن المحاِل تكويُن هذا المجتمِع عبَر الشباب ُنو ّ ضَح المَر أكثر ،فالمدنيةُ اليونانيةُ ترغ ُ ت والسلوكيات النثويِة فيهم كي ُينشأَ المجتمع .هذا وثمةَ ميوٌل النبلء والشرفاء ،بل يتطل ُ ب ترسيُخ التصرفا ِ ت الحضارة المدينية .والغلمانيةُ )اللوطية( متفشيةٌ ومستشريةٌ في هذا المجتمع مشابهةٌ لذلك في كافِة مجتم ةعا ِ ف غدا تقليداً راسخًا .إذ ن ،من المهم بمكاٍ ن النظُر إلى اللوطيِة وصي ٍ لدرجِة أّ ن استحواَذ كّل سيٍد على غلٍم َو ِ ض شخصي. كظاهرٍة اجتماعيٍة متمخضٍة عن المجتمِع الطبقي والسلطوي ،أكثَر من كونها شذوٌذ جنسي أو مر ٌ أي أّ ن الجنسانيةَ )الجنسوية( والسلطةَ َمَرضاِ ن اجتماعيا ن في المجتمِع المديني ،بل وهما كالسرطا ن .فمثلما ل ضهما الب ةعض أيضًا ،تماماً مثلما تتكاثُر الخليا السرطانية .سن ةعمل يتواجُد أحُدهما دوَ ن الخر ،فهما ُيكِثرا ن ب ةع َ ح الروابِط بين السرطا ن الشخصي والسرطاِ ن الجتماعي في فصِل الحداثة الرأسمالية. على الستفاضِة في شر ِ ف السنين وعلى غراِر أوّد الووصوَل إلى محصلٍة مفاُدها أّ ن أرضيةَ السلطِة قد تَّم إعداُدها ب ةعنايٍة فائقٍة ممتدٍة لل ِ مثاِل التأنيث في المجتم ةعات المدينية .فتقاليُد الحضارِة المدينية َتنظُُر إلى المرأة على أنها "حقُل الرجل" .وثمَة سه للسلطِة ِمثَل المرأة .أما المتمرُد على ذلك، تقليٌد مشابهٌ يجري في المجتمع أيضًا .إذ ،على الرجِل أْ ن يمنَح نف َ ق الحروب. والراف ُ ض منح ذاته ،فيتُم الس ةعُي لعداِدِه وتهيئتِِه عن طري ِ ٌ ٌ ت ص أو زمرٍة أو طبقٍة أو حتى أمٍة ما يتضمُن مغالطا ٍ إّ ن النظَر إلى مرحلِة السلطة على أنها عملية آنية لشخ ٍ ت المدينية ،فقد تَّم إعداُدها أّوًل ت آنيًا ،أما السلطا ُ س الحكوما ُ فادحًة .قد ُتؤ ّ س ُ ت والنظُم السياسية في المجتم ةعا ِ ت السنين ِمن قَِبل الباطرِة الوحشيين والّزَمِر وكافِة أشكاِل القوى كثقافٍة )حقٍل ،تقليٍد( سلطويٍة على َمّر مئا ِ ت أيضا ً – ب على الجبين ،فالمجتم ةعا ُ المهيمنة .هكذا ،وكيفما َتقبَُل الزوجةُ بزوجها وتنتظُرهُ وكأنه قدُرها المكتو ُ ضت على ضُع للسلطِة َكقََدِرها المحتوم ،وتنتظُر استثماَرها كالحقِل ينتظُر وصاحَبه ،أو ُرّو َ وبشكٍل مطابق – َتخ َ
مٌة اعتياِد ذلك .فالسلطةُ متواجدةٌ في المجتمِع كثقافٍة سلطوية .من هنا ،فمقولُة باكونين في هذا المضمار َقّي َ للغاية ن أرضيَة ع وعشرين ساعًة على دفِة السلطة" .إ ّ ل أرب ٍ سدون خل َ سِهم َيف ُ ن أكثَر الديمقراطيين ثقًة بأنف ِ "إ ّ ة طويلًة رغ َ م حِه مد ً ت عن إيضا ِ جز ُ ع ِ ن هذا الفساَد ،الذي طالما َ ئ وُتَؤّم ُ السلطِة بذاتها هي التي تهي ُ ب مساع ّ سّي السلطِة المتشكُل من تراكِم سيوِل الدماِء الُمراقِة والستغلِل اللمحدوِد )الحرو ِ ي الدؤوبة .فَُكر ِ
سد المتربَع عليه بطبي ةعِة الحال خلَل أربٍع وعشرين ف السنين ،سُيف ِ اللمتناهية والست ةعماِر اللمنقطع( طيلةَ آل ِ ساعة .في حين أنه سي ةعجز عن إفساِده بشرٍط وحيد :إْ ن وصا ن ذاَته وكأنه في عبادِة الرب! فالسلطةُ المتأسسةُ س َ ب والست ةعمار والستغلل الذي ل حدوَد له ،مؤثرةٌ حقا ً من جهِة َكوِنها تقليٌد َو َ ط المكائِد والِحيَِل والحرو ِ شِهَدته "الشتراكيةُ ٌ ً مطل ل بشك ة سد مف تكو ن تكاد إنها بل ونظام. ة وثقاف ق وقط ةعي .وخيُر مثاٍل على ذلك ،ما َ ُ ِ ٍ ٍ المشيدة". سسو سسِي النظاِم وتشبثهم بأهدافهم .ولكن ،كيف حصَل واستسلَم مؤ ّ واضٌح أنه ما ِمن شّك في ُحسِن نوايا مؤ ّ ب الولّي في هذه المأساِة الشتراكيِة المشيدِة طوعاً للرأسمالية التي حاربوها ب ةعناد؟ حسب رأيي ،السب ُ سسو الشتراكيِة أوصبحوا سلطًة التاريخية ُي ةعزى إلى كيفيِة بلوغهم السلطةَ وأنماِط استخدامهم إياها .فمؤ ّ ش السلطة القائمِة على بالتأسيس على ثقافِة المجتمع المديني .بم ةعنى آخر ،دعَك من التردِد في التربِع على عر ِ ت التقاليد الدولتية( ،والتي ف مع السلطة ذا ِ ض على التآل ِ ض الميراث الست ةعماري الدموي )المجتمِع المرّو ِ أنقا ِ طالما اّدعوا أنهم م ةعارضو ن لها ،بل والتّفوا حولها وتشبثوا بها بنواجذهم )بأظافرهم( .والنكى أنهم لم يََوّدوا سهم من ب لها إل وَأغَوْتهُ وَختَلَْتُه .بل ولم يتمالكوا أنف َ الدراَك أّ ن السلطةَ عاهٌر من النوع الذي ما ِمن وصاح ٍ ب النتقاِل السريِع من السوفييتيات إلى ض النتقادات الموّجهِة إليهم )كانتقاِد كروبوتكين لـ لينين بسب ِ تقييِم ب ةع ِ سلطِة الدولة( في هذا السيا.ق على أنها انتهازية .لقد دنا والرشتاين من الحقيقِة عندما قال بانهياِر السوفييتات ب عليهما؛ إل أنه بتأثيٍر مشتَرٍك ِمن الرأسماليِة والنظام ال ةعالمي القائم ،وبافتقارها للقدرِة على تجاوزهما والتغل ِ َ سَر ذلك بأّ ن ب إلى الحقيقِة عندما ف ّ س بجوهِر القضية .أما ميشيل فوكو ،فهو َأقَر ُ )والرشتاين( ب ةعيٌد عن الَمسا ِ ت الم ةعرفة – السلطِة للنظام القائم هو الدافُع وراَء التحاِمها مجدداً مع نف لجوَء السوفييت إلى استخداِم س تقنيا ِ ِ النظام. ت الحاوصلة ،بدءاً من كومونِة باريس ت والت ةعليل ُ والتفسيرا ُ ت المشابهةُ ساريةٌ على جميِع الكفاحات والمبادرا ِ ت الوطنية التحررية والشيوعيِة والديمقراطية الجتماعيِة التي ل َعّد لها ول حصر .فكّل حقٍل ُينتُِج إلى الحركا ِ ت الحرية عموماً والشتراكيِة خصيصا ً في حقوِل السلطة نباتا ً خاوصاً به .لذا ،من المحال أْ ن َتزَدِهَر نباتا ُ الم ةعرفيِة الم ةعّمرِة آلفاً من السنين .لهذا الغرض ،وقبَل كّل شيء ،على الناشطين في ميداِ ن الحرية والشتراكية ص كافِة المراض الُم ةعِدَية المتناميِة في )وبالطبعُ ،منَظِّريها أيضًا( ،إعداد حقولِِهم الخاوصِة بهم ،والقيام بتشخي ِ ت المزدهرة من ض الشتل ِ ج الشافي منها .والهّم من كّل ذلك ،عليهم البت ةعاد عن ب ةع ِ حقِل السلطة ،وتحديد ال ةعل ِ ع تمأسسها وشخصيتها( ،وزرع وتنمية شتلتهم الجوهريِة الخاوصة بهم )أشكاِل قَِبيِل السلطة )كافِة أنوا ِ خ المدنية، الديمقراطية الغنية( .وفي حاِل ال ةعكس ،فل ملَذ لهم من إعادِة تكراِر آل ِ ف المثلة الم ةعاشة طيلةَ تاري ِ والتي لطالما َزَعَمت أنها "َزَرَعت الحرية" ،ولكنها لم َتنُج في نهايِة المآل من ال ةعيش ورؤيِة ذاتها بأنها لمَ ب في تختل ْ س ُ ف عن النظِم السلطوية السابقة .لقد تَلَّم ْ ع تمهيداً لتناولِِه بإسها ٍ ت الحاجة للتطر ِ .ق لهذا الموضو ِ ف التذكير بروابِطِه مع السوسيولوجيا البنيوية. فصِل سوسيولوجيا الحرية ،وذلك بهد ِ هـ -من المهم أيضاً تسليط الضوء على دوِر الف ةعاليات المؤسساتية لدى المجتم ةعات المدينية في مياديِن الدين، ال ةعلِم ،الفلسفة ،الفن ،والخل.ق وغيرها. َ ما ُيزَعم هو أنه ثمةَ أواوصُر وطيدةٌ بين تَطّوِر ُكّل من المدنية ومياديِن الدين وال ةعلم والفلسفة والفن والخل.ق. س كيف وبأيِّة إّ ن أكثَر الحكام قابليةً للتفسير مت ةعلقةٌ بهذه الميادين .إني على قناعٍة بأننا شاَهدنا بشكٍل ملمو ٍ َ سنا كيف أينََ ةعت هذه شَئت هذه المياديُن التي َ شِهَدت انطلقةً مذهلةً في دولِة الرهبا ن السومريين .كما تَلَّم ْ غايٍة ُأن ِ ض دجلة والفرات. المياديُن وانتهَلت حالَتها الرشيمية من الثقافِة النيوليتية المتمأسسِة في حو ِ ت المستخَدِم في تغذيِة النسا ن .فلدى حظيهم ح القدسية إيلُء قيمٍة ثمينٍة واستثنائيٍة للُقو ِ يتستر وراَء اوصطل ِ ت الوفيِر المتنوع نَ َ ف اللوهية ظَر إليه البشُر على أنه ُم ةعاِدٌل لهوياتهم الجتماعية ،فقّيموه بأنه لط ُ بالقو ِ ً وعطُفها ،فراحوا يشكرونها .وما ن ةعجز اليوَم أيضا عن إدراِك م ةعناه الشامِل في عظمِة الحياة وسحرها هو ح لطالما يلوُذ إليه النسا ن لدى س ةعيه ليلء الم ةعاني لتلك ال ةعظمة السحرية. اللوهيةُ كمبدأٍ تكويني ،وكاوصطل ٍ شأ في أوساِط الثقافِة السامية يتسم بم ةعانَي مغايرٍة وبمجرى يجب عدم الخلط بين اللوهية وبين ا .فالُ الُمن َ ي خاص .إّ ن اللوهيةَ الُمَ ةعبَّر عنها بمبدأِ التكوين لجِل كافِة المجتم ةعات البشرية اوصطلٌح قابٌل للتفسيِر تطور ّ صوُ ن خاوصيته هذه .فالزعم بمقدرِة النسا ن على تفسير الكو ن ،وهو كائٌن ي يزال ول للغاية، ة عديد بم ةعانَي َ ُ ٍ َ ب ،ي ةعني المغالةَ في ت ةعظيِم شأنه .وتأسيساً على ذلك ،فإّ ن إحالة كّل شيٍء محاٌل فهُمهُ إلى محدوُد الستي ةعا ِ .ق الضيقة للغاية من الم ةعلومات والم ةعرفِة ،يَُ ةعّد ميتافيزيقيةً حسنة .وُكّلي قناعةٌ ب ةعدِم الفا بهذه مصطلح اللوهية ِ
س ي ةعني القبوَل بالنسا ن كإلٍه واحٍد أحد ،وأنا مقتنٌع بأّ ن المبالغةَ في تضخيِم وجوِد مخاطِر ذلك البتة .وإل ،فال ةعك ُ الذات لهذه الدرجة سينفي كّل م ةعانَي الكو ن. ي لجِل المجتم ةعات التي شادوها، لقد قيَّم الرهباُ ن السومريو ن ُ وصنَع اللِه كوسيلٍة لتيسيِر اليضاح وكمؤثٍر م ةعنو ّ َ ب أكثَر من النظِر إليه كميتافيزيقيا متطورة .ولربما كا ن الرهباُ ن أوَل َمن يَُحّمل اوصطلَح اللِه م ةعانَي ال ةعقا ِ ض صُل تدويُل اللِه رويداً رويدًا .وهنا ِمربَ ُ والحرام لتسخيره في تطويِر عاطفِة الطاعة والنصياع .وهكذا َيح ُ ت المشيرِة إلى أنهم ن ّ ب ت ةعزيِز شأِ ن ظموا مكاَ ن الجلسات وأشكاَل الرسوم بموج ِ الوصلح .ثمةَ ال ةعديُد ِمن الدلل ِ إداريي الدولة )بالتالي إدارِة المجتمع( .فالَملُِك يستُُر مصالَحه الحقيقيةَ بمهارٍة ودهاٍء عندما يخوض الحرَب ب والم ةعّزِز على الدوام ،في حين باسِم إلهه .والدار ّ ي في كافِة السرود المدّونِة والمنقوشة هو ابُن الله المحبّ ِ ٌ ٌ س ساطٍع للدارِة الجديدة. أّ ن أعداءه شياطيُن يجب قهُرها ول ةعُنها .وتتشكل مجموعة إلهية على َمَهل ،كان ةعكا ٍ ي مجتمٍع بقدِر ما هو عليه في المجتمع السومري ،بحيث لم ي بهذا الجلء في أ ّ لم ين ةعكس تكافُؤ اللِه مع الدار ّ ب يَُ ةعْد ثمةَ أهميٍة للتساؤِل عما إذا كا ن أ ّ ي منهما قناعاً للخر .فبقدِر ما ُدّول اللهُ )أوصبح دولة( ،استمّر باكتسا ِ س المجتمع .وبقدِر ما تحظى م ةعانيه في طبقِة الداريين كقوٍة مبدعٍة وموّجهٍة ومراِقبٍة ساميٍة وجليلٍة على رأ ِ مهنةُ الدارِة بالخاوصيات والمزايا ،فلن يتخلف إلُهها أيضا ً عنها .وبقدِر ما ُيدار المجتمع بالفضيلة ،يَُكوُ ن ذلك ي ق بين اللِه والدار ّ برهاناً على متانِة أواوصِر الدار ّ ي مع اللوهيِة بنف ِ س القدر .وهكذا ،يتحوُل الجزُم بالتفري ِ ٌ َ ص مَع الزمن بالنسبة إلى الرعية في المجتمع .ولِتَطّوِر الميتافيزيقيا السيئِة علقة مع هذه إلى أمٍر عوي ٍ ف كافةُ ش ُ المستجدات .فاللوهيةُ الُمنشأة تبدأ بالتحوِل إلى ميتافيزيقيا سيئة .وُعقَب هذه المرحلة سَتكتَ ِ سّخُرها في شرعنِة إدارتها .ورغم بقاِء الله القديِم المجتم ةعات المدينيِة القوةَ السحريةَ للدين والله ،وستُ َ ف لدى المسحوقين والرعايا ،إل أّ ن اللَه ق والخصيب النسِل عالقاً في زاويِة الفكر وال ةعواط ِ المقّدس والخال ِ َ ي الم ةعّزز والمحبوب. الدار د عبا ة بواسط ال ةعلني دورهما ة تأدي عن برا ن ةع ي س لين و المتد والديَن الجديَدين ّ َُّ ِ ِ ِ ِ ّ ُ ق اللتفاَت إليها .فالت ةعددية اللوهية هي مفهوُم اللِه ثمةَ ُعرى وثيقةٌ بين ت ةعداِد اللهة وشكِل المجتمعَ ،تستَِح ّ ب عظمتها مرتب ٌ ط في ال ةعصور التي ساَدتها المساواةُ بين القبائل .في حين أّ ن تناق َ ص عددها ،وترتيَبها بموج ِ ي وموق ةعه وأعرافِِه السياسية .والتوجهُ نحو اللِه الكبر يتوافق مع بروِز التمايِز ب ببروتوكوِل الدار ّ عن كث ِ بين الداريين .أما ال ةعلقةُ بين مفهوِم الدين التوحيدي ذي اللِه الخفي المحاِل تجسيُدهُ في هيكٍل أو رسم ،وبين تََخ ّ ق في م ةعانيها القَّيمة. ق تمأ ُ سها؛ فهي غريبةُ الطوار وخليقةٌ بالبح ِ س ِ طي الدولِة للشخصيا ِ ث والتدقي ِ ت وتحقي ِ وبهذا الم ةعنى ،فسُتساِعُد الجهوُد اللهوتيةُ على تمهيِد الطريق لستنارٍة ثمينٍة للغاية. ُ ص تََواُجِد اللِه لدى القوى الداريِة سقو َ ّ ب آخر ُيسلط الضوَء على بينما ي ةعني تناقُ ُ ط القن ةعِة عنها ،فهو من جان ٍ ما َت ةعِنيه الدولُة ،والجهِة التي تخدُم مصالحها ،علوةً على إشارتِه لفقداِ ن الدين بما فيه الكفاية لدوِره القوي سّخَر المجتمُع المديني تأثيَر الدين في تأميِن الشرعية لخدمته كأداِة شرعنٍة وطيدة .ومقابَل هذه التطورات ،فقد َ َ صه مع تَطّوِر المجتمِع المديني، بقدِر لجوئه إلى ال ةعنف والطغيا ن .وهكذا يتزامُن ويتماشى تدويُل الدين وتخصي ُ ت ص مع التطوِر الداري فيه .وهذا الوضُع أيضا ً يوضُح دوافَع المذهبية والصدامات في الديا ن .فالمدنيا ُ وبالخ ّ ُ ت أّولً باسِم الدياِ ن ت والصداما ُ المتصارعة ت ةعني الدياَ ن والمذاهَب المتصارعة .حيث تنشب الصراعا ُ ُ ت المدنيا بين المدى ة والطويل ال ةعظمى ت سيَّرت الصراعا ُ ب لتأميِن انخراِط المجتمع برمته فيها .هكذا ُ ِ والمذاه ِ ُ ب الحروب في مدنيِة الشر.ق الوسط باسِم ع الدياِ ن الكبرى على الدوام .والروابط بين نشو ِ ع وصرا ِ تحت قنا ِ الديا ن السلميِة والمسيحية والموسوية ،وبين بروِزها كقوٍة أساسيٍة جليةٌ وعلنيةٌ لدرجِة أنه ل داعَي لخفائها أو تغطيتها؛ حيث بَلََغت أرقى مستوياِتها مع إعلِ ن ال ةعلنية كأيديولوجيا رسميٍة للدولة .ومثلما ُيلَحظُ على الدوام ،فب ةعَد كّل قمٍة تبدأ أهميُتها بالنحداِر والتهاوي .أما المذهبيةُ الم ةعاِرضة ،فأوصبَحت على الدوام تَُمثُّل .ق المجتمع المديني ،إضافةً إلى َكوِنها رايةَ ال ةعصياِ ن والتمرد للمجتم ةعا ِ ت الُمَهّمشة الضيقِة الباقيِة خارَج نطا ِ ت الطبقيةَ نسبيًا .ومع التوجِه نحو يومنا الحاضِر ،تحوَلت إلى مذاهَب في عهِد إنشاِء الدولة ت ةعك ُ س التناقضا ِ ً ُ وصَل مهاّمها في توا ل المرة، هذه ب الثو بهذا ف وتلتح القوموية، ب ضرو من ا ضرب و لتغد الرأسمالية، القومية َ ِ ِ ِ ِ َ ب الدموية. التقّنع لدى توجهها نحو الحرو ِ خ المدنية ،إل أنها تتميز بأهميٍة ملحوظة .فَتَ َ طّوُر ِعلِم رغم محدوديِة نطا ِ .ق الفلسفِة نسبةً إلى الديِن في تاري ِ ُ َ َ ت الدينيِة أبرَز الحاجة إلى الفلسفة .هذا وُت ةعتَبَُر الحكمة بداية الفلسفة ،باعتباِرها الم ةعاني ،وقُ ُ صوُر اليضاحا ِ م ةعّمرةً بقدِر قَِدم الدين .والحكيُم الذي يَُمثُّل النساَ ن المفكَر يَُ ةعّد منبَع م ةعاٍ ن مختلفٍة عن اللهوتية ،وُيلجأ ُ إلى آرائه بقدِر اللجوء للناطقين باسِم الرب .ول يمكن اعتبار الحكماِء مساِلمين للدولة والمدنية ،بل إنهم مرتبطو ن .ق المجتمع الرسمي ،ودوُرهم بارٌز في تَ َ طّوِر الخل.ق وال ةعلم .إّ ن نساَء اللهِة بالكثر بالمجتمِع الكامِن خارَج نطا ِ َ ُ ب إلى الحكمِة صبها الرعونة والَبلدة ب ةعُد في المجتمِع النيوليتي أقَر ُ – الم ،والشرائَح الهرميةَ التي لم تُ ِ ٌ ت النبويةَ مشحونة بالحكمة. والم ةعرفة ،ونصاد ُ ف آثاَرها الوطيدةَ في المجتمِع السومري .كما أّ ن النطلقا ِ ٌ ث الشامل .ل جداَل في وجوِد الفلسفة قبَل الثقافِة بالبح ة جدير الوسط .ق الشر في ة الفلسف وتقاليُد الحكمة – ِ ِ ِ ً اليونانية .وَيكُمُن ُحسُن طالِع الفلسفة اليونا ن في إمكانياتِِهم الجغرافيِة وم ةعايشتِِهم مرحلة أرقى من المدنية في سيَّر الرهباُ ن السومريو ن إنشاَء الديِن الجديد واللِه الجديد وتشييَد الدولِة الجديدة والمجتمِع آٍ ن م ةعًا .فكيفما َ
الجديد م ةعًا ،فقد ل ةعَب الفلسفةُ اليونانيو ن أيضا ً دوَرهم في بناِء وديمومِة المجتمع المديني الجديِد بمرحلة أرقى، بحيث تتداخُل فيه الفلسفةُ مع الدين بالتناوصف .وال ةعمُل الحاوصُل هو نفسه :استخداُم فَّن المصطلحات .فبينما ستَتَنَّحى ت الفلسفية .وهكذا َ يؤدي الوُل دوَره مع إنشاِء الدين ،يقوم الثاني بتأديِة الدوِر عينِِه عبَر المصطلحا ِ اللهةُ المقَّن ةعةُ عن أماكنها لللهِة غيِر المقَّن ةعة والملوِك ال ةعراة .وهنا ثمةَ علقةٌ بين الفلسفِة والمسافات التي قط ةعها فكُر النساِ ن من التقدِم والرقي. ً ً إّ ن الفكَر الفلسفي الذي ل ةعَب دوراً محدودا في المجتمَ ةعين اليوناني والروماني سَيشَهُد ثورة عظمى في مجتمع أوروبا الرأسمالي .وهنا سن ةعيش فوضى فلسفيةً شبيهةً بما حصل في الديا ن .وُت ةعزى أسباب هذه الفوضى ت النظام القائم في مرحلِة الحضارِة ب متطلبا ِ ح الوطنية والطبقيِة إلى المقدمة بموج ِ بالكثر إلى إبراِز المصال ِ ب الدينية. ق الفلسفة لدى الفشِل في حّل التناقضات بالحرو ِ المدينية الجديدة .حيث وقَع ال ةعبُء الكثر على عات ِ ُ س الوقت ،فالقرُ ن السابُع نف وفي الدينية. الحروب ر آخ د ةع ت ّ والحرو ُ َ ب الناشبةُ فيما بين أعوام َ 1649 – 1618 ِ َ ُ عشر هو قرُ ن الثورِة الفلسفية .فالفلسفة التي أّدت دوَرها في المسؤوليِة في المجتمَ ةعين اليوناني والروماني س الفلسفيةُ الكبرى .وُتق َ طُع س في المجتمِع المديني الجديد .وهكذا تنشأ ُ المدار ُ َغَدت الشكَل اليديولوجي الرئي َ ُ س الملوِك المتسترين ،بينما يتّم العلُ ن أّ ن "اللهَ قد مات" ،ويبدأ عصُر الدوِل الرأسمالية ،التي ليست رؤو ُ سوى الدولةَ القوميةَ المؤّلهةَ والملَك ال ةعاري. ت البسيطة َتشَهُد المرحلةُ عدداً ع الثورة في ميداِ ن الفن أيضًا .فُ ةعْقَب رسوِم المغارا ِ تَُمّهُد الثورةُ النيوليتيةُ لندل ِ ف فّن النحت .ومع سلَ َ جماً من أشكاِل رسوِم اللهِة الم ورموِزها ،التي ُت ةعتَبَُر مواضيَع Nesneالفن الولى و َ المجتمِع المديني تَُخ ّ ي م ةعاً بالتداخل .أما التمايُز الطبقّي المتزايد ،ومهاّم الدارِة ط أشكاُل الله والدار ّ ب فيما بينهم ص بالذكِر تساب َ المتضاعفُة ،فتَُمّهُد لِتََدّوِل الفّن أيضا ً بقدِر تََدّوِل الدين .ونخ ّ ق الله والَملِك والراه ِ ض قواُهم في الفنوِ ن المصرية والصينية والهندية ،وكأّ ن هذه الهياكَل الضخمَة والمحفورات الباهرة في است ةعرا ِ ت س الحذو ،حيث ُت ةعتَبَُر بيو ُ ف بُِقواهم .وَيحذو الفّن الِم ةعمار ّ ي أيضا ً نف َ ت الديِن والداريين ساحا ِ دليٌل على الت ةعري ِ شأ القبوُر الضخمة .كّل ذلك دليٌل وصارٌخ ومرّوٌع على تنفيِذ الَ ةعمار لُتشيَّد فيها الم ةعابُد والسرايا الفخمة .كما ُتن َ ت اللف من البشر في سبيِل ف واستغلُل النساِ ن في المجتمع المديني ،إذ ُيسَتهلَُك مئا ُ الب ةعاِد التي بَلََغها ال ةعن ُ تشييِد هرٍم أو م ةعبد .ومع تََو ّ طِد التجارِة يصبح الّتّجاُر أيضا ً عاملً هاما ً َيطبع الفّن بطاب ةعه .ومثلما الحاُل في الملوك ،بالمقدوِر متاب ةعة شؤوِ ن التجار الجبابرِة في النتاجات الفنية أيضاً. ع ومع عصِر المدنيِة اليونانية والرومانية َنشَهُد ثورةً في م ةعماِر المد ن .فالمدُ ن – التي كانت عبارة عن قل ٍ ح الكامن داخليٍة وخارجيٍة – تَُمّر بتحول ٍ ت بنيويٍة ل تفتأ ُ تثيُر الدهشةَ والعجاَب حتى في راهننا .وثمُن الكد ِ ق ُيستثَمُر وُيستهلَُك في إعماِر المد ن بنسبٍة قصوى. الرقي ح فكد ة. وع مر د بأب ةعا وراء ذلك هو است ةعباُد المجتمِع ُ ٍ ٍ ّ ُ ِ ومؤشُر ال ةعبودية هو تلك القبوُر والم ةعابُد والقلُع والمدائُن الضخمة .كما أّ ن هذه المؤشرات دليٌل فاضٌح في ب في تشييِد المجتمع المديني .يَُمثُّل المجتمُع اليوناني ب والدِم المسكو ِ .ق المتصب ِ نف ِ س الوقت على مقداِر ال ةعر ِ والروماني مرحلةً جديدًة من المدنية في ميداِ ن النحت أيضًا ،إذ ُيراُد َتخليد ال ةعظمِة والبهة والجماِل في تلك الهياكل. شّكل ن منهَل قوِة اللهام إّ ن كلً من الثقافة والفّن اليوناني والروماني ،واللذين بُّثت فيهما الحياةُ مع النهضة ،يُ َ في المدنية الوروبية .فأوروبا القطاعيُة ،التي َحَكَمها الديُن ،لم يَُكْن لها أ ن تفتَح نوافَذها للذهنيِة الجديدِة ،إل ق البرجوازيِة مع ثقافِة النهضة هذه المنفتحِة نسبياً للفكِر الحر .ولم يَُكْن للفّن إل أْ ن يحظى بتأثيٍر كمّي عن طري ِ كطبقٍة مدينيٍة حديثِة ال ةعهد ،في حين أنه سَيفقُُد بهاَءه القديَم من غيِر رج ةعة .فالفّن بكافِة فروِعِه ِمن عماٍر سُر ت سُيصا ُ ب سري ةعاً بالرعونِة والتشرذِم في خدمِة الرأسمالية ،وسَيفقُُد قدسيَته ،وسَيخ َ وموسيقا ورسٍم ونح ٍ َ ً ً ُ سها ونفاذها الذريَع بم ةعنًى من الم ةعاني. صيَر سل ةعة استهلكية ت ةعلُِن إفل َ هويَته باسِم وصناعِة الفّن ،لِيَ ِ َ َ س النيوليتي .فكأّ ن الموسيقا ال ةعريقة الوصيلة َتصَدُح ُيمِكُن إرجاع المنبِع ال ةعين للدا ِ ب والموسيقا إلى التمأس ِ ً ي الراعي ،والمزماِر ،والطبِل إحياَء الجّو المشحوِ ن بالحزاِ ن نا ة باستطاع ا أيض بصدى هذه المرحلة .واليوَم ِ ِ ُ ف الموسيقى .في حيِن يطرأ عليها التطويُر شك ً ل ف الجياشِة ال ةعائدِة لتلك المرحلة ،وكأنها أسل ُ وال ةعواط ِ ومضموناً في المجتمع السومري ،حيث يتميز الموسيقيو ن وال ةعازفو ن بمكانٍة ل غنى عنها في قصوِر الملوك والم ةعابد. ْ ُ ُ َ .ق وقدسيِة الهويِة الولى لل ةعشيرِة ببلغٍة ُمحَكمة .إنها المنبُع ال ةعيُن وأشوا ت حسرا ر ك ذ ت ة الشفهي والملحُم ُ ِ ِ ُ ب والوثائق للملحِم المدّونة .وملحمة گلگامش هي أوُل وثيقٍة مدّونٍة في التاريخ ،وربما أنها المصدُر الم للدا ِ شّكُل منبَع اللهاِم للشروح الدبية واللهوتيِة ق السومرية الدبية والدينيِة ل تُ َ المقدسة أيضًا .فال ةعديُد من الوثائ ِ ُ ُ ت الميثولوجية ،ت ةعتَبَُر نسخَتها ت والتخيل ِ اليونانية فحسب .فالملحُم اليونانية ،وفي وصدارِتها كافة التصورا ِ الم ةعّدلةَ ال ةعاِرجةَ على بلِد الناضول ب ةعد المرور بالتحوير والتغيير .هذه الثقافةُ الدبيةُ والموسيقية الشاهدةُ ث مع ظهوِر الروايِة في المجتمِع البرجوازي الوروبي، على تغيٍر ملحوٍظ هنا ،تَُمّر بمرحلٍة أخيرٍة من التحدي ِ ُ ضيَّع قدسيَتها وأبَّهَتها السحرية وتتحوُل إلى ثقافِة رخيصة )ثقافة الصرعِة والديسكو( ،وإلى وصناعِة الثقافة ،لتُ َ الولى ،وتغدَو وجها ً لوجٍه أماَم الستهلِك والنفاِذ كسل ةعٍة استهلكيٍة سمجٍة وبسيطة ،مثلما َحّل بالفنوِ ن
الخرى. ضُح بإحدى يرتبطُ الفصُل بين "الفضيلة – الرذيلة" في المجتمِع المديني بالنقساِم الجتماعّي الساسي ،ويو ّ .ق ال ةعام ،فالفاضُل والرذيُل يَُ ةعّبرا ن عن ت بين مجموعا ِ جوانبِِه أسباَب المسافا ِ ح المختلفة .أما على النطا ِ ت المصالِ ِ ُ شيُر الُب ةعُد عنه تمايُِز المجتمع .أي أّ ن جوهَرهما مجتم ةعي .فبينما يَُدّل الرتباط بالمجتمع عن الخل.ق الفاضلة ،يُ ِ ض مع قِيَِمِه إلى الرذالة .إذ ن ،فالبناُء الجتماعّي ذو طابٍع أخلقّي منذ البداية .أي ،يتّم ضبطُهُ بقواعِد والت ةعاُر ُ ً س القدسية .فـ"الدستوُر الول" للمجتمع هو قواعُد الخل.ق، ب والنتظام الجديِد طوعا ،وبموج ِ الترتي ِ ب أس ِ ص له من التشتت ليس إل .فالخل ُ سِه الخلقيِة ل خل َ .ق موجودةٌ في جوهِر المجتمع .والمجتمُع المفتقُد لس ِ والتناثر .أما الضوابطُ الجتماعيُة ،فت ةعني في مضموِنها اللتزاَم بهويِة المجتمع ووجوِدِه اللهي ولغتِِه، ت ُنصَب ال ةعيِن لجلهم عندما يستدعي والتماسَك مع العضاِء الخرين وكأنهم جسٌد واحد ،بل وو ْ ضَع المو ِ المر .أما الطرُد من المجتمع ،في ةعادل الموَت ب ةعينه. ت المجتمع المديني ،وَتبُرُز للوسِط بالتزامِن مع النقساِم الجتماعي والتمايِز ُت ةعتَبَُر الحقو ُ .ق أحَد أهّم إنجازا ِ َ ق لظهوِر ديِن المقدسا ل و د ت ن أ ومثلما لكن، الخل.ق. سها وأسا تأكيد. ل بك ل والتدو الطبقي ّ ت الدينية َمّهَد الطري َ َ ُ ِ ِ ّ ّ َ َ ب قواعِد الخل.ق، ق للحقو.ق .أي أّ ن الحقو َ .ق أيضا ً فتَح الطري َ س ترتي ِ .ق تَُ ةعبُّر عن أس ِ الدولة ،فتََدّوُل الخل ِ ح الطبقِة الدارية وأملِكها وأمِنها في المجتمِع الدولتي الجديد؛ وهذا بدوِره ما ي ةعني "دستوَر" هذا ومصال ِ المجتمع. ق المدونِة للمجتمِع السومري ،والتي تسبق قوانيَن حمورابي بِأ ََمٍد طويل. الوثائ في للحقو.ق ل مثا ل أو على َن ةعثُُر ٍ ِ ِ َ بالتالي ،فَموِطُن ولدِة الحقو.ق ليس روما أو أثينا ،بل مدائُن سومر .أما في عهِد أثينا وروما ،فيتّم التشديُد على أواوصِر الحقو.ق مع الجمهوريِة والديمقراطية ،وُي ةعاُد ترتيُبها وتدوينها رسميًا .وأما ولدةُ الجمهورية ف المجتمع ال ةعبودي( وانحياَزها لنمِط الدارة والديمقراطية ،فت ةعني نزوَع الطبقِة الرستقراطية )أسياِد وأشرا ِ ق أماَم الديكتاتوريات الَملكية والستبدادية )أي ،الدارِة المزاجيِة للشخاص(. ض َ الجماعية ،بَِغَر ِ سّد الطري ِ ق في وبالرغم من عثورنا على آثاِرها في المجتمع السومري ،إل أّ ن ت ةعابيرها الولى المدونة والرسمية تتحق ُ ب المرحلِة الحضارية لمجتمِع أثينا وروما .وترتبطُ ولدةُ الجمهورية والديمقراطية ِبال ّ ب على المصاع ِ س ةعِي للتغل ِ ت الدستوريةُ ستَُكوُ ن النَّزعا ُ ب شؤونها .وهكذا َ ت الموجودِة في الدارة ،وإعادِة ترتي ِ والفوضى والشكاليا ِ ُ ت الطابع .ق في وصدارِة المواضيع المتداَولِة في المدنيِة ذا ِ والجمهوريةُ والديمقراطية في ميداِ ن الحقو ِ .ق النسا ن" ،لتطغى عليه الفردانيةُ البارزةُ البرجوازي الوروبي .وسيكوُ ن الختراُع الخير م ةعنياً بـ"حقو ِ .ق على الص ةعيِد الجتماعي. والممثليةُ الواس ةعة النطا ِ ت الساسية ،وكشكٍل من الوعي .وما يَُميُّزهُ يتوجب النظر إلى التقدِم ال ةعلمي الحاوصِل كجزٍء من هذه التصنيفا ِ .ق عليها من قِبَِل الجميِع بالتجربة .وهو ل َيشَمُل ُكّل الم ةعارف ،بل عنها هو َت ةعبيُرهُ عن قسِم الم ةعرفِة الُمصاَد ِ ت ذاَت الم ةعانَي الخاوصةَ )الُمصاَد.ق عليها بالتجربة( .وبشكٍل عام ،ما ِمن م ةعلومٍة غيِر مجّربة. يتضمن الم ةعلوما ِ ت الم ةعتمدِة على التجربة وغيِر الم ةعتمدة عليها ،وبين الوض ةعيِة منها الم ةعلوما تلك أما التمييُز بين ِ والميتافيزيقية ،وبين النظريِة وال ةعملية؛ فيتطوُر في المجتمِع المديني .وهو أمٌر على علقٍة مع الم ةعرفِة – س النيوليتي س ُ ت كبرى في ميداِ ن الم ةعرفة ال ةعلمية .المرحلةُ الولى هي التمأ ُ السلطةَ .يشَهُد التاريُخ ثلَث ثورا ٍ ت المجتمِع السومري تأسيساً عليه .المرحلةُ الثانيةُ )عهُد تل حلف فيما بين . 4000 – 6000ق.م( ومساهما ُ هي عهُد مجتمِع أثينا وغربي بلِد الناضول ). 300 – 600ق.م( .أما عهُد أوروبا الغربية ) 1600م .وما ب ةعد( شّكُل المرحلةَ الثالثةَ منها .وال ةعلقةُ بين الم ةعرفِة ال ةعلمية ومراحِل الحضارة المدينية جليةٌ جلَء النهار .فكّل فيُ َ ى وثيقٍة مع كّل من مرحلٍة تاريخيٍة تتطوُر بالترافق مع ثورتها ال ةعلمية .ولكنِ ،من المهم رؤية ال ةعلم ضمن ُعر ً ب ،الفن ،والحقو.ق .في حين أّ ن التمييَز بين ال ةعلِم والفلسفة أمٌر عصيب ،حيث ُيمِكُن الدين ،الفلسفة ،الدا ِ شّكل ن الجانَبين النظري وال ةعملي في تناوِل الحادث نفسه. اعتبارهما يُ َ ت الم ةعاني تلك على شكِل ثنائيِة الم ةعنى – وتصنيفا المديني ع المجتم بين ط الرواب عن الت ةعبير يمكن وب ِ َ شكٍل كليُ ، ِ ِ ِ ت الكبرى بين الم ةعاني وت ةعابيِرها ال ةعمليِة الناجمِة عن ممارسِة المجتمع البشري ال ةعمليِة السلطة .هذه التصنيفا ُ ب والسلب والتحريف على يِد الشريحة الدولتية في المجتمع للنه ض تت ةعر لها، الطريق مهدت وعن ذهنيته التي ُ ِ َ ُ ُ َ َ المديني .فأوُل ما انشغلت به الشريحة المتدولة وأحَكَمت قبضَتها عليه هو ترتيُبها لها ،لتج ةعلها مصدراً لبراديغمائيتها الجتماعية وقوِتها ال ةعملية .أي أّ ن كّل مرحلٍة من مراحل المدنية ُترّتب وُتن ّ ظم بناًء على براديغما ت وض ةعيةً )ظواهَر َمرئِيّة(ً ي لل ةعالم( .وبينما تَُكوُ ن هذه الترتيبا ُ أساسيٍة جديدة )وجهِة نظٍر جذريٍة ونظاٍم جذر ّ لقصى حّد بالنسبِة إلى هذه الشريحة ،فهي بالنسبة للرعايا الموّجهين ت ةعني الحّد العظَم من الت ةعتيم والت ةعميِة ت نسبةً إلى والتقييد .لقد كانت الشرعيةُ التي تَُؤّمُنها البراديغمائيا ُ ت الجديدةُ محوراً أساسياً على الدوام للدارا ِ ت كّل ثِقَِلها وانهمَكت أساساً في كيفيِة تقديِم مصالحها على أنها ضَ ةعت الدارا ُ تلك الدارات الطاغية علنًا .فقد َو َ مصالُح المجتمع برمته ،بل وقََدُرهُ المحتوم .وبقدِر ما تنجُح في ذلك ،تَُكوُ ن قد أ َ طاَلت عمَر المجتم ةعات التي ص لها من النهيار، ُت ةعتََبر حضارة .وبشكٍل أساسي ،فكّل مدنيٍة تفتقد شرعيَتها )قوَتها على القناع( ،ل خل َ ب الوصليةُ لنهياِر المدنية ت ال ةعالم في يوٍم ما .وعلى سبيل المثال ،فالسبا ُ حتى ولو كانت من أعظِم مدنيا ِ
سَر بذلك .ق الضربِة القاضية بها على يِد المسيحية داخليًا ،وهجرِة القواِم خارجيًا ،لَِتخ َ الرومانية مت ةعلقةٌ بإلحا ِ ُ سُر القوةُ قْدَرها ووزَنها وجاذبيَتها .ف ةعندما تَتِّحُد الجماعا ُ ت دينيٍة وأخرى قوميةَ ،تخ َ ت البشرية على شكِل تجم ةعا ٍ الرومانية المذهلةُ شرعيَتها ،وتتب ةعثر. ت وبم ةعنى من الم ةعاني ،فإّ ن البحَث بشكٍل منفصٍل في هذه المؤسسات الجتماعية ،التي يمكننا ت ةعريفها بالتصنيفا ِ ف الم ةعاني وتشويهها .ل ريب في استحالِة النفصاِل التلقائي لهذه الوقائع الميتافيزيقية ،يؤدي إلى تحري ِ ّ َ ت سنٍة و َ الميتافيزيقية – التي لطالما انتقدها الماديو ن على نحٍو فظ ووصارم – إلى َح َ سّيئٍة .في حين أّ ن التقييما ِ سنٍة أو سيئٍة ِب ةعقِد الترابِط الوثيق فيما بينها ومع المجتمع، ت َح َ السلوبيةَ التي تتناولها على نحِو ميتافيزيقيا ٍ ش بل ميتافيزيقيا. ال ةعي يمكنهما ل ةعه ومجتم فهي الفضل والثمن؛ نظراً لّ ن ذهنيةَ النساِ ن ُ َ ت دينيةٌ على ال ةعموم .وحينما َيفقُُد الديُن ماهيَته في تأميِن الشرعية )وهذا يكو ن ت الكبرى حضارا ٌ إّ ن الحضارا ِ ُ َ ق ُتشيُر الحقائ هذه ل ك بالغلب. نت حا قد ت الحضارا هذه ة نهاي تكو ن الجديد(، ن الدي أو ال ةعلم أو الفلسفة على يِد ِ ّ ِ ِ إلى مدى الهمي ِة الحياتية للتصنيفات الكبرى للم ةعاني )الدين ،الفلسفة ،الفن ،الحقو.ق ،ال ةعلم ،والخل.ق( بالنسبة إلى المجتمع المديني )الطبقي ،والدولتي( .وبينما تَُكوُ ن َمَهّمةُ السوسيولوجيا البنيوية تسلي َ ط الضوء على هذه ح كيفيِة اللتحام مع الحياة الجتماعية الحرة التصنيفات في المجتمع المديني ،تقوم سوسيولوجيا الحرية بشر ِ ب في تقييِم هذا الموضوع في الفصل الم ةعني. س انتقادها لهذه التصنيفات .سُنسِه ُ والديمقراطيِة على أسا ِ ً وُ -ي ةعتبَُر تاريُخ التفسيِر القتصادي من أكثِر المواضيِع قابلية للتحريف والتشابِك والتشويش في المجتمِع ي وعملي .فهي َتبح ُ ث في ث نظر ّ المديني .ومن ِحَكِم المدنية الرأسمالية أْ ن َتج ةعَل من القتصاِد موضوَع بح ٍ َ ت التاريخية على ذاتها بتقييِم نفسها "ماديِة" الواقِع الجتماعي .أما المدنيةُ الرأسمالية ،التي ُتضِفي السما ِ ق والسليُم لـ فرناند بروديل( ،فبمقدورنا تسمية نظامها بالنظاِم القتصادي .فمثلما كمدنية مادية )التفسيُر الُمِح ّ ج أو مانٍع جدي من تسميِة كافِة نظِم الحضارِة المدينية السابقة لها بـ"النظم الميتافيزيقية"، أنه ما ِمن حر ٍ ت الرأسمالية بـ"النظاِم المادي" منيراً لل ةعقول. فسيكو ن ن ةع ُ ُ ت المدينية )السابقِة المجتم ةعا ة وكاف الول( النساني ع النو ت تجم ةعا فيه )بما النيوليتي ع المجتم فبينما ُيولي ُ ُ ِ ِ ً َ للرأسمالية( ِقيمة قصوى للقدسية والم ةعنى والَ ةعظَمِة الخلبة وللميتافيزيقيا ككل ،ول َتقبَُل بتقييِم الحياة على سها وكأنها نظاُم "اللهِة غيِر ت النظاِر إليه هو تقديُم المدنيِة الرأسمالية نف َ منواٍل آخر؛ فالتطوُر الجديُر بَِلف ِ .ق الم ةعاني يستلزُم شروحا ً متقدمةً واس ةعَة النطا.ق .إذ ن ،فالمدنيةُ المقَّن ةعة والملوِك ال ةعراة" .فالتوغُل في أعما ِ الرأسماليةُ مجتمٌع يتميُز بقدرٍة قصوى في التحريف والتضليل والصهر. ب واللصووصية أب ةعاَدهما القصوى حسَب قناعتي الشخصية ،فََكوُ ن الرأسماليِة شكَل المجتمع الذي يصُل فيه النه ُ شّكُل جوهَرها بذاته .وكلمةُ "اقتصاد" يونانيةُ .ق الف ةعاليات التي تُنَ ّ ظُمها باسِم "القتصاد" ،إنما يُ َ ضمَن نطا ِ .ق ال ةعائلة وم ةعيشِتها المادية ،وضواب َ طها مع الجوار، ارتزا د قواع ت ةعني أنها أي ال ةعائلة". ن "قانو وت ةعني الوصل، َ َ ِ ع ت ةعميم هذا المصطلح في المجتمع المديني ،لُِيفيَِد بـ"قواعِد وأدوا ِ ت ذلك ومستنداِته الخرى .وبالمستطا ِ ً َ َ ّ ً َ س السا النسيج ل ك ش ي و ة، خص خص و ل و د ت ل الق الجتماعي ع الواق وهو الصغيرة. ت للجماعا الم ةعيشة" َ َ ُ َ ِ ّ ّ ُ ُ َ َ ً ج النسي ر تدمي ا تمام ي ةعني والذي ه، ل تدوي أو ه ت خص خص ب ر التفكي د مجر المحال من حيث لجماعيِة المجتمع، َ َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ب لم يجرْؤ أو السب ولهذا الحياة. في ة والهام الحيوية ه ضوابط م أه من المجتمع ن وحرما الساسي، الجتماعي َ ِ ِ ِ ّ ً ً ي مجتمٍع ِبج ةعِل الخصخصِة والتدويِل في الميدا ن القتصادي خاوصية أولية ،بالقدِر الذي قاَمت به ُيفكر أ ّ الرأسمالية .ل ريَب في أّ ن المجتمَع المديني ،وكيفما َدّوَل جميَع الميادين الجتماعية ،فقد َحّوَل القتصاَد أيضًا، ع للُملكيِة الخاوصة ولُِملكيِة الدولة في آٍ ن م ةعًا .ولكن ،ما ِمن مجتمٍع والذي هو نسيُجه الرئيسي ،إلى موضو ٍ َأعلَن علنا ً ورسميا ً عن ُملكيته الخاوصِة وُملكيِة الدولة كنظاٍم قائٍم بالدرجِة التي ف ةعَلتها الرأسمالية. ب بشكٍل مبكٍر .وقد أفاَد كارل ماركس ب وسل ٍ إّ ن النقطةَ الِجّد هامٍة هي تقييُم خصخصِة وتدويِل القتصاِد كأداِة نه ٍ ع بت ةعبيٍر أكثَر "علميًة" ،حين قال بوجوِد سرقِة القيمِة الزائدة الكامنة في قيمِة الكدح )وذلك على بهذا الموضو ِ ً ً ُ ق النتا ض وفائ ة القيم ض فائ ن كو ي ن أ وعدا رأيي، ب فحس ا. عمق ر أكث ا تفسير ر الم م يستلز شكِل ربح(. ْ ج الساب ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ ِ ُ ِ ب ولصووصية ،فما داَم القتصاُد موضوعا ً للُملكيِة الخاوصِة وُملكيِة الدولة ،فُيمِكُن تقييمه كأداٍة أوليٍة لها أداةَ نه ٍ شّكُل النسيَج الساسّي للمجتمع ،فجميُع أشكاِل التَّمّلِك فيه ،بما ب واللصووصية .وباعتباِر أّ ن القتصاَد يُ َ في النه ِ ُ َ ب فيها الخاوصة والدولتية ،أمٌر غيُر أخلقي ،وَينَدِرُج في لئحِة النهب والسلب .فكيفما أّ ن َخصَخصة أو تدويَل قل ِ ي عضٍو آخر فيه أمٌر بل م ةعنى أو ممنوٌع وخطير ،فالمُر عيُنه َيسري على القتصاِد أيضًا .آُمُل أْ ن النساِ ن أو أ ّ ق وأشمَل في فصِل الرأسمالية. أتناوَل هذا الموضوَع بتوغٍل أعم َ نلحظُ أّ ن التبضَع تَ َ طّوَر كظاهرٍة هامٍة للغاية في المجتمع المديني .أي أنه ثمة أواوصُر مني ةعةٌ ومتراوصةٌ بين ُ ضُع في وصدارِة التبضِع والمجتمع المديني )ذي الُملكيِة الخاوصة ،الطبقّي ،والدولتي( ،حيث َتأتي البضاعة والتَبَ ّ ف السل ةعة .وبأبسِط الشكاِل ت البارزِة في المجتمِع والتحضر .إذ ن ،والحاُل هذهِ ،من المهّم للغاية ت ةعري ُ الفئا ِ ي شيٍء Nesneوصفَة قيمة المقايضة )البيع والشراء ،القيمة التجارية( ،عدا عن أ ب اكتسا ن بأ ل القو يمكننا ُ ّ َ ّ ً ت النسا ن )عدا ما فيه من فائدٍة أو تلبيِته حاجة ما( ،فهذا ي ةعني أنه كوِنه شيئا ً Nesneاستهلكيا ً لتلبيِة احتياجا ِ ضع .بَقَِي المجتمُع غريبا ً عن قيمِة المقايضة مدةً طويلةً من الزمن ،بل واعتَبََر مجرَد التفكيِر بذلك عيباً قد تَبَ ّ
ت أو الفراِد ال ةعزيزين عليه .أما بروُز "التبادِل" مشينًا .حيث ُي ةعطي ما يراه شيئا ً Nesneثمينا ً كهديٍة للجماعا ِ ت التي بدًل عن ال ةعطايا والهدايا ،فهو ُبدعةٌ أو حيلةٌ من ِحيَِل المدنية بُِكّل م ةعنى الكلمة .فالتبادُل في المجتم ةعا ِ تسبق المدنية ،أو الباقيِة خارَج دائرِتها ،أمٌر مشين ،بل ويجب تََجّنبُهُ قدَر المستطاع ،إل في حال الضرورة ي شيٍء Nesneاستهلكّي خارَج إطاِر المؤسسة جل ّ القصوى .فالمجتمُع يدرك بتجاربِِه الغائرِة أّ ن أ ّ ي إخرا ٍ ت والكوارث. القتصادية – التي هي نسيُجه الولي – أو ج ةعِله موضوَع تبادل؛ قد َيجلُ ُ ب الويل ِ ب له كافةَ ضرو ِ س جداً تجاه مسألِة التبادل. ولذلك ،فهو حسا ٌ ُ سُر السل ةعَة وبَِتصييِر السل ةعِة قيمةً تبادليًةَ ،غَدت التجارةُ والّتّجاُر فئةً مدينيةً ِجّد هامة .باقتضاب ،أقوُل أني ل أفَ ّ ح ال ةعامل، على غراِر ما فََ ةعَل كارل ماركس .أي أنني أرى ادعاَءه بإمكانيِة قيا ِ س القيمِة التبادلية للسل ةعِة عبر كد ِ ً ض ةعنا نصَب ال ةعين انهياَر المجتمع ،الذي َتكاُد .ق اوصطلحّي َأسفََر عن مخاطَر ومهالَك هامة .وإذا ما َو َ بداية لسيا ٍِ ضِع المجتمِع على الص ةعيِد لم َتب َ ضَ ةعت ،نَُكو ن قد أوضحنا َمراَم قوِلنا على نحٍو أفضل .فَقَُبوُل تَبَ ّ ق فيه قيمةٌ إل وتَبَ ّ َ الذهني ي ةعني تماماً التخلَي عن كينونِة النساِ ن كإنسا ن .وهذا بدوِرِه ما ي ةعني تََ ةعّدي حدوَد البربرية .وإذا ما أَردنا ض الحيواِ ن الُمقَطِّع إربا ً إرباً في المذابح للبيِع ُتنقَُل إلى المجتمِع التشبيه ،فُيمِكُن القوُل أنه ي ةعني أ ن لوحةَ عر ِ َ ُ النساني برمته .إذ تتأتى الرذالةُ الجتماعيةُ ِمن الربا ،والربا من التجارة ،والتجارة من السل ةعة .كما ثمة أواوصُر ع وطيدةٌ بين التجارِة ودماِر البيئة اليكولوجية .فالقتصاُد الخارُج عن كونه نسيجاً اجتماعيا ً بدايةٌ للنقطا ِ الجذري عن الطبي ةعة .ذلك أنه يَتُّم إخضاَع وحدِة القيِم المادية والقيِم الحية لتمييٍز جذري هنا .وهذا ما ي ةعني لَِحّد ما زرَع بذوِر الميتافيزيقيا السيئة ،حيث َمّهَد الطريق لظهوِر الثنائية التي َعّكَرت وصفَو الذهِن بالرجح طيلَة ت ت والجدال ِ ح من المادة .وهكذا ،فإّ ن التمييزا ِ التاريخ الفكري ،عبَر تجريِد المادِة من الروح ،وتجريِد الرو ِ خ الحضاري التاري ر م على ة والحر اليكولوجية ة الحيا ضت على ّ الزائفةَ على غراِر المادياتية والم ةعنوياتية قد قَ َ ِ ِ َ ِ بأكمله .أما الروحانيةُ غيُر الم ةعلومِة الملمح ،والمناديةُ بمفهوِم المادِة الميتِة والكوِ ن الميت ،فكأنها َتحتَّل عقَل النسا ن وتستولي عليه وتست ةعِمره. س القِيَِم الجتماعية )بما قيا ة إمكاني مدى من ب مرتا أني إذ أخرى. ة نقط ص ٌ ِ ٍ ِ أََوّد الت ةعبيَر عن شكوكي بخصو ِ ُ ح حّي فحسب ،بل حصيلة أعداٍد ل فيها السلع والبضائع( .فاعتباُر المادِة المصنوعة – التي هي ليست نتاَج كد ٍ ب ص ما ،هو بَِحّد ذاته سلوٌك خاطٌ ئ َيفتَُح الطري َ ق أماَم نه ِ ح شخ ٍ حصَر لها من الكدح – بأنها محصلةُ قيمِة كد ِ س ثمُن ال ةعدِد اللمتناهي من الجهوِد والكدح؟ والنكى من ب واضٌح تمامًا .إذ ،كيف سُيقا ُ القِيَِم وسلِبها .والسب ُ ي قياس. الكاد لهذا ة المنجب والم ال ةعائلة ح س كد شئِة إياه؟ هذا الكدُح ل ُيمِكُن تقديُره بأ ّ ُ ذلك ،كيف سُيقا ُ ح والُمن ِ ِ ِ ّ وصنَِع فيه ذاك الشيُء Nesneالمسمى بالقيمة؟ وهكذا يمكننا س َح ّ ق المجتمع برمته ،والذي تََحق َ قو ُ كيف سُيقا ُ َ ح، الرب الربا، القيمة، – ح الكد ة، القيم ض فائ المقايضة، ة قيم ل بي ق من ت فالمصطلحا إذ ن، أكثر. الطالة ُ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ٌ ً ق قوة الدولة( .لذا ،من الفضِل واَلولى إيجاُد م ةعاييَر طري وعن ا )رسمي والسلب ب النه مع ة متقاط ةع ة، والسمسر َ ِ ِ ت لحقاً في فصِل الحداثِة نموذ من ة جديد ل أشكا ر تطوي أو للتبادل، أخرى ج ال ةعطايا .أوّد التطر َ ُ .ق لهذه الخاوصيا ِ ٍ ٍ ِ والحياة الحرة. لقد كانت التجارةُ المهنةَ الكثَر ازدراًء حتى في الثقافِة اليونانية ،ل ن اليونانيين كانوا منتبهين للروابِط فيما بين التجارِة والنهب .وفي المجتمع الروماني أيضا ً لم يَُكن التاجُر يَتََميُّز بمكانٍة ُمشّرفة .أما البضاعة ،فكانت سائرًة ق على الدوام في البقاِء على مستوى التبضِع ص الفائ َ على أشياٍء ِ Nesneجّد محدودة .إذ كانوا يَتََوّخو ن الحر َ ب في .ق المجتمع النيوليتي .وحتى لو ُوِجَد الوسطُ المناس ُ ضمن حدوٍد ضيقٍة في المجتمع .إني أتكلُم عن أخل ِ َ ض البقع فيما َقبَل سيادِة نفوِذ الرأسماليِة كنظام ،فكا ن ل ُي ةعطى فروصة التطوِر والرواج حتى في المجتم ةعات ب ةع ِ شه في الرضيِة الملئمة في القرِ ن السادس عشر فيما المدينية ،حيث ُتبِقيه على الهامش باستمرار .أما انت ةعا ُ ف خاوصٍة استثنائية .وَلربما كا ن ثمةَ حاجةٌ للنظاِم الرأسمالي ب وظرو ٍ يسمى اليوم هولندا وإنكلترا ،فُي ةعزى لسبا ٍ كي ُتصبَِح تلك البلداُ ن ف ةع ً ض ال ةعالُم بأسره لنتشاِر ل هولندا وإنكلترا .وهذا ما حصل .فَِخلَل أرب ةعِة قروٍ ن فقط تََ ةعّر َ َ ع من الحداثة في فصٍل منفصٍل بذاته. كنو المدنية من ة المرحل هذه هذا النظام فيه .سنفسُر ٍ ت م ةعارِفنا وم ةعلوماِتنا ف التمهيدي الموجِز بالخطوط ال ةعريضة بشأِ ن المدنية هو تثبي ُ إّ ن الغر َ ض ِمن هذا الت ةعري ِ ب المواضيِع ال ةعويصِة ،التي لم َينُفذ منها واستي ةعا م فإفها سليمة. ة روصين س أس على والسوسيولوجية التاريخيِة ُ ٍ ٍ ُ ً أكثُر الفلسفة والمؤرخين حذقا ً وتمرساً على طول أعمارهم ،أمٌر يستلزُم موهبة وكفاءةً استثنائية .نحن ل نّدعي ذلك أيضًا ،ولكّن تََمّتَ ةعنا بالقدرِة على الشرح والتفسير ،وتََمّيَزنا بِِ ةعلِم الم ةعاني على الص ةعيَدين التاريخي ت تقديرنا للحياِة الحرةُ ،ي ةعتَبَُر شرطا ً أوليا ً لجِل كّل َمن َحَمَل على كاهله والسوسيولوجي كضرورٍة من ضرورا ِ ت اجتماعيٍة جدية. واجبا ٍ ً ت ت الوطنية التحرريةَ ،وَووصفا ُ فمآسي "الشتراكيِة المشيدة" المَ ةعّمرِة قرنا ونص َ ت الثورا ِ ف القر ن ،وعشرا ِ ت الجليدية لرأسماِل التمويِل ال ةعالمي؛ ت الجتماعية الديمقراطية؛ وانصهاُرها جميُ ةعها في خضّم الحسابا ِ الحركا ِ ق التكامل بين ُقدرتنا على التفسيِر الُمحَكِم والضليِع بشأِ ن المدنية عموما ً والمدنيِة الرأسمالية تحقي علينا ض َ َيفُر ُ خصيصًا ،وبين سوسيولوجيا الحرية الم ةعنيِة بالحياة الحرة؛ كي ل َننَخِدَع أو َنخَدَع الغيَر في دعاوى وقضايا الحريِة ال ةعظمى.
-3قضايا انتشار المجتمع المديني: ي والسفلّي ِلما بيَن نهَري دجلة والفرات تنحاز المداول ُ ضين ال ةعلو ّ ع على أّ ن الحو َ ت ال ةعلميةُ الراهنة إلى الجما ِ شّكل ن موطَن نواِة الحضارِة المدينية المهيمنة على عالمنا الحالي ،ومكاَ ن وزماَ ن نضوِجها وازدهاِرها. يُ َ ف بالرجح .فشروُحنا كانت تشير إلى أّ ن موطَن والفصل ن الخيرا ن اللذا ن تناولناهما يتقاط ةعا ن وهذا الموق َ س المجتمِع المديني نشوِء النواة هو حوا ّ ف سلسلِة الجبال المحيطِة بالحوض ال ةعلوي للنهَرين .حيث تََكّوَ ن أسا ُ بالتزامِن مع تََخّمِر النواة ،وتط ةعيِم أوِل شتلٍة منها على يِد الرهبا ن السومريين .علينا أل نغفَل أو ننسى أّ ن هذا ف السنين في الواقع التطوَر القَيَّم الذي َأقَحمناه في جملٍة يكفينا خم ُ س ثواٍ ن للتلفظ بها ،إنما تَطَلَّب تجارَب آل ِ ال ةعملي حتى أينَع وأثمَر وتوطد. َ َتشُ ةعُر السوسيولوجيا الوض ةعيةُ )ليست تلك النتقادية التي عّرفناها ،بل سوسيولوجيا أميل دوركايم ،وأوغست صنَةٌ كلياً من الب ةعاد الّزَمكانية .فالحواد ُ ث والظواهُر التي تتحدث كومت ،وكارل ماركس( بأنها م ةعفيةٌ أو ُمَح ّ ق ال ةعلَم التجريبّي والظواهري ،وت ةعتقد أنها تتناول الموَر عنها ل مكاَ ن ول تاريَخ لها ،وَتزَعُم بذلك أنها تُطَبّ ُ شب ّ ُ ث بهذا السلوب بَِنواِجِذها .وبالوصل ،يتستر ب ةعلميٍة بقدِر تحليِلها إياها بنحٍو مبتوٍر من الزما ن والمكا ن .وتَتَ َ ٌ ٌ سها على أنها أبدية سرمدية من حيث الزماِ ن والمكا ن. في فحوى هذا التناوِل والت ةعاطي للمور إظهاُر الحداثِة نف َ ف والميوُل ساريةٌ على جميِع ال ةعلوم والفلسفات والفنوِ ن الوروبية المركز. وهذه المواق ُ َ ً ً ّ صّوروا ووصاغوا وكيفما يَُكوُ ن اللهُ ُمنزها عن الزما ن والمكا ن ،فهؤلء الرهباُ ن الم ةعاوصرو ن أيضا )ولنهم تَ َ أيديولوجيةَ المدنيِة الوروبية( مرتاحو البال وواثقو ن من أنفسهم بشأِ ن لمحدوديِة ولزمانيِة ال ةعلِم الذي .ق الزما ن والمكا ن .هذا هو الخطأ ُ زاولوه .فهم َي ةعتَِقدو ن أنهم َ سيَُلوُذو ن بِِبساِط ال ةعلِم بقدِر ما يهربو ن من خنا ِ الذي طالما َوقََع فيه براديغمائيو )ُمنَ ّ ظرو( كّل مرحلة .ولكّننا َن ةعلَُم ِعلَم اليقين أنه ما ِمن ظاهرٍة أو واق ةعٍة أو ت الّزَمكانية في ذاته. ث أو مؤسسٍة أو عمليٍة أو شخصيٍة أو مجتمٍع ل َيشتَِمُل على التأثيرا ِ حاد ٍ ف من قوة م ةعنى التفسير .فالتاريخانية tarihsellikفي ميداِ ن ال ةعلوِم ب سُيضاِع ُ إّ ن القبوَل بهذا السلو ِ ي بنسبٍة الجتماعية ت ةعني "ال ن" .في حين أّ ن "ال ن" هي التاريخ .والفار.ق بينهما شكلّي بالغلب ،وجوهر ّ ت "الفترة". ضئيلة .ونخ ّ ص بالذكر أنه ِمن المستحيل إنشاُء سوسيولوجيا ثمينٍة ومثلى دو ن اللجوِء لوصطلحا ِ ب أساسي ،حتى دو ن أْ ن أقرأَ لفرناند بروديل ،وَأعتَبُِر ذلك عنصراً أسلوبياً ت أدرك ُ وقد كن ُ ت ذلك وحفظُته كأسلو ٍ س ُ ق الروصيَن لهذا المفهوم ،ولو بشكٍل هاٍو وغيِر محترف. ط مراف ةعاتي التطبي َ ل بد منه لجِل المكا ن أيضًا .وتَْب ُ ب ِعلَمِوّيو كما بالمقدوِر رؤيةُ الثاِر عيِنها في كافِة تحليلتي أيضًا .إذ ن ،والحاُل هذه ،لماذا َيغفَُل أو يَتََهّر ُ أوروبا من الزما ن والمكا ن بالقدِر الذي َيفَ ةعُله إنساٌ ن قليُل التجربِة )مثلي(؛ رغَم حساسيتهم الفائقِة إزاَء ص ع السلوب؟ اليضاُح الم ةعقوُل والواق ةعّي لذلك هو مركزيةُ أوروبا وَكونِيُّتها ،وعجُزهم عن الخل ِ موضو ِ سسوا مجتم ةعاً ميتافيزيقيا ً كهذا بخصائصهم هذه ِمن الميتافيزيقيا الصرفِة ،أو مراتُبهم واعتقاداُتهم بأنهم أَ ّ بالذات. خ والمكا ن في السوسيولوجيا أمٌر مساِعٌد في إدراكنا كيف َتجري وَتندفُع الحياةُ التي بَْيَد أّ ن إدراَج التاري ِ ط مساَرها ،ويَُؤّمن استي ةعاَبنا لَِما نَُكوُنه نحُن في التاريخ و"ال ن" .فما داَم التاريُخ واللحظةُ ستَتََحّقق ،وكيف تَُخ ّ سلِّم المتوالية ت ال ّ )ال ن( قريَبين جداً من ب ةعضهما ،وما داَمت المكنةُ أيضاً تتوالى وتت ةعاق ُ ب على غراِر درجا ِ ش وحدَتها الكليةَ والمتكاملة؛ فسنستطيع تفسيَر النسانيِة أيضاً على أنها كّل متكامل ،وأنها بطبي ةعِة الحال ت ةعي ُ وتكامَلها الروصيَن حتى ِمن دوِ ن وجوِد القوام ،الديا ن ،الدول ،المم ،التحالفات ،هيئات المم المتحدة، ت الزاعمةُ بأنها َتبح ُ ث عن التحاد والوحدة وتس ةعى إليهما ،إنما هي ذاُتها التي والمميات .إذ ن ،فالمؤسسا ُ َ ب الطوار ،حيث يَتََميُّز بخاوصيٍة أشبَهُ بأ ن يَُكوَ ن الصحيُح تُطَبّ ُ س تمامًا .إّ ن المجتمَع المديني تكويٌن غري ُ ق ال ةعك َ س كّل ما يقوله .ولكي ل نَْبَهَت أو نَتََحيَّر في أمرنا ،يبدو أنه علينا قراءةَ المجتمِع المديني بالمقلوب، هو عك ُ وعلى الدوام. َ ت النظار بالغلب إلى ضرورِة كيفيِة تناوِل وتفسيِر التوسع الزمكاني ض لف ِ لقد تَطَّرقنا لهذا التمهيِد بِغِر ِ للحضارة المدينية. ت الوصول السومرية والمصرية: أ -قضايا انتشاِر الحضارات ذا ِ ّ َ ُ َ ف تكّونت نواة الحضارة المدينية .فأين ستُطّ ةعُم الط ةعَم س النيوليتي ُينيُر لنا كي َ إّ ن ما ذكرناه بشأِ ن التمأس ِ َ َ َ ضر .وحتى لو ُوِجَدت، السومري ،دوَ ن التفكيِر في هذه البذرة النواة؟ إذ ،ما ِمن بذرٍة أخرى يمكنها أ ن تينَع وتن ُ
غ والنضوج .فمثلما أننا ل نستطيع اليوَم التفكيَر بوجوِد الوليات المتحدة فهي ليست في حالٍة تَُخّوُلها للبلو ِ ض الرافَدين السفلي أْ ن ينجَو ِمن التحوِل المريكية دو ن أوروبا ،كذلك – بل وربما بنسبٍة أكبر – ما كا ن ِلحو ِ ض ال ةعلوي من الرافَدين .دعَك حينها ِمن إلى مجرِد حقوٍل قصبيٍة ،لول تَ َ شّكِل نواِة الحضارة المدينية في الحو ِ ش حياٍة َأشبَهُ بحياِة البيغما. تََخّمِر الحضارة المدينية ،بل ربما كا ن سُيفلُِح بالكثر في النجاِة ب ةعي ِ ت المتقدمةُ من الستقراِر ثمة قضيةٌ هامةٌ أخرى على وص ةعيِد النتشار ،أل وهي :لماذا َلم تَتََمّد ن المستويا ُ سلّطُ الضوَء على الحاوصل في الراضي الوسطى من بلِد ما بين النهَرين ،أو حتى في بلِد الناضول؟ ف ةعندما نُ َ ق التي بَلََغت عتبةَ الحضارة ،وثمة ما حصَل قبَل ال ن بخمسِة آل ِ ف عام ،سوف نَِجُد أنه ثمة ال ةعديُد من المناط ِ ق ب ل َن ةعلُمها يقينًا ،نلحظُ أنها انهاَرت دو ن أْ ن تَُحقّ َ قرى ضخمةٌ تكاُد تبلُغ مرحلةَ التمد ن؛ لكن ،ولسبا ٍ ُ انطلقاِتها المرتََقبة .وعلى سبيِل المثال ،فمنطقةُ جطال هويوك ،Çatalhöyükوالراضي الواق ةعة فيما بين إيرا ن وتركمانستا ن هي كذلك .نحن على علٍم بضرورِة وجوِد عدِة شروٍط أوليٍة لنشوِء المدينة .كما ِمن الم ةعلوِم ض النتاج .وما ُيمِكُن أْ ن يَُؤّمَن حصوَل أّ ن َتواُجَد الت ةعداِد السكاني الضخِم في منطقٍة ما مرتبطٌ بضخامِة فائ ِ ت النهار .والساحةُ الرسوبيةُ ج الفائض هو الر ّ ي الصناعّي للراضي السهليِة الرسوبية على مصبا ِ النتا ِ شّكَلها كّل من نهِر النيل ونهَري دجلة والفرات على مقربٍة من مصباتها في البحار ،إنما تَُؤّكُد الغرينية ،والتي َ ب زيادَة الت ةعداد السكاني ،وتأميَن الستمرارية كشرٍط أولّي لولدِة وصحةَ هذا الرأي .ولجِل مرحلِة البداية ،يتطل ُ المدينة .الشر ُ ج ذاتها في ط الثاني الذي ل بد منه ،هو وجوُد المؤثرا ِ ت الثقافية الجاهزة والقادرة على إنتا ِ شَ ئ الثقافةَ النيوليتية ،لّ ن شروطَ ولدِة تلك ق الجوار .إذ ،ما من ساحٍة رسوبيٍة غرينية يمكنها أْ ن ُتن ِ مناط ِ ٌ ق الثقافة م ةعدومة هناك .في حين أننا ل ن ةعثُر في الثقافِة النيوليتية على شروِط المدينة القادرِة على تحقي ِ َ ي ل ملذ منه. ب هذه الوضاع ،فإّ ن التكامَل وإتماَم الب ةعض شرطٌ اضطرار ّ ديمومتها والكثاِر من ت ةعدادها .وبسب ِ ض الوسط لما بين النهَرين ،وإْ ن لمَ ّكل الدلل ِ ت البارزِة ُتشيُر إلى وجوِد سلسلِة مدٍ ن متوسطِة الحجِم في الحو ِ ض في ذلك ،فقد َخلََقت حضارةُ مدينِة أوروك، تكْن بالمستوى الذي كانت عليه في الحوض السفلي .وقبَل الخو ِ ُ ُ س نظاَم المستوطنات ،وتزيُد من ت ةعداِد التي َأثبََتت وجوَدها في أعواِم . 3500ق.م ،نظاما ً بَِحّد ذاته .فأوروك تَؤ ّ س ُ ت التاريخ .وما عبادةُ اللهِة إينانا ،وملحمةُ ب دوَرها لتناَل شر َ مدنها ُمقَّدَمةً بذلك نموذَجها ،وتل ةع ُ ف ُأولى مدنيا ِ گلگامش سوى براهيُن جليةٌ على خلودها .ومن المحتمِل أنها تنهاُر في أعوام . 3000ق.م حصيلةَ المناَفسِة الموّحدِة للمد ن الكثِر عطاًء وخيراً وت ةعداداً في شماليها. ت حتى أعوام . 2000ق.م ،حيث ث سلل ٍ ت أور في أعواِم . 3000ق.م ،وتستمّر على شكِل ثل ِ َتبدأُ مرحلةُ سلل ِ ق من النهياِر والنشوء .ويجب اعتبار مرحلَتي سللِة سارغو ن تنسحب إلى الشمال ،وتمر بنف ِ س المنط ِ الكادية ،وسللة خودا Gudeaالقوطية ضمن هذا الطار .وما َيخطُُر في البال على الفوِر ِمن هذه المرحلة؛ ت المدِ ن الضاريةَ مثلما هي الحاُل اليوم ت ،ونزاعا ِ ق الحقوقية المدّونِة ،الملحَم الدبية ،الكاديميا ِ ُأولى الوثائ ِ ت نيبور ول ةعنِة آكاد( .إذ نِ ،من المفهوِم أّ ن أور نظاٌم استيطانّي )كولونيالي( )وخيُر مثاٍل عليها ملحُم مرثيا ِ س الداخلي لسلسلِة جباِل واسع .وبالوصل ،فالمستوطنا ُ ت الولى تَتَ َ ق الَقو ِ شّكُل وتتزايد كالسيِل الجارف في مناط ِ طوروس – زاغروس ،لتنتهي وتندثر بسرعة أيضًا. ت في أحشائه .فإذا كانت صةُ ِمن ذلك هي مدى القدرِة الثقافيِة للمجتمع الذي أ ّ النتيجةُ الُمستخلَ َ سسوا المستوطنا ِ ت مدينيةٌ مستقلة ،فل يمكننا حضارتا مصر وهرابا إلى جانب حضارِة عيلم – سوس تُقَيُّم على أنها حضارا ٌ طنات ،وإْ ن لم يَُكْن برواب َ حينها إل التفكير في مقايستها مع السومريين على وص ةعيِد المستو َ ط مباشرة ،وإنما بالم ةعنى الموضوعي للكلمة. س المنطق .وهي حضارةٌ سومريةٌ َيبدأُ ال ةعهُد البابلي إلى الشماِل من تلك الراضي في أعوام . 2000ق.م ،وبنف ِ ت الوصوِل الثقافية السامّية( .وتَُ ةعّد هذه من حيث الجوهر ،وإْ ن اعتُبَِرت مندرجةً ضمَن الثنيِة الكادية )ذا ِ ب مدينةُ بابل دوراً مشابها ً ِلما أَّدته مدينةُ باريس في أوروبا. سس ،حيث َتل ةع ُ الحضارةُ أوَج ازدهاِر ال ةعلم والتمأ ُ ق فيها صّبها .كما تَتََحقّ ُ ب كّل الثقافات في َم َ فهي مدينةُ ال ةعلم والثقافة ،علوةً على ازدياِد عدِد تُّجاِرها ،وانسكا ِ الكوزموبوليتية لول مرة؛ بحيث أَثَّرت في جواِرها بقوة ،وابتََدَأت عصَر النماردِة )أوائِل الملوك الشداء( في ث مراحَل هامة: شّع النوَر على أطرافها .وقد َمّرت بثل ِ ب وَأشبَهَ بمدينٍة تُ ِ سَم بَِكوِنها مركَز الجذ ِ التاريخ ،لِتَتّ ِ ُ مرحلةُ النطلقِة الزاهية فيما بين . 1600 – 2000ق.م ،وُت ةعَرف بمرحلِة حمورابي الشهير .ومرحلة فقدانها لستقللها بتأثيِر أقواِم الهوريين فيما بين . 1300 – 1600ق.م .والمرحلةُ الثالثةُ هي مرحلةُ احتلِل البرسيين لها وتأثيِر الشوريين عليها فيما بين . 550 – 1300ق.م .وهكذا َيتُرُك ال ةعهُد البابلّي الُمَ ةعّمُر ألفاً وخمسمائةَ عاٍم
ت اللِه ماردوخ مع اللهِة تيامات ،وملحمةُ صماِته الراسخةَ في ذاكرِة النسا ن ،وإْ ن بشكٍل مستتر .وما منازعا ُ بَ َ ص تروي حكايةَ الهزيمِة الشن ةعاء المؤلمِة للمرأِة – الم .كما أّ ن علَم الفلك، أنوما – أليش الشهيرةُ سوى قص ٌ ق المدّونة ،وبقايا ثقافِة كالدا التي ل تزال الكهانةَ بالسحر والش ةعوذة ،سبَي بني إسرائيل ،وال ةعديَد من الوثائ ِ ت ل ُتنسى من هذا المركز النواة .وإذا ما استذكرنا أنها ت ال ةعتيدة تجاه آشور؛ كّلها ذكريا ٌ ُتشيُر إلى المقاوما ِ ف سِهم الفيلسو ُ سِهم الولى فيها ،وعلى رأ ِ المدينةُ التي جاَبها ال ةعديُد من الفلسفِة اليونانيين لِتَلَّقي درو ِ وصولو ن ؛ سندرك حينئٍذ التأثيَر المتوالَي لها بشكٍل أفضل. يمكننا تقسيَم ال ةعهِد الشوري أيضاً إلى مراحَل ثلث .المرحلة الولى هي عصر الملوك التجار )1600 – 2000 س لهذه المدينِة( القريبِة من مدينِة المووصل .ق.م( .فتََمرُكُز التجاِر في مدينِة نينوى )آشور هو اللهُ المؤ ّ س ُ ُ ت التجارية الوسِع على الحالية ،والمترعرعِة بطابٍع تجار ّ ي بالغلب ،قد أدى إلى إنشاِئهم أولى المستوطنا ِ سسوا عدداً جماً من المستوطنات المد ن التجارية في ال ةعديِد من المناطق ،بدءاً من الطل.ق في التاريخ .إذ أَ ّ شرقي البحِر البيض المتوسط إلى شواطِ ئ البنجاب ،ومن البحر السود إلى البحر الحمر .لذا ،يمكن القوُل أنهم َحّققوا انطلقةً مزهرةً في مضماِر ال ةعمارِة والتجارة .وما مدينتا كول تبه ) Kültepeوُتدعى كانيش Kanişفي ال ةعصر الشوري( المجاِورةُ لمدينِة قيصري ،Kayseriوَقرَقميش ) Karkamışيأتي أوصُلها من ت التجارة( المتواجدةُ في مكاِ ن عبوِر نهِر الفرات للراضي السورية اليوم؛ قاروم ،Karumأي ِمن وكال ِ ُ سوى من بقايا هذا ال ةعهد .أما أعواُم ما بين . 1300 – 1600ق.م ،فهي مرحلة نفوِذ وهيمنِة الدولة الميتانية ت الوصول الهورية .Hurriورغم افتقاِدها أهميَتها القديمَة ،إل أّ ن التقاليَد الشوريةَ ل تزال َتصو ن ذا ِ َ َ سسوا أوَل وجوَدها .في حين أّ ن أعواَم . 612 – 1300ق.م ُت ةعتَبَُر المرحلة الزهى والكثَر بريقًا ،حيث أ ّ وصِة البنيا ن في التاريخ ،والوسِع في عهدهم .وقد اشتُِهروا بجبروتِِهم في الحرب )ُيقال أنهم إمبراطوريٍة ُمترا ّ ُ شِهَدت أوَل تطهيٍر خ لكونها َ شادوا القلَع والسواَر من الجثث( .وقد تََرَكت هذه المرحلة آثاَر ذكرياِتها في التاري ِ شِهَدت تَطَّوَر وعِي المقاومة لدى الش ةعوب بالرجح .فأعظُم غ كلي للمناطق؛ فضلً عن أنها َ عرقي ،وأوَل إفرا ٍ َ مقاومٍة أبداها حينئذ الهوريو ن الكرُد الوائل بريادِة ملوِك أورارتو )إّ ن البنى الثنية للورارتيين موضوُع جدال. ت كانت َت ةعتَِمُد لغَة الثقافة السائدة في ت الحاكمة .ذلك أّ ن جميَع السلل ِ والمُر عيُنه َيسري على كافِة السلل ِ مرحلتها أساسًا .وقد كانت الشوريةُ والراميةُ اللغَتين الرسميَتين للدولة في أورارتو ،وفي قصوِر برس ب الوفُر في بقاِئهم على أراضيهم الحالية .في حين ُدّكت دعائُم هذه س النصي ُ لحقًا( .ولهذه المقاَومِة الضرو ِ المبراطوريِة ال ةعملقِة واختَلَ َ ف الميديين – ذوي الوصوِل ت التاريخ في . 612ق.م حصيلةَ تحال ِ طت مع وصفحا ِ الهورية – مع البابليين .وباعتباِرها آخَر حضارٍة من جذوٍر سومرية ،فقد امتاَزت بمساهماِتها ال ةعظمى في تَ َ طّوِر ي والم ةعماري(. ص في المجاَلين التجار ّ وانتشاِر الحضارِة المدينية في التاريخ )وبالخ ّ ولوِل مرٍة َنشَهُد مراكَز حضاريةً مختلفةً خارَج ميزوبوتاميا السفلى ،بحيث تَُخ ّ ط مساراً مغايراً في التغير ضَ ةعة ميزوبوتاميا الوسطى في الحلقِة والتطور ،سواًء من جهِة الشكل أو المضمو ن .لن يَُكو ن من الخطأ َمْو َ ت الثريِة في المنطقة ،وبفضِل الولى من نشوِء الحضارة السومريِة وانتشاِرها .ومن خلِل الحفريا ِ التيمولوجيا والثنولوجيا؛ تزداُد م ةعلوماُتنا طرديا ً بشأِ ن هذا الجيِل ذي الوصوِل الهوريةُ .ي ةعتَبَُر الهوريو ن ُأولى ت المنتقلِة من اللغِة والثقافة الريِة إلى المصادِر المدّونة. ت البَيّنَِة الهويِة من بين الش ةعوب أو الثنيا ِ المجموعا ِ ت المستقرةَ في سلسلِة جباِل زاغروس – طوروس منذ ال ةعصِر الجليدي وصلء ،حيث يُ َ وهم أُ َ شّكلو ن المجموعا ِ الخير .وقد أَّدوا دوراً رئيسا ً في تَ َ ت طّوِر الزراعِة وتدجيِن الحيوانات .أو بالحرى ،يَتَ َ صّدرو ن المجموعا ِ المطّورةَ للثورِة القروية والزراعية النيوليتيِة في المنطقة .وقد تََميَّزت هوياُتهم الثنيةُ وتَبَيَّنت م ةعالُمها منذ ف للهوريين .فالت ةعليُل التيمولوجّي للكثيِر من ألفاظهم، س ُ أعواِم . 6000ق.م .وَن ةعتُُهم بالكرِد الوائل َأن َ ب ت ةعري ٍ ف على الروابِط بين بنيِتهم اللغويِة والكرد .وقد َتداَخَل وكذلك التفسيُر الثنولوجي يُ َ ع شفا ٍ سّلطا ن الضوَء بسطو ٍ وتماشى الستقراُر في السهوِل مع الترحاِل في المناطق الهضابية والجبلية .كما أّ ن اعتباَر السومريين من ق ). 2050 – 2150ق.م(، أوائِل المجموعات الهورية احتماٌل وارٌد بقوة .بَْيَد أّ ن الحتلَل القوطّي اللح َ والحتلَل الكاشي ). 1600ق.م ،وأوَل احتلٍل بابلي بالتحالف مع الحثيين . Hititler 1596ق.م( ،والتوسَع المضاّد للميديين والبرسيين فيما ب ةعد؛ كّل ذلك دلئُل برهاٍ ن على هذه الحقيقة .هذا وُي ةعتََبرو ن الجيَل النيوليتي الكثَر علقةً مع السومريين عن كثب ،ويَِليِهم في ذلك الراميو ن ذوو الوصوِل السومرية. ت جذوٍر هورية )هذا إذا وابتداًء من ُمستََهّل أعواِم . 3000ق.م يمكننا ال ةعثور على الثار الجمِة لوِل حضارٍة ذا ِ س النيوليتي( .إننا في الحقيقِة ضع في الحسباِ ن مرحلةَ . 4000 – 6000ق.م ،والتي هي مرحلةُ الّتمأ ُ َلم نَ َ س ِ
وجهاً لوجه أماَم تَ َ طّوٍر متواوصٍل بل انقطاع .فبينما انتَقََلت الجياُل المستقرةُ في سومر إلى المرحلِة المدنية ب الشروط المناخية مبكرًا ،فقد َأبَدى الباقو ن جدارةَ تحويِل أماكِن استيطانهم إلى مدائن ،ولو ببطء )بسب ِ ض ما بين وظروف الري( .وقد ُعِثر على ال ةعديِد من أمثلِة المد ن في الحفريا ِ ت الثرية للمناطق الوسطى من حو ِ ت كّل من أورفا ،Urfaكازاز ،Kazaz نهَري دجلة والفرات .فال ةعديُد من الحفريات ،وفي مقدمِتها حفريا ُ توتريش ،Tutrişكرافره ،Grevreزيتونليك ،Zeytinlikوكذلك حفريات منطقة گوباكلي تبه ع الداخليِة والخارجية ،والتي َتكتَنُِفها Göbeklitepeمؤخرًا؛ كّلها ُتظِهر وجوَد أماكِن الستيطاِ ن ذاَت القل ِ ت القيمِة الفنية الثمينة ،والمت ةعِة ب إلى أماكِن ال ةعبادة ،الشكاِل النحتيِة ذا ِ السواُر وتَلُّفها ،وكذلك البنى اَلقَر ِ التجارية؛ لِيَُكوَ ن كّل ذلك برهاناً قاط ةعاً على نشوِء المد ن التي تمتد تواريخ غالبيتها إلى . 2750 – 3000ق.م. ت المدائِن الولى المستقلةُ عن السومريين .أما مصاَدفَةُ وجوِد لذا ،من الواق ةعّي حقا ً التبياُ ن بأنها مجموعا ُ ق المجاِورِة لها ،فهو أمٌر هاّم وذو م ةعاٍ ن قَّيمة .إذ يمكننا ت مغايرٍة وذا ِ مستوطنا ٍ ت أوصوٍل سومريٍة في المناط ِ شِهَدت الحتلَل ِمن قِبَِل أوروك ،أور ،وآشور بين فترٍة الدراُك من هذه المستوطنات أّ ن تلك المدائَن قد َ ُ ُ ت التيمولوجية والثنولوجية الخيرة عن أّ ن المراكَز ت الثريةُ الجديدة ،والنشاطا ُ ف الحفريا ُ ش ُ وأخرى .وقد َتك ِ ث ال ةعلميةُ ض الوسِط ِلما بين النهَرين كانت كّل واحدٍة منها مركزاً حضارياً عظيمًا .والبحو ُ المدائنيةَ في الحو ِ ت الم ةعنيةَ بها ،والتي سيُر في هذا المنحى .ونخص بالذكر الّلقى الموجودَة في كوبكلي تبه والتحليل ِ الخيرةُ تَ ِ َ خ مجددًا. تَتََميُّز بماهيٍة ستُِ ةعيُد كتابة التاري ِ ت سياسيٍة ت الجذور الهورية ،فتتسُع نطاقاُته ،وَينتَقُِل إلى شكِل إدارا ٍ أما الجيُل الثاني من الموجِة الحضارية ذا ِ َأشبَهُ بالمبراطورية .وبالخص ،فإّ ن الميتانيين Mitannilerالمنحدرين من ميزوبوتاميا الوسطى يلفتو ن سسوا إمبراطوريةً َحَكَمت البلَد منذ عهِد ازدهاِر المبراطورية النظار في هذا المضمار .وندرك من ذلك أنهم أَ ّ الشورية في أعوام . 1600ق.م إلى أعوام . 1250ق.م .وعاوصمُتهم كانت مدينةَ سريه كانيه Serêkani سّميا ن اليوم ماردين ،Mardinوقد كانت ومدينةَ عامودا Amudêاللَتين تق ةعا ن على الحدود السورية ،وتُ َ ت أنه كا ن هناك بنيةٌ تُ َ سّمى ال ةعاوصمةُ في تلك اليام خوشكاني )وم ةعناها النبُع الطيب( .وقد ُأدِرك من اللوحا ِ لغويةٌ مختلفةٌ لديهم ،وأّ ن أوصَلها يرجُع إلى اللغِة الهورية .كما َأبَدوا نجاَحهم المظفَر في التوسِع من مدينِة ب من أنطاكية على وجِه كركوك الحاليِة )حيث أّ ن كركوك من بقايا تلك المرحلة( إلى تّل علل Tel-Alalالقري ِ سطوا نفوَذهم على الشوريين بشكٍل س مجموعِة اللغة الريةُ ،ندِرُك أنهم بَ َ التقريب .ومن خلِل تََكّلِمِهم بنف ِ س الحثيو ن حينها كياَ ن أوِل دولٍة متواوصل ،وأنهم إما أقرباُء مع الحثيين أو ينحدرو ن من الجذِر عينه ،حيث أَ ّ س َ سَلها الَملُِك شوبيلوليوما ، مركُزها بلُد الناضول الداخليةُ )ثمةَ مثاٌل مبرَهٌن وأكيٌد من الرسالة التي كا ن َأر َ ب مدى ج من ابنته( .كما نستوِع ُ الذي فتح حلب وقرقميش ،إلى ِ وصهره الميتاني ماتيزافا Matizavaالمتزو ِ ت المصريات قُّوتِِهم ال ةعظيمِة من خلِل الكتابِة الهيروغليفية الدارجِة في القصور المصرية )ذكريا ٌ ت من الَمِلكا ِ ت من قَِبيِل نفرتيتي التي َتدُخُل القصَر كأميرٍة عليه( .وبالوصل ،فََقمُ ةعُهم للشوريين طيلةَ أرب ةعِة قروٍ ن الشهيرا ِ ف بَِحّد ذاته للشادِة بِقُّوتِِهم .والمُر َيسري على البابليين أيضًا ،حيث ِمن الم ةعلوِم أنهم اسَتخَدموا برهاٌ ن كا ٍ س الكتابَتين الهيروغليفيةَ والمسمارية .وِمن الثار التي تََركها الميتانيو ن على وصفحا ِ ت التاريخ مهنةُ تسيي ِ ض الشكاِل الم ةعماريِة الخاوصة .هذا ويَتََمّيزو ن بَِكونِِهم الخيوِل والمسماة "كيكولي ،"Kiküliو ُ شهَرتُُهم بب ةع ِ ب عنها وإظهاَرها للنور. ت أوصوٍل هوريٍة َتنتَِظُر َكش َ ف الّنقا ِ ثاني أهّم حضارٍة ذا ِ إّ ن إدراَج الحثيين في هذا الجيِل أمٌر واق ةعّي وم ةعقوٌل لقصى َحد .فالحثيو ن ليسوا – كما ُيقال – من المجموعات .ق عبَر إيرا ن .ولّ ن لغتَُهم وثقافتَُهم ُمتَرَعةً بآثاِر التيِة من المضائق ،أو من بلِد القفقاس ،أو من الشر ِ ٌ الهوريين ال ةعميقةَ ،نسَتنبِطُ ِمن ذلك أنهم مجموعةٌ حاكمة من نَُبلِء الهوريين المجاورين لهم .كما أّ ن آلهَتهم، وأدبياِتهم ،وعلقاِتهم الدبلوماسيَة ،وبقايا قصوِرهم المصريِة ُتشيُر إلى أنهم ُيشِبهو ن الميتانيين الذين في بلِد سطوا نفوَذهم وَأحَكُموا قبضَتهم على مراكِز الشوريين ،كذلك فإّ ن الناضول الداخلية .فكيفما أّ ن الميتانيين بَ َ ت ت الشورية في المراحِل عيِنها ،ليؤسسوا ويَُر ّ سخوا في الوق ِ الحثيين َألَحقوا الضربةَ القاضيةَ بالمستوطنا ِ سه المبراطوريةَ الحثية ). 1250 – 1600ق.م( .إّ ن هذه الدارةَ الحثيَة ،التي َلم نَتََ ةعّرف ب ةعد على وجِهها نف ِ َ الحقيقي لَِحّد ما ،تُذّكُرنا ِبمركَزين كبيَرين في منطقَتين واس ةعَتين .حيث أنهم ليسوا أقرباَء ول متقاربين في اللغِة فحسب )مع الميتانيين( ،بل إّ ن أنما َ ط حياِتهم متشابهةٌ لب ةعِد الحدود .والحلقةُ المفقودةُ تقُع في المناطق س المرحلة .وُكّلي قناعةٌ بأّ ن هذه الموَر المتوسطة بين هؤلِء الميتانيين والحثيين كقوَتين بارزَتين في نف ِ صّدُرها مركُز ش ُ ث بشأنها .وب ةع ُ ض المراكِز الهامة المتبقيِة من الحثيين ،يَتَ َ ف للنوِر مع تَطَّوِر البحو ِ سَتنَك ِ
ت في الحضارة المدينية .حيث ثمةَ أماكُن مقّدسةٌ هاتوشاش ،تشير إلى أنهم َحّققوا ب ةع َ ض التطورات والنجازا ِ تَتََ ةعدى في ماهيِتها الزقورات .كما أّ ن م ةعابَدهم الدينيَة ،والقصوَر الدارية ،ومساكَن ال ةعاملين ،والخزانات؛ كّلها ت أوسَع من السوار ،علوةً على تشييدهم ال ةعديَد من المدِ ن متمايزةٌ ومنفصلةٌ للغاية .وَيمتَِلكو ن ساحا ٍ المشابهة ،وتََمّيِزهم بَِكوِنهم الدولةُ العتى عسكريا ً ِنسبةً ل ةعهدهم. ت وثيقٍة مع الَحولِ ،بدءاً من مدينِة طروادة )إما أنها من ِبناِء الحثيين ،أو مدينةٌ وقد كانوا جيراناً على علقا ٍ ت إلى الغرب حضاريةٌ خاوصةٌ بمجموعٍة قريبٍة منهم ومتحالفٍة م ةعهم وٌتشاِطُرهم الثقافةَ ذاتها( الذائ ةعِة ال ّ صي ِ ت الريِة منهم ،حتى الخيين )من الوصّح اعتباَر هذه المجموعِة من المتأثرين ببلِد الناضول ،أو من المجموعا ِ س المهاجرِة في أعواِم . 1800ق.م .أما إرجاُع جذوِرها إلى الشماِل وانحداُرها من أوروبا ،فهو تفسيٌر م ةعاك ٌ ق الحثيين أيضًا( المنحدرين الوائِل من شبِه ب بَِح ّ سه ُيرتََك ُ لمساِر توسِع وانتشاِر الحضارة المدينية .والخطأ ُ نف ُ الجزيرِة اليونانية ،والشكياوا في شمالي أنطالية ،Antalyaوالكاشكائيين ) Kaşkalarش ةعوب البحر شماِليِهم ،والكليكيين ) Kilikyalılarوهو الش ةعب القاطن في جباِل طوروس ،وكذلك اللويين السود( في َ س المرحلة لُمّدٍة طويلٍة( في جقوروفا ،Çukurovaوالدولِة المصريِة الفرعونية Luwilerالبارزين في نف ِ َ الشهيرة بمنافسِتها َلهم في الجنوب .أما الهُلو ن القاطُنو ن في منطقِة النواِة المركزية ،فهم الحاتيو ن ف إله" إنما تَُدّل على الهميِة الفائقِة التي ُيولونها لوصدقاِئهم .Hattilerوَتسِميَُتهم أنف َ سهم بـ"وطِن الل ِ ضها ب ةعضًا .فمن أشهِر ذكرياِتهم التي تََركوها لنا إبراُمُهم )َت ةعِك ُ ت المارات( ،أكثر من منافسِة اللهِة ب ةع َ س تحالفا ِ ب من مدينِة حماه ونهِر ال ةعاوصي بَُ ةعيَد الحرب( بين فرعوِ ن أوَل م ةعاهدٍة ُمدّونٍة في التاريخ )م ةعاهدة قادش بالقر ِ مصر رمسيس الثاني وَملِِك الحثيين مواتاليش Muvatalişأو حاتوشيلي الثالث .واضٌح أنه لديهم ما هو س الرستقراطيين ،وُيسّمى بانكوش .Pankuşومن الم ةعقوِل القول بأولويِة وزعامِة الميِر َأشبَهُ بمجل ِ هاتوشاش ضمن فيدراليِة المارات القائمة. س ذاَتها ف نهِر النيل .ورغم أنها َت ةعِك ُ ضفا ِ ت عديدةً للحضارِة المصرية القائمة في الشر.ق على ِ لقد تَطَّرقنا مرا ٍ شبَهُ الب ةعُد قليلً بالنسبة إلى وكأنها انطلقةٌ مستقلة ،إل أّ ن القوَل بَِحمِلها آثاَر القِيَِم الثقافيِة الرية )ال ّ ت الداخليةَ للنيل ،أو جيراَنها في السومريين( أكثُر إثباتاً لحقيقتها ،ذلك أنه ما ِمن دليٍل يشيُر إلى أّ ن الديناميكيا ِ وصنِع حضارٍة كهذه .وقتئذ ،ل يبقى أماَمنا إل احتماُل َكوِنها ان ةعكاساً للثقافِة الريِة حصيلَة جو ُ الجوار ُمَهّيأةٌ لنتا ِ ت الكثيفة للغاية والمتبادلِة في تلك الزما ن .ل جداَل البتة في َع َ ظمِة الحضارِة المصرية ،ولكّن َعجَزها الهجرا ِ ت التي تَُخّوُلها للتوسع ،فهو ف النيل حقيقةٌ واق ةعة .أما أسبا ُ ب عدِم تََحّليها بالميزا ِ ضفا ِ عن التوسِع إلى أب ةعِد من ِ ف وضٌع يتطل ُ ب المساءلَة والبحث .في حين أنه ل تَتََبدى م ةعالُم اعتماِدها على ثقافٍة جوهريٍة خاوصٍة على ضفا ِ النيل ،وكأنها م ةعجزةٌ َنزَلت عليها من السماء .وما داَم المُر ليس كذلك ،فنحن ُمرَغمو ن على التبياِ ن تكراراً ف سلسلِة جباِل طوروس – زاغروس ،مع أخِذ ومراراً بأّ ن منبَع ولدِتها هو الثورةُ النيوليتيةُ القائمةُ على حوا ّ حقيقِة قبيلِة الهكسوس وال ةعبرانيين بَِ ةعيِن العتبار. ق علوةً على أّ ن الكتابةَ الهيروغليفيةَ أكثُر بدائيةً من الكتابِة المسمارية ،وغيُر ملئمٍة للتطور كثيراً بسب ِ ب ضي ِ ت م ةعماريًة خارقة ،ولكنها إحدى ف ةعالياِتهم المتهورِة التي ابتَلََ ةعت فاعليتها وأداِئها .قد تَُكوُ ن الهراما ُ ت م ةعجزا ٍ كدَح ال ةعبيد بشكٍل ُمرّوع .ولدى تقسيِمها إلى عدِة مراحل ،فإنها َتشَمُل أيضاً مرحلةَ الَمَلكيِة القديمِة فيما بين ب المناطق إلى . 2500 – 3000ق.م ،والتي َ ت وال َ سِر الحاكمِة في َأقَر ِ شِهَدت بروَز عدٍد َجّم من السلل ِ ب من مدينِة القاهرة الحالية .وهي مشهورةٌ بقبوِر الهرام .أما في الراضي الرسوبيِة الغرينية ،أي ،بالقر ِ مرحلِة الَمَلكيِة الوسطى فيما بين أعوام . 1850 – 2050ق.م ،نلحظُ َغَلبَة الم ةعابد ،وبالتالي ،غلبةَ طابِع ق بالتم ةعِن فيه مليًا .حيث س عليها في أعواِم . 1800ق.م أمٌر َخلي ٌ الرهبا ن عليها .في حين أّ ن استيلَء الهكسو ِ س لدعائِم النظاِم الفرعوني ،الذي َعِجَزت عن هدِمِه القواُم الخرىُ ،يشيُر إلى مدى قوِة الثقافِة أّ ن َدّك الهكسو ِ َ ُ ست مرحلة الَمَلكيِة ب القرَ ن ونص َ ف القر ن .تَأ ّ والتنظيِم المستترِة خلفهم ،إذ بََقوا يديرو ن مصر ِلما ُيقاِر ُ س َ َ الجديدِة في أعوام . 1600ق.م مع "سيتي الول " .وهي تََتزامُن مع مرحلِة تَطّوِر التجارة ،تماما ً مثلما لدى ب النيل في الَكرَنك ،Karnakتماماً الشوريين .هذا وقد تَطَّوَرت مرحلةُ الَملكيِة الجديدِة هذه في أقاوصي جنو ِ مثلما ظهَر الشوريو ن في أقاوصي شماِل ميزوبوتاميا السفلى .وقد انتقلوا إلى مرحلٍة جديدٍة من بناِء القبور في ب تََدّني منزلِة الرهباِ ن إلى المرتبِة الثانية ،رغم َكونِِهم ل يزالو ن أشداَء حينها. هذه المرحلة ،إلى جان ِ ُ ُ خ لمجيئها في هذه المرحلِة أََتت القبيلة ال ةعبرانية إلى مصر .من المحتمل أْ ن تَُكوَ ن أعواُم . 1600ق.م أن َ سَب تاري ٍ ب ةعد الهكسوس ،وأنها عاَدت أدراَجها ثانيةً في أواخِر أعوام . 1300ق.م ب ةعد أْ ن َمَكَثت هناك ثلثةَ قرو ن .والَملُِك
ض أّ ن ذلك في أعوام . 1400ق.م( .كما أخناتو ن مشهوٌر بإعلنِِه الديَن الوحدو ّ ي لوِل مرٍة في التاريخ )ُيفتََر ُ ع ت عروسا ٍ ت الحثيات والميتانيا ِ ِجيَء بالكثيِر من الميرا ِ ت إلى القصوِر .هذا وتُقَّدُم قبوُرهم أمثلةً تَُدّل بكّل سطو ٍ على أنهم َ ت للنتباه ،حيث أَّثروا في الحضارِة الغريقية – الرومانية أكثَر من طّوروا ال ةعماَر على نحٍو ملف ٍ السومريين بكثير .في حين أّ ن ُبنيََتهم الدينيةَ المختلطةَ َأشبَهُ بنسخٍة م ةعدلٍة من خليِط السومريين .فتقاليُد إيزيس ت ب إلى تقاليد إينانا – أنكي .وكذلك ،فتقاليُد آمو ن – َرع َأقَر ُ – أوزوريس تُنَبُّهنا إلى أنها َأقَر ُ ب إلى نظاِم زقورا ِ الرهبا ن السومريين. َ ي منهما أثَّر في الثاني ،المصريو ن أم السومريو ن؟ فَِمصُر لها نقلُتها سيبقى السؤاُل التالي مطروحًا :كيف ،وأ ّ س ّ لت الصخرية ،ورسِم النقوش على الجدرا ن ،وفّن الوصيلةُ الصافيةُ في ُ ب ال ةعواميِد والِم َ وصنِع الزوار.ق ،وَنص ِ َ ّ التقويِم السنوي ،والطّب ،وعلِم التنجيم ،وتحنيِط المومياء .واضٌح وضوَح النهار أنهم أثروا في الحضارِة ت متقدمة، الغريقية ،ومن خللها في الثقافِة اليونانية أيضًا .هذا وكانت علقاتُُهم مع الفينيقيين على مستويا ٍ وصداٍم مع الميتانيين والحثيين عبر أراضي سوريا وفلسطين الحالية .وب ةعَد أعوام عو ِ في حين كانوا في نزا ٍ ت الوصوِل السودانية – الحبشية ،ولوِل . 1000ق.م تَتََ ةعّر ُ ت المتواوصلِة على يِد القوام ذا ِ ض من الجنوب للهجما ِ ضُع لتب ةعيِة قوٍة خارجيٍة مع هجوِم الشوريين في أعوام . 670ق.مَ .تلهم ب ةعَد ذلك البرسيو ن ،حيث مرٍة َتخ َ َ ض ةعوها لُِحكِمِهم في . 525ق.م ،ومن ثّم احتلُل السكندر في أعوام . 333ق.م ،لَِتنتَقَِل لِِووصايتِِه الدارية .ومع أخ َ ت الوصوِل الثقافية الهيلينيِة تجاهَ الغزِو الروماني في ُمستََهّل العواِم الميلدية ،تنتهي انهزاِم كليوباترا ذا ِ َ ف عام. المرحلةُ الولى من قصِة نهايِة هذه الحضارة المدينية الم ةعّمرِة أرب ةعة آل ِ ت التاريخ بقدِر السومريين على أقّل تقدير ،قد إّ ن هذه الحضارةَ المدينية ،التي تََرَكت بصماِتها على وصفحا ِ ي الكلسيكّي بأكثِر أحوالِِه نقاًء .إذ َلم َتشَهد أيةُ مدنيٍة أخرى هذا القدَر من التلحِم بين َ شِهَدت النظاَم ال ةعبود ّ ق والسيد .فالّديُن الواعُد بالدنيا الخرِة لجِل ال ةعبيد الذين َلم يذوقوا ط ةعَم الراحة في هذه الدنيا ،كاَ ن وسيلةً الرقي ِ ُ ً ً شرعية وطيدة في عواطفهم .إنها ساحة الحضارة المدينية المني ةعة التي ابتُِدعت فيها براديغما الجنِة والجحيم، والدنيا الخرِة برسوخ .أما زواُج الخوِة بين الفراعنة ،فربما أنه َيرِجُع إلى تقاليِد الكل ن القديمة ،ومن حاجتِِهم ل ةعدِم تدميِر بنيِة السللت .وأكبُر الظّن أنهم أَّثروا في الدياِ ن البراهيمية بقدِر تأثيِر ال ةعقائِد الدينية السومرية – سلَفِِه سيُدنا إبراهيم من نماردِة البابلية فيها بأقّل تقدير .فانحداُر سيِدنا موسى من الثقافِة المصرية ،وهرو ُ ب َ ي لهاَتين الثقافَتين كتركيبٍة جديدة .ول تَُلوُح لل ةعياِ ن إمكانيةُ البابليين ،إنما يحثنا على التفكير في التأثيِر القو ّ ب إلى ت هاَتين الثقافَتين .ونظاُم فراعنِة مصر بحالِِه الوصليِة َأقَر ُ تَ َ .ق تأثيرا ِ صّوِر الدياِ ن البراهيمية خارَج نطا ِ نظاِم "شيوعيِة الدولة". ي ت الجيِل الول .وُيجَمع على احتماِل تََوّجِهها نحَو نظاِم الَمَلكيِة المركز ّ ُت ةعتَبَُر حضارةُ أورارتو أيضاً من حضارا ِ ع دائٍم مع الوِل في أعواِم . 870ق.مَ ،ب ةعَد مرحلٍة طويلٍة من كونفدراليات النائيريين الذين كانوا في وصرا ٍ ب النائيري ي ةعني ش ةعَب النهار .وربما أّ ن الم ةعنّيين بهم هم الكرُد الوصليو ن المتواجدو ن في الشوريين )الش ةع ُ ح أّ ن هذه المنطقِة الواق ةعِة بين نهِر دجلة وروافِده( .ف ةعندما َيفتَِخُر الَملُِك ساردوري ) Sarduriعلى الرج ِ ت الشورية بقضاِئه على كّل خصوِمه الُم ةعادين ،والّنيِل منهم بدعٍم الكلمةَ ت ةعني سردار (Serdarفي الكتابا ِ ت خودا ،Gudaخوَديا ،Gudea ف سديٍد من اللِه ال ةعظيم خالدي ) Haldiأكبُر الظّن أّ ن كلما ِ كبيٍر وإشرا ٍ خوتا َ Gotتنبُع من اسِم الله عينه .فكيفما ي ةعني اُ بالنسبِة للسامّيين ،فكذلك هو خودا Gudaفي الثقافِة سه" .ول تزاُل هذه الكلمةُ دارجةً في اللغَتين الكرديِة والفارسيِة ِعَوضاً الرية .وهي ت ةعني "الخال ُ ق نف َ سه بنف ِ وصوَب الَمَلكيِة المركزية ،والتي اختاَر وا ن الحالية مركزاً لها. عن كلمِة ا( ،وكأنه يُبَ ّ شر بمسيرِته المذهلِة َ ولنهم منحدرو ن من قبيلِة وانيليلي ،Vanililiفََقد بَقَِي اسُم مدينِة وا ن إلى اليوم .السُم الخُر الشهيُر هو شوب .وقد شادوا عدداً جما ً من س تَ ُ توشبا ،Tuşpaوهو مشت ّ ق من أسماِء أحِد اللهِة الكبرى ،وهو إلهُ الشم ِ ف جباِل زاغروس على الحدوِد ع في المركز ،وَأحَكموا قبضَتهم في بسِط النفوِذ المركزي الوطيِد من حوا ّ القل ِ ق الشوريين اليرانية في الشر.ق إلى شواطِ ئ نهِر الفرات في الغرب ،من ودياِ ن آراس في الشماِل إلى مناط ِ سسوا نظاَم المحافظات، التي َتبلُغ حتى شمالي أراضي سوريا الحاليِة في الجنوب .هذا وُي ةعتََقد أنهم أوُل من أَ ّ ي فهذا النمطُ من واقِع التمركِز هو الوُل في التاريخ .أما أنظمُتهم ال ةعقائديُة ،فَيطغى عليها التأثيُر السومر ّ ب والشوري .كما أنهم تََمّيزوا بنظاٍم لغو ّ ي شائٍك بطبي ةعِة الحال ،حيث اسَتخَدموا الكتابَة المسمارية ،إلى جان ِ ي ل يزاُل عويصاً على التفكيِك التاّم الشوريِة التي انتََهلوها من الداريين الشوريين ،بالضافِة إلى خليٍط لغو ّ ً ت القبائِل النازحِة من بلِد القفقاس من جهة ،ومن بقايا اللغِة الهورية من جهٍة ثانية؛ علوة على أنها من لغا ِ
لغةٌ شبيهةٌ بالرمنية .ومن هنا جاءت عبارةُ "تَتََحّد ُ ث في بابل ِباثَنيِن وسب ةعين لغة" لِتَُدّل على هذا الواقع. ت الدارجةَ في القصوِر والسرايا مختلفةٌ في كّل ولكن ،من المهم التشديُد على نقطٍة هامة ،أل وهي أّ ن اللغا ِ .ق بها في القصوِر زماٍ ن عن لغِة الجماعات التاب ةعِة لها .فحتى قبَل قروٍ ن ليست بب ةعيدٍة كانت اللغا ُ ت المنطو ُ ت التي يتحد ُ ب الهُل هناك ،من قَِبيِل اللغَتين اللمانيِة واللتينية )في ث بها الش ةع ُ الوروبية ل تَُمّت بأيِة وصلٍة لِّلغا ِ القديِم الب ةعيد( على سبيِل المثال .كما أّ ن اللغةَ ال ةعربيةَ أيضا ً كانت ُت ةعتََبر لغةً رسميةً في كافِة القصور ردحا ً طويلً من الزمن .وكذلك ،فالمسافةُ بين ال ةعثمانيِة والتركيِة الوصلية شاس ةعةٌ تكاٌد تَُكوُ ن بقدِر الُب ةعِد عن لغٍة أجنبيٍة ت البلدا ن التي ليس لها أيةُ أواوصَر أثنيٍة أو قوميٍة أخرى .والنكليزيةُ الراهنةُ هي لغةُ الدولِة الرسمية في عشرا ِ أو وطنيٍة مع النكليز .ويبدو أّ ن قواعَد مشابهةً لهذه كانت سائدةً في مركِز َمَلكيِة أورارتو .وما التكلُم بالشورية في السابق سوى دليٌل يضُع هذه الحقيقة بين يدينا .وهي تَُ ةعّد الحضارَة القوى في ال ةعصر الحديدي . وصَلت ت والمراجِل والصحوِ ن والسلحِة المصنوعة من خليِط الحديد والنحاس َو َ فال ةعدُد الكبيُر من المصنوعا ِ َ ب آخر ،فقد تَطّوَرت فيها منهم إلى يوِمنا الراهن .إنها الحضارةُ الولى التي َتسَتخِدُم الحديَد بهذه الكثرة .مْن جان ٍ ق الَمِلك .ول تزاُل تلك مفاهيُم من قَِبيِل ال ةعاوصمِة ومركِز المحافظة والمدينة .أما شبكةُ المواوصلت ،فتُنَّبؤنا بطري ِ ب الصخوِر مهيبةٌ عظيمة .فقد كانوا المسالك هي الُمَرّجحًة .علوةً على أّ ن قبوَر الملوِك المنحوتةَ في قل ِ ب الجوار لَيسَتخِدموهم في إنشاِء المد ن وتشييِد القلع .كما تََمّيزوا بِتَقَّدِمهم َيجَم ةعو ن الرّقاء ال ةعبيَد من كّل ش ةعو ِ ت الشوريين. ت الري و ُ وصنِع البَِرك .وهم القوةُ الوحيدةُ التي َ وصَمَدت في وجِه هجما ِ الملحوِظ في أنظمِة قنوا ِ َ سها س الوقت ،وعلى يِد القوة نف ِ فََب ةعَد وصداما ٍ ت محتدمٍة داَمت بينهما ثلثة قروٍ ن بحالها ،انهاَرت كلتاهما في نف ِ ).615ق.م( .ومن حينها لم َيشَهد التاريُخ كيانا ً سياسيا ً مشابهاً في هذه الراضي. سُد في المبراطوريِة الميدية – البرسية .والميديو ن هم أما النطلقةُ الخيرةُ البهيةُ وال ةعظيمة للجيِل الول ،فتَتََج ّ الذين َأعّدوا وهيأوا لهذه النطلقة .وكلمةُ ماد َ Medتنَحِدُر بالغلب من الثقافِة اليونانيةُ .يجِمع المؤرخو ن شّكلو ن فرعا ً متقدما ً وشديَد البأس من الريين .وباعتباِر أنه لم َتقِدر أيةُ مجموعٍة أثنيٍة أخرى على على أنهم يُ َ َ الستقراِر في تلك الراضي ،فإّ ن الحديث عن ثقافِة الميديين الوصيلِة وثقافِة ميديا ال ةعريقِة سيكو ن في محله. ف الراضي عينها .وُيلَحظ أنهم نشأوا وبطبي ةعِة الحال ،فل يزال ت ةعبيرا الميديين وميديا دارَجين في ت ةعري ِ وزرعوا ثقافتهم وتراثهم في سلسلة جبال زاغروس ،حيث ُيمِكُن إرجاُع أوصوِلهم إلى القوط والكاشيين .هذا شّكلو ن أنساَب ال ةعشائِر التي وثمة إجماٌع عاّم على إدراِجهم في قائمِة الهوريين عمومًا .وبالمقدوِر القوُل أنهم يُ َ ت على يدهم .وتََدّوُلهم على علقٍة وثيقٍة بهذه هي أكثُر من َتصاَرَع وَتناَزَع مع الشوريين ،وعانى الويل ِ المقاومات ،فقد كانوا يََرو ن َ ح المظفر في كونفدراليِة ال ةعشائر. طل ِ سَم النجا ِ ب القبائل المتجم ةعة لوِل مرٍة في عام . 715ق.م بتشكيِل وحدِتها المتراخية .وحصيلةَ َتحاُمِل هكذا تقوُم أنسا ُ ب السكيتية الشهيرِة التية من القفقاس ف مع النسا ِ الشوريين والورارتيين عليهمُ ،ندِرُك أنهم انحازوا للتحال ِ ت م ةعهم ،حيث تَبَّدَل زماُم القيادة فيما بينهم بين الفترة الخرى. )يبدو أّ ن ذلك تقليٌد تاريخي( ،وعاَنوا التناقضا ِ ب المقاومة بحوالي ثلثِة قرو نَ ،دّك الميديو ن دعائَم قصوِر الورارتيين )حوالي . 615ق.م( ثم وَقبَل نشو ِ ض ةعوا حداً فاوصلً لهاَتين الحضارَتين الخيرَتين انقَ ّ ضوا على عاوصمِة الشوريين ليَُدّمروها أشّد تدمير ،ويَ َ شِهَدتُهما ميزوبوتامياُ .يقال أّ ن الميديين شادوا عاوصمةً أشهَر من ناٍر على َعَلم ،وَأسَموها المني ةعَتين اللَتين َ أقبطا ن )بالقرب من همذا ن Hemedanالحاليِة في إيرا ن( ،وأنهم َأحا ُ طوها بسب ةعِة أسواٍر مطليٍة بسب ةعِة ألوا ن، ت القرابِة سبَّبت علقا ُ وَو ّ وصَلت النهَر الحمر ،وغَدوا جيراَ ن الفريغيين .وقد تَ َ س ةعوا حدوَدهم الغربيةَ إلى أْ ن َو َ َ صِر ُمَدِد نفوذهم .فالكياُ ن السياسي الذي أنشأوه ووصانوه بجهوٍد دؤوبٍة حثيثٍة طيلَة مع القبائِل الفارسية في قِ َ ُ ُ ُ ثلثِة قرو نَ ،أحَكَمت عليه السللة الخمينية الفارسية قبضَتها وانتزَعته منهم بمكيدٍة َحبََكتها في قصوِرها خلَل ف مع القائِد ت تلك السللِة الفارسية ،والذي ُيدعى كيروس Kirosالفارسّي ،يتحال ُ مدٍة وجيزة .فأحد أحفاِد بنا ِ ب مؤلٍم للغاية في ال ةعسكري هرباكوس Harpagosفي القصِر للطاحِة بالَملِِك ال ةعجوِز الخير أستياغ بانقل ٍ َ َ خ هيرودوت أّ ن أستياغ كا ن قد قال َمقابَل هذه الدناءة" :أيها السافل ،ما ُدمَت أطحَت بي، القصر .وَن ةعلَُم من تاري ِ َ َ سلُّم السلطةَ لذاك الفارسّي ابن الحرام؟ لو أنَك أنَت استلمَت السلطة على القل ..لماذا سّلمَت دفة الحكم فلماذا تُ َ َ ّ ق ذلك من لَُدنِّه )ونحن ُمرغمو ن إلى يِد الفارسيين؟ لو أنَك أبقيَتها في يِد الميديين!" .ولو كاَ ن هيرودوت ل يُلَف ُ خ عالٍِم وحكيٍم َجاَب في الرض أكثَر من غيره( ،فهذا الوضُع يشيُر إلى على الوثو ِ .ق به وتصديقِِه لنه أوُل مؤر ٍ ُ ُ َ ف السنين. ي قد تَ َ أّ ن التواطَؤ الكرد ّ شّكلت مزاياهُ الدنيئة الواطئة للغاية منذ آل ِ شهيٍر في التاريخ هو أنكيدو ،Enkiduالذي أتى به گلگامشَ ،ملُِك ي َ إني على قناعٍة بأّ ن أوَل متواطٍ ئ كرد ّ
ق التي َيستَقِّر فيها الكرُد الوائل بالغلب(، ت )كانت الغابا ُ أوروك ،من الغابا ِ ت كثيفًة في تلك الزما ن في المناط ِ خ لدرجِة أنها أوصبَحت لِيُ َ سّخَرهُ ك ةعميٍل متواطٍ ئ م ةعه في غزِو مناط ِ ق الغابات .أي أّ ن هذه المسألةَ غائرةٌ في التاري ِ ضّحى بأجواِء الجباِل موضوَع الملحِم الولى؛ وبالطبع ،بوساطة المرأة ،مثلما هي الحال في كّل الوقات! فقد َ ضّللةَ .كم هذا الوضُع شبيهٌ لب ةعِد َحّد بهذه الحرِة وبأوصدقائِِه َكرمى ل ةعيَني راهبِة الم ةعبد وجاذبيِتها وشهواِتها الُم َ ف حركِة الحريِة الكرديِة و !(PKK ت المطابقِة لـ هرباكوس ،والبارزِة بين وصفو ِ ت الشخصيا ِ اليام )شبيهٌ بمئا ِ شّكَلت تاريخيًا ،وأنه ل يتوانى عن بيِع ي المتواطِ ئ الحالّي قد تَ َ ب الدراك يقينا ً وجليا ً أّ ن شخصيةَ الكرد ّ إذ ن ،يج ُ ب ابَت ةعَد عن النبالِة أيِة قيمٍة نفيسٍة في سبيِل زوجِته وعائلته التي ل تساوي خمسةَ قروش .ولهذا السب ِ والوصالِة والسياسة والحكمِة الحقيقية ،واغتََرَب عن الحياِة الثمينة الفاضلِة الممت ةعِة بَِحق )والتي تَُمّر من الحياِة الحرة( ،وبالتاليَ ،رّجَح حياةً بغيضةً ممقوتًة. ص هيرودوت ،قسماً صُد اليونانيين القدامى ،وليس الحداثويين َغريِبي الطوار( ،وبالخ ّ يَُخ ّ ص اليونانيو ن )َأق ُ ص ُ خ لجِل الميديين .إذ ُيطِلق اسَم الميديين على كّل المنحدرين من الثقافِة الهورية ،حسبما أعتقد، كبيراً من التاري ِ وَيحتَِرُم َعظََمةَ الميديين ،في حين َي ةعتَبُِر البرسيين من المرتبِة الثانية .وكأنه َيرى عيَن الحقيقة عندما قاَل أّ ن الطابَع الثقافّي للمنطقِة ممهوٌر بُمهِر َنسِل الميديين .فالبرسيو ن حينها كانوا مجموعةً مجهولةَ السم ظََهَرت ف ثقافِتها .في حين أّ ن َعظََمةَ الثقافِة الهورية كا ن قد دّوى وصداها من سُم بِ ُ ض ةع ِ لِتَّوها على َحلَبَِة التاريخ ،وتَتّ ِ َ ّ ت الضوَء على هذه سلط هيرودو ُ شواطِ ئ بحِر إيجة إلى عيلم ،ومن حدوِد القوقاز إلى الحدوِد المصرية .وقد َ الحقيقِة في تاريِخه عن وجِه َحق. ح جميِع الحضارات عمومًا( ِمن دوٍر في ما أَّداه الرهباُ ن الوائُل في الحضارِة السومرية )وفي بدايا ِ ت تشييِد وصر ِ إنشاِء الذهنيِة الجديدة واللِه الجديد ،إنما يجري على الحضارِة الورارتية والميديِة – البرسية المشّيدِة قَْبلً في سّمو ن ماغ تحت رايِة الريادِة الزرادشتيِة كرمٍز – الساحِة نفسها .إذ بمقدوِرنا القول أنهم َ شّكلوا رهباَنهم الُم َ َ ب – يشير إليهم ،وأّ ن موشاسيَر Muşasirالمتواجدة في منطقِة برادوست Bradostالحاليِة كانت وربما لق ٍ َ َ َ س هناك ،ومن ثّم انتَقَل إلى توشبا وأقبطا ن مركَز مدائِنهم المقدسة ،وأّ ن أوَل مجمٍع لللهِة الولى قد تَأ ّ س َ ح حضارٍة جديٍة وطيدة ،ما لم يَُكْن لهم تقاليُد رهبانيةٌ وبرسابوليس .ذلك أنه من الص ةع ِ ب عليهم تشييد وصر ِ م ةعّمرة .ويؤدي الفلسفةُ في الثقافِة اليونانية بفلسفاِتهم البارزِة ،وكذلك المثقفو ن المتنورو ن في مرحلِة التنويِر خ لدى الساِمّيين والنبياِء لدى ال ةعبرانيين في في المدنيِة الوروبية دوراً شبيهاً بذلك .ومن المفيِد إدراج الشيو ِ ف عيِنه. الصن ِ ت ورهباُ ن ماغ في مرحلِة انطلقِة ف بدقٍة على الدواِر الِجّد هامٍة التي أَّداها زرادش ُ ي بمكاٍ ن التَّ ةعّر ُ ِمن الضرور ّ س زرادشت شهيرةٌ ِبدوِرها في ي قناعةٌ أكيدةٌ بأّ ن أخل َ .ق وعقائَد الرهباِ ن الميديين وال ةعنصِر المؤ ّ الميديين .لََد ّ س ِ سِهم بجانبِِهم هذا لِقِيَِم سهم للناِر والزراعِة والحيوانات ،وَعك ِ خ المدنية ،وذلك عبَر تقدي ِ َعَدِم التلو ِ ث بأوسا ِ ع الرهباِ ن السومريين للَمِلك – اللِه المقَّنع ،بل المجتمِع النيوليتي .فالزرادشتيةُ مختلفةٌ كّل الختل ِ ف عن ابِتدا ِ ع الفضيلة – الرذيلة، وهي على الضّد منه .فهي ُمتَرَعةٌ بمفاهيَم جدليٍة َتنظُُر إلى الكوِ ن ِبأنه عبارة عن وصرا ِ .ق الحرةَ دستوٌر أولّي في َرهبَنَِة زرادشت الُملَهمِة بهواِء الجباِل الحرة )ثقافِة والنوِر – الظلم .كما أّ ن الخل َ اللِه ديونيسوس في الثقافة اليونانية( غيِر الغارقِة كلياً في أجواِء المدنية .فهي تَتََحّد ُ ث عن قدسيِة الزراعة والحيوانات ،وعن طبائِع النسا ن الحر؛ بدلً من أْ ن َتصنََع اللهة. .ق مكانُتها البارزةُ ونصيُبها الوافُر في ُرقِّي الميديين – البرسيين وهزيمِة وانهياِر الشوريين. ولهذه الخل ِ َ صُد فلول َولَُ ةعُهم و َ شَغفُُهم بالحياِة الحرة لََوقَُ ةعوا أسرى بِيَِد الخصوِم بكّل سهولة ،مثلما حصَل للش ةعوب الخرى .أق ُ ع تحت تأثيِر المجتمع المديني. بالش ةعو ِ ب الخرى ،تلك المتخبطةَ حتى النخا ِ ي ت منشأ ٍ ميد ّ ت كيروس )مرحلة ما بين . 529 – 559ق.م( ،يتّم القضاُء بكّل سهولٍة على مجموعٍة ذا ِ َب ةعَد َمو ِ َ َ ب على يِد الرهبا ن الميديينِ ،ليبدأ عهُد داريوس الشهير كانت قد است ةعاَدت دفة الحكم في . 628ق.م عبَر انقل ٍ س أوسُع إمبراطوريٍة في التاريخ خلل مدة قصيرة ،ب ةعَد سقوِط مدائِن بابل )ما بين . 521 – 586ق.م( ،وتَتَأ َ ّ س َ ومصر ومدينِة إيو ن الواق ةعِة على شواطِ ئ بحر إيجة ،لَِتمتَّد من شواطِ ئ إيجة إلى شواطِ ئ بينجاف )النهار الخمسة( في الشر.ق؛ وَتنَدِرَج هيمنةُ كافِة المدنيات في ال ةعالم تحت سقفها ،فيما خل الصين .ل شّك في أنها ت المدنية( السومرية ،الشوريِة ،البابلية ،والورارتية .فضلً عن انتََهَلت واستََقت الكثيَر من الثقافات )الثقافا ِ أنها اقَتاَتت أيضاً على الشراييِن الحرِة للثقافِة الرية ،وبََدَأت تَتَأ َثُّر بالثقافِة اليونانية عبر السكيت الشهيرين ت م ةعهم .وباحتضانها هذا ال ةعدَد الَجّم من المنحدرين من الشمال ،وبالتراِك الوائل في شرقيهم؛ وَت ةعقُِد ال ةعلقا ِ
ت وَجْمِ ةعها كتركيبٍة جديدٍة في بنيتهاَ ،أهَدت التاريَخ مثالً خاوصا ً بها. الثقافا ِ شّكلوا على الدوام تَُمّثل المبراطوريةُ الميدية – البرسيةُ )وبالف ةعل ،فقد كا ن الميديو ن في المرتبِة الثانية ،و َ ت ت القرابِة الوطيدِة تأثيُرها في ذلك( تَُمثُّل آِخَر إمبراطوريا ِ القوةَ الغالبَة والساسية في الجيش .وقد كا ن ل ةعلقا ِ الجيِل الول وأوسَ ةعها نطاقًا .فقد بََلغوا أوَج الحضارة وَحّققوا الحدوَد القصوى الممكن ووصولها في الثقافِة الحضارية للجيِل الول .أما َع َ ظَمةُ مركِزهم )بقايا مدينِة برسابوليس ل تزال بهية زاهية( ،وَمنََ ةعةُ مراكزهم في المحافظات ،فهي َأشبَهُ بإمبراطوريِة روما التمهيدية .فالحضارةُ الغريقيةُ -الرومانية ُت ةعتَبَُر أقوى مؤثٍر َهيّأَ سُخ نظاَم المحافظات في التاريخ ب ةعَد الورارتيين(، ال ةعالََم وأََعّده .وهي مشهورةٌ بنظاِمها السياسي )أوُل من يَُر ّ ف ق الَمِلك ،الذي يَُح ّ ق شهيٍر في التاريخ ،وهو طري ُ .ق المواوصل ِ ت الضخمة )أوُل أطوِل طري ٍ وبالبريِد وطُُر ِ ُ ٌ ت الحماية الخاوصة، شواطَ ئ بحِر إيجة ،ويبدأ من سارد Sardلينتهَي في برسابوليس( .كما أنها م ةعروفة بَِوَحدا ِ ت اللف .هذا وقد َحقَّقت تَ َ طّوراً ملحوظا ً في المجاِل الم ةعماري، وألويِة الفدائيين ،وبامتلِكها جيشا ً َقواُمهُ مئا ُ ب الفصِل بين ِديِن النبلء وِديِن الش ةعب وتََميَّزت بَِتبايُِنها في ال ةعقائِد والطقوس والش ةعائِر الدينية ،إلى جان ِ َ َ ت )الميترائية ( .هذا وَحقَّقت نقلةً من التقاليِد القَبَلِّية إلى تقاليٍد أرستقراطيٍة متقدمٍة للغاية ،وأضافت تطورا ٍ ف الولويِة في إبداِء فّن َجْمِع عدٍد ل ملحوظةً فاَقت مجموَع مياديِن الحضارات التي تسبقها ،بحيث ناَلت شر َ ت ،وتوحيِدها في بوتقٍة واحدة .إنها آخُر ت والثقافا ِ حصَر له من القبائِل وال ةعشائِر والديا ن والمذاهب واللغا ِ َ حضارٍة للشر.ق في ال ةعصوِر الولى ،وهي حضارةٌ خلبةٌ ُتبِهُج البصاَر وُتبِهُرها ،وتَتََميُّز بِتَفّوِقها الذي ل ُيمكُن البتة مقاَرنََته مع الحضارِة اليونانية الكلسيكية الصاعدِة حديثا ً من أيِة ناحيٍة كانت .وإسكندُر – تلميُذ أرسطو – في الحقيقِة هو ذاك البربري الغازي ذو القوة الصاعدة ،والذي يتطلع للستيلء على بلداِ ن الجوار ،والُمتَلَّوي .ق ال ةعريقة ،والُمتََغ ّ ش على ذاتِِه تجاه َعظََمِتها وَرْغبَتُهُ ضُن والُمنَكِم ُ تحَت وطأِة ُعقَدِة الّنق ِ ص لديه إزاَء ثقافِة الشر ِ في اسِتملِكها .فكيفما تَُكوُ ن المبراطوريةُ الرومانيةُ تجاه القوط ،هكذا هي تماما ً حاُل المبراطوريِة البرسية بالنسبة إلى المقدونيين ،واليونانيين ال ةعاطلين عن ال ةعمل ،ورؤساِء القبائل ،والممالك الصغيرة .فهي – وبُِكّل تأكيد – ليست أَقَّل شأناً من روما من حيث ال ةعظمِة والغنى والبهاِء والّزُهّو .وإذا ما نَ َ ظرنا إلى غزِو السكندِر من خ على منواٍل أوصح وأفضل. هذه الزاوية ،فسوف نستطيُع تفسيَر التاري ِ ق النَّقلت والنطلقات، تحقي في له ك ومشا المديني، ع المجتم من ِلننتِه من قضايا النتشاِر في المرحلِة الولى ِِ ِ ِ ضَ ةعِة القبيلِة ال ةعبرانية ومكانِتها في تَ َ طّوِر المجتمع بإضافِة ِبضَ ةعِة نقاط .تَتََ ةعلّ ُ ق إحدى هذه القضايا بكيفيِة َمو َ سمو ن بمزايا حياكٍة َمّكوكيٍة جام ةعٍة فيما بين المديني .أَّوُل ما علينا قوُله في هذا المضمار ،هو أّ ن ال ةعبرانيين يَتّ ِ ت المنشأِ المصري، ت المنشأِ السومري وتلك ذا ِ ت ذا ِ اللغَتين والثقافَتين الريِة والسامية ،وكذلك بين الحضارا ِ منُذ أعوام . 1700ق.م إلى يومنا الحاضر .وقد ُذِكَرت أسماُء سروج ،Seruçأورفا ،حرا ن Harranفي ُكتُبِِهم ب أّ ن قبائَلهم كانت َترعى مواشَيها المقدسِة بالذات ،حيث تَنُ ّ ف إبراهيم .وعلى الغل ِ ص على أنها مواطُن أسل ِ وتَتَنَقُّل بها من تلك الماكن إلى مصر ،مع انشغاِلها نوعاً ما بالتجارة .أما عقائُدهم الدينيُة ،فتَتََأرَجُح بين يَْهَوه صّدو ن النصهاَر في بوتقِة المجتمع المديني .ول ةعقيدِتهم اللهيِة وآل – ا .ELLALLAHكما أنهم يَتَ َ صدي ،إذ يَتََمّيزو ن عن غيِرهم بتص ةعيدهم الكبر لمفهوِم إلهيِة القبيلة .أما الخاوصِة بهم روابطُ وثيقةٌ مع هذا التّ َ وصراعاُتهم ومنازعاُتهم المبتدئةُ مع إبراهيم تجاه نمرود )ملوُك بابل( ،والمستمرةُ مع موسى تجاه فرعو ن سَتستَِمّر في حياِتهم داخَل فلسطين أيضا ً تجاهَ ال ةعديِد من القبائل ،وبالطبع ،تجاهَ آلهِتها أيضًا. )ملوُك مصر( ،ف َ صونو ن خصووصياِتهم وخاوصياِتهم مدةً طويلًة هذا ولَُهم قص ٌ ب المقّدس ،حيث يَ ُ ص غريبةٌ عجيبةٌ في الكتا ِ َ بزعامِة الرهبا ن )َوُهم أشبَهُ بممالِك الرهبا ن السومريين الوائِل( المنحدرين من هارو ن الخ في عائلِة موسى. ب المشهوِر وب ةعَد مرحلِة الرهبا ن الوائِل المبتدئِة مع موسى )أواخر . 1300ق.م( ،والمنتهيِة مع الراه ِ وصاموئيل ؛ َتبَدأُ مرحلةُ الَمَلكيِة )مرحلةُ شاؤول ،داوود ،سليما ن ،وَمن تَبَِ ةعهم ِبدءاً من . 1020ق.م( القويِة شّداء السابقين ،لِيُِقيموا َمَلكيةً بجوانبها السياسيِة وال ةعسكرية ،حيث َي ةعَتلي ال ةعر َ ش الملوُك الض ةعفاُء بدلً من الَ ِ ب الثنائية ت فيما بين الملوِك والرهبا ن ،وعلى بروِز الحزا ِ ت والتناقضا ِ وصغيرةً تَظَّل شاهدةً على المنازعا ِ سُر كليا ً مع والثلثية التاب ةعِة دوماً للقوى الخارجية .في حين أّ ن الشرائَح المقاِومةَ والمتصديةَ والمتواطئةَ َتخ َ .ق صّديها لشور في أعوام . 720ق.م ،لَِيبَدأَ نفُيهم إلى بابل في . 540ق.م ،وَيخلُ ُ تَ َ صوا من النفِي مع إلحا ِ َ َ ص اليهوِد الباقين على قيِد الحياة أثناَء البرسيين الضربة القاضية بالنفوِذ البابلي .وهذا شبيهٌ إلى َحّد ما بَِخل ِ ُ َ ص شبيهٍة بتلك .فَمث ً ل؛ َينشأ حزبا ن متواطئا ن مرًة ش السوفييت إلى برلين .وهكذا ،لهم عدةُ قص ٍ دخوِل جي ِ ُ َ سْبُي صدوقيو ن والفريسيو ن .ثم هناك المقاَوَمة تجاه روما ،ثم ال ّ ع البرسي – الغريقي :ال ّ أخرى في الصرا ِ
سْبُي الثاني )أعواَم السب ةعين 70فيما قبَل الميلد وما ب ةعَده( ،لِيََتناَثروا في أراضي مصر والناضول الوُل وال ّ ت البرسية والغريقية والرومانية. ق الحضارية على التوالي ،بما فيها مناط ُ ق الحضارا ِ أَّوًل ،ثُّم في كافِة المناط ِ شّكَل بدايةً دينيةً ثانيةً ذاَت أوصوٍل إبراهيمية ،ويَتََحّوَل لبدايِة ملحمٍة وَيظهُر عيسى المقاِوُم ،وُيصَلب ،لِيُ َ ت الكارثية للقبيلِة ال ةعبرانية الصغيرِة مع أسطوريٍة بالنسبة إلى بروليتارّيي روما .وهكذا َتستَِمّر بَلِيّةُ المغامرا ِ سّمو ن قسما ً هاّماً من رؤسائهم بـ الرباني والنبي، الحضارِة الغريقية – الرومانية والحضارِة الوروبية .ويُ َ والذي َي ةعني السيَد ورسوَل الرب .وهكذا َتبَدأُ سلسلةٌ طويلةٌ من النبياء ،يَُكو ن عيسى ومحمد خاتمُتها .ولكن ت السياسية .أما عهُد الُكّتاب ،فيبدأُ الموسويين ل َي ةعتَِرفو ن بهما ،فَتستَِمّر التناقضا ُ ت الدينيةُ في أحشاِء الصراعا ِ ب المتنورين الشداِء إلى يومنا بقوٍة ُتماثُِل قوةَ جيِل بالرجح ب ةعَد الهيمنة الرومانية ،لَِتستَِمّر تقاليُد جيِل الُكّتا ِ ب مع الزمن في ولدِة سب ّ ُ النبياء بأقّل تقدير .وبالمقابل ،فإّ ن الخطوةَ التجاريةَ الصغيرةَ في بداياتها ،تَتَ َ ٌ الرأسمالية ،وتؤدي دوراً أساسيا ً في هيمنِة الرأسماِل المالّي الراهن .إنهم قِلّةٌ قليلة في ال ةعدد ،ولكّن تأثيَرهم في ي بقدِر تأثيِر المبراطوريات .لذا ،فالقبيلةُ ال ةعبرانيةُ موضوٌع جديٌر بالبحث خ الحضارة ال ةعالمية قو ّ تاري ِ ص الدقيق بما ُيماثُل البحَث في حضارٍة ما بأقّل تقدير .فكأنهم أباطرةُ الِ ةعلِم والدستوِر والمال ،ول والتمحي ِ َ َيفَتئو ن َيلَ ةعبو ن الدوَر عيَنه بكافِة جوانِبه الغريبِة والملفتة في يومنا الحاضِر ،مثلما كانوا عليه طيلة مساِر صّغٍر لقصِة هذه القبيلة .حي ُ ت من سروج التاب ةعِة لورفا، ث خرج ُ التاريخ .وحكايَِتي الشخصيةُ َأشبَهُ بإسقاٍط ُم َ ب مغايٍر بَِمُ ةعونَِة الُملوِك تماما ً مثلما فََ ةعَل إبراهيم .إل أّ ن مقاومتي َتستَِمّر – مثلما الحاُل في عيسى – على وصلي ٍ صتي هو بين المتواطئين مع النظاِم القائم )الَملُِك يهوذا يتواطأ ُ في قصِة عيسى ،في حين أّ ن التحال َ ف في قِ ّ ت المتحدة المريكية(. الموساِد والوليا ِ ُ ُ ضَحة الهويِة في أعواِم . 800ق.م ،والتي تَُ ةعوُد القضيةُ الخرى هي الهجرا ُ ت السكيتية التية من الشمال ،والُمتّ ِ ت الجذوِر القوقازية .إّ ن هذه القبائَل المنتشرةَ في كّل الماكن ،من أراضي أوروبا الداخليِة إلى إلى القبائِل ذا ِ َ ً ب اعتماِدها على ب روسيا الجنوبيِة إلى ميزوبوتاميا؛ لم َتتُرْك آثارا واضحة الم ةعالِم بسب ِ .ق آسيا ،ومن سهو ِ أعما ِ س وهدِم ال ةعديِد من المبراطوريات ،مثلما هي القوِة الجسديِة أكثَر من الثقافة .ولكنها ذا ُ ت دوٍر أساسّي في تأسي ِ َ ً ت كثيرة عبَر حواشيها ال ةعسكريِة ونساِئها في حاُل القبيلِة ال ةعبرانية .وَنسَتخلِ ُ ص من ذلك أنها قّدَمت خدما ٍ القصور ،لَِتستَِمّر في دوِرها هذا إلى عهِد المبراطوريِة ال ةعثمانية الخيرة ،بل وإلى فترِة جمهوريِة تركيا .ولكن، ط ةعما ً أو َنكَهةً سِبهم َ يبدو أنهم َعِجزوا عن الحفاِظ على ذاِتهم بقدِر ما فََ ةعَل ال ةعبرانيو ن ،رغم أنهم ُيضُفو ن بطابَِع نَ َ ق ُمغايرةً على الثقافات .وقد تَُكوُ ن لهم َجمالياُتهم ،ومواقُفهم الباسلة .لذا ،فإّ ن السكيت وأمثاَلهم موضوٌع َخلي ٌ ث بإم ةعاٍ ن ضمن الجيِل الوِل من المجتمِع المديني. بالبح ِ شّكِل النظمِة التاريخية .إذ أّ ن ث الَم ةعنِيِّة بِتَ َ ضيٍّة في البحو ِ ح الَمرَكِز – الطراف َكفََر ِ ع استخدام مصطل ِ بالمستطا ِ التساؤَل َعّما يحصُل في الطراف َيحظى بالهميِة عندما تَُكوُ ن مراكُز الحضارِة المدينية موضوَع الحديث. ف ف ةعندما تَأ َ ّ س َ ت السومرية والمصرية والصينيِة لوِل مرٍة في التاريخ ،كانت قوى الطرا ِ ست مراكُز المدنيا ِ ت الوصوِل السامّية؛ والُهو ن Hunlar الهاّمِة بالنسبِة للسومريين والمصريين هي قبائُل الراميين وال ةعابيرو ذا ُ التراُك الوائل بالنسبة للصينيين ،والقوط بالنسبِة إلى الرومانيين .وزعماُء قبائِل هذه النساب ،التي َتشَهُد ح الحضارِة واسَتحَوذوا عليه؛ ما بَِرحوا مرحلةَ البربريِة ال ةعليا بالغلب ،عندما تََ ةعّلموا كيفيةَ استخداِم سل ِ ب النصار .وكانت مصائُِرهم تنتهي إما بالنصهاِر في بوتقِة ع حر ِ َيهجمو ن وُيداف ةعو ن بطراٍز َأشبَهُ بنو ٍ ع من أنوا ِ ف شبيهٍة في ُبناها بتلك المركزية .وعلى س مراكَز مدنيٍة في الطرا ِ مراكِز الحضارة المدينية الحاكمة ،أو بتأسي ِ سبيِل المثال؛ فقد تََدّوَل ال ةعموريو ن الكاديو ن على شكِل سللٍة منفصلٍة حصيلةَ هجماِتهم المتواليِة دو ن انقطاع. س ال ةعبرانيو ن أيضا ً َملَِكيَّتهم المستقلةَ بناًء على ما تََ ةعّلموه وَعِرفوه في مصر .في حين أّ ن الُهو ن ِمن كما أَ ّ س َ شِهَدها التاريخ ،ولكنهم لم َينجوا من النصهاِر في الصين وأوروبا وحتى في ت الطراف التي َ أَ َ شّد وأعتى حركا ِ ت مراكِز الحضارة المدينية عمومًا ،بَقَِيت فروُع ت إدارية في ثقافا ِ إيرا ن .وبينما َيبقى زعماُء القبائل كقيادا ٍ َ ب مجدداً الحفاظ على مواقِ ةعها مع زعماَء ُجُدد .أما ش ضيق ،أو تَُجّر ُ القبائِل الفقيرة مدةً طويلةً ت ةعي ُ ش في هام ٍ ض ةعوا تاَج روما على ت اللمانية بهجماِتهم المتلحقِة على روما ،وأحيانا ً َو َ ت المارا ِ القوط ،فقد شادوا لََبنا ِ ّ سِر س أولى ال َ رؤو ِ سهم أيضًا .وُيبِرز لنا التاريُخ زعماَء قبائِل المغول والوغوز ،التي احتَلت مكاَنها في تأسي ِ ً ُ س يَُدّل على أنهم كانوا قوةً هامة بالنسبِة للمدنية البيزنطية من بيِن قوى الطراف، الحاكمِة ال ةعثمانية ،كمثاٍل نفي ٍ ّ ف والمركز ،لِيَتََخلصوا ِمن َكونِِهم في ت السنين بين الطرا ِ ع داَم مئا ِ وأنهم اسَتولوا على المركِز ب ةعَد تناُز ٍ الطراف ،ويَتََحّولوا إلى مركٍز بَِحّد ذاته.
والسكيت المنحدرو ن من الشمال عمومًا ،ومن بلِد القفقاس خصووصًا ،كانوا أيضا ً قوًة من قوى الطراف التي ت المدينية على وجِه الخصوص .ف ةعندما تََ ةعّرفوا على أَّدت دوراً رئيسياً في مراكِز الحزاِم الوِل من الحضارا ِ سّلحوا بأسلحِتهاَ ،غدوا قوةً هجوميةً مذهلة .وُي ةعتََقد أنهم كانوا فّ ةعالين ونشطاَء للغاية فيما بين الحضارات ،وتَ َ . 500 – 3000ق.م .ورغَم تأِديَِتهم دوَر ال ةعساكِر المرتزقين وَخَدِم القصور بالغلب ،إل أنهم بََقوا قاوصرين عن صوا من النصهاِر بنسبٍة كبرى. بناِء مراكَز حضاريٍة مدينيٍة هامٍة باسمهم ،ولم َيخلُ ُ ب -التطورات في ثقافة الصين والهند والهنود الحمر: وصد المختصر للتطورات الحاوصلِة في الصين والهند والهنود الحمر سيكو ن من المفيد أيضاً القيام بالَر ْ المريكيين ضمن إطاِر النُظُِم الحضارية الخاوصة بهم. ومثلما َذَكرنا سابقًا ،فمع انتهاِء ال ةعصِر الجليدي الخيرَ ،غَدت الصيُن المنطقةَ الهّم للمجموعات النازحة من الجنوب الغربي لِِسيبيريا نحو أقصى الجنوب لتستقر فيها اعتباراً من أعوام . 000,10ق.م .فالراضي الخصبةُ على شواطِ ئ البحر ،والنهُر الكبيرة ،ووفرةُ النباتات وشتى أنواع الحيوانات؛ َمنََحتهم فَُروصاً كبرى لظهوِر ت المدنية على السواء .وُيلَحظ تَطَّور ثورٍة نيوليتيٍة وصينية في أعوام . 4000ق.م. الثقافة النيوليتية والحضارا ِ القضيةُ الهامة هنا َتكمن في مدى َكوِ ن هذه الثورِة الزراعية النيوليتيِة خاوصةً بالصين ،ومدى َكوِنها ثمرةَ التأثرّ بانتشار الثقافة الرية .إذ ل ُي ةعتََقد عدم انتشاِر هذه الثقافة النيوليتية الرية في الصين ،باعتبارها ُمنشأةٌ َقبل ف عاٍم على القل .وتزداد أهميةُ كو ن الثقافة الرية ُمَ ةعّينة هنا .فالتاريُخ َيسُرُد أماَمنا كيف أّ ن ثقافتها بستِة آل ِ ّ َ ّ ّ ق المدِة الطول وتََوفَر الظروف الخاوصة ت الثقافيةَ ال ةعظمى لم تَتََكّو ن بسهولة ،بل تَطلَبت على الدوام تََحق َ الثورا ِ ُ ُ ً ً ً بها .وحسَب تخميني ،فبقدِر ما تَُكو ن اشتراكية الصين ورأسماليُتها الراهنة محلية وأوصلية خاوصة بها ،تَُكو ن نيوليتيُتها ومدنيُتها أيضا ً خاوصةً بها ومتسمةً بطابِ ةعها المحلي .أرجو أل ُأفَهَم خطًأ ،ولكني ل أشّك أبداً في َكوِ ن ت قومويةً إنما هي ُمستوَردة .وهذا ما َيسري على الصين أيضًا .ويمكننا القوُل أّ ن جميَع أكثِر الرأسماليا ِ ت اللحقة عبَر انتشاِر نيوليتيِة الصين نحو فييتنام وغيِرها من شبِه ُجُزِر الهند الصينية ،وشبِه الجزِر التطورا ِ ع تاريِخها إلى ما قبِل أعواِم 4000 اليابانية والندونيزية ،وشبِه الجزيرة الكورية؛ تشير إلى استحالِة إرجا ِ .ق.م. والتاريُخ الُمرَتأى لولدِة الحضارِة المدينية ال ةعبودية الصينية ُيقاِرب أعواَم . 1500ق.م .إذ يمكنني القول أّ ن أوَل ست في هذه الزمنة ،وكانت ُمف ةعمةً بال ةعديد من القدسيات ،لِتُِكوَ ن بمثابِة مدينِة أعظِم إمبراطوريٍة مركزيٍة قد تَأ َ ّ س َ أوروك بالنسبِة إلى الصين .أما في أعوام . 1000ق.م ،فنلحظُ انتشاَرها وتوسَ ةعها ب ةعَد مرحلِة التأسيس ،تماماً س عدٍد جّم من الدوِل المدينية، مثلما حصَل لدى السومريين والمصريين .وَتشَهُد هذه المرحلةُ الثانيةُ تأسي َ شبَهُ بما كانت عليه حال السومريين في عهِد مدينِة أور .أما المرحلةُ ع تنافسّي حاّد بين المدائن ،أَ ْ ونشوَب وصرا ٍ ت الحاكمة المركزيِة فيها مرةً أخرى ،لَِتتُرَك بصماِتها الثالثةُ ). 250ق.م – 250م (.فتَتََ ةعّزُز مكانةُ السلل ِ ت محليةً أو دخيلةً في أوصولها ،ولكنها َتستَِمّر بنفوِذها الواضحةَ على ال ةعهِد القطاعي .قد تَُكوُ ن هذه السلل ُ ت القر ن ال ةعشرين .وخلَل هذه المرحلِة َنشَهُد انتشاَر الحضارِة الصينية في أعوام 500م. الصارِم إلى بدايا ِ ضمن ُجُزِر الهنِد الصينية والجزِر اليابانية ،وبين المغول والتراِك الوائل في آسيا الوسطى. ب في شأِ ن الثقافِة الصينية هو َغلَبَةُ تفسيِر ُحَكماِئها للكو ن ،بدلً من اختراِعهم اللهةَ على غراِر الرهبا ن والغري ُ صّورو ن الكوَ ن ب عليها ال ّ السومريين .فشروُحهم واوصطلحاُتهم حول الكو ن والطبي ةعِة َتغلُ ُ سمةُ ال ةعلمية ،حيث يَتَ َ حيًا .كما أّ ن ت ةعريفاِتهم للطاقِة مفيدةٌ للغاية .وبشكٍل عامُ ،يطَلق على الروحانيِة الصينية اسَم "الطاوية" ،والتي ش في أعواِم . 500ق.م ،إلى تنظيِر ُيمكننا تسميَتها بـ"الِحْكمة" أيضًا .هذا ويس ةعى كونفوشيوس ،الذي عا َ .ق السليمة، مباد ِ .ق نظاِم المدينِة الحضارية والدولة .من هنا ،فإسناُد إرادِة مجتمِع الدولة إلى الخل ِ ئ وأخل ِ ّ ب كونفوشيوس ،الذي َي ةعَمُل على تطويِره ،فيَُؤثُر في المجتمِع ِعَوضاً عن القوانيِن الرسميِةُ ،ي ةعزى إلى مذه ِ َ س الفترة .هؤلء المديني الذي ينتمي إليه ،بقدِر ما كا ن عليه شأُ ن زرادشت وسقراط اللذين عاشا في نف ِ الُحَكماُء ال ةعظاُم الثلثةُ يؤكدو ن بالغلب على أهميِة الخل.ق والفضيلِة الجوهرية .إنهم الُحَكماُء والمداف ةعو ن ال ةعظاُم عن الخل.ق. ً ً ت ملحوظة هامة في ميداِ ن المدنية المادية ،حيث َيسبُِقو ن الغرَب في الرقي بالتطور ُينِجُز الصينيو ن تطورا ٍ ي في أقاوصي صّدرو ن الميداَ ن التجار ّ الصناعي بمدٍة طويلة .إنهم مخترعو الور.ق والباروِد والمطب ةعة ،ويَتَ َ .ق أوسطية ،فقد ق الحريِر التاريخي .أما َتما ّ سهم المتواوصُل والُمَرّكُز مع الحضارا ِ ت الشر ِ الشر.ق ،في ُمبتدأِ طري ِ َ حصَل في القروِ ن الولى ِلما قبِل الميلد وب ةعده ،لَِينفِتحوا على الرأسماليِة في أواسِط القرِ ن التاسِع عشر،
ق وصُد الجميُع بُفضوٍل بارٍز ما سيف ةعله ،وكيف سيَُحقّ ُ ضّخُمهم في راهننا ،وكأنهم لوياثاٌ ن جديٌد َير ُ ويتفاقَم تَ َ اتساَعه. أما في الهند ،فل نلحظُ تطوراً نيوليتيا ً محليا ً لمدٍة طويلة .ويَُخّمُن أنهم عاشوا مرحلةَ الكلِ ن البدائية على نحٍو سهم الوِل مع الريين الذين َدخلوا الهند في أعوام . 1500 – 2000ق.م .وبروُز سوِد إّباَ ن تما ّ َأشبَهُ بالبيغما ال ّ الثورِة النيوليتية إنما مرتب ٌ ط بهذه التطورات .هذه الثورة ،التي َتليها مباشرةً ودو ن فواوصَل زمنيٍة بارزٍة ثورةُ ب المقدسةُ الحضارة المبتدئةُ في أعوام . 1000ق.م ،فَُرّواُدها هم الرهباُ ن ،مثلما الحال لدى السومريين .والكت ُ سّماة بُِرهباِ ن براهما ن الشهيرين هي أسفار "الفيدا" ،والمَؤّلفةُ في أعوام 1500 الساسيةُ لهذه الطبقِة الُم َ ب ال ةعبراني المقدس ،ولكنها أكثُر طولً وت ةعقيدًا .وهي .ق.م .وهي أَْقَر ُ ب لْ ن تَُكوَ ن نسخةً هنديةً ُم ةعّدلةً من الكتا ِ شّكَل ص نشوِء طبقِة الرهبا ن بركائَز إلهيٍة مذهلة ،مع عدِم إهماِل إضفاِء الطابِع الملحمي عليها ،لتُ َ َتروي قص َ َ َ ب طبقِة "راجا" كقوٍة سياسيٍة وعسكرية في أعواِم 1000 بذلك الرضية المني ةعة لنظاِم الكاست .وَيظَهر أوصحا ُ ت محتدمةً وضاريةً مع البراهمانيين ،لَِيغدوا الوصحاَب الجدَد للدولِة – مثلما يحصل .ق.م ،ويَُخوضو ن وصراعا ٍ َ شّكلوا القوةَ الكاستية الثانية .ومثلما الوضُع في الصين ،ففي الهنِد أيضا ً ُتساِعُد شواطُ ئ في كل مدنية – ويُ َ ُ البحار والمياهُ ال ةعذبة على ِفلحِة الراضي .وتتزايُد المدُ ن في أعوام . 1000ق.م بالغلب ،لِتَتََميَّز بم ةعابِدها ب المهِن الحرِة طبقةً كاستيةً وقصوِرها الضخمة .أما الزراعُة ،فهي أرقى بكثير ،ويَُؤّلف الَفلحو ن وأوصحا ُ ثالثة .وفي الطبقِة الخيرة السفلى يقبع الباريائيو ن )الَمنُبوذو ن( ،الذين َيزَدِريهم الجميُع بما يضاهي ازدراَءهم للحيوا ن ،لدرجِة اعتباِرهم مجرَد الحتكاِك م ةعهم ُجرما ً ل ُيغتَفر. شئو ن عدداً يَُجّل حصُره من الموجودات اللهية ،بقدِر يَ ُ ت ثيولوجيةً مت ةعددةَ اللوا ن ،حيث ُين ِ صوغ الهنود إلهيا ٍ َ َ ت السومريةَ ال ةعميقةَ لديهم .أما زيادةُ َ ما ُيولو ن الهمية لنشاِء اللهة الكبرى .في الحقيقة ،إننا نتَلّم ُ س التأثيرا ِ ق تركيبٍة جديدة ،ولنحداِرها من َمشاِرَب جان ِ ب الت ةعقيد الشائِك فيها ،فت ةعوُد إلى افتقاِرها للكفاءِة اللزمِة لتحقي ِ خارجية. َ ت ح الدينّي ال ةعظيِم بوذا ،مثلما ُيلَحظ ذلك في كّل الحضارا ِ َتشَهُد الهنُد في أعواِم . 500ق.م ولدة وتََرعُرَع الُمصلِ ِ الهام ِة آنذاك )كونفوشيوس في الصين ،سقراط لدى الغريق ،زرادشت لدى الميديين – البرسيين( .وبوذا ت المتفاقمِة في الطبي ةعة مشهوٌر بتطويِره إوصلحا ً قواُمه الخل ُ .ق دو ن اللهة ،حيث َينتَبِهُ لللِم والمخاضا ِ ف لتلفيها .البوذيةُ ت ةعاليٌم ُم ةعاِرضةٌ للحضارة المدينية، والمجتمع ،فيس ةعى لتطويِر نظريٍة ميتافيزيقيٍة تهد ُ ومتميزةٌ بطابِ ةعها اليكولوجّي الوطيد .وتتصاعد في الصين واليابا ن وأراضي الهند الصينية .إنها ت ةعاليٌم جديرةٌ ب عليه روصُد النْفس الباطنية، بالتركيِز والتأمِل من جهِة ميتافيزيقيِة الخل.ق فيها ،ونظاٌم إوصلحّي َيغلُ ُ ب إلى عبادِة سّمى "كريشنا" ،وكأنه َأقَر ُ والجوان ُ ح اللهي الُم َ ب التطبيقيةُ الراسخة .علوةً على وجوِد الوصل ِ ت الَملَِكيِّة في مراحِل البدايِة بالغلب( .إنه ديٌن قواُمه ديونيسوس منه إلى عبادِة زيوس )وَيرُمُز إلى التطورا ِ ت القويِة ق الصميمي مع الَْلِويَِة النسائيِة الحرة ،وُمَحّمٌل بالبصما ِ الحياةُ الجبليةُ والترحال ،ومف ةعٌم بقص ِ ص ال ةعش ِ للثقافِة النيوليتية .أو بالحرى ،هو مفهوٌم أخلقّي ُيضِفي ِقيمةً عليا على رغبِة الحياة الحرة .وكو ن اللهيات ضة للميتافيزيقيا المفرطِة ،إنما يَُدّل بما فيه الهندية مشحونة بالتيارات المنحازة إلى شكٍل من المادّية المناِه ِ .ق الم ةعيشية في الهند. ق وضخامة الت ةعقيِد الجتماعي والفوار ِ الكفاية على مدى ُعم ِ ب الحضارةُ الهنديةُ بنيةً مركزيةً ب ةعَد غزِو السكندِر والبرسيين واستيلئهم عليها .أما أوُل تََمرُكٍز شائٍع س ُ َتكتَ ِ ت وطيٍد ومستقّل ِبذاِته للراجائيين ،فيَُؤ ّ س ُ سه المبراطوُر ماشوكا في أعواِم . 300ق.م .وعلى غراِر الصل ِ ح الذي نادت به الديانةُ الزرادشتيةُ وتشييِد المبراطوريِة الميدية – البرسية المركزية ،فََقد الوثيقِة بين الوصل ِ تَقَبَّل ماشوكا من الصميِم الوصلَح الدينّي الذي نادى به بوذا ،لُِيحِرَز النجاَح في مساعيه تلك .ولكنه َي ةعَجُز عن ب َ وصوِ ن نجاِحه لحقاً حتى ولو بالقدِر الذي َحقَّقته الصين ،لِيَُ ةعّم فساُد الراجائيين ،وتسوَد حياةُ الفوضى والشَغ ِ ُ في أنحاِء الهند ،إلى أْ ن تغزوها الدوُل السلمية في أعوام 1000م .وفي ُمستََهّل أعوام 1500مَ .تستَِرّد ُ ف وإدارِة الباطرِة المغوليين المسلمين ،لُِتنِجَز تَ َ طوراً حضاريا ً ملحوظًا ،وَتستَِمّر قُدماً مركزيَتها مجدداً بإشرا ِ ي لها في ب ال ةعناوصِر الم ةعتمدة على الرأسماليِة منذ أعوام ،1500والحتلِل النكليز ّ في توسِ ةعها .ومع تَ َ سّر ِ ب ال ةعالمية ج مرحلٍة جديدة .في حين تناُل استقلَلها كدولة ب ةعَد الحر ِ أواسِط القر ن التاسع عشر؛ ُتشِرُع بولو ِ َ شّكل ن طرفيها في الشمال الشرقي والشمال الغربي ،إل أنها الثانية .ورغم خسارِتها باكستا ن وبنغلدش اللَتين تُ َ ل تزاُل محافظةً على غناها الثقافّي بكّل ت ةعقيداِته الشائكة – ب ةعَد تط ةعيِمه بالمدنيِة الرأسمالية الراهنة – م ةعتمدًة ف جبال هماليا ،لَِتحتَّل مساحةً شاس ةعة َتشَمُل شبَه على مياهها ال ةعذبة وشواطِ ئ بحارها ،التي تبدأ من حوا ّ
ت المتناقضة ،ومف ةعمٍة بالبنى السياسيِة الجزيرِة سائرًة .وفي ِخ َ ضّم أجواٍء متوترٍة مشحونٍة بالفوضى والكيانا ِ واللغوية المتباينة والمتنوعة ،بدءاً من الدين إلى الفن والخل.ق ،ومت ةعرفٍة أيضاً على الديمقراطية؛ تََحّوَلت ي يزداد الفضوُل بشأِ ن كيفية تأثيِره في ال ةعالم ،بما ُيماثُل ئ متشرذٍم للغاية إلى لوياثاٍ ن قو ّ ش متجز ٍ الهنُد من وح ٍ الصيَن بأقّل تقدير. ي في البلداِ ن الخرى المتأتي من الثقافِة الم ذات المنشأِ الصيني ،من قَِبيِل اليابا ن، أما التطوُر الحضار ّ أندونيزيا ،فييتنام ،وكوريا وغيِرها؛ فهو ذو طابٍع مماثل ،حيث َيحَتذو ن بالحضارِة الّم في التطور والتوسع. ث فيه بالِنسَبة لموضوعنا. ولكننا ل نرى حاجةً للبح ِ ي القائِل بانتشاِر َتنتشُر الحضارةُ في القارِة المريكية على مرحلَتين .حيث ُيجَمع بشأِ ن المرحلة الولى على الرأ ِ ت الهنوِد الحمر في أمريكا الشمالية ثم الجنوبية عبر مضيق برينغ خلَل أعواِم . 7000ق.م )رغَم مجموعا ِ ً ح التاريخية ،إل أّ ن الكثَر م ةعقولية هو النتشاُر ُعقَب ال ةعصِر الجليدي ،وهذا ما يتزامُن مع هذه اختل ِ ف الشرو ِ ُ ضِر في أعوام 500 السنين( .ويَُخّمن تََ ةعّرفهم على الثورِة النيوليتية في أعوام . 3000ق.م ،وتوّجُههم نحو التَّح ّ ت في الشر.ق )أمريكا الجنوبية( ،بدءاً من المكسيِك إلى تشيلي باسِم آزتك م ،حيث ُيشيدو ن وصرَح ُأولى الحضارا ِ ت المشابهة لحضارِة مدينِة أوروك الولى لدى السومريين َتنطفُ ئ ،مايا ،وإنكا .ولكّن ُجذوةَ هذه الحضارا ِ ف المناخية ح إلى الظرو ِ وَتخبو قبل أْ ن تَتََمّكَن من تأسي ِ س مدٍ ن أكبر ،أو من زيادِة ت ةعدادها .وُي ةعزى ذلك بالرج ِ ً والجغرافيِة على وجِه التخمين ،حيث كانت ل تزال محافظة على وجودها ،ولو خام ً ل ،لدى مجيِء الوروبيين. ت التوسِع نحو أما ُبناها المدنيةُ القويةُ وبقايا م ةعابِدها ،فكانت َتصوُ ن تأثيَرها حينذاك .ولو أنهم َوَجدوا إمكانيا ِ س مراكَز موحدٍة أكثَر عددًا .هذا وُيلَحظُ .ق القارة ،لربما تََمّكنوا عندئٍذ من الرقّي لمراحَل أرقى ،وتأسي ِ أعما ِ ت الرهبا ن .في حين أّ ن ب الحضارية أيضًا ،مما ُيمكننا تسميتها بحضارا ِ أسبقية منزلِة الرهبا ن في هذه التجار ِ ً ت تقديَم النسا ن قربانا لللهة(. تقديَمهم الشباَ ن الياف ةعين كقرابينَ ،تق َ شِ ةعّر له البدا ن )َتشَهُد الكثيُر من الحضارا ِ ٌ َ ق بالتقويِم السنوي ،وَزّودوا ت أَْقَرب للكتابة .في حين أّ ن آفاقهم واس ةعة فيما يت ةعل ُ وتَُ ةعّد بدائيًة ،رغَم ظهوِر إشارا ٍ ت والحيوا ن .أما أمريكا الشمالية ،فلم تَُكن قد تََ ةعّرَفت ب ةعْد على الحضارِة ع النبا ِ الحضارةَ ال ةعامةَ بال ةعديد من أنوا ِ وقَتذاك. س عشر ب ةعَد الميلِد ،لدى يتزامُن ِبدُء النفجاِر الحضار ّ ي المديني الوصلّي في القارِة المريكية مع القرِ ن الساد ِ ف والحتلل والست ةعماِر والستيلء .ومع التطوِر الحضاري المديني الرأسمالّي الجديِد ببروِز ع بالكتشا ِ الشرو ِ البلدا ن المستقلِة ظاهريا ً ب ةعَد تقسيِم الرأسمالية إلى دوٍل قوميٍة في القرِ ن التاسع عشر ،وبالتزامِن مع بناِء ب أنظمِة الحضارة المدينية ال ةعالمية ،وَتتكامل م ةعها الوليات المتحدة المريكية في أمريكا الشمالية؛ َتلَح ُ ق بموك ِ )ولنها لم تَتََ ةعّرف على أيِة حضارٍة سابقة ،فإّ ن التطوَر الرأسمالي ُيحِرُز تََقدما ً جذريا ً عالَي الوتيرِة( .وبَِمِ ةعيِّة ت المتحدة المريكية َيستَِمّر النظاُم في انطلقِته كقوٍة مهيمنٍة ب ةعَد الحرب ال ةعالمية الثانية .أما أمريكا الوليا ِ ي جديٍد مقابل المدنيِة الرأسمالية ج حضار ّ ع في راهننا على البح ِ ث عن نموذ ٍ الجنوبيُة ،فل تزال ُتثابُِر بكّل اندفا ٍ المنتميِة في جذو ِرها إلى أوروبا والوليات المتحدة المريكية )كوبا ،فنزويل ،بوليفيا وغيرها(. ب أوروبا ،اللوياثا ن ال ةعمل.ق في راهننا .ول يخطر على س َ بالمقابل ،فقد كانت َمأْ َ سةُ الثقافِة النيوليتية من نصي ِ سَع ت رومانية مشّيدٍة في عام . 100ق.م الذي َ شِهَد تََو ّ البال اسُم أيِة حضارٍة في أوروبا ،فيما خل بض ةعِة حاميا ٍ المبراطوريِة الرومانية .بل َنشَهُد تجارةً متواض ةعةً بالم ةعاد ن في أماكِن تواجدها ،مع تَ َ طّوٍر في الزراعة ح القبائل وهجراِتها ووصراعاتها ،وسيادِة ذلك بأسماٍء عديدٍة من قَِبيِل السكيت، القروية ،إضافةً إلى سيادِة نزو ِ الُهو ن ،القوط ،الكلتيين ،Keltlerوالنورديين .Nordiklerنُنَّوهُ إلى أننا نستثني روما والثقافةَ اليونانية من ف الغربية من الحضارِة الشر.ق أوسطية هذه المرحلة ،حيث سنتناول لحقا ً هاَتين الساحَتين الُمَؤلّفََتين للطرا ِ على شكِل عنواٍ ن منفصل. ل تزاُل أفريقيا محافظًة على أواوصرها مع المسيرِة الولى للنسا ن ،حين كا ن َيبح ُ ث عن الكِل وأدواُته في يده، شّكِل الثقافِة الفريقية ال ةعريقِة الّم البالغِة ق تَ َ وبثقافِته الجذريِة الوصيلِة الولى الطويلِة المِد الُم ةعاشِة في مناط ِ ُ ّ ت الرمزيِة ب ةعَد لغِة الشارات .هذه القارةُ المريكية – التي لم يَتََخط تََ ةعّرفها على الحضارِة المصرية لغةَ الصوتيا ِ ب الحضارة المسيحيِة في ال ةعصور الولى – حدوَد السودا ن ،في حين اسَتم َ ب من جوان ِ سَكت الحبشةُ فقط بجان ٍ َ ب السامّيين لَِيشَهَد انفجاراً وبينما َ ح على يِد ال ةعر ِ شِهَد شماُلها ظاهرةَ السلمِة ُعقَب الغزِو السلمي الكاس ِ وصرةً بالمدنيِة الرأسماليِة الوروبية من جميِع أطرافها في القر ن حضاريّا ً إسلميّا ً عظيماً حينئذ؛ نراها محا َ ً َ َ ت نظراً لبنيِتها الداخلية ،فَتشَهُد التاسِع عشر .أما أفريقيا ،التي ُتلقي وص ةعوبة كبرى في تََحّمِل وَهضِم المدنيا ِ
ب احتوائها خليطاً متمايزاً من الثقافات ت الراهن ،وتشبه الشوربة بسب ِ فوضًى عارمةً ِبكّل م ةعنى الكلمة في الوق ِ ب النظاَر إليها لَِروصِد ماهية الحياِة الحرة أو الحضارة أو الحداثِة والمراحِل المتباينة من المدنية .وهذا ما َيجِذ ُ التي سَتندِمُج وتتكاَمل م ةعها ،وانتظاِر ذلك بفضوٍل ولهفٍة وريبٍة وأمل؛ تماما ً مثلما ُيلَحظ ذلك في مثاِل أمريكا .ق الوسط أيضاً ولو بدرجٍة نسبية. الجنوبية ،وفي الشر ِ ج -الحضارة الغريقية – الرومانية وقضايا انتشارها: ب من َبحِثنا في التوسِع الحضاري ذي الجذوِر السومرية والمصريِة م ةعًا ،ذلك أّ ن كلَتيهما يجب عدَم الستغرا ِ َ حضارَتا ن جذريتا ن أحرزتا التطوَر بالتزامن وبتأثيٍر متبادٍل لوِل مرٍة في التاريخ البشري .كما أثَّرتا في ب ةعضِهما ب آخٌر لهذا التكامِل .ق أوسطية ،فهو سب ٌ ب أثناَء التوسِع أيضًا .أما انحدارهما إلى المشار ِ عن كث ٍ ب الشر ِ ت والتلحم .ذلك أّ ن تداُخَلهما منذ الولدة من المزايا المميزة للمنطقة .كما َ شِهدنا إنشاَءهما لل ةعديِد من البدايا ِ ت اللحقة باعتماِد هاَتين الحضارَتين أساساً من حيث الولى .ول ُيمِكُن إنكار تَ َ ت والتوس ةعا ِ شّكِل النتشارا ِ المضموِ ن والشكِل على السواء .إذ ن ،ل جداَل في ترابِطهما من حيث الجذر ،وإْ ن لم تَُكونا متطابقَتين كليًا .لذا، يبقى احتماُل التحليِل أو التفكيِك الكافي ليِة حضارٍة مدينيٍة أخرى ض ةعيفا ً دوَ ن التفكيِر بمصر وسومر .ومثلما شُر ويتكاثُر بالعتماِد على الحاُل في المدنيِة الرأسمالية تمامًا ،فالنموذُج الوُل للحضارِة المدينية ال ةعبودية َينتَ ِ َ ع ل َينفّكو ن ج السومر ّ ض الت ةعديل ِ ي أولً ُثم المصري ،مع ب ةع ِ ت الطفيفة .إل أّ ن المؤرخين وعلماَء الجتما ِ النموذ ِ ّ سلم بها دو ن تأسيسها على هذه القرابة الحرجة ،أياً كانت السباب .وما إوصراُرنا في يَُكّررو ن شروَحهم الُم َ ّ سلمات. ف تحطيِم مفاهيِم هذه الُم َ التشديد على ذلك سوى بهد ِ َ ُ ت التي واجهناها في هذا النتشاِر الول .فكا ن أّولها مستوى التأثيِر المتبادل بين سومر لقد تَطَّرقنا للص ةعوبا ِ ومصر ،وهو موضوٌع يتطلب تسلي َ ط الضوِء عليه .وثانيها قضيةُ الحضارِة الميدية – البرسية السّباقِة لغيرها .ق مراكِز ميزوبوتاميا ،ومدى اعتباِرها أوصلً حضاريا ً منفصلً بَِحّد ذاته أم ل .إذ أنه في تشكيِل ذاتها خارَج نطا ِ من الم ةعلوم استقاَءها الكثيَر من تصنيفاِتها الساسيِة من السومريين ،وكذلك من البابليين والشوريين ت عظمى في التاريخ. والورارتيين ،الذين هم امتداٌد للسومريين .لكنه من الم ةعلوم أيضا ً إنجاُزهم إوصلحا ٍ ت المركزية ،ونظاُم الجيوش؛ ُكّلها .ق الحرية( ،ونظاُم الوليا ِ فالثورةُ الخلقيةُ الزرادشتيةُ )القريبةُ إلى أخل ِ سنا مضطرين لتفسيِرها كحلقٍة انتقاليٍة مختلفٍة ب َوَجدنا أنف َ ُي ةعتَبَُر ِمن ُأولى ساحاِتهم الجديدة .ولهذا السب ِ ومتمايزٍة هامة تتوسطُ الحضارةَ الرومانيَة – الغريقية والحضارَتين السومرية والمصرية .وهذه الفوار.ق ع تحليِل مراحِل الحضارة المدينية ،انطلقا ً من مفهوٍم والتمايزات والهمية َتل ةع ُ ح في موضو ِ ب دوَر المفتا ِ تاريخّي سليٍم ووصائب .وفي حاِل ال ةعكس ،فلن َنقِدَر على تحليِل الحضارِة الغريقية – الرومانية على نحٍو سليم، ت َأعَقد. أو أننا َ سنُقَّدُم شروحا ً غيَر علميٍة بشأِنها ،فََن ةعزو إليها مزايا م ةعجزوية استثنائية ،وُنقِحمها في تشويشا ٍ أما القضيةُ الثالثُة ،فكانت م ةعنيةً بمشاكِل أوصوِل الحضارَتين الصينية والهندية ،حيث نَّوهنا إلى ضرورِة النظِر شَبه ب ةعيِن الحيطِة إلى َكوِنهما مستقلَتين بخاوصياِتهما ،مما يساعدنا أكثر على التفسير الصحيح لوجِه ال ّ ف بين الحضارات المدينية. والختل ِ ت مدينيةً خاوصةً بذاتها حقا ً مثلما ُيزَعم ،وحتى لو كانت حضارَتا فإذا كانت حضارا ُ ت أمريكا الجنوبية حضارا ٍ وصتين بذاَتيهما؛ فسيَُكو ن من الم ةعقول أكثر القبول بأّ ن جذوَتها َخمَدت حتى قبَل تََخ ّ طيها هارابا وموهانجادارو خا ّ لمرحلِة المدينِة التأسيسيِة الولى )على نمِط أوروك( .علينا التبيا ن بأّ ن ُك ً ل من أفريقيا وأوروبا )عدا الغريق شِهَدت التحضَر في مراحِل النتشار اللحقِة بِأ ََمٍد ب ةعيد ،وأنها – بما فيها أمريكا – – الروما ن( وحتى أستراليا َ َ ضِر هذه المناطق في تلك س الرأسمالية ،وأّ ن المدنيةَ الرأسماليةَ أّدت دوَرها البارَز في تََح ّ تََح ّ ضَرت على أسا ِ ف وتفسيٍر أوصّح بشأِ ن الحضارِة الغريقية – الرومانية ب ةعَد هذا المراحل وما قبلهاَ . سنَتََمّكُن من تقديِم ت ةعري ٍ التمهيِد المختزل. َ ي – البرسي في ل جداَل في أّ ن الحضارةَ الغريقية الرومانية َ شيَّدت وصرَح حضارٍة مدينيٍة ُتضاِرع المثاَل الميد ّ ف شبِه الجزيرة ،دو ن الخِذ ب ةعيِن الحسباِ ن .ق هذه الخاوصيِة في ظّل ظرو ِ خاوصياتها وُرقِّيها .أما الزعُم بانبثا ِ ت اللحقِة من بابليٍة ،آشورية، ف للحضارَتين المصريِة والسومرية ،وللحضارا ِ التوسَع المترامَي الطرا ِ ض النظِر عن مزاياها وِطباِعها الوصليِة؛ فلن يَُكوَ ن سوى عمًى ميتانيٍة ،حثية ،أورارتيٍة ،وميديٍة – برسية ،وبَِغ ّ ت دينيٍة وأخلقيٍة ت ذهنية ،وتطورا ٍ ت ،وتصنيفا ٍ تاريخيا ً فادحًا ،وتحريفا ً فظي ةعًا .فَُكّل ما بَِحوَزِتنا من اختراعا ٍ ع تلك ع ووصرا ِ وفلسفيٍة وفنيٍة وسياسيٍة واقتصاديٍة وعلمية ،إنما تََحقَّقت في خضّم مراحِل ولدِة وتَطَّوِر ونزا ِ س المجتمِع النيوليتي. ت النفة الذكر ،والتي كانت قد َوِرَثتها بنسبٍة ل ُيستها ن بها ِمن مراحِل تََمأ ُ الحضارا ِ س ِ
ح الحاكمِة في اللجوِء إلى وقد كنا َ سَ ةعينا لسرِد قصِة ذلك سابقًا ،ومن دو ن التغاضي البَتّةَ عن جهوِد الشرائ ِ ب واللصووصية والت ةعمية والتستِر والشرعنِة على وجِه التخصيص. النهب والسل ِ يَُلوح أّ ن حركةَ التنويِر والتقدم ال ةعلمي في أوروبا بَقَِيت جاهلةً بهذا الواقِع أََمداً طوي ً وصلَْت في ل .وعندما تَأ َ ّ ت هي من اختراِعها صُر بِِ ةعناٍد على أّ ن نسبًة عظمى من المنجزا ِ نهضِة الثقافِة اليونانية والرومانية ،راحت تُ ِ ف الخاط ئ للحضارِة الغريقية – الرومانية. واكتشاِفها هي ،لَِتغُدَو مسئولةً أيضاً عن الت ةعري ِ خ هيرودوت. ولن يَُ ةعّز على المرِء اكتشا ُ ف َمنشأ ِ أوصوِل الثقافِة اليونانية بنسبٍة كبرى حتى ِبمجرِد مطال ةعِة تاري ِ َ ب الثقافِة واللغة الهندوأوروبية )الرية( أّولً إلى شبِه ت التاريخية التي بَِحوَزتنا ُتشير إلى تَ َ سّر ِ فجميُع المستندا ِ ف عن سُم عدم َغ ّ ض الطّْر ِ الجزيرة الغريقيِة منذ أعوام . 5000ق.م ،ومن ثَّم ُم ةعايشِتها للثورِة النيوليتية .ويَتّ ِ ت ب ةعيٍن سليمة .ومن الم ةعقوِل القول بأنه ،وابتداًء من خ التطورا ِ منبِع هذه الفترة بأهميٍة كبرى لقراءِة سيا ِ .ق تاري ِ َ س أوِل أعوام . 1800ق.م ،نَقََلت الموجا ُ ت الجديدةُ الكتشافا ِ ت الحضارية مع هجراِتها ،لَِي ةعُبروا إلى مرحلِة تأسي ِ ُ ج من ج أوروك في أعوام . 1400ق.م .وقد َحِظَيت هذه المرحلة بالدعِم والَمُ ةعونِة والنماذ ِ مدينٍة مماثلٍة لنموذ ِ ّ ت مختلفة ،حيث ُيلَحظ َرَجحاُ ن تأثيِر الحثيين ،الذين يَُوثقو ن هذه المناطق باسم آهيافا .Ahiyeva ث جها ٍ ثل ِ ً ً ومنذ أعوام . 3000ق.م َيبدأ التبادُل التجاري مع المنطقة عبر طروادة ،التي كانت َتحتَّل مكانة مصيرية بالنسبِة لشبِه الجزيرة في هذه المرحلة ). 1200 – 3000ق.م( ،وبالتالي كانت من ُأولى أهدافها .لقد َمّدهم الحثيون ل اليديولوجية )اللهة ،الداب ،العلم( والماديةِ )بالخص الشياء المعدنية والفخاريات بالوفيِر من الوسائ ِ ث النقلة إلى الحضارة .أما الفينيقيون، جرة بها( ،ليؤدوا دورا بارزا في إحدا ِ ت النسيجية للمتا َ والمنتوجا ِ ن التجاريَة على غراِر النموذ ِ ج شّيدون المد َ عّلمونهم البجديَة الفينيقية ،وُي َ ملحِة البحريِة ،وُي َ صون بال ِ َفَيخَت ّ ل تأكيد .هذ كونوا ُرّواَده بك ّ الشرق أوسطي ،لَي ُ ة الغريقيِة المتطورة بالعتماِد ق الحضار ِ ء مباشرة ،أو عن طري ِ ل بارز ،سوا ً وُيَؤّثُر فيهم المصريون بشك ٍ َ ت ع الختراعا ِ ة التي أّثَرت فيها مصر( .وشتى أنوا ِ ة الخاصُة الوحيد ُ على مستوطناِتهم )وهي الحضار ُ ت الربع )حتى أعوام 600 – 2000ق.م(. ق أوسطية تتغذى على الدوام من هذه القنوا ِ الحضارية الشر ِ جّول كل من صولون ،فيثاغورس ،وتاِلس في أنظمِة القصور والمدارس وفي المرحلِة الخيرةَ ،يَت َ سهم ل الميلدِ ،لَينَتِهلوا منها درو َ س قب َ المصريِة والبابلية والميديِة – البرسية في القرَنين السابع والساد ِ وأنظمَة قواعِدهم ،وَينقلوها معهم إلى شبِه الجزيرة.
ض السواحُل الغربية لبحِر إيجة إلى غزِو القبائِل اليونية، وب ةعَد سقوِط طروادة )أعوام . 1200ق.م( تت ةعر ُ خ الهجرات من أعواِم . 1000ق.م على وجِه التخمين .هذه اليولية ،Aiolوالدورية .ويمكننا البدء بتاري ِ سّمي المصريو ن أوصحاَبها بالقواِم الساحلية – على وصلٍة بسقوِط طروادة ،وَتمتَّد الهجما ُ ت الولى – التي يُ َ لَِتشم َل شرقي البحر البيض المتوسط ومصر .أما هذه المجموعات ،التي اكتظ بها غربي الناضول وجزر إيجة ،فهي بمثابِة "البرابرة" الهمجيين في نظِر الحضارَتين الطروادية والحثية .أما ساحاُتها الحضاريةُ فَتكُمُن ف في بلِد الحثيين وَمملكِة طروادة الصغيرة .وكا ن لن يستطيَع البرابرةُ التحضَر إل ب ةعَد الستقراِر طويلً في كن ِ ثقافِة الحضارة المدينية .وهذا ما حصَل بطبي ةعِة الحال ،حيث يشرعو ن بالتَّمّدِ ن ب ةعَد فاوصٍل زمنّي طويٍل ،بدءاً من أعوام . 700ق.م ،سواًء في شبِه الجزيرة ذاِتها ،أو في جزِر إيجة وشواطِئها .وَيقوُم هوميروس بتسطيِر ف ت القائمِة في أطرا ِ ب المتبقيِة من هذه المرحلِة الطويلة من الستقرار ،والمستجدا ِ ت الحر ِ ص بطول ِ قص ِ ص الستقراِر في الجزيرة .وَكوُ ن مراكِز التمد ن القائمِة في طروادة على نحٍو ملحمي .أما الوديسا ،فهي قص ُ سواحِل بحِر إيجة م ةعبأةً بالوصالِة لَِحّد ما هو حقيقةٌ واق ةعة .فميرا ُ ت الغنية والمتنوعة لقصى الحدود، ث الثقافا ِ وتربةُ أراضيهم الخصبةُ الصالحةُ لِنُُمّو النباتات ورعِي الحيوانات بشكٍل استثنائي ،ساَعَدهم وَمّدهم بالقدرِة س هذه التركيبِة الجديدة المنقط ةعِة النظيِر على هويِة هذه المدائِن الحديثِة ال ةعهد .وهكذا ُيبُدو ن الكافية على عك ِ ت عليها .ق أوسطية وإطراِء التحول ِ مهاراِتهم البارعةَ في تحويِر ال ةعناوصِر اليديولوجيِة والمادية للثقافة الشر ِ ت جوهرية نسبيا ً وشكليٍة بنسبة هامة. ت الجديدة منها بإخضاعها لتغييرا ٍ ص التركيبا ِ ُكّليًا ،وفي استخل ِ ت الحاوصلةَ في ت والكتشافا ِ وبالمقدوِر القوُل أنهم ُيبُدو ن مساهماِتهم التاريخيةَ الخاوصةَ بهم بما ُيماثُِل الختراعا ِ ق مثيلِتها في المراحِل السومرية والمصرية والحثيِة ال ةعصِر النيوليتي . 4000 – 6000ق.م ،وكذلك بما ُيطابِ ُ َ َ َ والورارتية والميديِة – البرسية .أي أنهم ُينِجزو ن الحملة الثقافية ال ةعظمى الثانية أو الثالثة. ت التنوير ال ةعظمى .فإذا ما أخذنا ب ةعيِن الحسباِ ن أّ ن أوَل القضيةُ الهامةُ هنا تَتََج ّ سد في موقِع المركِز كأحِد حمل ِ
ف الظلم ،وأنه َلم تكويٍن مدنّي )في أعوام . 1400ق.م( َلم يَُحّقق الثباَت ،وأّ ن المرحلةَ اللحقةَ له بَقَِيت في كن ِ ضن في َيب َ ت الفينيقيين التجارية؛ سنلحظ أّ ن شبهَ الجزيرِة الغريقية لم َتحتَ ِ ق منها سوى بض ةعةُ مستوطنا ِ ت قبليةٌ حينها ،وثمة َمن اشتََهر كالكائيين طواياها أيةَ حضارٍة مدينيٍة حتى أعوام . 700ق.م .بل ثمة وصراعا ٌ ق بحِر إيجة .من ق الحضارية في الناضول عن طري ِ ،Akalarوخاوصةً هجماُتهم المتواوصلةُ على المناط ِ سهم هو زعيُم القبيلة ،أكثَر ِمن أْ ن يَُكوَ ن َمِلكا ً )فالَملُِك المؤكِد أنهم كانوا في المرحلِة البربرية ،وأّ ن َمن َيرأ ُ يستلزُم وجوَد المدينة( .وكانت أثينا وقتئذ ب ةعيدةً عن أْ ن تَُكوَ ن مركزاً حضاريا ً – رغَم ازدهاِرها – في أعوام ستها القبائُل التي على سواحِل بحِر إيجة أَّدت دوراً ت تَُدّل على أّ ن المدائَن التي أَ ّ س َ . 600ق.م .وُكّل الحتمال ِ ت في حملِة التنوير ،وفي مقدمِتها هوميروس ،الحكماُء السب ةعة ،تاِلس، مركزياً أوطد .فالسماُء الذائ ةعةُ ال ّ صي ِ هيروقليطس ،بارمنيدس ،ديموقريطس ،وفيثاغورس؛ جميُ ةعها تنتمي إلى مدِ ن السواحل الغربية لبحِر إيجة. ست سلسلةٌ من المدِ ن المت ةعاقبة في هذه البق ةعة. لقد تَأ َ ّ س َ ص ولدِة اللهِة الشهيرِة – وفي وصدارِتها أبولو – إلى هذه المناطق المُر الهاّم هنا هو انحداُر أغل ِ ب قص ِ وِجواِرها .فالمدنيةُ الماديةُ فيها أكثُر ُرقِيّاً بالنسبِة إلى شبِه الجزيرة .فضلً عن أّ ن أكثَر الم ةعابِد ومراكِز التكهِن شهرةً تقُع في السواحِل الغربية لبحِر إيجة .والكثيُر ِمن الدلِة والبراهيِن الخرى التي ُيمِكُننا سرُدها ،تَُدّل جميُ ةعها على أّ ن مدَ ن اليونيين كانت مراكَز إيجة الحضاريةَ الجديدةَ ب ةعَد مرحلِة الحثيين والفريغيين والليديين ، أو على القّل في زماِنهم .في حين أّ ن سكاَ ن شبِه الجزيرة ليسوا سوى استمراٌر لهم .والخاوصيةُ الحرجةُ هنا تَتََمثُّل في انتقاِل مركِز الحضارة المدينية إلى أثينا مع احتلِل المبراطورية الميديِة – البرسية لهذه الراضي في ب بالذات بالمكاِ ن تسميةُ أعواِم . 400 – 500ق.م ب ةعصِر أثينا ال ةعظيم ،حيث َتنتَقُِل كافةُ . 545ق.م .ولهذا السب ِ ُ ُ آثاِر الحضارة اليديولوجيِة والمادية الموجودِة في مدِ ن سواحِل إيجة إلى أثينا ،ويَلوذ القسُم العظُم من ف ض الجزر الخرى ،لَِتنَحطّ مكانةُ المنطقِة شيئا ً فشيئا ً في كن ِ المتنورين إلى هناك ،وإلى جنوبي إيطاليا وب ةع ِ النفوذ البرسي. ُ والحضارةُ البرسية – دو ن أدنى شك – هي العظُم والبهى في تلك المرحلة .فهي ل َتكَتفي بالستقاِء من سُر م ةعها المنطقةُ ت عديدًة .لكن ،ومع ُخسراِ ن إيجة لستقللهاَ ،تخ َ ق الغريقية ،بل وتُقَّدُم لها مساهما ٍ المناط ِ ً ح حضارٍة عظمى .وأستطيُع القول أنه لو َلم َيحصْل ذلك، وصر د تشيي في – ا أيض رها آخ وربما – لها ة فروص أوَل ُ ِ ٍ ِ سوا حضارةً ُتناِزُع وتضاهي في َع َ ت َلربما أَ ّ س ُ ظَمِتها وُزُهّوها وانتشاِرها في سائِر بلِد الناضول جميَع الحضارا ِ الخرى من سومريٍة ومصريٍة وهندية ووصينيٍة وحثية وبرسية .وربما بَقَِيت شبهُ الجزيرَتين الغريقيِة .ق بيزنطة بمضاميِنها سرو ن فروصَة بناِء إمبراطوريٍة تَُفو ُ واليطاليِة في مستوى وليَتين خاض ةعَتين لها .إنهم َيخ َ .ق انتفاَع أهالي إيجة من وأب ةعاِدها أض ةعافاً مضاعفة .فوجوُد البرسيين في إيجة قضى عليهم من جهة ،وأعا َ ي عظيٍم من جهة أخرىَ .فلنَتََذّمْر ولَنسخْط ولنَتَأ َلّْم من ذلك قدَر ما شئنا عن وجِه َحّقهم في ريادِة نظاٍم حضار ّ حق .لقد َجّرَب المقدونيو ن ح ّ ض عن ذلك كا ن ثقافةً متجزئًة ظهم في ذلك أولً متمثلً في السكندر ،لكّن ما تََمّخ َ سّمَيت تلك الثقافةُ ب ةعالَِم الثقافِة "الهيلينية" ،إل أنها كانت مت ةعددَة صّب فيه .ومهما ُ للغاية ،مفتقرةً لمركٍز تَ ُ المراكز ،ولم َتذَهْب أب ةعَد مْن أْ ن تَُكوَ ن تركيبةً جديدةً شرقيةً – غربية توفيقيةً متمفصلةً Eklektikب ةعيدةً عن ي الروماني اللحق ،فلم َيمَنح إيجة أيةَ فروصٍة أكثَر من أْ ن ع الوصيل الحقيقي .أما البتكاُر المبراطور ّ البدا ِ تَُكوَ ن وليةً مركُزها بارغاما Bergamaخصيصًا .بم ةعنى آخر ،فما فََ ةعَله البرسيو ن بهم في الشر.قَ ،كّرَرهُ الروما ن في الغرب. من الصحيح على سبيِل الوصطلح النظر إلى الحضارِة المتمركزِة في أثينا على أنها حضارةٌ مدينيةٌ حقيقيةٌ ِمن جهِة َت ةعاظُِم ُمُدِنها وتكاثِرها َكّمًا .فقد تََرَكت بصماِتها على عصِرها في ميداِ ن الحضارة المادية واليديولوجية. ت المذكورِة سابقاً ولدى تقييمنا أثينا ،علينا قراءتها على أنها َأشبَهُ بخليٍط جديٍد ناجٍم عن وصهِر كافِة الحضارا ِ خ خ الحضارة برمته ،بقدِر تجديدها لتاري ِ في بوتقٍة واحدة .فهي ُتنِجُز ثورَتها الحضاريةَ ال ةعظمى بتجديِد تاري ِ الثقافِة النيوليتية خصووصًا ،وبالستفادِة مجدداً من جميِع منجزاِتها واختراعاتها وابتكاراِتها اليديولوجيِة ت عصِرها الجديد. والمادية ،لتَُوّحَدها مع تأثيراِتها المحليِة بقدِر توحيِدها مع متطلبا ِ سُد في َهضِمها وتَبَّنيها للفلسفِة أيديولوجياً من حيث هي فكٌر وشكٌل عقائدي، الخاوصيةُ ال ةعظمى الولى فيها تَتََج ّ شت أكثَر من نزوِعها للدياِ ن الوثنية .ذلك أّ ن الفلسفةَ ُتسفُِر عن انفجاٍر عظيٍم في الم ةعاني .وهكذا نُثَِرت َوُر ّ بذوُر كّل الميوِل الفلسفيِة لل ةعيا ن في هذه المرحلة ،لِتَِجَد جميُع النماِط الفكرية ُفروصَتها في الولدِة والتداول، بدءاً من المثاليِة المحتوى إلى المادية ،من الميتافيزيقيِة المضمو ن إلى الَجَدلية .وبينما كانت السبقيةُ
ب تفاقُم "القضايا لـ"الفلسفِة الطبي ةعية" َقبَل سقراطَ ،رَجَحت َكفّةُ "فلسفِة المجتمع" في عهِده وما ب ةعد .وَيلَ ةع ُ شّدْد مرةً أخرى على أّ ن الجتماعية" )القمُع والستغلُل والست ةعمار( دوَره في بروِز هذه المستجدات .لِنُ َ س سلسلِة المدينة ،التجارِة ،الدولِة ،والداري الحاكم .فضلً عن أّ ن المدينةَ – "القضايا الجتماعية" ت ةعني تأسي َ باعتباِرها مركَز المدنية المادية – تَُؤثُّر في ج ةعِل الفكِر الفلسفي ضرورًة اضطرارية .فالمدينةُ بَِحّد ذاِتها ت ةعني شّكُل ذهنيٍة منقط ةعٍة عن الطبي ةعِة في أجواِء المدينة. النقطاَع عن المجتمِع ال ةعضوي .بالتالي ،من السهل بمكا ن تَ َ سسةُ على ب الفكاِر الميتافيزيقيِة والماديِة الُمَجّرَدِة والفظة هو المدنيةُ المؤ ّ بم ةعنى آخر ،فالّرِحُم الّم لكّل ضرو ِ دعامِة خيانِة البيئِة والط ةعِن بها. ب عن ب الخر شكٌل آخُر ِمن أنماِط الفكِر المغتر ِ إذ ن ،وبينما تَُكوُ ن الفلسفةُ انطلقًة في الفكر ،فهي من الجان ِ َ شبَهُ بُِمتَنَّوري تلك المرحلة )مثقفو البيئة .والصوفيو ن الذين َي ةعَملو ن على نشِر الِحَكم والم ةعارف الفلسفيِة أ ْ س ضوَنه من مال .ويَُؤ ّ س ُ أوروبا في القر ن الثامِن عشر( .حيث يَُدّرسو ن أولَد ال ةعوائِل الميسورِة مقابَل ما يََتقا َ س التاب ةعين للم ةعبد .إنهم َيبُنو ن ما سهم ،تماماً مثلما اخترَع الرهباُ ن الديَن ،ومثلما َ شّكلوا النا َ الفلسفةُ مدار َ س الفلسفيِة على غراِر ما في الدياِ ن الت ةعددية .يمكننا النظُر ُيشبِهُ الكنائ َ س )المجالس( .ويَتََكّوُ ن زخٌم من المدار ِ ٌ ي في نهايِة مطافها ،فُيمِكُن ب مستقّل بذاته .ونظراً لّ ن الدياَ ن نمط فكر ّ إلى كّل مدرسٍة منها َكِديٍن أو مذه ٍ َ .ق بينهما اعتبارها فلسفةً تقليديةً متمأسسةً وواضحة الم ةعالِم ال ةعقائدية .أي ،من المهم عدَم النظِر إلى الفوار ِ س والموّجه بالغلب ،تَُكوُ ن الفلسفةُ غذاَء المتنورين على أنها تَ َ ضاّد .فبينما يَُكوُ ن الديُن ُقوتا ً للش ةع ِ ب المرؤو ِ َ ْ َ ّ ت ومهاّم أقَرَب إلى والشباِ ن المنتمين للطبقات المتقدمة .من هنا ،فأفلطو ن وأرسطو يَتَطل ةعا ن لِتََحّمِل مسئوليا ٍ س مدينِة الرهبا ن والحفاِظ عليها وإنقاِذها ،ولكْن ،بمنظوٍر فلسفي .أي أّ ن ال ةعمَل أْ ن تَُكوَ ن س ةعياً للنجاح في تأسي ِ ُ ُ صوُ ن المثُل لمجتمِع المدينة ودولِتها، الساسّي الذي َينَكّب عليه الفلسفة هو كيفية تحديِد الدارِة المثلى ،وال ّ سها المثلى. ت تأسي ِ بل وقبَل كّل شيء ،تحديُد مقوما ِ ُ َ سّباقة )الولى( في تركيِزها ب ةعنايٍة فائقٍة على أما الخاوصيةُ الهامةُ الثانيةُ لحضارِة أثينا ،فَتكُمُن في كوِنها ال ّ خ الحضارة، الديمقراطية )الجمهورية( على الص ةعيَدين النظر ّ ي وال ةعملي .إنها مرحلةٌ ِجّد هامٍة في عموِم تاري ِ َ ُ َ ولكنها ديمقراطيةٌ م ةعنيةٌ بالشريحِة الرستقراطية فحسب .فإذا ما وض ةعنا نصَب ال ةعيِن ت ةعريفها المحدوَد للغاية شِر المجتمع .ومع ذلك ،فهو تجديٌد هاّم حقًا ،حيث يؤدي دوراً لمواطني المدينة ،نرى أنها ل َتشتَِمُل حتى على ُع ْ سه بالسياسة، ب نف ِ عظيماً في تكوين وَتطويِر الفلسفِة وفّن السياسة .فالديمقراطيةُ كمصطلح ت ةعني اهتماَم الش ةع ِ أي النشغاَل بالذات بشؤوِ ن الدارة والحكم .والسياسةُ الديمقراطيةُ َقواُمها التفكيُر في جميِع القضايا الجتماعية ت بصددها .بالتالي ،فخاوصيةُ السياسِة الديمقراطيِة – والتي ت ةعني المجتمَع الحيوية ،وتداوُلها ،واتخاُذ القرارا ِ ت ليست بالَهّينِة في حضارِة أثينا. المنفتَح أيضا ً – تُقَّدُم مساهما ٍ وَيبُرُز مجّمُع اللهِة في هيئٍة م ةعماريٍة جديدٍة كليًا ،حيث ُتبِهُر النظاَر بأعمدِتها المستطيلِة الواس ةعِة التي تَُحّفها، س فيما بينها لبراِز وأسواِرها الخارجيِة التي تستوعبها وتَلُّفها .فكأّ ن م ةعابَد أبولو وأرتميس وأثينا تتناف ُ َع َ ب إدراُك مدى َكوِ ن اللهِة تصوراً خياليًا ،ليس إل. ظَمِتها في جميِع المدِ ن الشهيرة .وفي مجتمِع أثينا يَْغلُ ُ بالتاليَ ،تنَح ّ سسي آلهِة المدائِن السومرية ي ةعيشو ن مراحَلهم ط مكانةُ ال ةعقائِد الدينية شيئا ً فشيئًا ،وكأّ ن مؤ ّ سّمَيت مدينةُ أثينا بهذا الخيرةَ في حضارِة أثينا وروما .ومع الخِذ ب ةعيِن الحسباِ ن أنها مدينةٌ تأسيسية ،فقد ُ ضُع السِم ِنسبَةً لللهِة أثينا ،مؤ ّ سستها وحاميتها ،والتي تَُذّكُرنا ِبإينانا ،إلهِة أوروك .وهذا المثاُل بَِحّد ذاِته يَ َ ْ ب للنظار .أما القساُم الَبناَ ن على أوُجِه ال ّ ض كتقليٍد ضار ٍ شَبه بين الحضارات ،وَحذِوها حذَو ب ةع ِ ضها الب ةع ِ .ق الخرى من المد ن ،فََغلََب عليها الطابُع المؤسساتّي عبَر ال ةعديِد من الكيانات ،من قَِبيل الغورا )السو ِ ع التّنَّزه الُم َ ظّللة( ،وأماكِن الرياضِة البََدنِّية التجارية( ،الكنيسِة )مكاِ ن المجلس( ،المسرحيِة ،الروقِة )شوار ِ ضها من السوار ،وتحتوي عدداً ى راقياً من البنى ،بَِحيث َتخلو ب ةع ُ ب الُمَدّرجة( وغيِرها؛ وَأنَجَزت مستو ً )الملع ِ ٌ ُ ضخَماً من القصوِر الفخمة .إنها ُبنى شبيهة بَِقريناِتها لدى الحثيين ،ولكنها ُتفوقها ُرقِيًّا ،كما َتزيد عليها من َ حيث ت ةعداِدها السكاني. ب المكتوبة .بل وربما أننا أماَم ثقافٍة أدبيٍة هي العظُم على الطل.ق من جهِة توثيقها هذا و َ شِهَدت تَطَّوَر الدا ِ ت الملحميةُ ُ َ ش أمَجد مراحِله الثورية ،وَكثَرت النتاجا ُ ت المدّونة طيلة مساِر التاريخ .فالمسرُح عا َ ضمن المستََندا ِ ُ ّ وصيَغت والمأساوية ،وُكتَِبت الُمَؤلفا ُ ت التاريخية .كما كانت ملحمة هوميروس ُتقَرأ وكأنها كتا ٌ ب مدرسي ،و ِ شُر بولدِة السينما .وتَطَّوَرت الِملحةُ البحريةُ ُ الكثيُر من الوقائِع والحداث بِلغٍة مسرحيٍة بارعة ،وكأنها تُبَ ّ ُ والتجارةُ لدرجِة أنها َغَدت الحضارةَ الثانيةَ ب ةعَد الفينيقيين في وصناعِة السفن المتطورة .كما بََرَزت التجارة في
ضلة – لَِتزَرَع فيها أولى بذوِر الرأسمالية ،حيث .ق ضيق ،وليس كمهنٍة لم ةعٍة أو ُمفَ ّ مجتمِع أثينا – ولو بنطا ٍ َتبدو وكأنها سَتنتَقُِل إلى النظاِم الرأسمالي فيما لو قاَمت بحملٍة أخرى إلى َحّد ما .هذا وتَ َ طّوَر فّن الم ةعمار فيها ت َأقَرَب إلى المثالية .بالضافِة إلى أيضًا ،إذ تَُبرِهن بنى المدينِة ذلك بما فيه الكفاية .وَأحَرَز فّن النحت مستويا ٍ ب النظاَر وهي ُتحيي الميثولوجيا على خشبِة المسرح .هذا ونُنَّوهُ على الفوِر مشاهِد تضخيِم المور ،والتي َتجِذ ُ ت ت ميثولوجيٍة متماسكٍة وقويٍة للغاية ،ومؤّلفٍة من َجِمي ةعٍة sentezتتضمن كافةَ ميثولوجيا ِ أنها تََميَّزت بأدبيا ٍ ص الوقائِع الحضارات السابقة لها )العتقادا ِ ت غيِر الدينية ،النماِط الفكرية( .فالميثولوجيا هي فّن سرِد قص ِ التي يَُ ةعّز على المجتمِع تفكيُكها وإدراُكها ،وكانت شائ ةعًة في ال ةعصور الولى. كما َأحَرَزت الموسيقا تَ َ طّوراً ملحوظًا ،سواًء في عدِد اللت الموسيقية ،أو في تَنَّوِعها )اللهيِة منها وغيِر ي في وجوِده ،وإْ ن لم يَُكن بقدِر ما كا ن عليه في عصِر اللهية ،المهتمِة بال ةعشق والملحم( .واستََمّر النثُر الش ةعر ّ البطولت )إّباَ ن بناِء مجتمِع المدينة ،وهو مرحلةٌ بربريةٌ عليا(. سيرورِة التقاليِد الَملَِكّية القديمِة فيها بأكثِر درجاِتها تأتي إسبارطة في المرتبِة الثانيِة ب ةعَد أثينا ،حيث تَتََميُّز بِ َ ب مستمرةً فيما بينهما .كما تََرَك هذا ن النموذجا ن – أثينا وصلبًة ووصرامة .وقد كانت النزاعا ُ ت والحرو ُ شِهدت تطوراً سري ةعاً في التوسِع المديني ،فََ ةعّجْت وإسبارطة – بصماِتهما في جميِع أنحاِء شبِه الجزيرة ،حيث َ ج عيِنه من المد ن ،ثم تََلتها سواحُل البحر السود وبحِر مرمرة شبهُ الجزيرِة والسواحُل المقابلةُ لها أولً بالنموذ ِ س المد ن .فالت ةعداُد السكانّي الهائُل والتجارةُ َحّفزا على بدِء عصِر استيطاٍ ن جديٍد متطوٍر في النتقاِل إلى تأسي ِ ّ جدًا ،لدرجِة أّ ن جميَع سواحِل وجزِر البحر البيض المتوسط على وجِه التقريب اكتَظت بالمدِ ن الستيطانية .بل ج الغريقي .هذا وانطلقوا نحو مرسيليا جنوبي و َ شِهَدت مصُر أيضاً بناَء محل ٍ ت أو مدٍ ن متفرعٍة من النموذ ِ َ ّ ُ ف فرنسا ونحو حدوِد إسبانيا الُمِطلة على شواطِ ئ البحر البيض المتوسط ،لِيَُؤ ّ سسوا فيها ما هو أشبَهُ بِغَر ِ ُ ً ب إيطاليا أيضا بنسبٍة هامة ،لِتَلوَح التجارة ،التي ُ ب بروِز المستوطنات في جنو ِ وصيَّرت مدناً فيما ب ةعد .إلى جان ِ ت المد ن في س وحدا ِ وكأنها تتولى دوَر الفينيقيين في ذلك .لكن ،ورغَم كّل هذه التطورا ِ ت ال ةعظيمة ،ورغَم تأسي ِ ُ ُ ّ شبِه الجزيرة؛ إل أنها َلم تبلْغ مستوى قوٍة إمبراطوريٍة كتلك التي تََمتَ ةعت بها المبراطورية البرسية أو صير إمبراطوريةً كما ت كانت هي الخرى عاجزةً عن أْ ن تَ ِ الرومانية ،بل وَدَخَلت تحت ُحكِم ونفوِذ إمبراطوريا ٍ تتطلب روح ال ةعصر .أما حضارةُ شبِه الجزيرة التي راَدتها أثينا في . 330ق.م ،فُتواِجهُ خطَر المقدونيين المت ةعالي شأُنهم كَملَِكيٍّة حديثِة ال ةعهد في شمالها .وهكذا ،فالحضارةُ الغريقيةُ القاوصرةُ عن تصييِر قوِتها وكفاءاِتها .ق المد ن ،قد فَقََدت استقلَلها – الذي لن تسترّده اليديولوجيِة والماديِة ال ةعظمى نظاما ً سياسيا ً مركزياً يتخطى آفا َ صَر على الستمراِر في ب التي خاضتها ،لَِتقتَ ِ ت عدةً في الحرو ِ أبداً – منذ عام . 330ق.م ب ةعَد إبدائها مقاوما ٍ ق ديمومتها لمٍد طويٍل كمركٍز ثقافّي جديٍد وحسب ،تماماً مثلما كانت حاُل بابل. تحقي ِ ت كاسحًة فيما قبل في حروبها المريرة أما الضربةُ القاضيةُ التي لَِحَقت بديمقراطيِة أثينا )وقد كانت تَلَّقت ضربا ٍ س َ طَ ةعت ت المقدونية ،التي كانت قد َ التي خاضتها طيلةَ ثلثين عاما ً مع َملَِكّية إسبارطة( ،فقد أََتتها من التحادا ِ ف القبائل التي تحت شم ُ س َملَِكيِّتها لِتَّوها .ذلك أّ ن فيليب وابَنه السكندر – الساِعَيين لتوطيِد التماسِك بين وصفو ِ شّكلَِة أنسابا ً وأوصولً مغايرًة، إشراِفهم ،والمنحدَرِة من الثقافِة اليونانية ،والمست ةعِمَلة لغةً مختلفة ،والم َ صّيراها اتحاداً ملتئَم الشمل – َيظفرا ن بَِنيِل العتراف بنفوذِهما في جميِع أرجاِء شبِه الجزيرة عام . 359ق.م. لي ُ َ هذا السكندُر البُن ،الذي َمّر بحياٍة غريبِة الطوار ومثيرة ،بَقَِي مدةً طويلةً تلميذاً لرسطو ،الذي كا ن ُوِلد في مدينٍة قريبٍة من منطقِة المقدونيين .ويبدو – فيما يبدو – أّ ن ال ةعلقةَ فيما بينهما تََ ةعّدت حدوَد التلميِذ والم ةعلِّم ت السكندِر سوى دليٌل وصارٌخ على ذلك .فقد كا ن لتغدَو حميمةً للغاية .وما ِفراُر أرسطو من أثينا بَُ ةعْيَد مو ِ س للسكندر في المدينة القاِئمِة على شواط ئ إيجة ،وقام بَِت ةعبِئَِته وشحِن دماِغه بالذخِر الوافِر أرسطو لَقَّن الدرو َ ت كا ن نفوُذ البرسيين في آخر محطاته .ولم يَُكْن ثمةَ من القيم الثقافيِة اليونانية وآلهِتها الميثولوجيِة في وق ٍ َ سياسّي يونانّي َيجَهُل غنى المبراطوريِة البرسية الذي َيفتَُح الشهية وَيشَرُح الصدور ،لدرجِة أّ ن القضاَء على سِره للقضاِء على البيزنطيين .وقد ساَد البرسيين قبَل آٍ ن قد غدا مسألةَ ولٍع وهياٍم أَْقَرَب إلى تَلَّوي السلِم وتََح ّ ش السكندر لم يَُك جيشا ً عبودياً هذا الش ةعوُر في أفئدِة جميِع ال ةعساكر المتأهبين للهجوم والنقضاض .أي أّ ن جي َ تقليديًا. َ َ ّ .ق من المهّم الدراك جيداً أّ ن السكندَر قد َوضَع عينه على ثقافٍة أثبََتت نجاَحها وجدارَتها ،وتَطلَع إلى غنى الشر ِ ت الطوعية الجديدِة المسماِة بـ الكتائب )فالنج (Falanjبقيادِة زعماِء ال ةعشائر الزاخر ،فتََحّرَك بِِرفقِة التحادا ِ ُ َ صَل في نهايِة المآِل إلى ج حديثاً من المرحلِة البربرية .وهكذا غزا الراضَي التي كا ن يَطأها لِيَ ِ الجاهدِة للخرو ِ
سواحل نهر السند في بلِد الهند ،وذلك بالشتباِك والوصطداِم المتواوصِل على التوالي مَع كّل َمن يواجهه، ب وم ةعارك كثيرة َأشَهُرها م ةعارُك غرانيكوس وجقوروفا في بلِد الناضول ،وإيسوس في شرقي ض حرو ٍ وخو ِ ض المتوسط ،وآربيل في شمالي ال ةعرا.ق .ولدى مسيِره مجدداً في أراضي جنوبي إيرا ن البَلِيِّة البحر البي ِ ث والثلثينُ ،تواِفيه المنيةُ في بابل – التي كانت مركَز ال ةعاَلم في وقتها – الل ةعينة ،وهو ل يزاُل في ربيِ ةعِه الثال ِ سَ ةعِتها ،وَتغدو ض يَلُّفها؛ لِيَُخلّ َ ب ل يزال الغمو ُ ف وراَءه أراضَي مفتوحةً ُتضاِرُع المبراطوريةَ البرسيةَ في ِ لسبا ٍ منفتحةً كلياً للثقافِة اليونانية. ضَرت سابقًا ،إل أّ ن َقواَم عناوصِرها اليديولوجيِة والماديِة كانت تمتد إلى عبوديِة الجيِل كانت هذه المنطقةُ قد تََح ّ الول .في حين أّ ن الثقافةَ اليونانيةَ كانت تََخ ّ طت هذه الثقافةَ الحضاريةَ منذ أَمٍد ب ةعيد ،وياف ةعةً تَِ ةعُد بمستقبٍل مشر.ق .وبالتالي ،فهي قابلةٌ للتط ةعيم أيضًا .فكيفما قاَم الرهبا ن السومريو ن بتط ةعيِم الثقافة النيوليتية لُينشئوا منها أوَل ثقافٍة طبقيٍة مدينيٍة ودولتية ،فكذا كا ن أمُر الثقافِة اليونانية في َنضارِتها وقدرِتها على تط ةعيِم هذه سّماة ق ذاته .هكذا تَأ َ ّ ست ال ةعديُد من الَملَِكّيات في هذه المرحلة الُم َ س َ الساحات الحضاريِة القديمة ،وإْ ن ليس بال ةعم ِ ت البارزِة حديثاً بال ةعهد "الهيليني" ،والتي دامت فيما يبدو بين سنوات . 330ق.م و 250م .وأبرُز هذه الَملَِكّيا ِ َملَِكيّةُ بتولما Ptolemeفي مصر ،وباركانيوس Berganiosفي الناضول ،والسلفكوسيين Selevkoslar في سوريا وميزوبوتاميا .وب ةعَد هزيمِة السللِة الخمينية ،انكّبت سللةُ البارثيين الحديثةُ ال ةعهد على ترميِم سَد س المرحلة ويدوَم حتى أعوام . 250ق.م – 220م ،دو ن أ ن يَُج ّ المبراطوريِة اليرانية ،لَِيمتَّد نفوُذها في نف ِ سد تركيبةً جديدةً فائقةَ الهمية ،خاوصةً تجديداً ُيذَكر .هذا ال ةعهُد "الهيليني" ،الذي داَم حوالي خمسمائةَ سنة ،يَُج ّ سها اللهةُ من جهِة إنشاِء المد ن الجديدة ،ومجمِع آلهتها الذي يَُمثُّل ثقافةً شائكةً ومت ةعددَة المشارب ،وعلى رأ ِ اليونانيةُ واليرانية ،وكذلك باعتباِر َكوِ ن اللغِة والثقافِة اليونانية قد سادتا رسمياً في جميِع هذه الراضي سها كانت تَُ ةعّبر عن َجمي ةعٍة شرقيٍة – غربيٍة .ورغم أنها كانت تَُمّثل تركيبةً الفسيحة .بل إّ ن حياةَ السكندِر نف ِ ت التي كانت مهيمنًة في تلك الزمنة ،إل أ ن ذلك لم يَُك لُِيفقَِدها أهميَتها ،لدرجِة أّ ن ع الثقافا ِ جديدةً من مجمو ِ التاريَخ َلم َيشَهد ب ةعَدها جمي ةعةً ثقافيةً بهذه ال ةعظمِة والبهاء ،بما في ذلك راهُننا أيضًا .وأكبُر برهاٍ ن على ذلك، ح جبِل نمرود ،والذي كا ن ض قبِر آنتيوشوس َ ،Antiochusمِلك كوماگين ،Komageneعلى ُ أنقا ُ سفو ِ س أعتى َملَِكيٍة اتَّخَذت من مدينِة أدياما ن Adıyamanمركزاً لها )كانت عاوصمُتها حينئذ مدينةَ ساموسات َيرأَ ُ Samosatالتي َ ب الدنيا الم ةعدودة ،غدت بذلك رمَز طَمرتها مياهُ نهِر الفرات لحقًا( .فَلَِكوِنها إحدى عجائ ِ الجمي ةعِة )التركيبة( الشرقية – الغربية ،أكثر من كوِنها مجرَد دليٍل على هذه الحقيقِة وحسب. سَع الحضارة المدينية ال ةعبودية في الراضي الخاويِة أو ب الهميَة هنا بالنسبة لموضوعنا ليس تََو ّ س ُ ما َيكتَ ِ ت شأ ن ،بل المهُم هو مساعي حضارٍة مدينيٍة عبوديٍة ت ذا ِ ت النيوليتيةَ والبربريةَ إلى مدنيا ٍ تحويَلها والثقافا ِ حديثِة ال ةعهد – الحضارِة اليونانية الهيلينية ،التي َأنَجَزت مرحلةً أعلى من التقدم – في َبسِط هيمنِة ثقافِتها الجديدِة على كافِة المناطق ،بدءاً من الهند إلى روما ،ومن السواحِل الشماليِة للبحِر السود إلى البحِر الحمِر ت في ِظّلها .فالممثُل اليافُع الِمقداُم لهذه الثقافِة الجديدِة ج الفارسي ،وإعادِة تصييِرها حضارا ٍ ُووصولً إلى الخلي ِ خ سه والسيِر عليه ،ليُ َ ج نف ِ شيَّد وصرَح حضارٍة هي العظُم في التاري ِ الصاعدِة في مدينِة روما ،قاَم بَِتطويِر النه ِ ِنسبةً ل ةعهدها. ف الثقافِة الرومانيِة بأهميٍة قد ُت ةعاِدُل ثقافةَ أثينا على القل .تَُ ةعوُد ال ةعلةُ الولى في أهميِتها إلى َكوِنها يَتََحّلى ت ةعري ُ سُد ذروةَ الحضارِة المدينية ال ةعبودية وكأنها قمةُ جباِل أفرست ،حيث َيليها التهاوي السريع لهذه الحضارة .وتَتََج ّ ال ةعلةُ الثانيةُ في َكوِنها الممثَل العظَم لثقافِة المبراطوريِة بأب ةعاِدها وأعماقها .حيث َلم َتبُلغ أيةُ إمبراطوريٍة في التاريخ البهاَء وال ةعظمةَ التي َحقَّقتها روما .ثالثًا؛ كونها آخَر أقوى وأعتى ممثلي اللهِة – الملوك الُمقَّن ةعين. سهم في خ على أ ّ ب إرادٍة أو ُقدرٍة ُتماثُِل ما كا ن عليه أباطرةُ روما باعتباِر أنف ِ ي أحٍد وصاح ِ حيث ل ُي ةعَثر في التاري ِ ِعداِد اللهِة والبشِر م ةعًا ،وانتهاِلهم قوَتهم من إراداِتهم وكفاءاتهم في المِر وال ةعمل ،ول َيأَبهو ن بمحاسبِة أحٍد س وكّل الشياِء في ال ةعالم، لهم )ل ُتحا ِ سُبهم أيةُ قوٍة ماديٍة أو م ةعنوية( ،ولكنهم ُمقتَِدرو ن على محاسبِة كّل النا ِ ُ ُ َ َ .ق والمواطنة وتَُ ةعّرفهما لوسِع وتأميِن الذعاِ ن والمتثاِل لوامرهم .راب ةعًا؛ كونها الدولة التي َتنشُر الحقو َ َ .ق أماَم المواطنِة ال ةعالمية، ت البشرية .خامسًا؛ هي المبراطوريةُ ال ّ ت الجماعا ِ قطاعا ِ ح الفا ِ سّباقةُ في فت ِ والكوزموبوليتية ،وبالتالي أماَم الديِن ال ةعالمي )الكاثوليكي والبطريركي( .سادسًا؛ كوُنها فجر المدنيِة الوروبيِة الكبرى ،وُمبتََدأ ِجسِرها .ساب ةعًا؛ بقاؤها كجمهوريٍة مدةً طويلة. ت المجيدِة عبَر الم ةعجزات ،بل َحِظَيت بهذه القدرِة ل شّك البتةَ في أّ ن مدينةَ روما لم َتسَتحِوذ على هذه التطورا ِ
ت الربِع ال ةعظمى السابقِة لها .فالثقافةُ الولى الكامنِة والقوِة الف ةعالة بفضِل كونها الممثُل المبدُع والخيُر للثقافا ِ هي الثقافةُ النيوليتيةُ القدُم على الطل.ق .فمثلما هي الحاُل في أوروبا سائرًة ،فقد أَثَّرت هذه الثقافةُ على شبِه الجزيرة اليطاليِة أيضاً في أعوام . 4000ق.م ،وأحَكَمت قبضَتها عليها ،لِتَُكوَ ن قبائُل لتينو اليطاليةُ آِخَر ممثٍل شَرَعت بإضفاِء الهويِة على ما ُي ةعَرف اليوم بإيطاليا ،وتحديِدها م ةعالَِم هويِتها لها .لذا ،فالقوُل بأّ ن هذه القبائَل قد َ ب إلى الصواب .حيث تََ ةعّرَفت عبَر هذه الهويِة على شتى الثنيِة في أعوام . 1000ق.م ،إنما هو احتماٌل أقر ُ ت النيوليتية وذهنياِتها .وُي ةعتََقد أنها من أوصوٍل أوروبية .وحاِملو الهويِة الثقافيِة الثانية من المحتمل المؤسسا ِ شبهَ عبودية ،والتي نَقََلت م ةعها اللغَة شبهَ نيوليتيٍة – ِ ت أتروسك ،Etrüskالتي كانت ِ أْ ن يكونوا مجموعا ِ والثقافةَ الرية ذاَت المنشأِ الميزوبوتامي عبر بلِد الناضول في أعوام . 1000ق.م ،والتي يَُخّمن أنها استَقَّرت ب نثََر بذوَر أوِل حضارٍة في شمالي إيطاليا في أعوام . 800ق.م ،لَِتن ُ شَر تلك الثقافةَ فيها ،وتناَل شر َ ف أوِل ش ةع ٍ َ ُ في إيطاليا ومدينِة روما .والثالثةُ هي الثقافةُ الغريقية ،التي اتَّخذت أثينا مركزاً لها ،وكانت في َمجِدها ،والتي ق َجناٌح منها وصوَب جنوبي إيطاليا ،لَِيستَقِّر كأوِل مستوطنٍة فيها )فيثاغورس ما لَبَِثت أْ ن تكّونت حتى انطل َ ت الجذوِر ومجموعُته ،وذلك في أواخِر أعوام . 500ق.م( .ورابُ ةعها ثقافةُ شرقي البحِر البيض المتوسط ذا ُ سسو قرطاجة المصرية والسامّية ،والتي نَقََلها إلى شبِه الجزيرة اليطالية في أعوام . 800ق.م الفينيقيو ن ،مؤ ّ ت الفينيقيِة الخرى. والمستوطنا ِ َ َ َ شّكُل الذري ةعة الولية وال ةعلة الركَن في قصِة روما بانسللها إلى شبِه ت الربَع تُ َ وبالمقدور القول أّ ن هذه الثقافا ِ ح الُمقَطِّر من جميِع الثقافات ،فيما خل الصين .إنها الماُء الجوهر المتكوُ ن في رحِم الم. الجزيرة كال ةعسِل الُمر ّ ش ِ َ َ ُ .ق وُتضاهي الجمي ةعة الثقافية لثينا وغربي إيجةَ ،تنبُع من تََجّمِع من هنا ،فالقوُل بأّ ن هذه الَجمي ةعة ،التي تَفو ُ َ ت الربِع كقوٍة كامنٍة ودفاقة ،إنما هو القوُل الدنى إلى الحقيقة .وثمة قوٌل ش ةعبّي شائٌع يقول والتئاِم هذه الثقافا ِ َ َ َ ً بإنشاِء روما على يِد الخَوين رومولوس وروموس الَمولوَدين ِمن أنثى الذئب ،مثلما نِجُد أقوال كهذه عن جميِع البنى المشابهة .إنها مقولةٌ غريبةٌ في إشارِتها لَِكوِ ن المنشأ ِ دخيلً )خارجيًا( وُمنَّقى )وصهر الثقافات في بوتقة واحدة(! ُ َ تَتََمثُّل الفائدة الكبرى في القصِة الميثولوجيِة التي تروي إنشاَء المدنيِة الرومانية ب ةعَد سقوِط طروادة على يِد ح للطابِع الناضولي فيها .إنها الت ةعبيُر الملحمّي ب الناشبة؛ في عك ِ ق باريس في الحرو ِ إينياس ،وصدي ِ سها الصري ِ عن مقاربتنا وسلوكنا نحن. فقصةُ النشاِء على يِد الملوِك الرهبا ن حوالي أعوام . 700ق.م إنما َتن َ ت تشييِد وإنشاِء مدِ ن طبِ ُ ق على نزعا ِ ت المتواليةَ المندل ةعةَ بين ت المدينية الولية المشابهة .في حين أّ ن القص َ ص التي َتروي النزاعا ِ جميِع الحضارا ِ سلّطُ الضوَء كفايةً على ال ةعلقِة الكائنة بين بناِء المدينة والتمايِز الطبقي ف المد ن تُ َ ب ال ةعشائِر في أطرا ِ أنسا ِ ت ت والمشاّدا ُ والتَّدّول .فالّنزاعا ُ ت الحاوصلةُ بين قبائِل التروسك واللتينو ،وكذا ال ةعديُد من الصراعا ِ ع بين الثقافِة النيوليتيِة والمشاحنا ِ ت التي ُنصادفها في الكثيِر من أمثلِة البناِء والتشييد ،إنما تَُ ةعوُد إلى النزا ِ ت التمدِ ن الم ةعتََبرِة دخيلةً عليها. الهلية المحلية ،وبين ثقافا ِ شبِه الجزيرِة آنذاك ،واحتلِلها مكاَنها في َيكُمُن ُحسُن طالِع روما أثناَء بناِء المدينِة وازدهاِرها في منزلِة ِ ب من الحضارات ،وعدِم وجوِد حضارٍة أقوى وَأمتََن منها في شماليها تَُكو ن القارةُ الوروبية أقاوصي الغر ِ شبِه الجزيرِة الغريقية التي مركُزها أثينا، منشَأها .ذلك أّ ن الخطَر كا ن سَيأتيها من جانَبين حينئذ :من حضارِة ِ ومن قرطاجِة التي كانت َغَدت حضارةً مدينيةً مستقلةً رغَم َكوِنها المستو َ طنة الفينيقية القوى في شمالي أفريقيا .ف ةعجُز الحضارِة اليونانية عن تََخ ّ ت البرسيِة طي حدوِد عصِر المستوطنات ،وتََ ةعّر ُ ضها المتواوصُل للهجما ِ س من الشر.ق ،وعدُم قدرِتها على التحوِل إلى َمَلكيٍة موّحدٍة أو إنشاِء إمبراطوريٍة متجانسٍة بسب ِ ب التناف ِ المستشري بين المدائن ،وسقو ُ ت طها خلَل مدٍة قصيرٍة تحت قبضِة الهيمنِة الَملَِكيِّة المقدونية؛ كّل ذلك مؤشرا ٌ شكٍل ي على روما .بينما كا ن بمقدوِر قرطاجة أْ ن تَُكوَ ن نِّداً لها بِ َ على ُقصوِرها عن أْ ن تَُكوَ ن مصدَر تهديٍد جد ّ ق نفسها ،وهرَعهما الدائم جد ّ ي ،ذلك أّ ن ُقرَبهما ِمن ب ةع ِ ضهما لدرجٍة كبيرة ،واست ةعداَدهما للتوسِع في المناط ِ ب بينهما عاجلً أم آج ً ل .وهكذا كانت وراَء الهيمنة نظراً لطبائِع المدنيات؛ كّل ذلك كا ن سُيشِ ةعُل فتيَل الحر ِ ت الضاريةُ المحتدمةُ بينهما طيلةَ ما يناهُز عصراً بأكمِله )أكثر من قر ن( ستنتهي بانتصاِر روما الصراعا ُ ُ ف له قَبيل وفاِته كا ن سيَُكوُ ن الكاسح ،لُتزيَل ِمن درِبها ال ةعائ َ ق الساسّي الُمقِلق .فتحديُد السكندِر لروما كهد ٍ ف أوصلً بنفوِذِه كإلٍه َمِلك( .من هنا ،فإّ ن ُحسَن الطالِع التهديَد الخطَر عليها )شبهُ الجزيرِة اليونانية كانت َت ةعتَِر ُ الكبر الخر لروما َيكُمُن في قضاِء السكندِر َحتفَهُ مبكرًا ،حيث كا ن من السهِل جداً أْ ن تَُحّل المبراطوريةُ
وصَ ةعَدت مسرَح التاريخ حتى وقتذاك .وكا ن السكندُر السكندرانيةُ مكاَ ن المبراطوريِة الرومانية كأعتى قوٍة َ ت القديمِة والثقافِة ب قرطاجة( كا ن عالَُم كّل الحضارا ِ قديراً على ذلك .وب ةعَدها )حوالي أعوام . 150ق.م بَُ ةعيَد حر ِ النيوليتيِة منبسطا ً أماَم مطامِع روما وفتوحاِتها ،فيما عدا البارثيين في أقاوصي الشر.ق ،ومن َب ةعِدهم المبراطوريةُ اليرانيةُ بزعامِة السللِة الساسانية. س أما انتقاُل روما إلى الجمهوريِة في . 508ق.م ،فهو استمراٌر مؤسساتّي لديمقراطيِة أثينا .وبقدِر ما أَثَّر السا ُ الثقافّي الجديُد في هذه النقلة ،فللنفوِذ الذي تَتََمتُّع به الرستقراطيةُ أيضا ً نصيُبه الوافُر في ذلك .وقد يَُكو ن عدم ت عادًة تأديِة إسبارطة دوراً تطويريّا ً ملحوظا ً تجاهَ أثينا في تجاوِز التجربِة الَملَِكيِّة السابقة سبباً آخر .فالَملَِكّيا ُ ضّخِمها. ما تَُكوُ ن تََ ةع ّ ش الرستقراطيِة وتَ َ صبيًة ،ول َتسَمُح ِبانت ةعا ِ ُ ص شؤوَ ن مصالِحه .فُبنيَُتها سلَّحته بالرادِة فيما يَُخ ّ لقد َعبَّأت الجمهورية ش ةعَب مدينِة روما بأقصى الدرجات ،و َ سواِد الش ةعب( ،والقنصليُة ،وتَ َ طّوُر سين )مجل ٌ س للرستقراطيين ،وآخٌر للمواطنين ِمن َ المشتملةُ على مجل َ س قوى حماية المدينِة على غراٍر مماثل؛ كّل ذلك ُيشيُر بأدلٍة وصارخٍة س ُ القضاِء كمؤسسٍة منفصلٍة بذاتها ،وتََمأ ُ َ شّكُل إدارةُ الجمهوريِة خ الجمهوريِة الرومانية بما ُيضاهي ديمقراطية أثينا الِغّرة .هذا وتُ َ على احترا ِ ف ورسو ِ .ق .ق الُ ةعرى بين الحقو ِ وُحكُمها أََحَد المناهِل الساسيِة في تطويِر فّن السياسة .وكما أّ ن هذا الوضَع يَُدّل على وثو ِ .ق ،وبالتالي ،مدى َكوِنه أرضيةٌ سطُ لل ةعيا ن تََمأ ُ والسياسة ،فهو في ال ن عيِنه مثٌل تاريخّي أوصيٌل َيب ُ س َ س الحقو ِ ت عظمى خارجيا ً في .ق السياسي .والكّل على علٍم بأّ ن روما عا َ شت َمجَدها الثقافّي داخليًا ،وقاَمت بغزوا ٍ للوفا ِ ظّل الجمهورية .وُت ةعتَبَُر الحضارةُ الرومانيةُ قد َووصَلت حدوَدها الطبي ةعيةَ مع عهِد الجمهورية .في حين أّ ن قصةَ ت المتفاقمِة وأخطاِرها المت ةعاظمِة النتقاِل من الجمهوريِة إلى المبراطوريِة ليست سوى اعترافا ٌ ت بالصراعا ِ س على شكِل داخليا ً وخارجيًا .إذ ُيمكُن القوُل – وبُِكّل سهولة – أّ ن الصراَع بين يوليوس قيصر وأنداِده قد ان ةعك َ َ ّ ت بين مركِز روما وأطراِفه وبين الرستقراطيِة وعامِة الش ةعب .ذلك أّ ن تََحّجَج روما بالخيانِة التي تَلقاها نزاعا ٍ َ صَن وراَء ذلك كذري ةعٍة لحمايِة ذاِتها ،وكوَ ن بروتوس بِقوِلها أّ ن الشر َ ضّحَي به فداًء للغرباء ،والتَّح ّ ف العظَم ُ ضلٌع في المؤامرِة الُمحاكة، عامِة الش ةعب َمّيالين أكثَر إلى قيصر ،وكوَ ن وصفوِة أرستقراطيي المدينِة لهم ِ ت حول قيصر؛ كّل ذلك ُيؤّكُد وصحةَ هذا الُحكم. والتفا َ ف أغلبيِة المحافظا ِ وكيفما استََمّرت التمرداُت في الخارج ،فقد كا ن اليرانيو ن َبلغوا شواطَ ئ نهِر الفرات .أما أسفاُر قيصر في بلد ث كراسيوس غالة وبريطانيا وجرمانيا ،والتمردا ُ ت المندل ةعةُ في بلِد الناضول ،وبَْتُر إيرا ن رأ َ س الرجِل الثال ِ ف ب ةعَد هزيمِته في ساحِة الوغى ،وانتفاضا ُ ب التي ل َت ةعِر ُ ض المتوسط ،والحرو ُ ت اليهوِد في شرقي البحِر البي ِ .ق شرارِة الهجوِم بين القوط والسكيت والُهو ن هدوءاً أو سكينةً بين شبِه الجزيرِة اليونانيِة والبلقا ن ،وانطل ُ ت القبائِل ال ةعربيِة التي ل َيهَدأُ لها صّمو ن آذاَنهم َعّما حوَلهم ،وغزوا ُ المنحِدرين من الشماِل الشرقي ،والذين يَ ُ ب َ طَم ةعاً في اغتناِم الغنائم ،وبقايا الَمَلكيِة المصريِة التي ل َتنفَّك موجودةً وقتئذ؛ كّل ذلك باٌل في أقاوصي الجنو ِ س العياِ ن التي ل َتنقَِطع، إنما يَ َ ضُح جليا ً أّ ن نقاشا ِ ضُع الَبناَ ن على مدى فداحِة المخاطِر ووطأِتها .يَتّ ِ ت مجل ِ ضَع ب المتنافسِة لجِل مفّوضيها في القنصل )المجلس الستشاري( ،وو ْ ت بين الحزا ِ ت والمشاّدا ِ المشاجرا ِ ب النظاِم ب الم ةعتاِد على الغنائِم الخارجيِة والُم َ س بموجِبها؛ كّل ذلك كا ن ُيزيُد ال ةعراقيَل على در ِ الش ةع ِ سي ّ ِ ت المصيريِة التاريخيِة التي َتقَتضي القراَر الجمهوري أثناَء مقاومِته المهالَك الخارجية ،وفي اتخاِذ القرارا ِ سب. باللزِم في وقِته المنا ِ ي للنتقاِل من ف التي رّتبناها آنفا ً َتكُمُن خل َ ت الحفيِد أغسطس ،السُم الرمز ّ ف سياسا ِ كّل هذه ال ةعوامِل والظرو ِ ت ف هو سياسا ُ ضيه هذه الظرو ُ ت الميلد .وما كانت َتقتَ ِ الجمهوريِة إلى المبراطورية ،والذي تزاَمَن مع بدايا ِ الستقراِر الداخلّي والمِن الخارجّي .وما عصُر سلِم روما Pax Romanaالمجيُد الُمَ ةعّمُر حتى 250م .على صَلت ت َح َ ت والجراءا ِ ب سوى ثمرةٌ من ثماِر هذه السياسات .والكّل على ِعلٍم بأّ ن كافةَ الترتيبا ِ وجِه التقري ِ س شورى ،وت ةعزيِز س العياِ ن الخائِر القوى واله ّ بموج ِ ش إلى مستوى مجل ِ ب ذلكِ ،بدءاً من إسقاِط مجل ِ ب وإمتاِعه بأياٍم تَُ ةعّج بالّلهِو والتسليِة ت وإدارِتها بالت ةعييِن بدلً من النتخاب ،مروراً بإلهاِء الش ةع ِ المؤسسا ِ ت اللزمِة ت المنيِة في الخارج ،والقياِم بالت ةعزيزا ِ ت والحاميا ِ ب والُمماطلة ،ووصولً إلى تشكيِل الم ةعسكرا ِ والّتلُع ِ َ ع بُِكّل السفاِر الهجوميِة الُمتِّجَهِة وصوَب ببناِء السوار ،والنتقاِل ِمن ثّم إلى الحرو ِ ب الدفاعية .ورغَم الشرو ِ ف الدفاع .وفيما ب ةعد ،تقُع بين أيدينا ت المذكورِة آنفًا ،إل أّ ن جميَ ةعها َلم تَُكن في حقيقِتها سوى أسفاٌر بهد ِ الجها ِ ٌ ُ ب قائمةٌ طويلة من الباطرِة الذائ ةعي ال ّ صيت .إنها القوائُم الخيرة من أسماِء أشباِه اللِه – أشباِه النسا ن! والغري ُ في المِر أّ ن أباطرةَ روما أيضا ً كانوا َيزدادو ن انتباها ً مع مروِر الياِم إلى عدِم جدوى أو م ةعنى مجمِع اللهِة
ع اللهِة ذاك. الكلسيكي .أي أنهم َأدَركوا يقينا ً استحالةَ تأميِن مشروعيِتهم اللزمِة عبَر قنا ِ ت والنهياِر ب ةعَد . 250ق.م من خلِل البلبلِة والفوضى المستفحلِة وتطبيق نموذج في حين تَبَّدت م ةعالُم التشت ِ المبراطورية المت ةعددة الدارات .فحتى زنوبيا ،ملكةُ تدمر )بالميرا( الشهيرة ،كانت ُمنَجّرةً وراَء مطامِ ةعها في .ق )هذه الت ةعابيُر لم تَُكن موجودةً في بناِء إمبراطوريٍة تحتضُن في ثناياها مصَر وسوريا وبلَد الناضول وال ةعرا َ ف بالجغرافيا المقصودة( .ولكّن قصَتها الُمحزنةَ ت ةعبيٌر تلك الزمنة كما هي اليوم ،ولكننا َنذُكُرها لتيسيِر الت ةعري ِ س السللِة الساسانيِة الحديثِة ال ةعهِد في ب روما الكلسيكية .ذلك أّ ن أرده شير الول ،مؤ ّ س َ وصارٌخ عن آدا ِ الشر.ق ،وشاهبور الول ،المبراطوَر الذي ُيضاِرُع أغسطس في َع َ ش ظَمِته ،قد ألحقا الهزائَم النكراَء بالجيو ِ الرومانيِة على التوالي .ومن الم ةعلوم أّ ن الساسانيين بََلغوا شرقي البحِر البيض المتوسط وجباَل طوروس. ت وبيراجيك ،Birecikوالتي وأُنَّوهُ هنا على الفوِر أّ ن مدينةَ زوغما Zeugmaالشهيرة القريبةَ من الفرا ِ ست تحت الثرى في 256م .فلم تََر النوَر ثانيًةَ .فقد تََحّوَلت كانت حاميةً في تلك اليام ،قد ُخّرَبت وطُِم َ ت ضاريةً بين المبراطوريِة الرومانية ص إلى ساحِة وغى َ شِهَدت عراكا ٍ ميزوبوتاميا ال ةعليا على وجِه التخصي ِ وكّل من المبراطوريَتين البارثيِة واليرانيِة الساسانية؛ مثلما كانت شاهَد َعياٍ ن على انتقاِل السلطاِ ن والنفوِذ ت ،قد انتَقََل بينهم .وكأّ ن المنط َ ق الجدلّي لهذه الراضي المقدسِةُ ،موّلدِة الثورِة النيوليتيِة وبانيِة ُأولى الحضارا ِ ت إلى ساحٍة لِِ ةعراِك المدنيات ووصراِعها ث للحضارا ِ لُِقطبِِه الم ةعاِكس ،لِتَُدوَر عليها الدائرة ،وتَتََحّوَل ِمن باع ٍ ضها منذ ذاك الحين إلى ي ب ةعَد عهِد الورارتيين ،وتََ ةعّر ُ ق كياٍ ن مركز ّ الُمستَِميت .فََ ةعجُز هذه الراضي عن َتحقي ِ ت الكثِر ب واحتلِل قوى الحضارِة المدينية الخرى؛ إنما هو أََحُد التطورا ِ راهننا لستيلِء واست ةعماِر وانتدا ِ َ َ ُ مأساويةً في التاريخ .تماماً مثلما المرأة الّم التي غَدت كائنا ً أكثَر انسحاقا ً واندهاسًاَ ،ب ةعَدما كانت ُمبِدعة الثورِة الثقافيِة ال ةعظمى. َ َ ت لِتَتَقّدَم حتى شواطِ ئ نهِر دجلة .إل أّ ن الموَت المبكَر الذي لكّن الجيو َ ش الرومانية كانت تَُرّد على الهجما ِ ي للغاية في آخِر ُم ةعتََرٍك له على انق ّ ض على حياِة المبراطوِر الشهيِر يوليا ن عاَم 365م .على نحٍو مأساو ّ ً ّ ُ َ سواحِل دجلة – وكأنه ُيحاكي السكندَر بذلك ويُقلده – كا ن بداية لِخسراِ ن روما عصَر الباطرِة ال ةعظاِم إلى غيِر .ق رج ةعة .لقد كانت روما ُتقفُِل على ذاِتها باَب عصِر الباطرِة الَمِجيد .وبالوصل ،فالحرو ُ ب الُمستَِ ةعَرةُ في الشر ِ والقارِة الوروبية على وجِه الخصوص كانت تشيُر إلى استحالِة إدارِة إمبراطوريٍة من روما ب ةعدئذ ،أَّيما كانت. ستّةُ ف ةعندما َقضى المبرطوُر الشهيُر دياكليتيانوس حتَفه في عام 306م .كا ن قد اعتلى ال ةعر َ سه ِ ت نف ِ ش في الوق ِ أباطرٍة م ةعًا .وَمن َنجا ِمن بينهم كا ن قسطنطين ،الذي انَهَمَك في تغييِر ديِن المبراطوريِة عاَم 312م ،وتبديِل عاوصمِتها عاَم 325م .لكن ،وب ةعَد انقضاِء عهِد يوليا ن ،آخِر إمبراطوٍر من سللِة قسطنطين ،عاَنت السللةُ من .ق رسميا ً عاَم .395وهكذا تََحّوَل أباطرةُ روما الغربيِة إلى ُدمى متحركٍة بأيدي زعماِء ت والتفكِك وال ّ التشت ِ شقا ِ القوط الغائرين عليهم .فحتى زعيُم الُهو ن آتيل كا ن بمقدوِره إحكام القبضِة على روما في عام 451لو كا ن شاءَ ت التاريخ على يِد أودواكر َ ،ملِِك القوط عاَم ذلك .وبينما طُِو َ ي عهُد المبراطوريِة الرومانيِة الولى في وصفحا ِ .ق من تحت الثرى مدةً طويلة ،ولكنها َلم تَُمْت. ،476فقد بَقَِيت ثقافُتها المطمورةُ َتنتَِظُر النبثا َ أما قصةُ روما الثانية ،أي بيزنطة ،فقد استََمّرت في بقاِئها مدةً طويلةً ضمن بنى مهّمشٍة وُمقَّلدة )إمبراطوريةٌ .ق والغرَب على السواء ،وقاوصرةٌ عن ابتكاِر تركيبٍة جديدة( .ولَئِْن كانت مساعي جوستنيا ن ) عقيمةٌ تُقَلُّد الشر َ ت المبراطوريِة القديمِة تَتََميُّز بَِتأثيِرها الملحوظ، 565 – 527م( ال ةعظمى في سبيِل إحكاِم القبضِة على مساحا ِ ت من زماِم مبادرِتهم شيئا ً فشيئًا. ت كانت َتفلِ ُ إل أّ ن الوليا ِ سها على أنها روما الثانية ،إل أّ ن مطامَع القسطنطينية في أْ ن تَُكوَ ن روما الثانيِة مغالى فيها، تَُ ةعّر ُ ف بيزنطةُ نف َ ذلك أنه ِمن ال ةعسيِر إضفاُء م ةعنى عليها غيَر كوِنها تكراراً عقيما ً في أحضاِ ن الراضي القديمِة لروما .أما س ماهيُتها المسيحية ،فهي موضوٌع مختلف ،وَتقَتضي تدقيقا ً ُمغايرًا .وِمن ب ةعِدهم أتى ال ةعثمانيو ن والرو ُ السلفيو ن )مركُزهم موسكو( الذين يَُحّبذو ن تسميةَ عهِدهم بـ روما الثالثة .إل أّ ن مزاعَمهم تلك ،والتي هي على وصلٍة مع المسيحيِة والسلِم كثقافٍة أيديولوجية ،فهي ليست مجرَد مبالغٍة ومغالة ،بل إنها َت ةعني الخل َ ط بين ش فظيٍع في الم ةعاني .سَن ةعَمُل في القسِم التالي على تناوِل مراحَل مختلفٍة وثقافا ٍ ت متباينة ،لُِتسفَِر عن تشوي ٍ َ ت المسيحيِة والسلميِة والموسوية". ت الشكاليِة ِمن قِبيِل "الحضارا ِ الوصطلحا ِ ت الجديدِة من روما استذكاراً لهاِ ،بدءاً من إنكلترا إلى البحِر السود .فب ةعَد انهياِر اشتُّقت ال ةعديُد من المبراطوريا ِ ٌ ت ثورٍة دينيٍة جديدة .لكّن الوثنيِة المجاريِة لسقوِط روما ،كا ن قد تََكّو ن فراغ فسيٌح َيحِمُل بين أحشاِئه مخاضا ِ ُ ج روما .في حيِن كا ن جليا ً تماما ً استحالة َتصييِر الوثنيِة الوثينَة والميثولوجيا الوروبيةَ َتبَقيا ن َقزماً إزاَء نموذ ِ
ضة .فال ةعصُر كا ن َيقَتضي ثورةً م ةعنويةً ودينيةً بقدِر المنهارِة كديٍن رسمّي في روما ُقوتاً أيديولوجياً لوروبا الَغ ّ صُ ةعِد الخرى الماديِة منها والسياسيِة والقتصادية. ت على ال ّ حاجِته للثورا ِ ض لَِن ةعمْل على تقديِم مقارنٍة إحصائيٍة ِلروما على الص ةعيَدين الثقافّي والمادي ،ولو بالخطوِط ال ةعريضة ،قبَل الخو ِ ت وم ةعاني الثورِة المسيحيِة والثورِة السلميِة اللحقِة لها. في انطلقا ِ ق الحضارة المدينية العظِم لقد كانت ِحَر ُ ج الزراعّي والت ةعديِن والِمَهِن الحرِة والتجارة الظاهرة في مناط ِ ف النتا ِ .ق تؤدي إلى روما" إنما تَُحّدد في ال ةعالم؛ قد ت ةعاظَمت واتّ َ سَ ةعت آفاُقها في ظّل المبراطورية .ومقولةُ "كّل الطر ِ ّ ب السمسارية الكبرى ِوجهةَ َ س ِ سَيلِ ن هذه الموارِد القتصادية ،حيث كا ن ال ةعالَُم بِِرّمِته يَُغذي روما .وبهذه المكا ِ َ شَئت المدُ ن الفخمة ،وأّوُلها روما .كما أّ ن ال ةعهَد الهيلينّي وصاَ ن هذه المدائَن كما هيَ ،و َ طّوَرها أكثر .فِمن كانت ُأن ِ ب ةعِد روما تأتي أنطاكيا ،Antakyaالسكندرية ،İskenderiyeبارغاما ،تدمر ،ساموسات ،أديسا ،آِمد صرية ،Kayseriaتارسوس ،Tarsus صر َ ،Neo Kayserقي َ ،Amidأرضروم ِ ،Erzeni Rumنيو َقي َ تراَبزوس ،Trapezusوغيُرها من المدِ ن الهيلينيِة الجمِة التي كانت كالنجوِم المتللئِة في سماِء الشر.ق .في ت الولى لُِدنيا المدائِن الجديدة في أوروبا ،أي ولدةَ أمثاِل أوروك ،وفي مقدمِتها حيِن أننا َنشَهُد َروص َ ف اللََبنا ِ باريس؛ والتي تََميَّز عماُرها بَِتطابُِقه مع م ةعماِر المدِ ن اليونانية ،ولكْن ،مع َمسَحٍة من ال ةعظمِة والتساع .علوًة ي وسواقيها وعجلِتها كانت َحقَّقت تَطَّوراً ملحوظاً آنذاك .أما شبكةُ الطرقات ،فل نظيَر لها. على أّ ن أقنيةَ الر ّ والمُن كا ن مستتبا ً لدرجِة أنه كا ن ثمةَ سلُم روما ) (Pax Romanaحقًا .وكذا كانت وصناعةُ الت ةعديِن وصْقُل الحجاِر ونحُتها ،فل ُيمكُن مقارنُته إل ب ةعهِد مصر والوسائُل الم ةعماريةُ متطورة .أما المناجُم الحجريةَ ،و َ ف الكثر القديم .بالضافة إلى أّ ن تغلي َ ع الم ةعدنيِة والسلحة كا ن – بطبي ةعِة الحال – من شؤوِ ن الِحَر ِ ف الدرو ِ َ ً سها الكامل ،وراَجت فاستََرّدت اعتباَرها ِنسبة للثقافِة اليونانية، تطورًا ،في حين كانت التجارةُ قد أنَجَزت تََمأ ُ س َ سوَد عهٌد ُمزهٌر في انطلقِته التجارية. وَتكاثََر التجاُر المشهورو ن ،لِيَ ُ ت س لوِل مرٍة في تاريخها .فالدساتيُر والتشري ةعا ُ وَلربما كانت الحقو ُ .ق َتقطَُع كّل هذه المسافِة من التقدِم والتمأس ِ الحقوقيةُ جديرةٌ بأخِذها مثالً ُيحتذى به حتى في يوِمنا الحاضر .ومؤسسةُ الموا َ طنِة القوية الراسخة كانت النتيجةَ الطبي ةعيةَ للحقو.ق .أما موا َ طنةُ روما ،فكانت امتيازاً عظيمًا ،حيث كانت كّل الوساِط الرستقراطيِة ش على غراِر سكاِ ن روما امتيازاً بَِحّد ذاته .لقد غدا نمطُ الحياِة على منواِل روما والتجاريِة في ال ةعالِم َت ةعتَِبر ال ةعي َ َمَرضا ً ُمستشرياً آنذاك ،مثلما الحاُل اليوم بالنسبِة لنمِط حياِة الحداثِة الرأسمالية .وقد يَُكوُ ن تأثيُر الموضِة اليطاليِة على الص ةعيِد ال ةعالمّي يتأتى من هذه التقاليد. سود ،أو َترُك الُمجاِلدين لقد كانت المبارزا ُ ت الرياضيةُ وحشيةً وُمَرّوعة .فُمصاَرعةُ الُمجاِلدين ،وُمصاَرعةُ الُ ٌ ت كهذه سوِد الجائ ةعِة ضمن الَحَلبة ،كانت َتق َ ُلقَمةً سائغةً في فَِم الُ ُ شِ ةعّر لها البدا ن .وكانوا يُلَّقنو ن الش ةعَب تسليا ٍ ت اللهِة والم ةعابِد الُمشيَّدِة باسِم اللهِة بنسبٍة كبيرٍة في المراحِل الخيرة. لَِتنَحطّ أخلُقه .وَتراَجَ ةعت منزلةُ ُمَجّم ةعا ِ ضَمها ويَتَقَبَّلها .ف ةعلى سبيِل المثال ،كا ن فرجيليوس ت الرومانّي اكتفى بَِتغييِر أسماِء آلهة اليونا ن لَِيه ِ فِ ةعلُم اللهو ِ قد َكتََب ملحمَته إينياس عن بناِء روما باقتصاِرِه على الحذِو حذَو هوميروس في كتابِة ملحمِة طروادة .أي أّ ن ضَمت ت اليونانيةُ والكتابا ُ جميَع ال ةعناوصِر الثقافية ،بما فيها الدبيا ُ ت المسرحيةُ والتاريخيةُ والفلسفية ،كانت ُه ِ ت هامًة ،فقد كانت الخطابةُ فناً سيَغت بتحويِلها إلى اللتينيِة فحسب .وبالرغِم من ذلك ،فقد قَّدموا نتاجا ٍ واستُ ِ ُ وصبغةٌ وَمسَحةٌ خاوصةٌ بشكٍل راسخًا ،وكانت اللغةُ الرومانيةُ بَِحّد ذاِتها أسلوباً في المحادثِة أيضًا .كما أضفَِيت ِ .ق ال ةعميقة .وقد كانت اللتينيةُ َحّلت َمَحّل اللغِة بارٍز على الملبس والهيئات ،رغَم احتواِئها تأثيرا ِ ت الشر ِ ت إلى اللتينية الغريقيِة رويداً رويدًا ،لَِتغدَو اللغةَ الرسميةَ في الم ةعاييِر الديبلوماسيِة وال ةعالمية .وللترجما ِ ب َتصييِر السياسِة فنا ً مستقلً بذاِته. ت اليونانية ،إلى جان ِ نصيُبها الوافُر أيضاً في الحفاِظ على الكلسيكيا ِ ولدى قياِمنا ب ةعقِد مقارنٍة بين ثقافَتي روما وأثينا ،سنجُد – وبكّل سهولة – أّ ن الجانَب اليديولوجّي َيطغى على ي السياسّي هو الذي َيتُرُك بصماِته على ثقافِة روما .لكن ،من المهم بمكا ن ثقافِة أثينا ،في حين أّ ن الجانَب الماد ّ َ َ النتباهُ إلى َكوِ ن كلتا الثقافَتين ُتشّكل ن ُكلً متكام ً ل ،وكأّ ن السكندَر وَمن أعقََبه من َملَّكيات ،ومن ثم الروما ن صّوُر روما ،أو حتى نقلِتها نحَو إمبراطوريٍة أنفسهم قد َجَنوا ثماَر الرضيِة الثقافيِة لثينا .وكأنه من المحاِل تَ َ عالمية ،دوَ ن التفكيِر بثقافِة أثينا. َ لكّن الهّم من هذا وذاك هو َكوُ ن كلتا الثقافَتين تَُ ةعّدا ن آخَر أطواِر تَطّوِر الثقافِة الشرقية .بم ةعنى آخر ،وعلى ض مما ُي ةعتََقد ،فإّ ن أثينا وروما لم ُتبِدعا ثقافةً وإمبراطوريةً أوصليَتين .بل كلتاهما ثمرةُ التَّغّذي على النقي ِ ّ ض بالتالي عن تركيبٍة جديدٍة أرقى وأعلى .فحتى أوروبا الظرو ِ ف المحليِة للمناهِل الثقافيِة الشرقية ،والتَّمخ ِ
نََجَحت في إنجاِز ثورِتها الثقافيِة الكبرى ِبمزِجها هذه المشارَب الثقافيةَ مع تركيبِة روما وأثينا مرةً أخرى .أي ت الشر.ق. .ق ميزوبوتاميا ومصر اللَتين تُ َ أنه من المحاِل تَ َ شّكل ن مهَد حضارا ِ صّوُر أوروبا خارَج نطا ِ ي أيضا ً متكاملةٌ فيما بينها .فبناُء وتكاثُُر المدِ ن المبتدئِة بأوروك، ت التاريخيةَ في التخطيِط الماد ّ كما إّ ن التطورا ِ ت سلسلٍة مت ةعاقبٍة مترابطة .وقد لحظنا كيف كا ن لُِكّل حضارٍة "أوروكـ"ها .وهذا المر ليس إنما يُ َ شّكُل حلقا ِ .ق ولدِة وانتشاِر الثقافِة ض وصدفة ،بل هو جدليةُ المدينة .وقد ظهَرت الجدلية نف ُ مح َ سها أمامنا في سيا ِ النيوليتية أيض ًا .يستحيل علينا إضفاء الم ةعاني على التطورات الجتماعية في حال بترنا إياها من أرضياتها التاريخية والمكانية .وهذا ما َنشَهده من خلل هذا العداد والسرد المقتضب بشأ ن انتشاِر وتوسِع الحضارة المدينية. ح أّ ن فَ ْتََح ال ةعالَِم على يِد أنظمِة الحضارة المدينية قد اسَتكَمَل دورَته مع الحضارِة الرومانية ،بل وكا ن ِمن الراج ِ َ ت بين المدنيات َيغلَُب عليها ق المفتوحة سابقًا .والفتوحا ُ سه حينئٍذ في دوامٍة عقيمٍة بإعادِة فتِحه المناط َ َأقَحَم نف َ ت متشابهة ،فَجميُ ةعها ل َهّم لها ول َغّم سوى اللَّه ُ ث ب والستغلِل .ذلك أّ ن طبائَع المدنيا ِ ب والسل ِ عادةً طابَُع النه ِ َ صُد ب الثرو ِة السمسارية الزاخرة المتراكمة ،وإحكام قبضتها الستملكية عليها )أق ُ ب وسل ِ وراَء مطامِ ةعها في نه ِ ْ ص أو ُملِك الدولة .فجميُع القِيَِم المستولى عليها ت الُملك ،سواًء تََحّوَلت إلى ُملٍك خا ّ ح السمسرة :واردا ِ باوصطل ِ ُ ت س ةعا ُ ع بُطوِ ن ال ةعاملين في الراضي ،إنما َت ةعتَِمُد على ذري ةعِة الُملِكية ،وُت ةعتََبر سمسرة( .بالتالي ،فالتَّو ّ ب ةعَد إشبا ِ َ ت وتناُزِعها وانتقاِل زماِم الدارِة من واحدٍة إلى أخرى ،إنما قواُمها تدميُر القِيَِم ع المدنيا ِ المرتكزةُ إلى تصاُر ِ ع الجديدِة منها. أكثَر ِمن إبدا ِ َ َ َ ت إلى الوراء ،سنرى بنظرٍة خاطفٍة أّ ن المرحلة المبتدئة مع الشوريين تَفّرَدت عن مثيلِتها ولدى اللتفا ِ ُ شهوانّي المنصرمِة بنهِبها للقيِم الحضارية .فالباطرة الشوريو ن الُمسَتفِردو ن بذهنيِة التباهي بالستيلِء ال ّ ع والسواِر من الجثث، على الحضارا ِ ت الحثيِة والهورية والفينيقيِة والمصرية ،والعتداِد فخراً ببناِء القل ِ ُ َ ت فكأّنهم بذلك يُقِّرو ن وَي ةعتَِرفو ن بهذه الحقيقِة بجلٍء ل تَ ُ ب المدنيا ِ شوُبه شائبة .إنها حقيقة كوِ ن حرو ِ ق عيَنه بـ"مذابح التاريخ" .وعندما تَُكوُ ن وصَم الَمنِط َ ووصراعاِتها وحشيةٌ ومرّوعة ،ليس إل .وكا ن هيغل قد َو َ ب الُمْلِك والثروة السمسارية ،فمن المحاِل احتماُل تََحقِّقها بطريقٍة أخرى .ففي دوافُ ةعها قائمةً على تََغّيِر أوصحا ِ ف المقابِل ثمة مجتمٌع مدينّي ف الوِل ثمة مجتمٌع مت ةعلقةٌ حياُته على الثقافِة الحضاريِة بِِرّمِتها ،وفي الطر ِ الطر ِ ع أََحِدهما لُِكّل القِيَِم الماديِة والم ةعنويِة ،وبَْتِر أواوصِر طامٌع في نهِبها وسلِبها .وبما أّ ن نَْيل الُمراِد مرتبطٌ باقتطا ِ الخِر عنها ،فل َيبقى بالتالي أماَم هذا الخِر ِمن خياٍر سوى الزواُل والفناء .فحتى لو اسَتسَلم )حينها سوف َيسري قانوُ ن الستيلِء على الطفاِل والنساء ،وَتقِتيِل الشباِ ن الياف ةعين( ،فََلن َتنتَِظَر الشريحةُ المقتدرةُ ِمن الِهلين سوى الهلَك الذريع .وهنا َتكُمُن المأساة. ص مأساويةً عن ال ةعصِر الكلسيكي. لقد فَّكَك وحلَّل المتنورو ن اليونا ن هذا الوضَع جيدًا ،وَكَتبوا أكثَر القص ِ ت آكاد تُْخِبرنا بحاِل والملحُم السومريةُ أيضا ً قص ٌ ت نيبور Nippurول ةعنا ِ ص مأساويةٌ مماثلة .فََكأ َّ ن َمرثِّيا ِ ص بالذكِر إعاقةَ شواطِ ئ إيجة من بغداد اليوم .والمبراطوريةُ البرسيةُ أيضا ً تَتََميُّز بِ ُ شهَرٍة مشابهة ،ونَُخ ّ سه، ق نف ِ التطوِر المستقل ،والذي يَُ ةعّد أََحَد أكثِر خسائِر التاريخ مأساويًة .وقد لجأ َ السكندُر فيما ب ةعد إلى المنط ِ س وتُِبيُد النمَل بَِوطأِتها الثقيلةِ .من هناَ ،غَدت الَملَِكيّةُ اللهيةُ عنواناً وكأنه ِمدَحلَةٌ أسطوانيةٌ َ silindirتدَه ُ ب إلى يَتََحقّ ُ سّر ُ ت تَتَ َ ق على الدوام بِ َ سِهم كالنمل .يبدو – فيما يبدو – أّ ن مثَل هذه التطورا ِ ق البشِر وَده ِ سح ِ ق لذروِة التّفَّنِن به .أما هذه الـ"أنا" لدى ب ةع ِ ض الناس .وما فََ ةعَلتهُ روما ربما ليس سوى الووصوُل بهذا المنط ِ ب القدامى مع أتباعهم بالطبع ،أو َتصييُرهم الدوامةُ ال ةعقيمةُ عيُنها ،وتََغّيُر المتسلطين ،والقضاُء على الوصحا ِ ف ضميِر النسانيِة وإماتَِته ،فماذا عساه يكو ن؟ أسر ً ى ذوي فائدة؛ فإذا َلم يَُك ُكّل ذلك عملً لَِتجفي ِ سنَِجُد أّ ن مناهضَتها لنظمِة الحضارة المدينية النظيرِة للدياِ ن الت ةعدديِة ث في الدياِ ن التوحيديةَ ، لدى البح ِ ت التاريخيِة الكثر والتوثينية ،وم ةعاَرضَتها إياها بذهنيٍة جديدٍة وممارسٍة عمليٍة جديدة؛ إنما ُي ةعتََبر أحَد التطورا ِ ت الحضاريِة قد استََمّرت استناداً لهذه الديا ن ،إل أنه من الساطع – دو ن ريب م ةعنى .ولَئِْن كانت ب ةع ُ ض التوس ةعا ِ َ ت ضمَن َبنٍد منفصل. – أننا وجهاً لوجه أماَم تَطّوٍر مغاير .لِنَقُْم بَِتفسيِر هذه النطلقا ِ -4مراحُل المجتمِع المديني وقضايا المقاومة: ٌ ٌ لدى سقوِط روما في نهايِة القرِ ن الرابع ،ل تنهاُر م ةعها مدينة وحضارةٌ َمقرونة باسِمها فحسب ،بل وتنتهي سّمى م ةعها حقبةٌ طويلةٌ َ ت ال ةعصوِر الولى وال ةعصوِر الكلسيكية .وقد َجَرت ال ةعادةُ أْ ن تُ َ شِهَدت كافةَ حضارا ِ القروُ ن اللحقةُ لها بال ةعصوِر الوسطى ،والتي طالما ُتسَتذَكر باسِم عصِر ال ّ ظُلمات .إل أّ ن هذه التسميةَ متأتيةٌ من
سُد للم ةعنى. نمِط إنشاِء علِم التاريخ ،ول تشتمُل على قيمِة م ةعاٍ ن مؤثرة وقديرة ،بل ويطغى عليها الجان ُ ب الُمف ِ ق المفهوِم الماركسي للتاريخ على أما تسميُتنا إياها بال ةعصِر القطاعي ،فتنبُع من طريقِة تَ َ ت وف َ شّكِل المجتم ةعا ِ ف الجتماعي للقطاعيِة بالرغام ،فل ُي ةعطيها الم ةعنى ال ةعميق ،بل – ق بها الت ةعري ُ ص َ وجِه الخصوص ،وكأنه ُأل ِ ومثلما بَيّّنا آنفا ً – قد َيخِدُم خل َ ط الم ةعاني أكثر. في حين أّ ن تفسيَر انهياِر روما على أنه اضمحلُل وتَفَّكُك كّل النظِم ال ةعبوديِة في ال ةعصوِر الولى والكلسيكية، ق بالم ةعنى بالكثر .وبطبي ةعِة الحال ،فإرجاُع أوصوِل النجيل ،مانيفستو المسيحيِة وصاحبِة ربما يؤدي إلى الت ةعم ِ ب الوفِر في هذا النهيار ،إلى ال ةعهَدين السومري والمصري؛ إنما يَُ ةعّبر عن تكامِل هذه ال ةعصور ،ولكْن من النصي ِ الجهة الُمقاِبلة .والموُر عيُنها َتسري على ثنائيِة السلِم والبيزنطيين أيضًا. ب التمهيد – فإّ ن َن ةعَت وحسَب رأيي ،فالمرحلةُ اللحقةُ ِلروما تقتضي تفسيراً مغايرًا .من هنا – ولو ِمن با ِ شّرفة" ب ةعيٌد عن إضفاِء ال ةعصِر الجديِد بـ"ال ةعصوِر الوسطى المظلمة" و"عصوِر المسيحيِة والسلمية الُم َ الم ةعاني اللزمِة للوقائِع والمجريات ،بل ويَُحّرفها أيضًا .لقد كنا تَطَّرقنا – أو بالحرى انتََبهنا – إلى أهميِة النشاِء لدى الرهباِ ن طيلَة تقييمنا للحضارة المدينية .ومن ثَّم رأينا أوصحاَب النفوِذ والسلطاِ ن السياسي صماِتهم الراسخةَ على كافِة مراحِل الحضارة ضوا على عهِد الرهبا ن ،وكي َ ف تََركوا بَ َ وال ةعسكري ،الذين قَ َ ع ثقافِة الحضارة المدينية عموماً ضد الثقافِة المدينية .كما َ سَ ةعينا عبَر تفسيِرنا الفّذ والراسخ إلى تبياِ ن وصرا ِ وصهِرها في سبيِل القضاِء .ق على ساحتها ،واست ةعمارها ،واستغللها ،و َ النيوليتية ،وكيف َ ق الخنا ِ سَ ةعت لتضيي ِ َ ع الطبقي ،بل ويَتََ ةعّداه لِيَُكوَ ن هذا عليها .و َ ع الثقافّي أَهّم من الصرا ِ شّددنا على ضرورِة إدراِك َكوِ ن هذا الصرا ِ ُ َ َ َ ً صابين". ت على أنها "مذبحة الق ّ ت المحتدمة بين المدنيا ِ الخيُر جزءاً منه .علوة على أننا قّيمنا النزاعا ِ ُ َ .ق مصطلَحين اثنين :الثقافة اليديولوجية، وَيلوُح لي أنه من المفيِد إعادةُ تفسيِر كّل ما شرحناه سابقاً ضمن نطا ِ والثقافةُ المادية .ذلك أني ُأولي الهميةَ لتسميِة فرناند بروديل للثقافِة الرأسمالية بـ"الثقافة المادية" .أما ت صَر على المدنيِة الرأسمالية فحسب ،بل ويَتََ ةعّداها ليشمَل كّل الحضارا ِ .ق ت ةعبيِره هذا لكي ل َيقتَ ِ توسيُع نطا ِ ُ ُ ص تحليلنا .فالتمييز بين الثقافِة المادية والثقافِة الم ةعنوية قد الطبقيِة والمدينية والدولتية ،فسوف ُيزيُد ِمن فَر ِ ً استََمّر بل انقطاع طيلةَ مراحِل الحضارة المدينيةِ ،بدءا من مراحِل تأسيِسها إلى الرأسماليِة ،التي هي ت ةعبيٌر عن الذروِة الخيرة لهذه المرحلِة على وص ةعيِد الثقافة المادية ،ليس إل .إضافةً إلى أّ ن الثقافةَ اليديولوجيةَ )يمكن ق تسميُتها أيضاً بالثقافِة الم ةعنويِة ،وِمن ثَّم بِ ةعلِم الم ةعنى( قد َتواَجَدت هي الخرى منذ البداية ،وعليها أْ ن تَُحقّ َ ق ذروَتها في مرحلِة سوسيولوجيا الحرية المتزامنِة مع ال ةعصِر الرأسمالي .وإذا تناولنا أبحاَثنا و َ شَرعنا بها وف َ ت الكائنة بين الحضارة هذا المنظور ،فسوف ُنضاِع ُ ت والصراعا ِ ف من قدرتنا فِي إضفاِء الم ةعاني على ال ةعلقا ِ ب خ الحضارة .ومن جان ٍ والثقافَتين الماديِة واليديولوجية من حيث كوِنهما المقاَومةَ المضادةَ لها طيلةَ تاري ِ ت "ال ةعصوِر الوسطى والحداثِة الرأسمالية" مع سوسيولوجيا آخر ،سنَُكوُ ن بذلك قادرين على عقِد علقا ِ ت ثمينٍة بشأِ ن م ةعنى الحياِة الحرة على وص ةعيِد الثقافِة اليديولوجيِة فيها. الحرية ،لِنَتَ َ سلَّح بتقييما ٍ ت النيوليتية من هنا ،فالشروُح التي سأطرُحها سوف تَُكوُ ن بالغلب عملً تجريبياً مت ةعلقا ً بجميِع الثقافا ِ والحضاريِة المدينية التي شهدناها إلى ال ن ،وبكيفيِة إنشاِئها لسوسيولوجيا الحرية .في حين أّ ن مساعينا سَن ةعَمُل على طرِحها ب ةعَد سرِد ملحظاِتنا بشأِ ن المدنيِة الرأسمالية الوصليَة في إنشاِء سوسيولوجيا الحرية َ .ق أوسع بكثير. )الحداثة( بآفا ٍ آ -علّي التوضيَح بأنه لم تَُكن الثقافةُ النيوليتيةُ ت ةعاني من مشاكَل جديٍة من حي ُ ث الفصِل بين ُب ةعَديها اليديولوجّي والمادي ،بل وَلم ُتواِجه القضايا المتفاقمةَ إل ب ةعَد ولوِجها مرحلةَ النسداد ،وعجِزها عن حمايِة ذاِتها تجاه ح "القضايا" الذي طالما ج ةعلُته عنواناً َتصاُعِد المجتمِع المديني .وهنا أَتَلَّم ُ ح مصطل ِ س أَّولً ضرورةَ شر ِ أساسيًا .فحسَب الم ةعنى الذي استخدمُتهُ ،يفيُد هذا المصطلح ِبحالِة الفوضى المتأزمِة التي َلم يَُ ةعد الفرُد ص من الوضِع والمجتمُع فيها قادرين على الستمراِر بالثقافَتين اليديولوجية والمادية .في حين أّ ن الخل َ الشكالّي الُمَ ةعقِّد ي ةعني الحالةَ المنتَ َ ظمةَ للمجتمِع الجديد ب ةعَد اكتساِبه بنيةً قَّيمة .أما الثقافةُ اليديولوجية – ومثلما ت والنسجة، سّخَرت لها البنى والمؤسسا ُ س ةعي ُ ت والوظائف التي ُ ت لشرِحها كثيراً – فتَُ ةعّبر عن ماهيِة الفاعليا ِ َ َ ت وم ةعانيها وأحوالها الذهنية .في حين أّ ن الثقافة المادية ت ةعني القسَم الظاهَر والملمو َ س من الوظائف والفاعليا ِ ت من قَِبيِل المظهر المرئي ،الظاهرة ،المؤسسة ،البنية، والم ةعاني التي اضطرر ُ ت لتوضيِحها بمصطلحا ٍ َ ث عن الثنائيِة الجدلية لـ الطاقة – المادة داخَل والنسيج .وإذا ما حاولنا لحَمها مع الكونية ،فهي َت ةعَمُل على البح ِ الواقِع الجتماعي ،وتفسيِرها بموجب ذلك.
ع تَُهّدُد الحياةَ فيما بين عناوصِر الثقافَتين اليديولوجية وعلى ضوِء هذه الوصطلحا ِ ت نجُد أنه ما ِمن أوضا ٍ والمادية للمجتمِع النيوليتي ،وما ِمن أموٍر َتبَ ةع ُ شقا.ق فيما بينهما ،وبالخص في مراحِل البناِء ع وال ّ ث على النزا ِ .ق الجتماعيةَ ل َتسَمُح بذلك البتة .فالُمْلِكيةُ الخاوصةُ لم تَِجد ُفروصَتها في النمّو ب ةعد، سس .ذلك أّ ن الخل َ والتَّمأ ُ سين ت الجتماعية .وتأسيساً على ذلك ،فتقسيُم ال ةعمِل بين الجن َ باعتباِرها المؤثَر الساسّي الُمفضي إلى التصدعا ِ ت والكِل حصيلةَ النشاِط المشترِك َلم َيشَهْد لم يَتََ ةعّرف ب ةعد على علقِة الُمْلكيِة وال ةعنف .علوةً على أّ ن تأميَن الُقو ِ ت ب ةعْد الُمْلكيَة الخاوصة .بم ةعنى آخر ،فالجماعا ُ ت الصغيرةُ التي لم تَتَ َ سُم بثقافا ٍ ضّخْم ب ةعد – حجما ً وعدداً – تَتّ ِ ق بجميِع النقاِط النفة الذكر .ذلك لنهم اعتََبروا الُمْلكيَة أيديولوجيٍة وماديٍة مشتركة ومتماسكٍة فيما يت ةعل ُ سكوا بالتقاسِم الخاوصةَ وال ةعن َ ف من المهالِك الحيويِة القادرة على تدميِر هذه البنى وإفسادها ،وبالتالي ،اسَتم َ ُ ص المجتمِع المشتَرِك والَم ُ شورِة الجماعية كقاعدٍة ركن في أخلِقهم لنها المبدأ الولي المحافظُ على َترا ّ ُ ُ ً ً سِكه .ونظراً لطبي ةعِة مبدأِ الم ةعاني هذا ،فالبنية الداخلية للمجتمِع النيوليتي َتبدو مني ةعة وملتئمة لقصى وَتما ُ َ ت بين المجتمِع والطبي ةعِة ف السنين إلى هذه الحقيقة .أما إذا قارّنا الصل ِ الحدود .وَي ةعوُد استمراُرها طيلة آل ِ آنذاك مع ما هي عليه في المجتمِع المديني ،فَدعَك ِمن وجوِد ُهّوٍة فسيحٍة بينهما آنذاك ،بل إّ ن التناغَم ب الذهنيِة من الطبي ةعِة ُمفَ ةعٌم والنسجاَم مع المبدأِ اليكولوجي مستمّر وبكّل قوة في ِكلتا الثقافَتين .فاقترا ُ ٌ ت واللوهيات ،ذلك أنهم َين ُ ظرو ن إلى الطبي ةعِة على أنها حيويةٌ مثُلهم تمامًا .فباعتباِرها سخية بَِمنِحِهم بالقدسيا ِ ع النباتية والحيوانية والغذاء ،فهي ُت ةعاِدُل اللهَ عندهم ،بل وهي ِمن أعظِم الهواَء والماَء والناَر وشتى النوا ِ ث القويِة على اوصطلَحي اللِه واللوهية مستترةً في هذه عناوصِر اللوهية .ولطالما َنسَتشِ ةعُر ب ةع َ ض البواع ِ الحقيقة. ح الله في مكاِنها المناسب .المهّم هنا هو َكوُ ن سنشرُح الم ةعاني التي أضفاها المجتمُع المديني على مصطل ِ ً ً اللوهيات ،التي احتّلت حيزاً فسيحاً في ذهنيِة المجتمع النيوليتي ،خاوية تماما من القمِع والستغلل وال ةعنف، ع والحماس .وعندما أو من التّ َ سّتِر عليهم .بل َترجُح فيها َكفُّة الرحمة ،الشكرا ن ،الرفاه والوفرة ،الِود ،الندفا ِ ً ُ َ ُ ف والورع والنور ،لتأميِن التناغِم م ةعها ثانية )أي َتسوُء الوضاعَ ،يغل ُ ت من قِبيل الخو ِ ب ربط ذلك باوصطلحا ٍ ُ ّ مع الطبي ةعة .وبت ةعبيٍر علمي ،يَتِب ةعو ن السلوَك اليكولوجي ،وَيسَ ةعو ن للتناغِم م ةعها وأْ ن يَكونوا ِبيئَِوّيين( .وإذا ت والشباَب الياف ةعين قرباناً في سبيل ذلك .أما ت أكبادهم من الشابا ِ استدعى المر ،يُقَّدمو ن َأثمَن ما لديهم ،فِلِّذا ِ ت "الطوطم"، الجان ُ ب المجتم ةعّي للله ،فَيقَبلونه على أنه الوجوُد ال َ سلَفِّي للجماعة ،وذلك عبَر اوصطلحا ِ "الطابو" ،و"الم ةعنى" التي تَُ ةعّد عبادةً أوليةً في مجتمِع الكل ن القديم أيضًا .بم ةعنى آخر ،فهو مشحوٌ ن بالم ةعاني ت الطوطِم سلَفِّية "atacılıkو"اللهِة الم" .ولَئِْن كانت القدسيةُ ومصطلحا ُ ب ديِن "ال ّ ب من ضرو ِ كضر ٍ والطابو والم ةعنى التي ذكرناها ل َتدخُل في ِعداِد اللوهية بم ةعنى الكلمة ،إل أنها تصبُح هالةً ثقيلةَ الوطأِة على .ق رؤوِسهم على الدوام .وما القدسيةُ في جوهِرها سوى مواقُفهم المتَّب ةعةُ إزاَء كّل ما هو الذها ن ،تَُحوُم فو َ ع والحماس ،وأحيانا ً الورَع والرتياب ،وأحيانا ً أَُخر مؤثٌر على حياِتهم ،وَتحتَ ِ ضن في ثناياها مشاعَر الخشو ِ المحبةَ والتقدير ،وأحيانا ً أيضا ً اللَم والنَّدَب والبكاء .إنها القيمةُ التي َيخَل ةعونها على تأثيِر المواضيع والشياء .ق تلَك اللهِة Nesneوالم ةعاني في حياِتهم ،ويمكننا تسميُتها أيضاً بالخل.ق .وبالوصل ،تَتََخّفى وراَء الخل ِ ت ت التي يُْؤِمنو ن بقدرتها على وصوِ ن جماعاِتهم قويةً متماسكة ،وبدوِرها الساسي في ذلك .والجماعا ُ والقدسيا ِ ي ُبخٍل في وصُغر – أو أ ّ جديةٌ للغاية في هذا السيا.ق .هذا ويؤمنو ن بأّ ن أ ّ ب – مهما َ ي إخلٍل أو إساءٍة أو سوِء أد ٍ ت أخلقيةٌ بكّل م ةعنى الكلمة. تقديِم القرابين؛ من شأِنه أْ ن َينتهي بكوارَث كاسحة .أي أنها مجتم ةعا ٌ سة فَجَ ةعلوها جوهَر ثقافاِتهم ،إل أنه ل ومهما يَُك ثمَة امتلٌك اجتماعي جماعي للنباتات والحيوانات المسَتأنَ َ ٌ يمكن تسميةُ ذلك بالُمْلكية .فالملكيةُ تشتمل على التشييء .ولكن ،لم يَُكن ثمةَ ذهنية تسفر عن التمييز بين سهم الذاتاني والموضوعاني ب ةعد .بل وكانوا َي ةعتَِبرو ن الشياَء Nesneمثَلهم .فبقدِر ما يَُكونو ن ُملكا ً لنف ِ س الدرجة .وبالتالي ،ل ُيمكُن الحدي ُ ث عن ت والحيوانا ُ ضهم ،تَُكوُ ن الثقافةُ والنبا ُ ولب ةع ِ ت الُمَدّجنةُ أيضا ً ُملكا ً بنف ِ ت تَُمّهُد للتوجِه وصوَب الُمْلكية ،ولكّن تحويَلها إلى ُمْلكيٍة خلٍل أيكولوجّي جدي أياً كا ن .ل شك في أنه ثمة بدايا ٌ ص من سرِدنا هذا أّ ن بَِحق كا ن سيَتََحقّ ُ ف مختلفة .يجب أل ُيسَتخلَ َ ح طويٍل من الزمن ،وفي ظرو ٍ ق ب ةعَد رد ٍ َ ّ ضرًا ،ويَُمّر بمرحلٍة حرجٍة تَُحفها المخاطر، المجتمَع النيوليتّي "جنة" ،حيث أّ ن المجتمَع بذاته ل يزال غ ّ ضا ً ن َ ِ ضها عن ف الطبي ةعية والمناخية غيِر المستقرة ،وخطورِة تََمّخ ِ ب الظرو ِ لّ ن مستقبَله ل يزال مبَهمًا ،وكذلك بسب ِ ت جديٍة قد يواجهها .والمجتمُع كا ن واعياً لذلك يقينًا .وما َيتُرُك بصماِته على الذهنيِة ت وانتكاسا ٍ انكسارا ٍ َ بالوصل هو هذه المخاوف .وبحثاً منه عن الحل – ولو لَح ساذجا ً وبسيطاً – يبدو أنه لم يَُك له بُّد ِمن تطويِر
ت أب ةعاٍد ميثولوجيٍة ودينية. ميتافيزيقيٍة ذا ِ ب هذه الشروح ،بمقدورنا – وعلى نحٍو أفضل – إدراُك م ةعانَي ميتافيزيقيِة الحياِة الجماعية المتمحورِة وبموج ِ ب والتنشئِة حوَل المرأِة الم ،وما يَنُّم عنها من قدسيٍة وألوهية .فمزايا المرأِة المماثلةُ للطبي ةعة في النجا ِ والشفقة والرحمة ،ومكانُتها الرفي ةعةُ المجيدة في الحياةَ ،تج ةعُلها ال ةعنصَر الولّي للثقافَتين الماديِة والم ةعنوية على السواء .أما الرجل ،فدعَك من أْ ن يَُكوَ ن زوجاً لها ،بل ل "ظّل" لُِحكِمه ب ةعْد على جماعيِة المجتمع ،ومن س الحاكم، المحال أْ ن يكو ن .فنمطُ حياِة المجتمع ل َيسَمُح بذلك إطلقًا .بالتالي ،فأووصا ُ ف الرجل من قَِبيل الجن ِ ب الدولة تَتََميُّز بطابٍع اجتماعّي بحت ،وكانت ستَتَ َ طّوُر وَتبُرُز فيما ب ةعد .فالمجتمُع ب الُمْلك ،ووصاح ِ الزوج ،وصاح ِ شَح ليكوَ ن زوجا ً كا ن آنذاك كا ن ي ةعني المرأةَ الم ،أطفاَلها ،وأشقاَءها وشقيقاِتها .ومن المحتمل أّ ن الرجَل الُمَر ّ سن؛ ليكوَ ن ت أخرى عدا الزوجية ،مثَل الصيِد وتربيِة الحيوا ن وال ةعنايِة بالنبات على نحٍو َح َ ُيبدي نفَ ةعه بمهارا ٍ ب لم تَُك قد نََمت كظاهرٍة س بأنه زوٌج أو أ ٌ جديراً للقبوِل به عضوًا .في حين أّ ن حقوَقه أو مشاعَره بالحسا ِ اجتماعيٍة ب ةعد .وعلينا أل نغفَل أبداً عن أّ ن البوةَ والمومَة مصطلحا ن وظاهرتا ن وإدراكا ن اجتماعّيا ن بالساس ،ولو أنهما ليسا خالَيين من الب ةعاِد النفسية أيضًا. ّ سِ ةعَي لِتََخطيه؟ من المهم سرُد الشروح في هذا المضمار متى دخَل المجتمُع النيوليتي في الضائقة ،أو متى ُ ب والدوافع الداخلية والخارجية .فَلربما كا ن تجاُوُز الرجل لنقاِط ض ةعفه ،وتََحّوله إلى وصياٍد بالعتماد على السبا ِ ً حاذ.ق ،وبلوُغه مكانةً مني ةعة مع حاشيته الملتفِة حوله؛ قد َهّدد النظاَم المومي .كما ُيحتََمل أْ ن َتكوَ ن مهارُته في سّببت في ذلك أيضًا .في حين أّ ن أغلَب مشاهداِتنا تَُرّجُح لدينا احتماَل وصهِر تنشئِة الحيواِ ن وتنميِة النبات قد تَ َ ب ومجتمِ ةعه ت خارجية .ول ريَب في أّ ن هذه المؤثرات تَتََج ّ سُد في دولِة الراه ِ المجتمع النيوليتي وَحّله بمؤثرا ٍ ف النيل تَُؤّكُد وصحةَ هذا الرأي سين .وقص ُ المقّد َ ت الحضارية في ميزوبوتاميا السفلى وضفا ِ ص ُأولى المجتم ةعا ِ َ ُ ي في الراضي بنسبٍة كبرى .فمثلما ذَكرنا بشكٍل ُمَبرَهن ،فثقافة المجتمع النيوليتي الصاعدة ،وتقنيا ُ ت الر ّ ض النتاج الذي يتطلبه هذا المجتمُع الجديد المتمّدُ ن ِبالتَّمحوِر حوَل الرسوبيِة السهلية أّدَيتا إلى ظهوِر فائ ِ ً ً ض النتاج المت ةعاظم ،والذي نَ ّ ّ ق قوِة الرجل ظم أموَره على هيئِة دولة ،وَحق َ فائ ِ ق منزلة مختلفة للغاية عن طري ِ ُ َ َ سّرب في شراييِن بالغلب .والتمدُ ن المتزايُد ي ةعني التبضَع ،الذي َيجل ُ ب بدوِره التجارة .والتجارة من جهِتها تت َ َ شَر م ةعها تصاعديا ً التبضَع والُمْلكيةَ وقيمةَ المقايضة تن ل كولونيالية، ت ِ ُ المجتمع النيوليتي على شكِل مستوطنا ٍ سوُد ال ةعطايا والهدايا )قيمةُ الستخداِم للشياِء Nesneهي السارية في المجتمِع النيوليتي ،في حين أنه تَ ُ ت أوروك وأور سّرَع بالتالي من انفكاِك وانحلِل المجتمع النيوليتي .ومستوطنا ُ ِعَوضاً عن المقايضة( ،وتُ َ شوُبه أدنى شك. وآشور إنما تَُبرِهن هذه الحقيقةَ بما ل يَ ُ ي والوسطُ إلى الحضارِة كمنطقٍة نيوليتيٍة أولية .في حين وتأسيساً على ذلك انضّم َحوضا دجلة والفرات ال ةعلو ّ ت الكلنية الخرى ،سواًء بَلََغت المستوى النيوليتّي أم َلم تبلغه ،فقد أوصبَحت بالغلب في أّ ن كافةَ الجماعا ِ ت المجتمع المديني الخارجية ،وأساليِبه وممارساِته في الحتلل والستيلِء والست ةعمار والصهر مواجهِة هجما ِ ق التي ت البشرية بتطورا ٍ والتصفية .وملحظاُتنا تَُدّل على مروِر جميِع الجماعا ِ ت في هذا التجاه ضمن المناط ِ قَ َ ض المجتمِع النيوليتي – الذي يمكننا اعتباُره الخليةَ النواةَ للمجتمع – وكّل ما تَبَّقى من طَنتها .وَأعقََب ذلك تََ ةعّر ُ ت أعلى؛ لَِيبَقوا محافظين على ت المجتمِع المديني في جميِع المناطق وعلى مستويا ٍ المراحِل السالفِة له لهجما ِ وجوِدهم إلى هذه اليام على نحِو بقايا فقط. أما فكري الشخصي ،فيتََمثُّل في استحالِة القضاِء على المجتمع الذي يسبق الحضارِة المدينية أو إفناِئه ،ل لَِكوِنه مني ةعا ً أو قويا ً جدًا ،بل لستحالِة استمراِر الوجوِد الجتماعّي بدونه ،تماماً مثلما نصادف ذلك في ظاهرِة الخليا النواة .ول يمكن للمجتمِع المديني أْ ن يتواجَد إل بَِمِ ةعّية المجتمِع السابق له بالتأكيد .وهذا المُر مماثٌل لواقِع استحالِة وجوِد الرأسماليِة بل ُعّمال .وكذا شأُ ن المجتمِع المديني ،الذي ل تتحقق َكينونَُته دياليكتيكيا ً إل ت التطهيِر قد تََحقَّقت ت وعمليا ُ شبِه المتحضرة .قد تَُكوُ ن البادا ُ ت غيِر المتحضرِة أو ِ بالرتكاِز إلى المجتم ةعا ِ ّ َ شذ عنها. ف طبي ةعة المجتم ةعية ويَ ُ نسبيًا ,إل أّ ن إنجاَزها بشكٍل كلي يخال ُ ف بالثقافِة اليديولوجية للمجتمِع النيوليتي الصامد طيلةَ بالضافة إلى ذلك ،من المهّم بمكا ن عدم الستخفا ِ ُ .ق المومة ،التضامُن الجتماعي ،الُخّوة ،الِوّد الخالي من المنف ةعِة والمتطلُع – فقط وفقط مسيرِة التاريخ .فحقو ُ – لمصلحِة المجتمع ،الحتراُم ،فكرةُ الفضيلة )أي الخل.ق( ،الت ةعاوُ ن النزيهُ بل مقابل ،تقديُر كّل َمن ُينتُِج القِيََم وُيحيي المجتمَع عن وجِه حق ،الرتباطُ بالجوهِر السليم والسوي لمصطلَحي القدسية واللوهية ،تقديُر الِجوار، ب كينونِة هذا سر والشو ُ التَّح ّ ب للمساواة والحياِة الحرة ،وغيُرها من القِيَِم الخالدة؛ إنما هي أسبا ُ ض ُ .ق الذي ل َين ُ
ت عيِنه قِيٌَم يستحيُل زواُلها ما داَمت الحياةُ الجتماعيةُ قائمة .في حين أّ ن قِيََم المجتمِع أساسًا ،وهي في الوق ِ المدنية ،ولَِكوِنها ُمتَرَعةً بالكثيِر من القِيَِم الثقافيِة المادية والم ةعنويِة التي ل فائدَة لها على المجتمع ول نفع ،من ف وان ةعداِم الضمير ب ،المجازر ،الجحا ِ ب ،السلب ،العتداِء ،الغتصا ِ قَِبيِل القمع ،الستغلِل ،الست ةعمار ،النه ِ ت المجتمِع ف المجتمع يَُكوُ ن وقتيًا .إنها بالغلب وصفا ُ )اللأخلقية( ،الفناِء ،والصهِر؛ فُوجوُدها بين وصفو ِ المريض والشكالي. سنس ةعى في فصِل سوسيولوجيا الحرية لتفسيِر كيفيِة تجاوِز القِيَِم المريضِة والمشّوهِة والمنحرفِة للمجتمِع ج ما يتبقى من القيِم الراسخِة مع المجتمِع الحّر المتساوي وال ةعادل الديمقراطي. المديني ،وكيفيِة دم ِ ث مراحل :الولى ،الوسطى ،والخيرة .ولكن ،من المهم ب -سيكو ن من المفيد تناول المجتمِع المديني على ثل ِ ت بمقدوِرها تسهيل التحليل – ليس ع تام أّ ن المجتمَع المدينّي كّل متكامل ،وأّ ن مثَل هذه التقسيما ِ الدراك بسطو ٍ ُ إل – في حين أنها في الواقِع الملموس ُتحافِظ على ُم ةعضلِتها الشكاليِة وَتكاُمِلها على وص ةعيِد "الفترة الطويلة". وصف بها المجتمُع المديني من قَِبيِل :الّنبِل واللطف ،الّرقِة والدقة ،اللياقِة واللباقةَ ،يلتزم أما الووصا ُ ف التي ُيو َ ت ُمبتََدعةٌ ٌ بالقواعِد ويحترمهاَ ،يمتَِثل للم ةعايير ،ممنَهج ،عاقٌل ،مرتبط بالحقو.ق ،ومسالم؛ فجميُ ةعها وصفا ٌ ت وُمل َ صقَةٌ به ِبتمام الكلمة ،ول قيمَة لها سوى الدعاية .فالوجهُ الحقيقي للمجتمِع المديني ُمَ ةعبّأ ٌ بالنحرافا ِ َ ع، ف ،الكذ ِ ض الجتماعيِة المخالفة لطبي ةعِة الحياة ،من قِبيِل :ال ةعن ِ والتشويشات والمرا ِ ب والرياء ،الخدا ِ َ سِر ،البادِة ،الست ةعباِد والسترقا.ق ،الغدِر والخيانة، ب والسلب ،ال ْ ب ،النه ِ الفظاظة ،الِحيَِل والدسائس ،الحرو ِ ف مبدأِ القدسية .ق والخلِل بها ،عبادِة مبدأِ القوة ،تحري ِ ب ،الجحا ِ الغتصا ِ ف وَعَدِمّية الضميرَ ،دْه ِ س الحقو ِ ب الجنسوي الجتماعي، واللوهية لتسخيره في خدمِة حفنٍة قليلٍة من المنف ةعيين ،التَّ ةعّدي والعتداء ،الت ةعص ِ ف في الكواِم المتكدسِة لل ةعبيد ،القرويين الهائمين على وجوههم بل عمل ،وال ةعماِل ال ةعاطلين ،وبينما َيغَر.ق طر ٌ ف الخر من المجاعة والبؤس والفقر المدقع ،وهكذا دواليك .لكنه يبذل ف والبذخَ ،يموت الطر ُ الملِك والتَّر ِ ً ً جهوداً مريرةً وممنَهَجة بل انقطاع في سبيِل إخفاِء وجِهه الحقيقي ،مستفيدا في ذلك من قدراِته الدعائيِة ومواقِفه الميتافيزيقيِة الرذيلِة الزائفة. وبت ةعبيٍر أكثر علمية ،فالمجتمُع المديني – ومثلما سَ ةعينا لشرحه على الدوام – هو ذاك المجتمُع المتزامُن مع ق مع التمايِز الطبقي ،والُمداُر بالتنظيم المسمى بالدولة .فالقرابةُ والتضامُن السائَدا ن في المدينة ،والمتحق ُ ق أماَم تمايٍز اجتماعّي في مستوى الهرميِة بالكثر ،ليس إل .في حين أّ ن الثنيات وال ةعشائِر قد َيفتحا ن الطري َ التقسيَم الطبقّي وبلوَغ مستوى الدولة ل يتناسب وطبي ةعَتها .بم ةعنى آخر ،فالثقافةُ ال ةعشائريةُ ل تتناغم والثقافَة ج المتزايد وادخاِرها إياه .في حين أّ ن ما الطبقيةَ الدولتية .فجوهُرها الساسي َيكمن في تصرِفها بفائ ِ ض النتا ِ ج هو العتداُء والستيلُء على وسائِل النتاج واستملُكها ،بما فيها الراضي يَُمّهد الطري َ ق لبروِز فائ ِ ض النتا ِ ج ثمَن تلك اللصووصية أوًل .ومثلما ُيقال دائمًا :الُملكيةُ هي ما ُيسَر.ق من المجتمع .في حين يَُكوُ ن فائ ُ ض النتا ِ ض ع فائ ِ وثمرَتها .وتنظيُم الدولة بالسا ِ س هو أداةُ حمايِة هذه الُمْلكية ،ووسيلةُ التوزيِع الجماعي لمجمو ِ ب الدولة .أي أنها َت ةعني تََمّلَك ما نُ ّ ض القيمة .وبطبي ةعِة النتاج على أوصحا ِ ج وفائ ِ ظَم من الُمْلِكية وفائ ِ ض النتا ٍ ت ش القاهرة ،والبيروقراطيات ،والسلحِة ،وأدوا ِ الحال ،فقد اقتضى ذلك طيلةَ مجرى التاريخ وجوَد الجيو ِ .ق ت وفلسفا ٍ سب مآرَبها من علوٍم ويوتوبيا ٍ ض اشتَّقت لنفسها ما ُينا ِ الشرعنة .ولهذا الغر ِ ت وفنوٍ ن وحقو ٍ ت ف الدواِر الجتماعيِة لجميِع هذه الفئا ِ .ق وأديا ن .وَعِمَلت الميتافيزيقيا الخاويةُ من الم ةعاني على تحري ِ وأخل ٍ س هنا هو بنيويةُ المجتمِع المديني ،بالرغم من احتواِئها والتصنيفات ،وتشويِه روابِطها مع الحياِة الحرة .السا ُ ت القصوى بشأ ن وصلِتها مع الثقافِة اليديولوجيِة والمادية .وهذا تماما ً ما ت والتحريفا ِ ت والشكاليا ِ الم ةعضل ِ ُيفيُد بَِنماِء الثقافِة الماديِة تصاعديًا .أنا ل أتحد ُ وصيَّتين سُم بخا ّ ث عن زواِل الثقافِة اليديولوجية .بل إّ ن وجوَدها يَتّ ِ أساسيَّتين :البقاء في المرتبِة الثانية ،والنحراف. َتقَتضي هاتا ن الخاوصّيتا ن شرَحهما أكثر لستي ةعاِبهما على نحٍو أفضل .من الم ةعلوم أّ ن الجميَع ُيجِمع على َكوِ ن ت "علِم الم ةعاني" .فلُِكّل بنيٍة وظيفُتها ،ولكّل وظيفٍة ُبنيُتها .وفي وضِع البنيويِة والوظيفيِة من مصطلحا ِ ض الفوضى ت ةعاني البنيةُ والوظيفةُ من الزمة ،وتغدوا ن وجهاً لوجه أمام التب ةعثِر والنحلل .وحينها َتدُخُل ب ةع ُ البنى المختلطِة الوقتيِة والوظائف المتناقضِة المتميزِة بماهيِتها الكونيِة َحيَّز ال ةعمل .وعلى سبيِل المثال: َ ست. فالتركيبةُ البنيويةُ للماء هي .H2Oفأينما يَتََكّوُ ن تََوّحُد H2Oفي أيِة بق ةعة من ال ةعالم ،تَُكوُ ن البنيةُ قد تَأ ّ س َ ي تََجّمٍد أو تَبَّخٍر ُيصيُبه ي ةعني دماَر بنيِته ف السّيال .وأ ّ أما وظيفُتها ،فتَتََج ّ سُد فيما نسميه بـ"الماِء" الشفا ِ َ َ ب أو الم ةعد ن عمٌل الوصلية ،وبالتالي فقدانه وظيفَته الوصلية أو تحديَد نطاِقها .كما أّ ن ُ وصنَع طاولٍة من الخش ِ
بنيوي ،في حين تَُكوُ ن فائدةُ الطاولِة وظيفُتها التي تؤديها .فإذا َلم تَُ ةعْد تلك الجزاُء الخشبيةُ أو الم ةعدنيةُ طاولة، ت عوجاُء منحرفة ،وحينها ل مفر من تَُكوُ ن قد فَقََدت وظيفَتها ،حتى وإْ ن َلم َتفَن أو تَُزل .وقد تتواجُد طاول ٌ ث الفساِد البنيوي والوظيفي على السواء. حدو ِ سُم بَحملِِه خاوصيَتي البنيويِة والوظيفية م ةعًا .وبالم ةعنى ال ةعام ،إذا ما اعتََبرنا المادةَ بنيًة، كّل كياٍ ن في الكو ن يَتّ ِ َتخطُُر الطاقةُ على بالنا فوراً للحفاِظ على هذه البنية .أي أّ ن الطاقةَ وظيفةٌ بالنسبِة للمادة .وفيما يت ةعلق بأولويِة الطاقِة أم المادة ،فقد ُأثبَِت علميا ً أّ ن الطاقَة هي الساس .فالبنى الماديةُ ل َتتواجُد بل طاقة ،في حين ثمة طاقةٌ بل ُبنى مادية .من هنا ُندرك إمكانيَة فناِء المادة )بنيويًا( ،واستحالَة فناِء الطاقة .بالطبع ،وحسب م ةعرفتنا ،ل بد ت وثيقٍة بالوساِط والبنى الماديِة من وجوِد البنى الماديِة لتطويِر وظيفِة الطاقة .فحتى الحيويةُ ذا ُ ت وصل ٍ المحدودة والراقية للغاية ،بحيث من غيِر الممكن التفكيُر بحيويٍة بل مادة ،أو بالوصح ،بل بنيٍة ماديٍة مقابلٍة ف متطورةً مكافئة لها. لها .وإْ ن ُوِجَدت ،فنحن َنجَهُلها إذ ن .فالتكوينا ُ ت البنيويةُ الرقى تقتضي بالمقابل وظائ َ ُ ُ ُ أما ما ُيقابل البنيةَ الماديةَ والوظيفَة في المجتمع ،فهو الثقافة المادية والثقافة اليديولوجية .وبَِتقييمنا للمجتم ةعيِة نجد أنه ،ومقابَل التطوِر المفرِط للبنيِة المادية في المجتمع المديني ،فقد َعِجَز عن تطويِر وظيفِته سَرها .وهذا بدوره ما أدى إلى تدميِره لُِبناه أيضًا .أما ِعلّةُ ذلك فتكمن في تغاضيه وعدِم بشكٍل تام ،وبالتالي َخ ِ .ق على الثقافات البنيوية واليديولوجيِة الرئيسية ،التي َتجَ ةعُل المجتم ةعيةَ ق الخنا ِ التزامه ،بل وإفراِطه في تضيي ِ َ سد الماء ،وبالتالي ُيفِقده وظيفَته .فالبتروُل ممكنة .يمكننا تشبيه ذلك بالمثال التالي :إّ ن خلط الماِء بالبتروِل ُيف ِ َ أيضا ً سائٌل كالماء ،ولكّن وظيفَته مختلفةٌ كليًا .وكذا إْ ن كاَ ن تَطَّوُر الثقافِة المادية ُم ةعاِدلً ومتناغما ً مع تَطّوِر الثقافِة اليديولوجية ،فل يمكننا حينئذ الحديث عن مخاطِر ذلك أو عن تأثيراِته السلبية على المجتمع .بل نقول سها في قبضِة حفنٍة اجتماعيٍة نخبوية ،فم ةعنى حينها أنه طبي ةعّي الحال .لكن ،وفي حاِل تَطَّوِر الثقافِة المادية وتََكّد ِ .ق ال ةعام ،وت ةعا ُ ظم ثقافِته المادية ذلك فقدا ن المجتمع – وبكّل تأكيد – لخاوصياِته البنيويِة والوظيفيِة على النطا ِ .ق الضيق. وانحلل ثقافِته اليديولوجية على النطا ِ ٌ ت مصر بنى مادية عملقة .ولكن ،مقابل ذلك ثمة ضُح أفكاَرنا على نحٍو أفضل :أهراما ُ وبمثاٍل آخر ربما نَُو ّ سروا وظيفَتهم ،وحياَتهم الغالية ،وحريَتهم ،أي أنهم أضاعوا ثقافَتهم اليديولوجية. المليين من البشر الذين َخ ِ شيُّد البنى الضخمَة ،وربما َرِغَبت في إبداِء عظمِتها عبر تلك الحضارةُ المدينية أيضاً شيٌء كذلك ،حيث تُ َ ت ت وال ةعنابر ،وحتى الِغلِل والمنتوجات .فمجتم ةعا ٌ الم ةعابد ،المدائِن ،السواِر ،الجسور ،الحقوِل ،المستودعا ِ س المجتم ةعات، كهذه ممكنةُ الحصوِل من قِبَِل المدنيات .لكن ،ولدى البدِء بالبح ِ ث عن الثقافِة اليديولوجية في نف ِ سواِد فما سنواجهه حينها إما زواُل هذه القيمة ،أو تَ َ شّوُهها وانحراُفها .بم ةعنى آخر ،حفنةٌ قليلةٌ مجّردةٌ من َ ض عليه القمَع والستغلَل بل رحمٍة أو شفقة ،وَتبتُُره عن ثقافِته اليديولوجية ،أو أنها َتمنَُحه المجتمعَ ،تفُر ُ إياها ب ةعَد أ ن تَُحّرفها ،لتَُجّرَده من قِيَِمه الثقافيِة اليديولوجية الوصلية. ع مريض ،ذي ضيان إلى مجتم ٍ أما هاتان الثقافتان الماديُة واليديولوجية اللتان َتقتُات عليهما القلية ،فُتف ِ ق في بحِر المادة ،ومبتوٍر تماما عن اليديولوجيا البيئوي وجَهين ،غار ٍ
ت التي َأسَميناها "القضايا الجتماعية" سوى ثمرُة هذا التطوِر الدياليكتيكي .ولهذا ِ والحرة .وما الحال ُ ب بالذات َينقطع المجتمُع المديني عن البيئة .أي أّ ن هذا النقطاَع أنطولوجّي )وجودي( ،وليس نوعيا ً أو ما السب ِ يت ةعلق بالماهية كما ُي ةعتََقد .بم ةعنى آخر ،فََكينونةُ المجتمِع المديني تقتضي بالضرورة انقطاَعه عن البيئة .فالبيئةُ ق ق تكاُمِل الطبي ةعِة والمجتمع ،أو بت ةعبيٍر علمّي للغاية وف َ واليكولوجيا – سواء تناولناها بمنظوِرها القديِم وف َ اتحاِد الطبي ةعِة والمجتمع – تقتضي مجتم ةعا ً يَتََحتُّم فيه تََخ ّ طي الم ةعاييِر الوليِة الُمَكّونِة للحضارة المدينية ،أي طبقاِتها ومدِنها ودولِتها .أنا ل أتحدث عن عمٍل ف ّ ض حصوُل التوازِ ن والتناغِم فيما ظ للزالة أو الفناء ،بل ُيفتََر ُ س هذا المجتمُع التوازَ ن والتناغَم فيما بين بين الثقافَتين الماديِة واليديولوجيِة لبناِء مجتمٍع جديد .ف ةعندما َي ةعِك ُ الثقافَتين الماديِة واليديولوجية ضمَن وصفوِفه – وبالتالي التحاَمهما مع الطبي ةعة – على شكِل طبي ةعٍة متحررة ب على الخلِل )أي ،الطبي ةعِة الثالثة ،حسَب ت ةعبيِر موراي بوكين(؛ فهذا ما يَُمّهد الطري َ سه للتغل ِ ت نف ِ ق في الوق ِ ض القائِم بين الطبي ةعِة والمجتمع ضمَن المجتمِع المديني. واللتوازِ ن في التناق ِ ت الوصطلحيِة ال ةعامة ،سنجد في وإذا ما قَّيمنا مرحلَة النشاِء الولى للمجتمِع المديني على ضوِء هذه الرشادا ِ ت ت المصريةُ ال ةعملقة ،وزقورا ُ جميِ ةعها – على وجِه التقريب – َمشَهَد ثقافٍة ماديٍة عملقة ،ليس إل .فالهراما ُ السومريين ،والمدينةُ الصينيةُ تحَت الرض ،وم ةعابُد الهنديين ،والمدُ ن والم ةعابُد المماثلة في أمريكا اللتينية؛ ضّمُنه ،أي الثقافةُ كّل ذلك َيب ُ سطُ أماَمنا وجوَد الثقافِة الماديِة دو ن أدنى غموض .أما الم ةعنى التي تَتَ َ َ شه. اليديولوجية ،فيَتََج ّ ث الُمَحّنطة ،هياكِل اللهة ،ومسيرِة الَمِلك في الحياِة الخرة أيضا ً بِِرفقِة جيو ِ سُد في الجث ِ
ح أي أّ ن الم ةعنى قد تََجّمَد ،أو ُحّر َ ف على نحٍو مذهل ،وُتكتَ َ ع بالتشديِد على مصطل ِ سب الم ةعاني في هذه الوضا ِ َ ح جليا ً أّ ن الم ةعنى الحقيقّي َيكُمُن في التّغّيِر والتحوِل الـ"أنا" الكائِن في نفسيِة النسا ن أيضًا .ولكنِ ،من الواض ِ القائِم في المجتم ةعية .حيث ُندِرك يقيناً استحالةَ أْ ن يخطَر بباِل المرءِ مثُل هذه البنى لول وجوِد المجتمِع أو حصوِل تََغّيِره .وتأليهُ الَملِِك أيضا ً موضوُع ذهنيٍة وصرفة ،إل أنها ذهنيةٌ ُمَحّرفةٌ ومشّوهةٌ ومدّمرةٌ للذهنيِة ب الذهنيِة الجتماعيِة شئه .وهي ذهنيةٌ بََرَزت للوسِط على حسا ِ اليديولوجيِة الساسية التي ُتوِجد المجتمَع وُتن ِ ُ ضتها وحارَبتها الدياُ ن التوحيدية الساسية بِِحقٍد الحقيقية ،فَكلّ َ ف ثمُنها دماَر الثقافِة اليديولوجية ،ولذلك ناه َ ت كبير ،واعتَبََرتها علةَ وجودها .أما هذا المجتمُع المتموقُع في المدينة ،والمن ّ ظُم شؤوَنه كدولٍة ق ومق ٍ عمي ٍ َ ُ ج عن الخرو ة، السيئ الميتافيزيقيا المنحرفة، ة الذهني في ة المتمثل ة المادي ة الثقاف من مه زخ ر س ف ن ف طبقية، ُّ ِ ِ ِ ِ ِ َ ِ َ ّ سُر و ف ت وال ة بالطبي ةع م والتحك الطبي ةعة، ضه ذاَته وكأنه ابتكاٌر خارَج حدوِد الطبي ةعة وفوَقها كليًا؛ نُفَ ّ .ق عليها ،وعر ِ ِ ّ ِ ِ ُ َ ضها للتحريف والتشويه. ر ةع ت و الثانية، ة المرتب إلى اليديولوجية ة الثقاف ط سقو أنه على ذلك كّله َّ ُ ِ ِ ٌ ً لذا ،من غيِر الوارد القوُل بمروِر هذه المرحلِة خاوية من ردوِد الف ةعل ،وُمتَرَعة بالحماس ،أو الزعُم باستقباِلها بحفاوٍة خاليٍة من اللِم وكم ةعجزٍة خارقة .وما السرُد الميثولوجّي سوى ت ةعبيٌر خفّي للحقيقة .فسواًء الميثولوجيا ص المقاومة .أما تفسيُر المقاومِة الولى على أنها أو الوثائ ُ ق الدينيةُ المقدسة ،ليست سوى ضر ٌ ب من أقاوصي ِ ضُح بجلء انتفاضةُ الثقافِة اليديولوجية ،فسيكو ن تحديداً قَّيمًا .فالمقاَومةُ ذا ُ ت أب ةعاٍد مت ةعددة .فََقبَل كّل شيء تَتّ ِ سها في البيت وإْتباِعها للرجل .أما إحاطةُ المدِ ن بالسواِر في رسوِم إينانا تلك المقاومةُ ال ةعظمى للمرأِة إزاَء َحب ِ ت اليديولوجية .وإذا ما تََمّ ةعّنا بَُ ةعيَد إنشاِئها على الفور ،فَيرُمُز تماماً إلى تمرٍد وانتفاضٍة كاملٍة لثقافِة الثنيا ِ وُغصَنا في أغواِر مفهوِم اللِه الخالق والنساِ ن ال ةعبد ،فسوف نلحظُ الصراَع الطبقّي ال ةعظيَم الُمخاض. غ من محتواه .وفي الحقيقة، ق قد ُو ِ فاوصطناُع وابتداُع اللِه الخال ِ ضَع َمَحّل مفهوِم الطبي ةعِة – اللِه الوصلّي الُمفَّر ِ ف ةعندما تَُقوُم الطبقةُ الداريةُ الحاكمة – التي ل علقةَ لها بالَخلق ،بل ومنقط ةعةٌ عنه كلياً – بالعل ن عن ذاِتها ف أعضاِء المجتمع – ف أيديولوجّي كامل؛ فهي بالمقابل تَُقوُم بَِووص ِ كآلهٍة ُمقَّن ةعٍة ُمبِدعٍة بحق ،عبَر تحري ٍ ت النفيسِة والُمبدعِة عن حق – بأنهم ُخِلقوا من ُبراِزها وُقذاراتها؛ لُِتشيَر بِلَُغٍة ت واللوهيا ِ ب القدسيا ِ أوصحا ِ ضروس. ع طبقّي محتدٍم َ ع وصرا ٍ ميثولوجيٍة إلى اندل ِ ستُّر السقو ُ ط المتهاوي للثقافِة اليديولوجية في تلك السرود .حيث بِِوسِ ةعنا قراءة السروِد الميثولوجيِة لولى يَتَ َ ُ َ ق لدى الله ،وتقييمها كشكٍل ص تلك التي تَن ّ ت الحضارة المدينية ،وبالخ ّ ص على مهارا ِ إنشاءا ِ ت الخل ِ ع والنضاِل الطبقّي الجاري .وبالوصل ،ما ِمن لغٍة أخرى للسرِد والت ةعبير في تلك المرحلة. للصرا ي أيديولوج ّ ِ ت س بين المدائن ،وتدميُرها وحرُقها قد َ فالتناف ُ شِهَد كفاحاً اجتماعياً ضاريًا .كما أّ ن السروَد الَملَحميَة ،وترتيبا ِ شوُبه شّك تلك الُهّوةَ الطبقيةَ الحاوصلة، س بما ل يَ ُ مجمِع اللهة ،وعماَر المدائن ،وأبنيةَ المقابر؛ جميُ ةعها َت ةعِك ُ سّجُل مدى ص فرعو ن ونمرود ليست سوى وثائ ُ والمسافةَ الفسيحةَ المفتوحةَ إزاَء المجتمِع الريفي .وقص ُ ق تُ َ ُ ق ضُن التراتيُل ال ةعشائرية بين طياتها آثاَر المصاع ِ ت والشروخ في المجتمع .بينما َتحتَ ِ غوِر التصدعا ِ ب والضوائ ِ ت المدنية. هجما واليأس تجاه ِ ت المتماسكة التي تََمّكَنت من إيصاِل وصوِتها من مرحلِة النشاِء الولى تأتي تقاليُد النبياء في وصدارِة المقاوما ِ َ َ سرِد قصِة آدم وحواء ،أي أوِل إنساَنين على وجِه ب ئ د ت تب التي صهم للمجتمع المديني إلى هذه اليام .فأقاوصي ُ ُ ِ ِ َ َ ت الثقافِة اليديولوجية .فإذا قّيمنا آدَم وحواَء على البسيطة ،إنما َتشتَِمُل في أحضاِ ن جميِع مزاياها على بَ َ صما ِ ب ذهنيِة الحضارة المدينية المتألهِة تجاه المجتمِع النيوليتي ،سنجد أنها تَُمّدنا ِبأولى منواٍل سليٍم وف َ ق استي ةعا ِ ت آدِم مع الرب ،وعلقِته ع بين السيِد وال ةعبد .حيث ِبوسِ ةعنا تفسيُر محادثا ِ رؤو ِ س الخيِط الذي يَُؤدينا إلى الصرا ِ مع حواء على أنها مؤشٌر للتمييِز بين السيِد وال ةعبد ،بقدِر ما َترمُز إلى سقوِط المرأِة الم إلى المنزلِة الثانية .أما خروُج نوح ،فكأنه ُيوحي لنا بإنقاِذه المجتمَع النيوليتي من قبضِة السيِد الجباِر الطاغي ،فَيحِمُله على متِن السفينة إلى منطقٍة جبليٍة َيستحيُل ووصوُل المدنية إليها ،لُي ةعيَد إنشاَءه من جديد .فالقصةُ بالوصل َتشَرُح المجتمَع ت السومري ،وكذلك المجتمَع النيوليتّي المقاِوَم تجاَهه ،والساعَي للحفاِظ على وجوِده ملتئمًا .إّ ن إرجاَع بدايا ِ تقاليِد هَذين النبّيين إلى مرحلِة إنشاِء المجتمِع المديني ُيظِهر لنا وجوَد المقاومِة منذ المراحِل الولى لدرجِة أنها ت ال ةعليا ،فكذا يَُكوُ ن تاريُخ م ةعّمرةٌ ومستمرةٌ ِبقدِر المدنية على القل .وكيفما يَُمثُّل تاريُخ السللت تاريَخ الطبقا ِ خ البطال .فجميُ ةعها تتقاطُع في نقطٍة مشتركة ،أل خ الثقافا ِ ت وال ةعشائِر المقاِومة وتاري ِ النبوِة ممثلً بالغلب لتاري ِ ضةُ الوثنية. وهي مناَه َ من الضروري التمييز بين وثنيِة المجتمع المديني وبين الطوطِم وما شابَهه من رموِز القبائل .فاللهةُ الُمَجّم ةعةُ خ من رسوِم ووصوِر ُحّكاِم المرحلِة وأسياِدها .وجميُ ةعها بالوصل مرسومةٌ في مجمِع المجتمِع المديني َأشبَهُ بِنُ َ س ٍ على هيئِة إنسا ن ،بل والنكى أنها تَُمثُّل الُحّكاَم تمامًا .وهنا بالذات يَُكوُ ن هجوُم النبياِء على هذه التماثيل ُم ةعاِدلً ضةَ الدولتية .إنها م ةعاَرضةٌ ومقاَومةٌ تجاه شتى ف الحكام .فمناَهضةُ الوثنية ت ةعني مناَه َ في جوهِره لستهدا ِ ُ ّ َ ت السياسية، كيا ل م وال ن الرهبا بين فيما ة القائم ت النزاعا أما المتمأسس. ع للمجتم ة ثل م م ال ز ُ َ ِ ِ ت والرمو ِ ُ َ ِ المصطلحا ِ ِ ِ َ ب فماهياُتها مختلفة .فالرهباُ ن يطالبو ن الملوَك بنصيِبهم وحصِتهم من المجتمِع الذي أنشؤوه .وهكذا َينش ُ ت ال ةعليا .إنه وصراٌع داخَل أروقِة الدولة .وبما أنهم ُمبِدعو الثقافِة اليديولوجية، الصراُع فيما بين الطبقا ِ
ب في أساسه يَُمثُّل رجَل الدين في الدولة ،ول فُيؤّثرو ن بالتالي على النبياء ،ولو بشكٍل غيِر مباشر .والراه ُ ً ج عن ص علقةً م ةعاكسة ،حيث َتنِط ُ ُي ةعنى كثيراً بالمجتمع المدني .في حين أّ ن النبوةَ تَقُ ّ ق باسِم المجتمِع الخار ِ حدوِد الدولة. ع ب الخا ّ يَتََج ّ سُد الجان ُ ص للتقاليِد المبتدئة بالنبّي إبراهيم ،والمتمأسسِة مع النبّي موسى في الجرأِة على النقطا ِ ف هنا الكلّي عن المجتمَ ةعين المصري والسومري ،وإبداِء الرادِة الروصينِة في بناِء مجتمَ ةعيهما هما .إننا نَتََ ةعّر ُ على ثورٍة ثقافيٍة أيديولوجيٍة بكّل م ةعنى الكلمة .أما نمروُد وفرعو ن ،فهما رمزا المجتمَ ةعين السومري والمصري ب الُحّكاِم فيهما ،ويَتِّسما ن بمزايا متمأسسِة متأوصلة ،ويَُ ةعّبرا ن عن السيادة المطلقة. ودولَتيهما ،ويدل ن على لَقَ ِ ق ثقافِتهما اليديولوجية، طري عن ة السياد بهذه فهما اعترا م عد عن وموسى إبراهيم صّرُح كّل من وبالتالي ،يُ َ ِ ِ ِ ِ ُ سُم ش ةعاُر اليوم أي مقاوماِتهما الذهنية .وهذه المقاومة تََمّرٌد ذو قيمٍة نفيسة بالنسبة لتلك المرحلة .فكيفما يَتّ ِ "ثمةَ عوالُم أخرى" بأهميٍة كبرى ،فكذا ُي ةعِلنا ن هما في تلك الزما ن أنه ثمةَ عوالُم خارَج السيادِة الرسميِة ب بَِمِ ةعّية جماعاِتهما وأتباِعهما .إنها – قبَل كّل شيء – للفراعنة والنماردة .ويناضل ن في سبيِل ذلك بِِهّمٍة ودأ ٍ ب هذه القصِة في َمّد إسرائيِل الراهنة بالقوة ،أو في تََغّذيها على تلك حركا ُ ت المل .ول ُيمِكُن استصغاُر نصي ِ ُ ص على ص واليوتوبيات التي تشتمُل عليها التقاليُد البراهيمية تَن ّ الثقافِة اليديولوجيِة بأقّل تقدير .فجميُع القص ِ سّدت المدنيةُ السبَل أمامها ،وَتسُرُد حسراِتها وأشواَقها .لقد تَأ َثَّرت تلك القبائُل أنماِط حياِة القبائل ونُظُِمها التي َ ضها الضمني لهما .ذلك أنها لم تَُك تَتَطَلعّ بِِكلتا المدنيَتين ،ولكن ،من الضروري القيام بالتفسيِر السليِم لكيفيِة رف ِ ت الدائمِة إلى تشييِد حضارٍة على غرارهما .لذا ،تَتََميُّز مكانةُ هذه الحقيقِة الواق ةعِة بأهميٍة قصوى في الشتباكا ِ ت في هذه الوجهِة مستمرةً في راهننا أيضا ً – وبكل الناشبِة بين ملوِك إسرائيل ورهباِنهم .ول تزاُل النزاعا ُ ِحّدتها – بين دولِة إسرائيل ومجتمِ ةعها .كما أنها الشاهُد التاريخّي على الحثيين ،الميتانيين ،الشوريين، ب هذه الحضارات موجودةً في ذاكرتها. الميديين – البرسيين ،وأخيراً الغريق – الروما ن .ول َتزاُل رواس ُ َ ت ق الثقافِة المادية .حيث تُقَّدُم ال ةعلقا ُ يُ َ صّور التاريُخ سنوا ِ ت ما بين . 1200 – 1600ق.م على أنها عصُر تَأّل ِ فيما بين الحثيين والمصريين والميتانيين أولى المثلِة الحيويِة على الدبلوماسيِة الدولية .في حين أّ ن ال ةعبرانيين وصدونهم ويَتََ ةعّلمو ن منهم .أما التفكيُر بإبراهيم ب إليهم في هذه المرحلة ،حيث َي ةعِرفو ن كيف َير ُ هم القوُم القر ُ وموسى بشكٍل منفصٍل عن هذا التواوصِل المتبادِل في تلك المرحلة ،فسَيتُرُك فهَمنا إياهما ناقصًا .ذلك أّ ن الجواَب الذي ُي ةع ُ ب الثقافِة اليديولوجية. طونه هو جوا ُ كما يَُ ةعّد كّل من عيسى ومحمد إوصلحّيين عظيَمين في هذه التقاليد .سَن ةعَمُل على سرِد مكانِتهما في تصاعِد الثقافِة اليديولوجية فيما ب ةعد. ُت ةعتََبر بابُل وآشور حلقَتين هامَتين في تصاعِد وُرقِّي الثقافِة المادية .فالمدُ ن المت ةعاظمة ،والتجارةُ المتنامية َتق َ س زمانها ،في حين كا ن الشوريو ن الُمَمّثلين ت شاس ةعةً في عهِد هاَتين الَملَِكيَّتين .بابل كانت باري َ ط ةعا ن مسافا ٍ ب التجسيِد المثُل لتقاليِد حكِم الجبابرةَ للملوِك الّتّجاِر في البداية ،ولنشاِء المبراطوريِة فيما ب ةعد .وهم أوصحا ُ .ق الوسط .تلك التقاليُد التي تَُؤدي دوَرها في البقاِء على الثقافِة اليديولوجية في المجتمِع الماد ّ ي في الشر ِ المنزلِة الثانية من جهة ،وتحريِفها من جهة أخرى .وبالنسبِة إلى الثقافِة الزرادشتيِة التي َترتَِكز إليها التقاليُد الميدية – البرسية ،فقد َجِهَدت وكافَحت ببسالٍة لعادِة الثقافِة اليديولوجية إلى مكانِتها الرفي ةعة .إّ ن ثالوَث .ق الفاضلِة الذين عاشوا في أزمنٍة متقاربٍة للغاية ،وَيرمُز زرادشت وبوذا وسقراط يَُمثُّل فلسفةَ الخل ِ .ق الثقافِة اليديولوجية إزاَء الثقافِة المادية في شخصياِتها. سَدت تَفَّو َ ت الحكيمِة ال ةعظيمة والفذِة التي َج ّ للشخصيا ِ ُ ّ سطوا لل ةعيا ن سته .لقد بَ َ إنهم الموِقظو ن الِ ةعظاُم لضميِر البشريِة ،والمنادو ن به ب ةعدما َحطت المدنية من شأِنه وَدَه َ ق ل ةعالَِم الثقافِة المادية الناضجِة في زمانهم ،وَأثَبتوا أنهم .ق الساح ِ إمكانيةَ وجوِد عوالَم أخرى تجاهَ التفو ِ سدوها في شخصياِتهم بأعظِم الشكال. نَّزاُعو ن وَمّياُلو ن لتلك ال ةعوالِِم الخرى ،وَج ّ ت التي ل َعّد لها ول حصر ،ليست ت المحيطِة في الطراف ،وعلى رأِسها السكيت ،والمقاوما ِ ت الثقافا ِ إّ ن هجما ِ سوى براهيٌن متواوصلةٌ على استحالِة إفناِء الثقافِة اليديولوجية بهذه السهولة .فممثلو ال ةعموريين من الثقافة السامّية ،والهوريين من الثقافة الرية ،والسكيت من ثقافِة القوقاز الشمالية إزاَء المدنيةُ ،يظِهرو ن لنا أّ ن ت الحضارة المدينية بأقّل تقدير .وما يَُمثُّله القوط بالنسبة إلى ت المقاومِة كانت عتيدةً متواوصلةً بقدِر حلقا ِ حلقا ِ ت حضارِة روما ،كذا هو شأ ُ ن ال ةعموريين – ال ةعرب ،والهوريين – الميديين ،والسكيت بالنسبة إلى المبراطوريا ِ ت .ق أوسطية .هذا وَلم تتناقص النطلقا ُ ت الدينيةُ ال ةعديدةُ المشابهةُ للمسيحيِة بتاتاً ضمن المقاَوما ِ الشر ِ .ق أوسطية. الجتماعيِة الشر ِ َ خ الحضارة .وبالمكاِ ن تاري ر مسا في الوسطى ج النضو ة مرحل الروماني – ي الغريق المديني ج -يَُمثُّل المجتمُع ِ ّ ِ ِ َ ً ت الحضارة المدينية الكامنة، ت الكثَر تألقا من طاقا ِ تسميته بحضارِة ال ةعصوِر الكلسيكية .لقد طّوروا الف ةعاليا ِ وَخَلقوا أزهى عصوِر الثقافِة المادية نَ َ ظراً ل ةعهِدِهم .كما يَُمّثلو ن الكلمةَ الفصَل لزماِنهم ،باعتباِرهم بََلغوا ً ت المادية السابقِة لهم .ول يزال يَُ ةعّز على المرِء الزعم الثقافا ع لجمي ا نجاح بحضارِتهم التركيبةَ الجديدةَ الكثَر ِ ِ ُ ُ ُ غ ثقافٍة ماديٍة بهيٍة جديدٍة يمكن مقارنُتها بروما .أما المدنية الصناعية الرأسمالية الُمبَرزةُ على أنها ثورة، ببلو ِ فهي ليست بحضارة ،بل هي داُء الحضارة.
أما عصُر أثينا ،فيَُحّدُد نقطةَ النهايِة لثقافِة ال ةعصوِر الولى اليديولوجية .وما الفلسفةُ في أحِد جوانبها سوى ت آلهِتها ،أي الخاسرِة لِقِيَِمها الثقافيِة محصلةٌ لهذه الحقيقة ،فكأنها مقبرةُ اللهِة المفتقدِة لحيويِة مجم ةعا ِ اليديولوجية .ومن المفهوِم دوافُع مواجهِة وضٍع كهذا عندما يَُكو ن في الذروة ،مثلما هي الحاُل في كّل المور. ذلك أّ ن السقو َ ط نهايةُ كّل ذروة. من المؤكِد أّ ن ال ةعبوديةَ نظاُم ثقافٍة ماديٍة وصرفة .والح ّ ط من شأِ ن البشريِة ِمن أولى مزايا هذا النظام ،حيث ُ ُ ُ ي كائٍن حّي آخر .هذا وتَ ةعّد الرضية المساِعدة لنهياِر َيستحيُل ملحظة مثِل هذا السقوِط الغائِر في دنيا أ ّ وتدهوِر الضميِر لهذه الدرجِة على وصلٍة وثيقٍة بَِ ةع َ سنا ظَمِة الثقافِة المادية وجاذبيِتها .ول نفتأ ُ غير متمالكين أنف َ ّ ج القش ةعريرِة بد َ ب ال ةعملقِة والثاِر الفخمة ص ن ال تلك َ ء إزا آخر ب جان من ننا ُ ِ ٍ من الذهوِل من جانب ،ومن اختل ِ لهذه الثقافة .ل يمكن لتأليِه النسا ن إل أْ ن َيبلَُغ هذا القدر .لكّن تأليهَ النساِ ن يَتََحّوُل إلى كوارَث مفج ةعٍة عندما ح بهذا َيسَتهِد ُ ف البشَر ذاَتهم .فما يَتَبَّقى لجِل اللهِة حينذاك هم عبيٌد ،ليس إل .لذاَ ،لم َيبُرْز أ ّ ي تناق ٍ ض أو كفا ٍ ي نضاٍل اجتماعّي على الطل.ق .ولهذا .ق أو تَ َ ق اجتماعي ،وبالتالي في أ ّ القدِر من ال ةعلنيِة في أ ّ شّق ٍ ي انفل ٍ الغرض ،فسيَُكو ن من الناجع للغاية القياُم بالتحليِل السليِم لواق ةعِة "الغلمانية" )اللواطية( في الثقافِة اليونانية ب أفضل للسقوِط الحاوصل .فَرواب ُ طها مع عبوديِة المرأة وصاعقةٌ للنظر ،ليس لَِكوِ ن الكلسيكية ،في سبيِل استي ةعا ٍ ض الذات جنسياً وحسب ،بل ولنهما تتشاركا ن الظاهرةَ الجتماعيةَ عيَنها. ِكلَتيهما عبارة عن عر ِ ب للغاية ،والذي ُيخِرُجها ب أكثر ،فسَيلفِ ُ ت انتباَهنا جانُبها الساح ُ ق والغال ُ وإذا ما تََمّ ةعّنا في عبوديِة المرأِة عن كث ٍ ب من إنسانيِتها .فحب ُ سها في البيت ليس مجرَد أسٍر مكانّي ،بل وليس بسجٍن فحسب .بل إنه ُيفيُد بوضِع الغتصا ِ سها من الجذور .فَْليَتَ َ ق تقاليِد الخطبِة وإلبا ِ .ق قدَر ما شاءوا عن طري ِ سّتروا على هذه الحقيقِة الغائرِة في العما ِ ٌ ٌ سه. ئ َي ةعِر ُ ثياَب الُ ةعرس ،فممارسة عملية ليوٍم واحٍد فقط َت ةعني انتهاَء كرامِة النساِ ن من أجِل أ ّ ف نف َ ي امر ٍ ف والشدة الجمة، ال ةعن ل وسائ ف ِ ف السنين بهذه الدرجِة من المنهجيِة عبَر مختل ِ فسوُء م ةعاملِة المرأِة على َمّر آل ِ ِ ُ بل وحتى عبَر وسائِل الَح ّ ط والتدني اليديولوجي )بما فيها ألفاظ ال ةعشق( ،لِتَتََجّرَد من القِيَِم النتاجيِة والتربويِة ب أب ةعَد من الستسلِم بكثيٍر في نهايِة المآل .أما إضاعُتها هويَتها بالكامل، والداريِة والتحررية؛ إنما َيذَه ُ ً سُد في تََحّوِلها إلى حقيقٍة مغايرٍة كليًا ،أي إلى "زوجة" .فحتى أكثر الرجاِل سماجة وسذاجة ،بما فيهم فتَتََج ّ ح الجبالَ ،ين ُ ظرو ن إلى المرأِة بأنها مجرُد زوجة ،ل غير .أما أْ ن َتكوَ ن زوجة ،فَي ةعني نشوَء سفو على الراعي ِ ص إلى أب ةعِد ح ّ ف بها بل حدود )بما في ذلك َقتُلها متى أراد( .فهي ليست مجرَد ُمْلك ،بل هي ُمْلٌك خا ّ ق التصر ِ ف كيف َيسَت ةعِمله. َحد ،يَُخّول وصاحَبه لِيَُكوَ ن إمبراطوراً وصغيرًا .وَيكِفيه فقط أْ ن َي ةعِر َ ت الولية المتخفيِة ت الساسية الممهدِة للمدنية .أما َكوُنه أحَد المؤثرا ِ هذا هو الواقُع الذي كا ن أحَد المقوما ِ ت متينة .فالتجربةُ ف عندها ،فيَتََ ةعلّ ُ وراَء عدِم م ةعرفِة الثقافِة المادية ليِة حدوٍد أو ضوابٍط تَقِ ُ صل ٍ ق بهذا الواقِع بِ ِ ف المجتمِع برمته .وهذا بالذات التأثيُر الوخيُم الناجحةُ في تطبيِقها على المرأِة ُأريَد لها النتقاُل إلى وصفو ِ الثاني .حيث كا ن على المجتمع أْ ن َينش َ ح كيفيِة ط وَي ةعَمَل كالزوجة الخان ةعة تجاه أسياِده .سَنجَهُد لحقا ً لتوضي ِ وصَفت أرضيُتها في أولى مراحِل الحضارة ث المجتمِع في النظاِم الرأسمالي .ولكّن هذه ال ةعمليةَ قد ُر ِ إتماِم تأني ِ ُ ح في الثقافِة الغريقية – الرومانية ،حيث ل يمكن الحدي ُ ث فيها المدينية ،وأريَد تقديُمها كنموذ ٍ ج للمجتمِع الناج ِ ث المجتمع .فالمجتمُع الغريقي – الروماني قد اسَتشَ ةعَر ذلك جيداً واتَّخَذ إجراءاِته ث الرجِل وتأني ِ سوى عن تأني ِ ُ َ ث الرجِل غيِر بموجِبه ،فاشتهَر بال ةعبيِد الذين َو ْ ضُ ةعُهم أسوأ من وضِع الزوجة .لكّن الم ةعضلة كانت َتكُمُن في تأني ِ ال ةعبد .ل أتحد ُ ض الظواهِر ح الُقربى أو الشذوِذ الجنسي ،ول عن الَخَنث )ازدواج الجنس( .فب ةع ُ ث هنا عن ِ سفا ِ ُ ب تقييمها بشكٍل منفصٍل عن الواقِع الذي التي لها أب ةعاُدها النفسية ،بل ولها أسباُبها البيولوجية الحيوية ،يَِج ُ أتحد ُ ف ِخّل وصي ٍ ب َو ِ ث عنه .فالموضةُ الدارجةُ في المجتمِع اليوناني الكلسيكي كانت وجوَب وجوِد وصاح ٍ ُ َ سَب الشاّب التجارَب partnerلكّل رجٍل حّر شاب .وكا ن على ذاك الخليِل أْ ن يَكوَ ن الحبيَب إلى أْ ن َيكت ِ والم ةعارف .ومثلما تَ َ ث أّ ن المهّم ليس كثرةَ است ةعماِل ذاك الغلم، طّرق ُ ت سابقًا ،فحتى سقراط َيقوُل عن هذا الَحَد ِ ق انسجاِم الرو تلك ش ح والحالة .إذ ن ،فالذهنيةُ وصريحةٌ للغاية :باعتباِر أنه من المستحيل تحقي ُ بل المهّم هو عي ُ ِ شّكُل تهديداً المجتمِع ال ةعبودي مع مبدأِ الحريِة والكرامة ،كا ن ل مفر من محِو هذه المزايا من المجتمِع لنها تُ َ عليه .وف ةعلً كا ن ذلك وصحيحًا .فأينما َتواَجَدت حريةُ النساِ ن وكرامُته ل ُيمِكُن لل ةعبوديِة أْ ن تحيا .كاَ ن النظاُم قد َأدَرَك ذلك جيدًا ،وكا ن ُمرَغماً على تأديِة متطلباته. ل شّك في أّ ن الثقافةَ الغريقيَة – الرومانية لم تستطع إكماَل هذه الَمَهّمة .فالمسيحيةُ المتناميةُ داخليا ً عن ت التي ل َتهدأُ ول َتسُكُن خارجيًا؛ كانت سَتتُرُك ت وغارا ُ س الفلسفيِة الحرة ،وانتفاضا ُ ت الثنيا ِ ق المدار ِ طري ِ ً ت الدالّةُ على أّ ن الثقافَة أوضا م أما ه لوج ا وجه ع المجتم ع مختلفٍة كليًا .كما َلم تَُكن قليلةً أبداً تلك المؤشرا ُ َ ٍ َ ٍ الماديةَ ليست كّل شيء ،وأنها ليست قديرةً على كّل شيء .وما كا ن للمجتمِع أْ ن يَُؤنَّث دو ن الحاجة لِّلجوِء إلى "الغلمانيِة واللواطية" إل في الرأسمالية. ُ َ ّ ُ ً َ ت ل حدوَد لها؛ فكانت في ومخاضا ا آلم فتهم ل ك التي ة والجسور ة الباسل ت المسيحيين أما قوةُ القبائل ،ومقاوما ُ ٍ َ ض وضِع َحّد نهائّي لذاك المجتمِع الذي كا ن َي ةعني النفاذ والضمحلل .ول ُيمكن التغاضي سبيِل النسانية ،وبغر ِ ت الحاوصلة فيما ب ةعد .في حين المساوما ة بذري ةع ة النبيل فها وأهدا ت المقاوما لتلك اليديولوجية عن قيمِة الثقافِة ِ ِ ِ ِ ِ
ت – التي لم تَُك ذاَت شأٍ ن في عيِن الثقافِة ت الكبرى اللحقِة لتلك الحركا ِ أّ ن التفسيَر الوصّح هو النظُر إلى الحمل ِ ت المادية – على أنها َتصاُعُد ونُُمّو الثقافِة اليديولوجية .وكا ن سُي ةعاش مثاٌل مشابهٌ لذلك في ال ةعلقا ِ ت الطورانية .بم ةعنى آخر ،ليس ِبوسِ ةعنا إيضاُح السقوِط ت فيما بين الساسانيين – المسلمين والهجرا ِ والصراعا ِ َ ت ال ةعلميِة البسيطة والسطحيِة من قِبيِل القمِع ت عبر المصطلحا ِ المتهاوي والص ةعوِد المتنامي للمجتم ةعا ِ ت والحدا ُ ث أوسُع آفاقاً بكثير .من هنا ،فالدوافُع الكامنةُ وراَء عدِم انحلِل والستغلِل والست ةعمار .فالمجريا ُ ق الشامِل الضروري ق ال ةعم ِ الرأسمالية وال ةعجِز عن تحليِلها ،إنما هي على علقٍة وطيدٍة مع القصوِر في تحقي ِ ص الرأسمالية َأشبَهُ بقسِم الجباِل الجليديِة لذلك )بشأِ ن تحليِل المجتمع المديني( .فالتحليل ُ ت الموجودةُ بخصو ِ الطافي فو.ق الماء .فالكتلةُ الوصليةُ هي المجتمع المديني .وهي بَِدوِرها تقُع تحت الماء. د -إّ ن التساؤَل عن َكوِ ن المسيحيِة والسلِم حضارةً مدينية أم ِقيمةً )أخلقيًة( موضوُع جدال .فتسليطُ الضوِء على هذه القضية ،التي ل تزال ُتحافظُ على أهميِتها القصوى ،ليس بالمِر الَهّين كما ُي ةعتََقد .فاللهوتيو ن صّدُر قائمةَ الموِر والمؤمنو ن المسيحيو ن والمسلمو ن هم بالذات من ي ةعاني بالكثر من تَ َ ش الفكر .حيث يَتَ َ شّو ِ سوُد ال ةعجُز في تنويرها موضوُع أين وإلى متى يَُكونو ن حقا ً نظاماً من اليماِ ن وال ةعقيدِة والخل.ق ،وماهيةُ التي يَ ُ ي م ةعنى ي حضارٍة ُي ةعاِرضونها ،وبأ ّ علقاِتهم مع كّل من المجتمِع المديني والمجتمِع المطروِد المنبوذ ،وأ ّ شّكلو ن تلك الم ةعاَرضة. يُ َ ف المبراطوريَتين هذا ن النظاما ن ال ةعقائديا ن والخلقيا ن الهاما ن )تفسيري الخاص( المتشكل ن في ظرو ِ الساسانية والغريقيِة – الرومانية ،يَُ ةعّدا ن حملةً ثقافيةً أيديولوجيةً عظمى تجاهَ الثقافِة الماديِة المتضخمة للنظاِم ال ةعبودي ،وتجاه قِيَِمِه اليديولوجيِة المصابِة بالرعونِة والتفسخ البليغ .فلو كانا َي ةعِنيا ن إنشاَء مجتمٍع ت المدينيِة والطبقية أساسًا ،مثلما ُيلَحظ في جميِع النشاءات الكلسيكية .أجل، مدينّي جديد ،لتَّخذا من التكوينا ِ لقد كانا َيهدفا ن إلى المدِ ن والطبقات ،ولكنهما َف ةعل ذلك بمقصِد إيصاِلها إلى قِيَِمهم ال ةعقائديِة والخلقية ،ل لكي ب الطافحةُ فيهما لم تَتََمثّْل في الس ةعي إلى السلطة ،أي في إحكاِم يَُكونا كذاك المجتمِع المديني بذاِته .فالجوان ُ َ ّ َ َ صوُ ن ت ة جديد ة أيديولوجي ة ثقاف ذ نفو ط بس إلى ل ةعا ط ت – النقيض القبضِة على الثقافِة المادية ،بل – وعلى ٍ ُ ٍ ٍ ِ ِ ت الثقافِة المادية المت ةعاظمة ،والمفتقدِة م ةعانيها ،والمتخبطِة في الحدود البشريةَ وتحافظُ عليها تجاه كيانا ِ القصوى من الختلل. ت سُم بالنقصا ن ،وُيفضي إلى إدراكا ٍ بالتالي ،فإّ ن َن ةعَت عصَري المسيحية والسلِم بالنظاَمين المدنّيين إنما يَتّ ِ خاطئة. َ ب التشديد ب ةعنايٍة فائقة على كوِ ن سقوِط روما ليس بسقوِط مدنيٍة بسيطٍة أو عادية أّيما كانت ،حيث من الواج ِ َتهاَوت – أو بالوصّح ُأسقِ َ ف عام. طت – من خلِلها تقاليُد المجتمِع المديني الُم ةعّمِر ما ل َيقّل عن أرب ةعِة آل ِ ح الدوافِع الداخلية والخارجية للسقوط ،فسنكتفي ولَِكوننا لسنا م ةعنيين في موضوِعنا بالسها ِ ب في شر ِ ُ ت ومكانة قِيَِم المجتمِع المديني مع ذاك السقوِط عمومًا ،ومكانُتها فيه. وصل ُ بإيجازها .وما نس ةعى إليه أوصلً هو ِ ّ ُ ت المدينية الولى والكلسيكية ،فيما خل الصين الحضارا ع جمي ل ث م ت روما س ةعنا القول – وبكّل راحة – أّ ن َ يَ َ ِ َ ُ صر ذلك على مؤسساِتها ال ةعبوديِة فحسب ،بل تََ ةعّداه )وقد كانت بَلََغتها أيضا ً ِبدءاً من أعوام . 100ق.م( .ولم َيقتَ ِ ت المجتم ةعا ل تحلي ن أ وهو أل هام، ع موضو على ليشمَل جميَع ثقافاِتها الماديِة والم ةعنوية .هذا وعلّي التشديد ّ ِ َ ٍ ب ال ةعجِز عن تناوِل الحقيقِة على ع الوقائ ةعيِة من قمٍع واستغلٍل واست ةعماٍر يومي ،هو ِمن أهّم أسبا ِ وفق الوضا ِ ب الفكِر ت المدرسِة الوض ةعيِة َيكُمُن في هذا المضمار .وَيبدو أّ ن أخطَر جوان ِ .ق واسع .وأفدُح تحريفا ِ نطا ٍ ق الثقافّي المادي الوروبي مت ةعل ٌ ق بهذه النطلقِة الوض ةعية .لذا ،وِمن دو ن تناوِل المجتم ةعا ِ .ق ال ةعم ِ ت ضمن سيا ِ واليديولوجي ،وبجميِع تناقضاِتها ووصراعاتها ،وبكافِة توازناِتها وتنافراِتها؛ فمن المحاِل القيام بتفسيٍر قَّيم، ت تتطلُع إلى حياٍة أكثر حرية. وبالتالي ،من ال ةعسيِر إنشاُء براديغمائيا ٍ ق مع سقوِط روما هو سقوطُ ثقافِتها الماديِة المهيمنِة والبالغِة ق هذا المنظوِر الوصطلحي نجد أّ ن ما َترافَ َ ووف َ أب ةعاداً ب سقوِط الثقافِة اليديولوجية بِِرّمِتها ،والتي َلم تَُ ةعْد لها أيةُ أواوصر مع الحياِة الثمينة. جان إلى قصوى، ِ ُ ّ ف وبالوصل ،تَُمثُل مدينة روما من حيث إنشائها الم ةعمار ّ ي ذروةَ التقاليِد الم ةعماريِة السابقة لها على َمّر أرب ةعِة آل ِ ق الطاب ت حال وأبهى ر آخ روما ة آله ع مجم د ةع ي المنوال س ّ ُ َ َُ ِ ِ عام ،وعلى رأ ِ سها التقاليُد المصرية .وعلى نف ِ ِ َ ف عام .وتحديُد هذه النقاِط ليس بالمِر ت الرهبا ن السومريين ودواخِلها ،والُمنشأِة قبل أرب ةعِة آل ِ ال ةعلوي لزقورا ِ ت الماديةُ والم ةعنويةُ الُمَ ةعّمَرةُ ما ي هو الثقافا ُ ال ةعصيب ،على القل بالنسبة إلي .ومن هذه الزاوية نجد أّ ن المتهاو َ ت ل يَقُّل عن آرب ةعِة آلف عام .هذا وبمقدورنا بلوُغ تحليٍل مشابٍه إذا ما تََمّ ةعّننا في انهياراِتها وتََمّح ْ صنا هويا ِ ت الناشبةَ تَُكّوُ ن ُكلً متكام ً ت ال ةعموريِة ت والمقاوما ِ لِ ،بدءاً من ُأولى الهجما ِ الُمسِقطين لها .كما أّ ن الهجما ِ ُ ت القوطية ،والتي ل يَقّل عمُرها عن أرب ةعِة آلف عام .كما أّ ن والهورية ،ووصولً إلى آخِر الهجمات والمقاوما ِ ت وصَلت النبّي محمد لها تاريٌخ طويٌل ومت ةعاق ٌ ت الداخليةَ التي استََهّلها النبّي نوح إلى أْ ن َو َ ب كحلقا ِ المقاوما ِ السلسلِة المتواوصلة .هذا ول تَت ِّ سُم فقط بطوِل تاريِخها وآماِدها ،بل وتنفرُد بمكانٍة مف ةعمٍة بالم ةعاني النبيلة. ف سلسلِة جباِل طوروس – فََكوُنها مشتملةٌ على الراضي الممتدِة من الصحراِء ال ةعربيِة الكبرى إلى حوا ّ ت ت الوروبية؛ إنما تََرَك بصماِته الواضحةَ على التكوينا ِ .ق الغابا ِ زاغروس ،ومن باديِة آسيا الوسطى إلى أعما ِ
ضُع الَبناَ ن على الثقافيِة الماديِة والم ةعنويِة بالنسبِة إلى القبائِل النازحِة والمهاجرة .فقصةُ كّل نبّي لَِوحِده تَ َ س جماعِته وأتباِعه الملتفين حوَله في خضّم ال ةعراقيِل والمصاعب .بَْيَد أّ ن الثماِ ن الباهظِة التي َكلَّفته في تأسي ِ ع الوروبّي المركِز ل يََوّد حتى وضَع هذه المواضيِع حيَز النقاش والمداولة .ولذلك ،لن نكوَ ن على علَم الجتما ِ خطأٍ كثيراً إذا ما أسميناه بالبنيِة الم ةعرفيِة الوروبيِة المركز .لن يكوَ ن بمقدورنا ت ةعريف روما على نحٍو سليم، ف مصادِر الثقافِة المادية سَ ةعنا ت ةعري ُ خ الحضارة المدينية .وكذا ،لن يَ َ ما لم نطرح تفسيراً قَّيما ً لتاري ِ ُ َ خ حقيقي لروما. واليديولوجية الوروبية ،ما لم نقْم بإنشاِء تاري ٍ ت الظلِم والبلبلِة الشكالية .بالتالي ،فحواد ُ ث َي ةعتَِبر التاريُخ القرَنين السابَقين لسقوِط روما أيضاً بأنها سنوا ُ السقوِط ليست من شئوِ ن الزمنِة الوقائ ةعية السنوية. ح عيِنها بصدِد المبراطوريِة الساسانية ،توأِم أو شبيِه روما في الشر.ق .كما إنها القصةُ بالمكا ن طرح الشرو ِ الشرقيةُ لدولِة الرهبا ن السومريين .فال ةعنصُر الزرادشتي لوحِده في بنيِتها قد أبقى على طبائِ ةعها الخلقيِة ب عليه .ق محدود .لكن ،وكيفما َعِجَز بوذا عن إعاقِة إنشاِء المجتمِع المديني الذي َتغلُ ُ وطيدةً مني ةعة ،ولو بنطا ٍ ت الم ةعاني الدخيلِة بامتياز لدى الراجائيين ،ومثلما َلم يستِطع سقراط التَّغّلَب على الفساِد الثقافةُ الماديةُ ذا ُ ُ َ ت المادية المستفحل في الدعائِم الخلقيِة لثقافِة أثينا؛ فكذا لم َيقِدر زرادش ُ ت أيضاً على وصّد َتكابُِر وأبَّهِة الثقافا ِ ق المراحِل الخيرِة للمبراطوريِة الساسانية اليرانية مع حاِل روما. البرسيِة والساسانية .يُ َ صّرُح التاريُخ بتطاب ِ ضُع الَحّد الفاوصَل لها. فالهجما ُ ب في الداخِل كاَد يَ َ ت الطورانيةُ من الشماِل الشرقي ،وتماُزُج ال ةعقائِد والمذاه ِ ً ً ً ُ ُ ح لقا من مت ر ح راسخة، ة أيديولوجي ة ثقافي ة انطلق د ةع ت التي م(، 250 )أعوام المانوية ة الحرك على ِ ء وبالقضا ّ ُ َ ِ َِ ِ ُ َ َ َ ت جهاديٍة إسلميٍة حينذاك ،لكاَ ن الرهباُ ن النسطوريو ن على الفتوِة الياف ةعِة اللزِم لها .ولو لم تنَدِلع بض ةعة غزوا ٍ وشِك إتماِم َفتِحِهم وغزِوهم الثقافّي اليديولوجّي ليرا ن وعاوصمِتها ،تماما ً مثلما فََ ةعَل الرهباُ ن الكاثوليُك في الغرب )الذين َغَدوا أباطرةً باسِم الثقافِة الم ةعنوية ،طبقاً لما كانت عليه حاُل أباطرِة الثقافِة الماديِة في زمٍن ما(. ولكن الفتَح السلمي حاَل دو ن ذلك. َ َ َ ف وت ةعري ث بح على ت لنأ النحو، هذا على تين ال ةعظيم تين ال ةعبودي تين الحضار ف م ةعاني سقوِط ِ ِ ِ وب ةعَدما ُقمنا بت ةعري ِ سيِهما على أنهما البديُل ف انطلقِة المسيحيِة والسلم ،تلك الحركَتين الشهيرَتين اللَتين تَُ ةعّرفا ن نف َ ظرو ِ اليديولوجي. ح الهامشيِة الُمنَحلِّة أثناَء بناِئها لمجتمِ ةعها الرسميَ .لم تَُكن تلك لقد َأبَرَزت روما و َ سطاً فسيحاً من الشرائ ِ ت القواِم التقليدية ،وَلم تَُكن َتحِمُل في مضموِنها مزايا أثنيةً أّيما كانت .بل كانت ت هجرا ِ الشرائُح من مجموعا ِ ً ً ً ُ ت جديدةً هشًة ،دنيئة ،واطئة ،و"بروليتارية" على َحّد ت ةعبيِر الروما ن .لذا ،ل َتدخُل في ِعداِد مجموعا ٍ َ َ غ الكامل .لقد كانت نوعا ً ِمن ال ةعاطلين عن ال ةعمل الفرا من ر بح في ح ب تس و هيم ت لنها اليديولوجية، ت المجموعا ُ َ َ ِ ٍ ِ ِ ُ شّكل الرضيةَ ليِة أيديولوجيٍة تمد يَدها إليهم ،أياً كانت .وقد كا ن الوسطُ يغلي ويَُ ةعّج بأمثاِل ت بحيث ال ةعبودية، في َ ً ً هؤلِء في عهِد روما المبراطوري ،والذين َكّونوا طبقة اجتماعية للمرِة الولى في التاريخ .وشيئا ً فشيئا ً كانت سِنيين إِّبا ن ظهوِر عيسى. شّكُل الطرائ ُ تَتَ َ ق ال ةعقائديةُ الم ةعتمدةُ عليهم ،تماماً مثلما حاُل ال َ َ ّ ضه الوسط .لكّن هذا المَر ل ل َيبَرُح الجداُل دائراً فيما يَتََ ةعل ُ ق بالتساؤل :هل عيسى إنساٌ ن حقيقّي أم أنه رمٌز فَر َ شِهَدت روما نقلةً إلى الذروة متمثلةً في شخصيِة أغسطس ،أوِل أباطرتها، أهميةَ له بالنسبِة لموضوِعنا .وقد َ ت السابقِة لها، بالتزامِن مع أعواِم ولدِة عيسى ،سواًء كانت تلك الولدةُ نظريةً أم ملموسة .وحصيلةَ المقاوما ِ ح شرقي البحِر البيض المتوسط .وكا ن الوالي ال ةعاّم فُتَِحت أبوا ُ ب الَملَِكيِة اليهوديِة الصغيرة ،فكاَنت َأشبَهُ بفت ِ ٌ ً َ ي يَتََدبُّر شؤوَ ن إدارِتها ،بينما الطبقا ُ ت ال ةعليا متمرسة في نزوِعها إلى التواطؤ .ونظرا لِكوِ ن التواطِؤ اليهود ّ ت مذكورةً في ظاهرِة التواطِؤ اكتَ َ سَب تجارَب وخبرة ُمّدَخَرةً منذ أياِم النماردِة والفراعنة ،فكا ن لن َيلقى وص ةعوبا ٍ ٌ ً َ مع الروما ن أيضا .ومقابَل ذلك ،فقد تواَجَد لديهم على الدواِم نزوٌع راسخ إلى الحريِة منذ أياِم إبراهيم وموسى. س دائماً على أنها حسناٌء متأهبةٌ للتتويج. صّورو ن القد َ وكا ن عيسى استمراراً لهذه التقاليد .لقد كانوا يُ َ ف من شروِحهم أّ ن عيسى كا ن تَقَّدَم لِ َ ب تلك الحسناء ،بالم ةعنى اليديولوجّي بالطبع .وبالمقدوِر تفسيُر ش ّ طلَ ِ وَنستَ ِ ُ ٌ ب على أنها ناب ةعة من َمراٍم كهذا .ففي ُمستََهّل ِحراِكه َلم يَُكن ثمة أية حركٍة حركِته الخيرِة وانتهاؤها بالصل ِ تنظيميٍة ملتئمِة الشمِل متماسكة ،ول دليُل عمٍل أيديولوجّي ملموس .بل كا ن َيتبَُ ةعه حفنةٌ قليلةٌ ممن ُيشِبهونه في الحالَ ،ترب ُ سّمو ن بالحواريين ،الذين يَُ ةعّز على طهم روابطُ متراخيةٌ لب ةعِد الحدود .وهم ذاُتهم الّرّواُد الوائُل الُم َ ب ،فكاَ ن نظاَم ت أو الرسميات .أما الصل ُ ت أو الثنيا ِ المرِء القوُل باحتلِلهم مكانًة ملحوظة ،سواًء في الهرميا ِ ب شائٍع في المنطقة .وهو إيجاٌد رومانّي ُمَهّوٌل وُمفِزع ،تماماً كالفريسِة المتروكِة للسِد يَُمّزُقها إربا ً إرباً. عقا ٍ ب على الفور إلى دواخِل سوريا وأطراِفها خوفاً من ذاك ال ةعقاب. والكّل َي ةعلَُم أّ ن تلك المجموعةَ َتشرُع بالهرو ِ س فيما ب ةعد ،خوفا ً من وإبراهيُم أيضا ً كا ن قد تََحّرَك في التجاِه الم ةعاكس ،وصوَب المنطقِة التي َ شِهَدت بناَء القد ِ ظلِم نمرود .من الطبي ةعي بمكا ن حصوُل ال ةعديِد من وقائِع الص ةعوِد والهبوِط في هذه الزما ن .ولكّن مشروَع النجيِل الوِل لم يَُكن له أْ ن يَتَّكَوَ ن إل ب ةعَد قرٍ ن من الزمن .وعلى سبيِل المثال ،فإنجيُل ماركيو ن Marcion ع للنجيل. المفقوُد في هذه اليام هو أوُل مشرو ٍ وَيظَهُر أوائُل "القديسين" في القرَنين الثاني والثالث بالحذِو على ُخطى إمبراطوريِة روما ،لِيَُكوَ ن القرُ ن الرابُع
شِهَدت قرَ ن المسيحيِة على وجِه الكمال .وما أْ ن أعلََن المبراطوُر قسطنطين المسيحيةَ ديناً رسميا ً حتى َ ت المؤمنة .وَيبُرُز أوُل تمايٍز ف ت ةعداِد المجموعا ِ الوساطُ انفجاراً كالبركاِ ن في ت ةعاظُِم وجوِد "القديسين" وتضاُع ِ سوُد "عقيدةُ مذهبّي وقتذاك ،وَيدوُر الجدُل حوَل المسيحيِة الرسمية )مسيحيِة الدولة( .وكما هو م ةعلوم ،تَ ُ ب .ولَئِْن كاَ ن موضوُعنا ب والّم والبِن الّر ّ الثالوث" في المسيحية ،والتي ُيمِكُن تفسيرها على أنها تصويٌر لل ِ ش اللهوتي ،إل أنه من الم ةعلوِم ارتكاُز دعائِم هذه ال ةعقيدِة إلى الماضي السحيق .وكا ن غيَر م ةعنّي بالنقا ِ ُ َ ب الّرّب "أ ن" السومريو ن َأول مجتمٍع َحَمَل هذه ال ةعقيدة إلى الزقورات .حيث كانت الّم اللهة "إينانا ،وال ُ ض النظِر عن المقولِة الشائ ةعِة ث مذكوٍر في مجمِع اللهة .بالتالي ،من ال ةعسيِر َغ ّ والبُن الّرّب "أنكي" أوَل ثالو ٍ القائلِة بَِتأّثِر المسيحيِة من الوثنية ) .(Paganizmلكّن الغرَب في المر انحداُر عيسى ذاُته من التقاليِد ض التقاليُد البراهيميةُ مع الوثنيِة بِِحّدة ،في حين نَِجُد في التياِر الدينّي ال ةعبرانية ،أو اعتباُره كذلك .حيث تتناق ُ المقاِوم باسِم عيسى وكأ ن التقليَدين في وفا.ق .والتفسيُر الوصّح هو هذا ،حسب رأيي. ت الكبرى، هذا الموضوُع الُم َ ش لل ةعقوِل قد َمّهَد الطري َ شّو ُ ت المذهبيِة الحادة ،والنشقاقا ِ ق فيما ب ةعد للمداول ِ ّ َ َ ت موضوُع اعتباِر عيسى ذا طبي ةعٍة إلهيٍّة أم بشرية .ولدى الصراعا تلك َ ء ورا فى خ ت ي و الضارية. ت َ ِ والصراعا ِ ّ تفسيِر هذا التمييز ،نلحظ أّ ن القائلين بكوِنه من الجوهِر اللهي غالبيُتهم من الُملتَفين حوَل المسيحية الرسمية. و"قسطنطين" بذاِته من الُم ةعتَِرفين بهذا التفسير ،أي القائلين بُِألوهيِة عيسى .والجميُع على علٍم بأّ ن ألوهيَة الدولِة هي اللوهيةُ الرسمية ،التي أرسى قواعَدها الرهباُ ن السومريو ن .وانقساُم الديا ن إلى شطَرين اجتماعّيين َيبدأُ لوِل مرٍة مع السومريين .في حين أّ ن ألوهيةَ النساِ ن من بقايا ثقافِة المجتمع النيوليتي ،أو أنها ف المقابل ،أي القائلو ن ب مشابهة .أما الطر ُ ضُن في ثناياها بقايا هامةً من تلك الثقافة .وِللَوثَنِيِّة أيضا ً جوان ُ َتحتَ ِ ت الخرى غيِر المتدولة ،أو هو النزوُع الديني .إنه تماماً بطبي ةعِة عيسى البشرية ،فهو تفسيُر المجموعا ِ ّ ب ال ةعلوي )ديِن المجتمِع خارج والمذه الدولة( ن )دي ي ن س ال ِ كالتمييِز في الديانِة السلمية فيما بين المذه ِ ِ ب ّ ّ الدولة(. ُ ُ َ َ َ سه شكُلها نف ن ال في وهو الدولة، ن دي إلى لها و ح ت أولهما؛ الرابع: ن القر في مين عظي لين و ح ت ة المسيحي َتشَهُد ِ ِ َ ّ َ ّ ِ ِ َ ُ ُ َ الذي اتَّخذته بَِكوِنها ِديَن المدنية .وبه أريَد النفاذ من الزمِة الم ةعنويِة الخانقِة للثقافِة المادية في روما ،أي أزمِة ت القديسين إضفاِء ال ّ صبغِة الشرعية .والتَّحّوُل الثاني هو تََجمُهُرها .حيث َخَرَجت من َكوِنها عقيدةُ مجموعا ِ ت الش ةعبية .والرمُن ،الشوريو ن ،الهيلينيو ن، الضيقة ،لَِتغُدَو الّديَن الرسمّي أو غيَر الرسمي لِ َ سَواِد المجموعا ِ واللتينيو ن ُهم أوُل الش ةعوب الم ةعتنقِة للمسيحية التي َتخطُُر على الباِل. سّماِة بال ةعصوِر الوسطى .أي :ثمةَ روما الوصليةُ المنهارةُ وهكذا َيبَدأُ ُولوُج "فترِة" الحقبِة الذائ ةعِة ال ّ ت الُم َ صي ِ في طرف ،وتَُحّل َمَحّلها روما قسطنطين الم ةعتمدةُ على الشرعيِة المسيحية ،وفي الطرف المقابِل ثمة الت ةعاظُم المتسارُع كالسيِل الجارف للديانِة اللمسيحية ،باعتباِرها حملةً ثقافيةً أيديولوجيةً عظمى .من هنا ،فالمدةُ سطُ لنا ضرورةَ هَذين ال ةعاِمَلين في عقيدِة "الثالوث" التي َتحَتويها المسيحية :الديُن ت َتب ُ الُم َ سّماةُ بَِ ةعصِر الظلما ِ اللهّي الرسمي ،وديُن اللهِة غيُر الرسمية .وَيستَِمّر النقساُم التاريخي في ال ةعصوِر الوسطى أيضًا ،ولكن، ت السابقةُ فيما ت فيما بين القسَمين بدمويٍة ُمَهّولة .وهكذا انَزلََقت الشتباكا ُ ُمتََحّوراً وُمتَّحوًل .وتَُمّر الشتباكا ُ بين الوثنيين لَِتغُدَو فيما بين عيسى اللهّي وعيسى البشري .وما هي بتفسيِرها الخيِر سوى امتداٌد لتقاليِد ف ح القديمِة فيما بين القوى الحضاريِة والقوى الطبقيِة والثنية ،ولكْن ،بأقن ةعٍة جديدٍة تتواءُم والظرو َ الكفا ِ المستجدة. ت الرواسي والتفسيُر الكثُر شفافيةً بشأِ ن النقساِم الحاوصِل في هذه الحملِة الثقافيِة اليديولوجية الجديدِة ذا ِ ب التاريخيِة الغائرِة هو :تََح ّ ضُر شريحٍة منها ،ووفاُقها مع الثقافِة المادية ،وبالتالي تََمّيُ ةعها وَبلدُتها؛ وتََهّر ُ َ سِط النفوِذ الثقافّي اليديولوجي. ث ولهفة وراَء بَ ْ الشريحِة الخرى من ذاك الوفا.ق ،واستمراُرها بِلَه ٍ أما المرحلةُ التي َأعقََبت سقو َ ف عام ،أي فيما بين سنوات 1500 – 500م، ط روما ،والمستمرةُ ُقرابةَ أل ِ .ق .ق فيما بين التياِر الساعي لتأميِن سيرورِة تَفَّو ِ ع والوفا ِ ع والصرا ِ فَتقييُمها بأنها مرحلةُ َمّد وَجزٍر في النزا ِ َ .ق الثقافِة اليديولوجية؛ إنما يَتََميُّز بالقدرِة على إعطاِء الثقافِة المادية ،وبين التياِر النابِذ للتَّخّلي عن تَفّو ِ ب الكثِر اقتداراً وكفاءةً للواقِع التاريخي .في حين أّ ن َت ةعابيَر "عصِر الظلمات" أو "ال ةعصِر القطاعي" قد الجوا ِ ً ً تَُكوُ ن أجوبة ِنسبية للواقع. والماهيةُ الساسيةُ لهذه العواِم اللف يَُحّدُدها سقوطُ الثقافِة المادية لروما .أما التساؤُل عما إذا كانت المسيحيُة ،أو الثقافةُ اليديولوجيةُ المغايرة ،قد َم َ ت المتولدةَ في عناوصِر الثقافِة الماديِة المنهارِة أَْم لت الفراغا ِ ت أكفأ وأمهر. ل؛ فالجوبةُ التي ستُقَّدُم قد تُِتيُح إمكانيةَ تقييما ٍ ُ ت إنشاِء المدِ ن الصغيرِة الجديدِة في ت البيزنطية في الشر.ق ،وحمل ُ أما عوامُل الثقافِة المادية ،فهي الحمل ُ ت تاري ع إرجا ننا بإمكا وبالف ةعل، الغرب ،أو بالحرى في عموِم أوروبا. ُ خ الثقافِة الماديِة في أوروبا إلى حركا ِ ِ ِ التمدِ ن فيها .فإذا اعتَبَْرنا جذوَر مدينٍة مثل باريس ،والتي يَُ ةعوُد أقدُمها إلى القرِ ن الرابِع الميلديِ ،بأنها مماثلةٌ لستيطاِ ن روما ،فلن يَُكوَ ن بِِوسِ ةعنا الحدي ُ ث حينها عن سيطرِة ثقافٍة ماديٍة مع ووصوِلنا أعواَم 1500م .إذ ن، وكما ل يمكننا مقارنةَ المدِ ن البارزِة للوسِط مع مدينِة روما؛ فهي ل تَتََخ ّ طى كثيراً ُبنى المدِ ن الناشئِة في
ش ّ طي بحِر إيجة أعواَم . 300 – 600ق.م .أما ميزوبوتاميا أعواَم . 2000 – 3000ق.م ،أو تلك الناشئِة على َ ف سلسلِة جباِل شّيدِة على حوا ّ ع الُم َ القصوُر المني ةعةُ الُمن َ شَأة ،فهي ب ةعيدةٌ عن َتجاُوِز تلك القصوِر والقل ِ طوروس – زاغروس أعواَم . 1500 – 2000ق.م .باختصار ،ومثلما َتفتَقُِر مدنيةُ أوروبا في مرحلِة – 500 1500للكفاءِة التي تَُخّولها لِتََخ ّ طي "عصِر الظلمات" ،فبُِمسَتطاِعنا القوُل أيضا ً أّ ن الثقافةَ الم ةعنويةَ الجديدة، ح المسيحية، أي السيادةَ الثقافيةَ اليديولوجيةَ للمسيحية ،هي الكثُر بروزاً وقَتذاك .أما أْ ن يَُكوَ ن التّفَّو ُ .ق ِلصال ِ خ الوروبي .من هنا ،فَتقييُم المؤرخين لهذه المرحلِة فل َ شّك في الهميِة القصوى لذلك بالنسبِة إلى التاري ِ َ ْ ق الثقافِة الم ةعنوية ،أي عبَر القِيَِم الم ةعنويِة وال ةعقائديِة المسيحية ،أكثُر وصوابا ً من طري عن أوروبا ح ت ف نها ُ بَِكو ِ ِ النظِر إليها على أنها َفتٌح على يِد الثقافِة المادية. سّمَرةً في مستوى الثقافِة الماديِة ال ةعائدِة ِلما َقبَل ألَفي عام؟ َلكّن القضيةَ الهامةَ أوصلً هي :لماذا بَقَِيت روما ُمتَ َ ع نََهِمه واحتياجاِته الثقافيِة بل والهّم من ذلك هو أّ ن نظاماً عقائديا ً م ةعنوياً قاوصراً لَِحّد ب ةعيٍد عن إشبا ِ َ َ ب الهامِة في ح أوروبا؟ أَحُد السبا ِ ح في فْت ِ اليديولوجيِة القائمِة كالنظاِم المسيحي ،لماذا أبدى قدرَته على النجا ِ َ ُ ف عاٍم هذه الحقيقَة الل خ تاري ت ب أث فقد وبالوصل، صُد ما َتزَرع. َ ذلك هو عذريةُ النيوليتيِة في أوروبا ،حيث َتح ُ َ ِ َ ب بِغزِوهم ت التراِك َكمسلمين وكوثنيين ،وتهديدا ُ ب الثاني خارجيًا :تهديدا ُ كفاية .في حين قد يَُكوُ ن السب ُ ت ال ةعر ِ َ ب ال ةعصوِر الوسطى بالمستطا ن سيكو رين المؤث ذين ه م تحا بال و وإسبانيا. ق وصقلية ُ ع استي ةعا ُ َ ِ ِ ِ من الجنوب عن طري ِ ِ َ لوروبا ،أي ُمّدِتها الطويلِة من "الظلمات" ،على نحٍو أفضل .لقد كانت بحاجٍة للمسيحية ،لّ ن الوثنية كانت ضَ ةعت الَبناَ ن منذ زمٍن ب ةعيٍد على نقصاِ ن وقصوِر الم ةعاني ال ةعقائديِة َتهاَوت مع روما .وكانت المسيحيةُ قد َو َ ُ ً َ َ َ سط المسيحية سيادتها ك ةعنصٍر ثقافّي والم ةعنويِة للوثنيِة الوروبية السابقِة لها .هكذا ،كانت الظرو ُ ف ملئمة لِتب ُ أيديولوجي ،في حين َ ظّلت ثقافُتها الماديةُ خامدةً خابيةً مقابَل ثقافِة روما المتألقة ،ول ُيمِكُن حتى مقارنتها ت الخارجِة من ال ةعصِر بالمجموعا الباهرة باريس ل أمثا ر ظهو ل يستحي كا ن أنه أي الشر.ق. بالثقافِة الماديِة في ُ ِ ِ ُ ّ النيوليتي .وحسَب رأيي ،فهذا ن المؤثرا ن في الّنقصا ن ،أي الُب ةعُد الشاسُع للمسيحيِة ِمن أْ ن تَُكوَ ن نظاما ً ُيشِبع ق ف عام؛ قد َمّهَد الطري َ الخواء القائَم للثقافِة اليديولوجية ،وتََحّجُر البنى المدينيِة في مستوى ما قبِل أل ِ س عشر". لـ"الحملِة الماديِة الكبرى لوروبا في القرِ ن الساد ِ ت ثمة وصل ٌ ت وثيقةٌ بين النقلِة الكبرى للثقافِة المادية وبين سيادِة المسيحيِة كثقافٍة أيديولوجية .وما النزاعا ُ ُ ُ ُ ب سوى تأكيٌد على وصحِة هذه الحقيقة .والرأسمالية الوروبية قد الكبرى المحتدمة بين الدياِ ن الكبرى والمذاه ِ ف المسيحيِة المفتقرِة َأحَرَزت نجاحا ً باهراً كحملٍة ثقافيٍة ماديٍة مذهلٍة في الستفادِة بمهارة من نقاِط ض ةع ِ لل ةعناوصِر اليديولوجية المني ةعة ،وفي بناِء عصٍر جديٍد ِبالتَّجّرِؤ على ما َلم َتجُرْؤ عليه أيةُ حضارٍة سابقٍة في ح إلى قوِة الحضارِة المدينية الرسمية ،ب ةعَد إيصاِل التّبَ ّ ضِع )اكتسا ِ ب قيمِة المقايضة( و"طرائقيِة" التجارِة والرب ِ ّ ّ َ َ ت للحفاِظ المجتم ةعا ت دعا ص ت و ت ققا ش ت في ة الموجود ت الثغرا من دين ومستفي الدوام، على رين ت َ َ س َ أْ ن كانا ُمتَ َ ِ َّ ِ ِ ِ ِ على وجوِدهما الَخفِّي .وهذا ما م ةعناه أّ ن روما استطاعت النتقاَل من المرحلِة الوسطى للثقافِة الماديِة إلى ق ِبالنّ َ سّمى بالحداثِة الرأسماليِة على أنه أزمةُ المدنية ،أَْم مرحلِتها الخيرة .أما فيما يَتََ ةعلّ ُ ظِر إلى هذا ال ةعصِر الُم َ ض في تناوِله وتقييِمه في الفصِل اللحق. شكُلها السرطاني ،أم آخُر أطواِر الشيخوخة؛ فسوف َنستَِفي ُ ضُره السريُع ،أو َتصاُرُعه مع اليهوديِة أما قصةُ السلم ،فهي موضوٌع أكثُر ت ةعقيداً وإشكالية .فسواًء تََح ّ ت المذهبيِة حتى العما.ق؛ كّلها أدلةٌ كافيةٌ والمسيحيِة منذ أولى أياِم ظهوِره ،أو تََخّب ُ ت وال ّ شقاقا ِ طه في التناقضا ِ للشارِة إلى ت ةعقيِد القضيِة وُعسرها. َ َ ومثلما تَطَّرقنا سابقًا ،بالمكاِ ن اعتبار القرنين السابقين لمحمد كأزمِة المراحِل الخيرِة للحضارِة المدينية ح ال ةعبودية .وكانت المسيحيةُ استََمّدت قُّوَتها من هذه الزمة ،ونََجَحت في أْ ن تَُكوَ ن أوَل تنظيٍم شامٍل للشرائ ِ الجتماعيِة الفقيرة .وبالف ةعل ،فقد اكتَ ّ ب الفقيرة، ب اهتماِم الش ةعو ِ ظت تلك القروُ ن بالديرة ،بل ونََجَحت في َجذ ِ لِتَُكوَ ن بالتالي قُّوةً بديلةً في الوساط .ولَئِْن كانت لها إشكالياُتها المختلفة ،إل أني مضطّر لتماِم هذا الفصِل بتناوِل قضايا المسيحيِة والسلِم سويًة ،نظراً لنحداِرهما من الوصوِل عيِنها ،للنظِر في مدى وجوِد بدائَل ح انطلقِة السلم. مغايرة ،وكذلك شر ِ س ال ةعديِد من ال ةعناوصر .أوُلها؛ كوُ ن السلِم الديَن الخيَر للتقاليِد تما ال م يستلز السلم إّ ن شرَح انطلقِة ُ ِ َ ق له بما ل البراهيمية ،وَيبني نف َ سه تأسيساً عليها .بالتاليَ ،تتنامى ركائُزه بانطلقٍة على طراِز إبراهيم الساب ِ يَقُّل عن ألَفي عام .ما َنسَتنبِ ُ طه من هنا أّ ن الصراَع ال ةعربّي – اليهودي وصراٌع بين مذهَبي ديٍن واحد ،ليس إل. سّمي الذهنيةَ السائدةَ في َمّكةَ التي َخَرَج منها بَِ ةعصِر الجاهلية ،مما ي ةعني أنه شكٌل من النتقاِد الصارِم ثانيها؛ يُ َ سه مع الرهباِ ن النسطوريينُ ،يمِكُن إقامة روابِطه مع المسيحية. ت نف ِ لوثنيِة مكة .ثالُثها؛ إّ ن تََحاُور محمد بذا ِ شّدة ِمن وصلِته مع التجارة ،كناشٍط لدى خديجة ،ومن ثَّم كزوج لها .خام ُ رابُ ةعها؛ يُ َ سها؛ يَتَأ َثُّر بِِحّدٍة و ِ صّرح عن ِ سها؛ َمّر ِبآخِر ف السنين ،والحيو ّ ي دائما ً في الوساِط ال ةعربية .ساد ُ الوسِط القبائلّي ال ةعائِد في دعائِمه إلى آل ِ عصوِر المبراطوريَتين البيزنطيِة والساسانيِة البهيِة الفخمة. ب ال ةعديِد من الثانويِة منها – ت كثيرةً بشأِ ن تأثيِر هذه ال ةعناوصِر الساسيِة – إلى جان ِ ع تدوين مجلدا ٍ وبالمستطا ِ َ َ َ ف الماديِة والتاريخيِة الوطيدة، الظرو ة ثمر م السل ن كو هو هنا إيضاحه د و ن ما ره. وظهو م السل ج ّ ُ ِ َ ِ ِ ِ في خرو ِ
ولم يَتَ َ طّور كـ"م ةعجزٍة في الصحراء" .وِبقدِر ما َترتَبِطُ قُّوُته بهذه الظروف ،فكذا نقاطُ ض ةعِفه أيضًا .وهو ليس ً َ َجمي ةعةً حضارية جديدة على غراِر الحضارِة السومرية الولى أو الرومانيِة الخيرة ،بل َيطفُح جانُبه كحركٍة صه عقائديٍة وأخلقية .فمحمد نف ُ سه ليس شخصيةً مجهولةً مثلما إبراهيُم وموسى وعيسى .والكثيُر من خصائ ِ ف البشريةَ ً ً ً ب قوما أو قبيلة أو طبقة م ةعينة ،بل َتسَتهِد ُ م ةعلومة .ورسالُته المتجسدةُ في "القرآ ن" ل ُتخاِط ُ ت جم ةعاء .ومصطلُح "ا" ،الذي َترجُح َكفُّته في القرآ ن ،هو في حقيقة المر الموضوُع الرئيسّي للنشاطا ِ سيَّد ال ةعاَلمين .فهذه الكلمةُ ت هذا الوصطلح ،وَي ةعتَبُِره "ر ّ ب" ،أي َ .ق تأثيرا ِ اللهوتية .ومحمد قابٌع في أعما ِ ُ ح المجيِد بهذا القدر ،إنما تَُوّحُد في محتواها على الوصطل ت ذا ا ة وكلم المقدس. ب ُ مذكورةٌ بكثرة في الكتا ِ ِ ت الحسنى التس ةعةُ والتس ةعو ن التي فالصفا الجتماعية. ة واللوهي ة الطبي ةع ة ألوهي بين الص ةعيِد السوسيولوجي ُ ِ ِ ِ َيشَمُلها ويتميز بها ،ليست سوى ت ةعبيٌر عن التأثيِر المشتَرِك للقوى الطبي ةعيِة والجتماعية .في حين أّ ن "الوامَر والشرائَع البدية" التي يَتَ َ طلُّع منسوبوه إلى فهِمها ،فَتَُحّفها هالةٌ من الغموض إلى أقصى الحدود .وبقدِر كوِ ن ت المنشأِ الجتماعي َمرَحلِيّةً وعابرة ،فكذا ل يَُ ةعّد كّل مظهٍر طبي ةعّي قانونًا .بَْيَد أّ ن الَقانونيةَ ف ذا ِ الووصا ِ ُ ُ َ ت" "النزعا عن ث الحدي ن ك يم إذ اليهودية. ة القبائلي د وقواع ط ضواب في ط الفرا ة محصل تها ذا ت والتشري ةعا ُ ُ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ب الشديِد في والميوِل التي طالما َيغلُ ُ ب طابُ ةعها في المجتمع .وسيؤدي هذا المفهوُم التشري ةعّي فيما ب ةعد إلى الت ةعص ِ ق التطوِر الجتماعي. المجتمع السلمي .ربما أفادت الشرائُع الصارمةُ في تجاوِز الفوضويِة القََبليِة وتحقي ِ ض ةعنا نصَب ال ةعيِن َتساُرَع التطوِر الجتماعي ،فسندرك تلقائيا ً مخاطَر مفهوِم المة هذا. لكن ،إذا ما َو َ خ إيماِ ن محمد بال يَُ ةعّين قُّوَته الميتافيزيقية .وعلى القل ،فاعتراُفه بقوٍة تَُفوُقه وَت ةعُلوه ،يج ةعله ل إّ ن مدى رسو ِ َ ّ ّ ً ّ ع الضاري الدائِر ُيصا ُ ب بَِمَر ِ ض التألِه الذي شاهدناه سائدا من أياِم سومر إلى عهِد روما .وإذا ما قاَرناه بالصرا ِ ف محمد أكثَر تقدمية .إل أّ ن عجَزه عن تََخ ّ شّكل طي الصرامِة الموسوية يُ َ حوَل ألوهيِة عيسى ،يَتَبَّدى لنا موق ُ ع ال ةعربّي السرائيلي. جانَبه السلبي ،الذي ُتدفَُع فاتورُته الباهظة في الصرا ِ ُ ب ب عليه الثقافة المادية ،أم َيرجُح فيه الجان ُ والتساؤُل فيما إذا كا ن المجتمُع الذي تَطَلَّع محمٌد إلى بناِئه تَْغلُ ُ ق النقاش .فحسب رأيي ،وبينما َيبُرُز ال ةعنصُر الخلقّي في المسيحية ،نَِجُد وجوَد اليديولوجي؛ إنما َيستَِح ّ َ ص ويتكاثُر الجدُل فيه ،إل إّ ن َت ةعاُدَل الثقافَتين ق بينهما في السلم .ولئِْن كا ن َيحتوي ال ةعديَد من النواق ِ توازٍ ن دقي ٍ شّكُل جانَبه المتين .وبطبي ةعِة الحال ،فالحدي ُ ي القائل "اعمْل الماديِة والم ةعنويِة في السلم – ربما – يُ َ ث النبو ّ ف عن هذه البنيِة المتكافئِة كفايًة .والكّل لخرتَِك وكأنك تمو ُ ش ُ ت غدًا ،واعمْل ليوِمك وكأنك ت ةعي ُ ش أبدًا" إنما َيك ِ ضه وَنبِذه للنظمِة الرومانيِة والبيزنطية والساسانيِة وحتى الفرعونيِة والنمروديِة الكلسيكية ،بل على علٍم بَِرف ِ َ َ َ وانتقاِده إياها بصرامة .وهو بجانِبه هذا ناقٌِد قديٌر للمدنية .إل أّ ن الشروط المادية ل ةعصِره ،وآفاقه اليديولوجية ل َتكِفيه للعلِ ن عن مفهوِمه في "المدينة" .وهو بذلك شبيهٌ بَِ ةعجِز اشتراكيي زماِننا عن تطويِر البديِل اللزم. ض المجتمِع المديني .وهو بجانِبه هذا لكّن مناداَته الحثيثةَ إلى التشب ِ ث بالخل.ق ُتشيُر ِلمدى إدراِكه الكلّي لمرا ِ ق أماَم ي ل َي ةعتَِر ُ إوصلحّي عتيد ،بل وثور ّ ف بالمجتمِع الذي ل تَ ُ سّنها لِ َ سوُده الخل.ق .والقواعُد التي َ سّد الطري ِ َ ضّي للمجتمِع الرأسمالي .وانطلقاً من هذه المزايا ر م ال ع الوض نحو ه التوج قت أعا س المال ،قد َ ِ ََ ِ الّربا في رأ ِ ً ف َكوِنه أكثَر تقدمية من المسيحية واليهودية .فُجنوُحه لَِنبِذ ال ةعبوديِة البنيويِة لدى محمد ،يمكننا مباشرةً استشفا ُ أمٌر م ةعروف .وهو رحيٌم عطوف ،وَمّياٌل للتحريِر لب ةعِد الحدود .ورغَم ُب ةعِد مواقِفه عن الحريِة والمساواِة فيما ق بالخلوصِة التي يمكننا اسِتنبا ُ طها من ص المرأة ،إل أنه َيستاُء ويَْمقُ ُ ت ال ةعبوديةَ الغائرةَ للمرأة .وفيما يَتََ ةعلّ ُ يَُخ ّ ف بالُملِكيِة وجوِد جواريه ومن زواِجه بال ةعديد من النساء ،فهي َتحِمُل في طواياها هاَتين النزعَتين .لقد كا ن َي ةعتَِر ُ ق أماَم ص ديمقراطّي اجتماعي تماماً – كا ن يس ةعى لِ َ .ق الطبقيِّة في المجتمع ،ولكنه – كشخ ٍ سّد الطري ِ والفوار ِ ق الفراِط في َجبِي الضرائب والتاوات. طري عن وذلك الجتماعي، ذ النفو ط بس و الحتكاِر َ ِ ِ ِ َ َ َ َ ً ً َ َ ف – وبكّل سهولة – أّ ن محمد كّوَ ن توازنا حاذقا في السلم ،فلم َيجنح إلى الثقافِة ش ّ ومن خلِل هذا اليجاِز نست ِ الماديِة الُمْختَّلة ،وَلم َيرغْب في القتصاِر على الثقافِة اليديولوجيِة المحضة .هذا الوضُع يوضُح كفايةً دوافَع ت اليديولوجيِة والثقافية الخرى .وَلربما تََ ةعّزِزه ورسوِخه ،سواًء إزاَء قوى الحضارة المدينية ،أو إزاَء الكيانا ِ .ق في تأميِن سيرورِة َلم تستِطع أيةُ حركٍة اجتماعية – فيما َخل رهباِ ن سومر ومصر – من إبداِء المهارِة والحذ ِ التحاِم الثقافَتين الماديِة واليديولوجيِة بقدِر ما كانتا عليه في السلم .وإْ ن كنا اليوم نَتََكلُّم عن دواِم قوِة السلِم الراديكالّي والسياسّي على السواء ،فََ ةعلينا بالضرورِة إدراُك خاوصيِته البنيويِة هذه أفضَل إدراك. ت الجاريِة في الثقافَتين الماديِة واليديولوجية ب ةعَد سقوِط ت والتحول ِ ِمن المفيِد إعادةُ تفسيِر التطورا ِ المبراطوريَتين الرومانيِة والساسانية. ت غائرةً في ضميِر ف عام قد أَلََح َ يَتَبَيُّن طبي ةعيا ً من سقوِط روما أّ ن النظاَم ال ةعبود ّ ق تخريبا ٍ ي الُمَ ةعّمَر أرب ةعةَ آل ِ ت الحقوقيةُ الخيرةُ التي ت والترتيبا ُ ت فسيحة فيها ،بينما الجراءا ُ البشرية ،أي في أخلِقها ،وفَتََح بالتالي ثغرا ٍ ُ ت الشاس ةعة المتولدة في دنيا ضُح جليا ً تلك الُهّوا ُ قاَمت بها روما كانت قاوصرًة عن ملِء تلك الثغرات .كما تَتّ ِ َ ف عام ،لم تَُك آل ة أرب ةع ة طيل بها س النا ع لقنا ةعوا ال ةعقائد .حيث انَك َ ش َ سَ ع أيضا ً أّ ن تلك اللهَة ،التي َ ِ ِ ِ ف بسطو ٍ ِ ُ مثلما كانوا َي ةعتَِقدو ن البَّتة .وكانت الوثنية أضاَعت قدسيَتها القديمة .بل وُيزَعم أنه كا ن أَتى يوٌم َلم تَُ ةعد فيه أروُع ف وراَءها سوى إنسانيةً ُمنَهكةً ُمنهارة. هياكِل جوبيتر ُتساوي ُقرشًا .فالُبنى الماديةُ الضخمةُ لم تَُخلّ ْ
سُ ةعنا القوُل أنها كانت ب التي ل َت ةعِر ُ ف الخموَد والنقطاع ،فكانت َجَ ةعَلت من ال ّ أما الحرو ُ سلِم طوباويةً خيالية .ويَ َ ُ مرحلةَ أزمٍة وفوضى عارمة .فبينما كانت قيمة أنماِط الحياِة والقواعِد القديمِة َتهوي وتََتراجع ،لم يَُك ثمة بدائُل ُتذَكر .وراَح الجميُع َينتَِظرو ن رسالةَ الخلص ،وَيسَتشِ ةعرو ن مصطلَحي الجنِة والجحيم في الوساط .كانت أكواُم ال ةعاطلين عن ال ةعمل ،والرقاِء المن ةعِتقين الهائمين على وجوِههم َتسَتفِحُل في الوساِط المركزية ،في حين ح لدى القواِم القاطنين في الطراف .وكانت الوساطُ في حالٍة مثلى لِتَلَّقي وصدى رسالِة ف حركا ُ تتضاع ُ ت النزو ِ ُ ُ سُد فيما الُمنِقذ التاريخي .إنه وق ُ ف كانت تَتََج ّ ت الكبرى .فالحاجة الماسة في ِظّل تلك الظرو ِ غ فجِر الحركا ِ ت بزو ِ ً ُ َ ج ال ةعظيمة. والمناه ت لليوتوبيا ة محصل ن كو ت قد الكبرى ت والحركا الجديدة. ج والمناه ت ُ ُ نُ َ ِ سّميه اليوم باليوتوبيا ِ ِ ِ َ .ق الحضاري بِِرّمِته. السيا ر م على ة ذ ق من ال ج والمناه ص الخل ت ليوتوبيا ة الماس ة الحاج هذه ل مث دت سا وقد َ َ ّ ِ ُ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ُ ِ ُ ج كانت تَتََميُّز بيوتوبياتها وَووصفاِتها التحريريِة ال ةعمليِة على والخار ل الداخ في ة م ةعاش ال ت فالحركا وبالوصل، ُ ِ ُ ِ .ق هذه المرة ،ولم تَُ ةعد المرحلةُ الدوام .إل أّ ن الزمةَ البنيويةَ والوظيفيةَ لل ةعبوديِة كنظاٍم قائم كانت غائرةَ العما ِ ق إدارَتها بأنظمٍة عبوديٍة جديدة. بأوضاِعها وظروِفها تُِطي ُ ُ غ الُبنى الماديِة الخيرِة حالةً بلو ولدى الظمأ. من ر بح في رها وضمي ة البشري ة ذهني م ُ ِ وفي ِظّل ظرو ٍ ٍ ف كهذه تَُ ةعو ُ ِ ف للديا ن ال ةعالمية )رسائُل ج الظرو ِ َت ةعَجُز فيها عن الستمراِر لتأميِن بقاِء النظام ،فهذا ما م ةعناه اكتماُل نضو ِ شهما( .لكن ،وما داَم ال ةعصُر الجديُد ب إلى ذهنيِة وضميِر سائِر البشريِة وُتنِ ةع ُ سّر ُ ص والتحرِر التي تَتَ َ الخل ِ ب لن يَُكوَ ن عصراً عبوديا ً جديدًا ،فماذا ،وكيف عساه يَُكو ن؟ هذا ما َيشغل الباَل حقاً. ب والمقتَِر ُ الُمرتَقَ ُ ي القديم ،ولكْنُ ،يمِكُن إعادة لقد ِقيَل الكثيُر عن المجتمِع القطاعي .وُيقاُل أنه ال ةعصُر اللح ُ ق للنظاِم ال ةعبود ّ ت والقطاعيات التي قاَم عليها إلى أعوام . 4000ق.م من حيث النمِط والهيئِة .في حين يمكننا ت المارا ِ مثيل ِ ت القرويين سهولة – أّ ن الُقصوَر الكثَر تماسكا ً ومتانةً قد بُنَِيت في أعواِم . 2000ق.م .أما مجموعا ُ التذكيُر – بِ ُ ت شّكَلت في كّل مكاٍ ن منذ القديِم السحيق .وكا ن يَُح ّ شِم المحيطةُ بأغلِبهم ،فكانت تَ َ والَخَدِم والَح َ ق للمجموعا ِ ت المبراطوريات ت الداخليِة لديها ،أو في أزماِ ن تَ َ شّت ِ الثنيِة – أَّيما كانت – أْ ن تُِقيَم إماَرِتها من ضمِن الهرميا ِ ت البنى الصغيرِة المتأسسِة ب ةعَد ال ةعهَدين الرومانّي وتََب ةعثُِرها .ولم يَُك ثمة فوار ُ ت ذا ِ .ق بارزةٌ بين الدويل ِ ع هذه الدويلت، والساساني وأمثاِلهما من المراحِل السابقة .ولم تَُك المبراطوريا ُ ت سوى اتحاداً من مجمو ِ قليلًة كانت أم كثيرة ،فيدراليًة كانت أم كونفدرالية .ولم تَُكن القرى بذهنياِتها مختلفةً كثيراً عما كانت عليه أثناَء سين ،وَلم سها النيوليتّي في أعواِم . 6000ق.م بأقّل تقدير .هذا وَلم َيطَرْأ أ ّ تََمأ ُ ت بين الجن َ ي تغييٍر على ال ةعلقا ِ س ِ ت وأْتباِعهم من الخدِم تَُكن ال ةعلقا ُ ت بين القناِ ن والسياِد منذ غابِر الزما ن مختلفًة عن تلك التي بين الغوا ِ ي تَطَّو ٍِر ثوري .ولطالما َتطّرقنا إلى البنى الحاكمِة جأ ّ وال ةعبيد .أما الُملكيُة ،فكانت عيَنها .ولم َتشَهد وسائُل النتا ِ س وآلهِتها .إذ ن ،والحاُل هذه ،من ال ةعسيِر اعتبار النظمِة والترتيبا ِ ت الماديِة المتكونة فيما ب ةعَد القرَنين الخام ِ س الميلدّيين حضارةً جديدة .وبطبي ةعِة الحال ،فالبنى المدينيةُ في أوروبا غيُر ُمؤّهلٍة إطلقا ً لَِتكويِن والساد ِ ح وثناء ،بل َلم تَُكن َت ةعني ت الُم َ حضارٍة جديدة .وهكذا شأُ ن المبراطوريا ِ شّيدة ،حيث لم تَُكن كما ِقيَل فيها من َِمد ٍ شيئا ً غيَر تلك الطلِل القديمِة المتبقيِة من روما. ق للرأسماليِة أراها أكثَر م ةعنى. يمكن ُقول الشيِء نف ِ سه لجِل الشرقيين أيضًا .فتسميةُ هؤلء ببقايا النظاِم الساب ِ ب في أقصاها أب ةعَد من بالبيو ت أو الحياِء الصغيرة المتبقيِة من الطلِل والخرائب ،أو ل َتذه ُ والبقايا شيٌء َأشبَهُ ِ َكوِنها ت ةعدي ً ل للقديم .ويجب – إلى جانب ذلك – عدم إنكاِر البنى الماديِة السابقِة للرأسمالية .قد تَُكوُ ن بنى مرحلِة النتقاِل إلى الرأسماليِة مغايرة ،فتََمّدُ ن أوروبا فيما ب ةعَد القرِ ن ال ةعاشِر الميلدي على وجِه الخصوص ،كانت ف كثيراً عند وكأنها تُبَ ّ شُر بُِقدوِم الرأسمالية .إذ ن ،وما داَم المُر كذلك ،فقد يَُكوُ ن من الناجِع عدَم الوقو ِ ب إلى الصحة ،فهو انحلُل نظاِم آلهٍة ُمقَنَّ ةعٍة مصطلَحي "القطاعيِة" و"عصر الظلمات" .أما التفسيُر القر ُ ت النظاِم ف عام ،وانهياُره ضمن إطاِر "الفترِة الطويلة" .فانهيارا ُ ومجتمٍع ُمسَت ةعبٍَد استََمّر طيلةَ أرب ةعِة آل ِ ُ َ ت الطويلِة قد يَطوُل انهياُرها ِعّدَة النيوليتي ل َتفتَأ ُ مستمرةً في راهنناَ .مراِمي من ذلك هو أّ ن النظمة ذاَت الفترا ِ س ضّيقنا الِخنا َ قرو ن ،وقد تَتََجّدُد بل انقطاع .وإذا ما َ .ق أكثر ،فيمكننا تسميةُ النظِم اللحقِة للقرَنين الخام ِ س الميلدّيين بالنظمِة المتأخرة. والساد ِ ما الذي َت ةعِنيه كّل هذه الموِر بالنسبِة إلى السلِم والمسيحية؟ إذ ل ِغنى في يوتوبياِتهما عن الوعِد الجنة .بل وتَتََحّد ُ ص عليه كّل يوتوبياَ .لطالما يَُذّكرني "وعُد ف عام .وهو الجزُء الذي تَنُ ّ ث عن أنظمِة الس ةعادِة الممتدِة لل ِ س ةعيِر الصحراِء اللذع .وبالوصل ،فالُمقابُل لذاك الوعِد الجنة" بَِحنيِن النساِ ن إلى "الواحِة" وهو َيسيُر في َ صّحَرة .قد يَِ ةعُد النبياُء أيضا ً جماعاِتهم بالمستقبِل الرغيد والياِم المفَ ةعمِة بالمل .ما يَتُّم أوصلً هو الحياةُ الُمتَ َ َعَمُله من خلِل يوتوبيا المستقبِل الرغيِد كالِجنا ن ،هو البح ُ ث عن حياٍة أخرى مغايرة ،ليس إل .وقد تَُكوُ ن ملذاً ً ضاَقت به الدنيا وهو َينتَِظُر تنفيَذ ُحكِم العداِم فيه ،أو ملجأ لَِمن ليس بحوزِتهم ولو اضطراريا ً لنساٍ ن متشائٍم َ ُ وصّدام إِّبا ن العدام ،وبين نسخِة القرآِ ن التي في َكّفيه ،إنما تَُ ةعلُّمنا الكثير. ص أمل .من هنا ،فال ّ َبصي ُ صلَة بين َ فالقرآُ ن قوةٌ ذهنيةٌ إنشائيةٌ قصوى ِلمراحِل الحياِة التي على حافِة العدام .إنها حالةٌ من المِل في النشاِء ب ةعَدما ب المقدسة، ب القياُم بتفسيٍر سليٍم للرسائِل التي تَُوّجُهها الكت ُ ان َ .ق الحل .وكذا المر ،فِمن ال ةعصي ِ سّدت جميُع طر ِ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ س م ل ت ن س للنسا ن، ة الميتافيزيقي ع الطبائ عن ض تغا ن لم وإذا لها. بأكم ة ال ةعبودي ط شرو ك ْ ندر أو ب نستوع لم ما ْ ّ ُ َ ِ ِ ِ ِ
أنه ل تزاُل ثمةَ ضرورةٌ لنشاِء عدٍد غيِر محصوٍر من اليوتوبيات ،بما فيها تلك القائلةُ بالجنِة والجحيم .فالواقُع ب كذلك أماَم أنماِط حياٍة النساني َيستلزم ذلك .وإل ،فمثلما لن ُيطا َ ش في الحياِة بسهولة ،فلن ُيفتََح البا ُ .ق ال ةعي ُ أجمل وأحسن وأفضل. ُ ُ ٌ ٌ ض إنشاؤها. شَئت أو فِر َ ت بَِحّد ذاِته ظاهرة اجتماعية أن ِ ف من المو ِ علّي إضافة أمٍر آخر ،أل وهو َكوُ ن الخو ِ ت الجتماعيِة الجديدة .بل وقد ُيسَتنَبط ف الُمن َ شأ ِ عبَر النشاءا ِ ع الخو ِ ع القضاُء على فََز ِ بالتالي ،بالمستطا ِ َ ُ ت الجتماعية في ت الحياة .فالِميتا ُ ت في الطبي ةعِة ل تشبِهُ الِميتا ِ ت آنئٍِذ أروُع وأفضُل حال ِ وُيسَتخَرج من المو ِ ت الجتماعيِة َتنبُع من المجتمِع البشري في أ ّ ت من الوقات .فاللُم ال ةعميقة ،والحزاُ ن السحيقة للِميتا ِ ي وق ٍ ب ت الطبي ةعي .وإل ،فَلم يَُك لَِيبقى شيٌء اسُمه الحياة ،إْ ن َلم يتواجد الموت .ولهذا السب ِ َتضاّدها مع حقيقِة المو ِ ُ سلَّحة بوعِي الموت .وهي ت ةعني اللموَت والخلود. بالذات ،فالحياةُ السمى م ةعنى هي تلك الُمتَ َ ج من ال ةعبودية ،ولكّن النتيجةَ التي سُتسفُِر الخرو ل لج ر للنظا كانت يوتوبَيتا السلِم والمسيحية جاذبََتين ِ ِ ِ ف لتجاوِز تلك البلبلة .وَلربما إيراُد المثلِة على عنهما كانت محفوفةً بالمجهول .وكأّ ن القوَل بحياٍة كالجنة كا ٍ س يُِ ةعيُننا في فهِم م ةعالِِم المجتمِع الجديِد المزمِع بناؤه. جماعا ِ ت الديرِة والمدار ِ ُ ت لنشاِء المجتمِع الجديد ،والتي جّربها كل ب إنما هي برامج ومحاول ٌ س ،الديرة ،الطرائ ُ ق ،والمذاه ُ فالمدار ُ ت الّديَنين ،ول يزال ن ،بل َكلٍَل أو َ سأم .لذا ،يجب أل َتمتَلَِكنا الحيرةُ والدهشةُ من استمراِر هذه الميوِل والنزعا ِ ت س المسيحية ،وقادةُ الفتوحا ِ ف وخمسمائِة عام .ومن جان ٍ في ِكَليِهما منُذ ألفي ،وأل ٍ ب آخر ،فزعماُء الكنائ ِ ق النظر ،سنجد أّ ن هذه النظمَة السلمية قد ابتََدعوا بكّل سهولة نظاما ً عبوديا ً ُمَ ةعّدلً ومتأخرًا .فحالما نَُدقّ ُ ً ً ال ةعبوديةَ المتأخرَة عبارة عن استرخاء وهدوِء الفتوحات ،وليست أنظمةً حياتية دائمة تشمُل المجتمَع برمته. ت ل َهّم لها في إنشاِء أما َتسميُتها بالمدنية السلمية والمسيحية ،فكأنه إرغاٌم إلى حّد ما ،ذلك أّ ن اليوتوبيا ِ ي ال ةعقائد م فالنظا ت الجماِل عليها .إذ ن، الحضارة المدينية ،بقدِر ما َتهِد ُ ّ ف إلى إنقاِذ الحياِة وإضفاِء لََمسا ِ ُ ب المبدئّي الراسخ على سؤال الحضارة المدينية .فقد كا ن لهما الدوُر والخلقّي لِِكلتا الشري ةعَتين خاٍل من الجوا ِ ُ البارُز في تََخ ّ ض النظمِة ال ةعبودية المَ ةعّدلَِة على ب ةع مهما باس مت أقي و عام، ف آل ة ُ ِ ِ طي النظمِة القائمِة طيلةَ أرب ةع ِ َ ً ً ت والمد ن والمبراطوريات .إل أنه من الص ةعب اعتبار ذلك مدنية إسلمية ومسيحية ،أو يمكن طراِز المارا ِ ً ً ج من للخرو د مست ةع س ق ال فل اليديولوجي. بها جان في ة منحرف ة مدني – والحالت ض الفرو ن أحس اعتباُره – في ّ ّ ِ ِ ِ ِ ِ ش الدولة. الكنيسِة للمكو ِ ج من الجامِع للتَّرّبِع على عر ِ ث في قصوِر المبراطورية ،ول الماُم مست ةعّد للخرو ِ ضاّلين .في حين أنهم وبالوصل ،فالُمتََدّولو ن منهم انَحَرفوا دومًا ،ولم يَتََرّدد الخرو ن منهم في َتسِميَِتهم بال ّ ت الدينية .ولنهم كذلك ،فقد استطاعوا الحفا َ ظ على وجوِدهم نا َ شدوا ونّبهوا رؤساَء الدوِل بالمتثاِل للواجبا ِ وسيرورِتهم إلى ال ن ،وإْ ن كانوا خاِملي التأثير ،وخائِبي المل. يقول ماكس فيبر في المدنيِة الرأسماليِة أنها الحضارةُ المنتهي سحُرها .وبالطبع ،ل حياةً ساحرةً وجذابةً في نظاِم الثقافِة الماديِة الكثِر تقدمًا .فالحياةُ الساحرةُ الخلبةُ ل يمكن أْ ن تَُكوَ ن إل في دنيا الثقافِة اليديولوجية. ت في إضفاِء السحِر والروعِة على الحياِة ت ل َتمتَلُِك المهارا ِ لكّن السلَم والمسيحيةَ وأشباَههما من الثقافا ِ ث الغنّي الزاخِر للثقافِة اليديولوجية أْ ن َيقِدَر الرأسمالية .ول يمكن لغيِر سوسيولوجيا الحريِة المرتكزِة إلى الر ِ ع ضمن الفصِل الم ةعني، الموضو هذا على تأميِن هذه المهارِة والتَّحّلي بهذه الكفاءة .سَنجَهُد للتركيِز في ِ ُ وسُنثِبت أّ ن الحياةَ ذاَتها هي القيمةُ الكثُر جاذبيةً وروعة .من هنا ،فش ةعاُرنا الجديُد لن يَُكوَ ن "إما الرأسمالية أو الشتراكية" ،بل سيَُكوُ ن "إما الرأسماليةُ أو الحياةُ الحرة". ُ َ ع إعطاُء الرّد بُِيسٍر أكبر على التساؤل :لماذا المدنية الرأسمالية؟ فِبقضاِء المسيحيِة بناء على ذلك ،بالمستطا ِ ت ال ةعملقِة المترامية الطراف ،التي كانت عائقا ً أماَم ظهوِر الرأسمالية ،وبَِ ةعَدِم والسلِم على المبراطوريا ِ توجِههما نحَو التمد ن )بنيةً وهدفًا(؛ إنما يكونا ن بذلك قد َمّهدا الجواَء للرأسمالية ،سواًء أكا ن بوعٍي أو بدونه. ت متناقضةٌ وعلى الضّد من الرأسمالية ،إنما َيطَرُح وجهةَ نظٍر ثاقبٍة ف ةعندما يقول والرشتاين أّ ن المبراطوريا ِ حقًا .وماكس فيبر َيشَرُح الرأسماليةَ ح البروتستانتيِة بالتمهيِد الرو م قيا ة كيفي في ب ه يس و أكثر، ة باستفاض ُ ِ ُ ٍ ِ ِ ِ للرأسمالية. ولكن ،أَلَْم يَُكن ممكنا ً الحّل بل مدنية؟ إّ ن الرّد على هذا التساؤِل َيكاُد ُيشبِهُ ال ةعودةَ الَقهَقرى إلى ال ةعصِر ق أماَم التجارة ،أو النيوليتي .فما داَم من المستحيل إزالة المدائن من الوسط ،فلن يَُكوَ ن بالمقدوِر َ سّد الطري ِ ع القضاء على الدولة في تلك الظروف ،مهما يَُكن التَّخّلي عن المجتمِع الذكور ّ ي التسلطي .كما لم يَُك بالمستطا ِ ُ ُ ق الدينية والصوفية ،جميُ ةعها ذلك موضوَع انتقاد .وبالوصل ،فالحياة الم ةعتمدة على الديرة ،المدارس ،الطرائ ِ سدةَ والرعونةَ الناب ةعةَ من ت الُمف ِ ليست سوى ثمرةُ ال ةعقِم والنسداد .ورغم أنهم كانوا يََرو ن بِأ ُّم أعيِنهم التأثيرا ِ ص منها؛ إل أّ ن الحلوَل التي ارتََأوها َلم َتذَهْب أب ةعَد من البقاِء ُمهّمشين تلك التصنيفات ،وكانوا َيجَهدو ن للخل ِ ب بالذات كا ن الوسطُ ُمَهيّأ ً تماما ً لظهوِر حضارٍة جديدة. منزوين .ولهذا السب ِ وفي هذه النقطة سيكو ن من الناجِع إعادةُ النظِر في قصِة القبيلِة ال ةعبرانية .حيث كا ن اليهوُد ماهرين في شؤوِ ن شروا في كافِة أرجاِء الم ةعمورة في ال ةعهِد الروماني ب براعِتهم في الكتابة .وكانوا انتَ َ التجارِة والمال ،إلى جان ِ َ ب داخَل الماِل والتجارة ،وكأنهم روُح المدنية المادية، والتسر ل النسل في سين ر م ت م كانوا والبرسي الساساني. ِ ُ َ ّ ِ ِ
شُرو ن بالمستقبل، ب أقرَب إلى النبياء الذين يَتََحّدثو ن عن الماضي ،ويُبَ ّ صّفاة .وكا ن الُكّتا ُ أو بالوصح ،قُّوُتها الُم َ سوا َترَك بصماِتهم على ويتصدرو ن الظرو َ ف الممّهدةَ ِلظهوِر نظاٍم مدينّي جديٍد ،أي الرأسمالية .ولم َين َ ت أيضًا ،بينما كانت الدياُ ن واللهةُ حقوَلهم التي َيحتَِرفونها ويَتََمّرسونها. اليوتوبيا ِ كانت المسيحيةُ في عصِرها الثقافّي اليديولوجي قد فَتََحت أوروبا سائرة ،وَولََجت آسيا لَِحّد ما ،في حين لمَ ف الفتُح السلمي على جميِع أوصقاع ال ةعالَِم تتواَ ن عن َترِك بصماِتها على الحضارِة الفريقية .كما كا ن قد َزَح َ ُ ال ةعربي لِيَتََ ةعّداه إلى شمالي أفريقيا وآسيا الوسطى .وكيفما فُتَِحت كافة مواطِن النظِم الحضاريِة القديمة أماَمهم، فقد انَخَر َ ق َلم طت المناط ُ ف المبراطوريات الثقافيِة اليديولوجية الجديدة .إل أّ ن ما تََحقّ َ ق الجديدةُ أيضا ً في وصفو ِ َ َ َ َ ف ذاِتها ووص في ة المسيحي ل قو وما الم ةعنوي. م ل ال ةعا ر و ط ت ب ن ةعته رنا بمقدو بل الحضارة، .ق آفا ع يَُكن تََو ّ س َ ِ ِ ِ ِ ّ ِ ِ ِ ُ ِ ف عام" سوى إشارةٌ لهذه الحقيقة. بـ"دولِة إلِه الل ِ شةٌ للغاية ،بينما جوانُبهما الخلقيةُ متطورة .وقد ت ال ةعلميةَ لليوتوبيَتين السلميِة والمسيحية َه ّ إّ ن الدعاما ِ ب لْ ن شها .أما لهوتياُتهما ،فهي أقر ُ تَأ َثَّرتا بالفلسفِة اليونانيِة الكلسيكية ،ولَِ ةعَبتا دوراً ملحوظا ً في إعادِة انت ةعا ِ ت مصر وسومر .كما أنهما في مكانٍة تَُكوَ ن َتسَتقي من أرسطو وأفلطو ن ،وَتنتَِهُل ِقسَمها الخَر من لهوتيا ِ س بالنسبة للديا ن هو الخل.ق ،وأّ ن ت الحرية .ولنَُذّكْر مرةً أخرى أّ ن السا َ متخلفٍة بالنسبِة إلى يوتوبيا ِ .ق بالذات لم َتفُقد أهميَتها ،فقد استطاَعت المسيحيةُ والسلمية صّدُرها كما ُي ةعتََقد .ولّ ن الخل َ ت ل تَتَ َ اللهوتيا ِ َ َ َ .ق لهذه الموِر في الماكِن الم ةعنية ضمن وغيُرهما من الشرائِع المشابهة الحفاظ على مكانِتها البارزة .سنتَطّر ُ فصِل سوسيولوجيا الحرية. ً َ َ ُ ف أهدافها .فاليوتوبيتا ن ليست اليوتوبيا ُ ت كاملةً ُمَكّملة على الدوام ،ولطالما قّدَمت غالبيتها خدماِتها بِخل ِ السلميةُ والمسيحية على سبيِل المثال قد َخَدَمتا تَ َ ف أهداِفهما نوعا ً ما؛ طّوَر الرأسماليِة بنسبٍة ملحوظة ،وبخل ِ ع ثانيةً في فصِل الرأسمالية. رغَم أّ ن الواقَع شاهٌد أكيٌد على وصراِعهما تجاهها .سَننظُُر في هذا الموضو ِ ق أماَم أرستقراطّيي القبائِل الحاكمِة المُر الخُر الممكُن إضافته بالنسبِة إلى السلم ،هو َتمهيُده الطري َ ف حدوداً ول َيأبَهُ بُِحقو.ق .وكثيراً ما ُيقال أنه ت الَحوِل نهبا ً وسلبا ً ل َي ةعِر ُ ق وثقافا ِ والبرابرة لِيَُ ةعوُثوا في مناط ِ ع ض التراجع على المسيحيين .وهذه الموُر َتسري على جميِع الديا ن بل استثناء .في حين أّ ن َعك َ فر َ س وصرا ِ سطُ الحقيقةَ كاملة. السلِم الُمتََدّوِل مع المسيحيِة الُمتََدّولِة على أنه وصراٌع بين السلِم والمسيحية ،إنما ل َيب ُ ت جذوٍر حضارية ،وأنها َتسَتخِدُم الدياَ ن ِغطاًء لمآربها. ت ذا ُ فجميُ ةعنا َن ةعِر ُ ت والصداما ِ ف أّ ن مثَل هذه الصراعا ِ خلوصة؛ وبشكٍل عام ،فمواضيُع الثقافِة اليديولوجية والثقافِة المادية مواضيٌع شائكة .ولكنها في الِ ن عيِنه ت بين ال ةعبيِد والسياد ،وبين القناِ ن والشراف وقائٌع قائمةٌ تقتضي البحَث والتدقيق .في حين أّ ن دوَر الصراعا ِ محدوٌد وغيُر مباشر في تحريِك عجلِة التاريخ التي تَُدوُر على منواٍل مختلف .وهانحُن ذا َنبَح ُ ث في ذلك ،وإْ ن بخطوٍط عريضٍة وبشكٍل هاٍو ِغّر .إل أنها بحو ٌ خ وفهِمه ،وللرّد على قضايا يوِمنا ث ضروريةٌ لستي ةعا ِ ب التاري ِ الراهِن على السواء. شّكُل ولن نَُكوَ ن تناَوْلنا الموضوَع بتكامٍل متماسك ،ما َلم نُقَيّْم – ولو باختصاٍر شديد – القواَم المهاجرةَ التي تُ َ ق شبِه الجزيرِة ال ةعربية الجناَح الخَر من المقاَومِة .فقد كا ن القوط والُهو ن من شمالي أوروبا ،وال ةعر ُ ب عن طري ِ ضّد الحضارة المدينية ال ةعبودية وهي في ت الغارِة الواحدةَ ِتلَو الخرى ِ ت الهجوِم وتكتيكا ِ يقومو ن بحمل ِ ت الهجوِم والغارِة والمقاَومة لتلك القواِم – ت من الهجرة ،أو بالحرى حمل ُ مراحِلها الخيرة .فهذه الموجا ُ التي تَ َ ي الذي يسبق الحضارةَ المدينية التي ش ضمن المجتمِع البو ّ طّوَرت لديها الهرميةُ القبَِلية ،والتي َت ةعي ُ س سّميها بالمجتمِع البربري – إنما هي ضر ٌ نُ َ ب حركا ِ ب من ضرو ِ ت الثقافِة اليديولوجية .وكانت تتميز بالحما ِ والندفاعِ ،مقدامةً جسورة ،وَتحِمُل م ةعها الدماَء الطازجة .وبينما كانت يوتوبياُتهم تحتضن في ثناياها – ولو جزئيا ً – عناوصَر المساواِة وال ةعوامَل المتبقيةَ من ال ةعصِر النيوليتي ،إل أنهم بالرجح كانوا متلهفين ومتطل ةعين إلى الحضارة المدينية .كما َلم يُ َ طّوروا ميتافيزيقيةً بارزةً بقدِر ما للديا ن .بالتالي ،فأغلُبهم َغَدوا دماً طازجاً َ َ ت التاريخ. ل ةعجل ة رك ح م ال القوى م أه د ح أ هم ف ذلك، ورغم وجنوداً مرتزقًة للمبراطوريات. ُ ُ َ ِ ُ َ ّ ِ ّ َ ب ولو َلم تَُك غزوا ُ ب ،ومن قبِلهم الهوريين ،وال ةعموريين ،والسكيت؛ فأغل ُ ت الجرما ن ،التراِك ،المغول ،ال ةعر ِ ً ب بالمبراطوريَتين الرومانيَتين، وال ةعر ن الجرما ح أطا فبينما ا. مختلف سيكو ن كا ن خ التاري الظّن أّ ن جرياَ ن ُ ُ َ ِ فللتراِك والمغوِل نصيُبهم الوافُر في َدّك دعائِم المبراطوريَتين اليرانيِة والبيزنطية .إل أّ ن ما قاَم به زعماُء ف جيشها سهم ،أو احتلِلهم أماكَنهم في وصفو ِ ج المبراطوريِة الجديدة على رؤو ِ قبائلهم َلم يَُكن أكثَر من وضِع تا ِ َ ً ع المجتمِع ك ةعناوصَر وبيروقراطيتها .أما الباقو ن منهم ،فإما أنهم َكّونوا القبائَل مجددا ،أو أنهم تَخّبطوا في قا ِ مهّمشٍة ل شأَ ن لها .في حين أّ ن دوَر هاَتين القوَتين الداخليِة والخارجيِة في انهياِر النظاِم ال ةعبودي ل َيقبُل الجدَل س النسبة .أي أنهما َتهِدما ن وتنهبا ن وتَُدّمرا ن، ح البديل وإنشاِء الجديد بنف ِ والنقاش ،رغم عجِزهما عن طر ِ وصوِ ن الجديد. ولكنهما ت ةعجزا ن عن البناِء و َ س الحداثِة الرأسمالية عبر هذا ال ةعمل ،الذي يمكننا تسميُته بالبحث. أس ر سب ال ن سَ ةعينا إلى في الحقيقة ،لقد َ ِ َ ِ ُ ضت عنها الحداثة الرأسمالية .ذلك أّ ن إحدى أهّم مزايا البنيِة ت التاريخيِة التي تََمّخ َ ف التطورا ِ وَعِملنا على كش ِ ال ةعلمية – السلطويِة الرأسمالية هي تقديُم ذاِتها بل تاريخ .فاللتاريُخ ،واللمكاُ ن ُمِهّما ن للدعاِء ِبأِنها النظاُم
ب الّزَمكانية ،لِيَُدّونوا الثاب ُ ت الدقيقِة للغاية والمذهلِة للغاية في غيا ِ ت الراسُخ والخير .وعليه َيقومو ن بالتحليل ِ َ ت الوقائ ةعيِة اليومية .فضلً عن أنهم ت الم ةعنيِة بالتاريخ الوصغر Mikroوالمستجدا ِ ما يَُجّل َحصُره من المؤلفا ِ َ ّ ق طري عن رنا دو ب هرنا أظ بالتالي، عليه. .ق خنا ال أضاقوا وكأنهم مكا ن، ز ال ر تأثي على َيجنَُحو ن للتظاهِر بالقضاِء َ َ َ ِ ِ ِ ِ َ ِ ضه ،وأنه في حالِة دوراٍ ن هذا ال ةعمل أنه ثمةَ جرياٌ ن وتدف ٌ ق اجتماعّي مغايٌر لما َتسَ ةعى تلك الجهود لتقديِمه وعر ِ صِل من التاريخ، ضحنا بجلء استحالةَ التّنَ ّ دائٍم بوساطِة جهوِد النساِ ن الدؤوبِة المذهلة .وبهذه المناسبة َأو َ َ وأنه مهما اعتََبرت الرأسماليةُ ذاَتها آخَر التاريخ ،فثمة الكثيُر من قوى الحضارة المدينية ،التي طَرَحت مثل تلك وصُل ج في تحليِل الرأسمالية .حيث سُنوا ِ المزاعِم بالنسبِة ل ةعصِرها .وال ن ،نحن على أَُهبِّة الست ةعداِد للُولو ِ ف خروِجها كمدنية .وسنُبَيُّن ب ةعنايٍة فائقة ما استَلََمته من إيضاحاِتنا – ولو تكراراً – بشأِ ن ت ةعريِفها وظرو ِ ت والمدنيات السابقة ،وما أضاَفته هي. الحضارا ِ َ ح أولّي على النحِو التالي :إّ ن النظاَم المدينّي الدولتّي البارَز طر ك مراف ةعتي من ل الفص هذا إيضاح بالمكا ن ِ ٍ َ ع اعتماداً على التكوين المتداخِل للطبقِة والمدينِة والدولة ،والذي يُطّور نف َ سه بالتكاثِر المتواوصِل دو ن انقطا ٍ حتى ووصل الرأسماليةَ وعصَرها الخير المتمثل في الرأسمال المالي؛ إّنما َي ةعتَِمُد بالرجح إلى است ةعماِر واستغلِل ضّم طبقةَ كادحي المدِ ن المتس ةعةَ مع الزمن إلى نظاِمه الستغللّي وقمِع المجتمِع الزراعّي والريفي .هذا ويَ ُ ف القم ةعي أيضًا .والهيمنةُ اليديولوجيّةُ هي المصدُر الساسي الذي تنهل المدنيةُ الدولتيةُ الُمَ ةعّمرةُ خمسةَ آل ِ عام قدرَتها الساسية في الحفاِظ على سيرورِتها إلى اليوِم الراهن ِبالّتضاّد مع الحضارِة الديمقراطية ،التي ت ف َزَمكانيٍة ربما هي أطوُل عمرًا ،ولكنها لم َتستِطْع ِبأ ّ ي شكٍل من الشكال النفاَذ من التشت ِ َترتَِكُز إلى ظرو ٍ ُ ُ َ ً ً ً ً َ خ إل والتب ةعثِر أيديولوجيا وعسكريا وسياسيا واقتصاديا .فالنظُم القم ةعية وال ةعنفية الطاغية لم تنجح في الرسو ِ ض الساسّي بذلك طبقياً فحسب ،بل هو على مستوى الحضارة. ببسِط نفوِذها اليديولوجي ،فلم يَُكن التناق ُ خ المدّو ن ،إنما هو َبيَن المدنيِة التاري من القل على م عا ف آل فالنضاُل التاريخي ،الذي نَتََ ةعقُّبه خلَل خمسِة ِ ٍ ِ الدولتية )الم ةعتمدِة أساساً على المدينِة الطبقيِة والدولِة الطبقية( وَبيَن الحضارِة الديمقراطيِة غيِر المتدولة، ف هيكُلها الساسي من المجتمِع الزراعي والريفي ،وَكّو ن كادحو المد ن مضموَنها شيئا ً فشيئا ً مع والتي يتأل ُ ت والنضالت اليديولوجيِة وال ةعسكرية والسياسية ت والتناقضات والصراعا ِ مروِر اليام .وجميُع ال ةعلقا ِ والقتصاديِة في المجتمع ،إنما َتجري في حقيقِتها في ظل هَذين النظاَمين الرئيسّيين. س سأ ُقَّدم الفصوَل اللحقَة من مراف ةعتي ضمن إطاِر تحليِل هذه الطروحِة الرئيسية بإسقاِطها على الواقِع الملمو ِ .ق الوسِط وكردستا ن. للشر ِ حزب الحل الديمقراطي الكوردستاني