مجلة

Page 1



‫القراءة منهج حياة‬ ‫كث ًريا ما نسمع بعض الناس يسأل‪ :‬ما هي هوايتك؟‬ ‫ونالحظ االختالف الواضح يف اإلجابة‪ ،‬فأحد الناس‬ ‫يقول‪ :‬إن هوايتي السباحة‪ ،‬بينام يجيب اآلخر‪:‬‬ ‫هوايتي صيد األسامك‪ ،‬ويخرب ثالث عن نفسه‬ ‫فيقول‪ :‬وأنا هوايتي السفر والرتحال‪ ...‬كل إنسان‬ ‫يخرب عن هوايته‪ ،‬ورمبا تكون هذه الهواية مختلفة‬ ‫عن غريه من الناس‪ ،‬لكن بعض الناس يخربك عن‬ ‫»!!هوايته قائالً‪« :‬وأنا هوايتي القراءة‬ ‫وهذا ما أستغرب له كث ًريا‪ ،‬أن يقول إنسان ما ‪»:‬أنا‬ ‫‪»...‬هوايتي القراءة‬ ‫هل يصح أن يقول أحد‪« :‬هوايتي رشب املاء»‬ ‫مثالً؟!! إن كل الناس يرشبون املاء؛ فهذه ليست‬ ‫هواية‪ ،‬وإمنا هي رضورة‪ ،‬كذلك ال يصح أن‬ ‫يقول إنسان‪« :‬إن هوايتي األكل!»‬ ‫ملاذا؟ ألن األكل رضورة وليس‬ ‫هواية‪ ،‬فكل الناس يجوعون‬ ‫وال بد أن يأكلوا‪ ،‬رمبا تفضل‬ ‫طعا ًما عىل آخر‪ ..‬لك هذا‪،‬‬ ‫لكن أن متتنع عن الطعام أو عن النوم أو عن‬ ‫التنفس فهذا يؤدي بك ‪ -‬وال شك ‪ -‬إىل الهالك؛ ألن‬ ‫‪.‬كل هذه األشياء من الرضوريات لحياة أي إنسان‬ ‫‪..‬وأنا أرى أيضً ا أن أي إنسان ال بد له من القراءة‬ ‫يجب أن تقرأ ليس كتابًا أو اثنني فقط‪ ،‬وليس‬ ‫يو ًما يف األسبوع أو شه ًرا يف السنة فحسب‪ ..‬ولكن‬ ‫‪»...‬يجب أن تكون القراءة هي «منهج حياتك‬ ‫ال مير عليك يوم دون أن تقرأ‪ ...‬وليس املقصود أي‬ ‫قراءة‪...‬بل القراءة املفيدة النافعة‪ ..‬القراءة التي‬ ‫‪...‬تبني وال تهدم‪ ،‬وتصلح وال تفسد‬

‫فالقراءة إذن ‪ -‬يا إخواين ‪ -‬ليست هواية‪...‬‬ ‫فمن غري املناسب أن نسمع من يقول‪ :‬أنا ال أحب‬ ‫أمل رسي ًعا‬ ‫القراءة‪ ،‬أو‪ :‬لست متعو ًدا عليها‪ ،‬أو‪ّ :‬‬ ‫أمل األكل؛ لذلك فلن‬ ‫منها‪ ،‬فهذا مثل من يقول‪ :‬أنا ّ‬ ‫!!آكل‬ ‫وإذا تأملت بعض مواقف السرية النبوية‪،‬‬ ‫تجد اهتام ًما كب ًريا ج ًدا بقضية القراءة‪ .‬ومن ث َم‬ ‫فلن تجد غرابصة يف قويل‪ :‬إن القراءة ليست مجرد‬ ‫‪...‬هواية‪ ،‬وإمنا هي بالفعل‪ :‬منهج حياة‬ ‫فعىل سبيل املثال‪ ،‬أريدك أن تتدبر موقف‬ ‫النزول األول لجربيل عليه السالم عىل رسول الله‬ ‫صىل الله عليه وسلم‪ ،‬أليس مام يدعو للتفكري‬ ‫هذه الكلمة العظيمة التي بدأ بها الوحي عىل‬ ‫الرسول صىل الله عليه وسلم «اقرأ»؟!‬ ‫كان من املمكن أن يبدأ الوحي بأي‬ ‫كلمة أخرى غريها‪ ،‬لكن هذا القرآن الذي‬ ‫استم ّر نزوله ثالث ًا وعرشين سنة بدأ بهذه‬ ‫!»الكلمة‪« :‬اقرأ‬ ‫ومع أن النبي صىل الله عليه وسلم أ ّم ٌّي‬ ‫ال يقرأ‪ ...‬إال أن هذه الكلمة تو َّجه له وهو ال يعرف‬ ‫يتحل‬ ‫القراءة!‪ ..‬مع أنه ‪ -‬صىل الله عليه وسلم ‪ّ -‬‬ ‫بآالف الفضائل الحميدة والخصال الكرمية التي كان‬ ‫من املمكن أن يبدأ القرآن الكريم بالحديث عنها؛‬ ‫لكن الوحي بدأ خطابه لخاتم الرسل بأمر رصيح‬ ‫مبارش‪ ,‬مخترص يف كلمة واحدة تحمل منهج حياة‬ ‫‪»..‬أمة اإلسالم‪« ..‬اقرأ‬ ‫وألن الرسول صىل الله عليه وسلم ال يعرف‬ ‫كيف يقرأ‪ ,‬وال ماذا يقرأ‪ ..‬فقد ر َّد بوضوح‪ :‬ما أنا‬

‫بقارئ‪ ..‬وظن أن هذه الكلمة كافية ألن يبدأ جربيل‬ ‫عليه السالم الكالم يف موضوع آخر‪ ،‬أو أن يوضح‬ ‫املقصود الذي يريده‪ ..‬لكن جربيل عليه السالم‬ ‫يضم رسول الله صىل الله عليه وسلم ضمة شديدة‬ ‫قوية حتى بلغ الجهد منه صىل الله عليه وسلم‪ ,‬ثم‬ ‫‪..‬يعيد عليه األمر املخترص‪ :‬اقرأ‬ ‫ومل يزد جربيل عليه السالم يف هذا املوقف‬ ‫عىل هذه الكلمة‪ ،‬والرسول صىل الله عليه وسلم‬ ‫ال يعرف ماذا يريد وال ماذا يقصد‪ ..‬بل ال يعرف‬ ‫من هو‪ ..‬وكيف جاء إىل هذا املكان؟! إنه ‪ -‬صىل‬ ‫شخصا غري ًبا‪،‬‬ ‫الله عليه وسلم ‪ -‬ال يرى أمامه إال ً‬ ‫يؤكد عىل معنى واحد ال يتعداه «اقرأ»‪ ...‬فقال‬ ‫صىل الله عليه وسلم للمرة الثانية‪ :‬ما أنا بقارئ‪..‬‬ ‫ويعود جربيل عليه السالم لنفس الفعل الشديد‪..‬‬ ‫يضم الرسول صىل الله عليه وسلم ضمة قوية حتى‬ ‫يبلغ منه الجهد ثم قال له للمرة الثالثة‪ :‬اقرأ‪ ..‬فقال‬ ‫‪..‬رسول الله صىل الله عليه وسلم‪ :‬ما أنا بقارئ‬ ‫‪:‬هنا يضمه جربيل للمرة الثالثة ثم يرسله ويقول له‬ ‫نسا َن ِم ْن«‬ ‫اقْ َرأْ ب ِْاسمِ َربِّ َك ال َِّذي َخل َ​َق {‪َ }1‬خل َ​َق الْ ِ َ‬ ‫َعلَقٍ {‪ }2‬اقْ َرأْ َو َربُّ َك الْ َكْ َر ُم {‪ }3‬ال َِّذي َعلَّ َم بِالْ َقلَمِ‬ ‫نسا َن َما لَ ْم يَ ْعلَ ْم {‪5‬‬ ‫»}{‪َ }4‬علَّ َم الْ ِ َ‬ ‫كل ذلك قبل أن يقول جربيل عليه السالم‬ ‫للنبي صىل الله عليه وسلم إنه ملك مرسل من رب‬ ‫العاملني‪ ،‬وأنه ‪ -‬أي سيدنا محمد صىل الله عليه‬ ‫وسلم ‪ -‬رسول الله‪ ،‬وإن هذا هو القرآن‪ ..‬وقبل أن‬ ‫يقول له إن هذا الدين الجديد هو اإلسالم‪...‬قبل‬ ‫‪».‬هذا كله يقول له وبصيغة األمر»اقرأ‬ ‫!أال يحمل ذلك إشارة ألمة اإلسالم؟‬ ‫هل يُعقل أن تكون أوىل كلامت القرآن‬ ‫نزوالً إىل األرض كلمة تتحدث عن هواية قد يحبها‬ ‫ميل منها البعض اآلخر؟‬ ‫البعض وقد ينفر أو ّ‬ ‫إن القرآن يزيد عىل سبع وسبعني ألف كلمة‪،‬‬

‫ومن بني كل هذا السيل من الكلامت كانت كلمة‬ ‫‪«...‬اقرأ» هي األوىل يف النزول‬ ‫كام أن يف القرآن آالفًا من األوامر‪ :‬أقم‬ ‫الصالة‪ ..‬آتوا الزكاة‪ ..‬وجاهدوا يف سبيل الله‪ ..‬وأْمر‬ ‫باملعروف‪ ..‬انه عن املنكر‪ ..‬اصرب عىل ما أصابك‪..‬‬ ‫أنفقوا مام رزقناكم‪ ..‬توبوا إىل الله‪ ...‬وغريها الكثري‬ ‫يف القرآن الكريم‪ ..‬ومن بني كل هذه األوامر‪..‬‬ ‫‪..‬نزل األمر األول‪ :‬اقرأ‬ ‫ومل يتوقف األمر عند حدود الكلمة األوىل‪..‬‬ ‫بل إن اآليات الخمس األوىل من القرآن الكريم‬ ‫تتكلم كلها عن موضوع القراءة‪ ،‬وتكررت فيها كلمة‬ ‫‪«...‬اقرأ» مرتني‬ ‫اقرأ باسم ربك الذي خلق‪ ،‬خلق اإلنسان«‬ ‫من علق»‪ ...‬وبعد ذلك‪« :‬اقرأ وربك األكرم»‪ ..‬ثم‬ ‫يقول‪»:‬الذي علم بالقلم»‪ ..‬ويذكر القلم بالتحديد‬ ‫حتى يبقى األمر واض ًحا غاية الوضوح أن املقصود‬ ‫هو القراءة لليشء املكتوب بالقلم‪ ،‬دون أي كناية‬ ‫‪.‬أو احتامالت مجازية‬ ‫الدكتور راغب الرسجاين‬ ‫كتاب القراءة منهج حياة‬


‫صورة و تعليق‬

‫الشطة الصينية تحت التدريب‬ ‫يَضطر أفراد ُ‬ ‫إىل وضع أعواد األكل يف أفواههم بني الفكني لعدة ساعات‬ ‫!!‪ ..‬للتدرب عىل رسم اإلبتسامة‬

‫إستيقظ وإياك ان تنخدع ؟‬ ‫التضليل اإلعالمي‬ ‫أنت ترى يف التلفاز هكذا !! ولكن عىل أرض الواقع مختلف جدا ً‬ ‫!!‬



‫الفكرة‬


‫إبداعات حضارتنا‬ ‫أُقيمت يف حضارتنا أوقاف متعددة ومتنوعة‪ ،‬منها « وقف خداع‬ ‫املريض «‪،‬‬ ‫فيه وظيفة من جملة وظائف املعالجة يف املستشفيات ‪ ،‬وهي تكليف‬ ‫اثنني من املمرضني أن يقفا قريباً من املريض ‪ ،‬بحيث يسمعهام وال‬ ‫يراهام ‪ ،‬فيقول أحدهام لصاحبه ‪:‬‬ ‫ماذا قال الطبيب عن هذا املريض ؟‬ ‫فريد عليه اآلخر ‪:‬‬ ‫إن الطبيب يقول ‪ :‬إنه ال بأس إنه مرجو الربء ‪ ،‬وال يوجد يف علته ما‬ ‫يشغل البال ‪ ،‬ورمبا ينهض من فراش مرضه بعد يومني أو ثالثة أيام ‪.‬‬ ‫وهذه جرعة أمل للمريض ونوع من اإليحاء اإليجايب‬

‫ألنه َع َر َف معنى « اإلحسان « وفَ ِه َم معنى الرحمة اإللهية ‪..‬‬ ‫أبو القاسم الزهراوي ‪ ،‬من شدة حرصه عىل مرضاه ورحمته بهم ‪ ..‬قام باخرتاع‬ ‫مرشطا له شفرة مخفية يف العمليات الجراحية حتى ال يفزع املريض ‪ ...‬فتأمل !!‬

‫«إن البيامرستانات كانت تقدم مساعدة من موازنتها لكل مريض يدخل إليها‬ ‫سواء كان مسلامً أو غري مسلم‪ ،‬فيعاىف ويخرج منها خالل فرتة النقاهة‪ ،‬وكانت‬ ‫تقدم له مرتباً شهرياً يتناسب مع دخله قبل املرض‪ ،‬ويدوم هذا العطاء مدة‬ ‫ستة أشهر قابلة للزيادة وذلك ألن املريض النا ِقه اليستطيع أن يرجع إىل عمله‬ ‫ملجرد خروجه من املشفى· فهذا التأمني الصحي مل تصل إليه أرقى الدول‬ ‫الحديثة حتى يف العرص الحارض · أمام والدة هذه الدولة اإلسالمية التي تتمتع‬ ‫بكل املواصفات التي تحقق لإلنسان أمنه وكرامته‪ ،‬أصبح الناس يتفاخرون‬ ‫بدولتهم هذه سواء من داخل اإلسالم أومن خارجه ‪».‬‬

‫*بيامرستان هي كلمة تعني مستشفى أصلها‬ ‫فاريس معناها «محل املریض»‪.‬‬

‫زيجرد هونكة \ شمس العرب تسطع عىل الغرب ‪.‬‬



‫الدكتور ابراهيم الفقى‬

‫هو رائد علم التنمية‬ ‫البرشية وعلم الربمجة اللغوية العصبية ىف الوطن العرىب بأكمله‬ ‫ورئيس مجلس إدارة املعهد الكندي للربمجة‬ ‫اللغوية ومؤسس ورئيس مجلس إدارة‬ ‫مجموعة رشكات إبراهيم الفقي العاملية‬

‫لوال تحديايت ملا تعلمت‪ ،‬و لوال تعاستي ملا سعدت‪ ،‬ولوال آالمي‬ ‫ملا ارتحت ‪،‬لوال مريض ملا شفيت ‪ ،‬لوال فقري ملا ‪ ،‬لوال ضياعي ملا‬ ‫وجدت‪ ،‬لوال فشيل ملا نجحت‪ ،‬ولوال إدرايك ملا أصبحت‬

‫من اليوم قم مبعاملة اآلخرين بالطريقة التي تحب أن يعاملوك بها‬ ‫من اليوم ابتسم لآلخرين كام تحب أن يبتسموا لك‬ ‫من اليوم امدح اآلخرين كام تحب أن يقوموا هم مبدحك‬ ‫من اليوم أنصت لألخرين كام تحب أن ينصتوا إليك‬ ‫من اليوم ساعد اآلخرين كام تحب أن يساعدوك‬ ‫بهذه الطريقة ستصل ألعىل مستوى من النجاح‪ ،‬وستكون يف طريقك‬ ‫للسعادة بال حدود‬

‫ما تراه يف حياتك اآلن ليس إال‬ ‫انعكاسا ملا فعلته يف املايض‪ ،‬وما‬ ‫ستفعله يف املستقبل ليس إال‬ ‫انعكاسا ملا تفعله اآلن‬

‫احتفظ بابتسامة جذابة عىل وجهك‬ ‫حتى إذا مل تكن تشعر أنك تريد أن تبتسم فتظاهر‬ ‫باالبتسامة حيث إن العقل الباطن ال يستطيع أن‬ ‫يفرق بني اليشء الحقيقي واليشء غري الحقيقي‪ ،‬وعىل‬ ‫ذلك فمن األفضل أن تقرر أن تبتسم باستمرار‬

‫إن األفكار لها قوة أكرب مام تتخيل فهى إما تأخذك إىل‬ ‫السعادة أو إىل التعاسة‪ ،‬وىف كلتا الحالتني فأنت صانع‬ ‫هذه األفكار‪ ،‬ولذا الحظ جيدا فيام تفكر ألن أفكارك‬ ‫ستحدد واقع حياتك اآلن ومستقبلك غدا فكلام كانت‬ ‫افكارك ايجابية وبناءه كلام عشت حياة ناجحة وسعيدة‬ ‫وكلام كانت أفكارك سلبية فأنت أبعد ما تكون عن تحقيق‬ ‫أى شئ إيجاىب ىف حياتك‬

‫كن البادئ بالتحية والسالم‬ ‫هناك حديث رشيف يقول‬ ‫“وخريهام الذي يبدأ بالسالم”…‬ ‫فال تنتظر الغري وابدأ أنت‬

‫حياتنا مشغولة بخالفات غري‬ ‫رضورية ‪ ،‬ألن عقولنا مملوءة‬ ‫بأفكار غري رضورية ‪،‬لذلك‬ ‫نعيش حياة بال معنى ‪ ،‬و يف‬ ‫الحقيقة ‪ ..‬غري رضورية‬

‫وأذا هاجمك الناس وأنت عيل‬ ‫حق ‪ ..‬أو قذعوك بالنقد ‪ ..‬فأفرح‬ ‫انهم يقولون لك أنت ناجح ومؤثر‬ ‫فالكلب امليت ال يركل وال يرمي اال‬ ‫الشجر املثمر‬

‫ال تحزن عيل ما يف الحياه فام خلقنا فيها اال لنمتحن ونبتيل حتي يرانا الله هل‬ ‫نصرب ؟ لذلك هون عليك وال تتكدر وتأكد بأن الفرج قريب فاذا اشتد سواد‬ ‫السحب ‪ ..‬فعام قليل ستمطر‬

‫استيقظ صباحا وأنت سعيد‬ ‫يطلع النهار عىل البعض فيقول “صباح الخري يا دنيا” بينام يقول البعض‬ ‫اآلخر “ما هذا… ملاذا حل علينا النهار مرة أخرى بهذه الرسعة”!! احذر‬ ‫من األفكار السلبية التي ميكن أن تخطر عىل بالك صباحا حيث أنها من‬ ‫املمكن أن تربمج يومك كله باألحاسيس السلبية‪ ،‬وركز انتباهك عىل األشياء‬ ‫اإليجابية‪ ،‬وابدأ يومك بنظرة سليمة تجاه األشياء‬

‫إن الشخص األكرث مرونة يستطيع التحكم يف أحاسيسه‪ ،‬ويحقق أهدافه‬ ‫أكرث من الشخص الذي ليس لديه مرونة ‪.‬وذلك ألن الشخص املرن إذا فكر‬ ‫بطريقة ال توصله إىل الطريق الذى يريده فإنه يفكر بطريقة مختلفة حتى‬ ‫يصل إىل النتائج املطلوبة ويحقق أهدافه‪ .‬واآللية لىك تعيش حياة أفضل‬ ‫هى اإلتزان‪ ،‬واإلنضباط‪ ،‬واإلرصار عىل تحقيق األهداف‪ ،‬والوصول إىل الرؤية‬ ‫واملرونة ىف األسلوب ثم الصرب والتوكل عىل الله سبحانه وتعاىل‬


‫أوالً‪ :‬ضعف العقيدة اإلسالمية‪ ،‬واالنحراف عن املنهج الربَّاين‪ ،‬وهذا السبب‬ ‫هو األساس‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬مواالة النصارى‪ ،‬والثقة بهم‪ ,‬والتحالف معهم؛ حيث نجد أن تاريخ األندلس ميلء‬ ‫بالتحالف مع النصارى إىل أن بلغ ذروة رهيبة واضطرب بسبب ذلك مفهوم الوالء‬ ‫والرباء‪ ،‬وال ُح ِّب يف الله والبغض يف الله‪ ،‬بل هذه املعاين كادت تندثر‪.‬‬ ‫يحل بها سخطُه‪ ,‬وتستويف‬ ‫إن األمة حني تخالف أم َر ربِّها‪ ,‬وتنحرف عن طري ِقه‪ ,‬فال بد أن َّ‬ ‫أسباب نقم ِته‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬يَا أَيُّ َها ال َِّذي َن آ َم ُنوا الَ تَتَّ ِخذُوا ال َِّذي َن ات َّ َخذُوا ِدي َن ُك ْم ُه ُز ًوا َولَ ِع ًبا‬ ‫اب ِمن قَبْلِ ُك ْم َوالْ ُكفَّا َر أَ ْولِيَا َء َواتَّقُوا الل َه إِن كُ ْنتُم ُّم ْؤ ِم ِن َني} [املائدة‪:‬‬ ‫ِّم َن ال َِّذي َن أُوت ُوا الْ ِكتَ َ‬ ‫‪.]57‬‬ ‫وجل‪{ :‬الَ يَتَّ ِخ ِذ الْ ُم ْؤ ِم ُنو َن الْكَا ِفرِي َن أَ ْولِ َيا َء ِمن ُدونِ الْ ُم ْؤ ِم ِن َني َو َمن يَ ْف َع ْل َذلِ َك‬ ‫وقوله ع َّز َّ‬ ‫ش ٍء} [آل عمران‪.]28 :‬‬ ‫فَلَ ْي َس ِم َن الل ِه يف َ ْ‬ ‫وقوله تعاىل‪{ :‬الَ ت َ ِج ُد قَ ْو ًما يُ ْؤ ِم ُنو َن بِالل ِه َوالْ َي ْومِ ا َآل ِخ ِر يُ َوادُّو َن َم ْن َحا َّد الل َه َو َر ُسولَ ُه َولَ ْو‬ ‫كَانُوا آبَا َء ُه ْم} [املجادلة‪.]22 :‬‬ ‫وقد أبان رسول الله صىل الله عليه وسلم طريق األمة يف الوالء والرباء‪ ،‬فقال‪« :‬أَوث َُق ُع َرا‬ ‫والحب يف الله‪ ،‬والبغض يف الله»(‪.)1‬‬ ‫اإلميان املواالة يف الله‪ ،‬واملعاداة يف الله‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫وجل‪َ « :‬من عادى يل وليًّا فقد آذانته‬ ‫ويقول صىل الله عليه وسلم فيام يرويه عن ربه ع َّز َّ‬ ‫بالحرب»(‪.)2‬‬ ‫فإذا كان هذا كله ُمسطَّ ًرا يف كتاب ربِّها وسنة نبيها وتخالفه‪ ،‬فال بد أن ت ُرى فيها سنة‬ ‫الله التي ال تتغري وال تتبدل‪.‬‬ ‫فحني تجد أن املعتمد بن عباد يذهب إىل ملك قشتالة ويطلب منه الصلح ويدفع له‬ ‫املال‪ ،‬نراه جاهدًا يف حرب أمراء الطوائف واستئصالهم‪ ،‬أ َما كان األفضل له أن يتحد مع‬ ‫إخوانه أمراء الطوائف؟! ويف ذلك مصلحة له ولهم ولألندلس عامة‪ ،‬ولإلسالم وأهله‪،‬‬ ‫ولك َّنك ال تجنى من الشوك العنب(‪.)3‬‬ ‫بل ضعف مفهو ُم الوالء والرباء‪ ،‬حتى إن بعض ُحكَّام املسلمني استوزروا وزراء نصارى‬ ‫ويهود يرصفون أمور دولة اإلسالم‪ ،‬فهل يؤمن الذئب عىل الغنم؟!(‪.)4‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬االنغامس يف الشهوات واللهو‪:‬‬ ‫السبب الثالث االنغامس يف الشهوات والركون إىل الدعة والرتف وعدم إعداد األمة‬ ‫للجهاد‪ ،‬إن األمة التي تركن إىل الدعة والرتف واللهو‪ ،‬وهي غالبة قاهرة يجب أن ت ُع ّد‬ ‫غري مستحقة للريادة والقيادة‪ ،‬فام بالك بأمة تغرق يف اللهو والدعة والرتف‪ ،‬وهي ال‬

‫تدري إن كان العدو قد كرس حصنها واجتاحها‪ ،‬أم أنه ال يزال ينتظر تلك اللحظات؟!‬

‫بناته يغزلن لل َّناس يتكسنب‪ ،‬ويف ذلك يقول امل ُ ْعتَ ِمد وهو شاعر مجيد‪:‬‬

‫يقول املؤرخ النرصاين كوندي‪« :‬العرب ُهزموا عندما نسوا فضائلهم التي جاءوا بها‪،‬‬ ‫وأصبحوا عىل قلب متقلب مييل إىل الخفة واملرح‪ ،‬واالسرتسال بالشهوات»(‪.)5‬‬

‫فيام مىض كنت باألعياد مرسو ًرا *** فساءك العيد يف أغامت مأسو ًرا‬ ‫ترى بناتك يف األطامر جائعــة *** يغزلن للناس ما ميلكن قطميـ ًرا‬ ‫برزن نحـوك للتسليـم خاشعـة *** أبصارهن حسيـرات مكاسيـرا‬ ‫يطأن يف الطني واألقدام حافيـة *** كأنَّها مل تطـأ مسكًا وكافـو ًرا‬ ‫س به *** فإمنا بات باألحالم معـرو ًرا(‪)10‬‬ ‫َمن بات بعدك يف ُملـك يُ َ ُّ‬

‫إن املؤرخني رأوا‪« :‬أن األَنْ َدلُسيني ألقوا بأنفسهم يف أحضان النعيم‪ ،‬ناموا يف ظل ظليل‬ ‫من الغنى الواسع والحياة العابثة واملجون‪ ،‬وما يريض األهواء من ألوان الرتف الفاجر‪،‬‬ ‫فذهبت أخالقهم كام ماتت فيهم حمية آبائهم البواسل‪ ،‬وغدا التهتك والخالعة واإلغراق‬ ‫يف املجون‪ ،‬واهتامم النساء مبظاهر التربج والزينة بالذهب والآليل ِمن أبرز املميزات‬ ‫أيام االضمحالل التي استناموا للشهوات والسهرات املاجنة‪ ،‬والجواري الشاديات‪ ،‬وإن‬ ‫شع ًبا يهوى إىل هذا الدرك من االنحالل وامليوعة ال يستطيع أن يص ُمد رجاله لحرب أو‬ ‫جهاد»(‪.)6‬‬ ‫دخل امل ُْسلِ ُمون األندلس وأصبحوا ساداتها عندما كان نشيد طارق يف العبور «الله أكرب»‪،‬‬ ‫وبقوا فيها زم ًنا حني كان يحكمها أمثال عبد الرحمن الداخل عندما قُدم إليه الخمر‬ ‫ليرشب فقال‪« :‬إنِّ محتاج ملا يزيد يف عقيل ال ما ينقصه»(‪.)7‬‬ ‫يقول الدكتور عبد الرحمن الحجي عن الفاتحني األوائل لألندلس‪« :‬كانت غرية هؤالء‬ ‫املجاهدين شديدة عىل إسالمهم‪ ،‬فَ َد ْوه بالنفس وهي عندهم له رخيصة‪ ،‬فهو أغىل من‬ ‫حياتهم‪ ,‬أرشبت نفوسهم ُحبَّه‪ ،‬غدا تصورهم وفكرهم ونورهم وربيع حياتهم»(‪.)8‬‬ ‫وضاعت ماملك األندلس من يدي امل ُْسلِ ِمني عندما كان نشيد أحفاد الفاتحني‪:‬‬ ‫ووزن العود وهات القدحا *** راقت الخمرة والورد صحا‬ ‫وعندما قصد اإلفرنج بلنسية لغزوها عام ‪456‬هـ‪ ،‬خرج أهلها للقائهم بثياب الزينة‪،‬‬ ‫فكانت وقعة بطرنة التي قال فيها الشاعر أبو إسحاق بن معيل‪:‬‬ ‫لبسوا الحديد إىل الوغى ولبستـم *** ُحل َ​َل الحرير عليـكم ألـوانًا‬ ‫ما كان أقبحهـم وأحسنكـم بها *** لو مل يكن ببطرنة ما كانـا(‪)9‬‬ ‫وسلب كثري من ديارهم؛ ملا تنافس الوالة وال ُحكَّام من أجل‬ ‫ضعف امل ُْسلِ ُمون يف األندلس ُ‬ ‫إسعاد زوجاتهم وجواريهم بالباطل‪.‬‬ ‫وإليك ما فعله امل ُ ْعتَ ِمد مع إحدى زوجاته‪ :‬اشتهت زوجة املعتمد بن عباد أن متيش يف‬ ‫الطني وتحمل ال ِق َرب‪ ،‬فأمر امل ُ ْعتَ ِمد بن َع َّباد أن ينرش املسك عىل الكافور والزعفران‪،‬‬ ‫وتحمل قربًا من طيب املسك وتخوض فيها تحقيقًا لشهواتها!!‬ ‫ولكن الله املعز املذل أراد أن تنقلب األمور عىل امل ُ ْعتَ ِمد‪ ،‬فيؤخذ أس ًريا يف أغامت وتبقى‬

‫ُؤت جوامع الكلم إذ يقول‪« :‬إذا تبايعتم‬ ‫وصدق الحبييب صىل الله عليه وسلم‪ ,‬امل َ‬ ‫بالعينة‪ ،‬وأخذتم أذناب البقر‪ ،‬ورضيتم بالزرع‪ ،‬وتركتم الجهاد‪ ،‬سلَّط الله عليكم ُذالًّ‪ ،‬ال‬ ‫ينزعه عنكم حتى ترجعوا إىل دينكم»(‪.)11‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬إلغاء الخالفة األموية وبداية عهد الطوائف‪:‬‬ ‫ال َّ‬ ‫شك أن بداية االنهيار الفعيل يف األَنْ َدلُس بزوال الخالفة األموية‪ ,‬ونشأ عىل إثر ذلك‬ ‫عهد السنوات الصعاب‪ ،‬كانت كلمة األمة واحدة وخليفتهم واحدًا فأصبحت األمة كام‬ ‫قال الشاعر‪:‬‬ ‫مام يزهدين فـي أرض أَنْ َدلُـس *** أسـامء معتمد فيهـا ومعتضــد‬ ‫ألقاب مملكة يف غيـر موضعهـا *** كاله َّر يحيك انتفاخًا صولة األسد(‪)12‬‬ ‫وكام قال اآلخر‪:‬‬ ‫وتف َّرقوا شي ًعا فكل محلـة *** فيها أمري املؤمنني ومنبـر‬ ‫ومل يكن ُحكَّام األَنْ َدلُس أهالً لقيادة األمة يف عمومهم‪ ،‬واسمع إىل ابن حزم وهو يقول‬ ‫عن هؤالء ال ُحكَّام‪« :‬والله لو علموا أن يف عبادة الصلبان متشية أمورهم لبادروا إليها‪،‬‬ ‫فنحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنونهم من حرب امل ُْسلِ ِمني‪ ،‬لعن الله جميعهم‪،‬‬ ‫وسلط عليهم سيفًا من سيوفه»(‪.)13‬‬ ‫ويقول الدكتور عبد الرحمن الحجي عن هؤالء ال ُحكَّام‪« :‬وهكذا وجدت يف األندلس‬ ‫أوضاع يحكمها أمراء اتصف عدد منهم بصفات األثرة والغدر‪ ،‬هانت لديهم معه‬ ‫مصالح األمة‪ ،‬وت ُركت دون مصالحهم الذاتية‪ ،‬باعوا أمتهم للعدو املرتبص مث ًنا لبقائهم يف‬ ‫السلطة‪ ،‬ولقد أصاب األمة من الضياع بقدر ما ضيعوا من الحظ الخُلقي املسلم‪ ،‬انحرف‬ ‫ُّ‬ ‫هؤالء املسئولون عن النهج الحنيف‪ ،‬الذي به كانت األندلس وحضارته»‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬االختالف والتفرق بني املسلمني‪:‬‬ ‫ً‬ ‫كان االختالف والتَّف ُّرق سمة من سامت عرص ملوك الطوائف‪ ،‬وكان بعضهم يستعدي‬ ‫النصارى عىل إخوانه‪ ،‬ويعقدون مع النصارى عهودًا وأحالفًا ضد إخوانهم يف العقيدة‪،‬‬ ‫و ِمن أجل شهوة سلطة تُراق عىل أرض األندلس دماء املصلني‪ ،‬حتى قال ابن املرابط‬


‫أيكون املؤمن جبانًا‬ ‫« َع ْن َص ْف َوا َن بْنِ ُسلَ ْي ٍم أَنَّ ُه ق َ​َال‪ِ :‬ق َيل لِ َر ُسو ِل اللَّ ِه ( أَيَكُو ُن الْ ُم ْؤ ِم ُن َج َبانًا؟ فَق َ​َال نَ َع ْم‪ ،‬فَ ِق َيل لَ ُه أَيَكُو ُن الْ ُم ْؤ ِم ُن بَ ِخ ًيل؟ فَق َ​َال نَ َع ْم‪ ،‬فَ ِق َيل لَ ُه أَيَكُو ُن الْ ُم ْؤ ِم ُن كَذَّابًا؟ فَق َ​َال َل»‬ ‫أخرجه مالك يف املوطأ ‪ ،990 /2‬والبيهقي يف شعب االميان (‪.)4622‬‬ ‫يف هذا الحديث يشري النبي صىل الله عليه وسلم إىل مسألة غاية يف األهمية‪ ،‬غفل عنها كثري ممن يعظ يف األخالق‪ ،‬نشري اليها عىل شكل سؤال‪ :‬هل يجب أن يكون‬ ‫كل مسلم شجاعاً؟ وهل يجب أن يكون كل مسلم كرمياً؟ و ِقس عىل الشجاعة والكرم كثريا ً من األخالق‪.‬‬ ‫الجواب‪ :‬ال ‪ ..‬ال يجب‪ ،‬وكأن النبي صىل الله عليه وسلم يريد أن يقول لنا‪ :‬هناك أخالق ال يسع املسلم تركها‪ ،‬بل هي جزء من شخصيته وعقيدته‪ ،‬ومرتبطة باميانه‪،‬‬ ‫وهناك أخالق تكتمل بها شخصيته االميانية‪.‬‬

‫أيَكُونُ الْ ُم ْؤ ِم ُن بخيالً‬

‫حض عليها االسالم‪ ،‬لكن قد‬ ‫هذا هو السؤال الثاين الذي ُو ّجه للنبي صىل الله عليه وسلم «أَيَكُو ُن الْ ُم ْؤ ِم ُن بَ ِخ ًيل؟ فَق َ​َال نَ َع ْم»‪ ،‬وما من شك أن الكرم من األخالق التي ّ‬ ‫نرى ونسمع عن مسلم يتصف بالبخل‪ ،‬حتى أنه يف جيل الصحابة من كان يتصف بالتقتري‪ ،‬فهذا أبو سفيان ريض الله عنه‪ ،‬قبل االسالم كان شحيحاً‪ ،‬ومل ّا أسلم وحسن‬ ‫تتغي فيه هذه الصفة‪ ،‬فهذه هند زوجته تأيت إىل النبي صىل الله عليه وسلم‪ ،‬تشكو زوجها فتقول «يَا َر ُس َ‬ ‫يح (بخيل) َولَيْ َس‬ ‫ول اللَّ ِه اِ َّن أَبَا ُس ْفيَا َن َر ُج ٌل شَ ِح ٌ‬ ‫اسالمه‪ ،‬مل ّ‬ ‫يُ ْع ِطي ِني َما يَ ْك ِفي ِني َو َول َِدي اِلَّ َما أَ َخ ْذتُ ِم ْن ُه َو ُه َو لَ يَ ْعلَ ُم فَق َ​َال ُخ ِذي َما يَ ْك ِف ِ‬ ‫يك َو َولَ َد ِك بِالْ َم ْع ُر ِ‬ ‫وف» رواه البخاري‪.‬‬

‫أَ َيكُونُ الْ ُم ْؤ ِم ُن كَ َّذا ًبا‬

‫أما السؤال الثالث الذي ُو ّجه للنبي صىل الله عليه وسلم فهو يختلف عن األسئلة التي سبقته‪ ،‬لذا اختلفت اجابة النبي صىل الله عليه وسلم عليه «أَيَكُو ُن الْ ُم ْؤ ِم ُن‬ ‫كَذَّابًا؟ فَق َ​َال‪ :‬ال»‪.‬‬ ‫بأي حال من األحوال‪ ،‬وهناك أخالق‬ ‫اذن فاألخالق ليست مسألة موعظة وتنتهي‪ ،‬بل هي أعمق من ذلك بكثري‪ ،‬فهناك أخالق أساسية ورضورية ال ميكن التنازل عنها ّ‬ ‫يصح أن تصدر عن مسلم ارتىض االسال َم منهج حياة‪.‬‬ ‫ثانوية (كاملية) ترتقي بها شخصية املؤمن‪ ،‬وهناك أخالق ال ّ‬ ‫فالكرم والشجاعة كام نرى يف الحديث‪ ،‬تعترب من املك ّمالت األخالقية‪ ،‬فقد يكون املؤمن مؤمناً جباناً‪ ،‬لكن يف الطرف املقابل نجد أن الصدق هو خلق أسايس يف‬ ‫شخصية املسلم‪ ،‬لذا قال النبي صىل الله عليه وسلم‪ :‬ال يكون املؤمن كذّاباً‪.‬‬

‫طارق سويدان‬ ‫سلسلة علمتني الحياة ‪1‬‬ ‫مدرسة الحياة‬


‫مواقع اإلحساس في الجلد‬ ‫يقول الله عز وجل‪:‬‬ ‫﴿ إِ َّن ال َِّذي َن كَ َف ُروا ِب َآيَاتِ َنا َس ْو َف ن ُْصلِي ِه ْم نَارا ً كُل َ​َّم ن َِض َج ْت ُجلُو ُد ُه ْم بَ َّدلْ َنا ُه ْم ُجلُودا ً غ ْ َ​َي َها لِ َيذُوقُوا‬ ‫َاب إِ َّن اللَّ َه كَا َن َعزِيزا ً َح ِكيامً (‪﴾)56‬‬ ‫الْ َعذ َ‬ ‫( سورة النساء )‬ ‫دققوا يف هذه العالقة‪:‬‬ ‫َاب﴾‬ ‫﴿ كُل َ​َّم ن َِض َج ْت ُجلُو ُد ُه ْم بَ َّدلْ َنا ُه ْم ُجلُودا ً غ ْ َ​َي َها لِ َيذُوقُوا الْ َعذ َ‬ ‫كأن هذه اآلية‪ ،‬تشري‪ ،‬إىل أن مواقع اإلحساس باألمل‪ ،‬وأمل الحريق بالذَّات‪ ،‬موجود ٌة يف الجلد‪ ،‬فمن أجل‬ ‫أن يذوقوا العذاب‪ ،‬كلام نضجت جلودهم بدلناهم جلودا ً غريها‪.‬‬ ‫مؤلف من طبقتني‪ ،‬طبق ٌة اسمها البرشة‪ ،‬وهذه البرشة‪ ،‬تزداد سمكاً‪ ،‬أو رقةً‪،‬‬ ‫قال العلامء‪ :‬الجلد ٌ‬ ‫بحسب موقعها يف الجسم‪ ،‬وبحسب اإلحتكاك‪ ،‬وبحسب البيئة‪ ،‬وهذه الطبقة نفسها‪ ،‬مؤلف ٌة من ثالث‬ ‫طبقات‪ ،‬طبق ٌة عليا خارجية‪ ،‬ووسطى‪ ،‬وسفىل‪.‬‬ ‫ويف الجلد‪ ،‬طبق ٌة ثانية اسمها األدمة‪ ،‬وهذه الطبقة فيها العجب العجاب‪ ،‬هي مؤلف ٌة من نسي ٍج ضام‪،‬‬ ‫فيها شعرياتٌ دموية‪ ،‬ونهاياتٌ عصبية‪ ،‬وغد ٌد تفرز الدهون‪ ،‬وغد ٌد َع َرقية‪ ،‬ومنطق ٌة دهنيةٌ‪ ،‬تحت هذه‬ ‫األدمة‪ ،‬األدمة‪ ،‬هي الطبقة الف َّعالة‪ ،‬يف الجلد‪.‬‬ ‫فالغدة الدرقية‪ ،‬تزيد نشاطها الخلوي‪ ،‬وبازدياد نشاطها الخلوي‪ ،‬تزيد من الحرارة‪ ،‬الناتجة‪ ،‬عن هذا‬ ‫النشاط‪ ،‬فيفقد اإلنسان‪ ،‬بعض هذه الحرارة‪ ،‬عن طريق اإلشعاع الحراري‪ ،‬وبهذا يتك َّيف الجسم‪ ،‬مع‬ ‫ٍ‬ ‫بهورمونات‪ ،‬إىل الخاليا‪ ،‬فتزيد من‬ ‫الجو الحار‪ ،‬إذا كان اإلنسان‪ ،‬يف ج ٍو حار‪ ،‬فإن الغدة الدرقية‪ ،‬تبعث‬ ‫نشاطها‪ ،‬ومن ازدياد نشاطها‪ ،‬تزيد كمية الحرارة‪ ،‬التي تش ُّعها هذه الخاليا‪ ،‬وبهذا‪ ،‬يتك َّيف الجسم‪ ،‬مع‬

‫الدكتور محمد راتب النابليس‬ ‫رابط املوقع‬

‫اضغط هنا‬

‫الجو الحار‪ ،‬يش ٌء أغرب من الخيال‪.‬‬ ‫إذا و ِج َد اإلنسان يف ج ٍو درجته أربعني مئوية‪ ،‬ما الذي يحصل يف جسده ؟ قال بعض العلامء‪ :‬إن‬ ‫هناك مئتي ألف جسيم منترش يف أنحاء الجلد‪ ،‬فإذا ارتفعت الحرارة يف الجو املحيط عن الحد‬ ‫املعقول‪ ،‬أرسلت هذه الجسيامت إشار ٍ‬ ‫ات عصبية‪ ،‬تنقلها األلياف العصبية إىل املخ‪ ،‬واملخ يصدر أمرا ً‬ ‫بتوسيع الرشيانات الدقيقة يف كل أنحاء الجسم‪ ،‬فإذا ارتفعت حرارة الجو يتو َّرد اإلنسان‪ ،‬مييل لونه‬ ‫إىل الحمرة‪ ،‬يصبح أزهر اللون‪.‬‬


‫القانـ ــون و األخ ـ ـ ــالق‬ ‫الكثري منا يظن أن القانون هو الذي يضبط الناس‪ ،‬وهذا وهم كبري‪ ،‬ألن القانون مرتبط بزمان ومكان‬ ‫وعقوبة وبرش‪ ،‬وعندما َيأمن االنسان العقوبة‪ ،‬أو يغيب من يراقبه‪ ،‬ال َي ُعد للقانون أية قيمة تذكر‪ ،‬أما‬ ‫األخالق املتأصلة يف النفس‪ ،‬فهي وحدها الكفيلة بدفع الناس إىل االلتزام بالفضيلة وترك الرذيلة‪ ،‬ألن‬ ‫األخالق واملبادئ والقيم‪ ،‬يحملها املرء معه ّأن ذهب‪ ،‬وهي التي توجه سلوكه‪ ،‬وتضبط حركته‪ ،‬لذا كانت‬ ‫املجتمعات الفاضلة الحقيقية هي التي تقوم عىل األخالق‪ ،‬قبل أن تقوم عىل القانون‪ ،‬ومن خالل هذه‬ ‫املقارنة التالية يتنب لنا الفرق بني األخالق والقانون‪.‬‬

‫متى ترسق يف أمريكا؟‬ ‫من خالل هذه القصة التي حدثت‪ ،‬تزداد قناعتنا أن القانون وحده ال يضبط الناس‪ ،‬بل األخالق‬ ‫والقيم هي التي تضبطهم‪ ،‬ففي مدينة «بنسلفانيا» يف السبعينيات‪ ،‬انقطع التيار الكهربايئ لليلة‬ ‫قدرت الرسقات يف فرتة‬ ‫واحدة عن مدينة «نيويورك» األمريكية‪ ،‬وبعد اصالح العطل وعودة الكهرباء‪ّ ،‬‬ ‫االنقطاع بـ «بليوين دوالر» يف ليلة واحدة فقط!!!‬


‫االمام وسائق الباص‬ ‫حدثت هذه القصة يف احدى املدن الربيطانية‪ ،‬حيث اعتاد امام أحد املساجد أن يركب حافل ًة معينة‪ ،‬ويف ساعة محددة‪ ،‬ليقلّه إىل‬ ‫املسجد‪ ،‬وغالباً ما يكون مع نفس السائق‪ ،‬وكعادته صعد االمام إىل الحافلة‪ ،‬وأعطى السائق األجرة‪ ،‬فأعطاه السائق التذكرة وأرجع له‬ ‫الباقي‪ ،‬ثم جلس االمام يف كرسيه‪ ،‬وبعد لحظات تفطّن إىل أن السائق قد أخطأ يف الحساب‪ ،‬وأعطاه (‪ )20‬بنساً زيادة‪ ،‬وهو مبلغ زهيد‬ ‫فلم وصل إىل املكان الذي ينزل فيه‪ ،‬اقرتب من السائق وقال له‬ ‫جدا ً‪ ،‬وبعد طول تفكري قرر االمام أن يعيد هذا املبلغ الزهيد للسائق‪ّ ،‬‬ ‫بلطف‪ :‬عفوا ً لقد أعطيتني (‪ )20‬بنساً زيادة‪ ،‬فتبسم السائق وقال‪ :‬مل أخطئ يف الحساب‪ ،‬بل تع ّمدت أن أعطيك (‪ )20‬بنساً زيادة‬

‫فلطاملا أرستني أخالقك الراقية‪ ،‬حتى بدأت أقرأ‬ ‫عن االسالم الذي تنتمي اليه‪ ،‬وقررت أن أختربك‬ ‫وأخترب أخالقك بهذه البنسات العرشين‪ ،‬ولقد‬ ‫نجحت يف االختبار‪ ،‬لذا أرجوك خذين معك إىل‬ ‫املسجد‪ ،‬وعلّمني االسالم !!‬

‫القدوة العملية أكرث تأثريا ً من مجرد الوعظ و اإلرشاد‬

‫مصطفى مشهور‬


‫استمتع بحياتك‬ ‫محمد العريفي‬

‫طور نفسك‬ ‫تجلس مع بعض الناس وعمره عرشون سنة ‪ ..‬فرتى له أسلوباً ومنطقاً وفكرا ً معيناً ‪..‬‬ ‫هي ‪ ..‬مل يتطور فيه يشء ‪..‬‬ ‫ثم تجلس معه وعمره ثالثون ‪ ..‬فإذا قدراته هي َ‬ ‫بينام تجلس مع آخرين فتجدهم يستفيدون من حياتهم ‪ ..‬تجده كل يوم متطورا ً عن‬ ‫اليوم الذي قبله ‪ ..‬بل ما متر ساعة إال ارتفع بها ديناً أو دنيا ‪..‬‬ ‫إذا أردت أن تعرف أنواع الناس يف ذلك ‪ ..‬فتعال نتأمل يف أحوالهم واهتامماتهم ‪..‬‬ ‫القنوات الفضائية مثالً ‪..‬‬ ‫من الناس من يتابع ما ينمي فكره املعريف ‪ ..‬ويطور ذكاءه ‪ ..‬ويستفيد من خربات‬ ‫اآلخرين من خالل متابعة الحوارات الهادفة ‪ ..‬يكتسب منها مهارات رائعة يف النقاش‬ ‫‪ ..‬واللغة ‪ ..‬والفهم ‪ ..‬ورسعة البديهة ‪ ..‬والقدرة عىل املناظرة ‪ ..‬وأساليب اإلقناع ‪..‬‬ ‫ومن الناس من ال يكاد يفوته مسلسل يحيك قصة حب فاشلة ‪ ..‬أو مرسحية عاطفية‬ ‫‪ ..‬أو فيلم خيايل مرعب ‪ ..‬أو أفالم لقصص افرتاضية تافهة ‪ ..‬ال حقيقة لها ‪..‬‬ ‫تعال بالله عليك ‪ ..‬وانظر إىل حال األول وحال الثاين بعد خمس سنوات ‪ ..‬أو عرش ‪..‬‬ ‫أيهام سيكون أكرث تطورا ً يف مهاراته ؟ يف القدرة عىل االستيعاب ؟ يف سعة الثقافة ؟ يف‬ ‫القدرة عىل اإلقناع ؟ يف أسلوب التعامل مع األحداث ؟‬ ‫ال شك أنه األول ‪..‬‬ ‫بل تجد أسلوب األول مختلفاً ‪ ..‬فاستشهاداته بنصوص رشعية ‪ ..‬أو أرقام وحقائق ‪..‬‬ ‫أما الثاين فاسشهاداته بأقوال املمثلني ‪ ..‬واملغنني ‪..‬‬ ‫حتى قال أحدهم يوماً يف معرض كالمه ‪ ..‬والله يقول ‪ :‬اِ ْس َع يا عبدي وأنا أسعى معاك‬

‫ملا كنت يف السادسة عرشة من عمري وقع يف يدي‪ -‬كتاب « فن التعامل مع الناس « ملؤلفه « دايل كارنيجي « كان كتاباً رائعاً قرأته عدة مرات ‪..‬‬ ‫كان كاتبه اقرتح أن يعيد الشخص قراءته كل شهر ‪ ..‬ففعلت ذلك ‪ ..‬جعلت أطبق قواعده عند تعاميل مع الناس فرأيت لذلك نتائج عجيبة ‪..‬‬ ‫كان كارنيجي يسوق القاعدة ويذكر تحتها أمثلة ووقائع لرجال متيزوا من قومه‪ ..‬روزفلت‪ ..‬لنكولن‪ ..‬جوزف‪ ..‬مايك ‪ ..‬فبحثت يف تاريخنا فرأيت أن يف سرية رسول الله‬ ‫وأصحابه ومواقف املتميزين من رجال أمتنا ما يغنينا ‪..‬‬ ‫فبدأت من ذلك الحني أؤلف هذا الكتاب يف فن التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫فهذا الكتاب الذي بني يديك ليس وليد شهر أو سنة‪ ..‬بل هو نتيجة دراسات قمت بها ملدة عرشين عاماً‪..‬‬ ‫يل بتأليف قرابة العرشين عنواناً إىل اآلن ‪ ..‬إال أين أجد أن أحب كتبي إ َّيل وأغالها إىل قلبي ‪ ..‬وأكرثها فائدة عملية ‪ -‬فيام أظن – هو هذا‬ ‫ومع أن الله تعاىل قد م َّن ع َّ‬ ‫الكتاب‪..‬‬ ‫كتبت كلامته مبداد خلطته بدمي‪ ..‬سكبت روحي بني أسطره ‪ ..‬عرصت ذكريايت فيه ‪ ..‬جعلتها كلامت من القلب إىل القلب‪ ..‬وأقسم أنها خرجت من قلبي مشتاقة أن‬ ‫يكون مستقرها قلبك ‪ ..‬فرحامك بها ‪..‬‬ ‫ما أعظم رسوري لو علمت أن قارئاً أو قارئة لهذه الورقات طبق ما فيه ‪ ..‬فشعر وشعر غريه بتطور مهاراته ‪ ..‬وازدادت متعته يف حياته‬ ‫فسطر بيمينه الطاهرة – مشكورا ً ‪ -‬رسالة عرب فيها عن رأيه ‪ ..‬وص ّور مشاعره بصدق ورصاحة ‪ ..‬ثم أرسلها عرب‬ ‫بريد أو رسالة جوال ‪ sms‬إىل كاتب هذه السطور ‪ ..‬ألكون للطفه شاكرا ً ‪ ..‬وبظهر الغيب له داعياً ‪ ..‬أسأل الله أن‬ ‫ينفع بهذه الورقات ‪ ..‬وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ‪..‬‬

‫!‬ ‫فنبهناه إىل أن هذه ليست آية ‪ ..‬فتغري وجهه وسكت ‪..‬‬ ‫ثم تأملت العبارة ‪ ..‬فإذا الذي ذكره هو مثل مرصي انطبع يف ذهنه من إحدى‬ ‫املسلسالت !!‬ ‫نعم ‪ ..‬كل إناء مبا فيه ينضح ‪..‬‬ ‫فأنت إذا أردت أن تكون رأساً ال ذيالً ‪ ..‬احرص عىل تتبع املهارات أينام كانت ‪ ..‬د ِّرب‬ ‫نفسك عليها ‪..‬‬ ‫كان عبد الله رجالً متحمساً ‪ ..‬لكنه تنقصه بعض املهارات ‪ ..‬خرج يوماً من بيته إىل‬ ‫املسجد ليصيل الظهر ‪..‬‬ ‫يسوقه الحرص عىل الصالة ويدفعه تعظيمه للدين ‪..‬‬ ‫كان يحث خطاه خوفاً من أن تقام الصالة قبل وصوله عىل املسجد ‪..‬‬ ‫مر أثناء الطريق بنخلة يف أعالها رجل بلباس مهنته يشتغل بإصالح التمر ‪..‬‬ ‫عجب عبد الله من هذا الذي ما اهتم بالصالة ‪ ..‬وكأنه ما سمع إذاناً وال ينتظر إقامة‬ ‫‪!!..‬‬ ‫فصاح به غاضباً ‪ :‬انزل للصالة ‪..‬‬ ‫فقال الرجل بكل برود ‪ :‬طيب ‪ ..‬طيب ‪..‬‬ ‫فقال ‪َ :‬ع ِّجل ‪َ ..‬صل يا حامر !‬ ‫فرصخ الرجل ‪ :‬أنا حامر ‪ !!..‬ثم انتزع عسيباً من النخلة ونزل ليفلق به رأسه !!‬ ‫غطى عبد الله وجهه بطرف غرتته لئال يعرفه ‪ ..‬وانطلق يعدو إىل املسجد ‪..‬‬ ‫نزل الرجل من النخلة غاضباً ‪ ..‬ومىض إىل بيته وصىل وارتاح قليالً ‪ ..‬ثم خرج إىل‬ ‫نخلته ليكمل عمله ‪..‬‬ ‫دخل وقت العرص وخرج عبد الله إىل املسجد ‪ ..‬م ّر بالنخلة فإذا الرجل فوقها ‪..‬‬

‫فقال ‪ :‬السالم عليكم ‪ ..‬كيف الحال ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬الحمد لله بخري ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬برش !! كيف الثمر هذه السنة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫قال عبد الله ‪ :‬الله يوفقك ويرزقك ‪ ..‬ويوسع عليك ‪ ..‬وال يحرمك أجر عملك وكدك‬ ‫ألوالدك ‪..‬‬ ‫ابتهج الرجل لهذا الدعاء ‪ ..‬فأمن عىل الدعاء وشكر ‪..‬‬ ‫فقال عبد الله ‪ :‬لكن يبدو أنك لشدة انشغالك مل تنتبه إىل أذان العرص !! قد أذن‬ ‫العرص ‪ ..‬واإلقامة قريبة ‪ ..‬فلعلك تنزل لرتتاح وتدرك الصالة ‪ ..‬وبعد الصالة أكمل‬ ‫عملك ‪ ..‬الله يحفظ عليك صحتك ‪..‬‬ ‫فقال الرجل ‪ :‬إن شاء الله ‪ ..‬إن شاء الله ‪..‬‬ ‫وبدأ ينزل برفق ‪ ..‬ثم أقبل عىل عبد الله وصافحه بحرارة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أشكرك عىل هذه‬ ‫األخالق الرائعة ‪ ..‬أما الذي مر يب الظهر فيا ليتني أراه ألعلمه من الحامر !‬

‫مهاراتك يف التعامل مع اآلخرين ‪..‬‬ ‫عىل أساسها تتحدد طريقة تعامل الناس معك ‪..‬‬


‫إبداعات حضارتنا‬

‫يف الطب‬

‫أُقيمت يف حضارتنا أوقاف متعددة ومتنوعة‪ ،‬منها « وقف خداع‬ ‫املريض «‪،‬‬ ‫فيه وظيفة من جملة وظائف املعالجة يف املستشفيات ‪ ،‬وهي تكليف‬ ‫اثنني من املمرضني أن يقفا قريباً من املريض ‪ ،‬بحيث يسمعهام وال‬ ‫يراهام ‪ ،‬فيقول أحدهام لصاحبه ‪:‬‬ ‫ماذا قال الطبيب عن هذا املريض ؟‬ ‫فريد عليه اآلخر ‪:‬‬ ‫إن الطبيب يقول ‪ :‬إنه ال بأس إنه مرجو الربء ‪ ،‬وال يوجد يف علته ما‬ ‫يشغل البال ‪ ،‬ورمبا ينهض من فراش مرضه بعد يومني أو ثالثة أيام ‪.‬‬ ‫وهذه جرعة أمل للمريض ونوع من اإليحاء اإليجايب‬

‫ألنه َع َر َف معنى « اإلحسان « وفَ ِه َم معنى الرحمة اإللهية ‪..‬‬ ‫أبو القاسم الزهراوي ‪ ،‬من شدة حرصه عىل مرضاه ورحمته بهم ‪ ..‬قام باخرتاع‬ ‫مرشطا له شفرة مخفية يف العمليات الجراحية حتى ال يفزع املريض ‪ ...‬فتأمل !!‬

‫«إن البيامرستانات كانت تقدم مساعدة من موازنتها لكل مريض يدخل إليها‬ ‫سواء كان مسلامً أو غري مسلم‪ ،‬فيعاىف ويخرج منها خالل فرتة النقاهة‪ ،‬وكانت‬ ‫تقدم له مرتباً شهرياً يتناسب مع دخله قبل املرض‪ ،‬ويدوم هذا العطاء مدة‬ ‫ستة أشهر قابلة للزيادة وذلك ألن املريض النا ِقه اليستطيع أن يرجع إىل عمله‬ ‫ملجرد خروجه من املشفى· فهذا التأمني الصحي مل تصل إليه أرقى الدول‬ ‫الحديثة حتى يف العرص الحارض · أمام والدة هذه الدولة اإلسالمية التي تتمتع‬ ‫بكل املواصفات التي تحقق لإلنسان أمنه وكرامته‪ ،‬أصبح الناس يتفاخرون‬ ‫بدولتهم هذه سواء من داخل اإلسالم أومن خارجه ‪».‬‬

‫*بيامرستان هي كلمة تعني مستشفى أصلها‬ ‫فاريس معناها «محل املریض»‪.‬‬ ‫زيجرد هونكة \ شمس العرب تسطع عىل الغرب ‪.‬‬


‫‪ 10‬كلمات تدمر نفسية األبناء‬ ‫كثريًا ما يتلفظ اآلباء واألمهات بكلامت ال يحسبون لها حساب؛ ولكنها تدمر األهداف الرتبوية التي ينشدونها؛ فالكلمة هي أساس الرتبية‪ ،‬ونحن نو ِّجه أبناءنا بالكالم ونحاسبهم بالكالم‪ ،‬ونشجعهم بالكالم‪،‬‬ ‫ومندحهم بالكالم‪ ،‬ونغضب عليهم بالكالم‪ ،‬فرتبية األبناء إما بالكالم أو باألفعال؛ ويف الحالتني هي كالم‪ ،‬فالكالم حوار لفظي‪ ،‬واألفعال حوار غري لفظي؛ فاملوضوع إذن كله كالم يف كالم‪ ،‬وهذه هي الرتبية‪.‬‬ ‫ومن خالل تجاريب يف حل املشاكل الرتبوية اكتشفت أن أكرث ما يساهم يف انحراف األبناء سوء استخدام األلفاظ والكالم‪ ،‬ومن يومني جلست مع شاب هارب من بيته ألستمع ملشكلته الرتبوية مع والديه‪،‬‬ ‫وكان ملخصها يف الكالم السيئ الذي يسمعه منهام‪ ،‬وفتاة اشتكت يل الحال من انحرافها وهي غري راضية عن نفسها؛ ولكنها أرادت أن تنتقم من سوء كالم والديها لها‪ ،‬وقد جمعت بهذا املقال األمراض‬ ‫الرتبوية يف اللسان يف عرش كلامت تدمر نفسية األبناء وتشجعهم عىل االنحراف؛ وهي كالتايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الشتم بوصف الطفل بأوصاف الحيوانات؛ مثل‪( :‬حامر‪ ،‬كلب‪ ،‬ثور‪ ،‬تيس‪ ،‬يا حيوان‪ ،)..‬أو تشتم اليوم الذي ولد فيه‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬اإلهانة من خالل االنتقاص منه بأوصاف سلبية؛ مثل‪ :‬أنت (شقي‪ ،‬كذاب‪ ،‬قبيح‪ ،‬سمني‪ ،‬أعرج‪ ،‬حرامي)‪ ،‬واإلهانة مثالً لجمرة تحرق القلب‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬املقارنة‪ ،‬وهذه تدمر شخصية الطفل؛ ألن كل طفل لديه قدرات ومواهب مختلفة عن اآلخر‪ ،‬واملقارنة تشعره بالنقص‪ ،‬وتقتل عنده الثقة بالنفس‪ ،‬وتجعله يكره من يقارن به‪.‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬الحب املرشوط‪ ،‬كأن تشرتط حبك له بفعل معني؛ مثل‪( :‬أنا ما أحبك ألنك فعلت كذا‪ ،‬أحبك لو أكلت كذا‪ ،‬أو لو نجحت وذاكرت)‪ ،‬فالحب املرشوط يشعر الطفل بأنه غري‬ ‫محبوب ومرغوب فيه‪ ،‬وإذا كرب يشعر بعدم االنتامء لألرسة؛ ألنه كان مكرو ًها فيها عندما كان صغ ًريا؛ ولهذا األطفال يحبون الجد والجدة كث ًريا؛ ألن حبهم غري مرشوط‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬معلومة خاطئة؛ مثل‪( :‬الرجل ال يبيك‪ ،‬اسكت بعدك صغري‪ ،‬هذا الولد جنني‪ ،‬أنا ما أقدر عليه‪ ،‬الله يعاقبك ويحرقك بالنار)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سادسا‪ :‬اإلحباط؛ مثل‪( :‬أنت ما تفهم‪ ،‬اسكت يا شيطان‪ ،‬ما منك فايدة)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ساب ًعا‪ :‬التهديد الخاطئ‪( :‬أكرس راسك‪ ،‬أرشب دمك‪ ،‬أذبحك)‪.‬‬ ‫ثام ًنا‪ :‬املنع غري املقنع؛ مثل نكرر من قول‪ :‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬ال‪ .‬ودامئًا نرفض طلباته من غري بيان للسبب‪.‬‬ ‫تاس ًعا‪ :‬الدعاء عليه؛ مثل‪( :‬الله يأخذك‪ ،‬ان شاء الله متوت ‪ ،‬ملعون)‪.‬‬ ‫رشا‪ :‬الفضيحة؛ وذلك بكشف أرساره وخصوصياته‬ ‫عا ً‬ ‫فهذه عرشة كاملة‪ ،‬وقد اطلعت عىل دراسة تفيد أن الطفل إىل سن‬ ‫املراهقة يكون قد استمع من والديه ستة عرش ألف كلمة سيئة من‬ ‫الشتائم؛ إال أن الدراسة مل ترصد لنا إال نو ًعا واحدً ا من األمراض اللسانية‬ ‫التي ذكرناها‪ ،‬فتخيلوا معي طفالً مل يبلغ من العمر مثاين سنوات ويف‬ ‫قاموسه أكرث من خمسة آالف كلمة مدمرة؛ فإن أثرها عليه سيكون أكرب‬ ‫من أسلحة الدمار الشامل فتدمر حياته ونفسيته‪.‬‬ ‫وقد لخص لنا رسولنا الكريم هذا املقال كله بأربع كلامت؛ وهي يف قوله‬ ‫صىل الله عليه وسلم‪« :‬لَ ْي َس امل ُ ْؤ ِم ُن بِالطَّ َّعانِ َو َل اللَّ َّعانِ َو َل الفَا ِح ِش َو َل‬ ‫ال َب ِذي ِء»[‪ .]1‬فاألصل أن نتجنب هذه الرباعية السلبية‪ ،‬وأن نستبدلها‬

‫برباعية إيجابية أخرى مع أبنائنا؛ فرنكز عىل الحب والتشجيع واملدح‬ ‫واالحرتام‪.‬‬ ‫َي‬ ‫فالكلمة الطيبة أهم من العطية؛ قال تعاىل‪َ { :‬ق ْو ٌل َم ْع ُر ٌ‬ ‫وف َو َم ْغ ِف َر ٌة خ ْ ٌ‬ ‫ِم ْن َصدَ َق ٍة يَ ْت َب ُع َها أَ ًذى} [البقرة‪ ،]263 :‬ونحن نعطي أوالدنا كل يشء‪:‬‬ ‫طعام‪ ،‬وألعاب‪ ،‬وترفيه‪ ،‬وتعليم؛ ولكننا نحرقهم وندمرهم بالكالم‪ ،‬وهذا‬ ‫خالف املنهج القرآين‪ ،‬وقد اكتشف العلامء املعارصون أن (الكلمة الطيبة‬ ‫والصدقة) لهام األثر نفسه عىل الدماغ‪.‬‬ ‫فلنحرص عىل انتقاء الكالم يف بيوتنا؛ فللكلمة أثر عظيم‪ ،‬فالقرآن الكريم‬ ‫أصله كلمة‪ ،‬واإلنسان يدخل يف اإلسالم ويخرج منه بكلمة‪ ،‬واألعزب ينتقل‬

‫للحياة الزوجية ويخرج منها بكلمة‪ ،‬فال نستهن بالكلمة‪ ،‬ولنحرص عليها‬ ‫وعىل الكلمة املؤثرة التي تساهم يف بناء أطفالنا وتنميتهم؛ فبالكالم نصنع‬ ‫السالم والوئام‪ ،‬ويكون أبناؤنا متام التامم‪.‬‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.