مقارنة بين طريقة إعداد دستور سنة 3791ودستور المملكة لسنة 2002واآللية الدستورية المتبعة القرار كل منهما أوالً :إجراءات إعداد واقرار دستور سنة 3791 لقد صدر بتاريخ 02يونيو 1790المرسوم بقانون رقم ( )10لسنة 1790بشأن إنشاء مجلس تأسيسي إلعداد دستور للدولة .وكان هذا القانون يستند في ديباجته إلى بيان األمير الصادر في 11ديسمبر 1791والذي وعد فيه الشعب بإصدار دستور حديث لدولة البحرين .ولهذا الغرض ،أشار البيان إلى تكليف األمير لمجلس الوزراء بإعداد مسودة دستور للبالد خالل عام .1790وتقضي المادة األولى من هذا المرسوم بقانون بإنشاء مجلس تأسيسي لوضع مشروع دستور للبالد .ويتألف المجلس التأسيسي -حسب نص هذه المادة -من 00عضواً ينتخبهم الشعب بطريق االنتخاب العام السري المباشر ،ومن عدد ال يزيد على عشرة أعضاء يعينون بمرسوم .كما يضم هذا المجلس أيضاً الوزراء
كأعضاء في المجلس بحكم مناصبهم ،وكان عددهم أثني عشر وزي ار فقط .وبموجب المادة الثالثة من هذا القانون قسم إقليم دولة البحرين من اجل االنتخاب الخاص بالمجلس التأسيسي إلى ثماني مناطق انتخابية هي :المنامة ،وجزيرة المحرق ،والمنطقة الشمالية، والمنطقة الغربية ،والمنطقة الوسطى ،والمنطقة الجنوبية ،والرفاع ،وسترة . وبموجب نص هذه المادة ،تنتخب المنامة ثمانية أعضاء ،والمحرق ستة أعضاء ،وكل من
المنطقة الشمالية و المنطقة الوسطى اثنين ،وتنتخب كل واحدة من المناطق األخرى عضواً واحدا بما يعادل اثنين وعشرين عضواً منتخباً لجميع المناطق االنتخابية .
وحسب نص المادة السادسة من القانون ،يعد مجلس الوزراء مسودة لمشروع الدستور في خالل أربعة شهور من تاريخ العمل بهذا القانون ،ويعرضها على المجلس التأسيسي فور اجتماعه ،على ان ينجز المجلس التأسيسي مهمته في إقرار المشروع النهائي للدستور في موعد ال يجاوز ستة شهور من تاريخ اجتماعه .وبعد إقرار مشروع هذا الدستور من قبل المجلس التأسيسي ،يعرض على األمير للتصديق عليه واصداره . وقد تبع إصدار المرسوم بقانون الخاص بإنشاء المجلس التأسيسي المذكور ،المرسوم بقانون رقم ( )11لسنة 1790بشأن أحكام االنتخاب للمجلس التأسيسي الصادر بتاريخ 17يوليه . 1790وقد أعطى هذا القانون حق االنتخاب:
1
أ -لكل بحريني من الذكور بلغ من العمر عشرين سنة ميالدية كاملة . ب -للمتجنس اذا مضت على تجنسه عشر سنوات على األقل بعد العمل بقانون الجنسية البحرينية لسنة . 1711 ولكن هذا القانون أوقف استعمال حق االنتخاب بالنسبة ألفراد القوات المسلحة والشرطة . وقد قصر هذا القانون حق االنتخاب على المواطنين من الذكور فقط ،وذلك خالفا لنص الفقرة (ﻫ) من المادة االولى من الدستور الذي اعتمده المجلس التأسيسي فيما بعد والذي أعطى " للمواطنين حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية ،بدءاً بحق
االنتخاب " .وال شك في ان تعبير "المواطنين" يشمل الذكور واإلناث من المواطنين على
السواء .ولكن نظ اًر الن هذا النص يعتمد تطبيقه على قانون االنتخاب ،فانه يجوز لهذا القانون ان يحدد أو يقصر حق االنتخاب على الذكور من المواطنين فقط تبعاً للسياسة
التشريعية للدولة آنذاك .وعليه ،فانه من الخطأ القول بان دستور سنة 1791لم يقرر حق
االنتخاب للمواطنين رجاالً ونساء ،الن لفظ "المواطنين" يشمل الرجال والنساء دون تفريق. ولهذا ،فان منح النساء حق االنتخاب والترشيح على قدم المساواة مع الرجال لم يكن يقتضي أي تعديل على الفقرة (ه) من المادة االولى من الدستور ،وانما كان يقتضي مجرد اجراء تعديل على المادة الرابعة من المرسوم بقانون االنتخاب رقم ( )12لسنة .1791التي تقصر حق االنتخاب على المواطنين من الذكور فقط. وهذا االجراء ال يتطلب إال ادخال تعديل على هذه المادة من قانون االنتخاب بالطرق التشريعية العادية ،دون أن تمس المادة الدستورية. وقد نظم هذا المرسوم بقانون إجراءات االنتخاب للمجلس التأسيسي واألمور األخرى التي لها عالقة بتطبيق أحكامه.
كما حددت المادة الثامنة منه إجراء االنتخابات للمجلس
التأسيسي في اليوم األول من ديسمبر . 1790وبعد استكمال نتائج االنتخابات للمجلس التأسيسي بتاريخ 12ديسمبر 1790التي نجح بموجبها 00عضوا ،صدر المرسوم بقانون رقم ( )17لسنة 1790بشأن دعوة المجلس التأسيسي لالجتماع .كما صدر المرسوم األميري رقم ( )11لسنة 1790ببيان أسماء أعضاء المجلس التأسيسي المعينين وفقا للمادة األولى من قانون إنشاء المجلس التأسيسي المشار إليه أعاله .وقد عقدت أول جلسة اجتماع للمجلس التأسيسي بتاريخ 11ديسمبر . 1790وكان المجلس التأسيسي مكوناً من
00عضوا منتخباً و 1أعضاء معينين و 10وزي ار بحكم مناصبهم حيث اصبح جميع أعضاء المجلس التأسيسي 20عضوا .وهذا يعني أن عدد أعضاء المجلس التأسيسي
0
المنتخبين كان 00عضواً بينما كان عدد األعضاء المعينين 02عضواً فقط .وبناء عليه،
استمر المجلس التأسيسي في اجتماعاته المقررة له في مناقشة مسودة الدستور وادخال بعض التعديالت الدستورية عليه خالل مدة ستة شهور من تاريخ أول جلسة اجتماع له في 11ديسمبر . 1790 وقد انتهى المجلس التأسيسي من مراجعة وتعديل مسودة مواد الدستور حيث تمت قراءتها مادة مادة ،وباباً باباً خالل فترة انعقاده والتي انتهت بتاريخ 01مايو . 1790وبعد إتمام تالوة مشروع الدستور في جلسة ختامية بتاريخ 7يونيو ، 1790صوت على مسودته
النهائية كل أعضاء المجلس المنتخبين والمعينين ،بما فيهم الوزراء ،حيث اقر نهائياً من قبل أعضاء المجلس التأسيسي .ثم رفع مشروع الدستور إلى األمير إلق ارره والمصادقة عليه كأول دستور ديمقراطي في تاريخ البحرين السياسي . وقد كان مشروع الدستور المقدم للمجلس التأسيسي يتضمن 121مواد .وقد صدر متضمناً
127مواد بعد إضافة بعض التعديالت عليه من قبل أعضاء المجلس التأسيسي .وبعد رفع مشروع الدستور إلى األمير ،أقره وصدق عليه وأصدره بتاريـ ـ ـ ـخ 1ديسمبر 1791دون
أن يجري عليه أية تعديالت .وقد نشر الدستور في الجريدة الرسمية بملحق العدد 1227 بتاريخ 1ديسمبر 1791كأول وثيقة دستورية في تاريخ البحرين السياسي اشترك الشعب في اعدادها ،عن طريق ممثليه في المجلس التأسيسي. وبالرجوع إلى نص المادة 127من الدستور ،فإنها تتضمن النص على ان " ينشر هذا الدستور في الجريدة الرسمية ،ويعمل به من تاريخ اجتماع المجلس الوطني ،على ان ال يتأخر هذا االجتماع عن اليوم السادس عشر من شهر ديسمبر . " 1791 وعليه ،فقد ربط هذا النص تاريخ العمل بالدستور بأول اجتماع للمجلس الوطني ربطاً
متماسكاً بحيث ال يتأخر اجتماع المجلس الوطني ( الذي يمثل السلطة التشريعية) عن 12 أيام فقط بين تاريخ نشر الدستور في 1ديسمبر 1791و تاريخ انعقاد المجلس الوطني في
11ديسمبر . 1791ويعطي هذا النص أهمية كبيرة الجتماع المجلس الوطني الذي يرتبط به ارتباطاً وثيقاً تاريخ سريان العمل بالدستور .وقد صدر بتاريـ ـ ـ ـخ 11يوليه 1791 المرسوم بقانون رقم ( )12لسنة 1791بشأن أحكام االنتخاب للمجلس الوطني .وقد مهد هذا المرسوم بقانون مسبقا الطريق إلجراء االنتخابات ألعضاء المجلس الوطني وذلك تسهيال النعقاد االجتماع األول للمجلس الوطني في اليوم المحدد له وهو تاريخ 11ديسمبر 1791حسب نص المادة 127من الدستور .
1
ووفقاً للمادة األولى من هذا المرسوم بقانون ،يتألف المجلس الوطني من ثالثين عضوا ينتخبهم الشعب بطريق االنتخاب العام السري المباشر ويكون الوزراء أعضاء في المجلس
الوطني بحكم مناصبهم . وهذا النص مأخوذ من المادة 21من الدستور التي تنص على ان عدد أعضاء المجلس المنتخبين في المجلس هو ثالثون عضوا ،يرفع إلى أربعين عضوا ابتداء من الفصل التشريعي الثاني .كما تنص المادة (11ج) من الدستور على ان عدد الوزراء المعينين بحكم مناصبهم يجب ان ال يزيد على 12وزيرا. وتقسم المادة الثانية من المرسوم بقانون بشأن االنتخاب للمجلس الوطني ،إقليم دولة البحرين ،من اجل االنتخاب الخاص بالمجلس الوطني ،إلى ثماني مناطق انتخابية هي: المنامة ،وجزيرة المحرق ،والمنطقة الشمالية ،والمنطقة الغربية ،والمنطقة الوسطى ،والمنطقة الجنوبية ،والرفاع ،وسترة" . وهي نفس المناطق االنتخابية المقررة لغرض انتخاب اعضاء المجلس التأسيسي. كما تنص هذه المادة على ان تنتخب المنامة عشرة أعضاء ،وجزيرة المحرق ثمانية ، والمنطقة الشمالية ثالثة ،وكل من المنطقة الغربية والمنطقة الوسطى ،ومنطقة الرفاع ، ومنطقة سترة اثنين .وتنتخب المنطقة الجنوبية عضوا واحداً " .ويمكن اعتبار هذا التقسيم
للمناطق االنتخابية وفقاً للمرسوم بقانون رقم ( )12لسنة ،1791اكثر عدالة من المرسوم
رقم ( )07لسنة 0220بشأن تحديد المناطق والدوائر االنتخابية وذلك الن االول هو اقرب الى تمثيل الكثافة السكانية لكل منطقة انتخابية .بينما ساوى المرسوم رقم ( )07لسنة 0220بين كل المناطق االنتخابية في البداية ثم عدلها تعديالً بسيطاً لم يحقق الغرض المطلوب من االخذ بمبدأ تمثيل الكثافة السكانية لكل منطقة انتخابية.
ويبين القرار الذي صدر من رئيس مجلس الوزراء تطبيقا لقانون االنتخاب " حدود المناطق االنتخابية .أما المادة الرابعة من القانون فأنها -شأنها شأن المادة األولى من قانون االنتخاب للمجلس التأسيسي لسنة - 1790حددت سن المنتخب المقصور على الذكور ، بعشرين سنة ميالدية كاملة ،كما أنها حددت ممارسة حق االنتخاب للمتجنسين بعد مضي عشر سنوات على األقل من تاريخ تجنسهم بموجب قانون الجنسية لسنة . 1711وكذلك أوقفت هذه المادة حق االنتخاب بالنسبة ألفراد القوات المسلحة والشرطة .وتؤكد المادة الحادية عشر من القانون على ان تجرى االنتخابات العامة للمجلس الوطني يوم الجمعة 9 ديسمبر ، 1791على ان تحدد " االنتخابات التكميلية بقرار من مجلس الوزراء ينشر قبل
2
تاريخ االنتخاب التكميلي بعشرين يوما على األقل " .وبعد ظهور نتائج االنتخابات ،اجتمع المجلس الوطني في التاريخ المحدد له بموجب نص المادة 127من الدستور وهو اليوم السادس عشر من ديسمبر . 1791 هذه هي الطريقة الدستورية والديمقراطية السليمة التي تم بموجبها إعداد واقرار أول وثيقة دستورية للبحرين خالل تاريخها السياسي المعاصر وذلك عن طريق مجلس تأسيسي منتخب في غالبيته. ان هذه الوثيقة التاريخية القيمة تتمثل في دستور سنة 1791الذي سيظل يحمل بين طياته تراث البحرين العريق. ثانياً :إجراءات إعداد واقرار دستور مملكة البحرين الصادر بتاريخ 31فبراير :2002 يمكن القول بداية ان دستور المملكة الجديد لم يراع الخطوات الدستورية التي مرت بها تجربة إعداد واقرار دستور سنة 1791السالف بيانها أعاله والتي تمت عن طريق انتخاب مجلس تأسيسي أوكل إليه مهمة مناقشة واقرار دستور سنة .1791إن دستور المملكة لسنة ،0220لم يقره او يصادق عليه مجلس منتخب أو مجلس تأسيسي يمثل الشعب .وبالرغم من ان المجلس التأسيسي لسنة 1790لم يكن كله منتخبا وانما كان يتكون من 00عضوا منتخبا و 02عضوا معينا ،إالّ أن دستور سنة 1791الذي اقره وصادق عليه المجلس
التأسيسي ،قد صدر بطريقة ديمقراطية وبارادة شعبية تالقت مع ارادة االمير ،مما جعله دستورياً تعاقدياً .ولكن على العكس من ذلك ،فان دستور مملكة البحرين لم تعرض مسودة
مواده وأحكامه على أي مجلس تأسيسي او أي مجلس منتخب ،او نصف منتخب ،
لمناقشتها واجراء أية تعديالت عليها ،كما لم يعرض على الشعب في استفتاء عام وذلك قبل اق ارره واصداره رسميا بارادة أميرية. ولكن يظهر لنا ،من وجهة النظر الحكومية ،ان شرعية اإلجراءات التي اتبعت في إعداد واقرار الدستور الملكي لسنة 0220تنبع أساساً من وثيقة ميثاق العمل الوطني الذي عرض لالستفتاء الشعبي بتاريخ 15 ، 12فبراير ، 0221والذي صوت عليه الشعب بالموافقة
شبه الجماعية وذلك بنسبة . %7182وقد صادق االمير على نتيجة االستفتاء الشعبي بالموافقة على ميثاق العمل الوطني بموجب األمر األميري رقم ( )19لسنة 0221الصادر بتاريخ 11فبراير . 0221
5
ثالثاً :شرعية اجراءات اعداد واقرار ميثاق العمل الوطني: إن الخطوات التي اتبعت إلعداد واقرار ميثاق العمل الوطني قد تضمنت ،بداية ،تشكيـل " لجنة وطنية عليا " معينة من عدد من الوزراء والمسئولين في الدولة وبعض اعضاء مجلس الشورى المعين والقائم آنذاك ،ومن بعض المواطنين الذين يمثلون مؤسسات وجمعيات القطاع العام والخاص .وقد تم تعيين هذه اللجنة المكونة من 22عضوا ،وفقاً لألمر
األميري رقم ( )11لسنة 0222الصادر بتاريخ 00نوفمبر 0222واألمر األميري رقم ( )21لسنة 0222الصادر بتاريخ 11ديسمبر . 0222 وقد كلفت هذه اللجنة وفقاً لألمر األميري رقم ( )11لسنة ، 0222بإعداد مشـ ـروع " ميثاق العمل الوطني الذي حدد اإلطار العام للتوجهات المستقبلية للدولة في مجاالت العمل
الوطني ،ودور مؤسسات الدولة وسلطاتها الدستورية في هذا الشأن " (المادة األولى) . وبموجب المهمة المكلفة بها ،اجتمعت هذه اللجنة لمناقشة مسودة مشروع الميثاق المعد سلفاً من قبل الحكومة ،وذلك خالل فترة قصيرة امتدت بين تاريخ 00نوفمبر وتاريخ 11
ديسمبر 0222حيث أعلن في ذلك التاريخ -وخالل مدة تقل عن شهر -ان اللجنة
المذكورة قد أنهت مهمتها المكلفة بها وأقرت في آخر اجتماع لها بتاريخ 11ديسمبر 0222 ،مشروع ميثاق العمل الوطني باإلجماع ،ودون أية معارضة تذكر . والجدير بالذكر ان ثالثة أعضاء من لجنة الميثاق المعينين بموجب األمر األميري رقم ( )11لسنة 0222قد استقالوا من اللجنة في بداية اجتماعاتها بعد ان اعترضوا على ما اسموه بمخالفة إجراءات اللجنة لإلجراءات الدستورية المطلوبة .وقد صدر ،نتيجة لذلك، األمر األميري رقم ( )21لسنة 0222الستبدالهم بأعضاء آخرين لتكملة عدد أعضاء اللجنة إلى 22عضواً الذين اصبحوا حقيقة 21عضواً. وبعد ان أقرت اللجنة الوطنية العليا مشروع ميثاق العمل الوطني ،قدم وزير العدل والشئون اإلسالمية -الذي عين من قبل االمير رئيساً للجنة -المشروع إلى األمير في احتفال
اعد لهذا الغرض في يوم 01ديسمبر .0222ومن المالحظ ان هذا االحتفال الذي رسمي ّ اقيم في قصر الصافرية قد اقتصر على اعضاء اللجنة المذكورة والوزراء وكبار اعضاء االسرة الحاكمة .وقد أكد األمير في كلمة ألقاها في هذا االحتفال رغبته في عرض مشروع هذا الميثاق المعد من قبل اللجنة الوطنية العليا للتصويت عليه في استفتاء شعبي عام. ومن المالحظ ان فكرة االستفتاء الشعبي العام على مشروع ميثاق العمل الوطني المعد من " اللجنة الوطنية العليا " التي اقرت الميثاق ،كانت فكرة جديدة تطرح الول مرة وذلك النها 1
تجاوزت حكم المادة الخامسة من األمر األميري رقم ( )11لسنة 0222بتشكيل اللجنة الوطنية العليا إلعداد مشروع ميثاق العمل الوطني التي تنص ،خالفاً لذلك ،على " ان يعرض مشروع ميثاق العمل الوطني على مؤتمر شعبي عام تمثل فيه كافة شرائح وفئات
المجتمع إلق ارره " ،على ان يصدر األمير أمره بتشكيل المؤتمر الشعبي العام للمصادقة على المشروع المذكور .كما تشير المادة السادسة من هذا األمر األميري إلى ان مصادقة األمير على ميثاق العمل الوطني تتم بعد إق ارره من قبل المؤتمر الشعبي العام .ومن الواضح ان هذا اإلجراء وفقاً لالمر االميري رقم ( )11لسنة ، 0222قد استبدل باالستفتاء الشعبي على مشروع ميثاق العمل الوطني الذي أشار إليه األمير ألول مرة في كلمته التي
القاها يوم 01ديسمبر 0222في االحتفال الرسمي امام اللجنة الوطنية العليا التي اقرت ميثاق العمل الوطني .ولكن األمر األميري رقم ( )11لسنة 0222لم يعدل فيما بعد ليتضمن هذا االستبدال المهم . وفي نظرنا ،كان األولى ان تبقى فكرة عرض مشروع الميثاق على المؤتمر الشعبي المقرر بموجب المادة الخامسة من األمر األميري رقم ( )11لسنة 0222وذلك الن المؤتمر الشعبي العام الذي نص عليه االمر االميري المذكور يبدو اكثر ضمانة من االستفتاء الشعبي وذلك النه يفسح المجال لمناقشة بنود مشروع ميثاق العمل الوطني من قبل المؤتمر الوطني قبل اق ارره والموافقة عليه .وفيما يتعلق بالفصل المهم في هذا المشروع وهو المتعلق بادخال التعديل الجزئي على الدستور ،فان المؤتمر الشعبي كان وال شك سيناقش مبدأ ادخال التعديل الجزئي على الدستور باسهاب وسيحدد اآللية المطلوبة الدخال هذا التعديل، بدالً من عدم النص عليه في مشروع الميثاق .والجدير بالذكر ان ميثاق العمل الوطني
االردني الذي سلك طريقة ميثاق العمل الوطني البحريني ،لم يتضمن نصاً بادخال تعديل على الدستور االردني ،إذ تم ذلك التعديل بالطرق الدستورية الصحيحة وذلك عن طريق
البرلمان االردني المنتخب .ولكن واضعي دستور سنة 0220خالفوا هذا النهج البرلماني الصحيح .وفي هذه الحالة ،كان من الممكن ان يكون المؤتمر الشعبي اقرب إلى تمثيل ضمير ووجدان الشعب فيما لو سمح له بمناقشة بنود الميثاق بحرية وروح ديمقراطية وبدون إشراف وتوجيه حكومي ،كما حصل فعالً في اعداد واعادة صياغة مشروع الميثاق من قبل لجنة اعداد الميثاق المعينة .إذ تمت كل تلك االجراءات تحت اشراف وتوجيه حكومي .ومن
جانب آخر ،فان االستفتاء الشعبي العام -بالمقارنة مع المؤتمر الشعبي العام -ال يعني اكثر من إعطاء حق التصويت للمواطنين على مشروع الميثاق بلفظتي "نعم" او "ال" ،دون نقاش أو مراجعة لبنود واحكام مشروع الميثاق .ولكن بالرغم من ان مبدأ االستفتاء الشعبي
9
يتطلب عرض مشروع الميثاق مسبقاً ،ولفترة كافية ،على الشعب لمناقشته عن طريق
الصحافة ووسائل االعالم السمعية والبصرية االخرى ،االمر الذي لم يحصل مطلقاً ،إالّ انه
ال يوجد لدينا اعتراض على هذا االستفتاء الشعبي من ناحية مبدئية .ولكن كان يمكن ان يتم هذا االستفتاء الشعبي دونما أية مخالفة دستورية فيما لو كانت وثيقة الميثاق ال تتضمن
اكثر من تأكيد للمبادئ الدستورية وحقوق المواطنين التي يتضمنها دستور سنة 1791وذلك دون التطرق إلى طلب التصويت بالموافقة على تعديالت دستورية جذرية وجوهرية تتعلق بالسلطة التشريعية .أما وقد كانت وثيقة ميثاق العمل الوطني تتضمن صراحة طلب الموافقة على إجراء تعديالت دستورية ،مهما كانت محدودة ،فان االستفتاء الشعبي –فيما يتعلق بمبدأ اجراء التعديل الدستوري -قد فقد سنده الشرعي .وال يمكن القول أن المادة 122 من دستور سنة - 1791وهي اآللية الدستورية الوحيدة التي يمكن اجراء التعديل الدستوري الجزئي المطلوب بموجبها -ال يمكن تطبيقها في غياب المجلس الوطني الذي يمثل المجلس التشريعي المنتخب .ذلك الن المادة 15من الدستور يمكن تفعيلها نتيجة النتخاب مجلس وطني جديد لمراجعة موضوع تعديل الدستور الجزئي المطلوب وفقا آللية التعديل المبينة في المادة 122من الدستور .وكذلك الحال بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام الذي تنص عليه المادة الخامسة من األمر األميري رقم ( )11لسنة ( 0222والذي استبدل باالستفتاء الشعبي العام) ،فانه ال يمكن ان يعتبر الطريقة القانونية والدستورية المثلى التي تجرى من خالله الموافقة على ادخال تعديالت دستورية ال يقرها دستور سنة 1791نفسه . ويسري هذا المبدأ أيضا -كما قلنا سابقا -على إجراء االستفتاء الشعبي العام كطريقة مغلفة الدخال تعديالت جوهرية على الدستور ،تتناول جملة احكام وأبواب دستور سنة ،1791وذلك خالفا لآللية المقررة بموجب المادة 122من هذا الدستور الذي تنص الفقرة (و) من مادته األولى على عدم جواز تعديل هذا الدستور "إال جزئيا وبالطريقة المنصوص عليها فيه" .ومن الواضح ان هذا النص إذ يؤكد ان تعديل الدستور جزئياً ال يكون "إالّ بالطريقة المنصوص عليها فيه" ،فإنه يحيل صراحة الى حكم المادة 122من الدستور باعتبارها الطريقة الوحيدة المبينة في هذا الدستور كأساس إلجراء تعديل دستوري جزئي عليه ،وكذلك نظ اًر الن الميثاق ،إذ يشير الى مبدأ اجراء التعديل الجزئي المطلوب على الدستور فيما يتعلق بالفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور ،فانه ال يتطرق الى ذكر
آلية او طريقة دستورية محددة ،يتم من خاللها ادخال التعديل الجزئي المطلوب على الدستور .وباختصار ،فان التقاليد الدستورية للدول الديمقراطية العريقة ال تقر مطلقا وضع دستور جديد من قبل السلطة التنفيذية دون عرضه للمناقشة واالقرار من قبل مجلس وطني
1
أو مجلس تأسيسي منتخب او حتى عن طريق االستفتاء الشعبي العام .كما أن مجرد ورود عبارة في الميثاق بشأن طلب إجراء تعديل جزئي على الدستور ،ال يعطي تفويضا دستوريا للحكومة بوضع دستور جديد عن طريق لجنة حكومية معينة ال صفة تمثيلية لها ودون ان تؤخذ موافقة الشعب على مسودة هذا الدستور بطريقة دستورية وديمقراطية. رابعاً :اجراءات المصادقة على ميثاق العمل الوطني لسنة :2003 بعد أن قدم مشروع ميثاق العمل الوطني إلى األمير في حفل رسمي خاص بأعضاء الحكومة وأعضاء مجلس الوزراء ووجهاء العائلة الحاكمة وذلك يوم 01ديسمبر ،0222 قرر األمير عرض المشروع على الشعب إلق ارره من خالل التصويت عليه في استفتاء شعبي عام .وتنفيذا لهذا القرار ،صدر األمر األميري رقم ( )1لسنة 0221بتاريخ 01 يناير 0221الذي دعا الشعب رجاالً ونساء للتصويت بتاريخ 15 ، 12من فبراير 0221 على مشروع الميثاق الوطني الذي أقرته اللجنة الوطنية العليا للميثاق بتاريخ 11ديسمبر
. 0222 لقد تم فعال التصويت الشعبي على مشروع ميثاق العمل الوطني خالل يومـ ـ ـي 15 ، 12 فبراير ، 0221وكانت نتيجة التصويت الشعبي أثناء االستفتاء العام هو إقرار مشروع ميثاق العمل الوطني بنسبة . %7182 خامساً :لجنة تعديل بعض احكام الدستور: لقد صدق األمير على وثيقة ميثاق العمل الوطني باألمر األميري رقم ( )19لسنة 0221 الصادر بتاريخ 11فبراير . 0221وقد تبع هذه المصادقة ،صدور المرسوم األميري رقم
( )5لسنة 0221بتاريخ 02فبراير 0221والذي تشكلت بموجبه لجنة سمي ـت بِـ " لجنة تعديل بعض أحكام الدستور" .وقد ضمت هذه اللجنة المعينة والمشكلة برئاسة وزير العدل والشئون اإلسالمية ،تسعة أعضاء بينهم سبعة وزراء ورئيس مجلس الشورى ومدير عام دائرة الشئون القانونية . وقد أعلن حينذاك ان لجنة تعديل بعض أحكام الدستور ستباشر مهمتها الخاصة هذه ، مستعينة ببعض الخبراء الدستوريين ،ولكن من المستغرب ان هذه اللجنة عملت بسرية تامة ولم يصدر عنها أي بيان خالل فترة مباشرتها لمهمتها منذ تشكيلها ف ـ ـ ـي 02فبراير 0221 . وكانت البيانات الحكومية الصادرة أثناء تلك الفترة تشير إلى ان استئناف الحياة الدستورية في البحرين في ظل مجلس تشريعي جديد منتخب من الشعب ،سيتم في سنة . 0222 7
سادساً :اعالن دستور مملكة البحرين لسنة :2002 بعد مرور ما يقارب السنة من تشكيل لجنة تعديل بعض أحكام الدستور ،فوجئ شعب البحرين ألول مرة أثناء شهر فبراير 0220عندما أبلغ بأن لجنة تعديل بعض أحكام الدستور قد أنجزت مهمتها بسرعة فائقة وان الحياة الدستورية في البحرين -في ظل دستور معدل جديد -ستستأنف في فترة قصيرة جداً وقبل االجل المحدد لها خالل سنة .0222 وبالفعل ،فقد قام وزير العدل والشئون االسالمية بصفته الرئيس المعين للجنة تعديل بعض احكام الدستور ،بتقديم الدستور الجديد -الذي اعدت صياغته بواسطة خبير دستوري مصري -الى االمير ضمن كلمة تاريخية ألقاها في حفل رسمي اقيم في قصر الصافرية بتاريخ 12فبراير .0220وحالما انتهى رئيس لجنة تعديل بعض احكام الدستور من إلقاء كلمته التي تضمنت تقديم دستور مملكة البحرين الجديد ،قام أمير البالد بالتصديق على هذا الدستور الجديد واصداره بتاريخ 12فبراير 0220تحت مسم ـى " دستور مملكة البحرين " .إال ان هذا الدستور قد وقعه االمير بصفته امي اًر لدولة البحرين ،ال بصفته ملكاً
لمملكة البحرين .كما هو واضح من ديباجة هذا الدستور .ولكن امير دولة البحرين أصبح بموجب احكام هذا الدستور يحمل لقب "ملك مملكة البحرين" .وقد نشر هذا الدستور في
نفس يوم المصادقة عليه ،في الجريدة الرسمية ،في عدد خاص يحمل رقم 0519بتاريخ 0 ذي الحجة 1200هـ الموافق 12فبراير .0220وتشير صيغة التصديق واإلصدار لهذا الدستور ،إلى انه يستند في إصداره إلى " ما ورد في ميثاق العمل الوطني الذي اجمع عليه الشعب في االستفتاء " الذي صودق عليه باألمر األميري رقم ( )19لسنة .0221كما تتضمن صيغة االصدار لهذا الدستور ،عبارة "بعد اإلطالع على الدستور" وعلى ما عرضه رئيس لجنة تعديل بعض أحكام الدستور المشكلة بالمرسوم رقم ( )5لسنة .0221وال شك في ان عبارة " االطالع على الدستور " ترجع الى دستور سنة .1791 هذه هي كل اإلجراءات الدستورية التي اتخذتها الحكومة إلقرار واصدار الصيغة النهائية لدستور مملكة البحرين الذي سمي دستو اًر معدالً مع أنه في الواقع دستور جديد في مجمل مواده التي نالتها التعديالت الجوهرية.
ويتبين من هذه اإلجراءات المختصرة والسريعة جداً بان السند الوحيد الذي تستند إليه
التعديالت الدستورية التي أجرتها لجنة تعديل الدستور المعينة بموجب المرسوم األميري رقم ( )5لسنة 0221هو ما يتضمنه ميثاق العمل الوطني المعد من قبل لجنة معينة بموجب األمر األميري رقم ( )11لسنة 0222والذي عرض لالستفتاء الشعبي بتاريخ 15 ، 12
12
فبراير ، 0221وصدق عليه األمير في اليوم التالي مباشرة وهـ ـ ـو 11فبراير ، 0221 بموجب األمر األميري رقم ( )19لسنة . 0221 سابعاً :مقارنة بيم ميثاق العمل الوطني ودستوري سنة 3791وسنة :2002 يمكن التساؤل عن الفرق بين ميثاق العمل الوطني (الميثاق) ودستوري سنة 1791وسنة 0220وهل يسمو الميثاق على أي من الدستوريين؟ والجواب هو ان الميثاق ال يسمو على دستور سنة .1791ويمكن القول انه لولم تعطل الحكومة العمل بالفصل الثاني من الباب الرابع من دستور سنة 1791الخاص بالسلطة التشريعية طيلة الثالثين سنة الماضية التي سبقت اصدار دستور سنة ، 0220االمر الذي أبعد الحكم في البحرين طيلة تلك المدة عن الحكم الدستوري الديمقراطي ،لما كانت هناك ضرورة مطلقاً لوضع ميثاق للعمل الوطني الذي كان السبب االساسي العداده هو تعطيل الحياة النيابية قي البحرين خالل تلك المدة الطويلة التي سادها حكم استثنائي غير دستوري تمثل في عهد قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة .والحقيقة هي انه في ظل التوجه االصالحي الجديد المير البالد حينذاك بعد توليه منصة الحكم في مارس ،1777االمر
الذي القى ترحيبا جماهيرياً عارماً ،عرضت على الشعب في خالل سنة 0222فكرة اعداد مشروع ميثاق للعمل الوطني ،يكون بداية العادة الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة خالل تلك السنين الطويلة ،ولفتح حوار هدفه التعاون من جديد بين الحكومة والشعب في ظل الرغبة
المشتركة للرجوع إلى حاكمية دستور سنة 1791واعادة الحياة الدستورية النيابيـة –في ظل هذا
الدستور -التي كان يصبو لتحقيقها كل من الحكومة والشعب معًا.
هذه هي الظروف السياسية التي دعت الحكومة إلى تعيين لجنة من مختلف طبقات الشعب لمراجعة المبادئ الدستورية التي وضعتها الحكومة في مسودة مشروع ميثاق العمل الوطني. فاذا كانت هذه هي الظروف التي دعت إلى صدور وثيقة الميثاق ،كيف يمكن اذاً القول بان الميثاق يسمو على الدستور .ثم يمكن التساؤل :على أي دستور يسمو الميثاق؟ هل
يسمو على دستور سنة 1791ام على دستور سنة 0220المعد من الحكومة؟ إن الميثاق طبعا ال يسمو على دستور سنة 1791الذي وضعه مجلس تأسيسي يضم في عضويته اغلبية منتخبة من الشعب حسب االصول الدستورية المقررة .وال يعيب المجلس التأسيسي لسنة 1790والمكون من 20عضوا ،ان يكون قد ضم 02عضوا معينين من قبل الحكومة مادام يمثل تعاقدا بين الشعب والحكومة تم بموجبه ،ومن خالل المناقشات التي تمت بشأن مسودة الدستور والتي استمرت ستة اشهر ،إقرار المجلس التأسيسي الول دستور تاريخي حديث في تاريخ البالد .وعليه ،فان من الخطل القول بان ميثاق العمل الوطني 11
يسمو على دستور سنة 1791أو انه يجب هذا الدستور العقدي ،كما يقول البعض من المنظرين وذلك لغرض التقليل من قيمة هذا الدستور الذي يقول البعض منهم ،تمادياً ،بانه
قد نسخ بالميثاق!
وعليه ،فان دستور سنة 1791هو األسمى بينما منزلة ميثاق العمل الوطني هي األدنى، إذ ان األخير -كما قلنا سابقاً -ال يعدو ان يكون مجرد وثيقة مصالحة سياسية بين الحكومة والشعب الستعادة الثقة بين الطرفين بعد فترة سبعة وعشرين سنة سادتها أزمة الثقة بين الحكومة والشعب نتيجة لتعطيل أحكام الدستور المتعلقة بالسلطة التشريعية خالل تلك الفترة التي سادت فيها االحكام االستثنائية للمرسوم بقانون بشأن تدابير أمن لسنة 1792 والمرسوم الخاص بمحكمة أمن الدولة لنفس السنة .ان وثيقة ميثاق العمل الوطني تتضمن في حقيقتها -تأكيدا لمبادئ دستورية مستمدة من دستور سنة 1791نفسه وتقوم علىأساسه وحده .ويمكن القول أن االستفتاء الشعبي الذي اجري يوم ـ ـي 15 ، 12من فبراير 0221كان في الحقيقة استفتاء على تأكيد التزام الحكومة بالمبادئ واألحكام التي تتضمنها دفتا دستور سنة ،1791بما في ذلك االحكام الخاصة بتعديل الدستور فيما يتعلق ببعض أحكامه المبينة في الفصل الثاني من الباب الرابع المتعلقة بالسلطة التشريعية .ولكن االحكام واالبواب االخرى من الدستور ،بما في ذلك المادة 122منه ،ظلت وال تزال سارية المفعول. وعليه ،يندرج ذلك االستفتاء الذي اجري يومي 15 ،12من فبراير 0221تحت مسمى "االستفتاء السياسي" الذي يؤكد التزام كل من الحكومة والشعب بالرجوع الى المبادئ الدستورية العامة والحقوق والواجبات العامة التي اقرها دستور سنة 1791كأساس العادة الثقة بين الحكومة والشعب .وهذا االستفتاء السياسي يختلف في مفهومه عن "االستفتاء الدستوري" الذي يتضمن الطلب من الشعب بان يصوت على مشروع دستور أقره مجلس تأسيسي او مجلس نيابي منتخب لتأكيد ولتجسيد موافقة افراد الشعب النهائية عليه. ولكن ال يمكن ،بأي حال ،القول بان التصويت على الميثاق باالستفتاء الشعبي العام قد تضمن ،ولو تلميحاً ،تفويض السلطة التنفيذية بان تصدر دستو ار جديدا للبالد مغاي اًر
للدستور القائم ،وان كان الميثاق تضمن مبدأً عاماً يتعلق بإجراء تعديل جزئي على الدستور وذلك أوالً :الن البند الذي يتضمن مبدأ عاماً ،ليس محله الميثاق الذي ال يتطلب للموافقة عليه إال التصويت بكلمة نعم ،وثانياً :الن إصدار دستور جديد ال يكتسب الشرعية من
التصويت عليه بكلمة " نعم " في استفتاء شعبي ،وانما يحتاج إلى مجلس منتخب من الشعب لمناقشته واق ارره .ال يمكن مطلقاً القول ان كلمة " نعم " التي صوت الشعب بموجبها في االستفتاء العام على الميثاق ،قد منحت السلطة التنفيذية تفويضا بإصدار 10
دستور المملكة الجديد وذلك خالفاً لآللية الدستورية المطلوبة بموجب المادة 122من دستور سنة . 1791كما انه ال يوجد دليل على سابقة دستورية في أي بلد من بلدان العالم الديمقراطي يؤيد االجراءات االستثنائية التي اتخذتها السلطة التنفيذية بشأن اصدار دستور جديد من قبلها في الوقت الذي يوجد في البالد دستور قائم هو اكثر تمثيال الرادة الشعب وذلك بحجة ان ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه الشعب بالموافقة يتضمن مجرد االشارة العامة الى " اجراء تعديل جزئي على الدستور ". واذا رجعنا إلى نص ميثاق العمل الوطني تحت فصل " استشرافات المستقبل " ،نجد ان التعديالت الدستورية المطلوب إجراؤها تحت هذا الفصل ،تتعلق بأمرين أساسيين هما أوالً:
مسمى دولة البحرين ،وثانياً :السلطة التشريعية .وحيث انه ال يوجد خالف حول رغبة
األمير آنذاك في تغيير تسمية دولة البحرين إلى " مملكة البحرين " ،وتبديل لقب أمير دولة البحرين إلى " ملك مملكة البحرين " ،فان الخالف الدستوري القائم اذاً ينصب أساساً على األمر الثاني الذي يتعلق بالسلطة التشريعية والتي يتطرق إليها البند " ثانياً " من الميثاق تحت فصل "إستشرافات المستقبل" كما يلي:
"تعدل أحكام الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور الخاصة بالسلطة التشريعية لتالئم التطورات الديمقراطية والدستورية في العالم وذلك باستحداث نظام المجلسين ، بحيث يكون األول مجلساً منتخباً انتخاباً ح ارً مباش ارً يختار المواطنون نوابهم فيه ويتولى المهام التشريعية ،إلى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة واالختصاص لالستعانة
بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة" . ويتضح من هذا النص ،ان المجلس المنتخب مباشرة من الشعب هو المجلس ال ـ ـذي " يتولى المهام التشريعية " بينما ال تنصرف هذه العبارة إلى المجلس اآلخر المعين الذي حدد هذا النص مهمته صراحة بعبارة " لالستعانة بآراء أعضائه فيما تتطلب الشورى من علم ودراية " . ويتكرر هذا النص في نفس وثيقة الميثاق أيضا تحت الفصل الخامس الذي يحمل عنوان الحياة النيابية ،حيث ترد فيه العبارة التالية " :بات من صالح دولة البحرين ان تتكون السلطة التشريعية من مجلسين ،مجلس منتخب انتخاباً ح اًر مباش اًر يتولى المهام التشريعية إلى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة واالختصاص لالستعانة بآرائهم فيما تتطلبه
الشورى من علم وتجربة " .ويبدو واضحاً من هذا النص المتعلق بالسلطة التشريعية ،بأن
مهمة التشريع هي مرتبطة أساسا بالمجلس النيابي الذي ينتخب المواطنون أعضائه انتخاباً
11
ح اًر مباش اًر ،والذي -كما يقول النص " -يتولى مهمة التشريع " .بينما يشير هذا النص إلى المجلس اآلخر بالقول " :إلى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة واالختصاص لالستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم ودراية " .ان اإلشارة في هذا النص إلى عبارة " لالستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم ودراية " تجعل لمجلس الشورى المعين مرتبة أدنى من المجلس النيابي المنتخب الذي " يتولى المهام التشريعية حسب سياق النص .ولو أريد ان يرفع مجلس الشورى المعين إلى مستوى المجلس النيابي المنتخب ، لكان يجب ان ينصرف نص " تولي المهام التشريعية " إلى المجلسين على قدم المساواة بحيث يقال " ويتولى المجلسان المهام التشريعية " .ولم يقل النص المذكور ذلك صراحة ،بل حدد دور مجلس الشورى بتعبير "االستعانة" بآراء اعضاء هذا المجلس "فيما تتطلبه الشورى من علم ودراية". هذا عدا ان الفقرة االخيرة من البند ثانياً من فصل استشرافات المستقبل تؤكد ان التعديالت
التي ستجرى على الدستور ستكون وفقاً للنظم واالعراف الدستورية المعمول بها في "الديمق ارطيات العريقة" .وال جدال في ان هذا التعبير يعني المجالس النيابية المنتخبة مباشرة من الشعب .ولكن ال يعني هذا التعبير المجالس المعينة من السلطة التنفيذية الن قبول مثل هذه المجالس غير التمثيلية ليس من االعراف الدستورية المعمول بها في "الديمقراطيات العريقة" .إن المجلس الوطني المكون طبقاً لدستور المملكة لسنة 0220يخلي تعبير "الديمقراطيات العريقة" الوارد في الميثاق من معناه الدستوري.
هذا من ناحية .ومن ناحية أخرى ،فان التعديل الدستوري المطلوب بموجب هذا النص يتعلق مباشرة بأحكام الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور الخاصة بالسلطة التشريعية .وتنضوي تحت الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور نصوص المواد 20إلى 10 من الدستور ،وهي مواد محددة حص اًر ،وال يمكن ،بأي حال ،تجاوزها إلى تعديل مواد أخرى في الدستور ،فيما عدا ما تقتضيه الضرورة من تبديل بعض المسميات في بعض
مواد الدستور المتعلقة باسم دولة البحرين وأمير دولة البحرين إلـى " مملكة البحرين " و " ملك مملكة البحرين " .هذا مع العلم ان حتى هذه المسميات يمكن تركها كما هي في الدستور دون تغيير واالكتفاء بوضع مادة عامة في الوثيقة المعدلة للدستور تشير إلى استبدال عبارة دولة البحرين بعبارة " مملكة البحرين " ،وعبارة أمير دولة البحرين بعبارة " ملك مملكة البحرين " .وهذه الطريقة هي اسلم من تبديل كل نصوص مواد دستور سنة 1791التي ترد فيها هذه المسميات .ويضاف إلى ذلك ،انه لو اقتصر التعديل الجزئي للدستور على الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور الخاص بالسلطة التشريعية كما 12
نص على ذلك صراحة ميثاق العمل الوطني تحت فصل استشرافات المستقبل ،لما كانت هناك ضرورة إلعادة كتابة دستور سنة 1791في شكل دستور جديد ،كما حصل فعالً
نتيجة للتعديالت الدستورية التي أجريت على كل احكام دستور سنة 1791العقدي ،فيما عدا احكام بعض المواد من 10-1منه .ولكن حتى احكام بعض هذه المواد قد اضيفت اليها بعض التعديالت واالضافات التجميلية التي ال ضرورة لها في نظرنا مطلقاً .وفي نظرنا ،إن لجنة تعديل بعض احكام الدستور قد تجاوزت صالحياتها المبينة في المرسوم رقم
( )5لسنة 0221والمحددة بتعديل "بعض احكام الدستور" ،وليس كلها. ومع ذلك ،فإننا اذا اردنا ان نتمسك جدال بنصوص وأحكام ميثاق العمل الوطني الذي تستند إليه الحكومة كأساس لتعديل دستور سنة ،1791فانه كان يقتضي األمر ان ال يجرى إال تعديل جزئي على دستور سنة 1791في حدود ما نص عليه الميثاق تحديدا وحص اًر وذلك بإجراء التعديل على الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور فقط. وحينذاك ،كان يقتضي األمر مجرد إصدار تعديل محدود على الدستور يسمى التعديل
األول على دستور سنة 1791الذي يجب ان يبقى كوثيقة تاريخية تراثية قيمة ال تلغى وال تستبدل بدستور آخر ،ولكن دون ان يؤثر ذلك على امكانية اجراء تعديالت دستورية لمزيد من الحقوق لالفراد وذلك وفقاً لآللية التي يقررها الدستور .وهذا هو اإلجراء الصحيح الذي
يتفق مع العرف الدستوري المتبع والمعمول به في "الديمقراطيات العريقة" التي يكرر الميثاق
اإلشارة إليها .واقرب مثال على ما نذهب إليه هو الدستور األمريكي الصادر قبل اكثر من مائتي سنة حيث بقي على مدى السنين هو الدستور األم بينما أدخلت عليه تعديالت عدة منفصلة سميت بالتعديل األول والتعديل الثاني والتعديل الثالث والتعديل الرابع ...الخ وذلك دون ان يمس الدستور األصلي المحدود في مواده ،ودون ان تعاد كتابته من البداية للنهاية، كما نشاهده اليوم في إعادة كتابة مواد وأحكام دستور سنة 1791عن طريق لجنة معينة من الحكومة بالرغم من عدم وجود سند دستوري أو تشريعي لتكوينها . واذا أخذنا -جدال -برأي الحكومة بأن االستفتاء العام قد أعطى الشرعية الدستورية لدستور المملكة الجديد لسنة - 0220وهذا هو ال شك رأي خاطئ كما قلنا سابقاً -فانه يمكن القول مسايرة لهذا الرأي على افتراض صحته :لماذا لم يعرض مشروع دستور المملكة
الجديد بعد إق ارره من لجنة تعديل بعض أحكام الدستور ،وقبل التصديق عليه من قبل األمير ،لالستفتاء الشعبي -كما حصل في حالة الميثاق -وذلك لمعرفة مدى استعداد الشعب للموافقة عليه بعد ان اتضح له مدى وحجم التعديالت التي أجريت على دستور سنة
15
1791وذلك بالمخالفة ألحكام ونصوص الميثاق نفسه الذي حصر التعديل بفصل معين في الدستور دون غيره ،هو الفصل الثاني من الباب الرابع المتعلق بالسلطة التشريعية . ثامناً :رأي الفقه الدستوري في اعداد واصدار الدستور: قد يكون من المناسب ان نتطرق اخي اًر تحت هذا الفصل الى رأي الفقه الدستوري في شأن اعداد واصدار الدستور وذلك بالرجوع الى كتاب الدكتور رمزي طه الشاعر في كتابه بعنوان
" النظرية العامة للقانون الدستوري " الصادر في سنة ( 1790مطبوعات جامعة الكويت - الكويت) .والدكتور رمزي الشاعر هو الخبير الدستوري الذي اعتمدته " لجنة تعديل بعض احكام الدستور " والذي قام باعداد ووضع دستور المملكة لسنة .0220 يطرح الدكتور رمزي الشاعر عدة افكار وآراء بشأن اجراءات اعداد دستور مصر لسنة 1701وشروط تعديله حيث يقول في الصفحة 111من كتابه: " إن نص المادة 01من دستور مصر لسنة 1701على مبدأ سيادة االمة وكذلك النص في المادة 159على اجراءات وشروط تعديله ...يؤكد ان الملك ال يستطيع ان ينفرد بتعديل الدستور ،ومن ال يملك التعديل ال يملك من باب اولى السحب او االلغاء .واذا كان االمر كذلك ،فيجب ان يالحظ ان صدور الدستور بهذا االسلوب ال يعني ان يكون للحاكم الحق في استرداده او سحبه في اي وقت ،الن المنحة هنا تعني التنازل النهائي عن الحقوق الملكية المطلقة". ويقول الكاتب في الصفحات 119 - 110من كتابه ،بانه توجد نظريتان بشأن وضع الدستور .ويوضح ذلك قائالً بانه "يوجد رأي يرى وضع الدستور عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة لهذا الغرض .اما الثاني ففضل انصاره اعداد الدستور عن طريق لجنة
حكومية مع عرضه على الشعب للموافقة عليه في استفتاء عام .وقد استند انصار الرأي االول الى ان وضع الدستور عن طريق جمعية تأسيسية يعتبر اكثر تعبي ارً عن ارادة الشعب ،كما ان الدستور في هذه الحالة يصبح اكثر ثبوتاً واستق ار ارً واحتراماً من
الحاكمين والمحكومين على السواء".
أما انصار الرأي االخر ،فيقول الدكتور الشاعر انهم يرون ان اصدار الدستور بواسطة لجنة حكومية هي لجنة الدستور " ،تكون مهمتها تحضير مشروع الدستور فحسب ،مع ضرورة عرض هذا المشروع على الشعب الستفتائه والحصول على موافقته بحيث ال يغدو الدستور نافذا إال بعد موافقة الشعب عليه ".
11
ثم يؤكد المؤلف في الصفحات 119 - 111من كتابه على انه " رغم اصدار الدستور الدائم في مصر بتاريخ 11يناير ، 1751فلقد بقي العمل باالعالن الدستوري المؤقت الصادر في 12فبراير 1751الى ان اجري االستفتاء الشعبي على الدستور الجديد بتاريخ 01يونيه .1751فلقد تضمن مشروع الدستور نص المادة 171الذي يقضي بان يجرى االستفتاء على الدستور يوم 01يونيه ، 1751ونص المادة 171الذي يقضي بان " يعمل بهذا الدستور من تاريخ موافقة الشعب عليه في االستفتاء .ونتيجة لذلك ،يعتبر دستور سنة 3791قد صدر عن طريق االستفتاء الشعبي بعد ان أعد مشروعه بواسطة لجنة حكومية". هذا هو أري الخبير الدستوري الذي أسند اليه اعداد ووضع دستور المملكة لسنة .0220وال شك في ان هذا الدستور يخالف في طريقة اعداده ووضعه ،المباديء التي يطرحها الخبير الدستوري في كتابه عن "النظرية العامة للقانون الدستوري". وختاماً ،إذا رجعنا الى االجراءات التي اتخذت العداد ووضع دستور سنة ،0220فانها تتضمن المئآخذ والمثالب الدستورية التالية:
-1انه بعد التصويت ،عن طريق االستفتاء الشعبي ،على الميثاق الذي اصدره االمير
آنذاك باالمر االميري رقم ( )19لسنة ،0221شكلت لجنة حكومية معينة سميت بِـ "لجنة تعديل بعض احكام الدستور" .بينما كان يقتضي االمر أن تلجأ الحكومة الى تفعيل آلية التعديل لدستور سنة 1791المقررة وفقاً للمادة 122من هذا الدستور ،نظ اًر
الن الميثاق لم يشر الى آلية اخرى لتعديل الدستور .لذلك ،كان يجب ،بدالً من تعيين
"لجنة تعديل بعض احكام الدستور" بموجب المرسوم االميري رقم ( )5لسنة ،0221ان توجه بمرسوم الدعوة الجراء انتخابات للمجلس الوطني المعطل منذ 01اغسطس 1795بموجب االمر االميري رقم ( )2لسنة 1795الذي ال يوجد له أي سند دستوري. وكان يجب ان يعطى هذا المجلس الجديد –الذي سيتم انتخابه طبقاً للمادة 15من
الدستور -فترة ستة اشهر الجراء التعديل الجزئي على الدستور ،وفقاً لفصل "استشرافات المستقبل" في الميثاق .وبعد ان ينجز هذا المجلس الوطني مهمته ،يحل بمرسوم اميري وفقا لنفس حكم المادة 15من الدستور .وحينذاك تتخذ االجراءات الدستورية المطلوبة وفقاً للتعديل الدستوري الذي وافق عليه هذا المجلس قبل ان يح ّل .وهذه االجراءات تتمثل في اجراء انتخابات لمجلس النواب وتعيين اعضاء مجلس الشورى الذي يجب ان
يكون ،وفقاً للتعديالت التي وافق عليها المجلس الوطني قبل ان يح ّل ،مكوناً من
عشرين عضواً فقط وان تكون له صفة استشارية ،ال تشريعية ،وفقاً لما نص عليه 19
الميثاق في فصل "استشرافات المستقبل" وذلك على اساس اعطاء الصفة التشريعية والرقابية الكاملة لمجلس النواب المنتخب الذي يتكون من أربعين عضواً .وال يحتاج
مجلس الشورى حقيقة الى اكثر من عشرين عضواً مؤهالً بالخبرة والكفاءة والتخصص ليكون في مقدوره ان يقدم االستشارات التشريعية لمجلس النواب الذي يمكن ان يرجع
اليه "لالستعانة" بما يتمتع به اعضاؤه من "علم ودراية" وفقاً لما تضمنه الميثاق. -0إن لجنة تعديل بعض احكام الدستور عملت لمدة سنة في غاية السرية ،مستعينة بخبير دستوري مصري ،حيث اتمت اعداد دستور جديد ،وليس دستو اًر معدالً ،ثم بعد ان استكملت صياغة واعداد هذا الدستور ،عرضت مسودة الدستور على االمير للتصديق
عليه بتاريخ 12فبراير 0220وذلك في نفس التاريخ الذي تم فيه اصداره ونشره في الجريدة الرسمية .وبذلك ،أصبح هذا الدستور مفروضاً على الشعب كأمر واقع يجب قبوله .وبطبيعة الحال ،ليست هذه هي الطريقة الدستورية الصحيحة العداد وصياغة
الدستور الجديد الذي وضعته السلطة التنفيذية ليخلف دستو اًر عقدياً صدر بعد موافقة كل من الشعب والحكومة عليه عن طريق اق ارره من قبل مجلس تاسيسي منتخب ومعين
جزئياً ،وذلك بعد مصادقة أمير البالد عليه. -1بالرغم من ان دستور المملكة الجديد لم تتم صياغته واعداده عن طريق مجلس تأسيسي او مجلس تشريعي منتخب مباشرة من الشعب ،مما ينتقص من شرعيته ،إال انه أيضاً لم يعرض على الشعب عن طريق االستفتاء العام ليبدي رأيه فيه بالموافقة عليه او
رفضه وذلك على اعتبار ان الشعب هو صاحب السيادة وهو "مصدر السلطات جميعاً" ،طبقاً للفقرة (د) من المادة االولى من دستوري سنة 1791وسنة .0220 ويؤكد الدكتور رمزي الشاعر ،عند اشارته في كتابه المشار اليه اعاله الى ما يسميه بـ"انصار الرأي الثاني" من الدستوريين ،ضرورة اللجوء الى مبدأ االستفتاء على مشروع الدستور الذي اصدرته لجنة حكومية بقوله :وتكون مهمة هذه اللجنة الحكومية (لجنة الدستور) هي "تحضير مشروع الدستور فحسب ،مع ضرورة عرض هذا المشروع على الشعب الستفتائه والحصول على موافقته بحيث ال يغدو الدستور نافذاً إال بعد موافقة الشعب عليه".
فأين نحن اآلن من واقع دستور سنة 0220ومثالبه التي ال تحصى؟ يقول الدكتور صالح صادق /أستاذ القانون العام في رأيه الذي قدمه عن هذا الدستور ،العبارة المختصرة التالية:
11
إن الحصيلة من هذا الدستور "كانت حزمة متشابكة من المخالفات الدستورية الصارخة التي يولد بعضها من بعض والتي أفرغت اهداف الدستور ونصوصه من قيمتها" (انظر وثائق المؤتمر الدستوري االول – مملكة البحرين لسنة – 0222ص .)19
ثم توصف في الصفحة 17من هذه الوثائق ،وثيقة 0220/0/12بانها "تحريف وتجريف لدستور 3791وارتداد الى حقبة الالدستورية". -2تشير ديباجة هذا الدستور الى "الدستور المعدل" وذلك في الوقت الذي يتضح فيه من احكام هذا الدستور بانه دستور جديد وليس دستو اًر معدالً .ولعل هذا هو السبب لعدم تضمين هذا الدستور نصاً بالغاء دستور سنة .1791وهذا يدعو للتفاؤل بان هذا
الدستور التراثي االخير ال يزال قائماً ،وال يوجد مانع من الرجوع اليه حينما تدعو الحاجة الى الرجوع الى احكامه العمالها وتفعيلها كلما تضاربت هذه االحكام مع احكام
دستور المملكة القائم حالياً ،هذه االحكام التي ما كانت لتأخذ حيزها بين دفتي هذا الدستور لو تم التفعيل واالنفاذ الصحيح لدستور سنة 3791وآللية التعديل الشرعية
التي يتضمنها ضمن دفتيه. ونستشهد في هذا المجال ،برأي الخبير الدستوري الدكتور صالح صادق في الصفحة 91من المرجع السالف بيانه حيث يقول: "إن دستور – 3791مكمالً او معدالً باالحكام العامة لميثاق العمل الوطني -لم يزل
باقياً وفاعالً وممتداً اثره حتى يتم الغاؤه كلياً او جزئياً باالسلوب الدستوري المنصوص
عليه فيه .ومن ثم ،فانه ال يصح وال يجوز الزعم تصريحاً او تلميحاً بان هذا الدستور قد فقد قوته او فاعليته ،سواء بدخول مرحلة نفاذ ميثاق العمل الوطني او حتى بعد ما
قيل عن الدستور المعدل الذي تم التصديق عليه واصداره فـ ـي 12فبراير .0220 وترتيباً على هذا ،فإن المادة 122من هذا الدستور والتي اجازت اجراء تعديالت
دستورية في اطار من القيود والضمانات الواردة بها لم تزل باقية ،حيث انها لم تلغ بالطريق الدستوري ،وأن تعطيلها ال يمنع من احيائها مرة اخرى عند زوال العوائق المانعة من اعمالها".
الدكتور حسين محمد البحارنة 30فبراير 2009 17