ظالل أطالنتس عمار املصري دار الكنزي للنشر والتوزيع
1
دارالكنزي للنشروالتوزيع
الطبعة األولى الكتاب :ظالل أطالنتس تأليف :عمار المصري تصنيف الكتاب :رواية مصمم الغالف :؟؟؟؟ إخراج :أحمد عبد الرحمن المقاس 20 × 14
املدير العام
حممد صالح إشراف عام
إيناس الدسوقي
رقم اإليداع :؟؟؟ 2017 / الترقيم الدولي 978 - 977 - 6599 - ?? - ? :
All Rights Reserved Alkanzy for Publishing and Distribution +01003897918 Alkanzy.co@gmail.com Facebook.com/Alkanzy.com مجيع احلقوق حمفوظة للمؤلف
2
إهداء إىل كل من ساعدني يف خروج هذا العمل إىل النور والفضل يعود هلم بعد اهلل يف االنتهاء منه: �اعدني طوال طريقي حتى �د املهدي :صديقي الكاتب الذي س� – –أمح� انتهيت من العمل. �خه وكان – –مصدق الطيب :صديق الطفولة الذي قرأ العمل بكل نس� دائما ويعطيين األمل بأن ُأكمل. يشجعين ً دائما ويشجعين وحيفزني – –عمر حممد :صديقي العزيز الذي يساعدني ً كلما يئست. �اعدتين مساعدة كبرية خلروج هذا العمل – –فريدة اجلوهري :اليت س� إىل النور. �اعدوني بآرائهم أيضا إىل مجيع أصدقائي وأقربائي الذين س� وأهديها ً ريا. وتعليقاتهم اليت ساعدتين كث ً
3
4
1 يف عام - 2150القاهرة اجلديدة -مصر. �ور البالغ من العمر �تيقظ من النوم على صوت منبهه املزعج ،ن� يس� �عره قصري وناعم ومييل إىل اللون البين ،وعيناه عاما؛ ش� اثنني وعش� �رين ً �ى عليه ،مع مسرة خفيفة يف �وداوان كاللؤلؤ ،ومالحمه العربية تطغ� س� وجهه. �اعرا بأنه مل ينم مبا فيه الكفاية ،فتحامل على نفسه تثاءب بقوة ،ش� ً �رير ليستعد ليوم جامعي جديد يف جامعة القاهرة رافعا جسده عن الس� ً مسرعا ليلحق �تعدادات خرج اجلديدة .بعد أن انتهى نور من كل االس� ً �عتها احلمراء �مس قد بزغت يف األفق لتلقي بأش� باحلافلة ،فوجد الش� �ى املدينة ،معلنة عن بداية يوم جديد. الدافئة عل� وصل نور يف الوقت احملدد ..استقل احلافلة املعلقة للتنقل السريع، �رع موجها نظره إىل اخلارج عرب النافذة ،وش� ثم جلس على أحد املقاعد ً يف تفقد الناس وهم يتجهون إىل مشاغلهم وواجباتهم اليومية .السيارات ير بنظام وتقوم بأعماهلا اليومية إلبقاء حتلق يف اهلواء والروبوتات تس� النظام .شعر نور بسأم ،وقال بينه وبني نفسه: – –يوم ممل آخر. 5
�ت احملدد ،فدلف إىل �تطاع أن يصل يف الوق� انطلق إىل جامعته واس� �م علوم الفضاء ،وجلس يف مقعده املعتاد جبانب القسم اخلاص به ،قس� صديقه يوسف ليستمع إىل ما يقوله ُ اضر .كان يوسف أمسر البشرة، امل ِ دائما ،همس يوسف لنور قائ ًال: شعره قصري ومموج ،حيب املزاح واالبتسام ً �ب ،سيتحدث عن موضوع يف – –من اجليد أنك وصلت يف الوقت املناس� غاية األهمية. – –هذا من حسن حظي ..واآلن فلنستمع ملا يقوله. �دو عليه الذكاء �ا ًبا يف الثالثينات من العمر ،يب� �ر ش� كان احملاض� �عره األسود الناعم ممشط إىل اخللف والفطنة ،يرتدي نظارة طبية ،وش� ومالحمه اآلسيوية ال خيتلف عليها أحد ..كان من اليابان وامسه (كينو). �ال كينو وهو يعرض صورة هولوجرامية لصورة روبوت كان قد مت ق� إرساله إىل الفضاء يف رحلة إىل املشرتى ،وعندما عاد حدث شيء غريب.. شغل ُ املاضر الفيديو كي يشاهده اجلميع رغم مشاهدتهم له آالف املرات وحديثهم عنه الذي مل ينته حتى اآلن. �ى األرض ،وكانت تي كانت حتمل الروبوت عل� �ت املركبة ال� هبط� مجيع اجلهات واملؤسسات يف انتظاره لتحتفل باالكتشافات اليت توصل إليها هذا الروبوت ،وكانت هناك تغطية إعالمية كبرية للحدث .بينما كان اخلرباء ينتظرون بفارغ الصرب ليحصلوا على امللفات يف رأسه كي �ال ،عندما خرج �ئ أغرب من اخلي� �وا كل ما رآه وصوره ،حدث ش� يعرف� الروبوت من السفينة ،قام مبحو كل البيانات من رأسه وهاجم البشر من حوله وهو يردد هذه العبارة: – –جيب تدمري البشر ..كل شيء سيهلك ..الدمار قادم. 6
�رح ويوضح ويعطي فرضيات ملا حدث، أوقف كينو الفيديو ،وبدأ يش� فقال بنربة هادئة فطنة: �د حدث له يف الفضاء ..رمبا �يئا غريبا ق� – –كما ترون فإن هناك ش� قابل خملوقات غريبة قامت بربجمته ..رمبا تعطل لبقائه يف الفضاء لفرتة طويلة ..ال أحد يعلم ،ولكن ما حدث كان غري ًبا حق ًا ،ورمبا يفسر اختفاء السفينتني إينيكس 1وإينيكس .. 2وبالطبع ما حدث يف هذا الوقت أنه .. صمت قلي ًال ليلتقط أنفاسه ثم كسر حاجز الصمت قائ ًال: �يرتا للفضاء ،اليت يقع مقرها يف مدينة �لت وكالة س� – –بعد أن أرس� �فر جملرات أخرى، �فينة قادرة على الس� �س اجلديدة ،أول س� أطالنت� وانطلقت يف الرحلة اليت اشتهرت يف األوساط وفى كل مكان ،واليت �دف منها اخلروج من جمرة درب التبانة والذهاب إىل جمرة كان اهل� أندروميدا ،واكتشاف ما إذا كانت هناك حياة أم ال ،ولكن لسوء احلظ متاما ،فأرسل املقر سفينة أخرى السفينة مل تعد ،وفقد املقر إشارتها ً للبحث عن األوىل والتوجه إىل اجملرة احملددة ،ولكنها اختفت بدورها أيضا ،مما س� َّبب الكثري من اجللبة واملشاكل للمقر ،ودفعوا الكثري من التعويضات إىل األهالي ،ولكن هذا مل يشف غليلهم على أبنائهم. عدل من وضعية نظارته ثم استطرد قائ ًال: �ذا جيعلنا نفكر ..هل كل هذه األحداث هي ُصدف بالفعل ،أم – –وه� أن هناك شيئا غريبا جيري يف الكون ال نعلمه بعد؟! رمبا تكون كل �داث مرتبطة ببعضها البعض بطريقة ما ..من يعلم .. هذه األح� لقد فقدت أخي احلبيب يف رحلة إينيكس 1فقد كان من املنضمني جيدا عن أي �تخدام الروبوتات يف االستكش� إليها الس� �اف والبحث ً 7
�ع أنتم تعرفون أخي ،فهو من وضع قوانني مصدر للحياة ..بالطب� أزميوف الثالثة للروبوتات وجعلها حقيقة ممكنة وليست جمرد خيال علمي ،مما جعل البشرية تنتقل ملرحلة أخرى من التقدم باستخدام �ن أن الروبوتات قد تتمرد عليهم يف �ر م� اآلالت ،فقد زال خوف البش� �وم من األيام ،ولكن أخي َّ حل هذه املعضلة ،واآلن هل يعلم أحدكم ي� ما هي القوانني الثالثة؟ رفع نور يده قائ ًال: بشري أو السكوت عما قد يسبب ًأذى له. – –ال جيوز آللي إيذاء ّ – –جيب على اآللي إطاعة أوامر البشر إال إذا تعارضت مع القانون األول. �ا ال يتعارض ذلك مع �ي احملافظة على بقائه طامل� – –جيب على اآلل� القانونني األول والثاني. أردف كينو قائ ًال: – –أحسنت ،وهذا حل معضلة التمرد لألبد ،ولكن ما حدث هلذا الروبوت �يء غريب ونادر للغاية ..على كل حال العائد من الفضاء هو ش� لقد انتهت حماضرتنا. �ارج .وقف نور مع �و احملاضرة ،فانطلق الطالب إىل اخل� أنهى كين� يوس��ف يتبادالن أطراف احلديث ،فقال نور: – –يوم ممل آخر يف هذه احلياة. رد يوسف ممازح ًا: يوما مم ًال آخر – –ال تزال بنفس نربتك املتشائمة الدائمة ،ولكنه ليس ً ألن لدي لك مفاجأة ستغري حياتك كلها. 8
قطب نور حاجبيه قائ ًال: – –ما هي هذه املفاجأة اليت ستغري حياتي ،هل جنحت يف مادة الفلك؟! قل لي فليس لدي وقت ،أريد العودة إىل املنزل ُألكمل أحباثي. ضحك يوسف قائ ًال: – –ال ليس هذا بالطبع ،لن ينجو أحد من هذه املادة،إنها مفاجأة أعظم بكثري ..أال زلت يف أوهامك اليت تتعلق بأطالنتس املفقودة؟ قطب نور حاجبيه قائ ًال: �ودة ،والكثري من األدلة �ت أوهاما ،أنت تعلم بأنها كانت موج� – –ليس� �فت يف غرب ير إىل هذا وأهمها هي األدلة واأللواح اليت اكتش� تش� �ومرية وعندما مت وجدت قبل احلضارة الس� مصر حلض� ٍ �ارة عتيقة ِ فك اللغة ،اكتشفوا إش��ارات كثرية تشري إىل أطالنتس املفقودة، �ارت األلواح إىل وأنها كانت متتلك علم ًا مل يتخيله أحد بعد ،وأش� حروب وقعت بني هذه احلضارة وبني حضارة أطالنتس ،ولكن الكثري �م علماء اآلثار طبيعة هذه �ن األدلة كانت مفقودة؛ وهلذا مل يعل� م� �ي لبناء مدينة أطالنتس �بب الرئيس� أيضا كان الس� احلرب .وهذا ً �اف األلواح ،على كل حال جيب اجلديدة بالقرب من موقع اكتش� أن أعلم ما ُكنية هذا العلم رمبا جيعلنا نتوصل للكثري من األشياء �يئا! اهلائلة اليت ال نعلم عنها ش� تنهد يوسف مبلل وقال: – –حسن ًا ،حسن ًا ،فلتفعل ما حيلو لك ،ولكن على كل حال ،أتذكر ما قاله كينو منذ قليل عن بعثات الفضاء؟ – –نعم أذكره ..ماذا به؟ 9
– –أتذكر اإلعالن القريب لوكالة سيرتا عن حاجتها ملتطوعني لرحلة الفضاء اجلديدة للذهاب إىل أندروميدا مرة أخرى؟ �ره ،لقد متنيت أن أتطوع فيها ولكن مل حيالفين احلظ .. – –نعم أذك� �لهم الذريع �ن تعجبت حق ًا من أنهم حاولوا من جديد بعد فش� ولك� �ائر الفادحة اليت تلت هذا الفشل. واخلس� بنربة ميلؤها احلماس: صمت يوسف قلي ًال ثم اندفع قائال ٍ ريا وبعد مخس سنوات، – –نعم لقد فشلوا منذ مخس سنوات ،ولكن وأخ ً وفى عام 2050قررت سيرتا املخاطرة مرة أخرى وإرسال سفينة ثالثة �اف جمرة أندروميدا ،أو املرأة ا ُملسلسلة؛ وهلذا قررت للفضاء الستكش� �باب املتطوعني من مجيع أحناء �جيل للش� الوكالة فتح باب التس� العامل ،ولكن أتعلم ما هو اخلرب السعيد؟ – –ما هو؟! أخرج يوسف تذكرتني من حقيبته وأراهما لنور ،ثم قال حبماس: بطلب لالنضمام إىل الرحلة بامسي وامسك ،وتركتها – –لقد تقدمت ٍ مفاجأة لك إن مت قبولنا ،وهذا يعتمد على معدل الذكاء اجلامعي وحمصلة الدرجات اليت حصلنا عليها ..وأنا وأنت نتفوق دائم ًا يف هذا األمر ،ولكن مل أتوقع أنه سيتم قبولنا حقا! وقف نور وقد اتسعت عيناه من الدهشة والسعادة ،وقال يف محاس وقد أمسك بكتف يوسف وأخذ يهزه بقوة: – –أنت ال متزح أليس كذلك؟! هل حقا هذا ما حدث ،أرجوك ال متزح معي. – –ال أمزح ..أقسم لك ،فكف عن هزي بقوة ،وانظر إىل التذكرتني يف يدي. 10
سحب نور التذكرتني من يده بسرعة وأخذ يتفقدهما بنهم ،وارتسمت �ف من قبل ،فجلس نور على �امة كبرية على وجهه مل يرها يوس� ابتس� أقرب مقعد له حماو ًال تهدئة اضطراب مشاعره من فرط احلماس ،وقلبه خيتلج بني ضلوعه ..قال حبرية: – –يا إهلي!! ال أصدق أنك فعلتها حقا! هذه أفضل هدية حصلت عليها يف حياتي ،ال أعرف ماذا أقول حقا. عال قائ ًال: ضحك يوسف ٍ بصوت ٍ – –ال تقل شيئا ،جهز نفسك فقط فالرحلة بعد ثالثة أيام ..سنذهب إىل أطالنتس ،ومن اجليد أننا نعيش يف مصر فأطالنتس جزء ال يتجزأ من مصر وهلذا فإن الرحلة ستكون قصرية للغاية وهذا ما يسعدني. هز نور رأسه قائ ًال: – –بالطبع ،سأذهب ألخرب عائليت بأمر سفري. �فر بقوة، �ف ،وهرول ناحية منزله حمتضن ًا تذكرة الس� و َّدع نور يوس� واحلماس يسري يف جس��ده وهو يقول بينه وبني نفسه: �عرت بأن الفضاء يناديين ،ويغويين لإلحبار فيه ،واكتشاف – –لطاملا ش� �د مكاني هنا على �ع؛ فأنا مل أج� �وت اهلل يف هذا الكون الشاس� ملك� �ة والتفاهات اليت �س املليء باحلروب والكراهي� هذا الكوكب البائ� �كل خاطئ وحتركهم �ي ..اجلميع هنا يفهمون احلياة بش� ال تنته� �اع واملصاحل ،حروب ال تنتهي ،دمار ال ينتهي ،معاناة ال تنتهي، األطم� ولن تنتهي حتى ينتهي هذا الكوكب ،لذا فإن سبيلي الوحيد للخالص بعيدا حيث العجب العجاب ،وحيث من كل هذه اآلالم هو اإلحب� �ار ً سالم وهدوء وسكينة. تلتقي النجوم والكواكب ،تسبح بال توقف يف ٍ يرا جاء الوقت الذي أحقق فيه حلمي الذي انتظرته منذ زمن. وأخ� ً 11
�هول �ق نور إىل بيته الذي يقع يف منطقة معزولة حتيطها الس� انطل� اخلالبة ،فوالده حيب اهلدوء واالبتعاد عن البشر ،وقد ورثها نور منه؛ وهلذا بعيدا سهل مرتفع يقف بشموخ وحيدا ،ولكنه مل يكن ً ً فإن منزهلم كان على ٍ �رى واملوالت ،فكان يبعد عنها بضعة أميال فقط ،وكان عن البيوت األخ� نور يفضل احلياة بهذه الطريقة ،احلياة وسط الطبيعة مع اهلواء العليل واهلدوء الرائع مع صوت الرياح وهي تداعب السهول لترتاقص يف تناغم. انطلق بدراجته حنو السهل؛ حيث كان حيب اختيار الطريقة الصعبة حتى حيافظ على لياقته وليونة جس��ده ،وكان قرص الشمس األمحر �اب اخلضراء �عته على الطريق ليمتزج لونه األمحر باألعش� يلقي بأش� �عو ًرا بالراحة والسالم ،وينذر باقرتاب الغروب. ليضفي ش� �هابني يف السماء يلمعان ،ولكنه رأى أثناء اقرتاب نور من البيت ،ملح ش� يرا وقد بدأت مالحمه تظهر ،فبدا عليه القلق وقال أحدهما يقرتب كث� ً بينه وبني نفسه: – –هل هذا نيزك؟ يبدو أنه يتوجه ناحية املنزل ..جيب أن ُأسرع. مسرعا حنو البيت والقلق يضرب قلبه بقوة ،فرأى انطلق يشق طريقه ً �يء، �زك وهو يقرتب أكثر وأكثر وقد اتضحت مالحمه بعض الش� الني� �ه مل ير إذا كان قد �وت ارتطامه ُيد ِّوي من بعيد ،ولكن� �أة مسع ص� وفج� �رعته ومحد اهلل أنه ليس هناك أحد يف ارتطم بالبيت أم ال ،فأزاد من س� البيت اليوم .رأى نور بيته يف األفق ومل ميسسه شيء ،فشعر بارتياح شديد، �قط ،فعرب �ن فضوله ال يزال حيثه على البحث عن النيزك الذي س� ولك� �هول ليجتاز بيته وملح بعض األتربة �ط الس� الطريق ،ودخل بدراجته وس� �قط يف اليت تتصاعد يف األفق ،فانطلق حنوها ،ولكنه ملح نيزكا آخر يس� �قط أمامه سيشرح له كل شيء. مكان بعيد ،فلم يكرتث له ،فالذي س� ٍ 12
بعد دقائق من القيادة ،وصل نور إىل موقع السقوط وهو يلهث بشدة وقد ابتلت مالبسه بالعرق وأصبح ُمضل الشعر ،فرأى حفرة عميقة أحدثها �حابة األتربة اليت تغطيها تتالشى شيئ ًا فشيئ ًا حتى النيزك وقد بدأت س� �يئ ًا غري ًبا للغاية!! ظهر النيزك أمامه ،ولكنه مل يكن نيزكا! بل كان ش� رأى نور أمامه كرة حديدية عمالقة متناسقة ويغطيها اللون األسود، حبذر ليكتشف كنية هذا اجلسم اجملهول الغريب ،وانتابته فاقرتب منها ٍ �يء يف العامل؛ قنبلة �أن قد تكون هذه الكرة أي ش� �دة قصرية ،وفكر ب� رع� �ن أقصى الفضاء وقد �فينة فضاء ،جهازا غريبا جاء م� هيدروجينية ،س� تفنى البشرية بسببه ،ولكن فضوله األكادميي غلب خوفه وخماوفه فأخذ يلتف حول الكرة الضخمة اليت كانت تبدو وكأنها تتسع لغرفة كاملة، �وداء ملساء للغاية. �يء ،كانت جمرد كرة س� ولكنه مل ير أي باب أو ش� وتردد ،وعندما ملسها شعر بشيء يسري يف ببطء وضع نور يده عليها ٍ شديد ُّ ٍ جسده للحظات وسرعان ما تالشى هذا الشعور ،كان أشبه بصعقة كهرباء. �رة فرتاجع نور يف خوف ،ورأى لوحة �أة انفتح جزء صغري يف الك� فج� �به اللغة �ة تظهر ،وكانت بها بعض األزرار املكتوبة بلغة غريبة تش� غريب� املصرية القدمية اليت تعتمد على الرموز ،فأصابته احلرية من هذا ،ولكن �يء ما ،رمبا �كوكه كانت يف حملها ،فهذه تبدو كغرفة بداخلها ش� ش� �تمحو مصر ،ورمبا ال شيء! خملوق فضائي ،ورمبا قنبلة هائلة س� اقرتب نور من اللوحة ليتفحصها ،فوجد أنها تتكون من تسعة حروف، �ح الكرة ،ولكن كيف �ر حتى تنفت� ويبدو أنه حيتاج لكتابة كلمة الس� سيعلم كلمة السر؟! �رعا إىل بيته قام نور بتصوير اللوحة بهاتفه والكرة ً أيضا ،ثم عاد مس� ً �رض الصورة على حمرك البحث �اس ميلؤه ،ودلف إىل غرفته ،وع� واحلم� 13
�أن هذه اللغة كانت �دأت النتائج تظهر له ،وتفاجأ ب� �ق إليزا ،وب� الدقي� �يرتا، موجودة بالفعل ،ولكن كل املعلومات عنها حتت محاية وكالة س� وهلذا فعليه اخرتاق موقع الوكالة للولوج إىل كل املعلومات اليت ختص �يئ ًا كهذا! هل �يرتا ش� هذه اللغة .وتعجب للغاية من إخفاء وكالة س� يعلمون شيئا عن الفضاء اخلارجي وخيفونه عنا!! لطاملا كان املهوسون بنظرية املؤامرة يتكلمون عن إخفاء وكالة سيرتا الكثري من األسرار اليت �ون ،لكنه اآلن بات ريا مبا يقول� ختص الفضاء ولك� �ن نور مل يقتنع كث ً متأكدا من صحة كالمهم. ً دخل أحد الروبوتات اليت تعمل يف املنزل إىل الغرفة ،كان فضي اللون ذا مالمح باردة ومفاصل حديدية ،وينفذ األوامر بدون تساؤالت .كان نور قد برمج هذا الروبوت واخرتق بعض الربوتوكوالت فيه ليزوده مبميزات جديدة مل توضع فيه من األساس ،وهذه املميزات حمرمة دول ًيا ،كاخرتاق تعقيدا املواقع واحلصول على أية معلومات يف العامل من أكثر الشبكات ً وأمان ًا يف العامل .ناول الروبوت نور بعض املشروبات فأوقفه نور قائ ًال: – –لقد برجمتك على أعلى املستويات من الذكاء االصطناعي وزرعت فيك الكثري من الوظائف املتنوعة بدون علم أحد ،وحان الوقت لرتد �يرتا وتعطيين كل �دك أن خترتق موقع وكالة س� لي اجلميل ،أري� املعلومات عن هذه اللغة الغريبة. – –بالطبع سيدي سأفعل هذا. جلس الروبوت على الكرسي وأخذ يضغط على األلواح اهلولوجرامية �ريره يفكر يف سر هذه لتفتح نوافذ تليها نوافذ ،بينما جلس نور على س� الكرة الغريبة وسر هذه احلروف.
14
تذكر نور صديقه يوسف وكيف أنه سيتحمس مثله ملا حدث ،فبعث له رسالة صوتية مرفقة بصورة الكرة واحلروف العجيبة ..بعد دقائق جاء الرد كاآلتي: – –سآتيك خالل ثانية واحدة. ظن نور بأنه يبالغ ،ولكنه سرعان ما وجد الباب ينفتح ويوسف يدخل �ريره ،وقال ليوسف حبنق الغرفة وهو يلهث ،فذعر نور وقفز من على س� وغضب: – –أيها األمحق أال ميكنك أن تطرق الباب؟ – –آسف ولكن أردت مفاجأتك ..واآلن أين هي الكرة؟ �آخذك إىل – –انتظر حتى ينتهي الروبوت من إنهاء االخرتاق وبعدها س� املوقع. �أم لريى متى سينتهي، �ف حاجبيه ونظر إىل الروبوت بس� قطب يوس� فقال لنور بنربة محاسية: – –أتدري رمبا يكون هذا اكتشاف العصر؟! لو كان هناك بداخل هذه �ئ ما من حضارة متقدمة كوكب بعيد ،أو ش� الكرة خملوق ما من ٍ �هرة ،أستطيع رؤيتهما �يجعلنا نصل إىل اجملد والش� بعيدة ،فهذا س� �ا جائزة نوبل .. �هادات ورمب� أمامي اآلن ،األضواء وامليداليات والش� ين ،فنحن ال نعرف كنية هذا �ن أال جيب علينا إحضار خمتص� ولك� الشيء ،رمبا يكون شيئا مدمرا! زأر نور يقول بلهجة قاطعة: بعيدا عن األعني ،وإن مت أحدا ،سيتم حجز الكرة ً – –مستحيل لن حنضر ً اكتشاف أي شيء فلن يعلمه الع َوام ..سيتم إخفاء هذا السر إىل 15
�مع األبد كما مت إخفاء الكثري والكثري على مر التاريخ ..أمل تس� ما قلته بأن وكالة سيرتا تعلم بأمر هذه اللغة وكانت ختفيها عنا؟ �يء بأنفسنا ثم �ف كل ش� – –نعم مسعت ..أنت حمق ،جيب أن نكتش� خنرب اجلميع بكل شيء وحنظى بالشهرة واملال ..آه !! أستطيع أن �طع ،لقد جاءنا اخلالص من السماء. أرى جنمي وهو يس� سعيدا هكذا فنحن مل خنرتق وكالة سيرتا بعد. – –ال تكن ً قاطع نور صوت الروبوت قائ ًال بنربة إلكرتونية باردة: �يدي لقد انتهيت من االخرتاق وأصبح لدي مجيع املعلومات اليت – –س� ختص اللغة. هلل يوسف حبماس قائ ًال: أطلعنا على كل شيء! – –رائع ،واآلن ِ قال الروبوت: – –إن هذه اللغة ختص مدينة أطالنتس القدمية ،وهي مستخدمة اآلن يف وكالة سيرتا للبحث عن مكان املدينة املفقودة ألسباب غري معلومة، فاملعلومات السرية اليت ختص املدينة خمفية يف أحد اخلوادم السرية للوكالة اليت ال أستطيع الولوج إليها إال من داخل الشركة نفسها. �عت عينا نور من الدهشة وابتهج وجهه ،وقال ليوسف حبماس ال اتس� ينضب: – –قلت لك ..قلت لك إن املدينة موجودة ولكنك مل تصدقين ..لقد اقرتبت من التوصل إىل شيء ما خيصها وال بد أن سقوط هذه الكرة احلديدة الضخمة ليس حمض صدفة ،إنه القدر ُ املتم يا صديقي. 16
�ذرع الغرفة ذها ًبا �ف قلي ًال يفكر فيما مسعه اآلن ،وهو ي� صمت يوس� �ر حاجز الصمت قائ ًال: وإيا ًبا ،ثم كس� �ب عبثا ،ولكن ما �ون جهودك يف البحث عن املدينة مل تذه� – –رمبا تك� �اء بأطالنتس ،أنا ال أفهم؟ �قطت من الفض� عالقة كرة غريبة س� – –وال أنا ،ولكن سنحلل احلروف على الكرة ومن َثم ستتضح الكثري من األشياء. توجه يوسف إىل احلاسوب اهلولوجرامي ،وبدأ يتفقد األحرف والرموز ير إىل شيء ،فبدأ ومعانيها ووجد أن الرموز متثل كلمات ،فكل رمز يش� �ابهات ومعاني الرموز �وب وحساب التش� بتحليل الورقة معه على احلاس� �ف دهشة كبرية، معا ،فخرج له الناتج ،ففغر فاهه وأصاب يوس� جمموعة ً �ري بل كانت رسالة مشفرة! وفكر بأن الرموز مل تكن إلدخال كود س� كان معنى الرموز كاآلتي: – –ما يسقط من الفضاء يسقط معه العلم املفقود الذي سيحرر البشر �ة احلقيقية قبل حلول �ل ،ويفتح األفق هلم ملعرف� �ن براثن اجله� م� �لم إرادتك هلا. الدمار ،ولكي تنفتح الكرة جيب أن ُتس� �يئ ًا مما قرآه ،ولكن ما ُأثار دهشتهما هو املقصد من العلم مل يفهما ش� �يحرر البشر قبل الدمار ،وما هي احلقيقة املعنية؟ وماذا املفقود الذي س� �ليم إرادتك هلا؟ كل هذه األفكار كانت تتضارب يف رأسيهما يعين بتس� بال توقف ،فقطع يوسف حبل أفكار نور قائ ًال بإحباط: – –أعتقد أننا جيب أن خنرب السلطات! انفعل نور عليه ونظر له جبدية وصرامة شديدة: 17
�يأخذون السر ألنفسهم وخيفونه ،وقد يتم – –لن نفعل ..قلت لك س� استخدام هذا العلم املخفي يف الشر ..جيب أن نعرف حنن احلقيقة �يء .. �نخربهم بكل ش� أو ًال ،وإن كان هناك خطر يهدد حياتنا س� يوسف ،أنت تعلم كم قضيت من الوقت يف البحث عن أطالنتس وقراءة كل الفرضيات والقصص اليت ختصها ،وبعد كل هذا تريد أن أسلم جهدي للحكومة اليت ستخفي كل شيء كما تفعل دائما وأعود إىل جمددا!! لن أفعل هذا ،سأفعل هذا معك أو من غريك. نقطة الصفر ً �ه عناد نور عندما تأخذه احلمية يف كان يوسف يعلم يف قرارة نفس� �اف شيء جمهول ،فهو حيب التأمل والبحث يف كل ما هو غريب اكتش� �رار واملعضالت اليت ختص �ول وحماولة التوصل للعديد من األس� وجمه� �ه يف حياته ،وليس من الغريب أنه �خص قابل� عاملنا ،وهلذا فهو أذكى ش� دائما ،فقال يوسف بسأم واستسالم: حيصل على املركز األول يف اجلامعة ً �نا ،سأذهب معك ،ولكن إن حدث أي خطر يهدد حياتنا أو حياة – –حس� �لطات بدون تردد ،وال تنسى بأن رحلتنا إىل �رية فسأكلم الس� البش� �لنا يف اكتشاف أي �تكون بعد ثالثة أيام وهلذا فإن فش� الفضاء س� �يء فسنسلم كل شيء للسلطات ونذهب إىل الرحلة اليت قد تغري ش� أيضا. حياتنا إىل األبد ً �ارعا بالذهاب إىل موقع الكرة اليت كان �روطه وس� وافق نور على ش� شعاعا أزرق يوسف متشوق ًا للغاية من أجل رؤيتها ،وأثناء سريهما شاهدا ً �ا كنيته ولكنهما مل يهتما �ماء ومل يفهم� من مكان بعيد يرتفع إىل الس� �ديد على هدفهما. ريا ،لرتكيزهما الش� كث ً وبعد دقائق وصال إىل وجهتهما املنشودة ،واندهش يوسف من حجمها اهلائل ومظهرها الغريب ،فقال بنربة مندهشة: 18
– –يا إهلي ما هذا؟! إنها تشبه مركبة فضائية من نوع ما ،ولكن كيف نسلم إرادتنا هلا أنا ال أفهم؟ مهما: قال نور وقد تذكر شيئا ً – –عندما ملستها أول مرة شعرت بشعور غريب ،كأن شيئا ما خياطبين من الداخل ،ولكنه كان للحظة فقط ،وبعدها ظهرت اللوحة الغريبة اليت تراها أمامك ..رمبا جيب أن نلمسها لبعض الوقت وحناول الشعور مبا داخلها ..رمبا تكون املعلومات داخلها تنتقل عن طريق التخاطر! – –أمتزح معي ..عن طريق التخاطر؟! ولكن على كل حال لن تضرنا التجربة. �را إىل بعضهما البعض يف �ف منها ونظ� كل من نور ويوس� اق� ترب ٍ �ا أعينهما يف حماولة �ديد ثم وضعا أيديهما على الكرة وأغمض� توتر ش� ترخاء ورؤية ما حيدث .فجأة شعرا بشيء ما يسري يف جسديهما، لالس� �يء الذي شعر به من قبل ،بينما تفاجأ وتذكر نور أن هذا هو نفس الش� �ك .استمر �عور وكاد أن يبعد يديه ،ولكنه متاس� �ف من هذا الش� يوس� النبض الغريب الذي يصدر من الكرة يف االنسالل داخلهما وبدأت بعض الرؤى الغريبة تظهر هلما يف خميلتهما ..مدينة هائلة مل يريا مثلها من قبل ..دمار وخراب ..حروب مدمرة ..طوفان هائل ُيغرق كل شيء �ه ناحية املدينة العظيمة ..علوم مل يريا مثلها من قبل ..ضوء ويتوج� �ماء ،وبلورة غريبة الشكل ليس هلا مثيل. براق ينبعث من الس� تغي يف الكرة وقد أخذت تنبض بقوة ،فأبعدا فجأة ،ش� �عرا بأن هناك ُّ �ا وتراجعا إىل الوراء يف خوف وهما يتبادالن النظرات. أيديهما عنه� �ون يندفع إىل �عاعا هائ ًال أزرق الل� انفتح� �ت الكرة ببطء لتصدر ش� ً السماء ،ثم اختفى الضوء وتالشى ،وقد حتولت الكرة إىل أرضية حديدية 19
�عريرة تسري يف جسديهما من يندفع منها ضباب غريب بارد جعل القش� برودته .وكان هذا الشعاع يشبه الشعاع الذي شاهداه أثناء توجههما إىل �ئ ما ..مسعا وقع أقدام ،فازداد موقع الكرة .ومن بني الضباب حترك ش� توترهما وذعرهما وبدآ بالرتاجع إىل اخللف يف خوف ،ومل يغضا طرفيهما �عرا بهالة قوية حتيط بهما وتضغط على عن الضباب للحظة .فجأة ش� جسديهما وكأن اجلاذبية قد تضاعفت ،فسقطا على ركبتيهما ،وصرخا جبال فوق ظهريهما ،مع إحساس بأن من األمل وشعرا وكأنهما حيمالن ٍ �يء من حوهلما �حب منهما تدرجي ًيا .وفجأة أصبح كل ش� وعيهما ينس� سبات عميق. ظالم وسقطا يف ٍ أجسام غريبة يف مواقع وفى أحناء العامل انتشرت األخبار عن سقوط ٍ خمتلفة حول العامل ،وتزامن هذا السقوط مع مترد غريب غري متوقع من الروبوتات يف القاهرة اجلديدة يف كل بيت ومتجر ومبنى ومدينة ،تزامنًا مع انتشار ضباب غريب حول املدينة العريقة ،ووقوع العديد من القتلى يف كل مكان .وكانت الروبوتات تتحرك يف جيوش منظمة وتصنع األسلحة لقتل البشر ،واستنتج اخلرباء بأن هناك حقال مغناطيسيا جمهول اهلوية داخل الضباب يشتت اآلالت مما جعلها عدائية ضد البشر. �م الذي توقعه العديد حترك اجليش املصري ضد هذا العدوان الغاش� من البشر منذ زمن بعيد. توجهت الكامريات حول العامل لتصور الروبوتات يف القاهرة اجلديدة �وارع وهي ير يف الش� �لق املباني وتقتل كل من بداخلها ،وتس� وهي تتس� تنقض على كل من تراه أعينهم بال رمحة ،وبدأ البشر يف محل أسلحتهم ومقاتلة الروبوتات يف معارك ضارية ،ولكنها كانت تنتهي بانتصار اآلالت. تقدم اجليش ألخذ إجراءات ضرورية يف هذه األزمة وانسلوا يف شوارع مجيعا بال رمحة، �حقهم املدينة ليتصدوا للروبوتات املتمردة ،ولكن مت س� ً 20
مما جعل مصر يف خطر شديد إن مل يتم إيقاف هذا العدوان يف القاهرة. �ة الروبوتات ألن الرؤية كانت �اب جيعل من الصعب مقاتل� وكان الضب� شبه معدومة بينما كان من السهل للروبوتات مقاتلتهم. �قوط ،ودمار هائل ،وماليني الضحايا سقطت معارك ،وانفجارات ،وس� ير اهللع والدمار. �يء غ� لا رمحة أمام هذه القوة املدمرة ومل يتبق ش� ب� �تطاعت تدمري العديد من �ت الروبوتات لتحتل باقي مصر واس� وانطلق� املدن الكبرية. جيدا ،فتوجه وأمنت نفسها ً وضعت أطالنتس اجلديدة محاية كبرية َّ اجلميع إليها طل ًبا للمساعدة .وفى هذه األثناء انتشر الضباب ليعم باقي الكوكب ولينتش��ر مترد اآلالت يف كل أحناء العامل ،فهرب العديد من �ر من كل أحناء العامل إىل أطالنتس؛ ألنها كانت منيعة أمام هذا البش� العدوان .وانقطعت كل االتصاالت للعامل اخلارجي عن أطالنتس اليت مل تعد تعلم ما حيدث للعامل اآلن. أصبحت الكرة األرضية من اخلارج محراء اللون من النريان اليت تغطي كافة القارات والروبوتات اليت تسري بربود وهي حترق وتقتل كل ما تراه. فجأة وسط كل هذه األخبار ُعرض خرب انتشر على املواقع كهشيم �عاعا غري ًبا النريان ألحد الصحفيني املختبئني يف روس� �يا ،والذي ملح ش� ً �كان ،فتوجه إىل املوقع ليجد يصدر من أحد األماكن غري املأهولة بالس� كرة عمالقة غريبة تنفتح وأمامها شخص ضخم اجلثة عريض املنكبني، ويبدو أنه من جعلها تنتفح. تراجع الفتى الضخم ذو الشعر األشقر إىل الوراء وهو يرى هذا البخار البارد الذي يندفع ناحيته ،وفجأة انسحب وعيه منه وسقط على األرض �عر مبثله من قبل وهو يرى مغش� ًيا عليه ،فشعر الصحفي برعب مل يش� 21
�خصا يبلغ طولة ثالثة هذا الش� �يء الذي خرج من بني البخار ،كان ش� ً �ي ،كان السواد يغطيه ومل يستطع أمتار ويبدو أضخم من الفتى الروس� �ف الذي يلتف حوله ،ولكنه رأى �يء من الضباب الكثي� الصحفي رؤية ش� انعكاسا للنجوم والكواكب على وجهه ،وفجأة توجه نظره إىل الصحفي ً الذي كاد يشهق من الرعب ولكنه وضع يده على فمه ،ثم وقف وركض �رع ما لديه قبل أن خيرتق شئ ما جسده ،فسقط على األرض ورئتيه بأس� حتاربان من أجل بعض اهلواء ،وعلم بأن هذه نهايته ،فحرك يديه الواهنة �ال ثم وافته املنية. بصعوبة حتى وجهها إىل الكامريا وضغط زر اإلرس� �رعة رهيبة ،وتناقلت األخبار عن انتقل هذا املشهد حول العامل يف س� غزو من الفضائيني والبعض اآلخر يفسرها بأنها من البشر وهناك شيء �ات واهلروب من غزو اآلالت املرعب إىل ما جيري هنا .واستمرت النقاش� وقت طويل ،وكانت عناوين األخبار كالتالي: – –فليحفظنا اهلل. �قطت العديد من مدن االحتاد اإلسالمي يف الشرق وتلتها بعض – –س� �رب ،ومل تعد العديد من املدن آمنة. دول االحتاد األوروبي يف الغ� �م ولكن يبدو أن �دأت اجليوش بالتحرك لصد هذا العدوان الغاش� – –ب� حماوالتهم باءت بالفشل. – –فلندعو اهلل أن يرحم أرواحنا بعد املوت. – –هل هناك حد لقوة اآلالت؟ هل ينتصر املصنوع على الصانع؟ – –اليوم سيكتب التاريخ عن بداية عصر جديد. *** 22
2 �تيقظ نور من النوم مبتال بالعرق ،خمضل الشعر ،الهث ًا وقد بدت اس� شاحب الوجه ،وعينيه حترتقان ،وبالكاد يرى شيئًا.. الرؤية خافتة .كان َ يشعر باإلرهاق واألمل يف كل أعضائه ،وكانت هناك غيمة ضبابية ختيم على عينيه وجتعل من الصعب رؤية أي شيء ،فكل ما يراه هو أنوار بيضاء �دأ يلتقط ما حوله بصعوبة، �عة تأتي من مكان ما .وبعد حلظات ب� ُمش� ً غرفة بيضاء ،وبعض األجهزة �يئًا ،فرأى وبدأت األشكال تتضح شيئًا فش� املضيئة حوله ،وشعر برأسه يكاد ينفجر من الصداع ،وذاكرته ال ختدمه ً �ا ،فهو ال يتذكر أين كان آخر مرة ،أو ماذا حدث له قبل أن ينام! إطالق� �خص ما وسط السهول ينظران إىل فآخر ما يتذكره هو أنه كان مع ش� شيء كروي الشكل ،ولكن ذاكرته كانت مشوشة للغاية. �ديدة وجلس على حافة �رير بصعوبة ش� عدل من وضعيته على الس� �ده ضعيف وواهن للغاية ،فمسح عينيه يف �عر بأن جس� �رير وهو يش� الس� �هور ،وبدأ �يء ،فأحس وكأنه نائم منذ ش� �ة لرؤية أي ش� حماولة بائس� يتحسس جسده فوجد بعض احملاليل الطبية معلقة عليه .فقال والتوتر يسرى يف جسده: �فى؟ ولكن ما الذي حدث البارحة؟! أنا ال أتذكر أي – –هل أنا يف املش� شيء! 23
�عر باخلوف يسري يف أوصاله، �ده بقوة وهو يش� نزع احملاليل من جس� �رير فبدأت بعض األجهزة تصدر أصوات ًا ،وحاول أن يرتجل من على الس� ولكنه سقط وشعر أن قدميه ضعيفتني للغاية ال تقويان على محله ،فهدأ ً قليل وحاول أن يتمالك نفسه ويتذكر ما حدث له ليلة البارحة ،ولكن الضباب كان خييم على ذاكرته بالكامل. أخذ الصداع يزداد أكثر فأكثر ،فوضع يده على رأسه وضغط عليها عال: يف حماولة بائسة إلسكات األمل ،ولكن بال جدوى ،فبدأ ينادي ٍ بصوت ٍ – –هل هناك أي أحد هنا؟ أحتاج إىل املساعدة ..أنا ال أستطيع احلركة. تنبه نور يف تلك اللحظة أنه يشعر جبوع شديد كأنه مل يأكل منذ ًً حماول العودة لسريره شهور ،ومعدته تقرقر بقوة ،فبدأ يزحف على يديه �ه ،وبكل ما أوتي من عزم والوهن قد متكن من يديه ،فتحامل على نفس� �رير وبدأ يدفع جسده ألعلى وهو يتأمل ويداه ترجفان وضع يده على الس� بقوة ،وبعد جهد كبرياستطاع أن يرفع نفسه على السرير ،فنام على ظهره �ه بصعوبة وقد أخذ العرق يتصبب بقوة من جبينه. وأخذ يلتقط أنفاس� �ن احلائط قائال بنربة باردة صمت طويل مسع صوتًا يصدر م� �د وبع� ٍ وصوت عميق أجش: ريا!! فلرتكز على التعليمات اليت ستسمعها مين ألني – –استيقظت أخ ً لن أعيدها مر ًة أخرى. صمت الصوت فرتة ليعطي نور الفرصة الستيعاب ما قاله ثم استطرد ً قائل: �رير ،وحتديدا على املكتب الذي عن ميينك – –أوال ستجد جبانب الس� �د يكون آخر �أكل هذا الطعام ألنه ق� �ض الطعام ،وحقنة ،فلت� بع� �ك بها �بة للحقنة ،فلتحقن نفس� طعام لك هذه الليلة ،أما بالنس� 24
�ط سيعيد لك وظائفك احليوية، يف ذراعك ،فهي عبارة عن منش� �تطيع أن تتحرك من جديد وجيدد اخلاليا امليتة بداخلك لكي تس� وال جتد صعوبة يف احلرك��ة ..فلتأخذها بعد أن تأكل. مفكرا يف املأزق �ا قاله الصوت �دأ نور -احلائر من أمره -بتنفيذ م� ب� ً �ة الطعام ،فمد يده �ه اآلن .نظر ميينه ليجد علب� �ه في� الذي وجد نفس� طعاما ذا رائحة غريبة ،فبدا على مالحمه النفور، وأخذها وفتحها ليجد ً فسمع الصوت يقول: �مومة أو متعفنة ،رائحتها غريبة فقط ،إال أن �ت مس� – –ال ختف ليس� طعمها سيعجبك. �ه باجلوع كان أكرب ،ومل �اس نور بالنفور إال أن إحساس� ورغم إحس� يستطع االحتمال أكثر من ذلك فوضع امللعقة يف احلساء ورفعها إىل فمه عال: برتدد ثم تذوق طعمه ،ففوجئ بطعمه الرائع والغريب ،فقال ٍ بصوت ٍ – –مما يتكون هذا احلساء؟ رجل يف �دو �ال الصوت بنفس النربة الباردة اليت تب� فق� ِ كنربة صوت ٍ األربعينات من عمره: – –ال يهم مما يتكون أكمل طعامك فحسب. فقال نور وهو ينظر للسقف صارخا وانبجس الدم إىل عينيه: – –أين أنا؟ وملاذا أنا حمتجز هنا؟ ومن أنت؟ ولكن الصوت مل ُيب والتزم الصمت .استكمل نور طعامه وهو يرجتف كورقة يف مهب الريح من أثر الضعف واخلوف والغضب ،وبعدما انتهى، �ائل أمحر اللون �كل واليت كان بداخلها س� نظر إىل احلقنة غريبة الش� يلمع على ضوء الغرفة .كان السائل يف أنبوبة يف مسدس صغري معلقة 25
�دس ينتهي بإبرة قصرية ،فأدرك نور فوق اجلزء العلوي منه ،وكان املس� مرتددا للحظات ،ثم �ك احلقنة بتوتر وبدا على الفور آلية عملها ،فأمس� ً أدخل اإلبرة يف ذراعه اليمنى ،وضغط على الزناد ليندفع السائل بداخله، �ده بقوة شديدة ،فصرخ من شدة �اعرا بوخز شديد وأمل يسري يف جس� ش� �اء الصوت مرة أخرى حماوال أن خيفف عنه قائال: األمل ،فج� لاح كل اخلاليا امليتة �يؤملك كثريا يف البداية ،حتى يتم إص� – –س� واملدمرة بداخلك. فقال نور بغضب ممتزج بأمل: – –أيها الوغد سأقتلك إن وضعت يدي عليك. فرد الصوت بنفس النربة الباردة: جيدا – –س� �يد نور ،فلتدرك أنك حتت رمحيت هنا ،فلتنتقي كالمك ً كي ال تندم على هذا. شعر نور بعد بضعة دقائق بتدفق الطاقة داخله جمددا ،وأن يديه وقدميه عادتا للعمل جمددا ،وشعر باحليوية والنشاط ميآلن جسده ،فقام من على يرا إليه ،وقال بنربة غاضبه: �ريره ونظر إىل احلائط ورفع إصبعه مش� س� – –واآلن ..أخرجين من هنا حاال. فقال الصوت بضحكة ساخرة: – –لك ما أردت ،واآلن فلنبدأ. اقرتب نور من الباب فتغري لون القفل اإللكرتوني من األمحر لألخضر، فانفتح الباب بصوت صفري استمر ثوان معدودة ،ثم خرج نور من الغرفة ليجد نفسه يف ردهة بيضاء ممتدة إىل ما ال نهاية ،تنريها بعض املصابيح 26
املعلقة .حاول أن يصل بنظره إىل نهاية الردهة ،ولكنه مل ير نهايتها ..مل حرا طليق ًا ،وبعد دقيقة كاملة أخذ يركض يلبث أن أخذ يتنفس تنفسا ً ًً ً �يء مألوف غري باحث ًا عن أي ش� قاطعا الردهة وهو يتلفت حوله مهرول ً هذا اللون األبيض الذي يصبغ كل شيء ،بينما يصرخ وينادي: – –هل هناك أحد هنا؟! فليساعدني أحدكم! �ن مل جيبه أحد ،وبعد فرتة طويلة من الركض بدون أن جيد أي ولك� يرا بالتعب فتوقف مكانه واحننى متكئًا بكفيه أبواب أو نوافذ ،أحس أخ� ً على ركبتيه وهو يلهث قائال: – –هذا املمر بال نهاية. فسمع الصوت املزعج حيدثه ويرتدد صداه يف الردهة كلها قائال: �هل مما نتوقع ولكننا ال نراه ،ألننا ال – –أحيانا يكون احلل أمامنا وأس� ننظر ناحيته. نظر نور وراءه مل جيد باب الغرفة الذي خرج منه ،مما زاد من حريته، �ن أن تكون قد �تقيم ال ميك� ير منذ خرج من الغرفة خبط مس� فهو يس� �ي امتد وراءه كما ميتد أمامه. �ت ،إال أن اللون األبيض الالنهائ� اختف� بصوت عال ً قائل: فصرخ ٍ – –أنت أيها الوغد ،ما الذي حيدث هنا؟ أخرجين من هنا! ً متجاهل إهانات نور املتتالية: فخرج الصوت قائال بنرباته الباردة – –جيب أن تبحث عن املخرج بنفسك ،األمر أسهل مما تتخيل ولكنك تعقده على نفسك بتفكريك السطحي والساذج.
27
�ديد ولكنه كتم غيظه بداخله ،فنور شخصية شعر نور بالغيظ الش� متاما عندما يكون يف مأزق وال يعلم أين املخرج هادئة بطبعه ولكنه يتغري ً أو ماذا حيدث حوله. شاعرا باالختناق والتوتر يف نفس أكمل طريقه وهو يتفحص املكان ً الوقت ،فأخذ ينظر حوله يف حماولة بائسة منه لكي جيد أي خمرج ولكن دون جدوى ،فقال الصوت بنربة ساخرة: – –احلل أبسط مما ختيل ،فكر جيدا ،وأمعن النظر. �ا عميقا ،وحاول أن يصفى أفكاره ،ويزيل التوتر عنه ،ثم أخذ نور نفس� جمددا وهو يقول يف نفسه: فتح عينيه ،وبدأ يركض ً – –ال يوجد شيء بال نهاية ،بالتأكيد سأعثر على نهاية هلذا الرواق. �يئًا غري إال أنه مبرور الوقت أحس بالتعب مر ًة أخرى بدون أن يرى ش� �تندا إىل احلائط �ع األبي� االمتداد الشاس� �ض ،فجلس على األرض مس� ً وأغمض عينيه يف يأس ،فجاء الص��وت من جديد ً قائل: ريا ،ولكن تذكر لن يكون هناك أي �أعطيك – –حس�نًا ،س� تلميحا أخ ً ً مساعدة أخرى ..ستبقى هنا لألبد إذا مل تفهم تلميحي األخري .. واآلن استمع جيدا. رفع نور رأسه للسقف وبدا الرتكيز باد ًيا على وجهه فاستطرد الصوت ً قائل: – –إذا استطعت أن جتيب على هذا السؤال ستجد املخرج بالتأكيد ،ما �تطيع اهلروب من العامل به ،وال تستطيع مجيع هو الشيء الذي تس� أنظمة العامل أن تنتزعه منك؟ 28
�يء �ور يفكر جيدا وكلمات الصوت ترتدد يف عقله ،ما هو الش� بدأ ن� �يء �تطيع اهلروب من العامل به؟ أخذ نور يفكر ما هو هذا الش� الذي تس� فقال بينه وبني نفسه: �تطيع أحد أن يهرب من هذا العامل يف األساس ،فأنت روحك – –هل يس� حمتجزة فيه ،حتى متوت ،وستظل حتت سيطرة احلكومات والسلطات �تظل تدفع �ذا العامل البائس ،س� �رب منهم ،ومن ه� �ا ،وال مه� العلي� �ب وتذهب إىل العمل بال توقف ،وتنجب أطفاال يكررون نفس الضرائ� �رة اليت ال تنتهي ،فأنت كالعبد �تمر الدائ� ما فعلته أنت ،وهكذا تس� عندهم وليس لك احلرية يف فعل أي شيء ،وإن كان حظك مجيال ستقع حتت يد ديكتاتور جمنون ليجعلك تعاني حتى متوت مثل ما حدث يف العديد من البلدان من قبل ،وستظل تكرر هذا طيلة حياتك لتجعل النظام يستمر بال توقف ،فأنت َب ْيدق يف هذه احلياة لألنظمة �يطرة البشر ،إال عن طريق .. العاملية واحمللية ،فال مفر من بطش وس� كنور وحيد وسط الظالم ،فكرة غريبة وفجأة ملعت الفكرة يف رأس نور ٍ ُ ينقف الفرخ يف البيضة ،فاتضح �ه كما كانت حتاول أن تنقف يف رأس� كل شيء وفهم املغزى مما قاله الصوت ،فقال واحلماس يسري بداخله: �م هذا هو ،ال بد أن يكون هذا هو الطريق الوحيد للهرب من هذا – –نع� الواقع. متحمسا وهو يقول: فوقف من جملسه ً – –إنه اخليال ،نعم ال بد بأنه اخليال. وتذكر نور مقولة «ولنا يف احلياة خيال». ساخرا: فقال الصوت ً 29
– –نعم هذا هو يا سيد نور ،يا لك من عبقري!! واآلن أنت مل خترج بعد، أرني اآلن كيف ستخرج من هنا! – –أال جيب عليك أن تفتح لي الباب بعد أن حللت لغزك اللعني؟! �هولة؟ بالطبع ال ،واآلن فكر بعد أن عرفت – –أتعتقد أن األمر بهذه الس� احلل كيف ستخرج من هنا! بدأ محاس نور ينطفئ من جديد وبدا عليه اإلحباط ،فأخذ يفكر: – –ما عالقة اخليال باخلروج من هنا ،أنا ال أفهم .هل ميكن أن؟ ال ..ال �يء كهذا موجود يف ،ال أعتقد ذلك ،هذه فكرة جمنونة ال يوجد ش� احلقيقة وال حتى ميكن صنعه ،فهذا العامل يسري باملنطق والعلم ،وليس هناك مكان للخيال واألشياء الغريبة اليت نصنعها به إال داخل عقولنا. بدأ التفكري الزائد خينق نور ويسرع من نبضات قلبه ،ولكنه حاول أن يهدئ نفسه كي ال يعكر صفو أفكاره ،فقال بينه وبني نفسه: – –حسنا ،لن تضر التجربة شيئًا. �دأ يتخيل أن هناك با ًبا �ا عميقً ا ،وب� نفس� فأغمض نور عينيه ،وأخذ ً �ي متخيال أنه يقرتب من هذا الباب ،ثم وضع أمامه يف املمر ،وأخذ ميش� �ه �يء صلب يف يده ،ففتح عينيه ليجد نفس� �ده على الباب وأحس بش� ي� �عت عيناه من الدهشة ،وقال حبرية ميسك مبقبض باب حقيقي ،فاتس� وهو ال يصدق نفسه: – –هل هذا ممكن؟! �ديد ،فوضع فتح نور الباب لينبعث من وراء الباب ضوء أبيض براق ش� �عر �دة الضوء ،ثم فتح عينيه من جديد عندما ش� يده على عينيه من ش� باختفاء الضوء ،وأخذ يتفحص املكان حوله ليجد نفسه يف غرفة واسعة، 30
جدرانها ملونة باللون األبيض بالكامل ،وكأنه بداخل قطعة رخام ناصعة �كل ،وواسعة ،فعرضها يقدر حبوالي مئة مرت البياض .كانت مربعة الش� �ا كذلك ،ومل يكن يوجد بها باب أيضا ،فقال وهو يفكر فيما إذا وطوهل� كان سيكرر فعلته السابقة ويصنع بابا للخروج أيض ًا من هنا: – –هربت من رواق ألدخل إىل غرفة؟ رائع! هل أصنع بابا هنا أيضا؟! فرد الصوت: – –ال ،أنت هنا ستتبع تعليماتي وتتعلم كيف تستخدم هذه القوة الباطنية يف صنع أشياء كثرية ،وكيف تتمكن من توظيف عقلك وخيالك - باألخص -يف ختيل وصنع كل شيء ترغب به ..واآلن استمع جيدا. بدا على نور الرتكيز الشديد فاستأنف الصوت قائال: �تطيع أن تتخيل الكثري من األشياء اليت رأيتها يف حياتك، – –رمبا تس� وتتصورها تصو ًرا ذهن ًيا ،فيمكنك أن تتخيل وجه صديق لك ،ووجه عائلتك ،وشكل منزلك بكل تفاصيله الدقيقة واململة ،وأي شيء قد �ة ميكنك ختيله ،واألمثلة كثرية ،فهذا هو رأيته يف حياتك البائس� اخليال ،ولكنك أيضا ميكنك ختيل أشياء مل ترها من قبل ،فيمكنك �ياء غريبة غري موجودة يف أن تتخيل خملوقات مل ترها من قبل ،وأش� �ب بأجنحة وينفث النار �خص يطري أو خملوق غري� عاملك ،مثل ش� �كال �تطيع فعل هذا برتكيب بعض الصور واألش� مثل التنني ،وتس� �كل صورة ذهنية جديدة فيتكون لك اليت رأيتها يف حياتك على ش� ناتج مرئي قد يكون غريبا بعض الشيء .ميكنك أن تتخيل شخصا بأذرع كثرية ،وشخصا آخر بقرون ،وإذا كان خيالك خص ًبا ،فسوف ٍ �ل عوامل كاملة بقوانينها وخملوقاتها الغريبة ،وكلما تعلمت تتخي� �ياء غريبة أكثر فإن خيالك يصبح أكثر خصوبة أكثر ورأيت أش� 31
�ن قبل ،ومل تألفها، �ياء غريبة مل ترها م� وإنتاجا ألش� وأكثر صنعا ً �يء الذي تريده وتتأمله �ك جيب أن تتعلم بأن تتعمق يف الش� فلذل� �تجده أمامك �كل صورة ذهنية ،ثم س� �ه يف عقلك على ش� لتصنع� لما حبقيقة هذا الشيء كثريا ،ومما جمس� ً �دا ،ولكن جيب أن تكون ُم ً �ا بالكثري من احلقائق، ملم� يتكون ،وه� �ذا يعين أنَّ عليك أن تكون ً �بيل املثال إذا فكرت أن تصنع خبيالك بالون ًا فيجب أن تفكر على س� �تيك وبداخله غاز اهليليوم الذي جيعله بأنه مكون من مادة البالس� �ذه العناصر يف خيالك فأنت �ق يف اهلواء ..بهذا وبرتكيب ه� حيل� ُتسد هذه األشياء كما جيب أن تكون ،فلتتخيل شيئا بسيطا ككرة ملما حبقيقة أنها كرة مطاطية خفيفة الوزن، تنس ،فيجب أن تكون ً ولونها أصفر مائل للخضرة ،وشكلها دائري ،ومكسوة باللباد ،وشكلها اخلارجي منتظم ،أقسامها متصلة بدون خيوط ،وبالطبع حدد وزنها وقطرها لتخرج مثالية .بالطبع لتجسيد هذه األشياء فأنت جيب أن تتعلم كيف تستخدم طاقتك الداخلية. صمت قلي ًال ثم أردف يقول: – –إن الفكرة بداخل عقلك لديها وزن ،ولكنه وزن خفيف للغاية بالكاد دائما، ميكنك الشعور به ،وهذه الفكرة ووزنها يؤثران على من حولك ً فقد تقوم بعمل جيد فتؤثر على من حولك ليكونوا مثلك ،وباملثل �يئ .األفكار تؤثر على من حولك أكثر مما تتخيل، يف العمل الس� وبقدرتك هذه تس��تطيع حتويل هذا الوزن اخلفيف وتشكله لينتج �كل موجات �يئا ،فإن كانت فكرتك الضئيلة خترج على ش� لك ش� �ة من عقلك لتؤثر على من حولك ،فبقوتك هذه أنت حتول طاق� أيضا فأنت حتتاج إىل هذه املوجات وتشكلها لتصبح مجادا ،ولفعل هذا ً ً طاقة هائلة بداخلك أو ما تسمى بـ (الشاكرا) ،وهذا ما أمددناك 32
�يء بالطريقة اليت أيضا ،وهلذا فكل ما عليك فعله هو ختيل الش� به ً وأبسط راحة يدك أمامك وستجد الشيء قد قلتها لك منذ قليلِ ، �كه بيدك ،وإن تطور مستواك فقد تستطيع جتسيد تكون فيها لتمس� َّ �تحيل العديد من األش� �ياء يف أماكن بعيدة عنك ،ولكن هذا مس� ٍ �تطيع صنع بعض األوهام ألن قدرتك متكنك اآلن ،كما أنك تس� �تطيع بالوصول إىل مستوى معني ،التحكم أيضا ،فأنت تس� من هذا ً يف اجلزيئات من حولك لتصنع نسخة شبيهة بك من الضوء على سبيل املثال ،ستكون مزيفة وجمرد سراب عابر ولكنك قد تستخدمها يف إهلاء أعدائك. �ذي مسعه ،وقال بتعجب �ه من الكالم الغريب ال� بدأ نور حيك رأس� حماو ًال أن يستوعبه: – –إذا كان هذا املوضوع معقدا بهذا الشكل فكيف متكنت أنا من صنع باب بعقلي بدون التفكري بهذه األشياء؟ لقد ختيلت الباب فقط ،ووجدته. قال الصوت برتدد وكأنه كان حياول أن خيفي شيئ ًا ما: �نا ..مل أمتن أن أحبطك ،ولكين على علم بوظائفك احليوية – –حس� وبكل ما تفكر وتتخيل ،وألن هذه بداية الطريق بالنسبة لك ،عندما وجدتك وصلت إىل احلل وختيلت الباب ،فلقد كونته أنا لك ،ألنك حاليا لن تستطيع أن تتخيله أو تصنعه ،فاألمر ليس بهذه السهولة. بدا على نور اإلحباط عندما مسع هذا الكالم مع مزيج من الدهشة، فقال بنربة فضولية: – –حسنًا ،ال يهم اآلن ،أيا ما كان ،ولكن كيف تعرف مباذا أفكر؟! وماذا �ان ،وال �ل؟! وملاذا ال ختربني أين أنا؟ فهذه أقل حقوقي كإنس� أختي� حيق لك اختطايف واحتجازي بدون أن أعلم أين أنا؟! 33
منزعجا من أسئلته املتكررة: بدا الصوت اخلارج من اجلدران ً �يء فلن أعطيك إجابة اآلن، �أل عن أي ش� – –قلت لك من قبل ال تس� ولكن إذا كنت فتى مطيع فأعدك بأنك ستعرف الكثري مما حيدث، �ا أريد أن أقول لك بأنك من وافق على هذا. كم� مل يصدق نور ما مسعه ،وقال باستنكار: – –ماذا؟ أنا من وافق أن حيدث لي كل هذا؟! هذا مستحيل ال متزح معي. فقال الصوت الغامض بلهجة قوية حازمة: – –ستعلم كل شيء عندما ننتهي من كل هذا ،واآلن استمع ملا سأقوله لك وال تسأل كثريا. �يء عن حياته ،ولكن فصمت نور وهو ال يزال حياول أن يتذكر أي ش� كل شيء ُمبهم ويغطيه الضباب ،فحاول نور أال يفكر اآلن كي ال يرهق عقله ،وأومأ برأسه للصوت الغامض بأن يكمل. فقال الصوت وقد خفض من حدة صوته وأصبح يتكلم بهدوء و ُنبل: �تطيع �يكون بأن تصنع كرة تنس ،هل تس� – –واآلن فاختبارك األول س� فعل هذا يا سيد نور؟ �ادت حلظات من الصمت ،ثم كسر حاجز الصمت فكر نور قليال ،وس� قائال: – –سأحاول ..لن تضرني احملاولة بشيء. فقال الصوت متنهدا: – –حسنا ،فلتبدأ! 34
متاما من أي قلق أو مرتبعا وأخذ يصفي ذهن� �ى األرض جلس عل� �ه ً ً �ا وختيل مكونات كرة �ا عميق� نفس� أس� �ئلة تعكر صفو تفكريه ،ثم أخذ ً �ض ،فردد يف عقله: �س كما قال له الصوت الغام� التن� �وزن ..لونها أصفر مائل للخضرة .. – –كرة مطاطية ..خفيفة ال� �كلها اخلارجي منتظم .. �وة باللباد ..ش� �كلها دائري ..مكس� ش� �امها متصلة بدون خيوط ..وزنها لن يتعدى الـ 57جرام .. أقس� �م إىل 7سم ،واآلن جتسيد. قطرها سيرتاوح بني 6س� كونها يف عقله ،وبدأ يتخيل بدأ نور يتخيل الكرة بتفاصيلها ،ومن ثم َّ �رة أمامه ومد يده �كل الك� املكونات بكل ما ميلك من تركيز ،فكون ش� ليمسكها ،ولكنه وجد نفسه ميسك بكرة فارغة من الداخل وشعر بأنه قد سحقها بقبضته ،ففتح عينيه ليجد بقايا الكرة يف يده ،فقال خبيبة أمل: �ة الصحيحة ،أين �يء بالطريق� – –تب ًا ،لقد ظننت بأنين فعلت كل ش� اخلطأ إذن؟ شارحا: فرد الصوت ً �كل الكايف يف تكوينها وفى كل ذرة – –اخلطأ هو أنك مل تتعمق بالش� وتفصيلة صغرية بها ..جيب أن تتخيل املكونات أوال وهي تتكون من �يء حتى يثبت البيت �اس أو اجلوهر هو أهم ش� الداخل .بناء األس� �ل التكوين الداخلي �قط؛ هلذا عليك أن تبدأ بتخي� مكانه وال يس� �ذا تبين الطبقة �ده بعقلك حلظة بلحظة ،وهك� أوال للكرة ،وجتس� �ى تصل إىل الطبقة اخلارجية ،ولكن ما فعلته أنت فوق األخرى ،حت� كان أنك ختيلت الطبقة اخلارجية فقط ،ثم -وبسطحية شديدة - أقنعت نفسك بأن باقي املكونات واألساس موجود بالداخل طاملا أن �ك يف خطأ فادح ،واآلن جرب مرة أخرى. اخلارج موجود ،وهذا أوقع� 35
جمددا وفكر كما قال له الصوت الغامض ،ولكنه فشل مرا ًرا ختيل نور ً وتكرا ًرا وبدون جدوى ،ففي كل مرة تتحطم الكرة يف يده. �يئ ًا فشيئ ًا، جيدا مبا قاله الصوت الغامض ،وأخذ حيلله ش� ففكر نور ً �ض عينيه وختيل املكونات جيدا ،وفهم مقصده ،ثم أغم� حتى اس� �توعبه ً الداخلية أو ًال. جيب البدء باجلوهر ،أخذ يكرر بداخله ،ثم األساس ،ثم استكمال باقي �ات األخرية عليه. عملية البناء لكي أصل للهيكل اخلارجي وأضع اللمس� �ياء طفت املكونات اخلارجية يف عقل نور ،الذي أخذت احلرية من أش� جاهدا أن يبعدها ويركز فيما أيضا وهو حياول كثرية تطف� �و يف عقله ً ً يفعله ،ولكنها كانت تعانده بقوة وحتاول السيطرة على تفكريه ،فاستغرق �تخدم أسلو ًبا كان يستخدمه دائما فرتة طويلة حتى ختلص منها ،واس� �يء الذي يف مثل هذه املواقف ،وهو ر ِّوض عقلك وضلله ليبتعد عن الش� �داع العقل الباطين �تخدام العقل الظاهري خل� �غله عن طريقة اس� يش� �ح الوضع يف صاحلك ،حتى تفكر بصفاء وتضليله والتحكم فيه ليصب� ذهن .فكرر هذه العملية ،حتى أبعد األفكار الطفيلية عن ذهنه ،وبدأ يعيد الكرة ،فتخيل اجلوهر واألساس��ات ،وكونها بتفاصيلها ..اللباد املكسو َّ معا ويدجمه �ا أوال ،وبدأ يكونه بكل تفاصيله البس� بداخله� �يطة ويربطه ً �كل دائري منتظم، ككيان واحد ،ومن ثم ُسكه وطوله ،وتكوينه على ش� مع األقسام املتصلة بدون خيوط ،فبدأت املكونات تتكون يف عقله وتندمج �ي املنتظم ذو اللون �كل اخلارج� �ات األخرية ،الش� وترتابط ،واآلن اللمس� �كل تفاصيلها الدقيقة، �ر ،فتكونت صورة ذهنية للكرة يف عقلة ب� األصف� �كها وهذه املرة شعر بنشوة االنتصار ،فلقد صنع كرة فمد نور يده ليمس� �عر بسعادة غريبة تغمره ،ممزوجة تنس خبياله ومل تتحطم هذه املرة ،فش� مع شعور باالنتصار ،فقال مهل ًال: 36
– –نعم لقد فعلتها! فقال له الصوت الغامض ُمهنئ ًا: – –أحسنت ،ولكن ال تبتهج كثريا فهذه البداية فقط. وخصوصا دائما تزعجه، أح� ً �س نور بثقل الكلمة عليه ،فكلمة البداية ً إذا كان يف مكان ال يعلم ماهيته ،فتنهد قائ ًال: – –وما اخلطوة التالية إذاً؟ فقال له الصوت: – –أن تصنع با ًبا للغرفة التالية. شعر نور بالتوتر ،ألن الباب سيكون أصعب بكثري من جمرد كرة تنس. قطع الصوت الغامض حبل أفكاره قائ ًال: �يطة لتعتاد على �ياء البس� �ن أوال عليك أن تصنع بعض األش� – –ولك� �يء حيتاج إىل �هولة ،فكأي ش� �تخدمها بس� قدرتك اجلديدة ،وتس� �تمر لكي تعتاد عليه ،فهذه القوة ال ختتلف، املمارسة والتدريب املس� �ي مضرب ذباب. واآلن اصنع ل� رد نور مسته ً رتا: – –أال يوجد شئ أصعب؟ فرد الصوت عليه ليسكت غروره قائ ًال: – –اصنع هذا أوال ،وبعدها أطلب منك شيئا أصعب! صمت نور بسبب الرد البارد الذي تلقاه ،وجلس على األرض يف وضعية التأمل ،وختيل مضرب الذباب بتفاصيله الدقيقة. 37
�ا اليد الطويلة اليت يبلغ قطرها ختيل املكونات الداخلية بدقة ،تليه� �ر �ة عش� �نتميرتات ،وطوهلا الذي ال يتعدى اخلمس� �ي ثالثة س� حوال� �كل املربع املكون من أجزاء بالستيكية دقيقة �نتيميرتا ،وينتهي بالش� س� �بكة تتقاطع مع بعضها البعض ،بالطول والعرض ،حتى أصبحت مثل ش� �د ،ولكن أصغر بكثري. الصي� �ات األخرية وهي اللون ،ثم مد يده وانتهى من التخيل ووضع اللمس� جمددا ،فهلل قائال: �عر بها يف يده فأحس باإلجناز ليمسك بها ،فش� ً جمددا! – –لقد فعلتها ً فرد الصوت بسخرية: – –واآلن اصنع ذبابة ،لكي تقتلها. فكر نور يف األمر للحظة وساد صمته ،ثم رد قائ ًال: – –هل ميكنين فعل هذا حقا؟! – –فقال الصوت جبفاء وفتور: – –بالطبع ال أيها األمحق هل تظن نفسك إله؟! فصمت نور بضع ثوان خج ًال مما قاله ،ثم تكلم قائ ًال: – –أعرف بأنه سؤال أمحق ولكن ملا ال؟ تنهد الصوت طوي ًال ثم قال: – –هل حقا تستطيع أن تتخيل كل تفاصيل الذبابة الداخلية بعقلك، �رى بالعني اجملردة، �ة ،واخلاليا الدقيقة اليت ال ُت� الوظائف احليوي� والرتكيب اجليين هلا الذي حيدد خصائصها وتكوينها ،وخاليا الدم بداخلها ،وجهاز املناعة واجلهاز اهلضمي ،وجهاز اإلخراج ،ووظائفها 38
اجلسدية كلها ،مبا فيها اجلناحان واجلسد والرأس والفم ،واألجهزة �ا الروح ،واليت ال يعرف أحد �لية ،ثم بعد ذلك تضع بداخله� التناس� سرها حتى اآلن ،فهي كاحملرك أو البطارية اليت حترك جسد الكائن احلي ،وليس هلا تفسري علمي حمدد ،كل هذا هو من عمل اهلل ،فهو يقول للشيء كن فيكون ،هو من لديه القدرة غري احملدودة لصنع أي شيء وابتكار أشياء جديدة ،واإلبداع يف هذا الكون بتفاصيله الدقيقة وألغازه اليت ال تنتهي ،فإن كنت أنت خبيالك تستطيع صنع بعض �بب حمدودية عقلك ،وألنك مهما بلغت من �ياء بصعوبة بس� األش� الذكاء والفطنة ،فلديك حد ستتوقف عنده ولن تستطيع ختطيه، �تطيع كسرها حتى متوت وتعود ألنك خملوق حبدود معينة ال تس� �تطيع إنتاج بعض األشياء ملن خلقك .ولكن كما ترى فنحن نس� بهذه القدرة ولكنها تكون يف حدود األشياء اجلامدة اليت بال روح ،ألننا �درات يف النهاية ،والكالم يف هذا املوضوع كثري وحيتاج حمدودو الق� �ا ،واآلن ال تقل مثل هذه �تضيع وقتن� ير من التفاصيل اليت س� الكث� شخصا قد صنع ذبابة أمام عينيك ،عندها جمددا حتى ترى الرتهات ً ً فقط تستطيع أن تطلب مين طل ًبا كهذا ،ولن أستطيع أن أجادلك بل سأقول لك ،فلتحاول أن تصنع ذبابة. �ر املخلوقات كالذبابة ،دقيق �م نور وجهة نظره ،فالتكوين ألصغ� فه� �د ،ومهما حاول العلماء أن �تطيع أن يقدر عليه أح� ومتقن إتقانا ال يس� �م ال يعرفون حتى من أين البداية ،فإن يصنعوا ذبابة يف معاملهم ،فإنه� متكنوا من صنع أبسط أشكال احلياة ،فهذا ميكنهم من اخللق وجيعل أي شخص بالعلم واإلمكانيات املتوفرة يستطيع أن خيلق أي شيء ،ولكن هذا مل حيدث ولن حيدث ،فصنع ذبابة مستحيلة بالنسبة لنا ،فماذا عن صنع إنسان بكل تفاصيله الدقيقة املوضوعة بعناية ،فكل جهاز وخلية يف جسد اإلنسان ختدم األخرى وتساعد على اكتمال تكوينه لكي يستطيع العيش. 39
وبعد صمت طويل من التفكري ،كسر نور السكون يف الغرفة قائ ًال: – –لقد فهمت وجهة نظرك اآلن ،فأنا مل أفكر يف الفكرة بتعمق بل قلتها هكذا ،ظنا مين أنه ميكنين فعلها باستخدام هذه القدرة الرائعة ،اليت ظننتها غري حمدودة يف البداية ،فأعتذر عن هذا ..واآلن أخربني ما التالي؟ قال الصوت بنربة هادئة تنم على القبول: – –اعتذارك مقبول ،واآلن اصنع لي لوحا من الزجاج. فقام نور بالتجول يف خياله لصنع اللوح ،ولكن املوضوع أصبح أصعب �وت الغامض يف بعض �تعان بالص� �ل عدة مرات واس� من ذي قبل ،ففش� �ن يف النهاية من �ي للزجاج ،حتى متك� �ات عن التكوين الداخل� املعلوم� النجاح بصعوبة بالغه. ساخرا منه: قال الصوت الغامض ً – –وكنت تقول لي ،فلتعطين شيئا أصعب! ثوان ثم قال: مل جيد نور ما يقوله ،فالتزم الصمت لبضع ٍ – –وما التالي؟ ***
40
3 وبعد شهر من التدرب على صنع األشياء باخليال ،قرر الرجل الغامض، بأن الوقت قد حان لنور ليتقدم يف االختبار ،فقال متقمصا دور املعلم: – –لقد تقدمت كثريا خالل هذا الشهر واستطعت أن تصنع الكثري من �ياء ،وأتقنت صنعها بسهولة وفى وقت قياسي ،كما أنك قرأت األش� �ك ،وأصبح عقلك لديه القدرة لصنع كل الكتب اليت أعطيتها ل� �رعة وبدون أن تغمض عينك أو تفكر .واآلن لقد بعض األشياء بس� �ى اختبارك يف هذه الغرفة ،فلتذهب للغرفة التالية. انته� �ه ،وهو يتثاءب ،ونظر إىل ما �رير الذي قد صنع� قام نور من على الس� ريا داخل صنعه طيلة الشهر ،فشعر بالفخر من نفسه ،فقد صنع بيتا صغ ً الغرفة الرخامية البيضاء الواسعة ،من اخلشب على شكل البيوت اخلشبية واضعا بعض األثاث فيه �ري، �ة كاليت تتواجد حتى اآلن يف الق� القدمي� ً �يطة وبدائية ،وخزانة مالبس موضوع كأريكة ،وكرسي ،ودورة مياه بس� �ا ،العديد من التحف �ا بعض املالبس ،املختلفة ألوانها .صنع أيض� فيه� الفنية والزخارف ،والسجاد الشرقي ،وبعض األوراق واألقالم ،ليكتب فيها أفكاره واملعلومات اليت حيتاجها لصنع شيئا ما. �يء حيتاجه ثم توجه أخذ مذكراته واألدوات اليت صنعها ،وكل ش� ير الذي كان حجمه ال يتعدى قاطعا البيت الصغ� �ة باب اخلروج ناحي� ً 41
اخلمسني م ً رتا ،حتى وصل إىل الباب ،ففتحه وخرج إىل الغرفة الرخامية، �س جديدة بدائية الصنع ولكنها تفي بالغرض. بعد أن أرتدي مالب� أرتدي سروال أزرق من الصوف ،وهندام أسود ،من الصوف أيضا ،وحذاء بدائي من اخلشب ،يرتديه العديد من سكان اليابان ،يف بعض من املناسبات. تقدم نور إىل جدار الغرفة ،وأغمض عينه قائال: �وأ من هذه ،وتأخذ مين الكثري من – –أمتنى أال تكون الغرفة التالية أس� الوقت ،كما فعلت هذه الغرفة. �تطاع أن �ة وماكرة من الصوت ولكن نور اس� �ت ضحكة خافت� خرج� �وأ. �معها ،فقطب نور حاجبيه موقن ًا بأن القادم أس� يس� ختيل نور الباب أمامه بكل تفاصيله الدقيقة ،فظهر الباب أمامه ففتح �ك مبقبض الباب وفتحه ،فخرج من الباب وابل من األنوار، عينه وأمس� �ف إىل الداخل وهو يضع يده على �ت بصره لبضع ثواني ،فدل� اليت أغش� ثوان هدأت حدة الضوء وبدأ بالتالشي عينيه ليحجب عنها الضوء ،وبعد ٍ �ه يف غرفة أخرى بيضاء ،فتنهد بيأس قائال: ففتح عينيه ،ليجد نفس� أبدا من هذه الغرف؟! – –يا إهلي ألن أسرتيح ً فقال الصوت لتهدئة نور: �ك أكثر من يوم ،لقد �ارات القادمة لن تأخذ من� – –ال ختف االختب� �ار ما تعلمته جيدا فقط، �وأ ،ومل يتبقى لك غري اختب� مررت باألس� فهل أنت مستعد؟ رد نور ساخرا: – –وهل لدي خيار آخر؟ فلنبدأ. 42
قال له الصوت بنربة محاسية: �رعتك يف التخيل �يكون عن س� �دأ .االختبار األول ،س� – –واآلن فلنب� والتصويب. �به األهداف اليت يتدرب فجأة ظهر أمام نور ثالثة اهداف جامدة تش� �ب به ،فهز نور لاحا ،ويتعلم التصوي� �ا كل من يريد أن حيمل س� عليه� كتفيه باستهجان قائال: – –ماذا تريدني أن أفعل هلذه األهداف. – –كما تري يا سيد نور ،ستصوب عليهم حماوال إصابتهم. – –ولكين ال أمتلك سالحا كيف تريد مين أن أفعل هذا. – –أصنع واحد إذا ،وال جتعلين أشعر بأنك أغيب شخص رأيته يف حياتي. �عر نور بالغيظ ،ولكنه التزم الصمت بضعة حلظات ،وأخذ يفكر يف ش� لاح ميكن صنعه خبياله ،بنادق ..مسدسات ..رشاشات ..قاذفات س� صواريخ ،طرد هذه األفكار من رأسه على الفور ،فال جمال له لصنع أسلحة لاح الوحيد الذي يستطيع صنعه مثل هذه على االطالق ،فجاء له الس� �خص �عر باخلجل واالحراج جملرد التفكري فيه ،يا لك من ش� اآلن ،فش� �هم .تنهد طوي ًال ثم بدأ يتخيل القوس قوسا وس� بدائي يا نور .سأصنع ً بكل تفاصيله الدقيقة بينما حيرك أصابعه لتكوينه ،حتى كونه ،فأمسكه �هم ،ثم أمسكه ،فسار إىل �هما ،فتخيل الس� بيده اليمين ،ثم بدأ يتخيل س� ً �عر بأنه متمكن كثريا من �ام قليال ،ثم أخذ وضعية التصويب ،وش� األم� �هم ،وأحس بأن مسكة القوس تبدو مألوفة له ،ال التصويب بالقوس والس� �بب بد بأنه كان حمرتفا به يف حياته اليت ال يتذكر إال القليل عنها بس� حرا ضعف ذاكرته اآلن ،صوب نور السهم حنو اهلدف ،ثم تركه لينطلق ً خمرتقا اهلواء ،ومصيبا اهلدف األول يف املنتصف متاما. 43
قال الصوت مهنئا: – –رائع يا سيد نور ،يبدو بأنك حمرتف. �هر على العديد من األشياء ،كتمارين �تة أش� ظل نور يتدرب ملدة س� اللياقة ،والتأمل والرتكيز ،وصنع األشياء ،وصقل قوته البدنية والعقلية، متاما ،وصنع العديد من �ياء اليت كان جيهله� وتعلم العديد من األش� �ا ً �عر بأنه أصبح أشد قوة من ذي �ياء اليت مل يتخيل أن يصنعها ،وش� األش� قبل ،واستطاع الوصول إىل القدرة على صنع نسخة شبيهة له من الضوء احمليط به ،واستطاع أن يتحكم بها وحيركها كيفما يشاء .وبعد انتهاء �ة أخربه الصوت بأنه قد انتهى من كل التدريبات املهمة، مدته التدريبي� فلم يصدق نفسه.
***
44
4 قال الصوت لنور بنربته املتعجرفة املعتادة: �د أنهيت اإلعدادات ،ولكن هناك اختبارا كبريا ينتظرك هنا قبل – –لق� �زم بأن االختبار القادم �تطيع أن أج� أن خترج من هذا املكان ،بل أس� سيحدد مصريك. ُقـبضت قسمات نور وشعر خبوف قوي يعرتيه ،فقال بنربة متقطعة: – –ماذا تقصد ..بهذا االختبار ..الذي سيحدد مصريي؟ صرحيا معك قد ال خترج ترى كل شيء يف وقته ،ولكن ألكون – –س� ً من هنا إن مل جتتز هذا االختبار. �ده عندما مسع هذا الكالم ،فقال �عر نور بقشعريرة تسري يف جس� ش� صارخ ًا حبنق شديد: �اذا تقصد بأني لن أخرج ..لقد مت احتجازي هنا عنوة ،واآلن ال – –م� �دون أن خترجوني إال عندما أنفذ ما تقولون؟! ..اللعنة عليكم تري� وعلى هذه االختبارات. �ب ..فأنا أرى بأن لك فرصة كبرية يف اجتيازه ،هذه ليس – –ال تغض� �ك على اإلطالق ،ولكن ال �ة صدقين ..فأنا ال أهتم حبيات� جمامل� 45
جيدا على الفوز ،واألهم من هذا ختف س� �تجتازه إن ركزت جهودك ً أنك تتعلم بسرعة وهذا شئ سينفعك. يري القادم ،ومتنى أن �ور يفكر يف ُكنية هذا االختبار املص� صمت ن� يكون أسهل مما رآه حتى اآلن ،فهذه االختبارات مل تكن هينة عليه ،ويبدو �يكون األصعب بال شك .قال نور وقد كظم غيظه: أن القادم س� – –حسنا ،فلتأخذني إىل هذا االختبار اآلن ،أريد أن أخرج بأسرع وقت. – –حسنا ،فلتدخل يف هذا املصعد على ميينك. �ور إىل ميينه فالحظ وجود مصعد مل يره من قبل ،فدلف إليه، نظر ن� �ق األول إىل الطابق اخلامس ،ثم انفتح فخرج وتوجه املصعد من الطاب� �ه يف ساحة كبرية بيضاء تشبه الغرفة اليت كان جيلس نور ليجد نفس� فيها ،ولكنها تبدو أكرب بكثري ،لكنه الحظ شيئا جعل عينيه تتسعان من �عر مبزيج من الراحة واحلرية واخلوف واألمل ،لقد رأى أن الدهشة ،وش� �احة ،وخيرجون من عدة مصاعد تلتف أناسا مثله يقفون يف الس� هناك ً حول الساحة الدائرية ،فرأى حوالي مخسني شخصا يف الساحة ،وكانت أشكاهلم غريبة ،فمنهم من ميتلك أجنحة ،ومنهم من كان وجهه أزرق �خاص طبيعيني على اإلطالق، �كاهلم ال تبدو كأش� وأمحر ،وكانت أش� �حذا قو ًيا ،ووقف على مقربة منهم �ه مشحوذة ش� فتوجه إليهم وحواس� �ا تشبهه ،ولكن مالبس� �اء والرجال ،ويرتدون يتأملهم ،فرأى منهم النس� ً كانت هناك صناديق فيها مالبس سوداء تشبه املالبس الرياضية ،فشرع �ه: اجلميع يف ارتدائها مبا فيهم نور ،فقال بينه وبني نفس� – –ال بد أنهم مروا مبا مررت به ..هل ميتلكون قدرة كاليت أمتلكها .. رمبا ،ولكن ماذا حيدث هنا؟ ملاذا حنن هنا من األساس؟ هل يقومون مبشروع اجلندي اخلارق أو شئ كهذا ،وحنن املختارون هلذه االختبارات 46
اللعينة ليتم تعديل أجسدانا وإضافة هذه القدرات الغريبة ..لطاملا �ت �ت قوة خارقة ولكن ليس بهذه الطريقة ،كما إن قوتي ليس� متني� ريا باألخص أنها حتتاج إىل الكثري من التدريب ألتقنها. ممي� �زة كث ً �ات قاطعا حبل أفكار نور ،واهلمس� فجأة دوى الصوت يف أحناء القاعة ً واملناوشات يف القاعة قائ ًال: �تطاع يرة ،وكما ترون فأنتم من اس� �م يف املرحلة األخ� – –مرحبا بك� �م العبور من هذا �روج من هنا جيب عليك� �ول إىل هنا ،وللخ� الوص� �م ،فهذا االختبار هو علي أن أحذرك� االختب� �ار األخري ،ولكن جيب ّ �د تلقون حتفكم. �ب ،وإن مل تكونوا حذرين فق� األصع� خرجت دمدمات اعرتاض وتساؤالت ،فقطعها الصوت بال مباالة قائ ًال: – –وليس هذا فقط ،بل إن مل جتتازوا االختبار ،فإن فرصتكم يف اخلروج �تطيعون للخروج من من هنا ضئيلة ،وهلذا فعليكم بذل كل ما تس� هنا وإال فاملوت ُمالقيكم. جمددا ،فقال الصوت: خرجت االعرتاضات واالحتجاجات ً �روج من هنا ،فليس هناك مفر كما – –فلتحافظوا على طاقتكم للخ� �دا ألني لن �أخربكم باإلرش� ترون .واآلن س� �ادات ،وامسعوها جي� ً جمددا. أكررها ً �ري يف �عر نور بالتوتر الذي يس� صمتت أصوات االحتجاج قليال ،وش� �يقوله موجها مسعه إىل ما س� �و ،فزاده هذا خوف ًا ،ولكنه وقف بثبات اجل� ً �ال الصوت بنربة حازمة: الصوت ..ق� �اركون فيها مجيعكم ..ستؤدي �تمرون بعدة اختبارات وستش� – –س� االختبارات إىل تنافس بينكم وتعاون بينكم ،وقتال بينكم وبني بعض، 47
وسيتم وضع النقاط ألداء كل منكم يف هذه االختبارات ،وأول مثانية �تكون هلم الفرصة الكربى يف اخلروج من هنا. هم من س� �ديد من مساع أن مثانية فقط من سيخرجون �عر نور بالذعر الش� ش� �د رأى نظرات الرعب �عور من حوله ،فق� من هنا ،ويبدو أن هذا كان ش� �م واالحتجاجات واالعرتاضات اليت خرجت بدون توقف ،فهناك يف أعينه� �مح لثمانية فقط باخلروج! وماذا ين شخصا ويريد أن يس� حوالي مخس� سيحدث ملن يرسب؟ هل سيموت؟ كانت هذه األسئلة اليت كانت تدور يف خلد نور وتؤرقه ،ولكنه جتاهلها جيدا إىل التعليمات ،فأكمل الصوت متجاه ًال أصواتهم: ليستمع ً – –سيسمح لكم باستخدام أي شيء للخروج من هنا ،إن كنتم تريدون قتل بعضكم البعض يف االختبارات فلي��س لدينا مانع ،ولكن األهم هو االرتفاع يف املستويات للوصول إىل املراكز الثمانية األوىل ،وهلذا فلتبذلوا ما لديكم. كانت األجواء قد أصبحت ثقيلة للغاية مما قاله ،وأصبح اجلميع ينظرون إىل بعضهم البعض ويقيسون وحيللون قوة خصومهم وأشكاهلم وتصرفاتهم، �د ،فأكمل الصوت: �دا أن غريزة البقاء والقتل قد طغت على احلش� وب� – –واآلن كي خنتصر الكثري من الوقت ،سنبدأ بأول اختبار. �ة الغرفة بني املصاعد، �ت بوابة كبرية على مصراعيها يف نهاي� فتح� َّ �مس إىل الغرفة ليشعرهم ببعض الدفأ والراحة اليت مل وانسل ضوء الش� �ط هذا التوتر ،فتوجه اجلميع إىل البوابة �هور وس� حيصلوا عليها من ش� �ار نور حبذر وترقب. وهم يراقبون بعضهم البعض حبذر ،بينما س� �هم أمام طريق أمسنيت عريض خرج اجلميع من البوابة ليجدوا أنفس� �جار من كل جانب وحتجب أي فرصة للهروب ،فنظر وطويل حتده األش� 48
مشسا فوقهم ،ففكر إن كانوا على جزيرة ما تقوم نور إىل السماء ليجد ً عليها اختبارات بشعة كهذه بدون علم أحد ،أو بعلم الدولة املسؤولة عن هذا ،فالسياسيون يقومون بأي شيء بشع يف سبيل الفوز يف حروبهم. شارحا املوقف: قال الصوت ً �يكون سباق املوت ..رمبا تتساءلون – –كما ترون فأول االختبارات س� �باق �تعرفون عما قريب ..يف هذا الس� �ي هكذا ،ولكن س� ملاذا مس� �يصل إىل خط النهاية منكم فهو مؤهل القواعد بسيطة هنا ،من س� مجيعا إىل خط النهاية �ة القادمة ،وهذا يعين أنه لو وصلتم للمرحل� ً سيتأهل اجلميع ،ولكن سيكون هناك فارق يف النقاط؛ أي أن املركز �يحصد أعلى النقاط ثم الذي يليه وهكذا ،وكلما قل عدد األول س� �احل املتأهلني للمرحلة �يكون هذا يف ص� الواصلني خلط النهاية س� �ابقة. القادمة ..واآلن فلتبدأ املس� �م؟! ولكنه مل جيد فيه ترقب نور الطريق ليعرف ملاذا مسي بهذا االس� �يئا مري ًبا وهذا ما أقلقه أكثر .كان السجناء يتسامرون فيما بينهم ش� على ما حيدث هنا ،فقال الصوت: كل حسب رقمه حتى متلؤوا مجيع الصفوف ،كل – –فلتصطفوا اآلن ٍ صف حيتوي على عشرة متسابقني ثم الذي يليه وهكذا حتى تكملوا ٍ مجيع الصفوف اخلمس. �ه ،وتذكر أنه رقم ثالثون ،فوقف يف الصف الثالث، نظر نور إىل رقم� عاما ،كان يرتدي نظارة وميشط جبانب شاب يبدو أنه يتجاوز الثالثني ً شعره إىل اخللف ،وعيناه تلتمعان حبماس ،يبدو أنه يستمتع بهذا ،وكانت �اقة ما �ه تنم على ذكاء وفطنة ،وقوي البنية وميتلك من الرش� مالحم� �عر �ه عندما رآه ،ش� �عر نور بأمل يف رأس� يكفيه الجتياز هذا االختبار ،وش� 49
�اره رأى فتاة متوترة �ه ال يتذكر أين؟ وعلى يس� �ه رآه من قبل ولكن� بأن� شديدا ،وكانت يدها ترجتف بقوة ،ترتدي قبعة صغرية ،ويبدو على توترا ً ً �ت ،وكانت تقضم أظافرها يف �ا اجلمال واخلوف يف نفس الوق� مالحمه� خوف ،فقال نور يف حماولة لتهدئتها: – –ال ختايف ،سنخرج من هنا ..أنا نور وأنت؟ �ديد وجسدها يرجتف كأنه ورقة يف مهب الريح، نظرت إليه بذعر ش� وقالت مظلمة الوجه: – –أنا ال أعرف إن كنت سأخرج من هنا أم ال؟! هذا جنون ..أنا مل أطلب �ي يف هذا املكان عندما استيقظت أن أكون هنا ..لقد وجدت نفس� �غل بالك مبا قلت ..امسي هو جني. �يئا ..ال تش� وال أتذكر ش� ابتسم نور حماو ًال تلطيف اجلو والتخفيف من حدته قائال: – –تشرفت مبعرفتك ،ال يهم ما حيدث هنا اآلن ،فقد حدث هذا جلميع من هنا ،ويبدو أنه ليس هناك مفر غري تنفيذ ما يقولون ،وهلذا علينا أن نتعاون ،فكما مسعيت أول مثانية سيخرجون من هنا ،وهذه فرصة جيدة لنا. قال الشاب الذي يقف على ميني نور: – –هل تظن أن التعاون سيخرجنا من هنا حقا؟ وجه نور نظراته إليه وقد امحر وجهه الشاحب ،فصمت قلي ًال ثم قال: – –رمبا يساعدنا! أو على األقل سيزيد من فرصة جناحنا. �رف قدرات من هم �ك أن حتذر ،فأنت ال تع� �ا ،ولكن جيب علي� – –رمب� �اعدكما يف الوقت الراهن ،ولكن حولك ،وهلذا توخى احلذر ،سأس� �ة فلن أتردد يف قتلكما. وجها لوجه يف املراحل القادم� إن تقابلن� �ا ً 50
شعر نور بقشعريرة تسري يف جسده من نظرات عينيه وحزمه الشديد، فاستطرد الشاب قائال بابتسامة مصطنعة: – –امسي هو كينو باملناسبة ،وأنت نور وهي جني ..تشرفت مبعرفتكما ..واآلن فلتبقيا على مقربة مين حتى نتجاوز هذا االختبار. �عر نور بأنه يعلم هذا �ه باملوافقة ،وش� كل من نور وجني برأس� أومأ ٍ أيضا ولكنه ال يعلم أين ،فشعر ببعض األمل يف رأسه ولكنه سرعان االسم ً ما زال بسرعة. أراد نور أن يسأهلم عن قدراتهم ،ولكن الصوت قاطعه قائال: – –واآلن سنبدأ .. 1 .. 2 .. 3 ..انطلقوا. �رع ما عندهم ،بينما الحظ نور أحد الفتية بدأ اجلميع يركض بأس� ترحيا عند أحد األشجار ويبدو وكأنه ال يهتم مبا حيدث يف جيلس مس� ً االختبار ،كان يراقب املتسابقني بابتسامة ساخرة على وجهه ،فقال نور بينه وبني نفسه: – –هل هو واثق من فوزه إىل هذا احلد؟! رمبا ميتلك قدرة مميزة متكنه من الفوز بهذا السباق بسهولة. �ابقون الركض يف الطريق بال توقف ،وبدأت الفروق يف أكمل املتس� السرعة بينهم تظهر ،وكان نور وكينو وجني يركضون يف املنتصف بني �ه: اجلميع ،فقال هلم نور وهو حياول أن حيافظ على معدل تنفس� – –جيب أن نسرع حتى حنصل على املراكز األوىل. رد كينو بلهجة ذات داللة:
51
– –ال ،ال جيب أن نسرع اآلن ،فلننتظر حتى نهاية السباق ،حنن ال نعلم ما هي األخطار والعقبات اليت تنتظرنا ،وهلذا جيب أن ننتظر ونرتك �ة ،ليظهروا لنا كل العقبات واملخاطر ،ثم نتقدم املغفلني يف املقدم� حبذر وعندما نقرتب من خط النهاية سنستغل هذا للعبور. قالت جني بنربة مرجتفة: �مى طريق املوت ..رمبا تكون هناك – –أنا أتفق معه ،فقد قال إنه يس� أشياء خميفة تنتظرنا. موجها نظره إىل املتسابقني يف املقدمة صمت نور وهو يفكر فيما قاله، ً لرياقب أي تغري يطرأ عليهم ،ولكن مل حيدث شيء بعد ،ويبدو أنه ال أحد �تخدم قدرته اخلاصة حتى اآلن ،ال أحد يريد أن يكشف سره أمام قد اس� اآلخرين بسهولة. �يطر على بعض �ر دقائق ،بدأ اإلرهاق يس� وبعد أن ركضوا ملدة عش� املتسابقني ،ومل حيدث أي شيء بعد ،ال يزال اجلميع يركض بدون توقف يف حماولة للوصول إىل نهاية السباق ،وبعد فرتة دلفوا إىل نفق غريب ولكن �يء غريب بعد ،فقال نور وهو حياول أن حيافظ على معدل تنفسه: ال ش� حتمل ال أكثر! – –هل سنركض كث ً ريا؟ يبدو بأنه سباق ُّ رد كينو حبرية قائال: – –ال بد أن الطريق طويل للغاية الختبار لياقتنا ،ولكن رمبا تكون هناك �نكمل الركض حتى حيدث أي �ة ما ..على كل األحول س� خدع� تغري على املكان. �يطرة �ت نور يفكر ،بينما كانت جني جبانبه تلهث وحتاول الس� صم� �دها املرهق من الركض بال توقف. على جس� 52
�اعة بال توقف ومل حيدث أي شيء �ابقون ملدة نصف س� ركض املتس� ين وهي تلهث بقوة: غريب بعد ،فقالت ج� – –مخس دقائق أخرى ولن أستطيع أن أكمل الطريق. قال نور وهو ال يبدو عليه التعب إطالقا: – –ال أعرف ماذا حيدث ،ولكين مل أتعب بعد ،وال أعرف ملاذا؟ رد كينو قائال: �دك وجسدي بعض التعديالت ،ولكن ملاذا – –ال بد أنهم أجروا على جس� مل جيروها على جني؟ قال نور وهو يفكر: – –رمبا يكون األمر مرتبطا بقوة كل شخص وبالتمرينات اليت قام بها أثناء التدرب عليها ..جني ما هي قوتك؟ قاطعه كينو قائ ًال: – –يا رفاق لقد اكتشفت اخلدعة هنا! �ة قائلني يف نفس كل من نور وجني إليه بنظرات تعجب ودهش� نظر ٍ الوقت: – –ما هي؟؟! �ض العالمات بعدما �ت الطريق منذ انطالقنا ووضعت بع� لقد حلل� �ي قد وجدت إحدى عالماتي بعد �رنا لوقت طويل ،وما الحظته هو أن� س� ير يف نفس الطريق الذي ال �رور مخس دقائق ،وهذا يدل على أننا نس� م� ينتهي ،ولكن قررت أن أركض خلمس دقائق أخرى حتى أتأكد من هذا األمر ،وبعد مرور مخس دقائق مل أجد العالمة يف نفس املكان ،بل كانت 53
على اجلانب اآلخر من الطريق وهذا ما أصابين باحلرية! ولكن بعد مرور �ة دقائق أخرى مخس دقائق أخرى وجدتها يف مكانها املعتاد ،وبعد مخس� �ى اجلانب اآلخر من الطريق ومن هنا فهمت ما حيدث! وجدتها عل� قال نور بإحلاح وقد علت نربة صوته مما نبه بعض املتسابقني إليه: – –ما هي أخربني؟! تنهد كينو قائ ًال: �تعجال ..على كل حال إن الطريق – –سأخربك بالفعل ،كفاك اس� يتغري. نظر نور إليه وقد فغر فاه ،بينما اتسعت عينا جني من الدهشة ،فقاال معا: ً – –ماذا؟! كيف؟! استطرد كينو قائ ًال: �عر أحد، – –بعد دقيقتني من الركض حيدث تغري للطريق بدون أن يش� �ل النفق ،هنا حيدث التبديل ،لقد عرفت ما علينا وهذا عندما ندخ� فعله اآلن. قالت جني بشغف كبري وصرب نافد: – –ولكن كيف يتغري الطريق؟! وكيف سنعرف الطريق الصحيح؟! �تجمع أفكاره ثم كسر حاجز الصمت قائ ًال صمت كينو قليال ليس� بنربة قاطعة: – –حنن نركض يف طريق مستقيم ولكنه يعيد نفسه ،مبعنى أن النفق �ه ..بالطبع مل تفهمي ما �ا هو إىل إعادة للطريق الذي أتينا من� م� 54
�رح بالتفصيل ..باختصار شديد عندما ندخل إىل أقوله لذا سأش� �عر أحد ،وعندما خنرج منه النفق يتحرك النفق ويلتف بدون أن يش� نكون قد عدنا إىل نفس الطريق الذي دخلنا منه ،وهلذا السبب وجدت العالمة على اجلانب اآلخر من الطريق ،ألننا نسري يف نفس الطريق �ا قد عدنا أدراجنا؛ أي أننا نركض إىل نهاية الطريق ثم نعود ولكنن� ين ،أحدهما عند نقطة �ذا يعين أن هناك نفق� �ددا للبداية ،وه� جم� ً البداية واآلخر عند نقطة النهاية ،وكليهما عبارة عن جسر متحرك �ا من حيث أتينا ،وهكذا فإننا نركض يف حلقة مفرغة ولن إلرجاعن� �ف اخلدعة ..الكثري ممن يركضون حولنا تنتهي إال عندما نكتش� �ق طويل فقط ال أكثر وال �ابقة حتمل ،وأن الطري� يظنون أنها مس� �ابقة ذكاء وليس حتمل ،واآلن عندما أقل ،ولكنها يف احلقيقة مس� �نقف عند بدايته وسأريكم ما سيحدث. ندخل إىل النفق س� قال نور وهو حيك رأسه: �ف األمر لوالك، – –يا إهلي! يا هلا من خدعة دنيئة ،رمبا مل نكن لنكتش� �باق سرعة ولياقة فقط ،وهلذا مل أستعمل عقلي. فأنا اعتقدت بأنه س� معا يف هذا األمر. – –ال داعي هلذا الكالم ،فنحن ً أكملوا ركضهم ملدة مخس دقائق أخرى ،وكانت جني تكاد تنهار من �ها ألنها رأت النفق وقد ظهر يف األفق، اإلرهاق ولكنها حتاملت على نفس� �ديهما �ا كان كينو ونور يركضان بال تعب أو إرهاق ،وكأن جس� بينم� مصنوعان من احلديد. �ف ،بينما أكمل باقي �ق ،فطلب كينو منهما التوق� دلفوا إىل النف� �ار إليهما �ف كينو إىل طريق الدخول وأش� �ابقني الركض ،فالت� املتس� بالنظر ،وفجأة وجدا النفق يتحرك ومير من أمام األشجار ،ثم التف ملدة 55
�ف على طريق رملي جديد مل يره أحد من قبل ،فقال دقيقتني حتى توق� �امة النصر على وجهه: كينو وابتس� – –أمل أقل لكما إنه يتغري ،وهكذا لقد كسرنا احللقة املفرغة ..أحيانا يكون عليك االنتباه ملا خلفك بد ًال من الذي أمامك. قالت جني بسعادة وهي تلتقط أنفاسها: �ف هذا األمر ..يا لك من عبقري يا – –هذا يعين أننا أول من اكتش� أبدا. كينو! ما كنت ألالحظ شيئا كهذا ً حترك نور إىل خارج النفق وهو يشري إليهما قائال بلهجة حمذرة: جمددا ،هيا بنا إىل الفوز ..ال أتوقع �رك قبل أن يلتف النفق – –فلنتح� ً أحدا قد اكتشف هذه اخلدعة بعد. أن ً قال كينو بنربة عميقة تنم عن بعض القلق: �ف اخلدعة العديد من املتسابقني ،الحظت أن األعداد – –بل قد اكتش� �بب أنهم قد تعبوا وتوقفوا ،لكنا كانت تتناقص وظننت أن هذا بس� �ن ميضي وقت كبري �ا أدراجنا ،كما أنه ل� �م عندما عدن� وجدناه� �ابقني سيتوقفون حتى يعلم اجلميع اخلدعة ،ألن العديد من املتس� جمددا من نفس ترحيوا ،وبالطبع سوف يالحظون عودة رفاقهم ليس� ً الطريق أثناء االسرتاحة ،وعندها وبقليل من التفكري سيعلمون السر، وهلذا علينا أن نسرع وإال سيلحقون بنا. قالت جني وهي تستعد للركض: – –حسنا ..لقد استعدت أنفاسي ..واآلن فلننطلق ليس هناك وقت لنضيعه. 56
أضاف كينو قائال: �ن فلنتوخى احلذر ،فنحن ال نعلم ما هو – –نعم ليس هناك وقت ،ولك� قادم. أقدام على انطلق ثالثتهم يشقون الطريق الرملي حبذر والحظوا آثار ٍ �بقهم يف اكتشاف الطريق ،فساروا وراء األرض ،فعلموا أن هناك من س� �دهم إىل بر األمان .وبعد ثالث �ار األقدام ،وركزوا عليها ألنها سرتش� آث� �ق ،مسعوا صوت انفجار ُيدوي يف األفق ،ثم تاله انفجار آخر ثم آخر دقائ� �عر ثالثتهم بالقلق مما حيدث ،وفكر نور فيما حيدث هناك، وهكذا ،فش� �رعان ما سيكتشف ذلك .وبعد مخس دقائق أخرى من ولكنه علم أنه س� الركض ،رأوا جمموعة من عشرة أشخاص يقفون ويتحدثون فيما بينهم، فقال كينو وقد تالشت شكوكه: – –كما توقعت ،لسنا أول من وصل إىل هنا. اقرتبوا من املتسابقني حبذر ،بينما بادرهم املتسابقون بنظرات مريبة، فاقرتب نور منهم قائ ًال: �يئ ًا عن االنفجار الذي حدث – –ملاذا توقفتم هنا؟ وهل يعلم أحدكم ش� منذ قليل؟ نظر إليهم شاب يف العقد الرابع من عمره ،شعره طويل مسرتسل على كتفيه ،وله مالمح آسيوية ،قصري القامة وحاد النظرات .رمقهم بنظرات جدية باردة وقال هلم بنربة رتيبة: – –هناك ألغام موضوعة يف هذا اجلزء من الطريق وال أحد يستطيع املرور. �ابقني ممزقة من أثر لا َء متس� �اب إىل الطريق ،فرأوا أش� �ار الش� أش� �عر االنفجارات ،فأدركوا ما حدث عندما مسعوا صوت االنفجارات ..ش� 57
�ائ ًال: �زز ،بينما زاد الذعر بداخل حني ،فقال نور متس� نور بالتق� – –وكيف سنعرب من هنا؟ �عره أشقر ،فقال هلم �خص ضخم البنية عريض املنكبني ،ش� خرج ش� بصوت أجش: – –أستطيع املرور بقوتي ولكن ال أعلم إن كنت سأتضرر أم ال! رمبا تكون قوة االنفجار أكرب من قوة حتملي. قال كينو وهو يتفرس فيه: – –وما هي قوتك؟ �تطيع أن أغطي جسدي مبادة معدنية صلبة كاحلديد ،ولكن ال – –أس� �يصمد هذا احلديد أمام قوة االنفجار أم سأنفجر؟! أعلم هل س� صمت كينو قلي ًال يفكر ثم قال بنربة مريبة: – –هل استطاع أحد العبور؟ رد الشاب اآلسيوي قائال جبفاء: ير ،والذي يقفز �خص الذي يط� – –نعم هناك من عربوا بالفعل ،الش� عالي ًا ،اس��تطاعوا جتاوز الطريق بسهولة. نظر كينو إىل الطريق ثم استطرد قائ ًال: – –نور ،جني اتبعاني ،أستطيع العبور من هذه األلغام. نظر اجلميع إليه بدهشة ،فخرج شاب بنفس عمر نور ،لديه شعر أسود مبتسما: مموج وبشرة مسراء ،ووجه هادئ ،فقال له ً – –حق ًا هل تستطيع أن جتعلنا نعرب؟ 58
لثوان �عر بأنه يعرفه ،وأحس بصداع يف رأسه نظر نور إلي الشاب وش� ٍ �اب كان يساوره نفس الشعور، جمددا عند رؤيته ،ويبدو أن الش� معدودة ً فقال نور له: – –ما امسك؟ – –امسي يوسف ..وأنت؟ – –أنا نور. رمقا بعضهما البعض لثوان معدودة ثم قال يوسف بنربة رنانة مرحة: – –تشرفت مبعرفتك. قال الضخم بنفاد صرب: – –وأنا إيفانوف ،وهذا ليس وقت التعارف ،حنتاج للمرور من هنا قبل أن يلحق بنا باقي املتسابقني. فقاطعهم كينو قائال: �أعرب أنا ورفاقي ،من يريد العبور خلفنا – –نعم أنت على حق ،واآلن س� فليعرب لن أمنعه. قال الشاب اآلسيوي بفظاظة وشراسة: – –لن أعرب وراءك ،سأعرب وحدي. �ف والثمانية اآلخرين قرروا أن �ق على رأيه إيفانوف ،ولكن يوس� وواف� يتبعوه. أحل نور قائال: – –كينو ما هي قوتك؟ 59
قال كينو بلهجة ذات داللة: – –ال جيب أن تعرف سري اآلن وإال فقد تستخدمه ضدي. وافقت جني كينو الرأي وأكملت قائلة: أحدا – –ال أعتقد أن نور س� �يفعل ذلك ،ولكنك ُمق ،ال جيب أن خنرب ً بسرنا ،ولكن توخى احلذر فال نريد أن ُنقتل. حترك كينو حبذر يف الطريق واجلميع يتبعه ،وأخذ ينحرف يسا ًرا قلي ًال، ثم ميين ًا قلي ًال ،والكل حيذو حذوه يف خوف وارتباك شديدين ،حتى عربوا �ابقني املتأخرىن على لغم من غري نصف الطريق ،وفجأة داس أحد املتس� قصد ،فانفجر اللغم وأطاح باثنني ،ثم انفجر لغم آخر ،فقال كينو بعصبية: – –اللعنة ،فلنركض. �و يلقي بنظره على األرض �دأوا بالوثب يف الطريق الرملي ،وكين� ب� �ارات وعلت خلفهم ،وأخذت �ام ،بينما دوت االنفج� متفقدا مواقع األلغ� ً تطيح باملتسابقني حتى أطاحت خبمسة منهم ،بينما راوغ كينو أماكن �اقة ،وتبعه الباقون بعجلة وتوتر وذعر شديد، �ا ًرا برش� األلغام ميين ًا ويس� �ن النهاية ،فصرخ كينو قائ ًال: حتى اقرتبوا م� – –لقد شارفنا على الوصول ..اصربوا قليال بعد. بعيدا، �ط كينو على لغم فانفجر في� وبدون قصد ضغ� �ه ليطيح به ً �لما للموت ،وفجأة فتح فتهشم جس� �ده بالكامل ،وأغمض عينيه مستس� ً جمددا بدون أي خدش أو إصابة، عينيه ليجد نفسه يركض على الطريق ً فقال يف نفسه: – –ما الذي حدث ،لقد شعرت أنين ..هل كنت أتوهم؟! 60
�ه للغم الذي خطا عليه يف املرة �ل الطريق ،ولكن هذه املرة انتب� أكم� �اه ،ثم أكمل ركضه والكل يتبعه حتى وصلوا إىل بر �ابقة ،وحتاش� الس� �ادهم على األرض وهلثوا �دأت االنفجارات ،فألقوا بأجس� األمان ،وقد ه� �ور إىل من عرب فوجد أنهم أصبحوا مثانية ،وقد لقى أربعة بقوة ،فنظر ن� �ه: منهم مصرعهم ،فقال وهو بالكاد يتلقط أنفاس� – –واآلن علمت ملاذا يسمونه طريق املوت. �يوي وإيفانوف وقد عربا الطريق، �ع كال من الفتى اآلس� رأى اجلمي� فرمقهم اآلسيوي بنظرة س��اخرة وأخذ يصفق بيديه قائ ًال: �ا له من عرض ألعاب نارية رائع يا فتيان ..أمل أقل يا إيفانوف أن – –ي� �ا املرور ..ولكن على أية �هل علين� نرتكهم يعربون أوال ،فهذا سيس� �اعدتهم ،ولكن االحتياط حال كان ميكنين العبور وحدي بدون مس� �ايري باملناسبة ،تشرفت مبعرفتكم. واجب ..امسي س� شعر نور بالغضب والغيظ الشديدين مما قاله سايري ،فقال بينه وبني نفسه: – –يا هلذا الوغد ..لقد تعمد التضحية بنا يف سبيل جناحه!! أشار إيفانوف هلم بيده وعلى وجهه نصف ابتسامة قائ ًال: – –الوداع يا رفاق أراكم عند خط النهاية. وبدأ يركض هو وسايري يف الطريق ،فقال يوسف الذي كان قد جنا معهم: �ينتهي بهذه السهولة ،ال بد أن – –ال تقلقوا ،فال أعتقد بأن الطريق س� هذه هي البداية. 61
قالت جني بسخرية: – –ال نقلق ألن الطريق مل ينته؟! حق ًا! �ه ،بينما قاطعهم كينو حبزم �ف حماو ًال إخفاء خجل� فضحك يوس� قائال: – –هذا ليس الوقت املناسب للمزاح ..فلنتحرك. وافقه األشخاص األربعة اآلخرون ،ووقفوا وبدأوا الركض وراء سايري �ابقني وراءه وإيفانوف الذين كانا قد ابتعدا يف األفق ،والتف أحد املتس� وقال: – –فلنسرع ،لقد اكتشف باقي املتسابقون اخلدعة. �رعته للوصول إىل خط النهاية ،فهذا سباق حياة فأزاد اجلميع من س� أو موت. ***
62
5 جمددا، بعد دقائق من الركض رأى اجلميع إيفانوف وسايري يقفان ً مازحا: ومعهما اثنان آخران ،فقال نور ً – –يبدو أن املتاعب جاءت أسرع مما توقعت. �أهلم كينو جبفاء وفتور مع مزيج اقرتب منهم اجلميع ووقفوا ..س� من السخرية: جمددا؟! جمددا ،هل تنتظرون أن نعرب الطريق لكم – – ملاذا توقفتم ً ً أشار سايري بيده إىل األمام بدون أن ينبس ببنت شفة ،فنظر اجلميع بوجه مظلم: إىل الطريق ،لتتسع أعينهم من الذعر ،فقالت جني ٍ – –يا إهلي ..ما هذا؟! �ور متفرقة متتد إىل األمام ،أسفلها حبرية �ة جس� رأوا أمامهم مخس� كبرية ،وكانت اجلسور ضيقة للغاية ،بالكاد تتسع لشخص ،وهذا يعين �م مل يعلموا ما �قطون يف املاء ،ولكنه� �يجعلهم يس� أن أي خطأ واحد س� ينتظرهم غري هذا. قال كينو ،وهو يتفقد الطريق: 63
– –لن يكون أصعب من الطريق ا ُمللغم ،ولكن جيب أن نتخذ حذرنا أثناء العبور. �ايري ضحكة صغرية على كالم كينو مما أغاظه ،فقال ضحك س� كينو وقد طغى االنفعال على صوته: – –ملاذا تضحك؟ – –ستعرف بعد قليل. �د ،رمبا ليس األمر �را آخر ال يعرفونه بع� ش� �عر كينو بأن هناك أم� ً �هولة اليت يتخيلها ..وقف الشخصان اللذان كانا مع سايري بهذه الس� �يء ،ولديه وإيفانوف وقال أحدهما ،وهو طويل القامة ،حنيل بعض الش� �اء كبرية خترج من ظهره : أجنحة بيض� �ن ننتظر هنا أكثر من هذا ،لقد كنا حنلل الطريق ويبدو أنه ال – –ل� �مح لنا بالعبور بسهولة حتى وإن �يء ،كما أن قوانا ستس� يوجد ش� كان هناك خطر شديد. �ار األول بأجنحته ،بينما قفز �دون أن ينتظروا إجابة انطلقوا ،ط� وب� �افات كبرية ،حتى اعتقد البعض أنه يطري هو اآلخر يف اآلخر عال ًيا ملس� البداية ،قال سايري بسخرية: جيدا. – –واآلن فلتمعنوا النظر ً كحجم فيل ،وانقض �ماء هبط صقر عمالق ،حجمه فجأة من الس� ِ �رعة رهيبة على الشخص ذي األجنحة ،الذي هلع من منظره وحاول بس� بعيدا عائدا ،لكن الصقر كان قد التقطه وأمس� يران الط� �كه ،ثم ح َّلق ً ً �ا هلذا املنظر املرعب، �ته ،نظر الفتى ذو القدرة على القفز عالي� بفريس� �ماء، �اريره فقرر أن يركض على األرض وأال يقفز يف الس� وارتعدت أس� 64
ركضا ،وفجأة قفزت مسكة عمالقة زرقاء اللون من املياه فأكمل طريقه ً وحلقت عالي ًا مكش��رة عن أنيابها احلادة ،وقامت بالتهام اجلسر الضيق جمددا بفعل اجلاذبية. �ابق ثم هبطت يف املياه ومعه املتس� ً �ن أحجام هذه �ول وقد مت َّلكهم الذعر م� �ف اجلميع يف حالة ذه� وق� �ياء الضخمة ،وكانت األسئلة تتصادم يف رأسهم عن كيفية وجود األش� خملوقات بهذا احلجم؟ ولكن مبا أنهم رأوا القدرات الغريبة اليت أصبحوا �يئا غريبا عليهم! فلم يعد هناك ش� ميتلكونهاِ ، سقطت جني على األرض وقالت بنربة مرجتفة: مجيعا إن عربنا! أبدا ..سنموت – –لن أعرب من هنا ً ً باد يف صوته: فقال نور والتوتر ٍ بقيت هنا ،سنموت يف كل األحوال ،إذ ًا فلنكمل الطريق – –ستموتني إن ِ وليحدث ما حيدث ،رمبا يكون العبور مستحيال ولكن إن وحدنا قوانا فسنعرب بالتأكيد. موجها كالمه إىل سايري حبنق وغضب: قال كينو ً – –هل تركتهم يلقون حتفهم وأنت تعلم مبا حيدث؟ – –كلما َّ �ذا يف مصلحتنا ،كما أنهم مل �ابقني كان ه� قل عدد املتس� يريدوا أن يسمعوا حتذيراتي وانطلقوا واثقني من أنفسهم ..أحيانا الثقة تقتل صاحبها. �ه ،وأثناء حتدثهم وصل �عر كينو بالغيظ منه ،ولكنه مل يرد علي� ش� �ماوي ،مما �ان آخران إليهم ،أحدهما لون وجهه مييل إىل األزرق الس� اثن� جعل اجلميع يتعجب من هيئته ،ولكنهم أجزموا أن قدرته رمبا تكون هي شعرا فضي اللون ،ناعما وكثيفا، الس� �بب يف لون وجهه ،وكان ميتلك ً 65
واآلخر كانت بشرته مسراء ،وكان شعره قصريا ومموجا ومالحمه تبدو هادئة وماكرة .أخربهم يوسف مبا حيدث هنا ،وبعد أن تفهموا الوضع، ين ،بينما أخربهم اآلخر أخرب الفتى ذو الوجه األزرق بأن امسه هو ياس� بأن امسه إريس. وبعد دقائق من التخطيط والكالم واجلدال ،قرروا ما جيب أن يفعلوه، ووضعوا خطة ستمكنهم من العبور .قرروا أن ينقسموا إىل أربع جمموعات �ور ،حتى يتمكنوا من اهلرب إن وكل جمموعة تعرب من فوق أحد اجلس� حدث أي شيء. �بة �خص أن خيربهم بقوته حتى يضعوا خطة مناس� واضطر كل ش� �ف ،فوزعوا األشخاص حبسب قواهم ،فأصبحت كل للعبور ،ما عدا يوس� �خاص ،وانقسموا إىل أربع جمموعات. جمموعة تضم ثالثة أش� يف اجملموعة األوىل :نور وجني وأكريا. اجملموعة الثانية :سايري وإيفانوف وتوريس. اجملموعة الثالثة :كينو ويوسف ولي كانج. اجملموعة الرابعة :ياسني وإريس ونادر. �تعدوا لالنطالق ،فاقرتب �هم واس� �يم أنفس� وهكذا اتفقوا على تقس� �ايري وإيفانوف ،ووضع يده على كتفيهما قائ ًال كل من س� يوسف من ٍ بنربة هادئة: – –حظ ًا موفق ًا. �هم ،ولكنهم أجلوا �يء غريب عندما ملس� �عر سايري وإيفانوف بش� ش� �اؤهلم هذا لوقت آخر. تس� 66
�يوف والدروع واحلبال ووزعها �هم والس� صنع نور بقدرته بعض األس� �ر من ناحية اليسار �رعوا يف العبور على اجلس� على جني وأكريا ،ثم ش� �بح يف البحرية �ذر وببطء ،وهم يراقبون األمساك الضخمة وهي تس� حب� �فلهم بال توقف ،وكان يبدو أن هناك مخس مسكات؛ فكانوا يسريون أس� ببطء شديد حتى ال يثريوا انتباههم ،والتوتر ميلؤهم ويرهقهم ،وكانت �يء ،ونظر نور إىل ميينه ليجد �هم مشحوذة بقوة يف ترقب ألي ش� حواس� �ايري ،كانا باقي رفاقه يفعلون مثله ويعربون ببطء ما عدا إيفانوف وس� يسريان كأنهما يف نزهة ،وكان توريس يتبعهما يف توتر وهو يقول هلما ريا ،وكانا �ن يبدو أنهما مل يكونا مهتم� �ا احلذر ،ولك� أن يتوخي� ين كث ً واثقني من عبورهما. �ددا ووراءه جني وأكريا؛ عاد ن� ووجه نظره إىل الطريق حبذر جم� ً �ور َّ عربوا الربع األول من الطريق بدون أية مشاكل ،ولكن مبجرد أن خطوا �ماء فوقهم ،ويبدو أنها �اهدوا عدة صقور حتوم يف الس� خطوة أخرى ش� �ه أحد الصقور إىل فرقة نور، �ها ،فتوج� رأتهم ،فبدأت تنقض على فرائس� �رق األخرى ،فقال نور بعصبية: وباقي الصقور إىل الف� – –ت ًبا ،ها قد بدأت املشاكل ،هل أنتم مستعدون؟ اومأوا برؤوسهم يف توتر ..أخرج نور القوس والسهم ،ثم أشار ألكريا �ار جلني بأن تستعد ،وعندما اقرتب الصقر ا ُملنقض عليهم، بأن يبدأ ،وأش� قال نور صارخ ًا: – –اآلن! رفع أكريا سيفه الذي أعطاه إياه نور ،ثم اختفى اهلواء ،بينما ضمت �يء حوهلم ويتجمد، معا ،وابيضت عيناها ،ليتوقف كل ش� جني يده� �ا ً فقالت جني بنربة متقطعة: 67
ثوان فلتسرعوا. – –نور ،ال أستطيع إيقاف الوقت أكثر من مخس ٍ – –سنسرع ال تقلقي. �هما حنو اجلناح األمين للصقر ا ُملتجمد يف اهلواء ،بينما صوب نور س� ظهر أكريا فوق الصقر بقدرته على التنقل يف اهلواء بضعة أمتار ،ورفع سيفه ليغرزه يف رأس الصقر ،بينما أطلق نور السهم ليصيب جناح الصقر أيضا ،فقفز أكريا من فوق الصقر وانتقل يف سهما آخر ليصيبه ً ثم سدد ً جمددا جبانب نور. اهلواء ليظهر ً جمددا إىل وضعه الطبيعي ،بينما أخذت جني تلهث بقوة، فعاد الزمن ً �م احنرف ناحية اليمني �ر نور لريى الصقر وهو يصرخ من األمل ،ث� فنظ� �تغلوا هذه �ه مسكة كبرية وتلتهمه ،فاس� �قط يف املاء لتنقض علي� وس� الفرصة اليت انشغلت فيها السمكة القريبة منهم ،وركضوا بسرعة ناحية �ن الوصول ،قفزت مسكة أخرى فجأة اجلانب اآلخر ،وقبل أن يقرتبوا م� �ه البتالعهم ،فوضع أكريا �ر مبن في� لتفتح فكيها وتنقض على اجلس� �ر ،ثم سقط على �رعة ونقلهما إىل نهاية اجلس� يده على كتفيهما بس� �ة إلكمال الطريق، �عر بأنه مل يعد ميلك أي ذرة طاق� األرض وهو يش� بينما التقط كل من نور وجني أنفاسهما بصعوبة واخلوف يقرع قلوبهما بروا من هذا اجلحيم ،فوقف نور �وة ،ومحدوا اهلل مجيعا على أنهم ع� بق� �ة باقي الرفاق لريى ما حيدث هلم. ونظر ناحي� سار كل من إيفانوف وسايري وتوريس ليعربوا اجلسر ،وطلب توريس عدة مرات منهم أن ُيبطئوا من سرعتهم حتى ال تشعر املخلوقات الضخمة بهم ،ولكنهم مل يهتموا وقال سايري بتغطرس: �ا فلتعد أدراجك وكف عن �ت ال تريد العبور على طريقتن� – –إن كن� النحيب كاألطفال. 68
شعر توريس بالغيظ منه ولكنه أكمل وراءهم السري وهو صامت ،فالعودة ليست احلل املناسب على اإلطالق للخروج من هنا .وبعد أن بلغوا نصف املسافة ،ظهرت الصقور وهجمت على املتسابقني ،فابتسم إيفانوف قائ ًال: – –ها قد أتت الفريسة. حول إيفانوف قبضته إىل حديد صلب ،ونظر برتقب إىل الصقر املنقض عليهم مبنقاره احلاد املدبب ..أكمل سايري الطريق غري مكرتث ،وقال: �ب أن نصل إىل خط النهاية �رعة ..جي� فلتقض عليه بس� – –إيفانوف، ِ قبل اجلميع. ثوان. – –حسن ًا ،لن يأخذ مين أقل من مخس ٍ �ض الصقر على إيفانوف ،فتفادى بدوره منقار الصقر إىل اليمني، انق� �ة رأس الصقر ،ليطيح به بقوة �م وجه قبضته احلديدية بكل قوة ناحي� ث� إىل قاع البحرية. �تعمل قدرته على قراءة أفكار أي �دوها مما رآه ،واس� وقف توريس مش� ً �خص أمامه ،فتفاجأ أكثر من أفكارهم ،ثم قال: ش� �م ذرة خوف أو ندم .. �ؤالء األوغاد ،إنهم كالوحوش ،ليس لديه� – –ه� �تمتعون بكل هذا ..كيف يستمتع أحد بشيء بشع كهذا؟! إنهم يس� �اقط �اء هذا قفزت مسكتان وقبضتا بأنيابهما على الصقر الس� وأثن� �ابقا يف نهش حلمه ،بينما يتشاجران على حلم جسده، من السماء ،وتس� مسرعا وراءهما من الذعر فانتفض جسد توريس من أثر املنظر ،وركض ً �رعة وراءهم ،الحظ أن هناك مسكة قد ليلحق بهما ،وبينما هو يثب بس� �دها اهلائل لتنقض على سايري يف املقدمة ،فصرخ قفزت يف اهلواء جبس� توريس بذعر قائ ًال: 69
– –سايري ..احرتس. نظر سايري إىل األسفل لريى املنظر املرعب ،فتثاءب قائال: – –إيفانوف ،هل أنت مستعد؟ معا ،وارتسمت ابتسامة ثقة على وجهه ،فقال: ضم إيفانوف قبضتيه ً ممتعا للغاية. – –بالطبع ،واآلن هذا سيكون ً – –تذكر ..ال تستخدم الكثري من احلديد وإال سينتهي بك األمر يف القاع. – –لن أفعل ال ختف. �ايري يده يف اهلواء كأنه يقوم بتقديم عرض سحري ،بينما رفع س� �هق توريس بقوة عندما رآه يقفز. قفز إيفانوف من فوق اجلسر ،فش� �مكة فمها يف �مكة ،ففتحت الس� هبط إيفانوف يف اهلواء ناحية الس� �تها القادمة ،فشكل إيفانوف طبقة من احلديد استعداد اللتقاط فريس� �ود الصلب على قبضيت يديه ،بينما حرك سايري يديه ميين ًا ويسا ًرا األس� �يقي ،وأغمض عينيه وكأنه يعزف سيمفونية كمايسرتو يف حفل موس� اجتاه احنرف جسد إيفانوف معها للقتل والدمار .وكلما حرك يديه يف ٍ �تمرت يف �مكة اليت اس� كأنه دمية يتحكم بها ،فتفادى إيفانوف فم الس� الصعود ألعلى ،ثم ارتفع إيفانوف يف اهلواء ناحيتها مع حركة يد سايري، �ها، صعودا حتى وصل إىل رأس� �دها وعندما وصل إليها ركض على جس� ً �رى ،فابتعدت السمكة من قوة فانقض عليها ليلكمها بقوة يف عينها اليس� جمددا وقد خسرت إحدى عينيها. اللكمة عن اجلسر وسقطت يف البحرية ً فغر توريس فاه مما يراه ،فقال بينه وبني نفسه: 70
�د؟ إنها مذهلة حق ًا! واألهم �ياء عن ُبع� – –أهذه هي قوة حتريك األش� معا كأنهما يعرفان بعضهما البعض منذ من هذا أنهما منسجمان ً نعومة أظافرهما. جمددا ناحية اجلسر ،ولكنه رأى أن هناك مسكتني رفع سايري إيفانوف ً جمددا، �ايري رأيه ،ووجه إيفانوف إليهم جمددا ،فغري س� قفزتا ناحيتهم ً ً �ده جبانب �مكتني ،فاحنرف جبس� �رعة وقوة ناحية الس� فهبط بدوره بس� �مكة األوىل ومر من أمام جسدها الضخم حتى وصل إىل منتصفها، الس� وقام بتصليب قدمه اليمنى ثم وجه ركلة شديدة إىل بطنها فاصطدمت جمددا ،ولكن سرعان ما وجد إيفانوف السمكة برفيقتها وسقطتا يف البحرية ً مسكة فوقه تهبط من السماء عليه على حني غرة ،فقال لنفسه متسائال: – –ميت قفزت هذه السمكة ،هل حدث هذا أثناء تركيزي على السمكتني؟ إلي! ..آه ..إنها اليت وملاذا مل تهاجم من على اجلسر وعادت أدراجها ّ �حقت عينيها منذ قليل ..لقد عادت لالنتقام ،هذا مثري للغاية، س� ُ ريا. ولكن يبدو بأنه ليس هناك وقت لتفاديها ،لقد اقرتبت كث ً عدل إيفانوف من وضعية جسده ،وصرخ قائ ًال: – –سايري فلتوجهين ناحية فمها ..لدي خطة. �ن أنيابها �مكة ع� �رت الس� �ايري فوجهه ناحية فمها ،فكش� مسعه س� �ود بينما أخذ �ده إىل معدن أس� وانقضت عليه ،فحول إيفانوف كل جس� �قر املائل للبياض يتطاير يف اهلواء ،وهو يرتفع ناحية فمها، شعره األش� �مكة بفمها وأغلقته بعدها وعادت أدراجها إىل البحرية يف فالتقطته الس� �اء هبوطها إىل البحرية، �دها أثن� انتصار .لكنها بدأت تنتفض بكل جس� جهدا فوق طاقته. �ديد وأنه يبذل �ايري التعب الش� بينما بدا على س� ً 71
انسل العرق من جبينه بكثرة وهو يرفع يديه يف اهلواء إىل أعلى ببطء شديد وكأنه حيمل جبال على يديه. �د اخرتقه بقبضته �مكة وق� ثوان ،خرج إيفانوف من ذيل الس� وبع� �د ٍ �ده املعدني بالكامل ،ثم أزال احلديد من على جسده والدماء تغطي جس� ليعود إىل وزنه الطبيعي ،فرفعه سايري إىل األعلى حتى بلغ اجلسر ،بينما سقطت السمكة جثة هامدة يف البحر ،فانقضت عليها األمساك األخرى �دها .وجلس سايري على األرض ليلتقط أنفاسه ،فقال لتأكل من جس� جبفاء وفتور: �دك �تطيع أن أمحل جس� – –أيها الوغد ،قلت لك من قبل أني لن أس� احلديدي فهو أكثر مما أس��تطيع محله. ضحك إيفانوف قائال: – –حسنا ،أنت تعرف أنه مل يكن لدي خيار آخر سوى العبور من جسدها واخلروج من الناحية األخرى ،وكان جيب أن أحول جسدي بالكامل �م ..كما إنين كنت واثقا �دي قد يتهش� إىل معدن وإال فإن جس� أنك .. – –ال تفعلها ثانية وإال فسأقتلك ،لقد استنفذت معظم طاقيت عليك. �ة والرعب ،فقال �ار توريس إليهما حمدقا فيهما مبزيج من الدهش� س� هلما بنربة خافتة: �ا أكثر من �عرت باخلوف منكم� �ن الوحوش؟ لقد ش� – –هل أنتما م� �مك والصقور! الس� وضع إيفانوف يده على كتف توريس قائال بنربة مرحة: 72
�لى فقط يا صديقي ،ال تكن هكذا ..هذا االختبار ممل، – –حنن نتس� �يئ ًا أقوى ..شيئا يتغلب على قوتنا. لقد توقعت ش� – –حسنا إنه يتغلب على قوتي بالطبع ،لذا فأنا أراه مرع ًبا وليس ممال، واآلن فلنكمل الطرق. ساروا ناحية اجلسر حتى عربوا للناحية األخرى ،فرأوا نور ينظر إليهم بدهشة شديدة ،فابتسم سايري قائال: – –يبدو أنك عربت قبلنا يا فتى ،أراك عند خط النهاية. �وى ،وجني جبواره �تنف َذ الق� يرا يركض على األرض مس� كان أك� �ها فلم يريا ما حدث ،وهذا من حسن حظهما ،فلقد كان تلتقط أنفاس� �يخيفهما من البشر أكثر من الوحوش. هذا س� ***
73
6 �ف ولي كانج ،وشرعوا يف عبور اجلسر ببطء وحذر سار كينو ويوس� �حوذة ،حتى بدأت الصقور تنقض على اجلميع ،فاستعدوا وحواسهم مش� للتالحم معهم ،فقال لي كانج: خطرا. – –أنا سأتصرف مع الصقور ،فلرتاقبوا األمساك فهي أكثر ً وجه لي كانج يديه إىل السماء، وافقوا على ما قاله وراقبوا املاء ،بينما َّ �عاعا من الطاقة احلمراء املشعة احلارقة من يده ناحية الصقر وأطلق ش� لاق يف البحرية �قط الطائر العم� �د الطائر ،فس� املنقض ،فاخرتق جس� لتنقض عليه األمساك. �ف �قطه ،فقال يوس� أيضا ليس� بينم� �ا توجه صقر آخر ،فأطلق عليه ً مازحا: ً – –سيكون هذا سهال للغاية باستخدام قوتك. �ايري �ر ،بينما رأى ما فعله س� رأى كينو نور ورفاقه وقد عربوا اجلس� وإيفانوف ،فاندهش ملدى قوتهم وثقتهم بأنفسهم ،ورأى أنه عندما ركل �ف معا ،قرروا تركه والتوجه ناحيته ،فقال ليوس� إيفانوف الس� �مكتني ً بلهجة صارمة: 74
– –استعد ..لقد جاءوا! نظر يوسف إىل املاء وقد أصابته حالة من التوتر ،بينما وجه لي كانج �مكتني �ماء فرأى الس� انتباهه إىل املاء بعد أن قضى على اخلطر يف الس� �ر إىل كينو الذي فهم ما يرمي إليه ،فقال وهما تقفزان ناحيتهم ،فنظ� كينو بلهجة ذات داللة: – –سوف أتوىل أمر السمكة على اليمني. وجه كينو يده حنو السمكة ،فارتفعت راحة يده إىل معصمه وحتولت �مكة فانفجرت فيها بقوة يده إىل مدفع ،فقام بإطالق قذيفة باجتاه الس� �عاع احلراري من يديه لاء ،بينما أخرج لي كانج اإلش� لتحوهلا إىل أش� وعينيه يف نفس الوقت ليستطيع أن حيرق هذه السمكة العمالقة ،فنجح بقتلها واخرتاق جسدها لتسقط يف املاء ومتتلئ البحرية بالدماء .وفجأة �ف يده بتوتر �ر عليهم من اخللف على حني غرة ،فمد يوس� انقض صق� ناحية الصقر القريب للغاية ليوقف��ه وجيمده يف اهلواء ،فصرخ الصقر �ا احلديدُ ي َد يوسف وانقض على فكس� بأمل يف حماولة لتحرير جس� �دهَ ، الصقر ليلكمه يف جسده بقوة ،ليسقط الصقر يف البحرية ،فانتبه كينو ملا حدث وقال بتعجب: – –هل تسرق قوى اآلخرين؟ قال يوسف وهو حياول إخفاء توتره: أحدا أستطيع احلصول على قوته – –تستطيع أن تقول هذا ،فعندما أملس ً �فاء ،ولذلك ملدة مخس دقائق ،بينما قوتي احلقيقية تكمن يف الش� أستعني بها ،فبدال من توجيه طاقيت إىل جسد املريض لعالج جروحه، أحدا عن هذا، فأنا أعكس� �ها ألسحب قوته لبعض الوقت ..ال خترب ً أحد اآلن! وأنت أيضا يا لي كانج ..هل هذا مفهوم؟ ال جيب أن نثق يف ٍ 75
قال لي كانج وقد شبك ذراعيه: – –هذه قدرة رائعة ،ولكن إذا ُعرف سرها ستكون نقطة ضعف قوية لك. أحدا عنها. – –نعم أعلم هذا ،لذلك مل أرد أن أخرب ً – –ال عليك سرك يف بئر عميق. صمت كينو وتوجه للضفة األخرى ،وهو يقول: – –جيب أن نسرع ،فلقد عرب أول فريقني بالفعل! توجهوا إىل نهاية املمر ،وتوجه نور إليهم يهنئهم بعبورهم ،ورأوا سايري بصرب نافد: وإيفانوف وقد بدآ ال َع ْدو للوصول إىل خط النهاية ،فقال كينو ٍ – –ال جيب أن ُنضيع الكثري من الوقت ،فلننطلق خلفهما. تنهد نور قائ ًال بنربة كئيبة: – –كما ترى فأكريا قد استنفذ طاقته من أجل إنقاذنا؛ لذلك سأبقى حتى يستعيد طاقته. انتبه أكريا لكالم نور وعدل من وضعية جسده قائ ًال بنربة حازمة: �تعيد عافييت .. �أتبعكم عندما أس� – –نور ،فلتذهب ،ال تكرتث بي ..س� أنت تعرف أن قدرتي س� ُ �تمكنين من اللحاق بكم بسرعة. – –ال سأبقى ،فأنا مدين لك حبياتي. �رار منه علم أكريا بأنه أضافت جني بأنها س� �تبقى ً أيضا ،وبعد إص� ٍ �هما جبانبه حتى �راره ،فصمت وتق َّبل جلوس� �ن يرتاجع عن ق� عنيد ول� �تعيد طاقته ،بينما انطلق كينو ويوسف ولي كانج ،ليكملوا سباق يس� �ة واحدة قبل النهاية. �وت الذي مل يبق فيه غري مرحل� امل� 76
و َّدعهم نور وشاهدهم وهم يتوارون يف األفق ،ثم نظر إىل اجلسر لريى �ا قبلهم حتى ،ولكنه مل �ق الرابع قد عرب منذ وقت طويل ،رمب� أن الفري� �م متى عربوا ،وأصابه هذا باحلرية ،ثم الذعر ألنه ُخ ِّيل له أنه قد مت يعل� أكلهم ورمبا مل يعربوا ،ولكنه حاول أال يهتم ألنه كلما قل العدد كان هذا أفضل ،ولكنه شعر بتناقض داخله بني رغبته يف أال ميوت أحد ورغبته أن يفوز وخيرج من هنا. ين إىل اجلسر للعبور ،فقال له إريس وهو يتفرس يف وجهه تقدم ياس� املائل للون السماء: – –كيف أصبح وجهك هكذا؟! رد ياسني بدون أي تغري يف املالمح: – –ال أعرف ..ولكن هل هذا شيء غريب؟ وجها غريبا مثلك؟ – –بالطبع غريب ،هل ترى أي أحد منا ميتلك ً �رة بينما هناك أشخاص لديهم – –ال أدري ما الفرق؟! فأنت أمسر البش� �رة بيضاء ،وهناك لديهم مالمح غريبة وأعني ضيقة ،فما الفرق بش� بني وجهي ووجهك؟ صمت إريس قليال وهو ال يعرف ماذا يقول له ،فأضاف نادر قائ ًال: – –أنت ال تتذكر مثلنا أي شيء ..أليس كذلك؟ – –نعم ال أتذكر شيئا ،وال أفهم ما الغريب يف شكلي؟ همس نادر إلريس قائ ًال: �ر احلقيقي على الرغم من أنه يرانا، أيضا شكل البش� – –رمبا قد نس� �ي ً �رى ،وكأنه ال يتذكر �اعر كما ت� ولكن األغرب هو أنه ُمتبلد املش� 77
حتى كيف يشعر. تقدم ياسني إىل األمام وتركهم خلفه ،فقال إريس وهو يناديه: – –يا ذا الوجه األزرق فلتنتظرنا. حتول جسد ياسني إىل رياح واندفع مع اهلواء العليل ليصل إىل الضفة �كله الطبيعي وأكمل سريه إىل األمام ،فقال نادر األخرى ،ثم عاد إىل ش� وهو يشعر بالغرية: – –يا له من حمظوظ! لو كنت أمتلك هذه القدرة ألنهيت السباق منذ أيضا. وقت بعيد ..واآلن ليس لدي وقت سأذهب ً �ن اصطناعه وهو ينظر إىل ياسني الذي يسري قال إريس حبنق أحس� غري مكرتث بهم: مجيعا. – –ال بد أن هلا حدودا مثلنا ً مل جيد إريس ًردا من نادر ،فنظر جبانبه ليجده قد اختفى ،فقال إريس وقد اشتعل غض ًبا: �ا �ألقنه درس� �د؟ تركين وأنا أحتدث معه ،س� �ن ذهب هذا الوغ� – –أي� با لتأ كيد . �ر ليجد نادر وقد ظهر من العدم وهو يشري نظر إريس إىل نهاية اجلس� له ،فقال لنفسه: ين على قدرته؟! يا له من �د ياس� – –قدرة االختفاء خاصته إذاً ،وحيس� وغد!. �كله وهيئته فلمس أرضية اجلسر �تخدم إريس قدرته يف تغيري ش� اس� ليتغري لونه إىل لون اجلسر البين ،كاحلرباء ،ثم أخذ يزحف بسرعة على 78
�ور جبانبه، بطنه حتى يلحق بهم ،ومسع أصوات قتال جتري على اجلس� �هولة ويسر مثل باقي �رع خطاه حتى ال يتعرض للخطر ،وعرب بس� فأس� �رع خطاه ليلحق بهم حتى يظفر بالوصول إىل خط النهاية. فريقه ،وأس� �م حتى قاطعه صوت أكريا وهو وقف نور يفكر يف احتماالت جناته� يقول بنربة مفعمة باحليوية: – –حسنا لقد استعدت عافييت يا رفاق ..شكرا لبقائكم معي ..واآلن.. فلنفز بهذا السباق. �رعوا خطاهم حتى يلحقوا بالبقية، أكمل فريق نور ركضه وقد أس� �ي أمامهم هي دليلهم �ار األقدام الكثرية على الطريق الرتاب� وكانت آث� �تمروا بالركض بال هوادة حتى يظفروا بالفوز .وبعد للحاق بهم ،فاس� �احة كبرية وكانت أمامهم �ق معدودة من الركض ،وصلوا إىل س� دقائ� بعضا ،فاقرتبوا إىل إحدى عش� �ر بوابات مغلقات تصطف جبانب بعضها ً �ا باحلواجز الكبرية �ا لريوا طريق ًا مليئ� �ات ونظروا عرب قضبانه� البواب� والعقبات ،فتفقدوا بوابة أخرى ليج��دوا وراءها طريقا مائيا حيتاج إىل �ائبه وال يبدو أنه يوجد �وبه ش� قارب لعبوره ،وطريقا آخر منتظما ال تش� فيه أي عقبة ،ورأوا خط النهاية يلمع يف األفق ،فالتمعت أعينهم بسعادة بالغة ،وقالت جني بنربة أمل: هرمنا من أجل هذه اللحظة. – –إنه خط النهاية أخ ً ريا ،لقد ِ أضاف أكريا قائ ًال بنربة منفعلة من فرط السعادة: – –كيف نفتح هذه البوابة؟ �ة وعليها قواعد �د لوحة جبانبها معلق� �ر نور حول البوابة ليج� نظ� �ت القواعد كاآلتي: �روط لفتح البوابة ،وكان� وش� 79
�د الطريق رقم �ة عن� �ب أن تعثر على املفتاح للبوابة رقم مخس� 1 .1جي� مخسة . جيدا ،وكل مفتاح يسمح 2 .2هناك أربعة مفاتيح لكل بوابة مت إخفاؤها ً لشخص واحد فقط بالعبور. �موحة للحصول على املفاتيح أو سرقتها من أحد 3 .3كل الوسائل مس� املتسابقني مبا فيها القتل. 4 .4كلما عثرت على املفتاح أسرع ،كلما زادت نقاطك. شاردا يف تفكري عميق ،ماذا عليهم أن انتهت التعليمات ووقف اجلميع ً حامسا أمره: خيتاروا للعبور!! ،قال أكريا ً – –سنختار البوابة رقم مخسة بالطبع فهي األسهل واأليسر وستوصلنا إىل النهاية أسرع من باقي الطرق. قاطعة نور قائ ًال: �ة ،وهلذا فليس من مصلحتنا �يختار البوابة رقم مخس� – –-اجلميع س� �يتقاتل اجلميع من أجل مفاتيحها إلنهاء االختبار اختيارها ..س� �يختار هذا الطريق بدون تفكري، �ر ،والبعض اآلخر س� بسرعة ويس� �ل إن حصل على أحد �ة اختاروا مثله ،وقد ُيقت� �يفاجأ أن البقي� وس� �نختار طريقا آخر ..كما إن هذا الطريق -رغم املفاتيح ،وهلذا س� بس��اطته -قد حيتوي على بعض الفخاخ املخفية. شعر أكريا باإلحراج لسذاجته ،فقال وهو حيك رأسه: – –آه ..كيف مل أفكر يف األمر من قبل؟! بالطبع سيتوجه اجلميع إىل أحدا وسيكون احلصول هناك ،وهلذا إن اخرتنا طريقا آخر فلن جند فيه ً يرا ..رغم طول الطريق ..فسنصل قبل البقية. على املفاتيح يس� 80
قاطعته جني قائلة بثقة: – –حسنا ..لقد حسمنا أمرنا وسنختار طريقا آخر ،ولكن ماذا سنختار؟ �رع ألنه يبدو أن البقية قد اختاروا طرقهم بالفعل ،ورمبا جيب أن نس� يكونوا يف طريقهم للعودة اآلن. �ر يف أفضلهم ،فرأى طريق ًا متفقدا الطرق بتمعن وهو يفك� �ار نور س� ً ميتلئ باحلبال اليت جيب أن تتعلق بها للعبور إىل الناحية األخرى ،ويبدو �ؤه الضباب ،وبالكاد كان يرى �قوط يعين املوت ،وطريقا آخر ميل� أن الس� �يئ ًا ،وطريقا آخر مائال كان يبدو كمنحدر كبري للتزجل ينزلق إىل ش� خطرا للغاية ،فقال نور بنربة مرحة رنانة: �فل ولكن يبدو األس� ً – –لقد حسمت أمري. قال ٌّ نربة واحدة: كل من جني وأكريا يف ٍ – –ماذا اخرتت؟ – –سأختار الطريق املنحدر. �ار الطريق األصعب يف مثل ريا ،فلماذا خيت� تعجب� �وا من اختياره كث ً هذا الوقت! فقالت جني وهي تهز رأسها باستهجان: – –ال جيب أن خنتار الطريق األصعب ..قد يودي هذا حبياتنا ..ملاذا اخرتته؟ ابتسم نور بثقة قائ ًال: – –لدي خطة ..ال تقلقوا ثقوا بي ..واآلن هل أنتم معي؟ ثوان ،ثم حسمت جني رأيها وقالت: ترددوا قليال وفكروا بضع ٍ 81
أيضا. مل أكن ألصل إىل هنا لوالك ،وهلذا سأتبعك هذه املرة ً أمر مل جيد أكريا مفرا غري أن يوافق هو اآلخر ،فسأل نور أكريا عن ٍ كان يؤرقه منذ مدة قائ ًال: – –ملاذا ال تستخدم قدرتك وتعرب من خالل البوابة؟ �ودات ،فأنا أتنقل يف الفراغ فقط، �تطيع العبور من املوج� – –ألني ال أس� �ة ..ليتين كنت لال هذه البواب� �ذا ال ميكنين العبور من خ� وهل� أس��تطيع ،لكان هذا أيسر على بكثري. �رعة حتى حيصلوا على املفاتيح فهم نور األمر ،وأمرهم بالتحرك بس� �جار على ميينهم ومخسة �رع وقت ،فالحظوا مخسة طرق بني األش� بأس� على يسارهم ،وكل طريق حيمل لوحة عليها رقمه ،فتوجهوا إىل الطريق رقم مثانية ،ودلفوا إليه وبدأوا بالسري وسط األشجار حبذر وتوجس ،ولكن مل يكن هناك أي شيء مثريا للريبة ،حتى وصلوا إىل ما يشبه بيتا كبريا �ة كبرية مغلقة .وكان يوجد على ميني البيت طريق رملي يبلغ ذا بواب� طوله حوالي مخسة عشر م ً رتا وفى نهايته يوجد زر لفتح البوابة ،وكان بعيدا عن الرمال. الزر عند منصة صخرية صغرية للوقوف عليها ً �ا اخلدعة هنا ،فلزموا �م عدم التحرك حتى يعرف م� طلب نور منه� �ب الطريق ،وقذف به يف �اك حجر كبري على جان� مكانهم ،فقام بإمس� �ور بإحباط قائ ًال: �ال ،فتحركت الرمال وابتلعته ،فتنهد ن� الرم� – –إنها ٌ رمال متحركة. فتقدم أكريا قائ ًال: – –سيكون هذا سه ًال ،سأتنقل فقط وأضغط على الزر وأعود. 82
�هل من الالزم ،ولكنه قال لنفسه أنه سهل ألن �عر نور بأن هذا أس� فش� معهم شخصا لديه هذه القدرة ،رمبا كان ليصبح األمر أصعب لو كان كينو معهم. �ة ،فتوجه نور إليها، �ق أكريا وضغط على الزر ،ففتحت البواب� انطل� �ت على مصراعيها يرا يده عن البوابة أغلق� �ن مبجرد أن أبعد أك� ولك� بسرعة كبرية. فتنقل أكريا ووقف جبانبهم قائال: – –يا إهلي ..يبدو أنه جيب على أحد أن يضحي ويبقي يف اخلارج. صمت نور قليال وأخذ يفكر وحيلل املوقف ،فالتمعت فكرة يف رأسه فقال: – –لدي خطة. جهز اجلميع نفسه لتنفيذ اخلطة ،فتنقل أكريا يف اهلواء إىل املنصة �ار له نور بأن يضغطه، الصخرية عند الزر ووضع إصبعه على الزر ،فأش� همت البوابة فضغطه بسرعة ،ثم تنقل يف اهلواء ليصبح جبانبهم ً جمدداَّ . �ت البوابة مكانها ،فانطلق نور لتنغلق ،ولكن جني أوقفت الزمن ،فتوقف� وجني ودلف وراءهما أكريا إىل البوابة ،فعاد الزمن إىل طبيعته ،وأغلقت البوابة وراءهم وأصبحوا داخل البيت الكبري. فقال أكريا وهو يشعر بالراحة: – –لوال قدرة جني على أن تسمح ملن يف نطاقها أال ُ يتأثر بالزمن؛ جللست يف اخلارج أنتظركم. دلفوا إىل البيت الكبري ذي الباب اخلشيب القديم ،فوجدوا أنفسهم يف غرفة دائرية كبرية وواسعة ،وكان أمامهم أربعة طرقات متفرقة ،فقالت جني وهي تتفقدهم بعناية: 83
– –ال بد أن كل طريق حيمل يف طياته أحد املفاتيح ..وهلذا يبدو أننا سنفرتق ..وهذه الفكرة ترعبين للغاية. نظر أكريا بوجه مظلم إىل الطرقات املظلمة ثم قال: �عا يف أروقتها املظلمة ،فقد اكتفيت من – –أمتنى أال نقابل ش� �يئا بش� ً اخلدع السخيفة اليت مت دس��ها يف هذا السباق اللعني. أضاف نور قائ ًال: �اءم كلما رأيت طريقا جديدا ..واآلن جيب – –نعم لقد أصبحت أتش� �رع ..سأسلك الطريق الثالث ..فلتتوخوا احلذر. أن نس� �لكت جني �لك كل منهم طريقه اخلاص ..س� ودعوا بعضهم وس� يرا الثاني ،وتركوا األول فارغ � ًا ،أو هذا ما ظنوه. الرابع ،وأك� س��ارت جني يف الرواق املريب وهي تعدل من وضعية قبعتها ،وتتفقد �ه ،فوجدت باب ًا �ق حتى وصلت إىل نهايت� �رواق حبذر ملدة مخس دقائ� ال� �طة احلجم �بي ًا ينتظرها ،فدفعته بهدوء وهي تتفقد الغرفة متوس� خش� اليت أمامها ،وعندما تأكدت أنها آمنة دلفت إليها ،وأثناء تفقدها الغرفة شخصا يدخل من باب آخر يف نهاية الغرفة أمامها ،وأصابها اخلوف رأت ً عندما رأته. سار أكريا يف الرواق وهو يفكر فيما ينتظره يف نهايته ،وهل سيحدث �يمر األمر مرور الكرام ،وبعد مخس دقائق من شيء بشع كالعادة أم س� السري وجد باب ًا خشبي ًا ،فدفعه ودلف إىل الغرفة ،لتتسع عيناه من الرعب مما رآه يف هذه الغرفة اجملهولة. وحيدا يف الرواق املريب ذي األنوار اخلافتة ،وكان يسمع وقع سار نور ً أقدامه ،وكل خطوة خيطوها كانت تدوي يف الرواق الذي يبعث بشعور 84
�ن النفور بداخل جدرانه القدمية املهرتئة ،واليت تنم على أنه من عصر م� �ي .أكمل طريقه حبذر وحواسه مشحوذة بالكامل ،مستعدة قديم منس� �يوف اليت صنعها ،واليت �دث حوله ،وكان حيمل أحد الس� ألي تغري حي� واحدا منها جلني وأكريا قبل ذهابهما لعلهما حيتاجناه. �ى أعط� ً بعد دقائق من السري بدون أن حيدث أي شيء ،ال صوت وال حركة وال خشبيا قدميا ،فاقرتب منه برتدد ومد يده ليفتحه أي همس ،رأى نور بابا ٍ �طة احلجم ،ولكن ما صريرا حتى انفتح على غرفة متوس� فأصدر الباب ً �هق بقوة ويرتاجع إىل اخللف يف ذعر كان يوجد يف الغرفة جعل نور يش� �اص زجاجية ويصرخان له �ق .لقد رأى صديقيه مقيدين داخل أقف� وقل� �اعدة ليخرجهم من هنا ،فاستجمع قوته وركض بسرعة إىل طل ًبا للمس� �يء غريب ،فتوقف عند ربع املسافة. �عر بش� الداخل لينجدهم ،ولكنه ش� �عت عيناه من الذعر واملفاجأة عندما رأى كال �هق نور بقوة وقد اتس� ش� �ل من حديد داخل قفص �ن جني وأكريا وقد أصبحا مكبلني بسالس� م� واحد منهما على كرسي ،جني على اليمني وأكريا زجاجي وجيلس كل ٍ على اليسار ،بينما ينظران إىل نور وهما مذعوران ..يصرخان بقوة طل ًبا ملساعدته. ***
85
7 وقف نور حمدق ًا فيهما بوجه مظلم وقد انقبضت قسماته بقوة ،وشعر بأن شيئا سيئا للغاية سوف حيدث عما قريب ،وبالفعل مسع صوت الرجل �ت وهو وحده وقد عاد بنفس نربته الباردة الذي كان يكلمه طوال الوق� غري املكرتثة قائ ًال: – –مرحبا يا سيد نور ،لقد افتقدتين أليس كذلك؟ شعر نور بربكان يثور بداخله ،وأن الغضب قد سيطر عليه بقوة فقال صارخ ًا حبنق شديد: – –أيها الوغد ،إن ملست شعرة منهما فسوف أقتلك ،وسأحبث طوال حياتي عنك حتى أجدك ،وعندما أجدك سأقتلك بأبشع الطرق املمكنة. ضحك الصوت ضحكة خبيثة مكتومة ،ثم قال: – –صدقين يا سيد نور لو قضيت حياتك كلها تبحث عين فلن تستطيع أن جتدني بسهولة وإن وجدتين فلن يكون هذا من مصلحتك ،ولكن �يط �هل وبس� كفانا حديث ًا اآلن فالوقت ينفذ ،االختبار هذه املرة س� �تختار من منهما سيعيش ومن منهما سيسقط إىل األسفل يف ..س� بركة األمساك العمالقة ..هناك جهاز حتكم على يس��ارك على �ن ..الزر األول جلني �ة يف نهاية الغرفة ،وحيتوي على زري� الطاول� 86
�ك الطريق؟ أمامك �تختار أن يكمل مع� والثاني ألكريا ،فمن س� مخس دقائق ..اخرت حبكمة. نزلت كلماته على نور كالصاعقة وقد حدث ما كان يشعر به مبجرد أن رآهم ،بأن شيئ ًا سيئ ًا سوف حيدث ،فازداد غضب نور قائ ًال بنربة الذعة: – –أيها اللعني ،ليس هلما ذنب يف هذا ،ملاذا جيب أن ميوت أحدهما بهذا �ا وليس باختياره هو؟! أليس هذا الطريقة! ملاذا ميوت باختياري أن� السباق يعتمد يف األساس على حرية اإلرادة!! �ينجو إن أقنعك بأن ختتاره، �ذا فأحدهما س� – –نعم معك حق ،وهل� �ة اإلرادة يف انتقاء كالمه. �ذا فلديه حري� وهل� بغيظ شديد ُ وكره شديد ينبع من أعماقه ،ومتنى أن يسحق شعر نور ٍ رأس املتحدث ألف مرة يف ألف صخرة ،ولكنه علم أن عليه تقبل األمر ،وأن ال أبدا .فتوقف شيء سيتغري ،وأن عليه أن يتبع القواعد وإال فلن خيرج من هنا ً حبزن عميق وغضب عارم على ليفكر وهو يتأمل وجهيهما املذعورين وشعر ٍ ما آلت إليه األمور ،لقد كانوا قاب قوسني أو أدنى من بلوغ خط النهاية. �دها بقوة يف حماولة للتحرر صرخت جني قائلة وهي تبكي وتهز جس� من السالسل: �يئا – –نور ..فلتخرتني ،ال أريد املوت هنا ..صحيح أنين ال أتذكر ش� عن حياتي ،ولكين ال أريد أن أموت. قاطعها أكريا قائال بوجه مذعور صارخ: – –ال ..أرجوك ساعدني أنا ..تذكر أني أنقذتك من قبل ،ومل تكن لتصل جيدا ،ماذا إىل هنا أنت وهي إن مل أساعدكما يف الوصول ..تذكر هذا ً فعلت لك هذه الفتاة ،لقد كانت إفادتها لنا بسيطة فهي ال تستطيع 87
�تخدام قوتها إال قليال من الوقت ..لقد أنقذ ُتك تذكر هذا. اس� نظر إىل جني حبقد وكره شديدين ،وقال ووجهه ميلؤه الغضب: �مكة الكبرية أن تلتهمك .. أيضا عندما كادت الس� – –وأنقذتك أنت ً أيضا مدينة لي. أنت ً أردفت جني تقول حبرقة ودموعها تنهمر وهي توجه نظرها إىل نور: معا ..بل أنا �اعدتك منذ بداية الس� – –لقد س� �باق ،ومررنا بالكثري ً �ا كنا نعرب حقل األلغام ..لقد خطا كينو أنقذت حياتكم عندم� �ى أحد األلغام وانفجر فيه وفجرنا مجيع� ًا ،ولكين عدت بالوقت عل� ثوان وحذرته أن ينتبه من اللغم ،فعربنا بأمان ،ولوال هذا ما مخ� �س ٍ كنا وصلنا إىل هذه املرحلة ..كما إن هذا املدعو أكريا قد قابلناه يف منتصف السباق ،إنه ال يعرفك مثلي. بصوت يرجتف ممتزجا بالغضب: قاطعها أكريا ٍ – –أنا فتحت لك البوابة ..ستحتاج قوتي للوصول إىل النهاية ..إن قوتها لن تنفعك مثلي للوصول إىل النهاية. حيز مغلق ونور يقف وبداخله سيل من العواطف وأخذ احلديث يدور يف ٍ واالضطرابات الشديدة ،ولكنه أثناء حديثهما بدأ يالحظ بعض األشياء، فصرخ فيهما بأن يتوقفا ليفكر ،فصمتا وأعينهما ترتجاه .نظر نور حوله �د املكان ،ثم نظر إىل جهاز التحكم عن ُبعد يف يده وتفقد وجهيهما يتفق� بوجه مظلم شاحب ،ثم ضرب بقدميه األرض عدة مرات ،ثم �هما وتفرس� ٍ جمددا ،ولكن شرد يف تفكري عميق ،حتى أفاق على صوتيهما وهما يرتجاه ً قاطعهما الصوت قائ ًال: – –لقد تبقت دقيقة واحدة يا سيد نور فمن ستختار؟! 88
قال نور بثقة واالبتسامة تعلو وجهه: أحدا. – –لن أختار ً �مات وجهيهما، �ت كلماته كال من جني وأكريا ،وقبضت قس� أفزع� �ت جني حبرقة أكرب قائلة: �ح الذعر يتجلى بداخلهما ،وبك� وأصب� – –ماذا تقصد بهذا؟ أنت ال تقصد هذا ..أليس كذلك؟ أحدا. – –ال بل أقصده ..لن أختار ً حدق أكريا فيه بعينني ميلؤهما الغضب صارخ ًا: �دا منا وإال فلن بر االختبار جيب أن ختتار واح ً� – –كفاك هراء ،لتع� �تختار؟ أنا أم هي؟ �ل على املفتاح فمن س� حتص� تنهد نور قائال واالبتسامة ال تفارق وجهه: – –سأختار نفسي. �ت الكلمات يف حلقيهما ،فأكمل حدقا فيه بذعر وحرية وقد اختنق� نور قائ ًال بثقة أكرب: �ت غبي ًا كما يبدو �دا أنين مل أفهم ما حيدث هنا ..أنا لس� – –ال تعتق� راكضا ،الحظت أن صوت خطواتي �ة علي! عندما دخلت إىل الغرف� ً قد تغري ،كما أنكما مزيفان. صرخ أكريا بقوة أكرب قائ ًال: – –هل جننت؟ ماذا تقصد بأننا مزيفان؟ �ك ..أنتما مزيفان ..دعين أنهي هذا االختبار – –نعم كما أقول ل� �فت األمر ..أوال :كما قلت �خيف بأن أخربكما كيف كش� الس� 89
�إن وقع أقدامي على األرض قد تغري إيقاعه عندما دلفت إىل لكما ف� �رح يف النهاية ماذا يثبت هذا. الغرفة ،وسأش� ثانيا :أكريا لن يفضل نفسه يف البقاء عن اآلخرين ،وأكثر ما يثبت �ابقني، هذا أنه أنقذنا وهذا ليس يف مصلحته ألنه كلما قل عدد املتس� كلما زادت فرصة فوزه ،وإن كان يعتمد علينا للوصول إىل خط النهاية، �ا بكثري ،ولديهم فرصة أكرب يف العبور ،مثل فهناك جمموعات أقوى من� جمموعة كينو وسايري ..األهم من هذا أنه كان يستطيع أن يضحي �ا وخيربهم أننا قضينا حنبنا وينطلق مع أول جمموعة تصل إىل خط بن� �خصني �تنفذ كل طاقته من أجل إنقاذ ش� �رعة ،ولكنه اس� النهاية بس� �ول بوابة البيت، �هولة دخ� �تطيع بس� ضعيفني مثلنا ،كما إنه كان يس� �ا قليال حتى يصل �ى املفتاح ويرتكنا يف اخلارج ليؤخرن� واحلصول عل� أيضا كيف ميكن أن إىل خط النهاية ،ولكنه س� أيضا ً .. �اعدنا للدخول ً يتم إمساكه به بهذه السهولة يف خالل هذا الوقت القليل وتقييده بهذه السالسل؟ رمبا ميكنك إمساكه بطريقة ما ،ولكن ما أنا أكيد منه أنه �يطلب مين أن أنقذ جني وأال أهتم مبا حيدث له. كان س� �ح العرق الذي يتصبب على �ه وميس� صمت نور قليال ليلتقط أنفاس� جبينه ثم استطرد قائال: – –أما بالنسبة إىل جني ،فرمبا يكون األمر أصعب الكتشاف إذا كانت ريا .. هي احلقيقة أم ال ،فكما أرى فإن جني قدرتها ال تساعدها كث ً لديها قدرة مميزة ولكنها مل تتمكن منها بعد ،وهلذا فمن مصلحتها �ارت معي �ل إىل خط النهاية ..لقد س� ير مع األقوى لتص� أن تس� �و يف البداية وهي ال تعرف قدرات أي منا ،وبعد فرتة ظهر ومع كين� ير معي ومل تعرتض ومن األضعف ،ولكنها ظلت تس� هلا َمن األقوى َ �باق ،بل �ت أقوى املوجودين يف الس� على أي قرار آخذه ،رغم أنين لس� 90
ريا هذه املسابقة .. �تطيع القول أن قدرتي ال تناس� رمبا أس� �ب كث ً �قطت منذ البداية ..كان لوال قوتي البدنية وتفكريي لكنت قد س� أيضا أن توقف الزمن وتدفعنا من على اجلسر ثم تعربه ميكن جلني ً وترتكنا لنالقي مصرين��ا ،أو أن ترتكنا ننفجر وتهرب حبياتها يف �ا انتظرت معي عندما �ل األلغام ،ولكنها مل تفعل ..كما إنه� حق� �تنفذ أكريا كل طاقته ،وكان بإمكانها بكل سهولة الذهاب مع اس� �باق حتى ال تضيع وقتها يف البقاء معنا، الفرق القوية وإكمال الس� ِ �تصل خلط النهاية بنسبة أكرب من البقاء معنا ،ولكنها وكانت س� �تعيد أكريا عافيته وهذا من أكرب الدالئل انتظرت معي حتى يس� ترت الطريق األصعب �ا ال تنظر ملصلحتها ،كما إنين اخ� على أنه� أيضا مل يعرتض ،وهذا ليس يف واألكثر وع� �ورة ومل تعرتض وأكريا ً �يهما وفى مصلحتهما مصلحتهما ..إن كانا حق ًا يفكران يف نفس� فقط ،لكنت اكتشفت ذلك اثناء ركضي معهما ،فالظروف الصعبة جيدا أن حقيقة البشر وما ُتظهر معدن الشخص احلقيقي ..أعرف ً يكمن يف باطن أنفسهم يظهر فقط عند الشدائد ،ألنه عند الشدائد �ه سيظهر ُتترب كل مبادئك وأفكارك ،فالوغد الذي يفكر يف نفس� من البداية ،ومن يهتم بغريه سيظهر عندما تقرتب احملنة من النهاية �ذا ِتبعاني ومل �ابقني ورغم ه� �ا قلت ،أنا من أضعف املتس� ..وكم� ترت أي واحد منهما فأنا �أختم بقولي إني لو اخ� يعرتضا ،وهلذا س� �قط لألسفل كما ذكرت من قبل ،فقد شعرت بأن األرض من سأس� �فل مين �ت جوفاء عندما خطوت داخل الغرفة ،إن أس� حتيت أصبح� البحرية ،لقد كانت هذه خدعة ماكرة جلعلي أتشتت وأركز على �أختار وفى النهاية كنت أنا من سيالقي حتفه ..هناك عدة من س� �ياء أخرى تثبت ما قلت ولكن ليس هناك وقت هلذا. أش� 91
�ه يف فتحة دقيقة بالكاد �ك نور جبهاز التحكم ثم وضع إصبع� أمس� �دا عليه الرقم ثالثة، �ه ،ليظهر وراء الزرين ز ًرا وحي� �رى ،وأبعد واجهت� ُت� فضغط نور عليه قائ ًال: أيضا أني مل أحلظ هذا. – –ال تعتقد ً خرج الصوت ضاحك ًا ألول مرة وبقوة ،وبعد انتهائه من الضحك قال: أحدا يعرب �ل منذ زم� – –يا إهلي ،كم أعجبين هذا!! مل أتس� �ن ،ومل أر ً هذا االختبار منذ وقت طويل ..من اجليد أنك استطعت التفكري ير ،واألفضل من هذا أنك تعرف �ذا يف هذا الوقت القص� يف كل ه� وقت قليل ،وهذه أصدق� �اءك ً جيدا على الرغم من أنك قابلتهم منذ ٍ �خاص حوله �خص الذي يفهم األش� هي الروح اليت حنتاجها ،الش� �تخدمتها أيضا �دا .ولكن أنا أعرف أن هناك طرق ًا أخرى قد اس� جي� ً �وا مزيفني أم ال ،أليس كذلك؟ للتأكد ومعرفة إذا كان� صمت نور ومل جيبه ،فضحك الصوت وأكمل: علي الفور ،ولكن ال يهم، – –بالطبع تكهين صحيح ،فلو مل تفعل ألنكرت ّ �ط على الزر املخفي ،فقد �م أنك اجتزت االختبار وعندما ضغ� امله� ظهر املفتاح. نظر نور إىل جهاز التحكم ومل يفهم ما يقصد ،فأكمل الصوت قائ ًال: – –جهاز التحكم هو املفتاح لفتح البوابة ،هل اعتقدت أنها تفتح مبفاتيح معدنية؟ لقد انتهينا من هذه احلقبة بالفعل. تذكر نور شيئا فقال له متسائ ًال: – –أين جني وأكريا؟ ماذا فعلت بهما؟ ومن هم هؤالء املزيفون؟ 92
�بة هلؤالء الدمى ،فهم – –إنهم اآلن يف اختبار مماثل لك ..أما بالنس� �ور ..واآلن أتريد أن �م برجمتها من أجل مثل هذه األم� روبوتات يت� تشاهد ماذا سيفعل أصدقاؤك؟ �قف فوق الصندوق الذي كان حيتوي هبطت شاشة عرض من الس� �تغل أول فيديو جلني وهي تسري يف الرواق نفسه، على جهاز التحكم ،واش� شارحا: فقال الصوت ً – –هذا الشريط يف املاضي ،فاالختبار قد انتهى بالفعل ،ولكن ال تسألين فلن أخربك بالنتيجة ،بل جيب أن تراها. كاد نور أن يتكلم ولكنه أمسك نفسه ألنه يعرف عناده وإصراره وأنه �ى بالفعل ،وأخذ يفكر ،هل �ن جييب ،ولكنه أقلقه أن االختبار قد انته� ل� أيضا؟ فأخرج األفكار من �لت؟! وماذا حدث ألك� جنحت جني أم فش� يرا ً �ه وقلبه ينبض بقوة وصب تركيزه على الشاشة. رأس� يرها يف الرواق وصوت قدميها يدوي يف أحنائه ،وهي أكملت جني س� �ران يف تصرفاتها �ا ،وكان اخلوف والقلق يظه� �د الطريق حوهل� تتفق� باب ُمشابه للذي دخله نور ،ففتحته وحتركاتها ،وبعد دقيقة وصلت إىل ٍ ودلفت إىل الغرفة ُ لتظهر الكامريا أحناء الغرفة وجني وهي تدخل .توقع نور أنها ستالقي نفس اختباره ولكنه تفاجأ أنه اختبار آخر .عندما دلفت جني تغريت مالحمها وابتسمت بفرح وسعادة وهي تركض إىل الداخل قائلة: �عرت باخلوف وحدي ،هل عثرت �عيدة بأنك هنا ،فقد ش� – –نور ،أنا س� على أحد املفاتيح؟ �عت عينا نور �ر يف الكامريا ،فاتس� �ده ليظه� حترك نور املزيف جبس� احلقيقي وشعر بقشعريرة تسري يف جسده مما جيري ،وأحس بأن جسده �ه كان يعلم بأن �ارج واللحاق بها ،ولكن� �ى الركض إىل اخل� حيثه عل� 93
االختبار قد انتهى بالفعل ،فتجمد مكانه وقد متالك أنفاسه بصعوبة. قال نور املزيف جلني ،اليت بدت سعيدة برؤيته ،وأحست ببعض األمان ألنها لن تكون وحيدة يف هذا املكان املخيف: أيضا. – –لقد حصلت على مفتاحي ومفتاحك ً �ار بهما بيده بابتسامة عريضة على وجهه، أخرج جهازي التحكم وأش� فشعرت جني بسعادة أكرب وقالت حبماس: – –إذ ًا لقد فعلتها ،ولكن كيف حصلت عليهما؟ ومن أين جئت؟ أكمل نور املزيف على نفس الوترية: �ة وبداخل هذه �رواق وفى نهايته وجدت غرف� �رت إىل آخر ال� – –لقد س� �اك اثنني فقط يف املكان �ة وجدتهما على طاولة ،يبدو أن هن� الغرف� كله؛ ألني وجدت مالحظة على الطاولة بأنه ليس هناك غري اثنني �ه املفتاح الثاني ،فاخرتت أن أعطيه فقط وجيب أن أختار من أعطي� �ؤدي إىل مكانك ،وهذا كل ما حدث. إياك ،ففتح لي باب ي� تغريت مالمح وجه جني وبدت أكثر اضطرابا وكانت وامجة مفكرة، كأنها ال تستطيع أن حتسم أمرها ،فقالت وهي امرأة فطنة بلهجة طلقة صرحية: �ط؟ هل تقصد أننا �د بأنه ليس هناك غري مفتاحني فق� – –ماذا تقص� سنرتك أكريا هنا؟ �ه ولكن هذا ما حدث ،كان �م هذا ما أقصده ،أنا حزين من أجل� – –نع� �د اخرتتك ..قد جيد أكريا طريق ًا جيب أن أختار أحدكما ،وق� مفتاح آخر ،ولكن يبدو أن هذا املكان حيتوي على آخر للحصول على ٍ مفتاحني فقط ال غري. 94
قالت جني حازمة منقبضة الوجه: – –إذ ًا جيب أن خنرب أكريا بهذا! هز نور املزيف رأسه باستهجان قائال: �ب أن نفعل هذا ،لن يعجبه أني فضلتك عليه أوال ..وثانيا، – –ال جي� �ول إىل خط النهاية �رقة املفاتيح منا فهو يريد الوص� قد حياول س� �لل ِخلسة بدون أن يشعر وخنرج من مثلنا وهلذا جيب علينا أن نتس� هنا ،وعندما لن جيد أي مفتاح سيحاول أن حيصل على أحد املفاتيح �نقول له بأننا حبثنا �ن طريق آخر ،وإن وصل إىل خط النهاية ،س� ع� عنه ومل جنده ومل جند غري مفتاحني فقط فاضطررنا للعبور بدونه �ت هذه خطة جيدة؟ أنا اعرف أن وظننا أنه قد لقى حتفه ..أليس� جيدا بالعواقب هذا حمزن وأنها حركة ليس� �ت جبيدة ،ولكن فكري ً جيدا. اليت س� �تحدث إن أخربناه مبا حدث ،فكري ً بدا كأن جني سقطت يف بئر عميق من احلرية وال جتد من ميد هلا يد املساعدة أو يلقي هلا حببل لتتشبث به .كانت األفكار تتضارب يف رأسها بال توقف ،وكان اجلزء األكرب منها خيربها بأال ترتك أكريا هنا بدون أن ُتعلمه مبا حيدث ،ولكنها تعلم أنه قد يكره نور من أجل هذا ،وقد حياول سرقة املفاتيح منهما ،وكانت تعلم بأنه ساعدهم حتى اآلن ولواله ما حصال على املفاتيح وأنه لن يقوم بفعل شئ كهذا ،فقالت واحلرية تتبدى على وجهها: – –ال يهم ،سنخربه على كل حال ،وإن حدث أي شيء ،فسنخرج خبطة �ى اآلن وحنن مدينان له حبياتنا ،وال �وأ حت� ما ..لقد مررنا باألس� �نا ..وعلى كل حال لو ميكننا تركه هنا من أجل أن ننجو بأنفس� �أظل أعاتب نفسي على هذا حتى جنونا من هنا ومل ينج أكريا فس� املوت ..وأنا حقا ال أريد هذا. 95
�ا ونظر إليها وقد �ف منها ووضع يديه على كتفيه� اقرتب نور املزي� �اه ،وقال بلهجة �ماته ،وقدحت عين� �احب ،وقبضت قس� امحر وجهه الش� قاطعة ُملحة: �نخرج من �ا تفعلينه؟ إن خط النهاية قريب ..س� – –هل تدركني م� �ذا من أجل بعض �ن أن تضيعي كل ه� �ذا اجلحيم وأنت تريدي� ه� �رقة �االت ..أنت تعرفني أنه لن يعجبه هذا ،وقد حياول س� االحتم� املفاتيح منا أو حتى قتلنا ،وإن تركناه اآلن ستكون هذه أفضل فرصة �ى كل األحوال ..ما �يبحث عن مفتاح آخر عل� �ا مجيعا ..س� لن� �يء الذي سيحدث له؟ الشيء الس� أبعدت جني يده عنها وقالت بضيق: أبدا من أبعد يديك عين ..من أنت؟ أنت لست نور! نور مل يلمسين ً – – ِ قبل ،كما إنه مل يكن ليفكر يف نفسه هكذا ..أخربني اآلن من أنت؟ �يكون سواي ..حسنا أنا آسف ملا فقدت عقلك ،أنا نور ،ومن س� – –هل ِ فعلته ،ولكنك تفهمني ما أقصد ..هذه فرصتنا الوحيدة للوصول إىل نهاية هذا اجلحيم. أحدا وراءنا، �ا فرصتنا الوحيدة ،ولكن ال جيب أن ن� – –أعرف انه� ترك ً �اعدنا من قبل ومل نكن لنصل إىل هنا لواله ،فهل نرتكه بعد لقد س� كل هذا؟! سنقول له إنك عثرت على مفتاح وأنا عثرت على اآلخر، �ث معه وإن مل جيده �د مفتاحه ثم ندعي أننا نبح� �أله هل وج� ونس� �نبحث معه عن مفتاح آخر يف مكان آخر ،فنحن مدينون له. س� �ر �ف قلي ًال ليفكر وقد ازدادت حدته وتوتره ،ثم كس� صمت نور املزي� حاجز الصمت قائ ًال: 96
�ا متأكد من هذا ،جيب �يلحق بنا ،أن� – –ولكن هذا مضيعة للوقت ،س� �ى نقاط أكثر ،لنصبح من �ل قبل اآلخرين حتى حنصل عل� أن نص� �يتمكنون من اخلروج من هنا! أال تدركني هذا؟! الثمانية الذين س� كلما أضعنا وقت ًا أكثر كلما قل��ت فرصة خروجنا من هنا! �ك مما يقوله ،فرفعت يدها وأشارت بدا على وجه جني الضيق والش� عليه قائلة: – –من أنت؟ دهاك؟ – –أنا نور قلت لك ،ماذا ِ – –إذا كنت حقا نور ،فما هي الكلمة السرية اليت اتفقنا عليها؟ صمت نور املزيف وقد أصابته هذه الكلمة بالشلل ،واختنقت الكلمات يف حلقه ،فقال بابتسامة مصطنعة: – –هل تشكني يف؟ – –بالطبع أشك ،قل لي كلمة السر. أوقف الصوت الفيديو وقال لنور احلقيقي: �ر؟ لقد كنت أمسع كل ما تقولونه، �اء كلمة س� – –متى قمتم بإنش� ورأيت معظم ما حيدث! �ك نور ،وقد علم أن جني قد اجتازت االختبار حتى لو مل يكمل ضح� الفيديو ،فقال جبفاء وفتور: �ول ،وأن هناك الكثري من �مع ما نق� – –لقد توقعنا أنك تراقبنا وتس� �ا أحدهم ويفرقنا قررنا �باق ،وهلذا لكيال خيدعن� اخلدع يف هذا الس� �تعيد �اء انتظارنا ألكريا ليس� �ر ،وحدث هذا أثن� �ع كلمة س� صن� 97
�معنا كتبت على الرمال كلمة السر ،وأشرت طاقته ..ولكيال تس� ابدا ،ففهما ما أقصده هلما بأن ينظرا إليها بصمت وأال يتكلما عنها ً �ا ظننت أني ألعب على الرمال يف ملل ،فلم جيذب انتباهك أن ورمب� ير مهمة ألي أحد لرياها. �ا يف هذه الفرتة اليت بدت غ� تراقبن� ضحك الصوت قائ ًال وقد النت هلجته قلي ًال: �ي ،مل أتوقع كل هذا منك ،يف احلقيقة مل أتوقع ان – –يا إهلي ،يا إهل� ني ..واآلن سأشغل الفيديو. جتتاز أول اختبار ،ولكنك تدهش� قال نور املزيف وقد شعر بأن وقته ينفذ: �تين إياها ..أنت – –أنا ال أتذكرها فقط! فكل هذه األحداث قد أنس� علي. تعرفني ..كل هذا الرعب والقلق بالتأكيد س� �يؤثر ّ �ذت ترتاجع إىل �ية ،بينما أخ� �ت جني فيه بانتباه وخبث وخش� تفرس� �اول اصطناع الرباءة: �ور املزيف وهو حي� اخللف ،فقال ن� – –جني ماذا حل بك ،أنا نور ..أال ترين؟! – –قل لي ما هي كلمة السر؟ – –أنا حقا ال أتذكر ،ملاذا ال تصدقينين. – –وهذا ينهي كل شيء ،أين هو نور احلقيقي؟ قل لي أين ذهب؟ �عر بأنه مت اكتشاف أمره ،فضحك ضحكة صمت نور املزيف وقد ش� مريبة قائ ًال: – –حسنا ،حس��نا لقد جنحت يف االختبار ،ميكنك أخذ املفتاح ،ولكن �ذري أيهما هو املفتاح احلقيقي. بعد أن حت� 98
رفع املفتاحني أمامه بيديه وعلى وجهه مالمح اس��تهزاء ..ابتسمت جني بثقة قائلة: – –إنه يف جيبك اخللفي. �كك �تهزئة وحدق فيها مصعوق ًا بتش� تغريت مالمح نور املزيف املس� قائ ًال : عرفت هذا؟ ال ميكن أن تكتشفي األمر بهذه السهولة! – –كيف ِ اتسعت ابتسامة جني قائلة: – –ألنك أمحق ..لقد وقعت يف فخي على الرغم من أنك تعرف قوتي، ولكن سأشرح لك ..لقد اخرتت أحدهم ،فقلت لي بكل سذاجة بأن �ا مزيف واحلقيقي خمبأ يف جيبك اخللفي ،فقمت بالعودة كالهم� ثوان واخرتت الصحيح ..واآلن أعطين املفتاح فليس بالزمن مخس ٍ لدي وقت. ضحك نور املزيف ووضع يده على وجهه بإحباط قائ ًال: – –يا لي من أمحق ..لقد نسيت هذا ،ومل خيطر على بالي ..أحسنت، أثبت أنك تستحقني املفتاح. لقد ِ ألقى نور املزيف إليها باملفتاح ،فالتقطته ،ثم قالت بنربة حادة: – –واآلن قل لي أين نور احلقيقي؟ ***
99
8 خرج الصوت قائ ًال لنور احلقيقي: �اهدكم، �ليت حق ًا وأنا أش� �ا لكم من جمموعة مثرية ..لقد تس� – –ي� �ة ،فأنا أرى الكثري منكم ..واآلن �ى أن تصلوا إىل خط النهاي� وأمتن� �ي نظرة على صديقك أكريا لتعلم إن كان قد عرب االختبار لنلق� ني إن اختباره مثري للغاية. أم ال ،وصدق� �امة تعلو وجه نور ِلا رآه من ذكاء وفطنة جني ،وشعر كانت االبتس� �ه بعض القلق من أجل �ا جنحت يف االختبار ،ولكنه انتاب� بالراحة ألنه� أيضا أم سيفشل؟ أكريا ،هل س� �ينجح هو ً �اهدة الفيديو وهو يعرض أكريا وهو يسري يف ردهة �رع نور مبش� ش� �ة يف نهايتها ،ليفاجأ مبا رآه. �ة لليت عرب منها ،ثم دلف إىل الغرف� مماثل� ين الزجاجيني أمامه، �و ينظر إىل القفص� �ف أكريا مذهوال وه� وق� أحدهما حيتوي على مفتاح موضوع على طاولة ،وفى القفص الزجاجي اآلخر كان نور املزيف مقيدا بسالسل ..جيلس على كرسي وينظر إىل وذعر ويرتجاه لينقذه. بهلع أكريا ٍ ٍ قاطع نور الفيديو قائ ًال: 100
كل من جني وأكريا؟ – –ال أفهم! ملاذا اخرتتين يف اختبار ٍ �م؟! يف االختبار األول كان جيب أن أختارك ألنك أقرب إىل – –أال تفه� ريا وتتبعك؛ وهذا كان جني من أكريا ،ويبدو أنها تث� �ق بك كث ً بر أغوارها ..هل تهرب معك؟ أم س� ُيخرج ما بداخل نفسها ويس� �دث؟ رغم إنها مل تتعامل معه إال قليال. تبقى وخترب أكريا مبا حي� إن أحضرت هلا أكريا بدال عنك ،بالتأكيد كانت س�ترفض من البداية أن ترتكك هنا ،أما بالنسبة هلذا االختبار ،فلقد اخرتتك ألجعل ضمريه يسرتيح أكثر عندما خيتار املفتاح ويرتكك تهوي �يخريه بينك وبني �اك ،فهذا االختبار س� �ط األمس� يف الربكة وس� املفتاح ،وإن أحضرت جني مكانك ،فغري��زة الذكر حلماية األنثى ستجعله يتحيز هلا وقد ينقذها يف النهاية ويتخلى عن املفتاح ،ولكن ريا، �را خيتار ذكرا آخر بدال م� ذك� �ن مصلحته فهذا ال حيدث كث ً بر أغوار نفسه ،كان جيب أن وهلذا الختبار حلقيقة ما بداخله وس� تكون أنت يف هذا االختبار. �رد نور وفكر يف خبث هذه االختبارات ،وشعر بأن الشيطان هو من ش� صنعها فقال لنفسه: �ر ،وعلى األنا ير يف األمر أنه يلعب على غريزة البقاء عند البش� – –املث� واملصلحة الذاتية ،هل ستفضل األنا على حنن إذا كان األنا يف خطر، إنه خيرج ما بداخل كل شخص فينا ،ولكنه يضللنا يف نفس الوقت، فاهلدف الرئيسي الذي وضعه لنا ال يكون احلل ،إن فهمنا األمر فلن نتعذب من هذه االختبارات ،ولكن أكريا ال يعلم هذا ،ماذا سيحدث له يا ترى؟ إن هذه االختبارات قد صممت لكي ال يتخطاها اإلنسان العادي. قطع شروده صوت الفيديو وقد عاد للعمل. 101
مسع أكريا الصوت يتحدث إليه قائ ًال: �يط ..ليس هناك غري مفتاحني يف هذا املكان .. – –هذا االختبار بس� �يء قاده ليدخل يف لقد حصلت جني على واحد ولكن حظ نور الس� �ح ليقع يف هذا الفخ، �ق اخلطأ الذي ال يوجد فيه أي مفاتي� الطري� ويصبح فأر هذه التجربة ..واآلن أمامك مخس دقائق لتختار بني علما بأنه تبقى القليل من املفاتيح للبوابات نور وبني املفتاح األخريً ، �ر ،وفرصتك للحصول على واحد آخر غري هذا هو ،%10وهلذا العش� جيدا ،فهذا املفتاح هو طريقك للعبور من هنا وإال فأنت تعرف فكر ً �يحدث ..كما إن نور ليس لديه أمل يف احلصول على مفتاح ما س� آخر ،فهو هالك يف كل األحوال ،وإن اخرتت املفتاح فسيسقط نور �فل لتلتهمه األمساك الضخمة ،ونفس الشيء مع يف الربكة باألس� املفتاح ..واآلن فلتبدأ اللعبة. ركض أكريا ناحية الزجاج الذي حيتوي نور وأخذ يضرب عليه بيده، ولكن الزجاج مل يتأثر على اإلطالق ،فقال أكريا بغضب: – –تب ًا ..ماذا حيدث هنا؟ فلتخرجه من هنا أيها الوغد! – –لن تستطيع أن خترجه إال إذا اخرتته وعندها ستضحي باملفتاح الذي سيكون بوابتك للنجاة ،إما ختتاره ومتوت معه ،أو ختتار املفتاح ،وهذا اخليار الذي أرجحه ألنه سيهلك بنسبة %90على كل األحوال. شاعرا بأنها تكاد تنفجر مما حيدث ،بينما وضع أكريا يده على رأسه ً لات نور اليت ال تنقطع بأن ينقذه وخيتاره ،ولكن حريته �تمع لتوس� يس� �كا يف كل األحوال ليهلك �خصا هال� كانت أكرب بكثري ،هل ينقذ ش� معه؟ أم يكون هو السبب يف هالكه ألنه كان باستطاعته أن ينقذه حتى لو كان سيهلك فيما بعد ،ولكن هالكه لن يكون على يديه؟ هل يلطخ 102
�ه؟ أم يتقبل املوت من أجل أال يكون يديه بالدماء من أجل أن ينقذ نفس� �عر بتضارب يف رأسه وبسيل من املشاعر املضطربة مسؤو ًال عن موته؟ ش� تسري بداخله ،وأخذ قلبه خيفق بقوة بال توقف. بصوت خافت بالكاد ُيسمع: قال نور احلقيقي ٍ – –اخرت املفتاح أيها االمحق ..أنا موجود هنا ،اخرته من أجل جناتك.. هذه خدعة. خرجت ضحكة مكتومة من الصوت ،فقال خببث شديد: �ينجو؟ رمبا ينجو ورمبا ال، �ل تعتقد حق ًا بأنه إن اختار املفتاح س� – –ه� أعتقد أنك رأيت مبا يكفي لتعلم أن اختباراتي ليست بهذه السذاجة، �عورك إن فضل �يكون ش� فهي متر على عدة مراحل ،كما إنه ماذا س� املفتاح على حياتك؟ مباذا ستشعر؟ ماذا لو كنت أنت حقا مكان هذا �عر؟ ولنقل إنه حصل املزيف واختار املفتاح ومل خيرتك؟ مباذا ستش� على املفتاح وخرج ووجدك على قيد احلياة ،هل صورته اليت بنيتها يف عقلك بأنه شخص جيد وخملص سوف تبقى كما هي بعدما اختار �ى ألنك تعلم بأنه سيختار نفسه املفتاح ومل خيرتك أم إنها ستتالش� دائما إن ُخري بينها وبينك .املوضوع ليس بهذه السهولة يا سيد نور، ال تكن بهذه السذاجة وانظر إليه من جانبه احلقيقي .هذا االختبار سيظهر لك أكريا احلقيقي. ضغط أكريا على رأسه بقوة وهو يفكر من سيختار ..نور أم املفتاح؟! وكانت حريته شديدة ،وأخذت األفكار تتضارب ما بني ما جيب أن يفعله �اح لينجو حبياته؟ �ذه ليهلكا مع ًا؟ أم خيرت املفت� ين ضمريه ،هل ينق� وب� �ذرات أفكاره تتصادم فذرع الغرفة ذهاب ًا وإياب ًا وهو يفكر ،بينما وظلت ش� شديدا صراعا شعر بغصة يف قلبه تؤرقه بشده ،ال يعلم ماذا يفعل؟ كان ً ً 103
أيضا بعض األحيان، ب� ين قلبه وعقله رغم أن قلبه كان يتحيز ملصلحته ً �عر بأن هذا هو أصعب اختيار مر عليه يف حياته اليت ال يتذكرها.. وش� تأمل بقوة وهو يقول لنفسه: �ن البداية؟ ماذا فعلت �ي أن أختار؟ ملاذا أنا هنا م� – –ي� �ا إهلي ماذا عل� ّ ألستحق كل هذا؟ �رب إىل رأسه يف حماولة إلقناعه بأن ينقذه ظل صوت نور املذعور يتس� �اره عن املفتاح ،ولكن أكريا كانت كينونته متيل الختيار املفتاح، وخيت� �ينفجر �عر بأنه س� فنظر إىل املفتاح ثم إىل وجه نور العابس اخلائف ،وش� من الضغط عليه. فقال نور املزيف وقد امتألت مقلتا عينيه بالدموع: �ل تنوي أن ترتكين هنا �ر يا أكريا؟ ملاذا ال تنقذني؟ ه� – –ماذا تنتظ� معا؟ ملاذا تتأخر وتفضل املفتاح لتنقذ نفس� �ك بعد كل ما فعلناه ً هكذا؟ اخرتني أرجوك. �ه بوجه مظلم وعينني �ى زجاج نور ونظر إلي� �رب أكريا بيده عل� ض� �تعلني ،وقال صارخ� ًا يف نور املزيف: كربكانني مش� – –أال ميكنك أن تصمت قلي ًال أرجوك من أجل أن أفكر ،إن مل أكن أريد �ت طويل! فهذا هو االختيار األرجح أن أختارك لكنت فعلت منذ وق� ٍ �نموت حنن االثنني على يف هذه احلالة ..ال فائدة من إنقاذك ،س� علي أن أنقذ شخصا هالكا؟ واألرجح أن أنقذ كل حال ..إذا فلماذا ّ �ي وأقلل اخلسائر ،ولكين أفكر يف طريقة للخروج من هذا املأزق نفس� وأنت ال تدع لي جما ًال للتفكري ..أنت تعلم بأن اختيارك سيكون بال فائدة ،ولكنك تريد النجاة واملماطلة ال غري ،فهذه غريزة البقاء لدى �وت ،لقد أنقذتك من قبل، �ان ،ولكين ال أريد أن أتركك مت� اإلنس� 104
جمددا على الرغم من أني قابلتك منذ دقائق وأحاول اآلن أن أنقذك ً أحدا يفضل شخصا قابله للتو على نفسه؟ فقط ،فهل تظن أن هناك ً ورغم هذا أنا أفكر كيف سأخرجك من هنا؛ لذا اصمت أرجوك. صمت نور املزيف والدموع تنسل من عينيه لتسقط على خده ،فتنهد مفكرا فيما سيفعل ..فجأة خرج الصوت ليزيد �ه أكريا بقوة وفرك رأس� ً الطني بلة قائ ًال: – –تبقت لك دقيقة. �ارع نور املزيف يف الكالم لكي زاد هذا من توتر أكريا وخوفه ،بينما س� �ية وترقب.. �اره أكريا ..اضطراب ..توتر ..ذعر ..قلق وخش� خيت� كانت هذه الدقيقة هي األطول يف حياته واألصعب ،وكان يتمنى أن متر بدون أن يندم على شيء. �خذت الثواني متر عليه كأنها سيوف تقطع تبقت نصف دقيقة ،وـ� �تمر الوقت يف التناقص بينما هو يرمق نور لاء ،واس� �ده وقلبه أش� جس� املذعور الذي يرتجاه لينجده ،ويرمق املفتاح الذي سيكون وسيلته للنجاة، �ه ويقلل �خصا هالكا؟ أم ينقذ نفس� هل خيتار املوت من أجل أن ينقذ ش� �يكون السبب يف موته؟ األضرار ..ولكنه س� ثوان وأكريا حيك رأسه بقوة أكرب ،وتصبب العرق من تبقت عش� �ر ٍ لاالت ال تنتهي ،وانبجس الدم يف رأسه ،وامحرت �ده كش� جبينه وجس� �ده رعدة قصرية �رت يف جس� عيناه ،وارتعش كورقة يف مهب الرياح ،وس� �نجات. متقطعة ،وتقبض وجهه بتش� ثوان ،فخرج الصوت ليأمره باالختيار حا ًال ،ففتح أكريا تبقت مخس ٍ فمه ليختار ما ُتليه عليه نفسه وأشار بيده ،ولكنه توقف حلظة وقد ملعت فكرة يف رأسه ،ال يعرف كيف مل تأت من قبل؟ وملاذا جاءت اآلن؟ هل هذا 105
بسبب اجلهد الذهين الذي يبذله اآلن؟ وهذه الفكرة كانت: �يحدث إن انتهى الوقت ومل أخرت أحدهما؟ مل حيدد الصوت – –ماذا س� �روط الالزمة ما عدا هذا الشرط! هذا ،وقد أعطاني كل الش� �ر صمت أكريا ..مل خيرت أحدا واخلوف بداخله قد ازداد بأن خيس� �ئ ،فقال الصوت: كليهما ،انتهى الوقت ومل حيدث ش� – –لقد انتهى الوقت! ملاذا مل خترت أحدهما؟ �ب حبمى قوية �عر بأنه قد أصي� �ال أكريا بصوت مرجتف وقد ش� ق� �تطيع الكالم: وبالكاد يس� – –أنت مل تقل لي ماذا سيحدث إن انتهى الوقت ومل أخرت أحدهما؟ – –هكذا إذا ..ما سيحدث هو أن كليهما ..سيتحرر. فجأة انفتحت األقفاص الزجاجية ،وشعر أكريا براحة وسعادة كبرية تغمره وأحس بأن محال ثقيال قد انزاح من على قلبه ،فتنهد براحة شديدة وهو يقرتب من نور ليحرره ،ففك وثاقه ،وانهال عليه نور بوابل من الشكر، يرا ذهب ليحصل على �كر اهلل أنه جنا من املوت ،وبعد أن حرره أك� وش� املفتاح ،فحرره وأمسك به بقوة وقد شعر باألمل يتجدد من جديد ،ولكنه جمددا ،لقد قال الصوت أن هناك مفتاحني �يئ ًا أعاد إليه القلق تذكر ش� ً فقط ،وجني قد حصلت على أحدهما ،هذا يعين أن نور ال ميلك مفتاحا! جمددا ليؤكد شكوكه قائ ًال: خرج الصوت ً �ر أن نور لن ينجو إال لبعض الوقت ،أليس كذلك؟ – –بالتأكيد تفك� واملفتاح الذي معك هو الوحيد املتبقي ،فماذا ستفعل؟ هل ستعطيه لنور للعبور؟ أم ستودعه وترتكه ملصريه؟ ولكن ألزيد األمر إثارة ،فإن أيضا ميتلك مفتاحا وهو يف جيب سرتته األمين. نور ً 106
�مت �د املفتاح الذي قال عليه الصوت ،فارتس� �د نور جيبه ،فوج� تفق� أيضا ،والذي شعر أن ِحال ابتسامة كبرية على وجهه وعلى وجه أكريا ً ريا ،فقال �ر قد أزيح عن كاهله ،ولكن الص� آخ� �وت مل يرتكه يفرح كث ً بنربة شائكة خبيثة: �ا يف هذه الغرفة ،فمن �ن هناك مفتاحا مزيفا ومفتاحا حقيقي� – –ولك� �ي ومن ميلك املزيف؟ ميلك احلقيق� رمق نور املزيف أكريا بتوتر وهو ميسك مفتاحه بقوة ،بينما تغريت �ن ذي قبل ،فصرخ أكريا �ح أكريا وأصبح وجهه أكثر إظالما م� مالم� بغضب قائ ًال: – –أيها الوغد ،ألن تكف عن أالعيبك اللعينة؟! لقد جنحت يف االختبار، �وأ منه؟ ماذا تريد مين أيها اللعني؟ فلماذا تضعين يف واحد آخر أس� ربا على خوض محاقاتك هذه ،وبعد كل هذا لقد وجدت نفسي جم ً ال تريد أن تسهل األمر علي؟ وحيدا ،ورأى أكريا نور وهو �ه الصوت بل تركه يف ثورته هذه مل ُيب� ً منكمش عند احلائط ينتظر ما سيحدث ،فقال نور املزيف بنربة مرجتفة: – –هل تريد ..أن نذهب ..من هنا؟ نظر له أكريا وقد طفح كيله قائ ًال: – –انتظر هنا! جيب أن نعرف أين هو املفتاح املزيف. �نعرف إن بقينا هنا؟ جيب أن نذهب إىل البوابة لنعلم – –ولكن كيف س� هذا. �و كان مفتاحك هو الصحيح �ب إىل البوابة ألنه ل� – –أتريد أن نذه� ستس��تطيع اهلرب ،أليس كذلك؟ أنت تفكر يف نفسك فقط ،إن 107
�ك اآلن ألني أنقذتك �ت ال تفعل هذا لكنت أعطيتين مفتاح� كن� �ك فقط. مرتني ولكنك تهتم بنفس� �ب لنجرب املفاتيح على �ي ،لقد قلت لك فلنذه� – –أنا ال أهتم بنفس� البوابة وإال فكيف س��نعرف املفتاح احلقيقي؟ – –إذ ًا اعطه لي وسأجربه لك. – –لن أعطيك إياه. �ت اآلن؟ امسع ني كنت على حق؟ هل رأي� �ذا إذ ًا ..أرأيت أن� – –هك� �أفعل؟ كنت سأعطيك املفتاح أيها الوغد ،هل تعلم ماذا كنت س� �ت من هذا اهلراء ومل يعد احلقيقي وأنا ال أكذب يف هذا فقد يئس� �دي هدف للبقاء على قيد احلياة ،أنا حتى ال أتذكر غري امسي.. ل� �دم إن مت ،ولكنك أثبت �يء ،هلذا فليس لدي أي ن� ال أذكر أي ش� �أعطيها إياك. �تحق هذه التضحية اليت كنت س� أنك وغد ال تس� لوح نور بيده يف غضب وقال: �ك للمفتاح قبل أن ينتهي الوقت.. – –أنت تكذب ..لقد رأيت نظرت� كنت ستختاره ،ولكنك أمسكت نفسك وحدث ما حدث ،كما إنك �يحدث إذا انتهى الوقت مل تنقذني هذه املرة فأنت مل تكن تعلم ما س� �اذا لو مت اإللقاء بي يف هذه الربكة لألمساك؟ هل كان هذا ..م� سعيدا؟ حتصل على املفتاح وتريح ضمريك من كل هذا؟ سيجعلك ً �قط يف املاء ،وسقط ولكن ماذا لو اخرتت املفتاح املزيف وتركتين أس� �تموت على كل حال ..وأنا أعلم معي املفتاح احلقيقي؟ كنت س� أنك لو اخرتت ،الخرتت املفتاح وليس أنا. نظر أكريا إىل نور واألمل يفضي من عينيه ،قائ ًال بنربة رتيبة كئيبة: 108
�يئ ًا عن �نا ،خذ مفتاحي مل أعد أكرتث ..رمبا ال أتذكر ش� – –حس� حياتي ،ولكن لدي هذا الشعور بأني قد خسرت كل شيء بالفعل ولقد �ي وهلذا رمبا يكون املوت لي أرحم من معرفة تعلمت أن أصدق حدس� تي اليت قد تكون مؤملة للغاية ،وهلذا خذ مفتاحي أنا ال أهتم. حقيق� �ف الذي رفع يده اليمنى ليلتقطه، قذف أكريا باملفتاح إىل نور املزي� فرأى أكريا شيئ ًا غري ًبا مل يلحظه من قبل ،فاتسعت عيناه بدهشة كبرية، فزأر يقول بصوت أجش: – –أيها الوغد ..أنت لست نور! تغريت مالمح نور املزيف وأصبحت أكثر اضطرابا ،فقال بسخرية: �اه ..أنا نور أيها األمحق ما الذي تقوله ..هل أصابك العمى؟ – –ه� أم أثرت عليك كل هذه األحداث؟ �ال أكريا وقد حتولت مالحمه إىل اجلدية رغم الصراع املرير الذي ق� كان جيري يف نفسه فبدد مجيع الشكوك: – –قل لي كلمة السر اليت اتفقنا عليها؟ تنهد نور بتوتر ،وأخذ يتصبب عرقا ،وقال وهو يهز رأسه باستهجان: علي. – –لقد نسيتها فقط ال غري ..كل هذه األحداث أثرت ّ جيدا – –ما هي كلمة الس� أبدا وأنت تعرف هذا ً �ر؟ ال ميكنك نسيانها ً إن كنت احلقيقي! علم نور املزيف بأنه مت اإلمساك به ،فقال جبفاء وفتور: – –تبا لكم ولكلمة السر اللعينة هذه ..حسنا أنا مزيف ،ولكنك قمت خبطأ مريع اآلن لتعطيين املفاتيح ،واآلن .. 109
�ور املزيف ،ورفع املفاتيح �ح باب صغري يطل على الربكة أمام ن� انفت� لتكون فوقه قائ� ً لا وعلى وجهه نظرة خبيثة: �قط يف واحدا فقط واآلخر سيس� – –أيهما هو احلقيقي؟ جيب أن ختتار ً املاء ،وهلذا اخرت بعناية. صمت أكريا قلي ًال ليفكر ،ثم كسر حاجز الصمت قائ ًال: – –إنه الذي يف يدك اليمني. – –وملاذا أنت متأكد هكذا؟ – –اهلدف من هذا االختبار كان لتشتييت ال أكثر ،واختبار هل سأفضل نفسي أم سأفضل شخصا آخر على نفسي وهذه هي أقوى التضحيات وحتتاج إىل شخص ذي قلب كبري ليفعلها ،وهلذا فإن علمت بأنك املزيف من البداية الخرتت املفتاح بدون أدنى شك ..ولكن مل أعلم ريا وتشتت ،ولكنك ها أنت مل حيدث لك شيء .. هذا ،فاحرتت كث ً هلذا فإن املفتاح احلقيقي هو الذي كان حبوزتك ألنه حيمل معنى أكرب بكثري من جمرد مفتاح يفتح بوابة ،إنه مفتاح للنفس البشرية ..مفتاح للخري الكامن بداخل كل شخص ..من خيرت هذا املفتاح �يء أغلى بكثري من الوصول إىل خط النهاية .. فقد حصل على ش� �أل �ه ،وهذا ما نقضي عمرنا كله نس� لقد حصل على حقيقة نفس� أنفسنا عنه ..من حنن؟ هل حنن جيدون؟ أم مثل باقي البشر؟ رمبا علي خوض اختبار آخر أصعب من ذي ترددت يف اختيارك وهلذا كان ّ قبل ،ولكين جنحت بأني قد أعطيتك مفتاحي يف النهاية ومل أكرتث �أختارك ،لوال أن واتتين ..وأريد أن أخربك أ ًيا كنت بأني كنت س� �ت ..لقد علمت حقيقة �ك الفكرة بأال أختار حتى ينتهي الوق� تل� �يل العواطف واألفكار الال متناهي بداخلي ،وعلمت نفسي وسط س� 110
�ت متلكه من البداية هو �أختار ،وهلذا فإن املفتاح الذي كن� ماذا س� �ه ًال للغاية ولكين كنت أمحق، مفتاح البوابة ..لقد كان األمر س� �ر نفسي وإن كنت اخرتت املفتاح ومل أخرتك ،فعندها كنت سأخس� �تحق اخلروج من هنا. أيضا ومل أكن ألس� وأخس� �ر طريق اخلروج ً ضحك نور املزيف قائ ًال: – –لو كانت لي مشاعر لكنت تأثرت بهذا الكالم ،واآلن ميكنك احلصول على املفتاح احلقيقي ،فقد فهمت املغذى من هذا االختبار. �اح ،فالتقطه أكريا وانفتح له باب الغرفة، ألقى نور املزيف له باملفت� فخرج منه وهو يودعه ،ومل يشأ أن يسأله عن حقيقته؛ فبعض األشياء من األفضل أن ترتك بال إجابة. جمددا ،وح ّيوا بعضهم ببهجة خرج اجلميع والتقوا عند نقطة البداية ً �ار الصعب ،ولكنهم تفاجأوا �أوا بعضهم على النجاح يف هذا االختب� وهن� �ن الرواق األول الذي مل �خصا آخر معهم ،وقد خرج م� عندما وجدوا ش� ً �عر مموج طويل، يدخله أحد منهم ،فنظر إليهم بصمت ،وكان لديه ش� دائما ،فتذكر نور أنه رآه من قبل ،فقال: ومالحمه س� �اخرة ً – –أنت ..لقد رأيتك عند نقطة البداية ،كنت جتلس غري مكرتث بأمر السباق وترمقنا بنظرات ساخرة ،فكيف وصلت إىل هنا بهذه السرعة؟ نظر إليه بنظرات غرور وثقة قائ ًال: �ن من الصعب الوصول إىل هنا، �ريع للغاية وهلذا مل يك� – –هذا ألني س� واحلقيقة أن هذا االختبار هو أصعب شئ رأيته يف السباق ،لقد مررت �هولة كبرية ،ولكن هذا ..هذا كان خمتلفا من كل العقبات بس� أحدا آخر قد اختار الطريق متام� �ا عما رأيته من قبل ،ومل أتوقع أن ً ً الوعر مثلي ..هذا غريب. 111
أيضا؟ – –إذ ًا فلقد حصلت على املفتاح وجنحت هنا ً �باق جيب – –نعم لقد حصلت عليه ..واآلن ليس لدي وقت ،هناك س� أن أنهيه. �ديدة من رحيا ش� �ى الفتى من أمامهم بس� اختف� �رعة خملف ًا وراءه ً �تطيعوا الوصول إىل خط النهاية �رعته ،فأسرعوا وراءه حتى يس� أثر س� �ى النقاط للفوز. وحتصيل أعل� عربوا الطريق ُ املاط باألشجار ،حتى خرجوا إىل الساحة اليت حتتوي على البوابات ،فرأوا بعض املتسابقني وقد جتمعوا ،وهناك من فتح بوابته وحلم بالعبور إىل خط النهاية .رأى نور ورفاقه كينو ويوسف ولي كانج �ور وركض حنوهم وتبعه جني �ون من إحدى البوابات ،فناداهم ن� يقرتب� وأكريا ،فحياهم نور قائ ًال: – –لقد مر وقت طويل ..أرى أنكم حصلتم على املفاتيح. ح ّياه كينو قائ ًال بنربة هادئة وقد بدا على مظهره أنه مر بالكثري: أيضا وهذا أمر �ا يا نور ..أرى بأنك حصلت عل� – –مرح ًب� �ى املفاتيح ً جيد ..لقد مررنا بالكثري من املصاعب للحصول على املفاتيح ويبدو أنه قد حدث لكم املثل ،فوجوهكم تبدو مرهقة ..سنتقابل عند خط النهاية ،واآلن فلنسرع. �وا بعضهم البعض ،وانطلقوا ناحية البوابات وقد بدأ العديد من ودع� املتسابقني اخلروج من كل مكان ومعهم مفاتيحهم ،فأسرعوا لفتح البوابة، ودلفوا إليها ،حتى وقفوا أمام الطريق الوعر املائل ،فقالت جني باستنكار: �ن األفضل أن يكون �ديد االحندار ..م� �نعرب هذا؟ إنه ش� – –كيف س� �ألقيك يف البحرية. �ك خطة جيدة وإال س� لدي� 112
ضحك نور قائ ًال وهو يقوم ببعض مترينات التحمية: – –سنتزجل. قال كل من جني وأكريا يف نفس الوقت: – –ماذا؟؟؟ أضاف أكريا قائ ًال بعصبية: – –كيف سنفعل هذا؟ إن الطريق خطر للغاية! مد نور يده إىل األمام قائ ًال: �ض األلواح، �أصنع بع� �تطيع صنع ما أختيله؟ س� �يتم أنين أس� – –أنس� �نصل قبل �ا هذه أنا واثق من الوصول إىل خط النهاية وس� وبقدراتن� اجلميع ،إال هذا الوغد السريع ،أعتقد أنه قد وصل بالفعل منذ فرتة �ة ..واآلن ليس هناك وقت للكالم. طويل� لتحمل هذا الطريق ألواحا خشبية مصممة بإتقان بدأ نور يصنع بيده ً ُّ �ض التعليمات عما قد حيدث وكيف �ر ،وبعدما انتهى أعطاهم بع� الوع� �ط النهاية ،وأضاف أنه متزجل بارع ولكنه ال يتغلبون عليه للعبور إىل خ� يذكر كيف امتلك هذه املهارة. �س هناك وقت �زجل ،ولكن ،لي� �ن اقرتاح الت� �عر رفاقه بالغيظ م� ش� �د للعبور اآلن. �ق الوحي� �ذا هو الطري� تراض اآلن ،فه� لالع� �تعداد ،بينما صنع نور جلني وضعوا ألواح التزجل ووقفوا فوقها يف اس� �تكون أكثر أمان دراجة صغرية للمنحدرات الصعبة ،فقد أخربته أنها س� هلا ،ثم انطلقوا مع إشارة نور وبدأوا بالتزجل على هذه الرمال الوعرة وهم يتفادون الصخور والعوائق ،وكان نور يتزجل مبهارة كبرية ،ويقوم ببعض 113
�ي يف اهلواء كلما �تعراضية ،بينما كان أكريا خيتف� احلركات االس� �رعة الدراجة �يطرة على س� رأى عقبة ،ويظهر خلفها ،وجني حتاول الس� الرهيبة ،وكانت بالكاد تتحكم بها من سرعتها واهتزازاتها القوية بسبب �يئة للمنحدر ،فكانت تبطئ من سرعتها لتصبح وراءهم التضاريس الس� �ل قطعة واحدة ،وكان �بقهم أكثر من همها أن تص� �ا أن تس� ومل يهمه� �تمر هذا لبعض ثوان ،واس� نور وأكريا يتبادالن املركز األول كل بضعة ٍ �تخدامه لقوته ،فتوقف عن الوقت حتى بدأت طاقة أكريا تنفذ من اس� استخدامها ،فسبقه نور مبسافة ليست ببعيدة. �عتها �مس بأش� �واء يضرب وجوههم بقوة ،بينما تلقي الش� كان اهل� احلمراء على الطريق أمامهم ،وكان األدرينالني يتدفق داخل أجسادهم �عر ريا ،فش� �ات كبرية ،ووس� جبرع� �ط كل هذا ملح نور خط النهاية أخ ً �ينتهي هذا الكابوس .أسرع يف ريا س� بس� �عادة مل يشعر بها من قبل ،وأخ ً تزجله ومناوراته للوصول إىل النهاية ،بينما كانت مجيع الفرق األخرى �ه يقرتبون أكثر وأكثر إىل ريا ونور ورفاق� تق� ترب من خط النهاية كث ً بفرح وهو يعربه قائ ًال: �ور خط النهاية فصرخ ن� ٍ – –وصلناااااااااا. �قط على األرض مبت َ �قط �عر ،الهث ًا ،وس� ال بالعرق ،خمضل الش� وس� أكريا وجني بالقرب منه يلتقطان أنفاس��هما بصعوبة شاعرين بأنهما حلم سعيد. يف ٍ مسعوا الصوت يقول: – –نور املركز الرابع ..أكريا املركز اخلامس ..جني املركز السادس. �ز الرابع ،رغم تأكده من الوصول تعجب نور بأنه حصل على املرك� �مع صوت ًا مألوفا حيدثه قائ ًال: قبل اجلميع ،فس� 114
– –مرحبا يا فتى ،أرى أنك عربت أنت ورفاقك ،مل أتوقع هذا! �ه بنظرته الباردة املعتادة �ايري وهو يرمق� نظر نور خلفه ليفاجأ بس� ريا إليه بيده .تبدلت مشاعر نور إىل الغيظ وجبانبه إيفانوف يبتس� �م مش ً الشديد ألنه مل يستطع أن يتغلب عليهم رغم كل ما مر به ،ونظر جبانبه، �ريع وهو جيلس أسفل شجرة ويأخذ قيلولة ،وتأكد أنه فرأى الفتى الس� حصل على املركز األول .سأل أكريا سايري عن الطريق الذي اختاروه، فقال سايري بنربة خميفة: – –الطريق القصري بالطبع ..لقد ذهب الكثريون ليأخذوا مفاتيح هذا مجيعا وحصلنا على نظرا ألنه األسهل ،ولكننا قضينا عليهم ً الطريق ً املفاتيح ..كان األمر سه ًال للغاية مل يستغرق منا دقائق معدودة. أحس اجلميع بقشعريرة تسري يف أجسادهم مما مسعوه ،فلمعت فكرة �رد أن يتأكد منها ،ولكن �رة كانت خميفة له ومل ُي� �ور ..فك� يف رأس ن� فضوله كان أقوى فقال متسائ ًال: – –ما هي مراكزكم؟ رد إيفانوف بنربة مرحة: ريا فقد تركته حيصل على املركز األول – –ألن سايري س� �اعدني كث ً وأنا حصلت على الثاني. رد سايري جبفاء وفتور عليه: �رة القادمة ،فأنا لن �اهل معي يف امل� – –حقا! أهذا ما حدث! إذ ًا ال تتس� أتساهل. – –على رسلك يا صديقي ..أنا أمزح فقط. 115
تأكد نور بأن الفتى السريع مل حيصل على املركز األول ،وشعر بأنه ين طليقني قد يفتكان به يف أية حلظة ما مل يتوخ حذره، يقف أمام وحش� أيضا. ويبدو أن هذا كان شعور جني وأكريا ً عرب كينو يف املركز السابع تاله يوسف ولي كانج. واجتمعوا مع نور ليتبادلوا أطراف احلديث ،تالهم ياسني ونادر وإريس، �ض الفرق األخرى اليت مل يروها من قبل ..نظر كينو إىل نور قائ ًال وبع� وهو ُيييه: – –لقد وصلت قبلي ..كان هذا مفاجئ ًا ..أنت مليء باملفاجآت كما أرى. ابتسم نور ،ورد عليه بلطف قائ ًال: – –حسنا كما تعرف ..لوال استخدامي لعقلي ملا وصلت إىل هنا. – –املهم أنك وصلت ،ويبدو بأننا مل ننته من االختبارات بعد. ***
116
9 خرج الصوت قائال بنربته احلازمة الباردة املعتادة: ٌ مبارك لكم الوصول إىل املرحلة النهائية ،وكما أرى فقد وصل إىل خط – – �تة عشر متسابقا من بني مخسني متسابق ،وبالطبع أنتم النهاية س� املميزون هنا قد وصلتم ..واآلن سأوزع عليكم النقاط اليت حصلتم عليها ،ولكن قبل هذا جيب أن أحدثكم عن االختبار األخري ..سيكون �د واحد ولدى كل منكم قتال واحد ليفوز واحد ض� عبارة عن قتال ٍ �ر فسنرى إن كانت نقاطه ستؤهله ليصبح من الثمانية به وإن خس� �أقول له �اءل كم قتا ًال جيب أن خيوض ،فس� املؤهلني ..وملن يتس� �ه ٌ قتال واحد فقط وينتهي هذا االختبار ،ولكن قد يصبح قتالني بأن� �د املراكز الثمانية ..واآلن �ت نقاطك مع أحدهم يف أح� إذا تعادل� فلتتقدموا إىل املبنى الدائري أمامكم؛ ستفتح البوابة اآلن. احتج املتسابقون وبدأ اهلمس والتشاور بينهم ،وبدا هذا االختبار أصعب �يجعلك ختسر الصداقات اليت كونتها يف وسط من الذي يليه ،ألنه س� �خص خميف لتقاتله. هذه الظروف ،كما أن حظك قد يوقعك يف ش� �ابقون إىل البوابة احلديدية اليت انفتحت على مصراعيها تقدم املتس� �احة تشبه ساحة الكلسيوم اليت استخدمها الرومان لتظهر من خلفها س� يف االستمتاع بقتل البشر بعضهم البعض من أجل متعة األسياد .كانت 117
�احة الرتابية حوهلا بعض �اهدة ،والس� دائرية وبها بعض املقاعد للمش� �جار الكثيفة لالختباء بينها وجدول ماء صغري ،وفى املنتصف بني األش� األشجار توجد ساحة مكشوفة للقتال املباشر. �ار ما حيدث ،ورأوا �لم ووقفوا يف املدرجات النتظ� صعد اجلميع الس� شاشات عرض ثالثية األبعاد وهائلة حتلق يف اهلواء فوق الساحة لتصور �ا ،وعندها خرج الصوت قائ ًال: كل جوانبه� – –واآلن سيظهر على الشاشات اس��م كل شخص ُمرفقا بعدد نقاطه وجبانبه اسم من سيواجه. ظهرت األمساء على الشاش��ات ،وبدأ التوتر يسري بقوة يف األجواء، وكأن اهلواء حيمل يف طياته الكثري من املشاعر املضطربة لكل من يف املكان. �خصيات �ض يتحجج عندما رأوا أمساءهم مع بعض الش� وبدأ البع� �ابقة. املخيفة يف هذه املس� قالت جني يف سعادة: – –لقد حصلت على مائة وعشرين نقطة. ابتهج نور قائ ًال: – –حصلت على مائة ومخسني. قطبت جني حاجبيها قائلة: – –ملاذا حصلت على رقم أكرب مين بكثري؟ هذا ظلم! – –ال أعرف احلقيقة. تنهد أكريا يف راحة وقاطعهما قائال: 118
– –مائة وأربعون ..هذا جيد. قالت جني وقد زادت غريتها: ريا. – –هذا ظلم ..ملاذا أنا بعيدة عنكم هكذا؟ لقد ساعدتكم كث ً هز كل من نور وأكريا رأسه يف حرية ،فقال نور: – –رمبا ألننا وصلنا إىل نهاية السباق قبلك! – –رمبا ،ال يهم ..املهم أن أخرج من هنا. �ايري على مائة ومثانني، �تني نقطة ،وس� حصل كينو على مائة وس� �بعني؛ وتوريس مائة نقطة فقط .وحصل الفتى وإيفانوف يليه مبائة وس� �تني .وإريس على مائة وعشرين ،ونادر على مائة �ريع على مائة وس� الس� �تني ،لي كانج على مائة وعشرين .ويوسف فقط وياسني على مائة وس� على مائة ومخسة عشر. كان القتال األول بني سايري وتوريس ..شعر توريس بالرعب عندما علم أنه سيقاتل سايري ،فقد كان معه يف الفريق ويعلم مدى وحشيته. يرة ووقفا أمام بعضهما البعض يف �ابقان إىل احللبة الكب� تقدم املتس� �وف توريس إال إنه رأى فرصة �تعداد لبدء القتال .على الرغم من خ� اس� بسبب قدرته املميزة. �لحة من كل �احة جبانب احلائط صناديق متتلئ بأس� كان يف الس� �يوف إىل املدافع واملسدسات ،فتوجه توريس وأخذ رشاشا األنواع ،من الس� ومسدسا ،بينما مل يتحرك سايري من مكانه ووقف وهو ينتظره .وبعد أن �ى توريس عاد إىل نقطة البداية ومسع الصوت وهو يقول: انته� – –فليبدأ القتال. 119
قال توريس وهو حياول التبجح وإخفاء توتره وقد صوب سالحه ناحية سايري: – –قد يكون القتال معك صعب ًا للغاية ،ولكن تذكر أني أستطيع قراءة �أكون باملرصاد هلا ،وهلذا �تأخذها س� األفكار ،وهلذا فكل خطوة س� فلتستسلم اآلن إن كنت تريد. �مع ،وقال وهو ينظر إىل �ايري ضحكة صغرية بالكاد ُتس� ضحك س� �وداء خميفة: بعني س� توريس ٍ �دور يف خلدي اآلن ،ولكن �د أنك تقرأ األفكار لتعلم ما ي� – –من اجلي� جيدا �ا أحذرك ال جيب عليك قراءة ما ي� أن� �دور يف عقلي فهو ليس ً لصحتك النفسية والعقلية. �ه �ا قاله وبدأ يتصبب عرقا ،فرفع مسدس� �عر توريس بالتوتر مم� ش� �رع يف إطالق النار عليه ،فرفع سايري يده اليسرى يف اهلواء ناحيته وش� وأوقف الرصاص ،فحلق الرصاص يف اهلواء أمامه بال حركة ،فازداد توتر �ايري يده اليمنى ناحية صناديق األسلحة ،فطار أحد توريس ،فبسط س� �تقر يف يده وأبعد الطلقات �يوف الكاتانا من الصندوق يف اهلواء ليس� س� �ة توريس ليقطعه �تقر يف األرض ،ثم انطلق ناحي� �ار لتس� بيده إىل اليس� �تعد جملابهته ،ولكنه كان قلق ًا مما �يفه فاستخدم توريس قوته ليس� بس� �بح يف جمرى أفكاره حتى أخذ يدور يف عقل هذا الوحش ،ومبجرد أن س� �عر بأنه �ده بغزارة ،وش� قلبه خيفق بقوة وتصبب العرق من جبينه وجس� دخل إىل عرين الشياطني بدون إذن .رأى أكثر األفكار سوداوية يف حياته �ناعة وكانت كلها تدور عما سيفعله سايري به �اعة وش� وأكثرها بش� �قط على ركبتيه وهو ال يستطيع �كه ،فارجتف جسده بقوة وس� إن أمس� �ايري التوقف ،ونظر احلركة ،وفجأة صرخ كاجملنون وهو يطلب من س� �هم من سايري هذا ،بينما اجلمهور بقلق ملا حيدث ،وزاد توترهم وتوجس� 120
�ايري ومل يقرتب منه. ضحك إيفانوف بصخب ،فتوقف س� �كل مروع وكأن كل �ت عينا توريس جاحظتني وامحرتا بش� أصبح� دماء جسده قد ارتفعت إىل عينيه ،وارجتف جسده بقوة أكرب وهو يصرخ بال توقف حتى استطاع فصل عقله عن عقل سايري بالكاد ،وسقط على �ايري قائ ًال: األرض وهو يتمتم بكلمات غري مفهومة ،فضحك س� �ياء ال جيب االقرتاب منها ..جيب أن – –لقد حذرتك ..بعض األش� ُترتك مغلقة إىل األبد. شعر اجلميع بالنفور واخلوف من سايري ،بينما خرج الصوت قائ ًال: – –لقد فاز سايري بهذا السباق. �ف وتاله نور ليتفقدا حال توريس ،وحاول يوسف إسعافه انطلق يوس� بقدرته ،ولكن يبدو أنه مل يكن يستجيب فقد غاب عن الوعي ،ويبدو أنه لن يستيقظ لفرتة طويلة .مل يدر نور ماذا كان يدور داخل عقل سايري ليجعله يهلع هكذا ،ولكنه بالتأكيد شيء مروع للغاية .وتذكر أن بعض األبواب أبدا ،ولكن ما حدث جعله يهاب سايري أكثر من ذي قبل. ال جيب أن تفتح ً خرج الصوت قائ ًال: – –النزال التالي ..نور ضد لي كانج ..تقدما إىل احللبة. �ج وقد تذكر قدرته على �عر نور ببعض التوتر ونظر إىل لي كان� ش� إطالق أشعة حارقة ،فأخذ يفكر كيف سيتعامل مع شيء كهذا ،فإن مل �ريع سيقضي عليه لي كانج بلمح البصر. حبل س� يفكر ٍ �لحة �ا إىل احللبة وح ّيا بعضهما البعض ،ثم نظر نور إىل األس� تقدم� �ج ،ولكنه مل جيد العديد �ينفعه ضد قوة لي كان� �ة وفكر فيما س� املعلق� من األفكار ،فرأى مسدس ختدير موضوعا بني األسلحة املتنوعة ،وبعض 121
�ان ،ومتفجرات إخل ،فأخذ بعض �ل اليدوية ..قنابل تطلق الدخ� القناب� القنابل ا ُملشعة والدخانية واملتفجرات ،ومسدس ختدير ثم عاد إىل مكانه، بينما اكتفى لي كانج بقوته خلوض هذا النزال .خرج الصوت ليطلب منهما البدء. �ط �ده بالكامل وس� �ى نور قنبلة دخانية أمام قدميه ليغطى جس� ألق� �س يعلم ما يدبره نور، �ان ،بينما وقف لي كانج بال حركة وتري� الدخ� وفجأة حلقت قنبلة يف اهلواء من بني الدخان متوجهة ناحية لي كانج، �عاعا أمحر فانفجرت يف اهلواء ُم ِدثة اهتزازات مزعجة فأطلق عليها ش� �ة أخرى حتلق يف اهلواء حنو هدفها �ة اجلو ،ومن ثم تلتها قنبل� يف طبق� فأطلق لي كانج أشعته من عينيه عليها لتنفجر ،ثم تفاجأ بقنبلة أسفل �ه فقال بتوتر وهو خيفي عينيه بيديه: قدمي� – –اللعنة متى القاها؟! ّ لينسل منها ضوء مشع يغشي البصر ملدة قصرية. انفجرت القنبلة وضعف يف الرؤية ،فأطلق األشعة أمامه �عر لي كانج بصداع رهيب ش� ٍ بوخز يف جسده ،فعلم أن نور أصابه يف كل مكان بال توقف ..وفجأة شعر ٍ �ى ثوان كان الدخان قد تالش� باملخدر .وعندما عاد له بصره بعد بضع ٍ عن نور ،الذي ظهر وهو حيمل مالءة كبرية .تعجب لي كانج مما يفعله �ده باملالءة ،وفجأة خرج من وكان أثر املخدر يف بدايته ..أخفى نور جس� ورائها وهو يركض ناحية اليمني مصو ًبا مسدسه حنو لي كانج ،فأطلق �د نور ليجد أنه عبارة عن نسخة �عته عليه فاخرتقت جس� لي كانج أش� �راب ،فشعر بالتوتر وعاد بنظره إىل املالءة مرة ضوئية مزيفة تبدو كالس� �واء ناحيته فأطلق �دى القنابل املتفجرة ُتلق يف اهل� أخرى ،ليجد إح� وجه شعاعه ناحية املالءة ،فقد �عاعا عليها لتنفجر يف اهلواء ثم ّ بيديه ش� ً �و اآلن خيتبئ وراءها. �د خدعه ليصيبه بهذه القنبلة وه� علم أن نور ق� 122
توجه الشعاع األمحر احلارق خمرتق ًا اهلواء ناحية نور الذي خيتبئ خلف املالءة ،ولكن فجأة رفع نور املالءة عنه ،لتتسع عينا لي كانج من الدهشة، فقد رأى أن املالءة مل تكن موضوعة على نور من البداية بل على مرآة قد �عاعه باملرآة الغريبة �ياء ،فاصطدم ش� صنعها نور بقدرته على خلق األش� �عاع به ليسقطه ً أرضا .أخذ يتلوى من جمددا ،فاصطدم الش� لريتد عليه ً �ده ليجد أن جمددا وهو يتحامل على جس� فرط األمل ،ولكنه قاوم ووقف ً جسده قد ختدر متاما ،فسقط ً أرضا ،ثم وجد نور وهو يقف خلفه ويصوب ناحيته املسدس قائ ًال: – –استسلم اآلن! تعجب كل من يتابع النزال مما فعله نور ومل يفهموا ما حدث ،ولكن كينو وسايري وإيفانوف قد فهموا ما حدث مما جعلهم يبتسمون ويثنون على ذكاء نور. �ل متاما وليس أمامه غري االستسالم علم لي كانج أن جسده قد ُش� وإال سيموت ،فقال بنربة متقطعة: – –حسنا ..أستسلم ،ولكن ..ماذا فعلت؟ أنا ال أفهم أي شيء! �ري �اعرا بلذة تس� صالب نور يديه قائ ًال وهو يتذكر كل ما فعله ش� ً بداخله: �ن حقك أن تعلم ..يف البداية �يء ولكن م� – –األمر معقد بعض الش� ُ أخفيت جسدي بالدخان وألقيت عليك بعض القنابل ألشتت ذهنك، أثناء إلقائي إحدى املتفجرات عليك يف اهلواء دحرجت واحدة أخرى بسرعة على األرض فأغشت بصرك لبعض الوقت ،وكان هذا كافيا �دأت بصنع جهاز صغري ولكنه �دك وب� لي فأصبتك باملخدر يف جس� �رح لك تركيبته ولكين �د للغاية ،وهو قاذف للقنابل ،ولن أش� مفي� 123
ثوان وضعت بداخله املتفج��رات وكان يقذفها عليك كل مخس ٍ �هال �ت مرآة ومالءة وكان صنعهما س� �رعة ،وبعد ذلك صنع� وبس� �ي تدربت علي صنعهما �ة ومل يأخذ مين الكثري من الوقت ألن� للغاي� �ات املرات ،وبعد أن انتهيت من صنعهما كان بصرك قد من قبل مئ� �ك فتوقفت قلي ًال لتفقد �اد ،فرأيت املالءة أمامك مما أثار ريبت� ع� �لت نسخة ضوئية ناحية اليمني بينما انطلقت أنا ناحية األمر ،فأرس� �ار وفى هذه األثناء كان اجلهاز يقذف عليك إحدى القنابل اليس� �رب ،وبالطبع مل يتبق لي �ة ،فلم ترني وأنا أه� �تيتك للغاي� فتم تش� الكثري من الوقت قبل أن تراني فدلفت بني األشجار بسرعة وتواريت �ك خبيط دقيق قمت بربطه مع املالءة ،وكما وراءها ،وكنت أمس� توقعت فقد كانت خطوتك التالية هي إطالق شعاعك حنو املالءة ألنك ظننت أني ساذج هلذه الدرجة لكي تكون خطيت بهذه البساطة، وهي أن أش��تتك كي أصيبك باملتفجرات .وهكذا شددت اخليط �رعة ألزيح املالءة عن املرآة ،يف هذه اللحظة كنت أحتاج بعض بس� �يئني ،األول :هو أن الوقت أللتف حولك وهلذا وضعت أملي على ش� لشعاعك خواص انعكاسية ،والثاني :أن يقوم املخدر مبفعوله بسرعة، وكما ترى فقد أثبت بالفعل أن لشعاعك خواص انعكاسية ،فانقلب �حر على الساحر ،وأصابك شعاعك ،مما أعطاني بعض الوقت الس� أللتف خلف األشجار حتى أصبحت وراءك ،فأصبتك حبقنة خمدرة �اهدتك وأنت تسقط بال حركة ،ثم ظهرت خلفك. أخرى ،وش� �ذاجته ،ورأى الفرق �عر باخلجل من س� ضحك لي كانج وهو يش� �تغالل البيئة احمليطة للفوز ،فرغم الفرق �ع بينه وبني نور يف اس� الشاس� الشاسع بينهما يف القوة ،الذي كان يرجح فوز لي كانج ،فإن نور هو من �تخدام عقله بدال من جسده. انتصر ألنه قام باس� 124
قال لي كانج وهو يفكر فيما قاله نور: – –تستحق الفوز يا فتى ،فأنت سريع البديهة والذكاء وهذا ما أوصلك إىل هنا. – –أشكرك على إطرائك وأمتنى أن خترج من هنا. خرج الصوت ليحس��م النتيجة بفوز نور ،وبدأت املعركة التالية بني ياسني ونادر. �اعر ،ولون جلده الشبيه ين بوجهه األشبه بروبوت بال مش� تقدم ياس� �عره الفضي املنسل على كتفيه وكان يلمع مع ضوء بلون السماء ،وش� الشمس ،وتقدم إىل الساحة ،وتاله نادر الواثق من الفوز بسبب قوته ،ولكنه �اك به سيكون صعبا �ه ًال ،فاإلمس� خصما س� ين ليس كان يعلم أن ياس� ً �بب قدرته على التحول للحالة الغازية. للغاية بس� �لحة واملعدات ،بينما اكتفى ياسني مبشاهدته، مجع نادر بعض األس� �ا انتهى عاد إىل موقعه ليعلن الصوت عن بدء النزال. وبعدم� �ر ،واختفت معه كل �واء وكأنه قد تبخ� �ده يف اهل� أخفى نادر جس� �اهدون مما حدث ،ولكن �اهد ،فتعجب املش� معداته فلم يعد ُيرى ملن يش� إريس شرح هلم قوته ألنه كان يرافقه حتى النهاية ،ووضح هلم أن لديه متاما. القدرة على االختفاء ً ين بال اهتمام وهو يتفقد بعينيه أي إشارة لغرميه ،فظه من وقف ياس� العدم سكني طارت حنوه يف سرعة رهيبة من ناحية اليمني ،فاستخدم ياسني قوته على التحكم بعنصر اهلواء ،مما جعل السكني متر منه كأنه شفاف. ظهرت العديد من السكاكني يف اهلواء من العدم ،ولكن ياسني اكتفى �تخدام قوته ليتجبنها ويتصدى هلا ،ومن ثم رفع يده ناحية إحدى باس� 125
�كاكني الطائرة حنوه ،لتندفع من يديه موجة هواء شديدة متكنت الس� من إصابة نادر فجعلته يطري يف اهلواء ويصطدم بإحدى األشجار .ظهر �د نادر للعيان بعد االصطدام الكبري ،فوقف وهو يتحامل على نفسه جس� وجسده يؤمله بشدة من أثر الصدمة ،فقال بغضب عارم: – –إذ ًا فلن تنفع معك األساليب البسيطة؟! سأجعلك تندم على هذا! �جار خمتبئ ًا وراءها ،وبدأ يلتف اختفى نادر مرة أخرى ودلف بني األش� مستخدما أسلحته الثقيلة هذه املرة ،فشرع يف إطالق النار �جار بني األش� ً على ياسني من بني األشجار ،ولكن ياسني كان يتجنبها ثم يرسل موجة �جار فتقطعها نصفني من قوة الرياح املرسلة �ديدة ناحية األش� هواء ش� �يف ،ولكن مل يبد أنها كانت تصيب نادر؛ ألنه كان يعاود احلادة كالس� إطالق النار من اجتاه آخر. ين قد قتله أو أن �ف إطالق النار ،فتوقع البعض أن ياس� فجأة توق� طلقاته انتهت. منتظرا أي حركة من خصمه لريد �حوذ احلواس ين مش� وقف ياس� ً �ه لتسقطه ً ارضا ،فشعر عليها ،ولكنه تفاجأ بلكمة توجهت بقوة إىل رأس� �يء يدور من حوله بال توقف من أثر الصدمة .ظهر نادر وهو بأن كل ش� �ه مصو ًبا إياه ناحية رأس ياسني قائ ًال حبزم وفتور: ميسك مبسدس� – –استسلم وإال سأفجر رأسك. بعيدا فجأة اندفعت رياح ش� �ديدة من جسد ياسني جعلت نادر يندفع ً ويسقط على األرض بقوة ،فوقف بسرعة وهو يشعر بأمل مربح يف جسده، جمددا وفكر يف جمددا ،فاختفى نادر ين وقد وثب على قدميه ليجد ياس� ً ً كيفية الـنَّيل من ياسني. 126
جمددا ،ولكن لكماته �ه ين يف حماولة إلصابت� انطلق نادر ناحية ياس� ً �د ياسني ،بينما وقف ياسني مشتت ًا ال يعلم من أين كانت تعرب من جس� تأتيه الضربات واللكمات ،ولكنه كان يستخدم قوته لتمر بدون أن متسه �تمر نادر يف الركل واللكم بال هوادة ،وهو ال يشعر بأنه بسوء ،بينما اس� يقوم بأي تقدم على اإلطالق ،وفجأة أطلق ياسني دفعة من الرياح بيده يف �تنتج على الفور أنه االجتاه اخلاطئ فلكمه نادر ومتكن من إصابته ،فاس� �تطيع اهلجوم عندما يتحول إىل احلالة الغازية ،وليهاجم جيب أن ال يس� جمددا فأكمل هجومه على نفس املنوال ،ولكن يتحول إىل احلالة املادية ً �لحة ،فاستخدم ين تراجع إىل اخللف حتى وقف أمام صناديق األس� ياس� اهلواء لريفع أكثر من عشرين سيف ًا وسكين ًا يف اهلواء ،فشعر نادر باهللع ين يلقي بالسيوف والسكاكني بعيدا عنه ،فأخذ ياس� وركض بس� �رعة ً �كل عشوائي يف أحناء احللبة على أمل أن يصيب هدفه ،وكاد نادر أن بش� يصاب عدة مرات لوال أن تفاداها بصعوبة .وقف وهو يلهث وجسده يرتعد ومل يصدق أنه جنا من هجوم كهذا. اقرتب ياسني من جدول املاء القريب من صناديق األسلحة ،ووضع يده �وب املاء يف بالقرب من املاء فبدأ املاء يتذبذب ويتموج ،وفجأة ارتفع منس� ين ،بينما شعر بأن جسده يكاد يتمزق من ثقل اهلواء من فوق رأس ياس� �احة ليغرقها ،فانطلق املاء يندفع ليغطي �رعة حنو الس� املاء ،فوجهه بس� �ض ناحية الغابة ،ولكن املاء �احة كلها ،فتفاجأ نادر من هذا ورك� الس� �رع منه فاصطدم جبسده .ورأى أن منسوب املاء كان قليال ومل كان أس� �ل إىل ركبتيه ،فضحك نادر بداخله من �ر فيه إطالق ًا ،فبالكاد وص� يؤث� هذا اهلجوم السخيف الذي ال فائدة منه. تعجب من يشاهد مما حدث ،فقالت جني لنور حبرية: أيضا! – –مل أعلم أنه يستطيع التحكم باملاء ً 127
– –وال أنا ..يبدو أنه مل يتقن التحكم باملاء كما أرى ..رمبا استطاع �ن أم ال؟! رمبا �اح ،ال أعلم هل هذا ممك� �ل املاء عن طريق الري� مح� يتحكم ببعض عناصر الطبيعة! ين على األرض وهو يلتقط أنفاسه وقد شعر بأن طاقته �قط ياس� س� قد ُ استنفذت؛ فأسرع نادر حنوه ليطرق على احلديد وهو ساخن ويستغل هذه الفرصة الساحنة للقضاء عليه ،فسمع ياسني صوت أقدام نادر وهي تضرب املاء بعنف وتقرتب منه ،فعلم أنه قد وقع يف الفخ .انتظره ليقرتب �رعة ،ورأى آثار قدم أكثر حتى أصبح صوته قري ًبا ،فوثب على قدميه بس� �وه ،بينما توقف نادر �ي تضرب املاء ،فحدد موقعه ووجه يده حن� نادر وه� �رعة وحاول تغيري اجتاهه ،ولكن الرياح ضربت جسده بقوة ليطري يف بس� اهلواء ويسقط يف املاء. ين جبسده ،بعد أن أصبح جسده أشبه بعاصفة صغرية متر ح ّلق ياس� �قوط نادر ،وبدا وكأنه يذوب يف اهلواء وحتمله بسرعة ،ناحية موقع س� �ل الرياح ،حتى وصل إىل موقع نادر الذي كان حياول الوقوف واملاء ينس� عليه ليظهر جسده الشفاف وحيدد موقعه لكل من يشاهد ،فاندفع ياسني �دد لكمة ناحية وجهه فأسقطه ً جمددا ،فوقف نادر مرة أرضا حوله ثم س� ً جمددا، �قط يف املاء �رى ليتلقى صفعة من الرياح جعلته حيلق ويس� أخ� ً فهم �تمر احلال على م� �يهزم إن اس� وهكذا أدرك نادر بأنه ُس� �ا هو عليه َّ �ى لكمة أخرى جعلته جمددا ليتلق� �ده بيديه بالوقوف وهو حيمي جس� ً �رى ُمملة بالرياح �وات ،ثم تلتها لكمة أخ� �ع للخلف بضع خط� يرتاج� �قطه على األرض .وعندما وقف هذه املرة رأى ياسني وهو يرفع يده لتس� يف اهلواء ،ورأى املاء وهو يتجمع حول جسده ويرتفع وحييط به فعلم ما ين أن يفعله ،فقال بينه وبني نفسه يف رعب: ينوي ياس� – –إنه يريد خنقي باملاء! 128
�وادة ولكن املاء كان حييط به أكثر فأكثر أخذ يقاوم بقوة وبال ه� نفسا عميق ًا ثم كتمه، ليمنعه عن احلركة ،حتى ارتفع إىل رأسه ،فأخذ نادر ً فأغشى املاء جسده بالكامل ،فأخذ يستنجد بكل كيانه ويهز جسده بعنف، ولكن غرميه ،الذي مل يكن ميلك ذرة من املشاعر ،مل يهتم مبا يفعله .بدأ اهلواء ينفد وكانت رئتاه تستنجدان طل ًبا للهواء ،ولكنه كان يف حالة يرثى هلا وشعر بأن العامل يظلم من حوله ،وعلم بأنها نهايته ..وفجأة ظالم. ين يده وجعل املاء ينسحب من على جسد نادر ،الذي سقط أبعد ياس� على األرض وهو يسعل بال توقف ليخرج املاء من فمه ،فقال ياسني بنربة جافة: لدفعك – –إن كنت أريد أن أقتلك لفعلت ..لقد هامجتك بالرياح ِ فقط وكان ميكنين أن أقطعك إر ًبا. �ة ممتزجة ببعض �ة ،وقال بنربة متقطع� �ادر بصعوبة بالغ� تنفس ن� السعال: – –أنا ..أستسلم. �دم إيفانوف وكينو للمعركة ين ،وبتق� خرج الصوت ليعلن فوز ياس� التالية. �ذا الوحش عديم �يواجه ه� �عر نور بالتوتر من أجل كينو ألنه س� ش� �ا أن ينصره اهلل. الرمحة ،ودع� مل يأخذ أي منهما أي سالح ،وقفا فقط يف انتظار وترقب للبدء فخرج الصوت ليعلن البداية. �ذي وضع طبقة مسيكة من احلديد انطلق كينو ناحية إيفانوف ال� �ام إيفانوف باملثل فاصطدمت �ى يديه ،فتقدم كينو ليلكمه بينما ق� عل� 129
معا لتصدرا صريرا معدن ًيا ،فدهش اجلميع بأن يدي كينو مل قبضتاهما ً تتأذ ،فقال نور بينه وبني نفسه: �ان �ايبورج؛ نصف إنس� �ع أن كينو قوي للغاية ،رمبا ألنه س� – –مل أتوق� ونصف روبوت ،جس��ده معدني ألنه مت وضع بعض التعديالت عليه �ده سيتحمل الوقوف أمام كما قال لي وهذا يعين أنه ال يتأمل وجس� �د ..رمبا لديه فرصة للفوز. هذا الوغ� سدد كينو لكمة أخرى ،واليت صدها إيفانوف بدوره بسهولة فرتاجع �ة ،ولكن إيفانوف مل يرتك له �و إىل اخللف ليفكر يف خطوته التالي� كين� اجملال هلذا وتقدم حنوه باللكمات املتتالية ،وكان كينو يتفادها بسهولة �وف التالية قبل أن تتحول إىل �اقة ودقة وكأنه يعلم حركة إيفان� ورش� �ة إىل ذقن إيفانوف �ده ،ثم وجه لكمة قوي� فعل ،فقام باالخنفاض جبس� الذي بدوره تلقاها بكثري من األمل املربح فرتاجع إىل اخللف وقد استشاط غض ًبا وكأنه بركانٌ يغلي ،فقامت املادة املعدنية السوداء الصلبة بتغطية �ه ،فانطلق ناحية كينو وقد �ده حتى وجهه وأمخص قدمي� كامل جس� �رج عن طوره ،فرتاجع كينو حبذر وهو يتفادى لكماته القاتلة ،وكان خ� �يطرة على نفسه وأصبحت ضرباته أسرع وأقوى يشعر بأنه قد فقد الس� بكثري من ذي قبل. قال سايري بال اكرتاث: – –يا إهلي ..لقد أغضبه هذا الفتى ..لن يهدأ حتى يقتله. �عر كل من نور وجني بالقلق والتوتر وأخذا يتابعان املباراة برتقب ش� وخوف. �وف قدر اإلمكان ،ثم رفع �ع كينو إىل اخللف ليبتعد عن إيفان� تراج� مدفع، ذراعيه يف اهلواء ناحيته لتتشكل وتتغري راحة يده حتى حتولت إىل ٍ 130
�قط على بعيدا فس� فأطل� �ق قذيفة مدوية اصطدمت بإيفانوف لتدفعه ً �ده احلديدي محاه فلم ُي َصب بأي خدش. األرض بقوة ،ولكن جس� شعر كينو أن عليه أن يتصرف بسرعة وإال فإنه لن خيسر النزال فقط كوحش كاسر فقد السيطرة على أيضا .وقف إيفانوف وصرخ بل حياته ً ٍ نفسه وفقد وعيه ،فانطلق ناحية كينو بال هوادة ليظفر منه. �ه ُ اململتني جبهاز دفع �ه إىل أعلى عن طريق قدمي� دفع كينو نفس� حراري للقفز عال ًيا ،فارتفع يف اهلواء فوق إيفانوف الذي التف ونظر إىل �ماء ليجد قذيفة أخرى تهبط عليه من أعلى فأسقطته ً أرضا ولكنه الس� جمددا. مل يتأثر ً هبط كينو على األرض وش��عر باليأس الخرتاق هذا الدرع الصلب، ولكنه استمر يف حماوالته اليائسة من أجل النيل من خصمه اهلائج الذي فقد عقله. �رة فوجه لكمة إىل خده �و ناحيته وقرر مواجهته مباش� انطلق كين� �دد أخرى إىل خده األيسر وركله يف قدمه األمين ،ثم تفادى ضربته ،وس� �قطه ً أيضا! بقوة ليس� أرضا ،ولكنه مل يتأثر ً لا توقف كينو الذي أصبح يف وضعية ثار إيفانوف أكثر وهاجم ب� الدفاع وهو يرتاجع إىل اخللف بينما يتجنب ضرباته ويتفاداها ،وعلى حني �كه فأحاطه بيديه وبدأ يضغط على جسده غرة قفز إيفانوف عليه ليمس� بقوة ليسحقه بني ذراعيه ،فصرخ كينو من األمل ألن أعضاءه الداخلية ،اليت �ان ًا ،كانت تنسحق ببطء شديد ،بينما جسده املعدني كانت جتعله إنس� �حق يف يد هذا الوحش. اخلارجي كان يعطيه بعض الوقت قبل أن ينس� جمددا �و إىل األعلى وأصبح معصمه كاملدفع ارتفعت راحة يد كين� ً ولكنه خرج جبانبه بعض اإلضافات ،فصوبه ناحية رأس إيفانوف لتخرج 131
نريان حارقة منه وتنهمر على رأس إيفانوف ،الذي بدأ يشعر باملادة الصلبة على جسده وهي متتص احلرارة بقوة ،فأحس وكأن دماغه يغلي ،فصرخ بعيدا. وهو يقذف بكينو ً شاعرا بأنه لو تأخر ثانية أخرى لكان جسده سقط كينو على األرض ً انسحق. �ديد يف معدته وظهره، �عر بأمل ش� وقف على قدميه مرتحنً ا وهو يش� �وف ..إنها احلرارة. �ى األقل علم بنقطة ضعف إيفان� ولكنه عل� انفتحت فتحتان صغريتان دائريتان يف راحيت يد كينو وصوبهما حنو بر وهو يغلي كالربكان �ة أك� إيفانوف الذي بدأ يندفع حنوه بشراس� �ده، �ر ،فأطلق كينو عليه النريان احلارقة ليذيب املعدن على جس� الثائ� �بب �رعته بس� فصدها إيفانوف بيده بينما يقرتب من كينو وقد قلت س� �ددا ،ثم يذوب ويعززه تأثري النار .ب� �دأ املعدن يذوب فعززه إيفانوف جم� ً �ذي أوقف نريانه واخنفض من �ددا وهكذا حتى اقرتب من كينو ال� جم� ً �ى ظهره ،فصرخ �د عنه ويطلق النريان عل� �ت ذراعي إيفانوف ليبتع� حت� �ديدة وهو يركض ناحية كينو ،فاقرتب إيفانوف ولوح بيده بعصبية ش� من كينو وهو يتحمل نريانه ،وبدأ مبحاولة لكمه ،فتفادى كينو لكماته الواحدة تلو األخرى برشاقة وهو يرشقه بالنريان يف كل أحناء جسده يف �دا وكأنه يصارع ثورا بعباءة محراء. نفس الوقت ،فب� �ديد وكان جسده ال يتحمل كل �عر باإلرهاق الش� بدأ إيفانوف يش� هذا الضغط الذي يتلقاه ،فغري من تقنيته يف القتال ،واخنفض لريكل �قطه ً �ده ليحطمه، أرضا ،ثم قفز ليهبط فوق جس� كينو يف قدمه فأس� ولكن كينو تدحرج وتفادى ضربته لريى األرض وقد تهشمت حتت أقدام �عر بالتعب هو اآلخر وأصبحت أجهزته �رعة وقد ش� إيفانوف فوقف بس� �تمر عليها. العضوية متعبة من اإلرهاق املس� 132
�تطيع تفادي ضرباته �و ،الذي مل يعد يس� �ذ إيفانوف يلكم كين� أخ� �هولة ،بينما بادره كينو بإحراق املادة املعدنية على جسده بنريانه بال بس� �ول كينو يده من وضعية توقف ،فظهرت ثغرة يف جس� �د إيفانوف ،فح� َّ اللهب إىل وضعية القذائف فأصابت إيفانوف ،ولكن قبل أن تصيبه متكن �قطا إيفانوف من لكمه بقوة يف وجهه ليندفعا عال ًيا يف نفس الوقت ويس� على األرض بدون حركة واحدة. وقف بعض املتسابقني ينظرون بدهشة وهلع إىل هذا النزال الوحشي، �عر نور بالقلق على كينو الذي مل يتحرك حتى اآلن ،فسمع سايري وش� يقول بسخرية: �دو أن هذا الفتى �قاط هذا الضخم ..يب� – –هناك من متكن من إس� اآللي أقوى مما يبدو علي��ه ..هذا مثري حقا. �وز بهذا النزال ،ولكنه مل �ت جني كينو وحفزته كي ينهض ويف� ح َّي� يسمعها . أعلن الصوت بعد دقائق من الصمت أن املباراة انتهت بالتعادل! �اراة بالتعادل يف هذا املكان ،ومل يفهم كان من الغريب أن تنتهي مب� يرد الصوت أن خيربهم كي ال اجلميع ماذا حيدث مل� �ن يتعادل؟ رمبا مل ِ يستغلوا األمر لصاحلهم. �س ويوري؛ فتقدما �اراة التالية بني إري� �ن الصوت عن بداية املب� أعل� �ابقني إلخراج املصابني �ف ونور وبقية املتس� إىل احللبة بينما ذهب يوس� وعالجهم. ***
133
10 مل يكن يوري يعرف شيئا عن قدرة إريس ونفس الشيء كان مع إريس، �لحة من الصناديق اليت كانت تتبدل فذهبا للحصول على بعض األس� �لحة بعد كل مباراة .فالحظ إريس أن يوري حصل على الكثري من األس� اليت سيكون من الصعب عليه محلها واستخدامها. �كاكني �اد إريس إىل مكانه بينما أخذ يوري يرتنح وهو حيمل الس� ع� واملسدسات الثقيلة حتى وصل إىل مكانه وهو يلهث ،ثم تركهم ليسقطوا على األرض. خرج الصوت ليعطيهم إشارة البدء. �عر معا وبدا عليه الرتكيز ،فش� قام يوري بإغماض عينيه وضم يديه ً �يء فرتاجع إىل اخللف ،فوجد جسد يوري ينقسم إريس بأنه خيطط لش� �ختني ثم إىل أربع ثم توقف ..قال يوري األصلي: إىل نس� �خ ،وكل نسخة هلا وعيها اخلاص، �تطيع أن أنقسم إىل عدة نس� – –أس� �يكون َجم تركيزهم على الفوز بهذا النزال. وس� رد إريس عليه مبكر ودهاء: – –إن قتلت أحدهم فهل تتأمل أو تشعر بفقدانه؟ 134
�عر بشيء ..فكما قلت لك ،إنه كيان مستقل عين ولكنه – –ال لن أش� بعيدا مربم� �ج على ما أمرته به وهو القضاء عليك ،ولكن إن اختفى ً ومات فأنا لن أعرف ما حدث له وهذا شيء يزعجين. مبكر قائ ًال: ابتسم إريس ٍ – –هذا ما كنت أريد أن أمسعه ..واآلن فلنبدأ. ّ �جار خلفه فأخذت النسخ األسلحة من على وىل إريس هار ًبا إىل األش� �رب قبل أن تصيبه وتوارى بني �دأت تطلق النار عليه ،ولكنه ه� األرض وب� �جار .أمرهم يوري األصلي بأن يلحقوا به فانطلقت النسخ الثالث األش� �ق طريقها بني األشجار حبث ًا عن إريس ،وفى هذه األثناء كان إريس تش� �جرة وقد تغري لونه ليصبح مثلها وكأنه جزء ال يتجزأ �تند على ش� يس� منها ،فقال بينه وبني نفسه: – –قدرتي على التمويه وتغيري لون جس��دي ستجعلين أفوز بسهولة يف �خ للحصول على شكله هذا النزال ،ولكن أحتاج إىل رؤية إحدى النس� وهنا ستبدأ خطيت. �م أن فرصته قد �خ وهي تقرتب ،فعل� �ع إريس صوت إحدى النس� مس� �تعد للرتبص بها ،ومبجرد أن �كينه بهدوء وتريث ،واس� حانت ،فأخرج س� �جرة انقض إريس عليها ليطعنها يف رقبتها �خة جبانب الش� عربت النس� ليواريها خلف الش��جرة حتى ال يراها أحد. قام إريس بنسخ شكل اجلثة بعينيه فتغري شكله إىل شكل يوري ،فخرج �جار وبدأ يسري بثقة وهدوء وكأنه نسخة طبقة األصل ،ثم من بني األش� شرع يف البحث عن النسختني الباقيتني وسط األشجار.
135
�خ وهي متشي حبذر وتصوب مسدسها يف كل اجتاه رأى إحدى النس� �ف أمره، ترب منها إريس وهو خائف من أن ُيكش� حبث� ًا عن اهلدف ،فاق� �خة إليه وقالت له: فنظرت النس� – –هل وجدت شيئا؟! �ه بالنفي ،ثم اقرتب من النسخة وطعنها بقوة يف رقبتها فأشار برأس� حتى سقطت على األرض ،فحملها حبذر وأخفاها وسط بعض احلشائش. أكمل سريه وأذناه مشحوذتان ألقل حركة تصدر. كانت األشجار تغطي السماء ولكن أشعة الشمس كانت تنسل بينها �جار لتجعل الرؤية واضحة ،بينما كان اهلواء العليل يداعب أوراق األش� �وت الطيور واحليوانات اليت تي كانت ترتاقص يف تناغم واحد مع ص� ال� تعيش بني األشجار. �خة األخرية وهي تعبث بني ير مسع إريس النس� بعد دقيقة من الس� األشجار واحلشائش ،فاختبأ خلف إحدى األشجار وقد حدد أنها ستعرب من أمامه اآلن ،وبالفعل عربت من أمامه فقتلها .فكر بأنه اآلن جيب أن خيدع �احة. يوري احلقيقي وينقض عليه بدون أن يدري ،فقرر اخلروج إىل الس� عرب إريس األشجار ليخرج إىل الساحة فأصابته الدهشة والقلق مما رآه. �خ أخرى من يوري ،فحاول أن يتمالك أعصابه ويكمل رأى عشر نس� يره بهدوء ناحية يوري .قال وهو حياول تصنع الربود مثل النسخ: س� �يئا بني األشجار ،واختفى كل من دخل معي ..ال بد أنه – –مل أجد ش� ُقضي عليهم. قال يوري األصلي بغيظ: 136
�دا؟! ما الذي حيدث هنا؟ �تطيعون أن جيدوا رج ًال واح ً� – –ثالثة ال يس� مجيعا اآلن للقضاء عليه. �نذهب س� ً �ا يف اخللف ،فعلم �خ إىل األمام ويوري األصلي يتبعه� توجهت النس� �بقهم إىل الغابة يف �س بأنه جيب أن يفكر يف خطة أخرى ،فالتف وس� إري� هدوء وتريث ،ومبجرد أن اختفى بني األشجار ،اختبأ وراء إحدى األشجار �يفعله للقضاء عليه! فلمعت يف رأسه القريبة من الساحة وفكر فيما س� فكرة قد تكون فعالة. �وري األصلي ،فانتظر إريس �خ يف صف واحد يتبعها ي� تقدمت النس� �ه مل يعرف أين هو يوري األصلي، �ى عربوا ثم خرج من ورائهم ،ولكن� حت� فقد كان يف املؤخرة يسري ثالثة على نهج واحد فعلم إريس بأن يوري لن يكون لقمة سائغة. �ق طلقة على رأس �ه وأطل� اقرتب إريس منهم ببطء ثم رفع مسدس� لاحه بني �ى األرض ثم صرخ قائ ًال وهو يصوب س� �قط عل� أحدهم ليس� االشجار: – –إنه بني األشجار ..احرتسوا! صوب اجلميع أسلحتهم يف كل اجتاه يف هلع ،فقال أحدهم: – –أين هو؟ فرد إريس مستغال املوقف لصاحله: – –ال أعلم ،أطلقوا النار يف كل مكان رمبا ننال منه. �خ تطلق النار يف كل مكان وقد أصابها التشتت والذعر، بدأت النس� �د تلو اآلخر، �م حبذر ليقتلهم الواح� �تغل إريس هذا وصوب عليه� فاس� �جار. �خ أن العدو يصطادهم من بني األش� فاعتقدت النس� 137
سار إريس وسط النسخ واستغل عدم تركيزهم ثم صوب على أحدهم حبذر فقتله ،فزاد الذعر وزاد إطالق النار ،فاقرتب إريس من ثالثة جبانب بعضهم البعض وألصق يف أحدهم قنبلة ملتصقة ،ثم ابتعد ببطء وضغط لاء ،فازداد الرعب وبدأوا بالرتاجع بني على زر التفجري ليتحولوا إىل أش� األشجار ومسع إريس صوت يوري احلقيقي يقول: – –امحوني أيها احلمقى!! ولكنه مل حيدد مكانه وسط هذه اجللبة ،فأكمل إريس اصطيادهم عن �ت له الفرصة ،حتى قل العدد إىل أربعة مبن فيهم هو. قرب كلما أتيح� قال يوري األصلي بلهجة مذعورة والعرق يتصبب منه: – –جيب أن خترجوني من هنا حا ًال. �س الذي حدد مكان خصمه �امة خبيثة على وجه إري� فالتمعت ابتس� ري ا. أخ ً قال إريس بينه وبني نفسه: – –واآلن كيف أقضي عليه بدون أن يتم قتلي؟ اقرتب إريس ببطء جبانب النسختني ،ورفع مسدسه بسرعة ليصيبهم �ا مصو ًبا إىل رأسه ،فقال له إريس مسدس� �هم ،فالتف يوري ليجد يف رأس� ً وبدت عليه اجلدية الشديدة فيما يقوله: – –استسلم أو سأقتلك اآلن. صدم يوري عندما وجد أن نسخه منه تريد قتله ،ولكن سرعان ما علم أنه إريس ،فعض على أسنانه وقال بغيظ شديد: – –حسنا ..أستسلم ..كيف فعلت هذا؟ 138
روى له إريس ما فعله ،ثم مسع الصوت وهو ينهي النزال بفوزه ليعلن املباراة القادمة بني جني وفرانسيس. شعرت جني بأن قلبها ينقبض بقوة ،وقد ازداد توترها؛ فمازحها نور قائ ًال: �تعملي عقلك وقدرتك .. �وف تفوزين ضده ..اس� – –ال ختايف ،س� يرة يف الفوز أمامه. لديك فرصة كب� �ا أراه أن فمم� ِ ش��جعها كالم نور قلي ًال ولكن اخلوف بداخلها كان أقوى ،فأخذت عميق لتهدئ من روعها قلي ًال ،ولكن ها هي أمام الفتى ذي السرعة نفسا ً ٍ �رعة سيقضي عليها بسهولة وفى وقت قياسي. الكبرية ،إن مل تتصرف بس� لامل إىل احللبة ورأت أن فرانسيس كان يقف هناك هبطت جني الس� �يء فأسرعت من خطاها وتقدمت ألخذ بعض بالفعل وقد جهز كل ش� األسلحة اليت قد تنفعها. �يس وعلى وجهه مالمح بعد أن انتهت وعادت إىل مكانها ،رأت فرانس� �خرية ،فقال هلا بنربة مشبعة باالستهزاء والسخرية: الس� أمسك بسوء، – –لن أتساهل معك ألنك فتاة ..استسلمي اآلن ولن ّ ولكن إن أردت اإلكمال فيجب أن تتحملي العواقب. �ال النزال، �ا اإلصرار على إكم� ين ومل ُتبه وبدا عليه� صمتت ج� فاستطرد قائ ًال: – –إذ ًا هذا اختيارك؟! فلتتحملي العواقب إذ ًا فأنا لن أتساهل معك. أعلن الصوت بدء النزال. ين وأوقفت الزمن، �ا يف اهلواء وهي مغمضة العين� ضمت جني يديه� �عا من اخلوف فقد رأت فرانسيس وهو يقف أمامها ففتحت عينيها لتتس� 139
�ع توقف الزمن، �ا ،ولكنه جتمد م� �رة يف وضعية اهلجوم ليلكمه� مباش� �تمكنه من إنهاء النزال يف ثانية. �رعته الشديدة كانت س� فس� ثوان �رعت جني ومتالكت أعصابها ألنها تع� أس� �رف أن أمامه مخس ٍ �ده ،ثم أخرجت قاذف �ط ،فقامت بإطالق طلقتني خمدرتني يف جس� فق� �باك الذي حصلت عليه منذ قليل ،وألقت بشبكة على جسده لتغلف الش� جمددا. جسده بالكامل ،وقفزت إىل اليمني بس��رعة ليعود الزمن ً مبجرد أن عاد الزمن وجد فرانسيس نفسه ُيلق وهو مقيد ليتدحرج على األرض بقوة وسرعة رهيبة بال توقف حتى اصطدم بإحدى األشجار �عر أن عظام جسده قد تكسرت ،بينما اندفعت الدماء من فمه. بقوة ليش� �اكنًا وهو يشعر أن جسده يقتله من شدة األمل ،ومل جلس على األرض س� �در ما الذي حدث! لقد كانت أمامه وكاد يظفر بها ولكن فجأة تبدل ي� كل شيء ،شعر بالندم ألنه تسرع وهاجم بسرعة. بدأ وعيه ينسحب منه حتى أغشي عليه متاما. �وف وقلق ،فوضعت يدها على فمها وقفت جني حتملق يف ذهول وخ� قائلة: – –مل أقصد هذا ..أنا مل أقصد هذا. خرج الصوت ليعلن أن فرانسيس قد تويف ،وأن الفائزة هي جني. �ي تنظر إىل �ت بالبكاء بقوة وه� �ى ركبتيها وأجهش� خرت جني عل� �ده بقوة يف الشجرة ودماؤه تناثرت يف كل فرانسيس الذي انسحق جس� �ه يلعنها إىل األبد. �كان ،وكان ينظر هلا بعينني ميتتني كأن� م� ركض نور وأكريا ناحية جني وتبعهما كينو ويوسف وتوجهوا ناحية فرانسيس ليسعفوه ،ولكن األوان كان قد فات ووافته املنية. 140
�اول نور وأكريا تهدئة �ت جني يف صدمة كبرية مما فعلته ،فح� ظل� �ديد. �تريية من البكاء والندم الش� روعها ولكنها كانت يف حالة هيس� �ف بال اكرتاث مبا أعلن الصوت بدء املباراة التالية بني أكريا ويوس� حدث ،فصعدت جني إىل املدرجات وهي تطلب من فرانسيس أن يساحمها، �ا باقي َمن يف احللبة وهم ال يعرفون ماذا يفعلون لتهدئتها. وتبعه� �تعدا للدخول يف أية يرا يف حالة يرثى هل� كان أك� �ا ومل يكن مس� ً �ه ال حل آخر. �ة ،ولكنه علم أن� معرك� �ايري الذي تعجب من سبب قدومه إليه ،فقال له ذهب يوسف إىل س� يوسف وهو يضع يده على كتفيه: – –هل صديقك خبري اآلن؟ �يء غريب داخله وكأن طاقته ُتسحب ،فابتعد عن �عر سايري بش� ش� �ف وهو ينظر إليه بنظرات حادة قائ ًال: يوس� – –ما الذي فعلته اآلن؟ توتر يوسف وحاول إخفاء ارتباكه قائ ًال: – –مل أفعل شيئا ..ما الذي حدث؟! نظر له سايري بنظرات عدائية لبضع حلظات ثم التف وابتعد عنه. علم يوسف أن خطته جرت كما أراد ،فهو اآلن ميلك قوة فرانسيس �ه ،ومبا أنه تويف فهذا جعل �حبها وهو حياول معاجلت� الذي تويف فقد س� �ف يسحبها له إىل األبد إن أراد ،ومع قوة سايري اليت ستدوم خلمس يوس� �هولة رغم عدم معرفته �يجعله يفوز بهذا النزال بس� دقائق ،فإن هذا س� �يس، بقوة أكريا .كان خوفه الوحيد هو أن حيدث له ما حدث لفرانس� 141
والبكة ليعلم وكان حظ فرانسيس سيئ ًا ألنه مل يكن معهم عند اجلسر ِ ريا وهذا ما أدى إىل هالكه. حقيقة قوة جني ،لقد اغرت بنفس� �ه كث ً �كاكني �ب للحصول على بعض الس� �ف إىل احللبة ،وذه� دلف يوس� �باك واألسلحة، والش� وبعد أن انتهى هو وأكريا من محل ما حيتاجان ،وقفا لبدء املباراة. أعلن الصوت عن بدء املباراة. فجأة اختفى املتسابقون يف اهلواء وبدأوا بالظهور بالقرب من بعضهم �تت أذهان املشاهدين ومل يفهموا البعض ثم االختفاء مرة أخرى ،مما ش� ما حيدث. �ف �رعة يوس� يرا يتنقل يف اهلواء وهو حياول مواكبة س� كان أك� �ه: تعجب أنه ميلكها ،فقال بينه وبني نفس� الش� �ديدة اليت َّ – –مبا إنها كانت قدرة فرانسيس امليت ،فهل يوجد متسابقون حيملون نفس القوة؟! �ف يظهر أمامه ويوجه له ضربات سريعة ولكن أكريا كان بدأ يوس� �ف ويظهر وراءه ،وهكذا �ف فيختفي يوس� يتنقل ويصدها ويفاجئ يوس� كانت مسابقة سرعة وحتمل. �ف بعض الشباك على أكريا ولكنه كان بدوره يتنقل قبل ألقى يوس� �ه ،فأخرج أكريا مسدسه املخدر وبدأ بإطالق الطلقات على ظل أن متس� يوسف الذي كان يتنقل بسرعة. توقف يوسف عن احلركة فجأة وهو يلهث ،فرتاجع أكريا إىل اخللف �ه ،وفجأة أطلق يوسف عليه عدة طلقات أيضا ليتلقط أنفاس� وتوقف هو ً �ن جديد ،ورأى بأن طاقته �درة ،فتنقل أكريا من خالهلا ثم وقف م� خم� 142
�تخدام قوته اآلن ،فانطلق ناحية �عه اس� كادت تنفد منه ومل يعد بوس� �ف يده إىل األمام ،ثم سحبها إىل وجها لوجه ،فمد يوس� يوس� �ف ليقاتله ً بوخز يف ظهره، اخللف ،فلم يفهم أكريا ما يفعله ولكنه سرعان ما أحس ٍ فتوقف ووضع يده على ظهره ليجد عدة طلقات خمدرة مغروزة يف ظهره. فقال أكريا وقد امحر وجهه الشاحبُ ، وقبضت قسماته: – –ما الذي فعلته؟! �ايري إىل ما حدث وقد فهم ما فعله يوسف عندما ملسه ،فقال نظر س� بينه وبني نفسه: �ه وهذا ما �رقة قوة من يلمس� �تطيع س� – –هكذا إذا ..هذا الوغد يس� �عرت به عند اجلسر ،لقد هاجم أكريا بطلقات خمدرة وعلم بأنه ش� سيتفاداها وأوقفها يف اهلواء بقدرتي على حتريك األشياء عن ُبعد، يرا أن يهامجه قام بعكس اجتاه الطلقات وبعد هذا عندما قرر أك� جمددا لتستقر يف ظهر اليت كانت حتلق يف اهلواء فعادت الطلقات ً يرا الذي مل يفهم ما حدث حتى اآلن. أك� ضحك يوسف قائ ًال ،وهو يصوب مبسدس آخر ناحية أكريا: – –هذا سري الثمني. انطلقت طلقة من مسدسة تشق اهلواء حتى وجدت ضالتها يف جسد مقاوما قوة �وة �ذ أكريا ينتقض ويهتز بق� يرا لتصعقه بقوة ،فأخ� أك� ً �قط على األرض وقد أغشي عليه فأعلن الصوت الكهرباء اليت تلقاها .س� فوز يوسف بالنزال. ركض نور إىل احللبة ليتفقد حال أكريا ،فطمأنه يوسف قائ ًال: – –ال ختف ،لقد أغشي عليه فقط ..سيعود لوعيه بعد دقائق. 143
جتاهله نور وتوجه لتفقد حالة أكريا ،فوجده ال يزال يتنفس وخبري، فاطمأن قلبه ومحله على ظهره حتى املدرجات ووضعه على أحد الكراسي ليسرتيح. خرج الصوت ليعلن نتائج املتأهلني ،فزاد التوتر والقلق وانتبه اجلميع إىل الشاشات يف خشية وترقب ،فاستطرد الصوت قائ ًال: – –املركز األول :كينو ( 300نقطة) املركز الثاني :سايري ( 280نقطة) املركز الثالث :إيفانوف ( 250نقطة) املركز الرابع :نور ( 230نقطة) املركز اخلامس :ياسني ( 225نقطة) املركز السادس :إريس ( 210نقطة) املركز السابع :جني ( 200نقطة) املركز الثامن :يوسف ( 195نقطة) �عادة كبرية وهائلة بسبب تأهله ألول مثانية ولكنه رأى شعر نور بس� �عر بضيق شديد وقلق عليه ،ورأى جني أن أكريا مل يكن يف القائمة ،فش� احلزينة وقد عادت إليها نضارتها وابتسامتها وهي ُتييه وتهنئه بالتأهل، ولكنها كانت ال تزال تتأمل مما حدث منذ قليل ،ويبدو أنها مل تلحظ عدم جود أكريا يف القائمة. �ديد ما �ر ندب حظه وترقب يف ذعر ش� ومن خس� احتفل من انتصرَ ، سيحدث له. 144
�ذا الصوت الصاخب من �تيقظ كل من كينو وإيفانوف على ه� اس� االعرتاضات والتهليل ،وشاهدا القائمة اليت تضم امسيهما فشعرا بالراحة لتأهلهما ،ولكن كينو مل يتوقع أنه سيحصل على املركز األول ،ومل يفهم كيف حصل عليه؟! نظر له سايري بطرف عينيه بنظرات حادة قائ ًال جبفاء وفتور: خصما سه ًال. – –يبدو أنك لن تكون ً �عر اجلميع بأن وعيهم ينسحب منهم بدون سبب ،وفى خالل فجأة ش� �بات عميق. ثوان قليلة كان اجلميع على األرض يف س� ٍ
***
145
11 �ايري يف رواق طويل أبيض ،وكان فى نهاية هذا الرواق باب �ار س� س� �فى وهو يسري يف هذا الرواق �عر سايري وكأنه يف مش� أبيض مغلق .ش� الطويل ،فبعد أن أنهى تدريباته واملسابقة اليت كلفه بها الصوت الغريب الذي مل يعرف مصدره ،استيقظ من النوم فجأة بدون أن يتذكر ما حدث �ابقة ،ثم طلب منه الصوت مغادرة املكان والذهاب له عندما كان يف املس� للخارج بعد أن حصل على املفتاح للخروج ،قال له الصوت بأنه يف اخلارج أحدا س� �يفهم كل شيء ،مل يعلم كيف سيفهم ولكنه استنتج أنه سيجد ً ما يشرح له ما حدث وكيف انتهى به األمر من املعبد البوذي إىل منشأة �بق له رؤيتها .فسايري �ياء مل يس� جتعله يتدرب على قدرات غريبة وأش� عاما كان يقضي معظم وقته يف املعبد يتأمل البالغ من العم� �ر ثالثني ً الطبيعة ويتعلم فنون القتال بالكاتانا ،وهو كناية عن سيف ياباني قديم، حاد وطويل ،يدمج بني السيوف الرومانية يف الطعن والسيوف العربية يف قدميا ،يستخدمونه يف حروبهم ،وألن القطع ،وكان الساموراي اليابانيون ً سايري مل يكن حيب التكنولوجيا والعلم وإزعاج املدينة والبشر ،فقد كان املعبد هو املكان املفضل لديه ،يف اهلدوء ووسط األشجار احمليطة باملعبد، ونسيم اهلواء املبهج مع أصوات الطيور واحليوانات ،كانت تعطيه شعو ًرا لام الداخلي اللذين كان يفتقدهما معظم الوقت بسبب بالراحة والس� طبعه اخلاص الذي جيعله صعب املراس .كان يتعلم عن مراكز تدفق 146
الطاقة والتأمل للحصول على السالم الداخلي والرتكيز يف حماولة قتل �اعر اليت ال حيتاجها ،كاخلوف واحلقد والكره واجلشع اخل ،ولكنه املش� كان يفشل أحيانا .مل يكن هذا فقط ما يفعله ،بل كان أيضا يستخدم �عور باقرتاب شخص منه �ياء الرائعة ،كالش� الطاقة يف العديد من األش� �جام مع الطبيعة وكأنهما كيان واحد فيشعر بكل وهو يتأمل ،واالنس� شيء يتحرك حوله بدقة شديده ،وقتل األمل اجلسدي بداخله عن طريق فهم تدريبات قاسية وصارمة ،حتى أصبح األمل شيئا ال عالقة له به ،وهلذا ِ �اذا مت إعطائه هذه القوة على التحكم بالطاقة وتوجيهها لفعل العديد مل� من األشياء كتحريك األشياء بعقله. وهكذا بدأ سايري يسرتجع بذاكرته كل ما مر به منذ أن استيقظ، وكل ما تعلمه يف هذا املكان الغريب ،وكل األسئلة اليت دارت يف ذهنه يف حماولة ليتوصل ألي إجابة قد تشبع فضوله ،ولكن ال شيء ،فتابع السري �ض الفارغ بعينيه بربود ،حتى وصل إىل الباب وهو يتفحص الرواق األبي� �ف أمامه وضع املفتاح وأخذ حيركه فانفتح األبيض املغلق ،وعندما وق� �ض عينيه بتأمل ،ثم �وء يف عينيه دفعة واحدة ،فأغم� الباب ،فدخل الض� �توعبان �ع يده حلجب الضوء عنهما ،ثم فتح عينيه ببطء فبدأتا تس� رف� �تطاع الرؤية بوضوح ،فخرج من الباب ووقف ليستنشق الضوء ،حتى اس� �عر باحلنني إىل الطبيعة اليت كانت تهدئ اهلواء الطلق ،مما جعله يش� �دأ يتنفس الصعداء ،ثم تفحص �يء .ب� غضبه الداخلي وكرهه لكل ش� املكان من حوله ،وألقى نظرة طويلة ،فرأى أنه يقف على طريق مرصوف بعناية يف باحة واس��عة ،وميتد الطريق أمامه وينتهي بعمودين أبيضني بشموخ عدة أمتار يف السماء ،وعلى قمتهما يصل من اجلرانيت يرتفعان ٍ �كل ،ينتهي حبافتني مقوستني ألعلى، بينهما عمود أفقي مستطيل الش� �ار قليال ،ليجد ويبدو أن العمودين هما مدخل املكان ،فحرك عينه لليس� متثاال لفرس يقف على قدميه اخللفيتني ،ويرفع قدمه اليسرى األمامية 147
�تودع صغري ،ووراء املستودع الكثري من األشجار املمتدة ألعلى ،ووراءه مس� �راز الياباني �تودع يوجد بيت مبين على الط� �كان ،وجبانب املس� حول امل� �يكي القديم ،وأمام البيت مباشرة ،على ميني سايري ،يوجد بيت الكالس� آخر مماثل له ،وبعد العمودين توجد باحة خضراء شاسعة ،مربعة الشكل، �ن كل جانب ،ويوجد حوهلا �جار م� تبدو كحديقة للمكان تلفها األش� �ايري وكأنه �فلت يفصل بينها وبني الباحة اليت يقف بها س� طريق مس� �عر بأن املكان مألوف ،وفجأة توتر بشدة يتلوى كثعبان بينهما ،فبدأ يش� ونظر مرة أخرى خلفه ومل يصدق نفسه .وجد سايري برجا َ أبيض اللون كبريا ميتد ألعلى حتى يالمس السحاب ،وكان الربج املستدير الضخم �و املكان الذي خرج منه ،مل يتوقع بأنه كان يف برج بهذا الطول ،ولكن ه� جيدا ،فهذا هو املعبد البوذي �ا فاجأه أكثر هو أنه تذكر هذا امل� م� �كان ً الذي قضى فيه معظم حياته ،ولكن املعبد قد اس� ُ �تبدل مكانه بهذا الربج العالي ،فشعر بتوتر شديد ملا رآه ومل يعرف ماذا يفعل ،فظل حيدق ناحية �ئلة تراوده ،فرفع يده مشريا إىل الربج الربج بضع ثوان ،والكثري من األس� األبيض الكبري الذي خرج منه قائال باندهاش: �ون املعبد مكان هذا الربج �ذي حيدث هنا ،من املفرتض أن يك� – –ما ال� الضخم. وبدون تردد اندفع سايري ناحية باب الربج األبيض وبدأ يدق على بابه بقوة قائال: – –أنت أيها الغريب ..ما الذي حدث للمعبد الذي كان هنا؟ �يط غضبا وهو الذي تعلم �ايري يستش� ولكن مل جيبه أحد ،فبدأ س� �اعر ،ولكنه مل �م يف الذات يف أصعب املواقف وأكثرها إثارة للمش� التحك� �تطع كبح مجاحه ،فصرخ بنربة عالية: يس� 148
�ا؟ أجبين وإال �دث للمعبد الذي كان هن� �د ما الذي ح� – –أيها الوغ� �ر هذا الباب. سأكس� ولكن ال إجابة ،فرفس الباب بقدمه ولكنه مل يتحرك قيد أمنلة ،فظل �زح الباب ولو حتى �ده وقدمه ولكن ال جدوى مل يتزح� �رب الباب بي� يض� �ايري �تخدم قوته ليخلع الباب ولكنه مل يتحرك .فتوقف س� قليال ،فاس� وأخذ يلتقط أنفاسه ،ثم التف وراءه ونظر للبيت على اليسار ،وتذكر أنه دائما هو والرهبان اآلخرون ،مجاعة السانغا، البيت الذي كان يبيت فيه ً وقد كانوا منعزلني متاما عن العامة واحلياة اخلارجية وكل ما يفعلونه هو قراءة تعاليم بوذا وتأمل الطبيعة وبعض النشاطات البدائية األخرى، ريا ألنه عاش لما باحلي� ولكن س� �اة اخلارجية كث ً �ايري باألخص كان ُم ً معظم عمره يف مدينة هريوشيما ،حتى قرر أن يتجنب املدينة بالذهاب إىل املعبد ،والتقرب من الطبيعة ،ولكنه شعر بأن هذه ليست هريوشيما ،كان �ئ خمتلف هنا ال يعرف كنيته ولكنه يشعر بأنه يف مكان آخر. هناك ش� مسرعا ناحية البيت ،وفتح الباب بسرعة وبدأ ينادي �ايري ركض س� ً �كاهلم أو �ى أصدقائه الرهبان ولكنه مل جيد أي إجابة ،مل يتذكر اش� عل� �ة ولكنه تذكر أن رفاقه �ل حياته بعد ،فذاكرته ما زالت ضعيف� تفاصي� �ل إىل البيت وركض يف كل مكان �ون يف هذا املكان ،فدخ� كانوا يعيش� �عر بوجود أي شخص ،فغري املالبس وهو يبحث عن أي أحد ولكنه مل يش� �عره بأنه مريض يف مشفى البيضاء اليت كان يرتديها ،واليت كانت ُتش� ما .ارتدى الرداء القماشي التقليدي الذي كان يرتديه الشعب الياباني �يف الكاتانا املوضوع يف غرفته على أحد الرفوف وعلقه قدميا ،وأخذ س� ً �رعا ،وبدأ حياول أن عند وس� �طه ،وخرج إىل باحة املعبد مرة أخرى مس� ً �خص ما بقدرته ،ولكنه مل يشعر بأحد ،فقال بينه �عر وجود أي ش� يستش� وبني نفسه: 149
– –أين ذهبوا يف هذا الوقت؟ وأين اختفى املعبد؟ �اب إىل القرية �ن ولكن ال أحد ،فقرر الذه� �دأ يتفقد كل األماك� ب� �خص شيئا ما. �ر عما حيدث هنا ،فلرمبا يعرف أي ش� اجملاورة ليستفس� بر العمودين ،ثم انعطف �ايري الطريق املرصوف بعناية ،وع� عرب س� ير يف الطريق وهو يتفحص املكان �ار يف الطريق املسفلت وبدأ يس� لليس� �ط الطريق من اجلانبني ،فأخذ �جار اليت حتي� من حوله ناظرا إىل األش� �يم اهلواء الذي يداعب �ي أفكاره ويتأمل الطبيعة اخلالبة ،مع نس� يصف� �ماء ،وألقت بأشعتها �مس قد انتصفت يف كبد الس� وجهه ،وكانت الش� �كان من حوله ،وتربز اجلمال األخاذ الدافئة عليه لتضئ له الطريق وامل� �ايري بعض األحاديث اليت كان للطبيعة ،نعم الطبيعة األم ،فتذكر س� يتبادهلا مع الكهنة اآلخرين ،وكيف أن الكوكب بدون قدوم التكنولوجيا كان أفضل ،وأن الطبيعة كانت رائعة اجلمال ،فاملاء مل يكن يبدو كاملاء �ل كان صاف ًيا بدرجة مبهرة ،واهلواء كان نقي ًا للغاية ،ومل يكن اليوم ،ب� �يء ،فمع هناك أثر للتلوث املوجود اليوم يف اهلواء واملاء والغذاء وكل ش� ظهور التكنولوجيا تغري كل شيء ومل يعد أحد يعري للطبيعة أي اهتمام، �م املال ،حتى ولو كان هذا �يء جيلب هل� فأصبح الناس يهتمون بأي ش� عن طريق قطع كل أشجار العامل أو تلويث كل مصادر املاء ،وكان هذا ريا فتمنى لو كان يعيش يف حقبة الساموراي ،ولكن ال حيزن سايري كث ً لسبب ما ،وجيب أن يتقبل قدره حياة ملن ينادي ،فلقد ولد يف هذا العصر ٍ �عادة كما يقول بوذا. ويرضى به ،وهذا هو املفتاح للس� ريا يف الطريق املمتد أمامه وملح بعض األدخنة اليت سار س� �ايري كث ً �يء ما. تتصاعد يف األفق فازدادت حريته وظن أنه رمبا يكون حريقا أو ش� �ق ،فتذكر هذا املزارع يره حتى وجد بيتا على جانب الطري� أكمل س� البسيط الذي كان يشرتي منه أحيانا بعض املستلزمات للمعبد ،وكان 150
أوالده دائما يلعبون حول البيت ،ويركضون ويهللون يف كل مكان ،ولكنه مل يرهم اليوم ،فتعجب واقرتب من البيت ثم بدأ يطرق الباب ،ومرت عدة ثوان ومل جيب أحد ،فطرق بقوة أكرب ،قائ ًال: – –هل يوجد أحد هنا؟ أنا سايري! ير يف البيت ،لكنه وجد األتربة �ن ال إجابة ،فدفع الباب وبدأ يس� ولك� �هور ،فزادت حريته وقال بينه وبني نفسه: متلؤه وكأنه ترك منذ عدة ش� – –هل حدث شئ ما هنا جعل الناس يغادرون املكان َّ وحل حمله هذا الربج الغريب؟! هل دربين هذا الغريب على هذه القدرة لكي أحارب ش��يئا �يء ،فلقد ما قد اجتاح املدينة؟ ولكن ما هو؟ وملاذا مل خيربني بأي ش� �خصا يبدو بال مشاعر على اإلطالق ،وال يريد اإلجابة على كان ش� أي سؤال أسألة ،ولكن ما الذي حيدث هنا حقا؟ أنا مل أعد أفهم شيئا وهذا يغضبين ويزيد حنقي .خرج سايري من البيت وأكمل مسريته، وفجأة شعر بأن أحدا ما يراقبه من بني األشجار.
***
151
12 خرج إريس من الربج املعتاد ليجد نفسه يف ضواحي املدينة .سار حتى ريا على األقدام وهو يفكر بكل ما حدث له ،ولكن قطع مسافات شاسعة س ً ريا حقا ،فهو مل يتوقع كل األحداث الغريبة اليت حدثت األم� �ر كان مث ً �تيقظ وناداه هذا الصوت بالعينة رقم ست ،ولكن تدريباته له منذ أن اس� �ابقة الغريبة هي ما ُأثارته حقا ،ومل يكن يعرف أن قوة يف هذا الربج واملس� كهذه قد مت التوصل هلا ،مل يعرف ميت متت زراعتها بداخله ،ولكن كل ما يعرفه أنها بطريقة ما أصبحت له اآلن ،فبعد أن بعث كجاسوس من األمم املتحدة األوروبية ليبحث يف أمر سالح الدمار الشامل الذي صنعته �ن بكرة أبيها ،وجد �ف األمم املتحدة ع� مصر يف اخلفاء والذي قد ينس� �عر يف البداية أنهم قد كشفوا أمره، �ه يف هذا املكان يف املقابل ،ش� نفس� ولكن األمر أصبح أكثر غرابة عندما أعطوه قدرة كهذه وتركوه يذهب �فوا بدون أن يتم إلقاء القبض عليه ،فعندها فقط تأكد أنهم مل يكتش� �يعذبه ليحصل منه أمره ،فلن يعطي أحد قوة كهذه أللد أعدائه ،بل س� �ر �ة إريس ،هو اختفاء البش� على معلومات يف املقابل ،ولكن ما أثار دهش� �اء .وعندما نظر إىل األفق رأى الدمار الذي حل باملدينة املريب يف األحن� خملف ًا أدخنة تتصاعد من فوق مبانيها مع الكثري من احلطام واألنقاض ير فيه وكأن هناك حر ًبا قد حدثت هناك ،ولكن اجلزء الذي كان يس� سليما ومل ميسسه شيء .ولكن منذ سريه يف ضواحي املدينة الحظ كان ً 152
متاما من أي أثر للحياة ،ولكنه اجنذب إىل صوت إطالق نريان أنها فارغة ً جدا ،فأدرك أن هناك أحدا يف أحن� �دا ً �اء املدينة ،ولكن الصوت كان بعي� ً �ة الصوت متمن ًيا أال جيد �ا جعله يطمئن قليال .انطلق ناحي� غريه مم� شيئا غري ًبا ال ميكن التعامل معه ،فلقد شاهد هذه األفالم عن املدن اليت �ر ،فيهرب البشر خارج املدينة جتتاحها خملوقات الزوميب ملتهمني البش� �تطيعوا اهلرب ،فيحاربون �ر الذين مل يس� فيتبقى فقط القليل من البش� �رة ،فهو مل جيد �خافة الفك� �عر بس� بي من أجل البقاء .ولكنه ش� الزوم� �م من أنه قد قطع �د ،أو أي خملوق حوله على الرغ� �ر للدماء بع� أي أث� �افة كبرية ،ولكن أخذ االحتياط واجب ،فلقد مر إريس على متجر مس� �ا ورشاشا من نوعية M4A1ومتنى أال يضطر أسلحة وأخذ منه مسدس� �عر إريس بأنه مراقب عدة مرات ،ولكنه مل الستخدامهما .أثناء سريه ش� �خص يف جيعل هذا يزعجه ،فلرمبا كان حمض خيال ،فهو مل ير أي ش� �ن األجواء ا ُملريبة حوله، �اء نهائ ًيا مما جعله يتخيل أنه مراقب م� األرج� �وارع كانت ممتلئة باألتربة ،وكأنها تركت منذ شهور. فالبيوت والش� يره حتى صعد على هضبة عالية بني األشجار ،فلم يدر إذا أكمل س� �تان ،فمنذ أن دخل هذا املكان املمتلئ ير يف غابة أم جمرد بس� كان يس� �جار اخلضراء ،ذات األغصان ريا وسط األش� �جار وهو يس� باألش� ير كث ً �ات تركض هنا وهناك، �ابكة ،والطيور تغين فوقه ،وبعض احليوان� املتش� �ص األوراق يف تناغم تام. �جار فترتاق� وكانت الرياح تداعب أوراق األش� وفجأة خطا إريس على شيء ما مل يشعر به ،فأخذ الشيء يشع بنور أمحر ثم ينطفئ من حتت الرتاب يف الغابة .كان الشيء عبارة عن جهاز إنذار �اع باملتطفلني .فجأة خصيصا لإليق� �ون حتت الرتاب ،صنع صغري مدف� ً شعر إريس بصوت أقدام تقرتب. ركض بعض اجلنود مبالبسهم الرمسية وعلم اجليش املصري املطرز 153
�كني بأسلحتهم ذات الطابع الغريب ،فهي عبارة عن على مالبسهم ،ممس� �مة لطرفني، �اش اآللي ،الفرق فقط أنها منقس� بندقية طويلة ،كالرش� �فلي ،وبينهما فراغ ،وفى وسط الفراغ يوجد جزء طرف علوي وطرف س� كروي بداخله شي أزرق مضيء ال يكف عن الدوران بسرعة داخل الزجاج الكروي الشكل ،الذي كان يبدو كنواة الذرة. وهكذا استمر اجلنود بالتحرك بانتظام الواحد تلو اآلخر مستخدمني األساليب احلديثة يف اجليش للتحرك والتمركز ،ليتوغلوا داخل الغابة �ديد ،حتى اقرتبوا من موقع اإلشارة ،فأشار أحد اجلنود ،والذي حبذر ش� كان يبلغ عددهم مخسة جنود باإلضافة إىل الكابنت ،قائال: – –سيدي ،اإلشارة قد جاءت من هنا ،هذا ما تظهره لي اخلريطة ثالثية األبعاد ،هل نهجم اآلن؟ جيدا ،فقال وهو كان الكابنت متمركزا خلف األشجار يراقب الوضع ً يشري بيده للجنود للهجوم: – –حسنا ،انطلقوا اآلن. �خصا أخذ اجلنود يندفعون الواحد تلو اآلخر بنظام تام ،فوجدوا ش� �ك بعض �فى ،وميس� �س بيضاء كمريض خرج من مش� �دي مالب� يرت� مستسلما األسلحة ،وبدوره اندهش عندما رآهم مندفعني حنوه فرفع يده ً �اش ُمعلقا على رقبته ويتدىل حتى صدره. والرش� فقال الكابنت بالعربية بنربة عسكرية حاده: – –من أنت؟ وكيف وجدت هذا املكان؟ فنظر إريس حوله وهو ال يزال مدهوش ًا ،فهو مل يتوقع هذه الصحبة هنا ،وأول ما خطر على باله بأنه قد مت اكتشاف أمره هذه املرة من قبل املخابرات املصرية. 154
فقال بلهجة أجنبية وهو يرفع يده باستسالم تام: – –أنا ال أعلم ما حيدث هنا! ترب أحد اجلنود من الكابنت وهمس يف أذنه بضعة ثوان ثم ابتعد، اق� �ى وجهه بصيص من األمل ،فقال بنربة فتغريت مالمح الكابنت وبدا عل� مدهوشة: – –هل أنت من األمم املتحدة األوروبية؟ فقال إريس برتدد وقد شعر بأنه قد مت كشفه ال حمالة: – –نعم. فأمر الكابنت اجلنود بأن خيفضوا أسلحتهم واقرتب ناحية إريس ببطء ووضع يده على كتفه األمين ،واالبتسامة تعلو وجهه قائال بنفس النربة: – –مرحبا بك أيها األوروبي لقد كنا يف انتظارك. تعجب إريس مما حيدث حوله ،فلقد ظن أنهم عندما يعلمون أنه من �يتم إلقاء القبض عليه فو ًرا ،ولكن حدث العكس ..يبدو أنهم أوروبا فس� يرحبون به بسعادة كبرية .وبدأ بعض اجلنود يتهامسون وكأنهم كانوا �عر إريس بالتعجب مما حيدث أموات ًا وردت روحهم إليهم مرة أخرى ،فش� �ى مع املوقف حال ًيا ،حتى يفهم ما حيدث. هنا ،وقرر بأن يتماش� استطرد الكابنت قائال: �يء ،فلقد كنا بدأنا �نطلعك على كل ش� – –تعاىل معنا إىل املقر س� �دو أنه مت إنقاذنا. نفقد األمل ،ولكن يب� قاطعا الغابة. فأومأ إريس برأسه باملوافقة ،ثم بدأ يسري مع اجلنود ً *** 155
13 �اؤالت تدور خرج إيفانوف من نفس الربج الغريب ،والعديد من التس� يف ذهنه ،ولكنه كلما حاول التفكري يف إجابات ،وجد األسئلة اليت تراوده �ار يف يزداد عددها ،فقرر عدم التفكري حتى تتضح له الصورة كاملة .س� �وف ذو األربعني عاما ،عريض املنكبني حبث عن إجابات .إيفان� طريق� �ه ٍ �ده وبروز عضالته. �د ،ويبدو كمصارع من ضخامة جس� وضخم اجلس� �ارب كثيفان ،وقدرته هي �عره أشقر ،وعيناه زرقاوان ،وعنده حلية وش� ش� بتصليب جسده مبادة صلبة للغاية. �ماء املظلمة، �رج من الربج وقد كان الليل قد حل ،فنظر إىل الس� خ� �ق اهلواء العليل الذي أفتقده طوال هذه املدة اليت قضاها وأخذ يستنش� بداخل الربج. �تيقظ هنا ،مل يتذكر كيف �يء غريبا منذ أن اس� لقد كان كل ش� وصل إىل هنا .وهكذا بدأ يتفقد بعينيه الظالم الذي يلف املكان ،فرأى انه متاما، يف مدينة ما .فعلى مس� �توي نظره ،رأى مباني البعض منها مدمر ً والبعض اآلخر جني من التدمري ،وبالكاد استطاع أن يري تفاصيلها بسبب الظالم الذي يغطي كل شيء ،ولكن ضوء القمر الذي كان يسقط من السماء ،لينري له الطريق قليال هو ما ساعده بعض الشيء يف غياب أنوار املدينة اليت كانت مطفأة بالكامل .هكذا نظر خلفه لريي الربج الشاهق 156
�ماء .كان يتمركز الربج على أطراف حديقة �موخ إىل الس� املمتد بش� �رة املمتدة أمامه .بدأ إيفانوف �ا ،بينما ينظر بكربياء إىل املدينة املدم� م� �عر ببعض التوتر واحلرية من منظر املدينة املدمر ،ومل يكن يعلم ملاذا يش� �باح، �ه ال زالت ضعيفة ،ولكن املدينة كانت تبدو كمدينة أش� فذاكرت� �اكن ومدمر وصامت بالكامل ،ال وجود للسيارات املزعجة، كل شيء س� متاما ،ال وجود ألحد، وأصوات البش� �ر اليت متأل املدينة ،كل شيء مظلم ً فبدأ عقله بصنع قصص عما حدث هنا ،مثل حدوث كارثة ما ،أو أنه يف �ار قلي ًال قد جيد بعض البشر ،ويستفسر مكان مهجور يف بلد ما ،وإذا س� �جاعته وبدأ يسري بني املباني ،ويتفقد منهم عن كل شيء.استجمع ش� بعينيه املتاجر واملقاهي واألسواق املهجورة بالكامل ،يف املنطقة اليت جنت تركت مجيعها من الدمار اليت كان يسري فيها ولكن ما لفت نظره أنها ُ �ة ،ومل تكن مغلقة ،فرجح عقله فكرة حدوث كارثة ما ،هرب من مفتوح� أثرها البشر ،فأخذ بالتساؤل هل يكون هناك تسرب اشعاعي ،او شيئا من هذا القبيل؟ حرب حدثت هنا؟ انفجار كبري؟ �يء واحد ،غري انه هناك شيئا ما جيري هنا ،فكل ما مل يتوصل إىل ش� �تيقظ مل يكن طبيعي على اإلطالق .لفت نظر إيفانوف حدث منذ أن اس� �لحة على ميينه مل ميسه الدمار ،فشعر ير يف الظالم ،متجر أس� وهو يس� ببعض األمل ،فانطلق بسرعة حنو املتجر ودلف إليه وكان الظالم يلف �تيعاب الظالم يف املتجر ،ولكنه مل يستطع أن يرى شيئ ًا، املكان .حاول اس� �ار فلقد كان الظالم يلف املكان بالكامل ،ومل يرتك أي بقعة مضيئة ،فس� �طهما أمامه وأخذ يتحسس كل �س املكان بيده ،فبس� حبذر وهو يتحس� شيء ،فبدأ بلمس بعض األجسام اجملهولة بيده واليت حللها عقله ووضع هلا أمساء ،طاولة ،بعض العلب ،والصناديق ،وأخريا وصل لرف األسلحة، �ا األسلحة فوجد العديد من األسلحة اليت مل يتعرف متحسس� فرفع يده ً �يء صغري احلجم �دة هلا ،ولكن لفت نظره ش� �ا ،لعدم رؤيته اجلي� عليه� 157
�ن االمل ،لقد وضع يده على �عر ببصيص م� ودائري من األمام ،فبدأ يش� �بت به بقوة وأمسكه جيدا ،وكأنه منظار حراري ،مزود برؤية ليلية ،فتش� واضعا إياه على عينيه .ضغط على بعض االزرار يف املنظار �ل جناته؛ حب� ً �يء حييطه �ه ،فتغريت الرؤية إىل الرؤية الليلية ،فأصبح كل ش� بأصابع� �لحة جيدا، اللون األخضر .بدأت الرؤية تتضح له اآلن ،فبدأ برؤية األس� �م علقها على ظهره، �ى قناصة من نوع M24فأخذها ث� فوضع يده عل� جيدا ،وبعض �لحة أخرى ،مسدس ورش� وأخذ أيضا أس� �اش ،ليأمن نفسه ً القنابل اليدوية ،واملعدات األخرى ،اليت قد حيتاجها ،ومن حس��ن حظه وجد حقيبة لألسلحة يف املتجر ،فساعدته على محل هذه األشياء .جهز �رى الطريق إىل املخرج ،فالتف واضعا املنظار على عينيه حتى ي� �ه نفس� ً ناحية باب اخلروج ،ونظر أمامه ،فوجد شيئ ًا ما يقف أمامه ،فرتاجع عدة �لحة عليه، �زع حتى أصطدم باحلائط الذي مت تعليق األس� خطوات بف� فارتطم ببعض األسلحة اليت بدورها سقطت عليه ،ولكن جسده الضخم �ر من خالل املنظار �قط عليه ،ونظ� �رعة وأزاح ما س� مل يتأثر ،فوقف بس� �دس اليدوي يف فزع ،ولكن مل جيد شيئ ًا. �هرا املس� أمامه مرة أخرى مش� ً متفحصا املكان من حوله ولكن ال �وة، �ذ ينظر حوله وقلبه خيفق بق� أخ� ً شيء ،عدا األسلحة املعلقة هنا وهناك ،وبعض املعدات األخرى ،فظن بأنه �خصا ما يقف أمامه .هدأ من كان يتهي ،ولكنه واثق ً متاما ،بأنه رأى ش� ً �عر بأن نبضات قلبه بدأت تعود إىل معدهلا متنفسا الصعداء ،وش� روعه، ً جيدا .شعر الطبيعي ،فتوجه إىل خارج املتجر، متفحصا املكان من حوله ً ً �ديد خلروجه من هذا املكان املظلم الذي جيعله فريسة سهلة بارتياح ش� ألي شيء ،وتفحص الطريق من حوله باملنظار الذي أصبح اآلن عينه اليت �وف بعناية ميتد أمامه ،وال يوجد �رى يف الظالم ،فوجد الطريق املرص� ت� يره يف املنطقة اليت مل يطاهلا أحد ،فأكمل طريقه يف الظالم .وأثناء س� الدمار بعد ،أمل أن جيد أحدا يؤنس وحدته أو جيد سايري الذي ال يعلم 158
أين هو اآلن؟ وهل هو حي أم ميت؟ ولكنه كان يثق بأنه على قيد احلياة �هولة وشعر إيفانوف بأن هذا رمبا يكون فهو أقوي من أن ميوت بهذه الس� �خيف آخر فلم يقلقه ورأى بأنه رمبا يكون أصعب من ذي قبل اختبار س� وهذا سيجعل األمر أكثر إثارة بالنسبة له. �ا املتاجر واملباني متفحص� يره حتى قطع الطريق كله، أكمل س� ً �ة ،والبعض اآلخر منها متوقف يف �يارات املركونة الفارغ� املهجورة والس� �ت الفوضى تعم املكان، �ف الطريق وال يوجد أحد بداخله .كان� منتص� فأكمل مسريته ،حتى بدأ يرى بعض املباني احملطمة أمامه والكثري من �ث املقطعة واحملروقة واليت تناثرت يف كل مكان وكان لون الدماء اجلث� �يء من حوله ،ورأى العديد من اهليكل العظمية مما جعله يصبغ كل ش� وقت طويل ال يعلمه أحد إال اهلل. يعلم بأن هذه الكارثة حدثت من� �ذ ٍ �عفه عقله الذي أخذ أيضا الكثري من الروبوتات احملطمة .مل يس� رأى ً �ل احتمالية حدوث حر ًبا ما �ض األفكار اليت أثارت قلقه ،مث� يقذف ببع� بالفعل ،وانه قد يتعرض للقتل يف أي حلظة ،وأن العدو ال زال قريب ،وقد �يء الذي رآه يف املتجر هو أحد األعداء ،وهرب عندما أكتشف يكون الش� بر ،ملتصق ًا باملباني ،حتى ال يكون ير حبذر أك� أمره ،فبدأ إيفانوف يس� �ه: لقمة زائغة ألحد القناصة .قال بينه وبني نفس� �ذه اجلثث امللقاة يف كل �دث هنا؟ أين أنا؟ ما كل ه� – –ما الذي حي� أيضا، مكان؟ ما نوع الكارثة اليت حدثت هنا؟ فأنا أرى روبوتات مدمرة ً �ر؟ أم أنه عدو آخر �ل يكون ما حدث هو نزاع بني الروبوتات والبش� ه� �خصا ما حي ليخربني مبا �م كالهم؟ جيب أن أحبث عن ش� دمره� �ا األمر ليس اختبا ًرا كما ظننت. حيدث! رمب�
159
بعد بضعة أمتار بدأ بدخول املنطقة املدمرة فرأى املباني املتساقطة فوق بعضها البعض ،والسيارات احملطمة ،وعن قرب رأى جثث البشر املتناثرة �اء وعجائز .كان املنظر يشعره يف كل مكان ،جثث أطفال ورجال ونس� بالغثيان ،فأجسادهم حمطمة ومهمشة واعضائهم متناثرة يف كل مكان. وكانت رائحة البارود والرصاص متأل املكان ،فتأكدت شكوكه بأنه �ور احلطام قافزً ا من فوق �اك معركة ما هنا بالفعل! بدأ بعب� كان هن� األطالل هنا وهناك وتسلق بعضها اآلخر ،حماو ًال عدم املساس أو االقرتاب �عة، من اجلثث اليت كانت ميتة منذ وقت طويل وتفوح منها رائحة بش� �د املباني على ميينه، �ط حطام أح� �يئ ًا يتحرك وس� فجأة مسع صوت ش� فرتاجع إيفانوف حبذر وترقب؛ وفجأة من بني احلطام والظالم ظهر شيء �ب عينيه تلمعان بضوء أمحر .فأزال إيفانوف املنظار من على عينيه غري� �د هذا الشيء �اهد ملعانها الطبيعي ،ثم وضعه مرة أخرى لريى جس� ليش� �يء عليه بسرعة الغريب الذي كان يلمع على ضوء القمر ،ركض الش� رهيبة وقفز عال ًيا برشاقة رهيبة لينقض عليه ،فغطي املعدن يدا إيفانوف �عر كأنه قد لكم �يء ،فش� اليمين ،ثم وجه لكمة قوية إىل وجه هذا الش� بعيدا من قوة لكمة إيفانوف ،ولكنه جسدا معدني .طار الش� �يء الغريب ً ً �رج إيفانوف مصباح �رعان ما وثب على قدميه وعاد من جديد ،فأخ� س� �يء ،لقد كان الشيء الواقف كهربائي من جيبه ووجهه ناحية هذا الش� �اني على اإلطالق ،بل ال يوجد فيه ذرة من اإلنسانية ،لقد أمامه غري إنس� كان روبوت على هيئة بشر ،عيناه تشعان بامحرار شديد ،وجسده يغطيه معدن الكروم املشبع بلون فضي ،مما جعل جسده يلمع حتت ضوء القمر، �ذر معه باهلالك لكل ما يف طريقه ،وفوق جبينة بقليل ،تلمع جوهرة لين� �اكلتها من الزجاج، �تدير على ش� غريبة ،بلون أزرق ،حيميها حاجز مس� �يء، �ا يوجد طيف أزرق ميألها ،بدا أنه مصدر الطاقة هلذا الش� وداخله� �تنتج إيفانوف بأن هذه األشياء �يء ، ،فأس� وعند صدره يوجد نفس الش� 160
هي ما تعطيه الطاقة ليتحرك ،أنها كالقلب والعقل بالنسبة له .وجهه �عر فوق رأسه؛ وجه �ر ولكنه بارد بال مشاعر ،وليس لديه ش� �به البش� يش� بلون فضي ،وباقي اجلسد كالزجاج وصدر واقدام وايدي وظهر يتميزون ٍ ٍ ٍ فيضا من طاقة زرقاء اللون. �تيك الش� او البالس� �فاف ،ويتدفق بداخله ً �ات ،بل وقت القتال. �ذا وقت التأمل فيه ومجع املعلوم� ولكن مل يكن ه� توقف الروبوت ،ورفع أصابع يده اليمين ووجهها ناحية إيفانوف ،فانفتحت أصابعه لتصبح أشبه بفوهة املسدس ،بل مخس فوهات ،فتذكر إيفانوف قتاله مع كينو ،ففعل قوته ليكسي احلديد جسده من االمام ،فانطلقت الرصاصات تشق اهلواء لتصطدم جبسد إيفانوف الذي كان يف وضعية الدفاع ومل تؤثر به أ ًيا منها ،فأندفع إيفانوف حنوه ،فأندفع الروبوت بقوة ناحيته ،فرفع إيفانوف يده وهبط بها على رأس الروبوت ليهوي برأس��ه على األرض فتتحطم من قوة اللكمة. ألتقط أنفاسه وتفقد جسد الروبوت الغريب ،ثم قرر أن يغلق املصباح جمددا ،قال ويستخدم منظار الرؤية الليلية حتى ال جيده أحد الروبوتات ً بينه وبني نفسه: – –إذا يبدو بأن الروبوتات هي املسؤولة عن هذه الكارثة بطريقة ما! جيب أحدا ما من الناجون ليخربني بكل شيء. أن أجد ً قطع املباني احملطمة متوخ ًيا احلذر ،وضوء القمر يلمع يف السماء، �هدت رع ًبا ال �وء على ارجاء املدينة احملطمة اليت ش� وألقى ببعض الض� �ه البيضاء، �رب داخل مالبس� يعلمه غري املوتى ،وكان اهلواء البارد يتس� �عر برعدة خفيفة من الربد ،وأصابعه جتمدت من الربد بسبب محله فش� �اره مييل على �ة الوقت لكي يري .رأى أحد املباني على يس� املنظار طيل� متاما ،فخطر على باله فكرة ،وشرع يف تنفيذها اآلخر ولكنه مل يس� �قط ً �ا ًرا ،وأخذ يتسلق املبين املائل ،حماوال الوصول إىل بال تردد ،فانعطف يس� 161
قمته بتسلق املنحدرات الوعرة ،فتمس��ك بالصخور واملكاتب واالسالك وكاد عدة مرات أن يفقد توازنه ولكنه متسك باألشياء القريبة منه وقد �فله أثناء تسلقه وأمل بأال يسقط استعاد توازنه .مسع صرير املبين أس� صعودا جمتاز ًا كل العقبات يف طريقه املائل �ذا أكمل طريقه اآلن ،وهك� ً �عر بأن هذه هي �ى وصل أخريا إىل قمة املبين ،فش� �يء باملخاطر ،حت� املل� النقطة املناس��بة ليتفقد املدينة من أعلى ،ويرى إىل أين ميكنه الذهاب �ر يف مدينة ريا من فوق ،أو أي عالمة لوجود بش� فلرمب� �ا يرى مكان� ًا من ً االشباح هذه .وضع إيفانوف احلقيبة على األرض جبانبه ،وأخذ القناصة من على ظهره ،ونام على األرض املائلة ،وقد عدل من وضعية جسده ،حتى أصبح يف موضع جيد له ،فبدأ بتفحص املدينة من فوق بالقناصة ،ولكنه �تمر يف مل ير إال الظالم ،يف كل أحناء املدينة مما أثار قلقه الشديد.اس� �يء غري الظالم ،فجأة رأى يف مكان النظر يف كل االجتاهات ولكن ال ش� بعيد أمامه انفجار كبري هز أرجاء املدينة ،ففزع من قوة االنفجار ،وشرع بتفحص ما حيدث بواسطة املنظار. �عر ببعض القلق ،ولكنه تلي هذا االنفجار عدة انفجارات أخرى ،فش� �ه الذهاب ،حتى جيد بعض االجابات، على األقل عرف اآلن إىل أين علي� �رر أن يلقي نظرة أخرية أيضا .ق� وق� �د جيد املزيد من احلطام واجلثث ً �وه متاما؛ فقام بتفعيل الرؤية �ى الطريق أمامه حتى يتأكد من خل� عل� شخصا الليلية يف منظار القناصة ،وبدأ ميسح الطريق اسفله ،وفجأة رأى ً موجها نظره ناحية االنفجار .شخص يرتدي يقف يف منتصف الطريق، ً �وة وغطاء للرأس ،يبدو كقاتل أو شيء ما آخر ولكنه كان مريب، قلنس� فشكله ال يوحي باالطمئنان على اإلطالق ،مما جعل إيفانوف يركز عليه �ابق جيدا ،فحدق بقوة يف الغريب امللثم بدون أن يرف له جفن .وبدون س� ً �ف ونظر إىل أعلى املبين احملطم ناحيته ،فتفاجئ انذار رأى امللثم قد الت� �ه بسرعة ،حتى ال يراه .فقال بينه وبني نفسه: إيفانوف ،وأخنفض برأس� 162
– –هل من املعقول أن يكون قد رآني يف هذا الظالم ومن هذا العلو؟ هذا �تحيل! ولكن كيف إذن نظر إىل مباشرة؟ لقد تالقت أعيننا ،أنا مس� �ك ،هل كانت صدفة؟ بالطبع هي صدفة ،فال أحد متأكد من ذل� يستطيع الرؤية يف هذا الظالم ،ومن هذا االرتفاع ..ام أن لديه قوة نوعا ما؟! من ً �ا النظر حبذر ،ولكنه مل جيد الغريب! لقد خمتلس� جمددا �ه رفع رأس� ً ً متاما من أي أحد ،ال شيء ،غري احلطام ،فشعر بتوتر كان الطريق خاو ًيا ً �ض احلطام يف املبين ،فعرف على �قوط بع� خفيف ،وفجأة مسع صوت س� �ور بأنه امللثم قد جاء لينال منه ،فوثب على قدميه وعدل من وضعية الف� جسده ثم وجه املنظار إىل داخل املبين احملطم ،فوجد امللثم يندفع ناحيته بعد أن مت اكتشاف أمره ،وقد أخذ يقفز برشاقة ،وهو يقطع املبين املائل �اهد امللثم ألعلى باجتاهه .توقف إيفانوف عن احلركة لوهله وهو يش� �كوكه بأن امللثم �ع حنوه ،فلم يصدق عيناه ،ولكن اآلن تأكدت ش� يندف� �ط هذه العتمة ،ولكن الوقت مل �د رآه بالفعل ،أخذ يفكر كيف رآه وس� ق� �عفه لكي يستنتج ما حدث ،فأفاق من دهشته ،وبدأ يفكر ماذا سيفعل يس� �ة للغريب املندفع �ارع بعدل وضعية القناصة لتصبح مواجه� اآلن؟ فس� �يا، �كرية يف روس� �راوة حنوه ،ومبا أن إيفانوف كان يف الكلية العس� بض� خمتصا بالتصويب من املدي البعيد ،وكانت لديه موهبة كبرية. وكان ً �اكن مجيع �د فاقت قدرته على إصابة أي هدف متحرك كان أم س� فق� �ي ،لدقة رؤيته، رفاقه يف الكلية ،ومنذ هذا الوقت يلقبونه بالصقر الروس� �عر به ،كما أنه ومداها ،وقدرته على االنقضاض على هدفه بدون أن يش� مفتول العضالت وعريض املنكبني ،مما جعله أيضا مقاتل بارع يف معارك بعيدا عن املدي القريب؛ القتال باأليدي .من س� �وء حظ امللثم أنه كان ً �وت ،ألنه يف اجملال الذي ال �باك العنكب� ايفانوف ،فهذه جعله يقع يف ش� �ا عميق ًا ،تاله الضغط نفس� خيطأ فيه هدفه ً ابدا ،فصوب باجتاهه وأخذ ً 163
�ق اهلواء متجهة ناحية امللثم، على الزناد لتنطلق الرصاصة مندفعة تش� يف نفس الوقت توقف امللثم ،ثم رفع يديه إىل األمام ناحية الطلقة ،وقبل أن تصيبه ،قام بتحريك يديه بقوة إىل اليمني ،فأنعكس أجتاه الرصاصة �د طريقها إىل خارج املبين، �مه وجت� إىل اليمني لتصطدم بالزجاج ،وتهش� �توعب ما حدث وقد �تقرت يف املبين املقابل .وقف ايفانوف يس� حتى اس� �عت عيناه من الدهشة .قال بينه وبني نفسه بدهشة عارمة: اتس� �ارها! ما هذا حبق السماء؟ هل – –لقد جعل الرصاصة تنحرف عن مس� �ن الذين كانوا معنا يف االختبارات؟ إذا ملاذا يهامجين؟ واحدا م� هو ً �ط �أن قدرته الغريبة هذه هي ما ممكنته من رؤييت وس� هل ميكن ب� لام؟! ال بد أنه مر مبا مررت به أيضا! الظ� حاول ايفانوف ،اإلشارة بيده للغريب بأن يتوقف ،ولكن مل ير بأن لديه �ذ قليل حماو ُال قتله ،ولن يوقفه �ة لذلك فلقد أطلق عليه النار من� الني� شيئ ًا اآلن؛ وقت النقاش كان قبل أن يطلق ايفانوف طلقته األوىل ،ولكن اآلن ال جمال للنقاش ،ولكنها بالطبع كانت ردة فعل طبيعية منه ،لرؤيته �خص يندفع حنوه بضراوة لقتله؛ فلم جيد خيا ًرا آخر غري اإلطالق لش� �رة أخرى آم� ً �وب على الغريب الذي لا أن تصيبه الطلقة التالية ،فص� م� متجها ألعلى وقد �رك كاألفعى اليت تتلوي بني احلطام والصخور يتح� ً قطع نصف الطريق .قال ايفانوف يف نفسه: – –طلقة أخرية إذا ،فألجرب حظي. �وب ناحية فخذ الغريب امللثم لكي يصيبه يف قدمه هذه املرة ،كي ص� يسقطه أرضا. عميق ثم حبسه حتى ال تهتز يده ،ووضع كل تركيزه يف نفسا أخذ ً ٍ �ذه الطلقة األخرية ،بعد ثانية من التدقيق ضغط على الزناد ،لتندفع ه� 164
�رعة رهيبة ،ولكن أثار دهشة إيفانوف أن الغريب احنرف الطلقة بقوة وس� �ار قبل أن يطلق الطلقة بثانية ،فاصطدمت الطلقة باألرض، ناحية اليس� ومل ختدشه حتى ،فشعر بالدهشة واإلثارة يف أن الوقت ،ألنه مل خيطأ أي �ادرة ،ومل تكن هذه حالة نادرة فامللثم كان يف هدف قط ،إال يف حاالت ن� متاما وكان قري ًبا منه أيضا ،لقد أخطأ مرتني ،توتر إيفانوف قلي ًال، جماله ً �ه بسرعة وصوب ألن هذه الطلقة كانت آخر ما تبقي له ،فأخرج مسدس� ناحية امللثم الذي كان يبتعد عنه حوالي مخسة عشر قدما؛ فأطلق النار �اقة ،وهو يتفادى �ا ًرا يف رش� ناحيته ،ولكن الغريب كان يقفز ميينا ويس� �م باجتاه الطلقات �ا ًرا ،وكأنه يتحك� �ات ،وحيرك يده ميين ًا ويس� الطلق� �ه .ظل ايفانوف يطلق بال جدوى ،وامللثم لينحرف اجتاهها مبتعدة عن� يتفاداها لسهولة وبراعة ،وعلى حني غرة مد الغريب يده لألمام فاندفعت �طة احلجم من على األرض ناحية ايفانوف فاصطدمت به صخرة متوس� لتسقطه ً أرضا ،فأصطدم جسده بقوة على األرض وسط احلطام والرتاب املنتشر يف أحناء املكان ،فدخل بعض الرتاب يف عينيه وانفه فسعل بقوة. �ه ليفتح عينيه ،وقال بينه وبني نفسه: استجمع قوته وضغط على نفس� – –هذا الوغد ميتلك قدرة شبيهة بقدرة سايري ورشاقة شديدة مماثلة له أيضا ،ولكنه بالتأكيد ليس سايري ،فهو لن يهامجين ..أم ميكن أن- ً �ه؟ رأى امللثم يقفز فوقه �وف عينيه ليجد ما كان يتوقع� فتح إيفان� �ع بلون أبيض ،يبدو كسيف ضوئي وحياول أن يطعنه بشيء طويل يش� مبتعدا عن �تقبل .أول ما خطر على بال ايفانوف وهو يتدحرج من املس� ً لاح كهذا؟ فهذا الطعنة كرد فعل تلقائي ،كان كيف حصل على س� �وذج منه يف الكلية احلربية ومل لاح مت صنعه حديثا وبالكاد رأوا من� الس� �ب وكأنه لعبة حصل �د ،ولكن ها هو بني يد هذا الغري� جيربه أحد بع� �هولة تامة. عليها من أي متجر بس� 165
�اقة وبدأ يرتاجع للخلف بسرعة وقف إيفانوف من على األرض برش� �يف الكهربائي بضراوة ،تعلم مبتعدا عن الغريب الذي بدأ يلوح بهذا الس� ً �تطيع �كرية ،وعن انه يس� �يف يف الكلية العس� ايفانوف عن قوة هذا الس� �ة واحده ليقضي عليه ال �والذ بضربة واحدة ،وهذا يعين ضرب� قطع الف� �رعة ورفع يده وبدأ يتمتم للغريب لكي أكثر وال اقل .تراجع للخلف بس� يتوقف ،ولكن الغريب مل يسمعه ،وظل يلوح بالسيف برشاقة وسرعة رهيبة �يف �يف بعينيه كي يتفاداه ،وقد قاب الس� وايفانوف حياول متابعة الس� ين او ادني يف أن يقطع يده ،فقال وهو يبتسم: قوس� – –لقد حان وقت استخدام قوتي. ***
166
14 �ايري بزي املعبد خاصته يف الطرقات متأم ًال هدوئها بينما �ار س� س� �دوء والطمأنينة يف قلبه. �يم اهلواء يالطف وجهه ،ملق ًيا اهل� كان نس� كان قرص الشمس الكبري يطل من وراء التالل فيصبغ رؤوس األشجار، �اء والطريق بلون أرجواني مائل للحمرة ،بينما انطلق اهلواء العليل وامل� �جار لترتاقص على نهج رجل واحد. ليداعب أوراق األش� �ه نهاية الطريق ولكن الطريق �ايري حياول أن يلتقط بعيني� كان س� ريا حتى يالقي كان ميتد أبعد من مدي نظره ،فش� �عر بأنه سيسري كث ً مدرب �ده كان املنية على الطريق من التعب واالرهاق ،ولكنه كان جس� ً �عر �ك يف أحلك الظروف ،فش� تدريبات صارمة على التحمل ،والتماس� �بان إمكانية �يموت من اجلوع ال أكثر ،فوضع يف احلس� بأنه أن مات فس� �ي با ًال ملوضوع الطعام �ور على بعض الطعام يف طريقه ،لذا مل يلق� العث� إطالقا ،فهذا آخر ما كان يؤرقه اآلن .شعر بالعجز بسبب اختفاء رفاقه �ه كان حمتجزا يف برج غريب ال �يء ،ألن� بينما كان عاجز ًا عن فعل ش� �ه .واآلن عليه أن جيد أصدقائه ورفاقه يعرف كيف انتهى به احلال في� الذين كان جيد السالم والراحة جبانبهم ،وإن حدث هلم شيء فسينتقم �خص قد آذاهم أي ًا كانت هويته .كتم غيظه وأكمل طريقه من أي ش� �احات الشاسعة من �جار ،واملس� يف الطرقات اليت تطوقها احلقول واألش� �موخ لتزين �رة .والعديد من البيوت على جانب الطريق تقف بش� اخلض� �ق مع املنظر اخلالب للخضرة ،لتعطي اطاللة رائعة .وبعد بضعة الطري� 167
أحدا يراقبه ،ال بل شخصان، أميال توقف سايري لربهة وشعر بأن هناك ً �خصا �ن اآلخر طاقته ضعيفة فليس ولك� ً متأكدا أن كان حيوان ًا أم ش� ً شخصا على األقل يراقبه ،مل يرد أن جيعل آخر؟ ولكن األكيد بأن هناك ً �عر وجوده ،فنفض بيده على مالبسه كأنه �ك يف أنه استش� مراقبه يش� مبال بأي شيء .شرع يف كان يزيح بعض األتربة ،ثم أكمل س� يره غري ٍ �خص الذي يراقبه ،أين خيتبأ بالتحديد ،وبعد تركيز حتديد مكان الش� �تطاع حتديد وجهته ،أنه خيتبأ بني البيوت على جهة اليمني. شديد،اس� �د وممتدة جبانب بعضها البعض �ت البيوت مرتاصة على نهج واح� كان� �ايري �خص اجملهول يراقب حركة س� على امتداد الطريق .كان الش� �ه ،ولكن لتنقله الكثري بني البيوت فأنه يقف خلفها فتحجبه عن ويتتبع� ثوان .فتوصل سايري أن هذا الوقت هو الوقت املناسب رؤية سايري لبضعة ٍ لالمساك به .أنتظر حتىاستشعر حلظة حترك الغريب وبعد ذلك سكن �ف أحد البيوت ،ثم انطلق بهدوء ووقف أمام مقدمة البيت .أصبحت خل� �دران البيت هي ما تفصل بينهم ،ونظرا لقصر البيت ذو الطباقني اآلن ج� �نديان ،فقد أعطي ذلك لسايري فرصة كبرية املصنوع من خشب الس� �اك الغريب؛ فتسلق البيت برشاقة وسرعة ،حتى أصبح على سطح إلمس� متاما. البيت ،فأحنين وس� �ار ببطء حتى أصبح فوق الشخص اجملهول ً ثم أخرج سيف الكاتانا من غمده وأستعد لالنقضاض عليه من أعلى، ولكنه مل ينوي قتله ،بل ختويفه فقط حتى حيصل منه على إجابات عن �ايري بأن هذا �بب مطاردته له؟! وهل يعرف ماذا حيدث هنا؟ ظن س� س� �د ،واآلن يراقبه هو �ؤول عن اختفاء رفاقه يف املعب� الرجل قد يكون املس� أيضا كي يباغته ويقضي عليه كما فعل مع رفاقه! أو قد يكون شخصا ً �تجوبه، �بب ما! على أي حال فقد قرر أن يس� ميلك إجابات ويراقبه لس� ير حتى أصبح عند طرف السطح ،فرأى بأنه فوق الغريب وهكذا بدأ يس� �رة ،احنين برأسه إىل األمام ليلقي نظرة عليه ،فرأى شخصا يرتدي مباش� 168
�وداء وغطاء رأس ،ويبدو مري ًبا للغاية ،فقال بينه وبني نفسه: قلنسوة س� – –يبدو مري ًبا للغاية ..يبدو كقاتل أو شيئا ما ..أن كان مس شعرة واحدة منهم فسأقطعه إىل أشالء صغرية. مسع سايري امللثم يهمس ألحد ما وكأنه جيري اتصال بشخص آخر جيدا ،وألقي فأحنين سايري جبسده إىل األمام مستندا على سور السطح ً ً بسمعه مع الغريب فسمع ما يقال: قال الشخص الذي يتحدث عرب اهلاتف بنربة حازمه: – –هل ما زلت تراقب اهلدف فرد الثاني بثقة: – –نعم إنه أمامي ال يبعد عين إال بضعة أمتار فقال رفيقه الذي على اهلاتف حبزم أكثر: شخصا ريا فهذا الشخص ليس – –حسنا ،ولكن أحذر بأن تقرتب منه كث ً ً �ا على اإلطالق ..لقد حصل على املركز الثاني ..وكان طبيع ًي� ندا لك ..ولكن ما أقصده يبدو بأن اجلميع يهابه ،بالطبع هو ليس ً �ل كما �ك أن مل تتوخي احلذر ..ال جمال للفش� �عر ب� أنه قد يش� تعلم ..وإال فأنت تعلم العواقب. رد امللثم بثقة أكرب: جيدا ..ال جمال للخطأ. – –نعم أعلم ..ال ختف ،فأنا أعرف مهميت ً فقال اآلخر: – –جيب أن نسقط جايا والعينات هلا دور يف هذه املعضلة. – –جايا هذا الوغد العنيد ال أعلم كم من الوقت تبقي حتى نوقفه. 169
– –مل يتبقي الكثري ،ولكن جيب أن نصرب قلي ًال بعد ،قبل االصطدام الكبري. صمت امللثم قلي ًال ثم قال: – –على أي حال يبدو أن كينو قام خبطأ فادح واآلن حنن ننظف وراءه.. صحيح أنه حصل على املركز األول وأنه ذكي للغاية ولكن هذا ال يشفع له ما حدث ..فلقد جعلين هذا أترك ما كنت أفعله ألنظف وراءه.. �ي كما تعلم ولكنك تفهم ما أقصد. صحيح أنين مل أنظف بنفس� قال اآلخر: �د كلفنا هذا الكثري من األرواح وقام بتأخري اخلطة ..ولكن ال – –لق� يهم فاخلطة تسري كما هي على كل حال ..ولكن جيب أن نتوخى احلذر اآلن ،فلوال قدومنا لكان كل شيء قد انتهى بالفعل. �م لقد أنقذنا اليوم ..على كل حال لقد طهرت املنطقة عندي – –نع� �ات اآلن ،بينما قم أنت �أتكفل مبراقبة العين� �ى الكثري ،س� ومل يتبق� �ب أن نوقف تقدم الروبوتات. ير ما تبقي من املدينة ..جي� بتطه� – –عندما تنتهي من مهمتك فلتلحق ببقي��ة اإلينيكس فلدينا مهمة ريا. أخرى ..وال جيب أن نبق� �ي جالديوس ينتظر كث ً – –سأفعل هذا ..سيتغري العامل قري ًبا ،وجيب أن نستعد هلذا ..سأغلق اآلن ألكمل املراقبة. قال املتحدث عرب اهلاتف: �م ال يعلمون ما هم مقدمون �بة للعينات فه� – –فلتكمل إذا ..وبالنس� �ط ،بداية العامل اجلديد. �ه ،كل هذا ما هو إال البداية فق� علي� �اعة اليد اليت يرتديها قال الثاني وهو يضغط على بعض األزرار يف س� عند معصمه األيسر: 170
– –سيكون كل شيء على ما يرام يف النهاية ،أنا واثق من هذا ولكن األمر سيتطلب بعض الوقت ،حتى تعود األمور إىل ما كانت عليه ،وسنكرم كأبطال يف نهاية األمر وسأذكرك بهذا ،واآلن سأغلق اخلط. �ايري يفكر فيما مسعه ،اآلليني! كينو! أغلق الغريب اخلط ،فبدأ س� العامل اجلديد! جالديوس! اإلينيكس! بدأ عقله يطرح املزيد من األسئلة �رك من مكانه ليذهب للبيت التالي. فقطع امللثم حبل أفكاره وهو يتح� أخرج سايري سيفه ،وأخذ خطوة للوراء ،ثم انطلق ليقفز يف اهلواء عال ًيا ً �عر به ،فتدحرج جان ًبا ،فسقط سايري هابط ًا على امللثم ،ولكن امللثم ش� �ا حتى خيفف أثر أيض� �ى األرض من ه� عل� �ذا االرتفاع العالي فتدحرج ً رافعا سيفه يف وضعية االستعداد مثل السقوط .وثب على قدميه بسرعة ً جيدا جلعل امللثم يستسلم حتى يستطيع استجوابه الساموراي.اس� �تعد ً ليحصل منه على بعض األجوبة ،فيبدو بأنه يعرف الكثري ،أخرج الغريب �يف ضوئي ين ردائه وضغط على زر فيها ،ليخرج س� �ة صغرية من ب� علب� غريب ،أصفر اللون ،متوهج بقوة ،ويبدو كسيف الكاتانا العادي كالذي حيمله سايري ولكنه مضيء ،كانت حرارته شديدة لدرجة جتعله يقطع �ايري شيئا كهذا من قبل ،رغم اطالعه على أي شيء بسهولة .مل ير س� �ا يف اخلفاء بدون علم رفاقه يف املعبد ،فعلى الرغم من حبه التكنولوجي� �دم الرهيب الذي وصلت �ديد للطبيعة ،مل مينعه هذا من رؤية التق� الش� �ايري بتعجب وترقب إىل إليه اليابان يف هذه احلقبة من الزمن .نظر س� �يف الغريب املتوهج بضوء اصفر ،ومن تكوينه الذي يبدو أشد بكثري الس� وأكثر حدة من سيف الكاتانا احلاد الذي حيمله؛ والذي يستطيع بدوره �ان إىل نصفني بضربة واحدة فقط .فقرر �جار وجسد االنس� قطع األش� ملوحا بالسيف اختبار مدي حدة هذا السيف ،فأنقض على امللثم بسيفه، ً أفق ًيا ،فصد الغريب الضربة برشاقة ،ثم وجه بدوره ضربة أفقية لسايري الذي صدها برباعة ولكن سيفه انقسم نصفني من أثر ضربة سيف امللثم. 171
كاد أن يقطعه هو أيضا ،ولكنه قفز خطوة إىل اخللف بسرعة ،ونظر إىل �عر بغضب عارم جيتاحه ملا حدث لسيفه ،فلقد كان �يفه املكسور ،فش� س� هذا السيف هو أغلى ما ميلك من أبيه املتويف ،أعطاه له هدية منذ عشر سنوات يف عيد ميالده ،وتويف بعد ذلك بسبب مرض السرطان ،ومنذ هذا جيدا ،وال يرتكه أبدا .نظر سايري الوقت وسايري يعتين بهذا الس� �يف ً إىل امللثم بغضب ،وكأنه بركان يكاد ينفجر ،وفجأة لوح بيده إىل األمام، �ة تدفعه بقوة ،فحلق يف �رع بطاقة جمهول� فأندفع امللثم إىل اخللف وش� �يف من يده على �قط الس� اهلواء حتى أصطدم جبدار املنزل خلفه ،فس� �قط بدوره على األرض �دا عن متناول يده بعدة أمتار .فس� األرض مبتع� ً �دث ،وفى هذه اللحظة �دة األمل غري مصدق ًا ما ح� يرتنح ويتلوى من ش� �خص غري طبيعي على اإلطالق فال تذكر كلمة صديقه بأن هذا الش� �رت �عر امللثم بانه قد كس� ريا ،ولكن األوان قد فات .ش� تقرتب منه كث ً �ايري �ض اضالعه من أثر الصدمة ،ويبدو بأن هذه نهايته .اقرتب س� بع� ني ليلتقطه ،ثم أجته �يف الضوئي امللقي على األرض ،وأحن� ناحية الس� ناحية امللثم ببطء والغضب قد اجتاحه ملا حدث آلخر ذكري له من أبيه �ديد، العزيز .أصبح بالقرب من امللثم الذي يتلوى على األرض بتأمل ش� ووضع السيف على رقبته قائال بنربة غاضبة: – –فلتخربني كل شيء اآلن ،واال فلن ترتك لي خيارا إال قطع رأسك. فرد امللثم وهو يبتسم بسخرية وحياول أن يتحامل على نفسه كامتً ا امله: – –فلتقطع رأسي ،فأنا لن أنبس ببنت شفة. �ايري يف امللثم املتأمل أسفل قدمه بغضب شديد ،فقال حبزم محلق س� أكثر وقد بدأت نربة صوته تعلو تدرجييا: – –سأعطيك فرصة أخريه ال تضيعها ..أخربني كل شيء اآلن وأقسم لك بأني سأتركك تذهب وكأن شيئا مل حيدث ..هي قل لي اآلن 172
ملاذا أنا هنا؟ وأين ذهب مجيع من يف القرية؟ �ه ويلتقط أنفاسه األخرية ،فالحظ قال امللثم وهو يتحامل على نفس� سايري أنه بدأ ينزف من رأسه: – –شفاهي مغلقة ولن أنطق بكلمة. �كت قليال حماوال استجماع قوته جمددا للتحدث ،وهو يقاوم األمل س� املربح يف جسده ،فأستطرد قائال: جمددا وأطاردك يف احالمك. – –ال يهمين ما ستفعل بي ،سأعود إليك ً �ايري ينفد ،فهو مل حيصل على أي شيء منه ،ويبدو بأنه بدأ صرب س� �يفعله معه ،أي طريقة هي األفضل لقتله. أبدا ،ففكر فيما س� لن يتكلم ً �د وضع يده يف جيبه وأخرج �يء ،وجد امللثم ق� ولكن قبل أن يفعل أي ش� مسدسا وصوبه على رأسه ،ثم ضغط على الزناد ،فدوي صوت الرصاصة ً يف اهلواء وهي خترتق رأسه ،فخر قتي ًال .وقف سايري مندهش ًا مما حدث �تيعاب ،فقال بينه وبني نفسه: اآلن ،غري قادر على االس� �دو بأن العامل تغري �ل مهمته أهم من حياته يب� �ه؟ ه� – –ملاذا قتل نفس� ريا من��ذ أن غبت عن الوعي. كث ً شعر ببعض اإلثارة مما حدث ،وبدأ يفكر فيما سيفعله اآلن ،لديه اآلن �س ،وجيب أن �ة مل حيصل منها على معلومات اال عن طريق التجس� جث� �ب أن يذهب ،أين املفر من كل �ل طريقه اآلن وهو ال يدري اين جي� يكم� هذا؟ أثناء تفكريه ،قطع حبل أفكاره صوت قرقعة تصدر من ساعة امللثم، �ح جسد امللثم بعينيه لريي من أين يصدر الصوت ،فتوصل إىل فبدأ ميس� أنه من الساعة ،فسمع صوت ًا خيرج منها قائ ًال: – –يبدو بأنك مشغوال اآلن ،لذا سأترك لك هذه الرسالة املسجلة. 173
– –أنا اآلن أراقب العينة الثالثة ،سأعطيك األحداثيات ،حتى ال حتتك به ،لذا فلتتوخي احلذر. بدأت شاشة الساعة تشع وخرجت منها صورة ثالثية االبعاد خلريطة �ة ،وهو ليس ببعيد عن املدينة ،وعليها نقطة حتدد مكان العينة السادس� �ايري اآلن وجهته ،وإىل أين سيتوجه ،فأخذ �ن حظه ،فعلم س� عنه حلس� �اعة من معصم اجلثة امللقية على األرض أمامه ،مثخنة يف اجلراح، الس� رجل يف الثالثني ونزع عنه ردائه الغريب أيضا ،فظهر وجهه بوضوح ،وكان ٍ من عمره ،أصلع الرأس ولديه مالمح أوروبية. �ايري رداءه حتى ال يتعرف عليه أحد ،وال يشك فيه أعضاء أرتدي س� �ود ،فوجد علية �ة .نظر إىل الرداء األس� اإلينيكس اآلخرون أن رأوه خلس� �يا من اليمني واليسار ،وفى منتصف خطان أمحران يقطعان الرداء رأس� �ب أزرق ،وعلى ظهر الرداء �د الصدر ،يوجد نقش بارز ،لكوك� الرداء عن� �د أربعة نقوش بارزة أيض ًا ألربعة كواكب أخرى ،مل يتعرف عليها. يوج� أرتدي الرداء بدون أن يبدي أي انتباه للنقوش الغريبة عليه؛ ووضع غطاء الرأس حتى اختفى وجهه متاما .ضغط على زر يف قبضة السيف الضوئي يف يده ،فأنطفأ السيف ،فعلقه عند خصره ،وأخذ اجلثة ووضعها يف أحد �ر إىل اخلريطة ثالثية األبعاد، يره وهو ينظ� البيوت ،ثم خرج وأكمل س� �ة، ير فيها بالقرب منه ،العينة السادس� �ص إىل النقطة اليت تس� وباألخ� �م املدينة فوق اخلريطة وكانامسها هو أطالنتس! فوجداس� �جار وقف شخص يراقب سايري ،شخص شاهد كل ما من بني األش� حدث بدون أن يشعر به أحد. ***
174
15 �ايري املالبس الرمسية هلذه املنظمة الغريبة املدعوة بعد أن ارتدى س� �ول ،أكمل طريقة �ا كغنيمة من عضوها املقت� باإلينيكس اليت أخذه� �اعرا بأنه يتقدم ناحية النقطة احملددة على اخلريطة ثالثية األبعاد ،ش� ً على اإلينيكس خبطوة اآلن ،فكل ما سيفعله حاليا ،هو الوصول إىل العينة �يطلب منه االنضمام تي تكلموا عنها ،أو كما قالوا العينة الثالثة ،س� ال� معا عضو اإلينيكس الذي يراقبه حتى إليه ويشرح له ما حدث ،وميسكوا ً �ه العينة الثالثة فهذا يعين �يء .وهكذا مبا أن� جيربوه على البوح بكل ش� أيضا ،ومبساعدتهم قد بأن هناك املزيد ،وقرر أنه س� �يحاول العثور عليهم ً �تطيع اجلميع فهم ما حيدث هنا ،واخلروج من هذا املأزق. يس� وضع سايري غطاء الرأس حتى اختفى وجهه بداخله ،وانطلق حنو �مس تغرب يف األفق ،وتلقى بأشعتها احلمراء على األشجار وجهته والش� واألعشاب ،فتصبغها بلون أرجواني. �دا يف املنطقة �ايري ،وهو حياول استش� وهكذا ركض س� �عار أي أح� ً حوله ،عن طريق الشعور بطاقة أجسادهم ،فقد اخلدع اجلميع بقوله بأن �ياء بعقله ،ولكن قدرته تتلخص يف تدفق طاقة قدرته هي حتريك األش� هائلة خترج من جسده يستطيع استخدامها يف العديد من األشياء ،مثل التحريك عن بعد والشعور باألشخاص من حوله ووظائف أخرى عديدة. 175
ريا ،مل يبقي غري بضعة بعد سري طويل ،اقرتب سايري من وجهته كث ً أمتار ،فأختذ حذره بعد أن أبتعد عن الطريق العمومي ،ودخل إىل املدينة، متعمق� ًا بداخلها ،فرأى األبنية احملطمة ،واألطالل ،واحلطام يعم املكان، �ود لونها واألدخنة واجلثث واملتناثرة يف كل مكان وبعض املباني اليت أس� من احلرائق ،فتعجب ملا يراه وقال بينه وبني نفسه: – –ما الذي حدث هنا؟ لقد حدث شيء خطري جعل اجلميع يهرب ،رمبا هرب رفاقي ملكان آخر ،ال أعلم ،ولكن جيب أن أكمل مهميت أو ًال استشعر هدفه أخريا ،فقال بينه وبني نفسه: – –استشعر طاقته ،إنه قريب. �د بينهما الكثري. �ر إىل اخلريطة ليجد أنه اقرتب كثري مل يع� فنظ� أنعطف ميين ًا حبذر يف طريق جانيب ،وسار وقد غربت الشمس ،وحل القمر يره مسع صوت انفجار حملها ،معلن ًا بذلك قدوم الليل ،وفجأة أثناء س� �ا بعيد ،يدوي يف ارجاء املدينة ،فألتف ورائه ونظر إىل كبري من مكان م� املصدر ،ليجد السنة اللهب تتصاعد ألعلى وقد تالها الكثري من األدخنة. �عر سايري بوجود شخص آخر يف األرجاء ،فنظر خلفه جمدداً ،فأحس ش� �خص ما أعلى أحد املباني املائلة واحملطمة ،فنظر سايري ألعلى يف بش� اجتاهه ،فرأى أنه ميسك سالح ًا ما ويصوب ناحيته ،وعلم هذا بسبب ملعان عدسة منظار سالحه وسط الظالم ،عندما سقط ضوء القمر عليها .فجأة اختفى السالح واخنفض الشخص وأخفى وجوده ،فأيقن سايري بأنه أحد اإلينيكس يراقبه ،فاستغل فرصة اختبائه ،وركض بسرعة كبرية ،ناحية �م ألتف حوله ،حتى وجد طريق الصعود ،فلمح املبين حتى ألتصق به ،ث� �س �خص الذي يراقبه وهو يتوارى يف الظالم يف أعلى املبين ،فتحس� الش� �ايري طريقه ،ثم صعد ببطء شديد باجتاهه ليظفر به ويفاجئه على س� عابرا من فوق العقبات الواحدة تلو األخرى، حني غرة .تس� �لق احلطامً ، 176
متوخي ًا احلذر يف كل خطوة خيطوها ،فخطأ واحد سيكشف أمره ،وهكذا �ه ركام كثيف من االحجار �ب يف طريقه ،وكان فوق� وجد أحد املكات� الصغرية ،فوقف على املكتب ببطء ،حماو ًال أال يقرتب من الركام ،وفجأة ذلت قدمه بسبب األتربة ،فاصطدمت بالصخور الصغرية ،فسقطت على �ت ضجة كبرية يف املكان ،فعرف العدو مكانه ،فتوقع بأال األرض وأحدث� مفر اآلن من املواجهة املباشرة .فركض باجتاهه ،وملح العدو وهو يصوب �ع بعض الطاقة يف راحة يده، �وه بقناصة ،فرفع يده إىل األمام ،ومج� حن� وأطلقها يف اللحظة اليت مسع فيها صوت الطلقة تنطلق ،فأستخدم قوة �رى ،لتغري أجتاه القوة األوىل .لكل فعل رد مندفعة ضد قوة مندفعة أخ� فعل .احنرفت الطلقة عن مسارها ،فأكمل سايري اندفاعه ناحية العدو، �وق بعض الركام ،وعرب األخرى �اقة ،فقفز من ف� متجاوز ًا العقبات برش� حبركات بهلوانية. رأى أن العدو يصوب ناحيته مرة أخرى ،فلم جيد الوقت الكايف ليفعل �ل مندفع ًا إىل األمام ،ثم �ابقة ،فأعتمد على حظه وظ� نفس فعلته الس� أحنرف يسا ًرا ،وشعر بأنه الوقت املناسب لتجنب الطلقة القادمة وبالفعل، مبجرد أن احنرف عن الطريق مسع صوت الطلقة تدوي يف املكان ،ولكنها �عر باالطمئنان ،وقرر أن يسرع بسرعة وميسكه قبل أن مرت جبانبه ،فش� يقضي عليه بالطلقة التالية ،فهرول بأسرع ما عنده وسط الظالم املخيم على املكان ،وكان بالكاد يري الشخص املاثل أمامه ،حتى اقرتب كثري ًا �ار حنوه بتوتر ،فجمع �ه وأطلق الن� من العدو الذي بدوره أخرج مسدس� جمددا ودفعها إىل األمام على دفعات متتالية سايري الطاقة يف راحة يده ً لتبعد الطلقات عنه الواحدة تلو األخرى مع مناورته للرصاصات برشاقة، حتى شعر بأنه سيتم أصابته ،فلمعت فكرة يف رأسه ،فدفع شحنات الطاقة �ارت الصخرة ناحية العدو، �طة احلجم امامه ،فط� باجتاه صخرة متوس� لتوقعه ً أرضا ،فأخرج سايري سيف الكاتانا الضوئي ،قافز ًا عليه لتخويفه 177
�رعة على �لم ،ولكن العدو تدحرج ناحية اليمني ،ووثب بس� حتى يستس� �يفه الذي �ايري يلوح بس� قدمه ،أخذ ًا وضعية الدفاع عن النفس .ظل س� �ف عن الشخص الغريب الذي يقف أمامه، أنار املكان املظلم قلي ًال ،ليكش� فلمح سايري أنه ضخم اجلثة وعريض املنكبني ،ويبدو كأحد املصارعني �ايري يلوح بسيفه بال هداوة حتى حدث ما مل مفتولي العضالت ،فظل س� يتوقعه.
***
178
16 يرون بانتظام وثبات شديد ،فقال سار إريس وسط اجلنود الذين يس� إريس يف قرارة نفسه: – –وما هو الشيء األفضل من اجليش للتحكم بالبشر وجعلهم كدمية �تكي ،أو تتحرك بتناغم تام كما يريدونها أن تتحرك ،بدون أن تش� �كك فيما تفعله .فقط يسريون وقد غسلت عقوهلم تعرتض ،أو تش� متاما ،ولكن على بالكامل ،ولكنهم ال فرق بينهم وبيين يف شيء ،فأنا مثلهم ً األقل أنا أستطيع أن أميز بني الصواب واخلطأ ،حتى لو فعلت اخلطأ. يره وسط األشجار ،متأم ًال الطبيعة اخلالبة ،فالطيور تغين أكمل س� لبعضها البعض فوق األشجار ،واهلواء يداعب أوراق الشجر فترتاقص يف �ات هنا وهناك ،ليحصلوا على قوط تناغم تام ،ويركض بعض احليوان� �مس من بني األغصان املتشابكة فوقهم لتنري �لل الش� يومهم ،بينما تتس� الغابة ،وتنشر الدفء يف املكان. �ن الغابة ،ليجد ريا م� �د فرتة طويلة من الس� وبع� ير ،خرج إريس أخ ً ريا أمامه ميتد على ساحة خضراء شاسعة ،حماط ًا ببعض �كرا صغ ً معس� ً �وار الشائكة ،كان املعسكر كناية عن العديد من املخيمات خضراء االس� اللون ،واليت تقف جبانب بعضها البعض بشموخ ،بشكل طولي على مدي �ة وذها ًبا ،ويتنقلون �ن ،وبداخلهم يتحرك اجلنود جيئ� صفني متجاوري� 179
�ض الالقطات اهلوائية ،وبعض أيضا بع� من م� �كان آلخر يف عجلة .رأى ً احلواسيب بداخل املعسكرات ،وعند بوابة املعسكر وقف جنديان يف صمت �ا باعتدال ،وهما �ادم ومعه اجلنود ،وقف� �ا رأوا الكابنت ق� وثبات .عندم� يوجهان التحية العسكرية حنوه ،فبادهلم الكابنت التحية ،فقام اجلنديان بفتح البوابة ليدلف الكابنت واجلنود وإريس إىل املعسكر .أخذ اجلنديان �اؤل ،فنظر إليهما بدوره ،ثم أشاح �كك وتس� يرمقان إريس بنظرات تش� بنظره بسرعة ،وهكذا سار الكابنت ملق ًيا التحية على كل من يراه ،بينما �يته ،بسبب معاملة ير وسط حاش� �عر وكأنه ملك يس� كان إريس يش� متذكرا ماضيه املؤمل يف �ه �وك اليت يتلقاها .فرتقب املكان من حول� املل� ً أحد املعسكرات الشبيهة ،وتساءل هل كان ماضيه هو السبب يف حاضره؟ جزءا وهل هو السبب يف أنه اختري ليستخدم هذه القوة الغريبة ،ويصبح ً �ة اآلن ،وعدم مقرته �ى الرغم من أن الصورة مبهم� مما حيدث هنا؟ عل� �يخربه بكل شيء ،ألنه على فهم ما حيدث هنا ،ولكن ال بد أن الكابنت س� يبدو وكأنه يبجله بطريقة ما ،ويظن بأنه قادم للمساعدة ،أنها سخرية �ن أجله إىل مصر يف �س هذا ما جاء إريس م� �در كما يقولون ،فلي� الق� �ى معهم لكيال يتم كشفه .شعر باالمتنان ألنه البداية ،ولكن سيتماش� �ة يف الطريق ،وارتداها ،فلو �ذ بعض املالبس من أحد املتاجر الفارغ� اخ� �يحدث .قطع �فى تلك مل يعرف ماذا كان س� كانوا رأوه مبالبس املش� شرود إريس صوت الكابنت احلازم ،وهو يشري له بأن يدخل إىل اخليمة اليت �ه ثم دلف إىل اخليمة فو ًرا ،وهناك وجد يقف أمامها ،فأومأ إريس برأس� �ون على بعض احلواسيب ويتمتمون باللغة العربية بعض اجلنود جيلس� أحيان� ًا ،ويضغطون على بعض األزرار هنا وهناك ،وفى منتصف اخليمة، �خص يبدو ذو رتبة عالية ،وينظر إىل خريطة ثالثية األبعاد على يقف ش� الطاولة أمامه هو وبعض الرتب األخرى ،مشريون لبعض املناطق احلمراء �دة يف شيء ذو أهمية قصوى. يف اخلريطة ،ويبدو وكأنهم منهمكني بش� 180
�خص ذو الرتبة الكبرية، �ن باخليمة ،ثم انطلق إىل الش� حيا الكابنت م� وهمس يف أذنه ثم وجه نظره إىل إريس ،فنظر الشخص ذو الرتبة العالية �م باجلدية تتغري. �ه ،وقد بدأت مالمح وجهه اليت كانت تتس� أيضا إلي� �ة ثواني من اهلمس ،أبتعد الكابنت وتوجه إىل إريس ،ثم تكلم وبعد بضع� معه بلكنته الغريبة ،قائال: – –تفضل يا سيد إريس ،أريد أن أعرفك إىل اجلنرال. �رة .فقال �ى أصبح أمام اجلنرال مباش� �ار معه حت� فوافق إريس وس� �ال على صوته: �رال وقد طغي االنفع� اجلن� – –مرحبا بك معنا ،لقد انتظرنا وصولك. �تطيع فعله يف هذا �يء يس� فبادله إريس التحية ،ثم صمت ،أفضل ش� �ى يتبني ما حيدث حوله. املوقف هو الصمت حت� فقال اجلنرال حماوال هز شباك العنكبوت: – –أنت تعلم ملاذا أنت هنا بالطبع؟ قال إريس بينه وبني نفسه: – –ال ال أعرف .حسنا ،سيتم اكتشاف أمري جيب أن أتصرف حاال. فقال بثقة: – –بالطبع ،وأريدك أن تشرح لي آخر املستجدات. �اف أمره ،فأبتسم �عر إريس بأنه مت اكتش� صمت اجلنرال قلي ًال فش� اجلنرال قائ ًال: – –بالطبع سأقول لك ،أنا آسف ..ولكنى أشعر بأني رأيتك يف مكان ما. 181
فقال له إريس وهو حياول أن يرجتل: – –بالطبع ،رمبا يف أحد الزيارات أو شيئا كهذا. فضحك اجلنرال مربت ًا على كتفه: – –نعم رمبا رأيتك يف أحدها .واآلن سأشرح لك آخر املستجدات. ير �ار إلريس بأن ينظر إىل اخلريطة ثالثية األبعاد ،قائ ًال وهو يش� أش� ألحد املناطق احلمراء: – –لقد استحوذت الروبوتات على هذه املنطقة أيضا. نزلت الكلمات على إريس كالصاعقة ،ومل يصدق ما مسعه يف الوهلة األوىل. �يطرت الروبوتات على مصر ،هل �ات ،هل ميزح معي ،كيف س� – –روبوت� �ر من املدينة ،والدمار احمليط بالعديد من �ر اختفاء البش� هذا يفس� األبنية واملنشئات. أكمل اجلنرال قائ ًال: – –منذ أن قامت ثورة الروبوتات على البشر منذ مخس سنني وبالتحديد يف سنة .2050 صعق إريس أكثر مما مسعه ،وبدأ مبحاولة اخفاء مالمح الريبة على وجهه: نائما – –حنن يف عام 2055اآلن ،ما الذي حيدث هنا حبق اهلل؟ لقد كنت ً �نني! هذا يفسر اللحية الطويلة يف هذا الربج اللعني منذ مخس س� �عر الطويل ،واحلقنة اليت أخذتها يف الربج ألستطيع حتريك والش� �دي ،ولكن مل أتوقع بأنه قد مر مخس سنني ،ما الذي حدث لي جس� 182
�نني؟ كيف أصبحت هنا؟ وكيف غزت اآلالت مصر؟ منذ مخس س� �ن حظه ركز إريس مع اجلنرال وهو يلقى حماضرته ،واليت من حس� �اعدته يف فهم عدة أشياء .أكمل اجلنرال بنربة كئيبة: س� – –حنن نواصل كل جهودنا لتدمري هؤالء املالعني ،ولكن هذه األشياء �رعة رهيبة ،ويستخدمون معنا أسلحة غريبة ال نعرف من تتطور بس� �قط الكثري من الضحايا أين حصلوا عليها ،حتى بدأنا نرتاجع وس� �ذا كل ما حدث؛ بل أنهم �م ،ولكن ليس ه� أثر هذا االحتالل الغاش� �فن الغريبة اليت حتوم يف السماء، �تخدمون بعض الس� أصبحوا يس� رمادا ،حتى قضوا على معظم وبضربة واحدة جتعل املكان أس��فلها ً قواتنا ،فبدأنا خنتبأ يف الغابات ،ونبعث بعض اجلواسيس الكتشاف �رهم فنحن ال نعرف كيف متردت علب الساردين هذه علينا ،فلم س� تي متكن الروبوت من �ذكاء االصطناعي بعد للمرحلة ال� يصل ال� �ول على الوعى الكامل ،فإن صنفنا الذكاء االصطناعي منذ احلص� مخس سنني فإنه بنفس ذكاء ووعى طفل عنده مخسة عشرة سنة، أنا ال أظن بأن طفل يف هذا العمر يستطيع التمرد على أبويه وصنع أشياء متقدمة كهذه. �تجمع أفكاره ،ثم أكمل والغضب يشع من صمت اجلنرال قلي ًال ليس� عينيه: �ردوا يف كل أحناء القاهرة �رون كالوباء ،ومت� �ذا بدأوا ينتش� – –وهك� �يطروا �روا ليحتلوا معظم مصر ،بل وس� اجلديدة كبداية ثم انتش� �ات ليصنعوا املزيد �ى املصانع املختصة يف تصنيع الروبوت� أيض ًا عل� منهم ،ولكنهم يف احلقيقة أبهرونا ،فقد صنعوا أشياء أضخم وأعظم بكثري مما ميكننا أن نتخيل ،ليس ه��ذا فقط ولكنهم أصبح لديهم لغة وأعلنوا دولتهم على املأل أمام العامل كله يف التلفاز ،وأعلنوا بأن 183
البشر سيتم طردهم خارج البالد ،ومن سيحاول املقاومة سيتم قتله، �اعدة ولكن قواتهم أبيدت عن بكرة وبالطبع حاولت بعض الدول املس� �ر وقد مسعت بأن العديد �ا ،جملرد حماولتهم االقرتاب من مص� أبيه� متاما من �ل ما حدث لنا وق� �ن الدول حدث هلا مث� م� �د مت حموها ً �ذه القوة املدمرة وهي تكرب �ود مما جعل العامل يرتقب بقلق ه� الوج� �تطيعون أن يفعلوا أي شيء ،ال وترتعرع أمام أعينهم بينما هم ال يس� �تطيع الدخول إىل مصر بعد اآلن ،فلقد مت احتالل معظم أحد يس� أراضيها منهم وهذا جعل اجلميع ينتقل للهرب إىل مدينة أطالنتس �ة يف غرب مصر ،وأحيطت بدرع من البالزما مينع أي طائرات الواقع� �يقرتب سيصطدم بالدرع من الدخول إىل الغالف اجلوي هلا ،فمن س� ويسقط كالذبابة ،وحتى ولو جنح أحدهم بالدخول ففرصته للنجاة �ا الروبوتات ،وهكذا �لحة الغريبة اليت متتلكه� منعدمه يف ظل األس� �ة األخرية لنا تقبع هنا يف أطالنتس ،وظلت أطالنتس آمنة فاملقاوم� �تقبل الجئني من كل أحناء العامل من كل األلوان واالشكال وتس� واجلنسيات ،حتى جاء هذا اليوم امللعون .فأثناء تنفيذ خطة وضعتها �ع باألراضي لتشمل مساحة احلكومة لصد عدوان الروبوتات والتوس� �احة أطالنتس احلالية حتى تتسع للجميع ،وبطريقة ما ضعف مس� مل يعرفها أحد؛ استطاعت الروبوتات الدخول عندما مت تنفيذ خطة التوسع ودمرت أطالنتس وقتلت املاليني من البشر ومت تدمري نصف ير معظم الروبوتات ومل �ي ،وبطريقة ما مت تدم� اجليش األطالنتس� نفهم كيف حدث هذا؟ ولكن بعد اجلنود ذكروا وجود جنود غرباء �ماء ،ومل يصدقهم أحد ،ولكن الروبوتات مل يستطيعوا جاءوا من الس� �ون ،وعاج ًال أم اج ًال �س بعد ،ولكنهم حياول� �يطرة على أطالنت� الس� تي تراها أمامك باللون �يأخذونها .لقد دمروا بعض املناطق ال� س� �وال تدخل هؤالء اجلنود �ن ال يزال أمامهم الكثري ،فل� األمحر ،ولك� 184
�ا ..ولكن رمبا يكون هؤالء �يئا لكنا هلكن� الذين ال ندري عنهم ش� �تطيع �اعدة فنحن مل نعد نس� �ود جاءوا من دول أخرى للمس� اجلن� �نوات. التواصل مع الدول األخرى منذ مخس س� توقف ،وقح قلي ًال ،ثم أضاف بصوت الذع: ير من األهمية ،لقد �ة مل يعر أي من الدول لثورتهم الكث� – –يف البداي� �ذا الضباب الغريب الذي �يئا غريب ًا بالطبع ،واالغرب هو ه� كان ش� �ات للقوانني الثالثة �بب يف اخرتاق الروبوت� ظهر يف كل مكان وتس� �ر أو االعتداء عليهم ،وعندما انقشع هذا اليت متنعهم من قتل البش� �يئ ًا غري اخلراب. الضباب مل يتبقى ش� �نوات وعن اجملازر اليت حتدث يف �تمر حديث البشر عنهم لعدة س� اس� �يء الذي من �م توقعوا بأن نقضي عليهم ،وكان هذا الش� مصر ،ولكنه� �م وقضينا على الكثري ترض أن حيدث ،وكنا بالفعل قد كبحناه� املف� منهم ،حتى انتشروا فجأة كالوباء ،وخرجوا من كل مكان ،قاتلني كل �اء وشيوخ ،ولقد بدأت من يعرتض طريقهم ،ال يفرقون بني أطفال ونس� الثورة كما قلت سابق ًا من القاهرة اجلديدة ،ثم انطلقت بعدها لكل مكان، ولكن أطالنتس كانت حمصنة لفرتة طويلة ،ولكن وبعد مخس سنني من �يطرة ،وبعد أن أعلنوا دولتهم يف عام ،2052وسيطروا على اهلجوم والس� �يناء ،وسيطروا على معظمها؛ ولكن كل أحناء مصر ،ثم انتقلوا إىل س� �ا هذه هي املدينة الوحيدة اليت ال زالت صامدة حتى اآلن .وهلذا مدينتن� �عي وراءاها بالقوة ،صمدنا أمامهم بعض الوقت ،حتى حدث بدأوا بالس� �رب املواطنون إىل أحد املالجئ �ا حدث وهلك نصف جنودنا وهكذا ه� م� �ن مصر نهائي ًا ،وبقينا حنن �ة الغرب ،ينتظرون الفرصة للهروب م� ناحي� �ر واألمل الوحيد .ولكن مل نتوقع أبدا كاملقاومة الداخلية األخرية ملص� بأن يستطيع أحد اجلواسيس من االحتاد األوروبي الدخول وعبور الدرع، 185
صامدا أم سقط كيف فعلت هذا؟ وماذا حدث لالحتاد األوروبي هل ظل ً لامي؟ أيضا ،وماذا حدث لبقية دول االحتاد اإلس� هو ً �ى مالحمه وفكر يف �ؤال املفاجئ وحاول أن خيف� توتر إريس من الس� كذبة سريعة فقال: �فل املاء فالدرع ال حييط الدولة من األسفل ،وقد – –لقد عربت من أس� �هل ..لكياستفسر عما حيدث بعثوني وحدي حتى تكون املهمة أس� من الداخل وأمجع منكم بعض املعلومات اليت قد تساعدنا يف تدمري هؤالء املالعني ،كي أسربها للخارج ..أما االحتاد فهو ال زال خبري ريا هلجمات اآلالت وقد شنت العديد من احلروب ولكنه يتعرض كث ً لكبحهم وهلذا ال نستطيع أن مند املساعدة لكم ،ونفس الشيء لالحتاد أيضا من هذه اآلالت وقد سقطت اإلسالمي فهو يتعرض هلجوم شرس ً �ف على قدميه. �دول ولكن البعض اآلخر ال زال يق� �د من ال� العدي� مادحا إياه: بدا أن اجلنرال قد أقتنع بإجابته ،فقال ً �جاع يا صديقي ،لقد فعلت كل هذا من أجل جندتنا، – –يا لك من ش� �داوات بيننا ..وأمتنى �م هذا رغم الع� أبدا مجيلك� لن ننس� �ي لكم ً �ؤالء املالعني ..لقد لامي من ه� أن ينجو االحتاد األوروبي واإلس� شنيعا. �تخدامنا هذه اآلالت خطئ ًا أخطئنا باس� ً أبتسم إريس ،وهو يشعر بالريبة مما حيدث ،وأحس بأنه يف مقلب ما، أي جندة يتحدث عنها ،مل تكن هذه مهمته إطالق ًا عندما ذهب إىل مصر، مل يأتي ليساعدهم ،بل ليسرق بعض األشياء واملعلومات منهم .كما أنه شعر بغباء اجلنرال ،احق ًا يظن بأن االحتاد االوروبي قد يأتي ملساعدتهم �اعدهم فقط ألن هذا األمر يهدد أمنهم القومي بداعي اإلنسانية ،ستس� بالطبع ،وقد يستمر تطور الروبوتات حتى يصل إليهم. 186
قال إريس بابتسامة هادئة: �ن املصاعب ولكن احلمد هلل ،وصلت إليكم – –نعم لقد مررت بالكثري م� �فتموه عن هذه الروبوتات. ريا ،واآلن أخربني مبا اكتش� أخ ً تنفس اللواء الصعداء ،ثم تنهد قائ ًال: �يئ ًا واحد قد يبدو جنون ًيا بعض الشيء ،ولكن ال �ف غري ش� – –مل نكتش� �ه اجلنون .حنن نظن بأن هناك قوة من �يء مما حيدث ال ميس� ش� �اء تدعم هذه الروبوتات. الفض� فرغ فم إريس من الدهشة ،وقال وهو يتمتم: – –أتقصد ..فضا ..ئيني. فأومأ اللواء برأسه قائ ًال: – –نعم هذا ما نقصده ،هناك شيء غريب خيص هذه الروبوتات ،األسلحة املتطورة اليت ميتلكونها ،واملعدات اليت مل يري هلا البشر مثيل. �ت ال تري كيف طوروا مصر �ا أنهم يبدون غاية يف الذكاء ،أن� كم� اآلن بعدما سيطروا عليها ،فأصبحوا يعيشون فيها يعملون ويبنون العديد من األشياء اليت تذهب العقل من روعتها ،لقد أصبحت مصر حق ًا الدولة األوىل يف كل الصناعات بسبب قوتهم وذكائهم يف صنع األشياء الغريبة، اليت مل ختطر على قلب بشر من قبل. �و مل يتوقع بأن حيدث كل هذا، �عر إريس بالصدمة ملا مسعه ،فه� ش� �دة تلو األخرى بال �أن يتلقى كل هذه املصائب الواح� واألصعب منه ب� برج؟ وملاذا ميلك قوت ًا كهذه؟ �تيقظ يف هذا ال� توقف ،وفكر يف ملاذا اس� �ر يف كل ما حيدث ثم قال: صمت قليال وهو يفك� 187
�ون هناك عامل ما �اح اللغز مفقود اآلن ،أنه قد يك� �د بأن مفت� – –أعتق� وضع هلم هذا الذكاء االصطناعي اهلائل ،وهو يتحكم بالدولة اآلن وخيتبأ خلف الكواليس بدون أن يعرف أحد أي شيء عنه ،وكمعظم �يطرة على العامل. اجملانني قبله ال بد بأنه يريد الس� فكر اللواء قليال وهو حيك ذقنه الكثة ثم قال: – –ال أرجح هذا ،فكيف لعامل واحد أن يتجاوز بقية العلماء جمتمعني ،مل يستطع أحد أن جيعل الذكاء االصطناعي يصل إىل مرحلة الوعي الكامل بعد ،ينقصنا الكثري والكثري من سنني العمل لنصل إىل هذه املرحلة. �ر إىل املناطق احلمراء متفحصا اخلريطة ،ونظ� �س قلي ًال صمت إري� ً على اخلريطة ،وكانت املناطق احلمراء اليت استطاعوا أن يدمروها ،هي املناطق الشرقية .شعر إريس ببصيص من األمل وهو يتفحص اخلريطة، فقال وهو ال يزال حيدق بها: – –كم تستطيعون أن تصمدوا أمامهم؟ فكر اجلنرال قليال ثم قال: �ا كادت تنفد، �نة كاملة ..فذخائرن� �رف ..أظن ملدة س� – –ال أع� �تطيع تصنيع أو �راب .مل نعد نس� �ك خمزون الطعام والش� وكذل� �يء يف ظل هذه الظروف. �ترياد أي ش� اس� رد إريس: �د املالجئ يف الغرب؟ وهكذا فأنهم مبأمن – –قلت لي بأن املواطنون عن� �د ..واآلن أخربني ما هي �نا هذا خرب جي� اآلن من الروبوتات ،حس� �االت أن خنرجهم من أطالنتس؟ نقاط ضعفهم؟ وما هي احتم� 188
�ى نقطه محراء عند �ار بأصبعه عل� نظر اجلنرال إىل اخلريطة وأش� الشرق .فقال: تي يوجد بها املولد الذي ميدهم – –أتري هذه املنطقة ،أنها املنطقة ال� �يء الذي جعل تقدمهم بطيئ� ًا يف احتالل مصر هو بالطاقة ،فالش� �د مولدات طاقة �حن طاقتهم عن طريق تواج� �م حيتاجون لش� أنه� �هم فيها بضعة ساعات ثم �حنون أنفس� على مدي معني منهم .يش� �اقطون بعض فرتة من الزمن، �ون .فإذا دمرنا املولد سيتس� يتحرك� �يكونون كعلبة من اخلردة. وس� حدق إريس إىل اخلريطة باهتمام شديد قائال: �م ،وطردهم خارج �نتمكن من القضاء عليه� �إن تدمر املولد س� – –إذا ف� �روا املولد حتى اآلن؟ �تطيعوا أن تدم� املدينة! ولكن ملا مل تس� رد اجلنرال وبدا على وجهه اإلحباط: – –ال نستطيع االقرتاب منه ،احلماية عليه قوية جدا ،فالذهاب لتدمري �د هو مبثابة انتحار تام ،ومل يعد معنا غري القليل من الطائرات املول� والذخرية اليت ال نريد أن نضحي بها مقابل شيء غري مضمون كتدمري املولد .حاولنا عدة مرات تدمريه ولكن كل حماوالتنا بائت بالفشل. �وان حمبوس يف قفص ثم �م ذها ًبا وإيا ًبا وكأنه حي� ذرع إريس املخي� توقف قائ ًال: – –إذا منذ البداية عندما كان لكم األولوية القصوى ملاذا مل تدمروا املولدات؟ صمت اللواء قلي ًال ليستجمع أفكاره ثم قال: �وب �ى اآلن ،فاملولدات يف ذلك الوقت عند نش� �ا حرينا حت� – –هذا م� �ة حتت األرض ،يف أنفاق الصرف الصحي ثورة اآلليني ،كانت مبني� 189
�دري متى مت �د من املولدات ،مل ن� �د العدي� �ا ،وكان يوج� بأكمله� �وت يف مصر ليخدم �ن طورنا نظام الروب� �ا؟ فكما تعرف حن� بنايته� اإلنسان ويسهل عليه حياته ،فالروبوتات كانت مربجمة بدون مشاعر �ان، �ة يف التفكري والتعبري ،لكي تعمل فقط بد ًال عن اإلنس� أو حري� �ون البيوت ،ويزرعون وحيصدون ،وينظموا املرور ،ويعملون فكانوا يبن� �رطة يف القضاء على العصابات واالمساك باجملرمني أيضا مع الش� �د بعض الروبوتات حتت األرض وما إىل ذلك .وبالطبع كان يوج� يعملون يف تعمري البنية التحتية وصقله��ا ،ولكن الروبوتات كانت حتتاج إىل شحن بطاريتها بضعة ساعات ،وهكذا وفى هذا اليوم املشؤم �نوات ،خرجت الروبوتات عن السيطرة يف كل مكان، منذ مخسة س� وبدأوا بقتل أصحابهم وحرق البيوت ،وتدمري املمتلكات العامة .قامت �رطة بردعهم وتدمري الكثري منهم ،وظننا أننا بدأنا نقضي على الش� �ات خرجوا بعدها باآلالف من كل حدب هذا التمرد ،ولكن الروبوت� �ا نرتاجع لنأمن �كان كبحهم بعد اآلن فظللن� �ى مل يعد باإلم� حت� �وات اخلاصة كانت تتنقل حتت مهرب� ًا للمدنيني .ولكن بعض الق� األرض لتباغت الروبوتات وتعرف سرهم وكيف متكنت هذه الكائنات �رعة؟ وما الدافع �ر بهذه الس� من التمرد علينا هكذا؟ وكيف تنتش� �اء تنقلهم حتت األرض ،فوجئوا بهذه املولدات الذي حيركها؟ وأثن� الضخمة ،ولكن الروبوتات باغتتهم وقضت عليهم ،فصور أحد اجلنود �لها إلينا قبل أن يقضي حنبه ،وبهذا عرفنا الشجعان املولدات وأرس� �ذه املولدات هي ما متدهم بالطاقة. بأن ه� صمت قلي ًال فتذكر شيئا فأردف يقول: �ائعات تقول بأن الربج الرئيسي الذي ميد – –كما أن هناك بعض الش� الروبوتات بالطاقة يف القاهرة اجلديدة هو السبب يف بداية التمرد.. 190
ألنه ميدد األنفاق والطرقات بالطاقة النظيفة وإن حتكم به أحدهم قد أيضا . ..ولكن هذه الشائعة يستطيع بطريقة ما التحكم يف الروبوتات ً غري مؤكدة إىل اآلن ..فال أحداستطاع الوصول إىل القاهرة اجلديدة. �ذه القصة اليت يلفها الغموض، �ديد به� بدا على إريس االهتمام الش� فقال وهو حيدق يف اجلنرال: برجا ،كيف يبدو هذا الربج؟ – –هل قلت ً �به أبراج الطاقة املوزعة يف أحناء أطالنتس واليت تساعد على – –إنه يش� بقاء القبة ومحايتنا من الروبوتات. �ا مسع هذا ،ولكنه �عر إريس بأن نبضات قلبه قد تضاعفت بعدم� ش� �يئا ما خطأ هنا يف هذه �م ملاذا أصبح بداخل هذا الربج ،هناك ش� مل يفه� القصة ولكنه ال يعلمه بع��د ،فقطع حبل أفكاره قائ ًال: – –إذا لقد عرفتم ما الذي ميدهم بالطاقة اليومية ليتحركوا ،ولكنكم مل تعرفوا بعد من كان حيركهم وجعلهم يقومون بالتمرد؟ قال اجلنرال وكانت عيناه تفيضان ا ًملا وحزنا: – –نعم لألسف مل نعرف بعد من حيركهم ،ولكن كما قلت فنحن ننسب �اء ،أو أن هناك دولة تدعمهم يف اخلفاء، �م إىل قوة من الفض� مترده� ريا آخر لتمرد هذا اآلالت علينا بدون أدني سبب. فنحن ال جند تفس ً �ددا ،ثم حاول االلتفاف بالكالم التف إريس وحدق إىل اخلريطة جم� ً �ى به األمر يف هذا الربج فقال: ليفهم كيف انته� �اهقة اليت – –عندما كنت يف طريقي إليكم رأيت أحد هذه األبراج الش� �رى غري إبقاء القبة �ذ قليل ،فهل لديه وظيفة أخ� �ت عنها من� تكلم� لتحمي أطالنتس؟ 191
أبتسم اجلنرال قائال: �نوات بدعم من احلكومة ،فهذه األبراج �ت س� – –لقد مت بنائها منذ س� تأخذ ضوء الشمس ،وحتوله إىل طاقة مشسية ،وترسلها عرب كابالت �ة غري املنتهية ،فبهذه �فل األرض ،فتمد أطالنتس كلها بالطاق� أس� �ة ،وأصبح لدينا �ة إىل مصادر الطاقة املنتهي� �راج مل نعد حباج� األب� �دا ،وهلذا فهي ال متد القبة فقط مصادر طاقة متجدد ال تنتهي أب� بالطاقة بل املدينة بأكملها. بدا على إريس الدهشة ،فحاول أن خيفي دهشته فقال بنربة منفعلة: – –هل يوجد أبراج أخرى؟ فرد اجلنرال بتعجب: �ا؟ أنها آخر ما �أل عنه� �بعة أبراج آخرون ،ولكن مل تس� – –نعم يوجد س� يشغل بالنا اآلن. قال إريس بينه وبني نفسه: �بعة أخرىن ،هل يعقل �بعة أبراج أخرىن هذا يعين بأنه هناك س� – –س� �ن أمل يكونوا مثانية؟ هناك �وا املتأهلون يف االختبارات ولك� أن يكون� شيء خاطئ يف هذه األبراج ،أنها ال تستعمل فقط لتمدهم بالطاقة أيضا طوال هذا الوقت ،وعندما الشمس� �ية ،فأنا كنت حمبوس فيها ً استيقظت وجدت نفس��ي أمتلك هذه القدرة العجيبة ،ومت تدرييب �يء خاطئ عليها داخل الربج ألتقنها .ما الذي حيدث هنا؟ هناك ش� بالتأكيد ،شيئا خمفي عن اجلميع. حاول إريس أن خيفى ريبته أجتاه األشياء اليت مسعها عن الربج فقال بابتسامة هادئة: 192
�د أن اعريها انتباهي ولكنها كانت تبدو مريبة ،فأردت أن – –ال ،مل أقص� أستفسر منك عنها ،اعتقدت أن هلا عالقة ما مع الروبوتات. بدا على اجلنرال أنه أقتنع حبجته ،فقال بنربة خافتة: ين ،ألنهم يريدون تدمريها بأي �س هلا عالقة بهؤالء املالع� – –ال ،ال لي� طريقة لتختفي القبة ولكين أتعجب ملاذا مل يدمروها حتى اآلن رغم مقدرتهم على هذا! فضحك إريس ليخفي توتره وتساؤالته ،ثم قال: – –كم عدد املولدات يف أطالنتس اآلن. فكر اجلنرال قليال ،ثم قال: – –يوجد مولد واحد كبري ،ولكن عليه حراسة شديدة ،ودرع من البالزما حيميه ،لذا فتدمريه أمر صعب للغاية. صمت إريس قليال وأخذ يذرع الغرفة وذها ًبا وإيا ًبا وهو يفكر ،فقال: �اعدني على �ا اللواء ،فهل ستس� �ة لتدمريه أيه� �ن أن لدى خط� – –أظ� تنفيذ ها ؟ بدا على اجلنرال السعادة ،وحتولت مالمح وجهه احلازمة الكئيبة إىل مبتسما: مالمح شخص يشعر باألمل فقال ً – –نعم بالطبع سأساعدك ،أي شيء تريده سأحاول أن أوفره لك. صمت قليال ،مثاستطرد قائال: – –واآلن أخربني ما هي اخلطة؟! نظر إريس إىل اخلريطة قائال: 193
– –أريدك أن حتدد لي موقع املولد. �رقي ،البقعة احلمراء الغامقة، �ار اجلنرال ناحية الساحل الش� فأش� فقال: – –إنه يف هذا املكان بالضبط يف أحد املستودعات ،وعلية محاية شديدة. أشاح إريس رأسه عن اخلريطة ووجهها إىل اجلنرال قائ ًال: – –واآلن فلتستمتع إىل جيدا. ***
194
17 �ايري بضع خطوات من املفاجأة اليت رآها، �ط الظالم تراجع س� وس� �خص الواقف أمامه ميتلك قوة أيض ًا مثله .شعر سايري لقد كان الش� �ديدة ،أحس للحظة بوجود شخصن آخرين يف املكان غري باحلماقة الش� الشخص املاثل أمامه ،فعلم أنه أخطأ اهلدف حتم ًا ،وأن الشخص الواقف �ه الذين عزم على جتميعهم �ودة ،واحدا من رفاق� أمامه هو ضالته املنش� وإخبارهم مبا يعرفه عن املدعوين باإلينيكس ،وعن األس��رار اليت عرفها �ن كل هذه األحداث �يتوصلون إىل خمرج م� معا س� منه� �م ،وباحتادهم ً الغريبة ،ولكن شتان ما بني هذا وهذا اآلن ،فتهوره هذا مل يعد من املمكن إيقافه على اإلطالق ،فكيف سيخرب الشخص الذي كان حياول قتله منذ �اعدته؟ لقد فات األوان. قليل بأنه هنا ملس� �تخدام قدرته بالكامل، �ع إيفانوف إىل اخللف وقد عزم على اس� تراج� �أزق .تراجع يف الظالم �د اآلن من هذا امل� �تكون خمرجه الوحي� ألنها س� بضعة خطوات ،ثم بدأ .فجأة حتول جلده إىل اللون األسود ،وأخذ السواد �ده بالكامل ،مهيمن ًا عليه حتى أصبح لون بشرته �ي جس� يتصاعد ويكس� �ود بالكامل ،حتى أمخص قدمه .ولكن شعره األشقر بقي كما هو. أس�
195
أيضا �ن املعدن الصلب الذي يغطي جس� مل يك� �ده فقط للحماية ،بل ً حمصن ضد األمل وقادر �ف قوته البدنية عدة مرات .ليجعله كان يضاع� ٍ �ر ،ولكن بالطبع لكل قوة �ياء ثقيلة للغاية ،أصبح ال يقه� على محل أش� �ود عليه ال تتعدي اخلمس �ة ضعفها ،فاملدة اليت يبقي الدرع األس� نقط� �ق .ولقد تدرب كثريا حتى جعله يصل إىل هذه املدة وهو يف الربج. دقائ� شعر سايري بأن ايفانوف قد اختفى وسط الظالم متاما ،فهو مل يعد يراه على اإلطالق ،ولكنه كان يشعر به ،يشعر بتدفق طاقته أمامه ،وقد ريا وتضاعفت ،فأحس سايري بشيء غريب فقال: أحس بأنها قد ازدادت كث ً – –توقف ،أنا لست عدوك ..لقد أخطأت اهلدف. �وداء خترج من الظالم مندفعة ناحيته، يدا س� مل يتلق رد ولكنه وجد ً فرفع سيفه ليحمي جسده من اللكمة القادمة بسرعة ،فاصطدمت اللكمة بالسيف ،بينما مسع صوت ايفانوف يقول بنربة متجهمة: – –بالطبع. �ايري إىل اخللف من قوة اللكمة ،ومن حسن حظه أن السيف طار س� �م اآلن .أرتطم باحلطام يف �ه الصدري قد حتط� �اه واال لكان قفص� مح� املبين أثناء سقوطه ألسفل املبين املائل بال توقف ،وأخذت الصدمات تأتي الواحدة تلو األخرى ،فشعر بأنه لن يتوقف بسبب ميالن املبين وأن جسده �ه ألعلى قليال وهو يقاوم اهلواء واجلاذبية، �يتحطم هكذا ،فرفع رأس� س� �يف يف األرض ،فشق السيف املبين ،ولكن وقام برفع يده اليمين ،ليغرز الس� �ببه جعل سرعة سقوطه تبطئ بالتدريج حتى توقف، االحتكاك الذي س� �ده ،فأخذ �عر باألمل يهيمن على كل جس� �دد على األرض وهو يش� فتم� �ده ،وتذكر تدريباته الصارمة يتنفس الصعداء ،حماو ًال التمكن من جس� 196
لتحمل األمل يف الطبيعة .حب سايري للطبيعة جعله يتعلم منها الكثري، �ن املاء البادر يف صمت لال م� ريا من األوقات جيلس حتت ش� وكان كث ً يرا ،تعلم الفنون القتالية، وهو يتأم� �ل ،ويقوم بالتمارين الرياضية كث� ً وكان اختبار حتمل األمل ،هو أفضل شيء استفاد منه ،فكان املعلم جيعله �ام ،ثم ينهال بعض التالميذ اآلخرون يقف بثبات ويرفع ذراعاه إىل األم� �ديدة ،ولكنه كان يقف بثبات بدون أن يشعر بذرة عليه بالعصا بقوة ش� �ه ،لكي يتحكم مبراكز �يطرة علي� امل .تعلم كيف يتحكم بعقله والس� أيضا بعض الزيوت اخلاصة، األمل ولكن ليس هذا فقط ،فقد أس��تخدم ً �يئا أعتاد عليه �ده جعل األمل ش� مع الكثري من الضرب بالعصا على جس� �ر املثل القائل :كثرة األمل �عر به على اإلطالق ،وتذك� حتى مل يعد يش� تقتله .فوقف على قدمه بثبات ،وفوجئ عندما وجد هذا الوحش األسود �يء يف طريقه ،فبد ًال من �ع ناحيته ،وهو حيطم كل ش� الغاضب مندف� �عت عني �ادي احلطام والصخور ،كان حيطمها بيديه وقدميه ،فاتس� تف� �ايري من الدهشة وقال بنربة متقطعة: س� – –إيف ..انوف ..هل هذا ..أنت؟ أصبحت املسافة بينهما تقدر بثالثني م ً رتا ،فعرف سايري أن هذا ليس �تطع التغلب على إيفانوف عندما �ه على اإلطالق فهو لن يس� يف صاحل� �ة وال يفرق بني العدو �ده بالكامل ألنه يصبح هائجا للغاي� يتحول جس� �ده الصلب سيكون صعب االخرتاق للغاية. والصديق ،كما إن جس� وكان يعلم بأنه مهما بلغت مهارته وقوته ،فهناك دائما من هو أقوي أبدا ولكنه �مح له بأن خيس� منه ولكن كربيائه مل يكن يس� �ر يف أي نزال ً علم بأن هذا ليس وقت القتال بل الكالم ،فقرر الرتاجع واهلرب حتى يهدأ �اعرا بأنه يهبط منحدر إيفانوف ،بدأ بالركض ألس� �فل املبين املائل ،ش� ً 197
�يفقد �عره بأن س� �رعته تزيد فتش� خطري على جبل ،مما كان جيعل س� التوازن أن أخطأ تقدير خطواته .وهكذا ظل إيفانوف حيطم املبين خلفه مندفعا بقوة .نظر سايري إىل أعلى املبين فوجد بعض احلطام واملكاتب، ً واألجهزة املنزلية معلقة يف السقف ومل تتهاوي بعد ،فدفع طاقة من يده �ايري بأن تسقط فوق ايفانوف �قط ألسفل ،فدعي س� حنوها ،فبدأت تس� فتبطئه قلي ًال حتى يتمكن من اهلرب ،فمر سايري من أسفلها بسرعة قبل وحمطما �قط فوقه ،واندفع ايفانوف خلفه بسرعة رهيبة ،مهرو ًال أن تس� ً �ور الغاضب .فالحظ أن كتل احلطام الكبرية كل ما يف طريقه كالث� تسقط فوقه ،ولكن هذا مل جيعله يرتاجع ،فتقدم وحطمها بقبضته قبل �دا فتدافعت فوقه حتى ريا ج� أن تس� �قط عليه ،ولكن عددها كان كب ً �يف يف األرض لكي جيعله يتوقف عن دفنته أسفلها ،فوضع سايري الس� الركض بينما التف 180درجة ،ليتفقد هل استطاع القضاء عليه أم ال. وجد أنه مبعجزة كبرية استطاع أن يوقفه وان الصخور قد سقطت فوقه، �م يعلم هل يتمين بأن يكون قد قضي عليه أم ال ،فهو يف أمس احلاجة فل� ريا اآلن كعدو. �كل إليه يف مهمته ،ولكنه يش� خطرا كب ً ً أبدا ،وهلذا �ايري اآلن قد ال يعرف أي ش� فإن قتل س� �خص احلقيقة ً جيب عليه أن يعيش هذا ما قاله لنفسه حتى لو أضطر للقضاء على أحد متاما أم ال يزال رفاقه .نظر إىل احلطام ودقق النظر لريي أن كان سقط ً على قيد احلياة ،ولكن أجابته جاءت أسرع مما توقع. �اع الصخور واملكاتب �ام ،تالها اندف� �عر ببلبلة داخل احلط� فجأة ش� �ايري الكثري من الصخور �ة يف كل مكان ،فرأى س� واملعدات االلكرتوني� تندفع حنوه ،فرفع سيفه ،وشق به اهلواء ليقطع الصخور القادمة ناحيته الواحدة تلو األخرى ،وبيده اليسرى ،وجه الطاقة ليحطم البعض األخرى 198
�يفه .ومن بني الصخور رأى الثور الغاضب مندفع حنوه الذي مل يطله س� �رة أخرى يف الظالم على ضوء القمر وهو يصرخ صرخة مدوية ،فألتف م� سايري إىل الوراء وأكمل ركضه بسرعة ،بينما كانت الصخور تتقاذف �رى حنوها وهو يقفز متجنب ًا حنوه بال هوادة ،فدفع الطاقة من يده اليس� بعيدا عنه ،واآلخر حتطم ،وهكذا ظل العقبات برشاقة ،فاندفعت بعضها ً ايفانوف يهرول خلفه بال توقف ،حمطم ًا كل ما تطاله يده .وبعد دقائق �ا ًرا بسرعة كبريه، �ايري إىل الطريق فأنعطف يس� من الركض خرج س� �امعا أصوات التحطم والصخور اليت تقذف خلفه ،فركض يف ظالم س� ً �ماء �ي احملطمة على ضوء القمر ،بينما أخذت الس� �ط املبان� املدينة وس� �ماء ،فأحس ألول مرة يف حياته �ف بقوة ،ودوي هزيم الرعد يف الس� تعص� وحيدا من ذئب شرس يطارده .خرج إيفانوف كأنه غزال ضعيف يركض ً �ط من املبين ،حمدق ًا يف كل االجتاهات باحث ًا عن ضالته حتى حمله وس� �اره .فصرخ بصوت عالي: مبتعدا على يس� الظالم واحلطام يركض ً – –من األفضل لك أن تستسلم أيها الوغد ،فال شيء سوف ينجيك مين. جمددا ،فعلم أن �وف يالحقه �ايري خلفه برتقب فوجد إيفان� نظر س� ً ريا بيده أنه ينوي هذه س� �تكون ليلة طويلة عليه .توقف ثم التف إليه مش ً االستسالم .فاستمر إيفانوف باالندفاع باجتاهه بسرعة ،واألرض تتحطم قاطعا الطريق احملطم ناحية سايري �يئا حتت قدميه ،واقرتب شيئا فش� ً �ف ،فانتظر حتى أصبح �ايري بأنه لن يتوق� حتى اقرتب منه ،فأحس س� على مقربة منه ،ثم تدحرج ناحية اليسار ليتجنب االصطدام به ،فأخرج �يف الضوئي ،ورفع يده يف وضعية االستعداد ثم قال بنربة متحدية: الس� – –لقد حان وقت إسقاط الثور. 199
توقف ايفانوف والتف وحدق ناحيته وعيناه تبعثان شرا ًرا ،ومل يفهم ما قاله سايري بسبب فقدانه التحكم يف جسده ،ولكنه عرف بأنه يهدده من نربة صوته ونظرة عينيه ،فرد قائ ًال بنربة متلعثمة غاضبة: – –سأمسك بك أيها امللثم الوغد ..وسأهشم عظامك. �ايري بقبضته �تد حدة ،فأنقض ايفانوف على س� بدأت املواجهة تش� �ايري من حتت يده ،والتف التفافة كاملة، احلديدية اليمين ،فأحنين س� �يف جبانب �يف ناحية جنب إيفانوف األمين ،فأحتك الس� موجها الس� ً جسده مصد ًرا ش��ر ًرا ولكنه مل خيدشه إال خدش بسيط. �ديد ،وبدأ يفكر هل هلذا الشيء نقطة �ايري باإلحباط الش� شعر س� جمددا ،ثم ضعف .التف ايفانوف وعدل من وضعية جسده ناحية سايري ً انقض مرة أخرى عليه ولكنه أخذ يلوح بكلتا قبضتيه بسرعة وعشوائية، �ايري إىل اخللف ،متفادي كل ضرباته ،ثم تدحرج من أسفل فرتاجع س� �ا ،ووجه طعنة إىل �يف الضوئي عالي� يده ،حتى أصبح خلفه ،فرفع الس� ظهر ايفانوف ،ولكن السيف توقف ومل ينغرز إال بضع سنتميرتات ،فالتف �رعة ،وأخذ �ايري إىل اخللف بس� ملوحا بيده بغضب ،فابتعد س� ايفانوف ً �ه: يفكر يف حركته القادمة فقال يف قرارة نفس� أيضا – –أن درع الفوالذ هذا يبطء من س� �رعته وهذا يف صاحلي ،ولكنه ً ال خيرتق! �يارة حمطمة على جانب �أة غري ايفانوف اجتاهه واجته ناحية س� فج� �عت عيناه من �ايري الذي اتس� �ق ،فحملها بيديه ونظر ناحية س� الطري� �ة يف يده ثم قفز �ايري بعض الطاق� �ة ،ثم قذفها حنوه ،فكون س� الدهش� �ده ناحية األرض ،فاندفعت الطاقة لتصدم باألرض، عال ًيا ،ووجه راحة ي� 200
�يارة احمللقة �ه دفعة قوية ألعلي ،فطار بضعة أمتار متجاوز ًا الس� فأعطت� �األرض ،فلم تتحمل قدماه �قط يف اهلواء ،حتى أصطدم ب� حنوه ،ثم س� جمددا متمددا على األرض ،ولكنه مل يثبت اال أن وثب �قط السقطة فس� ً ً �اقة .نظر أمامه فوجد صخرة كبرية حملقة ناحيته ،فقال: عليها برش� – –تب ًا. �رعة ،فتحطمت الصخرة خلفه ،فوقف �ار بس� ثم تدحرج ناحية اليس� �وف واقف ًا عند حطام كبري خلفه مبين جمددا على قدميه ،ليجد ايفان� ً ني بال توقف ،وقذفها �ار منذ وقت قريب .محل الصخور من املب� قد انه� �ك بدوره بسيفه وأخذ يشق بعضها ويدفع بعضها ناحية سايري ،فأمس� �ت الصخور تتواىل بال �رى ،وكان� االخر بالطاقة املتدفقة من يده اليس� ريا .فأسقط سيفه على األرض ،ووضع توقف ،فشعر بأنه لن يتجنبها كث ً كل آماله يف هذه اخلطوة األخرية ،فرفع يداه االثنتان يف اهلواء بسرعة، �ة صخور كبرية �ده على يديه .رأى مخس� �دأ يركز كل طاقة جس� وب� تشق اهلواء ناحيته ،فدفع الطاقة يف اهلواء ،فتوقفت الصخور يف اهلواء، �دق ايفانوف قلي ًال وهو ال �ا حتلق يف فضاء منعدم اجلاذبية .ح� وكأنه� �ايري تتشنج فضغط على نفسه ،ودفع يصدق ما يراه .بدأت عضالت س� �قت الصخور طريقها حتى اصطدمت به بالصخور ناحية ايفانوف ،فش� �قطته ً ارضا .ولكنه مل يتأثر بالطبع ،فأبعدها عن جسده، بال توقف ،فأس� �عر بأنها �ايري املنهك ،وش� جمددا ،ونظر ناحية س� ثم وثب على قدميه ً الفرصة املناسبة لالنقضاض عليه واالمساك به ،فأندفع بسرعة ناحيته، �تعد لنهايته .أندفع ايفانوف �يفه ،وبدأ يس� فاحنين سايري ملتقط ًا س� �تطاع �ه احلركة األخرية وبالكاد اس� �ايري الذي انهكت� بقوة ناحية س� �ايري ين او أدني من القضاء عليه ،فرفع س� �وف ،فأصبح قاب قوس� الوق� 201
بعض الصخور الصغرية بيده اليمين ،لتحلق حول جسده ثم قذفها ناحية �ور ولكنها مل تعق تقدمه وقبل أن ينقض إيفانوف فاصطدمت به الصخ� عليه إيفانوف .وجد صوت يصدر من االرجاء حوله ،فتوقف لربهة ليجد �ايري ،فنظر بعيدا عن س� قذيف� �ة نارية اصطدمت به ،فأندفع من أثرها ً سايري بدوره ناحية مصدر القذيفة ،فرأى واحدة أخرى أيضا قادمة حنوه، فأخنفض ً �ه لينظر إىل ما �رعة ليندو منها بأعجوبة .رفع رأس� أرضا بس� حيدث؛ فرأى بضعة أجسام بشرية تتحرك يف الظالم وتقرتب منه ،ولكنه جيدا .فجأة خرجت أضواء كثرية من ناحية االجسام وتوجهت مل يراها ً �ايري ،فوضع يديه على عينيه من شدة الضوء ،ووثب على قدميه حنو س� �ن بني أصابعه إىل هويتهم، �ع ببطء إىل اخللف حماو ًال النظر م� ليرتاج� ولكنه مل يستطع أن يري شيئ ًا ،فرأى قذيفة أخرى تشبه قذيفة البازوكا متر جبانبه ،لتتوجه ناحية ايفانوف الذي كان يقف على قدميه بصعوبة بالغة وأخذ يرتنح يف امل ،وكان جسده قد عاد إىل طبيعته ،فاتسعت عني سايري ،وقال لنفسه: – –القذيفة ستقتله. �ه بكل ما اؤتي من قوة ،ورفع يداه باجتاه القذيفة فضغط على نفس� �ة ليوقفها ،فتوقفت القذيفة يف اهلواء �ع كل ما تبقى له من طاق� ليدف� قبل أن تصطدم بإيفانوف مبرتين فقط .حاولت القذيفة املقاومة ملتابعة شاعرا طريقها ولكن سايري ،أوقفها بكل بقوته ،وأخذ جسده يؤمله بشدة، ً �ده ،وضغط �أن قواه ختور تدرجي ًيا ،فتصبب العرق من كل أحناء جس� ب� �ه أكثر ولكن القذيفة كانت ال تزال تقاوم. على نفس� �عر بإرهاق شديد ،وعندما نظر أمامه، وقف إيفانوف على قدميه وش� �يئا يطري يف �توع ًبا للموقف أمامه ،فهناك ش� ثوان غري مس� حدق بضعة ٍ 202
اهلواء أمامه مباشرة ،وبعض األضواء القادمة من بعيد .فوجه نظره إىل س��ايري املتأمل والذي يبدو وكأنه يوقف الشيء احمللق أمامه .فتغريت �توعب ما حيدث اآلن ،فوجد سايري يصرخ عاليا قائال: مالحمه وأس� – –أبتععععععععععععد. ركض إيفانوف ناحية اليسار بس��رعة ،فمرت القذيفة جبانبه مرور �ايري �رت ورائه ببضعة أمتار .فنظر إيفانوف إىل س� الكرام ،حتى انفج� �ت األضواء حنوه، فاقدا الوعي ،وتوجه� �قط عل� فوجده قد س� �ى األرض ً فتحركت خياالت حتيط باملكان ناحيته ،ممسكة به فرفعته وبدأت جتره مسرعا لينجده ولكنه شعر بوخز يف جسده جعله بعيدا ،فاندفع إيفانوف ً ً �عر بالظالم خييم على كل شيء حوله. �قط ارض ًا ،وفجأة بدأ يش� يس� فاقرتبت الظالل واألنوار ،وأمس��كت به أيض ًا ،حاملة جثمانه ،ثم أخذت جتره ورائها من حيث أتت. ***
203
18 حدق إريس يف اجلنرال مطو ًال ،ثم قال: – –واآلناستمع إىل خطيت جيدا. فقال له اجلنرال وهو ميرر يده على ذقنه: – –كلي آذان ًا صاغية. بدأ إريس يروي له اخلطة بكل تفاصيلها ،وبدا على اجلنرال االهتمام �ة ،وبعد فرتة أنهي إريس كالمه واجلميع يستمع إليه برتكيز والدهش� شديد. قال اجلنرال حبماس شديد: – –هذه خطة رائعة يا فيت ،على القول بأنك أذكي مما توقعت. أبتسم إريس ابتسامة مفتعلة قائ ًال: – –شكرا لك ..هذا شرف لي أن متدحين ..واآلن سأغادر ألنفذ مهميت وأنتم أبدأوا بتنفيذ مهمتكم ،وسنتقابل غدا هنا يف نفس هذا الوقت. فقال الكابنت وهو يضغط على الالسلكي ،ويلقي باألوامر على اجلنود: – –سيتم تنفيذ املهمة بدئ ًا من اآلن. 204
قال اجلنرال: – –سأرسل معك بعض اجلنود ليساعدوك على تنفيذ مهمتك. فرد إريس بسرعة وانفعال: �اعدة ..أحب أن أعمل وحدي ..نفذوا فقط – –ال ،ال أحتاج إىل املس� ما أخربتكم به ،وسأقوم أنا بالباقي. �عر بأن هذا ما يريده إريس، �دا على اجلنرال عدم االرتياح ولكنه ش� ب� كما أنه تذكر بأنهاستطاع أن يعرب احلاجز من األمم املتحدة ،وجاء إىل هنا بدون أن ميسه خدش واحد ،فتنهد طوي ًال ثم قال: �ن ًا ،كما تريد ..لن أضغط عليك ..ولكن ال جمال للفشل، – –حس� حنن نعتمد عليك. �ه ،ثم محل أغراضه اليت طلب منهم أن حيضروها له أومأ إريس برأس� �ه ،وودع اجلنرال ومجيع اجلنود يف اخليمة ،ثم توجه إىل خارج قبل ذهاب� اخليمة والكابنت يرافقه ،فقطع املعسكر حتى بوابة اخلروج؛ حيا اجلنديان �ف إىل الكابنت قائ ًال: �كر ،فألت� الواقفان على البوابة ،ثم خرج من املعس� �ك فاألوقات القادمة ستكون عصيبة – –أظن أنه الوداع ،فلتعتين بنفس� علينا مجيعا. ثوان ثم كسر حاجز الصمت قائال: صمت الكابنت بضعة ٍ �تكون بداية اهلجوم املضاد ضد هؤالء االوغاد ..واآلن – –نعم ،هذه س� لقد أحضرنا لك ما تريده انظر ورائك. أشار الكابنت بأصبعه وراء إريس ،فالتف بدوره ليجد دراجة خبارية من النوع احلديث ،سوداء اللون وتبدو وكأنها مل تستعمل قط. 205
فقال بينه وبني نفسه: – –ال بد بأن هذا أفضل شيء حدث لي منذ استيقاظي يف هذه الظروف اللعينة. ارتسمت االبتسامة على وجه إريس ،فقال بنربة ميألها احلماس: – –حسنا ،هذا ما أعيش من أجله. أعطاه الكابنت بطاقة تشغيل الدراجة ثم ودعه وعاد أدراجه إىل اخليمة، �كر بني حشائش األشجار اليت بينما توجه إريس إىل الدراجة خارج املعس� �غيل من بني تطل على الغابة أمامه .قفز على الدراجة ومرر بطاقة التش� �ة ثالثية االبعاد على لوحة التحكم بني �قني صغريين ،فأضاءت شاش� ش� صوت أنثوي يقول: مقود الدراجة ،ليصدر ٍ – –مت تشغيل دراجة إيكو 5000برجاء ضع بصمة يدك على املربع األزرق املنري ،فوضع إصبع اإلبهام على املربع األزرق الصغري ،فظهرت عالمة تأكيد البصمة على الشاشة ،فقال الصوت جمددا بنفس النربة الرتيبة: – –مت تأكيد بصمة اليد ،مرحبا سيد إريس. فقال إريس ساخرا: – –مرحبا بك يا سيدتي ،واآلن لننطلق. �رت أمامه خريطة ثالثية األبعاد ليحدد وجهته؛ فلمس اخلريطة ظه� �ط املدينة .فبدأت الدراجة تعمل ،فارتفعت االطارات من على وأختار وس� األرض ،ثم التفت لتصبح ثابتة بالعرض ،وأصدرت ضوء أزرق قامت ،فعلم �تخدم ظاهرة مايسنر، إريس بأنها النوع اجلديد من الدراجات الذي يس� �ق عاليا عن األرض ببضع �س هناك احتكاك باألرض ،فالدراجة حتل� لي� سنتميرتات ،مما جيعل سرعتها ضعف س��رعة الدراجة العادية ،فبغياب 206
�رعة هائلة .أرتدي إريس �تصبح وكأنها تطري بس� عامل االحتكاك ،س� �ر أمامه ،فرأى قرص جيدا ،ثم نظ� �ه ،وعدل احلقيب� خوذت� �ة على ظهره ً �ط جناحيه على �مس األمحر يف األفق ،فعلم بأن الليل قد بدأ يبس� الش� املدينة وال بد بأن يسرع قبل أن تنعدم الرؤية .ضغط على دواسة البنزين، فانطلقت الدراجة بسرعة هائلة ،تشق الرياح أمامها ،فعرب إريس من جانب متوجها إىل املعسكر ،ثم رأى منحدر رملي أمامه ،فعربه بالدراجة برباعة، ً �ق طريقه داخل املدينة بسرعة رهيبة .بينما تلقي الشارع اخلارجي ،ليش� منظرا خالب ًا، �مس بآخر أشعتها الذهبية على املدينة لتضفي عليها الش� ً قبل قدوم الظالم .قام إريس بتفعيل السائق اآللي ،فبدأت الدراجة تتوجه ناحية املوقع احملدد على اخلريطة ،فضغط على بعض األزرار على لوحة التحكم ،ثم أخرج جهاز من حقيبته يشبه االي باد .ضغط على زر التشغيل، �ى انتهى به األمر بالوصول �م تابع الضغط على بعض االيقونات ،حت� ث� �ام احلرارية. �ا يريده ،فضغط على تفعيل خاصية التقاط االجس� إىل م� ظهرت على الشاشة خريطة تبدو كالرادار ،وأخذ مؤشر يشبه عقرب الساعة يدور دورة سريعة حول اخلريطة عدة مرات حتى بدأ يومض عند مكان حمدد يف اخلريطة ،فقال إريس يف قرارة نفسه: – –لقد وجدت الشخص األول. الصق إريس اجلهاز الشبيه باالي باد يف مكان أسفل لوحة التحكم يف الدراجة. �م .فأنعطف عند أحد �ي هو زمام التحك� �ائق اآللي ،وتول� أطفأ الس� متجها إىل النقطة املضيئة يف اخلريطة ،وبعد بضعة �ا ًرا، التقاطعات يس� ً دقائق وصل إىل وجهته.
207
ركن إريس دراجته يف أحد األزقة ،ثم توجه إىل الغابة الصغرية أمامه. توغل داخل األشجار ،وهو يرتقب النقطة على اخلريطة ،فلما اقرتب منها أصبحت نقطتني ولكنهم متالصقني للغاية ،فشعر إريس باحلماس فقال: – –وجدت أثنني دفعة واحده ،هذا يوم حظي. مستمتعا بغناء الطيور ،واهلواء العليل الذي �جار، مر إريس بني األش� ً يتسرب من بني األغصان املتشابكة ،بينما تسقط أشعة الشمس لتنري بعض �جار منظرا مبهج عليها .أنعطف إريس بني األش� البقع يف الغابة ،وتبدي ً �جار فوجد إىل اليمني ،وعرب جدول صغري من املاء ،ثم خرج من بني األش� �ق ممتد؛ وعلى جانب الطريق يوجد العديد أمامه منحدر صغري ،وطري� من البيوت املصنوعة من خشب السنديان ،متتد يف صف واحد ،فشعر بأنه طريق زراعي كبري .بدأ يفحص املكان بعينيه باحث ًا عن هدفه ،وبعد بضعة ثواني رأى إريس شخص يرتدي زي يشبه زي الكاهن ميشي يف الشارع ويبدو �جار وأخذ يراقبه عن عليه اجلفاء والفتور ،فأختبأ إريس وراء أحد األش� كثب ،فعلم من هو هذا الشخص ،فشعر بقلبه ينقبض قلي ًال ،فقال لنفسه: �ايري ..هذا الوغد املخيف ،أكان جيب أن – –يا إهلي أليس هذا هو س� ألتقيه يف البداية! هذا الوغد هو آخر من متنيت أن اقابله اآلن ..لقد �ت نظرته ختيفين يف االختبارات ،على الرغم من أني ال أخاف. كان� معبدا بعيد وبرج أبيض يشبه الذي خرج �ار ،فرأى نظر إريس إىل اليس� ً �عر باحلرية ملا جيب أن �كوكه يف أن هذا سايري ،فش� منه ،فتأكدت ش� يفعله اآلن ،هل خيرج وخيربه بكل شيء أم يتجنبه وهذا سيكون األفضل، مفيدا يف مهمته. �يكون ولكنه يعلم بأنه قوي للغاية وس� ً �ف ونظر ناحية �ايري قد توق� �اء تفكريه ،تفاجئ عندما رأى س� وأثن� �ه: �ة يف اوصاله ،فقال بينه وبني نفس� �عر إريس برعش� الغابة ،فش� 208
– –هل شعر بي حقا؟ أم أن هذه جمرد صدفه؟! أن هذا الوغد حتوم حوله هالة خميفة. �جار وفعل قدرة التمويه ،فتلون بلون وضع إريس يده على أحد األش� جمددا فرأى أن سايري �جرة .أكمل مراقبته من بني األشجار جزع الش� ً �عر قد أبعد عينيه عن الغابة وتابع طريقه ،فتنفس إريس الصعداء ،وش� �ك متاما عن الوجود ،حتى �ان على قوته هذه ،القوة اليت ختفي� باالمتن� الطاقة اجلسدية املنبعثة منك ختتفي عند تفعيلها .تنقل إريس حبذر �جار وهو يراقبه ،ومل يعد يشعر بأنه يرغب يف أن يظهر نفسه له بني األش� �خصا آخر يراقبه من اآلن ،وبعد فرتة وجيزة من مراقبته له ،ملح إريس ش� ً شخصا ملثم برداء أسوء طويل ،ويضع غطاء على رأسه. بني البيوت كان ً أخرج إريس املنظار من حقيبته ،وبدأ يراقب هذا الش��خص الغريب �ه بدهشة: بتعجب فقال بينه وبني نفس� �وم بالبحث عن البقية �ق اهلل؟ هل هو أحد الرفاق ويق� – –من هذا حب� �ايري؟ مثلي وتوتر عندما وجد س� �ت كان يراقب امللثم جمددأ ،وفى نفس الوق� �ايري وجه نظره إىل س� ً �ه .هل قد يكون أيضا؟ كان الغريب فيه هو مالبس� لريي ملاذا يتبعه هو ً ين غرة؟ أخرج إريس �رة ويريد أن يباغته على ح� �د الروبوتات املتنك� أح� مسدس مزود بكامت صوت من حقيبته ،وأستعد لإلطالق أن تطلب االمر، �ديد ،متلون ًا بني األشجار واحلشائش ،وبعد ثم أكمل مراقبته حبذر ش� بضعة دقائق رأى ما أدهشه .رأى سايري الذي يسري يف الطريق بهدوء غري مكرتث بشيء ،قد توجه ناحية أحد البيوت ،وتسلق البيت ،متعلق ًا حبوافه، �طحه ،فاتسعت عني إريس من الدهشة ،فعلم بأنه شعر حتى وصل إىل س� بامللثم ،فقال لنفسه: 209
– –ال بد بأنه يستشعر الطاقة احمليطة به ،بل وحيدد مكان صاحبها أيضا. وقف سايري بضعة دقائق فوق البيت اخلشيب ،يراقب الشخص املثلم، �تطاعة إريس أن يراه ،كان يري �ذي اختفى وراء املبين .ومل يعد باس� ال� �ايري من ظهره .فجأة رأى سايري يقفز يف اهلواء. فقط س� ثوان وجد ساري وامللثم قد ظهرا من بني البيتان القابعان وبعد بضعة ٍ أمامه ،يتشاجران ،ورأى سيف ضوئي أصفر يتم التلويح به يف اهلواء ،وكان حيمله الشخص امللثم ،بينما كان سايري ميسك يف يده بسيف الكاتانا، جيدا ،وبدأ ويل� �وح به ً أيضا ناحية امللثم ،فألصق إريس املنظار على عينيه ً �و ال يفهم ما حيدث ،فنظر بتمعن جيدا عن كثب ،وه� يراق� �ب املعركة ً أكثر ورأى أن سيف سايري قد كسر بسبب التحامه مع السيف الضوئي �ده ناحية امللثم ،لتندفع طاقة قوية من الغريب ،مما أثار غضبه فرفع ي� بعيدا حتى اصطدم حبائط ي� �ده ،هزت أرجاء املكان ،لتجعل امللثم يندفع ً �ى وراء املبنى فلم يعد إريس يراه من �ايري منه ،واختف� املبين ،فاقرتب س� هذه الزاوية .فتسلل مقرت ًبا من أحد املباني ،والتف من حوله حتى أصبح متاما األثنان يف جمال رؤيته ،فمال برأسه من وراء املبين ،بينما أخفى طاقته ً متلمسا احلائط ،مسع صوت إطالق نار فظن بأن سايري قد قتل امللثم ونزع ً أيضا ،فأبتسم إريس قائال: مالبسه منه مرتد ًيا إياها ،وأخذ سيف الضوء ً ريا ..ولكن – –لقد أصبحت األمور تتجه إىل منحين مثري لالهتمام كث ً �خصا خطري كهذا ..لقد قتله ال يبدو بأنين أن أظهر نفس� �ي لش� ً �ة الرفاق ثم أفكر معهم ماذا �أتوجه ألحبث عن بقي� بال رمحة ..س� سنفعل معه. جمددا ،ووقف أمام كاد سايري أن يشعر به ،فتسلل إريس داخل الغابة ً بعيدا ناحية املدينة ،فأشار ناحيته أحد األشجار مراق ًبا سايري وهو يتجه ً ثم أعطى إذنا صوتيا للوح بأن يتعقبه أينما ذهب، باللوح اإللكرتوني ،ومن َّ 210
متوجها ناحية دراجته اجلديدة ..ركبها فنفذ اللوح الطلب .عاد بعدها ً وتوجه متوغال داخل املدينة باحث ًا عن هدفه التالي ،وبعد بضع دقائق ،دلف �اء املدينة وكان الليل قد خيم على املكان ،ولف املدينة احملطمة إىل أحن� بالظالم .حدد له اللوح أنه يوجد شخصان قريبان ،فأوقف دراجته يف أحد جمددا عن مكان انبعاث اإلشارة، األزقة ،وأخذ اللوح وبدأ ينظر يف شاشته ً كان بالكاد يرى شيئ ًا يف هذا الظالم ،فارتدى نظارات الرؤية الليلية .سار يف الظالم حبذر وكأنه جاسوس يف مهمة سرية ،فقال بينه وبني نفسه ساخرا: – –أشعر بأني لن أختلص من التجسس أبدا ،هذا ما ولدت من أجله ،ويبدو أنه ما سأموت من أجله ،ماضيك يالحقك دائما مهما تغريت الظروف. أكمل إريس مسريته ،حتى رأى من بعيد رجال عريض املنكبني مفتول �ه يرتديها ،فعلم �دي مالبس العينات اليت كان هو نفس� العضالت ،يرت� �س على الفور بأنه رمبا يكون إيفانوف فتتبعه ،حتى دلف الغريب إىل إري� �لحة .فتوقف إريس وانتظر خروجه من املتجر ،وكان أحد متاجر األس� الصمت ا ُملطبق حوله يف غياهب الليل ميكنه من مساع حركات إيفانوف داخل املتجر ،فقال لنفسه: �ايري ألقع يف إيفانوف ،لقد كانوا يسريون – –يا إهلي هل أهرب من س� �كل ..يكفيين تذكر �ابقة وكانوا األخطر بني ال� �ا طول املس� مع� ً �عر بدني. مواجهته مع كينو ليقش� شخصا ملثم قطع أفكار إريس صوت حتطم داخل املتجر وبعدها ورأى ً راكضا من املتجر ،فوجه إريس جهاز التعقب ناحيته وأمره غريب خيرج ً بأن يتعقبه. رأى إريس بعدها إيفانوف خيرج من املتجر وهو يتفقد الطريق ،فأمر أيضا ،ثم سار ناحية موقع امللثم الغريب ليعلم إريس اجلهاز بأن يتعقبه هو ً 211
ما سبب مراقبتهم لسايري وإيفانوف .عرب بعض املباني بهدوء حتى اقرتب �ارة فوجد أن ضالته يفصل بينه وبينها املبين الذي يقف أمامه، من اإلش� فأستدار خلف املبين مرو ًرا ببعض احلدائق والالفتات واللوحات االعالنية، واملتاجر ،فبدأت اإلشارة تقرتب أكثر فأكثر .فوقف وأستند بظهره على املبين ،ثم سار ببطء مقرت ًبا من حافة املبين ،حتى وصل ،فأحنين جبسده، لام وراء املبين، �خص الواقف يف الظ� �كل الش� متفحصا ش� ونظر بعينيه ً فوجده امللثم يضغط على ساعته لتظهر له شاشة ثالثية األبعاد كشاشة �ة وينتقل من �وب .أخذ امللثم يضغط على بضعة أوامر يف الشاش� حاس� قائمة إىل أخرى .فعاد إريس وراء املبين وأخذ يتنفس الصعداء وهو يفكر: – –من هو هذا امللثم؟ إنه يشبه الذي قتله سايري من قبل ،ولكن ما هو عملهم؟ ملاذا يراقبوننا؟ هل هم أحد جواسيس الروبوتات؟ �عي إليها �عفه ويعطيه اإلجابات اليت يس� ولكن يبدو بأن عقله مل يس� �كله لكي يبدو كامللثم متاما، �رر بأن حيصل عليها باحليلة ،فغري ش� فق� �يء ،ولكنه أمامه مخس دقائق حتى يعود نفس اهليئة واملالبس وكل ش� �كله الطبيعي ،فقرر أن حيصل على أجوبته بسرعة. إىل ش� متوجها ناحية امللثم بثقة وخبطي هادئة، نفسا ثم خرج من خمبئه ً أخذ ً فقطع نصف الطريق حتى شعر امللثم به ،فأطفأ الشاشة اهلولوجرامية، �ه بسرعة ناحية إريس ،فشعر إريس برعدة تسري يف جسده، ورفع مسدس� فقال بسرعة كردة فعل وهو يشري بيده: – –ال ختف أنه أنا. فدقق امللثم بنظره عدة مرات ثم أخفض سالحه قائ ًال: – –لقد كدت أن توقف قليب يا رجل ،ال تفعل هذا جمددا. فضحك إريس ضحكة صفراء قائ ًال: 212
ريا فلم أرد تشتيتك .. – –آس� �ف على هذا ،ولكنى رأيتك مشغوال كث ً �ك من كل هذا �ت يف كل األحوال ..دع� �ن يبدو بأني فعل� ولك� �ار العينة اليت تراقبها: اهلراء ،وقل لي ما أخب� صمت الغريب قليال مما أثار قلق إريس ثم قال: ير فقط يف املدينة حتى اآلن ،ويبدو أنه �يء مثري بعد ،أنه يس� – –ال ش� دخل متجر لألسلحة ،فقمت بأخذ قسط من الراحة وحماولة حتليل �ض املعلومات اليت بعثت لي عن طريق الرفاق اآلخرين. بع� حاول إريس أن يدس السم يف العسل وحيصل منه على بعض األجوبة فقال: �رف ملا علينا حنن مراقبتهم ،فهذا العمل ممل للغاية ،فليكلفوا – –ال أع� أي أحد آخر به. حدق الغريب فيه طوي ًال ثم قال: – –ومن برأيك سيتم تكليفه بهذا العمل غرينا؟! حنن من صنع سيدنا وهلذا السبب ،حنن نطيع أوامره بدون تفكري ..ال جيب عليك أن تقول مثل هذا الكالم مرة أخرى ..أنت تعرف أن سيدنا يقوم بأعمال صعبة من أجل جالديوس وهلذا جيب أن نراقب العينات ونبعث له بكل املستجدات. كاد إريس أن يرد تلقائ ًيا ويس��أل عن األمساء الغريبة اليت مسعها، �اعرا بأن سؤاله األمحق هذا سيكشفه ،وأن ولكنه مل ينبت ببنت شفه ،ش� ً أي خطأ آخر سيكشف أمره فقال: �عر بامللل فإني أرمي مبهميت عرض – –أعرف كل هذا ،ولكن عندما أش� �ؤولية قليال. احلائط ،وأخرتع كالم غريب ليبعد عين املس� تنهد الغريب طويال ،ثم قال: 213
– –نعم ،أعرف هذا ،لو مل حتدث تلك الكارثة اليت سببها كينو ملا حدث كل هذا. اتسعت عني إريس عندما مسعاسم كينو وتعجب من كالم امللثم عن كارثة قد تسبب بها ،ولكن مل يستطع أن يسأله عنها وإال فسيعرف امللثم بأنه مزيف .أكمل امللثم: �رية �ول ما حدث قد حدث واآلن ،حنن آخر أمل للبش� – –ولكن ماذا أق� �رية وجيب أن �س ،أو باألخص العينات هي آخر امل للبش� يف أطالنت� �قط جايا وحنقق غاية السيد األعلى جالديوس. حنميها ،وبعدها سنس� مل يفهم إريس ماذا يقصد بآخر أمل للبشرية ،ولكن أول ما خطر على �يطرة اآلالت قد تستمر وتستحوذ على العامل كله، باله أنه يقصد أن س� �خاص ببعض القدرات �و مل يوقفها العينات ،ولكن كيف لبعض األش� ل� الغريبة أن يدمروا جيشا كامل من اآلالت ،شعر بإريس أن رأسه تؤمله من وخصوصا عن األمساء الغريب اليت مسعها ،فهو مل يعد كثرة التساؤالت، ً �تارة، يعلم ما حيدث هنا ،ولكن هناك أحد يتحكم باخليوط من وراء الس� �ياء املبهمة والغري واضحة على اإلطالق. وال زال هناك الكثري من األش� فقرر عدم التفكري وحماولة استخراج املعلومات اليت جاء من أجلها ،وهي ملاذا يراقبهم هؤالء األشخاص ،فقال بنربة هادئة: – –إىل متى سنستمر مبراقبتهم؟ – –حتى يصبحوا مستعدين ،ليأخذهم السيد جالديوس وينفذ ما وعدنا �ن األمل اآلن هنا تذكر هذا! وتذكر أيضا أن العينات جيب به ،حن� جيدا وأمحيها من أي خطر للروبوتات أو غري اال متوت! راقب عينتك ً ذلك أن تطلب األمر. �و يفكر مبا مسعه �رد بذهنه وه� �ه باملوافقة ،ثم ش� أومأ إريس برأس� 214
�ئلته فقط ،ومل يعطه أية إجابات ألي اآلن فكل ما قاله امللثم زاد من أس� �يء ،حتى نصبح مستعدين ،مستعدين ملاذا؟ ومن هو السيد جالديوس ش� �يأخذنا؟ وإىل أين سيأخذنا؟ هل هو رجل أعمال ما أنفق أمواله الذي س� �اذة �ادنا حتى نصبح بهذه القدرات الش� بالقيام بتجارب لعينة على أجس� �ه �عر بأن رأس� �ن الطبيعة؟ مل يري إريس أي أجوبة على اإلطالق ،فش� ع� يدور .كل شيء خاطئ ،هناك شيء مل يقوله اجلنرال جيري هنا .أم هل �ي ال يعرف من هو جالديوس؟ أم أنه معهم ميكن للجنرال أن يكون مثل� �ينفذ مهمته أوال ثم سيطالب ببعض يف نفس اللعبة؟ قرر إريس بأنه س� �يحصل على األجوبة ولو بالقوة ،ولكن عليه أن يصرب قليال األسئلة ،وس� �اعته �غل باللعب يف س� فمهمته اآلن هي األهم .رأى إريس أن امللثم أنش� �اعته ورأى جمددا ،فتذكر إريس أن الوقت ليس يف صاحله ،فنظر إىل س� ً �كله األصلي ،فضرب اخلوف �ر ثوان قبل أن يستعيد ش� أنه تبقي له عش� �يخرج من هنا؟ فأخرج من حقيبته �رعة كيف س� طبول قلبه ،ففكر بس� �دس الصاعق ،ثم أشار حنو الغريب قائال: املس� – –نوما هنيئ ًا يا عزيزي. فأطلق عليه الطلقة ،لتصعقه بقوة فأخذ يتلوى يف اهلواء .حمدق ًا إىل أيرس بعينني ميلئهما الغضب ،وقال قبل أن يغشي عليه بأنفاس متقطعة: – –أيها ..اخلائن. ثم سقط على األرض يف سبات عميق ،قال إريس وهو حيدق إليه ،وقد عاد شكله من جديد إىل سابق عهده: – –ال أعرف من منا اخلائن ،ولكن ال أظنه أنا يا عزيزي. تذكر إريس ما فعله سايري بالشخص الذي هزمه ،فأخنفض ناحية هامسا: اجلثة ً 215
– –آسف ولكين سأستعري ساعتك ومالبسك لبعض الوقت. أخذ إريس املالبس والساعة وارتداهم ،ثم عاد أدراجه لرياقب إيفانوف يره مسع انفجار كبري دوي يف �لحة عن كثب ،وأثناء س� يف متجر األس� األفق ،فالتفت ناحية الغرب لريي السنة النار والدخان يرتفعان من مكان ما بعيد ،ال بد بأنهم الروبوتات ،جذب االنفجار انتباهه ولكنه قرر بأن ال يعره أي انتباه اآلن فهو يف حاجة ماسة الستئناف مهمته ،فأكمل سريه �ظ أي أحد ،ونظر إىل اللوح �ا الطريق يف الظالم من دون أن يلح� قاطع� ً �عت عينيه من القلق قائ ًال: االلكرتوني ،لبضع حلظات ،ثم اتس� – –اللعنة جيب أن أوقفه بسرعة. �رع فبدأ يهرول وفجأة مسع صوت إطالق نار يدوي بالقرب منه ،فأس� متجها ناحية النقطتني على اخلريطة اليت يقرتبان �ي يعرب حطام املبان� ً �ه: من بعضهما البعض فقال إريس بينه وبني نفس� �ايري أيها اللعني متى وصلت إىل هنا؟ هل ستحاول قتل إيفانوف – –س� وسط هذا الظالم؟ �ارته من إشارة �ايري قد اقرتبت اش� هذا ما أفزع إريس فقد رأى أن س� لام بدون أن يعلم هويته. �ط الظ� إيفانوف فقلق ألنه قد يقتله وس� �ام ونظر أمامه، �رول ناحيتهم ،وفجأة توقف بني احلط� فانطلق يه� متجها إىل اليسار ،ثم تاله خارجا من مبين مائل �ايري يركض فرأى س� ً ً �يئا أسود ال يبدو كمخلوق بشري على اإلطالق ،ففزع إريس من تغري ش� �ه تذكر بأنها قدرة �ذا ،ومل يدري ما هو هذا املخلوق ،ولكن� األحداث ه� إيفانوف ،فقال يف قرارة نفسه: – –جيب أن أوقفهم سيقتلون بعضهم البعض وهم يف نفس الفريق! 216
�دون أن يراه أحد ،ورآهم �ض إريس مبحازتهم من بني احلطام ب� رك� يتشاجرون بعنف شديد ،وكل واحد منهم يريد الظفر حبياة اآلخر .فكر �يموت بالتأكيد، إريس يف كيفية إيقافهم ،أن تدخل فيما بينهم اآلن س� �و ينظر ناحيتهم ،ويدعوا بأال يتمكن فوقف بني احلطام وأخذ يفكر وه� �يكون من نصيب �عر أن املوت س� �د منهما من قتل اآلخر ،رغم أنه ش� أح� �ايري فقدرته لن جتعله يصمد أمام صالبة جسد إيفانوف. س� رأى إريس أن سايري أوقف بعض الصخور يف اهلواء بقوته الغريبة ،ثم �ها ناحية الضخم ،وكان إريس يقف ورائه على مسافة قريبة منه، عكس� فكادت الصخور أن تصيبه ،فأخنفض قبل أن تسقط عليه بعضها ،وبسرعة �رقية من متوجها إىل نقطة آمنة عند الناحية الش� �د عن هذا املكان أبتع� ً �تنتج بعض جمددا من بني حطام املباني ،فأس� املكان ،وجه نظره ناحيتهم ً جيدا أثناء املعركة .وقال لنفسه: خواص قدرة سايري ً �اكرا ،وبطريقة ما �ده ،الش� �تخدم الطاقة املتدفقة يف جس� – –أنه يس� �تخدمها يف حتريك األشياء �تطيع أن خيرجها من جسده ويس� يس� �خاص حوله من تدفق طاقتهم وهالتهم .ولكنه ال �عور باألش� والش� يشعر بي اآلن ألنه مش��غول مع إيفانوف. أخذ إريس يفكر فيما سيفعله ،ولكن مل جيد طريقة إليقافهم إطالق ًا، �ون �د ضالته ،فلمح بني البنايات على بعد مخس� �ر حوله لعله جي� فنظ� م ً �ا ،فتعجب وأول ما أيض� رتا ش� �خص خيتبأ يف الظالم ويراقب املوقف ً خطر على باله بأنه أحد اإلينيكس يراقبهم ،ولكن ألن يوقفوهم ،أم ليس �ماء، لديهم القوة أيضا لوقف معركة كهذه .فجأة من بني ظالم الس� �ق فوقه ،تبدو كطائرة ما ،هبطت بالقرب ملح إريس مركبة غريبة حتل� �ط قاطعا الطرقات وس� �ار باجتاهها من منطقتهم ،فأخنفض إريس وس� ً �لل من بني �عة اليت تغطي املدينة ،فتس� احلطام واجلثث والرائحة البش� 217
�احة اليت ين يف زقاق طويل حمطم ،حتى وصل إىل الس� مبنيني حمطم� �ارج الزقاق حبذر ونظر �ه خ� �ت فيها الطائرة الغريبة ،فأخرج رأس� هبط� �ار لريي املركبة واليت ال يبدو بأنها من صنع البشر إطالق ًا، ناحية اليس� ولكن الظالم كان يلفها ،فلم يلمح إريس غري القليل منها والفضل يعود �ح باب ألعلى يف املركبة اليت يبلغ حجمها إىل ضوء القمر ،وفجأة أنفت� �طة احلجم .كانت مضيئة من الداخل .اتسعت حجم غرفة نوم متوس� ين إريس من الرعب ،ونزل اخلوف على قلبه كالصاعقة ،رأى روبوتات ع� واحدا بانتظام �اء اللون خترج من املركبة وراء بعضهم البعض صف ًا زرق� ً �عر إريس بتوتر شديد ،فهذه أول متوجهني ناحية سايري وإيفانوف ،فش� �تطيع أن ينقذ رفاقه اآلن، �وأ هو أنه لن يس� مرة يراهم فيها ،ولكن األس� متتبعا الروبوتات ،فرأى كيف استطاعوا هزمية توجه إىل الساحة بسرعة ً �وا ال يزالون على قيد �هولة ،ثم محلوهم للطائرة ،ولكن كان� رفاقه بس� �تكون �رعة ،وقرر بأن ينقذهم بأي مثن ،وهذه س� احلياة ،ففكر إريس بس� �عروا، �لل داخل مقرهم ،وتدمري املولد بدون أن يش� �ة مثالية للتس� فرص� �ده على كتفه ،ليأخذ �لل خلف أحد الروبوتات خبفة ،ثم وضع ي� فتس� كافة املعلومات عن خصائصه وتركيبته ليتشكل ويصبح نسخة شبيهة به ،وبعد أن تغري شكله سار وسطهم بدون أن يشك أحد به ،وهو يتفحص �ون. رفاقه هل هم خبري أم ماتوا؟! ولكنه وجدهم ال زالوا يتنفس� توجهوا إىل السفينة ودلفوا داخلها ،ثم أغلقت أبوابها وبدأت حتلق يف السماء حتى اختفت يف األفق ***
218
19 �ة �س على مقعده جبانب صف الروبوتات املكون من مخس� جلس إري� مقاعد .وكانت الروبوتات جالسة يف صمت بدون حركة جسديه واحدة أو كلمة واحدة .كان أمام إريس صف آخر مقابل له جيلس عليه مخسة روبوتات أخرىن ،وكان أحدهم حيدق يف عني إريس املتنكر كواحد منهم �ديد ،ولكنه حاول أن �عر إريس بالتوتر الش� يف صمت بعينني ميتتني ،فش� ميسك رباطة جأشه ،وهو ينظر إىل هذه العني امليتة املخيفة اليت حتدق �و مل يرهم عن قرب من قبل، جيدا فه� إليه بال توقف ،تأمل إريس ش� �كله ً �بيه بعض الشيء بالبشر ،وعيناه تشعان بامحرار شديد، كان وجهه الش� وجسده يغطيه معدن الكروم املشبع بلون فضي ،وفوق جبينة بقليل ،تلمع �اكلتها من �تدير على ش� جوهرة غريبة ،بلون أزرق ،حيميها حاجز مس� الزجاج ،وداخلها يوجد طيف أزرق ميألها ،فعلم إريس أنه مصدر الطاقة �يء مبجرد أن رآه ،وفى منتصف صدره يوجد نفس الشيء ،أنها هلذا الش� �هم؛ وجهه �عر فوق رؤوس� �بة له .ليس لديهم ش� كالقلب والعقل بالنس� �د كالزجاج أو بلون فضي ،وباقي اجلس� واقدامه ويديه وصدره يتميزون ٍ فيضا من طاقة زرقاءاستطاع إريس البالستيك الشفاف ،ويتدفق بداخله ً �بب شفافية جسده ،ففكر إريس بينه وبني نفسه ،قائ ًال: أن يراها بس� �ة فأينا املصدر؟ ال بد بأنين �ياء تعطيهم الطاق� – –إذا كانت هذه األش� 219
�أدمره بعد أن أنقذ هذان �ف أمري ،رمبا س� �أجده أن مل يتم كش� س� األمحقان. �اد لطبيعته كما رآه إريس أول مرة عند �د إيفانوف قد ع� كان جس� متجر األسلحة ،وبينما كان سايري ممدد جبانبه على األرض ،وكأنهم �ا اآلن يغطان يف �دهما إريس على أنهم� �ان قد مت ذحبهما ،فحس� خروف� �عر بالندم ألنه أخذ هذه �تطيعان رؤية ما يراه اآلن .ش� نوم عميق وال يس� املخاطرة ،ولكن كان ال بد منها ،فحياته كجاسوس جعلته مير بالكثري من املخاطر واألشياء املخيفة ولكنه يرجح بأن هذه هي املرة األكثر رع ًبا بالنسبة له .تفحص بعينيه الروبوت أمامه بكل تفاصيله بدون أن حيرك �ك الروبوت فيه ،وإال فستكون حفلة صاخبة لقتله يف عينيه حتى ال يش� �اف أمره .شعر باهتزازات الطائرة بسبب هذا املكان الضيق أن مت اكتش� �فل يف املطبات اهلوائية ،وبعد بضعة دقائق بدأت الطائرة تهبط إىل األس� واضعا يده �ي للطائرة، �دوء ،وكان إريس جيلس جبانب الباب اخللف� ه� ً �يتوجب عليه االلتفاف ناحية �عر أنه يف ورطة ألنه س� على ركبتيه .فش� الباب والتوجه للخارج أو ًال وهو ال يعلم أين عليه الذهاب ،مما قد يكشف �رك حركة واحده ،وكان ال �ره أن قام بأي حركة خاطئة .مل يتح� أم� يزال الروبوت املريب ذو العني احلمراء حيدق إليه يف صمت خميف .فجأة ين من الروبوتات �ى األرض وفتح الباب ،فحمل ُأثن� هبطت الطائرة عل� �ايري وايفانوف ،بينما ترجل باقي الروبوتات ومن بينهم إريس يف صف س� �لحة أمامهم ،من محالة ونظام تام .ضغطوا على زر ورائهم ،فنزلت األس� �وا طريقهم .لفحت أنوار �قف الطائرة فأخذوها ثم أكمل� معلقة يف س� �ه ومل يتحرك حركة واحدة �س ولكنه حتامل على نفس� املكان عني إري� متقدما صفوف الروبوتات ،حتى بدأت عيناه �ار بانتظام �ان ،وس� كإنس� ً �توعبان النور واملكان الذي وقف فيه ،وفجأة رأى شيئ ًا أدهشه وصعقه تس� �ة ،ولكنه أكمل مسريته. للغاية وكاد أن يتوقف من الدهش� 220
�رقت ،فنظر إريس حوله لريي روبوتات تسري �مس قد اش� كانت الش� ير وسطهم، �كاهلا كانت خمتلفة عن الذي يس� يف كل مكان ،ولكن أش� ونساء ورجا ًال وحتى أنه كان هناك روبوتات كبار يف لقد كانوا أطفا ًال ً السن ،وكانوا يرتدون املالبس الطبيعية كاليت يرتديها البشر ،وأشكاهلم �دهم �ر واللون الفضي الذي يغطي جس� �ت مزيج بني مالمح البش� فكان� �عر إريس بالدهشة من هذا العامل الذي يراه. بالكامل ،ش� �ف ،ومالحمهم �عرهم خمتل� �هم خمتلفة وتركيبة ولون ش� مالبس� خمتلفة ،وكانوا يبدون على قيد احلياة أكثر مما ختيل إريس .وكانوا ميزحون ويتسامرون ،ويتكلمون عن عدة أشياء بلغتهم الغريبة ،ويعرضون بضاعتهم ،وجيلسون يف املقاهي ،ويستمتعون بأوقاتهم ،ويقومون بأعماهلم على أكمل وجه .يضحكون وميزحون ويتناقشون. اصطف اجلميع وهم حييون اجلنود الذين كان إريس يسري وسطهم، حشدا آخر منهم يرمق سايري وايفانوف ويهتفون هلم بلغة غريبة .وكان ً بغضب ،ويقذفون عليهم بعض علب الصودا الغريبة ،والطعام املعلب. مل جيد إريس متسع من الوقت لينظر إليها فلقد كان كل تركيزه ير مثلهم .كان العامل أشبه بعامل خيالي قد وضع قدمه فيه، على أن يس� �ماء ،ولوحات أعالنية �اهقة فضية اللون متتد بشموخ إىل الس� مباني ش� �وارع لتجعل مجيع الروبوتات يف املدينة تراها ،رأى إريس تطري وتعرب الش� العديد من اللوحات حتلق فوقه ،من اعالنات لربامج ومستلزمات للبيت وأخبار ورحالت وأشياء غريبة أخرى كلها بلغة غريبة ،مل يكن ليفهم شيئ ًا �وال الصور املرفقة باللوحات اهلولوجرامية الطائرة ،وفوق اللوحات رأى ل� سيارات تطري يف اهلواء ،بأعداد هائلة ،ذها ًبا وإيا ًبا يف مجيع االجتاهات يف �ماء ،رأى مبين كبري ممتد للسماء يف األفق وسط املدينة على شكل الس� مزجيا من اللون األبيض واألزرق واألخضر ،وخيرج كوكب غريب يبدو ً 221
من فوق قمته جهاز أرسال كبري ميتد للسماء ،قاعدته دائرية .كان يبدو بأنه املبين األضخم واألطول يف املكان ،بينما باقي املباني كانت ال تتعدي املائة مرت ،ولكنها كانت متتاز مبعمار غريب ،فمنها احللزوني الش��كل، والدائري وكأنه كوب قهوة ،والبعض مثلثي الشكل ،وهناك مباني متتد عال ًيا بشكل متموج ،والبعض يبدو مثل الكرة الزجاجية ،بينما كانت ألوان �ي زاهية وغاية يف اجلمال ،مزيج بني كل األلوان اخلالبة والرباقة، املبان� شعر إريس بأنه دخل عامل األحالم .أكمل سريه وهو يلتف بعينيه حبذر تي مل يرها قط يف حياته. �ياء الغريبة ال� حمدق� ًا بذهول لكل هذه األش� ظل حيدق بقوة بانبهار شديد ،ومتين بأن هناك أحد آخر معه ليشاركه �اؤل من داخله ،هل ميلكون مشاعر هذا املنظر الغريب والرائع ،ولكنه تس� �م ،فكيف تكون املدن الكربى �يط من عامله� مثلنا ،وإن كان هذا جزء بس� متاما عن كالقاهرة اجلديدة مث ًال ،وملاذا الروبوتات املقاتلة تبدو خمتلفة ً باقي الروبوتات اليت تعيش يف هذا اجلزء الصغري من مصر .شرد إريس يف التفكري يف كيفية مواجهة خملوقات مبثل هذا الذكاء واألبداع ،وشعر بأن جدا ،ولكنها قد تتضاعف إذا متكن من مجع باقي رفاقه فرصتهم ضئيلة ً ذوي القدرات الغريبة مثله .وعلم بأنه اآلن جيب أن يركز يف هدفه ،نظر �اعته ورأى بأن أمامه ثالثة دقائق حتى ينتهي مفعول قوته ،فشعر إىل س� بأنه أن مل يصل إىل مكان يستطيع االختباء فيه فسيقع يف ورطة كبرية. �ى زجاج وليس على ير عل� قطع الطرقات املزينة وكان يري أنه يس� �فل الزجاج يوجد جمري من �ر ،وكان أس� مضادا للكس� �فلت ،كان أس� ً الطاقة الزرقاء تتدفق يف مجيع أحناء املدينة ،مبدية منظر مبهج وخالب، �م إريس بأن هذا اجملري هو ما ميدهم بالطاقة ،وحيركهم .تفحص فه� بعينيه املدينة لريي أين مصدره ،ولكنه مل يستطع أن حيدد إطالق ًا ،فقال بينه وبني نفسه: 222
�يء ألوانه ،جيب أن أركز اآلن على انقاذ سايري وإيفانوف، – –كل ش� واخلروج من هنا ،وقد أحاول احلصول على بعض املعلومات اخلاصة أيضا أن استطعت. بهم ً قطع اجلنود الطريق حاملني أسلحتهم الفضية غريبة الشكل .كان �يء عنه ،غري الطريقة املثالية أيضا ،وال يعلم أي ش� �س حيمل إري� واحدا ً ً �اك به ،أنعطف اجلنود لليمني ،فأنعطف معهم بدوره ،ثم رأى اآلن لالمس� �به الطريق بوضوح لقد كانوا يتوجهون ناحية املبين الضخم الذي يش� �رعوا يف االنعطاف يف عدد من الطرقات حتى وصلوا إليه. الكوكب .ش� �اعته ووجد بأنه تبقي دقيقتان ،فشعر برعدة تسري يف نظر إريس إىل س� �يناريو الذي ينتهي فيه تنكره ويتم اكتشاف أمره، �ده ،وختيل الس� جس� ولكنه أبعد الفكرة عن رأسه .توقف اجلنود فجأة أمام الباب ففتحت بوابة �كل نصف كرة ألعلي .مسع صوت الكرتوني غريب يصدر منها على ش� فلم يفهم شيئ ًا ولكنه سار وراء اجلنود داخل املبين الكروي ،أندهش إريس �اء، �ة املعمارية للمبين ،كان املبين مزين بالفسيفس� عندما رأى اهلندس� جدرانه مغطية بلون حناسي ،وممتلئة بالنقوش والرموز الغريبة ،وحتلق عال ًيا حوله بال توقف ،العديد من اللوحات الغريبة اليت مل يفهمها إريس، عن حرب كبرية ما ،وصورة أخرى لروبوتات غريبة الشكل ومتنوعة ،وصور �ة كل هذه الصور اليت �تطع رؤي� ملدن وأماكن وكواكب ،ولكنه مل يس� حتلق بنمط دائري حول القبة اجملوفة الغريبة للمبين الكروي ،بسبب أنه �تطع رفع رأسه عال ًيا حتى ال يشك اآلخرين كان يسري بسرعة ومل يس� فيه .يف منتصف املكان الكروي ،يتدىل من السقف بلورة زرقاء كبرية تشع �ق وحدها بدون أي تأثري حميط ،ومتتد بالطاقة ،وكان يبدو بأنها حتل� الطاقة منها إىل االسفل عرب اجملري زجاجي .تتبع إريس اجملري بعينيه؛ �فل يف منتصف املبين ،جسم غريب كناية عن مولد كبري فرأى يف األس� مس��تدير زجاجي ،يتصل األنبوب به ،ليضخ الطاقة من أنابيب زجاجية 223
�رى خترج منه إىل مجيع أحناء املدينة ،ففهم إريس أن هذا هو مصدر أخ� الطاقة ،هذه البلورة الزرقاء الغريبة. �م عليه ،فأنفتح الباب، �ل اجلنود إىل باب غريب ،فضغط أحده� وص� أيضا .لينغلق الباب ورائه وبدأت الغرفة ليدلف اجلميع إليه فدلف إريس ً �فل ،فعلم فو ًرا بأنه �ة اليت دخلوا إليها تهبط إىل أس� الصغرية الزجاجي� �د أنهم يهبطون حتت املاء يف جمري مصعد .رأى من خلف زجاج املصع� �اء أمامه مبين أبيض كبري �ط امل� أيضا وس� زجاجي عازل عن املاء .رأى ً �هق من املنظر ،ولكنه ومن حوله قبة زجاجية حتميه من املاء ،فكاد أن يش� علم بأنها منشأة أسفل البحر .كانت املنشأة البيضاء تتألأل داخل القبة الزجاجية ،واألمساك جبميع أنواعها والوانها تعوم حوهلا يف منظر مبهج �أة لتكون مصدر الضوء الوحيد داخل هذا للنظر ،بينما تشع أنوار املنش� احمليط املظلم .وهكذا وصل املصعد إىل األسفل عند جسر زجاجي يؤدي �أة فخرج اجلنود ،حاملني إريس وايفانوف ،وبدأوا بعبور اجلسر إىل املنش� يف ً ير ورائهم حماو ًال احلفاظ خط ًا ثابتة ومنظمة ،بينما كان إريس يس� على خطواته وحركاته لتبدو مثلهم. وبعد أن قطعوا اجلسر الذي حييطه أنبوب كبري من الزجاج موصل �أة؛ وقفوا أمام البوابة ،فاقرتب أحد الروبوتات من املصعد إىل بوابة املنش� �ة ،وأدخل رمز الكرتوني غريب ،ثم بدأت البوابة تفتح، إىل لوحة الكرتوني� فدخلوا بسرعة. ثوان .وبسرعة كبرية نظر إريس إىل س� �اعته ورأى بأنه تبقي له عشر ٍ أحنرف إريس عن مساره مبجرد دخول املنشأة ،وأختبأ يف أحد املمرات على اليسار ،بينما أكملت الروبوتات طريقها يف رواق أبيض طويل إىل األمام. �ابق عهده .تفحص املكان �كله إىل س� وقف إريس يلهث بقوة ،وقد عاد ش� �به أكثر الربج �فى أو تش� جيدا ،فوجد أنها تبدو كأروقة املستش� حوله ً 224
�رع خطاه بعد أن التقط أنفاسه، الذي كان إريس حمجوز ًا بداخله ،فأس� وتوجه إىل املمر الذي توجهت إليه الروبوتات. �ات وهي تنعطف إىل اليمني يف نهايته، نظر إىل الرواق فلمح الروبوت� �رعة ورائهم ،وقد أخرج متاما من أي حركة ،فتوجه بس� فأصب� �ح فارغ ًا ً مسدسه من جيبه ووضع عليه كامت الصوت ،فقد حيتاج إىل استخدامه ريا له يف مهمة �س �ل هذا احلاالت ،وكان رداء اإلينيك� يف مث� ً مفيدا كث ً �لل هذه .تابع طريقه وأنعطف بسرعة فرأى الروبوتات ال زالت تعرب التس� الرواق أمامه ،فتتبعهم حبذر ومتين بأال يلتف أحدهم أو يالحظ اختفائه. �رات البيضاء الفارغة �ا ًرا إىل أحد املم� وبعد بضعة خطوات انعطفوا يس� �رعة بدون أن يصدر أي صوت ،وانعطف ورائهم ،ولكنه جمددا ،فوثب بس� ً �اره متأل الرواق، وجد العديد من النوافذ الزجاجية على ميينه وعلى يس� فتقدم ببطء وحذر وقد أخفض جسده حتى ال يراه أحد ،واقرتب جبانب �به معمل من نوع ما، �ذة زجاجية ،فوجدها تطل على غرفة تش� أول ناف� �عت عيناه من الفزع والتقزز .رأى رفع إريس عينيه ليتفقد الغرفة ،فاتس� �ريح عدة جثث بشرية، روبوتات ترتدي الزي الرمسي للعلماء ،تقوم بتش� �س ،فقد كان أحدهم يفتح �ر يثري التقزز والرعب يف النف� وكان املنظ� �ر ويتفحص الدماغ بأجهزة غريبة ،ويقوم بصنع شق هنا دماغ أحد البش� �ان ،وخيرج األحشاء ويضعها بداخل جهاز وهناك ،وآخر يفتح معدة إنس� غريب ،فتظهر نتائج التحليل هلذا اجلهاز ،وهكذا رأى إريس مجيع أعضاء �ان تقطع ويقام عليها جتارب من كل األنواع .وجثث فارغة جسم اإلنس� �ك �ه وكاد أن يتقيأ ولكنه أمس� معلقة يف كل مكان ،فأخنفض برأس� يره ثم نظر إىل نافذة أخرى فرأى روبوتات أخرى ،تقوم نفسه وأكمل س� بتجارب على بشر أحياء ،تعرضهم للكهرباء واملاء واحلرارة ،ومجيع أنواع �يب �تنجدون ،وكانت بعض احلواس� التجارب وهم يصرخون بقوة ويس� �جل نتائج وأرقام بلغة غريبة ،مل حيتمل إريس املنظر فأكمل خلفهم تس� 225
�ر بداخله .ولكنه أكمل �عر بربكان من الغضب ينفج� طريقه وهو يش� متفحصا نافذة أخرى بداعي الفضول ،فرأى الروبوتات حياولون س�يره ً يدا ميكانيكية دمج البشر واآللة مع ًا ،ببعض التجارب كقطع يده ووضع ً �ري �ل ،وجتربة كفاءتها ،وجتارب أخرى عن زراعة العقل البش� يف املقاب� داخل أحد الروبوتات .شعر إريس بسيل من املشاعر بداخله ،بني الغضب �ر إىل أ ًيا من النوافذ �أس ،فتابع طريقة ومل ينظ� �وف والتقزز والي� واخل� بشعا آخر كهذا ،فتابع الزجاجية يف طريقه ،مل حيتمل بأن يري ش� �يئا ً �ائ ًال عن املصري البشع الذي ينتظر رفاقه إذ طريقه خلف الروبوتات متس� �رع خطاه قلي ًال ومتين بأال يتم كشفه قبل أن ينقذهم. مل ينقذهم ،فأس� �دا وكان املصعد يهبط إىل طابق برمز غريب يف نهاية املمر وجد مصع ً� ولكن إريس حفظ الرمز الذي توقف عنده املصعد ،فضغط على زر طلب ثوان فتح املصعد ،فوجد إريس يف وجهه أحد املصعد ،وبعد انتظار بضعة ٍ �ه بسرعة وصوبه ناحية الروبوتات الفضية حيدق به ،فرفع إريس مسدس� �ه ثم أطلق بضع طلقات حتى أصابه يف اجلوهرة الزرقاء املستديرة، رأس� مصدر طاقته ،فتدمرت وانطفأت ،فشعر باالمتنان ألنه مل يتم اكتشاف �ينتهي به االمر �أن عليه أن يتوخي احلذر من اآلن واال س� أمره ،وعلم ب� كجثة معلقة يقومون بعمل جتارب بشعة عليها .دلف إىل املصعد الذي كانت ارضه شاغرة بالروبوت امليت ،فتفرس يف الرموز الغريبة على لوحة املصعد ،وتذكر الرمز الذي توقف املصعد عنده ،فضغط عليه بس��رعة �زول ،حتى توقف وأنفتح �رع بالن� مبجرد أن رآه ،فأنغلق باب املصعد وش� الباب ،فوقف روبوت أمام الباب حيدق بالروبوت امللقي على األرض ،وكان متوجها إىل داخل املصعد يتفحص رفيقه لاحه املصعد فارغ ًا ،فرفع س� ً امللقي األرض ،فباغته إريس الذي كان معلق ًا على سقف املصعد ،وقفز �قط الروبوت ً �ه وأطلق طلقتان على أرضا ،ثم أخرج مسدس� فوقه ،فأس� �اكن ًا. مصدر الطاقة يف قلبه ،فتوقف الروبوت عن العمل ،وخر س� 226
�ه يف رواق آخر �ث املعدنية خارج املصعد ،ووجد نفس� جر إريس اجلث� أبيض ،وكان يوجد على اليسار غرفة فارغة؛ فسحب إريس اجلثث وفتح �بية ،وباب �ة الصغرية اليت كان يوجد بها بعض الصناديق اخلش� الغرف� �لم جانيب يستعمل يف حالة تعطل املصعد .وضع الروبوتات يؤدي على س� ير حتى �م جيدا ،ثم خرج إىل الرواق وبدأ بالس� ين الصناديق وأخفاه� ب� �لم يؤدي إىل غرفة كبرية وهائلة. انتهى الرواق بس� �فل ملتف ًا حول الغرفة �لم احللزوني أمامه ميتد إىل األس� كان الس� �فلى ،فنظر إريس إىل األسفل فرأى الروبوتات تسحب حتى الطابق الس� �فلى ،ثم أغلقوا �م يف زنزانة يف الطابق الس� �ايري وايفانوف وتضعه� س� �عر إريس بأنه يف مأزق كبري اآلن، جمددا .ش� الزنانة وتوجهوا إىل أعلى ً جمددا ،فتحول إىل شكلهم ولكن من حسن حظه بأن طاقته قد عادت إليه ً لاحه ووقف بربود عند باب املصعد ،وبعد وتوجه إىل املصعد ،ممسك ًا بس� ثوان رأى الروبوتات قادمة تتحرك بتناغم تام .رمقوا إريس بنظرة هادئة، ٍ جمددا .تنفس إريس وبعدها دلفوا إىل املصعد ،وعاد املصعد بهم إىل أعلى ً الصعداء ،وشعر بأن مح ًال ثقي ًال قد أزيح من على كاهله ،فتوجه بسرعة �رع يف نزول السلم احللزوني املتلف حول قاعة السجن إىل آخر املمر ،وش� �فل مع درجات السلم. الكبرية ،والزنزانات حوله متتد دائر ًيا إىل األس� �ر بداخلهم، �اجني من البش� تفقد إريس الزنازين البيضاء ،ورأى مس� يقفون هناك يف رعب وذعر ،البعض نائم على سريره ،والبعض اآلخر يذرع �ديد ،والبعض يكاد جين الغرفة ذها ًبا وإيا ًبا يف عصبية مفرطة وتوتر ش� �ديد ،ينتظر دوره ليتم عمل جنونه ،وبعضهم جيلس يف الزاوية بيأس ش� عابرا السلم احلديدي، جتارب لعينة عليه ،وهكذا استمر إريس حيدق فيهم ً �فل ،فرأى روبوت يقف بثبات يف األسفل ،فنظر إليه حتى وصل إىل األس� �ب مل يفهمه إريس ،فالتزم بدوره الصمت احلارس وبدأ يتفوه بكالم غري� 227
وعرب طريقه إىل زنزانة سايري ،وإيفانوف واقف ًا أمامها ثم بدأ يضغط على أزرار اللوحة اإللكرتونية اخلاصة بالزنزانة ،فصدر صوت من اللوحة غريب وظهر ما يشبه ماسحة شبكية العني ،ففهم إريس أنها تريد بصمة عينه. مسع إريس الروبوت احلارس يقرتب منه ويلقى ببعض الكلمات بنربة �كه حمذره بلغته الغريبة ،فانتظر إريس حتى اقرتب منه ،ثم التف وأمس� �وت من اللوحة وفتحت �ه ،ووضع عينيه على اللوحة ،فصدر ص� من رأس� �ه، �ه وأطلق على مصدر الطاقة يف رأس� �ة ،فأخرج إريس مسدس� الزنزان� �أ الروبوت وخر على األرض جثة هامدة ،فدلف إىل الزنزانة وأخذ فانطف� يهز سايري وإيفانوف بقوة لكي يستيقظا ،وبعد دقيقة بدآ بفتح أعينهما �اهدا إريس أصابهما الفزع ودفعه سايري بقدمه شيئ ًا فشيئ ًا ،وعندما ش� بعيدا ،فتذكر إريس هيئته اليت تشبه الروبوت ،فوقف على قدميه واقرتب ً �كله احلقيقي قائ ًال: منهما وهو يبدل هيئته إىل ش� – –ال ختافا يا رفيقاي ،لقد جئت ألنقذكما. �ا كان ايفانوف ال يزال يرتنح حماو ًال �ايري على قدماه بينم� وثب س� الوقوف .قال سايري بنربة مشككة: �رك ..لقد كنت معنا يف االختبار .. �ا من ماذا؟ أنا أتذك� – –تنقذن� كانامسك هو؟ – –إريس. – –نعم إريس واآلن أخربنا أين حنن وجئت لتنقذنا ممن؟ بدأ إريس يقص عليهم كل ما حدث حتى وصل إىل هنا ،من خروجه �ة كل ما حيدث هنا حتى �ى وصوله إىل اجلنرال ومعرف� منا الربج حت� مروره عليهم ،والتسلل كروبوت والدخول إىل املدينة الرائعة ،ومن ثم إىل �أة ،وروي هلم ما رآه يف املختربات ،وقد أصابهم هذا بالتقزز ،فشكراه املنش� 228
�م ،قبل أن يتحولوا لفئران جتارب، ألنه خاطر حبياته كل هذا لينقذه� وبعد أن فهما كل شيء ،سأل سايري: – –إذا حنن هنا بسبب هذه اآلالت اللعينة اليت متردت علينا ..متفوقة �ت ال تقهر، �رات ..بل وأصبح� �ر بعدة م� �ى ذكاء وقوة البش� عل� وأطالنتس هي املدينة الوحي��دة الباقية ملصر. فهز إريس رأسه باإلجياب. فصمت اجلميع قلي ًال ،فكسر ايفانوف حاجز الصمت قائ ًال: – –سأحطم رؤوس هؤالء األوغاد. قال إريس حبزم شديد: �ق اخلروج يف األعلى �جناء ..ونصل إىل طري� �ا أن حنرر الس� – –علين� �م للخروج من هنا واحدا منه� �ا هذا بأن نقتل كل ..حتى لوعن� ً �يء آخر بعد هذا ..ملاذا ال نتذكر �نفعل ..وسنعرف كل ش� فس� �م أن خنرج من هنا. �يء؟ وكيف حصلنا على هذه القوة؟ األه� ش� �جن ،ثم طلب توجه إريس إىل جثة الروبوت القابعة على أرضية الس� �يء للقطع ،فتعجب ايفانوف وسايري من طلبه الغريب هذا، منهم أي ش� �تغراب ،فقال إريس بنربة حازمة: ورمقا بعضهما البعض بنظرات اس� – –سايري أعطيين السيف الضوئي. �ب من معرفته �يف الضوئي وناوله إلريس وتعج� �ايري الس� أخرج س� �يف باحرتافية شديدة ثم �ك إريس الس� �يئ ًا كهذا .أمس� بامتالكه ش� قطع رأس الروبوت امللقى على األرض ،ومحل رأسه ،ثم أجته إىل الزنازين �ايري وايفانوف ،وأستخدم عني الروبوت يف فتح الواقعة جبانب زنزانة س� الزنازين الواحد تلو اآلخر ،فبدأ املساجني خيرجون منها وهم ال يصدقون 229
�باب وعجائز ،وأطفال! اجلميع أخذ باخلروج وإريس �هم ،نساء وش� أنفس� يفتح هلم باب احلرية ،فينهمرون عليه بالش��كر واالمتنان ألنه حررهم، ولكنه ظل يردد بأنه ال يزال أمامه الكثري حتى خيرجهم من هنا ،وعندها فقط بإمكانهم شكره كيفما شاءوا .وهكذا تسلق السلم احللزوني ،فاحتً ا مجيع أبواب السجون الزجاجية الغري قابلة للكسر ،حتى أخرج اجلميع. جمددا .جد أخذت دموع الفرحة تنهمر عندما رأت ًأما أبنتها الصغرية ً التقي مع حفيده .أصدقاء مع بعضهم البعض .وكانت دموعهم تنهمر بغزارة ،أنه كلم مشل عائلة كبري ،وبالطبع كان يوجد العديد ممن ال أحدا يعرفونه هنا ،قال إريس بنربة عالية: ميلكون ً – –اجلميع يلتزم الصمت اآلن. �ه ،وخفتت أصوات اهلمس، �ت اجلميع وتوجهت األنظار ناحيت� فصم� �يخرجهم من هنا؟ وبعد مفكرا كيف س� فنظر إليهم إريس وهو يعدهم ً صمت دام بضع حلظات ،كسر حاجز الصمت الذي صنعه بنفسه قائال: �م ..ولكننا ال يزال أمامنا طريق �د أن اخفض من معنوياتك� – –ال أري� جدا للخروج من هنا ..فنحن حتت األرض اآلن ..أو باملعين طويل ً األدق ،حنن يف منشأة حتت البحر ..وللخروج من هنا فنحن سوف منر على الكثري من الصعاب ..وقد ال نتمكن يف النهاية من اخلروج �ول إىل بر األمان ..فأنا حق� ًا ال أعرف أين حنن؟ وإىل أين والوص� جيب أن نتوجه؟! بدأت حتدث بلبلة وسط احلشد ،وبدأت أصوات الذعر احملتجة خترج، �يموتون مجيعا عاجال أم اجال، وقال البعض بأنه ال يوجد أمل وأنهم س� �كتهم وكان جيب أن يتقبلوا موتهم من البداية ،فصرخ إريس عاليا ليس� قائ ًال: 230
�وف خنرج من هنا أعدكم بهذا، – –توقفوا عن النحيب كاألطفال ،س� وسوف نكتشف كل شيء يف طريقنا للخروج من هنا ،ولكن جيب أن نتعاون ،ال أحد يرتك اآلخر ورائه .من هنا يستطيع القتال؟ �باب والرجال الكبار يف السن أيديهم وكانت اعدادهم رفع بعض الش� �خصا ،فقال إريس وهو يتفحصهم بعناية: تتخطي املائة ش� ً �ل إذا ..واآلن لدينا عجائز وأطفال �ددا جيد ..يوجد أم� – –هذا ع� ً �اء ،عددهم ال يتعدى .. ونس� صمت إريس قلي ًال وأخذ يعدهم ،ثم قال بعد أن انتهى: شخصا ..هذا يعين أن كل شخصان �ون – –عددهم ال يتعدى اخلمس� ً �خص واحد ..هذا أكثر من رائع ..واآلن هذه هي سيحميان ش� خطتنا ..لقد تسللت إىل هنا وأعرف طريق اخلروج من هذه املنشأة، ولكن عندما خنرج من هذه املنشأة فإن الوضع سيصبح أصعب قلي ًال ألننا سنمر على مدينة الروبوتات وعلينا أن نهرب منها بطريقة ما. خرج صوت معرتض من وسط احلشد الكبري لشاب يف العشرينات: �نفر من مدينتهم ،سيتكاتفون علينا ،ويباغتوننا من كل – –وكيف س� متاما من قبل هؤالء االوغاد. مكان ،كما أن أطالنت� �س قد درمت ً صمت إريس كثريا وهو يتخيل ما رآه اثناء مروره بكل هذا ،ثم قال: – –ال لن يستطيعوا أن يشنوا حر ًبا على مدينتهم ،ويتسببون يف دمارها �عبهم ،بطريقة ما كان يبدو بأن هذه اآلالت اليت تعيش يف ودمار ش� �بة إىل أطالنتس فقد �ة الواقعة فوقنا ،حية مثلنا .أما بالنس� املدين� متت محايتها ومل تتدمر بالكامل ،ويعمل اآلن العديد من اجلنود يف تدمري ما تبقي من الروبوتات. 231
�ر باالطمئنان واألمل عندما مسعوا بأن أطالنتس ال زالت شعر البش� �تنتج إريس بأنه مت اختطافهم عندما هجمت الروبوتات على خبري ،واس� أطالنتس. خرج صوت أنثوي قائ ًال: – –حية؟! ماذا تقصد بهذا؟ فشبك إريس يداه قائال بنربة مريبة: �عرون بالغضب ويضحكون ويفعلون أشياء شبيهة مبا – –لقد كانوا يش� �اعر مثلنا! فلن يعرض جنودهم نفعله ..فإن كانوا ميتلكون مش� حياة شعبهم للخطر ..مما سيجعلهم يرتكوننا نهرب ،يف حماولة �تغل هذا لصاحلنا، �دود املدينة ..وعندها سنس� �ا خارج ح� لقتالن� �رق بعض املركبات وبعض الرهائن ونهرب بها إىل أطالنتس. ونس� قال ايفانوف بنربة حادة: – –تبدو خطة جيدة ،رمبا تنجح أن نفذت بشكل صحيح. �جناء ،وبدأوا يتهامسون فيما فبدأت أصوات االمل خترج من بني الس� بينهم ،فقال أحد الرجال ،وكان شخصا يف االربعينات من عمره ذو حلية كثة وشعر طويل: – –كيف سنحارب الروبوتات؟ حنن ال منتلك أي أسلحة لنحارب بها. قال إريس وهو يتأمل سالح الروبوت القابع على األرض: – –مثل كل منشأة يف العامل ،فال بد من أن هناك خمزن لألسلحة .أثناء هبوطي باملصعد إىل هنا كان هناك العديد من الطوابق ،وهناك سلم �نصعد يف حالة تعطل املصعد ،يكمن داخل غرفة جبانب املصعد ،س� 232
الس��لم كلنا ،ونتفقد كل الطوابق حتى جند خمزن األسلحة ثم سنحارب للخروج من هنا. بدأ إريس بالصراخ عال ًيا ليحمس السجناء قائ ًال: جيدا بأننا االسياد وأننا من – –من معي؟ س� �نعلم هؤالء االوغاد الدرس ً صنعناهم. أخذت األصوات تتعالي باهلتاف ،والتهليل ،واحلماس الشديد ،فهمس لاح األبيض املنقسم �ايري ،بينما كان يلتقط الس� إريس اليفانوف وس� جلزئيني جزء علوي وجزء سفلى ،وفى الوسط يوجد فراغ بينهما ينتهي بكرة زرقاء مضيئة عند نهاية السالح: – –أتبعاني اآلن ،لدي سالحان قريبان من هنا سأعطيهما لكما. فأومئا برأسهما باملوافقة ،فانطلق إريس يصعد السلم احللزوني طال ًبا من اجلميع بأن يتبعه بهدوء ،فبدأوا يساعدون بعضهم ،أثناء صعودهم ورائه. �رعة إىل الباب الذي يقع متوجها بس� عابرا املمر صعد إري� ً �س الدرج ً مشهرا سالحه الغريب يف كل االجتاهات، جبانب املصعد .فتحه بهدوء، ً فرأى الصناديق ،فأبعدها .اتضحت مالمح اجلثث اآللية ،فنزع السالحني �ايري فأخذا السالحني بدون تردد، �لمهما إليفانوف وس� من يدهما ،وس� �ه مط ًال على �اب الذي أمامه ،وفتحه ،ليجد نفس� �ه إريس إىل الب� فتوج� الدرج اخلارجي ،فالتف ونظر إىل اجلميع وأشار هلم بأن يتبعوه ملتزمني الصمت ،فبدأوا بصعود الدرج الواحد تلو اآلخر يف صمت تام خلفه ،وكان وراءه مباشرة ايفانوف وسايري ،فوصال لباب مغلق يف الدور التالي ،فطلب �ايري بأن يتبعاه، �س من اجلميع االنتظار ،ثم طلب من ايفانوف وس� إري� فتح الباب ليجد غرفة صغرية أخرى ،تنتهي بباب أمامي ،فتوجه إليه ثم �د املصعد على ميينه ،وعلى �ده إىل األمام ،فوج� فتحه حبذر ،ومال جبس� 233
�يب جيلس أمامها روبوتات يضغطون �اره ،وجد غرفة مليئة باحلواس� يس� �تخبارات �ض االزرار ،ويبدو بأنهم يقومون بعمل ما خيص االس� على بع� واملراقبة ،ولكن إريس مل جيد الوقت ليحتك معهم ،األهم اآلن هو أجياد �ار هلم بان يعودوا ،ليس هناك شيء هنا ،فعادوا. �لحة ،فأش� خمزن األس� صعدوا للطابق التالي ،فتبعهم املساجني الذين كانوا يبدون كالفئران يرة .الختصار الوقت طلب إريس من ير يف اجملارير بأعداد كب� اليت تس� ايفانوف وسايري بأن يتفقد كل واحد منهم طابق خمتلف ،ولكن حبذر، وبعد حبث طويل ،من غرف وقود ،إىل غرف تصنيع آالت للحرب ،ومعدات ريا خمزن األسلحة ،كان فوق السجن خبمسة طوابق ،أشار متقدمة ،وأخ ً �ايري الذي وجد الغرفة لرفيقيه بأنه وجد ضالتهم املنشودة ،فتوجهوا س� �ن اجلميع بالتزام الصمت �لل ثالثتهم إىل الداخل ،طالبني م� إليه ،وتس� والبقاء يف أماكنهم ،فنفذوا األوامر بدورهم. دلف ثالثتهم إىل الغرفة الكبرية ووجدوا العديد من الصناديق املليئة �اذف صواريخ غريب �لحة الغريبة املتنوعة ،من قاذف هلب ،إىل ق� باألس� الشكل ،إىل أسلحة ذات مدي بعيد كالقناصة ،واسلحة ذات مدي متوسط، �ار واحلروب ،وكانت جنة �لحة ثقيلة ،لقد كانت جنة حمليب الدم� وأس� أيضا هلم ألنهم يف أمس احلاجة هلذه األسلحة للهروب من هنا .كانت الغرفة واسعة وكبرية ومليئة بصناديق األسلحة والذخرية ،مل جيدوا بها أي حراس من حسن حظهم ،فخرج إريس إىل الدرج ،وهمس هلم بأنه وجد �تودع ،وبدأوا بتجميع �تودع األسلحة ،فاندفع اجلميع إىل داخل املس� مس� األسلحة اليت تناسبهم ،على الرغم من أن معظمهم مل يستخدم سالح قط، ولكن العامل احلديث علمهم على األقل كيف تعمل .نزعوا الصناديق عن كل منها من حجمها. األسلحة غريبة الشكل ،واستطاعوا متييز وظيفة ٍ *** 234
20 �لح اجلميع ،وأصبح لديهم كل ما حيتاجونه ،توجهوا إىل بعد أن تس� جمددا ،فأوقفهم إريس قائ ًال للمساجني حيثهم: السالمل ً – –يا رفاق سنقوم خبدمة للبشرية ..وسندمر كل األحباث واألسلحة �ة ..كل طابق أريدكم أن �ذه الروبوتات اللعين� تي صنعتها ه� ال� �يء وال تبقوا شيئا يعمل ..من الطابق الثاني حتى تدمروا كل ش� األخري ،واآلن انطلقوا. انطلق اجلميع يف كل االجتاهات يهتفون ويهللون بصوت عالي لينشروا احلماس فيما بينهم .بعضهم صعد ألعلى والبعض اآلخر نزل إىل أسفل. حطموا األبواب ،وشرعوا يف تدمري كل شيء يرونه أمامهم ،البعض حيرق الغرفة اليت أمامه بقاذف اللهب ،والبعض اآلخر بقاذف صواريخ ،والبعض �يء أمام مساجني �لحة البيولوجية ،وقذائف البالزما .مل يقف ش� باألس� �ام حتاول �لحة مدمرة .والروبوتات يف كل األقس� غاضبني حيملون اس� النفاد جبلدها ولكن ال مهرب اآلن ،مل يصمد أحد أمام انتقام البشرية من �يء ،وبدأت كل األقسام حترتق عن بكرة الغزاة .بدأ الدمار يلف كل ش� ابيها .اخرتقوا كل الغرف؛ حارقني ومدمرين كل شيء تدمريا كام ًال بدون ترك أي شيء .فجأة بدأ جرس اإلنذار يدوي يف املنشأة ،توقع إريس �تعدا له فقال لنفسه بأن املعركة احلقيقية ستبدأ اآلن. هذا وكان مس� ً 235
�ع ،وهو الطابق الذي رأى فيه وصل إريس إىل الطابق األعلى واألبش� �ر ،فنظر إىل األسفل ليسمع صوت املساجني التجارب البشعة على البش� الغاضبون وهم يدمرون كل شيء ،حتى شارفوا على االنتهاء فشرعوا يف الصعود إىل األعلى .قال سايري وهو ينظر إليهم: – –ال بد بأن خطتك سارت أفضل مما توقعنا يا إريس ..إنهم غاضبون للغاية. ضحك إريس قائ ًال: – –ال تتعجل فهذه هي البداية فقط ،وراء هذا الباب سيصبح الوضع أصعب بكثري ،وستشتد املعركة ،أن عربنا هذا الطابق بسالم ،فستكون فرصتنا كبرية للهروب من هنا ،ولكن أنا أعلم بأن العديد من الروبوتات تقف اآلن يف الرواق مشهرة أسلحتها ناحيتنا منتظرة منا بأن خنرج لتقوم مجيعا ،الوضع ليس يف صاحلنا يف مثل هذا املكان الضيق. �ا بإبادتن� ً �د الغاضب بأن يصمتوا قلي ًال حتى يقرر التف إريس وأشار إىل احلش� �ض اآلخر يتهامس فيما �يفعله ،فصمت البعض ،بينما أخذ البع� ما س� �دأ بوضع خطة الخرتاق �ايري وب� بينهم ،بينما مجع إريس إيفانوف وس� خط دفاع الروبوتات وراء الباب املعدني الذي يقع أمامهم ،وبعد أن انتهوا �ايري بثقة وغرور: من التخطيط لبضع دقائق ،قال س� �اجني أما أنا وإيفانوف فسنحطم كل شيء – –ضع هذه اخلطة للمس� يقف أمامنا ،سنؤمن لكم الطريق. �اجني بأن يقفوا صمت إريس ألنه كان يعلم قوتهم ،وطلب من املس� هنا بدون حراك ،ويس��تعدوا للمعركة عندما يعطيهم اإلشارة ،فلقموا �لحتهم وبدأوا بتجهيز كل شيء ،جاعلني األطفال والشيوخ والنساء أس� �دق إريس إىل لاح يف املقدمة .ح� �ف ،بينما كل من حيمل س� يف اخلل� ايفانوف وسايري قائ ًال: 236
�اك بكم او �تكون هذه خماطرة كبرية ..فحاولوا اال يتم اإلمس� – –س� �ل ،فالكثري من األرواح تعتمد عليكم. القضاء عليكم كما حدث من قب� �رع يف القيام ببعض متارين األمحاء ،بينما أومأ سايري باملوافقة وش� �د إيفانوف ،مما أثار الرعب واهلمس بني �ود حول جس� التف املعدن األس� �جناء ،ولكنه مل يهتم بذلك ،ووقف عند الباب ونظر إىل سايري ،ثم الس� أشار له برأسه بينما حطم الباب بقدمه ،وأندفع إىل املمر وهو يزأر كثور �ايري ،بينما وقف إريس مذهو ًال ال يعرف ماذا يقول. غاضب ،ووراءه س� يف الردهة كان عشرة من الروبوتات مشهرين أسلحتهم ناحية الباب، مخسة جالسون على ركبتهم ،ومخسة واقفون خلفهم ،ومبجرد أن كسر الباب واندفع منه جسم اسود جمهول أطلقوا طلقات البالزما على اجلسد اجملهول ،ولكن الطلقات كانت متر جبانبه بدون أن متسسه وهذا بفضل قوة سايري. �ايري يركض ورائه ،رافع ًا �ع إيفانوف ناحيتهم ،بينما كان س� أندف� يديه يف اهلواء ليبعد الطلقات املقرتبة من إيفانوف ،وقد جعلها تنحرف �ايري بأنه من األفضل أن �دم باحلائط ،فتبخر احلائط ،فعلم س� وتصط� �ده بعد. يتجنبها إيفانوف فهم ال يعلمون تأثريها على جس� مندفعا ناحيتهم بال اكرتاث بينما كان سايري جياريه ظل إيفانوف ً وحيميه يف نفس الوقت ،فقال بينه وبني نفسه: �رف أن كان درعه حيميه من طلقات �ا له من أمحق مندفع ال نع� – –ي� البالزما بعد أم ال؟! �ع للخلف أمام هذه �وف من الروبوتات اليت بدأت ترتاج� اقرتب إيفان� �رع منهم فلحق بهم ولكم �وة املدمرة اليت ال تتوقف .ولكنه كان أس� الق� واحدا �ر خلفه ،ثم ركل مصطدما بروبوت آخ� �د منهم بقوة ،فطار واح� ً ً 237
بقدمه ،فحطمه يف احلائط ،والتف بقبضته مرة أخرى ليحطم واحد آخر، ملوحا به ،لييقطع أجساد بينما خرج سايري من وراءه بالسيف الضوئي، ً الروبوتات إىل قطع ،حماوال جتنب لكمات إيفانوف الغري مفرقة بني العدو �رى يرفع الروبوتات يف اهلواء والصديق يف نفس الوقت ،وكان بيده اليس� �يفه يف جسده، ثم حيطمهم يف اجلدران ،ويدفع أحدهم ناحيته ليضع س� ويضغط بقبضته والطاقة تندفع منها ليحطم رؤوسهم فيخروا جثة هامدة. وقف إريس حمدق ًا إليهم بدهشة وقد أحس وكأنهم كيان واحد ،رغم أن هذا ال ميكن رؤيته من الوهلة األوىل .أمسك إيفانوف بأحد الروبوتات �يف ًا قد قطعه وقذفه عال ًيا ،فأرتفع الروبوت وأخنفض مرة أخرى ليجد س� �ان يف تقطيع وحتطيم الروبوتات، لنصفني ،وبينما أخذ الرفيقان يتفنن� �ار إريس للسجناء ،بأن يتقدموا ،فاندفعوا من الباب املعدني إىل املمر أش� �رب من الفئران اليت اجتاحت أحد البيوت وتنوي تدمري كل شيء. كس� �رية اليت متأل املمر، �ب منهم إريس بأن حيطموا غرف التجارب البش� طل� �وا إليها وبدأوا بقتل الروبوتات اليت ترتدي زي خمترب وكان الذعر فدلف� �م خمتلفة وكأنهم أحياء �كاهلم ومالحمه� باد على وجوهها وكانت اش� ٍ كما قال هلم إريس .بعد أن قضوا عليهم كلهم بال رمحة قاموا بتدمري عينات االختبار ،واألجهزة. �عر بعضهم بالرعب والتقزز عندما رأى هذه التجارب البشعة اليت ش� �ر يف أحد زوايا غرف �هم ،بينما تقيأ البعض اآلخ� �ام على بنى جنس� تق� ريا اجتاه اآلالت، التجارب .زادت هذه املناظر بداخلهم ً حقدا وغض ًبا كب ً �يء عن بكرة أبيه ،واندفعوا بغضب ناحية املمرات فأحرقوا ودمروا كل ش� �أة ،وأطلقوا املليئة بالروبوتات املقاتلة وهم يصرخون ويهزون أرجاء املنش� كل من �لحتهم بال توق� النار على الروبوتات من أس� �ف ،بينما تقدمهم ٍ ايفانوف وسايري لتأمني احلماية هلم ،فكادوا أن يصابوا بسبب الطلقات 238
�جناء بال توقف ناحية الروبوتات ،ولكن قوة العشوائية اليت يطلقها الس� �ن اخللف وتعكس اجتاهها، �ايري كانت توقف الطلقات اليت تأتي م� س� �ن األمام فقط ،أصبح حيميه من األمام فبد ًال من أن حيمي ايفانوف م� حمطما كل شيء يقف يف طريقه. ومن اخللف ،بينما كان اآلخر يندفع ً �رية تركض وراءه وتتبعه ،مدمرة كل الغرف �ود البش� بدأت احلش� �ود برات يف طريقها ،فرتادعت اآلالت إىل اخللف أمام هذه احلش� واملخت� �حقون بال هوادة الغاضبة وبدأوا مبحاولة طلب الدعم ،ولكنهم كان يس� قبل أن يطلبوه .كان إريس يركض يف مقدمة احلشد ويقودهم فأخذوا يتبعونه حبماس ،وهم يهللون العنني الروبوتات بكل اللغات املمكنة ،بينما كان األدرينالني هو احملرك الرئيسي هلم الليلة ،فهم مل يشعروا حبماس للقتل والتدمري يف حياتهم مثل الليلة وباألخص ألنهم يقتلون أشياء معدنية ال حياة فيها أو هذا ما يظنونه ،فكان هذا يسهل عليهم القتل بال رمحة. وهكذا أنعطف ايفانوف وسايري والسجناء خلفهم ميين ًا ويسا ًرا يف ممرات املنشأة مدمرين كل ما يقع على ناظرهم حتى وصلوا إىل البوابة الرئيسية، فحطمها إيفانوف بيده بعد بضعة لكمات ،ورأى جسر طويل أمامهم حييطه املاء من كل جهة بينما تعوم أنواع غريبة من األمساك مل يرها ايفانوف يف حياته ،وكان ليقف ويشاهدها طوال اليوم ،لو كان يف رحلة سياحية. يف نهاية اجلسر كان املصعد الكبري الذي هبط منه إريس إىل املنشأة �جناء بأن يتبعوه ،فركضوا �ار بيده للس� �رة أشخاص ،فأش� يتسع لعش� �د ،فتوقفوا وهم يلهثون �ر حتى وصلوا إىل املصع� مجيعا عابرين اجلس� ً بقوة ،ويتصببون عرق ًا من فرط اجملهود الذي بذلوه بينما كانت املنشأة �رج إريس من بينهم قائ ًال: حترتق وراءهم ،فخ� – –أن هذا املصعد يؤدي إىل غرفة كبرية ويبدو بأنها حتتوي على مصدر الطاقة الرئيسي هلذه اآلالت ،أن دمرناه فإن هذا سيوقفهم عن العمل 239
�يتيح لنا الفرصة للهرب .واآلن سنركب املصعد على دفعات مما س� �ود من �ع بالطبع لكل هذا العدد الكبري ،وقد جند حش� ألنه لن يتس� �أركب أنا وايفانوف �ا عندما نصل إىل القمة ،لذا س� اآلالت تنتظرن� وسايري أو ًال ،ومن يريد بأن خياطر حبياته فلريكب معنا ،ومن يريد �م يتبعنا فهذا عائد له ،وأريد من �ر حتى نصل إىل أعلى ،ث� أن ينتظ� �ر حتى تغرق �ر دفعة تصعد إىل اعلى أن تقوم بتدمري هذا اجلس� أخ� متاما. هذه املنشأة اللعينة ً �م �باب أيديهم طالبني االنضمام إليهم ،فأبتس� رفع رجالن وثالثة ش� �س على زر الصعود، �م ،فركبوا املصعد ،ثم ضغط إري� إريس مرح ًبا به� فصعد بسرعة إىل أعلى بينما حيدق السجناء يف األسفل إىل املصعد وهو خيتفي داعني هلم بالنجاة. �هم داخل املبين ذو وصل املصعد إىل األعلى ،وأنفتح بابه ليجدوا أنفس� �ة املعمارية الرائعة ،شعروا كأنهم بداخل كرة كبرية ،وكانت اهلندس� �ومات والنقوش يف اللوحات القريبة من احلائط تطري بال توقف ،والرس� �رب نور الشمس من بني الكوة الصغرية يف السقف، كل مكان ،بينما يتس� �ود الروبوتات الواقفة يف نهاية الغرفة ولكن األهم من كل ذلك هو حش� �هرين أسلحتهم ناحيتهم ،فطلب إريس من أحد الشباب عند املخرج مش� بأن ينزل باملصعد وخيربهم مبا حيدث فوق ،وحيمسهم بالصعود والقتال معهم من أجل النجاة ،فوافق الشاب حبماس ،فخرج اجلميع من املصعد، جمددا .نظروا إىل بعضهم بينما أغلق املصعد على الشاب وهبط ألسفل ً البعض ،فأبتسم إيفانوف قائال بسخرية: – –املزيد من الروبوتات ألحطمها ،هذا رائع. شعر سايري بأنه يريد أن يلكمه حتى يستوعب ما هم فيه ،ولكنه علم بأن يده ستؤمله أن حاول لكمه ،فأمسك غيظه وقال جبفاء وبرود: 240
– –يبدو بأنك استطعت أن تسيطر على وعيك ،أثناء حتولك هلذه اهليئة. رد إيفانوف بابتسامة سوداء خميفة على وجهه املعدني: – –مل أغطي أسفل قدمي باملعدن حتى ال أفقد سيطرتي على وعيي. همس إريس إليهم قائ ًال: �س وقت النقاش ..أنهم ينتظرون ردة فعلنا ..إذا هامجنا – –هذا لي� �وفون وليس هناك مكان لنحتمي أوال سيهامجون ،واآلن حنن مكش� فيه ..فالقاعة كبرية ومكشوفة ،وإن نظرمت هناك فهذه البلورة هي ما ميدهم بالطاقة أن دمرناها فسيتوقفون عن العمل ،مما سيمكننا من اخلروج من هنا. نظر سايري إىل املولد ،والبلورة الزرقاء الكبرية فوقه اليت متده بالطاقة فقال: – –ما كنية هذه املاسة الكبرية الغريبة اليت متد املولد أسفلها بالطاقة؟ فرد إريس وهو حيدق إىل األعداد الكبرية للروبوتات بتوتر: – –الأعرفماهيولكنكماتريفيبدوبأنهامامتدهمبالطاقةأندمرنااملولد أسفلها فلن جتد ما تعطيه طاقتها ،واآلن هل تستطيعون قتاهلم هنا؟! معا مصد ًرا صوت ًا معدن ًيا: قال ايفانوف بثقة وهو يصك قبضتيه ً – –ال يهم كم عددهم سأدمرهم مجيعها ،احتموا ورائي وابدأوا بإطالق النار بال توقف ،سنهامجهم من بعيد حتى يأتي الباقون ويساندوننا. واآلن سايري فلتحميين وحتمي اجلميع كما فعلت من قبل. �م الكبرية اليت �ع التحديق يف اعداده� �ايري عليه بل تاب� مل جيب س� �خص �ون ،ومن بني االعداد الكبرية للروبوتات ،خرج ش� تتخطي اخلمس� 241
يبدو خمتلف املظهر عنهم .حدق اجلميع بتعجب فيه ،لقد كان خمتلفا �خص الغريب متاما عن باقي الروبوتات فتوقعوا بأنه القائد ،اقرتب الش� ً مسافة بسيطة منهم ،ثم توقف ،فبدأت مالحمه تتضح ،أنه ليس روبوت بل �يء آخر خمتلف ،أنه ال يشبه أي شيء قد رأوه من قبل. ش� �تقبل �يء من املس� �دي بزة فضاء بيضاء اللون تبدو كش� كان يرت� البعيد ،كانت تغطي جسده كله ،وعلى وجهه قناع زجاجي أسود اللون، ولكن عندما متعن النظر فيه فكأنك ترى انعكاس الكون الشاسع ،جنوم مضيئة حتوم يف فضاء أسود معتم ،على صدره نقش رمز غريب هلرم وفى وسط اهلرم يوجد نقش لعني مفتوحة حتدق مبن أمامها ،وقف قليال وهو ينظر إىل األشخاص الواقفني أمامه .همس إريس قائ ًال وقد انتابه القلق: متاما. – –من هذا حبق اهلل؟ أنه خمتلف ً فجأة بدأ الشخص الغامض يتحدث قائ ًال بصوت أجش عميق: �ر ،مل أتوقع بأنكم بهذه اجلرأة اليت تسمح لكم باخرتاق – –مرحبا بالبش� عاملي ،وتدمري أمثن ممتلكاتي. فرغ اجلميع فاهه من الدهشة ،ونظروا إىل بعضهم البعض ،ثم وجهوا نظرهم إليه ،فأستطرد قائ ًال: �د من أن قادتكم قد اخرتعوا �ع أنتم ال تعرفون من أنا؟ وال ب� – –بالطب� �م الصغرية حتى �ب مع عقولك� �ة ما ملا حيدث حولكم ،لتتناس� قص� �دون ،فأنتم يف النهاية �تمروا يف خدعاكم وحتريككم كما يري� يس� �ية ال تسأل عن أي شيء. �بة هلم جمرد ماشية واملاش� بالنس� رد إيفانوف بنربة الذعة قائ ًال: �ا ..فأنت جمرد آلة متمردة �ن أنت أيها املتعجرف لتحكم علين� – –وم� 242
لعينة حنن من صنعناها ..وسنعيدها إىل حيث جيب أن تكون حتى ولو استخدمنا القوة! عال مما أثار غضب إيفانوف أكثر .قال بنربة ضحك الغريب بصوت ٍ خبيثة: – –أحقا هذا ما تظنه بأنكم أنتم من صنعتموني ..يا للسخرية ولكن أنا أعمق بكثري من أن يتم صنعي ..أنا ما تسمونه حياة عضوية .. مرح ًبا بكم على كوكب أطالنتس ..امسي هو جايا. ملعت الكلمة يف عقل سايري الذي تذكر ما قاله أعضاء اإلينيكس عن إسقاط جايا ،فتغريت مالحمه وقال بينه وبني نفسه: – –لقد مسعت هذا االسم من قبل ..هل هذا هو جايا؟ هل هو عدو أم صديق؟ الذي أعرفه أن اإلينيكس أعداء ،ولكنه جمهول بالنسبة إلي. هل هو روبوت أم إنسان؟ بدأ اجلميع ينظر بتوتر إىل بعضهم البعض ،بينما ُفتح املصعد خلفهم وخرج عشرة أشخاص أخرىن مشهرين أسلحتهم ،وال يفهمون ما حيدث، �د ،فنفذوا األوامر ووقفوا �ار هلم إريس بيده بأن ال يطلقوا النار بع� فأش� يراقبون ما حيدث عن كثب. عال دوي يف املبين الكبري: قال إريس بصوت ٍ – –ماذا تقصد بهذا؟ أطالنتس جمرد أسطورة تناقلتها األجيال! أردف الروبوت الغريب يقول: �ى كوكب األرض؟ هل تظن بأن أطالنتس – –هل حق ًا تظن أنك عل� غرقت؟ هل ظنتها تدمرت بفعل الطبيعة؟ هل ظننتها اختفت بدون جمددا؛ ألنك �طورة تناقلتها األجيال؟ فكر أثر؟ هل تظن بأنها أس� ً 243
اآلن يف أطالنتس .يا لك من كائن مسكني ..جيب أن تعلم بأنك خمدوع أنت وكل من معك ..خدعة دنيئة متقنة مل يكن ليعلمها أيضا ..ولكن كل ما أستطيع قوله بأنكم على كوكيب.. أحدكم ً كوكب أطالنتس ولستم على األرض. نظر له سايري بغيظ شديد وقال بتهكم: �تطيع قتلنا، – –تريد أن تعبث بعقولنا اآلن أيها اآللة اللعينة كي تس� �أقتلع رأسك ،فحياتك ال �تفعلها س� ولكن أنا أحذرك أي خدعة س� تهمين على اإلطالق. ضحك الروبوت الغريب ضحكة صغرية ،مثاستطرد قائ ًال: – –سأعرض عليكم ً ريا ..هل تريدون معرفة احلقيقة؟ عرضا أخ ً قال إيفانوف بلهجة قوية: – –وهل سنسمع احلقيقة من فم روبوت حقري؟ جتاهل جايا فظاظة إيفانوف واستطرد يقول: – –قلت لك أنا أعمق من أن أكون روبوت ..كل هذه اآلالت اليت تراها �ا به ..أنا من أعطيتهم �ك تتحرك بأوامري وتفعل ما آمره� حول� احلياة ..أنا سيد أطالنتس وأنتم تعديتم على ممتلكاتي بدون أدنى �أة األحباث اليت كانت حتتوي على آالف األحباث حق ،ودمرمت منش� املهمة ..ماذا تتوقعون مين أن أفعل بكم؟ قال إريس بغيظ شديد: �ر ثم تقول إننا تعدينا على �عة على البش� – –أتقوم بهذه التجارب البش� �أة احلقرية! �تحقه هذه املنش� ممتلكاتك ،أمتزح معي؟ هذا أقل ما تس� 244
قال جايا بلهجة حازمة: – –بالطبع هذا ما سأفعله ..إن وجدت خملوقات غريبة دخلت يف عقر دارك ..خملوقات جمهولة مل ترها من قبل ..هل سترتكها هكذا بدون أن تفحصها وتفهم خصائصها وتعلم ملاذا ؟ وماذا تريد؟ ومن بعثها؟ �ط الذهول الذي حل على اجلميع ،بينما كان صمت جايا قلي ًال وس� �ر اخلارجني من املصعد يتزايد ،فجأة تفكك القناع عن وجه عدد البش� �وداء �تقر يف مكان خمصص له يف البذلة الس� جايا وعاد إىل اخللف ليس� �ال عندما رأوا وجهه �هق اجلميع جاءت إىل دارك الغريبة ،فش� ٍ بصوت ع� ٍ وتراجعوا إىل اخللف عدة خطوات موجهني أسلحتهم ناحيته كردة فعل �عت عيناه من الدهشة: تلقائية .فقال إريس وقد اتس� – –ما هذا الشيء اللعني حبق اهلل؟ قال جايا وقد ارتسمت ابتسامة على وجهه: – –واآلن هل تريدون معرفة احلقيقة؟ �و يتثاءب، �حاب وه� �ن الربج األبيض الذي يناطح الس� خرج نور م� �عره ببعض الراحة ،فنظر فانطلقت دفعة من اهلواء لتداعب وجهه و ُتش� أمامه وابتسم ثم قال: ريا ..لقد حان وقت احلقيقة. – –احلرية أخ ً �ق طريقه وسط سكون الغابة الغريبة اليت وجد نفسه انطلق نور يش� فيها ،بينما كان كينو يسري وسط اخلراب الذي حل على مدينة أطالنتس اجلديدة وقد عزم على إكمال املهمة اليت مت تكليفه بها واليت قد تسبب �رية منذ سنني؟ خطأ اقرتفه أثناء تنفيذها بكارثة كبرية مل ترها البش� *** 245
246