معركة الموصل ومآلاتها المحتملة 2 (1)

Page 1


‫مركزعمران للدراسات االستراتيجية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دولة ومجتمعا وإنسانا‪ ،‬ترقى لتكون‬ ‫مؤسسة بحثية مستقلة ذات دور رائد في البناء العلمي واملعرفي لسورية واملنطقة‬ ‫ً‬ ‫مرجعا لترشيد السياسات ولرسم االستراتيجيات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ورافدا ّ‬ ‫لصناع القرار في‬ ‫تأسس املركز في تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪ 2013‬كمؤسسة بحثية تسعى ألن تكون مرجعا أساسا‬ ‫ّ‬ ‫سورية واملنطقة في املجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ُ .‬ينتج املركز الدراسات املنهجية املنظمة التي تساند‬ ‫املسيرة العملية ملؤسسات الدولة واملجتمع‪ ،‬وتدعم آليات اتخاذ القرار‪ ،‬وتحقق التكامل املعلوماتي وترسم خارطة‬ ‫األولويات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تعتمد أبحاث املركز على الفهم الدقيق والعميق للواقع‪ ،‬ينتج عنه تحديد االحتياجات والتطلعات م ّما يمكن من وضع‬ ‫الخطط التي ّ‬ ‫يحقق تنفيذها تلك االحتياجات‪.‬‬

‫املوقع اإللكتروني ‪www.OmranDirasat.org‬‬ ‫البريد اإللكتروني ‪info@OmranDirasat.org‬‬ ‫تاريخ اإلصدار ‪ 11‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر ‪2016‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة © مركز عمران للدراسات االستراتيجية‬


‫معركة املوصل ومآالتها املحتملة‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫كما كانت سيطرة تنظيم الدولة على مدينة املوصل(‪ )1‬في ‪ 2014/6/10‬حدثا مؤسسا ملتغيرات متسارعة غيرت الكثير من‬ ‫ُ‬ ‫مستويات الصراع القائمة‪ ،‬ها هي معركة تحرير املوصل تنبئ بمسارات وسيناريوهات مفتوحة السيما وأن جغرافية هذه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫املدينة وما تكتنفه من تعقيد في التركيب اإلثني والطائفي‪ ،‬يجعل من معركتها رقما صعبا في معادلة العراق الجديد وعامال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حاسما في تحديد مصيره‪ .‬ومن املثير للتحليل أن املعركة استهلكت وقتا طويال من التحضيرات السياسية والعسكرية وأثارت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جدال واهتماما استثنائيا من قبل األطراف املحلية العراقية واإلقليمية‪ ،‬وساهمت بحكم التوظيف السياس ي لورقة‬ ‫اإلرهاب بتعقيد املشهد وإرفاقه بمدخالت أسست لتنامي سياسات ال تتسق مع مفاهيم الهوية والجغرافية والتاريخ‪ .‬وقد‬ ‫دفع هذا الحال القوى العراقية املتعددة ومن خلفها داعميها اإلقليميين لالستماتة في املشاركة بهذه املعركة‪ ،‬وحشد قوات‬ ‫فاقت أعداد التنظيم بأضعاف(‪ .)2‬األخير الذي ال يبدو أقل رغبة من باقي األطراف في استماتته للدفاع عن املدينة‪ ،‬فهو وإن‬ ‫ً‬ ‫بدى متراجعا في معارك األقضية املحيطة باملدينة تحت ضغط ضربات التحالف والتفوق العددي الكبير للقوات املشاركة‬ ‫في العملية؛ إال أنه أبدى تكتيكات جديدة تمثلت بالهجوم على مناطق غير متوقعة وجبهات رخوة‪ ،‬كهجومه على "كركوك"‬ ‫ً‬ ‫و "الرطبة"‪ ،‬واستخدامه ألسلحة ثقيلة في معاركه لم يستخدمها سابقا‪ .‬وبينما العجلة العسكرية تنحو باتجاه "حسم ما"‬ ‫تتداخل املهددات األمنية والسياسية على العراق ‪-‬السيما املكون السني‪ -‬ودول الجوار واملنطقة برمتها بحكم ما تحمله هذه‬ ‫املعركة من تداعيات تساهم نتيجتها في تثبيت فاعلية جيوسياسية لطرف إقليمي ضم معادالت ومحاوالت تكوين نظام‬ ‫سياس ي إقليمي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بناء عليه يحاول تقدير املوقف هذا تفكيك املصالح املختلفة للفرقاء املحليين املتصارعين على الخوض في املعركة‬ ‫ً‬ ‫ومن خلفهم حلفائهم اإلقليمين والدوليين‪ ،‬سعيا لتحديد طبيعة وأبعاد هذا الصراع وفحص اتجاهاته املختلفة‪،‬‬ ‫واستشراف املآالت املرتقبة لهذه املعركة في العراق‪ ،‬وارتداداتها املحتملة على سورية‪.‬‬

‫صراعُ ٍ‬ ‫نفوذ وبوصالت إقليمية متباعدة‬ ‫تتعدد القوات املحلية واإلقليمية والدولية الساعية لدخول وتحرير املوصل‪ ،‬وتتباعد غايات كل منها والتي تفرضها عوامل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متخيال" ُ‬ ‫سيعزز من عوامل تنامي‬ ‫أمنية وسياسية خاصة بكل قوة وحليفها (انظر الخريطة أدناه)‪ ،‬لتبدو في املجمل "حسما‬ ‫امتالك نفوذ إقليمي ُ‬ ‫وسيسهم في التحكم في ملفات أخرى تتصارع عليها هذه املحاور اإلقليمية في مناطق أخرى ال سيما في‬ ‫العراق واليمن‪.‬‬

‫ً‬ ‫)‪ (1‬تعد مدينة املوصل مركزا ملحافظة نينوى وثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد‪ ،‬حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي ‪ 2‬مليون نسمة‪ .‬وتبعد املوصل عن بغداد‬ ‫ً‬ ‫مسافة تقارب حوالي ‪ 465‬كم‪ ،2‬وأغلبية سكان املوصل من العرب السنة‪ ،‬وينحدرون من خمس قبائل رئيسية وهي (شمر‪ ،‬الجبور‪ ،‬الدليم‪ ،‬طيء‪ ،‬البقارة)‪ ،‬كما يوجد أيضا‬ ‫مسيحيون ينتمون إلى عدة طوائف‪ ،‬إضافة إلى الكرد والتركمان والشبك‪.‬‬ ‫)‪ (2‬حسب مصادر مقربة من التنظيم‪ ،‬فإن أعداد مقاتليه املتواجدين في املوصل تصل إلى ‪ 6‬آالف مقاتل‪ %20 ،‬منهم أجانب‪ ،‬في حين أن خبراء عسكريون قدروا أعدادهم بنحو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ 10‬آالف‪ ،‬بينهم ‪ 3‬آالف مقاتل أجنبي‪ .‬في املقابل‪ ،‬تضم الجهة املقابلة ‪ 12‬تشكيال مسلحا‪ ،‬كقوات الجيش واألمن العراقي‪ 40 ،‬ألف جندي‪ ،‬ومليشيات الحشد الشعبي بـ‪40‬‬ ‫ً‬ ‫ألف جندي أيضا‪ ،‬وقوات البيشمركة ـ‪ 50‬ألف جندي‪ ،‬إلى جانب قوات الحشد الوطني والحشد العشائري بـ‪ 15 - 7‬ألف مقاتل‪ ،‬ويساهم بنحو ‪ 9‬آالف من أفراد التحالف‬ ‫الدولي بينهم أكثر من ‪ 5‬آالف أمريكي‪ ،‬يشرفون على سير املعركة من خالل التدريب وتقديم الدعم الجوي واملدفعي دون املشاركة على األرض‪..‬‬ ‫_______________________________________________________________________________________________________________________________________‬

‫الصفحة‪1 :‬‬

‫عمران للدراسات االستراتيجية‬

‫‪Omran for Strategic Studies‬‬


‫معركة املوصل ومآالتها املحتملة‬

‫خريطة رقم (‪)1‬‬

‫ً‬ ‫فالواليات املتحدة األمريكية التي تقتصر مشاركتها على الضربات الجوية والدعم واإلسناد بريا‪ ،‬حيث يقوم جنودها الـ‬ ‫‪ 5000‬املتواجدون على األرض بدور التدريب واالستشارات واملساهمة وفق املؤشرات لتحويل قاعدة القيارة‪ 58-‬كم جنوب‬ ‫املوصل‪ ،-‬إلى قاعدة دائمة للقوات األمريكية‪ ،‬في حين تعتمد على قوات البيشمركة والجيش العراقي‪ ،‬وبخاصة قوات‬ ‫مكافحة اإلرهاب التي دربتها وتعتبرها أكثر احترافية وأقل طائفية من الجيش العراقي‪.‬‬ ‫ال شك أن إدارة الحزب الديمقراطي األمريكي قد سعت لفتح هذه املعركة قبل مغادرة الرئيس أوباما للبيت األبيض ‪-‬التي‬ ‫سقطت في عهده‪-‬وتوظيفها في سياق االنتخابات األمريكية‪ ،‬كبرهنة على أن الديمقراطيين قادرون على تحقيق انتصارات‬ ‫عسكرية منخفضة التكلفة ودون تدخل مباشر على عكس الجمهوريين‪ .‬إال أنه وفي موازاة ذلك تسعى الواليات املتحدة من‬ ‫ً‬ ‫خالل هذه املعركة لتثبيت رؤيتها للعراق ومعادالته السياسية فهي من جهة أولى ال ترى ضيرا في أطروحات جديدة في العراق‬ ‫يغيب عنها الكيان السني‪ ،‬وتعزيز تحالفها في العراق واملنطقة مع إيران وأذرعها امليليشاوية على حساب حلفائها القديمين‬ ‫كدول الخليج وتركيا من جهة ثانية‪ ،‬وتأجيج الصراع الطائفي بدعم التطرف الشيعي على حساب وجود السنة‪.‬‬ ‫أما تركيا التي ال ترغب حكومة بغداد في مشاركتها في معركة املوصل عبر قواتها املتموضعة في معسكر بعشيقة والداعمة‬ ‫لبشمركة البرازني؛ فتصر على املشاركة وترفض دخول الحشد الشعبي "الشيعي" إلى قضاء تلعفر وذلك بحكم مجموعة‬

‫_______________________________________________________________________________________________________________________________________‬

‫الصفحة‪2 :‬‬

‫عمران للدراسات االستراتيجية‬

‫‪Omran for Strategic Studies‬‬


‫معركة املوصل ومآالتها املحتملة‬

‫من املخاوف واملصال التركية من مآالت معركة املوصل(‪ ،)3‬كمشاركة حزب العمال الكردستاني إلى جانب الحشد الشعبي‬ ‫ً‬ ‫في املعارك ووصوله إلى الحدود التركية من الجهة الغربية للموصل‪ ،‬واستخدامه كورقة ضغط إيرانية عليها‪ ،‬خصوصا وأن‬ ‫األخير تربطه عالقات ممتازة مع قيادة الحشد الشعبي وتساهم بشكل أساس ي في تسليحها وتذخيرها خارج ميزانية الجيش‬ ‫العراقي(‪ .)4‬إضافة إلى أن سيطرة الحشد الشعبي على تلعفر الحدودية مع مناطق سيطرة تنظيم الدولة في سورية‪ ،‬خاصة‬ ‫مع إعالن قيادات في الحشد عن نيتها القتال إلى جانب قوات األسد بعد تحرير املوصل(‪ ،)5‬سيدعم فرص مشاركة قوات‬ ‫النظام السوري في عملية تحرير الرقة من تنظيم الدولة على حساب مشاركة تركيا وقوات درع الفرات املدعومة منها‪ .‬كما‬ ‫أن مخاوف تهجير التركمان السنة من قبل امليليشيات الشيعية في تلعفر هي إحدى العوامل التي تغذي أسباب املشاركة‬ ‫التركية ال سيما أن هذه املنطقة يقطنها تركمان سنة وشيعة‪ ،‬ويتخذ الحشد الشعبي من التركمان الشيعة ذريعة للدخول‬ ‫إلى تلعفر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عموما تحاول أنقرة عبر اإلصرار على املشاركة في معركة املوصل إلى الحؤول دون نجاح مخطط إيران في تهجير العرب‬ ‫ً‬ ‫وتركمان (تلعفر) السنة من املوصل ومحيطها‪ ،‬األمر الذي قد ُيشكل أزمة الجئين جديدة بالنسبة لتركيا من جهة‪ ،‬وتطويقا‬ ‫ُ‬ ‫إلقليم كردستان الحليف لها بحزام شيعي من جهة أخرى‪ .‬بينما ال تخفي طهران نواياها في استكمال الطريق البري الذي‬ ‫يصلها بسورية عبر السيطرة على تلعفر‪ ،‬مما سيمنح إيران واجهة متوسطية وسيساهم في تسهيل نقل املقاتلين الشيعة‬ ‫واألسلحة لنظام األسد‪ ،‬وبالتالي سيضعف النفوذ التركي في سورية‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بإيران فهي املستفيد األكبر من وجود تنظيم الدولة في العراق‪ ،‬وتحاول حصد أكبر مكاسب من حربه‪ ،‬عبر‬ ‫أداتها الحشد الشعبي‪ ،‬والتي شكلتها بعد فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها املرجع علي السيستاني إثر سيطرة التنظيم‬ ‫على مساحات واسعة من العراق واقترابه من بغداد في ‪ ،)6( 2014‬لتتحول تلك املليشيا‪ ،‬إلى جيش رديف للجيش العراقي بل‬ ‫ً‬ ‫ويفوقه تسليحا‪.‬‬ ‫تتمحور غايات طهران االستراتيجية حول مد نفوذها باتجاه مناطق الثقل السني في العراق‪ ،‬وذلك لترسيخ سيطرتها على‬ ‫كامل العراق من جهة‪ ،‬وإلحداث تغيير ديمغرافي في تلك املناطق لصال الشيعة عبر تهجير العرب السنة املمنهج من املناطق‬ ‫التي يدخلها الحشد‪ ،‬كما حدث في كل من (ديالى وتكريت والفلوجة والصقالوية(‪ ،))7‬بهدف إبعاد أي خطر يهدد نفوذها في‬ ‫العراق قد يأتي من تلك املناطق‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية اختراق مثلث القوى الكردية عبر دعم ضلعي ‪ PKK‬وجناح‬ ‫الطالباني على حساب ضلع البرزاني‪ ،‬إذ أحسنت استغالل انقسامات الشارع الكردي وسمحت لقوات تنظيم ال‪PKK‬‬ ‫بالتواجد على الشريط الحدودي مع سورية والقريب من تركيا غرب املوصل وجنوبه وهي مناطق تخلو من األكراد‪ .‬مما‬ ‫طوق خيارات الصد ملسعود البرزاني املتحالف مع تركيا وعزز من عوامل قوة تيار الطالباني الرافض إلجراء استفتاء‬

‫(‪ )4‬املرجع السابق‪https://goo.gl/k7jxKg :‬‬ ‫(‪ )5‬حزب العمال الكردستاني يعلن جاهزيته للمشاركة في تحرير مدينة نينوى‪ ،‬لتفاصيل أكثر‪ ،‬انظر الرابط التالي‪https://goo.gl/QLLGSp:‬‬ ‫)‪ (5‬الحشد الشعبي يعلن عن نيته القتال إلى جانب األسد بعد انتهاء معركة املوصل‪ ،‬لتفاصيل أكثر انظر الرابط التالي‪https://goo.gl/fwV7m :‬‬ ‫)‪ (6‬فتوى املرجعية الشيعية بوجوب الجهاد الكفائي ضد داعش‪ ،‬لتفاصيل أكثر انظر الفيديو التالي‪https://goo.gl/WNMosZ :‬‬ ‫)‪ )7‬التهجير القسري لسنة العراق‪ ،‬وانتهاكات الحشد الشعبي‪ ،‬لتفاصيل أكثر‪ ،‬انظر الرابط التالي‪https://goo.gl/WJoz1W :‬‬ ‫_______________________________________________________________________________________________________________________________________‬

‫الصفحة‪3 :‬‬

‫عمران للدراسات االستراتيجية‬

‫‪Omran for Strategic Studies‬‬


‫معركة املوصل ومآالتها املحتملة‬

‫االنفصال عن العراق بينما يدعم ذلك تيار البرزاني‪ .‬وفي هذه السياقات تستطيع طهران الحد من التمدد الكردي واكتساب‬ ‫ً‬ ‫البيشمركة مزيدا من املناطق املتنازع عليها مع الحكومة املركزية في بغداد بحجة حرب اإلرهاب‪ ،‬وخاصة كركوك وسهل‬ ‫نينوى‪ ،‬وتطويق اإلقليم بحزام شيعي موالي لها‪ ،‬وبالتالي منع إعالن انفصال اإلقليم عن العراق‪ ،‬األمر الذي قد ينعكس‬ ‫على كرد إيران‪.‬‬ ‫وفي ذات االتجاه تسعى طهران لتحقيق طريقين لالتصال البري مع سورية‪ ،‬وذلك عبر السيطرة على قضاء تلعفر وسنجار‬ ‫ً‬ ‫وكذلك جنوبا من خالل محور الرطبة باتجاه دمشق ولبنان‪ ،‬في محاولة لرسم طريق الحرير الجديد الذي تسعى إيران من‬ ‫ً‬ ‫خالله لالتصال بريا مع سورية والوصول إلى املتوسط‪ ،‬إضافة إلقامة شريط شيعي على الحدود الشمالية والجنوبية‪،‬‬ ‫يضعف نفوذ أنقرة في العراق ويحدها من التمدد خارج إقليم كردستان‪ ،‬ويزاحمها في سورية عبر محاولة انتزاع مناطق‬ ‫غرب املوصل من محافظة املوصل وتقليص حجم محافظة املوصل بحيث ال يكون لها أي منفذ حدودي أو اتصال جغرافي‬ ‫سواء مع تركيا أو حتى اململكة العربية السعودية من خالل محافظة األنبار عبر ضم منطقة النخيب واملناطق املحاذية‬ ‫للحدود السعودية إلى محافظة كربالء‪.‬‬ ‫وخالل كل ذلك يشكل العرب السنة الحلقة األضعف بين األطراف املشاركة في معركة املوصل‪ ،‬حيث يتمثلون بفصيلين‬ ‫صغيرين مقاتلين (إضافة إلى مجموعات صغيرة كخاليا نائمة) وهما(‪ :)8‬الحشد الوطني‪ :‬وتتراوح التقديرات بين ‪3000-1500‬‬ ‫مقاتل غالبيتهم من ضباط وأفراد الجيش والشرطة العراقية السابقين‪ .‬ويتلقى الدعم والتدريب من القوات التركية‬ ‫املتمركزة في معسكر بقرب بعشيقة‪ ،‬ويتبع في قيادته ملحافظ نينوى السابق‪ ،‬أثيل النجيفي‪ .‬وقد تعرض الحشد إلى ضربة‬ ‫ً‬ ‫قوية عندما أصدر النائب العام العراقي اتهاما للنجيفي بالتخابر مع تركيا‪ .‬والثاني هو الحشد العشائري‪ :‬ويضم حوالي‬ ‫ً‬ ‫‪ 15000‬مقاتل من أبناء عشائر نينوى ويتبع رسميا لقيادة الحشد الشعبي في بغداد ويتلقى التدريبات من قيادة عمليات‬ ‫ً‬ ‫نينوى في الجيش العراقي‪ ،‬ويقوده من الناحية العسكرية العميد "لويس يوسف" ويمثله سياسيا محافظ نينوى نوفل‬ ‫حمادي السلطان‪ .‬ويهدف الحشد الشعبي من خالل تشكيل الحشد العشائري إلى إفشال تجربة الحشد الوطني املعادي‬ ‫ً‬ ‫له وملصال إيران‪ .‬ووفقا للمعطيات املحلية واإلقليمية والدولية فإن أهداف هذين التشكيلين من املشاركة في معركة‬ ‫املوصل‪ ،‬ال تتجاوز حماية وجودهم في مدينتهم وتحريرها من تنظيم الدولة وضمان عودة النازحين من أبناء املحافظة‪،‬‬ ‫وإدارة أو املشاركة في إدارة املدينة بعد تحريرها‪ ،‬وأقص ى طموحاتهم تتمثل في طرح أثيل النجيفي بتحويل محافظة نينوى‬ ‫إلى إقليم بعد تحريرها بالكامل‪ ،‬والذي ال يبدو أن األطراف املوصلية املدعومة من قبل الحكومة العراقية تؤيده‪.‬‬

‫مآالت املعركة وانعكاساهتا على املشهد السوري‬ ‫قد يترتب على املصال املحلية اإلقليمية والدولية املتضاربة في معركة املوصل‪ ،‬نتائج بالغة األهمية بالنسبة ملستقبل‬ ‫العراق‪ ،‬السيما أن انطالق املعركة بضغط أمريكي دون تحديد أو بلورة تصور مسبق وواض ملستقبل املدينة وإدارتها بعد‬ ‫ً‬ ‫تحريرها‪ ،‬سيزيد من تعقيد املشهد املحلي وتصاعده إقليميا‪ ،‬إضافة إلى أن تحرير املوصل يعني نهاية آخر مراكز الثقل‬

‫)‪ (8‬تنكر مصادر عراقية مطلعة األرقام الحكومية املنشورة حول أعداد مقاتلي الحشد الوطني والعشائري‪ ،‬وتعتبرها أقل بكثير مما هو معلن‪.‬‬ ‫_______________________________________________________________________________________________________________________________________‬

‫الصفحة‪4 :‬‬

‫عمران للدراسات االستراتيجية‬

‫‪Omran for Strategic Studies‬‬


‫معركة املوصل ومآالتها املحتملة‬

‫ً‬ ‫البشري للتنظيم ونهايته في العراق معنويا كون املدينة عاصمة التنظيم‪ ،‬األمر الذي سيسحب ذريعة حرب اإلرهاب من‬ ‫يد األطراف املشاركة في املعركة‪ ،‬ويجعلها تلتفت لصراعات املصال فيما بينها‪ .‬ناهيك عن أن التكوين الديمغرافي للمدينة‬ ‫وطبيعة األطراف املشاركة فيها وداعميهم اإلقليميين ومصالحهم املتضاربة‪ ،‬قد تشعل صراعات طائفية وعرقية بين السنة‬ ‫والشيعة العرب من جهة‪ ،‬والتركمان السنة والشيعة من جهة أخرى‪ ،‬إضافة إلى صراع نفوذ محتمل بين الحشد الشعبي‬ ‫والكرد‪ ،‬وبين الكرد أنفسهم في السليمانية املوالية إليران وأربيل املوالي لتركيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في ظل النقاط السابقة تترك معركة املوصل العراق مفتوحا على العديد من االحتماالت كالتقسيم أو الفدرلة الكاملة‬ ‫على أساس طائفي وعرقي أو حرب أهلية شاملة على أساس طائفي قد تعيد تقوية تنظيم الدولة من جديد من جهة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كما تنذر مشاريع إعادة اإلعمار التي ستحدد مدى عودة النازحين إلى مناطقهم أو تغييرها ديمغرافيا بشكل نهائي‪،‬‬ ‫خطورة الهندسة االجتماعية التي تسعى طهران لتكريسها في البنية العراقية‪ ،‬إذ يظهرذلك في مناطق تمت استعادتها‬ ‫من أيدي التنظيم ولم يسمح للعراقيين السنة بالعودة إليها من جهة أخرى‪.‬‬ ‫ومن جهة سورية‪ ،‬ترتسم نقاط كثيرة مشتركة بين معركة تحرير املوصل ومعركة تحرير الرقة املرتقبة في سورية‪ ،‬منها‬ ‫هدف املعركة املباشر(تنظيم الدولة)‪ ،‬إضافة إلى األطراف التي يحتمل أن تشارك في املعركة وهي مليشيات ‪ pyd‬املدعومة‬ ‫ً‬ ‫أمريكيا‪ ،‬وقوات درع الفرات املدعومة من تركيا‪ ،‬مقابل احتمالية مشاركة النظام واملليشيات الشيعية الداعمة له‪ ،‬واللذان‬ ‫لن ُيفوتا مع الحليف الروس ي فرصة املشاركة في املعركة‪ ،‬حتى ولو بدت تلك املشاركة ضد رغبة الجانب األمريكي‪ ،‬والذي‬ ‫عارض من قبل مشاركة الحشد الشعبي في العراق‪ ،‬بينما الحشد اليوم يخوض املعارك ويدخل إلى املدن املحررة من‬ ‫التنظيم‪ .‬لذا فمن املحتمل أن تمثل معركة الرقة نقطة تالية ملعركة املوصل قد تنقل األطراف املتصارعة في العراق معاركها‬ ‫ً‬ ‫إلى سورية‪ ،‬خصوصا مع إصرار واشنطن على ما يبدو على تكرار ذات الخطأ الذي ارتكبته في العراق بفتح معركة الرقة‬ ‫بالتزامن مع معركة املوصل من غير أن تحسم األطراف املشاركة أو مآل املدينة بعد التحرير بشكل واض وملن ستعود‬ ‫إدارتها‪ .‬وهنا يمكن استشراف بعض االنعكاسات املحتملة ملعركة املوصل على مساراملشهد السوري‪:‬‬ ‫‪ .1‬انتقال أعداد من مقاتلي تنظيم الدولة وبخاصة األجانب منهم إلى الرقة السورية‪ ،‬إذا شعروا باقتراب سقوط‬ ‫ً‬ ‫املوصل‪ ،‬وهذا ما سيزيد من صعوبة معركة الرقة كونها ستكون الحاسمة بالنسبة للتنظيم ودولته‪ ،‬خصوصا أن‬ ‫القوات العراقية باتت على مشارف مدينة املوصل ولم يبدأ بعد أي جهد جدي لفتح معركة الرقة بالتزامن ملنع‬ ‫تدفق مقاتلي التنظيم إلى سورية‪.‬‬ ‫‪ .2‬انتقال أعداد كبيرة من مقاتلي الحشد الشعبي إلى سورية لدعم نظام األسد بعد نهاية معركة املوصل‪ ،‬وهو ما‬ ‫أكدته قيادات الحشد في تصريحاتهم‪ .‬وتزيد خطورة هذا االحتمال في حال نجاح الحشد في السيطرة على قضاء‬ ‫تلعفر‪.‬‬ ‫‪ .3‬انتقال عناصر من حزب العمال الكردستاني ممن كانوا يقاتلون التنظيم في سنجار لتدعيم مليشيات الـ ‪ pyd‬في‬ ‫سورية‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________________________________________________________‬

‫الصفحة‪5 :‬‬

‫عمران للدراسات االستراتيجية‬

‫‪Omran for Strategic Studies‬‬


‫معركة املوصل ومآالتها املحتملة‬

‫‪ .4‬فرض روسيا والنظام أنفسهم كطرف أساس ي في املعركة وتحول املعركة إلى ساحة جديدة للصراع األمريكي‬ ‫الروس ي‪ .‬ومن املحتمل أن يشارك النظام من محور السلمية‪-‬أثريا كونه يمتلك قوات في تلك املنطقة ملهاجمة‬ ‫مدينة الطبقة واستعادتها ألهميتها البالغة له‪ ،‬كونها تحتوي سد الفرات‪.‬‬ ‫‪ .5‬استغالل قوات سورية الديمقراطية االنشغال التركي وقوات درع الفرات بمعركة الرقة ملعاودة العبور إلى غرب‬ ‫الفرات‪ .‬ويرج هذا االحتمال رغبة النظام وإيران بإرباك تركيا وتشتيتها على أكثر من جبهة‪.‬‬ ‫‪ .6‬قد يستغل النظام معركة الرقة والضغط على التنظيم في الرقة لفتح معركة في دير الزور باالعتماد على مقاتلي‬ ‫الحشد الشعبي لكسب مساحات أكبر من األرض‪.‬‬ ‫‪ .7‬انشغال النظام املؤكد بمعركة الرقة وتركيز جهوده على تقديم نفسه وحليفه الروس ي كشركاء في مكافحة‬ ‫ً‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬قد يمنح قوات املعارضة السورية هامشا أوسع إلحداث اختراقات على جبهات النظام املختلفة وبخاصة‬ ‫في حلب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يمكن القول ختاما أنه بقدر ما تدل إليه املؤشرات على بداية انحسار نفوذ تنظيم الدولة في العراق وسورية‪ ،‬إال أن‬ ‫حركية األحداث (األنبار وصالح الدين وديالى وغيرها) تنبئ أن استخدام ذات اآلليات في محاربة التنظيم لن تفض ي‬ ‫لهزيمة التنظيم إن لم يكن هناك رؤية سياسية متكاملة ألزمة العراق مقبولة من املكون السني‪ ،‬كما أنه وبذات الوقت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تنذر هذه املعركة بمالمح جديدة لصراع قد يكون مباشرا بين الفرقاء املحليين وفقا لتضارب مصالح الداعمين‬ ‫ً‬ ‫الدوليين واإلقليمين‪ ،‬خاصة في حال زوال "ذريعة مكافحة اإلرهاب" املتمثلة بالتنظيم‪ ،‬األمر الذي وإن بدا مفسرا‬ ‫لحالة التدافع من مختلف األطراف لتحقيق أكبر قدر من املكاسب على أنقاض "الخالفة"‪ ،‬إال أنه وبالوقت ذاته يشير‬ ‫إلى اقتراب إنجاز صيغ أمنية إقليمية جديدة مللء الفراغ الحاصل‪ ،‬الصيغ التي قد تحدد شكل وطبيعة املنطقة من‬ ‫جديد‪ ،‬بما يتناسب مع االنكفاء األميركي والتدخل الروس ي‪.‬‬

‫_______________________________________________________________________________________________________________________________________‬

‫الصفحة‪6 :‬‬

‫عمران للدراسات االستراتيجية‬

‫‪Omran for Strategic Studies‬‬


‫_______________________________________________________________________________________________________________________________________‬

‫الصفحة‪1 :‬‬

‫عمران للدراسات االستراتيجية‬

‫‪Omran for Strategic Studies‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.