مركزعمران للدراسات االستراتيجية ً ً ً دولة ومجتمعا وإنسانا ،ترقى لتكون مؤسسة بحثية مستقلة ذات دور رائد في البناء العلمي واملعرفي لسورية واملنطقة ً مرجعا لترشيد السياسات ولرسم االستراتيجيات. ً ً ً ورافدا ّ لصناع القرار في تأسس املركز في تشرين الثاني/نوفمبر 2013كمؤسسة بحثية تسعى ألن تكون مرجعا أساسا ّ سورية واملنطقة في املجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعيةُ .ينتج املركز الدراسات املنهجية املنظمة التي تساند املسيرة العملية ملؤسسات الدولة واملجتمع ،وتدعم آليات اتخاذ القرار ،وتحقق التكامل املعلوماتي وترسم خارطة األولويات. ّ تعتمد أبحاث املركز على الفهم الدقيق والعميق للواقع ،ينتج عنه تحديد االحتياجات والتطلعات م ّما يمكن من وضع الخطط التي ّ يحقق تنفيذها تلك االحتياجات.
املوقع اإللكتروني www.OmranDirasat.org البريد اإللكتروني info@OmranDirasat.org تاريخ اإلصدار 11تشرين الثاني /نوفمبر 2016 جميع الحقوق محفوظة © مركز عمران للدراسات االستراتيجية
معركة املوصل ومآالتها املحتملة
ً ً كما كانت سيطرة تنظيم الدولة على مدينة املوصل( )1في 2014/6/10حدثا مؤسسا ملتغيرات متسارعة غيرت الكثير من ُ مستويات الصراع القائمة ،ها هي معركة تحرير املوصل تنبئ بمسارات وسيناريوهات مفتوحة السيما وأن جغرافية هذه ً ً ً املدينة وما تكتنفه من تعقيد في التركيب اإلثني والطائفي ،يجعل من معركتها رقما صعبا في معادلة العراق الجديد وعامال ً ً ً حاسما في تحديد مصيره .ومن املثير للتحليل أن املعركة استهلكت وقتا طويال من التحضيرات السياسية والعسكرية وأثارت ً ً ً جدال واهتماما استثنائيا من قبل األطراف املحلية العراقية واإلقليمية ،وساهمت بحكم التوظيف السياس ي لورقة اإلرهاب بتعقيد املشهد وإرفاقه بمدخالت أسست لتنامي سياسات ال تتسق مع مفاهيم الهوية والجغرافية والتاريخ .وقد دفع هذا الحال القوى العراقية املتعددة ومن خلفها داعميها اإلقليميين لالستماتة في املشاركة بهذه املعركة ،وحشد قوات فاقت أعداد التنظيم بأضعاف( .)2األخير الذي ال يبدو أقل رغبة من باقي األطراف في استماتته للدفاع عن املدينة ،فهو وإن ً بدى متراجعا في معارك األقضية املحيطة باملدينة تحت ضغط ضربات التحالف والتفوق العددي الكبير للقوات املشاركة في العملية؛ إال أنه أبدى تكتيكات جديدة تمثلت بالهجوم على مناطق غير متوقعة وجبهات رخوة ،كهجومه على "كركوك" ً و "الرطبة" ،واستخدامه ألسلحة ثقيلة في معاركه لم يستخدمها سابقا .وبينما العجلة العسكرية تنحو باتجاه "حسم ما" تتداخل املهددات األمنية والسياسية على العراق -السيما املكون السني -ودول الجوار واملنطقة برمتها بحكم ما تحمله هذه املعركة من تداعيات تساهم نتيجتها في تثبيت فاعلية جيوسياسية لطرف إقليمي ضم معادالت ومحاوالت تكوين نظام سياس ي إقليمي. ً بناء عليه يحاول تقدير املوقف هذا تفكيك املصالح املختلفة للفرقاء املحليين املتصارعين على الخوض في املعركة ً ومن خلفهم حلفائهم اإلقليمين والدوليين ،سعيا لتحديد طبيعة وأبعاد هذا الصراع وفحص اتجاهاته املختلفة، واستشراف املآالت املرتقبة لهذه املعركة في العراق ،وارتداداتها املحتملة على سورية.
صراعُ ٍ نفوذ وبوصالت إقليمية متباعدة تتعدد القوات املحلية واإلقليمية والدولية الساعية لدخول وتحرير املوصل ،وتتباعد غايات كل منها والتي تفرضها عوامل ً ً متخيال" ُ سيعزز من عوامل تنامي أمنية وسياسية خاصة بكل قوة وحليفها (انظر الخريطة أدناه) ،لتبدو في املجمل "حسما امتالك نفوذ إقليمي ُ وسيسهم في التحكم في ملفات أخرى تتصارع عليها هذه املحاور اإلقليمية في مناطق أخرى ال سيما في العراق واليمن.
ً ) (1تعد مدينة املوصل مركزا ملحافظة نينوى وثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد ،حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 2مليون نسمة .وتبعد املوصل عن بغداد ً مسافة تقارب حوالي 465كم ،2وأغلبية سكان املوصل من العرب السنة ،وينحدرون من خمس قبائل رئيسية وهي (شمر ،الجبور ،الدليم ،طيء ،البقارة) ،كما يوجد أيضا مسيحيون ينتمون إلى عدة طوائف ،إضافة إلى الكرد والتركمان والشبك. ) (2حسب مصادر مقربة من التنظيم ،فإن أعداد مقاتليه املتواجدين في املوصل تصل إلى 6آالف مقاتل %20 ،منهم أجانب ،في حين أن خبراء عسكريون قدروا أعدادهم بنحو ً ً 10آالف ،بينهم 3آالف مقاتل أجنبي .في املقابل ،تضم الجهة املقابلة 12تشكيال مسلحا ،كقوات الجيش واألمن العراقي 40 ،ألف جندي ،ومليشيات الحشد الشعبي بـ40 ً ألف جندي أيضا ،وقوات البيشمركة ـ 50ألف جندي ،إلى جانب قوات الحشد الوطني والحشد العشائري بـ 15 - 7ألف مقاتل ،ويساهم بنحو 9آالف من أفراد التحالف الدولي بينهم أكثر من 5آالف أمريكي ،يشرفون على سير املعركة من خالل التدريب وتقديم الدعم الجوي واملدفعي دون املشاركة على األرض.. _______________________________________________________________________________________________________________________________________
الصفحة1 :
عمران للدراسات االستراتيجية
Omran for Strategic Studies
معركة املوصل ومآالتها املحتملة
خريطة رقم ()1
ً فالواليات املتحدة األمريكية التي تقتصر مشاركتها على الضربات الجوية والدعم واإلسناد بريا ،حيث يقوم جنودها الـ 5000املتواجدون على األرض بدور التدريب واالستشارات واملساهمة وفق املؤشرات لتحويل قاعدة القيارة 58-كم جنوب املوصل ،-إلى قاعدة دائمة للقوات األمريكية ،في حين تعتمد على قوات البيشمركة والجيش العراقي ،وبخاصة قوات مكافحة اإلرهاب التي دربتها وتعتبرها أكثر احترافية وأقل طائفية من الجيش العراقي. ال شك أن إدارة الحزب الديمقراطي األمريكي قد سعت لفتح هذه املعركة قبل مغادرة الرئيس أوباما للبيت األبيض -التي سقطت في عهده-وتوظيفها في سياق االنتخابات األمريكية ،كبرهنة على أن الديمقراطيين قادرون على تحقيق انتصارات عسكرية منخفضة التكلفة ودون تدخل مباشر على عكس الجمهوريين .إال أنه وفي موازاة ذلك تسعى الواليات املتحدة من ً خالل هذه املعركة لتثبيت رؤيتها للعراق ومعادالته السياسية فهي من جهة أولى ال ترى ضيرا في أطروحات جديدة في العراق يغيب عنها الكيان السني ،وتعزيز تحالفها في العراق واملنطقة مع إيران وأذرعها امليليشاوية على حساب حلفائها القديمين كدول الخليج وتركيا من جهة ثانية ،وتأجيج الصراع الطائفي بدعم التطرف الشيعي على حساب وجود السنة. أما تركيا التي ال ترغب حكومة بغداد في مشاركتها في معركة املوصل عبر قواتها املتموضعة في معسكر بعشيقة والداعمة لبشمركة البرازني؛ فتصر على املشاركة وترفض دخول الحشد الشعبي "الشيعي" إلى قضاء تلعفر وذلك بحكم مجموعة
_______________________________________________________________________________________________________________________________________
الصفحة2 :
عمران للدراسات االستراتيجية
Omran for Strategic Studies
معركة املوصل ومآالتها املحتملة
من املخاوف واملصال التركية من مآالت معركة املوصل( ،)3كمشاركة حزب العمال الكردستاني إلى جانب الحشد الشعبي ً في املعارك ووصوله إلى الحدود التركية من الجهة الغربية للموصل ،واستخدامه كورقة ضغط إيرانية عليها ،خصوصا وأن األخير تربطه عالقات ممتازة مع قيادة الحشد الشعبي وتساهم بشكل أساس ي في تسليحها وتذخيرها خارج ميزانية الجيش العراقي( .)4إضافة إلى أن سيطرة الحشد الشعبي على تلعفر الحدودية مع مناطق سيطرة تنظيم الدولة في سورية ،خاصة مع إعالن قيادات في الحشد عن نيتها القتال إلى جانب قوات األسد بعد تحرير املوصل( ،)5سيدعم فرص مشاركة قوات النظام السوري في عملية تحرير الرقة من تنظيم الدولة على حساب مشاركة تركيا وقوات درع الفرات املدعومة منها .كما أن مخاوف تهجير التركمان السنة من قبل امليليشيات الشيعية في تلعفر هي إحدى العوامل التي تغذي أسباب املشاركة التركية ال سيما أن هذه املنطقة يقطنها تركمان سنة وشيعة ،ويتخذ الحشد الشعبي من التركمان الشيعة ذريعة للدخول إلى تلعفر. ً عموما تحاول أنقرة عبر اإلصرار على املشاركة في معركة املوصل إلى الحؤول دون نجاح مخطط إيران في تهجير العرب ً وتركمان (تلعفر) السنة من املوصل ومحيطها ،األمر الذي قد ُيشكل أزمة الجئين جديدة بالنسبة لتركيا من جهة ،وتطويقا ُ إلقليم كردستان الحليف لها بحزام شيعي من جهة أخرى .بينما ال تخفي طهران نواياها في استكمال الطريق البري الذي يصلها بسورية عبر السيطرة على تلعفر ،مما سيمنح إيران واجهة متوسطية وسيساهم في تسهيل نقل املقاتلين الشيعة واألسلحة لنظام األسد ،وبالتالي سيضعف النفوذ التركي في سورية. وفيما يتعلق بإيران فهي املستفيد األكبر من وجود تنظيم الدولة في العراق ،وتحاول حصد أكبر مكاسب من حربه ،عبر أداتها الحشد الشعبي ،والتي شكلتها بعد فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها املرجع علي السيستاني إثر سيطرة التنظيم على مساحات واسعة من العراق واقترابه من بغداد في ،)6( 2014لتتحول تلك املليشيا ،إلى جيش رديف للجيش العراقي بل ً ويفوقه تسليحا. تتمحور غايات طهران االستراتيجية حول مد نفوذها باتجاه مناطق الثقل السني في العراق ،وذلك لترسيخ سيطرتها على كامل العراق من جهة ،وإلحداث تغيير ديمغرافي في تلك املناطق لصال الشيعة عبر تهجير العرب السنة املمنهج من املناطق التي يدخلها الحشد ،كما حدث في كل من (ديالى وتكريت والفلوجة والصقالوية( ،))7بهدف إبعاد أي خطر يهدد نفوذها في العراق قد يأتي من تلك املناطق ،هذا من جهة ،ومن جهة ثانية اختراق مثلث القوى الكردية عبر دعم ضلعي PKKوجناح الطالباني على حساب ضلع البرزاني ،إذ أحسنت استغالل انقسامات الشارع الكردي وسمحت لقوات تنظيم الPKK بالتواجد على الشريط الحدودي مع سورية والقريب من تركيا غرب املوصل وجنوبه وهي مناطق تخلو من األكراد .مما طوق خيارات الصد ملسعود البرزاني املتحالف مع تركيا وعزز من عوامل قوة تيار الطالباني الرافض إلجراء استفتاء
( )4املرجع السابقhttps://goo.gl/k7jxKg : ( )5حزب العمال الكردستاني يعلن جاهزيته للمشاركة في تحرير مدينة نينوى ،لتفاصيل أكثر ،انظر الرابط التاليhttps://goo.gl/QLLGSp: ) (5الحشد الشعبي يعلن عن نيته القتال إلى جانب األسد بعد انتهاء معركة املوصل ،لتفاصيل أكثر انظر الرابط التاليhttps://goo.gl/fwV7m : ) (6فتوى املرجعية الشيعية بوجوب الجهاد الكفائي ضد داعش ،لتفاصيل أكثر انظر الفيديو التاليhttps://goo.gl/WNMosZ : ) )7التهجير القسري لسنة العراق ،وانتهاكات الحشد الشعبي ،لتفاصيل أكثر ،انظر الرابط التاليhttps://goo.gl/WJoz1W : _______________________________________________________________________________________________________________________________________
الصفحة3 :
عمران للدراسات االستراتيجية
Omran for Strategic Studies
معركة املوصل ومآالتها املحتملة
االنفصال عن العراق بينما يدعم ذلك تيار البرزاني .وفي هذه السياقات تستطيع طهران الحد من التمدد الكردي واكتساب ً البيشمركة مزيدا من املناطق املتنازع عليها مع الحكومة املركزية في بغداد بحجة حرب اإلرهاب ،وخاصة كركوك وسهل نينوى ،وتطويق اإلقليم بحزام شيعي موالي لها ،وبالتالي منع إعالن انفصال اإلقليم عن العراق ،األمر الذي قد ينعكس على كرد إيران. وفي ذات االتجاه تسعى طهران لتحقيق طريقين لالتصال البري مع سورية ،وذلك عبر السيطرة على قضاء تلعفر وسنجار ً وكذلك جنوبا من خالل محور الرطبة باتجاه دمشق ولبنان ،في محاولة لرسم طريق الحرير الجديد الذي تسعى إيران من ً خالله لالتصال بريا مع سورية والوصول إلى املتوسط ،إضافة إلقامة شريط شيعي على الحدود الشمالية والجنوبية، يضعف نفوذ أنقرة في العراق ويحدها من التمدد خارج إقليم كردستان ،ويزاحمها في سورية عبر محاولة انتزاع مناطق غرب املوصل من محافظة املوصل وتقليص حجم محافظة املوصل بحيث ال يكون لها أي منفذ حدودي أو اتصال جغرافي سواء مع تركيا أو حتى اململكة العربية السعودية من خالل محافظة األنبار عبر ضم منطقة النخيب واملناطق املحاذية للحدود السعودية إلى محافظة كربالء. وخالل كل ذلك يشكل العرب السنة الحلقة األضعف بين األطراف املشاركة في معركة املوصل ،حيث يتمثلون بفصيلين صغيرين مقاتلين (إضافة إلى مجموعات صغيرة كخاليا نائمة) وهما( :)8الحشد الوطني :وتتراوح التقديرات بين 3000-1500 مقاتل غالبيتهم من ضباط وأفراد الجيش والشرطة العراقية السابقين .ويتلقى الدعم والتدريب من القوات التركية املتمركزة في معسكر بقرب بعشيقة ،ويتبع في قيادته ملحافظ نينوى السابق ،أثيل النجيفي .وقد تعرض الحشد إلى ضربة ً قوية عندما أصدر النائب العام العراقي اتهاما للنجيفي بالتخابر مع تركيا .والثاني هو الحشد العشائري :ويضم حوالي ً 15000مقاتل من أبناء عشائر نينوى ويتبع رسميا لقيادة الحشد الشعبي في بغداد ويتلقى التدريبات من قيادة عمليات ً نينوى في الجيش العراقي ،ويقوده من الناحية العسكرية العميد "لويس يوسف" ويمثله سياسيا محافظ نينوى نوفل حمادي السلطان .ويهدف الحشد الشعبي من خالل تشكيل الحشد العشائري إلى إفشال تجربة الحشد الوطني املعادي ً له وملصال إيران .ووفقا للمعطيات املحلية واإلقليمية والدولية فإن أهداف هذين التشكيلين من املشاركة في معركة املوصل ،ال تتجاوز حماية وجودهم في مدينتهم وتحريرها من تنظيم الدولة وضمان عودة النازحين من أبناء املحافظة، وإدارة أو املشاركة في إدارة املدينة بعد تحريرها ،وأقص ى طموحاتهم تتمثل في طرح أثيل النجيفي بتحويل محافظة نينوى إلى إقليم بعد تحريرها بالكامل ،والذي ال يبدو أن األطراف املوصلية املدعومة من قبل الحكومة العراقية تؤيده.
مآالت املعركة وانعكاساهتا على املشهد السوري قد يترتب على املصال املحلية اإلقليمية والدولية املتضاربة في معركة املوصل ،نتائج بالغة األهمية بالنسبة ملستقبل العراق ،السيما أن انطالق املعركة بضغط أمريكي دون تحديد أو بلورة تصور مسبق وواض ملستقبل املدينة وإدارتها بعد ً تحريرها ،سيزيد من تعقيد املشهد املحلي وتصاعده إقليميا ،إضافة إلى أن تحرير املوصل يعني نهاية آخر مراكز الثقل
) (8تنكر مصادر عراقية مطلعة األرقام الحكومية املنشورة حول أعداد مقاتلي الحشد الوطني والعشائري ،وتعتبرها أقل بكثير مما هو معلن. _______________________________________________________________________________________________________________________________________
الصفحة4 :
عمران للدراسات االستراتيجية
Omran for Strategic Studies
معركة املوصل ومآالتها املحتملة
ً البشري للتنظيم ونهايته في العراق معنويا كون املدينة عاصمة التنظيم ،األمر الذي سيسحب ذريعة حرب اإلرهاب من يد األطراف املشاركة في املعركة ،ويجعلها تلتفت لصراعات املصال فيما بينها .ناهيك عن أن التكوين الديمغرافي للمدينة وطبيعة األطراف املشاركة فيها وداعميهم اإلقليميين ومصالحهم املتضاربة ،قد تشعل صراعات طائفية وعرقية بين السنة والشيعة العرب من جهة ،والتركمان السنة والشيعة من جهة أخرى ،إضافة إلى صراع نفوذ محتمل بين الحشد الشعبي والكرد ،وبين الكرد أنفسهم في السليمانية املوالية إليران وأربيل املوالي لتركيا. ً في ظل النقاط السابقة تترك معركة املوصل العراق مفتوحا على العديد من االحتماالت كالتقسيم أو الفدرلة الكاملة على أساس طائفي وعرقي أو حرب أهلية شاملة على أساس طائفي قد تعيد تقوية تنظيم الدولة من جديد من جهة، ً كما تنذر مشاريع إعادة اإلعمار التي ستحدد مدى عودة النازحين إلى مناطقهم أو تغييرها ديمغرافيا بشكل نهائي، خطورة الهندسة االجتماعية التي تسعى طهران لتكريسها في البنية العراقية ،إذ يظهرذلك في مناطق تمت استعادتها من أيدي التنظيم ولم يسمح للعراقيين السنة بالعودة إليها من جهة أخرى. ومن جهة سورية ،ترتسم نقاط كثيرة مشتركة بين معركة تحرير املوصل ومعركة تحرير الرقة املرتقبة في سورية ،منها هدف املعركة املباشر(تنظيم الدولة) ،إضافة إلى األطراف التي يحتمل أن تشارك في املعركة وهي مليشيات pydاملدعومة ً أمريكيا ،وقوات درع الفرات املدعومة من تركيا ،مقابل احتمالية مشاركة النظام واملليشيات الشيعية الداعمة له ،واللذان لن ُيفوتا مع الحليف الروس ي فرصة املشاركة في املعركة ،حتى ولو بدت تلك املشاركة ضد رغبة الجانب األمريكي ،والذي عارض من قبل مشاركة الحشد الشعبي في العراق ،بينما الحشد اليوم يخوض املعارك ويدخل إلى املدن املحررة من التنظيم .لذا فمن املحتمل أن تمثل معركة الرقة نقطة تالية ملعركة املوصل قد تنقل األطراف املتصارعة في العراق معاركها ً إلى سورية ،خصوصا مع إصرار واشنطن على ما يبدو على تكرار ذات الخطأ الذي ارتكبته في العراق بفتح معركة الرقة بالتزامن مع معركة املوصل من غير أن تحسم األطراف املشاركة أو مآل املدينة بعد التحرير بشكل واض وملن ستعود إدارتها .وهنا يمكن استشراف بعض االنعكاسات املحتملة ملعركة املوصل على مساراملشهد السوري: .1انتقال أعداد من مقاتلي تنظيم الدولة وبخاصة األجانب منهم إلى الرقة السورية ،إذا شعروا باقتراب سقوط ً املوصل ،وهذا ما سيزيد من صعوبة معركة الرقة كونها ستكون الحاسمة بالنسبة للتنظيم ودولته ،خصوصا أن القوات العراقية باتت على مشارف مدينة املوصل ولم يبدأ بعد أي جهد جدي لفتح معركة الرقة بالتزامن ملنع تدفق مقاتلي التنظيم إلى سورية. .2انتقال أعداد كبيرة من مقاتلي الحشد الشعبي إلى سورية لدعم نظام األسد بعد نهاية معركة املوصل ،وهو ما أكدته قيادات الحشد في تصريحاتهم .وتزيد خطورة هذا االحتمال في حال نجاح الحشد في السيطرة على قضاء تلعفر. .3انتقال عناصر من حزب العمال الكردستاني ممن كانوا يقاتلون التنظيم في سنجار لتدعيم مليشيات الـ pydفي سورية.
_______________________________________________________________________________________________________________________________________
الصفحة5 :
عمران للدراسات االستراتيجية
Omran for Strategic Studies
معركة املوصل ومآالتها املحتملة
.4فرض روسيا والنظام أنفسهم كطرف أساس ي في املعركة وتحول املعركة إلى ساحة جديدة للصراع األمريكي الروس ي .ومن املحتمل أن يشارك النظام من محور السلمية-أثريا كونه يمتلك قوات في تلك املنطقة ملهاجمة مدينة الطبقة واستعادتها ألهميتها البالغة له ،كونها تحتوي سد الفرات. .5استغالل قوات سورية الديمقراطية االنشغال التركي وقوات درع الفرات بمعركة الرقة ملعاودة العبور إلى غرب الفرات .ويرج هذا االحتمال رغبة النظام وإيران بإرباك تركيا وتشتيتها على أكثر من جبهة. .6قد يستغل النظام معركة الرقة والضغط على التنظيم في الرقة لفتح معركة في دير الزور باالعتماد على مقاتلي الحشد الشعبي لكسب مساحات أكبر من األرض. .7انشغال النظام املؤكد بمعركة الرقة وتركيز جهوده على تقديم نفسه وحليفه الروس ي كشركاء في مكافحة ً اإلرهاب ،قد يمنح قوات املعارضة السورية هامشا أوسع إلحداث اختراقات على جبهات النظام املختلفة وبخاصة في حلب. ً يمكن القول ختاما أنه بقدر ما تدل إليه املؤشرات على بداية انحسار نفوذ تنظيم الدولة في العراق وسورية ،إال أن حركية األحداث (األنبار وصالح الدين وديالى وغيرها) تنبئ أن استخدام ذات اآلليات في محاربة التنظيم لن تفض ي لهزيمة التنظيم إن لم يكن هناك رؤية سياسية متكاملة ألزمة العراق مقبولة من املكون السني ،كما أنه وبذات الوقت ً ً تنذر هذه املعركة بمالمح جديدة لصراع قد يكون مباشرا بين الفرقاء املحليين وفقا لتضارب مصالح الداعمين ً الدوليين واإلقليمين ،خاصة في حال زوال "ذريعة مكافحة اإلرهاب" املتمثلة بالتنظيم ،األمر الذي وإن بدا مفسرا لحالة التدافع من مختلف األطراف لتحقيق أكبر قدر من املكاسب على أنقاض "الخالفة" ،إال أنه وبالوقت ذاته يشير إلى اقتراب إنجاز صيغ أمنية إقليمية جديدة مللء الفراغ الحاصل ،الصيغ التي قد تحدد شكل وطبيعة املنطقة من جديد ،بما يتناسب مع االنكفاء األميركي والتدخل الروس ي.
_______________________________________________________________________________________________________________________________________
الصفحة6 :
عمران للدراسات االستراتيجية
Omran for Strategic Studies
_______________________________________________________________________________________________________________________________________
الصفحة1 :
عمران للدراسات االستراتيجية
Omran for Strategic Studies