اﻟﻔــﺼــﻞ اﻟـــﺮاﺑـــــﻊ
اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻜﺒﺮى ورﺳﺎﻟﺔ اﻷﺟﻮﺑﺔ اﻟﺒﺎدﯾﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮة :ﻗﺮاءة ﻣﻘﺎرﻧﺔ374 ﻧﻘﺪﯾﺔ
( 374ﻣﺪاﺧﻠﺔ ﺷﺎرك ﺑﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻧﺪوة " :أﺑﻮ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﯿﻮﺳﻲ أدﯾﺒﺎ وﻣﻔﻜﺮا" اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﺘﮭﺎ ﺷﻌﺒﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وآداﺑﮭﺎ ﺑﻜﻠﯿﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻋﯿﻦ اﻟﺸﻖ .ﺳﻨﺔ 2005م .وﻧﺸﺮت أﻋﻤﺎﻟﮭﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺿﻤﻦ دورﯾﺘﮭﺎ" :دﻓﺎﺗﺮ اﻟﺒﺤﺚ ،اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ .ﺷﻮال 1427ھـ/دﺟﻨﺒﺮ 2006م .ص 165 :ـ .180
185
ﻓﻲ اﻟﻔﺎﺗﺢ ﻣﻦ ﺷﮭﺮ ذي اﻟﺤﺠﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1096ھـ .ﻛﺘﺐ اﻟﻤﻔﻜﺮ واﻷدﯾﺐ اﻟﻌﻼﻣﺔ أﺑﻮ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﯿﻮﺳﻲ ] 1040ـ 1104ھـ[ رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﻠﻮي اﻟﻤﻮﻟﻰ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،ﺟﻮاﺑﺎ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب ﺗﻠﻘﺎه ﻣﻨﮫ ﯾﻌﺎﺗﺒﮫ و»ﯾﺮﻣﯿﮫ ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﺘﮭﺮب ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﯾﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﻮاﺿﺮ ,وﺗﻀﯿﯿﻊ اﻟﻌﻠﻢ ,وادﻋﺎء اﻟﺘﺼﻮف ,واﻟﻌﺼﯿﺎن ,واﻟﻌﺼﺒﯿﺔ, 186
وأﺷﯿﺎء أﺧﺮى ﯾﺠﯿﺐ ]ﻋﻨﮭﺎ[ 375اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻓﻘﺮة ﻓﻘﺮة وﺑﺎﻟﺘﻔﺼﯿﻞ« .376وﻗﺪ اﺷﺘﮭﺮت ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﺳﻢ "اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻜﺒﺮى".377 وﻓﻲ أواﺧﺮ ﺳﻨﺔ 1356ھـ .378ﻛﺘﺐ اﻟﻤﻔﻜﺮ واﻷدﯾﺐ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ] 1318ـ 1383ھـ 1900/ـ 1963م[ .رﺳﺎﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻜﺒﺮى .أﺳﻤﺎھﺎ" :اﻷﺟﻮﺑﺔ اﻟﺒﺎدﯾﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻓﻲ ﺗﻔﻀﯿﻞ اﻟﺤﺎﺿﺮة اﻟﯿﻮم ﻟﻤﺜﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ" .وﻗﺪ ﺑﯿﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺳﺒﺐ ﻛﺘﺎﺑﺘﮭﺎ ﻓﻘﺎل» :اﻟﺤﻤﺪ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺪﻧﯿﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .وﺟﻌﻠﮫ ﻣﺘﻌﺎﻟﯿﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺎون ﻓﻲ ﻛﻞ أﻣﻮر ﻣﻌﺎﺷﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﻐﻨﻲ ﻓﺮد أﯾﺎ ﻛﺎن ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻊ ,واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أﻧﺸﺄه ﺑﺎرﯾﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﺿﺮة اﻟﻌﺮب )ﻣﻜﺔ( اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﺛﻢ ﺟﻌﻞ ﻣﮭﺎﺟﺮه )ﯾﺜﺮب( ذات اﻟﻨﺨﻞ اﻟﺒﺎﺳﻖ واﻟﺒﺴﺎﺗﯿﻦ اﻟﻐﻠﺐ اﻷﺷﺒﺔ اﻷﻓﻨﺎن اﻟﻤﻔﻮﻓﺔ ,وﻋﻠﻰ آﻟﮫ وأﺻﺤﺎﺑﮫ اﻟﺬﯾﻦ رﻓﻌﻮا أﻟﻮﯾﺔ اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻲ ﺣﻮاﺿﺮ اﻟﺸﺮﻗﯿﻦ اﻷدﻧﻰ واﻷﻗﺼﻰ ] [...أﻣﺎ ﺑﻌﺪ .ﻓﻔﻲ أواﺧﺮ ﻋﺎم 1356ھـ .ﺻﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎ اﻟﻈﮭﺮ ﻓﻲ زاوﯾﺘﻨﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﺳﯿﺪي ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﺑﻦ اﻟﻌﻢ ,ﻓﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﯾﺪي][...اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻺﻣﺎم اﻟﯿﻮﺳﻲ .وھﻲ اﻟﺘﻲ أﺟﺎب ﺑﮭﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﻮﺟﮭﺔ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﺣﻀﺮة اﻟﻤﻮﻟﻰ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ .وﻓﯿﻤﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﮫ ﻟﻮﻣﮫ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﻨﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ وﺗﻔﻀﯿﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺿﺮة. ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺬﻛﻮر ﺑﻔﺼﻞ طﻮﯾﻞ ﺑﯿّﻦ ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺎﻣﻞ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ .وﻻ ﺑﺄس أن ﻧﻮرد ذﻟﻚ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺮﻣﺘﮫ .ﻷن ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﺗﻔﻀﯿﻞ اﻟﺒﺎدﯾﺔ إذ ذاك ﻟﻠﯿﻮﺳﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن اﺑﻦ اﻟﻌﻢ ﯾﺴﺘﺤﺴﻨﮫ ﻏﺎﯾﺔ .وأﻧﺎ أﺗﻠﻮه ﻋﻠﯿﮫ«.379 ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎھﻨﺎ ﻓﻲ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﺮﺳﺎﻟﺘﯿﻦ أﻣﻮر ﻋﺪة .أھﻤﮭﺎ: ( 1ﻛﻮن اﻟﺤﺴﻦ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﮫ ﯾﻨﺎﻗﺶ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻤﻮﻟﻰ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ وﺑﺎﻟﺤﺠﺔ اﻟﺪاﻣﻐﺔ ﻓﻲ اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ أراد ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻮﻟﻰ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ إﻗﻨﺎع أﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻟﻠﺘﺮاﺟﻊ ﻋﻦ ﻗﺮاره اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮاره اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ﺑﻌﯿﺪا اﻟﺤﻮاﺿﺮ .وﻗﺪ ﺑﺬل اﻟﯿﻮﺳﻲ ﺟﮭﺪا واﺿﺤﺎ ﻓﻲ ﺷﺮح اﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎدرة ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻓﺎس ﻧﮭﺎﺋﯿﺎ. 375 376
( ﻓﻲ اﻷﺻﻞ :ﻋﻠﯾﻬﺎ .واﻟﺻواب ﻣﺎ ﺗﺑﻧﺎﻩ.
( دة .ﻓﺎطﻣﺔ ﺧﻠﯾﻞ " :رﺳﺎﺋﻞ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﺣﺳن ﺑن ﻣﺳﻌود اﻟﯾوﺳﻲ.125/2 .
377
( ﺗﻘﻊ ﻓﻲ أز د ﻣن 100ﺻﻔﺣﺔ .وﺗوﺟد ﻓﻲ ﺗﺎب" :رﺳﺎﺋﻞ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﺣﺳن ﺑن ﻣﺳﻌود اﻟﯾوﺳﻲ 130/2 :ـ
378
( أ إن ﻫذﻩ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺟﺎءت ﻌد ﻣرور ﺣواﻟﻲ ﻗرﻧﯾن وﻧﺻﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﺣرر اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﻛﺑر ﻟﻠﯾوﺳﻲ.
.233 379
( ﻣﺣﻣد اﻟﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ" :اﻹﻟﻐ ﺎت" .100/2 .ﺷﻐﻞ ﻧص اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﺻﻔﺣﺎت 100 :ـ .128ﻣن ﻫذا اﻟﺟزء.
187
( 2ﻗﯿﺎم ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﺑﻤﻨﺎﻗﺸﺔ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﯿﻮﺳﻲ ،ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ھﺎدﺋﺔ وﻏﯿﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ آراﺋﮫ ﺣﻮل ﺗﻔﻀﯿﻠﮫ ﺳﻜﻨﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻜﻨﻰ اﻟﺤﺎﺿﺮة .أﺑﺎﻧﺖ ﻋﻦ ﻋﻤﻖ وﻋﻠﻮ ﻣﺴﺘﻮاه اﻟﻔﻜﺮي. *** ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻜﺒﺮى: اﺳﺘﮭﻠﮭﺎ ﺑﻤﻘﺪﻣﺔ ﺗﻨﺎول ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: 1ـ اﻻﻓﺘﺘﺎح ﺑﺎﻻﺣﺘﺮام اﻟﻮاﺟﺐ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن اﻟﺬي ﺟﺎء ﻓﯿﮫ ﻗﻮﻟﮫ» :ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻤﺠﺪ واﻟﺴﻨﺎ ،وﻣﺄزر اﻟﺤﻤﺪ واﻟﺜﻨﺎ ،وﯾﻨﺒﻮع اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ واﻟﻤﻔﺎﺧﺮ ،وﻣﺠﻤﻊ اﻟﻤﺤﺎﻣﺪ واﻟﻤﺂﺛﺮ، اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻷﻋﻈﻢ ،اﻷﺟﻞ اﻷﻓﺨﻢ ،أﺑﻮ اﻟﺜﻨﺎ ،ﻣﻮﻻﻧﺎ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ اﺑﻦ ﻣﻮﻻﻧﺎ 380 اﻟﺸﺮﯾﻒ«... 2ـ إﺑﺮاز اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﮫ ﯾﺘﻠﻜﺄ ﻓﻲ اﻟﺠﻮاب ﻋﻦ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ أرﺳﻠﮭﺎ إﻟﯿﮫ اﻟﺴﻠﻄﺎن ،وھﻲ: ـ »أﺣﺪھﺎ:اﻟﮭﯿﺒﺔ ،ﻓﺈن ﻣﻘﺎم اﻟﺴﻠﻄﺎن أﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻦ أن ﯾﺨﺎطﺐ ﺑﻜﻼم، أو ﯾﺮاﺟﻊ ﻓﻲ ﻣﺮام«.381 ـ » ﺛﺎﻧﯿﮭﺎ:اﻟﺘﻔﺎدي ﻋﻦ ﻋﺎدﯾﺔ اﻟﻘﻮل واﻟﺒﻼء اﻟﻤﻮﻛﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ ،وﯾﻘﺎل ﻣﻦ ﻛﺜﺮ ﻛﻼﻣﮫ ﻛﺜﺮ ﺳﻘﻄﮫ«.382 ـ » ﺛﺎﻟﺜﮭﺎ:ﻣﺎ ﯾﺨﺸﻰ ﻣﻦ اﻋﺘﻘﺎد ﺳﯿﺪﻧﺎ أﻧﺎ ﻧﺮﯾﺪ ﻣﺮاﺟﻌﺘﮫ أو ﻣﺤﺎﺟﺘﮫ أو ﻣﻨﺎزﻋﺘﮫ«.383 3ـ اﻟﺠﻮاب ﻋﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﺴﻠﻄﺎن »ﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾﮭﻤﻞ ،وﻟﻌﻞ ﻓﯿﮫ إن ﺷﺎء ﷲ ﻓﻮاﺋﺪ ﺗُﻔﺼّ ﻞ ﻓُﺘﺤﺼّﻞ« .384ﻣﻤﺎ ﯾﺴﺘﻮﺟﺐ ﺗﻮﺧﻲ اﻟﺤﺪ اﻟﻤﻘﺒﻮل ﻣﻦ اﻟﺼﺮاﺣﺔ واﻟﻮﺿﻮح ،ﺳﯿﺮا »ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﯿﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻓﻲ اﻟﺸﺮوح واﻟﺤﻮاﺷﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻛﻼم ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮭﻢ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ ـ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﮭﻢ ـ ﻓﺈﻧﮭﻢ ﯾﺘﻜﻠﻤﻮن ﺑﺤﺜﺎ وﻓﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﻟﻌﺒﺎرة ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أن ﯾﻨﺘﺴﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ طﻌﻦ وﻻ ﻧﻘﺺ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ،ﺑﻞ ھﻮ ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ 380 381 382 383 384
( رﺳﺎﺋﻞ أﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﺣﺳن اﻟﯾوﺳﻲ.130/1 : ( ﻧﻔﺳﻪ.131/1 : ( ﻧﻔﺳﻪ.131/1 : ( ﻧﻔﺳﻪ.132/1 : ( ﻧﻔﺳﻪ.
188
ذﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﻜﻼم إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻊ اﻟﻜﻼم ﻻ ﻣﻊ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ] [...ﻓﻼ ﻋﯿﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه إذا ﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮫ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻠﻤﯿﺎ«.385 ﺑﻌﺪ ھﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻧﺘﻘﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ ﺗﻨﺎول ﻓﻘﺮات اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﻟﺮد، إذ ﯾﻮرد ﻧﺺ اﻟﻌﺒﺎرة ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺮد ،ﺛﻢ ﯾﻌﻘﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﺮاه ﺿﺮورﯾﺎ .وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻋﺪدھﺎ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﻓﻘﺮة ،وﻗﻒ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ واﺣﺪة ورد ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﯾﺮاه ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ،ﻣﺪﻋﻤﺎ ردوده ﺑﺎﻟﺤﺠﺞ اﻟﺘﻲ ﯾﺮى أﻧﮭﺎ ﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﻤﺮاد .وﻟﻨﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻨﮭﺎ: ـ اﻟﻔﻘﺮة اﻷوﻟﻰ» :أﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﻜﺘﺎب :إﻧﻤﺎ ﻧﺮﯾﺪ أن ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﺎ اﻟﺤﻖ ،ﻓﺄﻗﻮل: إﻧﻲ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻲ إن ﻟﻢ أﻗﺒﻞ اﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ أو أﻣﺔ أو ﺻﺒﻲ أو ﻣﻌﺘﻮه ،ﻻ أﻋﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺆﻣﻨﺎ ،ﻓﻜﯿﻒ ﻻ أﻗﺒﻞ اﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أﺻﻠﺤﮫ ﷲ وأﺻﻠﺢ ﺑﮫ .وﻗﻮﻟﮫ :ﻻ ﻧﻘﻮل ﻟﻚ إﻻ ﺣﻘﺎ ،ﻓﺄﻗﻮل :وﻣﻦ ھﻮ أوﻟﻰ ﺑﮭﺬا ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن ،وﻗﺪ ﺟﻌﻠﮫ ﷲ ﻋﻠﻰ رﻗﺎب ﻋﺒﯿﺪه ،وأﻣﺔ ﻧﺒﯿﮫ ،ﯾﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﺻﻼح أﻣﻮرھﺎ ﺑﻘﻮﻟﮫ وﻓﻌﻠﮫ ،وﺑﺴﻂ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎن واﻟﯿﺪ ،ﻓﺤﻘﯿﻖ أﻻ ﯾﻘﻮل إﻻ ﺣﻘﺎ ،وﻻ ﯾﺴﻌﻰ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﻖ ،وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺴﻠﻄﺎن أﯾﺪه ﷲ ﻋﺎرف ﺑﺎﻟﺤﻖ ،ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﻟﺤﻖ :وﻻ ﺑﺪ أن ﯾُﻌﻠﻢ أن اﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﺸﺮع ﯾﻌﺮف ﻻ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،وﻗﺪ ﺣﻜّﻢ ﻗﻮم اﻟﻌﻘﻮل ﻓﻀﻠّﻮا وأﺿﻠّﻮا ،ﻧﻌﻮذ ﺑﺎ وﻧﻌﯿﺬ ﺑﮫ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﺬاھﺒﮭﻢ .ﻓﺎﻟﺤﻖ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﺤﻖ ھﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﷲ ﺣﻘﺎ ،وﯾﻌﺮف ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وإﺟﻤﺎع اﻷﻣﺔ وﻗﯿﺎس اﻷﺋﻤﺔ .386«...ﻣﺴﺘﺸﮭﺪا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺮد ﺑﺂﯾﺎت ﺑﯿﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ وﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﻧﺒﻮﯾﺔ ﺷﺮﯾﻔﺔ .ﺛﻢ وﻗﻒ وﻗﻔﺔ ﻣﺘﺄﻧﯿﺔ ﻹﺑﺮاز دور اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻗﺎﺋﻼ» :ﺛﻢ إن ھﺬا ﻣﺄﺧﻮذ ﻣﻦ أﯾﺪي اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﺣﻤﻠﺘﮫ، واﻷﻣﻨﺎء ﻋﻠﯿﮫ ،وﻏﯿﺮھﻢ ﯾﻘﻠﺪھﻢ ﻓﯿﮫ ،وﻻ ﯾﺤﻞ ﻷﺣﺪ ﻏﯿﺮھﻢ أن ﯾﺨﻮض ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻨﮫ ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺄﺧﺬ ﻋﻨﮭﻢ .ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻓﺎﺳﺄﻟﻮا أھﻞ اﻟﺬﻛﺮ إن ﻛﻨﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮن{.387«... ﻣﻠﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة اﻗﺘﺪاء أﺑﻨﺎء اﻷﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻤﻦ ﻓﯿﮭﻢ اﻟﻤﻠﻮك ،ﻷن »اﻟﻤﻠﻮك ﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ،واﻟﻌﻠﻤﺎء ﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﻮك«.388 أﻣﺎ اﻟﻔﻘﺮﺗﺎن اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻘﺪ ﺧﺼﺼﺘﺎ ﻟﺘﻨﺎول ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ اﻷﻣﺔ ،وذﻟﻚ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺧﺬﺗﮫ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻣﻦ ﺧﺮوﺟﮫ ﻋﻦ ﻋﺎدة اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻣﺼﺎﺣﺒﺘﮭﻢ ﻟﻠﻤﻠﻮك ،وﺑﻘﺎﺋﮭﻢ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﮭﻢ .وﻧﻘﻒ ھﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮة 385 386 387 388
( ﻧﻔﺳﻪ.133/1 :
( ﻧﻔﺳﻪ 133/1 :ـ .134 ( ﻧﻔﺳﻪ.135/1 : ( ﻧﻔﺳﻪ.136/1 :
189
اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ .389اﻟﺘﻲ اﺳﺘﮭﻠﮭﺎ ﺑﻤﺎ اﺳﺘﮭﻞ ﺑﮫ ﺑﺎﻗﻲ ردوده ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺮات اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ، ﻓﻘﺎل: » وأﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﻜﺘﺎب :وﻣﻦ ﻗﺪﯾﻢ اﻟﺰﻣﺎن ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻻ ﻣﻊ اﻟﻤﻠﻮك اﻟﺦ ...ﻓﺄﻗﻮل :ﻻ ﺷﻚ أﻧﮫ ﻟﻢ ﺗﺨﻞ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺑﺤﻤﺪ ﷲ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء ﯾﻨﻔﻊ ﷲ ﺑﮭﻢ ﻣﻦ ھﺪاه ﻟﻄﺎﻋﺘﮫ ،ﻛﻤﺎ أﺧﺒﺮ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺼﺎدق اﻟﻤﺼﺪوق rﺣﯿﺚ ﻗﺎل} :ﻻ ﺗﺰال طﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أﻣﺘﻲ ظﺎھﺮﯾﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ ،ﻻ ﯾﻀﺮھﻢ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﮭﻢ{ ﻗﺎل اﻷﺋﻤﺔ وھﻢ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻷن أول اﻟﺤﺪﯾﺚ وھﻮ ﻗﻮﻟﮫ } :rﻣﻦ ﯾﺮد ﷲ ﺑﮫ ﺧﯿﺮا ﯾﻔﻘﮭﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ{ دال ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ][...أﻣﺎ ﺻﺤﺒﺔ اﻟﻤﻠﻮك ،وﻣﻼزﻣﺔ أﺑﻮاﺑﮭﻢ وﻣﺠﺎﻟﺴﮭﻢ وطﻌﺎﻣﮭﻢ ،ﻓﻠﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم وﻻ اﻟﻠﺰوم ،ﺑﻞ ﻟﻢ ﯾﺰاﻟﻮا ﺗﺨﺘﻠﻒ أﺣﻮاﻟﮭﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﻓﻤﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﺴﺎرع إﻟﻰ أﺑﻮاب اﻟﻤﻠﻮك وھﻢ اﻷﻗﻞ ،وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﺘﺠﺎﻓﻰ ﻋﻦ ذﻟﻚ وھﻢ اﻷﻛﺜﺮ][...واﻟﺬي ﯾﺠﺐ إﻋﻼم اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺑﮫ ﻧﺼﺤﺎ ﻟﯿﻨﺼﺢ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ،أن أﻛﺜﺮ اﻧﺘﻔﺎع اﻟﻄﻠﺒﺔ وأھﻞ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ،إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻘﺒﺾ اﻟﺠﺎﻟﺲ ﻓﻲ داره أو ﻓﻲ ﺑﯿﺖ ﻣﻦ ﺑﯿﻮت ﷲ ،ﻓﺤﯿﺚ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻣﺘﻌﻠﻢ أو ﺳﺎﺋﻞ وﺟﺪه ،وﯾﺼﻞ إﻟﯿﮫ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ واﻟﻌﺠﻮز ،وﯾﺒﺎﺣﺚ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ،وﻻ ﯾﺮھﺒﻮﻧﮫ وﻻ ﯾﺴﺘﻨﻜﺮوﻧﮫ وﻻ ﯾﺘﮭﻤﻮﻧﮫ ،واﻟﻤﺨﺎﻟﻂ ﺑﺨﻼف ھﺬا ﻛﻠﮫ ،ﻓﺈن أﻛﺜﺮ أوﻗﺎﺗﮫ ﺗﺬھﺐ ﻓﻲ اﻟﻄﻠﻮع واﻟﮭﺒﻮط][...وﻻ ﺷﻚ أﻧﮫ ﯾﺠﻮز أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﺻﺤﺒﺔ اﻟﻤﻠﻮك ﻣﻦ ھﻮ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺪﯾﻦ ﻗﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﺤﻖ ،واﻗﻒ ﻋﻨﺪه ﯾﻨﻔﻊ ﷲ ﺑﮫ وﺑﺘﻨﺒﯿﮭﮫ ،وﻟﻜﻨﮫ أﻋﺰ ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺮﯾﺖ اﻷﺣﻤﺮ، واﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ رﻗﺔ اﻟﺪﯾﺎﻧﺔ وطﻠﺐ اﻟﻤﺮﺿﺎة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء][...وﯾﻘﺎل :ﺧﯿﺮ اﻟﻤﻠﻮك اﻟﺰوارون ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء ،وﺷﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺰوارون ﻟﻠﻤﻠﻮك .وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ھﺬا ﻣﻨﻘﺼﺔ ﻟﻠﻤﻠﻮك ﺑﻞ ﻟﮭﺆﻻء اﻟﻤﺘﻮرطﯿﻦ ،وذﻟﻚ أن اﻟﻤﻠﻮك اﻗﺘﺤﻤﻮا ﻟﺠﻮر اﻟﺪﻧﯿﺎ وﺗﺤﻤﻠﻮا ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﻨﺎس واﺳﺘﺼﻼﺣﮭﻢ ،وﺑﺼﻼﺣﮭﻢ ﯾﺼﻠﺢ دﯾﻨﮭﻢ][...ﺛﻢ ﻻ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن أن ﯾﺼﺤﺐ ﻛﻞ واﺣﺪ ،وھﺬه ﻧﺼﯿﺤﺔ أﺧﺮى ﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺒﺨﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﮭﺎ ،واﻟﺤﺪﯾﺚ ذو ﺷﺠﻮن ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺼﺤﺒﺔ وھﻢ أھﻞ اﻷدب واﻟﻔﮭﻢ واﻟﻈﺮف اﻟﻔﺼﺎح اﻷﻟﺴﻦ، اﻟﺼﺒﺎح اﻟﻮﺟﻮه].390«[... ﯾﺨﺘﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ رﺳﺎﻟﺘﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ» :ھﺬا ﻣﺎ اﺣﺘﯿﺞ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ،ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﻟﻜﻼم .وﻟﻮ ﺗﺮك اﻟﻘﻄﺎ ﻟﻨﺎم ،وإﻧﻤﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺴﺎﻋﻔﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ" :إن ﻛﺎن ﻋﻨﺪك ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﮫ ﻓﻘﻠﮫ" ،وأﺟﺒﻨﺎ ﻋﻦ ھﺬا ﺣﺮﻓﺎ ﺣﺮﻓﺎ ،ﻓﺘﻜﻠﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ 389 390
( ﺷﻐﻠت اﻟﺻﻔﺣﺎت 151 :ـ .157 ( ﻧﻔﺳﻪ 151/1 :ـ .157
190
وﺗﺮﻛﺖ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم أﻛﺜﺮه ،ﻟﻌﺪم اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﯿﮫ ،أو ﻟﺘﻌﺬر ذﻛﺮه ،وﻋﻨﺪي واﻟﺤﻤﺪ ﻣﺎ أﻗﻮل .ﻓﺄي ﺷﻲء ﯾﻌﻮزﻧﻲ ﻟﻮ أردت اﻟﻘﻮل؟ :اﻟﻠﺴﺎن ﻋﺮﺑﻲ ،واﻟﻤﻌﻘﻮل واﻟﻤﻨﻘﻮل ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺒﻲ ،وأﺳﺘﻐﻔﺮ ﷲ ﻣﻦ ھﺬا ،وأﻋﺘﺮف ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ أﻧﻲ أﺿﻌﻒ اﻟﻨﺎس وأﺟﮭﻞ اﻟﻨﺎس .وأﻧﻲ ﻣﻨﻘﺎد إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺳﻤﯿﻊ ﻣﻄﯿﻊ ،وﺗﺠﻨﺒﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن ﻟﯿﺲ ﺑﻐﻀﺎ ﻓﯿﮫ ،ﺑﻞ ﻻﻓﺘﺮاق اﻟﺪار ،ﻓﺄﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ وھﻮ ﻓﻲ آﺧﺮ .وﻷﻧﻲ ﻻ أﻗﻮى ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﺑﻮاب ،وﻻ ﯾﺄﻟﻔﮭﺎ طﺒﻌﻲ ،وﻻ أﺻﻠﺢ ﻟﮭﺎ وﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻲ ،وﻟﮭﺎ ﻗﻮم ﻏﯿﺮي: وﻟﻠﺤﻘﺎﺋـﻖ أﻗـﻮام ﻟـﮭـﺎ ﺧـﻠـﻘــﻮا
وﻟﻠـﺤـﺮوب ﻟـﺪى اﻟﮭﯿـﺠـﺎء ﻓـﺮﺳـﺎن
وإﻻ ﻓﺄﻧﺎ أﺣﺐ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أوﺟﮫ: اﻷول :اﻟﻨﺴﺐ ﻓﺈﻧﺎ أﻣﺮﻧﺎ ﺑﺤﺐ أھﻞ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻨﺒﻮي. اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟﻮﺟﺎھﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺒﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﻗﺪ أﻣﺮﻧﺎ أن ﻧﻨﺰل اﻟﻨﺎس ﻣﻨﺎزﻟﮭﻢ، ﻓﻨﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻓﺈﻧﮫ ﻗﺪ وﻗﺮﻧﺎ واﺣﺘﺮم ﻋﯿﺎﻟﻨﺎ ،وﻛﺎن ﯾﺤﻤﻠﻨﺎ إذا رﺣﻠﻨﺎ ،واﻹﺣﺴﺎن ﯾﺸﻜﺮ واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺗﺬﻛﺮ][... وﺑﻌﺪ ھﺬه اﻷوﺟﮫ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﺎﻷﻓﻌﺎل واﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﺰﯾﺪ ﺣﺒﺎ أو ﺗﻨﻘﺼﮫ ،وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻮاﻋﺚ اﻟﻨﻔﺴﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻖ أﻗﻮى ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺤﺒﺔ اﻟﺪﻧﯿﻮﯾﺔ أظﮭﺮ آﺛﺎرا وأﻛﺜﺮ ﺛﻤﺎرا .واﻟﻨﺎﻗﺪ ﺑﺼﯿﺮ ،وإﻟﻰ ﷲ اﻟﻤﺼﯿﺮ .وﻛﺘﺐ أول ذي اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺤﺮام ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺳﺘﺔ وﺗﺴﻌﯿﻦ وأﻟﻒ .اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﻛﺎن ﷲ ﻟﮫ آﻣﯿﻦ ،وﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻰ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ«.391 ﯾﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻛﺎن ﺻﺮﯾﺤﺎ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺮد ﻋﻦ "اﺗﮭﺎﻣﺎت اﻟﻤﻮﻟﻰ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ" ،ﺷﺄﻧﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄﻧﮫ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻓﻘﺮات اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، *** أﻣﺎ اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻓﮭﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﮭﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺨﺘﺎر اﻟﺴﻮﺳﻲ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ،ﻷﻧﮭﺎ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺧﺼﺼﮭﺎ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻹﯾﻀﺎح اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺘﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﯿﻞ ﺳﻜﻨﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ،وھﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﺖ اﻟﺤﯿﺰ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ .392وﻧﻘﺘﺼﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰء اﻟﺬي أورده اﻟﺴﻮﺳﻲ .ﯾﻘﻮل ﻓﯿﮫ اﻟﯿﻮﺳﻲ: 391 392
( ﻧﻔﺳﻪ.233/1 :
( ﺷﻐﻠت ﺣواﻟﻲ ﺛﻠث ﺣﺟم اﻟرﺳﺎﻟﺔ ).وﺗﺣدﯾدا 31ﺻﻔﺣﺔ ﻣن 104ﺻﻔﺣﺔ( ﻣن اﻟﺻﻔﺣﺔ 160 :إﻟﻰ اﻟﺻﻔﺣﺔ
.190وﻗد ﺳ ﻘت اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺗﻐطﻲ اﻟﺻﻔﺣﺎت 130 :ـ .234ﻓﻲ اﻟﺟزء اﻷول ﻣن ﺗﺎب "رﺳﺎﺋﻞ أﺑﻲ
ﻋﻠﻲ اﻟﺣﺳن ﺑن ﻣﺳﻌود اﻟﯾوﺳﻲ".
191
»وأﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﻜﺘﺎب" :أﯾﻦ ﺗﺠﺪ اﻟﺴﺒﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ واﻟﺘﺠﺎﻓﻲ ﻋﻦ ﺣﻮاﺿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ؟" إﻟﻰ ﻗﻮﻟﮫ" :أي ﻋﺬر ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﻋﻦ ﺣﺎﺿﺮﺗﻨﺎ؟" ﺛﻢ ﻗﺎل ﺑﻌﺪ ﻛﻼم أﺟﺎب ﺑﮫ ﻋﻦ ﺳﻜﻨﻰ زاوﯾﺔ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﻣﻦ )ﻓﺎس( ﺑﺈذن اﻟﺴﻠﻄﺎن" :وأﻣﺎ ﻋﺬري ﻓﻲ اﺳﺘﺜﻘﺎل اﻟﺤﺎﺿﺮة ،ﻓﻮﺟﻮه ﻛﺜﯿﺮة ،أﻗﺘﺼﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﮭﺎ .ﻓﻤﻨﮭﺎ: ـ اﻟﻄﺒﻊ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻟﻢ أوﻟﺪ ﻓﯿﮭﺎ ،ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﺠﺎج اﻟﻮاﺳﻌﺔ ،ﺑﯿﻦ اﻟﺸﯿﺢ واﻟﺮﯾﺢ، واﻟﺠﻨﻮب واﻟﺸﻤﺎل .ﻓﺄي ﻋﺠﺐ إذا ﺣﻨﻨﺖ إﻟﻰ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻲ ،وﻣﺤﻞ ﺟﻨﺴﻲ؟ وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻜﺮﯾﻢ} :ﺣﺐ اﻟﻮطﻦ ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن{ .وﻗﺎل اﻟﺤﻜﻤﺎء" :اﻟﻜﺮﯾﻢ ﯾﺤﻦ إﻟﻰ ﺟﻨﺎﺑﮫ ﻛﻤﺎ ﯾﺤﻦ اﻷﺳﺪ إﻟﻰ ﻏﺎﺑﮫ" [...].ﻗﯿﻞ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺤﻜﻤﺎء :ﺑﺄي ﺷﻲء ﺗﻌﺮف وﻓﺎء اﻟﺮﺟﻞ ،وذﻣﺎم ﻋﮭﺪه ،دون ﺗﺠﺮﺑﺔ واﺧﺘﺒﺎر؟ﻗﺎل :ﺑﺤﻨﯿﻨﮫ إﻟﻰ أوطﺎﻧﮫ ،وﺗﺸﻮﻓﮫ إﻟﻰ إﺧﻮاﻧﮫ ،وﺗﻠﮭﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ زﻣﺎﻧﮫ " ] [...وﻗﺪ ﻗﺎل rﻓﻲ اﻣﺮأة دﺧﻠﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﮭﺶ ﻟﮭﺎ} :إﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺗﯿﻨﺎ أﯾﺎم ﺧﺪﯾﺠﺔ ،وإن ﺣﺴﻦ اﻟﻌﮭﺪ ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن{ ].[... ـ وﻣﻨﮭﺎ اﻟﻀﯿﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻜﻦ وﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎش ،ﻓﺈن اﻟﺤﺎﺿﺮة دارة ﻣﺴﻮرة ،ﻻ ﯾﺰاد ﻓﯿﮭﺎ وﻻ ﯾﻨﻘﺺ ،ﻓﻤﻦ دﺧﻞ دارا ﻟﻢ ﺗﻜﻔﮫ ھﻮ وﻋﯿﺎﻟﮫ وأوﻻده وﻣﻦ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﮫ، وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻻﺗﺴﺎع ،ووﺟﺐ أن ﯾﺮى ﻣﺎ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ أن ﯾﺮاه ،ﻣﻤﻦ ھﻮ ﻣﻌﮫ ،أو ﻣﻦ ﯾﺪﺧﻞ ﻋﻠﯿﮫ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﺴﺎد ﻟﻠﺪﯾﻦ ،أو ﻣﻦ ﯾﺤﺘﺸﻢ ﻣﻨﮫ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﺴﺎد ﻟﻠﻤﺮوءة واﻟﻌﺮض [...] ،وﻛﺬا ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎش ،ﻓﺈن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺎﻟﺸﺮاء ،ﺣﺘﻰ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ھﻮ أﺳﮭﻞ اﻷﺷﯿﺎء ،ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻧﻔﻘﺔ ﻓﯿﮫ. ـ وﻣﻨﮭﺎ ﻓﺴﺎد طﺒﻊ اﻟﻌﯿﺎل واﻷوﻻد واﻷﺻﺤﺎب ،وﻧﺨﺸﻰ ذﻟﻚ ﻧﺤﻦ أﯾﻀﺎ ﻓﻲ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﮭﺎت: (1إﺣﺪاھﺎ :ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺸﮭﻮات واﻻﺗﺴﺎع ﻓﯿﮭﺎ .وإﻧﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ﻻ ﻧﻌﺮﻓﮭﺎ، ووﺟﺪﻧﺎ آﺑﺎءﻧﺎ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﺑﻤﺎ وﺟﺪوا ﻓﯿﮭﺎ ﻗﺎﻧﻌﯿﻦ ﺑﮫ] [...ﻓﻠﻤﺎ دﺧﻠﻨﺎ اﻟﺤﺎﺿﺮة ظﮭﺮت اﻟﺸﮭﻮات ،وﻧﻈﺮا اﻟﻨﺴﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺴﺎء ،واﻟﺼﺒﯿﺎن إﻟﻰ اﻟﺼﺒﯿﺎن ،واﻟﺮﺟﺎل إﻟﻰ اﻟﺮﺟﺎل ،ﻓﻄﻠﺒﻮا اﻻﺗﺴﺎع ﻛﻤﺎ اﺗﺴﻌﻮا واﺑﺘُﻠِﯿﻨﺎ ﻛﻤﺎ اﺑﺘُﻠُﻮا. (2ﺛﺎﻧﯿﮭﺎ :اﻟﻮﻗﺎﺣﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ .وﻗﻠﺔ اﻟﺤﯿﺎء ،ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ﺗﺴﺘﺤﻲ اﻟﻤﺮأة أن ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻠﺤﻢ ﻓﻜﯿﻒ ﺑﻤﺎ وراءه ،وﻟﻜﻦ ﺗﺘﺸﻮف إﻟﻰ اﻟﻤﻮاﺳﻢ أو ﺿﯿﻒ ﯾﻨﺰل ،ﻓﯿﺬﺑﺢ ﻟﮫ أو ﯾﺸﺘﺮى ﻟﮫ ،أو إﻧﻔﺎق ﯾﺄﺗﻲ ﺑﮫ ﷲ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ اﺳﺘﺪﻋﺎء ،ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﺗﺮاﻋﻲ اﻟﺒﺎب .وﺗﻘﻮل ﻟﻠﺮﺟﻞ ":أﻧﻔﻖ وارﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﺴﻮق " ﻓﻼ ﺗﺴﻤﻊ إﻻ: "ﺷﻒ اﻟﻠﺤﻢ ،ﺷﻒ اﻟﺤﻮت ،ﺷﻒ اﻟﺰﻋﻔﺮان" وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ذﻟﻚ وﻗﻊ اﻟﺘﺪاﻋﻲ ،وﺟﻲء ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ.[...]. 192
(3ﺛﺎﻟﺜﮭﺎ :أن ﯾﺘﻌﻠﻢ اﻟﺼﺒﯿﺎن اﻟﻠﻮم واﻟﺒﺨﻞ ،وﻗﻠﺔ اﻟﺴﻤﺎﺣﺔ ،ﻛﻤﺎ ھﻮ دأب اﻟﺤﺎﺿﺮة ،وﻣﺎ ﻓﺴﺪت طﺒﺎع اﻟﻌﺮب إﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﻮاﺿﺮ.[...]. ـ وﻣﻨﮭﺎ :ﻣﻘﺎﺳﺎة أھﻠﮭﺎ ،واﻟﺘﻌﺮض ﻹذاﯾﺘﮭﻢ وﻓﺘﻨﮭﻢ ،وﻻﺳﯿﻤﺎ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﻨﺲ. وﻟﻘﺪ طﻠﺒﻨﻲ ﻣﻮﻻي رﺷﯿﺪ ﺑﺎﻟﺮﺣﯿﻞ إﻟﻰ ﻓﺎس ،وﻗﺎل" :ﺗﺼﯿﺐ اﻟﻈﻞ واﻟﻤﺎء اﻟﺒﺎرد وﺗﺄﻛﻞ اﻟﺨﺎﻟﺺ وﯾﻨﺘﻔﻊ ﺑﻚ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن" [...].ﻓﻘﺒﻠﺖ ﻗﻮل اﻟﺴﻠﻄﺎن ،وارﺗﺤﻠﺖ ﺑﻨﯿﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ .ﻋﻠﻰ أﻧﻲ ﻻ أﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺟﺌﻨﺎھﻢ ،وإن ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻣﻦ ھﻮ أﺳﻦ ﻣﻨﻲ ،ﻛﺴﯿﺪي ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ،ﻟﻘﯿﺘﮫ وﺗﺒﺮﻛﺖ ﺑﮫ ،ﻓﺒﺖ ﺧﺎرج ﻓﺎس ﻟﯿﻠﺘﯿﻦ ،واﻟﻄﻠﺒﺔ ﯾﺘﺮددون إﻟﻲّ ،ﻓﻠﻢ أدﺧﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﺒﻖ ﻟﻲ ﻧﯿﺔ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة اﻟﻘﯿﻞ واﻟﻘﺎل ،ﺛﻢ ﺑﺪأﻧﺎ اﻟﻘﺮاءة ،ﻓﺄطﺒﻘﺖ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﻄﻠﺒﺔ أھﻞ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻐﺮﺑﺎء ،وﻛﺎن اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺣﺎﻓﻼ ،وﻛﺎن ﻓﻲ ﻏﯿﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن إﻟﻰ ﺳﻮس ،ﻓﺘﺤﺮك اﻟﺤﺴﺪ ،وﻛﺜﺮة اﻟﻘﯿﻞ واﻟﻘﺎل ،وﺟﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺠﯿﺌﻨﻲ ﯾﺤﺬرﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻣﻦ أﻛﻞ طﻌﺎﻣﮭﻢ ،ﻓﻤﺎ ﯾﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﺷﺮب ﻣﺎء وﻻ أن آﻛﻞ طﻌﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﯾﺪ أﺣﺪ وﻻ أﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺔ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻠﺒﮭﺎ أﺻﺤﺎﺑﻲ ﺑﻼ ﺗﻔﺮﯾﻂ .ﻓﺼﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﻨﺔ وﺑﻼء][...ﺛﻢ ﻟﻤﺎ رﺟﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻦ ﺳﻮس ،وﺧﺮﺟﺖ اﻟﻌﻄﺎﯾﺎ ﻟﻠﻔﻘﮭﺎء ،وﺧﺮﺟﺖ اﻟﻌﻄﺎﯾﺎ ﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻋﻄﺎﯾﺎ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﺗﻨﻔﺬ إﻟﻰ اﻟﻘﻀﺎة ﯾﺘﻮﻟﻮن ﻗﺴﻤﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﻢ، ﻓﻌﻨﺪ ذﻟﻚ ﺟﻌﻞ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﯾﺘﺴﻠﻠﻮن ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺴﻲ ،وﯾﺬھﺒﻮن ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻄﺎﯾﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺴﻲ ﺑﺤﻤﺪ ﷲ إﻻ ﻣﻦ ھﻤﺘﮫ اﻟﻌﻠﻢ ﻻ اﻟﺪﻧﯿﺎ .وأﻛﺜﺮھﻢ ﻣﻦ اﻟﻐﺮﺑﺎء وﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﻠﺪ .وأھﻞ اﻟﺒﻠﺪ إﻧﻤﺎ ھﻤﺘﮭﻢ ﻓﻲ ﺟﺎﺋﺰة ﯾﻘﺒﻀﻮﻧﮭﺎ أو ﻣﺤﺮاب أو ﻛﺮﺳﻲ، أو ﺷﮭﺎدة ﯾﺘﻠﻘﻮﻧﮭﺎ .ﺛﻢ ﻟﻤﺎ رآﻧﻲ اﻟﻨﺎس أطﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن ،ﺟﻌﻠﻮا ﯾﺘﻌﻠﻘﻮن ﺑﻲ طﻠﺒﺎ ﻟﻠﺸﻔﺎﻋﺔ ،وﯾﺜﻘﻠﻮن ﻋﻠﻲّ .وﻣﺎ أﺣﺐ أن أﻓﺘﺢ ذﻟﻚ اﻟﺒﺎب ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻷﻧﮫ ﯾﺘﺮﻛﻨﻲ ﺑﻼ ﺷﻐﻞ ،وإﻧﻲ ﻻ أﻗﺪر ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،وﻻ أﺻﻠﺢ ﻟﮫ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺰﯾﺪ ﺣﺬاﻗﺔ وﻟﺒﺎﻗﺔ ،وﺣﺴﻦ ﺗﺄن وﺗﺪرب ،وأﻧﺎ ﺑﻌﯿﺪ ﻋﻦ ھﺬا ﻛﻠﮫ ،إﻧﻤﺎ أﻧﺎ رﺟﻞ ﺑﺪوي].[...ﺛﻢ إن ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻄﺎﯾﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺄﺧﺮ إﻟﻰ اﻟﺸﮭﺮ واﻟﺸﮭﺮﯾﻦ ،وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﯿﺎن ﻻ ﺗﺼﻞ إﻟﯿﻨﺎ اﻟﻌﻄﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ أﺧﺬﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮق أﺷﯿﺎء ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ ،ﻣﻊ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ أﻛﺜﺮھﻢ ﻋﻄﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ذﻟﻚ إﻻ ﻛﻤﺎء ﻓﺎس ﯾﺪﺧﻞ وﯾﺨﺮج ،ﺣﺘﻰ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﻓﺎس وﻟﻢ ﯾﺘﺒﻌﻨﺎ درھﻢ واﺣﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻟﻤﺎ ﻣﺎت اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻧﻘﻄﻊ ذﻟﻚ، ﻓﺼﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﻨﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﯿﺎل ،ﻓﻘﻠﺖ ﻷﺻﺤﺎﺑﻨﺎ :إن ھﺬه اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻟﯿﺴﺖ ﻟﻨﺎ ﺑﺪار ﻣﻘﺎم] [...وﻗﺪ ﺗﻌﺮﺿﻨﺎ ﻟﻤﺎ رأﯾﺘﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﯿﺔ ،/ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺣﻘﻘﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻢ ﯾﺠﺰ أن ﻧﺒﻘﻰ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻊ ھﺬا أﺑﺪا ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ}:وﻻ ﺗﻠﻘﻮا ﺑﺄﯾﺪﯾﻜﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﮭﻠﻜﺔ{][...ﻓﻜﺎن ﺧﺮوﺟﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ راﺟﺤﺎ وواﺟﺒﺎ. 193
إﻟﻰ أن ﻗﺎل» :ﻓﺨﺮﺟﻨﺎ ﺑﺈذن ﺳﯿﺪﻧﺎ][...ﻓﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ أﻧﻲ ﺿﯿﻌﺖ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺴﻜﻨﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ،أو إن اﻟﻨﺎس ﻗﺪ ﺿﺎع ﺣﻘﮭﻢ ﻓﻲّ ﻓﻘﺪ ﺗﺒﯿﻦ ﺟﻮاﺑﮫ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻣﺮ].[...ﻓﻤﺘﻰ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻲّ دﺧﻮل اﻟﺤﺎﺿﺮة ،وإﻟﻘﺎء ﻧﻔﺴﻲ وﻋﯿﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺮج واﻟﻀﯿﻖ ،واﻟﻔﺘﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﺷﺮﺣﮭﺎ ،ﻟﻜﻲ ﯾﺠﻠﺲ إﻟﻲّ طﻼب اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ واﻟﻤﺮاﺗﺐ؟ ،ھﺬا ﻣﺎ ﻻ ﯾﺠﺐ وﻻ ﯾﻨﺪب ،ورﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﺒﺎح أﺻﻼ« اﻧﺘﮭﻰ ـ ﻣﺨﺘﺼﺮا ـ ﻛﻼم اﻟﯿﻮﺳﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺴﻤﻌﮫ اﺑﻦ اﻟﻌﻢ ذﻟﻚ اﻟﻨﮭﺎر أﺗﻠﻮه ﻋﻠﯿﮫ ﻓﺄﺣﺴﮫ ﯾﻮرده ﻋﻠﻲّ ﺣﺠﺠﺎ وﺑﺮاھﯿﻦ] .[...ﻓﺄردت أن أزن ﻛﻼم اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻣﻊ ﻣﺎ أذھﺐ إﻟﯿﮫ ،وأزن أﻗﻮاﻟﮫ ھﺬه ﺑﻤﺎ ﺗﺮﺟﺢ ﻋﻨﺪي ،وأن أﺿﻊ ﻋﺼﺮه وﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﯿﺎر ﻣﺎ اﺧﺘﺎره ﻓﻲ ﻛﻔﺔ ،ﺛﻢ أﺿﻊ ﻋﺼﺮي أﻧﺎ وﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺧﺘﺎره ﻓﻲ ﻛﻔﺔ ،ﻓﺤﯿﻨﺌﺬ ﯾﻈﮭﺮ اﻟﺼﺒﺢ ﻟﺬي ﻋﯿﻨﯿﻦ ،وﯾﺪرك اﺑﻦ اﻟﻌﻢ ﺣﻔﻈﮫ ﷲ أﻧﻨﻲ أﺟﺒﺘﮫ اﻟﯿﻮم ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺖ أﺟﯿﺒﮫ ﺑﮫ ذﻟﻚ اﻟﻨﮭﺎر ﺑﻤﺎ ﯾﺤﺲ ﺑﮫ أﯾﻀﺎ ﻣﻨﻲ] [...ﻓﻸﺟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻓﺼﻠﯿﻦ ﻟﯿﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺠﻤﻊ أطﺮاف اﻟﻜﻼم]:[... اﻟﻔﺼﻞ اﻷول :ﻓﻲ اﻟﻤﻮازﻧﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺒﺎدﯾﺔ واﻟﺤﺎﺿﺮة اﻟﻤﻄﻠﻘﺘﯿﻦ ﻣﻦ ھﺬه اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﯿﻮﺳﻲ وﺷﺨﺼﯿﺘﻲ].[... »ﺧﻠﻖ ﷲ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ طﺒﺎع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺑﺮاه ﻓﻲ ﻧﻮاﯾﺎھﻢ وﻣﺨﺘﺎراﺗﮭﻢ ﻋﻠﻰ طﺮاﺋﻖ ﻗﺪد ،ﻓﻤﻨﮫ ﻣﻦ ﻻ ﯾﻄﯿﺐ ﻟﮫ اﻟﻌﯿﺶ إﻻ ﺑﺎﻷﺻﺤﺎب واﻻﺧﺘﻼط واﻻﻧﺘﻘﺎل، ﻻﺣﺘﯿﺎﺟﮫ ﻟﺘﺒﺎدل اﻷﻋﻤﺎل ،وﺗﺒﺎدل اﻵراء .وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻻ ﯾﻄﯿﺐ ﻟﮫ ذﻟﻚ ،وﻻ ﯾﺠﺪ اﻟﺮاﺣﺔ إﻻ ﻓﻲ اﻻﻧﺰواء واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻓﻲ ھﺪوء ﻣﺴﺎﻣﻌﮫ ﻣﻦ ﺟﻠﺒﺎت اﻷﺻﻮات ،وارﺗﺠﺎج اﻟﻀﻮﺿﺎء] .[...ﻻ رﯾﺐ أن ،ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﺒﺖ ﻓﯿﮫ طﺒﺎع اﻷوﻟﯿﻦ ،واﻣﺘﺰج ذﻟﻚ ﺑﻄﯿﻨﺘﮫ ،وارﺗﻜﺰ ﻋﻠﯿﮫ طﯿﺐ ﻋﯿﺸﮫ اﻟﺬي ﺣﺒﺐ ﻟﮫ ،ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺮى ﻓﻲ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﻄﯿﺒﮫ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻻ ﻣﻄﺒﻘﺎ ﻣﻮﺻﺪا ،أو ﻗﺒﺮا ﺿﯿﻘﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺷﻚ أن ﻣﻦ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫ طﺒﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻣﺎ زﺟﮫ ،وﺗﺨﻠﻞ ﻣﻨﮫ ﻣﺴﺎﻟﻚ اﻟﺮوح ،ﻻ ﯾﺮى ﻓﻲ اﻟﺬي أﻋﺠﺐ ﺑﮫ اﻷول إﻻ ﻣﻨﻔﻰ ﯾﺨﺮﺟﮫ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد إﻟﻰ اﻟﻌﺪم ،وﻣﻦ اﻟﺤﯿﺎة إﻟﻰ اﻟﻤﻮت ،وھﺒﮫ وﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺮ أو ﻓﻲ اﻟﺒﺪو ،ﻓﺈن اﻟﻄﺒﻊ أﻏﻠﺐ«.393 ﺛﻢ أورد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﺧﺘﺎرھﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ،ﻟﯿﻌﺰز ﺑﮭﺎ ﻣﺎ ذھﺐ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮك اﻟﻨﺎس أﻓﺮادا وﺟﻤﺎﻋﺎت.394 393 394
( ﻧﻔﺳﻪ 107/2 :ـ .108 ( ﻣن ﻫذﻩ اﻷﻣﺛﻠﺔ:
194
وﺧﺘﻢ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺑﻘﻮﻟﮫ»:ﻛﻤﺎ ﺧﺎﻟﻒ اﻟﺒﺎري ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺒﺎع ،ﺧﺎﻟﻒ ﺑﯿﻦ اﺳﺘﻠﺬاذ اﻟﺤﻀﺎرة واﻟﺒﺪاوة .وإن اﺳﺘﻄﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻄﺎب ﻣﻦ ذﻟﻚ أو ﻛﺮاھﯿﺔ ﻣﺎ ﯾﻜﺮه ﻣﻨﮫ، إﻧﻤﺎ ﺗﺴﺘﻤﺪان ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺌﺔ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻤﻨﺼﻒ أن ﯾﺤﻜﻢ ﻟﺒﯿﺌﺔ ﻋﻠﻰ أﺧﺮى ﺑﺤﺴﺐ طﺒﻌﮫ ﻓﻘﻂ ،إﻻ إذا ﻛﺎن ﯾﻘﺼﺪ اﻟﺘﻨﺪر ﻓﻘﻂ ،،ﻓﻠﯿﺘﺮك ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻣﻦ ﯾﺼﻮغ ﺑﻠﺴﺎﻧﮫ ﻣﺎ ﺷﺎء .ﻓﮭﺬا ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺒﯿﺌﺔ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺣﺒﮫ ﻟﮭﺎ وھﻲ واد ﻏﯿﺮ ذي زرع. وﻓﻲ ﻛﺮاھﺘﮫ ﻷﻛﻞ اﻟﻀﺐ ،وﻓﻲ ﺣﻜﺎﯾﺔ ﻧﮭﯿﮫ ﻋﻦ ﺗﺄﺑﯿﺮ اﻟﻨﺨﻞ ،أدﻟﺔ ﻟﻤﺎ ذھﺒﻨﺎ إﻟﯿﮫ. ﺛﻢ ھﻮ rﻟﻢ ﯾﺠﻌﻞ طﺒﻌﮫ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ ﺷﺮﻋﺎ ﯾﺘﺒﻊ«.395 اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ: ـ ﻗﺻﺔ اﻟﺻﺣراو اﻟﺗﺎﻣﺎﻧﺎرﺗﻲ اﻟذ رﻓض اﻟﻣﺑﯾت ﻓﻲ اﻟزاو ﺔ اﻹﻟﻐ ﺔ ﻗﺎﺋﻼ» :ﻻ أرﺗﺎح ﻣﻧذ أدﺧﻞ اﻟﻘر ﺣﺗﻰ
أﻏﺎدرﻫﺎ إﻟﻰ ﻓﺳ ﺢ اﻷرض ﺣﯾث ﯾﻬب ﻋﻠﻲ اﻟﻧﺳ م ﻣﻌط ار وأﺳرح أ ﺻﺎر ﻓﻲ ﺳﺎﺋ اﻟﺛر ،وإ ن أردت ﻧوﻣﺎ اﺳﺗﻠﻘﯾت
ﻋﻠﻰ ﺷ ﺢ أﺟﻣﻌﻪ وأﺿﻊ ﺗﺣت رأﺳﻲ ﺣﺟرا ،ﻓﺄﻧﺎم ﻧوﻣﺔ ﻟم ﯾﻧﻣﻬﺎ ﻣﻠك ﻓﻲ أ ﻗﺻر ﻣن اﻟﻘﺻور« ]ص.[108 :
ـ ﻗﺻﺔ اﻟﻔﻘ ﻪ اﻟوادﻧوﻧﻲ اﻟذ زار ﻣراﻛش وﻋﺟز ﻋن ﺗﺣﻣﻞ ﺟوﻫﺎ وراﺋﺣﺔ أزﻗﺗﻬﺎ وﻣراﺣ ﺿﻬﺎ...اﻟﺦ .واﺿطر
إﻟﻰ ﻗﺿﺎء ﻟﯾﻠﺗﻪ ﺧﺎرج أﺳوارﻫﺎ] .ص 108 :ـ.[109
ـ ﻗﺻﺗﻪ ﻓﻲ ﺧروﺟﻪ ﺻﺣ ﺔ ﺻد ﻘ ﻪ اﻟﺗﺎﺟرن ﻣراﻛش :اﻷﺧو ن اﻟﺣﺎج اﻟﻌرﻲ وﺣﻣﺎد ﺑرادة ،إﻟﻰ أوﻻد دﻟ م
ﻓﻲ ﺿ ﺎﻓﺔ أﺣد أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ اﻟذﯾن ﺳﺑ ﻟﻬم ﺳ ﻧﻰ اﻟﺣﺎﺿرة ،و ﯾﻒ ﺗﻌﺟب أخ اﻟﻣﺧﺗﺎر اﻟﺳوﺳﻲ ـ أﺣﻣد ـ ﻣن اﻓﺗﺗﺎﻧﻬﻣﺎ ﺑﺟﻣﻊ اﻷزﻫﺎر ﻓﺄﺳر إﻟ ﻪ ﻗﺎﺋﻼ» :أرأﯾت ﯾﻒ أﻓﻌﺎل اﻟﺻﺑ ﺎن؟ ،وﻫﻞ ﻣ ن ﻟك أن ﺗداﻓﻊ ﻋن أﻫﻞ اﻟﺣﺿر وﻋن ﻋﻘوﻟﻬم ،ﻣﻊ أﻧﻬم ﻻ ﺳﺗﻬﺗرون إﻻ ﻣﺎ ﺳﺗﻬﺗر ﻪ اﻟﺻﺑ ﺎن اﻷﻏرار؟ ،ﻓ ﻧت أﻗول ﻟﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻲ :ﻟﻌﻠك أﯾﻬﺎ اﻷخ ﻣن ﺳدر ﻓﻲ ﻋﻘول اﻟﺻﺑ ﺎن وأﻧت ﻻ ﺗدر ،ﺣﯾن ﻻ ﺗدرك ﺟﻣﺎل اﻟطﺑ ﻌﺔ وﻻ ﺗﻧﻔﻌﻞ ﻷزﻫﺎرﻫﺎ«] .ص.[109 :
ـ ﻗﺻﺔ رﺟﻠﯾن ﻣن وﺟﻬﺎء ﺳوس از ار ﺻد ﻘﺎ ﺳوﺳ ﺎ ﻟﻬﻣﺎ ﻘ م ﻔﺎس ﻓﻘدم ﻓﻲ ﻣﺄد ﺔ »ﺟﻔﻧﺔ ﻣن اﻟﺣﻠزون
اﻟﻣطﺑوخ اﻟذ ﻻ ﯾزال ﻓﻲ أﺻوﻧﺗﻪ .ﻓﻘﺎل أﺣد اﻷﺿ ﺎف ﻵﺧر ﻣﻧﻬم " :ﻞ ﻣﻧﻪ وأﻧﺎ أﻋط ك ﻣﺎﺋﺔ ﷼ اﻵن ،وﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ
ﻣن ﺟﯾ ﻪ ووﺿﻌﻬﺎ أﻣﺎﻣﻪ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻵﺧر :ﻻ وﷲ ،ﻓﻬﻞ ﺗرد أن أﻛون ﺿﺣ ﺔ ﺑﯾن رﺟﺎﻻت ﻗﺑﯾﻠﺗﻲ؟«] .ص.[110 :
ـ ﻗﺻﺔ اﻟﺳﺎﺋﺢ اﻟﻌراﻗﻲ اﻟذ اﻟﺗﻘﻰ ﻪ ﺳﻧﺔ 1347ﻫـ ﻓﻲ اﻟرﺎ » .ﻓﺣ ﻰ ﻟﻧﺎ ﺣ ﺎ ﺎت ﻣ ﺷوﻓﺔ ﻋن "ﻣﺳﻘ "
وﻋن ﻣﺣﻼت زارﻫﺎ ،وﻗد طﺎل ﺑﻧﺎ اﻟﺳﻣر ﻣرة ﻓﻲ ﻧﺎد ،ﻓﺟر ذ ر أﻧواع اﻷطﻌﻣﺔ ،ﻓﺳﺄﻟﻧﺎﻩ ﻋﻣﺎ ﺄﻛﻠون ﻓﻲ ﻼد اﻟﻌراق،
ﻓذ ر اﻟﺿﻔﺎدع ﻣن ﺑﯾن ﻣﺎ ﺄﻛﻠوﻧﻪ ،ﻓﻣﻠت إﻟ ﻪ ﻣﺗﻘز از و ﻧت ﻋﻠ ﻪ أﺟرأ ،ﻓﻘﺎل :ﻣﻬﻼ .أوﻟ س أﻧ م ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ﺗﺄﻛﻠون اﻟﺟراد؟ ﻓﻘﻠت :إﻧﻪ طﯾب .ﻓﻘﺎل :ﻫﻲء ﻟك ﺟرادك ،وﻷﻫﻲء ﻟﻲ ﺿﻔﺎدﻋﻲ ،ﺛم إذا ﻣﺿﻎ ﻞ واﺣد َﻣﺿﻐﺗﻪ ،ﯾﻧظر ذوو اﻷ ﺻﺎر ﻣن ﺳ ﺳﯾﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺛﻧوﻧﻪ وﺳ ﺎﻟﻪ أﺣﻣر ﻟزج ﺄﻧﻪ ﻗ ﺢ ﻣﻣزوج ﺑدم ،واﻟﺷﻔﺎﻩ ﻣن اﻵﻛﻠﯾن ﺄﻧﻬﺎ ﺳروم اﻟ ﻐﺎل ﻓ ﻣﺎ
وﺻﻔﻪ اﺑن اﻟروﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﺷﯾ ﻪ اﻟورد ،ﻓﺎﺳﺗﻠﻘﯾﻧﺎ ﺿﺣ ﺎ ،وﻗد ﻏﻠﺑﻧﺎ ﺑﺗﺻو رﻩ اﻟﻌﺟﯾب« ]ص.[110: 395
( ﻧﻔﺳﻪ.111/2 :
195
ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺸﺨﺼﯿﺘﻲ وطﺒﻌﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﺎرة واﻟﺒﺪاوة ،وﻛﯿﻒ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ«.396 أ( ﻣﺴﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺤﻮاﺿﺮ: »ﻛﻨﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻗﺒﻞُ اﻟﺪواﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﯿﻮﺳﻲ رﺣﻤﮫ ﷲ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﯿﻞ ﺳﻜﻨﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺿﺮة .وﺳﻘﻨﺎ ﻟﻠﻘﺎرئ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ أدرﻛﮫ ﻛﻠﮫ ﺑﺘﻔﺎﺻﯿﻠﮫ .ﻓﻠﻨﺬﻛﺮ اﻵن ﻛﯿﻒ ﻛﻨﺖ أﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮة .وﻛﯿﻒ ﻛﻨﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ .ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻧﺴﻖ اﻟﯿﻮﺳﻲ ،ﻟﺘﺘﺄﺗﻰ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻤﻮازﻧﺔ ﺑﯿﻦ ﺣﺎﻟﺘﯿﻨﺎ ﻣﻌﺎ .ﻛﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪ اﺑﻦ اﻟﻌﻢ ﺣﻔﻈﮫ ﷲ أن ﯾﻮازن ﺑﯿﻨﻨﺎ ،وأن ﯾﺠﻌﻞ ﺣﺎﻟﺘﯿﻨﺎ ﻣﻌﺎ ﺷﺮﻋﺎ وإن ﻛﻨﺖ أﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺷﯿﺌﺎ ﻣﺬﻛﻮرا إزاء اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﮫ اﻟﻄﺎﻓﺢ وﻋﻠﻮ ھﻤﺘﮫ ،وروﺣﮫ اﻟﻘﻮﯾﺔ ،وﻧﻈﺮﺗﮫ اﻟﺼﻮﻓﯿﺔ ،وﺳﻨﮫ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻎ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﯾﻤﯿﻞ ﻓﯿﮫ ﺻﺎﺣﺒﮫ إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ واﻟﻘﻨﺎﻋﺔ .وﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺳﻤﺢ ﻟﻨﻔﺴﻲ أن أﺿﻌﻨﻲ إزاءه ﺑﺄي وﺟﮫ .ﻷن ﻟﻠﯿﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﻧﻈﺮي ـ ﺟﻼﻟﺔ وﻋﻈﻤﺔ ـ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﯾﺘﺬﺑﺬب دوﻧﮭﺎ ﺑﻜﺜﯿﺮ أﻣﺜﺎﻟﻲ ﻣﻤﻦ ﻟﯿﺲ ﻟﮭﻢ إزاءه أي ﺻﻔﺔ ﯾﻤﺘﻮن إﻟﯿﮫ ﺑﮭﺎ، اﻟﻠﮭﻢ إﻻ ھﺬا اﻟﻘﻠﻢ اﻟﺴﯿﺎل اﻟﺬي ﯾﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺮطﺎس ،ﻛﻤﺎ ﻟﮫ ھﻮ أﯾﻀﺎ ﻗﻠﻢ ﯾﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺮطﺎس ،وإن ﻛﺎن ﻣﺎ ﯾﻨﺘﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﻠﻤﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ واﻷﻣﺜﺎل ،وﻧﻮادر اﻷﺷﻌﺎر ،وﻣﺨﺘﻠﻒ اﻵﺛﺎر ،ﯾﺠﻌﻞ ﻗﻠﻤﻲ ﺳُﻜَﯿﺘﺎ ﻓﻲ ﻣﯿﺪان ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﻗﻠﻤﮫ ﻣﺠﻠﯿﺎ ﺣﻘﯿﻘﺔ، وﻛﻢ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﱡﻜَﯿﺖ واﻟﻤُﺠﻠِّﻲ«.397 » ( 1وﻟﺪت ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ وﺳﻠﺨﺖ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ رﺑﯿﻌﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﺮﻓﻨﻲ اﻟﺤﻀﺎرة وأﻋﺮﻓﮭﺎ ،ﻓﻘﺪ دﺧﻠﺖ ﻣﺮاﻛﺶ أول ﻋﺎم 1337ھـ ،ﻓﻲ ﻋﺸﯿﺔ ﯾﻮم]]...ﻣﻦ اﻟﺒﺎب اﻟﺠﺪﯾﺪ ،وھﻮ إذ ذاك ﻛﻤﺎ ﻓﺘﺢ ﺑﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻮات .ﻓﻜﺄن ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻣﺎ ﻓﺘﺢ وھﯿﺊ إﻻ ﻟﯿﺪﺧﻞ ﻣﻨﮫ ﺗﻠﻤﯿﺬ ﺑﺪوي ﻗﺼﯿﺮ اﻟﻨﻈﺮ ،ﺿﯿﻖ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ،ﻋﻠﻰ ﻓﺮس ھﻤﻼج ﻗﻄﻮف ،ﺛﻢ ﻟﯿﺨﺮج ﻣﻨﮫ ﻣﻨﻔﯿﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺘﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺻﺎر أﺳﺘﺎذا ﻣﺘﺤﻀﺮا ،ﯾﻤﺘﺪ ﻧﻈﺮه إﻟﻰ آﻓﺎق وأﺟﻮاء ھﻲ أوﺳﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرﺿﯿﻦ ﺑﻜﺜﯿﺮ، وﯾﺘﺴﻊ ﺗﻔﻜﯿﺮه اﺗﺴﺎﻋﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺣﺪ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺤﺪه ﻣﻘﯿﺎس ،وﻛﺄن اﻟﺴﯿﺎرة اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﺑﮫ رﻣﺰ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ اﻟﯿﻮم ،إن ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﮭﻤﻼج رﻣﺰا ﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ أﻣﺲ] .[...دﺧﻠﺖ ﻣﺮاﻛﺶ وأﻧﺎ ﺳﺎذج ﻻ أﻋﺮف إﻻ ﺑﯿﺌﺔ طﻠﺒﺔ ﺳﻮس ،وإﻻ ﺑﯿﺌﺔ اﻟﻔﻘﺮاء أﺻﺤﺎب واﻟﺪي اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻘﺒﻠﻮن ﻣﻨﻲ رأس اﺑﻦ ﺷﯿﺨﮭﻢ ،ﻋﻠﻰ ﺣﯿﻦ أﻧﮭﻢ ﯾﺪﺳﻮن ﻓﻲ ﯾﺪه ﻣﺎ ﯾﺪﺳﻮن] .[...ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﻤﺾ ﻣﺎ ﯾﻤﻀﻲ ﺣﺘﻰ اﻧﻜﺸﻒ اﻟﺤﺠﺎب ،وﻋﺮﻓﺖ 396 397
( اﻹﻟﻐ ﺎت 100/2 :ـ .135 ( ﻧﻔﺳﻪ.112/2 :
196
أﺟﻮاز اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺎت ،واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ واﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺔ] .[...ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺗﻘﻠﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وأﻣﺎﻧﻲ ﻛﻞ ﻗﻮﻣﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﯿﺎت اﻟﺜﺎﺋﺮة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر، ودرﺳﺖ اﻟﻐﺎﺑﺮ ﻣﻨﮭﺎ واﻟﺤﺎﺿﺮ ،ﻓﺤﯿﯿﺖ ﻣﻨﻲ أﻣﺎﻧﻲ ،واﻧﺒﻌﺜﺖ ﺣﯿﻮﯾﺎت ،ﻓﺘﻔﺘﺤﺖ أﻣﺎﻣﻲ ﻣﻐﺎﻟﯿﻖ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﻔﺘﺢ ﻟﻲ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ،وإن ﻗﺘﻠﺖ ﻋﻠﻮم اﻟﻔﻘﮫ واﻟﻨﺤﻮ واﻟﻔﺮاﺋﺾ واﻷدب اﻟﺘﻲ ﯾﺪرﺳﮭﺎ اﻹﻟﻐﯿﻮن وﻣﻦ إﻟﯿﮭﻢ ﺑﺤﺜﺎ .وإذ ذاك ﺻﺢ ﻓﻲّ ﻣﻊ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﻣﺠﻨﻮن ﻟﯿﻠﻰ: أﺗـﺎﻧﻲ ھﻮاھـﺎ ﻗﺒﻞ أن أﻋـﺮف اﻟﮭـﻮى
ﻓـﺼـﺎدف ﻗـﻠـﺒﺎ ﺧﺎﻟـﯿﺎ ﻓـﺘـﻤﻜـﻨـﺎ
ﺛﻢ ظﮭﺮ أن اﻟﻄﺒﻊ اﻟﺬي ارﺗﻜﺰ ﻓﻲ ﺟﺒﻠﺘﻲ ﻻ ﯾﻮاﻓﻘﮫ إﻻ اﻟﺤﻀﺮ ،وأن اﻟﺒﺪاوة ﻣﻨﻲ وﻣﻦ ﺳﺠﺎﯾﺎي ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺪرﻛﺎت ﻣﻦ ﻣﺠﺎري اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺜﻮاﻗﺐ] .[...وﺑﯿﻨﻤﺎ أﻧﺎ أﺳﺒﺢ ﻓﯿﻤﺎ أﻧﺎ ﻓﯿﮫ ،إذ ﺟﺎء اﻟﺸﯿﺦ أﺑﻮ ﺷﻌﯿﺐ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ ﻋﺎم 1342ھـ إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺶ ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻮﻻي ﯾﻮﺳﻒ ،ﻓﺘﺠﺪدت آراء ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﺴﮫ واﺳﺘﺤﺪﺛﺖ أﻓﻜﺎر ،واﻧﺘﺴﻔﺖ ﻣﻌﺘﻘﺪات ،ﻓﺪﺑﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ أﺟﻠﻰ ﻣﻈﺎھﺮھﺎ ،ﻓﺼﺎر ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﺮ ﯾُﺴﺘﺤﻠﻰ ﻓﻲ طﻠﺐ اﻟﻤﻌﺎرف ،ﻓﻘﻠﺖ إﻣﺎ اﻟﻤﻌﺎرف وإﻣﺎ اﻟﻘﺒﺮ«.398 » ( 2ﺛﻢ ﺑﻘﯿﺖ أﯾﻀﺎ ﻓﻲ )ﻓﺎس( ﻣﺎ ﺷﺎء ﷲ ،وأﻧﺎ أﺣﺎول أن أﻋﯿﺪ اﻟﺘﺤﺼﻦ ﻧﺤﻮ اﻟﻔﺎﺳﯿﯿﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺣﺎوﻟﺘﮫ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺮاﻛﺸﯿﯿﻦ] .[...ﻛﺎن ﻣﺠﻠﺲ ﺷﯿﺨﻨﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﯿﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﻠﻮي ﻣﺠﻤﻊ ذوي اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻘﺮوﯾﯿﻦّ ،ﻓﻜﻨﺖ أﺳﺮد ﻋﻠﯿﮫ )ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻤﺒﺮد( و)ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﺤﺮﯾﺮي( وأذﻛﺮ أن أول ﻣﺎ رأﯾﺖ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺸﺒﺎب ﻛﺎن إﺛﺮ ﻗﯿﺎﻣﻨﺎ ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت] .[...وھﻨﺎك ﻋﺮﻓﺖ أﺑﻨﺎء ﻓﺎس اﻟﻜﺮام][...ﻓﺄﻛﺒﺮوﻧﻲ إﻛﺒﺎرا اﺳﺘﺮﻗﻮﻧﻲ ﺑﮫ .وأﺷﮭﺪ أﻧﻨﻲ ﻋﺎﺷﺮﺗﮭﻢ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات، ﻓﻜﻨﺖ داﺋﻤﺎ ﻣﻮﺿﻊ إﺟﻼﻟﮭﻢ واﺣﺘﺮاﻣﮭﻢ ،ﻷﻧﻨﻲ أﻋﺮف ﻟﮭﻢ داﺋﻤﺎ ﻣﺮﻛﺰھﻢ وﺗﻔﻮﻗﮭﻢ، ﻓﺎﻧﻘﻄﻌﺖ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﺷﺮﺗﮭﻢ] [...ﻓﻘﺪ آﻧﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﻘﻮم ﻣﻦ اﻷﺧﻼق واﻟﻌﻔﺔ واﻟﻨﺰاھﺔ واﻟﻜﺮم إﻟﻰ ﺣﺪ اﻹﯾﺜﺎر ،ﻣﺎ أﺷﮭﺪ ﺑﮫ ،ﺣﺘﻰ ﻛﻨﺖ أطﺮﻗﮭﻢ ﻓﻲ دﯾﺎرھﻢ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ اﺳﺘﺌﺬان ،ﻓﺄُﻟﻘﻰ ﺑﻜﻞ ﺗﺠﻠﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﮭﻢ أﯾﻀﺎ ﯾﺘﺨﺬون ﺑﯿﺘﻲ ﻓﻲ )اﻟﺒﻮﻋﻨﺎﻧﯿﺔ( ﻛﻨﺪوة ﯾﻨﺘﺎﺑﻮﻧﮭﺎ ﻣﺘﻰ طﻠﻌﻮا إﻟﻰ اﻟﻄﺎﻟﻌﺔ ﻛﻞ ﻋﺸﯿﺔ] [...وﻛﻢ ﻣﺮ ﻟﻨﺎ ھﻨﺎك ﻓﻲ ﺑﯿﺘﻲ ﻣﻦ أﺣﺎدﯾﺚ ،وﻣﻨﺎظﺮات وﻣﺤﺎورات وﺧﻄﺐ وﻏﯿﺮھﺎ«.399 » ( 3ﺛﻢ ﺣﻠﻠﺖ ﺑـ)اﻟﺮﺑﺎط( وﻣﺎ أدراك ﻣﺎ )اﻟﺮﺑﺎط( ،اﻟﺮﺑﺎط اﻟﺬي ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﮫ اﻟﻘﻠﻮب ،وﺗﻨﺘﺸﺐ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﻣﻮﻗﻌﮫ وھﻨﺪاﻣﮫ اﻟﻌﯿﻮن ،ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﯿﺘﮭﺎ ھﻨﺎك 398 399
( ﻧﻔﺳﻪ 113/2 :ـ .114 ( ﻧﻔﺳﻪ 114/2 :ـ .115
197
ﻛﺴﻨﺔ اﻟﻌﺮوس ﻓﻲ ﻣﺘﻌﺘﮭﺎ ،ﻋﻠﻮم وﻣﻄﺎﻟﻌﺎت وﻓﻮاﺋﺪ ،واﺣﺘﺮاﻣﺎت وإﻛﺒﺎرات].[... ﻓﮭﺬه دروس ﺷﯿﺨﻨﺎ ﺳﯿﺪي اﻟﻤﺪﻧﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻨﻲ ﻣﺘﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﺘﻊ اﻟﻔﻜﺮ ،وﺗﻠﻚ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺪﻛﺎﻟﻲ اﻟﺸﯿﺦ اﻷﻛﺒﺮ ،ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﮭﻲ اﻷﻧﻔﺲ وﺗﻠﺬ اﻷﻋﯿﻦ .وﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮭﺎ ﻣﺬاﻛﺮات اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺴﺎﺋﺢ اﻟﺬي ﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ أطﺮﻗﮫ ﻛﻞ ﯾﻮم .وﺑﯿﻦ ذﻟﻚ ﻣﻄﺎﻟﻌﺎت ﻓﻲ ﻛﺘﺐٍ ﻧﻮادر، ﺗﻤﺪﻧﻲ ﺑﮭﺎ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ،واﻟﻤﻄﺎﺑﻊ اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻲ إﻟﯿﻨﺎ ﻏﻮاﻟﻲ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت ﺗﺘﺮى .وأﻣﺎ اﻟﻤﺠﻼت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻓﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺮ وﻻ ﺣﺮج .ﺛﻢ ﻧﺰه أﺑﻲ رﻗﺮاق ،وﺿﻔﺎف اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻔﺴﯿﺤﺔ .وﻣﻨﺘﺪﯾﺎت اﻷﺳﻤﺎر ﻋﻨﺪ ﺷﯿﺨﻨﺎ ﺳﯿﺪي اﻟﻤﺪﻧﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻨﻲ وﻏﯿﺮه] .[...ﺑﺬﻟﻚ اﻧﻘﻀﺖ ﺳﻨﺔ ﻻ أدري أﯾﻤﻜﻦ ﻟﻲ أن أﺳﺘﻌﯿﺪ ﻣﺜﻠﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﯿﺎة أم ﻧﻨﺘﻈﺮھﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﺮدوس«.400 » ( 4ﺛﻢ ﺳﺒﻖ اﻟﻘﺪر أن أﻣﺜﻞ دور اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ )اﻟﺤﻤﺮاء( ﻋﻦ ﻏﯿﺮ ﻧﯿﺔ ﻟﻲ ﺳﺎﺑﻘﺔ] .[...ﻧﺰﻟﺖ )اﻟﺤﻤﺮاء( وأﻧﺎ ﻻ أدري ﻣﺎ أﺻﻨﻊ وإﻧﻤﺎ اﻟﺬي ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻲّ وأﺛﺮ ﻓﻲّ ﺗﺄﺛﯿﺮا ﺷﺪﯾﺪا ،ﺗﺨﻠﻔﻲ ﻋﻦ ﺣﻠﺒﺘﻲ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑـ)ﻣﺼﺮ( ﺗﺴﺘﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﻌﯿﻨﮭﺎ].[... وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﻤﺾ ﻟﻲ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ )ﻣﺮاﻛﺶ( ﺣﺘﻰ ﺗﻤﮭﺪت ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﻠﻢ ﺧﺒﺮھﺎ ﻛﻞ أﺣﺪ ،ﺣﯿﻦ ﻗﺪﻣﺘﻨﻲ اﻷﻗﺪار أﺳﺘﺎذا ،وأﻧﺎ أُﻧﺸِﺪ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ ﻧﻔﺴﻲ: ﺧﻠـﺖ اﻟـﺪﯾـﺎر ﻓﺴـﺪت ﻏـﯿﺮ ﻣﺴـﻮد
وﻣـﻦ اﻟﻌـﻨﺎء ﺗـﻔـﺮدي ﺑـﺎﻟﺴـﺆدد
][...ﺻﺎدﻓﺖ ﻓﻲ )اﻟﺤﻤﺮاء( ﻧﻔﻮﺳﺎ طﯿﺒﺔ ،وﻟﺪات ﻻ ﺗﻌﺮف إﻻ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺎدﯾﻦ وﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻟﻠﺤﺴﺪ ذﻛﺮ ﻓﻲ ﻗﺎﻣﻮﺳﮭﺎ ،ﻓﺘﺴﺎﺑﻘﻨﺎ ﻣﺘﺴﺎﻧﺪﯾﻦ ،وأﻗﺒﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻮض اﻟﻤﻌﺎرف ﻣﺒﺘﮭﺠﯿﻦ].[...ﻓﻠﻢ ﯾﻤﺾ إﻻ ﻗﻠﯿﻞ ﺣﺘﻰ ﻛﺎن ھﺆﻻء )اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺠﺪد( ـ ﻛﻤﺎ ﯾﺴﻤﯿﮭﻢ ﺑﻌﺾ ﻛﺒﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻨﯿﻦ ـ ﯾﺸﻘﻮن طﺮﯾﻘﮭﻢ ﻓﻲ )ﻣﺮاﻛﺶ(] .[...ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﻤﺪارس ﺗﺆﺳﺲ ﺑﮭﻢ ،واﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﻜﺒﺎر ﺗﻔﺘﺢ أﺑﻮاﺑﮭﺎ أﻣﺎﻣﮭﻢ ﻟﺪروﺳﮭﻢ اﻟﻌﺎﻣﺔ «.401 » ( 5وﻓﻲ ﻋﺎم 1350ھـ اﺷﺘﺪت رﻏﺒﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺰواج ،وﻗﺪ ﻋﺮض ﻋﻠﻲّ ﺷﯿﺦ ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﺷﯿﻮﺧﻲ ﺑﻨﺘﮫ 402ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻣﻦ أراه ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺻﺤﯿﻦ .ﻛﻤﺎ ﻋﺮض ﻛﺜﯿﺮون ﻏﯿﺮه ﺑﻨﺎﺗﮭﻢ .ﺣﺘﻰ ﻛﺪت أن أﻗﺘﺮن ﺑﺒﻨﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺳﯿﺎت ،وﺑﺄﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻛﺸﯿﺎت] .[...وﻟﻤﺎ ﻓﻲّ ﻣﻦ اﻷﻧﻔﺔ أﻋﺮﺿﺖ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ إﻋﺮاﺿﺎ ﻷﻧﻨﻲ أوﻻ ﻻ أرى أن اﻟﻤﺠﺪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺆﺳﺴﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻨﻔﺴﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﺤﻖ أن ﯾﻜﻮن ﻣﺠﺪا 400 401 402
( ﻧﻔﺳﻪ.115/2 :
( ﻧﻔﺳﻪ 115/2 :ـ.116
( ﻫو اﻟﺷﯾﺦ أﺑوﺷﻌﯾب اﻟد ﺎﻟﻲ و ﺎن ﺣﯾﻧﺋذ وز ار ﻟﻠﻌدل )ﻧﻘﻼ ﻋن ﺻد ﻘﻪ ﻣوﻻ
أﺧﺑرﻧﻲ ذﻟك أن واﻟدﻩ ﻋرض ﻋﻠﻰ اﻟﺳوﺳﻲ أن ﯾزوﺟﻪ ﺑﻧﺗﻪ(.
198
أﺣﻣد اﻟﻣﻧﺟرة رﺣﻣﻪ ﷲ اﻟذ
ﻣﺤﻘﻘﺎ] .[...وﺛﺎﻧﯿﺎ إن ﻓﻲ ﺣﻠﻘﻰ ﺣﺰوﻧﺔ ﺗﻜﻮن ﺷﺪﯾﺪة أﺣﯿﺎﻧﺎ .وﻻ أﺣﺴﺐ أن ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﯾﻌﺮﺿﻦ ﻋﻠﻲّ ﯾﺼﺒﺮن ﻟﻲ] .[...وأﻧﺎ واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻢ أﺳﺘﮭﺘﺮ ﺑﻤﺘﻊ اﻟﺤﻀﺎرة وﻻ ﻛﺎن ﻣﻨﻲ ﺗﺸﻮف ﺷﺪﯾﺪ إﻟﯿﮭﺎ .وﻛﻞ ﻣﺎ أﺗﻤﻨﻰ أن أﺟﺪ اﻟﺮاﺣﺔ وﻓﺮاغ اﻟﺒﺎل وﻣﻦ ﻻ ﯾﻌﺎﻛﺴﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ ،وﻻ ﯾﻔﺴﺪ ﻋﻠﻲﱠ ﺣﺮﯾﺘﻲ] .[...اﻗﺘﺮﻧﺖ ﻓﺤﺎوﻟﺖ أن أﺑﻘﻰ ﺑﺪوﯾﺎ ﻻ ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﺎرة إﻻ ﺑﻤﻘﺪار] .[...وﻗﺪ ﺗﯿﺴﺮ ﻟﻲ ﻣﺴﻜﻦ إزاء اﻟﺰاوﯾﺔ ﻓﻲ )اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ( ،ﻓﺄﻣﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﺮﯾﺢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺸﺘﻜﻲ ﻣﻨﮫ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﻓﺎس ﻓﻼ أﺳﻤﻊ ﻣﻘﺘﺮﺣﺎ ،ﻓﻼ )ﺷﻮف اﻟﻠﺤﻢ( وﻻ )ﺷﻮف اﻟﺤﻮت( وﻻ )ﺷﻮف اﻟﺰﻋﻔﺮان( ﯾﻠﺞ أذﻧﻲ.ﻧﻘﻨﻊ ﺑﺨﺒﺰ اﻟﺸﻌﯿﺮ ،واﻟﺰﯾﺖ ﻣﻊ اﻟﺨﻀﺮ .وﺑﻤﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﻜﺲ .وﻣﺘﻰ ﺗﯿﺴﺮ ﻟﺤﻢ ﻓﺬاك .وﻛﺎن اﻟﺨﯿﺮ ـ ﺑﺤﻤﺪ ﷲ ـ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻣﻄﺮدا ] .[...وأﻣﺎ ﺳﻜﺎن ﺣﺎرة )ﺑﺎب دﻛﺎﻟﺔ( ﺑـ)ﻣﺮاﻛﺶ( اﻟﺘﻲ ﻧﺴﻜﻨﮭﺎ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻠﻘﻰ ﻣﻨﮭﻢ وﻣﻦ رؤﺳﺎﺋﮭﻢ وأﻋﯿﺎﻧﮭﻢ ﻛﻞ ﺗﺠﻠﺔ وإﻛﺮام .ﺑﻤﺎ ﯾﻈﮭﺮون ﻟﻨﺎ ﺑﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ .وﻟﻢ ﯾﻜﻦ أھﻞ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻛﺄھﻞ اﻟﺒﺎدﯾﺔ. ﯾﺘﺘﺒﻌﻮن اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﯾﺮوﻧﮫ] .[...ﻓﻼ ﻣﻀﺎﯾﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻤﻠﺤﻔﺔ ﻛﻤﺎ وﺟﺪﻧﺎه ھﻨﺎ ﻓﻲ )إﻟﻎ( .وﻗﺪ ﺟﺎورﻧﺎ إﻧﺴﺎن ﺟﺪارا ﺑﺠﺪار .ﻓﻠﻢ ﻧﺮ ﻣﻨﮫ أدﻧﻰ ﺗﻨﻐﯿﺺ ﻣﻊ اﻛﺘﻀﺎض اﻟﺰاوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻄﻠﺒﺔ وﺑﺎﻟﻮاردﯾﻦ .ﻣﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ أن ﯾﺤﺪث ﻣﻌﮫ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺤﻤﺪ ﻋﺎدة ﻋﻨﺪ اﻟﺠﯿﺮان][... ھﻜﺬا ﺟﻠﻠﺘﻨﺎ اﻻﺣﺘﺮاﻣﺎت ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﯿﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻠﺪات ﯾﺰوروﻧﻨﺎ وﻧﺰورھﻢ ،وﻻ ﻧﺘﺒﺎدل إﻻ ﺻﻔﺎء وإﺧﻼﺻﺎ ،ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻧﻌﻠﻢ ظﺎھﺮه وﺑﺎطﻨﮫ ،وﺑﻌﻀﮭﻢ ﻧﻘﺒﻞ ظﺎھﺮه وﻻ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺎطﻨﮫ] [...ﻓﻼ ﯾﻄﺮﻗﻨﺎ ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم اﻟﺠﺎرح اﻟﺬي ﯾﺼﻞ اﻟﻌﻈﻢ ﺷﻲء ،ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﺻﺪرت ﻓﻤﺴﺖ اﻟﺠﻠﺪ ﻓﻼ ﺑﺄس] [...واﻟﻤﺪاراة 403 ﺗﺠﺒﺮ اﻟﻜﺴﺮ ،وﺗﻤﺴﺢ ﻋﻦ اﻟﻘﻠﻮب ﻣﺎ رﺑﻤﺎ ﯾﻠﻢ ﺑﮭﺎ .وﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﺤﺒﺔ« » (6إﯾﮫ ﻧﺴﯿﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﯿﺎة اﻷدﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﺑﺄﯾﺪﯾﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎوات ﺑﺄﺧﯿﻠﺘﮭﺎ. ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﺮاء ﻏﺮﯾﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻤﺪروﺳﺔ ،وﺧﺼﻮﺻﺎ اﻟﻔﻘﮫ واﻟﺤﺪﯾﺚ واﻷﺻﻮل ،ﻓﻨﺴﯿﺖ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺨﻮض ﻓﻲ ﺑﺤﻮره ،واﻧﺘﻘﺎء ﺟﻮاھﺮه ودرره .إﻟﻰ أن اﺗﺼﻞ ﺑﻨﺎ اﻷدﯾﺐ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﻮﻧﻌﻤﺎﻧﻲ ،ﻓﺘﺒﺪﻟﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﯿﺎة ،وأﻋﺎدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﯿﺎة اﻷدﺑﯿﺔ] .[...إﻟﻰ أن ﻧﺒﻎ ﻋﻨﺪﻧﺎ أﻓﺮاد ﻛﺎﻟﺤﺴﻦ اﻟﺘﻨﺎﻧﻲ وﻣﺤﻤﺪ اﻵﺳﻔﻲ وإﺑﺮاھﯿﻢ اﻹﻟﻐﻲ وآﺧﺮون زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻟﻤﺮاﻛﺸﯿﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺘﺎﺑﻮﻧﻨﺎ ،ﻛﻤﻮﻻي أﺣﻤﺪ اﻟﻨﻮر وﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ ﺣﺴﻦ .ﻓﺘﻜﻮن ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻧﺎد أدﺑﻲ ،ﻓﺎﺑﺘﮭﺠﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﻤﺮاء وﺑﻨﮭﻀﺘﮭﺎ 403
( ﻧﻔﺳﻪ 118/2 :ـ .119
199
اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ،ﻓﺘﺄﺗﻰ ﺑﺬﻟﻚ أن أراﺟﻊ ﻣﻨﺎﻏﺎة رﺑﺔ اﻟﺸﻌﺮ ،وأن ﺗﺼﺪر ﻋﻨﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ وﻣﻘﻄﻌﺎت ،ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻣﺠﻤﻮع ﻓﻲ دﻓﺘﺮ)اﻟﺮﻣﯿﻠﯿﺎت(«.404 » (7ھﺬا ،وأﻧﺎ أﺣﺮث ﺧﺎرج )اﻟﺤﻤﺮاء( ،ﻓﯿﻤﺪﻧﺎ ذﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﻧﺘﺮﻣﻖ ﺑﮫ وﻧﺘﺒﻠﻎ. ﻓﻘﺪ ﺗﮭﯿﺄ اﻟﻤﺴﻜﻦ اﻟﺬي ﻧﺒﻨﯿﮫ وأﺷﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎم ،ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻻﻗﯿﻨﺎ ﻣﻨﮫ ﻋﺮق اﻟﻘﺮﺑﺔ. وﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ إﻧﻤﺎ ﻧﺆﺳﺲ ﻟﻨﻮطﺪ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ أﺳﺎﺳﺎ ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﺎرة ،وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﻧﺤﺮص ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﺑﺴﺎطﺔ اﻟﺒﺪاوة .ﻓﻌﺸﻨﺎ ﺣﯿﺎة ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻋﻠﻤﯿﺔ أدﺑﯿﺔ اﺣﺘﺮاﻓﯿﺔ ،ﺗﻌﻠﻤﯿﺔ ﺗﻌﻠﯿﻤﯿﺔ ،ﯾﻌﻠﻮھﺎ ﺷﺒﮫ ﻧﻈﺎم ،وﻧﺤﻦ ﻧﺴﻌﻰ طﺎﻗﺘﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﺎم] .[...ﻓﻨﻘﻨﻊ ﺑﻤﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء][...ﻻ ﻧﺘﺸﻮف ﻻ إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ،وﻻ إﻟﻰ وظﯿﻔﺔ ـ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻌﻠﻤﮫ ﻓﻲ أﻧﻔﺴﻨﺎ ،وھﻮ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﯾﻌﻠﻤﮫ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺨﺎﻟﻄﻨﺎ ـ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﺎﻧﻊ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻮظﺎﺋﻒ ھﻮ اﻟﺰھﺪ اﻟﻌﺎدي ﻓﯿﮭﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،أو ﻋﺪم ﺗﯿﺴﺮھﺎ ،ﺑﻞ ﻧﺘﺤﺎﺷﺎھﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ واﻋﺘﻘﺎد .ﻓﻨﺮﺑﺄ ـ واﻟﺤﻤﺪ ـ ﺑﻨﻔﺴﻨﺎ ﻋﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻓﻲ ﺳﻠﻚ ﻧﻈﺎم ﻓﺎﺳﺪ ﯾﺮأﺳﮫ اﻟﻤﺤﺘﻞ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ،وﯾﺴﻮﺳﮫ ﺿﺪ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻮطﻦ اﻟﻌﻠﯿﺎ .ﻓﻜﺎن ھﻤﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻌﯿﺶ ﻛﯿﻔﻤﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻨﮫ ،إﻟﻰ أن ﯾﻔﺮج ﷲ ﻣﻨﮫ .ﻓﻜﺎﻧﺖ )ﻣﺮاﻛﺶ( ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺟﻨﺔ اﻟﻤﺄوى .وإن ﻋﺪوﻧﺎھﺎ ﺑﺴﻔﺮة ﻓﺨﻄﻮﻧﺎ إﻟﻰ )آﺳﻔﻲ( أو )اﻟﺠﺪﯾﺪة( أو )اﻟﺒﯿﻀﺎء( أو )اﻟﺮﺑﺎط( أو )ﻣﻜﻨﺎس( أو )ﻓﺎس( .ﻧﻼﻗﻲ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان اﻟﺤﻀﺮﯾﯿﻦ ،ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪﻧﺎ ﻏﺒﻄﺔ ﺑﺄن اﻟﺤﻀﺎرة ﻣﻨﺒﻊ اﻟﺤﯿﺎة ،وﻣﺮآة اﻷﺧﻼق ،وﻣﮭﺒﻂ اﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ ،وﻣﻄﻠﻊ اﻹﺧﻼص واﻟﺼﻔﺎء].[... ذﻟﻚ ﻣﺠﻤﻞ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮة ،وذﻟﻚ ﻣﺎ ﻗﯿﺪﺗﻨﺎ ﺑﮫ ﻗﯿﻮدھﺎ .ﺣﺘﻰ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﯿﻦ .وأﻣﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻌﺎب واﻟﻤﻼھﻲ ،وﻗﺘﻞ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺮھﺎت وﻓﻲ اﻟﺴﻔﺎﺳﻒ ،ﻣﻤﺎ ﺗﻤﻮج ﺑﮫ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺴﺎﻓﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻮاﺿﺮ .ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻟﺬي ﻗﺘﻞ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،وأﺣﯿﺎ اﻟﺮذاﺋﻞ ،ﻓﺈن اﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺗﺤﻮل داﺋﻤﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ وﺑﯿﻦ أھﻠﮭﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﷲ وﻋﻮﻧﮫ .وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﯿﺎة ﺷﯿﺌﺎ«.405 404
( ﻧﻔﺳﻪ.120/2 :
( 405ﻧﻔﺳﻪ 120/2 :ـ .121وﻗد أورد ﻗﺻﺔ أﯾد ﺑﻬﺎ وﺿﻌﯾﺗﻪ ﻓﻘﺎل» :ﻫﻧﺎﻟك ﺣ ﺎ ﺔ ﻧت ﺳﻣﻌت ﺑﻬﺎ ﻋن أﺣد اﻟﺳوﺳﯾﯾن ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ،ﺣﺿر ﻋﻧدﻩ رﺟﻼن رﺟﻌﺎ ﻣن )ﻣراﻛش( ﻓﺄﺧذ ﺳﺄﻟﻬﻣﺎ ﻋﻧﻬﺎ .ﻓﻘﺎل أﺣدﻫﻣﺎ :ﻫﻧﺎﻟك اﻟدﯾن واﻟﻌﻠم .وﺻﺎر ﯾذ ر ﻟﻪ ﻣﺎ رآﻩ ﻣن ﻣﺟﺎﻟس اﻟﻌﻠم ،واﻣﺗﻼء اﻟﺻﻔوف ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺟد ،ووﺟوﻩ أﻫﻞ اﻟﺧﯾر ﻓﻲ ﻞ ﻣ ﺎن .ﺛم أﺧﺑرﻩ اﻵﺧر ﺄن ﺗﻠك اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣ ﺎءة ﻟﻠﻔﺟور ،وﻣﺣﻞ ﺗرك اﻟدﯾن ،واﻟﺟﻬﻞ واﻟﻣﻬﺎرﺷﺔ ،واﻟﺗﻛﻠم ﻔﺣش اﻟﻛﻼم ،وأﻧﻪ ﻟ س ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﯾ ﺎﻟﻲ
ﻻ ﻌﻠم وﻻ ﺑدﯾن وﻻ ﺣ ﺎء .ﻓﻘﺎل ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺳوﺳﻲ :إن ﻞ واﺣد ﻣن اﻟرﺟﻠﯾن ﻗد ﺻدق .وﻗد ﻋﺑر ﻋﻣﺎ ﻌرف ،وﻋﻣﺎ اﻋﺗﺎد زﺎرﺗﻪ«
200
ب( ﺣﺎﻟﮫ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ: » (1ذﻟﻚ ﻣﺎ رأﯾﻨﺎه ﻓﻲ )ﻣﺮاﻛﺶ(،وأﻣﺎ اﻟﺬي ﻧﺮاه ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻨﺎﺋﯿﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﺮان ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ زﻣﻦ آﺑﺎﺋﻨﺎ رﺣﻤﮭﻢ ﷲ ،ﻓﮭﻮ أﻧﮫ ﻗﺪ ﺗﺒﺪل ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻋﻤﺎ ﻋﮭﺪﻧﺎه ،ﻓﺬھﺐ اﻟﺤﯿﺎء ،وذوى اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺠﺪ ،وﻛﺎد اﻟﺪﯾﻦ ﯾﻀﻤﺤﻞ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺄوى ﻟﮫ ،وﻣﺤﻂ رﺣﺎل طﺎﻟﺒﯿﮫ ،ﻓﺎﻧﻄﻔﺄ اﻟﺠﻤﺮ وﺑﻘﻲ اﻟﺮﻣﺎد .ﻓﻘﺪ ﻋﻤﺖ اﻟﻤﻨﻜﺮات ،وﻗﺎﻣﺖ اﻟﻤﻼھﻲ وﻣﺠﺎﻟﺴﮭﺎ ﻣﻘﺎم ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺬﻛﺮ ،وﻟﻢ ﯾﻨﺞ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻻ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﯿﻞ .وھﻢ ظﺎھﺮون ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ. ﻧﺰﻟﺖ ھﻨﺎ ،ﻓﺄول ﻣﺎ ﻻﺣﻈﺖ أﻧﻨﻲ إن أردت أن ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻲ أن أﺗﻜﻠﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ أﻓﺮاد ﻣﻤﻦ أﻟﻘﺎھﻢ ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻲ أن أﻣﺜﻞ دور ﻣﻠﯿﻚ ووزﯾﺮه ﯾﺬﻛﺮان ﻓﻲ ﺣﻜﺎﯾﺔ [...].406ﻓﺼﺮت أﺳﻜﺖ أﺣﯿﺎﻧﺎ ،وھﻮ اﻟﻐﺎﻟﺐ ،إن رأﯾﺖ إﺳﻔﺎﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ، وأﺣﯿﺎﻧﺎ أورد ﻣﺎ أورد ﻓﻲ ﺻﻮرة اﻟﺘﺸﻜﯿﻚ ،وأﺣﯿﺎﻧﺎ أﺿﻄﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﺎراة ،أﻓﻌﻞ ھﺬا وذاك ،وأﻧﺎ أﻋﺬر ﻣﻦ ھﻢ أﻣﺎﻣﻲ ،ﻷن ﺑﺪاوﺗﮭﻢ ﻋﻲ اﻟﺘﻲ أﻣﻠﺖ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﺬاﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ،أو ﻋﺪم اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت .وﻟﻢ أﻛﻦ إﻻ واﺣﺪا ﻣﻨﮭﻢ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺠﻠﻮﻧﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﺑﻌﻠﻮﻣﮭﺎ].[... ﺛﻢ إﻧﻨﻲ ﻧﺰﻟﺖ ھﻨﺎ ﻓﺎرغ اﻟﺠﯿﺐ .ﺣﺘﻰ إﻧﻨﻲ ﻗﻀﯿﺖ ﺷﮭﺮا أو أﻛﺜﺮ وﻻ ﻓﻠﺲ ﻓﻲ ﻛﯿﺴﻲ ،ﺣﺘﻰ زارﺗﻨﻰ ﻧﻔﺤﺔ ﺑﯿﻀﺎوﯾﺔ أوﻻ ﺛﻢ ﺣﻤﺮاوﯾﺔ ،ﻓﺰارﺗﻨﻲ اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ«.407 » (2إن ﯾﻜﻦ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﯿﻮﺳﻲ طﺎﺑﺖ ﻟﮫ اﻟﺒﺪاوة اﻟﺘﻲ وﺻﻔﮭﺎ ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﻣﻦ ﺟﺮي ﺳﺎﻗﯿﺘﯿﻦ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﺪار ،وﻣﻦ ﺗﯿﺴﺮ اﻟﻤﺌﻮﻧﺔ ،وﺣﻀﻮر اﻟﺒﻘﻮﻟﺔ ﺣﯿﺚ ﺗﺘﻨﺎوﻟﮭﺎ اﻷﯾﺪي .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻟﮫ ﺑﻤﺜﻞ اﻟﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮھﺎ ،ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﯾﺮى اﻟﻘﺎريء ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺴﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻋﻨﺪي ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻣﺤﺘﻀﺮ ،وﻛﻞ ﺷﻲء ﻋﻨﺪي ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ﺑﻌﯿﺪ اﻟﻤﺘﻨﺎول .وﻗﺪ ﺻﺮت ﻛﻼ ﻋﻠﻰ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﺎ ﺷﺎء ﷲ ].[... 406
( ﺳﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﺣ ﺎ ﺔ ﻣن ﺷﯾﺧﻪ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺳﯾد
ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﻌرﻲ اﻟﻌﻠو .وﻣﻠﺧﺻﻬﺎ » :أن ﻣﻠﻛﺎ ووز رﻩ ﺎﻧﺎ
ﺣ ﻣﯾن ﻣﻧﺟﻣﯾن ،ﻓﺎطﻠﻌﺎ ﻌﻠﻣﻬﻣﺎ أﻧﻪ ﻓﻲ وﻗت ﻣﻌﯾن ﻋﻧدﻫﻣﺎ ﺳﯾﻧزل ﻣطر ،وأن ﻞ ﻣن ﺷرب ﻣﻧﻪ ] [...ﺳ ﻔﻘد ﻣ ﺔ ﺑﯾرة ﻣن ﺗﻌﻘﻠﻪ ] [...ﻓﺎدﺧ ار ﻣن اﻟﻣﺎء اﻟﻧﻘﻲ ﻣﻘدار ﻣﺎ ﻔﯾﻬﻣﺎ ﻟﺋﻼ ﺻﺎ ﺎ ﻣﺎ ﺳ ﺻﺎب ﻪ اﻟﻧﺎس .ﺛم ﻟﻣﺎ ﻧزل اﻟﻣطر
وﺗﻧﺎول ﻣﻧﻪ ﻞ اﻟﻧﺎس ،ﺻﺎر اﻻﺧﺗﻼف ظﻬر ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ و ﯾن ﻘ ﺔ أﻓراد رﻋﯾﺗﻬﻣﺎ .وأﺧذ اﻟﻧﺎس ﯾﺗﺣدﺛون ﺄن ﻋﻘﻞ اﻟﻣﻠك
واﻟوزر ﻟ ﺳﺎ ﻌﻘول اﻟﻧﺎس] .[...ﺣﺗﻰ أﺟﻣﻌوا ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﻠك واﻟوزر] [...ﻻ ﺑد ﻣن ﺧﻠﻌﻬﻣﺎ] .[...ﻓﻠﻣﺎ أر اﻟﻣﻠك واﻟوزر ذﻟك ،ﻗﺎل اﻟﻣﻠك ﻟوز رﻩ :ﻟﻧﺷرب ﻣن ﻣﺎء اﻟﻧﺎس ﻟ ﻣ ن ﻟﻧﺎ ﻣﻌﺎﺷرة اﻟﻧﺎس« ]ص.[122 : 407
( ﻧﻔﺳﻪ 122/2 :ـ .124
201
وﻟﻜﻦ اﻟﺴﯿﺪة اﻟﺤﻀﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻔﺖ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﯿﻠﺔ ﺑﻤﺮاﻛﺶ ﻣﺎ أﻟﻔﺖ ،ﺛﻢ ﻋﺎدت إﻟﻰ ﺣﯿﺎة اﻟﺒﺎدﯾﺔ .ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺤﻈﮭﺎ ﻓﻲ أﺷﻐﺎل اﻟﺪار] [...ﺣﺘﻰ أﺟﮭﻀﺖ ﯾﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة اﻷﻋﻤﺎل ،ﻓﻘﻤﺖ إزاءھﺎ ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ ،ﻓﻌﺰﻟﺖ ﻣﺤﻠﻲ ﻋﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺪة ،ﻓﺎﺳﺘﺮاﺣﺖ اﻟﺴﯿﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﻨﺎء ،ﻓﻜﻔﺘﻨﺎ ﺧﺎدم ﻣﻌﻨﺎ ﻛﻞ اﻟﻤﺆن .ﺛﻢ إﻧﻨﺎ ﺑﺎﻹﻗﻼل أوﻻ ﺑﻘﯿﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﮭﺮ ﻻ ﻧﺮى ﻟﺤﻤﺎ .وھﺬا ﻣﺎ أﺻﺎﺑﻨﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﺎدﯾﺔ][... وﻣﺠﻤﻞ اﻟﻘﻮل أن ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﺟﺎء ﻛﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻗﻀﯿﺘﻲ أﻧﺎ: ـ ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺤﻤﺪه ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺮه ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻜﻨﮭﺎ ،أو اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺰﻟﮭﺎ، إن ﻟﻢ ﻧﺮد أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﺎدﯾﺔ ـ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﯿﻮﺳﻲ ـ ھﻮ اﻟﺬي أﺣﻤﺪه أﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺮي ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮة .وﻣﺎ ﯾﺬﻣﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﺿﺮﺗﮫ ھﻮ اﻟﺬي أذﻣﮫ أﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺎدﯾﺔ )إﻟﻎ( .وﻣﻦ أﻣﻌﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻘﺘﮫ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﮫ ،وﻣﺎ ﺣﻜﯿﺘﮫ ﻋﻨﻲ ﯾﺪرك ذﻟﻚ ،وﯾﻠﻤﺴﮫ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎن .واﻹﻧﺴﺎن ﺧﻠﻖ ﻣﺤﺘﺎﺟﺎ ،وﻻ ﯾﺄﻟﻒ إﻻ ﺣﯿﺚ ﯾﺘﯿﺴﺮ ﻟﮫ ﻣﺎ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫ. ـ ﺛﻢ إﻧﻨﻲ أﻗﻮل زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم :إن اﻟﯿﻮﺳﻲ ﺻﻮﻓﻲ ﺻﺮف ،وﺷﯿﺦ ﻣﻤﻦ ﺗﺠﺎوز إذ ذاك اﻟﺴﺘﯿﻦ .ﻓﻼ ﻏﺮو أن ﯾﺰھﺪ ﻓﯿﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺘﻄﻠﻊ إﻟﯿﮫ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﺷﺒﺎﺑﮫ[...].وأﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺈﻧﻲ أدﯾﺐ أرﯾﺤﻲ ﻟﯿﺲ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮف إﻻ اﻟﻤﺤﺒﺔ واﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺤﺴﻦ ،اﻟﺬي ﻟﯿﺲ ﻣﻌﮫ ﻏﻠﻮ ،وﻻ أزال ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻲ وﻣﻘﺘﺒﻞ ﻋﻤﺮي. ـ إن ﻣﺜﻠﻲ ﻻ ﺗﻠﯿﻖ ﺑﮫ إﻻ اﻟﺤﻀﺎرة .وﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﮫ إﻻ أن ﯾﺤﺘﺬي اﻟﺤﻀﺮﯾﯿﻦ، وأن ﯾﺠﺎﻟﺴﮭﻢ داﺋﻤﺎ .ﻓﺈن ﻣﻨﻌﮫ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎﻧﻊ ﻛﻤﺎ ﻣﻨﻌﻨﻲ ،ﻓﻠﯿﺘﺼﻮره داﺋﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﻋﯿﻨﯿﮫ. وﻟﯿﺤﺮص ﻋﻠﻰ أن ﯾﺨﻠﺪ ﺷﯿﺌﺎ ﯾﺄﺑﮭﻮن ﺑﮫ ﻏﺪا ﯾﻮم ﯾﺮاﺟﻌﮭﻢ .ﻓﺈن ﻣﺜﻠﻲ إن ﻟﻢ ﯾﺘﺠﮫ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺟﮭﺔ ،ﻓﺈﻧﮫ ﺳﯿﺌﺪ ﻧﻔﺴﮫ وھﻮ ﺑﻌﺪ ﻻ ﯾﺰال ﯾﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض » (3ﺑﺎ ﻋﻠﯿﻜﻢ ﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﮭﻮﯾﻨﻲ ﻓﻲ إﻟﻐﻜﻢ ھﺬا وﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﻠﻔﺖ ﻓﯿﮫ ﻧﻈﺮي إﻟﯿﻜﻢ؟ .ﻓﺈن ﻛﺎن )إﻟﻎ( اﻟﻤﺬﻛﻮر )إﻟﻐﺎ( ﻋﻠﻤﯿﺎ إرﺷﺎدﯾﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﯾﻮم ازدھﺎر زاوﯾﺘﮫ وﻣﺪرﺳﺘﮫ .وإذا اﻧﻘﻀﻰ ﻣﻨﻜﻢ ذﻟﻚ اﻻھﺘﻤﺎم اﻟﻌﻠﻤﻲ وأﻟﻘﯿﺘﻢ وراءﻛﻢ ﻋﻦ رﺿﺎ أو ﻋﻦ ﻏﯿﺮ رﺿﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻤﺖ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ وإﻟﻰ اﻹرﺷﺎد ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻘﺪ ذھﺐ إﻟﻐﻜﻢ اﻟﺬي ﯾﺤﻤﺪ].[... ﻧﺰﻟﺖ ﺑﯿﻦ ظﮭﺮاﻧﯿﻜﻢ ،وﻗﺪ اﻛﺘﺴﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﺤﻀﺎرة اھﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺤﺴﻦ اﻟﺒﺰة، وﺑﺤﺴﻦ اﻟﻤﻈﮭﺮ ﻓﻜﻨﺖ أﺣﺮص ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ .ﺣﺘﻰ رأﯾﺘﻜﻢ ﺗﻨﻈﺮون إﻟﻲّ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﺰرا، ﻓﺼﺮت أﺧﺘﺎر ﻟﺜﯿﺎﺑﻲ اﻟﺼﻨﺎدﯾﻖ ﻗﺒﻞ أن أﺧﺘﺎر ﻟﮭﺎ ﻣﺤﺎﻓﻠﻜﻢ .أﻣﻜﺎن ﯾﻀﺤﻚ ﻓﯿﮫ اﻟﻌﺎرون ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺳﯿﻦ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻗﻠﺐ ﻣﺜﻠﻲ أن ﯾﺮﺗﺎح ﻓﯿﮫ؟.
202
ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ھﺬا ﻻ ﯾﺘﻮھﻤﻦ ﻣﺘﻮھﻢ أﻧﻨﻲ ﻧﺒﺰت أھﻠﻲ ،وﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﻋﯿﻮﺑﮭﻢ ﻓﺈن أھﻠﻲ ھﻨﺎ ﻓﻲ )إﻟﻎ( ھﻢ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺬﻛﻮرون وﺣﺪھﻢ .408وأﻣﺎ ﻏﯿﺮھﻢ اﻟﺬﯾﻦ أﻟﻮح إﻟﯿﮭﻢ ،ﻣﻤﻦ أﻗﺼﺪھﻢ ھﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ اﻟﻨﺴﻨﺎس ،ﻓﻠﯿﺴﻮا ﻣﻨﻲ وﻟﺴﺖ ﻣﻨﮭﻢ].409«[... » وﺑﻌﺪ :ﻓﮭﻞ أدرﻛﺖ اﻵن ﯾﺎ اﺑﻦ اﻟﻌﻢ ﻣﺎ وراء اﻷﻛﻤﺔ؟ وﻋﻠﻤﺖ أﻧﻲ ﻟﺴﺖ ﻟﻜﻢ ﺑﺼﺎﺣﺐ .وأﻧﻨﻲ ﺣﻀﺮي ﺑﻄﺒﻌﻲ ﻻ أﻣﺖ إﻟﯿﻜﻢ وﻻ ﺗﻤﺘﻮن إﻟﻲّ؟ .وأطﻠﺐ ﷲ أن ﯾﺮدﻧﻲ إﻟﻰ ﺑﻠﺪي اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ اﻟﺬي أﻣﻀﯿﺖ ﻓﯿﮫ ﺷﺒﺎﺑﻲ ،وﺗﻔﺘﺤﺖ ﻗﺮﯾﺤﺘﻲ ،واﻣﺘﺨﻀﺖ ﻓﮭﻮﻣﻲ ،وأﺑﺼﺮت ﻋﯿﻮﻧﻲ .ﻓﮭﻨﺎك ﻗﻠﻮب ﺗﻨﺒﺾ إن ذُﻛﺮْ ت .ﻛﻤﺎ أن ﻗﻠﺒﻲ ﯾﻨﺒﺾ إن ذُﻛِﺮوا .ووراء ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ أﻧﻨﻲ ھﻨﺎك ﻋﺎﻣﻞ وأﻧﺎ ھﻨﺎ ﻋﺎطﻞ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻲ إﻻ ﻣﯿﺪان اﻟﻌﻤﻞ .ﻓﺎﻟﺴﻼم ﻋﻠﯿﻚ ﯾﺎ اﺑﻦ ﻋﻤﻲ وﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻹﻟﻐﯿﯿﻦ اﻷﺑﺮار ،ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﺎل اﻷﻏﻤﺎر] [...وأﺳﺘﻐﻔﺮ ﷲ إن زﻟﻖ ﻗﻠﻢ أو ظﮭﺮ ﻣﻨﻲ ﺗﻌﺎظﻢ ،أو ﻻﺣﺖ ﻣﻨﻲ ﻋﻮرة ،ﻓﻤﺎ أﻧﺎ إﻻ إﻧﺴﺎن .واﻹﻧﺴﺎن ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺰﻟﻖ} .رﺑﻨﺎ آﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻧﻚ رﺣﻤﺔ وھﻲء ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أﻣﺮﻧﺎ رﺷﺪا{ .وآﺧﺮ ﻣﺎ ﻧﻄﻠﺒﮫ أن ﻻ ﯾﺮد ﷲ دﻋﻮﺗﻨﺎ ،ﺑﺄن ﯾﻔﺮج ﻛﺮﺑﺘﻨﺎ ،وﯾﺰﯾﻞ ﻏﺮﺑﺘﻨﺎ ،وأن ﯾﺰﺣﺰح ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ ﺑﻤﺎ ﺷﺎء .وأن ﯾﺨﺘﺎر ﻟﻨﺎ ﻣﺎ 410 ﻓﯿﮫ ﺳﻌﺎدة اﻟﺪارﯾﻦ .واﻟﺤﻤﺪ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ .آﺧﺮ 1356ھـ« *** ﻣـﻨـﺎﻗـﺸـﺔ أوﻟـﯿـﺔ: ھﻨﺎك وﺟﻮه ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺠﻌﻞ ظﺮوف اﻟﻜﺎﺗﺒﯿﻦ وأﺳﺒﺎب ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﮫ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ .ﻣﻨﮭﺎ: ـ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻣﻮﺟﮭﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻤﻮﻟﻰ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،ﺟﻮاﺑﺎ ﻋﻦ رﺳﺎﻟﺔ ﺗﻠﻘﺎھﺎ ﻣﻨﮫ .اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻓﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺮاﻋﺎة ظﺮوف اﻟﻤﺨﺎطﺐ وﻋﻠﻮ ﻣﻘﺎﻣﮫ. ـ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﻮﺟﮭﺔ إﻟﻰ أﺣﺪ أﻗﺎرﺑﮫ ،وﻣﻘﺎﻣﮫ ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﻘﺎم اﻟﻜﺎﺗﺐ )اﻟﺴﻮﺳﻲ(. ـ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﺗﻨﺎول ﻓﻘﺮات اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى. 408
( ذ رﻫم ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺣﺔ .126وﻣﻧﻬم :أﺧوﻩ ﻣﺣﻣد »واﻷﺳﺎﺗذة ﺳﯾد ﻋﺑد ﷲ ﺑن ﻣﺣﻣد ﺷﯾﺧﻧﺎ واﻷدﯾب ﺳﯾد ﻣﺣﻣد
واﻷدﯾب ﺳﯾد اﻟطﺎﻫر واﻷدﯾب ﺳﯾد اﻟﻣدﻧﻲ واﻷدﯾب ﺳﯾد اﻟﺣﺳن واﻷﺳﺗﺎذ اﺑن اﻟﻌم واﻷﺳﺗﺎذ ﺳﯾد ﺑﻠﻘﺎﺳم واﻷﺳﺗﺎذ
ﺳﯾد ﻣوﺳﻰ .ﻓﻬؤﻻء ﻣن اﺗﺻﻠت ﺑﻬم واﺗﺻﻠوا ﺑﻲ .ﻓﺷ رت أﺣواﻟﻬم وﻗﺎﻣوا ﻟﻲ ﺑ ﻌض ﻣﺎ أردت« 409 410
( ﻧﻔﺳﻪ.134/2 : ( ﻧﻔﺳﻪ.135/2 :
203
ـ اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻛﺎن ﻣﻄﺎﻟﺒﺎ ﺑﺘﺒﺮﯾﺮ ﻋﺪم رﺿﺎه ﻋﻦ ﺣﯿﺎﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﮫ ﻣﻨﻔﻲ إﻟﻰ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺬي ﻋﺮف ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﮫ .وﻟﻢ ﯾﺘﮭﻤﮫ أﺣﺪ ﺑﻤﺎ اﺗﮭﻢ ﺑﮫ اﻟﻤﻮﻟﻰ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ اﻟﯿﻮﺳﻲ. وھﺬه اﻟﺠﻮاﻧﺐ ﻻ ﺗﻌﻨﯿﻨﺎ ﻛﺜﯿﺮا .وﻟﻜﻦ اﻟﺬي ﯾﻌﻨﯿﻨﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎس اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺳﺎﻟﺘﯿﻦ ﻓﻲ طﺮﯾﻘﺔ ﺻﯿﺎﻏﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﮫ ،واﻟﺘﻲ ﻧﺠﻤﻠﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ: 1ـ ﺣﺮص اﻟﻜﺎﺗﺒﯿﻦ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ آراﺋﮭﻤﺎ وﻣﻮاﻗﻔﮭﻤﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠﺞ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ .ﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺣﺮﺻﮭﻤﺎ اﻟﺸﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺗﺮك اﻟﻤﺨﺎطﺐ ﻓﻲ ﺣﯿﺮة ﻣﻦ أﻣﺮه ،ﻓﻔﻲ ﻧﻈﺮھﻤﺎ ـ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺒﺪو ـ أﻧﮫ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﯾﻌﺰز اﻟﻜﺎﺗﺐ أﻗﻮاﻟﮫ ﺑﺎﻻﺳﺘﺸﮭﺎدات اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﯾﺒﺮئ ذﻣﺘﮫ ،وﯾﺤﻤﻞ اﻟﻤﺨﺎطﺐ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﻨﺎع ﺑﻤﺎ أراد اﻟﻜﺎﺗﺒﺎن ﺗﺒﻠﯿﻐﮫ إﯾﺎه .ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ. 2ـ اﺗﻔﺎﻗﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة إﻋﻄﺎء اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﺤﻘﻮﻧﮭﺎ .وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻋﺘﻤﺎدھﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﻤﺸﮭﻮر اﻟﺬي ﯾﻘﻮل ﻓﯿﮫ } rاﻟﻌﻠﻤﺎء ورﺛﺔ اﻷﻧﺒﯿﺎء{ .وأﯾﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻈﻲ ﺑﮫ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ رﻓﯿﻌﺔ ﻟﺪى وﻻة أﻣﻮر اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ. 3ـ ﻧﺠﺎﺣﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺗﻮظﯿﻔﮭﻤﺎ ﻟﻠﺤﺠﺞ اﻟﺘﻲ دﻋﻤﺎ ﺑﮭﺎ ﻣﻮاﻗﻔﮭﻤﺎ. 4ـ ﺗﻔﻮق اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﯾﺰ ﻣﻮاﻗﻔﮫ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﺣﯿﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب اﻵﺧﺮﯾﻦ ،ﺳﻮاء ﻓﻲ إﯾﻀﺎح دواﻋﻲ ﺗﻔﻀﯿﻠﮫ اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎدﯾﺔ ،أو ﻓﻲ إﺑﺮاز اﺧﺘﻼف اﻟﻨﺎس ﻓﻲ طﺒﺎﺋﻌﮭﻢ ،وﻓﻲ ﺗﺄﺛﯿﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﯿﻮﻟﮭﻢ وأﻧﻮاع اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺘﻲ ﯾﻔﻀﻠﻮﻧﮭﺎ .وﻟﻌﻞ ھﺬا اﻟﺘﻔﻮق اﻛﺘﺴﺒﮫ اﻟﺴﻮﺳﻲ ﻣﻦ ﻋﺼﺮه اﻟﺬي ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻋﺼﺮ اﻟﯿﻮﺳﻲ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ ،وﻣﻦ اﺧﺘﻼف ﺛﻘﺎﻓﺘﯿﮭﻤﺎ ـ ﻧﺴﺒﯿﺎ ـ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى. ـ ﻓﻌﺼﺮ اﻟﺴﻮﺳﻲ ھﻮ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي اﺣﺘﻚ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﯿﯿﻦ اﻟﺤﺎﻛﻤﯿﻦ ﻟﻠﻤﻐﺮب. ـ وھﻮ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﻗﻮي ﻓﯿﮫ اﺗﺼﺎل اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،ﻓﺎﺳﺘﻔﺎدوا ﻣﻦ أﻣﻮر ﻛﺜﯿﺮة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﯿﻮﺳﻲ. ـ وھﻮ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﻋﺎﻧﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﻦ اﻟﻮﺟﻮد اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻷﺟﻨﺒﻲ ﻣﺎ ﻓﺮض ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺄﺧﻼق وﻋﺎدات وأﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﯿﻮﺳﻲ .اﻷﻣﺮ اﻟﺬي وﺳﻊ آﻓﺎق اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻋﻨﺪ ﻣﺜﻘﻔﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺴﻮﺳﻲ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻋﺼﺮ اﻟﯿﻮﺳﻲ.
204
ﻓﻠﻌﻞ ھﺬه اﻷﺳﺒﺎب ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﮫ ﯾﻮظﻒ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎدات اﻟﻤﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ. اﻟﺮﺳﺎﻟﺘﺎن ﺟﺪﯾﺮﺗﺎن ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻤﺘﺄﻧﯿﺔ اﻟﻤﺘﻔﺤﺼﺔ ،اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻨﺘﺎج أﻣﻮر ﻋﺪﯾﺪة ذات أھﻤﯿﺔ ﻛﺒﺮى .وھﻮ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ھﺬه اﻟﻤﺪاﺧﻠﺔ اﻟﻤﻘﯿﺪة ﺑﺎﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺤﺪودﯾﻦ أن ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﮫ .وﻧﺄﻣﻞ أن ﯾﺘﺎح ذﻟﻚ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻟﻨﺎ أو ﻟﻐﯿﺮﻧﺎ ،وﷲ اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن.
205
206