ALALBASSIR

Page 1

‫آل المختار السوسي وآل البصير‪ :‬عالقة أخذ ومشيخة‬ ‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬الجياللي كريم*‬

‫‪http://www.albassiria.ma/articles-etudes/263-assoussi-bassir.html‬‬ ‫ال شك أن العالمة محمد المختار السوسي أشهر من أن يُعرَّ ف‪ ،‬وال يختلف اثنان في كون هذا الرجل أعطى للمغرب المعاصر‬ ‫بشكل عام ولسوس بشكل خاص الكثير مما ال يمكن حصره في مقال أو كتاب‬ ‫أو حتى في عدة مجلدات‪ ،1‬ولذلك لم يكن عبثا أن تتناوله األقالم بمختلف مشاربها وتوجهاتها تعريفا واعترافا وتكريما‬ ‫واحتفاء‪ ،‬وأن ُتفرد له العديد من الدوريات والمجالت أعدادا خاصة‪ ،‬وأن ُت َّ‬ ‫نظم ندوات و ُتل َقى محاضرات للتعريف به وعرض‬ ‫ِ‬ ‫سيرته وإسهاماته المختلفة‪ ،‬ومع كل ذلك ما زال هذا الرجل الفذ ‪-‬وهو في رمسه‪ -‬يسيل الكثير من المداد سيما وأن العديد من‬ ‫مؤلفاته ما زالت مخطوطة‪ ،2‬وحتى المطبوع منها صار في حكم النادر لعدم إعادة طبعه‪.‬‬ ‫ونحن وإن كنا ال نستغرب لهذا الكم الذي كتب حول هذا األديب المؤرخ فهو أشهر من نار على علم‪ ،‬فإننا نستغرب للتجاهل‬ ‫الكبير الذي طبع البحوث والكتابات التي كتبت حوله لمرحلة مهمة من حياته‪ ،‬وللقفز غير المفهوم على فترة من أهم فترات‬ ‫تكوينه المتمثلة في عالقته بزاوية آل البصير بتادلة وبشيخها سيدي إبراهيم البصير الرقيبي؛ هذه العالقة التي تعتبر حلقة‬ ‫أساسية في عقد حياته‪ ،‬بل نكاد نجزم أنها الطفرة األساسية التي أنتجت لنا هذا النابغة‪ ،‬وربما لم نكن سنعرف يوما رجال بهذه‬ ‫المواصفات لو لم تكن هذه العالقة بآل البصير وتحديدا بالشيخ إبراهيم البصير مؤسس الزاوية الدرقاوية اإلبراهيمية البصيرية‬ ‫ببني عياط بتادلة‪.‬‬ ‫كيف ال؟ ولوال هذه العالقة ما ذهب المختار السوسي إلى فاس وال إلى الرباط‪ ،‬فهذا الشيخ هو من مهد له طريق الذهاب إلى‬ ‫الرباط‪ ،‬وهو من أوحى إليه بفكرة الذهاب إلى فاس من قبل وألح عليه فيها‪ ،‬وهو من كان يتكفل بمؤونته ورعايته طيلة سنوات‬ ‫مقامه بها حتى استوى عوده العلمي‪ ،‬وهل يمكن أن نتصور شخصية المختار السوسي دون مرحلتي دراسته في فاس والرباط‪،‬‬ ‫فهو نفسه ال يتصور ذلك‪ ،‬بل يقر في غير ما موضع من مؤلفاته أن حياته لم تكن شيئا مذكورا قبل ذلك‪ ،‬وأن هاتين المحطتين‬ ‫هما اللتان شكلتا ميالده العلمي‪ ،‬فعن فاس يقول‪ " :‬ليت شعري كيف أكون لو لم أقض في فاس أربع سنوات َقلبَت حياتي‬ ‫وتفكيري ظهرا لبطن‪ ،‬ثم لم أفارقها إال وأنا مجنون بالمعارف جنون قيس بن الملوح بلياله‪ ،‬حتى نسيت بها كل شيء"‪،3‬‬ ‫ويضيف في موضع آخر‪ ..." :‬ثم لما حللت بفاس أتى الوادي فطم على القرى‪ ،‬فبدلت أخالقا غير التي عهدت من نفسي قبل‪،‬‬ ‫وأنا في مراكش وأحواز مراكش‪ ،‬فقد تلقحت في جو فاس بما لو لم أتلقح به لما كانت لي فكرة‪ ،‬وال تحركت بي همة ‪...‬‬ ‫تكونت لي في فاس فكرة دينية فرقت بها ما بين الخرافات المموهة‪ ،‬وبين الروحانيات الربانية‪ ،‬كما نبتت مني غيرة وطنية‬ ‫نسيت بها نفسي ومصالحي الشخصية ‪ ...‬فصرت أقرأ ‪ ...‬ما عرفت به أن الذي كنت أسبح فيه منذ صغري ليس إال‬ ‫ضحضاحا كدرا؛ ال يبرد جسدا؛ وال يفثأ غلة؛ وال يقضي على لهفة"‪ .4‬أما عن الرباط فيقول‪ ..." :‬ثم ألممت بالرباط‪ ،‬حيث‬ ‫احتقبت أيضا علوما وفهوما وأنظارا وبحوثا لم أقع عليها إال في الرباط وفي مشايخ الرباط"‪.5‬‬ ‫فإذا كان المختار السوسي نفسه يقر بكل ذلك‪ ،‬وإذا كانت اليد البيضاء في حصول كل هذه األمور له ترجع للشيخ إبراهيم‬ ‫البصير ‪-‬كما سنرى‪ -‬وإليه يرجع الفضل بعد هللا سبحانه وتعالى في رسم مسار حياة هذا الرجل وتكوينه‪ ،‬فمن الموضوعية‬ ‫التاريخية أن يرد الفضل إلى أهله‪ ،‬وأن تسمى األمور بمسمياتها تحقيقا للحق وضبطا للتاريخ‪.‬‬ ‫ولد الشيخ إبراهيم البصير الرقيبي بزاوية والده امبارك البصير باألخصاص بسوس عام ‪1221‬هـ‪1211 /‬م‪ ،6‬ولبس خرقة‬ ‫التصوف الدرقاوي على يد الشيخ الحاج على بن أحمد اإللغي السوسي والد العالمة محمد المختار السوسي‪ ،‬ومن َث َّم بدأت‬ ‫العالقة بين هذا األخير وبين إبراهيم البصير الذي كان يقدره ويعطف عليه ‪ -‬رغم صغر سنه‪ -‬باعتباره ابن شيخه‪ ،‬وزادت‬ ‫العالقة توطدا بعد وفاة الشيخ اإللغي السيما وأن هذا الشيخ كان يقدر إبراهيم البصير وينزله المرتبة العليا بين أصحابه حتى‬ ‫إنه كان يشير باستمرار إلى أنه الوارث لسره من بعده‪ ،‬بل إنه عبر عن ذلك بالفعل لمّا أوصى له بسبحته وعكازته الخاصتين‬ ‫وبكتاب األمير الذي َشلَّحَ ه‪ ،1‬وهي إشارة واضحة لدى أهل الطريق مفادها اإلذن برياسة مشيخة الطريق من بعده‪ ،‬والغرو‬ ‫في ذلك فقد "‪ ...‬كان حاجب الشيخ ويده ومستشاره"‪.2‬‬


‫بعد وفاة الشيخ علي بن أحمد اإللغي انقطع الشيخ إبراهيم البصير عن إلغ ألنه "‪ ...‬كان ال يريد أن يقع بينه وبين كبار الفقراء‬ ‫األسود ما يَهد مقامه"‪ ،9‬وبنى لنفسه زوايا متعددة بكل من الحوز والرحامنة ودكالة والشاوية وتادلة قبل أن يضع عصا‬ ‫الترحال بزاويته األخيرة ببني عياط‪ ،11‬لكن انقطاعه عن إلغ لم يكن ليبعده عن أبناء شيخه خاصة المختار السوسي الذي‬ ‫كانت له مكانة خاصة عنده‪ ،‬وغالبا ما كان يبشره بمستقبل مبهج‪ ،‬ويرى فيه نبوءة أخيه محمد بن امبارك البصير‪ 11‬الذي لم‬ ‫يكن يتردد في كل لقاء يجمع بينهما في التصريح بأنه كذا وكذا من بين إخوته‪ ،‬وحين كان لمحمد البصير ما كان في أسرة آل‬ ‫البصير صاروا ينظرون إلى المختار السوسي بتلك النظرة الخاصة السيما شيخهم إبراهيم البصير‪.12‬‬ ‫وذكر المختار السوسي أنه اتصل بآل البصير وتعرف على شيخهم سيدي إبراهيم المذكور منذ نعومة أظافره وهو مازال غ ًّ​ّرا‬ ‫ُؤول ما عسى أن يفرط منه‬ ‫ال يعرف كيف يحترم الكبار‪ ،‬كما أقرَّ أن هذا الشيخ كان يداريه‪ ،‬ويحلم له ويصدره دائما أمامه‪ ،‬وي ِّ‬ ‫من خفة وغضب يقعان في غير موقعهما‪ .13‬وزاد حلم الشيخ على المختار الصبي بعد وفاة والده الحاج علي اإللغي خاصة‬ ‫وأنه لم يكن قد جاوز ربيعه العاشر بعد‪ ،14‬فظل يرعاه وظل حبل الوداد بينهما متصال‪ ،‬حيث كان المختار السوسي يداوم‬ ‫على زيارة الشيخ إبراهيم البصير في زاويتيه الرئيسيتين بتادلة سواء األولى‪ 15‬أم الثانية‪.16‬‬ ‫لمَّا أتم المختار السوسي تعليمه األولي بسوس ونهل من علومها ومدارسها العتيقة‪ ،‬يمَّم وجهه صوب مراكش عام ‪1332‬هـ‪/‬‬ ‫‪1912‬م الستكمال تعليمه وتنمية معارفه‪ ،‬فتوطدت العالقة أكثر بينه وبين الشيخ إبراهيم البصير‪ ،‬وأصبح يتردد باستمرار على‬ ‫زاويته‪ ،‬بل كان يقيم بها باأليام والشهور‪ ،‬ونظرا للمحبة الخاصة التي كان يكنها الشيخ للمختار السوسي‪ ،‬ولكثرة تردد هذا‬ ‫األخير على الزاوية‪ ،‬بنى له الشيخ بيتا خاصا على سطح زاويته ليجمع فيه أغراضه ويتخذه مقره الخاص‪ ،‬وقد وقفنا على هذا‬ ‫البيت الذي يعرفه الجميع اليوم ببيت سيدي المختار السوسي‪ ،11‬وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على العناية الكبيرة‬ ‫والرعاية الخاصة التي كان يوليها الشيخ إبراهيم البصير للعالمة محمد المختار السوسي‪ ،‬حيث كان يحبه كثيرا ويرفع من‬ ‫ضبعه من صغره‪ ،‬ولذلك غالبا ما كان يحثه على استتمام األخذ والعلم‪.12‬‬ ‫ولما كانت فاس وقتذاك هي قبلة الطلبة ومشرق العلوم بالمغرب‪ ،‬أمر الشيخ إبراهيم البصير تلميذه محمد المختار السوسي‬ ‫بالذهاب إليها‪ ،‬لكن هذا األخير تذرع إليه بقلة ذات اليد وعدم قدرته على مجابهة األمرين البعد والفقر‪ ،‬فقال له‪ ... " :‬توجه إلى‬ ‫فاس‪ ،‬فإن توقف الحال على بيع هذه البغلة التي تحتي فإنها ستباع"‪ ،19‬وظل يلح عليه حتى أذعن له‪ ،‬فجمع متاعه‪ ،‬وجهزه‬ ‫الشيخ إبراهيم البصير بما يحتاجه من مؤونة ونقود‪ ،‬وأرسل معه بعض فقراء الزاوية إلى فاس‪.21‬‬ ‫ولم يقف إبراهيم البصير عند هذا الحد‪ ،‬وإنما َعيَّن فقيرين من الزاوية لخدمة المختار السوسي‪ ،‬وهما الفقير أحمد بن حمادي‬ ‫العلوي الناصري والفقير الصغير بن بوزكري الركيعي‪ ،‬فكان هذان الفقيران هما الواسطة بينهما‪ ،‬حيث كانا يتوجهان – بأمر‬ ‫شيخهما – مرة في الشهر من الزاوية نحو فاس مشيا على األقدام لالطالع على أحوال المختار السوسي وحمل الزاد إليه من‬ ‫غذاء ومال‪.21‬‬ ‫وإذا كان جل الباحثين والدارسين قد أغفلوا أو جهلوا أو تجاهلوا أهمية وجود الشيخ إبراهيم البصير في حياة العالمة السوسي‪،‬‬ ‫ودوره القوي في توجيهه وتكوينه؛ فإن المختار السوسي نفسه قد أقر بأن هذا الشيخ هو من أوحى إليه بفكرة التوجه إلى فاس‬ ‫رغم أنه لم يذكر تفاصيل ذلك‪ ،22‬بل إننا وجدنا في أرشيف التقارير االستعمارية الفرنسية ما يؤكد ذلك‪ ،‬ويثبت أن هذا الشيخ‬ ‫كان على صلة وثيقة بالمختار السوسي‪ ،‬وهو من موَّ ل دراسته اعترافا بالجميل لشيخه الحاج علي اإللغي السوسي‪.23‬‬ ‫ظل محمد المختار السوسي أربع سنوات بفاس ينهل من علومها‪ ..." ،‬وفيها استبدل فكرا بفكر فتكون له مبدأ عصري على‬ ‫آخر طراز‪ ...‬وصاحب كل المفكرين إذ ذاك"‪ ،24‬ثم تشوف إلى لقاء علماء الرباط السيما الشيخ شعيب الدكالي الذي كان‬ ‫صيته يضرب اآلفاق‪ ،‬وكان قد جلس أمامه أثناء زيارته لمراكش‪ ،‬لكنه لم يجد إلى ذلك سبيال إلى أن جاءت زيارة الشيخ‬ ‫الدكالي لمنطقة تادلة‪ ،‬فانتهزها إبراهيم البصير فرصة والتقى به‪ ،‬وكان المختار السوسي وقتذاك ما يزال يدرس بفاس‪ ،‬وجاء‬ ‫لزيارته بزاويته‪ ،‬فتقرب إبراهيم البصير من الشيخ شعيب وبين له ما يستحق من تقدير واحترام‪ ،‬ثم قدم له هدية تتمثل في ناقة‬ ‫بيضاء‪ ،25‬وبعدها قدم له المختار السوسي قائال‪ ..." :‬يا سيدي إن هذا سيدي محمد المختار ابن شيخي علي بن أحمد‬ ‫الدرقاوي‪ ،‬أرجوك أن تعامله مثلما تعامل السلحفاة أبناءها‪ ،‬فقال الشيخ شعيب‪ :‬وكيف تعامل السلحفاة أبناءها؟ فقال الشيخ‪ :‬كما‬ ‫تعلم يا سيدي أن السلحفاة ليس لها ثدي ترضع به صغارها‪ ،‬وإنما تقابل البيض متى فقس ويخرجون هزاال ضعافا فتنظر إليهم‬ ‫نظرة عطف وإشفاق‪ ،‬فينتعشون بين يديها من ساعتهم يسعون في األرض على الرزق"‪.26‬‬ ‫فالمالحظ إذن أنه كما كان للشيخ إبراهيم البصير الفضل في ذهاب المختار السوسي إلى فاس‪ ،‬فإنه هو أيضا من مهد له‬ ‫الطريق نحو الرباط التي التحق بها مفتتح ‪1341‬هـ‪1922 /‬م‪ ،‬بل تحكي الروايات أنه ظل يساعده ماديا ومعنويا كما كان في‬ ‫فاس حتى أتم سنته الدراسية تلك‪ ،‬فلما أتمها عزم على السفر إلى مصر أواخر سنة ‪1341‬هـ‪1929 /‬م لالستزادة من العلوم‪،‬‬ ‫فجاء الستشارة شيخه إبراهيم البصير في األمر‪ ،‬فلم يوافقه على سفره‪ ،21‬فاستشاره في وظيفة حكومية ع ُِرضت عليه فلم‬ ‫يوافقه عليها أيضا‪ ،‬وأشار عليه بأن يعود إلى مراكش لنشر ما تعلم قائال له‪" :‬اذهب إلى مراكش لتعليم أبناء المسلمين ما هم‬ ‫في حاجة إليه‪ ،‬وسيأتي زمان يبحثون هم عنك‪ ،‬ال تبحث أنت عليهم"‪ ،22‬فنزل عند رغبته وعاد إلى الحمراء لينكب على‬ ‫التدريس متخذا من الزاوية الدرقاوية بحي الرميلة بباب دكالة مستقره الخاص ومحل إلقاء الدروس وتنظيم الحلقات العلمية‪.‬‬ ‫دأب الباحثون والدارسون على نسبة زاوية الرميلة بمراكش إلى الشيخ محمد المختار السوسي‪ ،‬بل إنها ال ُتعرف اليوم إال ِبـ‬ ‫"زاوية المختار السوسي"‪ ،‬لكن الحقيقة أن هذه الزاوية لم تكن في األصل سوى زاوية للشيخ المذكور سيدي إبراهيم البصير‬ ‫بناها للفقراء الدرقاويين ذوي الطريقة اإللغية بعدما ُمنِعوا من دخول زاوية القصور الدرقاوية‪ ،29‬حيث بحث عن مكان ليتخذه‬ ‫زاوية للفقراء الذين كانوا يرافقونه‪ ،‬فأهداه أحد أبناء عمومته دارا كبيرة ومتسعة ليتخذها زاوية له‪ ،‬لكنه رفض الهدية بعد أن‬ ‫تبين له أن الدار مشتراة بمال منهوب‪ ،31‬وظل يبحث عن مكان لبناء الزاوية حتى وجده قبالة مسجد باب دكالة من الناحية‬


‫الجنوبية في المكان الذي يسمى الرميلة‪ ،31‬فاشتراه عام ‪1321‬هـ‪1919 /‬م بثالثمائة لاير (‪ )311‬ثم كتب إلى شيخه اإللغي‬ ‫يعلمه بذلك‪.32‬‬ ‫لم يكتف إبراهيم البصير بشراء بقعة تلك زاوية‪ ،‬بل أشرف بنفسه على بنائها‪ ،‬وأنفق في ذلك كل ماله حتى إنه باع بغلته التي‬ ‫كان يركبها من أجل إتمام بناء هذه الزاوية‪ ،33‬وظل مسؤوال عنها‪ ،‬ومكلفا بمؤونتها وحاجياتها‪ ،‬وبكل ما يتعلق بها‪ ،‬والنفقة‬ ‫على من فيها‪ ،34‬ثم أهداها لشيخه الحاج علي اإللغي السوسي في أواخر أيام هذا األخير سنة ‪1911 /1322‬م‪ ،‬وبقيت كذلك‬ ‫إلى أن جلس فيها العالمة محمد المختار السوسي للتدريس والتعليم بأمر من إبراهيم البصير‪ ،‬فنسبت إليه لكثرة مكوثه‬ ‫وتدريسه بها‪.35‬‬ ‫كان محمد المختار السوسي أثناء مقامه بمراكش يتردد كثيرا على زاوية الشيخ إبراهيم البصير ببني عياط بتادلة‪ ،‬بل أصبح‬ ‫أكثر التصاقا بها‪ ،‬وزادت مكانته في الزاوية بسبب ما حصله من العلوم‪ ،‬فأصبح "‪ ...‬يتربى ويربي بين أحضان الشيخ"‪،36‬‬ ‫والزم إبراهيم البصير في العديد من سياحاته حتى إن شيخه كان يخصص له خيمة خاصة‪ ،31‬ويقدمه للصالة رغم صغر‬ ‫سنه‪ ،32‬ويستشيره في كافة األمور‪ ،‬ويستعين به في كتابة المراسالت وفي جل مدوناته‪ ،39‬فكان ذلك مزيدا من التربية‬ ‫والتكوين له‪ ،‬واعترافا ور ًّ​ّدا للجميل للشيخ اإللغي في شخص ابنه محمد المختار السوسي الذي كان لسان حاله يقول ألبناء‬ ‫الشيخ إبراهيم البصير بعد وفاة هذا األخير‪" :‬إن والدكم كان يربح من الناس‪ ،‬وما ربح منه أحد سواي"‪.41‬‬ ‫لم ينس المختار السوسي فضل هذا الشيخ رغم ما وصله من درجات العلم ومن مكانة اجتماعية‪ ،‬وإنما ظل يزوره ويحترمه‬ ‫ويعظمه‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل قوله‪ ..." :‬ثم لما أبت إلى التعقل‪ ،‬وعرفت مكانة الرجل (إبراهيم البصير) صرت أعطيه حقه‬ ‫كما ينبغي‪ ،‬وفي المرة األخيرة التي زرته فيها قبل وفاته بقليل‪ ،‬حمدت هللا على أن رأى مني من اإلجالل ما هو أهله"‪ ،41‬بل‬ ‫إن تقديره لهذا الشيخ جعله يقدم له كل ما يملك‪ ،42‬وكتعبير عن المحبة البالغة من الشيخ للمختار السوسي احتفظ بكل ذلك‬ ‫كأمانة عنده‪ ،‬ثم أوصى أن يُر َّد له بعد موته‪َ ،43‬فذ َّكرَ نا هذا الفعل بينهما بتلك المؤاخاة العجيبة التي حدثت زمن رسول هللا بين‬ ‫عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع حيث آثر كل منهما صاحبه على نفسه‪.‬‬ ‫وإذا كان للشيخ إبراهيم البصير كل هذه األيادي البيضاء على العالمة محمد المختار السوسي‪ ،‬فال استغراب إذا اعتبره هذا‬ ‫األخير شيخه في األوراد واألذكار‪ ،44‬وال استغراب إذا اتخذه شيخا من شيوخه المعتمدين في طريق القوم‪ ،45‬لكن‬ ‫االستغراب يبقى في هذا الطمس المهول لهذه الحقائق التاريخية‪ ،‬وفي هذا السكوت المطبق للدارسين والباحثين عن عالقة‬ ‫هذين الشيخين‪ ،‬األمر الذي يطرح أكثر من عالمة استفهام‪.‬‬ ‫ومهما يكن‪ ،‬فقد حاولنا أن ننفض الغبار عن هذه العالقة‪ ،‬وأن نستجلي مضمراتها عسى أن نكون قد استجبنا لما يفرضه علينا‬ ‫البحث العلمي من موضوعية‪ ،‬دون االنطالق من خلفية معينة‪ ،‬أو روم تحقيق مقصدية محددة‪ ،‬وإنما فعلنا ذلك هلل ثم للتاريخ‪،‬‬ ‫وحسبنا أننا سعينا‪ ،‬وأن ليس للمرء إال ما سعى‪.‬‬ ‫‪------------------‬‬‫الهوامش‪:‬‬ ‫* أستاذ باحث‪ ،‬متخصص في تاريخ التصوف المغربي‪ ،‬ابن أحمد‪.‬‬ ‫‪ - 1‬نشر هذا المقال بمجلة المناهل التابعة لوزارة الثقافة المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،92-91‬أبريل ‪2112‬م‪.‬‬ ‫‪ - 2‬راجع‪ :‬دليل مؤلفات ومخطوطات العالمة رضى هللا محمد المختار السوسي (بيبليوغرافيا آثاره)‪ ،‬إعداد ونشر رضى هللا‬ ‫عبد الوافي المختار السوسي‪ ،‬تصفيف وإخراج "كوبي النور"‪ ،‬شارع النور الرباط‪1426 ،‬هـ‪2115 /‬م‪.‬‬ ‫‪ - 3‬محمد المختار السوسي‪ ،‬سوس العالمة‪ ،‬مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الكلمة االفتتاحية‪ ،‬ورقة هـ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء ‪1321‬هـ‪1961 /‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.15-14‬‬ ‫‪ - 5‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.15‬‬ ‫‪ - 6‬للمزيد من األخبار عن هذا الشيخ وعن أصله ونسبه وطريقته‪ ،‬راجع‪:‬‬ ‫ الجياللي كريم‪ ،‬زاوية آل البصير بتادلة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في التاريخ‪ ،‬مرقونة‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‬‫اإلنسانية بالجديدة‪2115 ،‬م‪.‬‬ ‫ عبد الهادي بصير‪ ،‬زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط‪ :‬تاريخ وتعريف‪ ،‬نشر ضمن سلسلة مطبوعات زاوية‬‫الشيخ سيدي إبراهيم البصير رقم ‪ ،5‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪1431 ،‬هـ‪2119 /‬م‪.‬‬ ‫ محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص‪.156-22‬‬‫ محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط بزاوية سيدي إبراهيم البصير ببني عياط‪ ،‬مخطوط بخزانة زاوية آل البصير ببني عياط‬‫بتادلة (مرقون)‪ ،‬دون ترقيم‪.‬‬ ‫‪ - 1‬وقفنا على هذه األشياء في زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط بتادلة‪ .‬انظر صورة العكاز والكتاب في الملحق‬ ‫رقم ‪ ،11‬أما السبحة فقد أخبرنا أهل الزاوية أن بعض األيادي اآلثمة امتدت إليها فسرقتها من خزانة الزاوية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.132‬‬ ‫‪ - 9‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.156‬‬


‫‪ - 11‬للتعرف على ظروف تأسيس هذه الزوايا وأماكنها‪ ،‬راجع‪ :‬الجياللي كريم‪ ،‬زاوية آل البصير بتادلة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪-22‬‬ ‫‪.123‬‬ ‫‪ - 11‬أكد المختار السوسي أن صيت الشيخ محمد بن امبارك البصير كان ذائعا في عموم الصحراء‪ ،‬وأن " ‪ ...‬حاله في‬ ‫الكشف والنطق بالغيوب عجيب غريب‪ ،‬إرثا عن أهله‪ ،‬يعلن ذلك ويصرح به‪ ،‬ويدل به وال يخفيه كأهله‪ ،‬واشتهر عند كل‬ ‫الناس بهذه الحال‪ ،‬وهللا يصدقه في كل ما قال صدقا ثابتا"‪( .‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪،)111‬‬ ‫وأوضح أنه لم يكن يطيق الصمت عن ذلك‪ ،‬وأنه كان يجيب كل عاتب عليه بقوله‪" :‬إنني ال أطيق الصمت‪ ،‬ولو صمتت‬ ‫الحترقت"‪(.‬المصدر والصفحة نفسهما)‪ .‬راجع تفاصيل حياة هذا الشيخ عند‪:‬‬ ‫ محمد المصطفى بصير‪ ،‬النزر اليسير من مناقب زاوية آل البصير‪ :‬في الصحراء وسوس وبني عياط بالمعرب‪ ،‬دراسة‬‫وتحقيق عبد المغيث بصير‪ ،‬سلسلة مطبوعات زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير رقم ‪ ،1‬مكتبة األحباب‪ ،‬دمشق سوريا‪،‬‬ ‫‪1424‬هـ‪2112 /‬م‪ ،‬ص ‪ 125‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ - 12‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.156‬‬ ‫‪ - 13‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.156‬‬ ‫‪ - 14‬ولد المختار السوسي سنة ‪1319‬هـ‪1911 /‬م‪ ،‬وتوفي والده عام ‪1322‬هـ‪1911 /‬م‪.‬‬ ‫‪ - 15‬تسمى الزاوية العليا‪ ،‬بناها الشيخ سنة ‪1332‬هـ‪1912 /‬م في أعلى الجبل بعدما أهداه أيت بوجمعة من فخذ أيت وايو‬ ‫بقعة لذلك‪ .‬عن هذه الزاوية وظروف تأسيسها راجع‪:‬‬ ‫ الجياللي كريم‪ ،‬زاوية آل البصير بتادلة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29-24‬‬‫وقد كان المختار السوسي يزور الشيخ إبراهيم البصير في هذه الزاوية‪ ،‬ومن أهم هذه الزيارات تلك التي قام بها سنة‬ ‫‪1331‬هـ‪1911 /‬م‪ ،‬وصادف بها ما يقارب األلف فقير من طوائف كل الجهات‪ .‬راجع‪:‬‬ ‫ محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.146‬‬‫‪ - 16‬هي الزاوية الحالية آلل البصير ببني عياط‪ ،‬أسسها الشيخ إبراهيم البصير عام ‪1339‬هـ‪1919 /‬م‪ ،‬وهي ما تزال عامرة‬ ‫إلى اليوم وتمارس كافة الشعائر والطقوس الصوفية تحت مشيخة موالي إسماعيل بن محمد المصطفى بصير حفيد الشيخ‬ ‫إبراهيم البصير‪ .‬للمزيد من األخبار عن هذه الزاوية وأنشطتها وخلفائها‪ ،‬راجع‪:‬‬ ‫ الجياللي كريم‪ ،‬زاوية آل البصير بتادلة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.221-91‬‬‫ عبد الهادي بصير‪ ،‬زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني عياط‪ :‬تاريخ وتعريف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.116-21‬‬‫‪ - 11‬انظر صورته في الملحق رقم ‪.12‬‬ ‫‪ - 12‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.156‬‬ ‫‪ - 19‬المصدر والصفحة نفسهما‪ .‬وذكر الشيخ محمد المصطفى بصير مؤلف االغتباط أنه سمع مباشرة من العالمة محمد‬ ‫المختار السوسي قوله‪" :‬وصلت على والدك الشيخ (إبراهيم البصير) صحبة الفقير المحب المخلص سيدي أبو بكر بن عمر‬ ‫(امشيشت الجنة) كما يسميه الشيخ سيدي علي بن أحمد‪ ،‬وكانت نهمتي في طلب العلم شديدة ورغبتي فيه أكيدة‪ ،‬ولكن نظرا‬ ‫لما عليه الحالة المادية‪ ،‬وبعد أهلي بسوس كنت أرى ذلك يكاد يكون صعبا‪ ،‬ففرح بي كثيرا‪ ،‬وقال لي رحمة هللا عليه‪ :‬يا ولدي‬ ‫كل ما في الزاوية فهو لك‪ ،‬وال تهتم إال بتحصيل العلم‪ ،‬وإن احتاج الحال إلى هذه البغلة التي أنا عليها ‪ -‬وكنا نسير إلى زيارة‬ ‫إخوان في هللا من أتباعه ‪ -‬فإنها تباع ويصلك ثمنها"‪ .‬محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪.323-322‬‬ ‫‪ - 21‬أخبرني بذلك الشيخ محمد المصطفى بصير رحمه هللا في لقاء معه بزاوية والده إبراهيم البصير ببني عياط يوم‬ ‫‪ ،2115/11/26‬وأكد أن المختار السوسي كان دائم الزيارة لوالده بالزاوية‪ ،‬وأنه التقى به هناك عدة مرات‪.‬‬ ‫‪ - 21‬قال صاحب االغتباط‪ ..." :‬وذكر لي الفقيران سيدي أحمد بن حمادي العلوي‪ ،‬والفقيه سيدي الصغير بن بوزكري‬ ‫الركيعي‪ :‬كنا نرتاد فاس مشيا على األقدام ذهابا وإيابا مرة في كل شهر نحمل الزاد للفقيه سيدي محمد المختار حتى تخرج‬ ‫منها وأصبح من العلماء"‪ .‬محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪ .324‬أقول‪ :‬لقد أكد لي مؤلف االغتباط ذلك‬ ‫بنفسه‪ ،‬وأخبرني أنه سمع ذلك تحقيقا من غير واحد من فقراء الزاوية السيما من الفقيرين المذكورين‪( .‬في لقاء معه بزاوية‬ ‫والده ببني عياط يوم ‪.)2115/11/23‬‬ ‫‪ - 22‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.156‬‬ ‫‪ - 23‬جاء في التقارير االستعمارية الفرنسية أن سيدي الحاج إبراهيم استقبل الزعيم القومي المختار السوسي مدة خمسة عشر‬ ‫يوما أواخر يناير ‪1944‬م‪ ،‬كما أشارت إلى أن الحاج علي والد المختار السوسي كان هو شيخ سيدي إبراهيم‪ ،‬واعترافا من هذا‬ ‫األخير بالجميل موَّ ل دراسة ابن شيخه‪ ،‬وبقي على صلة به‪( .‬انظر الملحق رقم ‪.)13‬‬ ‫‪ - 24‬محمد المختار السوسي‪ ،‬اإللغيات‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،1963‬ج ‪ ،2‬ص ‪.226‬‬ ‫‪ - 25‬ذكر صاحب االغتباط أن الشيخ إبراهيم البصير قدم للشيخ الدكالي تلك الناقة وقال له‪ " :‬يا سيدي إن الناس هنا يهدون‬ ‫لك السيارات الفخمة‪ ،‬وهذا الفقير أعز ما لديه هذه الناقة فهي هدية هلل وللعلم الشريف‪ ،‬فقال الشيخ شعيب‪ :‬وهللا يا سيدي ما‬ ‫تلقيت هدية أكرم وال أحسن من هذه"‪ .‬محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪.315‬‬ ‫‪ - 26‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.315-314‬‬ ‫‪ - 21‬أخبرني شيخ زاوية آل البصير ببني عياط السيد محمد المصطفى بصير (رحمه هللا) أن المختار السوسي هو الذي‬ ‫حكى له هذه الحكاية بنفسه أثناء وجودهما بالزاوية بعد مرور مدة طويلة على حدوثها‪ ،‬وأكد له أن الشيخ إبراهيم البصير برر‬


‫له عدم موافقته على السفر إلى مصر بكونه ال يستطيع تأمين مصاريفه نظرا للبعد وللظروف الحرجة التي تمر منها الزاوية‬ ‫بسبب تسلط االستعمار وتوالي السنوات العجاف‪( .‬في لقاء معه بالزاوية المذكورة يوم ‪.)2115/11/23‬‬ ‫أقول إن المختار السوسي صرح بأنه كان قد عقد العزم على الذهاب إلى مصر‪ ،‬وأنه تراجع عن ذلك بسبب قلة ذات اليد‪،‬‬ ‫حيث قال‪ ..." :‬وقد كنت عزمت على اللحوق بمصر آخر عام ‪1341‬هـ‪ ،‬غير أني أخاف أن ينضب ما عندي وليس ورائي من‬ ‫يمدني‪ ،‬فأبقى هناك محتاجا‪ .‬وإن أعظم ما أتقيه أن أحتاج إلى الناس"‪ .‬محمد المختار السوسي‪ ،‬اإللغيات‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص‬ ‫‪ .229‬وكما يبدو هناك تقارب كبير بين الروايتين‪.‬‬ ‫‪ - 22‬محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪.324‬‬ ‫‪ - 29‬كان الشيخ إبراهيم البصير كثير السياحة‪ ،‬وفي إحدى سياحاته دخل مراكش رفقة عدد من الفقراء الدرقاويين‪ ،‬فقصدوا‬ ‫الزاوية الدرقاوية في حومة القصور‪ ،‬لكن مقدمها أخرجهم منها مرغمين‪ ،‬فكان هذا الحادث – كما قال إبراهيم البصير – ‪":‬‬ ‫هو السبب حتى فكرنا في بناء زاوية لنا على حدة"‪ .‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.133‬‬ ‫وكان إبراهيم البصير قد أخبر شيخه اإللغي بما وقع لهم بزاوية القصور‪ ،‬واستشاره في بناء زاوية خاصة به‪ ،‬فقال له‪ " :‬ابنوا‬ ‫لكم محلكم ال يشارككم فيه أحد"‪ .‬المصدر والصفحة نفسهما‪ .‬وراجع أيضا‪ :‬محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص‬ ‫‪ .111‬وقد أكد المختار السوسي أن هذه الزاوية بنيت فعال على يد إبراهيم بن امبارك البصير‪ .‬راجع‪ :‬محمد المختار السوسي‪،‬‬ ‫المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،15‬ص ‪.32‬‬ ‫‪ - 31‬هذا الشخص هو محمد بن إبراهيم ولد الهريم الرقيبي الساعدي أحد أعيان الرحامنة‪ ،‬كان يقطن مراكش‪ ،‬أهدى تلك‬ ‫الدار للشيخ إبراهيم البصير لكونه من أبناء عمومته الرقيبات‪ ،‬لكن لما عزم على اتخاذها زاوية استدعى شيخه الحاج على‬ ‫اإللغي ليراها‪ ،‬فما كاد يصل إلى فنائها حتى قال له‪" :‬ف ِّتش على غيرها"‪ ،‬ثم تبين فيما بعد أن هذا الرحماني الذي وهبه هذه‬ ‫الدار إنما اشتراها بمال كان انتهبه من معسكر السلطان المولى عبد العزيز حين انتهبه الرحمانيون‪ .‬محمد المصطفى بصير‪،‬‬ ‫االغتباط ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪ .111‬وراجع أيضا‪ :‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.133‬‬ ‫‪ - 31‬للمزيد من تفاصيل وظروف بناء هذه الزاوية‪ ،‬راجع‪:‬‬ ‫ الجياللي كريم‪ ،‬زاوية آل البصير بتادلة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.69-61‬‬‫ محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.134-133‬‬‫ محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪.116-112‬‬‫‪ - 32‬اشترى إبراهيم البصير هذه البقعة من ماله الخاص بمعية بعض الفقراء الذين كانوا معه‪ ،‬وسجلها باسمه في السجالت‬ ‫العدلية التوثيقية الرسمية (أخبرني شيخ الزاوية الحالي موالي إسماعيل بصير أن الزاوية ما زالت تحتفظ بنسخة من عقد البيع‬ ‫األصلي)‪ .‬ثم كتب رسالة إلى شيخه اإللغي يعلمه بشراء زاوية الرميلة‪ ،‬فأجابه برسالة مطولة يثني عليه فيها‪ ،‬ويحث الفقراء‬ ‫على مساعدته في بنائها ماديا ومعنويا‪( .‬انظر النص األصلي للرسالة في الملحق رقم ‪.)14‬‬ ‫‪ - 33‬محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.134‬‬ ‫‪ - 34‬ذكر صاحب االغتباط أن الشيخ اإللغي زار إبراهيم البصير مرة في زاوية الرميلة بمراكش رفقة عدد كبير من الفقراء‪،‬‬ ‫فأنفق عليهم كل ما عنده‪ ،‬فلما نفذ ما عنده باع مركوبه وثيابه‪ ،‬فلم يكف ذلك فاقترض من أبناء عمومته خدمة لشيخه وللفقراء‪.‬‬ ‫راجع‪ :‬محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪.143-142‬‬ ‫‪ - 35‬لم ينس الشيخ إبراهيم البصير الرقيبي هذه الزاوية حتى بعد أن جلس فيها العالمة محمد المختار السوسي‪ ،‬وإنما ظل‬ ‫حريصا على رعايتها وصيانتها‪ ،‬وقد وقفنا على بعض الوثائق التي تثبت أنه كان يساهم في إصالحها‪ ،‬وأنه كان يتعهدها‬ ‫باستمرار‪ .‬انظر نموذج من هذه الوثائق في الملحق رقم ‪.15‬‬ ‫‪ - 36‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ .322‬وقد ساق مؤلف االغتباط عدة حكايات في هذا الباب‪ ،‬منها أن المختار السوسي"‪ ...‬كان‬ ‫يشبح (يضرب) الفقراء والطلبة المتخلفين من هؤالء والمخالفين من أولئك بين يديه (إبراهيم البصير) وال يستطيع أن يقول له‬ ‫الشيخ شيئا)‪ .‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ .323‬ومنها ما رواه أيضا عن بعض فقراء الزاوية أنهم "‪ ...‬ذهبوا مرة إلى ناحية أوالد عبد‬ ‫هللا لنتف شعير الزاوية‪ ،‬ولقصره ال تصلح له المناجل‪ ،‬ولما انتهوا أخذوا الحناء وطلوا بها أيديهم لما أصابها من الجروح‬ ‫والقروح‪ ،‬ولما جاؤوا م َسلِّمين على الشيخ وجدوا الفقيه سيدي محمد المختار جالسا معه‪ ،‬وكلما سلم عليه فقير منهم وبيده‬ ‫الحناء أجلسه حتى اجتمع بين يده عدد منهم‪ ،‬فطلب حبال ليشبحهم به‪ ،‬قائال لهم‪ :‬أأنتم رجال أم نساء حتى تضعوا الحناء في‬ ‫أيديكم‪ ،‬والشيخ ساكت حتى انتهى من تعنيفه لهم‪ ،‬ثم انحنى عليه الشيخ سارا له في أذنه إنهم يا سيدي متداوين بها من نتف‬ ‫الشعير للفقراء‪ ،‬فتراجع قائال‪ :‬ال بأس بالتداوي بالحناء"‪ .‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.324-323‬‬ ‫‪ - 31‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.315‬‬ ‫‪ - 32‬أشار صاحب االغتباط إلى أن الشيخ إبراهيم البصير لم يكن يقدم المختار السوسي للصالة فحسب‪ ،‬وإنما كان يقدمه في‬ ‫كل األمور نظرا لما تفرسه فيه من الحذق في فن الفقه وفروعه‪ ،‬ولما رآه عليه من االستقامة التي وهبه هللا‪ ،‬والجد الصارم في‬ ‫اإلقبال على هللا‪ .‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.323‬‬ ‫‪ - 39‬وقفنا على عدد من الوثائق المخطوطة بزاوبة آل البصير بتادلة التي كتبها العالمة محمد المختار السوسي بخط يده‬ ‫زمن شيخه إبراهيم البصير‪ .‬انظر نموذجا من هذه الرسائل بالملحق رقم ‪.16‬‬ ‫‪ - 41‬محمد المصطفى بصير‪ ،‬االغتباط‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪ .325‬ويبدو أن المختار السوسي كان يستلهم هذه العبارة من كالم‬ ‫الشيخ سيدي أحمد بن مسعود المعدري الذي كان يرددها باستمرار في حق الشيخ إبراهيم البصير‪ .‬راجع‪ :‬محمد المختار‬ ‫السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.152‬‬


‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪45‬‬

‫ محمد المختار السوسي‪ ،‬المعسول‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.156‬‬‫ المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.156‬‬‫ المصدر والصفحة نفسهما‪.‬‬‫ المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،15‬ص ‪.162‬‬‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪156‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.