المختار السوسي مخربو الثقافة في المغرب أحمد أحد10:10 - 9112/10/01 ,
http://www.blafrancia.com/taxonomy/term/172
مع سيادة قيم النفعية وطغيان النزعة االستهالكية ،وتقديس المال مهما كان مصدره ،كان طبيعيا أن تشهد حركة اللغات ،ممثلة في ما يعرفه المغرب من تعدد لغوي ،إضعافا للغة الوطنية ،ومضايقة لها في عقر دارها ،بكل ما يستطيعون به خلق وضعية غير واضحة ،يقع التشويش فيها على كل ما يخدم الذات الوطنية على أكثر من مستوى ،فعلى صعيد الواقع االجتماعي اعترف المستعمر منذ أن وضع بنادقه في وجوه آبائنا ،ومنذ جابه موجات مقاوماتنا القوية في كل جهات المغرب بنيرانه الغاشمة ،أن للمغرب لغة واحدة ولهجات عدة ،وكانت لهذه اللغة داللتان :دينية ووطنية ،وال نملك إال الوقوف بإعجاب أمام كتابي (المعسول في أخبار سوس) و (سوس العالمة) للشاعر العالم الفذ :محمد المختار السوسي ،ونحن نرى ما استعرضه أمامنا ،في ذينك الكتابين ،من أجيال علماء سوس األمازيغية ،في الدين واللغة العربية ،إلى درجة تجعل قارئ الكتابين يقف على مراحل تعريب سوس ،خالل تاريخها بعد إسالم المغرب ،التي لم يكن أبناؤها يحسون بأي عقدة أمام العربية كلغة ،لم تصادر لهجتهم األمازيغية ،بل تعايشت اللهجات جميعها مع العربية دون تعقيد.
وقد جوبه محمد المختار السوسي من المستعمر بأصناف من االضطهاد والمضايقة توِّ جت بنفيه من مراكش إلى قريته (إِلـِـغ) في أقصى سوس ،ولم يخطر له أن يتراجع عن مشروعه في المقاومة الثقافية ،وكذلك كان كل زعماء المقاومة في المغرب من أشاوس األمازيغ ال يساومون على اللغة الوطنية ،في مراسالتهم ،أو في ما خطوه من مذكرات أو ما وضعوه من كتب ،ولنا في المجاهد األكبر محمد بن عبد الكريم الخطابي ،قائد ثورة الريف في عشرينات القرن العشرين التي دوّ ى انتصارها على اإلسبان في معركة أنوال ،عبر العالم ،مثال ،فقد كان أبوه قاضيا من علماء جامعة القرويين ،وكان هذا المجاهد الريفي األمازيغي يراسل الجهات التي يريد االتصال بها بالعربية ،ونذكر من ذلك رسالته إلى الشعبين الجزائري والتونسي ،يطلب منهما منع أبنائهما من االنضمام إلى الجيش الفرنسي، الذي كان يجندهم ليهاجم بهم المغاربة ،وكذلك فعل االستعمار الفرنسي بالسنغاليين في المغرب ،مستخدما إياهم في قمع ثورات المدن والقرى المغربية ،وردع الثوار في كل الجهات ،غير متورع عن ركوب أفظع الوسائل الجهنمية في محاربة كل أشكال المقاومة ،دون أن يخطر ألي من رجال المقاومة الذين كانوا يتقنون لغة العدو ،ويقرأون بها ويكتبون أن يخضعوا له ،وإال لما كان استقالل أو أي نوع من التشبث بالروح والهوية الوطنيتين ،ولم يكن من بين أساليب الخيانة التي اتبعها بعض ضعاف النفوس خيانة تينك القيمتين.