تقديم النفس اإلنسانية ..بحر زاخر بالخفايا والخبايا ..في أعماقه جبال ومغارات وأحياء وأموات ..وحروب وصراعات ..هي عالم مثير للدهشة ..غرائبه مرتع خصب للخيال واألحالم. والنفس اإلنسانية تُل َهم ..إن لها ُمل ِهم هو هللا ..تُلهم النفس فجورها ..فتسوق الجسد في دنيا الفتنة واإلغواء ..وت ُغريه وت ُغويه فت َزج به في المخاطر وبين األنواء. وقد ت ُلهم تقواها فتميل للخير واألمل والحب والسالم ..يكون صاحبها وديعا هادئا .. يشع الحب من قلبه ويربطه برباط وثيق بمن حوله ..يزرع ويحصد ويُعطي ويُنفق ويمد يده بالخير والسالم. النفس بحر زاخر مدهش عجيب غريب ،قد تكون النفس خاملة ،وقد تكون نشيطة، وقد تكون كسولة ،قد تكون النفس خبيثة وقد تكون طيبة. وفي بحر هذه النفس تغوص بنا الدكتورة يسرا محمد سالمة في هذه المجموعة من الخواطر في األعماق ،أعماق النفس اإلنسانية ،رغم خطورتها ،لكنها ماهرة في الغوص تجيد السباحة فيه وتجيد التنفس ،وتجيد التنقل بخفة ورشاقة بين أعماق النفس وغرائبها ..الحب والكره ،الزيف والحقيقة ،السفر والترحال ،والمغامرة والمثابرة، العالقات العابرة والعالقات القوية ،والعالقات التي تحكمها المصالح والعالقات التى تتسم باإلخالص ،والخيط الرفيع الذي يفصل بين الصداقة والحب ،ومعانى األمن واآلمان والسالم ،السالم النفسي والسالم مع اآلخرين ،بين حنين النفس إلى الماضي، "النوستالجيا" ذلك الشعور المالزم للحالمين ،أصحاب النفوس الحالمة ،التي تتخذ من الماضى ملجأ وحصنا حصينا تتحامى به من سطوة الحاضر. الدكتورة يسرا سالمةُ ،متخصصة في التاريخ لكن قلمها يجيد السفر والترحال في كل ما يشغل البال ،ويجيد أحاديث النفس ،تقرأ لها حينا فتشعر بقلمها يحدث نفسه في شجن عذب ،يستدعي العبرات الرقيقة ،ويتحدث مع اآلخرين حديث المنطق ،يعرض المشكلة ويعالج أسبابها ،ويضع لها تصورا يقبله البعض أو يرفضه ،لكن صدق الرؤيا وصدق الحديث يُالزمه. وفي هذه المجموعة من الخواطر التى أجاد فيها قلمها ،أن يتحدث ويسرد ويصور ويُدلل ويبرهن ويستشهد بشواهد من الحاضر والماضي ،كل ذلك في أسلوب أقرب إلى النفس ،اتخذ الصدق فيها منهجا ،واقترب من النفوس حتى جاءت خواطرها كأنها صدى لما يدور في خلد الناس ونفوسهم وما يشغل عقولهم.
هذه المجموعة من الخواطر هي مجوعتها األولى التي تضمها اآلن إلى عالم األدب ،والتي من المؤكد أنها ستكون شرارتها األولى ومن بعدها ستتوالى أعمالها تترا ،فالجانب القصصي في كتابتها واضح وضوحا َجليا. تلك هي شرارتها األولى في عالم األدب ،لكننا حين ننتهي من قراءتها سننتظر منها عملها القادم وما بعده. أ .رابح محمود 2017/8/27
اآلن تشتاق لكانت يقول القدير أنيس منصور "كل الناس تُحب الماضي ،فقد كانوا صغارا" ،وجدتني كثيرا عند هذه الجملة؛ ألنها لمست جانبًا ُمظل ًما بداخلي أحاول جاهدة منذ فترة أتوقف ً ْ أن أتجاهله ،لكنه يأبى التجاهل ويُصر على الخروج إلى النور ،ليصرخ ،وربما زمن ولّى. يتحسر على ٍ كانت النفس فيما مضى ال تعبأ بأي شئ – سوى ْ - أن تقوم بما تهوى فقط ،فال قيود وال موانع ،وال "الءاتٍ" كثيرة تُفقدها بهجة ما تعمل ،كانت الحياة أقل تعقيدًا، ب واضح ،المهم أنك وأكثر بساطة ،فأبسط التفاصيل قد تُدخل عليك السعادة دون سب ٍ سا على عقب ،وتأخذ راض ،قانع ،ال تُغريك أشياء وال تستفزك أمور تقلب حياتك رأ ً ٍ منك راحة بالك. ً عزيزا ،لم تكن الراحة مفقودة ،لم يكن التفكير أكبر همومك ،لم لم يكن النوم يُنغص عليك التخطيط ل ُمستقبلك معيشتك ،لم يؤرقك كيف ستكسب رزقك وهل سيُنافسك عليه أحد؟! ،كنت تحيا وكفى ،بال صراعا ٍ ت داخلية أو خارجية مع اآلخرين ،نعم لم نكن نهتم بشئ غير أننا بخير ،نحن ومن نُحبهم. كانت هواياتنا ُمتعددة ،وساعات اليوم ال تكفيها من كثرتها ،كان نشاطنا واض ًحا، مكان ،نعشق التغيير ،والترحال ،نتواصل مع العديد من فلم نكن نهدأ أو نستقر في ٍ األصدقاء بإمكانيات محدودة ،لكنها كانت من أمتع اللحظات التي تُقربنا منهم؛ فبمجرد ْ لشخص ما لتتحدث معه ،لهو في حد ذاته ُمتعة ال أن تبذل ُجهدًا حتى تصل ٍ تُضاهيها ُمتعة ،وفي نفس الوقت دليل كبير على اهتمامك بهذا الشخص ،وأهميته لديك ،كانت اللمة أسلوب حياة ،في بيتك ،أو في رحالتك وال غنى عنها. كانت مشاعرنا خالية من أي تزييف ،صادقة ،نقية ،وال تتواجد أبدًا بين بينين ،فإما الحب أو الالحب ،لو تحدثت معك فأنا أرغب في ذلك دون أي مصلحة ،وإذا لم أرغب فاعلم جيدًا أنك لست ممن يستهويني الكالم معهم ،حتى لو كنت ذو نفوذ، سلطة ،كانت تفاصيل الحب الرقيقة تمنحنا دفئًا ال مثيل له ،رسالة مكتوبة ،مكالمة و ُ هاتفية نسمع فيها صوت من نُحب ،لقاء يجمعنا بهم ،هدية يُرسلونها لنا ،أشياء تبعث على السعادة مع أنها ال تُكلف شيئًاّ ، لكن قيمتها في معناها ال في ثمنها ،حتى كلمات صا ،ومع كل حرف فيها كان لنا ذكرى األغاني التي ُكنا نسمعها ،كان لها مذاقًا خا ً ما.
كنا نعيش حالة نشتاق لها جدًا اليوم ،فاآلن لم يعد كما كان ،وحالنا أصبحنا نتحسر عليهُ ،كلما أغلقنا علينا أبواب غُرفنا ،افتقدنا نفسنا التي "كانت" وسنظل نفتقدها ،إلى ْ أمرا كان مفعوال. أن يقضي هللا ً
عن معنى االفتقاد هو الغائب الذي ال يحضر ،وأنا المشتاق الذي ال أنسى ... أن تفتقددش ددن ه أدداو أن ُوت د تكأتددكل هأ د عددف هددب هددرل تش د ر ع ددا ددذا الش د وُ، واالعتقاد هن الممكن أن يكون لشخص ،ذهرى ،أو وطن. هأاك دائ ًما تأ ن لشن ها ،عكرل تكس طر علدى الدذهن ،تل دب الدرو تت لد دا ،تل دب الأفس ُاضد عد شل ،دون عد بُ ،أد أن اعدتشعا ذلد االعتقداد يل دب هدن الحدكن عال ًما نسكن ع ه ،ونخ ر هن تولأا "أن ا ل ست ُأ عدف ال دش ،لكأ دا تااد انتدكان للرعاي عأشها تتكاثر". اال ت اق ،قش يكون ن م أو نقم على تسب الشن الدذي نشدتاقه ،علدو هدان خ ً دا ي ب الوصول إل ه ،س ب نس انه لأا ،نظب نلوم أنفسأا على هلدرد تدذهرنا لده ،وإن هان ا ت اقًا لواقع نود أن ن شه ونت ايش ه ه ،يل لأا ذل نشخب عدف دهدال ك أتنهأدا لكى تسوق لأا انقشاُ واق ًا يش ه ذل الذي نتمأاو. كهلاهشل الأفس عف التغلب على ا ت اق ا ،ت ك ب انهوُ أهثدر وأهثدر ،وقدش تكيدشها عو ً ا أن تل لأا هن المستح ب أن نأسى ،يقولون الأس ان ن م هن المولى عدك وادب، وهى تق ق نحمشو ع حانه وت الى عل ا عف هث ر هن انت ان ،لكن عف ض انوقات تللس هع نفس وتظب تشعو أن ال يأتف يوم عل تأسى ع ه هن تفتقش ،هن تشتاق ،هن تحن إل ه وي لك اسشك عن الوصول إل ه ،وال ي قى لشي هن أهب عدف التواصدب ه ده عوى تذهرو ،رأ أن ذل قش يللب عل هن المتاعب الشن الكث ر. لكب ن تكم ،وتكمد االعتقداد عدف اعتقدادي ،تكيدش ال دل أد و د ن هدن تفتقدش، وتل ل ال تقشُ عوى على تذهر هب لحظ ُائ هرت ه ده ،أو هدن خنلده ،هدى تكم هللا عف أن نح ا على ذهريات ام ل تكنزهأا عف ُتل عمرنا. اعتقش هما ئت ،ا تاق هما ئت ،عأنت ال وم تفتقدش وأدشًا عد أتف الدشوُ عل د لكدى يفتقشك أ رك ،ووقت ا عتتمأى لو لد يشد ر هدن يفتقدشك مثدب د وُك ت أمدا ا دتقت، لكأ ددا الح ددال ،تل لأددا نشددتاق وهشددتاق ن ،تل لأددا نفتقددش ونكددون هفتقددشين ،الحأدد ن دا عقمه ،وقت ا عتقول "وداونف التف هانت هى الشا ". ودوا ،وتت ًما ع
حديث الروح الغربة لم تكن أبدًا ذلك اإلحساس الذي نعيشه خارج أوطاننا ،غربتنا تكمن دائ ًما داخل أنفسنا ،ولهذا فمعظمنا يعيش مغتربًا وهو موجود على أرض الوطن. اغتراب النفس ،شعور صعبْ ، أن تكون مغتربًا عن كل ما تؤمن به ،عن كل ما عالم مختلف جدَّ تعودت عليه ،وعن كل ماتربيت عليه ،لتجد نفسك فجأة ً تعيش في ٍ االختالف عن كل ما حلمت به لمستقبلك. حلمك في ْ أن تدرس ما تحبه ،تعمل ما ترغب في القيام به ،سعادتك في القرب بمن يهوى قلبك ،وتأتلف روحك له ،فيظل هذا هدفك األوحد الذي يالزمك في صحوك ونومك ،فال هو يمل منك وال أنت تتعب من كثرة التفكير فيه. وطنك الروحي ،سكينة يلزمك سنوات كي تكتشفها وتكون تلك هدية المولى ّ عز وجل لك عندما تتمكن من الوصول إليها إما بعد وقت طويل ،أو قصير ،المهم ْ أن يكون لديك القدرة على الوصول في نهاية المطاف. بعضنا ينعم بتلك النعمة والبعض اآلخر ال يحظى بها ،فيضطر ُرغ ًما عنه إلى ْ أن يشعر بأنه مغترب عن ذاته ،عن روحه التي باتت غريبة عنه ال يعرف ماهيتها ،وال ماذا تريد ،ويستمر إحساسك بالضيق ،وبعدم قدرتك على التأقلم مع الحياة التي تعيشها ،فتكون النتيجة إصابتك بالعديد من األمراض النفسية والجسمانية ،وأنت ال تدري كيف حدث ذلك ،ولماذا؟! ،فتظل تدور في حلقة ُمفرغة من األلم والتعاسة. اكتشاف ما تصبو إليه النفس ،يوفر الكثير من المشقة على االنسان ،يُريحه من عناء المتاهة التي يضع نفسه فيها دون ْ أن يدري ،يُنقذه من حيرة ال يعلم ُمنتهاها راض عن نفسه ومن حوله ،يتغلب على أي صعوبات ستواجهه ال سوى هللا ،تجعله ٍ بنفس راضية ُمتقبلة قضاء المولى سبحانه. محالة في معترك الحياة ٍ ال تبحث عن سعادتك في أي شئ خارجي ،فتش عنها دائ ًما داخلك ،فمن المؤكد أنك ستجدها هناك تنتظرك ،تفرد لك ذراعيها على مصراعيهما كي تضمك إليها رافضةً تركك تفلت من بين أناملها ،لتهمس في أذنيك أنا سندك ومالذك ،وموطن راحتك ،وتذكر دو ًما أنها ستكون سالحك الوحيد في وجه أي اغتراب ستواجهه في ِحلك وترحالك ،فهي سر الحياة وصبرك على تقلباتها.
دعوة للحب الحب ميزان العقل والقلب ،فبدونه ال يُمكن التحكم فى قرارات العقل ،وبدونه يُصبح نبض القلب خالى من الحياة ،وكالهما المسئول األول والرئيسى عن حكمة اإلنسان التى يحيا بها. وفى زمننا هذا الذى نعيشه ،ومع األحداث الجسام التى تمر بنا ،ال أعتقد أن للحب المكان الرئيس فى عالقات الناس بعضهم البعض ،وكأننا أصبحنا كالجماد ال تعترينا أى مشاعر ،وال تُصادقنا أية أحاسيس ،فحكمة اإلنسان أصبحت موتورة ،وتصرفاته لم تعد مسئولة ،فكيف لبشر على وجه األرض أن يَكن ذرة حب واحدة ألى شخص آخر وتكون طباعه وأخالقه بهذا الشكل؟!! ،بل أكاد أجزم أن من ال يحمل بداخله معنى للحب ،ال يستطيع أن يُحب نفسه .الحب شعور مشترك يتبادله طرفان ،أو مجموعة من األطراف ،وهو ليس كلمات فقط نتداولها بين ألسنتنا ،لكن هو فى األول واألخير موقف ،فعل ،فكثيرة هى الكلمات ،لكن عندما يتعلق األمر بالحب تُصبح المواقف واألفعال قليلة .فمثالً ،جميعنا نتغنى بحب الوطن ،ونشدو فى حبه أعظم الكلمات واأللحان ،وعندما تحين اللحظة التى يجب فيها إثبات هذا الحب ،تجد الشعارات المرتبطة ب ُكنهه هى المتوفرة ،فأين العمل؟ وأين الدليل على صحة هذا الحب؟! ال أدرى .حتى فى عالقة أى شخصين ،تكون الكلمات هى المهيمن األكبر على برهنة الحب من كال الجانبين ،وعند أول أزمة تقف حائالً بين إتمام هذا الحب، تجد العواصف العاتية تضرب باألخضر واليابس هذه العالقة ،ألن الكلمات وحدها ال تكفى عندما نشعر بالحب. فى هذه الحياة قد ال تقع فى الفعل ،ولكن من الممكن أن تصبح مفعوالً به ،وقد تكن من المحظوظين وتكون فاعالً ومفعوالً به ،وقد تصير سىء الحظ فال تكن ال فاعالً كثيرا على عدم دخولك هذا العالم ،وستفقد بالتبعية الكثير وال مفعوالً به ،وقتها ستندم ً من إنسانيتك ،فكون المرء إنسانًا مرتبطا بشكل حتمى بلفظ الحب .إنها دعوة للحب، دعوة لكى تُصبح إنسانًا فاعالً فى مجتمعك ،شغوفًا فى تعامالتك ،رقيقًا مع نفسك، ُمهذبًا فى أخالقك ،ساميًا فى تصرفاتك ،ولن ينصلح ما بداخلك إال لو جربت حقًا أن تُحب ،وقتها ستعرف المعنى الحقيقى لحياتك.
كيميا الحب الحب ،هو تلك الطاقة التي تَغمرك بمجرد التفكير في شخص ما ،طاقةٌ دائ ًما ما تكون إيجابية ،تدفعك لإلمام ،تُغير فيك كل ما هو سلبي؛ لتجعلك انسانًا آخر وكأنك أتيت من زمن مختلف. وعندما تجد ذلك الشخص الذي تشعر معه بكل تلك األحاسيس المميزة ،ال يمكنك سوى ْ أن تكون معه ،ففكرة التخلي تنعدم حتى مع وجود صعوبات أو عوائق ،قد تمنع تواجدكما م ًعا في هذه الحياة ،ويبقى كل ما َيشغلك هو كيفية قضاء باقي عمرك القادم مع ذلك الشخص ،هو فقط دون غيره من الناس. لكن ُمجتمعنا في بعض األحايين قد تكون نظرته لهذه العالقات غريبة إلى ح ٍد ما، ال يتهاون في التشكيك والتأنيب ،وذم طرف من الطرفين ،كيف ارتبطت بهذه أعجبك في هذا الرجل؟! ،أليس هناك على هذا الكوكب أحد ٌ الفتاة؟! ،ما الذي ِ ت هذا الفتى؟! ،وتظل التساؤالت تنخر في سواها؟! ،أين كانت عيناك عندما اختر ِ ِ أليام كثيرة ،وكأنها جريمة أقدم عليها عضد العالقة ،وتبقى مادة ُمثارة على االنترنت ٍ الطرفان – ْ إن كانا لديهما شهرة ما في مجال معين – لتُنغص عليهما سعادتهما لبعض الوقت. حدث ذلك من قبل ،عند إعالن خبر زواج أحمد حلمي ومنى زكي ،وقتها قامت الدنيا ولم تقعد ،واستمر جزء من المجتمع َيكيل ل ُمنى االتهامات على أنها قد فقدت عقلها بقرارها الزواج من حلمي ،ورغم كل ذلك لم تلتفت " ُمنى" لكل هذه األمور السطحية ،فقد كانت تحب ،ومقتنعة تما ًما بمن تُحبه ،وترغب بشدة في مواصلة حياتها ق نظرة سريعة على الثنائين ،ماذا ترى؟! هل تستطيع ْ أن تُفرق بين معه -اآلن -أل ِ أحدهما؟! ،وكأنهما امتزجا م ًعا في بوتقة واحدة ،انصهرا فيها دون هذا العالم الذي رفض زيجتهما من قبلَ ،حلّقا بمفردهما في سماء المشاعر التي ربطتهما ،اتحدا معها واتفقا ضمن ًيا على ْ أن يكونا دائ ًما وأبدًا روح واحدة في جسدين ،ما هذه الروعة!!. ولم يصمت الناس عن هذا العُقم الفكري حتى يومنا هذا ،فنجدهم يندهشون من خبر زواج إيمي سمير غانم وحسن الرداد ،ليتهم البعض الرداد بالجنون عندما َرغب في الزواج من إيمي ،فهي ال تُناسبه شكالً ،هل تتخيلون إلى أي مدى أصبح ُمجتمعنا كثيرا عن سطح ًيا – لن أقول المعنى اآلخرُ ،رغم أنه األدق – واليوم سيتحدث الناس ً زواجٍ آخر حدث بين النجمين ِكندة علوش وعمرو يوسف ،ليثرثروا عن عدم التكافؤ الناتج عن هذا الزواج. الكارثة في نَظرة الناس في ُمجتمعنا لهذه العالقات ،أنهم يكونون هم أنفسهم -في بعض األوقات -في مثل هذه الحالة من الحب ،ال يرون وال يسمعون وال يتحدثون إال
بلسان ُمحبيهم ،يرغبون دو ًما في البقاء بجانبهم ،ال يهمهم أي كالم أو همسات أو لمزات ،تسخر من التوافق في هذه العالقة ،فال السن وال الشكل ،وال المواصفات أمرا ،وتكرهونه في ال ُجسمانية تَهم عند اختيار من نُحب ،فلماذا إذن ترضون ألنفسكم ً غيركم؟! ،ألم تشعروا بمثل ما شعروا ،ألم تتألموا من كثرة القيل والقال مثلما تألموا؟! ،ألم تتعذبوا من فكرة الفراق في حد ذاتها وكنتم تبغضونها وبشدة؟!. كيميا الحب ستظل دو ًما غير مفهومة ،مجهولة الهوية ،لن نعرف يو ًما متى تحدث ،وكيف تحدث ،ومع من ستحدث ،فال تشغل نفسك في البحث عن أسبابها؛ َّ ألن الحياة أقصر من أننا نواصل مراقبة غيرنا وننشغل بهم ،إذا أردت أن تنشغل فانشغل بذاتك أو بمن تُحب وتهتم ألمره ،ودع الخلق للخالق ،فهو وحده من يؤلف القلوب، ولتعلم َّ أن الكمال هلل وحده ،لكنه سبحانه يجعلنا نرى من نُحب بعين الكمال برغم النواقص الموجودة في النفس البشرية ،وهي حكمة ال يعلمها إال هو ،فلماذا نُرهق أنفسنا في البحث عن أسبابها.
همسات روحانية أن يحيا بعيدًا عن وطنه أو ً أن يخوض تجربة االغترابْ ، كثير منَّا يتمنى ْ ال، ٌ وأسرته ثانيًا ،ولسان حاله عندما يسرد أسبابه "في السفر سبع فوائد" ،واعترف أني من هؤالء الذي تمنوا العيش بعيدًا ،ألسباب عديدة جميعها ال يمت بصلة لفكرة َّ أن للسفر سبع فوائد ،لكني جل ست مع نفسي في لحظة هدوء ،وبدأت أقص عليها الرواية، رواية الغربة ،ما الشكل الذي ستصبح عليه حياتي وما الفائدة ال ُكبرى التي سأجنيها من وراء االغتراب. الحكاية ستبدأ ،مع أول يوم سفر ،أمكث وحيدة في غرفة فندق ُمثقلة بأفكار كثيرة حول افتقادي ألسرتي ،والتعب الذي أشعر به من جراء السفر ،والخوف من السير مسكن في المدينة الكبيرة التي ال أعلم عنها شيئًا ،وكيف سأتدبر حالي من البحث عن ٍ ُمناسب ،إلى تَحمل مسئوليتي كاملة ،وبعد كل هذه األسئلة أجدني ُملقاة على سريري نائمة مع أهل الكهف. وبعد أن أتمكن من إيجاد المسكن المالئم – نو ًعا ما – تبدأ دورة الحياة اليومية، أو ْ إن صح القول "دورة تحمل المسئولية" ،المسئولية التي كنت ألقيها على عاتق ي أن "أنعى هم نفسي" ،فأنا من سأطعمها ،وأقوم بكل الواجبات والدتي ،فيجب عل َّ األخرى من ّكي ٍ للمالبس بعد غسيلها – طبعًا – ودفع الفواتير ال ُمستحقة من كهرباء ومياه ،وإيجار الشقة ،والتسوق وإحضار ما يلزم البيت ،وما يلزم احتياجاتي بكرا؛ من أج ِل العمل أو الدراسة ،أمور عدة لم أكن الخاصة ،والهم األكبر االستيقاظ ُم ً أتخيل ولو للحظة أني سأعاني منها ،أو أقوم بها. وبعد فترة من العذاب النفسي والجسماني ،تظل تردد بينك وبين نفسك يا هللا ألهذا الحد والدتي كانت تحمل عني أشياء قد تبدو أنها بسيطة لكنها مع تكرارها ،لتصبح روتينًا يوميًا لم تعد بسيطة أبدًا – بل كبيسة وكبيسة جدا – فتقول نعم أريدك يا أمي، أريد حياتي األولى ال تلك التي أردتها وبشدة ،فخسرت معها كل ما هو جميل لكني لم أتنبه وقتها لمدى جماله وروعته. األمنيات دائ ًما ما تتعلق بفكرة أنها التنفيس األول والرئيس عن همومنا ،وما نتكبده من مشقة الحياة – لكن – أمنية االغتراب تحديدًا لن تكون صائبة أبدًا إذا ما كان هدفك منها التخلص فقط من حياتك الشقية العابسة في بلدك ،والمثل الذي يقول "الغربة ُكربة" سيتأكد ال محالة وأنت تعيش وحيدًا بعيدًا عن أهلك ،حتى لو جلست في سكن مأهول بغيرك ،فالنفس الذي يخرج من أى فرد من أسرتك وأنت معهم بالدنيا وما فيها ،وجدتني بعد كل هذه "الهمسات" أو لنقل "الشخبطة النفسية" ،أتيقن من َّ أن أى أمنية أريدها لن تتحقق ويكون لها معنى ،إال إذا تشاركتها مع وطني
األصغر أسرتي ،وساهمت بها في عم ٍل ينفع وطني األكبر "مصر" ،عودوا أنفسكم على تحقيق أمنياتكم هنا ،فمن هنا فقط يبدأ الحلم.
المصلحة المصلحة ،تعريف ُمهذب نو ًعا ما ،النعدام األخالق في أى مهنة ،هذه الكلمة استطاعت وحدها تفريق األصدقاء وجعلت منهم أعداء ،لمجرد اشتراكهم في نفس التخصص المهني ،هذه الكلمة استطاعت أن تجعل مصائر دول في يد دول أخرى تُصرفها كيفما تشاء. ال أدري العيب فينا كأشخاص وفي نفوسنا الضعيفة التي تجري وراء الكسب السريع ،والرغبة في تسلق السلم دفعة واحدة ،دون صعوده درجة بعد أخرى ،أم في الظروف التي تُحتم على االنسان أن يُغير مبادئه حتى يُروض األشياء على حسب ما يتراءى له من تحقيق أحالمه ،لدرجة قد يفقد معها هويته ،ويصبح إنسانًا عديم األخالق ،بال ضمير ،ينساق وراء طموحهُ ،محط ًما كل العقبات التي تقف أمامه، حتى ولو كانت على حساب أعز الناس لديه. يقولون المصالح بتتصالح وهى حقيقة واقعة لألسف الشديد ،حتى في سياسات الدول نجدها وبكثرة ،وبوضوح تام ،األهم هل لي بمصلحة مع فالن؟!! ،إذن فلنكن أصدقاء – بشكل مؤقت – لتتم االستفادة وليكن ما يكون بعدها ،حتى لو انقلبنا وأصبحنا أعدى األعداء ،واألمثلة ال تُعد وال تُحصى عن تحالفات قامت في السر والعلن على مدار التاريخ ،من أجل "المصلحة" ،فلم ال والمصلحة تتنافى مع الفعل األخالقي ،وهل علينا أن نقلق من كلمة "أخالق" عند حديثنا عن المصلحة؟!!، بالطبع ال. كثيرا من الدوافع التي تختفي وراء هذه الكلمة ،فبسببها فقدت في عن نفسي تألمت ً كثير من األحيان المعنى الحقيقي للصداقة ،وبسببها عجزت عن تصحيح مفهوم الناس عني لمجرد أني من النوعية التي ال تتنازل عن مبادئها تحت أى ُمسمى أو ظرف ،وأصبحت أُعاني من وحدة – اعتبرها صديقتي األعز اآلن – تؤنسني وتمأل على حياتي ،وتعلمت منها ،أن جلوسك مع نفسك أفضل ألف مرة من جلوسك مع نفس هَمها األول واألخير "في بحثها عن المصلحة". لذا في اعتقادي يمكن تعريفها :بأنها الفعل الالأخالقي الذي ينتج عن موت ما يُسمى بالضمير ،لتحقيق غرض ما ،دون النظر إلى أى اعتبارات إنسانية ،فقط عليك أن تُرشدني إلى بداية الطريق ،وال تقلق فحين تتوافر لدى كل مقوماتها ستجدني أصل إلى النهاية بنجاح كبير ال محالة ،كفانا هللا وإياكم شر من يتعاطاها ،فهى كاإلدمان، متى بدأ االنسان تعاطيها ،ال يُمكنه التوقف عنها.
التقدير التقدير كلمة قد تبدو للوهلة األولى سهلة المعنى والفعل ،لكنها في الحقيقة صعبة كثيرا أمامها ،وتفكر أكثر قبل أن تُدرك ما أنت ُمقبل عليه عندما لدرجة تجعلك تقف ً تخوض في شرحها أو توضيح كيفية تنفيذها مع الغير ،وعن مدى تأثيرها عليك بالسلب أو اإليجاب. التقدير معنوي قبل أن يكون مادي ،لذا فالشعور اإليجابي الذي نحصل عليه من كثيرا بالحالة النفسية التي تؤثر علينا ،ومن هنا جاءت أهميته، "فعل" التقدير مرتبط ً ألننا كلما تم تقديرنا ممن حولنا ،زاد إقبالنا على اإلجادة في العمل ،وتجددت طاقاتنا وتوسعت أنشطتنا ،ليُصبح أفقنا السماء. ولألسف رغم أهمية فعل التقدير جدًا لتنمية المجتمع ،وإدارة عجلة اإلنتاج ،وخلق روح اإلبداع لدى الشباب ،إال أنها دائ ًما ما تقف عند المصلحة القترانها بشكل وثيق باألشخاص ،مع أنها من المفترض اقترانها مع الفعل الجيد كمكافأة يحصل عليها من يجتهد ويقدم شيئًا يستحق اإلشادة به ،لكن في أغلب األوقات يحدث العكس ،بمعنى أن التقدير واإلشادة والدعم المعنوي أو حتى المادي ،يأخذه من ال يستحق ،لمجرد أنه األقرب لفالن صاحب المناصب العليا ،وألن من يستحق غير ُمرحب به داخل محيط عمله بسبب انهماكه في عمله غير عابئ بمن حوله ،فيعتقد من حوله أنه مغرور أو متكبر ،فتُحاك له المكائد ،ويتم االصطياد له في الماء العكر ،فتنقلب الدنيا وال يدري لماذا مع أنه يقوم بعمله على أكمل وجه ،وال ينتظر شئ سوى "التقدير". والسؤال الذي يطرح نفسه ،هل صعب علينا كمسئولين أن نُقدّر من يستحق التقدير دون أى مصلحة ،طالما أنه يُعطي دون مقابل وال ينتظر كلمة شكر ،بل هو يعلم جيدًا أن ما يفعله واجب عليه ،وحق للغير؟. األمم ال ترتقي إال برفع شأن من يجتهد ويكد ويعمل ،وكيف لنا برفع شأنه إال لو أعطيناه حقه من التقدير؟!! ،تلك هى مكافأته معنوية كانت أم مادية ،وأنا مع المعنوية كثيرا ،ال ُ شح أكثر ألن مفعولها يدوم طويالً عكس المادية ،التي ال يستمر تأثيرها ً والقتور والبخل بهذه الكلمة ،له نتيجة سلبية علينا ويجب أن يعلم ذلك صاحب المنصب ،األستاذ مع تالميذه ،والمديرأو الرئيس في العمل ،وعليهم أن يعووا أنهم كانوا في يوم من األيام شخصيات مجهولة ال يعلمها الكثيرين ،وبتقديرهم أصبحوا في هذه المكانة ،ويجب أن يتعاملوا مع غيرهم بنفس هذا المبدأ(مبدأ كنّا وصرنا) ،ليتهم يفهمون معناك أيها التقدير ،فنحن من دونك نصبح كالدمى يُحركنا غيرنا لمصلحتهم، يأخذون منّا ما يريدون ،يُسلبونا ثقتنا بأنفسنا ،ويتركونا لخيبة األمل تفترسنا كيفما تشاء.
األقنعة المزيفة كنت أعتقد أن الكتابة عن شئ أعرفه هو أمر سهل جدًا ،وال يحتاج إلى الكثير من التفكير؛ ألن يسيرا كان األلفاظ التعبيرية ستنساب منك كسريان الماء في الوادي الجاف ،إال أن ما ظننته ً أصعب من أى شئ آخر أعلمه أو أُجيده ،عندما قررت الكتابة عن أشخاص أعرفهم ،وقتها فقط علمت أني لم أكن أعرف شيئًا عن الكتابة ،أو عن هؤالء األشخاص. لربما ما جعلني بهذه الحالة ،الناس أنفسهم ال عدم استطاعتي الكتابة ،فطبيعة الناس غير مفهومة صا لسنوا ٍ ت طويلة ،لنكتشف فجأةً أننا أمام أغراب ال نُجيد التعامل حقًا ،نظن أننا نعلم أشخا ً معاهم وعلينا أن نبذل أقصى ما في وسعنا لكى نفهم ما يجول في أذهانهم ،وما تُخفيه ضمائرهم، إنها رحلة مرهقة ،متعبة ،مكلفة ،مرهقة ذهن ًيا ،متعبة جسد ًيا ،ومكلفة صح ًيا ،فهى تأخذ منك كل شئ تقريبًا ،وال تُعطيك سوى صدمات ،صدمة تلو األخرى. كيف عرفناهم؟ كيف ارتبطنا بهم؟ كيف توهمنا أنهم معنا قلبًا وقالبًا؟ كيف انسقنا وراء مشاعرنا كثيرا لكى نعلم حقيقة ما دون تفكير في مواقف حدثت ،كان من الضروري الوقوف أمامها ً نواجهه؟ أسئلة كثيرة ال ه َّم لها سوى اعتصار ذهنك ،دون فائدة؛ ألنك لن تجد اإلجابة الشافية الكافية عن ماهية أى شخص عرفته مطلقًا ،كل ما في استطاعتك وقتها أنك ستنفجر غضبًا على نفسك التي ضيعت كل هذا الوقت معهم ،على روحك التي تعلقت بهم وهم ال يستحقون هذا ق باالً أن تُعطيه فرصة واحدة لكى يُفكر في التعلق ،على عقلك الذي شغلته ً كثيرا بأمورهم ولم تُل ِ تصرفاتهم معك ،فتدرك في نهاية األمر حقيقتهم التي َعميت عليك. الكتابة عن شخص تعرفه أشبه بالدخول في حقل ملغوم ،فال أنت قادر على التوغل فيه وال أنت قادر على الرجوع بظهرك إلى نقطة البداية ،فتظل عالقًا في مكانك غير مستوعب لطبيعة ما يحدث ،فاقد القدرة على التعبير عن ما يجول في خاطرك ،تتصارع بداخلك الكثير من الهواجس تجعلك في حالة استيقاظ مستمرة؛ ألنك لو أغمضت عيناك ولو للحظات سيمر الشريط أمامك وتكرارا وستلومها على غبائها ،وتظل تلعن اليوم الذي مرارا كئيبًاُ ،مري ًعا ،وستكره معه نفسك ً ً عرفتهم فيه ،وفي نهاية المطاف لن تُعلمك التجربة ،نعم ستبتعد عنهم ،لكنك لن تستطع االبتعاد عن الناس جميعًا ،وستتكرر األحداث بشك ٍل متوالي ،كأنها حدثت البارحة فقط ،سيناريو غريب – لكن – فليقل لي أيًا شخص أنه لم يحدث معه ،فمن الواضح أن تعذيب النفس بتجاهلنا حقيقة أى شخص نحبه هى عادة درجنا عليها ،وسنظل نحيا بها ،طالما أن اآلخرين يرتدون أقنعة روحية وظاهرية مزيفة ،وطالما نحن نتعمد أن نعشق مالمحهم بهذه األقنعة.
االختيار االختيار كلمة قد تبدو سهلة الفعل للوهلة األولى ،لكنها من أصعب الكلمات التي من الممكن أن تقوم بالفعل أو بالعمل كله ،فاالختيار في معناه الظاهري يعني أن تكون لديك الحرية المطلقة في أن تختار ما تود أن تفعله ،أن تختار من تحب ،أن تختار ما تعمله ،أن تختار ما تدرسه ،حتى ولو كان هذا االختيار له عالقة بالكره، طالما فعل "يختار" موجود فأين الصعوبة في ذلك؟!!. ولإلجابة على هذا السؤال ،علينا أن نفهم أننا من الممكن أن نختار ما نود أن نعيش حياتنا به ومعه ،لكن في كثير من األحيان يصبح هذا االختيار حلم صعب نظرا لوجود ظروف عديدة قد تساهم في استحالة تحقيق هذا االختيار، المنال؛ ً وتُصبح الحكمة التي تقول "تأتي الرياح بما ال تشتهي السفن" واقع مرير يفرض نفسه على عالمنا. هل المشكلة في التوقيت؟! ،بمعنى توقيت اختيار للشئ هى المشكلة في حد ذاتها، صا تشعر معه أنه رفيق دربك في حياتك القادمة ،وأنه الشريك فمثالً قد تُصادف شخ ً المناسب لكَ ،لكن تضطرك الظروف إلى التنازل عن هذا الحلم ألن توقيت مصادفتك له غير مناسب ،وقتها تقول يا ليتني عرفته من قبل ،أو لوظيفة أحالمك فتقول يا ليتني قدمت لها قبل فالن؟ نعم أعتقد أن المشكلة تكمن في التوقيت ،هنا ال يصبح لالختيار معنى أو مفهوم، بل تكون للقدرية مفعول السحر ،فرغم اختياراتنا الكثيرة في شئون حياتنا المختلفة، إال أن القدر يُنظم ويُرتب ويُدبر لكَ أمورك دون أن تشغل بالك وال تنعى الهم مع فكرة لماذا لم أقابله في وقت سابق؟ لماذا لم أتقدم للوظيفة في وقت سابق؟ لماذا درست هذا التخصص ولم أدرس ذلك؟ لذا علينا في النهاية أن نتركها هلل ،نعم نحن نتمنى ونسعى ونشتاق ونحلم بالعديد من األشياء ،لكن لو لم يكتبها هللا لنا علينا أن نعي هذا المفهوم "أنه اختيارنا ولكن بتدبير من هللا عز وجل" ،فيجب علينا أن نرضى به وال نحزن ،فإن أمر هللا نافذ مهما فعلنا.
ْ أن تُصادق فكأنما حيزت لكَ الدنيا وما فيها في حياة كل م ّنا أشخاص لهم دور حيوي ومهم فى حياتنا ،إما بالسلب أو باإليجاب ،هذا التأثير نتعود عليه لدرجة ال يمكن معها االستغناء عنهم ،لذا يجب علينا اختيار هؤالء األشخاص بالشكل الذي يجعل لحياتنا معنى ،فكيف يحدث ذلك خاصة مع وجود عالم افتراضي يس ّمى فيس بوك أو تويتر ،ومع عالم اإلنترنت عموما؟!. الصداقة الحقيقية يمكن الحصول عليها فى أي وقت وزمان ،علينا فقط أن نبحث عمن يتشابه معنا فى طباعنا وميولنا ،من يحفزنا ويدفعنا لإلمام كى نتقدم ،من يسعد لنجاحنا ،من يعطينا النصح واإلرشاد بنية حسنة ال سوء فيها وال أى غرض خبيث. صديقك من يصدقك القول ،من تجده معك أينما ذهبت يسير بجوارك ،ال يسأم أبدا من سماعك ،ال يمل من ثرثرتك ،يشتاق لحديثك ويتواصل معك حتى وإن كان منشغل بأموره اليومية ،نحن نعيش عالما صنعناه بأنفسنا مع الشبكة العنكبوتية ،فلماذا ال نستغله االستغالل األمثل فى التعرف على هذا الصديق؟! ،وعندما تجده ستكتفي به عن كل من تعرفهم ،ليس ألنك أحسنت االختيار ،بل ألنك استطعت تحقيق المعادلة الصعبة فى عالم خلقته لنفسك وتعايشت به ومعه. لذا دقق فى اختيار من تصادقهم في هذا العالم ،وال تطلق لفظ "صديق" إال على من يستحقه -من وجهة نظرك -التي يجب في نفس الوقت أن تتوافق مع وجهة نظره هو اآلخر؛ ألن إدعاء الصداقة من الطرف اآلخر سيجلب عليك الكثير من المشاكل مع من ارتاحت له نفسك ،لكنه لم يأخذك على محمل الجد ،لم يفكر فى مبادلتك ثقتك به ومصارحتك له بكل ما يدور فى خلدك ،فتصبح هذه الصداقة وباال عليك ،وه ًّما يجعلك تدعو هللا معه أن يفرجه عليك؛ ألنك لم تستطع تحمل مشقته أكثر من ذلك. عن نفسي وجدت هذا الصديق في عالمي االفتراضي ،صديق يصدقني القول والفعل ،احترامنا وتقديرنا لبعضنا البعض متبادل ،هو بالنسبة لى كتاب مفتوح ،وأنا كذلك بالنسبة له ،يتمنى لى الخير في كل وقت ،وأنا كذلك ،وأدعو هللا أن تدوم مودتنا وصداقتنا آلخر العمر إن شاء هللا ،ففي ذلك راحة ال يمكن وصفها ،أن تجد ذلك الشخص الذي تشعر معه وكأنك تتحدث مع نفسك ،في زمننا هذا ومع الصراعات التي نشهدها في حياتنا ،عز وجود هذا الصديق بيننا ،فما بالك لو كان العثور عليه في عالم افتراضي ،هذه وبحق نعمة كبيرة توجب الشكر. الصداقة ،رغم قلة حروفها ،إال أنها تحمل في طياتها معان كثيرة من الصدق، والصبر ،والخلق الطيب ،وتحمل المسئولية ،واألمانة في حفظ أسرار هذا الصديق، حتى وإن انتهت صداقتكما ،والوفاء ،وحسن التصرف ،وهى صفات لو تواجدت في
اثنين على هذا الكوكب لهانت الدنيا وما فيها أمام صديق صدوق يقدّرك ويحترمك والضراء، السراء ويفهمك ،ويحرص عليك وعلى مصلحتك ،ويبقى معك في ّ ّ مصائب الدرب ال يهونها إال وجود شخص في حياتك تأمنه ،وتألف إليه ،ساعتها فقط ستدرك جيدا معنى الصداقة التي إن قصرت فيها ولم تعطها حقها عليك ،فال تلومن إال نفسك.
فن التعامل مع الغير يقول المثل الشعبي "تعرف فالن؟ ..آه أعرفه ..طب عاشرته؟ ..ال ما عاشرتهوش، فتكون النتيجة يبقى ما تعرفوش" ،حقيقة واقعية لخصها مثل شعبي توارثته أجيال عديدة عن صعوبة – بل استحالة – معرفة شخص بشكل جيد قبل التعرف عليه عن قرب، ومعرفته بشكل كامل وصحيح فيما يخص عاداته وطباعه وسلوكه وأخالقه ،ونظرته لألشياء ،وطريقة تفكيره. في عالمنا هذا ،أصبح التعامل االفتراضي هو الوسيلة الوحيدة للتعرف على ضا الوسيلة ال ُمثلى لقضاء معظم الوقت معه ،والتحدث ،لكن مع األسف الشخص ،وهى أي ً برغم طول الوقت ،وبرغم كثرة المحادثات ،وبرغم تيقنك الشديد من معرفته بشكل ال صلة النهائية ،صدمة يساورك أى شك فيه ،وقد تُجادل من يُخالفك الرأى عنه ،تكون ال ُمح ّ كبيرة عندما تجد نفسك أمام سقوط القناع األخير ،فتتفاجئ بما يُخبئه لك القدر عن هذه الشخصية. حتى في التعامالت اليومية ،زمالء العمل ،زمالء الدراسة ،هناك دائ ًما شئ خَفى قد سا على عقب ،ويُغير مفاهيمك وحساباتك تجاههم ،ألنك ببساطة لم يقلب الطاولة رأ ً تُعاشرهم ،لم تعرفهم بشكل ُمقرب ،لم تُشاركهم الكثير من االختبارات الحياتية ،لتنكشف لكَ حقيقتهم ،إذن فالعيب فيك – نعم فيك – ألنك تهاونت في حق نفسك عندما سمحت لهم بالتقرب منك ،سمحت لهم بالدخول إلى عالمك ،سمحت لهم باختراق تفكيرك وشغله بأمورهم ،سمحت لنفسك باالهتمام بهم ،دون أن تُفكر ولو للحظة واحدة ،هل أنا في حياتهم فعال؟! ،هل أشغل مساحة ولو قليلة من تفكيرهم؟! ،هل أمري يهمهم؟! ،أسئلة كثيرة لو كان في استطاعتك اإلجابة عليها قبل فوات األوان ،لما حدثت الصدمة ،بل ستتحكم وقتها في جميع المفاتيح التي تجعل عالقتك بهم متوازنة ،فال ضرر وال ضرار، تلك هى المعادلة الصعبة ،فعلى قدر فهمك ،تكن سعادتك في التعامل مع اآلخرين ،وعلى قدر طيبتك ،يحدث لك ما يحدث من إهما ٍل وتحقير ،واعتما ٍد عليك في كل األمور صغيرها وكبيرها ،حتى أنك قد تتحمل مسئولية أشياء لم تقم بها ،لمجرد أنك تحميهم أو تُغطي عنهم ،فهى حماقة منك ،لكنها الطيبة ،التي قد تفعل أسوأ من ذلك ،وتجعلك ال ترى بواطن األمور وحقيقتها. إذن ما الحل؟!! ،الحل أن تجعل بينك وبين من تتعامل معه المساحة ،التي ال تسمح أن تُدمر بها نفسك ،أن تجعلك ذو قيمة في عينه ،فال يُمكنه أبدًا التخلي عنك ،ويضعك في منزلة تستحقها أنت ،هذه هى الخالصة في فن التعامل مع الغير ،وهى في نفس الوقت نصيحة غالية من شخص جعلته التجربة يُدرك أن الحياة ليست سهلة مثلما كان يعتقد، وأن "قلوب الناس ليست الجنة ،فال تتعب نفسك من أجل البقاء فيها".
مفهوم الجمال في ثقافتنا َّ يحب الجمال ،مقولةٌ نتذرع بها دائ ًما ،إذا ما أردنا وصف شخص ما إن هللا جمي ٌل ُ إما بجمال المظهر ،أو بقبح الشكل ،وفي كلتا الحالتين فنحن نتحدث بأعيننا ،عندما نتكلم عن الجمال ،وهو بذلك يكون جمال نسبي ،فليس كل ما يلقى إعجابك ،يُعجب غيرك بالضرورة. ومع ذلك ،فمفهومنا عن الجمال خاطئ جدا ،فأنت عندما تتذكر هذه المقولة ،يجب ألن هللا َّ فورا بـ "وخلقنا االنسان في أحسن تقويم"؛ َّ ْ عز وجل يُخبرنا في أن تُقرنها ً ُمحكم آياته أننا جميعًا ُخلقنا وبال استثناء في أحسن تقويم ،إذن ما الذي يجعلنا نوصف غيرنا بوصفٍ ال يليق عن شكله ،أو حتى نهيم عشقًا ونظل نتغزل بجمال أحدهم، اإلجابة بسيطة ،فنحن نحكم على هذا الشخص من مظهره فقط ،ونسينا تما ًما روحه، وطبعه ،وصفاته. نعم ،الروح وحدها هى التي تجعلك إما أنيقًا في أعين الناس ،أو عكس ذلك ،هى ما تجعلك جميالً فائق ال ُحسن ،أو تهبط بك إلى أقل درجات الجمال ،فيضطر من يراك يوصفك بكلمة واحدة المولى سبحانه وتعالى لم يخلق هيئتنا عليها "القُبح"، ونحن منها بُراء لكنك من وضعت نفسك في هذا الموضع من الوصف ،بتدني أخالقك ،وسوء ِطباعك ،وروحك التي اعتادت على الحقد والحسد والغيرة. كثير منَّا ال يصدق مثالً ،كيف َّ أن رجالً وسي ًما اختار فتاةً أقل منه جماالً – من ٌ وجهة نظر الناس بالطبع – لتكون شريكة حياته ،ويظلون يتغامزون ويتالمزون طوال مراسم الزفاف ُمندهشين من هذا االختيار ،وبالمثل بالنسبة للفتاة عندما تكون غاية في الجمال ،فترتبط بشابًا ليس وسي ًما بقدرها ،لن يسلما هما اآلخران من النميمة غير اللطيفة عن سوء اختيارها له ،ولم يعلم ال هؤالء وال أولئكَّ ، أن اختيار أحدهما لآلخر كان نابعًا في األساس على اختيار الروح والطبع ،ال على اختيار الشكل، اختار الطرفان من يتفق مع روحهما ،من يألفا إليه وتأنس حياتهما به ومعه ،من ستسكن إليه نفسه دون ضجر أو سأم ،أليست كل هذه األمور كافية الختيار شريك الحياة. أخبرنا رسولنا الكريم صلوات هللا وسالمه عليه ،عن الصفات التي تُنكح لها المرأة ،ولم يكن الجمال أولها ،وهو نفس الشئ إذا ما تحدثنا عن الرجل واختيار األنثى له ،الجمال نسبي أؤيد هذه المقولة ،لكن نسبيته ال عالقة لها بالشكل ،عالقتها األكبر بأخالقك وصفاء نفسك من عدمها ،الذي يظهر على وجهك فتبرز مالمحك ب أو باإليجاب ،بالقبول أم بالنفور. وقتها ،بالسل ِ
فكثير من عودوا أنفسكم على ال ُحكم على الغير عن طريق مخبره ال مظهره، ٌ المظاهر خداعة ،ومن تعمق أكثر وجد كل ما تمنى من صفات الجمال التي يرغبها ويصبو إليها ،سطحية االختيار لن تُجديك نفعًا ال في شريك حياتك وال في صديق نفس تشعر معها وكأنكما واح ٍد ال يقبل القسمة على عمرك ،فالحياة بحاجة دائ ًما إلى ٍ اثنين.
عن قيمة الحياة أتحدث تُعرف قيمة الحياة باألشخاص المتواجدين فيها ،ليس في عددهم بل بتأثيرهم على حياتنا ،األمر الذي يجعلنا – في بعض األحيان – نغفل عن قيمة هؤالء األشخاص؛ يوم من األيام، نظرا لوجودهم الدائم بقربنا ،ويُهيأ لنا أنهم لن يرحلوا عنّا أو يغيبوا في ٍ ً مهما تجاهلنا ولو قليالً أهميتهم لدينا. معرفة ْ أمر يبعث على االرتياح ال أن يكون أحدهم موجود ،و ُمتاح لكَ دائ ًما ٌ َمحالة ،فجميعنا بحاجة ماسة إلى االهتمام ،إلى من يستمع ،إلى من يُقدرَ ،يعذر، يُشعرنا بمدى احتياجه إلينا وأهميتنا – لكننا – عندما نعتاد على وجود هذا الشخص ونعتبره أمر ُمسلم به ،تُصبح النتيجة كارثية. العطاء ال يمكن ْ أن يسير في اتجاه واحد ،العطاء صفة مرتبطة بالمبادلة ،فالمنح يجب ْ أن يقابله منح من الطرف الثاني ،وعندما يظل االنسان يُعطي دون مقابل ،دون الشعور بقيمة ما يُعطيه ،في هذه اللحظة ،ينضب النبع الذي يُمطر اآلخر بالعطايا، يزهد عن تقديم ما كان يُقدمه ،ويظل يتساءل ماذا فعلت لكي يُفعل بي ذلك؟ هل تماديت في االهتمام؟! ،هل تواجدت في حياة هذا الشخص بالقرب الذي جعله ال يعبأ بي؟! ،وقتها تكون اإلجابة بالفعل ال بالكالم ،عندما َيهم الشخص المعطاء في لململة ما تبقى من كرامته ويستعجل الرحيل عن حياة الطرف اآلخر دون إبداء أي أسباب، فجأة سيستيقظ الشخص المتجاهل يو ًما ما ،ليجده اختفى تما ًما عن ناظريه ،ومهما حاول وبذل مجهودًا في البحث عنه ،لن يجده ،حينها فقط سيعلم قيمة من فقده – لكن – بعد فوات األوان. ومثال آخر على الفقد ،عندما نعيش على ذكريات ماضينا ،نتحسر على شخص مكان عيشنا فيه أيا ًما جميلة ،واضطرتنا ظروف حياتنا إلى ما ،أو عمل خسرناه ،أو ٍ البعد عن كل هذه الذكريات ،ودعناها نعم ،لكن هللا منحنا غيرها ،إال أننا غفلنا عن نعم هللا هذه ،وظللنا في بوتقة الماضي ،نتألم لما فقدناه ،ال نشعر بقيمة ماهو موجود بالفعل بين أيدينا – مع أنه – قد يكون أفضل مما فات وعوضنا المولى َّ عز وجل به كثيرا ،لكننا من كثرة تغافلنا وعدم حمدنا هلل على فضله ،نفقده هو اآلخر. خيرا ً ً لماذا النُقدر قيمة ما هو موجود في حياتنا ،فاهلل سبحانه وتعالى لن يُعطيك إال كل صا فلذلك حكمة وسبب ،وعندما َيهبك غيره فتأكد ماهو خير لكَ ،وإذا أبعد عنك شخ ً ْ أن هذه ال ِهبة اإللهية نعمة كبيرة يجب عليك اإلمساك بتالبيبها وبقوة كي ال ترحل عنك ،فااللتفات للماضي أو كلمة يا ليت ،لن تُعيد لكَ ما تمنيت ،ستضرك أكثر ما ستنفعك.
ال تحزن على المفقود كي ال تفقد الموجود؛ أل ّنه من عند هللا أبقاه لكَ حتى تنعم بالسكينة والراحة والطمأنينة ،اشكره عليه ليظل بقربك دائ ًما ،ال يُفارقك ،أعطيه من وقتك واهتمامك. ْ أن يُحبك شخص ما دون مصلحة ،يُعطيك من وقته وصحته وتركيزه ،لهي نعمة ال يمكن وصفها ،ستشعر أنت معها كم َّ راض عنك ،ال تخذله أن هللا سبحانه وتعالى ٍ كثيرا على ما فرطت. بإهمالك لتلك النعمة؛ ألنك ستندم ً