دكتور الاقتصاد الزراعى

Page 1

‫دكتور التقتصاد الزراعى ‪ /‬محمد مدحت مصطفى‬

‫كلمات حان أوانها )‪(1‬‬ ‫هذه كلمات حان أوانها بعد أن اقترب قطار العمر من محطته اليخيرة‪،‬‬ ‫واعتقد أن من حق هذا الجيل معرفتها فهي ليست ادعاء بالوطنية‬ ‫فهناك من هم أولى بها مني‪ ،‬ولكن يمكن تسميتها اعترافات شاهد‬ ‫عيان‪ .‬سوف أكتبها كما ترد على ذهني وبدون ترتيب‪.‬‬ ‫ السم عريف بحري ُمجند مؤهلت عليا برقم ‪ 906337‬سل ح‬‫الضفادع البشرية‪ -‬مجموعة سفن البرار‪.‬‬ ‫ ثل ث سنوات من الخدمة العسكرية الميدانية فترة ما ُعرف بسنوات‬‫حرب الستنزاف ‪1970 -1968‬م‪ .‬يخرجت على الحتياط بقرار جمهوري‬ ‫صدر بعودة جميع المعيدين المجندون ممن أمضوا ضعف المدة‬ ‫القانونية إلى جامعاتهم حتى ل تتوقف الجامعات عن العمل‪ ،‬واستمر‬ ‫باقي زمليئي في الخدمة حتى نالوا شرف الشتراك في حرب أكتوبر‬


‫العظيمة‪.‬‬ ‫ شاركت كأحد أعضاء الفريق البديل لعملية إيلت الولى والتي‬‫شارك فيها زميل لنا عريف ُمجند يخريج هندسة السكندرية الذي‬ ‫حظي بترقية استثنايئية إلى رتبة رقيب‪ .‬ول أعرف لماذا ل يذكرون‬ ‫أسماء جميع من شاركوا في العملية حتى الن!‬ ‫ أتذكر زمليئي الذين شاركوني في طلب النقل إلى المواقع المامية‬‫"الجبهة" كما كان ُيطلق عليها في ذلك الوقت‪ ،‬هكذا كان الشعور‬ ‫لدى الجميع في أعقاب النكسة‪ ،‬تم الستجابة لطلبنا ولكن تفرقنا‬ ‫جميعا على وحدات مختلفة كان نصيبي وحدات النزال البحري‬ ‫"البرار" في قاعدة سفاجا البحرية على البحر الحمر‪ ،‬أستطيع أن‬ ‫أستوعب السبب الن وهو أننا كنا ل نزال في مرحلة إعادة بناء القوات‬ ‫ال ُمسلحة وبالتالي كان يلزم قدر من الهدوء وليس الحماس فالحماس‬ ‫وحده ل يكفي واليمان بقضية ل يكفي وحده لكسبها‪.‬‬ ‫ سنوات حرب الستنزاف سنوات جهاد حقيقي في ظروف بالغة‬‫الصعوبة‪ ،‬من المانة أن نذكر شهداءنا ويخسايئرنا أيضا لنعرف حقيقة‬ ‫كلفة النصر الذي حققناه في أكتوبر المجيد‪.‬‬ ‫ تحية إجلل لشهداء المدمرة المصرية القاهر التي أغرقتها الطايئرات‬‫السرايئيلية في ميناء برنيس أقصى حدودنا الجنوبية على البحر‬ ‫الحمر وكان ذلك أول استخدام لطايئرات الفانتوم حيث لم يكن ُيعتقد‬ ‫بإمكانية وصول هذه الطايئرات إلى هناك والعودة إلى قواعدها‪ .‬وهي‬ ‫أكبر يخسارة تعرضت لها قواتنا البحرية يخلل حرب الستنزاف‪ .‬وهذه‬ ‫ال ُمدمرة هي شقيقة المدمرة السرايئيلية إيلت التي أغرقتها قواتنا‬ ‫البحرية أمام بورسعيد‪ -‬في عام ‪1955‬م أعلنت بريطانيا عن بيع أربع‬ ‫مدمرات من طراز زد والتي شاركت في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬حصلت‬ ‫مصر على إثنتان أطلقت عليهما القاهر والناصر‪ ،‬وحصلت إسرايئيل‬ ‫على مدمرتان اطلقت عليهما إيلت ويافو وتم تسليم المدمرات بعد‬ ‫حرب عام ‪1956‬م‪ .‬دمرنا نحن إيلت وبعدها أغرقت إسرايئيل القاهر‪.‬‬ ‫وللقاهر حكاية حزينة فهي من القطع البحرية التي تم احتجازها في‬ ‫البحر الحمر بعد غلق قناة السويس ورؤى استغلل تلك الفترة لجراء‬ ‫َعمرة كاملة للمدمرة في الهند استغرقت حوالى العام وأعيد‬ ‫تسليحها بأسلحة حديثة وعادت وكأنها ل تنتمي لطرازها الصلي‪،‬‬ ‫وبعد أن رست في برنيس يخالف قبطانها التعليمات وسمح بأجازات‬ ‫ميدانية لنحو ‪ %75‬من طاقمها بينما التعليمات أل تزيد الجازات عن‬


‫‪ %25‬فقط من الطاقم‪ ،‬ويأتي الحظ ليتعثر أحد جنود الحراسة وهو‬ ‫ُيلقى العبوات المتفجرة في البحر للحماية من الضفادع البشرية وتقع‬ ‫العبوة في أحد فتحات السفينة مما ُيحد ث بها يخرق في البدن‪ ،‬وُتبحر‬ ‫إليها سفينة إنزال من سفاجا ُمحملة بالمعدات الهندسية والفنيون‬ ‫اللزمون لعملية الصل ح ثم تقوم بالرباط مع القاهر ليتم تدميرها هي‬ ‫اليخرى أثناء الغارة السرايئيلية‪ .‬وقد أحيل قايئد المدمرة للمحاكمة‬ ‫العسكرية‪.‬‬ ‫تحية إجلل لزمليئي شهداء سفينة النزال التي كانت راكية على‬‫المثدمرة القاهر لعمل بعض اللحامات المطلوبة حيث ُدمرت السفينة‬ ‫مدمرة القاهر‪.‬‬ ‫بالكامل بينما غرقت ال ُ‬ ‫ تحية إجلل لشهداء كاسحة اللغام التي كانت راسية في ميناء‬‫الغردقة وتعرضت لهجوم من طايئرات الفانتوم السرايئيلية والتي دافعت‬ ‫باستبسال وأسقطت إحدى طايئرات العدو واستشهد قبطانها‪.‬‬ ‫ تحية إجلل للجندي المجهول الذي شارك في صناعة المجد دون ان‬‫يعرفه أحد‪ .‬إنه الولى بالحترام والجلل‪.‬‬ ‫ هذه العمليات كانت تقوم بها إسرايئيل ردا على عمليات العبور‬‫ال ُمستمرة للقناة من قبل وحداتنا الخاصة‪ ،‬أما البحر الحمر فعلى‬ ‫طول امتداده لم تكن الحماية ووحدات النذار كافية لحمايته لذلك كانت‬ ‫تختاره إسرايئيل مسرحا لمثل هذه العمليات‪ .‬وهذا ما دفع قيادة‬ ‫مسلحة إلى إعلن منطقة البحر الحمر منطقة عسكرية‬ ‫القوات ال ُ‬ ‫واحدة تتبعها قوات من الجيش والطيران والبحرية وُعين الفريق سعد‬ ‫الدين الشاذلي كأول قايئد لمنطقة البحر الحمر العسكرية حتى ُيمكن‬ ‫التصدى لهذه العمليات بكفاءة أعل‬

‫""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""‬ ‫كلمات حان أوانها )‪(2‬‬ ‫ من ذكريات عام ‪1982‬م وبعد أن تمكنت المقاومة الفلسطينية من‬‫صد الهجوم السرايئيلي الول على بيروت ودحرها عند قلعة شقيف‪،‬‬ ‫ترددت النباء عن محاولة غزو أيخرى تخطط لها إسرايئيل‪ ،‬كنت وقتها‬ ‫عضو بعثة الدكتوراه في بودابست وقبل شهور من مناقشة الرسالة‬ ‫كنت على طايئرة متجهة إلى دمشق ومنها عبر مسالك وعرة إلى‬


‫بيروت برفقة عدد من شباب المقاومة الفلسطينية‪ ،‬وهناك كنت أحمل‬ ‫السل ح في منطقة المريسة بجوار الفنان العظيم المرحوم عدلي‬ ‫فخري الذي كان يحمل الجيتار بيد والبندقية بيده اليخرى‪ .‬شاهدت‬ ‫أيام عظيمة يتسابق فيها الجميع دفاعا عن بيروت كان اليساريون‬ ‫المصريون في مقدمة صفوف المتطوعون من جميع الدول العربية‪.‬‬ ‫التقيت الراحل العظيم ميشيل كامل الذي كان قد تخطى السبعين‬ ‫من عمره والذي اشتركت معه في إصدار مجلة اليسار العربي من‬ ‫باريس باسم مستعار "مصطفى حسين"‪ ،‬كما قابلت أحمد صادق‬ ‫سعد المفكر والمناضل المصري يهودي الديانة والذي كان قد تخطى‬ ‫الثمانين من عمره وهو يحمل بروفة الجزء الثاني من كتابه النمط‬ ‫الشرقي للنتاج ويسرع به إلى الناشر وكنت قد التقيته قبل ذلك‬ ‫بشهور قليلة في مؤتمر علمي عن ذات الموضوع في بودابست‪ ،‬ول‬ ‫أنسى قوله اللحق أنشر الكتاب قبل ما أموت‪ .‬هذا هو اليسار المصري‬ ‫يا شباب‪ .‬وبعد طول المدة عدت إلى بودابست‪ ،‬ولم يعلم أحد عن‬ ‫سفري وعودتي وهذه أول مرة أفصح عنها‪ ،‬ليبدأ بعدها الغزو‬ ‫السرايئيلي وتسقط أول عاصمة عربية تحت أقدام التتر‪.‬‬ ‫ من أجمل السهرات كانت مع عدلي فخري حيث كنت أقيم معه‬‫حيث قام بتجهيز غرفة صغيرة كأستوديو بها ريكوردر ضخم الحجم‬ ‫وكان محسن الخياط يقوم بكتابة حكايات بهية ليتلقاها عدلي‬ ‫بالتلحين والغناء والتسجيل ليتم إذاعتها صباحا من صوت لبنان الحر‪.‬‬ ‫أحضرت معي التسجيلت الصلية عند انتهاء البعثة في ديسمبر‬ ‫‪ 1982‬م ولم أكتشفها سوى العام الماضي فقمت بتنقيتها صوتيا وقام‬ ‫المهندس السيد عبد الظاهر بإيخراج سبعة حكايات منها وتم نشرها‬ ‫على اليوتيوب حفاظا على هذا الترا ث النادر وأتمنى ان ُيكمل‬ ‫الحكايات الثمان المتبقية وُيمكن لحضراتكم البحث عنها بكتابة حكايات‬ ‫بهية أو عدلي فخري‪.‬‬

‫""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""‬ ‫""""‬

‫كلمات حان أوانها )‪(3‬‬ ‫ أتذكر موقف للفريق أول محمد فوزي وزير الحربية ومؤسس جيش‬‫أكتوبر العظيم أثناء إحدى مناورات الخريف الكبرى وهي مناورات كانت‬


‫تقوم بها قواتنا المسلحة وتشارك فيها جميع أفرع الجيش من قوات‬ ‫بحرية وجوية وبرية وكنا قد أتممنا تحميل قوات البرار ومدرعاتها‬ ‫البرمايئية‪ ،‬وننتظر أوامر البحار وكان ذلك في حضور وزير الحربية الذي‬ ‫انتزع الميكروفون ليأمر أحد قباطنة سفن البرار بمغادرة السفينة وذكر‬ ‫رق مها وتحويل نفسه إلى مكتب القايئد العام وتعيين قبطان آيخر بديل‬ ‫وتدهش عندما تعرف السبب وهو أن القبطان لم يكن يرتدى يخوذته‬ ‫الحربية هكذا كانت الشدة والقسوة أثناء عملية إعادة البناء‪.‬‬ ‫ أتذكر زميلي المرحوم نبيل عسر في مركز العداد الذي كان يقول‬‫لنا أن ريئيس الركان عبد المنعم رياض يخاله‪ ،‬وكنا طبعا نسخر من‬ ‫كلمه على اعتبار أنه غير صحيح حتى كان يوم استشهاد البطل عبد‬ ‫المنعم رياض حيث حضرت الشرطة العسكرية لصطحاب الجندي نبيل‬ ‫عسر لحضور جنازة يخاله‪ -‬لم يكن هناك أي استثناءات حتى ابن ايخت‬ ‫ريئيس أركان حرب القوات المسلحة يتم تجنيده كجندي مؤهلت عليا‪.‬‬ ‫كل هذا يجب ان نعرفه حتى يعرف شبابنا كيف تم العداد ليوم العبور‬ ‫العظيم‪.‬‬ ‫ حكاية أيخرى أشار على بعض الصدقاء كتابتها رغم بساطتها لنها‬‫توضح نوعية قيادات حرب الستنزاف وإعادة بناء قواتنا المسلحة من‬ ‫ناحية الهتمام بأدق التفاصيل‪ .‬بعد قرار تشكيل منطقة البحر الحمر‬ ‫العسكرية وتولي الفريق سعد الدين الشاذلي قيادتها كنت أستعد‬ ‫لنزول أجازتي الميدانية )عشرة أيام كل أربعون يومًا( وفي اليوم‬ ‫المحدد أشيع أيضا أن قايئد المنطقة نازل أجازة ميدانية‪ ،‬أيخذت‬ ‫الوتوبيس من سفاجا وحيث كان الطريق الساحلي للبحر الحمر‬ ‫مفتو ح في ذلك اليوم وبعد أن وصلنا الغردقة تم التفتيش المعتاد‬ ‫للسيارة وانطلقنا بعد ذلك ليستوقفنا أول كمين للشرطة العسكرية‬ ‫وأيخذت في تفتيش السيارة وطلبت من جميع العسكريين النزول وكان‬ ‫عددنا كبير ثم تم الفصل بين الجنود والضباط الذين كانوا يرتدون‬ ‫الملبس المدنية ثم تم احتجاز نحو يخمسة ضباط وسمح للباقين‬ ‫وجميع الجنود باستكمال الرحلة‪ .‬الموضوع أن الفريق الشاذلي كان‬ ‫بنفسه موجود في الكمين واستقبل بنفسه الضباط المزوغين من‬ ‫وحداتهم وعينك ما تشوف إل النور على إللي عمله قبل إحالتهم‬ ‫للنيابة العسكرية وطبعا الموضوع أصبح حكاية على كل لسان في‬ ‫المنطقة ولم يجرؤ مخلوق على تكرار المحاولة‪ .‬هل ممكن تيجي‬ ‫على بال حد إنه ممكن يحصل حاجة كده!‬


‫ ذكريات عن عملية رمانة وبالوظة عندما كنت أقوم بواجب الحراسة‬‫على سفينتي وصلتني رسالة في الصبا ح تأمرني بإطلق صافرات‬ ‫السفينة في ساعة محددة لستقبال مدمرتين قامتا عند الفجر‬ ‫بمهاجمة موقعي رمانة وبالوظة شمال شرق بور فؤاد دمعت عيناى‬ ‫بفر ح حقيقي‪ ،‬وفي الساعة المحددة انطلقت جميع صافرات القطع‬ ‫الحربية في الميناء ثم انضمت إليها القطع التجارية وكان الجميع‬ ‫يحضن بعضهم البعض وأصبح الميناء كمسر ح فر ح كبير تصد ح فيه‬ ‫الصافرات كالزغاريد كم كنت أتمنى أن يتم تصوير تلك اللحظات حيث‬ ‫أيخذت المدمرتان تتهاديان بعبور البوغاز ديخول للميناء‪ .‬لكم أن تتخيلوا‬ ‫المنظر حيث صافرات السفن هي أقوى الصافرات في العالم لنها‬ ‫تعمل بضغط الهواء‪ .‬حقا إنها أيام مجيدة ل ُتنسى‪.‬‬ ‫ من المؤلم أن اتذكر أيضا واقعة مؤسفة رواها لي صديقي ضابط‬‫الحتياط نبيل نيقول جبران إبن الستاذ نيقول جبران مدرس أول اللغة‬ ‫العربية في كلية سان مارك بالسكندرية وكان من سل ح المهندسين‬ ‫الذي شارك وحدة يخاصة أثناء أحدا ث الثغرة لتدمير قاعدة صواريخ دفاع‬ ‫جوي بالقرب من السويس قبل استيلء القوات السرايئيلية عليها‪،‬‬ ‫ونجحت العملية وعادوا بصعوبة بالغة وتم إبلغه بتكريم السادات له‬ ‫في يوم تكريم البطال في مجلس الشعب‪ ،‬وكنت معه عند المكوجي‬ ‫ليجهز البدلة العسكرية التي سيحضر بها التكريم‪ ،‬وقبل الموعد‬ ‫بيومين يتم إبلغه بأن اليختيار كان يخطأ وحضر بدل منه قايئد الوحدة‬ ‫الذي لم يشارك أصل في العملية‪ ،‬صديقي العزيز هذا هاجر إلى‬ ‫أستراليا بعد ذلك‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.