برنامج القضاء على الجوع التجربة البرازيلية

Page 1

‫ومع فوز الرئي�س لوال باالنتخابات وو�صوله �إلى �سدة الرئا�سة في عام ‪� ،2003‬أ�صبح‬ ‫"م�شروع الق�ضاء على الجوع" ا�ستراتيجية حكومية رئي�سية لتوجيه ال�سيا�سات االقت�صادية‬ ‫واالجتماعية في البرازيل‪ ،‬و�شكل بداية تحول لتجاوز االنق�سام القديم بين هذه ال�سيا�سات‪.‬‬ ‫واتخذت الحكومة �إجراءات لإدراج ال�سيا�سات الهيكلية في �سيا�سات الطوارئ من �أجل مكافحة‬ ‫الجوع والفقر‪ .‬كما نفذت �سيا�سات جديدة مختلفة في مجال الزراعة الأ�سرية وو�ضعت‬ ‫ت�شريعات �أ�سا�سية لل�سيا�سة الوطنية في مجال الأمن الغذائي والتغذوي‪.‬‬ ‫ويعتبر هذا الكتاب جزءا من ال�سل�سلة الخا�صة ال�صادرة عن مركز الدرا�سات الزراعية‬ ‫والتنمية الريفية ويعر�ض ن�صو�صا �أ�سا�سية لفهم التجربة البرازيلية المتعلقة‬ ‫بالق�ضاء على الجوع في مراحل مختلفة من م�سارها على مدى فترة ثماني �سنوات‬ ‫من التنفيذ كبرنامج حكومي‪ .‬وهذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة من الأفكار ب�ش�أن‬ ‫جوانب مختلفة‪ ،‬مثل تعبئة مختلف فئات المجتمع ودور الزراعة الأ�سرية والتقدم‬ ‫المحرز والتحديات الماثلة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫برنامج الق�ضاء على اجلوع‪ :‬التجربة البرازيلية‬

‫�إن �إطالق "م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ -‬م�شروع �سيا�سة لتحقيق الأمن الغذائي في‬ ‫البرازيل"‪ -‬في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول عام ‪ 2001‬على يد لويز �إينا�سيو لوال دا �سيلفا‪،‬‬ ‫الذي كان �أحد المر�شحين ثم و�صل �إلى �سدة الرئا�سة‪ ،‬يبرز مدى ن�ضج النقا�ش‬ ‫والمقترحات ب�ش�أن الم�سائل المتعلقة بالأمن الغذائي ومكافحة الجوع‪ ،‬والتي باتت‬ ‫�أولويات وطنية ينبغي معالجتها من خالل اتخاذ �إجراءات حكومية مدرو�سة وحازمة‬ ‫بم�شاركة المجتمع‪.‬‬

‫برنامج‬ ‫القضاء على الجوع‬ ‫التجربة البرازيلية‬

‫المن�سقون‪:‬‬ ‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا‬ ‫ماورو �إدواردو ديل غرو�سي‬ ‫كايو غالفاو دي فران�سا‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‬


‫مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية الريفية (‪)NEAD‬‬

‫منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‬

‫يعتبر مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية الريفية التابع‬ ‫لوزارة التنمية الزراعية مكانا للتفكير ون�شر المعارف‬ ‫والتفاعل الم�ؤ�س�سي مع مختلف مراكز البحوث‬ ‫والجامعات والمنظمات غير الحكومية والحركات‬ ‫االجتماعية ومنظمات التعاون الوطنية والدولية‪.‬‬

‫تبذل منظمة الأغذية والزراعة جهودا عالمية منذ �ستة‬ ‫عقود لمكافحة الجوع‪ ،‬وت�سعى جاهدة �إلى تح�سين‬ ‫الإنتاج الزراعي ومن ثم نوعية حياة المزارعين‪ .‬وت�أخذ‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة‪ ،‬في �إطار واليتها‪ ،‬بزمام‬ ‫�أن�شطة تهدف �إلى �ضمان حماية البيئة و�إنتاج �أغذية‬ ‫�صحية‪ ،‬وتوافر موارد كافية للجميع للعي�ش حياة‬ ‫مفعمة بال�صحة‪.‬‬

‫ويتخذ المركز �إجراءاته حر�صا منه على الم�ساهمة‬ ‫في تو�سيع نطاق ال�سيا�سات العامة وتح�سينها في‬ ‫مجاالت الإ�صالح الزراعي‪ ،‬والنهو�ض بالزراعة الأ�سرية‪،‬‬ ‫وتعزيز الم�ساواة والتنمية في المجتمعات الريفية‬ ‫التقليدية‪.‬‬ ‫وال�شراكة بين مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية‬ ‫الريفية و�أكثر من ‪ 70‬مركزا‪ ،‬التي �أقيمت بهدف‬ ‫الم�ساهمة في بلورة برنامج �إنمائي جديد‪ ،‬وتحفيز‬ ‫النقا�ش والم�شاركة االجتماعية‪ ،‬وتو�سيع نطاق‬ ‫الح�صول على المعلومات‪ ،‬تُمكّن على وجه الخ�صو�ص‬ ‫من �إعداد ون�شر الدرا�سات والبحوث‪ ،‬و�إتاحة قواعد‬ ‫البيانات للمواطنين‪ ،‬وتنظيم الحلقات الدرا�سية‪.‬‬ ‫ومن بين الموا�ضيع التي يجري تناولها في �إطار‬ ‫التعاون الم�ؤ�س�سي ما يلي‪ :‬الم�سائل المتعلقة بالزراعة‪،‬‬ ‫والتكامل الإقليمي‪ ،‬والمفاو�ضات الدولية‪ ،‬والذاكرة‬ ‫والثقافة ال�شعبيتان‪ ،‬والم�ساواة بين الرجل والمر�أة‬ ‫والتنمية الريفية‪ ،‬والديناميات الجديدة للمناطق‬ ‫الريفية‪.‬‬

‫وت�ستند �أن�شطة منظمة الأغذية والزراعة �إلى الهدف‬ ‫العام المتمثل في ا�ستئ�صال الجوع‪ ،‬والذي يمكن‬ ‫تحقيقه من خالل �إ�سراع وتيرة االنتقال �إلى ا�ستهالك‬ ‫غذائي ونظم �إنتاج تت�سم باال�ستدامة‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫النهو�ض ب�إدارة �أكثر �إن�صافا للنظم الغذائية العالمية‬ ‫والوطنية‪ ،‬وتو�سيع نطاق التعاون فيما بين بلدان‬ ‫الجنوب وت�سريع عجلة الالمركزية في المنظمة‬ ‫حتى يت�سنى لها تقديم خبراتها واال�ستفادة منها في‬ ‫الميدان‪ .‬وت�شكل كل هذه الأهداف الركيزة التي يقوم‬ ‫عليها العمل الذي ت�ضطلع به المنظمة بالتعاون مع‬ ‫الحكومات والمنظمات ال�شريكة في القطاعين العام‬ ‫والخا�ص �سعيا �إلى تعزيز القدرات الوطنية على‬ ‫اال�ستفادة من المنافع العامة‪.‬‬ ‫وتتمثل مجاالت العمل الرئي�سية الأربعة للمنظمة في‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫• �إتاحة المعلومات للجميع‬ ‫• تقا�سم الخبرة في مجال ال�سيا�سات‬ ‫• �إتاحة منتدى للدول‬ ‫• ن�شر المعارف في الميدان‪.‬‬

‫للمزيد من التفا�صيل‪ ،‬يرجى زيارة الموقع التالي‪:‬‬ ‫‪www.nead.gov.br‬‬

‫‪www.fao.org‬‬




‫المن�سقون‪:‬‬ ‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا‬ ‫ماورو �إدواردو ديل غرو�سي‬ ‫كايو غالفاو دي فران�سا‬

‫وزارة التنمية الزراعية في البرازيل‬ ‫المنظمة الإ�سالمية للتربية والعلوم والثقافة – �إي�سي�سكو‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‬ ‫روما‪2012 ،‬‬


‫‪DILMA ROUSSEFF‬‬

‫ال�سل�سلة الخا�صة ال�صادرة عن مركز الدرا�سات الزراعية‬ ‫والتنمية الريفية‬

‫‪GILBERTO JOSÉ SPIER VARGAS‬‬

‫وزارة التنمية الزراعية‬

‫رئي�سة الجمهورية‬ ‫وزير الدولة للتنمية الزراعية‬

‫‪LAUDEMIR ANDRÉ MULLER‬‬

‫مدير مكتب وزير التنمية الزراعية‬

‫‪CARLOS MÁRIO GUEDES DE GUEDES‬‬

‫رئي�س المعهد الوطني للإعمار والإ�صالح الزراعي‬

‫‪VALTER BIANCHINI‬‬

‫الأمين المعني بالزراعة الأ�سرية‬

‫‪ANDREA BUTTO ZARZAR‬‬

‫الأمين المعني بالتنمية الإقليمية‬

‫‪ADHEMAR LOPES DE ALMEIDA‬‬

‫الأمين المعني ب�إعادة التنظيم الزراعي‬

‫‪www.mda.gov.br‬‬

‫مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية الريفية‬ ‫–‪SBN, Quadra 2, Edifício Sarkis‬‬ ‫‪Bloco D - loja 10 - Sala S2 - Cep: 70.040-910‬‬ ‫‪Brasília/DF‬‬ ‫‪Tel.: (55 61) 2020 0189‬‬ ‫‪www.nead.gov.br‬‬

‫ت�صميم الر�سوم البيانية والغالف‬ ‫‪Caco Bisol‬‬

‫الترجمة �إلى اللغة العربية‬ ‫المنظمة الإ�سالمية للتربية والعلوم والثقافة – �إي�سي�سكو‬

‫‪JOAQUIM CALHEIROS SORIANO‬‬

‫مدير مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية الريفية‬

‫‪JOÃO GUILHERME VOGADO ABRAHÃO‬‬

‫م�ست�شار مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية الريفية‬

‫الأو�صاف الم�ستخدمة في هذه المواد الإعالمية وطريقة عر�ضها ال تعبر عن �أي ر�أي خا�ص لمنظمة‬ ‫الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في ما يتعلق بالو�ضع القانوني �أو التنموي لأي بلد �أو �إقليم �أو‬ ‫مدينة �أو منطقة‪� ،‬أو في ما يتعلق ب�سلطاتها �أو بتعيين حدودها وتخومها‪ .‬وال تعبر الإ�شارة �إلى‬ ‫�شركات محددة �أو منتجات بع�ض الم�صنعين‪� ،‬سواء كانت مرخ�صة �أم ال‪ ،‬عن دعم �أو تو�صية من‬ ‫جانب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة �أو تف�ضيلها على مثيالتها مما لم يرد ذكره‪ .‬وتمثل‬ ‫وجهات النظر الواردة في هذه المواد الإعالمية الر�ؤية ال�شخ�صية للم�ؤلف (الم�ؤلفين)‪ ،‬وال تعك�س‬ ‫ب�أي حال وجهات نظر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‬ ‫‪FAO ISBN: 978-92-5-607312-9‬‬ ‫‪MDA ISBN: 978-85-60548-93-4‬‬ ‫‪© Brazilian Ministry of Agrarian Development, 2012‬‬ ‫)‪© Brazilian Ministry of Agrarian Development, 2010 (Portuguese Edition‬‬


‫بيان المحتويات‬ ‫ ‬

‫تقديم ‬

‫ ‬

‫مقدمة الطبعة البرتغالية ‬

‫‪VII‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -1‬م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫مقترح لو�ضع �سيا�سة للأمن الغذائي في البرازيل ‬

‫‪5‬‬

‫‪� -2‬إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا؛ والتر بيليك؛ مايا تاكاجي ‬

‫‪29‬‬

‫‪ -3‬تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في‬ ‫مايا تاكاجي ‬

‫‪43‬‬

‫‪ -4‬م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬ ‫�أدريانا فيكا �أرانها ‬

‫‪75‬‬

‫�سنة ‪2003‬‬

‫‪ -5‬تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬ ‫والتر بيليك ‬

‫‪101‬‬

‫‪ -6‬برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫�أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫المكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة في �أمريكا الالتينية‬ ‫ومنطقة البحر الكاريبي ‬

‫‪131‬‬

‫‪ -7‬الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬ ‫مايا تاكاجي ‬

‫‪149‬‬

‫‪ -8‬برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار بالبرازيل‬ ‫برنامج اقتناء الغذاء‬ ‫�أدونيرام �سان�شي�س بيرا�سي؛ جيل�سون �أل�سوه بيتينكورت ‬

‫‪181‬‬

‫‪V‬‬


‫‪� -9‬أقاليم المواطنة‬ ‫التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫كايو غالفاو دي فران�سا؛ جواكيم �صوريان و‬

‫‪215‬‬

‫‪ -10‬الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫فران�سي�سكو مينيزي�س ‬

‫‪239‬‬

‫‪ -11‬م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫ريناتو �س‪ .‬معلو ‬ ‫ف‬

‫‪257‬‬

‫‪ -12‬التحديات الجديدة والقديمة لتحقيق الأمن الغذائي في القرن‬ ‫الواحد والع�شرين‬ ‫مايا تاكاجي؛ جوزيه غرازيانو دا �سيلفا ‬

‫‪281‬‬

‫‪ -13‬الحد من ظاهرة الفقر‬ ‫من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬ ‫ماورو �إدواردو ديل غرو�س ي‬

‫‪295‬‬

‫‪ -14‬اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬ ‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا؛ والتر بيليك؛ مايا تاكاجي ‬

‫‪313‬‬

‫ ‬

‫‪VI‬‬

‫نبذة عن الم�ؤلفين ‬

‫‪353‬‬


‫تقديـم‬ ‫يعاني قرابة ‪ 850‬مليون �شخ�ص في العالم في القرن الحادي والع�شرين من نق�ص‬ ‫التغذية‪ .‬ولطالما وجدت �آفة الجوع على مر تاريخ الب�شرية‪ ،‬ولكن من غير المقبول �أال‬ ‫يح�صل مثل هذا العدد الكبير من الأ�شخا�ص اليوم على ما يكفي من الأغذية‪ ،‬في حين‬ ‫نمتلك الو�سائل الحديثة الالزمة لإنتاجها‪.‬‬ ‫ لقد اتخذ الرئي�س لوال ‪ ،Lula‬اقتناعا منه ب�أنه يمكن وينبغي الق�ضاء على‬ ‫الجوع‪ ،‬قرارا �سيا�سيا وا�ضحا‪ ،‬و�أطلق في عام ‪" 2003‬برنامج الق�ضاء على الجوع"‬ ‫الذي جمع في كنفه مختلف الجهود العامة والخا�صة حول هدف م�شترك‪ :‬التغلب على‬ ‫حالة انعدام الأمن الغذائي والتغذوي التي يئن تحت وط�أتها �آالف البرازيليين‪.‬‬ ‫ ويتناول هذا الكتاب برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ويعر�ض عملية �صياغته‬ ‫وتنفيذه‪ ،‬والأدوات العامة مجتمعة‪ ،‬والدور اال�ستراتيجي للزراعة الأ�سرية في هذه‬ ‫العملية‪ ،‬وبع�ض النتائج التي حققها‪ .‬والأهم من ذلك‪ ،‬يت�ضمن تو�صيات قيمة‬ ‫بالن�سبة للبلدان التي تنكب ب�شكل جدي على هذه الم�س�ألة‪.‬‬ ‫ وتقدم وزارة التنمية الزراعية هذه الطبعة حر�صا منها على تو�سيع دائرة‬ ‫النقا�ش وتقديم الكتاب �إلى جمهور جديد‪ .‬ويحدونا الأمل في �أن يكون م�صدر فائدة‬ ‫لجميع الذين يراودهم حلم �إيجاد عالم متحرر من الجوع‪.‬‬ ‫جيلبرتو جوزيه �سبير فارغا�س (بيبي فارغا�س)‬ ‫وزير الدولة للتنمية الزراعية‬

‫‪VII‬‬



‫مقدمة الطبعة البرتغالية‬ ‫"�إننا ن�سعى �إلى خلق الظروف المنا�سبة لجميع النا�س في بالدنا للح�صول‬ ‫على ثالث وجبات الئقة في اليوم‪ ،‬كل يوم‪ ،‬من دون الحاجة �إلى االعتماد على‬ ‫التبرعات من �أي �شخ�ص‪ .‬فالبرازيل ال يمكنها تحمل هذا القدر من التفاوت‪.‬‬ ‫نحن بحاجة �إلى الق�ضاء على الجوع والفقر المدقع والإق�صاء االجتماعي‪� .‬إن‬ ‫حربنا ال تهدف �إلى قتل �أي �شخ�ص– �إنها تهدف �إلى �إنقاذ الأرواح‪".‬‬ ‫لويز �إينا�سيو لوال دا �سيلفا‬ ‫رئي�س الجمهورية‬ ‫خطاب التن�صيب‪ ،‬الأول من يناير‪/‬كانون الثاني ‪2003‬‬

‫تعتبر البرازيل اليوم معيارا دوليا فيما يتعلق ب�سيا�سات الأمن الغذائي والتنمية‬ ‫الريفية والق�ضاء على الفقر‪ .‬ويرجع هذا �إلى ثالثة �أ�سباب‪� .‬أولها‪� ،‬أن الق�ضاء على‬ ‫الجوع ومحاربة الفقر قد �أ�صبحا الهدفين الرئي�سيين في جدول الأعمال الوطني‬ ‫الداخلي‪ .‬ويتمثل ال�سبب الثاني في اعتبار هذين الهدفين الأ�سا�سيين مدرجين في‬ ‫جدول �أعمال �سيا�سة االقت�صاد الكلي في البرازيل كعن�صرين تنظيميين‪ .‬في حين‬ ‫يكون ال�سبب الثالث هو �إن�شاء �سيا�سة ونظام وطنيين للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫معززين ب�إطار قانوني وم�ؤ�س�سي جديد‪ ،‬وبمجموعة متجددة من ال�سيا�سات العامة‪.‬‬ ‫فقد بينت النتائج �أن هذه القرارات كانت �صائبة حيث تمكنت البالد من‬ ‫تحقيق الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية التي و�ضعتها منظمة الأمم‬ ‫المتحدة – تخفي�ض الفقر المدقع بمقدار الن�صف ما بين عامي ‪ 1990‬و ‪- 2015‬‬ ‫ع�شر �سنوات قبل الموعد المحدد‪ .‬والزالت �إجراءات الحد من الفقر وعدم الم�ساواة‬ ‫ت�سير بوتيرة مت�سارعة‪ .‬ولقد كان تقلي�ص الفقر وعدم الم�ساواة �أكثر و�ضوحا في‬ ‫المناطق الريفية بالمقارنة مع المناطق الح�ضرية والمدن الكبرى‪ .‬فقد ارتفع‬ ‫دخل العاملين في الزراعة الأ�سرية بن�سبة ‪ 33‬في المائة في الفترة ‪� ،2009-2003‬أي‬ ‫بن�سبة �أكثر من المعدل الوطني البالغ ‪ 13‬في المائة‪ .‬والجانب الأكثر �أهمية هو �أن‬ ‫ال�سبب الرئي�سي في هذا التطور هو ارتفاع الدخل‪ ،‬وهو ارتفاع ناجم عن �سيا�سات‬ ‫جديدة تهدف �إلى �ضمان الحق في الأر�ض‪ ،‬وتعزيز الم�ساواة بين الجن�سين‪ ،‬ودعم‬ ‫�إنتاج المزارع الأ�سرية‪.‬‬

‫‪1‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪2‬‬

‫ومن �ش�أن الت�آزر بين هذه ال�سيا�سات‪ ،‬التي تنطوي على �إجراءات لتعزيز‬ ‫اال�ستقرار والنمو االقت�صادي والزيادة في الحد الأدنى للأجور‪ ،‬وعلى فر�ص‬ ‫الح�صول على نظام ال�ضمان االجتماعي‪ -‬وخا�صة على فوائد الرعاية االجتماعية ‪-‬‬ ‫وال�سيا�سات االجتماعية ال�شاملة‪ ،‬وخ�صو�صا برنامج منحة الأ�سرة (‪،)Bolsa Família‬‬ ‫�أن يف�سر النتائج الإيجابية التي تحققت في المناطق الريفية‪ .‬وقد عززت هذه‬ ‫المجموعة من ال�سيا�سات فر�ص الح�صول على عمل ودخل جديدين‪ ،‬مما �أدى �إلى‬ ‫دينامية جديدة للتنمية مع توزيع �أكثر عدالة للدخل‪.‬‬ ‫وتعك�س هذه الآثار الإيجابية تراكم الإجراءات ال�سيا�سية واالجتماعية في‬ ‫البرازيل وهي على طريق �إعادة بناء الديمقراطية‪ .‬ومن هذه الإجراءات �إدماج حقوق‬ ‫اجتماعية جديدة في الد�ستور الفيدرالي لعام ‪ ،1988‬و�إن�شاء مجل�س للأمن الغذائي‬ ‫في عام ‪ ،1993‬وعقد الم�ؤتمر الوطني الأول للأمن الغذائي والتغذية في عام ‪،1994‬‬ ‫و"حركة المواطنين �ضد الجوع والفقر ومن �أجل الحياة " في ال�سنوات التي تلت طرح‬ ‫ملف مو�ضوع الأمن الغذائي للنقا�ش العام‪ ،‬وتعزيز التعبئة االجتماعية حوله‪ .‬وهكذا‬ ‫تم االرتباط بالعمل الفكري والن�ضالي لجو�سوي دي كا�سترو‪ ، Josué de Castro‬الذي‬ ‫قال عام ‪ 1946‬في كتابه "جغرافية الجوع" �إن "الجوع والحرب ال يطيعان �أي قانون‬ ‫طبيعي‪ ،‬لأنهما من مح�ض ابتكار الإن�سان"‪.‬‬ ‫ويعك�س �إطالق "م�شروع الق�ضاء على الجوع" وهو اقتراح لويز اينا�سيو‬ ‫لوال دا �سيلفا ‪ Luiz Inácio Lula da Silva‬المر�شح �آنذاك للرئا�سة‪ ،‬ل�سيا�سة الأمن‬ ‫الغذائي بالبرازيل في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪ 2001‬من خالل معهد المواطنة‪ ،‬ن�ضج‬ ‫هذا المو�ضوع و�إدراجه في جدول �أعمال حزب العمال‪ .‬ولم يكن الم�شكل في البدء‬ ‫يتمثل في مناق�شة هذا المو�ضوع بقدر ما كان يتمثل في تحويله �إلى �أولوية وطنية‬ ‫لمعالجته من خالل �إجراءات مدرو�سة وحا�سمة للدولة‪ ،‬تحفزها م�شاركة المجتمع‪.‬‬ ‫ومع االنت�صار االنتخابي للرئي�س لوال ‪ Lula‬في عام ‪� ،2003‬أ�صبح م�شروع الق�ضاء‬ ‫على الجوع اال�ستراتيجية الرئي�سية الحكومية لتوجيه ال�سيا�سات االقت�صادية واالجتماعية‬ ‫في البرازيل‪ .‬وكان ذلك بداية انعطاف ملحوظ من خالل التخلي عن التفرقة بين ال�سيا�سات‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬وتحقيق �إدماج ال�سيا�سات الهيكلية و�سيا�سات الطوارئ في‬ ‫�إجراءات موحدة لمكافحة الجوع والفقر‪ .‬وقد نفذت �سيا�سات جديدة متباينة للفالحة‬ ‫الأ�سرية و�أ�س�ست الت�شريعات الأ�سا�سية لل�سيا�سة الوطنية للغذاء والأمن الغذائي‪.‬‬ ‫لقد �أف�ضى االلتزام بتعزيز التكامل الإقليمي‪ ،‬والتعاون فيما بين بلدان‬ ‫الجنوب‪ ،‬وجدول �أعمال دولي متجدد بالبرازيل �إلى الم�شاركة الفاعلة في مختلف‬ ‫المبادرات الدولية‪�" :‬أمريكا الالتينية من دون جوع عام ‪ ،"2025‬و"البرازيل و�أفريقيا‪،‬‬ ‫حوار حول الأمن الغذائي والتنمية الريفية"‪ ،‬و�إ�صالح لجنة الأمن الغذائي العالمي‬ ‫لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)‪.‬‬


‫مقدمة الطبعة البرتغالية‬

‫ويت�ضمن هذا الكتاب بع�ض الن�صو�ص الأ�سا�سية لفهم التجربة البرازيلية في‬ ‫الق�ضاء على الجوع في لحظات مختلفة من فترة تنفيذها لمدة ثماني �سنوات‪ ،‬مع‬ ‫انعكا�سات ذلك على مختلف جوانب البرنامج‪.‬‬ ‫ويعر�ض الف�صل الأول االقتراح الأ�صلي لبرنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬الذي‬ ‫�أطلق في عام ‪ ،2001‬وذلك لتو�ضيح العنا�صر الرئي�سية التي اقترحت لت�أ�سي�سه‪ .‬وقد‬ ‫تم تقييم الم�شروع‪ ،‬بعد �إطالقه‪ ،‬تقييما دقيقا من قبل مجموعات فكرية مختلفة‪ ،‬وقد‬ ‫�أدى ذلك بمن�سقي الم�شروع �إلى �أن يهيئوا "الرد على المنتقدين" في عام ‪.2002‬‬ ‫وعندما تم تن�صيب �إدارة لوال‪ Lula‬في عام ‪ ،2003‬بد�أت تنفيذ برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع بتن�سيق من الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومكافحة الجوع‪،‬‬ ‫حيث بذل مجهود ت�شريعي كبير لتحديد الأدوات الالزمة لتنفيذ �سيا�سة الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫وقد اتخذت هناك مبادرتان رئي�سيتان لهذا الغر�ض وهما برنامج بطاقات الغذاء‪،‬‬ ‫لتمكين الأ�سر من �شراء المواد الغذائية‪ ،‬وبرنامج اقتناء الغذاء (‪ ،)PAA‬وهو �آلية تمكن‬ ‫الدولة من اقتناء الأغذية المنتجة من قبل المزارعين ال�صغار‪ .‬و�سيتم و�صف هاتين‬ ‫المبادرتين وغيرهما بالتف�صيل في الف�صل الثالث‪.‬‬ ‫وبدءا من عام ‪� ،2004‬أعيد تنظيم جميع وكاالت الإدارة الفيدرالية المكلفة‬ ‫بهذا المو�ضوع وذلك بهدف تو�سيع نطاق ت�أثير برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬ونخ�ص‬ ‫بالذكر هنا �إدماج مبادرة بطاقات الغذاء في برنامج منحة الأ�سرة‪ ،‬الذي وحد جميع‬ ‫التحويالت النقدية الحكومية ل�صالح الأ�سر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ .‬ونقدم في الف�صل الرابع و�صفا للتطورات التي �شهدتها مختلف ال�سيا�سات‬ ‫المتخذة في �إطار برنامج الق�ضاء على الجوع �إلى غاية �سنة ‪.2010‬‬ ‫وقد عب�أ تنفيذ البرنامج‪ ،‬في عام ‪� ،2003‬أي�ضا مختلف �شرائح المجتمع‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫ي�صف الف�صل الخام�س تجربة تعبئة رجال الأعمال لدعم برنامج الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2006‬وهي ال�سنة الأخيرة من والية الرئي�س لوال ‪ Lula‬الأولى‪ ،‬قامت‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بتقييم برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬ونقدم في‬ ‫الف�صل ال�ساد�س هذا التحليل وما �أظهره من تطورات وتحديات واجهت هذا الم�شروع‪ .‬وقد‬ ‫تزامن ذلك مع �إ�صدار المن�شورات الأكاديمية حول هذا المو�ضوع‪ ،‬ونقدم في الف�صل ال�سابع‪،‬‬ ‫النقا�ش الذي دار حول العالقة بين �سيا�سات الأمن الغذائي وبرامج التحويالت النقدية‪.‬‬ ‫لقد لعبت الزراعة الأ�سرية دورا بارزا في برنامج الق�ضاء على الجوع منذ‬ ‫مراحل الت�صميم الأولى نظرا لقدرتها على اال�ستجابة لل�سيا�سات العامة‪ .‬ويعر�ض‬ ‫الف�صل الثامن بالتف�صيل تجربة برنامج اقتناء الغذاء‪.‬‬ ‫وبغر�ض ت�شجيع المزيد من التكامل بين ال�سيا�سات الم�صممة لأفقر المناطق‬ ‫في البرازيل و�ضمان نجاعتها‪ ،‬تم �إطالق برنامج �أقاليم المواطنة في عام ‪.2008‬‬ ‫ويقدم الف�صل التا�سع مراحل �إعداد هذا البرنامج وتنفيذه‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ولقد كانت م�شاركة المجتمع المدني‪ ،‬دائما‪ ،‬عن�صرا �أ�سا�سيا في برنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ف�إن الإجراءات الهامة التي اتخذها المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية (‪� )Consea‬سيتم و�صفها في الف�صلين التاليين‪.‬‬ ‫وفي نهاية �إدارة الرئي�س لوال ‪ Lula‬التي امتدت لمدة ثماني �سنوات‪� ،‬أ�صبح من‬ ‫الممكن تقييم �إنجازات البرنامج‪ ،‬وكذلك التحديات التي واجهها ل�ضمان الأمن الغذائي‪،‬‬ ‫وهذا ما نقدمه في الف�صلين ‪ 12‬و ‪ .13‬ويقدم الف�صل الأخير‪ ،‬بناء على التجربة البرازيلية‪،‬‬ ‫�سل�سلة من االقتراحات لو�ضع وتنفيذ �سيا�سات الأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫نهدي هذا الكتاب �إلى �أولئك الذين ي�ؤمنون ب�أن الم�ساواة والت�ضامن قيمتان‬ ‫كونيتان معا�صرتان‪� ،‬أولئك الذين ي�ؤمنون ب�إ�صرار ب�أن بناء عالم مختلف �أمر ممكن‪.‬‬ ‫قراءة ممتعة!‬ ‫غويلهيرم كا�سل‬ ‫وزير الدولة للتنمية الزراعية (‪)2010 - 2006‬‬

‫‪4‬‬


‫‪ -1‬م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫مقترح لو�ضع �سيا�سة للأمن الغذائي في البرازيل‬ ‫با�سم معهد المواطنة‪ ،‬ي�سرني �أن �أقدم‪� ،‬إلى النقا�ش العام‪ ،‬م�شروع الق�ضاء على الجوع –‬ ‫وهو مقترح من �أجل �سيا�سة للأمن الغذائي في البرازيل‪ .‬وي�شكل هذا الم�شروع مجموعة‬ ‫من الأعمال دامت �سنة واحدة �شارك فيها على قدم الم�ساواة العديد من الرفاق‪ ،‬وممثلي‬ ‫المنظمات غير الحكومية‪ ،‬ومعاهد البحوث‪ ،‬والنقابات العمالية‪ ،‬والمنظمات ال�شعبية‪،‬‬ ‫والحركات االجتماعية‪ ،‬وخبراء في مجال الأمن الغذائي من جميع �أنحاء البرازيل‪.‬‬ ‫�إن الحق في جودة الغذاء هو حق غير قابل للت�صرف لجميع المواطنين‪ ،‬ومن‬ ‫واجب الدولة تهيئة الظروف المالئمة ل�سكان البرازيل للتمتع بهذا الحق‪� .‬إن الفئة‬ ‫ال�سكانية الم�ستهدفة كبيرة‪ 9.3 :‬مليون �أ�سرة �شديدة الفقر (�أو ‪ 44‬مليون ن�سمة) تك�سب‬ ‫�أقل من دوالر واحد يوميا‪.‬‬ ‫وقد تفاقم هذا ال�سيناريو الرهيب في ال�سنوات الأخيرة ب�سبب زيادة معدالت‬ ‫البطالة والنفقات غير الغذائية التي تتحملها الأ�سر الأ�شد فقرا (من قبيل نفقات ال�سكن‪،‬‬ ‫والتنقل‪ ،‬والرعاية ال�صحية والتعليم)‪ .‬وح�سب بحوث قامت بها الهيئة البرازيلية للبحث‬ ‫الزراعي (‪ ،)Embrapa‬ف�إنه ب�إمكان مزارعينا �أن يكونوا قادرين على �إنتاج جميع المواد‬ ‫الغذائية التي يحتاجها ال�سكان‪� .‬إن هناك جوعا في البرازيل وهو ال يعود �إلى النق�ص في‬ ‫الغذاء‪ ،‬و�إنما يعود �إلى عدم وجود المال في جيوب العمال ل�شرائه‪.‬‬ ‫ال ينبغي �أن تقت�صر مهمة الق�ضاء على الجوع و�ضمان الحق في الغذاء‬ ‫الجيد فقط على مقترح الحكومة‪ ،‬حتى لو تم الربط بين جميع الوكاالت القطاعية‬ ‫على م�ستوى االتحادات الفيدرالية والواليات والبلديات للقيام ب�إنجازه‪� .‬إن �إ�شراك‬ ‫المجتمع المدني المنظم في هذا الكفاح �أمر �أ�سا�سي‪ :‬فالنقابات‪ ،‬والجمعيات ال�شعبية‬ ‫والمنظمات غير الحكومية والجامعات والمدار�س والكنائ�س من مختلف المعتقدات‪،‬‬ ‫والمنظمات التعاقدية مدعوة كلها للم�شاركة في هذه المهمة‪.‬‬ ‫ومن �ش�أن �ضمان الأمن الغذائي �أن يعزز ثورة حقيقية تنطوي على ت�شجيع‬ ‫تغييرات عميقة في الإطار ال�سيا�سي‪ ،‬زيادة على الجوانب االقت�صادية االجتماعية‪.‬‬ ‫فالفقر ما يزال قائما في كثير من مناطق البرازيل‪ ،‬لأنه من بين الأ�سباب التي تي�سر‬ ‫على النخب المحافظة التي تحكم هذا البلد منذ قرون البقاء في ال�سلطة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1‬الن�سخة الأ�صلية متوفرة على الموقع <‪ ،>www.icidadania.org.br‬التي �أطلقها معهد المواطنة في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪.2001‬‬

‫‪5‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�إننا نريد �أن نو�ضح‪ ،‬في هذا الكتاب‪� ،‬أن العن�صر الرئي�سي في م�شروع الق�ضاء‬ ‫على الجوع يكمن في توليفة منا�سبة بين ما ي�سمى بال�سيا�سات الهيكلية – التي‬ ‫تهدف �إلى �إعادة توزيع الدخل‪ ،‬وتعزيز الإنتاج‪ ،‬وتوليد فر�ص العمل‪ ،‬وتعزيز‬ ‫الإ�صالح الزراعي من جهة‪ ،‬والتدخالت في حاالت الطوارئ‪ ،‬التي غالبا ما ي�شار‬ ‫�إليها بال�سيا�سات التعوي�ضية‪ .‬و�إذا اقت�صرت الإجراءات على هذه الأخيرة في الوقت‬ ‫الذي ت�ستمر فيه ال�سيا�سات الهيكلية لتوليد البطالة‪ ،‬وتركيز الدخل‪ ،‬وزيادة الفقر‪،‬‬ ‫كما يحدث في البرازيل اليوم‪ ،‬ف�إن الموارد ُتهدر‪ ،‬والمجتمع ُيخدع‪ ،‬والم�شكلة ت�ستمر‪.‬‬ ‫وعك�س هذا الأمر غير مقبول �أي�ضا‪ .‬ذلك �أن �إخ�ضاع محاربة الجوع لت�أمين‬ ‫تغييرات عميقة في ال�سيا�سات الهيكلية كخطوة �أولى يعني التخلي عن الت�ضامن‪،‬‬ ‫الذي ي�شكل واجبا الزما لجميع المواطنين نحو الماليين من البرازيليين الذين حكم‬ ‫عليهم بالإق�صاء االجتماعي‪ ،‬وعدم وجود ما يكفي من الطعام اليوم‪ .‬وربما نحتاج‬ ‫�إلى �سنوات‪� ،‬أو حتى �إلى عقود لكي ت�ؤتي ال�سيا�سات الهيكلية ثمارها‪� .‬إن الجوع ال‬ ‫يزال يقتل النا�س كل يوم‪� ،‬أو يت�سبب في الت�شرد االجتماعي والأ�سري‪ ،‬والأمرا�ض‪،‬‬ ‫والي�أ�س‪ ،‬والعنف المتزايد‪.‬‬ ‫لهذا جاء م�شروع الق�ضاء على الجوع ‪ -‬وهو م�شروع مبني على القطاع العام‬ ‫ويمكن �أن يطبقه منتدبون �سيا�سيون من �أي حزب ‪ -‬ليمزج بين التدابير التي ف�شلت‬ ‫في كلتا ال�سيا�ستين‪� .‬إال �أنه ال�شك في �أننا �أعطينا الأولوية الق�صوى لتوطيد التدابير‬ ‫التي يمكن تنفيذها على الفور‪ ،‬دون �إغفال التغيرات العميقة المطلوبة لبناء دولة‬ ‫البرازيل الجديدة �أو ح�صرها في �أهمية ثانوية‪� .‬إن مهمتنا تكمن في بناء البرازيل‬ ‫باعتبارها دولة متكاملة وواعدة تماما ‪ ،‬حيث تكون الديمقراطية حا�ضرة في‬ ‫المجال االقت�صادي واالجتماعي‪ ،‬وت�شكل العدالة هدفا ي�سعى �إليه الجميع‪ ،‬ويكون‬ ‫الت�ضامن هو القاعدة العامة للتعاي�ش‪.‬‬ ‫ويهدف هذا المقترح �إلى �إطالق العنان ل�سل�سلة من المناق�شات الجارية‪ ،‬و�إدخال‬ ‫تح�سينات واتخاذ �إجراءات ملمو�سة تمكن بالدنا من �ضمان الحق الأ�سا�سي في الغذاء‬ ‫الجيد لجميع مواطنيها‪� .‬إننا ندرك �أن م�شروع الق�ضاء على الجوع يمكن تح�سينه‬ ‫وتغييره نحو الأف�ضل‪ .‬فنحن بحاجة‪ ،‬على �سبيل المثال‪� ،‬إلى التدقيق في الجوانب‬ ‫العملية لمختلف المقترحات التي يت�ضمنها على مختلف م�ستويات التدخل‪ .‬ولعل النقطة‬ ‫الأ�سا�سية تكمن في تحديد �آليات دائمة لإ�شراك المجتمع المدني ككل في عملية تعبئة‬ ‫وا�سعة تكفل الغذاء ال�صحي لجميع مواطنينا‪ .‬بل �إنه نداء من �أجل مجهود وطني ال‬ ‫ينب�ض للق�ضاء على الجوع في بالدنا كحلم والتزام على مدى حياتنا‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫لويز �إينا�سيو لوال دا �سيلفا‬

‫معهد المواطنة‪� ،‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪2001‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫وثيقة موجزة‬ ‫مـقـدمـة‬ ‫يعتبر م�شروع الق�ضاء على الجوع ثمرة عمل م�شترك لمدة عام واحد بين خبراء‬ ‫وممثلين عن المنظمات غير الحكومية‪ ،‬ومعاهد البحوث‪ ،‬ومنظمات �شعبية وحركات‬ ‫اجتماعية تهتم بم�شاكل الأمن الغذائي في جميع �أنحاء البرازيل‪ .‬وقد دعا معهد‬ ‫المواطنة كل هذه الفعاليات لو�ضع مقترح من �أجل �سيا�سة للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫لقد كانت النتائج مفاجئة‪ :‬ففي بالدنا‪ ،‬هناك ما ال يقل عن ‪ 9.3‬مليون �أ�سرة‪،‬‬ ‫�أي ‪ 44‬مليون �شخ�ص‪ ،‬يك�سبون �أقل من دوالر واحد يوميا‪ .‬وهذا هو خط الفقر الذي‬ ‫اعتمده البنك الدولي‪ ،‬ا�ستنادا �إلى الدخل الفردي ال�صافي لل�سكان الفقراء الذين‬ ‫يعي�شون في �أ�شد بلدان �إفريقيا فقرا‪ .‬وتعي�ش معظم �أفقر العائالت البرازيلية في المدن‬ ‫ال�صغيرة والمتو�سطة الحجم �أو في المناطق الريفية (‪ 4.3‬مليون �أ�سرة �أو ‪ 20‬مليون‬ ‫ن�سمة)‪ ،‬وفي المناطق الح�ضرية الكبرى (‪ 2‬مليون �أ�سرة �أو ‪ 9‬ماليين ن�سمة)‪ ،‬وال يزال‬ ‫الفقر يطال ما يقرب من ‪ 3‬ماليين �أ�سرة في المناطق الريفية (‪ 15‬مليون ن�سمة)‪ .‬وحتى‬ ‫منطقة جنوب �شرق البرازيل‪ ،‬وهي �أكثر مناطق البرازيل تقدما‪ ،‬ت�أوي عددا هائال من‬ ‫الفقراء (‪ 2.6‬مليون �أ�سرة‪� ،‬أو ‪ 11.5‬مليون ن�سمة)‪ .‬ولعل العامل الأكثر حدة يتمثل في‬ ‫تزايد الفقر تحديدا في المناطق الح�ضرية الكبرى‪ ،‬ال�سيما في مدينة �ساو باولو‪ ،‬حيث‬ ‫تتركز معظم ثروة البالد‪.‬‬ ‫وما يمكن ا�ستنتاجه هو �أن الفقر لي�س م�شكال خفيا عابرا‪ ،‬و�إنما هو نتيجة‬ ‫نموذج نمو فا�سد اعتمد على الرواتب المتدنية و�أدى �إلى زيادة تركيز الدخل والبطالة‪.‬‬ ‫لقد تفاقم‪ ،‬مع الأ�سف‪ ،‬هذا ال�سيناريو في ال�سنوات الأخيرة نتيجة ارتفاع معدالت‬ ‫البطالة و�أ�سعار المواد الغذائية والإنفاق على الغذاء خارج البيت وم�صاريف �أخرى‬ ‫ال تتعلق بالأغذية (ال�سكن‪ ،‬والتنقل‪ ،‬والرعاية ال�صحية والتعليم) للأ�سر الأكثر فقرا‪.‬‬ ‫وقد ا�ستند م�شروع الق�ضاء على الجوع �إلى افترا�ض مفاده �أن لجميع النا�س‬ ‫الحق في الح�صول على الغذاء بكمية وجودة كافيتين لتلبية احتياجاتهم الغذائية‬ ‫الأ�سا�سية والحفاظ على �صحتهم على �أ�سا�س يومي‪ ،‬وبكرامة‪ .‬ويعتبر �ضمان هذا‬ ‫الحق �شرطا �أ�سا�سيا للح�صول على المواطنة داخل �أي دولة تعتبر نف�سها متح�ضرة‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪8‬‬

‫�إن الحق في الغذاء عن�صر من بين كافة الحقوق الأخرى ال�سيا�سية منها والمدنية‬ ‫واالقت�صادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬ويعني االعتراف به �أن الدولة ملزمة ب�ضمان‬ ‫الح�صول على المواد الغذائية بكميات وجودة كافيتين لمواطنيها من خالل �سيا�سة‬ ‫دائمة للأمن الغذائي والتغذية‪ .‬ولتنفيذ �سيا�سة من هذا النوع‪ ،‬يبقى المفتاح هو تعبئة‬ ‫المواطنين على جميع الم�ستويات‪ ،‬وذلك ل�ضمان الم�شاركة الفعلية للمجتمع ب�أ�سره‪،‬‬ ‫ب�صرف النظر عن قرارات الحكام ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫ولقد بد�أ تنفيذ نواة �سيا�سة وطنية للأمن الغذائي في البرازيل خالل �إدارة‬ ‫�إيتامار فرانكو ‪ ،(1994-1993) Itamar Franco‬بناء على اقتراح قدمه حزب العمال في‬ ‫عام ‪ .1991‬وقد مهدت "مبادرة المواطنين لمكافحة الجوع والفقر ومن �أجل الحياة"‪،‬‬ ‫مع انطالقها في عام ‪ ،1993‬الطريق نحو ظهور حركة اجتماعية �أو�سع بكثير بقيادة‬ ‫�أ�ستاذ علم االجتماع هربرت دي �سوزا ‪ ،Herbert de Souza‬حيث اتخذت �شكل لجان‬ ‫ذات توجه ت�ضامني تعد بالآالف وت�سعى �إلى محاربة الجوع‪ .‬وقد �ضمنت هذه‬ ‫التعبئة ك�سبا كبيرا للحكومة من الناحية القانونية و�أمدت المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية )‪ (Consea‬الحديث الن�ش�أة‪ ،‬بالحيوية المطلوبة‪.‬‬ ‫وبالنظر �إلى تفكيك معظم ال�سيا�سات التي كانت محل نقا�ش �آنذاك‬ ‫(المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية )‪ ،(Consea‬وبرنامج توزيع المواد الغذائية‬ ‫)‪ ،(Prodea‬والمعهد الوطني للغذاء والتغذية )‪ ،(Inan‬والم�ؤن المنتظمة‪ ،‬من بين �أمور‬ ‫�أخرى)‪ ،‬فقد �أ�صبح البرازيل يفتقر �إلى �سيا�سة وطنية للأمن الغذائي اليوم‪ .‬فما نتوفر‬ ‫عليه هو الزيادة في عدد المبادرات على م�ستوى الدولة والبلديات والمجتمع المدني‬ ‫من �أجل م�ساعدة ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‪ .‬وتعتبر مقترحات الإدارة الفيدرالية‬ ‫الحالية ذات طابع محلي فقط وترمي عادة �إلى تكملة دخل الأ�سر الفقيرة التي هي‬ ‫في م�ستويات لي�ست كافية للق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫وت�شير المعطيات المتوافرة �إلى �أن الم�ستويات الإجمالية لعدم توافر المواد‬ ‫الغذائية والعوز قد عرفت ا�ستقرارا في ال�سنوات الأخيرة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن الفقر والعوز قد‬ ‫تزايدا في المناطق الح�ضرية منذ عام ‪ .1995‬وترتبط �أ�سباب هذا التزايد بارتفاع معدالت‬ ‫البطالة ومعدالت العمالة الناق�صة وانخفا�ض الأجور التي يتقا�ضاها ال�سكان‪.‬‬ ‫ويبلغ معدل البطالة‪� ،‬ضمن الفقراء في المناطق الح�ضرية ثالثة �أ�ضعاف‬ ‫ما هو عليه عند غير الفقراء‪ .‬فا�ستنادا �إلى بيانات للم�سح الوطني للعينة المنزلية‬ ‫)‪ (Pnad‬لعام ‪ 1999‬التي قام بها المعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء )‪ ،(IBGE‬فقد‬ ‫حدد م�شروع الق�ضاء على الجوع ‪ 9.3‬مليون �أ�سرة �أو ‪ 44‬مليون ن�سمة فقيرة جدا‬ ‫(مع دخل �أقل من دوالر واحد يوميا‪� ،‬أو حوالي ‪ 80.00‬رياال برازيليا في ال�شهر في‬ ‫�أغ�سط�س‪�/‬آب ‪ ،)2001‬على التوالي‪ ،‬كم�ستفيدين محتملين من هذا الم�شروع نظرا‬ ‫لتعر�ضهم للجوع‪ .‬وتمثل هذه ال�شريحة الفقيرة ‪ 22‬في المائة من جميع الأ�سر‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫البرازيلية و ‪ 28‬في المائة من �سكان البرازيل ككل‪� ،‬أي ‪ 19‬في المائة من �سكان‬ ‫المناطق الح�ضرية (�أو ‪ 9‬ماليين ن�سمة) و ‪ 25‬في المائة من �سكان المناطق‬ ‫غير الح�ضرية (‪ 20‬مليون ن�سمة)‪ ،‬و‪ 46‬في المائة من �سكان المناطق الريفية‬ ‫(‪ 15‬مليون ن�سمة)‪ .‬وتتركز هذه الفئة من ال�سكان بقوة في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‬ ‫(‪ 50‬في المائة من الفقراء) وكذلك في منطقة الجنوب ال�شرقي (‪ 26‬في المائة)‪ .‬وتبلغ‬ ‫الن�سبة في المناطق المتبقية ‪ 9‬في المائة في المنطقة ال�شمالية‪ ،‬و ‪ 10‬في المائة في‬ ‫المنطقة الجنوبية‪ ،‬و ‪ 5‬في المائة في منطقة الغرب الأو�سط‪ .‬ويبلغ متو�سط دخل هذه‬ ‫الأ�سر ‪ 48،61‬ريال برازيلي (�أرقام �أغ�سط�س‪�/‬آب ‪� ،)2001‬أي �أقل من ‪ 10‬في المائة من‬ ‫دخل الأ�سر غير الفقيرة‪.‬‬ ‫وي�شير ت�شخي�ص م�شكلة الجوع في البرازيل في �أوائل القرن ‪� 21‬إلى �أن الطلب‬ ‫على المواد الغذائية غير كاف في البالد‪ ،‬مما يعوق التجارة الزراعية وال�صناعة‬ ‫الزراعية من زيادة الإنتاج الغذائي‪ .‬وال تعتبر �أ�سباب النق�ص التي يعرفها الطلب‬ ‫ الإفراط في تركيز الدخل‪ ،‬وتدني الأجور وارتفاع م�ستويات البطالة وانخفا�ض‬‫معدالت النمو‪ ،‬ال�سيما في القطاعات التي يمكنها توظيف المزيد من النا�س‪ -‬ظرفية‪،‬‬ ‫بل هي‪ ،‬على العك�س من ذلك‪ ،‬من داخل نمط النمو الحالي‪ ،‬وبذلك ال يمكن ف�صلها عن‬ ‫النموذج االقت�صادي ال�سائد‪ .‬وهكذا‪ ،‬تم ت�شكيل حلقة مفرغة حقيقية هي‪ ،‬في نهاية‬ ‫التحليل‪ ،‬ال�سبب الرئي�سي للجوع في البالد‪ .‬وهي البطالة واالنخفا�ض في القدرة‬ ‫ال�شرائية وانخفا�ض التموين الغذائي ثم المزيد من البطالة‪ ،‬والمزيد من االنخفا�ض‬ ‫في القدرة ال�شرائية‪ ،‬والمزيد من االنخفا�ض في التموين الغذائي (انظر ال�شكل على‬ ‫ال�صفحة التالية)‪.‬‬ ‫ولكي يتم الق�ضاء نهائيا على م�شكلة الجوع في البرازيل‪ ،‬ينبغي تبني نموذج‬ ‫جديد للتنمية االقت�صادية تكون الأولوية فيه مطلوبة من �أجل تعزيز النمو مع توزيع‬ ‫الدخل‪ ،‬بحيث يمكن تو�سيع نطاق �سوق البرازيل المحلي في الوقت الذي يعمل فيه‬ ‫على توليد المزيد من فر�ص العمل‪ ،‬و�ضمان �أجور �أعلى‪ ،‬وب�شكل �أكثر تحديدا‪ ،‬ا�ستعادة‬ ‫القدرة ال�شرائية للحد الأدنى للأجور‪ ،‬الذي �أ�صبح اليوم "منظارا" نرى من خالله دخل‬ ‫�أفقر قطاعات ال�سكان‪.‬‬ ‫وبعبارة �أخرى‪ ،‬و�ضمانا للأمن الغذائي لجميع ال�سكان في البرازيل‪ ،‬ف�إن‬ ‫هناك حاجة �إلى �إحداث تغيير في نموذج التنمية االقت�صادية الحالي‪ ،‬الذي ي�ؤدي‬ ‫�إلى الإق�صاء االجتماعي‪ ،‬حيث يعتبر الجوع من نتائجه الوا�ضحة‪ ،‬كما هو ال�ش�أن‬ ‫بالن�سبة للبطالة والفقر المدقع وتركيز الأرا�ضي والدخل‪ .‬وينبغي‪ ،‬خالل تنفيذ‬ ‫عملية نموذج اقت�صادي جديد‪ ،‬من جهة‪ ،‬تنفيذ �إجراءات طارئة لخف�ض �أ�سعار المواد‬ ‫الغذائية بالن�سبة لل�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‪ ،‬ومن جهة �أخري‪ ،‬يجب �أي�ضا اتخاذ‬ ‫�إجراءات طارئة لتقديم الم�ساعدة المبا�شرة لل�سكان الذين يواجهون الجوع فعال‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫احللقة املفرغة للجوع‬ ‫غياب برامج العمل وال�سيا�سات المدرة للدخل‬ ‫الأجور المنخف�ضة‬

‫البطالة المتزايدة‬ ‫تركيز الدخل‬

‫انخفا�ض ا�ستهالك الأغذية‬

‫الجوع‬

‫تقليل �إمدادات الأغذية‬

‫الأزمات الزراعية‬ ‫انخفا�ض �أ�سعار الأغذية‬

‫ارتفاع �أ�سعار الفائدة‬ ‫غياب ال�سيا�سات الزراعية‬

‫‪10‬‬

‫وخال�صة القول‪� ،‬إن ق�ضية الجوع في البرازيل ترتبط بثالثة جوانب �أ�سا�سية في‬ ‫�أوائل القرن ‪� :21‬أولها‪ ،‬عدم كفاية الطلب‪ ،‬الناتج عن تركيز الدخل في البالد وارتفاع‬ ‫معدالت البطالة وم�ستويات العمالة الناق�صة‪ ،‬والناتج عن انخفا�ض القدرة ال�شرائية في‬ ‫�أجور �أغلبية الطبقة العاملة‪ .‬وثانيها‪ ،‬عدم التوافق بين �أ�سعار المواد الغذائية الحالية‬ ‫وانخفا�ض القدرة ال�شرائية لغالبية ال�سكان في البرازيل‪ .‬ويتعلق الجانب الثالث‪ ،‬وهو‬ ‫الجانب الذي ال يعتبر الأقل �أهمية‪ ،‬با�ستبعاد �أفقر �شرائح ال�سكان من ال�سوق‪.‬‬ ‫ولك�سر هذه الدورة الع�صية من الجوع‪� ،‬أ�صبح تدخل الدولة �ضروريا ل�ضمان‬ ‫ولوج �أولئك الذين �سبق ا�ستبعادهم من �سوق العمل و‪�/‬أو �أولئك الذين ال يكفي دخلهم‬ ‫لإطعام عائالتهم بكرامة‪ ،‬ل�سوق المواد الغذائية‪ .‬وباخت�صار‪ ،‬ف�إن الأمر يتعلق‪ ،‬من‬ ‫ناحية‪ ،‬بم�س�ألة خلق �آليات منها ما هي ذات طابع طارئ ومنها ما هي ذات طبيعة‬ ‫دائمة تمكن ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض والذين هم عر�ضة للجوع من الح�صول‬ ‫على الغذاء بتكلفة �أقل‪ .‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬هناك حاجة �إلى تحفيز التزود من‬ ‫المنتجات الغذائية الرخي�صة‪ ،‬ولو من خالل اال�ستهالك الذاتي و‪� /‬أو �إنتاج الكفاف‪.‬‬ ‫و�أخيرا‪ ،‬يجب �إدراج �أولئك الم�ستبعدين الآن‪ ،‬على اعتبار �أن الح�صول على المنتجات‬ ‫الغذائية الأ�سا�سية هو حق غير قابل للت�صرف لجميع الب�شر‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫ويقدم الر�سم البياني �أدناه تفا�صيل ال�سيا�سات الرئي�سية التي يتعين تنفيذها‪.‬‬ ‫�أوال‪ ،‬ينبغي التذكير ب�أن �أيا منها ال يمكنه بمفرده معالجة ق�ضية الجوع‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن �ضمان الأمن الغذائي لل�سكان‪ .‬ثانيا‪ ،‬ينبغي على هذه ال�سيا�سات بال�ضرورة‬ ‫�أن تجمع بين الإجراءات الطارئة والتدابير الهيكلية و�أن تنف�صل عن الثنائيات‬ ‫الخاطئة المبنية على الف�صل بين المجالين االقت�صادي واالجتماعي‪ ،‬المتجذرة‬ ‫في المخططات الليبرالية الجديدة التي ت�ؤدي �إلى تركيز الثروة والفقر‪ ،‬وبذلك تدير‬ ‫�سيا�سات "اجتماعية " للتخفيف من حدة تركيز الثروة والفقر‪.‬‬ ‫وكما ر�أينا بالن�سبة لتحديد عدد ال�سكان الذين يحتاجون �إلى الم�ساعدة‪ ،‬ف�إن‬ ‫هناك عددا كبيرا من �أ�شد ال�سكان فقرا الذين هم عر�ضة للجوع في المدن الكبرى‬ ‫�أو في �ضواحي المدن ال�صغيرة والمتو�سطة الحجم في المناطق غير الميتروبولية‪.‬‬ ‫ويعتبر ملف الجوع في المناطق الح�ضرية مختلفا عن ملف الجوع في المناطق‬ ‫الريفية‪ .‬ولأن المواد الغذائية تتوافر بكثرة في المدن‪ ،‬ف�إن ال�سكان من ذوي الدخل‬ ‫المنخف�ض يبحثون عن الم�ساعدة من المنظمات غير الحكومية والوكاالت العامة �أو‬ ‫تح�سين الدخل‬

‫�سيا�سات العمل والدخل‬ ‫الإ�صالح الزراعي‬ ‫ال�ضمان االجتماعي المعمم‬ ‫المنحة المدر�سية والدخل الأدنى‬ ‫القرو�ض ال�صغيرة‬

‫مواد غذائية �أرخ�ص‬ ‫المطاعم المدعمة‬ ‫اتفاقيات مع المتاجر‬ ‫الكبرى والبقالة‬ ‫قنوات ت�سويق بديلة‬ ‫مرافق عامة‬ ‫برنامج غذاء العمال‬ ‫قوانين �ضد التمركز‬ ‫تعاونيات الم�ستهلكين‬

‫الأمن‬ ‫الغذائي‬

‫�إمدادات متزايدة‬ ‫من المواد الغذائية‬ ‫الأ�سا�سية‬ ‫دعم الزراعة الأ�سرية‬ ‫حوافز الإنتاج من �أجل‬ ‫اال�ستهالك الذاتي‬ ‫�سيا�سة زراعية‬

‫�إجراءات خا�صة‬

‫بطاقات الغذاء‬ ‫مجموعة طوارئ المواد الغذائية الأ�سا�سية‬ ‫وجبات مدر�سية‬ ‫مخزونات الأمن الغذائي‬ ‫عمليات مكافحة النق�ص‬ ‫في التغذية لدى الطفل والأم‬

‫‪11‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫خمطط مقرتح مل�رشوع الق�ضاء على اجلوع‬ ‫�سيا�سات هيكلية‬

‫توليد فر�ص العمل والدخل‬ ‫ال�ضمان االجتماعي المعمم‬ ‫تحفيزات الزراعة الأ�سرية‬ ‫تكثيف الإ�صالح الزراعي‬ ‫المنحة المدر�سية والدخل الأدنى‬

‫�سيا�سات خا�صة‬

‫برنامج بطاقات الغذاء‬ ‫هبات �سالل �أغذية الطوارئ‬ ‫مخزونات الأمن الغذائي‬ ‫�سالمة وجودة الأغذية‬ ‫تو�سيع برنامج غذاء العمال‬ ‫عمليات مكافحة النق�ص في التغذية لدى الطفل والأم‬ ‫تو�سيع نطاق برنامج الوجبة المدر�سية‬ ‫التربية من �أجل اال�ستهالك والتربية الغذائية‬ ‫المناطق الريفية‬ ‫■ ■دعم الزراعة الأ�سرية‬ ‫■ ■دعم الإنتاج من‬ ‫�أجل اال�ستهالك‬ ‫الذاتي‬

‫‪12‬‬

‫�سيا�سات محلية‬

‫المدن ال�صغيرة والمتو�سطة‬ ‫■ ■بنك الطعام‬ ‫■ ■�شراكات مع تجار التجزئة‬ ‫■ ■تحديث مرافق التموين‬ ‫■ ■عالقات جديدة مع المراكز‬ ‫التجارية الكبرى‬ ‫■ ■الزراعة الح�ضرية‬

‫المدن الكبرى‬ ‫■ ■المطاعم المدعمة من‬ ‫�أجل ال�سكان ذوي الدخل‬ ‫المنخف�ض‬ ‫■ ■بنك الطعام‬ ‫■ ■�شراكات مع تجار التجزئة‬ ‫■ ■تحديث مرافق التموين‬ ‫■ ■عالقات جديدة مع المراكز‬ ‫التجارية الكبرى‬

‫حتى من الجيران والأقارب‪ .‬وت�سمح الكمية الكبيرة من الطعام التي ُيلقى بها في‬ ‫النفايات في المدن‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬لجزء من هذه الفئة من ال�سكان التي هي‬ ‫عر�ضة للجوع‪ ،‬بالح�صول على مواد غذائية من نوع ما‪ ،‬و�إن كانت من نوعية رديئة‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬يمكن القول �إنه من ال�ضروري‪ ،‬لكي نعالج م�شكلة الجوع في المدن ‪ -‬خا�صة‬ ‫في المناطق الح�ضرية الكبرى‪ -‬تنفيذ �سيا�سات مختلفة عن تلك التي اعتمدت في‬ ‫المناطق الريفية‪ ،‬حيث من ال�صعب الح�صول على الغذاء مع كل ما يحمله ذلك من‬ ‫تناق�ض‪ .‬وربما يكون من ال�صحيح جدا القول �إن "ال�ضعف" الناتج عن النق�ص في‬ ‫الأغذية ب�سبب الفقر هو �أكثر �شيوعا في المناطق الح�ضرية من الجوع في حد ذاته‪،‬‬ ‫وهو ما ينتج كتلة ج�سدية مقل�صة‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫�إطار م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫تتطلب الفئات ال�سكانية المختلفة �سيا�سات محددة لمعالجة م�شكلة الجوع‪ ،‬ال�سيما على‬ ‫المدى الق�صير والمتو�سط‪ .‬ونقترح فيما يلي ملخ�صا لمجموعة من المقترحات لكل هذه‬ ‫الفئات– بع�ضها مقترحات ذات طابع هيكلي والأخرى ذات طابع طارئ‪ -‬لزيادة توفير‬ ‫الغذاء ب�أ�سعار منخف�ضة وح�صول ال�سكان المهددين بالجوع على الغذاء ال�صحي �أي�ضا‪.‬‬

‫ال�سيا�سات الهيكلية‬

‫لهذه ال�سيا�سات �آثار كبيرة على الحد من نق�ص الغذاء عند الأ�سر من خالل الزيادة‬ ‫في دخل الأ�سرة‪ ،‬وتعزيز الحقوق االقت�صادية واالجتماعية العالمية‪ ،‬والح�صول على‬ ‫الغذاء ال�سليم والحد من التفاوت في الدخل‪.‬‬

‫ال�سيا�سات الرامية �إلى خلق فر�ص العمل والزيادة في الدخل‬

‫مع �إعطاء الأولوية لتقلي�ص الفوارق االجتماعية من خالل توزيع �أف�ضل للدخل ‪-‬‬ ‫يبقى ا�ستئناف �سيا�سة زيادة الحد الأدنى للأجور �إلى ‪ 100‬دوالر �إجراء مهما �إلى‬ ‫جانب تقلي�ص الفجوة بين الحدين الأدنى والأعلى للأجور في البرازيل‪ .‬وبالإ�ضافة‬ ‫�إلى ذلك‪ ،‬ف�إننا نعتقد �أن ا�ستئناف تجربة ت�أ�سي�س جبهات عمل م�ؤقتة في المناطق‬ ‫التي تميزت بارتفاع معدالت البطالة المو�سمية �أمرا �أ�سا�سيا‪ ،‬مع اعتماد برامج‬ ‫تكوينية وتحفيزية ل�ضمان ح�صول ال�شباب على �أول وظيفة‪ ،‬وكذلك اعتماد برامج‬ ‫التكوين الم�ستمر وخا�صة بالن�سبة للأ�شخا�ص فوق �سن الأربعين‪.‬‬ ‫ولتحقيق الزيادة في الإنتاج واال�ستهالك المحليين ينبغي تعزيز ائتمان‬ ‫اال�ستثمارات عن طريق البنك الوطني للتنمية االقت�صادية واالجتماعية )‪(BNDES‬‬ ‫وبنك البرازيل‪ ،‬و�صندوق التوفير الفيدرالي )‪ (CEF‬وتعزيز ائتمان اال�ستهالك بو�ضع‬ ‫برامج القرو�ض ال�صغيرة الت�ضامنية‪.‬‬ ‫ومن الأ�سا�سي كذلك �إعادة ت�أهيل التعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬و�شبكات تعليم‬ ‫الأطفال والبنية التحتية التعليمية في المناطق الريفية‪ .‬كما يجب تبني �سيا�سة‬ ‫�إ�سكانية من �ش�أنها توليد فر�ص العمل و�إيجاد حلول للعجز الإ�سكاني في البرازيل‪.‬‬

‫تكثيف الإ�صالح الزراعي‬

‫ي�ؤيد م�شروع الق�ضاء على الجوع عملية هائلة لتوزيع الأرا�ضي ك�سيا�سة تنموية‬ ‫هيكلية و�أداة ا�ستراتيجية لمحاربة تركيز الأر�ض البرازيلية التاريخية وتركيز الدخل‪.‬‬ ‫ويمكن �إرجاع �ضرورة الإ�صالح الزراعي �إلى �أربعة �أ�سباب رئي�سية هي‪:‬‬ ‫تعزيزه لعملية �إعادة توزيع الدخل‪ ،‬ودوره في تو�سيع م�صادر دخل الأ�سرة‪ ،‬واعتباره‬

‫‪13‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫م�صدرا للمواد الغذائية لال�ستهالك الذاتي‪ ،‬وتعزيزه لالقت�صادات الإقليمية‪ .‬ووفقا‬ ‫للبيانات التي تم جمعها في مجمعات �سكنية جديدة للإ�صالح الزراعي‪ ،‬فقد كان‬ ‫هناك تح�سن كبير في نوعية الحياة في هذه المجمعات ال�سكنية مع تقلي�ص في‬ ‫تعر�ض �سكانها للجوع‪.‬‬ ‫وت�شير التقديرات الأولية‪ ،‬بناء على بيانات الم�سح الوطني للعينة المنزلية‬ ‫لعام ‪� ،1999‬إلى �أن عدد الم�ستفيدين المحتملين يبلغ مليون �أ�سرة (ال تملك الأر�ض‪،‬‬ ‫�أو �أن الأر�ض التي تملكها �صغيرة جدا‪� ،‬أو �أن �أحد �أع�ضائها �أو �أكثر عاطلون عن‬ ‫العمل) في المناطق الريفية التي يتعين تح�سين و�ضعها ك�أولويات �أ�سا�سية‪ .‬وتبلغ‬ ‫تكاليف تنفيذ هذه المجمعات ال�سكنية ما بين ‪ 10 000‬و‪ 20 000‬ريال برازيلي لكل‬ ‫�أ�سرة مقيمة‪ ،‬ح�سب المبلغ المدفوع مقابل الأر�ض وح�سب البنية التحتية المتاحة في‬ ‫المجمعات ال�سكنية‪.‬‬

‫تعميم نظام ال�ضمان االجتماعي‬

‫‪14‬‬

‫لقد و�سع د�ستور عام ‪ 1988‬الحقوق االقت�صادية واالجتماعية في �إطار نظام ال�ضمان‬ ‫االجتماعي‪ ،‬بحيث اعترف بنظام االقت�صاد المنزلي �ضمن الأن�شطة الزراعية والثروة‬ ‫الحيوانية وحقه في الحد الأدنى لتغطية الرعاية االجتماعية بالن�سبة للأ�شخا�ص‬ ‫الم�سنين والمعوقين والأرامل‪ ،‬مع تمييز �إيجابي ل�صالح المر�أة (تخفي�ض الحد الأدنى‬ ‫ل�سن التقاعد)‪ .‬وقد تم االحتفاظ كليا بهذا النظام الخا�ص لل�ضمان االجتماعي في ن�ص‬ ‫الد�ستور الحالي بعد الم�صادقة على التعديل ‪ 20‬ال�صادر في دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪1998‬‬ ‫(المادة ‪ ،195‬الفقرة ‪ ،8‬والمادة ‪ ،201‬الفقرتان ‪ 2‬و ‪ -7‬ثانيا)‪.‬‬ ‫ومن ناحية �أخرى‪ ،‬لم ُ يتبع هذا االعتراف بالحقوق الدنيا في الرعاية‬ ‫االجتماعية فيما يخ�ص العمل العائلي في الزراعة وتربية الموا�شي ب�إجراءات مماثلة‬ ‫في العمل غير الزراعي‪� .‬إذ عموما ما ي�ستمر هذا النوع من العمل في خ�ضوعه للقواعد‬ ‫المعمول بها في العمل الر�سمي‪ ،‬من حيث �إنه ال تحق اال�ستفاد ُة من نظام ال�ضمان‬ ‫االجتماعي �إال للأ�شخا�ص الذين يثبتون م�ساهمتهم ب�شكل فردي في هذا النظام‬ ‫لفترة معينة‪ .‬ويحتاج هذا الو�ضع �إلى الت�صحيح عن طريق تو�سيع نطاق الحقوق‬ ‫التي يتمتع بها نظام اقت�صاد الأ�سرة لي�شمل عمل الأ�سرة في المناطق الح�ضرية كذلك‪.‬‬ ‫وتعتبر هذه الفكرة ب�سيطة‪� ،‬إذ تتمثل في االعتراف ب�أن جميع العمال‬ ‫الح�ضريين والريفيين الذين " ُي�ش ّغلون �أنف�سهم" يمار�سون عمال اجتماعيا �ضروريا‬ ‫ي�ؤهلهم لال�ستفادة من الحد الأدنى للأجر كحق من حقوق ال�ضمان االجتماعي‪ ،‬وذلك‬ ‫بغ�ض النظر عما �إذا كانوا يعي�شون تحت خط الفقر �أم ال‪.‬‬ ‫وت�شير التقديرات الأولية‪ ،‬بناء على بيانات الم�سح الوطني للعينة المنزلية‬ ‫لعام ‪� ،1999‬إلى �أن هناك فئة �سكانية تقدر بـ ‪ 2.9‬مليون �شخ�ص يفوق �سنهم ال�سن‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫المطلوبة لال�ستفادة من ال�ضمان االجتماعي لكن التغطية ال ت�شملهم فيما يخ�ص‬ ‫التقاعد العام ونظام المعا�شات‪ .‬و�إذا ما تمت م�ساعدة كل ه�ؤالء النا�س في وقت‬ ‫واحد‪ ،‬ف�إن التكاليف المترتبة على ذلك �ست�صل �إلى ‪ 6.3‬مليار ريال برازيلي‪.‬‬

‫برنامج المنحة المدر�سية والحد الأدنى للدخل‬

‫اقتداء بالتجارب المختلفة على م�ستوى البلديات والواليات واالتحادات الفيدرالية‪،‬‬ ‫تم اقتراح توفير حد �أدنى من الدخل للأ�سر ذات الدخل المنخف�ض والتي ت�ضم �أطفاال‬ ‫في �سن الدرا�سة‪ ،‬وذلك �شريطة اقتران هذا الدخل بتح�سن في المعايير التربوية ل�سكان‬ ‫البرازيل من خالل �إن�شاء �صندوق من �أجل تربية الأطفال‪ ،‬على �سبيل المثال‪.‬‬ ‫وت�شير تقديرات الفئة ال�سكانية المحتمل م�ساعدتها في هذا الإطار �إلى �أن‬ ‫هناك ‪ 3.3‬مليون طفل تتراوح �أعمارهم بين ‪ 7‬و ‪� 15‬سنة غير ملتحقين بالمدر�سة‪.‬‬ ‫و�إذا كانت اال�ستفادة المحتملة تبلغ ثالث �أ�ضعاف التحويالت النقدية المتاحة حاليا‬ ‫في �إطار البرنامج الفيدرالي للمنحة المدر�سية والذي يبلغ ‪ 45.00‬رياال برازيليا‪ ،‬ف�إن‬ ‫تكاليف هذا البرنامج �ست�صل �إلى ‪ 853.7‬مليون ريال برازيلي‪.‬‬

‫حوافز للزراعة الأ�سرية‬

‫ي�ؤكد م�شروع الق�ضاء على الجوع على �ضرورة اعتماد �سيا�سة زراعية ت�شجع حقا‬ ‫الزراعة الأ�سرية في البرازيل‪ ،‬وذلك بهدف الزيادة في الإنتاج الغذائي وحماية‬ ‫المزارعين ذوي الدخل المنخف�ض‪ .‬ويمكن تحقيق ذلك من خالل تنفيذ مجموعة‬ ‫من ال�سيا�سات المتكاملة ‪ .‬ومن بين هذه التدابير الت�أمين الزراعي و�إ�سناد الأولوية‬ ‫للإنتاج المحلي باالعتماد على الواردات فقط عند ف�شل مو�سم الح�صاد؛ وتقديم‬ ‫الحوافز للبحوث العامة المقترنة بالم�ساعدة التقنية الفعالة؛ و�سيا�سة لالئتمان؛‬ ‫وحوافز لإقامة تعاونيات للإنتاج والت�سويق؛ وتقديم الحوافز لحماية الطبيعة‬ ‫والمناظر الطبيعية من خالل �أداء دخل ل�صالح البيئة في �إطار محميات �إجبارية‬ ‫�ضمن جملة �أمور �أخرى‪.‬‬

‫�سيا�سات خا�صة‬

‫ترمي هذه ال�سيا�سات �إلى تعزيز الأمن الغذائي ومحاربة الجوع والنق�ص في التغذية‬ ‫ب�صورة مبا�شرة بين �شرائح ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‪.‬‬

‫برنامج بطاقات الغذاء‬

‫)‪(Cupom Alimentação - PCA‬‬

‫يتجلى الهدف من برنامج بطاقات الغذاء في ا�ستبدال ال�سيا�سة "التقليدية" لمكافحة‬ ‫الجوع القائمة على توفير �سالل الغذاء الأ�سا�سي‪ ،‬وهي �سيا�سة م�ؤقتة وخا�ضعة‬

‫‪15‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪16‬‬

‫للتقلبات زيادة على توليدها للتبعية والف�ساد‪ .‬وتكمن �أهم مميزات البرنامج في‬ ‫�إمكانية الو�صول �إلى �أ�شد ال�سكان فقراً (كما هو الحال بالن�سبة لبرنامج توزيع‬ ‫الألبان ل�سنة ‪ 1986‬ومثيله في الواليات المتحدة القائم منذ ‪ 40‬عاما تقريبا)‪ ،‬وربط‬ ‫الم�ستهلكين بدون قدرة �شرائية بمنتجي المواد الغذائية ال�صغار‪ .‬لهذا ال�سبب‪ ،‬يمكن‬ ‫لبرنامج بطاقات الغذاء �أن يكون برنامجا �ضخما دون �إحداث �آثار ت�ضخم عادة ما‬ ‫تت�سبب فيها برامج تولد توزيع الدخل على المدى الق�صير‪ .‬وب�إمكان هذا البرنامج‬ ‫توجيه قدرة الإنفاق الإ�ضافي للم�ستهلكين الفقراء ل�شراء المنتجات الغذائية‪ ،‬محفزا‬ ‫بذلك �إنتاج المزارعين المحليين ال�صغار الذين ي�شكلون قطاعا يعرف ب�ضعف قدرته‬ ‫الإنتاجية في البرازيل‪.‬‬ ‫ويتميز برنامج بطاقات الغذاء المقترح هنا ب�أربع �سمات �أ�سا�سية هي‪:‬‬ ‫(�أ) �إنه يكمل دخل �أ�شد الأ�سر فقرا بحيث ت�صل �إلى م�ستوى خط الفقر‪ ،‬بغ�ض‬ ‫النظر عن ا�ستفادته �أم ال من برامج �أخرى‪ ،‬مثل برنامج الحد الأدنى‬ ‫للدخل وبرنامج المنحة المدر�سية‪ ،‬وبرنامج الرعاية االجتماعية وبرامج‬ ‫الت�أمين �ضد البطالة؛‬ ‫(ب) �إنه يتطلب دائما مقابال محددا من الأ�سر التي ت�ستفيد من م�ساعدة‬ ‫البرنامج ك�ضرورة ا�شتغال �أفرادها البالغين‪ ،‬والمجبرين‪ ،‬على �سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬على متابعة درو�س محاربة الأمية �أو دورات تدريبية مهنية‬ ‫�أو حتى تقديم خدمات للمجتمع وفقا لمهاراتهم المهنية‪ ،‬زيادة على‬ ‫تتبعهم من قبل فرق الرعاية ال�صحية‪� ،‬إلخ؛‬ ‫(ج) ح�صول الأ�سر على مخ�ص�صات بطاقات الطعام لفترة محددة م�سبقا من‬ ‫�ستة �أ�شهر �إلى �سنة واحدة‪ ،‬يمكن تمديدها بعد �إجراء تقييم ي�ؤكد ا�ستمرار‬ ‫ظروف انعدام الأمن الغذائي؛‬ ‫(د) ت�ستعمل البطاقات فقط ل�شراء المنتجات الغذائية في محالت م�سجلة‬ ‫م�سبقا‪ ،‬كالمتاجر الكبرى وال�صغرى ومعار�ض المزارعين‪ .‬وال يمكن‬ ‫ا�ستخدام البطاقات في المطاعم �أو المرافق المماثلة التي لي�ست م�سجلة‬ ‫م�سبقا‪ .‬كما يتم تطبيق هذا القيد على جميع المواد غير الغذائية الأخرى‪،‬‬ ‫مثل ال�سجائر ومواد التنظيف والأدوية والم�شروبات الكحولية‪ ،‬وكذلك‬ ‫الوجبات ال�سريعة المحالة والمالحة‪.‬‬ ‫وخالل ال�سنوات الأولى من تنفيذ برنامج بطاقات الغذاء‪� ،‬أعطيت الأولوية‬ ‫للأ�سر التي قدمت طلب االنخراط في البرامج التالية‪ :‬مجمعات �سكنية للإ�صالح‬ ‫الزراعي �أو الأ�سر الفقيرة التي قدمت طلب االنخراط في هذا البرنامج عن طريق البريد‬ ‫وال تزال تنتظر البت في طلبها؛ وبرامج المنحة المدر�سية ومنحة الغذاء والأ�شخا�ص‬ ‫العاطلين عن العمل �سواء �أكانوا ي�ستفيدون من الت�أمين �ضد البطالة �أم ال؛ والأ�سر‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫التي لديها �أطفال يعانون من �سوء التغذية �أو معر�ضون لخطر الجوع و‪�/‬أو الأ�شخا�ص‬ ‫البالغون المحالون على البرنامج من طرف نظام الرعاية ال�صحية العامة والذين لم‬ ‫ي�ستفيدوا بعد من البرامج ال�سابقة‪.‬‬ ‫�إن للأولوية المعطاة لهذه العائالت ما يبررها‪ .‬فهي‪� ،‬أوال‪ ،‬م�سجلة بالفعل‪،‬‬ ‫مما يجنبنا الحاجة �إلى االنتظار �إلى حين وجود �سجل خا�ص ببرنامج بطاقات‬ ‫الغذاء لتنفيذه‪ .‬وثانيا‪ ،‬ولأن برنامج بطاقات الغذاء مكمل للدخل العائلي‪ ،‬ف�إن فوائده‬ ‫�ست�ساهم ال محالة في تح�سن كبير في �إنجازات برامج �أخرى في طور التنفيذ‪.‬‬ ‫وتق�ضي الفكرة بتنفيذ برنامج الغذاء تدريجيا‪ ،‬بدءا من برنامج تجريبي في‬ ‫ال�سنة الأولى‪ ،‬ثم التركيز على المناطق المت�ضررة من الجفاف في المنطقة ال�شمالية‬ ‫ال�شرقية وتعزيز انت�شاره‪ ،‬بينما يتم تو�سيع نطاق و�صول الإمدادات الغذائية والموارد‬ ‫ال�ضرورية‪ ،‬وذلك من �أجل تحقيق الهدف المتمثل في تغطية جميع الأ�سر ال�شديدة‬ ‫الفقير التي يقل متو�سط دخلها عن دوالر واحد يوميا‪.‬‬ ‫ويتم توزيع البطاقات على �شكل طوابع ورقية مطبوعة بالنعناع مع فترة‬ ‫�صالحية محددة �أو في �شكل بطاقات ممغنطة‪ .‬ومن الم�ستح�سن �أن يتم تزويد �سكان‬ ‫المناطق الح�ضرية بالطوابع الإلكترونية‪ ،‬مما يقلل من احتمال ظهور "�سوق �سوداء"‬ ‫لبطاقات الغذاء‪ .‬بينما يجب‪ ،‬في المناطق الريفية والمدن ال�صغيرة والمتو�سطة‬ ‫الحجم حيث ي�صعب ا�ستخدام البطاقات الإلكترونية‪� ،‬أن تكون البطاقات �صالحة‬ ‫للتبديل مقابل المنتجات الغذائية لفترة محددة (�شهر واحد �إلى ثالثة �أ�شهر)‪.‬‬ ‫وت�شير التقديرات �إلى �أن عدد الم�ستفيدين المحتملين من هذا البرنامج يبلغ‬ ‫‪ 9.3‬مليون �أ�سرة فقيرة جدا‪ .‬وقد قدرت التكلفة الإجمالية للبرنامج بحوالي ‪ 20‬مليار‬ ‫ريال برازيلي �إذا تمت تغطية جميع الأ�سر في عام واحد‪.‬‬

‫تو�سيع و�إعادة توجيه برنامج غذاء العمال‬ ‫(‪)Programa de Alimentação do Trabalhador - PAT‬‬

‫تق�صي الطريقة التي تتم بها هيكلة برنامج غذاء العمال اليوم العمال الم�سجلين‬ ‫ر�سميا والعاملين في ال�شركات ال�صغيرة التي تقع تحت نظام �ضريبي ب�سيط‪ .‬وه�ؤالء‬ ‫هم بالتحديد العمال الذين يتقا�ضون �أقل الأجور‪ ،‬وينبغي �أن تمنح لهم الأولوية في‬ ‫برامج مكافحة الجوع‪.‬‬ ‫ال توجد طريقة يمكن من خاللها تحويل موارد برنامج غذاء العمال �إلى‬ ‫العمال غير النظاميين الذين ما يزالون في ال�سوق غير الر�سمية‪ .‬ويمكن دعم هذه‬ ‫الفئة‪ ،‬كما هو الحال بالن�سبة للعاطلين عن العمل‪ ،‬من خالل برنامج بطاقات الغذاء‪.‬‬ ‫�أما بالن�سبة للعاملين في الم�ؤ�س�سات ال�صغيرة ‪ ،‬فالهدف من الإ�صالح الذي نقترحه‬ ‫لبرنامج غذاء العمال يكمن في جذبهم �إلى هذا البرنامج‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ويقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع �إن�شاء �آليات للتعوي�ض بالن�سبة لل�شركات‬ ‫التي تندرج في �إطار نظام ال�ضرائب الب�سيطة‪ ،‬حيث تح�سب �ضريبة الدخل بالن�سبة‬ ‫لها على �أ�سا�س الربح المفتر�ض‪ ،‬ويمكن �أن تعفى من منح المواد الغذائية ذات ال�صلة‬ ‫باالمتيازات الممنوحة للعاملين فيها‪ .‬كما يمكن لهذه التعوي�ضات �أن تتخذ �شكل‬ ‫تخفي�ضات على نظام �ضريبي ب�سيط حيث يتم خ�صم الأرباح المفتر�ضة‪ ،‬مع الأخذ‬ ‫بعين االعتبار عدد االمتيازات الممنوحة للعمال‪.‬‬ ‫وت�شير التقديرات �إلى �أن هناك ‪ 15.7‬مليون عامل نظامي ال ي�شملهم برنامج‬ ‫غذاء العمال‪ .‬وتنجم عن �إدماج كل ه�ؤالء العمال في برنامج غذاء العمال �إعفاءات‬ ‫�ضريبية ت�صل قيمتها �إلى ‪ 203.7‬مليون ريال برازيلي‪.‬‬

‫التبرع ب�سالل الغذاء الأ�سا�سي في حاالت الطوارئ‬

‫يقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع �أن يتمتع الأ�شخا�ص الذين يعانون من الجوع‬ ‫(الم�صحوب ب�سعرات حرارية �ضئيلة)‪ ،‬وال�سكان المت�ضررون من الكوارث الطبيعية‬ ‫(نتيجة للجفاف والفي�ضانات‪ ،‬على �سبيل المثال)‪ ،‬والم�ستوطنون الذين ا�ستقروا‬ ‫م�ؤخرا في �إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬الحق في الح�صول على ال�سالل الغذائية‬ ‫الأ�سا�سية لفترة معينة‪ .‬وقد بينت التجربة �أن هناك دائما بع�ض الوكالء الذين‬ ‫ي�ستغلون الو�ضع بحجب المنتجات الغذائية‪ ،‬وزيادة مبيعاتهم �أو ا�ستبدال المنتجات‬ ‫ب�أخرى �أقل جودة‪ ،‬وذلك وقتما حدثت كارثة طبيعية معينة‪.‬‬ ‫وبجانب هذه الفئة ال�سكانية الخا�صة‪ ،‬هناك �أي�ضا عائالت ت�ستجيب لمعايير‬ ‫برنامج بطاقات الغذاء لكنها تعي�ش في مواقع بعيدة عن الأ�سواق حيث يمكنها‬ ‫اقتناء المواد الغذائية‪ .‬لهذا نقترح �إدخال هذه الجماعات في برنامج بطاقات الغذاء‬ ‫تدريجيا حالما يتم �إحداث �سوق محلية‪.‬‬

‫محاربة نق�ص التغذية عند الأم والطفل‬

‫‪18‬‬

‫ينبغي اتخاذ المزيد من التدابير الفعالة‪ ،‬لي�س فقط لت�صحيح النق�ص في التغذية لدى‬ ‫الأطفال‪ ،‬ولكن �أي�ضا للحيلولة دونه من خالل م�ساعدة الأطفال البالغين �أقل من �سنة‬ ‫واحدة‪ ،‬والن�ساء الحوامل والأمهات المر�ضعات‪ .‬ويرمي �أحد هذه التدابير �إلى الزيادة‬ ‫في المعرو�ض من المنتجات الغذائية مثل الألبان والمواد الغذائية الأ�سا�سية كالحديد‬ ‫والفيتامينات للأطفال الم�سجلين في الرعاية ال�صحية و�شبكات العمل االجتماعي‬ ‫وذلك بهدف �ضمان ا�ستفادة الجميع من البرامج القائمة‪.‬‬ ‫وقد قدر عدد الأطفال المحتمل تعر�ضهم للإ�صابة بنق�ص التغذية المزمن بـ‬ ‫‪ 1.3‬مليون طفل في البرازيل‪ ،‬وقدر عدد �أمهاتهم الالئي هن في حاجة �إلى م�ساعدة‬ ‫ب�صفة �أولوية بـ ‪ 1.2‬مليون امر�أة‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫حفظ مخزونات الأمن الغذائي‬

‫يقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع تكوين مخزون من الغذاء ل�ضمان الأمن الغذائي‪،‬‬ ‫�أي الحد الأدنى من المواد المدرجة في القائمة الأ�سا�سية للمنتجات الغذائية التي‬ ‫ي�ستهلكها ال�سكان خالل الفترة الالزمة ال�ستيرادها �أو تو�سيع �إمداداتها‪ .‬وينبغي‬ ‫�إدراج عن�صرين خالل عملية هيكلة �سيا�سة مخزون الأمن الغذائي وهما‪:‬‬ ‫(�أ) يجب ت�شجيع القدرة ال�شرائية في المناطق المنتجة لال�ستهالك الذاتي المحلي؛‬ ‫(ب) يجب تجنب الواردات الغذائية كلما ح�صل االكتفاء من المواد الغذائية المحلية‪.‬‬

‫تو�سيع نطاق برنامج الوجبات المدر�سية‬

‫يبين تحليل البيانات المتوفرة حول ا�ستهالك الوجبات في المدار�س �أن م�ساهمة‬ ‫الوجبات التي تقدم في المدار�س في تلبية االحتياجات من الأغذية والطاقة (ال�سيما‬ ‫من المعادن) بالن�سبة للفئة الم�ستهدفة من البرنامج منخف�ضة جدا‪ .‬ولذلك نقترح زيادة‬ ‫الأغذية التي تحتوي على �سعرات حرارية عالية والمغذية في الوجبات التي تقدم في‬ ‫المدار�س‪ ،‬التي تبلغ ن�سبتها اليوم‪ ،‬بموجب القانون‪ 15 ،‬في المائة فقط‪ .‬وقد �أظهرت‬ ‫بع�ض الدرا�سات �أن هذه الن�سبة المئوية يمكن �أن تكون �أعلى من ذلك بكثير‪ ،‬لت�صل �إلى‬ ‫‪ 100‬بالمائة من االحتياجات اليومية من الطاقة والغذاء في بع�ض البلديات‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ينبغي �أن تمتد هذه الم�ساعدة �إلى �أقرباء التالميذ و�إلى‬ ‫المرافق التعليمية للأطفال (كمراكز الرعاية النهارية ومدار�س تعليم الأطفال على‬ ‫م�ستوى البلديات)‪ ،‬وخا�صة في البلديات الفقيرة‪ .‬وهناك �شرط �آخر مهم ويتعلق‬ ‫با�ستخدام المنتجات الإقليمية في وجبات الطعام في المدار�س‪.‬‬ ‫وتظهر ا�ستطالعات الر�أي �أن م�شاركة المزارعين المحليين في الم�شتريات‬ ‫من المواد الغذائية التي يمكن ا�ستخدامها في هذه الوجبات ما تزال منخف�ضة جدا‪.‬‬ ‫ولعل تقديم الدعم التقني لمجال�س الوجبات المدر�سية التابعة للبلديات والمزارعين‬ ‫المحليين �أي�ضا‪ ،‬من �شانه �أن ي�ضمن توفير المواد الغذائية الطازجة (الفواكه‬ ‫والخ�ضروات ال�ضرورية) التي تت�سق مع الخ�صائ�ص الثقافية المحلية وت�ساهم في‬ ‫توليد المزيد من الدخل للمزارعين والزراعة ال�صناعية في المنطقة‪.‬‬ ‫وت�شير التقديرات �إلى �أن هناك حوالي ‪ 35‬مليون طفل في �سن الدرا�سة في البرازيل‪.‬‬ ‫و�إذا ت�ضاعفت التحويالت النقدية الفيدرالية الحالية لكل طفل في اليوم‪ ،‬والتي تبلغ‬ ‫‪ 0.13‬ريال برازيلي‪ ،‬ف�إن التكلفة الإ�ضافية قد تقدر بنحو ‪ 909‬ماليين ريال برازيلي‪ ،‬وهو‬ ‫رقم ال ي�شمل تقديم الم�ساعدة لأقارب التالميذ و�شبكات تعليم الأطفال في البلديات الفقيرة‪.‬‬

‫�ضمان �سالمة وجودة المنتجات الغذائية‬

‫يعتبر التركيز على الوقاية بدال من العالج تحديا �آخرا لأي برنامج يرمي �إلى‬

‫‪19‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�ضمان �سالمة المنتجات الغذائية في البرازيل‪ .‬لذا ينبغي �إعطاء الأولوية لأن�شطة‬ ‫مثل الرقابة الوقائية‪ ،‬وتوفير المعلومات المتوفرة الخا�صة ب�سالمة الأغذية ونظام‬ ‫المراقبة‪ ،‬وتدريب الأفراد الم�شاركين في �سل�سلة الإنتاج والدرا�سات العلمية ونقل‬ ‫التكنولوجيا و�أ�ساليب الوقاية من المخاطر وتح�سين �سالمة المنتجات الغذائية ذات‬ ‫الأولوية‪ .‬ومن الأ�سا�سي �أي�ضا تزويد الم�ستهلكين بمعلومات عن �أ�صل المواد الغذائية‬ ‫التي ي�ستهلكونها‪ ،‬وذلك عن طريق المل�صقات زيادة عن معلومات حول مخاطر‬ ‫المواد المعدلة وراثيا‪.‬‬ ‫وتما�شيا مع اعتقادنا ب�أن الت�شخي�ص القا�ضي ب�أن الجوع في البرازيل اليوم‬ ‫لي�س م�شكلة ناجمة على عدم توفر المواد الغذائية‪ ،‬بل هو مترتب بالأحرى على‬ ‫م�شكلة الح�صول عليها‪ ،‬فنحن ال نتفق مع الفكرة القائلة �إن �إنتاج الأغذية المعدلة‬ ‫وراثيا يمكن �أن ي�ساعد في محاربة الجوع في البالد‪ .‬لذا بات من ال�ضروري �أي�ضا‬ ‫مراقبة دخول المنتجات الغذائية المعدلة وراثيا �إلى البرازيل �إلى حين قيام �أبحاث‬ ‫كافية ت�ؤكد �أو تنفي خطورتها على �صحة الإن�سان والبيئة‪.‬‬

‫برامج التوعية التغذوية وتر�شيد اال�ستهالك‬

‫هناك م�شكلتان مرتبطتان بعدم وجود نظام غذائي متوازن‪ :‬عدم مالءمة الكمية‬ ‫(زيادة �أو نق�ص)‪ ،‬وعدم مالءمة النوعية‪ .‬ولهذا ف�إن من �ش�أن التوعية التغذوية �أن‬ ‫تلعب دورا وقائيا كبيرا في محاربة النق�ص في التغذية وال�سمنة على حد �سواء‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬يقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع تدابير على جبهتين‪� ،‬أوالهما‬ ‫الم�شاركة الفعالة لل�سلطات العامة في تعزيز حمالت ومحا�ضرات حول التوعية‬ ‫التغذوية وتر�شيد اال�ستهالك‪ .‬وثانيتهما �إن�شاء وتنفيذ القاعدة البرازيلية لت�سويق‬ ‫المنتجات الغذائية ال�صناعية )‪ ،(NBCAI‬على غرار تلك التي تم تنفيذها بنجاح منذ‬ ‫الثمانينات وذلك بهدف ت�شجيع الر�ضاعة الطبيعية‪.‬‬

‫ال�سيا�سات المحلية‬

‫يقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع مجموعة من ال�سيا�سات التي يمكن تنفيذها من‬ ‫قبل الواليات والبلديات‪ ،‬ومعظمها ب�شراكة مع المجتمع المدني‪ .‬وتعتبر هذه البرامج‪،‬‬ ‫عموما‪ ،‬ناجحة ن�سبيا بحيث �أنها قيد التنفيذ حاليا في البلديات‪ .‬ونورد تفا�صيل بع�ض‬ ‫المقترحات ح�سب المناطق التي طبقت فيها (المناطق الح�ضرية الكبرى‪ ،‬والمناطق‬ ‫الح�ضرية غير المتروبولية والمناطق الريفية)‪ ،‬مع تو�ضيح لأهم خ�صو�صياتها‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫برامج الأمن الغذائي للبلديات‬

‫ك�شفت التجربة عن �أهمية وجود �أمانة للبلديات (�أو للأق�سام) معنية ب�إمدادات الأغذية‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫وهناك على م�ستوى البلديات وكاالت مختلفة تابعة عادة لأمانة البلديات‪،‬‬ ‫يمكنها �أن تعمل جميعا في هذا المجال‪� :‬أمانات الإمدادات الغذائية (عادة ما تكون‬ ‫م�س�ؤولة عن �إدارة المرافق)؛ و�أمانات الزراعة (النا�شطة في المنطقة الريفية‪/‬الزراعية)؛‬ ‫و�أمانات التربية والتعليم (منطقة برنامج الوجبة المدر�سية)؛ و�أمانات الرعاية‬ ‫ال�صحية (الحيلولة دون النق�ص في التغذية ومحاربته عند الأم والطفل ‪ ،‬على �سبيل‬ ‫المثال)؛ و �أمانات العمل االجتماعي (تعمل مع المعوزين وذوي الدخل المنخف�ض‬ ‫والأ�سر ب�شكل عام)؛ بالإ�ضافة �إلى وكاالت مثل وكاالت المراقبة ال�صحية‪.‬‬ ‫و يمكن تبني مبادرة دائمة مثل "�إح�صاءات الجوع بح�سب البلديات" حيث تقوم‬ ‫كل بلدية ب�إح�صاء ال�سكان الذين يعانون من الجوع �أو هم عر�ضة له‪ .‬ويمكن �أن يتم هذا‬ ‫بدعم من الرعاية ال�صحية المحلية ووكاالت العمل االجتماعي على �سبيل المثال‪.‬‬

‫البرامج المحلية للمناطق الح�ضرية‬

‫(�أ) مطاعم مدعمة لل�سكان ذوي الدخل المنخف�ض (‪)restaurantes populares‬‬

‫يتناول معظم البرازيليين الذين يعملون في المناطق الح�ضرية وجبة واحدة على‬ ‫الأقل من وجباتهم الغذائية خارج منازلهم‪ ،‬وعادة ما تكون وجبة الغداء‪ ،‬وتحتاج‬ ‫�إلى اعتماد توفر الجودة وانخفا�ض ال�سعر في هذه المطاعم‪.‬‬ ‫ويقترح البرنامج مطاعم مدعمة لتقديم وجبات ب�سعر التكلفة وذلك بهدف‬ ‫تلبية الطلب الهائل من قيل العمال ذوي الدخل المنخف�ض الذين ي�أكلون اليوم خارج‬ ‫منازلهم دون تلبية احتياجاتهم الغذائية ب�شكل منا�سب‪.‬‬ ‫وتظهر ا�ستطالعات الر�أي �أن وجبة الطعام قد تكلف‪ ،‬في هذه المطاعم‪1.80 ،‬‬ ‫ريال برازيلي‪ ،‬مع الأخذ بعين االعتبار تكاليف المتغيرات واليد العاملة‪ ،‬كما لوحظ‬ ‫ذلك في مطعم من هذا النوع في مدينة بيلو هوريزونتي ‪ .Belo Horizonti‬وال تت�ضمن‬ ‫هذه الح�سابات تكاليف �إحداث المطاعم‪ ،‬وتكاليف الإيجار وتكاليف التجديد �أو النفقات‬ ‫المحلية الأخرى التي يمكن �أن تتحملها الحكومة‪ .‬و�إذا ما تحملت البلديات وحكومات‬ ‫الواليات �أو الم�ؤ�س�سات الخيرية نفقات الموظفين و�صيانة البنية التحتية‪ ،‬كما هو الحال‬ ‫اليوم‪ ،‬ف�إن تكلفة الوجبة الواحدة فد تكون قريبة من ريال برازيلي واحد‪.‬‬ ‫(ب) بنك الغذاء‬ ‫يقت�ضي التبرع بالطعام المعر�ض لل�ضياع على الجمعيات الخيرية وال�سكان ذوي‬ ‫الدخل المنخف�ض اقتراحات تمتد من جمع المنتجات الغذائية �إلى توزيعها‪ .‬ومن‬ ‫�ش�أن م�شروع الق�ضاء على الجوع �أن ي�ؤيد االقتراح الداعي �إلى �إ�ضفاء الطابع‬ ‫الم�ؤ�س�سي على ميثاق ال�سامري الجيد )‪ ،(Estatuto do Bom Samaritano‬والذي هو‬ ‫قيد المناق�شة في الم�ؤتمر الوطني‪ .‬فميثاق ال�سامري الجيد ي�سهل التبرع بالمنتجات‬ ‫الغذائية من خالل �إزالة الروتين الحكومي من هذه العملية‪ ،‬وخف�ض التكاليف‪ ،‬و�إزالة‬

‫‪21‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الم�س�ؤوليات التي ال مبرر لها‪ .‬ومن المتوقع �أن ي�ؤدي تطبيق هذا القانون الجديد �إلى‬ ‫زيادة كبيرة في المنتجات الغذائية المتاحة للم�ؤ�س�سات الخيرية‪ ،‬وهي زيادة تمكنهم‬ ‫من القيام بتغذية المجموعات ال�سكانية ذات الدخل المنخف�ض‪.‬‬ ‫(ج) تحديث مرافق �إمدادات الغذاء‬ ‫ينبغي ا�ستخدام مرافق مثل محالت البقالة ال�صغيرة على اختالف �أنواعها وترتيبات‬ ‫�شراء الغذاء المعتمدة من طرف البلديات كبديل ممكن لخف�ض �أ�سعار المواد الغذائية‬ ‫في المناطق الح�ضرية‪� ،‬سواء في المدن الكبرى �أو ال�صغرى‪.‬‬ ‫ولكي تكون هذه ال�سيا�سات قابلة للتنفيذ‪ ،‬ينبغي �إن�شاء مرافق مركزية القتناء‬ ‫المواد الغذائية وتوزيعها في �ضواحي المناطق الح�ضرية وذلك لت�شجيع تقديم الدعم‬ ‫اللوج�ستي والت�سويقي لهذه العملية من قبل �أ�صحاب االمتيازات وتجار التجزئة‬ ‫ال�صغار‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬ف�إن ه�ؤالء‪ ،‬بدورهم‪ ،‬يتعهدون ببيع المجموعة الأ�سا�سية من‬ ‫المنتجات الغذائية التي ي�ستهلكها ال�سكان و�أي�ضا المواد الغذائية الأخرى ب�سعر �أرخ�ص‪.‬‬ ‫(د) عالقة جديدة مع �سال�سل المراكز التجارية الكبرى (ال�سوبر ماركت)‬ ‫تتطلب ال�سيا�سة الجديدة لقطاع الإمدادات �أي�ضا وجود عالقة جديدة مع �سال�سل‬ ‫المراكز التجارية الكبرى (�سوبرماركت) لتجنب التركيز المفرط في تجارة التجزئة‬ ‫وتحويلها �إلى �شركاء ل�سيا�سة الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫وتعتبر ال�شراكة مع المراكز التجارية الكبرى (ال�سوبر ماركت) �أمرا �أ�سا�سيا‬ ‫لتنفيذ �سيا�سة الأمن الغذائي في البلديات اليوم‪ ،‬لأن ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‬ ‫ي�شترون في �أغلب الأحيان طعامهم منها‪ .‬وتميل برامج مثل برنامج بطاقات الغذاء‬ ‫�إلى توليد نتائج �إيجابية له�ؤالء الوكالء حيث تمكنهم من زيادة عدد عمالئهم‪ .‬كما‬ ‫�أن �شبكة البيع بالتق�سيط هي �أي�ضا من العوامل الأ�سا�سية لت�سويق المنتجات الزراعية‬ ‫ومنتجات ال�صناعة الزراعية المنتجة محليا والمدعمة من قبل برنامج الإ�صالح‬ ‫الزراعي وبرامج تنمية الزراعة الأ�سرية‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫مقترحات محلية للمناطق الح�ضرية غير المتروبولية‬ ‫(المدن ال�صغيرة والمتو�سطة الحجم)‬ ‫(�أ) بنك الغذاء‬ ‫ينبغي �أن ُت َ�ش َغل بنوك غذاء ال�سكان المعر�ضين للجوع في المدن ال�صغيرة والمتو�سطة‬ ‫الحجم بطريقة مماثلة للطريقة التي ُت َ�ش َّغل بها في المناطق الح�ضرية الكبرى‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬وبما �أن نطاق عملياتها �أ�صغر‪ ،‬ف�إنه قد يكون من الممكن تقديم منتجات مع‬ ‫بع�ض المعالجة‪ ،‬مع �إيالء اهتمام �أكبر لمظهر المنتجات الغذائية وجودتها‪ .‬ويجب‬ ‫التذكير‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬ب�أن الجهات المانحة للغذاء �سوف تتمتع �أي�ضا باالمتيازات‬ ‫المن�صو�ص عليها في ميثاق ال�سامري الجيد‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫(ب) ال�شراكة مع تجار التجزئة‬ ‫من المهم �أي�ضا في المجتمعات المحلية ال�صغيرة في المناطق الح�ضرية‪� ،‬إ�شراك‬ ‫بائعي التجزئة المحلية لتجنب التركيز المفرط‪� ،‬شريطة �أن يتمكنوا من فر�ض �أ�سعار‬ ‫منخف�ضة وي�ضمنوا جودة المنتجات التي يبيعونها‪ .‬وهذا �أمر ممكن تماما �إذا ما‬ ‫�أتيحت اال�ستثمارات في مرافق التوزيع والخدمات اللوج�ستية‪.‬‬ ‫�إن اقتراح م�شروع الق�ضاء على الجوع يرمي �إلى تعزيز ال�شراكة بين‬ ‫مجموعات تجار التق�سيط (بما في ذلك تجار ال�سوق‪ ،‬ومحالت البقالة ومحالت‬ ‫�صغيرة) وال�سلطات العامة المحلية من �أجل و�ضع نظام م�شترك لعمليات ال�شراء‪.‬‬ ‫و�ستحدد ال�سلطات العامة �سقفا للأ�سعار بالن�سبة للمواد المدرجة في القائمة‬ ‫الأ�سا�سية للمنتجات الغذائية التي ي�ستهلكها ال�سكان‪ ،‬و�ست�سيطر �إلى حد ما على‬ ‫هام�ش ربح �صغار تجار التجزئة‪.‬‬ ‫(ج) تحديث مرافق �إمدادات الغذاء‬ ‫يمكن لح�ضور ال�سلطات العامة‪ ،‬في المناطق الح�ضرية غير المتروبولية (المدن‬ ‫ال�صغيرة والمتو�سطة الحجم)‪ ،‬في قطاع الإمدادات‪� ،‬أن يكون �أكثر ديناميكية من‬ ‫خالل �إجراءات تهدف �إلى ت�شجيع وجود عالقة مبا�شرة بين الم�ستهلكين والمزارعين‬ ‫المحليين‪ .‬و�ستقوم ال�سلطات العامة بتنظيم وت�شجيع حمالت اال�ستهالك والتوزيع‬ ‫لتعزيز مبيعات المواد الغذائية المنتجة على ال�صعيد الإقليمي‪ ،‬مثل معار�ض‬ ‫المزارعين‪ ،‬على �سبيل المثال‪.‬‬ ‫ونظرا الت�ساع عمليات ال�شبكات الو�سيطة‪ ،‬فمن ال�شائع جدا �أن نجد منتجات‬ ‫يجري نقلها عبر م�سافات بعيدة وكذلك مناطق ب�أكملها تتزود بالمواد الغذائية من‬ ‫مناطق بعيدة‪ .‬ويمكن �أن نقول ال�شيء نف�سه عن المنتجات الم�صنعة مثل منتجات‬ ‫الحليب والألبان واللحوم‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ينبغي ت�شجيع قيام عالقات �أوثق بين‬ ‫المزارعين والم�ستهلكين المنتمين �إلى نف�س المنطقة‪ ،‬وخلق �أ�سواق ال�سندات المحلية‬ ‫وتعزيز الأذواق والنكهات التي �أن�شئت في بيئة معينة‪.‬‬ ‫(د) الزراعة الح�ضرية‬ ‫يجب �أن تنال العالقة بين الإمدادات الغذائية للزراعة المحلية واحتياجات الإنتاج‬ ‫في البلديات ال�صغيرة والمتو�سطة الحجم تقديرا �أكبر‪.‬‬ ‫ويمكن لمبادرات البلديات المختلفة تحفيز برامج مثل معار�ض المزارعين‪،‬‬ ‫وخدمة تو�صيل المنتجات الغذائية الطازجة �إلى المنازل‪ ،‬ودورات تدريبية لإقامة‬ ‫ب�ساتين للخ�ضراوات في المدار�س‪ ،‬وت�سجيل قطع الأرا�ضي غير المزروعة في المناطق‬ ‫الح�ضرية ال�ستخدامها لإقامة ب�ساتين نباتية‪ ،‬وال�سماح با�ستخدامها مجانا لإنتاج‬ ‫الغذاء لفترة زمنية معينة من قبل الأ�شخا�ص العاطلين عن العمل المهتمين بهذا‬ ‫الن�شاط؛ وفر�ض �أق�ساط متباينة لل�ضريبة العقارية على قطع ت�ستخدم لهذا الغر�ض‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ال�سيا�سات في المناطق الريفية‬

‫(�أ) دعم الزراعة الأ�سرية‬ ‫يقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع �أن ت�ستخدم البلديات وحكومات الواليات والإدارة‬ ‫الفيدرالية‪ ،‬كلما كان ذلك ممكنا‪ ،‬قدرتها ال�شرائية الم�ستمدة من الطلب الم�ؤ�س�سي‬ ‫ل�شراء المواد الغذائية الم�ستخدمة في الوجبات التي تقدم في المدار�س ومراكز‬ ‫الرعاية النهارية‪ ،‬والم�ست�شفيات‪ ،‬والح�صون‪ ،‬والمطاعم ذات التكلفة المنخف�ضة‪ ،‬وما‬ ‫�إلى ذلك‪ ،‬من المزارعين الأ�سريين‪.‬‬ ‫وبالموازاة مع هذه المبادرات وغيرها‪ ،‬نعر�ض فيما يلي بع�ض الإجراءات‬ ‫الالزمة لتحقيق �أهداف خف�ض التكاليف وتح�سين نوعية المنتجات الغذائية التي‬ ‫ينبغي تحقيقها‪:‬‬ ‫■ ■الم�ساعدة التقنية‪ ،‬التي عادة ما تهملها الإدارات العامة‪ ،‬وهذا عن�صر‬ ‫يجب تعزيزه‪.‬‬ ‫■ ■الح�صول على االئتمان‪ ،‬من ال�ضروري �إعادة تعريف البرنامج الوطني‬ ‫لتعزيز الزراعة الأ�سرية )‪ (Pronaf‬لتمكينه من تقديم م�ساعدة حقيقية‬ ‫للمزارعين ذوي الر�أ�سمال الأدنى‪ .‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬ينبغي �أن تدعم‬ ‫الحكومات والواليات والبلديات جمعيات القرو�ض ال�صغيرة من خالل‬ ‫�إحداث �صناديق ال�ضمان‪.‬‬ ‫■ ■دعم الت�سويق وذلك‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬بالقيام بالو�ساطة بين �شركات‬ ‫ترغب في �شراء المنتجات المحلية من �صغار المزارعين �أو عبر‬ ‫مخططات "نظيفة" للإنتاج �أو توفير الم�ساحات المتاحة في مرافق‬ ‫التموين التقليدية المتاحة بالفعل في المدن (المعار�ض ومنافذ البيع‬ ‫للبقالة ال�صغيرة)‪.‬‬ ‫■ ■البنية التحتية‪ ،‬وهذا هو المجال التقليدي لعمل �إدارات البلديات‪ ،‬مع‬ ‫�أن الأولوية ال تعطى دائما ل�صغار المزارعين في مجال اال�ستثمارات‪.‬‬ ‫ويعتبر بناء الج�سور والطرق الريفية‪ ،‬والبرك‪ ،‬ومرافق التخزين وتوفير‬ ‫الدعم ل�شراء ال�شاحنات �إجراءات ممكنة يمكن اتخاذها با�ستخدام‬ ‫المرافق والموارد البلدية‪ ،‬وبتكلفة منخف�ضة‪ .‬وتعتبر هذه اال�ستراتيجية‬ ‫هامة لزيادة المعرو�ض من فر�ص العمل في المناطق الريفية‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫(ب) دعم الإنتاج من �أجل اال�ستهالك الذاتي‬ ‫تتمثل الو�سيلة الم�ستخدمة في تبرعات البلديات وحكومات الواليات في البذور‬ ‫والمدخالت و�أدوات محددة ال�ستخدامها في حدائق الخ�ضروات‪ ،‬وكذلك في المربين‬ ‫المكلفين بتربية الحيوانات ال�صغيرة (النحل والأرانب والدجاج والماعز وغيرها)‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫وينبغي على البلديات �أي�ضا �أن تحفز على ا�ستزراع القطع الأر�ضية ال�شاغرة‬ ‫لإنتاج المواد الغذائية من خالل برامج مثل الحدائق الجماعية للخ�ضروات‪ ،‬ف�ضال‬ ‫عن الت�سويق الفردي �أو الجماعي للمواد المنتجة في معار�ض المزارعين‪ ،‬كما �سبق‬ ‫ذكر ذلك‪.‬‬

‫م�صدر الموارد‬

‫من ال�ضروري �ضمان وجود ميزانية على الم�ستوى الفيدرالي خا�صة بال�سيا�سات‬ ‫الواردة في هذه الوثيقة‪ ،‬وكذلك بالتعليم والرعاية ال�صحية‪ ،‬و�سيا�سات تنظيم‬ ‫الأرا�ضي‪ ،‬من بين �أمور �أخرى‪ ،‬نظرا ل�ضعف النظام المعمول به حاليا‪ ،‬ولأن‬ ‫مخ�ص�صات معينة للميزانية تتطلب �إعادة البرمجة المالية كليا �أو جزئيا تطبيقا‬ ‫للمبادئ التوجيهية العامة لخف�ض الإنفاق العام وكون مخ�ص�صات ال�صندوق غير‬ ‫كافية في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫وتدرج‪ ،‬اليوم‪ ،‬النفقات االجتماعية الأخرى (ال�ضمان االجتماعي والرعاية‬ ‫ال�صحية والعمل االجتماعي) في ميزانية ال�ضمان االجتماعي با�ستثناء الإنفاق على‬ ‫التعليم والإ�صالح الزراعي‪ .‬وتعتبر م�صادر التمويل الرئي�سية لهذه الميزانية هي‬ ‫الم�ساهمات في المعهد الوطني لل�ضمان االجتماعي‪ ،‬والم�ساهمات في �صافي �أرباح‬ ‫الأ�شخا�ص االعتبارية‪ ،‬والم�ساهمات في برنامج التكامل االجتماعي (‪،)PIS/Pasep‬‬ ‫وفي تمويل ال�ضمان االجتماعي (‪ )Cofins‬والم�ساهمة الم�ؤقتة في المعامالت المالية‬ ‫(‪ .)CPMF‬وقد خ�ص�ص م�شروع قانون الموازنة لعام ‪ ،2002‬الذي هو حاليا قيد الدرا�سة‬ ‫في الم�ؤتمر الوطني‪ 164.8 ،‬مليار ريال برازيلي لميزانية ال�ضمان االجتماعي‪ ،‬بما في‬ ‫ذلك حوالي ‪ 4.2‬مليار ريال برازيلي ل�صندوق العمل االجتماعي‪ ،‬التي ت�ضمن تمويل‬ ‫برامج تهدف �إلى م�ساعدة الم�سنين‪ ،‬والأطفال الفقراء‪ ،‬والمعاقين ج�سديا‪.‬‬ ‫و�إذا قمنا بتحليل م�صادر تمويل ال�سيا�سات المقترحة في م�شروع الق�ضاء‬ ‫على الجوع في ظل ال�سيناريو الحالي للإنفاق العام المقيد‪ ،‬ف�إننا قد ن�ضطر في‬ ‫نهاية المطاف �إلى البحث عن م�صادر جديدة للتمويل �أو �إعادة توزيع العائدات‬ ‫الحالية‪� .‬إال �أن الإنفاق االجتماعي (با�ستثناء ال�ضمان االجتماعي) على مختلف‬ ‫البرامج االجتماعية التي هي قيد التنفيذ حاليا يبلغ نحو ‪ 45‬مليار ريال‬ ‫برازيلي في ال�سنة‪� ،‬أي �أكثر من �ضعف المبلغ المطلوب لتنفيذ البرنامج المقترح‬ ‫لبطاقات الغذاء‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إنه من الممكن‪ ،‬على حد �سواء‪ ،‬تخ�صي�ص جزء من الميزانية الحالية‬ ‫وت�أمين موارد �إ�ضافية ناتجة عن وتيرة نمو اقت�صادي �أ�سرع‪ ،‬وعن انخفا�ض �أ�سعار‬ ‫الفائدة‪ ،‬وعن خدمة الدين العام‪ ،‬وعن �إدارة �أف�ضل للموارد المتاحة عن طريق الحد‬ ‫من التبذير والف�ساد الموجودين اليوم‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ويعتبر �صندوق محاربة الفقر الذي �أن�شئ م�ؤخرا والذي يقدر بحوالي‬ ‫‪ 4‬مليارات ريال برازيلي في ال�سنة �أحد هذه الم�صادر الجديدة للأموال التي يمكن‬ ‫تخ�صي�صها لتمويل البرامج المقترحة هنا‪.‬‬ ‫كما تعتبر تبرعات ال�شركات والأفراد الطبيعيين م�صدرا �آخر يمكن تخ�صي�صه‬ ‫على نحو مالئم من خالل �شراكات بين الحكومة والمجتمع المدني‪ ،‬وذلك بهدف �ضمان‬ ‫قدر �أكبر من الآثار المترتبة على الحد من الجوع والفقر‪ .‬ويمكن خلق حوافز لت�شجيع‬ ‫هذه التبرعات‪ ،‬مثل تخفي�ض �ضريبة الدخل‪ ،‬كما يعمل بذلك "ال�صندوق البلدي من �أجل‬ ‫حقوق الأطفال والمراهقين في �ساو باولو"‪ .‬وهناك م�سار �آخر يتمثل في "الت�سويق‬ ‫االجتماعي"‪ ،‬كما من خالل الموقع >‪ ،<www.clickfome.com.br‬بمبادرة من "عمل‬ ‫المواطنة" ‪ -‬لجنة ريو‪ ،‬وهي موقع على �شبكة الإنترنت حيث تتبرع ال�شركات الم�سجلة‬ ‫بال�سالل الغذائية الأ�سا�سية في كل نقرة‪ ،‬ومبادرات �أخرى اتخذها معهد �إيثو�س‪،‬‬ ‫وم�ؤ�س�سة �أبرينك ‪ Abrinq‬و ‪(Corporate Studies and Foundations Group) Gife‬‬ ‫التابعة لغرفة التجارة الأمريكية‪ ،‬التي ت�شجع العمل االجتماعي‪.‬‬

‫الإطار الم�ؤ�س�سي‬

‫‪26‬‬

‫لقد ت�ضمنت ال�صيغة الأولية لم�شروع الق�ضاء على الجوع مقترحا يق�ضي ب�إن�شاء‬ ‫وزارة فوق العادة مكلفة بالربط بين مختلف �سيا�سات محاربة الجوع تحت م�س�ؤولية‬ ‫وكاالت حكومية مختلفة (االتحادات الفيدرالية والوكاالت التابعة للدولة والبلديات)‪،‬‬ ‫ف�ضال عن الإجراءات التي تتخذها منظمات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫وت�شير المقترحات التي تم جمعها خالل المناق�شات العامة لهذه الن�سخة‬ ‫الأولية للم�شروع �إلى الحاجة �إلى �إحداث تغييرين اثنين رئي�سيين في الإطار‬ ‫الم�ؤ�س�سي الذي اقترح في البداية‪:‬‬ ‫(�أ) لأن الإجراءات �ضد الجوع يجب �أن تكون جزءا من �سيا�سة دائمة للأمن‬ ‫الغذائي‪ ،‬فمن ال�ضروري �إقامة �إطار م�ؤ�س�سي غير م�ؤقت‪ ،‬مثل الوزارة‬ ‫فوق العادة؛‬ ‫(ب) نظرا لتعقيد عملية �إقامة روابط بين المجتمع المدني و�أجهزة الدولة‬ ‫نف�سها‪ ،‬يجب �أن يكون الدور التن�سيقي ل�سيا�سة الأمن الغذائي مرتبطا‬ ‫مبا�شرة برئا�سة الجمهورية‪ ،‬و�إال ف�إن هذه العملية �ست�صبح مجرد مبادرة‬ ‫حكومية محدودة الأثر تابعة للوزارة الم�س�ؤولة عن تنفيذ البرنامج‪.‬‬ ‫وقد تم اقتراح ا�ستعادة تجربة �سابقة للمجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية )‪ (Consea‬باعتباره �أف�ضل �سبيل ينبغي انتهاجه‪ ،‬وقد �أيد م�شروع الق�ضاء‬ ‫على الجوع هذا المقترح‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة‬

‫ملخ�ص لتقديرات التكاليف وم�صادر التمويل لربامج حمددة‬ ‫يف م�رشوع الق�ضاء على اجلوع‬ ‫البرامج‬

‫الهيئات المكلفة‬ ‫بالتنفيذ‬

‫حوافز الإنتاج‬ ‫من �أجل‬ ‫اال�ستهالك‬ ‫الذاتي‬

‫االتحاد الفيدرالي‪،‬‬ ‫البلديات‬

‫بطاقات الغذاء‬

‫االتحاد الفيدرالي‪،‬‬ ‫الواليات‪،‬‬ ‫البلديات‪ ،‬المجتمع‬ ‫المدني‬

‫التكلفة‬ ‫الفئة‬ ‫الإجمالية‬ ‫الم�ستفيدة‬ ‫(�ألف ن�سمة) ال�سنوية ب�آالف‬ ‫الرياالت‬ ‫البرازيلية‬ ‫(ال�سنة)‬ ‫برامج ال�سيا�سة‬ ‫(�أ)‬ ‫‪6 370‬‬ ‫الزراعية‬ ‫والموارد البلدية‬

‫م�صدر التمويل‬

‫الخزينة و�صندوق‬ ‫محاربة الفقر‬ ‫و�صندوق العمل‬ ‫االجتماعي‬

‫‪44 043‬‬

‫‪19 961 242‬‬

‫�سالل الغذاء في االتحاد الفيدرالي‪،‬‬ ‫حاالت الطوارئ الواليات‪،‬‬ ‫البلديات‪ ،‬المجتمع‬ ‫المدني‬

‫لم تقدر‬

‫(ب)‬

‫الخزينة و�صندوق‬ ‫محاربة الفقر‬ ‫و�صندوق العمل‬ ‫االجتماعي‬

‫محاربة النق�ص االتحاد الفيدرالي‪،‬‬ ‫في التغذية عند البلديات‬ ‫الطفل والأم‬

‫‪2 507‬‬

‫(�أ)‬

‫ميزانية الرعاية‬ ‫ال�صحية والبلديات‬

‫االتحاد الفيدرالي‪،‬‬ ‫الواليات‪،‬‬ ‫البلديات‪ ،‬المجتمع‬ ‫المدني‬

‫جميع‬ ‫ال�سكان‬

‫(�أ)‬

‫ميزانية الرعاية‬ ‫ال�صحية وميزانية‬ ‫وزارة الزراعة ودعم‬ ‫القطاع الخا�ص‬

‫التربية الغذائية االتحاد الفيدرالي‪،‬‬ ‫الواليات‪،‬‬ ‫البلديات‪ ،‬المجتمع‬ ‫المدني‬

‫جميع‬ ‫ال�سكان‬

‫(�أ)‬

‫ميزانية الرعاية‬ ‫ال�صحية والتربية‬ ‫على الم�ستويات‬ ‫الحكومية الثالثة‬ ‫والدعم الخا�ص‬

‫الأمن والجودة‬ ‫الغذائيان‬

‫الم�صدر‪ :‬جداول خا�صة للم�سح الوطني للعينات المنزلية للعام ‪ 1999‬و التعداد ال�سكاني ل�سنة ‪.IBGِ​ِE-1996‬‬ ‫(�أ) بيانات غير متوفرة‪ ،‬حيث الزالت التكاليف في ميزانيات الدوائر الحكومية المعنية قيد الدر�س‪.‬‬ ‫(ب) تكاليف مدرجة في برنامج بطاقات الغذاء‪.‬‬ ‫مالحظة‪ :‬يمكن للأفراد والعائالت تلقي الم�ساعدة من �أكثر من برنامج واحد‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫ال ينبغي و�ضع مجموع للأرقام في هذا الجدول‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وقد كان المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية عبارة عن مقاربة جديدة‬ ‫من حيث �آليات الحكم في البرازيل‪ :‬ممثلون من م�ستويات عالية في الإدارة الفيدرالية‬ ‫ومنظمات المجتمع المدني يناق�شون المقترحات التي تمكن من ت�سريع وتيرة‬ ‫عملية الق�ضاء على الفقر والفقر المدقع من البالد‪ .‬كما �أحدثت مقترحات ل�سيا�سات‬ ‫عامة مبتكرة و‪�/‬أو جعلت قابلة للتنفيذ‪ ،‬مثل‪ :‬تحقيق الالمركزية للبرنامج الوطني‬ ‫للوجبات المدر�سية وللبرنامج الوطني لتوليد فر�ص العمل والدخل وتحقيق ال�شفافية‬ ‫في �إدارة الأموال العامة‪ ،‬و�إحداث برنامج توزيع المواد الغذائية )‪ (Prodea‬ك�آلية‬ ‫ال�ستخدام المخزون الغذائي العام المعر�ض لل�ضياع‪ .‬وكانت الآليات الإدارية التي‬ ‫تم تنفيذها في هذه العملية �أكثر ابتكارا‪ ،‬مثل �إن�شاء عدة مجموعات عمل م�شتركة‬ ‫(المجتمع المدني‪/‬حكومة) انتهى بها المطاف �إلى توطيد ممار�سة وثقافة جديدتين‬ ‫لإدارة م�شتركة لل�سيا�سات العامة‪.‬‬ ‫غير �أن �أحد القيود الرئي�سية التي عانى منها المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية تتمثل في ا�ستمرار اتخاذ القرارات ال�سيا�سة واالقت�صادية خارج الدوائر التي‬ ‫تهتم بت�أثيراتها على الجوع‪ ،‬والأمن الغذائي والفقر المدقع‪ ،‬وهو ما يعني �أن العمل‬ ‫ت�شارك فيه فقط الوزارات الم�س�ؤولة عن معالجة الق�ضايا االجتماعية بحيث تقل�ص‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية �إلى مجرد �آلية �ضغط �أخرى ل�ضمان الأموال‬ ‫الالزمة لتمويل ال�سيا�سات والبرامج االجتماعية‪ .‬وهكذا‪ ،‬لم يتخذ قرار �إعطاء الأولوية‬ ‫الق�صوى لمحاربة الجوع والفقر المدقع من طرف الوكاالت االقت�صادية‪ ،‬التي‬ ‫ا�ستمرت في اتباع النماذج المقترحة من قبل المنظمات المالية الدولية‪ ،‬بغ�ض النظر‬ ‫عن �آثارها المحتملة في مجال تعزيز الإق�صاء االجتماعي‪ ،‬والجوع ونق�ص التغذية‪.‬‬ ‫لقد �أو�صي بوجوب تنفيذ القرارات التي اتخذت في المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية وتم توقيعها من قبل رئي�س الجمهورية بتن�سيق مع �سلطة منتدبة‬ ‫من طرف الحكومة‪ .‬وقد اقترح‪ ،‬في هذه الحالة‪� ،‬أن تتكلف بهذه المهمة وزارة‬ ‫التخطيط بالتن�سيق مع جميع الوزارات والوكاالت الحكومية الأخرى‪ .‬وبالنظر �إلى �أن‬ ‫لأع�ضاء الحكومة وممثلي المنظمات غير الحكومية �أدوارا مختلفة في المجل�س‪ ،‬ف�إنه‬ ‫�سيكون من المهم و�ضع �أمانتين تنفيذيتين اثنيتن‪� .‬أوالهما تتكلف بتعزيز الروابط‬ ‫بين الوكاالت الحكومية المختلفة‪ ،‬في حين �سترعى الأخرى الحوار مع المنظمات‬ ‫غير الحكومية‪ .‬ومن �ش�أن مقترح يق�ضي بعقد �شراكة بين الحكومة والمجتمع‬ ‫المدني �أن ي�سمح بتدبير يتميز بالم�شاركة ال�شعبية ويمهد الطريق نحو تلبية مطالب‬ ‫المنظمات ال�شعبية المختلفة‪.‬‬ ‫‪28‬‬


‫‪� -2‬إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫‪1‬‬

‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا‬ ‫والتر بيليك‬ ‫مايا تاكاجي‬

‫‪2‬‬

‫يكمن الهدف من م�شروع الق�ضاء على الجوع الذي قدم بمنا�سبة يوم الأغذية العالمي‬ ‫الأخير (‪� 16‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪ ،)2001‬في اقتراح �سيا�سة ت�شاركية وطنية لتعزيز‬ ‫الأمن الغذائي ومحاربة الجوع‪ .‬وقد �شارك في �إعداد هذا الم�شروع بع�ض الخبراء‬ ‫الرئي�سيين‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى الحركات االجتماعية والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬في‬ ‫مختلف الحلقات الدرا�سية والنقا�شات التي امتدت ل�سنة واحدة‪.‬‬ ‫وقد تم االعتراف بهذا الم�شروع من قبل المنظمات الوطنية والدولية كمبادرة‬ ‫�أ�سا�سية من المجتمع المدني‪ ،‬لأنه يقترح بدائل ملمو�سة لمحاربة �آفة الجوع في‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫وخالفا للبيانات المن�شورة من قبل خبراء تقنيين على �صلة بالحكومة‬ ‫الفيدرالية‪ ،‬فقد تبين �أن م�ستويات الفقر والتعر�ض للجوع قد تزايدت بين عامي‬ ‫‪ 1995‬و‪ ،1999‬ال�سيما في المناطق الح�ضرية‪ ،‬وذلك نتيجة �أ�سا�سا للبطالة وانخفا�ض‬ ‫م�ستويات الأجور‪ .‬ولذلك‪ ،‬وعلى الرغم من �أن الفقر يتركز ب�شدة في منطقة �شمال �شرق‬ ‫البرازيل (‪ 50‬في المائة من الفقراء يعي�شون في الواليات الواقعة في هذه المنطقة)‪،‬‬ ‫ف�إنه قد تطور في جميع المناطق الح�ضرية تقريبا (بمعدل ‪ 5‬في المائة �سنويا في‬ ‫الفترة ‪ )1999-1995‬بل و�أكثر من ذلك في والية �ساو بولو الكبرى (‪ 9.2‬في المائة‬ ‫في ال�سنة) وفي المنطقة الح�ضرية الكبرى لـ بورتو �أليغري (‪ 7.8‬في المائة في ال�سنة) ‪.‬‬ ‫ووفقا للبيانات الأ�سا�سية للم�سح الوطني للعينات المنزلية للعام ‪ 1999‬الذي‬ ‫�أجراه المعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء )‪ ،(IBGE‬فقد قدرنا �أن في البرازيل‪ ،‬هناك‬ ‫‪ 44‬مليون �شخ�ص يعانون الفقر المدقع ويك�سبون �أقل من دوالر واحد في اليوم‪ ،‬وهو‬ ‫ما يمثل ‪ 9.3‬مليون �أ�سرة بدخل يقارب ‪ 180.00‬رياال برازيليا لكل �أ�سرة في ال�شهر‬ ‫حددت على �أنها الفئة المحتمل ا�ستفادتها من مقترحات الم�شروع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 1‬قدم الن�ص من قبل معهد المواطنة في نوفمبر‪/‬ت�شرين الثاني ‪.2001‬‬ ‫‪ 2‬من�سقون تقنيون لم�شروع الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫‪ 3‬ا�ستنادا الى )‪.DEL GROSSI, GRAZIANO DA SILVA, TAKAGI (2001‬‬

‫‪29‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪30‬‬

‫كما لوحظ ما يلي‪:‬‬ ‫(�أ) �إن م�شكلة الجوع اليوم لي�ست ناجمة عن �إنتاج غير كاف للغذاء‪ ،‬و�إنما‬ ‫ب�سبب عدم وجود دخل ل�شراء المواد الغذائية على نحو م�ستمر بكمية ونوعية كافيتين‪.‬‬ ‫ذلك �أن تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تبين �أن معدل ن�صيب الفرد‬ ‫من المواد الغذائية في البرازيل يعادل ‪� 2 960‬سعرة حرارية‪/‬يوم‪ ،‬و هو معدل يفوق‬ ‫بكثير الحد الأدنى المو�صى به البالغ ‪� 1 900‬سعرة حرارية‪ .‬وتكمن الم�شكلة في كون‬ ‫ا�ستهالك الأغذية محددا بدخل الأ�سرة‪ ،‬ولأن توزيع الدخل غير مت�ساو‪ ،‬ف�إن ن�سبة‬ ‫عالية من ال�سكان ال يح�صلون على المنتجات الغذائية وال حتى على الكمية الالزمة‬ ‫ل�ضمان البقاء على قيد الحياة‪� .‬إن هناك ن�سبة عالية من النا�س الذين يعانون‬ ‫من �سوء التغذية وهي ت�ستهلك في المتو�سط ‪� 1 650‬سعرة حراريـة‪/‬فرد‪/‬يوم في‬ ‫البرازيل اليوم‪ ،‬ولهذا ال�سبب تم ت�صنيفنا من قبل منظمة الأغذية والزراعة تحت الفئة‬ ‫‪( 3‬على مقيا�س من ‪� 1‬إلى ‪ 5‬لزيادة الن�سب المئوية للأ�شخا�ص الذين يعانون من �سوء‬ ‫التغذية)‪ ،‬جنبا �إلى جنب مع دول مثل نيجيريا وباراغواي وكولومبيا‪.‬‬ ‫(ب) هناك حلقة مفرغة من الجوع من ال�صعب معالجتها من خالل �سيا�سات‬ ‫تعوي�ضية تعتمد على التبرعات الغذائية وحدها‪ ،‬كما كان عليه الحال تقليديا‬ ‫(تبرعات بال�سالل الغذائية‪ ،‬على �سبيل المثال)‪ .‬وتتم تغذية هذه الدائرة‪ ،‬من جهة‪،‬‬ ‫بالم�شاكل الهيكلية التي يعاني منها البرازيل مثل انعدام فر�ص العمل وانخفا�ض‬ ‫الأجور وتركيز الدخل‪ ،‬ومن جهة �أخرى ب�سبب عدم وجود �سيا�سات زراعية وارتفاع‬ ‫�أ�سعار المواد الغذائية‪.‬‬ ‫وقد لوحظ‪ ،‬في هذا ال�سيناريو‪� ،‬أنه قد تم تفكيك ال�سيا�سات الغذائية خالل‬ ‫ت�سعينيات القرن الما�ضي و�أنه لم يكن هناك برنامج واحد في البالد يعنى باتخاذ‬ ‫�إجراءات مبا�شرة �ضد الجوع‪ .‬لقد تجز�أت ال�سيا�سات القائمة �إلى �إجراءات مختلفة‬ ‫غالبا ما تكون ذات طابع محلي وت�ستند في الأ�سا�س �إلى تحويل كميات �صغيرة‬ ‫"�صدقات منح" ال تكفي لتغيير �سيناريو الفقر المدقع و�سوء التغذية في البالد‪.‬‬ ‫وتعد مختلف البرامج التي �أطلقتها الحكومة الفيدرالية �أمثلة عن هذا الواقع‪ :‬برامج‬ ‫الجفاف‪ ،‬وبرنامج المنح المدر�سية‪ ،‬وبرامج الق�ضاء على عمالة الأطفال‪ ،‬وبرنامج‬ ‫منحة الدخل (‪ ،)Bolsa Renda‬وبرنامج منحة الغذاء‪.‬‬ ‫ووفقا لم�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬تواجه م�شكلة الجوع في البرازيل ثالثة‬ ‫�أبعاد �أ�سا�سية هي‪� :‬أوال‪ ،‬يعتبر الطلب غير كاف‪ ،‬وهو ما �أدى �إلى تركيز الدخل‪،‬‬ ‫وارتفاع معدالت البطالة وم�ستويات البطالة المق ّنعة‪ ،‬وانخفا�ض القدرة ال�شرائية‬ ‫للأجور التي تدفع لغالبية الطبقة العاملة‪ .‬ثانيا‪ ،‬التناق�ض بين �أ�سعار المواد‬ ‫الغذائية الحالية وانخفا�ض القدرة ال�شرائية لغالبية ال�سكان‪ .‬وثالثا‪ ،‬وال يعتبر ذلك‬ ‫قليل الأهمية‪ ،‬الجوع الذي يعاني منه الفقراء الم�ستبعدون من �سوق المواد الغذائية‪،‬‬


‫�إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫بمن فيهم العديد من العمال العاطلين عن العمل كليا �أو جزئيا‪ ،‬والم�سنون والأطفال‬ ‫وفئات فقيرة �أخرى بحاجة �إلى م�ساعدة طارئة‪.‬‬ ‫لهذه الأ�سباب‪ ،‬ف�إن مقترح الق�ضاء على الجوع ينطوي على ثالثة محاور‬ ‫عمل رئي�سية متزامنة‪ :‬تو�سيع الطلب الفعلي على الغذاء‪ ،‬واتخاذ تدابير لخف�ض �أ�سعار‬ ‫المواد الغذائية‪ ،‬وبرامج طارئة لم�ساعدة الن�سبة المئوية من ال�سكان الم�ستبعدين من‬ ‫ال�سوق‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إنه يمكن الق�ضاء نهائيا وب�شكل �أ�سا�سي على م�شكلة الجوع في‬ ‫البرازيل وذلك فقط �إذا ما تم تبني نموذج جديد للتنمية االقت�صادية يرمي �إلى تعزيز‬ ‫النمو بتوزيع الدخل‪ ،‬بحيث يمكن ا�سترداد ال�سوق المحلي من خالل خلق فر�ص العمل‪،‬‬ ‫وارتفاع الأجور‪ ،‬وانتعا�ش القوة ال�شرائية بالن�سبة للحد الأدنى للأجور‪ ،‬الذي يمثل‬ ‫"منظارا" ننظر من خالله �إلى دخل فئات ال�سكان الأ�شد فقرا‪.‬‬ ‫ومن ال�ضروري �أن نفهم �أن الأمن الغذائي لبلد ما يتطلب �أكثر من التغلب‬ ‫على الفقر والجوع‪ .‬فمن ال�صعب تك�سير الحلقة المفرغة التي تربط الفقر بالجوع‬ ‫فقط من خالل ال�سيا�سات التعوي�ضية التي تعتمد على تبرعات �سالل الغذاء الأ�سا�سي‬ ‫�أو التحويالت النقدية‪ ،‬مثل برامج الحد الأدنى للدخل‪ ،‬وبرنامج المنحة المدر�سية‪،‬‬ ‫كما كان عليه الحال منذ ب�ضع �سنوات‪ .‬فال بد من الجمع بين الهدف من �سيا�سة‬ ‫الأمن الغذائي وا�ستراتيجيات التنمية االقت�صادية واالجتماعية القادرة على �ضمان‬ ‫الم�ساواة واالندماج االجتماعي‪.‬‬ ‫ويمكن لبع�ض ال�سيا�سات �أن تكون مفيدة لهذا الغر�ض‪ ،‬مثل برامج تو�سيع‬ ‫وتعزيز الحد الأدنى للدخل‪ ،‬وبرنامج المنحة الدرا�سية وحوافز الزراعة الأ�سرية‪،‬‬ ‫ونظام ال�ضمان االجتماعي ال�شامل‪ ،‬وتكثيف برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬و�سيا�سة‬ ‫تنموية تمكن من �إحداث عدد �أكبر و�أف�ضل من الوظائف‪� .‬إال �أنه علينا �أي�ضا �أن نتبنى‬ ‫�سيا�سات محددة لمحاربة الجوع‪ ،‬مثل برنامج بطاقات الغذاء الذي يمكن �أن يحل‬ ‫محل التبرع ب�سالل الغذاء الأ�سا�سي‪ ،‬وبرنامج محاربة النق�ص في التغذية عند الأم‬ ‫والطفل‪ ،‬وبرنامج مو�سع للوجبات المدر�سية‪ ،‬وبرنامج غذاء العمال ‪ ،PAT‬من بين‬ ‫مبادرات �أخرى‪ .‬و�أخيرا‪ ،‬ف�إنه من ال�ضروري و�ضع �سيا�سات محلية مختلفة وفقا‬ ‫لموقع ال�سكان المحتاجين‪ .‬ففي المناطق الريفية‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬يجب دعم �إنتاج‬ ‫الغذاء‪ ،‬حتى لو كان فقط لال�ستهالك الذاتي‪� .‬أما في المدن الكبيرة‪ ،‬فمن ال�ضروري‪،‬‬ ‫في المقابل‪ ،‬تو�سيع نطاق تغطية المطاعم المدعمة وبنوك الغذاء وتعزيز ال�شراكات‬ ‫مع تجار التجزئة لت�سويق المنتجات المو�سمية وتحفيز اال�ستهالك من المواد الغذائية‬ ‫المنتجة على الم�ستوى الإقليمي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن بناء الم�شروع يتم على نحو م�ستمر قائم على ال�شراكة‪،‬‬ ‫فقد تم انتقاده في العديد من المنا�سبات وذلك ل�سببين رئي�سيين‪ :‬جهل محتوياته‬ ‫على �شاكلة "�أنا لم �أقر�أ ذلك‪� ،‬أبدا‪ ،‬ولكني ال �أحب ذلك"‪ .‬حيث �أن الكثير من االنتقادات‬

‫‪31‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ا�ستندت �إلى عناوين �صحف منحازة ب�شكل وا�ضح‪ ،‬و�إلى دوافع �سيا�سية‪ ،‬بهدف انتقاد‬ ‫الملهم الرئي�سي للم�شروع‪ ،‬الرئي�س لوال ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من محاوالت رف�ض الم�شروع تلك‪ ،‬ف�إننا نعتقد �أنه قد حقق �أهدافه‪.‬‬ ‫فلقد تمكنا‪� ،‬أوال‪ ،‬من �إعادة م�شكلة الجوع (وكذلك م�شكلة عدم وجود �سيا�سات لمحاربته)‬ ‫مرة �أخرى �إلى جدول الأعمال الوطني‪� .‬إذ كان للم�شروع ت�أثير كبير على الأخبار وعلى‬ ‫تعبئة المجتمع حول هذا المو�ضوع‪ .‬ثانيا‪ ،‬لقد ا�ضطرت الحكومة الفيدرالية‪ ،‬تحت �ضغط‬ ‫الر�أي العام كذلك‪ ،‬للرد على المجتمع وعلى ال�سكان الذين يواجهون الجوع‪ .‬ونتيجة‬ ‫لذلك‪ ،‬فقد تم تو�سيع نطاق برامج مثل برنامج الحد الأدنى للدخل لي�شمل ال�سكان من‬ ‫الفئة العمرية ‪ ،60-15‬والذين كانوا �سي�ستبعدون من برامج التحويالت النقدية الفيدرالية‪،‬‬ ‫بينما تم الت�صديق على �صندوق محاربة الفقر‪ ،‬الذي دافع عنه المتعاونون بو�صفه‬ ‫الم�صدر الرئي�سي لتمويل الإجراءات �ضد الجوع‪ ،‬وذلك يوما واحدا بعد ال�شروع في‬ ‫تنفيذ م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ .‬و�أخيرا‪ ،‬ويتعلق الأمر بهدف ال يقل �أهمية‪ ،‬فقد حظي‬ ‫الم�شروع بالقبول على نطاق وا�سع‪ ،‬كما قدمت ع�شرات الدعوات ليتم �إطالقه في �أماكن‬ ‫مختلفة حيث �ستتم مناق�شته علنا‪ .‬وقد قامت بع�ض البلديات‪ ،‬بالفعل‪ ،‬مثل بلدية �سانتو‬ ‫�أندريه (‪ )Santo André‬وكامبينا�س )‪ (Campinas‬و�أمبي )‪ (Embu‬في والية �ساو باولو‬ ‫وبونتا جرو�سا )‪ (Ponta Grossa‬في والية بارانا (‪ ،)Paraná‬باتخاذ مبادرات ترمي �إلى‬ ‫تنفيذ جزء من المقترحات الواردة في م�شروع الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫تهدف هذه المقالة �إلى توثيق الجوانب الرئي�سية التي كانت محل ت�سا�ؤل بعد‬ ‫�أن تم �إطالق م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬وذلك بهدف تحديد عنا�صر تمكننا من‬ ‫موا�صلة النقا�ش‪ .‬و�سيتم تناول �أربعة موا�ضيع هي‪� )1( :‬سيا�سات محاربة الجوع‬ ‫والفقر؛ (‪ )2‬المنهجية التي تم تبنيها‪" )3( ،‬تكاليف" الم�شروع؛ (‪ )4‬الف�صل الزائف بين‬ ‫بطاقات الغذاء والحد الأدنى للدخل‪.‬‬

‫�سيا�سات محاربة الجوع والفقر‬

‫‪32‬‬

‫ما هي ال�سيا�سات التي يجري اعتمادها اليوم لمحاربة الجوع والفقر في البرازيل؟‬ ‫لقد �أ�صبح الخط الفا�صل وا�ضحا تماما‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬يقول بع�ض النا�س �إن هناك ما يكفي‬ ‫من الموارد وال�سيا�سات اليوم و�أن الم�شكلة تكمن في "التركيز ب�شكل �أكبر على الفقراء‪".‬‬ ‫ووفقا لأن�صار هذه الفكرة‪ ،‬ف�إن الموارد المخ�ص�صة للبرامج االجتماعية ال ت�ستخدم حقا‬ ‫لم�ساعدة �أولئك الذين يحتاجون �إليها بطريقة فعالة‪ .‬لهذا ال�سبب‪ ،‬تم ا�ستبدال ال�سيا�سات‬ ‫المختلفة (مثل �سيا�سات توزيع �سالل الحليب والطعام على �سبيل المثال) ب�سيا�سة تكملة‬ ‫الدخل‪ .‬هذه هي الفكرة الكامنة وراء ال�سيا�سات التي اعتمدتها الحكومة الحالية‪ ،‬والتي‬ ‫دافع عنها باحثون على �صلة بمعهد البحوث االقت�صادية التطبيقية (‪ )IPEA‬والبنك الدولي‪.‬‬


‫�إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫�إن الأمر مختلف تماما عن مقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬كما �سبق �أن‬ ‫ذكرنا‪ .‬ذلك �أن م�شروع الق�ضاء على الجوع يقترح �سيا�سات محددة للم�ساعدات الغذائية‬ ‫جنبا �إلى جنب مع ال�سيا�سات الهيكلية‪ ،‬من قبيل �سيا�سات توليد فر�ص العمل والدخل‪،‬‬ ‫والإ�صالح الزراعي‪ ،‬و�سيا�سات دعم الزراعة الأ�سرية‪ ،‬وزيادة الحد الأدنى للأجور‬ ‫وتو�سيع نظام ال�ضمان االجتماعي‪ ،‬على �سبيل المثال‪ .‬فح�سب م�ؤيدي هذا االقتراح‪ ،‬ف�إنه‬ ‫من الواجب اعتماد �سيا�سات مبا�شرة للأمن الغذائي والق�ضاء على الجوع من �أجل توفير‬ ‫الو�سائل الأ�سا�سية لمعي�شة الأ�سر ذات الدخل المنخف�ض‪ ،‬مع خلق �آليات ديناميكية في‬ ‫مجاالت �أخرى من االقت�صاد‪ ،‬مثل �آليات �إنتاج وتوزيع الأغذية التي يمكن ا�ستخدامها‬ ‫�أي�ضا لتوعية النا�س بغية التخل�ص من تبعيتهم لهذه ال�سيا�سات الخا�صة‪.‬‬ ‫وفي ر�أينا‪ ،‬ف�إن من �ش�أن اعتماد �سيا�سات طوارئ �أو للم�ساعدة فقط دون النظر‬ ‫في الأ�سباب الهيكلية للجوع والفقر المدقع‪ ،‬مثل البطالة وانخفا�ض الدخل وتركيز‬ ‫الدخل المرتفع للغاية‪� ،‬أن ير�سخ الم�شكلة والتبعية لهذه ال�سيا�سات‪.‬‬ ‫�إن �سيا�سة بهذا الحجم‪ ،‬وهذا �أمر �ضروري لكثير من البرازيليين لالرتقاء فوق‬ ‫م�ستوى ما دون المواطنة‪ ،‬تحتاج في الواقع �إلى الموارد‪ ،‬لأن هذا االقتراح ي�ؤثر على‬ ‫جميع ال�سكان‪ ،‬ويجعل االقت�صاد و�سال�سل الإنتاج الغذائي �أكثر دينامية‪ ،‬في حين‬ ‫يوفر الغذاء لل�سكان دون الت�سبب في �آثار الت�ضخم‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن محاربة الجوع تتطلب �سيا�سة محددة‪ ،‬ف�إنه ال ينبغي لها �أن‬ ‫ت�ستند �إلى �إجراءات "حماية"‪ .‬ففي جميع البلدان التي عر�ضت حاالتها في الندوة‬ ‫الدولية التي عقدت في جامعة كامبينا�س )‪ Campinas (Unicamp‬في �أبريل‪/‬ني�سان‬ ‫الما�ضي ‪ -‬كندا والواليات المتحدة والمك�سيك – كانت �سيا�سات محاربة الجوع‬ ‫جزءا من مجموعة �أو�سع من الو�سائل التي ُت َك ِون �شبكة الأمان االجتماعي وتعالج‬ ‫مجموعة كبيرة من حاالت ال�ضعف‪ ،‬بناء على الفكرة القائلة ب�أن الجوع هو عن�صر‬ ‫واحد فقط من العديد من عنا�صر انعدام الأمن التي تواجهها الأ�سر الفقيرة‪ .‬وتذكرنا‬ ‫هذه المجموعة من الو�سائل بـ "الب�صل"‪� :‬إذ تتداخل عدة طبقات من ال�ضمان‬ ‫االجتماعي لمحاربة الفقر‪ :‬الت�أمين �ضد البطالة‪ ،‬وال�ضمان االجتماعي ح�سب العمر‪،‬‬ ‫وبرنامج المنحة المدر�سية للت�أكد من �أن جميع الأطفال يذهبون �إلى المدار�س‪،‬‬ ‫والرعاية ال�صحية بالمجان‪ ،‬الخ‪.‬‬

‫المنهجية‬ ‫لقد كانت �آخر االنتقادات �ضد م�شروع الق�ضاء على الجوع تتمثل في كونه قد "�أخط�أ"‬ ‫في تعداد الفقراء في البرازيل‪ .‬وعندما بد�أنا عملنا‪ ،‬ر�أينا �أن الإح�صاءات التوافقية‬ ‫حول عدد ال�سكان الذين "يواجهون الجوع" لم تكن متوفرة في البرازيل‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ونظرا لعدم وجود م�سوحات مبا�شرة �أكثر حداثة تغطي جميع الأرا�ضي‬ ‫الوطنية‪ ،‬فقد حاول باحثون مختلفون ا�ستنتاج عدد الأ�شخا�ص المدرجين في عدد‬ ‫ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض من خالل مناهج الح�ساب غير المبا�شر‪ ،‬م�ستعملين‬ ‫�أ�سا�سا الدخل لهذا الغر�ض‪ .‬وا�ستنادا �إلى ا�ستطالعات الر�أي الأخيرة ‪ ،‬فقد الحظنا‬ ‫عتمد على نف�س م�صدر المعطيات وعلى‬ ‫�أنه لي�س هناك تقدير م�شترك حتى عندما ُي َ‬ ‫الأ�ساليب المماثلة‪ .‬ويعزى هذا التباين في النتائج �إلى االختالفات في المعايير التي‬ ‫تم اعتمادها من �أجل التو�صل �إلى تحديد المعوزين والفقراء من ال�سكان‪.‬‬ ‫وهذا ما يف�سر العديد من الأرقام المختلفة التي قامت باحت�سابها م�صادر‬ ‫مختلفة‪ 30 :‬مليون ن�سمة‪ ،‬وفقا لخريطة الجوع لعام ‪1993‬؛ و‪ 50‬مليونا وفقا لأرقام‬ ‫قامت باحت�سابها م�ؤ�س�سة خيتوليو فارغا�س )‪(Getúlio Vargas‬؛ و‪ 54‬مليونا وفقا لآخر‬ ‫درا�سة �أجريت من قبل البحوث االقت�صادية التطبيقية )‪(IPEA‬؛ �أو ‪ 44‬مليون ن�سمة‪ ،‬وفقا‬ ‫لبرنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬فما هو الرقم ال�صحيح؟ كل الأرقام �صحيحة وال رقم منها‬ ‫�صحيح ‪ ،‬بما �أنها تقوم على المعايير التي تبنتها كل درا�سة من تلك الدرا�سات‪.‬‬ ‫لقد بذلنا‪ ،‬في م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬جهدا لتح�سين المنهجيات ال�سائدة‪.‬‬ ‫ولهذا الغر�ض‪� ،‬أعددنا ن�صين خا�صين بالمنهجية ون�شرناهما على الموقع الإلكتروني‬ ‫لمعهد االقت�صاد في كامبينا�س حيث نقدم تف�سيرا خطوة بخطوة حول كيفية تحديد‬ ‫خط الفقر‪ ،‬مو�ضحين �أننا لم ن�ستخدم نف�س المنهجية التي ا�ستخدمت من قبل البنك‬ ‫الدولي‪� ،‬إذ قمنا فقط با�ستعارة مفهوم "الخط الفا�صل" من دوالر واحد يوميا لتحديد‬ ‫خط الفقر في المناطق الريفية في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬وهي المنطقة الأكثر‬ ‫فقرا في البرازيل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لم نعتمد عملة وهمية للدوالر تعادل قوته ال�شرائية‬ ‫)‪�( (PPP‬أى تعادل القوة ال�شرائية بالدوالر) المعتمدة من قبل البنك الدولي لتحديد‬ ‫خط الفقر‪ ،‬و�إنما اعتمدنا متو�سط �سعر الدوالر التجاري في �سبتمبر‪�/‬أيلول كتاريخ‬ ‫مرجعي للم�سح الوطني للعينة المنزلية ل�سنة ‪ .1999‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أن تعادل‬ ‫القوة ال�شرائية بالدوالر )‪ (PPA‬هو م�ؤ�شر تكاف�ؤ نظري �أن�شئ لمقارنة الناتج المحلي‬ ‫الإجمالي لبلدان مختلفة‪ ،‬ولي�س لإجراء مقارنات تخ�ص الفقر على ال�صعيد الدولي ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ 4‬ت�شمل �آخر ا�ستطالعات الر�أي ذات الم�صداقية مونتيرو (‪ 1995‬و ‪� ،)1997‬إذ �أعدت �إح�صائيات تبين ن�سبة الأطفال الذين يعانون من �سوء التغذية‪،‬‬ ‫ون�سبة البالغين الذين يعانون من انخفا�ض في احتياطيات الطاقة‪.‬‬

‫‪PELIANO, 1993; HOFFMANN, 1995 and 2001; WORLD BANK, 2000; ROCKS, 1996, 1997, 2000a and 2000b; ECLAC, 5‬‬ ‫‪1989; FERREIRA, LANJOUW and NÉRI, 2000; CAMARGO and FERREIRA, 2001; ÁRIAS, 1999a and 1999b; GARCIA 2001,‬‬ ‫انظر �أي�ضا‪.TAKAGI, GRAZIANO DA SILVA and DEL GROSSI, 2001 :‬‬ ‫‪.Mapa do fim da fome. Available at: http://cps.fgv.br/renda-bem-estar/pobreza-desigualdade, Accessed on: October 4, 2010 6‬‬ ‫‪TAKAGI, GRAZIANO DA SILVA and DEL GROSSI, 2001; and DEL GROSSI, GRAZIANO DA SILVA and TAKAGI, 2001 7‬‬

‫‪34‬‬

‫)>‪.(download from the website <www.eco.unicamp.br‬‬ ‫‪ 8‬ت�شير مذكرة من البنك الدولي نف�سه (م�ؤ�شرات التنمية في العالم‪� ،2000 ،‬ص ‪� )65‬إلى �أنه «تم ت�صميم معدالت تعادل القوة ال�شرائية‪ ،‬لي�س لإجراء‬ ‫مقارنات الفقر على ال�صعيد الدولي‪ ،‬ولكن للمقارنة بين الكتل من الح�سابات الوطنية‪ .‬وكنتيجة لذلك‪ ،‬ف�إنه لي�س هناك يقين ب�أن خط الفقر الدولي يقي�س‬ ‫نف�س الدرجة من الحاجة والحرمان في مختلف البلدان» (البنك الدولي‪.)2000 ،‬‬


‫�إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫لقد �سعى الباحثون الم�شاركون في م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬في الواقع‪،‬‬ ‫�إلى اعتماد منهجية من �ش�أنها �أن ت�صحح القيدين الرئي�سيين اللذين �أ�شار �إليهما‬ ‫البنك الدولي نف�سه‪ .‬فالقيد الأول منهما ي�شير �إلى �أن الخط المفرد للفقر ال يمكنه �أن‬ ‫ي�أخذ بعين االعتبار االختالفات الإقليمية من حيث تكاليف المعي�شة بين المناطق‬ ‫الح�ضرية والريفية وبين المناطق داخل البلد نف�سه‪ .‬ويق�ضي الثاني ب�أنه ال ي�أخذ‬ ‫بعين االعتبار ا�ستهالك ال�سلع المنتجة من قبل الأ�سرة نف�سها‪ ،‬مثل الإنتاج المخ�ص�ص‬ ‫نجز هذان الت�صويبان في م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫لال�ستهالك الذاتي‪ .‬وقد �أُ ِ‬ ‫با�ستخدام البيانات الواردة في م�سح م�ستويات المعي�شة ‪ PPV‬وللعينة المنزلية‪ ،‬حيث‬ ‫قام بتنفيذهما معا المعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء )‪.(IBGE‬‬ ‫وقد تمثل التح�سين الثالث المنهجي في الأرقام التي احت�سبها م�شروع الق�ضاء‬ ‫على الجوع في خ�صم البند الذي لديه �أكبر قدر من الوزن في ميزانية الأ�سرة‪� ،‬أي‬ ‫الإيجار �أو الأق�ساط العقارية‪ ،‬مع تجنب �أي ت�شويه يخ�ص اعتبار دخل الأ�سرة كله‬ ‫�سيكون متاحا ل�شراء ال�سلع اال�ستهالكية‪ .‬ويعتبر هذا التعديل ذا �أهمية خا�صة بالنظر‬ ‫�إلى �أن الإيجار والأق�ساط العقارية هي �أعلى ن�سبيا في المناطق الح�ضرية منها في‬ ‫المدن ال�صغيرة والمتو�سطة الحجم والمناطق الريفية‪.‬‬ ‫لقد و�صلنا مع كل هذه الت�صحيحات �إلى رقم مفاجئ‪� :‬إذ ي�شير متو�سط خط الفقر‬ ‫المرجح بالن�سبة للبرازيل (‪ 68.48‬ريال برازيلي للفرد) �إلى وجود ‪ 44‬مليون �شخ�ص‬ ‫بدخل متو�سط متاح قدره ‪ 38.34‬ريال برازيلي لكل �شخ�ص �أو ‪ 9.3‬مليون �أ�سرة (‪4.7‬‬ ‫�شخ�ص في المتو�سط ) يبلغ دخلها ‪ 181.10‬ريال برازيلي ‪� ،‬أي �أن الأ�سر ذات الدخل المتاح‬ ‫الأقرب من الحد الأدنى للأجور في �سبتمبر‪�/‬أيلول ‪ ،1999‬كما حدده الم�سح الوطني‬ ‫للعينة المنزلية‪ ،‬قد تم اعتبارها فقيرة‪ .‬ويمكن القول‪ ،‬من دون �أي �شك‪� ،‬أن �صافي دخل‬ ‫الأ�شخا�ص الذين ي�شكلون هذه العائالت لي�س كافيا ل�ضمان �أمنها الغذائي‪.‬‬

‫"تكاليف" الم�شروع‬ ‫يتمثل انتقاد �آخر في كون الم�شروع لم ي�شر ب�شكل وا�ضح �إلى م�صادر �أمواله‪ .‬وب�صرف‬ ‫النظر عن هذا‪ ،‬فقد تم ت�ضخيم تكاليف الم�شروع‪ ،‬كما ذُكر �أن التكلفة الإجمالية‬ ‫�ستبلغ ‪ 70‬مليار ريال برازيلي (�أي ‪ 6‬في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)‪ ،‬مما‬ ‫�سي�ؤدي �إلى �إفال�س البرازيل في ‪ 15‬يوما‪ ،‬وذلك نقال عن �صحيفة �أو �إ�ستادو دي �ساو‬ ‫باولو ‪ O Estado de São Paulo‬في ‪� 21‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪ .2001‬والخط�أ الذي تم‬ ‫الوقوع فيه بخ�صو�ص هذا الرقم وا�ضح‪ :‬فقد �أ�ضاف منتقدو م�شروع الق�ضاء على‬ ‫الجوع جميع التكاليف المترتبة على محاربة الجوع على مدى �سنوات عديدة‪ ،‬كما‬ ‫لو �أنها �ست�صرف كلها في نف�س الوقت‪ ،‬هذا ب�صرف النظر عن المبالغة في الأرقام‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪36‬‬

‫بينما ت�شير تقديراتنا �إلى �أن برنامج بطاقات الغذاء وحده �سيكلف نحو‬ ‫‪ 20‬مليار ريال برازيلي �إذا قام بتغطية كل "المخزون الحالي" المكون من ‪ 9.3‬مليون‬ ‫�أ�سرة فقيرة جدا في عام واحد ‪ -‬حوالي ‪ 44‬مليون ن�سمة‪ .‬وبما �أن المقترح هو تنفيذ‬ ‫البرنامج على مدى �أربع �سنوات‪ ،‬ف�إن معدل التكلفة ال�سنوي �سيبلغ ‪ 11‬مليار ريال‬ ‫برازيلي‪� ،‬إذا �أخذنا بعين االعتبار ما ي�صاحب ذلك من تخفي�ض ‪ 50‬في المائة في‬ ‫م�ستويات الفقر على مدى فترة ع�شر �سنوات‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إن تقديرات الآثار المدمرة المزعومة لرفع الحد الأدنى‬ ‫للأجور �إلى ‪ 100‬دوالر �أمريكي ال �أ�سا�س لها‪ ،‬كما هو الحال بالن�سبة لآثار تو�سيع‬ ‫نطاق منافع نظام ال�ضمان االجتماعي الذي يدخل في �إطار نظام االقت�صاد الأ�سري‬ ‫حاليا لكي ي�شمل الأ�سر غير الزراعية كذلك‪ .‬وباال�ستناد �إلى معطيات جزئية للعينة‬ ‫الأ�سرية للعام ‪ ،1999‬ت�شير ح�ساباتنا �إلى وجود "مخزون" من ‪ 2.9‬مليون �شخ�ص في‬ ‫�سن التقاعد (الن�ساء �أكثر من ‪ 60‬عاما والرجال فوق �سن ‪ )65‬ال يتمتعون ب�أي ا�ستفادة‬ ‫من الوكاالت الحكومية‪ .‬وحتى لو تم التفكير في كل هذا "المخزون" في ال�سنة الأولى‬ ‫(وهو �أمر لم يتم اقتراحه في الم�شروع)‪ ،‬فقد ت�صل التكاليف المترتبة على ذلك �إلى ‪6.8‬‬ ‫مليار ريال برازيلي‪ .‬وال يمثل هذا الرقم �سوى ما يقرب من ‪ 0.7‬في المائة من الناتج‬ ‫المحلي الإجمالي �أو ‪3.3‬في المائة من مجموع التبرعات التي تم جمعها من قبل‬ ‫نظام ال�ضمان االجتماعي في عام ‪ .2000‬وبعد دمج هذا "المخزون"‪ ،‬لن يكون توازن‬ ‫التدفق ال�سنوي (عدد الأ�شخا�ص الذين يتقاعدون ناق�ص الذين يموتون ويفقدون‬ ‫الفوائد) �أعلى بكثير من الزيادة التي نعي�شها بالفعل اليوم‪.‬‬ ‫�أما بالن�سبة لالنتقاد الذي يقول �إن رفع الحد الأدنى للأجور �إلى ‪ 100‬دوالر‬ ‫�أمريكي من �ش�أنه �أن ي�ؤدي �إلى �إفال�س البرازيل‪ ،‬فيجب �أن نقول �إن هذه الزيادة قد‬ ‫�سبق لها �أن حظيت بالموافقة بالفعل في عام ‪ 1995‬لتبقى �سارية المفعول �إلى غاية‬ ‫يناير‪ /‬كانون الثاني ‪.1999‬‬ ‫لقد تح�سنت‪ ،‬ب�شكل ملحوظ‪ ،‬م�ؤ�شرات الفقر في ع�صر الريال (العملة البرازيلية)‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن هذا التح�سن قد ُن�سِ ب �إلى اال�ستقرار النقدي‪ ،‬ف�إنه ناتج‪ ،‬في‬ ‫الواقع‪ ،‬عن مكا�سب الحد الأدنى للأجور‪ .‬وفي هذا ال�صدد‪ ،‬فان الأرقام الواردة في‬ ‫المقالة المذكورة التي ن�شرت في �صحيفة �أو �إ�ستادو دي �ساو باولو ‪O Estado de‬‬ ‫‪ Sao Paulo‬مبالغ فيها‪ ،‬بما �أن اال�شتراكات ال�شهرية في نظام ال�ضمان االجتماعي‬ ‫)‪ (benefícios de prestação continuada‬التي تعتمد على الحد الأدنى للأجور ال‬ ‫ت�ضمن معا�شات التقاعد لـ ‪ 20‬مليون �شخ�ص ي�ساهمون في النظام اليوم‪ ،‬بل تغطي‬ ‫فقط ‪ 13‬مليون ن�سمة‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف�إن ت�أثير رفع الحد الأدنى للأجور �إلى ‪ 100‬دوالر على‬ ‫‪ 16‬مليون �شخ�ص (‪ 13‬مليون الحالية زائداً ‪ 3‬ماليين عامل غير ر�سمي‪ ،‬على النحو‬ ‫الذي اقترحه م�شروع الق�ضاء على الجوع) �ست�صل �إلى ‪ 11‬مليار ريال برازيلي �إذا ما‬


‫�إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫تمت تغطيتهم كلهم في �سنة واحدة‪ .‬وتعتبر هذه الأرقام �أقل بكثير من مبلغ ‪ 70‬مليار‬ ‫ريال برازيلي �أو ‪ 6‬في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الم�شار �إليها في مقالة‬ ‫ال�صفحة الأولى ل�صحيفة �أو �إ�ستادو (‪ ،)O Estado‬والذي من �ش�أنه �أن ي�ؤدي‪ ،‬ح�سب‬ ‫زعم المقالة‪� ،‬إلى �إفال�س البرازيل في ‪ 15‬يوما ‪.‬‬ ‫غير �أن النقطة الرئي�سية في الخالف هي �أن نفقات م�شروع الق�ضاء على‬ ‫الجوع ال يمكن قراءتها بدون �أخذ فوائدها بالن�سبة للبرازيل بعين االعتبار‪� ،‬أي‬ ‫الآثار الإيجابية لمحاربة الجوع والفقر المدقع‪ .‬وت�شمل هذه الت�أثيرات‪ ،‬على �سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬ارتياحا بالن�سبة لميزانية الرعاية ال�صحية‪ ،‬وكذلك الفوائد التي توفرها‬ ‫الزيادة في الم�ساحة المزروعة من المحا�صيل الغذائية من حيث توليد فر�ص العمل‬ ‫وعائدات �ضريبية �أعلى‪ .‬وتبين نماذج محاكاتنا‪ ،‬على �سبيل المثال‪� ،‬أن برنامج‬ ‫بطاقات الغذاء يمكن �أن يولد ما قيمته ‪ 2.5‬مليار ريال برازيلي �سنويا في العائدات‬ ‫ال�ضريبية الإ�ضافية (�ضريبة المبيعات ‪ )ICMS -‬وبرنامج التكامل االجتماعي (‪/)PIS‬‬ ‫الم�ساهمة في تمويل ال�ضمان االجتماعي )‪� (Cofins‬إذا �أ�صبح الـ ‪ 44‬مليون �شخ�ص‬ ‫فقير م�ستهلكين جميعهم ‪.‬‬ ‫و�إذا �أخذنا بعين االعتبار المتو�سط الإ�ضافي من ال�سعرات الحرارية‪ ،‬وتناول‬ ‫البروتين بن�سبة ‪ 50‬في المائة نتيجة لتوزيع بطاقات الغذاء للأ�سر الفقيرة‪ ،‬ف�إن �إنتاج‬ ‫الأرز والفول الحالي �سيزداد بـن�سبة ‪ 30‬في المائة‪ .‬ومن �ش�أن هذا �أن ي�ؤدي �إلى زيادة‬ ‫قدرها ‪ 3‬ماليين هكتار في الم�ساحات المزروعة‪ ،‬وتوليد �أكثر من ‪ 350 000‬وظيفة‬ ‫في الزارعة الأ�سرية وزيادة القيمة الحالية للإنتاج الزراعي بنحو ‪ 5‬مليارات ريال‬ ‫برازيلي‪ ،‬وهو مبلغ �أكثر �أو �أقل من ن�صف التكلفة ال�سنوية لبطاقات الغذاء المن�صو�ص‬ ‫عليها في م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ .‬كل هذه الجوانب "ن�سيها" نقاد م�شروع‬ ‫الق�ضاء على الجوع الذين قاموا فقط بجمع تكاليفها وف�شلوا في فهم اعتبار محاربة‬ ‫الجوع والفقر المدقع �شكال من �أ�شكال اال�ستثمار �أي�ضا‪.‬‬ ‫ولكن دعونا نفتر�ض �أن �أيا من �آليات التو�سع في الطلب المقترحة في م�شروع‬ ‫الق�ضاء على الجوع لم تنجح‪� ،‬أي �أنه لم يتم التو�صل �إلى �أية نتائج من حيث النمو �أو‬ ‫الحد من الفقر‪ .‬فمن �أين �ست�أتي الأموال لتنفيذ البرامج المقترحة؟‬ ‫نقول في م�شروع الق�ضاء على الجوع �إنه من الممكن �إعادة تخ�صي�ص جزء‬ ‫من ‪ 45‬مليار ريال برازيلي المتوفرة اليوم في ميزانية الإنفاق االجتماعي (با�ستثناء‬ ‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪ 9‬تجدر الإ�شارة �إلى �أن من بين كامل الم�ساهمات التي تم جمعها من قبل نظام ال�ضمان االجتماعي (حوالي ‪ 200‬مليار دوالر في عام ‪،)2000‬‬ ‫‪ 20‬في المائة �أموال غير مقيدة تم ا�ستخدامها من �أجل «اال�ستقرار المالي»‪.‬‬ ‫‪ 10‬ا�ستند هذا الح�ساب �إلى العبء ال�ضريبي المقدر على مجموعة �أ�سا�سية من المنتجات الغذائية من ‪ 14.1‬في المائة في المتو�سط في المناطق‬ ‫الح�ضرية في البرازيل‪ ،‬وفقا لبيانات م�سح نفقات الم�ستهلك ‪ .)POF( 1996‬ويتم التقليل من �ش�أن هذا العبء ال�ضريبي‪ ،‬لأنه ال ينظر �إال في البنود‬ ‫المدرجة في المجموعة الأ�سا�سية للمنتجات الغذائية التي ي�ستهلكها ال�سكان‪ ،‬والتي تخ�ضع ‪ ،‬في بع�ض الدول‪ ،‬النخفا�ض معدالت ال�ضرائب‪ ،‬كما �أن‬ ‫المناطق الح�ضرية تمنح �أي�ضا المزيد من الفوائد المالية‪ .‬انظر ‪.Magalhaes, 2001‬‬

‫‪37‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ال�ضمان االجتماعي)‪ ،‬وتحرير �ألف ريال برازيلي في ال�سنة لكل �شخ�ص فقير مدرج‬ ‫في ح�ساباتنا‪ .‬ولنقدم مثاال قويا‪ :‬يتعلق الأمر ب�صندوق مكافحة الفقر‪ ،‬الذي يقدر‬ ‫بنحو ‪ 4‬مليارات ريال برازيلي في ال�سنة‪ .‬طيب‪ ،‬تقول ال�صحيفة �أو �إ�ستادو دي �ساو‬ ‫باولو نف�سها ال�صادرة في ‪� 16‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول عام ‪� 2001‬إن الحكومة الفيدرالية‬ ‫�ستخ�ص�ص الثلث من ‪ 3.1‬مليار دوالر المر�صودة هذا العام ل�صندوق محاربة الفقر‬ ‫والق�ضاء عليه لتعزيز تعديالت مالية‪/‬جبائية‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ووفقا للمعطيات‬ ‫التي ن�شرها االتحاد الوطني لمراجعي �ضريبة الدخل الفيدراليين ‪ Unafisco‬في‬ ‫الآونة الأخيرة‪ ،‬ف�إن البرازيل يخ�سر حوالي ‪ 4‬مليارات ريال برازيلي �سنويا نتيجة‬ ‫منح �إعفاءات �ضريبية مختلفة‪ ،‬على �سبيل المثال‪� ،‬إلى �شركات م�صرفية وال�شركات‬ ‫الم�صنعة للم�شروبات ولل�سجائر‪ .‬وهذا يدل على �أن �ضمان توافر الأموال لمحاربة‬ ‫الجوع والفقر المدقع هي‪ ،‬قبل كل �شيء‪ ،‬م�س�ألة ذات �أولوية �سيا�سية‪.‬‬ ‫هذه هي الأولوية التي نتوقع ت�أمينها من خالل التزام الحكام بتحويل جزء‬ ‫من عائدات ال�ضرائب غير المبا�شرة المدرجة في المجموعة الأ�سا�سية من المنتجات‬ ‫الغذائية التي ي�ستهلكها ال�سكان من �أجل محاربة الجوع‪ .‬وت�شير تقديراتنا �إلى �أن هذه‬ ‫الإيرادات قد بلغت ‪ 9.7‬مليار ريال برازيلي �سنويا اليوم‪� ،‬أو ‪ 0.8‬في المائة من الناتج‬ ‫المحلي الإجمالي‪ .‬وح�سب الواليات‪ ،‬ف�إن هذه الإيرادات تختلف من ‪ 0.8‬في المائة‬ ‫(والية �ساو باولو) �إلى ‪ 3.1‬في المائة (والية �سيارا) من الناتج المحلي الإجمالي‪.‬‬ ‫ويقترح م�شروع الق�ضاء على الجوع �إلزام الحكام ب�إعادة جزء من هذه الموارد �إلى‬ ‫�أ�شد ال�سكان فقراً‪.‬‬ ‫�إن منتقدي هذا الم�شروع معنيون‪ ،‬في الواقع‪ ،‬بالت�سا�ؤل فقط عما �ستكون عليه‬ ‫تكلفة م�شروع الق�ضاء على الجوع ومن �أين �ست�أتي الأموال لتمويله‪ ،‬ولكن ال�س�ؤال‬ ‫الذي يجب طرحه هو‪ :‬ما هي تكلفة عدم محاربة الجوع ؟ �إن عدم وجود �سيا�سات‬ ‫لتوليد فر�ص العمل والرعاية ال�صحية والتعليم تكلف البرازيل كثيرا‪ ،‬حيث العنف في‬ ‫ت�صاعد م�ستمر‪ .‬ثم هناك �أي�ضا تكاليف ا�ستهالك و�إنتاج ال�سلع المنخف�ضة وتكاليف‬ ‫الم�شغلين وتكاليف �أخرى كثيرة‪ .‬لهذا ال�سبب‪ ،‬ال ينبغي �أن ينظر �إلى محاربة الجوع‬ ‫باعتبارها مجرد "تكلفة"‪ ،‬ولكن �أي�ضا باعتبارها ا�ستثمارا في البرازيل‪.‬‬

‫بطاقات الغذاء والحد الأدنى للدخل‬ ‫‪38‬‬

‫هذا �أي�ضا نقا�ش مغلوط‪ ،‬مبني على الف�صل الزائف بين الحد الأدنى للدخل وبطاقات‬ ‫الغذاء‪� .‬إننا نعتبر �أن التحويالت النقدية وحدها ال تكفي لو�ضع حد للجوع‪ ،‬نظرا‬ ‫لحجم الم�شكلة في البرازيل اليوم‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬تهدف برامج مثل برنامج‬ ‫الحد الأدنى للدخل �إلى م�ساعدة الأ�سر ذات الدخل المنخف�ض التي ال يمكنها تلبية‬


‫�إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫احتياجاتها الأ�سا�سية‪ ،‬والتي تنطوي على عنا�صر �أخرى غير احتياجاتها الغذائية‪.‬‬ ‫ولهذا ال�سبب‪ ،‬نقدم مجموعة من المقترحات ت�شمل ال�سيا�سات الرامية �إلى معالجة‬ ‫ق�ضايا تتراوح بين الترويج لتوزيع �أف�ضل للدخل وزيادة الإمدادات الغذائية وخف�ض‬ ‫تكاليف الغذاء‪.‬‬ ‫ومن الجدير باالهتمام الإ�صرار على هذه النقطة‪� :‬إن برنامج بطاقات الغذاء‬ ‫برنامج مكمل‪ ،‬كما كان عليه في جميع البلدان التي تم تنفيذه فيها‪ ،‬لأنه مبني على‬ ‫فكرة دعم دخل الأ�سر الفقيرة �إلى حدود المبلغ الذي يمكن الت�أكد من �أنه �سيمكنهم‬ ‫من �إطعام �أنف�سهم ب�شكل منا�سب‪ .‬ويعتقد �أن المزايا التي يتيحها هي التالية‪�( :‬أ) زيادة‬ ‫الإنفاق على الغذاء من قبل الأ�سر فيما يتعلق ببرامج تهدف �إلى تكملة دخلها نقدا؛‬ ‫(ب) طبيعته غير الدورية‪ ،‬والغير مت�ضخمة‪ ،‬بما �أنه يربط بين ا�ستهالك الغذاء المرتفع‬ ‫و�إنتاج الأغذية؛ (ج) لأنه يتيح للبلديات ا�سترداد �سيا�سات الم�شتريات الم�ؤ�س�سية؛ (د)‬ ‫طابعه التكميلي الذي ي�سمح له ب�أن يكون م�ؤقتا‪ ،‬ومدمجا مع برامج �أخرى مثل المنح‬ ‫المدر�سية وبرامج منح الغذاء ومع �آليات مثل الت�أمين �ضد البطالة‪ ،‬وبرامج ال�ضمان‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وبرامج التدريب المهني والرعاية ال�صحية وبرامج الوقاية من النق�ص‬ ‫في التغذية‪� ،‬إلخ‪.‬‬ ‫كل هذه العنا�صر ت�شير �إلى �أن النقا�ش والتعبئة حول التح�ضير لم�شروع‬ ‫الق�ضاء على الجوع يجب �أن يكونا م�ستمرين و�شاملين‪ ،‬كما كان عليه الحال حتى‬ ‫الآن‪� .‬إن تنفيذها لي�س ممكنا فقط‪ ،‬بل �إنه �ضروري وملح �أي�ضا بالن�سبة لهذا البلد‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المراجع‬ ÁRIAS, A. R. Estimativas de indigência e pobreza no Brasil no período 1990-1996: resumo metodológico e resultados, March 1999a. Mimeo. ___. Indigencia, pobreza y distribución de ingresos en Brasil en la década de los noventa, June 1999b. Mimeo. WORLD BANK. 2000-2001 World Development Report: Attacking Poverty. 2000. CAMARGO, J. M.; FERREIRA, F. H. G. O. Benefício social único: uma proposta de reforma da política social no Brasil, January 2001. Mimeo. ECLAC. Brasil: canastas basicas de alimentos y determinación de las lineas de indigencia y de pobreza. LC/L 532, December 1989. DEL GROSSI, M.; GRAZIANO DA SILVA, J.; TAKAGI, M. Evolução da pobreza no Brasil – 1995/99. Campinas: Economics Institute, November 2001. (Discussion paper n. 104). FERREIRA, F. H. G.; LANJOUW, P.; NERI, M. A new poverty profile for Brazil, using PPV, Pnad and Census data. Rio de Janeiro: PUCRio, Economics Department, March 2000. (Discussion paper n. 418). GARCIA, R. C. Subsídios para organizar avaliações da ação governamental. Brasília: Ipea, 2001. (Discussion paper n. 776). HOFFMANN, R. A distribuição de renda no Brasil no período 1993-99, 2001. Mimeo. ___. Pobreza, insegurança alimentar e desnutrição no Brasil. Estudos Avançados, São Paulo, vol. 9, n. 24, 1995. MAGALHAES, L. C. G. et al. Tributação, distribuição de renda e pobreza: uma análise dos impactos da carga tributária sobre a alimentação nas grandes regiões urbanas brasileiras. Brasilia: Ipea, June 2001. (Discussion paper n. 804).

40


‫�إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع‬ MONTEIRO, C. A.; BENÍCIO, M. H. D.; FREITAS, I. C. M. de. Melhoria em indicadores de saúde associados à pobreza no Brasil dos anos 90: descrição, causas e impacto sobre desigualdades regionais. São Paulo: Nupens/USP, October 1997. (A trajetória do desenvolvimento social no Brasil, n. 1/97). MONTEIRO, C. A. A dimensão da pobreza, da fome e da desnutrição no Brasil. Estudos Avançados, São Paulo, vol. 9, n. 24, 1995. PELIANO, A. M. (Coord.). O mapa da fome: informações sobre a indigência nos municípios da Federação. Rio de Janeiro: Ipea, May 1993. (Policy Document n. 15). ROCHA, S. Poverty studies in Brazil: a review. Ipea, 1996. (Discussion paper n. 398). ___. Do consumo observado à linha de pobreza: pesquisa e planejamento econômico, Rio de Janeiro, vol. 27, n. 2, August 1997. ___. Opções metodológicas para a estimação de linhas de indigência e de pobreza no Brasil. Rio de Janeiro: Ipea, April 2000a. (Discussion paper n. 720). ___. Pobreza no Brasil: o que há de novo no limiar do século XXI?, September 2000b. Mimeo. TAKAGI, M.; GRAZIANO DA SILVA, J.; DEL GROSSI, M. Pobreza e fome: em busca de uma metodologia para quantificação do problema no Brasil. Campinas: IE/Unicamp, 2001. (Discussion paper n. 101). WORLD Development Indicators. World Bank, 2000.

41



‫‪ -3‬تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫في �سنة ‪2003‬‬ ‫‪1‬‬

‫مايا تاكاجي‬

‫ال�صياغة الأولية‬ ‫قال لويز �إنيا�سيو لوال دا �سيلفا ‪ Luiz Inácio Lula da Silva‬في �أواخر �سنة ‪ ،2002‬وكان‬ ‫حينها قد انتخب لتوه رئي�سا للبرازيل‪� ،‬إن محاربة الجوع �ستكون واحدة من �أهم‬ ‫�أولويات �إدارته‪ .‬وبعد �أول خطاب له كرئي�س منتخب قال‪�" :‬إذا كان ب�إمكان كل برازيلي‬ ‫في نهاية واليتي �أن ي�أكل ثالث مرات في اليوم‪� ،‬س�أكون قد �أتممت ر�سالة حياتي" (من‬ ‫خطاب الرئي�س �إثر فوزه في االنتخابات في ‪� 20‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪.)2002‬‬ ‫لقد كان لهذا الت�صريح وقع كبير على و�سائل الإعالم الوطنية و�شكل بداية‬ ‫ما �سمي في وقت الحق بـ"ا�ستعرا�ض رفيع" للم�شروع ‪ .‬لقد �شكل بداية تنفيذ برنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع من قبل الإدارة الفيدرالية ك�سيا�سة عامة‪.‬‬ ‫وبالن�سبة للفريق االنتقالي الحكومي‪ ،‬ف�إن ال�صياغة الم�ؤ�س�سية للبرنامج‬ ‫تن�ص على الإجراءات التالية‪:‬‬ ‫■ ■�إعادة �إن�شاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية (‪)Consea‬‬ ‫باعتباره وكالة مكلفة بتقديم الم�شورة لرئي�س الجمهورية‪.‬‬ ‫■ ■�إن�شاء وزارة فوق العادة مكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع (‪)Mesa‬‬ ‫مرتبطةبرئا�سةالجمهوريةوم�س�ؤولةعنو�ضعوتنفيذ�سيا�ساتالأمنالغذائي‪.‬‬ ‫■ ■عملية تعبئة عامة �شاملة‪ ،‬بما في ذلك ت�شكيل وحدة ا�ست�شارية خا�صة‬ ‫داخل رئا�سة الجمهورية مكلفة باالعتناء بها‪.‬‬ ‫■ ■ا�ستعمال الإطار المادي للأمانة التنفيذية لبرنامج الت�ضامن المجتمعي‬ ‫وموظفيها وميزانيتها‪ ،‬وقد كانت الأمانة مرتبطة برئا�سة الجمهورية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 1‬الن�صو�ص مقتطفة من الف�صل ‪ 2‬من ر�سالة الدكتوراه لـمايا تاكاجي(‪.)2006‬‬ ‫‪� 2‬أولت كل و�سائل االعالم الرئي�سية اهتماما وا�سعا لإعالن الرئي�س المنتخب‪:‬‬ ‫”‪“Investindo contra a fome: Lula anuncia prioridade do governo e Secretaria de Emergência Social‬‬ ‫(جريدة ‪� 29 ،O Globo‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪)2002‬؛ ”‪( “Combate à fome em primeiro lugar‬جريدة ‪،Correio Braziliense‬‬ ‫‪� 29‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪)2002‬؛ ”‪( “Lula prioriza fome, descarta mágica e acena ao mercado‬جريدة ‪Folha de São‬‬ ‫‪� 29 ،Paulo‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪)2002‬؛”‪( “Discurso define combate à fome como prioridade‬جريدة ‪،Valor‬‬ ‫‪� 29‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪)2002‬؛ ”‪( “Lula prioriza combate à fome‬جريدة ‪� 29 ،Jornal do Brasil‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪.)2002‬‬

‫‪43‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫■‬

‫■تعديالت في م�شروع قانون ميزانية ‪ 2003‬بهدف تخ�صي�ص ‪ 1.8‬مليار ريال‬ ‫برازيلي من االعتمادات المعتبرة فيها لأن�شطة البرنامج في �سنة ‪.2003‬‬

‫وقد �أدرجت ثالثة �أن�شطة جديدة في قانون الميزانية ال�سنوي الذي �أ�ضيف �إليه‬ ‫‪ 1.8‬مليار ريال برازيلي من �أمانة برنامج الت�ضامن المجتمعي‪:‬‬ ‫(�أ) الم�ساعدات المالية للأ�سر ال�ستكمال دخلها من �أجل اقتناء المنتجات‬ ‫الغذائية ‪ -‬لتحقيق الق�ضاء على الجوع‪ .‬وتكمن هذه العملية‪ ،‬عمليا في‬ ‫تنفيذ برنامج بطاقة الغذاء‪ .‬وينتهي الأمر بهذا الن�شاط �إلى امت�صا�ص‬ ‫معظم االعتمادات‪ 1.2 :‬مليار ريال برازيلي‪.‬‬ ‫(ب) تخ�صي�ص الأموال القتناء المواد الغذائية من �أ�سر المزارعين‪ ،‬وذلك في‬ ‫اطار ما يعرف ببرنامج اقتناء الغذاء من الزراعة الأ�سرية (‪ ،)PPA‬حيث‬ ‫قدر المبلغ بـ ‪ 400‬مليون ريال برازيلي‪.‬‬ ‫(ج) الإجراءات المرتبطة ببرامج التربية الغذائية لتح�سين الو�ضع االجتماعي‪-‬‬ ‫االقت�صادي للأ�سر‪ ،‬والتي تت�ضمن �أن�شطة �أخرى ن�ص عليها برنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع الذي خ�ص�صت له ‪ 200‬مليون ريال برازيلي‪.‬‬ ‫ويت�ضمن الن�شاط الثالث برامج التربية الغذائية وبرامج الأمن الغذائي على‬ ‫م�ستوى البلديات مثل تلك التي ا�ستهدفت ا�ستعمال المطاعم وبنوك الغذاء وبناء‬ ‫الخزانات في المناطق �شبه القاحلة في �شمال �شرق البرازيل التي كانت ن�شاطا من‬ ‫�أن�شطة البرنامج الهيكلية في �سنتها الأولى‪.‬‬ ‫وقد كان برنامج اقتناء الغذاء من المزارعين الأ�سريين واحدا من المقترحات‬ ‫الأ�سا�سية التي عر�ضتها الحركات االجتماعية الن�شيطة في المناطق الريفية على‬ ‫�أنظار الفريق الحكومي االنتقالي‪ ،‬وقد كان البرنامج الذي من �أجله تم توزيع معظم‬ ‫االعتمادات المخ�ص�صة للبرنامج‪.‬‬ ‫لقد خ�ص�صت له مبالغ مهمة وذلك بالمقارنة مع تلك التي خ�ص�صت لوزارات‬ ‫�أخرى‪ ،‬ال�سيما باعتبار االعتمادات التي خ�ص�صت للوزارة فوق العادة‪ .‬لقد بلغت‬ ‫الميزانية الأولية ‪ 12.5‬مليون ريال برازيلي فقط‪ ،‬وذلك في �أمانة برنامج الت�ضامن‬ ‫المجتمعي الذي كان بمثابة مقر م�ؤ�س�سي للوزارة الجديدة‪ .‬وفيما يت�صل بالميزانية‬ ‫الكاملة للوكاالت الأخرى التي تتعامل مع الق�ضايا ذات ال�صلة بالتغذية مثل مجل�س‬ ‫التن�سيق العام ل�سيا�سة الغذاء والتغذية التابع لوزارة ال�صحة‪ ،‬الذي كان مكلفا ب�إدارة‬ ‫برنامج منح الغذاء وبرامج التربية الغذائية‪ ،‬ف�إنها قد بلغت ‪ 7‬ماليين ريال برازيلي‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪44‬‬

‫‪ 3‬لقد �أكدت ذلك حركة �صغار المزارعين وحركة المزارعين بدون �أر�ض‪.‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫وبذلك كان مجموع الميزانية المخ�ص�صة للوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‬ ‫�أعلى من تلك الميزانية التي خ�ص�صت لغالبية الوزارات الأخرى‪ ،‬وهي ت�أتي في‬ ‫المرتبة الثانية بعد ميزانيتي وزارتي ال�صحة والتعليم فقط‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إن‬ ‫هذه الميزانية ال يجب �أن تخ�ضع لأية برمجة مالية‪.‬‬ ‫وب�صرف النظر عن هذا التخ�صي�ص‪ ،‬ف�إن تغييرات �أخرى قد حدثت من �أجل‬ ‫ت�أمين القدر الأكبر من االعتمادات ل�صالح برنامج الق�ضاء على الفقر من �صندوق‬ ‫محاربة الفقر وا�ستئ�صاله‪ .‬لقد اعتبر الفريق الحكومي االنتقالي اال�ستعمال الأكثر‬ ‫تنظيما لأمواله بو�صفه و�سيلة قوية ل�ضمان االعتمادات ل�صالح الأولوية التي �صرح‬ ‫بها �أعلى م�س�ؤول حكومي‪� ،‬أي محاربة الجوع‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬تم نقل ال�سلطة المكلفة بتدبير �صندوق محاربة الفقر وا�ستئ�صاله من‬ ‫وزارة التخطيط التي لم تلعب دورا بارزا في تحديد الأولويات قبل ‪� ،2003‬إلى الوزارة‬ ‫فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪ ،‬وذلك بهدف �ضمان �أف�ضل تن�سيق للأن�شطة‬ ‫االجتماعية مع الموارد المتاحة‪.‬‬ ‫وقد كانت المبادرة الأخرى التي تم تعزيزها خالل هذه الفترة هي تح�صيل‬ ‫الهبات الخا�صة والفردية لـ�صالح "حرب الرئي�س لوال �ضد الجوع" من خالل‬ ‫�صندوق محاربة الفقر‪ .‬وقد كان ذلك بمثابة تطور م�ؤ�س�سي جديد‪ ،‬كما لوحظ �أن‬ ‫النا�س‪ ،‬حتى بدون الحمالت‪ ،‬قد �أرادوا الم�ساهمة بعفوية في �أولوية الرئي�س و�أن‬ ‫الطريق الأ�سهل للقيام بذلك هو �أخذ الهبات نقدا‪ .‬غير �أن الحكومة لم تكن تملك‬ ‫الو�سائل القانونية وقتها لتت�سلم هذه الهبات وتت�أكد من �أنها �ست�ستخدم للأغرا�ض‬ ‫المنتظرة منها‪.‬‬ ‫وقد �سمحت كل هذه الأن�شطة بتنفيذ البرنامج في ال�سنة الأولى و�إقامة‬ ‫قاعدة لعملياته في ال�سنوات التي تلتها‪ .‬وقد حدد كذلك الفريق االنتقالي الحكومي‪،‬‬ ‫بالموازاة مع تحديد ت�صميمها الم�ؤ�س�سي‪ ،‬الأن�شطة الأولى التي على برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع التابع لإدارة االتحادات الفيدرالية �أن ينفذها (انظر الإطار ‪.)1‬‬ ‫ومن �أجل الت�صدي لم�شكلة الجوع‪ ،‬تتمثل الفكرة الرئي�سية الكامنة وراء‬ ‫قيام الوزارة فوق العادة بتنفيذ ال�سلطات الحكومية الفيدرالية المختلفة مجموعة‬ ‫من ال�سيا�سات على نحو متزامن‪ ،‬با�ستثناء ال�سيا�سات الجديدة التي لم تنفذها �أية‬ ‫�سلطة حتى الآن‪ .‬وكان من المفتر�ض �أن تكون هذه ال�سيا�سات الخا�صة‪ ،‬هي نف�س‬ ‫ال�سيا�سات المحددة في الم�شروع الأ�صلي لمعهد المواطنة‪� ،‬إال �أنه عليها الآن �أن‬ ‫ُت َنظم وفقا لهيئاتها التنفيذية‪ .‬و�ستخت�ص الوزارة المن�ش�أة م�ؤخرا بتن�سيق ال�سيا�سات‬ ‫التالية التي لم يتم تبنيها حتى الآن (على الأقل على الم�ستوى الوطني)‪:‬‬ ‫برنامج بطاقة الغذاء؛ ومخزونات الأمن الغذائي؛ ودعم اال�ستهالك الذاتي‬ ‫للغذاء؛ والتربية الغذائية؛ والحوافز المخ�ص�صة للإنتاج الزراعي والزراعة‬

‫‪45‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الإطار ‪ - 1‬الت�صميم الأويل لربنامج الق�ضاء على اجلوع‪ -‬الأولويات لعام‬ ‫البرامج الهيكلية‬

‫‪1.1‬الإ�صالح الزراعي‪:‬‬

‫■ ■�إعداد مخطط الإ�صالح الزراعي الوطني (‪.)PNRA‬‬ ‫■ ■مخطط التوطين في حاالت الطوارئ لفائدة ‪ 60 000‬عائلة‬ ‫في المخيمات‪.‬‬ ‫■ ■�إعادة �إ�سكان الم�ستوطنين الموجودين في ظروف ه�شة‬ ‫لت�ستفيد منها ‪� 40 000‬أ�سرة‪.‬‬

‫‪2.2‬تقوية الزراعة الأ�سرية‪:‬‬

‫■ ■تو�سيع الم�ساعدة المن�صو�ص عليها بوا�سطة البرنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية (‪ )PRONAF B‬لت�شمل ‪� 200 000‬أ�سرة‪.‬‬ ‫■ ■تمويل المح�صول الثاني للزراعة الأ�سرية‪.‬‬

‫‪3.3‬م�شروع الطوارئ من �أجل التعاي�ش مع المنطقة �شبه القاحلة‪:‬‬

‫■ ■�ضمان مو�سم الح�صاد‪.‬‬ ‫■ ■الإمداد بالمياه في حاالت الطوارئ‪.‬‬ ‫■ ■بناء المرافق ال�صغيرة للتزود بالماء‪ :‬خزانات و�سدود تحت الأر�ض‪.‬‬

‫‪4.4‬برامج محو الأمية‪:‬‬

‫■ ■درو�س ما قبل محاربة الأمية في البلديات يغطيها‬ ‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫■ ■برنامج �إ�صالح التعليم الزراعي ل�صالح ال�شباب والكبار‪.‬‬

‫‪5.5‬برنامج خلق فر�ص للعمل‪:‬‬

‫■ ■تمويل الإ�سكان وال�صرف ال�صحي‪.‬‬

‫برامج خا�صة‬

‫‪1.1‬المطاعم المدعمة بالن�سبة لل�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‪.‬‬ ‫‪2.2‬بنوك الغذاء‪.‬‬ ‫‪3.3‬تو�سيع برنامج الوجبات المدر�سية‪.‬‬ ‫‪4.4‬برنامج بطاقة الغذاء الطارئة‪.‬‬ ‫‪5.5‬التوعية الغذائية‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪2003‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫ال�صناعية وت�سويق منتجات المزارعين الأ�سريين؛ وتحفيز ال�سيا�سات المحلية‬ ‫مثل �إن�شاء المطاعم المدعمة الخا�صة بال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض؛ وبنوك‬ ‫الغذاء؛ وقنوات الت�سويق المبا�شر؛ وتوفير الغذاء الم�ؤ�س�سي للم�ست�شفيات‪،‬‬ ‫ومراكز الرعاية النهارية‪ ،‬والمدار�س‪ ،‬وال�سجون‪.‬‬ ‫وكانت الفكرة تكمن في �أن كل هذه البرامج يجب �إدماجها‪ ،‬في المرحلة‬ ‫الأولى‪ ،‬في بع�ضها البع�ض على الم�ستوى المحلي‪ :‬بطاقة الغذاء‪ ،‬ودرو�س محاربة‬ ‫الأمية للكبار‪ ،‬والتربية الغذائية‪ ،‬وتحفيز الزراعة الأ�سرية‪ ،‬وبرامج توفير الدخل‬ ‫وخلق فر�ص العمل‪ ،‬وبناء ال�صهاريج‪� ،‬إلخ‪ .‬وقد حافظ المقترح على الفكرة الأ�صلية‬ ‫لم�شروع الق�ضاء على الجوع لتن�شيط حركية فوائده في البلدية �أو المنطقة‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف توليد فر�ص العمل وتعزيز الإنتاج الغذائي من �أجل التغلب على الحلقة‬ ‫المفرغة للجوع‪.‬‬ ‫ووفقا للفريق المكلف بم�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ف�إن هذه المقاربة‬ ‫قد كانت في جوهرها مختلفة عن المقاربة التي اعتمدت في برامج التحويالت‬ ‫المالية ال�سابقة‪ ،‬التي كانت لها �أغرا�ض خا�صة‪ ،‬مثل برنامج المنح المدر�سية‪،‬‬ ‫الذي يكمن الهدف منه في دعم نفقات تعليم الأطفال‪ ،‬وبرنامج الق�ضاء على‬ ‫ت�شغيل الأطفال (‪ ،)Peti‬الذي يق�صد منه جعل الأطفال يواظبون على الح�ضور في‬ ‫المدار�س‪ ،‬وطلبات التوريد التي توفر الم�ساعدة المبا�شرة لكبار ال�سن الأ�شد فقرا‬ ‫والمعاقين‪.‬‬ ‫وقد كان برنامج بطاقة الغذاء‪ ،‬كما تم تنفيذه في المراحل المبكرة جدا‬ ‫للإدارة الفيدرالية الجديدة‪ ،‬فكرة للفريق االنتقالي الحكومي‪ ،‬الذي حدد حوالي ‪800‬‬ ‫بلدية في المنطقة �شبه القاحلة التي تواجه حاالت طوارئ معلن عنها ت�سبب فيها‬ ‫الجفاف وانعدام وجود المال ل�ضمان ا�ستمرارية وجود برنامج من المنتظر منه �أن‬ ‫يوفر م�ساعدات طارئة للأ�سر‪ :‬برنامج منحة الدخل‪.‬‬ ‫لقد وفر برنامج منحة الدخل الذي ت�شرف عليه وزارة التكامل الوطني منحة‬ ‫قدرها ‪ 30.00‬رياال برازيليا في ال�شهر لكل �أ�سرة م�سجلة في البلديات التي تواجه‬ ‫حاالت الطوارئ المعلن عنها �أو الكوارث‪ ،‬وذلك بغر�ض توفير الم�ساعدة الطارئة‬ ‫للمزارعين الأ�سريين المت�ضررين من الجفاف‪.‬‬ ‫�إال �أن قائمة الأ�سر الم�ستفيدة من الم�ساعدات‪ ،‬بعد �صدور القانون رقم ‪ 3 877‬ال�صادر‬ ‫في ‪ 24‬يوليو‪/‬تموز ‪ ،2001‬وفر�ض اال�ستعمال الإلزامي ل�سجل موحد لبرامج التحويالت‬ ‫النقدية للإدارة الفيدرالية‪ ،‬تو�سعت لت�شمل جميع الأ�سر الم�سجلة فيها‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تلك‬ ‫التي �سجلت في برنامج المنح المدر�سية في البلديات التي تواجه حاالت طارئة‪ ،‬بغ�ض‬ ‫النظر عن �أو�ضاعها (مزارعين �أ�سريين �أم ال)‪ .‬وقد �ضاعف هذا التو�سع عدد الأ�سر الم�ستفيدة‬ ‫بالنظر �إلى عدد البلديات المت�ضررة من الجفاف في ال�سنوات ال�سابقة‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪48‬‬

‫وفي نف�س الوقت الذي انخف�ض فيه ب�شكل م�ضاعف عدد العائالت الم�ستفيدة‬ ‫بالنظر �إلى المتو�سط‪ ،‬فقد تقل�ص مبلغ الفائدة من ‪ 60.00‬رياال برازيليا �إلى ‪30.00‬‬ ‫رياال برازيليا‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬عو�ضا عن تنفيذ برنامج منحة الدخل باعتباره برنامج‬ ‫م�ساعدة طارئة للتعوي�ض عن انعدام وجود دخل لدى المزارعين الذين يعانون من‬ ‫�آثار الجفاف‪ ،‬ف�إنه قد �أ�صبح برنامجا ل�ضمان دخل �أدنى في البلديات ال�صغيرة‬ ‫في المنطقة �شبه القاحلة‪ .‬فمن بين ‪ 1 143‬بلدية واقعة في المنطقة �شبه القاحلة‪،‬‬ ‫توجد حوالي ‪ 800‬بلدية م�صرح بكونها حالة طارئة في �أواخر �سنة ‪ 2002‬ب�سبب �آثار‬ ‫الجفاف‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فغالبا ما كان برنامج منحة الدخل برنامجا طارئا وم�ؤقتا لم‬ ‫يخ�ص�ص له �أي مال في ميزانية ‪ .2003‬وعمليا‪ ،‬فبغ�ض النظر عن حقيقة كون‬ ‫برنامج منحة الدخل قد كان يقود البلديات لتعلن عن حاالت الطوارئ لتكون قادرة‬ ‫على التمتع بمنافعها و�أن �أية منهجية ت�سجيل لم ت�ستعمل النتقاء الأ�سر التي تحتاج‬ ‫بالفعل �إلى م�ساعدتها‪ ،‬فالحقيقة هي �أن �إيقافها عن العمل يمكن �أن يلحق ال�ضرر‬ ‫بحوالي مليون �أ�سرة ي�شملها البرنامج‪ .‬و�سيكون ذلك بمثابة كارثة في المراحل‬ ‫المبكرة للحكومة ذات التوجه ال�شعبي‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬فالمقترح الأول الذي تم تقييمه كان واحدا من تلك المقترحات التي‬ ‫و�سعت برنامج بطاقة الغذاء المخ�ص�ص للأ�سر الم�سجلة في المناطق �شبه القاحلة‬ ‫التي كانت تتمتع بمزايا برنامج منحة الدخل‪ .‬وبت�ضمين عائالت جديدة‪� ،‬سيعو�ض‬ ‫برنامج بطاقة الغذاء بالتدريج برنامج منحة الدخل‪ ،‬كما تم تحديث‪ /‬تدقيق‬ ‫ال�سجالت على م�ستوى البلديات من �أجل جودتها‪ .‬وقد التحقت البلديات بالبرنامج‬ ‫رفقة نظيرتها‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬فقد تم اقتراح وجوب تو�سيع برنامج منحة‬ ‫الدخل لوزارة ال�صحة في المنطقة‪.‬‬ ‫و�سيتم تنفيذ برنامج بطاقة الغذاء ب�شراكة مع الواليات والبلديات المعنية‬ ‫بتقا�سم نفقات برنامج من هذا النوع‪ .‬وقد تطور المقترح الأولي القا�ضي بتوزيع‬ ‫"بطاقات الغذاء" على الأ�سر الم�سجلة لديها للتزود بالمواد الغذائية من تجار التجزئة‬ ‫الم�سجلين �إلى مقاربة ا�ستعمال نظام الت�سجيل الموحد لأداء الفوائد �إلى العائالت‬ ‫الم�سجلة من خالل �صندوق االدخار الفيدرالي‪ .‬لقد قل�صت هذه المقاربة تكاليف‬ ‫�إنتاج البطاقات وغيرها من البطاقات وو�ضع نظام جديد لنقل المنحة �إلى الأ�سر‪.‬‬ ‫وقد تكفلت البلديات بتكاليف ت�شغيل المراقبين وو�ضع لجان الإدارة‪ .‬وقدرت ال�شركة‬ ‫الوطنية للتموين الغذائي )‪ (Conab‬مبلغ ‪ 50.00‬رياال برازيليا باعتباره قيمة ال�سلة‬ ‫الأ�سا�سية لجودة المنتجات الغذائية‪.‬‬ ‫ومن �أجل الحفاظ على مبد�إ ربط المال بالح�صول على الغذاء‪ ،‬ف�إن المقترح‬ ‫التجريبي للبطاقة �سينا�سب التوجهات التالية‪ :‬ربط النفقات باقتناء المنتجات‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫الغذائية كما ت�ؤكده الوثائق‪ ،‬مثل الفواتير والإي�صاالت‪� ،‬أو مالحظات ب�سيطة �أخرى‬ ‫لت�أكيد الموقع الذي بيع فيه الغذاء �أمام لجنة الإدارة المحلية؛ وو�ضع لجنة �إدارة‬ ‫البرنامج على الم�ستوى المحلي‪ ،‬المكونة من �أع�ضاء من المجال�س البلدية الموجودة‪،‬‬ ‫مثل المجال�س التي تتعامل مع الق�ضايا المت�صلة بالعمل االجتماعي‪ ،‬والرعاية‬ ‫ال�صحية‪ ،‬والأطفال والمراهقين‪ ،‬والم�سنين والتنمية الريفية‪ ،‬التي �ستكلّف بالبحث‬ ‫عن �أفراد الأ�سر لمتابعة درو�س محو الأمية‪ ،‬والتكوين المهني‪ ،‬ومراكز الرعاية‬ ‫ال�صحية والمدار�س‪ ،‬وكذلك لبناء قدرات عمل الجماعة؛ وتنفيذ برنامج التربية على‬ ‫التغذية مع توفير حوافز ال�ستهالك المواد الغذائية التي يتم �إنتاجها على م�ستوى‬ ‫المنطقة‪ ،‬على �أن يتم ذلك بالموازاة مع درو�س محو الأمية للكبار‪.‬‬ ‫وب�صرف النظر عن الت�صميم الأولي لبرنامج بطاقة الغذاء في المنطقة �شبه‬ ‫القاحلة‪ ،‬ف�إن البرامج التالية قد خططت و�أعطيت لها الأولوية‪ :‬برنامج التخفيف‬ ‫من �آثار الجفاف من خالل تحفيز الإنتاج الغذائي‪ ،‬و�ضمان �إمدادات المياه وبناء‬ ‫ال�صهاريج؛ وتو�سيع برنامج الوجبات المدر�سية من خالل التحويالت النقدية‬ ‫الكبرى للبلديات‪� ،‬شريطة �أن ت�ستعمل في تنويع الوجبات المقدمة في المدار�س‪،‬‬ ‫وم�ؤ�س�سات التعليم الأولي ومرافق رعاية الأطفال؛ والم�شتريات المحلية من‬ ‫منتجات المزارعين الأ�سريين؛ وتكامل البرامج في �شبكة الرعاية االجتماعية‬ ‫(خلق فر�ص العمل‪ ،‬وتحويالت الدخل‪ ،‬والحد الأدنى للدخل‪ ،‬القرو�ض ال�صغرى)‪،‬‬ ‫القائمة على تحديد معايير اال�ستفادة‪ ،‬مع العمل على تقوية عن�صر التكامل؛‬ ‫وتحفيز البرامج المحلية – مطاعم مدعمة لل�سكان ذوي الدخل المنخف�ض وبنوك‬ ‫الغذاء‪ -‬وتنفيذ نظام مراقبة الغذاء والتغذية ‪ - Sisvan‬وذلك لالرتقاء بتتبع‬ ‫الو�ضع الغذائي لل�سكان الذين ي�ستفيدون من تغطية النظام ال�صحي الموحد (‪)SUS‬‬ ‫خالل كل مراحل حياتهم‪.‬‬

‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع‪:‬‬ ‫جبهات العمل الرئي�سية‬ ‫بعدما تمت �صياغة المقترح‪ ،‬كانت الخطوة العملية الأولى التي اتخذتها الحكومة‬ ‫لتعزيز �إجراءات محاربة الجوع من خالل �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية هي �إ�صدار‬ ‫الإجراء الم�ؤقت رقم ‪ 103‬الم�ؤرخ �أول يناير‪/‬كانون الثاني ‪ ،2003‬وهو الإجراء الذي‬ ‫ين�ص على تنظيم رئا�سة الجمهورية والوزارات‪.‬‬ ‫وقد �أ�س�س هذا الإجراء الم�ؤقت‪ ،‬الذي تحول في ما بعد �إلى القانون‬ ‫رقم ‪ 10 683‬الم�ؤرخ في ‪ 28‬مايو‪�/‬أيار ‪ ،2003‬المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫ومكتب الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع وذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪49‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المادة الأولى‪ -1 § [....] -‬يجب �أن يتمثل التالي في وكاالت رئا�سة الجمهورية المكلفة‬ ‫بتقديم الم�شورة الفورية لرئي�س الجمهورية؛ ]‪[....‬‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية؛]‪[....‬‬

‫ثالثا‪-‬‬ ‫المادة ‪ -9‬على المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية �أن يكون م�س�ؤوال عن تقديم‬ ‫الم�شورة لرئي�س الجمهورية في مجال �صياغة ال�سيا�سات وتحديد توجيهات الحكومة من‬ ‫�أجل �ضمان حق الإن�سان في الغذاء‪ ،‬ال�سيما في مجال �إدماج الإجراءات الحكومية وذلك‬ ‫بهدف م�ساعدة مجموعات ال�سكان التي ال تملك الو�سائل الالزمة لتوفير احتياجاتها‬ ‫الأ�سا�سية وفي مجال الإجراءات المخ�ص�صة لمحاربة الجوع‪[....] .‬‬ ‫المادة ‪ -26‬لقد تم بموجب ذلك �إن�شاء مكتب وزارة فوق العادة مكلفة بالأمن الغذائي‬ ‫ومحاربة الجوع باعتبارها وكالة تابعة برئا�سة الجمهورية‪.‬‬ ‫§ ‪ -1‬يجب �أن تتكلف وزارة الدولة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع بـ‪:‬‬ ‫�أوال‪� -‬صياغة وتنفيذ تن�سيق ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية لغر�ض �ضمان حق‬ ‫الإن�سان في الغذاء على م�ستوى الأرا�ضي الوطنية؛‬ ‫ثانيا‪ -‬ت�أمين م�شاركة المجتمع المدني في بناء المبادئ الموجهة لل�سيا�سة الوطنية‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية؛‬ ‫ثالثا‪ -‬تقوية الروابط بين �سيا�سات وبرامج الحكومات الفيدرالية والواليات والبلديات‬ ‫و�أن�شطة المجتمع المدني المرتبطة ب�إنتاج الأغذية‪ ،‬وتح�سين التغذية؛‬ ‫رابعا‪ -‬و�ضع مبادئ توجيهية لتنفيذ البرامج المعتبرة في ال�سيا�سة الوطنية للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية والإ�شراف عليها وتتبعها‪.‬‬ ‫§ ‪ -2‬على برنامج الت�ضامن االجتماعي‪ ،‬والأمانة التنفيذية لبرنامج الت�ضامن االجتماعي‪،‬‬ ‫وكل �أمانتين اثنتين تعمالن على ت�شكيل ديوان الوزير اال�ستثنائي المكلف بالأمن الغذائي‬ ‫ومحاربة الجوع‪.‬‬ ‫§ ‪ -3‬يرتبط برنامج الت�ضامن االجتماعي‪ ،‬الذي تم و�ضعه بموجب المادة ‪ 12‬من القانون‬ ‫رقم ‪ 9649‬الم�ؤرخ بـ ‪ 27‬مايو‪�/‬أيار ‪ ،1998‬بديوان وزارة الدولة فوق العادة المكلفة بالأمن‬ ‫الغذائي ومحاربة الجوع‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫وفي نف�س التاريخ‪ ،‬تم ن�شر المر�سوم رقم ‪ 4.564‬الذي تم بموجبه‬ ‫تعيين الوزارة فوق العادة المكلفة با لأمن الغذائي باعتبارها الهيئة‬ ‫الم�س�ؤولة عن �إدارة �صندوق محاربة الفقر وا�ستئ�صاله‪ ،‬والتي تحدد طريقة‬ ‫ا�شتغال مجل�سها المكلف باال�ست�شارة والتتبع‪ ،‬وترخ�ص بالهبات من قبل‬ ‫ا لأ�شخا�ص الطبيعيين �أو ال�شركات‪� ،‬سواء �أكانت وطنية �أم �أجنبية‪ ،‬لفائدة‬ ‫�صندوق محاربة الفقر وا�ستئ�صاله‪ ،‬وهي الهبات التي كانت تطبق ح�صرا‬ ‫في �أن�شطة محاربة الجوع‪.‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫وكما تـمت الإ�شـارة �إلى ذلـك في ال�صيغة التمهيدية الـتي �أعــدتها الوزارة‬ ‫فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي والمـعنـونة بـ"�سيا�سة الأمن الغذائي بالبرازيل"‪،‬‬ ‫ف�إن برنامج الق�ضاء على الجوع قد قام على ثالثة محاور‪:‬‬ ‫■ ■تنفيذ ال�سيا�سات العامة؛‬ ‫■ ■البناء الت�شاركي ل�سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية؛‬ ‫■ ■الن�شاط القائم على الم�ساعدة الذاتية على محاربة الجوع‪.‬‬ ‫وقد تجلى هذا المقترح الخا�ص ب�صياغة برنامج الق�ضاء على الجوع في‬ ‫ال�صيغة الأولى التمهيدية للبرنامج‪ ،‬وكذلك في العر�ض الذي تقدم به وزير الأمن‬ ‫الغذائي خالل االجتماع الأول للمجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ .‬وبح�سب‬ ‫ال�صيغة الأولية‪ ،‬فالمحاور الثالثة لم تكن م�ستقلة عن بع�ضها البع�ض‪� ،‬أي �أنها تكمل‬ ‫بع�ضها البع�ض و�أن هناك منطقة رمادية بين المحاور الثالثة التي يتعين �أن تعمل‬ ‫ب�شكل مالئم وذلك ب�صرف النظر عن كون �أي محور ال يوجد بدون المحورين الآخرين‪.‬‬ ‫ويت�ألف المحور الأول �أ�سا�سا من ت�صميم الم�شروع الأ�صلي للق�ضاء على‬ ‫الجوع الذي �أعده معهد المواطنة‪ ،‬وا�ستكمل مالمحه بالمقترحات التي قام بها‬ ‫الفريق االنتقالي الحكومي الذي فكر في ف�صل ال�سيا�سات المعتبرة فيها �إلى‪:‬‬ ‫�سيا�سات هيكلية تركز على الأ�سباب العميقة للجوع والفقر؛ و�سيا�سات خ�صو�صية‬ ‫يراد لها �أن توفر م�ساعدة مبا�شرة للأ�سر لتكون قادرة على الح�صول على الغذاء؛‬ ‫و�سيا�سات محلية يجب تنفيذها من قبل حكومات الواليات والبلديات والمجتمع‬ ‫المدني المنظم (‪.)Mesa, 2003‬‬ ‫والمحور الآخر هو االلتزام مع الحركات االجتماعية من �أجل تعزيز �سيا�سة الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية على نحو ت�شاركي‪ .‬وقد تم التن�صي�ص على هذا الحق في القانون الهيكلي‬ ‫للحكومة الم�شار �إليه �أعاله‪ ،‬من خالل �إن�شاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫باعتباره هيئة مكلفة بتقديم الم�شورة لرئي�س الجمهورية في عملية و�ضع ال�سيا�سات‪.‬‬ ‫و�أخيرا‪ ،‬يتكون المحور الثالث من �أن�شطة الم�ساعدة الذاتية �ضد الجوع التي �ستتم‬ ‫تعبئة المجتمع المدني حولها‪ ،‬وذلك على غرار ما حدث في الحملة التي قادها عالم‬ ‫االجتماع بيتينيو )‪ (Betinho‬مبكرا في �سنوات ‪ .1990‬لقد تم �إن�شاء مجل�سين ا�ست�شاريين‬ ‫خا�صين في رئا�سة الجمهورية لمعالجة مو�ضوعين يرتبطان ببرنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع‪� :‬أحدهما خا�ص بقطاع ال�شركات‪ ،‬والآخر خا�ص بالمجتمع المدني‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي كانت تتم فيه هيكلة �إطارها الم�ؤ�س�سي‪ ،‬تم تنفيذ �إجراءات‬ ‫مختلفة‪ .‬و�سيرد �أدناه و�صف الإجراءات الرئي�سية التي �أف�ضت �إلى و�ضع �أ�سا�س تنفيذ‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع في الحكومة الفيدرالية وفق المحاور الثالثة الم�شار‬ ‫�إليها �أعاله‪ .‬ويعتمد هذا الو�صف على تقييمات عديدة لبرنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫‪51‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫التي ن�شرتها الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي في �سنة ‪ ،2003‬ووزارة‬ ‫التنمية االجتماعية في ‪ 2004‬و‪.2005‬‬ ‫‪4‬‬ ‫تقييم �إنجازات‬ ‫وفي هذه ال�سنة الأولى‪� ،‬سلط‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع ال�ضوء‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫على التقدم الحا�صل في تنفيذ �أن�شطة خا�صة مثل برنامج بطاقة الغذاء في المناطق‬ ‫�شبه القاحلة ال�شمالية ال�شرقية وفي المنطقة ال�شمالية‪ ،‬وا�ستئناف خطط توزيع الغذاء‬ ‫لفائدة ال�سكان الذين يواجهون حاالت الطوارئ‪ ،‬بما في ذلك المجموعات الب�شرية التي‬ ‫تواجه م�شاكل خا�صة‪� ،‬أي ال�سكان الأ�صليين وجماعات الكيلومبو )‪ ،(Quilombo‬وتو�سيع‬ ‫برنامج الوجبات المدر�سية لي�شمل الأطفال الذين تتراوح �أعمارهم بين ‪ 0‬و‪� 6‬سنوات‪.‬‬ ‫وتت�ضمن ال�سالل الغذائية‪ ،‬على عك�س البرامج ال�سابقة‪ ،‬منتجات المزارع الأ�سرية (التي‬ ‫كانت بالفعل تبلغ على وجه التقريب ثلث الأموال المحولة في نهاية ‪ ، )2003‬والتي تم‬ ‫توزيعها عليها من قبل المنظمات نف�سها (من الأ�سر المتواجدة بالمخيمات والكيلومبو‬ ‫والمجموعات الب�شرية الأهلية)‪ ،‬مع الحد من ا�ستعمالها على نحو درامي لأغرا�ض‬ ‫الزبائن‪ .‬وقد تم‪ ،‬بالموازاة مع ذلك‪ ،‬تنفيذ �أن�شطة خا�صة وهيكلية‪ ،‬مثل برنامج اقتناء‬ ‫الغذاء من المزارع الأ�سرية وتقديم الدعم لبناء ال�صهاريج‪ ،‬من بين �إجراءات �أخرى‪.‬‬ ‫وعلى �صعيد �آخر‪ ،‬تم �إحراز تقدم في مجال و�ضع �سيا�سة وطنية للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية على نحو ت�شاركي‪ ،‬وذلك باال�ستناد �إلى �إعادة �إن�شاء المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬و�إن�شاء مجال�س محلية على م�ستوى ‪ 27‬والية‪،‬‬ ‫وع�شرات من المجال�س البلدية‪ ،‬وعقد الم�ؤتمر الوطني الثاني ب�ش�أن الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية في مار�س‪�/‬آذار ‪ 2004‬باعتباره حدثا ناجحا ح�ضره ‪� 1 300‬شخ�ص‪ ،‬وتم‬ ‫خالله تحديد المبادئ الموجهة لل�سيا�سة الوطنية والنظام الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ .‬وباال�ستناد �إلى قرارات الم�ؤتمر‪ ،‬فقد تم �إعداد م�شروع قانون �أ�سا�سي للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية الذي من �ش�أنه �أن ي�ضفي طابعا دائما على ال�سيا�سة وقد تم عر�ضه‬ ‫على الم�ؤتمر الوطني في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪.2005‬‬

‫�أن�شطة الطوارئ في المناطق �شبه القاحلة‬ ‫ونموذج البلديات ال�صغرى‬ ‫كما �سبق �أن تمت الإ�شارة �إلى ذلك �أعاله‪ ،‬فقد �أدت �إدارة لوال اليمين الد�ستورية في‬ ‫خ�ضم موجة الجفاف الذي �ضرب حوالي ‪ 1 000‬من بين ‪ 1 200‬بلدية واقعة في‬ ‫المناطق �شبه القاحلة‪ ،‬التي كانت معر�ضة لخطر كبير يتجلى في التموين الغذائي‬ ‫‪52‬‬

‫‪- Principais ações implementadas pelo programa Fome Zero 4‬‬ ‫"العمليات الأ�سا�سية التي نفذها برنامج الق�ضاء على الجوع"‪15 ،‬يناير‪/‬كانون الثاني ‪.2004‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫المتدني والجوع‪ .‬وقد �أدت هذه الحال بالوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‬ ‫�إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الطارئة في المنطقة‪.‬‬ ‫وقد كان الإجراء الأول يهدف �إلى �ضمان ا�ستمرارية التحويالت النقدية في‬ ‫�إطار برنامج منحة الدخل لمدة ثالثة �أ�شهر �إ�ضافية (يناير‪/‬كانون الثاني وفبراير‪/‬‬ ‫�شباط ومار�س‪�/‬آذار ‪ ،)2003‬فيما اتخذت تدابير لتو�سيع نطاق برنامج بطاقة الغذاء‬ ‫في المناطق �شبه القاحلة‪ ،‬التي تم تنفيذها في بلديتين من بلديات والية بياوي‬ ‫)‪ :(Piaui‬كواريبا�س )‪ (Guaribas‬و�أكوا )‪ .(Acauã‬وبالفعل‪ ،‬فقد �أن�شئ هذا البرنامج‬ ‫من خالل القرار الم�ؤقت رقم ‪ 108‬بتاريخ ‪ 27‬فبراير‪�/‬شباط ‪ 2003‬الذي ُ�شكّل بموجبه‬ ‫البرنامج الوطني الخا�ص بالح�صول على الغذاء‪ -‬بطاقة الغذاء‪.‬‬ ‫وقد تبين‪ ،‬في البلدتين معا‪� ،‬أن ‪� 523‬أ�سرة من بين ‪� 1 000‬أ�سرة م�ستفيدة‪ ،‬لم‬ ‫تتلق �أية مزايا حتى ذلك الوقت‪� ،‬أي �أنها لم تدرج في ال�سجل الموحد الموجود‪ ،‬على‬ ‫الرغم من �أنها كانت �ضمن الأ�سر التي تعاني فقرا مدقعا (فقد قيمت لجان الإدارة �أن‬ ‫معدل الدخل الفردي يتراوح بين ‪ 10.00‬و‪ 20.00‬رياال برازيليا)‪.‬‬ ‫وفي الوقت نف�سه‪ ،‬تم ال�شروع في تنفيذ البرامج التكميلية مثل‪ :‬تكوين لجان‬ ‫للإدارة‪ ،‬تكون م�س�ؤولة عن تتبع الأن�شطة في البلديات وعن انتقاء الأ�سر في الم�ستقبل‬ ‫وتتبع الو�ضع االجتماعي‪ -‬االقت�صادي والغذائي للأ�سر التي �ست�ستفيد من الدعم؛‬ ‫وبناء ال�صهاريج التي هي خزانات للمياه الطبيعية التي تحتفظ وتخزن مياه �سيول‬ ‫الأمطار؛ وبرنامج محو الأمية الذي يركز على حوالي ‪� 800‬شخ�ص من ال�شباب والكبار‬ ‫الذين كانوا قد ا�ستفادوا من برنامج بطاقة الغذاء ‪.‬‬ ‫ولقد كانت لهذه الإجراءات تداعيات على الر�أي العام على نطاق وا�سع‪ ،‬وقد‬ ‫ن�شرتها و�سائل االت�صال المكتوبة والتلفزة على �أو�سع نطاق‪ .‬فيما تمت تغطية ت�سلم‬ ‫الأ�سر المدقعة الفقر في كواريبا�س و�أكوا‪ ،‬وهما بلدتان فقيرتان �إلى �أق�صى حد‪،‬‬ ‫بطاق َة الغذاء من قبل برامج �أخبار وطنية في �ساعات اال�ستماع الق�صوى‪ ،‬مما �أ�سفر‬ ‫عن وقع �إيجابي في �إظهار �شعار "محاربة الجوع" من قبل �إدارة لوال قد بد�أت‪.‬‬ ‫وقد كان الإجراء الآخر الم�صاحب هو تو�سع برنامج منحة الغذاء الذي‬ ‫ت�شرف عليه وزارة ال�صحة في المناطق �شبه القاحلة‪ ،‬مع �إ�ضافة ما يزيد عن‬ ‫‪ 800 000‬م�ستفيد جديد �إلى المجموعة الم�ستفيدة (ففي �شهر �أبريل‪/‬ني�سان‪ ،‬تم‬ ‫�إدراج ‪ 200 000‬م�ستفيد‪ ،‬ليت�ضاعف بذلك عدد �أولئك الذين تمت م�ساعدتهم في‬ ‫مار�س‪�/‬آذار ‪ .)2003‬لقد �أفاد هذا البرنامج حقا الأ�سر الأكثر عر�ضة لمخاطر نق�ص‬ ‫التغذية‪ ،‬مثل الأ�سر �شديدة الفقر‪ ،‬والن�ساء الحوامل و‪�/‬أو الأطفال في �سن ‪� 6‬سنوات‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 5‬قبل �إنهاء در�س محاربة الأمية‪ ،‬رغب ال�شباب والكبار في الذهاب �إلى برازليا لت�سليم الر�سائل التي تعلموا كتابتها �إلى الرئي�س لوال‪ .‬لقد كانت‬ ‫المجموعة المهتمة بم�س�ألة الق�ضاء على الجوع �أقوى من بين كل الأ�شخا�ص الذين �شاركوا في هذا البرنامج‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫غير �أن تغطيته ماتزال محدودة‪ ،‬بالنظر �إلى عدد الم�ستفيدين المحتملين الذين لم‬ ‫ي�ستفيدوا بعد من البرنامج في المنطقة‪.‬‬ ‫لقد انتهى بناء ال�صهاريج باعتبارها �إجراء من الإجراءات الهيكلية ذات‬ ‫الوقع الأكبر على المنطقة‪ .‬وقد انخرطت الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‬ ‫في اتفاقية �شراكة مع منظمة التمف�صل في المناطق �شبه القاحلة (‪Articulação do‬‬ ‫‪ )Semiárido - ASA‬وهي منظمة غير حكومية مرتبطة ب�أكثر من ‪ 700‬منظمة وم�ؤ�س�سة‬ ‫�أخرى‪ ،‬وتعتمد �أي�ضا على �أموال يمنحها القطاع الخا�ص‪ ،‬مولت بناء ‪� 10 000‬صهريج‬ ‫في ‪ 11‬والية‪ .‬وال�صهاريج عبارة عن خزانات للمياه‪ ،‬تختزن كميات كافية من‬ ‫مياه �سيول الأمطار التي يجب ا�ستعمالها في فترات الجفاف من قبل �أ�سرة مكونة‬ ‫من خم�سة �أفراد لمدة �سنة واحدة‪ ،‬ويمكن بنا�ؤها بتكلفة تبلغ حوالي ‪ 1 000‬ريال‬ ‫برازيلي‪ .‬ولقد جعلت هذه ال�صهاريج الأ�سر المعنية بالبرنامج ت�ستغني عن �أنظمة‬ ‫التزود بالماء العام‪ ،‬حائلة بذلك دون ا�ستخدام هذه الأنظمة لأغرا�ض �سيا�سية من‬ ‫قبل ال�سلطات المحلية والإقليمية‪ .‬ولقد كانت المنهجية التي اعتمدها هذا البرنامج‬ ‫تنطوي على �أن�شطة تربوية لبناء القدرات وتعبئة الأ�سر والجماعات من �أجل بناء‬ ‫ال�صهاريج وا�ستعمال الماء المحجوز من قبلهم‪ ،‬وهدفها هو بناء مليون �صهريج‪ .‬وقد‬ ‫ا�ستعملت كذلك الهبات النقدية ل�صندوق محاربة الفقر وا�ستئ�صاله لبناء ال�صهاريج‬ ‫منذ ذلك الوقت ‪.‬‬ ‫لقد تم تو�سيع برنامج بطاقة الغذاء في المناطق �شبه القاحلة وفي جميع‬ ‫مناطق البالد فيما بعد‪ ،‬وذلك على �أ�سا�س التو�سع الإقليمي‪ .‬فلقد تم في بداية الأمر‬ ‫انتقاء وتكوين البلديات في المناطق �شبه القاحلة بالبرازيل التي يبلغ عدد �سكانها‬ ‫ما يزيد عن ‪ 75 000‬ن�سمة والتي ينخف�ض م�ؤ�شر التنمية الب�شرية فيها �إلى ما دون‬ ‫المعدل الوطني‪ ،‬وهي مناطق ينتظم فيها المجتمع المدني �إلى حد ما‪ ،‬حيث وجدت‬ ‫بها مثال منتديات للتنمية المحلية المتكاملة (‪ )DLIS‬في عهد الإدارة ال�سابقة‪.‬‬ ‫وبح�سب الوزارة‪ ،‬فقد بينت التجربة �أن القاعدة االجتماعية المنظمة �ضرورية التخاذ‬ ‫�إجراءات طارئة وهيكلية لمناه�ضة الجوع‪.‬‬ ‫وبهدف تنفيذ برنامج بطاقة الغذاء وغيره من البرامج الأخرى لبرنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع‪ ،‬جرى �إبرام �شراكات م�سبقا مع حكومات الواليات وحكومات‬ ‫‪6‬‬

‫‪54‬‬

‫‪ 6‬بالتوازي مع �إن�شاء ال�صهاريج‪� ،‬ساعدت �شراكة بين الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ووزارات الدفاع‪ ،‬والتكامل الوطني وتنمية‬ ‫الأرا�ضي على تحديد �أي مكان من المناطق �شبه القاحلة التي تعاني من الجفاف كي يتمكن الجي�ش من تعيين الأماكن المنا�سبة التي يتم فيها‬ ‫�إن�شاء ال�صهاريج وتنفيذ م�شاريع �صغرى لتزويد المنطقة بالمياه‪ ،‬وكذلك لتوزيع المياه على ال�سكان المت�ضررين من الجفاف عبر ا�ستعمال‬ ‫ال�شاحنات‪ .‬وقد لج�أت حكومات �سابقة �إلى جعل الجي�ش ينخرط في عملية توزيع المياه‪ ،‬غير �أن ذلك لم يتم لهذا الغر�ض خالل ال�سنوات الأخيرة‪.‬‬ ‫وقد كانت هذه العملية تهدف �إلى منع رجال ال�سيا�سة المحليين من توزيع الماء على ال�سكان لأغرا�ض �سيا�سية‪ .‬وقد �أعربت بع�ض البلديات عن‬ ‫عدم ر�ضاها معتبرة �أن بع�ض حكومات الواليات كانت تميز بين منطقة و�أخرى في عملية التوزيع خالل فترة االنتخابات‪ .‬وقد ا�ستفاد من‬ ‫العملية ‪ 255‬بلدية تعاني من حاالت الطوارئ في �سنة ‪ 2003‬و�شملت ‪ 1.1‬مليون �أ�سرة‪.‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫البلديات‪ .‬ولقد �أن�شئت مجال�س التن�سيق بالواليات لتقدم التقارير �إلى محافظي‬ ‫الواليات‪ ،‬وكذلك مجال�س الأمن الغذائي والتغذية على م�ستوى البلديات‪ ،‬بينما تم‬ ‫تعيين مدبرين للجان الإدارة على م�ستوى البلديات وتوفير الحوافز لتكوين مجال�س‬ ‫الأمن الغذائي والتغذية على م�ستوى البلديات �أي�ضا‪.‬‬ ‫لقد �أ�صبحت لجان الإدارة الأداة التنفيذية للبرنامج في البلديات وتقوم‬ ‫بتحليل ال�سجالت الموجودة طوعا النتقاء العائالت التي ت�ستوفي معايير البرنامج‬ ‫وت�ستبعد تلك التي ال ت�ستوفي ال�شروط‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تتبع وقيادة الأ�سر الم�ستفيدة‪.‬‬ ‫غير �أنها �شكلت كذلك قاعدة اجتماعية لر�صد البرنامج‪،‬كما كانت مكلفة بتتبع‬ ‫وتفتي�ش الإجراءات التي تم القيام بها في �إطار برنامج بطاقة الغذاء وبرنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع (‪.)Balsadi, Del Grossi and Takagi, 2004‬‬ ‫وقد كان االنتقاد الرئي�سي الذي وجهه ال�سكان المحليون في ذلك الوقت ذا‬ ‫�صلة بانعدام ال�شفافية والمعايير فيما يت�صل بكيفية ت�سجيل الأ�سر‪ ،‬في ال�سنوات‬ ‫ال�سابقة‪ ،‬في ال�سجل الموحد‪ -‬وهو المدخل الوحيد لبرنامج بطاقة الغذاء وبرامج‬ ‫التحويالت النقدية الأخرى‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ف�إن �إن�شاء لجنة �إدارية ذات �أغلبية مكونة‬ ‫من �أع�ضاء المجتمع المدني (‪ 3/2‬من المجموع)‪ ،‬وتفوي�ض ال�سلطة لتقييم وتتبع‬ ‫الأ�سر الم�ستفيدة‪ ،‬قد �أعطى ال�شرعية االجتماعية للبرنامج‪ .‬وقد وا�صلت البلديات‬ ‫م�س�ؤوليتها عن حفظ ال�سجل الموحد وعن االحتفاظ بممثلين في لجان الإدارة‪.‬‬ ‫ومن �أجل تنظيم لجان الإدارة‪ ،‬تم تدريب ممثلين اثنين عن كل بلدية‪،‬‬ ‫وتقديم �إر�شادات بخ�صو�ص الق�ضايا المتعلقة بالأمن الغذائي والتغذية لتنفيذ وتتبع‬ ‫برنامج بطاقة الغذاء )‪ ،(PCA‬و�إعداد خطة التنمية المحلية‪ ،‬وتحفيز الإجراءات العامة‬ ‫و�إجراءات المجتمع المدني وتنويع تكويناتهم في لجنة الإدارة المحلية من خالل‬ ‫دورات تدريبية على م�ستوى الإقليم‪ .‬ففي كل بلدية‪ ،‬وتبعا لتوجيهات وكالء مدربين‪،‬‬ ‫تم انتخاب ممثلين عن المجتمع المدني في جمعيات محلية‪ ،‬و�أر�سلت محا�ضر‬ ‫الجل�سات �إلى الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪ .‬ولقد كان لالجتماعات‬ ‫وقع تعبوي قوي حيث ا�شترك فيها ما يفوق ‪ 3 000‬م�شارك‪ .‬وعلى �إثر �إن�شاء اللجنة‪،‬‬ ‫تم ولوج نظام �إدارة البرنامج الذي ي�ضم قائمة ب�أ�سماء الذين تم ت�سجيلهم في ال�سجل‬ ‫الموحد‪ ،‬ومن خالل كلمة ال�سر تتم الم�صادقة على �أ�سمائهم ليتم ت�سليمهم بطاقة‬ ‫الغذاء‪.‬‬ ‫لقد حققت عملية ت�شكيل اللجان تقدما �سريعا وذلك بف�ضل النظام الإقليمي‬ ‫لبناء القدرات‪ ،‬وب�صورة �أ�سا�سية بف�ضل تعبئة البلديات المعنية �إلى حد ما نظرا‬ ‫لوجود منتديات التنمية المتكاملة المحلية والبرامج المجتمعية الن�شيطة هناك‪،‬‬ ‫ولأنها كانت لديها بالفعل قناة ات�صال‪ ،‬و�أمانة لبرنامج الت�ضامن االجتماعي‪ ،‬الذي‬ ‫ظل يعمل داخل الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪ .‬ففي �أكتوبر‪/‬ت�شرين‬

‫‪55‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪56‬‬

‫الأول ‪ ،2003‬كانت ‪ 1 476‬لجنة �إدارية ن�شيطة من خالل المناطق �شبه القاحلة وفي‬ ‫المنطقة ال�شمالية‪ ،‬التي تعد المنطقة الثانية التي تو�سع نحوها برنامج بطاقة الغذاء‪.‬‬ ‫وبمجرد تغطية كل البلديات في هذه المناطق ذات الأولوية‪� ،‬سيتو�سع البرنامج‬ ‫لي�شمل مناطق �أخرى توجد بها بالفعل برامج منتديات التنمية المندمجة المحلية‪،‬‬ ‫وب�شكل �أ�سا�سي في المناطق التي تم بها �إر�ساء اتحاد الأمن الغذائي والتنمية المحلية‬ ‫(‪ ،)Consad‬وذلك تما�شيا مع معيار التو�سع الإقليمي‪.‬‬ ‫وتعتبر اتحادات الأمن الغذائي والتنمية المحلية مخططات �إقليمية ت�شمل‪،‬‬ ‫في المتو�سط‪ 20 ،‬بلدية واقعة في المناطق الأقل نموا من الواليات‪ .‬وتكمن فكرة‬ ‫ذلك في تنفيذ مختلف الإجراءات الهيكلية المترابطة وذلك ل�ضمان الأمن الغذائي‬ ‫وتحفيز التنمية المحلية‪ ،‬مثل �إجراءات القرو�ض ال�صغرى‪ ،‬و�إجراءات االندماج‬ ‫الرقمي‪ ،‬والإجراءات التي ت�ستهدف �ضمان الطابع الم�ؤ�س�سي لرابطة البلديات‪ ،‬و�إعداد‬ ‫ت�شخي�ص ومخطط تنمية �إقليمية وتوفير الحوافز للزراعة الأ�سرية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى‬ ‫التنفيذ المتزامن لبرنامج بطاقة الغذاء في البلديات الم�شاركة في هذا المخطط‪.‬‬ ‫كما تمت معاينته من طرف المدراء الإقليميين التابعين للوزارة فوق العادة‬ ‫الذين كانوا م�س�ؤولين عن تتبع برنامج الق�ضاء على الجوع‪� ،‬أثناء عملية التدريب‬ ‫من �أجل �إن�شاء لجان الإدارة‪ ،‬لي�س فقط ا�ستجابة لنداء جمعيات المجتمع الريفي‬ ‫والح�ضري والنقابات والمنظمات الدينية ومجال�س الجماعات‪� ،‬إلخ‪ ،‬بل �إنها اعتبرت‬ ‫�أي�ضا �أنها ت�شارك في بناء �شيء جديد‪ .‬وقد كانت النبعاث الأمل والرغبة في‬ ‫الم�شاركة نكهة خا�صة جدا‪ ،‬بالنظر �إلى الواقع ال�سابق المطبوع بمجال�س مجتمعية‬ ‫ال تعد وال تح�صى �أن�شئت باعتبارها مالءمة بيروقراطية خالية من �أية فائدة‬ ‫حقيقية في تعزيز الم�شاركة ال�شعبية (‪)Balsadi, Del Grossi and Takagi, 2004, p.3‬‬ ‫(انظر الجدول رقم ‪)1‬‬ ‫لقد كان المجتمع المدني‪ ،‬ولأول مرة في تاريخ هذه البلديات‪ ،‬قادرا على‬ ‫تحديد الأ�سر التي مكنتها البرامج االجتماعية من الم�ساعدة‪ .‬وقد �أدت هذه العوامل‬ ‫�إلى التمكين المحلي للمجتمع المدني‪ ،‬وهو �أمر ال يمكن �إنكاره‪.‬‬ ‫ولقد �أف�ضى هذا التمكين �إلى م�شاركة مكثفة لل�سكان المحليين في البلديات‬ ‫المدعمة في ال�سنة الأولى‪� ،‬إذ تم تكوين ‪ 2 451‬بلدية‪ ،‬منذ دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪،2003‬‬ ‫من قبل فرق الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪� ،‬شكلت منها ‪ 2132‬لجان‬ ‫تدبير برنامج بطاقة الغذاء (‪( )PCA‬الجدول ‪ .)1‬ولأن كل لجنة �إدارية قد ت�شكلت بت�سعة‬ ‫�أع�ضاء‪ ،‬فقد كان هناك ما مجموعه ‪ 19 188‬متطوعا م�شاركا في برنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع في كل يوم وفي كل مناطق البرازيل‪.‬‬ ‫ونتيجة لهذه الم�شاركة‪ ،‬فقد غطى برنامج بطاقة الغذاء ‪ 1.9‬مليون �أ�سرة في‬ ‫‪ 2.369‬بلدية في كل مناطق البالد مع نهاية �سنتها الأولى‪ ،‬توجد منها ‪ 1.4‬مليون‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫اجلدول ‪ - 1‬البلديات وجلان الإدارة التي ا�ستفادت من التدريب ومت ت�شكيلها‬ ‫يف الربازيل عام ‪ 2003‬وذلك على التوايل بح�سب املناطق الكربى والواليات‬ ‫الواليات والمناطق‬ ‫�أالكوا�ص‬ ‫باهيا‬ ‫�سيارا‬ ‫مارانهاو‬ ‫بارايبا‬ ‫برنامبوكو‬ ‫بياوي‬ ‫ريو غراندي دو نورتي‬ ‫�سيرغيبي‬ ‫المنطقة ال�شمالية ال�شرقية ‬ ‫كويا�س‬ ‫ماتو غرو�سي‬ ‫ماتو غرو�سي دو �سول‬ ‫المنطقة الو�سطى ال�شرقية ‬ ‫ا�سبيريطو �سانطو‬ ‫مينا�س جيري�س‬ ‫�ساو بولو‬ ‫ريو دي جانيرو‬ ‫المنطقة الجنوبية ال�شرقية‬ ‫�أكري‬ ‫�أمازونا�س‬ ‫�أمابا‬ ‫بارا‬ ‫روندونيا ‬ ‫رورايما‬ ‫طوكانتين�س‬ ‫المنطقة ال�شمالية ‬ ‫بارانا‬ ‫ريو غراندي دو �سول‬ ‫�سانتا كاتارينا‬ ‫المنطقة الجنوبية ‬ ‫المجموع الكلي للبرازيل ‬ ‫الم�صدر‪.BALSADI; DEL GROSSI; TAKAGI, 2004 :‬‬

‫البلديات الم�ستفيدة‬ ‫من التكوين‬

‫لجان الإدارة المحدثة‬

‫‪101‬‬

‫‪85‬‬

‫‪381‬‬

‫‪333‬‬

‫‪175‬‬

‫‪171‬‬

‫‪209‬‬

‫‪92‬‬

‫‪218‬‬

‫‪214‬‬

‫‪172‬‬

‫‪168‬‬

‫‪222‬‬

‫‪211‬‬

‫‪164‬‬

‫‪154‬‬

‫‪72‬‬

‫‪72‬‬

‫‪1.714‬‬

‫‪1.500‬‬

‫‪10‬‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬

‫‪6‬‬

‫‪15‬‬

‫‪15‬‬

‫‪31‬‬

‫‪31‬‬

‫‪10‬‬

‫‪9‬‬

‫‪170‬‬

‫‪168‬‬

‫‪24‬‬

‫‪22‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪218‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪211‬‬

‫‪21‬‬

‫‪21‬‬

‫‪60‬‬

‫‪45‬‬

‫‪15‬‬

‫‪13‬‬

‫‪130‬‬

‫‪94‬‬

‫‪51‬‬

‫‪44‬‬

‫‪14‬‬

‫‪7‬‬

‫‪137‬‬

‫‪106‬‬

‫‪428‬‬

‫‪330‬‬

‫‪18‬‬

‫‪18‬‬

‫‪25‬‬

‫‪25‬‬

‫‪17‬‬

‫‪17‬‬

‫‪60‬‬

‫‪60‬‬

‫‪2.451‬‬

‫‪2.132‬‬

‫‪57‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪58‬‬

‫�أ�سرة في المناطق �شبه القاحلة‪ ،‬وهو ما �ضمن بذلك تغطية ‪ 72‬في المائة من الأ�سر‬ ‫التي تعاني من الفقر المدقع في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ .‬وب�إ�ضافة هذه الأ�سر �إلى‬ ‫تلك التي ت�سلمت الحد الأدنى من برنامج منح الأ�سر (‪ 50.00‬رياال برازيليا موروثة عن‬ ‫برنامج بطاقة الغذاء‪ ،‬ف�إن تغطية البرنامج في دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪ 2003‬قد حققت‬ ‫عالمة من ‪ 1.6‬مليون �أ�سرة في المناطق �شبه القاحلة‪� ،‬أي �أنه كان بالفعل �أكبر من‬ ‫برنامج منحة الدخل في بداية تلك ال�سنة و�أنه كان برنامجا دائما (مع �أن اال�ستفادة‬ ‫منه منحت لفترة محددة)‪.‬‬ ‫لقد كانت تجربة ت�شكيل المجموعات المحلية لتح�سين ح�صة الإنفاق‬ ‫الحكومي غير م�سبوقة في تاريخ البرازيل‪ .‬ولقد �أظهر الم�سح الذي قامت به الوزارة‬ ‫فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي �أن �إجراءات لجان الإدارة قد �ساهمت في تفادي‬ ‫توفير اال�ستفادة من بطاقة الغذاء لـ ‪ 30‬في المائة من مجموع الأ�شخا�ص الم�سجلين‬ ‫في ال�سجل الموحد ب�سبب عدم ا�ستيفاء معايير اال�ستحقاق‪ .‬وقد كان ذلك ممكنا لأن‬ ‫لجان الإدارة كانت قد �أعلمت ب�أنها �ستقوم بتقييم و�ضعية الأ�سر الم�سجلة بالنظر‬ ‫�إلى ممتلكاتها ومظاهر الثراء الخا�صة بها‪ ،‬مع اعتبار �أنه قد كان من ال�صعب تحديد‬ ‫الأ�سر الم�ستفيدة باعتماد "متو�سط دخل الفرد"‪ .‬فقد تم ذكر عدة حاالت من موظفي‬ ‫الخدمة المدنية الذين كانوا �أقارب لر�ؤ�ساء البلديات ومن �أ�شخا�ص يملكون �سيارات‬ ‫وعقارات خا�صة بهم‪ ،‬بل ويملكون م�سبحا‪ ،‬والذين تقدموا للبرنامج بطريقة غير‬ ‫الئقة‪ ،‬وقد تم عر�ض العديد منهم في البرامج الإخبارية التلفزيونية‪.‬‬ ‫ولم ت�ؤثر الإجراءات ذات الأولوية للجان الإدارة‪ ،‬التي �سبقتها �أي�ضا اتفاقيات‬ ‫تعاون مع حكومات الواليات والبلديات‪ ،‬في وتيرة تنفيذ البرنامج‪ .‬فقد قيم بل�صادي‬ ‫وديل كرو�صي وتاكاجي (‪ )Balsadi, Del Grossi and Takagi, 2004‬وتيرة برنامج‬ ‫التنفيذ في الأحد ع�شر �شهرا الأولى من برنامج بطاقة الغذاء في �ضوء عدد من الأ�سر‬ ‫والبلديات المدعومة ور�أوا �أنها كانت �أ�سرع من غيرها من البرامج المنفذة من قبل‪،‬‬ ‫من قبيل منح الدخل وبرامج منح الغذاء‪.‬‬ ‫وعالوة على هذه الإجراءات‪ ،‬فقد �أعطت الوزارات الأخرى الأولوية للمناطق‬ ‫لتنفيذ الإجراءات الهيكلية التالية‪ ،‬التي كانت مرتبطة ببع�ضها البع�ض في �إطار‬ ‫�سيا�سة تهدف �إلى تزويد �سكان المناطق �شبه القاحلة ب�أدوات �أف�ضل للتخفيف من‬ ‫�آثار الجفاف في حياتهم اليومية‪:‬‬ ‫■ ■ت�أمين مو�سم الح�صاد الذي ت�شرف عليه وزارة التنمية الزراعية في‬ ‫ثالث واليات (�سيارا ‪ Ceara‬وبيرنامبوكو ‪ Pernambuco‬و بارايبا‬ ‫‪ ،)Paraiba‬التي ت�ضمن التعوي�ضات النقدية عن الخ�سائر الم�سجلة على‬ ‫المزارعين والبلديات والواليات‪.‬‬ ‫■ ■برنامج الح�صول على الغذاء من المزارع الأ�سرية لإعداد مخزون غذائي‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫■‬

‫ا�ستراتيجي اعتبارا من يوليو‪/‬تموز ب�شراكة مع الوزارة فوق العادة‬ ‫المكلفة بالأمن الغذائي‪ ،‬ووزارة التنمية الزراعية‪ ،‬ووزارة الفالحة‪ ،‬من‬ ‫خالل ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي‪.‬‬ ‫■الأولوية للمزارعين الأ�سريين من خالل نقل التكنولوجيات المكيفة‬ ‫ب�شراكة مع الهيئة البرازيلية للبحث (‪ )Embrapa‬ومنظمات البحث في‬ ‫واليات المناطق �شبه القاحلة‪ .‬وقد ا�ستهدفت البرامج المنفذة دعم مربي‬ ‫الأغنام والماعز؛ وت�سهيل زراعة الب�ساتين النباتية؛ وعملية المحا�صيل‬ ‫المكيفة مثل الكا�سافا والفواكه؛ وتنفيذ برامج �إذاعية بتوفير دليل تقني‬ ‫ي�ستعمل و�سيلة �سهلة لفهم اللغة‪ ،‬وكلها لغر�ض توليد فر�ص العمل والدخل‬ ‫لل�سكان في المناطق �شبه القاحلة ولغر�ض االرتقاء بالتنمية المحلية‪.‬‬

‫الإجراءات الطارئة في مجتمعات محلية معينة‬ ‫لقد انتقى برنامج الق�ضاء على الجوع المجموعات التالية باعتبارها �أهدافا تحظى‬ ‫بالأولوية في حاالت الطوارئ‪ :‬الأ�سر التي تنتظر في مخيمات من �أجل اال�ستقرار في‬ ‫�إطار برنامج الإ�صالح الزراعي؛ وال�سكان الأ�صليون وجماعات الكيلومبو المعر�ضة‬ ‫لمخاطر الأغذية؛ والأ�سر من جامعي القمامة في المدن الكبرى‪.‬‬ ‫لقد بد�أ توزيع �سالل المنتجات الغذائية الأ�سا�سية على الأ�سر المتواجدة في‬ ‫المخيمات نتيجة للطوارئ (‪� 60 756‬أ�سرة في ‪ 637‬مخيما)‪ .‬وقد كانت �سالل الغذاء‬ ‫ممتلئة �أكثر من تلك التي وزعت في الما�ضي �سواء من حيث كمية الغذاء �أو نوعيته‪،‬‬ ‫وكانت المواد المدرجة فيها قد اتفق عليها م�سبقا مع الحركات االجتماعية‪ .‬وت�ضم‬ ‫الأرز ودقيق الذرة والكا�سافا الخام ودقيق القمح وزيت فول ال�صويا وحبيبات ال�سكر‬ ‫والمعكرونة والملح والقهوة وم�سحوق الحليب الكامل الد�سم‪ ،‬بتكلفة متو�سطة ت�صل‬ ‫�إلى ‪ 50.00‬رياال برازيليا‪ .‬وقد تم التزود من قبل ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي‬ ‫عن طريق المناق�صات العلنية‪ ،‬فيما كان المعهد الوطني للإعمار والإ�صالح الزراعي‬ ‫(‪ )Incra‬م�س�ؤوال عن توزيع ال�سالل‪ .‬وقد تم توزيع ‪ 1.3‬مليون �سلة في �سنة ‪ ،2003‬و هو‬ ‫ما ي�صل مجموعه �إلى ‪� 32.5‬ألف طن من المنتجات الغذائية‪.‬‬ ‫كما تم توزيع �سالل �أغذية طوارئ ومكيفة مع التقاليد الإثنية على ما مجموعه‬ ‫‪ 63‬من ال�سكان الأ�صليين و‪ 150‬من جماعة الكيلومبو المعر�ضة لمخاطر التغذية‬ ‫حددها الموظفون المحليون‪ .‬كما �أثيرت م�س�ألة مقدار ن�صيب كل فرد من التحويالت‬ ‫فيما يخ�ص برنامج الوجبات المدر�سية بالن�سبة لمدار�س ال�سكان الأ�صليين من ‪0.13‬‬ ‫ريال برازيلي �إلى ‪ 0.35‬ريال برازيلي‪ ،‬مما يجعل من الممكن اقتناء مجموعة من‬ ‫المواد الغذائية المكيفة مع حاجيات ال�سكان الأ�صليين‪.‬‬

‫‪59‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وفي الوقت نف�سه‪ ،‬تمت اال�ستثمارات في �إجراءات هيكلية مركزة على تو�سيع‬ ‫الزراعة من �أجل اال�ستهالك الذاتي‪ ،‬وتربية الحيوانات ال�صغيرة‪ ،‬و�إن�شاء مطاحن‬ ‫لتوفير الدقيق‪ ،‬وتحفيز �أن�شطة الحرف اليدوية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى �إجراءات �أخرى موجهة لدعم‬ ‫التنمية الم�ستدامة من خالل ال�شراكات واالتفاقيات مع حكومات الواليات والوزارات‪ ،‬مثل‬ ‫وزارتي البيئة والثقافة‪ ،‬من خالل م�ؤ�س�سة بالماري�س (‪.)Palmares Foundation‬‬ ‫والتحفيز على ت�شكيل تعاونيات �إعادة المعالجة والت�صنيع‪ ،‬وتنفيذ الرعاية‬ ‫ال�صحية والإجراءات التربوية‪ ،‬وتقديم دورات التكوين‪ ،‬والقيام بحمالت تح�سي�سية‬ ‫في مو�ضوع الجمع االنتقائي للقمامات بد�أ كذلك يتوفر في جماعات جامعي‬ ‫القمامات في المدن الكبرى‪.‬‬

‫برنامج اقتناء الغذاء من المزارع الأ�سرية‬

‫‪60‬‬

‫يعتبر هذا الإجراء من الإجراءات الهيكلية للبرنامج الذي يوحد �إنتاج الأغذية‬ ‫المحلية لتحقيق زيادة في اال�ستهالك الغذائي‪ .‬ولقد تم �إعداد البرنامج في الن�صف الأول‬ ‫من العام وتم �إطالقه في يوليو‪/‬تموز ‪ 2003‬بمجرد ما تم �إقرار القانون رقم ‪.2003/10 696‬‬ ‫وقد �شكل عن�صرا من عنا�صر �أول مخطط لح�صاد الزراعة الأ�سرية في المو�سم‬ ‫‪ 2004-2003‬وقد كان الغر�ض منه يكمن في ت�شجيع الزراعة الأ�سرية بمكاف�أة‬ ‫منتجاتها بما ينا�سب‪ ،‬و�إعادة تكوين مخزون �أدنى من المنتجات الغذائية الأ�سا�سية‬ ‫عن طريق ال�شراء المبا�شر والم�سبق لمنتجات الزراعة الأ�سرية في المناطق التي ت�ستهلك‬ ‫فيها؛ وتوزيع المنتجات الغذائية على ال�سكان المعر�ضين لمخاطر نق�ص الغذاء‪.‬‬ ‫وقد وفر هذا القانون و�سيلة جديدة لجعل المزارعين قادرين على اختيار بيع‬ ‫منتجاتهم مبا�شرة �إلى الحكومة من دون الحاجة �إلى عمليات المناق�صة وب�أ�سعار قريبة‬ ‫من �أ�سعار ال�سوق‪ ،‬وفي حاالت خا�صة بت�سبيق الأموال القتناء البذور‪ ،‬وبالتالي تحفيز‬ ‫�إنتاج الغذاء‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فقد بد�أت منتجات الزراعة الأ�سرية ت�ستعمل في �إجراءات‬ ‫الأمن الغذائي‪ ،‬في برامج توزيع الغذاء بالبلديات‪ ،‬وفي تكوين مخزونات الأمن الغذائي‪،‬‬ ‫و�إزالة العقبات التاريخية التي فر�ضتها القوانين ال�سابقة‪ ،‬التي جعلت من دعم الزراعة‬ ‫المحلية‪ ،‬وهي م�صدر �أ�سا�سي لفر�ص العمل‪ ،‬عملية �صعبة التحقيق ‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬فقد تمت �إزالة عقبة الحد الأدنى للأ�سعار التي كانت‬ ‫منخف�ضة بحيث ال تغطي تكاليف �إنتاج‪� .‬أ�سر المزارعين‪.‬‬ ‫واقت�صر تزويد كل �أ�سر المزارعين ذات الدخل المنخف�ض على ‪� 2.5‬ألف ريال‬ ‫برازيلي في ال�سنة‪ .7‬وعلى الرغم من �أنه لي�س مقدرا للمقترح الأ�صلي �أن يكون و�سيلة‬ ‫‪ 7‬لقد �صادقت م�ؤخرا لجنة �إدارة البرنامج على زيادة ال�سقف الثابت لبرنامج الحليب بـ ‪ 5 000‬ريال برازيلي‪ ،‬وذلك باال�ستناد �إلى فهم كون‬ ‫�إنتاج الحليب يعتبر ن�شاطا م�ستمرا على مدى ال�سنة‪.‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫�سيا�سة زراعية‪ ،‬ف�إنه يميزها باعتبارها برنامجا يجب ت�ضمينه في �سيا�سة الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬ال فقط باعتباره برنامجا يطبق على ال�سوق الزراعي‪.‬‬ ‫�إن البرنامج الذي تقوم بتنفيذه ب�شكل م�شترك خم�س وزارات (الوزارة فوق‬ ‫العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪ ،‬وم�ؤخرا وزارة التنمية االجتماعية‪ ،‬ومن�سق لجنة‬ ‫الإدارة؛ ووزارة تنمية الأرا�ضي‪ ،‬ووزارة الفالحة‪ ،‬والح�صاد والتموين‪ ،‬ووزارة‬ ‫المالية‪ ،‬ووزارة التخطيط)‪ ،‬ي�شمل �أ�سا�سا ثالث �صيغ‪ :‬ا�سترداد مخزونات الأمن‬ ‫الغذائي اال�ستراتيجي‪ ،‬وانتقاء الغذاء المحلي‪ ،‬وبرنامج التحفيز على �إنتاج الحليب‬ ‫وا�ستهالكه‪ .‬وتعتمد ال�صيغة الأولى على ثالثة و�سائل هي‪ :‬التزود المبا�شر‪ ،‬مع ال�شركة‬ ‫الوطنية للتموين الغذائي ل�شراء المنتوج الطبيعي للمزارعين ب�صفة مبا�شرة‪ ،‬والذي‬ ‫يحيل على قر�ض خا�ص بالإنتاج القابل للتخزين للمزارعين الذين ال يح�صلون على‬ ‫قر�ض خا�ص‪ ،‬الذي ي�شير �إلى القرو�ض التي يمكن ت�سديدها بالمنتجات بالن�سبة لهبة‬ ‫متزامنة للجمعيات الخيرية وبالن�سبة لال�ستعمال في الوجبات المدر�سية وغيرها من‬ ‫الم�ساعي المحلية‪.‬‬ ‫ويتم توظيف �صيغة التزويد المبا�شر من قبل مرافق �إقليمية مركزية ُ�شكلت‬ ‫خ�صي�صا لهذا الغر�ض‪ .‬ومن المف�ضل �أن تكون المنتجات التي ت�شترى �ضمن هذه‬ ‫ال�صيغة هي التالية‪ :‬الأرز والفا�صوليا وطحين المنيهوت والذرة والحليب والقمح‪.‬‬ ‫وقد تم تنفيذ �صيغة التزود الم�سبق‪ ،‬التي ت�شرف عليها �أي�ضا ال�شركة الوطنية للتموين‬ ‫الغذائي‪ ،‬بطريقة مجددة من خالل لجنة الممثلين الدائمين (ال�سندات مقابل الغذاء‬ ‫للمزارعين)‪ ،‬التي �أدمجت و�سيلة جديدة لتحفيز الإنتاج الغذائي في �إطار مخطط‬ ‫المزراع الأ�سرية بالن�سبة لأ�سر المزارعين الذين لم تكن لديهم �إمكانية الح�صول على‬ ‫قر�ض من قبل‪.‬‬ ‫وال�صيغة الثانية‪ ،‬وهي عبارة عن التزويد المحلي‪ ،‬تم تنفيذها مبا�شرة بناء‬ ‫على اتفاقات مع الواليات‪ ،‬والبلديات‪ ،‬والجمعيات و‪�/‬أو تعاونيات �أ�سر المزارعين‪،‬‬ ‫وتوزع المنتجات الم�شتراة في �إطار هذه ال�صيغة ب�شكل مبا�شر على برامج الأمن‬ ‫الغذائي البلدي (برنامج الوجبات المدر�سية‪ ،‬ومراكز الرعاية النهارية‪ ،‬والم�ست�شفيات‪،‬‬ ‫والمطاعم المدعمة‪ ،‬والجمعيات الخيرية ومنظمات العمل االجتماعي)‪� .‬إنها ت�شبه‬ ‫�صيغة التزويد الم�ستبق الخا�ص‪ ،‬وتعتبر مجموعة المنتجات التي تباع في �إطار هذه‬ ‫ال�صيغة كبيرة احتراما لواقعهم المحلي‪.‬‬ ‫وقد تمت �صياغة برنامج الحليب لتعزيز �إنتاج حليب �صغار المزارعين في‬ ‫المناطق �شبه القاحلة (�شمال �شرق المنطقة‪� ،‬أقرب �إلى �شمال والية مينا�س جيري�س‪،‬‬ ‫التي ت�ضم �إجماال ع�شر واليات)‪ ،‬لتعوي�ض �إنتاجها ب�أ�سعار عادلة ولم�ساعدة ال�سكان‬ ‫ذوي الدخل المنخف�ض من خالل خطط توزيع الحليب‪ .‬وقد تمت‪ ،‬في البداية‪ ،‬م�ساعدة‬ ‫المزارعين الذين ينتجون ما ي�صل �إلى ‪ 100‬لتر في اليوم‪ ،‬والذين يمثلون ‪ 96‬في‬

‫‪61‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المائة من كل منتجي الحليب في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬وقد �أعطيت الأف�ضلية‬ ‫لأولئك الذين ي�صل �إنتاجهم �إلى ‪ 50‬لترا في اليوم‪ .‬وقد تم تنفيذ ذلك باال�ستناد �إلى‬ ‫التزام �سيا�سي ال�ستئناف برنامج الحليب‪ ،‬في حلة جديدة‪ ،‬وهو الذي نفذه الرئي�س‬ ‫ال�سابق‪ ،‬وحاليا ع�ضو مجل�س ال�شيوخ خو�صي �سارني‪.8José Sarney‬‬ ‫لقد ا�ستثمر البرنامج‪ ،‬في الن�صف الأول من العام في �إطار العملية‪162.5 ،‬‬ ‫مليون ريال برازيلي في �صيغه الثالث‪ .‬ففي �صيغة التزويد المبا�شر‪ ،‬تم اقتناء ‪6.9‬‬ ‫�ألف طن من المنتجات الغذائية من ‪� 3.4‬ألف مزارع‪ ،‬وفي �صيغة التزويد الت�سبيقي‪،‬‬ ‫تمت م�ساعدة ‪ 37 000‬مزارع‪ 55 ،‬في المائة منهم في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪.‬‬ ‫و�إجماال‪ ،‬فقد جرت م�ساعدة ‪ 50 000‬مزارع من خالل م�شتريات متو�سطها ‪1 600‬‬ ‫ريال برازيلي تقريبا لكل مزارع‪ .‬ويمكن تف�سير �أكبر قدر من المال المطبق على‬ ‫�صيغة التزود الت�سبيقي بكون القانون قد تم تمريره في فترة ما قبل مو�سم الح�صاد‬ ‫و�أي�ضا بكون الطلب الهائل ال�سائد في تلك اللحظة للح�صول على الأموال المخ�ص�صة‬ ‫لبذور المزارعين الذين لم يح�صلوا على قر�ض ر�سمي من قبل‪ ،‬وذلك لت�شجيعهم على‬ ‫الزيادة في �إنتاجهم‪ .‬وكما هو الحال بالن�سبة ل�صيغة الحليب‪ ،‬فقد تم التوقيع على‬ ‫اتفاقيات مع الواليات الع�شر الواقعة في المناطق �شبه القاحلة‪ ،‬وحولت لهم �أموال‬ ‫لتنفيذ البرنامج اعتبارا من �سنة ‪.2004‬‬ ‫وقد �أعطيت الأولوية للمنطقة ال�شمالية ال�شرقية التي تتركز فيها معظم �أ�سر‬ ‫المزارعين في البرازيل‪ ،‬وتمت تغطية ‪ 50‬في المائة من جميع الأ�سر من قبل المخطط‬ ‫المتعدد ال�سنوات و‪ 3/1‬من كافة االعتمادات المخ�ص�صة لها في هذه ال�سنة الأولى من‬ ‫البرنامج‪ .‬وتم دعم البرنامج بقوة من قبل منظمات �أ�سر المزارعين مثل كنفدرالية‬ ‫العمال الزراعيين‪ ،‬واتحادات العمال الزراعية‪ ،‬وحركة من ال �أر�ض لهم‪ ،‬وكذلك من‬ ‫قبل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫وتت�ضمن النتائج التي تحققت من خالل البرنامج‪ ،‬بغ�ض النظر عن دعم‬ ‫اال�ستهالك الذاتي والفر�صة المتاحة للمزارعين لبيع فائ�ض �إنتاجهم ب�أ�سعار ال�سوق‪،‬‬ ‫انتعا�شا للأ�سعار المدفوعة للمزارعين‪ .‬وقد تمت الإ�شارة في العمل الذي �أنجزه‬ ‫دلكادو وزمال�ؤه )‪� (Delgado et al., 2005‬إلى الحاالت التي كان فيها مجرد الإعالن‬ ‫عن التزود العمومي بكمية معينة من منتوج معين كافيا ل�ضمان انتعا�ش �أ�سعاره‪.‬‬ ‫ومن النتائج الأخرى التي �أ�شار �إليها الم�ؤلفون التواجد المتجدد للحكومة الفيدرالية‬ ‫في محيط المزارعين الأ�سريين؛ وتحفيز المزارعين لتنظيم �أنف�سهم؛ وزيادة الإنتاج ‬ ‫وتنويع الأغذية ذات الجودة العالية من �أجل اال�ستهالك الذاتي‪.‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪ 8‬وفقا لمقالة ن�شرت في �صحيفة‪ ،‬فقد قال ذات مرة ع�ضو مجل�س ال�شيوخ �سارني‪" :‬عندما قررت دعم لوال‪ ،‬قبل وقت طويل من حملته االنتخابية‪،‬‬ ‫كان ال�شيء الوحيد الذي طلبته منه هو ا�ستئناف برنامج توزيع الحليب" (�صحيفة فولها دي �ساو باولو‪ 30 ،‬نوفمبر‪/‬ت�شرين الثاني‪.)2003 ،‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫وفي تقييم �آخر للبرنامج‪ ،‬الذي قام به دي�سر )‪ (Deser‬في �سنة ‪ ،2005‬تم‬ ‫جمع التقارير الواردة من المزارعين الذين �شملهم البرنامج وتم ا�ستنتاج حدوث‬ ‫وقع �إيجابي من حيث توليد الدخل وا�ستقرار منظمات المزارعين الأ�سريين‪ ،‬ما عدا‬ ‫التح�سين الهائل في و�ضع الغذاء والتغذية للعائالت المدعمة من قبلها من حيث‬ ‫الكم والكيف معا‪ ،‬وذلك بف�ضل الغذاء المقتنى مبا�شرة من مخططات �أ�سر المزارعين‬ ‫المتنوعة‪ .‬ويفيد البرنامج المزارعين‪ ،‬ال فقط من خالل �شراء منتوجهم‪ ،‬بل �أي�ضا من‬ ‫خالل �ضمان �أف�ضل الأ�سعار في بلدياتهم ككل نظرا لت�أثير الأ�سعار التي اقترحتها‬ ‫ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي في ال�سوق‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إنه ي�سمح‬ ‫للمزارعين بتنظيم �أنف�سهم في مجموعات وجمعيات‪ ،‬ويعتبر ذلك معيارا من معايير‬ ‫اال�ستفادة من البرنامج‪ ،‬ب�صرف النظر عن االرتقاء بالتح�سينات في العادات الغذائية‬ ‫للأ�سر التي وزع عليها الغذاء (‪.)Deser, 2005‬‬

‫الإجراءات الم�شتركة مع ال�سلطات الحكومية الأخرى‬ ‫بالموازاة مع هذه الإجراءات الخا�صة‪ ،‬تم �إطالق ال�شراكات والمبادرات المتكاملة‬ ‫على نحو ت�شاركي من قبل مختلف الوزارات وذلك بح�سب تقرير �أعدته الوزارة فوق‬ ‫العادة المكلفة بالأمن الغذائي تحت عنوان " �إجراءات الوزارات في برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع" (‪ )Ações dos Ministerios no Programa Fome Zero‬في �سنة ‪.2003‬‬ ‫ومن بين الإجراءات اال�ستراتيجية التي تم اعتبارها في الم�شروع الأ�صلي‬ ‫للق�ضاء على الجوع والتي تم تحديدها ب�شراكة مع وزارات �أخرى‪ ،‬ت�ستحق الإجراءات‬ ‫التالية الذكر‪ :‬الزيادة في المبلغ المحول �إلى برنامج الوجبات المدر�سية‪ ،‬والإعفاءات‬ ‫ال�ضريبية على المنتجات الغذائية الأ�سا�سية‪ ،‬والتحفيز على �إنتاج الغذاء‪ ،‬وذلك‬ ‫لغر�ض خف�ض �أ�سعار المواد الغذائية‪.‬‬ ‫وتتجلى نتيجة العمل الم�شترك بين الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن‬ ‫الغذائي ووزارة التعليم‪ ،‬الم�س�ؤولة عن تنفيذ البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‬ ‫(‪ ،)Pnae‬ف�إن المبلغ المحول �إلى المدار�س لتقديم وجبات الطعام للتالميذ كان‬ ‫مرتفعا بالن�سبة للتعليم الأولي‪.‬‬ ‫لقد كان ذلك هو �أول عمل قام به برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬مثلما �أعلنت‬ ‫عنه الحكومة في ‪ 30‬يناير‪/‬كانون الثاني ‪ .2003‬وقد ارتفع ن�صيب الفرد من المبلغ‬ ‫المحول �إلى م�ؤ�س�سات التعليم الأولي لهذه الغاية من ‪ 0.06‬ريال برازيلي �إلى ‪0.13‬‬ ‫ريال برازيلي في اليوم‪ ،‬وي�ستفيد منه ‪ 4.7‬مليون طفل من الفئة العمرية ‪� 4-6‬سنوات‬ ‫في جميع �أنحاء البالد‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فقد تو�سعت اال�ستفادة على نحو غير‬ ‫م�سبوق لت�شمل مراكز الرعاية النهارية العامة والخيرية‪ ،‬التي بد�أت تت�سلم تحويال‬

‫‪63‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪64‬‬

‫لكل فرد قيمته ‪ 0.18‬ريال برازيلي في اليوم‪ ،‬وي�ستفيد منه ‪ 881 000‬طفل يتراوح‬ ‫عمره بين ‪ 0‬و ‪� 3‬سنوات في ‪� 17.6‬ألف مركز للرعاية النهارية‪ .‬وتمث َل عم ٌل �آخر في‬ ‫الزيادة في تحويل الوجبات المدر�سية المقدمة في مدار�س ال�سكان الأ�صليين من ‪0.13‬‬ ‫ريال برازيلي �إلى ‪ 0.34‬ريال برازيلي لكل فرد في اليوم‪ ،‬وي�ستفيد منها ‪ 116 000‬تلميذ‪ .‬‬ ‫وقد تمت الموافقة على الإعفاء ال�ضريبي بالن�سبة للغذاء باعتباره نتيجة‬ ‫�شراكة مع وزارة المالية وذلك باال�ستناد �إلى القانون رقم‪ ،10 865‬الذي ن�ص على‬ ‫�إعفاء كامل من م�ساهمات برنامج االندماج االجتماعي وبرنامج تمويل ال�ضمان‬ ‫االجتماعي بالن�سبة للبقاالت‪ ،‬والأرز‪ ،‬والفا�صوليا وطحين المنيهوت‪ ،‬وكذلك بالن�سبة‬ ‫للأ�سمدة والمبيدات والبذور واللقاحات بالن�سبة لال�ستعمال البيطري‪.‬‬ ‫وتتمثل �آخر عملية متعلقة بال�ضرائب في �إ�صدار مر�سوم في �أبريل‪/‬ني�سان‬ ‫ين�ص على الإعفاء من ال�ضريبة على المنتجات ال�صناعية (‪ )IPI‬بالن�سبة للتبرعات‬ ‫بالغذاء للخيريات والبلديات الم�ساهمة في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬وتعتبر‬ ‫الإعفاءات من ال�ضرائب �إجراء مهما ل�ضمان جدوى �إن�شاء بنوك للغذاء في جميع‬ ‫�أنحاء البالد‪.‬‬ ‫وفي مجال التربية على الغذاء‪� ،‬أ�سفر اتفاق بين الوزارة فوق العادة المكلفة‬ ‫بالأمن الغذائي ودار الن�شر كلوبو )‪ (Globo‬ووزارة ال�صحة عن �إنتاج مليون كتاب‬ ‫مدر�سي بالن�سبة للأطفال يقدم الإر�شادات الخا�صة بالعادات الغذائية ال�صحية‪.‬‬ ‫وتتجلى فكرة دار الن�شر كلوبو في تبرع الدار ب�أربعة مجالت في حال بيع كل مجلة‬ ‫بـ ‪ 1.00‬ريال برازيلي‪ .‬وهكذا‪ ،‬تم توزيع خم�سة ماليين كتيب في ‪ 2003‬و‪ 2004‬في‬ ‫الأك�شاك والمدار�س في جميع �أنحاء البرازيل من خالل ال�شركة الوطنية للتموين‬ ‫الغذائي والبريد البرازيلي (‪.)ECT‬‬ ‫وتت�ضمن الإجراءات الهيكلية الأخرى التي قامت بها وزارات �أخرى بدعم‬ ‫مالي من الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ما يلي‪:‬‬ ‫■ ■دعم الزراعة الأ�سرية من خالل وزارة التنمية الزراعية اتخذ �شكل‬ ‫م�ساعدة تمثلت في م�شاريع البنية التحتية‪ ،‬ودورات تكوينية‬ ‫للمزارعين‪ ،‬وتقوية الزراعة الأ�سرية‪ ،‬وم�ساهمات في �صندوق ت�أمين‬ ‫الح�صاد (‪ 157‬مليون ريال برازيلي)؛‬ ‫■ ■تنفيذ نظام مراقبة الغذاء والتغذية الذي تن�سقه وزارة ال�صحة‪ .‬وقد‬ ‫حولت الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي �أمواال بقيمة ‪4‬‬ ‫ماليين ريال برازيلي لل�شروع في عملية بناء القدرات الوطنية ل�ضمان‬ ‫تتبع �أف�ضل لنمو الأطفال وتعزيز �أجندة خا�صة باالرتقاء بعادات‬ ‫التغذية ال�صحية في نظام الرعاية ال�صحية الأ�سا�سية وفي �إجراءات‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع؛‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■ت�شكيل فريق بحوث �شبكية في وزارة العلوم والتكنولوجيا )‪(MCT‬‬

‫ي�سمى بالمعهد الألفي للأمن الغذائي بهدف غلى تطبيق البحث العلمي‬ ‫للم�ساهمة في الق�ضاء على ثغرات الغذاء والتغذية في البرازيل مع‬ ‫التركيز على مو�ضوعين اثنين هما‪ :‬الأمن الغذائي والتربية والقيمة‬ ‫الم�ضافة �إلى المنتجات الزراعية التي تتطلب اعتمادات ت�صل �إلى‬ ‫‪ 9‬ماليين ريال برازيلي‪ ،‬منها ‪ 6‬ماليين ريال برازيلي من الوزارة‬ ‫فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي و‪ 3‬ماليين من وزارة العلوم‬ ‫ ‬ ‫والتكنولوجيا؛‬ ‫■تفعيل م�شروع مركز مجتمعي لالت�صاالت ال�سلكية والال�سلكية ا�ستنادا‬ ‫�إلى �شراكة بين الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ووزارة‬ ‫االت�صال‪ ،‬وذلك بهدف تنفيذ مراكز االت�صاالت ال�سلكية والال�سلكية‬ ‫في ‪ 110‬مدن ل�ضمان مجانية اال�ستفادة من خدمات الإنترنيت وذلك‬ ‫بالن�سبة ل�سكان البلديات التي ي�شملها برنامج بطاقة الغذاء واتحاد‬ ‫منظمات الأمن الغذائي والتنمية المحلية‪ .‬وهو ينطوي �أي�ضا على جعل‬ ‫حا�سوب على الأقل مربوطا بالإنترنيت متاحا في ‪ 1.100‬بلدية ي�شملها‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع؛‬ ‫■�شراكة مع وزارة الريا�ضة في ما �سمي ببرنامج الن�صف الثاني في‬ ‫توزيع الوجبات على ال�شباب الم�شاركين في البرنامج‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫االرتقاء بالأن�شطة الريا�ضية بالن�سبة للأطفال وال�شباب في تكامل مع‬ ‫القطاع التعليمي‪ ،‬وي�ستفيد من ذلك ‪� 107.144‬شاب‪ ،‬ويق�ضي بتحويالت‬ ‫مالية تقدر بـ ‪ 15‬مليون ريال برازيلي؛‬ ‫■برنامج الأمازون الم�ستدام‪/‬العمل القائم على الت�ضامن في الأمازون‬ ‫)‪ -(Ação Amazônia Solidária‬الممول لـ ‪ 147‬م�شروعا جماعيا‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف توليد الدخل في المجتمعات القاطنة بمنطقة الأمازون التي‬ ‫ت�ستغل الموارد الطبيعية مع المحافظة على البيئة‪ ،‬واالرتقاء بيئيا‬ ‫بالتنمية االجتماعية واالقت�صادية الم�ستدامة‪ ،‬التي تن�سقها وزارة‬ ‫البيئة (‪ 7‬ماليين ريال برازيلي)؛‬ ‫■اتفاق مع م�ؤ�س�سة بالماري�س لتنفيذ م�شاريع يراد لها �أن تح�سن‬ ‫البنيات التحتية في جماعات الكيلومبو المحلية من حيث توفر‬ ‫الغذاء والتعليم وال�صرف ال�صحي وال�سكن والرعاية ال�صحية والثقافة‬ ‫وتوفير فر�ص العمل وتوفير الدخل‪ ،‬وذلك بهدف م�ساعدة ‪ 150‬جماعة‬ ‫محلية في ‪ ،2004‬وي�ستفيد منها ‪� 15 000‬أ�سرة بتكلفة ت�صل �إلى ‪1.6‬‬ ‫مليون ريال برازيلي؛‬

‫‪65‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫■‬

‫■‬

‫‪66‬‬

‫■�شراكة بين الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ووزارة‬ ‫الدفاع واالندماج الوطني للع�سكر من �أجل توزيع الماء عبر‬ ‫ا�ستعمال �شاحنات ذات �صهاريج في البلديات التي تعاني من‬ ‫الكوارث ح�سب ما �أقرته وزارة االندماج‪ .‬وعالوة على ذلك‪،‬‬ ‫وبا�ستخدام نظام تحديد المواقع‪ ،‬تم تكليف الجي�ش بر�سم مواقع‬ ‫توزيع المياه وذلك بهدف بناء �صهاريج لخزن مياه �سيول‬ ‫الأمطار‪ ،‬وبذلك يتم الحد من تبعية هذه البلديات لم�سارات المياه‬ ‫في ال�سنوات القادمة‪ .‬ولقد تم تحويل ‪ 20‬مليون ريال برازيلي لهذا‬ ‫الغر�ض لت�ستفيد منه ‪ 1.1‬مليون �أ�سرة؛‬ ‫■اتفاق مع الهيئة البرازيلية للبحث من �أجل تطوير وتنفيذ م�شاريع نقل‬ ‫التكنولوجيا‪ ،‬للمزارعين الأ�سريين مع التركيز على المنطقة ال�شمالية‬ ‫ال�شرقية‪ ،‬ويتطلب مبلغا �إجماليا قدره ‪ 17.6‬مليون ريال برازيلي‪،‬‬ ‫‪12.7‬ريال برازيلي من الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‬ ‫و ‪ 4.6‬مليون ريال برازيلي من الهيئة البرازيلية للبحث‪.‬‬

‫وتت�ضمن ال�شراكات التي ال تقت�ضي اعتمادات من الوزارة فوق العادة المكلفة‬ ‫بالأمن الغذائي ما يلي‪:‬‬ ‫■ ■مواءمة عملية توليد اال�ستفادة بالن�سبة للعائالت ذات الأولوية في‬ ‫برنامج بطاقة الغذاء من قبل نظام ‪ Datasus‬الذي ت�شرف عليه وزارة‬ ‫ال�صحة‪ ،‬وت�شمل تحديد العائالت و�إر�سال الرواتب ال�شهرية �إلى �صندوق‬ ‫االدخار الفيدرالي؛ ‬ ‫■ ■زيادة في التحويالت ل�شراء الأدوية الأ�سا�سية (الم�ضادات الحيوية‪،‬‬ ‫والم�ضادات للحمى والم�سكنات) من ‪ 1.00‬ريال برازيلي �إلى ‪2.00‬‬ ‫ريال برازيلي لل�ساكن من قبل وزارة ال�صحة في البلديات التي‬ ‫ي�ساعدها برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬وتحديد �أولويات البلديات‬ ‫التي ي�شملها برنامج الق�ضاء على الجوع لتنظيم �شبكة خدمات‬ ‫الرعاية ال�صحية التي تركز على الأمرا�ض الطفيلية؛ و�إن�شاء �شبكة‬ ‫للبحث بالمعهد الوطني للمناطق �شبه القاحلة مرتبطة بوزارة العلوم‬ ‫والتكنولوجيا با�ستثمار ‪ 16.5‬مليون ريال برازيلي‪ ،‬وذلك لتنظيم‬ ‫ون�شر كل الأبحاث العلمية البرازيلية حول المناطق �شبه القاحلة‪،‬‬ ‫واقتراح برامج وتقديم مدخالت لل�سيا�سات العامة الرامية �إلى الحد‬ ‫من الم�شاكل الناجمة عن الجفاف؛‬ ‫■ ■تكوين ع�شرة مراكز للتكوين المهني في مجال التكنولوجيا في ع�شر‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫واليات (ت�سع واليات �شمالية �شرقية �إ�ضافة �إلى والية �إ�سبيريطو‬ ‫�سانطو )‪ (Espírito Santo‬لخلق برامج للتكوين المهني وتوفير فر�ص‬ ‫للح�صول على دخل‪ ،‬و�إ�ضافة عن�صر االبتكار �إلى العمليات الإنتاجية؛‬ ‫■البرنامج الوطني للرعاية العائلية ال�شاملة لوزارة الم�ساعدة‬ ‫االجتماعية الذي �أعطى الأولوية للبلديات المعنية ببرنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع في �إطار تنفيذه‪ .‬وتت�ضمن الخطة �إجراءات متنوعة‬ ‫وم�شاريع للنا�س المعاقين والم�سنين والأطفال والمراهقين والعائالت‬ ‫المعر�ضة للخطر؛‬ ‫■اتفاقية تعاون بين وزارة االت�صاالت‪ ،‬والبريد البرازيلي والوزارة فوق‬ ‫العادة المكلفة بالأمن الغذائي لت�سلم التبرعات الغذائية في �أكثر من‬ ‫‪ 12.000‬مكتب بريدي من البريد البرازيلي المنت�شر في جميع �أنحاء‬ ‫البالد؛‬ ‫■�إقامة المجموعة الم�شتركة بين الوزارات للتعاي�ش مع المناطق �شبه‬ ‫القاحلة وتن�سقها وزارة االندماج الوطني لت�شارك في �إجراءات طارئة‬ ‫وهيكلية من �أجل �ضمان التزود بالماء في المناطق �شبه القاحلة؛‬ ‫■تكوين اللجنة الم�شتركة بين الوزارات من �أجل االندماج االجتماعي‬ ‫لجامعي النفايات وتقديم الدعم ال�ستئ�صال مقالب القمامة‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف دمج �إجراءات لم�ساعدة ه�ؤالء ال�سكان في �إطار تن�سيق وزارة‬ ‫المدن التي ت�شتغل ب�شراكة مع الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن‬ ‫الغذائي؛‬ ‫■عملية لتقديم الم�شورة وتعبئة مكاتب كتاب العدل في مختلف البلديات‬ ‫وال�سكان الذين �شملهم برنامج بطاقة الغذاء لتنظيمهم في �إطار "�أيام‬ ‫االعتماد على النف�س" لتقديم ال�سجالت المدنية مجانا �إلى النا�س الذين‬ ‫ي�شملهم برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬وقد �أعدت الوزارة فوق العادة‬ ‫المكلفة بالأمن الغذائي والأمانة الخا�صة لحقوق الإن�سان كتيبا حول‬ ‫كيفية الح�صول على �سجل مدني مجانا ون�صحت لجان الإدارة حول‬ ‫كيفية تحديد العائالت التي ال تتوفر على وثائق مدنية �أ�سا�سية‪.‬‬

‫وكمثال �آخر على المجهودات المبذولة من �أجل االرتقاء بالعمل الم�شترك بين‬ ‫الوزارات‪ ،‬يجدر بنا هنا �أن ن�شير �إلى �إن�شاء المجل�س اال�ست�شاري ل�صندوق محاربة‬ ‫الفقر وا�ستئ�صاله‪ ،‬وذلك بهدف الت�أكد من �أن موارد ال�صندوق �ست�ستعمل كما هو‬ ‫مخطط لها و�سيتم تتبعها بال�شكل المطلوب باال�شتراك مع ثمان وزارات �أخرى‬ ‫ومختلف مجال�س المجتمع المدني‪ ،‬وهو �شيء لم يحدث في الما�ضي‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ال�سيا�سات المحلية‬ ‫بارتباط مع ال�سيا�سات المحلية‪� ،‬أعدت الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‬ ‫وثيقة في مار�س‪�/‬آذار ‪ 2003‬ووزعتها في اليوم ال�سابع منه على ر�ؤ�ساء البلديات‪،‬‬ ‫وت�شير هذه الوثيقة �إلى بع�ض المبادرات التي يمكن لبع�ض البلديات �أن تعتمدها‬ ‫لو�ضع برامج من �أجل الأمن الغذائي والتغذية على الم�ستوى المحلي‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫ر�سم ال�سيا�سات العامة وت�شكيل مجال�س للأمن الغذائي على م�ستوى البلديات‬ ‫ووكاالت خا�صة لدعم مبادرات المجتمع المدني المنظم في هذا المجال‪ .‬وكانت‬ ‫�إحدى هذه المبادرات تتمثل في �إقامة مركز ا�ستقبال الغذاء وتوزيعه من قبل ممثلي‬ ‫المجتمع المدني وممثلي الحكومة ليتولى ت�سجيل المنظمات والعائالت الم�ستفيدة‪،‬‬ ‫و�إقامة �شراكات مع مختلف الم�ؤ�س�سات وال�شركات الخا�صة والمتطوعين‪ ،‬والموارد‬ ‫والمنتجات التي تم تجميعها في المكان‪ ،‬مع الحر�ص على تخزينها ونقلها‪ .‬ولقد‬ ‫كان ذلك المقترح يت�سم بالتجديد بحيث لم تتمكن البلديات من فهمه ب�شكل جيد‪� .‬إن‬ ‫�إقامة مركز بلدي ال�ستقبال الغذاء وتوزيعه يوفر ميزة الإبقاء على البلديات م�س�ؤولة‬ ‫عن التبرعات التي تتلقاها‪ ،‬عو�ضا عن و�ضع هذه الم�س�ؤولية على كاهل الحكومة‬ ‫الفيدرالية‪ .‬وي�شكل اللوجي�ستيك المتبع في تخزين ونقل المنتجات الممنوحة �أكبر‬ ‫عقبة لتن�سيق هذه المهمة على الم�ستوى الفيدرالي‪.‬‬ ‫ وقد تمثلت المبادرة الأخرى التي اتخذتها الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن‬ ‫الغذائي في تحديد الت�صميم الإجرائي بالن�سبة التفاقيات ال�شراكة بين البرامج المحلية‬ ‫والبلديات‪ ،‬التي �ستكون فيها الإدارة الفيدرالية م�س�ؤولة عن توفير ا�ست�شارة تقنية‬ ‫وبرامج تكوينية و�سوف تقوم بتحويل الأموال القتناء التجهيزات والمدخالت‪ .‬وقد تم‬ ‫تحديد تن�سيق برامج بنوك الغذاء‪ ،‬والمطاعم المدعمة‪ ،‬والمطابخ الجماعية وب�ساتين‬ ‫الخ�ضر تم ربطها ببرامج التزود المحلي‪ ،‬ال�سيما برنامج اقتناء الغذاء‪.‬‬ ‫ ولم يكن ق�صد الوزارة هو تمويل م�شاريع منعزلة‪ .‬لقد كانت الفكرة تكمن‬ ‫في �أن يتم ت�ضمينها جميعها في نظام محلي �شامل‪ .‬وقد ُن ِ�صحت البلديات بتنفيذ‬ ‫�أنظمة الأمن البلدي للغذاء والتغذية وذلك بهدف‪ :‬تقوية التكامل بين مختلف �إجراءات‬ ‫الأمن الغذائي والتغذية على الم�ستوى المحلي؛ و�ضمان ا�ستعمال الأموال العامة في‬ ‫محاربة الجوع بفعالية �أكبر؛ وا�ستك�شاف �إمكانات �إنتاج غذاء كل محل‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪68‬‬

‫‪ 9‬لإعداد دليل لال�ستر�شاد به في تنفيذ و�إدارة البنوك العامة للأغذية‪ ،‬الم�سمى بـ ‪،Como implantar e gerir Bancos de Alimentos‬‬ ‫جمعت الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع مقترحات من ممثلي بنوك الغذاء بـ‪� :‬سانتو �أندريه‪ ،‬كامبينا�س‪ ،‬جويانيا‬ ‫وبونتا كرو�صا وبرامج مثل جمعية الطبق الكامل التابعة لم�ؤ�س�سة فارغا�س خيتوليو‪ ،‬و ‪ Ajuda Alimentando‬التابع لالتحاد الإ�سرائيلي‪،‬‬ ‫والوزارة فوق العادة للأمن الغذائي ومحاربة الجوع بالبرازيل‪.‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫�صياغة �سيا�سة الأمن الوطني للغذاء والتغذية‬ ‫كان المحور الثاني للعمليات الحكومية في مجال الأمن الغذائي والتغذية هو‬ ‫محور بناء �سيا�سة وطنية قائمة على ال�شراكة من خالل المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬والذي تم ت�أ�سي�سه في ‪ 30‬يناير‪/‬كانون الثاني ‪ 2003‬بـ ‪ 62‬ع�ضوا‪،‬‬ ‫‪ 13‬منهم كانوا وزراء و‪ 38‬كانوا ممثلين للمجتمع المدني و‪ 11‬كانوا مراقبين‪.‬‬ ‫وقد كانت طريقة اختيار �أع�ضاء المجل�س هي نف�س الطريقة التي ا�ستعملت حال‬ ‫�إ�صدار ن�سخته الأولى في �سنة ‪ ،1994‬بناء على مقترحات تق�ضي بدعوة �شخ�صيات‬ ‫م�شهورة (ال م�ؤ�س�سات م�شهورة)‪ ،‬مع رئي�س الجمهورية ل�صنع القرار الأخير القا�ضي‬ ‫بالم�صادقة على ع�ضويته‪.‬‬ ‫لقد بد�أ المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية العمل ب�شكل منتظم في‬ ‫‪ 2003‬من خالل االجتماعات العادية التي عقدت خالل مدة �شهرين واالجتماعات‬ ‫اال�ستثنائية المختلفة‪ .‬وكان الوزير فوق العادة المكلف بالأمن الغذائي هو �أمين‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وكان �إطاره الإداري تحت م�س�ؤولية الوزارة‬ ‫فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي �أي�ضا‪.‬‬ ‫وفي العـام الأول من عمـل المجل�س‪ ،‬تم ت�سجيل الأن�شطـة التـالية في تقريره‬ ‫ال�سنـوي‪:‬‬ ‫(�أ) عر�ض اقتراح يق�ضي بتغيير المبادئ التوجيهية التعاقدية لمخطط‬ ‫الح�صاد لمو�سم ‪ ،2004-2003‬و�إعطاء الأولوية التخاذ �إجراءات لتعزيز‬ ‫خطط الزراعة الأ�سرية والترتيبات الإنتاجية للنا�س الم�ستوطنين في‬ ‫�إطار برنامج الإ�صالح الزراعي؛‬ ‫(ب) مناق�شة مخطط عمل الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ل�سنة‬ ‫‪ 2003‬والم�صادقة عليه وعلى الإجراءات الواجب اتخاذها بعالقة مع‬ ‫المخطط المتعدد ال�سنوات ‪2007-2004‬؛‬ ‫(ج) المطالبة بم�شاركة �أكبر في المناق�شات التي يجريها البيت المدني ب�ش�أن‬ ‫م�شروع قانون يخ�ص التعديل الوراثي (مكتب رئي�س الطاقم الإداري)؛‬ ‫(د) تحديد �أع�ضاء اللجنة المنظمة للم�ؤتمر الوطني الثاني حول الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية؛‬ ‫(ه) توجيهات من �أجل تنظيم م�ؤتمرات على م�ستوى البلديات والواليات‬ ‫والمناطق بهدف �إلى الإعداد للم�ؤتمر الوطني الثاني؛‬ ‫(و) توجيهات بخ�صو�ص �إن�شاء مجال�س البلديات والواليات من خالل دليل‬ ‫خا�ص معد لهذا الغر�ض والتي �أدت �إلى �إقامة ‪ 110‬مجال�س بلدية و‪22‬‬ ‫مجل�سا للواليات حتى دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪.2003‬‬

‫‪69‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ولقد �شكل الم�ؤتمر الوطني الثاني الذي انعقد في مار�س‪�/‬آذار ‪ 2004‬حدثا‬ ‫بارزا بحيث عب�أ كل �أع�ضاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وقد ح�ضره‬ ‫‪ 1 000‬مندوب عينتهم م�ؤتمرات الواليات وحوالي ‪� 300‬ضيف‪ .‬وقد �صادق الم�ؤتمر‬ ‫على ‪ 153‬قرارا‪ ،‬و�أعطيت لـ ‪ 47‬منها الأولوية‪ .‬وت�شمل هذه المقترحات ذات الأولوية‬ ‫م�سودة القانون الأ�سا�سي للأمن الغذائي والتغذية و�إقامة نظام م�ستدام للأمن‬ ‫الوطني للغذاء والتغذية مع ميزانية خا�صة به‪ ،‬ومال خا�ص‪ ،‬وتدبير ت�شاركي‪ ،‬وعقد‬ ‫الم�ؤتمرات في مدة �سنتين (التقرير الختامي للم�ؤتمر الثاني‪.)2004 ،‬‬ ‫وبعد عقد الم�ؤتمر الثاني‪� ،‬شرع المجل�س ي�شتغل بكثافة �أكبر من خالل‬ ‫‪ 12‬هيئة داخلية ت�ضم غرفا متخ�ص�صة ح�سب الموا�ضيع المتطرق �إليها‪ ،‬ومجموعات‬ ‫عمل ولجان دائمة‪� ،‬أحدثت لتح�سين عملها وال�سماح بنقا�شات �أكثر عمقا حول‬ ‫المو�ضوعات التي �ستتم معالجتها في اجتماعاته ال�شهرية‪.‬‬

‫التعبئة االجتماعية‬ ‫بعد �إعالن الرئي�س المنتخب �أن الأولوية �سوف ت�سند لمحاربة الجوع‪ ،‬عر�ض الكثير‬ ‫من النا�س م�ساعدتهم لمعهد المواطنة كمتطوعين في برنامج الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫ولم يكن الو�ضع يختلف في المراحل الأولى للإدارة الجديدة‪ .‬فقد عر�ض عدد كبير‬ ‫من النا�س �أنف�سهم لم�ساعدة برنامج الأولويات الحكومية ورغبوا في الم�شاركة بطرق‬ ‫مختلفة‪ ،‬وغالبا ما كان ذلك من خالل التبرع بالطعام �أو نقدا‪.‬‬ ‫وقد انتهت الم�شاركة التطوعية في البرنامج �إلى �أن ت�صبح حملة مدنية‬ ‫حقيقية‪� ،‬إال �أنه‪ ،‬ومن �أجل �ضمان نتائج فعالة‪ ،‬كان من ال�ضروري �أن يكون هناك‬ ‫مخطط منظم وبنية �سليمة‪ .‬ووفق ال�صياغة الأولى التي �أعدتها الوزارة فوق العادة‬ ‫المكلفة بالأمن الغذائي والم�سماة بـ�سيا�سة الأمن الغذائي‪ ،‬فقد كان لبرنامج‬ ‫الم�ساعدة الذاتية ثالثة �أهداف هي‪:‬‬ ‫■ ■خلق قنوات فعالة ل�ضمان م�شاركة المجتمع المدني؛‬ ‫■ ■�إقامة وتنظيم حمالت تبرع بالطعام والنقود؛‬ ‫■ ■التعبير عن الطبيعة ال�شاملة لبرنامج الق�ضاء على الجوع داخل‬ ‫الحكومة‪ ،‬حيث تكون الوزارات م�شتركة في الم�س�ؤولية عن �أفعالها‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪70‬‬

‫‪ 10‬كانت �إحدى حاالت الطوارئ التي كان على الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي �أن تتعامل معها هي محاولة منع قافلة من ال�شاحنات‬ ‫من نقل �أطنان من المواد الغذائية من ريو دي جانيرو �إلى برازيليا‪ ،‬للتبرع بها ل�صالح برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬لقد كانت ال�شاحنات متوقفة‬ ‫�أمام ق�صر بالنالتو‪ ،‬وتم نقل المواد الغذائية �إلى مخازن لل�شركة الوطنية لإمدادات الأغذية ب�شكل م�ستعجل‪ .‬لقد اعتبر �أن الم�شكلة لي�ست في تلقي‬ ‫الطعام‪ ،‬ولكنها تكمن في توزيعه على �أولئك الذين يحتاجون �إليه من دون ترتيب م�سبق‪ .‬فال معنى لإر�سال المواد الغذائية �إلى برازيليا ثم �أخذها‬ ‫بعد ذلك �إلى البلديات من هناك‪ .‬ينبغي التما�س تبرعات في البلديات نف�سها‪ ،‬ويف�ضل تجنب قطع كل هذه الم�سافة الطويلة‪.‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫ولكي تتحقق هذه الأهداف‪ ،‬تم و�ضع �إطار داخل الوزارة فوق العادة المكلفة‬ ‫بالأمن الغذائي مكون من وحدة الم�ساعدة الخا�صة (‪ )NAE‬ووحدة مع خط هاتفي‬ ‫�ساخن على الرقم المجاني ‪� .0800‬إن فكرة الحفاظ على �إطار تدبير الم�ساعدة الذاتية‬ ‫منف�صال عن التدبير الفعلي لل�سيا�سة العامة قد تم تنفيذه لتفادي �أن ي�صبح برنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع الذي تدبره الحكومة الفيدرالية حملة �أخرى تهدف �إلى جمع‬ ‫المال والغذاء‪ ،‬كما اق ُت ِر َح ذلك في يوم من الأيام‪.‬‬ ‫ولقد ُو�ضعت وحدة الم�ساعدة الخا�صة في البداية لتوفير المعلومات للجهات‬ ‫المانحة وتحليل التبرعات المقترحة من قبل ال�شركات‪ ،‬والجمعيات المهنية‪،‬‬ ‫والمنظمات غير الحكومية والأفراد المهتمين بتطوير ال�شراكة مع البرنامج‪ .‬وقد‬ ‫�سجلت هذه الوحدة‪ ،‬في ال�شهر الأول من عملها‪ 70 ،‬مقترحا يت�ضمن �أكثر من‬ ‫التبرعات بالمواد الغذائية وي�شمل تقديم دورات التكوين المهني وخطط توليد فر�ص‬ ‫العمل‪ ،‬من بين �أفكار �أخرى عديدة‪.‬‬ ‫ولكي تعطى لل�شركات والم�ؤ�س�سات �شهادة ترخ�ص لها ا�ستعمال �شعار‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬طلبت تقديم مخطط عمل لمدة �أربع �سنوات وقد تم و�ضع‬ ‫و�صف مف�صل للأن�شطة المجدول تنفيذها في ال�سنة الأولى‪ .‬وقد تتبعت الوزارة فوق‬ ‫العادة المكلفة بالأمن الغذائي �أن�شطة ال�شركات‪ .‬ولهذا الغر�ض �سجلت في موقع في‬ ‫ال�شبكة العنكبوتية الذي تم �إن�شا�ؤه لتوفير المعلومات والتو�ضيحات لل�سكان حول‬ ‫�أن�شطة البرنامج‪.‬‬ ‫كما تم �إعداد كتيبات لتوفير المعلومات لل�شركات حول كيف يمكنها �أن‬ ‫ت�شارك في البرنامج وقد تم فتح ح�سابات خا�صة لدى �صندوق االدخار الفيدرالي‬ ‫لتلقي التبرعات لفائدة برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬وقد تم توجيه الأموال التي‬ ‫ُجمِ َعت ح�صرا �إلى �صندوق محاربة الفقر وا�ستئ�صاله‪.‬‬ ‫ولقد و�ضع �أي�ضا نظام لجمع التبرعات الغذائية‪ .‬وقد تم �إر�سال المواد الغذائية‬ ‫غير القابلة للتلف التي تجاوزت ‪ 12 000‬كلغ �إلى ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي �أو‬ ‫�إلى مراكز ا�ستقبال الغذاء وتوزيعه )‪ (CRD‬التي �سيتم �إحداثها في البلديات‪ .‬وير�سل الغذاء‬ ‫ذو الأحجام ال�صغيرة �إلى مواقع الجمع الم�سجلة مع الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن‬ ‫الغذائي‪ ،‬التي تم ن�شر عناوينها في الموقع‪ .‬وين�سق هذا الإجراء كل من الوزارة فوق‬ ‫العادة وال�شركة الوطنية للتموين الغذائي ومكتب الم�ست�شار الخا�ص للرئي�س‪.‬‬ ‫وقد �أ�صبح الخط ال�ساخن على الرقم المجاني ‪ 0800‬الذي يقدم المعلومات‬ ‫حول برنامج الق�ضاء على الجوع جاهزا للت�شغيل في ‪ 17‬مار�س‪�/‬آذار ‪ 2003‬مع فريق‬ ‫من ‪ 900‬عامل‪.‬‬ ‫وفي �أواخر �سنة ‪ ،2003‬تم ت�سجيل ‪� 99‬شركة �شريكة ومنظمات برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع اعتمادا على م�شاريع الإدماج االجتماعي التي قدمتها‪ .‬وقد تم الترخي�ص‬

‫‪71‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪72‬‬

‫لـ ‪ 1 412‬م�ؤ�س�سة �أو منظمة �أخرى با�ستعمال �شعار برنامج الق�ضاء على الجوع في‬ ‫اال�ستعرا�ضات‪ ،‬والمعار�ض‪ ،‬ومباريات كرة القدم والتظاهرات التي تجمع فيها‬ ‫المواد الغذائية والأموال ل�صالح البرنامج‪ .‬وقد تم �إيداع ‪ 7.3‬مليون ريال برازيلي في‬ ‫البرنامج الحالي وا�ستثمرت في بناء �صهاريج في المناطق �شبه القاحلة ال�شمالية‬ ‫ال�شرقية البرازيلية‪.‬‬ ‫وفي الوقت نف�سه‪ ،‬تم تطوير جبهتين للعمل في مكتب الم�ست�شار الخا�ص للرئي�س‪:‬‬ ‫التعبئة الم�سماة بالمواطنة )‪ ،(mobilização cidadã‬مع التحفيزات وبرامج التكوين لأجل‬ ‫ت�شكيل فرق متطوعة لالرتقاء بالتعبئة حول برنامج الق�ضاء على الجوع؛ والتعبئة من �أجل‬ ‫بناء �شبكة مقاوالت �شريكة لبرنامج الق�ضاء على الجوع باال�شتراك مع وحدة الم�ساعدة‬ ‫الخا�صة التابعة للوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪.‬‬ ‫لقد �أ�سفرت الجبهة الأولى عن �إطار م�ؤ�س�ساتي خا�ص بها‪ :‬فقد نظم مكتب‬ ‫الم�ست�شار الخا�ص لدى الرئي�س محا�ضرات ومتطوعين مكونين للم�شاركة في ما ي�سمى‬ ‫"مكونات عمل الم�ساعدة ذاتية �ضد الجوع"‪( Copo :‬ك�أ�س) (المجل�س الإجرائي لبرنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع)؛ و‪�( Prato‬صحن) (كلنا من �أجل برنامج �أن�شطة برنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع)؛ و‪( Sal‬ملح) (وكالء الأمن الغذائي) و‪( Talher‬المائدة) (معلمو التربية الغذائية)‪.11‬‬ ‫وتتعار�ض في الغالب هذه الت�سميات الإبداعية والتعليمية مع هيكلة لجان الإدارة التي‬ ‫تحفزها الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪ ،‬التي لم تتم هيكلتها على طريقة‬ ‫الم�ساعدة الذاتية‪ .‬وقد كانت لجان الإدارة جزءا من �إطار الإدارة الم�شتركة للبرنامج‬ ‫العام الوطني‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬فقد عززت هذه الت�سميات احتمال �سوء فهم النا�س‬ ‫لما يعنيه برنامج الحكومة االتحادية القا�ضي بالق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫وبهدف تعبئة رجال الأعمال‪ ،‬تم خلق منظمة غير حكومية تدعى‬ ‫‪( Apoio Fome Zero‬دعم برنامج الق�ضاء على الجوع) في �ساو بولو ‪São Paulo‬‬ ‫وتمولها مجموعة من رجال الأعمال مع ال�سيدة الأولى ماري�سا ليتي�سيا لوال دا‬ ‫�سيلفا بو�صفها رئي�سة �شرفية‪ .‬وقد طورت هذه المنظمة م�شاريع لدعم هذا البرنامج‪،‬‬ ‫يعد م�شروع منها بالفعل في طبعته الثانية‪ :‬منح جوائز للبلديات التي تتفوق في‬ ‫تدبير برنامج الوجبات المدر�سية‪ .‬وتحتفظ هذه المنظمة غير الحكومية بموقع على‬ ‫الإنترنيت‪.>www.fomezero.org.br< :‬‬ ‫وفي يناير‪/‬كانون الثاني ‪ ،2004‬تم �إغالق الوزارة فوق العادة المكلفة‬ ‫بالأمن الغذائي بعد م�ضي �سنة على �إن�شائها‪ ،‬وقد تم �إدماج هيكلتها في وزارة‬ ‫جديدة‪ -‬وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع‪ ،‬التي جذبت �أي�ضا وكالتين‬ ‫�أخريين تم �إن�شائهما �سنة ‪ :2003‬وزارة الم�ساعدة االجتماعية والأمانة التنفيذية‬ ‫‪ 11‬لمزيد من التفا�صيل‪ ،‬انظر‪.Fome Zero: manual do mutirão, 2003 :‬‬


‫تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع في �سنة ‪2003‬‬

‫لبرنامج منح الأ�سرة‪ ،‬وبرنامج التحويالت النقدية الموحدة التي تجمع برنامج‬ ‫بطاقة الغذاء لبرنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬و�أي�ضا برامج المنح المدر�سية ‪ ،‬ومنح‬ ‫التغذية‪ ،‬ومنح الغاز التي كانت من قبل تحت م�س�ؤولية وزارات متنوعة‪ .‬وقد كان‬ ‫الغر�ض من هذا الإدماج هو �ضمان تدبير �أكثر عقالنية لهذه البرامج من قبل‬ ‫الإدارة الفيدرالية‪.‬‬ ‫�إن �أهمية تحليل برنامج الق�ضاء على الجوع بعمق كبير تبرره الأ�سباب‬ ‫التالية‪� :‬إن الأمر يتعلق بمقترح �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية التي تم تنفيذها لأول‬ ‫مرة في البرازيل باعتبارها على ر�أ�س الأولويات التي حددها رئي�س الجمهورية؛‬ ‫�إنها تعتمد على وزارة خا�صة بها وعلى ميزانية �ضخمة‪ ،‬بعد عقد زمني واحد طبعه‬ ‫االفتقار �إلى �سيا�سات اجتماعية ذات برامج وا�ضحة؛ ولقد اعتبرت نموذجا من قبل‬ ‫العديد من الدول الأخرى؛ كما نالت �إعجابا كبيرا عك�سته ا�ستطالعات الر�أي منذ‬ ‫البداية‪ ،‬وذلك على الرغم من االنتقادات التي �صدرت عن و�سائل الإعالم على وجه‬ ‫الخ�صو�ص‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المراجع‬ BALSADI, O.; DEL GROSSI, M.; TAKAGI, M. O Programa Cartão Alimentação (PCA) em números: balanço de implementação e contribuições para as políticas sociais. In: CONGRESSO BRASILEIRO DE ECONOMIA E SOCIOLOGIA RURAL, 42., 2004, Cuiabá-state of Mato Grosso. Annals... Cuiabá, July 2004. DELGADO, G. C.; CONCEIÇÃO, J. C. P. R. da; OLIVEIRA, J. J. de. Ava­liação do Programa de Aquisição de Alimentos da Agricultura Familiar (PAA). Brasília, Federal District: Ipea, December 2005. (Discussion paper, n. 1145). DESER. Compras governamentais: o Programa Brasileiro de Aquisição de Alimentos. Brasília, 2005. MESA. Fome Zero: Política Nacional de Segurança Alimentar e Nutricional. Brasília, 2003. TAKAGI, M. A implantação da Política de Segurança Alimentar e Nutricional no Brasil: seus limites e desafios. 2006. Doctor’s Degree Thesis – Unicamp/IE, Campinas, São Paulo, 2006.

74


‫‪ -4‬م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫‪1‬‬

‫�أدريانا فيكا �أرانها‬ ‫يتمتع هذا البلد بوفرة في الأرا�ضي �شديدة الخ�صوبة‪ ،‬وي�ضم عددا كبيرا من‬ ‫النا�س الذين يرغبون في العمل �إلى درجة �أنه ال مجال للحديث عن الجوع‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬ف�إن الماليين من البرازيليين ]‪ [...‬يعانون اليوم من النق�ص في التغذية‪ .‬فهم‬ ‫يعي�شون ب�أعجوبة‪ ،‬تحت خط الفقر‪� ،‬إن لم يموتوا وهم ي�ستجدون ك�سرة خبز‪ .‬لهذه‬ ‫الأ�سباب‪ ،‬ر�أيت �أن �أجعل �ضمن الئحة �أولويات �إدارتي برنامجا للأمن الغذائي‬ ‫يحمل ا�سم "برنامج الق�ضاء على الجوع" (حرفيا‪ :‬برنامج �صفر جائع)‬ ‫(من الكلمة االفتتاحية للرئي�س لوال‪� ،‬أول يناير‪/‬كانون الثاني ‪)2003‬‬

‫مقدمة‬ ‫تعد البرازيل بلدا ذا �إمكانيات تنموية هائلة جعلته يتحول‪ ،‬عن طريق دورات التو�سع‬ ‫والنمو االقت�صادي خالل القرن ‪ ،20‬من مجتمع ريفي وزراعي‪� ،‬إلى مجتمع ح�ضري‬ ‫يتوفر على قطاع �صناعي هام‪ ،‬وقطاع زراعي ع�صري‪ ،‬ومدن دينامية وحيوية‪ .‬لقد‬ ‫انتقلت البالد من موقع هام�شي في العالم �إلى ثامن قوة اقت�صادية‪ ،‬غير �أن هذا‬ ‫النمو لم يعد بالنفع على �سكانه الفقراء �أو ي�ضمن لهم حقوقهم‪� .‬إذ على الرغم من‬ ‫كل هذا التقدم الحا�صل‪ ،‬تمثلت الح�صيلة في كون البرازيل ما زالت ت�شهد اختالالت‬ ‫اجتماعية واقت�صادية عميقة‪ .‬بحيث تزايدت الديون االجتماعية في ال�سبعينات‬ ‫والثمانينات والت�سعينات من القرن الما�ضي‪ .‬وتجاوز �سكان البرازيل‪ ،‬الـبالغ عددهم‬ ‫‪ 90‬مليون ن�سمة في ال�سبعينات‪ ،‬ال�ضعف‪ ،‬و�إن كانت �شروط العي�ش المنا�سبة لم تهي�أ‬ ‫له�ؤالء البرازيليين الجدد‪.‬‬ ‫لقد حرم الميز االجتماعي الناتج عن قرون من الت�شوهات �شرائح عري�ضة من‬ ‫�سكان البالد من حقوق الإن�سان الأ�سا�سية في الغذاء والرعاية ال�صحية‪ ،‬وال�سالمة‪،‬‬ ‫وال�سكن‪ ،‬والتعليم والحياة الأ�سرية‪.‬‬ ‫‪ 1‬موجز لف�صلٍ من كتاب‪" :‬محاربة الجوع"‪ ،‬من�شورات وزارة التنمية االجتماعية "‪."Fome zero : uma história brasileira‬‬

‫‪75‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪76‬‬

‫وقد بينت التجربة �أن النمو االقت�صادي الذي عرفته البالد في الما�ضي‪،‬‬ ‫والذي لم يرافقه توزيع للدخل‪ ،‬لم يكن كافيا لخلق �أ�سواق وطنية متينة وو�ضع‬ ‫حجر الأ�سا�س للتنمية الم�ستدامة‪.‬‬ ‫وعندما �أعلن الرئي�س لوال‪� ،‬سابقا في ‪� ،2003‬أن محاربة الجوع والفقر‬ ‫�ستكون من بين �أولوياته في فترة واليته الأولى‪� ،‬أطلق ا�ستراتيجية وطنية‬ ‫لخلق وتنفيذ وا�ستثمار موارد مالية وب�شرية في برامج وعمليات مختلفة‬ ‫تركز على هدف م�شترك يجتمع حوله جميع ال�سكان‪ ،‬ويتعلق الأمر باجتثاث‬ ‫الجوع والفقر المدقع من البالد‪ .‬وحينما قال الرئي�س �إنه �إذا تحققت في نهاية‬ ‫واليته لكل مواطن برازيلي ثالث وجبات في اليوم‪ ،‬ف�سيكون قد �أتم ر�سالته‬ ‫في الحياة؛ لقد �أدمج الرئي�س مو�ضوعات ذات �صلة بالجوع والتغذية والأمن‬ ‫الغذائي والتغذية ومحاربة الفقر �ضمن برنامج ال�سيا�سة الوطنية‪ ،‬مقدما بذلك‬ ‫للمجتمع العنا�صر الرئي�سية لم�شروع وا�سع ل�صالح الأمة‪.‬‬ ‫وتعد معالجة م�شكلة الجوع‪ ،‬باعتبارها م�س�ألة وطنية ال قدراً فردياً‪،‬‬ ‫م�س�ؤولية المجتمع ككل‪ ،‬وم�س�ؤولية الحكومات على الم�ستويات الفيدرالية‬ ‫وا لإقليمية والبلدية وكذا على م�ستوى المناطق الفيدرالية‪� .‬إذ �أن التنظيم‬ ‫الفيدرالي للدولة البرازيلية ي�ضم ثالث دوائر حكومية تتمتع بالحكم الذاتي‪:‬‬ ‫االتحاد (وهو الإدارة الفيدرالية)؛ و ‪ 26‬والية ومنطقة اتحادية‪ ،‬و ‪ 5 564‬بلدية‪.‬‬ ‫ويعد تغيير �أن�شطة الدولة ب�إدماجها في بع�ضها البع�ض وربطها بجهود‬ ‫المجتمع لو�ضع حد للجوع في البرازيل التحدي الكبير الذي رفعته �إدارة‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬ف�إن الق�ضاء‬ ‫الرئي�س لوال من خالل برنامج "الق�ضاء على الجوع"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫على م�شاكل الفقر الخطيرة والمترابطة وعلى الالم�ساواة في البرازيل يتطلب‬ ‫قدرة كبيرة على دمج الجهود الحكومية على كافة الم�ستويات ويقت�ضي �إ�شراك‬ ‫المجتمع ككل‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي لقي فيه هذا البرنامج دعما وا�سعا من قبل المجتمع‬ ‫البرازيلي والمجتمع الدولي وتم دمجه في جدول الأعمال ال�شامل‪ ،‬ف�إن هذا‬ ‫االلتزام قد �أثار جدال وطنيا من وجهات نظر مختلفة حول الم�س�ألة وحول‬ ‫مقترحات متنوعة لمعالجتها‪.‬‬ ‫�إن التوافق بين الخبراء البرازيليين القا�ضي باعتبار التزود بالغذاء‬ ‫الكافي �ضروريا لمحاربة الجوع‪ ،‬كما هو الحال بالن�سبة لرفع القدرة ال�شرائية‬ ‫لل�سكان‪ ،‬لي�س بال�ضبط متناغما مع المقترحات المو�ضوعة لمواجهة هذه‬ ‫الم�شكلة‪� .‬إذ يك�شف الت�شديد المو�ضوع على كل م�س�ألة من هذه الم�سائل عن‬ ‫عدة مفاهيم ذات ارتباط بظاهرة الجوع التي �ستتطلب‪ ،‬نتيجة لذلك‪ ،‬مقترحات‬ ‫مختلفة من �أجل حل الم�شكلة‪.‬‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫وبما �أن م�شكلة الجوع في البرازيل لي�ست ناتجة عن نق�ص في توفير الغذاء‬ ‫و�إنما هي متعلقة‪ ،‬بالأحرى‪ ،‬ب�صعوبة الح�صول عليه‪ ،‬ف�إن المفهوم الذي تبنته‬ ‫الحكومة البرازيلية قام على الفر�ضية القائلة ب�إن اجتثاث الجوع ي�ستلزم محاربة‬ ‫الفقر المدقع والجور االجتماعي‪ ،‬اللذين تطلبا‪ ،‬بدورهما‪ ،‬عمليات تجمع بين محاربة‬ ‫الجوع و�سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية �أخذة في الح�سبان حق الإن�سان في التغذية‬ ‫و�سيادة البرازيل في مجال الغذاء‪ .‬ويتم �ضمان حق الإن�سان في التغذية المنا�سبة‬ ‫عندما يح�صل �أي رجل �أو امر�أة �أو طفل مادي ًا واقت�صادياً‪ ،‬وب�شكل م�ستمر‪ ،‬على‬ ‫حق‬ ‫التغذية المنا�سبة �أو على و�سائل الح�صول عليها‪ .‬وتتمثل ال�سياد ُة الغذائية في ّ‬ ‫ال�شعوب في تحديد �سيا�ساتها الخا�صة الم�ستدامة وا�ستراتيجياتها لإنتاج الغذاء‬ ‫وت�سويقه وا�ستهالكه في �إطار احترام خ�صو�صياتها الثقافية المتعددة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن الرئي�س لوال قد تعهد في كلمته االفتتاحية بت�أمين "ثالث‬ ‫وجبات يومياً" لكل البرازيليين‪ ،‬فقد انعقد‪ ،‬بهذا الخ�صو�ص‪ ،‬حوار �شامل بالبرازيل‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬اتخذت الحكومة قرارات لمحاربة الفقر ب�إحداث الأمن الغذائي والتغذية في‬ ‫البالد‪ .‬لقد كان ذلك الطريق طريقا �أطول �إال �أنه الطريق الأكثر ا�ستدامة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الق�ضاء على الجوع والأمن الغذائي‬ ‫لقد ا�ستعملت عبارة «الأمن الغذائي» لأول مرة في وثيقة �صادرة عن الحكومة‬ ‫الفيدرالية �سنة ‪ .1986‬ثم ا�ستعملت بعد ذلك ب�سنوات‪ ،‬في ‪ ،1991‬خالل والية الرئي�س‬ ‫كولور‪ ،‬في مقترح �أعلن عنه حزب العمال ي�سعى �إلى بناء �سيا�سة وطنية للأمن‬ ‫الغذائي وي�شير �إلى مجموعة بدائل بالن�سبة للبرازيل‪ ،‬وقد تم عر�ضه على الرئي�س‬ ‫�إتامار فرانكو بعد ذلك بقليل‪ .‬وفي ‪ ،1993‬تم �إبراز ق�ضية الأمن الغذائي في البرازيل‬ ‫باعتبارها ح�صيلة للتعبئة التي قامت بها حركة "مواطنون �ضد الجوع والفقر‬ ‫‪4‬‬ ‫ومن �أجل الحياة" ‪ .3‬وقد كان ت�أ�سي�س المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية )‪(CONSEA‬‬ ‫وانعقاد الندوة الوطنية الأولى بالبرازيل حول الأمن الغذائي منا�سبة بهذا البلد‬ ‫للقيام بمناق�شات �شاملة حول هذا المو�ضوع‪.‬‬ ‫لقد كانت فكرة تنفيذ �سيا�سة الأمن الغذائي بالبرازيل مو�ضوع نقا�ش منذ‬ ‫انطالق الحملة الرئا�سية الأولى بعد عودة البرازيل �إلى الديمقراطية‪ .‬وعند ا�ستئناف‬ ‫االنتخابات الرئا�سية المبا�شرة في ‪ ،1989‬تناول المر�شح �آنذاك لوي�س �إنيا�سيو لوال دا‬ ‫‪ 2‬لقد بينت معطيات الفاو �أن توافر الغذاء في البرازيل ارتفع من ‪� 2 216‬سعرة حرارية للفرد في اليوم في ‪� 1961‬إلى ‪� 3 094‬سعرة حرارية‬ ‫للفرد في اليوم في ‪ ،2005-2003‬مع تجاوز مقدار ال�سعرة الحرارية الدنيا المطلوبة بالن�سبة للبرازيل التي هي ‪� 1 900‬سعرة حرارية للفرد في اليوم‪.‬‬ ‫‪ 3‬يعتبر ذلك تطويرا للحركة من �أجل الأخالقيات في ال�سيا�سة الذي �أف�ضى �إلى اتهام الرئي�س كولور‪.‬‬ ‫‪ 4‬هيئة ا�ست�شارية بجانب الرئي�س تتكون من ممثلي المجتمع المدني وممثلي الوكاالت الحكومية‪ ،‬وقد تم حل الهيئة في ‪.1995‬‬

‫‪77‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪78‬‬

‫�سيلفا هذا المو�ضوع‪ ،‬كما فعل ذلك في حمالته في ‪ 1994‬و‪ 1998‬و‪ .2002‬وقد ُنظِّ َم ْت‬ ‫قوافل متعددة �سميت بقوافل المواطنة‪ 5‬حيث تم خاللها درا�سة الم�شاكل المت�صلة‬ ‫بالفقر والفقر المدقع من عدة جوانب‪ .‬وقد �أدمجت الوثيقة الأخيرة التي �أع َّدها معهد‬ ‫المواطنة في ‪ 2001‬في البرنامج الحكومي الذي تم عر�ضه على المجتمع خالل حملة‬ ‫الرئي�س لوال الناجحة في �سنة ‪ ،2002‬تحت ا�سم " ‪� " Fome zero‬أي الق�ضاء على الجوع‬ ‫(وحرفيا‪�" :‬صفر جائع")‪.‬‬ ‫وقد ا�ست�ؤنفت بقوة النقا�شات في مو�ضوع الأمن الغذائي والتغذية �إبان‬ ‫والية الرئي�س لوي�س �إنيا�سيو لوال دا �سيلفا في �سنة ‪� .2003‬إن هذه الأولوية التي‬ ‫تج�سدت‪ ،‬في المراحل الأولى من الإدارة الفيدرالية الحالية‪ ،‬في �إحداث ثالث هيئات‬ ‫مرتبطة ب�شكل مبا�شر برئا�سة الجمهورية‪ ،‬ركزت اهتمامها‪ ،‬ب�صفة خا�صة‪ ،‬على تنفيذ‬ ‫ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وهي‪ )1( :‬الوزارة فوق العادة المكلفة‬ ‫بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع؛ (‪ )2‬المجل�س الوطني للأمن الغذائي‪ ،‬ويتكون من‬ ‫ممثلين عن الحكومة و�شخ�صيات من منظمات المجتمع المدني‪ ،‬وهو المجل�س الذي‬ ‫تم �إحيا�ؤه‪ )3( ،‬هيئة ا�ست�شارية خا�صة برئا�سة الجمهورية‪ ،‬وتتولى التعبئة حول‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫وقد عمليت ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية التي تم تبنيها‬ ‫في المراحل الأولى من �إدارة الرئي�س لوال على الجمع بين مجموعات ثالث من‬ ‫ال�سيا�سات‪� ،‬أي‪:‬‬ ‫(�أ) �سيا�سات هيكلية ركزت على الأ�سباب العميقة للأمن الغذائي‪ ،‬الذي‬ ‫كان يجب �أن تتبناه على نحو م�شترك الحكومة الفيدرالية والواليات‬ ‫والبلديات ( �أي ال�سيا�سات الفالحية والزراعية‪ ،‬و�سيا�سات التموين‪،‬‬ ‫و�سيا�سات ت�سويق الغذاء وتوزيعه‪ ،‬و�سيا�سات العمل وتوليد الدخل‪،‬‬ ‫و�سيا�سات التربية والرعاية ال�صحية)‪.‬‬ ‫(ب) �سيا�سات خا�صة‪ :‬وقد رمت �إلى �ضمان ال�شروط المالئمة فوراً لفائدة‬ ‫الأ�سر التي تواجه الجوع لل�شروع فيى توفير غذائها على الوجه الأن�سب‬ ‫( �أي �سيا�سات تحويل المبالغ النقدية للأ�سر الفقيرة‪ ،‬و�سيا�سات توزيع‬ ‫الغذاء‪ ،‬و�سيا�سة الأمن الغذائي والجودة)‪.‬‬ ‫(ج) �سيا�سات محلية وقد �أريد لها �أن تعبئ المدبرين في الواليات‬ ‫والبلديات للنهو�ض بالأمن الغذائي والتغذية (�أي خلق مطاعم مدعمة‬ ‫وبنوك الغذاء‪ ،‬والنهو�ض بالمعار�ض الفالحية‪ ،‬وتوفير الدعم التقني‬ ‫للمزارعين الأ�سريين)‪.‬‬ ‫‪ 5‬منظمة غير حكومية �أن�شئت قبل انتخاب الرئي�س لوال بغر�ض تنظيم المعلومات والم�شاريع لتنمية البرازيل‪ ،‬بما في ذلك التنمية االجتماعية‪.‬‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫وفي ‪ ،2004‬تم �إ�سناد الم�س�ؤولية الحكومية لتطبيق ال�سيا�سة الوطنية للأمن‬ ‫الغذائي‪ ،‬ومن ث ََّم تم �إ�سناد برنامج "الق�ضاء على الجوع" �إلى وزارة حديثة �أن�شئت‬ ‫�آنئذ هي وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع‪ ،‬مع �إدماج �أن�شطة �ضد الجوع‬ ‫في العمل اليومي لم�ؤ�س�سات الواليات في �إطار مجهودها المبذول لتقوية التنمية‬ ‫االجتماعية‪ .‬وفي �إطار هذا الت�صميم الجديد‪ ،‬بقي المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية مرتبطا برئا�سة الجمهورية للحفاظ على طابعها الفوق قطاعي والم�شترك‬ ‫بين القطاعات‪ ،‬بينما تعهدت وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع ومعها‬ ‫غرفة ال�سيا�سة االجتماعية بالغرفة المدنية بم�س�ؤولية �ضمان �أجر�أة االتفاقيات‬ ‫المبرمة بين الحكومة الفيدرالية والمجتمع بالترابط مع �سيا�سة الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ .‬وحتى عام ‪ ،2004‬انعقدت الندوة الوطنية الثانية للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫بهدف �إ�شراك الدولة والمجتمع في جهد م�شترك لتحديد �سبل هذه ال�سيا�سة‪ .‬وفي‬ ‫‪ ،2007‬انعقدت الندوة الوطنية الثالثة التي تم خاللها تحديد المبادئ والخطوط‬ ‫التوجيهية لل�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬

‫الترتيبات الم�ؤ�س�سية لإدارة برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫يكمن الأمن الغذائي والتغذية في �ضمان" غذاء �صالح" عبر مجموعة من ال�سيا�سات‬ ‫والعمليات المندمجة والمترابطة فيما بينها والمراد لها �أن ت�ضمن‪ ،‬على �أ�سا�س دائم‪،‬‬ ‫كما وكيفاً‪ ،‬وذلك ا�ستجابة للحاجيات الغذائية‬ ‫الح�صول على غذاء كاف ومنا�سب‪ًّ ،‬‬ ‫لجميع الأفراد في كل مرحلة �أو و�ضعية من حياتهم‪ .‬و ُيفتر�ض كذلك �أن يتم �إنتاج هذا‬ ‫الغذاء على نحو م�ستدام دون �إلحاق ال�ضرر بالأجيال المقبلة‪ .‬ويقت�ضي الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية �أربعة �أبعاد‪ .‬يحيل البعد الأول على كمية الغذاء‪ ،‬التي يمكن �أن تتميز بعدد‬ ‫ال�سعرات الحرارية والبروتينات والفيتامينات والأمالح المعدنية التي ت�ستهلكها‬ ‫الكائنات الب�شرية‪ .‬ويحيل البعد الثاني على نوعية الغذاء الم�ستهلك والذي يمكن �أن‬ ‫يترجم بالتوازن الغذائي للطعام وجودته ال�صحية‪ .‬بينما يحيل البعد الثالث على‬ ‫االنتظامية التي ي�ستهلك بها �شخ�ص معين الطعام‪ ،‬ويمكن ترجمته بتناول وجبات‬ ‫الطعام على الأقل ثالث مرات في اليوم كل يوم‪� .‬أما البعد الرابع فيحيل على الكرامة‬ ‫التي يمكن ترجمتها بحرية النا�س في اختيار طعامهم الخا�ص دون �أية تبعية‪.‬‬ ‫�إذن‪ ،‬فالمتطلبات ال�ضرورية للأمن الغذائي والتغذية هي التالية‪ :‬توفر ما‬ ‫يكفي من الأغذية‪ :‬ويقت�ضي ذلك نظام �إنتاج غذاء متكامل ونظام ا�ستهالك قادر‬ ‫على �ضمان الإمدادات الم�ستقرة بالمواد الغذائية الأ�سا�سية لال�ستهالك الب�شري‬ ‫وب�أ�سعار في المتناول ومنتجة على نحو م�ستدام وفي ظل ال�سيادة‪ ،‬وهو ما يلبي‬ ‫اال�ستقالل الذاتي االقت�صادي ومتطلبات اال�ستقاللية ويحفظ العالمات الثقافية‬

‫‪79‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫والبيئة؛ والح�صول على الغذاء‪ ،‬الذي يفتر�ض الح�صول على دخل كاف ل�شراء الغذاء‪،‬‬ ‫والخدمات العامة الأ�سا�سية‪ ،‬والمعلومات عن جودة التغذية والحقوق االجتماعية‪،‬‬ ‫وما ي�ستوجب ذلك من تفكير حول حق الإن�سان في تغذية مالئمة‪.‬‬ ‫لقد تبلور هذا المفهوم خالل الندوة الوطنية الثانية للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫التي انعقدت في �سنة ‪ ،2004‬وقد تطلب ذلك �إ�شراك الدولة والمجتمع في تنفيذ �سيا�سة‬ ‫عامة طويلة الأمد ت�ضم ا�ستراتيجيات وبرامج وعمليات في ميادين من قبيل‪ :‬الإ�صالح‬ ‫الزراعي‪ ،‬والنهو�ض بالزراعة الأ�سرية‪ ،‬و�إنتاج مكونات الغذاء الأ�سا�سي الذي ي�ستهلكه‬ ‫�سكان البرازيل ل�ضمان الحق في الغذاء والحفاظ على الموارد الوراثية‪ ،‬والح�صول على‬ ‫الموارد الطبيعية وا�ستعمالها والماء‪ ،‬والتزود بالغذاء الح�ضري والفالحة‪ ،‬وتكملة‬ ‫الدخل‪ ،‬والإ�ضافات الغذائية‪ ،‬وذلك في حاالت الطوارئ‪ ،‬وال�صحة والنهو�ض بالتغذية‬ ‫والمراقبة‪ ،‬والتربية المتعلقة بالتغذية والنهو�ض ب�أنماط الحياة ال�صحية‪.‬‬ ‫وقد ورد في فهم الم�شاركين في الم�ؤتمر ما يلي‪:‬‬

‫تتمثل ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية في مجموعة من العمليات المخطط لها التي‬ ‫ترمي �إلى �ضمان التزود بالغذاء والح�صول على الغذاء لكل ال�سكان‪ ،‬وذلك بهدف النهو�ض‬ ‫بتغذيتهم و�صحتهم‪ .‬ويجب �أن تتميز هذه ال�سيا�سة باال�ستدامة‪� ،‬أي �أنه يجب �أن يتم �إعدادها‬ ‫�أخذا بعين االعتبار ال�شروط ال�ضرورية ل�ضمان ا�ستمراريتها على المدى الطويل‪� .‬إنها تتطلب‬ ‫�إ�شراك الحكومة والمجتمع المدني في قطاعاتها الخا�صة بها �أو مجاالت عملها‪ -‬الرعاية‬ ‫ال�صحية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والعمل‪ ،‬والفالحة‪ ،‬والتنمية االجتماعية‪ ،‬والبيئة‪ ،‬من بين �أمور �أخرى‬ ‫ وفي مجاالت مختلفة‪ -‬الإنتاج‪ ،‬والت�سويق‪ ،‬ومراقبة الجودة‪ ،‬والح�صول على الطعام‬‫واال�ستهالك‪ .‬وت�شكل ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية تقدما بالنظر �إلى الأن�شطة‬ ‫والبرامج التي و�ضعتها هذه ال�شرائح لأنها تنه�ض بالمبادئ التالية‪ )1( :‬ت�شاركية القطاعات؛‬ ‫(‪� )2‬أن�شطة م�شتركة بين الدولة والمجتمع؛ (‪ )3‬الإن�صاف‪ ،‬والق�ضاء على الفوارق االجتماعية‬ ‫واالقت�صادية والتمييز بين الجن�سين والتمييز الإثني (وهي الفوارق التي كانت وراء ظهور‬ ‫التمييز �أ�سا�سا �ضد ال�سكان ال�سود وال�سكان الأ�صليين)؛ (‪ )4‬الميزانية المرتبطة والإدارة؛‬ ‫(‪ )5‬ال�شمولية وربط الأن�شطة الهيكلية وتدابير الطوارئ‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫وبمنظور تنفيذ هذه ال�سيا�سة على �أر�ض الواقع‪� ،‬أن�ش�أت �إدارة الرئي�س لوال‬ ‫مجل�سا خا�صا مرتبطا برئا�سة الجمهورية‪� ،‬أي المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية الذي يتمتع بو�ضع فوق قطاعي وو�ضع م�شترك بين القطاعات مكلف ب�ضمان‬ ‫جدوى االتفاقيات الموقعة بين الدولة والمجتمع لتنفيذ ال�سيا�سة الوطنية للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪� .‬إن الأمر يتعلق بت�سيير �شددت عليه الحكومة الفيدرالية لبناء الأ�س�س‬ ‫ال�ضرورية ليتم تعزيز ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية مثل ال�سيا�سات الأخرى‬ ‫ك�سيا�سات ال�صحة‪ ،‬والم�ساعدة االجتماعية‪ ،‬والتعليم والأمن االجتماعي‪.‬‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫هذه هي ال�سيا�سة العري�ضة التي ينبغي لأن�شطة محاربة الجوع الخو�ض‬ ‫تحت رايتها‪ .‬وبذلك فبرنامج الق�ضاء على الجوع هو عبارة عن ا�ستراتيجية لل�سيا�سة‬ ‫الوطنية للأمن الغذائي والتغذية التي تركز على ال�سكان الأكثر عر�ضة للجوع‪� .‬إن‬ ‫اجتثاث الجوع وتمكين كل البرازيليين الذين يعي�شون نق�صا في الدخل �أو و�سائل‬ ‫�أخرى من التمتع بحقهم الإن�ساني في الغذاء ليطعموا �أنف�سهم ب�شكل الئق وبطريقة‬ ‫م�ستدامة‪� -‬إن كل ذلك يعتبر من الأهداف الرئي�سية لبرنامج الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫ويعتبر المبد�أ الموجه لهذه اال�ستراتيجية‪ ،‬وهو الح�صول على الغذاء‪ ،‬حقا اجتماعيا‬ ‫و�إن�سانيا؛ ومن �أجل �ضمان هذا الحق‪ ،‬يتوقع تنفيذ مجموعة مرتبطة من ال�سيا�سات‬ ‫العامة (التي ت�ستلزم وزارات مختلفة‪ ،‬والإدارة الفيدرالية‪ ،‬والواليات والبلديات) على‬ ‫الأمد الأق�صر والطويل وبم�شاركة المجتمع المدني‪.‬‬ ‫لقد مكن �إدماج الوزارات المكلفة بتنفيذ ال�سيا�سات المرتبطة ب�شكل وثيق‬ ‫بتوجهات برنامج الق�ضاء على الجوع من تعزيز الأهداف الم�شتركة‪ .‬وقد خلق �إدماج‬ ‫�أن�شطة كل وزارة ومواردها على �شكل �أن�شطة مخطط لها و�أن�شطة مرتبطة �إمكانات‬ ‫جيدة ل�ضمان الح�صول على الغذاء‪ ،‬ولتو�سيع �إنتاج الغذاء ال�صحي وا�ستهالكه‪،‬‬ ‫ولتوليد فر�ص العمل والدخل وتح�سين م�ستويات الدرا�سة‪ ،‬وم�ؤ�شرات ال�صحة‪،‬‬ ‫والو�صول �إلى �إمدادات المياه‪ ،‬والبنيات التحتية‪ ،‬كل ذلك من منظور �ضمان حقوق‬ ‫المواطنة‪.‬‬ ‫ولتلك الغاية‪ ،‬يعتبر �إيجاد الو�سائل الم�ؤ�س�سية للحكومة كي تعمل على نحو‬ ‫ي�شمل كل القطاعات �ضروريا وذلك لربط �أن�شطة كل قطاع و�ضمان الوقع القوي على‬ ‫ا�ستئ�صال العنا�صر الهيكلية والطارئة له�شا�شة الغذاء التي تواجهها العائالت‪ ،‬وذلك‬ ‫تفاديا لتبعثر الموارد‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬تم �إر�ساء مجموعة عمل تتكون من ممثلين عن كل الوزارات المكلفة‬ ‫ببرامج وعمليات محاربة الجوع‪ .‬و�أعيد تحديد البرامج التي تحظى بالأولوية لت�صبح‬ ‫عنا�صر من ا�ستراتيجية حكومية‪ .‬وتم فتح بوابة �إلكترونية من �أجل المعلومة عن‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع رهن �إ�شارة ال�سكان‪ ،‬وذلك ب�شكل ن�سقي وغير قطاعي‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى البوابة االلكترونية‪ ،‬فقد �أقيمت‪ ،‬منذ ال�شروع في العملية‪ ،‬قناة‬ ‫للتوا�صل المبا�شر مع ال�سكان اتخذت �شكل خط هاتفي �ساخن ومجاني خا�ص‬ ‫ببرنامج الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫وقد تم �إ�صدار قانون الأمن الغذائي والتغذية الذي تمت �صياغته ب�إ�شراك‬ ‫المجتمع و�صودق عليه بالإجماع في البرلمان البرازيلي ليقره الرئي�س‪ ،‬ليتم بذلك‬ ‫�إر�ساء النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ .‬ولقد و�ضع هذا النظام على �أ�سا�س‬ ‫دمج كل ال�سيا�سات المت�صلة بالأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬بما في ذلك الزراعة الأ�سرية‬ ‫وتوفير التمويل والم�ساعدة التقنية وال�شراء الم�ضمون لمنتجات �أ�سر المزارعين‬

‫‪81‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫لال�ستعمال مبا�شرة في البرامج االجتماعية؛ والتحويالت النقدية؛ والح�صول على‬ ‫التغذية من خالل المطاعم المدعمة؛ والتوزيع في حاالت الطوارئ ل�سالل الأغذية؛‬ ‫وبنوك الغذاء‪.‬‬ ‫كما ي�شتمل النظام على �سيا�سات من قبيل توفير الأغذية الزراعية‪ ،‬و�صيد‬ ‫الأ�سماك وتربية الأحياء المائية‪ ،‬والإ�صالح الزراعي‪ ،‬وبرنامج الوجبات المدر�سية‪،‬‬ ‫والعادات الغذائية ال�صحية‪ ،‬وتنظيم ال�صرف ال�صحي‪ ،‬وغيرها مما يقع تحت‬ ‫م�س�ؤولية وزارات �أخرى‪ .‬وي�ضم النظام الم�ؤتمر والمجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية وغرفة الأمن الغذائي والتغذية الم�شتركة بين الوزارات‪.‬‬ ‫وفي �سنة ‪ ،2010‬تمت �إ�ضافة الحق في الح�صول على الغذاء �إلى الد�ستور‬ ‫البرازيلي باعتباره حقا اجتماعيا‪ ،‬وبناء عليه‪ ،‬فنحن نعتمد اليوم على �أداة قانونية‬ ‫�شاملة ل�ضمان تفعيل كافة العمليات المدمجة في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬لقد‬ ‫�أ�صبح الحق في الح�صول على الغذاء اليوم حقا د�ستوريا في البرازيل‪.‬‬

‫المحاور والبرامج والعمليات‬ ‫كما هو مو�ضح �أدناه‪ ،‬تندرج عمليات برنامج الق�ضاء على الجوع �ضمن �أربعة محاور‬ ‫مف�صلية‪ :‬تو�سيع قاعدة الح�صول على الغذاء‪ ،‬وتقوية الزراعة الأ�سرية‪ ،‬والنهو�ض‬ ‫المنتِج والقائم على الم�شاركة‪ ،‬وعمليات التعبئة‪ .‬وقد تم ت�صميم هذا النهج‬ ‫بالإدماج ُ‬ ‫لأغرا�ض تنظيمية ال غير‪ .‬فالبرامج كلها مجرد عنا�صر من اال�ستراتيجية نف�سها‪ ،‬وال‬ ‫يوجد عن�صر واحد ب�إمكانه‪ ،‬بمفرده‪ ،‬تحقيق هذا الهدف المتمثل في تقلي�ص الجوع‬ ‫�إلى �صفر‪� .‬إن برنامج الق�ضاء على الجوع لي�س مجموع �أجزائه‪ ،‬و�إنما هو بالأحرى‬ ‫التكامل والت�آزر اللذان ولدتهما عملية التكامل تلك‪.‬‬

‫المحور الأول‪ :‬الح�صول على الغذاء‬

‫‪82‬‬

‫لقد قام المحور الأول من برنامج الق�ضاء على الجوع بتنفيذ العمليات التي ا�ستهدفت‬ ‫مبا�شرة الزيادة في ح�صول ذوي الدخل المحدود على التغذية وذلك ب�صرف النظر‬ ‫عن ارتفاع القوة ال�شرائية لذوي الأجور الدنيا على �أ�سا�س م�ستمر‪ ،‬مع احت�ساب‬ ‫عواقب ذلك على المبالغ الم�ؤداة في م�ستحقات التقاعد وفوائد الم�ساعدة االجتماعية‪،‬‬ ‫وب�صرف النظر عن الزيادة الحا�صلة في منا�صب العمل المتاحة‪ .‬وقد تمثلت العملية‬ ‫الأولى في الو�ضع الفوري لبرنامج التحويل النقدي‪� ،‬أي برنامج منحة الأ�سرة‬ ‫والإ�سراع بتو�سيعه‪ .‬كما تم تعزيز الح�صول على الغذاء وذلك بف�ضل �إعادة �صياغة‬ ‫برنامج الوجبات المدر�سية وتو�سيعه‪ ،‬ودعم تو�سيع المرافق العامة كالمطاعم‬ ‫المدعمة وبنوك الأغذية‪ .‬لقد تمكن برنامج منحة الأ�سرة‪ ،‬وهو �أكبر برنامج تحويل‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫املحاور والربامج والعمليات‬ ‫‪1.1‬الح�صول على الأغذية‬ ‫■ ■الدخل‪ :‬برنامج منحة الأ�سرة‬ ‫■ ■برامج الأغذية‪:‬‬ ‫برنامج الوجبات المدر�سية‬ ‫توزيع فيتامين “�أ” والأغذية‬ ‫المط َّعمة بالحديد على مجموعات‬ ‫معينة من ال�سكان‬ ‫التربية الغذائية والتغذوية‬ ‫نظام مراقبة الغذاء والتغذية‬ ‫برنامج غذاء العمال‬ ‫■ ■�شبكات محلية و�إقليمية‪:‬‬ ‫المطاعم الم�ستفيدة من دعم‬ ‫الدولة‪ ،‬المطابخ الجماعية‬ ‫والمعار�ض الفالحية والزراعة‬ ‫الح�ضرية وبنوك الغذاء‬ ‫■ ■المياه‪ :‬ا�ستعمال خزانات المياه‬

‫‪3.3‬توليد الدخل‬ ‫■ ■الت�أهيل المهني واالجتماعي‪:‬‬ ‫برنامج الخطوة المقبلة‪ /‬برنامج‬ ‫منحة الأ�سرة‬ ‫■ ■اقت�صاد ت�ضامني و�شمولية‬ ‫الإنتاج‬ ‫■ ■قرو�ض �صغرى موجهة للإنتاج‬ ‫■ ■اتفاقيات �إقليمية بخ�صو�ص ‬ ‫الأمن الغذائي والتغذية‪:‬‬ ‫�أرا�ضي المواطنة‬

‫‪2.2‬دعم الزراعة الأ�سرية‬ ‫■ ■تمويل الأ�سر الزراعية‬ ‫ت�أمين زراعي وت�أمين الح�صاد‬ ‫■ ■برنامج الح�صول على الأغذية‬

‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫‪4.4‬الهيكلة الرابطة بين هذه المكونات‬ ‫والتعبئة والرقابة االجتماعية‬ ‫■ ■مراكز مرجعية للم�ساعدة‬ ‫االجتماعية وبرنامج الرعاية‬ ‫الأ�سرية الكاملة‬ ‫■ ■مجال�س ولجان المراقبة االجتماعية‬ ‫■ ■التربية على المواطنة والتعبئة‬ ‫االجتماعية‬ ‫■ ■التبرعات‬ ‫■ ■�شراكات مع �شركات ومنظمات‬

‫نقدي في ظل الحكومة الفيدرالية‪ ،‬من م�ساعدة ‪ 12 650‬مليون �أ�سرة فقيرة و�أ�سرة‬ ‫‪6‬‬ ‫معوزة ت�ضم حوالي ‪ 48‬مليون ن�سمة‪.‬‬ ‫‪ 6‬يقدم برنامج منحة الأ�سرة م�ساعدة للأ�سر ح�سب عدد �أفرادها عندما ال يتجاوز دخلها ال�شهري ‪ 140‬رياال برازيليا (‪ 82‬دوالرا �أمريكيا)‪� .‬أما‬ ‫الأ�سر التي ال يتعدى دخلها ‪ 70‬رياال برازيليا (�أي ‪ 41‬دوالرا �أمريكيا) في ال�شهر‪ ،‬فتعد فقيرة جدا‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وتح�صل هذه الأ�سر على معدل قيمته ‪ 94.00‬رياال برازيليا (‪ 56‬دوالرا �أمريكيا)‬ ‫في ال�شهر‪ .‬وقد عرفت ميزانية البرنامج‪،‬بين �سنة ‪ 2003‬و�سنة ‪ ،2008‬زيادة نوعية‬ ‫من ‪ 3.2‬مليار ريال برازيلي (‪ 1.9‬مليار دوالر �أمريكي) �إلى ‪ 10.5‬مليار ريال برازيلي‬ ‫(‪ 6.1‬مليار دوالر �أمريكي)‪ .‬وتبين الدرا�سات �أن التحويالت النقدية التي تمت لفائدتهم‬ ‫والوجبات الغذائية المقدمة لأبنائهم في المدار�س هي �أهم و�سائل ت�أمين الح�صول‬ ‫على الأغذية لفائدة الأ�سر ذات الدخل المحدود‪ .7‬و�أما الأ�سر الم�ستفيدة من برنامج‬ ‫منحة الأ�سرة فتنفق دخلها �أ�سا�سا على الغذاء؛ ويبلغ متو�سط م�صاريفها ال�شهرية‬ ‫‪ 200.00‬ريال برازيلي (�أي ‪ 118‬دوالرا �أمريكيا)‪ .‬ولتح�صل تلك الأ�سر على الم�ساعدة‪،‬‬ ‫يجب �أن تكون لها �إرادة للم�شاركة في عمليات الرعاية التربوية وال�صحية لأطفالها‪،‬‬ ‫وبذلك يتم الربط مع النظام ال�صحي الموحد والنظام التربوي للبالد‪.‬‬ ‫وحتى عام ‪ ،2008‬ا�ستطاع البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية �أن ي�ؤمن‬ ‫تقديم معدل ‪ 35‬مليون وجبة مجانية على وجه التقريب يوميا بالمدار�س العامة في‬ ‫البرازيل لفائدة �أطفال الفئة العمرية ‪ 0‬و‪� 14‬سنة باالبتدائي والإعدادي‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫مراكز رعاية الأطفال الر�ضع ومراكز التعليم الأولي‪ 8.‬وفي ‪ ،2009‬ومع التحاق تالميذ‬ ‫المرحلة الثانوية بالبرنامج و�أولئك الذين ي�شملهم برنامج تربية ال�شباب والرا�شدين‪،‬‬ ‫ُق ِّدر عدد الوجبات المقدمة بالمدار�س بحوالي ‪ 47‬مليون وجبة يوميا‪ .‬وفي ‪،2010‬‬ ‫بلغت الميزانية الفيدرالية التي تم �إنفاقها في هذه العملية ‪ 3‬مليارات ريال برازيلي‬ ‫(�أي ‪ 1.75‬مليار دوالر �أمريكي)‪ .‬ومنذ بداية �إدارة الرئي�س لوال ارتفع المبلغ الفردي‬ ‫المحول يوميا �إلى الحكومات المحلية و البلدية بن�سبة ‪ 130‬في المائة �أي من‬ ‫‪ 0.13‬ريال برازيلي �إلى ‪ 0.30‬ريال برازيلي لكل تلميذ‪ .‬وقد ت�ضاعف هذا المبلغ لفائدة‬ ‫الجماعات الأ�صلية وجماعة الكويلومبو‪.‬‬ ‫كما يجب �أن ن�شير �إلى برنامج غذاء العمال‪ ،‬وهو برنامج غذاء تكميلي لفائدة‬ ‫العمال ذوي الدخل المحدود‪ ،‬يتم تنفيذه من خالل ال�شركات التي ت�ستفيد من حوافز‬ ‫�ضريبية لهذا الغر�ض‪ .‬وقد �ساعد هذا البرنامج ‪ 11.8‬مليون عامل‪ ،‬وي�شمل �إعفاءات �ضريبية‬ ‫تقدر �سنويا بـ ‪ 485‬مليون ريال برازيلي (‪ 285‬مليون دوالر �أمريكي)‪ .‬ويمثل مجموع هذه‬ ‫المبالغ ن�سبة تغطية تبلغ ‪ 34‬في المائة من مجموع العمال في �سوق العمل الر�سمي‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬يتم تنفيذ مجموعة من المرافق العامة في ميدان الغذاء‬ ‫والتغذية في عدة مدن بالبرازيل‪ ،‬مثل المطاعم المدعمة (‪ 90‬وحدة ت�ستقبل يوميا‬ ‫حوالي ‪� 200‬ألف �شخ�ص)‪ ،‬وبنوك الغذاء (‪ 140‬وحدة ت�شمل تقريبا ‪ 1‬مليون �شخ�ص)‬ ‫‪84‬‬

‫‪ 7‬انظر بهذا الخ�صو�ص ‪Repercussões do Programa Bolsa Familia na Sequrança Alimentar e Nutricional das‬‬ ‫‪( Famílias Beneficiada: relatório sintese‬ريو دي جانيرو‪ :‬المعهد البرازيلي للتحاليل االجتماعية واالقت�صادية ‪.)2008-UBASE‬‬ ‫‪ 8‬ينق�سم التعليم بالبرازيل �إلى م�ستويين‪ :‬الأ�سا�سي والعالي‪ .‬التعليم الأ�سا�سي به ثالث مراحل‪ :‬تعليم الأطفال حتى �سن ‪� 5‬سنوات في مراكز‬ ‫العناية بالأطفال‪ ،‬الطفولة المبكرة (‪� 3-0‬سنوات)‪ ،‬ثم التعليم ما قبل المدر�سة (‪� 5-4‬سنوات)؛ التعليم االبتدائي والإعدادي‪ :‬وهو �إجباري للمتعلمين‬ ‫البالغين ما بين ‪� 6‬سنوات و‪� 14‬سنة؛ ثم التعليم الثانوي الذي يدوم ثالث �سنوات‪� .‬أما التعليم العالي فهو مفتوح للطلبة ابتداء من �سن ‪ 18‬عاما‪.‬‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫والمطابخ الجماعية (‪ 645‬وحدة ي�ستفيد منها ‪� 140‬ألف �شخ�ص)‪ .‬وت�شتغل هذه المرافق‬ ‫ِّ�ص كمي َة الغذا ِء المت َل َف َة وترتقي‬ ‫على �أ�سا�س منهجيات تربوية ُمج ِّددة بحيث ُت َقل ُ‬ ‫بالعادات الغذائية ال�صحية والتعبئة االجتماعية‪ ،‬ب�صرف النظر عن محاكاة اعتماد‬ ‫�سيا�سات الأمن الغذائي والتغذية غير الممركزة على الم�ستوى المحلي‪.‬‬ ‫لقد حقق البرنامج التكميلي للفيتامينات النتائج التالية‪ :‬تغطية ‪� 634.9‬ألف‬ ‫طفل تتراوح �أعمارهم بين ‪� 6‬أ�شهر و‪� 11‬شهرا؛ وتغطية ‪ 3.04‬مليون طفل تتراوح‬ ‫�أعمارهم بين ‪� 12‬شهرا و‪� 59‬شهرا ؛ وتغطية ‪� 203.3‬ألف �أم في مرحلة ما بعد الو�ضع‬ ‫مبا�شرة‪ .‬وقد �أوردت تقارير ‪ 539‬بلدية المعطيات المتعلقة بتطور هذا البرنامج‪ .‬وقد‬ ‫بلغ البرنامج التكميلي للحديد عالمة ‪ 330 000‬مكمل وزعت على �أطفال تتراوح‬ ‫�أعمارهم بين ‪� 6‬أ�شهر و‪� 18‬شهرا و‪ 220 000‬مكمل لن�ساء حوامل‪.‬‬ ‫ويطور برنامج الق�ضاء على الجوع �أي�ضا برامج مج ِّددة تحمل في طياتها‬ ‫�إمكانيات هائلة للنمو‪ ،‬ومن بينها برنامج بناء �صهاريج المياه في المنطقة �شبه‪-‬‬ ‫القاحلة من البرازيل‪ ،‬وهي منطقة ال ت�سقط فيها الأمطار لمدة �أربعة �أ�شهر في ال�سنة‪،‬‬ ‫وتعرف بكونها ذات �أدنى الم�ؤ�شرات االجتماعية بالبالد‪ .‬وهكذا‪ ،‬وبا�ستعمال تقنية تم‬ ‫تطويرها على �صعيد المنطقة وبف�ضل الم�شاركة الن�شطة للم�ستفيدين‪ ،‬تم بناء �أكثر من‬ ‫‪� 294 000‬صهريج ماء لخزن مياه �سيول الأمطار‪ .‬وكانت ح�صيلة ذلك �أن ا�ستطاع �أكثر‬ ‫من ‪ 1.186‬مليون �شخ�ص الح�صول اليوم على جودة المياه في منازلهم بالمنطقة‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬تقوية الزراعة الأ�سرية‬

‫يرمي المحور الثاني من برنامج الق�ضاء على الجوع �إلى دعم الزراعة الأ�سرية‪ ،‬التي‬ ‫تعتبر الزراعة ال�سائدة في معظم المن�ش�آت الزراعية بالبرازيل‪ ،‬وتمثل معظم التموين‬ ‫المحلي من الغذاء‪ .‬وعلى الرغم من االتفاق الفعلي الحا�صل‪ ،‬ف�إن �أهمية الزراعة‬ ‫الأ�سرية في ا�ستمرار بناء النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية بالبرازيل ما‬ ‫زالت تثير م�سائل ت�شكل مو�ضوع نقا�ش حاد‪ .‬ويعود ذلك �إلى االختالف في وجهات‬ ‫النظر بين منظمات المجتمع المدني والحكومات والمبادرة الخا�صة بخ�صو�ص‬ ‫تعاي�ش النماذج الزراعية المختلفة‪ ،‬كالزراعة الأ�سرية والزراعة الم�صنعة (�أو الزراعة‬ ‫التجارية)‪ ،‬وهو تعاي�ش يجدر التعبير عنه على م�ستوى الم�ؤ�س�سات في وجود‬ ‫وزارتين هما وزارة الزراعة ووزارة التنمية الزراعية‪ .‬وعلى الرغم من �أن الزراعة‬ ‫الأ�سرية تغطي فقط ربع الم�ساحة التي تغطيها الزراعة الم�صنعة �أو التجارية‪ ،‬ف�إن‬ ‫الزراعة الأ�سرية تمثل ‪ 38‬في المائة من قيمة الإنتاج (‪ 54.4‬مليار ريال برازيلي‬ ‫(‪ 32‬مليار دوالر �أمريكي) بالبرازيل‪ ،‬وذلك ح�سب معطيات �إح�صاء ‪ 2006‬الخا�ص‬ ‫بالزراعة والثروة الحيوانية‪ .‬وعلى الرغم من كونها ت�شغل مجاال �أ�صغر من المجال‬ ‫الذي ت�شغله الزراعة الم�صنعة التجارية‪ ،‬ف�إنه يجوز القول �إن الزراعة الأ�سرية هي‬

‫‪85‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الركن الأ�سا�س في الأمن الغذائي بالبالد‪ ،‬لأنها تمثل الن�سب التالية من الإنتاج‬ ‫المحلي‪ :‬الك�سافا‪ 87 :‬في المائة؛ اللوبياء‪ 70 :‬في المائة؛ الذرة‪ 46 :‬في المائة؛ البن‪:‬‬ ‫‪ 38‬في المائة؛ الأرز‪ 34 :‬في المائة؛ الحليب‪ 58 :‬في المائة؛ لحم الخنزير‪ 59 :‬في‬ ‫المائة؛ الدواجن‪ 50 :‬في المائة؛ لحوم الأبقار‪ 30 :‬في المائة؛ القمح‪ 21 :‬في المائة‪.‬‬ ‫وح�سب هذا الإح�صاء دائما‪ ،‬فالزراعة الأ�سرية تعتبر �أي�ضا �أهم قطاع مولد لفر�ص‬ ‫العمل بالبرازيل �إذ يتمركز به ‪ 12.3‬مليون عامل �أو ‪ 74.4‬في المائة من العمال‬ ‫الن�شطين بالو�سط الريفي‪.‬‬ ‫وكيفما كان الحال‪ ،‬فعند بداية برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬تم تحديد مخطط‬ ‫للح�صاد خا�ص بهذا النوع من الزراعة‪ ،‬بحيث ي�ضم‪ ،‬من جهة‪ ،‬تو�سيع برنامج‬ ‫القرو�ض الموجودة ‪ -‬البرنامج الوطني لتقوية الزراعة الأ�سرية‪ .‬وهو عبارة عن‬ ‫برنامج للقرو�ض مخ�ص�ص ح�صريا للزراعة الأ�سرية ويركز كثيرا على �إنتاج الغذاء‪.‬‬ ‫وقد �أدى تو�سيعه الأخير �إلى توقيع مليوني اتفاق بقر�ض تقريبا في مو�سم ح�صاد‬ ‫‪ ،2009-2008‬وهو ما اقت�ضى مبلغا �إجماليا يقدر بـ ‪ 13‬مليار ريال برازيلي (‪7.64‬‬ ‫مليار دوالر �أمريكي)‪ .‬وت�شمل حوالي ‪ 60‬في المائة من عملياته الأ�سر الريفية الفقيرة‪،‬‬ ‫بمن فيها �أ�سر المزارعين‪ ،‬و�أ�سر ا�ستوطنت في �إطار الإ�صالح الزراعي و�أخيرا �أ�شخا�ص‬ ‫تقليديون وع�شائر تقليدية‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬وباقتراح من المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪� ،‬أقيم‬ ‫برنامج اقتناء الغذاء من �أ�سر المزارعين باعتباره نموذجا رئي�سيا للبرامج الم�شتركة‬ ‫بين القطاعات حيث يقيم روابط بين توفير الغذاء الذي يتم �إنتاجه وفق نماذج الزراعة‬ ‫الأ�سرية والطلب على الغذاء للبرامج العامة والمرافق (برنامج الوجبات المدر�سية‪،‬‬ ‫والم�ست�شفيات‪ ،‬وتوزيع المنتجات الغذائية مجانا‪ ،‬و�سالل الأغذية وغيرها) و�أي�ضا‬ ‫لتوفير مخزونات غذائية‪ ،‬ويرد �أدناه و�صف لبرنامج اقتناء الغذاء من �أ�سر المزارعين‪.‬‬ ‫وباعتبار التركيز على الأمن الغذائي والتغذية جزءاً من المحور الذي ي�شدد على‬ ‫المجاالت الريفية و�سكانها‪ ،‬فقد تم �أي�ضا �إدماجه تدريجيا في �سل�سلة من العمليات‬ ‫الأخرى التي يراد منها �ضمان ح�صول الأ�سر الريفية التي تعي�ش في المنطقة �شبه‬ ‫‪9‬‬ ‫القاحلة على الماء‪ ،‬ال�سيما ال�سكان الأ�صليون وال�سود الريفيون وجماعات الكيلومبو‪،‬‬ ‫بينما تتم حماية التنوع البيولوجي – االجتماعي والمعرفة التقليدية‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬تعزيز العمليات المدرة للدخل‬

‫‪86‬‬

‫لقد حفز تعزيز العمليات المدرة للدخل االقت�صاد القائم على الت�ضامن كما انطوى‬ ‫على �إجراءات لبناء قدرات ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض كو�سيلة للم�ساهمة في‬ ‫‪9‬‬

‫هي مجتمعات محلية يقول �أع�ضا�ؤها �إنهم منحدرون من عبيد �أفارقة فارين في الزمن الما�ضي‪.‬‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫دمجهم في �سوق العمل‪ .‬وفي عام ‪� ،2003‬أن�ش�أت الحكومة الفيدرالية الأمانة العامة‬ ‫للت�ضامن الوطني القائم على االقت�صاد بو�صفها وكالة تابعة لوزارة العمل‪ .‬منذ‬ ‫ذلك الحين‪ ،‬قامت هذه الأمانة بتنفيذ برنامج اقت�صاد الت�ضامن في التنمية‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف تلبية مطالب رئي�سية للم�شاريع االقت�صادية القائمة على الت�ضامن من خالل‬ ‫الح�صول على ال�سلع والخدمات المالية‪ ،‬والبنية التحتية‪ ،‬والمعرفة ‪ -‬التدريب‬ ‫والخدمات اال�ست�شارية والم�ساعدة التقنية وتنظيم عمليات الإنتاج والت�سويق‪.‬‬ ‫وبين عامي ‪ 2005‬و‪ ،2008‬تم تكوين ‪ 1 500‬وكيل مجتمعي‪ ،‬وهناك الآن ‪532‬‬ ‫وكالء ير�صدون حوالي ‪ 700‬م�شروع قائم على الت�ضامن ت�شمل ‪ 45 000‬عامل من كال‬ ‫الجن�سين في الواليات الـ ‪ 27‬التابعة لالتحاد الفيدرالي‪.‬‬ ‫ويجري تنفيذ مختلف ال�شراكات مع الحكومة الفيدرالية في �إطار هذا المحور‪.‬‬ ‫من بين هذه‪ ،‬ينبغي الإ�شارة ب�شكل خا�ص �إلى �شراكة مع م�ؤ�س�سة بنك البرازيل ‪،‬‬ ‫التي من خاللها تم تنفيذ مبادرات قائمة على الت�ضامن االقت�صادي مدرة للدخل‬ ‫وخالقة لفر�ص العمل‪ .‬فقد تم دعم ‪ 150‬م�شروعا‪� ،‬إلى غاية عام ‪ ،2008‬ا�ستفاد منها‬ ‫‪ 4 300‬م�شروع �شملت ‪ 136 000‬عامل مبا�شرة و�أكثر من مليونين اثنين ب�شكل غير‬ ‫مبا�شر في ‪ 720‬بلدية‪ .‬وهناك �شراكة رئي�سية �أخرى �أقيمت مع بنك ال�شمال ال�شرقي‬ ‫للبرازيل (‪ )BNB‬لدعم المنظمات التي تعمل بال�صناديق المتجددة القائمة على‬ ‫الت�ضامن(‪ ،)Solidarity-based Revolving Funds‬التي وفرت الموارد المالية ل�ضمان‬ ‫جدوى �إجراءات منتجة م�شتركة وم�ستدامة‪ .‬وفي ‪ 2005‬و‪ ،2008‬دعمت ‪ 50‬م�شروعا‬ ‫با�ستثمار ‪ 5‬ماليين ريال برازيلي‪ ،‬ا�ستفاد منها ب�شكل مبا�شر ‪ 700‬م�شروع قائم على‬ ‫الت�ضامن االقت�صادي �شملت حوالي ‪ 7 000‬عائلة م�شاركة‪ .‬وحتى عام ‪ ،2008‬تم �إن�شاء‬ ‫‪ 44‬بنك مجتمعي في �ضواحي المناطق الح�ضرية‪ ،‬وجماعات الكيلومبو وبلديات‬ ‫المناطق الريفية‪� ،‬أمنت تمويالت قائمة على الت�ضامن لحوالي ‪� 5 000‬شخ�ص‪ ،‬وعززت‬ ‫�إدراج ‪� 10 000‬أ�سرة �أخرى في النظام الم�صرفي‪.‬‬ ‫وهناك مبادرة �أخرى هي البرنامج الوطني لدعم الحا�ضنات التكنولوجية‬ ‫ال�شعبية للتعاونيات (‪ )Proninc‬الذي حقق تو�سعا كبيرا في الحا�ضنات بالجامعات‬ ‫البرازيلية‪ .‬وب�شراكة مع مختلف الوزارات والوكاالت الفيدرالية‪ ،‬قدم الدعم لـ ‪76‬‬ ‫حا�ضنة جامعية بين عامي ‪ 2003‬و ‪ ،2008‬ا�ستفاد منه ما يقرب من ‪ 700‬م�شروع قائم‬ ‫على الت�ضامن االقت�صادي‪ ،‬بم�شاركة ما يقرب من‪ 10 000‬عامل من كال الجن�سين‪.‬‬ ‫وهناك �أي�ضا مبادرة �أخرى ت�سعى نحو نف�س الهدف هي برنامج "البروك�سيمو‬ ‫با�سو" (الخطوة التالية) ‪ ،‬وهي مبادرة م�شتركة بين الوزارات �أن�شئت لت�شجيع الت�أهيل‬ ‫االجتماعي والمهني في �صناعات البناء وال�سياحة‪ .‬ويجري تنفيذ هذا البرنامج‬ ‫من خالل وزارات العمل والتوظيف‪ )MTE( ،‬والتنمية االجتماعية ومكافحة الجوع‬ ‫(‪ ،)MDS‬وال�سياحة (‪ )MTur‬باال�شتراك مع حكومات الواليات والبلديات‪ ،‬ورجال‬

‫‪87‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الأعمال والعمال‪ .‬ويهدف البرنامج‪ ،‬من خالل ا�ستثمار ‪ 20‬مليون ريال برازيلي‪،‬‬ ‫�إلى توفير التدريب المهني لحوالي ‪ 26 000‬عامل �شملهم برنامج منحة الأ�سرة في‬ ‫‪ 21‬والية وفي المقاطعة الفيدرالية‪.‬‬ ‫ويهدف البرنامج‪ ،‬من خالل التعليم المهني‪� ،‬إلى ت�شجيع �إدراج العمال الفنيين‬ ‫الم�ؤهلين كباب الدخول �إلى عالم العمل‪ ،‬ف�ضال عن تعزيز توليد الدخل في ال�صناعة‬ ‫ال�سياحية‪� .‬أما الدرو�س التي يوفرها البرنامج فيمكن �أن يح�ضرها النا�س الذين‬ ‫تتراوح �أعمارهم بين ‪� 18‬سنة ف�أكثر من الأ�سر التي تمت تغطيتها من قبل برنامج‬ ‫منحة الأ�سرة والذين �أكملوا‪ ،‬على الأقل‪ ،‬الدرجة الرابعة من التعليم االبتدائي‪.‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬الروابط والتعبئة والم�شاركة ال�شعبية‬

‫‪88‬‬

‫لقد تم عقد مختلف ال�شراكات مع الحكومة الفيدرالية للقيام بحمالت �ضد الجوع‬ ‫ومن �أجل الأمن الغذائي والتغذية‪ .‬وهكذا ت�أ�س�ست مائة �شراكة في هذا الإطار‪ .‬ويوفر‬ ‫هذا المحور �أي�ضا التربية على المواطنة من خالل مبادرات تعبوية وتنمية المواطنة‪.‬‬ ‫وبعد �إطالق ا�ستراتيجية الق�ضاء على الجوع في عام ‪ ،2003‬اتخذت مبادرة‬ ‫رئي�سية مقترنة بمجموعة من ال�سيا�سات العامة التي تهدف �إلى الق�ضاء على الجوع‬ ‫والفقر المدقع‪ :‬مبادرة لتطوير عملية التدريب وبناء القدرات في مجال الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية للفئات ال�ضعيفة من ال�سكان ت�أخذ بعين االعتبار واقعها المتنوع‪ .‬وقد كلف‬ ‫بتنظيم �إجراءات التعبئة االجتماعية طالير نا�سيونال )‪" (Talher Nacional‬حرفيا‪،‬‬ ‫الأطباق الوطنية"‪ ،‬والذي ي�سمى اليوم ب�شبكة التربية على المواطنة‪ ،‬وبرنامج مدار�س‬ ‫ال�شقيقات‪ ،‬وكالهما على �صلة بمكتب الم�ست�شار الخا�ص لرئي�س الجمهورية‪ .‬وتعتمد هذه‬ ‫المبادرة‪ ،‬والتي هي قيد التنفيذ في واليات البرازيل البالغ عددها ‪ 26‬وفي منطقة العا�صمة‬ ‫الفيدرالية‪ ،‬من خالل �شبكات طالير نا�سيونال الإقليمية والبلدية‪ ،‬على االنخراط والدعم‬ ‫الطوعي من الآالف من المربين على م�ستوى القاعدة‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى مربين على م�ستوى‬ ‫القاعدة من بين الموظفين الذين �سمح لهم بالم�شاركة في هذه المبادرة في �إطار االتفاقات‬ ‫العامة وال�شراكات مع المجتمع المدني‪ .‬وي�شمل برنامج مدار�س ال�شقيقات‪ ،‬الذي �أن�شئ في‬ ‫�إطار برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬المدار�س الحكومية والخا�صة فيما يخ�ص الإجراءات‬ ‫الرامية �إلى تعزيز تقدير النا�س وحقوق المواطنة‪ ،‬وتعزيز االندماج االجتماعي‪.‬‬ ‫وبف�ضل عمل المتطوعين المكثف‪ ،‬طالت �شبكة التربية على المواطنة ‪1 500‬‬ ‫بلدية برازيلية و�شارك فيها حوالي ‪� 300 000‬شخ�ص في �إطار عمليات التدريب وبناء‬ ‫القدرات في نظام الأمن الغذائي والتغذية ‪ FNS‬والحقوق االقت�صادية واالجتماعية‬ ‫والب�شرية بين عامي ‪ 2004‬و‪ .2009‬وت�شمل النتائج الرئي�سية لهذا الن�شاط‪ ،‬من بين‬ ‫�أمور �أخرى‪ ،‬تعزيز و�إن�شاء منتديات ومجال�س الأمن الغذائي؛ و�إن�شاء المزارع الأ�سرية‬ ‫المتجولة والأ�سواق ال�شعبية في الهواء الطلق القائمة على الت�ضامن االقت�صادي‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫ومبادرات العمل مع ال�سكان الأ�صليين وجماعات الكيلومبو المحلية والن�ساء‪،‬‬ ‫وجامعو النفايات و�إعادة التدوير من مواد مختلفة‪ ،‬وحوافز لخلق الأمن الغذائي‬ ‫واتحادات التنمية المحلية؛ والر�صد والمراقبة االجتماعية لبرنامج منحة الأ�سرة‪،‬‬ ‫وال�سيا�سات العامة الأخرى‪ ،‬وتعزيز ال�سيا�سات الإقليمية‪ ،‬و�إن�شاء مراكز التعليم على‬ ‫م�ستوى القاعدة لفائدة الأ�سر الم�ستفيدة من برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬والأ�سر التي‬ ‫تواجه ال�ضعف االجتماعي‪ ،‬وح�شد المربين والأ�سر لح�ضور محا�ضرات حول الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬والم�شاركة في المناق�شات حول قوانين نظام الأمن الغذائي ‪FNS‬‬ ‫وفي التعبئة لل�ضغط من �أجل الت�أهل‪.‬‬ ‫وثمة تدبير �آخر هو دمج الأ�سر ال�ضعيفة اجتماعيا في م�ساحات التعبئة‬ ‫والإخبار‪ .‬وكمثال �آخر على التمف�صل والتعبئة توزيع ‪ 92‬مليون كتيب حول الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية لل�سكان البرازيليين‪ ،‬مع التركيز على الأ�سر ذات الدخل المنخف�ض‬ ‫والطالب‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬وزع ‪ 1.4‬مليون دليل �أ�ستاذ ‪،Cadernos do Professor‬‬ ‫و‪ 6 000‬ن�شرة تربوية حول العادات الغذائية ال�صحية‪ .‬وفي الوقت الذي توفر هذه‬ ‫المبادرة معلومات للأ�سر‪ ،‬فانها تعزز فر�ص الح�صول على الغذاء الكافي‪.‬‬ ‫وتتلقى الأ�سر التي ت�شملها هذه البرامج �أي�ضا الم�ساعدة من نظام الم�ساعدة‬ ‫االجتماعية الموحدة من خالل �شبكة الحماية واالرتقاء االجتماعي‪ .‬وتقدم المراكز‬ ‫المرجعية للم�ساعدة االجتماعية (‪ )Cras‬الم�شورة النف�سية واالجتماعية للأ�سر‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى تحديد مطالبها و�إحالتها على م�ستويات �أخرى �أكثر تعقيدا من‬ ‫الت�سل�سل الهرمي للنظام‪ .‬وت�شمل هذه الم�ستويات الأكثر تعقيدا مراكز خا�صة للتعامل‬ ‫مع انتهاكات حقوق الإن�سان‪ ،‬مثل ت�شغيل الأطفال واال�ستغالل الجن�سي للأطفال‬ ‫والمراهقين‪ ،‬وكذلك من �أجل م�ساعدة ال�سكان الأكثر عر�ضة للخطر والم�سنين‪،‬‬ ‫والفقراء المعوقين �أطفاال وكبارا ‪ ،‬وال�سكان الذين يعي�شون في الطرق‪.‬‬ ‫ويتم ر�صد هذه ال�سيا�سة من قبل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية الم�ؤلف‬ ‫من ‪ 18‬وزير دولة و‪ 36‬ممثال عن المجتمع المدني‪ ،‬وهو مرتبط مبا�شرة برئا�سة الجمهورية‪.‬‬

‫التقدم والتحديات في معالجة انعدام الأمن الغذائي والتغذية‬ ‫تت�ضح الأولوية المتزايدة التي توليها الحكومة الفيدرالية لمعالجة الفقر وانعدام‬ ‫الأمن الغذائي في البرازيل في التح�سن الكبير الذي طر�أ على الم�ؤ�شرات االجتماعية‬ ‫للبلد‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬ف�إن البيانات الواردة في الجدول رقم ‪ 1‬تك�شف عن وجود‬ ‫انخفا�ض حاد في الن�سبة المئوية لإجمالي ال�سكان الذين يعي�شون في الفقر‪ ،‬وب�شكل‬ ‫مكثف �أكثر‪ ،‬بين �أولئك الذين يعي�شون في فقر مدقع‪ .‬ويمكن للمرء �أن يالحظ �أي�ضا‬ ‫انخفا�ضا في التفاوت في الدخل‪ ،‬على الرغم من �أن البرازيل ال تزال واحدة من �أكثر‬

‫‪89‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫البلدان تفاوتا في العالم‪ .‬وقد انخف�ض التفاوت في الدخل بن�سبة ‪ 8‬في المائة منذ‬ ‫عام ‪( 1997‬الجدول ‪.)1‬‬ ‫اجلدول ‪ - 1‬امل�ؤ�رشات االجتماعية‪ ،‬الربازيل‪،‬‬

‫‪ 1997‬و‪2007‬‬

‫الم�ؤ�شر‬ ‫م�ؤ�شر جيني‬

‫‪1997‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2007-1997‬‬

‫‪0.600‬‬

‫‪0.552‬‬

‫‪%8-‬‬

‫الفقر‬

‫‪%48.1‬‬

‫‪%30,3‬‬

‫‪%37-‬‬

‫الفقر المدقع‬ ‫النق�ص في التغذية عند الطفل‬ ‫(عجز النمو عند الأطفال البالغين �أقل من ‪� 5‬سنوات)‬

‫‪%24.7‬‬

‫‪%11.5‬‬

‫‪%53-‬‬

‫‪%13‬‬ ‫(‪)1996‬‬

‫‪%7‬‬ ‫(‪)2006‬‬

‫‪%46-‬‬

‫الم�صدر‪ :‬وزارة العالقات الخارجية‪� .‬سيادة الغذاء والتغذية والأمن الغذائي في البرازيل‪ :‬ال�سيا�سات العامة المبتكرة‪.‬‬ ‫االجتماع الرفيع الم�ستوى ب�ش�أن الأمن الغذائي للجميع‪ ،‬مدريد‪ 27-26 ،‬يناير‪/‬كانون الثاني ‪.2009‬‬

‫ونتيجة الرتفاع ن�صيب الفرد من الدخل الم�ضمون لأفقر �شرائح ال�سكان‪،‬‬ ‫كانت البرازيل قادرة على الحد من الفقر‪ ،‬وال�سيما الفقر المدقع وذلك بين ‪2003‬‬ ‫و‪ ،2008‬مما جعل من الممكن خف�ض الفقر المدقع بمقدار ن�صف الم�ستوى الذي‬ ‫كان عليه �سنة ‪2003‬؛ وبالتالي‪ ،‬فقد تم في غ�ضون خم�س �سنوات تحقيق الهدف‬ ‫الإنمائي الأول للألفية (‪ )MDG‬قبل الموعد النهائي – والذي كان �سيكون ‪ 25‬عاما‬ ‫(الر�سم البياني ‪.)1‬‬ ‫لقد حققت البرازيل بالفعل هدف الألفية المتمثل في تخفي�ض الفقر المدقع بمقدار‬ ‫الن�صف‪ ،‬والذي كان من المفتر�ض �أن يتحقق بحلول عام ‪ .2015‬وفي عام ‪ ،1992‬كان ‪11.7‬‬ ‫في المائة من ال�سكان يعي�شون ب�أقل من دوالر واحد في اليوم؛ وفي عام ‪ ،2006‬انخف�ض‬ ‫هذا الرقم �إلى ‪ 4.7‬في المائة وفقا لتقرير رئا�سة الجمهورية‪ .‬وبالنظر �إلى هذه الحقائق‪،‬‬ ‫فقد و�ضعت البالد هدفا جديدا‪ ،‬وهو تخفي�ض الفقر المدقع �إلى الربع بحلول عام ‪ ،2015‬مع‬ ‫الهدف النهائي المتمثل في الق�ضاء النهائي على الجوع والفقر المدقع‪.‬‬ ‫ويمكن �أي�ضا �أن نالحظ �أن هناك انخفا�ضا في التفاوت في الدخل في‬ ‫البرازيل‪ .‬فقد �شكلت التحويالت النقدية في �إطار البرامج االجتماعية ‪ 28‬في‬ ‫المائة من االنخفا�ض في عدم الم�ساواة �سجلت خالل هذه الفترة‪ .‬و�شكل برنامج‬ ‫‪10‬‬ ‫منحة الأ�سرة ‪ 21‬في المائة من هذا االنخفا�ض‪ ،‬واال�ستفادة النقدية الم�ستمرة‬ ‫)‪(Benefício de Prestação Continuada - BPC‬ر‪ 7‬في المائة‪.‬‬ ‫‪90‬‬

‫‪ 10‬اال�ستفادة النقدية الم�ستمرة (‪ )BPC‬حق مكر�س في الد�ستور الفيدرالي الذي ي�ضمن الحد الأدنى ال�شهري للأجور لكبار ال�سن الذين تبلغ‬ ‫�أعمارهم ‪� 65‬سنة ف�أكثر‪ ،‬ول�صالح الأ�شخا�ص المعوقين في �أي عمر الذين ال يمكنهم �أن يعي�شوا حياة م�ستقلة �أو الذين ال يمكنهم القيام بعمل‬ ‫والذين لي�ست لديهم �أي و�سيلة رزق �أو عائلة يمكنها �أن تعيلهم‪ .‬وفي كلتا الحالتين‪ ،‬يجب على ن�صيب الفرد من الدخل ال�شهري الإجمالي للأ�سرة‬ ‫�أن يكون �أقل من الحد الأدنى للأجور المعمول به‪.‬‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫الر�سم البياين ‪ – 1‬الربازيل‪ ،‬تطور الفقر املدقع‬

‫‪2008-2001‬‬

‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪22.9‬‬ ‫‪22.1‬‬

‫‪22.6‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪17.8‬‬

‫‪18‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪17.4‬‬

‫‪17.7 17.3‬‬

‫‪16.8‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪10‬‬

‫الهدف الإنمائي الأول للألفية‬

‫‪17.5‬‬

‫‪17.4‬‬ ‫‪16.5‬‬

‫‪15.1‬‬

‫‪ 1.7‬ن�سبة الأ�شخا�ص‪�/‬سنة‬ ‫‪13.3‬‬ ‫‪10.8‬‬

‫‪10.3‬‬ ‫‪8.8‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪2008 2007 2006 2005 2004 2003 2002 2001 2000 1999 1998 1997 1996 1995 1994 1993 1992 1991 1990‬‬

‫وقد خفف من حدة الآثار الناجمة عن الأزمات الغذائية واالقت�صادية‬ ‫العالمية الأخيرة في البرازيل ارتفاع معدل �إنتاج �أ�سر المزارعين‪( ،‬ت�شكل اليوم‬ ‫الزراعة الأ�سرية ‪ 70‬في المائة من المواد الغذائية الم�ستهلكة في كل البرازيل) مدعما‬ ‫من قبل ال�سيا�سات العامة المختلفة (البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‬ ‫‪ ،Pronaf‬برنامج اقتناء الغذاء ‪ PAA‬وبرنامج المزيد من الغذاء)‪ .‬وقد �أ�ضيفت �إلى هذه‬ ‫ال�سيا�سات �أي�ضا �سيا�سات �أخرى ذات ت�أثير على فر�ص الح�صول على الغذاء‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫زيادات مطردة في الحد الأدنى للأجور و التعديل الفوري المقابل لمبلغ ن�صيب الفرد‬ ‫المنقول �إلى الأ�سر في �إطار برنامج منحة الأ�سرة‪.‬‬ ‫ويمكن ت�صور ت�أثير هذه البرامج على الأمن الغذائي والتغذية لل�سكان في‬ ‫كون خطر تعر�ض طفل من عائلة ت�ستفيد من م�ساعدة برنامج منحة الأ�سرة لنق�ص‬ ‫مزمن في التغذية بن�سبة ‪ 31‬في المائة‪� .‬أما بالن�سبة للأطفال الذين تتراوح �أعمارهم‬ ‫بين ‪ 6‬و ‪� 11‬شهرا‪ ،‬ف�إن هذه الن�سبة �أعلى من ذلك‪� ،‬أي �أنها ت�صل �إلى ‪ 62‬في المائة‪.‬‬ ‫و ي�ستخدم هذا الربح �أ�سا�سا ل�شراء المواد الغذائية‪ .‬وذكرت ت�سعة من كل ‪� 10‬أ�سر �أن‬ ‫الح�صول على الغذاء قد تح�سن‪ :‬و�صرحت �سبعة من كل ‪� 10‬أ�سر �أنها �أ�صبحت ت�ستهلك‬ ‫انواعا وا�سعة من المواد الغذائية‪ ،‬كما �أ�صبح ب�إمكان ت�سعة من كل ع�شرة �أطفال‬ ‫الح�صول على ثالث وجبات �أو �أكثر في اليوم‪.‬‬ ‫وللزيادة في القوة ال�شرائية لهذه العائالت ت�أثير على التنمية المحلية وعلى‬ ‫الحد من التفاوتات الإقليمية‪ .‬كما �أن للتحويالت النقدية للأ�سر �آثارا كبيرة على‬ ‫االقت�صادات المحلية من حيث �إنها تخلق فر�صا جديدة للعمل والدخل‪.‬‬

‫‪91‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وتعتبر التحويالت النقدية للم�سنين والمعوقين (‪ )BPC‬ن�سبا مئوية مهمة من‬ ‫جميع التحويالت النقدية المكونة �إلى البلديات‪ ،‬والتي تتراوح بين ‪ 12.5‬في المائة‬ ‫�إلى ‪ 27.1‬في المائة‪ ،‬وهذه الأخيرة �أي�ضا في منطقة �شمال �شرق البرازيل‪.‬‬ ‫وقد زاد برنامج منحة الأ�سرة من دخل الأ�سر التي ي�شملها بن�سبة ‪ 29.2‬في‬ ‫المائة‪ .‬وقد و�صلت هذه الزيادة في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية �إلى ‪ 34.4‬في المائة‪،‬‬ ‫كما تمت تغطية ‪ 57‬في المائة من ال�سكان في المنطقة �شبه القاحلة من قبل برنامج‬ ‫منحة الأ�سرة بين عامي ‪ 2003‬و‪ ،2006‬تم تخفي�ض الفقر بن�سبة ‪ 31.4‬في المائة‪ .‬وفي‬ ‫عام ‪ 2003‬كان ‪ 28.17‬في المائة من ال�سكان تحت خط الفقر‪ .‬وفي عام ‪� 2006‬أ�صبح‪،‬‬ ‫فقط ‪ 19.31‬في المائة من ال�سكان تحت خط الفقر‪ .‬وخرج �أربعة ع�شر مليون �شخ�ص‬ ‫من طوق الفقر خالل هذه الفترة‪.‬‬ ‫لقد وا�صل اقت�صاد البرازيل نموه‪ ،‬با�ستفادة جميع ال�سكان‪ ،‬ال�سيما الفئات‬ ‫الأكثر فقرا‪ .‬وفي عام ‪ ،2006‬ارتفع دخل البرازيليين‪ ،‬في المتو�سط بـ ‪ 9.16‬في‬ ‫المائة بالمقارنة مع عام ‪� .2005‬أما بالن�سبة لـ ‪ 40‬في المائة الأكثر فقرا‪ ،‬فقد‬ ‫ارتفع الدخل بن�سبة ‪ 12‬في المائة‪ ،‬في حين ارتفع بالن�سبة لـ ‪ 10‬في المائة الأكثر‬ ‫غنى بن�سبة ‪ 7.85‬في المائة‪.‬‬ ‫�إن الأمر يتعلق بتدبير الحد من الفقر وتدبير عدم الم�ساواة في وقت واحد‪.‬‬ ‫ويبين الر�سم البياني ‪ 2‬تطور عدم الم�ساواة في الدخل الفردي البرازيلي‪ .‬فقد انخف�ض‬ ‫تركيز الدخل في البالد‪ ،‬في عام ‪� ،2008‬إلى �أدنى م�ستوى له في الـ ‪ 30‬عاما الما�ضية‪.‬‬

‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫وت�سريع المقاربات الم�شتركة بين القطاعات‬

‫لعل �أحد التعبيرات الرئي�سية للت�شديد الم�شترك بين القطاعات في مو�ضوع الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬وا�ستر�شادا بمبادئ حق الإن�سان في الغذاء الكافي وال�سيادة‬ ‫الغذائية‪ ،‬هو ربط الإجراءات المتخذة لتعزيز فر�ص الح�صول على الغذاء والإجراءات‬ ‫التي تركز على تعزيز الزراعة الأ�سرية‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ينبغي الإ�شارة ب�شكل خا�ص �إلى‬ ‫برنامج الزراعة الأ�سرية القتناء المواد الغذائية (‪ ،)PAA‬والبرنامج الوطني للوجبات‬ ‫المدر�سية (‪ )PNAE‬في ت�صميمه الجديد‪ ،‬وتحويل منحة الأ�سرة النقدية) برنامج منحة‬ ‫الأ�سرة)‪ ،‬والتي تعتبر ثالثة �إنجازات كبرى ال�ستراتيجية الق�ضاء على الجوع‪.‬‬

‫برنامج اقتناء الغذاء‬ ‫‪92‬‬

‫لقد �أن�شئ هذا البرنامج في عام ‪ 2003‬باقتراح من المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية )‪ (Consea‬وكعن�صر من عنا�صر ا�ستراتيجية الق�ضاء على الجوع‪ ،‬الذي‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫الر�سم البياين ‪ – 2‬تطور عدم امل�ساواة يف ن�صيب الفرد من دخل الأ�رسة‬ ‫وفقا مل�ؤ�رش جيني‪ ،‬الربازيل‪2008-1976 ،‬‬ ‫‪0.640‬‬

‫‪0.634‬‬ ‫‪0.623‬‬

‫‪0.620‬‬

‫‪0.623‬‬ ‫‪0.615‬‬ ‫‪0.604‬‬

‫‪0.600‬‬

‫‪0.594‬‬

‫‪0.593‬‬

‫‪0.596‬‬

‫‪0.588 0.589‬‬

‫‪0.580‬‬

‫‪0.582‬‬

‫‪0.612‬‬ ‫‪0.602‬‬ ‫‪0,599‬‬

‫‪0.599‬‬

‫‪0.600‬‬ ‫‪0.592‬‬

‫‪0.600‬‬

‫المتو�سط‬

‫‪0.594‬‬ ‫‪0.587‬‬ ‫‪0.581‬‬

‫‪0.598‬‬

‫‪0.587‬‬ ‫‪0.580‬‬

‫‪0.569‬‬ ‫‪0.566‬‬ ‫‪0.560‬‬

‫‪0.560‬‬

‫‪0.552‬‬ ‫‪0.544‬‬

‫الحد الأدنى‬

‫‪0.540‬‬ ‫‪1976‬‬

‫‪1978‬‬

‫‪1980‬‬

‫‪1982‬‬

‫‪1984‬‬

‫‪1986‬‬

‫‪1988‬‬

‫‪1990‬‬

‫‪1992‬‬

‫‪1994‬‬

‫‪1996‬‬

‫‪1998‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪2002‬‬

‫‪2004‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2008‬‬

‫الم�صدر‪ :‬ت�ستند التقديرات �إلى الم�سوحات الوطنية للعينات المنزلية‪ ،‬البرازيل‪.2008-1976 ،‬‬

‫نظمه القانون في عام ‪ .2008‬ويعتمد برنامج اقتناء الغذاء (‪ )PAA‬على ترتيب �إدارة‬ ‫م�شتركة بين وزارة التنمية الزراعية (‪ )MDA‬ووزارة التنمية االجتماعية (‪ ،)MDS‬ويتم‬ ‫تنفيذه في �إطار �شراكة مع ال�شركة الوطنية للتموين والواليات والبلديات‪ .‬ويتكون‬ ‫من الم�شتريات الحكومية من المواد الغذائية المقتناة مبا�شرة من الأ�سر المزارعة‬ ‫ومن النا�س الذين ا�ستوطنوا في �إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬ومن ال�شعوب‬ ‫والمجتمعات التقليدية‪ .‬وكل هذا لتوفير برامج تهدف الى م�ساعدة ال�سكان الذين‬ ‫يواجهون انعدام الأمن الغذائي ولتوزيع المواد الغذائية مجانا على ال�سكان الذين‬ ‫يواجهون �أو�ضاعا ق�صوى من ال�ضعف االجتماعي‪ ،‬و�إن�شاء المخزونات الحكومية‬ ‫اال�ستراتيجية‪ .‬وللبرنامج هدفان رئي�سيان هما‪ :‬دعم ت�سويق منتجات �أ�سر المزارعين‬ ‫من المواد الزراعية والحيوانية‪ ،‬و�إنعا�ش الإنتاج الغذائي‪ ،‬وتي�سير ح�صول الأ�سر التي‬ ‫تواجه انعدام الأمن الغذائي على هذه المنتجات الغذائية‪ .‬وهو عمل يهدف �إلى تطوير‬ ‫توثيق الروابط بين المزارعين والم�ستهلكين‪ .‬ذلك �أن الم�شتريات الغذائية التي تم‬ ‫اقتنا�ؤها من جمعيات الأ�سر المزارعين بدعم عملي من حكومات الواليات والبلديات‬ ‫ومن ال�شركة الوطنية للتموين تتم هبتها ل�شبكة الحماية واالرتقاء االجتماعيين‬ ‫والمرافق العامة مثل المطاعم المدعمة‪ ،‬وبنوك الغذاء والمطابخ الجماعية‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫الى تزويد �شبكة المدار�س العامة‪ ،‬والتي ت�ستخدم في ال�سالل الغذائية التي توزعها‬ ‫وزارة التنمية االجتماعية‪.‬‬ ‫لقد خ�ص�صت الحكومة الفيدرالية‪ ،‬منذ �أن بد�أ تنفيذ برنامج اقتناء الغذاء‬ ‫في عام ‪� ،2003‬إلى غاية دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪ 2 ،2008‬مليار ريال برازيلي‬

‫‪93‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫(‪ 1.18‬دوالر �أمريكي)‪ ،‬ا�ستخدمت ل�شراء حوالي ‪ 2‬مليون طن من المنتجات الغذائية‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2008‬باع ما مجموعه ‪ 118 009‬مزارع منتجاتهم لبرنامج اقتناء الغذاء‬ ‫للتبرع بها �إلى حوالي ‪ 16.8‬مليون ن�سمة‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‬ ‫في يونيو‪/‬حزيران ‪� ،2009‬صدر قانون ين�ص على مبادئ توجيهية وطرق للتنفيذ‬ ‫جديدة تخ�ص البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‪ .‬وهو �أقدم برنامج برازيلي‬ ‫للغذاء‪ ،‬حيث يعود تاريخ اقتراحه بوا�سطة جو�شوي دي كا�سترو‪� 11‬إلى الأربعينات‪.‬‬ ‫فقد جدد القانون بتن�صي�صه على �أن توفير وجبات الطعام في مدار�س التعليم‬ ‫الأ�سا�سي هو حق من حقوق التالميذ وبو�ضع رابطة م�ؤ�س�سية بين الوجبات التي تقدم‬ ‫في المدار�س الحكومية و�أ�سر المزارعين في المنطقة التي تقع فيها‪ .‬و�سوف ت�ستخدم‬ ‫ما ال يقل عن ‪ 30‬في المائة من جميع الأموال المحولة من قبل الحكومة الفيدرالية‬ ‫ل�شراء المواد الغذائية مبا�شرة من �أ�سر المزارعين‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن عملية و�ضع م�شروع القانون والمفاو�ضات حول محتوياته‬ ‫قبل �إقراره من قبل الم�ؤتمر الوطني قد ات�سمت بالم�شاركة المكثفة من قبل المجتمع‪.‬‬ ‫وتعتمد الزراعة الأ�سرية‪ ،‬اليوم‪ ،‬على �سوق م�ؤ�س�سية (الم�شتريات الحكومية)‬ ‫تقدر على الأقل بـ ‪ 600‬مليون ريال برازيلي (‪ 353‬مليون دوالر �أمريكي �سنويا)‪� ،‬إذا‬ ‫تجاوزت الم�شتريات ‪ 30‬في المائة كحد �أدنى‪ .‬كما تجدر الإ�شارة �إلى الدور الذي لعبته‬ ‫الخبرة التي تطورت داخل برنامج اقتناء الغذاء ل�صياغة المبادئ التوجيهية للبرنامج‬ ‫الوطني للوجبات المدر�سية‪ ،‬والتي �أدمجت الأ�سر المزارعة باعتبارها مزودة‪.‬‬

‫برنامج التحويالت النقدية مع ر�صد الرعاية ال�صحية والم�ساعدة‬ ‫التعليمية واالجتماعية ‪ -‬برنامج منحة الأ�سرة‬

‫هذا �أكبر برنامج للتحويالت النقدية ب�آليات ر�صد الرعاية ال�صحية والتعليم والم�ساعدة‬ ‫االجتماعية في العالم ال�سائر في طريق النمو‪ ،‬وهو يغطي حوالي ‪ 42‬مليون من الفقراء‬ ‫اليوم وي�ضمن دخال �أ�سا�سيا لـ‪ 12 650‬مليون �أ�سرة بن�صيب للفرد من الدخل ال�شهري‬ ‫قدره ‪ 120‬رياال برازيليا‪ .‬ويتواجد البرنامج في جميع البلديات البرازيلية‪ ،‬ويتكون من‬ ‫�آلية لتحويل النقود م�صممة للأ�سر الفقيرة‪ ،‬التي عليها �أن تفي ببع�ض ال�شروط ذات‬ ‫ال�صلة بالمواطنة في مجاالت التعليم والرعاية ال�صحية لتكون م�ؤهلة‪.‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪ 11‬لقد جعل جو�شوا دي كا�سترو‪ ،‬وهو طبيب و�أ�ستاذ وجغرافي وعالم اجتماع و�سيا�سي‪ ،‬من ق�ضية محاربة الجوع مهمة حياته‪ .‬فقد كان له ت�أثير‬ ‫عميق في الحياة الوطنية‪ ،‬و�أ�صبح �شخ�صية معروفة دوليا بين عامي ‪ 1930‬و ‪ .1973‬وقد كر�س معظم وقته وموهبته للفت االنتباه �إلى م�شكلة‬ ‫الجوع والفقر المدقع الذي كان �سائدا والذي ال يزال ‪ ،‬للأ�سف‪� ،‬سائدا في العالم‪.‬‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫وتتراوح المنحة النقدية ال�شهرية بين ‪ 22.00‬و ‪ 200.00‬ريال برازيلي‪ ،‬ح�سب‬ ‫ن�صيب الفرد من الدخل وعدد �أفراد الأ�سرة‪ .‬وتحول الفائدة مبا�شرة �إلى الأ�سر من‬ ‫خالل بطاقة ممغنطة يمكن ا�ستخدامها في فروع البنوك وبيوت اليان�صيب �أو‬ ‫المرا�سلين الم�صرفيين‪ .‬وقد كان متو�سط المبلغ المدفوع للأ�سر الم�ستفيدة‪ ،‬في‬ ‫عام ‪ ،2010‬هو ‪ 94.00‬رياال برازيليا‪.‬‬ ‫ومن �شروط الأهلية التي يتوجب توافرها مواظبة الأطفال والمراهقين في‬ ‫المدار�س (الذين يجب �أن يح�ضروا ما ال يقل عن ‪ 85‬في المائة من �أيام الدرا�سة)‪،‬‬ ‫والتح�صين ال�سليم‪ ،‬وتنمية الطفل‪ ،‬وزيارات الن�ساء الحوامل لم�صحة الأمرا�ض قبل‬ ‫الوالدة‪ .‬وتعتبر وزارتا ال�صحة والتعليم ال�شريكين الرئي�سيين في تنفيذ هذا البرنامج‪،‬‬ ‫لأنهما الوزارتان الم�سئولتان عن ر�صد االمتثال لل�شروط في مجاالت اخت�صا�ص‬ ‫كل منهما‪ ،‬وعن تنميط المعلومات التي تقدمها البلديات‪ ،‬وعن �إحالتها على وزارة‬ ‫التنمية االجتماعية ومكافحة الجوع‪.‬‬ ‫ويعتبر الح�صول على خدمات الرعاية ال�صحية وااللتحاق بالمدر�سة حقا من‬ ‫حقوق المواطنة‪ .‬ويكمن الغر�ض الرئي�سي من ر�صد عدم االمتثال ل�شروط البرنامج في‬ ‫الك�شف عن حاالت ال�ضعف االجتماعي وتوجيه قدر �أكبر من ت�صرفات ال�سلطات العامة‬ ‫نحو �ضمان الحقوق‪ ،‬ولي�س فقط باتجاه توقيف منحة نقدية �إذا ما ر�صدت مخالفات‪.‬‬

‫اعتبارات ختامية وبع�ض التحديات‬ ‫يتمثل التجديد الرئي�سي لبرنامج الق�ضاء على الجوع في درجة الأولوية التي‬ ‫يوليها لمحاربة الفقر المدقع والجوع في جدول الأعمال المحلي‪.‬و للت�أكد من‬ ‫هذه الأولوية‪ ،‬كان من ال�ضروري النظر في الجوانب الإقليمية و�ضمان توثيق‬ ‫التن�سيق والتكامل بين الوزارات في مو�ضوع عملية تحديد وتخطيط وتنفيذ ور�صد‬ ‫الإجراءات الرامية �إلى تعزيز الإدماج االجتماعي وحقوق المواطنة‪ ،‬مثل تلك التي‬ ‫تهدف �إلى توفير زيادة فر�ص الح�صول على الغذاء‪ ،‬والتو�سع في �إنتاج وا�ستهالك‬ ‫المنتجات الغذائية ال�صحية‪ ،‬ورفع معدالت االلتحاق بالمدار�س‪ ،‬وتح�سين الظروف‬ ‫ال�صحية‪ ،‬وتح�سين فر�ص اال�ستفادة من ال�صرف ال�صحي و�إمدادات المياه‪ ،‬وتوليد‬ ‫فر�ص العمل والدخل‪.‬‬ ‫وهناك جانب تجديدي �آخر وهو االرتباط الذي ت�أ�س�س بين الإجراءات‬ ‫الهيكلية والتدابير الطارئة‪ ،‬كما حدث في برنامج منحة الأ�سرة‪ ،‬وبرنامج الوجبات‬ ‫المدر�سية‪ ،‬وبرنامج تعزيز �أ�سر المزارعين ( ال�سيما من خالل برنامج ت�أمين الزراعة‬ ‫الأ�سرية وت�أمين الح�صاد) وبرامج اقتناء منتوجات �أ�سر المزارعين �أو في �إجراءات‬ ‫مثل بناء الخزانات وتوزيع الغذاء على فئات محددة من ال�سكان‪.‬‬

‫‪95‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪96‬‬

‫وتجدر الإ�شارة ب�شكل خا�ص �إلى م�شاركة المجتمع في هذه العملية ومراقبته‬ ‫لها‪� ،‬سواء من خالل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية (‪ ،)Consea‬المرتبط‬ ‫برئا�سة الجمهورية‪� ،‬أو من خالل مجال�س الرقابة االجتماعية التي �أقيمت على م�ستوى‬ ‫الفيدرالية والوالية والبلدية �أو على م�ستوى �إجراءات تعبئة وتوعية المواطنين‪.‬‬ ‫غير �أن �إدماج مجال�س الأمن الغذائي المقترح لعمليات المراقبة العامة‪ ،‬والتي‬ ‫هي قيد التنفيذ حاليا في بالدنا‪ ،‬ي�شكل تحديا جديدا‪ .‬وهذه مهمة يتعين اال�ضطالع بها‬ ‫من قبل جميع القطاعات المعنية‪ :‬ابتكار و�سائل بديلة ومبتكرة لجمع ودمج المجال�س‬ ‫القائمة في مختلف مجاالت الرعاية ال�صحية والم�ساعدة االجتماعية وحماية الأطفال‬ ‫والمراهقين‪ ،‬وما �إلى ذلك‪ ،‬وكذلك الحفاظ على الهوية وال�سمات المميزة لكل منها مع‬ ‫�إدماجها في عملية موحدة و�أكثر ن�ضجا للم�شاركة االجتماعية ال�شعبية‪.‬‬ ‫�إن هناك تعاونا كبيرا بين برنامج الق�ضاء على الجوع والأهداف الإنمائية‬ ‫للألفية للأمم المتحدة‪ .‬ويعتبر الهدف الرئي�سي من برنامج الق�ضاء على الجوع �أول‬ ‫الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية ‪� -‬إنه الق�ضاء على الفقر المدقع والجوع‪ .‬لكن‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع ي�ساهم �أي�ضا في تحقيق �أربعة �أهداف �أخرى من �أهداف‬ ‫الألفية‪ :‬تحقيق تعميم التعليم االبتدائي‪ ،‬تعزيز الم�ساواة بين الجن�سين وتمكين‬ ‫المر�أة‪ ،‬وخف�ض وفيات الأطفال‪ ،‬وتح�سين �صحة الأمهات‪.‬‬ ‫كما ينبغي الت�شديد على �أن �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية التي تهدف �إلى‬ ‫تعزيز التنمية الب�شرية في جميع جوانبها من واجبها �أن ت�أخذ بعين االعتبار �ضرورة‬ ‫�ضمان حق النا�س في االختيار‪� .‬إن ت�أمين الح�صول على المعلومات الالزمة‪� ،‬أ�سا�سا‬ ‫حول العادات الغذائية ال�سليمة‪� ،‬أمر ال بد منه بالن�سبة لل�سكان الختيار طعامهم‪� .‬إذ لن‬ ‫يكون هناك تمكين لل�سكان �إن لم ي�ستطيعوا تدبير العمليات الخا�صة بهم ب�أنف�سهم‪.‬‬ ‫�إن البرازيل ت�شهد لحظة مواتية للغاية لتعزيز الإجراءات العامة في مجال‬ ‫الغذاء والتغذية وتمهيد الطريق لنهج جديد في التدبير العمومي في هذا المجال‪.‬‬ ‫ويبدو �أن هناك عالقة مبا�شرة جدا بين عملية بناء �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية‪،‬‬ ‫والحاجة �إلى �إعادة ت�صميم الدولة‪ .‬فباتخاذ المزيد من الإجراءات ل�ضمان االندماج‬ ‫المنا�سب بين مختلف مجاالت التعامل مع هذا المو�ضوع‪ ،‬بت�شجيع المزيد من‬ ‫ال�شراكات المختلفة – ال�شراكات ما بين الحكومات التي ت�شمل الم�ستويات الثالثة‬ ‫للحكومة‪ ،‬وال�شراكات مع المجتمع المدني والمبادرات الخا�صة ‪ -‬وبت�شجيع المزيد‬ ‫من القنوات المفتوحة للم�شاركة ال�شعبية والرقابة العامة على الأعمال التي تقوم بها‬ ‫الدولة‪ ،‬تزداد �إمكانية توطيد هذه ال�سيا�سة في الواقع‪.‬‬ ‫وفي هذه العملية‪ ،‬وب�صرف النظر عن الخيارات ال�صعبة بطبيعتها فيما يتعلق‬ ‫بتخ�صي�ص الموارد ال�شحيحة‪ ،‬كان من ال�ضروري �أن ن�ضع دائما في االعتبار الحاجة‬ ‫للت�أكد من تعزيز التكامل بين مختلف المناطق بالطريقة الأكثر تناغما‪ .‬ولذا كان‬


‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ :‬من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬

‫من ال�ضروري بناء التوافقات‪ ،‬وا�ستخدام القيادة بحكمة‪ ،‬وخلق الم�ساحات المنا�سبة‬ ‫للتعبير والتكامل‪.‬‬ ‫ولهذا الغر�ض‪ ،‬فقد قدم برنامج الق�ضاء على الجوع توقعات �إيجابية للتكامل‬ ‫بين الأمن الغذائي والتغذية وال�سيا�سات العامة الأخرى‪ .‬و�أ�شارت محاور التدخل‬ ‫الثالثة المقترحة من قبل هذه ال�سيا�سة �إلى �إمكانيات ملمو�سة لدمج هذه المناطق‪:‬‬ ‫الأولى من خالل تنفيذ ال�سيا�سات العامة المتكاملة في مجال المواد الغذائية‪.‬‬ ‫والثانية عن طريق خلق قنوات للم�شاركة ال�شعبية في عملية بناء ال�سيا�سة الوطنية‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية‪ .‬والثالثة من خالل �إ�شراك ال�سكان وذلك في خطوة كبيرة‬ ‫�أخالقية للم�ساعدة الذاتية من �أجل محاربة الجوع وتعبئة المجتمع حول بدائل‬ ‫لمحاربة الجوع في البرازيل‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى �إ�ضفاء الطابع الم�ؤ�س�سي على ال�سيا�سات االجتماعية‪ ،‬فقد‬ ‫ات�سمت الجهود الرامية �إلى التغلب على الفقر باتباع نهج م�شترك بين القطاعات‪� .‬إال‬ ‫�أن هذا التوحيد يتجاوز الجوانب البيروقراطية‪ ،‬بالنظر �إلى كون البرامج مرتبطة مع‬ ‫بع�ضها البع�ض وتعمل من �أجل تطوير عالقة تعاونية‪ ،‬وهو الأمر الذي يتطلب �إجراءات‬ ‫�سيا�سية متكاملة بطريقة متقاطعة حول محور م�شترك لتعزيز الأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫وقد �أظهرت التجربة �أن النمو االقت�صادي في الما�ضي‪ ،‬نظرا لف�شله في‬ ‫�إعادة توزيع الدخل‪ ،‬لم يكن كافيا لخلق �أ�سواق محلية متينة و�إر�ساء �أ�س�س التنمية‬ ‫الم�ستدامة‪ .‬ذلك �أن الالم�ساواة والفقر هما الم�سببان للتخلف ‪ -‬ولي�سا نتيجتيه‪.‬‬ ‫�إال �أنه ال ينبغي لنا �أن نغفل ما يلي‪ :‬فالنمو االقت�صادي لي�س غاية في حد ذاته‪،‬‬ ‫وهو ال يمكن �أن يتم في ظل غياب بع�ض ال�شروط والحدود ل�ضمان اال�ستدامة البيئية‬ ‫واالجتماعية‪� .‬إذ يفتر�ض النمو الم�ستدام الحد من تزايد الالم�ساواة‪ .‬ولكي يكون‬ ‫النمو االقت�صادي م�ستداما‪ ،‬ال بد من زيادة فر�ص الح�صول على ال�سلع والخدمات‬ ‫الأ�سا�سية حتى يتم �ضمان و�صول الجميع �إليها‪ ،‬واال�ستفادة من الإمكانات الرائعة‬ ‫لل�سوق المحلي البرازيلي‪.‬‬ ‫�إن الحكومة البرازيلية على وعي ب�أن جدول الأعمال االجتماعي جوهري‬ ‫ومكمل لجدول الأعمال االقت�صادي‪ .‬وبدون االرتقاء الب�شري وبناء القدرات لن نكون‬ ‫قادرين على �إنتاج دورة دائمة من النمو الم�ستدام يكون ب�إمكانها �أن ت�سفر عن منافع‬ ‫مت�ساوية لجميع ال�سكان‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إن مكافحة الفقر في البرازيل تعتبر جزءا من مقاربة التنمية‬ ‫ال�شاملة حيث االندماج االجتماعي هو الطريق ل�ضمان النمو الم�ستدام وتحقيق‬ ‫الإمكانات الكاملة للنا�س‪� .‬إن الأمر يتعلق بمقاربة للتنمية قائمة على فكرة مفادها‬ ‫�أن الجوانب االجتماعية واالقت�صادية والبيئية ت�سير يدا في يد لإن�شاء المجتمعات‬ ‫المحلية‪ ،‬وتعزيز االقت�صاد وتعزيز احترام الطبيعة‪� .‬إن الأمر يتعلق بنموذج جديد‬

‫‪97‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫للتنمية ال�شاملة يقوده الإدماج وي�ؤمن ب�أن الب�شر هم في نف�س الوقت المو�ضوع‬ ‫والغر�ض لأي ن�شاط اقت�صادي م�ستدام بيئيا وعادل اجتماعيا‪ ،‬ن�شاط ال يرمي �إلى‬ ‫تعزيز تراكم ر�أ�س المال الخا�ص‪.‬‬

‫‪98‬‬


‫ من مجرد م�شروع �إلى ا�ستراتيجية حكومية‬:‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‬

‫المراجع‬ BRAZIL. III Conferência Nacional de Segurança Alimentar e Nutricional: por um desenvolvimento sustentável com soberania e segurança alimentar e nutricional, July 2007, Fortaleza. Final Document of the 3rd National Conference on Food and Nutrition Security. ___. Ministry of Social Development and Hunger Combat. Subsídio para balanço das ações governamentais de segurança alimentar e nutricional e da implantação do sistema nacional. Brasília, Federal District, 2009. ___. Presidency of the Republic and Consea. Construção do Sistema e da Política Nacional de Segurança Alimentar e Nutricional: a experiência brasileira. Brasília, November 2009. FAO. Fome Zero: lições principais. Santiago, Chile: Regional FAO Office for Latin America and the Caribbean. CITIZENSHIP INSTITUTE. Projeto Fome Zero: uma proposta de política de segurança alimentar para o Brasil. São Paulo, October 2001.

99



‫‪ -5‬تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة‬ ‫في الق�ضاء على الجوع‬ ‫‪1‬‬

‫والتر بيليك‬

‫مقدمة‬ ‫لقد ان�صب الكثير من االهتمام على ال�سيا�سات العامة المرتبطة بالأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬لكن‬ ‫الق�ضاء على الجوع م�شروع يتطلب �إ�شراك المجتمع برمته‪ .‬ففي جميع البلدان التي �سنت قوانين‬ ‫�ضمان الأمن الغذائي تم االعتراف بحق الإن�سان في الغذاء نتيجة لتعبئة المجتمع المدني‪.‬‬ ‫ويعتبر رجال الأعمال من بين �أبرز الفاعلين في المجتمع‪� ،‬إذ يتمتعون بقدرة كبيرة على‬ ‫تعبئته‪ ،‬ويكمن التحدي بالن�سبة لهم في تعزيز اال�ستدامة االجتماعية والبيئية واالقت�صادية‪.‬‬ ‫�أما على ال�صعيد الدولي‪ ،‬ووفقا للروح التي وجهت �أهداف م�ؤتمر القمة العالمي‬ ‫للأغذية لعام ‪ ،1996‬وم�ؤتمر قمة الألفية �سنة ‪ ،2000‬قامت �شركات كبرى ب�صياغة‬ ‫الميثاق العالمي بمبادرة من منظمة الأمم المتحدة وتم التوقيع على هذا الميثاق في‬ ‫بادئ الأمر من قبل ‪� 500‬شركة متعددة الجن�سيات‪ ،‬لكن هذا الرقم ارتفع �إلى ‪� 5 300‬شركة‬ ‫من ‪ 130‬دولة‪ .2‬وفي ال�سنوات الأخيرة‪� ،‬أ�صبحت م�شاركة ال�شركات الخا�صة في هذا‬ ‫الميثاق‪ ،‬ب�صرف النظر عن المنظمات الأخرى‪ ،‬عن�صرا من عنا�صر المفا�ضلة في �إعادة‬ ‫الت�أكيد على الوفاء بااللتزامات والم�س�ؤولية االجتماعية والبيئية لل�شركات‪ .‬ومن بين‬ ‫المبادئ الع�شرة التي تم االتفاق عليها في هذا الميثاق‪ ،‬ي�ستحق الأوالن تنويها خا�صا‪،‬‬ ‫لأنهما ينطويان على م�س�ألة حقوق الإن�سان‪ ،‬وبالتالي على الحاجة �إلى ت�شجيع التغذية‬ ‫ال�صحية والحفاظ على عالقات جيدة مع المجتمعات التي تعمل فيها هذه ال�شركات‪.‬‬ ‫وفي البرازيل وقعت ‪ 345‬من ال�شركات والجمعيات على الميثاق الدولي‪،‬‬ ‫عالوة على وجود الكثير من ال�شركات والجمعيات الأخرى التي تعنى بق�ضايا مثل‬ ‫الغذاء والتغذية ومحاربة الفقر‪ .‬وبعد �إطالق برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬في �أوائل‬ ‫عام ‪ ،2003‬زاد اهتمام ال�شركات بالم�شاركة في م�شاريع الأمن الغذائي‪ .‬وبالرغم من‬ ‫�أن هذا البرنامج تم �إطالقه من قبل الحكومة الفيدرالية‪� ،‬إال �أنها �أخذت بعين االعتبار‬ ‫‪ 1‬يعترب هذا الن�ص ن�سخة حمدثة ومنقحة من اجلزئني الثالث والرابع من كتاب ‪Como as empresas podem apoiar e participar do‬‬ ‫‪( combate à fome‬كيف ميكن لل�رشكات �أن ت�ساند وت�شارك يف حماربة اجلوع) من ت�أليف بيليك‪� ،‬إعداد ‪Ethos Institute, São Paulo-‬‬ ‫‪. state of São Paulo, 2003‬‬ ‫‪ 2‬انظر املوقع‪.>http://www.unglobalcompact.org/ParticipantsAndStakeholders/index.html< :‬‬

‫‪101‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الحاجة �إلى �إ�شراك القطاع الخا�ص في �أن�شطته‪ ،‬باعتباره عن�صرا من عنا�صر المجتمع‬ ‫المدني‪ .‬ومنذ عام ‪ 2003‬بد�أت العديد من الفعاليات المنتمية لقطاع الأعمال تحظى‬ ‫بتمثيل مبا�شر في المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية (‪ .)Consea‬لذلك‪ ،‬وبا�ستثناء‬ ‫الأن�شطة التي تمار�سها ال�شركات داخليا‪ ،‬فقد �شرعت ال�شركات في �إدماج �أن�شطتها في‬ ‫الم�شاريع العامة على الم�ستويات الحكومية الثالثة‪.‬‬ ‫وتفوق الم�س�ؤولية االجتماعية لل�شركات في �شموليتها الإجراءات الظرفية من‬ ‫حيث الم�ساعدة على الت�صدي للم�شاكل التي يواجهها المجتمع‪ ،‬مما من �ش�أنه �أن يخدم‬ ‫�صورة عالم الأعمال‪ .‬وتفر�ض الم�س�ؤولية االجتماعية على ال�شركات و�ضع تغييرات‬ ‫في ثقافتها‪ ،‬باعتبار هذه ال�شركات عن�صرا حيا في المجتمع‪ ،‬وبالتالي يجب �أن تكون‬ ‫�صحية وم�ستدامة‪ .‬ومن هذا المنطلق كان ينظر �إلى انطالقة برنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع باعتباره عن�صرا محفزا لل�شركات التي كانت ن�شيطة اجتماعيا في التعاطي‬ ‫مع ق�ضية الغذاء‪ ،‬وباعتباره فر�صة كبيرة لإعادة توجيه �أعمال ال�شركات الأخرى التي‬ ‫كانت تهتم بق�ضايا �أخرى‪ .‬وقد تزامن �إعداد الن�سخة الأولى من هذا الدليل مع �إطالق‬ ‫الإدارة الفيدرالية الجديدة لبرنامج الق�ضاء على الجوع �سنة ‪ ،2003‬وقد كانت ال�شركات‬ ‫متحم�سة كثيرا للم�شاركة في الأن�شطة التي كانت تجري مناق�شتها من قبل المجتمع‬ ‫ككل‪ .‬وفي وقت الحق �أن�ش�أت مجموعة من ال�شركات التي تتميز بروح الم�س�ؤولية العالية‬ ‫جمعية متخ�ص�صة في دعم الأن�شطة المرتبطة بتعزيز الأمن الغذائي‪ .‬كانت هذه الجمعية‬ ‫ت�سمى جمعية دعم برنامج الق�ضاء على الجوع (‪)Zero Hunger Support Association‬‬ ‫واكت�سبت منذ ذلك الحين تقديرا م�شرفا لما تقوم به من م�شاريع في مجاالت الوجبات‬ ‫المدر�سية‪ ،‬وتخزين المياه (ال�صهاريج) في المنطقة �شبه القاحلة �شمال �شرق البرازيل‪،‬‬ ‫وتكوين الكفاءات بالن�سبة للفاعلين االجتماعيين‪.‬‬ ‫و�ستتطرق الأق�سام التالية �إلى نف�س النهج الناظم لبرنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع‪� ،‬أي نهج �سيا�سات هيكلية محددة (�أو قطاعية) ومحلية‪ .‬والغر�ض من ذلك هو‬ ‫�إظهار مدى �إمكانية عمل ال�شركات‪ ،‬مع الأخذ بعين االعتبار الأبعاد الثالثة المعتمدة‬ ‫في ال�سيا�سات العامة‪ .‬كما �سيتم التطرق �إلى العديد من العنا�صر الأخرى ذات ال�صلة‬ ‫بت�سيير ال�شركات كالم�ساهمين فيها‪ ،‬وعالقتها بالموردين والم�ستهلكين‪ ،‬وعالقتها‬ ‫مع الموظفين والمتعاونين‪.‬‬

‫ال�سيا�سات الهيكلية لمحاربة الجوع‬ ‫‪102‬‬

‫ي�ستعمل م�شروع الق�ضاء على الجوع م�صطلح ال�سيا�سات الهيكلية للإ�شارة �إلى‬ ‫الإجراءات التي تهدف �إلى رفع م�ستوى دخل المواطنين والحد من الفوارق االجتماعية‪.‬‬ ‫ويتم تطبيق هذه ال�سيا�سات التي ت�شمل‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬فر�ص العمل والبرامج المدرة‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫للدخل‪ ،‬على م�ستوى المناطق التي يجب �أن تحظى ب�أولوية التدخل الحكومي‪� .‬إال �أن‬ ‫ال�شركات يمكنها �أي�ضا �أن تعمل في هذه المجاالت بهدف تعزيز االندماج االجتماعي‪.‬‬ ‫�إن توزيع الدخل وحده ال يكفي ل�ضمان رفاهية ال�سكان الفقراء �إذا لم يكن‬ ‫م�ستداما نوعا ما على المدى البعيد‪ ،‬و�إذا ابتغينا �ضمان االندماج االجتماعي يجب‬ ‫�أن يعتمد الفقراء على قاعدة ت�ضمن لهم دخال مدى الحياة‪ ،‬ويمكن �أن تتمثل هذه‬ ‫القاعدة في امتالك "�أ�صول" من �ش�أنها �أن ت�ؤمن لهم دخال في الم�ستقبل‪� ،‬أو على‬ ‫الأقل في حيازة �سلع من �ش�أنها �أن تخفف من �إنفاق دخلهم على الكراء‪� ،‬أو �أداء �أق�ساط‬ ‫امتالك عقار �أو الفائدة المدفوعة عن القرو�ض المرتفعة الفائدة‪.‬‬ ‫يجب على الدولة �أن تعمل على ت�أمين دخل الأفراد من خالل تعزيز برامج‬ ‫الحد الأدنى للدخل وخطط الت�أمين �ضد البطالة وتو�سيع نطاق ال�ضمان االجتماعي‬ ‫ونظام التقاعد‪� ،‬إلى غير ذلك‪ .‬ومن بين ال�سيا�سات العامة الأخرى الموجهة للحفاظ‬ ‫على التح�سن في الدخل‪ ،‬ينبغي الإ�شارة بوجه خا�ص �إلى برنامج الإ�صالح‬ ‫الزراعي‪ ،‬وتمويل الأ�صول بن�سب فائدة منخف�ضة من قبل الم�صرف الوطني للتنمية‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬ومن قبل ال�شبكة الم�صرفية الر�سمية‪ ،‬فالم�س�ؤول عن هذه‬ ‫ال�سيا�سات الهيكلية هو الدولة‪ ،‬لكن المبادرة الخا�صة يمكنها �أن ت�ساهم بن�سبة كبيرة‪.‬‬

‫وكاالت القرو�ض ال�صغرى ذات الطابع الت�ضامني‬

‫العمل الرئي�سي الذي يمكن لل�شركات �أن تنفذه هو �إن�شاء وكاالت للقرو�ض ال�صغرى‬ ‫الت�ضامنية والم�ساهمة فيها‪ .‬ويعتبر هذا �أي�ضا بديال بالن�سبة للعديد من ال�شركات‬ ‫غير المتدخلة في ميدان منح القرو�ض‪ ،‬والتي لي�س لديها �أن�شطة في هذا االتجاه‪.‬‬ ‫وتعتبر وكاالت القرو�ض ال�صغرى منظمات م�ستقلة ت�أ�س�ست من قبل �أفراد المجتمع‬ ‫المحلي ‪� -‬سواء كانوا م�ستخدمين ب�إحدى ال�شركات �أم ال‪ -‬يمنحون حداً �أدنى من‬ ‫القرو�ض للفقراء من �أجل �إنجاز م�شاريع‪� ،‬أو تو�سيعها‪� ،‬أو ترميم منازلهم‪� ،‬أو �شراء‬ ‫دراجة‪� ،‬أو حاجيات �أخرى‪ .‬وقد تم توثيق تجارب القرو�ض ال�صغرى بما فيه الكفاية‪،‬‬ ‫والم�صارف الر�سمية التي تعمل في هذا المجال ت�ؤكد �أن النتائج كانت جد مر�ضية‪.‬‬ ‫وت�شير البيانات �إلى �أن ن�سبة الفائدة عن �سداد القرو�ض ال�صغيرة منخف�ضة‬ ‫للغاية و�أن المنفعة االجتماعية لهذا النوع من اال�ستثمار كبيرة جدا‪ ،‬حيث ت�صل‬ ‫القرو�ض الممنوحة في �إطار نظام القرو�ض ال�صغرى �إلى نحو ‪ 1 000‬ريال برازيلي‪،‬‬ ‫ويف�ضل �أن يتم منحها للن�ساء‪ .‬ويجوز للبنك الوطني للتنمية االقت�صادية واالجتماعية‬ ‫�أن يمنح قرو�ضا �صغرى للقيام بالأن�شطة غير الر�سمية (التي تمثل ‪ 77‬في المائة من‬ ‫مجموع �أ�صحاب الم�شاريع ال�صغرى المدرجة في محفظة البنك)‪.‬‬ ‫�إن تجارب االئتمان الت�ضامني تكت�سي �أهمية خا�صة وتحقق نجاحا كبيرا‬ ‫عندما يتعلق الأمر بالحيازات الزراعية العائلية‪ .‬ففي المنطقة الجنوبية بالبرازيل‬

‫‪103‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫توجد فعال �شبكة من وكاالت القرو�ض ال�صغرى التي تمول خطط الإنتاج والت�سويق‬ ‫لم�صلحة الأ�سر المزارعة‪ .‬وقد "حققت" هذه التجارب " فعال نقلة نوعية" في المناطق‬ ‫التي تكون فيها القرو�ض الر�سمية غير متوفرة بالقدر الكافي‪ ،‬وحيث ال يح�صل‬ ‫المزارعون �إال على بدائل �إنتاج وت�سويق قليلة‪.‬‬

‫تعزيز الدخل والدعم المالي‬

‫يمكن لل�شركات �أي�ضا �أن ت�ساهم في التدابير الهيكلية من خالل الم�شاركة في برامج‬ ‫تكملة الدخل الموجهة ل�صالح الأ�سر المعوزة والم�ساعدة المبا�شرة للأطفال في‬ ‫�سن الدرا�سة وال�شباب‪ ،‬على غرار دعم العديد من البرامج المختلفة لدعم الأطفال‬ ‫والمراهقين عن طريق القانون المالي‪ .‬وفي مثل هذه الحاالت‪ ،‬يمكن لل�شركات‬ ‫تقديم م�ساهمات مبا�شرة لل�صناديق التي تديرها المجال�س �أو البلديات‪� ،‬أو المجال�س‬ ‫الوطنية �أو الحكومية لحقوق الأطفال والمراهقين‪ .‬ومن �ش�أن هذه المبادرات �أن‬ ‫ت�ساعد على توفير دخل للمعوزين لإنفاقه في �أغرا�ض �أخرى‪ ،‬مما ي�ضمن فر�صا �أكبر‬ ‫للأ�سر للح�صول على الغذاء‪.‬‬ ‫ويمكن لهذه العمليات الهيكلية �أن ت�ساعد على توفير دخل المعوزين‬ ‫لإنفاقه في �أغرا�ض �أخرى �إيجابية للغاية حتى ولو كانت ال ت�شتمل على‬ ‫ا�ستثمارات مبا�شرة في مجال المواد الغذائية‪ .‬كما يمكن لل�شركات تطوير �إجراءات‬ ‫مختلفة لتح�سين دخل العاملين لديها‪� ،‬أو م�ساعدة المجتمعات التي تعمل فيها؛‬ ‫مثال‪ ،‬عن طريق توفير الدعم المالي لهم بهدف بناء منازلهم‪ ،‬وت�أمين منح درا�سية‬ ‫لأبناء وبنات الموظفين �أو �أفراد المجتمع المحلي‪ ،‬وتمويل �أو �إن�شاء تعاونيات‬ ‫ت�شتغل في البناء �أو الغذاء‪.‬‬

‫�سيا�سات محددة لمحاربة الجوع‬

‫‪104‬‬

‫يمكن لل�شركات اتخاذ �إجراءات حا�سمة لتعزيز �سيا�سات محددة لمحاربة الجوع‪ ،‬مثل‬ ‫تلك التي لها ت�أثير مبا�شر على نوعية وكمية وانتظام المواد الغذائية التي ي�ستهلكها‬ ‫البرازيليون‪ ،‬فالبرنامج الرئي�سي المندرج �ضمن م�شروع الق�ضاء على الجوع لهذا‬ ‫الغر�ض هو برنامج بطاقات الغذاء‪ .‬وقد تم �إعداد برنامج بطاقة الغذاء هذه بهدف‬ ‫تكميل ال�سيا�سات المتخذة لتعزيز دخل ال�سكان المهددين‪ ،‬مثل المنح المدر�سية‬ ‫والمهنية‪ ،‬والت�أمين �ضد البطالة‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى �سيا�سات �أخرى‪ .‬وقد ا�ستلهم اقتراح‬ ‫برنامج بطاقات الغذاء من برنامج بطاقات الغذاء في الواليات المتحدة الأمريكية‪.‬‬ ‫وقد تم دمج هذا االقتراح (بطاقات الغذاء)‪ ،‬في وقت الحق‪ ،‬في نهاية ‪ ،2003‬في برنامج‬ ‫منحة الأُ�سر‪ ،‬الذي يجمع �سائر برامج التحويالت النقدية الفيدرالية في برنامج واحد‪.‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫الإطار ‪ - 1‬منوذج برنامج بطاقات الغذاء‬ ‫كان التحدي الذي �أعلنه الرئي�س روزفلت �إبان الركود االقت�صادي في‬ ‫الواليات المتحدة في بداية الثالثينيات هو محاربة الجوع دون �إثقال كاهل‬ ‫الدولة ب�سيا�سات الم�ساعدة االجتماعية‪ ،‬خالل محاولة �إعادة االقت�صاد‬ ‫�إلى وتيرة نموه المرغوب فيها‪ ،‬حيث تم منح كل �أ�سرة من الأ�سر الأمريكية‬ ‫المعوزة الحق في �أن تح�صل على بطاقات غذاء لتقتني الطعام من المحالت‬ ‫الم�سجلة لفترة معينة‪ .‬ويعتبر برنامج بطاقات الغذاء الذي �أطلق من قبل‬ ‫الإدارة الفيدرالية منذ �سنة ‪� ،1962‬أكبر برنامج للم�ساعدة الغذائية‪ .‬وقد غطى‬ ‫خالل الع�شر �سنوات الأولى ‪ 7.3‬مليون �أ�سرة و ‪ 17.2‬مليون م�ستفيد في ال�شهر‪،‬‬ ‫بتكلفة قدرها ‪ 17‬مليار دوالر �أمريكي‪.‬‬ ‫ويجب �أال يتعدى الدخل ال�شهري الإجمالي للم�ستفيدين من البرنامج‬ ‫‪ 130‬بالمائة من خط الفقر (‪ 1 533‬دوالراً �أمريكي ًا �شهريا �آنذاك‪ ،‬بالن�سبة للأ�سر‬ ‫المكونة من ثالثة �أفراد مثال)‪ .‬بالإ�ضافة �إلى �أن الأ�سر الم�ستفيدة ال ينبغي‬ ‫�أن تمتلك �أ�صوال (ك�أر�صدة بنكية‪ ،‬وا�ستثمارات مالية‪� ،‬أو منتجات �أخرى)‬ ‫يتعدى مجموعها ‪� 2 000‬أو ‪ 3 000‬دوالر �أمريكي‪� ،‬إذا كان �أحد �أفرادها على‬ ‫الأقل يفوق �سن ‪ 60‬عاما‪ .‬وينبغي على الم�ستفيدين الذين تم اختيارهم �أن‬ ‫يكونوا بانتظار الح�صول على عمل‪� ،‬أو باحثين عنه ‪� ،‬أو يتابعون برنامجا‬ ‫تدريبياً‪ .‬و�إذا لم تتحقق �أي من هذه المتطلبات‪ ،‬ال ي�سمح للم�سجلين في هذا‬ ‫البرنامج باال�ستفادة لأكثر من ثالثة �أ�شهر كحد �أق�صى‪ ،‬في كل ثالث �سنوات‪.‬‬ ‫وفي حال وجود �أ�سرة بدون دخل‪ ،‬يمكنها �أن تح�صل على بطاقات غذاء‬ ‫ت�صل �إلى ‪ 341‬دوالراً �شهريا (معطيات خا�صة بالأ�سر المكونة من ثالثة �أفراد‬ ‫ل�سنة ‪ .)2001‬وقد بلغ معدل اال�ستفادة ال�شهري‪ ،‬خالل �سنة ‪ 73 ،2000‬دوالراً‬ ‫�أمريكي ًا للفرد وحوالي ‪ 173‬دوالراً �أمريكيا للأ�سرة‪ .‬وال تجوز مبادلة هذه‬ ‫البطاقات بالمال‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى عدم �إمكانية ا�ستعمالها ل�شراء الم�شروبات‬ ‫الكحولية �أو ال�سجائر �أو المواد غير الغذائية‪ .‬ويتم التفتي�ش على م�ؤ�س�سات البيع‬ ‫بالتجزئة التي ت�أخذ هذه البطاقات عن كثب‪ ،‬كما ت�ؤدى �أي مخالفة من قبلها‬ ‫�إلى �إق�صائها من البرنامج ومتابعتها ق�ضائيا‪ ،‬بل وحتى معاقبتها بالإقفال‪.‬‬

‫البرنامج البرازيلي للتحويالت النقدية الم�شروطة‬

‫تعتبر م�س�ألة التحويالت النقدية من �أجل تنفيذ برنامج غذائي قائم على بطاقات‬ ‫الغذاء‪ ،‬على غرار برنامج الدعم الغذائي الأمريكي‪� ،‬أداة مهمة لمحاربة الجوع في‬

‫‪105‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫البرازيل‪ .‬وبالنظر �إلى المعلومات الواردة في �سجل الم�ساعدات االجتماعية‬ ‫الموحدة‪ ،‬والتي تم ا�ستنتاجها من �سجل المعلومات الخا�ص بالأ�سر المهددة‪ ،‬التي‬ ‫تم جمعها من قبل البلديات‪ ،‬يمكن القول �إنه تم التركيز ب�شكل كبير على محاولة‬ ‫تمكين الأ�سر الأ�شد فقرا في البرازيل من اال�ستفادة من هذه التحويالت النقدية‪،‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬تعزيز االقت�صادات المحلية‪ .‬وينبغي على الم�ستفيدين من البرنامج‬ ‫تلبية متطلبات اجتماعية معينة خالل الفترة التي ي�ستفيدون فيها من البرنامج‪.‬‬ ‫وي�شمل ذلك ح�ضور دورات تدريبية مهنية �أو دورات محو الأمية‪ ،‬و�إبقاء �أطفالهم‬ ‫في المدر�سة‪ ،‬وحفظ �سجالت تح�صين �أطفالهم‪ ،‬واالنخراط في �أن�شطة المجتمع‬ ‫المحلي‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫وال ي�سمح البرنامج البرازيلي بم�ساهمة ال�شركات نقدا في نظام تحويل‬ ‫الأموال‪ ،‬بل تم تخ�صي�ص جميع التبرعات النقدية ل�صندوق محاربة الفقر والق�ضاء‬ ‫عليه‪ .‬وعلى غرار ما لوحظ في الواليات المتحدة بخ�صو�ص برنامج بطاقات الغذاء‪،‬‬ ‫من المتوقع �أن تتقل�ص عمليات االحتيال التي ت�شوب ا�ستخدام بطاقات الغذاء‬ ‫من خالل اعتماد البطاقات الممغنطة‪ .‬وما ال يخطر ببال �أحد هو �أن تواجد هذه‬ ‫المجتمعات في المناطق الأكثر عزلة ي�سمح لها بمراقبة الأك�شاك وتجار التجزئة في‬ ‫الأ�سواق الواقعة في الهواء الطلق عن كثب‪ ،‬وبالتالي تجنب اختال�س الأموال والف�ساد‪.‬‬ ‫وفي كافة �أن�شطة البرنامج‪ ،‬يعتبر تعاون الم�ؤ�س�سات والعاملين فيها ب�شكل‬ ‫تطوعي‪ ،‬من خالل تقديم المحا�ضرات والدورات التدريبية والقيام بعمليات الفح�ص‬ ‫ال�صحي‪ ،‬مفيدة للغاية‪ .‬ففي كثير من الحاالت‪ ،‬يمكن لل�شركات �أي�ضا �أن توفر المرافق‬ ‫الالزمة وقاعات التدريب ومواد و�آالت لتقديم درو�س تقنية‪ .‬وهناك بع�ض ال�شركات‬ ‫التي تدعم بالفعل الأعمال التطوعية عن طريق ال�سماح للموظفين بالم�شاركة في‬ ‫الأن�شطة المجتمعية خالل جزء من وقت عملهم‪ .‬والهدف من هذه الفكرة هو العمل‬ ‫على تو�سيع هذه الأن�شطة وتوحيدها‪.‬‬

‫تو�سيع نطاق برنامج غذاء العمال‬

‫‪106‬‬

‫من بين التدابير المحددة والهامة لمحاربة الجوع‪ ،‬هناك اعتماد برنامج غذاء‬ ‫العمال‪ .‬وي�شمل هذا البرنامج كال من ال�شركات والعمال والحكومة‪ ،‬في محاولة‬ ‫ل�ضمان ح�صول العمال على الغذاء ب�أ�سعار منخف�ضة‪ .‬ويمكن لل�شركات خ�صم �ضعف‬ ‫المبالغ التي تنفق لهذا الغر�ض من �ضريبة الدخل الخا�صة بهم‪� ،‬شريطة �أال يتجاوز‬ ‫هذا الخ�صم ‪ 4‬في المائة من �ضريبة الدخل الم�ستحقة‪ ،‬كما يمكنهم اقتطاع ما يناهز‬ ‫‪ 20‬في المائة من فائدة �أجور العمال‪.‬‬ ‫ويغطي برنامج غذاء العمال ‪ 8‬ماليين عامل في حوالي ‪� 80 000‬شركة‪.‬‬ ‫وي�ستفيد حوالي ‪ 9‬ماليين �آخرين من نوع �آخر من الم�ساعدات الغذائية‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫ال يتلقى حوالي ‪ 24.8‬مليون من العمال الر�سميين وغير الر�سميين (با�ستثناء موظفي‬ ‫الخدمة المدنية والع�سكرية) �أي نوع من منح الغذاء‪.‬‬ ‫ويمكن �أن يعزى الأداء ال�ضعيف لبرنامج غذاء العمال �إلى الحوافز المالية‬ ‫المنخف�ضة‪ ،‬حيث تدفع حاليا ن�سبة ‪ 93‬في المائة من مجموع ال�شركات البرازيلية‬ ‫(التي تفوق ‪ 3‬ماليين �شركة) ال�ضريبة على الدخل على �أ�سا�س نظام الربح المفتر�ض‬ ‫للنظام ال�ضريبي الب�سيط‪ ،‬والذي ال يهدف �إلى الح�صول على الفوائد المالية‬ ‫التي يوفرها برنامج غذاء العمال‪ .‬هذه هي المع�ضلة‪ ،‬بما �أن ال�شركات ال�صغرى‬ ‫والمتو�سطة التي ت�ستخدم النظام ال�ضريبي الب�سيط هي بال�ضبط تلك التي تدفع �أقل‬ ‫الأجور وتواجه �أكبر ال�صعوبات في توفير الدعم ل�ضمان ح�صول �أف�ضل على الغذاء‬ ‫للم�ستخدمين فيها‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فالعديد من ال�شركات لديها الو�سائل التي تمكنها من التعاون ب�شكل‬ ‫مبا�شر من خالل تح�سين ح�صول موظفيها على الغذاء ب�شكل م�ستقل‪ ،‬خارج �إطار‬ ‫الحدود المن�صو�ص عليها في القانون‪ .‬ويمكن لعملية توزيع �سالل الغذاء الأ�سا�سي‬ ‫على الم�ستخدمين الأ�شد فقرا �أن تذهب بعيدا في اتجاه تعزيز ميزانية �أ�سرهم‪ .‬وتعتبر‬ ‫كمية ونوعية المواد الغذائية المدرجة في هذه ال�سالل في غاية الأهمية‪ ،‬وينبغي �أن‬ ‫ي�شرف عليها خبير في التغذية‪ .‬وت�ؤثر المبادرات‪ ،‬من قبيل منح مبالغ مالية �أكبر في‬ ‫بطاقات الغذاء‪� ،‬أو تقديم وجبات خفيفة �أو وجبات �إفطار للعمال‪ ،‬ت�أثيرا فوريا على‬ ‫رفاهيتهم‪ ،‬و�أي�ضا على �إنتاجيتهم‪.‬‬

‫منح �سالل الغذاء الأ�سا�سية في حاالت الطوارئ‬

‫هناك �شكل �آخر من الأ�شكال الأ�سا�سية للتعاون‪ ،‬هو التبرع ب�سالل الغذاء الأ�سا�سي‪.‬‬ ‫وهذه هي ال�سيا�سة التي يتم اعتمادها عادة في حاالت الطوارئ‪� ،‬أما في تجارب‬ ‫الما�ضي فقد كانت العديد من عمليات التبرع ب�سالل الغذاء الأ�سا�سية على �أ�سا�س‬ ‫دائم‪ ،‬ت�ستخدم بطريقة ت�شوبها المح�سوبية والف�ساد‪ .‬وفي نف�س الوقت‪ ،‬كان لهذه‬ ‫الممار�سات ت�أثير غير مرغوب فيه‪ ،‬يتمثل في جعل الفقراء يعتادون على العي�ش على‬ ‫المعونات الغذائية وتطوير �سلوك �سلبي‪ ،‬والحد من المزيد من الفر�ص المتاحة لهم‬ ‫ال�ستئناف حياة ن�شطة ومنتجة‪.‬‬ ‫كما ينطوي ا�ستمرار توزيع �سالل الغذاء على ت�أثير �سلبي قوي على التجارة‬ ‫في المناطق الفقيرة‪ ،‬ذلك لأن هذه المواد الغذائية تلبي �أغلب االحتياجات الغذائية‬ ‫للأ�سر‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى �ضعف التجارة في المناطق الم�ستفيدة من الدعم‪ ،‬وتقوي�ض‬ ‫�إمكانيات التنمية المحلية ب�شكل �أكبر‪ .‬فخالل �سنة ‪ ،2001‬خف�ضت الحكومة الفيدرالية‬ ‫ميزانية ال�صندوق الموجه لتوزيع الم�ساعدات الغذائية‪ ،‬بعد �أن و�صلت �إلى الذروة �سنة‬ ‫‪ ،1998‬بما يقارب ‪ 28.5‬مليون ريال برازيلي‪.‬‬

‫‪107‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫لهذه الأ�سباب‪ ،‬ي�سمح بالتبرع ب�سالل الغذاء في �إطار م�شروع الق�ضاء على‬ ‫الجوع في حاالت الطوارئ فقط‪ .‬ويمكن للمبادرة الخا�صة �أن تلعب دورا م�ساعدا في‬ ‫تنفيذ هذه ال�سيا�سة‪ ،‬لي�س فقط عن طريق �شراء وتوزيع �سالل الغذاء الأ�سا�سي‪ ،‬ولكن‬ ‫�أي�ضا من خالل طريقتين �أ�سا�سيتين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫(�أ) في مجال تبادل المعلومات وا�ستخدام نظم ال�شراء االلكترونية في �سل�سلة‬ ‫الأ�سواق الممتازة الكبرى (ال�سوبر ماركت)‪ ،‬واللجوء �إلى �سما�سرة ال�سلع‬ ‫وبائعي الجملة‪ .‬في هذه الأن�شطة‪ ،‬يعمل المدراء التنفيذيون ذوو التخ�ص�ص‬ ‫الرفيع على جمع المعلومات عن �أ�سعار توافر المواد الغذائية المدرجة في‬ ‫�سالل الغذاء الأ�سا�سي‪ .‬ويمكن لقطاع ال�شركات �أن يزود ال�سلطات العامة‬ ‫والم�ؤ�س�سات الخيرية بمعلومات هامة بخ�صو�ص اقتناء وتجميع �سالل الغذاء‪.‬‬ ‫(ب) في مجال الدعم اللوج�ستي‪ ،‬ا�ستخدام ال�شاحنات ومراكز التوزيع التابعة‬ ‫للأ�سواق الممتازة و�أ�سواق الجملة المتوفرة لهذا الغر�ض‪ .‬وت�ستند‬ ‫ال�شركات العاملة في هذه المناطق �إلى �إطار متين يمكنها من م�ساعدة‬ ‫البرازيليين الذين يواجهون �صعوبات في المناطق النائية في وقت‬ ‫وجيز‪ .‬ويمكّن هذا الدعم من التغلب على العقبات الرئي�سية التي تعرقل‬ ‫عملية توزيع �سالل الغذاء من خالل القنوات الر�سمية‪ ،‬خا�صة مع عدم‬ ‫توفر مخازن للحكومة في الكثير من المواقع النائية في البالد‪ ،‬وتباط�ؤ‬ ‫الحكومة التخاذ قرارات ب�ش�أن ت�أجير خدمات النقل‪.‬‬

‫محاربة النق�ص في التغذية لدى الأمهات والأطفال‬

‫‪108‬‬

‫من بين �أهم المجاالت التي يمكن ل�شركات اال�ستثمار فيها ال�شراكة مع الم�ؤ�س�سات‬ ‫الخيرية‪ ،‬هناك محاربة النق�ص في التغذية لدى الأمهات والأطفال‪ ،‬فقد و�صل معدل‬ ‫وفيات الر�ضع في البرازيل �إلى ‪ 32.7‬في كل ‪ 1 000‬والدة طبيعية في عام ‪،2001‬‬ ‫وهو معدل مرتفع جدا على الرغم من �أنه انخف�ض ب�شكل كبير بالمقارنة مع ‪46.2‬‬ ‫في كل ‪ 1 000‬والدة �سنة ‪ ،1991‬وعلى �سبيل المقارنة ف�إن معدل وفيات الر�ضع يبلغ‬ ‫في المك�سيك ‪ 25‬لكل ‪ 1 000‬والدة ‪ ،‬وفي الواليات المتحدة الأمريكية يبلغ ‪ 8‬في‬ ‫‪ 1 000‬والدة‪ .‬ويعتبر النق�ص في التغذية في البرازيل ال�سبب الرئي�سي في وفيات الأطفال‪.‬‬ ‫ويمكن لل�شركات القيام بدور رئي�سي في هذا المجال لتكميل الإجراءات‬ ‫التي تتخذها ال�سلطات العامة لمراقبة وتقديم الم�شورة للأ�سر والأمهات والأطفال‬ ‫دون �سن ال�سنة الواحدة من العمر‪ ،‬فهناك بدائل غذائية تكميلية متاحة‪ ،‬لكن توفير‬ ‫المعلومات بخ�صو�ص الر�ضاعة الطبيعية يعتبر هدفا �أ�سمى‪ ،‬ولذلك يتعين على‬ ‫ال�شركات �ضمان حق الم�ستخدمات الأمهات في �إر�ضاع �أطفالهن واحترام جدولهن‬ ‫الزمني للر�ضاعة الطبيعية‪.‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫وهناك الكثير من المنظمات غير الحكومية والجمعيات‪� ،‬إ�ضافة �إلى مراكز‬ ‫رعاية الأطفال‪ ،‬تقوم ب�أن�شطة مت�سقة في مجال الأمن الغذائي لفائدة الأمهات والأطفال‬ ‫الر�ضع‪ ،‬والتي يمكن دعمها مبا�شرة من قبل ال�شركات‪ .‬كما يمكن لل�شركات �أن تكون في‬ ‫كثير من الأحيان بمثابة ج�سر توا�صل بين تلك المنظمات والمجتمعات التي تن�شط فيها‪.‬‬

‫مراكز الرعاية النهارية ور�صد مجتمع الأطفال‬

‫ينبغي على ال�شركات االحتفاظ بمراكز الرعاية النهارية م�سجلة ح�سب الأ�صول‬ ‫لدى المجل�س الوطني للعمل االجتماعي ومراقبة المكمالت الغذائية التي تقدمها‬ ‫هذه المرافق لأطفال م�ستخدميها‪ .‬ويقترح �أن يتم منح الأمهات �سلة المواد الغذائية‬ ‫الأ�سا�سية لإطعام الأطفال دون �سن الدرا�سة ب�شكل منا�سب‪.‬‬ ‫ويمكن لل�شركات دعم المجتمعات المحلية التي تعمل فيها من خالل تعزيز‬ ‫�آليات لر�صد الحالة ال�صحية للأطفال دون �سن المدر�سة والمواليد الجدد‪ .‬ويمكن‬ ‫�أن يعزى االنخفا�ض الذي لوحظ في معدالت وفيات الأطفال في البرازيل في‬ ‫ال�سنوات الأخيرة �إلى عمل مراكز رعاية الأطفال ب�شكل كبير‪ .‬وي�شتمل هذا العمل‬ ‫على مراقبة الو�ضع ال�صحي للأطفال في �ضواحي المدن الكبرى �شهريا وعلى‬ ‫مراقبة تغذيتهم‪.‬‬ ‫كما يمكن لل�شركات االنخراط في م�شاريع مماثلة من خالل جعل الموارد‬ ‫متاحة لتدريب المتطوعين‪ ،‬وجعل المرافق الطبية متاحة للأ�سر الم�سجلة‪� ،‬أو حتى‬ ‫تنظيم عمليات الدعم الغذائي وحمالت التطعيم في المجتمعات التي تعمل فيها‪.‬‬

‫التوعية ب�ش�أن ا�ستهالك الغذاء‬

‫تتطلب التوعية ب�ش�أن ا�ستهالك الغذاء في بالدنا ا�ستثمارات كبرى وتغييرات حقيقية‬ ‫في ثقافتنا‪ ،‬فهناك نق�ص في المعلومات المرتبطة بالقيمة الغذائية للطعام‪ ،‬وهذا‬ ‫الو�ضع ي�ؤدي بالم�ستهلكين �إلى �شراء المواد الغذائية دون مراعاة جودتها �أو حتى‬ ‫�سعرها‪ ،‬بل يتم اقتنا�ؤها فقط بناء على الإعالنات الدعائية‪.‬‬ ‫وللتلفزيون البرازيلي ت�أثير كبير على ال�سكان �أ�صحاب الدخل المنخف�ض‪ ،‬ويمكن‬ ‫ل�شركة دعائية على �سبيل المثال‪� ،‬أن تدفع �أ�سرة �إلى ا�ستبدال الغذاء ال�صحي بغذاء غير‬ ‫�صحي‪� .‬إ ّال �أ ّنه ا ُتخذت خطوات ناجحة للتحكم بهذا الت�أثير‪ .‬وقد اعتمدت البرازيل قوانين‬ ‫�صارمة تفر�ض حدوداً على �إعالنات الحليب وم�شتقاته‪ .‬غير � ّأن القوانين في بلدان‬ ‫�أخرى ت ّت�سم بمزيد من ال�صرامة‪ ،‬وهي ت�شمل تو�صيات مبا�شرة تتعلق بما على الأ�سر �أن‬ ‫ت�ستهلكه‪ .‬ففي بلد‪ ،‬ك�إيطاليا مثالً‪ُ ،‬يفر�ض "حجر" على فناني التلفزيون الذين يحظون‬ ‫ب�شعبية لدى الأطفال للح�ؤول دون ا�ستخدام �صورتهم للإعالن عن مواد غذائية‪ .‬ويكمن‬ ‫الهدف في �ضمان حمية �صحية منذ الطفولة لجميع ال�سكان‪.‬‬

‫‪109‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الإطار ‪ - 2‬املبادرات التي ميكن لل�رشكات اعتمادها‬ ‫يمكن لل�شركات �أن ت�ساهم في الأمن الغذائي بطرق عديدة وفي مجاالت عمل‬ ‫مختلفة‪ ،‬كما هو الأمر بالن�سبة لبع�ض الأفكار التي خرجت �إلى حيز التطبيق‪:‬‬ ‫في ال�شركات نف�سها‬

‫■ ■تزويد العاملين بها‪ ،‬في المق�صف مثال‪ ،‬بالمعلومات الالزمة حول القيمة الغذائية‬ ‫والمواد الغذائية التي ينبغي �أن تكون �ضمن نظام غذائي متوازن‪ ،‬ون�صحهم‬ ‫بالمواد الغذائية التي يجب �أن يقتنوها وكيف ينبغي طهيها في المنازل‪.‬‬ ‫■ ■ت�أمين نف�س النوع من الن�صائح عن طريق المحا�ضرات والمذكرات الإعالمية‬ ‫الداخلية الموجهة للعمال الذين يح�صلون على بطاقات الغذاء‪.‬‬ ‫■ ■اال�ستعانة بخدمات اخ�صائي في علم التغذية ليتوجه �إلى المطاعم المجاورة‬ ‫التي يتناول عمال وموظفو ال�شركات وجباتهم فيها من �أجل تقديم الن�صائح‬ ‫وو�ضع قائمة بالأغذية الأ�سا�سية وو�صف وجبات �صحية ب�سعر منخف�ض‪.‬‬

‫داخل المجتمع المحلي‬ ‫■‬ ‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫‪110‬‬

‫■دعم الأن�شطة التعليمية‪ ،‬وتوفير المواد الإعالمية‪ ،‬وتطوير الدورات التدريبية‬ ‫والحمالت‪.‬‬ ‫■ن�شر المعلومات على نطاق وا�سع عبر الجرائد والإذاعات المحلية وفي‬ ‫المجتمع المحلي ع �أ�سعار المواد الغذائية المتوفرة في مق�صف ال�شركة‬ ‫وقيمتها الغذائية‪.‬‬ ‫■الترويج لتنظيم ن�شاط مخ�ص�ص للغذاء �أثناء العطلة الأ�سبوعية من كل �شهر‬ ‫لإعطاء درو�س في الطهي و�إي�ضاحات حول كيفية اال�ستفادة ب�شكل كامل من‬ ‫المواد الغذائية‪.‬‬ ‫■�أن تفي ال�شركات بالتزاماتها من حيث توفير معلومات محددة وحقيقية‬ ‫حول الأغذية المعرو�ضة للبيع في الأ�سواق‪ ،‬وينطبق ذلك على وجه‬ ‫الخ�صو�ص على �شركات الأغذية والتوزيع (ال�صناعات الغذائية‪ ،‬بائعو‬ ‫الجملة‪ ،‬المراكز التجارية الكبرى‪ ،‬الموردون‪ ،‬مطاعم الوجبات ال�سريعة‪� ،‬إلخ‪).‬‬ ‫■العمل في �إطار الم�س�ؤولية االجتماعية وخلق �أنظمة للمعلومات الغذائية‬ ‫ومراقبة الجودة‪ ،‬وخا�صة اتخاذ �إجراءات للحد من الهدر الغذائي‪ .‬ذلك �أن‬ ‫معظم المواد الغذائية التي ت�ضيع ت�ؤثر على تكوين تكلفة القطاع‪ ،‬مما يزيد‬ ‫من �سعر المنتج النهائي‪.‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫واليوم‪ ،‬حتى في البلدان الفقيرة ن�سبياً‪ ،‬ت�سير البدانة و�سوء التغذية جنب ًا‬ ‫�إلى جنب ب�سبب النق�ص في المعلومات‪ ،‬وكذلك لأن و�سائل الإعالم ت�شجع النا�س‬ ‫على ا�ستهالك �أغذية غير �صحية‪ .‬و ُيعتبر هدر الغذاء مفارقة هائلة تت�سبب بها نزعة‬ ‫اال�ستهالك الغذائي التي تن ُتج عن تعر�ض النا�س المفرط للإعالنات‪ .‬وهناك الكثير‬ ‫من البلدان التي يعاني فيها النا�س من نق�ص في الأغذية فيما ُتهدر الأطعمة‪،‬‬ ‫�سواء كان ذلك على �صعيد الإنتاج �أو التوزيع �أو الطهي‪.‬‬

‫تقديم الدعم لتو�سيع برنامج الوجبات المدر�سية‬

‫يمكن لل�شركات الم�ساهمة �أي�ضا في تو�سيع نطاق برنامج الوجبات المدر�سية‪،‬‬ ‫�أكبر برنامج للوجبات في البرازيل‪ ،‬حيث كانت انطالقة هذا البرنامج في عام‬ ‫‪ 1954‬وغطى ما يقرب من ‪ 40‬مليون طفل ومراهق في اليوم �سنة ‪ .2009‬وفي عام‬ ‫‪ ،1994‬كان الدعم المقدم ل�شراء و�إعداد وجبات الطعام غير مركزي‪ ،‬حيث تتحمل‬ ‫المجتمعات المحلية‪ ،‬من خالل مقراتها في المدن‪ ،‬م�س�ؤولية تدبير الأموال المحولة‬ ‫من قبل الحكومة الفيدرالية لهذا الغر�ض‪.‬‬ ‫وحتى نهاية عام ‪ ،2001‬كانت الحكومة الفيدرالية تحول يوميا مبلغ‬ ‫‪ 0.13‬ريال برازيلي لكل طفل م�سجل في المدار�س العامة االبتدائية �أو الإعدادية‪،‬‬ ‫و ‪ 0.06‬ريال برازيلي يوميا للتالميذ المنتمين �إلى الم�ؤ�س�سات الخيرية‪ .‬وقد مكنت‬ ‫هذه المبالغ من �ضمان توفير ‪� 350‬سعرة حرارية‪ ،‬و‪ 9‬غرامات من البروتين لكل‬ ‫وجبة‪ ،‬وتلبية ‪ 15‬في المائة من االحتياجات الغذائية اليومية له�ؤالء الأطفال‪.‬‬ ‫وتتحمل حكومات الواليات النفقات اللوج�ستية‪ ،‬و�أجور الموظفين‪ ،‬وواجبات‬ ‫المرافق الالزمة‪ .‬وقد تم الآن رفع هذه المبالغ �إلى ‪ 0.30‬ريال برازيلي للتالميذ‬ ‫الم�سجلين في مدار�س التعليم الأ�سا�سي (الكتاتيب والمدار�س االبتدائية‪ ،‬والمدار�س‬ ‫الإعدادية والثانوية‪ ،‬والمدار�س العليا لل�شباب والكبار)‪.‬‬ ‫ومن الوا�ضح �أن تلبية جزء فقط من االحتياجات الغذائية للأطفال في �سن‬ ‫المدر�سة ال تكفي‪� ،‬إال �أن تحويالت الأموال الحكومية هي تقريبا المورد الوحيد‬ ‫المتاح لتغذية الأطفال في العديد من البلديات‪ .‬ومن ناحية �أخرى يتم تعزيز هذه‬ ‫المبالغ المالية من قبل المجتمع نف�سه ويتم توفيرها من قبل جمعيات الآباء‬ ‫والمدر�سين في العديد من البلديات‪.‬‬ ‫وتوفر ال�شركات دعما كبيرا لعملية تغذية الأطفال من خالل التعاون‬ ‫مع جمعيات الآباء والمدر�سين‪ .‬وبعد �أن �أ�صبح برنامج الوجبات المدر�سية‬ ‫المركزيا‪ ،‬تم اعتماد تنفيذ نظم الت�سيير التي ت�سمح للمجتمعات نف�سها من‬ ‫التحكم في الموارد وتعيين الموظفين وتحديد الأطعمة التي يتم ت�ضمينها في‬ ‫الوجبات‪.‬‬

‫‪111‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�سيا�سات محلية لمحاربة الجوع‬ ‫يعتبر التكيف الإقليمي ومعالجة االختالفات الثقافية من نقاط القوة التي تميز‬ ‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ .‬وال بد من �إيجاد حلول مكيفة لأي م�شاكل بح�سب‬ ‫الجمهور الم�ستهدف‪ ،‬حيث توجد م�شاكل مختلفة في المناطق الريفية عنها في‬ ‫المناطق الح�ضرية‪ .‬كما �أن هناك �أي�ضا اختالفات كبيرة بين الريف والمدن ال�صغرى‬ ‫والمتو�سطة وبين العوا�صم الكبرى‪.‬‬ ‫وينبغي �أن تتم درا�سة م�ساهمة ال�شركات وتحليلها على النحو الواجب‪،‬‬ ‫خ�صو�صا فيما يتعلق بدعم الأقاليم المختلفة‪ ،‬و�إن ات�ضح �أنه من ال�ضروري �أن تن�شط‬ ‫ال�شركات في المناطق الجغرافية التي تنفذ فيها م�شاريعها‪� ،‬إال �أن دعم م�شاريع‬ ‫محاربة الجوع في المناطق �أو الأماكن التي تعرف فوارق �أكبر يعد موقفا �سليما‪،‬‬ ‫ومن المهم �أي�ضا دعم المناطق التي ال تكون دائما في محور قريب من نطاق عمل‬ ‫ال�شركات ولكنها ترتبط بها ب�شكل غير مبا�شر‪.‬‬ ‫وفي ما يلي عر�ض لل�سيا�سات المحلية مق�سمة ح�سب الإجراءات المتخذة في‬ ‫المناطق الريفية‪ ،‬وفي المدن ال�صغرى والمتو�سطة‪ ،‬وفي العوا�صم الكبرى‪.‬‬

‫محاربة الجوع في المناطق الريفية‬

‫‪112‬‬

‫�إن الكثير من البرازيليين في المناطق الريفية عر�ضة للجوع‪ .‬ويمكن لل�شركات دعم‬ ‫تعزيزات الدخل وظروف التغذية لدى ه�ؤالء ال�سكان بطريقتين مبا�شرتين هما‪ :‬دعم‬ ‫الأن�شطة الزراعية و�أن�شطة تربية الثروة الحيوانية للأ�سر‪ ،‬وكذلك الأن�شطة التجارية‬ ‫وغير الزراعية‪ ،‬وهي ت�شكيلة معروفة با�سم الأن�شطة المتعددة بالإ�ضافة �إلى الإنتاج‬ ‫الموجه لال�ستهالك المحلي‪.‬‬ ‫ويمكن توفير هذا الدعم من خالل الم�ساعدة التقنية والتبرع بالمدخالت‬ ‫وبناء خزانات لتوفير المياه المنزلية وخطط الإنتاج الأ�سري ومن خالل و�سائل‬ ‫�أخرى مختلفة‪ .‬وقد حققت الحكومة الفيدرالية تقدما كبيرا في هذا المجال من‬ ‫خالل البرنامج الوطني للزراعة الأ�سرية‪ ،‬الذي يقدم قرو�ضا بن�سب فائدة منخف�ضة‬ ‫محددة م�سبقا‪ .‬غير �أن هذا البرنامج يمكن �أن يعرف تقدما �أكثر مع مزيد من الموارد‬ ‫وبيروقراطية �أقل‪ ،‬وحتى بتكاليف �أقل‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى البنوك الر�سمية وتعاونيات المزارعين‪ ،‬تقدم ال�شركات‬ ‫الخا�صة حاليا قرو�ضا للفالحين �أي�ضا‪� .‬إال �أن هذه التدابير ُتبقي المزارعين مرتبطين‬ ‫ب�أولئك الممولين �أو الفاعلين‪ .‬لذلك‪ ،‬ينبغي �إن�شاء قنوات ائتمان جديدة تركز على‬ ‫الأن�شطة الفالحية وغير الفالحية مثل البناء وحفر الآبار وال�صهاريج واال�ستثمارات‬ ‫في الفنادق والمطاعم ال�صغرى‪ ،‬الخ‪.‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫ويفتقر القطاع العام �إلى مرونة القطاع الخا�ص‪ ،‬وهذا ما ي�سمح لل�شركات‬ ‫بالعمل مبا�شرة في هذا المجال‪ ،‬على غرار منظمات غير حكومية كثيرة تقوم بذلك‬ ‫فعال‪ .‬كما يمكن لل�شركات �أي�ضا �أن تدعم تطوير برامج محلية مرخ�ص لها من �أجل‬ ‫تنمية الزراعة وتربية الموا�شي والحرف اليدوية‪ .‬وبالنظر �إلى التقدير المتزايد لم�س�ألة‬ ‫التنوع في ال�سلع خا�صة من قبل الم�ستهلكين ذوي الدخل المرتفع‪ ،‬ف�إنه من المفيد‬ ‫اال�ستثمار في الب�ضائع المتنوعة وبالخ�صو�ص ال�سلع المحلية‪ ،‬وذلك من �أجل �ضمان‬ ‫دخل �أعلى ل�صغار المزارعين‪.‬‬

‫محاربة الجوع في المدن ال�صغيرة والمتو�سطة‬

‫يعي�ش زهاء ن�صف البرازيليين بدخل يقل عن‬

‫‪1.08‬‬

‫دوالر �أمريكي (خط الفقر‬

‫الإطار ‪ - 3‬ميثاق ال�سامري الطيب‬ ‫تقوم فكرة الميثاق على قوانين �ضريبية محفزة في البرازيل كبرنامج غذاء‬ ‫العمال (‪ )PAT‬وقوانين ثقافية محفزة‪ ،‬وعلى القوانين الأمريكية‪ .‬وقد �أدى ذلك �إلى‬ ‫�إ�صدار �أربعة م�شاريع قوانين وم�شروع اتفاق �أولي ي�ضم ال�ضريبة على المبيعات‬ ‫في البرازيل (‪ ،)ICMS‬بهدف حماية المتبرعين وتوفير �إعفاءات وحوافز �ضريبية‬ ‫لهم‪ .‬وقد تم �إعداد ثالثة مقترحات منها‪ ،‬تلك التي ت�شمل الإعفاءات والحوافز‪،‬‬ ‫من قبل الفرع التنفيذي‪ .‬فيما تم �إعداد المقترح الذي يتناول الم�س�ؤولية المدنية‬ ‫والجنائية للأ�شخا�ص الطبيعيين واالعتباريين الذين يتبرعون بالغذاء من قبل‬ ‫الفرع الت�شريعي‪ .‬و�ستتم مناق�شة االتفاق المقترح والبت فيه وي�شمل هذا المقترح‬ ‫ال�ضريبة على المبيعات في البرازيل (‪ )ICMS‬من طرف المجل�س الوطني لل�سيا�سة‬ ‫المالية (‪ .)Confaz‬كما �سيعفى رجال الأعمال �أي�ضا من ال�ضريبة على المنتجات‬ ‫الم�صنعة (‪ )IPI‬للغذاء والآالت والمعدات والأواني المتبرع بها ل�صالح المنظمات‬ ‫التي ال ت�ستهدف الربح والجمعيات والم�ؤ�س�سات التي ت�ستهدف �إعداد وتوزيع‬ ‫الغذاء الخالي من الر�سوم للفقراء‪.‬‬ ‫وقد تمت الم�صادقة على م�شروع واحد فقط من بين هذه الم�شاريع‬ ‫كلها‪ ،‬وهو الذي ين�ص على الم�س�ؤولية المدنية والجنائية للمتبرعين (القانون‬ ‫رقم ‪ 1998/4 747‬ويوجد هذا الم�شروع قيد الدرا�سة والتحليل حاليا بمجل�س‬ ‫النواب‪ .‬غير �أن قانونا م�شابها (رقم ‪ )1997/3 289‬هو �أي�ضا قيد الدرا�سة من‬ ‫طرف مجل�س النواب‪ ،‬وهو ينتظر حاليا ر�أيا من لدن لجنة الد�ستور والعدالة‪.‬‬ ‫فيما تتم مناق�شة باقي الم�شاريع في غرفتي الم�ؤتمر الوطني‪.‬‬

‫‪113‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المعتمد من قبل م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ )3‬في المدن ال�صغيرة والمتو�سطة‪ .‬ومن‬ ‫المفارقات �أنه يمكن محاربة الفقر والجوع في هذه المناطق ب�شكل فعال‪ ،‬حيث ي�سهل‬ ‫كثيرا تحديد العائالت الفقيرة ودعمها بالمنح وتتبع ا�ستعمالها‪.‬‬ ‫ويمكن لل�شركات �أن تعمل ب�شكل مبا�شر في المدن ال�صغيرة والمتو�سطة عن‬ ‫طريق �إن�شاء بنوك الغذاء والحفاظ عليها‪ .‬وهذا البرنامج م�صمم من �أجل �ضمان‬ ‫ا�ستخدام المواد الغذائية التي قد تتعر�ض للتلف‪ .‬وقد تم ا�ستلهام ذلك من الح�صاد‬ ‫الثاني لبرنامج بنك الغذاء‪ ،‬وهو منظمة غير حكومية ت�ضم ما يناهز ‪ 200‬بنك غذائي‬ ‫يقدم الغذاء لـ ‪ 26‬مليون �أمريكي وبورتوريكي‪ ،‬من بينهم ‪ 8‬ماليين طفل‪.‬‬ ‫بيد �أن هناك بع�ض االختالفات بين مختلف بنوك الغذاء العاملة في البرازيل‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فهي مجهزة بفرق من المحترفين المدربين وال�سيارات المخ�ص�صة لنقل‬ ‫المنتجات الغذائية‪ .‬ولكل فريق م�سار محدد م�سبقا لجمع المواد الغذائية التي تبرعت‬ ‫بها ال�شركات الم�شاركة في العملية‪ ،‬والموزعة على م�ؤ�س�سات م�سجلة في نف�س اليوم‪.‬‬ ‫وقد اعتمد برنامج الح�صاد الح�ضري �أي�ضا على تجارب معمول بها كبرنامج‬ ‫ال�سل�سلة الغذائية‪ ،‬وهو �شبكة منظمة �أمريكية غير حكومية تهتم في كل يوم بجمع‬ ‫المواد الغذائية الطازجة والوجبات الجاهزة التي لم يتم ا�ستعمالها في المطاعم‬ ‫والفنادق والمقا�صف ومحالت الوجبات الخفيفة‪.‬‬ ‫ويمكن لل�شركات �أن تلعب دورا فعاال عن طريق ثالث طرق �أ�سا�سية وهي‪:‬‬ ‫■ ■التبرع بالمواد الغذائية وكراء ال�سيارات لنقل تلك المواد وتوفير‬ ‫المخازن ومواد التغليف‪ ،‬وغيرها؛‬ ‫■ ■التعاون مع الم�ؤ�س�سات التي ت�ساعد الجمهور الم�ستهدف من البرنامج‬ ‫لأن بنوك الغذاء تكمل عموما فقط نظامهم الغذائي؛‬ ‫■ ■توفير الخبراء التقنيين المتطوعين‪ ،‬كالأخ�صائيين في مجال التغذية‬ ‫و�أخ�صائيي علم الأحياء الدقيقة والمحا�سبين والعمال كال�سائقين‬ ‫وناقلي الأغذية والم�ساعدين‪.‬‬

‫قوانين جديدة لتحفيز التبرعات‬

‫قادت تجربة برنامج الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع‬ ‫�ساو باولو (انظر الر�سم) فرع الخدمات االجتماعية للتجارة في �ساو باولو �إلى‬ ‫اقتراح تعديالت في القانون الجاري العمل به‪ .‬وتقاوم ال�شركات حاليا ب�شدة فكرة‬ ‫التبرع بالغذاء خوفا من الم�س�ؤولية التي يمكن �أن تن�سب �إليها عن �أية �أ�ضرار ت�سببها‬ ‫‪114‬‬

‫‪ 3‬تم احت�ساب هذا المبلغ ا�ستنادا �إلى خط الفقر الذي يعتمده البنك الدولي والذي يقوم على �أ�سا�س ن�صيب الفرد من دخل الأ�سرة البالغ ‪ 1‬دوالر‬ ‫�أمريكي في اليوم من حيث تعادل القوة ال�شرائية مع خ�صم اال�ستهالك الذاتي في المناطق الريفية والم�صروفات المخ�ص�صة للإيجار �أو المدفوعات‬ ‫الم�سددة �شهريا‪.‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫الإطار ‪ - 4‬برنامج مي�سا �ساو باولو‬ ‫تكمن مهمة برنامج الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة‬ ‫الجوع ب�ساو باولو في توزيع الغذاء خا�صة في الوحدات الغذائية الطبيعية‬ ‫من �أجل محاربة الجوع وتجنب هدر الغذاء‪ .‬ويعمل خ�صي�صا لهذه الغاية‬ ‫على كيفية جمع الغذاء من ال�شركات المتبرعة وتوزيعه على م�ؤ�س�سات‬ ‫م�سجلة‪.‬‬ ‫ويعتمد الم�شروع الأ�صلي المطبق في فرع الخدمة االجتماعية للتجارة‬ ‫(‪ )Sesc‬بكارمو (‪� )Carmo‬سنة ‪ ،1994‬على �أخ�صائيي التغذية والأخ�صائيين‬ ‫االجتماعيين الذين يراقبون جودة الغذاء الموزع وكيفية ا�ستخدامه في‬ ‫الم�ؤ�س�سات الم�ستفيدة‪ .‬ويتم تدريب االحترافيين بهذه الم�ؤ�س�سات على كيفية‬ ‫تخزين وتنظيف الغذاء والتعامل معه من �أجل �ضمان ت�أمين �أكثر للوجبات‬ ‫الغذائية‪ .‬فالتخطيط الدقيق ي�ضمن تجميع الغذاء من ال�شركات وتوزيعه على‬ ‫الم�ؤ�س�سات الم�ستفيدة في ذات اليوم‪.‬‬ ‫وقد مر برنامج الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة‬ ‫الجوع ب�ساو باولو بمراحل مختلفة‪ ،‬ففي �أول الأمر كان يوزع وجبات جاهزة‪� .‬إال‬ ‫�أنه عدل عن ذلك لأ�سباب مختلفة ت�شمل �أخطار تلوث محتملة �أثناء التخزين والنقل‪.‬‬ ‫ويوزع حاليا بالأ�سا�س الخ�ضروات والبقول والفواكه وي�ضم‬ ‫‪� 200‬شركة مانحة �أغلبها من �صغار المزارعين ومعظمها من المخابز وبع�ضها‬ ‫من ال�شركات الكبيرة‪ .‬وتتبرع معظم هذه ال�شركات بالغذاء‪� ،‬إال �أن هناك �أي�ضا‬ ‫�أمثلة على ذلك‪ ،‬مثل �شركة دي �إيت�ش ال (‪ ،)DHL‬التي ت�شارك في الم�شروع‬ ‫بنحو خا�ص‪ .‬وقد تم التبرع بمركبة لتوزيع الأغذية مع �سائقها وا�ست�أجرتها‬ ‫�شركة دي �إيت�ش ال‪ ،‬وظلت رهن �إ�شارة الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن‬ ‫الغذائي ومحاربة الجوع ب�ساو باولو �إلى جانب متطوعين اثنين �آخرين من‬ ‫ال�شركة‪.‬‬ ‫وي�ساعد برنامج الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة‬ ‫الجوع ب�ساو باولو ‪ 194‬م�ؤ�س�سة‪ ،‬من �ضمنها مراكز الرعاية اليومية ودور‬ ‫م�أوى للم�شردين والجمعيات التي تدعم الأطفال الم�صابين بال�سرطان‬ ‫ومنظمات �أخرى‪ .‬و�أ�صبح نبرا�سا لمبادرات م�شابهة في فروع الخدمة‬ ‫االجتماعية للتجارة (‪ )Sesc‬الأخرى‪ ،‬كفروع ايتاكويرا (‪ )Itaquera‬و�ساو باولو‬ ‫و�سانتو�س و�ساو جوزي دو�س كامبو�س وبولو‪ ،‬كما هو الحال بالن�سبة لكل‬ ‫واليات الفيدرالية‪ ،‬وترتبط هذه بنوك الأغذية حاليا ب�شبكة تعرف بالوزارة‬

‫‪115‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع‪ ،‬البرازيل (‪،)Mesa Brazil‬‬ ‫والتي تتوفر على نظام �إداري مركزي‪.‬‬ ‫وفي �سنة ‪ ،2010‬احتفلت هيئة الخدمة االجتماعية للتجارة (‪)Sesc‬‬ ‫بت�أ�سي�س ‪ 74‬وحدة وتوزيع �أكثر من ‪ 174‬مليون وجبة كاملة منذ انطالق‬ ‫برنامج مي�سا �ساو باولو‪.‬‬ ‫المواد الغذائية المتبرع بها‪ .‬وهناك �أي�ضا م�شكل ال�ضريبة على المنتجات الم�صنعة‬ ‫وال�ضريبة على المبيعات في البرازيل التي تفر�ض على المواد المتبرع بها‪ ،‬وهذا من‬ ‫�ش�أنه �أن يحول ن�شاطا خيريا �إلى عبء على المتبرعين‪ .‬ولهذا اقترحت االتحادات‬ ‫الفيدرالية التجارية لوالية �ساو باولو في �سنة ‪� 1996‬أن ي�ضع الفرع الفيدرالي‬ ‫التنفيذي قوانين خا�صة للت�شجيع على التبرعات‪ :‬مجموعة من م�شاريع القوانين‬ ‫المعروفة با�سم ميثاق ال�سامري الجيد )‪.(Good Samaritan Charter‬‬

‫�شراكات بين تجار البيع بالتجزئة والحكومة‬

‫‪116‬‬

‫�إن �إحدى ال�سيا�سات التنموية المحلية المهمة تتمثل في ال�شراكة بين الحكومة‬ ‫وتجار البيع بالتجزئة بناء على نموذج عالقة جديدة ت�شمل المجاالت الحكومية‬ ‫المختلفة والأ�سواق الكبرى الممتازة (ال�سوبر ماركت) وغيرها من المن�ش�آت التي‬ ‫تباع فيها المواد الغذائية‪ .‬فتو�سع الأ�سواق الممتازة ومرافق الخدمة الذاتية‬ ‫هي حقيقة ال يمكن �إنكارها‪ ،‬ف�سال�سل الأ�سواق الممتازة تعمل م�سبقا حتى في‬ ‫المجتمعات ال�صغيرة وبا�ستطاعتها الت�أثير على العادات ال�شرائية للم�ستهلكين‬ ‫وال�سيطرة على الأ�سعار‪.‬‬ ‫ولكل من الأ�سواق الممتازة الفردية و�سال�سل الأ�سواق الممتازة وقاعات المدينة‬ ‫ال�شيء الكثير لتك�سبه من هذه ال�شراكات‪ .‬فعملهما الم�شترك يبني م�صداقية و�سمعة جيدتين‬ ‫ل�شركات التوزيع‪ ،‬مما ينتج عنه �ضمان تدفق م�ستمر للزبائن وزيادة في المبيعات‪� .‬إذ‬ ‫يمكن للأ�سواق الممتازة �أن توفر الدعم على ثالث جبهات رئي�سية وعلى ر�أ�سها‪:‬‬ ‫■ ■عن طريق ت�سويق المنتجات المحلية التي تنتجها الأ�سر الزراعية‪،‬‬ ‫من خالل ال�سماح بعر�ضها‪ ،‬وتذوقها وبيعها في مناطق معينة داخل‬ ‫�أماكن عملها‪ .‬ويمكن �أن ت�ستفيد الأ�سواق الممتازة من فر�ض خ�صم في‬ ‫ال�ضرائب البلدية‪� ،‬شريطة تخ�صي�ص م�ساحة معينة داخل �أماكن عملها‬ ‫لهذا الغر�ض‪.‬‬ ‫■ ■عن طريق �إبقاء هوام�ش الربح والأ�سعار متوافقة مع القدرة ال�شرائية‬ ‫للمجتمعات المحلية‪ .‬فقد �أ�شارت اال�ستطالعات في حاالت مختلفة‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫■‬

‫�إلى �أن �سال�سل الأ�سواق الممتازة قد �أبقت الأ�سعار في م�ستوى �أعلى‬ ‫بالمقارنة مع �سال�سل الأ�سواق الممتازة المحلية �أو الم�ؤ�س�سات الفردية‬ ‫ال�صغرى‪ .‬ولذلك يو�صى ب�إجراء التزام عام للحفاظ على هوام�ش الربح‬ ‫عند م�ستويات معينة‪ ،‬ويمكن �أي�ضا ت�شكيل لجنة من الم�ستهلكين‬ ‫وخبراء فنيين من المجل�س البلدي لتقييم الأ�سعار ومراقبتها‪.‬‬ ‫■عن طريق م�شاركة الموردين والمزارعين وال�صناعات الزراعية المحلية‬ ‫في الحمالت الغذائية المحلية �أو في الت�سويق للمنتجات المو�سمية �أو‬ ‫في تلبية مطالب معينة للمجتمعات المحلية‪.‬‬

‫المزارعون ومنتجو الغذاء بالمناطق الح�ضرية‬

‫حقيق بنا �أن نذكر الزراعة بالمناطق الح�ضرية عند و�ضع مجموعة من ال�سيا�سات‬ ‫الهادفة �إلى ت�أمين دعم ال�شركات لمحاربة الجوع‪� .‬إن االهتمام الذي عادة ما نوليه‬ ‫للزراعة بالمناطق الريفية يعتبر عائقا �أمام المناطق الح�ضرية من حيث �إنتاج‬ ‫وتوزيع الغذاء‪ ،‬وبالتالي ال نوليها اهتماما ينا�سب �أهميتها‪.‬‬ ‫يتوجب علينا كذلك و�ضع برنامج يهدف �إلى دعم منتجي الغذاء بالمناطق‬ ‫الح�ضرية‪� ،‬سواء كان �إنتاجهم متو�سطا �أو �صغيرا خ�صو�صا منتجي اللحوم الجاهزة‪،‬‬ ‫وكذلك من �أجل ت�أهيل بائعي التجزئة ال�صغار‪.‬‬ ‫ويعك�س ترابط الأغذية الزراعية من حيث الإمداد والتوزيع ا�ستراتيجية الجمع‬ ‫بين المزارع والم�ستهلك‪� ،‬إذ �إن مدراء البرامج العامة قد تو�صلوا �إلى حقيقة �أهمية‬ ‫دور الو�ساطة التجارية في ت�أمين �شراء الأغذية من المزارع و�إمداد الم�ستهلكين‬ ‫بها‪ .‬فمن الوا�ضح �أن لعب دور الو�ساطة التجارية يعتمد على توافر �آليات ت�ساهم‬ ‫في منع الم�صلحة التجارية من �إلحاق �أي �ضرر بم�صلحة المزارع‪� .‬إن �صيت �أهمية‬ ‫الزراعة الح�ضرية قد انت�شر �إلى درجة �أن منظمة الأغذية والزراعة قد �أطلقت م�ؤخرا‬ ‫برنامجا بعنوان "المدن تطعم مدنا �أخرى" حيث ركزت فيه على �إن�شاء الب�ساتين‬ ‫لزراعة الخ�ضر بالمناطق الح�ضرية فوظفت لأجل ذلك البقع الخالية في المدن من‬ ‫�أجل �إنتاج الغذاء‪ ،‬وعملت ب�صورة خا�صة على ت�شجيع اال�ستعمال الر�شيد للمياه في‬ ‫المناطق البيئية الح�ضرية‪.‬‬ ‫با�ستطاعة ال�شركات �أن تن�ش�أ وتدعم ب�شكل م�صيري م�شاريع من هذا القبيل‪،‬‬ ‫�إذ يمكنها توفير بقع �أر�ضية للأ�شخا�ص غير العاملين من �أجل زراعة الغذاء فيها‪،‬‬ ‫مع تمكينهم من المواد والم�ساعدة التقنية خ�صو�صا للمزارعين الجدد ثم في النهاية‬ ‫ت�شتري منتجاتهم منهم‪ .‬و�إذا توفر العر�ض عندها يمكننا �أن ندعي منطقيا �أن‬ ‫الأ�سواق الكبرى والأ�سواق المفتوحة والم�ؤ�س�سات الر�سمية �ست�ستخدم هذه المنتجات‬ ‫المحلية من �أجل ت�أمين عرو�ضهم الخا�صة بهم‪.‬‬

‫‪117‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫محاربة الجوع في المناطق الح�ضرية الكبرى‬

‫يهدف م�شروع الق�ضاء على الجوع �إلى اقتراح مجموعة من الأن�شطة لمحاربة الجوع‬ ‫في كبريات المدن لأن الجوع ينمو بها ب�شكل �أكبر‪ ،‬ويمكن لل�شركات الخا�صة �أن‬ ‫تتعاون لو�ضع هذه ال�سيا�سات لأنها تتركز ب�شكل �أكبر في المدن الكبيرة حيث تكثف‬ ‫ن�شاطها ب�شكل مبا�شر نظرا الحتوائها على العديد من الأ�سواق الكبيرة‪.‬‬

‫المطاعم المدعمة ل�صالح ذوي الدخل المنخف�ض‬

‫‪118‬‬

‫�إن فكرة �إن�شاء مطاعم مدعمة تنا�سب المدن الكبرى ب�شكل خا�ص لأن الكثير من النا�س‬ ‫يتجهون �إلى الأو�ساط الفقيرة بالمدن الكبيرة كل يوم‪ ،‬من �أجل العمل �أو الدرا�سة �أو‬ ‫اال�ستفادة من الخدمات‪ ،‬وغالبا ما يق�ضون اليوم بكامله دون تناول �أية وجبة‪� .‬إن‬ ‫تناول وجبة طعام بالمطعم وبثمن قليل �أمر يعني الكثير بالن�سبة لهاته ال�شريحة من‬ ‫المجتمع‪ .‬وبالتالي ف�إن م�شروع الق�ضاء على الجوع يدر�س �إمكانية تطبيق برنامج‬ ‫كامل خا�ص بالمطاعم المدعمة التي تقدم وجبات بثمن قليل لال�ستجابة لطلب‬ ‫العمال ذوي الدخل المنخف�ض في الح�صول على وجبات ب�سعر الكلفة حيث �إن ه�ؤالء‬ ‫ال يتناولون طعامهم بال�شكل ال�صحيح‪.‬‬ ‫�إن وجبة الغذاء التي تقدمها المطاعم المدعمة الموجودة الآن هي غالبا ما تكون‬ ‫الوجبة الوحيدة التي يتناولها ه�ؤالء خالل اليوم حيث �أظهرت بع�ض الدرا�سات �أن الوجبة‬ ‫في المطاعم المدعمة تكلف حوالي ‪ 1.80‬ريال برازيلي‪ ،‬باعتبار التكاليف المختلفة بما‬ ‫فيها تكاليف العمال (بناء على مالحظة مطعم مدعم ببيلو هوريزونتو)‪ ،‬وهذا هو المعدل‬ ‫الذي تم ر�صده في المطاعم الموجودة بوالية ريو دي جانيرو‪ ،‬وهذه التكلفة ال تت�ضمن‬ ‫تكاليف تجهيزات المطعم �أو تكاليف التجديد والكراء التي يمكن �أن تتحملها الدولة‪ ،‬حيث‬ ‫�إنه �إذا تحملت العمالة �أو الحكومة �أو م�ؤ�س�سات خيرية تكاليف العمال و�صيانة البنية‬ ‫التحتية كما هو ال�ش�أن اليوم ف�إن تكلفة الوجبة �ستنخف�ض لت�صبح رياال برازيليا واحدا‪.‬‬ ‫يمكننا من خالل المبادرة ال�شخ�صية �أن ن�شتغل على المطاعم المدعمة‬ ‫وذلك عن طريق الم�شاركة في التدبير الإداري والعملي للمطاعم الجديدة‪ ،‬با�ستثناء‬ ‫المطاعم في بيلو هوريزونتو‪ ،‬حيث �إن تدبيرها يتم عن طريق اال�ستعانة بالم�صادر‬ ‫الخارجية‪� .‬إن انت�شار المطاعم المدعمة في البرازيل يبين �أن الأمر يتعلق بتجارة‬ ‫رابحة‪ ،‬وذلك ب�صرف النظر عن جانبها االجتماعي الذي تتطلبه هذه الخدمة‪ .‬ومن‬ ‫وجهة نظر ا�ستراتيجية‪ ،‬ف�إن المطاعم المدعمة ال تتناف�س‪ ،‬عادة‪ ،‬مع المقاوالت‬ ‫الأخرى ذات العالقة بالتغذية‪ ،‬رغم �أن بع�ض المقاهي والمطاعم المحاذية لهذه‬ ‫المطاعم ا�ضطرت �إلى خف�ض تكلفة �أ�سعارها في بع�ض المدن‪.‬‬ ‫ال يجب �أن يقت�صر الدور الفعال الذي تقوم به ال�شركات على �إدارة هذه‬ ‫المطاعم وت�شغيلها فقط‪ ،‬بل يمكنها �أن تتخذ تدابير �أخرى مثل توفير وجبات �سريعة‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫لعمالها في المدن الكبيرة ب�سعر الكلفة‪ ،‬وذلك بعقدها اتفاقيات حول التبرع بالأكل‪،‬‬ ‫بل ويمكنها دعم هذه المطاعم بوا�سطة جمع التبرعات عن طريق ا�ستغالل هذه‬ ‫المطاعم في الإعالن عن منتجاتها‪.‬‬ ‫�إن التبرع بالأطعمة القابلة للتلف للم�ؤ�س�سات الخيرية ولذوي الدخل‬ ‫المحدود عو�ضا عن التخل�ص منها ورميها يعتمد على مقترحات بجمع هذه الأطعمة‬ ‫وتوزيعها‪ .‬ومن �ش�أن تطبيق القوانين الجديدة �أن ي�ؤدي �إلى ارتفاع ملمو�س في عدد‬ ‫الأطعمة المو�ضوعة تحت ت�صرف الم�ؤ�س�سات ل�سد الحاجيات الغذائية لمحدودي‬ ‫الدخل‪� ،‬إال �أنه يمكن لل�شركات‪ ،‬وبغ�ض النظر عن هذه القوانين‪ ،‬التعاون ب�ش�أن التبرع‬ ‫بالأطعمة �أو المال عن طريق �آليات �أخرى مثل االتفاقات ووثائق تحديد الم�س�ؤوليات‪.‬‬

‫بنوك الغذاء‬

‫�إن تطبيق القوانين الجديدة ي�سهل عملية �إن�شاء بنوك الغذاء التي ت�ؤدي �إلى تدفق‬ ‫المنتجات بغر�ض تزويد المطاعم المدعمة �أو مالجئ المت�شردين �أو المالجئ الخا�صة‬ ‫بالمعوزين �أو حتى برنامج الوجبة المدر�سية؛ حيث يمكن للم�ؤ�س�سات الخيرية �أو‬ ‫بنوك الغذاء �أن تجمع الأطعمة المتبرع بها فتعمل على ف�صلها وربما معالجتها ثم‬ ‫توزيعها من خالل الم�ؤ�س�سات الم�ساعدة‪.‬‬ ‫هذا ويتم توزيع المنتجات الغذائية المتبرع بها عن طريق الم�ؤ�س�سات الخيرية‬ ‫بدعم من ال�سلطات العامة‪ ،‬حيث �سيكون الهدف من هذه ال�شراكة هو �إزالة ظاهرة‬ ‫المعوزين من ال�شوارع وتوفير م�أوى لهم و�إطعامهم‪ ،‬كما �ستعمل على �إمدادهم‬ ‫بالتدريبات التي من �ش�أنها �أن ت�ساعدهم على �إيجاد فر�ص للعمل‪.‬‬

‫المرافق المركزية ل�شراء وتوزيع الطعام‬

‫يجب اعتبار الطريقة التي تعمل بها المرافق مثل محالت البقالة ب�شتى �أنواعها‪،‬‬ ‫بما فيها محالت البقالة المتجولة وبرامج المجتمعات المحلية لل�شراء بديال ل�صالح‬ ‫�سيا�سة الأمن الغذائي في المناطق الح�ضرية‪ ،‬وحتى يمكن تطبيق هذه البرامج ب�شكل‬ ‫فعال‪ ،‬من المهم جدا �أن ن�شجع �إن�شاء مرافق مركزية ل�شراء وتوزيع الطعام في نواحي‬ ‫المناطق الح�ضرية‪ .‬و�ستعمل هذه المرافق المركزية على تقديم الدعم اللوج�ستي‬ ‫والت�سويقي لذوي االمتيازات وبائعي التجزئة ال�صغار‪ ،‬حيث يمكنهم بدورهم �أن‬ ‫يعملوا على ت�سويق الأطعمة الم�ضمنة في �سلة الغذاء الأ�سا�سية وبع�ض المنتجات‬ ‫الغذائية الأخرى بثمن �أرخ�ص‪.‬‬ ‫وت�ساهم‪ ،‬حاليا‪ ،‬مرافق الت�سوق المركزية التابعة ل�سل�سلة الأ�سواق الكبرى‬ ‫(ال�سوبرماركت) في الح�صول على مكا�سب مهمة من حيث التكاليف‪ ،‬فبف�ضل طريقة‬ ‫عملها يمكن لهذه المرافق ترويج منتجات ذات نوعية �أف�ضل وبناء عالقة وطيدة‬

‫‪119‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫مع المزارعين والموردين للتفاهم حول الأنواع المزروعة والتغليف و�آليات الت�سويق‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫وهناك طريقة �أخرى لتعزيز ال�شراكة مع تجار التجزئة �أال وهي دعم ما ن�سميه‬ ‫المرافق المركزية لتوريد الأغذية عالوة على المرافق العامة ل�شراء وتوزيع الطعام في‬ ‫عالقاتها مع مالكي محالت البقالة ال�صغار‪ .‬هذا و�ستعمل ال�سلطات العامة على تنظيم‬ ‫وت�سهيل عملية �إدماج بائعي التجزئة في تعاونيات وجمعيات لتمكينهم من التناف�س‬ ‫مع �سال�سل الأ�سواق الكبيرة‪ ،‬حيث �سيتم تدريب ه�ؤالء للقيام بعمل �أف�ضل وتقديم‬ ‫منتجات ب�سعر منا�سب وفي المتناول بالن�سبة للجماعات في المناطق الفقيرة‪.‬‬

‫�أمثلة ناجحة عن محاربة الجوع‬ ‫�سنقدم �أدناه بع�ض الأمثلة عن بع�ض ال�شركات التي عملت على محاربة الجوع حتى‬ ‫قبل انطالق م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬وهي �شركات برازيلية ذات ح�ضور قوي‬ ‫على الم�ستوى المحلي والوطني تعمل في مجاالت مختلفة مثل البيع بالتجزئة‪،‬‬ ‫وال�صناعات الثقيلة والموا�صالت والمعلومات‪ .‬وهي �أمثلة ملهمة خ�صو�صا و�أن هذه‬ ‫ال�شركات ال تن�شط دائما في مجال التغذية حيث قامت بتطوير طرق فريدة من نوعها‬ ‫للم�شاركة في تعبئة المجتمع المدني‪.‬‬

‫�شركة كا�سا فيردي مويفي�س‬

‫‪120‬‬

‫)‪(Casa Verde Móveis‬‬

‫تحتل �شركة كا�سا فيردي مويفي�س التي تعمل في مجال الأثاث ومقرها بمدينة‬ ‫ميرا�سول في قلب والية �ساو باولو‪ ،‬المرتبة الثانية بين مائة من �أف�ضل ال�شركات‬ ‫طبقا لت�صنيف �أجرته مجلة ‪ ،Guia Exame‬ويعمل بها �أكثر من مائتي عامل‪ .‬وتحافظ‬ ‫ال�شركة على عالقتها بهم عن طريق الحوار واالحترام المتبادل وتطوير برامج‬ ‫لتح�سين نوعية حياتهم‪.‬‬ ‫ومن بين الأعمال التي قامت بها هذه ال�شركة نذكر �أنها طبقت منذ عام ‪2002‬‬ ‫برنامجا للقرو�ض ال�صغرى �سمته "برنامج قرو�ض خا�صة بالتراث"‪ ،‬حيث تمكن‬ ‫موظفيها من الح�صول على قرو�ض مالية ت�ضاعف من دخلهم ال�شهري ثالث مرات‬ ‫من �أجل ا�ستعمالها في �شراء منزل �أو ت�سديد �أق�ساطه �أو تجديده‪ .‬وي�سدد العامل هذا‬ ‫القر�ض على مدى اثني ع�شرة دفعة‪ ،‬وقد منح هذا القر�ض الذي تموله ال�شركة بذاتها‬ ‫وب�شكل كامل لخم�سة و�ستين (‪ )65‬فردا حتى عام ‪.2002‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬قامت ال�شركة �سنة ‪ 2001‬ب�إطالق برنامج "للمزيد‬ ‫من المعرفة" بغر�ض توفير تدريبات لعمالها داخل ال�شركة‪ ،‬حيث منحت‬ ‫ال�شركة ‪ 22‬منحة للدرو�س التدريبية‪ ،‬كدرو�س متلفزة‪ ،‬بما في ذلك الو�سائل‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫التعليمية‪ ،‬درو�س في اللغة االنجليزية والدورات التن�شيطية في الخارج‪ ،‬كما‬ ‫تعمل ال�شركة على م�ساعدة عمالها ماديا من �أجل �شراء الأدوات المدر�سية‬ ‫لأطفالهم‪.‬‬ ‫وتعمل �شركة كا�سا فيردي كذلك على م�ساعدة المجتمع المحلي الذي تتواجد‬ ‫فيه‪ ،‬فعن طريق م�شروع �سمته "دعم ملج�أ كبار ال�سن"‪ ،‬تقوم ال�شركة بتقديم وجبات‬ ‫الطعام لأربعة وثالثين �شيخا في مدينة ميرا�سول كل يوم‪ ،‬كما تزور ه�ؤالء ممر�ضات‬ ‫من ال�شركة وموظفون متطوعون و�أخ�صائيو العالج المهني‪ .‬وتحتفل هذه ال�شركة‬ ‫كذلك بع�شية عيد الميالد داخل الملج�أ وتعمل على تزويده بجميع ال�ضروريات لإقامة‬ ‫هذا الحفل‪ ،‬ناهيك عن �أن ال�شركة ت�ساهم ماديا في جمعية �آباء و�أ�صدقاء ذوي‬ ‫االحتياجات الخا�صة بميرا�سول‪ ،‬ومركزين للرعاية النهارية في المدينة لأطفال‬ ‫موظفيها حيث ي�ستفيد منهما حولي ‪ 400‬طفل وطفلة‪ .‬وباقتراح من عمالها‪ ،‬تقوم‬ ‫ال�شركة بتقديم �سلتين للغذاء الأ�سا�سي للأ�سر الفقيرة كل �شهر‪.‬‬

‫�شركة القطارات ب�ساو باولو الح�ضرية‬ ‫)‪(Companhia Paulista De Trens Metropolitanos – CPTM‬‬

‫تعتبر �شركة القطارات ب�ساو باولو الح�ضرية �شركة عامة تعمل في �صناعة‬ ‫الموا�صالت الح�ضرية بوالية �ساو باولو‪ ،‬ومن بين برامجها الم�صممة خ�صي�صا‬ ‫لخدمة المجتمع نذكر �أبرزها‪:‬‬ ‫برنامج الوجبة ال�سريعة الجيدة (‪� )Bom Lanche‬إذ و�ضعت ال�شركة في‬ ‫مايو‪�/‬أيار ‪ 2002‬ع�شرة �أك�شاك في محطات القطار الرئي�سية في �ساو باولو بحيث‬ ‫يتمكن الركاب �صباحا من تناول وجبة �سريعة غنية غذائيا ب�سعر التكلفة (‪0.40‬‬ ‫ريال برازيلي)‪ ،‬وكان الهدف من وراء ذلك هو تخفي�ض ن�سبة المر�ض المفاجئ عند‬ ‫الركاب ب�سبب قلة الأكل‪ ،‬ومنذ تنفيذ هذا البرنامج‪ ،‬تم بيع مليون ون�صف وجبة‬ ‫�سريعة مكونة من �شطيرة وخليط بارد وع�صير فواكه‪ ،‬وبف�ضل هذا البرنامج تم‬ ‫خلق �سبعين فر�صة عمل جديدة‪ ،‬وفي كل يوم يتم بيع ‪ 14 000‬وجبة �سريعة في‬ ‫�أك�شاك �شيدت في محطات القطار في كل من منطقة برا�س وبرافوندا وغينازي�س‪،‬‬ ‫وفران�س�سكو موراطو‪ ،‬و�سانتو �أندري‪ ،‬وماوا‪ ،‬و�أو�سا�سكو‪ ،‬وكارابكويبا‪ ،‬و�إيطابفي‬ ‫والبا‪ .‬ويتمثل �شركاء هذه ال�شركة في هذا البرنامج في �أمانة الدولة المكلفة‬ ‫بالموا�صالت الح�ضرية‪ ،‬و�أمانة الدولة المكلفة بالزراعة والتموين‪� ،‬إلى جانب‬ ‫�شركة الخدمات الغذائية الجماعية (‪)Azul Alimentação Coletiva e Serviços Ltda‬‬ ‫وهي �شركة محدودة الم�س�ؤولية‪.‬‬ ‫م�شروع التدريب الخا�ص بالمبتدئين ال�شباب (‪ :)Menor Aprendiz‬يقوم‬ ‫بتقديم درو�س ترتكز �إلى المفاهيم الأ�سا�سية لل�سكك الحديدية وذلك ب�شراكة مع هيئة‬

‫‪121‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�سيناك (‪ ، )Senac‬وقد تخرج ‪ 1 800‬طالب من هذا الم�شروع منذ انطالقه‪ ،‬حيث تمكنوا‬ ‫من العمل كتقنيين في موا�صالت ال�سكك الحديدية من طرف �شركة ‪.CPTM‬‬ ‫م�شروع نوعية الحياة (‪ :)Qualidade de Vida‬يركز هذا الم�شروع على القيام‬ ‫بحمالت توعية حول ال�صحة والتعليم‪ ،‬والحد من ا�ستعمال المخدرات‪ ،‬والتخطيط‬ ‫الأ�سري ومنع الحوادث وغيرها من الموا�ضيع‪.‬‬

‫�شركة القر�ش للحديد وال�صلب‬ ‫)‪(Companhia Siderúrgica De Tubarão – CST‬‬

‫‪122‬‬

‫يقع مقر هذه ال�شركة في مدينة فيكتوريا عا�صمة والية �إ�سبريتو �سانتو‪ ،‬وت�ستثمر‬ ‫مليون دوالر �أمريكي �سنويا في برامج لخدمة المجتمع المحلي‪ ،‬خ�صو�صا في‬ ‫مجاالت التعليم والرعاية ال�صحية والبيئة والتنمية الح�ضرية والثقافة‪ ،‬وقد اتخذت‬ ‫تدابير خا�صة �ضد م�شاكل الجوع‪� ،‬إ�ضافة �إلى م�شاريع مختلفة تهدف �إلى توفير‬ ‫فر�ص العمل وتوليد الدخل‪.‬‬ ‫برنامج الت�ضامن‪ :‬تقوم �شركة القر�ش للحديد وال�صلب ‪ CST‬بتطوير هذا‬ ‫البرنامج منذ ‪ ،1993‬وذلك بال�سماح با�ستعمال مطبخها المركزي ومكوناته وجميع‬ ‫الموارد ال�ضرورية لتح�ضير ح�ساء غني بالعنا�صر الغذائية وتقديمه يوميا للفقراء‬ ‫بمجتمعها المحلي‪ ،‬ويتم تح�ضير الح�ساء من قبل �أربعين متطوعا‪ ،‬بمن فيهم‬ ‫الموظفون في ال�شركة و�أقاربهم وممثلو المنظمات غير الحكومية‪� .‬أما ال�شركات‬ ‫التي تقدم خدمات الموا�صالت ل�شركة القر�ش للحديد وال�صلب ‪ ،CST‬فتقوم بتو�صيل‬ ‫الح�ساء �إلى مختلف الم�ؤ�س�سات بمنطقة فكتوريا العظمى‪ ،‬وقد �ساعد هذا البرنامج‬ ‫‪ 26‬منظمة في المنطقة‪� ،‬أي ما يعادل ‪ 3 200‬فرد‪.‬‬ ‫برنامج رعاية الأطفال والمراهقين (‪Atendimento Integrado à Criança‬‬ ‫‪ :)e ao Adolescente – Aica‬يعمل هذا البرنامج على م�ساعدة الأطفال والمراهقين‬ ‫على الم�ستوى االجتماعي وال�شخ�صي في مو�ضوع مخاطر العي�ش في المناطق‬ ‫المجاورة لمباني �شركة القر�ش للحديد وال�صلب (‪ )CST‬وذلك بت�شجيعهم على‬ ‫الذهاب �إلى المدار�س والم�ساعدة في الحياة االجتماعية‪ ،‬ويعمل هذا البرنامج‬ ‫كذلك على تقديم حلقات عمل لتعلم الخياطة‪ ،‬والعمل بالمخابز‪� ،‬إ�ضافة �إلى‬ ‫الرعاية النف�سية وطب الأ�سنان وبع�ض الدورات والن�شاطات التكميلية حين‬ ‫ال يكون الأطفال في المدر�سة‪ .‬وقد تم‪ ،‬في �سنة ‪ 2001‬فقط‪ ،‬م�ساعدة �أكثر من‬ ‫‪ 1 000‬طفل من خالل هذا الم�شروع‪.‬‬ ‫وتقوم �شركة القر�ش للحديد وال�صلب (‪ )CST‬كذلك بتطوير برامج �أخرى‬ ‫�صممت خ�صي�صا لجعل الأطفال يذهبون �إلى المدار�س وتوفير الفر�ص للفقراء‬ ‫ال�شباب الختراق �سوق العملعن طريق تقديم ور�شات ودرو�س مهنية‪ ،‬ومن بين هذه‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫البرامج نذكر م�شروع "�آمن بيديك" وم�شروع ور�شة المبادرة المهنية وم�شروع بيت‬ ‫الطفل‪ ،‬كما تم تنفيذ م�شروع الجامعة للجميع وهو يهدف �إلى �ضمان االلتحاق‬ ‫بالجامعات على �أ�سا�س ديمقراطي للتالميذ من خريجي المدار�س العامة‪.‬‬

‫�شركة مناجم ريو دو نورتي‬

‫)‪(Mineração Rio Do Norte‬‬

‫ت�ستثمر �شركة مناجم ريو دو نورتي (‪ ،)Mineração Rio Do Norte‬المرتبطة ب�شركة‬ ‫(‪ )Vale do Rio Doce‬في مختلف برامج الم�س�ؤولية االجتماعية ل�صالح الم�ستخدمين‬ ‫بها و�أ�سرهم ومجتمعاتهم المحلية الواقعة بالقرب من مقرها الرئي�سي في ميناء‬ ‫ترومبيتا (‪ )Trombetas‬في والية باريا )‪ ،(Parà‬التي تقع على بعد ‪ 1 000‬كم من‬ ‫مدينة بيليم‪ )Belém(.‬وتمول �شركة مناجم ريو دو نورتي (‪ ،)MRN‬منذ �سنة ‪،1997‬‬ ‫ن�شاطا ريا�ضيا (�سباق ال�سيارات) ل�صالح التالميذ بناء على موا�ضيع مثل الأخالق‬ ‫والمواطنة‪ .‬وخالل �سنة ‪ ،2001‬قام التالميذ بجمع الأغذية والمالب�س والكتب والأدوية‬ ‫ولعب الأطفال حيث تم توزيعها على ‪� 460‬أ�سرة‪.‬‬ ‫وتوفر مدر�سة بلدية بوا في�ستا‪ ،‬التي �شيدتها �شركة مناجم ريو دو نورتي‬ ‫(‪� )MRN‬سنة ‪ ،1991‬التعليم للأطفال والتعليم االبتدائي من ال�صف الأول �إلى الرابع‪،‬‬ ‫وذلك ب�شراكة مع المجل�س البلدي لمدينة �أوريك�سيمينيا (‪ .)Oriximiná‬وينتمي ‪166‬‬ ‫من التالميذ الملتحقين بهذه المدر�سة �إلى جماعة بوا في�ستا‪ ،‬جماعة كيلومبو‪ .‬وتوفر‬ ‫ال�شركة الموارد المتاحة لديها للم�ساعدة في مجال التدريب والنقل وال�سكن وتوفير‬ ‫المواد الغذائية والطبية للمدر�سين و�صيانة المبنى المدر�سي والحفاظ عليه‪ ،‬وتوفير‬ ‫وجبتين في اليوم للتالميذ‪.‬‬ ‫ويمكن للتالميذ في ال�سن المنا�سبة االنخراط في ال�صف الخام�س من مدر�سة‬ ‫بورتو ترومبيتا‪� ،‬أو في المدر�سة المخ�ص�صة لل�شباب والكبار‪ ،‬وكالهما يتم تمويله‬ ‫من قبل �شركة مناجم ريو دو نورتي (‪ .)MRN‬وتقدم مدر�سة جوناتا بونتي �أثيا�س‬ ‫(‪ )Jonathas Pontes Athias‬التعليم الثانوي من ال�صف الخام�س �إلى ال�صف الثامن‬ ‫فما فوق ذلك من التعليم الثانوي لفائدة ‪ 1 119‬من �أبناء وبنات العاملين في �شركة‬ ‫التعدين والنا�س الذين يعي�شون في المجتمعات المجاورة للنهر‪ .‬وتنفق ال�شركة �سنويا‬ ‫ما يقرب من ‪ 1‬مليون دوالر �أمريكي ل�صيانة المدر�سة‪ ،‬وتتحمل جميع التكاليف‬ ‫الالزمة لتوفير و�سائل النقل والزي المدر�سي الموحد وجزء من المواد التعليمية‪.‬‬ ‫ويدر�س حاليا ‪ 45‬تلميذا من مجتمع بوا في�ستا بالمدر�سة الواقعة في ميناء ترومبيتا‪.‬‬ ‫م�شروع االندماج‬ ‫الموجه )‪ :(Ação Monitorada de Integração‬يهدف هذا‬ ‫َّ‬ ‫الم�شروع �إلى الحد من ن�سب الر�سوب و�إعادة الف�صل الدرا�سة واالنقطاع عن الدرا�سة في‬ ‫المدار�س الثانوية التي �سجلت على م�ستوى مجتمع بوا في�ستا‪� .‬إذ يقوم بتقديم الدرو�س‬ ‫في مجال تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬ودرو�س تقوية بدوام كامل‪ ،‬بما في ذلك �أوقات تناول‬

‫‪123‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الطعام والعناية بالأ�سنان‪ .‬وخالل �سنة ‪ ،2001‬ر�سب في االمتحان النهائي ‪ 6‬تالميذ‬ ‫فقط‪ ،‬من بين ‪ 33‬تلميذا كان ‪ 16‬منهم ينحدرون من المجتمعات المتاخمة للنهر‪.‬‬ ‫م�شروع كويلومبو‪ :‬تبعث �شركة مناجم ريو دو نورتي (‪� )MRN‬شهريا قاربا‬ ‫محمال بالمعدات والأطباء والممر�ضين �إلى مجتمعات كويلومبو الواقعة على �ضفاف‬ ‫نهر ترومبيتا‪ ،‬لتقديم الم�ساعدة الطبية لنحو ‪� 300‬أ�سرة‪ ،‬وذلك ب�شراكة مع م�ؤ�س�سة‬ ‫الأمل (‪ )Esperança Foundation‬في �سانتاريم‪.‬‬

‫البرنامج الغذائي ل�شركة ن�ستله‬

‫‪124‬‬

‫)‪(Nestlé‬‬

‫في �أواخر �سنة ‪� ،1999‬أطلقت �شركة ن�ستله برنامجا للتربية الغذائية بهدف الوقاية‬ ‫من النق�ص في التغذية لدى الأطفال‪ .‬ويوفر هذا البرنامج المعلومات والم�شورة‬ ‫للأطفال المنحدرين من المجتمعات الفقيرة ولعائالتهم حول كيفية الح�صول على‬ ‫�أف�ضل تغذية ممكنة‪ ،‬حتى مع �شح الموارد‪ .‬وقد ا�شتمل البرنامج‪ ،‬بالأ�سا�س‪ ،‬على‬ ‫عقد اجتماعات بين المتطوعين المدربين على نحو جيد والأطفال والمراهقين الذين‬ ‫تتراوح �أعمارهم بين ‪ 5‬و ‪� 14‬سنة من العمر بح�ضور �أمهاتهم‪ .‬وكان يطلق على هذه‬ ‫اللقاءات "مهرجانات الطهي‪ ".‬كما كان البرنامج يت�ضمن الألعاب والمناق�شات مع‬ ‫الأطفال حول موا�ضيع تتعلق بالنظافة والغذاء والقيمة الغذائية للمواد الغذائية‬ ‫المختلفة‪ ،‬في حين تعمل �أمهاتهم على �إعداد الوجبات التي تقدم للم�شاركين في وقت‬ ‫الحق‪ ،‬وذلك �أي�ضا تحت �إ�شراف المتطوعين‪.‬‬ ‫و�أدى نجاح البرنامج �إلى الإدراك ب�أنه قابل للتطبيق في �أي مدينة‪ .‬ولذلك‬ ‫بد�أ تنفيذ برنامج تدريبي من قبل المن�سقين الرئي�سيين للبرنامج الغذائي (‪)Nutrir‬‬ ‫�إلى جانب ا�ست�شاريين م�ستعان بهم لإن�شاء �شبكة �إنترنت وطنية للوقاية من نق�ص‬ ‫التغذية‪ .‬و�أ�سفر تنفيذ البرنامج ب�صورة مكثفة عام ‪ 2002‬عن تدريب ‪� 335‬شخ�صا‪،‬‬ ‫منهم طهاه و�أمهات ووكالء مجتمع محلي ومعلمون‪ ،‬ممن يقدمون الخدمات �إلى ‪176‬‬ ‫م�ؤ�س�سة معروفة‪ ،‬حيث بلغ عدد الم�ستفيدين �أكثر من ‪� 70 000‬شاب‪.‬‬ ‫وتخ�ص�ص الوحدات �أماكن ليت�سنى للمتطوعين عقد لقاءاتهم فيها وكذا‬ ‫تخطيط �أن�شطتهم بها‪ .‬وتقوم ن�ستله ‪ Nestlé‬بت�شجيع م�ستخدميها على الم�شاركة في‬ ‫هذا الم�شروع ب�شكل مبا�شر كمتطوعين‪ ،‬وكذلك على الم�ساهمة عن طريق التبرعات‬ ‫النقدية‪ .‬وتقوم ال�شركة بالتبرع بمبلغ مماثل لكل تبرع يتم تح�صيله‪ .‬وت�ستخدم‬ ‫الأموال التي تجمع بهذه الطريقة ل�شراء المواد البيداغوجية‪ ،‬و�إعداد الكُتيبات‪�/‬أدلة‬ ‫وتغطية نفقات و�سائل النقل والوجبات‪.‬‬ ‫كما يدعم البرنامج �أي�ضا بع�ض المبادرات من قيل الأمهات وغيرهن من‬ ‫�أفراد المجتمع‪ .‬وهذا من �ش�أنه �أن يخلق م�صادر �أخرى للدخل بف�ضل المهارات‬ ‫المكت�سبة‪ ،‬بغ�ض النظر عن تح�سين نوعية الوجبات التي تقدم في المنازل‪.‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫حوا�سيب نوفاداتا‬

‫)‪(Novadata Computadores‬‬

‫قامت ال�شركة نوفاداتا كومبيوتادوري�س (‪ ،)Novadata Computadores‬التي يقع‬ ‫مقرها في مدينة برازيليا‪ ،‬بتطوير م�شروع ب�شراكة مع المنظمة غير الحكومية �أكورا ـ‬ ‫جمعية م�شاريع محاربة الجوع ـ بهدف ربط التقوية الغذائية (‪)food reinforcement‬‬ ‫بخلق فر�ص العمل‪ .‬وتتبرع �شركة نوفادا من خالل جمعية �أكورا بموارد لفائدة‬ ‫م�شروع "�سالل المواطنة" (‪ )Cestas da Cidadania‬الذي يقدم �سالال غذاء لأ�سر فقيرة‬ ‫يختارها ال�سكان في المنطقة‪ .‬وتقتني هذه المنظمة‪ ،‬التي �أ�س�سها المجتمع‪ ،‬بنف�سها‬ ‫المواد الغذائية التي تملأ ال�سالل بعد التحقق من الأ�سعار‪ ،‬وتعد ال�سالل وتوزعها‪.‬‬ ‫وتدفع الأ�سر تكاليف �سالل الغذاء بكاملها‪ ،‬ن�صفها نقدا والن�صف الآخر على �شكل‬ ‫القيام بعمل مجتمعي؛ وتعتبر الم�شاركة في الدورات التكوينية بمثابة عمل‪ .‬ويبقى‬ ‫المال في المجتمع ويتم تداوله عبر قنوات ال�صندوق المتجدد الموارد (‪Revolving‬‬ ‫‪ )Fund‬الخا�ص بالقرو�ض القائمة على الت�ضامن‪.‬‬ ‫ويوفر هذا ال�صندوق قرو�ضا �صغرى وم�ساعدة فنية للمن�ش�آت المجتمعية‬ ‫المحتمل �أن تخلق فر�صا للعمل وتكون مدرة للدخل‪ .‬ويجب على الأ�سر‪ ،‬بغية‬ ‫اال�ستفادة من �سالل الغذاء‪� ،‬أن تتعهد ببع�ض االلتزامات المجتمعية‪ ،‬ف�ضال عن‬ ‫اال�ستجابة لمعايير اجتماعية معينة‪ ،‬وذلك لتفادي الممار�سات القائمة على الدعم‬ ‫وتحفيز احترام الذات لدى الأ�سر وتعزيز الأوا�صر بين �أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫وقد �أطلق هذا الم�شروع في عام ‪ 1993‬بمكب النفايات الواقع على طريق‬ ‫�إ�ستروتورال (‪ )Estrutural‬في برازيليا (مقاطعة فيدرالية)‪ ،‬وقد تم تنفيذه ‪ ،‬منذ ذلك‬ ‫الحين‪ ،‬في مواقع �أخرى من المقاطعة الفيدرالية وفي فيرا دي �سانتانا (‪Feira de‬‬ ‫‪ )Santana‬بوالية باهيا‪ .‬وهو حاليا قيد التنفيذ بمنطقة قروية تابعة للمقاطعة‬ ‫الفيدرالية‪ ،‬لدى �سكان �سيتيو نوفو و�سراندي‪ ،‬حيث يغطي ‪� 60‬أ�سرة‪� .‬أما من حيث‬ ‫النتائج الم�سجلة حتى الآن‪ ،‬فقد تم توزيع ‪ 300‬طن من المواد الغذائية؛ وتقييم ‪2000‬‬ ‫طفل ب�شكل دوري؛ وتمويل ما يزيد عن ‪ 500‬مقاولة متناهية ال�صغر؛ وتنظيم مئات‬ ‫االجتماعات والندوات والأن�شطة المجتمعية‪.‬‬ ‫وفي عام ‪� ،1994‬أو�صى المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وهو وكالة تابعة‬ ‫لرئا�سة الجمهورية‪ ،‬با�ستخدام هذا الم�شروع كنموذج ل�سيا�سية عامة لمحاربة الجوع‪.‬‬

‫�أفران تيوبي‬

‫)‪(Tupy Fundições‬‬

‫�أبرمت �شركة توبي فوندي�شوي�س (‪ ،)Tupy Fundições‬التي يوجد مقرها في جوانفيل‬ ‫(والية �سانتا كاتارينا)‪ ،‬عقدا اجتماعيا يهدف �إلى تثقيف وتوعية وتحفيز المجتمعات‬ ‫المحلية على طلب العلم وذلك في المواقع التي توجد بها ال�شركة‪ .‬وقد نفذت ال�شركة‬ ‫العديد من التدابير‪ ،‬نذكر من بينها تلك التي ت�ستحق تنويها خا�صا‪:‬‬

‫‪125‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫عملية االعتماد على الذات لمحو الأمية ( ‪:)Mutirão da Alfabetização‬‬ ‫التي ترمي �إلى الم�ساهمة في الق�ضاء على الأمية في جوانفيل‪ ،‬في �إطار �شراكة‬ ‫بين �شركة توبي ( ‪ )Tupy‬و�ألفاليت ( ‪� )Alfalit‬أبرمت عام ‪ .1998‬وقد قدم هذا‬ ‫الم�شروع دورات لمحو الأمية لأكثر من ‪� 3 000‬شخ�ص حتى الآن و�ساهم في‬ ‫تراجع معدل الأمية في المدينة‪.‬‬ ‫م�شروع مواطن الغد (‪� :)Cidadão do Amanhã‬أطلق هذا الم�شروع في عام‬ ‫‪ ،1999‬ويدعم مركزين للرعاية خالل النهار في جوانفيل‪ .‬وتوفر ال�شركة وجبات‬ ‫الطعام‪ ،‬والنقل‪ ،‬والو�سائل التعليمية ودرو�سا خ�صو�صية لتعزيز المعرفة وت�ستثمر في‬ ‫تح�سين المرافق الدرا�سية والثقافية‪.‬‬ ‫برنامج �إدماج قطاع الأعمال والمجتمعات المحلية (‪� :)PIIC‬أطلق هذا البرنامج‬ ‫في عام ‪ .2002‬ويرعى البرنامج دورات تدريبية احترافية وفقا لالحتياجات المحددة‬ ‫في الجمعيات الأهلية‪ .‬وقد قامت �شركة توبي في ‪ 2002‬بتدريب نحو ‪� 400‬شخ�ص‬ ‫في مجاالت ميكانيكا ال�سيارات‪ ،‬والكهرباء‪ ،‬وميكانيكا الدراجات الهوائية‪ ،‬ولحام‬ ‫المعادن‪ ،‬وخدمات الهاتف وال�سكرتارية‪.‬‬ ‫برنامج التطوير الم�ستمر‪ :‬يعمل هذا البرنامج منذ �أكثر من ‪� 10‬سنوات بهدف‬ ‫تطوير وتح�سين الم�ستوى التعليمي للعاملين في �شركة �أفران توبي‪ ،‬حيث توفر‬ ‫جامعة �شركة توبي دورات تدريبية لتح�سين المهارات المهنية لموظفي ال�شركة‬ ‫وتخول لهم فر�صا لموا�صلة التعليم والتدرج في الم�ستويات الدرا�سية‪ .‬ففي ال�سنة‬ ‫الما�ضية‪� ،‬شارك ‪� 1381‬شخ�ص‪ ،‬بينهم عدد من الموظفين وعائالتهم‪ ،‬في دورات‬ ‫مكثفة و�سريعة للتعليم االبتدائي والثانوي قدمتها ال�شركة‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪،‬‬ ‫تقدم ال�شركة دورات في مجاالت متخ�ص�صة وبرامج للح�صول على �شهادة الماج�ستير‬ ‫في المجاالت ذات ال�صلة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬ترقى ‪ %92‬من الم�شاركين في البرنامج في‬ ‫وظائفهم كما تح�سن الم�ستوى التعليمي لموظفي ال�شركة ب�شكل ملحوظ‪.‬‬

‫بنك البرازيل‬

‫‪126‬‬

‫)‪(Banco Do Brasil‬‬

‫ينفذ بنك البرازيل برنامجا يدعى بـ "برنامج العامل المراهق" لدعم التدريب‬ ‫ال�شخ�صي والمهني للعمال المراهقين المنحدرين من �أ�سر يناهز معدل دخل الفرد‬ ‫فيها ن�صف الحد الأدنى للأجور‪ .‬ويجب على المراهقين‪ ،‬الذين يتم تجنيدهم‬ ‫كمتدربين‪� ،‬أن يكونوا م�سجلين في ال�صف ال�سابع على الأقل من التعليم الثانوي‬ ‫�أو الم�سار ال�سريع للتعليم االبتدائي كي يتم ت�سجيلهم في برامج الم�ساعدة‬ ‫االجتماعية‪ .‬وحتى نهاية عام ‪ ،2002‬تم تجنيد ‪ 2 800‬مراهق‪ .‬من جهة �أخرى‪،‬‬ ‫يداوم المتدربون في الم�صرف لمدة تتراوح بين ‪ 18‬و‪� 24‬شهرا ويغادرون عند‬ ‫بلوغهم �سن ‪ 17‬وع�شرة �أ�شهر‪.‬‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫�شركة‬

‫‪Bandeirante De Energia‬‬

‫�أطلقت �شركة ( ‪ )Bandeirante de Energia‬وهي �شركة لتوزيع الكهرباء تغطي‬ ‫‪ 28‬بلدية في والية �ساو باولو‪ ،‬حملة جمعت الدعوة لتوفير الطاقة الكهربائية‬ ‫بمحاربة الجوع من خالل تحفيز عمالئها على تطبيق مخططات انتقائية‬ ‫لجمع النفايات‪ .‬وفي �إطار هذا البرنامج‪ ،‬تتم معالجة النفايات والمخلفات‬ ‫وبيعها كخردة‪ .‬وت�ستخدم ا لأموال التي يتم جمعها ل�شراء مواد غذائية يتم‬ ‫التبرع بها لم�ؤ�س�سات خيرية‪ .‬كما نظمت ال�شركة حملة �أخرى لتوزع خاللها‬ ‫مجموعة من ‪ 3‬م�صابيح موفرة للطاقة �إلى كل �شخ�ص يتبرع بكيلوغرام من‬ ‫المواد الغذائية‪.‬‬

‫ال�شركة ال�صناعية‬

‫‪Companhia Industrial Cataguases‬‬

‫من خالل م�شروع ن�سج الت�ضامن (‪ ،)Tecendo Solidaridade‬تقوم هذه ال�شركة‬ ‫ال�صناعية للغزل والن�سيج بت�شجيع موظفيها على تقديم التبرعات‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يتم‬ ‫اقتطاع مبالغ نقدية كل �شهر من الرواتب و�إر�سال تبرعات في �شكل مواد غذائية �إلى‬ ‫م�ؤ�س�سات خيرية في منطقة كاتاغوا�سي�س (والية مينا�س جيري�س)‪ .‬ويقوم الموظفون‬ ‫ب�إدارة الأموال التي تم جمعها وتقديم الح�سابات �إلى المجتمع ب�أنف�سهم‪.‬‬

‫مجموعة زيما‬

‫)‪(GRUPO ZEMA‬‬

‫�ساعد م�شروع الأمل (‪ )Esperança‬الذي �أطلق في عام ‪ ،1999‬على هيكلة الدعم الذي‬ ‫تقدمه مجموعة زيما وموظفوها و�شركا�ؤها �إلى الم�ؤ�س�سات التي ت�ساعد الأطفال‬ ‫الفقراء في بلديات والية مينا�س جيري�س التي تعمل في مجالها �شركات المجموعة‪.‬‬ ‫وتقوم ال�شركة بتوزيع جميع المداخيل من بيع المواد القابلة لإعادة اال�ستخدام‪ ،‬من‬ ‫قبيل الورق والورق المقوى‪ ،‬والقوارير الزجاجية‪ ،‬ومواد بال�ستيكية وعلب الألومنيوم‪،‬‬ ‫والتي تبلغ في المعدل ‪ 2 500‬ريال برازيلي �شهريا‪� ،‬إلى بع�ض المنظمات المختارة‪.‬‬ ‫وتتحمل مجموعة زيما جميع النفقات الخا�صة بالموظفين المكلفين بجمع ومناولة‬ ‫ونقل و�ضغط المواد التي يتعين تدويرها‪.‬‬

‫�شركة‬

‫‪Schering-Plough - IQF‬‬

‫تقوم هذه ال�شركة‪ ،‬من خالل معهد "الطفل هو الحياة" (‪ )Criança é Vida‬التابع لها‪،‬‬ ‫بتقديم ح�ص�ص ودورات تدريبية للأمهات والأطفال في مجاالت الرعاية ال�صحية‬ ‫والنظافة والغذاء‪ .‬كما تدعم ال�شركة الكيميائية ‪ IQF – Schering-Plough‬الموجود‬ ‫مقرها بمدينة �ساو باولو‪ ،‬الرعاية المقدمة للأطفال في مراكز الرعاية النهارية‬ ‫والم�ست�شفيات‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى ت�شجيع موظفيها على االنخراط في برامج تطوعية‪.‬‬

‫‪127‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وعقب �إبرام ع�شرات ال�شراكات‪ ،‬بد�أت ال�شركة في تدريب موظفيها والمتطوعين على‬ ‫تكثيف العمل في مجال التربية ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬وقد ا�ستفادت �إلى الآن ‪17 300‬‬ ‫�أ�سرة من هذه الدورات التدريبية‪.‬‬ ‫منتجات ‪ Johnson & Johnson Produtos Profissionais‬‬ ‫طورت ال�شركات التابعة لمجموعة جون�سون �آند جون�سون‪ ،‬التي تعمل في البرازيل‬ ‫منذ ‪ ،1988‬ثقافة ت�شجيع عمالها على اتخاذ مبادرات ترمي �إلى دعم المجتمعات‬ ‫التي يعي�شون فيها‪ .‬وتنفذ �شركة المنتجات المهنية جون�سون �آند جون�سون برنامجا‬ ‫منتظما للتبرع بالغذاء لفائدة ما يزيد على ‪ 40‬م�ؤ�س�سة خيرية في منطقة وادي نهر‬ ‫براييبا (والية �ساو باولو)‪ ،‬حيث تلتزم ال�شركة بتقديم تبرعات غذائية بمبلغ ‪0,75‬‬ ‫ريال برازيلي عن كل كيلوغرام من الطعام يتبرع به طوعيا موظفو ال�شركة‪.‬‬

‫�شركة بيع الدراجات النارية‬

‫‪Motos Matogrosso‬‬

‫ف�ضال عن برنامج محو الأمية وبرنامج �آخر للتبرع بالدراجات النارية �إلى بع�ض‬ ‫الم�ؤ�س�سات الخيرية‪ ،‬توا�صل �شركة موتو�س ماتوغرو�سو (�شركة بيع الدراجات النارية)‬ ‫تنفيذ م�شروع "النجمة الم َذ َّنبة المثمرة" (‪ )Cometa Frutificar‬الذي يرمي �إلى توزيع‬ ‫بذرات الأ�شجار المثمرة لزرعها في حدائق بيوت الأ�سر ذات الدخل المنخف�ض في‬ ‫كا�سير�س (والية ماتو غرو�سو)‪ .‬كما توفر درو�سا للطلبة و�أع�ضاء المجتمع المحلي‬ ‫لتعليمهم كيفية زرع الأ�شجار المثمرة والتعامل مع الفواكه وتوعيتهم ب�ش�أن القيمة‬ ‫الغذائية و�أهميتها للتمتع ب�صحة جيدة‪.‬‬

‫�شركة‬

‫‪Rlm Comércio De Alimentos‬‬

‫تنفذ �شركة �آر �إل �إم (‪ )RLM‬للتجارة في الأغذية‪ ،‬التي تدير مطاعم ماكدونلدز في‬ ‫�سانتو�س وبرايا غرادي‪ ،‬م�شروعا ب�شراكة مع الجمعية الأهلية ماوو�س دادا�س‬ ‫(‪ )ACMD‬بغية دعم �أن�شطة منظمة الرعاية الأبر�شية الم�سيحية للأطفال (‪Children’s‬‬ ‫‪ )Pastoral action‬لمحاربة النق�ص في التغذية ووفيات الأطفال‪ .‬كما تنظم ال�شركة‬ ‫عمليات لجمع الغذاء وحمالت متنوعة وتوزع الأغذية المجمعة على المجموعات‬ ‫الفقيرة التي تعي�ش في منطقة بيك�سادا �سانت�سيتا حيث ين�شط ال�شركاء في الم�شروع‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬تدعم منظمة الرعاية الأبر�شية الم�سيحية للأطفال (‪Children’s‬‬ ‫‪� )Pastoral action‬أكثر من ‪ 8 000‬طفل من خالل هذا الم�شروع‪.‬‬ ‫‪128‬‬

‫�شركة �شل بالبرازيل‬

‫)‪(Shell Brasil‬‬

‫تنظم �شركة �شل بالبرازيل �سنويا حملة تحمل ا�سم "عيد الميالد بدون جوع"‬


‫تعبئة ال�شركات من �أجل الم�ساهمة في الق�ضاء على الجوع‬

‫( ‪ ،)Christmas without Hunger‬حيث يتم‪ ،‬خالل �شهر دي�سمبر‪/‬كانون الأول‪،‬‬ ‫جمع المواد الغذائية غير القابلة للتلف بغية التبرع بها في �سالل الغذاء على‬ ‫الأ�سر ذات الدخل المنخف�ض‪ .‬وقد �ساهمت �شركة "�شل" في �سنة ‪ ،2001‬بالإ�ضافة‬ ‫�إلى تحمل تكاليف جمع وتوزيع المواد الغذائية بكيلوغرامين من الغذاء عن‬ ‫كل كيلوغرام تبرع به موظفوها‪ .‬وقد بلغ مجموع هذه التبرعات ما يزيد على‬ ‫‪ 12‬طنا من المنتجات الغذائية التي تم جمعها فقط في مدينتي ريو دي جانيرو‬ ‫و�ساو باولو‪.‬‬

‫�شركة المهارة‬

‫)‪(Skill‬‬

‫تطور �شركة المهارة (‪ ،)Skill‬وهي �شركة للمحا�سبة والر�صد‪ ،‬م�شروعا اجتماعيا يدعى‬ ‫"المهارات تحقق الكثير" (‪ ،)Skill Fazendo Acontecer‬يرمي �إلى توزيع �سالل الغذاء‬ ‫في الأحياء الفقيرة ودور ال�صفيح و�إلى دعم مختلف المنظمات التي ت�ساعد الأطفال‬ ‫الفقراء في �ساو باولو الكبرى‪ .‬وترعى �شركة "�سكيل" م�شروعا �آخر ي�سمى "المياه في‬ ‫�شمال �شرق البالد" (‪ )Água no Nordeste‬في كل من بلدية تابيرا (‪( )Tabira‬والية‬ ‫بيرنامبوكو ‪ )Pernambuco‬وبلدية الغوانها (‪( )Lagoinha‬والية بارايبا)‪ .‬ومن جهة‬ ‫�أخرى‪ ،‬تقوم �شركة "�سكيل" ببناء الآبار االرتوازية ومرافق الرعاية ال�صحية في‬ ‫هاتين البلديتين‪ ،‬ف�ضال عن و�ضع برامج تربوية والتحفيز على �إن�شاء ب�ساتين الخ�ضر‬ ‫المجتمعية فيهما‪.‬‬

‫�شركة ‪�( Ten Yad‬ساو باولو ـ والية �ساو باولو)‬

‫تنفذ الجمعية الخيرية الإ�سرائيلية "تن ياد" �أن�شطة دائمة لمحاربة الجوع‪،‬‬ ‫من قبيل �صناعة الح�ساء المعلَّب‪ ،‬وتوزيع حقائب الطعام وتوفير غرفة طعام‬ ‫مجتمعية حيث يتم تقديم وجبات الطعام لذوي الدخل المحدود في منطقة و�سط‬ ‫مدينة �ساو باولو‪ .‬ولعل دعم مجموعة من ال�شركات �أمر �أ�سا�سي من �أجل ا�ستمرارية‬ ‫وا�ستدامة هذه الأن�شطة‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬ت�ساهم ال�شركات بطرق مختلفة‪ :‬تبني‬ ‫�أحد الموظفين ودفع �أجوره؛ تقديم الهبات والتبرعات نقدا‪� ،‬أو على �شكل مواد‬ ‫وخدمات‪ .‬كما تعمل هذه الجمعية على �إبرام اتفاقيات ب�ش�أن التبرعات ونقل‬ ‫المنتجات الغذائية‪.‬‬

‫‪( Tim Maxitel‬والية مينا�س جيري�س)‬

‫نفذت تيم ماك�سيتل‪ ،‬وهي مجموعة �شركات للهاتف‪ ،‬برنامجا موجها للغذاء "‪"PÃO‬‬

‫)‪ (Programa de Alimentação Orientada‬يدعى "بريد" (‪( )BREAD‬الخبز) في‬ ‫‪ 40‬بلدية تقع في وادي موخوري ووادي ‪ Jequitinhonha‬في والية مينا�س جيري�س‪،‬‬

‫‪129‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ا�ستفاد منه حوالي ‪� 12 000‬شخ�ص في �إحدى المناطق الأكثر فقرا بالبرازيل‪ .‬وي�شجع‬ ‫البرنامج‪ ،‬من جهة �أخرى‪ ،‬على ا�ستخدام الموارد المتاحة في المجتمعات المحلية عن‬ ‫طريق ن�شر المعلومات ب�ش�أن الأغذية المختلطة والبديلة لدى قادة المجتمع المحلي‬ ‫وطهاة المطاعم المدر�سية ومراكز الرعاية النهارية والجمعيات الخيرية‪.‬‬

‫يازجي‬

‫)‪(Yázigi‬‬

‫يازجي �إنترنك�سو�س (‪ )Yázigi Internexus‬عبارة عن �شبكة لمدار�س اللغات وتنه�ض‬ ‫ب�أن�شطة متنوعة تركز على الأطفال والمراهقين الفقراء‪ .‬وتقدم هذه ال�شبكة‪ ،‬في‬ ‫المجتمعات التي تن�شط فيها‪ ،‬منحا درا�سية‪ ،‬كما ت�شجع على العمل التطوعي‪ ،‬وتقدم‬ ‫تبرعات للحمالت �أو المنظمات الخيرية‪ .‬وتعمل هذه ال�شركة‪ ،‬منذ عام ‪ ،1999‬على‬ ‫تدريب المعلمين المتطوعين لتعليم اللغة الإنكليزية للأطفال الفقراء ب�شكل مجاني‬ ‫في �ضواحي منطقة �ساو باولو الكبرى‪ .‬كما تدعم المدار�س التي ت�شكل هذه ال�شبكة‪،‬‬ ‫تطوير المهارات المهنية لل�شباب المنحدرين من الأ�سر ذات الدخل المنخف�ض من‬ ‫خالل توفير دورات تدريبية لهم وتوظيفهم‪.‬‬

‫‪130‬‬


‫‪ -6‬برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫�أهم الدرو�س الم�ستخل�صة ‬

‫‪1‬‬

‫المكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة‬ ‫لأمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‬

‫مقدمة‬ ‫عندما �أطلقت الحكومة الفيدرالية برنامج الق�ضاء على الجوع (‪ )Fome Zero‬في‬ ‫يناير‪/‬كانون الثاني ‪ ،2003‬وعى �سكان البرازيل بالمفارقة القائمة في البالد التي‬ ‫تعاني منها الماليين من الأ�سر التي ال تجد ما يكفي من الغذاء في بلد يعرف وفرة‬ ‫في المواد الغذائية وي�شهد طفرة في �صادرات المنتجات الزراعية‪ .‬وقد كان اللتزام‬ ‫الرئي�س المنتخب حديثا بالق�ضاء على الجوع وقع طيب على ال�شعب البرازيلي برمته‬ ‫الذي �ضمن للرئي�س دعمه على نطاق وا�سع‪.‬‬ ‫وفي دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪ ،2002‬وقبل �أن ت�ؤدي الإدارة الجديدة اليمين‬ ‫الد�ستورية بقليل‪ ،‬طلب الرئي�س المنتخب لويز اينا�سيو لوال دا �سيلفا من المدير العام‬ ‫لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) دعمها لت�شكيل فريق من الخبراء‬ ‫التقنيين التابعين للمنظمة‪ ،‬ومن م�صرف التنمية في البلدان الأمريكية (‪ )IDB‬والبنك‬ ‫الدولي العمل مع الفريق الوطني لمراجعة ت�صميم ومكونات م�شروع الق�ضاء على‬ ‫الجوع‪ .‬وقد حظي هذا العمل المثير بالن�سبة لجميع الم�شاركين بت�أييد وا�سع النطاق‬ ‫حول �أهداف البرنامج ومحتوياته‪ ،‬لكنه �أثار �أي�ضا بع�ض المخاوف ب�ش�أن التحديات‬ ‫الرئي�سية ‪ -‬وخا�صة التحديات ذات الطابع الم�ؤ�س�سي منها ‪ -‬التي يتعين رفعها‬ ‫�أثناء تنفيذه‪ .‬غير �أن التقرير رقم‪ 2 1‬الذي �أعده الفريق �أكد �أن "�أحد �أهم الم�شاكل التي‬ ‫�ستواجه الحكومة الجديدة يتلخ�ص في التوفيق بين توقعات �شريحة كبرى من ال�شعب‬ ‫البرازيلي وتحقيق نتائج فورية‪ ،‬مع االلتزام ب�ضمان الجودة وبين تجنب ا�ستمرار‬ ‫ثقافة التبعية والتقليل من الآثار الجانبية غير المرغوب فيها"‪.‬‬ ‫ولقد �أثار عزم الرئي�س لوال على و�ضع حد لم�شكلة الجوع في البرازيل خالل‬ ‫فترة واليته في �إطار برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬وفقا للأهداف الم�سطرة فيه‪،‬‬ ‫‪ 1‬ورقة عمل منظمة الأغذية والزراعة قدمت خالل م�ؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة (فيديوكونفرون�س) عقد في ‪� 14‬أغ�سط�س‪�/‬آب ‪2006‬‬

‫بين بوليفيا والبرازيل و�شيلي وكولومبيا وغواتيماال وبيرو وفنزويال‪.‬‬ ‫‪.FAO, IDB, WB, December 2002 2‬‬

‫‪131‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪132‬‬

‫اهتماما كبيرا لدى المجتمع الدولي‪ .‬وقد كان هذا االهتمام �أكبر في البلدان النامية‬ ‫التي تبذل جهودا لتحقيق هدف م�ؤتمر القمة العالمي للأغذية المتمثل في خف�ض‬ ‫عدد الأ�شخا�ص الذين يعانون من �سوء التغذية في العالم بمقدار الن�صف بحلول عام‬ ‫‪ ،2015‬هذا الهدف الذي �أ�صبح في وقت الحق الهدف الأول �ضمن الأهداف الإنمائية‬ ‫للألفية‪ .‬وقد تعزز هذا االهتمام الدولي من خالل المبادرات التي اتخذها الرئي�س‬ ‫لوال ب�شكل م�شترك مع ر�ؤ�ساء دول كل من فرن�سا و�شيلي و�إ�سبانيا خالل اجتماع‬ ‫زعماء العالم للعمل على مناه�ضة الجوع والفقر الذي عقد في مقر الأمم المتحدة في‬ ‫نيويورك في �شهر �سبتمبر‪�/‬أيلول من عام ‪ ،2004‬والذي ح�ضره ممثلون عن �أكثر من‬ ‫‪ 100‬حكومة‪ .‬وبارتباط بهذا المقترح العالمي �أعلن رئي�سا البرازيل وغواتيماال‪ ،‬في‬ ‫�أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪ ،2005‬عن التزامهما بالق�ضاء على الجوع في �أمريكا الالتينية‬ ‫ومنطقة البحر الكاريبي ب�شكل نهائي بحلول عام ‪ .2025‬وفي وقت الحق‪� ،‬صادقت‬ ‫‪ 29‬دولة من المنطقة �شاركت في الم�ؤتمر الإقليمي لمنظمة "الفاو" الذي عقد في‬ ‫كراكا�س في �أبريل‪/‬ني�سان ‪ ،2006‬على هذا الهدف‪.‬‬ ‫ومن ناحية �أخرى‪ ،‬تعمل منظمة الأغذية والزراعة‪ ،‬من خالل برنامج خا�ص‬ ‫بالأمن الغذائي‪ ،‬مع �أكثر من ‪ 100‬دولة نامية لتحقيق هدف م�ؤتمر القمة العالمي‬ ‫للأغذية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تعمل العديد من هذه البلدان‪ ،‬التي ا�ستلهمت جزئيا من قيادة‬ ‫الرئي�س لوال‪ ،‬على �إعداد وتنفيذ برامج وطنية للأمن الغذائي بغية تحقيق هذا الهدف‪.‬‬ ‫فهذه البلدان تهتم ب�شكل كبير باال�ستفادة من التجربة البرازيلية وتو�سيعها معتمدة‬ ‫في ذلك على التعاون التقني مع البرازيل‪.‬‬ ‫ويعتبر هذا االهتمام قويا ب�شكل خا�ص في �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر‬ ‫الكاريبي‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬تم تنظيم م�ؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة تحت �إ�شراف‬ ‫المكتب الإقليمي لمنظمة "الفاو" في ‪� 14‬أغ�سط�س‪�/‬آب ‪ ،2006‬جمع قادة البرامج‬ ‫الوطنية للأمن الغذائي من كل من بوليفيا والبرازيل و�شيلي وكولومبيا وغواتيماال‬ ‫وبيرو وفنزويال‪.‬‬ ‫وقد �أعدت هذه المراجعة الوجيزة لبرنامج الق�ضاء على الجوع بغية‬ ‫ا�ستخدامها كمرجعية خالل الم�ؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة من قبل فريق‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة المكلف بمتابعة تنفيذ البرنامج منذ بدايته‪ .3‬وتت�ألف‬ ‫هذه الوثيقة من ملخ�ص لمختلف الوثائق التي تعر�ض تطور البرنامج‪ ،‬ومن تقييم‬ ‫�أداء وت�أثير مكوناته الرئي�سية‪ .‬وقد ا�ستعان الفريق‪ ،‬خالل �صياغة الوثيقة‪ ،‬ببع�ض‬ ‫المقابالت التي �أجريت مع مختلف الم�شاركين في البرنامج الذين يهتمون بالق�ضاء‬ ‫على الجوع والفقر في البرازيل‪.‬‬ ‫‪.Benjamin Davis, Andrew MacMillan, Alberta Mascaretti and Fernando Soto Baquero 3‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫وعلى الرغم من �أن هذه الوثيقة �أعدت خ�صي�صا لهذا الم�ؤتمر عبر الدائرة‬ ‫التلفزيونية المغلقة‪ ،‬ف�إنها �ستكون متاحة على المواقع الإلكترونية لمنظمة الأغذية‬ ‫والزراعة (‪ ،)www.rlc.fao.org‬لجميع الم�ؤ�س�سات المعنية الم�شا ِركة في برامج الأمن‬ ‫الغذائي في بلدان �أخرى‪.‬‬ ‫و�سيتم �إعداد ن�سخة مطولة من هذه الوثيقة من قبل هذا الفريق بعد‬ ‫االنتخابات ال�ستخدامها كمرجع للنقا�ش مع ال�سلطات الجديدة وتقديم معلومات عن‬ ‫الطريقة التي يمكن �أن ت�ساهم من خاللها منظمة الأغذية والزراعة في برامج ذات‬ ‫�صلة بالأمن الغذائي في الم�ستقبل‪.‬‬

‫الق�ضاء على الجوع‬ ‫يعتبر برنامج الق�ضاء على الجوع مفهوما دائم التطور‪ .‬وقد تم و�صفه‪ ،‬في‬ ‫عام ‪ ،2003‬بمثابة‪:‬‬

‫برنامج لمحاربة الجوع و�أ�سبابه الهيكلية التي ت�ؤدي �إلى الإق�صاء االجتماعي‪.‬‬ ‫وبعبارة �أخرى‪ ،‬تم �إعداد برنامج الق�ضاء على الجوع ل�ضمان الأمن الغذائي لجميع‬ ‫المواطنين البرازيليين رجاال ون�ساء‪ .‬لكن الأمن الغذائي ال يعني فقط الق�ضاء على‬ ‫الجوع اليوم بل �ضمان تمكين جميع الأ�سر من الح�صول على الطعام بانتظام‬ ‫وبكرامة وبالكميات والجودة الالزمتين ل�ضمان �صحتهم البدنية والعقلية‪ .‬ويجمع‬ ‫هذا البرنامج بين مجموعة من ال�سيا�سات العامة التي ت�شرك الم�ستويات الثالثة‬ ‫للحكومة‪ :‬الم�ستوى الفيدرالي‪ ،‬والدولة والبلديات‪ .‬وعلى م�ستوى الحكومة الفيدرالية‪،‬‬ ‫ي�شرك البرنامج جميع الوزارات ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫وفي الآونة الأخيرة‪ ،‬وبالتحديد في عام ‪ُ ،2005‬و�صف برنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع على النحو التالي‪:‬‬

‫برنامج الق�ضاء على الجوع هو ا�ستراتيجية للحكومة الفيدرالية ل�ضمان حق الإن�سان‬ ‫في الغذاء المالئم‪ ،‬مع �إعطاء الأولوية للأ�شخا�ص الذين يواجهون �صعوبات في‬ ‫الح�صول على الغذاء‪ .‬وتعتبر هذه المبادرة جزءا من الجهود الرامية �إلى تعزيز الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية والم�ساهمة في الق�ضاء على الفقر المدقع و�ضمان حقوق المواطنة‬ ‫ل�شرائح ال�سكان الأكثر عر�ضة للجوع ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫ومن الناحية العملية‪ ،‬يتكون برنامج الق�ضاء على الجوع من مجموعة من‬ ‫البرامج تتجاوز الـ ‪ 30‬برنامجا تكميليا �صممت لمحاربة الأ�سباب المبا�شرة والكامنة‬ ‫وراء الجوع وانعدام الأمن الغذائي التي تنفذها �أو تدعمها الحكومة الفيدرالية‪ .‬وتعتزم‬ ‫‪ 4‬الق�س بيتو ‪.(Frei Betto) 2004‬‬ ‫‪ 5‬وزارة التنمية االجتماعية‪.2005 ،‬‬

‫‪133‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫البرازيل‪ ،‬من خالل هذه البرامج‪ ،‬من بين برامج �أخرى‪ ،‬ت�أكيد التزامها بتحقيق‬ ‫الأهداف الإنمائية للألفية‪ ،‬التي ت�شمل لي�س فقط الهدف الأول المتمثل في الحد من‬ ‫الجوع والفقر‪ ،‬ولكنها ت�شمل �أي�ضا الأهداف الأخرى ذات ال�صلة بال�صحة والتعليم‬ ‫والبيئة والم�ساواة بين الجن�سين‪ .‬وتعتبر وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع‬ ‫الوكالة المكلفة بتن�سيق برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬وقد تولت هذه الم�س�ؤولية في‬ ‫عام ‪ ،2004‬بعد �إلغاء الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع‪.‬‬ ‫وتنفذ وزارة التنمية االجتماعية بع�ض البرامج ب�شكل مبا�شر‪ ،‬لكنها ت�ساهم �أي�ضا في‬ ‫تمويل برامج �أخرى تنفذها وزارات �أو م�ؤ�س�سات �أخرى‪ ،‬من ميزانيتها الخا�صة �أو من‬ ‫م�صادر مالية �أخرى‪.‬‬ ‫وتعتبر �أكبر البرامج‪ ،‬من حيث اال�ستثمارات وعدد الم�ستفيدين‪ ،‬البرامج‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫■ ■برنامج منحة الأ�سرة (‪ )Bolsa Família‬وهو عبارة عن برنامج‬ ‫للتحويالت النقدية الموجهة للأ�سر الفقيرة‪ ،‬ولال�ستفادة من هذه المنح‬ ‫ي�شترط البرنامج على الأ�سر �إبقاء الأطفال في المدر�سة وعر�ضهم‬ ‫بانتظام على نظام الرعاية ال�صحية‪.‬‬ ‫■ ■البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‪ ،‬الذي يقدم وجبات للأطفال في‬ ‫مراكز الرعاية النهارية والمدار�س العامة‪.‬‬ ‫■ ■البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية ‪ ،‬الذي يوفر قرو�ضا مدعمة‬ ‫وخدمات فنية للمزارعين‪.‬‬ ‫■ ■برنامج اقتناء الغذاء‪ ،‬الذي يتمثل في �شراء الغذاء من المزارعين‬ ‫لتوزيعه محليا على مختلف الم�ؤ�س�سات والبرامج ذات ال�صلة بالأغذية‪.‬‬ ‫■ ■برنامج بناء الخزانات‪ ،‬الذي يقوم ببناء خزانات لجمع مياه �سيول‬ ‫الأمطار لال�ستخدام المنزلي في المنطقة �شبه القاحلة الواقعة في �شمال‬ ‫�شرق البرازيل‪.‬‬

‫‪134‬‬

‫وثمة برامج �أخرى ت�شمل مخططات لتوزيع المواد الغذائية لل�سكان الم�ستبعدين‬ ‫وت�شرك المطاعم المدعمة‪ ،‬وبنوك الغذاء‪ ،‬والزراعة في المناطق الح�ضرية‪ ،‬وتوزيع‬ ‫فيتامين "�أ" والحديد‪ ،‬والتوعية الغذائية‪ ،‬ومراقبة التغذية‪ ،‬وتوفير حوافز �ضريبية‬ ‫لل�شركات التي ت�ستثمر في توفير مطاعم في مكان العمل لموظفيها‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى دورها التن�سيقي في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬تعتبر وزارة‬ ‫التنمية االجتماعية الم�س�ؤول المبا�شر عن برنامج منحة الأ�سرة وغيرها من برامج‬ ‫الحماية االجتماعية التي لم تدرج في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬وقد عملت هذه‬ ‫الوزارة على تح�سين ما ي�سمى "بال�سجل الموحد" ك�أداة رئي�سية الختيار الم�ستفيدين‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫المحتملين من برنامج منحة الأ�سرة‪ .‬ف�ضال عن ذلك‪ ،‬تعتبر الوزارة م�س�ؤولة عن ر�صد‬ ‫وتقييم الإجراءات‪.‬‬ ‫ومن ناحية �أخرى‪ ،‬ي�ضم المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬الذي‬ ‫�أ�س�س عام ‪ ،2003‬ممثلين عن جميع الوزارات المعنية والمجتمع المدني المنخرط‬ ‫في الق�ضايا ذات ال�صلة بالأمن الغذائي بغية تقديم ا�ست�شارات للحكومة ب�ش�أن‬ ‫و�ضع ال�سيا�سات والبرامج في هذا المجال‪ .‬ويتكون المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية من فروع على م�ستوى الواليات والبلديات‪ .‬وعالوة على ذلك‪� ،‬شكلت رئا�سة‬ ‫الجمهورية فريق عمل م�شتركا بين الوزارات لبرنامج الق�ضاء على الجوع من �أجل‬ ‫�ضمان التن�سيق بين القطاعات المتعددة داخل الحكومة الفيدرالية‪.‬‬ ‫وقد عرف تمويل الأن�شطة المت�صلة ببرنامج الق�ضاء على الجوع ارتفاعا كبيرا‬ ‫منذ �إطالق البرنامج‪ ،‬حيث ارتفع �إجمالي ا�ستثمارات الحكومة الفيدرالية من خالل‬ ‫ميزانيات وزارة التنمية االجتماعية‪ ،‬و�سابقا الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن‬ ‫الغذائي ومحاربة الجوع‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى وزارات فيدرالية �أخرى منتقال بذلك من‬ ‫‪ 4.9‬مليار ريال برازيلي في عام ‪� 2003‬إلى ‪ 11.6‬مليار ريال برازيلي في عام ‪2006‬‬ ‫بح�سب الأرقام الحالية‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ارتفع مجموع الأموال المتاحة‬ ‫للح�صول على االئتمان في المناطق الريفية ب�شكل كبير‪ ،‬حيث انتقل من ‪ 3.8‬مليون‬ ‫ريال برازيلي �إلى ‪ 9‬ماليين ريال برازيلي‪ .‬وقد تم ا�ستثمار �أموال �إ�ضافية من‬ ‫�أجل الحد من الجوع وتعزيز الأمن الغذائي من قبل الحكومة المركزية والبلديات‪،‬‬ ‫والمجتمع المدني‪ ،‬وال�شركات الخا�صة‪.‬‬

‫التطورات والنتائج‬ ‫لقد تم �إنجاز الكثير على مر ال�سنين من قبل الجماعات الدينية والمنظمات غير‬ ‫الحكومية وال�سلطات المحلية لمعالجة م�شكلة الجوع‪ .‬وقد اعتمدت الحكومات‬ ‫المختلفة على عدد كبير من البرامج‪ ،‬وذلك بهدف خلق ظروف معي�شية �أف�ضل لل�سكان‬ ‫ذوي الدخل المنخف�ض‪ .‬وعلى الرغم من كل ذلك‪ ،‬ال تزال ظاهرة الجوع وانعدام الأمن‬ ‫الغذائي ت�ؤثر على حياة الكثير من البرازيليين وتمنعهم من الم�ساهمة حقا في رفاهية‬ ‫البالد واال�ستفادة منها‪ .‬وعندما �أطلقت الحكومة الفيدرالية برنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع‪ ،‬ا�ستفادت من تجارب �سابقة ومتباينة للإدارات الأخرى معترفة ب�صراحة �أن‬ ‫التحليل النهائي قد �أكد م�س�ؤولة الحكومة عن �ضمان الأمن الغذائي والتغذية لجميع‬ ‫البرازيليين‪ .‬ومن ثم‪� ،‬أ�صبح تح�سين الأمن الغذائي جزءا من مجموعة من الحقوق‬ ‫االجتماعية التي ت�ساهم‪ ،‬عند ربطها ودمجها في نظم �شبكية‪ ،‬في تمكين الفقراء‬ ‫وت�ضمن لهم الظروف المنا�سبة للح�صول على حقوق �أخرى باعتبارهم مواطنين‬

‫‪135‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪136‬‬

‫برازيليين‪ .‬وعندما �أن�شئت الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة‬ ‫الجوع في عام ‪ 2003‬و�أدمجت في وزارة ال�ش�ؤون االجتماعية ومحاربة الجوع في‬ ‫ال�سنة التالية‪ ،‬وكذلك عند �إعادة ت�أ�سي�س المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫وت�شجيع اتخاذ الإجراءات الالزمة لإن�شاء مجال�س مماثلة على ال�صعيد المحلي‪ ،‬كانت‬ ‫الفكرة �آنذاك تتلخ�ص في �إن�شاء قناة م�ؤ�س�سية لبناء �شراكة بين الحكومة وم�ؤ�س�سات‬ ‫المجتمع المدني تلتزم بمحاربة الجوع وانعدام الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫ولقد كان من ال�ضروري تحديد هدف جريء ‪ -‬الت�أكد من �أن جميع البرازيليين‬ ‫يح�صلون على ثالث وجبات يوميا مع نهاية فترة والية الرئي�س المحددة في �أربع‬ ‫�سنوات – ل�ضمان تحقيق الأولوية ال�سيا�سية والتركيز على �ضرورة اتخاذ �إجراءات‬ ‫�سريعة و�شاملة‪ .‬لكن ذلك خلق توقعات مفادها �أن م�شكلة انعدام الأمن الغذائي‪،‬‬ ‫المتر�سخة ب�شكل عميق في تاريخ البلد‪� ،‬س ُتحل بين ع�شية و�ضحاها‪.‬‬ ‫وواجهت الحكومة الجديدة �صعوبات جمة في �إن�شاء وت�شغيل م�ؤ�س�سات‬ ‫جديدة قادرة على �إنتاج برنامج �شامل لمعالجة جميع �أبعاد م�شكلة الأمن الغذائي‬ ‫في جميع �أرجاء البالد‪ ،‬وتلبية احتياجات المجتمعات الأكثر تهمي�شا‪ .‬بل �أ�صبحت‬ ‫هذه الم�شاكل �أكثر تعقيدا نظرا لعدم وجود �إطار قانوني و�إجراءات قانونية لتنفيذ‬ ‫التدابير‪ .‬وقد تحققت نتائج كثيرة في ال�سنة الأولى من برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫بتن�سيق من الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومحاربة الجوع المن�ش�أة‬ ‫حديثا �آنذاك‪ ،‬ال�سيما في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬التي تم اختيارها كمنطقة ذات‬ ‫�أولوية بالن�سبة لبرنامج بطاقات الغذاء (الذي �أدمج فيما بعد في برنامج منحة‬ ‫الأ�سرة)‪ ،‬ولبناء خزانات المياه‪ ،‬وتوفير دورات لمحو الأمية لفائدة ال�سكان الفقراء‪.‬‬ ‫�إال �أن ما تم انجازه في مثل هذا الوقت الق�صير قد اع ُتبر غير كاف من حيث تطلعات‬ ‫ال�سكان مما �أدى �إلى �شكاوى وانتقادات من قبل و�سائل الإعالم‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخرى‪� ،‬أظهرت الحكومة جر�أتها عندما �أعادت �صياغة البرنامج‬ ‫في مطلع عام ‪ ،2004‬مع الحفاظ على �أهدافه الأ�صلية والإ�صرار على تحقيقها في‬ ‫المدى الق�صير وتعديل ا�ستراتيجيتها‪ .‬وقد عززت التغييرات التي �أدت �إلى �إن�شاء وزارة‬ ‫التنمية االجتماعية الإجراءات المنفذة حيث تزايد حجم برنامج التحويالت النقدية‬ ‫ برنامج منحة الأ�سرة (‪ – )Bolsa Família‬نتيجة لتوحيده مع برنامج بطاقة الغذاء‬‫وغيرها من البرامج الم�شابهة‪ .‬كما �أ�شارت هذه التغييرات �إلى الدينامية المتكاملة‬ ‫التي ُت�شرك مختلف المجاالت االجتماعية للحكومة الفيدرالية على �أ�سا�س ُنهج �شاملة‬ ‫متقاطعة وم�شتركة بين القطاعات‪ .‬وا�ستمرت بع�ض المكونات الهيكلية لبرنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع وتم تو�سيع نطاقها‪ ،‬و�إن كان ذلك تحت م�س�ؤولية وزارات �أخرى‪.‬‬ ‫كما ا�ستطاعت الحكومة‪ ،‬من خالل مجموعة من البرامج التي ت�شكل برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع‪ ،‬تعزيز تح�سن توجهات م�ؤ�شرات الأمن الغذائي والمواد الغذائية على‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫المدى الطويل ب�شكل كبير في البرازيل‪ ،‬وهي على و�شك تحقيق الهدف الأ�صلي على‬ ‫المدى الق�صير من هذا البرنامج‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬تم �إحراز تقدم في �إن�شاء �إطار‬ ‫م�ؤ�س�سي وتطوير قدرة البالد على معالجة الأ�سباب الهيكلية النعدام الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫�إال �أنه يتعين بذل المزيد من الجهود في الم�ستقبل بغية تح�سين كفاءة‪،‬‬ ‫وتركيز‪ ،‬وت�أثير وا�ستدامة البرامج التي يت�ألف منها برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬غير‬ ‫�أن �إنجازات البرازيل في ال�سنوات الثالث والن�صف الما�ضية مبهرة حيث ا�ستفادت‬ ‫الدولة من الأ�س�س التي و�ضعتها البرامج ال�سابقة مع تو�سيع نطاق انت�شارها‬ ‫وامتدادها وزيادة مواردها‪ ،‬عالوة على �إ�ضافة مكونات جديدة لها‪ .‬وقد كان الو�ضع‬ ‫في منت�صف عام ‪ 2006‬كالتالي (انظر الجدول ‪:)1‬‬ ‫■ ■تح�صل ‪ 11.1‬مليون �أ�سرة فقيرة في جميع �أنحاء البرازيل – �أي حوالي‬ ‫‪ 45‬مليون �شخ�ص �أو ‪ 25‬في المائة من مجموع �سكان البالد ‪ -‬على‬ ‫تحويالت نقدية �شهرية بمعدل حوالي ‪ 60‬ريال برازيلي في �إطار‬ ‫برنامج منحة الأ�سرة الذي ي�ؤمن للأمهات و�سيلة ل�ضمان ح�صول‬ ‫جميع �أفراد �أ�سرهن على ما يكفي من الطعام‪ .‬وينتمي حوالي ‪ 73‬في‬ ‫المائة من الم�ستفيدين �إلى خم�س ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‬ ‫و‪ 94‬في المائة �إلى الخم�سين الأقل دخال‪ .6‬ومن ثم‪� ،‬ساعدت التحويالت‬ ‫النقدية على زيادة دخل الم�ستفيدين منها بن�سبة ‪ 21‬في المائة في‬ ‫المتو�سط‪.‬‬ ‫■ ■من جهة �أخرى‪ ،‬ت�شير درا�سات حديثة �أنجزتها وزارة التنمية‬ ‫االجتماعية �أن الم�ستفيدين من برنامج منحة الأ�سرة ينفقون حوالي‬ ‫‪ 76‬في المائة من هذا المبلغ على المواد الغذائية و�أن عدد الأ�سر التي‬ ‫باتت تح�صل على وجبات �أكثر تغذية وبوتيرة متزايدة قد ارتفع‬ ‫كذلك‪ .‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬ك�شفت المقارنات بين الأ�سر التي ال تتلقى‬ ‫التحويالت النقدية في �إطار برنامج منحة الأ�سرة مع تلك التي تح�صل‬ ‫عليها عن �أن احتمال �إ�صابة �أطفال الفئة العمرية ما بين ‪� 6‬أ�شهر و‪11‬‬ ‫�شهرا الذين ينتمون �إلى الأ�سر التي ال ت�ستفيد من هذه المنح بالنق�ص‬ ‫المزمن في التغذية يناهز ‪ 62‬في المائة‪ .‬وقد ت�أكدت هذه البيانات من‬ ‫خالل م�سوحات �أكثر �شمولية‪ .‬ومن ثم يمكن �أن ن�ستنتج �أن البرنامج‬ ‫يحقق ت�أثيرا كبيرا من الناحية الغذائية كعامل من عوامل الحماية �ضد‬ ‫النق�ص المزمن في التغذية‪.7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬

‫راجع كا�ستانييدا ‪.(CASTAÑEDA) 2005‬‬ ‫مونتريو ‪.(MONTEIRO) 2006‬‬

‫‪137‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫‪138‬‬

‫■‬

‫■يبدو جليا �أن التدفق الأهم من الأموال �إلى المجتمعات المحلية الفقيرة‬ ‫في �إطار برنامج منحة الأ�سرة قد عزز النمو االقت�صادي المحلي‬ ‫وتحديدا في المناطق الأكثر حاجة �إلى ذلك‪.‬‬ ‫■ف�ضال عن ذلك‪ ،‬بات جميع الأطفال والمراهقون البرازيليون الملتحقون‬ ‫بالمدار�س العامة ‪ -‬وعددهم ‪ 36.3‬مليون تلميذ – يح�صلون ب�شكل‬ ‫�أف�ضل على وجبات مغذية كل يوم في مراكز الرعاية النهارية الخا�صة‬ ‫بهم‪ ،‬وم�ؤ�س�سات التعليم الأولي �أو االبتدائي‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬زاد‬ ‫البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‪ ،‬بعد م�ضاعفة المبالغ المخ�ص�صة‬ ‫لكل م�شارك‪ ،‬من الفر�ص المتاحة لتح�سين جودة الطعام الذي ُيق َّدم في‬ ‫المدار�س‪ .‬وقد بذلت بع�ض الجهود الأولية من �أجل ا�ستخدام مواد يتم‬ ‫�شرا�ؤها محليا من المزارعين لتح�ضير الوجبات المقدمة في المدار�س‪،‬‬ ‫ولت�ضمين التثقيف في مجال التغذية في المناهج الدرا�سية للتعليم‬ ‫االبتدائي‪ ،‬عالوة على �إيالء اهتمام خا�ص الحتياجات النظام الغذائي‬ ‫لل�سكان الأ�صليين ومجتمعات "كيلومبو"‪ ،‬وذلك بغية احترام العادات‬ ‫الغذائية وتو�سيع �أثر البرنامج االجتماعي‪.‬‬ ‫■ما فتئ ي�ساهم النمو ال�سريع للبرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‬ ‫بالإ�ضافة �إلى الم�شاركة الوا�سعة للمزارعين في �إدارة البرنامج‪ ،‬ف�ضال‬ ‫عن توفير م�ساعدة تقنية مكثفة لهم‪ ،‬والنمو ال�سريع لخطوط االئتمان‬ ‫المدعمة‪ ،‬في زيادة �إنتاج وادماج ودخل الأ�سر الريفية‪ ،‬وبح�سب‬ ‫درا�سات حديثة‪� ،‬ساهم هذا النمو كذلك في تعزيز االقت�صادات المحلية‪.‬‬ ‫■يح�صل حاليا ما يقرب من ‪ 2‬مليون من �صغار المزارعين‪ ،‬بمن في‬ ‫ذلك المزارعون الم�ستقرون في �إطار الإ�صالح الزراعي‪ ،‬على القرو�ض‪،‬‬ ‫و�أكثر من ‪ 700 000‬يح�صلون على قرو�ض لأول مرة في حياتهم‪ .‬ومن‬ ‫جهة �أخرى‪ ،‬تزايدت الأموال المخ�ص�صة لالئتمان ب�شكل �سريع منذ‬ ‫عام ‪ ،2003‬لت�صل �إلى �أكثر من ‪ 9‬مليارات ريال برازيلي في عام ‪،2006‬‬ ‫وذلك بم�ساهمة كبيرة من الموارد من خارج الميزانية‪ .‬كما تو�سع نطاق‬ ‫وحجم برامج ت�أمين الح�صاد الموجهة للزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫■كما ا�ستفاد المزارعون من التو�سع ال�سريع في برامج �شراء منتجاتهم‬ ‫من قبل ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي لتلبية احتياجات برامج‬ ‫الطوارئ والمجتمعات المنعزلة‪ ،‬محققين بذلك ا�ستفادة كل من‬ ‫المزارعين والم�ستهلكين‪.‬‬ ‫■منذ عام ‪ ،2003‬تمكنت حوالي ‪� 150 000‬أ�سرة تعي�ش في مناطق مت�ضررة‬ ‫من الجفاف من بناء خزانات للمياه من خالل برنامج تنفذه �شبكة‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫■‬

‫منظمات غير حكومية تدعى (‪ ،)Articulação Semiárido‬وممولة جزئيا‬ ‫عبر هبات من القطاع الخا�ص‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬ي�ساهم الح�صول‬ ‫المبا�شر على الماء ال�صالح لل�شرب في تح�سين التغذية والحد من‬ ‫وفيات الأطفال‪ ،‬وتحرير اليد العاملة من خالل تقلي�ص الوقت الذي‬ ‫كانوا يق�ضونه مجبرين على جلب المياه وتقليل التبعيات االقت�صادية‬ ‫وال�سيا�سية على موردي المياه‪.‬‬ ‫■ت�شمل البرامج الح�ضرية الرامية �إلى تح�سين م�ستويات التغذية بين‬ ‫الفئات الفقيرة من خالل �شراكات مع ال�سلطات المحلية والمنظمات‬ ‫غير الحكومية و�شركات القطاع الخا�ص‪ ،‬المطاعم المدعمة‬ ‫والمطابخ المجتمعية و بنوك الغذاء وبرامج الزراعة في المناطق‬ ‫الح�ضرية‪.‬‬

‫اجلدول ‪ - 1‬موارد الدولة الربازيلية امل�ستثمرة يف برنامج الق�ضاء على اجلوع‬ ‫للفرتة ‪ ،2006-2003‬وعدد امل�ستفيدين‬ ‫‪1‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2003‬‬

‫الميزانية الم�ستفيدون الميزانية (مليون الم�ستفيدون‬ ‫(مليون ريال (مليون ن�سمة) ريال برازيلي) (بالماليين)‬ ‫برازيلي)‬

‫البرامج‬ ‫برنامج منحة الأ�سرة‬ ‫البرنامج الوطني للوجبات‬ ‫المدر�سية‬

‫‪3 360‬‬ ‫‪954‬‬

‫‪� 3.6‬أ�سرة‬ ‫‪ 37.3‬طالب‬

‫برنامج اقتناء الغذاء‬ ‫والحليب‬

‫‪224‬‬

‫‪ 0.05‬مزارع‬

‫‪621‬‬

‫ال�صهاريج‬

‫‪25‬‬

‫‪� 0.03‬أ�سرة‬

‫‪70‬‬

‫‪� 0.08‬أ�سرة‬

‫‪7‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪53‬‬

‫‪ ‬غير متوافر‬

‫‪356‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪549‬‬

‫‪ ‬غير متوافر‬

‫البرامج الح�ضرية‬ ‫برامج �أخرى‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫المجموع‬

‫‪4 926‬‬

‫البرنامج الوطني لدعم‬ ‫الزراعة الأ�سرية‬

‫‪3 806‬‬

‫‪4‬‬

‫‪8 325‬‬

‫‪� 11.1‬أ�سرة‬ ‫‪ 36.3‬طالب‬ ‫‪ 0.1‬مزارع‬

‫‪313‬‬

‫‪1‬‬

‫‪11 606‬‬

‫‪ 9‬مزارعين‬

‫‪9‬‬

‫‪ 2.0‬مزارع‬

‫الم�صدر‪ :‬وزارة التنمية االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ 1‬المجموع المتراكم للفترة ‪� 150 000 :2006-2003‬أ�سرة‪.‬‬ ‫‪ 2‬الزراعة الح�ضرية‪ ،‬بنك الغذاء‪ ،‬المطاعم المدعومة والمطابخ المجتمعية‪.‬‬ ‫‪ 3‬ال�سالل الغذائية‪ ،‬التربية الغذائية‪ ،‬توزيع فيتامين «�أ» �أو الحديد‪ ،‬اتحاد البلديات‪ ،‬البيوت والأ�سر‪� ،‬إلخ‪.‬‬ ‫‪ 4‬م�صدر وزارة التنمية الزراعية‪ :‬ت�شمل موارد متاحة ب�ش�أن القرو�ض الريفية‪.‬‬

‫‪139‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫■‬

‫‪140‬‬

‫■تم توزيع المواد الغذائية في �إطار مخططات مبرمجة عند االقت�ضاء‬ ‫لفائدة الأ�سر المنكوبة �أو المعوزة‪ ،‬بما في ذلك الأ�سر التي تعي�ش‬ ‫في خيم في انتظار الح�صول على م�سكن في �إطار برنامج الإ�صالح‬ ‫الزراعي‪.‬‬

‫وبغ�ض النظر عن الإطار الر�سمي لبرنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ودون �إ�شراك‬ ‫التمويالت الواردة من ميزانية الحكومة الفيدرالية‪ ،‬ت�ساهم عدة مبادرات �أخرى في‬ ‫تح�سين الو�ضع الغذائي في البرازيل وت�ؤ�س�س لتحقيق الأمن الغذائي على المدى‬ ‫الطويل‪ .‬ففي �أوائل عام ‪� ،2003‬سجلت قدرة الحكومة فائ�ضا بف�ضل التبرعات‬ ‫الهائلة في ال�سلع والمنتجات التي تقدمها بع�ض ال�شركات ومنظمات المجتمع‬ ‫المدني والمواطنون‪ .‬وين�شط القطاع الخا�ص في ت�شجيع وتمويل و�إدارة �سل�سلة من‬ ‫بنوك الغذاء ما فتئت تتزايد ب�سرعة في �أكبر المدن البرازيلية‪ .‬من جهة �أخرى‪ ،‬ت�ؤثر‬ ‫منظمات وحركات المجتمع المدني على تحديد و�إدارة ال�سيا�سات‪ ،‬ولفت االنتباه �إلى‬ ‫عدم الم�ساواة في المجتمع البرازيلي‪ ،‬خا�صة فيما يتعلق بتوزيع الأرا�ضي والم�شاكل‬ ‫البيئية‪ ،‬بما في ذلك اجتثاث الغابات بمنطقة الأمازون الناجم عن التو�سع في زراعة‬ ‫مح�صول واحد والمخاطر الم�صاحبة للكائنات المعدلة وراثيا‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪،‬‬ ‫تتزايد التوعية بحقوق الإن�سان‪ ،‬بما في ذلك حق الإن�سان في الغذاء الكافي‪ .‬وتجدر‬ ‫الإ�شارة بالخ�صو�ص �إلى مبادرة للمجتمع المدني تخ�ص توزيع مواد تثقيفية عن‬ ‫التغذية اتخذت �شكل الماليين من الكتب التمهيدية للمدار�س االبتدائية في جميع‬ ‫�أنحاء البرازيل‪ .‬وتكت�سي هذه المبادرة �أهمية خا�صة بالنظر �إلى الحمالت الإعالنية‬ ‫المكثفة التي تعر�ضها �شركات �صناعة الأغذية والم�شروبات‪ ،‬والتي ت�ؤثر في العادات‬ ‫الغذائية‪ ،‬خ�صو�صا لدى الأطفال‪.‬‬ ‫ووفقا لنظام الحكم الالمركزي في البرازيل‪ ،‬تتمتع جميع البلديات وعددها‬ ‫‪ 5 568‬باال�ستقاللية‪ ،‬بمعنى �أن قدرة الإدارة الفيدرالية على تنفيذ البرامج على‬ ‫الم�ستوى الوطني محدودة ن�سبيا‪ .‬فهنالك نوعان من الآثار الإ�ضافية لبرنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ب�صرف النظر عن الحاجة دائما �إلى التفاو�ض ب�ش�أن‬ ‫الطريقة التي �سيتم من خاللها تنفيذ ال�سيا�سات الفيدرالية على الم�ستويات‬ ‫المحلية‪ .‬ويتمثل النوع الأول في االختالف الكبير على م�ستوى تغطية البرامج‬ ‫و�سرعة تنفيذها من بلدية �إلى �أخرى‪� .‬أما النوع الثاني فيركز على �أن �ضمان‬ ‫االلتزام المحلي يتطلب جهدا كبيرا و�أن ثمة حاجة �إلى القدرة على الت�أكد من �أن‬ ‫البرامج تنفذ ب�شكل مالئم‪.‬‬ ‫ولقد تم تعزيز الإطار الم�ؤ�س�سي لمحاربة الجوع وانعدام الأمن الغذائي‪ ،‬منذ‬ ‫عام ‪ ،2003‬في ال�سياق الأو�سع لال�ستراتيجية البرازيلية للحد من الفقر‪:‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■لقد �ساعدت �إعادة ت�أ�سي�س المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫على ال�صعيدين الوطني والمحلي على توفير منتدى يناق�ش فيه جميع‬ ‫الفاعلين الرئي�سيين في الحكومة والمجتمع المدني معا موا�ضيع ذات‬ ‫�صلة بالأمن الغذائي والتغذية‪ .‬وقد �ساهم المجل�س الوطني في و�ضع‬ ‫مبادئ توجيهية ل�سيا�سات الأغذية والتغذية‪ ،‬وت�صميم البرامج‪ ،‬و�إجراء‬ ‫مفاو�ضات ناجحة للح�صول على مزيد من موارد الميزانية‪ ،‬عالوة‬ ‫على �ضمان �أولويات البرامج وتنفيذها ب�شكل �سليم‪ .‬غير �أنه يتعين‪،‬‬ ‫مع بع�ض اال�ستثناءات الهامة‪ ،‬تعزيز مجال�س الأمن الغذائي والتغذية‬ ‫التابعة للواليات والبلديات‪.‬‬ ‫■مكن �إن�شاء وزارة التنمية االجتماعية في عام ‪ ،2004‬وتوحيد برامج‬ ‫التحويالت النقدية الرئي�سية‪ ،‬من �إقامة وتو�سيع وتح�سين تدبير ال�سجل‬ ‫الموحد ب�شكل تدريجي‪ .‬وتخف�ض هذه الخيارات المو�سعة لتح�سين‬ ‫الكفاءة تكاليف المعامالت بالن�سبة للحكومة والم�شاركين على حد‬ ‫�سواء‪ ،‬عالوة على تعزيز ال�شفافية‪ .‬ويعتبر ال�سجل الموحد‪ ،‬اليوم‪ ،‬بمثابة‬ ‫�أر�ضية رئي�سية لت�صميم و�ضمان التركيز على مبادرات الأمن الغذائي‬ ‫والحد من الفقر‪.‬‬ ‫■و�ضعت م�صادقة مجل�س ال�شيوخ الفيدرالي على القانون الوطني‬ ‫للأغذية والأمن الغذائي (‪ ،)Losan‬الذي ي�ضمن حق جميع البرازيليين‬ ‫في الغذاء الكافي‪ ،‬الأ�س�س لإقامة النظام الوطني للأغذية والأمن‬ ‫الغذائي بغية �ضمان هذا الحق‪.‬‬ ‫■لقد �سمح �صدور قانون خا�ص بالمزارع الأ�سرية واالعتراف ب�أهميتها‬ ‫االقت�صادية (ي�ساهم القطاع بن�سبة ‪ 40‬في المائة من الناتج المحلي‬ ‫الإجمالي للزراعة‪/‬الثروة الحيوانية)‪ ،‬بو�ضع �سيا�سات عمومية من‬ ‫�أجل ت�سهيل ح�صول �أ�سر المزارعين على القرو�ض والم�ساعدة التقنية‬ ‫والت�أمين الزراعي و�آليات ت�سويق منتجاتها‪.‬‬ ‫■ تم ت�شكيل مجموعة عمل وزارية للق�ضاء على الجوع من قبل غرفة‬ ‫ال�سيا�سة االجتماعية برئا�سة الجمهورية بغية تعزيز الطبيعة العر�ضية‬ ‫للبرامج والتعاون المتعدد القطاعات التي يتميز بها تنفيذها‪.‬‬ ‫■تم و�ضع �أمانة خا�صة ونظام للر�صد والتقييم لدى وزارة ال�ش�ؤون‬ ‫االجتماعية لتقديم تقييمات مختلفة تنم عن تح�سن تدريجي في تركيز‬ ‫البرامج و�إدارتها‪ .‬و�سيتم ربط هذا النظام بنظام مراقبة الغذاء والتغذية‬ ‫(‪ )Sisvan‬الذي تنفذه وزارة ال�صحة لمراقبة الو�ضع الغذائي لجميع‬ ‫�سكان البرازيل‪.‬‬

‫‪141‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪142‬‬

‫وال يزال قادة الر �أي العام في البرازيل ال يعترفون بالعديد من‬ ‫هذه النتائج الملمو�سة‪ .‬وعلى الرغم من �أن برامج ا لأمن الغذائي والتغذية‬ ‫للحكومة الفيدرالية قد تم توثيقها في العديد من الدرا�سات والمن�شورات‬ ‫الحكومية‪ ،‬ف�إن نموها الم�ستمر ما زال غير م�ستوعب ب�شكل جيد على نطاق‬ ‫وا�سع‪ ،‬بل هناك ت�صور يق�ضي ب�أنها تتركز جميعها في مبادرة واحدة ‪-‬‬ ‫برنامج منحة ا لأ�سرة‪.‬‬ ‫وما فتئت و�سائل الإعالم تهتم ب�شكل كبير ببرنامج الق�ضاء على الجوع‪،‬‬ ‫وغالبا ما تخ�ص�ص حيزا زمنيا على محطات التلفزيون وم�ساحات في ال�صحف‬ ‫للتعليق على الجوانب الأكثر �إثارة للجدل في اال�ستراتيجية‪ .‬وقد �أثر ذلك على‬ ‫الر�أي العام من حيث نقاط قوة و�ضعف البرنامج‪ ،‬و�ساهم في ت�صحيح وتح�سين‬ ‫تنفيذه‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬ثمة جدل وا�سع في البرازيل ب�ش�أن الدعاية للمنتجات‬ ‫الغذائية والم�شروبات التي ت�ؤثر �سلبا على العادات الغذائية‪ ،‬خ�صو�صا لدى‬ ‫ا لأطفال‪.‬‬ ‫وبغ�ض النظر عن ت�أثير التزام الحكومة بو�ضع حد للجوع وانعدام‬ ‫ا لأمن الغذائي في البرازيل‪ ،‬كما جاء ذلك في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬فقد‬ ‫كان له وقع في العديد من البلدان الأخرى‪ ،‬لي�س فقط في �أمريكا الالتينية‪،‬‬ ‫ولكن �أي�ضا في �إفريقيا و�آ�سيا‪ .‬وقد �ألهمت القيادة الدولية للرئي�س لوي�س‬ ‫�إينا�سيو لوال دا �سيلفا غيره من ر �ؤ�ساء الدول على �أن يحذوا حذو البرازيل‬ ‫في تمويل وت�صميم وتنفيذ برامج وطنية للأمن الغذائي‪ ،‬و �إن لم تحقق حتى‬ ‫ا لآن نف�س فعالية البرنامج البرازيلي‪ .‬وتنه�ض البرازيل بدور متزايد ا لأهمية‬ ‫في المنتديات الدولية التي تناق�ش فيها موا�ضيع ذات ال�صلة بالأمن الغذائي‪،‬‬ ‫بما في ذلك حق ا لإن�سان في الغذاء الكافي والإ�صالح الزراعي‪ .‬وبا لإ�ضافة‬ ‫�إلى ذلك‪ ،‬ف�إنه من المتوقع �أن ي�صبح الدعم للبرامج ذات ال�صلة با لأمن‬ ‫الغذائي عن�صرا متزايد ا لأهمية في التعاون التقني البرازيلي الثنائي خا�صة‬ ‫مع البلدان الناطقة باللغة البرتغالية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى هايتي وبيرو وبوليفيا‬ ‫وباراغواي‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬تهتم الدول التي �صادقت على المبادرة التي‬ ‫اتخذت خالل الم�ؤتمر ا لإقليمي لمنظمة ا لأغذية والزراعة الذي عقد في‬ ‫كراكا�س في �أبريل‪/‬ني�سان ‪ ،2006‬وهي المبادرة التي تتوخى الق�ضاء على‬ ‫الجوع في �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي في غ�ضون عام ‪،2025‬‬ ‫بالتعرف على تجربة البرازيل في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬كما ترغب‬ ‫كثير من البلدان في تو�سيع نطاق ترتيبات التعاون التقني مع البرازيل في‬ ‫مجال ت�صميم وتنفيذ البرامج‪ ،‬لكن �آليات التعاون الر�سمي ال تزال غير مالئمة‬ ‫لتلبية هذا الطلب‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫�أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬ ‫يمكن ا�ستخال�ص الكثير من الدرو�س من التجربة البرازيلية التي من �ش�أنها �أن تفيد‬ ‫بلدانا �أخرى �إذا تم تكييفها ب�شكل منا�سب مع الظروف المحلية‪ .‬بل تعتبر مفيدة‬ ‫كذلك لم�ؤ�س�سات دولية تكر�س �أن�شطتها للق�ضاء على الجوع‪ ،‬من قبيل منظمة الأغذية‬ ‫والزراعة‪ .‬وت�شمل هذه الدرو�س ما يلي‪:‬‬ ‫■ ■ال ي�ؤدي النمو الزراعي‪ ،‬ال�سيما على النحو الذي يعززه نموذج قطاع‬ ‫الأعمال التجارية الزراعية‪ ،‬تلقائيا �إلى الحد من الجوع‪ ،‬بل يمكن �أن‬ ‫يعزز تفاقم الجوع ب�سبب المناف�سة ال�شر�سة في الأ�سواق (�أ�سواق المال‬ ‫والمنتجات) والميول �إلى تركيز الأرا�ضي‪ .‬فالنمو االقت�صادي ال ي�ؤدي‬ ‫بال�ضرورة �إلى انخفا�ض ن�سبي في م�ستويات الفقر والجوع‪ ،‬خا�صة‬ ‫في االقت�صادات التي تتميز بتوزيع غير متكافئ للدخل‪ .‬ولعل تحقيق‬ ‫�أول الأهداف الإنمائية للألفية لن يت�سنى �سوى عبر برامج محددة‬ ‫تهدف �إلى معالجة الأ�سباب الكامنة وراء الجوع والفقر‪ .‬ومن جهة‬ ‫�أخرى‪ ،‬ينعك�س �أي تقدم ُيحرز في مجال الحد من الجوع وتح�سين الأمن‬ ‫الغذائي في انخفا�ض �سريع في م�ستويات الفقر المدقع‪ ،‬ومن المتوقع‬ ‫�أن يولد فوائد اقت�صادية خا�صة به‪.‬‬ ‫■ ■يعتبر االلتزام القوي والم�ستدام وغير الحزبي‪� ،‬إن �أمكن ذلك‪ ،‬بالق�ضاء‬ ‫على الجوع بو�صفه هدفا وطنيا رئي�سيا يحظى بت�أييد وا�سع من قبل‬ ‫ال�سكان �أمرا �ضروريا للتغلب على مقاومة ه�ؤالء الذين يريدون الحفاظ‬ ‫على و�ضع التبعية‪ .‬ويتعزز هذا االلتزام عندما ت�صدر الدولة بع�ض‬ ‫القوانين وت�صادق على ال�سيا�سات العامة بغية �ضمان ا�ستمراريتها‪،‬‬ ‫بغ�ض النظر عمن يكون رئي�س الحكومة‪.‬‬ ‫■ ■يجب �أن تكون الأهداف جريئة ووا�ضحة على الرغم من مخاطر عدم‬ ‫القبول بها في البداية‪ ،‬وذلك ب�سبب التوقعات التي تنجم عنها‪ .‬ويعتبر‬ ‫�أي هدف يحد من �إرادة الق�ضاء على الجوع ب�شكل دائم‪ .‬وي�ضمن فر�ص‬ ‫ح�صول جميع المواطنين على الغذاء في فترة ق�صيرة ن�سبيا غير مالئم‬ ‫بالنظر �إلى �أن�شطة التعبئة المطلوبة على الم�ستوى الالزم‪.‬‬ ‫■ ■لعله من المهم التدخل في �أ�سرع وقت ممكن لتو�سيع القدرة على �إنتاج‬ ‫و‪�/‬أو �شراء المواد الغذائية لجميع ال�سكان الذين يواجهون انعدام‬ ‫الأمن الغذائي‪ ،‬بينما يتم تطوير م�ؤ�س�سات و�سيا�سات وبرامج معالجة‬ ‫الأ�سباب الكامنة والمعقدة وراء اله�شا�شة والنق�ص في التغذية والجوع‬ ‫وانعدام الأمن الغذائي‪ ،‬مع احترام حقوق وكرامة الجميع‪ .‬وين�سجم‬

‫‪143‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫‪144‬‬

‫هذا الموقف تماما مع تو�صيات منظمة الأغذية والزراعة ب�ش�أن ال ُنهج‬ ‫المزدوجة الم�سار‪.‬‬ ‫■يعتبر من ال�ضروري اتباع ُنهج متعددة القطاعات في تحقيق الأمن‬ ‫الغذائي ل�ضمان جدوى االتفاقيات الم�ؤ�س�سية التي ت�ؤدي �إلى االلتزام‬ ‫الكامل والمن�سق لجميع المنظمات التي تتعامل مع �إنتاج المواد‬ ‫الغذائية‪ ،‬والجودة‪ ،‬واال�ستهالك وغيرها من الموا�ضيع ذات ال�صلة‬ ‫بالرعاية ال�صحية والتغذية والتعليم‪ ،‬مع تحديد وا�ضح للم�س�ؤوليات‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬يكون التن�سيق �أكثر فعالية عندما يتم توزيع ن�سبة‬ ‫كبيرة من الأموال العامة من خالل وكالة رائدة‪.‬‬ ‫■يمكن للمجتمع المدني �أن ينه�ض بدور حيوي في ت�صميم وتنفيذ‬ ‫البرامج‪ ،‬وخا�صة من خالل م�شاركته في �إن�شاء وتعزيز م�ؤ�س�سات مثل‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية �أو التحالفات الوطنية �ضد‬ ‫الجوع التي من �ش�أنها دعم ال�شراكات بين الحكومة والمجتمع المدني‬ ‫على الم�ستوى الوطني والمحلي‪ .‬ويعتبر تحفيز م�شاركة المجتمع‬ ‫المدني والقطاع الخا�ص من �أجل الق�ضاء على الجوع و�ضمان الأمن‬ ‫الغذائي �أمرا �ضروريا بما في ذلك من خالل عمليات التمويل‪.‬‬ ‫■خالل ت�صميم البرامج‪ ،‬من المفيد التفريق بين االحتياجات والفر�ص‬ ‫لتح�سين الأمن الغذائي في المناطق الريفية والمناطق الح�ضرية والمدن‬ ‫الكبرى وو�ضع برامج محددة لهذا الغر�ض‪.‬‬ ‫■من المهم �أن ندرك �أن برامج وا�سعة النطاق للأمن الغذائي تتعزز‬ ‫با�ستمرار‪ ،‬وبالتالي تحتاج �إلى ت�صحيح على مدى م�سار تنفيذها‪.‬‬ ‫ولكي تكون عملية التعديل هذه قابلة للإنجاز‪ ،‬وجب و�ضع نظم الر�صد‬ ‫والتقييم منذ البداية لتوليد التدفق الم�ستمر للمعلومات الموثوق بها‬ ‫ب�ش�أن الإجراءات و�أثر البرنامج‪ ،‬وذلك با�ستخدام الم�ؤ�شرات ذات ال�صلة‬ ‫لتح�سين �إدارتها‪.‬‬ ‫■ثمة حاجة �إلى ا�ستثمارات كبيرة في نظام �إدارة البرنامج الذي من‬ ‫�ش�أنه‪ ،‬عالوة على ال�سجل الموحد‪� ،‬أن ي�ساعد على تحديد الم�ستفيدين من‬ ‫كل برنامج‪ ،‬ومراقبة تنفيذه وتقديم الح�سابات‪ ،‬والم�ساهمة في تح�سين‬ ‫تركيزه تدريجيا‪.‬‬ ‫■يجب الت�أكيد على �أن البرامج الغذائية الوا�سعة النطاق‪/‬برامج تخفي�ض‬ ‫الفقر يمكن �أن تكون م�ستدامة ماليا حتى في البلدان التي تعتبر‪ ،‬من‬ ‫الناحية االقت�صادية‪� ،‬أقل تطورا من البرازيل‪ .‬ففي عام ‪� ،2006‬شكلت‬ ‫تكلفة برنامج منحة الأ�سرة ‪ 1‬في المائة فقط من الميزانية الفيدرالية‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫و‪ 0.4‬في المائة من الناتج الإجمالي المحلي المقدر‪ .‬وناهزت التكلفة‬ ‫ال�سنوية للم�شترك الواحد نحو ‪� 25‬سنتيم من دوالر واحد في اليوم‬ ‫الواحد‪� ،‬أما م�ساهمة برنامج الوجبات المدر�سية فلم تتجاوز كلفته ‪0.10‬‬ ‫�سنتيم من الدوالر في اليوم الواحد وعن كل طفل‪ .‬وهناك �أدلة متزايدة‬ ‫على �أن المكونات الرئي�سية لبرنامج الق�ضاء على الجوع قد بد�أت تدر‬ ‫منافع اقت�صادية وبالتالي‪ ،‬ال يمكن اعتبارها �إنفاقا في الحماية‬ ‫االجتماعية بل بالأحرى ا�ستثمارات مجدية‪.‬‬ ‫من المهم �أن نتذكر �أن برنامج الق�ضاء على الجوع ال يزال جديدا‪ ،‬و�أنه من‬ ‫ال�سابق لأوانه �إجراء تقييم كامل لت�أثيره على المجتمع واالقت�صاد البرازيليين‪ .‬ولن‬ ‫يت�أتى ذلك �إال �إذا �أعطيناه مت�سعا من الوقت‪ ،‬وعندما يلتحق ب�صفوف المدر�سة جميع‬ ‫الأطفال المعاقين بدنيا وعقليا منذ الوالدة‪ ،‬وعندما يلتحق ه�ؤالء الأطفال غير‬ ‫المنتظمين بالدرا�سة وذوي القدرة المحدودة على التعلم ب�سبب النق�ص في التغذية‪،‬‬ ‫�سوق العمل ويح�صلون على غرار البالغين على فر�ص عمل �أف�ضل‪� .‬إننا لن ن�ستطيع‬ ‫معرفة �أثر البرنامج االقت�صادي �إال بعد مرور بع�ض الوقت‪ ،‬وال�سيما الأثر الناتج عن‬ ‫التحفيز المنبثق عن التحويالت النقدية الهامة للمجتمعات الفقيرة‪ ،‬وعن ترجمة‬ ‫االحتياجات الغذائية �إلى مطلب فعلي‪ ،‬وعن تح�سن م�ستوى تعليم وقابلية ت�شغيل‬ ‫الم�ستفيدين من هذه التحويالت‪ .‬وا�ستنادا �إلى تجارب بلدان �أخرى‪ ،‬نتوقع �أن ت�ساعد‬ ‫التحويالت النقدية المقدمة في �إطار برنامج منحة الأ�سرة‪ ،‬لي�س فقط في تح�سين‬ ‫ال�صحة والتغذية والإنتاجية‪ ،‬بل وفي اال�ستثمارات ال�صغيرة الحجم والهامة في‬ ‫مخططات �إنتاج الغذاء التي من �ش�أنها �أن تقلل من قابلية تعر�ض الأ�سر لل�صدمات‬ ‫وحمايتها من الإفال�س‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إنه من المتوقع – مع �أن هذا الأمر‬ ‫مجرد تخمين – �أن يولد النمو االقت�صادي الناجم عن هذه التحويالت عائدات‬ ‫�ضريبية من �ش�أنها �أن ت�ضمن عائدا معقوال على اال�ستثمار الأ�صلي‪.‬‬ ‫وما زال برنامج الق�ضاء على الجوع يثير الكثير من المناق�شات في البرازيل �إلى‬ ‫درجة �أن هذه المناق�شات باتت تلهينا عن النتائج الرئي�سية التي حققها البرنامج حتى‬ ‫الآن‪ .‬وتعتبر ثالثة موا�ضيع حاليا موا�ضيع قيد المناق�شة‪ ،‬ندرجها على ال�شكل التالي‪:‬‬ ‫■ ■ال�شروط والمراقبة االجتماعية للبرنامج على الم�ستوى المحلي التي‬ ‫ينبغي �أن تقترن بالتحويالت النقدية في �إطار برنامج منحة الأ�سرة‬ ‫ل�ضمان تحقيق الأهداف ذات ال�صلة بمجال التغذية �أي�ضا‪.‬‬ ‫■ ■خطر خلق تبعيات على المدى البعيد‪.‬‬ ‫■ ■مدى التركيز على الأ�سباب الكامنة وراء الجوع بغية �ضمان �إدخال‬ ‫تح�سينات ق�صيرة الأجل على الجوانب المت�صلة بالتغذية‪.‬‬

‫‪145‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪146‬‬

‫ففيما يتعلق بالنقطة الأولى‪ ،‬يبدو �أن الأهمية لم تول فقط لأنواع ال�شروط‬ ‫المفرو�ضة �أو غير المفرو�ضة بل وكذلك للخدمات المقدمة التي يتعين تح�سينها‪،‬‬ ‫خ�صو�صا في مجاالت الرعاية ال�صحية والتربية‪ ،‬بما في ذلك توفير برامج التدريب‬ ‫لل�شباب والكبار تكون في متناول ال�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‪ .‬ولعل تو�سيع نطاق‬ ‫برامج التوعية الغذائية‪ ،‬وربما با�ستخدام و�سائل الإعالم‪ ،‬قد يي�سر الو�صول‪ ،‬لي�س‬ ‫فقط �إلى الم�ستفيدين المبا�شرين من برنامج منحة الأ�سرة‪ ،‬بل �إلى كل البرازيليين‪.‬‬ ‫وينبغي �أن يكون التركيز‪ ،‬في �آن واحد‪ ،‬على العادات الغذائية و�أنماط الحياة ال�سليمة‬ ‫وال�صحية‪ ،‬وبالتحديد على تناول موا�ضيع من قبيل �سوء التغذية‪ ،‬وانعدام الأمن‬ ‫الغذائي‪ ،‬وال�سمنة بغية الت�صدي للآثار الهائلة التي تحدثها الدعاية للمنتجات‬ ‫الغذائية التي تولد عادات غير مالئمة‪ ،‬خا�صة لدى الأطفال‪.‬‬ ‫�أما فيما يخ�ص النقطة الثانية‪ ،‬ف�إنه يبدو وا�ضحا ‪ -‬وخا�صة للأمهات غير‬ ‫القادرات على �إطعام �أطفالهن ‪� -‬أال �شيء يمكنه �أن ي�ؤدي �إلى ارتفاع التبعية �أو تهديد‬ ‫كرامة الإن�سان �أكثر من عدم القدرة على الح�صول ب�شكل �آمن على الغذاء‪ .‬وهذا يعني‬ ‫�أن هنالك حاجة �إلى ت�صميم ا�ستراتيجيات للخروج من برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫حول مفهوم تعزيز احترام الذات والثقة بالنف�س‪ ،‬مع مراعاة �أن �أي عمل للحد من‬ ‫التحويالت النقدية‪ ،‬قبل �أن ي�صبح الم�شاركون قادرين حقا على تلبية احتياجاتهم‬ ‫الغذائية الأ�سا�سية ب�شكل م�ستدام‪� ،‬سي�ؤدي ال محالة �إلى التراجع‪.‬‬ ‫وتتعلق النقطة الثالثة في الواقع بمعالجة الأ�سباب الحقيقية للجوع من‬ ‫خالل �سيا�سات ترمي �إلى تعزيز التغييرات الهيكلية‪ ،‬مثل النموذج الكال�سيكي‬ ‫للإ�صالح الزراعي الموجه ل�سكان المناطق الريفية الذين ال تتوافر لديهم �إمكانيات‬ ‫الح�صول على الأرا�ضي‪ .‬ويمكن القول ب�أن هذه م�س�ألة وقد محدد وموارد خا�صة و�أنه‬ ‫بات معروفا �أن التغييرات الهيكلية تتطلب المزيد من الو�سائل‪� .‬إال �أنه يبدو �أن هنالك‬ ‫مزايا وا�ضحة في ت�صميم البرامج التي ت�ستبق‪� ،‬شريطة �أن تكون مجدية من منظور‬ ‫م�ؤ�س�سي ومالي‪� ،‬ضرورة تهيئة الظروف للحد من مخاطر االعتماد على التحويالت‬ ‫النقدية على المدى الطويل‪ .‬وينبغي و�ضع بع�ض ال�شروط للتحويالت النقدية في حد‬ ‫ذاتها التي ت�سمح بالق�ضاء على الجوع �إلى الأبد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن هذه التدابير تبقى‬ ‫غير كافية وتحتاج �إلى �أن ت�ستكمل ببرامج لبناء القدرات وخلق فر�ص العمل على‬ ‫نطاق وا�سع و‪ ،‬في كثير من الحاالت‪ ،‬بترتيبات لإعادة توزيع الأرا�ضي وغيرها من‬ ‫الأ�صول‪.‬‬ ‫ويتعين على بلدان �أخرى النظر في جميع هذه الجوانب عند �إعداد البرامج‬ ‫الوطنية للأمن الغذائي ومواءمتها مع االحتياجات الفريدة والمحلية بناء على‬ ‫التجربة البرازيلية الم�شجعة ولكن بح�سب ما تراه هذه البلدان منا�سبا و�ضروريا‪.‬‬ ‫ومن الأكيد �أن يكون النقا�ش مهما‪ ،‬ولكن �إذا كان هناك در�س يمكن ا�ستخال�صه من‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪� :‬أهم الدرو�س الم�ستخل�صة‬

‫التجربة البرازيلية فهو الدر�س الآتي‪ :‬االعتراف ب�أننا ما زلنا في طور التعلم‪ .‬فما‬ ‫نعرفه هو �أنه عندما تكون حياة الكثير من النا�س مهددة‪ ،‬فمن الأف�ضل ال�شروع في‬ ‫برامج وا�سعة النطاق على الفور‪ ،‬ولو في غياب المعرفة والمعلومات ال�سليمة‪ ،‬وقبول‬ ‫الف�شل وو�ضع م�سارات ت�صحيحية تباعا بدال من ت�أجيل الإجراءات الالزمة وعدم‬ ‫القيام ب�أي �شيء حتى يتم التو�صل �إلى توافق في الآراء‪.‬‬

‫‪147‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المراجع‬ BRAZIL. Ministry of Social Development. Cartilha Cidadania: o principal ingrediente do Fome Zero. Brasília, October 2005. CASTAÑEDA, T.; LINDERT, K.; BRIERE, B. de la; FERNANDEZ, L.; HUBERT, C.; LARRANAGA, O.; OROZCO, M.; VIQUEZ, R. Designing and implementing household targeting systems: lessons from Latin America and the United States. World Bank, Social Protection, 2005. (Discussion Paper Series, n. 0526). FAO; IDB; WB. Brasil, Projeto Fome Zero. Relatório conjunto FAO/ IDB/ WB/Grupo de Trabalho da Equipe de Transição, Brasília, December 2002. FREI BETTO (Org.). Programa Fome Zero: como participar. Brasília, Federal District: Planalto Palace, 2004. MATTEI, L. Impacto do Pronaf: análise de indicadores. Brasília, Federal District: MDA/Nead, 2005. MONTEIRO, C.; CONDE, W.; KONNO, S. Análise do inquérito “Chamada Nutricional 2005”. University of São Paulo, Apr. 2006.

148


‫‪ -7‬الأمن الغذائي والتغذية وبرامج‬ ‫التحويالت المالية‬ ‫‪1‬‬

‫مايا تاكاجي‬

‫مقدمة‬ ‫ن�شرت منظمة الأغذية والزراعة حديثا تقريراً تحت عنوان‪" :‬حالة انعدام الأمن‬ ‫الغذائي في العالم‪ ".2006 ،‬وا�ستنادا �إلى ما ورد في هذا التقرير ال�سنوي‪ ،‬ف�إنه لم‬ ‫يتم ت�سجيل �أي تقدم مهم في انخفا�ض ن�سبة الجوع في العالم منذ م�ؤتمر القمة‬ ‫العالمي للأغذية‪ ،‬الذي انعقد في ‪ .1996‬ففي ‪ ،2003‬كان هناك ‪ 854‬مليون ًا من النا�س‬ ‫ي�ستهلكون �أقل من ‪� 1 900‬سعرة حرارية في اليوم‪ ،‬من بينهم ‪ 820‬مليون ًا يعي�شون في‬ ‫البلدان النامية‪.‬‬ ‫وفي �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‪ ،‬انخف�ض عدد ال�سكان الذين‬ ‫يعانون من �سوء التغذية من ‪ 59.4‬مليون بين ‪ 1990‬و‪� 1992‬إلى ‪ 52.4‬مليون من ‪2001‬‬ ‫�إلى ‪ .2003‬ويمثل هذا االنخفا�ض ن�سبة ‪ 10‬في المائة من مجموع �سكان القارة‪ .‬وقد‬ ‫لوحظ‪ ،‬مع ذلك‪� ،‬أن ن�سبة النق�ص في التغذية‪ ،‬في الوقت الذي انخف�ضت فيه في �أمريكا‬ ‫الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي‪ ،‬قد ارتفعت في �أمريكا الو�سطى من ‪ 17‬في المائة‬ ‫�إلى ‪ 20‬في المائة من مجموع ال�سكان‪ ،‬في حين ا�ستقرت في حدود ‪ 5‬في المائة في‬ ‫المك�سيك خالل نف�س الفترة‪.‬‬ ‫وتبين هذه المعطيات �أنه ما يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به من �أجل‬ ‫تحقيق هدف الألفية في خف�ض ن�سبة الجوع �إلى الن�صف بحلول �سنة ‪ .2015‬كما توفر‬ ‫هذه المعطيات فر�صة لتقييم مدى التقدم الذي حققته ال�سيا�سات والبرامج الحالية في‬ ‫مو�ضوع تلبية حاجيات الفئات الأكثر عر�ضة لآفة الجوع‪ ،‬خا�صة في �أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫وبخ�صو�ص هذه النقطة بالذات‪ ،‬يمكن �أن نالحظ وجود اتجاهين رئي�سيين‪،‬‬ ‫وغير متعار�ضين‪ ،‬ي�سودان في القارة‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬هناك بلدان تبذل مجهودا‬ ‫بتطبيقها �سيا�سات ترمي �إلى توفير الأمن الغذائي وتتخذ �إجراءات تهدف �إلى محاربة‬ ‫الفقر‪ .‬ومن ناحية ثانية‪ ،‬هناك بلدان �أخرى تقوم‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى ما �سبق‪� ،‬أو بدونه‪،‬‬ ‫بتبني �سيا�سة برامج تحويل النقود لفائدة ال�سكان الأكثر فقرا‪.‬‬ ‫‪ 1‬يعتبر هذا الن�ص تحديثا وملخ�صا لن�ص �أ�صلي تم تقديمه في �إطار حلقة درا�سية حول مو�ضوع ‪Transferencia de Ingresos y‬‬ ‫‪ ، Seguridad Alimentaria: puertas de salida a la pobreza extrema‬التي عقدت من ‪� 4‬إلى ‪ 5‬دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪ 2006‬في‬ ‫�سنتياغو ب�شيلي‪.‬‬

‫‪149‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫فبالن�سبة للمجموعة الأولى‪ ،‬ت�شكل البرازيل مثاال بارزا‪ .‬فبعد انتخاب لويز‬ ‫�إنا�سيو لوال دا �سيلفا رئي�سا للبالد في ‪� ،2002‬أ�صبح هذا المو�ضوع ي�شكل �أولوية‬ ‫ق�صوى بالن�سبة للحكومة‪ ،‬التي �شرعت في تطبيق برنامج الق�ضاء على الجوع الذي‬ ‫ذاع �صيته عبر العالم‪ ،‬والذي يهدف �إلى تنفيذ �سيا�سة التغذية والأمن الغذائي في‬ ‫البرازيل‪ 2‬ولطالما دافع الرئي�س لوال في المنتديات الدولية عن �ضرورة �إعطاء هذه‬ ‫الموا�ضيع الأولوية الق�صوى‪.‬‬ ‫واقتداء بالنموذج البرازيلي واعتمادا على دعم المنظمات الدولية‪ ،‬ومن بينها‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة والبنك الدولي وغيرهما‪� ،‬أخذت عدة دول �أخرى تتدار�س‬ ‫وتنفذ برامج ترمي بالأ�سا�س �إلى تحقيق الأهداف التي حددتها الأمم المتحدة في‬ ‫هذا المجال‪ .‬ومن بين الدول التي �سارت على هذا النهج‪ ،‬هناك الأرجنتين و�أوروغواي‬ ‫و�شيلي وبيرو وكولومبيا‪ ،‬وبوليفيا‪ ،‬وفنزويال التي ما فتئت ت�ستثمر في م�شاريع‬ ‫تهدف �إلى محاربة الفقر والجوع وتعزيز الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫وفي نف�س الوقت‪ ،‬يالحظ وجود رغبة حقيقية في تو�سيع برامج التحويالت‬ ‫النقدية على م�ستوى القارة بهدف محاربة الفقر‪ .‬ويعود �أ�صل هذه البرامج �أي�ضا‬ ‫�إلى البرازيل التي قامت في ‪ 1995‬بتنفيذ برامج تحويل النقود الذي ال يزال �ساري‬ ‫المفعول‪ ،‬على م�ستوى البلديات‪� ،‬إلى حد اليوم‪ ،‬وهو محكوم ب�شرط الإبقاء على‬ ‫الأطفال في المدار�س‪ .‬وقد تم تطبيق هذا البرنامج في ‪ 2001‬على الم�ستوى الفيدرالي‪.‬‬ ‫ومنذ ‪ ،2003‬تم �إدماج مختلف البرامج التي كانت تطبق في البرازيل في برنامج‬ ‫واحد‪� ،‬أطلق عليه ا�سم (‪� ،)Bolsa Família‬أي منحة الأ�سرة‪ .‬وي�شمل هذا البرنامج اليوم‬ ‫‪ 11‬مليون �أ�سرة‪ ،‬وهو مجموع عدد الأ�سر الفقيرة المقدر وجودها في البالد‪ .‬وهناك‬ ‫برنامج �آخر يعتبر بادرة حقيقية‪ ،‬وهو برنامج (‪�( )Oportunidades‬أي الفر�ص)‪،‬‬ ‫المك�سيكي‪ ،‬الذي �شرع في تطبيقه في ‪ 1996‬تحت ا�سم (‪�( )Progresa‬أي التقدم)‪.‬‬ ‫وت�ساهم تجارب البلدين(البرازيل والمك�سيك) في تزايد هذا النوع من‬ ‫البرامج وانت�شارها في مختلف بلدان القارة‪ ،‬كما هو ال�ش�أن في كولومبيا (‪Familias‬‬ ‫‪)en Acción‬؛ وهندورا�س (‪)Programa e Asignacíon Familiar-PRAF‬؛ وجامايكا‬ ‫(‪)Program of Advancement through Health and Education - PATH‬؛‬ ‫ونيكاراغوا (‪)Red de Protección Social - RPS‬؛ و�شيلي (‪)Chile Soldario‬؛ والأرجنتين‬ ‫‪3‬‬ ‫(‪.)Jefes y Jefas‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن هذه البرامج قد تم �إن�شائها وت�شجيعها في مراحل زمنية‬ ‫مختلفة‪ ،‬وعلى الرغم من �أنها انبنت على �أ�سا�س ت�صورات ميدانية متباينة‪� ،‬إال �أن هذا‬ ‫‪150‬‬

‫‪ 2‬انظر‪( Instituto Cidadania :‬معهد المواطنة) ‪.2001‬‬ ‫‪ 3‬ا�ستنادا �إلى عر�ض قدمه ‪ Gustavo Gordillo de Anda‬المندوب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة لأمريكا الالتينية ومنطقة البحر‬ ‫الكاريبي‪ ،‬في حلقة درا�سية جامعية في مدينة برازيليا في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪.2005‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫المقال يدعم الر�أي القائل ب�إمكانية تحقيق تقدم في مجال محاربة الفقر والجوع عن‬ ‫طريق �إدماجها جميعا‪ ،‬ويقترح بع�ض ال�سبل لتحقيق ذلك‪.‬‬ ‫وينق�سم هذا المقال �إلى �أربعة �أجزاء‪ .‬يتناول الجزء الأول التمييز بين محاربة‬ ‫الفقر ومحاربة الجوع‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى �آليات القيا�س المتوفرة اليوم والتي تعتمد‬ ‫على درا�سات ميدانية �شاملة للظاهرة‪ .‬ويعالج الجزء الثاني بع�ض ال�سمات المميزة‬ ‫ل�سيا�سة الأمن الغذائي التي تم تطبيقها منذ انطالق برنامج الق�ضاء على الجوع في‬ ‫البرازيل‪� .‬أما الجزء الثالث من البحث فيتناول العالقة بين �سيا�سة الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية وبرامج التحويالت النقدية‪ .‬بينما يناق�ش الجزء الرابع الإطار الم�ؤ�س�سي‬ ‫ال�ضروري لتنفيذ �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية في بلد معين‪.‬‬

‫التمييز بين محاربة الفقر ومحاربة الجوع‬ ‫في البلدان التي يكون مجموع مواردها الغذائية كافيا ن�سبيا من حيث الإنتاج‬ ‫(ولي�س بال�ضرورة من حيث الأ�سعار)‪ ،‬يكمن الخطر الأكبر في الخلط بين الأمن‬ ‫الغذائي والفقر‪ ،‬ال�سيما الفقر المدقع‪.‬‬ ‫�أوال وقبل كل �شيء‪ ،‬من المهم �أال نن�سى �أن الأمن الغذائي �سيا�سة تطبق على‬ ‫�سائر ال�سكان‪ ،‬ولي�س فقط على الجزء الفقير منهم‪ .‬فال�سيا�سات النموذجية الخا�صة‬ ‫بالأمن الغذائي مثل التوعية بالغذاء والتغذية‪ ،‬وت�صنيف المنتجات‪ ،‬وجودة المواد‬ ‫الغذائية‪ ،‬وال�سالمة وغيرها‪ ،‬تعتبر �أمثلة جيدة لل�سيا�سات التي يمتد �أثرها �إلى كافة‬ ‫ال�سكان‪ ،‬بغ�ض النظر عن م�ستوى دخلهم‪.‬‬ ‫�إال �أنه �صحيح كذلك �أن الجوع ي�شكل وجها طارئا للأمن الغذائي في البلدان‬ ‫النامية التي تنتج فائ�ضا زراعيا مخ�ص�صا للت�صدير‪ .‬ويتولد الجوع عن انعدام القدرة‬ ‫ال�شرائية لدى عدد كبير من ال�سكان نتيجة تدني م�ستويات الدخل عند الأ�سر‪ .‬غير‬ ‫�أنه �سيكون كافيا لمعالجة كافة �أ�سباب الجوع (‪ .)Monteiro, 2003‬ذلك لأن للجوع‪،‬‬ ‫حتى في البلدان النامية التي تتوفر على فائ�ض زراعي‪ ،‬على الأقل‪� ،‬سببين متباينين‪.‬‬ ‫ال�سبب الأول هو النق�ص في المواد الغذائية‪� ،‬أي �أن �أ�سعار المواد الغذائية تكون‬ ‫مرتفعة بالمقارنة مع الأجور المتداولة‪ ،‬نتيجة لم�شاكل تتعلق بالإنتاج �أو التوزيع‬ ‫�أو بهما معا‪ .‬وال�سبب الثاني يحدث في الحالة التي تكون فيها الأغذية رخي�صة‬ ‫ن�سبيا‪� ،‬إال �أن م�ستوى الدخل المتدني للأ�سر ال ي�سمح لها ب�أن تغذي نف�سها تغذية‬ ‫مالئمة‪ ،‬ب�سبب ثقل النفقات الأ�سا�سية الأخرى كالكراء والنقل والتعليم والرعاية‬ ‫ال�صحية وغيرها‪.‬‬ ‫ومن الأهمية بمكان �أن نميز بين �سيا�سات الأمن الغذائي‪ ،‬وخا�صة �سيا�سات‬ ‫محاربة الجوع‪ ،‬وتلك التي يراد منها مكافحة الفقر ب�صفة عامة‪.‬‬

‫‪151‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫والمبرر الأول لهذا هو �أن الفقر ي�ؤثر في ن�سبة عالية من ال�سكان في‬ ‫�أمريكا الالتينية‪ ،‬على عك�س ما هو عليه الو�ضع في الدول المتقدمة‪ ،‬حيث يكون‬ ‫الفقر منح�صرا في فئات معينة في المجتمع (�أقليات عرقية‪� ،‬أ�سر تتر�أ�سها الن�ساء‪،‬‬ ‫�أ�شخا�ص م�سنون‪ ،‬وغيرهم)‪ ،‬وله �أ�سباب بنيوية معروفة جدا (مركزية الإيرادات‬ ‫والأرا�ضي‪ ،‬وانخفا�ض م�ستويات الأجور‪ ،‬وغير ذلك)‪ .‬لذلك‪ ،‬ف�إن و�ضع برامج محددة‬ ‫ومركزة لتحويل النقود �سيخفف حتما من معاناة الأ�سر المحرومة‪ .‬وينبغي �أن‬ ‫ت�صاحب هذه البرامج �إجراءات �أخرى مكملة‪ ،‬ترمي �إلى تعزيز االندماج االجتماعي‬ ‫للفئات المهم�شة‪.‬‬ ‫انعدام الأمن الغذائي‬

‫الفقر المدقع‬

‫النق�ص في التغذية‬

‫الجوع‬

‫‪152‬‬

‫ال�سمنة‬

‫وهناك مبرر ثان ل�ضرورة عدم الخلط بين �سيا�سة الأمن الغذائي‪ -‬وخا�صة‬ ‫�سيا�سة محاربة الجوع ‪ -‬و�سيا�سة تتعلق بمحاربة الفقر ب�صفة عامة‪ .‬فعلى الرغم‬ ‫من كون العالقة بين الجوع والفقر ت�شكل حلقة مفرغة‪� ،‬إال �أن الجوع هو م�صدر الفقر‬ ‫و�أحد �أ�سبابه الرئي�سية‪ .‬فال�شخ�ص الجائع ال ي�ستطيع �أن يكون فردا منتجا‪ ،‬وال يقدر‬ ‫على العمل‪ ،‬وال يتمتع بال�صحة البدنية‪ .‬قد يكون بمقدوره الذهاب �إلى المدر�سة‪ ،‬لكنه‬ ‫لن يكون قادرا على تعلم ال�شيء الكثير فيها‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬يمكن للفرد الذي يتناول طعاما مغذيا �أن يكون فقيرا‪ ،‬لكنه‬ ‫يتمتع بالحد الأنى من ال�شروط التي تمكنه من اال�ستجابة لحوافز �سيا�سية تعليمية‬ ‫�أو ل�سيا�سة ت�أهيل مهني‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫ولهذا ال�سبب‪ ،‬يمكن القول �إن الأمن الغذائي هو جزء مما �أ�سماه �سين‬ ‫(‪" )Sen, 1988‬الحقوق الغذائية للفرد" التي يمكن ترجمتها‪ ،‬من وجهة نظر الكاتب‪،‬‬ ‫�إلى الحق الأ�سا�سي في الغذاء‪ .‬فعبارة "الحق في" تعني �أكثر من مجرد حق‪ ،‬لأنها‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫تدل على �شيء له نف�س الأهمية والمرتبة كالحق في الحياة – وهو �شيء ي�شكل جزءا‬ ‫من الحقوق الأ�سا�سية لبني الإن�سان من حيث جوهرهم‪ .‬وبعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن حرمان‬ ‫�أي �شخ�ص من حقه في الغذاء الكافي هو بمثابة حرمانه من حقه في حياة �صحية‬ ‫�أو من �أحد مقومات �إن�سانيته‪.‬‬ ‫وا�ستنادا �إلى دو هاين (‪ ،)De Haen, 2004‬يعتبر الجوع‪ ،‬في نف�س الوقت‪� ،‬سبب‬ ‫الفقر ونتيجته‪ .‬لذلك‪ ،‬يعتقد الكاتب �أن اعتماد ُنهج ذات م�سارين متوازيين �ضروري‬ ‫لمحاربة الجوع‪ .‬فمن جهة‪ ،‬يجب اال�ستثمار في القطاعات المنتجة بهدف خلق‬ ‫فر�ص العمل لأولئك الذين يعانون من الجوع لكي يح�سنوا ظروف عي�شهم وي�صبحوا‬ ‫مواطنين كاملي المواطنة‪.‬‬ ‫وي�شمل هذا الم�سار التنمية الزراعية والريفية عن طريق �إ�صالح ال�سيا�سات‬ ‫واال�ستثمارات في الزراعة‪ .‬فالزراعة ال ت�شكل الم�صدر الوحيد للغذاء‪ ،‬لكنها �إذا اقترنت‬ ‫ب�أن�شطة ريفية غير زراعية‪ ،‬ف�إنها تخلق وظائف و�إيرادات للأغلبية الوا�سعة من فقراء‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إن مدى قدرة �أولئك الذين يواجهون الجوع على اال�ستفادة من‬ ‫المنافع التي توفرها الفر�ص االقت�صادية‪ ،‬يتوقف على مدى ح�صولهم على غذاء‬ ‫جيد‪ ،‬وتمتعهم ب�صحة جيدة‪ ،‬ومعرفتهم كيف يقر�أون ويكتبون‪ .‬لذلك‪ ،‬تعتبر التغذية‬ ‫الجيدة �شرطا �أ�سا�سيا يجب توافره لكي ي�ستفيد الفقراء ا�ستفادة كاملة من الفر�ص‬ ‫التي يتيحها التطور‪.‬‬ ‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬البد من �ضمان الح�صول على الغذاء بطريقة مبا�شرة‬ ‫و�سريعة �أكثر بالن�سبة لأولئك الذين يواجهون �شبح الجوع‪ .‬وذلك عن طريق �شبكات‬ ‫الأمن الغذائي والم�ساعدة االجتماعية‪ .‬ويمكن لهذه ال�شبكات �أن تت�ضمن برامج‬ ‫توزيع المعونات المالية والغذائية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى برامج الغذاء والتغذية‪ ،‬مثل برامج‬ ‫الوجبات المدر�سية والتدخالت الهادفة �إلى �سد العجز الغذائي عن طريق التغذية‬ ‫التكميلية‪.‬‬ ‫وقد تو�صل دو هاين(‪ )De Haen, 2004‬في درا�سته �إلى خال�صة مفادها �أن‬ ‫التركيز الح�صري على تخفي�ض ن�سبة الفقر �سوف لن يحل م�شكلة الجوع بطريقة �آلية‪.‬‬ ‫فبينما ي�شكل الجوع في �أحيان كثيرة ال�سبب الرئي�سي للفقر‪ ،‬يعتبر تح�سين م�ستوى‬ ‫التغذية �ضروريا لتخفي�ض ن�سبة الفقر‪.‬‬

‫كيف يمكن قيا�س (انعدام) الأمن الغذائي؟‬

‫يعتبر دو هاين (‪� )De Haen, 2004‬أن ال�ستعمال الم�ؤ�شرات لتحديد عدد ال�سكان الذين‬ ‫يواجهون انعدام الأمن الغذائي �أهمية كبيرة �سواء في مراقبة �أو انتقاء الم�ستفيدين‬ ‫من برامج محاربة الجوع‪ ،‬وهي م�ؤ�شرات يجب ا�ستعمالها من �أجل التو�صل �إلى فهم‬

‫‪153‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�أف�ضل لظروف ال�سكان الذين يعانون من الجوع ‪� -‬أين ي�سكنون؟ ولماذا يعانون من‬ ‫هذه الم�شكلة؟ ووفقا للكاتب ف�إن‪:‬‬ ‫"هناك م�ؤ�شرات عدة يمكن اعتمادها لقيا�س �أوجه الأمن الغذائي المختلفة‪ .‬فال يكفي‬ ‫ا�ستعمال م�ؤ�شر واحد بمعزل عن الم�ؤ�شرات الأخرى‪ .‬وعلى العك�س من ذلك‪ ،‬ف�إن ا�ستعمال‬ ‫مجموعة متتالية من الم�ؤ�شرات يعتبر �ضروريا لفهم م�س�ألة الفهم الغذائي بكل تعقيداته‪،‬‬ ‫ولمعرفة من يواجه مع�ضلة الجوع‪ ،‬و�أين يعي�ش �أولئك الذين يت�ضورون جوعا‪ ،‬ولماذا‬ ‫يت�ضورون جوعا‪".‬‬

‫ويحدد الكاتب خم�سة م�ؤ�شرات رئي�سية لقيا�س الأمن الغذائي‪:‬‬ ‫(�أ) توفر الغذاء‪ ،‬ويحدد عن طريق قيا�س مجموع ال�سعرات الحرارية المتوفرة‬ ‫وتوزيعها على عدد ال�سكان‪ .‬وت�ستعمل منظمة الأغذية والزراعة هذا‬ ‫المقيا�س في �إح�صاء ن�سبة تطور الجوع في العالم‪ .‬ويمتاز هذا القيا�س‬ ‫بكونه ي�شكل م�ؤ�شرا عمليا يمكن اال�ستر�شاد به على الم�ستوى العالمي‪،‬‬ ‫كما يمكن قيا�سه بالن�سبة لكل البلدان تقريبا‪.4‬‬ ‫(ب) المخزون الغذائي‪ ،‬ويحدد بقيا�س الحجم المادي للغذاء المتوفر‬ ‫لال�ستهالك على الم�ستوى المحلي‪.‬‬ ‫(ج ) م�ستوى التغذية‪ :‬ويحدد على �أ�سا�س قيا�سات النمو الطبيعي لج�سم الإن�سان‬ ‫(ن�سبة الوزن بالمقارنة مع الطول)‪ .‬وال تتوفر هذه الم�ؤ�شرات �إال بالن�سبة‬ ‫للأطفال؛ وتعتمد �أ�سا�سا على الدرا�سات ال�صحية للمراحل الأولى لنمو‬ ‫الأطفال‪.‬‬ ‫(د) اله�شا�شة‪ ،‬ويمكن قيا�س ن�سبتها على �أ�سا�س خ�صائ�ص �أنواع المعي�شة‬ ‫المتاحة �أو الإمدادات الذاتية (الإنتاج لال�ستهالك ال�شخ�صي)‪.‬‬ ‫(ه) الح�صول على الغذاء‪ ،‬ويقا�س على �أ�سا�س قدرة الأ�سرة على الح�صول‬ ‫على مجموعة من المواد الغذائية (عن طريق الدخل �أو با�ستعمال و�سيلة‬ ‫�شرعية �أخرى)‪.‬‬ ‫ولقد حددت درا�سة �أنجزها كل من تاكاجي‪ ،Takagi‬وديل كرو�سي‬ ‫‪ Del Grossi‬وغرازيانو دا �سيلفا )‪ Graziano da Silva (2001‬مجموعة من الطرق‬ ‫المختلفة الم�ستعملة في قيا�س عدد ال�سكان الذين ال يح�صلون على ما يكفي من‬ ‫الطعام‪ .‬وتنق�سم هذه الطرق �إلى ق�سمين رئي�سيين‪ :‬طريقة مبا�شرة وطريقة غير‬

‫‪154‬‬

‫‪ 4‬يبد�أ قيا�س النق�ص في التغذية عند منظمة الأغذية والزراعة بقيا�س م�ستوى ال�سعرات الحرارية المتوفرة بالن�سبة للفرد الواحد وبالن�سبة للبلد‬ ‫الواحد‪ ،‬ثم تجمع بين االلتزام بالتوزيع ومعدل الحد الأدنى للطلب ال�سكاني (الخط الفا�صل)‪ .‬وتكون النتيجة هي العدد التقديري من ال�سكان الذين‬ ‫يعانون من �سوء التغذية‪ .‬وتقدر �أحدث الإح�صائيات عدد الأ�شخا�ص الذين يعانون من �سوء التغذية في العالم بـ ‪ 842‬مليون �شخ�ص �أغلبهم‬ ‫(‪ 505‬ماليين) يعي�شون في �آ�سيا ومنطقة المحيط الهادي‪ ،‬يليهم ‪ 198‬مليونا في �إفريقيا جنوب ال�صحراء الكبرى‪ .‬بينما هناك حوالي ‪ 53‬مليونا‬ ‫من الأ�شخا�ص يعانون من �سوء التغذية في �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‪ .‬وللمزيد من التفا�صيل‪ ،‬انظر‪.De Haen, 2004 :‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫مبا�شرة‪ .‬فبا�ستعمال الم�سوحات‪� ،‬أو باالعتماد على المعطيات الأنثروبولوجية‬ ‫الخا�صة بنمو ج�سم الإن�سان‪ ،‬ت�ستطيع الطريقة المبا�شرة �ضبط عدد من يعاني نق�صا‬ ‫في تح�صيل ال�سعرات الحرارية والبروتين من ال�سكان والأ�سر‪ .‬وتمكن هذه الطريقة‪،‬‬ ‫على �سبيل المثال‪ ،‬من تقييم مدى مالءمة مقدار الطعام الذي يتم تناوله‪� ،‬أو مدى‬ ‫التنا�سب بين وزن الج�سم وطوله لدى ال�سكان‪ .‬كما �أنها تمكن من قيا�س الت�أثير‬ ‫الم�ستمر للغذاء غير الكافي على ج�سم الإن�سان؛ لكنها ال تمكن من قيا�س المخاطر‬ ‫المحتملة الناجمة عن الجوع وانعدام الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫�أما الإح�صائيات الوطنية المتعلقة بتحديد عدد ال�سكان المعر�ضين مبا�شرة‬ ‫للجوع‪ ،‬فتنح�صر في قيا�س م�ؤ�شر الكتلة الج�سدية‪ ،‬وهو قيا�س يربط وزن الأفراد‬ ‫بطول قاماتهم (الأفراد الذين تكون قيا�ساتهم دون ‪ 18.5‬كلغ‪ /‬متر مربع) ي�صنفون‬ ‫�ضمن ال�سكان الذين يعانون من �سوء التغذية)‪� .‬إال �أن هذا الم�ؤ�شر يفتقر �إلى ال�شمولية‪.‬‬ ‫فهو ي�سمح بتحديد عدد ال�سكان الذين يعانون من نق�ص مزمن في ال�سعرات الحرارية‬ ‫من حيث "الكم"‪ ،‬لكنه ال ي�شمل �أولئك الذين ال يتناولون غذاء كافيا (من حيث النوع‬ ‫والجودة) �أو يح�صلون على الغذاء بطريقة غير منتظمة‪ .‬لذلك‪ ،‬يعتبر هذا المعيار غير‬ ‫كاف لتحديد عدد ال�سكان المعر�ضين لخطر انعدام الأمن الغذائي‪ ،‬والذين لم يبلغ‬ ‫بهم الأمر بعد درجة الحرمان‪ ،‬الذي قد يعر�ض وظائفهم الحيوية للخطر‪ -‬علما ب�أن‬ ‫تحديد عدد ه�ؤالء ال�سكان عن طريق الإح�صاء يعتبر �أمرا غاية في ال�صعوبة‪.‬‬ ‫وي�شير الإح�صاء الوطني الخا�ص بال�صحة والتغذية‪ ،‬لعام ‪� ،1989‬إلى �أن‬ ‫ن�سبة ال�سكان البالغين‪ ،‬الذين يفوق عمرهم ‪� 25‬سنة‪ ،‬والذين كان م�ؤ�شرهم ال�صحي‬ ‫والغذائي دون الحد الأدنى‪ ،‬قد بلغت ‪ 4.9‬في المائة في المجال الح�ضري‪ ،‬و‪ 9.4‬في‬ ‫المائة في المجال الريفي‪ ،‬خا�صة في ال�شمال ال�شرقي للبالد (‪ .)Monteiro, 1995‬ولقد‬ ‫تمت كذلك عملية ح�ساب م�ؤ�شر الكتلة الج�سدية لل�سكان عن طريق �إح�صاء ميزانية‬ ‫الأ�سرة‪ .‬وقد �أنجزت م�ؤ�س�سة المعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء هذه العملية‪ ،‬لكن‬ ‫لم يتم ن�شر �سوى تلك المعطيات المتعلقة بالفئة ال�سكانية التي يتجاوز عمرها ‪20‬‬ ‫عاما‪ .‬وقد �أ�شارت الدرا�سة �إلى وجود عجز في الوزن تبلغ ن�سبته ‪ 4‬في المائة بالن�سبة‬ ‫لكل البالغين‪ ،‬وهو رقم يعتبر غير خارج عن المعتاد بالن�سبة للبرازيل‪ ،‬حيث تعتبر‬ ‫نحافة بع�ض ال�سكان طبيعية‪ .‬غير �أن الم�ؤ�شر لم يكن موحدا بالن�سبة لكل الظروف‬ ‫والمناطق‪ ،‬فقد كان �أعلى بالن�سبة للن�ساء الالئي تتراوح �أعمارهن بين ‪ 20‬و‪� 24‬سنة‬ ‫(‪ 12‬في المائة)‪ ،‬و‪ 7‬في المائة بالن�سبة لفئة ‪� 29-20‬سنة‪ ،‬و ‪ 7‬في المائة بالن�سبة‬ ‫لكل الأعمار في المناطق الريفية للمنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ .5‬ومن ناحية �أخرى‪،‬‬ ‫�أظهرت نف�س الدرا�سة �أن الوزن الزائد ي�شكل حالة �سائدة بالن�سبة لـ ‪ 40.6‬في المائة‬ ‫‪ 5‬نقال عن ن�ص تم �إعداده من طرف ‪ ،CGPAN/MS‬بغر�ض دمجه في تقرير ‪ 2005‬حول الأهداف االنمائية للألفية‪.‬‬

‫‪155‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪156‬‬

‫من عدد ال�سكان‪� ،‬أي ما مجموعه ‪ 38.5‬مليون من البالغين‪ ،‬من بينهم ‪ 11‬في المائة‬ ‫(‪ 10.5‬مليون) من ذوي ال�سمنة المفرطة (‪.)IBGE, 2004‬‬ ‫وت�ستعمل الطريقة غير المبا�شرة لال�ستدالل عما �إذا كان ال�سكان ال يتناولون‬ ‫غذاء كافيا‪ ،‬وذلك باالعتماد على م�ؤ�شرات �أخرى غير تلك التي تعتمد على المعطيات‬ ‫المتعلقة با�ستهالك ال�سعرات الحرارية �أو قيا�س الأج�سام‪ .‬وي�شكل الدخل الفردي‬ ‫للأ�سرة المتغير الأ�سا�سي الذي ي�ستعمل في الطرق غير المبا�شرة ‪� .‬أما الفر�ضية‬ ‫الأ�سا�سية المعتمدة هنا فهي �أن انعدام الدخل ي�شكل العامل الرئي�سي الذي يحول دون‬ ‫الح�صول على الغذاء الكافي‪ .‬وتقوم المنهجية التي تعتمدها منظمة الأغذية والزراعة‬ ‫على �أ�سا�س توفر الغذاء في بلد معين‪ ،‬ثم تقوم ب�إح�صاء مجموع ال�سعرات الحرارية‬ ‫المتوفرة بالن�سبة لكل فرد‪ ،‬ح�سب القاعدة الح�سابية التالية‪( :‬الناتج القومي ناق�ص‬ ‫الميزان التجاري الزراعي ومخزونات المواد الغذائية)‪ .‬وبعد ذلك ت�ستعمل اال�ستهالك‬ ‫الغذائي وم�ؤ�شرات توزيع الدخل لتقدير درجة الالم�ساواة في الح�صول على الغذاء‬ ‫وتحدد على هذا الأ�سا�س الن�سبة المئوية لعدد ال�سكان الذين يكون ا�ستهالكهم للغذاء‬ ‫دون الحد الأدنى من الحاجيات المحددة م�سبقا؛ ويعتبر ه�ؤالء هم ال�سكان الذين‬ ‫يعانون من �سوء التغذية‪.‬‬ ‫غير �أنه يعاب على هذه الطريقة في القيا�س التي تعتمدها منظمة الأغذية‬ ‫والزراعة افتقارها �إلى الدقة‪ ،‬لأنها تعتمد على معطيات مبنية على توفر مجمل ما‬ ‫تم �إنتاجه من �سعرات حرارية مع تقدير الخ�سائر الزراعية الناتجة عن المعالجة‬ ‫ال�صناعية للمواد الزراعية وعن النقل‪ .‬وا�ستنادا �إلى المنظمة نف�سها‪ ،‬ف�إن الطريقة‬ ‫غير المبا�شرة تف�ضي �إلى تقديرات �أقل من العدد الحقيقي من ال�سكان الذين يعانون‬ ‫من �سوء التغذية في بلد معين‪ ،‬وت�صلح �أكثر لإجراء مقارنات بين البلدان‪ ،‬ولتقييم‬ ‫الثروات الزراعية الكامنة في كل بلد‪ ،‬وقدرته على �إطعام �سكانه‪.‬‬ ‫وتعتبر الطريقة التي تعتمد على م�ؤ�شر عدم كفاية الدخل الطريقة‬ ‫ا لأكثر ا�ستعماال في بلدان العالم‪ .‬وهي �أي�ضا الطريقة المعتمدة في معظم‬ ‫الدرا�سات حول الفقر و‪� /‬أو الجوع‪� ،‬سواء في البرازيل �أو في المنظمات الدولية‪،‬‬ ‫مثل اللجنة االقت�صادية لأمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي ‪ECLAC‬‬ ‫والبنك الدولي‪.‬‬ ‫وتت�ضمن هذه الطريقة عمليتين �أ�سا�سيتين‪ ،‬هما‪ :‬تحديد خط معين للعوز �أو الفقر‬ ‫و�إح�صاء عدد الأ�سر التي يكون دخلها تحت ذلك الخط‪ .‬غير �أن عدد ال�سكان الذين يتم‬ ‫�إح�صا�ؤهم با�ستعمال هذه ال ُنهج ال يعك�س في الواقع الن�سبة المئوية الحقيقية لعدد‬ ‫ال�سكان الذين يعانون حقا من الجوع‪ ،‬ذلك لأن ق�سما من ه�ؤالء ال�سكان قد ي�ستفيد‬ ‫من برامج الم�ساعدة التي توزع في �إطارها �سالل الغذاء‪ ،‬وبطاقات الغذاء والتبرعات‬ ‫وغيرها‪.‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫وي�شكل كل من معيار تحديد خط الفقر‪ ،‬وطرق تحديد المنطقة‪ ،‬وتقويم النظام‬ ‫العنا�صر التي ت�ؤدي �إلى االختالفات الملحوظة في الأرقام التي قدمتها‬ ‫النقدي‬ ‫َ‬ ‫الدرا�سات التي �أنجزت �إلى حد الآن‪ .‬ومن بين هذه االختالفات نخ�ص بالذكر تلك‬ ‫الأرقام التي تحدد خط الفقر على �أ�سا�س دخل معين‪ ،‬يخ�ص بلدا معينا لوحده‪،‬‬ ‫ويمثل في غالب الأحيان ن�سبة مئوية من الحد الأدنى للأجور‪� ،‬أو تلك التي ت�ستعمل‬ ‫اال�ستهالك الأ�سري ك�أ�سا�س لعملياتها الح�سابية‪.‬‬ ‫لقد قام رو�شا (‪ )Rocha, 2000‬بتحليل مجموعة من الدرا�سات والمنهجيات‬ ‫المختلفة التي ت�ستعمل اال�ستهالك �إطارا نظريا لتحديد حالة العوز وخط الفقر‪.‬‬ ‫وا�ستنادا �إلى الم�ؤلف‪ ،‬ف�إن تلك الدرا�سات والمنهجيات تت�ضمن عدة خطوات يتم‬ ‫خاللها اتخاذ عدة قرارات "اعتباطية" قبل �أن يتم تحديد عدد ال�سكان المعوزين‬ ‫والفقراء‪ .‬وكنتيجة لهذا الأ�سلوب في العمل‪ ،‬ف�إن كل عملية ح�سابية تكون فريدة‬ ‫وال يمكن مقارنتها مع �أ�شكال �أخرى من العمليات الح�سابية‪ .‬ويبين الكاتب‪،‬‬ ‫بوا�سطة عملية ح�سابية‪� ،‬أنه يمكن لخط الفقر‪ ،‬ح�سب الإجراءات المتخذة والقيا�سات‬ ‫المتبعة‪� ،‬أن يتغير بن�سبة ‪ 50‬في المائة ولخط الفقر �أن يتغير بن�سبة ت�صل �إلى ‪127‬‬ ‫في المائة‪ .‬وتنتج هذه االختالفات عن االختيارات التي تم تبنيها من �أجل تحديد‬ ‫خطي العوز والفقر بالن�سبة �إلى‪� :‬أوال‪ ،‬تحديد كميات ال�سعرات الحرارية المو�صى‬ ‫بها؛ ثانيا‪ ،‬تحديد ال�سعر الأدنى ل�سلة الغذاء؛ ثالثا‪ ،‬تقدير اال�ستهالك بدون الغذاء؛‬ ‫رابعا‪ ،‬تحديد الفوارق بين �أ�سعار المعي�شة بالن�سبة لمناطق البلد وتحديث القيم‬ ‫النقدية لخطي العوز والفقر‪.‬‬ ‫ويرتبط مفهوما "انعدام الأمن الغذائي" و"الفقر" بدورهما بعامل قيا�سي‬ ‫ملمو�س‪ ،‬وهو عامل الح�صول على الغذاء وا�ستهالكه الفعلي‪ .‬وهما متغيران ي�صعب‬ ‫�ضبطهما‪ ،‬لأنهما يتطلبان عمليات �إح�صائية خا�صة‪ .6‬وتعتبر الواليات المتحدة بلدا‬ ‫ذا تجربة كبيرة في هذا النوع من القيا�س‪� .‬إذ �صارت تح�صي‪ ،‬منذ ‪ ،1977‬عدد الأ�سر‬ ‫التي تواجه انعدام الأمن الغذائي اعتمادا على �أ�سئلة مبا�شرة (تقرير ذاتي)‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫فقد �أدخلت تح�سينات على المنهجية المتبعة‪ ،‬وتم تطبيقها بطريقة غير م�سبوقة منذ‬ ‫�سنوات الثمانينات من القرن الما�ضي (انظر‪ .)Bickel ; Andrews, 2001 ،‬وا�ستنادا �إلى‬ ‫درا�سة �إح�صائية معتمدة على الأجوبة المقدمة من قبل الأ�سر حول ا�ستهالك الغذاء‪،7‬‬ ‫تم التو�صل �إلى نتيجة مفادها �أن الأ�سر تتبع �سلوكا مبنيا على الموارد المتوفرة‬ ‫أ�سر المالَ الذي لديها ال�ستهالك المواد الغذائية الرخي�صة �أكثر‬ ‫لديها‪� :‬أوال‪ ،‬توفر ال ُ‬ ‫‪6‬‬

‫�أدمجت م�ؤ�س�سة ‪ IBGE‬مفهوم الغذاء والتغذية في الإح�صاء الوطني لعينات الأ�سر الذي �أجرته في ‪ ،2004‬ثم �أطلقت في �أبريل‪/‬ني�سان ‪2006‬‬

‫عملية �إح�صائية محدودة وتكميلية للعملية الأولى ‪.‬‬ ‫‪ 7‬تت�ضمن الأ�سئلة عن�صرين �أ�سا�سيين‪� :‬أوال‪ ،‬هل لدى الأ�سر ما يكفي من الطعام لأكله؟ ثانيا‪ ،‬هل المواد الغذائية المتناولة هي نف�سها المواد التي‬ ‫كانت الأ�سر ترغب في ا�ستهالكها؟‬

‫‪157‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪158‬‬

‫ف�أكثر‪ ،‬مع الحفاظ على نف�س الكمية‪� ،‬إلى �أن ت�ستنفد كل �إمكانيات تعوي�ضها‪ ،‬اعتمادا‬ ‫على �أ�سعارها‪ ،‬ثم ت�شرع في تناول كميات �أقل‪ ،‬بالغة بذلك عتبة الفقر‪.‬‬ ‫وقد انتهى الباحثان �إلى خال�صة مفادها �أن الجوع عبارة عن "ظاهرة‬ ‫�سلوكية مو�ضوعية‪ ،‬بمعني �أنه يمكن‪ ،‬من حيث المبد�أ‪ ،‬قيا�سه بطريقة مبا�شرة"‬ ‫(‪ .)Bickel; Andrews, 2002, p.49‬ولقد �أثرت هذه الدرا�سة في التقارير حول اليد‬ ‫العاملة في الواليات المتحدة كما يلي‪" :‬يمكن للجوع �أن يكون حا�ضرا حتى عندما ال‬ ‫تكون هناك �أعرا�ض �سريرية تدل على الحرمان‪ :‬الو�ضع الذي ال ي�ستطيع فيه �شخ�ص‬ ‫الح�صول على مقدار كاف من الطعام‪ ،‬حتى و�إن لم ي�صل الحرمان �إلى مدة تكفي‬ ‫لإحداث م�شاكل �صحية‪� .‬إنه تجربة الإح�سا�س بعدم الر�ضى والإ�شباع نتيجة لعدم‬ ‫الح�صول على ما يكفي من الطعام" (الم�صدر‪Report on the Labor Force, apud :‬‬ ‫‪.)Bickel ; Andrews, 2002, p.50‬‬ ‫وفي �سنة ‪ ،1955‬تبنت الواليات المتحدة منهجية ثابتة لقيا�س م�شكلة انعدام‬ ‫الأمن الغذائي‪ .‬وبناء على هذه المنهجية‪ ،‬لوحظ �أن ‪ 10.5‬في المائة من مجموع الأ�سر‬ ‫في الواليات المتحدة كانت تواجه انعدام الأمن الغذائي في عام ‪ ،2000‬و�أن ‪ 3.1‬في‬ ‫المائة من تلك الأ�سر في الواليات المتحدة كان لديها فرد واحد �أو �أكثر �سبق لهم �أن‬ ‫عا�شوا تجربة الجوع خالل مدة معينة في ال�سنة‪.‬‬ ‫وفي البرازيل‪� ،‬أنجز المعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء (‪ )IBGE‬درا�سة‬ ‫�إح�صائية م�شابهة في الفترة ‪ .2003-2002‬وا�ستنادا �إلى المعطيات التي جمعتها هذه‬ ‫الدرا�سة المعروفة با�سم "�إح�صاء ميزانية الأ�سر"‪ ،‬ف�إن ‪ 46.6‬في المائة من مجموع‬ ‫الأ�سر البرازيلية �أبلغت �أنها كانت تجد �صعوبات في الح�صول على غذاء كاف‪ ،‬و�أن‬ ‫تلك ال�صعوبات حدثت مرات متعددة بالن�سبة لـ ‪ 13.8‬في المائة من تلك الأ�سر‪ .‬وفي‬ ‫المنطقة ال�شمالية للبالد‪ ،‬كانت الن�سب ‪ 63.9‬في المائة و‪ 17.2‬في المائة على التوالي‪،‬‬ ‫فيما بلغت في المنطقة الجنوبية ال�شرقية ‪ 60.8‬في المائة و‪ 19.3‬في المائة على‬ ‫التوالي‪ -‬وهي ن�سب مرتفعة تبين مدى خطورة الم�شكلة في البالد‪.‬‬ ‫ولقد �أدت نتائج �إح�صاء ميزانيات الأ�سر التي ن�شرت في ‪� 2004‬إلى نقا�ش‬ ‫وا�سع حول الحاجة �إلى تبني �سيا�سات ناجعة لمحاربة الجوع في بلد تتزايد فيه‬ ‫�أعداد ال�سكان الذين يعانون من ال�سمنة في كل الفئات االجتماعية‪ .‬ومهما يكن من‬ ‫�أمر‪ ،‬ف�إن هذه المعطيات توحي ب�أن مفهومي الجوع وانعدام الأمن الغذائي �إنما‬ ‫ي�ؤديان �إلى نتائج في القيا�س مختلفة جدا‪.‬‬ ‫ وبن�شر المعهد البرازيلي للجغرافية والإح�صاء التقرير التكميلي الخا�ص حول‬ ‫الأمن الغذائي في �أبريل‪/‬ني�سان ‪ ،2006‬تم‪ ،‬ولأول مرة بالن�سبة للبرازيل‪ ،‬تحديد مفهوم‬ ‫جديد نوعا ما قائم �إلى حد كبير على المنهجية المطبقة في الواليات المتحدة‪.8‬‬ ‫‪ 8‬للمزيد من التفا�صيل‪ .‬انظر‪.Bickel ; Andrews, 2002 :‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫وينطبق مفهوم انعدام الأمن الغذائي لي�س فقط على �أولئك الذين يواجهون‬ ‫الجوع منذ فترة من الزمن‪ ،‬و�إنما كذلك على �أولئك الذين يجدون �أنف�سهم في حالة‬ ‫قلق ب�سبب احتمال تعر�ضهم للجوع‪ .‬وهم ينق�سمون‪ ،‬ح�سب درجات انعدام الأمن‬ ‫الغذائي‪� ،‬إلى فئات ثالث‪ :‬نق�ص خفيف في الأمن الغذائي (وهي الفئة التي يحتمل �أن‬ ‫تواجه الجوع)؛ نق�ص معتدل في الأمن الغذائي (وهي الفئة التي تواجه جوعا نوعيا‬ ‫نتيجة لعدم ا�ستهالكها لمواد غذائية معينة وتعوي�ضها ب�أخرى �أرخ�ص ثمنا و�أقل‬ ‫جودة)؛ نق�ص �شديد في الأمن الغذائي (وهي الفئة التي تواجه بالفعل حالة عدم‬ ‫الح�صول على ما يكفي من الطعام)‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬ف�إن انعدام الأمن الغذائي م�صطلح �أكثر �شمولية من مجرد قيا�س للجوع‬ ‫اعتمادا على م�ؤ�شر النق�ص في التغذية‪ ،‬الذي ال يقي�س �سوى ت�أثيره البيولوجي ( ن�سبة‬ ‫النق�ص في الوزن �أو الطول مقارنة مع ال�سن)‪ .‬وكما �أكدنا دائما في برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع‪ ،‬ف�إن دور �أي �سيا�سة �شاملة لمحاربة الجوع ال يقت�صر على م�ساعدة �أولئك‬ ‫الذين يعانون فعال من �آثار الجوع على �أ�سا�س يومي‪ ،‬بل ي�شمل كذلك تقديم الم�ساعدة‬ ‫لأولئك الذين هم على و�شك مواجهة نف�س الو�ضع ‪� -‬أي العمل ب�أ�سلوب وقائي‪.‬‬ ‫وقد اكت�شفت الدرا�سة‪ ،‬مع الأ�سف‪� ،‬أن‪ 4/1‬من مجموع عدد الأ�سر البرازيلية‬ ‫(حوالي ‪ 10‬ماليين �أ�سرة �أو ‪ 40‬مليونا من ال�سكان) كان يواجه نق�صا في الأمن‬ ‫الغذائي ب�صورة معتدلة �أو خطيرة في �سنة ‪ ،2004‬و�أن ‪ 65‬في المائة من تلك الأ�سر‬ ‫(حوالي ‪ 14‬مليونا من ال�سكان) كانت تعي�ش حرمانا غذائيا �شديدا‪.‬‬ ‫ومن الحقائق المعروفة �أن انعدام الأمن الغذائي يمثل م�شكلة خطيرة خا�صة في‬ ‫بع�ض المناطق بالبرازيل‪ .‬ففي المناطق ال�شمالية وال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬تعاني من هذه‬ ‫الم�شكلة عدة مجموعات من الأ�سر‪ ،‬خا�صة الأ�سر التي لديها �أطفال‪ .‬وقد �أظهرت الدرا�سة‬ ‫�أن ن�صف مجموع عدد الأطفال واليافعين بتلك المناطق كان يعي�ش في كنف �أ�سر تعاني‬ ‫من غياب الأمن الغذائي‪ .‬وقد بينت الدرا�سة التي �أنجزها المعهد البرازيلي للجغرافيا‬ ‫والإح�صاء كذلك �أن مليونين من الأ�سر التي كانت تعاني من انعدام الأمن الغذائي‬ ‫حتى �سبتمبر‪�/‬أيلول ‪ ،2004‬لم تكن ت�ستفيد من �أي م�ساعدة عن طريق برامج التحويالت‬ ‫النقدية‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬فمن المحتمل جدا �أن تكون تلك الأ�سر قد تلقت معونات عن طريق‬ ‫تلك البرامج‪ ،‬بف�ضل تو�سيع مجال تغطيتها حديثا‪ ،‬لي�صل �إلى ‪ 11‬مليون �أ�سرة‪.‬‬ ‫وقد اكت�شفت الدرا�سة �أي�ضا �أن ‪ 3/2‬من مجموع الأ�سر التي �شملتها تغطية برامج‬ ‫التحويالت النقدية في �سبتمبر‪�/‬أيلول ‪ 2004‬ال تزال تعاني من م�شكلة انعدام الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫ومن �ش�أن ذلك �أن يدل‪ ،‬من جهة‪ ،‬على �أن البرنامج يقوم بم�ساعدة �أولئك الذين هم بحاجة‬ ‫حقا �إلى الم�ساعدة‪ ،‬كما يدل‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬على �أن التحويالت النقدية ال تكفي‪ ،‬في‬ ‫حد ذاتها‪ ،‬ل�ضمان الح�صول على غذاء كاف وب�صورة منتظمة‪ .‬وعلى �أ�سا�س المعطيات‬ ‫الإح�صائية المتوفرة‪ ،‬يمكن اال�ستدالل كذلك على �أن الأولوية المعطاة لمحاربة الجوع قد‬

‫‪159‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�أعطت ثمارها بالن�سبة للبلد ككل‪ ،‬لأن المعطيات ت�شير �إلى وجود ن�سبة عالية من الترابط‬ ‫بين الدخل المنخف�ض وانعدام الأمن الغذائي‪ .‬ومع االنخفا�ض الملحوظ في ن�سبة الفقر بين‬ ‫‪ 2002‬و‪( 2004‬حيث تم ت�سجيل خروج حوالي ‪ 3‬ماليين �شخ�ص من �شريحة الفقر)‪ ،‬بف�ضل‬ ‫ارتفاع عدد فر�ص العمل المتوفرة‪ ،‬من جهة‪ ،‬وعدد التحويالت النقدية‪ ،‬من جهة ثانية‪،‬‬ ‫يمكن القول �إن حالة انعدام الأمن الغذائي كانت �أ�سو أ� في الما�ضي‪.‬‬ ‫ونقال عن اللجنة االقت�صادية لأمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‬ ‫(‪ )2004‬ف�إن الفقر الحاد والجوع المفرط‪ ،‬ولو �أنهما مرتبطان ارتباطا وثيقا‪ ،‬ال‬ ‫ي�شكالن ظاهرتين متزامنتين‪ .‬وا�ستنادا �إلى تحليل اللجنة االقت�صادية لأمريكا‬ ‫الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي للمعطيات‪ ،‬ف�إن الفقر الحاد يف�سر حوالي‬ ‫‪ 50‬في المائة من الفوارق المتعلقة بج�سامة �سوء التغذية في عدد من البلدان‪:‬‬ ‫‪ 49‬في المائة من االختـالف في النـ�سبة العامـة ل�سـوء التغذيـة و‪ 57‬في المائة‬ ‫من االختالف في النق�ص في التغذية المزمن‪ ،‬المتراوحة بين المعتدلة والحادة‪،‬‬ ‫الم�سجلة في مختلف البلدان تعزى �إلى االختالفات في الن�سبة المئوية للفقر الحاد‪.‬‬ ‫وهناك عوامل �أخرى تف�سر هذه االختالفات‪ ،‬وهي‪ :‬تعليم الأمهات‪ ،‬وتوزيع الغذاء‬ ‫في الأ�سرة ل�صالح الأطفال وعلى ح�ساب الأمهات‪ ،‬و�شبكات الرعاية االجتماعية‪،‬‬ ‫والتعود على ا�ستهالك عدد �أقل من ال�سعرات الحرارية – على �سبيل المثال‪ -‬ببذل‬ ‫مجهود بدني �أقل‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬وعلى الرغم من �أن محاربة الفقر ال�شديد تعتبر �أحد المتطلبات الرئي�سية‬ ‫وال�ضرورية لتخفي�ض حدة الجوع‪� ،‬إال �أن الجهود المبذولة في �سبيل تخفي�ضها ال‬ ‫ينبغي �أن يتوقع منها �أن تكون لوحدها قادرة على ا�ستئ�صال الجوع داخل �أجل‬ ‫معقول‪ .‬وهذا يعني �أن الزيادة في دخل الأ�سر الفقيرة ال ت�ؤدي بال�ضرورة‪ ،‬وب�شكل �آلي‪،‬‬ ‫�إلى انخفا�ض مهم في النق�ص في التغذية‪� .‬إذ �إن هناك عوامل �أخرى ال تقل �أهمية‪،‬‬ ‫مثل �شروط الوقاية ال�صحية داخل الأ�سرة‪ ،‬والح�صول على الماء ال�صالح لل�شرب‪،‬‬ ‫و�شبكة ال�صرف ال�صحي‪ ،‬واال�ستفادة من الرعاية والخدمات ال�صحية‪ ،‬ومعرفة مبادئ‬ ‫النظافة ال�صحية‪ ،‬وكيفية معالجة الأغذية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى العادات الغذائية‪.‬‬ ‫�إن ما يترتب على هذا التمييز بين العوامل المختلفة يكمن في �أن طرق‬ ‫محاربة الجوع وانعدام الأمن الغذائي والفقر تعتبر �أمورا متباينة‪ .‬و�سيتم تناول هذا‬ ‫الجانب في الجزء التالي‪ ،‬وذلك با�ستعمال برنامج الق�ضاء على الجوع كمثال‪.‬‬

‫�سيا�سة الأمن الغذائي من وجهة نظر برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫‪160‬‬

‫اعتمادا على الم�شروع الأ�صلي لبرنامج "الق�ضاء على الجوع"‪ ،‬يمكن �أن نالحظ �أن‬ ‫�سيا�سة الأمن الغذائي �أكثر �شمولية من برامج التحويالت النقدية‪ .‬ففيما �صممت‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫�سيا�سة الأمن الغذائي من �أجل تح�سين العالقات المتداخلة بين �إنتاج الأغذية‬ ‫وت�سويقها وا�ستهالكها‪� ،‬أعدت برامج التحويالت النقدية لتعنى �أكثر بتح�سين‬ ‫ا�ستهالك الأغذية �أو الح�صول عليها‪.‬‬ ‫لقد تم ت�صور برنامج "الق�ضاء على الجوع" من �أجل معالجة م�شكلة انعدام‬ ‫الأمن الغذائي عن طريق تح�سين م�ستوى دخل فئات من �سكان البرازيل الذين‬ ‫يعتبرون فقراء‪ .‬وقد ُبني البرنامج على فر�ضية مفادها �أن م�شكلة الجوع في‬ ‫البرازيل تتعلق بالدخل غير الكافي �أكثر مما تتعلق بالنق�ص في التموين الغذائي‬ ‫�أو قلة الأغذية‪.‬‬ ‫وتخل�ص الدرا�سة �إلى �أن " الفقر لي�س عر�ضيا"‪ ،‬بل هو نتيجة لنموذج نمو‬ ‫اقت�صادي منحرف‪ ،‬مبني على �أجور ورواتب منخف�ضة جدا‪ ،‬ال�شيء الذي �أدى �إلى‬ ‫تركيز متزايد للدخل والبطالة‪ .‬وهذه هي العنا�صر التي �أدت �إلى ت�شخي�ص يفيد ب�أن‬ ‫م�شكلة الجوع في البرازيل‪:‬‬

‫تت�ضمن ثالثة �أبعاد �أ�سا�سية‪ :‬البعد الأول هو قلة الطلب‪ ،‬وهو ناتج عن تركيز الدخل في‬ ‫البلد‪ ،‬والم�ستويات المرتفعة للبطالة‪ ،‬والت�شغيل غير الكافي‪ ،‬و�ضعف القدرة ال�شرائية‬ ‫ب�سبب �ضعف الأجور الم�ؤداة لأغلبية الطبقة العاملة‪ .‬والبعد الثاني هو عدم االن�سجام‬ ‫بين �أ�سعار المواد الغذائية المتداولة والقدرة ال�شرائية المتدنية لأغلبية ال�سكان‪ .‬والبعد‬ ‫الثالث‪ ،‬وهو بعد ال يقل �أهمية عن البعدين ال�سابقين‪ ،‬ويتعلق بحرمان �شرائح ال�سكان‬ ‫الأكثر فقرا من الو�صول �إلى الأ�سواق‪ .‬وت�ضم هذه ال�شرائح العاطلين عن العمل‪ ،‬والعمال‬ ‫غير المداومين‪ ،‬والم�سنين‪ ،‬والأطفال‪ ،‬ومجموعات �أخرى بحاجة �إلى م�ساعدات طوارئ‬ ‫(‪.)Citizenship Institute, 2001 p. 81‬‬

‫وا�ستنادا �إلى ما يقترحه البرنامج‪ ،‬ف�إن الق�ضاء على �آفة الجوع في البرازيل‬ ‫ب�صفة نهائية يتطلب‪ ،‬بال�ضرورة‪� ،‬إيجاد نموذج جديد لتطوير االقت�صاد‪ ،‬وذلك‬ ‫ب�إعطاء الأف�ضلية للنمو عن طريق توزيع الدخل؛ ال�شيء الذي يمكن من تو�سيع ال�سوق‬ ‫الداخلي للبالد وخلق فر�ص العمل وتح�سين الأجور‪ ، ،‬وعلى وجه �أخ�ص‪ ،‬الرفع من‬ ‫الحد الأدنى للأجور وتمكينه من ا�ستعادة قدرته ال�شرائية‪ ،‬نظرا لكونه يوفر "ال�ضوء‬ ‫الأمامي" بالن�سبة لدخل الفئات الأكثر فقرا من ال�سكان‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬ف�إن المحور المركزي للم�شروع يكمن في "الجمع ال�صحيح بين ما‬ ‫ي�سمى بال�سيا�سات الهيكلية – المو�ضوعة من �أجل تح�سين توزيع الدخل وتنمية‬ ‫الإنتاج‪ ،‬وخلق منا�صب ال�شغل‪ ،‬والإ�صالح الزراعي‪� ،‬إلخ‪ -..‬والتدخالت اال�ضطرارية‪،‬‬ ‫التي ت�سمى عادة بـ "ال�سيا�سات التعوي�ضية" (‪.)Citizenship Institute, 2001 p. 5‬‬ ‫ويكمن الجانب الإبداعي للم�شروع في تنظيم اقتراحاته ب�شكل يجعلها‬ ‫تتمحور حول ثالثة م�ستويات من الإجراءات في نف�س الوقت‪� :‬أوال‪� ،‬سن �سيا�سات‬ ‫هيكلية لمحاربة �أ�سباب الجوع ‪ -‬على �سبيل المثال‪ ،‬عن طريق الرفع من الدخل‬

‫‪161‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الأ�سري‪ ،‬و�ضمان التمتع بالحقوق االجتماعية‪ ،‬وجودة الأغذية‪ ،‬وتقلي�ص الفوارق في‬ ‫الدخل؛ ثانيا‪ ،‬و�ضع �سيا�سات محددة تت�ضمن �أن�شطة مختلفة ح�سب حجم كل جماعة‬ ‫�أو بلدية‪.‬‬ ‫و�سنقدم في الق�سم التالي بع�ض الم�صطلحات المبتكرة التي اعتبرت مهمة‬ ‫�أثناء و�ضع برنامج الق�ضاء على الجوع مو�ضع التنفيذ من قبل الإدارة الفيدرالية‪،‬‬ ‫وذلك ابتداء من �سنة ‪.2003‬‬

‫الأمن الغذائي الإقليمي وتو�سيع نطاق البرنامج‬ ‫في المنطقة �شبه القاحلة في البرازيل‬

‫‪162‬‬

‫تقوم �إحدى ال ُنهج اال�ستراتيجية لم�شروع الق�ضاء على الجوع على فر�ضية مفادها �أن‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية عالقة وثيقة بالمنطقة التي تعي�ش فيه الأ�سرة وبقربها من‬ ‫م�صادر التموين الغذائي المحلية والإقليمية‪ ،‬وبمدى توفر المرافق العامة والخا�صة‬ ‫في المناطق المحيطة بها مبا�شرة‪ .‬وهذا ما يبرر وجوب �ضمان الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية في المناطق تعزيزا لال�ستقالل المحلي والإقليمي معا‪.‬‬ ‫وقد كانت اال�ستراتيجية التي تبناها برنامج الق�ضاء على الجوع تق�ضي‬ ‫بال�شروع في تطبيق ال ُنهج ال�سالفة الذكر على �أ�سا�س معايير �إقليمية‪ ،‬بدءا بانتقاء‬ ‫مناطق متجاورة (جماعات �صغيرة في المنطقة �شبه القاحلة‪ ،‬وفي المنطقة‬ ‫ال�شمالية‪ ،‬ومناطق �أخرى �أ�صغر حجما‪ ،‬تت�ضمن تجمعات بلدية في طور الإن�شاء)‪.‬‬ ‫وقد بد�أ العمل بتطبيق برنامج التحويالت النقدية‪ ،‬المعروف ببرنامج بطاقات الغذاء‬ ‫(‪.)Cartão Alimentaçao‬‬ ‫وقد كان برنامج بطاقات الغذاء ي�شتمل على تحويالت نقدية بقيمة ‪ 50‬رياال‬ ‫برازيليا‪ .‬وهذا هو المبلغ الذي اعتبرته ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي �ضروريا‬ ‫القتناء مجموعة من المواد الغذائية الأ�سا�سية ذات الجودة المقبولة بالن�سبة للأ�سر‬ ‫الفقيرة التي �سبق ت�سجيلها في ال�سجل الموحد‪ ،‬وذلك ب�شراكة مع الواليات والبلديات‪.‬‬ ‫وقد ق�ضى البرنامج ب�أن يتم تحويل الأر�صدة عن طريق �سحوبات من ح�سابات‬ ‫مفتوحة با�ستعمال بطاقات مغناطي�سية تم �إ�صدارها ب�أ�سماء ربات الأ�سر‪ .‬وكانت‬ ‫لوائح الأ�سر الم�سجلة قد تمت الم�صادقة عليها من قبل لجان الت�سيير المحلية المكونة‬ ‫من �أغلبية ممثلي المجتمع المدني (بن�سبة الثلثين) وممثلي الحكومة (بن�سبة الثلث)‪،‬‬ ‫التي كانت مكلفة بتدبير لوائح الأ�سر‪.‬‬ ‫و�إلى جانب برنامج بطاقات الغذاء‪ ،‬الذي �صمم �أ�صال للمنطقة �شبه القاحلة‪،‬‬ ‫تم و�ضع مجموعة من البرامج التي حظيت بالأولوية‪ ،‬منها‪ :‬برنامج التعاي�ش مع‬ ‫الجفاف‪ ،‬ويت�ضمن تقديم حوافز لت�شجيع الإنتاج الغذائي‪ ،‬والبحث عن الموارد‬ ‫المائية‪ ،‬وبناء خزانات المياه؛ وبرنامج تو�سيع الوجبات المدر�سية عن طريق‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫الزيادة في االعتمادات المالية المحولة ل�صالح البلديات‪� ،‬شريطة �أن ت�ستعمل‬ ‫االعتمادات الإ�ضافية لتنويع الوجبات المقدمة في المدار�س العامة وريا�ض‬ ‫الأطفال‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى المرافق التربوية الخا�صة بالأطفال؛ وبرنامج اقتناء‬ ‫البلديات الغذاء من الأ�سر المزارعة المحلية؛ و�إدماج برنامج التحويالت النقدية‬ ‫مع برامج محاربة الأمية والتكوين المهني وبرامج التربية التوعية بالغذاء؛‬ ‫وتحفيز البرامج المحلية‪ ،‬مثل �إن�شاء مطاعم وبنوك غذاء مدعمة‪ ،‬وتطبيق نظام‬ ‫مراقبة التغذية والغذاء بهدف مراقبة الحالة الغذائية لل�سكان طوال مراحل الحياة‪،‬‬ ‫مع التركيز على الأ�شخا�ص الذين ي�شملهم نظام التغطية ال�صحية‪ ،‬المعروف‬ ‫بالنظام ال�صحي الموحد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن لنظام الأمن الغذائي �أ�سبابا بنيوية تتعلق بعوامل‬ ‫االقت�صاد الكلي (العمالة وم�ستويات الدخل)‪� ،‬إال �أن هذا الأمر ال يقلل من �أهمية‬ ‫هذه اال�ستراتيجية و�صالحيتها‪ .‬ذلك لأن تلك الأ�سباب ترتبط كذلك بعوامل �إقليمية‪،‬‬ ‫مثل �ضعف دينامية االقت�صاد المحلي �أو الإقليمي‪ ،‬و�ضعف البنية التحتية‪ ،‬وغياب‬ ‫الموارد والخدمات الأ�سا�سية‪ ،‬كالماء ال�صالح لل�شرب‪ ،‬ونظام ال�صرف ال�صحي‪،‬‬ ‫وال�سكن الالئق‪ .‬وهذه عوامل تتعدى الأ�سباب المرتبطة مبا�شرة باختيارات الفرد‪،‬‬ ‫مثل التعلم‪ ،‬والرعاية ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬بالن�سبة للأطفال‪ ،‬والم�شاركة في درو�س‬ ‫التكوين المهني‪ ،‬التي ال ينبغي النظر �إليها‪ ،‬على الرغم من �أهميتها‪ ،‬باعتبارها‬ ‫حلوال ا�ستثنائية ذلك لأن النظر �إليها على هذا الأ�سا�س يعني‪ ،‬في النهاية‪� ،‬إلقاء‬ ‫اللوم على الأ�سر والأفراد �أنف�سهم لكونهم يوجدون في ظل �أحوال ه�شة‪.‬‬ ‫لهذا ال�سبب ف�إن �إحدى الو�سائل "للتخل�ص من" اله�شا�شة و�ضمان الح�صول‬ ‫على م�ساعدات الطوارئ وبالتالي �ضمان الح�صول على الغذاء‪ ،‬تتمثل في تطبيق‬ ‫�سيا�سات �شاملة لتوليد فر�ص العمل والدخل "في نف�س الوقت"‪ ،‬مع تعزيز ت�أثيراتها‬ ‫على الم�ستوى المحلي وللكثير من الأ�سر ال�ضعيفة‪.‬‬ ‫ولن ت�ؤتي هذه العملية �أكلها بين ع�شية و�ضحاها‪ ،‬بل قد تتطلب �سنوات من‬ ‫الجهد لتثبيتها ودعمها‪ .‬ذلك لأنها ت�ستلزم تعاونا مت�ضامنا قويا بين الهيئات‬ ‫الحكومية في الدولة والمجال�س البلدية لإنجاز م�شاريع محددة في مناطق معينة‬ ‫ل�صالح الأ�سر التي تعي�ش في ظل �أحوال ه�شة؛ كما تتطلب م�ساهمة قوية من قبل‬ ‫الحكومة الفيدرالية‪ ،‬عن طريق العمل الوزاري الم�شترك‪.‬‬ ‫ولقد حققت هذه اال�ستراتيجية نجاحا خا�صا في الدائرتين اللتين طبق فيهما‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع ب�صفة تجريبية‪ ،‬وهما دائرتا كواريبا�س (‪)GUARIBAS‬‬ ‫و �أكاوا (‪ )ACAUA‬في والية بياوي (‪ .)PIAUI‬ولقد كان لم�شاركة حكومة الوالية في‬ ‫العملية التي واكبت تطبيق البرنامج على م�ستوى الوالية دور �أ�سا�سي في �ضمان‬ ‫النتائج التي تم تحقيقها‪ .‬ويت�ضمن التقرير الذي �أعدته وزارة الأمن الغذائي ومحاربة‬

‫‪163‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪164‬‬

‫الجوع‪ ،‬في يونيو‪/‬حزيران ‪ ،2003‬حول العمل الذي تم �إنجازه في الدائرتين‪ ،‬و�صفا‬ ‫لع�شرات العمليات التي تم �إنجازها في نف�س الوقت في كلتا الدائرتين‪.‬‬ ‫وا�ستنادا �إلى التقرير المذكور‪ ،‬ف�إن تطبيق برنامج الق�ضاء على الجوع في‬ ‫الدائرتين قد �أ�سفر عن �إنجاز الأ�شغال التالية‪� :‬إن�شاء نظام مخت�صر للتزود بالماء‬ ‫ال�شروب في كواريبا�س‪ ،‬وهي بلدة لم يكن لديها خزان للماء من قبل؛ وبناء ‪200‬‬ ‫م�سكن ل�صالح الأ�سر ذات الدخل المنخف�ض؛ وتنظيم درو�س محاربة الأمية ل�صالح‬ ‫‪ 600‬م�ستفيد تقريبا؛ وت�سجيل ع�شرات ال�سكان في الحالة المدنية؛ وبناء �سوق عام‬ ‫في كواريبا�س وتجهيز م�ساحات للأ�سواق في الهواء الطلق في كل من الجماعتين‬ ‫الأخريين؛ و�إعداد �أول خطة للتنمية المحلية ل�صالح جماعتين اثنتين؛ و�إن�شاء �أول‬ ‫محطة �إذاعية محلية في كواريبا�س وتنظيم حلقات تدريبية ل�صالح مديري المحطة‬ ‫الإذاعية ومنتجيها‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى هذه المنجزات‪ ،‬وب�شراكة مع م�ؤ�س�سة الهيئة البرازيلية‬ ‫للبحوث الزراعية (‪ ،)Embrapa‬تم تكوين عدد من الأ�شخا�ص من �أجل ت�شغيل‬ ‫المولدات الكهربائية في �إطار ا�ستراتيجية تهدف �إلى تح�سين العادات والبدائل‬ ‫الغذائية ال�صحية على �أ�سا�س الثقافة المحلية‪ ،‬وذلك بهدف الزيادة في حجم المواد‬ ‫الغذائية المحلية وتنويعها‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تح�سين النظام الغذائي للأ�سر‪ ،‬والرفع من‬ ‫دخل المزارعين المحليين؛ وب�شراكة مع جامعة بياوي الفيدرالية‪ ،‬تم تنظيم دورات‬ ‫تدريبية في مجالي الغذاء ومبادئ ال�صحة والنظافة‪ ،‬مع التركيز على الأطفال الذين‬ ‫لم يتمموا عامهم الأول‪ ،‬وذلك بهدف تخفي�ض ن�سبة �سوء التغذية ون�سبة الوفيات في‬ ‫�صفوف الأطفال‪.‬‬ ‫كما تم توفير الم�ساعدة التقنية للمزارعين في كواريبا�س لتمكينهم من‬ ‫زرع وبيع محا�صيلهم من الفول لل�شركة الوطنية للتموين‪ ،‬وهو ما �أدى �إلى تح�سين‬ ‫الأ�سعار المقدمة للمزارعين والرفع من دخولهم‪.‬‬ ‫ولقد �أدى تعزيز االقت�صاد المحلي‪ ،‬بف�ضل التحويالت النقدية وغيرها من‬ ‫الإجراءات‪� ،‬إلى ظهور مقاوالت �صغيرة‪ ،‬مثل �صالون الحالقة‪ ،‬وفندق‪ ،‬وقاعة تجميل‪،‬‬ ‫و�صيدلية‪ ،‬وبناء محالت لبيع الم�شروبات الكحولية والوجبات الخفيفة‪.‬‬ ‫�إننا نعتقد �أن هذه التجارب يمكن تكرارها وتطبيقها في كافة �أرجاء البالد‪،‬‬ ‫لأنه من �ش�أن ذلك �أن يرفع من كرامة ال�سكان وتح�سين ظروفهم المعي�شية‪ ،‬بعد �أن‬ ‫ظلوا لمدة طويلة "من�سيين" من طرف ال�سلطات العامة‪ .‬ويكمن ال�شرط ال�ضروري‬ ‫لنجاح مثل هذه التجارب في االتفاق بين الم�ستويات الثالثة للحكومة على �إعطاء‬ ‫الأولوية للمناطق التي يتمركز فيها الفقر‪ ،‬وتح�سين البنية الأ�سا�سية المحلية‪،‬‬ ‫و�ضمان تمتع الجميع بالخدمات الأ�سا�سية‪ -‬مثل الماء ال�صالح لل�شرب‪ ،‬ونظام‬ ‫ال�صرف ال�صحي وال�سكن‪ ،‬مع تنفيذ برامج تهدف �إلى تعزيز الح�صول على الغذاء‪.‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫وفي هذا ال�صدد‪ ،‬يبين التقرير الذي �أعده المجل�س التن�سيقي للأمن الغذائي وا�ستئ�صال‬ ‫الجوع‪ ،‬التابع لوالية بياوي حول تطبيق م�شروع الق�ضاء على الجوع خالل الفترة‬ ‫‪ ،2005-2003‬التقدم الكبير الذي تم تحقيقه كنتيجة لمجموعة من العمليات التي تم‬ ‫�إنتاجها �سويا من طرف حكومة الوالية والحكومة الفيدرالية‪.‬‬ ‫ويمكن تعزيز هذه اال�ستراتيجية بف�ضل برامج تنمية الأقاليم التي يتم‬ ‫تنفيذها حاليا من طرف الوزارات المعنية‪ ،‬كوزارة التنمية الزراعية‪ ،‬عن طريق �أمانة‬ ‫التنمية الإقليمية‪ ،‬ووزارة التنمية االجتماعية‪ ،‬وكذلك عن طريق م�شاريع خا�صة‬ ‫بالمناطق التي تحظى بالأولوية‪ ،‬والتي ت�سهر على �إنجازها وزارة الإدماج الوطني‪.‬‬ ‫ويعتبر �إن�شاء مراكز ت�سويق منتجات �أ�سر المزارعين من طرف وزارة التنمية الزراعية‪،‬‬ ‫وفي مختلف المناطق‪� ،‬إحدى النتائج الملمو�سة لهذه اال�ستراتيجية‪.9‬‬ ‫ومن الوا�ضح �أن يكون تحقيق هذه النتيجة �أ�سهل في المدن ال�صغيرة‬ ‫والمتو�سطة‪� .‬أما في المدن الكبيرة والعوا�صم‪ ،‬ف�إن العوامل االقت�صادية الكلية‬ ‫المرتبطة بالعمالة والدخل تلعب دورا �أكثر قوة في تحديد ن�سبة ه�شا�شة الأ�سر‪ .‬ولقد‬ ‫اعتبر م�شروع الق�ضاء على الجوع �أن ن�سبة ال�سكان العاطلين من الأ�سر التي تعي�ش‬ ‫في الحوا�ضر الكبرى تفوق بع�شرة �أ�ضعاف تلك الم�سجلة في المناطق الح�ضرية غير‬ ‫الرئي�سية (معهد المواطنة‪ .)2001 ،‬وعالوة على ذلك‪ ،‬ونظرا لكبر حجم الحوا�ضر‬ ‫الكبرى وتنامي �أطرافها‪ ،‬ف�إن "ت�سرب" الموارد منها �إلى مناطق �أخرى �أكثر دينامية‬ ‫يكون �أكبر بكثير بالمقارنة مع المدن ال�صغيرة‪ .‬ومن �ش�أن هذا �أن يجعل م�س�ألة تعزيز‬ ‫االقت�صاد المحلي عن طريق التحويالت النقدية �أكثر �صعوبة‪ .‬ولأن تكلفة المعي�شة‬ ‫�أكثر ارتفاعا في المدن الكبرى‪ ،‬ف�إن مبلغ التحويل النقدي المخ�ص�ص للأ�سر الفقيرة‬ ‫ال يلبي �سوى جزء محدود من الحاجيات الأ�سا�سية ل�سكان هذه المناطق‪ .‬وهناك‬ ‫عامل وا�ضح �آخر يزيد من تفاقم الو�ضع‪ ،‬وهو تفكك وحدة الأ�سرة في المدن الكبرى‪،‬‬ ‫ال�شيء الذي يزيد من �صعوبة �إعادة بناء الهويات والروابط الأ�سرية واالجتماعية‪.‬‬ ‫وفي هذه الحاالت‪ ،‬تعتبر ال�سيا�سات القادرة على خلق المزيد من فر�ص العمل‬ ‫والدخل والمترافقة مع �إجراءات تهدف �إلى تعزيز الح�صول على الم�سكن والخدمات‬ ‫ال�صحية والغذاء بتكلفة �أقل‪� ،‬أف�ضل ال�سبل التي ينبغي اتباعها في هذا المجال‪ .‬وهناك‬ ‫مبادرات �أخرى من �ش�أنها �ضمان الح�صول على الغذاء بتكلفة منخف�ضة‪ ،‬كبرنامج‬ ‫غذاء العمال‪ ،‬و�إن�شاء مطاعم مدعمة‪ ،‬وبنوك للمواد الغذائية‪ ،‬وب�ساتين للخ�ضر في‬ ‫المناطق الريفية‪ .‬وهي مبادرات لها ت�أثير �إيجابي على الأمن الغذائي بالن�سبة للأ�سر‬ ‫والعمال في الو�سط الح�ضري‪.‬‬ ‫‪ 9‬يهدف �إن�شاء مراكز الت�سويق �إلى دعم برامج �إقليمية و�ضعت من �أجل �ضمان المزيد من العدالة في الأ�سعار وو�صول الأ�سر لل�سوق ب�شكل م�ستمر‪.‬‬ ‫وهناك مخططات لإنجاز ‪ 39‬من مرافق الت�سويق المركزية ‪ ،‬و‪ 21‬مركزا تجاريا قرويا مندمجا‪.‬‬

‫‪165‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الإدارة الت�شاركية‬

‫‪166‬‬

‫ت�شكل الإدارة الت�شاركية عامال �آخر من العوامل الم�ؤثرة في نجاح �أي �سيا�سة‬ ‫تتعلق بالأمن الغذائي والتغذية‪ .‬فا�ستنادا �إلى دين)‪ ،Dean (2005‬ف�إن حقوق‬ ‫الإن�سان قد تم "ا�ستعمارها" نتيجة ال ُنهج المتبعة في �إدارة م�س�ألة التنمية‬ ‫الب�شرية‪ ،‬التي تعر�ض الحقوق االجتماعية للمجازفة عبر تعوي�ضها بالليبرالية‬ ‫الفردية‪ .‬ذلك �أن النظام الليبرالي الجديد يولي �أهمية كبرى لمفهوم الم�س�ؤولية‬ ‫االجتماعية والتموين الذاتي على ح�ساب مفهوم الحقوق المرتبطة بتوفير الأمن‬ ‫االجتماعي والرفاه الجماعي‪.‬‬ ‫ومن �أجل التخل�ص من هذه المجازفة‪ ،‬يعتقد الكاتب �أنه من ال�ضروري‬ ‫ا�سترجاع حقوق الإن�سان‪ ،‬لي�س من منظور الحقوق االجتماعية فح�سب‪ ،‬بل كذلك‬ ‫من منظور الم�س�ؤوليات الدولية‪ ،‬من جهة‪ ،‬والحاجيات المحلية‪ ،‬من جهة �أخرى‪.‬‬ ‫ويتطلب هذا الأمر‪ ،‬في ر�أي الكاتب‪ ،‬دعما �إ�ضافيا وفوريا للحقوق االجتماعية بقدر‬ ‫ما يتطلب تطورا تدريجيا ل�شبكات الرعاية االجتماعية والحوكمة الجيدة‪ ،‬على �سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬عبر التعبير عن المطالب المتعلقة بالموارد‪ ،‬عن طريق الحوار �أو التفاو�ض‬ ‫الديمقراطي‪ .‬وهذا الأمر يتطلب م�شاركة حقيقية وفعالة لعامة النا�س‪.‬‬ ‫ولقد ح�صل‪ ،‬في البرازيل‪ ،‬تقدم كبير في مجال �إن�شاء م�ؤ�س�سات الرقابة‬ ‫والم�شاركة االجتماعيتين‪ ،‬خا�صة منذ تفعيل د�ستور ‪ ،1988‬الذي ن�ص على ت�أ�سي�س‬ ‫مجال�س تعنى ب�إدارة ال�سيا�سات القطاعية‪� ،‬أو مجال�س ال�سيا�سة العامة على الم�ستوى‬ ‫االتحادات الفيدرالية والواليات والبلديات (انظر‪.)Schneider; Silva; Marques, 2004 :‬‬ ‫�إال �أنه بالنظر �إلى وجود الر�أي القائل �إن المجال�س القائمة لم تكن تقوم‬ ‫بما يلزم‪ ،‬وكما يلزم‪ ،‬خا�صة في المناطق ال�شمالية وال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬من جهة‪،‬‬ ‫واعتبارا ل�ضرورة تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع بوتيرة �أ�سرع‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى‬ ‫بطء عملية ت�سجيل ال�سكان الذين يحق لهم اال�ستفادة من البرنامج‪ ،‬من جهة ثانية‪،‬‬ ‫فقد قررت الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي �إن�شاء لجان ت�سيير باعتبارها‬ ‫هيئات مكلفة بالرقابة االجتماعية الخا�صة ببرنامج بطاقات التموين الغذائي‪.‬‬ ‫وقد كانت هذه الطريقة طريقة مبتكرة لإ�شراك الجماعات نف�سها‪ ،‬لي�س‬ ‫في عملية التعرف على الم�ستفيدين واختيارهم فح�سب‪ ،‬بل �أي�ضا في عملية ر�صد‬ ‫وتقييم النتائج التي حققها البرنامج‪ .‬كما �شكلت هذه الطريقة و�سيلة لجعل المناطق‬ ‫الحكومية الثالث تتحمل م�س�ؤولية م�شتركة �إزاء البرنامج‪ ،‬وذلك بتوزيع المهام على‬ ‫ال�شكل التالي‪ :‬فعلى م�ستوى الوالية‪ ،‬تقوم الهيئات التن�سيقية لبرنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع بدور الذراع التنفيذي للبرنامج‪ ،‬وفي نف�س الوقت بدور الرابط بين الإدارة‬ ‫الفيدرالية والبلديات التي �أنيطت بها مهمة �إن�شاء و�صيانة البنية الأ�سا�سية ل�صالح‬ ‫لجان الت�سيير‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تدبير ال�سجل الموحد‪.‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫وبح�سب )‪ ،Gomes (2003‬المن�سق الإقليمي لبرنامج الق�ضاء على الجوع في‬ ‫المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬ف�إن منجزات البرنامج التي كان النا�س يتحدثون عنها‬ ‫في البلديات تكمن في ما يلي‪:‬‬

‫"لأول مرة في البرازيل‪ ،‬تم �إزالة احتكار البلديات ل�سلطة �إدارة ال�سيا�سات العامة‪ ،‬كما‬ ‫تم �سد الفجوة التي كانت تف�صل بين �أهداف البلديات‪ ،‬من جهة‪ ،‬ومطالب الم�ستفيدين من‬ ‫خدماتها‪ ،‬من جهة ثانية‪ [….] ‬ولم تتحقق هذه الإنجازات وهذا االنت�صار على �أ�شكال‬ ‫مختلفة من المقاومة بدون جدال �ساخن بين فرقاء متنافرين في معظم الأحيان‪ ،‬في‬ ‫ال�ساحة ال�سيا�سية المحلية‪ .‬فقد �أدى الح�ضور المرتفع لممثلي المجتمع المدني في لجان‬ ‫الت�سيير‪ ،‬والدعوات �إلى �أن تكون قطاعات من المجتمع المحلي ممثلة في تلك اللجان‪� ،‬إلى‬ ‫انطالق عملية �سريعة ومذهلة‪ ،‬هي عملية التنظيم االجتماعي‪� ،‬أو تعزيزه‪� ،‬إذ لم يكن قد بد�أ‬ ‫فعال‪ .‬وقد تم �إن�شاء جي�ش حقيقي من المتطوعين المجهولين‪ ،‬تحركهم طموحات مختلفة‪،‬‬ ‫في مقدمتها الرغبة في التخل�ص من التبعية ال�سيا�سية التقليدية"‪.‬‬

‫ولم يكن هذا النوع من الإدارة الت�شاركية يخلو من الم�شاكل‪� .‬إال �أنه كان وراء‬ ‫ح�صول تطورات �أ�سا�سية من حيث رفع درجة الوعي لدى ال�سكان المحليين وبناء حقوق‬ ‫المواطنة‪ .‬وقد �أجرى �أورتيكا (‪ )Ortega, 2003‬تقييما لعملية تطبيق برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع في والية بارايبا‪ ،‬وريو كراندي ال�شمالية‪ ،‬وبرنامبوكو‪ ،‬بين يوليو‪/‬تموز‬ ‫و�أغ�سط�س‪�/‬آب ‪ ،2003‬وتمكن من ر�صد المظاهر الإيجابية والهادفة التالية‪:‬‬ ‫■ ■تمكن البرنامج فعال من الو�صول �إلى ذوي االحتياجات الملحة في‬ ‫المقاطعات الم�ستهدفة‪.‬‬ ‫■ ■كانت المنحة النقدية ت�صرف على الغذاء وت�ساعد الأ�سر المزارعة‬ ‫المحلية‪ ،‬حيث لوحظ �أن العائالت‪ ،‬في البلديات التي كانت تعقد فيها‬ ‫لجان التن�سيق اجتماعات ل�شرح برنامج الق�ضاء على الجوع لل�سكان‪،‬‬ ‫قد بد�أت ت�ؤيد الر�أي القائل �إن �ضبط اال�ستهالك ي�ساهم في تقوية‬ ‫االقت�صاد المحلي‪.‬‬ ‫■ ■تقوية االقت�صادات المحلية‪ ،‬خا�صة في قطاع تجارة المواد الغذائية‪،‬‬ ‫ي�ؤدي �إلى ت�شجيع االقت�صاد ب�صورة ر�سمية‪.‬‬ ‫■ ■تن�سيق العمليات بين برنامج الق�ضاء على الجوع وحكومات الواليات‬ ‫ي�سهم في خلق ظروف �أف�ضل لنجاح البرنامج‪ .‬وقد تجلى ذلك بو�ضوح‬ ‫�أكبر في الحمالت المنظمة لتزويد المواطنين بالوثائق الإدارية‬ ‫المدنية الأ�سا�سية‪ ،‬وتقديم درو�س محاربة الأمية للمواطنين اليافعين‬ ‫والبالغين على حد �سواء‪.‬‬ ‫■ ■�ضمان لجان الت�سيير القيام ب�إدماج العوامل االجتماعية التي كثيرا ما‬ ‫كانت م�ستبعدة من النظم ال�سيا�سية في الما�ضي‪.‬‬

‫‪167‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫غير �أنه لم يكتب لمبادرة لجان الت�سيير المبدعة هذه �أن تعمر طويال‪ .‬فقد فقدت‬ ‫زخمها بعد �أن تم توحيد كل برامج التحويالت النقدية في �إطار برنامج واحد‪� ،‬ش�أنها في‬ ‫ذلك �ش�أن النقا�ش الذي كان دائرا حول توحيد المجال�س البلدية‪ .‬في ‪ ،2005‬قامت الحكومة‬ ‫بتحديد مجموعة من القواعد وال�شروط التي يخ�ضع لها انخراط البلديات في البرنامج‪،‬‬ ‫وتق�ضي ب�أن تقوم البلديات بتعيين مدير واحد للبلدية في البرنامج‪ ،‬و�إن�شاء مجل�س‬ ‫للرقابة االجتماعية بتمثيل مت�ساو بين الحكومة والمجتمع المدني‪� .‬أما مهمة الرقابة‬ ‫االجتماعية للبرنامج‪ ،‬فقد تم �إ�سنادها �إلى هيئات كانت موجودة من قبل‪ ،‬مثل الهيئات‬ ‫ال�ساهرة على �ضمان الرقابة االجتماعية بالن�سبة للبرامج ال�سابقة‪� ،‬أو المجال�س القطاعية‬ ‫التي تم �إن�شا�ؤها للإ�شراف على �سيا�سات �أخرى‪ ،‬وذلك �شريطة ا�ستيفائها لل�شروط القطاعية‬ ‫الم�شتركة و�ضمان التمثيل المت�ساوي لكل من الحكومة والمجتمع المدني‪.‬‬ ‫وفور االنتهاء من عملية االنخراط في البرنامج‪ ،‬حدث تحول في اهتمامات‬ ‫اللجان الم�سيرة التي �سبق لها �أن تلقت تدريبا في مجال الأمن الغذائي وفي تنظيم‬ ‫العمليات الخا�صة ببرنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬من �أجل تطوير عالقات التعاون‬ ‫مع مجال�س الم�ساعدة االجتماعية‪ .‬فقد كان الع�ضو المكلف بالإ�شراف على �سير‬ ‫البرنامج‪ ،‬بالن�سبة لـ ‪ 79‬في المائة من البلديات‪ ،‬يتمتع بخبرة مهنية �سابقة في العمل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وكذلك ال�ش�أن بالن�سبة لغالبية الأع�ضاء العاملين في مجال�س المراقبة‬ ‫االجتماعية التي تم �إن�شا�ؤها‪ .‬ومن مجموع المجال�س الحكومية الفيدرالية‪ ،‬كانت‬ ‫ن�سبة ‪ 42‬في المائة منها م�شكلة خ�صي�صا من �أجل البرنامج‪ ،‬و‪ 58‬في المائة منها‬ ‫تم ت�شكيلها من المجال�س التي كانت موجودة فيها من قبل‪ .‬وكانت ‪ 83.7‬في المائة‬ ‫من تلك المجال�س مرتبطة بهيئات الم�ساعدة االجتماعية‪ ،‬و ‪ 1.3‬في المائة مرتبطة‬ ‫بمجال ال�صحة‪ ،‬و‪ 0.6‬في المائة فقط بالمجال التربوي‪ .‬وهذا ح�سب المعطيات التي‬ ‫قدمتها وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع في يوليو‪/‬تموز ‪.2006‬‬

‫تقوية �شرائح معينة‬ ‫(ال�سكان الأ�صليون‪ ،‬وجماعات كيلومبو‪ ،‬والأ�سر المزارعة)‬

‫‪168‬‬

‫لقد كان الدور الكبير الذي قامت به المجموعات المنظمة في و�ضع ال�سيا�سات التي‬ ‫ت�ستهدف �شرائح معينة‪ ،‬كجماعات ال�سكان الأ�صليين‪ ،‬وجماعات كيلومبو‪ ،‬والأ�سر‬ ‫المزارعة �أحد العوامل البارزة في برنامج الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫فقد تم ب�شكل متواز تو�سيع نطاق عدد من العمليات التنموية المتنوعة‪،‬‬ ‫الم�صممة خ�صي�صا لهذه المجموعات‪ .‬فتمت‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬الزيادة تدريجيا‬ ‫في حجم الموارد المالية المخ�ص�صة لتوفير القرو�ض للأ�سر المزارعة عن طريق‬ ‫البرنامج الوطني لتنمية الزراعة الأ�سرية ‪ 10‬من ‪ 2.4‬مليار ريال برازيلي خالل مو�سم‬ ‫‪ 10‬هو البرنامج الوطني لتنمية الزراعة الأ�سرية الذي يمنح قرو�ضا تف�ضيلية لأ�سر المزارعين‪.‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫الح�صاد للفترة ‪� ،2004-2003‬إلى ‪ 9‬مليارات ريال برازيلي خالل مو�سم الح�صاد‬ ‫للفترة ‪� ،2006-2005‬أي بزيادة ن�سبتها ‪ 275‬في المائة‪.‬‬ ‫وقد تم تنفيذ برنامج �ضمان المح�صول في المناطق �شبه القاحلة للتعوي�ض‬ ‫عن الخ�سائر الناجمة عن الجفاف‪ ،‬ك�شكل من �أ�شكال الت�أمين‪ .‬وفي مو�سم الح�صاد‬ ‫‪ ،2005-2004‬تمت �إعادة ت�صميم مخطط ت�أمين الزراعة الأ�سرية لتمكين الأ�سر‬ ‫المزارعة‪ ،‬للمرة الأولى على الإطالق‪ ،‬من �ضمان تغطية قرو�ضها بن�سبة ‪ 100‬في‬ ‫المائة‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تغطية دخلها ال�صافي المتوقع في الم�شاريع الممولة من قبل‬ ‫برنامج الأ�سر المزارعة بن�سبة ‪ 65‬في المائة‪.11‬‬ ‫وهناك مثال �آخر يتجلى في التنظيم الذاتي لبرنامج توزيع المواد‬ ‫الغذائية من طرف الأ�سر المقيمة في المخيمات في انتظار ا�ستقرارها تحت‬ ‫�إ�شراف برنامج الإ�صالح الزراعي‪ .‬وقد كان المعهد الوطني للإعمار والإ�صالح‬ ‫الزراعي يقوم بنقل المواد الغذائية �إلى المخيمات‪ ،‬غير �أن توزيعها على الأ�سر‬ ‫المقيمة في المخيمات كان يتم بوا�سطة منظماتها‪ ،‬على �أ�سا�س ال ُنهج المتبعة‬ ‫في المجتمع المحلي‪.‬‬ ‫وتعتبر عملية �إح�صاء �أ�سر جماعة كيلومبو الأ�صلية �إحدى �أهم العمليات‬ ‫التي تم �إنجازها بف�ضل م�شاركة الجماعات التي تنتمي �إليها‪ .‬وقد ت�ضمنت هذه‬ ‫العملية كذلك ت�شخي�صا للبرامج المجتمعية المدرة للدخل التي تحظى بالأولوية‪.‬‬ ‫وقد تم تحويل االعتمادات المالية ال�ضرورية لتمويل م�شاريع مثل المطاحن‬ ‫ال�صغيرة‪ ،‬وم�شاريع ال�صناعة اليدوية‪ ،‬وب�ساتين الخ�ضر‪ ،‬وم�شاريع �صغيرة‬ ‫لل�صناعة الزراعية‪.‬‬ ‫ وتجدر الإ�شارة �إلى �أن مجموعات ال�سكان الأ�صليين و"الكويلومبوال" تعتمد‬ ‫دائما على الغرف الدائمة في المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية للتداول في‬ ‫�سيا�سات معينة‪ ،‬كبرنامج ‪ Quilombola Brazil‬وبرنامج "�سيا�سة الأمن الغذائي"‬ ‫لل�سكان الأ�صليين‪.‬‬ ‫ومن بين النتائج التي تحققت بف�ضل تطبيق برنامج اقتناء الغذاء‪ ،‬تزامنا مع‬ ‫تنفيذ مخططات توفير الغذاء لمجموعات معينة من ال�سكان‪� ،‬أن ‪ 40‬في المائة من‬ ‫الأغذية التي تم توزيعها في ‪ 2005‬من طرف ال�شركة الوطنية للتموين قد كانت من‬ ‫�إنتاج الأ�سر المزارعة‪ .‬وهي ن�سبة ما فتئت ترتفع مع تطور برنامج اقتناء الغذاء‪ .‬لقد‬ ‫�ساهم تطبيق �سيا�سة الغذاء والأمن الغذائي‪ ،‬ولو في مراحلها الأولى‪ ،‬وبما ال يدع‬ ‫مجاال لل�شك‪ ،‬في ت�أمين رعاية اجتماعية �أكبر لهذه المجموعات‪ ،‬كما �ساهم بنف�س‬ ‫القدر في تعزيز تنظيمهم‪.‬‬ ‫‪ 11‬الم�صدر‪.www.mda.gov.br/saf :‬‬

‫‪169‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫تحويل النقود والأمن الغذائي‬

‫‪170‬‬

‫لقد قام برنامج "منحة الأ�سرة"‪ ،‬في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪ ،2003‬بتوحيد برامج‬ ‫تحويل النقود الرئي�سية المعمول بها �إلى حد ذلك التاريخ‪ ،‬وهي برامج بطاقة الغذاء‬ ‫والمنحة المدر�سية ومنحة الغذاء‪ .‬وقد �أ�صبح مبلغ الـ ‪ 50‬رياال برازيليا الممنوحة‬ ‫في �إطار برنامج بطاقة الغذاء المعمول به منذ ‪ ،2003‬ي�شكل‪ ،‬على م�ستوى التطبيق‪،‬‬ ‫الأ�سا�س بالن�سبة لبرنامج منحة الأ�سرة‪ .‬ال�شيء الذي مكن من الزيادة‪ ،‬وبن�سبة مهمة‪،‬‬ ‫في قيمة التحويل النقدي المخ�ص�ص لكل �أ�سرة (من معدل وطني يتراوح بين ‪20‬‬ ‫و‪ 25‬رياال �إلى معدل يقدر بين ‪ 70.00‬و‪ 75.00‬رياال برازيليا مع تطبيق برنامج منحة‬ ‫الأ�سرة)‪ .‬وذلك لأن مبلغ الـ ‪ 15.00‬رياال برازيليا المخ�ص�ص لكل طفل في �إطار برنامج‬ ‫المنحة المدر�سية ومنحة الغذاء‪ ،‬قد تم جمعه في �شكل منحة موحدة قيمتها ‪15.00‬‬ ‫رياال برازيليا لكل طفل‪ ،‬في حدود ثالثة �أطفال على الأكثر لكل �أ�سرة‪ .‬ولهذا ال�سبب‬ ‫ارتفع المبلغ الممنوح لكل �أ�سرة في �إطار البرنامج الموحد �إلى حدود ‪ 95.00‬رياال‬ ‫برازيليا كحد �أق�صى‪ ،‬و�إلى ‪ 50.00‬رياال برازيليا كحد �أدنى‪.‬‬ ‫وقد كانت الغاية من وراء ذلك تتمثل في و�ضع برنامج وا�سع للتحويالت‬ ‫النقدية ي�شمل كافة الأ�سر الفقيرة‪ ،‬وذلك اعتمادا على ميزانية �ضخمة تخ�ص�ص‬ ‫للبرنامج �سنة بعد �أخرى‪� ،‬إلى �أن تبلغ في النهاية ‪ 11‬مليار ريال في ال�سنة‪.‬‬ ‫وقد كانت العقبة الرئي�سية التي اعتر�ضت الجمع بين برنامج يرمي �إلى‬ ‫�ضمان الحد الأدنى للدخل والحق في اال�ستفادة من هذا البرنامج تكمن �أ�سا�سا في‬ ‫ذاتية تحديد الحد الأدنى للدخل‪ .‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬لماذا يحق لأ�سرة يبلغ الحد‬ ‫الأدنى للدخل الفردي فيها ‪ 100‬ريال �أن ت�ستفيد من هذا البرنامج‪ ،‬بينما ال يحق ذلك‬ ‫لأ�سرة �أخرى يبلغ الحد الأدنى للدخل الفردي فيها ‪ 100.50‬ريال؟ كيف يمكن تحديث‬ ‫خط الفقر مع مرور الزمن؟ وعلى �أ�سا�س �أي معيار؟ وما هو المعيار الذي يقرر على‬ ‫�أ�سا�سه �أن ت�ستثنى �أ�سرة ما من البرنامج‪� ،‬إذا كانت تلك الأ�سرة معر�ضة لله�شا�شة‬ ‫االجتماعية و�إن ارتفع دخلها قليال؟‬ ‫وفي �ضوء هذه االعتبارات‪ ،‬يبدو جليا �أن العوامل الرئي�سية التي ب�إمكانها �أن‬ ‫ت�ؤدي �إلى تبني برنامج للتحويالت النقدية بهدف توفير الغذاء والأمن الغذائي ال بد‬ ‫�أن تت�ضمن العنا�صر التالية‪:‬‬ ‫■ ■ربط التحويل النقدي ب�سيا�سة ترمي �إلى �ضمان الح�صول على الغذاء‬ ‫باعتباره حقا من حقوق الإن�سان‪ ،‬وجزءا ال يتجز�أ من �سيا�سة الدولة ال‬ ‫من �سيا�سة الحكومة‪.‬‬ ‫■ ■تحديد �أولوية �سيا�سية‪ ،‬ومن الأف�ضل �أن يكون ذلك من طرف رئي�س الأمة‪،‬‬ ‫هدفها محاربة الجوع من خالل و�ضع �سيا�سة وطنية للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■تبني معايير محددة من �أجل انتقاء جمهور الم�ستفيدين‪ :‬فعو�ض‬ ‫االكتفاء بالتحقق مما �إذا كانت المعايير المو�ضوعة لتحديد خط الفقر‬ ‫قد تم االلتزام بها‪ ،‬وو�ضع �سجل للم�ستفيدين على �أ�سا�س ذلك‪ ،‬هناك‬ ‫معايير �أخرى مهمة ينبغي الت�أكد من توفرها‪ ،‬كوجود نق�ص �شديد �أو‬ ‫معتدل في الأمن الغذائي للأ�سرة‪ ،‬ي�سمح بقبولها �ضمن الأ�سر الم�ستفيدة‬ ‫من البرنامج‪ .‬لهذا ال�سبب‪ ،‬يعتبر انتقاء الم�ستفيدين المحتملين عن‬ ‫طريق �إح�صاءات نوعية �أو عن طريق وكالء وزارة ال�صحة المحليين �أمرا‬ ‫مهما للغاية ل�ضمان حق الإن�سان في الغذاء‪.‬‬ ‫■مبلغ اال�ستفادة‪ :‬يف�ضل �أن يكون مبلغ اال�ستفادة كافيا القتناء �سلة‬ ‫من الأغذية المتنوعة الأ�سا�سية‪ ،‬ذات جودة مقبولة‪ ،‬وكافية بالن�سبة‬ ‫لحجم الأ�سرة؛ متابعة الأ�سر‪ :‬متابعة الأ�سر �ضرورية نظرا لكون المبالغ‬ ‫المحولة ال تكفي‪ ،‬في ظل غياب �إجراءات �أخرى‪ ،‬للتغلب على اله�شا�شة‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إن متابعة الأ�سر �ضروري للتعرف على م�صادر اله�شا�شة‬ ‫المختلفة‪ ،‬المحلية والإقليمية‪ ،‬التي تواجه الأ�سر‪.‬‬ ‫■يعتبر تقديم الن�صح والإر�شاد بخ�صو�ص العادات الغذائية ال�صحية‪ ،‬مع‬ ‫التحفيز على �إنتاج الغذاء المحلي‪� ،‬ضروريا كذلك‪� .‬سيا�سات متكاملة‪:‬‬ ‫تعتبر �أ�سا�سية ل�ضمان �إنهاء الأ�سر للبرنامج بعد اال�ستفادة منه‬ ‫ب�صورة ناجحة‪ ،‬خا�صة �إذا كانت هذه ال�سيا�سات مقرونة ب�إجراءات‬ ‫ترمي �إلى تح�سين ظروفها المعي�شية و�أمنها الغذائي‪ .‬ويمكن عن طريق‬ ‫هذه ال�سيا�سات خلق فر�ص العمل المدرة للدخل‪ ،‬وذلك بتن�شيط �أنواع‬ ‫االقت�صاد المحلي عبر تحفيز الإنتاج الغذائي المحلي‪ /‬الإقليمي‪،‬‬ ‫ومعالجته وت�سويقه‪.‬‬ ‫■تحديد المعايير التي توجب �إنهاء الأ�سر للبرنامج‪ :‬يجب �أن تكون هذه‬ ‫المعايير مرتبطة بم�ستوى عي�ش �أف�ضل للأ�سر نظرا لكونها تكت�سب قدرة‬ ‫ذاتية لتوليد الدخل‪.‬‬

‫وهناك مجموعة من الإجراءات الموازية التي ت�شكل �أمثلة ملمو�سة لما‬ ‫ي�سمى بال�سيا�سات المتكاملة نذكر منها على �سبيل المثال‪�( :‬أ) برامج القرو�ض‬ ‫ل�صغار المزارعين ب�شروط تف�ضيلية‪ ،‬كالبرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪،‬‬ ‫وهو برنامج قرو�ض خا�ص بالأ�سر المزارعة‪ ،‬ويوفر قرو�ضا مختلفة ح�سب الدخل‬ ‫ال�سنوي للمزارعين وذلك بهدف جعل الإنتاج �أكثر تنوعا وذا بعد �إقليمي؛ (ب) تت�ضمن‬ ‫برامج التدريب والم�ساعدة التقنية للأ�سر المزارعة مبادئ التنويع وال�صيانة وتثمين‬ ‫الر�صيد المعرفي المحلي لدى المزارعين؛ (ج) برنامج القتناء المواد الغذائية المحلية‬

‫‪171‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫من الأ�سر المزارعة بهدف تح�سين الأ�سعار المتداولة في الأ�سواق وتوزيع المواد‬ ‫الغذائية المقتناة بهذه الطريقة على الم�ؤ�س�سات الم�شرفة على تنفيذ البرامج‪ ،‬كبرنامج‬ ‫الوجبات المدر�سية‪ ،‬والم�ست�شفيات‪ ،‬والبرامج الطارئة �أو الحاالت اال�ضطرارية؛‬ ‫(د) �إن�شاء المرافق ال�ضرورية لت�سويق المواد الغذائية �إقليميا‪ ،‬و�إن�شاء �أ�سواق في‬ ‫الهواء الطلق للمزارعين المحليين في المناطق ذات الحركة المكثفة لل�سكان‪ .‬ويف�ضل‬ ‫�أن تنعقد تلك الأ�سواق في الأيام التي يتم فيها �أداء التحويالت النقدية للم�ستفيدين؛‬ ‫(ه) برامج القرو�ض ال�صغرى واالقت�صاد الت�ضامني‪ :‬ويف�ضل �أن تكون مندمجة في‬ ‫�شبكات ت�سويق قائمة على �أ�سا�س ت�ضامني‪.‬‬

‫التوقعات‪� -‬إ�ضفاء الطابع الم�ؤ�س�سي على �سيا�سة‬ ‫الأمن الغذائي والتغذية‬

‫‪172‬‬

‫يكمن مفتاح النجاح بالن�سبة ل�سيا�سة الأمن الغذائي‪ ،‬ك�سيا�سة دولة‪ ،‬في �إن�شاء‬ ‫�إطار م�ؤ�س�سي متين لتنفيذ تلك ال�سيا�سة‪ .‬وهناك‪ ،‬على الأقل‪ ،‬ثالث �أدوات‬ ‫�ضرورية لإنجاز عملية �إ�ضفاء الطابع الم�ؤ�س�سي هذه‪�( :‬أ) قانون خا�ص بالأمن‬ ‫الغذائي من �أجل �ضمان الحق في الغذاء كواجب من واجبات الدولة‪ ،‬وتحديد‬ ‫الأدوات ال�ضرورية لتطبيق �سيا�سة الأمن الغذائي ب�شكل ي�ضمن ا�ستمراريتها‪،‬‬ ‫حتى عندما تتغير الحكومات؛ (ب) مخطط م�ؤ�س�سي في الفرع التنفيذي‪ ،‬يت�ضمن‬ ‫�إطارا محددا للعمل‪ ،‬وو�سائل التن�سيق بين القطاعات‪ ،‬وم�صادر التمويل؛‬ ‫(ج) �آليات الرقابة والم�شاركة االجتماعيتان‪ ،‬مع �أدوات لتتبع وتقييم ال�سيا�سة‬ ‫وبرامجها‪.‬‬ ‫وفي البرازيل‪ ،‬توجد الم�ؤ�س�سات القائمة التالية‪ :‬المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬كهيئة مهمتها تقديم الم�شورة مبا�شرة لرئي�س الجمهورية‪ ،‬وتطوير‬ ‫العالقات بين المجتمع المدني والحكومة؛ القانون الأ�سا�سي للتغذية والأمن الغذائي‬ ‫الذي و�ضع ل�ضمان التنفيذ الإجباري للنظام الوطني للتغذية والأمن الغذائي ب�صورة‬ ‫دائمة؛ وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع‪ ،‬وليدها �أمانة الأمن الغذائي‬ ‫القومي‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أنه قد �أ�صبح من ال�ضروري الآن �إن�شاء �آلية للتن�سيق بين‬ ‫القطاعات المعنية‪ ،‬نظرا لكون عمليات الأمن الغذائي متفرقة بين الوزارات المختلفة‪،‬‬ ‫ولكون موارد الميزانية يتم تحديدها �سنويا طبقا ل�شروط ا�ستقرار الميزانية‪.‬‬ ‫وا�ستنادا �إلى القانون الأ�سا�سي للتغذية والأمن الغذائي‪ ،‬ف�إن النظام الوطني‬ ‫للتغذية والأمن الغذائي يجب �أن يت�شكل من وكاالت تابعة للحكومة الفيدرالية‪،‬‬ ‫والواليات‪ ،‬والبلديات‪ ،‬والم�ؤ�س�سات الخا�صة المنخرطة في �أن�شطة لها عالقة بالنظام‬ ‫الغذائي الوطني‪ ،‬والتي تعبر عن رغبتها في االن�ضمام �إلى النظام المذكور‪ ،‬الذي‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫يهدف �إلى "و�ضع �سيا�سات خا�صة بالأمن الغذائي وتطبيقها‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تن�شيط‬ ‫الجهود الم�شتركة بين الحكومة والمجتمع المدني‪ ،‬من جهة‪ ،‬وتتبع �سيا�سة الأمن‬ ‫الغذائي في البرازيل ور�صدها وتقييمها‪ ،‬من جهة ثانية"‪.‬‬ ‫وي�شتمل النظام الوطني للأمن الغذائي على المكونات التالية‪ :‬الم�ؤتمر الوطني‬ ‫حول التغذية والأمن الغذائي‪ ،‬الذي يقترح الخطوط الموجهة والأولويات المتعلقة‬ ‫بال�سيا�سة الوطنية الخا�صة بالتغذية والأمن الغذائي؛ المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬وهو هيئة مكلفة بتقديم الم�شورة المبا�شرة لرئي�س الجمهورية؛‬ ‫الغرفة الم�شتركة بين الوزارات للتغذية والأمن الغذائي‪ :‬وتتكون من الوزراء والكتاب‬ ‫الخا�صين الم�س�ؤولين عن الوكاالت التي تعالج م�سائل ذات �صلة بالنظام الغذائي‬ ‫الوطني‪ .‬ومن بين مهام الغرفة الم�شتركة بين الوزارات تخطيط �سيا�سة النظام‬ ‫الغذائي الوطني وتن�سيق عمليات تنفيذها‪.‬‬ ‫وتعتبر وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع‪ ،‬على م�ستوى الجهاز‬ ‫التنفيذي‪ ،‬المخاطب الرئي�سي في الحكومة في كل ما يتعلق بالنظام الغذائي الوطني‪.‬‬ ‫ويعمل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية باعتباره هيئة ا�ست�شارية‬ ‫ومن�سقة مرتبطة برئا�سة الجمهورية‪ ،‬ولي�س باعتبارها هيئة تداولية مرتبطة‬ ‫بقطاع وزاري معين‪ .‬ذلك لأن الأمن الغذائي �سيا�سة تهم قطاعات متعددة‪ ،‬وال‬ ‫ينبغي ربطها بقطاع معين �أو وزارة معينة – حتى ال تفقد قدرتها على ربط‬ ‫العالقات مع القطاعات المتعددة‪ .‬فالهدف‪� ،‬إذن‪ ،‬هو �إن�شاء لجنة وزارية تكون هي‬ ‫المحاور الرئي�سي‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ما هو النموذج الم�ؤ�س�سي الأف�ضل؟ بالن�سبة لبلدان �أمريكا الالتينية‬ ‫التي تتحدث عن �ضرورة تبني �سيا�سة خا�صة بالأمن الغذائي‪ ،‬ف�إن نقطة البداية‬ ‫في البحث عن الجواب تكمن في ان�شغالها بت�أمين التموين الغذائي لل�سكان وحماية‬ ‫مزارعيها‪ .‬وهذا هو �ش�أن المك�سيك التي تناق�ش �أي�ضا م�س�ألة و�ضع قانون �أ�سا�سي‬ ‫للأمن الغذائي‪ .‬وا�ستنادا �إلى م�شروع القانون الذي تم عر�ضه �أمام اللجنة الزراعية‬ ‫للبرلمان في �سبتمبر‪�/‬أيلول ‪ ،2005‬ف�إن �سيا�سة و�ضع قانون للأمن الغذائي تعتبر‬ ‫"م�س�ألة م�ستعجلة تحظى بالأولوية" بالن�سبة للمك�سيك‪ ،‬لأنه ي�شكل "�أ�سا�س ال�سيادة‬ ‫والأمن الغذائي للأمة المك�سيكية"‪.‬‬ ‫وتت�ضمن برامج الأمن الغذائي التي و�ضعتها جمهورية فنزويال البوليفارية‬ ‫عنا�صر ت�ؤكد بقوة �أهمية التموين الغذائي‪ .‬وح�سب المبي (‪ ،)Llambi, 2005‬ف�إن‬ ‫"المخطط الوطني يعتبر �أن الهدف الذي يحظى بالأولوية في �سيا�سة الأمن الغذائي‬ ‫هو تحقيق االكتفاء الذاتي للبالد في ما يتعلق بالتموين الغذائي‪ ،‬وتركيز االهتمام‬ ‫على اتخاذ االحتياطات عن طريق و�ضع الئحة بمنتجات غذائية معينة‪ ،‬باعتبارها‬ ‫مواد ح�سا�سة"‪.‬‬

‫‪173‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪174‬‬

‫لذلك‪ ،‬ف�إنه من الوا�ضح وجوب �أن يكون الإطار الم�ؤ�س�سي لهذه البلدان مركزا‬ ‫وب�شكل قوي في وزارات الزراعة والثروة الحيوانية‪ .‬غير �أن الأمر يختلف بالن�سبة‬ ‫للبرازيل‪ ،‬حيث تم حل م�شكلة التموين المرتبطة بم�س�ألة تحقيق الأمن الغذائي في‬ ‫البالد منذ ع�شرات ال�سنين‪ .‬وهو ما مكن البرازيل من �أن ت�صبح اليوم بلدا من �أكبر‬ ‫البلدان الم�صدرة للمواد الغذائية الأ�سا�سية في العالم‪ .‬لقد تم التغلب على الم�شاكل‬ ‫الزراعية الحيوانية بف�ضل ال�سيا�سات الناجعة لوزارة الزراعة‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬كان‬ ‫النموذج الم�ؤ�س�سي الذي اقترحته البرازيل مختلفا‪.‬‬ ‫ومن المرجح �أن تعود الإنجازات التي تحققت في �إطار الجهود المبذولة‬ ‫لتعزيز الأمن الغذائي‪ ،‬في المقام الأول‪� ،‬إلى �إن�شاء وزارة خا�صة بالقطاع‪ ،‬مكلفة‬ ‫بو�ضع وتنفيذ �سيا�سات لم تكن موجودة في ال�سابق‪ ،‬ومتوفرة على ميزانية خا�صة‬ ‫بها‪ ،‬وتتمتع باال�ستقاللية ال�ضرورية للتنفيذ ال�سريع للم�شاريع‪ ،‬على الرغم من وجود‬ ‫العديد من �أوجه الق�صور‪ -‬مثل االفتقار �إلى الأطر‪ ،‬وغياب عالقات �شراكة من �أجل‬ ‫تنفيذ م�شاريع �أخرى على الم�ستوى الفيدرالي �أو على م�ستوى الواليات والجماعات‪.‬‬ ‫وقد ات�ضح في ال�سنوات الالحقة �أن �سمات النموذج الأ�صلي لم تتغير‪ .‬ولقد‬ ‫كان اال�ستمرار في نهج �سيا�سات محددة ممكنا �إلى حد كبير‪ ،‬بف�ضل النموذج الذي‬ ‫تم تبنيه في البداية‪ ،‬مع ‪ 1.8‬مليار ريال برازيلي من المواد المتوفرة‪ .‬ومن وجهة‬ ‫نظر الحكومة‪ ،‬ف�إن هذه الموارد كانت ت�شكل �سابقة بالن�سبة لبرنامج الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫ويجدر التذكير بال�صعوبات الجمة التي واجهها المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية في �سبيل الح�صول على اعتمادات في الميزانية ل�صالح برنامج التغذية‬ ‫والأمن الغذائي‪ ،‬وعلى الإذن ب�إنفاقها‪ ،‬في �سنة ‪ .1993‬ولأن الميزانية تكون مرنة‬ ‫�إلى حد ما (�أي �أن ميزانية ال�سنة الموالية بالن�سبة لكل وزارة يتم تحديدها على‬ ‫�أ�سا�س ما تم �إنفاقه في ال�سنة ال�سابقة)‪ ،‬ف�إن �إن�شاء نظام الوزارة فوق العادة المكلفة‬ ‫بالأمن الغذائي قد مكن من الحفاظ على نف�س االعتمادات المخ�ص�صة لبرنامج منحة‬ ‫الأ�سرة (من ‪� 50.00‬إلى ‪ 63.00‬رياال برازيليا في المعدل لكل �أ�سرة) والتي تمت الزيادة‬ ‫فيها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تم ت�سجيل عدة نواق�ص‪ ،‬خا�صة في ما يتعلق بالتن�سيق مع‬ ‫الوزارات الأخرى‪.‬‬ ‫وفي هذا ال�سياق‪ ،‬كان وجود المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية �أ�سا�سيا‬ ‫لدعم االلتزام الحكومي بتنفيذ �سيا�سة الغذاء والأمن الغذائي كهدف ا�ستراتيجي‬ ‫له �أبعاد متقاطعة‪ ،‬ولل�ضغط من �أجل �ضمان مراقبة اجتماعية مالئمة للبرامج‬ ‫االجتماعية‪ ،‬خا�صة برنامج منحة الأ�سرة‪.‬‬ ‫غير �أن وجود هيئات تن�سيقية وتنفيذية في الجهاز التنفيذي يعتبر �ضروريا‬ ‫�أي�ضا‪ .‬ذلك لأن المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬باعتباره هيئة اجتماعية‬ ‫وهيئة للرقابة والر�صد ال يمكنه �أن يقوم بالدور الذي تقوم به الدولة‪ .‬وفي هذه‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫الحالة‪ ،‬هناك بديالن يت�سمان بالطابع الم�ؤ�س�سي يتم النظر فيهما‪ :‬البديل الأول‪،‬‬ ‫وقد ن�ص عليه القانون الأ�سا�سي للتغذية والأمن الغذائي‪ ،‬وهو �أن تكون هناك‬ ‫وكالة غير قطاعية يكون و�ضعها فوق و�ضع الوزارات القطاعية التنفيذية‪ ،‬بحيث‬ ‫تكون هي الجهة المحاورة والمن�سقة لل�سيا�سة الحكومية الخا�صة بالغذاء والأمن‬ ‫الغذائي‪ .‬وقد تكون مديرية ال�ش�ؤون المدنية هي التي تتوفر فيها هذه ال�شروط‪ ،‬نظرا‬ ‫لكون دورها بال�ضبط هو تن�سيق العمل الحكومي‪ .‬ومن منظور هذا النموذج‪ ،‬ت�شتد‬ ‫الحاجة �إلى التزام وا�ضح من طرف الحكومة ب�أن تجعل من �ضمان الأمن الغذائي‬ ‫هدفا يحظى بالأولوية في �سيا�ساتها‪ ،‬و�إال ف�إن مخاطر عدم اال�ستقرار والبطء في‬ ‫اتخاذ القرارات �ستزداد ب�شكل كبير‪ .‬غير �أن هذا النموذج البديل ال يلغي الحاجة‬ ‫�إلى �إدارات تنفيذية محددة داخل وزارة التنمية االجتماعية ووزارة ال�صحة‪ ،‬على‬ ‫�سبيل المثال‪.‬‬ ‫وال�س�ؤال الذي ال يجيب عنه هذا البديل هو‪ :‬ما هو نوع العالقات التي �ستربط‬ ‫بين �سيا�سة الأمن الغذائي وال�سيا�سات االجتماعية الأخرى؟ هل �ستكون الأولى تابعة‬ ‫للثانية‪� ،‬أم العك�س؟ �إن �أهمية هذا ال�س�ؤال تكمن في حقيقة وجود منطقة رمادية‬ ‫وغمو�ض في ما يتعلق بال�سيا�سات الهيكلية الرامية �إلى التغلب على �أنواع اله�شا�شة‬ ‫المختلفة التي ت�شمل المجال االجتماعي ككل‪.‬‬ ‫�إن البديل الم�ؤ�س�سي للتعاطي مع هذه الأمور‪ ،‬نظريا‪ ،‬هو معالجة م�س�ألة‬ ‫الح�صول على الغذاء الجيد‪ ،‬كمكون قطاعي دائم في ال�سيا�سة االجتماعية للحكومة‪.‬‬ ‫وما يبرر ذلك هو الحاجة �إلى التعامل مع الغذاء كحق اجتماعي‪ ،‬مثله في ذلك مثل‬ ‫الحق في ال�صحة والتعليم والعمل والم�ساعدة االجتماعية؛ وبذلك يتم ا�ستئناف العمل‬ ‫بمفهوم الأمن االجتماعي و�إتمامه‪ ،‬كما هو من�صو�ص عليه في د�ستور ‪ .1988‬ويعني‬ ‫ذلك �أنه‪ ،‬تماما مثلما هو ال�ش�أن بالن�سبة للحق العالمي في الح�صول على الرعاية‬ ‫ال�صحية والتعليم الذي يتم تحقيقه من خالل توفير الخدمات المالئمة لل�سكان‪،‬‬ ‫ف�إن القطاع الغذائي يجب عليه بدوره �أن يوفر خدمات تجعل الح�صول على الغذاء‬ ‫الجيد �أمرا متي�سرا‪� ،‬أما م�س�ألة التن�سيق ف�ستتم معالجتها في �إطار �أو�سع‪ ،‬وهو �إطار‬ ‫ال�سيا�سة الحكومية في مجال الأمن الغذائي‪ ،‬حيث يكون الأمن الغذائي �أحد �أهدافها‬ ‫المتقاطعة‪ .‬لكن‪ ،‬ولكي تكون فر�ص نجاح هذا النموذج م�ضمونة‪ ،‬ف�إنه يتعين على كل‬ ‫الوزراء المكلفين بمعالجة ق�ضايا الأمن االجتماعي �أن يفهموا طبيعته التكاملية و�أن‬ ‫يعملوا �سويا على �أ�سا�س اتفاقيات‪ ،‬ك�شركاء ولي�س كمتناف�سين‪ .‬وي�شكل هذا الأمر‪ ،‬في‬ ‫حد ذاته‪ ،‬تحديا كبيرا عندما تكون هناك خالفات �سيا�سية‪.‬‬ ‫ويمكن �إ�سناد مهمة �صياغة �سيا�سات محددة خا�صة بالأمن الغذائي والتغذية‬ ‫وتنفيذها ومتابعتها‪ ،‬بالمعنى العام للكلمة‪� ،‬إلى وزارة �أو �إلى �شركة كال�شركة‬ ‫الوطنية للتموين الغذائي‪� ،‬أو �إلى معهد كالمعهد الوطني للغذاء والتغذية‪ ،‬القديم العهد‬

‫‪175‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪176‬‬

‫مع الأخذ بعين االعتبار‪ ،‬وبا�ستمرار‪ ،‬م�صالح ووجهات نظر المجتمع المدني‪ ،‬كما يتم‬ ‫التعبير عنها داخل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫ولكي يت�سنى للحكومة العمل بطريقة تت�سق والأولوية المرتبطة بالتغذية‬ ‫والأمن الغذائي‪ ،‬يجب عليها‪� ،‬أوال‪� ،‬أن تتبنى الموقف الذي يعتبر محاربة الجوع‬ ‫طور روابطَ تجمع بين الوزارات‬ ‫عملية بنيوية وا�ضطرارية في �آن واحد؛ وثانيا‪� ،‬أَ ْن ُت ِّ‬ ‫المختلفة حول م�س�ألة التغذية والأمن الغذائي‪ ،‬مع تحديد الجهة التي �ستتولى مهمة‬ ‫طور م�شروعا وا�ضحا ل�سيا�ستها‬ ‫التن�سيق‪ ،‬وذلك ب�شكل وا�ضح؛ وثالثا و�أخيرا‪� ،‬أَ ْن ُت ِّ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬يكون �أكثر �شمولية من برنامج تحويل النقود‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ما‬ ‫�سبق‪ ،‬ف�إنه ال بد من العودة مجددا‪ ،‬وبقوة‪� ،‬إلى الخطاب الذي ي�ؤكد الحق في الغذاء‪،‬‬ ‫والحاجة �إلى تبني �سيا�سات هيكِلية مرتبطة بالعمليات اال�ضطرارية‪ ،‬و�ضمان‬ ‫الرقابة االجتماعية كو�سيلة لتو�سيع حقوق المواطنة؛ وذلك من �أجل تفادي خطر‬ ‫ارتفاع عدد النا�س الذين يتفقون مع االنتقادات القائلة �إن ال�سيا�سات االجتماعية‬ ‫�إنما ت�ستعمل لأغرا�ض االنتخاب فقط‪.‬‬ ‫وبارتباط مع تحديد ال�سيا�سة االجتماعية‪ ،‬تقترح بلدان �أمريكا الالتينية ُنهج‬ ‫تنبني على فر�ضيتين متعار�ضتين‪� :‬إذ تدعو بع�ض هذه البلدان �إلى �سيا�سة تركز على‬ ‫الأ�سر الأكثر فقرا بين ال�سكان‪ ،‬مع �إنفاق �أقل على ال�سيا�سات االجتماعية العامة‪،‬‬ ‫كال�سيا�سات الم�صممة لتعزيز الأمن االجتماعي العام‪ ،‬والحق في العمل‪ ،‬والرعاية‬ ‫ال�صحية‪ ،‬وتوزيع موارد الميزانية على برامج التحويالت النقدية المرتبطة ب�شروط‬ ‫معينة‪ .‬وفي هذه الحالة تكون العمليات الخا�ضعة لرقابة �ضعيفة والهادفة �إلى �إيجاد‬ ‫مخرج من حالة الفقر بالن�سبة للأ�سر‪ ،‬مبنية على فكرة مفادها �أن ال�سبيل �إلى خروج‬ ‫الأ�سر من و�ضعها اله�ش رهين باختياراتها الفردية‪� :‬إبقاء �أطفالها في المدر�سة‪،‬‬ ‫مع متابعة منتظمة لو�ضعهم ال�صحي من قبل نظام المراقبة ال�صحية‪ ،‬والت�أكد‬ ‫من ح�ضورهم درو�س التكوين المهني‪� ،‬إلخ‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أن مبدئي الرقابة‬ ‫االجتماعية والإدارة الت�شاركية ال يحظيان ب�أي دعم‪.‬‬ ‫�أما البلدان الأخرى فتدعم الر�أي القائل ب�أحقية كافة المواطنين في الح�صول‬ ‫على غذاء كاف و�صحي ومتوازن‪ ،‬كحق من حقوق الإن�سان‪ ،‬وكواجب من واجبات‬ ‫الدولة‪ .‬ويعتقد م�ؤيدو هذه الفكرة �أن اله�شا�شة ال يمكن الق�ضاء عليها �إال من خالل‬ ‫ُنهج تنموية واقت�صادية ت�ؤمن فر�ص العمل والدخل للأ�سر‪ ،‬وتخف�ض من ن�سبة‬ ‫الالم�ساواة االجتماعية‪ ،‬مقترنة ب�سيا�سات توزيع الدخل و�أخرى عامة تهدف �إلى‬ ‫ت�أمين الحقوق وا�سترجاع القدرة ال�شرائية للحد الأدنى من الأجور‪ .‬وفوق هذا كله‪،‬‬ ‫يعتقد م�ؤيدو هذا الر�أي �أن و�ضع �سيا�سات خا�صة لت�أمين الح�صول على الغذاء‪ ،‬ال بد‬ ‫�أن ي�ؤدي �إلى تطورات �إيجابية من حيث خلق فر�ص العمل المدرة للدخل‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إلى تدعيم حقوق المواطنة والرفع من ن�سبة م�شاركة ال�سكان من خالل هيئات‬


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬

‫�إطار توزيع الدخل يف الربازيل‬ ‫�سيا�سة الأمن االجتماعي‬ ‫المبنية على الحقوق االجتماعية‬ ‫ال�صحة‬

‫�سيا�سات غذائية‬

‫�سيا�سات الم�ساعدة‬ ‫االجتماعية‬

‫التعليم‬

‫دعم الزراعة الأ�سرية‬

‫ال�سيا�سات المتعلقة‬ ‫بالعمل والدخل‬

‫تقلي�ص معدل الفقر‬

‫الأمن الغذائي‬

‫�سيادة الأغذية‬

‫الرقابة االجتماعية المحلية‪ .‬وقد كان هذا النموذج الثاني‪ ،‬في الحالة البرازيلية‪ ،‬هو‬ ‫الذي عرف تطورا �أكثر قوة‪.‬‬ ‫ويجب �أن تكون الح�صيلة الإجمالية ل�سيا�سة الأمن الغذائي هذه مركزة على‬ ‫مجموعة من الأهداف ذات الأولوية‪ ،‬منها تقلي�ص ن�سبة الفقر‪ ،‬وتعزيز الأمن الغذائي‬ ‫وال�سيادة الغذائية‪� .‬أما التحويالت النقدية‪ ،‬فيمكن �أن ت�شكل �إحدى الأدوات التي توفر‬ ‫الم�ساعدة الآنية للأ�سر الأكثر فقرا بين ال�سكان‪ ،‬والتي يجب �أن تحظى بالأولوية لدى‬ ‫الحكومة ككل‪ .‬وهذا يعني �أن �أي �سيا�سة لن ت�ستطيع‪ ،‬ب�صفة منفردة‪� ،‬أن تحقق النتائج‬ ‫المرجوة‪ ،‬و�أن �أي برنامج من برامج توزيع الدخل عن طريق التحويالت النقدية‬ ‫ال يجب �أن يكون برنامجا منعزال ينفرد به قطاع معين من القطاعات الحكومية‬ ‫�أو مجال من مجاالتها‪ .‬وفي �إطار هذا الم�شروع تعتبر المخارج �أو الحلول‪ ،‬كما‬ ‫يبين الر�سم البياني �أدناه‪ ،‬عنا�صر جوهرية بالن�سبة لت�صميم ال�سيا�سة االجتماعية‬ ‫للحكومة‪ .‬ففيما ت�ستطيع التحويالت النقدية تلبية الحاجيات الأ�سا�سية للأ�سر‬ ‫الفقيرة ب�صفة فورية تتالقى كل المجاالت التي ذكرت هنا في نقطة واحدة‪ ،‬وهي‬ ‫�ضمان الحقوق والو�سائل لتلك الأ�سر حتى تتغلب على و�ضعيتها اله�شة‪ .‬ويت�ضمن‬ ‫الم�شروع اقتراحات من �أجل �إحداث تغييرات م�شتركة في نظام توزيع الدخل‬ ‫في البرازيل‪.‬‬ ‫‪177‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المراجع‬ BICKEL, G.; ANDREWS, M. A evolução do programa de cupom ali­mentação e a mensuração da fome nos Estados Unidos. In: Combate à fome e à pobreza rural. São Paulo: Citizenship Institute, 2002. BRAZIL. Chamber of Representatives. Consultoria de Orçamento e Fiscalização Financeira. Balanço do Fome Zero. Brasília, Federal District, 2005. (Technical study n. 20). ___. Federal Government. Fome Zero: balanço dos programas e ações. Brasília, Federal District, October 2005. National Food Supply Company (CONAB). História do abastecimento alimentar. (Draft). Brasília, 2005. DE HAEN, H. A conjuntura global de insegurança alimentar e os benefícios ligados à redução da fome. In: CONFERÊNCIA NACIONAL DE SEGURANÇA ALIMENTAR E NUTRICIONAL, 2., 2004, Olinda. DEAN, H. The global human rights agenda and the (im)possibility of the ethical state. In: CIMADAMORE, A.; DEAN, H.; SIQUEIRA, J. The poverty of the state: reconsidering the role of the state in the struggle against global poverty. Clacso-Crop Series, 2005. DELGADO, G. C.; CONCEIÇÃO, J. C. P. R. da; OLIVEIRA, J. J. de. Avaliação do Programa de Aquisição de Alimentos da agricultura familiar (PAA). Brasília, Federal District, 2005: Ipea, 2005. (Discussion paper n. 1145). DESER. Compras governamentais: o programa brasileiro de aquisição de alimentos. Brasília, 2005. GOMES, A. Salvem os comitês gestores, 2003. Mimeo. CITIZENSHIP INSTITUTE, 2002. Fome Zero: uma proposta de política de segurança alimentar para o Brasil. São Paulo, 2001. LLAMBI, L. Los programas de combate a la desigualdade social, seguridad alimentaria y reforma agrária del gobierno de Venezuela. Caracas, 2005.

178


‫الأمن الغذائي والتغذية وبرامج التحويالت المالية‬ MACINKO, J.; GUANAIS, F. C.; SOUZA, M. F. M. de. Evaluation of the impact of the family health program on infant mortality in Brazil, 1990-2002. Journal Epidemiol Community Health, v. 60, pp. 13-19, 2005. Available at: <http://jech.bmjjournals.com>. Accessed on: December 16, 2005. MONTEIRO, C. A. A dimensão da pobreza, da desnutrição e da fome no Brasil: implicações para políticas públicas, 2003. Mimeo. ___; ONDE, W. L.; KONNO, S. C. Desnutrição infantil no semiárido brasileiro: prevalência, distribuição social, tendência secular e impacto dos programas de transferência de renda. Analysis of the survey “Chamada Nutricional 2005” carried out by the Ministry of Social Development and the Ministry of Health, 2006. ORTEGA, A. C. Relatório de viagem: os Comitês Gestores Locais e as Coordenações Estaduais do Programa Fome Zero em Pernambuco, Paraíba e Rio Grande do Norte, 2003. Mimeo. ROCHA, S. Opções metodológicas para a estimação de linhas de indigência e de pobreza no Brasil. Rio de Janeiro: Ipea, 2000. (Discussion paper n. 720). SCHNEIDER, S.; SILVA, M. K.; MARQUES, P. E. M. (Org.). Políticas públicas e participação social no Brasil Rural. Porto Alegre: Federal University of Rio Grande do Sul - UFRGS, 2004. SEN, Amarthya. Food entitlements and economic chains. In: LE MAY, B. W. J. (Ed.). Science, Ethics and Food. Washington, DC: Smithsonian Institute Press, pp. 58-70, 1988. TAKAGI, M. A implantação da Política de Segurança Alimentar e Nutricional no Brasil: seus limites e desafios. 2006. 150 pages. Thesis (PhD in Economic Sciences) – State University of Campinas, Campinas, State of São Paulo, 2006. ___; DEL GROSSI, M.; GRAZIANO DA SILVA, J. Pobreza e fome: em busca de uma metodologia para quantificação do problema no Brasil. Campinas: IE/Unicamp, 2001. (Discussion paper n. 101).

179



‫‪ -8‬برنامجا الزراعة الأ�سرية‬ ‫و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‬ ‫برنامج اقتناء الغذاء‬

‫‪1‬‬

‫�أدونيرام �سان�شي�س بيرا�سي‬ ‫جيل�سون �أل�سوه بيتينكورت‬

‫مقدمة‬

‫�شكل القر�ض الريفي على الدوام الأداة الرئي�سية لل�سيا�سة الزراعية البرازيلية‪ .‬وحتى‬ ‫في �سنوات ال�سبعينات والثمانينات من القرن الما�ضي‪ ،‬عندما كانت تتوافر موارد‬ ‫مهمة ل�ضمان الحد الأدنى للأ�سعار وت�أمين الم�ساعدة التقنية‪ ،‬كان القر�ض ي�شكل‬ ‫الأ�سا�س لعملية التحديث الزراعي بالن�سبة للبرازيل‪.‬‬ ‫لقد كان نظام القر�ض الريفي انتقائيا بالأ�سا�س‪ ،‬ويميل �إلى تركيز الدخل‪ ،‬وذلك‬ ‫تما�شيا مع الموقف الذي كان �سائدا في الحكومة البرازيلية‪ ،‬والذي كان يقول ب�ضرورة‬ ‫اعتماد "الزراعة والمزارعين" على �سيا�سات زراعية بغ�ض النظر عن حجم المزرعة‬ ‫– وهو ما يعني �أن كافة المزارعين كانوا يعاملون بنف�س الطريقة‪ ،‬دون الأخذ بعين‬ ‫االعتبار اختالفاتهم االقت�صادية واالجتماعية‪ .‬وكنتيجة لهذا الموقف‪� ،‬أ�صبح المزارعون‬ ‫المتو�سطون والكبار الم�ستفيدين الرئي�سيين‪ ،‬نظرا لكونهم في و�ضع �أف�ضل لال�ستفادة من‬ ‫خدمات القر�ض الريفي‪ ،‬واال�ستفادة من مزايا �سيا�سات الحد الأدنى للأ�سعار‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن ما يفوق ‪ 80‬في المائة من المن�ش�آت الريفية‪ ،‬ون�سبة مهمة‬ ‫من الإنتاج الزراعي والحيواني في البرازيل‪ -‬خا�صة المواد الغذائية الأ�سا�سية‪-‬‬ ‫كانت تعود �إلى �أ�سر المزارعين‪� ،‬إال �أن هذه الأ�سر كانت في غالب الأحيان م�ستبعدة‬ ‫من ال�سيا�سات الزراعية‪ .‬غير �أن هذا الو�ضع بد�أ يتغير بعد �إن�شاء البرنامج الوطني‬ ‫لتدعيم الزراعة الأ�سرية في ‪.1995‬‬

‫البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‬

‫)‪(PRONAF‬‬

‫يعتبر البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية من منجزات �أ�سر المزارعين‬ ‫ومنظماتهم‪ .‬ويمكن تعريفه ك�أول نظام للقرو�ض‪ ،‬م�صمم خ�صي�صا لأ�سر المزارعين‬ ‫‪ 1‬ملخ�ص لتقرير قدم لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في يونيو‪/‬حزيران ‪.2010‬‬

‫‪181‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫في البرازيل‪ .‬ففي �سنة ‪ ،1994‬وبعد �ضغوط كبيرة من قبل الأ�سر المزارعة‪ ،‬من خالل‬ ‫عمليات تعبئة نظمتها الحركات االجتماعية المختلفة‪ ،‬منذ ‪ ،1992‬خا�صة االتحادات‬ ‫الوطنية للعمال المزارعين )‪ ،(Contag‬والقطاع الوطني للعمال المزارعين‪ ،‬التابع‬ ‫لنقابة العمال المتحدين‪ ،‬تم و�ضع برنامج �إنعا�ش الإنتاج الزراعي في نطاق محدود‪.‬‬ ‫وخالل الفترة الممتدة بين ‪ 1992‬و‪ ،1996‬وعلى الرغم من �أن الئحة مطالب الأ�سر‬ ‫المزارعة قد ت�ضمنت الم�ساعدة التقنية والبنى الأ�سا�سية‪ ،‬ومطالب �أخرى تتعلق بالبيئة‬ ‫والتكنولوجيا‪� ،‬إال �أن هذه الموا�ضيع لم تحظ �إال ب�أهمية ثانوية �أثناء المفاو�ضات‪،‬‬ ‫حيث كان المطلب الرئي�سي للأ�سر المزارعة هو الح�صول على الحد الأق�صى للقرو�ض‪،‬‬ ‫وب�شروط تف�ضيلية‪ .‬وكانت الحجج التي ا�ستند �إليها زعماء النقابات �آنذاك كالتالي‪:‬‬ ‫" كيف يمكننا مناق�شة الم�ساعدة التقنية في غياب �إمكانية الح�صول على القرو�ض؟"؛‬ ‫"ال يمكن لنا �أن نناق�ش تنويع البدائل �إذا كنا ال ن�ستطيع الح�صول على القرو�ض"؛ "�إن‬ ‫البيئة مهمة‪ ،‬لكننا بحاجة �إلى �أن نح�صل على دخل �أوال‪ ،‬قبل �أن نناق�ش كيفية الحفاظ‬ ‫على البيئة"‪ .‬وهكذا‪ ،‬كانت م�س�ألة القرو�ض هي محور االهتمام الرئي�سي بالن�سبة‬ ‫للأغلبية الوا�سعة من الح�شود التي عب�أتها �أ�سر المزارعين‪.‬‬ ‫وفي ‪ ،1995‬وكنتيجة لعمليات التعبئة التي قامت بها �أ�سر المزارعين خالل‬ ‫التظاهرة الثانية‪ ،‬المعروفة با�سم "‪� ، "Grito da Terra Brazil‬أن�ش�أت الحكومة‬ ‫الفيدرالية البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية ‪ ،‬وذلك بقرار �أ�صدره مجل�س النقد‬ ‫الوطني )‪ .(CMN‬وفي تلك ال�سنة‪ ،‬تم منح القرو�ض المكونة لر�أ�س المال الوظيفي فقط‪.‬‬ ‫وقد تم منح هذه القرو�ض للمزارعين الذين تقل م�ساحتهم الزراعية عن �أربع وحدات‬ ‫�ضريبية‪ ،‬وي�ستعينون باليد العائلية ( لكنهم ي�ستطيعون ا�ستئجار عمال عر�ضيين)‪،‬‬ ‫والذين تبلغ ن�سبة دخلهم الأ�سري من الزراعة‪/‬تربية الموا�شي‪ 80‬في المائة على‬ ‫الأقل‪ ،‬ويقيمون في المزرعة �أو في منطقة ريفية �أو ح�ضرية مجاورة‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،1999‬تم نقل م�س�ؤولية الإ�شراف على البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة‬ ‫الأ�سرية من وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والتموين �إلى وزارة التنمية الزراعية‬ ‫الحديثة العهد �آنذاك‪ .‬وبعد �أن توقف العمل ببرنامج القر�ض الخا�ص بالإ�صالح الزراعي‬ ‫)‪ ،(Procera‬تم �إيجاد فئات جديدة من الم�ستفيدين‪ .‬لقد تم ت�صنيف الأ�سر المزارعة في‬ ‫�أربع مجموعات – �ألف‪ ،‬وباء‪ ،‬وجيم‪ ،‬ودال ‪ -‬ح�سب م�ستوى دخلها وطرق تنظيم عملها‪.‬‬ ‫وتم و�ضع برنامج للقرو�ض الجماعية للأ�شخا�ص المعنويين‪ ،‬وهي قرو�ض موجهة‬ ‫خ�صي�صا للجمعيات والتعاونيات‪ ،‬كما تم ال�شروع في تمويل الأن�شطة غير الزراعية‪،‬‬ ‫كال�سياحة الريفية وال�صناعة اليدوية التقليدية و�أن�شطة �أخرى مرتبطة بالبيئة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪182‬‬

‫‪ 2‬مظاهرة وطنية بتن�سيق مع ‪ Contag‬و ‪ DNTR/CUT‬وبم�شاركة عدد من التنظيمات الأخرى التي كانت تمثل �أو ت�ساند الأ�سر المزارعة‪,‬‬ ‫كانت تنظم �سنويا في مختلف الواليات وفي العا�صمة الفيدرالية وذلك من �أجل التفاو�ض وتقديم الئحة المطالب لحكومات الواليات وللإدارة‬ ‫الفيدرالية‪.‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫وفي ‪ ،2003‬وتزامنا مع تغيير الحكومة‪� ،‬أعطي البرنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية مجاال �أو�سع وموارد �أكثر‪ ،‬وراحت الإدارة الفيدرالية تنظر �إليه‬ ‫باعتباره برنامجا يحظى بالأولوية‪ .‬وفي نف�س ال�سنة‪ ،‬تم �إن�شاء برنامج اقتناء الغذاء‬ ‫)‪ ،(PAA‬ل�ضمان دخل مادي للأ�سر المزارعة الأكثر حاجة �إلى ر�أ�س المال‪ ،‬وخلق‬ ‫فر�ص لت�سويق منتجاتها‪ ،‬و�إيجاد �آلية ل�ضمان �سعر منتجها الزراعي‪.‬‬ ‫وفي ‪ ،2004‬تم �إلحاق مجموعة جديدة من الأ�سر المزارعة بالبرنامج الوطني‬ ‫لتعزيز الزراعة الأ�سرية (المجموعة هاء)‪ ،‬وهي مكونة من المزارعين الأي�سر حاال‪،‬‬ ‫الذين تتوفر فيهم �شروط البرنامج المتعلقة بالم�ساحة المزروعة والعمل الزراعي‬ ‫وتدبير �ش�ؤون الأ�سرة‪ -‬ولكن دخلها الإجمالي ال�سنوي يفوق الحد الأدنى الذي كان‬ ‫يتبناه البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية �آنذاك‪ .‬وفي نف�س ال�سنة‪ ،‬تم و�ضع‬ ‫برنامج خا�ص لت�أمين الزراعة الأ�سرية‪� ،‬أطلق عليه ا�سم "‪ ."Proagro Mais‬ويعتبر‬ ‫هذا البرنامج‪ ،‬المعروف �أي�ضا با�سم نظام ت�أمين الزراعة الأ�سرية ‪ ،SEAF‬مخططا‬ ‫للت�أمين �ضد المخاطر المتعددة‪ ،‬ويغطي مجموعة وا�سعة من الوقائع‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫الت�ساقطات المطرية المفرطة‪ ،‬وال�صقيع‪ ،‬والبرد‪ ،‬والجفاف‪ ،‬والتقلبات الحادة في‬ ‫درجات الحرارة‪ ،‬والعوا�صف‪ ،‬والرياح الباردة‪ ،‬والأمرا�ض الفطرية �أو الأوبئة التي‬ ‫ت�ستع�صي ال�سيطرة عليها �إما ب�سبب انعدام الو�سائل التقنية �أو ب�سبب ارتفاع تكلفتها‬ ‫االقت�صادية‪ .‬ويمكن لنظام الت�أمين �أن يغطي كل المحا�صيل الزراعية التي تمت‬ ‫معاينتها في المناطق الزراعية التي حددتها وزارة الزراعة‪ ،‬بما في ذلك الموا�شي‬ ‫والأنعام والم�ؤن‪ .‬وفي‪ ،2003‬كان عدد هذه المحا�صيل محددا في ثمانية �أنواع‪� ،‬أما‬ ‫اليوم فقد ارتفع عددها �إلى ‪ 35‬نوعا‪ .‬ويمكن �أي�ضا ت�أمين كل المحا�صيل المروية‪.‬‬ ‫ويقوم نظام ت�أمين الزراعة الأ�سرية بمعاينة مجموعة محددة من خ�صائ�ص الزراعة‬ ‫الأ�سرية‪ ،‬بما في ذلك المحا�صيل المختلطة‪ ،‬والتقليدية‪ ،‬والمهجنة (�شريطة �أن‬ ‫تكون م�سجلة لدى وزارة التنمية الزراعية)‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى مخازن المحا�صيل عند‬ ‫المزارعين �أنف�سهم‪ .‬وفي الوقت الحالي‪ ،‬يتم ت�أمين حوالي ‪ 600 000‬عقد مقتر�ض‬ ‫كل �سنة‪ ،‬بر�أ�س مال تبلغ قيمته حوالي ‪ 5‬مليارات ريال برازيل‪ ،‬مخ�ص�صة لتمويل‬ ‫الأعمال الزراعية للأ�سر المزارعة‪ .‬وتبلغ القيمة الم�ؤمن عليها ‪ 100‬في المائة من‬ ‫ر�أ�سمال العمل الممول‪ ،‬ت�ضاف �إليها تغطية للدخل تعادل ‪ 65‬في المائة من الدخل‬ ‫ال�صافي المتوقع الذي يبلغ حده الأق�صى ‪ 2 500‬ريال برازيلي للمزارع الواحد في‬ ‫ال�سنة الواحدة‪ .‬ويدفع المزارعون ‪ 2‬في المائة فوق القيمة الم�ؤمن عليها‪ ،‬بينما تبلغ‬ ‫الإعانة الحكومية ‪ 6‬في المائة من القيمة الم�ؤمن عليها‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2006‬تمت الم�صادقة على القانون رقم ‪ ،11 326‬المعروف بقانون‬ ‫الزراعة الأ�سرية‪ .‬وكان ثمرة للمناق�شات التي جرت في مختلف المنتديات الوطنية وفي‬ ‫الكونغر�س الوطني‪ ،‬ومن ح�سنات هذا القانون �أنه دعم مفهوم الزراعة الأ�سرية‪ ،‬التي‬

‫‪183‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪184‬‬

‫كانت في ال�سابق ت�سمى "الزراعة على النطاق ال�صغير"‪ .‬وين�ص القانون على مجموعة‬ ‫من المفاهيم والمبادئ والأدوات التي ينبغي ا�ستعمالها في ت�صميم ال�سيا�سات الخا�صة‬ ‫بالزراعة الأ�سرية‪ ،‬وبالتزامات الأ�سر الريفية‪ .‬كما �أنه يعرف الأ�سر المزارعة باعتبارها‬ ‫تلك التي تمار�س �أن�شطة في مناطق ريفية وت�ستجيب لل�شروط التالية‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬ال تملك ‪ -‬تحت �أي نظام من �أنظمة الحيازة ‪� -‬أر�ضا تزيد م�ساحتها‬ ‫عن �أربعة وحدات �ضريبية؛‬ ‫ثانيا ‪ -‬تعتمد في الغالب على العمل العائلي الذاتي في مزرعتها �أو م�شروعها؛‬ ‫ثالثا ‪ -‬يكون م�صدر دخلها العائلي في الغالب هو من�ش�أتها �أو‬ ‫م�شروعها الزراعي؛‬ ‫رابعا ‪ -‬تكون من�ش�أتها �أو م�شروعها الزراعي م�سيرا من طرف الأ�سرة نف�سها‪.‬‬ ‫ويعتبر القانون مزارعي الأ�شجار المثمرة‪ ،‬و�أع�ضاء جماعات كويلومبو‪،‬‬ ‫ومربي الأحياء المائية والأن�شطة الأخرى‪ ،‬و�صيادي الأ�سماك كم�ستفيدين �أي�ضا‪.‬‬ ‫وفي ‪ ،2007‬تم و�ضع برنامج �ضمان �أ�سعار الزراعة الأ�سرية )‪ ،(PGPAF‬ك�أداة‬ ‫تقوم الدولة من خاللها بت�أمين الحد الأدنى لل�سعر �أو ال�سعر المرجعي‪ ،‬لمنتجات‬ ‫الأ�سر المزارعة‪ ،‬عن طريق تخفي�ضات في قيمة التمويالت التي يتكفل بها البرنامج‬ ‫الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪ ،‬عندما تكون �أ�سعار ال�سوق �أدنى من ال�سعر المرجعي‬ ‫بالن�سبة لمنتج معين‪ ،‬خالل الفترة التي ي�سدد فيها المزارعون ما عليهم من ديون‪،‬‬ ‫�سواء تلك المتعلقة ب�إنجاز الأعمال �أو باال�ستثمار‪.‬‬ ‫وفي ‪ ،2008‬تم فتح خط جديد للقرو�ض �أطلق عليه ا�سم "‪Pronaf Mais‬‬ ‫‪ "Alimentos‬الذي يقدم قرو�ضا ت�صل قيمتها �إلى حد ‪ 100 000‬ريال برازيلي لكل‬ ‫�أ�سرة مزارعة‪ ،‬بن�سبة فائدة تبلغ ‪ 2‬في المائة في ال�سنة‪ ،‬مع مدة �أداء ي�صل �أجلها‬ ‫�إلى ‪� 10‬سنوات‪ .‬وفي تلك ال�سنة نف�سها‪ ،‬تم �إدماج مجموعات جيم‪ ،‬ودال‪ ،‬وهاء من‬ ‫البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية في مجموعة جديدة واحدة‪� ،‬أطلق عليها‬ ‫ا�سم " الأ�سرة المزارعة"‪ ،‬بينما تم الحفاظ على المجموعة �ألف (التي ظلت م�ستقرة في‬ ‫�إطار برنامج الإ�صالح الزراعي)‪ .‬وت�شرع في منح القرو�ض للمجموعة باء (الفقراء‬ ‫الريفيون) في �إطار البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية ‪ ،‬تبعا لمنهجية القرو�ض‬ ‫الريفية ال�صغرى (التي ت�شرف عليها وكاالت القرو�ض)‪.‬‬ ‫وفي ‪� ،2009‬صدر قانون جديد يمكن بموجبه‪ ،‬م�ستقبال‪� ،‬إحداث زيادة مهمة‬ ‫في الم�ساعدة التقنية المتوفرة حاليا للأ�سر المزارعة‪.‬‬ ‫ويتعين على المزارع في الحالة الراهنة‪ ،‬لكي ي�ستفيد من البرنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية‪� ،‬أن ي�ستجيب لل�شروط المن�صو�ص عليها في القانون ‪ ،11 326‬ال�صادر‬ ‫في ‪ ،2006‬على �أال يتعدى الدخل الإجمالي ال�سنوي للأ�سرة ‪ 110 000‬ريال برازيلي‪.‬‬ ‫وبمجرد ح�صول الأ�سر المزارعة على �صفة الم�ستفيد من البرنامج الوطني لتعزيز‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫الزراعة الأ�سرية‪ ،‬ف�إنها ت�صنف في ثالث مجموعات‪ :‬المجموعة‪� ‬ألف‪ ،‬والمجموعة باء‪،‬‬ ‫ومجموعة الأ�سر المزارعة الأخرى‪ .‬وتتكون المجموعة �ألف من المزارعين الم�صنفين‬ ‫من قبل �صندوق ا�ست�صالح الأرا�ضي والإ�صالح الزراعي في �إطار البرنامج الوطني‬ ‫للإ�صالح الزراعي )‪ ،(PNRA‬بينما يتم تق�سيم المجموعتين المتبقيتين ح�سب دخلها‬ ‫ال�سنوي وح�صة الأ�سرة في العمل داخل من�ش�آتها الزراعية‪.‬‬ ‫ويجب على الم�ستفيدين من البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية �أن‬ ‫يثبتوا �صفتهم ك�أ�سر مزارعة و�أنهم م�صنفون �ضمن �إحدى مجموعات البرنامج‪،‬‬ ‫وذلك بوا�سطة الت�صريح بالأحقية في االن�ضمام �إلى البرنامج المذكور‪ .‬وتتم تعبئة‬ ‫اال�ستمارة والتوقيع عليها من طرف عامل تقني م�سجل‪ 3‬وذلك ب�إذن من �أمانة الزراعة‬ ‫الأ�سرية التابعة لوزارة التنمية الزراعية )‪ ،(SAF/MAD‬ومن المنظمة التي تمثل‬ ‫الم�ستفيدين‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى �إذن المزارعين �أنف�سهم‪ .‬ويتم �إعداد ا�ستمارة االن�ضمام‬ ‫�إلى البرنامج بالن�سبة للأ�سرة المنتجة الواحدة بكاملها‪ ،‬مت�ضمنة كل �أفرادها الذين‬ ‫يعي�شون في منزل واحد �أو ي�ستغلون نف�س الم�ساحات الزراعية‪.‬‬ ‫وبين ‪ 1995‬و‪ ،2010‬تم تو�سيع الحدود الق�صوى المفرو�ضة على القرو�ض‬ ‫الممنوحة من طرف البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية للأ�سرة الواحدة‪ ،‬كما تم‬ ‫خف�ض ن�سبة الفائدة‪ ،‬والزيادة في االعتمادات المالية (من ‪ 2.4‬مليار ريال برازيلي في‬ ‫مو�سم ‪� ،2003-2002‬إلى ‪ 17‬مليار ريال برازيلي لمو�سم ‪ .)2010-2009‬وكذلك ازداد عدد‬ ‫المزارعين الم�ستفيدين من القرو�ض ليبلغ ‪ 2.2‬مليون مزارع في ‪ .2010‬وبالإ�ضافة‬ ‫�إلى ذلك‪ ،‬تم �إتاحة �صورة �أخرى للقرو�ض‪ ،‬خا�صة بال�شباب والن�ساء وال�صناعات‬ ‫الزراعية ور�أ�س المال العامل والح�ص�ص في التعاونيات وم�شاريع ال�صناعة الزراعية‬ ‫وال�سياحة الريفية والمحافظة على البيئة والمناطق �شبه القاحلة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫لقد كان البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية �إنجازا عظيما بالن�سبة للأ�سر‬ ‫المزارعة‪ ،‬لأنه مكن من تو�سيع ال�سيا�سات الزراعية بالن�سبة لهذه الفئة من ال�سكان ومن‬ ‫تحويلها من مجرد عمليات لتوفير القرو�ض لل�سكان الريفيين �إلى برنامج عمل يت�ضمن‬ ‫دعم الت�سويق وت�أمين الأ�سعار‪ ،‬والت�أمين الخا�ص بالتقلبات المناخية‪ ،‬وت�أمين الدخل‬ ‫والم�ساعدة التقنية‪ .‬وفوق هذا كله‪� ،‬ساهم البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية في‬ ‫تعزيز �إدراك المجتمع لأهمية الزراعة الأ�سرية في خلق فر�ص العمل والدخل‪.‬‬ ‫ولقد عرف البرنامج تعديالت وتح�سينات م�ستمرة منذ انطالقه‪ ،‬كنتيجة‬ ‫للتوا�صل االجتماعي مع الجمهور الم�ستهدف ومع منظماته‪ ،‬ال�شيء الذي زاد في‬ ‫تو�سيع نطاق عمله‪ ،‬وب�شكل يتالءم والخ�صائ�ص المميزة للزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫‪ 3‬تقوم �أمانة الزراعة الأ�سرية (‪ )SAF‬بت�سجيل وكاالت الم�ساعدة التقنية مثل وكالة ‪ ،EMATER‬ومعاهد الأرا�ضي‪ ،‬ومراكز الرقابة التابعة للدولة‬ ‫ووحدات القرو�ض على الأرا�ضي التابعة للدولة وغيرها‪.‬‬

‫‪185‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الإطار ‪ - 1‬املعايري املحددة للأ�رس امل�ستفيدة من الربنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�رسية ح�سب املجموعات‪2010-2009 ,‬‬ ‫قر�ض البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪-‬ت�صنيف �أ�سر المزارعين‬ ‫المجموعة �أ‬ ‫تتكون هذه المجموعة من‬ ‫المزارعين الم�صنفين تحت‬ ‫البرنامج الوطني للإ�صالح‬ ‫الزراعي ومن طرف �صندوق‬ ‫ا�ست�صالح الأرا�ضي والإ�صالح‬ ‫الزراعي‪� ،‬شريطة �أال يكونوا‬ ‫قد انخرطوا في عقد قر�ض‬ ‫ا�ستثماري تبلغ قيمته الحد‬ ‫الأق�صى للفرد الم�سموح به من‬ ‫قبل برنامج القر�ض الخا�ص‬ ‫للإ�صالح الزراعي والبرنامج‬ ‫الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‬

‫المجموعة ب‬

‫مالك الأرا�ضي‪ ،‬الم�ستحوذون عليها بغير حق‪،‬‬ ‫الم�ست�أجرون �أو ال�شركاء‬ ‫ت�ضم �أع�ضاء‬ ‫مجموعة كويلومبو‬ ‫وجماعات ال�سكان‬ ‫الأ�صليين‬

‫ت�ضم الأ�سر الحا�صلة على‬ ‫تراخي�ص خا�صة في �إطار برنامج‬ ‫مخطط الإ�صالح الزراعي الوطني‬ ‫و�صندوق ا�ست�صالح الأرا�ضي‬ ‫والتي لم تعد �ضمن الم�ستفيدين‬ ‫الم�صنفين في مجموعة �أ‬

‫تقيم في المن�ش�أة الزراعية �أو في جوارها‬ ‫ال تملك تحت �أي نظام حيازي �أر�ضا تفوق م�ساحتها ‪4‬‬

‫وحدات �ضريبية‬ ‫م�صدر دخلها‬ ‫‪ 70‬بالمائة على الأقل من دخلها‬ ‫العائلي م�صدره ممار�سة الزراعة‪/‬‬ ‫العائلي هو ممار�سة‬ ‫تربية الموا�شي �أو �أن�شطة �أخرى‬ ‫الزراعة‪/‬تربية‬ ‫غير الزراعة‪/‬تربية الموا�شي‪،‬‬ ‫الموا�شي �أو �أن�شطة‬ ‫تمار�س داخل من�ش�أتها الزراعية‪.‬‬ ‫�أخرى غير الزراعة‪/‬‬ ‫تربية الموا�شي‪،‬‬ ‫تمار�س داخل‬ ‫من�ش�آتها الزراعية‪.‬‬ ‫�أفراد الأ�سرة هم اليد العاملة‬ ‫ي�شكل �أفراد الأ�سرة‬ ‫الغالبة في مزرعتها‪ ،‬مع �إمكانية‬ ‫اليد العاملة‬ ‫توظيف عاملين اثنين ب�صورة‬ ‫الأ�سا�سية في‬ ‫دائمة‪ .‬وي�سمح باال�ستعانة ب�أطراف‬ ‫مزرعتها‪.‬‬ ‫�أخرى ح�سبما تتطلبه الطبيعة‬ ‫المو�سمية للعمل‪.‬‬ ‫الدخل الإجمالي‬ ‫للأ�سرة ال يتعدى‬ ‫‪ 6 000‬ريال‬ ‫في ال�سنة‪.‬‬

‫‪186‬‬

‫�أ�سر مزارعين �أخرى‬

‫الدخل ال�سنوي للأ�سرة‬ ‫يتجاوز ‪ 6 000‬ريال وال يتعدى‬ ‫‪ 110.000‬ريال في ال�سنة‪.‬‬

‫مالحظات عامة‬ ‫فوائد الأمن الغذائي ال تدخل �ضمن ح�ساب الدخل الإجمالي‪.‬‬ ‫لال�ستفادة من البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪ ،‬يمكن خف�ض الدخل الإجمالي الناجم عن �أن�شطة مختلفة ذات عالقة بتربية الموا�شي‬ ‫وذات قيمة م�ضافة عالية بن�سبة تبلغ ‪.%90‬‬ ‫تت�ضمن الأن�شطة غير الفالحية والخدمات المدرة للدخل ال�سياحة الريفية‪ ،‬والحرف اليدوية‪ ،‬والمقاوالت الزراعية العائلية‪ ،‬والخدمات التي تتنا�سب‬ ‫مع الم�شاريع الريفية‪ ،‬وت�ستعمل اليد العاملة العائلية ا�ستعماال �أف�ضل‪.‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫ومن بوادر التقدم الذي تحقق بف�ضل البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪،‬‬ ‫وال�سمات التي تميزه عن غيره من البرامج في �أمريكا الالتينية‪ ،‬نذكر ما يلي‪ :‬ت�صنيف‬ ‫المزارعين في مجموعات على �أ�سا�س رتبتهم االقت�صادية؛ وتدعيم �أ�سعار الفائدة‬ ‫على القرو�ض التمويلية؛ وتقديم منح تحفيزية لت�شجيع ال�صناعات التي تقوم على‬ ‫الزراعة‪ ،‬والزراعة المحافظة على البيئة؛ ودعم الأن�شطة الزراعية المدرة لمزيد من‬ ‫الدخل‪ ،‬والتحفيز على �إقامة م�شاريع �صغيرة لل�صناعة الزراعية؛ ودعم �أن�شطة تدريب‬ ‫المزارعين من ال�شباب؛ ودعم تطوير الغابات لأغرا�ض بيئية واقت�صادية عبر �إن�شاء‬ ‫البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية )‪ (PRONAF FLORESTAL‬للقرو�ض؛ وتب�سيط‬ ‫تخطيط االئتمانات الخا�صة بالقرو�ض؛ وت�سهيل االلتحاق بالدورات التدريبية‬ ‫ب�صورة ديموقراطية‪ ،‬وذلك عن طريق اختيار ودعم م�شاريع جمعيات المزارعين؛‬ ‫وتوفير الحوافز والدعم لإن�شاء �أنظمة االئتمان ذات الطابع التعاوني؛ وت�أمين‬ ‫الأ�سعار والإنتاج‪ ،‬وحديثا الم�ساعدة التقنية‪.‬‬

‫�إدارة لوال وبرنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫و�أ�صل برنامج اقتناء الغذاء‬ ‫في ‪ ،2003‬وفي المراحل الأولى لإدارة الرئي�س لوال‪ ،‬تو�صل الخبراء التقنيون‪ ،‬فيما‬ ‫كان ي�سمى �آنذاك بالوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي‪ ،‬وزمال�ؤهم من وزارة‬ ‫التنمية الزراعية‪� ،‬إلى ر�أي م�شترك مفاده �أن �أدوات �ضمان الأ�سعار لم تكن تتنا�سب‬ ‫ب�شكل مالئم مع واقع الأ�سر المزارعة‪� .‬إذ لم تكن �سيا�سة �ضمان الحد الأدنى للأ�سعار‪،‬‬ ‫في نظرهم‪ ،‬تلبي حاجيات الأ�سر المزارعة الفقيرة‪ ،‬لأن هذه الأخيرة كانت تعي�ش‬ ‫في مناطق بعيدة جدا عن المراكز التي كان يتم فيها توزيع الغذاء من طرف ال�شركة‬ ‫الوطنية للتموين الغذائي‪� ،‬أو لأن م�ستوى �إنتاجها كان �ضعيفا جدا‪ ،‬ي�صعب معه‬ ‫تطبيق تلك ال�سيا�سة با�ستعمال الأدوات التقليدية ل�ضمان الأ�سعار‪.‬‬ ‫وما ينبغي الت�أكيد عليه في هذا ال�سياق هو �أن بع�ض هذه الم�شاكل كانت في‬ ‫طريقها �إلى الحل في �سنوات ال�سبعينات والثمانينات من القرن الما�ضي‪ ،‬عندما كان‬ ‫ال�شراء المبا�شر للغذاء من قبل �صغار المزارعين يتم بوا�سطة موظفي لجنة تمويل‬ ‫الإنتاج �سابقا‪ ،‬وم�صرف البرازيل‪ ،‬حيث كانوا يذهبون �إلى مواقع الإنتاج ويقيمون‬ ‫هناك وحدات تموين متحركة لهذا الغر�ض؛ غير �أنه تبين �أن تكلفة العمليات كانت‬ ‫مرتفعة للغاية بالن�سبة للحكومة‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬قام برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬القاطرة التي تجر عمليات‬ ‫الحكومة �ضد الفقر‪ ،‬بتقديم حوافز للأ�سر المزارعة الفقيرة لرفع �إنتاجها من المحا�صيل‬ ‫الغذائية‪ ،‬لي�س من �أجل اال�ستهالك الذاتي فح�سب‪ ،‬ولكن من �أجل بيع الفائ�ض ولتحقيق‬

‫‪187‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫زيادة في دخلها المالي‪ .‬وكان وا�ضحا �أن �أ�سرا مزارعة كثيرة‪ ،‬خا�صة الأكثر فقرا‪،‬‬ ‫لم يكن لديها ما يحفزها على زيادة �إنتاجها من المحا�صيل الغذائية‪ ،‬لأنه لم يكن‬ ‫با�ستطاعتها بيع منتجاتها ب�أ�سعار تمكنها من تغطية النفقات وتحقيق الأرباح‪ ،‬خا�صة‬ ‫لأنه كان عليها �أن تعتمد على الو�سطاء لبيع تلك المنتجات‪ .‬وقد �أدت هذه العملية �إلى ما‬ ‫ي�شبه الحلقة المفرغة‪ ،‬حيث �أنه بقدر ما كانت �صعوبة بيع المنتجات الغذائية وتحقيق‬ ‫الدخل �أكبر‪ ،‬بقدر ما كان �إنتاج الغذاء لال�ستهالك ال�شخ�صي �أقل‪.‬‬ ‫�إن تطبيق قواعد ال�سوق الحرة في �سياق يت�سم بتجميع قوي للملكية وب�أ�سواق‬ ‫غير �سليمة‪� ،‬أو منعدمة‪ ،‬ي�ؤدي دائما �إلى تهمي�ش الم�شاريع التي ال ت�ستطيع ال�صمود‬ ‫�أمام المناف�سة غير المتوازنة التي تتعر�ض لها من طرف الم�شاريع الكبرى التي تنجز‬ ‫على نطاق وا�سع‪ .‬ومن �ش�أن ذلك �أن يخلق و�ضعا يكون فيه التناف�س على ال�سوق �أمرا‬ ‫في غاية ال�صعوبة بالن�سبة لآالف المزارعين‪.‬‬ ‫وقد كان �إدراك هذه الحقيقة هو ما �أدى �إلى �إن�شاء برنامج الزراعة الأ�سرية‬ ‫و�شراء الغذاء‪ ،‬من �أجل تحقيق الأهداف التالية‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬ت�شجيع الأ�سر المزارعة الفقيرة على �إنتاج الغذاء لكي ت�ساهم بذلك‬ ‫في �ضمان �أمنها الغذائي؛‬ ‫ثانيا ‪ -‬توليد الدخل بالن�سبة للأ�سر المزارعة الفقيرة‪ ،‬عن طريق بيع فائ�ض‬ ‫�إنتاجها للحكومة الفيدرالية؛‬ ‫ثالثا ‪ -‬الت�شجيع على خلق قنوات للت�سويق‪� ،‬أو تطويرها‪ ،‬ل�صالح‬ ‫منتجات الأ�سر المزارعة في الجماعات التي كانت فيها تلك القنوات‬ ‫�ضعيفة �أو منعدمة؛‬ ‫رابعا ‪ -‬الزيادة في مخزونات المواد الغذائية المقرر توزيعها على البرامج‬ ‫الغذائية‪ ،‬بهدف تمكين ال�سكان المعر�ضين ل�سوء التغذية وانعدام الأمن‬ ‫الغذائي من الح�صول ب�صورة منتظمة على غذاء جيد وبكمية كافية؛‬ ‫خام�سا ‪ -‬ت�شجيع االندماج االجتماعي في المناطق الريفية‪ ،‬وذلك عن‬ ‫طريق تعزيز الزراعة الأ�سرية‪.‬‬

‫الأ�سا�س القانوني لبرنامج اقتناء الغذاء‬

‫�أن�شئ برنامج اقتناء الغذاء بناء على القانون رقم ‪ 10 696‬لعام ‪ ،2003‬وذلك عن‬ ‫طريق ت�ضمين مادة واحدة في م�شروع قانون كان قيد المناق�شة من طرف الكونغر�س‬ ‫الوطني‪ .‬وفي ما يلي ن�ص المادة الم�ضافة‪:‬‬ ‫‪188‬‬

‫المادة ‪ -19‬يتم �إن�شاء برنامج اقتناء الغذاء بهدف ت�شجيع الزراعة الأ�سرية‪ ،‬و�سيت�ضمن‬ ‫�إجراءات عملية لتوزيع المنتجات الزراعية‪/‬الحيوانية على ال�سكان الذين يعانون انعدام‬ ‫الأمن الغذائي ولإن�شاء مخزونات ا�ستراتيجية‪.‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫الفقرة ‪ - 1‬تخ�ص�ص كل الأموال المح�صلة من بيع المخزونات اال�ستراتيجية التي يتم‬ ‫�إن�شا�ؤها طبقا لمقت�ضيات هذه المادة‪ ،‬لمحاربة الفقر وتعزيز الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫الفقرة ‪ - 2‬يكون الهدف من البرنامج الم�شار �إليه في ا�ستهالل هذه المادة‪� ،‬شراء المنتجات‬ ‫الزراعية‪/‬الحيوانية التي تنتجها الأ�سر المزارعة الم�سجلة في البرنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية بدون حاجة �إلى و�سيط �أو مناق�صة‪� ،‬شريطة �أال تكون �أ�سعارها تفوق الأ�سعار‬ ‫المطلوبة في الأ�سواق الإقليمية‪.‬‬ ‫الفقرة ‪ - 3‬يقوم الفرع التنفيذي ب�إن�شاء لجنة ت�سيير تتكون من ممثلي كل من وزارة‬ ‫ا�ست�صالح الأرا�ضي‪ ،‬ووزارة الزراعة والثروة الحيوانية والتموين‪ ،‬ووزارة المالية‪ ،‬ووزارة‬ ‫التخطيط‪ ،‬ووزارة الميزانية والإدارة؛ ومن ديوان الوزارة فوق العادة المكلفة ببرنامج الأمن‬ ‫الغذائي ومكافحة الجوع‪ ،‬من �أجل تنفيذ البرنامج الم�شار �إليه في ا�ستهالل هذه المادة‪.‬‬ ‫الفقرة ‪ - 4‬ال تتم عملية �شراء المنتجات المن�صو�ص عليها في �شرح هذه المادة �إال في‬ ‫نطاق الحدود التي تفر�ضها الميزانية والموارد المالية المتوفرة‪.‬‬

‫ولقد وفرت هذه المادة الأ�سا�س القانوني ل�شراء المنتجات الغذائية من‬ ‫الأ�سر المزارعة مبا�شرة وبدون حاجة �إلى و�سطاء‪ .‬كما �أنها �أمنت للمزارعين �أ�سعارا‬ ‫�أكثر عدالة‪ ،‬تن�سجم مع الأ�سعار المتداولة في الأ�سواق المحلية‪ .‬لذلك �أ�صبح ب�إمكان‬ ‫برنامج اقتناء الغذاء �أن يتمم الأعمال التي �شرع فيها في �إطار �سيا�سات التغذية‬ ‫والنظام الغذائي‪ ،‬و�أن يعزز نف�سه كعن�صر رئي�سي في هيكلة طلبات الم�ؤ�س�سات‬ ‫الخا�صة بمنتجات الأ�سر المزارعة‪ .‬وكنتيجة لذلك‪� ،‬ساهم البرنامج في ت�أمين الدخل‬ ‫للأ�سر المزارعة‪ ،‬بينما يتم تح�سين ظروف الح�صول على الغذاء بالن�سبة لل�سكان الذين‬ ‫يواجهون اله�شا�شة االجتماعية �أو انعدام الأمن الغذائي‪� .‬إن الجوع و�سوء التغذية‬ ‫وانعدام الأمن الغذائي ظواهر ما تزال تعتبر م�شاكل رئي�سية في البرازيل‪ ،‬وللزراعة‬ ‫الأ�سرية دور رئي�سي تلعبه لكي ت�ساهم في اقتالع جذور هذه الآفة‪.‬‬ ‫وفي ‪ ،2009‬ن�ص القانون رقم ‪ ،11 947‬ال�صادر في ‪ 16‬يونيو‪/‬حزيران من‬ ‫نف�س ال�سنة‪ ،‬على وجوب تخ�صي�ص ‪ 30‬في المائة على الأقل من الموارد المالية‬ ‫لل�صندوق الوطني لتطوير التعليم )‪ ،(FNDE‬التي كان يتم تحويلها �إلى البلديات في‬ ‫�إطار البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‪ ،‬ل�شراء منتجات غذائية من الأ�سر المزارعة‬ ‫– وهو ما �أدى �إلى تو�سع مهم لبرنامج اقتناء الغذاء في ال�سوق الر�سمية‪ .‬وبمجرد ما‬ ‫تمت الم�صادقة على هذا القانون‪� ،‬شرعت وزارة التعليم في الم�شاركة في المجموعة‬ ‫الم�سيرة لبرنامج اقتناء الغذاء‪ .‬وتم لهذا الغر�ض تعديل الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪19‬‬ ‫للقانون رقم ‪ 10 696‬لعام ‪ 2003‬لت�صبح كالتالي‪:‬‬

‫الفقرة ‪ - 3‬يقوم الفرع التنفيذي ب�إن�شاء لجنة م�سيرة تتكون من ممثلي كل من وزارة‬ ‫ا�ست�صالح الأرا�ضي‪ ،‬ووزارة الزراعة والثروة الحيوانية والتموين‪ ،‬ووزارة المالية‪،‬‬

‫‪189‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ووزارة التخطيط‪ ،‬ووزارة الميزانية والإدارة؛ ومن الوزارة فوق العادة المكلفة‬ ‫ببرنامج الأمن الغذائي ومحاربة الجوع‪ ،‬من �أجل تنفيذ البرنامج الم�شار �إليه في‬ ‫�شرح هذه المادة‪.‬‬

‫وقد �صدر ب�ش�أن برنامج اقتناء الأغذية مر�سوم تنظيمي تحت رقم‬ ‫بتاريخ ‪ 2‬يوليو‪/‬تموز ‪ .2003‬لكن هذا المر�سوم تم �إلغا�ؤه في ‪ 2006‬بمر�سوم تحت‬ ‫رقم ‪ ،5 873‬الذي �ألغي بدوره في ‪ 2008‬بالمر�سوم رقم ‪ ،6 447‬الذي تم تعديله جزئيا‬ ‫بالمر�سوم رقم ‪ ،6 959‬ال�صادر في ‪� 15‬سبتمبر‪�/‬أيلول ‪.2009‬‬ ‫ومن �أجل تلبية حاجيات الأ�سر المزارعة الأكثر فقرا كهدف طارئ‪ ،‬حدد‬ ‫مر�سوم ‪ 2003‬قيمة المقتنيات من المواد الغذائية بـ ‪ 2 500.00‬ريال برازيلي �سنويا‬ ‫لكل مزارع‪ ،‬وهو ما كان يعادل �آنذاك ع�شرة �أ�ضعاف الحد الأدنى للأجور‪ .‬وهذا‬ ‫يعني �أنه حتى ولو كان مح�صول الأ�سرة المزارعة يفوق ذلك المقدار‪ ،‬ف�إن ال�شراء‬ ‫بالن�سبة للمزارع الواحد كان محددا في ذلك المبلغ‪.‬‬ ‫وفي ‪ ،2008‬وبف�ضل المر�سوم رقم ‪ ،6 447‬تم رفع الحد الأق�صى للمبالغ‬ ‫المخ�ص�صة ل�شراء المواد الغذائية من الأ�سر المزارعة في �إطار برنامج اقتناء‬ ‫الغذاء‪ ،‬كما تم و�ضع حدود ق�صوى متمايزة بالن�سبة لل�صيغ ال�شكلية التي كان‬ ‫يتبناها البرنامج‪ .‬و�أقر المر�سوم كذلك ع�ضوية وزارة التربية في اللجنة الم�سيرة‬ ‫لبرنامج اقتناء الغذاء‪.‬‬ ‫وقد كان اهتمام البرنامج منذ البداية من�صبا على ال�شراء المبا�شر للمواد‬ ‫الغذائية كالأرز والفا�صوليا‪ ،‬وطحين المانيهوك والذرة والقمح وجوز الكا�شيو‬ ‫والجوز البرازيلي والذرة الرفيعة وم�سحوق الحليب الكامل الد�سم‪ ،‬لتخزينها‬ ‫�أو للتبرع بها من طرف الوزارة فوق العادة المكلفة بالأمن الغذائي ومكافحة‬ ‫الجوع‪ .‬وفي فترة الحقة‪ ،‬وب�شراكة مع حكومات الواليات‪� ،‬شرع البرنامج في‬ ‫�شراء الحليب من الأ�سر المزارعة وتوزيعه على الجماعات الفقيرة في المنطقة‬ ‫ال�شمالية ال�شرقية من البرازيل تحت �صيغة �سميت بـ ‪�( PAA Leite‬أي برنامج‬ ‫اقتناء الغذاء‪/‬الحليب)‪.‬‬ ‫ويقع برنامج اقتناء الغذاء‪ ،‬بالإدارة العامة الفيدرالية‪ ،‬تحت م�س�ؤولية‬ ‫وزارة التنمية االجتماعية‪ ،‬حيث تتركز معظم الموارد المر�صودة للبرنامج‪.‬‬ ‫وقد �أطلقت وزارة التنمية الزراعية‪ ،‬في ‪ ،2006‬عملية تكميلية تهدف �إلى ت�سهيل‬ ‫�إن�شاء مخازن للمواد الغذائية من طرف تعاونيات الأ�سر المزارعة‪ ،‬معززة بذلك‬ ‫ا�ستراتيجيات الأمن الغذائي المحلي و�شبكاته‪ .‬ول�ضمان تنفيذ برنامج اقتناء‬ ‫الغذاء‪ ،‬دخلت وزارة التنمية االجتماعية في تعاقدات مع ال�شركة الوطنية‬ ‫للتموين الغذائي‪ ،‬وحكومات الواليات والمجال�س البلدية‪ ،‬تق�ضي ب�أن تقوم‬ ‫وزارة التنمية الزراعية بتحويل الأموال �إلى ال�شركة الوطنية للتموين ب�صفة ح�صرية‪.‬‬ ‫‪4 772‬‬

‫‪190‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫المجموعة الم�سيرة لبرنامج اقتناء الغذاء ومجال اخت�صا�صها‬

‫تتكون المجموعة الم�سيرة لبرنامج اقتناء الغذاء‪ ،‬التي تن�سق �أعمالها وزارة التنمية‬ ‫االجتماعية ومكافحة الجوع‪ ،‬من ممثلي وزارة التخطيط والميزانية والإدارة ووزارة‬ ‫التنمية الزراعية ووزارة الزراعة والإنتاج الحيواني ووزارة المالية ووزارة التربية‬ ‫والتكوين‪ .‬وتتكفل المجموعة الم�سيرة بتنفيذ البرنامج وفق خطوطه العري�ضة التي‬ ‫تم و�ضعها ون�شرها في �شكل قرارات‪ .‬كما �أنها م�س�ؤولة عن‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬تحديد القواعد الخا�صة ب�شراء المنتجات الزراعية‪/‬الحيوانية من �أجل‬ ‫تكوين مخزونات ا�ستراتيجية بهدف توزيعها على ال�سكان الذين يواجهون‬ ‫انعدام الأمن الغذائي وا�ستعمالها من طرف برنامج الوجبات المدر�سية؛‬ ‫ثانيا ‪ -‬تحديد الأ�سعار المرجعية ل�شراء المنتجات الزراعية الحيوانية‪ ،‬مع‬ ‫الأخذ بعين االعتبار الفوارق الإقليمية وواقع الزراعة الأ�سرية؛‬ ‫ثالثا ‪ -‬تحديد المناطق التي تحظى بالأولوية في تطبيق برنامج‬ ‫اقتناء الغذاء؛‬ ‫رابعا ‪ -‬تحديد �شروط التبرع بالمواد الم�شتراة على الم�ستفيدين وفق‬ ‫الحاالت التي وردت في القانون التكميلي رقم ‪ 111‬لعام ‪� ،2001‬أو في‬ ‫البرنامج الوطني للح�صول على الغذاء؛‬ ‫خام�سا ‪ -‬تحديد �شروط �إن�شاء مخزونات عامة في �إطار برنامج‬ ‫اقتناء الغذاء؛‬ ‫�ساد�سا ‪ -‬تحديد �شروط بيع المنتجات التي تم �شرا�ؤها وفق مقت�ضيات‬ ‫المر�سوم رقم ‪2008/6447‬؛‬ ‫�سابعا ‪ -‬تحديد ال�شروط المتعلقة بدعم �إن�شاء مخزونات غذائية من طرف‬ ‫منظمات الأ�سر المزارعة؛‬ ‫ثامنا ‪ -‬تحديد الإجراءات الأخرى ال�ضرورية لتنفيذ برنامج اقتناء الغذاء‪.‬‬ ‫ويقوم البرنامج ب�شراء المواد الغذائية دون اللجوء �إلى الو�ساطة‪ ،‬وب�أ�سعار‬ ‫مرجعية‪ 4‬ال تزيد وال تنق�ص عن الأ�سعار المطلوبة في الأ�سواق الإقليمية‪ ،‬دون �أن‬ ‫تتجاوز الحد الأق�صى ال�سنوي المحدد بالمر�سوم رقم ‪ 6 447‬لكل �أ�سرة مزارعة م�ستوفية‬ ‫لل�شروط المن�صو�ص عليها في القانون رقم ‪ 10 696‬ال�صادر في ‪ 24‬يوليو‪/‬تموز ‪،2006‬‬ ‫ومن طرف البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪ ،‬با�ستثناء الإجراء ال�شكلي الخا�ص‬ ‫بتحفيز �إنتاج الحليب وا�ستهالكه‪ ،‬الذي يق�ضي بو�ضع حد �أق�صى له كل �ستة �أ�شهر‪.‬‬ ‫‪ 4‬تن�ص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 8 666‬ال�صادر في ‪ 21‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 1993‬على ما يلي‪" :‬يتم تعيين و�سطاء ل�ضمان احترام المبد�أ الد�ستوري‬ ‫الذي ين�ص على الم�ساواة �أمام القانون وعلى انتقاء الفر�ص الأكثر نفعا للإدارة العامة‪� "...‬إال �أن ذلك القانون ين�ص �أي�ضا على بع�ض اال�ستثناءات‬ ‫التي‪ ،‬على الرغم من �إمكانية وجود المناف�سة‪ ،‬يكون فيها اللجوء �إلى الو�ساطة غير مالئم للم�صلحة العامة‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة لعملية �شراء‬ ‫المواد الغذائية لدى الأ�سر المزارعة من �أجل توزيعها على الفئات التي تواجه انعدام الأمن الغذائي‪.‬‬

‫‪191‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�إن الهدف الأ�سا�سي من عملية �شراء المواد الغذائية من طرف البرنامج هو‬ ‫م�ساعدة ال�سكان المعر�ضين النعدام الأمن الغذائي‪ ،‬والذين ي�ستفيدون من البرامج‬ ‫االجتماعية المحلية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى غيرهم من المواطنين الآخرين المعر�ضين لنق�ص‬ ‫غذائي محتمل – من بينهم ال�سكان الأ�صليون‪ ،‬وال�سكان المنتمون �إلى جماعات‬ ‫كيلومبو‪ ،‬وال�سكان المقيمون في المخيمات في انتظار �إعادة �إ�سكانهم في �إطار‬ ‫برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬وال�سكان المت�ضررون من بناء ال�سدود‪.‬‬ ‫وتعقد المجموعة الم�سيرة للبرنامج اجتماعات عادية مرة كل �أربعة �أ�شهر‪،‬‬ ‫واجتماعات غير عادية كلما دعت ال�ضرورة �إلى ذلك‪.‬‬

‫�صيغ تنفيذ برنامج اقتناء الغذاء‬

‫‪192‬‬

‫ال�شراء المبا�شر للغذاء من الأ�سر المزارعة‬ ‫تحدد هذه القاعدة الكيفية التي ت�شتري بها الحكومة الفيدرالية المواد الغذائية من‬ ‫المزارعين المنظمين في �إطار مجموعات (تعاونيات وجمعيات ر�سمية وغير ر�سمية)‬ ‫ب�أ�سعار �إ�شارية تحددها مجموعة �إدارة البرنامج‪ ،‬وعن طريق ال�شراء المبا�شر‪ .‬وتقوم‬ ‫ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي بتطبيق هذا الإجراء بتقديم االعتمادات المالية‬ ‫المو�ضوعة تحت ت�صرفها من طرف وزارة التنمية االجتماعية ووزارة التنمية‬ ‫الزراعية في �إطار اتفاقية مبرمة بينهما لهذا الغر�ض‪.‬‬ ‫وت�شمل المواد الغذائية الم�شتراة بهذه الكيفية الأرز وجوز الكا�شيو والجوز‬ ‫البرازيلي وطحين المانيهوك والفا�صوليا والذرة البي�ضاء والقمح وم�سحوق الحليب‬ ‫الكامل وطحين القمح وغيرها من المواد الأخرى‪.‬‬ ‫ويمكن ا�ستخدام هذه القاعدة �أي�ضا ال�ستعادة المبالغ المدفوعة للمزارعين عن‬ ‫طريق عمليات التخزين‪ ،‬مع المالءمة بين المخزون المتوفر والحاجيات اال�ستهالكية‪،‬‬ ‫مما يلعب دورا مهما في تنظيم الأ�سعار‪ .‬ويمكن ا�ستخدام المواد التي تم �شرا�ؤها بهذه‬ ‫الطريقة في �إعداد ال�سالل الغذائية التي يتم توزيعها في �إطار برامج اجتماعية معينة‪.‬‬ ‫ولكي تقبل الحكومة الفيدرالية ب�شراء هذه المنتجات‪ ،‬ف�إن هذه المنتجات‬ ‫يجب �أن تكون بطبيعتها نظيفة وجافة وملبية معايير الجودة التي تحددها وزارة‬ ‫الزراعة والإنتاج الحيواني‪ .‬و�إذا خ�ضع �أي منتج للمعالجة‪ ،‬ف�إنه يجب �أن يكون‬ ‫معلبا طبقا للمعايير التي و�ضعتها الجهات المخت�صة‪ ،‬و�أن يتم ت�سليمه في معدات‬ ‫خا�صة للم�شتريات (في مواقع خزن الب�ضائع التابعة لل�شركة الوطنية للتموين‪،‬‬ ‫�أو م�سجلة لديها)‪� ،‬أو في معدات متحركة (في الأماكن التي ال تتوفر على مرافق‬ ‫لخزن الب�ضائع)‪.‬‬ ‫وقد تم تخ�صي�ص ‪ 166.2‬مليون ريال برازيلي لعملية ال�شراء المبا�شر‪،‬‬ ‫وذلك من مجموع المبالغ المر�صودة للبرنامج في �سنة ‪ ،2009‬وهو ما يعني‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫�أن المواد الغذائية من �إنتاج الأ�سر المزارعة قد تم اقتنا�ؤها وفق هذه القاعدة‪،‬‬ ‫مبا�شرة من جمعيات المزارعين‪ ،‬خا�صة التعاونيات التي ت�ستجيب للمعايير‬ ‫التي و�ضعها برنامج اقتناء الغذاء‪ .‬وباعتماد قاعدة ال�شراء المبا�شر‪ ،‬ف�إن كمية‬ ‫المواد الغذائية التي �أنتجها ‪ 42 837‬مزارعا في ما يزيد عن ‪ 302‬بلدية تم �شرا�ؤها‬ ‫في تلك ال�سنة‪ .‬وهو ما يمثل معدل �شراء تقدر قيمته بـ ‪ 4 000‬ريال برازيلي لكل‬ ‫�أ�سرة مزارعة‪ .‬وقد �شاركت وزارة التنمية االجتماعية في هذه العملية بـ ‪109‬‬ ‫ماليين ريال برازيلي‪ ،‬فيما �شاركت وزارة التنمية الزراعية بما مقداره ‪57.2‬‬ ‫مليون ريال برازيلي‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة‪ ،‬ب�صفة خا�صة‪� ،‬إلى �أن هذا الإجراء قد مكن من �ضمان‬ ‫الأ�سعار بالن�سبة لمنتجي الحليب واللبن‪ ،‬خا�صة في الجنوب‪ ،‬حيث كان الحليب‬ ‫ي�شترى في عملية ترمي �إلى التحكم في الأ�سعار و�إن�شاء مخزونات عامة‪ .‬وتحت‬ ‫هذا الإجراء‪ ،‬تم �إنفاق ‪ 61.5‬من االعتمادات المالية في المنطقة الجنوبية‪،‬‬ ‫ا�ستفاد منها ‪ 58‬في المائة من مزارعيها‪ ،‬خا�صة في والية ريو كراندي دو �صول‬ ‫‪ ،Rio Grande do Sul‬حيث تم �إنفاق ‪ 45.8‬في المائة من مجموع االعتمادات‬ ‫المر�صودة للعملية‪� .‬أما في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬فقد تم �شراء مواد غذائية‬ ‫من ‪ 12 187‬مزارعا بهذه الطريقة‪ ،‬بتكلفة �إجمالية بلغت ‪ 46‬مليون ريال برازيلي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الدور الهام الذي لعبه برنامج اقتناء الغذاء في �ضمان‬ ‫الأ�سعار بالن�سبة للأ�سر المنتجة للحليب‪ ،‬التي كانت تواجه م�شاكل �شتى ب�سبب‬ ‫الفائ�ض في الإنتاج‪� ،‬إال �أنه لوحظ �أن البرنامج كان يميل �إلى تركيز عملياته في‬ ‫المنطقة الجنوبية للبرازيل‪ ،‬حيث تعتبر الم�شاركة االقت�صادية للأ�سر المزارعة‬ ‫قوية جدا‪ .‬ال�شيء الذي يعني �أن �إجراء ت�شخي�ص �أف�ضل للحالة‪ ،‬وبناء عالقات‬ ‫�أكثر فعالية مع منظمات الأ�سر المزارعة‪ ،‬قد كانا �ضروريين بالن�سبة للمناطق‬ ‫الأخرى‪ ،‬خا�صة في ال�شمال‪.‬‬ ‫�شراء المواد الغذائية مبا�شرة من الأ�سر المزارعة‬ ‫بق�صد التبرع الفوري‪ :‬برنامج ال�شراء المبا�شر المحلي‬ ‫لقد و�ضع برنامج ال�شراء المبا�شر المحلي )‪ (CDL‬من �أجل تعزيز الروابط بين‬ ‫�إنتاج الأ�سر المزارعة والطلبات المحلية على الغذاء والتغذية التكميلية في‬ ‫المدار�س ومراكز الرعاية اليومية والمالجئ ومراكز الإيواء والم�ست�شفيات‬ ‫العامة والبرامج االجتماعية المحلية كبنوك الغذاء والمطاعم المدعمة والمطابخ‬ ‫الجماعية‪ .‬ويق�صد بهذه القاعدة الإجرائية �أي�ضا الم�ساعدة على تطوير وتنمية‬ ‫االقت�صاد المحلي وتعزيز الزراعة الأ�سرية وخلق فر�ص العمل في المناطق‬ ‫الريفية‪.‬‬

‫‪193‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪194‬‬

‫وتتمثل الآلية المعتمدة من طرف وزارة التنمية االجتماعية من �أجل تنفيذ‬ ‫برنامج ال�شراء المبا�شر المحلي في االنخراط في اتفاقيات تحويل االعتمادات‬ ‫المالية مع حكومات الواليات والبلديات �أو مع ال�شركة الوطنية للتموين تق�ضي‬ ‫ب�أن تتولى هذه الأخيرة م�س�ؤولية تفعيل البرنامج بهدف تحقيق نتائجه الأ�سا�سية‬ ‫المرجوة وتنفيذه تنفيذا كامال‪.‬‬ ‫وت�شكل المنظمات الم�سجلة لدى بنوك الغذاء المكلفة بتقديم الوجبات الغذائية‬ ‫الموجهة لم�ساعدة الأ�سر �أو الأفراد الذين يوجدون في حالة اجتماعية ه�شة �أو يعانون‬ ‫من انعدام الأمن الغذائي والتغذية الم�ستفيد المبا�شر من البرنامج‪ .‬ويقوم البرنامج‬ ‫�أي�ضا بدعم البرامج االجتماعية الهادفة �إلى ت�أمين الح�صول على الغذاء كالمطاعم‬ ‫المدعمة والمطابخ الجماعية والبرامج الأخرى التي تتولى توزيع الوجبات الغذائية‬ ‫في المدار�س ومراكز الرعاية اليومية ومراكز الإيواء والم�ست�شفيات العامة‪ .‬وتعطى‬ ‫الأ�سبقية للأ�سر المزارعة في عملية �شراء المواد الغذائية ح�سب الترتيب التالي‪ :‬الأ�سر‬ ‫المزارعة المنتمية �إلى جماعات كويلومبو؛ جماعات ال�سكان الأ�صليين والجماعات‬ ‫المجاورة لها؛ العمال الريفيون الذين يعي�شون في مخيمات وال يملكون �أر�ضا؛ الأ�سر‬ ‫المزارعة التقليدية‪.‬‬ ‫ولكي ت�صبح منظمات المزارعين م�ؤهلة ال�ستالم المواد الغذائية يجب‬ ‫عليها �أن تقوم ب�إعداد م�شروع يجمع بين االحتياجات اال�ستهالكية لل�سكان‬ ‫الذين تقوم بم�ساعدتهم‪ ،‬من جهة‪ ،‬والإمكانيات المتوفرة لدى الأ�سر المزارعة في‬ ‫المنطقة لتلبية تلك الحاجيات من جهة ثانية‪ ،‬كما يجب �أن يت�ضمن الم�شروع‬ ‫الئحة ب�أ�سماء المزارعين المعنيين و�أ�سعار البيع‪ ،‬والمقدار الإجمالي للمواد المراد‬ ‫�شرا�ؤها‪ ،‬والمكان الذي ت�سلم فيه المواد الم�شتراة‪ .‬ويجب �إيداع جميع الم�شاريع‬ ‫مع طلب الم�شاركة لدى �أحد المجال�س المحلية للتغذية والأمن الغذائي للموافقة‬ ‫عليها‪� ،‬أو �إيداعه‪ ،‬في حالة عدم وجوده‪ ،‬لدى �أحد المجال�س المحلية العاملة‪،‬‬ ‫الذي ي�صبح الم�س�ؤول المبا�شر عن تنفيذ االتفاقية بدءا بالموافقة عليها وانتهاء‬ ‫بالإ�شراف عليها وبمراقبتها‪.‬‬ ‫وبعد �أن تتم الموافقة على طلب اال�شتراك ت�شرع �إحدى منظمات المزارعين‬ ‫في ت�سليم موادها وفقا لبرنامج زمني متفق عليه م�سبقا‪ .‬ويتم �أداء ثمنها عن طريق‬ ‫�إيداعه في ح�ساب بنكي جار مفتوح بعد الإقرار (بوا�سطة �شهادة الإقرار بالتو�صل‬ ‫والقبول) ب�أن المواد المعنية قد تم ت�سليمها فعال بالجودة والكمية المتفق عليها‪.‬‬ ‫وتقوم ال�شركة الوطنية للتموين بالموافقة الر�سمية على الم�شروع بوا�سطة‬ ‫�سندات المنتجات الزراعية التي يتم �إ�صدارها �إثر تقديم طلب بالم�شاركة من طرف‬ ‫الأ�سر المزارعة المنظمة في �إطار مجموعات ر�سمية ( تعاونيات وجمعيات)‪ ،‬التي‬ ‫تلتزم بت�سليم المواد الغذائية للم�ؤ�س�سات الحكومية وغير الحكومية‪ ،‬تزاول �أن�شطة‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫معترف بها من طرف العامة‪ ،‬والغاية منها هي م�ساعدة ال�سكان الذين يعانون‬ ‫مخاطر نق�ص الأغذية والتعر�ض ل�سوء التغذية‪.‬‬ ‫ويمكن للبلديات الواقعة خارج المنطقة التي ت�شملها االتفاقيات المبرمة بين‬ ‫وزارة التنمية االجتماعية وحكومات الواليات والبلديات التي ال ت�شتغل فيها ال�شركة‬ ‫الوطنية للتموين �أن تنخرط في اتفاقية مبا�شرة مع وزارة التنمية االجتماعية‪ .‬التي‬ ‫تقوم كل �سنة بالإعالن عن عمليات النتقاء البلديات التي ترغب في االن�ضمام �إلى‬ ‫البرنامج وتطبيق قاعدة ال�شراء المبا�شر من �أجل التبرع الفوري‪.‬‬ ‫و�أهم ما ابتكرته هذه القاعدة هو ت�شجيع الو�ساطة العامة عن طريق �شراء مواد‬ ‫غذائية مختلفة كالحلويات والهالميات والكعكات والخ�ضروات بدون حاجة �إلى تخزينها‪،‬‬ ‫وذلك فقط من �أجل ت�سهيل عملية التوا�صل بين الأ�سر المزارعة و�شبكات الم�ستهلكين‪� ،‬أي‬ ‫فقط بهدف تقوية �شبكات الأغذية المحلية و�إغناء النظام الغذائي الإقليمي‪.‬‬ ‫وتطبيقا لهذه القاعدة الإجرائية‪ ،‬تقوم وزارة التنمية االجتماعية بالإفراج عن‬ ‫االعتمادات المالية عبر اتفاقيات تربط هذه الوزارة بثالثة �أطراف �أخرى منفذة وهي‪:‬‬ ‫ال�شركة الوطنية للتموين‪ ،‬والبلديات‪ ،‬والواليات‪ .‬وقد بلغت االعتمادات المخ�ص�صة‬ ‫ل�شراء الغذاء تحت هذه القاعدة في ‪ 2009‬ما مقداره ‪ 202.1‬مليون ريال برازيلي‬ ‫�ساهمت فيها ال�شركة الوطنية للتموين بـ ‪ 150.3‬مليون ريال برازيلي‪ ،‬وحكومات‬ ‫الواليات بـ ‪ 27.1‬مليون ريال برازيلي‪ ،‬والمجال�س البلدية بـ ‪ 24.6‬مليون ريال‬ ‫برازيلي‪ .‬والجدير بالذكر �أن ن�سبة ‪ 34.2‬في المائة من مجموع االعتمادات المالية‬ ‫المخ�ص�صة لبرنامج �شراء الغذاء في عام ‪ 2009‬تم �إنفاقها بهذه الطريقة مما‬ ‫مكن من �شراء مح�صول ‪� 65 000‬أ�سرة مزارعة‪ .‬كما يجب التذكير ب�أن االعتمادات‬ ‫المالية المخ�ص�صة لالتفاقيات بين البلديات قد �شملت في المجموع ‪ 670‬بلدية‪ ،‬بينما‬ ‫انفردت ال�شركة الوطنية بتنفيذ البرنامج في ‪ 326‬بلدية �أخرى‪.‬‬ ‫واعتبارا لكون الهدف من وراء �سن هذه القاعدة هو ن�سج عالقات �أكثر‬ ‫حميمية بين المنتجين للغذاء‪ ،‬من جهة‪ ،‬والم�ستهلكين من جهة ثانية‪ ،‬ف�إنه من‬ ‫الواجب الإ�شارة‪ ،‬ب�صفة خا�صة‪� ،‬إلى �أن مقدار االعتمادات المالية التي ر�صدت‬ ‫خ�صي�صا للمنطقة ال�شمالية لـ ‪ Minas Gerais‬بلغت ‪ 50‬في المائة من مجموع‬ ‫االعتمادات المالية المخ�ص�صة للعمليات المنجزة بوا�سطة ال�شركة الوطنية للتموين‬ ‫والواليات والبلديات مجتمعة‪.‬‬ ‫وقد �شمل هذا الإجراء‪ ،‬في ما يتعلق بالتغذية التكميلية‪� ،‬أكبر عدد من‬ ‫ال�سكان الم�ستفيدين من البرنامج في ‪� ،2009‬أي ‪ 9.8‬مليون من مجموع ال�سكان الذين‬ ‫ا�ستفادوا من المواد الغذائية التي تم �إنتاجها من طرف الأ�سر المزارعة‪ .‬وقد تم �شراء‬ ‫حوالي ‪� 144.6‬ألف طن من المواد الغذائية لغايات مختلفة‪ ،‬وتم نقلها �إلى المنظمات‬ ‫المنخرطة في �أن�شطة البرنامج مرفقة بوثائق ال�شراء ومراقبة التوزيع‪.‬‬

‫‪195‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وا�ستنادا �إلى المعطيات ال�صادرة عن وزارة التنمية االجتماعية‪ ،‬ف�إن‬ ‫في المائة من مجموع المواد الغذائية الم�شتراة من قبل الأ�سر المزارعة في �إطار‬ ‫برنامج توزيع الغذاء على مجموعات خا�صة من ال�سكان‪ ،‬قد تم توزيعها فعال‬ ‫على مجموعات معينة من الم�ستفيدين مثل جماعات كويلومبو‪ ،‬والأ�سر المقيمة‬ ‫في المخيمات ريثما يعاد توظيفها في �إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬و�سكان‬ ‫القرى التي تعر�ضت لكارثة عامة‪ ،‬و�أ�صبح �أهلها غير قادرين على �إنتاج الغذاء‬ ‫�أو �شرائه‪ .‬كل هذه المجموعات ا�ستفادت من عملية �شراء الغذاء من �أجل التبرع‬ ‫الفوري‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى قدرتها على التنفيذ في �إطار برنامج �شراء الغذاء‪ ،‬وهو‬ ‫ما تم الت�أكد منه‪ ،‬ف� ّإن هذه الآلية تت�ضمن �أ�صعب التحديات الواردة في جميع‬ ‫�آليات البرنامج والتي تنبغي مواجهتها‪ ،‬فهي تفتر�ض �إقامة �شبكة مركبة‬ ‫و�شاملة‪ .‬كما ت�ضم الآلية عنا�صر ت�شجع‪ ،‬نظراً �إلى �آثارها على ال�صعيد المحلي‪،‬‬ ‫على تكامل طائفة من الأن�شطة ال�ضرورية للإ�سهام في �صياغة مقترح تنمية‬ ‫م�ستدامة‪.‬‬ ‫‪50‬‬

‫ت�شكيل المخزونات للزراعة الأ�سرية‬

‫‪196‬‬

‫تهدف هذه الآلية �إلى تمويل تخزين المنتجات المح�صولية التي توفرها �أ�سر من‬ ‫المزارعين ُتنظم في �إطار مجموعات ر�سمية‪ .‬وت�شكل منظمات المزارعين بحد ذاتها‬ ‫هذه المخزونات لتعزيز المنظومات وال�سال�سل المحلية للأمن الغذائي‪ ،‬وللحفاظ على‬ ‫المواد الغذائية في مواقعها الأ�صلية مع �ضمان بيعها في الفترات التي تكون فيها‬ ‫�أ�سعارها مغرية بالن�سبة للمزارعين‪.‬‬ ‫و�أُن�شئ مخزن الزراعة الأ�سرية عام ‪ ،2006‬وكان يح�صل في البداية على موارده‬ ‫من وزارة الزراعة الوطنية‪� ،‬إ ّال �أ ّنه ا�ستطاع �أن ُيعول الحق ًا على موارد وزارة التنمية‬ ‫االجتماعية �أي�ضاً‪ .‬وتعمل هيئة المخزونات الغذائية الوطنية )‪ (CONAB‬كوناب على‬ ‫نقل الموارد‪ ،‬وهي تن�شط من خالل منظمات زراعة �أ�سرية اقت�صادية (التعاونيات‪،‬‬ ‫والجمعيات‪ ،‬وال�صناعات الغذائية الأ�سرية‪ ،‬وغيرها) وتت�ألف من ‪ 70‬بالمائة من‬ ‫المزارعين الأ�سريين على الأقل المنت�سبين �إلى برنامج االعتماد الإئتماني )‪.(PRONAF‬‬ ‫وتوفر هذه الآلية الرامية �إلى دعم ت�شكيل مخزونات خا�صة التمويل‪ ،‬وتمنح �شهادة‬ ‫المنتج الزراعي (مخزن الزراعة الأ�سرية) لهذه المجموعات لتتيح لها �أن ت�شتري‬ ‫منتجات المزارع الأ�سرية‪ ،‬و�إقامة المخزونات الغذائية‪ ،‬وبيعها الحق ًا في ظروف �أف�ضل‪،‬‬ ‫لتحويل منتج ما‪� ،‬أو �إ�سباغ قيمة م�ضافة عليه‪� ،‬أو عر�ضه عندما ترتفع الأ�سعار‪ .‬وي�صل‬ ‫المبلغ الأق�صى لكل من المنظمات �إلى ‪ 1.5‬مليون ريال برازيلي �سنوياً‪ ،‬وفق ًا للمعدل‬ ‫الذي ُيحدد بح�سب عدد المزارع الأ�سرية التي تبيع منتجاتها‪.‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫وتنظر منظمة المزارعين مع �أع�ضائها في �إمكانية �إقامة مخزن للمواد التي‬ ‫تح�صل عليها‪ ،‬وهي تقدم طلب م�شاركة في الآلية لدى �أقرب هيئة �إقليمية تابعة‬ ‫لهيئة المخزونات الغذائية الوطنية كوناب‪ .‬ويحدد طلب الم�شاركة هذا المنتج مو�ضوع‬ ‫التخزين‪ ،‬والمهلة الق�صوى لإقامة المخزن‪ ،‬والمواد التي ينبغي �شرا�ؤها‪ ،‬و�أ�سعارها‪،‬‬ ‫والمزارعين الم�ستفيدين‪ .‬كما ينبغي �أن ُي�شار في الطلب �إلى �أ ّنه �سيجري االحتفاظ‬ ‫بالمنتج ك�ضمانة‪.‬‬ ‫وبعد الموافقة على طلب الم�شاركة‪ ،‬تمنح المنظمة �شهادة مخزن الزراعة‬ ‫الأ�سرية‪ ،‬وت�صرف هيئة المخزونات الغذائية الوطنية كوناب الأموال التي ت�سمح‬ ‫للمنظمة ببدء عملية �شراء المواد الغذائية لدى المزارعين الأ�سريين الم�شار �إليهم‬ ‫في الطلب‪ .‬و ُيحدد مخزن الزراعة الأ�سرية المهلة‪ ،‬على �أ ّال تتجاوز ‪� 12‬شهراً‪ .‬وعند‬ ‫انق�ضاء المهلة‪ ،‬على المنظمة �أن ت�سدد الثمن لمخزن الزراعة الأ�سرية وفق ًا للمبلغ‬ ‫الذي تلقته‪ ،‬على �أن ُي�ضاف �إليها معدل �سنوي يناهز ‪ 3‬بالمائة‪ ،‬يحت�سب بدءاً من‬ ‫تاريخ �إ�صدار �شهادة المخزن وحتى تاريخ ال�سداد‪.‬‬ ‫وقد كلفت هذه المبادرة‪ ،‬في عام ‪ ،2009‬ا�ستثمار ‪ 46‬مليون ريال برازيلي‬ ‫في ‪ 16‬والية‪ ،‬خا�صة في المنطقة الجنوبية ( ‪ 49‬في المائة) حيث �شكل القمح‬ ‫وم�سحوق الحليب �أهم المواد التي تم �شرا�ؤها‪ .‬غير �أن مبادرة برنامج �شراء‬ ‫الغذاء‪ ،‬وعلى عك�س مبادرة ال�شراء المبا�شر‪ ،‬قد كانت موزعة بطريقة �أف�ضل‬ ‫عبر الأقاليم‪ .‬وهو الأمر الذي �شجع الأ�سر المزارعة على �إن�شاء مخازن خا�صة‬ ‫تحتوي على عدة �أنواع من المنتجات الغذائية المختلفة كالجوز البرازيلي‪،‬‬ ‫وال�سكر‪ ،‬والع�سل‪ ،‬ولباب الفواكه‪ ،‬وطحين المانيهوك‪ ،‬واللحم‪ ،‬وال�سمك‪ ،‬والبن‪،‬‬ ‫والجبن‪ ،‬والأرز والفا�صوليا‪ ،‬والقمح‪ ،‬والذرة‪ ،‬وم�سحوق الحليب وغيرها من‬ ‫المواد الأخرى‪ .‬وباخت�صار‪ ،‬فقد مكنت هذه المبادرة من �إن�شاء مخزونات من‬ ‫هذه المنتوجات ومن التحكم في �أ�سعارها �إلى حد ما‪ ،‬خا�صة خالل ف�صول جمع‬ ‫المحا�صيل‪ ،‬مما �أمن ا�ستقالال ذاتيا للأ�سر المزارعة و�أ�سعارا �أف�ضل لمنتوجاتها‪،‬‬ ‫وذلك بالتخل�ص من �شبح ال�سم�سار‪.‬‬ ‫وكما هو ال�ش�أن بالن�سبة لبرنامج ال�شراء المبا�شر‪ ،‬ف�إن الدور الذي لعبته‬ ‫منظمات الأ�سر المزارعة في �إن�شاء المخازن كان دورا م�شهودا‪ .‬ففي ‪ ،2009‬بلغ‬ ‫عدد منظمات المزارعين التي تو�صلت بتحويالت مالية من االعتمادات المخ�ص�صة‬ ‫لهذه المبادرة ‪ 192‬منظمة‪ ،‬تت�ضمن ‪� 11 135‬أ�سرة مزارعة‪ .‬وخ�ص�صت وزارة التنمية‬ ‫الزراعية ‪ 32.4‬مليون ريال برازيلي‪ ،‬بينما خ�ص�صت وزارة التنمية االجتماعية‬ ‫‪ 14‬مليون ريال برازيلي �أخرى‪ ،‬لهذه المبادرة التي تدخل في �إطار برنامج ال�شراء‬ ‫المبا�شر وهو ما ي�ساوي في المجموع ‪ 46.4‬مليون ريال برازيلي ال�شيء الذي مكن من‬ ‫تمويل مخزون بلغ حجمه ‪ 52 000‬طن من المنتوجات المختلفة‪.‬‬

‫‪197‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫تحفيز �إنتاج الحليب وا�ستهالكه‬

‫‪198‬‬

‫يهدف هذا الإجراء �إلى الم�ساهمة في الرفع من ن�سبة ا�ستهالك الحليب من طرف الأ�سر‬ ‫التي تواجه �سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي‪ ،‬و�إلى تن�شيط م�شاريع �إنتاج الحليب‬ ‫من طرف الأ�سر المزارعة‪ .‬ويتم تنفيذ هذه العملية بوا�سطة اتفاقيات بين وزارة‬ ‫التنمية االجتماعية وحكومات الواليات في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪� ،‬أي حكومات‬ ‫واليات الأقوا�س ‪ Alagoas‬وباهيا ‪ Bahia‬و�سيارا ‪ Ceará‬ومارنياو ‪Maranhão‬‬ ‫وباريبا ‪ ،Paraiba‬ومرنامبوكو ‪ Pernambuco‬وبياوي ‪ Piaui‬وريو كراندي دونورتي‬ ‫‪ Rio Grande do Norte‬و�سيرجيبي ‪ ،Sergipe‬ووالية مينا�س خيراي�س ‪.Minas Gerais‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن المنطقة ال�شمالية ال�شرقية للبرازيل هي المنطقة الأكثر فقرا‬ ‫في البالد‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬فقد تم ت�صور وو�ضع هذا البرنامج لكي تنتفع منه مجموعتان اثنتان‪:‬‬ ‫الأ�سر المزارعة التي ت�ستفيد عن طريق بيع الحليب الذي تنتجه‪ ،‬وال�سكان ذوو الدخل‬ ‫المنخف�ض الذين يوزع عليهم الحليب بالمجان‪.‬‬ ‫ولكي تكون الأ�سرة ذات الدخل المنخف�ض مر�شحة ال�ستالم هذا الحليب‪ ،‬يجب‬ ‫�أن ال يتجاوز الدخل الفردي لديها ن�صف الحد الأدنى للأجور‪ ،‬كما يجب �أن يتكون‬ ‫�أفرادها من‪:‬‬ ‫�أوال ‪ -‬الأطفال الذين ال يتجاوز عمرهم �ست �سنوات؛‬ ‫ثانيا ‪ -‬الأمهات الالتي ير�ضعن �أطفالهن ر�ضاعة طبيعية �إلى غاية ال�شهر‬ ‫ال�ساد�س من عمرهم؛‬ ‫ثالثا ‪ -‬الأمهات الحوامل‪ ،‬كما ُيث َبت ذلك ب�شهادة م�سلمة من �إحدى المراكز ال�صحية؛‬ ‫رابعا ‪ -‬الم�سنون الذين يتجاوز عمرهم ال�ستين عاما؛‬ ‫خام�سا ‪� -‬أفراد �آخرون‪� ،‬شريطة �أن يرخ�ص لهم المجل�س الوطني اال�ستفادة‬ ‫من الم�ساعدات التي يقدمها البرنامج‪.‬‬ ‫ولكي يت�سنى للأ�سر المزارعة اال�ستفادة من تغطية البرنامج ومن �ضمان بيع‬ ‫منتجاتها الزراعية ب�أ�سعار محددة يجب عليها �أن ت�ستوفي ال�شروط التالية‪:‬‬ ‫�أوال ‪� -‬أال يتعدى مجموع �إنتاجها من الحليب ‪ 100‬لتر في اليوم كحد �أق�صى‪،‬‬ ‫على �أن تعطى الأولوية للأ�سر التي يبلغ متو�سط �إنتاجها اليومي ‪ 30‬لترا؛‬ ‫ثانيا ‪ -‬االلتزام باحترام الحد الأق�صى للإعانة المالية المحددة في‬ ‫‪ 4 000‬ريال برازيلي لكل منتج والتي تمنح كل �ستة �أ�شهر؛‬ ‫ثالثا ‪ -‬الح�صول على �شهادة الأحقية لال�ستفادة من البرنامج الوطني‬ ‫لتعزيز الزراعة الأ�سرية؛‬ ‫رابعا ‪� -‬إثبات تح�صين الحيوانات الزراعية على الوجه المطلوب‬ ‫�ضد الأمرا�ض‪.‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫وتبين ال�سجالت التاريخية لهذا البرنامج �أن االعتمادات المالية المخ�ص�صة‬ ‫ل�شراء الحليب وتوزيعه كانت م�ستقرة ومتوازنة خالل ال�سنوات الأخيرة‪ .‬ففي عام‬ ‫‪ ،2009‬تم �إنفاق ‪ 175.4‬مليون ريال برازيلي على عمليات �أنجزتها كل من وزارة‬ ‫التنمية االجتماعية وحكومات الواليات في �إطار اتفاقيات م�شتركة بالإ�ضافة �إلى‬ ‫‪ 33.3‬مليون ريال برازيلي تم ا�ستثماراها من طرف الواليات في الم�شروع‪ .‬وبذلك‬ ‫يكون مجموع االعتمادات المخ�ص�صة لبرنامج الحليب في ‪ 2009‬هو ‪ 208.7‬مليون‬ ‫ريال برازيلي‪ ،‬وهو المبلغ الذي تم ا�ستثماراه في عمليات �شراء المواد الطبيعية‬ ‫ومعالجتها وتوزيعها على الم�ستفيدين من البرنامج‪.‬‬ ‫اجلدول ‪ - 1‬الأموال املخ�ص�صة من طرف واليات االحتاد الفيدرايل‬ ‫بني ‪ 2003‬و ‪ 2009‬بالعملة الوطنية لربنامج اقتناء الغذاء‪/‬الألبان‬ ‫وا�ستهالكهما بح�سب �سجالت وزارة التنمية االجتماعية – �سل�سلة تاريخية‬ ‫وحدات‬ ‫االتحاد‬

‫‪2004‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪2009‬‬

‫والية‬ ‫االكوا�س‬

‫‪6,840,000‬‬

‫‪2,954,880‬‬

‫‪16,963,874‬‬

‫‪18,147,200‬‬

‫‪15,664,800‬‬

‫‪15,433,856‬‬

‫‪17,830,445‬‬

‫والية باهيا‬

‫‪6,321,428‬‬

‫‪4,000,000‬‬

‫‪13,100,000‬‬

‫‪18,160,000‬‬

‫‪14,426,759‬‬

‫‪10,842,095‬‬

‫‪13,280,000‬‬

‫والية �سيارا‬

‫‪6,942,200‬‬

‫‪5,392,064‬‬

‫‪9,678,331‬‬

‫‪20,438,461‬‬

‫‪14,702,195‬‬

‫‪18,290,465‬‬

‫‪22,729,857‬‬

‫والية‬ ‫مرنهاو‬

‫‪6 378 111‬‬

‫‪0.0‬‬

‫‪0.0‬‬

‫‪12 094 320‬‬

‫‪11 054 177‬‬

‫‪11 810 754‬‬

‫‪10 580 312‬‬

‫‪6 727 500‬‬

‫‪15 054 250‬‬

‫‪46 730 443‬‬

‫‪44 600 600‬‬

‫‪42 210 541‬‬

‫‪43 554 477‬‬

‫‪36 300 300‬‬

‫‪8 018 222‬‬

‫‪10 825 658‬‬

‫‪49 692 400‬‬

‫‪40 189 213‬‬

‫‪39 303 893‬‬

‫‪40 509 318‬‬

‫‪37 826 355‬‬

‫والية‬ ‫برنامبوكو‬

‫‪7 340 587‬‬

‫‪9 872 470‬‬

‫‪16 211 332‬‬

‫‪28 049 060‬‬

‫‪24 163 320‬‬

‫‪23 808 406‬‬

‫‪24 842 060‬‬

‫والية بيياو‬

‫‪2 364 000‬‬

‫‪2 587 200‬‬

‫‪12 407 733‬‬

‫‪8 865 457‬‬

‫‪9 644 100‬‬

‫‪1 928 820‬‬

‫‪2 366 167‬‬

‫والية‬ ‫�سرجيبي‬

‫‪6 861 222‬‬

‫‪9 600 108‬‬

‫‪16 107 394‬‬

‫‪0.00‬‬

‫‪0.00‬‬

‫‪0.00‬‬

‫‪0.00‬‬

‫‪4 094 571‬‬

‫‪1 000 000‬‬

‫‪9 782 393‬‬

‫‪11 264 120‬‬

‫‪7 972 480‬‬

‫‪9 485 200‬‬

‫‪9 604 000‬‬

‫‪61 887 841‬‬

‫‪61 286 630‬‬

‫‪175 359 496 175 663 394 179 142 266 201 808 432 190 673 900‬‬

‫واليةمينا�س‬ ‫جيراي�س‬ ‫والية‬ ‫بارايبا‬

‫والية ريو‬ ‫كراندي ديل‬ ‫نورتي‬ ‫المجموع‬

‫الكلي‬

‫‪2003‬‬

‫الم�صدر‪ :‬وزارة التنمية االجتماعية‪.‬‬

‫‪199‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫اجلدول ‪ - 2‬تنفيذ برنامج اقتناء الغذاء‪/‬الألبان وا�ستهالكهما‪،‬‬ ‫وحدات‬ ‫االتحاد‬ ‫والية‬ ‫االكوا�س‬

‫عدد الأ�سر‬ ‫الم�ستفيدة ‬

‫كمية الألبان‬ ‫بالليتر ‬

‫‪101‬‬

‫‪17 830 445‬‬

‫‪2 791‬‬

‫‪53 500‬‬

‫‪18 718 140.70‬‬

‫والية باهيا‬

‫‪25‬‬

‫‪13 280 000‬‬

‫‪2 136‬‬

‫‪104 520‬‬

‫‪17 093 204.00‬‬

‫والية �سيارا‬

‫‪148‬‬

‫‪22 729 857‬‬

‫‪1 924‬‬

‫‪56 277‬‬

‫‪15 878 500.00‬‬

‫والية مرنهاو‬

‫‪85‬‬

‫‪10 580 312‬‬

‫‪1 317‬‬

‫‪46 000‬‬

‫‪7 663 614.67‬‬

‫والية مينا�س‬ ‫جيراي�س‬

‫‪202‬‬

‫‪36 300 300‬‬

‫‪5 410‬‬

‫‪151 500‬‬

‫‪45 341 966.55‬‬

‫والية بارايبا‬

‫‪224‬‬

‫‪37 826 355‬‬

‫‪5 043‬‬

‫‪120 168‬‬

‫‪28 501 790.00‬‬

‫والية‬ ‫برنامبوكو‬

‫‪158‬‬

‫‪24 842 060‬‬

‫‪4 282‬‬

‫‪92 500‬‬

‫‪32 455 856.00‬‬

‫والية بيياو‬

‫‪100‬‬

‫‪2 366 167‬‬

‫–‬

‫‪8 000‬‬

‫–‬

‫‪35‬‬

‫‪9 604 000‬‬

‫‪1 055‬‬

‫‪30 000‬‬

‫‪8 644 774.56‬‬

‫‪1 078‬‬

‫‪175 359 496‬‬

‫‪23 958‬‬

‫‪662 465‬‬

‫‪174 297 846.48‬‬

‫والية‬ ‫�سرجيبي‬ ‫المجموع‬ ‫الكلي‬

‫عدد قيمة المقتنيات عدد مزارعي‬ ‫الأ�سر‬ ‫(ريال) ‬ ‫البلديات‬

‫‪2009‬‬

‫الم�صدر‪ :‬وزارة التنمية االجتماعية‪.‬‬

‫وقد كان ما يقارب ‪ 59‬في المائة من االعتمادات المالية الم�ستثمرة في‬ ‫�إطار تحفيز �إنتاج الحليب وا�ستهالكه مخ�ص�صة ل�شراء الحليب من الأ�سر المزارعة‬ ‫�أو من منظماتها‪ ،‬من تعاونيات وجمعيات ر�سمية وغير ر�سمية‪ ،‬بينما خ�ص�ص‬ ‫الباقي لعمليات المعالجة والتعقيم والتوزيع على الم�ستفيدين من البرنامج ( انظر‬ ‫الجدولين ‪ 1‬و ‪.)2‬‬ ‫كما � ّأن عدد الأ�سر الم�ستفيدة من برنامج �شراء الحليب كبير �أي�ضاً‪ .‬وعلى‬ ‫م�ستوى المزارع الأ�سرية �شارك ‪ 24 000‬منتج للحليب في ت�سع واليات في البرنامج‬ ‫من خالل بيع منتجاتهم‪ .‬وقد تم �إدراج ما مجموعه ‪� 662 000‬أ�سرة م�ستهلكة في هذا‬ ‫البرنامج �أي ما يناهز ‪ 3.3‬مليون �شخ�ص‪.‬‬ ‫‪200‬‬

‫ال�شراء بالدفع مقدما‬

‫منذ ‪ ،2003‬عندما تم و�ضع برنامج �شراء الغذاء‪ ،‬والحظت ووزارة التنمية الزراعية‬ ‫�أن عددا مهما من الأ�سر المزارعة لم تكن لديها الو�سائل المالية ال�ضرورية ل�شراء‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫البذور من �أجل زرعها‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ف�إن تلك الأ�سر �سوف لن يكون بمقدورها �إنتاج‬ ‫�أي �شيء‪ .‬ولم ي�سبق لبع�ض ه�ؤالء المزارعين خا�صة الأ�شد فقرا �أن ا�ستفادوا من �أي‬ ‫قر�ض زراعي من قبل‪ .‬ولم يكن ه�ؤالء المزارعون يعرفون كيف يعمل نظام القرو�ض‪،‬‬ ‫ولم يكونوا يح�صلون ال على �ضمانات وال على تجربة في التعامل مع البنوك تتيح‬ ‫لهم الح�صول على قر�ض زراعي‪ ،‬حتى في �إطار الإجراءات المب�سطة التي و�ضعها‬ ‫البرنامج الوطني لتدعيم الزراعة الأ�سرية‪ .‬و�إلى جانب ذلك‪ ،‬كانت هناك فئة �أخرى‬ ‫من المزارعين الذين يفتقرون بدورهم �إلى و�سائل الإنتاج الزراعي‪ .‬وكان قد �سبق‬ ‫توطين ه�ؤالء في الأرا�ضي الزراعية في �إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬كما �سبق‬ ‫لهم �أن ا�ستفادوا من القرو�ض الزراعية‪� ،‬إال �أن عدم ت�سوية حالتهم �إزاء الم�ؤ�س�سات‬ ‫المالية حال دون منحهم قرو�ضا جديدة‪.‬‬ ‫وفي محاولة لم�ساعدة ه�ؤالء المزارعين اقترحت ال�شركة الوطنية للتموين‬ ‫خطة جديدة ل�شراء الغذاء في �إطار برنامج �شراء الغذاء �أطلقت عليها ا�سم " ال�شراء‬ ‫بالدفع مقدما"‪ .‬وت�سمح هذه الأداة لل�شركة الوطنية للتموين ب�أن تدفع للمزارعين‬ ‫مقدما‪ ،‬في مو�سم زراعة الحبوب‪ ،‬ما قيمته ‪ 2 500.00‬ريال برازيلي في ال�سنة لكل‬ ‫مزارع مقابل ما ينتجه من المواد �شريطة التزام المزارعين بت�سليم المنتوجات ح�سب‬ ‫الكمية التي تم اقتنا�ؤها من طرف ال�شركة في مو�سم الح�صاد‪ .‬ويمكن للمزارعين �أن‬ ‫ي�ؤدوا ما بذمتهم من دين �إزاء برنامج �شراء الغذاء �إما نوعا �أو نقدا‪.‬‬ ‫وقد بد�أت كل من �شركة التموين الوطنية والمزارعون ومنظماتهم‪ ،‬في زمن‬ ‫وجيز‪ ،‬يرون �أن مبادرة �شراء الغذاء بدون �أي قيود وبدون �أداء ن�سب الفائدة وبدون‬ ‫الخ�ضوع للنظام ال�صارم للبنوك ومراقبتها‪ -‬وبالخ�صو�ص‪ ،‬بدون تفح�ص ل�سجالت‬ ‫ديونهم ال�سابقة‪ .‬لقد كان �أمل الجميع �أن تنجح هذه الأداة في الق�ضاء على‪� -‬أو‬ ‫التقليل من‪ -‬الحاجة �إلى ا�ستخدام النظام الم�صرفي لإدارة مختلف �أنواع القرو�ض‬ ‫التي يقدمها البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة اال�سرية ال�شيء الذي قد ي�ؤدي �إلى‬ ‫حفظ النفقات الحكومية على ن�سب الفائدة الم�سددة �إلى البنوك‪ .‬وقد اعتبر الجميع‬ ‫�أن هذه الخطة ت�شكل ا�سترجاعا لبرنامج القرو�ض الزراعية للأ�سر المزارعة دون‬ ‫�أن يترتب على ذلك �أداء �أي مقابل مالي للو�ساطة الم�صرفية‪ ،‬وبا�ستعمال خدمات‬ ‫م�ؤ�س�سة تحافظ على عالقات وثيقة بالمزارعين من �أجل �أن تمنح لهم القرو�ض التي‬ ‫يحتاجون �إليها‪.‬‬ ‫وقد بلغ مجموع االعتمادات الم�ستخدمة في القرو�ض الممنوحة في �إطار‬ ‫خطة ال�شراء بالدفع مقدما ‪ 92.3‬مليون ريال برازيلي في مو�سم ‪ ،2004-2003‬ا�ستفاد‬ ‫منها ‪� 47 215‬أ�سرة‪ .‬وقد تبين �أثناء عملية منح القرو�ض �أن تقييم الخطة قد كان‬ ‫�إيجابيا‪ .‬لكن النتيجة كانت عند ن�ضج المحا�صيل‪ ،‬في مو�سم ‪ ،2005-2004‬مخيبة‬ ‫للآمال‪ .‬ذلك لأن المنهجية المتبعة بالإ�ضافة �إلى الم�شاكل الما�ضية قد �أدت �إلى‬

‫‪201‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪202‬‬

‫نق�ص في الإنتاج فاق ن�سبة ‪ 70‬في المائة‪ ،‬وهي ن�سبة �أعلى بكثير من ‪ 2‬في المائة‬ ‫الم�سجلة بالن�سبة لأنواع القرو�ض الأخرى التي وفرها البرنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية بت�أمين بنكي �ضد المخاطر‪ .‬ولقد �أدى هذا النق�ص الكبير في ن�سبة‬ ‫الإنتاج �إلى تعليق العمل بالخطة في ‪.2005‬‬ ‫وتبين التحاليل المف�صلة للعمليات التي �أنجزت با�ستعمال هذه الأداة (ال�شراء‬ ‫بالدفع مقدما) �أن غالبية القرو�ض لم يتم منحها للمزارعين الفقراء الذين لم ي�سبق‬ ‫لهم �أن ح�صلوا على قر�ض زراعي من قبل‪ ،‬و�إنما للمزارعين الذين تم توظيفهم في‬ ‫�إطار برنامج الإ�صالح الزراعي والذين �سبق لهم الح�صول على قرو�ض زراعية‬ ‫من م�ؤ�س�سات مالية من قبل (في �إطار البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‬ ‫فئة �ألف‪/‬جيم)‪� .‬أما بالن�سبة له�ؤالء المزارعين الذين كانوا م�صنفين في �سجالت‬ ‫القرو�ض (لدى الإدارة الفيدرالية) �ضمن المخالفين‪ ،‬فلم تحدث عملية قر�ض �إ�ضافي‬ ‫�أي تغيير في و�ضعهم كمخالفين‪ ،‬حيث لم يكن م�سموحا لهم بالح�صول على قر�ض‬ ‫من البنوك العامة الفيدرالية التي ت�شكل الو�سيط الرئي�سي للبرنامج الوطني لتدعيم‬ ‫الزراعة الأ�سرية‪ .‬ومعنى هذا �أن غالبية الأ�سر المزارعة التي منحت لها قرو�ض في‬ ‫�إطار برنامج ال�شراء بالدفع مقدما‪ ،‬و�أ�صبحت مخلة بالتزامها �إزاء البرنامج‪ ،‬كان قد‬ ‫�سبق لها �أن وجدت نف�سها في حالة العجز عن الت�سديد �إزاء برنامج القر�ض الفالحي‪.‬‬ ‫�إال �أنه نظرا لكون القرو�ض قد تم منحها بدون فح�ص المخالفين‪ ،‬ف�إن عمليات منح‬ ‫القرو�ض قد تم الترخي�ص لها‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة هنا �إلى �أن التكلفة العملية التي طلبتها ال�شركة الوطنية‬ ‫للتموين مقابل �إنجازها لهذا البرنامج لم تكن �أقل من تلك التي طلبها الم�صرف‬ ‫البرازيلي مقابل �إنجاز عملية توفير القرو�ض الخا�صة بالبرنامج الوطني‬ ‫لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪ ،‬علما ب�أن بنك البرازيل هو الذي تحمل م�س�ؤولية ت�أمين‬ ‫العمليات �ضد المخاطر بالن�سبة لبرنامج ال�شراء بالدفع مقدما‪ ،‬فيما تحملت‬ ‫الحكومة كليا مخاطر العمليات‪ .‬لذلك تم احت�ساب القرو�ض التي لم ت�سدد �ضمن‬ ‫التكلفة الإجمالية للبرنامج‪ ،‬وهو ال�شيء الذي زاد في عقم العملية من حيث‬ ‫الجدوى االقت�صادية‪.‬‬ ‫ويمكن ا�ستخال�ص عدة درو�س من عمليات القرو�ض المنجزة في �إطار خطة‬ ‫ال�شراء بالدفع مقدما التي تعتبر جزءا من برنامج �شراء الغذاء �سواء بالنظر �إلى‬ ‫الطريقة التي نفذت بها الخطة �أو حتى بالنظر �إلى الطريقة التي �أعدت بها و�سيلة‬ ‫القر�ض هذه‪ ،‬وذلك بالتركيز على المالحظات الأ�سا�سية التالية‪:‬‬ ‫■ ■لقد ارتكبت �شركة التموين الوطنية خط�أ ب�إعطاء حق الأ�سبقية في‬ ‫ا�ستعمال �أداة ال�شراء بالدفع مقدما للمزارعين الذين كانت عليهم‬ ‫ديون �إزاء م�ؤ�س�سة القر�ض الزراعي عو�ض �أن تعطى الأولوية‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫للمزارعين الذين لم ي�سبق لهم �أن ح�صلوا على قرو�ض من قبل �أو‬ ‫الذين كانوا يواجهون �صعوبات في الح�صول على القرو�ض من‬ ‫البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية ب�سبب معرفتهم المحدودة‬ ‫�أو المنعدمة بالطرق التي تعمل بها الم�ؤ�س�سات المالية؛‬ ‫■ ■اعتبار عدم قيام ال�شركة الوطنية للتموين بفح�ص �سجل‬ ‫المخالفين بالن�سبة لم�ؤ�س�سة القر�ض الزراعي خط�أ ‪ .‬غير �أن ذلك ال‬ ‫يعني �أن جميع من دونت �أ�سما�ؤهم في �سجل المخالفين قد كانوا‬ ‫" متمل�صين"‪ ،‬لأن النا�س يمكن �أن ي�صنفوا �ضمن المق�صرين في‬ ‫عملية �سداد القر�ض لأ�سباب مختلفة‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف�إنه لي�س من الحكمة‬ ‫منعهم من الح�صول على قر�ض جديد‪ .‬وكما هو الأمر في كثير‬ ‫من الحاالت‪ ،‬ف�إن الح�صول على قر�ض جديد هو الو�سيلة الوحيدة‬ ‫التي يتمكن الم�ستدين من خاللها من ت�سديد ما عليه من ديون‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إن تحليل العملية برمتها مع الأ�سباب التي تكمن وراء‬ ‫جعل المزارع في و�ضع تق�صير �إزاء ت�سديد دينه تظل �أ�سا�سية لمنح‬ ‫قرو�ض جديدة‪.‬‬ ‫يجب �أن يكون نظام االقترا�ض م�سيرا من طرف م�ؤ�س�سة مالية متخ�ص�صة‬ ‫في عمليات االقرا�ض كم�ؤ�س�سة م�صرفية �أو تعاونية ائتمانية‪ .‬و�إذا كانت هذه‬ ‫الم�ؤ�س�سة عبارة عن منظمة غير حكومية تم ت�أ�سي�سها كمنظمة للمجتمع المدني‬ ‫لخدمة الم�صلحة العامة‪ ،‬ف�إنه يتوجب عليها كذلك �أن تكون متخ�ص�صة في مجال‬ ‫القرو�ض‪� .‬إن الم�ؤ�س�سات المتخ�ص�صة في منح القرو�ض التي يراها المزارعون‬ ‫كم�ؤ�س�سات مالية (�سواء كانت خا�ضعة لنظام البنك المركزي �أو ال) تكون �أكثر جدية‬ ‫في تعامالتها االقترا�ضية وتطبق مراقبة �أكثر �صرامة بخ�صو�ص عمليات منح‬ ‫القرو�ض وتجعل المقتر�ضين يتحملون م�س�ؤولية ت�سديد ديونهم �أي�ضا‪ .‬لذلك‪ ،‬يتعين‬ ‫على الحكومة �أن ت�سعى �إلى �إعادة ال�سكان المبعدين �إلى النظام ولي�س العك�س‪ .‬ويمكن‬ ‫�إدماج ه�ؤالء في النظام المالي �إما بطريقة مبا�شرة‪ ،‬بوا�سطة البنوك والتعاونيات‬ ‫المانحة للقرو�ض‪� ،‬أو بطريقة غير مبا�شرة‪ ،‬بوا�سطة م�ؤ�س�سات القرو�ض ال�صغرى �أو‬ ‫حتى بوا�سطة مندوبي البنوك‪.‬‬ ‫ويمكن لالحتواء المالي‪ ،‬وبالتالي الح�صول على القرو�ض‪� ،‬أن يتحقق ب�سهولة‬ ‫كبيرة بف�ضل الم�شاركة الفعلية والفعالة للم�ؤ�س�سات المالية الر�سمية التي يمكنها‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى القرو�ض �أن توفر خدمات مالية �أخرى تعتبر �ضرورية لتعزيز النمو‬ ‫االقت�صادي لأي قطاع �أو جماعة‪ ،‬مثل فتح ح�سابات التوفير والح�سابات الجارية‬ ‫وغيرها‪ .‬وخارج هذا الم�ضمار‪ ،‬تكون عمليات القر�ض في الغالب مجرد عمليات‬ ‫تجريبية وعلى نطاق محدود‪.‬‬

‫‪203‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫اجلدول ‪ - 3‬برنامج اقتناء الغذاء‪ :‬العمليات املنجزة‬ ‫واالعتمادات املخ�ص�صة لها‪2009 ،‬‬ ‫العملية‬

‫عدد‬ ‫البلديات‬

‫قيمة الم�شتريات‬

‫اال�سر المزارعة‬

‫‪%‬‬

‫عدد‬

‫‪%‬‬

‫�أطنان‬

‫‪%28.2‬‬

‫‪42 837‬‬

‫‪%30.0‬‬

‫‪139 183‬‬

‫االقتناء المبا�شر‬

‫‪302‬‬

‫‪166 258 653‬‬

‫االقتناء بالتبرع‬

‫ريال‬

‫الأ�سر‬ ‫الم�شمولة‬

‫الكمية‬

‫‪996‬‬

‫‪202 248 440‬‬

‫‪%34.3‬‬

‫‪65 055‬‬

‫‪%45.5‬‬

‫‪9 904 170‬‬

‫‪145 367‬‬

‫الحكومات‬ ‫الوالئية‬ ‫الحكومات‬ ‫البلدية‬ ‫ال�شركة الوطنية‬ ‫للتموين الغذائي‬ ‫برنامج الحليب‬

‫‪604‬‬

‫‪27 119 350‬‬

‫‪%4.6‬‬

‫‪12 462‬‬

‫‪%8.7‬‬

‫‪1 429 889‬‬

‫‪12 023‬‬

‫‪66‬‬

‫‪24 652 802‬‬

‫‪%4.2‬‬

‫‪7 962‬‬

‫‪%5.6‬‬

‫‪477 435‬‬

‫‪37 597‬‬

‫‪326‬‬

‫‪150 476 289‬‬

‫‪%25.5‬‬

‫‪44 631‬‬

‫‪%31.2‬‬

‫‪7 996 846‬‬

‫‪95 747‬‬

‫‪1 078‬‬

‫‪175 359 496‬‬

‫‪%29.7‬‬

‫‪23 958‬‬

‫‪%16.8‬‬

‫‪662 465‬‬

‫‪174 298‬‬

‫ت�شكيل المخزون‬

‫‪68‬‬

‫‪46 483 951‬‬

‫‪%7.9‬‬

‫‪11 135‬‬

‫‪%7.8‬‬

‫‪-‬‬

‫‪52 065‬‬

‫المجموع الكلي‬

‫‪2 444‬‬

‫‪590 350 541‬‬

‫‪%100.0‬‬

‫‪510 913 10 566 635 %100.0 142 985‬‬

‫الم�صدر‪ :‬وزارة التنمية االجتماعية وال�شركة الوطنية للتموين‪.‬‬

‫االعتمادات المخ�ص�صة للبرامج والوحدات الفيدرالية ‪-‬‬

‫‪204‬‬

‫‪2009‬‬

‫لقد اعتمد برنامج اقتناء الغذاء‪ ،‬في ‪ ،2009‬على ميزانية تقدر بـ ‪ 590‬مليون ريال‬ ‫برازيلي ل�شراء المنتجات الغذائية من ‪� 142.9‬ألف �أ�سرة مزارعة بلغت في مجملها‬ ‫‪� 458‬ألف طن من المواد التي تم توزيعها على ما يفوق ‪ 10.5‬مليون �أ�سرة‪ .‬كما قام‬ ‫بتمويل تخزين ‪� 52‬ألف طن �إ�ضافية من المواد الغذائية من طرف منظمات المزارعين‬ ‫مع ت�أمين �أف�ضل الأ�سعار لها‪.‬‬ ‫وفي ‪ ،2009‬تم تخ�صي�ص ن�سبة ‪ 34.3‬في المائة من مجموع االعتمادات المالية‬ ‫المخ�ص�صة لبرنامج اقتناء الغذاء لعملية ال�شراء مع التبرع المبا�شر‪ ،‬التي تم في �إطارها‬ ‫�شراء ‪ 45.5‬في المائة من منتجات المزارعين ( ‪ 65 000‬مزارع) الذين �شملهم برنامج‬ ‫اقتناء الغذاء‪ ،‬بينما ا�ستحوذ برنامج توزيع الحليب المقتنى من الأ�سر المزارعة على‬ ‫‪ 29.7‬في المائة من مجموع االعتمادات المخ�ص�صة له و�شمل ‪ 16.8‬في المائة من‬ ‫مجموع المزارعين الم�ستفيدين من البرنامج‪� .‬أما برنامج ال�شراء المبا�شر من �أجل‬ ‫التخزين �أو التبرع فقد حافظ لوحده على ‪ 28.2‬في المائة من اعتمادات البرنامج و�شمل‬ ‫‪ 30‬في المائة من الأ�سر المزارعة الم�ستفيدة من برنامج اقتناء الغذاء في ‪.2009‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫اجلدول ‪ - 4‬برنامج اقتناء الغذاء‪ :‬االقتناء املبا�رش‪� ،‬إن�شاء املخازن‪ ،‬ال�رشاء عرب‬ ‫التربع الفوري‪ ،‬وبرنامج الألبان‪� :‬رصف االعتمادات بح�سب الواليات واملناطق‪2009 ،‬‬ ‫وحدات االتحاد‬

‫قيمة المقتنيات‬

‫عدد‬ ‫البلديات‬

‫المزارعون‬

‫(بالريال البرازيلي)‬

‫(ريال)‬

‫‪%‬‬

‫عدد‬

‫‪%‬‬

‫الكمية‬

‫الأ�سر‬ ‫الم�ستفيدة‬ ‫عدد بالأطنان‬

‫ال�شمال‬

‫‪205‬‬

‫‪23 186 074‬‬

‫‪%3.9‬‬

‫‪8 822‬‬

‫‪%6.2‬‬

‫‪382 685‬‬

‫‪14 908‬‬

‫‪7‬‬

‫‪2 313 764‬‬

‫‪%0.4‬‬

‫‪662‬‬

‫‪%0.5‬‬

‫‪12 063‬‬

‫‪2 133‬‬

‫‪36‬‬

‫‪9 542 810‬‬

‫‪%1.6‬‬

‫‪3 803‬‬

‫‪%2.7‬‬

‫‪12 296‬‬

‫‪6 538‬‬

‫‪12‬‬

‫‪3 171 399‬‬

‫‪%0.5‬‬

‫‪933‬‬

‫‪%0.7‬‬

‫‪40 716‬‬

‫‪2 825‬‬

‫�أكري‬ ‫روندونيا‬ ‫�أمازونا‬ ‫�أمابا‬ ‫روراييما‬ ‫بارا‬ ‫طوكانطي�س‬

‫‪7‬‬

‫‪162 958‬‬

‫‪%0.0‬‬

‫‪95‬‬

‫‪%0.1‬‬

‫‪8 000‬‬

‫‪52‬‬

‫‪6‬‬

‫‪409 481‬‬

‫‪%0.1‬‬

‫‪109‬‬

‫‪%0.1‬‬

‫‪54 892‬‬

‫‪170‬‬

‫‪9‬‬

‫‪727 751‬‬

‫‪%0.1‬‬

‫‪211‬‬

‫‪%0.1‬‬

‫‪152 648‬‬

‫‪756‬‬

‫‪128‬‬

‫‪6 857 911‬‬

‫‪%1.2‬‬

‫ال�شمال ال�شرقي‬

‫‪1 488‬‬

‫‪%44.9 264 875 972‬‬

‫‪90‬‬

‫‪11 703 094‬‬

‫‪3 009‬‬

‫‪%2.1‬‬

‫‪102 070‬‬

‫‪2 435‬‬

‫‪56 574‬‬

‫‪%39.6‬‬

‫‪3 940 702‬‬

‫‪214 835‬‬

‫‪%2.0‬‬

‫‪1 744‬‬

‫‪%1.2‬‬

‫‪68 616‬‬

‫‪8 225‬‬

‫مارانهاو‬ ‫بياوي‬ ‫�سيارا‬ ‫ريو كراندي دو نورتي‬ ‫باراييبا‬ ‫بيرنامبوكو‬ ‫�أالكوا�س‬ ‫باهيا‬ ‫�سيرجيبي‬

‫‪226‬‬

‫‪8 643 143‬‬

‫‪%1.5‬‬

‫‪3 196‬‬

‫‪%2.2‬‬

‫‪245 873‬‬

‫‪7 306‬‬

‫‪245‬‬

‫‪50 235 646‬‬

‫‪%8.5‬‬

‫‪10 108‬‬

‫‪%7.1‬‬

‫‪1 127 034‬‬

‫‪30 383‬‬

‫‪159‬‬

‫‪14 175 859‬‬

‫‪%2.4‬‬

‫‪4 872‬‬

‫‪%3.4‬‬

‫‪841 093‬‬

‫‪5 075‬‬

‫‪235‬‬

‫‪40 255 192‬‬

‫‪%6.8‬‬

‫‪5 910‬‬

‫‪%4.1‬‬

‫‪188 987‬‬

‫‪31 637‬‬

‫‪203‬‬

‫‪39 881 804‬‬

‫‪%6.8‬‬

‫‪8 941‬‬

‫‪%6.3‬‬

‫‪320 732‬‬

‫‪46 076‬‬

‫‪148‬‬

‫‪29 314 528‬‬

‫‪%5.0‬‬

‫‪5 162‬‬

‫‪%3.6‬‬

‫‪661 502‬‬

‫‪28 604‬‬

‫‪121‬‬

‫‪50 468 063‬‬

‫‪%8.5‬‬

‫‪12 651‬‬

‫‪%8.8‬‬

‫‪421 051‬‬

‫‪41 540‬‬

‫‪61‬‬

‫‪20 198 643‬‬

‫‪%3.4‬‬

‫‪3 990‬‬

‫‪%2.8‬‬

‫‪65 814‬‬

‫‪15 990‬‬

‫الجنوب ال�شرقي‬

‫‪341‬‬

‫‪%21.3 125 959 891‬‬

‫‪31 097‬‬

‫‪%21.7‬‬

‫‪3 622 570‬‬

‫‪123 800‬‬

‫‪328‬‬

‫‪81 418 813‬‬

‫‪%13.8‬‬

‫‪19 027‬‬

‫‪%13.3‬‬

‫‪1 677 020‬‬

‫‪76 120‬‬

‫‪1‬‬

‫مينا�س جيرايي�س‬ ‫�إ�سبيريتو �سانطو‬ ‫ريو دي جانيرو‬ ‫�ساوو باولو‬

‫‪1 524 881‬‬

‫‪%0.3‬‬

‫‪525‬‬

‫‪%0.4‬‬

‫‪50 552‬‬

‫‪1 586‬‬

‫‪-‬‬

‫‪498 443‬‬

‫‪%0.1‬‬

‫‪120‬‬

‫‪%0.1‬‬

‫‪37 782‬‬

‫‪435‬‬

‫‪12‬‬

‫‪42 517 754‬‬

‫‪%7.2‬‬

‫‪11 425‬‬

‫‪%8.0‬‬

‫‪1 857 216‬‬

‫‪45 659‬‬

‫الجنوب‬

‫‪349‬‬

‫‪%27.5 162 613 737‬‬

‫‪42 491‬‬

‫‪%29.7‬‬

‫‪2 313 821‬‬

‫‪144 584‬‬

‫بارانا‬ ‫�سانتا كاطارينا‬ ‫ريو كراندي دو �صول‬

‫‪247‬‬

‫‪44 799 130‬‬

‫‪%7.6‬‬

‫‪12 896‬‬

‫‪%9.0‬‬

‫‪1 665 054‬‬

‫‪37 781‬‬

‫‪36‬‬

‫‪20 873 882‬‬

‫‪%3.5‬‬

‫‪6 412‬‬

‫‪%4.5‬‬

‫‪616 019‬‬

‫‪11 022‬‬

‫‪66‬‬

‫‪96 940 725‬‬

‫‪%16.4‬‬

‫‪23 183‬‬

‫‪%16.2‬‬

‫‪32 748‬‬

‫‪95 781‬‬

‫الو�سط الغربي‬

‫‪61‬‬

‫‪13 714 868‬‬

‫‪%2.3‬‬

‫‪4 001‬‬

‫‪%2.8‬‬

‫‪306 857‬‬

‫‪12 786‬‬

‫ماطو كرو�صو دو �صول‬ ‫ماطو كرو�صو‬ ‫كوايا�س‬ ‫الدائرة الفيدرالية‬

‫‪31‬‬

‫‪6 646 210‬‬

‫‪%1.1‬‬

‫‪1 728‬‬

‫‪%1.2‬‬

‫‪173 720‬‬

‫‪5 717‬‬

‫‪28‬‬

‫‪4 587 963‬‬

‫‪%0.8‬‬

‫‪1 556‬‬

‫‪%1.1‬‬

‫‪66 527‬‬

‫‪5 829‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2 480 694‬‬

‫‪%0.4‬‬

‫‪717‬‬

‫‪%0.5‬‬

‫‪66 610‬‬

‫‪1 240‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪%0.0‬‬

‫المجموع الكلي‬

‫‪2 444‬‬

‫‪%100.0 590 350 541‬‬

‫الم�صدر‪.MDS :‬‬

‫‪-‬‬

‫‪% 0.0‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪142 985‬‬

‫‪%100.0‬‬

‫‪10 566 635‬‬

‫‪510 913‬‬

‫‪205‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫لقد كُ �شِ ف �إبان توزيع االعتمادات المالية لبرنامج اقتناء الغذاء في ‪ 2009‬ح�سب‬ ‫المناطق عن تركيزها في المنطقة ال�شمالية ال�شرقية‪ ،‬التي خ�ص�ص لها ‪ 44.9‬في المائة‬ ‫من االعتمادات التي ا�ستفاد منها ‪ 56 574‬مزارع‪ .‬ويعود تركيز االعتمادات المالية في‬ ‫هذه المنطقة �إلى برنامج توزيع الحليب‪ ،‬الذي يطبق ب�صورة مكثفة في هذه المنطقة كما‬ ‫في المنطقة ال�شمالية لوالية "مينا�س خيراي�س" ( انظر الجدول ‪.)4‬‬ ‫�أما المنطقة الجنوبية‪ ،‬فقد احتفظت بن�سبة ‪ 27.5‬في المائة من االعتمادات‪،‬‬ ‫وبلغ عدد الأ�سر المزارعة الم�ستفيدة ‪� 42 491‬أ�سرة‪ ،‬تم �إنفاق معظم اعتماداتها في‬ ‫�إطار برنامج ال�شراء المبا�شر‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أن الأ�سر المزارعة‪ ،‬في هذه المنطقة‪،‬‬ ‫هي الأكثر تنظيما في البالد‪.‬‬ ‫ومن بين كل الوحدات الفيدرالية‪ ،‬كانت والية ريو كراندي دو �سول ووالية‬ ‫"مينا�س خيراي�س" هما اللتان خ�ص�صت لهما �أعلى ن�سبة من االعتمادات المالية في‬ ‫�إطار برنامج �شراء الغذاء‪ ،‬حيث انفردتا‪ ،‬على التوالي‪ ،‬بن�سبة ‪ 16.4‬في المائة و ‪13.8‬‬ ‫في المائة من مجموع االعتمادات المخ�ص�صة للبرنامج‪.‬‬

‫طرق تطبيق برنامج اقتناء الغذاء‬ ‫والحدود المالية الق�صوى بالن�سبة لكل �أ�سرة مزارعة‬

‫‪206‬‬

‫كانت الحدود التمويلية ال�سنوية الق�صوى المقدمة لكل �أ�سرة في �إطار تنفيذ الخطط‬ ‫الإجرائية لبرنامج اقتناء الغذاء التي تمت الم�صادقة عليها في نهاية عام ‪ 2009‬كما يلي‪:‬‬ ‫�أوال ‪� -‬شراء المواد الغذائية من �أجل الوجبات المدر�سية‪ :‬وقد خ�ص�ص له‬ ‫كحد �أق�صى مبلغ ‪ 9 000.00‬ريال برازيلي‪ ،‬وقد ر�صد هذا المبلغ من ميزانية‬ ‫البرنامج الوطني للتغذية المدر�سية التابع لوزارة التعليم‪.‬‬ ‫ثانيا – �شراء المواد الغذائية مبا�شرة من الأ�سر المزارعة من �أجل توزيعها �أو‬ ‫تخزينها‪ :‬وقد خ�ص�ص لهذه العملية مبلغ ‪ 800 000‬ريال برازيلي‪.‬‬ ‫ثالثا – دعم عملية �إن�شاء المخازن من طرف الأ�سر المزارعة‪ :‬وخ�ص�ص لهذه‬ ‫العملية مبلغ ‪ 8 000.00‬ريال برازيلي‪.‬‬ ‫رابعا – �شراء الغذاء من الأ�سر المزارعة مع التبرع الفوري‪ :‬خ�ص�ص لهذه‬ ‫العملية ‪ 4 500.00‬ريال برازيلي �أو �شراء الغذاء مبا�شرة من الأ�سر المزارعة‬ ‫المحلية مع التبرع الفوري‪ ،‬خ�ص�ص له ‪ 4 500.00‬ريال برازيلي (�أربعة �أالف‬ ‫وخم�سمائة ريال برازيلي)‪.‬‬ ‫خام�سا ‪ -‬حوافز من �أجل �إنتاج الحليب وا�ستهالكه‪ :‬خ�ص�ص لهذه العملية‬ ‫‪ 4 000.00‬ريال برازيلي لكل �ستة �أ�شهر‪.‬‬ ‫ولح�ساب الحد الأق�صى للمبلغ‪ ،‬يتم جمع الم�شتريات التي �أنجزت في �إطار‬ ‫العمليات المختلفة لبرنامج اقتناء الغذاء من طرف الوكالء المختلفين‪ ،‬ما عدا الحالة‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫الم�شار �إليها في المادة ‪� 4‬أعاله في ما يتعلق بالم�شتريات من عند التعاونيات‬ ‫والجمعيات والتجمعات غير الر�سمية‪ ،‬ف�إن المبلغ الأق�صى يتم تحديده بالن�سبة لكل‬ ‫�أ�سرة مزارعة تم �شراء المواد الغذائية منها في �إطار برنامج �شراء الغذاء‪.‬‬

‫�آليات جديدة ل�ضمان الأ�سعار بالن�سبة للأ�سر المزارعة‬ ‫برنامج �ضمان �أ�سعار الزراعة الأ�سرية‬

‫مع ازدياد القرو�ض الممنوحة في �إطار البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪،‬‬ ‫ونظرا لتمتع الزراعة الأ�سرية بالت�أمين �ضد المخاطر المناخية‪ ،‬قامت الحكومة‬ ‫الفيدرالية في ‪ 2006‬بو�ضع برنامج �ضمان �أ�سعار المواد التي تنتجها الأ�سر المزارعة‬ ‫من �أجل تحقيق الأهداف التالية‪:‬‬ ‫(�أ) �ضمان �أ�سعار منا�سبة لمنتجات الأ�سر المزارعة؛‬ ‫(ب) �ضمان ا�ستمرارية الأن�شطة المنتجة للأ�سر المزارعة؛‬ ‫(ج) تن�شيط التنويع في الإنتاج الزراعي والحيواني للأ�سر المزارعة؛‬ ‫(د) الربط بين ال�سيا�سات المختلفة المتعلقة بالقرو�ض الزراعية والت�سويق‪.‬‬ ‫ولكي يتمكن �أي مزارع من اال�ستفادة من برنامج �ضمان الأ�سعار‪ ،‬ف�إنه‬ ‫يجب �أن يكون للمح�صول الممول �سعر م�ضمون‪ ،‬باعتباره من بين محا�صيل الزراعة‬ ‫الأ�سرية‪ .‬ويحدد ال�سعر الم�ضمون على �أ�سا�س تكلفة الإنتاج بالزراعة الأ�سرية‪ .‬وقد‬ ‫تم‪ ،‬في المو�سم الفالحي ‪� ،2010-2009‬إح�صاء ‪ 35‬منتجا خ�ص�ص لها مجتمعة �أكثر من‬ ‫‪ 90‬في المائة من تمويالت البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫وبعد تحديد ال�سعر الم�ضمون بالن�سبة لل�سنة الزراعية‪ ،‬يتم منح مكاف�أة عن‬ ‫كل �شهر تنزل فيه الأ�سعار في ال�سوق دون م�ستوى ال�سعر الم�ضمون‪ ،‬من �أجل تعوي�ض‬ ‫الفرق‪ .‬وي�صل المبلغ الم�سموح به لكل مزارع �إلى ‪ 5 000.00‬ريال برازيلي كحد �أق�صى‪.‬‬ ‫وبالن�سبة للفا�صوليا‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬التي تعتبر من المواد الغذائية الرئي�سية‬ ‫في البرازيل‪ ،‬والتي عرفت �أ�سعارها ا�ضطرابات حادة في ‪ ،2009‬تم منح مكاف�آت‬ ‫تعوي�ضية بلغت ‪ 17‬في المائة في المتو�سط و ‪ 24‬في المائة في �شهر دي�سمبر‪/‬كانون‬ ‫الأول‪ .‬ذلك �أن المزارع الذي ا�ستفاد من تمويالت البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة‬ ‫الأ�سرية بقيمة ‪ 7 400.00‬ريال برازيلي‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬قد ح�صل على مكاف�أة‬ ‫تعوي�ضية بقيمة ‪ 1 776.00‬ريال برازيلي‪ .‬وت�شرف على برنامج �ضمان الأ�سعار لجنة‬ ‫م�سيرة تتكون من ممثلي �أربع وزارات‪ :‬ثالث وزارات مالية‪ ،‬ووزارة التنمية الزراعية‬ ‫التي تعتبر الجهاز الحكومي هو الم�س�ؤول عن تنفيذ ال�سيا�سة العامة‪.‬‬ ‫وتكمن �إحدى مميزات برنامج �ضمان الأ�سعار‪ ،‬بالمقارنة مع ال�سيا�سات‬ ‫العامة الأخرى التي و�ضعت من �أجل �ضمان ت�سويق �آمن لمنتجات الأ�سر المزارعة‪،‬‬

‫‪207‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫في غياب الحاجة �إلى �شراء المنتج الممول في �شكله المادي‪ .‬ولهذا الأمر مزيتان‪:‬‬ ‫فبالإ�ضافة �إلى �ضمان �سرعة �أكبر في تنفيذ العمليات‪ ،‬يتم تخفي�ض التكاليف‬ ‫الناجمة عن عمليات تنفيذ هذه ال�سيا�سة العامة ب�شكل كبير‪.‬‬ ‫فبف�ضل برنامج �ضمان الأ�سعار‪� ،‬صارت الأ�سر المزارعة تعرف �أن منتجاتها‬ ‫الممولة عن طريق قرو�ض زراعية محلية في �إطار البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة‬ ‫الأ�سرية‪� ،‬ستكون تغطية تكاليف �إنتاجها م�ضمونة‪ .‬لذلك �سوف لن يكون المزارع‬ ‫م�ضطرا لبيع جزء من �أمالكه لت�سديد ما عليه من ديون عندما تنزل الأ�سعار دون‬ ‫م�ستوى تكلفة الإنتاج‪ ،‬و�سوف يظل االقت�صاد المحلي في �صحة جيدة بف�ضل �سيولة‬ ‫القرو�ض من جهة‪ ،‬وبف�ضل الدخل الذي يتولد عنها من جهة ثانية‪.‬‬

‫البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‬

‫‪208‬‬

‫مع تقدم ال�سيا�سات العامة المت�صلة بالزراعة الأ�سرية وتعزيزها‪� ،‬أ�صبح بالإمكان‬ ‫�إجراء حوار �شامل مع القطاعات التربوية بهدف توطيد العالقة بين هذين الفاعلين‬ ‫المهمين المنخرطين في تنفيذ ال�سيا�سة العامة‪ .‬لقد كان البرنامج الوطني للوجبات‬ ‫المدر�سية قائما في البرازيل منذ �أكثر من خم�سين �سنة‪ .‬وقد �أعيد ت�صميمه وتحديثه‬ ‫عبر ال�سنين‪ .‬وقد كانت �إحدى ال�سمات المميزة لهذا البرنامج تكمن في �أنه يقوم‬ ‫بتوفير مواد غذائية ال يتم �إنتاجها محليا ودون �أن ي�أخذ بعين االعتبار العادات‬ ‫الغذائية المحلية‪ .‬ولكن هذا الواقع بد�أ يتغير عندما تمت الم�صادقة على القانون رقم‬ ‫‪ 11,947‬في ‪.2009‬‬ ‫�إذ تن�ص المادة ‪ 14‬من القانون على �أن ‪ 30‬في المائة من االعتمادات المالية‬ ‫المحولة من طرف ال�صندوق الوطني للتنمية التربوية �إلى برنامج الوجبات المدر�سية‬ ‫يجب �أن ت�ستعمل ل�شراء الغذاء من الأ�سر المزارعة المحلية والأ�سر الريفية المتعاقدة‬ ‫التي تم توطينها في �إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬ومن جماعات ال�سكان‬ ‫الأ�صليين والكيلومبو‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أن البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‬ ‫يقوم بتحويل ‪ 3.1‬مليار ريال برازيلي �إلى الواليات والمدرا�س كل �سنة‪.‬‬ ‫ويجب �أن يتم �شراء الأغذية كلما كان ذلك ممكنا‪ ،‬من نف�س الوحدة الإدارية‬ ‫التي تقع فيها المدار�س الم�ستهدفة‪ .‬و�إذا كانت الم�ؤن غير متوفرة محليا‪ ،‬ف�إنه يحق‬ ‫للمدار�س �أن ت�سعى �إلى تلبية حاجياتها من المواد الغذائية ب�شرائها‪� ،‬إما من مزارعي‬ ‫المنطقة �أو من مزارعي المناطق الريفية المجاورة �أو من قرى الوالية المجاورة مع‬ ‫احترام هذا الترتيب من حيث الأ�سبقية‪.‬‬ ‫وينظم هذا القانون القرار رقم ‪ 2009/38‬ال�صادر عن المجل�س اال�ست�شاري‬ ‫لل�صندوق الوطني للتنمية التربوية‪ ،‬الذي يف�صل الإجراءات التطبيقية التي ينبغي‬ ‫احترامها �أثناء بيع المواد الغذائية المنتجة من طرف الأ�سر المزارعة المنفذة‪.‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫وتتكون الم�صالح المنفذة من الأمانتين العامتين الوالئية والإقليمية لوزارة التعليم‬ ‫بالإ�ضافة �إلى ال�شبكات المعنية بالتعليم الأ�سا�سي على الم�ستوى الفيدرالي �أو‬ ‫الوكاالت الراعية لها التي تتو�صل باالعتمادات المالية مبا�شرة من ال�صندوق الوطني‬ ‫للتنمية التعليمية وتقوم بمهمة �شراء الأغذية للبرنامج الوطني للوجبات المدر�سية‪.‬‬ ‫�إال �أن رعاية هذه العالقة بين الزراعة الأ�سرية وبرنامج الوجبات المدر�سية تتطلب‬ ‫احترام المبادئ والتوجيهات التي حددها البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية وهي‬ ‫كالتالي‪ )1( :‬تغذية �صحية ومالئمة؛ (‪ )2‬احترام الثقافة والأعراف والعادات الغذائية‬ ‫ال�سليمة؛ (‪ )3‬الرقابة االجتماعية؛ (‪� )4‬ضمان التغذية والأمن الغذائي؛ (‪ )5‬التنمية‬ ‫الم�ستدامة التي تعني �شراء مواد غذائية متنوعة تم �إنتاجها محليا؛‬ ‫ولهذه العالقة‪ ،‬من منظور الإنتاج الزراعي للأ�سر المزارعة‪ ،‬دور فعال في‪:‬‬ ‫(‪� )1‬ضمان الو�صول �إلى ال�سوق الم�ؤ�س�سي ل�شراء المواد الغذائية‪ ،‬مما يتيح للمزارعين‬ ‫�أن يتعلموا كيف يطورن عالقتهم بال�سوق ( تطوير الأ�صناف‪ ،‬مفاهيم‪ ،‬م�صطلحات‬ ‫الجودة‪ ،‬التعدد‪ ،‬الخ)؛ (‪� )2‬ضمان الأمن الغذائي اعتمادا على الإنتاج الإقليمي‪،‬‬ ‫وتعزيز تنويع الإنتاج؛ (‪ )3‬توليد الدخل والقيمة الم�ضافة وتقوية االقت�صاد المحلي‬ ‫والإقليمي؛ (‪ )4‬تدعيم النموذج الإنمائي وا�ستمراريته عن طريق تدعيم ت�شكيل الروابط‬ ‫والتعاونيات‪.‬‬ ‫ويقوم البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية ب�إطعام التالميذ في المدار�س‬ ‫االبتدائية خالل فترة الدرا�سة‪ .‬وي�ستفيد من البرنامج ‪ 53‬مليون �شخ�ص عبر الأقاليم‬ ‫الوطنية من �ضمنهم الأطفال وال�شباب والبالغون‪ .‬وقد بلغت ميزانية البرنامج‬ ‫الوطني للوجبات المدر�سية التي تم تخ�صي�صها ل�شراء الغذاء من الأ�سر المزارعة‪ ،‬في‬ ‫‪ 2010‬مليار ريال برازيلي في المجموع‪ .‬ويمكن لموردي المواد الغذائية �أن ينظموا‬ ‫�أنف�سهم في �شكل جمعيات للأ�سر المزارعة �أو في مجموعات غير ر�سمية يتم �إن�شا�ؤها‬ ‫لأغرا�ض ت�سويقية‪ .‬كما يمكن للمجموعات التي كانت في ال�سابق تبيع منتجاتها‬ ‫لبرنامج �شراء الغذاء �أن تزود البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية بموادها الغذائية‬ ‫كذلك‪ .‬ويبلغ الحد الأق�صى المفرو�ض على مقتنيات برنامج الوجبات المدر�سية‬ ‫‪ 9 000.00‬ريال برازيلي �سنويا لكل مزارع‪.‬‬ ‫ويق�ضي القانون المعمول به ب�أن تقوم البلديات والواليات ب�شراء المواد‬ ‫الغذائية من الأ�سر المزارعة‪ ،‬وذلك بهدف االحتفاظ باالعتمادات المالية الم�ستعملة‬ ‫لهذا الغر�ض في االقت�صاد المحلي‪� ،‬إنعا�شا له واحتراما للعادات الغذائية المحلية‪.‬‬ ‫ومما تجدر الإ�شارة �إليه كذلك هو التكلفة المنخف�ضة لهذه ال�سيا�سة بالن�سبة للحكومة‬ ‫الفيدرالية‪ ،‬حيث �أن القانون الذي �سبقت الإ�شارة �إليه يعنى فقط بتنظيم عملية �شراء‬ ‫الغذاء من طرف برنامج الوجبات المدر�سية‪ ،‬وهو ما ينتج عنه خلق فر�ص خا�صة‬ ‫للأ�سر المزارعة‪ .‬ويمكن القول مرة �أخرى �إن الدولة تبدع في تو�سيع مجال �سيا�ساتها‪.‬‬

‫‪209‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الخال�صات والتو�صيات‬

‫‪210‬‬

‫ما فتئ برنامج �شراء الغذاء‪ ،‬منذ �أن تم �إخراجه �إلى حيز الوجود في �سنة ‪ ،2003‬ينمو‬ ‫ويتطور‪� ،‬سواء من حيث عدد المزارعين الم�ستفيدين �أو من حيث المواد �أو التجربة‬ ‫المكت�سبة من خالل تدبير البرنامج وتنفيذه‪ .‬فخالل ال�سنوات ال�سبع الأخيرة من‬ ‫عمر البرنامج‪ ،‬تم ا�ستثمار ما يزيد على ‪ 3‬مليارات ريال برازيلي‪ ،‬ا�ستفاد منها ‪140‬‬ ‫�ألف من الأ�سر المزارعة عن طريق تزويد البرنامج بالمواد الغذائية‪ ،‬و‪ 15‬مليونا من‬ ‫ال�سكان عن طريق التبرعات بالمواد الغذائية‪.‬‬ ‫وبف�ضل هذه النتائج �أ�صبح البرنامج ينظر �إليه باعتباره مثاال يحتذى‬ ‫للممار�سات الجيدة في مجال ال�سيا�سات العامة الهادفة �إلى دعم الأ�سر المزارعة‬ ‫وتدعيم الأمن الغذائي‪ ،‬وهي ال�سيا�سة التي انتهجتها الحكومة البرازيلية في ال�سنوات‬ ‫الأخيرة‪� .‬إن �إعطاء الأولوية من طرف الإدارة الفيدرالية الحالية للق�ضايا االجتماعية‬ ‫ب�صفة عامة وللزراعة الأ�سرية ب�صفة خا�صة‪ ،‬مع الت�أكيد على �أهمية التغذية والأمن‬ ‫الغذائي ي�شكل �أحد ابتكارات الإدارة‪.‬‬ ‫ويعتبر برنامج اقتناء الغذاء ك�أداة لت�سويق الأغذية وك�آلية مكملة للبرنامج‬ ‫الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية عن طريق الدعم الفعلي للأ�سر المزارعة ب�إدماجها‬ ‫في ال�سوق‪.‬‬ ‫ولقد مكن برنامج اقتناء الغذاء العديد من الأ�سر المزارعة من تحمل تكاليف‬ ‫الإنتاج‪ ،‬بما فيها تكاليف اليد العاملة‪ ،‬والتكاليف الناجمة عن عمليات الت�صميم‬ ‫والتنظيم والإمداد‪ ،‬وعمليات ت�صنيف المواد الغذائية وتعليبها وتخزينها والحفاظ‬ ‫على جودتها‪ .‬وقد عمل البرنامج‪ ،‬بالن�سبة لزبائنه‪ ،‬على تو�سيع مجالي تنويع‬ ‫وجودة المواد الغذائية التي يتم توفيرها لهم‪ ،‬م�ساهما بذلك في الحفاظ على العادات‬ ‫والثقافات الغذائية الإقليمي‪.‬‬ ‫لقد لعبت المنظمات االقت�صادية والجمعيات والتعاونيات ومنظمات المجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬دورا حيويا في تنفيذ البرنامج و�إنجاحه وذلك عن طريق تعبئة الم�ستفيدين‬ ‫وتنظيمهم و�إزالة العوائق التي تحول دون تلبية �شروط الم�شاركة في البرنامج‪،‬‬ ‫وتح�سين �إطارات التعاون بين الم�ستفيدين ومنظماتهم‪.‬‬ ‫�إن تداخل الإجراءات المتخذة من طرف الفرع التنفيذي في البرنامج يقت�ضي‬ ‫حوارا م�ؤ�س�سيا �سليما بين مختلف الأطراف المعنية بت�سيير البرنامج‪ ،‬ذلك لأن‬ ‫المرونة ت�شكل �أحد الأ�سباب الرئي�سية لنجاح البرنامج‪ -‬دون �إغفال ال�شروط المحددة‬ ‫لهيكلته‪.‬‬ ‫كما يالحظ تدخل عدد من الفاعلين في عملية تنفيذ البرنامج �سواء على‬ ‫م�ستوى الم�ؤ�س�سات الر�سمية �أو على م�ستوى منظمات الأ�سر المزارعة والجمعيات‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫الخيرية‪ .‬ويعتبر هذا الأمر �ضروريا لتحديد ال�سيا�سة العامة للبرنامج على �أ�سا�س‬ ‫تقييم الإجراءات المتعلقة بتطبيقه‪ ،‬وذلك من �أجل الحفاظ على هذه ال�سيا�سة‬ ‫وتطويرها وتو�سيع مجالها ب�شكل مالئم بهدف الحفاظ على ما للبرنامج من �آثار‬ ‫�إيجابية �سواء على الزراعة الأ�سرية �أو على عملية الإمداد بالغذاء بالن�سبة للمناطق‬ ‫التي تواجه نق�صا في الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫ويجب الت�أكيد على �ضرورة الزيادة في حجم اال�ستثمارات من �أجل تدعيم‬ ‫تجارب البرنامج الحالية وتو�سيع نطاقها‪ ،‬لي�س فقط بالن�سبة لالعتمادات المالية‬ ‫بهدف الحفاظ على الم�شاريع القائمة وتو�سيعها‪ ،‬ولكن �أي�ضا بهدف اقتراح م�شاريع‬ ‫تكميلية جديدة‪ ،‬على �أ�سا�س التجارب التي راكمها البرنامج‪.‬‬ ‫من الم�ؤكد �أن البرازيل ا�ستطاعت �أن تطور مجموعة من اال�ستراتيجيات التي‬ ‫تمكن البالد من تحقيق مزيد من التقدم في مجال التغذية و�ضمان الأمن الغذائي‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إلى �إدماج �آالف من الأ�سر المزارعة في الحياة االقت�صادية‪ .‬ويتم كل هذا‬ ‫باال�شتراك مع عدد من المبادرات ال�سيا�سية الأخرى التي تهدف �إلى تقوية الم�ؤ�س�سات‬ ‫العامة والزراعة الأ�سرية ب�صفة عامة‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬ف�إن بع�ض التحديات‬ ‫ماتزال قائمة‪ ،‬منها على الخ�صو�ص‪:‬‬ ‫تزايد التغطية‪ :‬ا�ستفاد عدد من الأ�سر المزارعة لأول مرة من بع�ض ال�سيا�سات‬ ‫العامة مثل البرنامج الوطني لتدعيم الزراعة الأ�سرية الذي يفوق عدد الم�ستفيدين‬ ‫منه ‪ 2.2‬مليون من ال�سكان‪� .‬إال �أن الإح�صاء الذي �أجري في �سنة ‪ 2006‬حول الزراعة‬ ‫والثروة الحيوانية قد ك�شف عن وجود ‪ 4.4‬مليون م�ؤ�س�سة �أ�سرية ريفية على الرغم من‬ ‫احتمال �أن يكون عدد كبير منها مجرد �أماكن لل�سكنى‪ .‬لذلك‪ ،‬ف�إن المجهود المتوا�صل‬ ‫في هذه الميدان من طرف كافة الم�ؤ�س�سات العامة له ما يبرره‪.‬‬ ‫تطوير الروابط بين ال�سيا�سات العامة‪� :‬إن الم�شاكل العوي�صة التي يواجهها‬ ‫�سكان المناطق الريفية‪ ،‬كم�شاكل الفقر والبيئة‪ ،‬تتطلب معالجة فورية وب�صفة نهائية‬ ‫عن طريق و�ضع �سيا�سات عامة متعددة وم�ستمرة ومترابطة في ما بينها‪ .‬وفي‬ ‫الوقت الراهن‪ ،‬يجري النقا�ش حول الأطر القانونية الجديدة والإجراءات الم�ؤ�س�سية‬ ‫ذات الطابع الم�ؤ�س�سي‪ ،‬الالزمة لمعالجة م�شكلة العزلة والت�شتت اللتين تميزان تنفيذ‬ ‫مختلف ال�سيا�سات العامة من قبل الوزارات المختلفة‪.‬‬ ‫التركيز الموا�ضيعي والإقليمي‪� :‬إن الزراعة البرازيلية زراعة مركبة ومتعددة‬ ‫الوظائف وت�شمل �أن�شطة مختلفة موزعة عبر الأقاليم‪ .‬فعلى الرغم من الحاجة �إلى‬ ‫تمكين المزارعين من الو�صول �إلى ال�سيا�سات الزراعية التقليدية (القرو�ض‪ ،‬وخدمات‬ ‫الإر�شاد الريفية‪ ،‬والت�أمينات‪ ،‬والأ�سواق) ف�إن هذه ال�سيا�سات يجب �أن تكون منظمة‬ ‫ومن�سقة ب�شكل يجعلها تتركز ب�شكل خا�ص حول تنمية المناطق البيئية الرئي�سية في‬ ‫البرازيل (المنطقة �شبه القاحلة‪ ،‬ومنطقة الأمازون‪ ،‬ومنطقة �سيرادو‪ ،‬وغيرها)‪ ،‬كما‬

‫‪211‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪212‬‬

‫يجب �أن تركز على الموا�ضيع التي توجد حاليا تحت م�س�ؤولية وزارة الزراعة‪� :‬أي‬ ‫ق�ضايا الأمن الغذائي‪ ،‬والبيئة‪ ،‬والطاقة الزراعية‪.‬‬ ‫اال�ستراتيجيات التمكينية‪ :‬يكمن التحدي بخ�صو�ص هذه الم�س�ألة في تنظيم‬ ‫الزراعة الأ�سرية حول �سيا�سات قطاعية معينة‪ ،‬وتنميتها وتو�سيع نطاقها بغية‬ ‫�ضمان �إدماجها في الأ�سواق‪ ،‬ومن �أن تطور �أ�صنافا خا�صة بها على �أ�سا�س خ�صائ�ص‬ ‫زراعية معينة تنفرد بها كل منطقة‪ .‬وي�شكل ظام التعاون ونظام الترابط للزراعة‬ ‫الأ�سرية �أداتين مهمتين لتنظيم الزراعة الأ�سرية‪ ،‬ويجب �أخذهما بعين االعتبار في‬ ‫كل �سيا�سة ترمي �إلى تعزيز التنمية الريفية في البرازيل‪.‬‬ ‫�إن التطور الذي عرفه البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية يعود �إلى‬ ‫اال�ستقرار المتزايد في م�صادر التمويل‪ ،‬و�إلى تو�سع وتحديد مخاطبيه‪� ،‬أي الأ�سر‬ ‫المزارعة‪ .‬كما �أنه يعود‪ ،‬من جهة ثانية‪� ،‬إلى الإجراءات الرامية �إلى تب�سيط طرق‬ ‫تنفيذه في �إطار النظام المالي الوطني �أكثر ف�أكثر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬البد من البحث عن �سبل‬ ‫جديدة لتو�سيع مجال تغطيته لي�شمل المجموعات الأكثر فقرا من ال�سكان عن طريق‬ ‫فاعلين جدد في النظام المالي وبوا�سطة �آليات جديدة من �أجل ت�سهيل الح�صول‬ ‫�إلى القرو�ض‪ .‬والمطلوب هنا هو المزيد من االلتزام واالنخراط من طرف حكومات‬ ‫الواليات والبلديات وتوفير المزيد من االعتمادات المالية‪� ،‬إلخ‪ .‬كما �أنه من ال�ضروري‬ ‫اال�ستمرار في تدريب المزارعين وت�أهيلهم في مجاالت �أن�شطتهم االقت�صادية‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى �ضمان وت�سهيل و�صولهم �إلى المعلومات المتعلقة بالكيفية التي تعمل‬ ‫بها ال�سيا�سات العامة‪ ،‬وكيفية اال�ستفادة من مكا�سبها‪ ،‬مع التركيز على القرو�ض‬ ‫الريفية ب�صفة خا�صة‪.‬‬ ‫�إن ا�ستمرار البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية في العمل لزمن طويل‪،‬‬ ‫وانخفا�ض معدله الأ�سا�سي يعودان �إلى تكلفته المالية المنخف�ضة و�إلى توافر‬ ‫المناخ المالئم للإئتمان و�أدوات �ضمان الأ�سعار المرتبطة بالقر�ض‪ ،‬بينما تكتفي‬ ‫الم�ؤ�س�سات المالية ب�إدارة المخاطر المعنوية‪ .‬فقبل �سنة ‪ ،2004‬كانت تدخالت‬ ‫الحكومة في هذا المجال ت�أتي متفرقة ومت�أخرة‪ ،‬وكانت الإجراءات تتخذ عادة بعد‬ ‫وقوع �أحداث عر�ضية‪� ،‬إما عن طريق تمديد فترة ت�سديد الديون الم�ستحقة‪� ،‬أو عن‬ ‫طريق تخفي�ضات في التمويالت‪.‬‬ ‫لقد ولدت تجربة تنفيذ برنامج اقتناء الغذاء اعتمادات مهمة لتطوير �سيا�سات‬ ‫�أخرى مبنية على الأ�سواق‪ .‬و�أح�سن مثال لهذه ال�سيا�سات هو قانون الوجبات‬ ‫المدر�سية الذي تتلخ�ص �أهدافه في تقوية �شبكة الأ�سواق المحلية والإقليمية‬ ‫وا�سترجاع العادات الغذائية الإقليمية والمحافظة عليها‪ ،‬وبالأخ�ص ت�شجيع ودعم‬ ‫�إن�شاء الجمعيات والتعاونيات التي تقوم بدور فعال في تنظيم عملية �إنتاج الأغذية‬ ‫وحماية اقت�صاد الفئات الأ�شد فقرا بين ال�سكان‪.‬‬


‫برنامجا الزراعة الأ�سرية و�ضمان الأ�سعار في البرازيل‪ :‬برنامج اقتناء الغذاء‬

‫ومع ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من مرور �سبع �سنوات على �إن�شائه‪ ،‬ال يزال برنامج‬ ‫�شراء الغذاء عاجزا عن تلبية احتياجات عدد كبير من الأ�سر المزارعة‪ .‬ف�إذا كان‬ ‫با�ستطاعته م�ساعدة ‪� 143 000‬أ�سرة كل �سنة‪ ،‬ف�إن الإح�صائيات تقدر مجموع الأ�سر‬ ‫المزارعة ( التي تنتج فائ�ضا من المواد الغذائية) ب�أكثر من مليوني �أ�سرة‪.‬‬

‫‪213‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المراجع‬ BRAZIL. Ministry of Social Development and Hunger Combat. Programa de Aquisição de Alimentos. Brasília, Federal District, 2006. FELTRACO, S. L. Avaliar e propor aperfeiçoamento às políticas do Ministério de Desenvolvimento Agrário – MDA de apoio à comercialização dos produtos da agricultura familiar. Brasília, Federal District, 2009. CITIZENSHIP INSTITUTE. Projeto Fome Zero: uma proposta de segurança alimentar para o Brasil. São Paulo: Citizenship Institute, 2001. MULLER, A. L. A construção das políticas públicas para a agricultura familiar no Brasil: o caso do Programa de Aquisição de Alimentos. 2007. Dissertation (Master’s Degree in Economics) – Economic Sciences School, Postgraduate Program in Rural Development, Federal University of Rio Grande do Sul, Porto Alegre, 2007. MARTINS, S. P. Relatório propositivo para ampliação da Execução do PAA: formação de estoque na Região Nordeste. Brasília, Federal District, 2009: GTZ/MDA Cooperation, 2009.

214


‫‪� -9‬أقاليم المواطنة‬ ‫التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫كايو كالفاو دي فران�سا‬ ‫جواكيم �صوريانو‬

‫مقدمة‬ ‫خالل ال�سنوات الأخيرة‪ ،‬تمت بلورة خطة مدمجة ذات �صبغة ديمقراطية من �أجل‬ ‫تحقيق التنمية في العالم الريفي في البرازيل‪ .‬وتعطي انطالقة هذا البرنامج دفعة‬ ‫قوية من �أجل توطيد دعائم الم�سار الديمقراطي في البالد‪.‬‬ ‫ويعتبر هذا الإنجاز حديثا �إذا ما قارناه بما�ضينا القريب‪ ،‬حيث كان ينظر �إلى‬ ‫الزراعة والمناطق الريفية باعتبارهما عائقين في وجه ال�سيا�سات التنموية الداخلية‬ ‫�أو باعتبارهما قطاعين ثانويين يجب �أن يخ�ضعا لمتطلبات المناطق الح�ضرية‬ ‫وال�صناعية‪ ،‬بل كان الريف يعتبر مرادفا للتخلف والفقر بحيث كان االعتقاد ال�سائد‬ ‫هو �أن المرء ال يمكنه �أن يتمتع بحقوقه الأ�سا�سية ب�صفته مواطنا �إال �إذا هجر هذه‬ ‫المناطق‪ .‬ومن ثم كان مالك الأرا�ضي الكبار والمهيمنون على الأو�ضاع ينظر �إليهم‬ ‫باعتبارهم الوحيدين القادرين على الإنتاج‪ ،‬وبالتالي فهم فقط من لهم الحق في‬ ‫اال�ستفادة من ال�سيا�سات االقت�صادية التي ت�ضعها الدولة‪.‬‬ ‫ومع مرور الوقت‪� ،‬أخذت البرازيل ت�سعى �إلى الق�ضاء على انعدام الر�ؤية التي‬ ‫فر�ضت على قطاعات اجتماعية مختلفة‪ ،‬وهي ب�صدد �إنجاز تقييم للتنوع الذي تتمتع‬ ‫به الزراعة والمناطق الريفية نظرا لما تتوفر عليه من م�ؤهالت من �ش�أنها �أن تعزز‬ ‫دورا �أكثر توازنا للأرا�ضي البرازيلية ومختلف مناطقها كي تكون م�صدرا لدينامية‬ ‫جديدة ترمي تحقيق تنمية م�ستدامة في البالد‪.‬‬ ‫وقد �أ�صبحت هذه الإمكانيات اليوم منا�سبة �أكثر نظرا للدور الذي يمكن‬ ‫للمناطق الريفية �أن تلعبه في عملية معالجة ثالث ق�ضايا معا�صرة �سوف تحدد‬ ‫معالم البرازيل الم�ستقبلية‪� ،‬أال وهي الأمن الغذائي وتغير المناخ و المعطيات الجديدة‬ ‫الخا�صة بالطاقة‪.1‬‬ ‫‪215‬‬ ‫‪ 1‬فيما يخ�ص الزراعة الأ�سرية في هذه البرامج المعا�صرة‪ ،‬راجع‪Cassel, 2010 :‬ذ‪.‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وهذا البرنامج ي�شكل جزءا من النموذج الجديد للتنمية الذي يجري تبنيه‬ ‫في البرازيل‪ ،‬والذي يجمع في نف�س الوقت بين النمو االقت�صادي وتوزيع الدخل‬ ‫والح�صول على الحقوق‪ .‬ويعتبر هذا ال�سيناريو نتيجة لإعادة تعريف �سيا�سات‬ ‫االقت�صاد الكلي التي بد�أت منذ �سنة ‪ 2003‬تولي �أهمية كبرى لمحاربة الفقر والحد‬ ‫‪2‬‬ ‫من الفوارق في توزيع الدخل‪ ،‬وخلق المزيد من فر�ص العمل و�ضمان �أجور �أعلى‪.‬‬ ‫ووراء هذا البرنامج المميز هناك عن�صران �أ�سا�سيان لعبا دورا محوريا في‬ ‫ر�سم معالمه وتهيئة الظروف المالئمة لتطبيقه على �أر�ض الواقع‪ .‬ويتعلق الأمر �أوال‬ ‫بالتغيرات التي طر�أت على النموذج الذي نحتاجه للتغلب على الجوع والفقر‪ ،‬والذي‬ ‫يج�سده م�شروع الق�ضاء على الجوع التج�سيد الأمثل‪ ،‬بينما يتمثل العن�صر الثاني‬ ‫في تر�سيخ الهوية االجتماعية للنظام الزراعي الأ�سري‪ ،‬وكذلك �إ�ضفاء ال�شرعية على‬ ‫ال�سيا�سات العامة المتميزة في مجال الزراعة‪.‬‬ ‫وقد ا�ستند م�شروع الق�ضاء على الجوع �إلى فكرة تحويل الحاجة �إلى الق�ضاء‬ ‫على الجوع و�ضمان حق الإن�سان في الغذاء �إلى عن�صر رئي�سي في البرنامج الوطني‪،‬‬ ‫وذلك عبر الك�شف عن الأ�سباب التاريخية والهيكلية للجوع‪ ،‬ورد االعتبار �إلى دور‬ ‫الدولة وح�شد قوى المجتمع‪ ،‬مع التخل�ص من الفكرة الخاطئة التي تعتمد الف�صل بين‬ ‫المجالين االقت�صادي واالجتماعي‪.‬‬ ‫وعلى عك�س الم�شروع الذي تتبناه الليبرالية الجديدة وال�سيا�سات التي اعتمدتها‬ ‫الإدارة الفيدرالية ال�سابقة‪� ،‬أكد برنامج الق�ضاء على الجوع على �ضرورة الجمع بين‬ ‫ال�سيا�سات الهيكلية وتدخالت الدولة الطارئة‪ .‬ولأجل التغلب على هذه "الحلقة المفرغة‬ ‫للجوع" �سيكون من ال�ضروري معالجة م�س�ألة "النق�ص في الطلب" مع تغيير النموذج‬ ‫االقت�صادي القائم‪ .‬كما �سيكون �أي�ضا من ال�ضروري تعزيز االندماج االجتماعي‪،‬‬ ‫وخف�ض �أ�سعار المواد الغذائية بالن�سبة لل�سكان ذوي الدخل المحدود‪ .‬ولعل �أف�ضل تعبير‬ ‫عن هذا النهج �سيكون عبر ر�سم �سيا�سة وطنية لتحقيق الأمن الغذائي مرتبطة بتدابير‬ ‫‪3‬‬ ‫�آنية قابلة للتنفيذ واقتراح مبادئ توجيهية لتعزيز ما يطر�أ من تغييرات هيكلية‪.‬‬ ‫ويكمن العن�صر الآخر البالغ الأهمية في هذه الخطة الجديدة للتنمية الريفية في‬ ‫الت�أكيد على الهوية االجتماعية للزراعة الأ�سرية والتي ت�شمل مجموعة من العالقات‬ ‫الإنتاجية الفريدة من نوعها و�سبل امتالك وا�ستخدام الموارد الطبيعية‪ ،‬مع �إ�شراك‬ ‫مالك الأرا�ضي ن�ساء ورجاال‪ ،‬وم�ستغلي المزارع الع�شوائية‪ ،‬والمواطنين الم�ستقرين في‬ ‫�إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬والأ�سر التي تقطن بمحميات غابات الأمازون وتعي�ش‬ ‫على مواردها الطبيعية‪ ،‬والأ�شخا�ص الذين يعي�شون في ال�سهول المهددة بالفي�ضانات‪،‬‬ ‫‪216‬‬

‫‪ 2‬راجع‪.Barbosa, 2010 :‬‬ ‫‪ 3‬راجع الف�صل ‪ 1‬من هذا الكتاب‪ ‬المعنون‪" ‬برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة"‪ ،‬معهد المواطنة‪.‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫والمجتمعات التقليدية الأخرى‪ .‬هذا الإقرار بالخ�صو�صية االجتماعية للمناطق الريفية‬ ‫والن�شاط الزراعي‪ ،‬والذي جاء نتيجة تاريخ طويل من الن�ضال الذي خا�ضته هذه‬ ‫القطاعات وكذلك عقب مناظرات فكرية مكثفة‪ ،‬و�ضع حدا لفترة طويلة من التاريخ‬ ‫طبعها التفرد في تمثيل م�صالح �سكان المناطق الريفية‪ 4.‬كما �ساهم في �إدراك خا�صية‬ ‫التنوع الداخلي في هذا القطاع‪ ،‬ال �سيما تنوع العالقات بين الجن�سين وعدم الم�ساواة‬ ‫المفرو�ضة على المر�أة الريفية‪ ،‬بما في ذلك المحيط المعروف بالزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫اعتراف الأو�ساط ال�سيا�سية بوجود جهات فاعلة جديدة من العالم‬ ‫وقد مهد‬ ‫ُ‬ ‫الريفي‪" ،‬منهيا بذلك االحتكار الذي طالما فر�ضه كبار المزارعين و�أ�صحاب ال�شركات‬ ‫الطريق لعدد كبير من الم�شاريع المجددة‪ ،‬مما‬ ‫المتخ�ص�صة في ال�صناعات الغذائية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫�ساهم في �إدراك اعتبار الخيارات المتاحة لإحداث تغيير في العالم الريفي ت�شمل‬ ‫العديد من البدائل واالحتماالت" )‪ .(Garcia Jr.; Heredia, 2010‬بذلك تت�أكد الحاجة‬ ‫الأ�سا�سية والملحة �إلى تعددية �سيا�سية لتوطيد الخيار الديمقراطي في البالد‪.‬‬ ‫وقد تم الت�أكيد على هذا االعتراف على م�ستوى الدولة من خالل خلق وتعزيز‬ ‫مجموعة من ال�سيا�سات العامة المميزة التي دعمت الدور الريادي القت�صاد الزراعة‬ ‫الأ�سرية و�أعطى ت�صورا جديدا لعملية �إدماجه االقت�صادي على ال�صعيد المحلي‬ ‫والإقليمي والوطني‪ .5‬و�صيغت هذه ال�سيا�سات ل�ضمان الحق في الأر�ض‪ ،‬والحق في‬ ‫�إيجاد �إطار �أكثر ديمقراطية لملكية الأرا�ضي‪ ،‬واال�ستفادة من الدعم للإنتاج والدخل‬ ‫الم�ضمون‪ ،‬بما في ذلك القرو�ض والم�ساعدة التقنية‪ ،‬وعملية الت�سويق‪ ،‬وتوفير‬ ‫الكهرباء‪ ،‬والت�صنيع الغذائي‪ ،‬والت�أمين الخا�ص بالأ�سعار والأ�ضرار الناتجة عن‬ ‫�أحوال الطق�س‪ ،‬كما هدفت �إلى تعزيز الم�ساواة واال�ستقالل االقت�صادي للمر�أة الريفية‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى التنمية الإقليمية والتكامل الإقليمي‪.‬‬ ‫لقد قاد اجتماع هذه العنا�صر والتحوالت في البرنامج الحكومي خالل‬ ‫الفترة الثانية من والية الرئي�س لوال �إلى �صياغة برنامج �أطلق عليه ا�سم "�أقاليم‬ ‫المواطنة"‪ .‬والهدف من هذا المقال هو تحليل هذا البرنامج باعتباره عن�صرا من‬ ‫عنا�صر هذه الخطة الجديدة للتنمية الريفية‪ .‬وقد تم �إعداد برنامج �أقاليم المواطنة‬ ‫بغاية تو�سيع وتوطيد برنامج محاربة الجوع‪ ،‬وذلك باتباع الم�سار الذي ر�سمه من‬ ‫قبل برنامج الق�ضاء على الجوع كما هي�أت له الظروف ال�سيا�سية والم�ؤ�س�سية الجديدة‬ ‫لإدارة الرئي�س لوال بو�صفها ا�ستراتيجية جديدة للق�ضاء على الفقر في المناطق‬ ‫الريفية و�إف�ساح المجال‪ ،‬لي�س فقط من �أجل �ضمان الحقوق‪ ‬والم�شاركة في الحركة‬ ‫االجتماعية والإنتاجية‪ ،‬ولكن �أي�ضا لتعزيز التنمية في مختلف المناطق‪.‬‬ ‫‪ 4‬راجع‪.França; Del Grossi; Marques, 2010 :‬‬ ‫‪ 5‬في معر�ض مناق�شتهما لتطورات الإطار القانوني للزراعة الأ�سرية‪� ،‬سلط ‪ Del Grossi‬و ‪Marques‬ذ)‪ (2010‬ال�ضوء على بع�ض المراحل‬ ‫الهامة من عملية اعتراف الدولة البرازيلية بها‪.‬‬

‫‪217‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وبالإ�ضافة �إلى هذه المقدمة الق�صيرة‪ ،‬ينق�سم هذا المقال �إلى خم�سة محاور‪.‬‬ ‫في الق�سم التالي‪� ،‬سنقوم بت�سليط ال�ضوء على بع�ض جوانب م�شروع الق�ضاء على‬ ‫الجوع وك�شف تفا�صيله في �إطار ال�سيا�سات العامة القطاعية التي �ساهمت في و�ضع‬ ‫خطة �أقاليم المواطنة‪ .‬ويقدم الق�سم الثالث و�صفا لعملية �صياغة البرنامج و�إدراجه‬ ‫في جدول �أعمال الحكومة‪ .‬فيما يقدم الق�سم الرابع تفا�صيل هذا البرنامج‪ ،‬مع التركيز‬ ‫على ترتيباته وكيفية ومراحل �إدارته داخل م�ؤ�س�سات الدولة‪ ،‬مع عر�ض بع�ض‬ ‫التقييمات الأولية لهذا المخطط‪� .‬أما الجزء الأخير فيتكون من بع�ض االعتبارات‬ ‫النهائية الخا�صة بعنا�صر البرنامج ودورها في تحقيق التنمية الريفية الجديدة‪.‬‬

‫برنامج الق�ضاء على الجوع والتنمية الريفية‬

‫‪218‬‬

‫جاءت فكرة م�شروع الق�ضاء على الجوع في �إطار �سل�سلة من االنتقادات �ضد هيمنة‬ ‫ال�سوق وعدم تحمل الدولة م�س�ؤولية �ضمان الحقوق‪ ،‬وب�شكل �أكثر تحديدا‪� ،‬ضد‬ ‫�سيا�سات محاربة الجوع التي ا�ستهدفت جهات بعينها دون تعميمها على جميع‬ ‫المواطنين‪ .‬كما تبلورت الفكرة نتيجة مبادرة ا�ستباقية للمجتمع المدني الذي �أ�صر‬ ‫على �أن تكون له كلمته في �صياغة �سيا�سات وقرارات الحكومة من خالل انتقاده‬ ‫لهيمنة التيار الليبرالي الجديد في هذا ال�صدد‪.‬‬ ‫وقد واجه الم�شروع تحديات علنية من قبل الذين يطالبون باعتماد �سيا�سات‬ ‫اجتماعية فئوية‪ ،‬وكذا من الذين يعتبرون �أن �ضمان حد �أدنى من الدخل هو ال�سبيل‬ ‫الأمثل نحو محاربة الجوع والفقر‪ .‬كما تعر�ض الم�شروع النتقادات من طرف جهات‬ ‫�أخرى اعتبرت �أن الم�شروع غير عملي وغير قابل للتطبيق �إذا ما اعتبرنا جانبه‬ ‫‪6‬‬ ‫المالي والميزانية المخ�ص�صة له‪.‬‬ ‫وقد تم تبني الم�شروع من قبل حزب العمال وتم �إدماجه في البرنامج‬ ‫الحكومي للرئي�س لوال خالل االنتخابات الرئا�سية ل�سنة ‪ .2002‬وعلى �إثر تعيين �إدارة‬ ‫الرئي�س لوال‪� ،‬سنة ‪� ،2003‬أ�صبحت خطة الق�ضاء على الجوع مدرجة في ا�ستراتيجية‬ ‫مختلف الإجراءات وال�سيا�سات القطاعية الرامية �إلى ت�شجيع التحوالت في ال�سيا�سة‬ ‫االقت�صادية وفي دور الدولة التي حولت اهتمامها �إلى تعزيز النمو بالترافق مع‬ ‫توزيع الدخل‪ ،‬و�ضمان ح�صول المواطنين على حقوقهم االجتماعية‪ .‬كما �أ�صبحت‬ ‫هذه الخطة نموذجا بارزا لمبادرات رئي�س الجمهورية كلما �سلط ال�ضوء على هذا‬ ‫المو�ضوع في المنتديات الدولية‪ ،‬مثل المنتدى الذي نظم تحت عنوان‪" :‬العمل الدولي‬ ‫من �أجل محاربة الجوع والفقر"‪.‬‬ ‫‪ 6‬راجع الف�صل ‪ 2‬المعنون‪�" :‬إلى منتقدي برنامج الق�ضاء على الجوع"‪.‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫وبهدف معالجة م�شكلة انعدام الأمن الغذائي‪ ،‬عملت الدولة على ا�ستئناف‬ ‫دورها في تح�سين الظروف المعي�شية في المناطق الريفية‪ ،‬حيث كانت الم�شكلة �أكثر‬ ‫خطورة ن�سبيا‪ ،‬مما ي�ستدعي العمل على تحقيق زيادة كبيرة في المنتجات الغذائية‪.‬‬ ‫وقد اختارت الحكومة الجديدة مواجهة هذا التحدي عبر �إن�شاء �شبكة للرعاية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ور�سمت �سيا�سة وطنية للأمن الغذائي بالتوازي مع �سيا�سات قطاعية‬ ‫متميزة فيما يخ�ص الزراعة الأ�سرية و�إ�صالح زراعي �أف�ضل يتم التن�سيق ب�ش�أنه عامة‬ ‫من قبل وزارة التنمية الزراعية‪.‬‬ ‫كما �أبرز غرازيانو (‪ )2009‬ذلك‪ ،‬فقد كان من ال�ضروري‪ ،‬من �أجل تحقيق نتائج‬ ‫ملمو�سة بف�ضل برنامج الق�ضاء على الجوع بال�شكل الذي تمت �صياغته‪ ،‬تقوية وبناء‬ ‫و�إعادة بناء م�ؤ�س�سات و�آليات من �ش�أنها دعم الزراعة الأ�سرية‪ ،‬بعد مرور عدة �سنوات‬ ‫ظل خاللها دور الدولة مهمال في هذا المجال‪.‬‬ ‫وكانت هذه الموا�ضيع قد �شكلت جانبا من مطالب الحركات االجتماعية في‬ ‫المناطق الريفية عبر التاريخ‪ ،‬كما �أ�صبحت �ضمن �أولويات البرنامج الحكومي التي‬ ‫اقترحها المر�شح لوال‪ ،‬حيث وردت في وثيقة قطاعية تحت عنوان "العي�ش الكريم‬ ‫في المناطق الريفية"‪.‬‬ ‫ومع الزخم الذي �صاحب الفترة الأولى للإدارة الفيدرالية‪ ،‬كان التركيز على‬ ‫ف�سر ب�شكل‬ ‫ال�سيا�سات الرامية �إلى الإ�صالح الزراعي وكذا تعزيز الزراعة الأ�سرية ُي َّ‬ ‫�أ�سا�سي بكون هذه الموا�ضيع مكونات مهمة لبرنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬والتي‬ ‫كانت �أ�صال تحتل مكانة بارزة في البرنامج الحكومي‪� ،‬أكثر من كونها اعترافا جليا‬ ‫ب�أهمية هذه ال�سيا�سات القطاعية‪ .‬ومع مرور الوقت‪� ،‬أ�صبحت هذه الموا�ضيع ت�شكل‬ ‫خيارات قائمة بذاتها حيث اكت�سبت �أهمية �أكبر واعترافا �أو�سع لدى الحكومة التي‬ ‫جعلتها من �ضمن �أولوياتها‪ .‬ويتبين ذلك من خالل حجم الأموال التي ا�ستثمرت في‬ ‫هذه المجاالت والمدى الذي بلغته الإجراءات الحكومية المتميزة‪ ،‬وكذلك من خالل‬ ‫الأهمية التي �أ�صبحت تكت�سيها وزارة التنمية الزراعية‪ ،‬والقيمة المتزايدة التي �أ�صبح‬ ‫يتمتع بها العالم الريفي في ال�سيا�سة الداخلية‪.‬‬ ‫ولقد �أ�صبحت الزراعة الأ�سرية والإ�صالح الزراعي عن�صرين �أ�سا�سيين‬ ‫لل�سيا�سات الهيكلية المن�صو�ص عليها في برنامج الق�ضاء على الجوع الذي يهدف‬ ‫�إلى "الحد من حالة اله�شا�شة التي تعاني منها العائالت فيما يتعلق ب�أمنها الغذائي‪،‬‬ ‫وذلك عبر الرفع من دخل تلك الأ�سر‪ ،‬وتعميم الحقوق االجتماعية للمواطنين وتوفير‬ ‫الغذاء الجيد لهم‪ ،‬وكذا الحد من الفوارق الطبقية‪ ".‬وتتطلب الحاجة �إلى تقديم "حوافز‬ ‫لت�شجيع الزراعة الأ�سرية" و�ضع �سيا�سة زراعية تهدف �إلى زيادة �إنتاج الأغذية‬ ‫وحماية المزارعين ذوي الدخل المنخف�ض من خالل تمكينهم من اال�ستفادة من‬

‫‪219‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪220‬‬

‫القرو�ض والم�ساعدة التقنية والت�أمين على الأ�ضرار في مجال الزراعة‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى‬ ‫توفير �آليات للت�سويق والأبحاث والبنية التحتية المنا�سبة‪.7‬‬ ‫وقد تحقق الكثير مما كان مقررا في الأ�صل‪ ،‬كما �أن كل هذه ال�سيا�سات هي‬ ‫الآن في طور التطبيق‪ ،‬و�أدت الدعائم التي تقوم عليها ا�ستراتيجية برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع �إلى �إن�شاء �شبكة �شاملة للرعاية االجتماعية ت�ستجيب ل�شروط التحويالت‬ ‫النقدية المعمول بها عالميا وال�سيا�سات العامة الخا�صة بالتنمية الريفية والمرتبطة‬ ‫بال�سيا�سة الوطنية للتغذية والأمن الغذائي‪ ،‬وتركز على تعزيز الدور الريادي ل�سكان‬ ‫الريف على الم�ستويين االقت�صادي واالجتماعي‪8.‬‬ ‫غير �أنه يجب الإ�شارة �إلى �أن هذه التجربة ذهبت �إلى �أبعد من ذلك‪ .‬فقد �شكلت‬ ‫فر�صة ل�صياغة مجموعة من ال�سيا�سات الرامية �إلى تعزيز اال�ستقاللية والم�ساواة‬ ‫بالن�سبة للمر�أة الريفية‪ ،‬نظرا لكونها �أكثر عر�ضة للفقر‪ .‬وكانت مجموعة من ال�سيا�سات‬ ‫الإيجابية والإجراءات ال�شاملة قد تم و�ضعها بناء على حوار الحكومة مع المنظمات‬ ‫والحركات الن�سائية الريفية‪ ،‬مما �ساعد على بلورة �سيا�سة تنموية بمختلف الأقاليم‬ ‫تعك�س ر�ؤية �أكثر �شمولية للمناطق الريفية وباعتبارها مرجعية جديدة للتخطيط‬ ‫وت�سيير �ش�ؤون التنمية الإقليمية مع �إ�شراك الفاعلين االجتماعيين ذوي ال�صلة‪.‬‬ ‫التغييرات التدريجية التي طر�أت على ال�سيا�سات االقت�صادية‪،‬‬ ‫وقد �أف�سحت‬ ‫ُ‬ ‫التي كانت �سائدة في ذلك الحين والتي تميزت بدينامية اقت�صادية �ضعيفة‪ ،‬المجالَ‬ ‫�أمام تو�سيع نطاق ال�سيا�سات االجتماعية والآليات الداعمة للزراعة الأ�سرية‪ .‬وت�أكدت‬ ‫�شيئا ف�شيئا الفر�ضية التي مفادها �أن تلك التحوالت كانت �ضرورية من �أجل الق�ضاء‬ ‫على الجوع وت�أمين الغذاء ب�شكل فعال‪.‬‬ ‫وفي خ�ضم هذه التطورات الإيجابية‪ ،‬بد�أت الوالية الثانية للرئي�س لوال‪ ،‬في‬ ‫عام ‪ ،2007‬بالإعالن عن خطة جريئة خا�صة باال�ستثمارات العامة والخا�صة في‬ ‫مجال البنية التحتية‪ ،‬وهو ما عرف "ببرنامج ت�سريع النمو"‪ ،‬وكذلك الإعالن عن‬ ‫مخطط اجتماعي �شامل يرمي �إلى �ضمان ح�صول جميع المواطنين على حقوقهم‬ ‫الأ�سا�سية‪ .‬وت�شكل هذه المجموعة من الإجراءات مثاال الندماج الأهداف االقت�صادية‬ ‫واالجتماعية باعتبارها جزءا ال يتجز�أ من نموذج وطني جديد‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالتنمية الريفية‪ ،‬وبعد مرحلة ال�سيا�سات القطاعية الهادفة �إلى‬ ‫تعزيز الزراعة الأ�سرية‪ ،‬وتفعيل �إجراءات الإ�صالح الزراعي‪ ،‬وتعزيز الم�ساواة بالن�سبة‬ ‫للمر�أة‪ ،‬وتحقيق تنمية �إقليمية تندمج فيها مختلف المناطق‪� ،‬أ�صبح التحدي يكمن‬ ‫في كيفية التن�سيق والتكامل بين كل هذه الإجراءات وجعلها تن�صب حول هدف‬ ‫ا�ستراتيجي م�شترك‪� ،‬أال وهو تعزيزا لتنمية الريفية الم�ستدامة‪.‬‬ ‫‪ 7‬راجع الف�صل ‪ 1‬من هذا الكتاب‪" : ‬برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬وثيقة موجزة"‪ ،‬معهد المواطنة‪.‬‬ ‫‪ 8‬لالطالع على ما تحقق بف�ضل ال�سيا�سات القطاعية الخا�صة بالتنمية الريفية‪ ،‬راجع‪.França; Del Grossi; Marques, 2010 :‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫ومع تراكم الخبرة ال�سيا�سية والم�ؤ�س�سية‪ ،‬اكت�سبت الإجراءات الم�شتركة بين‬ ‫مختلف القطاعات والم�ؤ�س�سات الحكومية �أهمية كبرى وتوفرت لها ظروف مثلى‬ ‫لتنفيذها‪ .‬وبف�ضل التقاء النموذج الوطني الجديد للتنمية وال�سيا�سات التنموية‬ ‫القطاعية الخا�صة بالعالم الريفي مع ن�ضج برنامج يوحد وين�سق بين القطاعات‪،‬‬ ‫فقد تمت مالءمة ا�ستراتيجية محاربة الفقر في المناطق الريفية مع و�ضع برنامج‬ ‫�أقاليم المواطنة‪.‬‬

‫�إعداد برنامج �أقاليم المواطنة‬ ‫و�إدراجه في جدول �أعمال الحكومة‬ ‫انطلق برنامج �أقاليم المواطنة في فبراير‪� /‬شباط ‪ ،2008‬بعد �سنة واحدة تقريبا من‬ ‫تقديم ت�صوره الأولي من طرف وزارة التنمية الزراعية‪ .‬وقد كانت عملية �صياغة‬ ‫المخطط و�إدماجه في البرنامج الحكومي مثمرة ومعقدة‪ ،‬وانخرطت فيها وزارات‬ ‫�أخرى تدريجيا‪ ،‬مما �أدى �إلى �إدراجه في البرنامج االجتماعي باعتباره من �أولويات‬ ‫الحكومة خالل فترة والية الرئي�س لوال الثانية‪.‬‬ ‫وقد �أدت موافقة رئي�س الجمهورية وحما�سه تجاه المخطط‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى العمل‬ ‫الم�ستمر الذي �أنجزه "البيت المدني"‪ ،‬وهو الهيئة الم�س�ؤولة عن تن�سيق �أولويات الإدارة‬ ‫الفيدرالية‪� ،‬إلى انخراط مختلف الوزارات فيه‪ ،‬مقرة بقدرته على تذليل العقبات التي‬ ‫كانت تمنعها فيما قبل من تمكين �سكان المناطق الريفية من اال�ستفادة من الإجراءات‬ ‫وال�سيا�سات القطاعية‪ .‬وترجع هذه ال�صعوبات �إلى الق�صور الذي كانت تعرفه ال�سيا�سات‬ ‫العامة والترتيبات القائمة و�إلى العراقيل الناتجة عن عمل الم�ؤ�س�سات‪ ،‬وذلك ب�سبب‬ ‫الآليات المعمول بها من �أجل فر�ض هيمنة �سيا�سية واقت�صادية في المناطق الريفية‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى كون �سكان الريف ينت�شرون على م�ساحات وا�سعة من هذه المناطق مما‬ ‫جعل م�ستوى عمل م�ؤ�س�سات و�أجهزة الدولة �ضعيفا هناك‪.‬‬ ‫ومن بين النقاط التي تم التركيز عليها مرارا خالل عدة لقاءات مع هيئات‬ ‫فيدرالية �أخرى احتمال ات�ساع نطاق نتائج ال�سيا�سات القطاعية التي من �ش�أنها �أن‬ ‫يكون لها ت�أثير تراكمي‪ ،‬مما يعزز فعالية الإجراءات القطاعية وقدرتها على تح�سين‬ ‫‪9‬‬ ‫الظروف المعي�شية للفئات الم�ستهدفة من خالل هذا المخطط‪.‬‬ ‫�إن تجربة وزارة التنمية الزراعية للو�صول �إلى �سكان المناطق الريفية‪ ،‬كما‬ ‫يظهر جليا من خالل التو�سع ال�سريع لنطاق �سيا�ساتها‪ ،‬وكون ظاهرة عدم الم�ساواة‬ ‫والفقر قد ا�ستمرت في المناطق الريفية على الرغم من االنخفا�ض المطرد والبطيء‬ ‫‪ 9‬هذه مالحظة جاءت على ل�سان ‪� ،Márcia Carvalho Ribeiro‬أحد �أع�ضاء الفريق المكلف ب�صياغة البرنامج‪.‬‬

‫‪221‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪222‬‬

‫في نف�س الوقت الذي طر�أ عليها منذ �أواخر الت�سعينات‪ ،‬قد �شكال �أي�ضا دليلين‬ ‫�إيجابيين ومفيدين للجهود الم�شتركة بين مختلف الوزارات والرامية �إلى التو�صل �إلى‬ ‫ا�ستراتيجيات وطرائق عمل عامة جديدة في التعامل مع المناطق الريفية‪.‬‬ ‫وقد لعب "البيت المدني" الذي يتمتع بتفوي�ض من قبل رئا�سة الجمهورية‬ ‫من �أجل �إ�شراك وزارات �أخرى‪ ،‬والذي له خبرة في مجال تن�سيق الإجراءات والبرامج‬ ‫الم�شتركة بين مختلف القطاعات‪ ،‬دورا رئي�سيا خالل عملية التثبت من تفا�صيل‬ ‫ومالءمة الن�سخة الأولية من البرنامج‪ .‬وخالل انخراط مختلف القوى والمكونات‬ ‫الحكومية في �إطار هذه الخطة تم تو�سيع البرنامج و�إدخال التغييرات ال�ضرورية‬ ‫عليه‪ ،‬خا�صة عبر خلق الظروف الإيجابية الداخلية التي ت�ساعد على تنفيذها‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إن و�ضع البرنامج و�إدراجه في جدول �أعمال الحكومة كان ثمرة‬ ‫ت�ضافر الجهود وتراكم ال�شروط وال�سيا�سات التي عملت م�ؤ�س�سات الدولة على‬ ‫توفيرها‪ ،‬وكذلك بف�ضل ال�سيناريو الجديد الذي خلقه فوز لوال في االنتخابات‬ ‫الرئا�سية‪ ،‬والأفق الجديد الذي تبلور انطالقا من الوالية الثانية للرئي�س‪.‬‬ ‫وكما يت�ضح من خالل البرنامج الحكومي‪ ،‬ف�إن الهدف الأ�سا�سي لهذا المخطط‬ ‫يتمثل في تعزيز �سل�سلة جديدة وبعيدة المدى من الإجراءات التنموية التي ت�سعى‬ ‫�إلى الحد من الفوارق االجتماعية والإقليمية بناء على الظروف الجديدة التي ن�ش�أت‬ ‫بعد المرحلة االنتقالية التي بد�أت في ‪� ،2003‬آخذة بعين االعتبار الحاجة الما�سة �إلى‬ ‫تو�سيع رقعة البرامج االجتماعية و�ضمان ح�صول جميع المواطنين على حقوقهم‬ ‫(حزب العمال‪.)2006 ،‬‬ ‫وخالل العملية االنتخابية‪ ،‬كانت ال�سيا�سات االجتماعية المعنية عر�ضة لعدة‬ ‫انتقادات من قبل المواطنين الذين �شككوا في قدرة �أن�شطة الم�ساعدة على تهيئة‬ ‫الظروف الالزمة لتمكين الم�ستفيدين منها‪ .‬وعلى الرغم من �إقرارهم ب�أهميتها‪ ،‬فقد‬ ‫�أكد �أولئك المنتقدون على �ضرورة تعزيز "�سبل الخروج من حالة الفقر" وت�شجيع‬ ‫بدائل من �ش�أنها خلق فر�ص لل�شغل وتوفير م�صادر للدخل واال�ستقالل االقت�صادي‬ ‫لتلك الفئات المجتمعية‪ .‬وقد �أُخذت هذه االن�شغاالت �أي�ضا في االعتبار �ضمن‬ ‫البرنامج الحكومي‪ ،‬حيث لعبت دورا في تو�سيع نطاق الخدمات الأ�سا�سية المقدمة‬ ‫للم�ستفيدين من برنامج "منحة الأ�سرة" لي�شمل �أي�ضا �إجراءات تهدف �إلى "خلق‬ ‫فر�ص العمل وتوفير الدخل له�ؤالء ال�سكان بف�ضل مخطط م�شترك بين مختلف‬ ‫الوزارات يهدف �إلى تعزيز االكتفاء الذاتي للأ�سر الم�ستفيدة من تلك الم�ساعدات"‬ ‫(حزب العمال‪.)2006 ،‬‬ ‫وما بد�أ الرئي�س لوال واليته الثانية‪ ،‬حتى �أعلن عن عزمه على �إحداث تغيير‬ ‫في مجال ال�سيا�سات االجتماعية‪ .‬وقد اقترح‪ ،‬بناء على تقييم �إيجابي للو�ضع‪،‬‬ ‫"مرجعية جديدة" لتلك ال�سيا�سات‪ ،‬و�أ�شار �إلى �أن �أحد �أهدافه كان ت�شجيع " ُنهج‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫م�شتركة بين القطاعات تعتمد على �سيا�سات متكاملة لخلق دينامية �أكبر وا�ستثمار‬ ‫للموارد ب�شكل �أف�ضل وتحقيق نتائج �أف�ضل"‪ .‬وفي تلك الفترة‪ ،‬وعالوة على اقتراح‬ ‫"�إجراءات م�شتركة بين القطاعات في �إطار مندمج و�شامل"‪ ،‬فقد تمكنت الحكومة‬ ‫الفيدرالية من �إن�شاء عالقة بين كل الفاعلين تت�ضافر فيها الجهود من �أجل �إنجاز‬ ‫م�شاريع بمختلف الأقاليم ك�شرط م�سبق من �أجل الق�ضاء على الإق�صاء االجتماعي‬ ‫والفقر (البرازيل‪.)2007 ،‬‬ ‫وفي �إطار عملية �إعداد "برنامج ت�سريع النمو"‪ ،‬ناق�شت الحكومة الفيدرالية‪،‬‬ ‫وب�شكل �أكثر فعالية بعد انطالقه في يناير‪ /‬كانون الثاني ‪� ،2007‬صياغة مخطط‬ ‫اجتماعي يرمي �إلى تحديد المبادئ التوجيهية والآليات الالزمة للربط بين‬ ‫ال�سيا�سات والبرامج ذات الطابع االجتماعي وتح�سين �أدائها‪ ،‬وو�ضع مجموعة‬ ‫من التدابير الرامية �إلى تمكين النا�س من حقوقهم والحد من الفوارق االجتماعية‬ ‫بينهم‪ ،‬وذلك تحت �إ�شراف وتن�سيق كل من "البيت المدني" ووزارة التخطيط والمالية‬ ‫والإدارة‪.‬‬ ‫وقد �ضمن ا�ستمرار الرئي�س لوال و�إدارته الجديدة في الحكم مناخا �أن�سب‬ ‫لم�ؤ�س�سات الدولة للتجديد في مجال ال�سيا�سات االجتماعية ووفر بيئة �أف�ضل‬ ‫ل�صياغة الإجراءات القطاعية والتن�سيق فيما بينها‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬فقد كان‬ ‫لوجود "حزمة من ال�سيا�سات العامة المتزامنة والدائمة" (وهو التعبير الذي ا�ستخدمه‬ ‫�إنيا�سي �ساك�س) بدرجات متفاوتة من ال�شمولية والفعالية‪ ،‬مهدت الطريق لمنهج‬ ‫جديد في مجال التنمية الريفية‪.‬‬ ‫وان�سجاما مع هذا التوجه‪ ،‬ركزت وزارة التنمية الزراعية‪ ،‬في حدود‬ ‫اخت�صا�صاتها‪ ،‬على الحاجة �إلى �إدماج ال�سيا�سات الحكومية ب�شكل خالق وفعال‪،‬‬ ‫وال �سيما الحاجة �إلى دمج الإجراءات المتعلقة بالم�ساعدات االجتماعية وال�ضمان‬ ‫االجتماعي وتحويل الأموال‪ ،‬وذلك في �إطار ال�سيا�سات الرامية �إلى دعم الإنتاج‬ ‫وخلق فر�ص العمل وت�شجيع �أن�شطة مدرة للدخل وتعزيز التنمية الإقليمية‪ .‬ومن‬ ‫�ضمن الأولويات التي �شددت الوزارة عليها كذلك الحاجة �إلى تح�سين كل �سيا�سة‬ ‫متمايزة على الم�ستوى الداخلي‪ ،‬وبذل جهد لو�ضع هدف ا�ستراتيجي م�شترك بين تلك‬ ‫ال�سيا�سات‪ ،‬مع خلق روابط تجمعها على م�ستوى المكان والزمان بناء على الفئات‬ ‫الم�ستهدفة من قبل هذه الإجراءات‪ .‬وقد �شكلت هذه المبادرة برنامجا قطاعيا جديدا‬ ‫ي�سعى �إلى تحقيق مطلب الرئي�س المتكرر من �أجل جعل ال�سيا�سات العامة في متناول‬ ‫الفئات التي �صيغت من �أجلها‪ ،‬وذلك ب�شكل �شامل ومتزامن‪.‬‬ ‫وفي ظل المناخ الم�ؤ�س�سي الذي ت�شكل فيه البرنامج اال�شتراكي للإدارة‬ ‫الفيدرالية كانت وزارة التنمية الزراعية‪ ،‬التي �سهرت على مناق�شة وتن�سيق خطة‬ ‫لتح�سين نوعية الحياة والقدرة على الإنتاج في الأو�ساط المعنية ببرنامج الإ�صالح‬

‫‪223‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪224‬‬

‫الزراعي‪ ،‬قد قامت ب�إعداد م�سودة لمخطط �أكثر �شمولية للربط بين ال�سيا�سات‬ ‫والإجراءات الخا�صة بالمناطق الأكثر فقرا في البالد‪ .‬وهكذا �أ�صبحت المناطق‬ ‫الريفية‪ ،‬كما تم تعريفها في ال�سيا�سة العامة الأخيرة‪ ،‬تمثل مرجعية للعمل الم�شترك‬ ‫والتن�سيق بين القطاعات والوزارات‪ ،‬بما في ذلك �سيا�سات قطاعية �أخرى‪ ،‬ال�سيما‬ ‫ال�سيا�سات االجتماعية الرئي�سية ومختلف الفئات الم�ستفيدة منها‪.‬‬ ‫وخالل عملية التطرق لتفا�صيل هذا البرنامج من �أجل معالجة م�شكلة الفقر‬ ‫في المناطق الريفية من خالل ا�ستراتيجية للتنمية الم�ستدامة بمختلف الأقاليم‪ ،‬تم‬ ‫ا�ستثمار ما تراكم من خبرة في مجاالت العمل المختلفة لوزارة التنمية الزراعية‪ ،‬ف�ضال‬ ‫عن م�ساهمات جاءت في �إطار مبادرات خالل الفترة الأخيرة بهدف خلق روابط بين‬ ‫عدة �سيا�سات‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة لم�شروع رائد ي�سعى �إلى دمج البرنامج الخا�ص‬ ‫بمنح الأ�سرة و�آخر يتعلق بالقرو�ض ال�صغرى ل�صالح �سكان الريف‪ ،‬في بلديات والية‬ ‫�سيارا‪ ،‬وهي مبادرة م�شتركة بين وزارة التنمية الزراعية ووزارة التنمية االجتماعية‬ ‫ومحاربة الجوع وبنك ال�شمال ال�شرقي (بانكو نوردي�ستي)‪ ،‬بم�شاركة فعاليات �أخرى‬ ‫على م�ستوى االتحاد والواليات والبلديات‪ ،‬وكذلك الجمعيات الأهلية‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة هنا �إلى العالقة بين البرنامج الجديد والعنا�صر الهامة‬ ‫المعنية ب�صياغة ال�سيا�سات الخا�صة بتنمية الأقاليم‪ ،‬والإجراءات الر�سمية العامة‬ ‫التي تقوم بها وزارة التنمية الزراعية‪ .‬وتت�ضمن هذه العنا�صر ر�ؤية �أكثر �شمولية لما‬ ‫يعنيه قطاع العالم الريفي‪ ،‬وتقييما �أعمق للم�شاركة االجتماعية‪ ،‬وا�ستخدام الأرا�ضي‬ ‫بالمناطق الريفية بال�شكل الذي تم تحديده �سابقا‪ ،‬واعتماد ُنهج �إقليمية‪ ،‬والتن�سيق‬ ‫بين الفعاليات العامة والهيئات الفيدرالية‪ ،‬واعتبار الم�ؤ�س�سات الإقليمية �إطارا لإدارة‬ ‫ور�صد ال�سيا�سات الخا�صة بت�سيير ال�ش�ؤون العامة من حيث بعدها االجتماعي‪.‬‬ ‫لذلك تمت �صياغة برنامج "�أقاليم المواطنة" مع الأخذ بعين االعتبار التغييرات‬ ‫التي �أدخلت على جدول �أعمال الحكومة‪ ،‬ودينامية ال�سيا�سات االجتماعية والتحوالت‬ ‫الأخرى في الدور الذي تقوم به وزارة التنمية الزراعية‪ ،‬مما �أف�سح المجال �أمام ال�سيا�سات‬ ‫الرامية �إلى محاربة الفقر وتعزيز التنمية الريفية ليتم تحديدها مجددا ويت�سع نطاقها‪.‬‬ ‫وفي خ�ضم هذا ال�سيناريو الم�ؤ�س�سي الجديد الذي كان �أكثر ا�ستعدادا الحتواء �سيا�سات‬ ‫م�شتركة بين الوزارات والهيئات الفيدرالية والنخراط الفاعلين االجتماعيين فيها‪،‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ا�ستطاعت وزارة التنمية الزراعية �صياغة ت�صور جديد ذي جودة عالية‪.‬‬ ‫لقد �سلط �إنيا�سي �ساك�س ال�ضوء على الطابع الخالق للبرنامج‪ ،‬حيث ر�أى فيه‬ ‫نقطة تحول في ال�سيا�سات العامة �ضد الفقر وعدم الم�ساواة‪ ،‬وذلك نظرا لكونه قرارا‬ ‫من �أجل "تطوير االقت�صاد في مناطق البرازيل الأقل نموا حيث تتركز جيوب الفقر‬ ‫‪ 10‬لالطالع على تقدم مراحل �صياغة البرنامج انظر‪.BRASIL, MDA, 2007a and 2007b, and BRASIL, MDA, 2008 :‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫المدقع الأكثر عنادا"‪ ،‬وذلك عن طريق ح�شد كل الطاقات الحية في المجتمع المحلي‬ ‫لالنخراط في العمل‪ ،‬وكذلك لكونه يقوم على فر�ضية بق�ضي ب�ضرورة �أن تتم التنمية‬ ‫المحلية بالأقاليم باالتفاق مع الجهات المعنية بها )‪.(Sachs, 2008‬‬ ‫وقد كان رد فعل المحافظين �ضد هذا البرنامج مبا�شرا �إلى درجة �أنهم طعنوا‬ ‫في د�ستورية المر�سوم الرئا�سي‪ 11.‬وقد �أدى هذا الأمر �إلى ت�سليط ال�ضوء ب�شكل �أكثر‬ ‫على البرنامج‪ ،‬مما �أك�سبه دعما �أكبر ا�ستنادا �إلى ما يتوفر عليه من م�ؤهالت عملية‪،‬‬ ‫ونظرا "الندماجه الفعال في واقع" ال�سيا�سات المتبعة و�آثارها الإيجابية‪ ،‬بما في‬ ‫ذلك تلك التي ت�سعى �إلى تعزيز الديمقراطية في المجتمع البرازيلي وتفكيك الآليات‬ ‫‪12‬‬ ‫التقليدية التي تفر�ض هيمنتها ال�سيا�سية على المواطنين‪.‬‬

‫برنامج �أقاليم المواطنة‬ ‫عند انطالق البرنامج‪ ،‬ات�ضحت الأهمية التي اكت�سبها في جدول الأعمال االجتماعي‬ ‫للحكومة الفيدرالية ك�سيا�سة جديدة تهدف �إلى تفعيل �إجراءات الق�ضاء على الفقر‬ ‫والفوارق االجتماعية في المناطق الريفية‪ ،‬كجزء من ا�ستراتيجية ل�ضمان حقوق‬ ‫المواطنين وتحقيق التنمية الم�ستدامة بمختلف �أقاليم االتحاد‪.‬‬ ‫ولتقديم فكرة موجزة عن حجم البرنامج‪ ،‬ن�شير �إلى �أنه قد تم اختيار ‪60‬‬ ‫�إقليما خالل العام الأول النطالقه‪ ،‬ليرتفع العدد في�صل �إلى ‪� 120‬إقليما في عام‬ ‫‪� ،2009‬أي بن�سبة ‪ 33‬في المائة من مجموع البلديات في البرازيل‪ ،‬و‪ 23‬في المائة‬ ‫من مجموع ال�سكان‪ ،‬و‪ 42‬في المائة من �سكان المناطق الريفية‪ ،‬و‪ 46‬في المائة من‬ ‫المن�ش�آت الخا�صة بالزراعة الأ�سرية‪ ،‬و‪ 67‬في المائة من عدد المزارعين العاملين في‬ ‫�إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪.‬‬ ‫كما ي�شمل البرنامج ‪� 180‬إجراء �ضمن ميزانيات ‪ 22‬وزارة تم تبويبها تحت‬ ‫ثالثة محاور هيكلية وهي‪ :‬دعم الأن�شطة الإنتاجية‪ ،‬والمواطنة والحقوق‪ ،‬والبنية‬ ‫التحتية‪ .‬ويت�ضمن هذا المحور الأخير �سبعة موا�ضيع‪ )1( :‬تنظيم الإنتاج الم�ستدام؛‬ ‫(‪ )2‬الإجراءات المتعلقة بالأرا�ضي؛ (‪ )3‬التعليم والثقافة؛ (‪ )4‬الحقوق والتنمية‬ ‫‪ 11‬العمل غير الد�ستوري المبا�شر ))‪ (Direct Unconstitutionality Action (ADIn‬العدد رقم ‪ 26 ، 4032‬فبراير‪�/‬شباط‪ ،2008 ،‬كما تم‬ ‫ت�سجيله من طرف الديمقراطيين والحزب الديمقراطي ال�شعبي البرازيلي‪ .‬وهناك عر�ضان �آخران تم تقديمهما للمحكمة العليا لالنتخابات ومكتب‬ ‫المدعي العام الفيدرالي‪.‬‬ ‫‪ 12‬تم التطرق لهذه الجوانب‪ ،‬مع جوانب �أخرى‪ ،‬في المقاالت التالية‪:‬‬ ‫)‪Política vai parar de ganhar com a miséria (Valor Econômico‬و‪ 28 -‬فبراير‪�/‬شباط ‪ ،2008‬للكاتبة ‪Maria Inês Nassif‬؛‬ ‫)‪Cidadania e política (Correio Braziliense newspaper‬و‪ 27 -‬فبراير‪�/‬شباط ‪ ،2008‬للكاتب ‪Marcos Coimbra‬؛‬ ‫)‪Oposição a quê? and Pode-se ou não fazer políticas para os pobres? (Gazeta Mercantil‬و‪ 13 -‬مار�س‪�/‬آذار ‪2008‬‬ ‫و‪� 22‬أبريل‪/‬ني�سان ‪ ،2008‬للكاتب ‪.Ladislau Dowbor‬‬

‫‪225‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�أقاليم املواطنة الـبالغ عددها‬

‫‪120‬‬

‫االجتماعية؛ (‪ )5‬الرعاية ال�صحية وال�صرف ال�صحي وتوفير المياه للمواطنين؛‬ ‫(‪ )6‬تقديم الدعم لإدارة الأقاليم؛ (‪ )7‬البنية التحتية‪.‬‬ ‫ويعتمد هذا البرنامج الجديد على �أربعة مبادئ توجيهية مرتبطة با�ستراتيجية‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬وت�شمل‪ :‬التخطيط والتكامل بين ال�سيا�سات العامة‪ ،‬والرفع‬ ‫من م�ستوى الم�شاركة االجتماعية‪ ،‬وبذل مجهود من �أجل تعميم البرامج الداعمة لأ�س�س‬ ‫‪13‬‬ ‫المواطنة‪ ،‬وت�شجيع �سبل الإنتاج في �أو�ساط الفئات الفقيرة بمختلف الأقاليم‪.‬‬ ‫ويركز البرنامج على المناطق الريفية التي تتكون من مجموعات من البلديات‬ ‫ذات خ�صائ�ص اقت�صادية واجتماعية وثقافية م�شتركة‪ .‬وقد كانت هذه المناطق‬ ‫‪226‬‬

‫‪ 13‬عر�ض مجموعة �شرائح للمناق�شة مع "البيت المدني" في �سبتمبر‪�/‬أيلول ‪ 2007‬بعنوان‪:‬‬ ‫‪Territórios da Cidadania: uma estratégia de desenvolvimento com inclusão social no Brasil rural.‬‬ ‫‪� , Slide presentation for discussion with the Civil House‬سبتمبر‪�/‬أيلول ‪.2007‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫التي تتمتع بهوية قائمة م�سبقا تتوفر على هيئات جماعية تتكون من ممثلين عن‬ ‫الحكومات المحلية والمجتمع المدني‪ ،‬وتعرف هذه الأرا�ضي �أدنى م�ؤ�شرات التنمية‬ ‫الب�شرية‪ ،‬و�أ�ضعف ن�شاط اقت�صادي‪ ،‬و�أكبر تجمع للفالحين في �إطار الزراعة الأ�سرية‪،‬‬ ‫وتجمعات ن�ش�أت في �إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪ ،‬ومجتمعات ريفية تقليدية‪،‬‬ ‫و�أكبر عدد من الم�ستفيدين من "برنامج منحة الأ�سرة"‪.‬‬ ‫وتعتبر هذه الم�صفوفة‪ ،‬مع الأخذ بعين االعتبار كل اال�ستثمارات المتعلقة‬ ‫بالأقاليم الـ ‪ ،120‬ثمرة الخبرة المتراكمة لدى كل هيئة حكومية‪ .‬وبف�ضل الحوار‬ ‫الذي جرى بين الوزارات المعنية‪ ،‬مع التعديالت التي �أجريت وفقا لمطالب اللجان‬ ‫الإقليمية الم�شتركة‪ .‬وقد �أدرجت كل الإجراءات التي تطرقت �إليها الم�صفوفة م�سبقا‬ ‫في الخطة الثالثية لفترة ‪ ،2011-2008‬والتي �أ�ضافت مليار ريال برازيلي �إلى‬ ‫ميزانية وزارة التنمية الزراعية‪.‬‬ ‫كما تمت �إ�ضافة الإجراءات التي تم تبنيها على م�ستوى الواليات والبلديات‬ ‫�إلى الم�صفوفة الفيدرالية كجزء من الجهود الرامية �إلى و�ضع ميثاق توافقي بغية‬ ‫‪14‬‬ ‫تنفيذ البرنامج‪.‬‬ ‫وقد تقرر �إجراء هذه اال�ستثمارات بعد م�شاورات عامة عقدت في الأقاليم‬ ‫المعنية كمرحلة خا�صة بتحديد االتفاقات و�ضمان الم�شاركة االجتماعية‪ .‬ويتم‬ ‫خالل هذه العملية تحديد الإجراءات ذات الأولوية والجماعات والفئات االجتماعية‬ ‫الم�ستهدفة‪ ،‬كما يتم �إعداد خطة على م�ستوى الأقاليم ت�شمل �إجراءات متكاملة‪ ،‬يتم‬ ‫في �إطارها و�ضع الآليات المادية والمالية من �أجل تنفيذ الإجراءات القطاعية‬ ‫والأهداف المن�شودة‪ .‬وين�شر هذا البرنامج المتفق عليه على نطاق وا�سع‪ ،‬كما يتم‬ ‫�إ�شهاره في الموقع الإلكتروني الذي �أن�شئ خ�صي�صا لتتبع �أطوار البرنامج‪ ،‬وقد �أطلق‬ ‫‪15‬‬ ‫عليه ا�سم "بوابة �أقاليم المواطنة"‪.‬‬

‫�إطار الإدارة‬

‫يعتمد البرنامج على �إطار جديد للإدارة ي�شمل هيئات على الم�ستوى الوطني وم�ستوى‬ ‫الواليات والم�ستوى الإقليمي‪ ،‬حيث يتكون من لجنة وطنية للإدارة‪ ،‬ولجنة والية‬ ‫للر�صد‪ ،‬ولجنة �إقليمية م�شتركة‪.‬‬ ‫وتعتبر اللجنة الوطنية للإدارة �أعلى هيئة م�س�ؤولة عن تحديد المبادئ‬ ‫التوجيهية واتخاذ القرارات من �أجل ت�سوية مختلف الق�ضايا‪ ،‬وهي تتكون‬ ‫‪ 14‬في كل واليات البرازيل تم توقيع "بروتوكول للتعاون الفيدرالي" من قبل الحكومة الفيدرالية (رئي�س الجمهورية)‪ ،‬والوالية (المحافظ)‬ ‫والبلديات (العمدة) لتنفيذ �أن�شطة في مجال التعاون والت�ضامن ك�إجراءات تدخل في عملية تطبيق برنامج �أقاليم المواطنة‪.‬‬ ‫‪ 15‬يمكن ت�صفح هذا الموقع على الرابط‪.www.territoriosdacidadania.gov.br :‬‬

‫‪227‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ال�شكل ‪� – 1‬إطار �إدارة الربنامج‬ ‫اللجنة الوطنية للإدارة‬

‫اللجنة التقنية‬ ‫المجل�س التنفيذي للتن�سيق‬

‫لجنة الدولة المخت�صة‬ ‫بتنظيم العالقات‬ ‫اللجنة الإقليمية الم�شتركة‬

‫وكيل تنظيم‬ ‫العالقات‬

‫م�ست�شار �إقليمي‬

‫من ممثلي الوزارات الـ ‪ 22‬بالإ�ضافة �إلى الهيئات الفيدرالية التي ت�شارك في‬ ‫البرنامج‪ 16.‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬هناك مجل�س تنفيذي للتن�سيق يتكون من "البيت‬ ‫المدني" التابع لرئا�سة الجمهورية (والذي ي�سهر على تن�سيق الإجراءات ذات الأولوية‬ ‫للإدارة الفيدرالية) ووزير التنمية الزراعية ووزير التخطيط والميزانية والإدارة‪،‬‬ ‫والأمانة المكلفة بالعالقات بين الم�ؤ�س�سات التابعة لرئا�سة الجمهورية (وهي‬ ‫الم�س�ؤولة عن التوا�صل مع ممثلي الواليات والبلديات)‪ .‬كما يعتمد المكتب التنفيذي‬ ‫على دعم لجنة فنية مكلفة بمتابعة تفعيل البرنامج‪.‬‬ ‫ولكل والية "لجنة للرقابة"‪ ،‬وهي هيئة غير مخولة للتداول في الق�ضايا ذات‬ ‫ال�صلة‪� ،‬أن�شئت من �أجل خلق عالقات وتطوير م�شاورات‪ ،‬وتعبئة ومراقبة الإجراءات‬ ‫المتعلقة بالبرنامج‪ .‬وتت�ألف هذه اللجنة من ممثلين عن وكاالت فيدرالية من‬ ‫مختلف الواليات‪ ،‬و�أع�ضاء من الأمانات والهيئات العامة على م�ستوى الواليات‬ ‫والبلديات التي ي�شملها البرنامج‪ .‬ويتم تن�سيق هذه اللجنة في الغالب من قبل وكالة‬ ‫التنمية الزراعية الفيدرالية‪ ،‬وهي هيئة تابعة لوزارة التنمية الزراعية وتعمل في �إطار‬ ‫الالمركزية‪.‬‬ ‫�أما اللجان الإقليمية الم�شتركة فهي عبارة عن منتديات للم�شاركة االجتماعية‬ ‫كانت موجودة من قبل‪ ،‬وقد تم تو�سيعها في معظمها بعد انطالق العمل بالبرنامج‪.‬‬ ‫وتمثل هذه اللجان منتديات ت�سعى �إلى تحقيق العدالة االجتماعية‪ ،‬وهي مكونة‬ ‫‪228‬‬

‫‪ 16‬هذه الوزارات والهيئات هي كالتالي‪ :‬البيت المدني لرئا�سة الجمهورية‪ ،‬ووزارة التنمية الزراعية‪ ،‬ووزارة التخطيط والميزانية والإدارة‪،‬‬ ‫والأمانة المكلفة بالعالقات بين الم�ؤ�س�سات التابعة لرئا�سة الجمهورية ‪ ،‬والأمانة العامة لرئا�سة الجمهورية‪ ،‬ووزارات المالية‪ ،‬والمعادن والطاقة‪،‬‬ ‫وال�صحة‪ ،‬واالندماج الوطني‪ ،‬والعمل والت�شغيل‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والثقافة‪ ،‬والزراعة والثروة الحيوانية والتموين‪ ،‬والبيئة‪ ،‬والمدن‪ ،‬والتنمية االجتماعية‪،‬‬ ‫واالت�صال‪ ،‬والعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬وال�صيد البحري والثروة المائية‪ ،‬وفونا�سا‪ ،‬وانكرا‪ ،‬والأمانة الخا�صة لل�سيا�سات الخا�صة بالمر�أة‪ ،‬وفوناي بانكو‬ ‫دو برازيل‪ ،‬وبانكو دا �أمزونيا‪ ،‬والبنك الفيدرالي لالدخار‪ ،‬وبنك ال�شمال ال�شرقي للبرازيل‪ ،‬والبنك الوطني للتنمية االقت�صادية واالجتماعية‪.‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫من ممثلين عن المجتمع المدني وال�سلطات العامة‪ ،‬حيث تهدف �إلى فر�ض رقابة‬ ‫اجتماعية على ال�سيا�سات العامة و�إلى الرفع من م�ستوى الإجراءات ال�سيا�سية‬ ‫ودمجها في �إطار المخطط التنموي بالأقاليم‪ .‬وتتلقى هذه اللجان‪ ،‬لأجل تنفيذ‬ ‫عملياتها‪ ،‬الدعم من الأموال العامة وكذلك من المهنيين الذين يعملون معها‪.‬‬

‫دورة الإدارة‬

‫‪17‬‬

‫لقد �أر�ست دائرة الإدارة برمجة التدفق وتنفيذه ور�صد �سيره وتقييمه‪ ،‬وذلك مع توفير‬ ‫�أدوات الدعم الم�ستعملة ب�شكل محدد خالل كل مرحلة من المراحل‪.‬‬ ‫وتتمثل الخطوة الأولى في �إعداد برامج التمويل لدى الوزارات والهيئات‬ ‫الفيدرالية في �إطار ميزانياتها وكذا في �إطار م�صادر التمويل الأخرى خارج تلك‬ ‫الميزانيات وتخ�صي�صها للإجراءات التي �سيتم تنفيذها في كل �سنة وفي كل �إقليم‪.‬‬ ‫وتعك�س هذه المرحلة نظرة قطاعية عن الأقاليم تتم ترجمتها �إلى قائمة للإجراءات‬ ‫التي تتخذ على م�ستوى االتحاد‪ ،‬ومن ثم يتم و�ضع جدول على م�ستوى الوطن ي�شمل‬ ‫مجموع البيانات المتعلقة بالبرنامج ح�سب كل بند من بنود الميزانية‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إلى جدول �آخر خا�ص بكل منطقة‪.‬‬

‫ال�شكل ‪ – 2‬دورة التخطيط و�إدارة الربنامج‬ ‫المرحلة الأولى‬ ‫م�صفوفة العمليات‬ ‫(الإمداد)‬

‫المرحلة الثانية‬ ‫تقديم اقتراح الم�صفوفة‬ ‫الإقليمية للنقا�ش من طرف‬ ‫الهيئات الجماعية‬

‫الإقليم‬ ‫الهيئة الجماعية‬ ‫الإقليمية‬

‫المرحلة الرابعة‬ ‫الر�صد‬ ‫التقييم‬ ‫م�ساهمات في الدورة‬ ‫الجديدة‬

‫المرحلة الثالثة‬ ‫تخطيط التنفيذ‬ ‫(االلتزامات)‬ ‫‪ 17‬تم �إعداد هذا الف�صل باالعتماد على وثيقة �أولية �أعدتها اللجنة الوطنية للإدارة بعنوان‪:‬‬ ‫‪.Programa Territórios da Cidadania 2008-2010 – Relatório da Avaliação‬‬

‫‪229‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ويتم تقديم هذا "االقتراح" الخا�ص بالإجراءات التي على الحكومة الفيدرالية‬ ‫اتخاذها �إلى اللجنة الإقليمية الم�شتركة التي ت�شرف على تن�سيق عملية عامة للت�شاور‬ ‫تعرف بالنقا�ش الإقليمي‪ .‬وتختلف الآراء حول الجدول الذي تم �إعداده وفقا للإمكانيات‬ ‫المتاحة لكل �إجراء‪ .‬وبح�سب هذا الجدول ف�إن تلك الإجراءات يمكن ت�صنيفها �إلى �أربعة‬ ‫�أنواع‪ :‬يتعلق النوع الأول منها بالمداوالت‪ ،‬والثاني بالت�شاور‪ ،‬والثالث بالتن�سيق‪،‬‬ ‫والرابع بالرقابة االجتماعية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ف�إن هناك �إجراءات يتم تقديمها للمداولة في‬ ‫�إطار النقا�ش الإقليمي‪ ،‬وذلك بتن�سيق من قبل هيئة م�شتركة‪ ،‬بينما هناك �إجراءات‬ ‫�أخرى تكون فقط مو�ضوع م�شاورات يمكن �أن ت�ؤدي �إلى تحديد الأولويات فيما يتعلق‬ ‫بتخ�صي�ص الميزانية لبع�ض الفئات �أو المناطق‪ ،‬على �سبيل المثال‪.‬‬ ‫كما تحدد الهيئة الم�شتركة الإجراءات ذات الأولوية ال�ستة من بين تلك‬ ‫المدرجة في الم�صفوفة‪ ،‬وثالث عمليات �أخرى تكت�سي �أي�ضا �أولوية لكنها لم تدرج‬ ‫في الم�صفوفة‪ ،‬وقد يتم �إدراجها فيها في ال�سنة التالية ويكون لها دور �أي�ضا في‬ ‫التعديالت التي تطر�أ على �صياغة ال�سيا�سات العامة‪.‬‬ ‫وبعد هذه المرحلة‪ ،‬يتم �ضبط الم�صفوفة الإقليمية على �أ�سا�س الآراء ال�صادرة‬ ‫عن الهيئة الم�شتركة �أو ب�سبب المتطلبات التقنية �أو المالية التي يحددها الم�شرفون‬ ‫على تدبير الإجراءات الم�شار �إليها‪ .‬وتنتج عن هذه العملية �صياغة خطة تنفيذ‪ ،‬حيث‬ ‫يت�ضح من خاللها التزام الحكومة الفيدرالية بتنفيذ الإجراءات التي �سيتم تطبيقها‬ ‫في كل �إقليم‪.‬‬ ‫ويتم ر�صد وتقييم الإجراءات ح�سب القطاعات مبا�شرة وعلى وجه الح�صر‬ ‫من قبل هيئات فيدرالية تقوم بعد ذلك ب�إر�سال نتائجها �إلى "اللجنة الوطنية‬ ‫للإدارة" التي تقوم بدورها بتوثيق تلك المعلومات �ضمن تقرير �سنوي لتقييم مدى‬ ‫تنفيذ الإجراءات يتم من خالله توفير المعطيات التي تحدد الم�صفوفة التي �سيتم‬ ‫ا�ستخدامها في ال�سنة الموالية‪.‬‬

‫العنا�صر الأولية للتقييم‬

‫‪230‬‬

‫خالل ال�سنوات الأولى للبرنامج ات�ضح �أن تنفيذه كان �إيجابيا ح�سب التقييم الذي‬ ‫�أنجز في هذا ال�ش�أن‪ ،‬كما لوحظ ا�ستقرار في عدد الإجراءات المتخذة وارتفاع في‬ ‫الأموال التي ر�صدت له‪ .‬في �سنة ‪ ،2008‬تم �إدراج ‪� 180‬إجراءا في �إطار البرنامج‬ ‫وا�ستثمار ‪ 12.9‬مليار ريال برازيلي‪ ،‬وقد بلغت ن�سبة �إنجاز تلك الإجراءات ‪77.8‬‬ ‫في المائة‪ .‬وفي �سنة ‪ ،2009‬ارتفع عدد الإجراءات �إلى ‪ 203‬وبلغ مجموع الأموال‬ ‫المر�صودة لها ‪ 19.3‬مليار ريال برازيلي‪ ،‬وقد تم �إنجاز ‪ 78.6‬في المائة منها‪ .‬وفي‬ ‫�سنة ‪ ،2010‬تمت برمجة ‪� 183‬إجراءا للإنجاز وخ�ص�ص لها مبلغ ‪ 27‬مليار ريال‬ ‫برازيلي‪ ،‬مما �سي�ؤدي �إلى �إنجاز ‪ 5200‬م�شروع بناء �إ�ضافي‪.‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫وقد تم‪ ،‬في غ�ضون عامين‪ ،‬ا�ستثمار �أكثر من ‪ 29‬مليار ريال برازيلي في‬ ‫مناطق البرازيل الريفية الأ�شد فقرا‪ ،‬مما يعني �أن المناطق التي تعاني من الفقر ب�شكل‬ ‫�أكبر التي لم تكن ت�ستفيد من ال�سيا�سات العامة من قبل قد �أ�صبحت تعطى الأولوية‬ ‫في �سياق البرنامج الجديد‪ .‬فقد بد�أت ال�سيا�سات االجتماعية تطبق في المناطق التي‬ ‫طالما كانت غائبة فيها‪ ،‬وذلك بف�ضل الأولوية التي �أ�صبح يعطيها لها البرنامج‬ ‫ونتيجة لل ُنهج الت�شاركية التي تم نهجها بين ال�سيا�سات‪ ،‬مما خلق دينامية �إيجابية‬ ‫رفعت من م�ستوى االنخراط في العملية والرقابة االجتماعية‪ ،‬وو�سعت نطاق الروابط‬ ‫وت�ضافر الجهود‪ .‬وقد ي�سرت كل هذه العوامل تنفيذ تلك ال�سيا�سات ب�شكل �أكثر فعالية‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬تم تو�سيع نطاق الإجراءات الرامية �إلى ت�شجيع اندماج ال�سكان‬ ‫ب�صفتهم عنا�صر منتجة‪ ،‬وذلك كعملية تكميلية لتلك التي نفذت في �إطار "برنامج‬ ‫منحة الأ�سرة" (البرازيل‪)2010 ،‬‬ ‫و�أدى الت�شديد على التخطيط والتكامل بين ال�سيا�سات �إلى و�ضع جدول �أعمال‬ ‫موحد لتنفيذ البرنامج عبر �إن�شاء وتفعيل ‪ 26‬لجنة متابعة على م�ستوى الواليات‪،‬‬ ‫رغم �أنها ال تزال غير متكافئة‪ .‬وقد جعلت هذه الإجراءات �أي�ضا حكومات الواليات‬ ‫تغير مخططاتها الوالئية التي كانت قد �صاغتها بناء على ُنهج �إقليمية‪ .‬وقد تبنت‬ ‫ع�شر واليات فعال ا�ستراتيجية "برنامج �أقاليم المواطنة" ل�صياغة جداول �أعمالها‬ ‫على م�ستوى الوالية‪ ،‬وهي‪ :‬باهيا‪ ،‬ومينا�س جيري�س‪ ،‬وماتو غرو�سو دو �سول‪ ،‬وبارانا‪،‬‬ ‫وغويا�س‪ ،‬و�سيرغيبي‪ ،‬وروندونيا‪ ،‬وماتو غرو�سو‪ ،‬و�سيارا‪ ،‬وريو دي جانيرو‪ ،‬في‬ ‫حين ق�سمت ع�شر واليات �أخرى م�ساحاتها الجغرافية �إلى �أرا�ض ريفية وهي‪� :‬أكري‪،‬‬ ‫و�أمابا‪ ،‬وبارا‪ ،‬وغويا�س‪ ،‬وبياوي‪ ،‬و�سيرغيبي‪ ،‬وريو غراندي دو نورتي‪ ،‬وباهيا‪،‬‬ ‫و�سيرغيبي‪ ،‬و�إ�سبيريتو�سانتو (البرازيل‪)2010 ،‬‬ ‫وقد كان ينظر �إلى �إدماج ال�سكان الفقراء كي ي�صبحوا منتجين في الأقاليم هو‬ ‫الآخر‪ ،‬باعتباره نتيجة لمزيج من الإجراءات المختلفة‪ ،‬ال �سيما القرو�ض والم�ساعدة‬ ‫التقنية و�إجراءات الت�سويق‪ .‬وقد �أدت جهود البرنامج الرامية �إلى تمكين الجميع من‬ ‫اال�ستفادة من برامج المواطنة الأ�سا�سية بالفعل �إلى �إحداث تغييرات في ال�سيا�سات‬ ‫القطاعية بناء على مطالب تلك الأقاليم‪ .‬وهكذا‪ ،‬تم‪ ،‬على �سبيل المثال‪� ،‬إدخال‬ ‫تغييرات على المعايير التي تخ�ص اال�ستفادة من عدة برامج كبرنامج "ال�صيدليات‬ ‫ال�شعبية" (وهو برنامج لدعم ال�صيدليات من �أجل م�ساعدة ال�سكان ذوي الدخل‬ ‫المنخف�ض)‪ ،‬والبرنامج الخا�ص ب�إف�ساح المجال لل�سكان لال�ستفادة من التكنولوجيا‬ ‫الرقمية والمواقع المتخ�ص�صة في المجال الثقافي‪ ،‬وبرنامج "بيتي‪ ،‬حياتي"‪،‬‬ ‫وال�سيا�سات الخا�صة بتوفير خدمات ال�صرف ال�صحي بالمناطق الريفية‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة‪ ،‬بوجه خا�ص‪� ،‬إلى المبادرات الناجحة لدمج ال�سيا�سات مثل‬ ‫تلك التي اتخذت لتعزيز �سال�سل الإنتاج في مناطق ال�سيزال (والية باهيا)‪ ،‬و�ألتو‬

‫‪231‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪232‬‬

‫�سرتاو (والية �سيرغيبي)‪ ،‬ونوردي�ستي باراني�سي (والية بارا)‪ ،‬وغراندي دورادو�س‬ ‫(والية ماتو غرو�سو دو �سول)‪� .‬أما في منطقة �سيرا دا كابيفارا (والية بياوي)‪ ،‬ف�إن‬ ‫الإجراءات الالزمة لإدماج ال�سيا�سات المعنية تخ�ص الجمع بين اال�ستثمار في‬ ‫التعليم وتو�سيع نطاق التكنولوجيا الرقمية والم�ساعدة التقنية من جهة‪ ،‬وتعزيز‬ ‫فر�ص الح�صول على القرو�ض و�إن�شاء جمعيات وتعاونيات و�إجراءات تهدف �إلى‬ ‫تنظيم الإنتاج من جهة �أخرى‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تمكين المواطنين من الح�صول على‬ ‫الوثائق المدنية الأ�سا�سية وال�ضمان االجتماعي والكهرباء‪ .‬وهناك حالة مهمة‬ ‫�أخرى‪ ،‬في هذا ال�صدد‪ ،‬وتتجلى في منطقة ماديرا ماموري (والية روندونيا) حيث‬ ‫تبذل جهود حاليا لدمج ا�ستثمارات في �أ�شغال البنية التحتية (طرق‪ ،‬ومجاري المياه‪،‬‬ ‫ومن�ش�آت توليد الطاقة) المن�صو�ص عليها في "برنامج ت�سريع النمو" �ضمن تقنين‬ ‫منظومة الأرا�ضي و�إجراءات الم�ساعدة التقنية التي ت�ستهدف تعزيز تنظيم الإنتاج‬ ‫الم�ستدام والح�صول على الحقوق والتنمية االجتماعية (البرازيل‪.)2010 ،‬‬ ‫وتم بالفعل تحديد بع�ض الم�شاكل ب�شكل جيد‪ .‬وتتمثل �أولى هذه الم�شكالت‬ ‫في وجود فجوة بين حجم البرنامج وقدرته من حيث الم�ؤ�س�سات المخ�ص�صة‬ ‫له‪ ،‬مما يحد من �إمكانية توفير الآليات المالئمة لر�صد ومتابعة تنفيذه‪ .‬ويجري‬ ‫حاليا بحث البدائل الممكنة ومن بينها تعزيز الإطار الخا�ص بالبرنامج من حيث‬ ‫طريقة �إدارته والم�ؤ�س�سات التي تعمل على تطبيقه‪ ،‬وكذلك زيادة م�شاركة الهيئات‬ ‫الحكومية في تنفيذه‪ .‬ومن المتوقع �أن ي�ؤدي هذا �إلى عدة نتائج من بينها و�ضع‬ ‫نظام محدد وم�شترك لر�صد �إنجاز البرنامج وتطبيقه‪ ،‬و�أي�ضا قيا�س الأثر الناتج عن‬ ‫تلك ال�سيا�سات مع مرور الوقت‪.‬‬ ‫وتكمن الم�شكلة الثانية في القدرات التقنية المحدودة للبلديات ال�صغرى‬ ‫ل�صياغة الم�شاريع وتنفيذها‪ .‬وللتغلب على هذه الم�شكلة‪ ،‬تم تعديل القوانين كي‬ ‫ي�صبح توفير التحويالت الالزمة من الأموال �إلزاميا بهدف تنفيذ �أعمال البرنامج من‬ ‫قبل البلديات التي يبلغ عدد �سكانها �أقل من ‪ ،50 000‬وكذلك لتوفير الم�شورة التقنية‬ ‫وتقديم برنامج للتدريب على كيفية �إعداد وتنفيذ الم�شاريع‪ ،‬بم�شاركة من بانكو دو‬ ‫نوردي�ستي‪ ،‬والوكالة البرازيلية للخدمات من �أجل دعم ال�شركات ال�صغرى‪ ،‬والبنك‬ ‫الفيدرالي لالدخار‪ .‬وهناك‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬تدابير �أخرى قيد المناق�شة ت�شمل‬ ‫تخ�صي�ص �أموال لم�شاريع في �إطار مناق�صة‪ ،‬وتدابير ترمي �إلى تب�سيط الإجراءات‬ ‫وتقلي�ص عدد ما ت�شابه منها (البرازيل‪.)2010 ،‬‬ ‫ونظرا لحجم اال�ستثمارات المن�صو�ص عليها في "برنامج ت�سريع النمو" وت�أثيرها‬ ‫على ديناميكية الأقاليم على الم�ستويين االقت�صادي واالجتماعي‪ ،‬يمكن ا�ستك�شاف‬ ‫مجموعة وا�سعة من الخيارات التي يمكن ا�ستثمارها ب�شكل �صحيح والتي ت�ستوجب‬ ‫التن�سيق بين م�شاريع البناء والإجراءات المتخذة في �إطار "برنامج �أقاليم المواطنة‪".‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬تمثل زيادة الموارد التي ين�ص عليها هذا البرنامج تحديا‬ ‫�آخر‪ .‬وب�صرف النظر عن تعبئة الموارد الذاتية الخا�صة ببرنامج �أقاليم المواطنة‪،‬‬ ‫يقترح �ساك�س (‪ )2010‬بو�ضوح وب�شكل مبا�شر �ضرورة تمويل �صندوق الت�ضامن‬ ‫الوطني من خالل ن�سبة مئوية ت�ؤخذ �سواء من الميزانية الوطنية المخ�ص�صة‪ ،‬كما‬ ‫هو م�صرح به‪ ،‬للحد من الفوارق بين الأقاليم وفي �أو�ساط المجتمع‪� ،‬أومن الإتاوات‬ ‫المفرو�ضة على ا�ستغالل البترول الموجود تحت الطبقة الملحية للأر�ض‪ .‬ويعتبر‬ ‫هذا الأمر �ضروريا نظرا للتحديات الح�ضارية ال�ضخمة التي نواجهها‪ ،‬وب�شكل �أكثر‬ ‫تحديدا‪ ،‬نظرا للأهداف التي و�ضعت في �إطار "برنامج �أقاليم المواطنة" والرامية �إلى‬ ‫تمكين تلك الأقاليم ب�شكل تدريجي ومرتبط ببرنامج منحة الأ�سرة‪ ،‬وذلك عبر خلق‬ ‫فر�ص عمل تدر دخال للمعنيين بالأمر (فر�ص العمل‪ ،‬فر�ص ال�شغيل ذاتي‪ ،‬الجمعيات‬ ‫�أيا كان نوعها)‪ ،‬وتقلي�ص الفوارق فيما يخ�ص م�ستوى العي�ش بين مختلف المناطق‪،‬‬ ‫مع تقلي�ص الفجوة فيما يتعلق بتوزيع الدخل بين الفئات االجتماعية‪.‬‬ ‫وينبغي �أي�ضا �أن ن�شير �إلى ثالثة عنا�صر �أخرى‪ ،‬بما �أنها جزء من جدول �أعمال‬ ‫البرنامج في الم�ستقبل‪ .‬يتعلق الأمر �أوال بالتعديالت التي �أدخلت على منطق ال�سيا�سات‬ ‫القطاعية بناء على التجربة الفعلية الناتجة عن تنفيذها في �إطار "�أقاليم المواطنة"‬ ‫بالموازاة مع غيرها من ال�سيا�سات‪ ،‬مع الأخذ بعين االعتبار التقييم والمالحظات التي‬ ‫توفرها �آليات الرقابة االجتماعية‪ .‬والعن�صر الثاني مرتبط بمناق�شة الفر�ص المتاحة‬ ‫من �أجل تو�سيع نطاق الم�شاركة االجتماعية والرفع من م�ستواها‪� .‬أما العن�صر الثالث‬ ‫فيتمثل في تعزيز �سبل �إ�شراك الحكومات والبلديات على م�ستوى الواليات في البرنامج‬ ‫من خالل �إدراج بع�ض �أعمالها �ضمن لم�صفوفة الإقليمية‪.‬‬

‫اعتبارات ختامية‬ ‫يعتبر هذا البرنامج مثاال جيدا عن �سيا�سة عامة تتم �إدارتها بطريقة مبتكرة‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫ت�شجيع العمل الم�شترك بين مختلف القطاعات بما في ذلك الحكومة الفيدرالية ومختلف‬ ‫الدوائر الحكومية الأخرى‪ ،‬في �إطار مخطط يهدف �إلى تنفيذ ا�ستراتيجية من �أجل الق�ضاء‬ ‫على الفقر في المناطق الريفية وتعزيز التنمية الإقليمية الم�ستدامة‪ ،‬مع تحقيق االندماج‬ ‫والم�شاركة االجتماعيين في المناطق ذات الأولوية‪� ،‬أي في "�أقاليم المواطنة‪".‬‬ ‫ويعتبر البرنامج نتيجة لل ُنهج الجديدة لإدارة ال�ش�ؤون العامة ولجدول �أعمال‬ ‫يهدف �إلى تعزيز الت�سيير الديمقراطي في البرازيل‪ ،‬نظرا للبعد الديمقراطي للهدف‬ ‫القا�ضي بتمكين جميع �سكان الريف من الح�صول على حقوقهم ومن الم�شاركة‬ ‫كفاعلين اقت�صاديين في المجتمع‪ ،‬وكذلك نظرا لتطابقه مع جوانب محددة للنقا�ش‬ ‫الحالي الخا�ص ب�إدارة ال�ش�ؤون العامة‪.‬‬

‫‪233‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪234‬‬

‫ويعتبر هذا البرنامج �أي�ضا نتيجة للنقا�ش الذي جرى م�ؤخرا حول التنمية‬ ‫في المناطق الريفية والذي تميز بالتجديد باعتباره �سيا�سة لإدارة ال�ش�ؤون العامة‬ ‫وتجربة في مجال �إدارة الأقاليم في ظل ال�سيا�سات القطاعية القائمة‪� .‬إال �أن ذلك ال‬ ‫يعني �أن البرنامج يج�سد نهجا جديدا تماما‪ ،‬نظرا لأن العديد من الجوانب المجددة‬ ‫تتوافق مع القيم التي تم �إدراجها خالل �صياغة �سيا�سات عامة �أخرى‪ ،‬كما هو ال�ش�أن‬ ‫بالن�سبة لبرنامج "منحة الأ�سرة"‪ ،‬وال ُنهج الخا�صة ب�إدارة "برنامج ت�سريع النمو"‪،‬‬ ‫وخا�صة اال�ستراتيجية المعتمدة من قبل برنامج "الق�ضاء على الجوع" وغيرها من‬ ‫الإجراءات المتعلقة بتنمية الأقاليم‪.‬‬ ‫و ُت َعد معالم الإطار الخا�ص بالبرنامج على م�ستوى التخطيط والإدارة‬ ‫متوائمة مع الجوانب الم�ؤ�س�سية الرئي�سية للإجراءات التي اتخذتها الإدارة الفيدرالية‬ ‫في �سياق نهج الت�سيير الذي تبنته (‪ .)Pacheco, 2004‬وهناك ح�ضور جلي للم�ؤ�س�سات‬ ‫في جهاز الدولة‪ ،‬ومنبر داخل الحكومة‪ ،‬يتمثل في اللجنة الوطنية للإدارة‪ .‬وهو‬ ‫ال�سلطة ال�سيا�سية التي يمكن م�ساءلتها بخ�صو�ص ما تتخذه من قرارات‪ ،‬واللجنة‬ ‫التنفيذية‪ ،‬والجهاز الم�ؤ�س�سي لن�شر �أعمال البرنامج ب�شكل منهجي (وهو البوابة‬ ‫االلكترونية "لبرنامج �أقاليم المواطنة")‪ ،‬ومنتدى ت�شترك فيه الحكومات وتنخرط‬ ‫فيه الهيئات التابعة للدوائر الحكومية الفرعية على م�ستوى الوطن‪ ،‬ولجنة الواليات‬ ‫لمتابعة تنفيذ البرنامج ‪.‬‬ ‫وهناك خ�صائ�ص �أخرى تميز برنامج �أقاليم المواطنة ب�صفته جزءا من‬ ‫الخطة الحالية لل�سيا�سات العامة‪ ،‬ومن بينها‪ :‬اعتبار التنمية الريفية هدفا بعيد‬ ‫المدى‪ ،‬والإدارة الت�شاركية التي ت�ساهم فيها مختلف الجهات الحكومية‪ ،‬والم�شاركة‬ ‫االجتماعية في تنفيذ الإجراءات التي تم اقتراحها‪ ،‬وتن�سيق ال�سيا�سات القطاعية‬ ‫وتحديد الأهداف على الم�ستوى الإقليمي‪ ،‬وبذل جهود ل�ضمان متابعة متكاملة‬ ‫للإجراءات المتخذة‪ ،‬والتعلم من التجارب ال�سابقة مع توفر �إرادة �إدخال التعديالت‬ ‫الالزمة‪18.‬‬ ‫لقد اتبع برنامج �أقاليم المواطنة نهجا م�ألوفا في مجال ال�سيا�سات العامة‬ ‫من حيث �إنه جاء بو�صفه عن�صرا من عنا�صر خطة حكومية‪ ،‬ومن ثم تم �إدراجه في‬ ‫خ�ضم ال�ش�ؤون العامة‪ ،‬وهو بذلك ي�شكل عملية معاك�سة لم�شروع الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫لقد تمت �صياغة البرنامج خالل فترة طويلة من "المرونة" منذ �أن تم اقتراحه‬ ‫في البداية من قبل وزارة التنمية الزراعية‪ ،‬ومن ثم تمت الموافقة عليه من طرف‬ ‫الرئي�س‪ ،‬وبعد ذلك تمت مناق�شته في "البيت المدني" وغرفة ال�سيا�سات االجتماعية‪،‬‬ ‫ثم تمت �صياغته من جديد بعد حوار مع الوزارات الأخرى‪ .‬ورغم �أن هذه العملية‬ ‫‪ 18‬مكتب رئا�سة الوزراء‪ ،‬المملكة المتحدة‪� " .1999 ،‬صياغة ال�سيا�سات الفنية للقرن الحادي والع�شرين"‪ ،‬تقرير لفريق �صنع القرارات‬ ‫اال�ستراتيجية‪ ،‬في‪ :‬بات�شيكو‪.2004 ،‬‬


‫�أقاليم المواطنة‪ :‬التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫ا�ستغرقت وقتا طويال �إال �أنها كانت جوهرية‪ ،‬لأن الظروف مواتية لإ�ضفاء ال�شرعية‬ ‫عليه‪ ،‬ول�ضمان جدوى هذا االبتكار في ال�سيا�سات العامة‪ ،‬وذلك من خالل عر�ض‬ ‫البرنامج �أمام منتديات مخت�صة وعن طريق اال�ستفادة من الفر�ص المختلفة لإدخال‬ ‫تح�سينات عليه‪.‬‬ ‫كان دور وزارة التنمية الزراعية محوريا في هذه العملية‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫�إ�ضافة مبادرات ومعالجة الموا�ضيع المتكررة وتحديد الأولويات فيما يخ�ص ب�إدارة‬ ‫ال�ش�ؤون العامة‪ ،‬مثل ال�سهر على �سير الحوار والرقابة االجتماعيين‪ ،‬وح�صول جميع‬ ‫المواطنين على الحقوق‪ ،‬وو�ضع جدول �أعمال م�شترك‪ ،‬وتن�سيق ال�سيا�سات العامة‪،‬‬ ‫والتهيئة المجالية للأقاليم‪ ،‬وغيرها‪ .‬وكان هذا الدور �ضروريا لتركيز اهتماماتها‬ ‫وت�صوراتها حول كيفية محاربة الفقر وتعزيز التنمية بالمناطق الريفية في �صلب‬ ‫جدول �أعمال الحكومة‪ ،‬وذلك من �أجل تعزيز خياراتها ب�ش�أن حوارها مع المجتمع‬ ‫وبين �أع�ضائها‪ ،‬ومن �أجل اال�ستفادة من هذه "الفر�صة المتاحة"‪� .‬إن هذه العملية‬ ‫برمتها‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى اهتمام الحكومة بها نظرا لكونها مالئمة لأهدافها‪� ،‬أدت �إلى‬ ‫نجاح البرنامج‪.‬‬ ‫وقد ا�ستفاد برنامج �أقاليم المواطنة من الفر�ص التي توفرت خالل المراحل‬ ‫الأولى من الوالية الثانية للرئي�س لوال وخالل عملية �صياغة البرنامج االجتماعي‬ ‫للحكومة‪ ،‬ولهذا الغر�ض �أي�ضا اعتمد البرنامج على الخبرة المتراكمة لوزارة التنمية‬ ‫الزراعية فيما يتعلق ب�صياغة ال�سيا�سات القطاعية للتنمية الريفية‬ ‫لم يكن الأمر مجرد م�س�ألة �إدراج مو�ضوع ما في برنامج الحكومة‪ ،‬ولكن الأمر‬ ‫كان يتعلق بالت�أكد من �أن تعزيز التنمية الريفية �سي�شكل �إحدى الأولويات‪ ،‬و�سيكون‬ ‫واحدا من �أهم الموا�ضيع التي �سيتم التركيز عليها في �إطار م�شروع وطني �أو�سع‪� .‬إن‬ ‫البرنامج الذي نحن ب�صدده يتيح �إمكانيات حقيقية لتعزيز الديمقراطية‪ ،‬لأن المنطق‬ ‫الذي ي�ستند �إليه ي�ساعد على �إزالة الآليات التقليدية لفر�ض الهيمنة والتحيز وتدخالت‬ ‫�أع�ضاء الكونغر�س لت�أمين �أموال االتحاد‪ ،‬ف�ضال عن �إف�ساح المجال لتعدد ال�سيا�سات‬ ‫وتعزيز التنمية الم�ستدامة‪.‬‬ ‫وفي الآونة الأخيرة‪� ،‬أثار البرنامج اهتمام بلدان �أخرى مثل باراغواي وبيرو‬ ‫و�إكوادور وال�سلفادور‪ ،‬كما تم �إدراجه في جدول �أعمال التعاون التقني للبرازيل في‬ ‫�أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫لقد بذلنا جهدا من خالل هذا الن�ص لكي نقدم و�صفا للبرنامج‪ ،‬وذلك في‬ ‫�سياق الآفاق التي يفتحها "برنامج الق�ضاء على الجوع"‪ ،‬حيث قمنا بت�سليط ال�ضوء‬ ‫على الجوانب الم�شتركة بينهما‪ ،‬وكذلك على بع�ض االختالفات الطفيفة محاولين‬ ‫جعل ا�ستراتيجية محاربة الفقر في المناطق الريفية تالئم الع�صر ب�صفتها عن�صرا‬ ‫محوريا في مخطط ديمقراطي من �أجل تحقيق التنمية الريفية‪.‬‬

‫‪235‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫لذلك‪ ،‬ف�إن هذا ال�سيناريو يعتبر واعدا للق�ضاء على الفقر المدقع والحد من‬ ‫الفوارق االجتماعية والإقليمية‪ .‬فالم�ؤ�شرات الر�سمية تبين �أن الفقر وعدم الم�ساواة‬ ‫في تراجع م�ضطرد و�سريع في المناطق الريفية‪ ،‬كما �أن الحد من الفقر وعدم الم�ساواة‬ ‫في هذه المناطق يعتبر �أكثر فعالية مما هو عليه في المناطق الح�ضرية‪ ،‬ويمكن‬ ‫تف�سير هذه الوقائع ب�شكل �أ�سا�سي بارتفاع الدخل لدى العمال في المناطق ال�سالفة‬ ‫الذكر‪.‬‬ ‫وبناء على ما �سلف‪ ،‬ف�إن االنت�شار النوعي "لبرنامج �أقاليم المواطنة" يجب‬ ‫�أن ي�ستند �إلى الترابط الفعال بين النمو االقت�صادي وتوزيع الدخل و�سيا�سات عامة‬ ‫متزامنة و�أكثر ات�ساقا‪ ،‬والرفع من م�ستوى الأداء الحكومي‪ ،‬ومبادرة �أكبر من الزراعة‬ ‫الأ�سرية‪ ،‬وم�شاركة اجتماعية �أو�سع‪ ،‬وديمقراطية �أ�شمل‪ .‬لذلك ف�إن مو�سم جني ثمار‬ ‫البرنامج يب�شر بالخير‪.‬‬

‫‪236‬‬


‫ التجديد في �أعقاب برنامج الق�ضاء على الجوع‬:‫�أقاليم المواطنة‬

‫المراجع‬ ABRUCIO, F. L. Os desafios da gestão pública brasileira para o século 21: da experiência internacional aos eixos estratégicos de reforma. Cadernos ENAP, Special 20th anniversary edition, 2006. BARBOSA, N. Uma nova política macroeconômica e uma nova política social. In: A nova política econômica: a sustentabilidade ambiental. São Paulo: Editora Fundação Perseu Abramo publishing house, 2010. (Coleção 2003-2010 O Brasil em transformação, 1). BRAZIL. Ministry of Agrarian Development. Territorial Development Secretariat. Territórios da Cidadania: proposta do Ministério do Desenvolvimento Agrário para redução da desigualdade no meio rural brasileiro. Brasília: MDA, 2007a. ___. Ministry of Agrarian Development. Programa Territórios da Cidadania: uma estratégia de desenvolvimento territorial sustentável com inclusão social para o Brasil Rural. [Discussion Paper]. Brasília: MDA, 2007b. ___ Presidency of the Republic. Press and Dissemination Secretariat. Patrus Ananias. Press conference with the Minister of Social Development and Hunger Combat. Brasília, March 22, 2007. 2007c. ___. Ministry of Agrarian Development. Territórios da Cidadania: políticas integradas para reduzir desigualdades. Brasília: MDA, January 2008. ___. Document prepared for a meeting to evaluate the Territories of Citizenship Program. Brasília, February 2010. CASSEL, G. Desenvolvimento Agrário [Lecture Cycle]. Brasília: Presidency of the Republic, Strategic Affairs Secretariat, 2010. DEL GROSSI, M.; MARQUES, V. P. M. A agricultura familiar no Censo Agropecuário 2006: o marco legal e as opções para sua identificação. [submitted for publication in the Revista Estudos Sociedade e Agricultura magazine of CPDA/UFRRJ].

237

FRANÇA, C. G. Territórios da Cidadania e política de gestão pública. 2009. Course completion paper (Specialization in public management) – Ilape/Cepeg, Brasília, 2009.


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬ ___; DEL GROSSI, M.; MARQUES, V. P. M. A agricultura familiar faz bem ao Brasil. Brasília: NEAD/MDA, 2010. (Discussion paper). In press. PACHECO, R. S. Public management as a non-policy field in Lula’s administration. In: [Conference] GENERATION REFORM IN BRAZIL AND OTHER NATIONS, Rio de Janeiro, November 17-19, 2004. WORKERS’ PARTY. Lula Presidente: Programa de Governo 20072010. Brasília. SACHS, Ignacy. Da Bolsa Família aos Territórios Rurais. O Globo newspaper, March 13, 2008. ___. Planejamento do desenvolvimento territorial includente e sustentável no Brasil. Brasília: IICA, NEAD/MDA, September 2010. SILVA, P. B.; AMARAL, H. K. Perspectivas da gestão pública no Brasil contemporâneo. Revista do Setor Público, Special Edition, p. 7-18, 2007. SILVA, J. G. Zero Hunger and Territories of Citizenship: promoting food security in Brazil’s Rural. In: VON BRAUN, J.; VARGAS, R.; PANDYA-CORCH, R. The poorest and hungry: assessments, analyses, and actions: an IFPRI 2020 book. 2009.

238


‫‪ -10‬الم�شاركة االجتماعية في‬

‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬

‫تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫فران�سي�سكو مينيزي�س‬

‫معلومات �أ�سا�سية‬ ‫كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للعملية ال�سابقة الخا�صة بت�شكيل وتدعيم حكومة ديمقراطية‬ ‫لل�شعب‪ ،‬ف�إن انتخاب لوال لرئا�سة البرازيل في عام ‪ 2003‬لم يكن من قبيل ال�صدفة‪،‬‬ ‫و�إنما هو ناجم عن تعبئة المجتمع البرازيلي حول الجهود الرامية �إلى تعزيز‬ ‫التغييرات التي هو في �أم�س الحاجة �إليها من �أجل بناء دولة �أكثر عدال وذات �سيادة‬ ‫كاملة‪ .‬وفي ن�سق مماثل‪ ،‬ف�إن �إعداد وتنفيذ م�شروع "الق�ضاء على الجوع" قد كان‬ ‫تتويجا ل�سل�سلة االقتراحات والإجراءات العملية ال�سابقة بهدف محاربة الجوع‬ ‫والنهو�ض بالأمن الغذائي والتغذية في البرازيل �سبق لحكومات ومنظمات اجتماعية‬ ‫�أخرى �أن تبنتها (على م�ستوى البلديات والواليات)‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة هنا �إلى بع�ض المراحل الرئي�سية في هذه العملية لكي ندرك‬ ‫�أهمية الم�شاركة االجتماعية والخبرة المتراكمة في �إطار النهو�ض بها‪ .‬ومن الوا�ضح‬ ‫�أن تكون �أهم لحظة ت�ستحق الأخذ بعين االعتبار هي تلك المتعلقة بالدور الريادي‬ ‫الذي ا�ضطلع به جوزيه دي كا�سترو في هذا ال�سياق خالل الأربعينات والخم�سينات‪.‬‬ ‫لقد �أدرك حجم الم�أ�ساة التي يت�سبب فيها الجوع بناء على تجربته ال�شخ�صية‬ ‫وانطالقا من معاينته لهذا الواقع‪ .‬لقد فهم �أن ظاهرة الجوع لي�ست ظاهرة طبيعية �أو‬ ‫نقمة ال مفر منها لدى بع�ض ال�شعوب‪ ،‬و�إنما هي ظاهرة اجتماعية ال يمكن مواجهتها‬ ‫�إال عن طريق �إجراءات يقوم بها الإن�سان‪ .‬غير �أن محاربة الجوع في نظر جوزويه دي‬ ‫كا�سترو ال تتطلب فقط الزيادة في الإنتاج الزراعي بل تتطلب كذلك توزيعا �أف�ضل‬ ‫للمواد الغذائية‪ .‬ولهذا الغر�ض‪ ،‬اعتبر �أنه كان من ال�ضروري الأخذ بعين االعتبار‬ ‫ق�ضايا مثل مركزية امتالك الأرا�ضي وتدهور التربة عند التعامل مع م�س�ألة الحاجة‬ ‫�إلى تقا�سم الثروة ب�شكل عادل‪ .‬لقد �ساهم هذا الفيزيائي وعالم االجتماع والجغرافي‪،‬‬ ‫في كتبه المختلفة‪ ،‬وال �سيما في كتابه "جغرافية الجوع"‪ ،‬وب�شكل ا�ستثنائي في‬ ‫المناق�شات وفي اتخاذ �إجراءات عملية ب�ش�أن الم�سائل التي �شكلت خالل تلك العقود‬ ‫تحديا لأولئك الذين رف�ضوا فكرة اعتبار الجوع قدرا محتما على البرازيليين وغيرهم‬

‫‪239‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪240‬‬

‫من ال�شعوب في جميع �أنحاء العالم‪ ،‬و�أنه ال خيار �أمامهم �سوى القبول به‪ ،‬كما كان‬ ‫له دور فعال �أي�ضا في هذا ال�صدد من خالل الأفكار التي برزت الحقا على قاعدة‬ ‫المزج بين مختلف الحقول العلمية من �أجل فهم الم�شكلة‪.‬‬ ‫لقد كان جوزويه دي كا�سترو في المنفى �إلى �أن توفي خالل فترة الحكم‬ ‫الع�سكري في البرازيل‪ ،‬وهي الفترة التي بد�أت في �سنة ‪ 1964‬وا�ستمرت لمدة ‪ 21‬عاما‪،‬‬ ‫وقد اتخذت كل التدابير القمعية لإ�سكات �أولئك الذين �أرادوا التطرق لأ�سباب الجوع‪،‬‬ ‫والتي �أثرت على الماليين من البرازيليين‪ .‬وعلى الرغم من كل ال�ضغوط‪ ،‬فقد برزت‬ ‫القوى المناه�ضة لذلك الو�ضع من القاعدة ال�شعبية عندما انطلقت حركة في �أواخر‬ ‫ال�سبعينات انخرطت فيها كل من ربات البيوت والعمال لمواجهة ارتفاع الأ�سعار‬ ‫وانخفا�ض القدرة ال�شرائية في �أو�ساط �أفقر �شرائح المجتمع في البرازيل‪ ،‬حيث لم‬ ‫يعد في ا�ستطاعة المواطنين الح�صول على ال�سلع والخدمات الأ�سا�سية‪ ،‬وخ�صو�صا‬ ‫المواد الغذائية‪ .‬وقد تم �آنذاك جمع حوالي ‪ 1.3‬مليون توقيع وتم تنظيم مظاهرات‬ ‫احتجاج وا�سعة �ضد المباالة النظام الع�سكري �إزاء ارتفاع الأ�سعار‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫�أن المتظاهرين لم يكتب لهم النجاح تماما في تحقيق مطالبهم‪� ،‬إال �أن تلك الحركة‬ ‫�شكلت ال�شرارة الأولى للتطورات التي حدثت الحقا‪.‬‬ ‫وفي �سنة ‪ ،1985‬وفي ظل الحكومة المدنية الأولى في �أعقاب ديكتاتورية‬ ‫الع�سكر‪ ،‬تم ا�ستخدام م�صطلح "الأمن الغذائي" ر�سميا لأول مرة في وثيقة لوزارة‬ ‫الزراعة بعنوان "الأمن الغذائي‪ :‬اقتراح �سيا�سة من �أجل محاربة الجوع"‪ ،‬كما ينبغي‬ ‫�أي�ضا الإ�شارة هنا �إلى �أنه بعد عام واحد من ذلك الوقت‪ ،‬تم تنظيم الم�ؤتمر الوطني الأول‬ ‫للغذاء والتغذية تحت رعاية وزارة ال�صحة‪ ،‬حيث تمت تعبئة المهنيين في قطاع ال�صحة‬ ‫وغيرهم من قطاعات المجتمع لمناق�شة الموا�ضيع المتعلقة بالغذاء وبالتغذية‪.‬‬ ‫وقد كان د�ستور عام ‪ 1988‬حدثا بارزا تمثل في عودة البرازيل �إلى‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬وذلك نظرا لكونه �أ�ضفى الطابع الم�ؤ�س�سي على م�شاركة المجتمع في‬ ‫الحياة ال�سيا�سية من خالل �آليات مبا�شرة مثل اال�ستفتاءات واالنتخابات والمبادرات‬ ‫ال�شعبية �أو عن طريق تعزيز ما ي�سمى بمجال�س و�ضع ال�سيا�سات العامة على م�ستوى‬ ‫البلديات والواليات والفيدرالية ككل‪ .‬وقد تم تفعيل مثل هذه الإجراءات من خالل‬ ‫تجارب مماثلة في الما�ضي‪ ،‬على �شكل المجل�س الوطني لل�صحة‪ ،‬على �سبيل المثال‪،‬‬ ‫والذي جاء نتيجة الن�شاط المكثف لحركة الإ�صالح التي عرفها قطاع ال�صحة‪،‬‬ ‫وبف�ضل الزخم الذي رافق تبني الد�ستور الجديد‪ ،‬وكذلك بف�ضل رغبة المجتمع المدني‬ ‫في ممار�سة الرقابة االجتماعية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى الإرادة ال�سيا�سية لبع�ض الزعماء‪،‬‬ ‫وتم �إن�شاء عدة مجال�س �أخرى خا�صة ب�سيا�سات �إدارة ال�ش�ؤون العامة‪.‬‬ ‫ولم يختلف الو�ضع تماما مع ظهور مو�ضوع الأمن الغذائي‪ .‬ففي �سنة ‪،1991‬‬ ‫ونتيجة للأعمال التي قام بها ما ي�سمى بـ"الحكومة الموازية "‪ ،‬والتي كانت �آنذاك‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫بقيادة لوي�س �إنيا�سيو لوال دا �سيلفا‪ ،‬كبديل لإدارة الرئي�س كولور دي ميلو‪ ،‬فقد تمت‬ ‫�صياغة مقترح ل�سيا�سة خا�صة بالأمن الغذائي‪ .‬بعد ذلك بعامين‪ ،‬تم ت�سليم المقترح‬ ‫للرئي�س الجديد �إيتمار فرانكو‪ ،‬الذي كان قد تولى الرئا�سة في �أعقاب توجيه االتهام‬ ‫لكولور‪ .‬وكان المقترح قد ن�ص على �إن�شاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪،‬‬ ‫وهو ما تم بالفعل في �شهر مايو‪�/‬أيار من �سنة ‪.1993‬‬ ‫وقد خلف �إن�شاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية ارتياحا في �أو�ساط‬ ‫المجتمع الذي تعب�أ من �أجل محاربة الجوع مبا�شرة بعد اتهام كولور‪ ،‬وكان ذلك بعد‬ ‫انطالق ما �سمي بالحملة �ضد الجوع التي قادتها حركة "حملة المواطنين �ضد الجوع‬ ‫والفقر ومن �أجل الحياة"‪ .‬وقد اعتمدت هذه الحركة على الآالف من اللجان التابعة‬ ‫للأحياء ومقار العمل وغيرها‪ ،‬والتي �أخذت على عاتقها مهمة الت�صدي لم�شكلة الجوع‬ ‫لمدة ثالث �سنوات من خالل جمع وتوزيع المواد الغذائية على الفئات االجتماعية‬ ‫الأكثر فقرا‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد �أبان هذا العمل المبا�شر الذي قام به �أنا�س من المجتمع �إلى‬ ‫�أي حد كان �صبر ال�سكان قد نفد �إزاء حكومة �ضعيفة لم تكن لديها الرغبة في فعل‬ ‫ما كان ي�شكل �إحدى م�س�ؤولياتها الرئي�سية‪� ،‬أال وهو �ضمان الغذاء لجميع النا�س الذين‬ ‫يعي�شون في البالد‪ .‬لذلك‪ ،‬وبالرغم من �أن المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫كان هيئة ا�ست�شارية م�ؤلفة من ممثلين عن الحكومة‪ ،‬وفي الغالب من ممثلين عن‬ ‫المجتمع المدني الذين كانوا �أع�ضاء في هيئات داخل رئا�سة الجمهورية‪ ،‬فقد تحمل‬ ‫م�س�ؤولية القيادة فيما يخ�ص تنفيذ بع�ض البرامج مثل برنامج توزيع الغذاء والذي‬ ‫انخرطت فيه لجان "حملة المواطنين" بموازاة مع عمل "م�صلحة الدفاع المدني" في‬ ‫عملية توزيع �سالل الغذاء على ال�سكان المت�ضررين من الجفاف في المنطقة ال�شمالية‬ ‫ال�شرقية بالبرازيل‪ .‬وقد ك�شفت هذه التجربة الأولى للمجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية عن �إمكانيات ايجابية للقيام بعمل من قبل مجل�س م�شترك بين القطاعات‪،‬‬ ‫لكنه بين في الوقت نف�سه عقبات رئي�سية �أعاقت العمل على نحو فعال‪ ،‬حيث �أن‬ ‫الأولوية الرئي�سية في تلك الأيام كانت تتمثل في كيفية الت�صدي للأزمة االقت�صادية‬ ‫(الناجمة عن ارتفاع معدالت الت�ضخم) والحد من الإنفاق العام‪.‬‬ ‫وكان من نتائج الأعمال التي قام بها المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية عقد الم�ؤتمر الوطني الأول للأمن الغذائي في �شهر يوليو‪/‬تموز ‪ .2004‬وقد‬ ‫�أدى هذا الم�ؤتمر �إلى تعبئة قوية من قبل الواليات‪ ،‬وال�سيما من خالل "لجان عمل‬ ‫للمواطنين" والحركات االجتماعية الوطنية التي تقودها نقابة العمال المركزية‬ ‫الموحدة‪ ،‬واتحاد العمال الزراعيين وغيرها من الهيئات ومكاتبها في مختلف‬ ‫الواليات‪ .‬وب�صرف النظر عن التعبئة التي تم خو�ضها خالل الفترة التي انعقد فيها‬ ‫الم�ؤتمر‪ ،‬ف�إن هذا الحدث كان من ثماره �أي�ضا مجموعة من القرارات التي من �ش�أنها‬ ‫توجيه الخطوات المقبلة للحركات الرامية �إلى تحقيق الأمن الغذائي في البرازيل‪ .‬غير‬

‫‪241‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�أن المبادئ التوجيهية التي �أكد عليها الم�ؤتمر لم يتم تطبيقها نظرا لأن الإدارة التي‬ ‫خلفت حكومة �إيتامار فرانكو بعد عام واحد من ذلك الوقت جاءت بنهج مغاير فيما‬ ‫يخ�ص �سيا�ستها االجتماعية‪ ،‬حيث �أعادت النظر في الأولوية التي كان يتمتع بها‬ ‫�سابقا مو�ضوع محاربة الجوع‪ ،‬و�أنهت بذلك تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية عبر مر�سوم رئا�سي‪ ،‬كما �أن الم�شاركة االجتماعية فقدت طابعها ال�سيا�سي‬ ‫و�أ�صبح ينظر �إليها باعتبارها مجرد "م�شاركة ت�ضامنية"‪.‬‬ ‫وفي ظل هذا ال�سيناريو الجديد‪ ،‬حاولت اللجان المنخرطة في الحملة �ضد‬ ‫الجوع اال�ستمرار في ن�شاطها‪ ،‬ولكنها فقدت زخمها مع مرور الوقت‪� .‬إال �أن المنظمات‬ ‫التي كانت قد جعلت من الت�أثير على ال�سيا�سات العامة �شغلها ال�شاغل منذ انعقاد‬ ‫الم�ؤتمر‪ ،‬وا�صلت ب�شكل �أكثر قوة ن�ضالها من �أجل ق�ضيتها‪ ،‬وذلك على الرغم من �أن‬ ‫الإدارة الفيدرالية لم تبد �أي اهتمام بالمو�ضوع‪ .‬وقد تجلى هذا الموقف من خالل‬ ‫ال�ضغوط التي مار�ستها هذه المنظمات بخ�صو�ص الم�شاركة االجتماعية في م�ؤتمر‬ ‫القمة العالمي للأغذية الذي عقد في روما عام ‪ .1996‬وفي البداية‪� ،‬أرغمت الحكومة‬ ‫على قبول فكرة �صياغة وثيقة م�شتركة كي يتم تقديمها �إلى المنتدى الر�سمي‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك تم ت�شكيل �أكبر وفد يمثل المجتمع المدني لح�ضور الم�ؤتمر‪ .‬وخالل تلك الفترة‬ ‫كان مفهوم الأمن الغذائي قد تم تحديده ب�شكل �أدق وتم العمل على �إدراك �شموليته‬ ‫على نحو �أف�ضل‪ ،‬وقد �أدرجت م�س�ألة ال�سالمة الغذائية �ضمن مفهوم الأمن الغذائي‪،‬‬ ‫كما تم الت�أكيد على ترابطهما الوثيق‪.‬‬ ‫وفي عام ‪� ،1998‬أن�شئ المنتدى البرازيلي ل�سالمة التغذية والأمن الغذائي‬ ‫والتغذية في مدينة �ساو بولو‪ ،‬وقد �شمل ما يقرب من ‪ 100‬منظمة‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫المنظمات غير الحكومية‪ ،‬والحركات االجتماعية‪ ،‬وجمعيات حماية الطفولة والأرا�ضي‪،‬‬ ‫وم�ؤ�س�سات �أكاديمية وغيرها‪ .‬وقد بذلت‪ ،‬في ذلك الوقت‪ ،‬جهود حثيثة لتطوير عالقات‬ ‫�أوثق بين هذه المنظمات في م�شاركتها‪ ،‬و�إثر ذلك وجد المنتدى نف�سه �أمام فر�صة‬ ‫�سانحة وتحد في �آن واحد‪ .‬فمن جهة‪ ،‬لم يتحقق طلبه لإعادة المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪� ،‬إال �أن انتخاب المحافظين الجدد ‪ ،‬من جهة �أخرى‪ ،‬قد �شكل بداية‬ ‫الطريق نحو �إقامة مجال�س للأمن الغذائي على م�ستوى الواليات‪ ،‬كما حدث بالفعل في‬ ‫�أربع واليات‪.‬‬

‫بلورة م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫‪242‬‬

‫يعتمد م�شروع الق�ضاء على الجوع الذي تم �إعداده من قبل معهد المواطنة‬ ‫ابتداء من عام ‪ 2001‬بهدف تقديم مقترح لمحاربة الجوع وتطوير برنامج للأمن‬ ‫الغذائي بالبرازيل لرئي�س الجمهورية‪ ،‬الذي تم انتخابه في نهاية عام ‪ ،2002‬على‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫�أداء بع�ض الأفراد الذين انخرطوا في العملية المذكورة �أعاله بخ�صو�ص اقتراح‬ ‫مجموعة من الأفكار للعمل بها في �إطار �سيا�سات لإدارة ال�ش�ؤون العامة فيما يتعلق‬ ‫بالأمن الغذائي والتغذية وما ي�ؤثر عليهما‪ .‬وقد �ساهم في ذلك ممثلو المنظمات غير‬ ‫الحكومية والأكاديميون والباحثون و�أع�ضاء الحركات االجتماعية وغيرهم م�ساهمة‬ ‫فعالة منذ عام ‪ 2001‬من خالل �إجراء بحوث ومناق�شة مقترحات لمعالجة م�شكلة‬ ‫الجوع وو�ضع �سيا�سات للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫وا�ستنادا �إلى مفهوم حق الإن�سان في الغذاء باعتباره مبد�أ توجيهيا لجميع‬ ‫التعريفات التي تلت ذلك‪ ،‬ف�إن مفهوم الأمن الغذائي والتغذية ازداد ن�ضجا‪ ،‬وم�س�ألة‬ ‫الجوع وم�سبباته في البرازيل قد تم تمييزها‪ ،‬وبرامج ال�سيا�سات العامة القائمة‬ ‫ودرجات فعاليتها المختلفة قد تم �إدراكها‪ ،‬وكذلك كان ال�ش�أن بالن�سبة لتح�سينها‪.‬‬ ‫وقد تم تحديد الثغرات التي يجب �سدها في هذه ال�سيا�سات من خالل مقترحات‬ ‫برامج و�إجراءات جديدة‪ ،‬كما حددت و�سائل لتطبيق �سيا�سة �صحيحة للأغذية‬ ‫والأمن الغذائي‪.‬‬ ‫لقد �أ�صبح من الوا�ضح �أن �ضمان الم�شاركة االجتماعية قد كان من �أهم الأمور‬ ‫التي �أكدت عليها تلك المقترحات‪ .‬وتجدر الإ�شارة هنا �إلى �أن الحاجة �إلى �إعادة المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية قد وردت في الوثيقة التي تحتوي على اقتراح م�شروع‬ ‫الق�ضاء على الجوع‪ ،‬وهذا �أمر طبيعي بما �أن العديد من �أع�ضاء المنتدى البرازيلي للأمن‬ ‫الغذائي كانوا �أع�ضاء كذلك في المجموعة التي �أعدت تلك الوثيقة ‪.‬‬

‫الم�شاركة االجتماعية في عهد �إدارة الرئي�س لوال ‬ ‫بمجرد ما تم انتخاب لوي�س �إينا�سيو لوال دا �سيلفا رئي�سا‪ ،‬لم يتعهد فقط بتطبيق‬ ‫كل ما كان قد تم اقتراحه في برنامج الق�ضاء التام عن الجوع‪ ،‬ولكنه �أكد �أي�ضا على‬ ‫�أن محاربة الجوع �ستكون من بين �أولى �أولويات �إدارته‪ .‬وقد كان �أول قرار اتخذه بعد‬ ‫تن�صيبه هو �إعادة ت�شكيل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية و�سالمة التغذية‬ ‫كما اتخذ عدة تدابير �أخرى كان قد تم االتفاق عليها من قبل‪ .‬فقد ت�أ�س�س المجل�س‬ ‫ر�سميا في ‪ 30‬يناير‪ /‬كانون الثاني �سنة ‪ ،2003‬وكان يت�ألف من ‪ 59‬ع�ضوا منهم‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ 17‬وزير دولة و ‪ 42‬من ممثلي المجتمع المدني‪.‬‬ ‫وقد تم قبول اقتراح �أن يكون ثلثا �أع�ضاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية على الأقل ممثلين عن المجتمع المدني‪ ،‬كما كان عليه الحال في المجل�س‬ ‫‪ 1‬خالل واليته الثانية التي بد�أت في ‪ ،2007‬بعد الم�ؤتمر الوطني الثالث للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬كان المجل�س يت�ألف من ‪ 57‬ع�ضوا‪ ،‬من بينهم‬ ‫‪ 38‬ممثال عن المجتمع المدني و‪ 19‬وزيرا‪.‬‬

‫‪243‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪244‬‬

‫ال�سابق‪ ،‬كما اعتبر اختيار رئي�س المجل�س من بين ممثلي المجتمع المدني وتحديد‬ ‫مكان اجتماعاته داخل مقر رئا�سة الجمهورية دليال على الأهمية الق�صوى التي‬ ‫�أ�صبح يوليها الم�س�ؤولون لم�شاركة المجتمع في برنامج بمثل هذا الحجم‪.‬‬ ‫وينبغي �أن ن�شير هنا �إلى �أن هذه ال�صيغة تعك�س رغبة الإدارة الفيدرالية‬ ‫الجديدة في تنفيذ م�شروعها "الديمقراطي الت�شاركي" من خالل �إن�شاء لي�س فقط‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬ولكن العديد من المجال�س الوطنية الأخرى‬ ‫التي تعنى بالحقوق و�سيا�سات تدبير ال�ش�أن العام‪ ،‬وكذلك من خالل دعم عقد‬ ‫م�ؤتمرات وطنية حول موا�ضيع وقطاعات مختلفة‪.‬‬ ‫وما ي�سترعي االنتباه �أي�ضا هو درا�سة ومناق�شة م�سارات المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية خالل ال�سنوات الثماني من �إدارة لوال‪ .‬ذلك �أن �أول الجوانب‬ ‫التي ت�ستحق الأخذ بعين االعتبار هي كيفية اعتبار المجل�س �أداة تهدف �إلى تعزيز‬ ‫الروابط الوثيقة بين الحكومة والمجتمع المدني فيما يتعلق باقتراح المبادئ التوجيهية‬ ‫التخاذ �إجراءات في مجال الغذاء والتغذية‪ .‬ويعد �إدراك معنى هذا التعريف من الأهمية‬ ‫بمكان‪ ،‬لأنه �شكل دائما نقطة مثيرة للجدل خالل المناق�شات التي دارت حول طبيعة‬ ‫المجل�س‪� ،‬أي ما �إذا كان ينبغي �أن يكون مجل�سا ا�ست�شاريا �أم تداوليا‪ .‬فالمر�سوم الذي‬ ‫�أن�شئ بموجبه المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية حدد وظيفته بكونه ا�ست�شاريا‪،‬‬ ‫بحيث تكمن مهمته في تقديم الم�شورة لرئي�س الجمهورية بخ�صو�ص �صياغة ال�سيا�سات‬ ‫والم�سائل المتعلقة بتحديد المبادئ التوجيهية الرامية �إلى �ضمان الحق في الغذاء‪،‬‬ ‫وهذه مهمة مختلفة عن تلك التي ت�ضطلع بها المجال�س الأخرى كالمجل�س الوطني‬ ‫لل�صحة الذي له دور تداولي‪ .‬و�أما بالن�سبة للمجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪،‬‬ ‫فهناك �سببان رئي�سيان حدد بموجبهما دوره اال�ست�شاري‪ .‬يعود ال�سبب الأول �إلى كون‬ ‫الق�ضايا التي لها عالقة بالأمن الغذائي والتغذية هي ق�ضايا تتميز بخ�صائ�ص م�شتركة‬ ‫بين القطاعات المختلفة‪ ،‬وبالتالي ينبغي �أن يتم تدبيرها في �إطار �سيا�سات موجهة‬ ‫لعدة قطاعات تابعة لمختلف الوزارات والأمانات‪ ،‬كما يجب كذلك �أن تتم درا�ستها من‬ ‫قبل مجال�س �أخرى كي تقدم اقتراحات بخ�صو�ص جوانب بعينها‪ .‬لهذا ال�سبب‪� ،‬إذا �أجرى‬ ‫المجل�س مداوالت واتخذ قرارات ما‪ ،‬ف�إن ذلك قد يت�سبب في تعار�ض �أو تداخل بين بع�ض‬ ‫جوانب القرارات التي تتخذها م�ؤ�س�سات تابعة لمختلف القطاعات‪ .‬ويعود ال�سبب الثاني‬ ‫�إلى كون المجل�س مكلف بتقديم الم�شورة لرئي�س الجمهورية‪ ،‬لذلك ال ينبغي �أن يقوم‬ ‫ب�إ�صدار قرارات ملزمة له‪ .‬وهذا يعني �أنه ي�صدر تقارير �أو �آراء حول �إجراءات حكومية‬ ‫معينة‪ ،‬ولكن لي�س له �سلطة تخول له اتخاذ قرارات �أو �صالحية و�ضع مبادئ توجيهية‬ ‫ب�ش�أن �سيا�سة معينة‪ .‬و�أما المبرر الذي ي�ستند �إليه �أولئك الذين ينتقدون طبيعة المجل�س‬ ‫التداولية فهو �أن �سلطته ال�سيا�سية‪ ،‬باعتباره مجل�سا ا�ست�شاريا‪ ،‬تعتبر محدودة جدا‪ ،‬وفي‬ ‫المقابل‪ ،‬يبرر خ�صوم هذا التوجه موقفهم بالقول �إن ما يحدد قدرة المجل�س على اتخاذ‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫قرارات ذات �سلطة ملزمة هو في الواقع ما يتمتع به من دعم �سيا�سي لمواقفه واالت�ساق‬ ‫الذي يميز مقترحاته‪ ،‬كما يتبين من خالل �سجله التاريخي‪ .‬وغالبا ما تكون القرارات‬ ‫التي تتخذها بع�ض المجال�س التداولية التي لها �صالحية مناق�شة الق�ضايا المطروحة‬ ‫غير قابلة للتطبيق �إذا لم تواكبها تعبئة كبيرة من قبل قوى المجتمع لدعمها‪.‬‬ ‫والآن وقد ات�ضحت لنا هذه النقطة‪ ،‬يجب �أن نتحقق من فعالية المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية فيما يخ�ص و�ضع بع�ض ال�سيا�سات العامة ور�صدها ح�سب‬ ‫ما ت�سمح به اخت�صا�صاته‪ ،‬مع �إعطاء الأهمية لعمليات الم�شاركة االجتماعية وغيرها‬ ‫من العمليات التي ترافقها‪ .‬وفي هذا ال�صدد‪ ،‬لي�س هناك �شيء �أكثر مالءمة لل�شروع‬ ‫في هذا التحليل من العودة �إلى العملية التي على �أ�سا�سها قامت الحكومة الفيدرالية‬ ‫بو�ضع "برنامج اقتناء الغذاء عن طريق الزراعة الأ�سرية"‪ .‬وخالل �أول اجتماع للمجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وبعد �أن �أدى �أع�ضا�ؤه اليمين‪ ،‬وقد �صادفت تلك الفترة‬ ‫�أي�ضا انطالق برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬قيل �إنه من خالل العمل على توفير الغذاء‬ ‫ب�شكل �أكبر للفئات ال�شعبية التي كانت في حاجة �إليه‪ ،‬ي�صبح �أي�ضا من ال�ضروري توفير‬ ‫كميات كبرى من الإمدادات الغذائية لتفادي �أي نق�ص محتمل فيها �أو ارتفاع في‬ ‫�أ�سعارها كنتيجة لذلك النق�ص‪ .‬وب�صرف النظر عن هذا العن�صر الهام‪ ،‬ف�إن هناك من �أكد‬ ‫�أن الفقر في المناطق الريفية تعي�شه ب�شكل خا�ص عائالت المزارعين الذين يواجهون‬ ‫�صعوبات بالغة في الح�صول على القرو�ض والم�ساعدة التقنية والذين يفتقرون �إلى‬ ‫القدرة على �ضمان وجود �سوق لمنتجاتهم‪ ،‬مما يعني �أن الكمية الإ�ضافية المطلوبة‬ ‫لتلبية الطلب المتزايد على المواد الغذائية عن طريق برنامج الق�ضاء على الجوع ينبغي‬ ‫�أن يقوم بتوفيرها المزارعون الأ�سريون حيث ي�ستفيدون من دعم ال�سيا�سات العامة‬ ‫التي تهدف �إلى مواجهة ال�صعوبات التي يعانون منها والعمل على الق�ضاء عليها‪ .‬وقد‬ ‫تم �إن�شاء فريق عمل �ضمن المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية يت�ألف من ممثلين‬ ‫عن الحكومة والمجتمع المدني لو�ضع اقتراح من �أجل �صياغة "مخطط خا�ص بح�صاد‬ ‫الزراعة الأ�سرية" يرمي �إلى توفير القرو�ض والم�ساعدة التقنية و�آليات الإر�شاد الزراعي‬ ‫للفالحين الذين ي�شتغلون في �إطار الزراعة الأ�سرية‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى نظام للت�أمين‬ ‫ل�صالحهم‪ ،‬مما �أدى في النهاية �إلى �إن�شاء "برنامج اقتناء الغذاء عن طريق الزراعة‬ ‫الأ�سرية " والذي يعتبره الخبراء الذين كانوا قد �أعدوا درا�سة ب�ش�أنه �أف�ضل مثال عن‬ ‫�سيا�سة عامة ت�ستند حقا �إلى نهج ت�شارك فيها مختلف القطاعات‪ ،‬وهي نهج ين�صح‬ ‫بها لتحقيق الأمن الغذائي‪ ،‬نظرا لأنها ت�شمل عنا�صر تتراوح بين المنخرطين في مرحلة‬ ‫الإنتاج الغذائي حتى مرحلة ا�ستهالكها من طرف ال�سكان الأكثر فقرا‪ .‬ولم يكن المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية فقط الإطار الذي تمت فيه �صياغة "برنامج اقتناء‬ ‫الغذاء عن طريق الزراعة الأ�سرية"‪ ،‬بل �أ�صبح ي�شكل منتدى دائما للمتابعة وت�صور‬ ‫مقترحات لإدخال تح�سينات عليه‪.‬‬

‫‪245‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪246‬‬

‫وهناك برنامج �آخر لعب المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية دورا ن�شطا‬ ‫في تقدمه وهو "البرنامج الوطني للوجبات المدر�سية"‪ .‬وهكذا‪ ،‬وبعد عقد جل�سات‬ ‫عامة لمناق�شة م�س�ألة التدابير الالزمة للعودة �إلى تطبيق هذا البرنامج من جديد‪،‬‬ ‫اقترح المجل�س‪ ،‬في �سنة ‪ ،2004‬على رئي�س الجمهورية زيادة المبلغ المخ�ص�ص لكل‬ ‫فرد فيما يتعلق بالوجبات التي تقدم في المدار�س االبتدائية‪� ،‬إذ لم ي�سبق �أن ارتفع‬ ‫خالل ال�سنوات الع�شر ال�سابقة‪ .‬وفي رده على طلب المجل�س‪� ،‬شرع الرئي�س لوال في‬ ‫اتخاذ التدابير لرفع هذا المبلغ‪ ،‬حيث تمت زيادته �سنة ‪ 2010‬بن�سبة ‪ 130‬في المائة‪،‬‬ ‫مقارنة ب�سنة ‪� .2004‬أما المدار�س الأخرى (مراكز الرعاية النهارية‪ ،‬وم�ؤ�س�سات‬ ‫التعليم في مرحلة ما قبل المدر�سة‪ ،‬والمدار�س الخا�صة بال�شباب‪ ،‬والكبار‪ ،‬وال�سكان‬ ‫الأ�صليين‪ ،‬والكيلومبو) ا�ستفادت �أي�ضا من الزيادات التدريجية لكل فرد‪ ،‬وقد تو�صلت‬ ‫�إلبها في �إطار البرنامج �سالف الذكر‪ ،‬ولكن الجهود التي بذلها المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية لتح�سين الخدمات في هذا المجال‪ ،‬لم تقت�صر على زيادة المبلغ‬ ‫المخ�ص�ص لكل فرد‪ .‬فنظرا للحاجة �إلى اتخاذ تدابير تهدف �إلى رفع م�ستوى الخدمات‬ ‫الأخرى ذات ال�صلة تدريجيا‪ ،‬تم ت�شكيل فريق عمل داخل المجل�س‪ ،‬يت�ألف من �أع�ضاء‬ ‫يمثلون الحكومة والمجتمع‪ ،‬وقد قدم بعد عام من ت�أ�سي�سه م�شروع قانون لتحويل‬ ‫برنامج الوجبات المدر�سية �إلى قانون تم من خالله اقتراح العديد من الأفكار‬ ‫االبتكارية‪ ،‬من بينها تو�سيع نطاق البرنامج لي�شمل الم�ستوى الأعلى من المدار�س‬ ‫الثانوية‪ ،‬وزيادة عدد الم�ستفيدين من البرنامج من ‪� 36‬إلى ‪ 48‬مليون طالب وطالبة؛‬ ‫وا�شتراط �أن يوفر المزارعون الأ�سريون ما ال يقل عن ‪ 30‬في المائة من المواد الغذائية‬ ‫التي تزود منها كل بلدية في �إطار هذا البرنامج‪ ،‬مما ي�ضمن له�ؤالء المزارعين‬ ‫�سوقا كبيرة‪ ،‬و�أي�ضا ا�شتراط �أن تكون المواد الغذائية ال�صحية والمغذية مدرجة في‬ ‫الوجبات التي تقدم في المدار�س‪� ،‬إلى غير ذلك من التدابير‪ .‬وعندما ناق�ش البرلمان‬ ‫هذا الم�شروع‪ ،‬كان من ال�صعب جدا تمريره لأن بع�ض النواب وال�شيوخ واجهوا‬ ‫االقتراحات الجديدة الواردة فيه بالرف�ض‪ ،‬غير �أن الحملة التي قادها المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية لعبت دورا رئي�سيا في �ضمان الم�صادقة عليه في‬ ‫�سنة ‪ ،2009‬و�إن كان ذلك ب�إجراء بع�ض التغييرات على ن�سخته الأ�صلية‪ ،‬التي قللت من‬ ‫حجم التجديد الذي حاول البرنامج تبنيه‪ .‬و�إذا كان حجم الم�شاركة االجتماعية قد‬ ‫تعزز بف�ضل الإجراءات التي اتخذها المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬ف�إن‬ ‫الأمر يختلف بالن�سبة لما تمت مالحظته على ال�صعيد المحلي‪ ،‬حيث ال تزال المجال�س‬ ‫البلدية الم�س�ؤولة عن تدبير �ش�ؤون الوجبات المدر�سية تواجه �صعوبات كثيرة تعيق‬ ‫دورها بخ�صو�ص الرقابة االجتماعية على م�ستوى البلديات‪.‬‬ ‫لقد كانت م�ساهمة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية فيما يتعلق‬ ‫ببرنامج منحة الأ�سرة مهمة كذلك‪ ،‬حيث قدم العديد من المقترحات لتح�سينه‪،‬‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫ال �سيما من خالل جعل الفئات الم�شكلة من ال�سكان الأ�صليين والكيلومبو‪� .‬إال �أنه‬ ‫توجد �إحدى نقاط ال�ضعف الرئي�سية التي يمكن مالحظتها في �أعمال المجل�س‬ ‫وتكمن في كونها ذات �صلة بالرقابة االجتماعية للبرنامج‪ .‬ومن �أجل فهم هذه‬ ‫الفجوة‪ ،‬من المهم �أن ن�أخذ بعين االعتبار التجربة ال�سابقة لما يعرف بلجان الإدارة‬ ‫المحلية التي كانت ترتبط ببع�ضها البع�ض على الم�ستوى الوطني عبر �شبكة تعليم‬ ‫المواطنة وكانت تن�شط في ‪ 2 132‬بلدية حتى دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪ .2003‬هذه‬ ‫ال�شبكة التي كانت تت�ألف في معظمها من ممثلين عن منظمات المجتمع المحلي‬ ‫المنتخبة خالل الجمعيات العامة‪ ،‬كان لها دور مبا�شر في تنفيذ "برنامج بطاقات‬ ‫الغذاء"‪ ،‬وهو يمثل �أحد البرامج الأربعة الخا�صة بتحويل الأموال والتي تم توحيدها‬ ‫تحت ما يعرف "ببرنامج منحة الأ�سرة"‪ .‬ونظرا لطابع الالمركزية لهذا البرنامج‬ ‫الذي خول م�س�ؤوليات محددة جدا للبلديات‪ ،‬فقد �أ�صبح من ال�صعب على الم�ستوى‬ ‫ال�سيا�سي الإبقاء على لجان تعمل ب�صالحيات تمكنها من التدخل من �أجل اختيار‬ ‫العائالت الجديدة التي �ست�ستفيد من البرنامج‪ .‬وقد �شكل تجريد هذه اللجان من تلك‬ ‫ال�صالحيات وقرار تحويلها �إلى هيئات ر�صد لبرنامج منحة الأ�سرة على الم�ستوى‬ ‫المحلي تهديدا للتجربة برمتها‪ ،‬حيث ف�شلت في �إيجاد �آلية جديدة ل�ضمان رقابة‬ ‫اجتماعية لهذا البرنامج‪� .‬إن وجود حالتين مختلفتين‪� ،‬أي م�شاركة اجتماعية ن�شطة‬ ‫على ال�صعيد الوطني من خالل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وفي‬ ‫المقابل وجود م�شاركة اجتماعية يطبعها عدم اال�ستقرار واله�شا�شة على الم�ستوى‬ ‫المحلي‪ ،‬يك�شف عن ال�صعوبات التي مازالت قائمة على هذا ال�صعيد‪ ،‬ال �سيما في‬ ‫البلديات التي تقع على م�سافات بعيدة من المراكز الح�ضرية الكبرى‪.‬‬ ‫ويعتبر برنامج المليون �صهريج‪ ،‬والذي ا�ستمد وجوده من برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع‪ ،‬مبادرة �أخرى ت�ؤكد التكامل بين الإدارة الفيدرالية ومنظمات المجتمع‬ ‫المدني‪ .‬وقد تم ت�صور هذا البرنامج كليا من قبل المجتمع المدني من خالل ما �سمي‬ ‫بـ "التمف�صل �شبه القاحل"‪ ،‬وهو عبارة عن �شبكة تتكون من �أكثر من ‪ 700‬منظمة‬ ‫تن�شط في مناطق البرازيل �شبه القاحلة‪ .‬ويتمثل الم�شروع المقترح في بناء خزانات‬ ‫لجمع مياه الأمطار بتكلفة منخف�ضة وتعليم الأ�سر التي يتم بناء هذه ال�صهاريج في‬ ‫منازلها كيف ت�ستخدم تلك المياه ب�شكل مالئم‪ .‬وقد �أقرت الحكومة �أهمية البرنامج‬ ‫وبد�أت في تقديم الدعم له ب�شكل �أكبر‪ ،‬كما عملت على ت�سريع تنفيذه‪ .‬لقد �أ�صبح‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية يمثل منبرا هاما لإ�ضفاء ال�شرعية على‬ ‫ال�شراكة بين الحكومة وحركة "التمف�صل �شبه القاحل"‪ ،‬وقد �أثبت قدرته على تعزيز‬ ‫المبادرات من هذا النوع‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إن المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية لم يثبت فعاليته في‬ ‫�ضمان م�ستوى جديد من الم�شاركة االجتماعية فقط من خالل �إن�شاء �أو تعزيز �أو تح�سين‬

‫‪247‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪248‬‬

‫البرامج‪ ،‬بل �أكد ذلك �أي�ضا من خالل تطوير الإجراءات اال�ستراتيجية المحورية من �أجل‬ ‫�إعداد النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية في مجال الأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫وفي هذا ال�صدد‪ ،‬هناك عملية �سبق ذكرها �أعاله ينبغي �أن ت�سبق غيرها‬ ‫من التحليالت هنا‪� ،‬أال وهي عملية انعقاد الم�ؤتمرين الوطنيين الثاني والثالث‪.‬‬ ‫فالم�ؤتمر الوطني الثاني حول الأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬الذي عقد في مار�س‪�/‬آذار‬ ‫‪ 2004‬في �أوليندا‪ ،‬كان يهدف ب�شكل �أ�سا�سي �إلى ا�ستئناف عملية كانت قد توقفت منذ‬ ‫ع�شر �سنوات‪� ،‬أي بعد انعقاد الم�ؤتمر الأول‪ .‬وخالل هذه الفترة‪ ،‬تم �إلغاء الم�شاركة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬كما تم وقف تدفق الأفكار والمقترحات الجديدة على الم�ستويين المحلي‬ ‫والوطني‪ ،‬ونتيجة لذلك‪� ،‬أ�صبح الآالف من الب�شر الذين كانوا يعتبرون �أنف�سهم عنا�صر‬ ‫فاعلة وهامة في تعزيز التغير المن�شود في مجال الأمن الغذائي يغمرهم �شعور‬ ‫بالإحباط‪ .‬وقد تميزت تلك ال�سنوات الع�شر بظهور مفاهيم ومقترحات متناق�ضة‪،‬‬ ‫لي�س فقط بين الحكومة والمجتمع‪ ،‬ولكن �أي�ضا بين �أولئك الذين عبروا عن �آرائهم‬ ‫في الم�ؤتمرات‪ ،‬وداخل الحكومات وبين تيارات فكرية مختلفة في المجتمع‪ .‬ومع‬ ‫ا�ستئناف دورة الم�ؤتمرات‪ ،‬بد�أت البلديات والواليات تنظم م�ؤتمرات في جميع �أنحاء‬ ‫البرازيل‪ ،‬وبلغت ذروتها مع الم�ؤتمر الوطني حيث كان منا�سبة لممار�سة الديمقراطية‬ ‫القائمة على الم�شاركة و�إبراز التناق�ضات القائمة‪ ،‬كما كانت فر�صة للأغلبية كي‬ ‫تظهر قدرتها على طرح المبادرات و�إثبات �شرعيتها‪ ،‬وقد ت�أكد ذلك من خالل �أهم‬ ‫قرارات الم�ؤتمر الذي مهد الطريق لتوطيد الإطار القانوني للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫وقد انبثق هذا االقتراح عن �أ�شغال الم�ؤتمرات التي نظمت على م�ستوى الواليات‪ ،‬ثم‬ ‫�أخذ �صيغته النهائية خالل الم�ؤتمر الوطني‪ .‬و�سوف تتم مناق�شة تداعيات هذا القرار‬ ‫�أدناه‪ ،‬في الق�سم الذي يتطرق للعملية التي �أ�سفرت عن �إ�صدار القانون الأ�سا�سي‬ ‫الخا�ص بالأمن الغذائي والتغذية‪ .‬وهناك مبادئ توجيهية �أخرى تم تحديد معالمها‬ ‫خالل الم�ؤتمر الثاني واتخذت �أ�سا�سا للعمل الذي من المفرو�ض �أن يقوم به المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية خالل الفترة ‪.2007-2004‬‬ ‫لقد تم تنظيم الم�ؤتمر الوطني الثالث في يوليو‪/‬تموز ‪ 2007‬في فورتاليزا‪،‬‬ ‫كحلقة طبيعية في م�سل�سل العمل الت�شاركي الذي د�شنه برنامج الق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫وكان المو�ضوع الرئي�سي الذي دارت حوله �أ�شغال هذا الم�ؤتمر هو‪" :‬من �أجل تنمية‬ ‫م�ستدامة مع تحقيق ال�سيادة والأمن في مجال الغذاء والتغذية"‪ ،‬وقد كان اختيار‬ ‫هذا المو�ضوع منطقيا في �أعقاب انتهاء المرحلة الأولى للبرنامج‪ ،‬والتي عرفت‬ ‫و�ضع الإطار القانوني لتحقيق الأمن الغذائي‪ ،‬ونظرا لكون النموذج الذي يتعين‬ ‫اعتماده ل�ضمان الأمن الغذائي ينبغي �أن يطرح للنقا�ش‪ .‬غير �أن الم�ؤتمر الثالث ركز‬ ‫ب�شكل �أكبر على الق�ضايا المتعلقة ببناء نظام للأمن الغذائي على الم�ستوى المحلي‬ ‫وم�ستوى الواليات‪ .‬وعلى الرغم من عدم التطابق بين ما كان من المقرر �أن يناق�ش‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫وما نوق�ش فعال‪ ،‬ف�إن الم�ؤتمر دافع عن عملية الم�شاركة التي �أطلقت في الواليات‪.‬‬ ‫وقد عقدت عدة م�ؤتمرات هامة على م�ستوى الواليات‪ ،‬وقد فوجئت الواليات التي‬ ‫كانت التعبئة بها حول هذا المو�ضوع ما تزال في بدايتها‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة‬ ‫لرورايما‪ ،‬بحجم ا�ستجابة الفئات االجتماعية لنداء الم�ؤتمر‪ .‬وهكذا نظمت بع�ض‬ ‫الجماعات الإثنية تظاهرات خا�صة بها‪ ،‬وو�ضعت جدول �أعمال مختلفا مع �إ�سهامات‬ ‫بارزة فيما يخ�ص تحقيق الأمن الغذائي‪ .‬وقد عك�س الحدث الوطني للم�ؤتمر الثالث‬ ‫كل هذا التنوع والقوة المنبثقة عنه‪ ،‬و�أتاح فر�صة ال�ستخال�ص الدرو�س من عملية‬ ‫الم�شاركة الحيوية ومن الم�ضامين التي عبرت عن هذه الإرادة الجماعية‪.‬‬ ‫�إن العملية الأخرى التي �أكدت �أن الم�شاركة االجتماعية‪ ،‬باعتبارها عن�صرا‬ ‫محوريا‪ ،‬كانت العملية التي �أدت �إلى �إ�صدار القانون الأ�سا�سي الخا�ص بالأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ .‬فكما �سبق �أن �أ�شرنا �إلى ذلك‪ ،‬ف�إن فكرة �إعطاء الأولوية لتعزيز �سيا�سة الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية بو�صفها �سيا�سة محلية بمختلف الواليات قد جاءت نتيجة انعقاد‬ ‫الم�ؤتمرات على م�ستوى الواليات بين �أواخر �سنة ‪ 2003‬وبداية �سنة ‪ .2004‬وفي �أعقاب‬ ‫الم�ؤتمر‪� ،‬أن�ش�أ المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية فريق عمل م�ؤلفا من ممثلي‬ ‫المجتمع المدني والحكومة لو�ضع م�شروع قانون خا�ص بالأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫وتم تقديم م�شروع القانون المقترح‪ ،‬كما تمت الم�صادقة عليه في جل�سة عامة‬ ‫للمجل�س‪ ،‬ثم �أحيل على رئا�سة الجمهورية لإدخال التعديالت الالزمة عليه وتقديمه‬ ‫�إلى الكونغر�س‪ .‬وطوال هذه العملية‪ ،‬حافظ الم�شروع على جميع العنا�صر الرئي�سية‬ ‫التي كان قد �أقرها المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية من قبل‪ .‬وبمجرد و�صول‬ ‫م�شروع القانون �إلى الجمعية الوطنية تمت مناق�شته والم�صادقة عليه ب�سرعة‪ ،‬وذلك‬ ‫بف�ضل العمل الد�ؤوب الذي قام به المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية نيابة‬ ‫عن المجتمع المدني‪ ،‬وكذلك بف�ضل الم�ساهمة الحا�سمة لوزير التنمية االجتماعية‬ ‫ومحاربة الجوع ولم�ساعدين و�أع�ضاء في الكونغر�س �أنف�سهم‪ .‬لقد كانت تلك هي �أول‬ ‫تجربة للمجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية في �إعداد م�شروع قانون والتفاو�ض‬ ‫ب�ش�أنه والعمل على تمريره‪ .‬كما �أن م�شاركة المجتمع المدني كانت حا�سمة في هذا‬ ‫ال�صدد‪ ،‬وذلك من خالل توقيع العرائ�ض وتنظيم الم�ؤتمرات على الهواء والتظاهرات‬ ‫داخل الجمعية الوطنية وجل�سات اال�ستماع العلنية‪.‬‬ ‫وبعد مرور ثالث �سنوات‪ ،‬خالل الن�صف الثاني من �سنة ‪ 2009‬و�أوائل ‪،2010‬‬ ‫�أ�شرف المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية على عملية هامة �أخرى‪ ،‬وذلك‬ ‫عندما ا�ستطاع تمرير م�شروع قانون لتعديل الد�ستور من �أجل اعتبار حق الح�صول‬ ‫على الغذاء حقا من حقوق الإن�سان‪ .‬فبمبادرة من نائب في البرلمان يتزعم الجبهة‬ ‫البرلمانية للأمن الغذائي والتغذية في الجمعية الوطنية‪ ،‬تم ممار�سة ال�ضغوط من‬ ‫جديد على مجل�س النواب لتمرير م�شروع قانون التعديل الد�ستوري الذي كان قد‬

‫‪249‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪250‬‬

‫�صادق عليه مجل�س ال�شيوخ الفيدرالي قبل �ست �سنوات‪ .‬وكانت الحاجة �إلى �ضمان‬ ‫حق الإن�سان في الغذاء قد ُدعمت من قبل داخل الحركة من �أجل تحقيق الأمن‬ ‫الغذائي‪ ،‬ولهذا ال�سبب لم تلق الدعوة �إلى الم�صادقة على م�شروع قانون التعديل‬ ‫الد�ستوري �أي اعترا�ض‪ ،‬وقد لعب المجتمع‪ ،‬هذه المرة �أي�ضا‪ ،‬دورا رئي�سيا في ال�ضغط‬ ‫على النواب و�إقناعهم بالت�صويت ل�صالح م�شروع القانون من خالل توقيع عرائ�ض‪،‬‬ ‫وتنظيم مظاهرات �صاخبة‪ ،‬والدعاية على �شا�شة التلفزيون باال�ستعانة بالم�شاهير‪،‬‬ ‫والم�شاركة في جل�سات ا�ستماع علنية‪.‬‬ ‫وكما هو وا�ضح‪ ،‬ف�إن البرامج والإجراءات الخا�صة بالأمن الغذائي والتغذية‬ ‫يتم تنفيذها على الم�ستوى المحلي‪ .‬ولهذا ال�سبب ف�إن العالقة بين المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية ونظرائه من المجال�س الأخرى على م�ستوى الواليات‬ ‫والبلديات‪ ،‬في حالة وجودها‪� ،‬أمر �أ�سا�سي‪ .‬وقد تكون هذه العالقة �صعبة في بع�ض‬ ‫الأحيان نظرا الختالف الحاالت التي تواجهها تلك المجال�س‪ ،‬حيث يقوم بع�ضها‬ ‫بعمل جد ن�شط‪ ،‬في الوقت الذي تنخف�ض فيه وتيرة عمل البع�ض الآخر‪ .‬خالل الوالية‬ ‫الثالثة للمجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية تم ت�شكيل لجنة تت�ألف من ر�ؤ�ساء‬ ‫المجال�س على م�ستوى الواليات لالجتماع مرة كل �شهرين‪ ،‬ومناق�شة ق�ضايا الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية والحلول الممكنة في هذا المجال‪ .‬وينبغي �أي�ضا �أن ن�شير على وجه‬ ‫الخ�صو�ص �إلى �أهمية اجتماعات �أع�ضاء المجال�س الخا�صة بالأمن الغذائي والتغذية‬ ‫على م�ستوى الواليات برعاية المجل�س الوطني‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة لالجتماع‬ ‫الذي انعقد من �أجل بحث ما �إذا كانت المبادئ التوجيهية التي تم االتفاق عليها‬ ‫خالل الم�ؤتمر الثالث قد تم احترامها بعد �سنتين من انعقاده‪.‬‬ ‫كما تجدر الإ�شارة �أي�ضا �إلى الحاالت التي ت�شكل فيها بع�ض المواقف �أغلبية‬ ‫داخل المجل�س �إال �أنها ال ت�ؤثر على القرارات التي تتخذها الحكومة‪ .‬فاالقتراحات التي‬ ‫قدمها المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية ب�ش�أن التدابير الالزمة فيما يتعلق ب�إنتاج‬ ‫وا�ستهالك المواد الغذائية المعدلة وراثيا وا�ستخدام المبيدات الح�شرية في الزراعة والقيود‬ ‫المفرو�ضة على ا�ستخدامها‪ ،‬وكذلك المواقف التي تبناها �ضد الحوافز الممنوحة لل�صناعة‬ ‫الغذائية‪ ،‬لم تجعل الحكومة تتخذ تدابير �أو تعتمد �سيا�سات جديدة لإعادة توجيه نموذج‬ ‫مهيمن من الزراعة‪ .‬فهل ال�سبب راجع �إلى كون المجتمع لم ي�ضغط بما فيه الكفاية لدعم‬ ‫هذه المواقف؟ �أم �أن هذه الق�ضايا ق�ضايا قد ال ي�سمح للمجتمع بالتدخل فيها؟‬ ‫وفي الوقت الذي تعتبر فيه تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫العن�صر الرئي�سي الذي نقوم بتحليله هنا‪ ،‬ف�إنه ال ينبغي �أن نن�سى �أن برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع كان حافزا للعديد من الأ�شكال الأخرى من الم�شاركة االجتماعية‪ .‬فقد‬ ‫�أعاد الإجراءات �ضد الجوع مرة �أخرى �إلى جدول �أعمال الحكومة باعتبارها �إحدى‬ ‫�أولوياتها‪ ،‬ونتيجة لذلك‪ ،‬ف�إنه �ساهم في الرفع من م�ستوى النقا�ش حول ال�سيا�سة‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫المتبعة فيما يخ�ص الأمن الغذائي والتغذية في البرازيل‪ .‬وقد جعلت هذه الم�ستجدات‬ ‫�أولئك الذين عملوا ونظموا �أنف�سهم حول هذه الموا�ضيع يدركون �أن الحظوظ التي قد‬ ‫تمكنهم من تحقيق �أهدافهم تتزايد ب�شكل كبير‪.‬‬ ‫وبعد �أن تم تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ان�صبت الجهود في اتجاه العمل‬ ‫على ا�ستئناف حملة كتلك التي تم �إطالقها في العقد ال�سابق من �أجل تعبئة كل �شرائح‬ ‫المجتمع حول الإجراءات الرامية �إلى التبرع بالمواد الغذائية لفائدة الفئات الأكثر‬ ‫احتياجا‪ .‬وما جعل الأمر مختلفا هذه المرة هو �أن المواد الغذائية التي تم جمعها عادة‬ ‫ما كانت ت�سلم ب�شكل مبا�شر �أو غير مبا�شر �إلى هيئة حكومية تتكفل بتوزيعها‪ .‬ففي‬ ‫البداية‪ ،‬كانت نتائج الحملة جد �إيجابية‪� ،‬إال �أنها بد�أت تفقد زخمها �شيئا ف�شيئا‪ ،‬وهنا‪،‬‬ ‫يكون من المهم �أن تثار م�س�ألة تتعلق بمو�ضوع تطرقنا �إليه �أعاله‪ .‬فخالل الت�سعينات‪،‬‬ ‫عندما �أطلقت الحملة �ضد الجوع‪ ،‬ف�إن ما جعل المجتمع ي�سارع �إلى الم�ساهمة في‬ ‫التخفيف من حدة مع�ضلة الجوع هو �أنه كان ي�شكك‪ ،‬بل ال ي�صدق‪ ،‬في �أن الدولة‬ ‫�ستتحمل هذه الم�س�ؤولية‪ .‬وعلى الرغم من �أن الحملة نجحت في ح�شد النا�س للتبرع‪� ،‬إال‬ ‫�أنه لم يتم الق�ضاء على الجوع والفقر المدقع‪ ،‬وهو ما جعل منظمات اجتماعية مختلفة‬ ‫تعتقد مجددا �أنه ال يمكن �ضمان الحق في الغذاء �إال من خالل �سيا�سات عامة فاعلة‪.‬‬ ‫كما بد�أت المبادرات الخيرية والإجراءات المبا�شرة للمجتمع �ضد الجوع تفقد زخمها‪� ،‬إذ‬ ‫بمجرد ما بد�أ تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع و�أ�صبح م�ؤكدا لدى الجميع‪ ،‬ولأول مرة‪،‬‬ ‫�أنه ب�إمكان البرازيل �أن تعتمد على مجموعة من ال�سيا�سات العامة الرامية �إلى مواجهة‬ ‫م�شكلة الجوع‪ ،‬حتى تبين �أن الدولة قد ت�سلحت بالآليات الفعالة من �أجل تنفيذ �سيا�سة‬ ‫من �ش�أنها تحقيق الأمن الغذائي (معتمدة ب�شكل �أ�سا�سي على الم�شاركة االجتماعية)‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كما �أن المبادرات الخيرية قد بد�أت تفقد زخمها‪.‬‬ ‫وفي ذات الوقت‪� ،‬أف�ضت الإجراءات التي انطلقت في �إطار برنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع �إلى ات�ساع نطاق الم�شاركة االجتماعية و�أدت �إلى تقدم ملحوظ على م�ستوى‬ ‫الأداء ال�سيا�سي‪ ،‬ف�ضال عن الإنجازات التي تحققت بف�ضل �إن�شاء المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية وتنظيم الم�ؤتمرات‪ .‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬هناك التحفيز الذي‬ ‫�أحدثه برنامج "اقتناء الغذاء عن طريق الزراعة الأ�سرية " في �إن�شاء وتعزيز تعاونيات‬ ‫المزارعين والجمعيات من خالل ما تقوم به ال�شركة الوطنية للتموين الغذائي‪ .‬وهناك‬ ‫مثال �آخر يتجلى في "برنامج المليون �صهريج" والذي �سهرت على تنظيمه �شبكة‬ ‫وا�سعة من المنظمات يطلق عليها ا�سم "التمف�صل �شبه القاحل" حيث �أ�صبح يكت�سي‬ ‫�أهمية كبرى نظرا لحجم الأموال التي بد�أت تخ�ص�ص له‪ .‬والجدير بالذكر هنا �أن هذا‬ ‫‪ 2‬من بين الم�ستجدات التي �أ�سفر عنها برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬القرار الذي اتخذته حركة "عمل المواطن" �سنة ‪ 2006‬لتعوي�ض حملة كان قد‬ ‫�أطلق عليها "عيد ميالد بدون جوع" ب�أخرى �سميت "عيد ميالد بدون جوع الأحالم"‪ ،‬و�أطلقت الحملة لمعرفة الأ�سر التي تعاني من الفقر المدقع‬ ‫والتي لم تكن ت�ستفيد بعد من برنامج منحة الأ�سرة‪.‬‬

‫‪251‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫البرنامج تتولى تنفيذه منظمات من المجتمع المدني‪ ،‬ونظرا للأهمية التي اكت�سبها‬ ‫بف�ضل دعم الحكومة له‪� ،‬صعد نجم �شبكة "التمف�صل �شبه القاحل" لت�صبح واحدة من‬ ‫�أهم ال�شبكات في مجال العمل من �أجل ال�سيادة والأمن الغذائيين‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬لعب برنامج الق�ضاء على الجوع دورا في �إن�شاء "�شبكة‬ ‫المواطنة من �أجل التعليم" التي �ساهم فيها مختلف الفاعلين االجتماعيين‬ ‫والمنظمات والحركات ال�شعبية من جميع �أنحاء البرازيل‪ .‬وب�سعيها لتر�سيخ مفهوم‬ ‫المواطنة عبر توفير التعليم وتعزيز الحقوق للجميع‪ ،‬تمكنت ال�شبكة من تعزيز‬ ‫التمكين االجتماعي للفئات ال�ضعيفة‪ ،‬وهي نف�س الفئات التي ي�ستهدفها برنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع ب�شكل خا�ص‪ .‬وتعتبر م�س�ألة الأمن الغذائي والتغذية مو�ضوعا ذا‬ ‫�أولوية على جدول �أعمال هذه ال�شبكة التي تعمل في كثير من الأحيان بال�شراكة مع‬ ‫‪3‬‬ ‫المنتدى البرازيلي من �أجل �سيادة الأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬

‫القيود والتحديات التي تواجه البرنامج‬

‫‪252‬‬

‫من المتوقع �أن تتوا�صل مطالب المجتمع من �أجل م�شاركة �أكبر في �صياغة ور�صد‬ ‫عمليات �صنع �سيا�سات �إدارة ال�ش�ؤون العامة والم�ساهمة فيها‪ ،‬وقد تم الك�شف في‬ ‫هذا ال�صدد عن �أن التطور الذي عرفته الأو�ساط االجتماعية داخل البرازيل ناتج عن‬ ‫عوامل عدة‪ ،‬من بينها ارتفاع عدد جمعيات المجتمع المدني‪ ،‬وتزايد الوعي بالحقوق‬ ‫لدى النا�س‪ ،‬وتجربة �أ�شكال مختلفة من العالقات مع الدولة‪ ،‬وغير ذلك من الأ�سباب‪.‬‬ ‫غير �أننا قد ن�سمع �أحيانا ر�أيا مغايرا مفاده �أن الحركات االجتماعية ال تزداد �إال‬ ‫�ضعفا‪ ،‬وتعبئة المجتمع البرازيلي في تراجع م�ستمر‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬وبالرغم من �أننا‬ ‫مررنا بحاالت لم تعرف تعبئة المجتمع ا�ستجابة لظروف لو �أنها حدثت في الما�ضي‬ ‫لخلفت ردود �أفعال قوية من قبل ال�سكان‪ ،‬ف�إن تعميم وجهة نظر كهذه قد يجانب‬ ‫ال�صواب‪ .‬لذلك ف�إن ال�سبيل الأف�ضل ربما يكون من خالل الأخذ بعين االعتبار الو�سائل‬ ‫والمنابر الجديدة التي تتم من خاللها الم�شاركة والتحقق مما �إذا كانت تعد �أكثر‬ ‫فعالية في الت�أثير في ال�سيا�سات المتبعة‪ ،‬و�إن لم يكن ذلك ب�شكل ح�صري‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن بلدا مثل البرازيل قد عرف توطيد دعائم الديمقراطية‬ ‫النيابية بعد فترة طويلة من عدم اال�ستقرار لم ينعم خاللها ب�أي �شكل من �أ�شكال الم�شاركة‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬وب�إمكانه الآن �أن يتوقع خو�ض تجارب تجعله يتقدم خطوات جديدة في‬ ‫حدود ما ت�سمح به الديمقراطية التمثيلية نف�سها‪ ،‬معتمدا على الخبرات المتراكمة لدى‬ ‫المجتمع في ما يخ�ص �آليات الم�شاركة التي �سبق �أن جربها مع مر ال�سنين‪.‬‬ ‫‪ 3‬تمت �إ�ضافة كلمة "�سيادة" �إلى ا�سم المنتدى خالل لقاء وطني نظم في ال�سلفادور بوالية باهيا‪ ،‬في �سنة ‪.2009‬‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫لهذا ال�سبب‪ ،‬ف�إن عملية بناء نظام و�سيا�سات تخت�ص بالأمن الغذائي والتغذية‬ ‫وترتبط في الوقت نف�سه وب�شكل مبا�شر بم�سل�سل �أكبر يدعمها بناء على ما تم اكت�سابه‬ ‫من خبرة وما تحقق من مكا�سب و�إنجازات‪ ،‬وكذلك بناء على الوعي بما يعتر�ضها‬ ‫من قيود وتحديات كبرى يتعين مواجهتها‪ .‬ومرة �أخرى‪ ،‬مع اعتبار المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية معيارا‪ ،‬فنحن بحاجة �إلى مناق�شة هذه القيود والتحديات‬ ‫ب�صفتها فر�صا يمكن ا�ستغاللها لتعزيز التطورات الجديدة كما بينا ذلك هنا‪.‬‬ ‫وتعتبر الم�شاركة االجتماعية‪ ،‬دائما وبكل �أ�شكالها التعبيرية‪ ،‬هدفا النتقادات‬ ‫�شديدة من قبل �أولئك الذين ي�شعرون ب�أن قوة التغيير التي تطلقها تهددهم‪ .‬وينطبق‬ ‫الأمر نف�سه على المجال�س الخا�صة ب�سيا�سات �إدارة ال�ش�ؤون العامة والتي كثيرا ما‬ ‫تتعر�ض لالنتقاد بحجة �أنها عبارة عن منابر ت�شهد الكثير من المناق�شات فيما تكون‬ ‫نتائجها العملية �ضئيلة‪� .‬أما المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية فلم يكن هدفا‬ ‫لأية انتقادات حتى الآن‪ ،‬ولكنه يواجه �صعوبات كثيرة لن�شر ما يقوم به وما يحققه‬ ‫من نتائج‪ .‬وبالرغم من �أنه يعتمد على م�شاركة ممثلين بارزين للمجتمع‪ ،‬ف�إنه ينبغي‬ ‫�أن يتم التعريف به على نطاق �أو�سع و�أن يتم االعتراف به من قبل هذا المجتمع‪ .‬لذلك‬ ‫يعتبر التوا�صل الفعال و�سيلة محورية لتعزيز المجل�س وللحفاظ على ما ا�ستطاع‬ ‫�إنجازه ولتمكينه من تحقيق المزيد من التقدم‪.‬‬ ‫كما �أن �أوجه الق�صور في ال�سيا�سات االجتماعية‪ ،‬ال �سيما عدم وجود موارد‬ ‫مالية كافية لتمويل البرامج والإجراءات التي تن�ص عليها‪ ،‬تولد با�ستمرار �شعورا‬ ‫بعدم الر�ضا في �أو�ساط المنظمات االجتماعية الممثلة داخل المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬وب�إمكان هذا ال�شعور �أن يتحول ب�سرعة �إلى توتر بينها وبين‬ ‫الحكومة‪ .‬وهذا الو�ضع ال يمكن تفاديه بطريقة ما‪ ،‬وذلك راجع �إلى الأدوار المختلفة‬ ‫التي يلعبها كل طرف‪ .‬فبرنامج الق�ضاء على الجوع خلف �آماال كبيرة في �أو�ساط‬ ‫المجتمع لدرجة �أن بع�ض النا�س اعتقدوا �أن نتائج عمله �ستكون �سريعة جدا‪ ،‬ونظرا‬ ‫لحالة عدم اال�ستقرار االقت�صادي والنق�ص في الأموال التي خلفتها الفترة ال�سابقة‪،‬‬ ‫فقد عا�ش المجل�س توترا خالل العامين الأولين من عمر الإدارة الجديدة‪ .‬ولأن العقود‬ ‫ال�سابقة مع الوكالء االقت�صاديين ماتزال �سارية المفعول‪ ،‬فقد تولد االنطباع ب�أن‬ ‫التعهد بت�سديد الديون االجتماعية �سيتم ت�أجيله مرة �أخرى‪ ،‬وقد �أظهرت تجربة‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية �أن على الحكومة �أن تتعامل ب�شفافية في‬ ‫مثل هذه الحاالت و�أن على ممثلي المجتمع تقييمها بحذر لأنها تنطوي على عنا�صر‬ ‫تتجاوز تركيز المجل�س على م�س�ألة الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫ويقودنا هذا الأمر �إلى مو�ضوع �آخر مرتبط بعمل المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية وقد حقق فيه تقدما كبيرا لحد الآن �إال �أنه ال يزال يتطلب المزيد‪.‬‬ ‫ذلك �أن الأمن الغذائي والتغذية مو�ضوع م�شترك بين عدة قطاعات في جوهره‪ ،‬غير‬

‫‪253‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪254‬‬

‫�أن الثقافة ال�سيا�سية ال�سائدة في البرازيل ذات طابع قطاعي‪ ،‬و�إطار العمل الحكومي‬ ‫ينق�سم �إلى عدة قطاعات تت�سم بالتناف�س فيما بينها بخ�صو�ص الموارد المالية‪،‬‬ ‫كما �أن المجتمع ينتظم في �إطار قطاعات مختلفة‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن النطاق‬ ‫الوا�سع للأمن الغذائي والتغذية ي�شمل ممثلين عن قطاع الإنتاج والمزارعين‪ ،‬ونظم‬ ‫الرعاية ال�صحية والمهنيين التابعين لها‪ ،‬ونظم التعليم والعاملين بها‪ ،‬وقطاع‬ ‫اال�ستهالك والم�ستهلكين‪ ،‬ومن مختلف فئات المواطنين ومجموعات �أخرى كثيرة‪،‬‬ ‫والنا�س م�صممون على الدفاع عن م�صالح معينة‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن ال�سيا�سة الخا�صة‬ ‫بالأمن الغذائي والتغذية يجب �أن تت�سم بال�شمولية لكي تكون فعالة ومجدية‪ .‬ولهذه‬ ‫الأ�سباب كلها يجب على جميع هذه الأطراف �أن تدرك وتقتنع بالطابع ال�شمولي لهذه‬ ‫ال�سيا�سة وتحافظ عليها في المبادرات والإجراءات والبرامج التي تقترحها‪ .‬ونظرا‬ ‫لطبيعة الأمن الغذائي باعتباره مو�ضوعا م�شتركا بين مختلف القطاعات‪ ،‬ف�إن ذلك‬ ‫هو ما يبرر �ضرورة �أن يكون المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية جهازا مقره‬ ‫في رئا�سة الجمهورية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن جعل تفكير المجتمع المدني و�أع�ضاء الحكومة‬ ‫يخ�ضع لنظرة م�شتركة بين القطاعات ال يمكن تحقيقه بين ع�شية و�ضحاها‪ ،‬بل هو‬ ‫عملية بطيئة يمكن الت�أكد من مدى مالءمتها من خالل ما يتم تحقيقه من نتائج‪.‬‬ ‫وقد �شكل ما �أنجزه المجل�س من �أجل تعزيز هذا المنظور‪ ،‬و�سوف ي�شكل ذلك دائما‪،‬‬ ‫م�ساهمة فعالة في مجال �صياغة ال�سيا�سات العامة في البرازيل‪.‬‬ ‫�إن الأع�ضاء في مجال�س من هذا النوع يجب �أن يمتلكوا مهارات �سيا�سية قد ال‬ ‫تكون فطرية عند بع�ضهم‪ .‬وبالن�سبة له�ؤالء‪ ،‬تكون تلك المهارات مرتبطة بم�شاركتهم‬ ‫في المجل�س التي تمثل عملية تعلم تدريجي كما يحدث داخل الحكومة والمجتمع‪.‬‬ ‫وبالن�سبة للآخرين‪ ،‬يمكن �أن يتمثل ال�شعور المبا�شر لديهم في كون المجال�س ت�شكل‬ ‫عقبة يجب تجاوزها في �إطار عملية تنفيذ ال�سيا�سات‪ ،‬حيث تجد الحكومات التي‬ ‫تم انتخابها ب�شكل قانوني نف�سها مرغمة على التفاو�ض‪� .‬أما بالن�سبة للمجتمع‪،‬‬ ‫الذي كانت لديه خالل الفترة الطويلة التي �سبقت برنامج الق�ضاء على الجوع فر�ص‬ ‫محدودة للغاية للم�شاركة في �صنع القرار وفي �أجهزة الرقابة االجتماعية‪ ،‬وكان‬ ‫يركز جهوده على توجيه االتهامات ال�سيا�سية وتنظيم االحتجاجات‪ ،‬ف�إن التحدي‬ ‫يكمن في و�ضع مقترحات مت�سقة وقابلة للتنفيذ‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬يجب �أن‬ ‫تتوفر لديه المهارات المطلوبة للتفاو�ض من �أجل ت�أمين مكا�سب ل�صالح �أولئك الذين‬ ‫يمثلهم‪ .‬ومن �ش�أن هذا �أن ي�شكل عملية �أخرى طويلة ومبتكرة تمثل تحديا للم�شاركين‬ ‫فيه لتجديد الممار�سات القديمة و�إدراك المعنى الحقيق للديمقراطية القائمة على‬ ‫الم�شاركة‪.‬‬ ‫و�أخيرا‪ ،‬وبما �أن البرازيل تتجه نحو بناء نظام وطني للأمن الغذائي وللتغذية‪،‬‬ ‫ف�إن و�ضع طريقة �سليمة للتوا�صل بين مختلف الكيانات على م�ستوى الفيدرالية‬


‫الم�شاركة االجتماعية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪ :‬تجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫والواليات والبلديات �ضرورة ق�صوى‪ ،‬ف�ضال عن ت�شجيع الذين ينزعون نحو العمل‬ ‫البطيء وتقوية الذين يت�سمون بال�ضعف‪ .‬وتكمن الم�شكلة هنا في كون برنامج‬ ‫الق�ضاء على الجوع �صادرا عن الحكومة الفيدرالية – وهذا هو المطلوب – يجعل‬ ‫وتيرة التنفيذ �أ�سرع على م�ستوى قمة الهرم مما هي عليه على م�ستوى قاعدته‪ ،‬هذا‬ ‫�إذا ما تم فعل �شيء ما على م�ستوى القاعدة‪ .‬وال يختلف الو�ضع بين المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية والمجال�س العاملة على م�ستوى الواليات ومنطقة العا�صمة‬ ‫الفيدرالية والبلديات‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬تكون الخالفات �أكثر تواترا بين الوالية �أو‬ ‫الحكومات المحلية التي ترف�ض فكرة وجود مجل�س للأمن الغذائي والتغذية من‬ ‫جهة‪ ،‬والمجتمع الذي يرغب في وجوده‪ .‬غير �أن هناك �أي�ضا بع�ض الحاالت‪ ،‬ال �سيما‬ ‫على م�ستوى البلديات‪ ،‬يكون فيها تنظيم المجتمع ال يزال في بدايته وغير قادر على‬ ‫تلبية المتطلبات التي حددها المجل�س‪ ،‬لذلك تبدو الجهود الجارية لإن�شاء منتديات‬ ‫بين المجال�س على الم�ستويات الثالثة �أف�ضل �سبيل نحو ت�سوية هذه الخالفات‪ ،‬ولكن‬ ‫ونظرا لكون ت�أ�سي�س نظام للأمن الغذائي والتغذية هو قرار قانوني‪ ،‬وبالتالي فهو‬ ‫ناتج عن �سيا�سة الدولة‪ ،‬ف�إنه ينبغي و�ضع برامج تلزم الواليات �أو البلديات بت�شكيل‬ ‫هذه المجال�س و�ضمان عملها فعليا‪.‬‬ ‫ال �أحد ي�ستطيع القول �إن �ضمان الم�شاركة االجتماعية في ال�سيا�سات العامة‬ ‫مهمة �سهلة‪� .‬إنها عملية حيوية تتميز بالتناق�ضات‪ ،‬لأنها تنطوي على موا�ضيع‬ ‫وم�صالح مختلفة لمجتمع يت�سم بالتعقيد ويواجه م�شاكل معقدة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من كل ال�صعوبات ال�سالفة الذكر‪ ،‬ف�إن تجربة مجال�س الأمن الغذائي �أمر م�شجع‬ ‫للغاية‪ .‬فهي ت�ساهم في بناء ديمقراطية تقوم على الم�شاركة‪ ،‬وت�ؤكد �أن عملية البحث‬ ‫عن حلول م�شتركة‪ ،‬بالرغم من �صعوبتها‪ ،‬تكون دائما �أكثر فعالية من خالل نتائجها‬ ‫و�أكثر مالءمة لتلبية المطالب االجتماعية‪.‬‬

‫‪255‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المراجع‬ BEGHIN, N. et al. Políticas sociais no Brasil: participação social, conselhos e parcerias. In: JACCOUD, L. (Org.). Questão social e políticas sociais no Brasil contemporâneo. Ipea: Brasília, 2005. CASTRO, J. Geografia da fome. 10th edition. São Paulo: Brasiliense publishing house, 1967. COSTA, C.; PASQUAL, M. Participação e políticas públicas na segurança alimentar e nutricional no Brasil. In: GARCÉS, M. ET al. Democracia y ciudadanía en el Mercosur. Santiago, Chile: LOM, Programa Mercosur Social y Solidario, 2006. MALUF, R.; NASCIMENTO, R. C. Construção do sistema e da política nacional de segurança alimentar e nutricional: a experiência brasileira. Brasília, 2005: Consea; FAO; IICA, 2009. SILVA, E. R. Participação social e as conferências nacionais de políticas públicas: reflexões sobre os avanços e desafios no período de 2003-2006. Brasília, 2005: Ipea, 2009. (Discussion paper n. 1378). SILVA, J. G. et al. Projeto Fome Zero: uma proposta de política de segurança alimentar para o Brasil. São Paulo: Citizenship Institute, 2001. ___; TAKAGI, M. Fome Zero: política pública e cidadania. In: ROCHA, M. (Org.). Segurança alimentar: um desafio para acabar com a fome no Brasil. São Paulo: Perseu Abramo Foundation, 2004. SILVA, M. O. S. Participação social nas políticas de segurança alimentar e nutricional. Revista de Políticas Públicas, São Paulo, v. 9, n. 2, 2005. ZIMMERMANN, C. Um primeiro olhar sobre o Programa Fome Zero: reflexões sobre primeiro ano de implementação. Available at: www.espacoacademico.com.br. Accessed on: July 10, 2010.

256


‫‪ -11‬م�شاركة المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية في بناء‬ ‫النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫ريناتو �س‪ .‬معلوف‬ ‫يجري في البرازيل‪ ،‬على قدم و�ساق‪ ،‬بناء النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫)‪ ،(Sisan‬وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية )‪ .(PNSAN‬وبالنظر �إلى �أن‬ ‫الم�شاركة االجتماعية في النظام وال�سيا�سات ت�شكل عن�صرا هاما من هذه العملية‪،‬‬ ‫التي يعتبر المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية )‪ (Consea‬تعبيرها الأ�سمى‪ ،‬ف�إن‬ ‫المعلومات المتوفرة‪ ،‬هنا‪ ،‬تعك�س الجهود المت�ضافرة لممثلي الإدارة الفيدرالية‬ ‫والمجتمع المدني الذين ي�شكلون ع�ضوية المجل�س‪.‬‬ ‫وتعتبر تجربة الديمقراطية الت�شاركية في حقل �أمن الغذاء والتغذية‪ ،‬وكذلك‬ ‫في غيرها من مجاالت ال�سيا�سات العامة‪ ،‬ال�سمة الفريدة للعملية البرازيلية‪ ،‬مع‬ ‫الحدود والتوترات والتناق�ضات التي عادة ما تكون لمثل هذه الم�شاركة‪ .‬وتلعب‬ ‫المنتديات التي توجد فيها الديمقراطية الت�شاركية دورا من بين �أدوار �أخرى‬ ‫في �إ�ضفاء الو�ضوح في الر�ؤية على مختلف المواقف والنزاعات داخل المجتمع‬ ‫والحكومة وفي خلق التوافقات‪ ،‬ولو كان ذلك في حاالت خا�صة‪ ،‬والمقترحات‬ ‫الخا�صة بال�سيا�سات العامة‪ ،‬وذلك ب�صرف النظر عن دورها في المحافظة على‬ ‫ا�ستقاللية منظمات المجتمع المدني وم�س�ؤوليات الحكومات في هذه العملية‪.‬‬ ‫وقد تم التعبير عن التزام �إدارة الرئي�س لوال ب�ضمان الح�صول على الغذاء في‬ ‫برنامج الق�ضاء التام على الجوع‪ .‬كما تم االعتراف بالمنتديات التي �أقامتها الإدارة‬ ‫الفيدرالية لهذا الغر�ض مبا�شرة بعد تن�صيبها‪ ،‬ب�إعادة بناء المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬وقد ا�ستفادت من هذه المنتديات باقتدار الحركة االجتماعية‬ ‫ال�شاملة والمتنوعة التي قامت‪ ،‬وعلى امتداد ما يزيد على ‪ 20‬عاما‪ ،‬ببذل مجهود‬ ‫مكثف لتنظيم نف�سها في البرازيل من �أجل تعزيز ال�سيادة الغذائية‪ ،‬و�أمن الغذاء‬ ‫والتغذية وحق الإن�سان في الغذاء‪ ،‬ف�شملت بذلك المنظمات االجتماعية وال�شبكات‬ ‫والحركات والمكلفين ب�إدارة ال�ش�ؤون العامة والباحثين‪ .‬وخالل واليتين من حكم‬ ‫الرئي�س لوال‪ ،‬تح�سنت عمليات المجل�س من حيث التمثيل االجتماعي والقدرة على‬

‫‪257‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫و�ضع جدول �أعمال عام و�شامل مع اقتراح برامج و�إجراءات متعددة‪ .‬وقد كان و�ضوح‬ ‫الر�ؤية‪ ،‬والكفاءة التقنية‪ ،‬والإجراءات الدائمة ل�ضمان التفاعل مع ال�سلطات الحكومية‬ ‫والمنظمات االجتماعية �أ�سا�سية لهذا الغر�ض‪.‬‬ ‫ويعك�س �إن�شاء نظام و�سيا�سة وطنيين للأمن الغذائي والتغذية تنخرط فيه‬ ‫مختلف القطاعات بم�شاركة المجتمع المدني في ر�سم برامجهما و�إجراءاتهما‬ ‫ور�صدهما‪ ،‬وو�ضع ت�صور للأمن الغذائي والتغذية تجري �صياغته في البرازيل‪،‬‬ ‫حيث ينظر �إليه باعتباره هدفا ا�ستراتيجيا ودائما لل�سيا�سات العامة الخا�ضعة‬ ‫لمبادئ حق الإن�سان في الغذاء الكافي )‪ (HRAF‬وال�سيادة الغذائية‪ .‬وب�صرف النظر‬ ‫عن قيام المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬ف�إن عملية الت�صور هذه قد �أف�ضت‬ ‫بالحكومة �إلى �إن�شاء الغرفة الم�شتركة بين الوزارات لت�أمين الغذاء والتغذية )‪.(Caisan‬‬ ‫وال بد من الإ�شارة �إلى �أن قيام هاتين الهيئتين من�صو�ص عليه في القانون الأ�سا�سي‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية (لوزان‪ -‬القانون رقم ‪ .)2006/11 346‬لقد تم و�ضع نظام‬ ‫و�سيا�سة للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬اللذين يتم تناولهما في هذا الف�صل‪ ،‬باعتبارهما‬ ‫ح�صيلة ن�شاطين مت�ضافرين لهاتين الهيئتين‪.‬‬ ‫لقد تم تنظيم الن�ص �أ�سفله في �أربعة �أق�سام‪ .‬فالق�سم الأول يوفر الخلفية وي�صف‬ ‫المفاهيم التي على �أ�سا�سها قام كل من نظام و�سيا�سة الأمن الغذائي الوطني والتغذية‬ ‫في البرازيل‪ .‬وي�صف الق�سم الثاني ال�سمات والمبادئ الموجهة لل�سيا�سات والنظام‬ ‫الوطني‪ .‬ويعالج الق�سم الثالث بع�ض جوانب تجربة الأن�شطة الم�شتركة للدولة والمجتمع‬ ‫في مجال تعزيز الأمن الغذائي والتغذية )‪ .(FNS‬وي�شير الق�سم الأخير �إلى التحديات‬ ‫الرئي�سية التي تتم مواجهتها لتنفيذ ال�سيا�سة والنظام الوطنيين للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬

‫الخلفية والمرجعيات كما تحددها المفاهيم النظرية‬

‫‪258‬‬

‫لقد عب�أت العمليات الهادفة �إلى قيام الأمن الغذائي والتغذية بالبرازيل‪ ،‬ولأكثر‬ ‫من عقدين‪ ،‬المنظمات‪ ،‬والحركات االجتماعية‪ ،‬والباحثين‪ ،‬والم�س�ؤولين العامين‬ ‫عن �إدارة ال�ش�ؤون العامة‪ ،‬من بين فاعلين �آخرين‪ .‬ومن الطبيعي �أن ترث عملية‬ ‫التعبئة الجديدة هذه عنا�صر من �أن�شطة تم تنفيذها منذ الن�صف الأول من القرن‬ ‫الع�شرين وذلك بهدف �ضمان الح�صول على الغذاء والتغذية للأفراد والأ�سر والفئات‬ ‫االجتماعية بالبرازيل‪ .‬ويجب �أن ننوه ب�شكل خا�ص بم�ساهمة جوزيه دي كا�سترو‬ ‫)‪ ،Josué de Castro (1973-1908‬وهو فيزيائي وعالم اجتماع وجغرافي و�سيا�سي من‬ ‫والية بيرنامبوكو )‪ (Pernambuco‬خالل هذه الفترة‪.‬‬ ‫�إن ال�سيا�سة الوطنية والنظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية التي يجري‬ ‫تنفيذها اليوم قد نتجت عن حدثين وقعا في منت�صف ‪� ،1980‬أحد هذين الحدثين كان‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫�أكثر تقنية من حيث طبيعته‪ ،‬فيما كان الآخر موجها �أكثر نحو التعبئة‪ .‬ويكمن الأول‬ ‫منهما في �صياغة م�سودة وثيقة ت�سمى بـ "الأمن الغذائي – مقترح �سيا�سة للتغلب‬ ‫على الجوع" ‪Segurança Alimentar-proposta de uma politica de combate à fome‬‬ ‫بوزارة الزراعة في �سنة ‪ 1985‬التي �شددت‪ ،‬على وجه الخ�صو�ص‪ ،‬على االعتبارات‬ ‫االجتماعية واالقت�صادية‪ .‬بينما تمثل الحدث الثاني في ما ترتب على حملة التعبئة‬ ‫االجتماعية التي �أدت �إلى انعقاد الم�ؤتمر الوطني الأول حول الغذاء والتغذية )‪(CNAN‬‬ ‫في �سنة ‪ ،1986‬والذي تقرر خالله وجوب �إ�ضافة التغذية‪ ،‬من بين �أمور �أخرى‪� ،‬إلى‬ ‫المفهوم التعاقدي للأمن الغذائي )‪.(Maluf, 2007‬‬ ‫وقد �أخذ كل منهما بعين االعتبار مقترح �إن�شاء المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية لمعالجة الجوانب المتعددة التي ينطوي عليها �أمن الغذاء والتغذية‬ ‫و�ضمان م�شاركة المجتمع المدني في ر�سم وتنفيذ ور�صد ال�سيا�سات العامة في هذا‬ ‫الحقل‪ .‬وبمجرد ما عادت البالد �إلى النهج الديمقراطي‪� ،‬أ�صبحت االنتقادات الموجهة‬ ‫�إلى �صناعة ال�سيا�سات العامة التكنوقراطية واال�ستبدادية �أقوى‪ ،‬ون�ش�أت الفكرة‬ ‫القا�ضية ب�أال تقت�صر المنتديات العامة على الزيادة في عدد م�س�ؤولي الحكومة‪ .‬وقد‬ ‫دعمت المقترحات المذكورة �أعاله �أي�ضا فكرة �إعداد �سلطة حكومية تعنى بتن�سيق‬ ‫عملية تحديد وتنفيذ الإجراءات والبرامج في مختلف القطاعات التي ي�شملها الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية (الزراعة‪ ،‬والتموين الغذائي‪ ،‬وتطوير التربة‪ ،‬والرعاية ال�صحية‪،‬‬ ‫والغذاء والتغذية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وغيرها)‪ .‬وقد كان الم�ؤتمر الوطني الأول حول الغذاء‬ ‫والتغذية الهيئة الأولى التي اقترحت �إن�شاء النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪،‬‬ ‫وما رافق ذلك من تداعيات على م�ستوى الواليات والبلديات‪ ،‬وهو ما تم تنفيذه بعد‬ ‫عقدين من الزمن‪.‬‬ ‫لقد ا�ستمرت التجربة الأولى للمجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية لمدة‬ ‫عامين‪ ،‬خالل ‪ 1993‬و‪ ،1994‬حينما كانت تتمتع بقدرة محدودة على الت�أثير على‬ ‫ال�سيا�سات العامة‪ .‬وقد توقفت هذه التجربة في �سنة ‪ 1995‬وا�ست�ؤنفت في �سنة ‪.2003‬‬ ‫وكما هو معروف‪ ،‬في البرازيل‪ ،‬كما هو الحال في �أجزاء عديدة من العالم‪ ،‬ف�إن‬ ‫الت�سعينات قد طبعتها هيمنة ليبرالية جديدة كان لها ت�أثير �سلبي على ال�سيا�سات‬ ‫االجتماعية وعلى العديد من برامج الغذاء والتغذية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ات�سمت تلك‬ ‫الحقبة �أي�ضا بظهور الزراعة الأ�سرية باعتبارها فئة اجتماعية �سيا�سية‪ ،‬كما‬ ‫�شهدت الم�صادقة على ال�سيا�سة الوطنية للغذاء والتغذية‪ .‬وقد تم ال�شعور بالتعبئة‬ ‫االجتماعية باعتبارها قوة للحث على القيام ب�أن�شطة لمحاربة الجوع واالرتقاء‬ ‫بالحق في الغذاء في حملة وطنية كبرى "�ضد الجوع والفقر المدقع ومن �أجل‬ ‫الحياة" قادها هربرت دي �سوزا ‪ ،Herbert de Souza‬المعروف �شعبيا با�سم بيتينهو‬ ‫‪ ،Betinho‬في الم�ؤتمر الوطني الأول حول الأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬الذي انعقد في‬

‫‪259‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪260‬‬

‫برازيليا في �سنة ‪ .1994‬وقد �شرعت بع�ض الحكومات البلدية والدولة في ا�ستعمال‬ ‫الأمن الغذائي والتغذية باعتباره معيارا في �أن�شطتها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وكالعادة‪ ،‬فقد كانت‬ ‫�آفاق المبادرات االجتماعية محدودة‪.‬‬ ‫ومن �ش�أن الت�شديد على االرتقاء بالأمن الغذائي والتغذية بالبرازيل �أن ينظر‬ ‫�إلى الأمن الغذائي والتغذية بو�صفه هدفا ا�ستراتيجيا ودائما في ال�سيا�سة العامة‪،‬‬ ‫و�سمة تميزها باعتبارها الفئة الأ�سا�سية الواجب �أخذها بعين االعتبار في عملية‬ ‫تحديد اختيارات تنمية البرازيل‪ .‬وهو ي�شمل‪ ،‬كما تم ذكر ذلك �أعاله‪ ،‬عنا�صر الغذاء‬ ‫والتغذية‪� ،‬إلى جانب ربط الجوانب غير القابلة للتجزئة و تخ�ص توافر ال�سلع (الأمن‬ ‫الغذائي) وجودة هذه ال�سلع (�سالمة الأغذية)‪ .‬ويجب �أن تخ�ضع �سيا�سات �أمن الغذاء‬ ‫والتغذية لمبادئ حق الإن�سان في الغذاء الكافي وال�سيادة الغذائية‪ .‬ويعني ذلك �أن‬ ‫هذه المبادئ يجب �أن توجه تحديد ا�ستراتيجيات التنمية بالبرازيل‪ ،‬كما يجب �أن‬ ‫توجه ت�صميم ال�سيا�سات العامة المرتبطة ب�أهدافها‪ ،‬و�آليات التنفيذ‪ ،‬و�أدوات الر�صد‬ ‫والمراقبة االجتماعية (‪.)Maluf, 2007‬‬ ‫وي�شمل الحق في الغذاء بعدين غير قابلين للتجزئة وهما‪ )1( :‬الحق في عدم‬ ‫المعاناة من الجوع والنق�ص في التغذية‪ )2( ،‬الحق في الغذاء الكافي حيث ي�ستوجب‬ ‫تحقيقه واجب احترام الحكومة له وحمايته واالرتقاء به وتوفيره‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى‬ ‫مراقبته وتقييمه و�ضمان ا�ستحقاقه (‪ .)Valente, 2000‬وترتبط ال�سيادة الغذائية‪،‬‬ ‫بدورها‪ ،‬بحق ال�شعوب في تحديد �سيا�ساتها وا�ستراتيجياتها لإنتاج الغذاء وتوزيعه‬ ‫وا�ستهالكه‪ .‬ولقد ا�ستعمل هذا المعيار لتعزيز ا�ستدامة نماذج الإنتاج القائمة على‬ ‫الأ�سرة‪ ،‬وتقلي�ص الم�سافات بين �إنتاج الغذاء واال�ستهالك‪ ،‬وح�سن تقدير مختلف‬ ‫العادات الغذائية (‪.)Menezes, 2001‬‬ ‫وتعتبر ال�صالت الرابطة بين مبادئ حق الإن�سان في الغذاء الكافي وال�سيادة‬ ‫الغذائية والطبيعة بين القطاعات للأن�شطة والبرامج العامة والم�شاركة المجتمعية‬ ‫�سمات تميز كيف ي�ستعمل مفهوم "الأمن الغذائي" حاليا من قبل العديد من‬ ‫الحكومات والمنظمات الدولية وقطاع الأعمال‪.‬‬ ‫�إن الجهود المبذولة من �أجل الحق في الغذاء بغاية ا�ستعماله كعن�صر �أ�سا�سي‬ ‫في مبادرات الأمن الغذائي والتغذية قد �أدت �إلى قيام النظام الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ ،‬وفقا لأحكام القانون الأ�سا�سي للأمن الغذائي والتغذية (القانون رقم‬ ‫)‪ .(2006/11 346‬لقد �أن�ش�أ قانون لوزان النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬ون�ص‬ ‫على الحاجة �إلى �سيا�سات وطنية للأمن الغذائي والتغذية ل�ضمان حق الإن�سان في‬ ‫الغذاء الكافي‪ .‬وهذا هو القانون الوطني الأ�سا�سي الذي يعالج المو�ضوع‪ ،‬وقد تم‬ ‫�إعداده في �إطار المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية بم�شاركة وا�سعة من ممثلي‬ ‫الحكومة والمجتمع المدني‪.‬‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫وعلى الرغم من �أن هناك العديد من الإ�شارات �إلى الحق في الغذاء في‬ ‫الد�ستور الفيدرالي ل�سنة ‪- 1988‬كالحق في الحياة‪ ،‬والحق في عدم الت�سامح‬ ‫مع التمييز بجميع �أ�شكاله‪ ،‬والحق في الحد الأدنى للأجور‪ ،‬والحق في الإ�صالح‬ ‫الزراعي‪ ،‬والحق في الرعاية ال�صحية‪ ،‬والحق في الم�ساعدة االجتماعية‪ ،‬والحق في‬ ‫التغذية بالمدار�س‪� ،‬إال �أنه ال ي�شير ب�صريح العبارة �إلى هذا الحق الأ�سا�سي‪ .‬ولهذا‬ ‫ال�سبب‪ ،‬قاد المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية حملة وطنية �شاملة وناجحة‬ ‫تحت �شعار‪" :‬الغذاء‪ :‬حق لجميع النا�س"‪ ،‬بم�شاركة فعالة لمنظمات المجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬ودوائر الحكومة الثالث‪ ،‬وم�شاهير النا�س‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وقد �أدت هذه الحملة‬ ‫بالم�ؤتمر الوطني �إلى �إ�صدار تعديل د�ستوري تحت رقم ‪ 2010/64‬ي�ضمن الحق‬ ‫في الغذاء �ضمن قائمة الحقوق االجتماعية المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 6‬من‬ ‫الد�ستور‪ ،‬مثل الحق في التعليم‪ ،‬والرعاية ال�صحية وال�سكن‪ ،‬من بين حقوق �أخرى‪.‬‬ ‫وقد تم ذلك ل�ضمان غذاء كاف لل�سكان ككل باعتباره التزاما من الدولة من خالل‬ ‫�سيا�سات دائمة ت�شمل الدوائر الثالث للحكومة‪ ،‬وكذلك لت�أمين التزام المجتمع‬ ‫ب�ضمان �إعمال هذا الحق‪.‬‬

‫النظام الوطني وال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫�سيتولى هذا الق�سم و�صف العنا�صر الأ�سا�سية المطلوبة في بناء النظام الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية وال�سيا�سة الوطنية المنا�سبة كما ين�ص عليها قانون لوزان‪ .‬وتعتمد‬ ‫هذه العملية على النهج المنهجية للأمن الغذائي والتغذية الذي هو قيد التطوير في‬ ‫البرازيل بغاية معالجة هذا المو�ضوع بكل تعقيداته‪ ،‬بما في ذلك الحاجة �إلى تبني‬ ‫�أن�شطة متكاملة‪ .‬وقد نجمت هذه المقاربة �أي�ضا عن التجربة المتراكمة في بناء‬ ‫�أنظمة ال�سيا�سة العامة في مجاالت �أخرى (الرعاية ال�صحية‪ ،‬والعمل االجتماعي‪� ،‬إلخ‪.).‬‬ ‫ولأن الأمر يخ�ص هدف ال�سيا�سة العامة‪ ،‬ف�إن تطور النهج النمطية للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية على م�ستوى المفاهيم قد ظهر في نف�س الوقت الذي تم فيه تبنيه باعتباره‬ ‫مبد�أ منظما للأن�شطة العامة‪ .‬وت�سمح هذه النج بتعريف عالقات الترابط والتحديد‬ ‫المتبادل بين العوامل التي لها ت�أثير على حالة الغذاء والتغذية للأفراد والأ�سر‬ ‫والفئات االجتماعية والمناطق والبلدان‪ .‬وهي ت�سعى في نف�س الوقت �إلى تقوية‬ ‫المكا�سب التفاعلية الناتجة عن العالقات المنهجية بين كل مكونات النظام من‬ ‫خالل م�أ�س�سة ال�صالت فيما بينها وتعميقها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال بد من �أن نحذر من �أن‬ ‫النظام يتكون من مجموعة من العنا�صر التي تتطور مع التناق�ضات‪� ،‬أي �أن العالقات‬ ‫المنهجية التي لوحظت في الديناميكية االقت�صادية واالجتماعية وال�سيا�سية ت�ضم‬ ‫عنا�صر مت�صارعة (‪.)Burlandy et al., 2006‬‬

‫‪261‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪262‬‬

‫�إن العن�صرين اللذين يميزان �أي نظام ‪ -‬الترابط بين مكوناته و�آليات تن�سيقه ‪-‬‬ ‫هما �إذن مالئمان تماما لتحليل الأمن الغذائي والتغذية واالرتقاء به‪ .‬ولقد �أُخذ‬ ‫بعين االعتبار الترابط الن�سقي للعوامل التي تتحكم في الأمن الغذائي والتغذية في‬ ‫االهتمام الم�شترك بين القطاعات بالأن�شطة والبرامج ذات ال�صلة بالأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ ،‬و�أدى �إلى تنفيذ الإجراءات تنفيذا مندمجا‪ .‬وقد كان من نتيجة ذلك �أن �أدت‬ ‫�أن�شطة الأمن الغذائي والتغذية وعملياته‪ ،‬وبمنطق �إجرائي‪� ،‬إلى تعزيز الروابط بحيث‬ ‫ت�شمل قرارات م�شتركة ت�ضم �أكثر من قطاع حكومي ومنظمات اجتماعية مع التنفيذ‬ ‫الم�شترك لهذه الإجراءات والبرامج‪� .‬أي �أن نهج المعالجة الم�شتركة بين القطاعات‬ ‫المقترحة في هذا المجال يمكنها �أن تتخذ �شكل �إجراءات م�شتركة ت�شمل قطاعات‬ ‫حكومية مختلفة‪ ،‬وهو ما ي�ؤ�شر على القيام بجهود تهدف �إلى تطوير عالقات �أوثق‬ ‫بينها‪� ،‬أو يمكنها �أن تتخذ �شكل �أن�شطة متكاملة من م�ستوى �أعلى‪ ،‬من قبيل الأن�شطة‬ ‫التي تربط الإنتاج باال�ستهالك (‪.)Burlandy et al., 2006‬‬ ‫�أما بالن�سبة لآليات التن�سيق‪ ،‬فقد اهتممنا بتلك الآليات الناتجة عن ا�ستك�شاف‬ ‫�إمكانات الت�آزر وغيرها من الآثار التي يوفرها التفاعل بين مكونات النظام المعني‬ ‫بالأمر‪ .‬وترتبط ر�ؤية التن�سيق هاته با�ستعادة الدولة لقدرتها على �ضبط النظام‬ ‫الغذائي على م�ستوى ال�سلطات العامة‪ ،‬بخالف ما هو جار العمل به ب�شكل متزايد من‬ ‫قبل وكالء خا�صين من قبيل ما تروج له ال�سيا�سات الليبرالية الجديدة‪ .‬وقد اتخذت‬ ‫�آليات تن�سيق النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية �شكل المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬وهو هيئة تخت�ص مبا�شرة بتقديم الم�شورة �إلى رئي�س الجمهورية‬ ‫ومنتدى الم�شاركة االجتماعية ور�صد ومتابعة ال�سيا�سات العامة‪ ،‬وغرفة الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية الم�شتركة بين الوزارات‪ ،‬وهي الهيئة الحكومية الم�شتركة بين‬ ‫القطاعات المرتبطة بوزير التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع‪.‬‬ ‫وتعتمد �أن�شطة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية وغرفة الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية الم�شتركة بين القطاعات الوزارية على مداوالت الم�ؤتمرات الوطنية حول‬ ‫الأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬التي ت�شكل منتديات يتم في �إطارها اقتراح المبادئ‬ ‫التوجيهية والأولويات فيما يخ�ص "المخطط الوطني وال�سيا�سة الوطنية للأمن‬ ‫الغذائي" وكذلك تقييم النظام ككل‪ .‬وفي العملية التي ت�شمل �آالف ال�سكان في جميع‬ ‫�أنحاء البالد‪ ،‬تعقد الم�ؤتمرات الوطنية كل �أربع �سنوات‪ ،‬وت�سبقها م�ؤتمرات على �صعيد‬ ‫الواليات والمقاطعات والبلديات يتم فيها اختيار الممثلين لح�ضور الم�ؤتمر الوطني‪،‬‬ ‫ومعالجة المو�ضوعات التي تندرج �ضمن نطاق �أعمالها‪ .‬وقد عقدت حتى الآن ثالثة‬ ‫م�ؤتمرات وطنية حول الأمن الغذائي والتغذية (في ‪ 2004 ،1994‬و‪ ،)2007‬وقد عب�أ‬ ‫كل م�ؤتمر منها حوالي ‪� 2 000‬شخ�ص من جميع �أنحاء البالد‪ ،‬بما في ذلك المجتمع‬ ‫المدني وممثلي الحكومة‪.‬‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫ويعتبر المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية بدوره م�س�ؤوال عن تحويل‬ ‫مداوالت الم�ؤتمرات الوطنية �إلى مقترحات للنظام الوطني ولل�سيا�سة الوطنية‪ ،‬ثم‬ ‫�إحالتها على غرفة الأمن الغذائي والتغذية بين القطاعات الوزارية لدرا�ستها‪ .‬وي�شكل‬ ‫الممثلون الحكوميون ثلث �أع�ضاء المجل�س‪ ،‬بمن فيهم ‪ 19‬وزيرا حكوميا وكتاب دولة‬ ‫خا�صين مكلفين بال�ش�ؤون ذات ال�صلة بالأمن الغذائي والتغذية‪ :‬التنمية االجتماعية‬ ‫ومحاربة الجوع (المكلف بالأمانة التنفيذية للمجل�س)؛ والزراعة‪ ،‬والثروة الحيوانية‬ ‫والتموين‪ ،‬وتربية الأحياء المائية‪ ،‬والثروة ال�سمكية؛ والبيت المدني؛ والحوا�ضر؛‬ ‫والعلم والتكنولوجيا‪ ،‬والتنمية الزراعية‪ ،‬وحقوق الإن�سان؛ والتعليم؛ والمالية؛‬ ‫واالندماج الوطني؛ والبيئة؛ والتخطيط؛ وال�سيا�سات الخا�صة بالن�ساء؛ واالرتقاء‬ ‫بالم�ساواة بين الجن�سين؛ والعالقات الخارجية؛ وال�صحة؛ والأمانة العامة لرئا�سة‬ ‫الجمهورية؛ والعمل والعمالة‪.‬‬ ‫ويتم اختيار ثلثي �أع�ضاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية الذين‬ ‫يمثلون المجتمع المدني باال�ستناد �إلى معايير ي�صادق عليها الم�ؤتمر الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية بين ‪ 38‬منظمة من منظمات المجتمع المدني‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫المنظمات غير الحكومية‪ ،‬وال�شبكات‪ ،‬والحركات االجتماعية‪ ،‬والم�ؤ�س�سات الدينية‪،‬‬ ‫والجمعيات المهنية‪ .‬وللمجل�س �أي�ضا مالحظون يمثلون مجال�س فيدرالية مماثلة‪،‬‬ ‫ومنظمات دولية‪ ،‬ومنظمات التعاون الدولي ومكتب المدعي العام الفيدرالي‪ .‬ويتم‬ ‫تر�شيح رئي�س المجل�س في جل�سة عامة من بين ممثلي المجتمع المدني‪ ،‬ويتم‬ ‫تعيينه من قبل رئي�س الجمهورية‪ .‬وقد كان الرئي�سان الأخيران للمجل�س ع�ضوين في‬ ‫المنتدى البرازيلي حول الأمن الغذائي والتغذية وال�سيادة‪.‬‬ ‫غير �أن �آلية التن�سيق الوطنية الثانية للنظام هي �آلية حكومية ح�صرا‪� ،‬أي‬ ‫غرفة الأمن الغذائي والتغذية الم�شتركة بين الوزارات‪ ،‬التي تتمثل مهمتها في تحويل‬ ‫المقترحات التي يقوم المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية ب�صياغتها �إلى برامج‬ ‫حكومية‪ .‬وتتكون غرفة الأمن الغذائي والتغذية الم�شتركة بين الوزارات من ممثلي‬ ‫كل الوزارات الـ ‪ 19‬الممثلة في المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬بتن�سيق من‬ ‫وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع )‪ .(MDS‬ونعر�ض في الر�سم البياني ‪1‬‬ ‫الإطار الم�ؤ�س�سي ودينامية النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫ويمكن تمييز النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية باعتباره نظاما‬ ‫مفتوحا ب�سبب هدفه المتمثل في تنظيم ور�صد الأن�شطة وال�سيا�سات العامة لمختلف‬ ‫القطاعات الحكومية وغير الحكومية‪ ،‬مع ربطها ب�سيا�سة �أمن الغذاء والتغذية على‬ ‫م�ستوى الوطن‪ .‬ويتوخى من �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬باعتبارها "�سيا�سة كل‬ ‫ال�سيا�سات"‪� ،‬أن تقترح مبادئ توجيهية و�إجراءات �شاملة بم�شاركة �أنظمة �أو منتديات‬ ‫�أخرى لها �أهلية اتخاذ القرارات‪ .‬لذلك ف�إن النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬

‫‪263‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الر�سم البياين ‪ – 1‬ال�سيا�سة الوطنية والنظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫الم�ؤتمر الوطني‬ ‫النظام الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‬

‫الغرفة الم�شتركة‬ ‫بين الوزارات‬ ‫للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‬

‫رئا�سة الجمهورية‬

‫نظام ال�سيا�سات العامة‬

‫(الفالحة ‪ -‬الزراعة‪ -‬الرعاية ال�صحية‬ ‫التربية ‪ -‬البيئة ‪� -‬سيا�سات الم�ساعدات االجتماعية)‬

‫ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫م�ؤتمرات الوالية‬ ‫مجل�س الوالية‬

‫م�ؤتمر البلدية‬

‫الغرف الم�شتركة بين‬ ‫القطاعات‬

‫�سيا�سة الوالية للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫مجل�س البلدية‬

‫الغرف الم�شتركة بين‬ ‫القطاعات‬

‫�سيا�سة البلدية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫‪264‬‬

‫يتمتع با�ستقاللية محدودة (لي�ست له �سلطة مطلقة) في مجال �أن�شطته‪ ،‬بخالف‬ ‫الأنظمة التي تقوم ب�صياغة وتنفيذ �سيا�سات �أو برامج معينة‪ ،‬وهي غالبا ما تكون‬ ‫ذات طابع قطاعي ويتم تمويلها من مالها الخا�ص (على الرغم من �أنها تتفاعل مع‬ ‫القطاعات الحكومية الأخرى)‪ .‬ومن �ش�أن هذه الخا�صية �أن تجعل �أداء النظام الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية �أكثر تعقيدا‪ ،‬ال�سيما �أداء �آلياته التن�سيقية‪ ،‬بارتباط مع �أنظمة‬ ‫قطاعية �أخرى تدير برامج قطاعية خا�صة بها‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬ف�إن �أول مبد�أ من المبادئ التوجيهية الأ�سا�سية للنظام الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية يكمن في كون �أن�شطته و�سيا�ساته وبرامجه ذات طابع م�شترك بين‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫القطاعات‪ .‬وتتطلب الجوانب المتعددة التي لها ت�أثير على الأمن الغذائي والتغذية‬ ‫للأفراد‪ ،‬والأ�سر‪ ،‬والفئات االجتماعية‪ ،‬والبلدان برامج مندمجة و�أن�شطة من�سقة ت�شمل‬ ‫مختلف القطاعات الحكومية‪ ،‬وتتطلب كذلك نهجا يتجاوز نطاق التركيز القطاعي من‬ ‫قبل منظمات المجتمع المدني‪ .‬ويتطلب هذا الأمر قيام نظام وطني وهو �أي�ضا نظام‬ ‫م�شترك بين القطاعات ومرتبط بالأنظمة المختلفة لل�سيا�سة العامة المعتمدة في‬ ‫البرازيل‪ ،‬مثل الرعاية ال�صحية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والم�ساعدة االجتماعية‪ ،‬والتنمية الزراعية‬ ‫والفالحية‪ ،‬والمناطق البيئية‪.‬‬ ‫ويحيل المبد�أ التوجيهي الثاني على الم�شاركة االجتماعية المعبر عنها‬ ‫في الأن�شطة الم�شتركة التي ت�شرك الدولة والمجتمع المدني للتغلب على المفاهيم‬ ‫التكنوقراطية المركزية التي يتم تطبيقها على ال�سيا�سات العامة‪ .‬ويعك�س هذا المبد�أ‬ ‫�أي�ضا الخبرات المتراكمة في الديمقراطية الت�شاركية في مو�ضوع �صياغة ال�سيا�سات‬ ‫في مجاالت مختلفة بالبرازيل‪ ،‬وهو مبد�أ �ستتم معالجته �أدناه‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى‬ ‫مجموعة من المنظمات االجتماعية‪ ،‬وال�شبكات والحركات التي �أطلقت‪ ،‬بتفاعل مع‬ ‫البرامج الحكومية‪ ،‬عددا من المبادرات الخا�صة‪.‬‬ ‫ويعتبر �إعداد ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬كما تمت الإ�شارة‬ ‫�إلى ذلك من قبل‪ ،‬م�س�ؤولية م�سندة �إلى غرفة الأمن الغذائي والتغذية الم�شتركة بين‬ ‫القطاعات الوزارية‪ ،‬فهي المكلفة بتقديم مقترح في هذا ال�صدد �إلى رئي�س الجمهورية‪،‬‬ ‫ويتم �إعداد هذا المقترح باال�شتراك مع المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪،‬‬ ‫بناء على مداوالت الم�ؤتمر الوطني الثالث المنعقد في �سنة ‪ .2007‬وقد ا�ستخدمت‬ ‫نف�س المداوالت باعتبارها معيارا في التقويم الحديث العهد للأن�شطة التي تقوم بها‬ ‫الإدارة الفيدرالية لبناء �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية والنظام الذي �أ�سفر عن وثيقة‬ ‫التقويم التي �أعدتها غرفة الأمن الغذائي والتغذية الم�شترك بين القطاعات الوزارية‬ ‫(‪.)Caisan, 2009‬‬ ‫وتقترح هذه الوثيقة �ضرورة �أن ت�أخذ �سيا�سة الأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬التي‬ ‫يجري بنا�ؤها‪ ،‬بعين االعتبار المبادئ التوجيهية ال�سبعة والأن�شطة الرئي�سية المبينة‬ ‫في ال�شكل ‪.1‬‬ ‫وبما �أن البرازيل جمهورية فيدرالية تلعب فيها الواليات والبلديات دورا‬ ‫ن�شيطا في تنفيذ وتمويل ال�سيا�سات العامة على حد �سواء‪ ،‬ف�إن الهيئات وال�سلطات‬ ‫ال�شبيهة بالهيئات وال�سلطات الفيدرالية يجب ا�ستن�ساخها على م�ستوى الوالية‬ ‫والبلدية‪ .‬فقد تم �إر�ساء المجال�س في كل واليات البالد الـ ‪ 26‬وقبلها في المقاطعة‬ ‫الفيدرالية‪ ،‬في الوقت الذي ما زال فيه �إن�شاء وكاالت التن�سيق بين القطاعات من‬ ‫قبل حكومات الواليات في بداياته الأولى‪ .‬وقد تم ال�شروع‪ ،‬على م�ستوى البلديات‪،‬‬ ‫في �إر�ساء المجال�س‪ .‬وهي ت�صل‪ ،‬لحد الآن‪� ،‬إلى حوالي ‪ 600‬من �أ�صل ‪ 5 564‬بلدية‬

‫‪265‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ال�شكل ‪ - 1‬املبادئ التوجيهية للأمن الغذائي والتغذية و�أن�شطة الإدارة الفيدرالية‬

‫‪266‬‬

‫المبادئ التوجيهية لل�سيا�سة الوطنية‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية‬

‫برامج و�أن�شطة الحكومة الفيدرالية‬

‫�أوال ‪ -‬تعزيز ح�صول الجميع على الأغذية‬ ‫ال�سليمة والكافية والتمتع بعادات غذائية‬ ‫�صحية وكافية‪ ،‬مع �إعطاء الأولوية للأ�سر‬ ‫والأفراد الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪.‬‬

‫التحويالت النقدية؛ برامج الوجبات المدر�سية؛‬ ‫برنامج غذاء العمال؛ ت�سهيالت الغذاء العمومي‬ ‫والتغذية؛ توزيع �سالل الغذاء‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬تعزيز التموين الغذائي وهيكلة �أنظمة‬ ‫من�صفة وغير ممركزة قائمة على مقاربة‬ ‫زراعية بيئية وم�ستدامة لإنتاج الغذاء‪،‬‬ ‫وا�ستخراجه ومعالجته وتوزيعه‪.‬‬

‫قرو�ض لدعم عائالت المزارعين؛ �أ�سعار مختلفة‬ ‫م�ضمونة؛ م�ساعدة تقنية و�إر�شاد فالحي ريفي؛‬ ‫�إ�صالح زراعي؛ زراعة في المناطق الح�ضرية‬ ‫وال�شبه الح�ضرية؛ التموين‪ ،‬م�صائد الأ�سماك‬ ‫والزراعة المائية؛ االقت�صاد الت�ضامني‪.‬‬

‫ثالثا ‪� -‬إجراء عمليات دائمة لالرتقاء‬ ‫بالتربية على الغذاء والتغذية‪ ،‬والبحث و�إنتاج‬ ‫المعرفة والتكوين في مو�ضوع �سيادة و�أمن‬ ‫الغذاء والتغذية وفي حق الإن�سان في الغذاء‬ ‫الكافي وال�صحي‪.‬‬

‫التربية على الغذاء والتغذية في الأنظمة‬ ‫العمومية؛ تقدير الثقافة الغذائية البرازيلية؛‬ ‫التكوين في مجال حق الإن�سان في الغذاء‬ ‫والتعبئة االجتماعية ل�ضمان �أمن الغذاء‬ ‫والتغذية ‪FNS‬؛ تكوين منتجي الغذاء ومعالجيه‪.‬‬

‫رابعا ‪ -‬تعزيز وتو�سيع وتن�سيق �أن�شطة �أمن‬ ‫الغذاء والتغذية التي تركز على الجماعات‬ ‫التقليدية والنا�س التقليديين‪.‬‬

‫ولوج الأرا�ضي التقليدية والموارد الطبيعية؛‬ ‫الإدماج الإنتاجي والحوافز على خطط الإنتاج‬ ‫الم�ستدام؛ غذاء وتغذية ال�سكان الأ�صليين؛‬ ‫توزيع الغذاء على مجموعات ال�سكان‬ ‫الخ�صو�صيين؛ الم�ساعدة المختلفة في برامج‬ ‫�أمن الغذاء والتغذية و�أن�شطته‪.‬‬

‫خام�سا ‪ -‬تقوية �أن�شطة الغذاء والتغذية على‬ ‫كل م�ستويات نظام الرعاية ال�صحية‬ ‫�إلى جانب ال�سيا�سات الأخرى للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪.‬‬

‫المراقبة ال�صحية ل�ضمان جودة المنتجات‬ ‫الغذائية؛ التغذية في مجال الرعاية ال�صحية‬ ‫الأ�سا�سية؛ مراقبة الغذاء والتغذية؛ الرعاية‬ ‫ال�صحية؛ برنامج منحة الأ�سرة ؛ االرتقاء‬ ‫بالتغذية الكافية؛ الوقاية ومراقبة النق�ص في‬ ‫التغذية؛ هيكلة وتنفيذ �أن�شطة الغذاء والتغذية‬ ‫في الواليات والبلديات‪.‬‬

‫�ساد�سا ‪-‬تعزيز ح�صول الجميع على مياه‬ ‫جيدة بكمية كافية‪� ،‬إعطاء الأولوية للأ�سر‬ ‫التي تواجه انعدام الأمن المائي‪ ،‬واالرتقاء‬ ‫بالح�صول على الماء بالن�سبة للزراعة الأ�سرية‬ ‫للزيادة في �إنتاج الطعام‪.‬‬

‫هيكلة نظام تدبير الموارد المائية الوطنية؛‬ ‫تدبير وتن�شيط م�ستجمعات المياه؛ التوفر‬ ‫والح�صول على الماء ال�ستهالك الغذاء و�إنتاجه؛‬ ‫ال�صرف ال�صحي وجودة المياه‪.‬‬

‫�سابعا ‪ -‬دعم مبادرات االرتقاء بال�سيادة‬ ‫والأمن الغذائيين والتغذية وحق الإن�سان في‬ ‫غذاء كاف و�صحي عالميا‪.‬‬

‫مفاو�ضات دولية؛ تعاون جنوب‪ -‬جنوب‬ ‫في مجال �أمن الغذاء والتغذية ‪ FNS‬والتنمية‬ ‫الزراعية؛ الم�ساعدة الإن�سانية الدولية‪.‬‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫بالبرازيل‪ .‬وين�ص االقتراح القا�ضي بو�ضع ال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫على �إ�شراك �إدارات الواليات والبلديات على �أ�سا�س جدول الأعمال المتفق عليه على‬ ‫ال�صعيد الوطني التي تر�سم م�شاركة وانخراط الواليات والبلديات في النظام الوطني‬ ‫‪1‬‬ ‫وال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬ ‫�أما بالن�سبة لتمويل ال�سيا�سة الوطنية والنظام الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ ،‬ف�إنه يجب �أن يرتبط ب�أهداف هذه ال�سيا�سة ومبادئها التوجيهية ل�ضمان‬ ‫توافر �أعلى مبلغ ممكن لتمويل برامجها‪� .‬إذ هناك فئتان من النفقات مطلوب توافرهما‬ ‫في بناء الأمن الغذائي والتغذية‪ .‬تتعلق الأولى منهما ب�صيانة و�إدارة عنا�صر النظام‬ ‫(الم�ؤتمرات‪ ،‬والمجال�س‪ ،‬وال�سلطات الم�شتركة بين القطاعات) والأن�شطة المرتبطة بها‬ ‫في جميع الدوائر الحكومية‪ .‬وتتعلق الفئة الثانية بتمويل البرامج العامة التي تخ�ضع‬ ‫لم�س�ؤولية ال�سلطات المكلفة بتنفيذها‪ .‬وباالرتباط مع هذه الفئة‪ ،‬ف�إن المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية �سبق له �أن طور منهجية لتقديم المقترحات وتتبع‬ ‫تنفيذ البرامج التي ت�أخذ بعين االعتبار البنود التي تم �إدراجها ب�شكل نمطي في‬ ‫ميزانية الأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬التي �سنعر�ضها �أ�سفله‪.‬‬ ‫ويركز تتبع وعر�ض مقترحات لإدراجها في الميزانية الفيدرالية على‬ ‫البرامج والعمليات المعتبرة في المخطط المتعدد ال�سنوات )‪ ،(PPA‬م�شكلة يمكن‬ ‫الإ�شارة �إليها باعتبارها "ميزانية الأمن الغذائي والتغذية"‪ .‬وقد حددت المنهجية‬ ‫التي تم اعتمادها ‪� 149‬إجراء‪ ،‬وزعت في البداية على ‪ 43‬برنامجا ن�ص عليها المخطط‬ ‫المتعدد ال�سنوات ‪ ،2011-2008‬وقد تم تجميعها في ‪ 18‬كتلة من المو�ضوعات ذات‬ ‫ال�صلة بالأمن الغذائي والتغذية‪ .‬وقد �أف�ضت هذه النهج �إلى تحديد مجموعة من ‪65‬‬ ‫�إجراء تحظى بالأولوية موزعة على ‪ 17‬برنامجا وتت�ضمن ‪ 15‬مو�ضوعا‪ :‬الإمداد‬ ‫بالأغذية الزراعية؛ والح�صول على الغذاء؛ والتحويل النقدي؛ والأن�شطة الهيكلية؛‬ ‫والزراعة الأ�سرية؛ ومخطط مو�سم الح�صاد ومخطط �شراء الغذاء؛ وبرنامج الوجبات‬ ‫المدر�سية؛ والعادات الغذائية ال�صحية؛ والتنوع البيولوجي وال�سكان التقليديون؛‬ ‫والإدارة ال�سيا�سية (النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية)؛ وم�صائد الأ�سماك؛‬ ‫والزراعة المائية؛ والإ�صالح الزراعي؛ وتنظيم الأرا�ضي ووحدات ال�صيانة؛ والأمن‬ ‫الغذائي والتغذية لل�سكان ال�سود؛ والأمن الغذائي والتغذية لل�سكان الأ�صليين؛‬ ‫والأمن الغذائي والتغذية في المناطق �شبه القاحلة؛ والرقابة ال�صحية‪ .‬وبالنظر‬ ‫�إلى الحجم‪ ،‬ف�إن مبالغ التمويل الإجمالية للميزانية الم�سماة بـ"ميزانية �أمن الغذاء‬ ‫والتغذية" المدرجة في قوانين الميزانيات ال�سنوية ل�سنوات ‪ 2009-2005‬كانت‬ ‫‪ 1‬هناك ثالثة مجاالت يمكن فيها لحكومات الواليات �أن تلعب دورا ن�شيطا لت�أمين الغذاء والتغذية ‪ FNS‬من بين مجاالت �أخرى‪ :‬تنفيذ برامج‬ ‫على م�ستوى الواليات‪ ،‬ب�صرف النظر عن الم�شاركة في البرامج الفيدرالية؛ والتدريب على الأمن الغذائي والتغذية ‪FNS‬؛ ودعم الأن�شطة البلدية‬ ‫و�سيا�ساتها‪ ،‬بما في ذلك المبادرات القا�ضية بالربط بين �أن�شطة البلديات‪ .‬وينبغي ت�سليط ال�ضوء على �إمكانية و�أهمية برامج البلدية و�أن�شطتها في‬ ‫كافة الجوانب ذات ال�صلة بالأمن الغذائي والتغذية ‪.FNS‬‬

‫‪267‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫كالآتي‪ 14 :‬مليار ريال برازيلي (‪)2005‬؛ ‪ 14.6‬مليار ريال برازيلي (‪)2006‬؛‬ ‫مليار ريال برازيلي (‪)2007‬؛ ‪ 18.9‬مليار ريال برازيلي (‪)2008‬؛ ‪ 20.3‬مليار ريال‬ ‫برازيلي (‪.)2009‬‬ ‫كما طور المجل�س منهجية لح�ساب م�ؤ�شرات تتبع التحقيق التدريجي لحق‬ ‫الإن�سان في الغذاء الكافي باالعتماد على المبادئ التالية‪ :‬الم�شاركة االجتماعية‬ ‫الوا�سعة؛ والتركيز على �ضمان الحقوق العالمية وغير القابلة للتجزئة؛ والم�ساهمة‬ ‫في الحفاظ على النتائج الإيجابية التي تحققت حتى الآن و�ضمان اال�ستفادة‬ ‫الق�صوى من الموارد المتاحة؛ وم�ساءلة القطاعات المكونة للنظام الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ .‬وي�شدد التتبع القائم على الحقوق على المجموعات ال�سكانية الأكثر‬ ‫ت�أثرا بالأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬بينما يعتبر ا�ستعمال المعطيات التي تك�شف عن عدم‬ ‫الم�ساواة بين ال�سكان وفي مختلف الأبعاد مطلوبا‪ .‬وتحتوي الم�صفوفة الناتجة على‬ ‫�سبعة مظاهر للتتبع‪ ،‬يتم بالن�سبة لكـل واحدة منها انـتقاء الم�ؤ�شرات وال�سيا�سات‬ ‫ذات ال�صلة‪�( :‬أ) �إنـتاج المـواد الغـذائية؛ (ب) توفر الغذاء؛ (ج) الدخل‪/‬الح�صول على‬ ‫الغذاء والإنفاق؛ (د) الح�صول على الغذاء الكافي؛ (ه) الرعاية ال�صحية واال�ستفادة من‬ ‫الخدمات ال�صحية؛ (و) التعليم؛ (ز) ال�سيا�سات العامة‪.‬‬ ‫وهناك مجال ال�ستك�شاف �إمكانية الجمع بين الب�ؤرتين (الم�ؤ�شرات والميزانية)‬ ‫و�آليات �إنتاج المعلومات المتاحة في مختلف المناطق الحكومية وم�ؤ�س�سات البحوث‬ ‫وذلك على �شكل نظام فرعي للم�ؤ�شرات والميزانية والتتبع المتوفر لدى النظام‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ .‬ومن �ش�أن ذلك �أن يكون �أداة للإدارة العامة‬ ‫والرقابة االجتماعية‪ ،‬وهما هدفان يمكنهما‪ ،‬من حيث المبد�أ‪� ،‬أن ي�سود التوتر فيما‬ ‫بينهما‪� ،‬إال �أن �أحدهما ال يق�صي الآخر‪ .‬وعلى الم�س�ؤولين على �إدارة ال�ش�ؤون العامة‬ ‫�أن ينظروا �إلى ذلك باعتباره �أداة مفيدة وعلى المجتمع المدني �أن تتاح له �إمكانية‬ ‫المطالبة بالم�ؤ�شرات التي تلبي �أغرا�ض الرقابة االجتماعية‪ .‬وعلى �أية حال‪ ،‬ف�إن‬ ‫النظام الفرعي المقترح قد يكون عن�صرا من �آلية تتبع النظام الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪ ،‬بما �أن دور تتبع حق الإن�سان في الغذاء يجب �أن تقوم به الدولة بطريقة‬ ‫�شفافة‪ ،‬وهكذا تكون كل المعلومات التي تم توليدها متي�سرة لكل �أع�ضاء النظام‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك ال�شرائح الأكثر ه�شا�شة‪ ،‬مع احترام جميع المعاهدات‪ ،‬والقوانين والقواعد‬ ‫التي تهدف �إلى حماية حقوق الإن�سان و�ضبطها‪.‬‬ ‫‪15.6‬‬

‫الدولة والمجتمع وتطوير الأمن الغذائي والتغذية‬ ‫‪268‬‬

‫لقد تم تعزيز الم�شاركة االجتماعية في �صياغة ومتابعة ال�سيا�سات العامة في‬ ‫البرازيل على �إثر الم�صادقة على الد�ستور الفيدرالي الجديد للبالد في ‪ .1988‬وقد تمت‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫�إ�شارة خا�صة هنا‪ ،‬في مجال الأمن الغذائي والتغذية‪� ،‬إلى �إن�شاء المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية في �سنة ‪ ،1993‬و�إلى عقد الم�ؤتمر الوطني الأول حول مو�ضوع‬ ‫الأمن الغذائي بعد عام واحد‪ ،‬و�إلى المبادرات التي اتخذتها الواليات والبلديات‬ ‫لإقامة فروع المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية على م�ستوى الواليات‬ ‫والبلديات‪ .‬وقد تم ا�ستئناف هذه الممار�سة ال�سيا�سية بفاعلية في �سنة ‪ ،2003‬عندما‬ ‫�أعيد تكوين المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية على الم�ستوى الفيدرالي وو�ضع‬ ‫مجال�س �أخرى عديدة ل�ضمان الم�شاركة االجتماعية التي �شملت ممثلين عن الحكومة‬ ‫والمجتمع‪ .‬وفي نف�س الوقت‪ ،‬تجري العديد من العمليات الديمقراطية على الم�ستوى‬ ‫المحلي التي ت�صل ذروتها في عقد م�ؤتمرات وطنية وا�سعة‪.‬‬ ‫�إن ممار�سة الديمقراطية الت�شاركية‪ ،‬التي ما تزال في مراحلها الأولية‪ ،‬ال‬ ‫تحل محل ما ي�سمى بالديمقراطية التمثيلية‪ ،‬و�إنما يجب �أن ت�ضاف �إليها في عملية‬ ‫�صياغة ال�سيا�سات العامة في البرازيل‪ .‬وحتى ال�ساعة‪ ،‬فهي عملية تعلم هامة‬ ‫بالن�سبة لكل �أولئك الذين ي�شاركون فيها‪ .‬ويتطلب ذلك تعزيز القدرات من جانب‬ ‫ممثلي المجتمع الذين ي�شاركون في المجال�س والم�ؤتمرات لتقديم المقترحات‪ .‬كما‬ ‫تتطلب رغبة ممثلي الحكومة في عر�ض �أعمالهم ومبادراتهم كي تت�سنى مناق�شتها‬ ‫و�إبداء الآراء ب�ش�أنها‪ .‬ونظرا لتنوع الم�صالح التي يدافع عنها كل من ممثلي المجتمع‬ ‫والحكومة الم�شاركين معا في هذه المنتديات‪ ،‬ف�إنهم يرون كيف �أن اختالفاتهم قد‬ ‫تك�شفت و�أف�ضت �إلى ا�ستقطاب �أطراف �أخرى‪ ،‬لي�س فقط من بين ممثلي الحكومة‬ ‫والمجتمع‪ ،‬بل �أي�ضا من بين المنتمين �إلى �صفوفهم �أي�ضا‪.‬‬ ‫�إن ا�ستعمال المجال�س ال ينفرد به مجال الأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬بما �أن فكرة‬ ‫�إن�شاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية قد خرجت �إلى حيز الوجود بف�ضل‬ ‫توجه عام كان له بالغ الأثر في الدعوة �إلى �إن�شاء مجال�س مكلفة بال�سيا�سات العامة‬ ‫في كل المجاالت‪ ،‬وحتى داخل البرامج الحكومية في البرازيل‪ .‬غير �أن للمجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية خ�صائ�ص ينفرد بها في تكوينه و�أن�شطته‪ .‬وتتطلب‬ ‫المهام ذات الطابع الم�شترك بين القطاعات لم�صالح الأمن الغذائي والتغذية �أن‬ ‫يحظى المجل�س بموقع على الم�ستوى الم�ؤ�س�سي يمكنه من الإ�شراف على حوار بناء‬ ‫بين مختلف القطاعات الحكومية وي�ضمن بنف�س القدر تمثيال متنوعا لكل القطاعات‬ ‫االجتماعية‪ .‬وقد كان من �ش�أن هذا الفهم الأ�سا�سي �أن جعل مقر المجل�س بمقر‬ ‫رئا�سة الجمهورية‪ ،‬وقد �أدى ذلك‪ ،‬وب�شكل �أعم‪� ،‬إلى �إن�شاء فروع للمجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية على م�ستوى الواليات والبلديات داخل مجل�س رئي�س الفرع‬ ‫التنفيذي للدائرة الخا�صة للحكومة (حاكم الوالية �أو عمدة البلدية)‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬وبناء على معيار التمثيل الهادف �إلى التعوي�ض عن‬ ‫العالقة غير المتكافئة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني‪ ،‬ف�إن �أغلبية ثلثي‬

‫‪269‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪270‬‬

‫�أع�ضاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية يمثلون المجتمع المدني وثلث واحد‬ ‫يمثل القطاعات الحكومية المختلفة‪ .‬وقد تم تحديد ن�سبة الأغلبية هذه باالعتماد‬ ‫على الخبرات ال�سابقة‪ ،‬غير �أنه يجب �أن نعترف بعدم تقديم �أي مبرر وا�ضح لذلك‪.‬‬ ‫والأمر الدال والمتفرد على حد �سواء هو كون رئي�س المجل�س يتم اختياره من بين‬ ‫ممثلي مجتمعه المدني‪ -‬وهذا هو الإجراء ذاته الذي تم اعتماده من قبل المجال�س‬ ‫الأخرى‪ -‬بينما يتم اختيار �أمينه العام من قبل الوزارة المكلفة بمعظم الأن�شطة في‬ ‫مجال الأمن الغذائي والتغذية‪� ،‬أي وزارة التنمية االجتماعية ومحاربة الجوع‪.‬‬ ‫لقد تم و�ضع المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية باعتباره مجل�سا‬ ‫تخول له �صالحية تقديم الم�شورة لرئي�س الجمهورية‪ ،‬وهذا يعني �أن مداوالته تولد‬ ‫مقترحات لي�ست �إلزامية للفرع التنفيذي‪ .‬ويمكن للمرء �أن يت�صور ب�سهولة كيف يمكن‬ ‫لوجهات النظر حول هذه الم�س�ألة الح�سا�سة �أن تكون مت�ضاربة‪ ،‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ف�إن‬ ‫الت�صدي لها �أمر ال بد منه‪ .‬وحجتي هي �أن القوانين الداخلية للمجل�س اال�ست�شاري‬ ‫تعبر عن "تكلفة هذه النهج الم�شتركة بين القطاعات" في المرحلة الراهنة من‬ ‫الإطار الم�ؤ�س�سي للأمن الغذائي والتغذية بالبرازيل‪ .‬ويتوقف �أي تغيير في اتجاه‬ ‫تحويل مداوالت المجل�س ذي ال�سمات المذكورة �أعاله �إلى متطلبات �إجبارية على‬ ‫التقدم الحا�صل في هذا الإطار الم�ؤ�س�ساتي‪ ،‬وذلك بدءا ب�إعادة تعريف �إطار الحكومة‬ ‫للمالءمة بين الأهداف الم�شتركة بين القطاعات‪ .‬وتتطلب �إعادة التعريف هذه‪ ،‬من‬ ‫بين �أمور �أخرى‪� ،‬إقامة �آليات التن�سيق بين مختلف المنتديات التي تتداول حول‬ ‫البرامج والأن�شطة التي تنا�سبها ومراجعة المعايير المطبقة على ت�شكيل المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية وعلى الإجراءات المعتمدة النتقاء �أع�ضائه‪.‬‬ ‫دعونا نلقي نظرة �أعمق حول هذه الق�ضية الهامة‪ .‬لقد �أ�سفرت النهج الم�شتركة‬ ‫بين القطاعات عن �إدراج ن�سبة هامة من القطاعات الحكومية ممثلة على التوالي‬ ‫بوزاراتها في المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ .‬وترمي ال�سيا�سة الوطنية‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية‪� ،‬أكثر من وزاراتها‪� ،‬إلى �أن ت�شمل ن�سبة كبيرة من برامج‬ ‫و�أن�شطة الحكومة‪ ،‬التي تتوفر على منتدياتها التداولية الخا�صة التي تتطلب تقريبا‬ ‫وعلى نحو ثابت الم�شاركة االجتماعية التي تتخذ �شكل مجال�س �سيا�سة عامة قطاعية‪.‬‬ ‫ويمكن �أن ي�شكل تحويل مداوالت المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية �إلى‬ ‫متطلبات �إلزامية �سابق ًة تطرح ت�سا�ؤالت في �أو�ساط نظرائه من المنتديات التداولية‬ ‫الم�شروعة‪ ،‬والتي يتمتع بع�ضها بخبرة ون�ضج �أكبر على الم�ستوى الم�ؤ�س�سي‪� .‬أما‬ ‫بالن�سبة لإجراءات الت�شاور واقتراح ممثلي المجتمع المدني ليكونوا �أع�ضاء المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬ف�إنها تعرف تح�سنا وذلك بهدف �إ�ضفاء �شرعية‬ ‫اجتماعية كبرى وتنوع �أكبر على مختلف �أبعاد الأمن الغذائي والتغذية والقطاعات‬ ‫االجتماعية والمناطق بالبرازيل‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فما زالت تطال درجة من‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫االعتباطية التي ال يمكن تفاديها االجراءات التي تفتقد الم�شروعية الم�ؤ�س�سية‬ ‫والمرونة وتحديد �أدق للمجال الخا�ص الأمن الغذائي والتغذية �إذا �صح التعبير‪.‬‬ ‫و�إذا كانت هذه العنا�صر المتعلقة بتحديد المفاهيم غير كافية‪ ،‬ف�إن قدرا قليال‬ ‫من الواقعية قد ي�ساعد المرء على �أن يفهم �أال وجود لحكومة قد تعر�ض نف�سها على‬ ‫مداوالت مجل�س ي�ضم في ع�ضويته �أغلبية الثلثين من ممثلي المجتمع المدني و�أي�ضا‬ ‫برئا�سة ممثل للمجتمع المدني‪ ،‬مع عدد كبير من القطاعات الحكومية الممثلة فيه‪.‬‬ ‫فلكي ترف�ض الحكومة المداوالت التي ال توافق عليها‪ ،‬يمكنها �أن تحتج‪ ،‬قانونيا‪،‬‬ ‫بكون برنامجها قد اجتاز اختبار �صناديق االقتراع‪ .‬وعليه‪ ،‬فالتقدم الحا�صل في‬ ‫النظام الم�شترك بين القطاعات من قبيل الأمن الغذائي والتغذية ال يمكن بنا�ؤه �إال في‬ ‫�إطار حوار معقد وعملية تفاو�ض بين هيئات القطاعات الحكومية المختلفة المعنية‬ ‫التي �أحدثت‪ ،‬وتجب الإ�شارة �إلى ذلك‪ ،‬باعتبارها نتيجة �سيا�سة �أكثر مما هي نتيجة‬ ‫حلول ر�سمية وهمية �أعتبرها خاطئة في ال�سيناريو الحالي‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إن قدرة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية على الت�أثير‬ ‫على ال�سيا�سات العامة لي�ست محددة فقط من قبل و�ضعه ك�صانع للقرار‪ .‬وبالفعل‪،‬‬ ‫ف�إن محتويات قراراته وقاعدته االجتماعية وقوته ال�سيا�سية هي التي تحدد ما‬ ‫�إذا كانت قراراته �ست�سود �أو ال‪ .‬ولهذا الغر�ض‪ ،‬ف�إن المواقف التي ي�ساندها المجل�س‬ ‫يجب �أن يدعمها المجتمع ب�شكل ملحوظ‪ ،‬وال يجب �أن يق�صي وجو ُد المجال�س التعبئ َة‬ ‫االجتماعية‪ .‬فقد �أبانت التجربة‪ ،‬على العك�س من ذلك‪� ،‬أن المجال�س الوطنية للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية �أكثر فعالية‪ ،‬حيث يكون المجتمع المدني الممثل فيها منظما ب�شكل‬ ‫م�ستقل‪ ،‬و�أبانت �أن هناك �شبكات اجتماعية قوية وحركات‪ .‬وينبغي للمجل�س‪ ،‬في‬ ‫الوقت نف�سه‪� ،‬أن يكون قد �صقل مهارات التفاو�ض‪ ،‬وذلك من �أجل بلوغ المقترحات‬ ‫التي يمكن �أن ي�صادق عليها و�أن تنفذ بالفعل‪.‬‬ ‫لقد اختبر المجل�س‪ ،‬بعد �إعادة ت�أ�سي�سه‪ ،‬عدة نجاحات وقد كان المنتدى‬ ‫برنامج اقتناء الغذاء من المزارع الأ�سرية وتم فيه �إطالق مقترح‬ ‫الذي ُبني فيه‬ ‫ُ‬ ‫يخ�ص مخططا خا�صا للح�صاد ل�صالح المزارع الأ�سرية‪ .‬لقد �أن�ش�أ المجل�س مجموعة‬ ‫عمل مكونة من ممثلي المجتمع المدني وممثلي الحكومة الذين و�ضعوا ورقة عمل‬ ‫بخ�صو�ص قانون ع�ضوي للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وتفاو�ضوا مع رئي�س الجمهورية‬ ‫حول ا�ستعادة مقدار الفرد الواحد المخ�ص�ص لبرنامج الوجبات المدر�سية‪ ،‬وقد �شارك‬ ‫في �إعداد ورقة عمل خا�صة بقانون جديد ومتقدم لهذا البرنامج‪ .‬كما طور مقترحات‬ ‫�أكثر تف�صيال لتح�سين برنامج منحة الأ�سرة‪ ،‬بع�ضها قد تم تنفيذه‪ .‬غير �أن بع�ض‬ ‫المقترحات لم يتم تنفيذها‪ ،‬مثل المقترحات التي تو�صي باتخاذ احتياطات كبرى‬ ‫في مجال �إنتاج وت�سويق المنتجات الغذائية المعدلة وراثيا‪ ،‬واعتماد �سيا�سة التموين‬ ‫الغذائي الوطني بما يتفق مع متطلبات الأمن الغذائي والتغذية‪.‬‬

‫‪271‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وب�إيجاز‪ ،‬ف�إن الأمن الغذائي والتغذية قد وجد �أر�ضية �سيا�سية في �إدارة‬ ‫لوال التي جعلت من الممكن �إجراء حوار بين المجتمع المدني والحكومة الفيدرالية‪،‬‬ ‫وتطوير �أن�شطة متفق عليها في المنتديات التي تلقي الأ�ضواء على المو�ضوع‬ ‫ومختلف الر�ؤى بخ�صو�صه‪ ،‬وبذلك ت�ساهم في تحديد ال�سيا�سات العامة ال�سليمة‪ .‬لقد‬ ‫قاد المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية عملية تعبئة ال�ستئناف المناق�شات‬ ‫حول �أجندة عامة للأمن الغذائي والتغذية بالن�سبة للبرازيل‪ ،‬وهي المهمة التي كان‬ ‫يي�سرها و�ضوح الر�ؤية التي �أولتها للمو�ضوع الإدارة الفيدرالية والبرامج المنا�سبة‬ ‫المنفذة في هذا المجال‪ ،‬و�صياغة وتنفيذ تلك التي ت�شكل عنا�صر مركزية في �أجندة‬ ‫عمل المجل�س‪.‬‬ ‫وال تعتبر المنتديات الهجينة للنقا�ش بين الدولة والمجتمع المدني من‬ ‫قبيل المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية م�ساحات ت�شاركية تماما‪ ،‬ب�سبب‬ ‫التوترات والنزاعات المجربة داخلها‪ ،‬ال�شيء الذي ي�ستلزم مجهودات مركزة للو�صول‬ ‫�إلى توافقات ممكنة‪ ،‬و�إن كان ذلك ب�شكل متقطع‪ .‬كما ت�ؤثر في المجل�س الم�شاركة‬ ‫المتدنية للم�ؤ�س�سات الخ�صو�صية‪ ،‬وحتى بع�ض الحركات االجتماعية‪ ،‬غير �أن ذلك ال‬ ‫يعني �أنه لم يحظ باعتراف متزايد في البالد‪.‬‬ ‫وكما هو متوقع‪ ،‬فقد لوحظ تقدم في الم�شاركة االجتماعية في ال�سيا�سات‬ ‫العامة في �سيناريو ا�ست�أنفت فيه الدولة الدور الأ�سا�سي في م�س�ألة �ضمان حق‬ ‫الإن�سان في الغذاء‪� .‬إن ا�ستراتيجية الق�ضاء على الجوع تدلل على هذه الحقيقة‪ ،‬ب�سبب‬ ‫�أنها تعيد النموذج الذي كان �سائدا في الما�ضي‪ ،‬لكن ذلك ال يخلو من وجود معار�ضة‬ ‫من الناطقين با�سم م�صالح النخب‪ .‬ولقد تم مرة �أخرى‪ ،‬في الن�صف الأول من‬ ‫�سنة ‪ 2008‬وفي ذروة الأزمة الغذائية بالبرازيل‪ ،‬و�ضع خيار وجود دولة ن�شيطة محل‬ ‫االختبار‪ ،‬وقد جاءت الحكومة الفيدرالية بمبادرات متنوعة‪ .‬غير �أن وجود الدولة ما‬ ‫يزال غير كاف لمعالجة الأ�سباب البنيوية للأزمة‪ ،‬التي ترتبط بت�سليع الغذاء‪ ،‬كما‬ ‫�سنرى ذلك �أدناه‪.‬‬

‫مالحظات ختامية‪ :‬التحديات‬

‫‪272‬‬

‫على الرغم من التقدم الملحوظ في المجال االجتماعي على العموم وفي مجال‬ ‫الغذاء والتغذية على وجه الخ�صو�ص‪ ،‬ف�إن البرازيل ال زال عليها دين اجتماعي يجب‬ ‫�سداده وهو ما ال يتالءم مع م�ستواها في التطور‪ .‬فالبالد ما تزال تعرف عددا كبيرا‬ ‫من النا�س الفقراء‪ ،‬وم�ستويات عدم الم�ساواة فيها من بين الأعلى في العالم وما‬ ‫تزال ماليين الأ�سر محرومة من اال�ستفادة من البرامج العامة‪ ،‬وهو ما ي�ؤدي �إلى‬ ‫انتهاك حقها الإن�ساني في الغذاء الكافي على �أ�سا�س يومي‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪،‬‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫ت�ستمر القطاعات المحافظة في محاكمة المنظمات والحركات االجتماعية المكافحة‬ ‫من �أجل العدالة االجتماعية و�إ�ضعافها وتجريمها‪ ،‬و�إذن الم�ساهمة في �إ�ضعاف‬ ‫الديمقراطية في البرازيل‪.‬‬ ‫وفي هذا الق�سم الأخير‪� ،‬سنعالج بع�ض تحديات االرتقاء ب�سيادة الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية وحق الإن�سان في الغذاء بالبرازيل‪.‬‬

‫المحافظة على الأولوية وتو�سيع نطاق التركيز‬

‫لقد ر�أينا �أن مواجهة الجوع واالرتقاء بالأمن الغذائي والتغذية كانت من بين مبادرات‬ ‫�إدارة لوال‪ ،‬مع ما كان لذلك من تداعيات على الم�ستوى الدولي‪� .‬إن قرار الرئي�س القا�ضي‬ ‫ب�إعطاء الأولوية الق�صوى لهذه الأهداف‪ ،‬مع �إعادة ت�شكيل المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية من خالل �إ�صدار قانونه المعياري الأول‪ ،‬الذي �صدر �سنة ‪،2003‬‬ ‫و�إر�سائه في مقر رئا�سة الجمهورية‪ ،‬قد و�ضح ر�ؤية الأن�شطة الم�شتركة بين القطاعات‪،‬‬ ‫وعزز القدرة على التعبئة ل�صالحها‪ ،‬وزاد في نطاقها‪ .‬وينبغي �أن ن�شير‪ ،‬في المرحلة‬ ‫الحالية من هذه العملية‪� ،‬إلى اقتراح تم تقديمه �إلى الرئي�س لوال بغاية �إ�صدار مر�سوم يتم‬ ‫بموجبه و�ضع �سيا�سة الأمن الوطني للغذاء والتغذية قبل نهاية �إدارته‪.‬‬ ‫�أما بالن�سبة لإن�شاء النظام الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬فيجب العمل‬ ‫على موا�صلة الجهود ل�ضمان التزام حكومات الواليات والبلديات لالرتقاء‬ ‫بالأمن الغذائي والتغذية الذي دعمه الم�ؤتمر الوطني بتمرير التعديل الد�ستوري‬ ‫رقم ‪ ،2006/64‬والذي �أ�ضاف الحق في الغذاء �ضمن قائمة الحقوق االجتماعية‬ ‫المن�صو�ص عليها في الد�ستور الفيدرالي‪ .‬و ينبغي �أن يعقب هذا الإنجاز الكبير �إن�شاء‬ ‫وتدعيم وت�أمين �آليات تعزز فعال حق الإن�سان في الغذاء الكافي بالتن�سيق مع النظام‬ ‫الذي ُتنفذ من خالله �سيا�سات حقوق الإن�سان العامة في البرازيل ‪ ،‬وتبني ثقافة‬ ‫احترام هذه الحقوق في البالد‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬تتوافر للبرازيل مجموعة �شاملة من ال�سيا�سات االجتماعية التي‬ ‫ب�إمكانها �أن ترتقي بالح�صول المنتظم على الغذاء بالن�سبة لأفقر �شرائح �سكانها‪.‬‬ ‫وقد تحقق الكثير من حيث االرتقاء بالقدرة الإنتاجية للمزارع الأ�سرية‪ .‬وقد تح�سن‬ ‫بو�ضوح برنامج الوجبات المدر�سية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وتحت �ضغط عمليات الطوارئ‬ ‫المرتبطة بمو�ضوعات �أخرى على جدول �أعمال الحكومة‪ ،‬ف�إن هذه النجاحات‬ ‫وغيرها ال ينبغي لها �أن تقلل من الأولوية المعطاة لمو�ضوع ي�شمل العديد من‬ ‫المجاالت التي لم تعالج بعد‪ ،‬كما �سنرى ذلك �أدناه‪ ،‬وذلك ب�صرف النظر عن مطلب‬ ‫اليقظة الدائمة ل�صيانتها من االنتكا�س‪.‬‬ ‫وبدعم من ال�شبكات االجتماعية والمنظمات المتنوعة‪ ،‬عمل المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية على تحويل الحق في الغذاء الكافي وال�صحي �إلى معيار‬

‫‪273‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫لتعبئة المجتمع وتوجيه البرامج العامة والأن�شطة لتتجاوز تلك الأن�شطة التي‬ ‫ت�ستهدف محاربة الجوع‪ ،‬الذي يتم بالحفاظ على الو�سائل الموجودة‪ .‬وي�شمل‬ ‫المعيار ال�سبلَ الم�ستدامة لإنتاج الغذاء وا�ستهالكه و�سبل تعزيز تقييم التنوع‬ ‫هذا‬ ‫ُ‬ ‫الثقافي وتنوع الموارد الطبيعية والحق في حياة كريمة و�صحية‪ .‬وتكمن داللة مثل‬ ‫هذه النظرة للعمل في الحاجة �إلى تعبئة مجموعة كبيرة من القطاعات الحكومية‬ ‫والربط بينها وبين المجتمع بدعم من رئا�سة الجمهورية‪ ،‬وهو هدف من ال�صعب على‬ ‫المجل�س القطاعي تحقيقه‪.‬‬ ‫ولهذا ينبغي على المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية الحفاظ على‬ ‫المكانة التي اكت�سبها من حيث االعتراف وال�شرعية باعتباره منتدى لتلقي الطلبات‬ ‫من المجتمع والدولة معا بهدف الو�ساطة بينهما‪ ،‬حيث غالبا ما يقوم با�ستقراء‬ ‫مجال الأمن الغذائي‪ .‬وي�شكل �ضمان الو�ضع القانوني والم�ؤ�س�سي للمجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية وغرفة الأمن الغذائي والتغذية الم�شتركة بين القطاعات‬ ‫الوزارية الخا�ضعة للإدارات الفيدرالية القادمة‪ ،‬والحفاظ على و�ضوح ر�ؤية النظام‬ ‫الوطني وال�سيا�سة الوطنية للأمن الغذائي والتغذية في الأجندة العامة البرازيلية كل‬ ‫ذلك ي�شكل مطلبا من �أجل اال�ستمرارية‪.‬‬

‫الإجراءات الن�سقية لمعالجة الأزمات الغذائية واالقت�صادية‬

‫‪274‬‬

‫كما نعلم‪ ،‬تحمل العالم‪ ،‬وما يزال يتحمل‪� ،‬إلى حد ما‪ ،‬لحظة حرجة �أثرت على حق‬ ‫الإن�سان في الغذاء الكافي لن�سبة كبيرة من �سكانه نتيجة لتداعيات االرتفاع العالمي‬ ‫الحالي لأ�سعار المواد الغذائية والأزمة االقت�صادية – المالية التي انتهت بالت�شوي�ش‬ ‫على النقا�ش حول ذلك‪ .‬وقد ارتفع مرة �أخرى عدد الجياع في العالم ليك�شف عن‬ ‫ه�شا�شة االلتزامات الدولية للحد من الجوع ب�شكل كبير‪.‬‬ ‫لقد تمت الإ�شارة‪ ،‬في الت�شخي�ص الذي قام به المجل�س الوطني للأمن الغذائي‬ ‫والتغذية‪� ،‬إلى �أن هذه الزيادات في �أ�سعار المواد الغذائية تعبر‪ ،‬على وجه الخ�صو�ص‪،‬‬ ‫عن وجود هوة بين التموين والطلب الغذائيين بالعالم‪ ،‬لأنها تك�شف عن وجود �أزمة‬ ‫في نموذج �إنتاج وا�ستهالك الغذاء العالمي الذي يهدد ال�سيادة والأمن الغذائيين‬ ‫والحق في الغذاء‪ .‬وي�ؤثر على المبادرات الرامية �إلى ت�أمين االندماج االجتماعي‬ ‫لن�سبة كبيرة من ال�سكان المحتاجين‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬يمكننا �إدراك الطبيعة‬ ‫الن�سقية للأزمة الغذائية من خالل مقابلتها مع الأزمات االقت�صادية والبيئية و�أزمة‬ ‫الطاقة‪ ،‬ال�سيما في الأجوبة المترابطة التي تتطلبها‪.‬‬ ‫وبعالقة مع النظام الغذائي‪ ،‬يتم الت�سا�ؤل ب�ش�أن الطريقة التي ينظم بها �إنتاج‬ ‫الغذاء العالمي‪ ،‬و�شروط االتفاقات الدولية‪ ،‬وال�سلطة المتزايدة لل�شركات الكبرى‬ ‫لتحديد �أنماط الإنتاج واال�ستهالك‪ .‬لقد زاد التعامل مع الغذاء ك�سلعة تجارية في‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫تدفق ر�أ�س المال في �إطار الم�ضاربات على الأ�سواق الزراعية‪ ،‬ال�شيء الذي �أدى �إلى‬ ‫وجود �سيناريو عدم ا�ستقرار الأ�سعار المرتفعة وزعزعة ا�ستقرار الإنتاج و�أنظمة‬ ‫خيار ليبرالية التجارة والتحرر من قيود ال�سوق‬ ‫التموين في هذه الأ�سواق‪ .‬وقد قل�ص‬ ‫ُ‬ ‫الطاق َة التنظيمية للدولة في معظم البلدان‪ ،‬مما �أدى �إلى حرمانها من و�سائل �سيا�سة‬ ‫مالئمة للتعامل مع �آثار هذه الأزمة‪.‬‬ ‫لقد قلل تو�سيع �إنتاج الزراعة الأ�سرية من وقع هذه الأزمات في البرازيل‪ ،‬وهي‬ ‫الزراعة التي تدعمها ال�سيا�سات العامة المختلفة (برنامج اقتناء الغذاء‪ ،‬والبرنامج‬ ‫الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية وبرنامج المزيد من الغذاء)‪ ،‬والتي تقدر بنحو ‪ 70‬في‬ ‫المائة من مجموع الأغذية الم�ستهلكة في البرازيل‪ .‬وقد �أ�ضيفت �إلى هذه ال�سيا�سات‬ ‫�سيا�سات ذات وقع على الح�صول على الغذاء‪� ،‬أي ارتفاعات متزايدة في الحد الأدنى‬ ‫للأجور والتعديالت الفورية في التحويالت النقدية للفرد الواحد بموجب برنامج‬ ‫منحة الأ�سرة‪ .‬ومن المعروف اليوم �أن الإجراءات الرامية �إلى تعزيز ال�سوق المحلية‬ ‫قد خففت من �آثار الأزمة االقت�صادية على البالد‪ .‬ويجب �أن تتخذ الإجراءات‪ ،‬الآن‪،‬‬ ‫لمعالجة الو�ضع الذي ما زالت تواجهه الفئات االجتماعية الأكثر فقرا والمحرومة‬ ‫من الحقوق الأ�سا�سية‪ ،‬بما في ذلك الحق في الغذاء‪ ،‬مثل كثير من ال�شعوب الأ�صلية‬ ‫والنا�س الذين يعي�شون في ال�شوارع‪.‬‬ ‫ومن المرجح �أن ت�ستفيد البرازيل من الظروف الدولية‪ ،‬باعتبارها الم�صدر‬ ‫والممون الأ�سا�سي للغذاء ال�شامل‪ .‬غير �أن م�س�ؤوليات البالد المحلية والدولية‬ ‫الم�ستمدة من �سوء ال�سمعة التي اكت�سبتها في هذا المجال تتطلب �أكثر من ا�ستجابة‬ ‫تجارية تهدف �إلى تحقيق الربح بف�ضل ال�سيناريو االقت�صادي‪ .‬وقد اقترح المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية الحاجة �إلى مناق�شة العواقب االجتماعية ‪ -‬البيئية‬ ‫لنموذج الإنتاج الزراعي‪�/‬إنتاج الثروة الحيوانية الذي يحافظ على مكانة البرازيل‬ ‫باعتباره بلدا م�صدرا‪ ،‬كما �أنه نموذج يركز‪ ،‬على نطاق وا�سع‪ ،‬على المبيدات المكثفة‬ ‫وعلى الأر�ض والثروة‪.‬‬ ‫لقد جاء المجل�س بمقترحات من �أجل‪�( :‬أ) االرتقاء ب�أ�س�س جديدة لنموذج الإنتاج‬ ‫واال�ستهالك؛ (ب) دعم الزراعة الأ�سرية البيئية؛ (ج) �ضـمان تو�سـع �إنتـاج الغـذاء المتنـوع‬ ‫الذي يثمـن التنـوع البيئي الـزراعـي؛ (د) تعزيز الثقافات الإقليمية والعادات الغذائية؛‬ ‫(ه) ت�أمين الح�صول الديمقراطي على الأر�ض (تكثيف �سيا�سات الإ�صالح الزراعي‬ ‫الوطنية)‪ ،‬وعلى الماء والموارد الطبيعية الأخرى‪ .‬ويمكن لهذه المقترحات‪ ،‬بالن�سبة‬ ‫للجزء الأكبر منها‪� ،‬أن تطبق بالفعل فقط �إذا ا�ستعادت الدولة قدرتها التنظيمية وتم‬ ‫تنفيذ �سيا�سة التموين ل�ضمان الح�صول المتزايد على الغذاء الجيد القائم على الأنظمة‬ ‫الالمركزية‪ ،‬ومزيج من الأن�شطة المختلفة ذات ال�صلة بالإنتاج واال�ستهالك‪ ،‬و�إجراءات‬ ‫لمعالجة الآثار ال�سلبية للتغذية ال�سيئة على �صحة المرء‪.‬‬

‫‪275‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الوقود الحيوي وتغير المناخ‬

‫تعتبر معالجة ا�ستدامة الوقود الحيوي – في دعائمه االقت�صادية واالجتماعية‬ ‫والبيئية‪ -‬واجبا على الم�ستوى المحلي كما على الم�ستوى العالمي‪ .‬لقد اقترح‬ ‫المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية �أن ي�أخذ وجود البرازيل الدولي بعين‬ ‫االعتبار الأمن الغذائي والتغذية العالمي‪ ،‬والأمن على م�ستوى الطاقة‪ ،‬وحاجيات‬ ‫التنمية الم�ستدامة‪ .‬وتعتقد الحكومة البرازيلية �أنه من الممكن تفادي التناق�ضات بين‬ ‫الأمن الغذائي و�إنتاج الوقود الحيوي‪ ،‬غير �أن اختيار الوقود الحيوي يجب �أن يقوم‬ ‫على معايير �صلبة‪ ،‬مع احترام واقع كل دولة‪ ،‬وتحقيق توازن بين الأبعاد االجتماعية‬ ‫والبيئية‪ ،‬ال تعر�ض �إنتاج التغذية للخطر‪.‬‬ ‫وفي حالة البرازيل‪ ،‬ال يقوم �أي تناف�س بين المحا�صيل الغذائية ومحا�صيل‬ ‫الطاقة على ر�صد الم�ساحات المخ�ص�صة لزراعة ق�صب ال�سكر لغر�ض �إنتاج الإيثانول؛‬ ‫كما يجب تنظيم عالقات العمل في هذه المجاالت‪ .‬وينبغي الإ�شارة �أي�ضا �إلى الآثار‬ ‫االجتماعية والبيئية للزراعة الأحادية المنت�شرة على �أو�سع نطاق‪ ،‬وكذلك الحاجة �إلى‬ ‫اعتبار عنا�صر �أخرى بدل الأرقام الإجمالية الخا�صة بالمناطق ال�صالحة للزراعة‬ ‫المتاحة بالبلد (التي تقترح �أن هناك م�ساحة كافية لكل الأن�شطة)‪ ،‬وذلك لت�أخذ بعين‬ ‫االعتبار النزاعات على الأرا�ضي بين مزارع ق�صب ال�سكر والمحا�صيل الغذائية‪.‬‬ ‫وينبغي القول ب�أن هناك العديد من النزاعات البيئية بالبرازيل‪ ،‬ال �سيما‬ ‫النزاعات الناتجة عن التوتر بين النماذج الزراعية الم�شار �إليها �أعاله‪ ،‬التي تمثل‪،‬‬ ‫على الرغم مما بينهما من تفاعل‪ ،‬مفاهيم مختلفة من حيث التنظيم االقت�صادي‬ ‫والعالقة بالطبيعة‪ :‬الزراعة الأ�سرية والتجارة الزراعية‪ .‬وقد تم التعبير �أي�ضا عن‬ ‫هذا التوتر بمقترحات مختلفة طورها المجتمع البرازيلي لمعالجة تغير المناخ‪ ،‬في‬ ‫ما يتعلق بتدابير التخفيف والتكيف معا في �سياق المجتمعات غير المتكافئة مثل‬ ‫المجتمع البرازيلي‪ .‬لقد �أطلقت الحكومة البرازيلية‪ ،‬في دي�سمبر‪/‬كانون الأول ‪،2008‬‬ ‫المخطط الوطني وال�سيا�سة الوطنية حول تغير المناخ‪ .‬وقد �أ�صدر المجل�س الوطني‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية وثائق تحلل هذه ال�سيا�سة وق�ضايا �أخرى في �ضوء متطلبات‬ ‫ال�سيادة والأمن الغذائي والتغذية‪ .‬ويمكن القول ب�أن هناك تحديات كبيرة يجب‬ ‫مواجهتها في هذا المجال‪ ،‬ب�سبب �أن الحاجة �إلى مناق�شة الآثار المترتبة على ظاهرة‬ ‫االحتبا�س الحراري على ال�سيادة والأمن الغذائي والتغذية لي�ست بعد بندا في جدول‬ ‫الأعمال العام للبالد‪.‬‬ ‫‪276‬‬

‫البرازيل في ال�سيناريو الدولي‬

‫�أخيرا‪ ،‬ينبغي الإ�شارة �إلى �أنه في �أعقاب ال�شهرة الدولية التي ح�صل عليها الرئي�س‬ ‫لوال و�إدارته‪ ،‬ال �سيما في المجاالت المذكورة �أعاله‪ ،‬فقد اكت�سبت البرامج المت�صلة‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫بالأمن الغذائي والتغذية وتجربة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية و�ضوحا‬ ‫كبيرا في الر�ؤية‪ ،‬وكان الطلب عليه �شديدا في ترتيبات التعاون مع البلدان الأخرى‬ ‫والمنظمات الدولية‪ .‬وينبغي �أن تحظى هذه ال�سمعة ب�إقامة �أدوات تعاون فعلي‬ ‫ل�ضمان حق الإن�سان في الغذاء الكافي وفي ال�سيادة والأمن الغذائي والتغذية في‬ ‫جميع �أنحاء العالم‪ .‬وحتى �أن�شطة الم�ساعدات الدولية يجب �أن تعمل على االرتقاء‬ ‫بالتعاون المتعدد التخ�ص�صات والت�شاركي الديناميكي بين ال�سلطات الحكومية‬ ‫والمجتمع المدني‪ .‬وفي الوقت نف�سه‪ ،‬يجب على الأن�شطة الدولية بالبرازيل �أن تدعم‬ ‫المجهودات الرامية �إلى بناء نظام حوكمة الأمن الغذائي العالمي والقائم على مبادئ‬ ‫حق الإن�سان في الغذاء الكافي‪ ،‬والم�شاركة االجتماعية‪ ،‬والم�س�ؤولية والمتميزة‪،‬‬ ‫واالحتياط واحترام التعددية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من كون ال�سيا�سة الخارجية للبرازيل قد �ساهمت في العديد من‬ ‫المبادرات الجارية‪ ،‬ف�إن انخراط هذه ال�سيا�سة في مواجهة الجوع وال�ضمان ال�شامل‬ ‫للأمن الغذائي والتغذية قد تم بناء على دعم الفكرة القائلة ب�أن المبادرات في هذا‬ ‫المجال يجب �أن يتم تطويرها داخل المنظمات المتعددة الأطراف‪ ،‬وعلى الخ�صو�ص‬ ‫في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‪ .‬وعلى الرغم من االعتراف ب�أهمية منظمة‬ ‫الأغذية والزراعة‪ ،‬ف�إن الحكومة البرازيلية والعديد من المنظمات االجتماعية الأخرى‬ ‫والمجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية نف�سه تعتقد �أن هذه هي اللحظة المنا�سبة‬ ‫لإ�صالح هذه الوكالة الدولية‪ ،‬على غرار ما تم القيام به مع لجنة الأمن الغذائي‬ ‫العالمي‪ .‬ولكي يكون من الم�شروع بالن�سبة لمنظمة الأغذية والزراعة باعتبارها‬ ‫المكان الرئي�سي لمنظومة الأمم المتحدة لمناق�شة الأمن الغذائي والتغذية ولتطوير‬ ‫المقترحات في هذا المجال‪ ،‬ف�إنه عليها �أن تعمل‪ ،‬على غرار المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ ،‬على �أ�سا�س الم�شاركة‪ ،‬وت�ضم المجتمع المدني في مداوالتها‪ ،‬ما‬ ‫عدا معالجة مجموعة وا�سعة من المو�ضوعات‪ ،‬بما في ذلك الق�ضايا الهيكلية مثل‬ ‫حق الح�صول على الأرا�ضي وموارد التنوع البيولوجي الزراعي والحاجة �إلى تعزيز‬ ‫�آليات الحوكمة ال�شاملة المتعددة الأطراف من �أجل معالجة المكونات الن�سقية للأزمة‬ ‫الغذائية‪ .‬ويجب عليها �أن تعمل على االرتقاء �أي�ضا ب�آليات متابعة �أعمال الم�ؤتمر‬ ‫العالمي للإ�صالح الزراعي والتنمية الريفية (‪ )ICARRD-FAO‬الذي عقد في بورتو‬ ‫�أليغري ‪� Porto Alegre‬سنة ‪.2006‬‬ ‫وفيما يتعلق بالمفاو�ضات التجارية الزراعية التي عقدت في �إطار منظمة‬ ‫التجارة العالمية‪ ،‬التي يلعب فيها البرازيل دورا بارزا‪ ،‬طور المجل�س الوطني للأمن‬ ‫الغذائي والتغذية مقترحات ت�أخذ في الح�سبان اعتبارات �سيادة الأمن الغذائي‬ ‫والتغذية وحق الإن�سان في الغذاء‪ ،‬على الرغم من القيود التي يفر�ضها �شكل وتوجه‬ ‫جوالت المفاو�ضات التي ترعاها منظمة التجارة العالمية‪ .‬وقد اقترح المجل�س �أن‬

‫‪277‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫تعالج احتياجات البلدان النامية‪ ،‬ال�سيما من حيث الأمن الغذائي والتنمية الريفية‪،‬‬ ‫في كل المفاو�ضات التي تنعقد في �إطار منظمة التجارة العالمية‪ ،‬و�أن يتم تحديد‬ ‫عدد منا�سب من "المنتجات الخا�صة" وذلك على �أ�سا�س الأمن الغذائي وحاجيات‬ ‫التنمية الريفية‪ ،‬و�أن يتم تطوير �آليات الحماية الخا�صة‪.‬‬ ‫كما تم اقتراح وجوب التركيز‪ ،‬على نحو خا�ص‪ ،‬على التكامل الإقليمي‪ ،‬مع‬ ‫الت�شديد على ال�سوق الم�شتركة المو�سعة للمخروط الجنوبي (‪ .)MERCOSUR‬ذلك �أن‬ ‫�أزمة الغذاء العالمية الأخيرة قد �أظهرت‪ ،‬على الرغم من �أنها كانت �أزمة كبار م�صدري‬ ‫ال�سلع الزراعية‪� ،‬أن البلدان الواقعة في منطقة المخروط الجنوبي تتعر�ض ب�شكل كبير‬ ‫لعواقب مثل هذه الأزمات‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ف�إن الحاجة �إلى تنمية ا�ستراتيجية للأمن‬ ‫الإقليمي للغذاء والتغذية قد �أثارت انتباه الحكومات‪ ،‬والمدبرين العامين الكبار‪،‬‬ ‫ومنظمات المزارعين وال�شبكات االجتماعية ذات ال�صلة بمختلف ق�ضايا الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية‪ .‬ويتم البحث عن التعبئة االجتماعية حول حق الإن�سان في الغذاء‬ ‫الكافي و�سيادة الأمن الغذائي والتغذية في كل بلد وفي الكتلة برمتها‪ .‬ولهذا الغر�ض‪،‬‬ ‫يجب عقد منتديات الم�شاركة االجتماعية الوطنية والإقليمية �أو تعزيزها من �أجل‬ ‫و�ضع �سيا�سات ال�سيادة والأمن الغذائي والتغذية وتنفيذها وتتبعها‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫المنتدى الإقليمي لدعم الم�شاركة االجتماعية المذكورة �أعاله‪.‬‬

‫‪278‬‬


‫م�شاركة المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‬ ‫في بناء النظام الوطني وال�سيا�سات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية‬

‫المراجع‬ BURLANDY, L.; MAGALHÃES, R.; MALUF, R. (Coord.). Construção e promoção de sistemas locais de segurança alimentar e nutricional: aspectos produtivos, de consumo, nutricional e de políticas públicas. Rio de Janeiro: Ceresan/UFRJ, 2006. (Technical Report, 3). BURLANDY, L.; MALUF, R.; MENEZES, F. Princípios e diretrizes de uma política de segurança alimentar e nutricional. Brasília: Consea, 2004. (Series). CAISAN – Interministerial Food and Nutrition Security Chamber. Subsídios para balanço das ações governamentais de segurança alimentar e nutricional e da implantação do sistema nacional. Brasília, Federal District: MDS, 2009. MALUF, R. S. Segurança alimentar e nutricional. Petrópolis, state of Rio de Janeiro: Vozes publishing house, 2007. MENEZES, F. Food sovereignty: a vital requirement for food security in the context of globalization. Development, v. 44, n. 4, Dec. 2001. VALENTE, F. (Org.). Direito humano à alimentação: desafios e conquistas. São Paulo: Cortez publishing house, 2002.

279



‫‪ -12‬التحديات الجديدة والقديمة‬ ‫لتحقيق الأمن الغذائي‬ ‫في القرن الواحد والع�شرين‬ ‫‪1‬‬

‫مايا تاكاجي‬ ‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا‬

‫ملخ�ص‬ ‫تبين �إح�صائيات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة �أنه لن يت�سنى و�ضع حد‬ ‫للجوع في الم�ستقبل القريب‪ ،‬و�أن الهدف الم�صرح به منذ ‪� 13‬سنة خلت قد �أ�صبح‬ ‫اليوم �أبعد مما كان عليه في ال�سابق‪ .‬ففي �سنة ‪ ،1996‬تم الإعالن عن هدف يق�ضي‬ ‫بتخفي�ض الجوع بمقدار الن�صف بحلول �سنة ‪ ،2015‬وقد تم ت�أكيد هذا الهدف‪ ،‬الذي‬ ‫كانت الموافقة عليه قد تمت خالل م�ؤتمر القمة العالمي للأغذية‪� ،‬ضمن الأهداف‬ ‫الإنمائية للألفية للأمم المتحدة في �سنة ‪ .2000‬وفي ‪ ،2009‬كان من الالزم تعزيز‬ ‫هذا االلتزام في القمة العالمية الثالثة‪ ،‬التي انعقدت في روما‪ ،‬والتي انتهت دون �أن‬ ‫ت�ضمن �أي تقدم بالن�سبة للقمة ال�سابقة‪.‬‬ ‫لقد تزايد الإنتاج الزراعي ب�شكل غير م�سبوق‪ ،‬وحررت البلدان تجارتها‪ ،‬وتطورت‬ ‫المعرفة والتكنولوجيا‪ ،‬و�أ�صبحت ال�سيا�سات االجتماعية �أكثر �شمولية و�أكثر تعقيدا‪،‬‬ ‫وارتفع متو�سط العمر المرتقب باعتباره نتيجة طبيعية لظروف معي�شية �أف�ضل‪.‬‬ ‫وكما تمت الإ�شارة �إلى ذلك في �أواخر القرن الما�ضي‪ ،‬تكمن الم�شكلة في‬ ‫الزيادة الملحوظة في عدم الم�ساواة فيما يتعلق مو�ضوع الح�صول على الغذاء‬ ‫وتوزيع الدخل بين البلدان وداخل كل بلد‪.‬‬ ‫ويعني هذا �أن العالم ما يزال بعيدا عن التخل�ص من �آفته الأكثر ب�ساطة‪ ،‬وذلك‬ ‫على الرغم من زيادة �إنتاج الغذاء‪ :‬النق�ص في الح�صول على الغذاء ل�ضمان حياة‬ ‫كريمة لجميع �سكانه‪.‬‬ ‫وعلى هذا الم�ستوى يجب طرح ال�س�ؤال التالي‪ :‬هل نحن نواجه تحديات جديدة‬ ‫�أم �أنها هي التحديات نف�سها التي واجهناها في القرن الما�ضي؟ هذا هو ال�س�ؤال الذي‬ ‫‪ 1‬تم تقديم هذا الن�ص في م�ؤتمر �أمريكا الالتينية ال�سابع حول علم االجتماع الريفي المنعقد في بورتو كالينها�س‪ ،‬والية بيرنامبوكو‪ ،‬البرازيل‪.2010 ،‬‬

‫‪281‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ي�سعى هذا المقال �إلى الإجابة عنه‪ .‬وقد تم تنظيم هذا المقال في �أربعة ف�صول‪ :‬ففي‬ ‫الف�صل الأول �ستتم معالجة �أحدث المعطيات حول الجوع في العالم؛ وفي الف�صل‬ ‫الثاني‪� ،‬ستتم معاودة النظر في التحديات القديمة �إلى بداية القرن الواحد والع�شرين‬ ‫و�ستتم مناق�شة التحديات الجديدة‪ .‬وفي الف�صل الثالث‪� ،‬ستتم درا�سة معظم �أحدث‬ ‫ال�سيا�سات التي تبنتها البرازيل من �أجل معالجة م�شكلة الجوع‪ .‬وفي الف�صل الأخير‪،‬‬ ‫�سنجعل االعتبارات النهائية تنبثق عن ال�سيا�سات التي تم تبنيها‪.‬‬

‫الأرقام‪ :‬حينما يواجه النا�س الجوع‬ ‫لم تنجم معدالت الجوع الأكثر ارتفاعا الملحوظة في ال�سنوات الأخيرة فقط عن‬ ‫الأزمة االقت�صادية التي �ضربت العالم في ‪ ،2009-2008‬لأن تلك المعدالت كانت‬ ‫قد ارتفعت قبل اندالع الأزمة‪ .‬وترتبط الأ�سباب المذكورة في التقرير ب�أ�سعار المواد‬ ‫الغذائية المحلية المرتفعة‪ ،‬وانعدام الدخل والبطالة المرتفعة‪.‬‬ ‫لقد ارتفعت �أ�سعار المواد الغذائية �أكثر ف�أكثر باندالع �أزمة �أ�سعار الأغذية‬ ‫‪ ،2008-2006‬ولم تعد بعد �إلى م�ستوياتها ال�سابقة‪ .‬وقد اقتربت الأزمة العالمية‬ ‫الكبرى التي �شهدتها �سنتا ‪ 2009-2008‬من �أوج �أزمة الغذاء وفاقمت �سيناريو البطالة‬ ‫وانعدام الدخل ب�شكل �أكبر‪.‬‬

‫الر�سم البياين ‪ – 1‬اجلوع يف العامل بح�سب الأقاليم يف عام‬

‫‪2010‬‬

‫(ماليني الأفراد الذين يعانون من �سوء التغذية)‬

‫الدول المتقدمة‬ ‫�أمريكا الالتينية‬ ‫والبحر الكاريبي‬ ‫‪52.5‬‬ ‫‪%6‬‬

‫�آ�سيا والمحيط الهادي‬ ‫‪578.2‬‬ ‫‪%63‬‬

‫‪282‬‬

‫‪18.9‬‬ ‫‪%2‬‬

‫ال�شرق الأدنى‬ ‫و�شمال �أفريقيا‬ ‫‪36.7‬‬ ‫‪%4‬‬

‫�أفريقيا جنوب‬ ‫ال�صحراء الكبرى‬ ‫‪238.6‬‬ ‫‪%26‬‬


‫التحديات الجديدة والقديمة لتحقيق الأمن الغذائي في القرن الواحد والع�شرين‬

‫وبخ�صو�ص المناطق‪ ،‬ف�إن التقارير الأخيرة تبين �أن انعدام الأمن الغذائي‬ ‫قد تزايد في كل مناطق العالم‪ ،‬ما عدا في �أمريكا الالتينية (بين ‪1997-1995‬‬ ‫و‪ .)2006-2004‬ويتركز انعدام الأمن الغذائي على وجه الخ�صو�ص في �آ�سيا ومنطقة‬ ‫المحيط الهادي‪ ،‬حيث يواجه ‪ 642‬مليونا من النا�س الجوع‪ ،‬وفي �إفريقيا‪ .‬وفي‬ ‫المنطقة الواقعة جنوب ال�صحراء الكبرى وحدها يعاني اليوم ‪ 265‬مليون �شخ�ص‬ ‫من الجوع‪ .‬وما تبينه هذه الأرقام هو �أن ‪ 90‬في المائة من مجموع ال�سكان الذين‬ ‫يواجهون الجوع اليوم يتركزون في هاتين القارتين‪.‬‬ ‫ومن حيث الكم‪ ،‬ف�إن البلدان ذات الأعداد الأكثر ارتفاعا من النا�س الذين‬ ‫يعانون من الجوع في هاتين المنطقتين هي التالية‪ :‬الهند‪ ،‬وال�صين‪ ،‬واندوني�سيا‬ ‫(ب�آ�سيا)‪ ،‬وجمهورية كونغو الديمقراطية‪ ،‬و�إثيوبيا‪ ،‬وتنزانيا‪ ،‬ونيجيريا‪ ،‬وكينيا‬ ‫(في المناطق الإفريقية الواقعة جنوب ال�صحراء الكبرى)‪.‬‬

‫الر�سم البياين ‪ – 2‬تطور اجلوع يف العامل ويف �أمريكا الالتينية‬ ‫والبحر الكاريبي بني ‪ 1992-1990‬و‪2010‬‬

‫(ماليني الأفراد الذين يعانون من �سوء التغذية)‬ ‫‪1000‬‬

‫‪925‬‬

‫‪921‬‬ ‫‪848‬‬

‫‪65‬‬

‫‪843‬‬ ‫‪788‬‬

‫‪833‬‬

‫‪70‬‬

‫‪1023‬‬

‫‪750‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪500‬‬

‫‪55‬‬

‫‪54.3‬‬

‫‪52.0‬‬

‫‪250‬‬

‫‪50.7‬‬

‫‪45‬‬

‫‪47.3‬‬

‫‪50‬‬

‫‪53.3‬‬

‫‪53.1‬‬

‫‪52.5‬‬

‫‪0‬‬

‫‪40‬‬

‫‪92-1990‬‬

‫‪97-1995‬‬

‫العالم‬

‫‪02-2000‬‬

‫‪07-2005‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪2009‬‬

‫�أمريكا الالتينية والبحر الكاريبي‬

‫‪2010e‬‬

‫‪283‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ووفقا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ‪ ،‬ف�إن عدد الأ�شخا�ص‬ ‫الذين يعانون من �سوء التغذية في العالم قد انخف�ض من ‪ 1.02‬مليار في �سنة ‪2009‬‬ ‫�إلى ‪ 925‬مليون �شخ�ص في ‪ .2010‬وت�شير هذه التقديرات الجديدة �إلى وجود تراجع في‬ ‫وتيرة ارتفاع معدالت الجوع الملحوظة في الـ ‪� 15‬سنة الما�ضية‪� .‬إال �أنه يجب علينا‬ ‫�أال نن�سى �أن عدد �سكان العالم الذين يعانون من �سوء التغذية قد بلغ ‪ 843‬مليون‬ ‫�شخ�ص في الفترة ‪� ،1992-1990‬أي �أقل من العدد المقدر في �سنة ‪ 2010‬بـ ‪ 82‬مليونا‬ ‫(انظر الر�سمين البيانيين ‪ 1‬و ‪.)2‬‬ ‫ويعتبر هذا الو�ضع محبطا‪ ،‬وهذا هو ال�سبب الذي يف�سر �أننا ن�شتغل على م�شروع‬ ‫"مليار جائع"‪ ،‬والغر�ض منه هو جمع مليون توقيع ليتم ت�سليم العري�ضة للقادة الوطنيين‬ ‫والدوليين ومطالبتهم ب�إعطاء الأولوية ال�ستئ�صال الجوع في �أجنداتهم ال�سيا�سية‪.‬‬

‫ما هي التحديات؟‬

‫‪284‬‬

‫خالل منتدى الخبراء التح�ضيري لم�ؤتمر القمة العالمي للأغذية الثالث الذي رعته منظمة‬ ‫الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول �سنة ‪ ،2009‬تم تحديد التحديات‬ ‫التي من الواجب معالجتها ل�ضمان الأمن الغذائي في الكرة الأر�ضية في �سنة ‪.2050‬‬ ‫ويكمن التحدي الأول في ما �إذا كان ب�إمكان الموارد (الأرا�ضي والمياه‬ ‫والموارد الوراثية) �أن تكون متاحة لكل �سكان العالم‪ ،‬الذين من المتوقع �أن ي�صل‬ ‫عددهم �إلى ‪ 9.1‬مليار �شخ�ص بحلول ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ويتعلق التحدي الثاني بالتحديات التي تواجه الزراعة في مواجهة تغير‬ ‫المناخ والطلب الجديد على الوقود الحيوي‪.‬‬ ‫ويرتبط التحدي الثالث باال�ستثمار في التكنولوجيا‪ ،‬مع التركيز على تح�سين‬ ‫الإنتاجية وحماية البيئة ‪ -‬واال�ستثمار في البنية التحتية ل�ضمان تدفق الإنتاج‪.‬‬ ‫وي�شير التحدي الرابع �إلى تنفيذ ال�سيا�سات العامة المتجددة ل�ضمان الأمن‬ ‫الغذائي ومحاربة الجوع‪.‬‬ ‫فيما يعتبر التحدي الخام�س التحدي الذي تواجهه البلدان الآ�سيوية والإفريقية‪،‬‬ ‫التي تتركز معظم الأن�شطة فيها على ا�ستئ�صال الجوع من العالم‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالتحدي الأول‪ ،‬ت�شير الم�ؤ�شرات وال�سيناريوهات التي ناق�شها‬ ‫الخبراء الذين جمعتهم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة �إلى �أن العالم يمتلك‬ ‫كل الموارد ال�ضرورية لإطعام �سكانه في �سنة ‪ :2050‬الأرا�ضي‪ ،‬والمياه‪ ،‬والقدرات‬ ‫على تعزيز الإنتاجية‪� .‬إذ هناك ‪ 4.2‬مليار هكتار متوفرة لإنتاج الغذاء‪ ،‬ي�ستغل منها‬ ‫الآن ‪ 1.6‬مليار هكتار‪� ،‬إال �أنه من ال�ضروري تو�سيع الطرق والبنيات التحتية لتدفق‬ ‫الإنتاج والتخزين والتعليم‪.‬‬


‫التحديات الجديدة والقديمة لتحقيق الأمن الغذائي في القرن الواحد والع�شرين‬

‫وبذلك يمكننا �أن نرى �أن الم�شكلة تكمن في كيفية توزيع الموارد‪ ،‬نظرا لأنها‬ ‫ال تخ�ص�ص بالت�ساوي في البلدان والأقاليم وبين الفئات االجتماعية‪ .‬ومن �ش�أن هذا‬ ‫الواقع �أن ي�ؤكد الخال�صة التي مفادها �أن م�شكلة الأمن الغذائي هي بالأ�سا�س م�شكلة‬ ‫الح�صول على الغذاء (انخفا�ض دخل الأ�سرة)‪.‬‬ ‫وبالن�سبة للتحدي الثاني‪ ،‬ت�شير الم�ؤ�شرات �إلى �أن تغير المناخ �سيزيد‬ ‫من تنوع الإنتاج بين المناطق و�سيت�سبب في كوارث مناخية كبيرة‪ .‬و�ستت�ضرر‬ ‫المناطق الإفريقية الواقعة جنوب ال�صحراء الكبرى على وجه الخ�صو�ص بوقوع‬ ‫انخفا�ض في الإنتاج‪ .‬وتكمن الم�س�ألة في ما �إذا كانت البلدان قد ا�ستعدت للت�صدي‬ ‫لتغير المناخ وفي ما �إذا كانت المحا�صيل قادرة على مواجهة ذلك‪ .‬ولكي تكون‬ ‫البلدان م�ستعدة تمام اال�ستعداد للقيام بذلك‪ ،‬ف�إنه عليها �أن تعمل على تنويع‬ ‫محا�صيلها‪ .‬ويمكن لذلك �أن يت�أتى ب�إن�شاء المزيد من البنوك الوراثية وت�أمينها‬ ‫بالمزيد من الم�صادر‪ .‬وهي اليوم ت�شكو من النق�ص وتعتمد على الموارد المحدودة‪.‬‬ ‫والدر�س الأول الواجب ا�ستخال�صه هو �أنه ال يمكن لأي بلد �أو �أي مزارع �أن يواجه‬ ‫بمفرده تغير المناخ‪.‬‬ ‫والتحدي الثالث هو الحاجة �إلى التكنولوجيا‪ .‬فاالفتقار �إلى التكنولوجيا ي�ؤثر‬ ‫في الأمن الغذائي‪ ،‬مع اعتبار وجوب �ضمان ‪ 90‬في المائة من الزيادة المطلوبة في‬ ‫�إنتاج الغذاء لإمداد العالم في �سنة ‪ 2050‬ب�إنتاجية �أعلى‪ .‬ونظرا لأن جيل المعرفة‬ ‫والتكنولوجيا لي�س موزعا ب�شكل مت�ساو على العالم‪ ،‬ف�إن ذلك يعتبر �أي�ضا م�صدرا‬ ‫لعدم الم�ساواة على ح�ساب البلدان الأكثر فقرا‪ ،‬وال�سيما في �إفريقيا‪.‬‬ ‫وفي هذا ال�صدد‪ ،‬يمكن لم�شاريع نقل التكنولوجيا ل�صالح بلدان �إفريقيا‪ ،‬مثل‬ ‫تلك التي طورتها الحكومة البرازيلية من خالل الهيئة البرازيلية للبحوث الزراعية‬ ‫(الزراعة‪/‬م�ؤ�س�سة البحث حول الثروة الحيوانية‪ ،‬وهي مقاولة تابعة للدولة) �أن تقطع‬ ‫�شوط ًا بعيدا لتقلي�ص هذه الفجوة‪.‬‬ ‫ويكمن التحدي الرابع في الحاجة �إلى �سيا�سات عامة جديدة‪ .‬وفي هذا ال�صدد‪،‬‬ ‫فالبرازيل معروفة ب�صنع �سيا�سات الأمن الغذائي المجددة‪ .‬ولكن ما هو الجديد فيها؟‬ ‫لقد قامت الحلول ال�سيا�سية التي �أعدت منذ ع�شر �سنوات خلت على الطبيعة‬ ‫الإقليمية للجوع‪ .‬وي�شير انت�شار م�ستويات عليا من الجوع في بلدان تطبعها �صراعات‬ ‫�إثنية �إلى الحاجة �إلى حلول �سلمية لهذه النزاعات‪ .‬فيما �أ�شارت مجموعة ثانية من‬ ‫الحلول �إلى الحاجة �إلى �أجوبة اقت�صادية كلية عن الجوع عبر تنمية اقت�صادية طويلة‬ ‫المدى و�أخيرا‪ ،‬ل�صالح �سيا�سات التحويالت النقدية‪.‬‬ ‫ويتم تنظيم �سيا�سات الرعاية االجتماعية الم�شار �إليها من قبل منظمة‬ ‫الأغذية والزراعة في تقريرها ل�سنة ‪ 2009‬في ثالث مجموعات‪� :‬سيا�سات فر�ص‬ ‫العمل والت�أمين على ال�شغل (الم�ساهمات المتعلقة بالتقاعد‪ ،‬والت�أمين �ضد البطالة‪،‬‬

‫‪285‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫والت�أمين ال�صحي)؛ و�شبكات الرعاية االجتماعية (التحويالت النقدية‪ ،‬والإعانات‬ ‫الغذائية) وال�سيا�سات القطاعية (الرعاية ال�صحية‪ ،‬والتعليمية وال�سيا�سات الزراعية)‪.‬‬ ‫وقد و�سع تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ل�سنة ‪ 2009‬قائمة‬ ‫�سيا�سات الرعاية االجتماعية التي يمكن تنفيذها‪ ،‬والتي يجب �أن تنفذ ب�سرعة‬ ‫لم�ساعدة النا�س الذين يواجهون بالفعل م�شكلة الجوع‪ .‬وهي تدعم ال�سيا�سات‬ ‫المدمجة في �شبكات ال�سالمة والرعاية االجتماعية‪ ،‬بما في ذلك برامج الأمن الغذائي‬ ‫الوطني وخا�صة بالن�سبة للمعوزين‪ .‬ونذكر‪ ،‬في هذا ال�صدد‪ ،‬التحويالت النقدية‬ ‫وبرامج الوجبات المدر�سية لتحفيز �إنتاج التغذية المحلية ك�أمثلة‪ .‬وي�شير التقرير‬ ‫�إلى �سيا�سات �أخرى للزيادة في الإنتاج الزراعي ذي النطاق ال�صغير والإنتاجية‬ ‫من خالل توفير المدخالت الأكثر حداثة‪ ،‬والموارد والتكنولوجيات (البذور الحديثة‪،‬‬ ‫والأ�سمدة‪ ،‬والمعدات‪ ،‬والح�ص�ص)‪ .‬وقد ت�ساعد المعدالت العليا للإنتاجية على الزيادة‬ ‫في دخل المزارعين وكذلك على الحد من �أ�سعار المواد الغذائية بالن�سبة للم�ستهلكين‪.‬‬ ‫ويذكر البرازيل ب�شكل بارز في التقرير �ضمن قائمة الأمثلة الناجحة‪ .‬وقد‬ ‫ح�صل الرئي�س لوال م�ؤخرا ‪ ،‬في يونيو‪/‬حزيران ‪ ،2010‬ب�شكل غير م�سبوق‪ ،‬على جائزة‬ ‫البطل العالمي في مجال المعركة �ضد الجوع من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع‬ ‫للأمم المتحدة اعترافا منه بال�سيا�سات المطبقة في البرازيل وبالمبادرة الدولية‬ ‫لتعزيز المعركة �ضد الجوع وفائدتها‪.‬‬

‫تو�صيات لفائدة �سيا�سات محاربة الجوع‬

‫‪286‬‬

‫على الرغم من كل هذا التقدم‪ ،‬ما تزال �أ�سئلة هامة يتعين الإجابة عنها وذلك‬ ‫باالرتباط مع ال�سيا�سات الجديدة للق�ضاء على الجوع‪.‬‬ ‫و�أول �س�ؤال هو التالي‪ :‬لماذا يتزايد الجوع في العالم؟ �أيعود ذلك �إلى نق�ص في‬ ‫الموارد؟ �أم �إلى نق�ص في المعرفة �أم في الإرادة ال�سيا�سية لمحاربة الجوع؟ في الجل�سة‬ ‫الختامية لمنتدى الخبراء التح�ضيري لم�ؤتمر القمة العالمي الثالث‪ ،‬في �أكتوبر‪/‬ت�شرين‬ ‫الأول ‪ ،2009‬تم اال�ست�شهاد بالبرازيل بو�صفها نموذجا ناجحا في محاربة الجوع‪ ،‬وذلك‬ ‫باال�شتراك مع ال�صين‪ .‬وباعتبار ما قام به هذان البلدان‪ ،‬فقد تم تحديد ثالثة �شروط‬ ‫للنجاح‪ :‬اال�ستقرار ال�سيا�سي‪ -‬الحوكمة الجيدة؛ والنمو االقت�صادي؛ وتنفيذ �سيا�سات‬ ‫قائمة على نهج مزدوجة – ا�ستثمارات من �أجل الزيادة في الإنتاجية �إلى جانب توفير‬ ‫�شبكة رعاية اجتماعية‪ ،‬بما في ذلك التحويالت النقدية‪.‬‬ ‫وقد نوق�شت على نحو مكثف م�س�ألة �أخرى تتعلق بالدور الذي تلعبه الزراعة‬ ‫في الحد من الجوع‪ .‬فهناك خم�سة و�سبعون بالمائة من فقراء العالم يعي�شون‬ ‫بالمناطق الريفية‪ .‬ويعتبر هذا الرقم‪ ،‬في �أمريكا الالتينية‪� ،‬أقل (‪ 40‬في المائة)‪ .‬لذلك‪،‬‬


‫التحديات الجديدة والقديمة لتحقيق الأمن الغذائي في القرن الواحد والع�شرين‬

‫فعلى الزراعة �أن تلعب دورا‪ ،‬لي�س فقط فيما يت�صل ب�إنتاج الغذاء‪ ،‬بل �أي�ضا في توليد‬ ‫الدخل والحفاظ على الظروف المعي�شية المنا�سبة في المناطق الريفية‪ .‬لقد ف�شلت‬ ‫�أجندة التنمية‪ ،‬في ما م�ضى‪ ،‬في الت�شديد بما يكفي على هذا الدور‪ .‬وقد كان تركيزها‬ ‫على التعديالت االقت�صادية الكلية‪ ،‬ال على التعديالت في ال�سيا�سات القطاعية؛ وعلى‬ ‫الت�صنيع من خالل ليبرالية االقت�صاد‪ ،‬ال من خالل ت�صنيع الزراعة‪ ،‬وعلى الحد من‬ ‫الفقر في المناطق الريفية من خالل التحويالت النقدية‪ ،‬بدل الزيادات الم�ستقلة في‬ ‫الدخل؛ وعلى تثبيط اال�ستثمارات في الزراعة ب�سبب انخفا�ض الأ�سعار العالمية‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فقد ت�سببت الأزمات الأخيرة والمطالب الجديدة (الغذاء العالمي‬ ‫والأزمة المالية‪ ،‬وركود الإنتاجية) في خلق دور جديد للزراعة‪ .‬وفي الوقت الحا�ضر‪،‬‬ ‫ال يجب �أن تعتمد التنمية على الت�صنيع فقط‪ :‬و�إنما عليها �أن تكون متعددة الأبعاد‪.‬‬ ‫�إن للزراعة دورا �أ�سا�سيا تلعبه في ال�سيناريو الحالي الرتفاع �أ�سعار الغذاء والطاقة‪،‬‬ ‫وتغير المناخ والطلب على الوقود الحيوي‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬فهي تلعب دورا هاما في االرتقاء بالتنمية في البلدان‬ ‫الفقيرة‪ ،‬والحد من الفقر من خالل تقوية دور �صغار المزارعين‪ ،‬ولي�س فقط من خالل‬ ‫التركيز على كبار المزارعين‪ .‬غير �أن العالقة بين الإنتاج الزراعي المرتفع والدخل‬ ‫المرتفع لي�ست عالقة مبا�شرة‪ .‬فقد خل�صت الدرا�سة التي �أعدها غرازيانو دا �سيلفا‬ ‫‪ ،Graziano da Silva‬وكوميز ‪ Gómez‬وكا�ستاني�ضا ‪ (2009) Castañeda‬التي قامت‬ ‫بتحليل تطور الزراعة والفقر في الو�سط الريفي ببلدان �أمريكا الالتينية‪� ،‬إلى �أن‬ ‫الزراعة في �أمريكا الالتينية تنمو بن�سبة ‪ 4.8‬في المائة في ال�سنة بين �سنة ‪2003‬‬ ‫و‪ .2007‬لقد انخف�ض الفقر في المناطق الريفية‪ ،‬لكنه ما يزال مرتفعا جدا‪ .‬ففي �سنة‬ ‫‪ ،2007‬كان ‪ 52‬في المائة من مجموع ال�سكان الذين يعي�شون في المناطق الريفية‬ ‫في �أمريكا الالتينية فقراء‪ ،‬في مقابل ‪ 29‬في المائة في المناطق الح�ضرية‪ .‬وب�أرقام‬ ‫مطلقة‪ ،‬ف�إن هذه الن�سب ت�صل �إلى ‪ 63‬مليون �شخ�ص في المناطق الريفية (‪ 34‬مليون‬ ‫معوز) و‪ 121‬مليون �شخ�ص في المناطق الح�ضرية (‪ 63‬مليون معوز)‪.‬‬ ‫وقد تركزت الزيادة الملحوظة في الإنتاج الزراعي و�إنتاج الموا�شي حول‬ ‫بع�ض المناطق‪ ،‬والمزارعين‪ ،‬والمنتجات‪ ،‬مع التمكن من الو�صول �إلى الأ�سواق‬ ‫الخارجية‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ال يمكن للمرء �أن يربط ربطا مبا�شرا بين الإنتاج الزراعي‬ ‫والحد من الفقر في المناطق الريفية‪.‬‬ ‫وقد خل�ص الباحثون �إلى �أن "الزراعة باعتبارها و�سيلة للخروج من الفقر‬ ‫عليها �أن تعتمد على دولة قوية مزودة ب�آليات ل�ضبط النقائ�ص في �سوق العمل"‬ ‫(‪� ،Graziano Da Silva; Gómez; Castañeda، 2009‬ص ‪.)334‬‬ ‫�إذن‪ ،‬فالتركيز ينبغي �أن يكون على الزيادة في دخل �صغار المزارعين‪ .‬ويكمن‬ ‫ال�سبيل للخروج من الفقر في اال�ستثمار في الزراعة العالية المردودية‪ ،‬وفي الحد من‬

‫‪287‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪288‬‬

‫اعتماد المزارعين على الأ�سمدة‪ ،‬وفي �آليات ت�أمين ال�سعر والإنتاج‪� ،‬سواء �أكان ذلك‬ ‫رفقة برامج التحويالت النقدية الحكومية �أم القرو�ض المدعمة‪.‬‬ ‫وتتمثل الم�شكلة الهيكلية المرتبطة ب�أ�سعار الأغذية والمدخالت الزراعية في‬ ‫تقلب �أ�سعار النفط‪ ،‬وهو �أمر من ال�صعب التحكم فيه‪ .‬وللحد منه‪ ،‬ي�صبح تعطيل القدرة‬ ‫الإنتاجية �ضروريا‪ ،‬وهو ما يتوفر عليه بع�ض البلدان‪.‬‬ ‫وت�شير النقطة الأخيرة المذكورة هنا �إلى التحديات التي تواجهها �أفريقيا‬ ‫و�آ�سيا‪ .‬ويمثل �صغار المزارعين في هذه البلدان معظم الإنتاج الزراعي‪ .‬وتكمن‬ ‫التحديات الأ�سا�سية في الجمع بين التنمية ال�ضرورية للم�شاريع الزراعية وتنمية‬ ‫زراعة �صغار المزارعين‪ ،‬وذلك للزيادة في الفوارق االجتماعية ال�سائدة‪ .‬ويعتبر نقل‬ ‫التكنولوجيا والدعم الهائل للتطوير التكنولوجي لهذه القارات في المجال الزراعي‬ ‫مفتاحا لتحقيق هذه التنمية‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إن التجربة قد �أبانت‪ ،‬في الأ�سا�س‪� ،‬أنه بات مطلوبا و�ضع‬ ‫ا�ستراتيجيات على نطاق وا�سع للحد من الفوارق في البلدان الجتثاث الجوع من‬ ‫العالم‪� ،‬أكثر من وجود �سيا�سات قطاعية �أو �سيا�سات خا�صة‪ ،‬وذلك لأنها �أف�ضل‬ ‫و�سيلة ل�ضمان تحقيق نتائج متما�سكة وطويلة الأمد‪.‬‬ ‫�إن الكوارث االقت�صادية وكوارث الحروب التي �أدت �إلى �سيناريو الجوع‬ ‫والإبادة الجماعية في الن�صف الأول من القرن الع�شرين‪ ،‬في ارتباطها ب�أزمة ‪1929‬‬ ‫والحرب العالمية الثانية‪ ،‬قد �أعطت �شرعية متزايدة ل�سيا�سات الدولة غير الدورية‬ ‫في المجاالت المالية والنقدية‪ ،‬محولة �إياها �إلى عنا�صر ال تتجز�أ من النظرية‬ ‫االقت�صادية وو�سائل الحكومة‪.‬‬ ‫ويكمن تطور من التطورات الرئي�سية الجديدة الناتجة عن هذا التقدم في‬ ‫كون عمليات محاربة الجوع والنق�ص في التغذية هذه تتخذ �شكل �صمام �أمان دائم‬ ‫للمجتمع ولم تعد تعتبر �إجراءات طارئة‪ .‬وب�صرف النظر عن الحيلولة دون وقوع‬ ‫تلك الأزمات والتخفيف من �آثارها‪ ،‬ف�إنها يمكن �أن ت�ستفيد من الدورات االقت�صادية‬ ‫المزدهرة‪ ،‬فا�سحة المجال لجزء من المكا�سب الم�شتقة من النمو االقت�صادي ب�أن‬ ‫ت�ستثمر في �سيا�سات ترمي �إلى معالجة �أ�سباب الفقر والجوع‪ ،‬كتلك التي تعزز الزراعة‬ ‫الأ�سرية‪.‬‬ ‫وقد لفتت الخ�سائر والأ�ضرار التي ت�سببت فيها الأزمة العالمية في �سنة ‪2009‬‬ ‫في �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي انتباه الجميع �إلى الحاجة �إلى تطبيق‬ ‫هذه المبادئ الموجهة نحو االقت�صاديات المحلية بكثافة �أكبر‪ .‬ورغم �أن المنطقة‬ ‫قد تحملت اال�ضطرابات الأخيرة‪ ،‬ف�إن بع�ض الم�ؤ�شرات الخا�صة با�ستمرار الخطورة‬ ‫مازالت قائمة بالمقارنة مع ما حدث في الفترات الحرجة الأخرى‪ ،‬مثل ما حدث‬ ‫خالل �أزمة الديون الخارجية في �سنوات ‪ 1980‬وهي تك�شف كيف تعتبر الروابط‬


‫التحديات الجديدة والقديمة لتحقيق الأمن الغذائي في القرن الواحد والع�شرين‬

‫المحلية بين التنمية والتقدم الملحوظ في فترة ما بعد الحرب‪ ،‬والناجمة عن تقل�ص‬ ‫م�ستديم في م�ؤ�شرات الجوع والفقر ه�شة ومخالفة للأ�صول على وجه الخ�صو�ص‪.‬‬ ‫وتتوقع اللجنة االقت�صادية نموا بن�سبة ‪ 5.2‬في المائة في المنطقة هذه ال�سنة‪،‬‬ ‫وهي ن�سبة �أعلى من تلك التي �سجلت في الأزمات ال�سابقة (‪1995-1994‬؛ ‪.)2004-2001‬‬ ‫�إال �أن وتيرة التراجع تخفي عدم تناظر مقلق‪ .‬فبينما يكون من المرجح �أن ينمو‬ ‫الناتج المحلي الإجمالي في �أمريكا الجنوبية بـ ‪ 6‬في المائة في المتو�سط‪ ،‬ف�إن‬ ‫االقت�صاديات الأمريكية المركزية �ستنمو بمعدل �أقل من ن�صف ذلك المعدل (‪ 3.1‬في‬ ‫المائة)‪ .‬والو�ضع الأ�سو�أ هو الو�ضع الذي تواجهه بلدان منطقة البحر الكاريبي‪ ،‬حيث‬ ‫ت�سود بع�ض �أعلى معدالت الفقر في العالم والتي من �أجلها تم القيام ب�سبع توقعات‬ ‫لنمو الناتج المحلي الإجمالي ال�سلبي‪ .‬و�ستظل هذه البلدان تعاني من نمو اقت�صادي‬ ‫�أقل من ‪ 1‬في المائة‪.‬‬ ‫ومن �ش�أن الخط الدقيق والفا�صل بين اله�شا�شة والقوة– الذي ي�ستن�سخ نف�سه‬ ‫داخل كل بلد بدرجات مختلفة‪� -‬أن ي�ساعد المرء على فهم مفارقة �أخرى في المنطقة‪.‬‬ ‫وقد كانت الثالث ال�سنوات الحرجة‪ ،‬من �سنة ‪� 2006‬إلى �سنة ‪ ،2009‬كافية لتقو�ض‬ ‫ب�شكل تام المنجزات ال�صلبة في مو�ضوع الحد من الجوع في ال�سنوات الخم�س‬ ‫ع�شرة ال�سابقة‪ ،‬كا�شفة بذلك عن �ضعف مبادرات االندماج االجتماعي في مجتمعات‬ ‫�أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‪ .‬فالتقلي�ص المتوا�ضع لـ ‪ 600.000‬متوقع‬ ‫من عدد الذين يعانون من الجوع في �سنة ‪ 2010‬يميز �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر‬ ‫الكاريبي بو�صفها المنطقة الوحيدة في العالم التي لم ُي�شهد فيها هذه ال�سنة تقلي�ص‬ ‫مهم على م�ستويات الجوع والنق�ص في التغذية (منظمة الأغذية والزراعة‪.)2010 ،‬‬ ‫وترتبط هذه النك�سة ونمو المنطقة المتباين‪ ،‬على وجه التحديد‪ ،‬بالنطاق‬ ‫المحدود جدا للو�سائل المالية المتاحة في البلدان الأكثر فقرا في المنطقة‪ ،‬التي‬ ‫تفتقد القدرة على اتخاذ تدابير غير دورية لمواجهة �آثار الأزمة‪ .‬ويبلغ متو�سط العبء‬ ‫ال�ضريبي في �أمريكا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي اليوم ‪ 18‬في المائة من الناتج‬ ‫المحلي الإجمالي بالمنطقة‪ .‬بينما يبلغ متو�سط العبء ال�ضريبي في االتحاد الأوربي‬ ‫تقريبا ‪ 40‬في المائة‪ .‬والأ�سو�أ من ذلك هو �أن �أكثر من ن�صف هذه المداخيل تترتب على‬ ‫ال�ضرائب غير المبا�شرة التي تكون لها بالفعل �آثار ارتدادية على بنية الدخل ال�سلبية‪.‬‬ ‫وبدون اتفاق مالي جديد‪ ،‬تنحو الميزانيات المنخف�ضة نحو �إعادة ظهور عدم‬ ‫الم�ساواة وتجعل �سيناريو الإق�صاء االجتماعي متفاقما‪ .‬وتعد غواتيماال نموذجا نمطيا‬ ‫لهذه الميزانية الم�ضمدة‪ :‬فالبلد مطبوع بم�ؤ�شر النق�ص في التغذية الأ�سو�أ في �أمريكا‬ ‫الالتينية والإنفاق االجتماعي الفردي الأكثر انخفا�ضا (‪ 350‬دوالرا �أمريكيا كل �سنة)‪.‬‬ ‫فعندما اندلعت الأزمة‪ ،‬حدث ما ال مفر منه‪ :‬ذلك �أن غواتيماال �شهدت زيادة في ديونها‬ ‫العامة في �سنة ‪ 2009‬وذلك على غرار ما حدث في ال�سلفادور‪ ،‬وهندورا�س ونيكاراغوا‪.‬‬

‫‪289‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪290‬‬

‫و�أخيرا‪ ،‬وا�ستنادا �إلى التجربة البرازيلية التي تنفذ ا�ستراتيجية الق�ضاء على‬ ‫الجوع‪ ،‬ف�إنه يجب تقديم بع�ض التو�صيات �أدناه التي يمكن �أن تكون مفيدة لو�ضع‬ ‫�سيا�سات وبرامج الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية ومناطق �أخرى‪:‬‬ ‫■ ■يعتبر انعدام الأمن الغذائي والجوع والفقر من المفاهيم المختلفة التي‬ ‫تتطلب �أنواعا مختلفة من الأن�شطة من القطاع العام‪ .‬فالإ�شارة الأكثر‬ ‫و�ضوحا لمفهوم الأمن الغذائي ومفهوم حق الإن�سان في الغذاء �أن‬ ‫ت�سمح لنا ب�إجراء تقييم �أف�ضل للحاجة �إلى �سيا�سات خا�صة‪ ،‬و�أطر عمل‬ ‫وقوانين‪� ،‬إذ ينبغي �أن تقوم برامج محاربة الفقر على مفهوم الأمن‬ ‫الغذائي والحق في الغذاء‪ ،‬و�أن تكون �شاملة‪ ،‬وتعالج العنا�صر المرتبطة‬ ‫بالإنتاج والح�صول على الغذاء‪ .‬كما يجب عليها �أن تعزز اتباع نظام‬ ‫غذائي �صحي لمحاربة النق�ص في التغذية والأ�شكال الأخرى للتغذية‬ ‫الناق�صة‪ ،‬مثل تلك التي تتجلى في الزيادة في الوزن والبدانة وال�سكري‬ ‫وغيرها من الأمرا�ض المرتبطة بالعادات الغذائية غير ال�سليمة‪.‬‬ ‫■ ■تبين تجربة برنامج الق�ضاء على الجوع �أنه من الممكن‪ ،‬بتوفر �إرادة‬ ‫�سيا�سية كافية‪ ،‬ت�أمين تقلي�ص �سريع وهام في م�ستويات الفقر والجوع‪.‬‬ ‫ويجب �أن يكون اقتالع الجوع هدف الحكومة ككل‪ ،‬والرئي�س هو من‬ ‫يجب عليه �أن يوليه الأولوية‪ .‬ويجب �أن تخ�ضع ميزانيات الحكومة‬ ‫لهذا الهدف‪ ،‬ال العك�س‪ .‬وفي الوقت نف�سه‪ ،‬تعتبر م�شاركة المجتمع‬ ‫المدني والفاعلين الخ�صو�صيين وتوافر الأطر الم�ؤ�س�سية المالئمة �أمورا‬ ‫جوهرية‪ ،‬مع النظر �إلى الجوع ال باعتباره مجرد ظاهرة �إح�صائية �أو‬ ‫بيولوجية‪ ،‬و�إنما هو �أي�ضا ظاهرة �سيا�سية‪ ،‬ونتيجة لنموذج تنمية �سيئة‬ ‫تولد الفوارق والحرمان وتنزع نحو تر�سيخ عدم الم�ساواة‪ .‬ولهذا ال�سبب‪،‬‬ ‫ف�إن الم�شاركة المجتمعية في �صياغة هذه البرامج وتتبعها والإ�شراف‬ ‫عليها تت�سبب في االندماج االجتماعي‪ ،‬وحقوق المواطنة الحقيقية‪،‬‬ ‫والمراقبة االجتماعية الفعالة في الم�ستقبل‪.‬‬ ‫■ ■الحد من الجوع قابل للتحقيق ماليا على المدى الق�صير‪ :‬فبرنامج‬ ‫منحة الأ�سرة ت�ستفيد منه ‪ 12‬مليون �أ�سرة‪ ،‬ربع عدد �سكان البرازيل‪،‬‬ ‫غير �أنه يتطلب فقط ا�ستثمارا يزيد قليال عن ‪ 2‬في المائة من الميزانية‬ ‫الفيدرالية و‪ 0.4‬في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي‪ .‬وفي‬ ‫الوقت نف�سه‪ ،‬يبدو �أن الحد من الجوع يولد �أي�ضا منافع اقت�صادية‬ ‫للتنمية المحلية‪ ،‬ال�سيما في المناطق الريفية المكتئبة اقت�صاديا‪.‬‬ ‫■ ■من الأهمية بمكان‪ ،‬في �أمريكا الالتينية حيث ال يوجد فيها تقليد موحد‬ ‫للتنظيم والم�شاركة المدنيين‪� ،‬أن تعتبر هذه ال�سيا�سات �سيا�سات ت�شاركية‬


‫التحديات الجديدة والقديمة لتحقيق الأمن الغذائي في القرن الواحد والع�شرين‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫و�أن ت�شجع الم�شاركين فيها‪ .‬وتعتبر تقوية الأوا�صر مع المجتمع المحلي‬ ‫واالرتقاء ب�آليات الإدارة الم�شتركة بين الم�س�ؤولين الحكوميين والمجتمع‬ ‫المدني متطلبات �ضرورية‪ ،‬على النحو المذكور �أعاله‪.‬‬ ‫■ينبغي �أن ت�ستند �سيا�سات الأمن الغذائي �إلى نهج متعددة القطاعات وال‬ ‫يجب �أن تركز ح�صرا على الزراعة �أو الم�ساعدة االجتماعية‪ .‬ويجب �أن‬ ‫تت�ضمن �آليات التحويالت النقدية وغيرها من �آليات الم�ساعدة الطارئة‬ ‫كو�سيلة ل�ضمان الح�صول على المواد الغذائية للأ�سر الفقيرة‪ ،‬ب�صرف‬ ‫النظر عن دعم برامج الزراعة الأ�سرية‪ ،‬و�أنظمة تتبع التغذية وال�صحة‪،‬‬ ‫والترتيبات المحلية للتموين الغذائي‪ .‬وفي �إطار النهج المزدوجة للأمن‬ ‫الغذائي‪ ،‬يدعم عن�صر العن�صر الآخر وي�ضمن تلبية جزء من الطلب المتزايد‬ ‫على المواد الغذائية التي �أوجدتها برامج التحويالت النقدية ومبادرات‬ ‫مماثلة �أخرى من جانب �صغار المزارعين‪ .‬ولم تنفذ هذا الحل القائم على‬ ‫ربح الطرفين معا العديد من البلدان التي تركز مبادراتها الخا�صة بالأمن‬ ‫الغذائي على جانب التكثيف الزراعي من المعادلة ال غير‪.‬‬ ‫■ينبغي‪ ،‬وب�شكل �أ�سا�سي في حالة �أمريكا الالتينية‪ ،‬لفت االنتباه �إلى �أنه‬ ‫لكي تحقق �سيا�سات الأمن الغذائي نتائج دائمة يجب عليها بال�ضرورة‬ ‫�أن تطبق �سويا مع �سيا�سات �شاملة لتوزيع الدخل‪ .‬وتمتد جذور الجوع‬ ‫الهيكلي والأمن الغذائي �إلى بنية الدخل غير المتكافئ و�إلى دوامها‬ ‫وتو�سعها‪ .‬ولذلك وعلى الرغم من مواردها المحدودة‪ ،‬ف�إن ال�سيا�سات‬ ‫الهيكلية واختيارات التنمية المتاحة للحكومات يجب �أن تعزز بع�ضها‬ ‫البع�ض‪ ،‬و�إال ف�إنها لن تكون قادرة على مواجهة جذور الم�شكلة‪.‬‬ ‫■�أخيرا‪ ،‬فقد تم االعتراف المتزايد ببرنامج الق�ضاء على الجوع وجهود‬ ‫الحكومة البرازيلية القا�ضية باالرتقاء بنموذج التنمية االقت�صادية‬ ‫ال�شاملة باعتبارها قد �ساهمت بطرق هامة جدا في �صمود البرازيل‬ ‫الملحوظ �أمام ارتفاع �أ�سعار الأغذية في العالم والأزمة االقت�صادية‪ .‬وقد‬ ‫كان من الممكن‪ ،‬بخ�صو�ص �سيناريو الزيادة في اال�ستهالك‪ ،‬الحفاظ‬ ‫على الطلب على الغذاء وغيره من ال�سلع والخدمات‪ .‬وعلى الرغم من تقييد‬ ‫االئتمان العالمي في ‪ 2008‬و‪ ،2009‬فقد �ساعد �أكبر توافر لالئتمان العام‬ ‫بالن�سبة للإنتاج ومن �أجل تمويل المقتنيات على الحفاظ على الن�شاط‬ ‫االقت�صادي الجاري‪.‬‬ ‫■لقد جعل برنامجا التحويالت النقدية والوجبات المدر�سية الح�صول‬ ‫على نظام غذائي منا�سب �أمرا ممكنا �أي�ضا بالن�سبة للأ�سر الفقيرة في‬ ‫البرازيل‪ ،‬حتى عندما ينخف�ض م�ؤقتا �إجمالي الناتج المحلي‪ ،‬بينما‬

‫‪291‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�ساهم الرفع من الحد الم�سموح به فيما يخ�ص القرو�ض للمزارعين‬ ‫ال�صغار في اال�ستمرار في زيادة �إنتاجهم لتزويد ال�سوق المحلية‪.‬‬ ‫ويكمن الدر�س الهام جدا في �أنه من ال�سهل ن�سبيا‪ ،‬عندما توجد لدى‬ ‫الحكومة م�ؤ�س�سات فعالة لمعالجة الجوع والنق�ص المزمن في التغذية‪،‬‬ ‫ا�ستعمالها ل�ضمان الإجابة المنا�سبة وفي الوقت المنا�سب على معظم‬ ‫الأزمات‪ .‬ومن �ش�أن ذلك �أن ي�ضمن ح�صول حماية النا�س الفقراء –‬ ‫الذين عادة ما يكونون �أكثر عر�ضة للخطر‪ -‬من المخاطر المحتملة‬ ‫العديدة‪.‬‬

‫‪292‬‬


‫التحديات الجديدة والقديمة لتحقيق الأمن الغذائي في القرن الواحد والع�شرين‬

‫المراجع‬ BRAZIL. Presidency of the Republic. Social Communication Secretariat. Destaques: ações e programas do governo federal. Brasília. Various editions. FAO. How to Feed The World in 2050. FAO, Oct. 2009. Reference texts for the Experts’ Forum. Available at: <http://www. fao.org/wsfs/ forum2050/wsfs-forum/en/>. Accessed on: October 10, 2010. FAO. Panorama de la seguridad alimentaria y nutricional en América Latina y Caribe. Oficina Regional de la FAO para América Latina y el Caribe, 2010. FAO, WFP. The state of food insecurity in the world 2009: economic crises – impacts and lessons learned. Rome, 2009. Available at: <http://www. fao.org/docrep/012/i0876e/i0876e00.htm>. Accessed on: October 20, 2010. GRAZIANO DA SILVA, J.; GÓMEZ, S. E.; CASTAÑEDA, R. S. (Ed.). Boom agrícola y persistencia de la pobreza rural en América Latina. Santiago, Chile: Regional FAO Office for American Latina, 2009. CITIZENSHIP INSTITUTE. Projeto Fome Zero: uma proposta de política de segurança alimentar para o Brasil. São Paulo, 2001. SOARES, F. V.; SOARES S.; MEDEIROS M.; OSÓRIO, R. O. Programas de Transferência de Renda no Brasil: impactos sobre a desigualdade. Brasília, Federal District: Ipea, 2006. (Discussion paper n. 1,228). SOARES, S.; SÁTYRO, N. O Programa Bolsa Família: desenho institu­ cional, impactos e possibilidades futuras. Brasília, Federal District: Ipea, 2009. (Discussion paper n. 1,424). TAKAGI, M. A implantação da Política de Segurança Alimentar e Nutricional no Brasil: seus limites e desafios. 2006. 150 pp. Thesis (PhD thesis in Economic Sciences) – State University of Campinas, Campinas, state of São Paulo, 2006.

293



‫‪ -13‬الحد من ظاهرة الفقر‬ ‫من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬ ‫ماورو �إدواردو ديل غرو�سي‬ ‫يتطرق هذا الف�صل بالتف�صيل لتطور مع�ضلة الفقر وفقا لمفهوم الفقر الذي اعتمده‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬مع التركيز على الزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫وفي الف�صول ال�سابقة‪ ،‬تم تقديم تقارير عن �أن�شطة عامة مختلفة وعن‬ ‫ال�سيا�سات التي تم تنفيذها �ضمن برنامج الق�ضاء على الجوع وتم و�صف تطورها منذ‬ ‫انطالق البرنامج في �سنة ‪ 2003‬و�صفا مف�صال‪ .‬ومن الوا�ضح �أنه لم يتم تحديد م�ستويات‬ ‫الفقر ح�صريا من قبل ال�سيا�سات المتبعة مبا�شرة �ضمن برنامج الق�ضاء على الجوع‪،‬‬ ‫بل �أي�ضا من قبل الظروف التي فر�ضها االقت�صاد الكلي بالبرازيل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد ن�ص‬ ‫البرنامج منذ المراحل الأولى ل�صياغته على �سيا�سات هيكلية ذات طابع اقت�صادي كلي‪،‬‬ ‫مثل ال�سيا�سات التي من �ش�أنها خلق فر�ص للعمل و�أن�شطة مدرة للدخل‪ ،‬وتوفير �ضمان‬ ‫اجتماعي �شامل‪ ،‬وحد �أدنى للدخل‪ ،‬و�إ�صالح زراعي‪ ،‬وحوافز لفائدة الزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫وتتمثل �إحدى المزايا الرئي�سية للبرنامج المذكور في كونه ي�ؤلف بين‬ ‫�سيا�سات عامة مختلفة‪ ،‬مما يجعل من الم�ستحيل القيام بتقييم ن�شاط معين �أو‬ ‫مجموعة محددة من الأن�شطة‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف�إن �أثر برنامج الق�ضاء على الجوع لن يتم‬ ‫تقييمه في هذا الف�صل‪ ،‬و�إنما يتم بالأحرى تقييم تطور ظاهرة الفقر بين �سكان‬ ‫البرازيل وفقا للمنهجية التي يعتمدها هذا البرنامج‪ .‬وكما هو م�شار �إليه في مرحلة‬ ‫ت�شخي�ص برنامج الق�ضاء على الفقر وت�صميمه‪ ،‬ف�إن ن�سب الفقر في البرازيل توفر‬ ‫م�ؤ�شرا قويا لأمن الغذاء والتغذية ل�سكان البرازيل‪.‬‬

‫تحديد ال�سكان الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي‬ ‫من �أجل تقدير عدد ال�سكان الذين �سي�ستفيدون من برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬طور‬ ‫هذا البرنامج منهجية قائمة على خط الفقر كما حددها البنك الدولي وهي ‪1.00‬‬ ‫دوالر �أمريكي في اليوم‪ ،‬مع تكييفها ح�سب الظروف البرازيلية‪ .‬ولأجل �أن ي�ؤخذ بعين‬ ‫االعتبار الأثر الذي تخلفه ن�سب متباينة من تكاليف العي�ش في مناطق مختلفة من‬ ‫البرازيل‪ ،‬فقد تقرر اعتبار خط الفقر بح�سب المناطق‪ ،‬على �أ�سا�س مناطق ريفية من‬ ‫المنطقة ال�شمالية ال�شرقية وتكلفة المعي�شة المختلفة الملحوظة في المناطق الح�ضرية‬ ‫الكبرى والمناطق الح�ضرية ال�صغرى والمناطق الريفية في المناطق البرازيلية‬

‫‪295‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الأخرى‪ .‬وقد كان المعدل المرجح لخط الفقر ل�سكان كل منطقة هو ‪ 68.48‬ريال‬ ‫برازيلي ح�سب الأرقام الم�سجلة في �سنة ‪ ،1999‬عندما تمت �صياغة هذه المنهجية‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى هذه التجربة على التق�سيم الإقليمي‪ ،‬فقد تم تعديل المعطيات‬ ‫بخ�صو�ص دخل الأ�سر الذي ي�شير �إلى �أن جزءا من الأغذية التي ت�ستهلكها ت�أتي من‬ ‫�إنتاجها الزراعي الخا�ص‪ .‬وفي المجموع‪ ،‬ف�إن ن�سبة اال�ستهالك الذاتي تبلغ فقط‬ ‫‪ 1.2‬في المائة من دخل جميع الأ�سر الم�صرح به‪ ،‬مع �أنه يمثل ن�سبة ‪ 17.3‬في المائة‬ ‫من الأ�سر التي �صرحت "�أنها ت�شتغل لح�سابها الخا�ص" في الأن�شطة الزراعية‪ .‬وقد‬ ‫تم خ�صم بع�ض العنا�صر التي ت�شكل "النفقات العامة"‪ ،‬مثل دفع الإيجار والأق�ساط‬ ‫‪1‬‬ ‫الخا�صة بالعقار‪ ،‬من الدخل الإجمالي للأ�سر‪.‬‬ ‫وحتى عام ‪ ،2004‬ف�إن عملية الم�سح الوطني للعينة المنزلية التي قام بها‬ ‫المعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء لم ت�شمل المناطق الريفية في واليات �أكر‬ ‫و�أمازونا�س و�أمابا وبارا وروريما وروندوني‪.‬‬ ‫وفي �سنة ‪ ،1999‬قدر الم�شروع عدد الأ�شخا�ص الفقراء تنا�سبيا مع عدد‬ ‫ال�سكان لإح�صاء �سنة ‪ .2000‬ومنذ ‪ ،2004‬بد�أت عملية الم�سح الوطني للعينة المنزلية‬ ‫تغطي هذه الواليات وت�ستخدم من �أجل ذلك ن�سبة الأ�شخا�ص الفقراء الملحوظة في‬ ‫�سنة ‪ 2004‬لتقدير عددهم في ‪ ،2003-2001‬وبذلك حافظت على قابلية المقارنة مع‬ ‫المنهجية الأ�صلية‪.‬‬ ‫وتتمثل جزئية �أخرى من المنهجية التي اعتمدها م�شروع الق�ضاء على الجوع‬ ‫في كونه قد �أق�صى كل الأ�سر �أرباب العمل من بين الأ�شخا�ص الفقراء‪� ،‬أي �أنه قد تم‬ ‫اعتبار �أن العدد القليل من �أ�سر �أرباب العمل ذات دخل فردي تحت خط الفقر ‪ -‬وكان‬ ‫عددها في �سنة ‪ 1999‬حوالي ‪� 70.000‬أ�سرة ‪ -‬قد تكون قد �صرحت بدخل �أقل مما‬ ‫تح�صل عليه في الواقع‪ ،‬ولهذا ال�سبب تم ت�ضمينها في مجموعة الأ�سر غير الفقيرة‪.‬‬ ‫وبا�ستعمال هذه المنهجية قدر عدد الأ�شخا�ص الذين يواجهون انعدام الأمن‬ ‫الغذائي بنحو ‪ 44‬مليون �شخ�ص‪:‬‬ ‫ت�شير المعطيات �إلى جمهور محتمل مكون من ‪ 44 043‬مليون �شخ�ص ينتمون �إلى‬ ‫‪ 9 324‬مليون �أ�سرة (‪ .)1999‬ويمثل ال�سكان الفقراء ‪ 21.9‬في المائة من الأ�سر‬ ‫و‪ 27.8‬في المائة من مجموع �سكان البالد موزعة كما يلي‪ 19.1 :‬في المائة من �سكان‬ ‫المناطق الح�ضرية الكبرى‪ 25.5 ،‬في المائة من �سكان المناطق الح�ضرية ال�صغرى‪،‬‬ ‫و‪ 46.1‬في المائة من �سكان المناطق الريفية‪ .‬ومن حيث الأرقام المطلقة‪ ،‬فالنتائج هي‬ ‫كالتالي‪ 9 003 :‬مليون �شخ�ص‪ ،‬و‪ 20 027‬مليون �شخ�ص‪ ،‬و‪ 15 012‬مليون �شخ�ص لكل‬ ‫منطقة �سكنية )‪.(Zero Hunger Project, 2001, p. 74‬‬

‫‪296‬‬ ‫‪ 1‬من �أجل و�صف كامل للمنهجية‪ ،‬انظر‪.Takagi; Graziano da Silva; del Grossi, 2001 :‬‬


‫الحد من ظاهرة الفقر‪ :‬من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬

‫تطور م�ستويات الفقر �إلى حدود‬

‫‪2009‬‬

‫دعونا الآن نتحقق مما حدث للفقر على �إثر انطالق برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫في �سنة ‪ ،2003‬وذلك با�ستخدام المنهجية الأ�صلية للبرنامج‪ .‬ولهذه الغاية‪،‬‬ ‫�سيتم ا�ستعمال نف�س خط الفقر التي المعتمد �سنة ‪ 1999‬من قبل الم�سح الوطني‬ ‫للعينة المنزلية‪ ،‬مع فهر�سة الأرقام وفقا لم�ؤ�شر �سعر اال�ستهالك الوطني ‪INPC‬‬ ‫م�صدر‬ ‫)‪ . (National Consumer Price Index‬ويعتبر الم�سح الوطني للعينة المنزلية‬ ‫َ‬ ‫هذه المعلومات‪ ،‬بما في ذلك �آخر المعلومات المتاحة والمنجزة في �سنة ‪.2009‬‬ ‫ظهر‬ ‫النتائج في الر�سم البياني ‪ :1‬فقد كان لدى البرازيل ‪ 29.6‬مليون‬ ‫ُ‬ ‫و َت ُ‬ ‫�شخ�ص يعي�شون تحت خط الفقر المعتمد في برنامج الق�ضاء على الجوع في ‪.2009‬‬ ‫كما تبين النتائج �أن ذلك الفقر ا�ستمر في االرتفاع في البرازيل �إلى غاية ‪� ،2003‬أي‬ ‫عندما بد�أ تنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬وفي ‪ ،2003‬واجه البلد �أي�ضا �أزمة �سعر‬ ‫العمالت وميزان النفقات التي ورثها عن الإدارات ال�سابقة‪ ،‬مما ت�سبب في ارتفاع‬ ‫معدالت البطالة‪ .‬غير �أن هذا التوجه قد تراجع اعتبارا من عام ‪ 2003‬عندما بد�أت‬ ‫م�ستويات الفقر تنخف�ض با�ستمرار وبحدة‪ .‬و�إجماال‪ ،‬فقد تم تخلي�ص ‪ 20‬مليون‬ ‫�شخ�ص من الفقر ما بين ‪ 2003‬و‪.2009‬‬ ‫ومن حيث التنا�سب‪ ،‬فقد انتقلت ن�سبة الفقر من ‪ 27.8‬في المائة في �سنة ‪1999‬‬ ‫�إلى ‪ 28.1‬في المائة في �سنة ‪ ،2003‬وبذلك انخف�ض بحدة �إلى ‪ 15.4‬في المائة في ‪2009‬‬ ‫(الر�سم البياني ‪.)2‬‬ ‫‪2‬‬

‫الر�سم البياين ‪ – 1‬عدد الأ�شخا�ص الفقراء وفق املعايري التي اعتمدها‬ ‫برنامج الق�ضاء على اجلوع‪ ،‬الربازيل‪2009-1999 ،‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪44‬‬

‫‪48‬‬

‫‪47‬‬

‫‪50‬‬

‫‪46‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪40‬‬

‫‪37‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪30‬‬

‫‪29.6‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1999‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪2002‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪2004‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪ 2‬من �أجل و�صف كامل للمنهجية‪ ،‬انظر‪.Takagi; Graziano da Silva; del Grossi, 2001 :‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪297‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الر�سم البياين ‪ – 2‬تطور ن�سبة الفقر وفق املعايري التي اعتمدها‬ ‫برنامج الق�ضاء على اجلوع‪ ،‬الربازيل‪2009-1999 ،‬‬ ‫‪%30‬‬ ‫‪%25‬‬

‫معدل الفقر‬

‫‪%20‬‬ ‫‪%15‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%5‬‬ ‫‪%0‬‬

‫‪1999‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪2002‬‬

‫‪2004‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪2009‬‬

‫وقد تناق�ص عدد الأ�شخا�ص الفقراء بحدة �أكبر في المناطق الح�ضرية‪ ،‬حيث‬ ‫تم تخلي�ص ‪ 10‬ماليين �شخ�ص من الفقر (الجدول ‪ ،)1‬تليها المناطق الح�ضرية‬ ‫الكبرى‪ ،‬حيث �سجل انخفا�ض بـ ‪ 5.6‬مليون �شخ�ص‪ ،‬والمناطق الريفية التي عرفت‬ ‫انخفا�ضا يقدر بـ ‪ 5.1‬مليون �شخ�ص‪ .‬غير �أن االنخفا�ض الأكبر في ن�سب الفقر‬ ‫قد حدث‪ ،‬وب�شكل تنا�سبي‪ ،‬في المناطق الريفية‪ ،‬حيث انخف�ض ب�أكثر من ‪ 14‬في‬ ‫المائة‪.‬‬ ‫وقد كانت المنطقة ال�شمالية ال�شرقية هي �أول منطقة لوحظ فيها االنخفا�ض‬ ‫الأ�شد في عدد الأ�شخا�ص الفقراء‪ :‬فقد تم تخلي�ص ‪ 9‬ماليين �شخ�ص من الفقر ما بين‬ ‫اجلدول ‪ - 1‬تطور ال�سكان الفقراء وفق املعايري التي اعتمدها برنامج الق�ضاء‬ ‫على اجلوع بح�سب مكان الأ�رسة‪ ،‬الربازيل (�ألف ن�سمة)‬ ‫التغير‬ ‫المكان‬

‫‪298‬‬

‫‪1999‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪2009–2003‬‬

‫ال�سكان ن�سبة الفقر ال�سكان ن�سبة الفقر ال�سكان ن�سبة الفقر ال�سكان ن�سبة الفقر‬

‫الحوا�ضر الكبرى‬

‫‪9.003‬‬

‫‪%19.1‬‬

‫‪12.208‬‬

‫‪%22.0‬‬

‫‪6.535‬‬

‫‪%11.0‬‬

‫‪5.673 -‬‬

‫‪%8.1-‬‬

‫الحوا�ضر‬

‫‪20.027‬‬

‫‪%25.5‬‬

‫‪24.598‬‬

‫‪%26.1‬‬

‫‪14.864‬‬

‫‪%14.4‬‬

‫‪9.734 -‬‬

‫‪%11.2-‬‬

‫القرى ‬

‫‪15.012‬‬

‫‪%42.7‬‬

‫‪13.299‬‬

‫‪%45.4‬‬

‫‪8.174‬‬

‫‪%28.4‬‬

‫‪5.125 -‬‬

‫‪%14.4-‬‬

‫البرازيل‬

‫‪44.043‬‬

‫‪%27.8‬‬

‫‪50.105‬‬

‫‪%28.1‬‬

‫‪29.574‬‬

‫‪%15.4‬‬

‫‪20.531‬‬

‫‪%12.4-‬‬

‫الم�صدر‪ ،DEL GROSSI :‬ا�ستنادا �إلى ‪.PNADs/BGE‬‬


‫الحد من ظاهرة الفقر‪ :‬من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬

‫الر�سم البياين ‪ – 3‬تطور ن�سبة الفقر وفق املعايري التي اعتمدها‬ ‫برنامج الق�ضاء على اجلوع‪� ،‬أقاليم الربازيل‪2009-1999 ،‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬

‫ال�شمال‬

‫ال�شمال ال�شرقي‬

‫الجنوب ال�شرقي‬

‫الجنوب‬

‫الغرب الأو�سط‬

‫‪ 2003‬و ‪( 2009‬الجدول ‪ .)2‬وقد احتلت المنطقة الجنوبية ال�شرقية الدرجة الثانية‬ ‫بـ ‪ 6.5‬مليون �شخ�ص تم تخلي�صهم من الفقر (الر�سم البياني ‪ ،)3‬ال�سيما في‬ ‫المناطق الح�ضرية الكبرى حيث تم ت�سجيل انخفا�ض يقدر بـ ‪ 2.9‬مليون �شخ�ص‬ ‫تقريبا‪.‬‬

‫الزراعة الأ�سرية‬ ‫كما تمت الإ�شارة �إلى ذلك في الف�صول ال�سابقة‪ ،‬فقد تم تنظيم برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع حول �أربعة محاور هي‪ :‬الح�صول على المنتجات الغذائية‪ ،‬وتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية‪ ،‬وتوليد الدخل‪ ،‬والت�ضامن االجتماعي‪ ،‬والتعبئة والر�صد وقد‬ ‫تم ت�صميم هذا الم�شروع لزيادة الإنتاج الغذائي المحلي في الوقت الذي يتم‬ ‫فيه تحفيز المزارعين الأ�سريين‪ ،‬والمزودين التقليديين للمواد الغذائية لل�سكان‬ ‫الفقراء‪:‬‬ ‫يكمن االعتبار الرئي�سي لم�شروع الق�ضاء على الجوع في الحاجة �إلى ا�ستئناف �سيا�سة‬ ‫زراعية في البرازيل قادرة على توفير حوافز حقيقية للزراعة الأ�سرية بهدف الزيادة‬ ‫في �إنتاج الغذاء و�ضمان رعاية �أف�ضل للمزارعين ذوي الدخل المنخف�ض‪ .‬ويمكن تحقيق‬ ‫ذلك من خالل مجموعة من ال�سيا�سات التي تجمع بين ت�أمين الدخل الزراعي‪ ،‬والأولوية‬ ‫للإنتاج المحلي‪ ،‬واالعتماد على الواردات فقط عندما يكون مو�سم الح�صاد كا�سدا‪ ،‬وتحفيز‬ ‫البحوث العامة لتمكين �صغار المزارعين من اال�ستعانة بالتكنولوجيا المنا�سبة‪ ،‬بالموازاة‬ ‫مع �سيا�سة توفر م�ساعدة تقنية فعالة‪ ،‬و�سيا�سة قرو�ض ناجعة مرتبطة بتطور قنوات‬ ‫الت�سويق‪ ،‬وتحفيز �إن�شاء تعاونيات لحماية البيئة والمناظر الطبيعية‪� ،‬إلى غير ذلك من‬ ‫التدابير (‪.)Zero Hunger Project, p. 87‬‬

‫‪299‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫اجلدول ‪ - 2‬تطور ال�سكان الفقراء وفق املعايري التي اعتمدها برنامج الق�ضاء على‬ ‫اجلوع بح�سب مكان الأ�رسة‪ ،‬الربازيل (�آالف الأ�شخا�ص والأ�رس)‬ ‫الإقليم‬

‫المنطقة‬

‫ال�شمال‬

‫‪2003‬‬

‫اال�شخا�ص الأ�سر اال�شخا�ص ‬

‫الأ�سر‬

‫اال�شخا�ص الأ�سر اال�شخا�ص الأ�سر‬

‫‪3 813‬‬

‫‪725‬‬

‫‪5 351‬‬

‫‪1 029‬‬

‫‪3 591‬‬

‫‪741‬‬

‫‪1 760-‬‬

‫‪289-‬‬

‫الحوا�ضر الكبرى‬

‫‪285‬‬

‫‪57‬‬

‫‪565‬‬

‫‪122‬‬

‫‪351‬‬

‫‪83‬‬

‫‪214-‬‬

‫‪39-‬‬

‫الحوا�ضر‬

‫‪453 2 394 1‬‬

‫‪3 066‬‬

‫‪598‬‬

‫‪104 2‬‬

‫‪442‬‬

‫‪962-‬‬

‫‪156-‬‬

‫‪216‬‬

‫‪1 721‬‬

‫‪310‬‬

‫‪1 136‬‬

‫‪216‬‬

‫‪584-‬‬

‫‪93-‬‬

‫‪5 181‬‬

‫‪9 021- 3 562 15 491‬‬

‫القرى‬

‫ال�شمال ال�شرقي‬

‫‪133‬‬

‫‪24 512 4 455 21 873‬‬

‫‪1 619-‬‬

‫الحوا�ضر الكبرى‬

‫‪2 981‬‬

‫‪639‬‬

‫الحوا�ضر‬

‫‪9 440‬‬

‫‪12 044 2 013‬‬

‫‪2 600‬‬

‫القرى‬

‫‪9 452‬‬

‫‪8 533 1 803‬‬

‫‪1 680‬‬

‫‪5 566‬‬

‫‪3 197‬‬

‫‪7 077‬‬

‫‪6 576- 1 823‬‬

‫الحوا�ضر الكبرى‬

‫‪4 436‬‬

‫‪6 086 1 064‬‬

‫‪1 453‬‬

‫‪3 224‬‬

‫‪851‬‬

‫‪2 861-‬‬

‫‪601-‬‬

‫الحوا�ضر‬

‫‪4 632‬‬

‫‪5 788 1 035‬‬

‫‪1 373‬‬

‫‪3 033‬‬

‫‪788‬‬

‫‪2 756-‬‬

‫‪585-‬‬

‫القرى‬

‫‪2 423‬‬

‫‪483‬‬

‫‪1 779‬‬

‫‪371‬‬

‫‪819‬‬

‫‪184‬‬

‫‪959-‬‬

‫‪188-‬‬

‫‪4 402‬‬

‫‪993‬‬

‫‪3 803‬‬

‫‪890‬‬

‫‪1 986‬‬

‫‪511‬‬

‫‪1 817-‬‬

‫‪379-‬‬

‫الحوا�ضر الكبرى‬

‫‪897‬‬

‫‪213‬‬

‫‪1 081‬‬

‫‪249‬‬

‫‪545‬‬

‫‪142‬‬

‫‪536-‬‬

‫‪107-‬‬

‫الحوا�ضر‬

‫‪2 122‬‬

‫‪487‬‬

‫‪1 954‬‬

‫‪466‬‬

‫‪1 020‬‬

‫‪267‬‬

‫‪935-‬‬

‫‪199-‬‬

‫القرى‬

‫‪1 383‬‬

‫‪293‬‬

‫‪768‬‬

‫‪175‬‬

‫‪421‬‬

‫‪102‬‬

‫‪346-‬‬

‫‪73-‬‬

‫الغرب االو�سط‬

‫‪2 463‬‬

‫‪568‬‬

‫‪2 786‬‬

‫‪652‬‬

‫‪1 429‬‬

‫‪377‬‬

‫‪1 357-‬‬

‫‪276-‬‬

‫الحوا�ضر الكبرى‬

‫‪403‬‬

‫‪94‬‬

‫‪542‬‬

‫‪130‬‬

‫‪275‬‬

‫‪73‬‬

‫‪268-‬‬

‫‪57-‬‬

‫الحوا�ضر‬

‫‪1 439‬‬

‫‪336‬‬

‫‪1 745‬‬

‫‪410‬‬

‫‪939‬‬

‫‪251‬‬

‫‪806-‬‬

‫‪159-‬‬

‫القرى‬

‫‪621‬‬

‫‪138‬‬

‫‪498‬‬

‫‪113‬‬

‫‪214‬‬

‫‪53‬‬

‫‪284-‬‬

‫‪60-‬‬

‫‪10 949‬‬

‫‪3 936- 20 531- 7 014 29 574‬‬

‫الجنوب ال�شرقي‬

‫الجنوب‬

‫البرازيل‬

‫‪300‬‬

‫‪1999‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪2009-2003‬‬

‫‪3 934‬‬

‫‪13 653 2 583 11 491‬‬

‫‪50 105 9 324 44 043‬‬

‫‪902‬‬

‫‪2 157‬‬

‫‪1 777- 538 1‬‬

‫‪364-‬‬

‫‪7 768‬‬

‫‪4 275- 796 1‬‬

‫‪804-‬‬

‫‪228‬‬

‫‪2 968-‬‬

‫‪451-‬‬

‫الحوا�ضر الكبرى‬

‫‪9 003‬‬

‫الحوا�ضر‬

‫‪24 598 4 324 20 027‬‬

‫‪5 446‬‬

‫القرى‬

‫‪13 299 2 933 15 012‬‬

‫‪2 648‬‬

‫‪2 067 0 003‬‬

‫الم�صدر‪ ، DEL GROSSI :‬ا�ستنادا �إلى ‪.PNADs/BGE‬‬

‫‪6 552 2 8 20855‬‬

‫‪1 374-‬‬

‫‪5 657- 1 687‬‬

‫‪1 168-‬‬

‫‪9 734- 3 544 14 864‬‬

‫‪1 902-‬‬

‫‪5 141- 1 783‬‬

‫‪8 157‬‬

‫‪865-‬‬


‫الحد من ظاهرة الفقر‪ :‬من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬

‫وب�صرف النظر عن تنفيذ ال�سيا�سات العامة الهادفة �إلى زيادة القدرة ال�شرائية‬ ‫لل�شرائح ال�سكانية الأكثر فقرا‪ ،‬كان ال بد من ك�سر حلقة الجوع المفرغة‪ ،‬وذلك بتوفير‬ ‫حوافز للزراعة الأ�سرية التي يمكنها‪ ،‬بغ�ض النظر عن �إنتاجها للمواد الغذائية‬ ‫الأ�سا�سية‪� ،‬أن تخلق دورات �صالحة من حيث العمل والدخل‪ .‬و�سيتم الآن تقديم بع�ض‬ ‫الأرقام‪ 3‬لبيان �أهمية الزراعة الأ�سرية بالبرازيل و�أبعادها‪ .‬لقد �أ�شار الإح�صاء الأخير‬ ‫للزراعة والثروة الحيوانية الذي قام به المعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء في‬ ‫�سنة ‪� 2006‬إلى �أن هناك ‪ 5 175 489‬من�ش�أة للزراعة والثروة الحيوانية في البرازيل في‬ ‫تلك ال�سنة‪ ،‬تم تحديد ‪ 4 367 902‬منها باعتبارها تنت�سب �إلى �أ�سر المزارعين‪ ،4‬وهو‬ ‫ما يعني �أنها م�س�ؤولة عن ‪ 84‬في المائة من كل من�ش�آت الزراعة والثروة الحيوانية‬ ‫البرازيلية (الجدول ‪ .)3‬وعلى الرغم من �أرقامها الهامة‪ ،‬فهي ت�شغل منطقـة تزيـد‬ ‫قليـال عن ‪ 80‬مليون هكتـار‪ ،‬وهـو ما يعـادل ‪ 24‬في المائة من الم�ساحة التي ت�شغلها‬ ‫كل المن�ش�آت‪ .‬وعلى الرغم من �أن المن�ش�آت غير الأ�سرية م�س�ؤولة فقط عن ‪ 16‬في المائة‬ ‫من مجموع المن�ش�آت‪ ،‬ف�إنها ت�شغل ‪ 76‬في المائة من المناطق التي ت�شغلها كل واحدة‬ ‫منها‪.‬‬ ‫ويعمل ما يقرب من ثالثة �أرباع مجموع ال�سكان في المناطق الريفية‬ ‫(ما يزيد بقليل عن ‪ 12‬مليون �شخ�ص) في المن�ش�آت الأ�سرية‪ ،‬بينما يعمل ‪ 4.2‬مليون‬ ‫�شخ�ص فقط في من�ش�آت غير �أ�سرية‪ .‬ويبين ا�ستخدام اليد العاملة في المن�ش�آت الأ�سرية‬ ‫�أهميتها من حيث خلق فر�ص العمل في المناطق الريفية‪:‬‬

‫على الرغم من �أن المن�ش�آت الأ�سرية ت�شغل فقط ‪ 24‬في المائة من المنطقة‪ ،‬ف�إنها‬ ‫م�س�ؤولة عن ‪ 38‬في المائة من قيمة الإنتاج الإجمالي وعن ‪ 34‬في المائة من‬ ‫جميع العائدات في المناطق الريفية‪ .‬وتدر المزارع الأ�سرية ‪ 677‬رياال برازيليا‪/‬‬ ‫هكتار‪ ،‬بينما تدر المزارع غير الأ�سرية فقط ‪ 358‬رياال برازيليا‪/‬هكتار‪ .‬وتعتبر‬ ‫الزراعة الأ�سرية �أي�ضا ذات عمالة كثيفة‪ :‬فهي ت�شغل �أكثر من ‪� 15‬شخ�صا في كل‬ ‫‪ 100‬هكتار‪ ،‬بينما ت�شغل الزراعة غير الأ�سرية �أقل من �شخ�صين في كل ‪ 100‬هكتار‬ ‫(‪.)Del Grossi; Marques, 2010, p.16‬‬

‫وتدل الم�ؤ�شرات المذكورة �أعاله على �أن المن�ش�آت الأ�سرية ت�ستغل الأر�ض‬ ‫بطريقة �أف�ضل و�أكثر كثافة‪ .‬كما تعتبر الزراعة الأ�سرية المزود المبا�شر بالمواد‬ ‫الغذائية الم�ستهلكة عادة في البرازيل‪ :‬فهي ت�شكل ‪ 87‬في المائة من مجموع الك�سافا‪،‬‬ ‫و‪ 70‬في المائة من مجموع الفا�صوليا‪ ،‬و‪ 46‬في المائة من مجموع الذرة‪ ،‬و ‪ 34‬في‬ ‫المائة من مجموع الأرز‪ ،‬و ‪ 59‬في المائة من مجموع لحوم الخنزير‪ ،‬و‪ 50‬في المائة‬ ‫‪ 3‬باال�ستناد �إلى‪.FRANCA; DEL GROSSI; MARQUES, 2009 :‬‬ ‫‪ 4‬وفقا لمعايير القانون رقم ‪� 11 326‬سنة ‪ 2006‬التي تحدد نوع �أ�سر المزارعين في البرازيل‪.‬‬

‫‪301‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫اجلدول ‪ - 3‬تو�صيف من�ش�آت الزراعة والرثوة احليوانية وفق ت�صنيف‬ ‫الزراعة الأ�رسية املن�صو�ص عليها يف القانون رقم ‪ ،11 326‬الربازيل‪2006 ،‬‬ ‫الخ�صائ�ص‬

‫الزراعة غير الأ�سرية‬ ‫‪%‬‬ ‫القيمة‬

‫الزراعة الأ�سرية‬ ‫‪%‬‬ ‫القيمة‬

‫عدد الم�ؤ�س�سات‬

‫‪4 367 902‬‬

‫‪%84‬‬

‫‪807 587‬‬

‫‪%16‬‬

‫الم�ساحة (مليون هكتار)‬

‫‪80.3‬‬

‫‪%24‬‬

‫‪249.7‬‬

‫‪%76‬‬

‫العمل (مليون ن�سمة)‬

‫‪12.3‬‬

‫‪%74‬‬

‫‪4.2‬‬

‫‪%26‬‬

‫(مليار ريال) قيمة الإنتاج‬

‫‪54.4‬‬

‫‪%38‬‬

‫‪89.5‬‬

‫‪%62‬‬

‫الدخل (مليار ريال)‬

‫‪41.3‬‬

‫‪%34‬‬

‫‪80.5‬‬

‫‪%66‬‬

‫الم�صدر‪DEL GROSSI; MARQUES, 2010 :‬‬

‫من مجموع الدواجن‪ ،‬و‪ 30‬في المائة من مجموع لحوم البقر‪ ،‬و‪ 58‬في المائة من‬ ‫مجموع الألبان المنتجة في البالد‪ .‬وتبين هذه النتائج الدور اال�ستراتيجي الذي تلعبه‬ ‫الزراعة الأ�سرية في �ضمان ت�أمين الغذاء والتغذية لل�سكان البرازيليين‪.‬‬ ‫وباعتبار �أبعاد الزراعة الأ�سرية في البالد‪ ،‬ف�إن الحاجة �إلى ت�ضمينها في‬ ‫برنامج الق�ضاء على الجوع كان بديهيا‪ .‬دعونا الآن ن�أخذ بعين االعتبار تطور‬ ‫ال�سيا�سات العامة الرامية �إلى تقوية الزراعة الأ�سرية في البرازيل‪.‬‬

‫البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‬

‫‪5‬‬

‫يعتبر هذا العمل من �أ�ضخم الأعمال و�أ�شملها لتدعيم �أ�سر المزارعين بالبرازيل‪،‬‬ ‫الذين يتم من خاللهم منح قرو�ض زراعية وغير زراعية ب�أ�سعار منخف�ضة الفائدة‪.‬‬ ‫وقد تم‪ ،‬منذ ‪ ،2003‬توقيع �أكثر من ‪ 10‬ماليين عقود بقرو�ض وتوافرت مبالغ‬ ‫مقدارها ‪ 52‬مليار ريال برازيلي للقرو�ض الزراعية‪ ،‬ت�ست�أثر بـ ‪ 85‬في المائة من كل‬ ‫الأموال المخ�ص�صة للبرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية منذ انطالقه‪.‬‬

‫ت�أمين الدخل والت�أمين على �آثار‬ ‫التقلبات المناخية على الزراعة الأ�سرية‬

‫‪302‬‬

‫تعتبر �أغلب عمليات البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية عمليات مدعمة‬ ‫من قبل برنامج �ضمان الأ�سعار للزراعة الأ�سرية‪ ،‬الذي ي�ضمن وجود خ�صم في‬ ‫‪ 5‬للمزيد من التفا�صيل‪ ،‬انظر الف�صل الذي �أعده بيرا�سي وبيتينكورت‪.‬‬


‫الحد من ظاهرة الفقر‪ :‬من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬

‫عقود التمويل ب�شكل متنا�سب مع االنخفا�ض الحا�صل في الأ�سعار خالل مو�سم‬ ‫ت�سويق المحا�صيل‪ .‬ويغطي ذلك في الوقت الراهن ‪ 35‬منتجا‪ ،‬ويمكن �أن ي�صل‬ ‫الخ�صم �إلى ‪ 5 000‬ريال برازيلي لكل مزارع‪ .‬وباعتبار البرنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية مرتبطا ب�أ�سعار الت�سويق‪ ،‬ف�إن هذا البرنامج يعد في جوهره‬ ‫برنامجا ل�ضمان الدخل في عمليات االقترا�ض التي ت�شمل المزارعين الأ�سريين‪.‬‬ ‫وقد تم تطبيقه على ‪ 500 000‬من العقود في المتو�سط خالل كل مو�سم للح�صاد‪،‬‬ ‫ومنح خ�صم متو�سط قدره ‪� 1.2‬ألف ريال في عقود برنامج تعزيز الزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫ومنذ مو�سم الح�صاد ‪ ،2005-2004‬تمت تغطية الخ�سائر الناجمة عن‬ ‫التقلبات المناخية بدورها من قبل برنامج ت�أمين الزراعة الأ�سرية‪ ،‬الذي وفر‬ ‫‪ 65‬في المائة �إ�ضافية من العائد ال�صافي المتوقع من التعاقد المذكور‪ ،‬وذلك‬ ‫بالإ�ضافة �إلى �ضمان ت�سوية القرو�ض الممنوحة �ضمن البرنامج الوطني لتعزيز‬ ‫الزراعة الأ�سرية‪ .‬وت�ضمن الخطة �أال ي�صبح المزارعون مدينين و�أن يكون لديهم‬ ‫دخل لتغطية نفقاتهم حتى مو�سم الح�صاد‪ .‬وت�شمل خطة الت�أمين �أي�ضا توفير‬ ‫الم�ساعدة التقنية لإدارة المخاطر في الزراعة الأ�سرية واالرتقاء بالتكنولوجيات‬ ‫المالئمة‪ ،‬مثل اعتماد �إجراءات وقائية �ضد التقلبات المناخية التي ت�ؤثر �سلبيا‬ ‫على الزراعة‪ .‬وال يطبق الت�أمين الخا�ص بالأ�ضرار الناجمة عن تغير المناخ �إال‬ ‫فيما يخ�ص عقود تحمل الم�صاريف في مجال الزراعة‪ ،‬وبذلك تتم حماية ‪600.000‬‬ ‫من العقود لكل مو�سم ح�صاد في المتو�سط‪� ،‬إال �أن هناك خططا لتو�سيعها لت�شمل‬ ‫عقود اال�ستثمار �أي�ضا‪.‬‬

‫برنامج اقتناء الغذاء عن طريق الزراعة الأ�سرية‬

‫لهذا البرنامج الذي تم تنفيذه في �سنة ‪ 2003‬هدف مزدوج‪ :‬تحفيز المزارعين‬ ‫الأ�سريين على �إنتاج المواد الغذائية وتوفير مخزون للأغذية مع خطط لتوزيع الغذاء‬ ‫على الأ�شخا�ص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي‪ ،‬كما توزع المنتجات على‬ ‫المدار�س والم�ست�شفيات والجمعيات الخيرية‪.‬‬

‫الت�أمين على مو�سم الح�صاد‬

‫لقد �أريد لهذا الن�شاط �أن يحمي المزارعين في المنطقة البرازيلية �شبه القاحلة وذلك‬ ‫عند حدوث تقلبات مناخية �سلبية‪ .‬ولهذا الغر�ض‪ ،‬تم �إن�شاء �صندوق (هو �صندوق‬ ‫ت�أمين مو�سم الح�صاد) بم�شاركة الحكومة الفيدرالية وحكومات الواليات والبلديات‬ ‫التي تم االعتماد عليها في حالة وقوع الكوارث الناجمة عن الجفاف �أو الأمطار‬ ‫المتوا�صلة وما يترتب على ذلك من خ�سائر تفوق ‪ 50‬في المائة فيما يتعلق بمحا�صيل‬ ‫الذرة‪ ،‬والفا�صوليا‪ ،‬والقطن‪ ،‬والأرز‪ ،‬والك�سافا الخا�صة بالمزارعين الأ�سريين في‬

‫‪303‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫المنطقة ال�شبه‪ -‬قاحلة البرازيلية‪ .‬وي�ضمن ال�صندوق ت�سديد ‪ 550.00‬رياال برازيليا‬ ‫لكل �أ�سرة مت�ضررة باعتبار المبلغ دعما ماليا حتى مو�سم الح�صاد التالي‪.‬‬

‫�سيا�سات �أخرى لدعم التنمية الريفية‬ ‫على الرغم من وجود �سيا�سات �أخرى ترمي �إلى االرتقاء بالتنمية الريفية الم�ستدامة‬ ‫لي�ست جزءا من ا�ستراتيجية الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ف�إنها جديرة بالذكر في هذه‬ ‫المرحلة‪ .‬ومن بينها تلك التي تبرز بالنظر �إلى توقيتها ومالءمتها‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫الإ�صالح الزراعي‬

‫على الرغم من الأبعاد القارية للبرازيل‪ ،‬ف�إن عدم الم�ساواة في توزيع الأرا�ضي‬ ‫موروثة عن نموذج امتالكها ح�سب الأقاليم‪ .‬فقد بلغ م�ؤ�شر جيني ‪ Gini‬لتوزيع‬ ‫الأرا�ضي بين المن�ش�آت الزراعية والثروة الحيوانية ‪ 0.854‬في �سنة ‪ .2006‬وبتحليل‬ ‫المن�ش�آت الزراعية والثروة الحيوانية من حيث الحجم‪ ،‬ف�إننا نرى �أن ‪47 000‬‬ ‫(‪ 5‬في المائة) منها ذات م�ساحة تقدر بـ ‪ 1 000‬هكتار �أو �أكثر‪ ،‬وت�شغل ‪ 146‬مليون‬ ‫هكتار (‪ 44‬في المائة من الم�ساحة الإجمالية)‪ ،‬بينما ت�صل المن�ش�آت المتوفرة على‬ ‫�أقل من ‪ 100‬هكتار �إلى ‪ 4.4‬مليون (‪ 86‬في المائة) وت�شغل �أقل من ‪ 71‬مليون هكتار‬ ‫(‪ 21‬في المائة من الم�ساحة الإجمالية)‪ .‬وهكذا‪ ،‬ف�سيا�سات الإ�صالح الزراعي قد �أعدت‬ ‫لتقلي�ص هذه الفوارق وتعزيز الزراعة الأ�سرية‪.‬‬ ‫وفي الفترة الممتدة ما بين ‪ 2003‬و‪ ،2009‬تم توطين ‪� 574 532‬أ�سرة في �أكثر‬ ‫من ‪ 47.7‬مليون هكتار �ضمن ‪ 3.386‬م�شروعا تمثل حوالي ‪ 62‬في المائة تقريبا من‬ ‫كل التجمعات ال�سكنية التي �أن�شئت في الـ ‪� 39‬سنة الما�ضية‪ .‬ومن �أجل تحقيق هذه‬ ‫النتائج‪ ،‬تم ا�ستثمار ‪ 7‬مليارات ريال برازيلي في ال�سنوات ال�سبع الما�ضية ل�شراء‬ ‫الأرا�ضي‪ ،‬وذلك بغ�ض النظر عن اال�ستثمارات الأخرى‪.‬‬ ‫ويتمثل عن�صر �آخر من عنا�صر المخطط الوطني للإ�صالح الزراعي في‬ ‫�سيا�سة قرو�ض القتناء الأرا�ضي‪ ،‬ويكمن الغر�ض منه في منح قرو�ض طويلة الأمد‬ ‫للمزارعين الأ�سريين �إما القتناء �أر�ض �أو لتو�سيع م�ساحتها‪ .‬وقد ا�ستفادت ‪74.000‬‬ ‫�أ�سرة‪ ،‬ما بين ‪ 2003‬و‪ ،2009‬من قرو�ض ت�صل قيمتها �إلى ‪ 1.9‬مليار ريال برازيلي‬ ‫القتناء ‪ 1.3‬مليون هكتار‪.‬‬ ‫‪304‬‬

‫برنامج الأرا�ضي القانونية في منطقة الأمازون القانونية‬

‫يهدف هذا البرنامج الذي انطلق في يونيو‪/‬حزيران من �سنة ‪� 2009‬إلى تنظيم‬ ‫حيازة الأرا�ضي العامة الفيدرالية الواقعة في منطقة الأمازون القانونية‪ ،‬و�إلى‬


‫الحد من ظاهرة الفقر‪ :‬من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬

‫االرتقاء بالتنظيم الإقليمي في المنطقة‪ .‬ويتميز اال�ستقرار في الأرا�ضي في منطقة‬ ‫الأمازون القانونية باله�شا�شة �أو بدون �أي اعتراف قانوني‪ ،‬وهو ما �أدى �إلى ن�شوء‬ ‫النزاعات حول الأر�ض ات�سمت �أحيانا بالعنف‪ .‬لقد كان هناك ‪ 58‬مليون هكتار‬ ‫(‪ 11‬في المائة من منطقة الأمازون القانونية) من الأرا�ضي الفيدرالية لم يتم عزلها‬ ‫لأي غر�ض من الأغرا�ض الخا�صة في المنطقة‪ ،‬مع ما يقرب من ‪ 158.000‬تجمع‬ ‫�سكاني يجب ت�سوية و�ضعيته القانونية في هذه المناطق‪.‬‬ ‫لقد تم التن�صي�ص على تنفيذ برنامج الأرا�ضي القانونية في‬ ‫القانون ‪ 2009/11 952‬الذي ب�سط الإجراءات الخا�صة بت�سوية ا�ستيطان الأرا�ضي الفيدرالية‬ ‫في منطقة الأمازون القانونية بالن�سبة لم�ساحة ت�صل �إلى ‪ 1500‬هكتار‪ .‬وقد تمت بالفعل‬ ‫ت�سوية ما يقرب من ‪ 4.5‬مليون هكتار من الأرا�ضي التي تم اال�ستيالء عليها من قبل ما‬ ‫يزيد عن ‪� 26 000‬شخ�ص في ‪ 261‬بلدية‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد ا�ستفاد ‪ 270‬م�ستغال غير قانوني‬ ‫من �سندات الملكية الأولى من الأرا�ضي الممنوحة في �إطار البرنامج‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى الحاجة �إلى ت�سوية �أو�ضاع المزارعين الذين ي�ستغلون هذه‬ ‫المناطق‪ ،‬ف�إن ‪ 170‬بلدية تقع في المناطق الح�ضرية الم�شمولة كليا �ضمن الأرا�ضي‬ ‫الفيدرالية التي لم تتم ت�سوية �أو�ضاعها‪ ،‬مما يجعل من ال�صعب فر�ض ال�ضرائب على‬ ‫الم�ستقرين فيها وتوفير الخدمات لهم‪ .‬و�سيتم تحويل هذه المناطق �إلى البلديات التي‬ ‫�ستقوم بدورها بت�سوية �سندات الملكية العقارية ل�ساكنيها‪.‬‬

‫الم�ساعدة التقنية وتو�سيع المجال الريفي‬

‫تعتبر الخدمات التي يتم تقييمها في �إطار برنامج توفير الم�ساعدة التقنية وتقديم‬ ‫الإر�شاد الريفي بمثابة مفاتيح لل�سيا�سات العامة المتبعة لفائدة لجماعات الريفية‪.‬‬ ‫فخالل الت�سعينات‪ ،‬تم تفكيك نظام الإر�شاد الريفي بالكامل تقريبا ولم يتم االحتفاظ‬ ‫به �إال في بع�ض واليات البالد‪ .‬وفي �سنة ‪ ،2003‬تم ا�ستئناف �سيا�سة الم�ساعدة التقنية‬ ‫والإر�شاد الريفي‪ ،‬كما تم تو�سيعها وتح�سينها‪ .‬وفيما بين ‪ 2003‬و‪ ،2009‬تم ا�ستثمار‬ ‫‪ 1.5‬مليار ريال برازيلي تقريبا لم�ساعدة ‪ 2.5‬مليون �أ�سرة‪ .‬وهناك حاليا ‪ 548‬منظمة‬ ‫م�سجلة لدى وزارة التنمية الزراعية وهي توفر خدمات الم�ساعدة التقنية والإر�شاد‬ ‫الريفي بطاقم مكون من ‪ 23.000‬خبير تقني في كل الواليات البرازيلية‪.‬‬

‫برنامج "�أقاليم المواطنة"‬

‫‪6‬‬

‫ركز برنامج �أقاليم المواطنة الذي تم �إطالقه في فبراير‪�/‬شباط ‪ 2008‬على معالجة الفقر‬ ‫في المناطق الريفية من خالل ا�ستراتيجية تنموية م�ستدامة على م�ستوى الأقاليم‪ .‬ولهذا‬ ‫‪ 6‬للمزيد من التفا�صيل‪ ،‬انظر الف�صل الذي �أعده فران�سا‪.‬‬

‫‪305‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الغر�ض‪ ،‬يقوم البرنامج على مخططات تم تطويرها في مناطق تم تحديدها باعتبارها‬ ‫�أقاليم تعتمد على م�شاركة المجتمع المدني في محاولة لدمج �أن�شطة الإدارة الفيدرالية‬ ‫وحكومات الواليات والبلدية‪ .‬وقد �شمل البرنامج في �سنة ‪� 120 ،2009‬إقليما في جميع‬ ‫الوحدات الفيدرالية التي ت�ضم ‪ 1 852‬بلدية و‪ 13.1‬مليون �شخ�ص في المناطق الريفية‬ ‫التي ت�شكل ‪ 46‬في المائة من مجموع �سكان المناطق الريفية بالبرازيل‪ ،‬و‪ 67‬في المائة‬ ‫من كل الأ�شخا�ص الذين ا�ستقروا في تلك المناطق في �إطار برنامج الإ�صالح الزراعي‪،‬‬ ‫و‪ 66‬في المائة من كل جماعات الكيلومبو )‪ ،(Quilombo‬و‪ 52‬في المائة من كل �أرا�ضي‬ ‫ال�سكان الأ�صليين‪ ،‬و‪ 54‬في المائة من جميع ال�صيادين و‪ 46‬في المائة من جميع‬ ‫�أ�سر المزارعين الأ�سريين بالبرازيل‪ .‬وقد مكن الجهد الم�شترك الذي بذلته ال�سلطات‬ ‫والمنظمات �سنة ‪ 2009‬من هيكلة م�صفوفة مكونة من ‪ 200‬ن�شاط حكومي يجب تنفيذها‬ ‫في ‪� 120‬إقليما على الم�ستوى الفيدرالي بميزانية تقدر بـ ‪ 24.6‬مليار ريال برازيلي‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك بع�ض الأن�شطة المن�صو�ص عليها في ا�ستراتيجية الق�ضاء على الجوع الم�شار‬ ‫�إليها �أعاله‪ .‬وفي �سنة ‪ ،2010‬تمت �إ�ضافة مقدار ‪ 27‬مليار ريال برازيلي لت�ستثمر في‬ ‫هذه الأن�شطة‪.‬‬

‫تطور ظاهرة الفقر في المناطق الريفية‬

‫‪306‬‬

‫بالنظر �إلى �سيا�سات التنمية الريفية المذكورة �أعاله‪ ،‬دعونا الآن نقوم بفح�ص‬ ‫�أو�ضاع العائالت الريفية‪.‬‬ ‫ون�شير �إلى �أن هذا الن�ص ي�ستخدم م�ؤ�شرين ال غير‪ ،‬وهما‪ :‬معدل الفقر‪ ،‬وتكوين‬ ‫دخل الأ�سرة‪.‬‬ ‫لقد تمت الإ�شارة �أعاله �إلى �أن �أكثر من ‪ 5‬ماليين �شخ�ص قد تم تخلي�صهم من‬ ‫حالة الفقر في المناطق الريفية‪ ،‬حيث �شهدنا في هذه المناطق تراجعا كبيرا في معدالت‬ ‫الفقر‪ .‬لكن‪ ،‬هل هذا االنخفا�ض الملحوظ في الفقر متجان�س في كل القطاعات الريفية؟‬ ‫وبهدف فهم دينامية المناطق الريفية‪ ،‬تم اعتبار ال�سكان الذين يعي�شون في‬ ‫المناطق الريفية وجزء من ال�سكان الح�ضريين الذين انخرطوا في الأن�شطة الزراعية‪.7‬‬ ‫ولهذه الغاية‪ ،‬تم ت�صنيف الأ�سر الن�شيطة اقت�صاديا �إلى الفئات التالية‪:‬‬ ‫■ ■الزراعة الأ�سرية‪ :‬وت�شمل الأ�سر المنخرطة في الأعمال الزراعية‪� ،‬سواء‬ ‫�أكانت تملك �أر�ضا �أم ال‪ ،‬وت�سكن في منطقة ح�ضرية �أم في منطقة‬ ‫ريفية‪ .‬وبح�سب قواعد البرنامج الوطني لتعزيز الزراعة الأ�سرية‪ ،‬ف�إنه‬ ‫يمكن لهذه الأ�سر ت�شغيل ما ي�صل �إلى عاملين اثنين دائمين‪.‬‬ ‫‪ 7‬ت�شير الأن�شطة الزراعية �إلى المعنى العام للكلمة‪ ،‬وي�شمل الثروة الحيوانية‪ ،‬والأن�شطة التي تمار�سها العائالت الم�ستقرة بمحميات الأمازون‬ ‫وتعي�ش على مواردها الطبيعية والغابات و�أن�شطة ال�صيد البحري‪.‬‬


‫الحد من ظاهرة الفقر‪ :‬من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬

‫■‬

‫■‬

‫■‬

‫■الزراعة ال�صناعية‪ :‬ويتعلق الأمر بالأ�سر التي تدير م�شاريع زراعية‬ ‫بثالثة عمال دائمين �أو �أكثر‪� ،‬سواء كانوا ي�سكنون في منطقة ح�ضرية �أو‬ ‫ريفية‪.‬‬ ‫■ الأ�سر الزراعية غير الريفية‪ :‬ويتعلق الأمر ب�أ�سر العاملين �أو الأ�شخا�ص‬ ‫العاملين لح�سابهم ال�شخ�صي‪ ،‬والتي انخرط �أفرادها في �أن�شطة غير‬ ‫زراعية على الرغم من �أنهم يعي�شون في منطقة ريفية‪.‬‬ ‫■الأجراء الريفيون‪ :‬ويتعلق الأمر بالأ�سر التي تعي�ش على عمالة �أفرادها‪.‬‬ ‫وبتعبير �أب�سط‪ ،‬فقد تم اعتبار الأجراء الزراعيين (الذين يعي�شون في‬ ‫مناطق ح�ضرية �أو ريفية) والأجراء غير الزراعيين الذين يعي�شون في‬ ‫مناطق ريفية جزءا من هذه ال�شريحة على حد �سواء‪.‬‬

‫ويمكن �أن نرى نتائج هذا الت�صنيف في الجدول ‪ .4‬وهكذا لوحظ انخفا�ض‬ ‫هام في الفقر بين عائالت الزراعة الأ�سرية‪� :‬إذ تخل�ص من بينهم ‪� 759.000‬شخ�ص من‬ ‫حالة الفقر‪ .‬بمنطق الأرقام‪ ،‬لقد بلغ عدد الأ�شخا�ص المعنيين بهذا االنخفا�ض �أكثر‬ ‫من ‪ 4‬ماليين �شخ�ص‪ ،‬وهو ما يمثل تراجعا من ‪ 41‬في المائة �إلى ‪ 24‬في المائة في‬ ‫معدل الفقر الخا�ص بهذه المجموعة‪ .‬وهذه هي الفئة المهنية التي تم فيها ت�سجيل‬ ‫تقلي�ص هام في عدد الأ�شخا�ص الفقراء‪.‬‬ ‫والفئة الثانية التي عرفت تراجعا هاما في عدد الفقراء كانت هي الأجراء‬ ‫الريفيون الذين تخل�ص منهم �أكثر من ‪ 3‬ماليين �شخ�ص من ‪� 624.000‬أ�سرة من الفقر‬ ‫بين �سنة ‪ 2003‬و�سنة ‪ .2009‬وعلى الرغم من االنخفا�ض الكبير في عدد الأ�شخا�ص‬ ‫الفقراء عامة‪ ،‬ف�إن الأجراء الريفيين يمثلون غالبية الأ�شخا�ص الفقراء في المناطق‬ ‫الريفية في البرازيل‪� ،‬أقل بقليل من مليون عائلة فقيرة‪ ،‬وهو ما يمثل ‪ 20‬في المائة‬ ‫من كل عائالت الأجراء الريفيين‪ .‬وعندما يتم تق�سيم م�صادر دخل مختلف �أنواع الأ�سر‪،‬‬ ‫يالحظ ارتفاع مهم في دخل العمال (الجدول ‪ .)5‬ففي الزراعة الأ�سرية‪ ،‬ارتفع معدل الدخل‬ ‫الزراعي بـ ‪ 107.00‬رياالت برازيلية‪ ،‬وهو ما يمثل ربحا حقيقيا بن�سبة ‪ 17‬في المائة‪ ،‬فيما‬ ‫نما الدخل غير الزراعي بـ ‪ 102.00‬ريال برازيلي في المتو�سط (الربح الحقيقي بن�سبة ‪ 43‬في‬ ‫المائة) ‪.‬‬ ‫وتمثل الزيادة الملحوظة في الدخل الزراعي وغير الزراعي ‪ 58‬في المائة من‬ ‫مجموع الزيادة الحا�صلة في دخل الزراعة الأ�سرية‪� ،‬أي �أن الزيادة في عائدات كل‬ ‫الأ�صناف (دخل العمل والتحويالت النقدية الحكومية‪ -‬معا�شات التقاعد وبرنامج‬ ‫منحة الأ�سرة) تلعب دورا كبيرا في الو�صول �إلى انخفا�ض مهم في الفقر بين‬ ‫المزارعين الأ�سريين‪ ،‬غير �أن العمل هو الم�صدر الرئي�سي الرتفاع دخل عائالت ه�ؤالء‬ ‫المزارعين‪ .‬‬

‫‪307‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫اجلدول ‪ - 4‬الأ�رس الزراعية �أو الأ�رس الريفية العاملة وفقا لو�ضعها بالن�سبة للفقر‪،‬‬ ‫الربازيل (�آالف الأ�رس �أو الأفراد)‬ ‫نوع الأ�سرة‬

‫عدد الأ�شخا�ص‬ ‫‪ 2009 2003‬الفرق‬

‫‪2003‬‬

‫‪2009‬‬

‫الفرق‬

‫‪4 139-‬‬

‫‪1 504‬‬

‫‪746‬‬

‫‪759-‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪198‬‬

‫‪129‬‬

‫‪69-‬‬

‫‪1 585‬‬

‫‪960‬‬

‫‪624-‬‬

‫الأ�سرة الزراعية‬

‫‪7 709‬‬

‫‪3 570‬‬

‫الأ�سرة الزراعية ال�صناعية‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪998‬‬

‫‪575‬‬

‫‪423-‬‬

‫‪7 855‬‬

‫‪4 662‬‬

‫‪3 193-‬‬

‫الأ�سر الريفية غير الزراعية‬

‫‪1‬‬

‫الأ�سر الريفية الأجيرة‬

‫‪2‬‬

‫عدد الأ�شخا�ص‬

‫‪ 1‬ت�شمل الأ�سر العاملة �أو الأ�شخا�ص العاملين لح�سابهم الخا�ص‪ ،‬من غير الزراعيين �أو العاملين في �أكثر من ن�شاط‪.‬‬ ‫‪ 2‬ت�شمل الأ�سر الزراعية �أو الأ�سر العاملة في �أكثر من ن�شاط (في مناطق ريفية �أو ح�ضرية) و�أ�سر غير زراعية تعي�ش‬ ‫في مناطق ريفية‪.‬‬ ‫مالحظة‪ :‬ال ت�شمل هذه الفئات الأ�سر الريفية في واليات �أكري‪ ،‬و�أمازونا‪ ،‬و�أمابا‪ ،‬وبارا‪ ،‬وروندونيا‪،‬‬ ‫وروريما التي بد�أت تح�سب اعتبارا من ‪.2004‬‬

‫اجلدول ‪ - 5‬املتو�سط ال�شهري لدخل الأ�رسة من الأن�شطة الزراعية وغري الزراعية‬ ‫وفقا لنوع الأ�رسة‪ ،‬الربازيل (التقديرات بـالريال الربازيلي يف �سبتمرب‪�/‬أيلول ‪)2009‬‬ ‫نوع الأ�سرة‬

‫متو�سط الدخل الزراعي متو�سط الدخل غير الزراعي متو�سط الدخل الأ�سري‬ ‫‪2003‬‬

‫‪2009‬‬

‫الفرق‬

‫‪2003‬‬

‫‪2009‬‬

‫الفرق‬

‫‪2003‬‬

‫‪2009‬‬

‫الفرق‬

‫الأ�سرة الزراعية‬

‫‪620‬‬

‫‪727‬‬

‫‪%17‬‬

‫‪239‬‬

‫‪341‬‬

‫‪%43‬‬

‫‪1138‬‬

‫‪1499‬‬

‫‪%32‬‬

‫الأ�سرة الزراعية‬ ‫ال�صناعية‬

‫‪7528‬‬

‫‪7249‬‬

‫‪%4-‬‬

‫‪1213‬‬

‫‪1513‬‬

‫‪%25‬‬

‫‪9737‬‬

‫‪10477‬‬

‫‪%8‬‬

‫–‬

‫–‬

‫‪978‬‬

‫‪1172‬‬

‫‪%20‬‬

‫‪1230‬‬

‫‪1526‬‬

‫‪%24‬‬

‫الأ�سر الريفية غير‬ ‫الزراعية‬ ‫‪1‬‬

‫الأ�سر الريفية‬ ‫الأجيرة‬

‫‪322‬‬

‫‪396‬‬

‫‪%23‬‬

‫‪317‬‬

‫‪460‬‬

‫‪%45‬‬

‫‪793‬‬

‫‪1094‬‬

‫‪%38‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫ت�شمل الأ�سر الزراعية �أو الأ�سر العاملة في �أكثر من ن�شاط (في مناطق ريفية �أو ح�ضرية) و�أ�سر غير زراعية تعي�ش‬ ‫في مناطق ريفية‪.‬‬ ‫مالحظة‪ :‬ال ت�شمل هذه الفئات الأ�سر الريفية في واليات �أكري‪ ،‬و�أمازونا‪ ،‬و�أمابا‪ ،‬وبارا‪ ،‬وروندونيا‪ ،‬وروريما التي‬ ‫بد�أت تح�سب اعتبارا من ‪ .2004‬وهذه الأرقام بح�سب الم�ؤ�شر المعتمد في دليل الم�ستهلك الوطني للأ�سعار‪.‬‬ ‫الم�صدر‪� :‬أعدت �أرقام الدرا�سات الوطنية لم�سوح العينات المنزلية من قبل الم�ؤلف‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪308‬‬

‫ت�شمل �أ�سر �أرباب العمل �أو الأفراد العاملين لح�سابهم الخا�ص‪ ،‬من غير المزارعين �أو العاملين في �أكثر من ن�شاط‪.‬‬


‫الحد من ظاهرة الفقر‪ :‬من ‪ 44‬مليون ن�سمة �إلى ‪ 29.6‬مليون ن�سمة‬

‫ويبين الجدول ‪� 5‬أي�ضا �أن الدخل الزراعي ( ‪ 23‬في المائة) وغير الزراعي‬ ‫( ‪ 45‬في المائة) للأجراء الريفيين يرتفعان معا من حيث قيمتهما الحقيقية‪.‬‬ ‫ويف�سر هذان الم�صدران ‪ 72‬في المائة من االرتفاع الملحوظ في دخل �أ�سر‬ ‫الأجراء‪ ،‬ولكن وبما �أن الأجر الذي يتقا�ضاه المزارعون الريفيون يعتبر تاريخيا‬ ‫منخف�ضا جدا‪ ،‬فحتى متو�سط الزيادة بـ ‪ 74.00‬رياال برازيليا بالن�سبة للدخل‬ ‫الزراعي و بـ ‪ 143.00‬ريال برازيلي بالن�سبة للدخل غير الزراعي لي�س كافيا‬ ‫لتتخل�ص �أ�سر الأجراء من الفقر‪.‬‬ ‫�إن كون الدخل الناتج عن العمل هو ال�سبب الرئي�سي في ارتفاع الدخل لدى‬ ‫الأ�سر الريفية يبين �أن هذه العائالت �شهدت دورات مثمرة من فر�ص العمل وتوفير‬ ‫الدخل‪ .‬وتوحي هذه النتائج بقوة ب�أن االفترا�ض الذي اعتمده برنامج الق�ضاء على‬ ‫الجوع قد كان �صحيحا‪ :‬فبرنامج التحويالت النقدية مثله مثل برنامج منحة الأ�سرة‪،‬‬ ‫قد كان مهما ولعب دورا رئي�سيا في تعزيز الطلب على الأ�سواق المحلية‪ ،‬وتعزيز‬ ‫االقت�صادات التي كانت ت�شهد ركودا فيما �سبق‪.‬‬

‫االعتبارات الختامية‬ ‫لقد و�صفت هذه المقالة التطور الذي عرفته ظاهرة الفقر‪ ،‬وبالتالي تطور الأمن‬ ‫الغذائي والتغذية وفق المعايير التي اعتمدها برنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬ففي ما‬ ‫بين ‪ 2003‬و‪ ،2009‬تم تخلي�ص �أكثر من ‪ 20‬مليون �شخ�ص من الفقر‪ ،‬وال �سيما في‬ ‫المناطق الريفية حيث تخل�ص منه ‪ 5‬ماليين �شخ�ص‪.‬‬ ‫فقد ا�ستلزم البرنامج منذ انطالقه �سنة ‪ 2003‬جهودا مكثفة من قبل الحكومة‬ ‫للخروج من الحلقة المفرغة للجوع والفقر‪ .‬وقد �أبانت �أرقام البرامج المختلفة التي‬ ‫تم تنفيذها على امتداد ال�سنوات الأخيرة �أن هذه الجهود كانت متوا�صلة ومت�سقة مع‬ ‫�أهدافها الأولية‪.‬‬ ‫�إن الجمع بين مختلف �سيا�سات التحويالت النقدية (�سيا�سات الطوارئ) من‬ ‫�أجل تعزيز �أ�سواق اال�ستهالك المحلية و�شروط االقت�صاد الكلي الم�ستقرة قد �ضمنت‬ ‫الح�صول على نتائج �إيجابية‪ ،‬كما لوحظ في المناطق الريفية بالبرازيل‪.‬‬ ‫فقد تخطى ما يزيد عن ‪ 4‬ماليين �شخ�ص خط الفقر وذلك في قطاع الزراعة‬ ‫الأ�سرية‪ .‬وقد تخل�ص من الفقر من بين الأجراء الريفيين ‪� 624.000‬شخ�ص‪ ،‬لكن ‪ 17‬في‬ ‫المائة من �أ�سر الأجراء ما تزال تعي�ش تحت عتبة الفقر‪.‬‬ ‫ومن بين م�صادر الدخل‪ ،،‬ف�إن الدخل المت�أتي عن العمل الزراعي والعمل غير‬ ‫الزراعي كان هو الدخل الذي ا�ست�أثر بمعظم الزيادة الملحوظة في دخل المزارعين‬ ‫الأ�سريين والأجراء الريفيين‪ .‬وقد �أف�ضى الدعم المتوفر للزراعة الأ�سرية والتنمية المحلية‬

‫‪309‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫بت�ضافرها مع التحويالت المالية لال�ستفادة من دورات حميدة لتوليد الدخل و�ضمان‬ ‫حقوق المواطنة محليا‪ .‬وي�ؤكد االرتفاع الملحوظ في دخل العمل هذا الإنجاز الإيجابي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التقدم الم�سجل منذ ‪ ،2003‬ف�إنه من الوا�ضح �أن هناك‬ ‫العديد من التحديات التي ما تزال قائمة‪ ،‬ومن دون �شك �أن �أكبرها يكمن في كون‬ ‫‪ 29.5‬مليون �شخ�ص ما يزالون يعتبرون فقراء في البرازيل‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪310‬‬


‫ مليون ن�سمة‬29.6 ‫ مليون ن�سمة �إلى‬44 ‫ من‬:‫الحد من ظاهرة الفقر‬

‫المراجع‬ BRAZIL. Inauguration speech of President Lula, on January 1, 2003. Available at: <http://www.info.planalto.gov.br/>. Accessed on: October 10, 2010. ___. Presidency of the Republic. Fome Zero. Available at: <http://www.fomezero.gov.br/>. Accessed on: October 10, 2010. ___. President (2003 – L. I. Lula da Silva). Message to the National Congress, 2010. 422 pp. (Document of the Presidency of the Republic). DEL GROSSI, M. E.; GRAZIANO DA SILVA, J.; TAKAGI, M. Evolução da pobreza no Brasil, 1995/99. Campinas: Unicamp, IE, 2001. (Discussion paper n. 104). DEL GROSSI, M. E.; MARQUES, V. A. A delimitação da agricultura familiar no Censo Agropecuário 2006 segundo a Lei 11.326. [In the press]. FRANÇA, C. G.; DEL GROSSI, M. E.; MARQUES, V. A. O Censo Agropecuário 2006 e a agricultura familiar no Brasil. Brasília: Ministry of Agrarian Development, 2009. IBGE. National Household Sample Surveys - PNAD. Rio de Janeiro, 2002 and 2008. Available at: <www.ibge.gov.br> [link “População”]. Accessed on: October 10, 2010. CITIZENSHIP INSTITUTE. Projeto Fome Zero: uma proposta de política de segurança alimentar para o Brasil. São Paulo, 2001. Version 3. 118 pp. TAKAGI, M.; GRAZIANO DA SILVA, J.; DEL GROSSI, M. E. Pobreza e fome: em busca de uma metodologia para quantificação do problema no Brasil. Campinas: Unicamp, IE, 2001. (Discussion paper n. 101).

311



‫‪ -14‬اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن‬ ‫الغذائي في �أمريكا الالتينية‬ ‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا‬ ‫والتر بيليك‬ ‫مايا تاكاجي‬

‫مقدمة‬ ‫نقدم في هذا الف�صل مجموعة من االقتراحات من �أجل و�ضع �سيا�سة للأمن الغذائي‬ ‫قائمة �أ�سا�سا على خبرة وا�ضعيها في ت�صميم وتنفيذ برنامج الإدارة الفيدرالية‬ ‫البرازيلية للق�ضاء على الجوع‪.1‬‬ ‫لي�ست ال�شواغل الغذائية ظاهرة حديثة في بلدان �أمريكا الالتينية‪ .‬فمنذ �أيام‬ ‫اال�ستعمار الأولى‪ ،‬ظهر بو�ضوح فرق كبير بين البلدان الم�شار �إليها بم�ستعمرات‬ ‫اال�ستغالل ‪ -‬مثل البرازيل وباقي دول �أمريكا الالتينية – والم�ستعمرات اال�ستيطانية‪-‬‬ ‫مثل الواليات المتحدة وكندا‪ .‬وقد كان الهدف الأ�سا�سي من الأن�شطة المنتجة‪ ،‬وهي‬ ‫�أ�سا�سا الزراعة والثروة الحيوانية و�أن�شطة التعدين‪ ،‬في الحالة الأولى‪ ،‬هو توفير‬ ‫الإمدادات للأ�سواق الخارجية (�أوروبا)‪ .‬ولذلك‪ ،‬كانت الأ�سعار الدولية تحدد المنتجات‬ ‫الم�صدرة وتخ�ص�ص الموارد لإنتاجها‪ .‬وعندما يرتفع �سعر منتج معين‪ ،‬تحول‬ ‫جميع الموارد المتاحة لإنتاجه‪ .‬وعلى العك�س من ذلك‪ ،‬عندما تنخف�ض الأ�سعار‪،‬‬ ‫ال �سيما �أ�سعار الأرا�ضي واليد العاملة‪ ،‬ف�إنه يتم تحويلها �إلى �أن�شطة ثانوية‪ ،‬مثل‬ ‫�إنتاج الأغذية‪ .‬وبهذه الطريقة‪ ،‬تم �إن�شاء ما ي�سمى بـمفارقة الجوع "في م�ستعمرات‬ ‫اال�ستغالل‪� :‬إذ بقدر ما تزداد الثروة‪ ،‬بقدر ما تزداد معاناة العمال من الجوع‬ ‫والحرمان‪ ،‬بما �أن ا�ستيراد �أغلب المنتجات الغذائية كان �ضروريا"‪.‬‬ ‫لقد قام تحديث الأن�شطة الزراعية والحيوانية في �أمريكا الالتينية في فترة‬ ‫ما بعد الحرب بتدمير هذه الهويات في العديد من البلدان‪ ،‬نذكر من بينها على‬ ‫الخ�صو�ص تلك التي تنتمي �إلى ال�سوق الم�شتركة المو�سعة للجنوب–‪MERCOSUR‬‬ ‫‪ 1‬طلب الن�سخة الأولى من هذا الن�ص مدير المنظمة الإقليمي لأمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‪ ،‬غو�ستافو غورديلو‪ ،‬في يوليو‪/‬تموز‬ ‫‪ 2004‬ليتم ا�ستخدامها "دليال" من قبل الخبراء التقنيين الم�س�ؤولين عن تنفيذ برامج الأمن الغذائي في بلدان المنطقة‪ .‬وقد ا�ستندت خال�صات هذا‬ ‫الن�ص �إلى نتائج ندوة �سيا�سات التغذية والأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‪Políticas de Seguridad Alimentaria y Nutrición en ،‬‬ ‫‪ ،América Latina‬التي عقدت في مقر معهد االقت�صاد بجامعة كامبينا�س )‪ (Unicamp‬في عام ‪ .2003‬وقد قام بيليك )‪ (2004‬بتنظيم‬ ‫الن�صو�ص الكاملة التي قدمت في تلك الندوة ‪.‬‬

‫‪313‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪314‬‬

‫(وال �سيما �شيلي والبرازيل والأرجنتين)‪ -‬و�أمريكا الو�سطى (المك�سيك في المقام الأول)‪.‬‬ ‫ففي تلك البلدان ‪ -‬وتقريبا في كل البلدان الأخرى‪ ،‬ولو على نطاق �أ�ضيق‪ -‬تم �إن�شاء‬ ‫�أ�سواق حديثة للأغذية التي �أنتجها المزارعون الع�صريون ال�صغار والمتو�سطون والكبار‪،‬‬ ‫كما تم �إحداث �صناعات زراعية ركزت على تلبية الطلب المحلي وتزويد الأ�سواق‬ ‫الخارجية على حد �سواء‪ .‬ومن الوا�ضح �أن هذه الديناميكية لي�ست بنف�س القوة في جميع‬ ‫دول المنطقة‪ ،‬ال �سيما في بلدان مجموعة الأنديز (مثل بوليفيا و�إكوادور وبيرو)‪ ،‬حيث‬ ‫ما يزال العر�ض المحلي يعتمد ب�شكل كبير على اقت�صاد الفائ�ض‪ 2‬الذي يلبي احتياجاته‬ ‫�صغار المزارعين‪ ،‬وعلى الواردات كما هو الحال في فنزويال اليوم‪.‬‬ ‫لي�س من الخط�أ الكبير القول �إن ديناميكية العر�ض المحلي بالن�سبة للمجموعة‬ ‫الأولى من البلدان المذكورة �أعاله (الأرجنتين والبرازيل و�شيلي والمك�سيك) قد توقفت‬ ‫ب�صفة نهائية من خالل الواردات والفائ�ض من اقت�صادات الكفاف‪ .‬فقد تم‪ ،‬في هذه‬ ‫البلدان‪ ،‬ت�أ�سي�س قطاع �إمدادات قوي وحديث ‪� -‬أو حداثي‪ ،‬كما يف�ضل البع�ض �أن‬ ‫ي�سميه ‪ -‬من �أجل تلبية الطلب المحلي‪ ،‬حيث يتحدد تو�سيع هذا القطاع �أ�سا�سا بطلب‬ ‫المنتجات الزراعية‪/‬الحيوانية ال بانعدام مرونة العر�ض‪ ،‬مما يعني �أن ما يعيق‬ ‫التو�سع في �إنتاج الغذاء‪ ،‬اليوم‪ ،‬يتجلى في عدم كفاية الطلب من قبل ن�سبة كبيرة‬ ‫من ال�سكان التي تفتقر �إلى القوة ال�شرائية القتناء المواد الغذائية التي تحتاج �إليها‪.‬‬ ‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فقد ن�ش�أت‪ ،‬منذ الت�سعينات‪� ،‬صناعة جديدة في تلك البلدان تركز‬ ‫على ت�صدير منتجات زراعية حيوانية جديدة ذات قيمة م�ضافة عالية (مثل الفواكه‬ ‫اال�ستوائية البرازيلية �أو �سمك ال�سلمون ال�شيلي) وال�سلع الم�ستعملة في ال�صناعات‬ ‫الزراعية (مثل ع�صير الفاكهة‪ ،‬والزيوت النباتية واللحوم الم�صنعة من الأرجنتين‬ ‫والبرازيل)‪ .‬وقد �ساهمت هذه ال�صناعة الجديدة المخ�ص�صة للت�صدير في تعزيز‬ ‫التجارة الخارجية في المنطقة‪ ،‬كما �أنها لعبت دورا رئي�سيا في التخفيف من �آثار‬ ‫الأزمة الناجمة عن عدم كفاية الطلب في الأ�سواق المحلية‪ ،‬التي يمكن �أن تعزى‬ ‫بالأ�سا�س �إلى انخفا�ض م�ستويات الدخل لدى �سكان هذه البلدان‪.‬‬ ‫ويعتبر هذا الأمر عن�صرا جديدا في النقا�ش حول الأمن الغذائي في �أمريكا‬ ‫الالتينية‪ :‬ذلك �أن الجوع يوجد في بلدان تمكنت من التخل�ص من الأزمة التي‬ ‫عرفها العر�ض الزراعي الرئي�سي من خالل �سيا�سات التحديث في المجالين الزراعي‬ ‫والحيواني‪ .‬وبعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إننا ن�ستطيع �أن نقول �إن الجوع في هذه البلدان لم‬ ‫يعد ناجما عن ارتفاع �أ�سعار الأغذية �أو عدم كفاية �إنتاجها‪ ،‬و�إنما هو ناتج �أ�سا�سا‬ ‫عن انخفا�ض القدرة ال�شرائية للعمال الأكثر فقرا وعن م�ستويات البطالة المرتفعة‪،‬‬ ‫خا�صة في المناطق الح�ضرية‪.‬‬ ‫‪ 2‬انظر‪ ،‬في هذا ال�صدد‪ ،‬الأدبيات الكال�سيكية حول زراعة الكفاف ودورها في تزويد الأ�سواق المحلية‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫و�سنركز الآن على تقديم اقتراح للأمن الغذائي لهذه المجموعة من البلدان‪.‬‬ ‫وهذا ال يعني �أننا �سنولي �أهمية �أقل لبرامج الأمن الغذائي في بلدان �أمريكا الالتينية‬ ‫الأخرى‪ ،‬في مجموعة دول الأنديز‪� ،‬أو في �أمريكا الو�سطى ومنطقة البحر الكاريبي‪.‬‬ ‫�إننا نعتقد �أن منظمة الأغذية والزراعة قد و�ضعت‪ ،‬بالفعل بالن�سبة لهذه البلدان‪،‬‬ ‫مجموعة قوية من ال�سيا�سات تربط ال�صلة بين الإجراءات المتخذة �ضد الجوع من‬ ‫�أجل التنمية الريفية ومبادرات الحد من الفقر‪ .‬و في ر�أينا‪ ،‬ف�إن الق�ضية التي ت�شكل‬ ‫تحديا جديدا بالن�سبة لمنظمة الأغذية والزراعة في �أمريكا الالتينية تتمثل في كيفية‬ ‫الت�صدي لم�شكلة الجوع في البلدان التي ي�ستقر �أغلب �سكانها في الح�ضر‪ ،‬ال �سيما‬ ‫في المناطق الح�ضرية حيث ازداد الفقر المدقع نتيجة ارتفاع م�ستويات البطالة‬ ‫والأن�شطة االقت�صادية غير الر�سمية‪ ،‬كما هو الحال في الأرجنتين والبرازيل و�شيلي‬ ‫والمك�سيك‪.‬‬

‫مفهوم الأمن الغذائي وتداعياته‬ ‫من وجهة نظر ال�سيا�سات العامة‪ ،‬تم اعتماد ما ال يقل عن ثالثة نهج مختلفة للأمن‬ ‫الغذائي‪ ،‬و�إن كانت ت�شترك في عدة نقاط‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫النهج الأول هو النهج "الزراعي"‪ ،‬ويركز على العر�ض‪ .‬وقد بد�أ اتباع هذا‬ ‫النهج في �أواخر الخم�سينات و�أوائل ال�ستينات‪ ،‬عندما تم ال�شروع في ا�ستبدال نموذج‬ ‫الت�صدير الأولي في �أمريكا الالتينية ليحل محله نموذج اال�ستيراد في بع�ض البلدان‪،‬‬ ‫وتفعيل التنمية ال�صناعية والتو�سع العمراني‪ .‬وقد كان م�صدر القلق الرئي�سي الذي‬ ‫�أدى �إلى اعتماد هذه النهج هو ارتفاع �أ�سعار المواد الغذائية لدى �سكان الح�ضر‬ ‫ب�سبب وجود العديد من ال�سما�سرة الو�سطاء بين منتجي الفائ�ض والم�ستهلكين في‬ ‫المناطق الح�ضرية‪ .‬وقد كان االقتراح الأ�سا�سي يتمثل في قلب هذا الو�ضع من خالل‬ ‫تحديث قنوات الت�سويق بالجملة (مرافق الإمداد المركزي) والتجزئة (�سال�سل المراكز‬ ‫التجارية الكبرى) بنف�س وتيرة تحديث الإنتاج الزراعي و الحيواني‪.‬‬ ‫�أما النهج الثاني فكان م�صدره قلق الم�س�ؤولين المهنيين عن الرعاية ال�صحية‬ ‫العامة �إزاء تغذية ال�سكان‪ ،‬وخا�صة منهم ذوي الدخل المنخف�ض‪ .‬وهنا ينظر للجوع‬ ‫باعتباره �صلة الو�صل بين الأمرا�ض والفقر‪ .‬لهذا‪ ،‬ف�إن الإجراءات المقترحة في‬ ‫�إطار هذه النهج تت�ضمن عمليات تبد�أ من "الوقاية خير عالج" �إلى توزيع الغذاء‬ ‫على مجموعات محددة (الأطفال والأ�شخا�ص الم�سنون والأمهات المر�ضعات ذوات‬ ‫الدخل المنخف�ض) دون �إهمال عمليات الطوارئ ال�ضرورية‪ .‬وعلى الرغم من �أن هذه‬ ‫المقترحات ت�شير �إلى اتخاذ تدابير ل�ضمان ح�صول الجميع على هذه العنا�صر (مثل‬ ‫�إ�ضافة الفلوريت �إلى مياه ال�شرب‪� ،‬أو �إ�ضافة المغذيات الدقيقة في الدقيق‪ ،‬وغير‬

‫‪315‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪316‬‬

‫ذلك)‪ ،‬ف�إنها ت�ؤدي‪ ،‬على نحو ثابت تقريبا‪� ،‬إلى �إجراءات تركز على فئات معينة من‬ ‫ال�سكان‪ ،‬من بينها على نحو متواتر جدا النق�ص في الغذاء‪.‬‬ ‫وهناك �أخيرا‪ ،‬النهج الثالث‪ ،‬وهو نهج �أكثر حداثة من حيث الت�سل�سل الزمني‪،‬‬ ‫ويتمثل هذا النهج في حق الإن�سان في الغذاء‪ .‬وقد �أ�شير �إلى هذا النهج لأول مرة‬ ‫في الوثائق الدولية المتفق عليها في �إطار الأمم المتحدة ومنظماتها القطاعية‬ ‫(وخ�صو�صا منظمة الأغذية والزراعة واليوني�سيف ومنظمة ال�صحة العالمية)‪ .‬ويعتبر‬ ‫هذا النهج الواعد في تحقيق الأمن الغذائي �أكثر �شمولية من النهج ال�سابقة‪ ،‬كما �أنه‬ ‫ال يقت�صر على معالجة المواد الغذائية باعتبارها م�شكلة تتعلق بالتوافر المادي فقط‪،‬‬ ‫بل ي�شمل الجوانب الثقافية ور�ضا الفرد (اللذة)‪� ،‬أي �أن فعل الأكل لم يعد ينظر �إليه‬ ‫فقط باعتباره حاجة بيولوجية �أو من متطلبات العمل‪ ،‬بل باعتباره �شيئا مت�أ�صال‬ ‫في حياة الب�شر‪ ،‬يحترم عاداتهم وتقاليدهم‪.‬‬ ‫وينبغي �أي�ضا التذكير ب�أن مفهوم الأمن الغذائي يتطور‪ ،‬و�أن بع�ض الكتاب‬ ‫قد �شرعوا في الآونة الأخيرة في ا�ستخدام م�صطلح ال�سيادة واال�ستدامة الغذائية‪.‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬ف�إن مفهوم ال�سيادة الغذائية قد برز بحدة في النقا�شات التي دارت‬ ‫حول المو�ضوعات ذات ال�صلة بالأمن الغذائي في عام ‪ .1996‬فخالل م�ؤتمر القمة‬ ‫العالمي للأغذية‪ ،‬وبالموازاة مع منتدى المجتمع المدني الذي عقد �أي�ضا في‬ ‫روما‪ ،‬بد�أ الت�شديد الكبير على الدعوة �إلى ال�سيادة الغذائية‪ .‬ويركز هذا المفهوم‬ ‫على اال�ستقاللية الغذائية للبلدان وعلى الحاجة �إلى ا�سترداد المحا�صيل الغذائية‪.‬‬ ‫كما يرتبط المفهوم ب�ضرورة الحد من اعتماد هذه البلدان على الواردات‪ ،‬والتقليل‬ ‫من �آثار تقلبات الأ�سعار في الأ�سواق الدولية‪ ،‬وال�سماح بخلق المزيد من فر�ص‬ ‫العمل فيها‪ .‬وخال�صة القول‪ ،‬فال�سيادة الغذائية تعلق �أهمية كبيرة على الحفاظ‬ ‫على العادات الغذائية والممار�سات التقليدية‪ .‬فيما تنطوي اال�ستدامة الغذائية‪،‬‬ ‫في المقابل‪ ،‬على مفاهيم متعلقة بالمحافظة على البيئة وعدم ا�ستخدام مبيدات‬ ‫الح�شرات والزراعة الأحادية المو�سعة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إن ت�صور وتحديد مجال خا�ص لتطبيق مفهوم ال�سيادة الغذائية‬ ‫المو�سعة الواردة في هذه النهج في حق الإن�سان في الغذاء في مجال ال�سيا�سات‬ ‫العامة لي�س بالمهمة ال�سهلة‪ ،‬كما �ستتم مناق�شة ذلك �أدناه‪.‬‬ ‫ال توجد بعد �أطر عامة موحدة و�شاملة لم�ساعدة الأ�سر التي تتعر�ض للمخاطر‬ ‫الغذائية في �أمريكا الالتينية‪ .‬فالتاريخ يقدم �أمثلة معزولة فقط حيث �أن�ش�أت الحكومة‬ ‫مرافق للتموين الغذائي‪ ،‬والمطاعم المدعمة والترتيبات الالزمة لتوزيع �سالل الغذاء‬ ‫الأ�سا�سي والحليب‪ ،‬كما اتخذت �إجراءات �أخرى في هذا المجال في مختلف دول‬ ‫المنطقة منذ الثالثينات‪ .‬وقد لوحظ‪ ،‬نتيجة لذلك‪� ،‬أن الحكومات كانت تعتمد على‬ ‫الإجراءات الخيرية الخا�صة لتوفير الم�ساعدات الغذائية ‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫الإطار ‪ - 1‬الإطار امل�ؤ�س�سي القانوين‪ :‬احلق يف الغذاء وال�سيادة الغذائية (�إنه‬ ‫حق لل�سكان وواجب على الدولة �ضمانه)‬ ‫في عام ‪ ،1789‬تم الإعالن عن الحقوق العالمية للإن�سان‪ .‬وقد كان ذلك نتيجة‬ ‫للثورة الفرن�سية‪ .‬ومنذ ذلك الحين والفقهاء والد�ستوريون يناق�شون نطاق هذه‬ ‫الحقوق والخالفات بين الفئتين‪ .‬وفي الآونة الأخيرة‪ ،‬اكت�سب الأمن الغذائي‬ ‫مكانة مرموقة وتمت مقارنته مع غيره من حقوق الإن�سان المن�صو�ص عليها‬ ‫في قرارات لجنة حقوق الإن�سان للأمم المتحدة نف�سها‪ .‬ذلك �أن المادة ‪25‬‬ ‫من �إعالن الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإن�سان‪ ،‬التي �أعلنت في عام ‪1948‬‬ ‫تن�ص على �أن "لكل �شخ�ص الحق في م�ستوى معي�شي يكفيه و�أ�سرته ل�ضمان‬ ‫ال�صحة والرفاهية‪ ،‬بما في ذلك الحق الغذاء‪ ".‬وقد اعترف بالحق في الغذاء‬ ‫بدوره من قبل لجنة حقوق الإن�سان للأمم المتحدة في عام ‪ ،1993‬خالل‬ ‫اجتماع عقد في فيينا وح�ضره ممثلون عن ‪ 52‬دولة‪ ،‬منها البرازيل التي‬ ‫�صوتت ل�صالحه ودولة واحدة فقط لم ت�صوت ل�صالحه (الواليات المتحدة)‪.‬‬ ‫ويمكن للمرء �أن يقر�أ في ميثاق الأمم المتحدة الدولي الخا�ص بالحقوق‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية والثقافية الذي �أدرج في ال�صفحة الأولى من ن�ص‬ ‫م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ ،‬ما يلي‪:‬‬ ‫"الحق في الغذاء يعني الحق في الحماية من الجوع‪ ،‬والحق في م�ستوى‬ ‫معقول من المعي�شة‪ ،‬بما في ذلك الغذاء والملب�س والم�أوى والحق في العمل"‪.‬‬ ‫وفي الآونة الأخيرة‪ ،‬وا�ستجابة لطلب من الدول الأع�ضاء التي ح�ضرت‬ ‫م�ؤتمر القمة العالمي للأغذية ‪� ،1996‬أ�صدرت لجنة الأمم المتحدة المعنية‬ ‫بالحقوق االقت�صادية واالجتماعية والثقافية "التعليق العام رقم ‪ - 12‬الحق‬ ‫في الغذاء الكافي" ولقد �أ�صبحت هذه الوثيقة معلمة رئي�سية لمنظمات حقوق‬ ‫الإن�سان ودليال للمجتمع الدولي ككل‪ .‬وي�ؤكد التعليق ‪ 12‬على �ضرورة التزام‬ ‫جميع الدول بـ "احترام وحماية وتنفيذ" هذا الحق‪ .‬وتن�ص الوثيقة في الفقرة ‪15‬‬ ‫بو�ضوح على �أنه‪ [...]" :‬كلما كان فرد �أو مجموعة من الأفراد عاجزين لأ�سباب‬ ‫خارجة عن �إرادتهم‪ ،‬عن التمتع بالحق في الغذاء الكافي بالو�سائل المتاحة لهم‪،‬‬ ‫ف�إنه ي�صبح من واجب الدول �أن تحقق (توفر) ذلك الحق ب�شكل مبا�شر‪ .‬وينطبق‬ ‫هذا االلتزام �أي�ضا على الأ�شخا�ص �ضحايا الكوارث الطبيعية �أو غيرها‪".‬‬ ‫وين�ص الد�ستور البرازيلي لعام ‪ 1988‬على مجموعة وا�ضحة من‬ ‫الحقوق االجتماعية التي يعرفها باعتبارها حقوق النا�س والمجتمعات المحلية‬ ‫التي تهدف �إلى حماية الب�شر من انتهاكات الآخرين وحتى من دولتهم نف�سها‪.‬‬

‫‪317‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ويحدد الف�صل الثاني من الد�ستور الفيدرالي الحقوق االجتماعية‬ ‫لجميع المواطنين البرازيليين‪ .‬وفي الأ�صل‪ ،‬فقد ورد في المادة ‪ 6‬ما يلي‪:‬‬ ‫"التعليم وال�صحة والعمل والترفيه‪ ،‬والأمن‪ ،‬وال�ضمان االجتماعي‪ ،‬وحماية‬ ‫الأمومة والطفولة‪ ،‬وم�ساعدة المعوزين‪ ،‬كلها حقوق اجتماعية في ظل هذا‬ ‫الد�ستور‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن الحق في الغذاء لم يذكر �صراحة في د�ستورنا‪� ،‬إال �أنه‬ ‫اعتبر �ضمن هذه الحقوق‪ ،‬و�أ�سا�سا �ضمن الحق في ال�صحة وم�ساعدة المعوزين‪.‬‬ ‫لكن الدليل التوجيهي ال�صادر عن الأمم المتحدة قد �أف�ضى �إلى طلب �إجراء تعديل‬ ‫د�ستوري (المذكرة ‪ )64 -‬لكي يت�سنى ذكر الحق في الغذاء �صراحة في الد�ستور‬ ‫البرازيلي‪ .‬وقد غير هذا التعديل‪ ،‬الذي �صدر في عام ‪ 2010‬من قبل الكونغر�س‬ ‫البرازيلي‪� ،‬صيغة المادة ‪ 6‬لي�شمل الحق في الغذاء باعتباره واحدا من الحقوق‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية المن�صو�ص عليها فيه‪ .‬وقد كانت نتيجة ذلك �أن‬ ‫�أ�صبحت هذه المادة من الد�ستور الآن على ال�شكل التالي‪:‬‬ ‫"تعتبر كل من التربية والتعليم وال�صحة والغذاء والعمل والترفيه وال�سكن‪،‬‬ ‫والأمن‪ ،‬وال�ضمان االجتماعي‪ ،‬وحماية الأمومة والطفولة‪ ،‬وم�ساعدة‬ ‫المعوزين‪ ،‬حقوقا اجتماعية في ظل هذا الد�ستور"‪.‬‬ ‫فما هي النتيجة العملية لالعتراف بهذا الحق؟ لقد تم و�ضع الدولة في �إطار‬ ‫االلتزام بتوفير الغذاء لأولئك الذين هم في حاجة �إليه‪ ،‬والذين ي�ضمن لهم‬ ‫بدورهم الحق في الح�صول عليه‪.‬‬ ‫�إن الحق في الغذاء الكافي و المنتظم ال ينبغي �ضمانه من خالل �أعمال‬ ‫خيرية‪ ،‬ولكن ب�صورة رئي�سية من قبل الدولة باعتباره واجبا لأنها‪ ،‬في نهاية‬ ‫التحليل‪ ،‬الممثل الرئي�سي لمجتمعنا‪.‬‬

‫‪318‬‬

‫المهمة ‪ - 1‬م�سح للقوانين الأ�سا�سية التي تن�ص على الحق في الغذاء المتاحة‬ ‫في بلدان �أخرى‪ .‬يعتبر الم�سح (ولو لم يكن �شامال) هذه الو�سائل القانونية‬ ‫(�أو �أهمها) �ضروريا‪ ،‬بدءا من الإطار القانوني الم�ؤ�س�سي المن�صو�ص عليه في‬ ‫د�ستور كل بلد من �أجل الحق في الغذاء‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫وعادة ما يتم تقديم الم�ساعدة في حاالت محددة تت�سم بعدم وجود �أموال‬ ‫ل�شراء المواد الغذائية من قبل الكنائ�س والنقابات والمنظمات الإن�سانية من خالل‬ ‫�أعمال خيرية‪ .‬وللزيادة من هذا النوع من الم�ساعدة‪ ،‬فقد تم دائما االعتماد على‬ ‫المزيد من التبرعات الغذائية‪� ،‬أغلبها من البلدان الغنية‪ ،‬ال�شيء الذي يكر�س تبعية‬ ‫‪3‬‬ ‫البلدان والفئات ال�سكانية ذات الدخل المنخف�ض لما ي�سمى بالم�ساعدات الإن�سانية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن الإجراءات التي تتخذها المنظمات الدينية تنمو �أكثر‬ ‫ف�أكثر‪ ،‬ف�إن التطور الرئي�سي الجديد الذي لوحظ في الت�سعينات هو ظاهرة وا�ضحة‬ ‫تت�سم بالتدخل المبا�شر لل�شركات في الأعمال االجتماعية‪ .‬وقد تم اقتراح العديد من‬ ‫الأ�سباب لتف�سير هذا التطور الجديد‪ :‬فمن ناحية‪ ،‬تم االعتراف ب�أن "الدولة ‪ -‬الكيان‬ ‫الرئي�سي الم�س�ؤول عن توفير الخدمات االجتماعية الأ�سا�سية ‪ -‬ال يمكنها معالجة‬ ‫الم�شاكل االجتماعية للبلد بمفردها‪ ،‬ولهذا ال�سبب تمت الإ�شارة على نحو متزايد‬ ‫�إلى �ضرورة العمل في �إطار ال�شراكة مع منظمات المجتمع المدني لهذا الغر�ض"‬ ‫(‪ .)Peliano, 2002‬وقد تم تحفيز ال�شركات على الم�شاركة في الأعمال االجتماعية بطرق‬ ‫متعددة‪ :‬حوافز �ضريبية‪ ،‬وتقديم �صورة �أف�ضل عن ال�شركات في عيون الم�ستهلكين‬ ‫والم�ستثمرين والمجتمع‪� .‬أما بالن�سبة ل�سوق الم�ستهلكين‪ ،‬فهناك �أدلة قوية على‬ ‫�أن الم�ستهلكين يميلون �أكثر �إلى �شراء منتجات ال�شركات التي ت�شجع على الأعمال‬ ‫الإن�سانية �أو دعم الق�ضايا الإن�سانية‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1999‬وبمبادرة من منظمة الأمم المتحدة‪ ،‬دعي قادة الم�ؤ�س�سات‬ ‫الرئي�سية لإ�شراك ال�شركات الكبرى بهدف ال�سعي �إلى تحقيق "�أهداف الألفية"‪ .‬وقد تم‬ ‫تحديد هذه الأهداف في مختلف الم�ؤتمرات التي رعتها الأمم المتحدة في الت�سعينات‪،‬‬ ‫مع �إدراج العنا�صر االجتماعية والبيئية واالقت�صادية فيها‪ .‬ونتيجة لهذه المبادرة‪،‬‬ ‫تم التوقيع على "االتفاق العالمي" بين الأمم المتحدة وخم�س من وكاالتها و�أكثر من‬ ‫‪ 1 000‬م�ؤ�س�سة عابرة للحدود الوطنية‪.‬‬ ‫�إن الق�ضاء على الفقر المدقع والجوع هو الهدف الأول المدون في الئحة من‬ ‫ثمانية �أهداف ينبغي تحقيقها بحلول عام ‪ .2015‬وبالن�سبة للجوع‪ ،‬ف�إن الهدف هو‬ ‫التقلي�ص من عدد الجياع في العالم بمقدار الن�صف‪ ،‬وفقا لتعهد الدول المجتمعة في‬ ‫م�ؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عقد في روما عام ‪.1996‬‬ ‫ومن الناحية العملية‪� ،‬أدى �إن�شاء "الميثاق العالمي" بال�شركات المتعددة‬ ‫الجن�سيات �إلى تن�سيق �أعمالها لهذا الغر�ض في المناطق التي تعمل فيها‪ .‬وعادة ما‬ ‫‪ 3‬تجدر الإ�شارة �إلى التذكير بالقانون العام )‪ ،(PL 480‬الذي ت�أ�س�س في الثالثينات‪ ،‬من قبل حكومة الواليات المتحدة ك�أداة ل�شراء المنتجات‬ ‫الزراعية‪ .‬وقد قررت الواليات المتحدة‪ ،‬بنمو م�شترياتها من المواد الغذائية والمخزونات‪ ،‬توجيه جزء من التبرعات �إلى �أمريكا الالتينية‪ ،‬بموجب‬ ‫�سيا�سة عرفت با�سم "التحالف من �أجل التقدم"‪ ،‬ولعبت في الخم�سينيات �أدوارا �سيا�سية في ا�ستراتيجية الواليات المتحدة للتعامل مع �آثار الحرب‬ ‫الباردة في المنطقة‪.‬‬

‫‪319‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ت�ؤدي هذه الإجراءات �إلى الت�أثير على ال�شركات المحلية‪ ،‬بما في ذلك الم�ؤ�س�سات‬ ‫ال�صغيرة والمتو�سطة‪ ،‬بحيث تجعلها ترفع من م�ستوى �أعمالها وت�ضع معيارا‬ ‫‪4‬‬ ‫للقطاع‪.‬‬

‫الفقر ومحاربة الجوع‬

‫‪320‬‬

‫يمكن �أن يقع خلط بين ق�ضية الأمن الغذائي وم�شكلة الفقر‪ ،‬وال�سيما الفقر المدقع‪،‬‬ ‫وذلك في البلدان التي يكون فيها �إجمالي �إمدادات الأغذية مالئما ن�سبيا من وجهة‬ ‫نظر الإنتاج (ولي�س بال�ضرورة من وجهة نظر الأ�سعار)‪.‬‬ ‫�أوال‪ ،‬وقبل كل �شيء‪ ،‬ينبغي �أن نفهم بو�ضوح �أن الأمن الغذائي عبارة عن‬ ‫�سيا�سة يتم تطبيقها على ال�سكان عموما ولي�س فقط على الفقراء منهم‪� .‬إذ تعتبر‬ ‫�سيا�سات الأمن الغذائي النموذجية‪ ،‬مثل تلك المتعلقة بالغذاء والتعليم والتغذية‪،‬‬ ‫وو�ضع العالمات على المنتجات‪ ،‬وجودة و�سالمة الغذاء‪ ،‬من بين �أمور �أخرى‪� ،‬أمثلة‬ ‫جيدة عن ال�سيا�سات التي ت�ؤثر على جميع النا�س‪ ،‬بغ�ض النظر عن دخلهم‪.‬‬ ‫�إال �أنه من ال�صحيح �أي�ضا �أن ينطوي الأمن الغذائي على حالة طوارئ يمكن‬ ‫مالحظتها حتى في البلدان النامية التي تنتج فائ�ضا زراعيا للت�صدير‪ ،‬هو الجوع‪.‬‬ ‫في هذه الحالة‪ ،‬ينتج الجوع عن انخفا�ض القدرة ال�شرائية لدى الكثير من ال�سكان‪.‬‬ ‫غير �أنه �سيكون من الخط�أ �أن نفتر�ض �أن وجود �سيا�سة لمحاربة الفقر ب�شكل عام‬ ‫كافية للت�صدي لجميع �أ�سباب الجوع (‪ .)Monteiro, 2003‬ويعود ذلك‪ ،‬حتى في‬ ‫البلدان النامية التي لديها فائ�ض زراعي‪� ،‬إلى كون الجوع ناتج عما ال يقل عن �سببين‬ ‫لهما طابع وا�ضح للغاية‪� :‬أوال‪ ،‬يمكن �أن يكون ال�سبب هو ارتفاع �أ�سعار المواد الغذائية‬ ‫بالمقارنة مع م�ستويات الدخل ال�سائدة نتيجة للإنتاج و‪�/‬أو م�شاكل في التوزيع‪،‬‬ ‫وثانيا‪ ،‬حتى عندما تكون �أ�سعار الأغذية منخف�ضة ن�سبيا‪ ،‬قد ال ي�سمح دخل الأ�سر‬ ‫ب�شراء الطعام بكمية كافية ب�سبب النفقات الأ�سا�سية الأخرى‪ ،‬مثل الإيجار‪ ،‬والنقل‪،‬‬ ‫والتعليم‪ ،‬والرعاية ال�صحية‪ ،‬وما �إلى ذلك‪.‬‬ ‫ومن المهم التمييز بين �سيا�سات الأمن الغذائي‪ ،‬وب�شكل �أكثر تحديدا‪� ،‬سيا�سات‬ ‫محاربة الجوع‪ ،‬من جهة‪ ،‬وال�سيا�سات الرامية �إلى محاربة الفقر ب�شكل عام‪ ،‬من‬ ‫جهة �أخرى‪ .‬ويكمن ال�سبب الأول في ذلك في �أن الفقر ي�ؤثر في �أمريكا الالتينية على‬ ‫مجموعات كبيرة من ال�سكان‪ ،‬كما �أن له �أ�سبابا هيكلية معروفة (الدخل وتركيز‬ ‫الأرا�ضي‪ ،‬وم�ستويات الأجور المنخف�ضة‪ ،‬الخ)‪ ،‬وذلك على عك�س الو�ضع في الدول‬ ‫المتقدمة‪ ،‬حيث يقت�صر الفقر على فئات اجتماعية معينة (من بينها الأقليات‬ ‫العرقية‪ ،‬والأ�سر التي تر�أ�سها الن�ساء وكبار ال�سن‪ ،‬وغيرها)‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ف�إن ما‬ ‫‪ 4‬انظر في هذا ال�صدد معهد �إيثو�س‪.2004 ،‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫تقوم به برامج التحويالت المالية المركزة ال يتعدى تخفيف معاناة الأ�سر الم�ستبعدة‬ ‫بالمعنى الحرفي للكلمة‪� .‬إن هذه البرامج بحاجة �إلى تكملة عن طريق �إجراءات �أخرى‬ ‫ذات طابع "هيكلي"‪� ،‬أي من خالل �إجراءات تهدف �إلى تح�سين االندماج االجتماعي‬ ‫للم�ستبعدين من الإطار االجتماعي‪.‬‬ ‫ولكن هناك �سبب ثان لعدم القيام بتذويب �سيا�سة الأمن الغذائي ‪ -‬وبخا�صة‬ ‫�سيا�سة محاربة الجوع ‪ -‬في �سيا�سة عامة تهدف �إلى محاربة الفقر‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من �أن العالقة بين الجوع والفقر ت�شكل حلقة مفرغة‪ ،‬فان الجوع هو ال�سبب الجذري‬ ‫للفقر‪ ،‬وواحد من �أ�سبابه الرئي�سية‪ ،‬في الواقع‪ .‬فال يمكن للأ�شخا�ص الذين يعانون من‬ ‫الجوع �أن ينتجوا‪� ،‬أو يعملوا‪� ،‬أو يتمتعوا ب�صحة جيدة‪ .‬وقد يق�صدون المدر�سة‪ ،‬لكنهم‬ ‫ال ي�ستطيعون التعلم ب�شكل منا�سب‪ .‬ومن جانب �آخر‪ ،‬يمكن للأ�شخا�ص الذين يتغذون‬ ‫ب�شكل جيد �أن يكونوا فقراء �إال �أن لديهم الحد الأدنى من القدرة على اال�ستجابة‬ ‫لمحفزات �سيا�سة تعليمية‪ ،‬و�سيا�سة �إعادة الت�أهيل المهني‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫ولهذا ال�سبب‪ ،‬يمكن القول �إن الأمن الغذائي عبارة عن جزء مما �أ�شار �إليه �سين‬ ‫)‪ (Sen, 1988‬باعتباره ا�ستحقاقات �شخ�ص في الغذاء‪ ،‬والتي يمكن ترجمتها بالحق‬ ‫الأ�سا�سي في الغذاء )‪ .(Sen, 1988‬ويحيل اال�ستحقاق على �أكثر من �أي حق‪ ،‬وهو في‬ ‫نف�س م�ستوى الحق في الحياة‪ ،‬باعتباره جزءا من الحقوق الأ�سا�سية للإن�سان‪ .‬وبعبارة‬ ‫�أخرى‪� :‬إن حرمان النا�س من الحق في الغذاء الكافي هو حرمانهم من الحق في حياة‬ ‫�صحية �أو حرمانهم من �سمة غير قابلة للت�صرف بخ�صو�ص �شرطهم الإن�ساني‪.‬‬ ‫ووفقا لدي هان )‪ (De Haen, 2004‬ف�إن الجوع هو في الوقت ذاته �سبب‬ ‫ونتيجة للفقر‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف�إن الكاتب يرى �أن اتباع نهج مزدوجة �أمر �ضروري‬ ‫لمحاربة الجوع‪ .‬ويتمثل البعد الأول في هذه النهج في "اال�ستثمار في القطاعات‬ ‫الإنتاجية لخلق فر�ص لتح�سين الظروف المعي�شية للأ�شخا�ص الذين يواجهون‬ ‫الجوع وتمكينهم من �أن ي�صبحوا مواطنين كاملي الحقوق‪ ".‬وتت�ضمن هذه‬ ‫النهج �إجراءات لتعزيز التنمية الزراعية والريفية من خالل �إ�صالح ال�سيا�سات‬ ‫واال�ستثمارات في قطاع الزراعة‪.‬‬ ‫ولي�ست الزراعة هي الم�صدر الوحيد للغذاء‪� ،‬إال �أنها تولد‪ ،‬جنبا �إلى جنب‬ ‫مع الأن�شطة غير الزراعية في المناطق الريفية‪ ،‬فر�ص العمل وتوفر الدخل بالن�سبة‬ ‫للغالبية الكبرى من الفقراء في العالم‪ .‬غير �أن مدى �إمكان تمتع �أولئك الذين يواجهون‬ ‫الجوع بالمزايا التي توفرها الفر�ص االقت�صادية رهين بمدى تغذيتيهم ب�شكل جيد‪،‬‬ ‫وتمتعهم ب�صحة جيدة ومعرفتهم القراءة والكتابة‪ .‬وبذلك‪ ،‬ف�إن تح�سين التغذية �شرط‬ ‫م�سبق لتمكين الفقراء من التمتع الكامل بالفر�ص التي تتيحها التنمية‪.‬‬ ‫�أما البعد الثاني فهو تعزيز ح�صول �أولئك الذين يواجهون الجوع ب�شكل مبا�شر‬ ‫وفوري على الغذاء من خالل مجموعة وا�سعة من �شبكات ال�سالمة و�شبكات الم�ساعدة‪.‬‬

‫‪321‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ويمكنها �أن ت�شمل برامج للتحويالت المالية والغذائية‪ ،‬ف�ضال عن برامج الغذاء‬ ‫والتغذية مثل برامج الوجبات المدر�سية وتقديم المكمالت الغذائية‪.‬‬ ‫ويكمن ا�ستنتاج دي هان )‪ (2004‬في �أن ال�سيا�سات العامة التي تركز‬ ‫ح�صرا على الحد من الفقر ال يمكنها معالجة م�شكلة الجوع "ب�شكل �آلي"‪ .‬ومع �أن‬ ‫الجوع هو ال�سبب الرئي�سي في الفقر في غالب الأحيان‪ ،‬ف�إن تح�سين التغذية‬ ‫يبقى �ضروريا للحد من الفقر‪ 5.‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ووفقا للم�ؤلف‪ ،‬ف�إن برنامج محاربة‬ ‫الجوع الذي اقترحته منظمة الأغذية والزراعة يلخ�ص �أولويات و�سيا�سات محددة‬ ‫لال�ستثمارات العامة في تحقيق الهدف المحدد في م�ؤتمر القمة العالمي للأغذية‬ ‫المتمثل في خف�ض عدد الأ�شخا�ص الذين يواجهون الجوع �إلى الن�صف بحلول‬ ‫عام ‪ .2015‬وت�شمل مجاالته الخم�سة ذات الأولوية تح�سين الإنتاجية الزراعية‪،‬‬ ‫واال�ستثمار في البنية الأ�سا�سية الريفية‪ ،‬والإ�صالحات الهيكلية‪ ،‬وا�سترداد الموارد‬ ‫الطبيعية (الأر�ض والمياه والتنوع البيولوجي)‪ .‬كما يعترف البرنامج ب�ضرورة‬ ‫التركيز على الأ�شخا�ص الذين يواجهون الجوع في المناطق الح�ضرية‪ ،‬وهي‬ ‫م�شكلة ذات �أهمية ال�سيما في �أمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫المهمة ‪ - 2‬الأ�سئلة الأ�سا�سية التي يتعين الإجابة عليها والمت�صلة بهذا‬ ‫المو�ضوع هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ما هي المناطق التي يمكن ت�صنيفها باعتبارها واجهت بنجاح م�شكلة‬ ‫�إنتاج الأغذية (من حيث الكم) لكنها لم تواجه بنجاح م�شكلة الح�صول‬ ‫على الأغذية ب�سبب عدم كفاية الدخل لن�سبة كبيرة من �سكانها؟‬ ‫‪ -2‬ما هي المناطق التي تواجه م�شاكل ناجمة عن ارتفاع الأ�سعار المترتبة‬ ‫على حالة االختناق في توزيع المنتجات الغذائية الخا�صة بهم؟‬ ‫‪ -3‬ما هي تكلفة الجوع من حيث �آثاره على ال�صحة (انخفا�ض متو�سط العمر‬ ‫المتوقع ومعدل وفيات الأطفال‪ ،‬وغيرها) والتعليم (معدالت الر�سوب‬ ‫المرتفعة بين الأطفال في �سن الدرا�سة‪ ،‬الخ)؟‬ ‫‪ -4‬ما الذي �ستكون عليه نتائج �سيا�سة محاربة الجوع على افترا�ض �أن‬ ‫جميع الأموال المنقولة �إلى الفئات الفقيرة تنفق ب�شكل رئي�سي على المواد‬ ‫الغذائية وغيرها من ال�سلع الأ�سا�سية؟‬

‫‪322‬‬

‫‪ 5‬وفقا لدي هان )‪" ،(De Haen, 2004‬حيثما تكون معدالت الجوع منخف�ضة تكون معدالت وفيات الأطفال‪ ،‬وخا�صة بالن�سبة للأطفال �أقل‬ ‫من �سن ‪� 5‬سنوات من العمر‪ ،‬منخف�ضة �أي�ضا‪ ،‬ويكون ارتفاع متو�سط العمر المتوقع �أعلى في الدول الأكثر ت�ضررا؛ ويتوقع للمواليد الجدد �أن يعي�شوا‬ ‫حياة �صحية �إلى غاية �سن ‪ ،38‬بينما من المتوقع في الدول ذات معدالت الجوع المنخف�ضة �أن يعي�ش ه�ؤالء المواليد �إلى حدود �سن ال ‪� .60‬أما في‬ ‫البلدان النامية‪ ،‬ف�إن ما بين ‪ 50‬و ‪ 60‬في المائة من مجمل الوفيات بين الأطفال يعود ال�سبب فيها المبا�شر �أو غير المبا�شر �إلى الجوع والنق�ص‬ ‫في التغذية‪" .‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫كيف يمكن قيا�س الأمن الغذائي (�أو غياب الأمن) الغذائي؟‬

‫يرى دي هان )‪� (De Haen, 2004‬أن "ا�ستخدام الم�ؤ�شرات لقيا�س عدد الأ�شخا�ص‬ ‫الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي مهم جدا بالن�سبة لمراقبة واختيار الأ�شخا�ص‬ ‫الذين يجب �أن ي�ستفيدوا من م�ساعدة البرامج الرامية �إلى محاربة الجوع‪� .‬إذ ب�إمكان‬ ‫هذه الم�ؤ�شرات �أن ت�ساعد على فهم من يواجه الجوع‪ ،‬و�أين يعي�ش الأ�شخا�ص الذين‬ ‫يواجهون الجوع ‪ ،‬ولماذا هم يواجهون الجوع"‪ .‬وبح�سب الم�ؤلف‪ ،‬ف�إنه "يمكن‬ ‫ا�ستخدام العديد من الم�ؤ�شرات لهذا الغر�ض‪ ،‬ويمكن لكل م�ؤ�شر منها �أن ي�ستخدم‬ ‫لقيا�س جوانب مختلفة في الأمن الغذائي‪ ،‬وال يمكن لأي مقيا�س �أن يكون كافيا‬ ‫بمفرده‪ .‬وعلى العك�س من ذلك‪ ،‬ف�إن �سل�سلة من الم�ؤ�شرات �ضرورية لفهم انعدام الأمن‬ ‫الغذائي بكل تعقيداته‪ ،‬ولمعرفة من يواجه الجوع‪ ،‬و�أين يعي�ش الأ�شخا�ص الذين‬ ‫يواجهون الجوع ‪ ،‬ولماذا هم يواجهون الجوع"‪.‬‬ ‫وبح�سب الم�ؤلف‪ ،‬ف�إن هناك خم�سة م�ؤ�شرات النعدام الأمن الغذائي وهي‬ ‫الأكثر �شيوعا‪:‬‬ ‫(�أ) توفر الغذاء‪ ،‬ويقا�س ب�إجمالي المعرو�ض من ال�سعرات الحرارية‪ ،‬وتوزيع‬ ‫الح�صول على هذه ال�سعرات الحرارية‪ .‬وي�ستخدم هذا الإجراء من قبل‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة في �إح�صاءاتها حول تطور الجوع في العالم‪،‬‬ ‫ولهذا الإجراء ميزة تتمثل في كونه م�ؤ�شرا عمليا على مبادئ توجيهية‬ ‫‪6‬‬ ‫عالمية الحقة‪ ،‬كما يمكن �أن يطبق في جميع البلدان تقريبا‪.‬‬ ‫(ب) الغذاء كواحد من المدخالت‪ ،‬ويقي�س الكمية المادية من المواد الغذائية‬ ‫المتوفرة لال�ستهالك المنزلي‪.‬‬ ‫(ج) الو�ضع الغذائي‪ ،‬الذي يقوم على مقايي�س الج�سم الب�شري مثل الت�أخر في‬ ‫النمو (ن�سبة الوزن‪/‬القامة)‪ .‬وتعتبر هذه الم�ؤ�شرات متاحة للأطفال فقط‬ ‫ويتم ح�سابها ب�شكل رئي�سي ا�ستنادا �إلى الم�سوحات ال�صحية الأولية‪.‬‬ ‫(د) اله�شا�شة‪ ،‬التي يمكن قيا�سها على �أ�سا�س نماذج من الو�سائل المتاحة‬ ‫للعي�ش �أو التموين الذاتي (الإنتاج من �أجل اال�ستهالك الذاتي)‪.‬‬ ‫(ه) الح�صول على الغذاء‪ ،‬الذي ي�ستند �إلى القدرات المحلية للح�صول على‬ ‫�سلة الغذاء الأ�سا�سي (من خالل الدخل �أو �أي و�سيلة �صالحة �أخرى)‪.‬‬

‫‪ 6‬ي�ستند قيا�س النق�ص في التغذية (�أو الجوع) الم�ستخدم من قبل منظمة الأغذية والزراعة �إلى مدى توافر ال�سعرات الحرارية للفرد الواحد في‬ ‫كل بلد وعلى مزيج من االلتزام بالتوزيع مع حد �أدنى للطلب المعدل ديموغرافيا (الخط الفا�صل)‪ .‬ونتيجة ذلك هي تقدير عدد الأ�شخا�ص الذين‬ ‫يعانون من �سوء التغذية‪ .‬وت�شير الح�سابات الأخيرة �إلى �أن هناك ‪ 842‬مليون �شخ�ص يعانون من �سوء التغذية في العالم‪ .‬يعي�ش معظمهم‬ ‫(‪ 505‬مليون) في �آ�سيا ومنطقة المحيط الهادئ‪ ،‬يليهم ‪ 198‬مليونا في منطقة �أفريقيا جنوب ال�صحراء الكبرى‪ .‬وما يقرب من ‪ 35‬مليون �شخ�ص‬ ‫في �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي يعانون من �سوء التغذية‪ .‬انظر في هذا ال�صدد‪.De Haen, 2004 :‬‬

‫‪323‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪324‬‬

‫وقد حددت درا�سة �أنجزها تاكاجي وغرازيانو دا �سيلفا وديل غرو�سي (‪)2001‬‬ ‫�أ�ساليب مختلفة متاحة لقيا�س عدد ال�سكان الذين ال يجدون ما يكفي من الطعام‪،‬‬ ‫ويمكن ت�صنيفها في مجموعتين رئي�سيتين هما‪ :‬الطريقة المبا�شرة والطريقة غير‬ ‫المبا�شرة‪ .‬الطريقة المبا�شرة تتيح الإم�ساك بعدد لأ�شخا�ص والأ�سر التي ال ت�ستهلك‬ ‫�سعرات حرارية كافية وبروتين وذلك من خالل الم�سوحات الخا�صة باال�ستهالك �أو‬ ‫بمعطيات القيا�سات الب�شرية‪ .‬ويتم‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬تقييم مدى مالءمة تناول‬ ‫الطعام �أو وزن الأ�شخا�ص بالن�سبة �إلى قامتهم‪ .‬وهكذا يتم قيا�س "الت�أثير" الم�ستمر‬ ‫لعدم وجود غذاء كاف في الج�سم‪ ،‬غير �أنه ال يمكن قيا�س احتمال تعر�ض النا�س‬ ‫للجوع وانعدام الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫وقد تم ت�صميم الطريقة غير المبا�شرة ال�ستنتاج ما �إذا كان ال�سكان يعانون‬ ‫من النق�ص في التغذية‪ ،‬ا�ستنادا �إلى م�ؤ�شرات �أخرى غير ا�ستهالك ال�سعرات الحرارية‬ ‫ومعطيات القيا�سات الب�شرية‪ .‬ويتمثل المتغير الرئي�سي الم�ستخدم في الطرق غير‬ ‫المبا�شرة في ن�صيب الفرد من دخل الأ�سرة‪ .‬ويتجلى االفترا�ض الأول في �أن انعدام‬ ‫الدخل هو العامل الرئي�سي الذي يمنع النا�س من الح�صول على ما يكفي من الطعام‪،‬‬ ‫وتبد�أ منهجية منظمة الأغذية والزراعة بح�ساب توفر المواد الغذائية في بلد ما‬ ‫ومن ثم �إجمالي عدد ال�سعرات الحرارية المتاحة للفرد (الإنتاج المحلي ناق�ص‬ ‫توازن التجارة الزراعية ومخزون المواد الغذائية)‪ .‬ثم ت�ستخدم‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬م�ؤ�شرات‬ ‫ا�ستهالك الأغذية وتوزيع الدخل لتقدير �أوجه عدم الم�ساواة في فر�ص الح�صول‬ ‫على الغذاء‪ ،‬ومن ثم الو�صول �إلى ن�سبة مئوية من النا�س ي�ستهلكون �أغذية �أقل من‬ ‫الحد الأدنى من احتياجاتها كما هي محددة �سلفا‪ ،‬ثم ي�صنف ه�ؤالء باعتبارهم‬ ‫�أ�شخا�صا يعانون من �سوء التغذية ‪ .‬غير �أن نهج القيا�س هذه الم�ستخدمة من قبل‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة لي�ست دقيقة بما فيه الكفاية‪ ،‬وذلك بالنظر �إلى ا�ستنادها‬ ‫�إلى بيانات مجموع المتاح من ال�سعرات الحرارية المنتجة‪ ،‬وتقدير الخ�سائر الزراعية‬ ‫�أثناء معالجة ال�صناعات الزراعية والنقل‪ .‬ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة نف�سها‪،‬‬ ‫ف�إن هذا النهج يميل �إلى التقليل من العدد الفعلي للأ�شخا�ص الذين يعانون من �سوء‬ ‫التغذية في البلد‪ ،‬والى �أنها �أكثر مالءمة لإجراء مقارنات بين البلدان و لتقييم القدرة‬ ‫المحتملة لقطاع الزراعة في كل بلد على �إطعام �سكانه‪.‬‬ ‫والمنهج الذي ي�ستعمل في معظم البلدان هو ق�صور الدخل‪ ،‬الذي من‬ ‫�أجله تي�سرت درا�سات �إ�ضافية حول م�شكلة العوز والجوع في كل من البرازيل‬ ‫والمنظمات الدولية مثل اللجنة االقت�صادية لأمريكا الالتينية والبحر الكاريبي‬ ‫والبنك الدولي‪ .‬ويكمن هذا المنهج �أ�سا�سا في تحديد خط معين للعوز و‪�/‬أو للفقر‬ ‫لح�ساب عدد الأ�سر التي يقل دخلها عن هذا الخط‪ .‬وبالفعل‪ ،‬ف�إن هذ المنهج‬ ‫الخا�ص بتقدير عدد ال�سكان الفقراء ال يك�شف عن الن�سبة المئوية للأ�شخا�ص الذين‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫هم حقا "جائعون"‪ ،‬لأن جزءا من هذه الفئة من ال�سكان قد يكون م�ستفيدا من‬ ‫�سلة الغذاء وبرنامجي بطاقات الأغذية والتبرعات بالغذاء‪ ،‬وما �إلى ذلك‪ .‬ويعتبر‬ ‫المعيار المعتمد في تحديد خط العوز‪/‬الفقر �إلى جانب ال�سيا�سات الإقليمية ونهج‬ ‫الت�صحيح النقدية التي يتم ا�ستخدامها هي ما يف�ضي �إلى وقوع اختالفات في‬ ‫الأرقام المذكورة في درا�سات مختلفة‪ ،‬ينبغي �أن ن�شير‪ ،‬من بينها‪ ،‬بوجه خا�ص‬ ‫�إلى الدرا�سات التي تحدد هذا الخط على �أ�سا�س الدخل الفردي بالن�سبة لبلد معين‪،‬‬ ‫وعادة باعتباره ن�سبة من الحد الأدنى للأجور‪� ،‬أو �إلى الدرا�سات التي تقوم‬ ‫بتحديده على �أ�سا�س بنية ا�ستهالك الأ�سر‪.‬‬ ‫لقد قام رو�شا (‪ )Rocha, 2000‬بتحليل درا�سات ومنهجيات مختلفة ت�ستخدم‬ ‫بنية اال�ستهالك لتحديد خط العوز والفقر‪ .‬ووفقا لهذا الكاتب‪ ،‬ف�إن الخطوات المختلفة‬ ‫من هذه الأ�ساليب تنطوي على بع�ض "القيا�سات االعتِباطية" لح�ساب عدد المعوزين‬ ‫والفقراء‪ .‬فيكون كل ح�ساب‪ ،‬نتيجة لذلك‪ ،‬فريدا من نوعه وال يمكن مقارنته مع‬ ‫�أ�شكال �أخرى من الح�سابات (فح�سابات الم�ؤلف تفيد ب�أن خط العوز يمكن �أن يتغير‬ ‫بن�سبة ‪ 50‬في المائة وب�أن م�ستوى خط الفقر يمكن �أن يتغير بن�سبة ت�صل �إلى ‪ 127‬في‬ ‫المائة‪ ،‬وذلك تبعا للتدابير المعتمدة في كل طريقة ح�ساب)‪ .‬وتنتج هذه الخالفات‬ ‫عن الخيارات التي اعتمدت لتحديد خطي الفقر والعوز في ما يتعلق بتحديد الكمية‬ ‫المو�صى بها من ال�سعرات الحرارية‪ ،‬وتحديد �سلة الغذاء الأقل تكلفة‪ ،‬وتقدير ا�ستهالك‬ ‫المواد غير الغذائية‪ ،‬و تقدير االختالفات في تكاليف المعي�شة في مختلف مناطق‬ ‫البالد‪ ،‬وتحديث القيم النقدية لخطوط العوز والفقر‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من كون هذه الدرا�سات معيارا رئي�سيا للبلدان والدرا�سات الدولية‪،‬‬ ‫ف�إن �أي درا�سة منها لم يقترح و�سائل �أكثر تقدما لقيا�س انعدام الأمن الغذائي‪ ،‬لي�س‬ ‫فقط بالن�سبة للأ�شخا�ص الذين لي�س لديهم فر�ص كافية للح�صول على الغذاء‪ ،‬ولكن‬ ‫�أي�ضا بالن�سبة للأ�شخا�ص الذين لي�س لديهم فر�ص مالئمة للح�صول عليه نظرا لعدم‬ ‫وجود ممار�سات غذائية �صحية‪ ،‬وكذلك الأ�سر التي تعاني من عدم انتظام و�صول‬ ‫المواد الغذائية اليها في كثير من الأحيان‪ ،‬و�إن لم تكن ت�شكو من �سوء التغذية‪.‬‬ ‫ولقد عمل فريق برئا�سة ق�سم الطب الوقائي واالجتماعي التابع لمدر�سة العلوم‬ ‫الطبية بجامعة والية كامبينا�س في البرازيل من �أجل اعتماد ُنهج م�ستوحاة من برنامج‬ ‫بطاقات الغذاء على م�ستوى الواليات‪ 7‬وكذلك من ا�ستعمال �أداة لجمع المعلومات في‬ ‫�شكل ا�ستبيان تعبئه الأ�سر ويتم من خالله و�ضع جدول النعدام الأمن الغذائي في ثالثة‬ ‫‪8‬‬ ‫م�ستويات (حاد‪ ،‬ومعتدل وخفيف) بناء على الأجوبة التي قدمتها الأ�سر‪.‬‬ ‫‪ 7‬انظر نظام الر�صد والتقييم لبرنامج بطاقات الغذاء في تاكاجي‪ ،‬غرازيانو دا �سيلفا وبيليك‪.2002 ،‬‬ ‫‪ 8‬انظر في هذا ال�صدد �سيكال‪.2004 ،‬‬

‫‪325‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ووفقا ل�سيغال ومارين (‪:)2009‬‬

‫وفر م�شروعان لال�ستبيان في الواليات المتحدة �أ�سا�سا لتحديد �سلم قيا�س نف�سي �صمم‬ ‫من �أجل القيا�س المبا�شر لحجم انعدام الأمن الغذائي الذي يواجهه ال�سكان‪ .‬وقد كان‬ ‫�أولهما عبارة عن �أطروحة لنيل �شهادة الدكتوراه من جامعة كورنيل‪ ،‬فيما كان الثاني‬ ‫يرمي �إلى تحديد الأ�سر التي تواجه الجوع لكي ي�شملها م�شروع التدخل وتحذير المجتمع‬ ‫في الواليات المتحدة من م�شكلة انعدام الأمن الغذائي‪ .‬وقد �سمح الجمع بين هاتين‬ ‫التجربتين بتطوير �أداة قيا�س من ‪ 18‬بندا‪ ،‬وهي وحدة م�سح الأمن الغذائي المنزلي‬ ‫(‪ )HFSSM‬التي ا�ستندت �إلى �سلم‪ ،‬ال يمكنه فقط قيا�س حجم م�شكلة انعدام الأمن الغذائي‪،‬‬ ‫بل �أي�ضا تحديد درجات مختلفة من فر�ص الح�صول على الغذاء‪ ،‬بدءا من الر�ضا الكامل‬ ‫عن االحتياجات الغذائية (الأمن الغذائي) وو�صوال تدريجيا �إلى م�ستويات �أكثر خطورة‬ ‫من عدم الح�صول على الغذاء‪.‬‬

‫وتقوم ا لأداة البرازيلية‪ ،‬وا�سمها �إيبيا ‪ -‬المقيا�س البرازيلي النعدام‬ ‫ا لأمن الغذائي‪ -‬على تطبيق ا�ستبيان من ‪� 15‬س�ؤاال تم ا�ستخدامه على الم�ستوى‬ ‫الوطني لأول مرة‪ ،‬عندما تم �إجراء الم�سح الوطني للعينة المنزلية ‪،2004‬‬ ‫التابع للمعهد البرازيلي للجغرافيا والإح�صاء‪ .‬وقد تم تكييف هذه ا لأداة ليتم‬ ‫ا�ستخدامها في دول �أمريكا الالتينية الأخرى‪ ،‬وبلدان �أمريكا الو�سطى ومنطقة‬ ‫البحر الكاريبي‪ ،‬مثل ا لأرجنتين وكولومبيا وفنزويال والمك�سيك وهندورا�س‬ ‫وغواتيماال وهايتي‪� .‬أما في �أمريكا الو�سطى‪ ،‬فقد تم تطبيق هذا المقيا�س في‬ ‫درا�سات الحالة التي عملت على تطويرها "الم�ساعدة الفنية للغذاء والتغذية"‬ ‫)‪ ،(FANTA‬وهو م�شروع ترعاه الحكومة الأمريكية‪ .‬وفي الآونة الأخيرة‪ ،‬بذل‬ ‫خبراء فنيون جهودا لتوحيد �إجراءاتهم تحت �سلم واحد ي�سمى بمقيا�س ا لأمن‬ ‫الغذائي لأمريكا الالتينية )‪ .(ELCSA‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن هذا ي�شكل تحديا كبيرا‬ ‫بالنظر �إلى كون الواقع ا لإقليمي متباينا تماما‪ ،‬ولأن جميع اال�ستبيانات‬ ‫يجب �أن تخ�ضع لعملية الم�صادقة‪ ،‬كما �أن االختالفات تبرز ب�شكل طبيعي‪،‬‬ ‫وهو ما يجعل من ال�صعب توحيد المقايي�س‪.‬‬

‫خ�صو�صيات �سيا�سة الأمن الغذائي‬ ‫نطاق الإجراءات‬

‫‪326‬‬

‫)‪(FS‬‬

‫من ال�ضروري الت�أكيد مجددا‪� ،‬أوال وقبل كل �شيء‪ ،‬على �أال يقت�صر و�ضع �سيا�سة للأمن‬ ‫الغذائي على محاربة الجوع‪ ،‬على الرغم من �أن هذا الإجراء �أكثر �إلحاحا وو�ضوحا‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ي�ساعد (كثيرا جدا جدا) ا�ستئناف �إجراءات محاربة الجوع على‬ ‫تو�سيع القاعدة ال�سيا�سية واالجتماعية ل�سيا�سة الأمن الغذائي )‪ ،(SF‬كما تمت البرهنة‬ ‫على ذلك �أعاله �سابقا‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫وفي ر�أينا‪ ،‬ف�إنه يجب �أن ت�ستند �سيا�سة الأمن الغذائي �إلى ما ال يقل عن �ستة‬ ‫�أبعاد متميزة ومترابطة‪:‬‬ ‫(�أ ) برنامج التحويالت المالية لمعالجة الم�س�ألة الأكثر �إلحاحا‪ ،‬وهي الح�صول‬ ‫على ما يكفي من المواد الغذائية الالزمة من قبل ال�شرائح الفقيرة من‬ ‫ال�سكان نظرا لعدم وجود قوة �شرائية‪ .‬وهذا هو مكون الأمن الغذائي الذي‬ ‫يطبق على الفئات الأ�شد فقرا‪ ،‬وتت�ألف من الأ�شخا�ص الذين لي�س لديهم دخل‬ ‫ل�شراء المجموعة الأ�سا�سية من المواد الغذائية‪ .‬ويت�ضمن هذا المكون �إجراءات‬ ‫لم�ساعدة الأقليات‪ ،‬مثل ال�سكان الأ�صليين‪ ،‬وجماعات الكيلومبو‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫(ب) برنامج تحفيز المزارعين الأ�سريين الفقراء لكي تكون لديهم القدرة‬ ‫على تلبية الطلب المتزايد على المواد الغذائية الأ�سا�سية التي �أحدثتها‬ ‫الزيادة في القوة ال�شرائية الناتجة عن برامج التحويالت المالية‪ .‬وينبغي‬ ‫الإ�شارة �إلى �أن معظم الفقراء في �أمريكا الالتينية ي�صنفون �ضمن فئة‬ ‫المزارعين الأ�سريين الفقراء‪ ،‬و�أ�شخا�صا ال يملكون �أر�ضا �أو يملكون �أر�ضا‬ ‫محدودة‪ ،‬وهم عادة غير منظمين ويفتقرون �إلى القدرة على اال�ستفادة‬ ‫من ال�سيا�سات العامة التي تهدف �إلى دعم القطاع الزراعي‪ .‬ولهذا‬ ‫الغر�ض‪ ،‬يجب على مختلف الم�ستويات الحكومية (المحلية والإقليمية‬ ‫والوطنية) ا�ستخدام قوتهم ال�شرائية لتنفيذ برنامج �شراء الأغذية المحلية‬ ‫من المزارعين الأ�سريين ‪ ،‬و�إال ف�إن هذا الطلب المتزايد �ستتم تلبيته‬ ‫بالتدريج من قبل المنتجين التقليديين لل�سلع المخ�ص�صة للت�صدير الذين‬ ‫ربما ال يكونون من كبار المزارعين‪ ،‬لكنهم بالت�أكيد لي�سوا من المزارعين‬ ‫الفقراء الذين ينبغي عليهم �أن ي�ستفيدوا �أكثر من غيرهم من التو�سع في‬ ‫الأ�سواق الزراعية الناجم عن برامج الأمن الغذائي‪.‬‬ ‫(ج) برنامج ر�صد ال�صحة والتغذية لمجموعات معينة من ال�سكان تتطلب‬ ‫المزيد من االهتمام (وخا�صة كبار ال�سن والأطفال والن�ساء الحوامل)‬ ‫مع مكون لر�صد الأمرا�ض الناجمة عن نق�ص الفيتامينات والمغذيات‬ ‫الدقيقة و�سوء التغذية (ارتفاع �ضغط الدم‪ ،‬ال�سكري‪ ،‬وما �إلى ذلك)‪.‬‬ ‫(د ) برنامج للرقابة على المواد الغذائية التي ي�ستهلكها ال�سكان و�ضمان دور‬ ‫عمليات التفتي�ش من قبل الحكومة في هذا ال�صدد‪ .‬وتوجد هنا م�س�ألة‬ ‫�أ�سا�سية تتعلق بو�ضع المل�صقات على المنتجات الغذائية‪ ،‬التي ينبغي �أن‬ ‫تبين مكونات هذه المواد والتعرف على المنتجات المعدلة وراثيا على‬ ‫�سبيل االحتياط‪ .‬وتجدر الإ�شارة‪ ،‬على وجه الخ�صو�ص في هذه المرحلة‪،‬‬ ‫�إلى الحاجة �إلى �ضمان الح�صول على الماء ال�صالح لل�شرب ك�شرط �أ�سا�سي‬ ‫للحد من وفيات الأطفال‪ ،‬وخا�صة في منطقة البرازيل �شبه القاحلة‪.‬‬

‫‪327‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫(ه ) برنامج �شامل من �أجل التربية على الغذاء والتغذية تتم �صياغته ل�صالح‬ ‫ال�سكان عامة من �أجل تعزيز تقدير العنا�صر الغذائية المتوفرة التي ال‬ ‫يتم ا�ستهالكها من قبل ه�ؤالء ال�سكان كما ينبغي‪ ،‬ون�شر مبادئ العادات‬ ‫الغذائية ال�صحية لجميع �شرائح ال�سكان‪ .‬ولعل �أحد ال�شروط الرئي�سية‬ ‫لتحقيق هذا الغر�ض هو ن�شر معلومات موثوق بها للم�ستهلكين من خالل‬ ‫و�سائل الإعالم (الإذاعة والتلفزيون)‪.‬‬ ‫(و) برنامج للعر�ض م�صمم خ�صي�صا للمدن الكبيرة والمناطق الح�ضرية حيث‬ ‫تهيمن و�ساطة المراكز التجارية الكبرى ‪ ،‬وذلك بهدف �ضمان الح�صول‬ ‫على جودة الغذاء لل�سكان ذوي الدخل المنخف�ض‪ .‬ولهذا الغر�ض‪ ،‬يكون‬ ‫من ال�ضروري �إعادة تحديد دور مرافق التموين المركزي التي بنيت في‬ ‫ال�ستينات وال�سبعينات لتطوير عالقات �أوثق بين المزارعين والم�ستهلكين‪،‬‬ ‫وكذلك لت�شجيع برامج الفر�ص البديلة بال�شراكة مع القطاع الخا�ص‬ ‫(منافذ كبيرة للبيع بالتق�سيط ‪ ،‬ومعار�ض المزارعين وبنوك الغذاء‪،‬‬ ‫والمطاعم المدعمة‪ ،‬وغيرها)‪ ،‬زيادة على مجموعة محددة من برامج‬ ‫الأمن الغذائي مثل بنوك الغذاء للحد من الهدر الغذائي‪ ،‬وبرامج الوجبات‬ ‫المدر�سية‪ ،‬وخطط التموين االجتماعي‪ ،‬والمطاعم المدعمة‪ ،‬وما �شاكلها‪.‬‬ ‫وباخت�صار‪ ،‬ف�إن هناك ما يدعو �إلى وجوب معالجة كل من توفير الغذاء‬ ‫والرعاية ال�صحية والتعليم وعنا�صر التغذية ب�صورة م�شتركة‪ .‬وهناك �أي�ضا ما‬ ‫يدعو �إلى الحاجة �إلى ال�شروع في مراقبة �أفراد �أو مجموعات من الأفراد على �أ�سا�س‬ ‫المناطق الجغرافية �أو المجموعات االجتماعية التي تواجه �ضعفا �أكبر‪ .‬ولذلك نقترح‬ ‫�أن يكون لكل حالة ُنهج تدخل مختلفة تجمع بين مجموعة من ال�سيا�سات الوا�ضحة‬ ‫المعالم لمعالجة جوانب الإ�صالح الزراعي و�ضرورة دعم الزراعة الأ�سرية في‬ ‫المناطق الريفية‪ ،‬و�إن�شاء بنوك الغذاء‪ ،‬ومطابخ جماعية ومطاعم مدعمة في المناطق‬ ‫الح�ضرية‪ ،‬و�إقامة الحدائق المنزلية والحظائر‪ ،‬وتنفيذ �سيا�سات التحويالت المالية‪،‬‬ ‫والنهو�ض بالإجراءات الخا�صة ب�إدماج الجن�سين‪ ،‬وما �إلى ذلك‪ .‬ولهذا الغر�ض‪ ،‬ينبغي‬

‫‪328‬‬

‫المهمة ‪ - 3‬م�سح �شامل للإجراءات التي يمكن اتخاذها بموجب هذه البرامج‬ ‫الرئي�سية ال�ستة التي ت�شكل �سيا�سة الأمن الغذائي‪ ،‬وهي‪ :‬برامج التحويالت‬ ‫المالية‪ ،‬وبرامج تعزيز �أ�سر المزارعين‪ ،‬وبرامج مراقبة ال�صحة والتغذية‪،‬‬ ‫ومراقبة جودة الأغذية‪ ،‬وبرامج و�ضع العالمات على المواد الغذائية‪ ،‬وبرامج‬ ‫التعليم والتغذية‪ ،‬وبرامج الإمدادات المحلية‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫الإطار ‪� - 2‬سيا�سة الأمن الغذائي يف املناطق احل�رضية‬ ‫من بين االنتقادات الأكثر �شيوعا �ضد �سيا�سة الأمن الغذائي التي �أو�صت‬ ‫بها منظمة الأغذية والزراعة يمكن الإ�شارة �إلى التركيز المبالغ فيه على‬ ‫ق�صد منها �إعطاء الأف�ضلية للزراعة و�سكان المناطق الريفية‪ ،‬حيث‬ ‫�أدوات ُي َ‬ ‫�أن معظم �سكان البلدان الفقيرة التي تتم الإ�شارة �إليها (الأرجنتين والبرازيل‬ ‫و�شيلي والمك�سيك) هم من �سكان الح�ضر �أو المدن الكبرى‪ .‬وقد قام بيليك‬ ‫(‪ )Belik, 2003‬بتقييم مهم ل�سيا�سات الأمن الغذائي في المناطق الح�ضرية‪.‬‬ ‫فحلل بالتف�صيل مقترحات لإن�شاء بنوك الغذاء‪ ،‬والمطاعم وحدائق الخ�ضروات‬ ‫المدعمة في المدن‪ .‬وي�شير العديد من النقاط التي قام بها �إلى �ضرورة �إعادة‬ ‫النظر في النماذج المعتمدة في البرازيل وغيرها من دول �أمريكا الالتينية‬ ‫حتى الآن‪.‬‬ ‫وفي حالة بنوك الغذاء‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬تبذل الحكومات جهدا‬ ‫كبيرا لتو�سيع نطاق �شبكاتها الحالية عندما ت�شير التجارب الأكثر نجاحا‬ ‫�إلى الحاجة �إلى �إقامة �شراكات مع �شركات القطاع الخا�ص والمجتمع المدني‬ ‫المنظم‪ .‬ذلك �أن بنوك الغذاء مكون �أ�سا�سي من �سيا�سة محاربة الهدر في‬ ‫الأغذية ل�صالح المجتمع ككل‪ ،‬و�إن كانت توفر على المدى الق�صير مزايا‬ ‫ل�شركات القطاع الخا�ص بالنظر �إلى قدرتها على الحفاظ على الأ�سعار‬ ‫وهوام�ش الربح وتعزيز �صورتها في ال�سوق‪ .‬لهذا ال�سبب‪ ،‬ينبغي �أن تناق�ش‬ ‫الفوائد ال�ضريبية وت�ؤخذ بعين االعتبار في �سياق �آخر‪.‬‬ ‫وينبغي �أي�ضا �أن ينظر من منظور مختلف �إلى المطاعم المدعمة‪.‬‬ ‫فنحن نعلم �أن تحديد ال�سلم الذي �سيعتمد ينتهي بتحديد النموذج الذي �سينفذ‬ ‫وموقع المطاعم والفئة ال�سكانية الم�ستهدفة‪ .‬وقد تكون المطاعم ال�صغيرة‬ ‫مرتفعة التكلفة بالن�سبة لكل وحدة‪� ،‬إال �أنه ب�إمكانها �أن ت�ضمن تغطية مركزة‬ ‫لفئة معينة‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬تحقق المطاعم الكبيرة مكا�سب مهمة وت�سمح‬ ‫بتغطية هائلة لل�سكان دون و�صم الفقير بالعار‪ .‬وفي كلتا الحالتين‪ ،‬ينبغي‬ ‫النظر في �إمكانية ت�شغيل هذه المطاعم في ظل نظام يتمتع باالمتيازات‬ ‫من خالل �شركات القطاع الخا�ص ومنظمات المجتمع المحلي �أو تعاونيات‬ ‫العاطلين عن العمل‪ .‬ولن يمكّن هذا الأمر �ضمان الح�صول على المواد الغذائية‬ ‫لل�سكان فقط‪ ،‬ولكن �أي�ضا تنفيذ �سيا�سة للأمن الغذائي الذاتي الم�ستدام‪.‬‬ ‫ويعتبر ت�شجيع �إن�شاء حدائق الخ�ضروات في المناطق الح�ضرية �أي�ضا‬ ‫تدبيرا كثير االنت�شار‪ ،‬غير �أن الأدلة تبين �أنه لي�س هناك �سوى عدد قليل‬

‫‪329‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫من التجارب التي حققت نجاحا في هذا المجال على نحو م�ستمر‪ ،‬وذلك‬ ‫في كوبا والأرجنتين‪� .‬إال �أنه ينبغي النظر �إلى �إن�شاء حدائق الخ�ضروات‬ ‫باعتبارها برنامجا يركز لي�س فقط على مكونات الإنتاج‪ ،‬ولكن �أي�ضا على‬ ‫مواكبة ال�سكان المعنيين‪ .‬ويمكن �إن�شاء �أنواع متعددة ومختلفة من حدائق‬ ‫الخ�ضروات في المناطق الح�ضرية‪� ،‬إذ يمكنها �أن تتخذ �شكل مخططات‬ ‫مجتمعية �أو جماعية �أو حدائق يعتني بها الطالب والأ�سر في منازلهم‪ ،‬وما‬ ‫�إلى ذلك‪ .‬والأمر المهم في جميع الحاالت هو و�ضع �سيا�سة للحد من مخاطر‬ ‫تلوث المياه والنفايات في المناطق الح�ضرية‪ ،‬وتوفير الم�ساعدة التقنية‬ ‫للأطراف المعنية و�ضمان تنظيم ه�ؤالء المزارعين الجدد‪.‬‬ ‫وقد خل�ص الم�ؤلف �إلى �أننا نعاني من �أزمة في نماذج الأمن الغذائي‬ ‫في المناطق الح�ضرية‪ .‬فقد انهارت نماذج التدخل التي اعتمدتها الدول في‬ ‫قطاع الإمدادات في ال�سبعينات والثمانينات ب�سبب الو�ضع المالي للحكومات‪،‬‬ ‫�أو النت�شار الأيديولوجية الليبرالية الجديدة‪� .‬إن و�ضع �سيا�سة للأمن الغذائي‬ ‫بم�شاركة القوى االجتماعية يقوم على تنظيم و�إدارة ه�ؤالء الفاعلين يعتبر‪،‬‬ ‫من �أي زاوية نظر تدبرنا الأمر‪ ،‬مهمة معقدة للغاية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال ينبغي لنا‬ ‫�أن نغفل الحاجة الم�ستمرة �إلى قيام الحكومة بمهمة تن�سيق تنفيذ الإجراءات‬ ‫في المناطق الح�ضرية ولعب دور منظم للم�صالح الخا�صة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬يعتبر البرنامج الكوبي للزراعة الح�ضرية �أحد �أكبر البرامج في �أمريكا الالتينية‪ .‬فما يقرب من ن�صف جميع الخ�ضروات التي‬ ‫ي�ستهلكها ال�شعب الكوبي تم زرعه في ب�ساتين الخ�ضر ال�صغيرة في المناطق الح�ضرية‪ .‬وقد ا�شتغل برنامج ‪ ProHuerta‬في‬ ‫الأرجنتين لمدة ‪ 12‬عاما تحت م�س�ؤولية المركز الوطني للتكنولوجيا الزراعية ‪ /‬الحيوانية (‪ .)Inta‬وتموله وزارة التنمية االجتماعية‬ ‫(‪ ،)MDS‬وقد قام بم�ساعدة ‪ 3.2‬ماليين �شخ�ص في البالد في عام ‪.2002‬‬

‫‪330‬‬

‫�إعطاء الأولوية لو�ضع نظام متكامل لتقديم معلومات عن الأمن الغذائي‪ ،‬مع بيانات‬ ‫عن الأ�سعار والإنتاج‪ ،‬والفئات ال�ضعيفة‪ ،‬و�أنظمة التعليم والمتغيرات الهامة الأخرى‪.‬‬ ‫ومن ال�ضروري �أي�ضا �أن ن�صبح �أكثر اطالعا على الأدوات المتاحة لتنفيذ‬ ‫برامج الأمن الغذائي‪ .‬فمن الخط�أ االعتقاد ب�أنه بالنظر �إلى كون الكثير من برامج‬ ‫تح�سين التغذية هي بالفعل برامج في طور التنفيذ تحت م�س�ؤولية دوائر حكومية‬ ‫مختلفة‪ ،‬يمكن تنفيذ �سيا�سة غذائية بالميزات التي و�صفناها هنا بب�ساطة من‬ ‫خالل الجمع �أو التن�سيق بين هذه البرامج‪ .‬ويجب تدعيم �سيا�سة الأمن الغذائي‬ ‫بقانون للأمن الغذائي على �أ�سا�س المبد�أ الد�ستوري الوا�ضح للحق في الغذاء الذي‬ ‫ناق�شناه �أعاله‪ .‬ولكن‪ ،‬وبما �أن هذا الحق لم يتم �إدماجه تماما حتى الآن في بع�ض‬ ‫دول المنطقة‪ ،‬ف�إن �أف�ضل ال ُنهج تكمن في اال�ستمرار في خلق الأدوات القانونية‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫الإطار ‪ - 3‬العادات الغذائية وجودة الغذاء‬ ‫�أظهرت �إليزابيت �سالي (‪ (Elizabete Salay, 2003‬في عملها‪� ،‬أن �أمريكا‬ ‫الالتينية مجتمع يمر بمرحلة انتقالية في مجال التغذية‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫�أن ن�سبها ما تزال عالية‪ ،‬ف�إن النق�ص في التغذية المتمثل في البروتينات‬ ‫وال�سعرات الحرارية والحديد واليود و النق�ص في فيتامين "�أ" التي ترتبط‬ ‫عادة بالفقر قد طغت عليها ال�سمنة و�أمرا�ض والقلب‪ ،‬وارتفاع �ضغط الدم‪،‬‬ ‫وال�سكري و�أمرا�ض �أخرى‪ .‬وهكذا‪ ،‬يتغير في الواقع‪ ،‬النظام الغذائي في �أمريكا‬ ‫الالتينية بحيث �أن ال�سكان ي�أكلون المزيد من الدهون والأقل من الألياف‪.‬‬ ‫وينبغي على �سيا�سة عمومية مو�ضوعة لمحاربة الم�شاكل الناجمة‬ ‫عن ممار�سات وعادات غذائية غير مالئمة �أن ت�أخذ بعين االعتبار‪ :‬الحاجة‬ ‫لل�سيطرة على المعلومات المقدمة في المل�صقات والدعاية للمنتجات الغذائية‪،‬‬ ‫والحاجة �إلى و�ضع معايير �إجراءات تنفيذ برامج التعليم والتغذية‪ .‬وينبغي‬ ‫على التربية الغذائية �أن تعزز �ضرورة تغيير العادات الغذائية وال�سلوكيات‬ ‫التي تنت�شر عن طريق الإعالن عن المواد الغذائية‪ .‬ولأن ال�سوق ين�شر معلومات‬ ‫غير كاملة‪ ،‬ف�إنه ينبغي على الحكومات �أن تنظم هذه المعلومات وتكملها‬ ‫لحماية �صحة ال�سكان‪.‬‬ ‫وكتو�صية عامة لمدبري ال�سيا�سة في �أمريكا الالتينية‪ ،‬ف�إنه يجب‬ ‫تعيين منظمة �أو لجنة لتقوم بتحليل المعلومات الغذائية التي توزع‬ ‫على ال�سكان من قبل م�صنعي المواد الغذائية‪ ،‬وت�شجيع الدرا�سات وعقد‬ ‫حمالت لن�شر المعلومات المت�صلة بماهية النظام الغذائي ال�صحي‪ .‬ومن‬ ‫ال�ضروري �أي�ضا تعبئة الفاعلين االجتماعيين لممار�سة التفتي�ش والرقابة‬ ‫على ال�صناعات الغذائية‪ ،‬ومطاعم الوجبات ال�سريعة و�شركات توزيع المواد‬ ‫الغذائية‪.‬‬ ‫�أما بالن�سبة لهيئة الد�ستور الغذائي‪ ،‬ف�إن ن�صا قد �أعده مارتينيلي‬ ‫(‪ )2003‬يبين �أن هناك القليل من منتديات التفاو�ض المتاحة في البلدان‬ ‫النامية لمناق�شة المعايير الدولية الجديدة التي يجري تن�سيقها من قبل‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة ال�صحة العالمية‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬ف�إن القرارات‬ ‫التي تهم مرجعيات الد�ستور ت�ؤثر في جميع مراحل �سل�سلة الإنتاج‪ ،‬ويكون‬ ‫لها وقع كبير على التجارة‪ .‬غير �أن البلدان المتقدمة ت�سيطر‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬على‬ ‫لجان هيئة الد�ستور الغذائي التي تقوم‪ ،‬في نهاية المطاف‪ ،‬ب�إر�ساء قواعد‬ ‫للمنتجات اال�ستوائية والعمليات الإنتاجية التي ال عالقة لها بواقع البلدان‬

‫‪331‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫اال�ستوائية‪ .‬ويتم اتخاذ القرارات بخ�صو�ص الغذاء التكنولوجي الحيوي بناء‬ ‫على تقييم الخبراء‪ ،‬وكذلك على معايير تت�سامح مع ن�سبة المواد الم�ضافة‬ ‫للأغذية والملوثات وال�سموم‪ .‬ولأن هذه اللجان يهيمن عليها م�س�ؤولون‬ ‫حكوميون من البلدان المتقدمة (وكثير منهم من الم�ستوردين للمنتجات‬ ‫الزراعية)‪ ،‬ف�إن هناك دائما مخاطر احتمال و�ضع معايير معينة لفر�ض‬ ‫الحواجز التجارية على البلدان النامية‪.‬‬ ‫ويتجلى �أحد التحديات الرئي�سية التي تواجه هيئة الد�ستور الغذائي‪،‬‬ ‫في الوقت الراهن‪ ،‬في االعتراف بها من قبل الم�ستهلكين‪ ،‬وهذا لن يكون‬ ‫ممكنا �إال من خالل ا�ستقالل وكاالتها‪ ،‬وت�سريع عمليات �صنع القرار‪،‬‬ ‫و�إجراءات �أكثر حداثة حول �سالمة المنتجات الغذائية‪.‬‬

‫‪332‬‬

‫الالزمة‪ ،‬كما حدث ذلك في ق�ضية البرنامج البرازيلي للق�ضاء على الجوع (ميثاق‬ ‫ال�سامري الطيب لت�شجيع التبرعات الغذائية �إلى بنوك الغذاء‪ ،‬وبرنامج �شراء الغذاء‬ ‫من المزارعين الأ�سريين دون الحاجة �إلى عمليات المناق�صة غاية الو�صول �إلى‬ ‫مبلغ معين‪ ،‬وما �إلى ذلك)‪ .‬وعلى وجه التحديد‪ ،‬فقد �أدت الجهود التي يبذلها‬ ‫المجتمع المدني المنظم‪ ،‬وتنفيذ برامج مختلفة منذ عام ‪ ،2003‬في حالة البرازيل‪،‬‬ ‫�إلى و�ضع القانون الأ�سا�سي للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬الذي �صدر في عام ‪.2006‬‬ ‫وقد تطلبت كل من الأبعاد المذكورة �أعاله‪ ،‬في الواقع‪ ،‬قوانين �شبه د�ستورية لكي‬ ‫تنفذ هذه البرامج‪ .‬ففي حالة برامج التحويالت المالية‪ ،‬كان من ال�ضروري تمرير‬ ‫ت�شريع خا�ص لو�ضع معايير اختيار الم�ستفيدين منها‪ ،‬وكذلك لو�ضع نظام معقد‬ ‫لمعالجة التحويالت المالية المبا�شرة من الحكومة المركزية �إلى الم�ستفيدين من‬ ‫البرنامج‪ ،‬ويف�ضل �أن يكون ذلك من خالل بنوك تملكها الدولة ذات �شبكة وا�سعة‬ ‫من الفروع‪.‬‬ ‫وفي هذا ال�صدد بالتحديد‪ ،‬تم م�ؤخرا بذل مجهود كبير لإن�شاء �سجل‬ ‫للم�ستفيدين من برامج التحويالت المالية وللحفاظ على تحديثها لتجنب عمليات‬ ‫مختلف �أنواع االحتيال المحتملة‪ .‬فال جدوى من �إن�شاء �سجل من هذا النوع وتحديد‬ ‫الأهداف التي ينبغي تحقيقها �إذا كان ال�سجل غير منقح وال يجري تحديثه دوريا‪.‬‬ ‫ففي فئة الدخل التي نركز عليها (الفقر والعوز)‪ ،‬تتنقل الأ�سر با�ستمرار من منزل �إلى‬ ‫�آخر‪ ،‬بل ومن مدينة �إلى �أخرى‪ ،‬وبما �أن روابطها مع �سوق العمل لي�ست ر�سمية وال‬ ‫م�ستقرة‪ ،‬ف�إن �أع�ضاءها يميلون �إلى االن�شغال بعمل معقول في فترات تليها �أخرى‬ ‫ال يعملون خاللها على الإطالق‪ ،‬كما هو الحال‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬في المناطق‬ ‫الزراعية التي تتميز بالتغيرات المو�سمية القوية في الإنتاج‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫وقد �أظهرت تجربة برنامج الق�ضاء على الجوع �أن الم�شاركة االجتماعية‬ ‫�أمر �أ�سا�سي لغر�ضين‪� .‬أوال‪ ،‬من �أجل تعبئة القوى االجتماعية التقدمية على ال�صعيد‬ ‫المحلي للت�أكد من �أن الأ�سر التي ت�سجل لال�ستفادة من هذا البرنامج �أ�سر م�ؤهلة لذلك‪،‬‬ ‫ولي�ست م�سجلة على �أ�سا�س المح�سوبية ال�سيا�سية �أو الدينية‪ .‬ثانيا‪ ،‬ل�ضمان م�شاركة‬ ‫الم�ستفيدين في عملية بناء ال�سيا�سات العامة لتعزيز التنمية المحلية‪ ،‬والتي بدونها‬ ‫�سوف يتم اختزال برامج التحويالت المالية �إلى حلول م�سكنة للفقراء فقرا مدقعا‪،‬‬ ‫ولن توفر لهم و�سائل بديلة جديدة للخروج من و�ضعهم ككائنات تتكل كليا على‬ ‫نظام الم�ساعدات‪.‬‬

‫الإطار ‪ - 4‬جلان التدبري بو�صفها �آليات للمراقبة االجتماعية‬ ‫"كيف تجر�ؤ على اختيار ممثل عن بلديتي دون �إذن مني؟ وماذا عن رئي�س‬ ‫البلدية‪ ،‬هل ن�سيت �أنه هو الرئي�س هنا؟"‬ ‫بد�أت مثل هذه الأ�سئلة ُتطرح با�ستمرار من قبل مديرين من بلديات‬ ‫المدن ال�صغيرة (التي ي�صل عدد �سكانها �إلى ‪ )75 000‬في المنطقة ال�شبه قاحلة‬ ‫�شمال �شرق البرازيل عندما تم اختيار ممثلين للمجتمع المدني لتدريبهم على‬ ‫مهمة وكيل الأمن الغذائي لبرنامج الق�ضاء على الجوع‪ .‬وقد تم تكليف ه�ؤالء‬ ‫الوكالء بم�س�ؤولية تنفيذ برنامج بطاقات الغذاء من قبل لجنة التدبير في‬ ‫بلديتهم ليكونوا م�س�ؤولين‪ ،‬من بين �أمور �أخرى‪ ،‬عن �ضمان جودة البرنامج‬ ‫ومنع ا�ستخدام ت�سجيل الأ�سر الم�ستفيدة لأغرا�ض �سيا�سية‪ .‬وقد تكونت اللجنة‬ ‫من ثلثي الأع�ضاء الذين يمثلون المجتمع المدني فيما يمثل الثلث الحكومة‪،‬‬ ‫على غرار المجال�س البلدية‪ .‬غير �أنه كان من الوا�ضح �أنها قد كلفت بمهمة‬ ‫تعزيز عملية اختيار الم�ستفيدين وجعلها �أكثر �شفافية وقائمة على الم�شاركة‪،‬‬ ‫نظرا لأن برنامج الحكومة الفيدرالية لم يتوفر في �إطار �إداري ال مركزي‪ .‬ففي‬ ‫عام ‪ ،2003‬تم تعيين ‪ 2 132‬لجنة للإدارة في جميع �أنحاء البالد ‪.‬‬ ‫وقد ت�سبب �إن�شاء هذه اللجنة في تخوف لدى موظفي البلدية العموميين‬ ‫من فقدان ال�سيطرة على الو�ضع‪ ،‬لأنه تحدى نموذجا قديما حيث كانوا يملون‬ ‫جميع القواعد ويعتمدون ممار�سات المح�سوبية لتبادل االمتيازات في‬ ‫�إدارتهم لل�ش�ؤون العامة‪ .‬ونظرا ل�شعور ر�ؤ�ساء بع�ض البلديات ال�صغيرة في‬ ‫المنطقة �شبه ‪-‬القاحلة �شمال �شرق البرازيل بالخطر ب�سبب اعتماد وا�سع‬ ‫النطاق لنموذج جديد لإدارة ال�سيا�سات العامة‪ ،‬حيث تعتبر م�شاركة المجتمع‬ ‫المدني �أمرا �أ�سا�سيا‪ ،‬فقد �أبدى ه�ؤالء مقاومة منظمة لهذا النموذج الجديد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪333‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫لقد ترافق هذا النموذج الجديد مع الإعالن عن �إن�شاء لجنة محلية للإدارة‬ ‫�شكلها وكالء الأمن الغذائي مع �ستة من بين �أع�ضائها الت�سعة تم اختيارهم من‬ ‫بين �أ�شخا�ص على �صلة بتنظيم قطاعات من المجتمع المدني‪ .‬وقد �ألهمت هذه‬ ‫ال�سكان وملأت قلوب‬ ‫المقاربة المتبعة في اختيار �أع�ضاء لجنة الإدارة المحلية‬ ‫َ‬ ‫المجتمع بالأمل في الم�شاركة الفعلية‪ ،‬ويتمثل هذا الأمل بال�شعور في كونهم‬ ‫يمتلكون القدرة على �صنع القرار في حياتهم لأول مرة‪ .‬وكما يقول �أحد وكالء‬ ‫الأمن الغذائي‪� :‬إن االجتماعات القطاعية المتعاقبة التي انعقدت بم�شاركة‬ ‫مختلف �شرائح المجتمع هي تجل حقيقي للمواطنة‪.‬‬ ‫والنا�س ال ي�صغون فقط �إلى نداء جمعيات المجتمع الريفي والح�ضري‪،‬‬ ‫والنقابات‪ ،‬والمنظمات الدينية‪ ،‬ومجال�س المجتمع المحلي‪ ،‬وما �إلى ذلك‪ ،‬بل‬ ‫�إنهم يعتقدون �أي�ضا �أنهم ي�شاركون في بناء �شيء جديد‪� .‬إنها والدة جديدة‬ ‫للأمل والرغبة في الم�شاركة ذات طعم خا�ص جدا‪ ،‬بالنظر �إلى الواقع الذي‬ ‫يواجهه ه�ؤالء النا�س‪ ،‬والذي يتمثل في وجود عدد ال يح�صى من مجال�س‬ ‫محلية �أقل همومها هو الم�شاركة ال�شعبية‪ ،‬حيث تم ت�أ�سي�سها من �أجل خدمة‬ ‫الراحة البيروقراطية لي�س �إال‪ .‬ولقد كان هذا تجربة المواطنة المتراكمة عند‬ ‫ه�ؤالء ال�سكان‪.‬‬ ‫لقد �أدى عمل الم�شاركين المتطوعين في لجان التدبير �إلى الك�شف عن‬ ‫مخالفات في ال�سجل الموحد لكل بلدية‪ .‬كما قدمت ممار�سة الك�شف هذه عن‬ ‫ال�شروخ في �سجل الدعم ال�ضروري لتنفيذ برنامج بطاقات الغذاء ‪ ،‬وتم تو�سيع‬ ‫نطاق تطبيق هذه الممار�سة‪ ،‬بناء على طلب من اللجان‪ ،‬لت�شمل �سجالت‬ ‫ال�سيا�سات االجتماعية الأخرى‪ .‬فا�صبح المجتمع يريد الآن �أن يعرف ما هي‬ ‫العائالت التي ت�شملها جميع البرامج ك�ضمان �أ�سا�سي لتوطيد �سيا�سة تقوم‬ ‫على مقاربة جدية‪ ،‬وعلى ال�شفافية ومبادئ العدالة االجتماعية ‪.‬‬ ‫هذه هي الطريقة التي ت�ضمن حقوق المواطنة في البلديات ال�صغيرة‬ ‫في المنطقة ال�شبه‪ -‬قاحلة في �شمال �شرق البرازيل‪ ،‬وهي الطريقة التي يتم‬ ‫من خاللها بناء الم�شاركة ال�شعبية‪.‬‬ ‫]ا�ستنادا �إلى‪A cidadania que rompe dos grotões: o Comitê :‬‬ ‫]‪Gestor do Programa Fome Zero, by Aldenor Gomes, 2003.‬‬

‫‪334‬‬

‫‪1‬هذه اللجان هي هيئات للرقابة االجتماعية المحلية عينت في البلديات في المنطقة ال�شبه ‪ -‬قاحلة ومناطق �أخرى وذلك بم�شاركة‬ ‫متطوعي المجتمع المدني‪ ،‬والأ�سر الم�ستفيدة والموظفين العموميين المحليين المكلفين بر�صد الأ�سر وتفتي�ش برنامج التحويالت‬ ‫المالية‪ .‬وقد �شارك فيها �أكثر من ‪ 19 000‬متطوع كلفوا بمهمة تعبئة المجتمع حول برنامج الق�ضاء على الجوع وتقييم نوعية �سجل‬ ‫الأ�سر الموجود من قبل‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫الإطار الم�ؤ�س�سي للعمليات‬ ‫�أوال وقبل كل �شيء‪ ،‬ينبغي الإ�شارة �إلى �أنه ال بد من تنفيذ برنامج الأمن الغذائي‬ ‫على م�ستوى الفيدرالية‪ ،‬والوالية‪ ،‬والإقليم والبلدية في وقت واحد‪� ،‬أي �أنه ال ينبغي‬ ‫�أن يكون عمل برنامج الأمن الغذائي قطاعيا (على الرغم من وجوب �إعطاء الأولوية‬ ‫لعمليات معينة‪ ،‬كما تمت مناق�شة ذلك �سابقا)‪ ،‬وينبغي �أال ي�سمح بعزل العمليات‬ ‫المحلية عن العمليات التكميلية على الم�ستوى الإقليمي والوطني‪.‬‬ ‫وال يعني ذلك �أنه ينبغي تنفيذ جميع العمليات في وقت واحد في جميع‬ ‫المواقع‪ ،‬و�أقل من ذلك بكثير ال يجب �أن تعطى نف�س الأولوية التي �أعطيت لمجموعة‬ ‫من العمليات المتخذة في منطقة لمناطق �أخرى‪ ،‬نظرا الختالف الخ�صائ�ص‬ ‫االجتماعية واالقت�صادية والديموغرافية لكل منطقة‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬ف�إنه يجب تق�سيم التدابير المتخذة كجزء من �سيا�سة الأمن الغذائي �إلى‬ ‫ثالثة مناطق متميزة كبيرة‪:‬‬ ‫(�أ) مجاالت دعم �إنتاج الغذاء من خالل المزارعين الأ�سريين الذين ي�شكلون‬ ‫في جميع الحاالت تقريبا �أهم مجموعات الفئات الفقيرة والفقيرة جدا‬ ‫في بلدان �أمريكا الالتينية؛‬ ‫(ب) المناطق الح�ضرية‪ ،‬وتت�ألف من المدن المتو�سطة والكبيرة ذات الكثافة‬ ‫ال�سكانية التي تتراوح بين ‪� 50 000‬إلى ‪ ،500 000‬حيث الأن�شطة ال�صناعية‬ ‫والتجارية؛‬ ‫(ج) المناطق الح�ضرية الكبرى‪.‬‬ ‫وقد �أكد غورديلو (‪� )Gordillo, 2003‬ضرورة �إجراء مراجعة كاملة للخطط‬ ‫الوطنية للأمن الغذائي‪ ،‬وذلك بهدف دمج �أبعاد جديدة‪ ،‬وللت�أكد من �أنه لن تت�شتت‬ ‫الموارد وت�سند الفعالية الكبرى لعملياتها‪ .‬ووفقا للم�ؤلف‪ ،‬فقد مرت دول �أمريكا‬ ‫الالتينية بمرحلة في الت�سعينات يمكن و�صفها بالجيل الأول للإ�صالحات‪.‬‬ ‫ومن بين هذه الإ�صالحات مجموعة �إجراءات مثل خ�صخ�صة المرافق العامة‪،‬‬ ‫والتعديالت المالية في النفقات العامة‪ ،‬وتحرير التجارة‪ ،‬وتحقيق الالمركزية‬ ‫الإدارية‪ ،‬كدوافع �ضرورية لالقت�صاد الكلي‪ ،‬وكان لها ت�أثير مبا�شر على القطاع‬ ‫الزراعي‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬كانت هناك تغييرات عميقة على م�ستوى التخطيط‬ ‫والإر�شاد والبحوث في مجال الزراعة و الثروة الحيوانية‪ ،‬وعلى م�ستوى �سيا�سات‬ ‫�إدارة الموارد المائية‪� .‬إال �أن القطاع الخا�ص والقطاع الثالث‪ ،‬على الرغم من‬ ‫انخفا�ض ح�ضور القطاع العام في هذا المجال‪ ،‬قد ف�شال في احتالل الف�ضاء الذي‬ ‫فتحته �إ�صالحات الجيل الأول‪.‬‬

‫‪335‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫ويرى غورديلو (‪� )2003‬أن التحدي الرئي�سي ل�سيا�سة الأمن الغذائي يتجلى في‬ ‫�إعادة بناء قاعدة يمكن من خاللها �إحراز تقدم في مجال تحقيق �أهداف "م�ؤتمر‬ ‫القمة العالمي للأغذية" و"التحالف �ضد الجوع"‪ .‬وللح�صول على المزيد من العمل‬ ‫الفوري‪ ،‬ال يكفي اتخاذ التدابير الالزمة لتحفيز �إنتاج الغذاء‪ ،‬بل ال بد من معالجة‬ ‫الجوانب المتعلقة بالح�صول على الغذاء في نف�س الوقت الذي يتم فيه الت�صدي‬ ‫لم�شكلة الإنتاج‪ .‬وكما هو معروف‪ ،‬ف�إن الجوع هو �سبب الفقر ونتيجته‪ ،‬وبالتالي‪،‬‬ ‫يجب على برامج محاربة الجوع �أن تركز �أي�ضا جهودها على معالجة الق�ضايا ذات‬ ‫ال�صلة بتوليد الدخل وتوزيعه‪.‬‬ ‫ونقدم كمثال عملي على هذا التغيير البرنامج الخا�ص للأمن الغذائي )‪(PESA‬‬ ‫الذي و�ضعته منظمة الأغذية والزراعة في البلدان ذات الدخل المنخف�ض‪ .‬وفي الوقت‬ ‫الراهن‪ ،‬تنفذ منظمة الأغذية والزراعة هذا البرنامج في �أكثر من ‪ 25‬بلدا‪ ،‬وقد بدا‬ ‫�أنه يتطلب تعديالت كثيرة‪ ،‬منها ما هو في طور التنفيذ بالفعل‪ ،‬مثل �إطالق البرنامج‬ ‫الخا�ص للأمن الغذائي في المناطق الح�ضرية‪ ،‬وهو قيد التنفيذ في فنزويال بغر�ض‬ ‫�إدماج القطاعين الريفي والح�ضري من خالل فهم �أف�ضل لقنوات التوزيع (و�ستتم‬ ‫موا�صلة درا�سة هذا المو�ضوع �أ�سفله)‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إنه بالإمكان �أن يتم القيام ب�أكثر من ذلك بكثير �إذا �أخذنا بعين‬ ‫االعتبار الحاجة �إلى تنفيذ تغييرات عميقة في الكيفية التي تعمل بها برامج التنمية‪.‬‬ ‫وعموما‪ ،‬هناك العديد من البرامج الجارية التي تتناف�س مع بع�ضها البع�ض‪ ،‬وتفتقر �إلى‬ ‫�آلية تن�سيق م�شتركة �أو منتدى للنقا�ش‪ .‬ولتجنب ت�شتت الموارد يو�صي غورديلو (‪)2003‬‬ ‫بو�ضع جدول �أعمال م�شترك وو�ضع �إطار م�ؤ�س�سي جديد ما زال يتعين بنا�ؤه‪ .‬وفي هذا‬ ‫ال�سيناريو الجديد للتخطيط‪ ،‬ينبغي �أن ن�أخذ بعين االعتبار بع�ض الجوانب الرئي�سية‬ ‫من قبيل‪�( :‬أ) �ضرورة �إيالء المزيد من االهتمام لق�ضايا الم�ساواة بين الجن�سين‪ ،‬حيث‬ ‫�أن المر�أة تتحمل في كثير من الحاالت الجزء الأكبر من الم�س�ؤولية عن �إدارة الموارد‬ ‫وبرامج الم�ساعدة؛ (ب) �ضرورة اعتماد ُنهج جديدة لتقييم التدخالت العامة‪ ،‬وقيا�س‬ ‫المخاطر والتقدم في كيفية تنظيم المجتمعات المحلية الم�ستفيدة من الم�ساعدة؛‬ ‫(ج) جوانب تنمية الأقاليم‪ ،‬مع تنمية قدراتها الذاتية و قدراتها المحتملة على الح�صول‬ ‫على الفر�ص المتاحة‪.‬‬ ‫والآن‪� ،‬سنقوم بتحليل �إمكانيات �إدراج م�ؤ�س�سي لنموذج جديد لبرنامج محاربة‬ ‫الجوع على النحو الذي اقترحه برنامج الق�ضاء على الجوع في البرازيل منذ عام ‪.2003‬‬ ‫‪336‬‬

‫الإدماج الم�ؤ�س�سي‬

‫ت�شير تجربة و�ضع وتنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع �إلى تداخل ما ال يقل عن ثالث‬ ‫خطوات متميزة وم�شتركة في عمليات من هذا النوع‪:‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫(�أ) �إعداد مقترح‪ ،‬بم�شاركة خبراء وطنيين ودوليين حول المو�ضوع‪ :‬وينبغي‬ ‫على هذا المقترح �أن يت�ضمن‪ ،‬ف�ضال عن ت�شخي�ص الو�ضع‪ ،‬الأهداف‬ ‫والموارد المتاحة وت�صميم ال�سيا�سات الرئي�سية التي يتعين تنفيذها؛‬ ‫(ب) الم�شاورات العامة لمناق�شة و�إعادة ت�صميم هذا المقترح‪ ،‬وال�سعي لت�أمين‬ ‫"توافق الحد الأدنى" بين الم�ؤ�س�سات (الكنائ�س‪ ،‬والحكومات والنقابات‬ ‫وال�شخ�صيات العامة)‪ ،‬ومنظمات القطاع الخا�ص (المنظمات غير‬ ‫الحكومية وال�شركات العاملة في �صناعة التموين)‪ ،‬وذلك بهدف تعبئة‬ ‫المجتمع المدني المنظم و�إن�شاء �شبكات لدعم برنامج يهدف �إلى تعزيز‬ ‫الأمن الغذائي ومحاربة الجوع و�أفق تنفيذه؛‬ ‫(ج) �إن�شاء وكالة حكومية تنفيذية للربط بين الأطر الموجودة م�سبقا ولتنفيذ‬ ‫ال�سيا�سات الخا�صة بالأمن الغذائي‪.‬‬ ‫�إن هناك الكثير من الجدل حول نطاق الإجراءات التي ينبغي �أن تقوم بها‬ ‫هذه الوكالة التنفيذية‪ ،‬وكذلك حول و�ضعها الم�ؤ�س�سي‪ .‬فمقترح برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع قد قرر وجوب �إن�شاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية كخطوة‬ ‫�أولى للربط بين جميع الوكاالت الحكومية التي تتعامل مع ممثلي المجتمع المدني‬ ‫المنظم (الكنائ�س والنقابات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات الأعمال الحرة‪،‬‬ ‫وال�شخ�صيات البارزة‪ ،‬الخ)‪� ،‬أما الخطوة الثانية فهي �إن�شاء �أمانة تنفيذية تقدم‬ ‫تقاريرها مبا�شرة �إلى رئي�س الجمهورية‪ ،‬وتلعب دور الربط بين ال�سيا�سات القائمة‪.‬‬ ‫�إال �أن الت�شخي�ص الذي �أعده الفريق االنتقالي لإدارة لوال قد �أظهر �أن خم�سا من‬ ‫ال�سيا�سات التي كانت تعتبر �أ�سا�سية لتنفيذ برنامج الأمن الغذائي ‪� -‬أي التحويالت‬ ‫المالية‪ ،‬وتقديم الدعم للزراعة الأ�سرية‪ ،‬ور�صد ال�صحة والتعليم الغذائي والتموين‬ ‫الغذائي في المناطق الح�ضرية ‪� -‬إما �أنها غير �إجرائية �أو �أنها ت�سمح بت�شتت كبير‬ ‫للموارد والأهداف‪� ،‬أي �أنه من ال�ضروري من �أجل تنفيذ �سيا�سة الأمن الغذائي‪ ،‬لي�س‬ ‫فقط �أن تكون هناك �آلية لتن�سيق البرامج الموجودة م�سبقا‪ ،‬ولكن �أي�ضا للقيام ب�إعادة‬ ‫‪9‬‬ ‫نظر متعمقة في هذه البرامج �أو حتى لتنفيذ برامج جديدة انطالقا من نقطة ال�صفر‪.‬‬ ‫وقد كانت النتيجة هي �إن�شاء وزارة فوق العادة مكلفة بالأمن الغذائي‬ ‫ومحاربة الجوع خالل ال�سنة الأولى من �إدارة لوال‪ ،‬ثم تم ا�ستبدالها في وقت الحق‬ ‫بوزارة التنمية االجتماعية التي �أ�صبحت م�س�ؤولة عن التحويالت المالية والم�ساعدة‬ ‫‪ 9‬لعل �أح�سن مثال نموذجي هو برامج التحويالت المالية‪ .‬ففي �أوائل عام ‪ ،2003‬كانت �ستة برامج من هذا القبيل ال غير قيد التنفيذ على‬ ‫الم�ستوى الوطني‪ ،‬كل برنامج منها مخ�ص�ص لجمهور متميز وبدون �أية مواءمة بينها‪ :‬المنحة المدر�سية‪ ،‬ومنحة الغذاء‪ ،‬منحة الدخل‪ ،‬الق�ضاء‬ ‫على عمالة الأطفال‪ ،‬وبطاقات الغذاء والغاز وبرامج المنح‪ ،‬ناهيك عن غيرها من برامج الم�ساعدة االجتماعية ‪(benefícios de prestação‬‬ ‫)‪ continuada‬للم�سنين والمعاقين ‪.‬‬

‫‪337‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫االجتماعية و�إجراءات الأمن الغذائي �إلى اليوم‪ .‬وعلى الرغم من �أنه ما زال من ال�سابق‬ ‫لأوانه �إجراء تقييم‪ ،‬ربما يكون هذا الت�صميم الم�ؤ�س�سي قد بالغ في التركيز على‬ ‫التحويالت المالية و�سيا�سات الم�ساعدة االجتماعية‪ ،‬وذلك على ح�ساب �سيا�سات‬ ‫الأمن الغذائي بالمعنى الدقيق‪ .‬وقد كان البديل الذي تم تجاهله في عملية الإ�صالح‬ ‫الوزاري الأول الذي نفذ في وقت مبكر في عام ‪ 2004‬لدعم جهود مركزة للحد من‬ ‫العدد الكبير للوزراء (حوالي ‪ )30‬كان هو و�ضع �سيا�سات التحويالت المالية و�سيا�سة‬ ‫الأمن الغذائي تحت م�س�ؤولية وزارة واحدة‪ ،‬ويف�ضل �أن تكون فوق العادة‪ ،‬م�ؤكدة‬ ‫بذلك �ضرورة الحفاظ على ارتباطها ارتباطا وثيقا برئا�سة الجمهورية‪ ،‬وترك �سيا�سة‬ ‫الم�ساعدة االجتماعية (فقط الفوائد النقدية الم�ستمرة) تحت م�س�ؤولية وزارة الرعاية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬كما كانت في الأ�صل‪ .‬وب�صرف النظر عن كونها �أنظمة للتحويالت‬ ‫المالية مختلفة تمام االختالف‪ ،10‬ف�إن من �ش�أن الجمع بين هذه البرامج وبرنامج‬ ‫الأمن الغذائي �أن يعزز دور الم�ساعدة الذي تت�سم به هذه ال�سيا�سات العامة ذات‬ ‫الت�صميم المتميز جدا‪ ،‬نظرا لأن البرنامج الأول ي�شير �إلى التحويالت المالية (�سواء‬ ‫كانت طوعية �أم ال) ويجب �أن تكون مركزة‪ ،‬في حين تهدف �سيا�سة الأمن الغذائي �إلى‬ ‫�ضمان ح�صول الجميع على حق الإن�سان في الغذاء‪.‬‬ ‫المهمة ‪ - 4‬م�سح الأطر الم�ؤ�س�سية المتميزة في برامج الأمن الغذائي الحالية‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى الإمدادات من الأغذية‪ ،‬وتقديم الدعم للزراعة الأ�سرية‪ ،‬ومراقبة‬ ‫ال�صحة والتغذية‪ ،‬وبرامج التحويالت المالية والم�ساعدة االجتماعية‪.‬‬ ‫وهناك ق�ضية يجب معالجتها في �ضوء الإطار الم�ؤ�س�سي ل�سيا�سات الأمن‬ ‫الغذائي وبرامج الأمن الغذائي ذات ال�صلة وهي االندماج مع القطاع الخا�ص‪.‬‬ ‫�إن و�ضع برنامج الق�ضاء على الجوع‪ ،‬كما تم ذكره �أعاله‪ ،‬قد �أدى �أي�ضا �إلى‬ ‫�إن�شاء المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية‪ ،‬وهي الهيئة التي يتم فيها تعزيز‬ ‫الروابط بين الحكومة والمجتمع المدني المنظم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن �أي�ضا ل�شرائح‬ ‫اجتماعية معينة‪ ،‬وبخا�صة تلك المرتبطة بالم�ؤ�س�سات‪ ،‬والحركة النقابية‪ ،‬والكنائ�س‬ ‫والمنظمات الخيرية‪� ،‬أن تلعب دورا في دعم �أهداف البرنامج‪� ،‬شريطة �أن يتم خلق‬

‫‪338‬‬

‫‪ 10‬في حالة البرازيل‪ ،‬تتم التحويالت المالية الطوعية مبا�شرة من الميزانية العامة للحكومة الفيدرالية �إلى ح�ساب م�صرفي لكل م�ستفيد تم‬ ‫اختياره على �ضوء المعايير التي و�ضعها البرنامج الذي هو في هذه الحالة برنامج منحة الأ�سرة (الذي وحد ‪ 6‬برامج للتحويالت المالية الطوعية‬ ‫كانت موجودة من قبل)‪� .‬أما التحويالت المت�صلة بالفوائد النقدية الم�ستمرة فهي عمليات نقل من نوع "�صندوق �إلى �صندوق"‪� ،‬أي �أنه يتم نقلها‬ ‫من الحكومة الفيدرالية �إلى �صناديق خا�صة ببرامج محددة ت�سجل الم�ستفيدين على �أ�سا�س حق الفرد المطالب به‪ .‬وتدير هذا ال�صندوق المجال�س‬ ‫على الم�ستويات الحكومية المختلفة‪ ،‬وذلك بم�شاركة �أع�ضاء من المجتمع المدني‪ .‬وقد �أظهرت التجربة �أن ر�ؤ�ساء البلديات ي�سيطرون على هذه‬ ‫المجال�س المحلية‪ ،‬وغالبا ما ت�ستخدم الأموال التي يديرونها لأغرا�ض التبعية‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫�صالت منا�سبة بينها لتفادي التحيز فيما يخ�ص الم�ساعدات التي يتم تقديمها‪ .‬ولكل‬ ‫من هذه المجموعات �سماتها الخا�صة وم�صالحها الخا�صة‪ ،‬وهو ما ي�شار �إليه الآن‬ ‫‪11‬‬ ‫ا�صطالحا بالم�س�ؤولية االجتماعية‪.‬‬ ‫ويقوم رجال الأعمال الذين تتم دعوتهم للم�شاركة في برنامج الأولوية بنوع‬ ‫من "ت�سويق الخير"‪ ،‬حيث يلعبون دورا هاما جدا في تح�سي�س الر�أي العام ب�أهمية‬ ‫ت�صرفات الحكومة‪ .‬وقد ال تجلب ال�شراكات الناجمة الأموال لهم وفق ما يتوقعون‪،‬‬ ‫�إال �أنها تتجاوز‪ ،‬بالت�أكيد و�إلى حد كبير‪ ،‬التوقعات من حيث تعزيز و�ضوح الر�ؤية‬ ‫وح�سن التقدير‪.‬‬

‫الإطار ‪ - 5‬م�رشوع ال�صهريج‪ :‬منوذج �رشاكة مع �رشكات القطاع اخلا�ص ‬ ‫لتعزيز الأمن الغذائي‬ ‫لقد ن�ش�أ الم�شروع في عام ‪ ،2001‬ا�ستنادا �إلى الخبرات المحلية التي �أكدت‬ ‫جدوى ا�ستخدام المياه المخزنة خالل موا�سم الأمطار لتزويد العائالت في‬ ‫المنطقة ال�شبه قاحلة في البرازيل على مدار ال�سنة بالمياه‪ .‬وقد كانت بع�ض‬ ‫المنظمات غير الحكومية‪ ،‬قبل ذلك العام‪ ،‬توفر بالفعل التدريب وتنظم‬ ‫�إجراءات الم�ساعدة الذاتية لبناء خزانات في المنطقة ال�شبه قاحلة؛ وكانت‬ ‫م�ؤ�س�سة كاريتا�س رائدة هذا العمل‪ ،‬كما �أبقت على مكتب لها بالمنطقة‪،‬‬ ‫وقامت بانتظام بتحويل الأموال �إلى البرنامج‪.‬‬ ‫وفي عام ‪� ،2001‬أن�شئت �شبكة مكونة من منظمات غير حكومية تت�ألف‬ ‫من ‪ 700‬منظمة من مختلف الواليات ال�شمالية ال�شرقية ومن منطقة ال�شمال‬ ‫من والية مينا�س جيري�س وقد �سميت بالتمف�صل ال�شبه ‪ -‬قاحل‪ ،‬كما تم‬ ‫�إطالق "برنامج المليون �صهريج ‪ ،"P1MC-‬الذي ت�سيره منظمة تحمل نف�س‬ ‫اال�سم‪ .‬وقد كان هدفها هو بناء مليون �صهريج في ‪� 5‬سنوات باالعتماد على‬ ‫الأنظمة المحلية للمدخالت‪ ،‬والتدريب والإجراءات المهنية لل�سكان المحليين‬ ‫والإدارة الم�شتركة للأموال‪ .‬وقد تم ت�صميم هذا البرنامج من �أجل ا�ستفادة‬ ‫مبا�شرة لـ ‪ 8‬ماليين �شخ�ص في منطقة م�ساحتها ‪ 900 000‬كيلومتر مربع‪.‬‬ ‫وعندما �أطلقت الحكومة الفيدرالية م�شروع الق�ضاء على الجوع في‬ ‫عام ‪ ،2003‬ر�أت اتحادات البنوك البرازيلية )‪� (Febraban‬أن دعم م�شروع‬ ‫المليون �صهريج �سيكون الطريق المبا�شر والمف�صلي بالن�سبة للقطاع المالي‬ ‫‪339‬‬ ‫‪11‬‬

‫انظر في هذا ال�صدد الموقع‪. <www.fomezero.org.br> :‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪340‬‬

‫لالنخراط في عمليات �ضد الجوع‪ .‬ولذلك‪� ،‬أخذت اتحادات البنوك البرازيلية‬ ‫على عاتقها االلتزام بالتبرع بالأموال وتدريب الفنيين‪ ،‬و�ضمان الو�سائل‬ ‫المادية لبناء ‪� 10 000‬صهريج‪ .‬ولكن نظرا لنجاح المبادرة‪ ،‬فقد وقعت‬ ‫اتحادات البنوك البرازيلية التزاما ل�ضمان بناء ‪� 10 000‬صهريج �إ�ضافي ابتداء‬ ‫من عام ‪.2004‬‬ ‫وتبلغ التكلفة الإجمالية لبناء كل �صهريج ب�سعة ‪ 16 000‬لتر‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك الم�صاريف الإدارية‪ ،‬حوالي ‪ 500‬دوالر �أمريكي‪ ،‬وت�ستثمر اتحادات‬ ‫البنوك البرازيلية ‪ 10‬ماليين دوالر �أمريكي تماما في م�شروع المليون‬ ‫�صهريج‪ .‬ووفقا للقانون البرازيلي‪ ،‬ف�إنه بالإمكان خ�صم ن�سبة مئوية �صغيرة‬ ‫جدا من هذه الأموال من ال�ضرائب التي تدفعها ال�شركات الم�شاركة‪.‬‬ ‫و�ضمانا للجدوى االقت�صادية للم�شروع‪ ،‬فقد �ساهمت اتحادات البنوك‬ ‫بخبرتها الإدارية في �إدارة الموارد المالية والب�شرية‪ .‬فقد �أن�شئت ثمان‬ ‫و�أربعون وحدة محلية للتنفيذ معززة بخبراء تقنيين ومجهزة بال�سيارات‬ ‫و�أجهزة الكمبيوتر والدراجات النارية بغر�ض ت�سجيل العائالت الم�ؤهلة‬ ‫للح�صول على م�ساعدة من قبل المبادرة وتدريب البنائين والأ�شخا�ص‬ ‫الم�س�ؤولين على وجه التحديد للت�أكد من �أن �أعمال البناء �ستنتهي في الموعد‬ ‫المحدد وبكفاءة‪.‬‬ ‫وكانت م�شاركة اتحادات البنوك البرازيلية في المبادرة عن�صرا‬ ‫�أ�سا�سيا لإقامة نظام �إنتاج الم�شروع وروتينية تنفيذه‪ .‬وقد �شجع قرار‬ ‫اتحادات البنوك البرازيلية باالن�ضمام �إلى الم�شروع �شركات �أخرى على �أن‬ ‫تحذو حذوه‪ ،‬وهكذا نما الم�شروع ب�سرعة‪ .‬وتدر�س اتحادات البنوك البرازيلية‪،‬‬ ‫حاليا‪� ،‬إمكانية تو�سيع الم�شروع من خالل �إ�شراك المزيد من المنظمات‬ ‫الأخرى مثل ‪ ،Apoio Fome Zero‬وذلك بهدف �إ�شراك العمالء والموردين من‬ ‫البنوك التابعة لها‪.‬‬ ‫لقد �ساهمت الحركة النقابية كثيرا في هذه المبادرة من خالل اتخاذ‬ ‫�إجراءات التعبئة االجتماعية‪ ،‬و�إ�ضفاء ال�شرعية على �إجراءات جمع المواد‬ ‫الغذائية وغيرها من الحمالت التي و�ضعها البرنامج‪ .‬و�أخيرا‪ ،‬ف�إن الكنائ�س‬ ‫والمنظمات الخيرية تقع على قائمة �شبكة �شاملة من الم�ؤ�س�سات التي ت�ساهم‬ ‫بر�أ�س مال اجتماعي ال يقدر بثمن ل�ضمان الت�شغيل ال�سل�س للبرنامج في جميع‬ ‫المراكز حيث يجري تنفيذه‪ .‬وتلعب هذه المنظمات دورا �أ�سا�سيا في تمكين‬ ‫الم�شروع من الو�صول �إلى " الفقراء غير المرئيين"‪� ،‬أي العائالت الفقيرة‬ ‫التي تفتقر حتى �إلى الوثائق المدنية الأ�سا�سية لت�سجل نف�سها كم�ستفيدة من‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫البرامج االجتماعية المختلفة‪ .‬وقد لعبت هذه المنظمات في برنامج الق�ضاء‬ ‫على الجوع‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬دورا فعاال على حد �سواء في اتخاذ �إجراءات‬ ‫التعبئة االجتماعية من خالل م�شاركتها في لجان �إدارة وجمع‪/‬توزيع المواد‬ ‫الغذائية للمحتاجين وكذلك في تحديد الأ�سر الم�ستبعدة من �سجل البرنامج ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1‬كان �أحد الأ�سباب الرئي�سية ال�ستبعاد عائلة من ال�سجل افتقارها �إلى الوثائق الأ�سا�سية (بطاقة التعريف‪ ،‬وما �إلى ذلك)‪ ،‬وال �سيما‬ ‫الن�ساء‪ .‬لت�صحيح هذا الو�ضع‪ ،‬تم ت�أ�سي�س �شراكة بين وزارة الأمن الغذائي القديمة ‪ ،‬و�أمانة حقوق الإن�سان ‪ ،‬ووزارتي العدل والدفاع‪،‬‬ ‫والأمانة الخا�صة لل�سيا�سات المتعلقة بالمر�أة‪ ،‬والرابطة البرازيلية لكتاب العدل (‪ )Arpen‬ومفت�شين عموميين من ‪ 10‬واليات‬ ‫(‪.)Acre, Alagoas, Bahia, Ceará, Maranhão, Paraíba, Pernambuco, Piauí, Rio Grande do Norte, Sergipe‬‬ ‫وقد تم تحديد الأ�سر التي تفتقر �إلى الوثائق الأ�سا�سية من قبل اللجان التنفيذية لبرنامج الق�ضاء على الجوع خالل عملية ت�سجيل‬ ‫الم�ستفيدين‪ .‬وقد جرى تدريب لجان الإدارة با�ستخدام دليل ي�سمى دليل توجيه المراقب (‪Manual de Orientação do‬‬ ‫‪ )Monitor‬على كيفية الح�صول على �شهادة الميالد بالن�سبة للأ�شخا�ص الذين لم يح�صلوا عليها �أو فقدوها‪.‬‬

‫التوقعات وقدرة الدولة التنفيذية‬

‫كما تمت الإ�شارة �إلى ذلك �أعاله‪ ،‬ف�إن الجاذبية ال�سيا�سية للمقترح القا�ضي بمحاربة‬ ‫الجوع قوية جدا‪� ،‬إال �أنه خلق �أي�ضا توقعات م�ستحيلة التحقيق في ظل الأطر‬ ‫‪12‬‬ ‫الم�ؤ�س�سية المتاحة‪.‬‬ ‫فبالإ�ضافة �إلى تعزيز التوقعات التي ولدتها ق�ضية محاربة الجوع‪ ،‬ف�إن‬ ‫الواليات الفيدرالية قد فقدت قدرتها الت�شغيلية بعد ع�شر �سنوات من الإ�صالحات وعمليات‬ ‫الخ�صخ�صة التي �شهدتها �أمريكا الالتينية (انظر في هذا ال�صدد ‪.)Gordilho, 2003‬‬ ‫لقد كانت الواليات الفيدرالية‪ ،‬باعتبارها �إرثا لتلك التغييرات‪� ،‬ضعيفة للغاية في‬ ‫بداية القرن الع�شرين في مجال قدرتها على العمل على �أر�ض الواقع‪ ،‬لأنها تفتقر‬ ‫�إلى الأدوات الم�ؤ�س�سية للقيام بذلك‪ .‬ونتيجة لعدم وجود الم�ؤ�س�سات العمومية في‬ ‫مجال التموين‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬فقد اقت�صر دور الحكومة على تمويل وتنظيم‬ ‫المجموعات الخا�صة التي تعمل في هذا القطاع‪ .‬ويمكن �أن يقال ال�شيء نف�سه عن‬ ‫برامج التحويالت المالية عندما كانت البالد ال تملك بنكا عاما له عدد كاف من‬ ‫الفروع للو�صول �إلى الأ�سر التي تعي�ش في المناطق الأكثر فقرا‪.‬‬ ‫وهناك �أي�ضا المنطق ال�سلبي الذي يقول ب�أنه يمكن للقطاع الخا�ص القيام‬ ‫ب�أي �شيء غير ممنوع‪ ،‬في حين يمكن للحكومات �أال تقوم �إال بالم�سموح به ب�شكل‬ ‫�صريح في القانون الجاري العمل به‪ ،‬ال�شيء الذي ال يعتبر بتاتا حق الإن�سان في‬ ‫‪ 12‬من بين �أ�سباب �أخرى‪ ،‬يذكر بيتينهو (‪ )Betinho‬ما يلي‪� " :‬أولئك الذين يت�ضورون جوعا ال يمكن �أن ينتظروا"‪ .‬و�أظهرت التجربة البرازيلية‬ ‫لتنفيذ برنامج الق�ضاء على الجوع �أن �أكبر "نفاد �صبر"‪ ،‬وال�ضغط من �أجل القيام بعمل ما لمحاربة الجوع ال ي�أتيان من "الم�ستبعدين"‪ ،‬لأنهم‬ ‫لي�سوا عادة‪ ،‬ومن بين �أ�سباب �أخرى‪ ،‬منظمين جدا‪ .‬وي�أتي نفاذ ال�صبر هذا وال�ضغط من و�سائل االعالم ب�شكل عام‪ ،‬حيث تحاول �أن تبين �أن‬ ‫البرنامج "لن ينجح"‪ ،‬ربما لت�أكيد عدم وجود حل لم�شكلة الجوع �أو �أن النا�س مختلفون ولهم " طرقهم الخا�صة" لحل م�شكلة الجوع‪.‬‬

‫‪341‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫الغذاء‪ ،‬وين�ص �أقل بكثير على ال�صكوك القانونية لدعم الإجراءات الحكومية ل�ضمان‬ ‫هذا الحق لجميع المواطنين‪.‬‬ ‫وتكمن نتيجة ال مفر منها لهذا الو�ضع في �أن الأمر قد انتهى بالحكومة‪،‬‬ ‫وذلك ب�صرف النظر عن الحاجة �إلى بناء �شراكات مع القطاعات المذكورة �أعاله‪� ،‬إلى‬ ‫تفوي�ض مهمة تنفيذ �سيا�ساتها االجتماعية‪ ،‬بما في ذلك �سيا�سة الأمن الغذائي‪� ،‬إلى‬ ‫المنظمات غير الحكومية‪ .‬والم�شكلة الكبرى هي �أن ن�سبة كبيرة من هذه المنظمات‬ ‫غير الحكومية‪� ،‬إن لم تكن غالبيتها‪ ،‬عبارة بال�ضبط عن مجموعات لديها نية الدفاع‬ ‫عن م�صالح خا�صة ينتهي بها الأمر �إلى تفكيك تنفيذ �سيا�سات الأمن الغذائي �أو‬ ‫�إخ�ضاعه لم�صالحها الخا�صة‪.‬‬ ‫المهمة ‪ - 5‬التحقيق في دور المنظمات غير الحكومية ومجاالت عملها‬ ‫الرئي�سية‪ ،‬ف�ضال عن المنظمات الدولية التي تدعمها‪ .‬ويكمن االفترا�ض‪ ،‬في‬ ‫معظم الحاالت‪ ،‬في �أن التجزئة المفرطة للعمليات التي اتخذتها المنظمات‬ ‫غير الحكومية وطبيعة تدخالتها المتفرقة‪ ،‬لن ت�ضمن‪ ،‬على الرغم من‬ ‫مقارباتها المجددة‪� ،‬إال فوائد محدودة للأ�شخا�ص الذين يواجهون انعدام‬ ‫الأمن الغذائي‪ .‬غير �أن المنظمات غير الحكومية يمكن �أن تكون �شريكا هاما‬ ‫في تفعيل برامج الأمن الغذائي والتفتي�ش عليها‪.‬‬

‫بع�ض ال�سيا�سات المتاحة في‬ ‫بلدان �أمريكا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‬ ‫�إن كون انعدام الأمن الغذائي ما يزال يتطلب اعتبارات جديدة حول �أ�سبابه‬ ‫وحول ال�سيا�سات التي تم اقتراحها لمعالجة هذه الم�س�ألة‪ .‬ويمكن �أن نالحظ‪،‬‬ ‫في معظم بلدان �أمريكا الالتينية‪� ،‬أنه قد �أ�صبح من ال�صعب‪ ،‬وعلى نحو متزايد‪،‬‬ ‫ت�أ�سي�س وجود ارتباط بين انعدام الأمن الغذائي والأ�سر الريفية (�أو الأن�شطة‬ ‫الريفية)‪ .‬ويمكننا القول‪ ،‬ب�شكل عام‪� ،‬إن دورة الفقر وانعدام الأمن الغذائي‬ ‫ي�سودان المنطقة ككل‪ .‬غير �أن الفقر المدقع‪ ،‬نظرا للزيادة في العمران‪ ،‬وتباط�ؤ‬ ‫الوتيرة التي يتم بها خلق العمل وفر�ص العمل وتوفير "ال�سلع العامة"‪ ،‬وخا�صة‬ ‫‪13‬‬ ‫خدمات التعليم والرعاية ال�صحية‪ ،‬قد تزايد في المدن بوتيرة �سريعة جدا‪.‬‬ ‫‪342‬‬

‫‪ 13‬انظر في هذا ال�صدد بيليك وديل غرو�سي )‪ ،(Belik and Del Grossi, 2003‬حيث يذكران الحالة البرازيلية التي تبين �أن الفقر قد هجر‬ ‫�إلى المدن و�أن هناك فجوة كبيرة في الدخل بين المدن ال�صغيرة والمتو�سطة الحجم‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫وبتحليلنا لأبرز الحركات المنخرطة في �سيا�سات محاربة الجوع والفقر‬ ‫في المنطقة‪ ،‬يمكننا �أن نالحظ �أن نتائجها محدودة �إلى حد الآن‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فقد‬ ‫تزايد الفقر في المناطق الريفية في خ�ضم حالة الأزمة المزمنة في �أمريكا الالتينية‬ ‫المتنامية خالل العقود الأخيرة‪ .‬وبالن�سبة للبلدان التي �شهدت انخفا�ضا في ن�سبة‬ ‫الفقر بمناطقها الريفية‪ ،‬ف�إن ذلك راجع �إلى هجرة الفقراء �إلى المدن‪� ،‬إذ �أثبتت‬ ‫التجربة �أن الأمر لي�س مجرد م�س�ألة تمف�صل �سيا�سات لخلق فر�ص �شغل‪.‬‬ ‫و�إذا �أخذنا بعين االعتبار البرامج التي تم تنفيذها في المنطقة في ال�سنوات‬ ‫الأخيرة‪ ،‬يمكننا �أن نق�سمها �إلى خم�س مجموعات كبيرة وفقا لنطاق �أعمالها‪ .‬وهذه‬ ‫المجموعات هي كالآتي‪ :‬تحفيز الأن�شطة الإنتاجية‪ ،‬و�صناديق اال�ستثمار االجتماعي‪،‬‬ ‫والتحويالت المالية المبا�شرة‪ ،‬وبرامج الحفاظ على البيئة‪ ،‬والم�شاركة المجتمعية‪.‬‬ ‫ووفقا لراميريز )‪ ،(Ramirez, 2003‬ف�إن ال�سيا�سات المركزة والقائمة على‬ ‫الم�ساعدات لم ت�سفر عن نتائج فعالة‪ .‬ويمكن قول ال�شيء نف�سه عندما تكون لهذه‬ ‫ال�سيا�سات �أهداف ق�صيرة المدى‪ ،‬وال ت�ستلزم بذل المزيد من الجهود المكثفة على‬ ‫المدى المتو�سط والطويل‪� .‬أما بالن�سبة للمنهجية التي اعتمدت في عملياتها‪ ،‬فيمكن‬ ‫مالحظة وجود ثغرة بين المقترحات الموجهة نحو الإنتاج وواقع ال�سوق الذي يت�صف‬ ‫بالفقر ويفتقر �إلى التن�سيق بين �أنواع معينة من المزارعين‪ .‬ولمعالجة هذه الم�شكلة‪ ،‬يتم‬ ‫ا�ستبدال البرامج التقليدية القائمة على منح القرو�ض وتوفير الم�ساعدة التقنية ب�إجراءات‬ ‫ترمي �إلى تعزيز تحقيق تنمية ريفية مندمجة وقائمة بذاتها بمختلف الأقاليم‪ .‬و�أخيرا‪،‬‬ ‫وبالنظر �إلى تنفيذ هذه ال�سيا�سات‪ ،‬لي�س هناك �شك في �أن التدخالت الحكومية المبا�شرة‬ ‫�ضرورية‪� ،‬إال �أنه قد ثبت‪ ،‬في الكثير من الحاالت‪� ،‬أنها بطيئة وتنطوي على الكثير من‬ ‫الروتين‪ ،14‬مما يفتح مجاال لنموذج جديد ي�ستند �إلى اال�ستعانة بم�صادر خارجية من‬ ‫الخدمات و�إلى تقا�سم التكاليف بين الم�ستفيدين من البرامج‪.‬‬ ‫ومن ناحية �أخرى‪ ،‬ف�إن تزايد المتطلبات التي تفر�ضها البلدان المتقدمة‬ ‫من حيث نوعية الغذاء والرقابة ال�صحية‪ ،‬والرقابة على المن�ش�أ‪ ،‬والت�أهيل المهني‬ ‫للمفاو�ضين الدوليين‪ ،‬وما �إلى ذلك‪ ،‬ي�ستدعي الرفع من م�ستوى التخ�ص�ص والمهنية‬ ‫من البلدان الأخرى‪ .‬وهذه هي بالتحديد المجاالت التي تواجه فيها بلدان �أمريكا‬ ‫الالتينية ق�صورا‪ .‬ذلك �أن البلدان النامية تحتاج‪ ،‬بح�سب م�ؤتمر الأمم المتحدة‬ ‫للتجارة والتنمية )‪� ،(UNCTAD‬إلى تح�سين قوانينها‪ ،‬والتدريب‪ ،‬والبنية التحتية‬ ‫والم�شاركة في المفاو�ضات الدولية وذلك بهدف تطوير‪ ،‬لي�س فقط ما يلزم من الدراية‬ ‫لتلبية االحتياجات الم�شروعة للبلدان المتقدمة‪ ،‬ولكن �أي�ضا للتمكن من الطعن فيها‬ ‫لدى منظمة التجارة العالمية عندما تكون هناك �أغرا�ض وقائية )‪.(Presser, 2003‬‬ ‫‪� 14‬أحد الأمثلة هو �سجل الم�ستفيدين الموحد لبرامج التحويالت النقدية والتي تديرها عادة البنوك العامة‪.‬‬

‫‪343‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫وفي هذا ال�صدد‪ ،‬ف�إن دول �أمريكا الالتينية ما تزال في مرحلة الن�شوء من م�سار هذه‬ ‫العملية الت�أهيلية‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�إن االنتقاد الرئي�سي الموجه �إلى هذه المجموعة من العمليات هو‬ ‫ت�شديد البلدان النامية المفرط على �ضرورة تخفي�ض التعريفة الدولية والحواجز غير‬ ‫الجمركية التي تفر�ضها البلدان المتقدمة لتكون قادرة على الحد من الفقر والجوع‪.‬‬ ‫وال يوجد �أي دليل على �أن الزيادة في فر�ص الو�صول �إلى الأ�سواق الدولية �سوف‬ ‫ت�ضمن بال�ضرورة توزيعا �أف�ضل للدخل وانخفا�ضا في ن�سبة الفقر‪ .‬وعلى العك�س من‬ ‫ذلك بكثير‪ ،‬وبالنظر �إلى ال�صراع الثنائي الم�ستمر بين الم�شاريع الزراعية المتخ�ص�صة‬ ‫والزراعة المتنوعة على نطاق �صغير في بلدان �أمريكا الالتينية‪ ،‬و�إلى م�ستويات‬ ‫تركيز الدخل العالية للغاية التي تتميز بها‪ ،‬فمن المرجح �أن قدرا �أكبر من تحرير‬ ‫التجارة �سيفيد معظم الم�صدرين‪ ،‬الذين ينتمون عادة �إلى قطاع ال�شركات الكبرى‬ ‫ويرتبط بالم�شاريع الكبيرة‪ ،‬ويزيد من تعزيز التفاوت في الدخل في هذه البلدان‪.‬‬ ‫وحتى و�إن كان هذا التحرير يجلب المزيد من العملة الأجنبية والأموال المتاحة في‬ ‫الميزانيات الفيدرالية‪ ،‬ف�إنه لي�س هناك ما ي�ضمن �أن يتم �صرف هذه الموارد من �أجل‬ ‫�إنجاح برامج الأمن الغذائي وبرامج محاربة الجوع‪ .‬وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬فب�إمكانه‬ ‫�أن ي�ؤدي �إلى ارتفاع في �أ�سعار المواد الغذائية في تلك البلدان‪ ،‬و�أن ي�شمل �سكان‬ ‫المناطق الح�ضرية‪ ،‬وال �سيما البلدان ذات الكثافة ال�سكانية الكبيرة الفقيرة بالمناطق‬ ‫‪15‬‬ ‫الح�ضرية‪ ،‬كما هو الحال بالن�سبة لبلدان �أمريكا الالتينية الكبيرة‪.‬‬ ‫�إن برامج الأمن الغذائي الخا�صة (‪ ،)PESAs‬التي �سبق ذكرها �أعاله‪ ،‬هي‬ ‫برامج تركز على توفير حوافز للزراعة الأ�سرية التي تم تنفيذها من قبل منظمة‬ ‫الأغذية والزراعة منذ عام ‪ 1994‬وذلك بهدف �ضمان تحقيق الأهداف المحددة خالل‬ ‫م�ؤتمر القمة العالمي للأغذية‪ .‬وفي الوقت الحالي‪ ،‬يجري تنفيذها في �أكثر من‬ ‫‪ 70‬بلدا‪ .‬والمفتر�ض من هذه البرامج هو �إمكان تحقيق زيادة كبيرة في �إنتاجية‬ ‫�صغار المزارعين في البلدان النامية من خالل تغيرات تكنولوجية �صممت من‬ ‫�أجل تح�سين اندماجهم االقت�صادي وفائ�ض الإنتاج‪ ،‬وتعزيز النمو االقت�صادي في‬ ‫المناطق الريفية ب�شكل عام‪ .‬والمو�ضوعات التي تتناولها هذه البرامج هي‪ :‬تح�سين‬ ‫ا�ستخدام المياه‪ ،‬وتكثيف نظم الإنتاج وتنويع النظم الزراعية‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وعلى الرغم من التقدم الهائل المالحظ في ت�صميم هذه البرامج وتحديد‬ ‫مفاهيمها ‪ ،‬والتي هي ذات طبيعة محلية في البداية‪ ،‬ف�إن البلدان التي اعتمدت عليها‬ ‫لم تتمكن حتى الآن من تجاوز مرحلتها التجريبية الأولية ب�سبب م�شاكل مختلفة‪،‬‬ ‫‪344‬‬

‫‪ 15‬وفقا لدرا�سة �أجراها معهد االقت�صاد الدولي في الواليات المتحدة ا�ست�شهد بها في مقال بعنوان‪:‬‬ ‫(‪.Estudo questiona ganho de abertura agrícola (Folha de S. Paulo newspaper, Jun 20, 2004‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫بما في ذلك م�شاكل الميزانية‪ .‬ولهذا ال�سبب‪ ،‬ف�إن ما و�صلت �إليه هذه البلدان محدود‬ ‫للغاية بالمقارنة مع �إمكانياتها‪ ،‬مع �أنها تفكر الآن في المرحلة الثانية من التو�سع‬ ‫والتطبيق على الم�ستوى الوطني‪ .‬وي�شير تقييم منظمة الأغذية والزراعة (الفاو‪ ،‬روما‪،‬‬ ‫‪� )2003‬إلى �أن عددا كبيرا من البلدان النامية قد طلب من المنظمة تقديم الدعم لها في‬ ‫مو�ضوع ت�صميم برامج وطنية مع موارد خا�صة بها‪ ،‬مع اعترافها بالدور الرئي�سي‬ ‫لل�سيا�سات في دعم الزراعة الأ�سرية ذات النطاق ال�صغير وما يمكن �أن تقوم به من‬ ‫�أجل تعزيز الأمن الغذائي‪ ،‬والحد من الفقر واال�ستخدام الم�ستدام للموارد الطبيعية‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إن منظمة الأغذية والزراعة تعد نف�سها لمواجهة التحديات الجديدة‬ ‫في هذا المجال‪ ،‬وذلك بهدف‪:‬‬ ‫■ ■�إعطاء الأولوية للم�شاريع التي لها دور ا�ستراتيجي ومحفز‪ ،‬وتوجيه‬ ‫الموارد المتاحة لها؛‬ ‫■ ■الت�شجيع على �إن�شاء التحالفات الوطنية لمحاربة الجوع؛‬ ‫■ ■�ضمان �أكبر قدر ممكن من الت�آزر بين م�شاريع منظمة الأغذية والزراعة‬ ‫التي ت�ساهم في تعزيز الأمن الغذائي؛‬ ‫■ ■تعبئة البلدان لزيادة م�ساهماتها في �صندوق االئتمان للأمن الغذائي‬ ‫و�سالمة الأغذية التابع لمنظمة الأغذية والزراعة؛‬ ‫■ ■ت�شجيع البلدان الملتزمة بمحاربة الجوع على تطوير م�شاريع وطنية‬ ‫للأمن الغذائي وبرامج يتم تنفيذها في كل �أرا�ضيها ؛‬ ‫■ ■تح�سين التن�سيق بين المكاتب المحلية لمنظمة الأغذية والزراعة‬ ‫ومن�سقي برامج الأمن الغذائي الخا�صة (‪ )PESAs‬من �أجل �ضمان قدر‬ ‫�أكبر من التعاون والتن�سيق بين الم�شاريع المحلية والدولية‪.‬‬

‫اال�ستنتاجات والتو�صيات‬ ‫نورد في ما يلي بع�ض المالحظات والتو�صيات التي يمكن �أن تكون مفيدة لتخطيط‬ ‫�سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية وللقيام بدرا�سات جديدة حول هذا‬ ‫المو�ضوع‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬تم االعتراف ب�أن الو�ضع الغذائي والتغذية في �أمريكا الالتينية قد �أ�صبح‬ ‫�أكثر خطورة في ال�سنوات الأخيرة‪ .‬وفي دول المنطقة‪ ،‬ب�صفة عامة‪ ،‬لم تت�أكد‬ ‫االتجاهات المتوقعة في مو�ضوع انخفا�ض النق�ص في التغذية لدى الأطفال‪،‬‬ ‫مما يجعل من ال�صعب تحقيق �أهداف الألفية‪ .‬وعلى غرار ذلك‪ ،‬ف�إن م�ستويات‬ ‫الفقر في المناطق الريفية ما تزال مرتفعة‪ .‬ومن �ش�أن هذه العنا�صر �أن تف�ضي‬ ‫�إلى �ضرورة �إعادة النظر في �سيا�سات الأمن الغذائي التي اعتمدت حتى الآن‪.‬‬

‫‪345‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪ -2‬‬

‫‪ -3‬‬

‫‪ -4‬‬

‫‪346‬‬

‫ينبغي �أن ت�ستند برامج محاربة الجوع �إلى مفهوم الأمن الغذائي الذي‬ ‫ينطوي على �أكثر بكثير من مجرد تدابير تت�صل بالزيادة في �إنتاج‬ ‫الغذاء والزيادة في فر�ص الح�صول على الغذاء‪ .‬وفي هذا ال�صدد‪ ،‬ف�إن‬ ‫الق�ضايا المتعلقة بنوعية الغذاء والتعليم وا�ستهالك المعلومات الغذائية‬ ‫ترتبط مبا�شرة بتحقيق الأمن الغذائي‪ ،‬على اعتبار �أن الن�سبة المئوية‬ ‫للأ�شخا�ص البدينين ومر�ضى ال�سكري وغيرها من الأمرا�ض الناجمة‬ ‫عن �سوء التغذية تواجه تزايدا‪ .‬وتعتبر برامج التحويالت المالية هي‬ ‫�أي�ضا من العوامل الأ�سا�سية ل�ضمان الح�صول على المواد الغذائية للأ�سر‬ ‫الفقيرة‪ ،‬ف�ضال عن برنامج توفير حوافز للمزارعين الأ�سريين‪ ،‬ونظام‬ ‫مراقبة ال�صحة والتغذية‪ ،‬وبرنامج التموين المحلي‪.‬‬ ‫�إن الم�شاركة الأكثر فعالية لدول �أمريكا الالتينية الفعالة في المناق�شات‬ ‫الدولية حول ت�ضررها من المنتجات الغذائية لمن �ش�أنها �أن تف�ضي �إلى‬ ‫موقف �أكثر م�ساواة في النزاعات الناجمة عن الحواجز غير الجمركية‬ ‫المفرو�ضة على ال�صادرات من المنتجات الزراعية‪ .‬وتهيمن حاليا البلدان‬ ‫المتقدمة ‪ -‬الم�ستوردة للمنتجات الزراعية ‪ -‬على المحافل الدولية حيث‬ ‫تو�ضع قواعد ومعايير‪ ،‬وكثير منها غير واقعية‪ ،‬ذات �أهداف تجارية‬ ‫بحتة‪ .‬وبالن�سبة للمنطقة‪ ،‬ف�إن �أول خطوة من المفتر�ض �أن تقوم بها‬ ‫تتمثل في القيام بتن�سيق ال�سيا�سات المحلية‪ ،‬وخلق �شهادات �سالمة‬ ‫وحيدة ومعترف بها‪ ،‬والأهم من ذلك‪� ،‬إزالة الحواجز الداخلية بين دول‬ ‫الكتلة الواحدة نف�سها‪.‬‬ ‫كما حدث للإدارة الفدرالية البرازيلية في برنامج الق�ضاء على الجوع‪،‬‬ ‫ف�إن الأهم هو تعزيز �سيا�سة الأمن الغذائي باعتبارها �سيا�سة �شاملة (ال‬ ‫مجرد �إجراء قطاعي ‪ -‬وفي هذه الحالة‪ ،‬عادة ما تكون مرتبطة بالقطاع‬ ‫الزراعي ‪� -‬أو �سيا�سة قائمة على الم�ساعدات)‪ ،‬وباعتبارها عن�صرا‬ ‫�أ�سا�سيا في التخطيط لأية حكومة‪� .‬إن الهدف من الق�ضاء على الجوع‬ ‫هو هدف يمكن التو�صل �إليه من قبل �أي حكومة‪ ،‬يدعمها في ذلك رئي�س‬ ‫دولة يعطي الأولوية الحقيقية لتحقيق ذلك‪ .‬وي�شمل الأمن الغذائي جوانب‬ ‫مت�صلة بالتوزيع‪ ،‬و�إنتاج الغذاء وا�ستهالكه‪ ،‬وال�صحة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والتنمية‬ ‫ب�صورة رئي�سية‪ ،‬وذلك لأن التنمية وحدها كفيلة بتحقيق الظروف‬ ‫المالئمة ال�ستئ�صال الجوع من البلد مرة واحدة و�إلى الأبد‪ .‬لذا‪ ،‬فال بد من‬ ‫�إخ�ضاع الميزانيات الحكومية لهذا الهدف‪ ،‬ال العك�س‪ .‬وتكمن �أهداف كل‬ ‫وزارة ووكالة في �أن تتحد وتعزز بع�ضها البع�ض‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى نتيجة‬ ‫واحدة‪ .‬وهذا هو التحدي الكبير‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫‪ -5‬‬

‫‪ -6‬‬

‫‪ -7‬‬

‫‪ -8‬‬

‫‪ -9‬‬

‫في الوقت نف�سه‪ ،‬يعتبر بناء "�سيا�سة وطنية للأمن الغذائي" هو �أي�ضا‬ ‫عمال قطاعيا ا�ستراتيجيا‪ ،‬ولذلك‪ ،‬فخالل عملية ر�سم هذه ال�سيا�سة‪،‬‬ ‫يكون من المهم تعيين هيئة معينة لتن�سيق ذلك مع ميزانية محددة لهذا‬ ‫الغر�ض‪ ،‬ويف�ضل �أال تكون مرتبطة فقط بقطاع واحد موجود م�سبقا‪:‬‬ ‫الزراعة �أو الم�ساعدة االجتماعية‪ ،‬على �سبيل المثال‪.‬‬ ‫يرتبط هذا �أي�ضا ب�أهمية و�ضع تمييز بين انعدام الأمن الغذائي والجوع‪،‬‬ ‫وبين الجوع والفقر كذلك‪ .‬هذه مفاهيم مختلفة تتطلب �إجراءات مختلفة‬ ‫من قبل جزء من القطاع العام‪� .‬إن �إعطاء مزيد من االعتبار لمفاهيم‬ ‫الأمن الغذائي ومفهوم حق الإن�سان في الغذاء �سي�سمح للحكومات ب�أن‬ ‫تدرك ب�سهولة �أكثر الحاجة �إلى �سيا�سات محددة و�أطر وقوانين محددة‬ ‫لمعالجتها‪.‬‬ ‫في حالة �أمريكا الالتينية‪ ،‬حيث ثقافة تنظيم المجتمع المدني وم�شاركته‬ ‫هزيلة تاريخيا‪ ،‬يجب �أن تكون هذه ال�سيا�سات قائمة على الم�شاركة‬ ‫والتمكين من حيث طبيعتها‪� .‬إن تعزيز الروابط مع المجتمعات المحلية‬ ‫وتعزيز �آليات الإدارة الم�شتركة بين الحكومة والمجتمع المدني �أمر ال‬ ‫مفر منه‪ .‬ويعتبر هذا �ضروريا لأن الجوع لي�س مجرد ظاهرة �إح�صائية‬ ‫�أو بيولوجية‪ ،‬بل هو �أي�ضا ظاهرة �سيا�سية‪� .‬إن الفقر لي�س مجرد م�شكلة‬ ‫ناجمة عن الح�صول في وقت مت�أخر على ال�سلع اال�ستهالكية‪ ،‬ولكنه‬ ‫�أحد �أ�شكال الحرمان من حقوق المواطنة‪ ،‬بل هو نتيجة طبيعية لنموذج‬ ‫التنمية ال�ضارة التي تولد االمتيازات والحرمان‪ .‬ومن �إ�شراك المجتمعات‬ ‫في و�ضع ومتابعة وفح�ص البرامج في هذا المجال �أن ي�ضمن لهم حقوق‬ ‫المواطنة وو�سائل التمكين في الم�ستقبل‪.‬‬ ‫قد تم تقييم تجربة منظمة الأغذية والزراعة في تنفيذ برامج الأمن‬ ‫الغذائي الخا�صة في جميع �أنحاء �أمريكا الالتينية ب�شكل �إيجابي‪ ،‬وقد‬ ‫�أنتجت هذه التجربة م�ساهمات قيمة يمكن ا�ستخدامها لتطوير خطط‬ ‫وطنية �أو �إقليمية للأمن الغذائي �أو حتى التدخل في جوانب محددة من‬ ‫ا�ستراتيجية محاربة الجوع والفقر في المناطق الريفية‪.‬‬ ‫�أ�صبح تنفيذ �سيا�سات الأمن الغذائي المركزة على المناطق الح�ضرية �أمرا‬ ‫حتميا‪ .‬ونتيجة لأزمة نماذج التدخل الحكومي في قطاع التوريد‪ ،‬فقد‬ ‫تم �إطالق مبادرات جديدة كما تم ا�ستعرا�ض �أو �إعادة النظر في الكثير‬ ‫مما تم �إنجازه حتى الآن‪ .‬كما �أن توزيع �أدوار القطاعين العام والخا�ص‬ ‫مهم جدا لتو�سيع نطاق البرامج في المناطق الح�ضرية‪ ،‬حيث تتم تلبية‬ ‫حاجيات المراكز الح�ضرية من التموين من قبل القطاع الخا�ص �أ�سا�سا‬

‫‪347‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫‪ -10‬‬

‫‪ -11‬‬

‫‪348‬‬

‫وذلك من خالل محالت المراكز التجارية الكبرى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ينبغي �أن‬ ‫ي�ؤخذ في االعتبار �أن م�شكلة انعدام الأمن الغذائي في المناطق الح�ضرية‬ ‫يعتبر �أكثر ارتباطا بالظروف المعي�شية غير المالئمة التي تعي�شها‬ ‫العائالت من حيث ال�سكن (ال يح�صلون على المياه ال�صالحة لل�شرب‬ ‫وال�صرف ال�صحي والنقل العام) وظروف العمل غير الم�ستقرة وانخفا�ض‬ ‫الدخل‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف�إن ل�سيا�سات خلق فر�ص العمل‪ ،‬واتخاذ تدابير الزيادة‬ ‫في الحد الأدنى للأجور‪ ،‬والبرامج التي تركز على الإ�سكان وال�صرف‬ ‫ال�صحي دور رئي�سي في المناطق الح�ضرية‪.‬‬ ‫في المدن المتو�سطة وال�صغيرة‪ ،‬يعتبر برنامج �شراء الغذاء وما يت�صل به‬ ‫من برامج الغذاء الم�ؤ�س�سية خير مثال لل�سيا�سة التي تح�سن كال من دخل‬ ‫المزارعين والمعايير الغذائية لل�سكان ككل‪ .‬كما �أن ال�سيا�سات الرامية �إلى‬ ‫خلق �أ�سواق م�ؤ�س�سية مثل المعار�ض ومنافذ البيع بالتق�سيط هي �أي�ضا‬ ‫�أمثلة عن المبادرات التي تعود بالنفع على المنتجين والم�ستهلكين‪.‬‬ ‫�أخيرا‪ ،‬ينبغي الت�أكيد‪ ،‬وخا�صة في حالة �أمريكا الالتينية‪ ،‬على �أن‬ ‫الجمع بين �سيا�سات الأمن الغذائي و�سيا�سات توزيع الدخل �أمر ال مفر‬ ‫منه‪ .‬وتكمن الأ�سباب الهيكلية للجوع وانعدام الأمن الغذائي في بنية‬ ‫غير متكافئة للدخل وا�ستمرارها وانت�شارها‪ .‬وينبغي على ال�سيا�سات‬ ‫الهيكلية والتدابير الحكومية لتعزيز التنمية‪ ،‬ولو بموارد �شحيحة‪،‬‬ ‫�أن تنجز في وقت واحد‪ ،‬و�إال ف�إن �أي �إ�صالح جذري للم�شكلة لن يجد‬ ‫طريقه �إلى �أر�ض الواقع ‪.‬‬


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬

‫المراجع‬ BELIK, W. Políticas de segurança alimentar para as áreas urbanas In: SEMINARIO POLÍTICAS DE SEGURIDAD ALIMENTARIA Y NUTRICIÓN EN AMÉRICA LATINA. Campinas, state of São Paulo: University of Campinas (Unicamp), 2003. ___. Políticas de seguridad alimentaria y nutrición en América Latina. São Paulo: Hucitec, 2004. ___; DEL GROSSI, M. E. O Programa Fome Zero no contexto das políticas sociais no Brasil. [Text prepared for the panel “Policies against poverty: food security, nutrition, minimum income and productivity gains in agriculture”]. In: CONGRESSO DA SOBER, 41., Juiz de Fora, 2003. BRAZIL. Projeto Fome Zero: uma proposta de política de segurança alimentar para o Brasil. Citizenship Institute, 2001. DE HAEN, H. A conjuntura global de insegurança alimentar e os benefícios ligados à redução da fome. NATIONAL CONFERENCE ON FOOD AND NUTRITION SECURITY, 2., Olinda, state of Pernambuco, 2004. [Written note]. ESCOBAR, G.; MILICEVIC, X.; BERDEGUÉ, J. Análisis del desempeño de instrumentos de combate a la pobreza rural en Chile: Comuna de Portezuelo. [Document prepared for the FAO Regional Workshop for Latin America, as part of the paper “Experiencias exitosas de combate a la pobreza rural: lecciones para una reorientación de las políticas]. Santiago, Chile, 1999. FAO. World Food Situation report, 2003. ___. Minutes of the FAO-IDB meeting to discuss financing and collaboration proposals between the two organizations with the aim of developing regional projects in Latin America and the Caribbean, held on November 11-12, 2002.

349

___. Seguridad alimentaria en los paises andinos: hacia una estrategia de desarrollo rural integral y lucha contra la pobreza. Strategic Note, 2002a.


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬ ___. Seguridad alimentaria en Centroamérica: del manejo de crisis en el corto plazo, al manejo de riesgos y reducción de la vulnerabilidad en el largo plazo. Strategic Note, 2002b. ___. Regional Special Programme for Food Security (RSPFS). In: Member Countries of the Caribbean Community (Caricom) Cariforum. 2002c. FAO-ROME. Programas especiais para segurança alimentar: resposta a novos desafios. Rome, 2003. GORDILLO, G. de Anda. Elementos para la elaboración de planes nacionales de seguridad alimentaria en América Latina. In: SEMINARIO POLÍTICAS DE SEGURIDAD ALIMENTARIA Y NUTRICIÓN EN AMÉRICA LATINA. Campinas, state of São Paulo: University of Campinas (Unicamp), 2003. MARTINELLI, M. A. O Codex Alimentarius e a inocuidade de alimentos. In: SEMINARIO POLÍTICAS DE SEGURIDAD ALIMENTARIA Y NUTRICIÓN EN AMÉRICA LATINA. Campinas: University of Campinas (Unicamp), 2003. MONTEIRO, C. A. A dimensão da pobreza, da desnutrição e da fome no Brasil: implicações para políticas públicas, 2003. Mimeo. PELIANO, A. Compromisso social das organizações: uma questão de solidariedade ou de sobrevivência. In: A questão social e as saídas para a pobreza. Rio de Janeiro: COEP, Social Workshop, Work and Citizenship Technology Center, 2002. PRESSER, M. F. Negociações agrícolas internacionais na América Latina. In: SEMINARIO POLÍTICAS DE SEGURIDAD ALIMENTARIA Y NUTRICIÓN EN AMÉRICA LATINA. Campinas: University of Campinas (Unicamp), 2003. RAMÍREZ, E. Estructura y evolución de las políticas de lucha contra el hambre y la pobreza rural en América Latina. In: SEMINARIO POLÍTICAS DE SEGURIDAD ALIMENTARIA Y NUTRICIÓN EN AMÉRICA LATINA. Campinas: University of Campinas (Unicamp), 2003. ROCHA, S. Opções metodológicas para a estimação de linhas de indigência e de pobreza no Brasil. Rio de Janeiro: Ipea, April 2000. (Discussion paper, n. 720).

350


‫اقتراحات من �أجل �سيا�سات الأمن الغذائي في �أمريكا الالتينية‬ SALAY, E. Hábitos alimenticios y aspectos nutricionales y de la calidad de los alimentos. In: SEMINARIO POLÍTICAS DE SEGURIDAD ALIMENTARIA Y NUTRICIÓN EN AMÉRICA LATINA. Campinas: University of Campinas (Unicamp), 2003. SEGALL-CORRÊA, A. M. Relatório técnico. Projeto “Acompanhamento e avaliação da segurança alimentar de famílias brasileiras: validação de metodologia e de instrumentos de coleta de informação”. [Presented to the Pan-American Health Organization and to the Ministry of Health]. Campinas, state of São Paulo: FCM/Unicamp/WHO Agreement, 2004. 22pp. ___; MARÍN-LEÓN, L. A segurança alimentar no Brasil: proposição e usos da Escala Brasileira de Medida da Insegurança Alimentar (EBIA), 2003-2009. In: CLACMESA – LATIN AMERICAN CONFERENCE ON FOOD SECURITY MEASURES, 2., Campinas: University of Campinas (Unicamp), 2009. SEN, Amarthya. Food entitlements and economic chains. In: LE MAY, B. W. J. (Ed.). Science, ethics and food. Washington, DC: Smithsonian Institute Press, 1988. pp. 58-70. TAKAGI, M.; GRAZIANO DA SILVA, J.; DEL GROSSI, M. Pobreza e fome: em busca de uma metodologia para quantificação do problema no Brasil. Campinas, state of São Paulo: IE/Unicamp, 2001. (Discussion paper, n. 101). ___; ; BELIK, W. Combate à fome e à pobreza rural. São Paulo: Cromosete, 2001. 254pp. VEIGA, J. P. C. O compromisso das empresas com as metas do milênio. São Paulo: Ethos Institute, 2004.

351



‫نبذة عن الم�ؤلفين‬ ‫بيرا�سي ‪Adoniram Sanches Peraci‬‬

‫�أدونيرام �سان�شي�س‬ ‫مهند�س زراعي تخرج من جامعة بارانا الفيدرالية )‪ (UFPR‬بدرجة الماج�ستير في‬ ‫العلوم االجتماعية من كلية الدرا�سات العليا (المك�سيك)‪ .‬وي�شغل حاليا من�صب �أمين‬ ‫الزراعة الأ�سرية في وزارة التنمية الزراعية‪.‬‬ ‫فيكا �أرانها ‪Adriana Veiga Aranha‬‬

‫�أدريانا‬ ‫عاملة اجتماعية‪ ،‬حا�صلة على درجة الماج�ستير في الإدارة العامة مع التخ�ص�ص‬ ‫في ال�سيا�سات االجتماعية‪� ،‬أ�ستاذة في الجامعة الكاثوليكية في والية مينا�س‬ ‫جيري�س‪ ،‬وجامعة البوليتكنيك في موزامبيق‪ ،‬وموظفة في بلدية بيلو هوريزونتي‪.‬‬ ‫تعمل كم�ست�شارة خا�صة لبرنامج الق�ضاء على الجوع في وزارة التنمية االجتماعية‬ ‫ومحاربة الجوع‪.‬‬ ‫كايو غالفاو دي فران�سا‬ ‫مهند�س زراعي‪ ،‬حا�صل على درجة الماج�ستير في علم االجتماع من الجامعة‬ ‫الفيدرالية في والية مينا�س جيري�س‪ .‬وي�شغل حاليا من�صب رئي�س الموظفين في‬ ‫وزارة التنمية الزراعية‪.‬‬ ‫‪Caio Galvão de França‬‬

‫مينيزي�س ‪Francisco Menezes‬‬

‫فران�سي�سكو‬ ‫مدير المعهد البرازيلي للتحليالت االجتماعية واالقت�صادية )‪ (IBASE‬ورئي�س المجل�س‬ ‫الوطني للأمن الغذائي والتغذية )‪ (Consea‬من ‪� 2004‬إلى ‪.2007‬‬ ‫بيتينكورت ‪Gilson Alceu Bittencourt‬‬

‫جيل�سون �أل�سوه‬ ‫مهند�س زراعي متخ�ص�ص في ال�سيا�سات العامة‪ ,‬حا�صل على درجة الماج�ستير في‬ ‫التنمية االقت�صادية والزراعية‪ ،‬وع�ضو في �أمانة ال�سيا�سات االقت�صادية في وزارة‬ ‫المالية‪.‬‬ ‫جواكيم �صوريانو‬ ‫مهند�س زراعي تخرج من الجامعة الفيدرالية في ريو غراندي دو �سول )‪.(UFRGS‬‬ ‫وي�شغل حاليا من�صب من�سق برنامج �أقاليم المواطنة‪ ،‬ومدير مركز الدرا�سات الزراعية‬ ‫والتنمية الريفية في وزارة التنمية الزراعية )‪.(NEAD‬‬ ‫‪Joaquim Soriano‬‬

‫‪353‬‬


‫برنامج الق�ضاء على الجوع‬ ‫االتجربة البرازيلية‬

‫�سيلفا ‪José Graziano da Silva‬‬

‫جوزيه غرازيانو دا‬ ‫وزير فوق العادة للأمن الغذائي ومحاربة الجوع خالل �إدارة الرئي�س لوال الأولى‪.‬‬ ‫حامل لقب �أ�ستاذ متقاعد من معهد االقت�صاد في جامعة والية كامبينا�س‬ ‫)‪ ،(Unicamp‬وحاليا المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‪.‬‬ ‫غرو�سي ‪Mauro Eduardo Del Grossi‬‬

‫ماورو �إدواردو ديل‬ ‫�أ�ستاذ في جامعة برازيليا‪ ،‬حائز على درجة الدكتوراه في االقت�صاد من جامعة والية‬ ‫كامبينا�س )‪ ،(Unicamp‬وم�ست�شار في وزارة التنمية الزراعية‪.‬‬ ‫مايا تاكاجي‬ ‫مهند�سة زراعية بدرجة دكتورة في التنمية االقت�صادية من جامعة والية كامبينا�س‬ ‫)‪ ، (Unicamp‬وباحثة لدى ال�شركة البرازيلية للبحث الزراعي ‪.EMBRAPA‬‬ ‫‪Maya Takagi‬‬

‫معلوف ‪Renato S. Maluf‬‬

‫ريناتو �س‪.‬‬ ‫�أ�ستاذ في برنامج الدرا�سات العليا في العلوم االجتماعية في مجال الزراعة والتنمية‬ ‫والمجتمع في الجامعة الريفية الفيدرالية في ريو دي جانيرو )‪،(CPDA; UFRRJ‬‬ ‫ورئي�س المجل�س الوطني للأمن الغذائي والتغذية )‪ ،(2011-2007) (Consea‬وع�ضو‬ ‫رفيع الم�ستوى في اللجنة التوجيهية لخبراء الأمن الغذائي والأغذية )‪.(CFS/FAO‬‬ ‫بيليك ‪Walter Belik‬‬

‫والتر‬ ‫حامل لقب �أ�ستاذ في معهد االقت�صاد ومن�سق مركز الدرا�سات الغذائية والبحوث في‬ ‫جامعة والية كامبينا�س )‪.(Unicamp‬‬

‫‪354‬‬


‫مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية الريفية (‪)NEAD‬‬

‫منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‬

‫يعتبر مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية الريفية التابع‬ ‫لوزارة التنمية الزراعية مكانا للتفكير ون�شر المعارف‬ ‫والتفاعل الم�ؤ�س�سي مع مختلف مراكز البحوث‬ ‫والجامعات والمنظمات غير الحكومية والحركات‬ ‫االجتماعية ومنظمات التعاون الوطنية والدولية‪.‬‬

‫تبذل منظمة الأغذية والزراعة جهودا عالمية منذ �ستة‬ ‫عقود لمكافحة الجوع‪ ،‬وت�سعى جاهدة �إلى تح�سين‬ ‫الإنتاج الزراعي ومن ثم نوعية حياة المزارعين‪ .‬وت�أخذ‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة‪ ،‬في �إطار واليتها‪ ،‬بزمام‬ ‫�أن�شطة تهدف �إلى �ضمان حماية البيئة و�إنتاج �أغذية‬ ‫�صحية‪ ،‬وتوافر موارد كافية للجميع للعي�ش حياة‬ ‫مفعمة بال�صحة‪.‬‬

‫ويتخذ المركز �إجراءاته حر�صا منه على الم�ساهمة‬ ‫في تو�سيع نطاق ال�سيا�سات العامة وتح�سينها في‬ ‫مجاالت الإ�صالح الزراعي‪ ،‬والنهو�ض بالزراعة الأ�سرية‪،‬‬ ‫وتعزيز الم�ساواة والتنمية في المجتمعات الريفية‬ ‫التقليدية‪.‬‬ ‫وال�شراكة بين مركز الدرا�سات الزراعية والتنمية‬ ‫الريفية و�أكثر من ‪ 70‬مركزا‪ ،‬التي �أقيمت بهدف‬ ‫الم�ساهمة في بلورة برنامج �إنمائي جديد‪ ،‬وتحفيز‬ ‫النقا�ش والم�شاركة االجتماعية‪ ،‬وتو�سيع نطاق‬ ‫الح�صول على المعلومات‪ ،‬تُمكّن على وجه الخ�صو�ص‬ ‫من �إعداد ون�شر الدرا�سات والبحوث‪ ،‬و�إتاحة قواعد‬ ‫البيانات للمواطنين‪ ،‬وتنظيم الحلقات الدرا�سية‪.‬‬ ‫ومن بين الموا�ضيع التي يجري تناولها في �إطار‬ ‫التعاون الم�ؤ�س�سي ما يلي‪ :‬الم�سائل المتعلقة بالزراعة‪،‬‬ ‫والتكامل الإقليمي‪ ،‬والمفاو�ضات الدولية‪ ،‬والذاكرة‬ ‫والثقافة ال�شعبيتان‪ ،‬والم�ساواة بين الرجل والمر�أة‬ ‫والتنمية الريفية‪ ،‬والديناميات الجديدة للمناطق‬ ‫الريفية‪.‬‬

‫وت�ستند �أن�شطة منظمة الأغذية والزراعة �إلى الهدف‬ ‫العام المتمثل في ا�ستئ�صال الجوع‪ ،‬والذي يمكن‬ ‫تحقيقه من خالل �إ�سراع وتيرة االنتقال �إلى ا�ستهالك‬ ‫غذائي ونظم �إنتاج تت�سم باال�ستدامة‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫النهو�ض ب�إدارة �أكثر �إن�صافا للنظم الغذائية العالمية‬ ‫والوطنية‪ ،‬وتو�سيع نطاق التعاون فيما بين بلدان‬ ‫الجنوب وت�سريع عجلة الالمركزية في المنظمة‬ ‫حتى يت�سنى لها تقديم خبراتها واال�ستفادة منها في‬ ‫الميدان‪ .‬وت�شكل كل هذه الأهداف الركيزة التي يقوم‬ ‫عليها العمل الذي ت�ضطلع به المنظمة بالتعاون مع‬ ‫الحكومات والمنظمات ال�شريكة في القطاعين العام‬ ‫والخا�ص �سعيا �إلى تعزيز القدرات الوطنية على‬ ‫اال�ستفادة من المنافع العامة‪.‬‬ ‫وتتمثل مجاالت العمل الرئي�سية الأربعة للمنظمة في‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫• �إتاحة المعلومات للجميع‬ ‫• تقا�سم الخبرة في مجال ال�سيا�سات‬ ‫• �إتاحة منتدى للدول‬ ‫• ن�شر المعارف في الميدان‪.‬‬

‫للمزيد من التفا�صيل‪ ،‬يرجى زيارة الموقع التالي‪:‬‬ ‫‪www.nead.gov.br‬‬

‫‪www.fao.org‬‬


‫ومع فوز الرئي�س لوال باالنتخابات وو�صوله �إلى �سدة الرئا�سة في عام ‪� ،2003‬أ�صبح‬ ‫"م�شروع الق�ضاء على الجوع" ا�ستراتيجية حكومية رئي�سية لتوجيه ال�سيا�سات االقت�صادية‬ ‫واالجتماعية في البرازيل‪ ،‬و�شكل بداية تحول لتجاوز االنق�سام القديم بين هذه ال�سيا�سات‪.‬‬ ‫واتخذت الحكومة �إجراءات لإدراج ال�سيا�سات الهيكلية في �سيا�سات الطوارئ من �أجل مكافحة‬ ‫الجوع والفقر‪ .‬كما نفذت �سيا�سات جديدة مختلفة في مجال الزراعة الأ�سرية وو�ضعت‬ ‫ت�شريعات �أ�سا�سية لل�سيا�سة الوطنية في مجال الأمن الغذائي والتغذوي‪.‬‬ ‫ويعتبر هذا الكتاب جزءا من ال�سل�سلة الخا�صة ال�صادرة عن مركز الدرا�سات الزراعية‬ ‫والتنمية الريفية ويعر�ض ن�صو�صا �أ�سا�سية لفهم التجربة البرازيلية المتعلقة‬ ‫بالق�ضاء على الجوع في مراحل مختلفة من م�سارها على مدى فترة ثماني �سنوات‬ ‫من التنفيذ كبرنامج حكومي‪ .‬وهذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة من الأفكار ب�ش�أن‬ ‫جوانب مختلفة‪ ،‬مثل تعبئة مختلف فئات المجتمع ودور الزراعة الأ�سرية والتقدم‬ ‫المحرز والتحديات الماثلة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫برنامج الق�ضاء على اجلوع‪ :‬التجربة البرازيلية‬

‫�إن �إطالق "م�شروع الق�ضاء على الجوع‪ -‬م�شروع �سيا�سة لتحقيق الأمن الغذائي في‬ ‫البرازيل"‪ -‬في �أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول عام ‪ 2001‬على يد لويز �إينا�سيو لوال دا �سيلفا‪،‬‬ ‫الذي كان �أحد المر�شحين ثم و�صل �إلى �سدة الرئا�سة‪ ،‬يبرز مدى ن�ضج النقا�ش‬ ‫والمقترحات ب�ش�أن الم�سائل المتعلقة بالأمن الغذائي ومكافحة الجوع‪ ،‬والتي باتت‬ ‫�أولويات وطنية ينبغي معالجتها من خالل اتخاذ �إجراءات حكومية مدرو�سة وحازمة‬ ‫بم�شاركة المجتمع‪.‬‬

‫برنامج‬ ‫القضاء على الجوع‬ ‫التجربة البرازيلية‬

‫المن�سقون‪:‬‬ ‫جوزيه غرازيانو دا �سيلفا‬ ‫ماورو �إدواردو ديل غرو�سي‬ ‫كايو غالفاو دي فران�سا‬ ‫منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.