ملصق وقضية فن الملصق السياسي الملصق الجداري أو البوستر فً اللغة االنكلٌزٌة Posterصورة تخدم االتصال االجتماعً ،و وسٌلة من وسائل التعبٌر ،ذات مضامٌن مكثفة لكن بسٌطة و واضحة ،تتمٌّز بتعدد النسخ وسهولة االنتشار على الجدران وفً وسائل اإلعالم واإلعالنٌ .ستوحً الملصق رموزه من الشعب ،كونه موجّ ها إلٌه ،محوّ ال الجدارالذي ٌلصق علٌه إلى ذاكرة شعبٌة ،أما المؤثرات البصرٌة وقوة التصمٌم الضرورٌة لجذب المشاهد، فتجعل منه منجزا تشكٌلٌا جمالٌا. ظهر فن الملصق بداٌة فً أوروبا قبٌل مطلع القرن العشرٌن ،وكان مرتبطا بالدعاٌة التجارٌة واالعالن ،ثم ما لبث أن استغلت الثورات الشعبٌة هذه األداة للتروٌج ألفكارها السٌاسٌة ولتوعٌة الجماهٌر .وجد الثوار فً الملصق السٌاسً القدرة على التعبٌر عن صرخة االغتصاب والظلم ،وأحالم االستقالل والتحرر ،كما وجدت به السلطات المستبدة المتغطرسة وسٌلة تضلٌل إعالمٌة فً نوع من الحرب الدعائٌة المضادة .وهكذا وجد الملصق السٌاسً دورا تحرٌضٌا وتثقٌفٌا وتعبوٌا قام به تباعا فً الحرب العالمٌة األولى والثانٌة ،فً الحرب االسبانٌة ،فً كوبا وفٌتنام ،فً حرب أكتوبر ،3791كما فً قام به على أكمل دور فً االنتفاضة الفلسطٌنٌة. بعد النكبة الفلسطٌنٌة عام ،8491تشرد ثمانمئة ألف فلسطٌنً وتشتتوا فً أقصاع البالد ،وكان على هذا الشعب الالجئ انتظار االعتراف بمنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة لٌحصل على ناطق رسمًّ باسمه .وقد ساعد ظهور منظمة سٌاسٌة ذات سٌادة فً تشكٌل طبقة سٌاسٌة جمعت كل األطٌاف الفلسطٌنٌة الٌمٌنٌة والٌسارٌة تحت لوائها ،لٌبدأ النضال من أجل التحرر ومقاومة المشروع االستعماري االسرائٌلً .كانت منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة منذ منتصف الستٌنات وحتى بداٌة الثمانٌنات (أي حٌن كان مركز المنظمة فً بٌروت) وسخرت كل طاقاتها من أجل إعالم موحّ د ،خاصة وإن االعالم الدولً الذي ّ ّ غطى فً أوج نشاطها، االعتداء االسرائٌلً عام 8491سرعان ما نسً األمر وأصبح فً أفضل األحوال غٌر مبال بهذه القضٌة، بٌنما كان االتجاه الطاغً تبنً وجهة النظر االسرائٌلٌة للموضوع التً تنادي بأحقٌتها لألرض المقدسة. ونشط االعالم الفلسطٌنً الموحد فً التصدي للبث التلفزٌونً المعادي حٌث لم تمتلك منظمة التحرٌر محطة تلفزٌون فً حٌنه وخاضت حربها االعالمٌة عبر المنشورات ،المعارض المتجولة ،التحقٌقات الصحفٌة والملصقات .وأنتجت منظمة التحرٌر نتاجا ضخما من الملصقات ،التً أخذت تروي بالنسخة األصلٌة والحقٌقٌة رواٌة الشعب الفلسطٌنً ،وتضحد للجمٌع مصداقٌة القول اإلسرائٌلً المأثور بأن فلسطٌن "أرض بال شعب" .كان الملصق أداة للتوثٌق ،وسجال تح ّدد فٌه الجرائم والمذابح واالعتداءاتٌ ،ؤرشف حقبة مظلمة من تارٌخ فلسطٌن.
زهدي العدوي ألوان مائٌة و حبر على ورق 40 *60 cm بين الواقعية والرمزية ٌضم متحف فرحات مئات من الملصقات الفلسطٌنٌة وتعود لعدد من الفنانٌن التشكٌلٌٌن مثل غازي نعٌم، ادٌب خلٌل ،علً فرزات ،عوض عماٌري ،محمود ابو صبٌح ،سلٌمان منصور ،زهدي عدوي ،وحلمً التونً .وتستعرض الملصقات المدرجة فً هذا المعرض تطوّ ر فن الملصق من فترة النصف الثانً من السبعٌنات وحتى أوائل التسعٌنات. تعددت األسالٌب الفنٌة التً عالجت الملصق ,وٌالحظ غلبة التفاصٌل واالختزال التعبٌري فً هذه الملصقات .تعددت أٌضا التقنٌات المستخدمة من تلوٌن زٌتً الى مواد مختلفة ،ومن الحبر والمائٌات الى استخدام التصوٌر الفوتوغرافً فً الكوالج. أما الموضوعات فضمت مناسبات عدة مثل ٌوم األرض الفلسطٌنً 03آذار ،8491اسبوع التضامن مع االسرى والمعتقلٌن 49-89آبرٌل ،ذكرى انطالقة االنتفاضة عام ،8411وٌوم التضامن العالمً مع الشعب الفلسطٌنً 44نوفمبر ،كما شملت االنتفاضات والهبات الشعبٌة ،الطفل والمرأة وقضاٌا اجتماعٌة أخرى. ونرى الملصق مدافعا عن التراث حٌن ٌؤ ّكد هوٌة الزيّ التقلٌدي وهوٌة الزٌتون ،البرتقال والقدس ،وتصل الرسالة إلى المتلقً عبر رموز تحمل دالالت فكرٌة مستوحاة من الذاكرة الشعبٌة واإلرث الحضاري
الفلسطٌنً .رماة الحجارة ،الفدائً ،البندقٌة ،والحصان ..هذه الرموز تشٌر إلى الثورة أما الدٌك فهو من عالمات النصر ،فً حٌن تحمل الكوفٌة عالمة النضال والقضٌة .وتتكرر فً الملصق صورة المهن الٌدوٌة، العمال ،المطرقة والمنجل وهً تد ّل على البرولٌتارٌا ،وتؤكد على الفكر الماركسً الذي تقوم علٌه بعض الفصائل الفلسطٌنٌة .ولأللوان دالالتها اٌضا ..فاللون األحمر ،زد على كونه من ألوان العلم الفلسطٌنً التً تكاد ال تغٌب عن اي ملصق ،هو دماء الثوار وتضحٌة الشهداء والطرٌق الوحٌدة للوصول إلى الحرٌة. فً ملصقات غازي نعٌم نجد البساطة فً استخدام التراكٌب التألٌفٌة للعناصر ،واستخدام المفردات البصرٌة المباشرة على مساحة لونٌة موحّ دة ،التأكٌد على الواقعٌة وحتى اللجوء الى الصور الفوتوغرافٌة المباشرة. أما عند أدٌب خلٌل فنالحظ االختزال الخطً فً التكوٌن ،واعتماده أحادٌة الرمز حٌث ٌلعب الدٌك أو الحصان دور البطولة فً أعماله .وبٌنما االستعارات نحت نحو السرٌالٌة فً اعمال علً فرزات فقد ذهب عوض العمٌري نحو التسجٌل الواقعً لألحداث .وقد افتقد المعرض حضور أعمال سلٌمان منصور ومحمود صبح بالشكل الكافً حٌث لم ٌعرض إال عمال فنٌا واحدا لكل منهما ،وكلٌهما ٌتمتعان بقٌمة فنٌة عالٌة باالضافة الى كونهما من االعمال الزٌتٌة القلٌلة التً ضمها المعرض ،بالمقابل شهد المعرض حضورا مكثفا ألعمال زهدي العدوي التً تمتاز بغرافٌكٌة خطٌة إلى جانب التقشف اللونً معا ٌأتٌان فً خدمة الفكر أكثر من استدرار عاطفة المتلقً.
علً فرزات ,حبر على ورق 13*01سم
الملصق اآلن قد ٌقول البعض أن هذا الملصق قد فقد قوته التعبٌرٌة كونه مسلوخا عن زمانه ،حٌث أصبح المتلقً ٌتفاعل مع رموز هذه الملصقات وتركٌباتها بالتهمٌش وااللغاء ،وذلك ألن رموزه أصبحت "كلٌشٌه" ،قد سبق رؤٌتها مرارا وتكرارا حتى فقدت قوة وقعها وقدرتها على استفزاز وتحفٌز ذهنٌة المتلقً الفكرٌة والعاطفٌة. ولكن هل هذه هً االجابة حقا؟ أجدنً اتساءل اذا فقد الملصق الفلسطٌنً غاٌته فهل ٌقلل ذلك من أهمٌة جماله الفنً كونه لم ٌعد نفعٌا؟ وإذا كان االمر كذلك فهل تسقط معه أٌضا القٌمة التارٌخٌة الوثائقٌة لهذه الملصقات؟ وهل ٌصبح جمعها ضربا من ضروب الجنون؟ إن أهمٌة هذا النوع من المعارض ٌكمن فً إحٌاء الذاكرة واستنهاضها ،نحن أمة لها قصة ولها ماض ،وتربٌة النشأة ال تتم إال بالنظر ملٌا الى الماضً ،فمن ال تارٌخ له ال حاضر له وال مستقبل. سمٌة عٌتانً
3 غازي أنعٌم مواد مختلفة على ورق 95*05سم 3711,