ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﺩ .ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
source: eltwhed.com www.al-mostafa.com
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
1
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻷﻥ ﺍﷲ ﻏﻴﺐ .. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻏﻴﺐ ..ﻭﻷﻥ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻏﻴﺐ .. ﻭﻷﻥ ﻣﻦ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻻ ﻳﻌﻮﺩ .. ﺭﺍﺟﺖ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﺍﻹﻟﺤﺎﺩ .. ﻭﺳﺎﺩﺕ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ .. ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺴﻠﻤﻮﺍ ﻟﺸﻬﻮﺍﺗﻬﻢ ﻭﺍﻧﻜﺒﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺘﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ.. ﻭﻇﻦ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻭﺭﺍء ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺷﻲء ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺷﻲء ..ﻭﺗﻘﺎﺗﻠﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺫﻫﺐ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺧﻴﺮﺍﺗﻬﺎ .. ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻟﻠﻜﻔﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻭﻟﻠﻤﺎﺩﻳﺔ ﻓﻠﺴﻔﺎﺕ ﻭﻟﻺﻧﻜﺎﺭ ﻣﺤﺎﺭﻳﺐ ﻭﺳﺪﻧﺔ ﻭﻟﻠﻤﻨﻜﺮﻳﻦ ﻛﻌﺒﺔ ﻳﺘﻌﻠﻘﻮﻥ ﺑﺄﻫﺪﺍﺑﻬﺎ ﻭﻳﺤﺠﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻠﻬﻢ ﻭﺗﺮﺣﺎﻟﻬﻢ .. ﻛﻌﺒﺔ ﻣﻬﻴﺒﺔ ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﺎ" ﺍﻟﻌﻠﻢ".. ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﺃﻣﺮ" ﺍﻟﺠﻴﻨﻮﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ" ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺘﻴﺐ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺻﻔﺤﺔ ﻓﻲ ﺧﻼﻳﺎ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻭﺍﻟﻤﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺣﻴﺰ ﺧﻠﻮﻱ ﻣﻴﻜﺮﻭﺳﻜﻮﺑﻲ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻠﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻋﻦ ﻗﺪﺭ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻭﻣﻮﺍﻃﻦ ﻗﻮﺗﻪ ﻭﻣﻮﺍﻃﻦ ﺿﻌﻔﻪ ﻭ ﺻﺤﺘﻪ ﻭﺃﻣﺮﺍﺿﻪ .. ﺃﻓﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺑﺼﺪﻣﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎﻳﺔ .. ﻛﻴﻒ ؟ ..ﻭﻣﺘﻰ ؟ .. ﻭﺑﺄﻱ ﻗﻠﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻲ ﻛﺘﺐ ﻫﺬﺍ" ﺍﻟﺴﻔﺮ" ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺑﻌﺪ .. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ .. ﻭﺑﺄﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ .. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺪﻭﻥ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺎﺕ. ﻭﺭﺃﻳﻨﺎ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﺃﻛﺒﺮ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﻟﻴﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻧﺒﺮﺍﺕ ﺧﺎﺷﻌﺔ : ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻴﻨﻮﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺃﻭﺷﻚ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﺃﻥ ﻳﻔﻀﻮﺍ ﺍﻟﺸﻔﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﷲ ﺑﻬﺎ ﺃﻗﺪﺍﺭﻧﺎ.. ﻫﻜﺬﺍ ﺫﻛﺮ " ﺍﷲ " ﺑﺎﻻﺳﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻧﻪ.. ﻧﻌﻢ ..ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺤﻮﺓ ﻣﺆﻗﺘﺔ .. ﺃﻋﻘﺒﻬﺎ ﺟﺪﻝ .. ﻭﺿﺠﻴﺞ .. ﻭﻋﺠﻴﺞ .. ﻭﺗﻜﻠﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ.. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
2
ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ .. ﻭﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ .. ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ.. ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .. ﻭﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﺴﻴ ﺮ ﺃﻡ ﻣﺨﻴ ﺮ.. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻗﺪ ﺭ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻳﺤﺎﺳﺒﻨﺎ ؟! ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﺍﻟﺸﺮ.. ﻭﻣﺎ ﺫﻧﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﻪ ﻗﺮﺁﻥ.. ﻭﻣﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ..ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺆﻟﻔﺎ.. ﻭﻋﺎﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﻟﻴﺘﺮﺩﺩ .. ﻭﻋﺎﺩﺕ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻪ .. ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺒﺮ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ .. ﻭﺍﻟﺒﻌﺚ .. ﻭﺍﻟﻤﺼﻴﺮ .. ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺏ .. ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ.. ﻭﺗﻌﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻭﻣﻴﻌﺎﺩﻫﺎ .. ﻟﺘﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺣﻞ ﻫﺬ ﺍ ﺍﻟﻠﻐﺰ .. ﻭﻟﺘﻌﻮﺩ ﻟﺘﺜﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ .. ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﺰﻟﺰﻝ. ﺟﺎء ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ .. ﻓﻲ ﻣﻴﻌﺎﺩﻩ.. ﻭﻣﺮﺣﺒﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺎﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻬﺎﺩﺉ ﺍﻟﺒﻨﺎء.
ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
3
-1ﻟﻢ ﻳﻠـﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﻟـﺪ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺭﺟﻞ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻭﻳﻬﻮﻯ ﺍﻟﻜﻼﻡ ..ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻨﺎ – ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﺴﺬﺝ – ﻧﻘﺘﺎﺕ ﺑﺎﻷﻭﻫﺎﻡ ﻭﻧﻀﺤﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺤﻮﺭ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻭﺗﻔﻮﺗﻨﺎ ﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﻔﺎﺗﻨﻬﺎ .. ﻭﺻﺪﻳﻘﻲ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺩﻛﺘﻮﺭﺍﻩ.. ﻭﻋﺎﺵ ﻣﻊ ﺍﻟﻬﻴﺒﺰ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻳﻨﻜﺮ ﻛﻞ ﺷﻲء. ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺳﺎﺧﺮﺍ: ﺃﻧﺘﻢ ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺇﻥ ﺍﷲ ﻣﻮﺟﻮﺩ .. ﻭﻋﻤﺪﺓ ﺑﺮﺍﻫﻴﻨﻜﻢ ﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮﻥ " ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ "ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﺻﻨﻌﺔ ﺻﺎﻧﻌﺎ .. ﻭﻟﻜﻞ ﺧﻠﻖ ﺧﺎﻟﻘﺎ .. ﻭﻟﻜﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻮﺟﺪﺍ .. ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴ ﺎﺝ .. ﻭﺍﻟﺮﺳﻢ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳ ﺎﻡ .. ﻭﺍﻟﻨﻘﺶ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘ ﺎﺵ .. ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺃﺑﻠﻎ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻪ.. ﺻﺪ ﻗﻨﺎ ﻭﺁﻣﻨ ﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ..ﺃﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻨﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺃﻥ ﻧﺴﺄﻝ .. ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ .. ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺪﺛﻮﻧﻨﺎ ﻋﻨﻪ .. ﺃﻻ ﺗﻘﻮﺩﻧﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﺳﺘﺪﻻﻻﺗﻜﻢ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ .. ﻭﺗﺒﻌﺎ ﻟﻨﻔﺲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ..ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﺐ ﺩﺍﻡ ﻓﻀﻠﻜﻢ ؟ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻪ : ﺳﺆﺍﻟﻚ ﻓﺎﺳﺪ .. ﻭﻻ ﻣﻄﺐ ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺴﻠ ﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﷲ ﺧﺎﻟﻖ ﺛﻢ ﺗﻘﻮﻝ ﻣ ﻦ ﺧﻠﻘﻪ ؟! ﻓﺘﺠﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺧﺎﻟﻘﺎ ﻭﻣﺨﻠﻮﻗﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﺗﻨﺎﻗﺾ.. ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺃﻧﻚ ﺗﺘﺼﻮﺭ ﺧﻀﻮﻉ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ.. ﻓﺎﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺃﺑﻨﺎء ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ. ﻭﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮﺭﻩ ﻣﻘﻴﺪﺍ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ .. ﻭﻻ ﺑﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
4
ﻭﺍﷲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ .. ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮﺭﻩ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻪ. ﻭﺃﻧﺖ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺔ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻌﺮﺍﺋﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﺑﺰﻣﺒﻠﻚ .. ﻭﺗﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺑﺰﻣﺒﻠﻚ .. ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ .. ﻗﺎﻟﺖ : ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺷﻲء ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ .. ﺇﻧﻲ ﺃﺭﻯ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺑﺰﻣﺒﻠﻚ. ﻭﺃﻧﺖ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻻ ﺗﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﻮﺟﺪ .. ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺃﻧﻚ ﺗﺮﻯ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﻮﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺟﺪ. ﻭﺃﻧﺖ ﻛﻤﻦ ﻳﻈﻦ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﺍﺷﻮﺕ ﻟﻴﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻣﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﺗﻮﺑﻴﺲ ﺳﺮﻳﻊ ﻟﻴﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ..ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ ﻋﻠﻮ ﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ.. "ﻭﻋﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﻛﺎﻧﺖ" ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ" ﻧﻘﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ" ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻜﻨﻪ ﺍﻷﺷﻴﺎء ﻭﺃﻧﻪ ﻣ ﻬﻴ ﺄ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻓﻘﻂ .. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻹﻟﻬﻲ ..ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﻀﻤﻴﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ .. ﺷﻮﻗﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻛﺎﻥ ﺩﻟﻴﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ .. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻇﻤﺄﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎء ﻫﻮ ﺩﻟﻴﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺎء.. ﺃﻣﺎ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺮﺩ ﻓﻲ ﺗﺴﻠﺴﻞ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻗﺎﺋﻼ : ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺸﺐ ﻭﺍﻟﺨﺸﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ..ﻭﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺬﺭﺓ .. ﻭﺍﻟﺒﺬﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﺭﻉ .. ﻭﺍﺿﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻄﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﺴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻲ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪء ﺍﻷﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﺐ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﺐ .. ﺳﺒﺐ ﺃﻭﻝ ﺃﻭ ﻣﺤﺮﻙ ﺃﻭﻝ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺤﺮﻛﻪ .. ﺧﺎﻟﻖ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻟﻖ .. ﻭﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﷲ.. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
5
ﺃﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ" ﺳﺆﺍﻝ ﻣ ﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ" ..ﺑﺄﻧﻪ ﺳﺆﺍﻝ ﻻ ﻳﺮﺩ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻞ ﻓﺎﺳﺪ ..ﻓﺎﷲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺮﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻧﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ..ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻳﺒﺮﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ.. ﻭﻧﻌﻜﺲ ﺍﻵﻳﺔ ﻟﻮ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻳﺒﺮﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ.. ﻳﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻗﺪﺳﻲ: “ ﺃﻧﺎ ﻳ ﺴﺘﺪﻝ ﺑﻲ .. ﺃﻧﺎ ﻻ ﻳ ﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻲ“ .. ﻓﺎﷲ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺩﻟﻴﻞ .. ﻷﻧﻪ ﺍﷲ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺑﺬﺍﺗﻪ .. ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء .. ﺍﷲ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﺍﻟﺪﻗﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻹﺣﻜﺎﻡ .. ﻓﻲ ﻭﺭﻗﺔ ﺍﻟﺸﺠﺮ .. ﻓﻲ ﺭﻳﺸﺔ ﺍﻟﻄﺎﻭﻭﺱ .. ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺡ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ .. ﻓﻲ ﻋﻄﺮ ﺍﻟﻮﺭﺩ .. ﻓﻲ ﺻﺪﺡ ﺍﻟﺒﻠﺒﻞ .. ﻓﻲ ﺗﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ..ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪ ﺍﻟﺴﻴﻤﻔﻮﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﻤﻪ ﺍﻟﻜﻮﻥ .. ﻟﻮ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺟﺎء ﻣﺼﺎﺩﻓﺔ .. ﻟﻜﻨﺎ ﻛﻤﻦ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﺇﻟﻘﺎء ﺣﺮﻭﻑ ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍء ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﻤﻌﻬﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺷﻌﺮ ﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﺷﺎﻋﺮ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﻣﺆﻟﻒ. ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻐﻨﻴﻨﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭﺑﻠﻴﻐﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻗﺎﻃﻊ ﻭﺩﻭﻥ ﺗﻔﻠﺴﻒ: {ﻗ ﻞ ﻫ ﻮ ﺍﻟﻠ ﻪ ﺃ ﺣ ﺪ . ﺍﷲ ﺍﻟﺼﻤﺪ . ﻟﻢ ﻳﻠﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﻟﺪ . ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻛﻔﻮﺍ ﺃﺣﺪ{ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺧﻼﺹ1: ﻭﻳﺴﺄﻟﻨﺎ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﺳﺎﺧﺮﺍ : ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﷲ ﻭﺍﺣﺪ.. ؟ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
6
ﻣﺘﻌﺪﺩﻳﻦ.. ؟ ﻳﺘﻮﺯﻋﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕ ؟ ﻭﺳﻮﻑ ﻧﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ .. ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ .. ﺳﻮﻑ ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﺍﺣﺪ ٬ ﻷﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻣﺒﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﺎﻣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺑﺨﻄﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .. ﻓﻤﻦ ﺍﻷﻳﺪﺭﻭﺟﻴﻦ ﺗﺄﻟﻔﺖ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻻﺛﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻮﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺟﺪﻭﻝ "ﻣﻨﺪﻟﻴﻒ" ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ" .. ﺑﺎﻻﺩﻣﺎﺝ" ﻭﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺟﺞ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺗﺸﺘﻌﻞ ﺍﻟﺸﻤﻮﺱ ﻓﻲ ﻓﻀﺎء ﺍﻟﻜﻮﻥ. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﻨﻴﺖ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ" ﺟﻤﻴﻊ ﺻﻨﻮﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺘﻔﺤﻢ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮﺍﻕ" ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺧﻄﺔ ﺗﺸﺮﻳﺤﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .. ﺗﺸﺮﻳﺢ ﺍﻟﻀﻔﺪﻋﺔ ٬ ﻭﺍﻷﺭﻧﺐ ٬ ﻭﺍﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ٬ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﺎﺡ ٬ ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻓﺔ ٬ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ ٬ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺧﻄﺔ ﺗﺸﺮﻳﺤﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ٬ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﺮﺍﻳﻴﻦ ﻭﺍﻷﻭﺭﺩﺓ ﻭﻏﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺐ ٬ ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ٬ ﻛﻞ ﻋﻈﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ ..ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﺭﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻔﺪﻋﺔ .. ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻣﻊ ﺗﺤﻮﺭ ﻃﻔﻴﻒ ..ﻭﺍﻟﻌﻨﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻟﻪ ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻨﻖ ﺍﻟﻘﻨﻔﺬ .. ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﺼﺒﻲ ﻫﻮ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ٬ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﺦ ﻭﺣﺒﻞ ﺷﻮﻛﻲ ﻭﺃﻋﺼﺎﺏ ﺣﺲ ﻭﺃﻋﺼﺎﺏ ﺣﺮﻛﺔ .. ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻬﻀﻤﻲ ﻣﻦ ﻣﻌﺪﺓ ﻭﺍﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ٬ ﻭﺃﻣﻌﺎء ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺃﻣﻌﺎء ﻏﻠﻴﻈﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻠﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺒﻴﺾ ﻭﺍﻟﺮﺣﻢ ﻭﺍﻟﺨﺼﻴﺔ ﻭﻗﻨﻮﺍﺗﻬﺎ.. ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﺒﻮﻟﻲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﻟﺐ ٬ ﻭﺣﻮﻳﺼﻠﺔ ﺍﻟﺒﻮﻝ .. ﺛﻢ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ .. ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ٬ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ٬ﺗﺘﻨﻔﺲ ﻭﺗﺘﻜﺎﺛﺮ ﻭﺗﻤﻮﺕ ﻭﺗﻮﻟﺪ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ.. ﻓﺄﻳﺔ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﺍﺣﺪ ؟ .. ﺃﻻ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ. ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ.. ؟ ﻭﻫﻞ ﺑﻪ ﻧﻘﺺ ﻟﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻜﻤﻠﻪ ؟ ..ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﻮﻥ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
7
ﻭﻟﻮ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻻﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ٬ ﻭﻟﺬﻫﺐ ﻛﻞ ﺇﻟﻪ ﺑﻤﺎ ﺧﻠﻖ ٬ ﻭﻟﻔﺴﺪﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ,ﻭﺍﷲ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺎء ﻭﺍﻟﺠﺒﺮﻭﺕ ﻭﻫﺬﻩ ﺻﻔﺎﺕ ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ.. ﻭﻳﺴﺨﺮ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻧﻔﻬﻤﻪ .. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﻟﻴﺲ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ ٬ ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺑﻨﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ٬ ﻭﻳﻮﺣﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺤﻞ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺑﻴﻮﺗﺎ ٬ ﻭﻣﺎ ﺗﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﻭﺭﻗﺔ ﺇﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ٬ ﻭﻣﺎ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺃﻛﻤﺎﻣﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﺣﺼﺎﻫﺎ ﻋﺪﺩﺍ ٬ ﻭﻣﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﻧﺜﻰ ﻭﻻ ﺗﻀﻊ ﺇﻻ ﺑﻌﻠﻤﻪ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺜﺮﺕ ﻗﺪﻡ ﻓﻲ ﺣﻔﺮﺓ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﺜﺮﻫﺎ ..ﻭﺇﺫﺍ ﺳﻘﻄﺖ ﺫﺑﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻃﻌﺎﻡ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﻘﻄﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻌﻄﻠﺖ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺗﻠﻴﻔﻮﻥ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻄﻠﻬﺎ .. ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﻌﻪ ٬ ﻭﺇﺫﺍ ﻫﻄﻞ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻫﻄﻠﻪ .. ﺃﻻ ﺗﺸﻐﻠﻮﻥ ﺇﻟﻬﻜﻢ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﺍﻟﺘﺎﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻔﻬﻢ.. ﻭﻻ ﺃﻓﻬﻢ ﺃﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺏ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺃﺟﺪﺭ ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻟﻮ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻔﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺎﺕ ﻭﺃﺧﺬ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﻭﺃﺩﺍﺭ ﻇﻬﺮﻩ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻪ ﻭﺗﺮﻛﻪ ﻳﺄﻛﻞ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻌﻀﺎ! ﻫﻞ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ ﻫﻮ ﺭﺏ ﻋﺎﻃﻞ ﻣﻐﻤﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻭﻻ ﻳﺮﻯ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻭﻻ ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ؟ .. ﺛﻢ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻟﻠﺴﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻣﺎ ﺗﺎﻓﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻹﻟﻪ ٬ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺁﺧﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﻭﺧﻄﻴﺮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ؟ ﺇﻥ ﺍﻟﺬﺑﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻭ ﺗﺎﻓﻬﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻻ ﻳﻬﻢ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ ﺃﻥ ﺗﺴﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ٬ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬﺑﺎﺑﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻐﻴ ﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺴﻘﻮﻃﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﻓﻪ ﺫﻟﻚ .. ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﻘﻞ ﺍﻟﻜﻮﻟﻴﺮﺍ ﺇﻟﻰ ﺟﻴﺶ ﻭﺗﻜﺴﺐ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻟﻄﺮﻑ ﺁﺧﺮ ٬ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻛﻠﻪ. ﺃﻟﻢ ﺗﻘﺘﻞ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺑﻌﻮﺿﺔ ؟ ﺇﻥ ﺃﺗﻔﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻣﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﻄﺮ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ .. ﻭﺃﺧﻄﺮ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻣﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
8
ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﻻ ﺷﻲء .. ﻭﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﻴﻤﺔ ﻛﻞ ﺷﻲء. ﻭﻫﻞ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺻﻴ ﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻳﺤﺪﺩ ﻟﻪ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺗﻪ .. ﺗﻘﺪ ﺱ ﻭﺗﻨﺰ ﻩ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﺫﺝ. ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﻋﻠﻤﺎ .. ﻻ ﻳﻌﺰﺏ ﻋﻨﻪ ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺫﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎء. ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺴﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺠﻴﺐ ٬ ﺍﻟﻤﻌﺘﻨﻲ ﺑﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ.
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
9
. -2ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻗﺪ ﺭ ﻋﻠﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻲ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻳﺤﺎﺳﺒﻨﻲ؟ ﻗﺎﻝ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﺗﺔ ﻭﻗﺪ ﺗﺼﻮ ﺭ ﺃﻧﻪ ﺃﻣﺴﻜﻨﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﻘﻲ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﻬﺮﺏ ﻟﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ: ﺃﻧﺘﻢ ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﷲ ﻳ ﺠﺮﻱ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﺑﻘﻀﺎء ﻭﻗﺪﺭ ٬ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﻗﺪ ﺭ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ٬ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺣﺎﻟﻲ ٬ ﻭﺃﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻘﺪ ﺭﺓ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻳﺤﺎﺳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ؟ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻟﻲ ﻛﻌﺎﺩﺗﻚ .. ﺃﻧﺎ ﻣﺨﻴـ ﺮ .. ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﻳﺔ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻳﺔ ﻭﺩﻋﻨﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ: ﻫﻞ ﺧ ـﻴ ﺮﺕ ﻓﻲ ﻣﻴﻼﺩﻱ ﻭﺟﻨﺴﻲ ﻭﻃﻮﻟﻲ ﻭﻋﺮﺿﻲ ﻭﻟﻮﻧﻲ ﻭﻭﻃﻨﻲ ؟ ﻫﻞ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ﺗﺸﺮﻕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﻳﻐﺮﺏ ﺍﻟﻘﻤﺮ ؟ ﻫﻞ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠ ﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎء ﻭﻳﻔﺎﺟﺌﻨﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺃﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﺓ ﻓﻼ ﺃﺟﺪ ﻣﺨﺮﺟﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ.. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳ ﻜﺮﻫﻨﻲ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺛﻢ ﻳﺆﺍﺧﺬﻧﻲ ﻋﻠﻴﻪ ؟ ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﺇﻧﻚ ﺣﺮ ٬ ﻭﺇﻥ ﻟﻚ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﺭ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺍﷲ ﺃﻻ ﺗﺸﺮﻙ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺎﺕ ؟ ﺛﻢ ﻣﺎ ﻗﻮﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ٬ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﻮﻥ ؟ ﺃﻃﻠﻖ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺻﺎﺻﺎﺕ ﺛﻢ ﺭﺍﺡ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﺍﻟﺼﻌﺪﺍء ﻓﻲ ﺭﺍﺣﺔ ﻭﻗﺪ ﺗﺼﻮ ﺭ ﺃﻧﻲ ﺗﻮﻓﻴﺖ ﻭﺍﻧﺘﻬﻴﺖ ٬ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺇﻻ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﻟﻜﻔﻦ.. ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺪﻭء: ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
10
ﺃﻧﺖ ﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﻣﻐﺎﻟﻄﺎﺕ .. ﻓﺄﻓﻌﺎﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ٬ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻘﺪﻭﺭﺓ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻹﻛﺮﺍﻩ .. ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻘﺪ ﺭﺓ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ ﻓﻘﻂ .. ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪ ﺭ ﺃﻧﺖ ﺑﻌﻠﻤﻚ ﺃﻥ ﺍﺑﻨﻚ ﺳﻮﻑ ﻳﺰﻧﻲ .. ﺛﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺃﻥ ﻳﺰﻧﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .. ﻓﻬﻞ ﺃﻛﺮﻫﺘﻪ .. ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺎﺏ ﻋﻠﻤﻚ.. ﺃﻣﺎ ﻛﻼﻣﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓﺮﻳﺔ ٬ ﻭﺗﺪﻟﻴﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺨﻴ ﺮ ﻓﻲ ﻣﻴﻼﺩﻙ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺟﻨﺴﻚ ﻭﻻ ﻓﻲ ﻃﻮﻟﻚ ﻭﻻ ﻓﻲ ﻟﻮﻧﻚ ﻭﻻ ﻓﻲ ﻣﻮﻃﻨﻚ ٬ ﻭﺃﻧﻚ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ .. ﻫﻮ ﺗﺨﻠﻴﻂ ﺁﺧﺮ.. ﻭﺳﺒﺐ ﺍﻟﺘﺨﻠﻴﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺃﻧﻚ ﺗﺘﺼﻮ ﺭ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺘﺼﻮﺭﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ.. ﺃﻧﺖ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ..ﻓﺘﻘﻮﻝ .. ﺃﻛﻨﺖ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺧﻠﻖ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﺑﻴﺾ ﺃﻭ ﺃﺳﻮﺩ ﺃﻭ ﻃﻮﻳﻼ ﺃﻭ ﻗﺼﻴﺮﺍ .. ﻫﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﻧﻘﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺃﻭ ﺃﻭﻗﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭﻫﺎ .. ﺃﻳﻦ ﺣﺮﻳﺘﻲ ؟ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻪ : ﺃﻧﺖ ﺗﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ .. ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻫﺬﻩ ﻣﻠﻚ ﷲ ﻭﺣﺪﻩ ..ﻧﺤﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ } ﻭ ﺭ ﺑ ﻚ ﻳ ﺨ ﻠ ﻖ ﻣ ﺎ ﻳ ﺸ ﺎء ﻭ ﻳ ﺨ ﺘ ﺎﺭ ﻣ ﺎ ﻛ ﺎﻥ ﻟ ﻬ ﻢ ﺍﻟ ﺨ ﻴ ﺮ ﺓ 68 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺍﻟﺨﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ٬ ﻷﻥ ﺍﷲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻖ ﻣﺎ ﻳﺸﺎء ﻭﻳﺨﺘﺎﺭ.. ﻭﻟﻦ ﻳﺤﺎﺳﺒﻚ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻗ ﺼ ﺮﻙ ﻭﻟﻦ ﻳﻌﺎﺗﺒﻚ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻟﻚ ﻭﻟﻦ ﻳﻌﺎﻗﺒﻚ ﻷﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﻮﻗﻒ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭﻫﺎ٬ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎءﻟﺔ ﻫﻮ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ .. ﻭﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺣﺮ .. ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ.. ﺃﻧﺖ ﺣﺮ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺗﻘﻤﻊ ﺷﻬﻮﺗﻚ ﻭﺗﻠﺠﻢ ﻏﻀﺒﻚ ﻭﺗﻘﺎﻭﻡ ﻧﻔﺴﻚ ﻭﺗﺰﺟﺮ ﻧﻴﺎﺗﻚ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
11
ﻭﺗﺸﺠﻊ ﻣﻴﻮﻟﻚ ﺍﻟﺨﻴﺮﺓ.. ﺃﻧﺖ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺠﻮﺩ ﺑﻤﺎﻟﻚ ﻭﻧﻔﺴﻚ.. ﺃﻧﺖ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺼﺪﻕ ﻭﺃﻥ ﺗﻜﺬﺏ.. ﻭﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﻒ ﻳﺪﻙ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ .. ﻭﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﻒ ﺑﺼﺮﻙ ﻋﻦ ﻋﻮﺭﺍﺕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ.. ﻭﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻤﺴﻚ ﻟﺴﺎﻧﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﻨﻤﻴﻤﺔ.. ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻧﺤﻦ ﺃﺣﺮﺍﺭ.. ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻧ ﺤﺎﺳ ﺐ ﻭﻧ ﺴﺄﻝ.. ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ.. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺩﻟﻴﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﺷﻌﻮﺭﻧﺎ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻨﺎ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻭﺑﺎﻟﻨﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻄﺄ ٬ ﻭﺑﺎﻟﺮﺍﺣﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﻄﻴﺐ .. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺨﺘﺎﺭ ﻭﻧﻮﺍﺯﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ٬ ﺑﻞ ﺇﻥ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻋﻘﻠﻨﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻼﺕ.. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻔﺮﻕ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻭﺣﺎﺳﻢ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻧﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﺮﺗﻌﺶ ﺑﺎﻟﺤﻤﻰ ٬ﻭﻳﺪﻧﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﻜﺘﺐ ﺧﻄﺎﺑﺎ .. ﻓﻨﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺟﺒﺮﻳﺔ ﻗﻬﺮﻳﺔ ٬ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺮﺓ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ ..ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺎ ﻣﺴﻴﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ.. ﻭﻳﺆﻛﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻻ ﻳﺮﺿﺎﻩ ﺗﺤﺖ ﺃﻱ ﺿﻐﻂ .. ﻓﻴﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗ ﻜﺮﻩ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺨﻠﻊ ﺛﻴﺎﺑﻬﺎ.. ﻭﻟﻜﻨﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﺄﻱ ﺿﻐﻂ ﺃﻭ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺤﺒﻚ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺃﻋﺘﻖ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻨﻮﻑ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻭﺍﻹﺟﺒﺎﺭ ٬ ﻭﺃﻧﻪ ﻓﻄﺮﻫﺎ ﺣﺮﺓ.. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺟﻌﻞ ﺍﷲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻨﻴﺔ ﻋﻤﺪﺓ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ٬ ﻓﺎﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻻ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻥ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
12
ﻣﻄﻤﺌﻦ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ٬ ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﻩ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺍﺧﺬﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :ﺇ ﻻ ﻣ ﻦ ﺃ ﻛ ﺮ ﻩ ﻭ ﻗ ﻠ ﺒ ﻪ ﻣ ﻄ ﻤ ﺌ ﻦ ﺑ ﺎﻹ ﻳﻤ ﺎﻥ 106 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺤﻞ ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻂ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻔﻬﻢ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ٬ ﻭﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ﺑﺎﻷﻣﺮ ٬ ﻓﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺃﺷﺮﻛﻮﺍ ﺑﺎﷲ ﻭﺟﻌﻠﻮﺍ ﻟﻪ ﺃﻧﺪﺍﺩﺍ ﻳﺄﻣﺮﻭﻥ ﻛﺄﻣﺮﻩ ٬ ﻭﻳﺤﻜﻤﻮﻥ ﻛﺤﻜﻤﻪ ٬ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﻬﻤﺘﻪ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ ..ﻓﻘﻠﺖ ﺑﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺎﺕ .. ﻭﻫﻮ ﻓﻬﻢ ﺧﺎﻃﺊ .. ﻓﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ.. ﺇﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺤﺮﻳﺘﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ .. ﺍﷲ ﺃﻋﻄﺎﻧﺎ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺭﺿﺎﻩ" ﻓﻨﻌﺼﻴﻪ" ٬ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﻂ ﺃﺣﺪﺍ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ .. ﻭﻫﻨﺎ ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﻧﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.. ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻣﻨﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺿﻤﻨﻬﺎ ٬ ﻭﺇﻥ ﺧﺎﻟﻒ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻭﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ.. ﻭﺣﺮﻳﺘﻨﺎ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺤﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﻭﻫﺒﺔ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻩ .. ﻭﻟﻢ ﻧﺄﺧﺬﻫﺎ ﻣﻨﻪ ﻛﺮﻫﺎ ﻭﻻ ﻏﺼﺒﺎ.. ﺇﻥ ﺣﺮﻳﺘﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻴﻦ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ.. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻵﻳﺔ} : ﻭ ﻣ ﺎ ﺗ ﺸ ﺎﺅ ﻭﻥ ﺇ ﻻ ﺃ ﻥ ﻳ ﺸ ﺎء ﺍﻟﻠ ﻪ 30 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻷﻥ ﻣﺸﻴﺌﺘﻨﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ٬ ﻭﻣﻨﺤﺔ ﻣﻨﻪ ٬ ﻭﻫﺒﺔ ﻣﻦ ﻛﺮﻣﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ٬ ﻓﻬﻲ ﺿﻤﻦ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻻ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻗﺾ ٬ ﻭﻻ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻨﺎ ﻷﻣﺮ ﺍﷲ ﻭﺣﻜﻤﻪ .. ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ٬ ﻭﻻ ﻳﺠﻌﻞ ﷲ ﺃﻧﺪﺍﺩﺍ ﻳﺤﻜﻤﻮﻥ ﻛﺤﻜﻤﻪ ﻭﻳﺄﻣﺮﻭﻥ ﻛﺄﻣﺮﻩ .. ﻓﺈﻥ ﺣﺮﻳﺎﺗﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻴﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﻭﺣﻜﻤﻪ..
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
13
ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﺨﻠﻂ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻭﻟﻮﺍ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎء ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ..ﻓﻬﻤﻮﺍ ﺍﻟﻘﻀﺎء ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﻌﻪ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﺧﻄﺄ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ .. ﻭﻗﺪ ﻧﻔﻰ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﺻﺮﻳﺤﺔ : {ﺇ ﻥ ﻧ ﺸ ﺄ ﻧ ﻨ ﺰ ﻝ ﻋ ﻠ ﻴ ﻬ ﻢ ﻣ ﻦ ﺍﻟﺴ ﻤ ﺎء ﺁﻳ ﺔ ﻓ ﻈ ﻠ ﺖ ﺃ ﻋ ﻨ ﺎ ﻗﻬ ﻢ ﻟ ﻬ ﺎ ﺧ ﺎﺿ ﻌ ﻴﻦ 4 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍء ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﺿﺢ .. ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧ ﻜﺮﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻠﺰﻣﺔ ٬ ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻔﻌﻞ .. ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺳﻨﺘﻨﺎ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ.. {ﻻ ﺇ ﻛ ﺮ ﺍﻩ ﻓ ﻲ ﺍﻟﺪ ﻳﻦ ﻗ ﺪ ﺗ ﺒ ﻴ ﻦ ﺍﻟ ﺮ ﺷ ﺪ ﻣ ﻦ ﺍﻟ ﻐ ﻲ 256 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ {ﻭ ﻟ ﻮ ﺷ ﺎء ﺭ ﺑ ﻚ ﻵ ﻣ ﻦ ﻣ ﻦ ﻓ ﻲ ﺍﻷ ﺭ ﺽ ﻛ ﻠ ﻬ ﻢ ﺟ ﻤ ﻴﻌ ﺎ ﺃ ﻓ ﺄ ﻧﺖ ﺗ ﻜ ﺮ ﻩ ﺍﻟﻨ ﺎﺱ ﺣ ﺘ ﻰ ﻳ ﻜ ﻮﻧ ﻮﺍ ﻣ ﺆ ﻣ ﻨ ﻴﻦ 99 { ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺳ ﻨﺔ ﺍﷲ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ .. ﻭﺍﻟﻘﻀﺎء ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳ ﻔﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﺎﺋﻌﻬﻢ .. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ.. ﺍﷲ ﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻧﻴﺘﻪ .. ﻭﻳﺸﺎء ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ٬ ﻭﻳﺮﻳﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ٬ ﻻ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ... ﺗﺴﻴﻴﺮ ﺍﷲ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﺗﺨﻴﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﺪ ٬ ﻷﻧﻪ ﺍﷲ ﻳﺴﻴ ﺮ ﻛﻞ ﺍﻣﺮﺉ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻯ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﻧﻴﺎﺗﻪ.. {ﻣ ﻦ ﻛ ﺎ ﻥ ﻳ ﺮ ﻳ ﺪ ﺣ ﺮ ﺙ ﺍﻟ ﺂﺧ ﺮ ﺓ ﻧ ﺰ ﺩ ﻟ ﻪ ﻓ ﻲ ﺣ ﺮ ﺛ ﻪ ﻭ ﻣ ﻦ ﻛ ﺎﻥ ﻳ ﺮ ﻳﺪ ﺣ ﺮ ﺙ ﺍﻟﺪ ﻧ ﻴ ﺎ ﻧ ﺆﺗ ﻪ ﻣ ﻨ ﻬ ﺎ{ 20ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ {ﻓ ﻲ ﻗ ﻠ ﻮﺑ ﻬ ﻢ ﻣ ﺮ ﺽ ﻓ ﺰ ﺍﺩ ﻫ ﻢ ﺍﻟﻠ ﻪ ﻣ ﺮ ﺿﺎ 10 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ {ﻭ ﺍﻟ ﺬ ﻳ ﻦ ﺍﻫ ﺘ ﺪ ﻭ ﺍ ﺯ ﺍﺩ ﻫ ﻢ ﻫ ﺪ ﻯ 17 { ﺳﻮﺭﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﺨﺎﻃﺐ ﺍﻷﺳﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: {ﺇ ﻥ ﻳ ﻌ ﻠ ﻢ ﺍﻟﻠ ﻪ ﻓ ﻲ ﻗ ﻠ ﻮﺑ ﻜ ﻢ ﺧ ﻴ ﺮ ﺍ ﻳ ﺆ ﺗ ﻜ ﻢ ﺧ ﻴ ﺮ ﺍ ﻣ ﻤ ﺎ ﺃ ﺧ ﺬ ﻣ ﻨﻜ ﻢ 70 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ ﺍﷲ ﻳﻘﻀﻲ ﻭﻳﻘﺪ ﺭ ٬ ﻭﻳﺠﺮﻱ ﻗﻀﺎءﻩ ﻭﻗﺪﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ..ﺇﻥ ﺷﺮﺍ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
14
ﻓﺸﺮ ﻭﺇﻥ ﺧﻴﺮﺍ ﻓﺨﻴﺮ.. ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ .. ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﺮ .. ﻭﻻ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻗﺾ.. ﺍﷲ ﻳﺴﻴ ﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺍﺧﺘﺮﻧﺎﻩ ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ ﻭﻧﻴﺎﺗﻨﺎ ٬ﻓﻼ ﻇﻠﻢ ﻭﻻ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﻭﻻ ﺟﺒﺮ ٬ ﻭﻻ ﻗﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﺎﺋﻌﻨﺎ.. {ﻓ ﺄ ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﺃ ﻋ ﻄ ﻰ ﻭ ﺍﺗ ﻘ ﻰ . ﻭ ﺻ ﺪ ﻕ ﺑ ﺎﻟ ﺤ ﺴ ﻨ ﻰ . ﻓ ﺴ ﻨ ﻴ ﺴ ﺮ ﻩ ﻟ ﻠ ﻴ ﺴ ﺮ ﻯ . ﻭ ﺃ ﻣ ﺎ ﻣ ﻦ ﺑ ﺨ ﻞ ﻭ ﺍﺳ ﺘ ﻐ ﻨ ﻰ . ﻭ ﻛ ﺬ ﺏ ﺑ ﺎﻟ ﺤ ﺴ ﻨ ﻰ .ﻓ ﺴ ﻨ ﻴ ﺴ ﺮ ﻩ ﻟ ﻠ ﻌ ﺴ ﺮ ﻯ 5 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﻴﻞ {ﻭ ﻣ ﺎ ﺭ ﻣ ﻴ ﺖ ﺇ ﺫ ﺭ ﻣ ﻴ ﺖ ﻭ ﻟ ﻜ ﻦ ﺍﻟﻠ ﻪ ﺭ ﻣ ﻰ 17 { ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ ﻫﻨﺎ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﺭﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺍﻟﺮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪ ﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺏ ٬ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺭﻣﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ..ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﻟﻐﺰ ﺍﻟﻘﻀﺎء ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ .. ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻨﻴﺔ ٬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ٬ﺇﻥ ﺧﻴﺮﺍ ﻓﺨﻴﺮ ٬ ﻭﺇﻥ ﺷﺮﺍ ﻓﺸﺮ.. ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻘﺪﺍﺭﺍ ﺛﺎﺑﺘﺎ ٬ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪﺭﺓ ﻧﺴﺒﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺰﻳﺎﺩﺓ.. ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ .. ﺑﺎﺧﺘﺮﺍﻉ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻼﺕ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻄﻮﻱ ﺍﻷﺭﺽ ٬ ﻭﻳﻬﺰﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺎﺕ ٬ ﻭﻳﺨﺘﺮﻕ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ .. ﻭﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺴﺨﺮﻫﺎ ﻟﺨﺪﻣﺘﻪ ٬ﻭﻋﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﻬﺰﻡ ﺍﻟﺤﺮ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﺍﻟﻈﻼﻡ ٬ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻀﺎﻋﻒ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻔﻌﻞ.. ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﺴﺮ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺍﻷﻏﻼﻝ ﻭﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ.. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻳﻦ .. ﺍﻻﺳﺘﻤﺪﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﺘﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ .. ﻭﺍﻷﺧﺬ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ ﻭﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ﻭﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ .. ﻭﻫﺬﻩ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎء ﻭﻣﻦ ﻓﻲ ﺩﺭﺑﻬﻢ.. ﺳﺨ ﺮ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺭﻛﺐ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻭﻛﻠ ﻢ ﺍﻟﻄﻴﺮ ﺑﻤﻌﻮﻧﺔ ﺍﷲ ﻭﻣﺪﺩﻩ.. ﻭﺷﻖ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ .. ﻭﺃﺣﻴﺎ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ .. ﻭﻣﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎء .. ﻭﺃﺑﺮﺃ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
15
ﺍﻷﻛﻤﻪ ﻭﺍﻷﺑﺮﺹ ﻭﺍﻷﻋﻤﻰ.. ﻭﻧﻘﺮﺃ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎء ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗ ﻄﻮﻯ ﻟﻬﻢ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺗﻜﺸﻒ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻤﻐﻴﺒﺎﺕ .. ﻭﻫﻲ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻛﺘﺴﺒﻮﻫﺎ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺘﺤﺒﺐ ﺇﻟﻴﻪ .. ﻓﺄﻓﺎﺽ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﻤﻜﻨﻮﻥ.. ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ.. ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ" ﺍﻟﻠﺪﻧﻲ" .. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳ ﻠﺨﺺ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻤﺨﻴ ﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴ ﺮ ﻗﺎﺋﻼ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻴﻦ: ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺨﻴ ﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ.. ﻣﺴﻴ ﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ.. ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺗﺴﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﺗﺴﻊ ﻣﺠﺎﻝ ﺣﺮﻳﺘﻪ ..ﺳﻮﺍء ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠﺪﻧ ﻲ.. ﻭﻳﺨﻄﺊ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺼﻮﺭﻭﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﺳﻴﺮ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ .. ﻭﻳﺠﻌﻠﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺣﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻠﻘﺎﺕ ﻻ ﻓﻜﺎﻙ ﻟﻪ ٬ ﻭﻻ ﻣﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ٬ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻗﺸﺔ ﻓﻲ ﺗﻴﺎﺭ ﺑﻼ ﺫﺭﺍﻋﻴﻦ ﻭﺑﻼ ﺇﺭﺍﺩﺓ.. ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺩﺩﻭﻧﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺗﺮﺩﻳﺪﻫﺎ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮﻥ" : ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ" ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ٬ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺣﺘﻤﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ٬ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﺟﻴﺤﺎﺕ ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ .. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ٬ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺮﻭﺱ ٬ ﻭﺍﻵﻻﺕ ﻭﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ .. ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻨﺒﻮء ﺑﺨﺴﻮﻑ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﺎﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ٬ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺤﺮﻛﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﺳﻨﻴﻦ.. ﺃﻣﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﺣﺪ ﻣﺎﺫﺍ ﻳ ﻀﻤﺮ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳ ﺨﺒﺊ ﻓﻲ ﻧﻴﺎﺗﻪ ٬ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
16
ﻏﺪﺍ ﺃﻭ ﺑﻌﺪ ﻏﺪ .. ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﺍ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻭﺍﻟﺘﺨﻤﻴﻦ ٬ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺽ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ.. ﻭﻗﺪ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻨﺒﺆﺍﺕ ﻛﺎﺭﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ ٬ ﻓﻠﻢ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺒﺄ ٬ ﺑﻞ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻣﺘﺨﻠﻒ ٬ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻔﺎﻗﻢ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ٬ ﺑﻞ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﺍﻻﺛﻨﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ٬ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﺘﺤﺖ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﺎ ﻟﺮﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ .. ﻭﻟﻢ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻓﻼﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﻗﻌﻪ ﻛﺎﺭﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ ٬ ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ٬ ﺍﺯﺩﻫﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﻭﻭﻗﻊ ﺍﻟﺸﻘﺎﻕ ﻭﺍﻟﺨﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺮ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺫﺍﺗﻪ .. ﺃﺧﻄﺄﺕ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺩﺍﻟﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ ﻣﻨﻬﺠﻪ ﺍﻟﺤﺘﻤﻲ .. ﻭﺭﺃﻳﻨﺎ ﺻﺮﺍﻉ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮﻙ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻼﻃﺒﻘﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻭﺭﻭﺳﻴﺎ ٬ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻪ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻣﻨﻬﺠﻪ ..ﻭﻛﻠﻬﺎ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﺸﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ٬ ﻭﺗﺨﺒﻄﻪ ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .. ﻭﺟﺎء ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺧﻄﺄ ﺟﻮﻫﺮﻱ ٬ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺗﺼﻮ ﺭ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺫﺑﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺎﺕ .. ﻭﻧﺴﻲ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﺮ .. ﻭﺃﻥ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ.. ﺃﻣ ﺎ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻴﻦ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ٬ ﻭﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻌﻴﺶ ﻭﺣﺪﻩ ﻭﻻ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﻍ.. ﻧﻘﻮﻝ ﺭﺩ ﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ : ﺇﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻛﻤﻘﺎﻭﻣﺎﺕ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺠﺪﻟﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﻻ ﻳﻨﻔﻴﻪ .. ﻓﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ .. ﻻ ﺗﺆﻛﺪ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺗﺰﺣﺰﺣﻬﺎ.. ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﻍ ﺑﻼ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻧﻮﻉ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺮﺍ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
17
ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ٬ﻷﻧﻪ ﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻘﺒﺔ ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻳﺆﻛﺪ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ..
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
18
- 3ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﺍﻟﺸﺮ؟ ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺳﺎﺧﺮ ﺍ: ﻛﻴﻒ ﺗﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻥ ﺇﻟﻬﻜﻢ ﻛﺎﻣﻞ ﻭﺭﺣﻤﻦ ﻭﺭﺣﻴﻢ ﻭﻛﺮﻳﻢ ﻭﺭءﻭﻑ ﻭﻫﻮ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .. ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺰﻟﺰﺍﻝ ﻭﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻴﻜﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﺴﻢ ﻭﺍﻟﺤﺮ ﻭﺍﻟﺰﻣﻬﺮﻳﺮ ﻭﺁﻻﻡ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﻔﻰ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻄﺎﻋﻦ. ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻣﺤﺒﺔ ﻭﺟﻤﺎﻻ ﻭﺧﻴﺮﺍ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﺢ ﻭﺍﻟﺸﺮ. ﻭﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺛﺎﺭﻫﺎ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﻗﺪ ﺍﻧﻘﺴﻤﺖ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺍﻵﺭﺍء. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻛﻠﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﻛﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺳﻤﺢ ﺑﻪ ﻟﺤﻜﻤﺔ. {ﺇ ﻥ ﺍﻟﻠ ﻪ ﻻ ﻳ ﺄ ﻣ ﺮ ﺑ ﺎﻟ ﻔ ﺤ ﺸ ﺎء ﺃ ﺗ ﻘ ﻮﻟ ﻮ ﻥ ﻋ ﻠ ﻰ ﺍﻟﻠ ﻪ ﻣ ﺎ ﻻ ﺗ ﻌ ﻠ ﻤ ﻮﻥ ”28“ ﻗ ﻞ ﺃ ﻣ ﺮ ﺭ ﺑ ﻲ ﺑ ﺎﻟ ﻘ ﺴ ﻂ ﻭ ﺃ ﻗ ﻴﻤ ﻮﺍ ﻭ ﺟ ﻮﻫ ﻜ ﻢ ﻋ ﻨﺪ ﻛ ﻞ ﻣ ﺴ ﺠ ﺪ { ”29“ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .28- ﺍﷲ ﻻ ﻳﺄﻣﺮ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺮﺿﻰ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻄﻴﺐ. ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻳﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻳﻘﺘﻞ ﻭﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﻳﺴﺮﻕ؟ ﻷﻥ ﺍﷲ ﺃﺭﺍﺩﻧﺎ ﺃﺣﺮﺍﺭﺍ .. ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ..ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ . ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌ ﺎ ﺃﺧﻴﺎﺭﺍ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﻬﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻗﻬﺮﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﺒﻨﺎ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ. ﻭﻓﻲ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﷲ ﻭﺳﻨﺘﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻷﻟﻢ ﺃﻛﺮﻡ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
19
ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ .. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﻧﺨﻄﻲء ﻭﻧﺘﺄﻟﻢ ﻭﻧﺘﻌﻠﻢ ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺣﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻤﻨﺼﻒ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺪ ﺳﻮﻑ ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎء.. ﻓﺎﻟﺼﺤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎء ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻀﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻤﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﻭﻻ ﻳﺰﻭﺭﻧﺎ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺇﻻ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ .. ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﺍﻟﺰﻻﺯﻝ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺑﻀﻊ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺼﻰ ﺑﻤﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻫﻲ ﺗﺸﻨﺠﺎﺕ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻣﻢ ﺑﻴﻦ ﻓﺘﺮﺍﺕ ﺳﻼﻡ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻤﺘﺪﺓ. ﺛﻢ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺮﻯ ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﻭﺟﻪ ﺧﻴﺮ ﻓﺎﻟﻤﺮﺽ ﻳﺨﻠﻒ ﻭﻗﺎﻳﺔ ﻭﺍﻷﻟﻢ ﻳﺮﺑﻲ ﺍﻟﺼﻼﺑﺔ ﻭﺍﻟﺠﻠﺪ ﻭﺍﻟﺘﺤﻤﻞ ﻭﺍﻟﺰﻻﺯﻝ ﺗﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﻤﻜﺒﻮﺕ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻭﺗﺤﻤﻲ ﺍﻟﻘﺸﺮﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻭﺗﻌﻴﺪ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺎﻛﻨﻬﺎ ﻛﺄﺣﺰﻣﺔ ﻭﺛﻘﺎﻻﺕ ﺗﺜﺒﺖ ﺍﻟﻘﺸﺮﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ٬ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ﺗﻨﻔﺚ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﻭﺗﻜﺴﻮ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺘﺮﺑﺔ ﺑﺮﻛﺎﻧﻴﺔ ﺧﺼﺒﺔ .. ﻭﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺗﺪﻣﺞ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺗﻠﻘﺢ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺗﺠﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﻞ ﻭﺃﺣﻼﻑ ﺛﻢ ﻓﻲ ﻋﺼﺒﺔ ﺃﻣﻢ ﺛﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺃﻣﻦ ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﺘﺸﺎﻛﻲ ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﻟﺢ .. ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻋﺎﺕ ﺧﺮﺟﺖ ﺃﺛﻨﺎء ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ .. ﺍﻟﺒﻨﺴﻠﻴﻦ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﺍﻟﺼﻮﺍﺭﻳﺦ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺎﺛﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺃﺗﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ. ﻭﻣﻦ ﺳﻢ ﺍﻟﺜﻌﺒﺎﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﺘﺮﻳﺎﻕ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﻜﺮﻭﺏ ﻧﺼﻨﻊ ﺍﻟﻠﻘﺎﺡ. ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺃﺟﺪﺍﺩﻧﺎ ﻣﺎﺗﻮﺍ ﻟﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺻﺒﻨﺎ ٬ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﺎﻟﻈﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ﺧﻴﻞ ﺇﻟﻴﻚ ﺃﻧﻪ ﻋﻴﺐ ﻭﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﺍﺑﺘﻌﺪﺕ ﻭﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻛﻜﻞ ﻧﻈﺮﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺃﻧﻪ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻭﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
20
ﻳﺆﺩﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎء ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ. ﻭﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﻤﺮﺽ .. ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺗﻈﻞ ﺗﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺳﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﺍﻩ ﻭﻻ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺇﻻ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻤﺮﺽ. ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﻘﺒﺢ ﻭﻻ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻮﻻ ﺍﺍﻟﺸﺎﺫ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ :ﺇﻥ ﻧﻘﺺ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﻛﻤﺎﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻋﻮﺟﺎﺝ ﺍﻟﻘﻮﺱ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﺻﻼﺣﻴﺘﻪ ﻭﻟﻮ ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﻟﻤﺎ ﺭﻣﻰ. ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻤﺸﻘﺎﺕ ﻭﺍﻵﻻﻡ .. ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﻜﺸﻒ ﻣﻌﺎﺩﻧﻬﻢ. ﻟﻮﻻ ﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﺳﺎﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ ... ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻳﻔﻘﺮ ﻭﺍﻹﻗﺪﺍﻡ ﻗﺘﺎﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﺮﻑ ﺑﻪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ..ﻭﺍﻻﺑﺘﻼء ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﺑﻪ ﻣﺮﺍﺗﺒﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﻓﺼﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺳﻮﻑ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﻓﺼﻮﻟﻬﺎ ﻓﺎﻟﻤﻮﺕ ﻟﻴﺲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺺ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻧﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﺼﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻻ ﺃﻥ ﻧﺮﻓﺾ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻢ ﺗﻌﺠﺒﻨﺎ. ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻫﻨﺎ ﻧﺎﻗﺺ.. ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﻄﻼﻉ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ..ﺛﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺼﻮﺭﻩ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻨﺎ؟! ﻫﻞ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺓ ﺑﻼ ﻣﻮﺕ ﺑﻼ ﻣﺮﺽ ﺑﻼ ﺷﻴﺨﻮﺧﺔ ﺑﻼ ﻧﻘﺺ ﺑﻼ ﻋﺠﺰ ﺑﻼ ﻗﻴﻮﺩ ﺑﻼ ﺃﺣﺰﺍﻥ ﺑﻼ ﺁﻻﻡ. ﻫﻞ ﻳﻄﻠﺐ ﻛﻤﺎﻻ ﻣﻄﻠﻘﺎ؟! ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
21
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﷲ. ﻭﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﺘﻌﺪﺩ .. ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﺘﻌﺪﺩ .. ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻨﻘﺼﻪ ﻟﻴﺠﺪﻩ ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺪ ﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮﻩ؟! ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻟﻦ ﻳﺮﺿﻴﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﷲ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﻄﺎﻭﻝ ﺑﻌﻴﻨﻪ. ﻭﺩﻋﻮﻧﺎ ﻧﺴﺨﺮ ﻣﻨﻪ ﺑﺪﻭﺭﻧﺎ .. ﻫﻮ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻌﺠﺒﻬﻢ ﺷﻲء. ﻫﺆﻻء ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪﻭﻧﻬﺎ ﺟﻨﺔ.. ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﻟﻴﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻬﺎ ﺟﻨﺔ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻗﺪﻡ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﷲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﻘﻬﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻠﺸﻲء ﻛﻦ ﻓﻴﻜﻮﻥ. ﺇﻥ ﺟﺪﺗﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺫﻛﺎء ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺑﺴﺎﻃﺔ : "ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺷﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ". ﺇﻧﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺃﻣﻴﻦ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ ﻛﻠﻬﺎ.. ﻓﺎﷲ ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﻭﺃﺟﺮﻯ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻭﻟﻜﻦ ﺭﺑﺎﻥ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﺠﺸﻊ ﻣﻸ ﺳﻔﻴﻨﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﻓﻐﺮﻗﺖ ﻓﻤﻀﻰ ﻳﺴﺐ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ .. ﻭﻣﺎ ﺫﻧﺐ ﺍﷲ؟! .. ﺍﷲ ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﺭﺧﺎء ﻭﺃﺟﺮﻯ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺧﻴﺮﺍ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺟﺸﻊ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﻃﻤﻌﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺷﺮﺍ. ﻣﺎ ﺃﺻﺪﻗﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻃﻴﺒﺔ. "ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺷﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ".
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
22
-4ﻭﻣﺎ ﺫﻧﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﻪ ﻗﺮﺁﻥ ؟ ﻫﺮﺵ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺭﺃﺳﻪ.. ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻧﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﻋﻦ ﺣﻔﺮﺓ ﺃﻭ ﻣﻄﺐ ﻳﺪﻕ ﻋﻨﻘﻲ ﻓﻴﻪ.. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻫﺪﻭء ﻭﻫﻮ ﻳﺮﺗﺐ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ : ﺣﺴﻨ ﺎ .. ﻭﻣﺎ ﺭﺃﻳﻚ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﻪ ﻗﺮﺁﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺘﺎﺏ.. ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺗﻪ ﻧﺒﻲ .. ﻣﺎ ﺫﻧﺒﻪ .. ﻭﻣﺎ ﻣﺼﻴﺮﻩ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ .. ﻣﺜﻞ ﺍﺳﻜﻴﻤﻮ ﻓﻲ ﺃﻗﺎﺻﻲ ﺍﻟﻘﻄﺒﻴﻦ ..ﺃﻭ ﺯﻧﺠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ .. ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻈﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺇﻟﻬﻜﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :ﺩﻋﻨﻲ ﺃﺻﺤﺢ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻚ ﺃﻭﻻ .. ﻓﻘﺪ ﺑﻨﻴﺖ ﺃﺳﺌﻠﺘﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺧﺎﻃﺌﺔ .. ﻓﺎﷲ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺮﻡ ﺃﺣﺪ ﺍ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﻭﺣﻴﻪ ﻭﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻭﺁﻳﺎﺗﻪ. ““ ﻭ ﺇ ﻥ ﻣ ﻦ ﺃ ﻣ ﺔ ﺇ ﻟ ﺎ ﺧﻠ ﺎ ﻓ ﻴﻬ ﺎ ﻧ ﺬ ﻳ ﺮ ““ ”24 “ ﻓﺎﻃﺮ. ““ ﻭ ﻟ ﻘ ﺪ ﺑ ﻌ ﺜ ﻨ ﺎ ﻓ ﻲ ﻛ ﻞ ﺃ ﻣ ﺔ ﺭ ﺳ ﻮﻻ ““ ”36“ ﺍﻟﻨﺤﻞ. ﻭﺍﻟﺮﺳﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎء ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻛﻞ ﺍﻟﺮﺳﻞ.. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﺁﻻﻑ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻋﻨﻬﻢ ﺷﻴﺌ ﺎ .. ﻭﺍﷲ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻨﺒﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ: ““ ﻣ ﻨ ﻬ ﻢ ﻣ ﻦ ﻗ ﺼ ﺼ ﻨ ﺎ ﻋ ﻠ ﻴ ﻚ ﻭ ﻣ ﻨ ﻬ ﻢ ﻣ ﻦ ﻟ ﻢ ﻧ ﻘ ﺼ ﺺ ﻋ ﻠ ﻴ ﻚ ““”78“ ﻏﺎﻓﺮ. ﻭﺍﷲ ﻳﻮﺣﻲ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﺤﻞ. ““ ﻭ ﺃ ﻭ ﺣ ﻰ ﺭ ﺑ ﻚ ﺇ ﻟ ﻰ ﺍﻟﻨ ﺤ ﻞ ﺃ ﻥ ﺍﺗ ﺨ ﺬ ﻱ ﻣ ﻦ ﺍﻟ ﺠ ﺒ ﺎﻝ ﺑ ﻴ ﻮﺗ ﺎ ﻭ ﻣ ﻦ ﺍﻟﺸ ﺠ ﺮ ﻭ ﻣ ﻤ ﺎ ﻳ ﻌ ﺮ ﺷ ﻮﻥ “ ““ ”68ﺍﻟﻨﺤﻞ. ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻛﺘﺎﺑ ﺎ ﻳﻠﻘﻴﻪ ﺟﺒﺮﻳﻞ .. ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻮﺭ ﺍ ﻳﻠﻘﻴﻪ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ.. ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻧﺸﺮﺍﺣ ﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺪﺭ .. ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻬﻤ ﺎ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
23
ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺸﻮﻋ ﺎ ﻭﺭﻫﺒﺔ ﻭﺗﻘﻮﻯ. ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻳﺮﻫﻒ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﻳﺮﻫﻒ ﺳﻤﻌﻪ ﺇﻻ ﻭﻳﺘﻠﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻓﻀﻼ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻤﻮﻥ ﺁﺫﺍﻧﻬﻢ ﻭﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻓﻼ ﺗﻨﻔﻌﻬﻢ ﻛﺘﺐ ﻭﻻ ﺭﺳﻞ ﻭﻻ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﻭﻟﻮ ﻛﺜﺮﺕ. ﻭﺍﷲ ﻗﺎﻝ ﺃﻧﻪ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء ..ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ. ﻭﻗﺪ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﷲ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﻳﻨﺬﺭ ﺃﺣﺪ ﺍ ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺬﺭ ﺁﺧﺮ ﻓﻴﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﺃﻫﻮﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ. ﻭﻣﻦ ﻳﺪﺭﻳﻨﺎ .. ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮﺩ ﻟﻔﺘﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻧﺠﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻓﻲ ﺭﻫﺒﺔ ﻫﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻣﻨﺠﻴﺔ ﻭﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻼﺗﻨ ﺎ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍءﺓ ﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻠﺔ ﻷﺩﻳﺎﻥ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﺰﻧﻮﺝ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﻴﻦ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﻢ ﺭﺳﻞ ﻭﺭﺳﺎﻻﺕ ﺳﻤﺎﻭﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺭﺳﺎﻻﺗﻨﺎ. ﻓﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺎﻭ ﻣﺎﻭ ﻣﺜﻼ ﻧﻘﺮﺃ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺈﻟﻪ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ " ﻣﻮﺟﺎﻳﻰ " ﻭﻳﺼﻔﻮﻧﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﺣﺪ ﻟﻢ ﻳﻠﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﻟﺪ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻛﻔﻮ ﻭﻻ ﺷﺒﻴﻪ .. ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻯ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭﻩ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ .. ﻭﺃﻧﻪ ﺧﺎﻟﻖ ﺭﺍﺯﻕ ﻭﻫﺎﺏ ﺭﺣﻴﻢ ﻳﺸﻔﻲ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﻭﻳﻨﺠﺪ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ ﻭﻳﻨﺰﻝ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺍﻟﺪﻋﺎء ﻭﻳﺼﻔﻮﻧﻪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺒﺮﻕ ﺧﻨﺠﺮﻩ ﻭﺍﻟﺮﻋﺪ ﻭﻗﻊ ﺧﻄﺎﻩ. ﺃﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟـ" ﻣﻮﺟﺎﻳﻰ " ﻫﻮ ﺇﻟﻬﻨﺎ ﺑﻌﻴﻨﻪ .. ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺟﺎءﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﻭﻣﺒﻠﻎ ﺟﺎء ﺑﻪ .. ﺛﻢ ﺗﻘﺎﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻛﺎﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﻓﺪﺧﻠﺖ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺍﺕ ﻓﺸﻮﻫﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺎء ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ. ﻭﻓﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻧﻴﺎﻡ ﻧﻴﺎﻡ ﻧﻘﺮﺃ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺈﻟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ " ﻣﺒﻮﻟﻲ" ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ " ﻣﺒﻮﻟﻲ " ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺴﻠﻂ ﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺷﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ .. ﻭﻳﻜﺎﻓﻲء ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ﺑﺎﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻭﺍﻷﻣﺎﻥ. ﻭﻓﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﻠﻮﻙ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺈﻟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ " ﺟﻮﻙ " ﻭﻳﺼﻔﻮﻧﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺧﻔﻲ ﻭﻇﺎﻫﺮ .. ﻭﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺃﻧﻪ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲء. ﻭﻓﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﺪﻧﻜﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺈﻟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ " ﻧﻴﺎﻻﻙ " ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
24
ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﺔ .. ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎء .. ﺃﻭ ﺍﻷﻋﻠﻰ. ﻣﺎﺫﺍ ﻧﺴﻤﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﺇﺳﻼﻡ. ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺭﺳﺎﻻﺕ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻫﺆﻻء ﺍﻷﻗﻮﺍﻡ ﺭﺳﻞ. ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻮﺍﺣﺪ. ““ ﺇ ﻥ ﺍﻟ ﺬ ﻳ ﻦ ﺁﻣ ﻨ ﻮﺍ ﻭ ﺍﻟ ﺬ ﻳ ﻦ ﻫ ﺎﺩ ﻭﺍ ﻭ ﺍﻟﻨ ﺼ ﺎﺭ ﻯ ﻭ ﺍﻟﺼ ﺎﺑ ﺌ ﻴﻦ ﻣ ﻦ ﺁ ﻣ ﻦ ﺑ ﺎﻟﻠ ﻪ ﻭ ﺍﻟ ﻴ ﻮ ﻡ ﺍﻵﺧ ﺮ ﻭ ﻋ ﻤ ﻞ ﺻ ﺎﻟ ﺤﺎ ﻓ ﻠ ﻬ ﻢ ﺃ ﺟ ﺮ ﻫ ﻢ ﻋ ﻨﺪ ﺭ ﺑ ﻬ ﻢ ﻭ ﻻ ﺧ ﻮ ﻑ ﻋ ﻠﻴ ﻬ ﻢ ﻭ ﻻ ﻫ ﻢ ﻳ ﺤ ﺰ ﻧ ﻮﻥ““ ”62“ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ. ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺎﺑﺌﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﷲ ﻭﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺑﺎﻵﺧﺮﺓ ﻭﺍﻟﺒﻌﺚ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ ﻓﻠﻬﻢ ﺃﺟﺮﻫﻢ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ. ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﷲ ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﺪ ﺃﻋﻤﻰ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﺪ ﻣﺒﺼﺮﺍ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻋﺎﺵ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﺭﺁﻩ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻭﻫﻮ ﻳﺸﻖ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺑﻌﺼﺎﻩ .. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻋﺎﺵ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻭﺭﺁﻩ ﻳﺤﻴﻰ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ..ﺃﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻼ ﻧﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺇﻻ ﺳﻤﻌ ﺎ .. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻛﺎﻟﻌﻴﺎﻥ.. ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﻛﻤﻦ ﺳﻤﻊ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻋﺪﻣﻪ ﻟﻴﺲ ﺭﻫﻨ ﺎ ﺑﺎﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ. ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺪﻭﻥ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻬﻢ ﻓﻼ ﻳﺰﻳﺪ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ" ﺳﺤﺮ ﻣﻔﺘﺮﻯ". ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺛﻼﺛﺔ .. ﺗﻮﺭﺍﺓ ﻭﺇﻧﺠﻴﻞ ﻭﻗﺮﺁﻥ ﻭﺑﻠﻐﺘﻪ .. ﻓﻠﻢ ﺗﺰﺩﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺇﻻ ﺇﻏﺮﺍﻗ ﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺪﻝ .. ﻭﺣﺘﻰ ﻳﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻛﻠﻪ ﺃﺣﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﺠﻬﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ﻟﻢ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺘﺎﺏ.. ﻭﺭﺍﺡ ﻳﺴﺄﻟﻨﺎ .. ﻭﻣﺎ ﺑﺎﻟﻜﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﻪ ﻗﺮﺁﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺘﺎﺏ.. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
25
ﻣﻠﺘﻤﺴ ﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺛﻐﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺃﻭ ﻣﻮﻫﻤ ﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﺒﺚ. ﻭﻫﻮ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﺄﻟﻨﺎ " ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﷲ .. " ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﺸﻬﺪ ﺍﷲ ﻭﺍﺣﺪ ﺍ ﻋﻠﻰ ﺁﻳﺎﺗﻪ ..ﻭﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺁﺧﺮ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺇﻻ ﺳﻤﻌ ﺎ. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﺣﻤﺔ ﺑﻞ ﻧﻘﻤﺔ ﺃﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺍﷲ ﻷﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻃﻠﺒﻮﺍ ﻧﺰﻭﻝ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻣﺤﺬﺭ ﺍ : ““ ﺇ ﻧ ﻲ ﻣ ﻨ ﺰ ﻟ ﻬ ﺎ ﻋ ﻠ ﻴ ﻜ ﻢ ﻓ ﻤ ﻦ ﻳ ﻜ ﻔ ﺮ ﺑ ﻌ ﺪ ﻣ ﻨﻜ ﻢ ﻓ ﺈ ﻧ ﻲ ﺃ ﻋ ﺬ ﺑ ﻪ ﻋ ﺬ ﺍﺑ ﺎ ﻻ ﺃ ﻋ ﺬ ﺑ ﻪ ﺃ ﺣ ﺪ ﺍ ﻣ ﻦ ﺍﻟ ﻌ ﺎﻟ ﻤ ﻴﻦ ““ ”115 “ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ. ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻣﻊ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﻳﺄﺗﻲ ﺩﺍﺋﻤ ﺎ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻟﻤﻦ ﻳﻜﻔﺮ. ﻭﻃﻮﺑﻰ ﻟﻤﻦ ﺁﻣﻦ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﻉ ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﻣﻌﺠﺰﺓ. ﻭﺍﻟﻮﻳﻞ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺷﺎﻫﺪﻭﺍ ﻭﻟﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮﺍ. ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﻳﺪﻙ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻧﺬﻳﺮ ..ﻭﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻳﺼﺒﺢ ﻧﻘﻤﺔ ﻻ ﺭﺣﻤﺔ. ﻭﻋﺪﻡ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﻜﻴﻤﻮ ﺳﺎﻛﻦ ﺍﻟﻘﻄﺒﻴﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻋﻔﺎء ﻭﺗﺨﻔﻴﻔ ﺎ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻭﻣﻐﻔﺮﺓ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ .. ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻔﺘﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻜﻴﻤﻮ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﺫﺍﺕ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻩ .. ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻘﺒﻮﻟﻪ ﻣﺆﻣﻨ ﺎ ﻣﺨﻠﺼ ﺎ. ﺃﻣﺎ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﺮﺣﻢ ﺍﷲ ﻭﺍﺣﺪ ﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺮﺣﻢ ﺁﺧﺮ ﻓﻬﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺆﺳﺴﻪ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﻘﻠﻮﺏ. ““ ﻓ ﻌ ﻠ ﻢ ﻣ ﺎ ﻓ ﻲ ﻗ ﻠ ﻮﺑ ﻬ ﻢ ﻓ ﺄ ﻧﺰ ﻝ ﺍﻟﺴ ﻜ ﻴﻨ ﺔ ﻋ ﻠ ﻴ ﻬ ﻢ ﻭ ﺃ ﺛ ﺎﺑ ﻬ ﻢ ﻓ ﺘ ﺤ ﺎ ﻗ ﺮ ﻳﺒ ﺎ ““ ”18“ ﺍﻟﻔﺘﺢ. ﻭﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﺑﻨﺎ ﻭﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ ﻳﻤﺘﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻧﺰﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﺭﻭﺍ ﺣ ﺎ ﺣﻮﻝ ﻋﺮﺷﻪ ..ﻓﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻒ ﺣﻮﻝ ﻧﻮﺭﻩ .. ﻭﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻧﺼﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﻣﺴﺘﻤﺘﻌ ﺎ ﺑﺎﻟﻤﻠﻜﻮﺕ ﻭﻏﺎﻓﻼ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺧﺎﻟﻘﻪ .. ﻓﺎﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺳﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ .. ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ. ﻭﻣﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺷﻲء.. ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﻟﻢ ﻭﺣﺮﻣﺎﻥ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
26
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺄﻟﻨﻲ .. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﺍﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ﺧﻨﺰﻳﺮ ﺍ .. ﻻ ﺃﻣﻠﻚ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺟﻴﺒﻪ ﺑﺄﻥ ﺍﷲ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻟﻪ ﺛﻮﺑ ﺎ ﺧﻨﺰﻳﺮﻳ ﺎ ﻷﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻨﺰﻳﺮﻳﺔ ﻭﺃﻥ ﺧﻠﻘﻪ ﻫﻜﺬﺍ ﺣﻖ ﻭﻋﺪﻝ. ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺮﻯ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﻫﻲ ﻋﺪﻝ ﻟﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺇﻣﺎﻃﺔ ﺍﻟﻠﺜﺎﻡ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻟﻌﻞ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻫﻨﺎﻙ ﺁﺧﺮﺓ .. ﻭﻳﻮﻡ ﺗﻨﺼﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻳﻦ ﻭﻳﻨﺒﺌﻨﺎ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔﻨﺎ ﻓﻴﻪ. ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﺴﻮﻑ ﺃﺭﻳﺤﻚ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ .. ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻌﺬﺏ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﻧﺬﺭﻫﻢ ﺑﺎﻟﺮﺳﻞ. ““ﻭ ﻣ ﺎ ﻛ ﻨ ﺎ ﻣ ﻌ ﺬ ﺑ ﻴﻦ ﺣ ﺘ ﻰ ﻧ ﺒ ﻌ ﺚ ﺭ ﺳ ﻮﻻ “15” ““ ﺍﻹﺳﺮﺍء. ﻫﻞ ﺃﺭﺣﺖ ﻭﺍﺳﺘﺮﺣﺖ. ﺛﻢ ﺩﻋﻨﻲ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺻﺎﺣﺒﻲ.. ﺇﻥ ﺃﻋﺠﺐ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺆﺍﻟﻚ ﺃﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻳﻮﻫﻢ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻹﺷﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻧﺠﻲ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻭﻫﺪﻯ .. ﻣﻊ ﺃﻥ ﺣﻘﻴﻘﺘﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺑﻨﻮﺭﻩ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﻫﺪﺍﻩ ..ﻓﺴﺆﺍﻟﻚ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﺩﻋﺔ ﻭﻓﻴﻪ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻫﻲ " ﺍﻟﻠﻜﺎﻋﺔ " ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ .. ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﻘﻴﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺣﺠﺔ ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻙ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺃﻱ ﺣﺠﺔ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﻣﻌﻲ ﻳﺎ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺃﻥ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻋﻨﺪﻙ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﻼﺡ.
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
27
- 5ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻛﺎﻥ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻭﺍﺛﻘﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻞ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﻠﻮﻙ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺑﺒﻂء ﻟﻴﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ﻛﻴﻒ ﻳﻌﺬﺑﻨﺎ ﺍﷲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻧﺐ ﻣﺤﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻌﺬﺍﺏ ﻻ ﻣﺤﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺑﺪ “ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺧﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍ “ ﻭﻣﻦ ﻧﺤﻦ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻧﺴﺎﻭﻱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﻈﻤﺔ ﺍﷲ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺘﻘﻢ ﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ.. ﻭﻣﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ ﺫﺭﺓ ﺃﻭ ﻫﺒﺄﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺠﻼﻝ ﺍﷲ ﺃﻫﻮﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ .. ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻼﺷﻲء ﺑﻌﻴﻨﻪ. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺼﺤﺢ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻓﻨﻘﻮﻝ. ﺃﻭﻻ - ﺇﻧﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﺫﺭﺓ ﻭﻻ ﻫﺒﺄﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ .. ﻭﺇﻥ ﺷﺎﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻟﻴﺲ ﻫﻴﻨﺎ ﺑﻞ ﻋﻈﻴﻤﺎ .. ﺃﻟﻢ ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﻪ .. ﺃﻟﻢ ﻳﺴﺠﺪ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ.. ﺃﻟﻢ ﻳﻌﺪﻧﺎ ﺑﻤﻴﺮﺍﺙ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﺎ : “ ﻭﻟﻘﺪ ﻛﺮﻣﻨﺎ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻤﻠﻨﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺭﺯﻗﻨﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﺒﺎﺕ ﻭﻓﻀﻠﻨﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻤﻦ ﺧﻠﻘﻨﺎ ﺗﻔﻀﻴﻼ“ . ﺇﻥ ﻓﻴﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﷲ. ﻭﻧﺤﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻟﺴﻨﺎ ﺫﺭﺓ ﻭﻻ ﻫﺒﺄﺓ .. ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺒﺪﻭ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺟﺴﺎﺩﻧﺎ ﻛﺬﺭﺓ ﺃﻭ ﻫﺒﺄﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺴﻴﺢ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ. ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻻ ﻧﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻧﺴﺘﻮﻋﺒﻪ ﺑﻌﻘﻠﻨﺎ ﻭﻧﺪﺭﻙ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻪ ﻭﺃﻓﻼﻛﻪ ﻭﻧﺮﺳﻢ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
28
ﻟﻜﻞ ﻛﻮﻛﺐ ﻣﺪﺍﺭﻩ.. ﺛﻢ ﻳﻨﺰﻝ ﺭﺍﺋﺪ ﺍﻟﻔﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻓﻴﻜﺘﺸﻒ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻮﻋﺒﻨﺎﻩ ﺑﻌﻘﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎ .. ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺭﺳﻤﻨﺎﻩ ﻛﺎﻥ ﺩﻗﻴﻘﺎ. ﺃﻻ ﻳﺪﻝ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺣﻨﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺃﻧﻨﺎ ﻧﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﺎﺋﻼ: ﻭﺗﺤﺴﺐ ﺃﻧﻚ ﺟﺮﻡ ﺻﻐﻴﺮ *** ﻭﻓﻴﻚ ﺍﻧﻄﻮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻭﺇﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﺻﻔﺤﺎﺗﻪ. ﺇﺫﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﺨﻄﺮ. ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﷲ . ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ. ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﺳﺒﻨﺎ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﻼﻣﺤﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺑﺪ .. ﻓﻤﻐﺎﻟﻄﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻮﺍﺛﻖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ. ﻓﺎﷲ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﻤﺨﻠﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﻌﻤﻠﻮﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮﺍ.. ﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: “ ﻭﻟﻮ ﺭﺩﻭﺍ ﻟﻌﺎﺩﻭ ﺍ ﻟﻤﺎ ﻧﻬﻮﺍ ﻋﻨﻪ ﻭﺇﻧﻬﻢ ﻟﻜﺎﺫﺑﻮﻥ“. ﺃﻱ ﺃﻥ ﺫﻧﺒﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﺫﻧﺒﺎ ﻣﺤﺪﻭﺩﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﺼﻠﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺳﻮﻑ ﺗﺘﻜﺮﺭ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ .. ﻭﻟﻮ ﺭﺩﻭﺍ ﻟﻌﺎﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺫﻧﺒﻬﻢ ﻭﺇﻧﻬﻢ ﻟﻜﺎﺫﺑﻮﻥ. ﻫﻲ ﺇﺫﻥ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﺆﺑﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺳﻘﻄﺔ ﻋﺎﺭﺿﺔ ﻓﻲ ﻇﺮﻑ ﻋﺎﺭﺽ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
29
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺁﺧﺮ: “ ﻳﻮﻡ ﻳﺒﻌﺜﻬﻢ ﺍﷲ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﻴﺤﻠﻔﻮﻥ ﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﻠﻔﻮﻥ ﻟﻜﻢ ﻭﻳﺤﺴﺒﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء .. ﺃﻻ ﺇﻧﻬﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﻮﻥ“ . ﻫﻨﺎ ﻟﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻮﺍﺟﻬﻮﻥ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﻫﻢ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻳﻮﻡ ﺗﺮﻓﻊ ﺍﻟﺤﺠﺐ ﻭﻳﻨﻜﺸﻒ ﺍﻟﻐﻄﺎء .. ﻭﻫﺬﺍ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﺒﺮﻭﺕ ﻭﺍﻟﺼﻠﻒ. ﻭﻟﺴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺫﻧﺐ ﻣﺤﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ . ﺑﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺫﻧﺐ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻄﻮﻯ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ .. ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﻔﺲ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺷﺮﻫﺎ ﺍﻷﺑﺪﻱ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺗﺄﺑﻴﺪ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﺪﻻ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺗﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻵﻳﺔ ﻓﻲ ﺻﺮﺍﺣﺔ: “ ﻭﻣﺎ ﻫﻢ ﺑﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ “ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ: ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺆﻻء ﺃﻧﻬﻢ ﺳﻮﻑ ﻳﺘﻌﻮﺩﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ .. ﻭﺗﺼﺒﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻵﺑﺎﺩ ﺍﻟﻤﺆﺑﺪﺓ ﺑﻴﺌﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻼﺋﻤﺔ. ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺠﺎﻧﺴﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺠﺮﻣﺔ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ.. ﻓﺒﻌﺾ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺷﻌﻠﺔ ﺣﺴﺪ ﻭﺣﻘﺪ ﻭﺷﻬﻮﺓ ﻭﻏﻴﺮﺓ ﻭﻏﻞ ﻭﺿﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﻨﻘﻤﺔ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﺪﻣﺔ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻧﺎﺭ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺳﻼﻡ .. ﺯﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺤﻴﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺸﻌﻞ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺣﺮﺑﺎ .. ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻀﺮﻡ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ .. ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﻫﻲ ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
30
ﻭﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺮﺍﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺸﻲء ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ.. ﻓﻠﻮ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻤﺎ ﺗﺬﻭﻗﺘﻬﺎ. ﺃﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻓﺾ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ؟ ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻓﻬﻤﺎ ﻭﺍﺳﻊ ﺍﻷﻓﻖ .. ﻓﺎﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻮﺍﻳﺔ . ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺮﻳﻖ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻱ ﻓﺎﷲ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺬﻧﺒﻴﻦ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻭﻳﺘﻼﻋﻨﻮﻥ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺠﺮﺓ ﻟﻬﺎ ﺛﻤﺮ .. ﻫﻲ ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺰﻗﻮﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ .. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎء ﺣﻤﻴﻤﺎ ﻳﺸﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻤﻌﺬﺑﻮﻥ. ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺰﻗﻮﻡ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎء.. ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﻧﺎﺭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﺎﺭ: “ ﻛﻠﻤﺎ ﺩﺧﻠﺖ ﺃﻣﺔ ﻟﻌﻨﺖ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺍﺩﺍﺭﻛﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﺧﺮﺍﻫﻢ ﻷﻭﻻﻫﻢ ﺭﺑﻨﺎ ﻫﺆﻻء ﺃﺿﻠﻮﻧﺎ ﻓﺂﺗﻬﻢ ﻋﺬﺍﺑﺎ ﺿﻌﻔﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻗﺎﻝ ﻟﻜﻞ ﺿﻌﻒ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ “. ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻫﻲ ﻧﺎﺭ: “ﻭﻗﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ “ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺇﺫﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻐﻴﺐ.. ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ. ﻭﻻ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻨﻜﺮ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﻭﻧﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ.. ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﺻﺮﻳﺢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺸﻚ ﻓﻴﻪ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻮﺟﻮﺩﻩ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻭﻛﻴﻔﻴﺘﻪ .. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺃﻭﺻﺎﻓﻬﺎ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ.. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
31
ﻫﻲ ﻏﻴﺐ ﻣﺠﻬﻮﻝ ..ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻓﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ .. ﻧﺎﺭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﺎﺭ .. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺃﺟﺴﺎﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻫﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﺍﻟﻬﺸﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻨﺎ ﺍﻵﻥ... ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﻲء ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ .. ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻕ ﺧﻀﺎﺭ ﻭﺑﻠﺢ ﻭﺭﻣﺎﻥ ﻭﻋﻨﺐ .. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺿﺮﺏ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻭﺗﻘﺮﻳﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ. “ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻋﺪﺍﻟﻤﺘﻘﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎﺭ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻏﻴﺮ ﺁﺳﻦ ﻭﺃﻧﻬﺎﺭ ﻣﻦ ﻟﺒﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻃﻌﻤﻪ “ "ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ .. " ﺃﻱ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻀﺮﺏ ﻣﺜﻼ ﻳﻘﺮﺏ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺇﻟﻴﻚ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻏﻴﺐ. “ ﻓﻼ ﺗﻌﻠﻢ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﺃﺧﻔﻲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺮﺓ ﺃﻋﻴﻦ ﺟﺰﺍء ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ“ . “ ﺟﻨﺔ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ“ . ﻓﻬﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺣﺪﻳﻘﺔ. “ ﻭﻓﺎﻛﻬﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻻ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻭﻻ ﻣﻤﻨﻮﻋﺔ“ . ﻓﻬﻲ ﻏﻴﺮ ﻓﺎﻛﻬﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻘﻄﻮﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﻨﻮﻋﺔ .. ﻭﺧﻤﺮ: “ ﻻ ﻳﺼﺪﻋﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﻨﺰﻓﻮﻥ“ . ﻓﻬﻲ ﻏﻴﺮ ﺧﻤﺮﻧﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪﻉ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﺗﻨﺰﻑ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ: “ ﻭﻧﺰﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ ﻣﻦ ﻏﻞ “ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻧﻔﻮﺱ ﻃﻬﺮﺕ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﻧﻌﻠﻤﻬﺎ. ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺇﺫﺍ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻏﻴﺐ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻱ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﻟﻠﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻧﻌﻴﻢ ﺣﺴﻲ ﻭﻣﻌﻨﻮﻱ ﻣﻌﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻋﺬﺍﺏ ﺣﺴﻲ ﻭﻣﻌﻨﻮﻱ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺄﻛﻴﺪﻩ ﺃﻥ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻭﻛﻴﻔﻴﺎﺗﻪ ﻏﻴﺐ . ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻗﺎ ﻟﻠﻔﺎﻛﻬﺔ ﻭﺍﻟﺨﻀﺎﺭ ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﺮﻧﺎ ﻟﺸﻮﻱ ﺍﻟﻠﺤﻢ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
32
ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﻴﺲ ﺗﺠﺒﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﻭﺗﻌﺮﻳﻒ ﻭﺗﻘﻮﻳﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ . “ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﷲ ﺑﻌﺬﺍﺑﻜﻢ ﺇﻥ ﺷﻜﺮﺗﻢ ﻭﺁﻣﻨﺘﻢ “ ﻓﺎﻷﺻﻞ ﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ. ﻭﺍﷲ ﻻ ﻳﻌﺬﺏ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺼﺐ ﻋﺬﺍﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﺣﺪ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺸﻠﺖ ﻣﻌﻪ ﻛﻞ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺘﻔﻬﻴﻢ. “ ﻭﻟﻨﺬﻳﻘﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ“ . ﺳﻨﺔ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﺬﻳﻖ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻹﻳﻘﺎﻇﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺘﻬﻢ ﻭﻹﺯﻋﺎﺟﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻢ ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﺕ " .. ﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ" . ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻔﻠﺢ ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ .. ﻭﻇﻞ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭﻩ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺇﻻ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﺘﻌﺮﻳﻔﻪ.. ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ.. ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﺮﻛﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﻫﻢ ﻭﺟﻬﻠﻬﻢ ﻭﺃﻫﻤﻠﻬﻢ ﻟﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ﻇﻠﻤﺎ .. ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ.. ﻓﺎﻟﻌﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺆﻻء ﺍﻟﺠﻬﺎﻝ.. ﻋﻨﺎﻳﺔ. ﻭﻛﻞ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﷲ ﺭﺣﻤﺔ .. ﻳﺮﺣﻢ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﺑﺎﻟﺠﺤﻴﻢ ﺗﺄﺩﻳﺒﺎ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﺎ. ﻭﻳﺮﺣﻢ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻓﻀﻼ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ. “ ﻋﺬﺍﺑﻲ ﺃﺻﻴﺐ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﺷﺎء ﻭﺭﺣﻤﺘﻲ ﻭﺳﻌﺖ ﻛﻞ ﺷﻲء “ ﻓﺠﻌﻞ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺗﺴﻊ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ. ﺛﻢ ﺩﻋﻮﻧﺎ ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ .. ﺃﻳﻜﻮﻥ ﺍﷲ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﺪﻻ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ ﻟﻮ ﺃﻧﻪ ﺳﺎﻭﻯ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻔﺎﺣﻴﻦ ﻭﺿﺤﺎﻳﺎﻫﻢ ﻓﻘﺪﻡ ﻟﻠﻜﻞ ﺣﻔﻠﺔ ﺷﺎﻱ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
33
ﻭﻫﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ. ﻭﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﻌﺬﺏ ﻧﻘﻮﻝ :ﺃﻻ ﻳﻌﺬﺑﻨﺎ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺩﻧﻴﺎﻧﺎ ؟ .. ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺑﻌﻴﻨﻪ. ﻭﻣﻦ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻟﻤﻴﻜﺮﻭﺏ .. ؟!! ﺃﻟﻴﺴﺖ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺇﻧﺬﺍﺭﺍﺕ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﻟﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﺬﺏ.
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
34
-6ﻭﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ . ؟
ﻗﺎﻝ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ: _ﺃﻻ ﺗﻮﺍﻓﻘﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﺭﺟﻌﻴﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ؟ ﻭﺑﺪﺃ ﻳﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺎﺑﻌﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ ﻭﺑﻘﺎء ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ..ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﻭﺍﻟﻄﻼﻕ ﻓﻲ ﻳﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ..ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﻭﺍﻟﻬﺠﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﺟﻊ .. ﻭﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ .. ﻭﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻗﻮﺍﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎء .. ﻭﻧﺼﻴﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﻋﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ. ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﺘﺠﻤﻊ ﻧﻔﺴﻲ: ﺍﻟﺘﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻛﺜﻴﺮﺓ .. ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻄﻮﻝ ..ﻭﻟﻨﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ .. ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ .. ﻭﺃﻇﻨﻚ ﺗﻌﺮﻑ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ٬ ﻭﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺪ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﻮﺃﺩ ﻭﺍﻟﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻣﻞ ٬ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺘﺰﻭﺝ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﻳﻜﺮﻩ ﺟﻮﺍﺭﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻐﺎء ﻭﻳﻘﺒﺾ ﺍﻟﺜﻤﻦ .. ﻓﻜﺎﻥ ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺇﺑﺎﺣﺔ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺑﺄﺭﺑﻊ ﺗﻘﻴﻴﺪﺍ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻌﺪﻳﺪﺍ .. ﻭﻛﺎﻥ ﺇﻧﻘﺎﺫ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺒﺎﺩ ﻭﺍﻟﻤﺬﻟﺔ. ﻭﻫﻞ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺃﺳﻌﺪ ﺣﺎﻻ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺤﻼﻝ ﺍﻟﺸﺎﺋﻊ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﻌﺸﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﺰﻳﺠﺎﺕ ﺃﻟﻴﺲ ﺃ ﻛﺮﻡ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺯﻭﺟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻤﻦ ﺗﺤﺐ .. ﻟﻬﺎ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺸﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮ ﺗﺨﺘﻠﺲ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﻣﻦ ﻭﺭﺍء ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ ﺇﺑﺎﺣﺔ ﺷﺒﻪ ﻣﻌﻄﻠﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺷﺮﻁ ﺷﺮﻃﺎ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
35
ﺻﻌﺐ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎء. “ ﻭﺇﻥ ﺧﻔﺘﻢ ﺃﻻ ﺗﻌﺪﻟﻮﺍ ﻓﻮﺍﺣﺪﺓ “ “ ..ﻭﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺃﻥ ﺗﻌﺪﻟﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎء ﻭﻟﻮ ﺣﺮﺻﺘﻢ “ ﻓﻨﻔﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺺ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺺ ﻛﺎﻷﻧﺒﻴﺎء ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎء ﻭﻣﻦ ﻓﻲ ﺩﺭﺑﻬﻢ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻓﻬﻮ ﺃﻣﺮ ﻭﺍﺭﺩ ﻟﺰﻭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻦ ﻣﺜﻼ ﻋﻠﻴﺎ. “ ﻭﻗﺮﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻜﻦ“ . ﻭﻫﻲ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻣﺎ ﻭﺭﺑﺔ ﺑﻴﺖ ﺗﻔﺮﻍ ﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ﻭﻷﻭﻻﺩﻫ ﺎ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮﺭ ﺣﺎﻝ ﺃﻣﺔ ﻧﺴﺎﺅﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺐ ﻭﺃﻃﻔﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻀﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻤﻼﺟﺊ .. ﺃﺗﻜﻮﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﺣﺎﻻ ﺃﻭ ﺃﻣﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﻭﺭﺑﺎﺕ ﺑﻴﻮﺕ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﺮﺑﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﻀﺎﻧﺔ ﺃﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﻭﺍﻷﺳﺮﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ. ﺍﻟﺮﺩ ﻭﺍﺿﺢ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﻋﻤﻠﻬﺎ.. ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻘﻴﻬﺎﺕ ﻭﺷﺎﻋﺮﺍﺕ .. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺴﺎء ﻳﺨﺮﺟﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ.. ﻭﻳﺨﺮﺟﻦ ﻟﻠﻌﻠﻢ. ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﺍﻵﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﺎء ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻛﻤﺜﻞ ﻋﻠﻴﺎ ٬ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻭﻗﺪ ﺧﺮﺟﺖ ﻧﺴﺎء ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺍﺗﻪ. ﻭﻳﻨﺴﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻟﻤﻌﻮﻧﺔ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻓﻲ ﻛﻔﺎﺡ ﺷﺮﻳﻒ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻏﺒﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﻓﻬﻮ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ. ﻭﻗﺪ ﺃﺑﺎﺡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺴﺘﺮ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺫﻟﻚ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
36
ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﻉ ﻣﺮﻏﻮﺏ ﻭﺃﻥ ﺳﺘﺮ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻳﺰﻳﺪﻫﺎ ﺟﺎﺫﺑﻴﺔ. ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻌﺮﻱ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻳﻔﺘﺮ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ ﻭﻧﺮﻯ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻻ ﻳﺨﺎﻟﻂ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺇﻻ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭﺇﺫﺍ ﺣﻤﻠﺖ ﻗﺎﻃﻌﻬﺎ ﺳﻨﺘﻴﻦ. ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻮﺍﻃﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ ﺍﻟﻤﺒﺎﺡ ﻟﻠﻌﻴﻮﻥ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻌﺮﻳﺎﻥ ﺟﺎﺫﺑﻴﺘﻪ ﻭﻃﺮﺍﻓﺘﻪ ﻭﻓﺘﻨﺘﻪ ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺃﻣﺮﺍ ﻋﺎﺩﻳﺎ ﻻ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ. ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺃﻻ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺷﻲء ﻋﺎﺩﻱ ﻻ ﻳﺜﻴﺮ. ﺃﻣﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﻓﻴﻘﺎﺑﻠﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻭﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺑﺪﺕ ﺍﻟﻤﺒﺮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ. ﻭﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥ ﺗﺸﺘﺮﻁ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﻌﺼﻤﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﺪ .. ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻼﻕ. ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺣﻘﻮﻗﺎ ﻻ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ – ﻓﺎﻟﺰﻭﺟﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻬﺮﺍ .. ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ ﺗﺪﻓﻊ ﺩﻭﻃﺔ.. ﻭﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻟﻬﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺃﻣﻼﻛﻬﺎ.. ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ ﺗﻔﻘﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻼﻛﻬﺎ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻀﺮ ﺏ ﻭﺍﻟﻬﺠﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﺟﻊ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻨﺎﺷﺰ ﻓﻘﻂ .. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺔ ﻓﻠﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﻮﺩﺓ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ. ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﻭﺍﻟﻬﺠﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﺟﻊ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺸﻮﺯ .. ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺃﺣﺪﺙ ﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻌﺼﺮﻱ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺿﻲ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ. ﻭﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﻳﻘﺴﻢ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺿﻲ ﺇﻟﻰ ﻧﻮﻋﻴﻦ: "ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﺨﻀﻮﻋﻲ " ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ " ﻣﺎﺳﻮﺷﺰﻡ "masochismﻭﻫﻮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﺬ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﺄﻥ ﺗﻀﺮﺏ ﻭﺗﻌﺬﺏ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺨﺎﺿﻊ. ﻭﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ: ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
37
"ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﺘﺤﻜﻤﻲ " ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ " ﺳﺎﺩﺯﻡ " sadism ﻭﻫﻮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﺬ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﺄﻥ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻭﺗﺴﻴﻄﺮ ﻭﺗﺘﺠﺒﺮ ﻭﺗﺘﺴﻠﻂ ﻭﺗﻮﻗﻊ ﺍﻷﺫﻯ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ. ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻻ ﺣﻞ ﻟﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻧﺘﺰﺍﻉ ﺷﻮﻛﺘﻬﺎ ﻭﻛﺴﺮ ﺳﻼﺣﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﺑﻪ ٬ﻭﺳﻼﺡ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻧﻮﺛﺘﻬﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻬﺠﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺠﻊ ﻓﻼ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻬﺎ ﺳﻼﺡ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﺑﻪ.. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺠﺪ ﻟﺬﺗﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﺝ ..ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: “ ﻭﺍﻫﺠﺮﻭﻫﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﺟﻊ ﻭﺍﺿﺮﺑﻮﻫﻦ“ . ﺍﻋﺠﺎﺯﺍ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﻭﺗﻠﺨﻴﺼﺎ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻴﻦ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺪﺍﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻨﺎﺷﺰ ﻭﻋﻼﺟﻬﺎ. ﺃﻣﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ " ﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ " ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺠﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ .. ﻭﺍﺗﻬﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻴﻦ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺑﺄﻧﻪ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻕ.. ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻕ .. ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﺮﻕ. ﻭﻟﻮ ﻗﺮﺃﻧﺎ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ .. ﻭﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻓﺴﺲ ﻭﻣﺎ ﺃﻭﺻﻰ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎﻩ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺩﻋﻮﺓ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺳﺎﺩﺗﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﺍﻟﺮﺏ. "ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ .. ﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺳﺎﺩﺗﻜﻢ ﺑﺨﻮﻑ ﻭﺭﻋﺪﺓ ﻓﻲ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻛﻤﺎ ﺍﻟﺮﺏ " . ﻭﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ﺑﺘﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﺮﻕ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺳﺎﺩﺗﻬﻢ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﺍﻟﻤﺘﺪﺍﻭﻟﺔ ﻛﺎﻥ ﻧﺼﻴﺐ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺐ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ .. ﻭﻣﻦ ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﺑﻼ ﺣﺮﺏ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻆ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻗﻮﺍ ﺭﻗﻴﻘﺎ ﻭﺃﺳﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻳﻌﺮﺽ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﻳﻘﺘﻞ ﺷﻴﻮﺧﻬﺎ ﻭﺷﺒﺎﺑﻬﺎ ﻭﻧﺴﺎﺅﻫﺎ ﻭﺃﻃﻔﺎﻟﻬﺎ ﻭﻳﺬﺑﺤﻮﺍ ﺗﺬﺑﻴﺤﺎ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
38
ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﺮﻗﺎﻕ ﺇﺫﺍ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻲء ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻮﺻﻲ ﺑﻮﻻء ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻟﺴﻴﺪﻩ. ﻓﻨﺰﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺏ ﺳﻤﺎﻭﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﻓﻚ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ ﻭﻋﺘﻖ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ. ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺮﻕ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻭﺍﻟﺼﺮﻳﺢ .. ﻭﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺘﺴﺮﻳﺢ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ .. ﻷﻥ ﺗﺴﺮﻳﺤﻬﻢ ﻓﺠﺄﺓ ﻭﺑﺄﻣﺮ ﻗﺮﺁﻧﻲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﻫﻢ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﺑﺪﻭﻥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﻋﻤﻞ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺧﺮﻭﺝ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻷﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺤﺎﺫﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻳﺴﺘﺠﺪﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻤﺎﺭﺳﻮﻥ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺭﺓ ﻟﻴﺠﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻘﻤﺔ . ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻕ ٬ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﻫﻮ ﻗﻔﻞ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﻕ ﺛﻢ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻣﻨﻪ .. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺮﻕ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻫﻮ ﺍﺳﺘﺮﻗﺎﻕ ﺍﻷﺳﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻓﺄﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺄﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻷﺳﻴﺮ ﺃﻭ ﺗﺆﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﻓﺪﻳﺔ ﻭﺑﺄﻥ ﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﺍﻷﺳﺮﻯ ﺃﺭﻗﺎء. “ ﻓﺈﻣﺎ ﻣﻨﺎ ﺑﻌﺪ .. ﻭﺇﻣﺎ ﻓﺪﺍء“ . ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﻴﺮ ﻓﺘﻄﻠﻘﻪ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﷲ .. ﻭﺇﻣﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﻓﺪﻳﺔ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺗﺼﻔﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﺝ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺠﻌﻞ ﻓﻚ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ ﻭﻋﺘﻖ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﺻﻐﻴﺮﻫﺎ ﻭﻛﺒﻴﺮﻫﺎ ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺮﻕ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ. ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺄﺗﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻟﻤﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﻳﻤﻴﻨﻪ .. ﺃﺑﺎﺡ ﻟﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﺷﺮﻫﺎ ﻛﺰﻭﺟﺘﻪ. ﻭﻫﺬﻩ ﺣﻜﺎﻳﺔ " ﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ " ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﻛﺎﻟﺰﻭﺟﺔ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺗﻜﺮﻳﻤﺎ ﻻ ﺇﻫﺎﻧﺔ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﻭﻛﻴﻒ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺃﺧﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪﺍ ﻳﺪﺍﺱ ﺑﺎﻟﻘﺪﻡ. “ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺇﺧﻮﺓ“ . “ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻜﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﻭﺍﺣﺪﺓ“ . ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
39
“ ﻻ ﻳﺘﺨﺬ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﺃﺭﺑﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ“ . ﻭﻗﺪ ﺿﺮﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺒﻨﻰ ﻋﺒﺪﺍ ﺭﻗﻴﻘﺎ ﻫﻮ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﻓﺄﻋﺘﻘﻪ ﻭﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﺑﻨﻪ .. ﺛﻢ ﺯﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﺓ ﺳﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺯﻳﻨﺐ ﺑﻨﺖ ﺟﺤﺶ. ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﻜﺴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺠﻬﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ..ﻭﻟﻴﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ .. ﻭﻟﻴﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﺎﻝ ﺃﻥ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻋﺘﻖ ﺍﻟﺮﻗﺎﺏ. ﺃﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻗﻮﺍﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎء ﻓﻬﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺇﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎ. ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﺓ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﻟﻴﻨﻴﻦ ﻭﺳﺘﺎﻟﻴﻦ ﻭﺧﺮﻭﺷﻮﻑ ﻭﺑﻮﻟﺠﺎﻧﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ٬ ﻭﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﺭﺟﺎﻝ ٬ ﻭﻓﻲ ﻟﻨﺪﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﺭﺟﺎﻝ ٬ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻜﻤﻮﻥ ﻭﻳﺸﺮﻋﻮﻥ ﻭﻳﺨﺘﺮﻋﻮﻥ ٬ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎء ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺭﺟﺎﻻ ٬ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺭﺟﺎﻻ ٬ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻠﺤﻨﻴﻦ " ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻠﺤﻴﻦ ﺻﻨﻌﺔ ﺧﻴﺎﻝ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ "...... ﺭﺟﺎﻝ ٬ ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﺳﺎﺧﺮﺍ : ﺣﺘﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﻬﻲ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﻛﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺨﺼﺼﺎﺕ ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ ﺗﻔﻮﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺛﻢ ﺍﻧﻔﺮﺩﻭﺍ ﺑﻬﺎ . ﻭﻫﻲ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻻ ﺩﺧﻞ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ .. ﻓﻬﻲ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺤﻜﻢ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻻ ﻳﺤﻜﻢ ﻗﺮﺁﻥ. ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻗﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺼﻪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ. ﻭﺇﺫﺍ ﻇﻬﺮﺕ ﻭﺯﻳﺮﺓ ﺃﻭ ﺯﻋﻴﻤﺔ ﺃﻭ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻄﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻭﻯ ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﻹﺳﺘﺜﻨﺎء ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ . ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺳﺠﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻨﺼﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ ..ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻖ ﻭﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻮﻝ .. ﻭﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
40
ﻛﺎﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺪﻝ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﻊ ﻧﺴﺎﺋﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺤﺪﺏ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ..ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ: "ﺣﺒﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺩﻧﻴﺎﻛﻢ ﺍﻟﻨﺴﺎء ﻭﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻗﺮﺓ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ" . ﻓﺬﻛﺮ ﺍﻟﻨﺴﺎء ﻣﻊ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﺍﻟﻌﻄﺮ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻹﻋﺰﺍﺯ ٬ ﻭﻛﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺧﻄﺒﺔ ﻟﻪ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻟﻠﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻠﺸﺎﺭﻉ ﻓﻸﻧﻪ ﻋﻬﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎء ﻭﺍﻹﻧﺸﺎء ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻋﻬﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻫﻲ ﺗﻨﺸﺌﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥ ﺗﺆﺗﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ. ﻓﻬﻞ ﻇﻠﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻨﺴﺎء ؟!!
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
41
-7ﻫﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻓﻴﻮﻥ.. ؟
ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻭﻫﻮ ﻳﻐﻤﺰ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ: ﻭﻣﺎ ﺭﺍﻳﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻓﻴﻮﻥ!!... ﻭﺍﻧﻪ ﻳﺨﺪﺭ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍء ﻭﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ ﻟﻴﻨﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻇﻠﻤﻬﻢ ﻭﻓﻘﺮﻫﻢ ﻭﻳﺤﻠﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺤﻮﺭ ﺍﻟﻌﻴﻦ.. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻻﻏﻨﻴﺎء ﻋﻠﻰ ﻏﻨﺎﻫﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻧﻪ ﺣﻖ.. ﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺩﺭﺟﺎﺕ ... ؟. ﻭﻣﺎ ﺭﺍﻳﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ.. ﻭﺍﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻃﻠﻊ ﻣﻦ ﺍﻻﺭﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﻋﻲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺳﻼﺣﺎ ﻟﻄﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻘﺔ .. ؟ ﻭﻫﻮ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻴﻦ ﻭﺍﻓﻜﺎﺭﻫﻢ.. ﻗﻠﺖ: ﻟﻴﺲ ﺍﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻓﻴﻮﻥ .. ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻋﺒﺎء ﻭﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻭﺗﺒﻌﺎﺕ.. ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺨﻔﻴﻔﺎ ﻭﺗﺤﻠﻼ .. ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﻬﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺎﺕ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻓﻴﻮﻧﺎ.. ﻭﺩﻳﻨﻨﺎ ﻋﻤﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺴﻞ.. “ ﻭﻗﻞ ﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﻓﺴﻴﺮﻯ ﺍﷲ ﻋﻤﻠﻜﻢ “ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺘﻮﺍﻛﻞ.. ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻭﺍﺳﺘﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻮﺳﻊ.. ﻭﺑﺬﻝ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﻠﺔ . ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
42
ﺛﻢ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻘﻀﺎء ﺍﷲ ﻭﺣﻜﻤﻪ. “ ﻓﺎﺫﺍ ﻋﺰﻣﺖ ﻓﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ “ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﺍﻭﻻ.. ﻭﺍﻟﻨﺒﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻤﻦ ﺍﺭﺍﺩ ﺍﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﻧﺎﻗﺘﻪ ﺳﺎﺋﺒﺔ ﺗﻮﻛﻼ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﻆ ﺍﷲ “ ﺍﻋﻘﻠﻬﺎ ﻭﺗﻮﻛﻞ “ ﺃﻱ ﺍﺑﺬﻝ ﻭﺳﻌﻚ ﺍﻭﻻ ﻓﺜﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﺎﻟﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﻮﻛﻞ.. ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﺻﺤﻮ ﻭﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﻭﻳﻘﻈﺔ . ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻟﻠﻀﻤﻴﺮ.. ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﻛﻞ ﺧﺎﻃﺮ . ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻝ ﺍﻛﻞ ﺍﻻﻓﻴﻮﻥ. ﺍﻧﻤﺎ ﺍﻛﻞ ﺍﻻﻓﻴﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻜﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺗﺒﻌﺎﺗﻪ ﻭﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺎﺗﻪ. ﻭﻳﺘﺼﻮﺭ ﺍﻥ ﻟﺤﻈﺘﻪ ﻣﻠﻜﻪ .ﻭﺍﻧﻪ ﻻﺣﺴﻴﺐ ﻭﻻ ﺭﻗﻴﺐ ﻭﻻ ﺑﻌﺚ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ.. ﻓﻴﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻪ . ﻭﺍﻳﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺴﺌﻮﻻ ﻋﻦ ﺳﺎﺑﻊ ﺟﺎﺭ.. ﻭﺍﺫﺍ ﺟﺎﻉ ﻓﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻣﺘﻪ ﺍﻭ ﺿﺮﺑﺖ ﺩﺍﺑﺔ ﻋﺎﺗﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﻨﻘﻪ.. ﻭﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺍﻥ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻻﺭﺽ .. ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﻋﻲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.. ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺳﻼﺣﺎ ﻟﻄﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻘﺔ ﻭﺗﺜﺒﻴﺘﺎ ﻟﻐﻨﻰ ﺍﻻﻏﻨﻴﺎء ﻭﻓﻘﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍء.. ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ... ﻓﺎﻻﺳﻼﻡ ﺟﺎء ﺛﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻏﻨﻴﺎء ﻭﺍﻟﻜﺎﻧﺰﻳﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻐﻠﻴﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ.. ﻓﺎﻣﺮ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺑﺎﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﻏﻨﻴﺎء ﻳﺤﺘﻜﺮﻭﻧﻪ ﻭﻳﺘﺪﺍﻭﻟﻮﻧﻪ ﺑﻴﻨﻬﻢ.. ﻭﺍﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻘﺎ ﻟﻠﻜﻞ.. “ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻨﺰﻭﻥ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ ﻭﻻ ﻳﻨﻔﻘﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻓﺒﺸﺮﻫﻢ ﺑﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﻴﻢ “ ﻭﺍﻻﻧﻔﺎﻕ ﻳﺒﺪﺍ ﻣﻦ ﺯﻛﺎﺓ ﺍﺟﺒﺎﺭﻳﺔ “ 2٬5 “ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ.. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
43
ﺛﻢ ﻳﺘﺼﺎﻋﺪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺎ ﺍﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺐ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺪ. ﻓﻼ ﺗﺒﻘﻲ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﺍﻻ ﺧﺒﺰﻙ .. ﻛﻔﺎﻓﻚ.. “ ﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻚ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﻗﻞ ﺍﻟﻌﻔﻮ “ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺎﻑ ﻭﺍﻟﺤﺎﺟﺔ.. ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺟﻤﻊ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺠﺒﺮﻱ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ.. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻛﺮﻡ ﻟﻼﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﺰﻉ ﺍﻣﻼﻛﻪ ﺑﺎﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭﺓ.. ﻭﻭﺻﻞ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﻧﻔﺎﻕ ﺍﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﺭﻫﺎﻕ.. ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻟﻴﺜﺒﺖ ﻇﻠﻢ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ . ﺑﻞ ﺟﺎء ﺛﻮﺭﺓ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ. ﻭﺟﺎء ﺳﻴﻔﺎ ﻭﺣﺮﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﻄﻮﺍﻏﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻳﻦ.. ﺍﻣﺎ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻮﻗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺭﺟﻌﻲ ﻭﻃﺒﻘﻲ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺍﻻﻳﺎﺕ.. “ ﻭﺍﷲ ﻓﻀﻞ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﻕ “ “ ﻭﺭﻓﻌﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻮﻕ ﺑﻌﺾ ﺩﺭﺟﺎﺕ “ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺮﺩ ﺑﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻳﺎﺕ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭﺑﺮﻟﻴﻦ ﻭﻣﻮﺳﻜﻮ.. ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﺩﻣﺸﻖ ﻭﺟﺪﺓ.. ﻭﺍﺫﺍ ﻣﺸﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻓﺴﻮﻑ ﻧﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻠﻴﻪ.. ﻭﻣﻦ ﻳﺮﻛﺐ ﺑﺴﻜﻠﻴﺖ . ﻭﻣﻦ ﻳﺮﻛﺐ ﻋﺮﺑﺔ ﻣﻮﺳﻜﻮﻓﺘﺶ.. ﻭﻣﻦ ﻳﺮﻛﺐ ﻋﺮﺑﺔ ﺯﻳﻢ ﻓﺎﺧﺮﺓ.. ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻ ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﺗﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ.. ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ.. ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺍﻥ ﺗﻠﻐﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ.. ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺣﺘﻰ ﻏﻼﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻭﺍ ﺓ.. ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻓﻜﻴﻒ ﻧﺴﺎﻭﻱ ﺑﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﻴﻦ.. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
44
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮﻟﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺎء ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻫﺐ.. ﻳﻮﻟﺪﻭﻥ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء.. ﻭﺍﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻃﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.. ﺍﻥ ﻳﻠﻘﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﻌﻼﺝ ﻭﺍﻟﺤﺪ ﺍﻻﺩﻧﻰ ﻟﻠﻤﻌﻴﺸﺔ .. ﻭﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﺗﺤﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻻﺩﻳﺎﻥ.. ﺍﻣﺎ ﺍﻟﻐﺎء ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﻭﺍﻟﻐﺎء ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻭﺍﻻﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .. ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﻓﻲ ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ.. ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﻦ ﻧﺠﺪ ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻟﺘﻴﻠﺔ . ﻭﻗﺼﻴﺮ ﺍﻟﺘﻴﻠﺔ.. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻭﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻧﺠﺪ ﺍﻟﺮﺗﺐ ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻛﺜﺮ.. ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻛﻠﻪ ..ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻞ.. ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﺿﺤﺔ . ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮﻟﺪﻭﻥ ﺑﺨﻠﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻗﺎﻟﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻧﺴﺨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.. ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﺍﻉ ﻟﻤﻴﻼﺩﻫﻢ ﺍﺻﻼ. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻥ ﻧﺄﺗﻲ ﺑﻨﺴﺨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻞ.. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء.. ﻭﻻﻧﺘﻬﻰ ﺍﻻﻣﺮ ﺍﻟﻰ ﻓﻘﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻓﻼﺳﻬﺎ.. ﻭﺍﻧﻤﺎ ﻏﻨﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺧﺼﺒﻬﺎ ﻻﻳﻈﻬﺮ ﺍﻻ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻉ ﻓﻲ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ ﻭﻏﻼﺗﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻧﻬﺎ ﻭﺍﺻﻨﺎﻓﻬﺎ.. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﻜﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﻏﻨﻴﺎء ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍء.. ﺑﻞ ﺍﻣﺮ ﺑﺘﺼﺤﻴﺢ ﺍﻻﻭﺿﺎﻉ ﻭﺟﻌﻞ ﻟﻠﻔﻘﻴﺮ ﻧﺼﻴﺒﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻐﻨﻲ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
45
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻓﺘﻨﺔ ﻭﺍﻣﺘﺤﺎﻥ.. “ ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻟﺒﻌﺾ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﺗﺼﺒﺮﻭﻥ “ ﺳﻮﻑ ﻧﺮﻯ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺑﻘﻮﺗﻪ. ﻫﻞ ﻳﻨﺠﺪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎء ﺍﻭ ﻳﻀﺮﺏ ﻭﻳﻘﺘﻞ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺟﺒﺎﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻻﺭﺽ ... ؟ ﻭﺳﻮﻑ ﻧﺮﻯ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺑﻐﻨﺎﻩ.. ﻫﻞ ﻳﺴﺮﻑ ﻭﻳﻄﻐﻰ.. ؟ ﺍﻭ ﻳﻌﻄﻒ ﻭﻳﺤﺴﻦ .. ؟ ﻭﺳﻮﻑ ﻧﺮﻯ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺑﻔﻘﺮﻩ.. ﻫﻞ ﻳﺤﺴﺪ ﻭﻳﺤﻘﺪ ﻭﻳﺴﺮﻕ ﻭﻳﺨﺘﻠﺲ.. ﺍﻭ ﻳﻌﻤﻞ ﻭﻳﻜﺪ ﻭﻳﺠﺘﻬﺪ ﻟﻴﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻌﻴﺸﺘﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ.. ﻭﻗﺪ ﺍﻣﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻻﻭﺿﺎﻉ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﺹ.. ﻭﻫﺪﺩ ﺑﻌﺬﺍﺏ ﺍﻻﺧﺮﺓ ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻥ ﺍﻻﺧﺮﺓ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺍﻳﻀﺎ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻛﺜﺮ ﺗﻔﺎﻭﺗﺎ ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺮ ﺗﺼﺤﻴﺤﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﺭﺽ. ““ ﻭﻟﻼﺧﺮﺓ ﺍﻛﺒﺮ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻭﺍﻛﺒﺮ ﺗﻔﻀﻴﻼ“ “ ﻭﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﻤﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺗﻰ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﺗﻘﺪﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﻢ ﺍﻟﺤﻜﻢ. ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺬﺭﻭﺓ .. ﻭﺳﺒﻖ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺗﻔﻮﻕ ﻋﻠﻴﻪ ..ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻧﻪ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ. “ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﻧﻔﺲ ﺃﻭ ﻓﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻴﺎﻫﺎ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﺃﺣﻴﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﻤﻴﻌﺎ“ . ﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﺍﻟﻤﻨﺠﺰﺍﺕ ﻭﻻ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺪﻭﺩ ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺼﺎﻧﻊ .. ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﺮﺩﺍ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻇﻠﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺻﻼﺡ ٬ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﻤﻴﻌﺎ . ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
46
ﺫﺭﻭﺓ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺬﻫﺐ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻗﺪﻳﻢ ﺃﻭ ﺟﺪﻳﺪ ..ﻓﺎﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ .. ﻭﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺁﻣﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ .. ﻭﻓﻲ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ " ﻻ ﺗﺠﺴﺲ ﻭﻻ ﻏﻴﺒﺔ " ﺁﻣﻦ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺭﺯﻗﻪ ﻭﻣﻠﻜﻴﺘﻪ ﻭﺣﺮﻳﺘﻪ. ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺇﻓﺴﺎﺡ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ. ﻭﻗﺪ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺒﺮ ﻭﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ﻭﺍﻹﻧﻔﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﻟﻠﻨﺒﻲ " ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻛﻤﺎﻟﻪ ﻭﺻﻼﺣﻴﺘﻪ" . “ ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺠﺒﺎﺭ“ . “ ﻓﺬﻛﺮ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﻣﺬﻛﺮ .. ﻟﺴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻤﺴﻴﻄﺮ“ . “ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺇﺧﻮﺓ“ . ﻭﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺗﺄﻟﻴﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ: “ ﻻ ﻳﺘﺨﺬ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﺃﺭﺑﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﷲ“ . “ ﻭﻗﻀﻰ ﺭﺑﻚ ﺃﻻ ﺗﻌﺒﺪﻭﺍ ﺇﻻ ﺇﻳﺎﻩ“ . ﻭﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻮﻏﺎﺋﻴﺔ ﻭﺗﻤﻠﻖ ﺍﻟﺪﻫﻤﺎء ﻭﺍﻟﺴﻮﻗﺔ ﻭﺍﻟﺠﺮﻱ ﻭﺭﺍء ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﻠﻠﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻥ: “ ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ“ . “ ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ“ . “ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ“ . “ ﺇﻥ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺇﻻ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﺇﻥ ﻫﻢ ﺇﻻ ﻳﺨﺮﺻﻮﻥ " . “ ﻳﻜﺬﺑﻮﻥ" “ ﺇﻥ ﻫﻢ ﺇﻻ ﻛﺎﻷﻧﻌﺎﻡ ﺑﻞ ﻫﻢ ﺃﺿﻞ“ . ﻭﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ: “ ﺇﻥ ﺃﻛﺮﻣﻜﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺃﺗﻘﺎﻛﻢ“ . ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
47
“ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻜﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﻭﺍﺣﺪﺓ“ . ﻭﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﺟﺪﻟﻴﺎ ﺟﺎﻣﻌﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ٬ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﺍﻟﺠﺎﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻟﺴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ. ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ : ﻣﻦ ﺿﺮﺑﻚ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻙ ﺍﻷﻳﻤﻦ ﻓﺄﺩﺭ ﻟﻪ ﺍﻷﻳﺴﺮ. ﻭﺟﺎء ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺳﻄﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺮﻓﺖ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺣﺮﻑ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ ٬ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺭﻫﺒﺎﻧﻴﺔ ﺗﺎﻣﺔ ٬ﻭﻧﺎﺩﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻨﺎﻣﻮﺱ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ. “ ﻭﻟﻤﻦ ﺻﺒﺮ ﻭﻏﻔﺮ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻋﺰﻡ ﺍﻷﻣﻮﺭ“ . ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﻃﻠﻘﺖ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺳﺤﻘﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ .. ﻓﺈﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻟﻮﺳﻂ . “ ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻤﺎ ﺍﻛﺘﺴﺒﻮﺍ ﻭﻟﻠﻨﺴﺎء ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻤﺎ ﺍﻛﺘﺴﺒﻦ“ . ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺣﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺛﻤﺮﺓ ﺃﺭﺑﺎﺣﻪ ﻛﻠﻬﺎ .. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺼﻴﺐ .. ﻭﻟﻠﻔﻘﻴﺮ ﻧﺼﻴﺐ ﻳﺆﺧﺬ ﺯﻛﺎﺓ ﻭﺇﻧﻔﺎﻗﺎ ﻣﻦ 2.5 ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﺇﻟﻰ %90 ﺟﺒﺮﺍ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍ .. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺼﻴﺐ ﻟﻴﺲ ﺗﺼﺪﻗﺎ ﻭﺗﻔﻀﻼ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﻖ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﺢ .. ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺣﻔﻆ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭﻟﻠﻔﻘﻴﺮ ﺣﻘﻪ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﺻﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺃﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺎﺋﻼ: “ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺟﻌﻠﻨﺎﻛﻢ ﺃﻣﺔ ﻭﺳﻄﺎ“ . ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء. ﻭﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﻲ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﺠﺪﻟﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻤﻊ ﺍﻟﻨﻘﻴﻀﻴﻦ " ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ " ﻭﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻫﻤﺎ ﻭﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ .. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
48
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻤﻴﻦ ﻭﻳﺴﺎﺭ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻓﻴﻪ " ﺻﺮﺍﻁ " ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻴﻤﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺤﺮﻑ. ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻴﺪﻧﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺪﺳﺘﻮﺭ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺤﺪﺩ ﺃﻭ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻔﺼﻞ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﷲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺩﺳﺎﺗﻴﺮ ﻣﺘﻐﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺓ ٬ﻭﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺎ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻸﺧﺬ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎء ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﻧﻐﻼﻕ ﻋﻠﻰ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺑﻌﻴﻨﻪ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﻛﺨﺼﺎﺋﺺ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺍﻷﻣﺜﻞ .. ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺒﻠﻨﺎ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﺳﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺇﻋﺠﺎﺯﻩ ﻭﺗﻔﻮﻗﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻘﺮﺍ ﻭﻻ ﻧﻘﺼﺎ ﻓﻴﻪ. ﻭﺗﻠﻚ ﻟﻤﺴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﻤﺎﺕ. ﻭﻧﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻴﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺟﻤﻮﺩ ﻭﺗﺤﺠﺮ .. ﺑﺄﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﺑﺪﺍ ﺩﻳﻦ ﺗﺠﻤﺪ ﻭﺗﺤﺠﺮ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﺃﺑﺪﺍ ﺩﻳﻦ ﻧﻈﺮ ﻭﻓﻜﺮ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﻭﺗﻐﻴﻴﺮ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﺼﺮﻳﺤﺔ . “ ﻗﻞ ﺳﻴﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﻛﻴﻒ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺨﻠﻖ“ . “ ﻓﻠﻴﻨﻈﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻢ ﺧﻠﻖ .. ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﺎء ﺩﺍﻓﻖ .. ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻠﺐ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺋﺐ “ “ ﺃﻓﻼ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺑﻞ ﻛﻴﻒ ﺧﻠﻘﺖ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻛﻴﻒ ﺭﻓﻌﺖ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻛﻴﻒ ﻧﺼﺒﺖ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻴﻒ ﺳﻄﺤﺖ “ . ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻭﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﻓﻲ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻭﺃﻓﻼﻛﻬﺎ .. ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﺢ ﻭﺍﻟﻔﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺟﻨﺔ. ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺟﻤﻊ ﺍﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻒ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺨﻠﻖ .. ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺍﻵﻥ ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ. ﻭﻻ ﺧﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
49
ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻳﻜﺎﻓﺊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻭﻳﺨﻄﺊ ﺑﺄﺟﺮ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻭﻳﺼﻴﺐ ﺑﺄﺟﺮﻳﻦ. ﻭﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﻧﻨﺎ ﺗﺨﻠﻔﻨﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻭﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺎﻹﻟﺤﺎﺩ .. ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺃﻧﻨﺎ ﺗﺨﻠﻔﻨﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻫﺠﺮﻧﺎ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺩﻳﻨﻨﺎ. ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺄﺗﻤﺮﻭﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺣﻘﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻘﺪﻡ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﻋﻠﻤﺎء ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻴﺜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﺢ ﻭﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎء. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻋﻨﺎ ﻋﻠﻮﻣﻨﺎ .. ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻣﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺃﺑﺮﺍﺟﻬﺎ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺟﻢ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ .. ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﺘﻘﻄﻴﺮ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ imbiqueﻭﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻣﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ . imbiquerﻭﻟﻢ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺎﻹﻟﺤﺎﺩ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺨﻠﻂ ﻣﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﻦ ﻃﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﻣﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻭﺣﺠﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﻏﺎﻟﻴﻠﻴﻮ ﻭﺣﺮﻕ ﺟﻴﻮﺭﺩﺍﻧﻮ ﺑﺮﻭﻧﻮ. ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﻜﻤﺖ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺍﻧﺤﺮﻑ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺑﻮﺍﺕ ﻋﻦ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻋﻨﺼﺮ ﺗﺄﺧﺮ ..ﻓﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﻮﻥ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻨﺴﺤﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻫﻮ ﺧﻄﺄ .. ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺑﻮﻳﺔ ﻭﻻ ﻛﻬﻨﻮﺕ .. ﻭﺍﷲ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻭﺻﻴﺎء ﻭﻻ ﻭﺳﻄﺎء. ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺼﺮ ﺗﻘﺪﻡ ﻛﻤﺎ ﺷﺮﺣﻨﺎ ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﻜﺬﺑﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺰﺍﻋﻢ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ. ﻭﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ﺗﺤﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺗﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﻻ ﺗﻘﻴﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻱ ﺗﻨﺎﻗﺾ: “ ﻭﻗﻞ ﺭﺏ ﺯﺩﻧﻲ ﻋﻠﻤﺎ“ . ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
50
“ ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ“ . “ ﺷﻬﺪ ﺍﷲ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺃﻭﻟﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ“ . ﺟﻌﻞ ﺍﷲ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺃﻭﻟﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﻣﻘﺘﺮﻧﻴﻦ ﺑﺸﺮﻑ ﺍﺳﻤﻪ ﻭﻧﺴﺒﺘﻪ. ﻭﺃﻭﻝ ﺁﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﻭﺃﻭﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﻛﺎﻧﺖ " ﺍﻗﺮﺃ " ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻮﻋﻮﺩﻭﻥ ﺑﺄﺭﻓﻊ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ: “ ﻳﺮﻓﻊ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻣﻨﻜﻢ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺩﺭﺟﺎﺕ“ . ﻭﺗﺘﻜﺮﺭ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻧﺤﻮﺍ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻣﺮﺓ. ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻭ ﺣﺠﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ. ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﻓﻬﻤﻪ ﻣﻄﻠﻮﺏ ٬ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻠﻪ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺇﺣﻴﺎء ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ..ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺮﻱء ﻣﻦ ﺗﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺠﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ..ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻭﺻﻠﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ .. ﻷﻥ ﺍﷲ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻟﻦ ﻳﺘﻄﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺔ .. ﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻣﻄﻠﻖ .. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮ ﺷﺮ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﺧﻴﺮ .. ﻟﻦ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺣﻠﻴﺔ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻮﻥ. ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻹﺿﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ. ﻭﺟﻮﻫﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻭﻳﺤﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ. ﻭﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻔﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ " .. ﺃﻓﻼ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ " .. " ﺃﻓﻼ ﻳﻔﻘﻬﻮﻥ" . ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﻢ " ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ" . “ ﺷﺮ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺼﻢ ﺍﻟﺒﻜﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ“ . “ ﺃﻓﻠﻢ ﻳﺴﻴﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﻗﻠﻮﺏ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﺁﺫﺍﻥ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ ﺑﻬﺎ“ . ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﻟﺐ ﻭﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
51
ﻭﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻋﺼﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺭﻭﺣﻬﺎ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺑﺪﺍ ﺧﺎﻧﻌﺎ ﻭﻻ ﺳﻠﺒﻴﺎ. “ ﻭﻗﺎﺗﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ“ . “ ﺇﻥ ﺍﷲ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﺻﻔﺎ ﻛﺄﻧﻬﻢ ﺑﻨﻴﺎﻥ ﻣﺮﺻﻮﺹ“ . ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ .. ﻭﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻨﻜﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻘﺎﺏ٬ ﻭﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﺔ ﻓﻲ ﺻﻠﺐ ﺩﻳﻨﻨﺎ. ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺪﻳﻦ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﻭﻧﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﺠﺮ ﻭﺍﻟﺠﻤﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻖ ﻋﺰﻳﺰ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺩﻳﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﻗﺮﺁﻧﻪ ﺣﺮﻓﺎ.
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
52
-8ﺍﻟﺮﻭﺡ
ﻗﺎﻝ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻹﺷﻜﺎﻝ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻋﺴﻴﺮﺍ. _ﻣﺎ ﺩﻟﻴﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻪ ﺭﻭﺡ ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺒﻌﺚ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﺍﺏ .. ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻓﻲ ﺗﺤﻀﻴﺮ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ؟ ﻗﻠﺖ ﺑﻌﺪ ﺑﺮﻫﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮ: ﻻﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺻﻌﺐ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺿﺮﺏ ﻓﻲ ﺗﻴﻪ ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺻﻔﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻱ ﺻﻔﻜﻢ. ﻭﻣﻀﻴﺖ ﺑﺮﻫﺔ ﺃﻏﺮﻗﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺛﻢ ﻗﻠﺖ ﻣﺮﺩﻓﺎ: ﻓﻜﺮ ﻣﻌﻲ ﻗﻠﻴﻼ .. ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﻭﺡ.. ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺫﻭ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺰﺩﻭﺟﺔ. ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻪ ﻃﺒﻴﻌﺘﺎﻥ: ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻣﺸﻬﻮﺩﺓ ﻫﻲ ﺟﺴﺪﻩ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﻜﻞ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ٬ ﻓﻬﻲ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻣﺘﺤﻴﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﺘﺰﻣﻨﺔ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﺼﻴﺮﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﻭﻣﻦ ﻟﺤﻈﺔ ﺇﻟﻰ ﻟﺤﻈﺔ ﻓﺎﻟﺠﺴﺪ ﺗﺘﺪﺍﻭﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺽ ﺇﻟﻰ ﺳﻤﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺰﺍﻝ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺭﺩ ﺇﻟﻰ ﺷﺤﻮﺏ ﺇﻟﻰ ﻧﺸﺎﻁ ﺇﻟﻰ ﻛﺴﻞ ﺇﻟﻰ ﻧﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﻳﻘﻈﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺷﺒﻊ ٬ ﻭﻣﻠﺤﻖ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﺷﺮﻳﻂ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻃﻒ ﻭﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻭﻑ ﻻ ﻳﻜﻒ ﻟﺤﻈﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺮﻳﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ. ﻭﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﻬﺎ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺨﻮﺍﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺟﺴﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
53
ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﻸﻭﻟﻰ ﻭﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ. ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺴﻜﻮﻥ ﻭﺍﻟﻼﺯﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻼﻣﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻮﻣﺔ .. ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﻤﻌﺎﻳﻴﺮﻩ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻭﺃﻗﻴﺴﺘﻪ ﻭﻣﻘﻮﻻﺗﻪ .. ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻪ ٬ ﻭﺍﻟﺤﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ٬ ﻭﺍﻝ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ " ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﻭﺿﻤﻴﺮ ﻭﺣﺲ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻭﺣﺲ ﺃﺧﻼﻗﻲ ". ﻭﺍﻟـ ﺃﻧﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻬﺐ ﺑﺎﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺸﺒﻖ . ﺍﻟـ ﺃﻧﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻭﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﻮﺹ ﻭﺍﻟﻤﺜﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ..ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻫﻨﺎ ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻫﻨﺎ .. ﻭﻫﻮ ﺷﻌﻮﺭ ﺛﺎﺑﺖ ﻣﻤﺘﺪ ﻻ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﺴﻤﻦ ﻭﻻ ﻳﻬﺰﻝ ﻭﻻ ﻳﻤﺮﺽ ﻭﻻ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻥ .. ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺽ ﻭﺣﺎﺿﺮ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ .. ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ " ﺁﻥ " ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻻ ﻳﻨﺼﺮﻡ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺼﺮﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ.. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺷﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺪﻭﺍﻡ .. ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻮﻣﺔ. ﻫﻨﺎ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻻ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻓﻼ ﻫﻮ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﻻ ﻫﻮ ﻳﺘﺤﻴﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﻳﺘﺰﻣﻦ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﻻ ﻫﻮ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .. ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻫﻮ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻴﺲ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﺮﻑ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻧﺴﺒﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ. ﻭﺃﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﻧﺼﻒ ﺑﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﻧﻪ ﺭﻭﺣﻲ ﻭﺃﻥ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺭﻭﺣﻴﺔ. ﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺴﺄﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ. ﺃﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺘﻴﻦ ﻫﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻘﺎ. ﻫﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ ﺟﺴﺪﻩ ﺃﻭ ﺭﻭﺣﻪ. ﻭﻟﻨﻌﺮﻑ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﺤﺚ ﺃﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺘﻴﻦ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺮﻯ. ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫﻮ ﺟﺴﺪﻩ ٬ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﻭﻣﻨﻄﻖ ﻭﺣﺲ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﻭﺣﺲ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﻭﺿﻤﻴﺮ ﻭﻫﺬﻩ " ﺍﻟﺘﺨﺮﻳﻔﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺃﻭ ﺍﻟـ ﺃﻧﺎ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﻣﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ ﺛﺎﻧﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻪ ﻳﺄﺗﻤﺮ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
54
ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻭﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺘﻪ ﻭﻳﺘﻮﻟﻰ ﺇﺷﺒﺎﻉ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ ﻭﺃﻫﻮﺍﺋﻪ. ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻴﻦ ﻭﻫﻮ ﺧﻄﺄ ٬ ﻓﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺗﺎﺑﻊ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺘﺒﻮﻋﺎ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﻭﻟﻴﺲ ﺁﻣﺮﺍ ﺃﻻ ﻳﺠﻮﻉ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻓﻨﺮﻓﺾ ﺇﻣﺪﺍﺩﻩ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ ﻷﻧﻨﺎ ﻗﺮﺭﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺼﻮﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﷲ .. ﺃﻻ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺑﺸﻬﻮﺓ ﻓﻨﺰﺟﺮﻩ ؟! ﺃﻻ ﻧﺼﺤﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻓﻴﺒﺪﺃ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺧﻄﺔ ﻋﻤﻞ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺻﻨﻒ ﺑﻨﻮﺩﻫﺎ ﺑﻨﺪﺍ ﺑﻨﺪﺍ .. ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻫﻨﺎ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺒﻮﻉ ؟ ﻭﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻔﺪﺍﺋﻲ ﺣﺰﺍﻡ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺖ ﺣﻮﻝ ﺟﺴﺪﻩ ﻭﻳﺘﻘﺪﻡ ﻟﻴﺤﻄﻢ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﻭﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ .. ﺃﻳﻦ ﺟﺴﺪﻩ ﻫﻨﺎ .. ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﻘﻘﻬﺎ ﺑﻤﻮﺗﻪ .. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻵﺧﺮ .. ﺇﻥ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺗﻘﺮﺭ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮﻫﺎ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﺎﺩﻱ ﺑﺄﻱ ﻣﻜﺴﺐ ﻣﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ .. ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺃﻱ ﻗﻮﺓ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺘﻪ ٬ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﺗﻤﺎﻣﺎ ..ﻭﻫﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻱ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﻫﻮ ﺍﻷﻋﻠﻰ .. ﻭﺃﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺘﻴﻦ ﻫﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻘﺎ. ﻭﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻱ .. ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﺍﻵﻥ ﻣﻦ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﺒﺘﺮ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﻭﺯﺭﻉ ﺍﻷﻋﻀﺎء .. ﻭﻣﺎ ﻧﻘﺮﺃﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺑﻨﻚ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺑﻨﻚ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭﻣﺨﺎﺯﻥ ﺍﻹﻛﺴﺴﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺮﻱ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺴﻴﻘﺎﻥ ﻭﺍﻷﺫﺭﻉ ﻭﺍﻟﻘﻠﻮﺏ. ﻭﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻜﺘﺔ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻌﺮﻳﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻭﺳﻪ ﺳﻨﺔ 2000 ﻓﻴﺠﺪﻫﺎ ﺗﺨﻠﻊ ﻃﻘﻢ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﺒﺎﺭﻭﻛﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﻭﺗﺸﻮﻙ ﻭﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﻕ ﺍﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ﻓﻼ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻫﻴﻜﻞ ﻣﺜﻞ ﺷﺎﺳﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺑﻌﺪ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺠﻠﺪ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻲ ﻭﺍﻷﺑﻮﺍﺏ. ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻚ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﻪ ﻭﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻟﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﺷﻲء ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬﺭﺍﻉ ﺃﻭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻕ ﺃﻭ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻬﺪ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎء ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .. ﻓﻬﺎ ﻫﻲ ﺗﻨﻘﻞ ﻭﺗﺴﺘﺒﺪﻝ ﻭﺗﻮﺿﻊ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺑﻄﺎﺭﻳﺎﺕ ﻭﻣﺴﺎﻣﻴﺮ ﻭﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻮﻣﻨﻴﻮﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﺷﻲء ..ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻫﺬﻩ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
55
ﺍﻷﻋﻀﺎء ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻟﺘﺪﻳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﻛﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺍﻟﺠﺴﺪ . ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺜﻠﻬﺎ ﻣﺠﻠﺲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﻳﺎ ﺍﻟﻤﺦ .. ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻤﺦ. ﻓﺎﻟﻤﺦ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﺧﻼﻳﺎ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻳﺼﺪﻉ ﺑﺎﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﻔﺎﺯ ﻟﻬﺎ .. ﻗﻔﺎﺯ ﺗﻠﺒﺴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﺗﺘﺼﺮﻑ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ. ﻧﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻪ ﻃﺒﻴﻌﺘﺎﻥ: ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻫﻲ ﺭﻭﺣﻪ. ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﺯﺍﺋﻠﺔ ﻫﻲ ﺟﺴﺪﻩ. ﻭﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺰﺍﺋﻠﺔ ﺗﻠﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﻝ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ ﺗﻠﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﺨﻠﻮﺩ ﻓﻴﻠﺘﺤﻖ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺏ ﻭﺗﻠﺘﺤﻖ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺑﻌﺎﻟﻤﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ. ﻭﻟﻌﺸﺎﻕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻧﻘﺪﻡ ﺩﻟﻴﻼ ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ. ﻓﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﺻﺪﻫﺎ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﻙ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺃﻥ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﻘﻒ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﺘﺮﺻﺪﻫﺎ .. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺗﺄﺗ ﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻟﺤﻈﺔ ﻭﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﻧﺴﻴﺮ ﻣﺘﺤﺮﻙ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻭﺍﻗﻒ ﺃﻡ ﻣﺘﺤﺮﻙ ﻷﻧﻚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻗﻄﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻪ .. ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﺩﺭﺍﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﺕ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻷﺳﺎﻧﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ. ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻗﻄﺎﺭ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﻨﻌﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺒﺎﻥ .. ﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ ﻭﺃﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﻟﺤﻈﺔ ﺷﺮﻭﻋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺃﻭ ﻟﺤﻈﺔ ﺇﻃﻼﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ. ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺭﺻﺪ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺃﻧﺖ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺭﺻﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺃﻭ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
56
ﺍﻷﺭﺽ .. ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺭﺻﺪ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺴﻜﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺭﺻﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺮ. ﻻ ﺗﺴ ﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺰء ﺍﻟﻤﺪﺭﻙ ﻓﻴﻨﺎ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻭﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ " ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺧﻠﻮﺩ. " ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺇﺩﺭﺍﻛﻨﺎ ﻳﻘﻔﺰ ﻣﻊ ﻋﻘﺮﺏ ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻲ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻲ ﺃﺑﺪﺍ ٬ ﻭﻻ ﻧﺼﺮﻡ ﺇﺩﺭﺍﻛﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺼﺮﻡ ﺍﻟﺜﻮﺍﻧﻲ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻼﺣﻆ ﺷﻴﺌﺎ. ﻭﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺟﺰءﺍ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﺧﺎﺭﺟﺎ ﻋﻦ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻨﻲ " ﺃﻱ ﺧﺎﻟﺪ " ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺣﻆ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻣﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺳﻜﻮﻥ ﻭﻳﺪﺭﻛﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺭﻁ ﻓﻴﻪ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﻜﺒﺮ ﻭﻻ ﻳﺸﻴﺦ ﻭﻻ ﻳﻬﺮﻡ ﻭﻻ ﻳﻨﺼﺮﻡ .. ﻭﻳﻮﻡ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺗﺮﺍﺑﺎ ﺳﻮﻑ ﻳﻈﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰء ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ ﺣﻴﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﻭﺡ. ﻭﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺤﺲ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﻀﻮﺭ ﻭﺩﻳﻤﻮﻣﺔ ﻭﺷﺨﻮﺹ ﻭﻛﻴﻨﻮﻧﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻘﻠﺐ ﺍﻟﻨﺎﺑﺾ ﻣﻊ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺧﺎﺭﺟﻪ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺪﺭﻛﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﻮ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﻤﻴﺘﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﻀﻮﺭ .. ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﺩﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺑﺪﺍﺧﻠﻨﺎ ﻭﻳﻀﻊ ﻳﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻐﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﻤﻪ ﺍﻟﺮﻭﺡ... ﻭﺩﻟﻴﻞ ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻨﺎ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻫﻮ ﺷﻌﻮﺭﻧﺎ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ٬ ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺎ ﺃﺟﺴﺎﻣﺎ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺿﻤﻦ ﺇﻃﺎﺭ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺗﻜﻤﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻔﻄﺮﻱ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ. ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺗﺘﺨﻄﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺗﺘﺨﻄﻰ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ. ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﺇﺫﺍ. ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺃﺣﺪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﻴﺨﺒﺮﻧﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﺟﺮﻯ ﻟﻪ. ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
57
ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﻟﻨﻘﺪﻡ ﺩﻟﻴﻼ ﻣﻠﻤﻮﺳﺎ ﺃﻭ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻴﺎﻥ. ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﺃﻧﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻳﺮﺟﺤﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﺮﺟﺤﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ؟ ﻷﻥ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻇﻮﺍﻫﺮﻩ ﺗﺸﻴﺮ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻮﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﺪء ﻭﺩﻭﺭﺓ ﻟﻜﻞ ﺷﻲء .. ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻴﺄﺗﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٬ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﺸﺮﻕ ﺛﻢ ﺗﻐﺮﺏ ﺛﻢ ﺗﻌﻮﺩ ﻓﺘﺸﺮﻕ. ﺍﻟﺼﻴﻒ ﻭﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺸﺘﺎء ﻭﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺛﻢ ﺗﻌﻮﺩ ﻓﺘﺘﻜﺮﺭ ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻴﺄﺗﻲ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺛﻢ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﺛﻢ ﺍﻟﺸﺘﺎء ﺍﻟﺦ..ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻭﻧﻮﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻧﻌﻮﺩ ﻓﻨﺴﺘﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .. ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺟﺢ ﺃﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺭﻗﻮﺩ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻫﻨﺎﻙ ﺻﺤﻮﺓ ﺑﻌﺚ .. ﻷﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻮﺩﺍ ﻟﻜﻞ ﺷﻲء .. ﻭﺍﷲ ﻳﺴﻤﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﺒﺪﺉ ﺍﻟﻤﻌﻴﺪ. “ ﻛﻤﺎ ﺑﺪﺃﻛﻢ ﺗﻌﻮﺩﻭﻥ“ . “ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺛﻢ ﻳﻌﻴﺪﻩ“ . ﺃﻻ ﻳﺪﻭﺭ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻓﻠﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺮﺓ ٬ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻟﻪ ﺩﻭﺭﺍﺕ. ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﺩﺭﺓ ﺧﻠﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﻐﺮ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺮﻯ ﻧﺠﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء .. ﺣﺘﻰ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻐﺮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻓﻠﻚ ﺇﻟﻰ ﻓﻠﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﻄﻰ ﺃﻭ ﺃﺧﺬ ﻣﻘﺪﺍﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﺣﺮﻛﺘﻪ ..ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺭﺍﻛﺐ ﻗﻄﺎﺭ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ٬٬٬٬٬ ﺃﻱ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﺪﻭﻥ ﺗﺬﻛﺮﺓ .. ﻓﻜﻴﻒ ﻧﺘﺼﻮﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ٬٬٬٬٬ ﻳﻬﺮﺏ ﻗﺎﺗﻞ ﺃﻭ ﻳﻔﺮ ﻇﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍء ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺃﻧﻪ ﺿﻠﻞ ٬٬٬٬٬ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺃﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﺳﻴﻠﻘﻰ ﺟﺰﺍءﻩ ﺣﺘﻤﺎ ٬ ﻭﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻻﺑﺪ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺁﺧﺮ ﻳﺴﻮﻯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ .. ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺪﻝ. ﻭﻧﺤﻦ ﻣﻔﻄﻮﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻱ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
58
ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ. ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻈﻤﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎء ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺎء .. ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻈﻤﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﺪﻝ .. ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻓﻲ ﺩﻧﻴﺎﻧﺎ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻟﻪ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﺳﺎﻋﺔ ﺗﻨﺼﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻮﺍﺯﻳﻨﻪ. ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﺗﺸﻴﺮ ﻭﺗﺮﺟﺢ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺜﺎ ﻭﺣﺴﺎﺑﺎ ﻭﻋﺎﻟﻤﺎ ﺁﺧﺮ. ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺪﻕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻻﺕ ﻷﻧﻪ ﺁﻣﻦ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻭﺃﺭﺍﺡ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻝ. ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻧﺴﺄﻝ ,, ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺮﻭﺡ: “ ﻭﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻗﻞ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺭﺑﻲ ﻭﻣﺎ ﺃﻭﺗﻴﺘﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻼ “ ﻫﻲ ﻟﻐﺰ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ. ﻭﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﺃﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺟﺎء ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺫﻛﺮﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺭﺑﻲ. “ ﻳﻠﻘﻲ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ“ . “ ﻳﻨﺰﻝ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺎﻟﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ“ . “ ﺗﻨﺰﻝ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﻣﺮ“ . “ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﻭﺣﻴﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﺭﻭﺣﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻧﺎ “ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻛﻠﻤﺔ " ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻧﺎ " .. " ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ " " ..ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺭﺑﻲ .. " ﻛﻠﻤﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﺍﻟﺮﻭﺡ . ﺃﻳﻜﻮﻥ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﺭﻭﺣﺎ ؟ ﻭﻛﻠﻤﺔ ﺍﷲ ﺭﻭﺣﺎ ؟ ﺃﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺍﷲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻪ: “ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻨﻪ ﺍﺳﻤﻪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ“ . ﻭﺃﻧﻪ: “ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ ﻭﺭﻭﺡ ﻣﻨﻪ“ . ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
59
ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ..ﺍﻷﻣﺮ .. ﺍﻟﺮﻭﺡ .. ﻫﻞ ﻫﻲ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﺣﺪ. ﻫﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ. ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ. ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺳﺆﺍﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﺤﻀﻴﺮ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ. ﻭﺗﺤﻀﻴﺮ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺃﻣﺮ ﻣﺸﻜﻮﻙ ﻓﻴﻪ. ﻣﺸﻜﻮﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﻈﻠﻤﺔ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﺣﻀﻮﺭ ﺭﻭﺡ ﻓﻼﻥ ﺃﻭ ﻋﻼﻥ. ﻭﻣﻔﻜﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﺜﻞ ﻫﻨﺮﻱ ﺳﻮﺩﺭ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻣﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﻠﻮﺳﻴﻂ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻟﻠﻮﺳﻴﻂ ﺫﺍﺗﻪ ..ﻭﻻﺷﻲء ﻳﺤﻀﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮﺓ. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻭﻥ ﺍﻟﻬﻨﻮﺩ : ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻠﺒﺲ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ ﺃﺛﻨﺎء ﺍﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻫﻲ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺳﻔﻠﻴﺔ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺷﻴﺎء ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﻭﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﺑﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﻭﺍﻟﻀﺤﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻀﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﻦ ٬ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺃﺛﻨﺎء ﺣﻴﺎﺗﻪ .. ﻭﻫﻮ ﺑﺤﻜﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ .. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﻣﻌﻤﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺣﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﺻﺎﺣﺒﻪ .. ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ﻭﻳﻔﺸﻲ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﻳﻘﻠﺪ ﺻﻮﺗﻪ ﻭﻋﺎﺩﺍﺗﻪ ﻟﻴﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻦ ﻓﻲ ﻋﺪﺍﺋﻬﻢ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ. ﻭﻫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﺇﻧﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺩﻗﻘﻨﺎ ﺟﺮﺱ ﺍﻟﻤﻜﺘﺐ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻀﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ .. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﻬﻢ ﻭﻳﺤﻀﺮﻭﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﺬﺍﺟﺔ ﻭﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ .. ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺤﻀﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ﻭﻳﻬﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﻫﻲ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺴﻔﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻦ ﻭﻣﻦ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﺍﻫﻢ . ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺁﺧﺮ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭﻫﺎ.. ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻤﻦ ﺗﺤﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﺇﺫﺍ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﻼﺋﻤﺔ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻀﺮﻧﺎﻫﺎ ﻭﻣﻤﺎ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﺒﺮﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
60
ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻧﻘﻮﻝ: ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺩﻟﻴﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﻈﻠﻤﺔ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ. ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻵﺭﺍء ﺗﻔﺴﻴﺮﺍ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ. ﻭﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺒﺤﺚ. ﻭﻟﻸﺳﻒ ﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺍﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ .. ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻟﻢ ﺗﻘﻞ ﺑﻌﺪ. ﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻚ ﺳﻮﻑ ﺗﻀﺤﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺴﻔﻠﻴﺔ .. ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﻦ . ﻭﻟﻚ ﻋﺬﺭﻙ .. ﻓﺈﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺮﻭﺣﻚ ﺃﻧﺖ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺠﻨﻲ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺸﻴﺎﻃﻴﻨﻪ. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻭﻟﺪﺕ ﻣﻨﺬ ﻣﺌﺔ ﺳﻨﺔ ﻭﺟﺎءﻙ ﺭﺟﻞ ﻳﺤﺪﺛﻚ ﻋﻦ ﺃﺷﻌﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻮﺭﺓ ﺗﺨﺮﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ٬ ﻭﺻﻮﺭ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍء ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ ﻓﻲ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﺎﻧﻴﺔ ٬ ﻭﺭﺍﺋﺪ ﻓﻀﺎء ﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺍﺏ ﺍﻟﻘﻤﺮ .. ﺃﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻀﺤﻚ ﻭﺗﻘﻬﻘﻪ ﻭﺗﺴﺘﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎﻙ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﺗﻀﺤﻚ ﺍﻵﻥ .. ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻨﻔﺴﻚ .. ﻫﺬﺍ ﺭﺟﻞ ﻫﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﺫﻳﺐ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﻞء ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ ﺍﻵﻥ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
61
-9ﻫﻞ ﻣﻨﺎﺳﻚ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺛﻨﻴﺔ ؟
ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻭﻫﻮ ﻳﻔﺮﻙ ﻳﺪﻳﻪ ﺍﺭﺗﻴﺎﺣﺎ ﻭﻳﺒﺘﺴﻢ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺧﺒﻴﺜﺔ ﺗﺒﺪﻱ ﻧﻮﺍﺟﺬﻩ ﻭﻗﺪ ﻟﻤﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﻭ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﻼﻛﻢ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺄﻫﺐ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺿﺮﺑﺔ ﻗﺎﺿﻴﺔ. ﺃﻻ ﺗﻼﺣﻆ ﻣﻌﻲ ﺃﻥ ﻣﻨﺎﺳﻚ ﺍﻟﺤﺞ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻫﻲ ﻭﺛﻨﻴﺔ ﺻﺮﻳﺤﺔ . ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﻨﺎء ﺍﻟﺤﺠﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻤﻮﻧﻪ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻭﺗﺘﻤﺴﺤﻮﻥ ﺑﻪ ﻭﺗﻄﻮﻓﻮﻥ ﺣﻮﻟﻪ ٬ ﻭﺭﺟﻢ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ .. ﻭﺍﻟﻬﺮﻭﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎ ﻭﺍﻟﻤﺮﻭﺓ ٬ ﻭﺗﻘﺒﻴﻞ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ.. ﻭﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻃﻮﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺒﻊ ﺭﺟﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺒﻊ ﻫﺮﻭﻻﺕ ﻭﻫﻲ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺧﺮﺍﻓﺔ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﻄﻠﺴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ٬ ﻭﺛﻮﺏ ﺍﻹﺣﺮﺍﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﺒﺴﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺤﻢ.. ﻻ ﺗﺆﺍﺧﺬﻧﻲ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﺃﺟﺮﺣﻚ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺣﻴﺎء ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ. ﻭﺭﺍﺡ ﻳﻨﻔﺚ ﺩﺧﺎﻥ ﺳﻴﺠﺎﺭﺗﻪ ﺑﺒﻂء ﻭﻳﺮﺍﻗﺒﻨﻲ ﻣﻦ ﻭﺭﺍء ﻧﻈﺎﺭﺗﻪ.
ﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﻫﺪﻭء: ﺃﻻ ﺗﻼﺣﻆ ﻣﻌﻲ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺭﺳﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﻳﻄﻮﻑ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﻛﺒﺮ٬ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ٬ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺭﺽ ٬ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﻤﺲ ٬ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺠﺮﺓ ٬ ﻭﺍﻟﻤﺠﺮﺓ ﺣﻮﻝ ﻣﺠﺮﺓ ﺃﻛﺒﺮ ٬ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻧﺼﻞ ﺇﻟﻰ " ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
62
ﻣﻄﻠﻘﺎ " ﻭﻫﻮ ﺍﷲ .. ﺃﻻ ﻧﻘﻮﻝ " ﺍﷲ ﺃﻛﺒﺮ .. " ﺃﻱ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء .. ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻵﻥ ﺗﻄﻮﻑ ﺣﻮﻟﻪ ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻚ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻔﻚ ﻭﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﻑ ﻓﻼ ﺷﻲء ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺍﷲ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﻣﺪ ﺍﻟﺴﺎﻛﻦ ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﻮﻟﻪ .. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﻭﺍﻷﻛﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎء .. ﺃﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻨﻄﻮﻑ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻧﺎ ﺣﻮﻝ ﺑﻴﺖ ﺍﷲ.. ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﺑﻴﺖ ﺍﺗﺨﺬﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ .. ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﺤﻴﻖ ﺭﻣﺰﺍ ﻭﺑﻴﺘﺎ ﷲ.. ﺃﻻ ﺗﻄﻮﻓﻮﻥ ﺃﻧﺘﻢ ﺣﻮﻝ ﺭﺟﻞ ﻣﺤﻨﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺮﻣﻠﻴﻦ ﺗﻌﻈﻤﻮﻧﻪ ﻭﺗﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺃﻓﺎﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ٬ﻭﻟﻮ ﻋﺮﻓﺘﻢ ﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮ ﻗﺒﺮﺍ ﻟﺘﺴﺎﺑﻘﺘﻢ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻧﺘﺴﺎﺑﻖ ﺇﻟﻰ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ .. ﺃﻻ ﺗﻀﻌﻮﻥ ﺑﺎﻗﺔ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺐ ﺣﺠﺮﻱ ﻭﺗﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻣﺰ ﻟﻠﺠﻨﺪﻱ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺗﻠﻮﻣﻮﻧﻨﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﻠﻘﻲ ﺣﺠﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺐ ﺭﻣﺰﻱ ﻧﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ.. ﺃﻻ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻫﺮﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻴﻼﺩﻙ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺗﻚ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻚ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﺑﻨﻚ ﺍﻟﻬﺮﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻫﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎ " ﺍﻟﺼﻔﺎء ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻮﺍء ﺃﻭ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺭﻣﺰ ﻟﻠﻌﺪﻡ "ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﻭﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﺒﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.. ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺪﻡ .. ﺃﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺒﻨﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ .. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﻚ ﺍﻟﺤﺞ ﺗﻠﺨﻴﺼﺎ ﺭﻣﺰﻳﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻟﻜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ. ﻭﺭﻗﻢ 7 ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺨﺮ ﻣﻨﻪ .. ﺩﻋﻨﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻣﺎ ﺍﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ 7 ﺻﻮﻝ ﻻ ﺳﻲ ﺩﻭ ﺭﻱ ﻣﻲ ﻓﺎ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻳﺄﺗﻲ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﻟﺼﻮﻝ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .. ﻓﻼ ﻧﺠﺪ 8 ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﻊ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻫﻠﻢ ﺟﺮﺍ ٬ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﻒ ﺍﻟﻀﻮﺋﻲ 7 ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﺪﻭﺭ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﻧﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﻧﻮﺍﺓ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
63
ﻧﻄﺎﻗﺎﺕ 7 ﻭﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﻻ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ 7 ﻭﺇﺫﺍ ﻭﻟﺪ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﻮﺕ ﻭﺃﻳﺎﻡ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻭﻋﻨﺪ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ 7 ﻭﺿﻌﻮﻫﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺠﻠﺴﻮﺍ ﻭﻳﺘﻔﻘﻮﺍ .. ﺃﻻ ﻳﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء.. ﺃﻡ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺷﻌﻮﺫﺍﺕ ﻃﻠﺴﻤﻴﺔ. ﺃﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﺣﺒﻴﺒﺘﻚ .. ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻭﺛﻨﻲ ؟ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺗﻠﻮﻣﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻤﻠﻪ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﻪ ﻭﻗﺒﻠﻪ . ﻻ ﻭﺛﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻤﺮﺓ .. ﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﺠﻪ ﺑﻤﻨﺎﺳﻚ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﺫﺍﺗﻬﺎ .. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ. ﺇﻥ ﻣﻨﺎﺳﻚ ﺍﻟﺤﺞ ﻫﻲ ﻋﺪﺓ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺑﻌﺚ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ . ﺃﻣﺎ ﺛﻮﺏ ﺍﻹﺣﺮﺍﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻠﺒﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻭﻧﺸﺘﺮﻁ ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺨﻴﻄﺎ ﻓﻬﻮ ﺭﻣﺰ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﻠﺘﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ .. ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻧﺄﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻔﺔ ﻭﻧﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﻟﻔﺔ ﻭﻧﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻓﻲ ﻟﻔﺔ .. ﺃﻻ ﺗﺸﺘﺮﻃﻮﻥ ﺃﻧﺘﻢ ﻟﺒﺲ ﺍﻟﺒﺪﻝ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻘﻮﻝ : ﺇﻧﻪ ﻻ ﺷﻲء ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﺔ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺠﺮﺩ ﻭﺧﻠﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻷﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻭﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﻔﺔ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺩ .. ﻭﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺜﻮﺏ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺒﺴﻪ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﻬﺮﺍﺟﺎ ﻭﺍﻟﻤﻠﻴﻮﻧﻴﺮ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﷲ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ﻟﻸﺧﻮﺓ ﺭﻏﻢ ﺗﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ. ﻭﺍﻟﺤﺞ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻣﺆﺗﻤﺮ ﺳﻨﻮﻱ.. ﻭﻣﺜﻠﻪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺃﺳﺒﻮﻉ. ﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻌﺎﻥ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﻔﻜﺮ ﻭﻳﺘﺄﻣﻞ .. ﻭﻫﻲ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ. ﻭﻟﻮ ﻭﻗﻔﺖ ﻣﻌﻲ ﻓﻲ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻴﻦ ﻋﺪﺓ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺍﷲ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﻳﺘﻠﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻟﻐﺔ ﻭﻳﻬﺘﻔﻮﻥ ﻟﺒﻴﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﺒﻴﻚ ﻭﻳﺒﻜﻮﻥ ﻭﻳﺬﻭﺑﻮﻥ ﺷﻮﻗﺎ ﻭﺣﺒﺎ – ﻟﺒﻜﻴﺖ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
64
ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﻱ ﻭﺗﺬﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺍﻟﻐﻔﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ .. ﻭﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻨﺎء ﻭﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﻛﻞ ﺷﻲء.
source: eltwhed.com www.al-mostafa.com
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ-ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﻮﺩ
65