الكورد

Page 1

‫لمحة عن الكورد فً الشرق‬ Yasir Demîcer 2014

…..

Sheran


2


‫إهدائي‬ ‫إىل أعز شبابيا الطلب٘ يف املزحل٘ اإلعدادٓ٘ ّالثاىْٓ٘ ّاألحب٘ ّاللادر‬ ‫التدرٓشٕ يف شرياٌ ‪ّ 2014ّ 2013‬كل مً ساٍه يف مْاظب٘ الدّاو يف‬ ‫مدارسيا رغه الظزّف ّسْ‪ ٛ‬األّضاع ‪...‬‬ ‫ّمً ٓشع‪ ٙ‬لتأمني مشتكبل آمً ألٍليا يف شرياٌ ّكْباىٕ ‪......‬‬ ‫لتلٌْ صامدٗ أماو كاف٘ العكبات ّاملدططات الشٔاسٔ٘ الفاشل٘ ‪.....‬‬ ‫ٍذا اللتاب ٍْ حمل٘ عً املزاحل‬ ‫اليت مز بَا تارخييا اللْردٖ يف الشزق‬ ‫ّمً خالل قزا‪ٛ‬تُ ستالحظ مد‪ ٚ‬التالعب ّاإلسا‪ ٗٛ‬اليت ٓتعزض لُ‬ ‫مالحظ٘ ‪ :‬عيدما أّصٔم بالتنشم بلػتيا ّقْمٔتيا ٍذا ال ٓعين بٔع ّطئات‬ ‫ّمْدتٕ للل مً ميلم صفا‪ ٛ‬الئ٘ ّالزّح الطاٍزٗ جتاِ حشُ اإلىشاىٕ يف‬ ‫ظزّفيا احلالٔ٘ ‪......................................................‬‬ ‫‪................................................‬‬ ‫‪..........................‬‬ ‫ٓاسز دمٕ جز ‪2014‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪3‬‬


‫الكورد و نشأتهم ونشرهم فً العالم القدٌم‬ ‫ٌزعم الٌزٌدٌون ‪ :‬أن هللا فً شؽل شاؼل اآلن عن هذا‬ ‫العالم ‪ ،‬وأنه ترك السلطان التام فٌه لعزرائٌل (طاووس المالئكة ) أو‬ ‫( الملك طاووس ) إذن هو الذي ٌسٌطر اآلن على العالم كما‬ ‫ٌرٌد ‪ ،‬ولمدة ‪ 10‬آالؾ سنة فسٌد العالم الحقٌقً اآلن الذي ٌجب على‬ ‫الناس أن ٌعبدوه هو ( الملك طاووس ) أو ( عزرائٌل ) ‪.‬‬ ‫ال فرق ‪ ،‬إلى أن تنقضً ‪10‬آالؾ سنة فٌعود العالم إلى عبادة هللا بعد‬ ‫أن ٌعود عزرائٌل نفسه إلى السماء ‪ ،‬وقد رضً‬ ‫هللا عنه ‪ .‬وٌرجع بعض المإرخٌن ظهور الٌزٌدٌن‬ ‫إلى فترة انهٌار الدولة األموٌة فً منتصؾ‬ ‫القرن الثامن المٌالدي ‪ ،‬و ٌوضح هإالء المإرخون‬ ‫أن أحفاد الخلٌفة الثانً األموي ٌزٌد بن معاوٌة بن أبً‬ ‫سفٌان ( ‪ 683 _ 680‬م ) فر بعد معركة الزاب‬ ‫الكبرى التً اندحر فٌها األموٌون فً عام ‪750‬م إلى شمال‬ ‫العراق على رأس مجموعة مإكدا أن ٌزٌد " سٌعود‬ ‫إلى األرض لٌمألها عدال كما مألت جورا "‪.‬‬ ‫لكن أحد الٌزٌدٌن فً اللش قال ‪ ":‬إن تارٌخ الٌزٌدٌة ٌرجع‬ ‫إلى األلؾ الثالث قبل المٌالد ‪ ،‬معتبرا أنهم هم بقاٌا ألقدم‬ ‫دٌانة كردٌة فً منطقة الحضارات العظمى فً الشرق "‪.‬‬ ‫و ٌضٌؾ أن " أتباعها تحملوا الكثٌر من سوء الظن‬ ‫نتٌجة خطؤ ‪ ،‬لكن النصوص الدٌنٌة التً بحوزتهم‬ ‫والتً توارثوها عن أسالفهم تإكد عدم العالقة بٌن ٌزٌد‬ ‫بن معاوٌة والطائفة وأتباعها "‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫الؽرٌب أن هناك ما ٌإكد على نسبتهم إلى ٌزٌد ‪ ،‬وهناك من ٌرجع أصولها‬ ‫إلى معتقدات أكثر قدما ‪ ،‬و هناك من ٌقول أنها " دٌانة توحٌد تإمن باهلل‬ ‫الواحد األحد وبالٌوم اآلخر وتعترؾ بالدٌانات السماوٌة و كتبها المقدسة‬ ‫وتإمن باألنبٌاء جمٌعا بؤنهم أرسلوا من هللا لنشر اإلٌمان فً‬ ‫األرض "‪ ،‬وهناك من ٌقول إن الٌزٌدٌة تتصل بجذورها إلى الزرادشتٌة التً‬ ‫كانت الدٌانة األولى لألكراد قبل أن ٌتحولوا إلى اإلسالم ‪ ،‬وبالتالً فإنهم من‬ ‫الذٌن انفصلوا عن المسلمٌن والتجؤوا للعٌش فً عزلة ‪.‬‬ ‫لكن الٌزٌدٌ​ٌن ال ٌعتمدون أي كتاب مقدس بل ٌتوارثون النصوص الدٌنٌة‬ ‫بالحفظ ‪ ،‬وإلى جانب عٌد رأس السنة الذي ٌسمونه " سري ساله " ٌحتفلون‬ ‫بعٌد كبٌر ثان هو " عٌد الجماعٌة " الذي ٌستمر أسبوعا فً شهر أكتوبر‬ ‫(ت‪ )1‬وعٌد القربان وعٌد الجماعة وعٌد ٌزٌد وعٌد خضر إلٌاس وعٌد بلندة‬ ‫ولهم لٌلة تسمى اللٌلة السوداء "شفرشك "‪.‬‬ ‫وفً هذٌن العٌدٌن الرئٌسٌن وؼٌرهما من األعٌاد‬ ‫الصؽٌرة ‪ٌ ،‬قوم الٌزٌدٌون بؤداء الصلوات من أجل أن ٌعم السالم‬ ‫األرض ‪ ،‬وٌزورون معبد اللش ‪.‬‬ ‫و ٌمثل الٌزٌدٌون أكبر أقلٌة دٌنٌة بعد المسٌحٌن و هم ٌنتشرون فً المناطق‬ ‫الشمالٌة الشرقٌة من الموصل وعلى الحدود العراقٌة ‪ -‬السورٌة ودٌاربكر‬ ‫وماردٌن وبالقرب من حلب حول كلس وعنتاب فً بعض البلدان األرمٌنٌة‬ ‫على الحدود بٌن تركٌا وروسٌا وحول تبلٌسً وباطوم و ٌنتمً معظهم إلى‬ ‫الجنس الكردي ‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫ٌبلػ عددهم فً العراق نحو ‪750‬ألؾ شخص من أصل ‪ 1،5‬ملٌون شخص‬ ‫من أتباع الطائفة المنتشرٌن أٌضا فً عدد من الدول منها أرمٌنٌا وألمانٌا و‬ ‫سورٌا وتركٌا ‪.‬‬ ‫والمرجع األعلى للطائفة الٌزٌدٌة ٌحمل لقب " بابا الشٌخ " ولٌس لهم صالة‬ ‫عامة بل طقوس خاصة بهم و ٌتوجهون إلى مطلع الشمس عند الشروق‬ ‫وإلى مؽربها عند الؽروب فٌلثمون األرض و ٌعفرون وجوههم بالتراب و‬ ‫ٌقرأون بعض األدعٌة و هً خلٌط من اللؽة الكردٌة والفارسٌة ‪.‬‬ ‫وهناك الكثٌر من الحكاٌات التً تصل إلى أحد األساطٌر وتتجاوز الخرافة ‪،‬‬ ‫منها ‪ ..‬أنهم ٌعتبرون إبلٌس طاووس المالئكة ‪ ،‬وقد دفعهم إلى تقدٌس تمثال‬ ‫طاووس من النحاس على هٌئة دٌك بحجم الكؾ المضمومة وأنهم ٌطوفون‬ ‫بهذا التمثال لجمع األموال ‪ .‬و ٌقال إن لدٌهم مصحؾ رش ( الكتاب األسود‬ ‫) فٌه تعالٌم الطائفة ومعتقداتهم ‪ ،‬التً تشٌر إلى أن شهاداتهم المنطوقة هً "‬ ‫أشهد واحد هللا ‪ ،‬سلطان ٌزٌد حبٌب هللا" و ٌتضمن مصحؾ " رش "‬ ‫قصتٌن للطوفان ‪ :‬احداهما تتناول طوفان سٌدنا نوح علٌه السالم ‪ ،‬والثانٌة‬ ‫قصة طوفان حدثت منذ ‪ 6‬آالؾ سنة فقط ‪ ،‬فً أول كل ألؾ منها ‪ٌ ،‬وجد إله‬ ‫‪ ،‬وأول هإالء اآللهة السبعة الملك طاووس ‪ ،‬وثانٌهم " ٌزٌد بن معاوٌة " ‪.‬‬ ‫وثالثهم شٌخ الٌزٌدٌة "عدي " ورابعهم هو أحد شٌوخهم " شمس الدٌن حسن‬ ‫" المدعو "دردائٌل " ‪ ،‬و ٌلقبونه بالبصري ‪ ،‬و هو الذي ٌنتظرون رجعته ‪.‬‬

‫مصحف َر ش‬ ‫أو‬ ‫الكتاب األسود‬ ‫‪6‬‬


‫أما آلهة الٌزٌدٌة الثالثة الباقٌة فٌؤتً كل واحد منهم بشرٌعة‬ ‫ٌفرق فٌها بٌن الحالل والحرام والواجب علٌهم اتباعه خالل ألؾ‬ ‫سنة من ٌوم هبوطه ‪ .‬كما أن الصالة لدٌهم لمدة ثالثة أٌام من‬ ‫كل سنة فً شهر دٌسمبر ( ك‪ ) 2‬و هً تصادؾ عٌد مٌالد‬ ‫ٌزٌد بن معاوٌة ‪ ،‬و ٌعد هذا صوم العامة ‪ ،‬و هو ٌكون أٌام‬ ‫الثالثاء واألربعاء و الخمٌس األول من شهر دٌسمبر ‪ ،‬وصوم‬ ‫الخاصة عبارة عن ‪ٌ 80‬وما ٌصومها رجل الدٌن والصالة التً‬ ‫تتم فً لٌلة منتصؾ شعبان ٌعتبرون أنها تعوضهم عن صالة‬ ‫سنة كاملة ‪ ،‬صالة الٌزٌدٌ​ٌن أقرب ما تكون إلى األدعٌة مثل ‪:‬‬ ‫" آمٌن ‪ ..‬آمٌن ‪ ..‬تبارك الدٌن ‪ ،‬األولٌن ‪،‬االبنٌن الخادمٌن ‪ٌ ،‬ا‬ ‫هللا ‪ٌ ،‬ا داٌم ‪ٌ ،‬ا ؼفور ‪ٌ ،‬ا موجود ‪ٌ ،‬ا فتاح ‪ٌ ،‬ا رزاق ‪ٌ ،‬ا‬ ‫مدبر الكون ‪ٌ ،‬ا سائر ‪ٌ ،‬ا أمدٌن ‪ٌ ،‬ا شمس الدٌن ‪ٌ ،‬ا قمر الدٌن‬ ‫‪ٌ ،‬ا عزرائٌل ‪ٌ ،‬ا جبرائٌل‪...‬‬

‫‪7‬‬


‫ٌا سمائٌل ‪ٌ ،‬ا مٌكائٌل ‪ٌ ،‬ا دردائٌل ‪ٌ،‬ا اسرافٌل ‪ٌ ،‬ا ربً أنت تبارك ‪ ،‬ما‬ ‫لنا ؼٌرك ‪ٌ ....‬ا قاٌ​ٌم بٌن قوم ترحم ‪..‬‬ ‫ترحمنً ‪ ..‬أنت كرٌمً أنت دائمً ‪ ..‬تؤخذ أبً بسٌوجً كً كرناه ‪..‬‬ ‫حاٌ​ٌدي تعبٌبك ‪ ..‬روحً ملك جهامً خالك " ‪ .‬و هم ٌعتقدون أن الحشر‬ ‫والنشر بعد الموت سٌكون فً قرٌة "باطط" فً جبل سنجار ‪ ،‬حٌث توضع‬ ‫الموازٌن بٌن ٌدي الشٌخ عدي الذي سٌحاسب الناس ‪ ،‬وسوؾ ٌؤخذ‬ ‫جماعته و ٌدخلهم الجنة ‪.‬‬ ‫والزكاة تجمع بواسطة الطاووس وٌقوم بذلك " القوالون" أي مرتلو‬ ‫األناشٌد الدٌنٌة و ٌتم جباٌتها وإعطاإها إلى رئاسة الطائفة ‪ ،‬والحج لدٌهم‬ ‫ٌتم بالوقوؾ ٌوم العاشر من ذي الحجة من كل عام على ما ٌشبهونه بجبل‬ ‫عرفات فً المرجة النورانٌة فً وادي اللش ‪ .‬أما القسم لدٌهم فهو "‬ ‫بطوق سلطان ٌزٌد" وهو طرؾ الثوب وهم ٌترددون على المراقد‬ ‫واألضرحة كمرقد الشٌخ عدي والشٌخ شمس الدٌن ‪،‬والشٌخ حسن‬ ‫وعبدالقادر الكٌالنً ‪،‬ولكل مرقد خدم ‪ ،‬وهم ٌستخدمون الزٌت والشموع‬ ‫فً إضاءتها ‪ ،‬أما الزواج فهو محرم بٌن الطبقات‪ ،‬و ٌجوز للٌزٌدي أن‬ ‫ٌعدد فً الزوجات إلى ست زوجات ‪ ،‬و ٌكون الزواج عن طرٌق خطؾ‬ ‫العروس أوال من قبل العرٌس ثم ٌؤتً األهل لتسوٌة األمر ‪ ،‬أما األلوان‬ ‫المحرمة لدٌهم فهً اللون األزرق ألنه من أبرزألوان الطاووس ‪،‬كما‬ ‫تنتشر بٌنهم األلوان الحمراء والبٌضاء والصفراء‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫ومن العادات الؽرٌبة لدٌهم ‪ ..‬تحرٌم أكل الخس والكرنب والقرع والفاصولٌا‬ ‫ولحوم الدٌكة وكذلك لحم الطاووس المقدس عندهم ألنه نظٌر إلبلٌس‬ ‫طاووس المالئكة فً زعمهم ‪ ،‬ولحم الدجاج والسمك والؽزالن ولحم‬ ‫الخنزٌر ‪ ،‬وتحرم هذه الطائفة حلق الشارب الذي ٌفضلون تركه مسترسال‬ ‫طوٌال وبشكل الفت للنظر ‪.‬‬ ‫وٌعتقد أتباع هذه الطائفة أنه إذا رسمت دائرة على األرض حول الٌزٌدي‬ ‫فإنه ال ٌخرج من هذه الدائرة حتى تمحو قسما منها اعتقادا منه بؤن الشٌطان‬ ‫هو الذي أمر‬ ‫بذلك ‪ ،‬وهم ٌحرمون القراءة والكتابة تحرٌما دٌنٌا ألنهم ٌعتمدون على علم‬ ‫الصدر الذي أدى إلى انتشار الجهل واألمٌة بٌنهم مما زاد فً مؽاالتهم بٌزٌد‬ ‫وعدي وإبلٌس ‪.‬‬ ‫وٌعتقدون أن الرجل الذي ٌحتضن ولد الٌزٌدي أثناء ختانه ٌصبح أخا ألم‬ ‫هذا الصؽٌر وعلى الزوج أن ٌحمٌه و ٌدافع عنه حتى الموت ‪.‬‬ ‫و ٌقولون فً كتبهم " أطٌعوا وأصؽوا إلى خدامً بما ٌلقنونكم به وال تبٌحوا‬ ‫به قدام األجانب كالٌهود والنصارى وأهل اإلسالم ألنهم ال ٌدرون‬ ‫ماهٌته ‪ ،‬وال تعطوهم من كتبكم لئال ٌؽٌروها علٌكم وأنتم ال تعلمون " ‪.‬‬ ‫لذا هم ٌإمنون بتناسخ األرواح وٌتكتمون فً إظهار معتقداتهم تكتما شدٌدا‬ ‫وحرموا على الٌزٌدي أن ٌتؽٌب عن بلده أكثر من سنة ‪ ،‬فإذا اضطر إلى‬ ‫ذلك حرمت علٌه زوجته ‪.‬‬ ‫وحرموا على الٌزٌدي النظر إلى وجه المرأة ؼٌر الٌزٌدٌة ومالطفة المرأة‬ ‫التً حرمتها الشرٌعة علٌه من جنسه ‪ ،‬كما حرموا الزواج فً شهر نٌسان ‪.‬‬ ‫وحرموا على الٌزٌدٌن دخول مساجد المسلمٌن ومدارسهم الدٌنٌة ألنه إذا‬ ‫سمع المصلً ٌتعوذ من الشٌطان وجب علٌه أن ٌصوم اسبوعا أو ٌقدم‬ ‫ضحٌة للطاووس ‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫وقالوا ‪ٌ :‬إثم الٌزٌدي إذا مد رجله أمام جلٌسه ‪ .‬كما حرموا على الفقراء والكواجك ‪.‬‬ ‫وهم إحدى طبقات المجتمع الٌزٌدي ‪ .‬النوم على السرٌر ‪ .‬وحرموا كذلك االشتؽال‬ ‫ٌوم الجمعة أما طبقات الطائفة الٌزٌدٌة فهً ‪:‬‬ ‫األولى ‪ :‬من الروحانٌ​ٌن أحدهما ‪:‬زمنً وهو الذي ٌرتقً نسبه إلى ٌزٌد بن معاوٌة و‬ ‫هو مٌر شٌخان أي أمٌر الشٌخان ‪ ،‬واآلخر ‪ٌ :‬نتمً إلى ساللة فخرالدٌن و ٌلقبونه بابا‬ ‫شٌخ ٌعنً الشٌخ الكبٌر ‪.‬‬ ‫والثانٌة ‪ :‬الفقٌر وهو الناسك المتعبد وله لباس خاص ٌسمونه خرقة الفقٌر‪.‬‬ ‫والثالثة القوال ‪ :‬وهو الحادي أي مرتل األناشٌد الدٌنٌة ‪.‬‬ ‫الرابعة ‪ :‬الكواجك ‪ :‬هم طائفة من العوام ٌتمٌزون بلباسهم األبٌض و نطاقهم الصوفً‬ ‫األسود أو األحمر وظٌفتهم اكتشاؾ مصٌر الموتى إن كان خٌرا أو شرا واالتصال‬ ‫بعالم الؽٌب لمعرفة الحال واالستقبال ‪.‬‬ ‫والخامسة ‪ :‬المرٌدون ‪ :‬و هم عوام الناس الٌزٌدٌ​ٌن وقد فرضت علٌهم الطاعة‬ ‫العمٌاء و دفع الزكوات و هإالء ٌتزاوجون فٌما بٌنهم وال ٌحق لهم مصاهرة الفئات‬ ‫األخرى ‪.‬‬ ‫وقد نستنتج بؤن الطائفة مرت بعدة مراحل ففً األولى كانت حركة أموٌة سٌاسٌة ‪،‬‬ ‫وتبلورت فً حب ٌزٌد بن معاوٌة ‪ ،‬وفً الثانٌة تحولت الطائفة إلى طرٌقة عدوٌة أٌام‬ ‫الشٌخ عدي بن مسافر األموي وفً الثالثة كانت فترة انقطاع الشٌخ حسن ست سنوات‬ ‫‪ ،‬ثم خروجه بكتبه التً اعتبرت مخالفة لتعالٌم الدٌن ‪ ،‬وفً الرابعة جاء تحرٌمهم‬ ‫القراءة والكتابة ودخول المعتقدات التً توصؾ على نطاق واسع بالباطلة فً تعالٌمهم‬ ‫‪.‬‬ ‫‪...‬محاولة المستطلع اثبات األصل العربً للٌزٌدٌة‪...‬لكن ال هناك من ٌعارض ‪....‬‬

‫مصحف‬

‫ره ش‬ ‫‪10‬‬


‫عندما سئل الدكتور " كمال فإاد‬ ‫” كٌؾ استوعبت التجربة الكردٌة كل‬ ‫ألوان الطٌؾ السٌاسً الموجود على‬ ‫الساحة فً كردستان ؟‬ ‫قال ‪ ":‬ألننا جمٌعا فً الهم‬ ‫الشرقً ‪ ،‬فالظروؾ أجبرتنا أن‬ ‫نتعاٌش ‪ ،‬وجمٌع األحزاب الكردستانٌة‬ ‫مهما اختلفت اتجاهاتها متفقة على‬ ‫ذلك ‪ ،‬ألننا عانٌنا من االضطهاد القومً‬ ‫لٌس لمدة سنة أو سنتٌن بل لعدة‬ ‫قرون ‪ ،‬نرٌد أن نتعاٌش مع القوى‬ ‫األخرى ‪ ،‬ولذلك فإن تقبلنا للدٌمقراطٌة‬ ‫والتسامح هو نتٌجة لما تعرضنا له من‬ ‫اضطهاد قومً ظل ٌالحقنا لمئات السنٌن‬ ‫‪ ،‬قد ٌكون قبول المجتمع الكردي التعاٌش‬ ‫مع اآلخرٌن ٌعود ألسباب نفسٌة ‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫ربما حتى أن المجتمع الكردي ٌتكون أٌضا من جماعات أثنٌة وعرقٌة‬ ‫ودٌنٌة ‪ ،‬فلدٌنا الكاكائٌون والٌزٌدٌون ‪ ،‬ولدٌنا أٌضا األحزاب وأصحاب‬ ‫االتجاهات السٌاسٌة مثل الشٌوعٌ​ٌن واالسالمٌ​ٌن ‪ ،‬ال بد أن نقبل بالتعاٌش‬ ‫معا ‪ ،‬ومع األحزاب التً تإمن بضرورة ذلك وقد ٌكون هناك حزب‬ ‫كردي قومً أو إسالمً متطرؾ ‪ ،‬ولكن االتجاه اإلسالمً والكردي السائد‬ ‫هو " الحركة اإلسالمٌة و االتحاد الوطنً االسالمً " هاتان القوتان‬ ‫رئٌسٌتان إلى جانب التٌارات األخرى فً كردستان العراق ‪ ،‬ولكن ال‬ ‫ٌوجد لدى القوتٌن الرئٌسٌتٌن هذا التوجه المتطرؾ ‪ ،‬ولٌس لدٌهما مشاكل‬ ‫‪ ،‬أما هذه الجماعات المتطرفة ‪ ،‬سواء كانت قومٌة أو دٌنٌة فال ٌوجد لها‬ ‫شعبٌة داخل كردستان العراق ‪ ،‬وبالنسبة لألحزاب السٌاسٌة فهذا االتجاه‬ ‫هو السائد ‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة لألحزاب اإلسالمٌة ‪ ،‬وتبقى هناك بعض‬ ‫الجماعات المتطرفة لكن ال ٌوجد لها تؤثٌر كبٌر على الشعب الكردي‪..‬‬ ‫ولهذا السبب فإن الوضع مستمر فً اإلقلٌم وإن شاء هللا فإن االتجاه‬ ‫الدٌمقراطً والحضاري ٌسٌطر على عقول الناس ‪ .‬وهناك التركمان‬ ‫والكلدان ولٌس لدٌهم تؤثٌرات سلبٌة فً كردستان ‪ ،‬فهم ٌشعرون باألمان‬ ‫فً مناطقنا على الرؼم من التراكمات السابقة ‪،‬فهم جمٌعا عانوا معا نفس‬ ‫المعانات من عدو شرس مشترك لجمٌع الجماعات ‪ ،‬من جهة أخرى فإن‬ ‫األفكار المتحررة واإلنسانٌة تسٌطر بشكل كبٌر على توجهات جمٌع‬ ‫القٌادات الحزبٌة فً منطقتنا ‪ .‬وبالطبع فإن األمر ٌختلؾ من حزب إلى‬ ‫آخر ‪ ،‬ولكن بصورة عامة هناك سٌطرة لالتجاه الحضاري والدٌمقراطً‬ ‫بصورة أكبر من سٌطرة األفكار المتعصبة القومٌة أو الدٌنٌة "‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫* فً شهر رمضان ‪ ،‬المساجد على كثرتها مزدحمة بمصلٌها ‪ ،‬والتزاور ال‬ ‫ٌنقطع بٌن األهالً ‪ ،‬والشباب ٌشاهدون على المقاهً ٌلعبون " الصٌنٌة " ذات‬ ‫األثنتً عشرة قطعة معدنٌة مصنوعة فً أشكال مخروطٌة ‪.‬‬ ‫وفً بٌوت األكراد هناك أطعمة معتادة لإلفطار فً رمضان ‪ " :‬الدولمة "تصنع‬ ‫من باذنجان محشو باألرز ‪ ،‬و"الكفتة" بؤنواعها العدٌدة ‪ ،‬وعصٌر الزبٌب ‪ ،‬و"‬ ‫الشنٌنة " أي اللبن الراٌب ‪ ،‬وشربات البرتقال ‪ ،‬و " شله وبرنج " أي الرز‬ ‫وسلطة دبس الفلٌفلة الحمراء وتوابعها ‪.‬‬ ‫وفً البٌوت ٌحتفلون ٌومٌا خالل رمضان وفٌه ٌجتمع العدٌد من الناس لتالوة‬ ‫األذكار وٌقوم أحدهم باإلنشاد معددا فضائل الرسول علٌه الصالة والسالم ‪ٌ .‬قوم‬ ‫الحرفٌون الكرد بحجز أحد المساجد وتوزٌع الحلوى على الناس المدعوٌن فً‬ ‫لٌلة " مولد النبً" وتبدأ االحتفاالت من الصباح وحتى فجر الٌوم التالً ‪ ..‬ووفقا‬ ‫لما ٌقولون بؤن أربٌل من أولى المدن التً احتفلت بالمولد النبوي الشرٌؾ‬ ‫فً زمن السلطان مظفر الدٌن كوكبري‪.‬‬ ‫منطقة شهرزور الشدٌدة الخضرة‬ ‫رؼم جفاؾ وقضاء دوكان المعروؾ‬ ‫بسده المائً الذي ٌتم استخدامه لتولٌد‬ ‫الكهرباء الشحٌحة فً تلك المنطقة ‪،‬‬ ‫وبحٌرة دوكان بٌن أربٌل‬ ‫والسلٌمانٌة من المناطق الجمٌلة فً‬ ‫اإلقلٌم ‪..‬‬ ‫قرب سد دوكان هناك قرٌة "خلكان"‬ ‫التً ٌوجد فٌها مسجد المإرخ الكوردي‬ ‫ابن خلكان وهو أحد مإرخً القرن السابع‬ ‫الهجري ‪ ،‬وصاحب الكتاب الشهٌر" وفٌات‬ ‫األعٌان" ‪ .‬إذ ٌتوسط قبره البلدة التً عرفت‬ ‫باسم جده خلكان‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫وسواء كنا فً أربٌل أو فً السلٌمانٌة فإن عبق الصوفٌة ٌنتشر ‪ ،‬وال‬ ‫ٌحتاج المرء إلى حاسة شم قوٌة كً ٌدرك مدى نفاذ تلك الطرق وخاصة‬ ‫الطرٌقتٌن " القادرٌة والنقشبندٌة " فً عمق تفاصٌل الحٌاة فً كردستان‬ ‫العراق ‪،‬بما فً ذلك العمل السٌاسً نفسه ‪،‬فاألتكٌة والخانقاه منتشرة فً‬ ‫القرى ولها مراكز متعددة لكنها تتمركز حول السلٌمانٌة التً تعد مصدرا‬ ‫لنشرها فً المناطق األخرى ‪ .‬والقادرٌة هً األكثر انتشارا بٌن عامة‬ ‫الناس ‪ ،‬فٌما النقشبندٌة هً األقرب إلى الوسط الثقافً ‪ .‬و ٌقال إن السبب‬ ‫فً ذلك ٌعود إلى كون القادرٌة تعتمد رٌاضة المخاطر ‪ ،‬التً تجذب النظر‬ ‫وتإثر فً العامة ‪ .‬أما النقشبندٌة فكان ذٌوعها فً الوسط الثقافً راجعا‬ ‫إلى اكتفائها بالمدائح والموسٌقا الدٌنٌة فً حلقات الذكر ‪.‬‬ ‫وكانت هذه المنطقة قد شهدت قبل ذلك انتشارا واسعا لطرق أخرى مثل "‬ ‫السهروردٌة والمولوٌة والبكتاشٌة والبرزانٌة وهً على اسم المنطقة التً‬ ‫ولد فٌها القائد الكوردي المعروؾ المال " مصطفى البرزانً " والتً ٌوجد‬ ‫فٌها قبره الشدٌد التواضع الذي بقً رمزا للنضال الكوردي ‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫وقد تفرعت الطرٌقة البرزانٌة عن الطرٌقة النقشبندٌة وخالفتها فً بعض‬ ‫التفاصٌل ‪ .‬أما اسم النقشبندٌة فهو مؤخوذ من الكلمة الفارسٌة‬ ‫نقشبند ‪ ،‬ومعناها النقاش ‪ ،‬و هً كلمة أطلقت مجازا على مإسسها األول‬ ‫الشٌخ بهاء الدٌن محمد بن محمد البخاري ‪ ،‬الذي عرؾ بالنقشبند ‪ ،‬ولٌس‬ ‫النقشبندي نسبة إلى حرفة نقش القماش ‪ ،‬وتارٌخ هذه الطرٌقة ٌعود إلى‬ ‫القرن الثامن الهجري ‪.‬‬ ‫وقد وصلت تلك الطرٌقة إلى كردستان العراق على ٌد الشٌخ ضٌاء الدٌن‬ ‫النقشبندي (‪ 1821 _ 1779‬م ) ‪ ،‬بعد عودته من الدراسة فً الهند ‪ ،‬إلى‬ ‫مسقط رأسه " قرداغ " فً السلٌمانٌة ‪ ،‬بعدها درس فً بؽداد الطرٌقة‬ ‫القادرٌة ‪.‬‬ ‫وٌعقد رواد هذه الطرٌقة حلقات الذكر أسبوعٌا لعدة مرات ‪ ،‬أما أهم‬ ‫مزارات النقشبندٌ​ٌن فتقع فً ناحٌة " بٌارا " فً منطقة " هاورمان" التً‬ ‫تضم سلسلة جبال ضخمة ‪ٌ ،‬قع بالقرب منه مزار الشٌخٌن عالء الدٌن‬ ‫وسراج الدٌن ‪ ،‬اللذٌن ٌقال أنهما رسخا وجود الطرٌقة فً المنطقة ‪.‬‬ ‫وتعتمد النقشبندٌة ثالثة طرق للوصول إلى المراد ‪ ،‬وهً ‪ :‬الدوام على‬ ‫الذكر القلبً ‪ ،‬والمراقبة ‪ ،‬وطاعة المرشد ‪ .‬فً الوقت الذي ٌبنً عملها‬ ‫الصوفً على قاعدة تتمثل فً ‪ :‬الٌقظة عند النفس ‪ ،‬النظر إلى‬ ‫القدم ‪ ،‬السفر فً الوطن ‪،‬الخلوة فً الجلوة ‪ ،‬الذكر الدائم ‪ ،‬العودة من‬ ‫الذكر إلى الذات ‪ ،‬حراسة القلب من الؽفالت والخواطر ‪ ،‬حفظ آثار ذكر‬ ‫القلب ‪ ،‬الوقوؾ الزمانً ‪ ،‬الوقوؾ العددي ‪ ،‬والوقوؾ القلبً ‪.‬‬ ‫أما الطرٌقة القادرٌة ‪ ،‬فإن أول من نشرها فً منطقة السلٌمانٌة الشٌخ‬ ‫اسماعٌل الولٌانً ‪ .‬وإذ كان ٌطلق على مكان النقشبندٌة " الخانقاه " فإن‬ ‫مكان القادرٌة ٌعرؾ ب "التكٌة " ‪ ،‬وتتكون من كلمتً تاك تعنً‬ ‫العزلة ‪ ،‬وكاه تعنً المكان ‪ ،‬أي مكان العزلة أو الخلوة ‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫وقد تؽٌرت أسماء بٌوت الصوفٌة عبر الزمان ‪،‬فهً الزاوٌة ‪ ،‬ثم الرباط فً‬ ‫العصر العباسً المتؤخر ‪ ،‬والخانقاه فً العهد العثمانً ‪ ،‬وتعنً بٌت األمراء‬ ‫أو السالطٌن ‪ ،‬فالخان تعنً األمٌر أو السلطان و كاه بمعنى المكان ‪.‬واحتفظت‬ ‫النقشبندٌة بهذا االسم حتى اآلن ‪ .‬وللنساء عند القادرٌة أٌضا حلقات‬ ‫خاصة ‪ ،‬تدٌر الحلقة امرأة تعرؾ بخلٌفة الشٌخ ‪.‬وتعتمد القادرٌة " الدربشة "‬ ‫الخاصة بالرجال فقط ‪ ،‬وذلك لصعوبتها وخطورتها ‪ ،‬وجوهر هذه الرٌاضة‬ ‫السٌطرة الكاملة على النفس ‪ ،‬وتتم عادة بإشراؾ الشٌخ ‪ ،‬ومنحه اإلذن بذلك‬ ‫أمر مهم للؽاٌة فً نجاحها ‪ ،‬وأن ٌتجرد مإدٌها من نزعة الظهور ‪ ،‬والفخر‬ ‫بما ٌفعله على اآلخرٌن ‪ ،‬بمعنى أن تكون خالصة ‪ .‬وتعنً "الدربشة "‬ ‫الخوارق ‪ ،‬وتقاس بمدى القدرة على ادخال أدوات حادة فً مناطق الجسم‬ ‫المختلفة ‪ ،‬بؽض النظر عن خطورتها ‪ ،‬حتى لدرجة الخنجر فً عظمة‬ ‫الجمجمة بمساعدة المطرقة ‪ ،‬وكذلك بلع الزجاج ‪ ،‬ومقاومة النار وشرب‬ ‫لهٌبها ‪ ،‬أو مقاومة لدؼات األفاعً والعقارب ‪ ،‬وأكل رأس األفعى ‪ ،‬الذي‬ ‫ٌحمل الؽدد السامة ‪ ،‬ورأس العقرب ‪ ،‬ومقاومة الصدمة الكهربائٌة ‪ ،‬بعد أن‬ ‫ٌتعرض الجسم لها دقائق عدة ‪ .‬و ٌإكد أتباع هذه الطرٌقة أن الهدؾ منها هو‬ ‫ارجاع الناس إلى طرٌق الحق والصواب ‪ ،‬لكن لٌست أمرا البد للمرٌد أن‬ ‫ٌفعله ‪.‬‬ ‫ٌقول هإالء أن أبناء الطائفة الكاكائٌة ٌقدسون السلطان اسحاق الذي ولد فً‬ ‫القرن الثامن الهجري ‪ ،‬و ٌعتقدون أنه صاحب كرامات ولذلك ٌتم الذهاب إلٌه‬ ‫والدعاء عنده فً مقبرته أو مزاره الواقع فً قرٌة شٌخان االٌرانٌة على بعد‬ ‫‪20‬كم من قراهم ‪ ،‬والذهاب إلٌه ٌتم لمرة واحدة فً العام فٌما ٌشبه الفرض‬ ‫الالزم على كل كاكائً ‪ ،‬أما الكتاب المقدس لدٌهم فهو مكتوب بخط القلم‬ ‫وؼٌر مطبوع منه أي نسخة ‪ ،‬ولكن العبادات وفقا لهذه تتم لفظٌة ‪.‬‬ ‫والصٌام لدٌهم وفقا لما أخبرنا به هإالء لمدة ثالثة أٌام فً فصل الشتاء‬ ‫وتحدٌدا فً منتصؾ شهر ٌناٌر ‪ ،‬أما الصالة فتتم بالجلوس والدعاء ‪.‬‬ ‫وطائفتهم تسمى " الكاكائٌة " وفقا لما تتشابه مع طائفة فً جنوب العراق‬ ‫تسمى " على الهى " وطائفة " الدروز " و " البكداشٌة " فً تركٌا ‪ ،‬و " أهل‬ ‫الحق " فً إٌران ‪ ،‬و باإلضافة إلى أن لهم أتباع فً لبنان وحتى فً استرالٌا ‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫وٌشدد هإالء على أن الشوارب مظهر مهم جدا للكاكائً ولدرجة أن من ال ٌهتم‬ ‫بتضخٌم شواربه ال ٌعد كاكائٌا حقٌقٌا ‪ ،‬و هو نفس تشدد علٌه الٌزٌدٌة ‪.‬‬ ‫ووفقا للمصادر فإنها تشٌر إلى أن الكاكائٌة هً " دٌانة كردٌة مستقلة قائمة بذاتها‬ ‫قبل ظهور اإلسالم ‪ ،‬ولٌس مجرد طائفة دٌنٌة ‪ ،‬وجوهرها تناسخ األرواح "‪.‬‬ ‫و للكاكائٌة مراقد ومزارات ٌحرص الكثٌرون على زٌارتها والتبرك بها من‬ ‫أهمها مزار السلطان اسحق بن عٌسى بن بابا البرزنجً الذي عاش بٌن ‪ 1272‬و‬ ‫‪ 1313‬م ‪ ،‬و ٌعد عندهم من أهل الظهور و هم ٌقومون بزٌارته سنوٌا ‪ ،‬وهو أهم‬ ‫رجالهم المشاهٌر ‪ ،‬سٌد ابراهٌم وٌعد من أهل الظهور و ٌدخل فً سلسلة نسب‬ ‫السادة أمرائهم ‪ ،‬و ٌقولون أنه ظهر بطرٌق التناسخ ست مرات ‪ ،‬وأنهم ٌنتظرون‬ ‫ظهوره للمرة السابعة و ٌحترمونه احتراما زائدا و ٌقولون إنه مهدي آخر الزمان‬ ‫و ٌقطعون بظهوره ‪ ،‬والحاج السٌد أحمد وٌرانً سلطان ‪ :‬وهذا مهم جدا عندهم ‪،‬‬ ‫و ٌقولون إنه كان مقٌما فً تكٌة البكتاشٌة فً النجؾ فرفع إلى السماء وصار‬ ‫أسدا ‪ .‬وكذلك امام إسماعٌل الذي تقدم له النذور فً ٌوم خاص ‪ ،‬وٌقولون إن من‬ ‫حلؾ به كاذبا اعوج فكه وٌعدون ذلك من كراماته ‪ ،‬وأٌضا شعب الدٌن الذي‬ ‫ٌقولون إنه نائم ‪ ،‬وهو الموكل باألمطار ‪.‬‬ ‫مزاراتهم لها درجات منها ما ٌعتقدون إنه نال الظهور " الحلول" وله مكانة‬ ‫خاصة ‪ ،‬ومنهم من كان من األوالد " أوالد السادة " أو من من المرشدٌن ‪ .‬هذه‬ ‫المزارات معروفة عند الكاكائٌة ٌقدمون النذور لتسقط عنهم التكالٌؾ ‪.‬‬ ‫وعقٌدة الكاكائٌة مكتومة ‪ ،‬ال ٌبوحون بها وال ٌجٌزون هتك السر ‪ ،‬ومن أهم‬ ‫كتبهم " سرنجام " الذي ٌقال إنه مدون قبل ظهور اإلسالم ‪ ،‬ولكن ٌقال إن لدٌهم‬ ‫أٌضا ‪ 15‬كتابا وخطبة دٌنٌة متفرقة ‪.‬‬ ‫وتتصنؾ الكاكائٌة إلى مجموعة من الطبقات و هً السادة وهإالء هم األمراء‬ ‫ورإساء الدٌن جمعوا بٌن اإلمارة والرئاسة الدٌنٌة ‪ ،‬والدلٌل ٌسمى " مام " أي‬ ‫العم ‪ ،‬ولهم منزلة خاصة ‪ٌ ،‬تولون اإلرشاد و ٌقال للواحد منهم " مرشد " أو "‬ ‫بابا" ‪ .‬واإلخوان هم الباقون المعروفون بالعامة "الكاكائٌة " ٌتعاونون تطبٌقا لمبدأ‬ ‫األخوة ‪.‬‬ ‫‪17‬‬


‫أما الزواج لدى الكاكائٌة فهو ال ٌتبع مراسٌم أو احتفاالت معٌنة وإنما هو عقد‬ ‫بسٌط ٌكون على ٌد شٌوخهم و ٌتوقؾ على رضى الطرفٌن ‪ ،‬و ٌجري ٌوم‬ ‫األثنٌن أو الجمعة ‪ ،‬وهذان الٌومان مقدسان عندهم وتعدد الزوجات عندهم‬ ‫ممنوع ‪ ،‬كما أن الطالق ممنوع قطعا من أحد الطرفٌن فال ٌبطل إال منهما معا‬ ‫ال ٌستقل به واحد دون اآلخر ‪.‬‬ ‫و ٌعتبرو أن الكاكائً أخ للكاكائً وتحرم الكاكائٌة علٌه فٌما عدا‬ ‫الزواج ‪ ،‬وأال ٌنظر إلٌها بسوء ألنها تعد أخته ‪ .‬وأن ٌطٌعوا السٌد المعروؾ "‬ ‫البٌر " و هو رئٌسهم بؤن ٌتابعوه متابعة عمٌاء وال ٌجوز الخروج عن أمر‬ ‫السادة ‪ .‬أما التكاتؾ و التناصر فٌكون بٌنهم بال قٌد أو شرط سواء فً تعاونهم‬ ‫أو تضامنهم لدفع خطر من األخطار ‪.‬‬ ‫ولدٌهم أكلة المحبة ‪ ،‬وتجرى فً االجتماع العام ‪ ،‬وفٌه ٌذبح الرجل دٌكا و‬ ‫ٌطبخ معه حنطة أو أرزا ‪ ،‬و ٌقدم للشٌخ ‪ ،‬أو ٌقوم الرئٌس بذبح شاة أو‬ ‫خروؾ و ٌدعى أهل القرٌة و ٌصبح مهرجانا كبٌرا و ٌتخذون الرقص و ٌقرأ‬ ‫دعاء األلفة وٌوزع الطعام " األكلة " ومن أكل من هذه األكلة المباركة نال‬ ‫الثواب ‪.‬‬ ‫‪ ..‬الغموض ‪..‬‬ ‫على الرؼم من أن ما كتب حول تلك المعتقدات الؽامضة ‪ ،‬قد ٌكون فٌه الكثٌر‬ ‫من المبالؽات ‪ ،‬سواء من جانب الذٌن هاجموها بشدة أو الذٌن وقفوا إلى جانبها‬ ‫‪ ،‬فإن األمر بالنسبة لنا نحن الذٌن لم نذهب إلى كردستان أصال لؽرض البحث‬ ‫عن معتقدات الطوائؾ فٌها ‪ ،‬ولكن ما تسمع مثٌرا للفضول ‪ ،‬األمر الذي ٌدفع‬ ‫المرء لمحاولة التعرؾ على أبناء تلك الطوائؾ ‪ ،‬وجمع المعلومات ومقارنتها‬ ‫مع المصادر والمراجع التً تضًء ما ؼمض على الناس ‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫ونحاول أن نلقً الضوء على هذا الخلٌط العجٌب لنعرؾ مدى تنوع‬ ‫وؼموض نسٌج مجتمعنا الكوردي فً كردستان العراق والتى مازالت هذه‬ ‫البقعة محاطة بؽموض متعمد ‪ ،‬والتً تتجاوز فٌها األدٌان السماوٌة‬ ‫والمذاهب والمعتقدات المخالفة ‪ ،‬وتتعاٌش على أرضها مختلؾ الفئات‬ ‫السٌاسٌة واالجتماعٌة والثقافٌة ‪ ،‬ففً كردستان العراق الؽالبٌة مسلمون من‬ ‫السنة تنتشر مساجدهم بطول المنطقة وعرضها ‪ ،‬لدرجة أن فً مدٌنة واحدة‬ ‫هً أربٌل ٌوجد ‪ 215‬مسجدا ‪ ،‬وإلى جانب السنة هناك الشٌعة الذٌن تتمركز‬ ‫أعداد منهم فً جنوب كردستان ‪ ،‬منهم فئة الشٌعة " الفٌلٌ​ٌن " ‪ ،‬الذٌن ربما‬ ‫لم ٌسمع الكثٌرون عنهم خارج كردستان إال عقب عملٌات التهجٌر التً‬ ‫تعرضوا لها ‪ .‬وهناك المسٌحٌون و هم من السرٌان الذٌن كانوا منذ القرن‬ ‫التاسع عشر ٌسمون ب " األثورٌ​ٌن" وحالٌا ٌسمون ب" اآلشورٌ​ٌن " و هم‬ ‫ٌعٌشون فً النصؾ الشمالً من كردستان ‪ ،‬ولهذه الفئة خمسة مقاعد دائمة‬ ‫فً البرلمان الكوردي الكائن فً مدٌنة أربٌل ‪ ،‬الذي ال ٌزال المإسسة‬ ‫الكوردٌة الوحٌدة ؼٌر المقسمة بٌن اإلدارتٌن الواقعتٌن فً أربٌل والسلٌمانٌة‬ ‫والتً توجد لكل منهما حكومة ومإسسات مستقلة و وسائل إعالم وأحزاب‬ ‫وجمعٌات وتنظٌمات مدنٌة وعسكرٌة ‪ .‬وفً كردستان أٌضا ‪ ،‬هناك طائفة‬ ‫مسٌحٌة أخرى هً الكلدان و هم أقل عددا من اآلشورٌ​ٌن ‪ ،‬و ٌعٌش معظمهم‬ ‫فً السلٌمانٌة ‪ ،‬وإن كان لهم كنٌسة فً مدٌنة دهوك بالقرب من مقر رئاسة‬ ‫الجامعة ‪ٌ ،‬طلق علٌها " دٌرا بارانً " ‪ ،‬كما هناك كنائس كلدانٌة و آشورٌة‬ ‫فً قرٌة "عناكوا" القرٌبة من أربٌل والتً ٌعٌش فٌها الكثٌر من المسٌحٌن‬ ‫األكراد ‪ .‬بعض القرى بٌن أربٌل و دهوك ٌسكنها المسٌحٌون وبعضها‬ ‫األخرى ٌتقاسمها المسلمون مع المسٌحٌن ومع الٌزٌدٌ​ٌن أٌضا ‪.‬‬ ‫وإذا كانت كردستان العراق تضم هذه الخلٌط من ألوان الطٌؾ السٌاسً‬ ‫والدٌنً والمذهبً ‪ ،‬فإن جمٌع األقلٌات تعٌش بؤمان ‪ ،‬وقد تسمع هذه‬ ‫التؤكٌدات من أي كردستانً فً العراق ومن أبناء تلك األقلٌات ‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫قٌل ‪ ":‬فقد شاءت ظروؾ الكورد الصعبة والقاسٌة أن ٌنصهر الجمٌع لمقاومة‬ ‫تهدٌد وجودهم ‪ ،‬وأن ٌختاروا التعاٌش معا ‪ ،‬المسلمون والمسٌحٌون‬ ‫والٌزٌدٌون والكاكائٌون وطوائؾ الصابئة وأهل الحق والعلً‬ ‫األهٌون ‪ ،‬لقد أصبحت تلك المنطقة بوتقة جمعت كل هذا الخلٌط ‪ ،‬الذي تناسى‬ ‫اختالفاته الدٌنٌة والمذهبٌة والعقائدٌة ‪ ،‬وفروقاته الثقافٌة والقومٌة ‪ ،‬لتفق على‬ ‫ضرورة التعاٌش لمواجهة عدو مشترك ‪.‬‬ ‫توصؾ الرحلة إلى كردستان ‪ ..‬بؤنها الدهشة ستالزمك دائما ‪ ،‬فهذه المنطقة‬ ‫بمدنها وقراها وطرقها وأناسها قادرة على طرق القلب منذ لحظات الوصول‬ ‫األولى ‪ ،‬وال بد أن هذا الشعب الذي ال ٌتحدث بعض اآلخر عنه بود ‪ ،‬قد‬ ‫أدرك تماما أن اللقٌا الودود هً الطرٌق المفتوح مباشرة ‪ ،‬تماما كما ٌدرك‬ ‫الزائر إلى كردستان أن فً هذه المنطقة شٌئا ما ٌالمس القلب و ٌدفعه إلى‬ ‫إبقاء ذكرٌات تلك األٌام محفورة ونابضة " ‪.‬‬ ‫شعب عانى الكثٌر من الظلم واالضطهاد ‪ ،‬لذا ٌستحق العٌش بؤمان فً تلك‬ ‫البقعة وحول ثائرة ‪...‬‬ ‫الزرادشتٌون " المجوس " فً الهند ‪...‬‬ ‫استطالع ‪....‬‬ ‫نجاحهم فً التجارة ومن ثم مراكمة الثروات و التمٌ​ٌز االجتماعً الخارق‬ ‫للعادة ‪ ،‬وطقوسهم ‪،‬خاصة معابد النار ‪ ،‬وطرٌقة دفن موتاهم ‪ ..‬فً بطون‬ ‫جوارح الطٌر ‪ ..‬كان صعودنا فً معارج تالل ماالبار كؤنه انتقال من عالم‬ ‫إلى عالم ‪ ،‬من شوارع الضجٌج والزحام إلى أجمات ال ٌسمع فٌها ؼٌر‬ ‫أصوات الطٌور بٌنما البحر ٌهبط مزٌدا تحتنا وتتراجع خلؾ األشجار قمم‬ ‫األبراج السكٌنة فً أرقى أحٌاء مامباي الهندٌة المحٌطة بالتالل ‪ ،‬والتً تعتبر‬ ‫من أكثر أماكن العالم ؼالء‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫لقد كنا نبحث عن " أبراج الصمت " التً ٌسجً علٌها الزرادشتٌون موتاهم‬ ‫لتنهشهم العقبان حتى العظام ‪ .‬وكان العالم الذي نصعد فٌه ٌتناقص مع ما نبحث‬ ‫عنه ‪ ،‬فقد كنا نبحث عن أؼرب عملٌة دفن للموتى فً دروب حدائق ؼناء ! ‪.‬‬ ‫الزرادشتٌون ‪ ،‬أو المجوس طائفة استثنائٌة فً مومباي ‪ ،‬ففً هذه المدٌنة التً‬ ‫نزحت إلٌها أمواج بشرٌة تبحث عن فرصة للثراء فً " مدٌنة الذهب " نجح‬ ‫كثٌرون‪ ،‬وصاع كثٌرون ‪ ،‬وال ٌزال األمر ٌتكرر حتى ٌومنا ‪.‬‬ ‫المجوس أو " الفرس " كما ٌدعون فً اإلنجلٌزٌة و لدى الهنود لم ٌنجحوا فقط‬ ‫فً مومباي ‪ ،‬بل كانوا من صفوة الناجحٌن فً العالم ‪ .‬عبروا البحر العربً من‬ ‫فارس عندما دخلها اإلسالم ‪ ،‬والذوا بالهند ‪ ،‬خاصة مومباي وما حولها ‪ .‬صعد‬ ‫المجوس بسرعة ملحوظة ‪ .‬ولعل أسرة " تاتا " المجوسٌة هً نموذج لذلك‬ ‫الصعود الخارق ‪ ،‬نحو سماء التجارة فً المدٌنة ‪ ،‬فهم ملوك صناعة‬ ‫الصلب ‪ ،‬والكٌماوٌات ‪ ،‬والمعدات الهندسٌة ‪ ،‬والسٌارات التً اشتهرت باسمهم‬ ‫داخل الهند وخارجها ‪ .‬وما من مجوسً " فقٌر " فقر الهنود فً الهند ‪ ،‬ولقد‬ ‫رأٌت فً شارع " شهٌد بهاجات " بمنطقة كوالبا مربعا سكنٌا ٌحٌط به سور‬ ‫عال وبوسطه حدٌقة رائعة وعندما رفعت رأسً إلى الكتابة المعدنٌة بؤعلى‬ ‫البوابة الهائلة قرأت ‪" :‬نزل مخصص للفرس " ! مجرد نزل ! لألسر المجوسٌة‬ ‫" المتواضعة " بكل هذه األناقة ! ‪.‬‬ ‫لم ٌبق من المجوس فً العالم ؼٌر تسعٌن ألفا ‪ ،‬و هم فً عمومهم أثرٌاء‬ ‫متعلمون تعلٌما رفٌعا وعلى درجة ملحوظة من وسامة الرجال وجمال النساء ‪.‬‬ ‫والؽرٌب أن عددهم ٌتناقص بنسبة ‪ % 1‬سنوٌا منذ الحرب العالمٌة الثانٌة ‪ ،‬ألن‬ ‫دٌانتهم بالتوارث ‪ ،‬فمن جهة ال ٌسمح بدخولها ألحد من الدٌانات األخرى ‪ ،‬ومن‬ ‫جهة أخرى ٌخرج منها _ من األجٌال الجدٌدة _ شبان وبنات ٌتزوجون خارج‬ ‫الطائفة فٌطردون منها ! ‪ .‬وإلى جانب استحالة الدخول ‪ ،‬وتعدد الطرد من هذه‬ ‫الدٌانة ‪ ،‬هناك ازدٌاد فً أعداد المجوس الخارجٌن من الدنٌا بؤسرها ‪ ،‬فعدد‬ ‫المجوس الذٌن عرضت جثثهم لجوارح الطٌر ‪ ،‬فوق ما ٌسمى بؤبراج‬ ‫الصمت ‪ٌ ،‬تضاعؾ منذ عام ‪ ، 1970‬ولعل ذلك راجع الزدٌاد كبار السن بٌن‬ ‫أتباع هذه الطائفة ‪.‬‬ ‫‪21‬‬


‫وقبل أن نقترب من " أبراج الصمت " ‪ ،‬ال بد لنا من مقاربة أشكال التعبٌر‬ ‫الطقوسٌة لدى الزرادشتٌ​ٌن ‪ ،‬لعلنا نفهم دوافعهم لدفن موتاهم بهذه الطرٌقة‬ ‫الؽرٌبة مع احتفاظنا باختالفنا عنهم بالطبع ‪.‬‬ ‫للزرادشتٌن _ كالهندوس والسٌخ وكثٌر من الدٌانات فً الهند التً تكاد تكون‬ ‫وعاء لكل دٌانات العالم _ رموز تذكرهم بدٌنهم ‪ ،‬فهم ٌرتدون _ منذ سن البلوغ‬ ‫_ تحت ثٌابهم العادٌة مرٌوال أو صدٌرٌا " ٌسمى بالفارسٌة "سدرة" ‪ ،‬وٌتالزم‬ ‫هذا القمٌص مع حزمة من الخٌوط تسمى " كوتشً " بها اثنان وسبعون خٌطا‬ ‫ترمز إلى أسفار " الباسنا " المقدسة ‪،‬وٌقوم حاملها بربطها عدة مرات ٌومٌا‬ ‫تعبٌرا عن استمساكه بعقٌدته ‪ ..‬قٌل ‪..........‬‬ ‫كانوا منذ التارٌخ وأؼلبهم من الفرس اإلٌرانٌ​ٌن والهنود وبالد شرق آسٌا ‪ ،‬حٌث‬ ‫عبد الفرس قوى الطبٌعة المتنوعة كالشمس واألرض والقمر والرٌح‪ ،‬كما عبدوا‬ ‫الماء والنار واألجرام السماوٌة‪ ،‬وكان ٌقوم بهذه الطقوس كهنة ٌسمون (ماجى)‬ ‫أي المجوس‪ ،‬وكانت هذه الطائفة ترعى النار المقدسة فً معبد النار‪ ،‬ومن أهم‬ ‫مذاهب الفرس الدٌنٌة التً كانت تمثل آلهة متعددة هً‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬الزرادشتٌة‪ :‬نسبة إلى زرادشت المتوفً سنة (‪ )583‬ق‪.‬م وٌرى أتباعها‬ ‫أن الوجود له إلهان إله خٌر وإله شر‪ ،‬وأن كلٌهما ٌنازع النفس اإلنسانٌة والكون‬ ‫وما فٌه‪ ،‬وأن القوة أساس لكل شًء وال اعتبار للضعفاء‪ ،‬فهم ال ٌصلحون للبقاء‬ ‫فالحق مع األقوٌاء دائماً‪ ،‬فقانون الحٌاة ٌعمل لألقوٌاء على الضعفاء وٌجب أن‬ ‫ٌبقى األقوٌاء‪ ،‬وأن ٌفنى الضعفاء فال إٌمان بالعدل وإنما اإلٌمان بالقوة‪.‬‬ ‫ثانٌا ا‪ :‬المانوٌة‪ :‬ظهر ‪ -‬مانً ‪ -‬فً القرن الثالث المٌالدي وكانت تعالٌمه مزٌجا ً‬ ‫من الدٌانة النصرانٌة والزرادشتٌة‪.‬‬ ‫وخالصة مذهبه تقوم على أن العالم نشؤ من أصلٌن وهما النور والظلمة‪ ،‬مال‬ ‫إلى حٌاة الرهبنة حٌث منع الزواج حتى ال ٌكون تناسل بٌن الناس فٌفنى‬ ‫البشر‪ ،‬واعتبر وجود اإلنسان لعنة فً األرض ومادام اإلنسان فً اإلنسال فإن‬ ‫اللعنة اإلنسانٌة مستمرة‪.‬‬ ‫ثالثا ا‪ :‬المزدكٌة‪ :‬ظهرت فً القرن الخامس المٌالدي على ٌد ‪ -‬مزدك ‪ -‬الذي كان‬ ‫ٌهدؾ إلى إصالح مذهب ‪ -‬مانً ‪ -‬وراح ٌناقش قضٌة الظلمة والنور حٌث ٌرى‬ ‫ً‬ ‫صدفة ‪.‬‬ ‫أن امتزاجهما هو الذي تمخض عنه نشؤة الدنٌا‬ ‫‪22‬‬


‫أما الكهنة فٌرتدون ثٌابا بٌضاء وعمامة بٌضاء أٌضا‪ ،‬وٌضعون قناعا على الفم‬ ‫أثناء تؤدٌتهم لطقوس النار تجنبا لتلوث النار " المقدسة " بؤنفاسهم ‪ .‬والنار رمز "‬ ‫أهورامازادا" فهم ال ٌعبدونها بل ٌتوسلون بها ‪ ،‬وهً ال بد أن تحفظ داخل المعبد‬ ‫بعٌدا عن التلوث ‪ ،‬فال ٌنبؽً أن تراها الشمس أو عٌون ؼٌر الزرادشتٌ​ٌن ‪ .‬وقد‬ ‫حاولت اختراق تلك الحٌلة ‪ ،‬وبالنقاش الطوٌل ‪ ،‬وباتصاالت التوصٌة من بعض‬ ‫المهمٌن فً مومباي ‪ ،‬دون جدوى ‪ ،‬بل أثارت معاودتً للمحاولة ؼضب حراس‬ ‫معبد النار حتى أنهم أؼلقوا أمامً البوابة الرئٌسٌة للمعبد بعد أن كنت دخلت‬ ‫وصعدت إلى البهو ووقفت على باب القاعة الرئٌسٌة ‪ .‬لٌست النار وحدها‬ ‫المقدسة لدٌهم ‪ ،‬فمن المقدسات التً ال ٌنبؽً تلوٌثها لدٌهم ‪:‬‬ ‫" األرض ‪ ،‬الماء‪ ،‬والهواء "‪ .‬ومن هنا جاءت طقوسهم الؽرٌبة فً دفن موتاهم‬ ‫‪ .‬فهم ٌرون أن الموت شر ‪ ،‬وأن الجثة مستقر الشٌاطٌن ‪ ،‬وكلما كان المٌت‬ ‫صالحا ازدادت قوة العمل الشٌطانً ‪ ،‬ولما كان إحراق الجثة " ٌدنس " الهواء ‪،‬‬ ‫ودفنها ٌدنس األرض والمٌاه فً أعماقها ‪ ،‬لهذا اختاروا تعرٌض جثثهم فوق "‬ ‫أبراج الصمت " لتلتهمها العقبان ‪ ،‬ولٌست جثث الموتى وحدها ‪ ،‬بل أي جزء‬ ‫ٌبتر أو عضو ٌستؤصل من جسد مجوسً ٌكون ذلك مآله أٌضا ‪ ..‬الدفن فً‬ ‫حواصل النسور ‪.‬‬ ‫‪ .......‬أبراج الصمت ‪.........‬‬ ‫لعل المستطلع أول شخص استطاع االقتراب من أبراج الصمت فوق تالل ماالبار‬ ‫إلى هذا الحد كما أخبرنً المسإولون عن هذه األبراج ‪ ،‬حد الوصول إلى الباب‬ ‫األخٌر الذي ال ٌعبره فً أرواب بٌضاء ؼٌر حاملً المٌت من خاصة خاصته‬ ‫ومن خاصة القائمٌن على سر أسرار الدفن المجوسً ‪.‬‬ ‫ما بقً من آثار الكٌماوي على القرى الكوردٌة‬

‫‪23‬‬


‫وال ٌزعم أنه وصل إلى ذلك بمقدرة استثنائٌة ‪ ،‬بل إلحاح الفضول وبعض‬ ‫اإلطالع الذي مكنه من محاورة مقنعة ‪ ،‬لقد وصل فً الصعود على تالل‬ ‫ماالبار إلى درجة دون القمة التً تفترشها الحدائق المعلقة ‪ ،‬وفوق البحر‬ ‫واألرض بكثٌر ‪ ،‬حتى أن ما ٌظهر بٌن األؼصان من قمم األبراج السكٌنة‬ ‫السامقة فً حً األثرٌاء حول التالل كان فً مستوى األنظار ‪ ،‬وكانت‬ ‫كثافة الؽابة التً اخترقوها جعلتهم ال ٌرون ؼٌر الطرٌق الذي ٌصعدون فٌه‬ ‫قبل أن ٌتوقفوا أمام حاجز وراءه فناء مسٌج بؤحواض زهور بهٌجة‬ ‫وأشجار وارفة ‪ ،‬وبرز لهم من داخل بناء أنٌق صؽٌر حارس استدعى‬ ‫آخرٌن بهاتؾ نقال ‪ ،‬وجاء لمحادثهم رجل بنظارات ٌرتدي مالبس بستانً‬ ‫وطاقٌة ؼامقة من جلد الؽنم ‪.‬‬ ‫الرجل اسمه "دارادي إالفٌا" وهو مجوسً وضح أنه مسإول فً المكان‬ ‫"المقبرة" ٌسمٌها أصحابها " دونجٌروادي "وكانت أبعد ما ٌمكن عن شكل‬ ‫المقبرة فثمة أبنٌة بٌضاء فخمة ذات سقوؾ جمالونٌة من القرمٌد ‪ ،‬ودروب‬ ‫مشجرة و نظٌفة بٌن هذه األبنٌة ‪ ،‬ودرج حجري ٌصعد حتى ٌتوقؾ أمام‬ ‫بوابة حدٌدٌة مزخرفة ومطلٌة باللون األبٌض ‪ٌ ،‬لٌها درج آخر ٌصعد نحو‬ ‫بوابة أخرى مماثلة ‪ ،‬وفً النهاٌة بوابة بٌضاء صماء فً سور دائري عال‬ ‫‪ .‬وداخل هذا السور توجد أبراج الصمت ‪ ،‬عددها خمسة وكل منها تسمى‬ ‫"دوخما" إضافة إلى واحدة صؽٌرة تسمى "شوترا" مخصصة لألطراؾ‬ ‫المبتورة واألعضاء المستؤصلة ‪ ،‬وأقدم هذه الدوخمات بنً ما بٌن عامً‬ ‫‪ 1672‬و ‪ 1673‬م واسمها ٌحمل اسم العائلة الثرٌة التً شٌدتها " مودي‬ ‫هٌرجً " ‪ .‬أطلعهم " دارادي إالفٌا " على عربة اإلسعاؾ الكبٌرة النظٌفة‬ ‫التً تقؾ عند أول األبنٌة الكبٌرة قرب البوابة ثم سار معنا صاعدا و هابطا‬ ‫لٌرٌهم التوابٌت الفوالذٌة و نموذجا ألبراج الصمت وقاعات " الصالة"‬ ‫وقاعات تجهٌز الجثث ‪ .‬وبلؽوا موضعا لم ٌكن ممكنا بؤي شكل أن ٌخطو‬ ‫خطوة بعده حٌث وقفت فً وجههم بوابة صماء بٌضاء وعندما نظروا إلى‬ ‫األعلى رأوا عقابا ٌربض ساكنا فوق قمة شجرة بلوط ضخمة ‪ ،‬شعور‬ ‫ؼرٌب ٌطؽى القلوب ‪.‬‬ ‫‪24‬‬


‫من كل ما تراه وما تسمع وما تقرأ فً كتاب نادر من كتب الزرادشتٌ​ٌن أنفسهم‬ ‫ٌلخص عملٌة التشٌ​ٌع والدفن لدى المجوس كما ٌلً ‪:‬‬ ‫ٌجلب جسد المتوفى المجوسً بعد استٌفاء شهادة الوفاة من طبٌب مجوسً‬ ‫على مالءة بٌضاء فً صدٌري وسروال أبٌض ‪ ،‬وٌعلن عن الوفاة والتشٌ​ٌع‬ ‫والتؤبٌن ‪ ،‬وتقرع األجراس فً دونجٌرودي ‪ ،‬فٌما ٌجهز البخور وخشب‬ ‫الصندل والعطر واألردٌة البٌضاء ‪ ،‬تؽسل الجثة من قبل أناس من ذات جنس‬ ‫المتوفى وتجفؾ وتلبس الثٌاب التى حدثت فٌها الوفاة بعد ؼسلها ثم تسجى على‬ ‫طاولة رخامٌة بٌنما ٌنثر العطر و ٌشعل البخور وتقام صلوات معٌنة تستمر‬ ‫أربعة أٌام ‪ ،‬وفً فجر الٌوم الرابع ٌقدم ألقرب نار " مقدسة" مدد من وقود‬ ‫معٌن ‪ .‬فً النهار تحمل الجثة فً تابوت فوالذي ٌرفعه حمالون زرادشتٌون‬ ‫معٌنون لهذه المهمة ‪ٌ ،‬تبعهم الكهنة ثم أقارب المتوفى فؤصدقاإه ‪ ،‬جمٌعهم فً‬ ‫أرواب بٌضاء و ٌسٌرون خلؾ التابوت اثنٌن اثنٌن ‪ ،‬وبٌن كل اثنٌن مندٌل‬ ‫أبٌض ٌسمى " باٌفاند" أي الرباط ‪ٌ ،‬مسكه كل من طرؾ وؼاٌته الرمزٌة هً‬ ‫التواصل للتآزر فً تحمل أحزان الفراق ‪ ..‬و فً داخل السور األخٌر ٌسجى‬ ‫الجثمان بعد شق مالبسه على شبكة فوالذٌة فوق أحد أبراج الصمت و‬ ‫ٌنصرؾ الجمٌع حتى تقبل العقبان لتإدي عملها ‪ .‬وهو عمل دقٌق ! حٌث ٌلمح‬ ‫عقاب أثناء تحلٌقه العالً جدا الجثة فٌدور دورات معٌنة تنتبه إلٌها عقبان‬ ‫أخرى وسرعان ما تلتم جمٌعا وتهبط فوق األشجار المحٌطة بالمكان ‪،‬و ٌستمر‬ ‫وقوؾ العقبان الساكن الصامت طوٌال ‪ ،‬ربما عدة ساعات ‪ ،‬وعادة قرب‬ ‫الؽروب ٌهم بالطٌران عقاب فكؤنه ٌطلق إشارة البدء فتنطلق ؼٌمة العقبان‬ ‫منقضة على الجثة بمناقٌرها الجارحة القوٌة ‪ ،‬وفً نحو عشرٌن دقٌقة فقط ال‬ ‫ٌبقى ؼٌر الهٌكل العظمً عارٌا تماما ‪ .‬وتمر األٌام دون أن ٌنقطع إحٌاء‬ ‫مناسبات عدٌدة لروح القٌد ‪ ،‬ومنها ٌوم مٌالده ‪ ،‬وٌستمر ذلك خالل سنة‬ ‫خاللها تحول شمس األعالً الحارة والمطر الموسمً المدرار الهٌكل العظمً‬ ‫إلى فتات ثم طحٌن من الكلٌس ٌهبط عبر مصفاة برج الصمت إلى البئر‬ ‫المركزٌة ومنها إلى قناة ٌعترضها مرشح من الرمل والحصى الدقٌق ٌحتجز‬ ‫رماد الكلس و تنتهً المٌاه إلى خزان تحت أرضً مبطن بمرشح آخر حتى‬ ‫‪25‬‬ ‫تمر المٌاه فً النهاٌة نقٌة إلى البحر ! ‪.‬‬


‫ٌقول أحد كبار الرهبان الزرادشتٌ​ٌن اسمه " دستور خورشٌد دابو" ‪ :‬إن عملٌة‬ ‫التخلص من األجساد المٌتة ترتبط بقواعد أساسٌة خمس فً الزرادشتٌة هً "‬ ‫الصالح ‪ ،‬االتحاد ‪ ،‬المنطقٌة ‪ ،‬االحسان ‪ ،‬والنقاء ‪ ".‬وذلك كله عبر ‪:‬‬ ‫(أ) االحسان بتقدٌم الجسد المٌت للعقبان الجائعة فهً مخلوقة لذلك و هذا من‬ ‫طعامها الطبٌعً ‪.‬‬ ‫(ب) االقتصاد ‪ ،‬فال حاجة لمقبرة أو خشب للحرق ‪ ،‬فبرج الصمت الواحد خدم‬ ‫مدٌنة لمدة قرنٌن كاملٌن بمعدل مٌت واحد ٌومٌا دون تكالٌؾ ‪.‬‬ ‫( د ) المساواة ‪ ،‬فالمٌت الؽنً والمٌت الفقٌر ٌتساوٌان فً المعاملة وبقاٌا العظام‬ ‫تلتقً كلها فً الوعاء المركزي دون تفرقة ‪.‬‬ ‫(ه ) مراعاة الصحة العامة ‪ ،‬حٌث ال تلوث للعناصر األربعة للطبٌعة ‪ :‬األرض ‪،‬‬ ‫النار ‪ ،‬الماء ‪ ،‬والهواء ‪ ..‬فتظل نقٌة ‪.‬‬ ‫( و) نبذ العاطفٌة الكاذبة ‪ ،‬فال تمنٌق للموت وال أضرحة وال نصب ‪ ،‬وال توابٌت‬ ‫‪.‬‬ ‫ٌنهً " دستور خورشٌد " كلماته بتقرٌظ " طرٌقتهم " فً الدفن ‪ ،‬وتتوالى فً‬ ‫كتٌب باإلنجلٌزٌة شهادات استحسان طبً وقائً ‪ ،‬وفلسفً أحٌانا ‪ ،‬من حشد من‬ ‫أساتذة الطب فً العالم وبعض المشاهٌر _ بٌنهم مارك توٌن وتشرشل ‪.‬‬ ‫فً جمٌع األدٌان هللا الواحد ال شرٌك له فً المعنى الضمنً ‪ ..‬لكن نرى اختالؾ‬ ‫المذاهب و األدٌان فً العالم كله ‪ ،‬والسبب هو وجود نسبة من رجال الدٌن الذٌن‬ ‫تفردوا فً نشر أفكار وعادات معٌنة بما تحقق أهدافهم ومصالحهم بٌن المجتمعات‬ ‫الفقٌرة عقلٌا فقط ‪ ..‬نرى فً المجتمعات الؽربٌة ؼالبٌة مسٌحٌة وٌهودٌة ؼٌر‬ ‫متشددة فً أنظمتها الدٌنٌة ‪ ،‬وفً مجتمعاتنا الفقٌرة نالحظ عبادة األصنام وبعض‬ ‫الحٌوانات ‪ ،‬الشمس ‪ ،‬األشخاص ‪ ،‬أنبٌاء جدد" نبً هٌثم فً مناطق ؼربٌة من‬ ‫سورٌا" ‪ ،‬وعبادة النار ‪ ،‬وعبادة الشٌطان ‪ ،‬وهناك الكثٌر من األرباب المخفٌة ال‬ ‫نعلمها ‪ ..‬والدلٌل األقوى على وجود مصالح شخصٌة خاصة هو " وصاٌة المرشد‬ ‫ألهله بتجنب نشر كتبهم المقدسة خوفا من تعدٌلها من قبل األشخاص السٌاسٌ​ٌن‬ ‫الذٌن ال ٌسؤلون عن األصول وال ٌتعامل بالعواطؾ " ‪.‬‬ ‫‪ ......‬ال شك أننا متفقون على أن دفن الموتى تحت األرض رحمة من هللا سبحانه‬ ‫وتعالى ‪ ،‬منها نشؤنا وإلٌها نعود بإذنه ‪ ،‬واإلنسان متعلق بالمكان روحا وجسدا ‪،‬‬ ‫‪26‬‬ ‫ألنه ٌطمئن فً مكان نشؤته أكثر من ؼٌره ‪..‬‬


‫وال نلق اللوم على هإالء الزرادشتٌون فً‬ ‫طرٌقة دفنهم للموتى ‪ ،‬وهً لٌست ولٌدة‬ ‫تفكٌر دٌنً ‪ ،‬إنما هً مما اضطرتهم‬ ‫الحٌاة ٌوم كانوا من سكان الجبال فً‬ ‫شمال إٌران ‪ ،‬الجبال الشاهقة ال تصل‬ ‫لحفر القبور فً الصخور ‪ ،‬والعقبان‬ ‫والنسور دائما عند ذروة الجبال ‪ ،‬ولٌسوا‬ ‫فقط من ٌمارسون هذه الطرٌق بل هناك‬ ‫البوذٌون سكان الذرى الجبلٌة فً التٌبت ‪،‬‬ ‫بطرٌقة أخرى وبتفسٌر دٌنً آخر ‪ٌ ،‬قوم‬ ‫شخص جرٌئ فً المنطقة بحمل جثة‬ ‫المٌت فً كٌس من الخٌش أو ما شابه ذلك‬ ‫إلى أعلى الجبل قرٌب من القمة حٌث‬ ‫العقبان والنسور الجارحة ‪ ،‬ومن ثم تقطٌع‬ ‫الجثة وفصل أعضائها إلى أجزاء ‪،‬كما‬ ‫ٌفعل الجزار بشاة‬ ‫مذبوحة ‪ ،‬ورمً هذه األجزاء حوله ‪،‬‬ ‫بعدها ٌعود مع أهل المتوفى لتهنؤ الطٌور‬ ‫بطعامها ‪ ...‬هذه الطرٌقة متشابهة تماما‬ ‫مع الطرٌقة الزرادشتٌة ‪ ،‬من حٌث الهدؾ‬ ‫منها ‪.‬‬ ‫تهدؾ هذه الطرٌقة فً جبال التٌبت إلى‬ ‫منع انتشار األمراض من وراء تفسخ‬ ‫الجثة تحت األرض ‪ ،‬وتجنب جذب‬ ‫الحٌوانات الالحمة الخطٌرة "كالذئاب‬ ‫والنمور والضباع " إلى القرٌة ‪ ..‬سبحان‬ ‫هللا ما أعظم شؤنه ‪.‬‬ ‫‪27‬‬


‫كــــــردســـــتان العـــــــراق‬

‫مأسات‬ ‫األرض المحروقة بالنابالم‬ ‫استطالع ‪.....‬‬ ‫كؤنهم فً صحراء ! ‪ .‬بؽٌر قلٌل من االستؽراب ‪ ،‬واالستنكار أٌضا‪ ،‬قالتها‬ ‫صحفٌة أمرٌكٌة كانت معا ومراسل ‪ bbc‬البرٌطانٌة ومترجم وسائق كردٌان ‪،‬‬ ‫قطعوا بسٌارة طرٌقا تتجه بهم من مدٌنة السلٌمانٌة الكوردٌة إلى بلدة كوردٌة‬ ‫أخرى فً محافظة كركوك ‪.‬‬ ‫كان المشهد مثٌرا للدهشة واالستنكار فعال ‪ ،‬فالمنطقة جبلٌة ‪ ،‬توافرت لها كل‬ ‫أسباب الحٌاة من أرض خصبة وشمس ساطعة ومٌاه وفٌرة ‪ ،‬تؤتً بها على‬ ‫مدار العام الؽٌوم والثلوج والٌنابٌع واألنهار ‪ .‬عندما تمد بصرك إلى السفوح‬ ‫والودٌان ‪ ،‬ال تجد حولك ؼٌر السكون الذي ال ٌتواجد إلى فً الصحراء ‪،‬‬ ‫وكؤن لعنة ‪ ،‬مما جاء فً أساطٌر القدامى ‪ ،‬قد حلت بهذه األرض ‪.‬‬ ‫وفً الواقع كانت اللعنة حقٌقٌة ‪ ،‬اسمها ‪ :‬صدام حسٌن ‪ ،‬ضربت كردستان‬ ‫العراق ‪ ،‬والعراق كله ‪،‬وكان ذلك المشهد المكرب أخفها وطؤة وأقل الفصول‬ ‫مؤساوٌة فً التراجٌدٌا الكردٌة طوٌلة األمد ‪.‬‬ ‫قبل عام واحد ‪ ،‬وبعد أسابٌع قالئل من انتهاء الكابوس الرهٌب الذي نشؤ عن‬ ‫احتالل صدام حسٌن للكوٌت ‪ ،‬تفرج العالم ‪ ،‬فً بث حً ومباشر عبر شاشات‬ ‫التلفاز ‪ ،‬على مشهد مؤساوي آخر ‪ ،‬هو مشهد النزوح المالٌ​ٌنً ألكراد العراق‬ ‫إلى البلدان المجاورة ‪ .‬فتحت قصؾ الطبٌعة ‪ ،‬أمطارا وثلوجا ؼزٌرة وبردا‬ ‫قاسٌا ‪ ،‬فر أكثر من ملٌونً كردي عراقً إلى ما وراء الحدود مع إٌران‬ ‫وتركٌا ‪ ،‬مشٌا على األقدام فً الؽالب ‪ ،‬على دروب ومسالك جبلٌة موحلة ‪،‬‬ ‫مثلجة ‪ ،‬زلقة وطوٌلة ‪ ،‬األب ال ٌعود إلى ابنه حٌن ٌنزلق فوق الصخور ‪،‬وال‬ ‫األم تستطٌع مساعدة أوالده المشً ‪ ،‬وكؤنه ٌوم الحشر صادؾ الشعب‬ ‫الكوردي فً العراق ‪ ..‬هربا من قصؾ المدافع وراجمات الصوارٌخ للمدن‬ ‫الكوردٌة التً انتفضت مع المدن فً جنوب العراق ووسطه ضد نظام صدام ‪.‬‬ ‫‪28‬‬


‫لقد صدم الضمٌر اإلنسانً لمشاهد النزوح وتقارٌر منظمات اإلؼاثة عن‬ ‫أحوال النازحٌن األكراد ‪ ،‬واستجاب المجتمع الدولً لضؽط الرأي العام ‪،‬‬ ‫فاتخذ مجلس األمن عدة قرارات ألزمت النظام العراقً بتؤمٌن عودة النازحٌن‬ ‫إلى مناطقهم وعدم استخدام القوة ضدهم ‪ ،‬وخصوصا فً منطقة " المالذات‬ ‫اآلمنة التً تبدأ من خط العرض ‪ . 36‬وبهذا تمكن معظم األكراد الذٌن عبروا‬ ‫الحدود ‪ ،‬أو لجؤوا إلى المرتفعات الجبلٌة النائٌة من العودة إلى مدنهم وبلداتهم‬ ‫‪ ..‬لكنهم ما لبثوا أن انتفضوا على القوات العسكرٌة وأجهزة األمن و‬ ‫المخابرات ‪ ،‬وطردوها بمساعدة مقاتلٌهم المعروفٌن باسم " البٌشمركه " أي‬ ‫" الفدائٌون" ‪ .‬وفً مجرى صراع مسلح بٌن القوات الحكومٌة التً حاولت‬ ‫استعادة سٌطرتها على المدن الكردٌة وقوات " البٌشمركة " التابعة للجبهة‬ ‫الكردستانٌة " تحالؾ من سبعة أحزاب كردٌة وحزب لألقلٌة اآلشورٌة " ‪،‬‬ ‫حدثت سلسلة معارك انتهت فً تشرٌن الثانً ‪ 1992‬وبسٌطرة البٌشمركة‬ ‫على معظم كردستان بما فٌها مناطق تمتد بعٌدا إلى الجنوب من خط العرض‬ ‫‪ . 36‬وهكذا صارت كردستان العراق أؼلبها حرة ‪ٌ ،‬دٌر سكانها شإونهم‬ ‫بؤنفسهم ‪ ،‬مما أتاح لمئات الصحفٌ​ٌن ومراسلً شبكات اإلذاعة والتلفزٌون‬ ‫زٌارتها والوقوؾ على تفاصٌل أكثر الفصول دراماتٌكٌة فً التراجٌدٌا‬ ‫الكوردٌة ‪ :‬فصل العملٌة المنظمة التً ظلت تجري طٌلة عقدٌن من الزمن‬ ‫لتهجٌر سكان الرٌؾ الكوردي طٌلة عقدٌن من الزمن لتهجٌر سكان الرٌؾ‬ ‫الكوردي وتدمٌر قراهم‪ ،‬وكذلك العدٌد من المدن والبلدان اآلهلة بعشرات‬ ‫اآلالؾ من سكان لكل منها ‪ .‬وكثٌرا ما ترافقت تلك العملٌة مع إعدامات‬ ‫جماعٌة ‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫عٌون ماء مقفلة ‪..‬‬ ‫حٌثما ٌوجد نبع أو مجرى ماء تقوم قرٌة أو أكثر ‪ .‬وجبال كردستان التً‬ ‫ٌحط علٌها الثلج ابتداء من منتصؾ الخرٌؾ وال ٌودعها إال فً عز‬ ‫الصٌؾ ‪ ،‬ما من سفح فٌها ال ٌرمق الجبال والودٌان بعٌون خفٌفة الزرقة‬ ‫‪ ،‬وما من واد بٌنها ال ٌشفه نهر أو نهٌر ‪ .‬ولذا كان عدد القرى فً‬ ‫كردستان ٌزٌد على عدد الجبال والسفوح والسهول ‪ .‬أما اآلن فإن الرٌؾ‬ ‫الكردستانً قد تحول إلى وهاد موحشة ‪.‬‬ ‫حتى عٌون الماء حكموا علٌها باإلعدال وحاولوا إقفالها ‪ ..‬حٌث قامت‬ ‫قوات صدام بنقل السكان إلى أحد المجمعات شبه العسكرٌة ودمرت بٌوتهم‬ ‫وأؼلقت الٌنابٌع لتمنع السكان من العودة إلى قرٌتهم ‪ ..‬فً البداٌة قتل‬ ‫الجنود بعض المواشً وألقوها فً الٌنابٌع ‪ ،‬وبعد أٌام عادوا لٌؽلقوها‬ ‫بالخرسانة المسلحة " االسمنت المسلحة" ‪ .‬لكن ! ما من قوة تستطٌع أن‬ ‫تحبس الماء فً جوؾ الجبل ‪ ..‬وؼٌر بعٌد عن الٌنابٌع المؽلقة تفجرت‬ ‫ٌنابٌع جدٌدة انحدر منها الماء إلى السهل المنبسط أسفل هذا السفح ‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫سٌاسة قدٌمة‬ ‫سٌاسة تدمٌر القرى والمدن الكوردٌة بدأها نظام صدام حسٌن منذ األٌام‬ ‫األولى لوصوله إلى الحكم بانقالب فً صٌؾ العام ‪ 1986‬م ‪ .‬وتختزن‬ ‫الذاكرة الكوردٌة أحداثا من تلك الفترة بٌنها ما وقع فً قرٌة " دوكان " فً‬ ‫‪ 8‬آب ‪ 1969‬م ‪ .‬كانت تلك القرٌة المنكودة تقوم عند نهر الخازر فً منطقة‬ ‫الشٌخان بمحافظة الموصل ‪ .‬وقد تعرضت ‪ ،‬مع قرى أخرى فً المنطقة إلى‬ ‫قصؾ جوي ومدفعً من القوات الحكومٌة ‪ ،‬فاضطر السكان إلى الهرب‬ ‫واللجوء إلى أعالً الجبال ‪ ،‬وقام الرجال بإخفاء نسائهم وأطفالهم فً مؽارة‬ ‫أمال فً حماٌتهم من الموت خالل عملٌات المطاردة ‪ .‬وزٌادة فً التحوط‬ ‫موهوا مدخل المؽارة بؤعشاب وحشائش ٌابسة ‪ ،‬إال أن القوات التً دخلت‬ ‫القرٌة وأحرقت بٌوتها ونهبت محتوٌاتها ظلت تبحث عن السكان حتى‬ ‫عثرت على المؽارة وقتلت جمٌع من فٌها ‪ ،‬وكان عددهم ‪29 ".. 67‬‬ ‫امرأة تراوحت أعمارهم بٌن ‪ 16‬و‪80‬سنة ‪ ،‬و‪ 38‬طفال بؤعمار بٌن شهر‬ ‫واحد وخمس سنوات " ‪ ..‬وذلك بمساعدة " جحشك " أشخاص من األكراد‬ ‫كانوا ٌعملون لصالح الحكومة كدلٌل لها فً تلك الفترة ‪ ..‬وفً تركٌا " قرو‬ ‫جً " أما فً سورٌا " عمٌل شرٌؾ "‪.‬‬ ‫الكوردي المستطلع كان ٌقول ‪ ":‬كان ذلك سلطة ( تعبٌر دارج ) للداللة على‬ ‫أن الشًء المقصود أخؾ وطؤة وأقل أهمٌة بكثٌر من سواه " فما حدث بعد‬ ‫ذلك أفظع بآالؾ المرات من سابقاتها ‪.‬‬ ‫وما حدث فٌما بعد هو أن الحمالت العسكرٌة وعملٌات القمع الجماعً ضد‬ ‫األكراد وثورتهم اتسع نطاقها واشتدت ضراوتها ‪ ،‬إال أنها فشلت فً إخماد‬ ‫الثورة الكوردٌة التً كانت قد اندلعت فً أٌلول ‪ 1961‬م ‪ ،‬فاضطر النظام‬ ‫العراقً إلى التفاوض مع قٌادة الثورة الكوردٌة بقٌادة المال مصطفى‬ ‫البارزانً ‪ ،‬والتوقٌع على اتفاقٌة جسدها بٌان ‪ 11‬آذار ‪ 1970‬الذي اعترؾ‬ ‫باألكراد قومٌة رئٌسٌة فً العراق إلى جانب العرب ‪ ،‬وبحقهم فً إقامة حكم‬ ‫ذاتً لهم فً كردستان العراق فً ؼضون أربع سنوات ‪.‬‬ ‫‪31‬‬


‫وخالل السنوات األربع تلك نشطت الحكومة العراقٌة فً محاوالتها لتؽٌر‬ ‫التركٌبة السكانٌة فً المدن والبلدات والقرى التً ٌعٌش فٌها _ إلى جانب‬ ‫األؼلبٌة الكوردٌة فً سكانها _ عرب وتركمان ‪ ،‬وبخاصة مدٌنة كركوك‬ ‫ومحافظتها التً ٌوجد فٌها أهم حقول النفط العراقٌة ‪ ،‬وذلك للحٌلولة دون‬ ‫إلحاقها بمنطقة الحكم الذاتً الكوردي ‪ .‬فبوسائل الترهٌب والترؼٌب جرى‬ ‫تهجٌر معظم السكان األكراد والتركمان من تلك المناطق وإحالل سكان عرب‬ ‫محلهم ‪ .‬وفً الموعد المحدد لتمتع األكراد بالحكم الذاتً رأى األكراد أنه ٌنتقص‬ ‫من حقوقهم التً اتفق علٌها فً آذار ‪ ، 1970‬وأعلن الزعماء األكراد أنهم‬ ‫ٌرفضون القانون ولن ٌسمحوا بتطبٌقه ‪ ،‬فشنت الحكومة حملة عسكرٌة شاملة‬ ‫تعرضت فٌها المئات من القرى والبلدان الكوردٌة إلى التدمٌر ‪ .‬ومع ذلك لم‬ ‫تنجح الحملة فً القضاء على الحركة الكوردٌة المسلحة التً ظلت تسٌطر على‬ ‫معظم كردستان ‪ .‬وقد اعترؾ صدام حسٌن فٌما بعد بؤن الجٌش العراقً تكبد فً‬ ‫تلك الحملة التً استمرت عاما كامال ‪60‬ألؾ قتٌل ‪ .‬وفً آذار ‪ 1975‬وقع صدام‬ ‫حسٌن مع شاه إٌران على اتفاقٌة الجزائر التً تنازلت فٌها الحكومة العراقٌة عن‬ ‫حقوق السٌادة فً شط العرب وبعض األراضً العراقٌة مقابل مساعدة الشاه‬ ‫لصدام فً محاصرة الحركة الكوردٌة فً العراق ‪.‬‬ ‫ووجد الزعماء األكراد أن االستمرار بحركتهم ‪ ،‬بعد ذلك االتفاق ‪ٌ ،‬قود شعبهم‬ ‫إلى االنتحار ‪ ،‬فؤعلنوا عن إنهاء ثورتهم ‪ .‬واجتاز عدة آالؾ من المقاتلٌن "‬ ‫البٌشمركه " مع عوائلهم الحدود ؼٌر مطمئنٌن إلى العفو الذي أصدرته الحكومة‬ ‫عنهم ‪.‬‬ ‫وشرع النظام العراقً منذ ذلك الوقت بحملة عسكرٌة كبرى لتؽٌ​ٌر الخارطة‬ ‫السكانٌة لكردستان ‪ ،‬فجرى تدمٌر جمٌع القرى الواقعة على طول الحدود مع‬ ‫إٌران وتركٌا وبعرض ‪30‬كم ‪ .‬واعتبر السكن ‪ ،‬وحتى مرور األشخاص ‪ ،‬فً‬ ‫تلك المنطقة محرما ‪ ،‬وصدرت قرارات تبٌح للقوات العسكرٌة القتل الفوري لكل‬ ‫من ٌخالؾ ذلك ‪ .‬وعمدت السلطة العراقٌة إلى هدم وإحراق كل القرى والبلدان‬ ‫فً تلك المناطق و نقل سكانها إلى إلى المجمعات شبه العسكرٌة التً أقٌمت‬ ‫حول المدن الكوردٌة الرئٌسٌة أو بالقرب منها ‪ ،‬أو إلى مخٌمات فً األراضً‬ ‫الصحراوٌة قرب الحدود مع السعودٌة واألردن ‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫كـــــــردي وبندقٌة ‪ ..‬وتشتعل الثورة‬ ‫كــــــــــــردي ‪ ..‬وكٌــــــــــــــــس تبػ‬ ‫حفنـــــــــــــة زبٌــــــب ‪ ..‬وبنـــــدقٌة‬ ‫ثم صـــــــخرة ‪ ..‬ولٌـــــــؤتً العالم‬ ‫كـــــــــــــــــل الـــعـــــــــــــــــــالم‬ ‫هذه القصٌدة الموجزة لعبد هللا كوران "‪ " 1962 _ 1904‬أحد أكبر شعرائنا‬ ‫الكورد الوطنٌ​ٌن فً هذا العصر ‪ ..‬تلخص حال الكوردي الذي ٌصعب قهره‬ ‫وتطوٌعه ‪،‬فلكً ٌثور تكفٌه بندقٌة‪ ،‬وزبٌب وتبػ " تشتهر بهما كردستان "‬ ‫وصخرة ٌتحصن بها ‪ ،‬لٌواجه سراٌا وأفواجا مدرعة ‪.‬‬ ‫هكذا فإن الثورة الكوردٌة لم تخمد طوٌال ‪ ،‬إذ عاود البٌشمركه ‪ ،‬بعد عام من‬ ‫توقٌع اتفاق صدام _ الشاه ‪ ،‬نشاطهم السٌاسً _ التعبوي بٌن السكان وعملٌاتهم‬ ‫المسلحة ضد أجهزة القمع الحكومٌة ‪ ،‬وأخذوا ٌستعٌدون تدرٌجٌا ‪ ،‬قسما من‬ ‫مناطق نفوذهم التقلٌدٌة ‪ .‬ورؼم إقدام نظام صدام على شن الحرب على إٌران فً‬ ‫أٌلول ‪ ، 1980‬فإن أعمال التهجٌر والتدمٌر فً كردستان تواصلت ‪ ،‬بل‬ ‫تصاعدت وتٌرتها فً أواسط الثمانٌنٌات عندما امتدت جبهة الحرب إلى كردستان‬ ‫التً صارت مناطقها الشرقٌة مٌدانا لمعارك ضارٌة بٌن القوات العراقٌة والقوات‬ ‫اإلٌرانٌة ‪.‬‬ ‫مجزرة حلبجة‬ ‫بعد أول استخدام لألسلحة الكٌماوٌة ضد القوات اإلٌرانٌة المهاجمة فً‬ ‫الجنوب ‪ ،‬استعملها النظام العراقً ضد األكراد فً بداٌة العام ‪ . 1987‬وفً‬ ‫ؼضون عام أبٌدت عشرات القرى الكوردٌة بقنابل " السٌانٌد وؼاز الخردل‬ ‫وؼاز األعصاب " ‪ .‬وبلػ استخدام هذه األسلحة المحرمة دولٌا ذروته فً ‪16‬‬ ‫و ‪ 17‬آذار ‪ 1988‬عندما أؼارت الطائرات العراقٌة المحملة بالسالح الكٌماوي‬ ‫على حلبجة ‪ ،‬و هً بلدة كوردٌة كبٌرة تقع قرب الحدود مع إٌران ‪ ،‬فقتل فً‬ ‫الحال آالؾ من مواطنٌها وأصٌب ‪ 15‬ألفا آخرون ‪ .‬والواقع أن الوثائق الموجودة‬ ‫لدى الجبهة الكوردستانٌة والمإٌدة من منظمات حقوق اإلنسان والجمعٌات الطبٌة‬ ‫الدولٌة المحاٌدة ‪ ،‬تشٌر إلى أن النظام العراقً بدأ منذ ‪ 15‬نٌسان ‪1987‬‬ ‫استخداما واسعا لألسلحة الكٌماوٌة ضد القرى الكوردٌة اآلهلة بالسكان المدنٌ​ٌن ‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫ففً ذلك الٌوم قصفت ‪ 10‬قرى فً السلٌمانٌة ‪ ،‬وفً الٌوم التالً قصفت ‪ 7‬قرى‬ ‫فً أربٌل ‪ ،‬بٌنها قرٌة الشٌخ التً قتل فٌها ‪ 109‬من سكانها وأصٌب ‪ 281‬آخرون‬ ‫‪ .‬واتسعت العملٌات بعد ذلك لتشمل مناطق فً عمق‬ ‫كردستان ‪ ،‬منها فً ‪ 23‬أٌار ‪ 1987‬قرى قومار وكركان وقمر فً محافظة‬ ‫التؤمٌم " كركوك" التً لٌست لها حدود مع إٌران ‪ ،‬وفً ‪ 5‬حزٌران من العام نفسه‬ ‫منطقة العمادٌة الواقعة فً الشمال األوسط قرب الحدود مع تركٌا ‪،‬حٌث كانت‬ ‫توجد مواقع " للبٌشمركه " ‪.‬‬ ‫معاتبة الكورد على العرب‬ ‫فً جلسة مسائٌة مع مجموعة من المثقفٌن الكورد فً مدٌنة السلٌمانٌة كان هناك‬ ‫اتفاق على تهاون العالم ‪ ،‬وبخاصة القوى ‪ ،‬حٌال صدام حسٌن وسٌاسته سبب أول‬ ‫فً الكوارث التً وقعت فً العراق والمنطقة فً السنٌن األخٌرة ‪.‬‬ ‫قال أحدهم ‪ ":‬لو أن العالم وقؾ فً وجه صدام حسٌن عندما شن الحرب على‬ ‫إٌران وطبق فً حقه قوانٌن األمم المتحدة ‪ ،‬مثلما فعل الحقا إبان احتالل‬ ‫الكوٌت ‪ ،‬ما كان للحرب العراقٌة _ اإلٌرانٌة أن تستمر ثمانٌة أعوام ‪ ،‬وما كان‬ ‫لصدام أن ٌمتلك قوة عسكرٌة ضخمة و ٌستخدمها فً إبادة الشعب الكوردي‬ ‫وؼزو الكوٌت "‪.‬‬ ‫وفٌما تكثر أسئلة األكراد عن سر الصمت الذي لزمته الدول العربٌة واإلسالمٌة‬ ‫إزاء إبادة نظام صدام لهم ‪ ،‬فإن المثقفٌن الكورد ٌتحدثون بمرارة عما ٌعتبرونه‬ ‫موقفا ؼٌر مفهوم وؼٌر مبرر للمثقفٌن العرب نحو قضٌة الكورد فً العراق‬ ‫وسٌاسة صدام القاسٌة تجاههم ‪.‬‬ ‫كان األكراد دائما ٌتطلعون إلى العرب من بٌن كل الشعوب فً المنطقة أكثر من‬ ‫ؼٌرهم ‪ ،‬فواقع التجزئة العربٌة والهم الوحدوي ‪ ،‬خصوصا لدى المثقفٌن العرب ‪،‬‬ ‫كانا من المفترض ‪ ،‬أن ٌجعال العرب أكثر تفهما للقضٌة الكوردٌة وأكثر تعاطفا‬ ‫مع نضال شعبنا الكوردي من أجل اإلقرار بحقوقه القومٌة ‪ .‬ال ٌمكننً أن أفهم‬ ‫موقؾ المثقؾ العربً الذي ٌدعم الثورة الفلسطٌنٌة و ٌتضامن مع الزنوج فً‬ ‫جنوب إفرٌقٌا و نامٌبٌا والهنود الحمر فً أمرٌكا وال ٌتخذ الموقؾ نفسه تجاه‬ ‫الشعب الكوردي فً العراق الذي ٌدافع عن حقه فً الوجود ‪ ..‬عن حقه فً حكم‬ ‫ذاتً فً إطار العراق الموحد ‪ ..‬عن حقه فً نظام دٌمقراطً فً العراق ‪..‬‬ ‫‪34‬‬


‫‪" ...‬األنفال " ‪...‬‬ ‫بلؽت سٌاسة األرض المحروقة ذروتها ‪ ،‬عندما طبقها نظام صدام حسٌن الذي‬ ‫وقعت فٌه مجزرة حلبجة ‪ ..‬وكانت تلك المجزرة بداٌة حملة واسعة أطلقت علٌها‬ ‫الحكومة العراقٌة رسمٌا " األنفال " التً قادها وأشرؾ علٌها ابن عم‬ ‫صدام ‪ ،‬علً حسن المجٌد ‪ ،‬وزٌر الدفاع فً العراق الذي عٌن فً ذلك الوقت‬ ‫حاكما عسكرٌا لكردستان بصالحٌات واسعة للؽاٌة ‪ ..‬وانطلقت عملٌات األنفال‬ ‫من قرى محافظة كركوك التً هاجمتها فً آذار ونٌسان من ذلك العام فرق‬ ‫عسكرٌة بكامل عدتها من المدفعٌة والدبابات ‪ ،‬تساندها الطائرات الحربٌة ‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى األسلحة التقلٌدٌة ‪ ،‬استخدمت فً تلك العملٌات األسلحة الكٌماوٌة‬ ‫‪.‬‬ ‫وحتى اآلن ٌرتجؾ هلعا الناجون من تلك العملٌات عندما ٌتحدثون عما رافقها‬ ‫من اؼتصاب للنساء وتعذٌب للمعتقلٌن و نهب وسلب لممتلكات سكان القرى ‪،‬‬ ‫وعملٌات إعدام بالجملة لألطفال والشٌوخ والنساء والرجال ‪ ،‬و نقل الباقٌ​ٌن إلى‬ ‫أعماق الصحراء‪ .‬وتفٌد وثائق الجبهة الكردستانٌة أنه فً محافظتً كركوك‬ ‫والسلٌمانٌة تم فً ذلك الوقت القصٌر حرق وتدمٌر قرٌة وتشرٌد ‪ 40‬ألؾ عائلة‬ ‫واعتقال أكثر من ‪ 25‬ألفا من السكان ‪ ،‬بٌنهم ‪ 13‬ألؾ امرأة وأكثر من ‪4500‬‬ ‫طفل وأكثر من ‪7600‬رجل ‪ .‬وتتضمن وثائق الجبهة الكوردستانٌة ‪ ،‬وبٌنها‬ ‫ثالث مذكرات موجهة إلى منظمة األمم المتحدة والدول الخمس دائمة العضوٌة‬ ‫فً مجلس األمن الدولً والرأي العام العالمً ‪ ،‬قوائم تفصٌلٌة بؤسماء أكثر من‬ ‫‪ 450‬قرٌة أحرقت و هدمت فً تلك الحملة فً محافظتً دهوك و نٌنوى‬ ‫وحدهما ‪ ،‬بٌنها تعرضت للقصؾ باألسلحة الكٌماوٌة ‪ .‬وباإلضافة إلى الذٌن‬ ‫فروا إلى تركٌا فإن أكثر من ‪ 32‬ألؾ مواطن كوردي وقعوا فً أسر القوات‬ ‫العراقٌة التً نقلتهم إلى معسكرات اعتقال بعٌدة عن مناطق سكنهم التقلٌدٌة ‪.‬‬ ‫جبال بال قرى‬ ‫ؼالبا ما ٌعرض مسإولو الجبهة الكوردستانٌة على الزائرٌن األجانب ‪ ،‬من‬ ‫صحفٌ​ٌن ومندوبً منظمات اإلؼاثة ‪ ،‬قوائم باألسماء والعناوٌن والخرائط لنحو‬ ‫‪ 4500‬قرٌة وبلدة كوردٌة تدمرت تماما فً ؼضون أقل من ربع قرن ‪ ،‬ومعظم‬ ‫هذا التدمٌر حدث فً الثالث عشرة سنة األخٌرة التً أصبح فٌها صدام حسٌن‬ ‫‪35‬‬ ‫حاكما للعراق ‪ .‬ولٌس صعبا على زائر كردستان أن ٌتحقق من هذه المعلومات ‪.‬‬


‫وكان هذا ألسباب عسكرٌة محضة ‪ ،‬ؼاٌتها تسهٌل نقل القوات البرٌة ومعداتها و‬ ‫نشرها على الجبال وفً الودٌان والسهول لقمع الثوار األكراد وإحكام السٌطرة على‬ ‫المنطقة ‪ .‬ومن دون استثناء فإن كل هذه الطرق تحمل العالمات الدالة على ما‬ ‫تعرض له الشعب الكوردي من إبادة شنٌعة ‪ .‬فعلى جانبً كل واحدة من هذه‬ ‫الطرق ‪ ،‬وبعضها ٌمتد إلى مسافة مئات الكٌلو مترات ‪ٌ ،‬لمح السائر علٌها آثار‬ ‫القرى والبلدان المدمرة ‪ ..‬أكواما من الحجارة أو صخورا متناثرة ‪ ،‬بدت وكؤنها‬ ‫بقاٌا لمقابر قدٌمة مهجورة منذ قرون ‪.‬‬ ‫تحذٌر الكورد من العودة ‪..‬‬ ‫وحظرت الحكومة على المهجرٌن األكراد العودة إلى قراهم تحت طائلة القتل‬ ‫الفوري ‪ ،‬فالرٌؾ الكوردستانً ‪ ،‬فً معظمه ‪ ،‬أعلن منطقة عسكرٌة محظورة ‪.‬‬ ‫وقد استولى األكراد ‪ ،‬خالل انتفاضتهم فً آذار من عام ‪ ، 1991‬على وثائق‬ ‫رسمٌة سرٌة تإكد إعدام اآلالؾ من الفالحٌن الذٌن خرقوا _ دون قصد فً الؽالب‬ ‫_ قرارات حظر التجوال فً المناطق المحرمة ‪ .‬والكثٌر من هذه المناطق جرى‬ ‫بث األلؽام فٌها ‪ .‬وستالحظ عندما تسٌر بجانب الطرق العامة وعلى ضفاؾ األنهار‬ ‫هناك أشخاص ٌحذرونك من االبتعاد عن حافتها ‪ ،‬ألنك تستطٌع رإٌة األلؽام‬ ‫المزروعة بسهولة فً حقول تمتد مع الطرق العامة ‪..‬‬ ‫وزٌادة فً إجراءاته لمنع عودة الحٌاة إلى الرٌؾ الكوردستانً ‪ ،‬عمد نظام صدام‬ ‫إلى إشعال الحرائق ‪ ،‬بصورة منتظمة ‪ ،‬فً الؽابات الطبٌعٌة والبساتٌن والحقول‬ ‫والمراعً ‪ .‬كان ٌقول أحد الكورد فً التسعٌنات ‪ " :‬فً كل عام وفور انتهاء موسم‬ ‫األمطار فً نهاٌة الربٌع كانت القوات الحكومٌة تبدأ بإشعال النٌران فً مناطق‬ ‫كثٌرة ‪ ..‬وال تتوقؾ هذه العملٌة إال مع حلول موسم األمطار التالً فً أواسط‬ ‫الخرٌؾ ‪ ..‬كما أن طائرات هلٌوكوبتر وقوات المشاة ‪ ،‬فً بعض الحاالت كانت‬ ‫تقوم بإلقاء السموم على البساتٌن والٌنابٌع "‪.‬‬ ‫وأوضح أن الهدؾ الرئٌسً لهذه العملٌة المتكررة سنوٌا كان منع الفالحٌن األكراد‬ ‫من العودة إلى مناطقهم السابقة ‪ ،‬وحرمان الثوار " البٌشمركة " من التخفً فً‬ ‫الؽابات والجبال واالستفادة من ثمار أشجارها كؽذاء لهم ‪.‬‬ ‫مجهولو المصٌر ‪ 182‬ألفا‬ ‫ال أحد ٌعرؾ بالضبط عدد ضحاٌا تلك العملٌات والتقدٌرات تتراوح بٌن بضع‬ ‫‪36‬‬ ‫مئات اآلالؾ وعدة مئات اآلالؾ ‪.‬‬


‫قال مسإول كوردي عندما سئل إذا كان ٌعرؾ العدد النهائً للضحاٌا ‪ :‬نحتاج إلى‬ ‫وقت طوٌل نسبٌا لمعرفة العدد ‪ :‬فكردستان ظلت خصوصا فً الخمس عشرة سنة‬ ‫قبل التسعٌنات شبه معزولة عن العالم وعن باقً أنحاء العراق أٌضا ‪ .‬وكل ما‬ ‫كانت تقوم به السلطة جرى بسرٌة كاملة ‪ " ..‬اإلعدامات الجماعٌة _ التدمٌر _‬ ‫القصؾ باألسلحة الكٌماوٌة " حتى الحكومة ال تعرؾ العدد النهائً‬ ‫لضحاٌاها ‪ ،‬فكثٌرا ما جرت عملٌات اإلعدام واإلبادة دون إحصاء دقٌق لمن ماتوا‬ ‫ومن ظلوا على قٌد الحٌاة ‪.‬‬ ‫واستطرد المسإول الكوردي قائال ‪ _ :‬هذه واحدة من القضاٌا الكبٌرة التً تإرقنا‬ ‫وتشؽلنا ‪ .‬ففً كل ٌوم ٌؤتً العشرات إلى مقرات الجبهة الكوردستانٌة وأحزابها‬ ‫ٌسؤلون عن مصٌر أهل وأقارب ومعارؾ لهم فقدوا منذ زمن طوٌل ‪.‬‬ ‫وكشؾ هذا المسإول أن وفد قٌادة الجبهة الكوردستانٌة الذي زار بؽداد عدة مرات‬ ‫فً عام ‪ 1992‬إلجراء مفاوضات مع الحكومة طالب المسإولون فً النظام‬ ‫العراقً بالكشؾ عن مصٌر ‪ 182‬ألؾ مواطن كوردي اعتقلتهم السلطة ولم ٌظهر‬ ‫لهم أي أثر حتى اآلن ‪ ،‬فكان جواب علً حسن المجٌد الذي كان وزٌرا للداخلٌة‬ ‫فً تلك الفترة أن العدد فً حدود ‪100‬ألؾ ‪ ،‬وأن " المعتقلٌن سٌطلق‬ ‫سراحهم ‪ ،‬والموتى ٌرحمهم هللا " ! كما أن الؽالبٌة العظمى من مجهولً المصٌر‬ ‫قد قتلوا فرادى أو جماعات ‪.‬‬ ‫ولهذا االعتقاد ما ٌبرره ‪ .‬فعلى كثرة السجون والمعتقالت فً العراق ‪ ،‬لٌس من‬ ‫المعقول أن تكون هناك سجون تستوعب كل هذا العدد الهائل من البشر ‪ ..‬وفً كل‬ ‫شهر ٌكتشؾ األكراد مقبرة جماعٌة سرٌة ‪ ،‬أو أكثر ‪ ،‬فً مناطق مختلفة من‬ ‫بالدهم ‪ ،‬وهً تضم رفات العشرات ‪ ،‬وأحٌانا المئات ‪ ،‬من الذٌن أعدموا جماعٌة ‪.‬‬ ‫و ٌتوقع المسإولون األكراد أن ٌجري اكتشاؾ مقابر أخرى فً المستقبل ‪ ،‬عدا‬ ‫المقابر المماثلة التً ٌمكن أن تتواجد فً المناطق الصحراوٌة من العراق ‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫المحنة الكوردٌة مستمرة‬ ‫لم تنته محنتهم لفترة ‪ ،‬رؼم أن الحكومة العراقٌة فقدت تماما سٌطرتها على معظم‬ ‫المنطقة الكوردٌة منذ عام ‪ . 1991‬ففً تشرٌن األول من نفس العام فرض نظام‬ ‫صدام حصارا محكما على كردستان ‪ ،‬وقامت قوات الحرس الجمهوري التً كان‬ ‫ٌعتمد علٌها حاكم بؽداد فً حماٌة سلطته ‪ ،‬بقطع كل الطرق التً تربط‬ ‫كوردستان بسائر أنحاء العراق ‪ .‬وكانت تحظر تورٌد أي شٌئ إلى المناطق‬ ‫المحررة من كردستان ‪ ،‬بما فً ذلك األؼذٌة واألدوٌة والنفط والبنزٌن ‪ .‬وقد‬ ‫ضاعفت هذه اإلجراءات من المعاناة المعٌشٌة التً ٌكابدها األكراد ‪ .‬فالسلع‬ ‫األساسٌة أصبحت نادرة ‪ ،‬وإذا ما توافرت بمقادٌر محدودة _ ؼالبا عبر‬ ‫استٌرادها من إٌران و تركٌا _ فتباع بؤسعار خٌالٌة ‪ ،‬خصوصا أن قٌمة الدٌنار‬ ‫العراقً تدهورت كثٌرا منذ اجتٌاح الكوٌت واحتاللها ‪ .‬و ٌضاؾ إلى هذا كله أن‬ ‫الحكومة أعلنت _ بالترافق مع فرض الحصار _ عن وقؾ العمل فً الدوائر‬ ‫الحكومٌة والمإسسات العامة فً كردستان ‪ ،‬وأوقفت صرؾ الرواتب للوظفٌن‬ ‫والعمال ‪ .‬والهدؾ من هذه اإلجراءات إرؼام الجبهة الكوردستانٌة على القبول‬ ‫بمشروع الحكم الذاتً الكوردي الذي اقترحته الحكومة على الزعماء األكراد فً‬ ‫أثناء المفاوضات معهم ‪ ،‬و هو مشروع رفضته الجبهة ‪ ،‬ألنه ال ٌحقق مطامحهم‬ ‫فً حكم ذاتً حقٌقً ‪ ،‬ذلك ألنه ال ٌعترؾ بكوردٌة عدة مدن وبلدان كوردٌة‪،‬‬ ‫بٌنها مدٌنة كركوك التً ٌوجد على مشارفها أهم حقول النفط ‪ ،‬كما أن المشروع‬ ‫ٌسعى إلى االحتفاظ بدور مقرر للسلطة المركزٌة فً الشإون العامة للمنطقة‬ ‫الكوردٌة ‪ٌ ،‬فوق دور السلطة الكوردٌة الذاتٌة ‪ .‬فضال عن أن المشروع الحكومً‬ ‫ال ٌقترن بمشروع إلقامة نظام حكم ذاتً دٌمقراطً فً العراق على الممارسة‬ ‫البرلمانٌة والتعددٌة السٌاسٌة والحزبٌة ‪ .‬و ٌعتبر الزعماء األكراد أن الحكم‬ ‫الذاتً الكوردي سٌكون بال معنى ومجرد حبر على ورق ما لم ٌكن مضمونا‬ ‫بحكم دٌمقراطً للعراق كله ‪ " ،‬فالتجربة علمتنا أن ما تعطٌه الدكتاتورٌة الٌوم‬ ‫تسترده ؼدا ‪ ،‬و هذا ما ٌنطبق على دكتاتورٌة صدام حسٌن أكثر من ؼٌرها " كما‬ ‫قال أحد زعماء الكورد ‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫‪ ....‬نصف ملٌون نازح ‪....‬‬ ‫ومن األوجه األخرى للمحنة المستمرة حتى اآلن ‪،‬وجود نحو نصؾ ملٌون‬ ‫من األكراد " عددهم كان ٌتراوح بٌن ‪ 4‬و ‪ 4.5‬ملٌون نسمة " ٌعٌشون بال‬ ‫مؤوى فً مخٌمات أقامتها منظمات اإلؼاثة الدولٌة وفً بٌوت مإقتة بنٌت من‬ ‫أؼصان األشجار وأكٌاس الناٌلون ‪.‬‬ ‫و هإالء هم سكان المدن والقرى المهدمة ‪ ،‬وبعضهم جاء من المدن والبلدان‬ ‫التً سٌطرت علٌها القوات الحكومٌة والتً قامت بطردهم وإسكان مواطنٌن‬ ‫عرب محلهم فً إطار سٌاسة النظام العراقً السابق لتؽٌ​ٌر الطبٌعة‬ ‫الدٌموؼرافٌة للمناطق الكوردٌة التً كانت تحت سٌطرته لتبرٌر عدم إلحاقها‬ ‫بمنطقة الحكم الذاتً الكوردي ‪.‬‬ ‫وواجه سكان المخٌمات الكوردٌة ظروفا حٌاتٌة بالؽة السوء ‪ ،‬فعدا النقص‬ ‫الكبٌر فً األؼذٌة واألدوٌة التً توفر منظمات اإلؼاثة كمٌات محدودة منها ‪،‬‬ ‫وكذلك الكهرباء ومٌاه الشرب والبرد ‪ ،‬فٌما ال تفً األدوٌة والطواقم الطبٌة‬ ‫بالحاجة ‪ .‬وكان المرض الشائع فً تلك الفترة " مرض الدوسنتارٌا " ‪.‬‬

‫حلبجة " هٌروشٌما الصغرى "‬ ‫المدن والبلدان الكوردٌة المدمرة كثٌرة ومن الصعب أن نتحدث عن كلها ‪،‬‬ ‫حٌث لكل واحدة منها قصة طوٌلة بتفاصٌل متشعبة ‪ .‬وقد اخترنا اثنتٌن التً‬ ‫تعرضت لزلزال صدام حسٌن الرهٌب ‪ ..‬حلبجة و قلعة دزة ‪...‬‬ ‫تقع حلبجة على بعد ‪ 80‬كم من مدٌنة السلٌمانٌة إلى الجنوب الشرقً منها ‪،‬‬ ‫وال تبعد عن خط الحدود مع إٌران سوى بضع كٌلومترات ‪ .‬وتقوم على‬ ‫طرؾ سهل شهرزور الشهٌر الذي ٌعتبر من أكبر سهول كردستان وأخصبها‬ ‫وأكثر إنتاجا فً الحبوب والفواكه والخضار ‪...‬كان هذا فً الماضً ‪ ..‬فقد‬ ‫تحول السهل إلى مجرد مراع طبٌعٌة محرم على األكراد حتى رعً مواشٌهم‬ ‫فٌه ‪ ،‬فكل البلدان والقرى فً هذا السهل جرى تدمٌرها ‪ .‬وكانت حلبجة آخر‬ ‫الحواضر فً هذا السهل التً شملتها عملٌات التدمٌر واإلبادة ‪ .‬وحالٌا تستعٌد‬ ‫حٌوٌتها الزراعٌة بشكل بطٌئ بسبب فقدان طاقاتها الحٌوٌة بسرعة كبٌرة من‬ ‫قصؾ كٌماوٌة وتخرٌب‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫كانت قبل قصفها باألسلحة الكٌماوٌة فً آذار ‪ 1988‬موطنا ألربعٌن ألفا من السكان ‪ ،‬و‬ ‫هً مركز قضاء تتبعه عدة نواح وعشرات القرى ‪ ،‬كان ٌعٌش فٌها نحو ‪ 60‬ألؾ نسمة ‪.‬‬ ‫وبالقارنة مع البلدان الواقعة على الطرٌق بٌن السلٌمانٌة وحلبجة " بنكورد ‪ ،‬سٌد صادق‬ ‫‪ ،‬سٌروان " بدت حلبجة أفضل حاال نسبٌا ‪ ،‬فقد ظلت بعض بٌوت المدٌنة سلٌمة ‪ ،‬فٌما‬ ‫تحولت تلك البلدان ‪ ،‬فضال عن القرى ‪ ،‬إلى أكوام من الحجارة الصؽٌرة ‪ ،‬و سوٌت مع‬ ‫األرض ‪ .‬استخدم صدام حسٌن السالح الكٌماوي إلبادة سكان المدٌنة التً تبدو الطبٌعة‬ ‫المحٌطة بها خالبة للؽاٌة ‪.‬‬ ‫حٌث أن الهجوم تم على مرحلتٌن ‪ ،‬ففً ‪ 16‬آذار ‪ 1988‬ألقت الطائرات قنابل عادٌة‬ ‫وقنابل النابالم المحرقة ‪ ،‬و فً الٌوم التالً فعلت نفس الشٌئ ‪ ،‬حتى الذ السكان بالمالجئ‬ ‫جاءت طائرات وألقت القنابل الكٌماوٌة المعبؤة بؽاز الخردل وؼاز األعصاب ‪ ،‬فمات‬ ‫الكثٌرون خنقا ‪.‬‬ ‫و ٌعانً المئات حتى اآلن من آثار التعرض للؽازات السامة ‪ ،‬إذ ٌتعرضون من آن إلى‬ ‫آخر إلى نوبات من االنهٌار واالضطراب العصبً ‪ .‬و ٌقول أحد األطباء إن معظم‬ ‫الناجٌن من الكارثة ستالزمهم هذه الحالة لمدة طوٌلة ‪ ،‬وأن بعضهم سٌموت فً وقت‬ ‫أقصر ‪.‬تذكر حلبجة الكوردٌة العراقٌة بمدٌنتً هٌروشٌما و ناكازاكً الٌابانٌتٌن اللتٌن‬ ‫قصفتا بالقنابل النووٌة ‪ ..‬ولهذا فإن السكان أطلقوا على مدٌنتهم " هٌروشٌما الصؽرى "‬ ‫أو " جلٌشٌما "‪.‬‬ ‫قلعة دزة ‪ ..‬أو قالدزة ‪..‬‬ ‫تقع فً االتجاه المعاكس ‪..‬إلى الشمال الؽربً من السلٌمانٌة ‪ ..‬والطرٌق إلٌها أطول من‬ ‫طرٌق حلبجة ‪ ..‬وهً ملتوٌة ومتعرجة كثٌرا ‪ ،‬وتمر بالمرتفعات الجبلٌة المطلة على‬ ‫بحٌرة و سد دوكان قبل أن تنحدر إلى سهل بشدر الواسع الذي تقوم قلعة دزة عند طرفه‬ ‫الشرقً ‪.‬‬

‫‪40‬‬


‫وال بد أن قلعة دزة التً عاش فٌها إلى ما قبل أربع سنوات ‪ 60‬ألؾ نسمة ‪،‬‬ ‫كانت أكثر المدن الكوردٌة جماال ‪ ،‬ترتفع إلى شرقها سلسلة من الجبال العالٌة ‪،‬‬ ‫أشهرها جبل "قندٌل" الذي تظل الثلوج تكلل قممه معظم أٌام السنة ‪ ..‬أما سهل "‬ ‫بشدر" الذي تخترقه مجموعة من األنهار والبحٌرات فٌظهر مثل سجادة‬ ‫هائلة االتساع ‪ ،‬دائمة الخضرة ‪.‬‬ ‫قلعة دزة نفسها كانت مدٌنة دائمة الخضرة وضاجة بالحٌاة ‪ ،‬وكانت مركزا‬ ‫تجارٌا مهما ‪ ،‬و تحولت فً أواسط عقد السبعٌنٌات إلى المركز السٌاسً والثقافً‬ ‫والعلمً األول فً كردستان ‪،‬عندما شرعت الحكومة العسكرٌة بحملتها الكبرى‬ ‫على األكراد ‪ 1974‬اضطرت قٌادة الثورة الكوردٌة إلى نقل مقراتها إلى هذه‬ ‫المدٌنة التً انتقلت إلٌها أٌضا جامعة السلٌمانٌة بكلٌاتها ومعاهدها ‪ .‬ولهذا السبب‬ ‫تعرضت فً ذلك الوقت إلى عدة هجمات من الطائرات العراقٌة ‪ ،‬أدت إلى قتل‬ ‫وإصابة المئات من السكان الذٌن فروا منها باتجاه إٌران ‪ ،‬وإلى عام ‪ 1988‬كانت‬ ‫قلعة دزة بال حٌاة ‪ .‬ففً نٌسان ‪ 1988‬قامت الحكومة العراقٌة بتهجٌر كل سكانها‬ ‫إلى المدن الكوردٌة األخرى وإلى المجمعات شبه العسكرٌة ‪ ،‬و هدمت بٌوتهم‬ ‫واحدا واحدا بالدٌنامٌت والجرافات ‪ ،‬وأعلنت المدٌنة وكل المنطقة المحٌطة بها‬ ‫منطقة محرمة ‪ ..‬و ٌومها لم ٌبق فً المدٌنة بٌت واحد سلٌما ‪ ..‬حتى مبانً‬ ‫المإسسات العامة والمدارس ‪ ،‬بل والجوامع أٌضا تعرضت للتدمٌر الكامل ‪.‬‬

‫ولدة جدٌدة لكوردستان‬

‫‪..‬‬

‫وسط هذا الخراب العظٌم تنبعث الحٌاة من جدٌد ‪ ..‬فمئات اآلالؾ من الكورد‬ ‫الذٌن نزحوا إلى ما وراء الحدود أو إلى أعالً الجبال أو أخذوا عنوة إلى‬ ‫المجمعات القسرٌة شبه العسكرٌة ‪ٌ ،‬عودون تدرٌجٌا إلى مدنهم وبلدانهم وقراهم‬ ‫‪ٌ ...‬جاهدون بمشقة من إعادة بناء بٌوتهم ومواصلة العمل فً مزارعهم ‪.‬‬ ‫وقد أتٌح لهم هذا بعد أن أصدر مجلس األمن الدولً قرارا بعد فترة من األحداث‬ ‫بجعل المنطقة الواقعة إلى الشمال من خط العرض ‪ 36‬درجة منطقة مالذات آمنة‬ ‫لألكراد ‪ ،‬وبعد أن أرؼمت قوات صدام حسٌن على االنسحاب إلى الجنوب من‬ ‫هذا الخط عقب سلسلة من المعارك مع البٌشمركة الذٌن دحروا القوات الحكومٌة‬ ‫ودفعوا إلى التخوم الفاصلة بٌن الجزأٌن العربً والكوردي من العراق ‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫بٌد أن الوالدة الجدٌدة للمدن والقرى الكوردٌة مازالت تتعسر ‪ ،‬فالحصار الحكومً‬ ‫‪ ،‬وانهٌار االقتصاد العراقً ‪ ،‬وشحة الموارد المالٌة للجبهة الكوردستانٌة ‪،‬‬ ‫ومحدودٌة الدعم القادم من الدول األجنبٌة ومنظمات اإلؼاثة ‪ ،‬تلعب كلها دورا‬ ‫كبٌرا فً جعل حركة إعادة اإلعمار بطٌئة ‪ .‬فً حلبجة وقلعة دزة ومدن أخرى‬ ‫الناس كانوا ٌجمعون الحجارة القدٌمة لبٌوتهم ‪ ،‬و ٌعٌدون رصفها ‪ ،‬باإلستعانة‬ ‫بالطٌن ‪ ،‬لكً ٌقٌموا أربعة جدران وسقفا لكل عائلة ‪ .‬مثل طائر الفٌنٌق " العنقاء "‬ ‫الذي تقول األسطورة إنه ٌعود إلى الحٌاة فور أن ٌموت ‪ ،‬منبعثا من رماده ‪،‬‬ ‫وتعود مدن األكراد وقراهم إلى الحٌاة ‪ ،‬بعد أن ابتعد عنهم ذلك الشبح " صدام‬ ‫حسٌن " ‪ .‬إرادة الشعوب بصمودها ‪ ،‬فال ٌستطٌع شخص مهما بلػ قوته الحدود‬ ‫أن تكسر هذه اإلرادة ‪ ،‬لكن ! من الحري بالشعوب أن تخلو من " العمٌل‬ ‫والقروجً والجحشك " ‪.‬‬ ‫ٌقول الشاعر " شٌركو بٌكه س " فً قصٌدته " األكراد وكردستان "‬ ‫ذات ٌوم ‪..‬‬ ‫ولدت األرض بركانا ‪..‬‬ ‫ومن البركان ولدت كردستان ‪..‬‬ ‫وكردستان خلفت ابنها "آرارات" ‪...‬‬ ‫ومن آرارات ولد الكورد ‪...‬‬ ‫ومن الكورد ولد توأمان " القهر والتحدي "‬ ‫و شٌركو من أكثر الشعراء العراقٌ​ٌن المعاصرٌن شهرة ‪ٌ ..‬ذكر التارٌخ أن‬ ‫الكورد جاء ذكرهم فً األلواح السومرٌة باعتبارهم " كوتو" أو " كوتً " الذٌن‬ ‫سماهم اآلشورٌون ‪ ،‬فٌما بعد ‪ ،‬بال " كرتً " و هم ٌنتمون إلى مجموعة الشعوب‬ ‫اآلرٌة ‪.‬‬ ‫وفٌما ٌعتقد بعض المإرخٌن أن األكراد جاإوا من شرق آسٌا ‪ٌ ،‬رى آخرون أنهم‬ ‫السكان األصلٌون لجبال آسٌا الصؽرى ‪.‬‬ ‫وكردستان تعنً بالد الكورد ‪ ،‬كؤفؽانستان وباكستان ‪ . .....‬وهً تنقسم بٌن‬ ‫تركٌا والعراق وإٌران مع نتوءات فً سورٌا وأرمٌنٌا ‪ ،‬فٌما ٌوجد أكراد فً لبنان‬ ‫وأفؽانستان بؤعداد قلٌلة ‪.‬‬ ‫‪42‬‬


‫تتراوح التقدٌرات بشؤن عدد األكراد بٌن ‪ 25‬و‪ 33‬ملٌون " حوالً ‪ 5‬ملٌون فً‬ ‫العراق وبشؤن مساحة كردستان بٌن ‪ 410‬و ‪ 450‬ألؾ كٌلو مترمربع " منها‬ ‫‪ 80‬ألؾ فً العراق " ‪.‬‬ ‫اللؽة الكوردٌة مستقلة عن لؽات الشعوب المجاورة " العربٌة والفارسٌة والتركٌة‬ ‫" ‪ ،‬وفٌها لهجات عدة وتكتب بالحروؾ العربٌة فً العراق ‪ ،‬وٌقال أن كمال‬ ‫أتاتورك الذي أحل الحروؾ الالتٌنٌة المسروقة من الكوردٌة محل الحروؾ‬ ‫العربٌة فً كتابة اللؽة الكوردٌة فً عشرٌنٌات هذا القرن ‪ ،‬جعل أكراد تركٌا‬ ‫ٌستخدمون هذه الحروؾ الالتٌنٌة فً الكتابة بلؽتهم وهذا عار عن الصحة ألن‬ ‫الحروؾ الالتٌنٌة من أدباء الكورد ولٌس الترك ‪ .‬وهناك من ٌقال بؤن الكتابة‬ ‫الكوردٌة األفضل من حٌث التعبٌر اللفظً والنطق الصحٌح لبعض األحرؾ هً‬ ‫التٌنٌة ‪..‬‬

‫صورة تخٌلٌة ” زرادشت ”‬

‫بٌت النار فً‬ ‫مدٌنة ٌزد‬ ‫الٌرانٌة‬ ‫المصادر ‪...‬‬ ‫سكان ( دوكان و وقرى بٌن سلٌمانٌة وهولٌر ‪.‬وأهل شنكال) ‪ -‬مجالت‬ ‫عالمٌة ‪ -‬مجلة العربً ‪ -‬صفحات التواصل االجتماعً ‪....‬‬ ‫مالحظة ‪ :‬ال نقصد االساءة ألحد ‪ ..‬فقط لتعرٌؾ الكورد ببعض عاداتنا وتقالٌدنا ‪.‬‬ ‫‪43‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.