فن احتواء القلوب..خريطةُ طري ٍ ُّ لحب الناس ق ّ عرض :مصطفى عبد الجواد
يقدم الدكتور محمد فتحي في كتابو " فن احتواء القموب" ،والذي يعد اإلصدار األول ِ من ض َ َُ سمسمة من الكتب تحمل اسم " ارسم حياتك " " ،خريطة طريق" مختصرة ومركزة لكيفية كسب ُوّد ومحبة اآلخرين ،معتمداً في ذلك عمى مداخل اجتماعية ونفسية توضح أسس ومبادئ التفاعل
اإليجابي المثمر مع اآلخرين ،واضاف ًة إلى ذلك ،فإن المؤلف لجأ إلى اإلكثار من االستشيادات
ويقربيا إلى األذىان . رس َخ فكرتو ذات الداللة اإلسالمية من القرآن والسنة والسيرة النبوية؛ كي ُي ّْ َ وفي بداية الكتاب ،الصادر عن "دار أجيال لمنشر والتوزيع" بالقاىرة ،حرص المؤلف عمى التأكيد عمى أن امتالك قموب اآلخرين ليس باألمر السيل ،بل إنو كثي ارً ما يكون محفوفاً بالمخاطر، فالناس محبون لذواتيم بالفطرة ،وىذا الحب يجعميم ييتمون بيا أكثر من أي شي ٍء آخر ،كما اىتماما يوازي ىذا االعتناء بالذات. يمنحيم اآلخرون أنيم يتوقعون أن َ ً ّْ بحبنا ليم ،يرى حب اآلخرين ،وفي نفس الوقت إشعارىم ّْ ولحل ىذه المعادلة الصعبة ،أي اكتساب ّ المؤلف أن التعامل مع الناس وبناء َع ٍ فن" ،لو أصول وقواعد ،وىذه القواعد القات جيدة معيم " ّ
يمكن وضعيا تحت ثمانية عناوين رئيسة ّّ ، عدد من العناوين والخطوات كل منيا يندرج تحتو ٌ ٍ أي ُجزٍء الفرعية ،مما يجعل األمر أشبو ما يكون ببناء ضخم متماسك ومترابط ،إذا اىتزت قواعد ّْ َّدا باالنييار . منو بات البنيان بأكممو ُميد ً اىتمام وجاذبية
لفن التعامل مع اآلخرين تحت عنوان "إشعار الناس بأىميتيم" ، ويطرح المؤلف القاعدة األولى ّْ
وىو ما يعني أن تقنع نفسك بأن كل الناس ميمون ،ألن أكثر الناس قدرةً عمى التأثير في اآلخرين "ىم أولئك الذين يؤمنون بأىمية ىؤالء اآلخرين" ،واشعار الناس بأىميتيم يتطمب االستماع إلييم ،ومالحظة ما يقومون بو ،وا ِ بالغيم باالنطباعات اإليجابية ،التي كونتيا عنيم . أما القاعدة الثانية ،فجاءت عمى ىيئة نصيحة تقول " :اجعل شخصيتك جذابة " ،وىذا يمكن
تحقيقو من خالل التحدث في الموضوعات التي تيم اآلخرين ،وليس فقط الموضوعات التي تيمنا
نحن ،إضاف ًة إلى الثقة بالنفس ،وعدم التردد ،فالناس تنجذب نحو من يعرفون طريقيم ٍ بثبات ٍ وحزم ِ غير ُم َبال ٍغ فيو ،والحفاظ عند التحدث وأىدافيم ،كما يتطمب األمر مصافحة الناس ٍ عبر عن الثقة ،وصدق المشاعر ،والتفاؤل ،والمظير الالئق . عمى نبرِة صوت تُ ّْ
تكون شخصيتك جذابة فأنت تحتاج كذلك إلى ُمتابعة اآلخرين ،وىم يتحدثون ،وعدم ولكي َ االنشغال عنيم بالنظر إلى األرض ،وعدم التحدث بما يكرىون ،ومراعاة التخفيف عند زيارة أحد األصدقاء أو الزمالء في منزلو ،واإلنصات والصبر عمى اآلراء واألفكار التي تختمف معيا ،وىو
ما ُيشعر اآلخرين باالسترخاء ،فضالً عن عدم رفع الصوت في الحديث ،وعدم مقاطعة اآلخرين، المزاح الثقيل ،والغيبة والنميمة ،والبحث عن مجاالت االىتمام المشتركة . والبعد عن ُ االنطباع األول
ويتناول د.محمد فتحي ،في القاعدة الثالثة لكسب قموب اآلخرين ،والتي جاءت تحت عنوان "
جيدا عن أنفسنا وبسرعة ،واال فإننا الناس أولي َج ّيد "أىمية أن" نعطي انطباعا ً تكوين انطبا ٍع ٍّ ً َ َ نخاطر بأن يتم تجاىمنا وعدم االىتمام بنا ،وبالتالي الخروج من قموب الناس قب َل النفاذ إلييا،
ِ تبادل التحية، يتكون من خالل والتربع عمى عرشيا " ،ويمفت إلى أن ىذا االنطباع يمكن أن ّ ٍ شبعة بالتقدير إلى اآلخرين؛ مما وافشاء السالم ،وبشاشة الوجو ،وارسال نظرات دافئة وودودةُ ،م َ يجعمك تنفذ إلى قموبيم ،لكن ذلك كمو يبقى رى ًنا بتقييمك لنفسك " ،فإذا كنت ترى نفسك فاشالً فيذا يعني أن الناس سيعتبرونك فاشالً ،ويتعاممون معك عمى ىذا األساس " .
عرفيا المؤلف عمى أنيا اختراق قموب في ّْ وبالنسبة لمقاعدة الرابعة وىي "الصداقة السريعة" ُ ، اآلخرين ،واالستحواذ عمى مودتيم بسرعة ،ومن النظرة األولى ،وىو ما يتطمب عدم الخشية ،أو
تضع في الطرف اآلخر بصدّْك ،فاألمر يحتاج إلى أخذ المبادرة ،وأن يقوم ُ َ الخوف من أن َ ِ ِ تحذر من معظم اعتبارك أن الناس ّ تواقون إلى ُ الوّْد والصداقة مثمك ،لكن يجب في الوقت ذاتو أن َ َ
امتيان نفسك في سبيل الحصول عمى ُوّْد اآلخرين . ولتطبيق القاعدة الخامسة ،وىي " انتقاء الكممات الجيدة" ،يمفت د .محمد فتحي إلى أن " الكممات
جيدا ،فيذوب القمب المنتقاة تنقذ المواقف ،وتنفذ إلى القموب نفا َذ السيم الذي يعرف طريقو ً ُ ٍ المنتقاة فعميك وصاحبو ،وينصير حبِّا بسبب كممات قميمة ،ولذا إن لم تكن من أصحاب الكممات ُ ٍ سريع جيدا ،خاص ًة إذا كان لسا ُنك كممات جيدة ظ أن تحف َ لتستخدميا عند الحاجة ،وتُخطّْط لذلك ً َ َ شا ال يطمق إال َّ كل سوء " . الطمقات ، مدفعا رشا ً ً ٍ ويقدم المؤلف مجموع ًة من النصائح إلدارة حو ٍ كممات دافئ ٍة وبسيطة؛ ار دافئ ،تتمثل في :استخدام يصبح الحديث ُوديِّا ،وترك الشخص اآلخر يتحدث عن نفسو وانجازاتو ،وأال تفرض نفسك كي َ أثناء الحديث ،ومراعاة األوقات التي يكون فييا دون دا ٍع وحديثك عميو ،وعدم رفع الصوت َ َ
ضرر من الكالم . ًا نفعا أو أق ّل الصمت أكثر ً تقبل المعارضة
وفي القاعدة السادسة ،يتحدث المؤلف عن كيفية "جذب اآلخرين نحو وجية نظرك" ،الفتًا إلى أنو عارضا لك ،والتغمُّب عمي ىذا الرأي ال يكون بالتيديد والوعيد من الطبيعي أن َ تصادف ر ًأيا ُم ً
الطرف األخر من وجية والسخرية ،وانما يحتاج األمر إلى "االستماع واإلصغاء الجيد لما يعرض ُ بعض ال ِنقاط التي قام بعرضيا ،واذا انتيى اسألو إذا نظر ،وال تقاطعو أثناء عرضو ،وأعد عميو َ َ
ميتم بوجية نظره تماما". كان ىناك ما يحب أن يضيفَو ،واجعمو يشعر بأنك ٌ بعضا من ال ِنقاط التي يمكن أن ثم َ بعد ذلك " ادرس كل النقاط التي عرضيا اآلخر ،وستجد بيا ً
غير صحيح وافقو تمتقي فييا معو ،اعترف بيا وسمّْم بصحتيا ،وان وجدت أن َ جميع ما يعرضو ُ َ ِ وغير الميمة ،وعندىا سيصبح لديو مي ٌل أكثر لمتسميم بوجية نظرك. عمى بعض النقاط البسيطةّْ ،
تموح باستخدام القوة .إذا ىادئا ،وال تنفعل ،وال تيدد ،وال ّْ عندما تبدأ في عرض وجية نظرك كن ً سيصاب بال ِعناد ،ولن قمت بتغيير وجية نظر الطرف اآلخر دعو يحفظ ماء وجيو وال تحرجو ،واال ُ يخر َج عن وجية نظره " .
امدح اآلخرين و ِ اثن ويشير د .محمد فتحي ـ في القاعدة السابعة ،والتي جاءت تحت عنوان " ْ حر في القموب ،فالجميع عمييم" ـ إلى أن المدح والثناء ،إذا ما كان صادقًا ،فإنو " ُيحدث ِس ًا يستجيب لو ،ويسعد بو ،وتييم روحو في السماء من فرط الرضا واالنبساط" ،وىذا يتطمب أن
تخص كل فرٍد يستحق المدح تعب َر عنو بوضو ٍح وبال تردد ،وأن يكون مدحك لمناس صادقًا ،وأن ّْ َّ توجو باإلشادة ،وأن تبحث لدى اآلخرين عن أشياء تستحق الثناء ،كما أنو من األفضل أن ّْ َ
الح َرج والزىو ،الذي قد يصيب الممدوح . المدح إلى األشياء ال األشخاص؛ كي تتجنب َ َ وتآلف مع من ينقدك لكن دون حرج" ،فيي عنوَنيا المؤلف بـ " انقُ ْد ْ أما القاعدة الثامنة والتي َ تنقسم إلى شقَّين :األول يتناول كيفية تقبُّل نقد اآلخرين لنا ،فيما يتحدث الثاني عن األسموب الشق األول يشدد المؤلف عمى الحاجة إلى " النقد اإليجابي لتقييم ّْ الالئق لنقد اآلخرين ،وفي
ذاتك ،فاحرص عميو وابتعد عمن يمجأ إلى النقد السمبي؛ حتى ال تصاب باإلحباط والسمبية"،
و"اطمب من الناس مقترحات يحبون أن يساندوك بيا ،واحرص عمى اإلنصات ليم ،والتفكر في مقترحاتيم ،ونقدىم ،واشكرىم عمى ذلك".
المستطَاع وأن يكون بالكممة أما فيما يتعمق بنقد اآلخرين ،فيجب أن يكون ذلك ِّا سر – قدر ُ الرقيقة الطيبة ،وأن ُي ّْ رك َز عمى نقد العمل ،وليس صانعو ،وأن يكون رقيقًا في كالمو ،وأن
نقد الخطأ الواحد مرة تقديم الحمول ،كي ال النقد يكون نقدك سمبيِّا بال ىدف ،وأن يتم ُ يتضمن ُ َ َ َ واحدة؛ ألن تكرار النقد يدفع اآلخر لمعناد" . الطريق لمقموب
لفن التعامل مع الناس ،انتقل في الجزء األخير وبعدما انتيى المؤلف من عرض القواعد الثماني ّ بحب اآلخرين ،ومن أبرزىا :عدم التحدث من الكتاب لوضع عد ٍد من الخطوات ،التي تجعمنا نفوز ّْ ٍ ٍ خافت في وجود اآلخرين ،فيذا ُيشعرىم بأنك تتحدث عنيم ،واعترف بأخطائك ببشاشة، بصوت
بحبك وتقديرك ،و ال تحتكر الحديث نقد اآلخرين ،واجعل الناس يعرفون أنك تحبيم وأعمميم ّْ وتقبل َ ّ الحب والمودة ،وال تغمق الباب في وجو صديقك، في االجتماعات ،وعميك باالعتدال في إظيار ّ
يوما إليو ،وال تُدخل أنفك في شئون من إذا ما حدث ٌ خالف معو ،بل اتركو ( مو ً اربا ) فقد تحتاج ً ىم أعمى منك مقاما . بحب اآلخرين ،ومنيا :ال تجرح شعور ويمضي المؤلف في سرِد الخطوات التي تجعمنا نفوز ّ جرد إثارة الضحك ،واحترم أفكار اآلخرين ،وشارك الناس أفراحيم وأتراحيم ،وال تفقد لم ّ اآلخرين ُ
أعصابك في حالة االستفزاز من الغير ،وال يصيبك الغرور إذا انتصرت ،وأظير انبيارك وتقديرك لميدايا حتى ولو كنت تأمل في ىدية أفضل ،وقدّْم اليدية لمغير يحبوك ،واجعل أصدقائك
َّ السباب دائما -دائرةَ معارفك ، يشعرون بأنو يمكن االعتماد عميك وقت الشدة ّْ وتجنب ُ ووسع ً - سموحا ،وتواضع لمناس ،فالناس تنفر ممن يستعمي عمييم ، والثرثرة ،واعفو عن الزالت وكن ً ٍ لشخص اسع لتنويع ىواياتك واىتماماتك؛ لتتسع دائرة المعارف واألصدقاء ،واذا قدَّمت معروفًا و َ تنتظر منو مقابل ،وعميك بالبساطة ،وعدم التكمف . ما ال ْ