historical_kan-issue5

Page 1


‫ﻳﻌﻜـــﺲ ﻣﺎﺿـــﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺘـــﺮﺟﻢ ﺣﺎﺿـــﺮﻫﺎ‪ ،‬وﺗﺴـــﺘﻠﻬﻢ ﻣـــﻦ ﺧﻼﻟـــﻪ ﻣﺴـــﺘﻘﺒﻠﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻟــﺬا ﻛــﺎن ﻣــﻦ اﻷﻫﻤﻴــﺔ ﺑﻤﻜــﺎن اﻻﻫﺘﻤــﺎم ﺑــﻪ‪ ،‬واﻟﺤﻔــﺎظ ﻋﻠﻴــﻪ‪ ،‬وﻧﻘﻠــﻪ إﻟــﻰ‬ ‫اﻷﺟﻴــﺎل ﻧﻘــﻼً ﺻــﺤﻴﺤًﺎ‪ ،‬ﺑﺤﻴــﺚ ﻳﻜــﻮن ﻧﺒﺮاﺳًــﺎ وﻫﺎدﻳًــﺎ ﻟﻬــﻢ ﻓــﻲ ﺣﺎﺿــﺮﻫﻢ‬ ‫وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﻮاﻗــــﻊ أن اﻟﺸــــﻌﻮب اﻟﺘــــﻲ ﻻ ﺗــــﺎرﻳﺦ ﻟﻬــــﺎ ﻻ وﺟــــﻮد ﻟﻬــــﺎ‪ ،‬إذ ﺑــــﻪ ﻗــــﻮام‬ ‫اﻷﻣـــــﻢ‪ ،‬ﺗﺤﻴـــــﻰ ﺑﻮﺟـــــﻮده وﺗﻤـــــﻮت ﺑﺎﻧﻌﺪاﻣـــــﻪ‪ .‬وﻟﻬـــــﺬا ﻛﺎﻧـــــﺖ ﻓﻜـــــﺮة‬ ‫ﺗﺄﺳـــﻴﺲ دورﻳـــﺔ ﻋﻠﻤﻴـــﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴـــﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴـــﺔ ﻋﺮﺑﻴـــﺔ أﻛﺎدﻳﻤﻴـــﺔ ﻣﻮﺟﻬـــﺔ‬ ‫ﻷﺳـــﺎﺗﺬة وﻃﻠﺒـــﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌـــﺎت اﻟﻌـــﺮب و اﻟﺒـــﺎﺣﺜﻴﻦ و أﺻـــﺤﺎب اﻟﺪراﺳـــﺎت‬ ‫اﻟﻌﻠﻴـــﺎ ﻓـــﻲ ﻓـــﺮع اﻟﺘـــﺎرﻳﺦ وﻫـــﻮاة اﻟﻘـــﺮاءات اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴـــﺔ ﻓـــﻲ ﻛـــﻞ أﻧﺤـــﺎء‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺎﺟﺪ‬ ‫المشرف العام على دورية كان التاريخية‬ ‫مدير ٕادارة الخرائط بدار الكـتب المصرية‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢‬‬


‫اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﺩﻭﺭﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ‬

‫ @تــدعو كــل المهتمــين بالمحافظــة علــى تــاريخ الــوطن العربــي ٕالــى ٕاث ـراء هــذه‬ ‫الدورية بالموضوعات التاريخية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ ترح ـ ــب هيئ ـ ــة التحري ـ ــر ٕباس ـ ــهامات االس ـ ــاتذة‪ ،‬والط ـ ــالب‪ ،‬والب ـ ــاحثين‪،‬‬ ‫والكـتاب‪ ،‬والمتخصصين‪ ،‬من مقاالت ودراسات وبحوث تاريخية‪.‬‬ ‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ @‬

‫اﻟﻤﺸﺮف اﻟﻌﺎم‬

‫‪< <‚q^Ú<àè‚Ö]<ð^ãe‬‬ ‫اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرون‬

‫‪<Ù< ^{ÃÖ]<‚fÂ<çÛ¦<íñ^ÂJ‬‬ ‫‪<í< {fè]†Æ<îËŞ{’Ú<Ìé×}J‬‬ ‫‪<îËŞ{{{’Ú<‹é{{{Þ_<í{{{×ãÞJ‬‬ ‫‪<Ì‬‬ ‫‪< {{{{é×}<‚{{{{Û¦<…^{{{{eJ‬‬ ‫‪<æ< …ç{{{{Æ<ˆ{{{{èˆÃÖ]<‚{{{{fÂJ‬‬ ‫‪<ê{{{{{{{{{e†Ã×e<‚Ö^{{{{{{{{{{{}J‬‬ ‫_‪<ë< ^j{Š¹]<]<‚{fÂ<Ý^ãè…J‬‬ ‫_‪<ê< i^{{{{Þ‡<ç{{{{Û¦<…ç{{{{Þ_J‬‬ ‫‪<ê< Ú^{{{{{{{{{{‰<‚{{{{{{{{{{éÖæJ‬‬ ‫‪<<êq†{{{{{{–¤]<íÚ^{{{{{{‰_JÝ‬‬ ‫_‪<°{{{{{Ú_<‚{{{{{Û¦<Ø{{{{{Ú_<J‬‬ ‫_‪<°â^{{{{<{{{{<Ý^{{{{âJ‬‬ ‫رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬

‫_‪< <<^‘<͆‬‬ ‫أﻣﻴﻦ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬

‫‪< <äe…<‚fÂ<ð]†‰c‬‬ ‫<<‬

‫ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬

‫اﻹﺷﺮاف اﻟﻠﻐﻮي‬

‫¦‪< <ä{{e…<‚fÂ<‚Û‬‬ ‫¦‪< <êÒ‡<‚Û¦<‚Û‬‬

‫@ @‬ ‫ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﺭﻳﺔ @‬

‫ٔ‬ ‫ @الدوريـة متخصصـة فـي المواضـيع العلميـة و اال كاديميـة البحتـة التـي تخـص‬ ‫ٔاساتذة وطالب الجامعات العرب ٔواصحاب الدراسات العليـا والبـاحثين فـي‬ ‫الدراسات التاريخية والمهتمين بالقراءات التاريخية‪@ @@.‬‬ ‫ الموض ــوعات المنش ــورة بالدوري ــة تعب ــر ع ــن وجه ــة نظ ــر كاتبيه ــا وال تعب ــر‬ ‫بالضرورة عن جهة نظر دورية كان التاريخية ٔاو هيئة التحرير‪.‬‬ ‫ﺍﳌـﺮﺍﺳﻼﺕ@‬

‫توج ـ ـ ـ ـ ـ ــه المراس ـ ـ ـ ـ ـ ــالت واالقتراح ـ ـ ـ ـ ـ ــات والموض ـ ـ ـ ـ ـ ــوعات المطلوب ـ ـ ـ ـ ـ ــة للنش ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬ ‫باس ـ ـ ــم رئ ـ ـ ــيس تحري ـ ـ ــر دوري ـ ـ ــة ك ـ ـ ــان التاريخي ـ ـ ــة عل ـ ـ ــى البري ـ ـ ــد ا ٕال لكـترون ـ ـ ــي‪@:‬‬ ‫‪@mr.ashraf.salih@gmail.com‬‬

‫@‬

‫ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﺪﻭﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ ﺍﻹﻧﱰﻧﺖ @ @‬

‫‪www.historicalkan.co.nr‬‬ ‫‪ISSN: 2090 – 0449 Online‬‬

‫@ @‬

‫جميع حقوق الطبع والنشر الورقي وا ٕال لكـتروني محفوظة © دورية كان التاريخية ‪٢٠٠٩ -٢٠٠٨‬‬ ‫دوريـ ـ ـ ـ ــة كـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان التاريخيـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫متاحــة للق ـراءة والتحميــل عبــر‬ ‫دار ناشري للنشر ا ٕال لكـتروني‬ ‫‪www.nashiri.net‬‬

‫الراع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الرس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمي‬ ‫سلس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلة الم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤرخ الص ـ ـ ـ ـ ــغير‬ ‫سلس ــلة كـت ــب علمي ــة تاريخي ــة‪ ،‬ته ــدف‬ ‫ٕالــى تــوفير المعلومــة العلميــة التاريخيــة‬

‫اﻹﺷﺮاف اﻟﻔﻨﻲ‬

‫‪< <<‚É<‚é‰‬‬ ‫ﺳﻜﺮﺗﻴﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬

‫…‪< <‚Û¦<Ü׊Ú<Äée‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫_·{{{{{{{{{{‚<‪<Ù< ^{{{{{{{{{{{{{{Â‬‬ ‫‪<Ü< è†{{{{{ÓÖ]<‚{{{{{fÂ<ìæ†{{{{{Ú‬‬ ‫‪<ê< {{{{{{{{{Þ]†vfÖ]<^{{{{{{{{{ÛÂ‬‬ ‫‪<Ù< ^{{{{{{{{{{{Â<ïç{{{{{{{{{{{Þ‬‬ ‫‪<<^{{{{{‰<ê{{{{{×Â<à{{{{{Šu‬‬ ‫‪<à< è‚{{{{{Ö]<ê{{{{{¦<á^{{{{{μc‬‬ ‫‪<ç{{{{{è]<k{{{{{è_<]<‚{{{{{fÂ‬‬ ‫‪<Üéâ]†{{{{{{{{{{ec<ìæ†{{{{{{{{{{Ú‬‬ ‫‪<Ýø{{{{{Â<ê< { {{{×Â<°{{{{{Šu‬‬

‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫تتحمل دوريـة كـان التاريخيـة ٔا ّيـة مس ّ‬ ‫ـؤولية عـن الموضـوعات التـي يـتم نشـرها‬ ‫ف ــي الدوري ــة‪ .‬ويتحم ــل ال ُكـت ــاب بالت ــالي كام ــل المس ــؤولية ع ــن كـتاب ــاتهم الت ــي‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫تخالف القوانين ٔاو تنتهك حقوق ّ‬ ‫الملكية ٔاو حقوق االخرين ٔاو ٔاي طرف اخر‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣‬‬


‫ﺮ‬ ‫َﻗﻮَا ِﻋﺪُ اﻟ َﻨ َﺸ َ‬ ‫ﺗﺮﺣﺐ اﻟﺪورﻳﺔ ﺑﻨﺸﺮ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺠﻴﺪة واﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻤﺒﺘﻜـﺮة ذات اﻟﺼـﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪراﺳـﺎت‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة ﻋﺪم ﺗﻌﺎرض اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﻨﺸـﺮ ﻣـﻊ اﻟﻌﻘﻴـﺪة‬ ‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وأن ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺠﺪّة واﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ‪ ،‬وﺗﻜﺘﺐ ﺑﻠﻐﺔ ﻋﺮﺑﻴـﺔ ﺳـﻠﻴﻤﺔ‪،‬‬ ‫وأﺳﻠﻮب واﺿﺢ‪ ،‬ﻣﻊ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬ ‫ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬

‫ﺗﻘﺒﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳـﺒﻖ ﻧﺸـﺮﻫﺎ أو‬ ‫اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻧﺸﺮﻫﺎ أو ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻓـﻲ‬ ‫دورﻳﺔ أو ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ أﺧﺮى‪.‬‬ ‫اﻋﺘﻤﺎد اﻷﺻﻮل اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓـﻲ إﻋـﺪاد وﻛﺘﺎﺑـﺔ‬ ‫اﻟﺒﺤــﺚ ﻣــﻦ ﺗﻮﺛﻴــﻖ وﻫــﻮاﻣﺶ وﻣﺼــﺎدر‬ ‫وﻣﺮاﺟﻊ‪.‬‬ ‫اﻟﺘــﺰام اﻟﻜﺎﺗــﺐ ﺑﺎﻷﻣﺎﻧــﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴــﺔ ﻓــﻲ ﻧﻘــﻞ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻮﻣــﺎت واﻗﺘﺒــﺎس اﻷﻓﻜــﺎر وﻋﺰوﻫــﺎ‬ ‫ﻷﺻــﺤﺎﺑﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻮﺛﻴﻘﻬــﺎ ﺑــﺎﻟﻄﺮق اﻟﻌﻠﻤﻴــﺔ‬ ‫اﻟﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻳﺠــﺐ إدراج اﻟﻬــﻮاﻣﺶ ﻓــﻲ ﺷــﻜﻞ أرﻗــﺎم‬ ‫ﻣﺘﺴﻠﺴﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺤـﺚ‪ ،‬ﻣـﻊ ﻣﺮاﻋـﺎة أن‬ ‫ﻼ ﻋﻨﺪ‬ ‫ﻳﺬﻛـﺮ اﺳﻢ اﻟﻤﺼﺪر أو اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻛﺎﻣ ً‬ ‫اﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ ﻷول ﻣﺮة‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻜـﺮر ﻳﺴـﺘﺨﺪم‬ ‫اﻻﺳــﻢ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮ‪ .‬وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﺴﻮف ﻳـﺘﻢ‬ ‫ﻼ ﻣـﻦ اﻟﻤﺼـﺎدر‬ ‫ﻓﻘﻂ إدراج اﻟﻤﺴـﺘﺨﺪم ﻓﻌـ ً‬ ‫واﻟﻤﺮاﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاﻣﺶ‪.‬‬ ‫اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺘـﺮح اﻟﻤﺤﻜﻤـﻮن‬ ‫إﺟــﺮاء ﺗﻌــﺪﻳﻼت ﺟﺬرﻳــﺔ ﻋﻠﻴﻬــﺎ ﺗﻌــﺎد إﻟــﻰ‬ ‫أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻹﺟﺮاﺋﻬﺎ‪ ،‬أﻣـﺎ إذا ﻛﺎﻧـﺖ ﺗﻌـﺪﻳﻼت‬ ‫ﻃﻔﻴﻔﺔ ﻓﺘﻘﻮم اﻟﺪورﻳﺔ ﺑﺈﺟﺮاﺋﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻋﺮﻭﺽ ﺍﻟﻜﺘﺐ‬

‫ﻋﺮﻭﺽ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ‬

‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ُﻳﺮاﻋﻰ ﻓﻲ اﻷﻃﺮوﺣﺎت )اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ( اﻟﺠﺎﻣﻌﻴـﺔ‬ ‫ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻌـﺮض أن ﺗﻜـﻮن ﺣﺪﻳﺜـﺔ وﺗﻤﺜـﻞ‬ ‫إﺿﺎﻓﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓـﻲ أﺣـﺪ اﻟﻤﻮﺿـﻮﻋﺎت‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪.‬‬ ‫أن ﻳﺸﺘﻤﻞ اﻟﻌﺮض ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﺒﻴﺎن أﻫﻤﻴـﺔ‬ ‫ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺒﺤﺚ‪.‬‬ ‫ﻣﻠﺨﺺ ﻟﻤﺸﻜﻠﺔ )ﻣﻮﺿﻮع( اﻟﺒﺤﺚ وﻛﻴﻔﻴـﺔ‬ ‫ﺗﺤﺪﻳﺪﻫﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻠﺨــﺺ ﻟﻤــﻨﻬﺞ اﻟﺒﺤــﺚ وﻓﺮوﺿــﻪ وﻋﻴﻨﺘــﻪ‬ ‫وأدواﺗﻪ‪.‬‬ ‫ﺧﺎﺗﻤﺔ ﻷﻫﻢ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ‪.‬‬ ‫أﻻ ﻳﺰﻳـﺪ ﻋـﺪد ﺻـﻔﺤﺎت اﻟﻌـﺮض ﻋـﻦ )‪(١٥‬‬ ‫ﺻﻔﺤﺔ‪.‬‬ ‫ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﻠﻘﺎءﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬

‫ ﺗﻨﺸﺮ اﻟﺪورﻳﺔ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻨـﺪوات‬ ‫واﻟﻤـــﺆﺗﻤﺮات ذات اﻟﻌﻼﻗـــﺔ ﺑﺎﻟﺪراﺳـــﺎت‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻘﺪ ﻓﻲ دول اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪،‬‬ ‫وﻳﺸﺘﺮط أن ﻳﻐﻄﻲ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻨـﺪوة‬ ‫أو اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻣﺮﻛﺰا ﻋﻠـﻰ اﻷﺑﺤـﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ‬ ‫وأوراق اﻟﻌﻤــﻞ اﻟﻤﻘﺪﻣــﺔ وﻧﺘﺎﺋﺠﻬــﺎ‪ ،‬وأﻫــﻢ‬ ‫اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻠﻘﺎء‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ ﺗﻨﺸﺮ اﻟﺪورﻳﺔ اﻟﻤﺮاﺟﻌﺎت اﻟﺘﻘﻴﻴﻤﻴـﺔ ﻟﻠﻜﺘـﺐ‬ ‫"اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ واﻷﺟﻨﺒﻴــﺔ" ﺣﺪﻳﺜــﺔ اﻟﻨﺸــﺮ أو‬ ‫اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‪.‬‬ ‫ أن ﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﻜﺘﺎب إﺣﺪى اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ أو اﻟﻤﺠـﺎﻻت‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة‪ ،‬وﻳﺸـﺘﻤﻞ ﻋﻠـﻰ إﺿـﺎﻓﺔ‬ ‫ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة‪.‬‬

‫ أن ﻳﻌﺮض اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻠﺨﺼﺎ واﻓﻴـﺎ ﻟﻤﺤﺘﻮﻳـﺎت‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻊ ﺑﻴﺎن أﻫـﻢ أوﺟـﻪ اﻟﺘﻤﻴـﺰ وأوﺟـﻪ‬ ‫اﻟﻘﺼﻮر‪.‬‬ ‫ أﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋـﺪد ﺻـﻔﺤﺎت اﻟﻌـﺮض ﻋـﻦ )‪(١٢‬‬ ‫ﺻﻔﺤﺔ‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤‬‬


‫ﺮ‬ َ ‫َﻗﻮَا ِﻋﺪُ اﻟ َﻨ َﺸ‬ ‫ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ A specialized journal devoted to historical studies and research. Issued quarterly by: Junior Historian Series. exists to bring together people of all communities who have an interest in the past. It promotes and supports the study and teaching of history at all levels: teacher, student, amateur and professional. Our Mission is Promote, develop and support the study of history at all levels. We publish a range of material for a wide variety of readers with regard to:

Historical studies and research. Books Review. Thesis review. Reports of seminars and conferences.

Editorial Board invites all those interested in preserving the history of the Arab world to the enrichment of this periodical historical topic. They also invite people who are interesting in historical studies to publish their useful writings.

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

Remark

Receiving research “Word format “ Memoir About the author is required include : Name, Degree, specialization, e-mail, personal site, personal blog, a personal image for publication with the article "if possible". Correspondence, advertisements and questions should be addressed to chief editor e-mail: mr.ashraf.salih@gmail.com

‫א‬

٥

‫رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬.‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‬.‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‬

‫ﺗﻌﻄــﻰ اﻷوﻟﻮﻳــﺔ ﻓــﻲ اﻟﻨﺸــﺮ ﻟﻠﺒﺤــﻮث‬ ‫واﻟﻌــﺮوض واﻟﺘﻘــﺎرﻳﺮ ﺣﺴــﺐ اﻷﺳــﺒﻘﻴﺔ‬ ،‫اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﻟﻠﻮرود إﻟﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﺤﺮﻳـﺮ اﻟﺪورﻳـﺔ‬ ،‫وذﻟﻚ ﺑﻌـﺪ إﺟﺎزﺗﻬـﺎ ﻣـﻦ ﻫﻴﺌـﺔ اﻟﺘﺤﻜـﻴﻢ‬ ‫ووﻓﻘــﺎ ﻟﻼﻋﺘﺒــﺎرات اﻟﻌﻠﻤﻴــﺔ واﻟﻔﻨﻴــﺔ اﻟﺘــﻲ‬ .‫ﺗﺮاﻫﺎ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ‫ﺗﻘــﻮم ﻫﻴﺌــﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳــﺮ ﺑــﺎﻟﻘﺮاءة اﻷوﻟﻴــﺔ‬ ‫ﻟﻠﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﻨﺸـﺮ ﺑﺎﻟﺪورﻳـﺔ‬ ،‫ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺗﻮاﻓﺮ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺒﺤـﺚ اﻟﻌﻠﻤـﻲ‬ ‫وﺗﺨﻀﻊ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت واﻟﻤﻘﺎﻻت ﺑﻌـﺪ‬ .‫ذﻟﻚ ﻟﻠﺘﺤﻜﻴﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ‬ ‫اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻨﺸﻮرة‬ ‫ وﻳﺤﻖ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﻤﻘـﺎﻻت‬،‫ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺪورﻳﺔ‬ ‫واﻷﺑﺤﺎث واﻟﻌﺮوض واﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ إﻋـﺎدة ﻧﺸـﺮ‬ ‫أﻋﻤـــﺎﻟﻬﻢ ﻓـــﻲ أي دورﻳـــﺔ ﻣﻄﺒﻮﻋـــﺔ أو‬ .‫إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ أﺧﺮى‬ ‫ﺗﻘﻮم ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻣﻨﺎﺳـﺒًﺎ‬ ‫ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻣـﻦ اﻟﺠﺮاﺋـﺪ واﻟﻤﺠـﻼت اﻟﻤﻄﺒﻮﻋـﺔ‬ ‫واﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴــﺔ ﻣ ـﻊ ﻋــﺪم اﻹﺧــﻼل ﺑﺤﻘــﻮق‬ ‫اﻟﺪورﻳﺎت واﻟﻤﻮاﻗـﻊ وذﻛـﺮ ﻣﺼـﺪر اﻟﻤـﺎدة‬ .‫اﻟﻤﻨﺸﻮرة‬

‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻋﺎﻣﺔ‬

‫ ُﺗﺮﺳــﻞ ﻛﺎﻓــﺔ اﻷﻋﻤــﺎل ﺑﺼــﻴﻐﺔ ﺑﺮﻧــﺎﻣﺞ‬ ."Word" :‫ ﻳﺮﻓﻖ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ ﻧﺒﺬة ﻋﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺗﺘﻀﻤﻦ‬ ،‫ اﻟﺘﺨﺼـﺺ اﻟـﺪﻗﻴﻖ‬،‫ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ‬،‫اﻻﺳﻢ‬ ،‫ اﻟﻤﻮﻗــﻊ اﻟﺸﺨﺼــﻲ‬،‫اﻟﺒﺮﻳــﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧــﻲ‬ ‫ ﺻﻮرة ﺷﺨﺼـﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸـﺮ‬،‫اﻟﻤﺪوﻧﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‬ ."‫ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎل"إن أﻣﻜﻦ‬ ‫ ﺗُﺮﺳﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮﻳـﺪ‬ ‫اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧــــﻲ ﻟـــــﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤـﺮﻳـــــﺮ‬ mr.ashraf.salih@gmail.com


‫‪١٩ - ١٧‬‬ ‫‪٢٧ – ٢٠‬‬ ‫‪٣٠ – ٢٨‬‬

‫ﺑﻨـــــــــــــﻲ ﲪـــــــــــــﺎﺩ‬

‫‪٣٩ – ٣١‬‬ ‫‪٤١ - ٤٠‬‬

‫ﺍﻟﱪﻳـــﺪ ﰲ ﺍﻟﻌﺼـــﺮ ﺍﻟﻨﺒـــﻮﻱ‬

‫ﺍﳌــﺆﺭﺥ ﺍﳌﻐﺮﺑــﻲ ﳏﻤــﺪ ﺍﳌﻨــﻮﻧﻲ‬

‫ﻭﻣﻨﻬﺠـــﻪ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑـــﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴـــﺔ‬

‫ٔ‬ ‫عرض اطروحة ‪..‬‬ ‫ﺍﻷﻣﲑ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜـﺮﻳﻢ ﺍﳋﻄـﺎﺑﻲ‬

‫‪٨٧ - ٨٣‬‬

‫ﺍﻟﻘـــــــــــــــــــــــــــــــﺪﺱ‬

‫شخصية العدد ‪..‬‬

‫ٔ‬ ‫عرض اطروحة ‪..‬‬

‫‪٩٢ - ٨٨‬‬

‫ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ﻟﺘﻬﻮﻳﺪ‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻮﺡ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﺑﺄﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪٦١ - ٥٩‬‬

‫ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻴﺔ ﳌﺪﻳﻨﺔ ﻗﻠﻌـﺔ‬

‫"ﺍﻟﺘـــﺎﺭﻳﺦ ﻋـــﱪ ﺍﳌﺨﻄﻮﻃـــﺎﺕ"‬

‫ﺍﳊﻘﻴﻘــــﻲ ﻟﻠﺪﻭﻟــــﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳــــﻴﺔ"‬

‫‪٨٢ -٨٠‬‬

‫ﺩﻣﺸـــــــــــــــــــــــــــــــﻖ‬

‫ﺃﺑـــﻮ ﺟﻌﻔـــﺮ ﺍﳌﻨﺼـــﻮﺭ "ﺍﳌﺆﺳـــﺲ‬

‫‪٥٨ - ٥٤‬‬

‫ﻣﺴـــــــــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘـــــــــﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪١٦ - ٨‬‬

‫ﻟﻠﺤـــــﺮﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴـــــﺔ ﺍﻷﺳـــــﺒﺎﻧﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﺜﺎﻟــــــــﺚ ﻗﺒــــــــﻞ ﺍﳌــــــــﻴﻼﺩ‬

‫‪٥٣ - ٥٢‬‬

‫ﺟﻮﺍﻧــﺐ ﻣــﻦ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴــﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴــﺔ‬

‫ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﺳـﲑﺗﺎ ﰲ ﺍﻟﻘـﺮﻥ‬

‫"ﺣﻴﺎﺗــﻪ ﻭﻛﻔﺎﺣــﻪ ﺿــﺪ ﺍﻻﺳــﺘﻌﻤﺎﺭ"‬

‫ﺍﳌــﺪﻥ ﻭﺍﳌﺮﺍﻛــﺰ ﺍﳊﻀــﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴــﻮﺱ‬

‫‪٥١ - ٤٢‬‬

‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﰲ ﺍﳊﻀـﺎﺭﺓ ﺍﻟﺴـﻮﺭﻳﺔ‬

‫ﺍﳌﻤﺎﻟﻴـــــــــــــــــــــــــــــــــــﻚ‬ ‫@@‬

‫‪١٠٣ - ٩٣‬‬

‫ﻣﻘﺎﺭﺑـﺔ ﻓﻜﺮﻳـﺔ ﺗﺎﺭﳜﻴـﺔ ﻟﻠﺒﻌــﺪ‬

‫ﺃﻭﻻﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲟﺠﺘﻤﻊ ﻋﺼﺮ ﺳـﻼﻃﲔ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ملف العدد ‪..‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦‬‬


‫اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ‬

‫‪www.alarabimag.com‬‬

‫بـ ٔـدات الدراســات التاريخيــة فــي الــوطن العربــي بــدايتها الحديثــة مــع ٕانشــاء الجامعــة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫المصرية وكلية االداب التي كان اسم التاريخ فيها من ٔاول ٔاقسام الكلية‪ ،‬والن االسـاتذة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االجانب كانوا في االغلب االعم هم الذين ينظمـون الدراسـة فـي هـذه الكليـة‪ ،‬وفـي قسـم‬ ‫ٔ‬ ‫التــاريخ علــى وجــه الخصــوص‪ ،‬فـ ٕـانهم نقلــوا التقســيم االوربــي للدراســة التاريخيــة بكــل‬ ‫ٔ‬ ‫مشكالته التي تعتبر من " ٔامراض النشـاة"‪ ،‬والتـي ظلـت مالزمـة للدراسـات التاريخيـة فـي‬ ‫ٓ‬ ‫مصر حتى االن‪.‬‬ ‫مع "تعريب" الدراسات التاريخية‪ٔ ،‬اي محاولة قـراءة التـاريخ مـن وجهـة نظـر عربيـة‬ ‫ومصرية‪ ،‬ظهر عدد من المؤرخين العرب الذين كان طمـوحهم يـدفعهم ٕالـى محاولـة بنـاء‬ ‫"مدرســة تاريخيــة" مســتقلة عــن المــدارس التاريخيــة‪ ،‬وتحــاول فــي الوقــت نفســه تصــحيح‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االخطاء والخطايا‪ ،‬التي منحت عن ٕاتباع خطى االوربيين واالخـذ بمقاييسـهم وعـدم فهـم‬ ‫انحيــازاتهم الناجحــة فــي هــذا الســبيل‪ .‬مــن ناحي ــة ٔاخــرى‪ٔ ،‬اصــدرت الجمعيــة المص ــرية‬ ‫للدراسات التاريخية مجلة خاصة بها لعبـت دو ًرا ً‬ ‫مهمـا فـي تحقيـق ٔاهـداف الجمعيـة‪ ،‬كمـا‬ ‫ٔانها ٔاصبحت ً‬ ‫مجاال ً‬ ‫رحبا استوعبت الدراسات التاريخية الجديدة‪ ،‬التي قام بهـا البـاحثون‬ ‫العــرب‪ ،‬ولعبــت دو ًرا ً‬ ‫مهمــا فــي تطــوير البحــث التــاريخي طــوال النصــف ٔاالول مــن القــرن‬ ‫ٓ‬ ‫العشرين‪ ،‬ومازالت تقوم بهذا الدور حتى االن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫طبيعي ـا ان تصــدر مجــالت "تاريخيــة" اخــرى فــي منــاطق متفرقــة مــن العــالم‬ ‫كــان‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫العربي‪ ،‬لكنها ‪ -‬مع االسف ‪ -‬كانت في معظمها نسخا مكررة من "المجلة المصرية" التي‬ ‫تصــدرها الجمعيــة المصــرية للدراســات التاريخيــة‪ ،‬كمــا ٔان بعــض ٔاقســام التــاريخ ٔاصــدرت‬ ‫مجــالت تاريخيــة فــي مصــر وغيرهــا مــن بــالد العــالم العربــي‪ ،‬جــاءت تك ـر ًارا لهــذه المجلــة‬ ‫العريقــة‪ ،‬كمــا ٔان اتحــاد المــؤرخين العــرب فــي بغــداد‪ ،‬ثــم فــي القــاهرة‪ٔ ،‬اصــدر "مجلــة‬ ‫تاريخية" مشابهة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ممــا يلفــت النظــر فــي هــذه "المجــالت التاريخيــة" جميعــا انهــا اصــبحت تكــرر نفســها‬ ‫م ــن حيـ ـث الش ــكل والمحت ــوى‪ ،‬فكان ــت مج ــالت تنش ــر ً‬ ‫بحوث ــا ومق ــاالت ف ــي "عم ــوم"‬ ‫تقريبـا‪ .‬بمـا فـي ذلـك مجلـة الجمعيـة التاريخيـة المصـرية‪ٔ ،‬اصـبحت مج ً‬ ‫التـاريخ‪ ،‬وكلهـا ً‬ ‫ـاال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لنشر بحوث "الترقيـة" لالسـاتذة واالسـاتذة المسـاعدين‪ .‬وكلهـا "غيـر متخصصـة" فـي فـرع‬ ‫ٓ‬ ‫ٔاو غيـ ــره مـ ــن فـ ــروع الدراسـ ــات التاريخيـ ــة العدي ـ ـدة االن‪ ،‬وكلهـ ــا تنـ ــاقش قضـ ــايا الفكـ ــر‬ ‫ٔ‬ ‫التاريخي‪ ،‬و ٕانما بقيت على الشكل الذي صدرت به اولى المجالت التاريخية‪.‬‬ ‫و ٕاذا ما استثنينا الجهـد الرائـع ‪ -‬والفـردي ‪ -‬لوجـود جمعيـة متخصصـة فـي الدراسـات‬ ‫العثمانيــة والدراســات الموريســكية بمثــابرة مدهشــة مــن الــدكـتور عبــد الجليــل التميم ـي‪،‬‬ ‫وجــدنا المجــالت "التاريخيــة" العربيــة كلهــا فــي حاجــة ٕالــى ٕاعــادة نظــر لــدورها وهــدفها‪.‬‬ ‫نحـن بحاجــة ٕالــى مجــالت "تاريخيــة" متخصصــة‪ ،‬فــي التــاريخ االقتصــادي للــوطن العربــي‬ ‫ً‬ ‫مثال‪ٔ ،‬او في التاريخ الثقافي ٔاو في تاريخ الم ٔراة العربية ٔاو فـي تـاريخ الحـروب الصـليبية ٔاو‬ ‫في التاريخ االجتماعي ٔاو العسكري‪ ،‬وما ٕالى ذلك‪.‬‬ ‫ونح ــن ٔا ً‬ ‫يض ــا ف ــي حاج ــة ٕال ــى مج ــالت "تاريخي ــة" متخصص ــة ف ــي الفك ــر الت ــاريخي‪،‬‬ ‫ومشــكالت البحــث التــاريخي ومتابعــة الدراســة التاريخيــة فــي المــدارس والجامعــات‪ ،‬كمــا‬ ‫ٔانن ــا ف ــي حاج ــة ٕال ــى مج ــالت لنش ــر ال ــوعي الت ــاريخي م ــن خ ــالل "الت ــاريخ الش ــعبي" ٔاي‬ ‫ٔ‬ ‫الدراسـات والبحــوث التــي تخاطــب عامــة النــاس والمتعلمــين مــنهم خاصــة باســلوب ســهل‬ ‫سلس لتعريفهم بحقائق التاريخ دونما تعقيد ٔاو تعالي ّ‬ ‫القراء‪...‬‬ ‫ٕان "المجالت التاريخية" كـثيرة ً‬ ‫حقا في الوطن العربي‬ ‫لكنها كـثرة التكرار وليست كـثرة التنوع‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫كلم ـ ــة ال ـ ــدكـتور قاس ـ ــم عب ـ ــده قاس ـ ــم بعن ـ ــوان‬ ‫"المج ـ ــالت التاريخي ـ ــة ف ـ ــي الع ـ ــالم العرب ـ ــي"‬ ‫ندوة مجلـة العربـي"المجـالت الثقافيـة ودورهـا‬ ‫في ا ٕالصالح الثقافي" ديسمبر ‪.٢٠٠٦‬‬

‫اﻟﻤﺠﻼت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧‬‬


‫‪Historical Geographical Aspects of Spanish Civil War‬‬ ‫‪1936 - 1939‬‬

‫ﺟﻮﺍﻧﺐ ﻣﻦ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻷﺳﺒﺎﻧﻴﺔ‬

‫‪١٩٣٩ - ١٩٣٦‬‬

‫د‪.‬ﺧﻠﻴﻒ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻏﺮاﻳﺒﺔ‬ ‫ﻗﺴﻢ اﻟﻌﻠﻮم اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‬ ‫ﻛﻠﻴﺔ ﻋﺠﻠﻮن اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻘﺎء اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ‬ ‫اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻷردﻧﻴﺔ اﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ‬ ‫‪khlaifgh@yahoo.com‬‬

‫‪ ‬اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ‪:‬‬ ‫ﺧﻟﻴــﻒ ﻤﺼــﻄﻔﻰ ﻏﺮاﻳﺒ ــﺔ‪ ،‬ﺠﻮاﻧــﺐ ﻤ ــﻦ اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴــﺎ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟ ﺤ ــﺮب اﻻﻫﻟﻴـ ــﺔ اﻻﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺔ )‪ - .(١٩٣٩ - ١٩٣٦‬دورﻳـ ــﺔ ﻜـ ــﺎن‬ ‫اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴـ ــﺔ‪ - .‬اﻠﻌ ـ ــﺪد اﻠﺨ ـ ــﺎﻤﺲ؛ ﺴ ـ ــﺒﺘﻣﺒﺮ‪ .٢٠٠٩‬ص‪.١٦ - ٨‬‬ ‫)‪(www.historicalkan.co.nr‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﻤﻠﺨﺺ‬ ‫ﻜﺎﻨﺕ ﺍﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ﻤﻠﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ‪ ،‬ﺜﻡ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻨﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻓﻲ ﺴﻨﺔ ‪ ١٩٣٦‬ﺍﻨﺩﻟﻌﺕ ﺍﻟﺤـﺭﺏ‬ ‫ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻻﺴﺒﺎﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺜﺭ ﺇﻗﺎﻟﺔ ﺯﺍﻤﻭﺭﺍ ‪ Zamora‬ﻭﺍﻨﺘﺨﺎﺏ ﺁﺯﺍﻨﺎ ‪ Azana‬ﺒﺩ ﹰﻻ ﻤﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻤﻤﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﻷﻤﺭ ﺴﻭﺀﺍﹰ ﺘﺩﺨﹼل ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻫـﺫﻩ‬ ‫ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻘﺴﻤﺕ ﺇﻟﻰ ﻓﺭﻴﻘﻴﻥ‪ ،‬ﻓﺭﻴﻕ ﺒﺯﻋﺎﻤﺔ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ )ﺴﺎﺒﻘﺎﹰ ( ﻴﺅﻴﺩ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﻴﻥ ﺃﻭ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﺩﺭﻴﺩ ‪ ،‬ﻭﻓﺭﻴﻕ ﺁﺨﺭ ﺒﺯﻋﺎﻤـﺔ‬ ‫ﻓﺭﺍﻜﻭ )ﺍﻟﻤﺘﻤﺭﺩﻭﻥ ( ﺘﺩﻋﻤﻪ ﺍﻴﻁﺎﻟﻴﺎ ﻭﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ‪.‬‬ ‫ﻴﻬﺩﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻻﺴﺒﺎﻨﻴﺔ ﻭﻨﺘﺎﺌﺠﻬﺎ ﻭﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﺤﺭﺍﺯ ﻓﺭﺍﻨﻜﻭ ﺍﻻﻨﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﺩﺭﻴﺩ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻙ ﻤـﻥ‬ ‫ﺨﻼل ﺍﺴﺘﻴﻼﺌﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﻜﺵ ﺍﻻﺴﺒﺎﻨﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻭﺍﺼﻡ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻡ ﺍﻻﺴﺒﺎﻨﻴﺔ ﻭﺃﺨﻴﺭﺍﹰ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﺩﺭﻴﺩ ﻨﻔﺴﻬﺎ ‪ .‬ﻓﻘـﺩ ﺍﻨﻌﻜﺴـﺕ ﺍﻟﺨﻼﻓـﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﻀﻊ ﺍﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ‪ ،‬ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻻﺴﺒﺎﻨﻲ ﻭﺇﺸﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﺭﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺃﻫﻠﻬـﺎ ‪،‬‬ ‫ﻭﺒﺫﻟﻙ ﺍﻨﺘﻬﺕ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺒﺎﻨﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺜﻭ‪‬ﺍﺭ ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻓﺭﺍﻨﻜﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻋﺎﺩ ﺘﺭﺘﻴﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻻﺴﺒﺎﻨﻲ ﻭﺇﻋﻼﻨﻪ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺩ ﻋـﻥ ﺍﻟـﺩﻭل ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴـﺔ‬ ‫)ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻋﻤﺘﻪ ﻤﻨﻬﺎ(‪ ،‬ﻭﺇﻗﺎﻤﺘﻪ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻜﺎﺜﻭﻟﻴﻜﻴﺔ ﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﺃﻨﺯﻟﺕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺒﺨﺼﻭﻤﻬﺎ ﻭﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻴﻴﻥ ﺒﻬـﺩﻑ ﻨـﺯﻉ ﻓﺘﻴـل‬ ‫ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ‪ ،‬ﻭﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ‪ ،‬ﻭﻨﻅﺭﺍﹰ ﻟﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻓﻘﺩ ﺍﺘﺒﻊ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺴﺘﻪ ﻫﺫﻩ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻘــﺪﻣﺔ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻳﻗـ ــﻮل اﺑﺮاﻫـ ــﺎم ﻠﻨﻛـ ــﻮﻠﻦ‪ٕ " :‬ان ﺑﻴﺘـ ــﺎ ﻤﻨﻗﺳـ ــﻣﺎ ﻋﻟـ ــﻰ ﻧﻔﺳـ ــﻪ ﻻ ﻳﺳـ ــﺘﻄﻴﻊ‬ ‫اﻠﺒﻗــﺎء" ‪ ،‬وﻘــﺪ ﺻــﺪق ﻫــﺬا اﻠﻗــﻮل ﻋﻟ ــﻰ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ ‪ ،‬ﻓ ﻗــﺪ اﻧﻗﺳــﻣﺖ ﻫــﺬﻩ ﻓ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻔﺘ ـ ــﺮة ‪ ١٩٣٩- ١٩٣٦‬م ٕاﻠـ ـ ــﻰ ﻓ ـ ــﺮﻳﻗﻴﻦ ﻤﺘﺨﺎﺻـ ـ ــﻣﻴﻦ‪ :‬ﺣﻛﻮﻤ ـ ــﺔ ﻤﺪرﻳـ ـ ــﺪ او‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻣﻬــﻮرﻳﻴﻦ ‪ ،‬واﻠﺜــﻮار وﻋﻟ ــﻰ راﺴــﻬﻢ ﻓﺮاﻧﻛ ــﻮ ‪ ،‬وﻠــﻢ ﻳﺘ ـ ّـﺮدد اﻠﻔﺮﻳ ﻗــﺎن ﻓ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻃﻟـﺐ اﻠﻌــﻮن واﻠﻣﺳــﺎﻋﺪة ﻤــﻦ ا ﻠــﺪول اﻻوروﺑﻴــﺔ‪ ،‬ﻜ ﻣــﺎ ان ﻫــﺬﻩ ا ﻠــﺪول ﻠــﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺒ ﺨ ــﻞ ﻋﻟ ــﻴﻬﻢ ‪ ،‬ﻓﺎرﺴ ــﻟﺖ اﻻ ﺴـ ــﻟﺤﺔ واﻠﻣ ــﺎل واﻠﺮﺠ ــﺎل‪ ،‬ﻤﻣ ــﺎ زاد اﻠﺤـ ــﺮب‬ ‫ً‬ ‫ـﺘﻌﺎﻻ ‪ ،‬وﻫﻛــﺬا ٔاﺻ ــﺒﺤﺖ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻤﺳ ـ ً‬ ‫ـﺮﺣﺎ ﻠﺼ ـﺮاع ﻤﺮﻳ ــﺮ ‪ ،‬ﻜﺎﻧــﺖ ﻧﻬﺎﻳ ــﺔ‬ ‫اﺸـ‬ ‫ﻧﺟﺎح ﻓﺮاﻧﻛﻮ‪.‬‬ ‫اﺗﺒـﻊ اﻠﺒﺎﺣـﺚ اﻠﻣـﻨﻬﺞ اﻠﺘـﺎرﻳﺨﻲ ‪ Historical approach‬اﻠﺘﺼــﺎﻋﺪي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﺘﺘﺒﻌــﻲ ﻠﻼ ﺣــﺪاث اﻠﺘــﻲ ﺠ ــﺮت ﻓــﻲ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ اﺛﻨ ــﺎء ﻓﺘ ـﺮة اﻠﺤــﺮب اﻻﻫﻟﻴ ــﺔ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﺘﺤﻗﻴـﻖ ا ﻫــﺪاف اﻠﺒﺤـﺚ ﺑﻬــﺬﻩ اﻠﻣﻨﻬﺟﻴـﺔ ﻓ ﻗــﺪ ﺗﻨـﺎول اﻠﺒﺎﺣــﺚ ﻓـﻲ دراﺴــﺔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺤﺎور اﻠﺘﺎﻠﻴﺔ‪:‬‬ ‫‪ ‬ﻠﻣﺤﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﻋﻦ اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬ﻇﺮوف ﻤﺎ ﻘﺒﻞ اﻠﺤﺮب اﻻﻫﻟﻴﺔ اﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬اﺴﺒﺎب اﻠﺤﺮب اﻻﻫﻟﻴﺔ اﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻋﺪم ّ‬ ‫اﻠﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻠﺤﺮب‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺸﻲء ﻋﻦ ﻤﻨﻈﻣﺔ اﻠﻔﻟﻨﺞ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺛﻮرة ﻓﺮاﻧﻛﻮ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬اﻠﺘﺪﺧﻞ اﻻوروﺑﻲ ﻓﻲ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻠﺤﺮب‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮﻳﻛﻴ ــﺔ ﻋـ ــﺎم ‪ ١٨٩٨‬م‪ ،‬ﻏﻴ ــﺮ اﻧـ ــﻪ ﻻ ﺣ ــﺮب ﻤـ ــﻦ ﻫ ــﺬﻩ اﻠ ﺤـ ــﺮوب ﻳﻣﻛـ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻗﺎرﻧﺘﻬــﺎ ﻤــﻊ اﻠﺤ ــﺮب اﻻﻫﻟﻴــﺔ ﻋ ــﺎم ‪١٩٣٦‬م )‪ ،(١‬ﻓــﻲ ﺗﻟ ــﻚ اﻠﺳــﻨﺔ اﻠﻨﺤﺳ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺻﺒﺤﺖ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﺴﺎﺣﺔ اﻠﻗﺘﺎل ﻠﻛﻞ اﻠﻣﺘﺨﺎﺻﻣﻴﻦ ﻓﻲ اوروﺑﺎ‪.‬‬ ‫وﺗﻣﻴـﻞ ﺧﺮﻳﻄـﺔ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ ٕاﻠـﻰ اﻠ ﺷـﻛﻞ اﻠﻣﺮﺑــﻊ )اﻠﺨﺮﻳﻄـﺔ اﻠﻣﺮﻓﻗـﺔ ( ﻏﻴــﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﺠﻐﺮاﻓﻴﺘﻬـ ــﺎ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴ ـ ــﺔ ﻠ ـ ــﻢ ﺗﻛ ـ ــﻦ ﻤﺘﺟﺎﻧﺳـ ــﺔ وﻤﻟﺘﺤﻣ ـ ــﺔ ﻤﺜ ـ ــﻞ ﻓﺮﻧ ﺳ ـ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫واﻳﻄﺎﻠﻴﺎ ﻤﺜﻼ ‪ ،‬ﻜﺎن ﻓﻲ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ارﺑﻊ ﻠﻐـﺎت ﻳـﺘﻛﻟﻢ ﺑﻬـﺎ اﻠﺒﺷـﺮ‪ .‬وﻠﻗـﺪ ﻋﻣﻟـﺖ‬ ‫اﻠﻣﻨﺎﻃﻖ اﻠﺟﺒﻟﻴﺔ ﺣ ﺎﺠﺰا ﻋﺟﻴﺒـﺎ وﺗﻨﻮﻋـﺎ ﻓـﻲ اﻠﻣﻨـﺎخ اﻠـﺬي ﺴـﺒﺐ اﻧﻗﺳـﺎﻤﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣـﺎدة ﺑــﻴﻦ اﻠﺳـﻛﺎن اﻻﺴــﺒﺎن‪ ،‬وﻜـﺎن اﻻ ﺴــﺒﺎﻧﻲ ﻤﺘﻛﺒـﺮا واﻧﺎﻧﻴــﺎ ﻳﻌﺘـﺰ ﺑﻨﻔﺳــﻪ‬ ‫ﻜـﺜﻴﺮا وﻳﻌﻄﻲ وﻻءﻩ ﻠﻗﺮﻳﺘﻪ ﻓﻗﻂ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ﻤﻦ اﻠﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﺎن اﻠﺒﻼد ﺗﻈﻬـﺮ اﻠﻛـﺜﻴـﺮ ﻤـﻦ اﻠﻣﺘﻀـﺎدات‬ ‫واﻠﻣﺘﻨﺎﻘﻀــﺎت ﻓﻴﻬ ــﺎ‪ ،‬ﻓﻔ ــﻲ ﺑﻌ ــﺾ اﻠﻣﻨ ــﺎﻃﻖ ﻜ ــﺎن ﻫﻨ ــﺎك ﻧﻈ ــﺎم اﻠﻣﻟﻛﻴ ــﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻛﺒﻴـ ــﺮة ﻤـ ــﻦ اﻻراﺿـ ــﻲ ‪ ،‬وﻓـ ــﻲ اﻻﻤـ ــﺎﻜﻦ اﻻ ﺧـ ــﺮى ﻜـ ــﺎن ﻧﻈـ ــﺎم اﻠﻣﻟﻛﻴ ـ ــﺎت‬ ‫اﻠﺼ ـ ــﻐﻴﺮة ‪ ،‬وﻓـ ـ ــﻲ اﻠﺒﺎﺴ ـ ــﻚ وﻜـﺘﺎﻠﻮﻧﻴـ ـ ــﺎ ﻜﺎﻧ ـ ــﺖ ﻫﻨـ ـ ــﺎك ﺻ ـ ــﻨﺎﻋﺔ ﻤﺘﻗﺪﻤـ ـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﺑﺎﻠﻣﻗﺎﺑـﻞ ﻜﺎﻧــﺖ ﻫﻨــﺎك ﻃﺒﻗﺘــﺎ اﻠﻔﻼﺣـﻴﻦ واﻠﻌﻣــﺎل ﺣﻴــﺚ اﻠﻔ ﻗــﺮ واﻠﺟــﻮع‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ودﻠﻴﻞ ذﻠﻚ ان ﻤﻟﻴـﻮﻧﻴﻦ ﻤـﻦ اﻻﺛﻨـﻴﻦ وﻋﺷـﺮﻳﻦ ﻤﻟﻴﻮﻧـﺎ ﻤـﻦ اﻠﺳـﻛﺎن ﻜـﺎﻧﻮا‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻗﻴﻣ ــﻮن ﻓـ ــﻲ اﻠﻣـ ــﺪﻳﻨﺘﻴﻦ اﻠﻛﺒﻴ ـ ـﺮﺗﻴﻦ وﻫ ﻣـ ــﺎ ﻤﺪرﻳـ ــﺪ وﺑﺮﺸـ ــﻟﻮﻧﺔ‪ ،‬ا ﻤـ ــﺎ ﻋ ﻟـ ــﻰ‬ ‫ﻤﺳـ ــﺘﻮى اﻠﻗﻴـ ــﺎدة اﻠﺳﻴﺎﺴ ـ ــﻴﺔ ﻓﻗـ ــﺪ ﻜـ ــﺎن ﻳﺘﻨ ـ ــﺎزع ﻋﻟﻴﻬـ ــﺎ ا ٕﻻﻘﻄـ ــﺎع واﻠﻨﻈ ـ ــﺎم‬ ‫اﻠﻛﻨﺳﻲ)‪.(٢‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻟﻤـﺤـﺔ ﻋﺎﻣـﺔ ﻋﻦ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴـﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴـﺔ ﻻﺳﺒﺎﻧﻴـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ذﻠــﻚ اﻠﻗﻄــﺮ اﻠــﺬي اﻧــﺪﻠﻌﺖ ﻓﻴـﻪ ﻧــﺎر اﻠﺤــﺮب اﻻﻫﻟﻴــﺔ ﻓــﻲ ﻋــﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٩٣٦‬م ‪ ،‬واﻠﺘـ ــﻲ ﺠ ـ ـ ّـﺮت ٕاﻠـ ــﻰ ﻧﻴﺮاﻧﻴﻬ ـ ــﺎ ّ‬ ‫ﺑﻗﻴ ـ ــﺔ دول اوروﺑـ ــﺎ ‪ ،‬ﻜﺎﻧ ـ ــﺖ ﻠﻌ ـ ــﺪة‬ ‫ٔ‬ ‫اﺠﻴـﺎل‪ ،‬ﺑﻌﻴـﺪة ﻋـﻦ اﻠﺤﺮﻜـﺎت اﻠﺳﻴﺎﺴــﻴﺔ اﻠﻗﻮﻤﻴـﺔ اﻠﻌﻨﻴﻔـﺔ‪ ،‬ﻠﻗـﺪ ﺸـﻬﺪ ﻫــﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒ ﻟــﺪ ﺣﺮوﺑــﺎ اﻫﻟﻴــﺔ ﻤ ــﻦ ﻘﺒــﻞ‪ ،‬ا ﻫﻟﻬــﺎ ﻜ ــﺎﻧﻮا ﻋــﺎﻃﻔﻴﻴﻦ وﺴــﺮﻳﻌﻲ اﻻﻫﺘﻴ ــﺎج‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻌﻨ ــﻒ ‪ ،‬وﻠﻛﻨ ــﻪ ﻋﻨـ ــﻒ ﻃﺎﻠ ﻣ ــﺎ اﻋﺘ ــﺎد ان ﻳﻨﻣـ ــﻮ وﻳﻨﺘﺷ ــﺮ ﺿ ــﻣﻦ ﺣـ ــﺪودﻫﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﻘﻟﻴﻣﻴــﺔ ﻓﻗــﻂ ‪ ،‬وﻠ ﻗــﺪ ﻜﺎﻧــﺖ ﻫ ــﺬﻩ ﻓــﻲ ﺑﻌــﺾ اﻻﺣﻴــﺎن اﻠﺳــﺒﺐ اﻠﻣﺒﺎ ﺸ ــﺮ‬ ‫ﻠﻗﻴﺎم ﺣﺮب ﻘﻮﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻜـﺘﻟﻚ اﻠﺘﻲ ﻘﺎﻤﺖ ﺑﻴﻦ ﻓﺮﻧﺳﺎ وﺑﺮوﺴﻴﺎ ‪،‬ﻋﻨـﺪﻤﺎ ﺗﻗﺎﺗﻟﺘـﺎ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻋﺮش اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﺴـﻨﺔ ‪ ١٨٧٠‬م ‪ ،‬وﻫـﻲ ﻧﻔﺳـﻬﺎ ﻘﺎﺗﻟـﺖ اﻠﻮﻻﻳـﺎت اﻠﻣﺘ ﺤـﺪة‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻠ ﻗـﺪ ﺸــﻛﻞ اﻠﺒﺎﺴــﻚ واﻠﻛـﺘــﺎﻠﻮﻧﻴﻴﻦ ﻘﻮﻤﻴﺘــﺎن ﻤﻨﻔﺼــﻟﺘﺎن ﻓــﻲ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ‪،‬‬ ‫ﻠﻛـ ّـﻞ ﺗﺎرﻳﺨ ــﻪ اﻠﻣﻣﻴ ــﺰ وﻠﻐﺘ ــﻪ واﻘﺘﺼ ــﺎدﻩ‪ ،‬وﻘ ــﺪ ﺴ ــﻛﻦ اﻠﺒﺎﺴ ــﻚ ﻓ ــﻲ ﺛ ــﻼث‬ ‫ﻤﻗﺎﻃﻌ ـ ــﺎت ﻫـ ـ ــﻲ ﻓﺰﻜﺎﻳ ـ ــﺎ )‪ ( Vizcaya‬وﺠﻴﻮﺑﺰﻜـ ـ ــﻮ )‪ ( Guipuzcoa‬واﻻﻠﻔـ ـ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ،(Alva‬و ﺧ ـ ــﻼل ﺗ ـ ــﺎرﻳﺨﻬﻢ ﺣﻔﻈ ـ ــﻮا ﺣﻗﻮﻘـ ـ ـ ًـﺎ اﻘﻟﻴﻣﻴ ـ ــﺔ )ارﺿ ـ ــﻴﺔ( ﻠﻬـ ـ ــﻢ‪،‬‬ ‫وﻤﻨـﺎﺠﻣﻬﻢ اﻠﺘــﻲ ﻘــﺮب ﺑﻟﺒــﺎو )‪ ( Bilbao‬ﻜﺎﻧــﺖ ﻤﺷــﺘﻐﻟﺔ ﻤﻨــﺬ زﻤــﻦ ﺑﻌﻴــﺪ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﺧﻴـ ًﺮا اﺴـﺘﺨﻟﺺ اﻠﺒﺎﺴـﻚ اﻠﺼــﻨﺎﻋﺎت اﻠﺤﺪﻳﺜـﺔ واﻠﻄﺎﻘـﺔ اﻠﻬﻴﺪروﻠﻴﻛﻴـﺔ ﻤــﻦ‬ ‫اﻠﺟﺒـﺎل‪ ،‬ﻓﺘﻄـﻮرت ﻤﻨﻄ ﻗـﺘﻬﻢ ‪ ،‬ﻠﻗـﺪ ﻜـﺎﻧﻮا ﻜﺎﺛﻮﻠﻴـﻚ ﻤﺘﻌﺼـﺒﻴﻦ‪ ،‬وﻏﺎﻠﺒـﺎ ﻤــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜـﺎﻧﻮا اﺸــﺘﺮاﻜﻴﻴﻦ)‪ ،(٣‬وﻤﻬﻣـﺎ ﻳﻛــﻦ ﻤــﻦ ا ﻤـﺮ ﻓــﺎن اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻜﺎﻧـﺖ ﻤﻟﻛﻴــﺔ ﻓــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌ ﻗ ــﺪ اﻠﺜـ ــﺎﻧﻲ ﻤـ ــﻦ اﻠ ﻗـ ــﺮن اﻠ ﺤ ــﺎﻠﻲ‪ ،‬وﺑـ ــﺪا ت اﻠﺘﻴـ ــﺎرات اﻠﺳﻴﺎﺴـ ــﻴﺔ ﺗﻔﻛـ ــﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﺻ ــﺎﻠﻬﺎ ‪ ،‬ﻓﺎﺻ ــﺒﺤﺖ ﺠﻣﻬﻮرﻳ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﺑﺪاﻳ ــﺔ اﻠﺜﻼﺛﻴﻨ ــﺎت‪ .‬وﻓ ــﻲ ﺴـ ــﻨﺔ ‪١٩٣٦‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺎﻤـ ـ ــﺖ اﻠ ﺤـ ـ ــﺮب اﻻﻫﻟﻴـ ـ ــﺔ اﻻﺴ ـ ـ ــﺒﺎﻧﻴﺔ واﻠﺘـ ـ ــﻲ دﻤـ ـ ــﺮت ا ﺴـ ـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ وﺣﻄﻣ ـ ـ ــﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻘﺘﺼﺎدﻳﺎﺗﻬﺎ واﺸﺎﻋﺖ اﻠﻔﺮﻘﺔ ﺑﻴﻦ ا ﻫﻟﻬﺎ ﻠﻣﺪة ﻃﻮﻳﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﺴﻨﺔ ‪.١٩٣٩‬‬ ‫ﻇﺮوف ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻻﻫﻠﻴﺔ اﻻﺳﺒﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺗﻮﻠﻰ اﻠﻔﻮﻧﺳﻮ اﻠﺜﺎﻠﺚ ﻋﺷـﺮ ﻋـﺮش وا ﻠـﺪﻩ ﻓـﻲ ﺴـﻨﺔ ‪ ،١٩٠٢‬وﻜـﺎن ﻋﻣـﺮﻩ‬ ‫‪ ١٦‬ﺴ ــﻨﺔ‪ ،‬وﻜ ـ ّـﺮس ﺣﻴﺎﺗـ ــﻪ ﻠﻌﺎﺋﻟﺘ ــﻪ وﻠﻟﻛﻨﻴﺳ ــﺔ ﻓﻗـ ــﻂ‪ ،‬وﻜ ــﺎن ﻤﻮﻠﻌ ــﺎ ﺑﺤـ ــﺐ‬ ‫اﻠﺳـﻟﻄﺔ‪ ،‬ﻓﺨـﻮرًا ﺑﻌﺮﺸـﻪ‪ ،‬وﻜـﺎن ّ‬ ‫ﻳﻐﻴـﺮ وﻳﺒ ّـﺪل اﻠـﻮزارات رﻏـﻢ ٕاﺧﻼﺻـﻬﺎ ﻠــﻪ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻜﺒــﺮ دﻠﻴــﻞ ﻋﻟــﻰ ﻫــﺬا ﺗﻌﺎﻘــﺐ ‪ ٣٣‬ﺣﻛﻮﻤ ــﺔ ﻓــﻲ اﻠﻔﺘــﺮة اﻠﻮاﻘﻌــﺔ ﺑــﻴﻦ ﺴ ــﻨﺔ‬ ‫‪ – ١٩٠٢‬ﺴــﻨﺔ ‪ ،١٩٢٣‬وﻜﺎﻧــﺖ ﻻ ﺗﻣ ــﺮ ﺴــﻨﺔ واﺣ ــﺪة دون ﻘﻴــﺎم ﻤﻈ ــﺎﻫﺮات‬ ‫ٔ‬ ‫او ﺣﺮﻜﺎت ﺗﻣﺮد ﻋﺳﻛﺮي )‪.(٤‬‬ ‫وﺑﻴﻨﻣـﺎ ﻜــﺎن اﻠﺟــﻴﺶ اﻻﺴـﺒﺎﻧﻲ ﻤﻨﻬــﻮك اﻠﻗــﻮى ﻓـﻲ ﻋﻣﻟﻴﺎﺗــﻪ اﻠﻌﺳــﻛﺮﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺿـﺪ ﻋﺒــﺪ اﻠﻛـﺮﻳﻢ اﻠﺨﻄــﺎﺑﻲ وزﻋﻣـﺎء اﻠﺮﻳــﻒ ﻓـﻲ ﻤ ـﺮاﻜﺶ‪ ،‬ا ﺧـﺬ اﻠﻣﻟــﻚ ﻋﻟــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎﺗﻗ ــﻪ ٕاﻧﻬ ــﺎء اﻠﺜ ــﻮرة اﻠﺮﻳﻔﻴ ــﺔ ﺑـ ــﺎﻠﻗﻮة‪ٕ ،‬ا ﻻ ان ﻘ ــﻮات اﻠﻣﻟ ــﻚ ﻤﻨﻴ ــﺖ ﺑﻛﺎرﺛـ ــﺔ‬ ‫ﻋﺳـﻛﺮﻳﺔ ﺸــﻨﻴﻌﺔ وذﻠـﻚ ﺑﻮﻘــﻮع ‪ ٢٠٠٠٠‬ﺠﻨـﺪي اﺴــﺒﺎﻧﻲ ﻓـﻲ ﻜﻣــﻴﻦ ﻧﺼــﺒﺘﻪ‬ ‫ﻠــﻪ اﻠﻗ ــﻮات اﻠﻌﺮﺑﻴــﺔ اﻠﻣﺮاﻜﺷ ــﻴﺔ‪ ،‬وﻘﺘــﻞ ﻤ ــﻨﻬﻢ ﺣــﻮاﻠﻲ ‪ ، (٥) ١٢٠٠٠‬وﻤ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻄﺒﻴﻌ ــﻲ ان ﻳﻛـ ــﻮن ﻠﻬ ــﺬﻩ اﻠﺤﺎدﺛـ ــﺔ وﻘـ ــﻊ ﻜﺒﻴ ــﺮ ﻓـ ــﻲ ا ﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ٕﺑﺎﻳ ﺟـ ــﺎد ازﻤـ ــﺔ‬ ‫داﺧﻟﻴـﺔ ﺣـﺎدة ﻓــﻲ اﻠـﺒﻼد‪ ،‬وﻋﻨــﺪﻤﺎ ﻘـﺪﻤﺖ اﻠﻟﺟﻨـﺔ اﻠﺒﺮﻠﻣﺎﻧﻴــﺔ ﺗﻗﺮﻳـﺮا ﻤﻔــﺎدﻩ‬ ‫اﻻﺴﺘﻔﺳــﺎر ﻋــﻦ اﻠﻣﺳــﺌﻮﻠﻴﻦ ﻋ ــﻦ اﻠﻛﺎرﺛــﺔ وﻤ ﺤــﺎﻜﻣﺘﻬﻢ ﺻــﺎدرت اﻠﺤﻛﻮﻤ ــﺔ‬ ‫ﻫﺬا اﻠﺘﻗﺮﻳﺮ‪ ،‬وﻤﻨﻌﺖ ﻧﺷﺮﻩ‪ ،‬ﻻﺣﺘﻮاﺋﻪ ﻋﻟﻰ اﺗﻬﺎﻤﺎت وﻓﻀﺎﺋﺢ ﺗﻣﺲ ﺸـﺮف‬ ‫اﻠﻣﻟﻚ وﻤﻗﺎﻤﻪ اﻠﺮﻓﻴﻊ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘــﺪ اﺣــﺪث ﻜــﻞ ﻫــﺬا ﺑﻟﺒﻟــﺔ ﻠــﺪى اﻠﺒﺮﻠﻣــﺎﻧﻴﻴﻦ واﻠﺼــﺤﺎﻓﺔ واﻠﺷــﻌﺐ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻃــﺎﻠﺒﻮا اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ ﺑﺘﻨﻔﻴــﺬ ﻤــﺎ ﺠــﺎء ﻓﻴــﻪ ّ‬ ‫ﺣﺮﻓﻴـ ًـﺎ‪ ،‬وﻠﻟﺨــﺮوج ﻤــﻦ اﻻزﻤــﺔ ﻘــﺎد‬ ‫اﻠﺤـﺎﻜﻢ اﻠﻌﺳــﻛﺮي ﻠﻣﻨﻄﻗـﺔ ﻜـﺘﺎﻠﻮﻧﻴــﺎ ‪ ،‬اﻠــﺪون ﺑﺮﻳﻣـﻮ دي رﻳﻔﻴﻴ ـﺮا ) ‪Don‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ، ( primo de Rivera‬ﺠﻣﺎﻋﺔ ﻤﻦ اﻠﻌﺳﻛﺮﻳﻴﻦ اﻠﻣﻮاﻠﻴﻦ ﻠﻟﺤﻛﻢ وا ﺴﻗﻂ‬ ‫اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﻠﻗﺎﺋﻣـﺔ ٓاﻧـﺬاك‪ ،‬وﻧﺼـﺐ ﻧﻔﺳـﻪ دﻜـﺘـﺎﺗﻮرًا ﻋﺳ ً‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫ـﻛﺮﻳﺎ ﻋ ﻟـﻰ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﺮض اﺣﻛﺎﻤﻪ اﻠﻌﺮﻓﻴﺔ ﻋﻟﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﻘـ ـ ــﺪ اﺴـ ـ ــﺘﻮﻠﻰ ﻋﻟ ـ ـ ــﻰ اﻠﻮﺛـ ـ ــﺎﺋﻖ اﻠﺘـ ـ ــﻲ ا ﺴ ـ ـ ــﺘﺨﺪﻤﺘﻬﺎ ﻠﺟﻨـ ـ ــﺔ اﻠﺘ ﺤ ـ ـ ــﺮي‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺮﻠﻣﺎﻧﻴ ـﺔ‪ ،‬واﻠﺘ ــﻲ اداﻧــﺖ اﻠﻗ ــﺎدة اﻠﻌﺳــﻛﺮﻳﻴﻦ ﻓ ــﻲ اﻠﻛﺎرﺛــﺔ اﻠﺤﺮﺑﻴ ــﺔ اﻠﺘ ــﻲ‬ ‫ﺣﺎﻘـﺖ ﺑـﺎﻠﺟﻴﺶ اﻻﺴــﺒﺎﻧﻲ ﻓـﻲ ﻤـﺮاﻜﺶ)‪ (٧‬ودام ﺣﻛــﻢ ﻫـﺬا اﻠﻄﺎﻏﻴـﺔ ﻋــﺎﻤﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻣـﺎ اﺛـﺎر اﻠ ـﺮاي اﻠﻌـﺎم ﺿـﺪ اﻠﻛـﺘﺎﺗﻮرﻳــﺔ اﻠﺳـﻛﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺑـﻞ وﺿــﺪ اﻠﻣﻟﻛﻴـﺔ ﺑﻮﺠــﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋـﺎم‪ ،‬وﻜﺎﻧــﺖ اﻠــﺒﻼد ﺗﻐﻟــﻲ ﺑﺎﻠ ﺳــﺨﻂ واﻠﺤﻗــﺪ ﺴــﻨﺔ ‪ ، ١٩٢٨‬وﺑــﺪات ﺣﺮﻜــﺔ‬ ‫اﻠﺘﻣ ّـﺮد ﻜ ّـﺮد ﻓﻌـﻞ ﻋﻟـﻰ ﻫـﺬا اﻠﻌﺼــﻴﺎن‪ ،‬ﻓ ﻔـﻲ ﺴـﻨﺔ ‪ ١٩٢٩‬اﻧﺘﺷـﺮ اﻠﺘﻣـﺮد ﻓــﻲ‬ ‫اﻠﺟـﻴﺶ‪ ،‬وﻘـﺎم ﻃـﻼب اﻠﺟﺎﻤﻌـﺎت وﻃﺒﻗـﺎت اﻠﻌﻣـﺎل ﺑﺎﻠﻣﻈـﺎﻫﺮات ٕوا ﺣـﺪاث‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﻐﺐ‪ ،‬ﻤﻣﺎ ادى ٕاﻠﻰ زﻋﺰﻋﺔ ﺑﺮﻳﻣـﻮ رﻳﻔﻴﻴـﺮا‪ ،‬ودار ﻓـﻲ ﺧ ﻟـﺪ زﻋﻣـﺎء اﻠﺤﺮﻜـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان اﻠﻨﻈــﺎم اﻠﺟﺪﻳــﺪ )اﻠﺟﻣﻬــﻮري ( ﻫــﻮ اﻠ ﺤــﻞ اﻠﻮﺣﻴــﺪ ﻠﻟﻗﻀــﺎء ﻋ ﻟــﻰ اﻠﺤﻛ ــﻢ‬ ‫اﻠﻣﻟﻛـﻲ اﻠﻔﺎ ﺴـﺪ‪ ،‬وﻧﺘﻴﺟــﺔ ﻠﻛـﻞ ذﻠ ـﻚ ﻘـﺪم ﺑﺮﻳﻣـﻮ رﻳﻔﻴﻴ ـﺮا اﺴـﺘﻗﺎﻠﺘﻪ ﻓــﻲ ‪٢٨‬‬ ‫ﻜـ ــﺎﻧﻮن ﺛـ ــﺎﻧﻲ ﺴـ ــﻨﺔ ‪ ١٩٣٠‬وﻏـ ــﺎدر ا ﻠـ ــﺒﻼد‪ ،‬و ﻤـ ــﺎ ﻜـ ــﺎن ﻤـ ــﻦ اﻠﻣﻟـ ــﻚ ﺴ ـ ــﻮى‬ ‫اﻻﺴﺘﺳﻼم ﻠﻟﻣﻄﺎﻠﺐ ّ‬ ‫اﻠﻣﻗﺪﻤﺔ‪ ،‬وﻜﺎﻧﺖ ﺗﺘﻣﺜﻞ ﺑﻣﺎ ﻳﻟﻲ)‪:(٨‬‬

‫)‪ٕ ( ١‬اﻋﺎدة اﻠﻌﻣﻞ ﺑﺎﻠﺪﺴﺘﻮر اﻠﻗﺪﻳﻢ اﻠﺬي ﺻﺪر ﺴﻨﺔ ‪.١٨٧٦‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ٕ ( ٢‬اﺠﺎﺑـ ـ ــﺔ ﻤﻄﺎﻠ ـ ـ ــﺐ ﻃـ ـ ــﻼب اﻠﺟﺎﻤﻌ ـ ـ ــﺎت واﺴـ ـ ــﺎﺗﺬﺗﻬﺎ ﺑ ـ ـ ــﺎﻠﻌﻔﻮ ﻋ ـ ـ ــﻦ‬ ‫اﻠﻣﺳﺟﻮﻧﻴﻦ اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﻴﻦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ٕ ( ٣‬اﺠﺮاء اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺣﺮة واﻓﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻬﻴﺎ ﻠﻟﺒﻼد ﺑﺮﻠﻣـﺎن وﻃﻨـﻲ ﻳﻣﺜـﻞ‬ ‫اﻠﺷﻌﺐ ﺣﻖ ﺗﻣﺜﻴﻞ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜــﺎن ﻤﻮﻋــﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑــﺎت ﻓــﻲ ﺸــﺒﺎط ﺴــﻨﺔ ‪ ، ١٩٣١‬ﻓــﺎﻧﺘﻬﺰت اﻻﺣ ـﺰاب‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳﺔ اﻠﻔﺮﺻﺔ)‪ (٩‬وﻋﻣﻟﺖ اﺴﺘﻔﺘﺎء ﻠﻟﺷﻌﺐ ﻻﺧﺘﻴـﺎر اﻠﺤﻛـﻢ اﻠﻣﻟﻛـﻲ او‬ ‫اﻠﺟﻣﻬﻮري‪ ،‬وﻘﺪ ﻠﻗﻲ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳﻮن ً‬ ‫ﻧﺟﺎﺣﺎ ﺑﺎﻫ ًﺮا ﻓﻲ ﻤ ﺪرﻳﺪ وﺑﺮﺸﻟﻮﻧﺔ‪ ،‬وﻘـﺪ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺸ ّـﻛﻞ ﻫــﺬا ﺻــﺪﻤﺔ ﻋﻨﻴﻔــﺔ ﻠﻟﻣﻟــﻚ‪ ،‬وادرك ان اﻠﺨﻄــﺮ ﺴــﻴﺟﺮﻓﻪ‪ ،‬ﻓﻣــﺎ ﻜــﺎن‬ ‫ﻤﻨـﻪ ٕا ﻻ ﻤﻐـﺎدرة اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﻠﻟﻨﺟـﺎة ﺑﻨﻔﺳـﻪ‪ ،‬وﻠﻛﻨـﻪ ﻓـﻲ اﻠﻮﻘـﺖ ﻧﻔﺳـﻪ ﻠـﻢ ﻳﻌﻟــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻨﺎزﻠــﻪ ﻋــﻦ اﻠﻌــﺮش‪ ،‬ﻋ ﻟــﻰ اﻤــﻞ اﻧــﻪ ﺴﻴﺳــﺘﺪﻋﻮﻧﻪ ﻓــﻲ اﻠﻣﺳــﺘﻗﺒﻞ‪ ،‬ﺑﻌــﺪ ان‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺘﻔﺷــﻰ اﻠﻔﻮﺿــﻰ‪ ،‬وﻠﻛﻨﻬ ــﺎ ﻜﺎﻧــﺖ اﻠﻗﺎﺿ ــﻴﺔ ﻋﻟــﻰ ﺣﻛﻣ ــﻪ‪ ،‬وﻋــﺎش اﻠﻔﻮﻧﺳ ــﻮ‬ ‫اﻠﺜﺎﻠﺚ ﻋﺷﺮ ﻓﻲ اﻠﻣﻨﻔﻰ ﺑﻔﺮﻧﺳﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺷﺮﻳﻦ ﺛﺎﻧﻲ ﺴﻨﺔ ‪. (١٠)١٩٤١‬‬ ‫وﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻠﻮﻘـﺖ ﻜﺎﻧـﺖ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﺗﻌـﺎﻧﻲ ﻤـﻦ اﻻﻧﻗﺳـﺎم وﺗﻨـﺎﻓﺲ اﻠﺰﻋﻣــﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﺣﺰاب ﻋﻟﻰ اﻠﺤﻛﻢ‪ ،‬وﻓﺷﻞ اﻠﻣﺟﻟﺲ اﻠﺘﺷﺮﻳﻌﻲ اﻠﻣﻨﺘﺨﺐ )اﻠﻛـﻮرﺗﻴﺲ‬ ‫‪ ( Cortes‬ﻓ ـ ــﻲ اﺠﺘﻣﺎﻋـ ـ ــﻪ ﻓ ـ ــﻲ ﺣﺰﻳ ـ ـ ـﺮان ﺴـ ـ ــﻨﺔ ‪ ١٩٣١‬ﻓ ـ ــﻲ ﺗﻐﻴﻴـ ـ ــﺮ اﻠﻨﻈـ ـ ــﺎم‬ ‫اﻠﺟﺪﻳـﺪ‪ٕ ،‬واﻘﺎﻤـﺔ ﺣﻛـﻢ ﺠﻣﻬـﻮري ﻳـﺘﻼءم ﻤـﻊ ﻤﻄﺎﻠـﺐ اﻠﺷـﻌﺐ )‪ (١١‬وا ﻠــﺬﻳﻦ‬ ‫ﻳﺘﻣﺜﻟﻮن ﺑﺎﻠﻔﺌﺎت اﻠﺘﺎﻠﻴﺔ‪:‬‬ ‫)‪ ( ١‬اﻠﻴﺳﺎرﻳﻮن ﺣﻴﺚ ﻳﻄﺎﻠﺒﻮن اﻠﻗﻴﺎم ﺑﺜﻮرة اﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ﺠﺬرﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ٢‬اﻻ ﺣـ ـ ـﺮار اﻠﻣﻌﺘ ـ ــﺪﻠﻮن ﺑﻗﻴ ـ ــﺎدة ا ﻠ ـ ــﺰﻋﻴﻢ ازاﻧ ـ ــﺎ )‪ ( Azana‬ﻳﺮﻳ ـ ــﺪون‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﺻﻼح وﺑﺎﻋﺘﻗﺎدﻫﻢ ان اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑﺤﺎﺠﺔ ﻤﺎﺴﺔ ٕاﻠﻰ اﻻﺴﺘﻗﺮار‪.‬‬ ‫)‪ ( ٣‬اﻻﻜﻟﻴـﺮﻜﻟﻴﻴﻦ و ﻫــﺆﻻء ﻘﺒ ﻟــﻮا اﻠﻨﻈــﺎم اﻠﺟﻣﻬـﻮري ﻓــﻲ اﻠﻈــﺎﻫﺮ ﺑﻴﻨﻣــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ داﺧﻟﻴﺔ اﻧﻔﺳﻬﻢ ﻻ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻤﻄﻟﻗﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘـﺪ اﻋﻟـﻦ زاﻤـﻮرا )‪ ،(Zamora‬زﻋـﻴﻢ ﺣﺮﻜـﺔ اﻻﻧﻗـﻼب ﺿـﺪ اﻠﻣﻟﻛﻴــﺔ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﻴـﺎم ﻫـﺬﻩ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳــﺔ واﺻـﺒﺢ رﺋﻴﺳــﺎ ﻤﺆﻘﺘـﺎ ﻠﻬــﺎ‪ ،‬وﻘـﺪ اﻠــﻒ ﺣﻛﻮﻤـﺔ ﻤﺆﻘﺘــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜ ــﺬﻠﻚ ﻤ ــﻦ اﻋﻀ ــﺎء ﻤﻌﺘ ــﺪﻠﻴﻦ‪ ،‬ﻳﻨﺘﻣـ ــﻮن ٕاﻠ ــﻰ اﻻﺣـ ـﺰاب اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳ ــﺔ ﻤﻣـ ــﻦ‬ ‫ﻳـﺪﻳﻨﻮن ﺑﺎﻻﺸـﺘﺮاﻜﻴﺔ)‪ ، (١٢‬وﻘــﺪ ﺴـﺎرﻋﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﻠﺟﺪﻳــﺪة ﻠﻮﺿـﻊ ﺧﻄــﺔ‪،‬‬ ‫ﺗﻮاﺠﻪ ﻤﺘﻄﻟﺒﺎت ﻋﺪﻳﺪة‪ ،‬ﻤﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ١‬اوﻠﺌـﻚ ا ﻠــﺬﻳﻦ اﺴــﺘﻨﻛﺮوا اﻤﺘﻴــﺎزات اﻠﻛﻨﻴﺳـﺔ وﺗــﺪﺧﻟﻬﺎ ﻓــﻲ ﺸــﺆون‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ‪.‬‬ ‫)‪ ( ٢‬اﻻﺸ ــﺘﺮاﻜﻴﻮن اﻠ ــﺬﻳﻦ ﻳﺘﻄﻟﻌ ــﻮن ٕا ﻠ ــﻰ ﻧﻈ ــﺎم اﺠﺘﻣ ــﺎﻋﻲ واﻘﺘﺼـ ــﺎدي‬ ‫ﺠﺪﻳﺪ ﻠﻟﺪوﻠﺔ‪.‬‬ ‫)‪ ( ٣‬اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳـ ــﻮن ا ﻠـ ــﺬﻳﻦ ﻜـ ــﺎﻧﻮا ﻳﻨـ ــﺎدون ﺑﻮﺿـ ــﻊ دﺴـ ــﺘﻮر ﻳ ﻗـ ــﻮم ﻋ ﻟـ ــﻰ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﺒﺎدئ اﻠﺪﻳﻣﻗﺮاﻃﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺘﺮك ﻤﺟﺎﻻ ﻠﺮﺠﺎل اﻠ ﺟـﻴﺶ ﻠﻟـﺘﺤﻛﻢ ﻓـﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺼﻴﺮ اﻠﺷﻌﺐ او ﻳﺘﺳﻟﻄﻮا ﻋﻟﻰ اﻠﺳﻟﻄﺎت اﻠﻣﺪﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫)‪ ( ٤‬اﻠﻼﻤﺮﻜـﺰﻳﻴﻦ اﻠــﺬﻳﻦ ﻳﻨــﺎدون ٕﺑﺎﻘﺎﻤــﺔ اﻠﺤﻛــﻢ اﻠﻣﺤﻟــﻲ ﻓــﻲ اﻠــﺒﻼد‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻗﻀـﺎء ﻋﻟـﻰ ﻤﺮﻜﺰﻳــﺔ اﻠﺤﻛـﻢ ﻓــﻲ اﻠﻌﺎﺻـﻣﺔ‪ ،‬وﺗﺟـﺎﻩ ﻜــﻞ ذﻠـﻚ اﻋﻟﻨــﺖ‬ ‫اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ اﻠﺟﺪﻳــﺪة ﺿــﻣﺎن اﻠﺤﺮﻳــﺔ اﻠﺪﻳﻨﻴــﺔ واﻠﻣﺪﻧﻴــﺔ وﺣﻣﺎﻳــﺔ ﺣﻗ ــﻮق‬ ‫اﻠﻣﻟﻛﻴ ــﺔ اﻠﺨﺎﺻـ ــﺔ ‪ ،‬ودﻋ ــﺖ ﺠﻣﻴـ ــﻊ اﻠﻣﻨﻔﻴ ــﻴﻦ ﺑـ ــﺎﻠﻌﻮدة ٕا ﻠ ــﻰ اﺴـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫وﺴـﺮﺣﺖ اﻠ ﺳـﺟﻨﺎء اﻠﺳﻴﺎﺴــﻴﻴﻦ وﻘﺎﻤـﺖ ﺑﺎﻋﺘ ﻗـﺎل ﻋــﺪد ﻤـﻦ اﻠﻣــﻮﻇﻔﻴﻦ‬ ‫اﻠـﺬﻳﻦ ﻳﺆﻳـﺪون اﻠﻨﻈـﺎم اﻠﻣﻟﻛـﻲ‪ ،‬ووﻋـﺪت ﺑﺎ ٕﻻﺻـﻼح ﺧﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ ﻤ ﺟـﺎل‬ ‫اﻠﺰراﻋ ــﺔ‪ ،‬ووﻋـ ــﺪت ﺑ ـ ٕـﺎﺠﺮاء اﻧﺘﺨﺎﺑـ ــﺎت ﻠﺘﻛـ ــﻮن ﺠﻣﻌﻴ ــﺔ ﺗﻛـ ـ ّـﻮن ﺑﺮﻠﻣﺎﻧـ ـ ًـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( Company Constuent‬ﺗﺘ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻠﻒ ﻋﻟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻰ ا ﺣـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪث اﻠـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻨﻈﻢ‬ ‫اﻠﺪﺴﺘﻮرﻳﺔ)‪.(١٣‬‬ ‫ٔ‬ ‫ووﻓ ﻗـ ـ ًـﺎ ﻠـ ــﺬﻠﻚ اﺠﺮﻳ ـ ــﺖ اﻧﺘﺨﺎﺑـ ــﺎت ﻓـ ــﻲ ﺣﺰﻳـ ـ ـﺮان ﺴـ ــﻨﺔ ‪ ،١٩٣١‬و ﻫ ـ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(١٤‬‬ ‫اﻧﺘﺨﺎﺑـﺎت ﺠــﺎءت ﺑﺎﻏﻟﺒﻴــﺔ ﻤـﻦ اﻠﺟﻣﻬــﻮرﻳﻴﻦ اﻠﻴﺳــﺎرﻳﻴﻦ واﻻﺸــﺘﺮاﻜﻴﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺻﺪرت ﻫﺬﻩ اﻠﺟﻣﻌﻴـﺔ دﺴـﺘﻮرﻫﺎ اﻠﺟﺪﻳـﺪ ا ﻠـﺬي اﻋﻟـﻦ ﻋـﻦ ﻘﻴـﺎم ﺠﻣﻬﻮرﻳـﺔ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٠‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫اﻠﻌـ ــﺎﻤﻟﻴﻦ ﻤـ ــﻦ ﺠﻣﻴـ ــﻊ اﻠﻔﺌـ ــﺎت‪ٕ ،‬واﻧﺷـ ــﺎء ﻤﺟﻟـ ــﺲ اﻠﻨـ ــﻮاب )اﻠﻛـ ــﻮرﺗﻴﺲ (‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻨﺘﺨـﺐ اﻋﻀــﺎؤﻩ ﻠﻣــﺪة ارﺑــﻊ ﺴــﻨﻮات ﺑﻄﺮﻳﻗــﺔ اﻠﺘﺼــﻮﻳﺖ اﻠﻌــﺎم‪ .‬واﺻــﺒﺤﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﺠﻣﻬﻮرﻳــﺔ دﻳﻣﻗﺮاﻃﻴـﺔ ﺑﺮﻠﻣﺎﻧﻴــﺔ ﺣﻴــﺚ ان اﻠﺳـﻟﻄﺔ اﻠﺘﻨﻔﻴﺬﻳــﺔ ﻜﺎﻧــﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓـﻲ ﻳــﺪ ﺣﻛﻮﻤــﺔ ﻤﺳــﺌﻮﻠﺔ ا ﻤــﺎم اﻠﺒﺮﻠﻣــﺎن‪ ،‬واﺻــﺒﺢ اﻠﺷــﻌﺐ ﻳﺘﻣﺘــﻊ ﺑﺎﻠﺤﺮﻳــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻨﻴﺔ )‪ (١٥‬واﺻﺒﺤﺖ ﺛـﺮوة اﻠـﺒﻼد ﻓـﻲ ﺧﺪﻤـﺔ اﻻﻘﺘﺼـﺎد اﻠـﻮﻃﻨﻲ‪ ،‬واﻧﺘﻗﻟـﺖ‬ ‫اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﻤﻦ دوﻠﺔ ٕاﻘﻄﺎﻋﻴﺔ ٕاﻠﻰ دوﻠﺔ ﺗﺤﺎول ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻻﺸﺘﺮاﻜﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻧـﺎل زاﻤــﻮرا ﺛﻗــﺔ اﻠﺷـﻌﺐ ﻓﺎﺻــﺒﺢ رﺋﻴﺳـ ًـﺎ ﻠﻟﺟﻣﻬﻮرﻳـﺔ‪ ،‬ﻠــﺬا اﺴــﺘﻗﺎﻠﺖ‬ ‫اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﻠﻣﺆﻘﺘــﺔ وﺗﺷـ ّـﻛﻞ ﻤﺟ ﻟـﺲ وزراء ﺠﺪﻳــﺪ ﺑﺮﺋﺎﺴــﺔ اﻠــﺰﻋﻴﻢ )‪Azana‬‬ ‫ٔ‬ ‫(‪ ،‬وﻓ ــﻲ ﺴ ــﻨﺔ ‪ُ ١٩٣٢‬ﺣ ـ ّـﻞ ﻧﻈـ ــﺎم اﻠﺟﺰوﻳ ــﺖ وﺻ ــﻮدرت اﻤﻼﻜﻬ ــﻢ‪ ،‬ﺣﻴـ ــﺚ‬ ‫ﻘــﺪرت ﺑﺜﻼﺛــﻴﻦ ﻤﻟﻴ ــﻮن ﻤــﻦ ا ﻠ ــﺪوﻻرات‪ ،‬وﺻــﺮﻓﺖ ﻠﺼ ــﺎﻠﺢ اﻠﺷــﻌﺐ‪ .‬وﻓ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴـﻨﺔ ‪ ١٩٣٣‬اﺻــﺒﺤﺖ اﻠﺮﺋﺎﺴــﺔ اﻠﺪﻳﻨﻴــﺔ )ﺑﺼـﺪور ﻘــﺎﻧﻮن( ﻠﻣﺨﺘﻟــﻒ اﻠﻔﺌــﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﻣ ــﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻻﺴ ــﺒﺎن دون ﻏﻴ ــﺮﻫﻢ‪ .‬واﻠﻐﻴـ ــﺖ اﻠﻣ ــﺪارس اﻠﺘﺎﺑﻌ ــﺔ ﻠﻟﻛﻨـ ــﺎﺋﺲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺒﺎﺸـﺮة‪ .‬وا ّﻤﻣـﺖ اﻤـﻼك اﻠﻛﻨﻴﺳـﺔ رﻏــﻢ اﺣﺘﺟـﺎج اﻠﺒﺎﺑـﺎ ﻋﻟـﻰ ﻫـﺬﻩ اﻻﻋﻣــﺎل‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺻــﺎدرت اﻠﺤﻛﻮﻤ ــﺔ ﺣ ــﻮاﻠﻲ ﺧﻣﺳ ــﻴﻦ ﻤﻟﻴــﻮن ﻓ ــﺪان‪ ،‬ﻤ ــﻦ اﻻراﺿ ــﻲ اﻠﺘ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴـﺘﻮﻠﻰ ﻋﻟﻴﻬــﺎ اﻠﻣﻟــﻚ ﻘﺒــﻞ ﻘﻴــﺎم اﻠﺜـﻮرة‪ ،‬ووزﻋــﺖ ﻋﻟــﻰ اﻠﻔﻼ ﺣــﻴﻦ واﺻــﺒﺢ‬ ‫ﻫﻨﺎك ﺛﻼث ﻃﺒﻗﺎت ﺗﻌﺎدي اﻠﻨﻈﺎم اﻠﺟﺪﻳﺪ وﻫﻲ)‪:(١٦‬‬ ‫)‪ّ ( ١‬‬ ‫اﻠﻣﻟﻛﻴﻴﻦ‪.‬‬ ‫)‪ ( ٢‬رﺠﺎل اﻠﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫)‪ ( ٣‬اﻠﻄﺒﻗﺔ اﻻرﺴﺘﻗﺮاﻃﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻢ ﻳﻛﻦ ﻫﺆﻻء وﺣﺪﻫﻢ اﻋﺪاء اﻠﻨﻈﺎم اﻠﺟﻣﻬﻮري اﻠﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺑـﻞ ﻜﺎﻧـﺖ‬ ‫ﻫﻨــﺎك ﻓﺌ ــﺔ ﻳﺳ ــﺎرﻳﺔ ﻤﺘﻄﺮﻓ ــﺔ ﺗ ــﺮى ان اﻠﺜــﻮرة ﻳﺟ ــﺐ ان ﻻ ﺗﻨﺘﻬ ــﻲ ﻋﻨ ــﺪ ﻫ ــﺬا‬ ‫اﻠﺤـﺪ‪ ،‬ﺑـﻞ ﻧـﺎدت ﺑﻮﺠـﻮب ﻘﻴـﺎم ﺣﻛﻮﻤــﺔ ﺸـﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓـﻲ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺗﺘﺒـﻊ ﻧﻈــﺎم‬ ‫اﻠﺤﻛﻢ ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد اﻠﺳﻮﻓﻴﻴﺘﻲ‪ ،‬وﻜﺎﻧﺖ ﺗﺟﺮي ﻤﺤﺎوﻻت م ﻧﻗﺒﻞ اﻠﻣﻟﻛﻴﻴﻦ‬ ‫واﻠﺷ ــﻴﻮﻋﻴﻴﻦ ﻓ ــﻲ اﻠﺳ ــﻨﺘﻴﻦ ‪ ١٩٣٢‬و‪١٩٣٣‬ﻠﻗﻟـ ــﺐ ﻧﻈ ــﺎم اﻠﺤﻛ ــﻢ‪ .‬وﻋﻨـ ــﺪﻤﺎ‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﻟــﺖ اﻧﺘﺨﺎﺑ ــﺎت ﺴ ــﻨﺔ ‪ ١٩٣٣‬اﻧﻬﺰﻤ ــﺖ اﻻ ﺣـ ـﺰاب اﻠﻴﺳ ــﺎرﻳﺔ ﻠﺘﺤ ـ ّـﻞ ﻤﺤﻟﻬ ــﺎ‬ ‫)‪(١٧‬‬ ‫اﻻﺣ ـﺰاب اﻠﻣﻌﺘﺪﻠ ــﺔ‪ ،‬اﻠﺘ ــﻲ ﺗﺤ ــﺎول اﻻﺑﺘﻌــﺎد ﻋ ــﻦ اﻠﻣﻌﺳ ــﻛﺮ اﻠﻴﺳ ــﺎري‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻠﻐــﺖ اﻠﻛـﺜﻴــﺮ ﻤــﻦ اﺠ ـﺮاءات اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ اﻠﺳــﺎﺑﻗﺔ‪ ،‬وﺣﺳـ ّـﻨﺖ ﻋﻼﻘﺎﺗﻬــﺎ ﻤــﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻔﺎﺗﻴﻛــﺎن‪ .‬وﺗﻨﺒﻬــﺖ ﻠﻬ ــﺬا اﻻﻤــﺮ اﻻﺣ ـﺰاب اﻠﻴﺳ ــﺎرﻳﺔ اﻠﺘــﻲ ﺑــﺪات ﺗﺷ ــﻌﺮ ان‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ اﺧ ــﺬت ﺗﺒﺘﻌــﺪ ﻋ ــﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻓ ﻗ ــﺮر زﻋــﺎؤﻫﻢ اﻠﻌﻣ ــﻞ ﻋﻟــﻰ ﺗﻐﻴﻴ ــﺮ وﺿ ــﻊ‬ ‫اﻠ ـ ــﺒﻼد‪ .‬واﻧـ ـ ــﺪﻠﻌﺖ اﻠﺜ ـ ــﻮرة ﻓـ ـ ــﻲ ﺴـ ـ ــﻨﺔ ‪ ١٩٣٤‬واﻠﺘ ـ ــﻲ اﺗﺳـ ـ ــﻣﺖ ﺑﺎﻠﻣﺒـ ـ ــﺎدئ‬ ‫اﻠﺷﻴﻮﻋﻴﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ )‪ ( Austurias‬وﻠﻛﻦ اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ ﺴـﺎرﻋﺖ ٕاﻠـﻰ اﻠﻗﻀـﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻴﻬــﺎ‪،‬وﻓﻲ ﺴــﻨﺔ ‪ ١٩٣٥‬ﺿــﺒﻄﺖ رﺸ ــﻮة اﻋﻄﻴــﺖ ﻠــﺒﻌﺾ ﻤﺳــﺎﻋﺪي رﺋ ــﻴﺲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠـﻮزراء اﻠﺮادﻳﻛـﺎﻠﻲ ﻠﻴـﺮو )‪ ،( Lerroux‬وﻘــﺪ اودت ﻫـﺬﻩ اﻠﻔﻀـﻴﺤﺔ ﺑﺳــﻣﻌﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻛﻮﻤﺔ ﻤﻣﺎ ادى ٕاﻠﻰ اﺴﺘﻗﺎﻠﺘﻬﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓـﻲ ﻫـﺬﻩ اﻻﺛﻨـﺎء ﻇﻬـﺮ ﺠـﻞ روﺑ ﻟـﺰ )‪ ( Gil Robles‬ا ﻠـﺬي اﺻـﺒﺢ وزﻳ ـ ًﺮا‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﺪﻓﺎع واﻠﺬي ﻜﺮس ﻧﻔﺳﻪ ﻠﺘﺼـﺪي )‪ ( Azana‬ﻓـﻲ ﻤﺤﺎوﻠـﺔ اﻻﺧﻴـﺮ ﺠﻣﻬـﺮة‬ ‫اﻠ ﺟـ ــﻴﺶ وﻘـ ــﺪ ُﺣ ـ ـ ّـﻞ اﻠﻛـ ــﻮرﺗﻴﺲ وذﻠ ـ ــﻚ ٕﻻﻳﺟـ ــﺎد ﺣـ ـ ـﺰب ﻤﺮﻜـ ــﺰي ﺠﺪﻳ ـ ــﺪ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺳـﺘﻄﻴﻊ ان ﻳﺤـ ّـﻞ ﻤﺤـ ّـﻞ اﻠﺮادﻳﻛﺎﻠﻴــﺔ‪ ،‬ﻜﻣـﺎ ا ﻤــﺮ رﺋــﻴﺲ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳــﺔ ٕاﺠ ـﺮاء‬ ‫اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻤﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﻐﺎﻳﺔ )‪. (١٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻃﺮﻓﺎن اﺛﻨﺎء ٕاﺠﺮاء اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت‪ :‬اﻻول ﺣﺰب اﻠﻴﻣﻴﻦ واﻫﻣﻬـﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫روﺑﻟ ـ ــﺰ )‪ ( Robles‬اﻠ ـ ــﺬي ﺗـ ـ ـﺮاس اﻻﺗ ﺤـ ـ ــﺎد اﻠ ﻔ ـ ــﺪراﻠﻲ اﻻ ﺴ ـ ــﺒﺎﻧﻲ اﻠﻣﺳـ ـ ــﺘﻗﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( C.E.D.A‬وﺸ ــﺎرﻜﻪ ﺑﻌ ــﺾ اﻠﺟﻣﺎﻋـ ــﺔ اﻻ ﺧ ــﺮى‪ ،‬واﻠﺜـ ــﺎﻧﻲ ﺣ ــﺰب اﻠﻴﺳـ ــﺎر‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﻀ ّـﻢ اﻻﺸــﺘﺮاﻜﻴﻴﻦ واﻠﺒﺮﺠــﻮازﻳﻴﻦ ا ﻠــﺪﻳﻣﻗﺮاﻃﻴﻴﻦ ا ﻠــﺬﻳﻦ اﺗﺤــﺪوا ﻻﻏ ـﺮاض‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﺘﺨﺎﺑﻴـﺔ ﺑﻣــﺎ ُﻳﺳـ ّـﻣﻰ ﺑﺎﻠﺟﺒﻬـﺔ اﻠﺷــﻌﺒﻴﺔ )‪ ( P.F‬وﻤــﻦ اﻫﻣﻬـﻢ ازاﻧــﺎ‪ ،‬وﺣﻴﻨﻣــﺎ‬ ‫ﺠــﺮت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑــﺎت ﻓ ــﺎزت اﻠﺟﺒﻬ ـﺔ اﻠﺷ ــﻌﺒﻴﺔ ﺑـ ـ ‪ ٢٧٨‬ﻤﻗﻌ ـ ًـﺪا‪ ،‬ﺑﻴﻨﻣــﺎ ﺣﺼ ــﻞ‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫اﻠﻴﻣﻴﻦ ﻋﻟﻰ ‪ً ١٣٤‬‬ ‫ﻤﻗﻌﺪا )‪ ،(١٩‬وﻘﺪ اﺻﺒﺢ ازاﻧﺎ ﻧﺘﻴﺟﺔ ﻠﺬﻠﻚ رﺋﻴﺳ ًـﺎ ﻠﻟـﻮزراء‬ ‫ٔ‬ ‫ﺛﻢ ً‬ ‫رﺋﻴﺳﺎ ﻠﻟﺟﻣﻬﻮرﻳﺔ ﻤﺮة اﺧﺮى‪ .‬وﻘﺪ رﻓﺾ اﻻﺸـﺘﺮاﻜﻴﻮن اﻻﺸـﺘﺮاك اﻠﻔﻌﻟـﻲ‬

‫ٔ‬ ‫ﻓــﻲ ٕادارة اﻠﺤﻛــﻢ‪ .‬وﻠ ــﺬﻠﻚ ﻜﺎﻧــﺖ ﻫﻨ ــﺎك ﺑﻌــﺾ اﻠﺘﺤ ــﺬﻳﺮات ﻤــﻦ ان ﻫﻨ ــﺎك‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺛﻮرة ﺗﻮﺸﻚ ﻋﻟﻰ اﻠﺤﺪوث‪ ،‬وﻠﻛﻦ ﻋﻟﻰ اي اﺴﺎس ﺴﺘﻗﻮم؟ وﻤﺘـﻰ؟ واﻳـﻦ؟‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻬ ــﻲ اﺴ ــﺌﻟﺔ ﻠ ــﻢ ﻳ ﻗ ــﺪر ﻋ ﻟ ــﻰ ٕا ﺠﺎﺑﺘﻬ ــﺎ ا ﺣ ــﺪ‪ٕ ،‬ا ﻻ ان اﺣ ــﺪ اﻠﻴﺳ ــﺎرﻳﻴﻦ ﻘـ ــﺎل‪:‬‬ ‫"ﺴـﺘﻛﻮن ﻫﻨـﺎك دﻳﻛـﺘﺎﺗﻮرﻳــﺔ ﻋﻣﺎﻠﻴـﺔ ﺗــﻨﺟﻢ ﻋـﻦ ﻫـﺬﻩ اﻠﺜــﻮرة"‪ ،‬وﻘـﺪ ﺣــﺪث‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﺗﻣ ــﺮد ﺑﻌـ ــﺾ اﻠﻔﻼ ﺣ ــﻴﻦ ﻓـ ــﻲ اﻠﺟﻨ ــﻮب وا ﺴـ ــﺘﻮﻠﻮا ﻋﻟ ــﻰ ﻤﺳـ ــﺎﺣﺎت ﻤـ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻراﺿـﻲ اﻻﻤﻴﺮﻳــﺔ‪ ،‬واﺗﻬﻣـﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ ﺑﺘﻗﺼـﻴﺮﻫﺎ ﻓــﻲ ﺣ ﻔـﻆ اﻠﻨﻈــﺎم‪ ،‬وﻓــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻨﺔ ‪ ١٩٣٦‬اﻋﻟﻦ ﻋﻦ اﻠﺤـﻮادث اﻠﺘـﻲ ﺣـﺪﺛﺖ ﻓـﻲ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﻤﻨـﺬ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑـﺎت‬ ‫ﻓﻛﺎﻧﺖ ﻜﻣﺎ ﻳﻟﻲ )‪:(٢٠‬‬ ‫ﺣـ ــﺮق ‪ ١٦٠‬ﻜﻨﻴﺳـ ــﺔ و‪ ٢٦٩‬ﺠﺮﻳﻣـ ــﺔ اﻏﺘﻴـ ــﺎل ﺴﻴﺎﺴـ ــﻴﺔ و‪ٕ ١١٣‬اﺿـ ـ ـﺮاب‬ ‫و‪ٕ ٢٨‬اﺿـﺮاب ﺠﺰﺋـﻲ‪ ،‬وﻠـﺬﻠﻚ ﻫﻮﺠﻣـﺖ ﻤﻛﺎﺗـﺐ ﻋﺷـﺮة ﺠﺮاﺋـﺪ واﻠﺘـﻲ ﻧﺷـﺮت‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا‪ ،‬ﻠﺬﻠﻚ ﻠـﻢ ﻳﻛـﻦ اﻠﻌﻨـﻒ ﻤﻗﺼـﻮرًا ﻋ ﻟـﻰ اﻠﻴﻣـﻴﻦ وﺣـﺪﻩ‪ ،‬او ﻋﻟـﻰ اﻠﻴﺳـﺎر‬ ‫وﺣﺪﻩ ﺑﻞ ﻜﺎن ّﻜﻞ ﻤﻦ اﻠﻄـﺮﻓﻴﻦ ﻤﺳـﺌﻮل ﻋـﻦ اﻠﻌﻨـﻒ‪ ،‬ﻓﺎﻘﺘﺘـﻞ اﻠﻨـﺎس ﻓـﻲ‬ ‫ﺸــﻮارع ﻤﺪرﻳــﺪ وﻋﺟــﺰت اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ ﻋــﻦ ﺣﻔــﻆ اﻠﻨﻈــﺎم‪ ،‬وﻤﻨــﻊ اﻻﻋﺘ ــﺪاءات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟ ـ ــﻰ اﻻرواح وﻫ ـ ــﺪم اﻠﻛﻨ ـ ــﺎﺋﺲ‪ ،‬واﺻ ـ ــﺒﺤﺖ اﺴ ـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻓ ـ ــﻲ ﺣﺰﻳـ ـ ـﺮان ﺴ ـ ــﻨﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ (٢١)١٩٣٦‬ﻋﻟﻰ اﺑﻮاب ﺣﺮب اﻫﻟﻴﺔ ﻃﺎﺣﻨﺔ‪.‬‬ ‫أﺳﺒﺎب اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻻﺳﺒﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ٕان اﻠﺜـﻮرات اﻠﺬاﺗﻴـﺔ ﻓــﻲ اﻠﺟـﻴﺶ اﻻﺴـﺒﺎﻧﻲ ﺑﻴﻨــﺖ ان اﻠﺜـﻮرة اﻠﺟﺪﻳــﺪة‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠـﻢ ﺗﻛـﻦ ﻤﻔﺎﺠـﺎة‪ ،‬ﺑـﻞ ﻫـﻲ ﺣﺮﻜـﺔ ُﺧﻄـﻂ ﻠﻬـﺎ ﺑﻣﻬـﺎرة‪ ،‬ﻤﻨـﺬ اﻤـﺪ ﺑﻌﻴـﺪ )‪،(٢٢‬‬ ‫ﻳﻣﻛـﻦ اﻋﺘﺒــﺎر ٕاﻘﺎﻠــﺔ زاﻤـﻮرا ﻤــﻦ رﺋﺎﺴــﺔ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳـﺔ ﻓــﻲ ﻧﻴﺳــﺎن ﺴــﻨﺔ ‪١٩٣٦‬‬ ‫واﻧﺘﺨــﺎب ٓازاﻧ ــﺎ‪ ،‬ﻫ ــﻲ اﻠﺒﺪاﻳ ــﺔ ّ‬ ‫اﻠﻔﻌﻟﻴــﺔ ﻠﻟﺨﻼﻓ ــﺎت اﻠﻄﺎﺣﻨ ــﺔ ﺑ ــﻴﻦ ﻤﺨﺘﻟ ــﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻬــﺎت‪ ،‬وﻘــﺪ ﻜ ُـﺜــﺮت اﻻﺿ ـﻄﺮاﺑﺎت واﻋﻣــﺎل اﻠﻌﻨــﻒ اﻠﺘــﻲ ﻘــﺎم ﺑﻬــﺎ اﻋﻀ ــﺎء‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﻴﻣﻴﻦ واﻠﻴﺳﺎر ﻋﻟـﻰ ﺣ ّـﺪ ﺴـﻮاء )‪ ،(٢٣‬ﻠـﺬﻠﻚ اﺿـﻄﺮ ازاﻧـﺎ )‪ ( Azana‬ﻋﻨـﺪﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ادرك ﺧﻄـ ـ ــﺮ اﻠ ﺟـ ـ ــﻴﺶ ﻋﻟـ ـ ــﻰ ﺣﻛﻮﻤﺘ ـ ـ ــﻪ‪ٕ ،‬اﻠـ ـ ــﻰ ٕا ﺣﺎﻠـ ـ ــﺔ ﺑﻌـ ـ ــﺾ اﻠﻀ ـ ـ ــﺒﺎط‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷـﺘﻐﻟﻴﻦ ﺑﺎﻠﺳﻴﺎﺴـﺔ‪ ،‬ﻋ ﻟـﻰ اﻠﺘﻗﺎﻋــﺪ‪ ،‬ﻜﻣـﺎ اﻧـﻪ ﻘـﺎم ﺑﺘﻔﺮﻳــﻖ ﻤـﻦ ﺸ ّـﻚ ﻓــﻲ‬ ‫ٕاﺧﻼﺻــﻬﻢ‪ ،‬وﻤ ــﻦ ﺑ ــﻴﻦ ﻫــﺆﻻء اﻠﻀ ــﺒﺎط "ﻓﺮاﻧ ﺷ ــﻛﻮ ﻓﺮاﻧﻛ ــﻮ" )‪،( Franco‬‬ ‫وﻜـﺎن ﻫــﺬا ﻳﻗـﻮد اﻠﻔﺮﻘــﺔ اﻻﺴـﺒﺎﻧﻴﺔ اﻠﺘــﻲ ﻧﻌﻣـﻞ ﻓــﻲ ﻤـﺮاﻜﺶ‪ ،‬ﻜﻣــﺎ ُﻧﻔـﻲ ﻤﻌــﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻨـﺮال ﻏــﻮدد ) ‪ ( Ghoded‬وﻧ ﻗــﻞ ﻫــﺆﻻء ٕاﻠــﻰ ﺠــﺰر اﻠﻛﻨــﺎري ﻜﻣــﺎ اﻧــﻪ ﻘــﺎم‬ ‫ﺑﻨﻗﻞ اﻠﺟﻨﺮال ﻤﻮﻻ )‪ ( Mola‬ﻤﻦ اﻠﻣﻐﺮب ٕاﻠﻰ ﺑﺎﻤﺒﻟﻮﻧﺎ )‪.(٢٤‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕازاء ذﻠ ـ ــﻚ اﺻ ـ ــﺒﺤﺖ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳ ـ ــﺔ ﻤﻬ ـ ــﺪدة ﻓ ـ ــﻲ اي وﻘ ـ ــﺖ ﺑﺎﻻﺧﻄ ـ ــﺎر‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻃﺒﻴﻌـ ــﻲ ان ﺗ ﺤـ ــﺪث ﻫـ ــﺬﻩ اﻠﺘـ ــﻨﻗﻼت ﺑﻟﺒﻟـ ــﺔ وﺗﺷـ ــﺘﺖ اﻓﻛـ ــﺎر اﻠﻣﺨﻄﻄـ ــﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﺜﻮرة وﻫﻨﺎك اﺴﺒﺎب اﺧﺮى دﻋﺖ ٕاﻠﻰ ﻘﻴﺎم ﻫـﺬﻩ اﻠﺤـﺮب‪ ،‬وﻤـﻦ ا ﻫـﻢ ﻫـﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴــﺒﺎب‪ ،‬ﻫ ــﻮ ﻋ ــﺪم ﺗﺤﻄ ــﻴﻢ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳ ــﺔ ﻠﺘﻟــﻚ اﻠﻔﺌ ــﺔ اﻠﺘ ــﻲ ﺗﺤﻛﻣ ــﺖ ﻓ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺼـ ــﻴﺮ ا ﻠ ـ ــﺒﻼد وﻤﺼـ ــﺎدر ﺛ ـ ــﺮواﺗﻬﻢ‪ ،‬وﻋـ ــﺪم ﺗﺤﻗﻴﻗ ـ ــﻪ ﺑﺳـ ــﺮﻋﺔ ﻻن اﻠﺷ ـ ــﻌﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﺒﺎﻧﻲ ﻜﺎن ﻫﻛـﺬا ﻳﺷـﻚ وﻳﺘﻣﻨـﻰ‪ ،‬ﻠﻛـﻦ اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﺧـﺬت اﻻﻤـﻮر ﺑﻬـﻮادة‬ ‫وﺗﺆدﻩ ﻓﻨﻔﺬ ﻠﺬﻠﻚ ﺻﺒﺮ اﻠﻔﻼﺣﻴﻦ واﻠﻄﺒﻗﺔ اﻠﻌﺎﻤﻟﺔ‪.‬‬ ‫ﺑﺎ ٕﻻﺿ ــﺎﻓﺔ ٕاﻠـ ــﻰ ﻜـ ـ ّـﻞ ذﻠ ــﻚ ﻓـ ــﺎن اﻠﻣﺘﻄـ ــﺮﻓﻴﻦ ﻤ ــﻦ ٔاﻻ ﺣ ـ ـﺰاب اﻠﻴﺳـ ــﺎرﻳﺔّ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺣـﺰاب اﻠﻴﻣـﻴﻦ ﻓـﻲ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬اﺻـﺒﺤﻮا ﻳـﺮون ا ّن اﻠ ﺤــﻞ اﻠﻮﺣﻴـﺪ ﻳﻛﻣـﻦ ﻓــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺤﻗﻴــﻖ ا ﻫ ــﺪاﻓﻬﻢ ﺑﺎ ﺴ ــﺘﺨﺪام اﻠﻗ ــﻮة‪ ،‬ﻓ ﻔــﻲ ﻤﻨﺘﺼ ــﻒ ﺣﺰﻳـ ـﺮان ﺴ ــﻨﺔ ‪١٩٣٦‬‬ ‫ﻫـ ــﺎﺠﻢ اﻠﺤﻛﻮﻤـ ــﺔ زﻋـ ــﻴﻢ ﻤـ ــﻦ دﻋـ ــﺎة ّ‬ ‫اﻠﻣﻟﻛﻴـ ــﺔ اﺴـ ــﻣﻪ ﺠﻮزﻳـ ــﻪ ﻜﺎﻠﻔﻮﺴ ـ ــﺘﻴﻟﻮ‬ ‫وﻳﺘﻬﻣﻬﺎ ﺑﺎﻠﺟﺒﻦ واﻠﻀﻌﻒ ﻋـﻦ ﺻ ّـﺪ اﻠﺘﻴـﺎرات اﻠﺳﻴﺎﺴ ّـﻴﺔ وﻓـﻲ اﻠﻮﻘـﺖ ﻧﻔﺳـﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺧـﺬ اﻠﻴﺳـﺎرﻳﻮن ﻳﻌـ ّـﺪون اﻠﻌ ّـﺪة ﻻ ﺣـﺪاث اﻧﻗــﻼب ﺸـﻴﻮﻋﻲ )‪ ،(٢٥‬ﻠﻬـﺬا ﻧــﺮى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫ﺗﺷﺮﺸـﻞ ﻳﻗـﻮل ﺑـﺎن اﺣــﺪ اﺴـﺒﺎب اﻠﺤـﺮب اﻻﻫﻟﻴــﺔ‪ ،‬ﺗﺮﺠـﻊ ٕاﻠـﻰ "ان ﺴﻴﺎﺴــﺔ‬ ‫ﻠﻴﻨــﻴﻦ –ﻧﻈــﺮي اﻠﺷــﻴﻮﻋﻴﺔ وﻤﺆﺴﺳــﻬﺎ ‪ -‬ﻫــﻲ ﺗﺷــﺟﻴﻊ ٔاي ﺣﺮﻜــﺔ ﻳﺳـ ّ‬ ‫ـﺎرﻳﺔ ﻓ ــﻲ‬ ‫ـﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗ ـ ــﺪﺧﻞ ﻤ ـ ــﻊ ﻋﻨﺎﺻ ـ ــﺮﻫﺎ اﻠﺮ ّ‬ ‫اﻠﻌ ـ ــﺎﻠﻢ‪ ،‬ﺣﻴ ـ ــﺚ ﺑ ـ ـ ٔـﺪا ت اﻠﺷ ـ ـ ّ‬ ‫ادﻳﻛﺎﻠﻴ ـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺣﺘـ ــﻰ اﻧﻔ ﺟ ــﺮت اﻠ ﺤـ ــﺮب اﻻﻫﻟﻴ ــﺔ اﻠﺘـ ــﻲ ا ّد ت ٕاﻠ ــﻰ ﺗـ ـ ّـﺮدي اوﺿـ ــﺎع‬ ‫اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ اﻠﻰ درﺠﺔ ﺴﻴﺌﺔ ً‬ ‫ﺠﺪا )‪.(٢٦‬‬ ‫ٕ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١١‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب‬ ‫ٔ‬ ‫اﻘﺘﺮﺣـﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﻠﻔﺮﻧﺳ ّـﻴﺔ‪ ،‬ﻤﻨـﺬ اول ﺴـﻨﺔ ‪ ١٩٣٦‬ﻋﻟـﻰ اﻠـﺪول اﻠﺘـﻲ‬ ‫ﻠﻣﺳ ــﺖ ﻤﻨﻬ ــﺎ اﻠﺘ ـ ّ‬ ‫ـﺪﺧ ﻞ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ اﻠﺤ ــﺮب‪ ،‬ﻜﺎﻻﺗﺤ ــﺎد اﻠﺳ ــﻮﻓﻴﺘﻲ واﻳﻄﺎﻠﻴـ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ٔواﻠﻣﺎﻧﻴ ــﺎ ّ‬ ‫ﺧﺎﺻ ــﺔ‪ ،‬وﺑﻟﻐـ ــﺖ ﺑ ــﺬﻠﻚ ﻜ ــﻞ دوﻠـ ــﺔ‪ٕ ،‬ا ﻻ ان اﻠﻗﺒ ــﻮل ﺑ ــﺬﻠﻚ ﻇـ ــﻞ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺸﻛﻟﻴﺎ‬ ‫ﻤﺤﻀﺎ )‪ ، (٢٧‬وﻠﻛﻨﻪ ﺑﺎﻠﻨﺳﺒﺔ ﻠﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻜﺎن ﺣﻗﻴﻗ ًـﺔ‪ٕ ،‬اذ ﻠـﻢ ﺗﺘـﺪﺧﻞ‬ ‫ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ٕﻻدراﻜﻬﺎ اﻠﺤﻗـﺎﺋﻖ اﻠﺘﺎﻠﻴـﺔ – ﻜﻣـﺎ وردت ﻓـﻲ ﻜـﺘـﺎب ﺧﻄـﻮة ﺑﺨﻄـﻮة‬ ‫ﻠﺘﺷﺮﺸﻞ ‪:(٢٨)-‬‬ ‫)‪ ( ١‬اﻧﻗﺳﺎم اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ٕاﻠﻰ ﻓﺮﻳﻗﻴﻦ ﻤﺘﺤﺎرﺑﻴﻦ‪.‬‬ ‫)‪ ( ٢‬ﻏﻣﻌﺎن ّﻜﻞ ﻤﻦ اﻠﻄﺮﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﻘﺳﻮﺗﻪ وﻋﺪم رﺣﻣﺘﻪ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ٣‬ا ّﻳ ًـﺎ ﻜـﺎن اﻠﻣﻨﺘﺼـﺮ ﻓــﺎن اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺑﻌـﺪ اﻧﺘﻬــﺎء اﻠﺤـﺮب ﺴـﺘﺒﻗﻰ دوﻠــﺔ‬ ‫ﺻـﻐﻴﺮة وﺿـﻌﻴﻔﺔ ﻠﺘﻌﻴـﺪ ﺑﻨــﺎء ﻧﻔ ﺳـﻬﺎ ﺑﻌـﺪ ذﻠــﻚ‪ ،‬وﻫـﺬا ﻻ ﻳﻬـﻢ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴــﺎ‬ ‫ﻜﺬﻠﻚ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫)‪ ( ٤‬ﻻ ﻳﻣﺜﻞ اﻳﺎ ﻤﻦ اﻠﻄﺮﻓﻴﻦ اﻠﻣﺘﺨﺎﺻـﻣﻴﻦ وﺠﻬـﺔ اﻠﺒﻨـﺎت اﻠﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎي ﺣﺎل ﻤﻦ اﻻﺣﻮال‪.‬‬ ‫)‪ ( ٥‬ﺑﺘﺳﺎؤل ﺗﺷﺮﺸﻞ‪ :‬ﻫﻞ ﺣﺎﻠـﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴـﺎ اﻠﺪﻓﺎﻋﻴـﺔ ّ‬ ‫ﺠﻴـﺪة ﺣﺘـﻰ ﺗ ﻗـﻮم‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻣﺳﺎﻋﺪة اﻧﺎس ﻻ ﻳﻬﻣﻮﻧﻬﺎ؟ ﻳﺨﻟﺺ ﺗﺷﺮﺸﻞ ﻤـﻦ ﻫـﺬا اﻠﺘﺳـﺎؤل‪ ،‬ﺑﺎﻧـﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻴﺳـ ــﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴ ـ ــﺎ اﻳ ـ ــﺔ ﻤﺼ ـ ــﻟﺤﺔ ﻓ ـ ــﻲ اﻠﺘ ـ ـ ّ‬ ‫ـﺪﺧﻞ ﻓ ـ ــﻲ اﻠ ﺤ ـ ــﺮب اﻻﻫﻟﻴ ـ ــﺔ‬ ‫اﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ ( ٦‬رﻏ ــﻢ ﺗﺒﻨ ــﻲ ﻓﺮﻧﺳـ ــﺎ ﻠﻔﻛ ــﺮة ﻋـ ــﺪم اﻠﺘ ــﺪﺧﻞ ٕﻓﺎﻧﻬـ ــﺎ ﺗﺷ ــﺎرك اﻻﺗ ﺤـ ــﺎد‬ ‫اﻠﺳـ ـ ـ ــﻮﻓﻴﺘﻲ ٕﺑﺎرﺴـ ـ ـ ــﺎل ٔاﻻ ﺴـ ـ ـ ــﻟﺤﺔ واﻠﻌﺘـ ـ ـ ــﺎد ٕاﻠـ ـ ـ ــﻰ اﻠﻛـ ـ ـ ــﺎﺑﺘﻦ ﻜﺎﺑـ ـ ـ ــﺎﻠﻴﺮو‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫) ‪ ( Caballero‬واﻠﻣﺎﻧﻴﺎ واﻳﻄﺎﻠﻴﺎ ُﺗﺮﺴﻞ اﻻﺴﻟﺤﺔ ٕا ﻠﻰ اﻠﺟﻨﺮال ﻓﺮاﻧﻛـﻮ‪،‬‬ ‫وﻫﺬا ﻻ ﻳﻬﻢ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳ ﻗـﻮل ﺗﺷﺮﺸــﻞ ‪" :‬وﻋﻨـﺪﻤﺎ ﻘ ـﺮات ﻋـﻦ اﻋــﺪاد اﻠﻣﺘﻄـﻮﻋﻴﻦ ﻤــﻦ ا ﻠﻣﺎﻧﻴــﺎ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﻨﺎزﻳـ ــﺔ واﻳﻄﺎﻠﻴـ ــﺎ اﻠﻔﺎﺸـ ـ ّـﻴﺔ‪ ،‬ﻠﻣﻗﺎﺑﻟـ ــﺔ اﻠﻣﺘﻄـ ــﻮﻋﻴﻦ ﻤـ ــﻦ روﺴـ ــﻴﺎ اﻠﺒﻟﺷ ـ ــﻔﻴﺔ‬ ‫واﻠﻣﺘﻄ ـ ــﺮﻓﻴﻦ اﻠﺷـ ـ ــﻴﻮﻋﻴﻴﻦ ﻓـ ـ ــﻲ ﻓﺮﻧﺳـ ـ ــﺎ‪ ،‬ﺣﺰﻧ ـ ــﺖ ﻋﻟـ ـ ــﻰ ﻫـ ـ ــﺬﻩ اﻠﺤﻣـ ـ ــﻼت‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺮﺑﺮﻳـ ــﺔ")‪ ،(٢٩‬ﻠـ ــﺬﻠﻚ ﻧـ ــﺮى ان اﻠﺤﻛﻮﻤـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴـ ــﺎ ﻜﺎﻧـ ــﺖ ﻤﺤﺎﻓﻈـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺮاي اﻠﻌﻣﺎﻠﻲ ﻠﺼـﺎﻠﺢ اﻠﺳﻴﺎﺴـﺔ اﻻﺴـﺒﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻠـﺬا ﻓـﺎن ﻫـﺬا اﻠﺘﻨـﺎﻘﺾ ﺠﻌـﻞ‬ ‫اﻠﻣﻮﻘـﻒ ٔاﻓﻼﻃﻮﻧﻴ ًـﺎ‪ٔ ،‬ﻻن ﻤـﺆﺗﻣﺮ ﻧﻗﺎﺑــﺎت ّ‬ ‫اﻠﻌﻣـﺎل ﺻ ّـﺮح ﺑﺳﻴﺎﺴـﺔ اﻻﻤﺘﻨــﺎع‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤـﺎ ﺗﺮﻳـﺪ اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﻻﻧﺟﻟﻴﺰﻳــﺔ ﻫـﻮ اﺣﺘـﺮام ﺴـﻼﻤﺔ اراﺿــﻲ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑ ﻣـﺎ ﻓﻴﻬــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﺰر اﻠﺒﺎﻠﺌﻴﺎر‪ (٣٠‬وﻤـﻊ ٔان ﺴﻴﺎﺴـﺔ "ﻋـﺪم اﻠﺘ ّ‬ ‫ـﺪﺧﻞ" ﺗﺒﻨﺘﻬـﺎ ﻓﺮﻧ ﺳـﺎ ٕا ﻻ اﻧﻬـﺎ ﻠـﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻟﺘـﺰم ﺑﻬـﺎ‪ ،‬وﻧﻗـﺪر ان ﻧﻗـﻮل ﺑـﺎن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴـﺎ ﻫـﻲ اﻠﻮﺣﻴـﺪة اﻠﺘـﻲ اﻠﺘﺰﻤـﺖ ﺑﻬـﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺴـﺔ ‪ -‬ﻤــﻦ ﺑـﻴﻦ اﻠــﺪول اﻠﺘـﻲ وﺠــﻪ ﻠﻬـﺎ رﺴــﺎﺋﻞ ﺑﻬـﺬا اﻠﺷــﺎن ‪ -‬وﻘـﺪ ﻘــﺎل‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠـﻮزﻳﺮ اﻻﻧﻛﻟﻴــﺰي اﻻول ﻧﻴ ﻔــﻞ ﺗ ﺷــﺎﻤﺒﺮﻠﻦ )‪: ( Neville Chomberlain‬‬ ‫ٔ‬ ‫" ٕاﻧــﻪ و ﻫــﻢ وﻠﻛﻨ ـﻪ و ﻫ ــﻢ ﺿــﺮوري ﻻﺠﺘﻨــﺎب اﻠ ﺤ ــﺮب" وﺴــﻮف ﻧــﺮى ان ﻫ ــﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺴ ــﺔ اﻓـ ــﺎدت‪ ،‬ﺧﺎﺻ ــﺔ اﻳﻄﺎﻠﻴـ ــﺎ واﻠﻣﺎﻧﻴ ــﺎ‪ ،‬ﻜﻣـ ــﺎ اﻓ ــﺎدت ﻧﻈـ ــﺎم ﻓﺮاﻧﻛـ ــﻮ‬ ‫وﺴﻬﻟﺖ ﻇﻔﺮ اﻠﻔﺎﺸﻴﺔ ﻓﻲ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ﺷﻲء ﻋﻦ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻔﻠﻨﺞ " ‪"FALANG‬‬ ‫ﺣﻴﻨﻣ ـ ـ ــﺎ ﻇﻔ ـ ـ ــﺮت "اﻠﺟﺒﻬ ـ ـ ــﺔ اﻠﺷ ـ ـ ــﻌﺒﻴﺔ " اﻠﻣﺆﻠﻔ ـ ـ ــﺔ ﻤ ـ ـ ــﻦ اﻠﺷـ ـ ـ ــﻴﻮﻋﻴﻴﻦ‬ ‫)‪(٣١‬‬ ‫واﻻﺸـﺘﺮاﻜﻴﻴﻦ واﻠﺮادﻳﻛـﺎﻠﻴﻴﻦ واﻠﺒﻮرﺠـﻮازﻳﻴﻦ‪ ،‬ﻓـﻲ ﺸـﺒﺎط ﺴـﻨﺔ ‪١٩٣٦‬‬ ‫ٔ‬ ‫ازدادت ﻤﺨــﺎوف ﺣــﺰب اﻠﻴﻣ ــﻴﻦ ﻓــﻲ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ وادى ﺑﻬ ــﻢ ﻫــﺬا‪ٕ ،‬اﻠــﻰ اﻠﻗﻴ ــﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻣﺰﻳ ـ ــﺪ ﻤـ ـ ــﻦ اﻠﻌﻨ ـ ــﻒ واﻻﻋﻣـ ـ ــﺎل اﻠﺘﻌﺳ ـ ــﻔﻴﺔ‪ٕ ،‬وازاء ﻫـ ـ ــﺬا اﻠﻮﺿ ـ ــﻊ اﻠﻐـ ـ ــﺎﺋﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﺣ ــﻮال اﻠﺳ ــﻴﺌﺔ‪ُ ،‬ﺸـ ـ ّـﻛﻟﺖ ﻤﻨﻈﻣ ــﺔ اﻠﻔ ﻟـ ــﻨﺞ‪ ،‬اﻠﺘ ــﻲ ﺗﻣﺘـ ــﺎز ﺑﻐﻣ ــﻮض ﻓـ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻗﻴــﺪﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻠﻛﻨﻬ ــﺎ ﺗﻨــﺎدي ﺑﻔﻛ ــﺮة ﺗﻌ ــﺎون اﻠﻄﺒ ﻗــﺎت اﻜـﺜ ــﺮ ﻤــﻦ ﻓﻛ ــﺮة ﺻـ ـﺮاع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻄﺒﻗ ــﺎت‪ ،‬واﻠﺘﺎﻜﻴ ــﺪ ﻋﻟ ــﻰ و ﺣ ــﺪة اﺴـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ وﻘ ــﺪ ﻜ ــﺎن اﻋﻀ ــﺎء اﻠﻔ ﻟ ــﻨﺞ ﻤـ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺣـﺮار اﻠﺒﺮﻠﻣـﺎﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻜـﺎن ا ﺸـﻬﺮ رﺠﺎﻻﺗﻬــﺎ ‪ ،‬زﻋﻴﻣﻬـﺎ "‪"Josey Antonia‬‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﻠــﺬي اﺑــﺪى ﻧﻮﻋـ ًـﺎ ﻤــﻦ اﻠﺘﻌــﺎﻃﻒ ﻋ ﻟــﻰ اﻻﺸــﺘﺮاﻜﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻜــﺎن ﻜﺮﻫــﻪ ﻠﻟﻴﻣ ــﻴﻦ‬

‫ً‬ ‫واﺿﺤﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ًـﺔ ﺑﻌـﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑـﺎت اﻠﺘـﻲ ﺠـﺮت ﻋـﺎم ‪١٩٣٦‬م‪ ،‬و ﻠـﻢ‬ ‫اﻠﻣﺤﺎﻓﻆ‬ ‫ﻳﺷﺎرك ٔاﻋﻀﺎء ﻤﻨﻈﻣﺔ اﻠﻔﻟﻨﺞ اﻠﺬﻳﻦ ﺣﺼﻟﻮا ﻋﻟﻰ ﻤﺳﺎﻋﺪات ﻤﺎﻠﻴﺔ "ﺠﻮزي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻧﺘﻮﻧﻴ ــﻮ" ﻓـ ــﻲ ﻧﻈﺮﺗـ ــﻪ ﻠﻛـ ـ ّ ٍـﻞ ﻤ ــﻦ اﻻﺸـ ــﺘﺮاﻜﻴﻴﻦ واﻠﻴﻣـ ــﻴﻦ‪ ،‬ﻜﻣـ ــﺎ ان اﻋﻀـ ــﺎء‬ ‫اﻻﺗﺤ ــﺎد اﻠ ﻔـ ــﺪراﻠﻲ اﻻ ﺴ ــﺒﺎﻧﻲ اﻠﻣﺳـ ــﺘﻗﻞ – ا ﻠـ ــﺬﻳﻦ ٓاﻤﻨ ــﻮا ﺑـ ــﺎﻠﻌﻨﻒ اﻠﺜـ ــﻮري‬ ‫واﻻرﻫﺎب اﻠﻣﻀﺎد ‪ -‬ﻠﻢ ﻳﻮاﻓﻗﻮﻩ‪ ،‬ﻓﻲ ﻧﻈﺮﺗﻪ ﺗﻟﻚ‪.‬‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺒﺪو ان "ﺠﻮزي اﻧﺘﻮﻧﻴﻮ" ﻠﻢ ﻳﻛﻦ ﻘﺎدرا ﻋﻟﻰ ان ﻳﻣﻨـﻊ اﻠﺘﺰاﻳـﺪ اﻠﻬﺎﺋـﻞ‬ ‫ﻓﻲ ﻤﻟﻴﺷﻴﺎ ﻤﻨﻈﻣﺔ اﻠﻔﻟﻨﺞ – وﻫﻢ ﻤﻦ ﻓﺌﺎت اﻠﺷﻌﺐ اﻠﻣﺨﺘﻟﻔﺔ اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫– ﻠـﺬﻠﻚ اﻋ ﻟــﻦ ﻓــﻲ اذار ﻋــﻦ ﺣـ ّـﻞ ﻫـﺬﻩ اﻠﻣﻨﻈﻣــﺔ‪ ،‬واﻋﺘﻗــﻞ ﻤﻌﻈــﻢ ﻘﺎدﺗﻬــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤـﻦ ﺑﻴــﻨﻬﻢ "ﺠــﻮزي اﻧﺘﻮﻧﻴـﻮ" )‪ (٣٢‬واﺻــﺒﺢ ﻫــﺬا ﻳـﺆﻤﻦ ان اﻠﺜــﻮرة ﻳﺟــﺐ ان‬ ‫ﺗﻛـﻮن ﺑﻌﻴــﺪة ﻋــﻦ اﻠﻌﻗﻟﻴـﺔ اﻠﻌﺳــﻛﺮﻳﺔ اﻠﻀــﻌﻴﻔﺔ‪ ،‬وﺑﺷـﻛﻞ ﺴــﺮي وﻤــﻨﻈﻢ‪،‬‬ ‫وﻠﻛﻨــﻪ اﻋــﺪم ﻓــﻲ ﻧــﻮﻓﻣﺒﺮ )ﺗﺷــﺮﻳﻦ ﺛــﺎﻧﻲ ( ﺴــﻨﺔ ‪ ، ١٩٣٦‬وﻫﻛــﺬا ﻠــﻢ ﺗﻌﻣ ــﻞ‬ ‫ﻤﻨﻈﻣﺔ اﻠﻔﻟﻨﺞ ﺑﻣﺎ ﻜﺎﻧـﺖ ﺗﻨـﺎدي ﺑـﻪ ﻻﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ﺑـﻞ ﻘﻀـﺖ ﻋﻟﻴﻬـﺎ اﻠﻣﻨﺎزﻋـﺎت‬ ‫اﻠﺪاﺧﻟﻴﺔ وﻇﺮوف اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑﺷﻛﻞ ﻋﺎم‪.‬‬ ‫ﺛـﻮرة ﻓﺮاﻧﻜـﻮ‬ ‫ﺣـ ــﺎول ﺑﻌ ـ ــﺾ ﻘـ ــﺎدة اﻠﺟ ـ ــﻴﺶ اﻻﺴـ ــﺒﺎﻧﻲ‪ ،‬اﻠﻗﻴ ـ ــﺎم ﺑﺤﺮﻜـ ــﺔ ﻋﺼ ـ ــﻴﺎن‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺘﻣﺮد ﻋﻟﻰ اﻠﺤﻛﻮﻤﺔ ﻠﺼﺎﻠﺢ اﻠﻣﻟﻛﻴـﻴﻦ ﻓـﻲ ﺗﻣـﻮز ﺴـﻨﺔ ‪ٕ ،(٣٣)١٩٣٦‬اﻻ ان‬ ‫زﻋـﻴﻣﻬﻢ ﺴـﺎﻧﺨﻮرﺧﻮ ) ‪ ( anur u‬ﻜــﺎنﻤﻨﻔﻴ ًـﺎ ﻓـﻲ اﻠﺒﺮﺗﻐــﺎل‪ ،‬ﻘﺘـﻞ ﺑﺤــﺎدث‬ ‫ٔ‬ ‫ﻃــﺎﺋﺮة‪ ،‬ﻘﺒــﻞ ﺑﻀــﻌﺔ ا ﻳــﺎم ﻤــﻦ اﻠﺘ ــﺎرﻳ‪ S‬اﻠﻣﺰﻤــﻊ ﻠﺒــﺪء اﻠﺜــﻮرة‪ ،‬ﺣﻴﻨﻣــﺎ ﻜ ــﺎن‬ ‫ً ٔ‬ ‫ﻘﺎدﻤﺎ ﻠﻴﺮاس ﺗﻟـﻚ اﻠﺤﺮﻜـﺔ)‪ ، (٣٤‬وﻓـﻲ اﻠﻮﻘـﺖ ﻧﻔﺳـﻪ ﻜـﺎن اﻠـﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ﻘـﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻏﺎدر ﺠﺰر ﻜﻨﺎري ٕاﻠﻰ ﻤﺮاﻜﺶ ﻠﻴﺮاس ﺣﺮﻜﺔ اﻠﺘﻣﺮد اﻠﺘﻲ ﻘﺎﻤﺖ ﺑﻬﺎ ﻋـﺪة ﻓـﺮق‬ ‫اﺴـﺒﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻜﺎﻧـﺖ ﺗـﺮاﺑﻂ ﻓــﻲ ﻤـﺮاﻜﺶ‪ ،‬ﻠـﺬا وﺑﻌــﺪ ان ُﻘﺘـﻞ ﺴـﺎﻧﺨﻮرﺧﻮ‪ ،‬ﻜــﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋ ﻟــﻰ ﻓﺮاﻧﻛــﻮ – رﺋــﻴﺲ اﻻرﻜــﺎن اﻠﻌﺎﻤ ــﺔ ﻠﻟﺟــﻴﺶ اﻻﺴــﺒﺎﻧﻲ – اﻠــﺬي ﺠﺮدﺗ ــﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻛﻮﻤﺔ ﻤﻦ وﻇﺎﺋﻔﻪ ﻓﻲ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ان ﻳﺨﻟﻔﻪ ﻋﻟـﻰ راس اﻠﺤﺮﻜـﺔ ‪ (٣٥‬وﻫﻛـﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫اﺻﺒﺢ ﻓﺮاﻧﻛﻮ ﻫﻮ اﻠـﺰﻋﻴﻢ اﻠﻮﺣﻴـﺪ ﻓـﻲ ﻧﻈـﺮ اﻠﻣﺘﻣـﺮدﻳﻦ‪ ،‬اﻠـﺬﻳﻦ ﻋﻗـﺪوا ﻋﻟﻴـﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻤﺎﻠﻬﻢ‪ٕ ،‬ﻻ ﺴﻗﺎط ﻧﻈـﺎم اﻠﺤﻛـﻢ‪ ،‬ﻠﻬـﺬا اﻧﻀـﻣﺖ ٕاﻠﻴـﻪ اﻓـﻮاج اﻠﺤﺎﻘـﺪﻳﻦ ﻋﻟـﻰ‬ ‫اﻠﺤﻛﻮﻤ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻤ ـ ــﻦ ﻜﺒ ـ ــﺎر اﻠﻀ ـ ــﺒﺎط اﻠﻌﺳ ـ ــﻛﺮﻳﻴﻦ واﻠﺒ ﺤ ـ ــﺮﻳﻴﻦ ﻓ ـ ــﻲ اﻠﺟ ـ ــﻴﺶ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﺒﺎﻧﻲ واﻏﻟﺒﻴﺔ ﻤـﻦ اﻠﺟﻨـﻮد‪ ،‬وﻓـﺮق اﻠﻣﻐﺎرﺑـﺔ‪ ،‬واﻠﻔـﺮق اﻻﺠﻨﺒﻴـﺔ‪ ،‬وﻋـﺪد‬ ‫ﻻ ﻳﺳـﺘﻬﺎن ﺑــﻪ ﻤـﻦ اﻠﻣــﺪﻧﻴﻴﻦ اﻠﻣﺤـﺎﻓﻈﻴﻦ‪ ،‬و ﻤــﻦ اﻠﻣﻟﻛﻴـﻴﻦ واﻠﻔﺎﺸﺳــﺖ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋـﺪد ﻤـﻦ اﻻﻓـﺮاد اﻠـﺬﻳﻦ ﻜـﺎﻧﻮا ﻓـﻲ ﻤﻨﻈﻣـﺔ اﻠﻔﻟـﻨﺞ‪ ،‬وﻓﺮﻳـﻖ ﻤﻣـﻦ ﻳﻌﻄﻔـﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻋﻟﻰ اﻠﻛﻨﻴﺳﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ﺠﻣﻴﻌﺎ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ٢٧‬اﻠﻒ‪.‬‬ ‫وﻘﺪر ﻋﺪد ﻫﺆﻻء‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻢ ﻳﻗﻒ ٔاﻻﻤﺮ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا ّ‬ ‫اﻠﺤﺪ ‪ ،‬ﺑﻞ دﺧﻟﺖ ﻘﻮات اﺠﻨﺒﻴـﺔ ٕاﻠـﻰ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤــﻦ اﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ واﻠﻣﺎﻧﻴــﺎ وﻓﺮﻧﺳــﺎ واﻻﺗﺤ ــﺎد اﻠﺳــﻮﻓﻴﺘﻲ)‪ – (٣٦‬ﻜﻣــﺎ ﺴــﻨﺮى ﻓﻴﻣ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻌﺪ – وﻤﻦ اﻠﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻠﺬﻜﺮ ان ﻤﻌﻈﻢ ﻫﺆﻻء ﻜﺎﻧـﺖ ﻠﻬـﻢ ﺗﺟـﺎرب ﺴـﺎﺑﻗﺔ ﻓـﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫـﺬﻩ اﻻﻤــﻮر‪ ،‬ﻓــﻲ ﻜـ ّـﻞ ﻤــﻦ اﻠﻣﻐــﺮب وﻜﻮﺑــﺎ‪ ،‬ﻜ ﻣــﺎ ان ﻠﺒﻌﻀــﻬﻢ ﺗﺟــﺎرب ﻓــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺮﻜـﺎت اﻠﺘﻣـﺮد اﻠﺘـﻲ ﻜﺎﻧـﺖ ﺗﺤﺼـﻞ ﻓـﻲ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﻘﺒـﻞ اﻠﺤـﺮب اﻻﻫﻟﻴـﺔ )‪.(٣٧‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻬﻣـﺎ ﻳﻛــﻦ ﻤـﻦ اﻤــﺮ ﻓـﺎن اﻠ ﺤــﺮب اﻻﻫﻟﻴـﺔ ﺑــﺪا ت ﻓـﻲ ‪ ١٧‬ﺗﻣــﻮز ﺴــﻨﺔ ‪١٩٣٦‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓــﻲ ﻤ ـﺮاﻜﺶ اﻻﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻠﺘﻀـ ّـﻢ ﺑﻌ ــﺪ اﻳــﺎم‪ ،‬ﻜ ـ ّـﻞ ﻤــﻦ ﻘﺮﻃﺒ ــﺔ وﻘــﺎدﻳﺲ ﻓ ــﻲ‬ ‫اﻠﺟﻨـ ــﻮب‪ ،‬وﺴﺮاﻘﻮﺻـ ــﺘﻪ وﺑﻴـ ــﺮﺠﺲ وﻏﺎﻠﻴﺳـ ــﻴﺎ ﻓـ ــﻲ اﻠ ﺷـ ــﻣﺎل‪ٕ ،‬اﻠـ ــﻰ ﺠﺎﻧـ ــﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺘﻣـﺮدﻳﻦ‪ ،‬وﻓــﻲ ﻧﻬﺎﻳـﺔ ﺴــﻨﺔ ‪ ١٩٣٦‬اﺻــﺒﺢ ﺛﻼﺛـﺔ ا ﺧﻣــﺎس اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﻓــﻲ ﻳــﺪ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﻣﺘﻣﺮدﻳﻦ )اﻠﻮﻃﻨﻴﻴﻦ ﻜﻣﺎ ﻳﺳﻣﻮن اﻻن(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ّﻤــﺎ اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ اﻠﻗﺎﺋﻣــﺔ ﻓﻟ ــﻢ ﻳﻛــﻦ ﻠﻬــﺎ اﻧﺼــﺎر ﺴ ــﻮى ﻓﺮﻳــﻖ ﺻــﻐﻴﺮ ﻤ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫رﺠــﺎل اﻠﻗــﻮات اﻠﻣﺳــﻟﺤﺔ )‪ ،(٣٨‬وﻜــﺎن ﻠﻬــﻢ اﻧﺼــﺎر ﻜـﺜﻴــﺮون ﻤــﻦ اﻠﻔﻼﺣــﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻣـﺎل اﻠﻣــﺪن‪ ،‬واﻓــﻮاج ﻜـﺜﻴــﺮة ﻤــﻦ اﻠﻣﺟﻨــﺪﻳﻦ ا ﻠــﺬﻳﻦ ﻠــﻴﺲ ﻠــﺪﻳﻬﻢ ﻘــﺎدة‬ ‫ٔ‬ ‫واﺿـﺤﻴﻦ‪ ،‬وﻋـﺪد ﻤـﻦ اﻠﻀـﺒﺎط اﻠﻣﺒﻌـﺪﻳﻦ وﻋﻟـﻰ راﺴـﻬﻢ ﻤﻴـﺎﺠﻲ )‪( Mia a‬‬ ‫وروﺠﻮ )‪ ،(Ro o‬وﻜﻣﺎ ﻠﻌﺐ ّﻜﻞ ﻤﻦ اﻠﻛﺎﺗﺎﻠﻮﻧﻴﻴﻦ واﻠﺒﺎﺴـﻚ اﻠـﺪور اﻠﻛﺒﻴـﺮ‬ ‫ٕاﻠــﻰ ﺠﺎﻧ ــﺐ اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ )‪ ،(٣٩‬ﻜﻣ ــﺎ اﻧﻀــﻮى ﺗﺤ ــﺖ ﻠــﻮاء اﻠﺤﻛﻮﻤ ــﺔ ﻋــﺪد ﻤ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺘـ ــﺬﻤﺮﻳﻦ اﻠـ ــﺬﻳﻦ ﺴـ ــﺎءﻫﻢ اﻋﺘﻣـ ــﺎد ﻓﺮاﻧﻛـ ــﻮ ﻋﻟـ ــﻰ اﻠﻣﻐﺎرﺑـ ــﺔ ا ﻠـ ــﺬﻳﻦ اﺗ ـ ــﻮا‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٢‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ﻠﻴ ﺤ ــﺎرﺑﻮا اﻻﺴـ ــﺒﺎن ﻓ ــﻲ اﺴـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬ووﻓ ــﺪ ﻋﻟـ ــﻰ اﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻠﻣ ﺳـ ــﺎﻋﺪة ﺣﻛﻮﻤـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺪرﻳـﺪ اﻻف اﻠﻣﺘﻄــﻮﻋﻴﻦ ﻤــﻦ اﻻﺗﺤــﺎد اﻠﺳـﻮﻓﻴﺘﻲ وﻓﺮﻧ ﺳــﺎ‪ ،‬ﺣﻴــﺚ ﺗﻛﻮﻧــﺖ‬ ‫ﻤـﻨﻬﻢ ﻓـﺮق ﻫﺟﻮﻤﻴـﺔ وﻜـﺎن ُﻳ ﻗ ّـﺪر ﻋــﺪد ﻫـﺬﻩ اﻠ ﻔـﺮق ﺑ ـ ‪ ٦٥٠٠‬ﺠﻨـﺪي‪ ،‬ﻜﺎﻧــﺖ‬ ‫ﻠﻬـ ـ ــﻢ اﻠﺷﺨﺼـ ـ ـ ّـﻴﺔ اﻠﺘﻌﺎوﻧﻴـ ـ ــﺔ اﻠﻣﻣﻴـ ـ ــﺰة‪ ،‬واﻠﻗﻴـ ـ ــﺎدة ّ‬ ‫اﻠﻣﺪرﺑـ ـ ــﺔ ﻜﻣـ ـ ــﺎ ﻘﺎﻤ ـ ـ ــﺖ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻻﺗﺤﺎدات اﻠﺘﺟﺎرﻳﺔ ﺑﺘﺳﻟﻴﺢ اﻻف اﻠﺮﺠﺎل ﻤﻦ ﻤﺨﺎزﻧﻬﺎ )‪.(٤٠‬‬ ‫ﻤﺜـ ـ ــﻞ ﻫـ ـ ــﺬﻩ اﻠ ﻔـ ـ ــﺮق ﻜﺎﻧـ ـ ــﺖ ُﺗ ﺤـ ـ ــﺪث اﻠﻔﻮﺿـ ـ ــﻰ واﻠﻀـ ـ ــﺟﻴﺞ ﺑﻌﺮﺑﺎﺗﻬـ ـ ــﺎ‬ ‫)‪ ( Motor tracks‬اﻠﺘـﻲ ﺗﺘ ﺟــﻮل ﻓــﻲ ﺸــﻮارع اﻠﻣـﺪن اﻠﻛﺒﻴــﺮ‪ ،‬واﻠﺘــﻲ ﻳﺒــﺪو‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﻬﺎ ﻜﺎﻧﺖ اﻠﻣﻛﺎن اﻠﻮﺣﻴـﺪ ﻠـﺘﺟﻣﻌﻬﻢ‪ .‬ﻜـﺎن ٕﺑﺎﻤﻛـﺎن ﻘـﻮات اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﻠﻗﻴـﺎم‬ ‫ﺑﺤـﺮب ﻋﺼـﺎﺑﺎت‪ ،‬وﺧﺎﺻــﺔ ﻓـﻲ اﻠﻣﻨــﺎﻃﻖ اﻠﺟﺒﻟﻴـﺔ‪ ،‬ﺣﻴـﺚ ﻜــﺎن ﻠـﺪﻳﻬﻢ ﻤــﻦ‬ ‫اﻠﺷﺟﺎﻋﺔ واﻠﺤﻣﺎس اﻠﺷـﻲء اﻠﻛـﺜﻴـﺮ وﻘـﺪ ﺗﻨﺒـﻪ اﻠﺟﻣﻬﻮر ّﻳـﻮن )ﻘـﻮات ﺣﻛﻮﻤـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺪرﻳـﺪ ( ٕاﻠــﻰ اﻫﻣﻴــﺔ اﻠﻣــﻮارد اﻻﻘﺘﺼــﺎدﻳﺔ اﻠﺘـﻲ ﺴــﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻜـﺜﻴ ـ ًﺮا ﻓﻴ ﻣــﺎ ﺑﻌــﺪ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﺘﻣﺮﻜـ ــﺰﻫﻢ ﻓ ـ ــﻲ ا ﻤـ ــﺎﻜﻦ ٕاﺴ ـ ــﺘﺮاﺗﻴﺟﻴﺔ ﻤﻣﺘـ ــﺎزة ﻓ ﻗ ـ ــﺎﻤﻮا ﺑـ ــﺎﺣﺘﻼل ﻠﻣﻨ ـ ــﺎﻃﻖ‬ ‫اﻠﺼـ ــﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓـ ــﻲ ﻜـ ـ ّـﻞ ﻤـ ــﻦ ﻤﺪرﻳـ ــﺪ وﺑﺮﺸـ ــﻟﻮﻧﺔ وﺑﻟﺒـ ــﺎو وﻤﻨـ ــﺎﺠﻢ اﻠﻔ ﺤـ ــﻢ ﻓ ـ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴ ــﺘﺮﻳﺎس)‪ ( Asturias) (٤١‬ﻜﻣ ــﺎ ﻜ ــﺎن ﻠ ــﺪﻳﻬﻢ ا ﺣﺳ ــﻦ اﻠﺒ ﻗ ــﺎع ﻤ ــﻦ اراﺿ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ اﻠﺰراﻋﻴﺔ ٕاﻻ ان ﻋﻴـﺒﻬﻢ اﻠﻮﺣﻴـﺪ ﻫـﻮ اﻧـﻪ ﻳﻨﻗﺼـﻬﻢ اﻠﺘﻨﻈـﻴﻢ واﻠﻗﻴـﺎدة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ّﻤ ــﺎ ﻘﻴـ ــﺎدة اﻠﺟﻣﻬ ــﻮرﻳﻴﻦ ﻓـ ــﻲ اﻠﺤ ــﺮب )ﻋﻟـ ــﻰ اﻻﻘ ــﻞ ﻓـ ــﻲ اﻠﺒﺪاﻳ ــﺔ ( ﻓﻛﺎﻧـ ــﺖ‬ ‫ﺗﺘﺷــﻛﻞ ﻤــﻦ ﻠﺟــﺎن ا ﻠــﺪﻓﺎع ) ‪ ( Commitees oj dejense‬واﻠﺘــﻲ ﻜــﺎن‬ ‫ٓ‬ ‫ﻧﺼـ ــﻔﻬﺎ ﻤـ ــﻦ اﻠﺳﻴﺎﺴـ ــﻴﻴﻦ واﻠﻨﺼـ ــﻒ اﻻ ﺧـ ــﺮ ﻤـ ــﻦ اﻠـ ــﺮوس‪ ،‬وا ﻠـ ــﺬﻳﻦ ﻜـ ــﺎﻧﻮا‬ ‫ﻳﺘﻬـ ّـﻮرون ﻜـﺜﻴ ـ ًﺮا ﻓــﻲ اﺗﺨــﺎذ ﻘ ـﺮاراﺗﻬﻢ ﻏﻴــﺮ اﻠﻣﻨﺎﺴــﺒﺔ‪ ،‬وﻫــﺬﻩ اﻠ ﻗ ـﺮارات ﻜــﺎﻧﻮا‬ ‫ﻳﻔﺮﺿﻮﻧﻬﺎ ﻋﻟﻰ ﻤﻦ ﻳﻗﻮدوﻧﻬﻢ ً‬ ‫ﻓﺮﺿﺎ )‪.(٤٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠ ﺤ ـ ــﺮب اﻻﻫﻟﻴ ـ ــﺔ ﻜﻣ ـ ــﺎ ﻘ ـ ــﺎل اﺣ ـ ــﺪ ﻤﻌﺎﺻ ـ ــﺮﻳﻬﺎ ﻫ ـ ــﻲ ‪" :‬اﻧﺘﺼ ـ ــﺎر ﻜﺒﻴ ـ ــﺮ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﺘﺟﺎرﻳـ ـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﻠﻼﻘﻟﻴﻣﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻘـ ـ ــﺪ ﻜﺎﻧ ـ ــﺖ ﻓﺮﺻـ ـ ــﺔ ﺴـ ـ ــﻌﻴﺪة ﻠ ـ ــﺪى اﻻﺗ ﺤـ ـ ــﺎدات‬ ‫واﻠﺘﺟﻣﻌـﺎت اﻠﺳﻴﺎﺴ ّـﻴﺔ اﻠﺳ ّـﺮﻳﺔ ﻓــﻲ اﻠـﺒﻼد ّ‬ ‫ﺧﺎﺻـﺔ ﻓــﻲ ﻤﻨﻄﻗـﺔ ﻜـﺘﺎﻠﻮﻧﻴـﺎ ﻜﻣــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﻬـﺎ ﻜﺎﻧـﺖ ﻓﺮﺻـﺔ ﺠﻴـﺪة ﻠـﺪى رﺠـﺎﻻت اﻻﻘﺘﺼـﺎد اﻠﻔﻮﺿـﻮﻳﻴﻦ )‪Anarcho-‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ( yndicalists‬واﻠـﺒﻼد اﻻﺸـﺘﺮاﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻠﺷــﻴﻮﻋﻴﻮن اﻻﺴـﺒﺎن ا ﻠـﺬﻳﻦ ﻋﺷــﻗﻮا‬ ‫ﺣﻛﻮﻤﺔ ﻤﻮﺴﻛﻮ‪ ،‬ﻜﺎن ﻋﻟﻴﻬﻢ اﻠﺘﺷﺎور ﻤﻊ ّ‬ ‫اﻠﻣﻔﻮض اﻠﺷـﻴﻮﻋﻲ ﻘﺒـﻞ ا ٕﻻﻘـﺪام‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ اﺗﺨﺎذ اي ا ﻤﺮ )‪."(٤٣‬‬ ‫ﻤﻗﺎﺑـﻞ ﺣﻴــﺎة اﻠﻔﻮﺿــﻰ اﻠﺘــﻲ ﻜﺎﻧــﺖ ﺗﻌﻴﺷــﻬﺎ ﺣﻛﻮﻤــﺔ ﻤﺪرﻳــﺪ واﻠﺘــﻲ ﻠــﻢ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺘﻨﺒــﻪ ﻠﻬ ــﺎ او ﺗﺎ ﺧــﺬﻫﺎ ﺑﻌ ــﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒ ــﺎر ﻜﺎﻧــﺖ ﺣﺷ ــﻮد ﻓﺮاﻧﻛــﻮ ﺗﻀ ــﻐﻂ ﻋﻟ ــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٤٤‬‬ ‫اﻧﺼﺎر ﻓﺮاﻧﻛﻮ ان ﻳﺤﺮزوا ﻧﺼﺮ ﺴﺮﻳﻊ ﻤﻦ ﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ ﺧﻄﻮات ‪:‬‬ ‫)‪ ( ١‬اﻻﺴﺘﻴﻼء ﻋﻟﻰ ﻤﺮاﻜﺶ اﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ٢‬اﻻﺴﺘﻴﻼء ﻋﻟﻰ ﻋﻮاﺻﻢ اﻻﻘﺎﻠﻴﻢ‪.‬‬ ‫)‪ٕ ( ٣‬ا ﺴﻗﺎط اﻠﺤﻛﻮﻤﺔ ﻓﻲ ﻤﺪرﻳﺪ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘـﺪ ﻧﺟﺤــﺖ اﻠﺜــﻮرة ﻓــﻲ ﺗﺤﻗﻴـﻖ اول ﻫــﺪف‪ ،‬اﻤــﺎ اﻠﻬــﺪﻓﻴﻦ اﻻﺧﻴــﺮﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻛﺎن ﻤﻦ اﻠﺼﻌﺐ ﻋﻟﻴﻬﻢ ﺗﺤﻗﻴﻗﻬﻣﺎ‪ ،‬وذﻠﻚ ﻠﻟﻣﻗﺎوﻤﺔ اﻠﻌﻨﻴﻔـﺔ اﻠﺘـﻲ اﺑـﺪاﻫﺎ‬ ‫ُ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﺼـﺎر اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ‪ ،‬وﻠﻛـﻦ ﻫــﺬﻩ اﻠﻣﻗﺎوﻤـﺔ ﻠـﻢ ﺗﻄــﻞ وﻧﻗﻟـﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ ﻤﻗﺮﻫــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠـ ــﻰ ﻓﺎﻠﻨﺳـ ــﻴﺎ‪ ،‬ﻻﻘﺘ ـ ـﺮاب ﺠـ ــﻴﺶ ﻓﺮاﻧﻛـ ــﻮ ﻤـ ــﻦ ﻤﺪرﻳـ ــﺪ‪ ،‬واﻋﺘﺮﻓـ ــﺖ ا ﻠﻣﺎﻧﻴ ـ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٤٥‬‬ ‫واﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ ﺑﺤﻛﻮﻤ ــﺔ ﻓﺮاﻧﻛ ــﻮ اﻠﻮﻃﻨﻴ ــﺔ اﻠﺘــﻲ اﺴ ﺳ ــﻬﺎ ﻓ ــﻲ ﻤﺪﻳﻨ ــﺔ ﺑﻴ ــﺮﺠﺲ‬ ‫)‪os‬ﺦ‪.(Bur‬‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫وﻘ ــﺪ ﺿ ــﻣﺖ و ارة اﻠ ــﺰﻋﻴﻢ اﻻﺸ ــﺘﺮاﻜﻲ ﻜﺎﺑ ــﺎﻠﻴﺮ )‪ ( Capallero‬رﺋـ ــﻴﺲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻛﻮﻤﺔ ﻤﺪرﻳﺪ ً‬ ‫ﻋﺪدا ﻤـﻦ اﻻﺸـﺘﺮاﻜﻴﻴﻦ واﻠﺷـﻴﻮﻋﻴﻴﻦ ﻻول ﻤـﺮة ﻠـﺬﻠﻚ را ت‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻛﻮﻤﺔ اﻻﺗﺤﺎد اﻠﺳﻮﻓﻴﺘﻲ ان ﺗﻗﻮم ﺑﺘﻗﺪﻳﻢ ﻳﺪ اﻠﻣﻌﻮﻧﺔ ٕاﻠﻰ ﺣﻛﻮﻤـﺔ ﻤﺪرﻳـﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫رﻏــﻢ اﻧﻬــﺎ ﻠــﻢ ﺗﻛــﻦ ﺸــﻴﻮﻋﻴﺔ ﻋﻟــﻰ ا ٕﻻﻃــﻼق‪ ،‬وﺴــﺮﻋﺎن ﻤــﺎ اﺗ ﺨــﺬت اﻠﺤ ــﺮب‬ ‫ً‬ ‫ٔاﻻﻫﻟﻴ ــﺔ اﻻﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺔ ﻤﻈﻬـ ـ ًﺮا دوﻠﻴ ـ ًـﺎ وﺻ ـ ـﺮ ً‬ ‫ـﺪوﻠﻮﺠﻴﺎ ﺑ ــﻴﻦ ﻤﺒ ــﺎدئ ا ﻠـ ــﺪول‬ ‫اﻋﺎ اﻳ ـ‬ ‫ٔاﻻوروﺑﻴـ ـ ــﺔ اﻠﻣﺨﺘﻟﻔـ ـ ــﺔ‪ٔ ،‬اي ﺑ ـ ـ ــﻴﻦ اﻠﺷـ ـ ــﻴﻮﻋﻴﺔ ٔواﻋ ـ ـ ــﺪاﺋﻬﺎ‪ ،‬ﺑـ ـ ــﻴﻦ " ُ‬ ‫اﻠﺤﻣ ـ ـ ــﺮ"‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻔﺎﺸﺳﺖ ﻜﻣﺎ اﻃﻟﻖ ﻋﻟﻴﻬﻢ ﻤﺆﺧ ًﺮا )‪.(٤٦‬‬

‫وﻳ ﻗ ــﻮل ﺗﺷﺮﺸ ــﻞ‪ " :‬وﻠﻗ ــﺪ اﺗﺼ ــﻔﺖ ﻫ ــﺬﻩ اﻠ ﺤ ــﺮب ﺑﺎﻠﻗﺳ ــﻮة واﻠﺒﺷ ــﺎﻋﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫وذﻠـﻚ ٕﻻﻳﻣـﺎن ﻜـﻞ ﻃـﺮف ﻤﻨﻬﻣـﺎ ﺑـﺎن اﻠﻐﺎﻠـﺐ ﺴ ُـﻴﻔﻨﻲ اﻠﺟﺎﻧـﺐ اﻠﻣﻬـﺰوم ﺑﻌــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻧﺘﺼـﺎر‪ ،‬واﻧــﻪ اﻠﻴــﺎس اﻠـﺬي دﻓــﻊ ﻜــﻞ ﺠﺎﻧــﺐ ﺑـﺎن ﻳﺘﺼــﻒ ﺑﻌــﺪم اﻠﺷــﻔﻗﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺮﺣﻣــﺔ ﻓــﻲ اﻠﻗﺘــﺎل" )‪ (٤٧‬ﺣﺘــﻰ ان ﺗﺷﺮﺸــﻞ ُﻳﺳـ ّـﻣﻲ ﻫــﺬﻩ اﻠﺤــﺮب ﺑﻣﺎ ﺴــﺎة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻘﺪ ادرك ﻓﺮاﻧﻛﻮ ﺧﻄـﻮرة ﻫـﺬا اﻠﻣﻮﻘـﻒ ﻓـﻲ ﺑـﺎدئ اﻻﻤـﺮ ودﻠﻴـﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ذﻠـﻚ اﻧــﻪ ارﺴـﻞ ﺑﺮﺴــﺎﻠﺔ ٕاﻠـﻰ وزﻳــﺮ اﻠﺤﺮﺑﻴـﺔ ﻘﺒــﻞ ﺛﻼﺛـﺔ ا ﺴــﺎﺑﻴﻊ ﻤـﻦ اﻧــﺪﻻع‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﺤ ــﺮب ﻳ ﺤ ــﺬر ﻓﻴﻬـ ــﺎ اﻠﺤﻛﻮﻤ ــﺔ‪ ،‬وﻳ ــﺪﻋﻮﻫﺎ ﻠﻼﺴﺘﺳـ ــﻼم‪ ،‬وﺑﺎﻠﻣﻗﺎﺑ ــﻞ ﻜـ ــﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻨ ـﺮاﻻت اﻠﺤﻛﻮﻤ ــﺔ ﻳﺘﻮﻘﻌــﻮن اﻧﻬ ــﺎ ﺣــﺮب ﺴ ــﻬﻟﺔ‪ ،‬ﻤﻣــﺎ دﻓﻌﻬ ــﻢ ﻠﻼﺴ ــﺘﻣﺮار‬ ‫ﺑﺎﻠﻗﺘــﺎل ﺑﺨﻄــﻂ ﻻ ﺗﺘﺼــﻒ ﺑ ــﺎﻠﻌﻣﻖ ﻤﻄﻟ ﻗـ ًـﺎ )‪ ، (٤٨‬وﻘــﺪ زاد اﻠﺤــﺮب ﺗﻌﻗﻴ ـ ًـﺪا‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗـ ّ‬ ‫ـﺪﺧﻞ ا ﻠـ ــﺪول اﻻﺠﻨﺒﻴ ــﺔ ﻓـ ــﻲ اﻠﺤ ــﺮب‪ ،‬ﻓﻟـ ــﻢ ﻳﺘ ــﺮدد اﻠﻔﺮﻳ ﻗـ ــﺎن ﻓ ــﻲ ﻃﻟـ ــﺐ‬ ‫زٔ‬ ‫اﻠﻣﺳ ــﺎﻋﺪة ﻤـ ــﻦ اﻠﺨ ــﺎرج ﻓ ﻔـ ــﻲ ‪ ١٩‬ﺗﻣ ــﻮ ارﺴـ ــﻟﺖ ﺣﻛﻮﻤ ــﺔ ﻤﺪرﻳـ ــﺪ ﺗﻄﻟـ ــﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻌﻮﻧـﺔ واﻠﻨ ﺟـﺪة ﻤــﻦ ﻓﺮﻧﺳـﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻠﻣﻗﺎﺑــﻞ ارﺴـﻞ ﻓﺮاﻧﻛـﻮ رﺴــﻟﻪ ٕاﻠـﻰ اﻠﻣﺎﻧﻴــﺎ‬ ‫واﻳﻄﺎﻠﻴﺎ ﻠﻴﻄﻟﺒﻮا اﻠﻌﻮن ﻤﻦ ﻫﺘﻟﺮ وﻤﻮﺴﻮﻠﻴﻨﻲ )‪.(٤٩‬‬ ‫وﻘﺪ ّ‬ ‫ﺗﻣﻛ ﻦ ﻓﺮاﻧﻛﻮ ﻤﻦ ﻧﻗﻞ ﻘﻮاﺗﻪ اﻠﻣﺮاﺑﻄﺔ ﻓـﻲ ﻤـﺮاﻜﺶ‪ ،‬وﻜـﺎن ﺑﻌﻀـﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤـﻦ اﻠﻣﻐﺎرﺑـﺔ‪ ،‬ﺑﻮاﺴـﻄﺔ ﻃـﺎﺋﺮات ا ﻠﻣﺎﻧﻴــﺔ واﻳﻄﺎﻠﻴـﺔ‪ٕ ،‬واﻧـﺰاﻠﻬﻢ ﻓـﻲ اﻠﺒﺮﺗﻐــﺎل‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻣﺨﺎﺻــﻣﺔ رﺋــﻴﺲ دوﻠ ــﺔ اﻠﺒﺮﺗﻐــﺎل ﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ اﻠﺟﻣﻬ ــﻮرﻳﻴﻦ ﻓــﻲ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ‪ .‬ا ﻤ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺘﻟﺮ وﻤﻮﺴﻮﻠﻴﻨﻲ ﻓﻗﺪ ّﺑﺮروا ﺗﺪﺧﻟﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﺤﺮب ﺑﺤﺟﺔ اﻧﻬﻣـﺎ ﻳﻌﻣـﻼن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺿ ــﺪ اﻠﻣﺒ ــﺎدئ اﻠﺷـ ــﻴﻮﻋﻴﺔ وﻻن ﺴ ــﺘﺎﻠﻴﻦ ﻓـ ــﻲ ﺗﺪﺧﻟ ــﻪ ﻓـ ــﻲ اﻠ ﺤ ــﺮب اﻻﻫﻟﻴـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻻﺴـﺒﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬اراد ان ﻳﻗـ ّـﻮي ﺴـﺎﻋﺪ اﻠﺷــﻴﻮﻋﻴﻴﻦ اﻻﺴــﺒﺎن‪ ،‬ﻤﻣـﺎ زاد ﻓــﻲ ﺣﻨــﻖ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻜ ــﻞ ﻤ ــﻦ ﻫﺘﻟ ــﺮ وﻤﻮﺴ ــﻮﻠﻴﻨﻲ وﻘ ــﺪ اﻘﺘﺮﺣ ــﺖ ﻓﺮﻧﺳ ــﺎ ﻓ ــﻲ ‪ ٢‬ا ب ﺴ ــﻨﺔ ‪١٩٣٦‬‬ ‫ـﺎﺑﻗﺎ ( ٔان ﺗﺘﻔــﻖ ﻜــﻞ ﻤــﻦ اﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴــﺎ وﻓﺮﻧﺳــﺎ رﺴـ ً‬ ‫)وﻜﻣــﺎ ﺑﻴﻨــﺖ ﺴـ ً‬ ‫ـﻣﻴﺎ‬ ‫ﻋﻟـﻰ ﻋــﺪم اﻠﺘـﺪﺧﻞ ﻓــﻲ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬و ﻠــﻢ ﺗﻟﺘـﺰم ﺑﻬــﺬا اﻻﻘﺘـﺮاح ﺴــﻮى ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴــﺎ‬ ‫اﻠﺘ ــﻲ ٔرا ت ٔاﻧ ــﻪ ﻤ ــﻦ ﻏﻴ ــﺮ ﻤﺼـ ــﻟﺤﺘﻬﺎ اﻠﺘ ـ ّ‬ ‫ـﺪﺧﻞ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ اﻠ ﺤ ــﺮب)‪ ،(٥٠‬وﻘـ ــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺿﺎﻋﺖ ﺗﻮﺻﻴﺎت اﻠﻣﻨﺪوب اﻻﺴﺒﺎﻧﻲ ُﺴ ً‬ ‫ﺪى ﻓﻲ ﻋﺼـﺒﺔ اﻻﻤـﻢ‪ ،‬ﻻن ﻜ ّـﻞ ﻤـﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﻠﻣﺎﻧﻴـﺎ اﻠﻨﺎزﻳـﺔ واﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ اﻠﻟﺘـﺎن ﺴــﺎﻋﺪﺗﺎ ﻓﺮاﻧﻛـﻮ‪ ،‬ﻠﻴﺳـﺘﺎ ﻓــﻲ ﻫـﺬﻩ اﻠﻌﺼــﺒﺔ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓــﺎﻻوﻠﻰ ﻏﺎدرﺗﻬــﺎ ٕاﻠــﻰ ﻏﻴــﺮ رﺠﻌــﺔ واﻠﺜﺎﻧﻴــﺔ ﻜﺎﻧــﺖ ﻋﻟــﻰ وﺸــﻚ اﻠﺨــﺮوج ﺑﻌ ــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻏﺰو ﻫـﺎ ﻠﻟﺤﺒﺷــﺔ‪ ،‬وﻠﻣـﺎ ﻜــﺎن ﺗ ّ‬ ‫ـﺪﺧﻞ اﻠــﺪول اﻻوروﺑﻴـﺔ ﻫــﻮ ا ﻠـﺬي ﻘــﺮر ﻤﺼــﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﺤﺮب ﻓﻣﻦ اﻠﻮاﺠﺐ ﻋﻟﻴﻨﺎ ان ﻧﻨﺎﻘﺶ ّ‬ ‫ﺗﺪﺧﻞ ﻜﻞ دوﻠﺔ ﻋﻟﻰ ﺣـﺪة ﺛـﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ّﻧﺒﻴ ﻦ ﻜﻴﻒ اﺻﺒﺤﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ اﻠﺤﺮب ﺑﻌﺪ ذﻠﻚ‪.‬‬ ‫اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻷوروﺑﻲ ﻓﻲ اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫اﻤﺘﺎز اﻠﻗﺮن اﻠﺘﺎﺴﻊ ﻋﺷﺮ ﺑﺎﻠﻨﺳﺒﺔ ﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑﻛـﺜﺮة اﻠﺤـﺮو ب اﻠﺪاﺧﻟﻴـﺔ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣﺎ اﻤﺘﺎزت ﻫﺬﻩ اﻠﺤﺮوب ّ‬ ‫ﺑﺘﺪﺧﻞ اﻠﺪول اﻻﺠﻨﺒﻴﺔ‪ ،‬وﻘﺪ ﻜـﺎن ﺗـﺪﺧﻞ ﻫـﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠــﺪول ﻓ ــﻲ ﺑــﺎدئ اﻻ ﻤ ــﺮ ﻤﻗﺘﺼـ ـ ًﺮا ﻋ ﻟــﻰ ٕارﺴ ــﺎل اﻻ ﺴ ــﻟﺤﺔ واﻠﻣــﺎل‪ ،‬اﻤ ــﺎ ﻓ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤـﺮب اﻻﻫﻟﻴــﺔ ﺴـﻨﺔ ‪ ١٩٣٦‬ﻓ ﻗــﺪ اﺧﺘﻟـﻒ اﻻﻤــﺮ‪ ،‬وا ﺧـﺬت اﻠﻗﻀــﻴﺔ ﻤﺟــﺮى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ا ﺧﺮ‪ ،‬ذﻠﻚ ان ﻫـﺬﻩ ا ﻠـﺪول ارﺴـﻟﺖ ﻤﺘﻄـﻮﻋﻴﻦ وﻓﻨﻴـﻴﻦ ﺑـﻞ وﻓﺮﻘ ًـﺎ ﻤﺟﻨـﺪة‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔواﺻ ــﺒﺤﺖ اﺴـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻤﺳ ـ ً‬ ‫ـﺮﺣﺎ ﻠﺼ ـ ـﺮاع ﻤﺮﻳ ــﺮ )‪ (٥١‬ﻘﺎ ﺴـ ــﻰ اﻫﻮاﻠ ــﻪ اﻻ ﻻف ﻤـ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺷﺮ‪ ،‬واﺻﺒﺢ ﻋﻟﻰ ﻫﺬا اﻠﻣﺳﺮح ﻓﺮﻳﻗﻴﻦ ﻫﻣﺎ‪:‬‬ ‫)‪ ( ١‬ﺣﻛﻮﻤـ ــﺔ اﻠﺟﻣﻬـ ــﻮرﻳﻴﻦ ﻓـ ــﻲ اﺴـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻳـ ــﺪﻋﻣﻬﺎ ﻜـ ــﻞ ﻤـ ــﻦ اﻻﺗ ﺤـ ــﺎد‬ ‫اﻠﺳﻮﻓﻴﺘﻲ وﻓﺮﻧﺳﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ّ ( ٢‬‬ ‫اﻠﺜﻮار ﺑﺮﺋﺎﺴﺔ ﻓﺮاﻧﻛﻮ وﻳﺪﻋﻣﻬﻢ ﻜﻞ ﻤﻦ اﻳﻄﺎﻠﻴﺎ واﻠﻣﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ٔاﻤﺎ ﺣﻛﻮﻤﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻓﻛﺎﻧﺖ ﻻ ّ‬ ‫ﺗﺤﺒ ﺬ ﻓﻛﺮة اﻠﺘﺪﺧﻞ‪ ،‬وﻳ ﻗـﻮل ﺗﺷﺮﺸـﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﻠﻣ ﺟــﺎل‪ٕ " :‬اﻧﻨ ــﺎ ﻻ ﻧﺆﻳــﺪ ﻘﻴــﺎم ﺣﻛﻮﻤ ــﺔ ﻓﺎﺸــﻴﺔ ﺗﺎﺑﻌــﺔ ﻻﻳﻄﺎﻠﻴ ــﺎ‪ ،‬او‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺎزﻳــﺔ ﺗﺎﺑﻌ ــﺔ ﻻ ﻠﻣﺎﻧﻴ ــﺎ‪ ،‬او ﺸ ــﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗ ــﺪور ﻓــﻲ ﻓﻟ ــﻚ روﺴ ــﻴﺎ اﻠﺒﻟﺷ ـ ّـﻔﻴﺔ ﻓ ـ ٕـﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺎﻤــﺖ ﻓ ــﻲ اﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ٕا ﺣــﺪى ﻫ ــﺬﻩ اﻠﺤﻛﻮﻤ ــﺎت ﻓﻬــﺬﻩ ﻤﺼ ــﻴﺒﺔ ﻜﺒ ــﺮى وان ﻤ ــﺎ‬ ‫ﻧﺮﻳﺪﻩ ﻫﻮ ﻘﻴﺎم ﺣﻛﻮﻤﺔ ﺣ ّـﺮة ﻓـﻲ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ ﺗﻌﻣـﻞ ﻋﻟـﻰ ﺧﺪﻤـﺔ ﻤﺼـﺎﻠﺢ ﺸـﻌﺒﻬﺎ‬ ‫ورﻋﺎﻳﺘﻪ )‪.(٥١‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٣‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻣﻮﻗﻒ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻊ ان ﺣﻛﻮﻤﺔ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﻠـﻢ ﺗﻛـﻦ ﺸـﻴﻮﻋﻴﺔ ﺑﺤﺘـﺔ‪ٕ ،‬ا ﻻ اﻧﻬـﺎ ﻜﺎﻧـﺖ ﺗﺤـﻮي‬ ‫ﺑﻌ ــﺾ اﻠ ــﻮزراء اﻠﺷ ــﻴﻮﻋﻴﻴﻦ وﻫ ــﺬا ﻤـ ــﺎ دﻋ ــﺎ اﻻﺗﺤ ــﺎد اﻠﺳ ــﻮﻓﻴﺘﻲ ﻠﻟﺘـ ــﺪﺧﻞ‪،‬‬ ‫وا ﻠـﺬي ﻳ ﺷـ ّـﺟﻊ ﻜــﻞ ﺣﺮﻜــﺔ ﻳﺳــﺎرﻳﺔ ﻓــﻲ اﻠﻌــﺎﻠﻢ‪ ،‬ﻫــﺬا ﻤــﻦ ﺠﻬــﺔ وﻤــﻦ ﺠﻬــﺔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺧﺮى ﻓﺎﻧﻪ وﻻ ﺸﻚ ُﻳﺮﻳـﺪ ان ﻳﻮ ﺠـﺪ ﻤﺮﻜـ ًﺰا ﺸ‬ ‫ـﻴﻮﻋﻴﺎ ﻓـﻲ اوروﺑـﺎ اﻠﻐﺮﺑﻴـﺔ )‪،(٥٣‬‬ ‫وﻜﺎﻧﺖ ﻤﺳﺎﻋﺪات روﺴﻴﺎ ً‬ ‫ﻘﺎﺻﺮة ﻋﻟﻰ ٕارﺴﺎل اﻠﻐـﺬاء واﻠﻣـﻮاد اﻠﺨـﺎم‪ ،‬ﻠﻛﻨﻬـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑ ــﺪا ت ﻤﻨـ ــﺬ ﻤﻨﺘﺼ ــﻒ ﺗﺷـ ــﺮﻳﻦ اﻻول ﺴـ ــﻨﺔ ‪ ١٩٣٦‬ﻓ ــﻲ ٕارﺴـ ــﺎل اﻠﻣﻌﻮﻧـ ــﺎت‬ ‫اﻠﻌﺳـ ــﻛﺮﻳﺔ )‪ ،(٥٤‬وﻘـ ــﺪ وﺻ ـ ــﻟﺖ اﻠ ﻔـ ــﺮق اﻠﺘـ ــﻲ ﺿ ـ ـ ّـﻣﺖ ﺠﻨﺳـ ــﻴﺎت ﺸ ـ ـ ّ‬ ‫ـﻴﻮﻋﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺨﺘﻟﻔـﺔ اﻠﺘـﻲ ارﺴـﻟﻬﺎ اﻠﻛــﻮﻤﻨﺘﺮون‪ ،‬ﻠﻼﺸـﺘﺮاك ﻓـﻲ ﻫــﺬﻩ اﻠﺤـﺮب ٕاﻠـﻰ ﻤﻛــﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻴﻦ ﻤﺪرﻳﺪ وﻓﺎﻠﻨﺳﻴﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﺮا ﺴﻬﺎ اﻠﺷﻴﻮﻋﻲ اﻠﻔﺮﻧﺳﻲ ﻤﺎرﺗﻲ )‪.(Marty‬‬ ‫ٔ‬ ‫و ﻤــﻦ اﻠ ﺟــﺪﻳﺮ ﺑﺎﻠــﺬﻜﺮ ان ﻫــﺬﻩ اﻠﻣﺳــﺎﻋﺪات اﻠﺮوﺴــﻴﺔ وﻤﻨﻬــﺎ اﻠﻄ ــﺎﺋﺮات‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧ ﻗـﺬت ﻤﺪرﻳــﺪ ﻤـﻦ اﻠ ﺳــﻗﻮط اﻠﻌﺎﺠـﻞ‪ ،‬رﻏــﻢ اﻠﻣﺳـﺎﻋﺪات اﻠﻛـﺜﻴــﺮة ﻠﻗــﻮات‬ ‫ﻓﺮاﻧﻛﻮ ﻤﻦ دول اﻠﻣﺤﻮر‪.‬‬ ‫ﻣﻮﻗﻒ ﻓﺮﻧﺴـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رﻏ ــﻢ ان ﻓﺮﻧ ﺳ ــﺎ ﻫـ ــﻲ اﻠﺘ ــﻲ ﺗﺒﻨـ ــﺖ اﻘﺘـ ـﺮاح ﻋ ــﺪم اﻠﺘـ ــﺪﺧﻞ ﻓ ــﻲ اﻠﺤـ ــﺮب‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻫﻟﻴـ ــﺔ‪ ،‬ورﻏـ ــﻢ ﺗﺼـ ــﺮﻳﺢ ﻠﻴـ ــﻮن ﺑ ﻟـ ــﻮم )‪ ( Leon Blum‬رﺋـ ــﻴﺲ اﻠﺟﺒﻬـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷـ ـ ّ‬ ‫ـﻌﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻌـ ــﺪم ﻤـ ـ ّـﺪ اﺴـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑﻣﺳـ ــﺎﻋﺪة ﻋﺳـ ــﻛﺮﻳﺔ وﻘﻮﻠـ ــﻪ ‪ٕ " :‬ان اﺴ ـ ــﺒﺎب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﺤـﺮب ﻓـﻲ ﺣـﺪ ذاﺗﻬـﺎ ﺛﻗﻴﻟـﺔ‪ ،‬وان ﻓﺮﻧﺳـﺎ ﻻ ﺗﻔﻛـﺮ ﺑﺰﻳـﺎدة ﺧﻄﻮرﺗﻬـﺎ ﺑﻛـﻔــﺎح‬ ‫ﻤـﺬﻫﺒﻲ")‪ (٥٥‬رﻏــﻢ ﻜــﻞ ﻫـﺬا ﻜﺎﻧــﺖ اﻠﻣﺳــﺎﻋﺪات ﺗﺼـﻞ ٕاﻠــﻰ ﺣﻛﻮﻤــﺔ ﻤﺪرﻳــﺪ‬ ‫ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﺮﻧﺳﺎ‪ ،‬وﻜﺎﻧـﺖ اﻠﻣﺳـﺎﻋﺪة – ﺑﻣﻗﺎﺑـﻞ ذﻠـﻚ – ﺗﺼـﻞ ٕاﻠـﻰ اﻠﺜـﻮار‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋـﻦ ﻃﺮﻳــﻖ اﻠﺒﺮﺗﻐــﺎل ﻋ ﻟــﻰ اﻳــﺔ ﺣـﺎل‪ ،‬ﺗــﺪﺧﻟﺖ ﻓﺮﻧﺳــﺎ ﻓــﻲ اﻠﺤــﺮب وذﻠــﻚ‬ ‫ﺑﻗﻴــﺎم اﻻﺗﺤ ــﺎد اﻠﻌ ــﺎم ﻠﻟﻌﻣ ــﻞ واﻠﺤ ــﺰب اﻠﺷــﻴﻮﻋﻲ ﻓﻴﻬ ــﺎ‪ ،‬ﺑﺤﻣﻟ ـ ٍـﺔ ﻤﻨ ــﺬ ﺑ ــﺪء‬ ‫ﺴﻟﺤﺔ ً‬ ‫اﻠﺤﺮب ٔاﻻﻫﻟﻴﺔ ﻠﺘﺮﺴﻞ ﻫﺬﻩ اﻠﺤﻣﻟﺔ ٔا ً‬ ‫وﻋﺘﺎدا ّ‬ ‫ﺣﺮﺑﻴ ًﺎ ٕاﻠﻰ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳﻴﻦ‬ ‫وﻘﺪ ُﻋﺮف ﻋﻦ ﻠﻴﻮن ﺑﻟﻮم ﺑﺘﻔﻀﻴﻟﻪ ﻠﺤﻛﻮﻤﺔ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳﻴﻦ رﻏﻢ اﻠﺘﺼـﺮﻳﺤﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘـ ــﻲ ﻧ ـ ــﺎدى ﺑﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬وﺗﺮﻜ ـ ــﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤ ـ ــﺔ اﻠﻔﺮﻧﺳ ـ ــﻴﺔ اﻠﻣﺘﻄ ـ ــﻮﻋﻴﻦ واﻻﺴ ـ ــﻟﺤﺔ‬ ‫ﻳﺬﻫﺒﻮن ٕاﻠﻰ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﻮﻗﻒ اﻳﻄﺎﻟﻴـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻗﺪ ﺗﺪﺧﻟﺖ ﻜﻞ ﻤﻦ اﻳﻄﺎﻠﻴﺎ واﻠﻣﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ اﻠﺤﺮب ﺑﺷﻛﻞ ﺻـﺮﻳﺢ‪ ،‬وﻘـﺪ‬ ‫ﻜﺎﻧـﺖ ﻫﻨــﺎك ﻓﻛــﺮة ﺴــﺎﺑﻗﺔ ﻠــﺪى ﻫــﺎﺗﻴﻦ اﻠــﺪوﻠﺘﻴﻦ ﺑﺎﻠﺘــﺪﺧﻞ ﻓــﻲ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ‪،‬‬ ‫ّ ٔ‬ ‫ﺗﻗﺮر ان ﻳﻛﻮن زﻋﻴﻢ اﻠﺜﻮرة ٕاﻠﻰ رو ﻤـﺎ‬ ‫وذﻠﻚ ﻋﻨﺪﻤﺎ ﺴﺎﻓﺮ ﺴﺎﻧﺨﻮرﺧﻮ‪ ،‬اﻠﺬي‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑـ ـﺮﻠﻴﻦ ﻠﻄﻟـ ــﺐ اﻠﻣﺳ ــﺎﻋﺪة وان ﺗـ ــﺪﻋﻣﺎﻩ ﻓ ــﻲ ﺣﺮﻜـﺘـ ــﻪ‪ .‬ﻜﻣ ــﺎ دﻠـ ــﺖ اﻠﻮﺛـ ــﺎﺋﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺼـﺎدرة ﻋـﻦ اﺻـﺪﻘﺎء اﻠﺟﻨـﺮال ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ان اﺣـﺪ اﻠﻗـﺎدة اﻠﺜ ّـﻮار وﻫـﻮ اﻠﺟﻨ ـﺮال‬ ‫ﻤــﻮﻻ )‪ ( Mola‬ﻜــﺎن ﻘــﺪ ّوﻘــﻊ اﺗﻔﺎﻘـ ًـﺎ ﺴـ ً‬ ‫ـﺮﻳﺎ‪ ،‬ﻤــﻊ ﺣﻛﻮﻤــﺔ اﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ‪ ،‬ﺑﺘﻗ ــﺪﻳﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻳﻄﺎﻠﻴﺎ اﻻ ﺴﻟﺤﺔ واﻠﻣﺎل ﻤﻗﺎﺑﻞ ﺣﺼـﻮﻠﻬﺎ ﻋ ﻟـﻰ ﻓﻮاﺋـﺪ اﻘﺘﺼـﺎدﻳﺔ ﻓـﻲ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ،(٥٦‬و ﻠـﺬﻠﻚ ﻜﺎﻧـﺖ اﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ ﺗﻌﻣـﻞ ﻋﻟــﻰ ٕاﻧﺟـﺎح ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ‪ ..‬ﻻﻧﻬــﺎ ﻜﺎﻧـﺖ ﺗــﺮى‬ ‫ٔان ﺣﻛﻮﻤ ــﺔ ﻓﺮاﻧﻛـ ــﻮ ﺴ ــﺘﺘﺨﻟﻰ ﻠﻬـ ــﺎ ﻋـ ــﻦ ﻘﻮاﻋ ــﺪ ﺑﺤﺮﻳ ـ ـﺔ ٔاو ّ‬ ‫ﺠﻮﻳ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﺠـ ــﺰر‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺎﻠﺌﻴﺎر )‪ ( Baleares‬ﻠﻼﻫﻣﻴﺔ اﻻﺴﺘﺮاﺗﻴﺟﻴﺔ ﻠﻬﺬﻩ اﻠﺟـﺰر وﻠﻬـﺬا ﻠـﻢ ﺗﺘـﺮدد‬ ‫اﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ ﺑﺎرﺴ ــﺎل ﺠﻨ ــﻮد ﺠ ــﻮﻘﻴﻴﻦ )‪ionnaires‬ﺦ‪ ( Le‬ووﺻ ــﻞ ﻤ ــﻊ اﻳﻄﺎﻠﻴ ــﺎ‬ ‫ﺣ ـ ّـﺪ اﻠﺼ ـ ـﺮاﺣﺔ ﺑﺎﻋﺘﺮاﻓﻬ ــﺎ رﺴـ ـ ً‬ ‫ـﻣﻴﺎ ﺑﻮ ﺠ ــﻮدﻫﻢ ﻓـ ــﻲ رﺑﻴ ــﻊ ‪ ،١٩٣٧‬واﻋﺘﺮﻓـ ــﺖ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺷﻬﺮ ﺗﺷﺮﻳﻦ اول ﺑﻮﺠﻮد ‪ ٤٠‬ا ﻠﻒ ﺠﻨـﺪي ﻳﻗـﻮدﻫﻢ ﻘـﺎدة اﻳﻄـﺎﻠﻴﻮن ﻓﻀـﻼ‬ ‫ﻋـﻦ ذﻠـﻚ ﻓـﺎن ﺻـﺤﺎﻓﺔ اﻳﻄﺎﻠﻴـﺎ اﺣﺘﻔﻟـﺖ ﺑﺳـﻗﻮط ﻜ ّـﻞ ﻤـﻦ ﺑﻟﺒـﺎو )‪( Bilbao‬‬ ‫وﺴﺎﻧﺘﺎﻧﺪر )‪ ( antander‬ﻓﻲ ﻳﺪ ﻘﻮات ﻓﺮاﻧﻛﻮ ﻜﺎﻧﺘﺼﺎرﻳﻦ ﻘﻮﻤﻴﻴﻦ )‪.(٥٧‬‬ ‫ﻣﻮﻗﻒ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ﻜﺎﻧــﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ ٔاﻻ ﻠﻣﺎﻧﻴ ــﺔ ٔﺗﺎ ﻤــﻞ ﻤ ــﻦ ﺗــﺪﺧﻟﻬﺎ ﻓ ــﻲ اﻠﺤــﺮب اﻻﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺔّ‬ ‫ﺑﻔﻮاﺋــﺪ اﻘﺘﺼـ ّ‬ ‫ـﺎدﻳﺔ ٕواﺴ ــﺘﺮاﺗﻴﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻓ ﻔــﻲ ﺑﻟﺒــﺎو ﺗﻮ ﺠ ــﺪ ﻤﻨــﺎﺠﻢ اﻠﺤﺪﻳــﺪ‪ ،‬ﻜﻣ ــﺎ‬

‫ﺗﻮﺠـ ــﺪ ﻓ ـ ــﻲ اﺴ ـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻤﻨـ ــﺎﺠﻢ اﻠﻣﻨﻐﻨﻴ ـ ــﺰ واﻠﻨﺤ ـ ــﺎس واﻠﺒ ـ ــﺮﻳﻄﺲ )‪( pyrite‬‬ ‫وﻜﺎﻧـﺖ ٔاﻠﻣﺎﻧﻴـﺎ ّ‬ ‫ﺗﻔﻛـﺮ ﺑـﺎن ﻇ ﻔـﺮ ﺣﻛﻮﻤـﺔ ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ﺑﺎﻠﻨﺼـﺮ ﺴﺘﺳـﺘﻔﻴﺪ ﻤـﻦ ﻫــﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨـﺎﺠﻢ‪ ،‬اﻤــﺎ اﻠﻔﻮاﺋــﺪ ا ٕﻻﺴــﺘﺮاﺗﻴﺟﻴﺔ اﻠﺘــﻲ ﻜﺎﻧــﺖ ﺗﺒﻐﻴﻬــﺎ ﺣﻛﻮﻤــﺔ اﻠﻣﺎﻧﻴــﺎ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫـﻲ ٔان ﻫﺘ ﻟـﺮ ﻜــﺎن ّ‬ ‫ﻳﻔﻛـﺮ ﻓــﻲ ان اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ اﻠﻔﺎﺸـﻴﺔ ﻓــﻲ اﻠﻣﺳـﺘﻗﺒﻞ‪ ،‬ﺴــﺘﺟﺒﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺮﻧﺳــﺎ ﻋ ﻟ ــﻰ اﻻﺣﺘ ﻔ ــﺎ‪ f‬ﺑﺟﻨﻮد ﻫ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺣﺎﻠ ــﺔ ﺣ ــﺮب ﻓﺮﻧﺳ ــﻴﺔ ا‪ -‬ﻠﻣﺎﻧﻴ ــﺔﻋﻟ ــﻰ‬ ‫ﺣﺪود ﺠﺒﺎل اﻠﺒﺮﻧﺲ‪ ،‬ورﻏـﻢ ﻜـﻞ ﻫـﺬا ﻓـﺎن ﻫﺘ ﻟـﺮ ﻠـﻢ ﻳـﺘﺤﻣﺲ ﻠﻟﻌﻣـﻞ ﻋﻟـﻰ‬ ‫ٕاﺣﺮاز ﻧﺼﺮ ﺣﺎﺴﻢ ﻠﻔﺮاﻧﻛﻮ ﺑﻞ ﻜـﺎن ّ‬ ‫ﻳﺘﻣﻨـﻰ ٕاﻃﺎﻠـﺔ اﻠﺤـﺮب‪ٕ ،‬ﻻﺸـﻐﺎل ا ﻠـﺪول‬ ‫)‪(٥٨‬‬ ‫اﻠﻣﻌﺎدﻳﺔ اﻠﺘﻲ ّ‬ ‫ﻳﻬﻣﻬﺎ ﻤﺳﺘﻗﺒﻞ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ‪.‬‬ ‫ﻣﻮﻗﻒ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓــﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴ ــﺎ ﻜﺎﻧ ــﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ ﻤﺤﺎﻓﻈ ــﺔ ﺑﺮﺋﺎﺴ ــﺔ ﺑ ﻟــﺪوﻳﻦ‪ ،‬ا ﻤ ــﺎ اﻠـ ـﺮاي‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻣـ ــﺎﻠﻲ ﻓـ ــﻲ ﺣـ ــﺰب اﻠﻣﻌﺎرﺿـ ــﺔ ﻓ ﻗ ـ ــﺪ ﻜـ ــﺎﻧﻮا ﻳﻣﻴﻟـ ــﻮن ٕاﻠـ ــﻰ ﺗﺎﻳﻴـ ــﺪ ﺣﻛﻮﻤ ـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻣﻬـﻮرﻳﻴﻦ اﻠﺘـﻲ ﻳﺮا ﺴـﻬﺎ ﻧﺟـﺮﻳﻦ )‪rin‬ﺦ‪ ( Ne‬اﻻﺸـﺘﺮاﻜﻲ اﻠﻣﻌﺘــﺪل‪ٕ ،‬ا ﻻ ان‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻛﻮﻤـﺔ ﺑﻟــﺪوﻳﻦ اﺻــﺒﺤﺖ ﺗــﺮى ﻤــﻦ اﻠﻣﺼــﻟﺤﺔ ﻋــﺪم اﻻﻧﺤﻴــﺎز‪ٕ ،‬اﻠــﻰ ﻓﺮﻳــﻖ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫دون اﻻﺧﺮ)‪ ، (٥٩‬ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ اﻠﺜﻮار اﻠـﺬﻳﻦ ﺑـﺪا ت ﻜـ ﻔـﺘﻬﻢ ﺑـﺎﻠﺮﺠﻮح ﻤـﻦ‬ ‫ﺠﻬـﺔ وﻠــﺌﻼ ﻳـﻨﻈﻢ ﻫﺘ ﻟــﺮ ٕاﻠـﻰ ﻤﻮﺴــﻮﻠﻴﻨﻲ ﺠﻬـ ًﺮا‪ ،‬و ﻫــﺬا ﻤـﺎ ﻻ ﺗﺮﻳــﺪﻩ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻃﺒﻌـ ًـﺎ وﻤ ــﻦ ﻫﻨــﺎ ﻧ ــﺮى اﻠﺘ ـﺰام ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴ ــﺎ ﺠﺎﻧــﺐ اﻠﺤﻴ ــﺎد‪ ،‬وان ﻤــﺎ ﺗﺮﻳ ــﺪﻩ ﻫ ــﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺣﺘـ ـﺮام ﺴـ ــﻼﻤﺔ ارض اﺴـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑﻣ ــﺎ ﻓﻴﻬـ ــﺎ ﺠـ ــﺰر اﻠﺒﺎﻠﺌﻴ ــﺎر)‪ ،(٦٠‬وﻓـ ــﻲ ﻜـﺘـ ــﺎب‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫"ﺧﻄـﻮة ﺑﺨﻄـﻮة" ﻧـﺮى ﺗﺷﺮﺸـﻞ ﻳﻗـﻮل‪" :‬ﺑﻮاﺴـﻄﺔ اﻠﺼـﻟﻴﺐ اﻻﺣﻣـﺮ ارﺴـﻟﺖ‬ ‫ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻤﺳﺎﻋﺪات ّ‬ ‫ﻃﺒﻴﺔ وﻤﺎ ﻏﻴﺮ ذﻠﻚ اﺑﺘﻌﺪت ﻋﻦ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ" )‪.(٦١‬‬ ‫ﻣﻮﻗﻒ ﻋﺼﺒﺔ اﻷﻣـﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻗﺪ ﺧﺮﺠﺖ اﻠﻣﺎﻧﻴﺎ اﻠﻨﺎزﻳﺔ ﻤﻦ ﻋﺼـﺒﺔ اﻻﻤـﻢ‪ ،‬ﻜﻣـﺎ ﻜﺎﻧـﺖ اﻳﻄﺎﻠﻴـﺎ ﻋﻟـﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺸﻚ اﻠﺨﺮوج – ﺑﻌﺪ اﺣﺘﻼﻠﻬﺎ ﻠﻟﺤﺒﺷﺔ – ﺣﻴﻨﻣﺎ اﻧﺪﻠﻌﺖ اﻠﺤﺮب اﻻﻫﻟﻴـﺔ‬ ‫اﻻﺴ ـ ــﺒﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬و ﻠ ـ ــﺬﻠﻚ ﻠ ـ ــﻢ ﺗﺘ ـ ــﻮرع ﻫ ـ ــﺎﺗﻴﻦ ا ﻠ ـ ــﺪوﻠﺘﻴﻦ ﻓ ـ ــﻲ ﻤ ـ ــﺪ ﻳ ـ ـ ّـﺪ اﻠﻌـ ـ ــﻮن‬ ‫واﻠﻣ ﺳـ ــﺎﻋﺪة ﻤﺎدﻳ ـ ـ ًـﺎ وﻤﻌﻨﻮﻳ ـ ـ ًـﺎ‪ ،‬ﻠ ﻗ ـ ــﻮات ﻓﺮاﻧﻛـ ــﻮ‪ .‬وﺑﺎﻠﻣﻗﺎﺑ ـ ــﻞ ﻘ ـ ــﺎم اﻻﺗ ﺤ ـ ــﺎد‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻮﻓﻴﺘﻲ ﺑﻣﺳﺎﻋﺪة ﺣﻛﻮﻤﺔ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳﻴﻦ‪ ،‬وﻫﺬﻩ اﻻﻤـﻮر ﻫـﻲ اﻠﺘـﻲ وﺿـﻌﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻗﺒﺎت ﻓﻲ ﻓـﺮض ﺣ ﻟـﻮل ﻠﻟﻣﻮﻘـﻒ ﻤـﻦ ﺠﺎﻧـﺐ ﻋﺼـﺒﺔ اﻻﻤـﻢ‪ ،‬ﻜﻣـﺎ ﻓﺷـﻟﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻬﻮد اﻠﻮﻻﻳﺎت اﻠﻣﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﺳﺒﻴﻞ‪ ،‬رﻏﻢ ٕاﺻﺪار روزﻓﻟـﺖ اﻤـ ًﺮا ﺑﻌـﺪم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻻﺴﻟﺤﺔ او ﻤﻮاد اﻠﺘﻣﻮﻳﻦ ٕاﻠﻰ اي ﻤﻦ اﻠﺟﺎﻧﺒﻴﻦ ﻫﺬا ﻤﻦ ﺠﻬﺔ وﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻬـﺔ اﺧــﺮى ﻓﺎﻧــﻪ ﻤــﻦ اﻠﻄﺒﻴﻌــﻲ ان اﻠﻮﻻﻳـﺎت اﻠﻣﺘﺤــﺪة ﺗﻛــﺮﻩ ﻘﻴــﺎم ﺣﻛﻮﻤــﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ﺑﻌــﺪ ﻫــﺬﻩ اﻠﻟﻣﺤــﺔ اﻠﻣــﻮﺠﺰة ﻋ ــﻦ ﺗــﺪﺧﻞ ا ﻠــﺪول اﻻﺠﻨﺒﻴــﺔ‪ ،‬ﻧــﺮى ﻤ ــﻦ‬ ‫اﻠﻀﺮورة ﺑﻴﺎن ﻤﺟﺮى اﻠﺤﺮب ﺑﻌﺪ ﺴﻨﺔ ‪ ١٩٣٦‬واﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﻜﺎﻠﺘﺎﻠﻲ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻓـﻲ اذار ‪١٩٣٧‬م ﺣــﺪث اﻜﺒــﺮ اﺸــﺘﺒﺎك ﺣﺮﺑــﻲ ﺣﻴــﺚ ﻘــﺎم اﻠﻣﺘﻄﻮﻋــﻮن‬ ‫اﻻﻳﻄــﺎﻠﻴﻮن ﺑﻬﺟ ــﻮم ﻜﺒﻴ ــﺮ ﻠﻣﺳــﺎﻋﺪة ﻓﺮاﻧﻛ ــﻮ ﻋ ﻟ ــﻰ اﻻﺴــﺘﻴﻼء ﻋﻟ ــﻰ ﻤﺪرﻳ ــﺪ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻛـﻦ ﻘــﻮات اﻠﺤﻛﻮﻤــﺔ ّردﺗﻬـﻢ ﻋ ﻟــﻰ اﻋ ﻗــﺎﺑﻬﻢ و ﻠـﺬﻠﻚ راى ﻓﺮاﻧﻛــﻮ ان ﻳﻬــﺎﺠﻢ‬ ‫اﻠﻣﻨﻄﻗ ــﺔ اﻠﺷ ــﻣﺎﻠﻴﺔ ﻓـ ــﻲ ﺑﺎﺴ ــﻚ ) ‪ ( Basgue‬ﻓﺎﺴ ــﺘﻮﻠﻰ ﻋﻟـ ــﻰ ﻤﻴﻨ ــﺎء ﺑﻟﺒـ ــﺎو‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﺎﻧــﺖ اﻻﻧﺒــﺎء ﺗﺼــﻞ ٕاﻠــﻰ اﻠﻌــﺎﻠﻢ اﻠﺨــﺎرﺠﻲ ﻓــﻲ ﻧﻬﺎﻳــﺔ ﺴــﻨﺔ ‪ ١٩٣٧‬ﺗﻌ ــﺎدل‬ ‫ـﺰءا ﻤﺳـ ً‬ ‫ﺠـﺎﻧﺒﻲ اﻠﻗﺘـﺎل ﻓــﻲ اﻠﻗ ّـﻮة وﺗﻌﺎدﻠﻬﻣـﺎ ﻓــﻲ اﻤـﺘﻼك ﻜـﻞ ﺠﺎﻧــﺐ ﺠ ً‬ ‫ـﺎوﻳﺎ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻠﻼ ﺧــﺮ ﻤــﻦ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ)‪ (٦٢‬وﻜــﺎن اﻠﻔﺮﻳﻗ ــﺎن ﻳﻗﻔــﺎن ﻤﻮﻘــﻒ ا ﻠــﺪﻓﺎع ﻳﻨﺘﻈــﺮ ﻜ ــﻞ‬ ‫ّ ٔ‬ ‫ـﺪﻓﻖ اﻻ ﺴـﻟﺤﺔ واﻠﻣﺘﻄ ّـﻮﻋﻴﻦ ﻋــﻦ‬ ‫ﻤﻨﻬﻣـﺎ اﻠﻣﺳـﺎﻋﺪات اﻠﺨﺎرﺠﻴـﺔ‪ ،‬واﺴــﺘﻣﺮ ﺗ‬ ‫ﻃﺮﻳـﻖ ﻓﺮﻧ ﺳــﺎ واﻠﺒﺮﺗﻐـﺎل‪ ،‬وﻠﻛــﻦ اﻠﻣﺳـﺎﻋﺪات اﻠﺘــﻲ ﺗﻟﻗﺎ ﻫـﺎ ﻓﺮاﻧﻛــﻮ‪ ،‬زادت‬ ‫ﺑﻛـﺜﻴــﺮ ﻋ ــﻦ ﺗﻟ ــﻚ اﻠﺘ ــﻲ ﻜﺎﻧ ــﺖ ﺗﺼ ــﻞ ٕاﻠ ــﻰ اﻠﺟﻣﻬ ــﻮرﻳﻴﻦ‪ ،‬ﻓﻔ ــﻲ رﺑﻴ ــﻊ ﺴ ــﻨﺔ‬ ‫‪ ١٩٣٨‬اﺸ ّـﺘﺪ ﺴـﺎﻋﺪ ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ﻓﺒﻟﻐـﺖ اﻠﻗـﻮات اﻻﻳﻄﺎﻠﻴـﺔ وﺣـﺪﻫﺎ واﻠﺘـﻲ ﺗﻌﻣـﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻌـﻪ ﺣـﻮاﻠﻲ ‪ٔ ١٠٠‬اﻠـﻒ ّ‬ ‫ﻤﺟﻨـﺪ‪ ،‬وﻜﺎﻧـﺖ ﻤﺳـﻟﺤﺔ ﺑﺎﻻﺴـﻟﺤﺔ اﻠﺤﺪﻳﺜـﺔ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻣــﺎ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻘﻮات اﻠﺤﻛﻮﻤﺔ ﻜﺎﻧﺖ اﺧﺬة ﻓﻲ اﻠﻀﻌﻒ‪ ،‬و ﻤـﻦ ﺛـﻢ ﺗ ﻗ ّـﺪم ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ﻓﺎﺴـﺘﻮﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟــﻰ ﻤﺪﻳﻨــﺔ ﺗــﺮول )‪erwel‬ظ( وﻜﺎﻧــﺖ ﻫــﺬﻩ اول ﺿــﺮﺑﺔ وﺠﻬﻬــﺎ ﻓﺮاﻧﻛــﻮ ٕاﻠــﻰ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٤‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ٔ‬ ‫ﻘـ ــﻮات اﻠﺤﻛﻮﻤـ ــﺔ‪ .‬واﺗﺟـ ــﻪ ﺸـ ـ ً‬ ‫ـﺮﻘﺎ ﻧ ﺤـ ــﻮ اﻠﺒ ﺤـ ــﺮ ﻓﻔﺼـ ــﻞ ﻘـ ــﻮات اﻋﺪاﺋـ ــﻪ ٕاﻠ ـ ــﻰ‬ ‫ﻘﺳ ــﻣﻴﻦ‪ ،‬وﺴ ــﻗﻄﺖ ﺑﺮﺸ ــﻟﻮﻧﺔ ﻓ ــﻲ ﻜ ــﺎﻧﻮن ﺛ ــﺎﻧﻲ ﺴ ــﻨﺔ ‪ ،١٩٣٩‬ﺛ ــﻢ ﺗﺒﻌﺘﻬـ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻤﺪرﻳـﺪ ﻓـﻲ اذار ﺴـﻨﺔ ‪ ،١٩٣٩‬واﺿـﻄﺮت اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳـﺔ ان ﺗﻨﺳـﺤﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠـﻰ ﺸـﻣﺎل ﻜﺎﺗﺎﻠﻮﻧﻴـﺎ‪ ،‬ﺛـﻢ ﺗﻌﺒـﺮ اﻠ ﺤـﺪود ٕاﻠـﻰ اﻻراﺿـﻲ اﻠﻔﺮﻧﺳـﻴﺔ)‪ (٦٣‬وﺑـﺬﻠﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗـ ّـﻢ ﻠﻔﺮاﻧﻛ ــﻮ وﻘﻮاﺗ ــﻪ اﻠﻨﺼــﺮ اﻠﺤﺳ ــﻢ واﻧﺘﻬ ــﺖ اﻠﺤــﺮب اﻻﻫﻟﻴ ــﺔ ﻓ ــﻲ اﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻋﺘﺮﻓــﺖ ﻓﺮﻧﺳــﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴ ــﺎ ﺑﺤﻛﻮﻤــﺔ ﻓﺮاﻧﻛــﻮ‪ ،‬وارﺴ ــﻟﺖ ﻓﺮﻧﺳــﺎ اﻠﻣﺎرﺸ ــﺎل‬ ‫)‪ ( petain‬ﻜﺳﻔﻴﺮ ﻠﻬﺎ ﻠﺪى اﻠﻨﻈﺎم اﻠﺟﺪﻳﺪ)‪.(٦٤‬‬ ‫وﻫﻛـﺬا ﺧﻣــﺪت اﻠﻨﻴـﺮان اﻠﺘــﻲ دام ٕاﺿـﺮاﻤﻬﺎ ﻤــﻦ ﺴــﻨﺔ ‪١٩٣٩ – ١٩٣٦‬‬ ‫ٓ‬ ‫ﻓــﻲ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ واﻠﺘــﻲ راح ﺿــﺤﻴﺘﻬﺎ اﻻف اﻠﺒ ﺷــﺮ‪ ،‬و ﺠــﺎء ﻓﺮاﻧﻛــﻮ ﻠــﻴﻌﻟﻦ ﺣﻴــﺎد‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋﻦ ﺠﻣﻴﻊ اﻠﻣﺷﺎﻜﻞ‪ ،‬واﻠﺘ ﻔ ّـﺮ‪ٕ q‬ﻻﺻـﻼح اﻤﻮرﻫـﺎ اﻠﺪاﺧﻟﻴـﺔ‪ٕ ،‬واﻋـﺎدة‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻞ ﺸﻲء ٕاﻠﻰ ﻤﻛﺎﻧﻪ ﻠﺘﺟﺮي اﻻﻤﻮر ﺑﺷﻛﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ وﻤﻨﻈﻢ‪.‬‬ ‫ﻧﺘﺎﺋـﺞ اﻟﺤﺮب وآﺛﺎرﻫـﺎ‬ ‫ّٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﺘﻬﺖ اﻠﺤﺮب اﻻﻫﻟﻴﺔ اﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ وﻜـﺎن اﻠﻣﻨﺘﺼـﺮ ﻓﻴﻬـﺎ ﻓﺮاﻧﻛـﻮ‪ ،‬ﻓﺎﺴـﺲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫـﺬا ﺣﻛﻮﻤـﺔ ﻜﺎﺛﻮﻠﻴﻛﻴـﺔ دﻜـﺘﺎﺗﻮرﻳــﺔ‪ ،‬اﻧﺰﻠـﺖ اﻠﻌﻗـﺎب ﺑﺨﺼـﻮﻤﻬﺎ وﻤﻌﺎرﺿــﻴﻬﺎ‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﻴﻦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﺪاﺧﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻛﺎﻧـﺖ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ا ّﻤﺎ ﻋﻦ اﺛﺮ ﻫﺬﻩ اﻠﺤﺮب ﻋﻟﻰ وﺿﻊ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺳ ً‬ ‫ـﺮﺣﺎ ﻠﻬــﺬا اﻠﺼـﺮاع اﻠﻌﻨﻴــﻒ‪ ،‬و ﻠـﺬا و ﻤــﻦ اﻠﻄﺒﻴﻌـﻲ ان ﻳﻛـﺘــﻮي ﻫـﺬا اﻠﺒﻟــﺪ‬ ‫ﺑ ﺤ ـ ـ ّـﺮ ﻠﻬﻴـ ـ ــﺐ اﻠ ﺤـ ـ ــﺮب‪ ،‬ﻓ ﻗـ ـ ــﺪ ّدﻤ ـ ــﺮت ﻫـ ـ ــﺬﻩ اﻠﺤـ ـ ــﺮب اﺴـ ـ ــﺒﺎﻧﻴﺎ وﺣﻄﻣـ ـ ــﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻘﺘﺼﺎدﻳﺎﺗﻬﺎ واﺸﺎﻋﺖ اﻠﻔﺮﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﻤﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ ﻠﻣﺪة ﻃﻮﻳﻟﺔ)‪.(٦٥‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻟــﻰ اﻠﺼــﻌﻴﺪ اﻻوروﺑ ــﻲ ﻠــﻢ ﺗـ ـﺮﺗﺒﻂ ﺣﻛﻮﻤــﺔ ﻓﺮاﻧﻛ ــﻮ ﺑﺳﻴﺎﺴــﺔ ا ﻠ ــﺪول‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻲ ﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻓﻲ اﻠﺤﺮب‪ ،‬ﻜﺎﻠﻣﺎﻧﻴﺎ اﻠﻨﺎزﻳﺔ واﻳﻄﺎﻠﻴﺎ اﻠﻔﺎﺸﻴﺔ‪ ،‬ﻠﻬﺬا ﻠﻢ ﺗـﺆﺛﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﺤﺮب ﻓﻲ ﻤﻴﺰان اﻠﻗـﻮى اﻠﺪوﻠﻴـﺔ ﻓـﻲ اوروﺑـﺎ‪ ،‬وﻘـﺪ اﻋﻟـﻦ ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ﺣﻴـﺎد‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴ ــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋﻨ ــﺪﻤﺎ ﺣـ ــﺪﺛﺖ ازﻤ ــﺔ ﺗﺷﻴﻛﻮ ﺴ ــﻟﻮﻓﺎﻜﻴﺎ ﺴـ ــﻨﺔ ‪ ،١٩٣٨‬ﻤﻣ ــﺎ ﺠﻌـ ــﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺘﻟﺮ ﻳﺳﺨﻂ ﻋﻟﻰ ﻓﺮاﻧﻛﻮ اﻠﺬي اﻋﻟﻦ اﺴﺘﻗﻼل ﺴﻴﺎﺴﺘﻪ‪ .‬وﻓﻲ اﺛﻨـﺎء اﻠﺤـﺮب‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻣﻴـﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴــﺔ ﺑﻗﻴــﺖ ﻜــﺬﻠﻚ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ دوﻠـﺔ ﻤﺤﺎﻳــﺪة‪ .‬وﻇﻟــﺖ ﻋﻟــﻰ ﻋــﺪاﺋﻬﺎ‬ ‫ﻠﻼﺗ ﺤ ـ ــﺎد اﻠﺳ ـ ــﻮﻓﻴﺘﻲ ا ﻠـ ـ ــﺬي ﺴ ـ ــﺎﻋﺪ ﺣﻛﻮﻤ ـ ــﺔ اﻠﺟﻣﻬـ ـ ــﻮرﻳﻴﻦ اﻠﺳ ـ ــﺎﺑﻗﺔ ﻓـ ـ ــﻲ‬ ‫اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ)‪.(٦٦‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ّﻤﺎ ﻋﻟﻰ اﻠﺼﻌﻴﺪ اﻠﻌﺎﻠﻣﻲ ﻓﻗﺪ ﻜﺎن ﻠﻬﺎ اﺛﺎر ﻋﺪﻳﺪة ﻫﺎﻤﺔ ﻫﻲ)‪:(٦٧‬‬ ‫)‪ ( ١‬ﻧﺟــﺎح ﻫﺘ ﻟــﺮ ﻤــﻦ اﻠﻨﺎﺣﻴــﺔ ا ٕﻻﺴــﺘﺮاﺗﻴﺟﻴﺔ ٕﺑﺎﺿــﻌﺎف ﻤﺮﻜــﺰ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﺮﻧﺳﺎ وان ﻳﻟﻬﻴﻬﻢ ﺑﺘﻟﻚ اﻠﺤﺮب ﻋﻦ ﻤﺮاﻘﺒﺔ اﻃﻣﺎﻋـﻪ ﻓـﻲ وﺴـﻂ اوروﺑـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫– وان ﻳﺰﻳﺪ ارﺗﻴﺎﺑﻬﻢ ﻤﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻠﺳﻮﻓﻴﺘﻲ – ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫)‪ ( ٢‬وﺗﺒﻌـ ـ ًـﺎ ﻠﻼﺛـ ــﺮ اﻻول ﻓ ﻗـ ــﺪ ﻘـ ــﺪر ﻫﺘﻟـ ــﺮ ان ﻳﻣﻨـ ــﻊ ﻤـ ــﻦ ﻘﻴـ ــﺎم ﺠﺒﻬ ـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﺟﻟﻴﺰﻳﺔ ﻓﺮﻧﺳﻴﺔ اﻳﻄﺎﻠﻴﺔ ﺿﺪ اﻠﻣﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ٣‬وﻘــﺪ ﻜــﺎن ﻠﻟﺘﻌــﺎون اﻻ ﻠﻣــﺎﻧﻲ اﻻﻳﻄــﺎﻠﻲ ﻓــﻲ ﻤﻌﺎوﻧــﺔ ﻓﺮاﻧﻛــﻮ ان ﺗ ـ ّـﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻌـﺎون ﺑـﻴﻦ ﻜ ّـﻞ ﻤـﻦ ﻫﺘﻟــﺮ وﻤﻮﺴـﻮﻠﻴﻨﻲ‪ ،‬ﺗﺎﺴـﻴﺲ ﻤﺤـﻮر ﺑـﺮﻠﻴﻦ ‪-‬رو ﻤــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﺗﺷﺮﻳﻦ اول ﺴﻨﺔ ‪.١٩٣٦‬‬

‫‪------------------------------‬‬

‫ﻫﻮاﻣـﺶ اﻟﺒﺤــﺚ‬ ‫‪e oj‬ﺦ‪his a‬ظ‪1‬غ‪ Frank P. and his jriends‬غ‪(T) Chambers‬‬ ‫‪p. “T”.‬غ‪conjlict,‬‬ ‫”‪Frank P. ibid. p. “T‬غ‪(5) Chambers‬‬ ‫”‪Frank P. ibid. p. “T‬غ‪(”) Chambers‬‬ ‫‪Frank P. ibid. p. “T3‬غ‪(3) Chambers‬‬ ‫)‪ (٥‬اﻠﺒﻄﺮﻳ ـ ــﻖ‪ ،‬ﻋﺒـ ــﺪ اﻠﺤﻣﻴـ ــﺪ‪" ،(١٩٧١) ،‬اﻠﺘﻴـ ــﺎرات اﻠﺳﻴﺎﺴ ـ ــﻴﺔ‬ ‫اﻠﻣﻌﺎﺻـ ـ ــﺮة"‪ ،‬دار اﻠﻨﻬﻀـ ـ ــﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴ ـ ـ ــﺔ ﻠﻟﻄﺒﺎﻋـ ـ ــﺔ واﻠﻨﺷـ ـ ــﺮ‪ ،‬اﻠ ﻗ ـ ـ ــﺎﻫﺮة‪،‬‬ ‫ص‪.٢٨٦‬‬ ‫“‪Frank P. op. cit. p. “T‬غ‪(2) Chambers‬‬ ‫)‪ ( ٧‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٨٧‬‬ ‫)‪ ( ٨‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٨٨‬‬ ‫‪Frank P. op. cit. p. “T2‬غ‪(4) Chambers‬‬ ‫)‪ ( ١٠‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٨٨‬‬ ‫)‪ ( ١١‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٨٩‬‬ ‫)‪ ( ١٢‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٠‬‬ ‫)‪ ( ١٣‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٠‬‬ ‫)‪ ( ١٤‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٠‬‬ ‫)‪ ( ١٥‬ﺑﻴﻴﺮوﻧ ـ ــﻮﻓﻦ‪" (١٩٦٩) ،‬ﺗـ ـ ــﺎرﻳ ‪ S‬اﻠ ﻗ ـ ــﺮن اﻠﻌﺷـ ـ ــﺮﻳﻦ"‪ ،‬ﺗﻌﺮﻳـ ـ ــﺐ‬ ‫اﻠﺪﻜـﺘﻮر ﻧﻮر اﻠﺪﻳﻦ اﻠﺤﺎﻃﻮم‪ ،‬دار اﻠﻔﻛﺮ اﻠﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻠﺒﻨﺎن‪ ،‬ص‪.٤٤٨‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫)‪ ( ٤‬ﻠﻗﺪ ﺗﻛﺒﺪت اﻳﻄﺎﻠﻴﺎ اﻠﻛـﺜﻴﺮ ﻤﻦ اﻠﺨﺳـﺎﺋﺮ واﻠﺘﻀـﺤﻴﺎت ﻓـﻲ ﺴـﺒﻴﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺮاﻧﻛ ـ ــﻮ ﻤﻣ ـ ــﺎ ﺠﻌ ـ ــﻞ ﻫ ـ ــﺬﻩ ﺗﻌﺘ ﻣ ـ ــﺪ ﻋ ﻟ ـ ــﻰ ا ﻠﻣﺎﻧﻴ ـ ــﺎ ﺧﺎﺻ ـ ــﺔ وان ﻓﺮﻧﺳـ ـ ــﺎ‬ ‫وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻘﻔﺖ ﻤﻮﻘـﻒ اﻠﻣﻌـﺎرض ﻠﻣﻮ ﺴـﻮﻠﻴﻨﻲ ﻋﻨـﺪﻤﺎ ﻘـﺎم ﺑﺤﻣﻟـﺔ ﺿـﺪ‬ ‫اﻠﺤﺒﺷﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ٥‬اﻧﻀ ــﻣﺖ اﻳﻄﺎﻠﻴـ ــﺎ ٕاﻠ ــﻰ اﻠﻣﻴﺜـ ــﺎق اﻻ ﻠﻣـ ــﺎﻧﻲ اﻠﻴﺎﺑ ــﺎﻧﻲ اﻠـ ــﺬي وﻘﻌﺘـ ــﻪ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺘﺎن ﺿﺪ روﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﺷﺮﻳﻦ ﺛﺎﻧﻲ ﺴﻨﺔ ‪.١٩٣٦‬‬

‫ﺧﺎﺗﻤـــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ﻜﺎﻧـﺖ اﺴـﺒﺎﻧﻴﺎ – وﻜﻣـﺎ راﻳﻨـﺎ – ﻤﻟﻛﻴــﺔ ﻘﺒـﻞ ﻋـﺎم ‪ ،١٩٣٠‬ﺛـﻢ اﺻــﺒﺤﺖ‬ ‫ﺠﻣﻬﻮر ّﻳﺔ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ‪ ١٩٣١‬ﺑﺮﺋﺎﺴﺔ زاﻤـﻮرا‪ ،‬وﻳﻣﻛـﻦ اﻋﺘﺒـﺎر ٕاﻘﺎﻠـﺔ زاﻤـﻮرا ﺴـﻨﺔ‬ ‫ً‬ ‫ٓ‬ ‫‪ ١٩٣٦‬واﻧﺘﺨــﺎب ازاﻧــﺎ ‪ -‬ﺑــﺪﻻ ﻤﻨــﻪ – ﻫــﻲ اﻠﺒﺪاﻳــﺔ اﻠﻔﻌﻟﻴــﺔ ﻠﻟﺨﻼﻓــﺎت اﻠﺘــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺎﻧﺖ ّ‬ ‫ﻠﺤﺮب اﻫﻟﻴﺔ‪ ،‬اﻜﻟﺖ اﻠﻴﺎﺑﺲ واﻻ ﺧﻀﺮ ﻋﻟﻰ اﻠﺳﻮاء‪.‬‬ ‫ﻤﻗﺪ ًﻤﺔ‬ ‫ٍ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ـﺘﻌﺎﻻ ‪ ،‬ﺗـ ـ ّ‬ ‫ـﺪﺧﻞ ا ﻠـ ــﺪول اﻻوروﺑﻴـ ــﺔ‬ ‫ٕا ﻻ ان اﻻﻤـ ــﺮ ا ﻠـ ــﺬي زاد اﻠ ﺤـ ــﺮب اﺸـ ـ‬ ‫واﻧﻗﺳﺎم ﻫﺬﻩ اﻠﺪول ٕاﻠﻰ ﻓﺮﻳﻗﻴﻦ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ١‬ﻓﺮﻳــﻖ ﻳﺆﻳــﺪ اﻠﺟﻣﻬــﻮرﻳﻴﻦ )ﺣﻛﻮﻤــﺔ ﻤﺪرﻳــﺪ ( وﻋﻟــﻰ راﺴــﻪ اﻻﺗ ﺤــﺎد‬ ‫اﻠﺳﻮﻓﻴﺘﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫)‪ ( ٢‬ﻓﺮﻳـﻖ ﻳﺆﻳــﺪ اﻠﻣﺘﻣـﺮدﻳﻦ ﺑﻗﻴــﺎدة ﻓﺮاﻧﻛـﻮ ﻤﺘﻣــﺜﻼ ﺑﺎﻳﻄﺎﻠﻴـﺎ واﻠﻣﺎﻧﻴــﺎ‪،‬‬ ‫وﻤﺎ ّﻘﺪﻤﺘﻪ ﻫﺬﻩ اﻠﺪول ﻠﻟﻔﺮﻳﻗﻴﻦ اﻠﻣﺘﺨﺎﺻﻣﻴﻦ )اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳﻴﻦ واﻠﺜـﻮار (‬ ‫ـﺎل وﺴـﻼح ورﺠـﺎل ﻫـﻮ اﻠــﺬي ّﻋﻗـﺪ اﻠﺤـﺮب ﺣﺘـﻰ ﺸـﻣﻟﺖ اﺴــﺒﺎﻧﻴﺎ‬ ‫ﻤ ّـﻦ ﻤ ٍ‬ ‫ﻜﻟﻬﺎ‪.‬‬ ‫ٕواذا ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻋﻦ وﺿﻊ ﻫﺬﻩ اﻠﺪول اﻠﻣﺘﺪﺧﻟﺔ ﻓﻲ ٔاﻤﻮر اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ اﻠﺪاﺧﻟﻴـﺔّ‬ ‫ً‬ ‫وﺠﺪﻧﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ً‬ ‫ﻋﻗﺎﺋﺪﻳﺎ‪ّ ،‬‬ ‫ﻳﻔﺮق ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌـﺾ‪ ،‬ﻓﺎﻻﺗﺤـﺎد اﻠﺳـﻮﻓﻴﺘﻲ‬ ‫ﺧﻼﻓﺎ‬ ‫ﺸﻴﻮﻋﻲ‪ ،‬وﻓﺮﻧﺳﺎ ّ‬ ‫ﺗﺪﺧﻟﺖ ﻤﺪﻓﻮﻋﺔ ﻤﻦ ﻘﺒﻞ اﻻﺗﺤﺎد اﻠﻌﺎم ﻠﻟﻌﻣﻞ واﻠﺤـﺰب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷـﻴﻮﻋﻲ ﻓﻴﻬـﺎ‪ ،‬ﻫـﺬا ﻤـﻦ ﺠﻬـﺔ‪ ،‬وﻤـﻦ ﺠﻬ ٍـﺔ اﺧـﺮى‪ ،‬اﻠﻣﺎﻧﻴـﺎ ﻧﺎزﻳـﺔ واﻳﻄﺎﻠﻴــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺎﺸﻴﺔ‪ ،‬وا ّﻤﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻓﻟﻢ ﺗﻛﻦ ﻤﻦ ﻫﺆﻻء او اوﻠﺌﻚ‪ ،‬ﻠﻬﺬا راﻳﻨﺎﻫﺎ اﻠﺘﺰﻤـﺖ‬ ‫ﺠﺎﻧـﺐ اﻠﺤﻴــﺎد اﻠﺘـﺎم‪ ،‬وﻜﺎﻧــﺖ ﻜـ ّـﻞ دوﻠـﺔ ﻤــﻦ ﻫــﺬﻩ ا ﻠـﺪول ﺗﻬــﺪف ﻤــﻦ وراء‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺪﺧﻟﻬﺎ ﻜﺳﺐ اﻻﻃﻣﺎع اﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﺗﺘﻮﺧﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﺧﻴ ـ ًﺮا اﻧﺘﺼ ــﺮ اﻠﺜ ـ ّـﻮار‪ ،‬وﻘﺎﻤ ــﺖ ﺣﻛﻮﻤــﺔ ﻓﺮاﻧﻛ ــﻮ‪ ،‬وﻠﻛﻨﻬ ــﺎ ﻠ ــﻢ ﺗـ ـﺮﺗﺒﻂ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﺳﻴﺎﺴــﺔ اﻠﻨﺎزﻳــﺔ وﻻ ﺑﺎﻠﺳﻴﺎﺴــﺔ اﻠﻔﺎﺸﺳــﺘﻴﺔ‪ ،‬وﺑــﺬﻠﻚ ا ﺣﺳــﻦ ﻓﺮاﻧﻛــﻮ ﻓ ــﻲ‬ ‫ٔ ٔ ّ ٔ‬ ‫ﻋﻣﻟﻪ ﻫﺬا‪ ،‬ﺣﻴﺚ اﻧﻪ ﺑﺪا ﻳﻨﻈﻢ اﻻﻤﻮر ﻓﻲ اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ﻤﻦ ﺠﺪﻳﺪ‪ ،‬رﻏﻢ اﻠﺟﺮاح‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﻟﻴﻐﺔ اﻠﺘﻲ اﺛﻗﻟﺖ ﻜﺎﻫﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٥‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﻠﻴﻒ ﻏﺮاﻳﺒﺔ ﻓﻲ ﺳﻄﻮر‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ٔ‬ ‫ﺑﻛﺎﻠﻮرﻳﻮس ﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ‪ 0‬اﻠﺟﺎﻤﻌﺔ اﻻردﻧﻴﺔ )‪.(١٩٧٢‬‬ ‫دﺑﻟﻮم ﺗﺮﺑﻴﺔ ‪ 0‬ﺠﺎﻤﻌﺔ اﻠﻴﺮﻤﻮك )‪.(١٩٧٩‬‬ ‫دﺑﻟﻮم اﻧﺟﻟﻴﺰي ﻋﺎﻠﻣﻲ ‪ 0‬ﺠﻴﺮﺴﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ )‪.(١٩٧٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺎﺠﺳﺘﻴﺮ ﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ‪ 0‬اﻠﺟﺎﻤﻌﺔ اﻻردﻧﻴﺔ )‪.(١٩٩٠‬‬ ‫دﻜـﺘﻮراﻩ ﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ‪ 0‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺑﻐﺪاد )‪.(١٩٩٥‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘـ ـ ــﺎم ﺑﺎﻠﺘـ ـ ــﺪرﻳﺲ ﻓـ ـ ــﻲ اﻠﺘﻌ ﻟـ ـ ــﻴﻢ اﻠﻌـ ـ ــﺎم ﻓـ ـ ــﻲ ﻜـ ـ ــﻞ ﻤـ ـ ــﻦ اﻻردن‬ ‫واﻠﺳﻌﻮدﻳﺔ وﻘﻄﺮ‪ .‬وﻘـﺎم ﺑﺎﻠﺘـﺪرﻳﺲ ﻓـﻲ اﻠﺘﻌﻟـﻴﻢ اﻠﻌـﺎﻠﻲ ﻓـﻲ ﻜـﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﺳﻌﻮدﻳﺔ واﻻردن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺳ ــﺎﻋﺪ اﻜ ــﺎدﻳﻣﻲ وﻧﺎﺋـ ــﺐ اﻠﻌﻣﻴ ــﺪ ﻓ ــﻲ ﻜﻟﻴـ ــﺔ ﻋﺟﻟ ــﻮن‪ 0‬ﺠﺎﻤﻌـ ــﺔ‬ ‫اﻠﺒﻟ ﻗـﺎء اﻠﺘﻄﺒﻴﻗﻴـﺔ‪ .‬وﻋﻀــﻮ اﻠﺟﻣﻌﻴـﺔ اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴــﺔ اﻠﻌﺮاﻘﻴـﺔ‪ .‬وﻋﻀــﻮ‬ ‫اﻠﺟﻣﻌﻴـ ــﺔ اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴ ـ ــﺔ اﻠﺳ ـ ــﻌﻮدﻳﺔ‪ .‬وﻋﻀـ ــﻮ اﻠﻬﻴﺌ ـ ــﺔ اﻻﺴﺘﺷ ـ ــﺎرﻳﺔ‬ ‫ﻠﺪورﻳﺔ ﻜﺎن اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻨﺸﻮرة‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ﻤﺒﺎدئ اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻠﺒﺷﺮﻳﺔ‪.‬‬ ‫اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻠﻟﻣﻨﻄﻗﺔ اﻠﻐﺮﺑﻴﺔ ﻤﻦ ﺠﺒﻞ ﻋﺟﻟﻮن‪.‬‬ ‫اﻠﺘﻨﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻮﻃﻦ اﻠﻌﺮﺑﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺮﺑﻴﺔ اﻠﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻻردن‪.‬‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺣﺔ اﻠﺒﻴﺌﻴﺔ‪.‬‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺣﺔ اﻠﺼﺤﺮاوﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻮﻃﻦ اﻠﻌﺮﺑﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻤﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﻼت ﻣُﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫اﻠﺘﺮﻜﻴﺐ اﻠﺪاﺧﻟﻲ ﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺮﻋﺮ ﺑﺎﻠﻣﻣﻟﻛﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ اﻠﺳﻌﻮدﻳﺔ‪.‬‬ ‫اﻠﺘﻮزﻳﻊ اﻠﻣﻛﺎﻧﻲ ﻠﻟﺳﻛﺎن ﻓﻲ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﺮﻋﺮ ﺑﺎﻠﺳﻌﻮدﻳﺔ‪.‬‬ ‫ﺴﻴﺎﺴﺎت اﻠﺘﻨﻣﻴﺔ اﻠﻣﻛﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﻣﻟﻛﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ اﻠﺳﻌﻮدﻳﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺮاﺣﻞ اﻠﺘﻮﺴﻊ اﻠﻣﻮرﻓﻮﻠﻮﺠﻲ ﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﻣﺎن ﺑﺎﻻردن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺰﺣﻒ اﻠﻌﻣﺮاﻧﻲ ﻋﻟﻰ اﻻراﺿﻲ اﻠﺰراﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ارﺑﺪ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺳ ـ ــﺘﻗﺮات اﻠﺒﺷ ـ ــﺮﻳﺔ ﻓ ـ ــﻲ ﻠـ ـ ــﻮاء ﻋﺟﻟ ـ ــﻮن واﻠ ﺟ ـ ــﺰء اﻠﺟﻨـ ـ ــﻮﺑﻲ‬ ‫ﻤﻦ ﻘﻀﺎء ﺣﻮران )‪.(١٥٩٦‬‬ ‫اﻠـﺮﺣﻼت اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴـﺔ ﻓــﻲ اﻠﺘـﺮاث اﻠﻌﺮﺑـﻲ ا ٕﻻﺴــﻼﻤﻲ ﻓـﻲ اﻠ ﻗ ـﺮﻧﻴﻦ‬ ‫اﻠﺮاﺑﻊ واﻠﺨﺎﻤﺲ اﻠﻬﺟﺮﻳﻴﻦ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫)‪ ( ١٦‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩١‬‬ ‫غ ‪ . (T4”2) 17ur own time T4T”-T4”3,‬غ‪-hall‬ﺦ‪(T6) 9in‬‬ ‫غ‪ Kvor Nickolson and Oatson ltd.‬غ‪volume 5‬‬ ‫‪e T”I.‬ﺦ‪pa‬غ‪London‬‬ ‫‪Paris‬غ‪ p. T4W‬غ ‪1Europe T4T4-T43“,‬غ‪R. AC.‬غ‪(TW) Parker‬‬ ‫‪(T4) ibid. p. 5I T.‬‬ ‫‪(5I ) ibid. p. 5I 3.‬‬ ‫)‪ ( ٢١‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٤‬‬ ‫‪op. cit. p. “TW.‬غ‪Frank P. and his jriends‬غ‪(55) Chambers‬‬ ‫)‪ ( ٢٣‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٤‬‬ ‫‪R. AC. op. cit. p. 5I 3‬غ‪(53) Parker‬‬ ‫)‪ ( ٢٥‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٤‬‬ ‫‪T4”2-T4”4,‬غ‪O . . (T435) 1 tep by step‬غ‪(52) Churchill‬‬ ‫‪p. “T.‬غ‪London‬غ‪Macmillan and Co. ltd.‬‬ ‫)‪ ( ٢٧‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٥٢‬‬ ‫‪O . . op. cit. p. W6‬غ‪(5W) Churchill‬‬ ‫‪O . . ibid. p. WW‬غ‪(54) Churchill‬‬ ‫)‪ ( ٣٠‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٥٢‬‬ ‫)‪ ( ٣١‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٤٨‬‬ ‫” ‪R. AC. p. 5I‬غ‪(”5) Parker‬‬ ‫)‪ ( ٣٣‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٥‬‬ ‫)‪ ( ٣٤‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٤٩‬‬ ‫‪Frank P. op. cit. p. “T4‬غ‪(”“) Chambers‬‬ ‫)‪ ( ٣٦‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٥‬‬ ‫‪Frank P. op. cit. p. “T4‬غ‪(”6) Chambers‬‬ ‫)‪ ( ٣٨‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٥‬‬ ‫‪Frank P. op. cit. p. “T4‬غ‪(”4) Chambers‬‬ ‫‪(3I ) ibid. p. “T4‬‬ ‫‪(3T) ibid. p. “T4‬‬ ‫‪(35) ibid. p. “5I‬‬ ‫‪(3”) ibid. p. “5I‬‬ ‫)‪ ( ٤٤‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٥‬‬ ‫)‪ ( ٤٥‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٦‬‬ ‫)‪ ( ٤٦‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٦‬‬ ‫‪(36) Churchill، O . . op. cit. p. “T‬‬ ‫‪(3W) ibid. p. 25‬‬ ‫)‪ ( ٤٩‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٦‬‬ ‫‪(“I ) Churchill، O . . op. cit. p. W6‬‬ ‫)‪ ( ٥١‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٤٩‬‬ ‫‪(“5) Churchill، O . . op. cit. p. “5‬‬ ‫)‪ ( ٥٣‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٥٢‬‬ ‫)‪ ( ٥٤‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٨- ٢٩٧‬‬ ‫)‪ ( ٥٥‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٥١‬‬ ‫)‪ ( ٥٦‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٥٠‬‬ ‫)‪ ( ٥٧‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٥٠‬‬ ‫)‪ ( ٥٨‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٨‬‬ ‫)‪ ( ٥٩‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٩٩‬‬

‫)‪ ( ٦٠‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٥٢‬‬ ‫‪O . . op. cit. p. “6‬غ‪(2T) Churchill‬‬ ‫‪(25) ibid. p. “5‬‬ ‫)‪ ( ٦٣‬ﺑﻴﻴﺮوﻧﻮﻓﻦ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٤٤٩‬‬ ‫)‪ ( ٦٤‬اﻠﺒﻄﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻋﺒﺪاﻠﺤﻣﻴﺪ‪ ،‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٣٠٠‬‬ ‫)‪ ( ٦٥‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٣٠٠‬‬ ‫)‪ ( ٦٦‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٣٠٠‬‬ ‫)‪ ( ٦٧‬اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٣٠١‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٦‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬

‫د‪ .‬ﺧــﺎﻟﺪ ﻋﺰب‬

‫مدير ٕادارة ا ٕالعالم بمكـتبة ا ٕالسكندرية‬ ‫ٔ‬ ‫رئيس تحرير مجلة ابجديات‬ ‫ا ٕالسكندرية – جمهورية مصر العربية‬ ‫‪Khaledazab66@hotmail.com‬‬

‫هن ــاك ٕاجابـ ــات عديـ ــدة عل ــى هـ ــذا السـ ــؤال‪ ،‬بعض ــها مفـ ــرط فـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاجاباتــه علــى نحــو ان االهتمــام يكــون بهــدف الوصــول للحقيقــة المجــردة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫لكن هذه ا ٕالجابة تكون كاملة لو كان الهدف علمي بحت او للتعـرف علـى‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫الماضــي ومــا بــه مــن مــاثر‪ ،‬او لدراســة الســلبيات وا ٕاليجابيــات فــي تــاريخ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫البش ــرية‪ ،‬او الن ــه مك ــون اساسـ ـي م ــن المكون ــات الثقافي ــة الي ش ــعب‪،‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وحقيق ـ ــة االم ـ ــر ان ك ـ ــل م ـ ــا س ـ ــبق ُيع ـ ــد ٕاجاب ـ ــة مبدئي ـ ــة ح ـ ــول الس ـ ــؤال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المطــروح‪ ،‬الن ا ٕالجابــة الواقعيــة هــي ان كــل مــا ســبق لــيس ســوى نتيجــة‬ ‫ٔ‬ ‫الهتمامنــا بالتــاريخ‪ ،‬فالتــاريخ اســاس لتثقيــف المجتمــع و ٕارشــاده لقواعــد‬ ‫الس ــلم والح ــرب و ٕادارة ش ــئون الدول ــة والتخط ــيط لمس ــتقبلها‪ ،‬م ــن هن ــا‬ ‫يتحــول مفهــوم التــاريخ مــن نطــاق العلــوم النظريــة ٕالــى العلــوم العمليــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫النــه علــم يـرتبط بوجــود الدولــة وعناصــرها المتمثلــة فــي االرض والشــعب‬ ‫ً ٔ‬ ‫والسلطة السياسية ويعبر عنهم جميعا بانهم هوية الوطن ووجوده‪.‬‬ ‫لذا عندما يعود الحاضر ٕالى الماضي‪ ،‬يكون الماضـي مركـز قـوى‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫وغالبا ما يكون التفكير في التاريخ في شكل سؤال يتارجح ما بين ما هـو‬ ‫ٔ‬ ‫التاريخ؟ ولمن يكون؟ مثـل هـذه االسـئلة ضـرورية لوجـود التـاريخ‪ ،‬ف ٕـاذا‬ ‫ٔ‬ ‫كان الماضي بدون فجوات او مشـاكل لمـا اكـتملـت مهمـة المـؤرخ‪ ،‬حيـث‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان الت ـ ــاريخ ُيع ـ ــد ن ـ ــوع م ـ ــن ان ـ ــواع الج ـ ــدل‪ ،‬فه ـ ــو ج ـ ــدل ب ـ ــين الحاض ـ ــر‬ ‫ً‬ ‫مستقبال‪.‬‬ ‫والماضي‪ ،‬وجدل بين ما حدث بالفعل وما سيحدث‬ ‫ٔ‬ ‫يروي المؤرخون القصص ساعيين بذلك ٕالقناعك بـبعض االفكـار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فاالس ــاليب الت ــي يتبعونه ــا تق ــوم عل ــى الحقيق ــة‪ ،‬حي ــث انه ــم يق ــدمونها‬ ‫ٕبانصاف حتى ٕاذا ٔاساءت ٕالـى الـبعض‪ ،‬كمـا يتوجـب علـيهم ترتيبهـا تر ً‬ ‫تيبـا‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎل‪:‬‬ ‫خال ـ ـ ــد محم ـ ـ ــد ع ـ ـ ــزب‪ ،‬مس ـ ـ ــتقبل الت ـ ـ ــاريخ‪ -.‬دوري ـ ـ ــة ك ـ ـ ــان‬ ‫التاريخي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ -.‬الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد الخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامس؛ س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبتمبر‪.٢٠٠٩‬‬ ‫ص ‪(www.historicalkan.co.nr) . ١٩ – ١٧‬‬

‫الماضــي تســاؤالت عديــدة‪ ،‬للماضــي علــم يدرســه‬ ‫ٔ‬ ‫هو التاريخ‪ ،‬الذي اصبح هو ذاته محـل تسـاؤالت‬ ‫مثيـ ــرة‪ ،‬فـ ـ ٕـالى اليـ ــوم ُيقـ ــدم التـ ــاريخ مـ ــن خـ ــالل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كـتابــات المــؤرخين ســواء فــي الكـتــب او المجــالت العلميــة او الثقافيــة او‬ ‫ٔ‬ ‫الصحف‪ ،‬لكن مع تقدم وسائل التكنولوجيا باتت االفالم الوثائقية مادة‬ ‫خصبة تجذب الكـثيرين للتاريخ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫علــم التــاريخ موضــوعه دراســة احــوال المجتمعــات الماضــية‪ ،‬اي‬ ‫ٔ‬ ‫دراســة تطــور ا ٕالنســان ومــا انتجــه مــن منجـزات حضــارية‪ ،‬ومــا تركـتــه هــذه‬ ‫ٔ‬ ‫المنج ـزات مــن تــاثير فــي تطــور الحضــارة المعاصــرة‪ ،‬هــذا التعريــف ُيعــد‬ ‫متقدما ً‬ ‫ً‬ ‫جدا عـن موضـوع علـم التـاريخ ق ً‬ ‫ـديما حيـث كـان الغـرض الرئيسـي‬ ‫ٔ‬ ‫مـ ــن التـ ــاريخ مـ ــدح ولـ ــي االمـ ــر وتمجيـ ــد الدولـ ــة‪ ،‬لـ ــذا لـ ــم يهـ ــتم قـ ــدامى‬ ‫المـ ــؤرخين بالحيـ ــاة اليوميـ ــة للبشـ ــر‪ ،‬لـ ــذا كـ ــان التـ ــاريخ قـ ـ ً‬ ‫ـديما ً‬ ‫انتقائيـ ــا‬ ‫ٔ‬ ‫فالمؤرخين كانوا ينتقون االحداث والوقائع التي يؤرخوهـا )القصـص التـي‬ ‫ٔ‬ ‫يس ــردها المؤرخ ــون م ــن الماض ــي( مرك ــزين عل ــى االح ــداث الت ــي تج ــذب‬ ‫انتباهنا‪ ،‬وذلك ما يدفعنا للقيام بقصها على المعاصرين‪.‬‬ ‫ُتعــد لهــذا كلــه كـتــب التــاريخ كنــوز دفينــة‪ ،‬فهــي عمــل مفصــل قــام‬ ‫بسرده المؤرخون‪ً ،‬‬ ‫ودائما ما تغمرنا هذه الكـتب بالسعادة حيث الحنين‬ ‫ٕالى الماضي‪ ،‬ولكـن لـيس هـذا كـل شـيء بالنسـبة للمـؤرخين المعاصـرين‬ ‫ٔالننــا لســنا فقــط فــي حاجــة لتقــديم الماضــي بــل ٔا ً‬ ‫يضــا لشــرحه وتفســيره‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فالوصــول ٕالــى ســياق اوســع للقصــة يكــون غيــر قاصــر فقــط علــى احــداثها‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫المتتاليــة و ٕانمــا ٔا ً‬ ‫يضــا للمغــزى مــن وراء هــذه االحــداث خاصــة ان اهــداف‬ ‫عل ــم التـ ــاريخ ٓاالن ٔاصـ ــبحت ٔاوس ــع َ‬ ‫نطاقـ ـ ًـا ٔواكـثـ ــر ً‬ ‫تنوع ــا‪ .‬لكـ ــن السـ ــؤال‬ ‫ٓ‬ ‫المطروح االن هو لماذا نهتم بالتاريخ؟‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٧‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫زمني ــا وجغر ًافي ــا‪ ،‬وتق ــديم اعمــال م ــن ســماتها ج ــذب االنتبــاه‪ ،‬س ــاعيين‬ ‫بذلك للوصول لسياق شيق وممتع يتناسب مع الماضي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫نستخلص من هذا ان الماضي ليس القصـة التـي تـروي وحسـب‪،‬‬ ‫ولكنه في مجمله مشوش وغير مرتب ٕالى حد ما ويتسم بالتعقيد كالحيـاة‬ ‫التي نحياها‪ ،‬فالتاريخ يخلق الشـعور بـالحيرة‪ ،‬وذلـك مـن خـالل السـعي‬ ‫للوصــول ٕالــى نم ــوذج وســياق ومعنــى وقصــص ســهلة للقــارئ‪ ،‬م ــن هنــا‬ ‫ٔ‬ ‫نستطيع ان نعود ٕالى الماضي لكي نفهم حقيقة التاريخ في الماضي‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫التــاريخ تغيــر مفهومــه ومضــمونه مــن عصــر هيــرودت و ٕالــى االن‪،‬‬ ‫لكــن التغيــر الحقيقــي كــان فــي فتــرة االنتقــال ٕالــى عصــر الثــورة الصــناعية‬ ‫والدولــة المعاصــرة‪ ،‬باعتبــاره جــزء ممــا س ـمى العلــوم ا ٕالنســانية بشــكلها‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫الحديث كالية من اليات السلطة التي تعمل على السيطرة على المجتمـع‬ ‫من خالل التعليم واالنضباط و ٕاعادة ترتيب مدركات وذاكرة المجتمع‪.‬‬ ‫ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‬ ‫إذا ﻛـــﺎن اﻟﺘـــﺎرﻳﺦ ﻗـــﺪ ﺗﻐﻴـــﺮ ﻋﺒـــﺮ اﻟﻌﺼـــﻮر‪،‬‬ ‫ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ اﻵن ﻣﺮة أﺧﺮى؟‬

‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺇﱃ ﺃﻳﻦ؟‬

‫قـ ـ ً‬ ‫ـديما كانـ ــت كـ ــل دولـ ــة تحـ ــتفظ بوثائقهـ ــا داخـ ــل دار الوثـ ــائق‬ ‫ٓ‬ ‫القومية‪ ...‬االن كل دولة تسعى ٕالى ٕاتاحة هذه الوثائق والتعريف بها عبر‬ ‫ٔ‬ ‫شبكة ا ٕالنترنت‪ ،‬وهناك منهجان في هذا الصـدد‪ ،‬االول تطبقـه الواليـات‬ ‫المتحــدة‪ٕ ،‬باتاحــة مــا تـراه غيــر ضــار بسياســتها الجاريــة مــن وثــائق كاملــة‬ ‫ٔ‬ ‫علــى شــبكة ا ٕالنترنــت‪ ،‬والمــنهج الثــاني لــدى االرشــيف البريطــاني الــذي‬ ‫يتيح بيانات وصفية كاملة للوثائق المتاحة لالطالع‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لكــن العــالم يتجــه االن ٕالــى مــا هــو اوســع مــن ذلــك اال وهــو ٕاقامــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مواقع ٕالكـترونية او مكـتبات رقمية او ذاكرة تاريخية على شـبكة ا ٕالنترنـت‬ ‫لكــل دولــة‪ ،‬هــذا النــوع مــن المواقــع صــارت الحاجــة لــه ملحــة لســببين‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االول‪ ،‬ويتمث ــل ف ــي ٕاقب ــال االجي ــال الجدي ــدة علـ ـى تك ــوين ثقافته ــا عب ــر‬ ‫الوســيط الرقمــي ولــيس عبــر الوســائط الناقلــة للمعرفــة والعلــم فــي صــورها‬ ‫المض ــادة س ـ ً‬ ‫ـابقا‪ .‬الث ــاني‪ ،‬تع ــدد الم ــواد والمص ــادر التاريخي ــة‪ ،‬وه ــو م ــا‬ ‫ٓ‬ ‫يجعــل مــن ب ـرامج الحاســب اال لــي ميــزة كبيــرة فــي ربــط هــذه المــواد مــع‬ ‫بعضــها الــبعض لتعطــي مــن مــدخالت متعــددة نتــائج متكاملــة لم ـدخل‬ ‫واحد مطلوب البحث عنه‪.‬‬ ‫فم ـ ــن المص ـ ــادر التاريخي ـ ــة الجدي ـ ــدة الم ـ ــواد ا ٕالذاعي ـ ــة‪ ،‬الم ـ ــواد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التليفزيونية‪ ،‬ارشيف ا ٕالنترنت‪ ،‬الصحافة‪ ،‬الصور الفوتوغرافية‪ ،‬االفـالم‬ ‫ٔ‬ ‫السـ ـ ــينمائية‪ ،‬االفـ ـ ــالم التسـ ـ ــجيلية‪ٕ ،‬اضـ ـ ــافة ٕالـ ـ ــى المصـ ـ ــادر التقليديـ ـ ــة‬ ‫ٓ‬ ‫كالكـتــب‪ ،‬والــدوريات‪ ،‬والوثــائق‪ ،‬والعمــالت‪ ،‬وطوابــع البريــد‪ ،‬واالثــار‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫ه ــذه الم ــواد ً‬ ‫جميع ــا م ــن الممك ــن ف ــي حال ــة وص ــفها ف ــي بطاق ــة‬ ‫ٔ‬ ‫وص ــفية ش ــاملة تتض ــمن الكلم ــات الت ــي يمك ــن ان يبح ــث م ــن خالله ــا‬ ‫المستخدم عن هذه المادة تشـكل مرجعيـة السـتعادة المـادة عبـر البحـث‬ ‫ٓ‬ ‫علــى شاشــة الحاســب اال لــي‪ ،‬وهنــاك مــداخل متعــددة لتصــميم الصــفحة‬ ‫الرئيس ــية للموق ــع الرئيس ــي‪ ،‬منه ــا م ــداخل تتب ــع موض ــوع البح ــث مث ــل‪:‬‬ ‫الحكــام‪ ،‬رؤســاء الــوزراء‪ ،‬الموضــوعات كالحيــاة السياســية‪ ،‬االقتصــادية‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫االجتماعيــة‪ ،‬الثقافيــة‪ ،‬والفنيــة‪ ،‬والحيــاة العلميــة‪ٕ ،‬اضــافة ٕالــى االحــداث‬ ‫الهامــة‪ ،‬فضـ ًـال عــن الشخصــيات العامــة فــي مقابــل البحــث بالموضــوع‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫هنــاك ٔا ً‬ ‫يضــا البحــث مــن خــالل المــواد مثــل‪ :‬الصــور‪ ،‬الوثــائق‪ ،‬االفــالم‪،‬‬ ‫التسـ ـ ــجيالت الصـ ـ ــوتية‪ ،‬الخطـ ـ ــب‪ ،‬الصـ ـ ــحف والمجـ ـ ــالت‪ ،‬الخ ـ ـ ـرائط‪،‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ ٔ‬ ‫حقيقــة االمــر ان الماضــي يــتم اســترجاعه فــي الحاضــر حيــث يــتم‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاعـ ــادة ٕانشـ ــاء الصـ ــلة بينهمـ ــا‪ ،‬خاصـ ــة ان عمليـ ــة كـتابـ ــة التـ ــاريخ مليئـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫باالس ــئلة؟ وهن ــاك عنص ــر م ــا يج ــذبنا نح ــو الماض ــي ويحثن ــا عل ــى دراس ــة‬ ‫ٓ‬ ‫التاريخ حيث لم يكن الناس يعيشون كما نعيش نحن االن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لكــي نــدرك هــذا البــد ان نــدرك ان الطباعــة غي ـرت حيــاة البشــر‪،‬‬ ‫فالكـتــاب المطبــوع والصــحيفة والمنشــور وبطاقــات الــدعاوي وغيرهــا مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ان ــواع المطبوع ــات خلق ــت مجتمع ــات مغ ــايرة ع ــن مجتمع ــات م ــا قب ــل‬ ‫الطباع ــة‪ ،‬فا ٕالنس ــان ص ــار ق ــارئ مثق ــف ك ــائن اتص ــالي جي ــد‪ ،‬كم ــا غي ــر‬ ‫التلغراف من طبيعة االتصال بين المجتمعات والدول‪ ،‬وا ٕالذاعـة صـارت‬ ‫ٔ‬ ‫فــي كــل ركـن مــن اركــان حيــاة ا ٕالنســان اليوميــة‪ ،‬كــذلك التليفزيــون الــذي‬ ‫ٔ‬ ‫صار دوره نقل الوقائع مشـاهدة للنـاس فـي امـاكنهم البعيـدة‪ ،‬بـل ٕان كـل‬ ‫ٓ‬ ‫هــذه ٔاالدوات صــارت ً‬ ‫تاريخيــا نعــود ٕاليــه االن لنشــاهد التــاريخ ً‬ ‫مرجعــا ً‬ ‫حيــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔاو مقـ ً‬ ‫ـروءا مــن مصــادره االصــلية ولــيس عبــر وســيط‪ ،‬ومــع ظهــور االفــالم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الوثائقية السيما افالم الحـربين العـالميتين االولـى والثانيـة‪ ،‬صـارت هـذه‬ ‫ٔ‬ ‫االف ـ ــالم وس ـ ــيلة ممت ـ ــازة لرواي ـ ــة الت ـ ــاريخ‪ ،‬وص ـ ــارت الص ـ ــورة الحي ـ ــة م ـ ــع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الس ـ ـ ــيناريو المحك ـ ـ ــم وال ـ ـ ـراوي هم ـ ـ ــا اداة الت ـ ـ ــاثير الرئيس ـ ـ ــية لالح ـ ـ ــداث‬ ‫التاريخية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫في الماضي كانت السير الشعبية تقوم مقـام االفـالم الوثائقيـة فـي‬ ‫ٔ‬ ‫تس ــلية الجمه ــور‪ ،‬غي ــر ان ال ـراوي ف ــي الس ــير الش ــعبية ك ــان يض ــفي عل ــى‬ ‫روايتــه حبكــة روائيــة مســلية خــارج الســياق الحقيقــي للحــدث التــاريخي‪،‬‬ ‫وهو يضاهي هنا ما يعرف اليوم بالمسلسالت التاريخية‪ ،‬لذا ٕفان التـاريخ‬ ‫ٔ‬ ‫الحقيقي هو الذي يوضح لنا امور مختلفة لشعوب مختلفـة‪ ،‬وتطـور مهـارة‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالنسان في التاريخ للماضي هي المحك لرغبة هذا ا ٕالنسان في االسـتفادة‬ ‫م ــن ه ــذا المخ ــزون المتـ ـراكم للمعرف ــة والخب ــرة ا ٕالنس ــانية‪ .‬فالت ــاريخ ٕاذن‬ ‫بالنسبة للمجتمع بمثابة الذاكرة‪.‬‬ ‫مــن هنــا فـ ٕـان مســتقبل التــاريخ لــن يكــون فــي كـتــب تعتمــد علــى‬ ‫النصوص فقط‪ ،‬بل سيعتمد على نوع جديـد مـن الكـتـب التاريخيـة تقـوم‬ ‫ٔ‬ ‫باالساس على الصورة والرسومات )الجرافيك( الشيقة‪ ،‬هـذا النـوع يعـرف‬ ‫ٔ‬ ‫بكـتب القهـوة ‪ coffee books‬الن الفـرد يتصـفحها للتسـلية والمعرفـة فـي‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوقات الفراغ‪ ،‬والنها ستكون منـافس حقيقـي لشاشـات التلفـاز وا ٕالنترنـت‬ ‫فــي جــذب عــين القــارئ لمشــاهدتها وقراءتهــا‪ ،‬وقــد يلحــق بهــذا النــوع مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الكـت ـ ـب ‪ CD‬او ‪ DVD‬عليـ ــه فـ ــيلم او لق ـ ــاء او تسـ ــجيل لحـ ــدث م ـ ـرتبط‬ ‫ٔ‬ ‫بموضـ ـ ــوع الكـتـ ـ ــاب‪ .‬امـ ـ ــا الكـتـ ـ ــب التاريخيـ ـ ــة المحققـ ـ ــة كالمخطوطـ ـ ــات‬ ‫فس ـ ــيكون موض ـ ــعها المكـتب ـ ــات الرقمي ـ ــة عل ـ ــى ش ـ ــبكة ا ٕالنترن ـ ــت‪ ،‬ول ـ ــذا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫سينحص ــر دور الم ــؤرخ مس ـ ً‬ ‫ـتقبال ف ــي الدراس ــات اال كاديمي ــة او المج ــالت‬ ‫ٔ‬ ‫المتخصص ــة او ف ــي المس ــاعدة ف ــي تق ــديم المـ ـادة التاريخي ــة عل ــى ش ــبكة‬ ‫ا ٕالنترنت‪ ،‬با ٕالضافة لـدور المـؤرخ فـي تفسـير التـاريخ والبحـث فـي ثغراتـه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫فلــن تكــون هنــاك امــة لــيس لــديها موقــع تــاريخي شــامل لهــا علــى شــبكة‬ ‫ا ٕالنترنت‪ ،‬من هنا جاء اهتمام مكـتبة الكونجرس بهذا الموضوع‪ ،‬والـذي‬ ‫لــم يقتصــر علــى مجــرد ذلــك فحســب بــل ســعت ٕالــى ٕاقامــة مكـتبــة تراثيــة‬ ‫ٔ‬ ‫عالمية باالشتراك مع اليونسكو تضم نوادر التراث العالمي لكل امـة علـى‬ ‫ٔ‬ ‫شبكة ا ٕالنترنت تشارك فيها دول العالم بتقديم افضل ما لديها مـن مـواد‬ ‫ٔ‬ ‫تاريخية وارشيفية ووثائقية‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٨‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫النق ـ ـ ــود‪ ،‬طواب ـ ـ ــع البري ـ ـ ــد‪ ،‬الكـت ـ ـ ــب‪ ،‬االوس ـ ـ ــمة والنياش ـ ـ ــين‪ ،‬االغلف ـ ـ ــة‬ ‫والملصقات‪ ،‬وا ٕالعالنات‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫لكــن هــذا كلــه يجــب ان ُيعــزز بمــواد تاريخيــة موضــوعية تشــرح‬ ‫ٔ‬ ‫ببســاطة كــل مــا يتعلــق بتــاريخ البلــد حيــث ان مســتخدم الموقــع يفتــرض‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫فيــه ٔان يكــون ً‬ ‫باحثــا عــن مــادة تاريخيــة يريــد ان يق ـرا حولهــا او ان يــتعلم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫قبل ان يستخدم هذا الكم الهائل مـن المـواد‪ ،‬و ٕاذا اضـفنا لـذلك مقـاالت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ودراس ــات لم ــؤرخين ف ــي ايقون ــه ‪ icon‬خاص ــة تتن ــاول قض ــايا بعينه ــا او‬ ‫تفسـ ًـيرا ٔاو شـ ً‬ ‫ـرحا لحــدث تــاريخي‪ ،‬يكــون الموقــع التــاريخي قــد اكـتملــت‬ ‫ٔ‬ ‫اركانه‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫بالدهم والحصول على حقوقهم‪ ،‬وانتم تستعرضون مشاهد مـن حيـاتهم‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اليومي ـ ــة‪ ،‬س ـ ــترونهم وكـ ـ ــانهم اش ـ ــخاص حقيقيـ ـ ــون يعمل ـ ــون ويقـ ـ ــاتلون‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يتعذبون ويناضلون‪ ،‬ويعيشون حيـاتهم بـادق تفاصـيلها‪ ،‬سـتاخذكم ٕالـى‬ ‫الم ــدن والق ــرى‪ ،‬هك ــذا س ــيكون مس ــتقبل الت ــاريخ‪ ،‬ص ــورة م ــن الماض ــي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫تبعث عبر شاشة الكومبيوتر كي تقراها االجيال القادمة‪.‬‬ ‫‪-------------------------------------‬‬

‫هكذا سيكون تقديم التاريخ للمجتمـع خـالل السـنوات القادمـة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫لكــن هنــاك فــروق بــين ان ُيقـرا التــاريخ مــن كـتــاب بــه نــص تــاريخي او مــن‬ ‫خالل موقع تاريخي على ا ٕالنترنت‪ ،‬هي كما يلي‪:‬‬ ‫الكـتاب التاريخي‬ ‫يقف عند رؤية مؤلفه للموضوع‬ ‫ينتهي العمل فيه بمجرد طباعته‬ ‫ال يتفاعل مع قارئه‬ ‫محدود التوزيع‬ ‫مادته محدودة على صفحاته‬ ‫ٔ‬ ‫لالجيال الحالية‬

‫الموقع التاريخي‬ ‫يدع القارئ يشكل رؤيته الخاصة به‬ ‫من خالل المواد المتاحة له‬ ‫يمكن تصحيح‬ ‫معلوماته وا ٕالضافة له‬ ‫تفاعلي حيث يمكن للقارئ‬ ‫المشاركة في ا ٕالضافة له‬ ‫ليس له حد في االنتشار‬ ‫مواده متعددة تخدم الموضوع‬ ‫الواحد وتتنوع بصورة تلفت‬ ‫عين المشاهد‬ ‫تاريخ للمستقبل‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بــل يمكــن ان يتفاعــل مســتخدم المكـتبــة او الموقــع التــاريخي مــع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫جمهوره سواء عبر البريد ا ٕال لكـتروني‪ ،‬او عبر فـتح نقـاش حـول مسـائل او‬ ‫قضــايا تاريخيــة محــددة‪ ،‬يشــارك فــي النقــاش علمــاء تــاريخ مــع الجمهــور‪،‬‬ ‫خاصــة فــي قضــايا تاريخيــة خالفيــة‪ٕ ،‬ان هنــاك ميــزة ٕاضــافية للمكـتبــات‬ ‫ٔ‬ ‫الرقميــة التاريخيــة‪ ،‬هــي انهــا بمثابــة ســجل وطنــي يحفــظ كــل مــا يتعلــق‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بتــاريخ الــوطن فــي ذاكــرة ال تختفــي وال تحتــرق بمــرور الــزمن او الي ســبب‬ ‫ٔ‬ ‫من االسـباب‪ ،‬فالوثـائق لـدى دار الوثـائق القوميـة‪ ،‬والمـواد التليفزيونيـة‬ ‫لــدى محطــة التلفــاز الوطنيــة‪ ،‬والنقــود لــدى البنــك المركــزي‪ ،‬والصــحف‬ ‫لدى المؤسسات التي تصدرها وهكـذا‪ ،‬لكـن المكـتبـة الرقميـة هـي الوعـاء‬ ‫الذي يجمع كل المواد التي لها عالقة بذاكرة الوطن‪.‬‬ ‫يعــزز مثــل هــذا النــوع مــن المكـتبــات الرقميــة المحتــوى الرقمــي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫للدولــة او االمــة علــى الشــبكة العنكبوتيــة التــي يجــرى الصــداع حولهــا مــن‬ ‫قبل العديد من الـدول والمؤسسـات الكـل يريـد مـؤطئ قـدم لـه علـى هـذه‬ ‫الشبكة ٕا ً‬ ‫ثباتا لهويته وشخصيته‪.‬‬ ‫ٕان الــذاكرة الرقميــة التاريخيــة تشــبه الفــيلم الســينمائي فــي عرضــه‬ ‫للمشــاهد التــي ســرعان مــا تتحــول ٕالــى ذاكــرة ا ٕالنســان‪ ،‬بعضــها مشــاهد‬ ‫ينساها وبعضها يتذكرها في موقف ما‪.‬‬ ‫ستعود بكم الذاكرة سـنين طـوال ٕالـى الـوراء فتـردكم ٕالـى الماضـي‬ ‫ٔ‬ ‫الــذي لــم نكــن نحــن جـ ًـزءا مــن مشــاهده يــوم ان كانــت بالدنــا فــي بــدايات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫نهض ــتها المعاص ــرة‪ ،‬حي ــث ك ــان اج ــدادنا يناض ــلون م ــن اج ــل تح ــديث‬

‫ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎت اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺰب‪:‬‬

‫ٔ‬ ‫فــوة مدينــة المســاجد‪ ،‬كـتــاب صــدر عــن مؤسســة االه ـرام‬ ‫‪١٩٨٩‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫المسـ ـ ـ ــلمون واكـتشـ ـ ـ ــاف االمـ ـ ـ ــريكـتين‪ ،‬دار الصـ ـ ـ ــحوة‪،‬‬ ‫القاهرة ‪١٩٩٣‬م ‪.‬‬ ‫مشكلة الميـاه وحلولهـا فـي التـراث ا ٕالسـالمي كـتـاب صـدر‬ ‫ع ــن مرك ــز جمع ــة الماج ــد للثقاف ــة والتـ ـراث ودار الق ــدس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالق ــاهرة ‪١٩٩٥‬م ‪.‬ق ــام بتقديم ــه االس ــتاذ ال ــدكـتور احم ــد‬ ‫ٔ‬ ‫فؤاد باشا االستاذ بكلية العلوم في جامعة القاهرة‪.‬‬ ‫بخــاري الشــريفة تاريخهــا وتراثهــا الحضــاري‪ ،‬كـتــاب صــدر‬ ‫عن مكـتبة مدلولي‪ ،‬القاهرة ‪.١٩٩٦‬‬ ‫القـ ــدس‪ ،‬المدين ـ ــة والتهويـ ــد‪ ،‬المركـ ــز العـ ــالمي للتوثيـ ــق‬ ‫والدراسات‪.‬‬ ‫فقــه العمــارة ا ٕالســالمية‪ ،‬دار النشــر للجامعــات المصــرية‪،‬‬ ‫‪. ١٩٩٧‬‬ ‫ٔ‬ ‫تخطيط وعمارة المـدن ا ٕالسـالمية كـتـاب االمـة العـدد ‪٥٨‬‬ ‫قطر ‪.١٩٩٧‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫الفس ــطاط‪ ،‬النش ــاة ‪ ..‬االزده ــار ‪ .‬واالنحس ــار‪ ،‬دار االف ــاق‬ ‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪.١٩٩٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االهرامــات المصــرية اســطورة البنــاء والواقــع باالشــتراك‪،‬‬ ‫دار عين القاهرة ‪.٢٠٠٠‬‬ ‫المــدن التراثيــة فــي العــالم ا ٕالســالمي‪ ،‬كـتــاب الجمهوريــة‬ ‫القاهرة ‪.٢٠٠١‬‬ ‫شارك في تحرير دائرة سفير للمعارف ا ٕالسالمية‪.‬‬ ‫شارك في تحرير و ٕاعداد بنـك المعلومـات ا ٕالسـالمي لـوزارة‬ ‫ٔ‬ ‫االوقاف الكويتية‪.‬‬ ‫تراث العمارة ا ٕالسالمية عن دار المعارف ‪.٢٠٠٣‬‬ ‫تـ ـ ـراث الحض ـ ــاري و المعم ـ ــاري للم ـ ــدن ا ٕالس ـ ــالمية‪ ،‬دار‬ ‫الكـتب العلمية ‪.٢٠٠٤‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٩‬‬


‫دﻣﺸﻖ‬

‫اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت‬

‫م‪.‬ﻣﺮﻳﻢ ﺑﺸﻴﺶ‬ ‫ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ دراﺳﺎت ﺗﺮاث ﻋﺎﻟﻤﻲ‬ ‫داﺋﺮة آﺛﺎر ﺣﻤﺺ – اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻶﺛﺎر واﻟﻤﺘﺎﺣﻒ‬

‫اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ‬ ‫‪ashtarb@care2.com‬‬

‫‪ ‬اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ‪:‬‬ ‫ﻤﺮﻳﻢ ﺑﺷﻴﺶ‪ ،‬دﻤﺷـﻖ "اﻠﺘـﺎرﻳﺦ ﻋﺒـﺮ اﻠﻣﺨﻄﻮﻃـﺎت"‪ - .‬دورﻳـﺔ‬ ‫ﻜـ ـ ـ ـ ــﺎن اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴـ ـ ـ ـ ــﺔ‪ - .‬اﻠﻌـ ـ ـ ـ ــﺪد اﻠ ﺨـ ـ ـ ـ ــﺎﻤﺲ؛ ﺴـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻣﺒﺮ‪.٢٠٠٩‬‬ ‫ص ‪(www.historicalkan.co.nr) .٢٧ - ٢٠‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫دﻤﺷ ــﻖ اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ‪ /‬اﻠﻌﺎﺻـ ــﻣﺔ اﻻﻘ ــﺪم و اﻻو ﺣـ ــﺪ اﻠﺘ ــﻲ ﻠـ ــﻢ ﺗﻬ ﺟ ــﺮ اﺑـ ــﺪا‬ ‫ٓ‬ ‫وﻤـﺎزال ﻓﻴﻬــﺎ اﻠ ﺳـﻛﻦ ﻘﺎﺋﻣــﺎ ﻋﺒــﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻬـﺎ و ﺣﺘــﻰ اﻻن‪ .‬ﻠﻬـﺬا ﺗــﺬﺧﺮ دﻤﺷــﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠـﻴﺲ ﺑﺎﻻواﺑــﺪ و اﻻ ﻤــﺎﻜﻦ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴــﺔ ﻓ ﻗـﻂ ﺑــﻞ ﺑﻌﺒــﻖ اﻠﺳــﻨﻴﻦ و اﻠﻴﺎﺴــﻣﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺘـﺪﺛﺮ ﺑﻛــﻞ رﻜــﻦ و ﻜــﻞ زاوﻳــﺔ ﻓــﻲ ارﺿـﻬﺎ وﻜــﻞ ﻧﺳــﻣﺔ ﻤــﻦ ﻫﻮاﺋﻬــﺎ و ﻜــﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﻄـﺮة ﻤــﻦ ﻤﺎﺋﻬـﺎ‪ .‬ﺗ ـﺮاث دﻤﺷـﻖ وﺴــﺤﺮﻫﺎ اﻠﻼﻤـﺎدي و اﻠﻣﻛﻣــﻞ اﺑـﺪا ﻠﺘﺮاﺛﻬــﺎ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻣﺎدي ﻳﺟﻌﻟﻬﺎ ﻤﺮﻜﺰ ﺠﺬاب و ﻤﻬﻢ ﻻﻫﻟﻬﺎ اوﻻ و ﻠﻛﻞ ﺴﺎﺋﺢ و ﻤﻬﺘﻢ‪.‬‬ ‫ذﻜﺮت دﻤﺷﻖ ﺑﺎﺴﻢ )داﻤﺎﺴﻛﻲ ‪ ( Damaski -‬ﻓـﻲ رﻘـﻢ اﻳـﺒﻼ )ﺣـﻮاﻠﻲ‬ ‫ﻋـﺎم ‪ ٢٠٠٠‬ق‪ .‬م ( ﻜﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻓــﻲ اﻠﺟﻨـﻮب ﻤــﻦ اﻳــﺒﻼ‪ .‬ﻜﻣـﺎ ذﻜــﺮ ا ﺴــﻢ دﻤﺷــﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻨﺼﻮص ﻤﺼﺮﻳﺔ اﻳﻀﺎ‪ .‬ﻫﻨﺎك اﻜـﺜﺮ ﻤﻦ ﺗﺎوﻳﻞ ﻻﺴﻢ دﻤﺷﻖ اﻠﺘـﻲ ﻳ ﻗـﺎل ﻠﻬـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﺎم اﻳﻀﺎ ٕﻓﺎﺣﺪى اﻠﺘﺎوﻳﻼت ﺗﺒﻴﻦ ان اﻻﺴﻢ "ﺸـﺎم" ﻧﺳـﺒﺔ ٕا ﻠـﻰ )ﺸـﻴﻢ ‪-‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ (Shem‬اﻻﺑــﻦ اﻻ ﻜﺒــﺮ ﻠﻨ ــﻮح و اﻠــﺬي ﺴ ــﻛﻦ اﻠﻣﻨﻄﻗــﺔ‪ ،‬او ﻘ ــﺪ ﻳﻛــﻮن ﻤ ــﻦ‬ ‫ﺠـﺬر اﻠﻛﻟﻣـﺔ ) ﺸــﻣﺎل( ﺣﻴـﺚ ﺗ ﻗــﻊ دﻤﺷـﻖ ﺠﻐﺮاﻓﻴــﺎ ﻓـﻲ اﻠ ﺷــﻣﺎل ﻤـﻦ ﺸــﺒﻪ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺟﺰﻳﺮة اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ‪ .‬ﺑﺎﻠﻟﻐﺔ اﻻراﻤﻴـﺔ ذﻜـﺮ اﻻ ﺴـﻢ )دارﻤﻴﺳـﺎك ‪( Darmeśeq -‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠـ ــﺬي ﻳﻌﻨـ ــﻲ "اﻠﻣﻛـ ــﺎن اﻠـ ــﻮاﻓﺮ اﻠﻣﻴـ ــﺎﻩ"‪ ،‬اﻤـ ــﺎ اﻻﺴـ ــﻢ ﺑﺎﻠﻟﻐـ ــﺔ اﻻﻧﻛﻟﻴﺰﻳ ـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (Damascus‬ﻓﻣ ــﺎﺧﻮذ ﻤ ــﻦ اﻠﻴﻮﻧ ــﺎﻧﻲ ﻋﺒ ــﺮ اﻠﻟﻐ ــﺔ اﻠﻼﺗﻴﻨﻴ ــﺔ و اﺻ ــﻟﻪ ﻤ ــﻦ‬ ‫اﻻ ﺴ ـ ــﻢ اﻠﻌﺮﺑـ ـ ــﻲ‪ .‬ﺴـ ـ ــﺟﻟﺖ دﻤﺷـ ـ ــﻖ ) اﻠﻣﺪﻳﻨـ ـ ــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣـ ـ ــﺔ ( ﻋﻟـ ـ ــﻰ ﻘﺎﺋﻣـ ـ ــﺔ "‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻴﻮﻧﺳــﻛﻮ" ﻠﻟﺘـ ـﺮاث اﻠﻌــﺎﻠﻣﻲ ﻋ ــﺎم ‪ ١٩٧٩‬ﻻﻧﻬــﺎ ﺗﻮاﻓ ــﻖ اﻠﺨﺼ ــﺎﺋﺺ )‪іі ، і‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪ ( vі ،іv ، ііі،‬اﻠﺘﻲ ﺗﻨﺎﺴﺐ ﻜﻮﻧﻬﺎ ﻤﻮﻘﻊ ﻤﻦ ﻤﻮاﻘﻊ اﻠﺘﺮاث اﻠﻌﺎﻠﻣﻲ‪.‬‬ ‫ﺗﻄﻮر اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‬ ‫ٕان اﻠﻣﻌﻄﻴﺎت اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ ﻠﻟﺘﻨﻗﻴﺐ ﻓﻲ ﺗﻞ اﺴﻮد ﻘﺮب اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻘـﺪ ﻳـﺮﺠﺢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋ ــﻮدة اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ٕا ﻠ ــﻰ ‪ ٤٠٠٠‬او ﺣﺘـ ــﻰ ‪ ٨٠٠٠‬ق‪.‬م‪ .‬ﻘ ــﺪ ﻳﻛ ــﻮن اﻠﺳ ــﻛﻦ ﻏﻴـ ــﺮ‬ ‫اﻠﻣﺘﻮﻘﻒ ﻠﺪﻤﺷﻖ ﻳﻌﻮد ﻠﻣﻮﻘﻌﻬـﺎ اﻠﺟﻐﺮاﻓـﻲ اﻠﻬـﺎم اﻠـﺬي ﺗﻨﺎزﻋـﺖ ﻋﻟﻴـﻪ ﻘـﻮى‬ ‫ﻤﺘﻨﻮﻋـﺔ ﻓـﻲ اﻠﺷـﺮق اﻠﻗـﺪﻳﻢ و ﻓﻴﻣـﺎ ﺑﻌـﺪ اﻠﺷـﺮق واﻠﻐـﺮب‪ .‬ﻜـﺎن ﻠﺪﻤﺷـﻖ ﻋﺒـﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘــﺎرﻳﺦ ازدﻫﺎرﻫ ــﺎ و ﻜﺒﻮاﺗﻬ ــﺎ ﻜﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ﻓﺘ ــﺎرة ﻫ ــﻲ اﻠﻌﺎﺻ ــﻣﺔ و ﺗ ــﺎرة اﻫﻣﻟ ــﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣﺪﻳﻨــﺔ و ﻠﻛ ــﻦ ﺑ ﻣــﺎ اﻧﻬ ــﺎ واﻘﻌــﺔ ﻋﻟ ــﻰ وا ﺣــﺪ ﻤ ــﻦ ا ﻫــﻢ ﻃ ــﺮق اﻠﺘﺟــﺎرة ﻓﻗ ــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻣﻟــﺖ دو ﻤ ــﺎ ﻋ ﻟــﻰ ان ﺗﺳ ــﺘﻣﺮ رﻏ ــﻢ ﻜــﻞ اﻠﺼ ــﻌﺎب‪ .‬ﺗﺘــﺎﻠﻲ اﻠﺤﻀ ــﺎرات ﻋﺒ ــﺮ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻬـﺎ اﻠﻄﻮﻳــﻞ ﺗــﺮك اﺛــﺎر ﻤﺘﻌــﺪدة اﻠﻄﺒ ﻗــﺎت ﻓــﻲ ﻤﺨﻄــﻂ ٕاﻧﺷــﺎء اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ‬ ‫ﺣﻴـ ــﺚ ﻜـ ــﻞ ﺛﻗﺎﻓـ ــﺔ )ﺣﻀـ ــﺎرة ( اﺴـ ــﺘﺨﺪﻤﺖ و ﻠﻌـ ــﺪة ﻘـ ــﺮون ﻧﻔـ ــﺲ اﻠﻣﻛ ـ ــﺎن‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)اﻠﻣﺮﻜـﺰ ( ﻤـﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ٕاﻤــﺎ ﺑﺎﻠﺒﻨـﺎء ﻋﻟـﻰ اﻻﺠ ـﺰاء اﻻﻘـﺪم او ٕﺑﺎﻋـﺎدة ا ﺴــﺘﺨﺪام‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺑﻨﻴـﺔ اﻠﺒﺎﻘﻴـﺔ ‪.. ،‬ا ﻠـﺦ‪ .‬ﻠــﺬﻠﻚ ﻓـﺎن اﻠﻄﺒﻗـﺎت اﻻﻘــﺪم ﻤـﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻏﻴــﺮ ﻤﻌﺮوﻓ ــﺔ ﺗﻣﺎ ﻤ ــﺎ ﻻن اﻠﻄﺒﻗــﺎت اﻻﺣ ــﺪث ﺗﻌﻟﻮﻫ ــﺎ ﻤﻣــﺎ ﻳﺟﻌ ــﻞ اﻠﺘﻨﻗﻴ ــﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺛﺮي ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻌﺐ او ﺸﺒﻪ ﻤﺳﺘﺤﻴﻞ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫و ﻫﻨـﺎ ا ﺣـﺎول ان اﻋــﺮض ﺗﻐﻴـﺮ ﺸــﻛﻞ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﻋﺒـﺮ ﻤﺨﻄﻄﺎﺗﻬــﺎ ﻓـﻲ اﻠﻔﺘ ـﺮات‬ ‫اﻠﺮﺋﻴﺳﺔ اﻠﻬﺎﻤﺔ ﻤﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﻓﻖ ﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻤﻦ ﻤﺮاﺠﻊ ﻠﻬﺬا اﻠﻬﺪف‪.‬‬

‫‪ - ١‬اﻟﻔﺘﺮة اﻵراﻣﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ اﻠﻔﺘ ــﺮة ﻜﺎﻧ ــﺖ دﻤﺷ ــﻖ ﻋﺎﺻ ــﻣﺔ ﻠﻣﻗﺎﻃﻌ ــﺔ اراﻤﻴ ــﺔ ﺻ ــﻐﻴﺮة‪ .‬وﻧﻈ ـ ـﺮا‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻀﺮورة وﺠﻮد ﻤﻌﺒـﺪ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨـﺔ ﻓـﻴﻣﻛﻦ اﻻﻓﺘـﺮاض ان اﻠﻣﻌﺒـﺪ اﻻراﻤـﻲ )ﻤﻌﺒـﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺪد ( ﻜﺎن ﻤﺘﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻤﻮﻘﻊ اﻠﺟـﺎﻤﻊ اﻻﻤـﻮي اﻠﺤـﺎﻠﻲ ﺣﻴـﺚ ﺣـﻮى اﻠﻣﻮﻘـﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻳﻀﺎ ﻤﻌﺒﺪ ﺠﻮﺑﻴﺘﻴﺮ اﻠﺮو ﻤـﺎﻧﻲ و ﻜﻨﻴﺳـﺔ ﻳﻮﺣﻨـﺎ اﻠﻣﻌﻣـﺪان اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴـﺔ‪ .‬ﻳـﺮﺠﺢ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ اﻻﻏﻟﺐ ان ﺸﺒﻛﺔ ﺠﺮ اﻠﻣﻴﺎﻩ ﻠﺮي اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻤﻦ ﻧﻬـﺮ ﺑـﺮدى ﺗـﻢ ﻤـﺪﻫﺎ ﻓـﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫ ــﺬﻩ اﻠﻔﺘ ــﺮة‪ .‬ﻠﻼﺴ ــﻒ ﻻ ﻳﻣﻛ ــﻦ ﻤﺷـ ــﺎﻫﺪة ﺸـ ـﻲء ﻤ ــﻦ ﻤﻌﻣ ــﺎر ﻫ ــﺬﻩ اﻠﻔﺘـ ــﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﻣﻛــﻦ ﺗﻮﻘــﻊ ﻤﺨﻄــﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻠــﻴﺲ اﻜـﺜــﺮ ﻤــﻦ ﻋــﺪة ﻫﻀــﺎب ﺴــﻛﻨﺖ ﻓــﻲ‬ ‫ﺗﻟﻚ اﻠﻔﺘﺮة ٕاﻠﻰ اﻠﺷﺮق اﻠﺟﻨﻮﺑﻲ ﻤﻦ اﻠﻣﻌﺒﺪ ﻜﻣﺎ ﻓﻲ اﻠﺼﻮرة )‪.(١‬‬

‫‪ - ٢‬اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻬﻠﻨﺴﺘﻴﺔ‬ ‫ﻋﻨـﺪﻤﺎ وﻘﻌـﺖ ﺴــﻮرﻳﺎ ﺗﺤـﺖ ﺴــﻴﻄﺮة اﻻﺴـﻛﻨﺪر اﻠﻛﺒﻴـﺮ اﻧﺘﺷــﺮ ﻤﻨـﺎخ ﺗﺤﻀــﺮ‬ ‫ﻜﻼﺴـﻴﻛﻲ ﻏﺮﺑـﻲ‪ .‬ﺧـﻼل ﺗﻟـﻚ اﻠﻔﺘــﺮة ﻜﺎﻧـﺖ دﻤﺷـﻖ ﻤﺳـﺘﻌﻣﺮة ﻳﻮﻧﺎﻧﻴـﺔ وﻘــﺪ‬ ‫ﺧﻄﻄـﺖ ﻜﻨﻣـﻮذج اﻠﻣـﺪن اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴـﺔ ﻓ ﺎﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﺸـﺒﻛﺔ ﻤﻨﺘﻈﻣـﺔ ﻤـﻦ اﻠﺷــﻮارع‬ ‫ﺿﻣﻦ ﺸﻛﻞ ﻤﺳﺘﻄﻴﻞ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻔﺘــﺮض ان اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ اﻤﺘ ــﺪدت ﻠﻟﺷــﺮق ﻤ ــﻦ ﻤﻌﺒ ــﺪ ﺣــﺪد اﻠ ــﺬي ﻏ ــﺪا ﻤﻌﺒ ــﺪ‬ ‫ٓ‬ ‫زﻳـﻮس و ٕاﻠـﻰ اﻠ ﺷــﻣﺎل ﻤـﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ اﻻراﻤﻴـﺔ اﻠﻣﻔﺘﺮﺿـﺔ‪ .‬اﺗﺼــﻞ اﻠﻣﻌﺒـﺪ ﻤــﻊ‬ ‫)اﻏـﻮرا ‪ (Agora-‬ﺑﺷـﺎرع ﻋـﺮﻳﺾ ﻤﺳـﺘﻗﻴﻢ وﻤـﻊ اﻠﻣﺤـﺎور اﻠﺮﺋﻴﺳـﻴﺔ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨـﺔ‬ ‫اﻠﻬﻟﻨﺳـﺘﻴﺔ‪ .‬ﺗـﻢ ﺑﻨــﺎء ﺴـﻮر اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻓـﻲ ﻫــﺬﻩ اﻠﻔﺘـﺮة ﻋﻟــﻰ ﺸـﻛﻞ ﻤﺳــﺘﻄﻴﻞ و‬ ‫اﺴ ــﺘﻨﺎدا ﻠـ ـ ـ )‪ ( Dentzner‬ﻓ ــﺎن ﻘﻴـ ــﺎس اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ﻘـ ــﺎرب ‪ ١٤٤ * ٨٩‬م‪ .‬ﻜ ﻣـ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺘﻮﻘـ ـ ـ ــﻊ )‪ (Dentzner‬اﻳﻀ ـ ـ ـ ــﺎ ان ﺗﺤﺼ ـ ـ ـ ــﻴﻦ ﻤـ ـ ـ ــﻦ ﺗﻟ ـ ـ ـ ــﻚ اﻠﻔﺘ ـ ـ ـ ــﺮة دﻋ ـ ـ ـ ــﻲ‬ ‫) اﻜـ ـﺮا ‪ ( Akra-‬ﻜ ــﺎن ﻘﺎﺋﻣ ــﺔ ﻓ ــﻲ ﻤﻛ ــﺎن اﻠﻗﻟﻌ ــﺔ اﻠﺤﺎﻠﻴ ــﺔ‪ .‬ﻠﺳ ــﻮء اﻠﺤ ــﻆ اﻧـ ــﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺼﻌﺐ اﺧﺘﺒﺎر اﻳﺎ ﻤﻦ ﻤﺒـﺎﻧﻲ ﻫـﺬﻩ اﻠﻔﺘـﺮة او اﻠﺘﻨﻗﻴـﺐ ﻋﻨﻬـﺎ‪ .‬و ﻳﻣﻛـﻦ اﻠﻨﻈـﺮ‬ ‫ﻠﻣﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻬﺬﻩ اﻠﻔﺘﺮة ﻜﻣﺎ اﻠﺼﻮرة )‪.(٢‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫) ‪ ( і) (١‬ﻜﻮﻧﻬﺎ ﻘﻄﻌﺔ ﻤﻣﻴﺰة ﻤﻦ ﻤﻬﺎرات ٕاﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ﺧﻼﻘﺔ‪.‬‬ ‫)‪ٔ ( іі‬ﻻﻧ ﻬـﺎ ﺗﻌـﺮض ﺗﻔﺎﻋـﻞ ﻫـﺎم ﻠﻗـﻴﻢ ٕاﻧﺳـﺎﻧﻴﺔ ﻋﺒـﺮ اﻠﻮﻘـﺖ ٔاو ﻓـﻲ ﻤﻨﻄﻗـﺔ ﺛﻗﺎﻓﻴـﺔ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﺿﻣﻦ ﺗﻄﻮرات ﻤﻌﻣﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻗﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻨﻮن‪ ،‬ﺗﺨﻄﻴﻂ ﻤﺪن‪ٔ ،‬او ﺗﺼﻣﻴﻢ‬ ‫اﻠﻣﺷﻬﺪ اﻠﻄﺒﻴﻌﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ііі‬ﺗﺤﻣﻞ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻓﺮﻳﺪة او ﻋﻟﻰ اﻻﻘﻞ اﺴﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻠﺘﻗﻟﻴﺪ ﺛﻗﺎﻓﻲ او ﻠﺤﻀﺎرة‬ ‫ﻤﺎزاﻠﺖ ﺣﻴﺔ ٔاو زاﻠﺖ‪.‬‬ ‫)‪ ( іv‬ﻜﻮﻧﻬﺎ ﻤﺜﺎل اﺴﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻠﻨﻣﻮذج ﺑﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻤﻌﻣﺎري‪ٔ ،‬او ﺗﻨﺎﻏﻢ ﺗﻗﻨﻲ ٔاو ﻤﺷﻬﺪ‬ ‫ﻃﺒﻴﻌﻲ وﻠﺬي ﻳﻈﻬﺮ‪) :‬ا( ﻤﺮﺣﻟﺔ ‪ /‬ﻤﺮاﺣﻞ ﻤﻣﻴﺰة ﻤﻦ اﻠﺘﺎرﻳﺦ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ‪.‬‬ ‫)‪ ( vі‬ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺮﺣﻟﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‬ ‫)‪ (іv‬ﺗﻛﻮن ﻤﺘﺼﻟﺔ ﻤﺒﺎﺸﺮة ٔاو ﻤﺮﻓﻗﺔ ﻤﺎدﻳﺎ ٔﺑﺎﺣﺪاث ٔاو ﺗﻗﺎﻠﻴﺪ ﺣﻴﺔ‪ٔ ،‬ا ﻓﻛ ـﺎر‪ ،‬اؤ‬ ‫ﺑﺎﻋﺘﻗﺎدات‪ٔ ،‬ﺑﺎﻋﻣﺎل ﻓﻨﻴﺔ ٔاو ﻤ ﻛـﺘﺒﻴﺔ ﻠﻬﺎ ﻘﻴﻣﺔ ﻋﺎ ﻠﻣﻴﺔ اﺴﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢١‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫‪ - ٣‬اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ‬ ‫و‬ ‫ﻜﺎﻧـﺖ دﻤ ﺷـﻖ ﻓــﻲ ﻫـﺬﻩ اﻠﻔﺘــﺮة وا ﺣـﺪة ﻤــﻦ اﻠﻣـﺪن اﻠﻌﺷــﺮ اﻠﺮ ﻤﺎﻧﻴـﺔ داﺋﻣــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻫﻣﻴ ــﺔ‪ .‬ازدﻫ ــﺮت اﻠﺘﺟ ــﺎرة اﻠﺪﻤﺷ ــﻗﻴﺔ ﺑ ــﻴﻦ اﻠﺷ ــﺮق و اﻠﻐ ــﺮب و اﻧﺘﺷـ ــﺮت‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﻀﺎﺋﻊ اﻠﺪﻤﺷﻗﻴﺔ ﻓـﻲ ﻜـﻞ اﻻﺻـﻗﺎع ﻤـﻦ ﺧـﻼل اﻠﺘﺟـﺎر اﻠﺪﻤ ﺷـﻗﻴﻴﻦ‪ .‬ﻜـﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻐﻨﻰ اﻠﺘﺟﺎري اﺴﺎس ﻻن ﺗﻛﻮن دﻤﺷﻖ واﺣﺪة ﻤﻦ اﻫـﻢ اﻠﻣـﺪن اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫و ﻫ ــﺬﻩ اﻻﻫﻣﻴـ ــﺔ ﺗﻄﻟﺒـ ــﺖ ﺗﻮﺴ ــﻊ و ﺗﻌـ ــﺪﻳﻞ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨـ ــﺔ ﻠﺘﺘﺳ ــﻊ ﻤﺒـ ــﺎﻧﻲ ﻫﺎﻤـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺿـﺨﻣﺔ‪ .‬ﺣـﻮاﻠﻲ اﻠ ﻗـﺮن اﻠﺜــﺎﻧﻲ ﻘﺒـﻞ اﻠﻣـﻴﻼد اﻋﻴــﺪ ﺗﺨﻄـﻴﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﻜﻣﺪﻳﻨــﺔ‬ ‫ﻤﺳــﻮرة ﻤﺳــﺘﻄﻴﻟﺔ ﺑﻗﻴــﺎس )‪ ( ٩٠٠ * ١٥٠٠‬م‪ .‬ﻋﻛــﺲ ﻤﺨﻄــﻂ دﻤ ﺷــﻖ ﻓــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻟ ــﻚ اﻠﻔﺘـ ــﺮة اﻠﻨﻣـ ــﻮذج اﻠﺘﻗﻟﻴـ ــﺪي ﻻي ﻤﺪﻳﻨ ــﺔ روﻤﺎﻧﻴـ ــﺔ ﻓ ﻗـ ــﺪ ﺿـ ــﻢ ﺑ ﺷـ ــﻛﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺴﺎﺴﻲ‪ " :‬اﻠﺷﻛﻞ ﻤﺳﺘﻄﻴﻞ و اﻠﺘﺨﻄﻴﻂ ﺸﺒﻛﻲ ﻤﻨﺘﻈﻢ"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬ﻤﻌﺒﺪ ﺠﻮﺑﻴﺘﻴﺮ و ﺗﻮﺿﻊ ﻤﻛﺎن اﻠﻣﺳﺟﺪ اﻻﻤﻮي اﻠﺤﺎﻠﻲ ﻜﻣﺎ ورد ﺴﺎﺑﻗﺎ‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻠﺷﺎرع اﻠﻣﺳﺘﻗﻴﻢ اﻠﺮﺋﻴﺳﻲ )‪ ( Via Recta‬و اﻠﻣﻣﺘﺪ ﻏﺮب ‪ -‬ﺸـﺮق و ا ﻠـﺬي‬ ‫ﻳﻌﺮف ﺣﺎﻠﻴﺎ ﺑﺷﺎرع ﻤﺪﺣﺖ ﺑﺎﺸﺎ‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻠﻣﻌﺳﻛﺮ و اﻠﺬي ﺗﻮﺿﻊ ﻤﻛﺎن اﻠﻗﻟﻌﺔ اﻠﺤﺎﻠﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬اﻠﻣﺳﺮح اﻠﺮو ﻤﺎﻧﻲ اﻠﺬي ﺗـﻢ اﻠﺘﺎﻜـﺪ ﻤـﻦ ﻤﻛﺎﻧـﻪ ﻋﻨـﺪ اﻜـﺘﺷـﺎف ﺠـﺰء ﺻـﻐﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﻪ ﻋﻨﺪ اﻠﻗﻴﺎم ﺑﺎﻋﻣﺎل ﺗﺮﻤﻴﻢ ) ﺑﻴﺖ اﻠﻌﻗﺎد( )اﻠﻣﻌﻬﺪ اﻠﺜﻗﺎﻓﻲ اﻠـﺪاﻧﻣﺮﻜﻲ‬ ‫ﺣﺎﻠﻴﺎ(‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺴ ــﻮر اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ا ﻠ ــﺬي ﺣ ــﻮى ﺴ ــﺒﻊ ﺑﻮاﺑ ــﺎت رﺋﻴﺳ ــﻴﺔ‪ ،‬ﻘﻟﻴ ــﻞ ﻤﻨﻬ ــﺎ ﻤ ــﺎزال‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻮﺠــﻮد و اﻫﻣﻬ ــﺎ ﺑــﺎب ﺸ ــﺮﻘﻲ ا ﻠــﺬي ﻜ ــﺎن ﻧﻬﺎﻳــﺔ اﻠﺷ ــﺎرع اﻠﻣﺳــﺘﻗﻴﻢ ﻤ ــﻦ‬ ‫اﻠﺷﺮق‪.‬‬ ‫اﻠﺼﻮرة )‪ ( ٣‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ دﻤﺷﻖ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫اﻠﺼﻮرة )‪ ( ٤‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ ﻤﻌﺒﺪ ﺠﻮﺑﻴﺘﻴﺮ‬

‫واﻠﺼﻮرة )‪ ( ٥‬ﺗﺒﻴﻦ ﺑﺎب ﺸﺮﻘﻲ) ٕا ﺣﺪى اﻠﺒﻮاﺑﺎت اﻠﺳﺒﻌﺔ(‪.‬‬

‫‪ - ٤‬اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻊ ﺴﻗﻮط ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اواﺧـﺮ اﻠ ﻗـﺮن اﻠﺮاﺑـﻊ اﻠﻣـﻴﻼدي ﻏـﺪت‬ ‫ﻠﻼﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳ ــﺔ اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴ ــﺔ و ﺣﺎﻓﻈـ ــﺖ‬ ‫دﻤﺷ ــﻖ ﻋﺎﺻ ــﻣﺔ اﻠﻣﻗﺎﻃﻌ ــﺔ اﻠﺷـ ــﺮﻘﻴﺔ ٕ‬ ‫دﻤ ﺷ ــﻖ ﻓ ــﻲ ﻫـ ــﺬﻩ اﻠﻔﺘ ــﺮة ﻋﻟ ــﻰ ازدﻫﺎرﻫـ ــﺎ اﻻﻘﺘﺼ ــﺎدي و اﻻﺴ ــﺘﺮاﺗﻴﺟﻲ‪ .‬ﺗـ ــﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺤﺼ ـ ـ ــﻴﻦ ا ﺠـ ـ ـ ـﺰاء ﻤ ـ ـ ــﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨـ ـ ـ ــﺔ ﻋﺳ ـ ـ ــﻛﺮﻳﺎ ﻠﺤﻣﺎﻳ ـ ـ ــﺔ اﻠﺤ ـ ـ ــﺪود اﻠﺷـ ـ ـ ــﺮﻘﻴﺔ‬ ‫ﻠﻼﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳـﺔ اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴـﺔ ﺿـﺪ ﻫﺟﻣــﺎت اﻠ ﻔـﺮس‪ .‬ﺣﺎﻓﻈـﺖ دﻤﺷـﻖ اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴــﺔ‬ ‫ٕ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻧﻔﺲ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﻤﺎ ﻋﺪا ٕاﻧﺷﺎء ﻋﺪد ﻫﺎﺋﻞ ﻤﻦ اﻠﻛﻨﺎﺋﺲ‬ ‫و ﻜﺬﻠﻚ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻤﻌﺒﺪ ﺠﻮﺑﻴﺘﻴﺮ ٕاﻠﻰ ﻜﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ اﻠﻗﺪﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ اﻠﻣﻌﻣﺪان‪.‬‬ ‫اﻠﺼﻮرة )‪ ( ٦‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻲ‬

‫و اﻠﺼﻮرة )‪ ( ٧‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ ﻜﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ اﻠﻗﺪﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ اﻠﻣﻌﻣﺪان‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢٢‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫‪ - ٥‬اﻟﻔﺘﺮة ٔاﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﻜﺎﻧﺖ دﻤﺷﻖ ﻤﻦ اواﺋﻞ اﻠﻣﺪن اﻠﺘﻲ ﺗﻟﻗﺖ اﻠﻔﺘﻮﺣﺎت ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻊ ﺑﺪاﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﺘﺷــﺎر ا ٕﻻ ﺴــﻼم ﻠﺘﺼ ــﺒﺢ اﻫــﻢ ﻤﺪﻳﻨــﺔ ﺴﻴﺎﺴ ــﻴﺎ ﺑﺎﻠﻨﺳــﺒﺔ ﻠﻟﻣﺳــﻟﻣﻴﻦ وﻠﻛ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻫﻣﻴﺔ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻠﻢ ﺗﻛﻦ داﺋﻣﺔ ﺑﻞ ﺸﻬﺪت اﻳﻀﺎ ﻓﺘﺮات اﻧﺤﻄﺎط‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻠﻢ ﻳﺘﻐﻴـﺮ ﻤﺒﺎﺸـﺮة ﻓـﻲ اﻠﻔﺘـﺮات ا ٕﻻﺴـﻼﻤﻴﺔ اﻻوﻠـﻰ ﻠﻛـﻦ ﻤـﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﻘ ـ ــﺖ ﺗ ـ ــﻢ ﺗﻄﺒﻴ ـ ــﻖ اﻻﻓﻛ ـ ــﺎر ا ٕﻻ ﺴ ـ ــﻼﻤﻴﺔ ﻋﻟ ـ ــﻰ ﺗﻛ ـ ــﻮﻳﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨ ـ ــﺔ ٕﺑﺎﻋ ـ ــﺎدة‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴ ــﺘﺨﺪام اﻻﺑﻨﻴ ــﺔ اﻠﺳ ــﺎﺑﻗﺔ ﻠﻟﻔﺘ ــﺮة ا ٕﻻﺴ ــﻼﻤﻴﺔ و ﺑﺎﻠﺘ ــﺪرﻳﺞ ﻏ ــﺪت اﻠﻣﺪﻳﻨـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺤﻣـﻞ اﻠﻨﻣـﻮذج ا ٕﻻ ﺴـﻼﻤﻲ ﻠﻣﺨﻄﻄﻬـﺎ ا ﻠـﺬي اﻜـﺜـﺮ ﻤـﺎ ﺑـﺪا واﺿـﺤﺎ ﻓﻴﻣـﺎ ﺑﻌــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻴﻦ اﻤﺘﺪت اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻜـﺜﺮ و اﻜـﺜﺮ‪ .‬و ا ﻫﻢ ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺘـﺮات ﻳﻣﻛـﻦ ٕاﻳﺮادﻫـﺎ ﻜﻣـﺎ‬ ‫ﻳﻟﻲ‪:‬‬ ‫‪ - ١- ٥‬اﻟﻔﺘﺮة اﻷﻣﻮﻳﺔ‪:‬‬ ‫ﻠﺤــﻮاﻠﻲ ﻤﺎﺋــﺔ ﻋــﺎم و ﺑــﺪءا ﻤ ــﻦ ﺣــﻮاﻠﻲ ﻋــﺎم ‪ ٦٦١‬م ﺑﻗﻴــﺖ دﻤﺷــﻖ ﻋﺎﺻ ــﻣﺔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﺳﻼﻠﺔ اﻻﻤﻮﻳﺔ‪ .‬اﻫﻣﻴﺔ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻠﻢ ﺗﻐﻴﺮ ﻤﺨﻄﻄﻬﺎ ﺑﺷﻛﻞ ﻤﻔـﺎﺠﺊ ﺑـﻞ ﺑ ﻗـﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜ ﻣــﺎ اﻘ ـﺮب ﻠﻣ ــﺎ ﻜــﺎن ﻋﻟﻴ ــﻪ ﻓــﻲ اﻠﻔﺘــﺮة اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴ ــﺔ‪ .‬ﻜــﺎن اﻻﻤ ــﺮ اﻠﺮﺋﻴﺳــﻲ ﻓ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺪاﻳﺎت ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺮﺣﻟﺔ اﻠﺤﺎﺠﺔ اﻠﻣﺎﺴﺔ ﻠﻟﻣﺳﺎﺠﺪ ﻜﻮﻧﻬﺎ ﻠﻴﺳﺖ ﻓﻗـﻂ ا ﻤـﺎﻜﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﻌﺒ ـ ــﺎدة و ﻠﻛ ـ ــﻦ اﻳﻀ ـ ــﺎ ﻜﺎﻧ ـ ــﺖ ﻠﻟﻨﻗﺎﺸ ـ ــﺎت اﻠﺳﻴﺎﺴ ـ ــﻴﺔ‪ ،‬اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴـ ـ ــﺔ ‪ ،‬و‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻟﻣﻴــﺔ اﻳﻀــﺎ ﻓﻟــﺬﻠﻚ ﺗــﻢ ﺗﺤﻮﻳــﻞ اﺑﻨﻴــﺔ اﻠﻛﻨــﺎﺋﺲ اﻠﻣﻮﺠــﻮدة ﻓــﻲ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ‬ ‫ٕاﻠـﻰ ﻤﺳــﺎﺠﺪ‪ .‬ﺑﻗﻴـﺖ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ داﺧــﻞ ٔاﻻﺴـﻮار و ﺑــﺪء ﻓــﻲ ﻫـﺬﻩ اﻠﻔﺘــﺮة ﻇﻬــﻮر‬ ‫ٔ‬ ‫"اﻠﻣﻣﺮات اﻠﻀﻴﻗﺔ اﻠﻣﻟﺘﻮﻳـﺔ" و ﻠـﻢ ﻳﺒﻗـﻰ اﻠﻣﺨﻄـﻂ ﻤﻨـﺘﻈﻢ اﻠﺷـﺒﻛﺔ‪ .‬و اﻳﻀـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻜﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ ﻳﻮﺣﻨﺎ اﻠﻣﻌﻣﺪان ٕاﻠﻰ اﻠﻣﺳـﺟﺪ اﻻﻤـﻮي اﻠﻛﺒﻴـﺮ و ذﻠـﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣـﻮاﻠﻲ ﻋــﺎم ‪ ٧٠٥‬م و ا ﻠــﺬي اﺻـﺒﺢ ﻧﻣــﻮذج ﻠﻟﻣﺳــﺎﺠﺪ ﺑﻛـﻞ اﻧ ﺤــﺎء اﻠﻌــﺎﻠﻢ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺼﻮرة )‪ ( ٨‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ اﻠﻔﺘﺮة اﻻﻤﻮﻳﺔ‬

‫ٔ‬ ‫و اﻠﺼﻮرة )‪ ( ٩‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺳﺟﺪ اﻻﻤﻮي‪.‬‬

‫‪ - ٢- ٥‬اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣ ــﻮاﻠﻲ اﻠﻌ ــﺎم ‪ ٧٥٠‬ﻤ ــﻊ اﻧﺘﻗ ــﺎل اﻠﺨﻼﻓـ ــﺔ ﻤ ــﻦ اﻻﻤ ــﻮﻳﻴﻦ ٕا ﻠ ــﻰ اﻠﻌﺒﺎﺴـ ــﻴﻴﻦ‬ ‫اﻧﺘﻗﻟـﺖ ﻋﺎﺻــﻣﺔ اﻠﺨﻼﻓــﺔ ﻤــﻦ دﻤﺷــﻖ ٕا ﻠــﻰ ﺑﻐــﺪاد‪ .‬ﻠــﻢ ﺗﻌــﺪ دﻤﺷــﻖ ﻤﺪﻳﻨــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻏﻴـﺮ ﻤﻬﻣــﺔ ﻓ ﻗـﻂ و ﻠﻛــﻦ اﻠﺘﻨــﺎﻓﺲ ﺑـﻴﻦ اﻻ ﻤــﻮﻳﻴﻦ و اﻠﻌﺒﺎﺴـﻴﻴﻦ ﺗــﺮك اﺿ ـﺮار‬ ‫ﺠﺳــﻴﻣﺔ ﻓــﻲ ﻤﻨﺷ ــﺎت اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ‪ .‬اﻘﺘﺼ ــﺮ دور اﻠﻣﺪﻳﻨ ـﺔ ﻓــﻲ ﻫ ــﺬﻩ اﻠﻔﺘــﺮة ﻋ ﻟ ــﻰ‬ ‫ﻜﻮﻧﻬ ــﺎ ﻤﻛـ ــﺎن ﻋﺒـ ــﻮر اﻠﺨﻟ ﻔـ ــﺎء ٕا ﻠـ ــﻰ اﻠﻗﺼـ ــﻮر اﻠﻌﺒﺎﺴـ ــﻴﺔ اﻠﺘـ ــﻲ اﻧﺘﺷـ ــﺮت ﻓـ ــﻲ‬ ‫اﻠﻣﻨﻄﻗــﺔ اﻠﻣﺤﻴﻄــﺔ ﺑ ﺪﻤﺷــﻖ‪ٕ .‬ان ﻧﻈــﺎم اﻠﺤﻛ ــﻢ اﻠﻌﺒﺎﺴــﻲ ﺸــﺟﻊ ﻜـﺜﻴ ـﺮا ﻧﻣ ــﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﻄﺎﻋـﺎت ﺿـﻣﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻠـﺬﻠﻚ ﻓــﺎن اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ اﻤﺳـﺖ ﻤﺟﺰﺋــﺔ ٕاﻠـﻰ ﺣــﺎرات‪.‬و‬ ‫ﻜﺎﻧـﺖ ﻜــﻞ ﺣــﺎرة ﻤﻨﻌﺰﻠـﺔ و ﻠﻬــﺎ ﻤﺳــﺟﺪ و ﺴــﻮق و ﻧﻈـﺎم ﺣﻣﺎﻳــﺔ ﺧــﺎص ﺑﻬــﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻳﻀـﺎ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺑﻗﻴـﺖ ﺿــﻣﻦ اﻻ ﺴــﻮار اﻠﻗﺪﻳﻣـﺔ و اﻠﺘﻐﻴــﺮ اﻠﻬـﺎم ﻓــﻲ ﻤﺨﻄﻄﻬــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜــﺎن ﻇﻬــﻮر اﻠ ﺤ ــﺎرات اﻠﺘــﻲ ﺣــﻮت اﻻزﻘ ــﺔ اﻠﻀــﻴﻗﺔ و اﻠﻣﻟﺘﻮﻳــﺔ و اﻠﻣﺳ ــﺪودة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﻬﺎﻳـﺔ‪ .‬ﻠﻼﺴــﻒ اﻧــﻪ ﻠــﻢ ﻳﺒ ﻗــﻰ اي ﻤﺒﻨـﻰ ﻳﻌــﻮد ﻠﻬــﺬﻩ اﻠﻔﺘــﺮة‪ .‬اﻠﺼــﻮرة )‪( ١٠‬‬ ‫ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺘﺮة‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫اﻟﺴﻠﺠﻮﻗﻴﺔ و اﻷﻳﻮﺑﻴﺔ‪:‬‬ ‫‪ - ٣- ٥‬اﻟﻔﺘﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻣﻛــﻦ اﻋﺘﺒ ــﺎر ﻫــﺬﻩ اﻠﻣﺮﺣﻟ ــﺔ ﺑﺎﻧﻬــﺎ ٕاﻋ ــﺎدة ﺗــﺮﻤﻴﻢ و ﺑﻨ ــﺎء ﻠﻟﻣﺪﻳﻨــﺔ و ﻤﺮﺣﻟ ــﺔ‬ ‫ﺗﻄﻮرات ﺛﻗﺎﻓﻴﺔ و اﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ و ٕا ﺣﻴﺎء ﻻزدﻫﺎر اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻓـﻲ اﻠﻔﺘـﺮة اﻠ ﺳـﻟﺟﻮﻘﻴﺔ ﺗـﻢ اﻠﺘﺮﻜﻴــﺰ ﻋﻟـﻰ ﺑﻨـﺎء اﻠﻣ ﺳـﺎﺠﺪ و اﻠﻣـﺪارس ﻓﺤــﻮاﻠﻲ‬ ‫)‪ (٢٦‬ﻤﺳـﺟﺪ و )‪ (١١‬ﻤﺪرﺴــﺔ ﺑﻨﻴــﺖ ﻓــﻲ اﻠ ﻗــﺮن اﻠ ﺤــﺎدي ﻋﺷــﺮ‪ ،‬اﻠﻣــﺪارس‬ ‫اﻠﺟﺪﻳـﺪة ﺑﻨﻴــﺖ ٕا ﻠـﻰ اﻠﺷــﺮق ﻤـﻦ اﻠﻣﺳــﺟﺪ اﻠﻛﺒﻴـﺮ ﺣﺳــﺐ ﺗﻗــﺪﻳﺮ )‪.(Atasi‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣـﺎ ان اﻠﺤﻛـﺎم اﻠﺳـﻼﺠﻗﺔ اﻻواﺋـﻞ اﻫﺘﻣـﻮا ﺑﺘﺤﺼـﻴﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﻓﺒﻨـﻮا اﻠﻗﻟﻌـﺔ‬ ‫ﺣ ـﻮاﻠﻲ ﻋــﺎم ‪ ١٠٧٨‬و اﻠﺘــﻲ ﺿــﻣﺖ ﻤﻗــﺮ و ﺴــﻛﻦ اﻠﺤــﺎﻜﻢ ﺑﺎ ٕﻻﺿــﺎﻓﺔ ﻠﻛﻮﻧﻬــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺮﻜـﺰ ﻋﺳــﻛﺮي و ﻘــﺪ اﻜﻣــﻞ اﻠﺒﻨــﺎء ﺗﻣﺎﻤـﺎ ﻓــﻲ اﻠﻔﺘــﺮة اﻻﻳﻮﺑﻴــﺔ ﻜﻣﺒﻨــﻰ ﻤﻣﺜــﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺸـﺨﺺ اﻠﺤﻛــﺎم ﻜ ﻣــﺎ ان ﻤﻌﻈــﻢ اﻠﻣﺆﺴﺳــﺎت اﻠﻬﺎﻤــﺔ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨــﺔ او ﺠــﺪت ﻓــﻲ‬ ‫اﻠﻣﻨﻄﻗﺔ اﻠﻣﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺎ‪.‬‬ ‫رﻤﻣـﺖ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﺧـﻼل ﻓﺘـﺮة اﻠﺤـﺎﻜﻢ ﻧـﻮر ا ﻠـﺪﻳﻦ ) ‪ ( ١١٧٤- ١١٤٦‬و ﻘﻮﻳــﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴــﻮار ﻜﻣــﺎ ﺗــﻢ ﺑﻨ ــﺎء ﺑﻮاﺑ ـﺎت ﺠﺪﻳــﺪة ﻠﻟﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻤﺜ ــﻞ )ﺑــﺎب اﻠ ﻔــﺮج و ﺑ ــﺎب‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳــﻼم(‪ .‬ﻳﻌ ــﻮد اﻠﻔﻀــﻞ ﻠﺟﻬ ــﻮد ﻫــﺬا اﻠ ﺤ ــﺎﻜﻢ ﺑﺒﻨــﺎء اﻠﻛـﺜﻴ ــﺮ ﻤــﻦ اﻻ ﻤ ــﺎﻜﻦ‬ ‫اﻠﺨﺪﻤﻴــﺔ اﻠﻌﺎﻤــﺔ ﻜﺎﻠﻣــﺪارس‪ ،‬اﻠﺒﻴﻣﺎرﺴ ــﺘﺎﻧﺎت‪ ،‬ﺑﻴــﺖ اﻠﻌــﺪل‪ ،‬ﺣﻣــﺎم ﻧ ــﻮر‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻜﻣﺎ اوﺠﺪ اﻳﻀﺎ ﻘﺼﺮ ﺸﻣﺲ اﻠﻣﻟﻮك‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺘــﺪت اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ﻓ ــﻲ اﻠﻔﺘ ــﺮة اﻻﻳﻮﺑﻴ ــﺔ ﺧــﺎرج اﻻ ﺴ ــﻮار ٕا ﻠ ــﻰ اﻠﺷ ــﻣﺎل ﺣﻴ ــﺚ‬ ‫ﺗﻄـﻮرت ﻤﻨﻄﻗـﺔ ﺴـﻛﻨﻴﺔ ﺠﺪﻳـﺪة ﻓـﻲ "اﻠﺼـﺎﻠﺤﻴﺔ" ﻋﻟـﻰ ﺴـﻔﺢ ﺠﺒـﻞ ﻘﺎﺴـﻴﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣ ـ ــﺎ ان اﻠﻣﺪﻳﻨ ـ ــﺔ اﻤﺘ ـ ــﺪت ﺧ ـ ــﺎرج اﻻ ﺴ ـ ــﻮار اﻳﻀ ـ ــﺎ ٕا ﻠ ـ ــﻰ اﻠﺟﻨ ـ ــﻮب ﺣﺳ ـ ــﺐ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ .(Dorathee Sack‬ﻳﻣﻛﻦ ﻤﻼﺣﻈﺔ اﻤﺎﻜﻦ اﻠﺘﻮﺴﻊ ﻫـﺬﻩ ﺣﺘـﻰ اﻻن ﻋﻟـﻰ‬ ‫ﻤﺨﻄـﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺣﻴـﺚ اﻠﻌﺪﻳــﺪ ﻤــﻦ اﻠﻣـﺪارس و اﻠﻣﺳــﺎﺠﺪ ﺑﻨﻴـﺖ ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢٣‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺎﻃﻖ اﻳﻀﺎ‪ .‬اﻠﺼﻮرة )‪ ( ١١‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ اﻠﻔﺘـﺮة اﻠﺳـﻟﺟﻮﻘﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫و اﻻﻳﻮﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑ ــﺪا ﻤﻌﻬـ ــﺎ اﻠﺷـ ــﺎرع اﻠﻣﺳ ــﺘﻗﻴﻢ ﻳﻔﻗـ ــﺪ اﻫﻣﻴﺘـ ــﻪ‪ .‬ﺑ ــﺪا ت ﺗﻔﺮﻋـ ــﺎت ﻠﻼﺴـ ــﻮاق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑ ــﺎﻠﻈﻬﻮر اﻳﻀ ــﺎ و ﺧﺎﺻـ ــﺔ ﻘ ــﺮب اﻠ ﺟـ ــﺎﻤﻊ اﻠﻛﺒﻴ ــﺮ و ﺑﺎ ﻤـ ــﺎﻜﻦ ا ﺧ ــﺮى ﻠﺘﻛـ ــﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﺎس ﺗﻄﻮر اﻧﺘﺷﺎر اﻻﺴﻮاق ﻻﺣﻗﺎ ﻤﺜﻞ ﺴﻮق اﻠﺤﻣﻴﺪﻳﺔ ﻘﺮب اﻠﻗﻟﻌﺔ‪.‬‬ ‫اﻠﺼﻮرة )‪ ( ١٣‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ اﻠﻔﺘﺮة اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫و اﻠﺼـﻮرة )‪ ( ١٢‬ﺗﺒـﻴﻦ ﻤﻨﻄﻗــﺔ اﻠﻗﻟﻌـﺔ و اﻠﺟــﺎﻤﻊ اﻠﻛﺒﻴـﺮ ﻓــﻲ اﻠﻔﺘـﺮة اﻻﻳﻮﺑﻴــﺔ‬ ‫ﺣﻴـ ـ ـ ـ ــﺚ اﻠﻟـ ـ ـ ـ ــﻮن‪ :‬اﻠﺰﻫ ـ ـ ـ ـ ــﺮي ﻤﺳ ـ ـ ـ ـ ـﺎ ﺠﺪ‪ ،‬اﻠﺒﻨ ـ ـ ـ ـ ــﻲ اﻠﻗﻟﻌـ ـ ـ ـ ــﺔ و ﺗﺤﺼـ ـ ـ ـ ـ ـﻴﻨﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺳـﻛﺮﻳﺔ‪،‬اﻻزرق اﻠﻐــﺎﻤﻖ ﻤــﺪارس‪ ،‬اﻻﺻــﻔﺮ دور اﻠﻌــﺪل‪ ،‬اﻻﺧﻀــﺮ زواﻳــﺎ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻ ﺣﻣﺮ اﻠﻐﺎﻤﻖ اﺿﺮﺣﺔ‪ ،‬اﻻزرق اﻠﻔﺎﺗﺢ ﺣﻣﺎﻤﺎت‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪ - ٤- ٥‬اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻴﺔ‪:‬‬ ‫ﺑﻌﺪ اﻠﺨﺮاب اﻠﺬي ﻧﺘﺞ ﻋـﻦ اﻠﻣﻐـﻮل ﺗـﻢ ﻓـﻲ اﻠﻔﺘـﺮة اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴـﺔ ٕاﻋـﺎدة ﺗـﺮﻤﻴﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺒـﺎﻧﻲ و اﻻواﺑـﺪ اﻻﻳﻮﺑﻴـﺔ و ﺗــﻢ اﻳﻀـﺎ ٕاﻧﺷـﺎء ﻤﺒــﺎﻧﻲ ﻤﻣﻟﻮﻜﻴـﺔ ﺠﺪﻳـﺪة اﻳﻀــﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﻫـ ـ ــﻢ اﻠﻣﺒـ ـ ــﺎﻧﻲ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴ ـ ـ ــﺔ ﻜﺎﻧـ ـ ــﺖ اﻻﺿـ ـ ــﺮﺣﺔ )ﻤﺜ ـ ـ ــﻞ ﺿـ ـ ــﺮﻳﺢ ﺑﻴﺒ ـ ـ ــﺮس(‪،‬‬ ‫اﻠﻣﺳــﺎﺠﺪ‪ ،‬و اﻠﻣــﺪارس )ﻤﺜــﻞ ﻤﺪرﺴ ــﺔ اﻠﺟﻗﻣﻗﻴــﺔ ( و اﻠﺘــﻲ ﺗﻣﻴــﺰت ﺑﻌﻣ ــﺎرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺑﻟﻖ )ﺗﻨﺎوب اﻠﺤﺟﺮ اﻻﺴﻮد و اﻻﺑﻴﺾ(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴــﺘﻣﺮ اﻤﺘــﺪاد اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺧــﺎرج اﺴــﻮارﻫﺎ ﻜ ﻣــﺎ ان اﻠﻣﻨــﺎﻃﻖ اﻠﺟﺪﻳــﺪة ﺧ ــﺎرج‬ ‫اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ اﺗﺼ ــﻟﺖ ﺑﺒﻌﻀ ــﻬﺎ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ اﻠﻔﺘ ــﺮة‪ .‬ﻠ ــﺬﻠﻚ ﻓ ــﺎن ﻤﺨﻄ ــﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫داﺧـﻞ اﻻﺴــﻮار ﺣــﺎﻓﻆ ﻋﻟـﻰ ﻧﻔــﺲ اﻠﺘﺨﻄــﻴﻂ ﺑﻴﻨﻣـﺎ ا ﺠ ـﺰاء ﺠﺪﻳــﺪة اﻤﺘــﺪت‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧـﺎرج اﻻﺴـﻮار و ﻧﻣــﻮذج ﺗﺨﻄﻴﻄﻬـﺎ ﻜــﺎن اﻠﻨﻣـﻮذج ا ٕﻻﺴــﻼﻤﻲ اﻠﺤـﺎوي ﻋﻟــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤــﺎرات و اﻻزﻘــﺔ‪ .‬ﻓــﻲ ﻫــﺬﻩ اﻠﻔﺘــﺮة ﻧﺷــﻄﺖ اﻠﻔﻌﺎﻠﻴــﺎت اﻻﻘﺘﺼــﺎدﻳﺔ )اﻠﺘ ــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺮﻜـﺰت ﺴــﺎﺑﻗﺎ ﻓــﻲ اﻠﺷــﺎرع اﻠﻣﺳــﺘﻗﻴﻢ( وﺑــﺪا ت ﺗﻮﺠــﻪ ﻧﺤــﻮ اﻠﺟــﺎ ﻤﻊ اﻠﻛﺒﻴــﺮ‬

‫‪ - ٥- ٥‬اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ‪:‬‬ ‫ﻜﺎﻧــﺖ دﻤﺷ ــﻖ ﻋﺎﺻــﻣﺔ ٕا ﺣ ــﺪى اﻠﻣﻗﺎﻃﻌــﺎت اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴ ــﺔ و ﺣــﺪﺛﺖ ﻓ ــﻲ ﻫ ــﺬﻩ‬ ‫اﻠﻔﺘـﺮة ﺗﻐﻴـﺮات ﻫﺎﻤـﺔ ﺠــﺪا ﻓـﻲ اﻠﻣﺨﻄـﻂ اﻠﻌﻣﺮاﻧــﻲ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨـﺔ‪ .‬ﻳﻣﻛـﻦ ﺗﺟــﺰيء‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺘﺮة ﻠﺜﻼث ﻤﺮاﺣﻞ )اﻠﻗﺮن اﻠﺳﺎدس ﻋﺷﺮ‪ ،‬اﻠﺜﺎﻤﻦ ﻋﺷـﺮ‪،‬و اﻠﺘﺎﺴـﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺷﺮ ﻤﻊ اواﺋﻞ اﻠﻗﺮن اﻠﻌﺷﺮون ( ﻳﺘﻢ ﻤﻦ ﺧﻼل ﻜﻞ ﻤﻨﻬﺎ اﻠﻨﻈﺮ ﻋﻟـﻰ ﺗﻐﻴـﺮ‬ ‫ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ١‬اﻠﻗﺮن اﻠﺳﺎدس ﻋﺷﺮ‪ :‬ﻜﺎﻧـﺖ ﻤﻌﻈـﻢ اﻋﻣـﺎل ا ٕﻻﻧﺷـﺎء ﻓـﻲ دﻤﺷـﻖ ﺧـﻼل‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺪاﻳـﺔ اﻠ ﻗــﺮن اﻻول ﻤـﻦ ﺣﻛــﻢ اﻠﻌﺜﻣــﺎﻧﻴﻴﻦ‪ .‬ﺑﻌـﺪ ا ﺧــﺬ دﻤ ﺷـﻖ ﻤﺒﺎﺸــﺮة ﺑﻨــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳـﻟﻄﺎن ﺴـﻟﻴﻢ اﻻول ﺗﻛﻴـﺔ اﻠﺷـﻴﺦ ﻤ ﺤـﻲ ا ﻠـﺪﻳﻦ اﺑـﻦ ﻋﺮﺑـﻲ‪ ،‬ﺑﻨـﻰ دروﻳـﺶ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎ ﺸـﺎ اﺑﻨﻴــﺔ ﻤﺷـﺎﺑﻬﺔ ﻜ ﻣــﺎ ﺑﻨــﻰ اﻳﻀـﺎ ﺴــﻮق اﻠﺤﺮﻳــﺮ‪ ،‬ﺣﻣـﺎم‪ ،‬و ﺧــﺎن دا ﺧــﻞ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺴـﻮار اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ‪ .‬ﺑـﻨﻔﺲ اﻠﻔﺘـﺮة ﺑﻨـﻰ ﻤـﺮاد ﺑﺎﺸـﺎ ﺴـﻮق اﺧـﺮ و اﻠـﺬي ﺗـﻮج ﺑﻗﺒـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺒﻴﺮة دﻋﻣﺖ ٕﺑﺎﻋـﺎدة اﺴـﺘﺨﺪام ﺑﻗﺎﻳـﺎ اﻋﻣـﺪة اﻠﻣﻌﺒـﺪ اﻠﺮو ﻤـﺎﻧﻲ ﺠـﻮﺑﻴﺘﺮ‪ .‬ﻫـﺬا‬ ‫اﻠﺳـﻮق د ﻤــﺮ ﻻﺣ ﻗـﺎ و ﻻ وﺠــﻮد ﻠـﻪ اﻠﻴــﻮم‪ .‬ﻳﻣﻛـﻦ اﻋﺘﺒــﺎر اﻠﺘﻛﻴـﺔ اﻠﺳــﻟﻴﻣﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﻧﻣـ ــﻮذج ﻤﻣﻴ ـ ــﺰ ﻠﻟﻣﻌﻣـ ــﺎر اﻠﻌﺜﻣ ـ ــﺎﻧﻲ ﻓـ ــﻲ اﻠ ﻗ ـ ــﺮن ‪ .١٦‬اﻠﺼـ ــﻮرة )‪ ( ١٤‬ﺗﺒ ـ ــﻴﻦ‬ ‫ﻤﺨﻄﻂ دﻤﺷﻖ ﻓﻲ اﻠﺤﻛﻢ اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻲ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢٤‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫و اﻠﺼﻮرة )‪ ( ١٥‬ﺗﺒﻴﻦ اﻠﺘﻛﻴﺔ اﻠﺳﻟﻴﻣﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻠﺼﻮرة )‪ (١٦‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺎم ‪١٨٩٥‬‬

‫واﻠﺼﻮرة )‪ ( ١٧‬ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺨﻄﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺎم ‪.١٩١٣‬‬

‫‪ - ٦‬ﻓﺘﺮة اﻻﺣﺘﻼل اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬ ‫وﻘﻌـ ــﺖ دﻤﺷـ ــﻖ ﻋـ ــﺎم ‪ ١٩٢٠‬ﺗﺤ ـ ــﺖ اﻻﻧﺘـ ــﺪاب اﻠﻔﺮﻧﺳـ ــﻲ‪ .‬د ﺧـ ــﻞ اﻠﺟ ـ ــﻴﺶ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻔﺮﻧﺳـﻲ دﻤﺷــﻖ ﺑﻌــﺪ ﻤﻌﺮﻜــﺔ ﻤﻴﺳــﻟﻮن ﻤـﻦ اﻠﻐــﺮب‪ .‬اﻳﻀــﺎ دﻤﺷــﻖ اﻤﺳــﺖ‬ ‫ﻋﺎﺻــﻣﺔ ﻠﻣﺟﻣ ــﻮع اﻠ ــﺪول اﻠﻣﻨﺘﺪﺑــﺔ ﻓﺮﻧﺳ ــﻴﺎ ﻓ ــﻲ اﻠﻣﻨﻄﻗــﺔ‪ .‬دﻤ ــﺮ ﺠ ــﺰء ﻤ ــﻦ‬ ‫اﻠﻣﺪﻳﻨـ ــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣـ ــﺔ اﻠﻮاﻘـ ــﻊ ﺑـ ــﻴﻦ ﺴـ ــﻮق اﻠﺤﻣﻴﺪﻳـ ــﺔ و ﺴـ ــﻮق ﻤـ ــﺪﺣﺖ ﺑﺎ ﺸـ ــﺎ‬ ‫ﺑﺎﻠﻛﺎﻤﻞ ﻋﻨﺪﻤﺎ ﺗﻢ ﻘﺼﻔﻪ ﺑﻮﺣﺷـﻴﺔ ﻤـﻦ ﻘﺒـﻞ اﻠ ﺟـﻴﺶ اﻠﻔﺮﻧﺳـﻲ ﻋـﺎم ‪١٩٢٥‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫و اﻠﻣﻨﻄﻗـﺔ ﺣﺘـﻰ اﻻن ﺗﻌــﺮف ﺑﺎﻠﺤﺮﻳﻗـﺔ‪ .‬ﻘﺼــﻒ ﻤـﺪﻤﺮ ا ﺧــﺮ ﺣﺼـﻞ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨــﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ ١٩٤٥‬ﻋﻨﺪﻤﺎ واﻓﻖ اﻠﻔﺮﻧﺳﻴﻴﻦ ﻋﻟﻰ اﻻﻧﺳﺤﺎب ﻤﻦ ﺴﻮرﻳﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫‪ - ٢‬اﻠ ﻗــﺮن اﻠﺜــﺎﻤﻦ ﻋﺷــﺮ‪ :‬ﺣــﺪﺛﺖ ﻧﻬﻀــﺔ ﻋﻣﺮاﻧﻴــﺔ اﺧــﺮى ﻓــﻲ دﻤﺷــﻖ ﻋﻨــﺪﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺻ ــﻟﺖ ﻠﻟﺤﻛـ ــﻢ اﺴ ــﺮة اﻠﻌﻈـ ــﻢ اﻠﻐﻨﻴـ ــﺔ‪ .‬ﻋﺷـ ـﺮات اﻠﺤﻣﺎﻤـ ــﺎت‪ ،‬اﻠﺨﺎﻧـ ــﺎت‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣـﺪارس و اﻻﺴـﻮاق ﻘـﺪ ﺑﻨﻴـﺖ و اﻠﺘـﻲ ﻤﻌﻈﻣﻬـﺎ ﻤـﺎزال ﻘﺎﺋﻣـﺎ اﻠﻴـﻮم‪ .‬اﻠﻣﺜــﺎل‬ ‫اﻠﻨﻣــﻮذﺠﻲ ﻠﻗﺼــﻮر دﻤﺷــﻖ اﻠﻔﺨﻣــﺔ ﻫــﻮ ﻘﺼــﺮ اﻠﻌﻈــﻢ ا ﻠــﺬي ﻳﺷــﻐﻞ ﺣﺎﻠﻴــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣﺘﺤﻒ اﻠﺘﻗﺎﻠﻴﺪ اﻠﺷﻌﺒﻴﺔ‪ .‬ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺘﺮة اﻳﻀﺎ ﺑﺪا اﻠﺘﺎﺛﻴﺮ اﻠﻐﺮﺑـﻲ ﻳﻼﺣـﻆ‬ ‫ﻓـﻲ اﻠﻣﻌﻣـﺎر ﻜﻣــﺎ ﻓـﻲ ﺗﺨﻄــﻴﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ و ﺧﺎﺻـﺔ ﻧﻣــﻮذج " اﻠﺒـﺎروك" ﺣﻴــﺚ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻇﻬﺮت اﻋﺪاد ﻜﺒﻴﺮة ﻤﻦ اﻠﺳﺎﺣﺎت‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٣‬اﻠ ﻗــﺮن اﻠﺘﺎﺴــﻊ ﻋ ﺷــﺮ و اواﺋــﻞ اﻠ ﻗــﺮن اﻠﻌﺷــﺮﻳﻦ‪ :‬ﻜﺒــﺮت اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺣــﻮاﻠﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺿ ــﻌﻒ ﻘﻴﺎ ﺴـ ــﻬﺎ ﻓـ ــﻲ اﻠ ﻗ ــﺮن اﻠﺘﺎﺴـ ــﻊ ﻋﺷـ ــﺮ ﻜ ﻣ ــﺎ ان اﻠﻌﺪﻳـ ــﺪ ﻤـ ــﻦ اﻠﺷـ ــﻮارع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﺴـ ــﻮاق اﻧﺷـ ــﺌﺖ ﻓـ ــﻲ ﻤﻨـ ــﺎﻃﻖ ﺴـ ــﻛﻨﻴﺔ ﻤﻨﻬـ ــﺎ ﺴـ ــﻮق اﻠﺤﻣﻴﺪﻳـ ــﺔ‪ ،‬ﺴـ ــﻮق‬ ‫ﻤﺪﺣﺖ ﺑﺎﺴﺎ‪ ،‬ﺴﻮق ﻧﺎﻇﻢ ﺑﺎﺸـﺎ و ﻋﻟـﻲ ﺑﺎﺸـﺎ و ﻜﻟﻬـﺎ ﺴـﻣﻴﺖ ﻧﺳـﺒﺔ ﻠﻟﺤﻛـﺎم‬ ‫ا ﻠــﺬﻳﻦ ٔاﻤــﺮوا ٕﺑﺎﻧﺷ ــﺎﺋﻬﺎ‪ .‬ﻜ ﻣــﺎ ٔان ٔاﺠ ـﺰاء ذات ﻃ ــﺎﺑﻊ ٔاوروﺑــﻲ ﺑـ ٔـﺪا ت ﺑ ــﺎﻠﻈﻬﻮر‬ ‫ﻋﻟــﻰ اﻤﺘــﺪاد اﻠﻄﺮﻳــﻖ ﺑــﻴﻦ اﻠﻣﺮﺠ ــﺔ و اﻠﺼــﺎﻠﺤﻴﺔ ﺣﻴــﺚ ﺗــﻢ ﺑﺎﻠﺘــﺪرﻳﺞ ﻧ ﻗ ــﻞ‬ ‫اﻠﻣﺮﻜﺰ اﻠﺘﺟﺎري و ا ٕﻻداري ﻠﻬﺬﻩ اﻠﻣﻨﻄﻗﺔ )اﻠﻣﺮﺠﺔ‪ ،‬اﻠﺒﺮاﻤﻛﺔ(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اواﺋﻞ اﻠﻗﺮن اﻠﻌﺷﺮﻳﻦ ﺗﻢ ﻤﺪ ﺧﻂ ﺣﺪﻳﺪي ﻋﺒﺮ دﻤﺷﻖ ) ﺧﻂ اﻠﺤﺟﺎز (‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻘﺎد ﻋﺒﺮ اﻻردن ٕاﻠـﻰ ﻤﻛـﺔ‪ .‬وﻠﻬـﺬا ﻓـﺎن ﻤﺤﻄـﺔ اﻠﻗﻄـﺎر‪ ،‬ﻘﺼـﺮ اﻠﻌـﺪل‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫و ﻤﻛـﺘ ــﺐ ﺑﺮﻳ ــﺪ اﻧﺷ ــﺌﺖ ﻋﻟ ــﻰ ﻤﺮﺗﻔـ ــﻊ ﺧﻔﻴ ــﻒ ٕا ﻠ ــﻰ اﻠﺟﻨ ــﻮب ﻤ ــﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨـ ــﺔ‬ ‫اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ‪.‬‬ ‫ﺿﻮاﺣﻲ ﺠﺪﻳﺪة ﺗﻄﻮرت ٕاﻠﻰ اﻠﺷﻣﺎل ﻤﻦ ﻧﻬﺮ ﺑﺮدى و ﻧﻮﻋﺎ ﻤﺎ ٕاﻠﻰ اﻠﺟﻨﻮب‬ ‫ﻤﻨﻪ ﺣﻴﺚ د ﺧـﻞ اﻠﺒﻨـﺎء ﻏﻮﻃـﺔ دﻤﺷـﻖ‪ .‬ﺣـﺮص ﻋﻣـﻞ ﺗﺨﻄـﻴﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﻋﻟـﻰ‬ ‫ﺣ ﻔــﻆ اﻠﻐﻮﻃــﺔ ﻘــﺪر ا ٕﻻﻤﻛــﺎن و ﺗﻮﺠﻴــﻪ اﻤﺘــﺪاد اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻧ ﺤــﻮ ﺸــﻣﺎل ﻏﺮﺑ ــﻲ‬ ‫ﻤﻨﻄﻗﺔ اﻠﻣﺰة ‪ ،‬و ﻻﺣﻗـﺎ ﻋﻟـﻰ ﻃـﻮل وادي ﺑـﺮدى ﻓـﻲ ﻤﻨﻄﻗـﺔ دﻤـﺮ و ﺑـﺮزة ﻓـﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷــﻣﺎل اﻠﻐﺮﺑ ــﻲ و اﻠﺷــﻣﺎل اﻠﺷ ــﺮﻘﻲ‪ .‬ﻓــﻲ اﻠﺤ ــﺮب اﻠﻌﺎﻠﻣﻴــﺔ اﻻوﻠ ــﻰ د ﺧ ــﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻧﻛﻟﻴـﺰ دﻤﺷــﻖ اﻠﺘــﻲ اﻋﻄﻴــﺖ ﻓﻴﻣــﺎ ﺑﻌــﺪ ﻠﻟﻔﺮﻧﺳــﻴﻴﻦ ﻠﺘﺒــﺪا ﻤﺮﺣﻟــﺔ اﺧــﺮى‬ ‫ﻤﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢٥‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﺴــﺘﻣﺮ اﻠﺘﺤــﺪﻳﺚ و اﻠﺘﻄ ــﻮر اﻠﻌﻣﺮاﻧــﻲ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺧ ــﻼل اﻻﻧﺘــﺪاب اﻠﻔﺮﻧﺳ ــﻲ‬ ‫ﻠﺬﻠﻚ ﺗﻢ ٕادﺧﺎل ﻃﺎﺑﻊ ﻋﻣﺮاﻧﻲ ﻏﺮﺑﻲ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨﺔ و ﺧﺎﺻـﺔ ﻓـﻲ اﻠﺟـﺰء اﻠﺷـﻣﺎﻠﻲ‬ ‫اﻠﻐﺮﺑـﻲ ﺑﻣﺤــﺎذاة اﻠﻀـﻔﺔ اﻠﺷــﻣﺎﻠﻴﺔ ﻠﻨﻬـﺮ ﺑــﺮدى ﺣﻴـﺚ ﺑﻨــﻰ اﻠﻔﺮﻧﺳـﻴﻴﻦ ﻧــﻮع‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤـﻦ )ﻤﺪﻳﻨـﺔ ﺠﺪﻳـﺪة ( ﻤﻨﻔﺼـﻟﺔ ﺑ ﺷــﻛﻞ ا ﺴﺎﺴـﻲ ﻋـﻦ اﻠﺟـﺰء اﻠﻌﺜﻣـﺎﻧﻲ ﺣﻴــﺚ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻدارة‪ ،‬ﻤﺮﻜــﺰ ﺗﺟ ــﺎري‪ ،‬و اﺑﻨﻴ ــﺔ ﺴ ــﻛﻨﻴﺔ‪ .‬ﺧﻟــﺖ اﻠﻣﻨﻄﻗ ــﺔ ﺑ ــﻴﻦ )اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ (‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴـ ــﺔ و اﻠﻔﺮﻧﺳـ ــﻴﺔ ﻤ ـ ــﻦ اي اﻋﻣـ ــﺎل او ﻧﺷـ ــﺎﻃﺎت ﻠ ـ ــﺬﻠﻚ ﺗـ ــﺮدت ﻫ ـ ــﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﻄﻗ ــﺔ ﺑ ﺷ ــﻛﻞ واﺿ ــﺢ‪ .‬اول ﻤﺨﻄﻄ ــﺎت ﺗﻨﻈﻴﻣﻴ ــﺔ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ﺗ ــﻢ و ﺿـ ــﻌﻬﺎ‬ ‫ﺧــﻼل ﻫــﺬﻩ اﻠﻔﺘــﺮة و ﺗﻌــﻮد ﻠ ﺤــﻮاﻠﻲ ﺛﻼﺛﻴﻨــﺎت اﻠ ﻗــﺮن اﻠﻌﺷــﺮﻳﻦ ‪ .‬ﻋﻛﺳ ــﺖ‬ ‫ﻫــﺬﻩ اﻠﻣﺨﻄﻄ ــﺎت ﻤﺒ ــﺎدئ ﺗﺨﻄ ــﻴﻂ ﻋﻣﺮاﻧ ــﻲ ﻏﺮﺑ ــﻲ ﺣﻴ ــﺚ ﺣ ــﻮت ﻧﻣ ــﻮذج‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷ ــﺒﻛﺔ ﻜـﺘﻨﻈـ ــﻴﻢ و ﻃﻐـ ــﻰ اﻠﻄـ ــﺎﺑﻊ اﻠﻔﺮﻧﺳـ ــﻲ ﻋﻟـ ــﻰ اﻻﺑﻨﻴـ ــﺔ و اﻠﺳـ ــﺎﺣﺎت و‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﺪاﺋﻖ‪ .‬ﻜﻣﺎ اﻧﻪ اﻳﻀﺎ ﺗﻢ ﻤﺪ ﺸـﺒﻛﺔ ﻃـﺮق ﻠﻟﺘﺮاﻤـﺎت و ﺻـﻟﺖ ﻜﺎ ﻤـﻞ اﺠـﺰاء‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ و اﻠﺘــﻲ ﻧــﺘﺞ ﻋﻨﻬـﺎ ﺗــﺪﻤﻴﺮ ﻓــﻲ ﺑﻌــﺾ اﺠـﺰاء اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣــﺔ ﺣﻴــﺚ‬ ‫ﺗﻄﻟﺒ ــﺖ اﻠﻌﻣ ــﻞ ﻃﺮﻘ ــﺎت ﻋﺮﻳﻀ ــﺔ ﻠ ــﻢ ﺗﻛ ــﻦ ﺿ ــﻣﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣ ــﺔ ﻤ ﻣـ ــﺎ‬ ‫اﺿﻄﺮﻫﻢ ﻠﺘﻮﺴﻴﻌﻬﺎ‪ .‬اﻠﺼﻮرة )‪ ( ١٨‬ﺗﺒﻴﻦ ﺗﺒـﺎﻳﻦ اﻠﺘﻨﻈـﻴﻢ اﻠﻌﻣﺮاﻧـﻲ ﻠﻟﻣﺪﻳﻨـﺔ‬ ‫ﻓ ﻔـﻲ اﻠﺟــﺰء اﻠ ﺳــﻔﻟﻲ اﻠﻴﻣﻴﻨــﻲ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣــﺔ و ﻤﻨﻄﻗــﺔ اﻠﺤﺮﻳﻗــﺔ‪ ،‬اﻠ ﺟــﺰء‬ ‫اﻠﻮﺴـﻄﻲ اﻠﻴﺳـﺎري ﻳﺒــﻴﻦ ﻤﻨﻄﻗـﺔ اﻠﺒﺮاﻤﻛــﺔ و ﻫـﻲ اﻠﺟــﺰء اﻠﻌﺜﻣـﺎﻧﻲ ﻠـ ٕـﻼدارة‪،‬‬ ‫ﺑﻴﻨﻣﺎ اﻠﺟﺰء اﻠﻌﻟﻮي اﻠﻴﺳﺎري ﻳﺒﻴﻦ اﻠﺘﺨﻄﻴﻂ اﻠﻌﻣﺮاﻧﻲ اﻠﻔﺮﻧﺳﻲ‪.‬‬

‫اﻠﺼﻮرة )‪ ( ١٩‬ﺗﺒﻴﻦ ﺸﺒﻛﺔ اﻠﻄﺮق ﻓﻲ اﻠﻔﺘﺮة اﻠﻔﺮﻧﺳﻴﺔ‪.‬‬

‫دﻣﺸﻖ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ‬ ‫‪-٧‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓـﻲ اﻠﺳـﻨﻮات اﻻوﻠــﻰ ﻤـﻦ اﻻﺴـﺘﻗﻼل ازداد ﻤﻌــﺪل اﻠﻨﻣـﻮ اﻠﺳـﻛﺎﻧﻲ ﺑ ﺷــﻛﻞ‬ ‫ﻤﻟﺤــﻮظ ﻓﻣﺘﻮﺴــﻂ اﻠﻨﻣ ــﻮ ﻓــﻲ ﺧﻣﺳــﻴﻨﺎت و ﺴ ــﺘﻴﻨﺎت اﻠ ﻗــﺮن اﻠﻣﺎﺿــﻲ ﻜ ــﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻋﻟــﻰ ﻤ ــﻦ ‪ % ٥‬ﻓــﻲ اﻠﻌ ــﺎم‪ .‬اﻠﻨﻣ ــﻮ اﻠ ﺳــﻛﺎﻧﻲ اﻠﺳ ــﺮﻳﻊ ﺑﺎ ٕﻻﺿــﺎﻓﺔ ٕا ﻠ ــﻰ اﻠﻨﻣ ــﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻘﺘﺼـﺎدي و اﻠﻬﺟ ـﺮات اﻠﻀـﺨﻣﺔ ﻤــﻦ اﻠﺮﻳـﻒ ٕاﻠــﻰ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ادى ٕاﻠــﻰ ﺗﻮﺴــﻊ‬ ‫ﻜﺒﻴﺮ ﺠﺪا ﻠﻟﻣﺪﻳﻨﺔ و ﻤﻈﻬﺮﻫﺎ اﻠﻌﺎم‪ .‬اﻠﺼﻮرة )‪.(٢٠‬‬

‫ٔ‬ ‫ﺗﻮﺴـﻊ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻜــﺎن ٕا ﻠــﻰ اﻠﺷــﻣﺎل )اﻠﻣﺰرﻋـﺔ‪ ،‬ﻘﺼــﺎع ( و ﺸــﻣﺎل ﻏــﺮب )اﺑــﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫رﻤﺎﻧــﺔ ( ﺣﻴــﺚ ﺸــﻐﻟﺖ اﻠﻣﻨﻄﻗــﺔ ﻤﺒــﺎﻧﻲ ﺧﺪﻤﻴــﺔ و اﺑﻨﻴــﺔ ﺴــﻛﻨﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜــﺔ ﻓــﻲ‬ ‫ﻓﺘـ ــﺮة ﺧﻣﺳ ـ ــﻴﻨﺎت اﻠ ﻗ ـ ــﺮن اﻠﻣﺎﺿ ـ ــﻲ و ﻳﺷـ ــﺎﻫﺪ ﻓ ـ ــﻲ ﻤﺒ ـ ــﺎﻧﻲ ﻫ ـ ــﺬﻩ اﻠﻣﻨﻄﻗ ـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻧﺳـﺟﺎم اﻠﻛﺎﻤـﻞ ﻤـﻊ ﻤﻌﻣــﺎر اﻠﻨﻣـﻮذج اﻠﻔﺮﻧﺳـﻲ‪ .‬اﻳﻀــﺎ ﺑﺎﻠﺘـﺪرﻳﺞ ﺗـﻢ ﻧ ﻗــﻞ‬ ‫اﻠﻔﻌﺎﻠﻴﺔ اﻻﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻤﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ ﻋﺒﺮ اﻠﺟﺰء اﻠﻔﺮﻧﺳﻲ ٕاﻠﻰ اﻠﺷـﻣﺎل‬ ‫اﻠﻐﺮﺑـﻲ ﻜﻣــﺎ ﺗﻄــﻮرت ﻤﻨـﺎﻃﻖ ﺻــﻨﺎﻋﻴﺔ ٕا ﻠــﻰ اﻠﺟﻨـﻮب ﻤــﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣــﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻳﻀ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺴـ ــﺘﻴﻨﺎت اﻠ ﻗ ــﺮن اﻠﻣﺎﺿـ ــﻲ ﺗ ــﻢ ٕاﻧﺷـ ــﺎء ﻋ ــﺪد ﻫﺎﺋـ ــﻞ ﻤ ــﻦ اﻠﻣﺒـ ــﺎﻧﻲ‬ ‫اﻠﺨﺪﻤﻴﺔ ﻤﺜﻞ ﻤﺘﺤﻒ وﻃﻨـﻲ‪ ،‬ﻤﺷـﺎﻓﻲ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌـﺎت‪ .‬ﻓﻴ ﻣـﺎ ﺑﻌـﺪ ﻜﺎﻧـﺖ اﻠﻔﻛـﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺮﺋﻴﺳ ــﻴﺔ ﻠﺘﻮﺴ ــﻊ اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ان ﻳﻛ ــﻮن ﺧ ــﺎرج اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ اﻻﺴﺎﺴ ــﻴﺔ‪ .‬ﻓ ــﻲ ﻋـ ــﺎم‬ ‫‪ ١٩٦٨‬ﺗﻣ ــﺖ دراﺴ ــﺔ ﻤﺨﻄ ــﻂ ﺠﺪﻳ ــﺪ ﻠﺘﻮﺴ ــﻊ اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ﻤ ــﻦ ﻘﺒ ــﻞ ﻤﻬﻨ ــﺪس‬ ‫ﻓﺮﻧﺳ ــﻲ)‪ ( ECOCHARD‬و ﻳﺎﺑـ ــﺎﻧﻲ )‪ ( BANSHOYA‬و ﻠﻛ ــﻦ ﺗـ ــﻮﻘﻌﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻨﺳﺒﺔ زﻳﺎدة ﻋـﺪد اﻠﺳـﻛﺎن ﻠـﻢ ﺗﺘﻄـﺎﺑﻖ اﺑـﺪا ﻤـﻊ اﻠﻮاﻘـﻊ ﺣﻴـﺚ ﺗﻮﻘﻌـﻮا ﻋـﺪد‬ ‫ﺴـ ـ ـﻛﺎن اﻠﻣﺪﻳﻨ ـ ــﺔ )‪ ٩٠٤٠٠٠‬ﻧﺳـ ـ ــﻣﺔ ﻠﻟﻌ ـ ــﺎم ‪ ( ١٩٨٤‬ﺑﻴﻨﻣـ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﺪد ﺴـ ـ ــﻛﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﻜــﺎن )‪ ١٠٠٠٠٠٠‬ﻧﺳــﻣﺔ ﻠﻟﻌــﺎم ‪ ( ١٩٧٦‬ﻤ ﻣــﺎ ادى ﻠﺨﻟــﻖ ﻤﺷــﺎﻜﻞ‬ ‫ﻓﻲ ﺗﺨﻄﻴﻂ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ و ﺧﺎﺻﺔ اﻠﻣﻨﺎﻃﻖ اﻠﺳﻛﻨﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻓﻴﻣـ ــﺎ ﺑﻌـ ــﺪ ﻋﻣﻟـ ــﺖ اﻠﺨﻄـ ــﻂ ﻋ ﻟـ ــﻰ ﺗ ﺤـ ــﺪﻳﺚ و ﺗﻄـ ــﻮﻳﺮ اﻠﻣﺨﻄـ ــﻂ اﻠﻌﻣﺮاﻧ ـ ــﻲ‬ ‫ﻠﻟﻣﺪﻳﻨﺔ و ﻘﺪ اﺗﺒـﻊ اﻠﻨﻣـﻮذج اﻠﻐﺮﺑـﻲ ﻠﻟﺘﺨﻄـﻴﻂ ﺣﻴـﺚ اﻠﺷـﻮارع اﻠﻌﺮﻳﻀـﺔ و‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺘﻗﺎﻃﻌـﺔ ﺑﺷــﻛﻞ ﻤﻨــﺘﻈﻢ و اﻠﺘــﻲ ﺗﻣ ﻟــﺊ ﺗﻗﺎﻃﻌﺎﺗﻬــﺎ ﻜـﺘــﻞ اﻻﺑﻨﻴــﺔ اﻠﺷــﺎﻫﻗﺔ‬ ‫اﻻرﺗﻔـﺎع واﻠﻣﻛﻮﻧـﺔ ﻤـﻦ ﺸـﻗﻖ ﻤﻐﻟﻗـﺔ‪ .‬اﻠﺼـﻮرة )‪ ( ٢١‬ﺗﺒـﻴﻦ ﻤﺨﻄـﻂ دﻤﺷــﻖ‬ ‫ﻋﺎم ‪،١٩٩٤‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢٦‬‬


‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫دراﺳﺎت‬

Atasi, S., 2000 Von den Umayyaden zu den den Mamluken: Aspekte städlischer Entwiklung in Damascus, in: Damascus – Aleppo 5000 Jahre Stadtentwicklung in Syrien, Mainz am Rhein: Verlag Philipp von Zabern Escher, A., 2000 Die stätebauliche Entwiklung von Damaskus in der Zeit der Arabischen Republik Syrien, in: ed. Beate Bollman, Damascus-Allepo 5000 Jahre Stadtentwicklung in Syrien, Mainz am Main: Verlag Philipp von Zabern Goodwin, G., 1997 A history of Ottoman architecture, London: Thames and Huston Nebel, S., 2000 Gesamtstadt und Altstadt – Planungansätze in Damaskus, in: ed. Beate Bollman, DamascusAllepo 5000 Jahre Stadtentwicklung in Syrien, Aainz am Main: Verlag Philipp von Zabern Sack, D.,1989 Entwick lung und Struktur einer orientalischislamischen Stadt, Mainz am Rhein: Verlag Philipp von Zabern Stierlin, H., 1996 Islam. Frühe Bauwerke von Bagdad bis Cordoba, Köln et al.: Taschen Trauzettel, H., 1988 Syrien. Aus dem Reistagebuch eines Architecten, Berlin:VEB Veralg für Bauwesen Weber, S., 2003 Damascus: a major eastern Mediterranean site at risk, ICOMOS Germany, at: http://www.international.icomos.org/risk/2001/syri 2001.htm The Columbia Electronic Encyclopedia, 6th ed. Copyright © 2006, Columbia University Press, at: http://www.infoplease.com/ce6/history/A0814911. html Damascus in History, http://www.damascusonline.com/damascus.htm Damascus,http://www.crystalinks.com/damascus.h tml Damascus, Archnet, Digital Library, http://archnet.org/library/places/oneplace.tcl?place_id=1599&order_by=title&showde scription=1 Nur Eddine Bimaristan: great medical edifice of the Islamic civilization, Regional, Culture, 1/16/1999, http://www.arabicnews.com/ansub/Daily/Day/990 116/1999011635.htm no author, 2002, no author, 2006http://www.syriagate.com/Syria/about/cities/ Damascus/ http://lexicorient.com/e.o/damascus.htm http://en.wikipedia.org/wiki/Damascus http://www.saudiaaramcoworld.com/issue/198202/ restoration.of.damascus.htm http://whc.unesco.org

‫ ر‬‫ ن ا‬

٢٧

‫رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬.‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‬.‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‬

‫ ( ﺗﺒ ــﻴﻦ ﺠـ ــﺰء ﻤ ــﻦ ﻤﺨﻄ ــﻂ دﻤﺷـ ــﻖ اﻠ ﺤ ــﺎﻠﻲ واﻠ ــﺬي ﻳﺒـ ــﻴﻦ‬٢٢) ‫و اﻠﺼ ــﻮرة‬ ٔ ‫اﻠ ﻔــﺮوق ﻓــﻲ اﻠﺘﻨﻈــﻴﻢ ﻻﺠ ـﺰاء اﻠﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺣﺳــﺐ اﻠﻣﺮﺣﻟــﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴــﺔ ﻜﻣ ــﺎ ورد‬ .‫ﺴﺎﺑﻗﺎ‬

ٔ ٔ ‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬ ‫ﻜﻣـ ــﺎ ﺣﺎوﻠـ ــﺖ ان اﻘـ ــﺪم ﺗـ ــﺎرﻳﺦ اﻠﻣﺪﻳﻨـ ــﺔ ﻤـ ــﻦ ﺧـ ــﻼل اﻠﻣﺨﻄﻄـ ــﺎت ﻓ ـ ـ ٕـﺎﻧﻨﻲ‬ ٔ ‫ ( و اﻠﺘـﻲ ﻓﻴﻬـﺎ ﻧـﺮى ﻤـﻦ‬٢٣) ‫ﺴﺎﺣﺎول ﺗﻟﺨﻴﺺ ﻤﺎ ﺗﻗﺪم ﻤﻦ ﺧـﻼل اﻠﺼـﻮرة‬ ‫ اﻠﺼ ــﻮرة‬.‫اﻠﻴﺳــﺎر ٕا ﻠ ــﻰ اﻠﻴﻣ ــﻴﻦ و ﺑﺎﻠﺘﺘــﺎﻠﻲ ﺗﻄ ــﻮر اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ و ﺗﻐﻴــﺮ ﻤﺨﻄﻄﻬ ــﺎ‬ ٓ ٔ ،‫ اﻠﻔﺘـﺮة اﻻراﻤﻴــﺔ‬:‫ﺗﻌـﺮض ﺸـﻛﻞ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﺣﺳـﺐ اﻠﻔﺘ ـﺮات و اﻻﻋـﻮام اﻠﺘﺎﻠﻴـﺔ‬ ‫ اﻠﻔﺘـﺮة ا ٕﻻﺴــﻼﻤﻴﺔ‬،‫ اﻠﻔﺘـﺮة اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴـﺔ‬،‫ اﻠﻔﺘـﺮة اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴــﺔ‬،‫اﻠﻔﺘـﺮة اﻠﻬﻟﻨﺳـﺘﻴﺔ‬ ٔ ‫ وﻓ ــﻲ‬١٩٩٥ ،١٩٦٥ ، ١٩٣٥ ،١٨٥٠ ،١٦ ‫ اﻠ ﻗ ــﺮن‬،١٣ ‫ اﻠ ﻗ ــﺮن‬،‫اﻻوﻠــﻰ‬ .‫ﻜﻞ ﻤﻨﻬﺎ ﻳﻣﻛﻦ رؤﻳﺔ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ‬

ٔ ،‫دﻤﺷــﻖ ﻤﺪﻳﻨ ــﺔ داﺋﻣ ــﺔ اﻠﺤﻴ ــﺎة رﻏ ــﻢ ﻜ ــﻞ ﻤ ــﺎ ﺣ ــﻞ ﺑﻬ ــﺎ ﻤ ــﻦ ازﻤﻨ ــﺔ ﺻ ــﻌﺒﺔ‬ ‫دﻤﺷ ـ ــﻖ اﻠﻣﺪﻳﻨ ـ ــﺔ اﻠﺘ ـ ــﻲ ﺗ ـ ــﻨﻬﺾ ﺴ ـ ــﺮﻳﻌﺎ ﻠﻟﺤﻴ ـ ــﺎة و ﺗﺤﻣ ـ ــﻞ ﺑ ـ ــﻴﻦ ﻃﺒ ﻗ ـ ــﺎت‬ ٔ .‫ﻤﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ اﻠﻌﻣﺮاﻧﻴﺔ ﺑﺼﻣﺎت اﻠﺘﺎرﻳﺦ و اﺛﺎر ﻜﻞ ﻤﻦ ﻤﺮ ﺑﻬﺎ‬ --------------------

‫اﻟﻤﺮاﺟﻊ‬ Adhikari, S., 2002 Damascus: the oldest inhabited city in the world, The Tribune: June 23, 2002, at: http://www.tribuneindia.com/2002/20020623/spect rum/travel.htm


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻗﻠﻌﺔ ﺑﻨﻲ ﺣﻤﺎد‬

‫قلعة بني حماد‬ ‫د‪.‬ﺧــﺎﻟﺪ ﺑﻠﻌﺮﺑﻲ‬ ‫ٓ‬ ‫قسم التاريخ ‪ -‬كلية االداب والعوم ا ٕالنسانية‬ ‫جامعة سيدي بلعباس ‪ -‬الجمهورية الجزائرية‬

‫ اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎل‪:‬‬ ‫خالــد بلعربــي‪ ،‬البنيــة العمرانيــة لمدينــة قلعــة بنــي حمــاد‪-.‬‬ ‫دوري ــة ك ــان التاريخي ــة‪ -.‬الع ــدد الخ ــامس؛ س ــبتمبر‪.٢٠٠٩‬‬ ‫ص ‪(www.historicalkan.co.nr). ٣٠ - ٢٨‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪belarbi.tlemcen@yahoo.fr‬‬

‫ٔ‬ ‫ان التحلي ـ ـ ــل المورفل ـ ـ ــوجي للمخط ـ ـ ــط العمران ـ ـ ــي‬ ‫لمدين ــة القلع ــة يتطل ــب االختص ــاص ال ــدقيق ف ــي‬ ‫ٓ‬ ‫مي ـ ــدان العم ـ ـ ـران واالث ـ ــار‪ ،‬ويعتم ـ ــد عل ـ ــى نت ـ ــائج‬ ‫ٔ‬ ‫التقنيــات والحفريــات التــي يقــوم به ــا االثري ــون‪ ،‬وكــذلك عل ــى الدراس ــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االبحاث الحديثة‪ ،‬لذا ٕفانني ساحاول في هذه المداخلة دراسـة المخطـط‬ ‫العمرانــي والبنيــة الداخليــة لهــذه المدينــة خــالل العهــد الحمــادي معتمـ ًـدا‬ ‫فــي ذلــك علــى مــا تــوفر لــدي مــن مــادة خبريــة‪ ،‬اســتقيتها مــن النصــوص‬ ‫ٔ‬ ‫التاريخي ــة بالدرج ــة االول ــى والت ــي عث ــرت عليه ــا ف ــي المص ــنفات العام ــة‬ ‫والخاصة بتاريخ الدولة بني حماد وحضارتهم‪ ،‬ثـم نعتمـد بعـد ذلـك علـى‬ ‫ٔ‬ ‫نتــائج بعــض الدراســات واالبحــاث الميدانيــة الحديثــة التـ ّـي ســبقي فــي هــذا‬ ‫ٔ‬ ‫الموض ـ ـوع‪ ،‬غي ــر ٔان قلته ــا ون ــذرتها وغم ــوض بعض ــها تجعلن ــا نلج ــا ٕال ــى‬ ‫ٔ‬ ‫النصـوص التـ ّـي تــدفعنا ٕالــى بعــض النتـائج التقريبيــة بتحديــد بعــض امــاكن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االحيــاء‪ ،‬واالبــواب‪ ،‬والمســاجد التـ ّـي وردت اســماؤها فــي هــذه النصــوص‬ ‫النــدثارها وزوال معالمهــا العمرانيــة بســبب ا ٕالنســان ومعــول الزمــان الــذي‬ ‫عبث بها‪.‬‬ ‫تتمي ــز المدين ــة ا ٕالس ــالمية عمومـ ــا ف ــي ب ــالد المش ــرق والمغـ ــرب‬ ‫بس ـ ــمات مش ـ ــتركة بغ ـ ــض النظ ـ ــر ع ـ ــن المميـ ـ ـزات الت ـ ـ ّـي تفرض ـ ــها البيئ ـ ــة‬ ‫الطبيعيـ ــة‪ ،‬والتقاليـ ــد المحليـ ــة‪ٕ .‬ان تشـ ــييد المدينـ ــة ا ٕالسـ ــالمية م ـ ـرتبط‬ ‫ٔ‬ ‫بضــوابط وشــروط اساســية وضــرورة تــوفر بعــض المعــالم العمرانيــة علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واالبــواب وشــبكة الطــرق‬ ‫راســها المســجد الجــامع‪ ،‬والســوق‪ ،‬واالســوار‪،‬‬ ‫والـ ــدروب المخصصـ ــة للمشـ ــاة والعربـ ــات‪ ،‬كمـ ــا يمتـ ــاز سـ ــكان المدينـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫بحرصـ ــهم علـ ــى صـ ــيانة ديـ ــارهم وبناءهـ ــا تماشـ ــيا مـ ــع القـ ــيم االخالقيـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫والعــادات والتقاليــد التـ ّـي بنيــت عليهــا االســرة الحضــرية ا ٕالســالمية وهــي‬ ‫ٔ‬ ‫ضـوابط تفنـد مــا ذهـب ٕاليــه بعـض المستشــرقين مـن ان البنــاء فـي المــدن‬ ‫ا ٕالسالمية يتميز بالعشوائية وعدم التماسك‪.‬‬ ‫ٕان مدينة قلعة بني حماد ال تخرج عن هذه القاعدة وال تشـد عنهـا‬ ‫وال تبتعــد عــن وظــائف هــذا التخطــيط ومعلمــه‪ ،‬فقــد عرفــت هــي ٔاالخــرى‬ ‫تطورات منذ بنائها م قبل بني حماد الذين لهم الفضل الكبيـر فـي جعلهـا‬ ‫ٔ‬ ‫قاعدة للحكم ومركز دائرة نفوذهم فـي المغـرب االوسـط )‪ ، (١‬تتجلـى هـذه‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المــاثر الباقيــة بالمدينــة كاالســوار‪ ،‬والقصــور والمســاجد‪ ،‬واالبـراج‪ ،‬وهــي‬ ‫مع ــالم عمراني ــة ت ــدل دال ل ــة واض ــحة عل ــى اهتم ــام الحم ــاديين بتش ــييد‬ ‫العم ـران وتخليــده‪ ،‬وعكــس ازدهــار هــذه الصــورة تطــور العلــوم والفنــون‬ ‫والصــناعات وانتشــار الس ــواق بالمدين ــة مم ــا ي ــدل عل ــى الرقــي الحض ــاري‬ ‫للمجتمع الحمادي في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫كانــت مدينــة القلعــة فــي العهــد الحمــادي عاصــمة الدولــة‪ ،‬بنيــت‬ ‫ٔ‬ ‫سنة ‪ ١٠٠٧‬م اي قبل ٕاعالن استقالل الدولة الحماديـة‪ ،‬تقـع علـى حافـة‬ ‫ٔ‬ ‫مرتفعــات "التــل" مشــرفة علــى طــرق تجاريــة عظيمــة االهميــة تصــل ثغــر‬ ‫ٔ‬ ‫بسكرة بالساحل فرضت هذه المدينة نفسها كمدينة رسمية يقطنهـا امـراء‬ ‫بني حماد)‪.(٢‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ‪ّ :‬‬ ‫شيد بنـو حمـاد بالقلعـة المسـجد الكبيـر او االعظـم‪،‬‬ ‫ومســجدا صــغيرا بقصــر المنــار‪ ،‬كانــت تــؤدي الصــلوات بهمــا‪ ،‬وتلقــى فيــه‬ ‫بعــض الــدروس علــى الطلبــة فــي المجــالس العلميــة المختــارة)‪ ،(٣‬وتعتبــر‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مئذنة المسجد االعظم من اقدم الماذن الجزائرية تتالف من بـرج واحـد‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يبلــغ ارتفاعهــا حــوالي اكـثــر مــن اربــع وعشــرون متـرا مبنيــة بــالحجر‪ ،‬تمتــاز‬ ‫ٔ‬ ‫هــذه المئذنــة بالزخــارف التـ ّـي ترتبهــا‪ ،‬فهــو تحفــة معماريــة رائعــة حتــى ان‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بعض الباحثين يشيرون ٕالى ان مئذنة هـذا المسـجد قـد اثـرت فـي المـاذن‬ ‫الموحديــة وخصوصــا فــي مئذنــة جــامع ٕاشــبيلية التـ ّـي لهــا زخــارف منظمــة‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢٨‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حســب ثــالث الــواح قائمــة)‪ ،(٤‬با ٕالضــافة ٕالــى المســجد االعظــم اكـتشــف‬ ‫ٓ‬ ‫علمــاء االثــار الجزائــريين ســنة ‪ ١٩٦٨‬مســجدا صــغيرا بقصــر المنــار يبلــغ‬ ‫طولــه ‪ ١٦٠‬مت ـ ًرا وعرضــه ‪ ١٢٠‬مت ـرا وفــي وســط مشــكاة محرابــه كـتابــات‬ ‫تحتوي على ٓايات من الق ٓران الكريم‪ ،‬منها " ُق ْل ُه َو َّالل ُه َٔا َحد َّالل ُـه َّ‬ ‫الص َـم ُد‬ ‫َّ‬ ‫ٔ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ل ْم َي ِل ْد َول ْم ُيول ْد َول ْم َي ُكن ل ُه ُكـ ُف ًـوا "‪ ،‬ويعتبـر المهندسـون واالثريـون بنـاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المسجد االعظم من ابدع المخلفات االثرية الحمادية)‪.(٥‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻷﺳــﻮار واﻷﺑــﺮاج‪ :‬اعتنــى االمـراء الحمــاديون بتســوير مدينــة‬ ‫ٔ‬ ‫القلعــة التـ ّـي كانــت قاعــدة لحكمهــم لــبالد المغــرب االوســط لتكــون قلعــة‬ ‫منيعــة صــعبة المنــال وحصــنا قويــا يســهل الــدفاع عنهــا‪ ،‬كانــت قلعــة بنــي‬ ‫ٓ‬ ‫حمــاد محاطــة بســور مازالــت اثــاره باقيــة ٕالــى يومنــا هــذا‪ ،‬يبلــغ طولــه ســبع‬ ‫ٔ‬ ‫كيلومترات‪ ،‬يبدا من الشط الغربي لوادي فرج من جهة الشـرق ثـم يتجـه‬ ‫ٔ‬ ‫نحــو الشــمال ٕالــى ان يصــل ٕالــى جبــل تاكربوســت ثــم ينحــدر نحــو جبــل‬ ‫ٔ‬ ‫قرين ليعبر وادا باتجـاه الشـط الشـرقي‪ ،‬ويـذكر ابـن حمـاد بـان الـذي بنـى‬ ‫)‪( ٦‬‬ ‫قلعــة بــن حمــاد وســورها هــو مملــوك رومــي يقــال لــه بونيــاش ‪ ،‬واهــتم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امـراء بنــو حمــاد كــذلك ببنــاء االبـراج القويــة والعاليــة للمراقبــة‪ ،‬ومــن بــين‬ ‫ٔ‬ ‫اب ـراج المراقبــة بالقلعــة التـ ّـي يشــير ٕاليهــا البــاحثون بــرج المنــار الــذي كــان‬ ‫يمتــاز بعلـ ّـوه‪ ،‬يراقــب مدينــة القلعــة مــن جميــع الجهــات المختلفــة‪ ،‬وكــان‬ ‫عــامال مهمــا فــي تســهيل مهمــة المراقبــة والــدفاع عــن الســكان لهــذا البــرج‬ ‫قاعدة مربعة الشكل يبلغ ضلعها ‪٢٠‬م‪ ،‬كما يشتمل على قاعتين‪ ،‬وكـان‬ ‫ممر الحراس يحيط بهما)‪.(٧‬‬ ‫أﺑﻮاب ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﻠﻌﺔ‪ :‬تشتمل مدينة قلعـة بنـي حمـاد علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ثالثــة ابــواب رئيســية واســعة‪ ،‬شـ ّـيدت علــى جــانبي كــل واحــدة منهــا مراكــز‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حراســة بمثابــة اب ـراج صــغيرة مربعــة الشــكل لمراقبــة الضــواحي واالمــاكن‬ ‫ٔ‬ ‫المجاورة والداخلين والخارجين منها باستمرار)‪ ،(٨‬وهـذه االبـواب الثالثـة‬ ‫ٔ‬ ‫هــي بــاب االقــواس‪ ،‬وبــاب الجنــان وبــاب جـراوة‪ ،‬ولــم يبــق منهــا ٕا ّال البــاب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االول ولع ــل مدين ــة القلع ــة كان ــت تش ــتمل عل ــى اب ــواب اخ ــرى ل ــم ي ــتم‬ ‫ٔ‬ ‫اكـتشــافها بعــد‪ ،‬والجــدير بالمالحظــة انــه ليســت لــدينا معلومــات خاصــة‬ ‫ٔ‬ ‫بهــذه االبــواب مــن حيــث المكــان المحــدد لوجودهــا‪ ،‬فكــل مــا تشــير ٕاليــه‬ ‫ٔ‬ ‫الدراسات هو فقط ٕاثبات لوجودها‪ ،‬وكانت هذه االبواب تغلق ليال‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻟﻘﺼــﻮر‪ :‬اعتنــى الحمــاديون ببنــاء القصــور‪ ،‬فقــد عثــر االثريــون‬ ‫في مدينة القلعة على ثالثة قصور منها‪ ،‬قصر المنار وقصر البحر‪ ،‬وقصـر‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫السـ ـ ــالم‪ ،‬ويبـ ـ ــدو ان ام ـ ـ ـراء الدولـ ـ ــة الحماديـ ـ ــة كـ ـ ــانوا مـ ـ ــولعين بالبنـ ـ ــاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والتشــييد‪ ،‬الن العمــارة رمــز القــوة واالزدهــار وهــي واجبــات ومهــام االمــراء‬ ‫ٔ‬ ‫االقويــاء‪ ،‬وفــي هــذا الصــدد يقــول ابــن خلــدون "تكـثــر العلــوم حيــث يكـثــر‬ ‫العمران وتعظم الحضارة")‪.(٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫يتـالف قصـر المنـار مــن عـدة مبـاني بعضــها بجانـب بعـض‪ ،‬توجــد‬ ‫ب ــه قاع ــات مختلف ــة الش ــكل م ــن بينه ــا القاع ــة الش ــرفية للقص ــر وك ــذلك‬ ‫ٔ‬ ‫المســجد الصــغير الــذي ســبق ذكــره‪ ،‬لقــد بنــي هــذا القصــر باســلوب فنــي‬ ‫ٔ‬ ‫معماري بديع والدليل على ذلـك ان الجـدار الشـمالي للقصـر كـان يحتـوي‬ ‫علــى ٔالــواح مســتطيلة مــن الرخــام فوقهــا شــريط مــزين بعناصــر هندســية‬ ‫منقوشــة فــي الحجــر‪ ،‬وكانــت القاعــة الشــرفية للقصــر مفروشــة بقطــع مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الخــزف بيضــاء وخض ـراء‪ ،‬وتتخلــل القصــر احــواض مــن الزهــور واالشــجار‬ ‫المثم ــرة‪ ،‬ون ــافورات المي ــاه‪ ،‬فه ــو معل ــم م ــن مع ــالم العمراني ــة الحمادي ــة‬ ‫الرائعة)‪.(١٠‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امــا قصــر البحــر فقــد تــم اكـتشــافه خــالل الحفريــات التــي اجراهــا‬ ‫ٔ‬ ‫"دي بيل ــي" س ــنة ‪ ،١٩٠٨‬م ــن ممي ـزات ه ــذا القص ــر ان مدخل ــه الش ــرفي‬

‫يشكل قاعة صليبية الشكل وصفين من القاعات المستطيلة متجهة مـن‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الجن ــوب ٕال ــى الش ــمال ورواق مفـ ـروش ب ــاالجر االحم ــر يح ــيط ب ــالحوض‬ ‫الكبيـ ـ ــر ال ـ ـ ــذي تلع ـ ـ ــب فيـ ـ ــه ال ـ ـ ــزوارق حس ـ ـ ــبما ذك ـ ـ ــره ص ـ ـ ــاحب كـت ـ ـ ــاب‬ ‫االستبصار)‪.(١١‬‬ ‫ٔ‬ ‫ويتك ــون قص ــر الس ــالم م ــن ارب ــع غ ــرف وحج ــر ص ــغيرة‪ ،‬ي ــؤدي‬ ‫مدخله ٕالى قاعة مستطيلة يبلـغ طولهـا ‪١٧,٧٥‬م وعرضـها ‪٢,٧٥‬م‪ ،‬وبهـذا‬ ‫القصــر ك ــذلك قاع ــات مختلف ــة الشــكل والمقاس ــات‪ ،‬ه ــذا ويش ــير بع ــض‬ ‫ٔ‬ ‫االثــريين ٕالــى وجــود قصــر رابــع بالقلعــة وهــو قصــر الكوكــب الــذي الزلنــا ال‬ ‫ٔ‬ ‫نعرف عنه اي شيء )‪.(١٢‬‬ ‫اﻟﻤﺴــﺎﻛﻦ‪ٕ :‬ان الحــديث عــن الســكن والمســاكن بمدينــة قلعــة‬ ‫بنــي حم ــاد‪ ،‬يتطلــب نصوص ــا تاريخي ــة ووث ــائق ع ــن الخط ــط‪ ،‬ويتطل ــب‬ ‫ٔ‬ ‫حفريــات وتقنيــات ميدانيــة ولكنهــا مــع االســف غيــر متــوفرة‪ ،‬فالبــاحثون‬ ‫ٔ‬ ‫يع ــانون م ــن ه ــذا الجان ــب‪ٕ ،‬اال ان بع ــض النت ــف وا ٕالش ــارات ال ــواردة ف ــي‬ ‫ٔ‬ ‫بعــض المصــادر تســمح لنــا بتكــوين فكــرة عامــة عــن المســكن وانواعــه فــي‬ ‫ٔ‬ ‫مدينـة قلعـة بنــي حمـاد‪ ،‬ال ّن العمـارة ا ٕالســالمية تحكمهـا ضـوابط مشــتركة‬ ‫تجعلها ذات سمات تكاد تكون واحدة )‪ٕ ،(١٣‬ان منازل قلعة بني حمـاد ال‬ ‫تختلــف مــن حيــث الشــكل ونمــط البنــاء عــن منــازل المــدن المغربيــة فقــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كانت مربعة الشكل في غالب االحيان‪ ،‬ال تكـتسي اي مظهر جمـالي مـن‬ ‫الخــارج لــيس بهــا نوافــذ مفتوحــة علــى الشــارع‪ ،‬و ٕان وجــدت فهــي نوافــد‬ ‫ٔ‬ ‫صــغيرة ال تعــرض الحــريم للرؤيــة مــن الخــارج )‪ ،(١٤‬كانــت ابــواب المنــازل‬ ‫مصــنوعة مــن الخشــب كــان يتوســط منــازل القلعــة الفنــاء ليــدخل ٕاليهــا‬ ‫الضــوء‪ ،‬وتوجــد به ــذه المنــازل مم ـرات تصــل الغــرف ببعض ــها الــبعض‪،‬‬ ‫وكانـ ــت هـ ــذه المنـ ــازل تحتـ ــوي علـ ــى قنـ ــوات لصـ ــرف الميـ ــاه ٕالـ ــى خـ ــارج‬ ‫ٔ‬ ‫المدين ــة‪ ،‬كم ــا كان ــت تقت ــرب م ــن بعض ــها ال ــبعض خاص ــة ف ــي االحي ـ ـاء‬ ‫ٔ‬ ‫الش ــعبية االهل ــة بالس ــكان‪ ،‬وق ــد ك ــان بن ــاء ج ــدران ه ــذه المن ــازل ي ــتم‬ ‫ٔ‬ ‫بالحجارة في الغالب االعم)‪.(١٥‬‬ ‫ٔ‬ ‫أﺣﻴـــﺎء اﻟﻤﺪﻳﻨـــﺔ‪ :‬ال شــك ان مدينــة قلعــة بنــي حمــاد كانــت‬ ‫ٔ‬ ‫تش ــتمل عل ــى ع ــدة احي ــاء كغيره ــا م ــن م ــدن الدول ــة الحمادي ــة‪ ،‬تقطنه ــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫طبقــات اجتماعيــة مختلفــة‪ ،‬والحقيقــة انــه مــن الصــعوبة بمكــان ان نلــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بجميع احياء المدينة الن الزمن قد اتى عليها‪ ،‬ويد ا ٕالنسـان لـم تبـق منهـا‬ ‫ٔ‬ ‫شيئا‪ ،‬والنصوص قـد اهملتهـا ّاللهـم ٕاال تلـك البقايـا والنتـف الت ّـي ال تشـفى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫غليل الباحث‪ ،‬ومن بين احياء المدينة نعرف فقط اسـم حـي واحـد وهـو‬ ‫حي جراوة الذي يقع قرب باب جراوة)‪.(١٦‬‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫اﻷﺣﻮاض واﻟﺠﺴـﻮر‪ :‬احتفظـت مدينـة القلعـة باثـار احـواض‬ ‫وجســرين‪ ،‬كــان عــدد ٔاالحــواض ثالثــة يقــع ا ٕالثنــين ٔاالولــين مــن قصــور‬ ‫المن ــار والثال ــث ف ــي القس ــم الجن ــوبي للمدين ــة‪ ،‬الح ــوض العل ــوي لقص ــر‬ ‫المنـ ــار مسـ ــتطيل الشـ ــكل يبلـ ــغ طولـ ــه ‪٤,٩٠‬م وعرضـ ــه ‪١,٣٠‬م وعمقـ ــه‬ ‫ٔ‬ ‫‪٤,٩٠‬م‪ ،‬تص ـ ــل ٕالي ـ ــه قن ـ ــاة محف ـ ــورة ف ـ ــي االرض ٕال ـ ــى زاويت ـ ــه الش ـ ــمالية‬ ‫الشرقية‪ ،‬ويقع الحـوض السـفلي جنـوبي غربـي الحـوض العلـوي‪ ،‬مسـتواه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اقــل مــن المســتوى االول بمتــرين‪ ،‬امــا الحــوض الثالــث الموجــود جنــوبي‬ ‫المدينة فهو على شكل مسـتطيل يبلـغ طولـه الـداخلي ‪١٢‬م وعرضـه ‪٦‬م‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وعمق ـ ــه مت ـ ـ ـ ًرا‪ ،‬وجدران ـ ــه محص ـ ــنة تحص ـ ــينا ّ‬ ‫جي ـ ــدا ب ـ ــدعائم اس ـ ــطوانية‬ ‫الشكل)‪.(١٧‬‬ ‫ٔ‬ ‫امــا عــن الجســور فقــد كــان بمدينــة القلعــة عــدة جســور بقــي منهــا‬ ‫ٔ‬ ‫اثنــين احــدهما فــي القســم الغربــي للمدينــة علــى النهــر الموجــود بــين قصــر‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٢٩‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ٔ‬ ‫الســالم وجبــل القــرين والثــاني يحمــل اســم جســر ســيدي عيســى موجــود‬ ‫جنوبي المدينة وخارجها)‪.(١٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وهكــذا؛ يمكننــا ان نقــول ان بنــو حمــاد شــاركوا فــي بنــاء معــالم‬ ‫الحضـ ــارة ا ٕالسـ ــالمية مـ ــن خـ ــالل اهتمـ ــامهم ببنـ ــاء المسـ ــاجد والقص ـ ــور‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واالســوار واالبـراج والتــي كلهــا كانــت تــدل علــى ولعهــم بالبنــاء والتشــييد‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وليس عجيبا ٕاذا راينا ابن حماد يرثي قلعة بني حماد في هذه‬ ‫ٔ‬ ‫االبيات‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اين العروسان ال رسم وال طالل * واين ما شاد منه القادة االول‬ ‫ومجلس النوم قد هب الزمان لـه * بحادث قل فيه الحادث الجلـل‬ ‫ٓ‬ ‫وما رسوم المنار االن ماثل ــة * لكنها خير يجري بهــا المثل‬ ‫‪-------------------------------------------‬‬‫اﻟﻬﻮاﻣﺶ‪:‬‬

‫ﺒﺎﻉ ﺠﻭﺭﺝ ﻫﺎﺭﻴﺸﻥ ﻤﻥ ﺠﻨﻭﺏ ﺃﻓﺭﻴﻘﻴﺎ ﻤﺯﺭﻋﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺸﺭﻜﺔ‬

‫ﺘﻨﻘﻴﺏ ﺒﻌﺸﺭﺓ ﺠﻨﻴﻬﺎﺕ ﻓﻘﻁ ﻟﻌﺩﻡ ﺼﻼﺤﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﺯﺭﺍﻋﺔ‪،‬‬ ‫ﻭﺤﻴﻥ ﺸﺭﻋﺕ ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻐﻼﻟﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻜﺘﺸﻔﺕ ﺒﻬﺎ ﺃﻜﺒﺭ‬

‫ﻤﻨﺠﻡ ﻟﻠﺫﻫﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ‪ ،‬ﺃﺼﺒﺢ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺠﻡ‬ ‫ﻤﺴﺅﻭ ﹰﻻ ﻋﻥ ‪ %٧٠‬ﻤﻥ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ‪.‬‬

‫ﻭﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﻟﻴﺎﻟﻲ ‪١٦٩٦‬ﻡ ﺃﻭﻯ ﺍﻟﺨﺒﺎﺯ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻲ ﺠﻭﻓﻴﻨﺯ‬

‫ﺇﻟﻰ ﻓﺭﺍﺸﻪ‪ ،‬ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻨﺴﻲ ﺇﻁﻔﺎﺀ ﺸﻌﻠﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﺒﻘﻴﺕ ﻓﻲ‬ ‫ﻓﺭﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺩ ﺃﺩﻯ ﻫﺫﺍ "ﺍﻟﺨﻁﺄ" ﺇﻟﻰ ﺍﺸﺘﻌﺎل ﻤﻨﺯﻟﻪ ﺜﻡ ﻤﻨﺯل‬

‫ﺠﻴﺭﺍﻨﻪ ﺜﻡ ﺍﻟﺤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺤﺘﻰ ﺍﺤﺘﺭﻗﺕ ﻨﺼﻑ ﻟﻨﺩﻥ‬ ‫ﻭﻤﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﺴﻜﺎﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻴﻌﺭﻑ "ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﻕ‬

‫ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ"‪ ،‬ﺃﻤﺎ ﺠﻭﻓﻴﻨﺯ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻡ ﻴﺼﺏ ﺒﺄﺫﻯ !!‬

‫ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ ‪١٣٤٧‬ﻡ ﺩﺨﻠﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﺌﺭﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﺜﻼﺙ ﺴﻔﻥ‬

‫ﺇﻴﻁﺎﻟﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺭﺍﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻥ‪ ،‬ﻭﺤﻴﻥ ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﻴﻨﺎﺀ‬

‫ﻤﺴﻴﻨﺎ ﺍﻹﻴﻁﺎﻟﻲ ﺨﺭﺠﺕ ﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﻁﺎﻋﻭﻥ ﻓﻲ‬

‫ﻼ‬ ‫ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﺜﻡ ﻓﻲ ﻜﺎﻤل ﺇﻴﻁﺎﻟﻴﺎ‪ .‬ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻁﺎﻋﻭﻥ ﻗﺩ ﻗﻀﻰ ﺃﺼ ﹰ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻨﺼﻑ ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﻴﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ‪ ،‬ﺜﻡ ﻤﻥ ﺇﻴﻁﺎﻟﻴﺎ‬

‫ﺍﻨﺘﺸﺭ ﻓﻲ ﻜﺎﻤل ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻓﻘﺘل ﺜﻠﺙ ﺴﻜﺎﻨﻬﺎ ﺨﻼل ﻋﺸﺭ‬ ‫ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻘﻁ‪.‬‬

‫ﺘﺫﻜﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺃﻥ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻠﻭﻙ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﻴﻥ ﺍﺨﺘﻠﻑ‬

‫ﻤﻊ ﺍﻟﺒﺎﺒﺎ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻴﻪ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﻜﺎﺜﻭﻟﻴﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻜﺭﺩ‬

‫ﺍﻨﺘﻘﺎﻤﻲ ﺤﺭّﻡ ﺍﻟﺒﺎﺒﺎ ﺘﺯﺍﻭﺝ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﻴﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﻗﻊ‬

‫ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻓﻲ ﺤﺭﺝ ﺃﻤﺎﻡ ﺸﻌﺒﻪ‪ ،‬ﻭﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺄﺯﻕ‬

‫ﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﻤﻠﻭﻙ ﺍﻟﻁﻭﺍﺌﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﺇﺭﺴﺎل ﺒﻌﺽ‬ ‫ﺍﻟﻤﺸﺎﻴﺦ ﻜﻲ ﺘﺘﺤﻭل ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﻟﻺﺴﻼﻡ ﻨﻜﺎﻴﺔ ﺒﺎﻟﻔﺎﺘﻴﻜﺎﻥ! ﺇ ﹼﻻ‬

‫ﺃﻥ "ﺠﻤﺎﻋﺘﻨﺎ" ﺘﻘﺎﻋﺴﻭﺍ ﻋﻥ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﺤﺘﻰ ﻭﺼل‬

‫ﺍﻟﺨﺒﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺎﺒﺎ ‪ ،‬ﻓﺄﺼﻠﺢ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻭﺭﻓﻊ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ‬

‫)ﻭﻟﻜﺄﻥ ﺘﺘﺼﻭﺭ ﺇﺴﻼﻡ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ‪ ،‬ﺜﻡ ﻅﻬﻭﺭﻫﺎ ﻜﺈﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺔ‬ ‫ﻻ ﺘﻐﻴﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺱ ( !!‬

‫ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻓﺭﺼﺔ ﻤﺸﺎﺒﻬﺔ ﻗﺩ ﺴﻨﺤﺕ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ‪ ،‬ﺨﻼل ﻤﻌﺭﻜﺔ‬

‫ﺒﻼﻁ ﺍﻟﺸﻬﺩﺍﺀ )ﻗﺭﺏ ﺒﻭﺍﺘﻴﻴﻪ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ(‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺭﻜﺔ‬ ‫ﻜﺭﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺍﻟﻘﺎﺘل ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺃﺤﺩ؛ ﻓﻘﺩ‬

‫ﺘﺭﺍﺠﻌﻭﺍ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻏﻨﺎﺌﻤﻬﻡ ﻤﻥ ﺠﻴﺵ ﺸﺎﺭﻟﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻓﻐﻠﺒﻭﺍ‬

‫ﻭﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﺯﺤﻑ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻜﺎﻤل ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ‪ .‬ﻴﻘﻭل ﺃﺤﺩ‬

‫ﺍﻟﻤﺅﺭﺨﻴﻥ ﺍﻹﻨﺠﻠﻴﺯ‪" :‬ﻟﻭ ﻟﻡ ﻴﻬﺯﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﺒﻭﺍﺘﻴﻴﻪ‪ ،‬ﻟﺭﺃﻴﺘﻡ‬ ‫ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻴُﺘﻠﻰ ﻭﻴُﻔﺴﺭ ﻓﻲ ﻜﺎﻤﺒﺭﻴﺩﺝ ﻭﺃﻜﺴﻔﻭﺭﺩ" !!‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪ٕ -1‬ابراهيم حركـات‪ ،‬المجتمـع ا ٕالسـالمي والسـلطة فـي العصـر الوسـيط‪ ،‬دار‬ ‫ٕافريقيا الشرق‪ ،‬المغرب ‪ ،1998‬ص‪.267‬‬ ‫‪ -2‬عب ـ ــد الق ـ ــادر جغل ـ ــول‪ ،‬مق ـ ــدمات ف ـ ــي ت ـ ــاريخ المغ ـ ــرب العرب ـ ــي الق ـ ــديم‬ ‫والوسيط‪ ،‬ترجمة فضيلة الحكيم‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬لبنان‪ ،1982 ،‬ص‪.58‬‬ ‫‪ -3‬ينظر‪:‬‬ ‫‪Saladine Note Surla Kalaa des Beni Hammad Recueil des‬‬ ‫‪Notices et Mémoires de la Société Archéologique de‬‬ ‫‪Constantine 1922-1923. p198.‬‬ ‫‪ -4‬رش ـ ـ ــيد بورويب ـ ـ ــة‪ ،‬الدول ـ ـ ــة الحمادي ـ ـ ــة‪ ،‬تاريخه ـ ـ ــا وحض ـ ـ ــارتها‪ ،‬دي ـ ـ ــوان‬ ‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1977 ،‬ص‪.213‬‬ ‫‪ -5‬يحي بوعزيز‪ ،‬جهود الجزائر الفكرية في موكـب الحضـارة العربيـة‪ ،‬مجلـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االصالة‪ ،‬العدد‪ ،19‬مارس‪-‬ابريل‪ ،1974 ،‬ص‪.286‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -6‬الص ــنهاجي اب ــو عب ــد ﷲ محم ــد‪ ،‬اخب ــار ممل ــوك بن ــي عبي ــد وس ــيرتهم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫تحقيق جلول احمـد بـدوي‪ ،‬المؤسسـة الوطنيـة للكـتـاب‪ ،‬الجزائـر‪،1984 ،‬‬ ‫ص‪.42‬‬ ‫‪ -7‬رشيد بورويبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -8‬محم ــد تحريش ــي‪ ،‬اس ــس المك ــون الثق ــافي للحم ــاديين‪ ،‬مجل ــة الفض ــاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المغــاربي‪ ،‬مخبــر الدراســات االدبيــة والنقديــة واعالمهــا بــالمغرب العربــي‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫جامعة ابي بكر بلقايد‪ -‬تلمسان‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ابريل ‪ ،2004‬ص‪.266‬‬ ‫‪ -9‬اب ــن خل ــدون عب ــد ال ــرحمن‪ ،‬المقدم ــة‪ ،‬دار الكـت ــاب اللبن ــاني‪) ،‬دت(‪،‬‬ ‫ص‪.777‬‬ ‫‪ -10‬عبد الحليم عويس‪ ،‬دولة بني حماد‪ ،‬دار الشروق‪ ،1980 ،‬ص‪.73‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -11‬مؤلف مجهـول‪ ،‬االستبصـار فـي عجائـب االبصـار‪ ،‬تحقيـق سـعد زغلـول‬ ‫عبد الحميد‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1985 ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪ -12‬رشيد بورويبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.270‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -13‬قــدور احمــد‪ ،‬المــدن الموحديــة وعالقاتهــا بــا ٕالقليم )دراســة اجتماعيــة‬ ‫ٓ‬ ‫اقتصــادية( دكـتــوراه فــي التــاريخ )مرقونــة( كليــة االداب والعلــوم ا ٕالنســانية‪،‬‬ ‫الرباط‪ ،1988 ،‬ج‪ ،2‬ص‪.437‬‬ ‫‪ -14‬ينظر‪:‬‬ ‫‪Golvin (L) le maghrib central à l’époque des Zirides‬‬ ‫‪Adrien Maisonneuve, paris, 1962, p153.‬‬ ‫‪ -15‬رشيد بورويبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.163‬‬ ‫‪ -16‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.156‬‬ ‫‪ -17‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.274-273‬‬ ‫‪ -18‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.274‬‬

‫ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻷﺧﻄﺎء ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٠‬‬


‫أ‪.‬أﻧﻮر ﻣﺤﻤﻮد زﻧﺎﺗﻲ‬ ‫ﻣﺪرس ﻣﺴﺎﻋﺪ – ﻗﺴﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﻴﻦ ﺷﻤﺲ‬ ‫ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫‪anwar_zanaty@mail.com‬‬

‫ ٔاﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ‪:‬‬ ‫ان ـ ـ ــور محم ـ ـ ــود زن ـ ـ ــاتي‪ ،‬الممارس ـ ـ ــات ا ٕالس ـ ـ ـرائيلية لتهوي ـ ـ ــد‬ ‫الق ـ ـ ــدس‪ -.‬دوري ـ ـ ــة ك ـ ـ ــان التاريخي ـ ـ ــة‪ -.‬الع ـ ـ ــدد الخ ـ ـ ــامس؛‬ ‫سبتمبر‪.٢٠٠٩‬ص‪(www.historicalkan.co.nr).٣٩ -٣١‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫» ٕاننــا ٕاذا حصــلنا يومـ ًـا علــى القــدس وكنــت ال ازال حيـ ًـا وقــاد ًرا علــى‬ ‫القيــام بـ ٔـاي شــيء فسـ ٔـازيل مــا لــيس مقدسـ ًـا لــدى اليهــود فيهــا‪ ،‬وسـ ٔـاحرق‬ ‫ٓ‬ ‫االثار التي مرت عليها القرون«!!‬ ‫»هرتزل« مؤسس الحركة الصهيونية‬ ‫ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫الق ــدس مدين ــة عربي ــة النش ــاة‪ ،‬س ــكنها الع ــرب اليبوس ــيون قب ــل‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫خمسـة االف ســنة‪ ،‬حيــث يعتبــر هـؤالء اول مــن اســس المدينــة المقدســة‬ ‫ٔ‬ ‫حي ــث س ــموها )يب ــوس( ف ــي ح ــوالي ع ــام )‪ (٣٠٠٠‬ق‪ .‬م اي قب ــل نح ــو‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫خمس ـ ــة االف ع ـ ــام ‪ .‬فه ـ ــي ٕاذن ‪ -‬وكم ـ ــا س ـ ــنثبت الحق ـ ـ ًـا ‪ -‬عربي ـ ــة المنش ـ ــا‬ ‫ٔ‬ ‫والتطور ‪ ،‬وقد َقدم ٕاليها العرب السـاميون فـي هجـرتين كبيـرتين ‪ :‬االولـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فــي بدايــة اال لــف الثالــث قبــل المــيالد‪ ،‬والثانيــة فــي بدايــة اال لــف الثــاني‬ ‫ٔ‬ ‫قبل الميالد ‪ ،‬والمؤكد انه عندما قدم اليهـود ٕاليهـا فـي القـرن الثـاني عشـر‬ ‫ٔ‬ ‫قب ـ ــل الم ـ ــيالد ك ـ ــان الش ـ ــعب الموج ـ ــود ٔاص ـ ــال ش ـ ـ ً‬ ‫ـعبا عربي ـ ـ ًـا اخ ـ ــذ من ـ ــه‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ا ٕالسرائيليون لغته ‪ ،‬ومظاهر كـثيرة من ديانته وحضارته ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ويــرى الفريــد جيــوم )‪ٕ " : Alfred Guillaume (٣‬ان الوعــد الغــامض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المقطــوع الســباط ٕابـراهيم بــارض الميعــاد الممتــدة مــن نهــر مصــر)النيــل(‬ ‫ٕالى النهر الكبير )الفرات( )‪ (٤‬هو وعد قطعه ﷲ لنسل ٕابـراهيم فـي جميـع‬ ‫ٔ‬ ‫ارجــاء المعمــورة‪ ،‬قبــل مولــد ٕاســماعيل و ٕاســحاق‪ .‬وعلــي ذلــك فهــو وعــد‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مقطوع للعرب واليهود‪ ،‬مـن ابنـاء ٕابـراهيم جميعـا‪ ،‬ولـم يقطـع بـان ارض‬ ‫ٔ‬ ‫الكنعانيين هي لليهود وحدهم‪ ،‬اولئك الذين لم تعمر لهم الدولة "‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ويؤكد العالمة جيمس هنري بريسـتد انـه ‪" :‬عنـدما دخـل العبرانيـون‬ ‫ٔ‬ ‫ارض فلس ــطين وج ــدوا فيه ــا قبائ ــل كنعاني ــة تق ــيم ف ــي الم ــدن الزاخ ــرة‪،‬‬ ‫واقتبس هؤالء العبرانيين من الحضارة الكنعانية كما يقتبس المهـاجرون‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الج ــدد ٕال ــى امريك ــا الع ــادات والتقالي ــد‪ ،‬واالخ ــالق والمالب ــس‪ ،‬وكان ــت‬ ‫ٔ‬ ‫الم ــدن الكنعاني ــة ذات حض ــارة قديم ــة فيه ــا كـثي ــر م ــن اسـ ـباب الراح ــة‬ ‫ٔ‬ ‫وحكومــة وصــناعة وتجــارة وديانــة" ‪ .‬وقــد حافظــت فلســطين او القــدس‬ ‫ٔ‬ ‫عل ــى كيانه ــا العرب ــي س ــنين ع ــددا ‪ ..‬وظل ــت ازمان ـ ًـا تح ــافظ عل ــى وح ــدتها‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وتض ــعف ازمان ـ ًـا اخ ــرى ‪ ،‬ولك ــن حي ــاة الع ــرب فيه ــا م ــن الكنع ــانيين ل ــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تختـ ــف بمـ ــا وقـ ــع لهـ ــا مـ ــن غـ ــزوات العب ـ ـرانيين او الفـ ــرس او اليونـ ــان او‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الرومــان‪ .‬وكــل مــا فــي االمــر انهــا بــالد قــد تــداولتها ايــدي الغ ـزاة دون ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تفقد اهلها واصحابها")‪.(٥‬‬ ‫ٔإﻗﺮار اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫وارض فلسطين باعتراف التوراة ذاتها كانت ارض غربـة بالنسـبة ٕالـى‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ال ٕاب ـ ـ ـراهيم وال ٕاس ـ ــحق وال يعق ـ ــوب ؛ ٕاذ ك ـ ــانوا مغت ـ ــربين ف ـ ــي ارض‬ ‫ٔ‬ ‫فلســطين بــين الكنعــانيين ســكانها االصــليين ‪ .‬وتؤكــد لنــا التــوراة غربــة‬ ‫اليهــود عــن القــدس‪ ،‬ففــي ســفر القضــاة ‪ ١١:١٩‬و ‪ ١٣‬تجــد قصــة رجــل‬ ‫غريــب وفــد مــع جماعــة لــه ٕالــى مشــارف )يبــوس(‪ ..‬وفيمــا هــم عنــد يبــوس‬ ‫َ‬ ‫والنهـ ــار قـ ــد انحـ ــدر ‪ ،‬قـ ــال الغـ ــالم لسـ ــيده ‪َ " :‬ت َعـ ـ َـال َن ِميـ ـ ُـل ِٕالـ ــى َم ِد َينـ ـ ِـة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين ِهذ ِه َو َنب ُ‬ ‫ْال َي ُب ِ َ‬ ‫يت ِف َيها«‪َ .‬ف َق َال ل ُه َس ِّي ُد ُه‪َ » :‬ال َن ِم ُيل ِٕالى َم ِد َين ٍة َغ ِر َيب ٍـة‬ ‫وس َ ِّي َٔ ٌ ِ‬ ‫َح ْي ُث ل ْي َس ا َحد ِم ْن َب ِني ٕاسرائيل ُه َنا " ‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫وهــذا نــص اخــر يؤكــد ان ٕاب ـراهيم عليــه الســالم كــان غريبــا فــردا فــي‬ ‫ٔ‬ ‫ْٔ‬ ‫َ َ َ َّ َ‬ ‫ض‬ ‫ارض كنعـ ـ ــان تقـ ـ ــول نص ـ ـ ـ‬ ‫ـوص التـ ـ ــو ٓراة ‪ » :‬وتغ ـ ـ ــرب ٕاب ـ ـ ـر َاهيم ِف ـ ُـ ــي ار ِ‬ ‫ين ٔا ً‬ ‫ْال َف َل ْس ِط ِين ّي َ‬ ‫ياما َكـ ِث َير ًة « )‪ .(٦‬ونـص اخـر يقـول ‪ :‬و» َو َسـك َن َي ْعق ُ‬ ‫ـوب ِفـي‬ ‫ِ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔا ْرض ُغ ْر َب ِة ٔابيه ِفي ٔا ْ‬ ‫ر‬ ‫ض َك ْن َع َان« )‪ .(٧‬وكانت كل امنية سـيدنا ٕابـراهيم ان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ُي ْع َطــى مــن اهــل فلســطين مســاحة قبــر لزوجتــه ســارة‪» :‬ا َنــا َغ ِريـ ٌـب َو َن ِزيـ ٌـل‬ ‫ْ‬ ‫ِع ْن َد ُك ْم‪َٔ .‬ا ْع ُطو ِني ُمل َك َق ْب ٍر َم َع ُك ْم َٔال ْد ِف َن َم ْي ِتي ِم ْن َٔا َم ِامي « )‪.(٨‬‬

‫وف ــى موض ــع ٓاخ ــر ب ــالتوراة‪َ " :‬و َح ـ َـار َب َب ُن ــو َي ُه ـ َ‬ ‫ـوذا ُٔا ُور َش ـ ِل َيم َو َٔا َخ ـ ُـذ َوها‬ ‫ْ‬ ‫َو َضـ َـر ُب َ‬ ‫وها ِب َحـ ِّـد َّ‬ ‫السـ ْـي ِف‪َ ،‬و َٔا ْشـ َـع ُلوا ال َم ِد َينـ َـة ِب َّالنـ ِـار‪َ ٩ .‬و َب ْعـ َـد ذ ِلـ َـك َنـ َـز َل َب ُنــو‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫)‪(٩‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ـوب َو َّ‬ ‫الســه ِل" ‪ .‬كمــا‬ ‫ٔي ُهــوذا ِل ُمح َاربـ ِـة الكن َعــا ِن ِّيين ُســك ٔ ِان الج َبـ ِـل َوالجنـ ِ‬ ‫اورد المــؤرخ اليهــودي يوســفوس ان " الملــك داود طــرد الكنعــانيين مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يبـ ــوس واس ـ ــكن اهل ـ ــه فيه ـ ــا " )‪ (١٠‬ويتض ـ ــح م ـ ــن ذل ـ ــك ان مدين ـ ــة س ـ ــالم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)اورشليم( هي مدينة كنعانية اي عربية دخلها اليهود بحد السيف)‪.(١١‬‬ ‫ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫يقــول المستشــرق الفرنســي المنصــف جوســتاف لوبــون عــن التواجــد‬ ‫اليه ــودي بفلس ــطين ب ـ ٔـانهم ‪ " :‬قض ــوا زمن ـ ًـا ط ـ ً‬ ‫ـويال ليك ــون له ــم س ــلطان‬ ‫ٔ‬ ‫ضــئيل فــي فلســطين ال ان يكونــوا ســادتها" ‪ .‬ويضــيف ‪ " :‬وفــي فلســطين‬ ‫كـان يعــيش اليبوســيون …‪ ،‬وكــان الســلطان فــي فلســطين للفلســطينيين‬ ‫ٔ‬ ‫… ‪ ،‬وكان ذلك حتى عهد داود ‪ .‬ولم تكن لهؤالء اليهود لغة‪ ،‬او ثقافـة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫او حضارة خاصة بهم‪ ،‬و ٕانما كـانوا يقومـون علـى تـراث كنعـاني بحـت كمـا‬ ‫ٔ‬ ‫تؤك ــد لن ــا ذل ــك االح ــداث التاريخي ــة‪ .‬وهك ــذا بقي ــت الق ــدس‪ ،‬ب ــل ك ــل‬ ‫فلسطين‪ ،‬كنعانية في ثقافتها‪ ،‬وفي حضارتها‪ ،‬ولغتها " )‪. (١٢‬‬ ‫ٓ‬ ‫وبــالرغم مــن تعاقــب االشــوريين والبــابليين وا ٕالغريــق والرومــان علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫)‪(١٣‬‬ ‫فلس ــطين‪ٕ ،‬اال ان اهله ــا ل ــم ينفك ــوا ع ــن االرض وال اقتلع ــوا منه ــا "‬ ‫ٔ‬ ‫ويؤكــد دي ســي اوليــري فــي كـتابــه)‪":(Arabia Before Muhammad‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕا ّن معظم الفالحين الفلسطينيين الحاليين هم انسال تلك االقـوام التـي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫سبقت ا ٕالسرائيليين")‪ .(١٤‬والجدير بالـذكر ان اول ٕاشـارة ٕالـى اقـدم اسـماء‬ ‫ٔ‬ ‫فلسطين ‪ -‬هي ارض كنعان ‪ -‬توجد في حفريـات تـل العمارنـة التـي يرجـع‬ ‫عص ــرها ٕال ــي خمس ــة عش ــر قرن ــا قب ــل الم ــيالد واالس ــم ال ــذي ت ــذكره ه ــذه‬ ‫ٔ‬ ‫الحفريــات هــو كينــاهي او كيناهنــا ‪ kinahna , kinahi‬واصــله كنعــان‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ، kana'an‬واشارت هذه الحفريات بهذا االسم ٕالي البالد الواقعة غربي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫نهــر االردن ومنهــا ســوريا كمــا ان كنعــان هــو االســم الــذي تــذكر بــه التــوراة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫هذه البالد ومن ثم يسـتطيع القـاريء ان يستوضـح مـن ذلـك ان الكـتـاب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المقدس لليهود " التوراة " يعتـرف بـان فلسـطين ليسـت بالدهـم وانهـم‬ ‫ٔ‬ ‫اتوا ٕاليها نتيجة الغزوة التي قام بها يوشع بن نون ٕالي هذه البالد )‪.(١٥‬‬ ‫وهو ما يؤكده الـدكـتور ل‪.‬كـارنييف‪ ... " :‬فالفلسـطينيون المعاصـرون‬ ‫ٔ‬ ‫هــم اصــحاب الحــق‪ ،‬والكنعــانيون هــم ســكان فلســطين عبــر التــاريخ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫و ٕاسرائيل في االصل قبيلة صغيرة‪ ،‬قامـت بـالغزو طمع ًـا فـي ارض كنعـان‬ ‫ذات الثقافــة العاليــة‪ ،‬والتــي ســميت بعــد ذلــك فلســطين ")‪ .(١٦‬ويعلــق "‬ ‫جوزيــف ريــان " قـ ً‬ ‫ـائال ‪ " :‬نتيجــة للحجــج الصــهيونية فـ ٕـان االنطبــاع الــذي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫تكون في بعـض االوسـاط هـو ان اي تـاريخ ذي اهميـة تـذكر فـي فلسـطين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫قد تقف في سنة ‪ ٧٠‬م وانه لم يبدا السير ثانية ٕاال مع الحركـة الصـهيونية‬ ‫بقياد تيودور هرتزل )‪.(١٨) Theodor Herzl (١٧‬‬ ‫وﺷﻬﺪ ﺷﺎﻫﺪ ﻣﻦ أﻫﻠﻬﺎ ٔ‬ ‫ون ــورد ش ــهادة الكات ــب اليه ــودي الفري ــد لينت ــال‪ ،‬حي ــث ق ــال‪ٕ " :‬ان‬ ‫ٔ‬ ‫الكنعــانيين هــم اول مــن جــاء ٕالــى فلســطين ثــم تتالــت بعــدها القبائــل‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫العربيــة ثــم القبائــل العبريــة")‪ (١٩‬فالقــدس ٕاذن خالصــة العروبــة ابـ ًـدا واز ًال‬ ‫ٔ‬ ‫وما وجود اليهود فيها ٕاال فتـرة انتقاليـة تمثـل سـبعين عامـا فقـط او سـبعة‬ ‫وتس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعين عام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد داود وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــليمان عليهم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫السالم)‪.(٢٠‬‬ ‫ﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫)‪(٢١‬‬ ‫" تهويد القدس ما هو ٕاال عملية نبش سياسية واغتصاب واضح "‬ ‫هنري كـتن‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٢‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫لق ــد ك ــان تزيي ــف الت ــاريخ ل ــدى ق ــادة ومنظ ــري الحرك ــة الص ــهيونية‬ ‫ٔ‬ ‫‪ Zionism‬شــرطا اساســيا الحــتالل فلســطين‪ .‬ومــن هــذا المنطلــق عكـفــوا‬ ‫على قراءة التاريخ و ٕاعادة صياغته‪ ،‬قافزين على الحقائق ومـزيفين وقـائع‬ ‫السـ ــنوات والقـ ــرون‪ .‬بهـ ــدف احـ ــتالل القـ ــدس وجعلهـ ــا عاصـ ــمة للدولـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العبري ــة المقام ــة عل ــى ارض فلس ــطين ‪ .‬ولتحقي ــق ه ــذا اله ــدف امط ــروا‬ ‫ٔ‬ ‫جامعــات الع ــالم ومراك ــز البح ــث العلم ــي بالدراس ــات الت ــي ي ـ ّـدعون بانه ــا‬ ‫ٔ‬ ‫حص ــيلة االح ــافير ف ــي بي ــت المق ــدس‪ .‬ه ــذه الدراس ــات ال تزي ــف الت ــاريخ‬ ‫فحس ــب‪ ،‬و ٕانم ــا تلغ ــي الس ــمات الحض ــارية المتمي ــزة للمدين ــة المقدس ــة‬ ‫والتــي ُت َّج ـ ِذر حقيقــة طابعهــا العربــي وا ٕالســالمي ‪ .‬ويســخر خب ـراء القــانون‬ ‫الــدولي مــن مجــرد فكــرة ٕاعــادة تشــكيل الخريطــة السياســية للعــالم علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اســاس غــزوات وهج ـرات وتوزيعــات الماضــي الغــابر)‪ ، (٢٢‬ويعــدونها ام ـ ًرا‬ ‫ز ً‬ ‫ائفا بالواقع والقانون )‪. (٢٣‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والتاريخ يؤكد انه لم يقم لليهود كيان سياسي في المنطقـة اكـثـر مـن‬ ‫ســبعين عامـ ًـا علــى عهــد النبيــين داود وســليمان عليهمــا الســالم )‪ . (٢٤‬هــذا‬ ‫ٔ‬ ‫بينمــا ظلــت المنطقــة دائمــا ارضـ ًـا عربيــة‪ ،‬عريقــة فــي عروبتهــا ‪ .‬ولــم يكــن‬ ‫ٔ‬ ‫لليه ــود اي تواج ــد س ــكاني ي ــذكر ف ــي مدين ــة الق ــدس من ــذ الع ــام ‪ ٧٠‬بع ــد‬ ‫الميالد وحتى العهد العثماني ‪ ،‬حيث لـم يسـجل خـالل الفتـرة المـذكورة‬ ‫ســوى وجــود عــائلتين يهــوديتين فــي العــام ‪ ١٢٦٧‬بعــد المــيالد‪ ،‬ثــم بلــغ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عدد اليهود في القــدس عــام ‪ ١٥٢٥‬بعـد المـيالد‪ ،‬اي بعـد اقـل مـن عشـر‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫س ــنوات م ــن ا ٕالدارة العثماني ــة نح ــو س ــتة االف يه ــودي‪ ،‬واخ ــذ التواجـ ـد‬ ‫ٔ‬ ‫اليه ــودي ف ــي المدين ــة بالتزاي ــد خ ــالل الس ــنوات التالي ــة ‪ٕ ،‬ال ــى ان عق ــد‬ ‫ٔ‬ ‫المؤتمر الصهيوني االول في بازل بسويسـرا عـام ‪ .١٨٩٧‬فاحتـل موضـوع‬ ‫اســتيطان و تهويــد القــدس مكانــة الصــدارة فــي البيــان الختــامي للمــؤتمر‬ ‫المذكور ‪ ،‬ومنذ ذلك التـاريخ سـعت المنظمـات الصـهيونية المنبثقـة عـن‬ ‫ٔ‬ ‫المــؤتمر الصــهيوني االول كــل مــا بوســعها ٕاليجــاد واقــع جديــد فــي القــدس‬ ‫في سياق سياسة سـكانية صـهيونية مدروسـة )‪ (٢٥‬نستعرضـها علـى الوجـه‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫اﻟﺘﻬﻮﻳﺪ اﻟﻤﻨﻈﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫بعــد ان قامــت ٕاس ـرائيل بــاحتالل القــدس الشــرقية ‪١٩٦٧‬م اتخــذت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫خطوات مباشرة وسريعة من اجل تهويد المدينـة وعلـى جميـع االصـعدة‪.‬‬ ‫ووضــعت الب ـرامج ا ٕالســتراتيجية والتكـتيكيــة طبقـ ًـا للسياســة الهادفــة ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الســيطرة علــى اكبــر مســاحة ممكنــة مــن االرض مــع اقــل مــا يمكــن مــن‬ ‫ٔ‬ ‫السكان العرب‪ .‬وهذا النهج ا ٕالسرائيلي ادى بدوره ٕالى برنامج عمـل يـومي‬ ‫ينحــو باتجــاه ٕاعــادة تكــوين المدينــة وتشــكيلها مــن جديــد و ٕاعــادة صــياغة‬ ‫ٔ‬ ‫التركيب ــة والخريط ــة الس ــكانية الديموغرافي ــة له ــا واس ــتخدمت اس ــاليب‬ ‫مختلفة نستعرضها بالتفصيل فيما يلي‪:‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪ -١‬منذ االيام االولـى لالحـتالل تـم ا ٕالعـالن عـن توسـيع حـدود بلديـة‬ ‫القدس وتوحيـد المدينـة فـي ‪ٕ ١٩٦٧/٦/٢٨‬اثـر احـتالل الجـزء الشـرقي ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وبــدات الخطــوات العمليــة ٕالنشــاء حــي يهــودي جديــد ؛ فقامـت ســلطات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االحتالل بهدم جزء من حي المغاربـة )‪ (٢٦‬واجلـت سـكانه دون ان تتـيح‬ ‫لهم الفرصـة ٕالخـالء مسـاكنهم‪ ،‬كمـا قامـت ب ٕـاجالء قسـم كبيـر مـن سـكان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حــي الشــرف‪ ،‬وه ـو مــن االحيــاء العربيــة القديمــة‪ ،‬وقامــت بعــزل احيــاء‬ ‫عربيــة كاملــة مــن القــدس علــى ٕاثــر ٕاعــادة ترســيم الحــدود للمدينــة‪ .‬ثــم تــم‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫توسيع الحـي اليهـودي الـذي اسـتتبعه ظهـور احيـاء جديـدة دفعـت بـاالف‬ ‫من المستوطنين اليهود للقدوم ٕالى المدينة‪ .‬وتولـت شـركة ) ٕاعمـار الحـي‬ ‫اليهــودي( عمليــة تهجيــر الســكان العــرب‪ ،‬وامتــدت عمليــة ا ٕالخــالء ٕالــى‬ ‫مناطق شاسعة داخل مدينة القدس القديمة‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫‪ -٢‬كان ــت س ــلطات االح ــتالل تعم ــل عل ــى االس ــتيالء عل ــى االراض ــي‬ ‫ٔ‬ ‫بواســطة شــركات عقاريــة وهميــة‪ ،‬ووحــدة خاصــة تســمى وحــدة " ايعــوم "‬ ‫ٔ‬ ‫وه ــي الوح ــدة الت ــي كان ــت خاض ــعة لم ــا يس ــمى ٕادارة اراض ــي ٕاسـ ـرائيل‪،‬‬ ‫وعملــت هــذه الوحــدة علــى دفــع المــواطنين الفلســطينيين ٕالــى بيــع مبـ ٍـان‬ ‫ٔ‬ ‫واراض ف ـ ـ ـ ــي منطقـ ـ ـ ــة الق ـ ـ ـ ــدس الكبـ ـ ـ ــرى‪ .‬وقامـ ـ ـ ــت بمنـ ـ ـ ــع الم ـ ـ ـ ــواطنين‬ ‫ٔ‬ ‫الفلس ـ ــطينيين م ـ ــن شـ ـ ـراء االرض واس ـ ــتثمارها والتوس ـ ــع العمران ـ ــي م ـ ــن‬ ‫خاللهــا)‪ .(٢٧‬كمــا تــم مصــادرة واقتطــاع نحــو ‪ %٢٠‬مــن مســاحة البلــدة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القديم ـ ــة مم ـ ــا ادى ٕال ـ ــى ط ـ ــرد اكـث ـ ــر م ـ ــن ‪ ٧٥٠٠‬م ـ ــواطن خ ـ ــارج اس ـ ــوار‬ ‫المدينة‪ ،‬ومصادرة ‪ ٦٣٠‬عقا ًرا‪ ،‬وهدم ‪ ١٣٥‬عقا ًرا‪.‬‬ ‫ويب ــين الج ــدول رق ــم )‪ (١‬ع ــدد الس ــكان ال ــذين نزح ــوا ع ــن مدين ــة‬ ‫الق ــدس العربي ــة حس ــب التقس ــيم ا ٕالداري ا ٕالسـ ـرائيلي ٕاث ــر ح ــرب يوني ــو‬ ‫ٔ‬ ‫)حزي ـ ـران( وبالتحدي ــد حت ــى ايل ــول )س ــبتمبر( ع ــام ‪ ١٩٦٧‬وال ــذي بل ــغ‬ ‫حــوالي ‪ ٢٣١٩٣‬نســمة ويشــمل هــذا العــدد با ٕالضــافة للــذين نزحــوا اثــر‬ ‫ٔ‬ ‫الح ــرب ك ــذلك الس ــكان ال ــذين ك ــانوا متواج ــدين خ ــارج المدين ــة اثن ــاء‬ ‫ٔ‬ ‫التعــداد ا ٕالسـرائيلي ســواء فــي فلســطين او خارجهــا ‪ ،‬وفــي كلتــا الحــالتين‬ ‫ق ــد فق ــدوا ح ــق ا ٕالقام ــة ف ــي مدين ــة الق ــدس الموس ــعة حس ــب التقس ــيم‬ ‫ا ٕالداري ا ٕالسرائيلي بسبب قوانين ا ٕالقامة ا ٕالسرائيلية في المدينة‪.‬‬ ‫‪ -٣‬بعــد ٕاج ـراء ســلطات االحــتالل مــا يعــرف با ٕالحصــاء العــام حرمــت‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫االف الم ـ ــواطنين م ـ ــن اه ـ ــالي المدين ـ ــة الحص ـ ــول عل ـ ــى الهوي ـ ــة بس ـ ــبب‬ ‫ٔ‬ ‫تواجــدهم خارجهــا لمختل ــف االســباب‪ .‬وعشــية اح ــتالل القــدس ط ــردت‬ ‫ٕاسـرائيل المــواطنين الفلسـطينيين الــذين يقطنـون الحــي اليهـودي الــذين‬ ‫بلغ تعدادهم ‪ ٦٥٠٠‬نسمة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -٣‬تــم ٕالغــاء القــوانين االردنيــة واســتبدالها بالتشــريعات والقــوانين‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالسرائيلية و ٕاغالق المحاكم النظامية االردنية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -٤‬اقدمت سلطات االحتالل على سحب بطاقات الهوية لعدد كبيـر‬ ‫من المواطنين الفلسطينيين المقدسيين مما يعني حرمـانهم مـن دخـول‬ ‫مــدينتهم وفقــدان حقهــم الشــرعي با ٕالقامــة فــي القــدس ‪ ،‬ونــص القــانون‬ ‫ا ٕالسرائيلي )‪ٔ /١١‬ا( لعام ‪ٔ ١٩٧٤‬ان " من يقيم خـارج الـبالد لمـدة تتجـاوز‬ ‫ســبع ســنوات بشــكل متواصــل ٕفانــه يفقــد حقــه فــي ا ٕالقامــة الدائمــة فــي‬ ‫ٔ‬ ‫القدس " ‪ .‬كما اقـدمت ٕاسـرائيل علـى سـحب بطاقـات الهويـة للمقدسـيين‬ ‫رغم كونهم لم يخالفوا التعليمات الواردة في القانون‪.‬‬ ‫‪ -٥‬قامت برفض مـنح هويـات ا ٕالقامـة الدائمـة وجمـع الشـمل لشـباب‬ ‫ٔ‬ ‫واطفــال ولــدوا خــارج القــدس‪ .‬وتقــوم ٕاس ـرائيل بتطبيــق سياســة الترحيــل‬ ‫السري للسكان الفلسطينيين من مدينة القدس بوسائل متعـددة تشـمل‬ ‫ٔ‬ ‫قوانين وتنظيمات واحكـام قضـائية وتكـتيكـات ٕاداريـة ويشـكل الترحيـل‬ ‫الســري اســتمرا ًرا مباش ـ ًرا للسياســة العامــة ٕالس ـرائيل فــي القــدس الشــرقية‬ ‫منــذ عــام ‪ ١٩٦٧‬التــي تهــدف ٕالــى ٕايجــاد واقــع ديم ـوغرافي ال يمكــن معــه‬ ‫تحدي سيادة ٕاسرائيل على القدس العربية‪.‬‬ ‫‪ -٦‬قام ــت س ــلطات االح ــتالل ب ٕالغ ــاء ا ٕالدارات العربي ــة ونق ــل قس ــم‬ ‫منهــا ٕالــى خــارج مدينــة القــدس وربــط شــبكـتي الميــاه والهــاتف بالقــدس‬ ‫الغربيــة منــذ عــام ‪١٩٤٨‬م‪ ،‬و ٕالحــاق الــدوائر العربيــة بالــدوائر ا ٕالسـرائيلية‬ ‫مثــل‪ ،‬عمــال ومــوظفي بلديــة القــدس العربيــة‪ ،‬وســن تشــريع يفــرض علــى‬ ‫ٔ‬ ‫اصحاب المهـن العـرب االلتحـاق بالمؤسسـات ”ا ٕالسـرائيلية“ ليسـمح لهـم‬ ‫بمزاولة عملهم‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٣‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫جدول رقم )‪(١‬‬ ‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‬

‫القدس الشرقية حسب‬ ‫التقسيم ا ٕالداري ا ٕالسرائيلي‬ ‫سكان المناطق التي ضمت‬ ‫ٕالى القدس الشرقية‬ ‫الطور‬ ‫العيسوية‬ ‫شعفاط‬ ‫غرب بيت حنينا‬ ‫مطار قلنديا‬ ‫ٔ‬ ‫صور باهر وام طوبا‬ ‫بيت صفافا ‪ ،‬شرفات القسم‬ ‫ٔ‬ ‫االردني‬ ‫القدس الشرقية حدود البلدية‬ ‫ٔ‬ ‫)التقسيم االردني(‬ ‫المدينة القديمة‬ ‫المدينة الجديدة‬

‫عدد سكان القدس الشرقية عشية ضمها‬ ‫وعدد النازحين اثر حرب حزيران عام ‪١٩٦٧‬‬

‫)‪(٢٨‬‬

‫ﺍﻹﺣﺼﺎء‬

‫ﺍﻹﺣﺼﺎء‬

‫ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ‬

‫ﺍﻷﺭﺩﻧﻲ ﺗﺸﺮﻳﻦ‬

‫ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ‬

‫ﺍﳌﻘﺪﺭ ‪ ١٩٦٧‬ﺳﻨﺔ‬

‫ﺛﺎﻧﻲ ‪١٩٦١‬‬

‫ﺃﻳﻠﻮﻝ ‪١٩٦٧‬‬

‫ﺃﺳﺎﺱ ‪١٩٦١‬‬

‫ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻋﻦ‬ ‫ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﺃﻳﻠﻮﻝ ‪١٩٦٧‬‬

‫ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﲔ ﺣﺴﺐ ﻭﺯﺍﺭﺓ‬ ‫ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﶈﺘﻠﺔ‬ ‫‪١٩٧٣‬‬

‫‪٧٥٦٤٦‬‬

‫‪٦٥٨٥٧‬‬

‫‪٨٩٠٥٠‬‬

‫)‪(٢٣١٩٣‬‬

‫‪١٤٧٠٤‬‬

‫‪١٥١٥٨‬‬

‫‪٢١٤٨٨‬‬

‫‪١٧٩٢٤‬‬

‫‪٣٥٦٤+‬‬

‫‪٤٥٠٦‬‬

‫‪٤٢٨٩‬‬ ‫‪١١٦٣‬‬ ‫‪٢٥٤١‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪٢٠٠٠‬‬ ‫‪٤٠١٢‬‬

‫‪٥٧٠١‬‬ ‫‪١٦١٣‬‬ ‫‪٣٤٠٠‬‬ ‫‪٣٦٠٩‬‬ ‫‪١١٢٣‬‬ ‫‪٤٧١٠‬‬

‫‪٥٦٧٢‬‬ ‫‪١٣٥٧‬‬ ‫‪٣٠٠٥‬‬ ‫‬‫‪٢٣٦٥‬‬ ‫‪٤٧٤٤‬‬

‫‪٦٢٩+‬‬ ‫‪٢٣٨+‬‬ ‫‪٣٩٥+‬‬ ‫‬‫)‪(١٢٤٢‬‬ ‫)‪(٣٤‬‬

‫‪١٧٩٥‬‬ ‫‪٢٤٤‬‬ ‫‪٤٢١‬‬ ‫‪٨٨٣‬‬ ‫‪٧٢‬‬ ‫‪٧٧٣‬‬

‫‪١١٥٣‬‬

‫‪١٣٣٢‬‬

‫‪١٣٦٣‬‬

‫)‪(٣١‬‬

‫‪٣١٨‬‬

‫‪٦٠٤٨٨‬‬

‫‪٤٤٣٦٩‬‬

‫‪٧١٥٢٦‬‬

‫)‪(٢٧١٥٧‬‬

‫‪١٠١٩٨‬‬

‫‪٣٦٨٠١‬‬ ‫‪٢٣٦٨٧‬‬

‫‪٢٣٦٧٥‬‬ ‫‪٢٠٦٩٤‬‬

‫‪٤٣٥١٦‬‬ ‫‪٢٨٠١٠‬‬

‫)‪(١٩٨٤١‬‬ ‫)‪(٧٣١٦‬‬

‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫‪ -٧‬ف ــي ع ــام ‪ ١٩٦٨‬ب ــدات الخط ــوات التالي ــة خ ــارج س ــور المدين ــة‬ ‫ٔ‬ ‫القديمة بمصادرة االراضي ٕالنشاء مستوطنات ٕاسرائيلية‪ ،‬وتم وفـق ذلـك‬ ‫مصــادرة مســاحات واســعة مــن ٔاالراضــي فــي الشــيخ ج ـراح ووادي الجــوز‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واقيم ــت احي ــاء المس ــتوطنين عل ــى ه ــذه االراض ــي ‪ ،‬ث ــم ب ــدات س ــلطات‬ ‫االحــتالل بالشــروع فــي ٕانشــاء مســتوطنات الح ـزام المحيطــة بالقــدس ‪،‬‬ ‫وهـي مسـتوطنات ‪ :‬رامــات اشـكول‪ ،‬جفعـات هامينــار‪ ،‬معـالوت دافنــي ‪،‬‬ ‫والتله الفرنسيه الخ )‪.(٢٩‬‬ ‫‪ -٨‬اتفقــت الحكومــات ا ٕالسـرائيلية المتعاقبــة سـ ً‬ ‫ـواء حكومــات العمــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫او الليكـ ــود علـ ــى تكـثيـ ــف االسـ ــتيطان )‪ (٣٠‬خـ ــارج االسـ ــوار ؛ فالسياسـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالس ـ ـرائيلية المتبعـ ــة فـ ــي هـ ــذا المجـ ــال اعتمـ ــدت علـ ــى مصـ ــادرة اوسـ ــع‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫مســاحات ممكنــة مــن االرض باقــل عــدد ســكان عــرب فقــد رســم )رحبعــام‬ ‫زئيفــي( حــدود البلديــة لتضــم ‪ ٢٨‬قريــة عربيــة ‪ ،‬وتجنــب بقــدر ا ٕالمكــان‬ ‫ٔ‬ ‫المن ــاطق الماهول ــة بالس ــكان الع ــرب ‪ .‬ويتض ــح م ــن الج ــدول رق ــم )‪(٢‬‬ ‫المستعمرات في الجزء المضموم من القدس )في حدود البلدية(‪.‬‬ ‫‪ -٩‬العمــل علــى تهويــد االقتصــاد العربــي فــي القــدس وقامــت بسلســلة‬ ‫ً‬ ‫ـدريجيا فــي‬ ‫مــن ا ٕالجـراءات تهــدف ٕالــى تصــفية االقتصــاد العربــي و ٕاذابتــه تـ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االقتصاد ا ٕالسرائيلي‪ ،‬وقامـت بمنـع ٕادخـال اي ٕانتـاج زراعـي او صـناعي او‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اي س ــلعة م ــن الق ــرى والم ــدن العربي ــة م ــن الض ــفة الغربي ــة ٕال ــى اس ــواق‬ ‫الق ــدس ف ــي الوق ــت نفس ــه تس ــمح ب ــدخول جمي ــع البض ــائع والمنتج ــات‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالسـرائيلية بسـهولة وفــتح ابـواب التعامـل التجــاري ا ٕالجبـاري بـين التجــار‬ ‫ٔ‬ ‫العرب وا ٕالسرائيليين وحرمان المنتج العربي من االسواق المجاورة‪.‬‬ ‫‪ -١٠‬انتهــاج سياســة اقتصــادية ســكانية خانقــة فــي الشــطر الشــرقي‬ ‫ٔ‬ ‫حيث ترفض بلدية القدس منح تراخيص لبناء وحدات سكنية جديـدة او‬ ‫تــرميم منــازلهم القديمــة ممــا دفــع المئــات مــن المــواطنين االنتقــال للقــرى‬ ‫المجــاورة‪ .‬و ٕاس ــقاط وس ــحب الهوي ــات والترحيــل لك ــل عائل ــة فلســطينية‬

‫تكــون فيهــا الزوجــة مــن القــدس والــزوج مــن خارجهــا‪ .‬و ٕاســقاط وســحب‬ ‫ٔ‬ ‫هوي ــة ك ــل م ــواطن فلس ــطيني حص ــل عل ــى جنس ــية بل ــد اجنب ــي م ــا ع ــدا‬ ‫ٔ‬ ‫الجنسية االردنية‪.‬‬ ‫‪ -١١‬فــي عــام ‪١٩٧٢‬م تــم وضــع خطــة متكاملــة تحــت اســم )خطــة‬ ‫التنميــة الخاصــة(‪ٕ ،‬العــادة تخطيطهــا بهــدف تغييــر العوامــل الطوبغرافيــة‬ ‫والديمغرافيــة والمعماريــة والتاريخيـة واالقتصــادية والجغرافيــة‪ ،‬وجعلهــا‬ ‫موضــع ٕاســقاطات تخطيطيــة مســتقبلية حتــى ســنة ‪ ٢٠٠٠‬لتغييــر معــالم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مدين ــة الق ــدس وهوامش ــها تمام ـ ًـا‪ ،‬وتخط ــيط ام ــاكن الحفري ــات االثري ــة‬ ‫الراهنة والمستقبلية بدعوة التاريخ المزيف لليهود‪.‬‬ ‫‪ -١٢‬فــي الفتــرة التــي تمتــد مــن العــام ‪ ١٩٧٤‬وحتــى توقيــع اتفاقيــات‬ ‫ٔ‬ ‫اوسلو‪ ،‬عملت الجمعيات ا ٕالسرائيلية شبه الحكومية على االسـتيالء علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االراضــي تحــت عنــاوين الش ـراء باثمــان باهظــة للبنــاء الحضــري والمرافــق‬ ‫الخدمي ـ ــة المتط ـ ــورة وبالش ـ ـراكة عن ـ ــد الل ـ ــزوم‪ ،‬وم ـ ــن ه ـ ــذه الجمعي ـ ــات ‪:‬‬ ‫"عطيرت كوهانيم "‪ " ،‬عطراه ليوشناه "‪ " ،‬العاد")‪.(٣٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -١٣‬قامت ٕاسرائيل عام ‪١٩٧٦‬م ٕباقامة مستوطنة معاليـه ادومـيم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واله ــدف ك ــان م ــن اج ــل ٕاقام ــة تجم ــع اس ــتيطاني كبي ــر يجم ــع تل ــك‬ ‫ٔ‬ ‫المستوطنات الصغيرة التي اقيمت مـا بـين منطقـة البحـر الميـت وشـمال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اريحا وتصبح معاليه ادوميم مدينة كبيرة لهـا صـفة مدينـة ٕاقليميـة تـرتبط‬ ‫بمشـروع القـدس الكبـرى ومهمتهـا السـيطرة علـى المنطقـة الشـرقية مـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القدس اي من راس العامود حتى البحر الميت ومستوطنات اريحا )‪.(٣٣‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٤‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫المستعمرات ا ٕالسرائيلية في الجزء المضموم من القدس‬

‫جدول رقم )‪(٢‬‬ ‫ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ‬

‫ﻋﺪﺩ‬

‫ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ‬

‫ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ‬

‫‪٥٠٠٠‬‬ ‫‪٢٢٠٠‬‬ ‫‪١١٨٤‬‬

‫‪٦٥٠٠‬‬ ‫‪٦٦٠٠‬‬ ‫‪٤٧٠٠‬‬

‫لفتا وشعفاط‬ ‫لفتا‪ ،‬شعفاط‬ ‫خلة نوح‬

‫‪١٩٣٠٠‬‬

‫حزما‪ ،‬بيت حنينا‬

‫‪٢٤٠٠‬‬ ‫‪٣٧٢٠٠‬‬ ‫‪١٥٠٠٠‬‬ ‫‪٣٠٢٠٠‬‬

‫البلدة القديمة‬ ‫لفتا بيت اكسا شعفاط‬ ‫صور باهر‬ ‫بيت جاال‪ ،‬شرفات‪ ،‬بيت صفافا‬ ‫قلنديا ‪ ،‬الرام‪ ،‬بيت حنينا‪ ،‬بير‬ ‫نباال‬ ‫بيت حنينا وشعفاط وحزما‬ ‫وعناتا‬

‫ﺳﻨﺔ‬

‫ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ‬

‫ﺍﻟﺘـﺄﺳﻴﺲ‬

‫)ﺩﻭﱎ(‬

‫‪١٩٦٨‬‬ ‫‪١٩٦٨‬‬ ‫‪١٩٦٨‬‬ ‫‪١٩٨٠،١٩‬‬ ‫‪٦٨‬‬ ‫‪١٩٦٨‬‬ ‫‪١٩٧٢‬‬ ‫‪١٩٧٠‬‬ ‫‪١٩٧١‬‬

‫‪٨٢٢‬‬ ‫‪٣٣٤٥‬‬ ‫‪٣٨٩‬‬

‫‪٨٠٠‬‬ ‫‪٣٩٧‬‬ ‫‪٣٨٩‬‬

‫‪١٨٣٥‬‬

‫‪٩٠٨‬‬

‫‪٣٨٠٠‬‬

‫‪١١٦‬‬ ‫‪٤٨٤٠‬‬ ‫‪٢٢٤٠‬‬ ‫‪٢٧٤٣‬‬

‫‪١٠٥‬‬ ‫‪٢٨٧٥‬‬ ‫‪١٠٧١‬‬ ‫‪٢٤٧٥‬‬

‫عطروت‬

‫‪١٩٧٠‬‬

‫‪١٣٦٠‬‬

‫‪١١٥٨‬‬

‫‪٦٥٠‬‬ ‫‪٨٠٠٠‬‬ ‫‪٤٤٠٠‬‬ ‫‪٧٤٨٤‬‬ ‫منطقة‬ ‫صناعية‬

‫سبغات زئيف وسبغات‬ ‫عومر‬

‫‪١٩٨٠‬‬

‫‪٤٦٢٧‬‬

‫‪١٢٨١‬‬

‫تلة شعفاط‬

‫‪١٩٧٠‬‬

‫‪١١٩٨‬‬

‫‪...‬‬

‫غفعات همطوس‬

‫‪١٩٩١‬‬

‫‪٩٨٠‬‬

‫‪...‬‬

‫الجامعة العبرية‬ ‫مشروع مابيال )قرية‬ ‫داود(‬ ‫ٔ‬ ‫جبل ابو غنيم‬

‫‪١٩٢٤‬‬

‫‪٧٤٠‬‬

‫‪...‬‬

‫‪١٩٧٠‬‬

‫‪١٣٠‬‬

‫‪١٩٩١‬‬

‫‪١٩٩٢‬‬

‫ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ‬

‫التلة الفرنسية‬ ‫ٔ‬ ‫رمات اشكول‬ ‫معلوت دفنا‬ ‫نفي يعقوب‬ ‫الحي اليهودي‬ ‫رمات الون‬ ‫تالبيوت الشرقية‬ ‫جيلو‬

‫)‪(٣١‬‬

‫)ﺩﻭﱎ(‬

‫‪...‬‬

‫‪٧٤٣٨‬‬

‫‪٣٥٢٠٠‬‬

‫)مشروع(‬ ‫‪٢١٦٥‬‬ ‫مشروع‬ ‫‪٣٦٠٠‬‬ ‫‪...‬‬

‫‪٢٠٠٠٠‬‬ ‫متوقع‬

‫‪٦٥٠٠‬‬ ‫)مشروع(‬

‫ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﺮﺓ‬

‫بيت حنينا وشعفاط‬ ‫بيت صفافا‪ ،‬بيت جاال‬

‫‪٢٥٠٠‬‬ ‫‪٣٥٠٠٠‬‬ ‫متوقع‬

‫العيسوية‬ ‫باب الخليل ‪ ،‬حي الشجاعية‬ ‫ٔ‬ ‫بيت لحم‪ ،‬بيت ساحور‪ ،‬ام‬ ‫طوبى وصور باهر‬

‫مصادرتها كما فعل )ارئيل شارون( الذي سكن في منزل فـي شـارع الـواد‬ ‫فـ ــي الحـ ــي ا ٕالسـ ــالمي بعـ ــد ٕاجبـ ــار سـ ــكانه العـ ــرب علـ ــى ٕاخال ئـ ــه بتـ ــاريخ‬ ‫‪.١٩٨٧/٢/١٥‬‬ ‫‪ -١٧‬تنف ــذ وزارة الداخلي ــة من ــذ ش ــهر ديس ــمبر م ــن ع ــام ‪١٩٩٥‬م سياس ــة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫جديدة تقضي بان اي فلسطيني مـن سـكان القـدس الشـرقية ال يـنجح فـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان يثبــت امــام وزارة الداخليــة انــه يقــيم فــي القــدس فــي الوقــت الحــالي‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وكان يسكن بها في السابق بشكل متواصل يمكـن ان يفقـد ولالبـد حقـه‬ ‫ٔ‬ ‫في ان يعيش فـي المدينـة التـي ولـد فيهـا‪ .‬فيصـبح مضـط ًرا تبع ًـا لـذلك ٕالـى‬ ‫ترك بيته كما ال يعد في مقدوره ا ٕالقامـة فـي القـدس التـي تخضـع للسـيطرة‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالس ـرائيلية دون موافق ــات وتاش ــيرات خاص ــة‪ ،‬كم ــا ال تت ــاح ل ــه ٕامكاني ــة‬ ‫ٔ‬ ‫العمل في االراضي الفلسطينية التي تخضع للمحتل ا ٕالسـرائيلي‪ ،‬بمـا فـي‬ ‫ذل ـك الق ــدس‪ ،‬وتس ــلب من ــه ك ــل حقوق ــه االجتماعي ــة الت ــي يض ــمنها ل ــه‬ ‫ٔ‬ ‫سـ ــداده للض ـ ـرائب المسـ ــتحقة عليـ ــه‪ ،‬مثـ ــل االنتفـ ــاع بخـ ــدمات التـ ــامين‬ ‫الصحي وغير ذلك)‪.(٣٦‬‬ ‫‪ -١٨‬قيــام وزارة الداخليــة ا ٕالس ـرائيلية بالعديــد مــن ا ٕالج ـراءات التعســفية‬ ‫التــي تطبقهــا ضــد الســكان الفلســطينيين فــي القــدس لــدفعهم ٕالــى تركهــا‬ ‫ٔ‬ ‫مثـ ـ ــل ٕالغ ـ ـ ــاء حـ ـ ــق المواطنـ ـ ــة‪ ،‬وعـ ـ ــدم ٕاصـ ـ ــدار رق ـ ـ ــم ق ـ ـ ــومي لالطف ـ ـ ــال‬ ‫الفلســطينيين فــي القــدس‪ ،‬وعــدم تغييــر تســجيل الحالــة االجتماعيــة فــي‬ ‫ٔ‬ ‫بطاقة الهوية ‪ ،‬ورفض طلبات جمع شمل االسرة في القدس )‪.(٣٧‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪ -١٤‬عملــت ٕاس ـرائيل عبــر المقــص الطبــوغرافي فــي الجهــة الشــمالية‬ ‫علــى ٕاقامــة ح ـزام ي ـربط مطــار قلنــديا بمطــار اللــد غربــا‪ ،‬وشــقت شــارعا‬ ‫التفافيـا سـمته شــارع )‪ (٤٥‬حيـث سـعت ٕالــى ٕاقامـة منــاطق صـناعية عبــر‬ ‫ٔ‬ ‫هـذه المنطقــة تـربط بــين منطقـة قلنــديا حتــى موقـع مســتوطنة ابـو غنــيم‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫جنوبا وتجنـب مخطـط المشـروع الـدخول ٕالـى مدينـة القـدس‪ ،‬لهـذا اقـيم‬ ‫مشروع طريق وسـط بـين جفعـات زئيـف وشـارع النفـق الـذي يوصـل ٕالـى‬ ‫ٔ‬ ‫منطقة ابـو غنـيم حتـى كـفـار عتصـيون‪ ،‬هـذه الوقـائع جعلتنـا نتعـرف علـى‬ ‫ٔ‬ ‫خطة ٕاسرائيل لفرض السيادة على القدس ‪ .‬لهـذا نجـد ان المعركـة ضـارية‬ ‫وشرسـة ج ًـدا فـي مدينـة القـدس‪ ،‬حيـث ٕان الحكومـة ا ٕالسـرائيلية ودولـة‬ ‫ٕاسرائيل بكل ٕامكاناتها الالمتناهيـة اتخـذت القـرارات ووضـعت الوسـائل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واالدوات الالزمة من اجل تنفيذ اطماعها في القدس )‪.(٣٤‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -١٥‬وفي عـام ‪ ١٩٨٠‬اعلنـت ٕاسـرائيل ضـم القـدس ٕاداري ًـا وسياس ًـيا بقـرار‬ ‫م ــن الكنيس ــت ا ٕالسـ ـرائيلي و ٕاع ــالن توحي ــدها وجعله ــا عاص ــمة ل ــدولتهم‬ ‫ً‬ ‫تحديا التفاقية جنيف وحقوق ا ٕالنسان والقرارات الدولية‪ .‬والخطورة تبرز‬ ‫حــين تؤكــد ٕاس ـرائيل ٕان القــدس خــارج ٕاطــار العمليــة السياســية الجاريــة‬ ‫ٔ‬ ‫ًٔ‬ ‫ـلفا ان يص ــبح ‪ ٢٤‬ف ــي المائ ــة م ــن مس ــاحة االرض‬ ‫حالي ـ ًـا ‪ ،‬مم ــا يعن ــي س ـ‬ ‫المحتلة عام ‪ً ١٩٦٧‬‬ ‫جزءا من ٕاسرائيل)‪.(٣٥‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -١٦‬وفــي عــام ‪ ١٩٨٧‬م اســتخدمت ســلطات االحــتالل شــتى االســاليب‬ ‫ٔ‬ ‫للضــغط علــى الســكان ٕالجبــارهم علــى بيــع منــازلهم فــي البلــدة القديمــة او‬

‫ﺍﻟﺴﻜﻨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٤‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫‪ -١٩‬العم ــل عل ــى تغيي ــر مالم ــح التوزي ــع ال ــديموغرافي حي ــث قف ــز ع ــدد‬ ‫المســتوطنين اليهــود فــي القــدس المحتلــة عــام ‪ ١٩٦٧‬مــن ال شــيء ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اكـثـر مـن ‪ ١٦٠‬الــف مسـتوطن حتـى منتصــف العـام ‪ ، ١٩٩٦‬والــى ‪١٨٠‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الف مسـتوطن مـع نهايـة العـام ‪ .٢٠٠١‬وفـي هـذا السـياق دابـت سـلطات‬ ‫االحتالل على ٕاتباع الممارسات التهويديـة كـي تسـتطيع تحقيـق سياسـتها‬ ‫تج ـ ــاه الق ـ ــدس)‪ (٣٨‬م ـ ــع اس ـ ــتقدام مس ـ ــتوطنين ٕاس ـ ـ ـرائيليين متش ـ ــددين‬ ‫لتــوطينهم فــي القــدس‪ ،‬ويــدخل هــؤالء المســتوطنون سـ ً‬ ‫ـباقا مــع الــزمن‬ ‫ٔ‬ ‫الحتالل المزيد من اراضي المدينة وتهويدها والقضاء المبرم على هويتها‬ ‫العربية وا ٕالسالمية وشخصيتها الحضارية المتميزة )‪.(٣٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫‪ -٢٠‬االستيالء على جبل ابي غنيم و ٕاقامة مستوطنة بـدال منـه)‪ ،(٤٠‬وهـذا‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الجبــل اوقفــه اميــر المــؤمنين عمــر بــن الخطــاب رضــي ﷲ عنــه للصــحابي‬ ‫ٔ‬ ‫عياض بن غنم فسـمى الجبـل بـابي غنـيم نسـبة ٕاليـه‪ ،‬ومـازال يحمـل هـذا‬ ‫االسم‪ ،‬فهو وقف ٕاسالمي وال حق لليهود فيه‪.‬‬ ‫جدول رقم )‪(٣‬‬ ‫المخطط الهيكلي لمستوطنة سبغات شموئيل‬ ‫)‪(٤١‬‬ ‫جبل ابو غنيم )هارحوما(‬ ‫المساحة‬ ‫المساحة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوجه استعمال االراضي‬ ‫بالهكـتارات نسبة مئوية‪%‬‬ ‫‪٣.٤‬‬ ‫‪٧١.٦‬‬ ‫‪ .١‬منطقة صناعية‬ ‫‪١٦.٧‬‬ ‫‪٣٥٦.٤‬‬ ‫‪ .٢‬منطقة حرجية‬ ‫‪ .٣‬طرق‬ ‫‪١٣.١‬‬ ‫‪٢٧٧.٦‬‬ ‫‪ٔ .٤‬اشجار على جوانب الطرق‬ ‫‪٣.٨‬‬ ‫‪١٠٣.٤‬‬ ‫‪٣.٣‬‬ ‫‪٧٠.٦‬‬ ‫‪ .٥‬مؤسسات عامة‬ ‫‪٣٧.٥‬‬ ‫‪٧٩٧.٦‬‬ ‫‪ .٦‬منطقة بناء‬ ‫‪٤.٩‬‬ ‫‪١٠٦.٠‬‬ ‫‪ .٧‬حدائق‬ ‫‪١١.٠‬‬ ‫‪٢٣٤.٢‬‬ ‫‪ .٨‬مباني عامة‬ ‫‪١.٤‬‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫‪ .٩‬فنادق وقربة سياحية‬ ‫‪٢.٦‬‬ ‫‪٥٦.٢‬‬ ‫‪ .١٠‬منطقة تجارية خاصة‬ ‫ٓ‬ ‫‪٠.٦‬‬ ‫‪١٣.٧‬‬ ‫‪ .١١‬منشات هندسية‬ ‫‪٠.٥‬‬ ‫‪١٠.٥‬‬ ‫‪ .١٢‬موقع ديني مسيحي قائم‬ ‫‪١٠٠‬‬ ‫‪٢١٢٦.٨‬‬ ‫المجموع‬

‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫ٔﻃﻤﺲ اﻵﺛﺎر ٔ‬ ‫وهـو اسـلوب شـيطاني مـن اسـاليب التحريـف والتزييـف فـي المدينـة وهـو‬ ‫ٓ‬ ‫ٕازالـ ـ ــة وطمـ ـ ــس اثـ ـ ــار القـ ـ ــرى العربيـ ـ ــة واسـ ـ ــتخدام حجارتهـ ـ ــا فـ ـ ــي بنـ ـ ــاء‬ ‫ٔ‬ ‫المستوطنات اليهودية ‪ ،‬حيـث لجـات الحركـة الصـهيونية وعصـاباتها ٕالـى‬ ‫تــدمير كامــل القــرى المقدســية فــي حــرب ‪ ،٤٨‬وكــل مــن يســير فــي قــرى‬ ‫القدس مـن المصـرارة ‪-‬بـاب العمـود حتـى المالحـة ومستشـفى هداسـا يـرى‬ ‫بش ــكل واض ــح ٔان الكـثي ــر م ــن ٔاالس ــوار ٕانم ــا بني ــت م ــن حج ــارة الق ــرى‬ ‫العربيــة حي ــث نج ــد ذل ــك فــي مس ــاحات الجامعــة العبري ــة ومستشــفى‬ ‫هداســا ومنطقــة محنيــه يهــودا والمالحــة وغيرهــا وتتجنــب بلديــة القــدس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الصهيونية البناء باالسـمنت المسـلح السـباب جماليـة ولكـي يخيـل للزائـر‬ ‫ٔ‬ ‫ان هــذا الســور بنــي مــن قبــل مئــات الســنين ولكــي يعملــوا علــى ٕاعــادة‬ ‫ٓ‬ ‫استخدام هذه االثار في تركيب تاريخ يهودي مزور‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪ -٢١‬وخ ــالل فت ــرة ‪ ،١٩٩٥-١٩٦٧‬ت ــم بن ــاء ‪ ٧٦.١٥١‬وح ــدة س ــكنية‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫منهــا ‪ ٦٤.٨٦٧‬وحــدة ســكنية داخــل حــدود البلديــة‪ ،‬اقامتهــا الحكومــة‬ ‫وباعته ــا ل ٕالسـ ـرائيليين‪ ،‬وه ــو م ــا يع ــادل ‪ %٨٨‬م ــن مجم ــوع الوح ــدات‬ ‫السكنية التي بنيت‪.‬‬ ‫‪ -٢٢‬وف ـ ــي فت ـ ــرة ‪ ،١٩٩٣-١٩٩٠‬ت ـ ــم بن ـ ــاء ‪ ٩٠٧٠‬وح ـ ــدة س ـ ــكنية ف ـ ــي‬ ‫القــدس‪ ،‬منهــا ‪ ٤٦٣‬وحــدة سـكنية للعــرب بمبــادرة خاصــة‪ ،‬وهــى تشــكل‬ ‫‪ %٥.١‬من مجمل عدد الوحدات السكنية للعرب وفـي سـنة ‪ ،١٩٩٣‬تـم‬ ‫االنته ــاء م ــن بن ــاء ‪ ٢٧٢٠‬وح ــدة س ــكنية‪ ،‬منه ــا ‪ ١٠٣‬وح ــدات س ــكنية‬ ‫للعرب‪ ،‬تشـكل ‪ %٣.٨‬مـن مجمـوع عـدد الوحـدات السـكنية التـي بنيـت‬ ‫في تلك السنة‪.‬‬ ‫‪ -٢٣‬وفي سنة ‪ ،١٩٩١‬شكلت المنطقة التي بنيت فيها وحدات سـكنية‬ ‫للع ــرب ‪ %٨.٥‬م ــن مجم ــل المنطق ــة‪ ،‬الت ــي بني ــت ض ــمن ح ــدود بلدي ــة‬ ‫القدس‪.‬‬ ‫‪%٩.٣‬‬ ‫‪١٩٩٠‬‬ ‫‪%٦.٣‬‬ ‫‪١٩٩١‬‬

‫وبمقابلـ ــة حجـ ــم البنـ ــاء سـ ــنة ‪ ١٩٦٧‬بحجمـ ــه سـ ــنة ‪ ١٩٩٥‬فـ ــي القـ ــدس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الشــرقية فقــط‪ ،‬نجــد ان معظــم المصــادرات التــي اعــدت للتطــوير والبنــاء‬ ‫ٔ‬ ‫ف ــي ش ــرقي المدين ــة خص ــص لالحي ـ ـاء اليهودي ــة الجدي ــدة‪.‬و ٕان س ــلطات‬ ‫التخطيط ا ٕالسرائيلية‪ -‬تتجاهل الضائقة السـكنية الخطـرة وسـط السـكان‬ ‫الفلس ــطينيين فـ ــي المدين ــة‪ ،‬وتتنصـ ــل م ــن واجـ ــب االهتم ــام بالسـ ــكن‬ ‫المالئم لهم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -٢٤‬وفــي عــام ‪ ١٩٩٦‬م اعلنــت وزارة الســكان ا ٕالس ـرائيلية بانهــا ســتبني‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ١٥١٢٠‬وح ــدة س ــكنية( ف ــي الق ــدس الش ــرقية ليع ــيش فيه ــا )‪ ٧٦‬ال ــف‬ ‫يهودي( وهذا سيزيد عدد السكان اليهود في القدس الشـرقية ٕالـى )‪٢٣٦‬‬ ‫ٔالفــا( بينمــا عــدد العــرب فيهــا يصــل ٕالــى )‪ٔ ١٥٥‬الفــا( وبالتــالي فـ ٕـان ٔاالمــور‬ ‫ٔ‬ ‫ســتكون لصــالح اليهــود مــع مالحظــة ان القــدس الغربيــة بكاملهــا لليهــود‬ ‫ٔا ً‬ ‫صال‪.‬‬ ‫‪ -٢٥‬وفــي ســنة ‪ ١٩٩٧‬م تــم استصــدار الق ـرار رقــم ‪ٕ ١٦٠٤‬باقامــة بلديــة‬ ‫ٔ‬ ‫عليــا تحــول القــدس ٕالــى " قــدس كبــرى " ٕباطــار متروبــولي اعلــى ‪ ،‬واتبــاع‬ ‫خطـ ــة تقـ ــوم علـ ــى تطـ ــوير المدينـ ــة بتحريكهـ ــا نحـ ــو الشـ ــرق مـ ــن خـ ــالل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االســتيالء علــى اراضــى فلســطينية فــي الضــفة الغربيــة حتــى غــور االردن ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وتــرك المنــاطق بــين القــدس وتــل ابيــب كمنــاطق ترفيهيــة وفــي البحــوث‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التــي نشــرت مــن جانــب معهــد القــدس البحــاث ٕاس ـرائيل‪ ،‬فــان اكـثــر مــن‬ ‫عشـ ــرين اقتراحـ ــا تـ ــم تقـ ــديمهم منـ ــذ سـ ــنوات طويلـ ــة تتعل ــق بمسـ ــتقبل‬ ‫القدس)‪.(٤٢‬‬ ‫‪-٢٦‬نفذت ٕاسرائيل مشروع " الحزام الشرقي " الذي كان يهدف ٕالـى ربـط‬ ‫شرق القـدس بجنوبهـا ومـن ثـم ربـط شـوارع المدينـة فـي منطقـة الحـزام‪،‬‬ ‫والهــدف مــن هــذا المشــروع تفريــغ المنــاطق العربيــة التــي تقــع علــى هــذه‬ ‫ٔ‬ ‫الشوارع‪ ،‬ومن ثـم جعلهـا ً‬ ‫نقاطـا مهمشـة‪ ،‬امـا المهمـة الثانيـة لهـذا الحـزام‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فهو انه يوفر مصادرة مساحات من االراضـي التـي يمـر بهـا‪ ،‬حيـث يجعـل‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاقامــة ٔاي مشــروع علــى ٔاراضــي تلــك المنــاطق محـ ً‬ ‫ـذورا مــن واقــع ان هــذه‬ ‫المناطق تعتبر منطقة ً‬ ‫حرما لهذا الحزام )‪.(٤٣‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ -٢٧‬امــا المشــروع الضــخم الــذي تنفــذه ٕاسـرائيل االن فــي مســتوطنة راس‬ ‫ٔ‬ ‫الع ــامود ومنطق ــة وادي الك ــدرون ال ــذي اطلق ــت علي ــه مش ــروع )خ ــاتم‬ ‫ســليمان( فتمثــل باقامــة )‪ ٢٢‬الــى ‪ (٢٥‬فنـ ً‬ ‫ـدقا كبيـ ًـرا علــى ضــفاف وادي‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ ٕ‬ ‫ً‬ ‫الك ــدرون يب ــدا م ــن كنيس ــة الجس ــمانية حت ــى موق ــع ب ــاب داود غرب ــا‪،‬‬ ‫وتشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرف علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا المشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروع شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــركة تطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوير القـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدس‬ ‫الشرقية )‪.(٤٤‬‬ ‫آﻟﻴﺎت اﻟﺘﻬﻮﻳﺪ‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٤‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻃﻤﺲ وﺗﻬﻮﻳﺪ ٔاﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫وقــد لجــا الصــهاينة ٕالـى اســلوب طمــس المعــالم الدينيــة وتهويــدها؛‬ ‫بداية من ٕازالة وتهويد حي المغاربة في العاشر مـن حزيـران ‪ ٦٧‬وترحيـل‬ ‫ٔ‬ ‫اهلــه ومســجد حــي الشــرف فــي ‪ ، ٦٧‬وقــد يعمــدون ٕالــى تحويــل المســجد‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالــى كنــيس يهــودي كمــا فــي مســجد النبــي داود حيــث اقــدمت الســلطات‬ ‫الص ــهيونية عل ــى ٕاح ــداث تغيي ــر ف ــي مع ــالم المس ــجد‪ ،‬بجان ــب ٕازالته ــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫للكـتابــات القرانيــة والزخــارف وســرقة التحــف الفنيــة واالثريــة التــي كانــت‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫موجـودة فيـه ‪ .‬وهنـاك نمـط اخـر مـن انمـاط التزويـر والطمـس وهـي ان‬ ‫يعمـد االحـتالل ٕالـى تحويـل جـزء مـن المسـجد ٕالـى كنـيس كمـا حـدث فـي‬ ‫مس ــجد النب ــي ص ــموئيل ش ــمال غ ــرب الق ــدس وكم ــا ح ــدث ويح ــدث ف ــي‬ ‫ٔ‬ ‫مسـجد خليـل الـرحمن بعـد المجـزرة ‪ .‬وقـد تلجـا سـلطات االحـتالل ٕالـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٕازالة المسـجد او المقـام نهائي ًـا كمـا حـدث فـي قريـة صـريحة المـدمرة غـرب‬ ‫القدس‪.‬‬ ‫اﻻﻋﺘﺪاءات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ اﻟﻤﺒﺎرك ٔ‬ ‫تتعرض مدينة القدس بصـفة عامـة والمسـجد االقصـى المبـارك بصـفة‬ ‫خاصــة العتــداءات يوميــة مــن قبــل ســلطات االحــتالل ا ٕالسـرائيلي‪ ،‬ومــن‬ ‫ٔ‬ ‫اشهر هذه االعتداءات السيطرة على حائط البـراق وتحويلـه ٕالـى مـا يسـمى‬ ‫بح ــائط المبك ــي‪ .‬وع ــن جريم ــة ٕاسـ ـرائيل ف ــي ح ــق ح ــائط البـ ـراق يق ــول‬ ‫ٓ‬ ‫المهندس رائف نجم مستشار مركز توثيق وصيانة اثار القـدس‪ٕ :‬ان حـائط‬ ‫البـراق يشــكل الجــزء الجنــوبي الغربـي مــن جــدار الحــرم القدســي الشــريف‬ ‫بطول نحو )‪ ٤٧‬مت ًرا(‪ ،‬وارتفاع نحو )‪ ١٧‬متـ ًرا(‪ ،‬ولـم يكـن فـي وقـت مـن‬ ‫ٔ‬ ‫االوق ــات ج ــزءا م ــن الهيك ــل اليه ــودي المزع ــوم‪ .‬وكم ــا تق ــول الموس ــوعة‬ ‫ٔ‬ ‫اليهوديــة‪ٕ » :‬ان مصــادر الم ــدراش )شــروق التــوراة( بــان هــذا الحــائط لــم‬ ‫يكن موقع عبادة عند اليهود حتى القرن السادس عشر الميالدي«‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ويقــر بــذلك عــالم االثــار ا ٕالس ـرائيلي " ٕاس ـرائيل فلنكشــتاين " مــن جامعــة‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تــل ابيــب والمعــروف " بــابي االثــار " حيــث شــكك فــي وجــود اي صــلة‬ ‫لليه ــود بالق ــدس‪ ،‬ج ــاء ذل ــك خ ــالل تقري ــر نش ـرته مجل ــة " جي ــروزاليم‬ ‫ٔ‬ ‫ريب ــورت " ا ٕالسـ ـرائيلية )‪ - (٤٥‬ع ــدد ش ــهر اغس ــطس س ــنة ‪٢٠٠٠‬م‪ . -‬كم ــا‬ ‫ٓ‬ ‫ّفج ــر ع ــالم االث ــار ا ٕالس ـرائيلي »م ــائير ب ــن دوف« قنبل ــة دوى ص ــداها ف ــي‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫المنطقــة‪ ،‬حيــث كشــف النقــاب عــن انــه ال توجــد اثــار لمــا يســمى بجبــل‬ ‫ٔ‬ ‫الهيكل تحت المسجد االقصى)‪.(٤٦‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫امــا الــدكـتورة »كــاثلين كينــون« مــديرة مدرســة االثــار البريطانيــة فــي‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الق ــدس واس ــتاذة عل ــم االث ــار ف ــي جامع ــة اكس ــفورد فتق ــول‪ٕ " :‬ان عملي ــة‬ ‫الحفريــات ا ٕالس ـرائيلية التــي تجريهــا ٕاس ـرائيل حــول الحــرم القدســي لهــي‬ ‫ٔ‬ ‫ابشع حفريات لتدمير التاريخ القـديم‪ ،‬وان ٕاتـالف البنيـة ا ٕالسـالمية التـي‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫بنيت في القرون الوسـطى جريمـة كبـرى‪ ،‬وال ُيعقـل ان يـتم تشـويه االثـار‬ ‫بمثــل هــذه الحفريــات "‪ .‬وكــان التســامح ا ٕالســالمي هــو الــذي مكــن لليهــود‬ ‫ٔ‬ ‫من الصالة امام هـذا الحـائط‪ ،‬وتكـررت محـاوالت اليهـود لالسـتيالء عليـه‬ ‫ٔ‬ ‫في عهد االنتداب البريطاني على فلسطين ٕالى ان وقعـت ثـورة البـراق فـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اغســطس ‪ ١٩٢٩‬والتــي ُقتــل فيهــا العشـرات مــن العــرب واليهــود‪ ،‬وادت‬ ‫ٔ‬ ‫االحــداث ٕالــى تشــكيل لجنــة دوليــة لتحديــد حقــوق العــرب واليهــود فــي‬ ‫حــائط البـراق‪ ،‬وكانــت هــذه اللجنــة برئاســة وزيــر خارجيــة ســويدي ســابق‬ ‫ٓ‬ ‫وعضــوية سويســري واخــر هولنــدي‪ ،‬ووضــعت اللجنــة تقريرهــا فــي عــام‬ ‫‪ .١٩٣٠‬يقــول التقريــر‪ٕ » :‬ان للمســلمين وحــدهم ملكيــة الحــائط الغربــي‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ولهــم وحــدهم الحــق العينــي فيــه لكونــه يؤلــف جــزءا ال يتجـزا مــن سـاحة‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحــرم الشــريف التــي هــي مــن امــالك الوقــف‪ ،‬وللمســلمين ايضـ ًـا تعــود‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ملكي ــة الرص ــيف الك ــائن ام ــام الح ــائط وام ــام المحل ــة المعروف ــة بح ــارة‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫موقوفا حسب احكام الشريعة ا ٕالسالمية«‪.‬‬ ‫المغاربة‪ ،‬لكونه‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاال ان الع ــدو الص ــهيوني اس ــتولى عل ــى ح ــائط الب ـ ـراق ؛ فف ــي ع ــام‬ ‫‪ ١٩٦٧‬وبع ــد وق ــت قلي ــل م ــن ح ــدوث النكس ــة ‪ ،‬لف ــت ض ـ ٌ‬ ‫ـابط ُي ــدعى‬ ‫ٔ‬ ‫"ابراهــام شــتيرن" انتبــاه "موشــي ديــان " ٕالــى وجــود م ـراحيض ملتصــقة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بحــائط الب ـراق ‪ ،‬فاعطــاه ٕاذنـ ًـا بهــدمها‪ .‬والن قيــادة العــدو كانــت تســتعد‬ ‫ٓ‬ ‫الس ــتقبال مئ ــات اال الف م ــن اليه ــود ف ــي عي ــد ن ــزول الت ــوراة عن ــد ذل ــك‬ ‫ٔ‬ ‫الحائط‪ ،‬والن المكـان الضـيق بينـه و بـين بيـوت الحـي المجـاور لـم يكـن‬ ‫َّيتســع ٕا َّال ِلبضــع المئــات‪ ،‬فقــد تقــرر فــي العاشــر مــن يونيــو هــدم الحــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫باكمله‪ .‬خالل بضعة ايام‪ُٔ ،‬ازيح تمام ًـا َح ٌّـي اطلـق عليـه المقدس ُّـيون اسـم‬ ‫"حارة المغاربة" ل ُمدة ‪ً ٧٧٤‬‬ ‫عاما )‪. (٤٧‬‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﺤﻔﺮﻳﺎت اﻷﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪس اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫وقــد تبنــت الحكومــة ا ٕالس ـرائيلية سياســة تهويــد مدينــة القــدس عبــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫سلس ــلة م ــن ا ٕالج ـراءات واالعت ــداءات ض ــد اه ــل المدين ــة وض ــد االم ــاكن‬ ‫ٔ‬ ‫المقدسة ا ٕالسـالمية والمسـيحية علـى حـد سـواء ‪ ،‬حتـى انـه لـم تبـق حـارة‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫او زاويــة فــي القــدس ٕاال وتعرضــت لهــذه الحفريــات وعنــدما توجــد اي اثــار‬ ‫ٕاسالمية كانت تلقى ا ٕالهمال والضياع والتدمير وال يتم توثيقها وابتدعت‬ ‫ٔ‬ ‫ذرائ ــع مختلف ــة‪ .‬وك ــان م ــن اه ــم واخط ــر تل ــك االنتهاك ــات واالعت ــداءات‬ ‫ٔ‬ ‫الشــروع فــي تنفيــذ مخططــات الحفريــات تحــت اساســات البلــدة القديمــة‬ ‫ٔ‬ ‫واالم ـ ــاكن المقدس ـ ــة‪ .‬بحج ـ ــة الكش ـ ــف ع ـ ــن الت ـ ــاريخ اليه ـ ــودي وهيك ـ ــل‬ ‫س ــليمان‪ .‬ولك ــن اله ــدف الحقيق ــي له ــذه الحفري ــات ه ــو تص ــديع بناي ــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االمـ ــاكن المقدسـ ــة واالمـ ــاكن الدينيـ ــة والتسـ ــبب فـ ــي انهيارهـ ــا وطمـ ــس‬ ‫معالمها وتهويدها ‪ .‬ونادرا ما توثق الحفريـات ا ٕالسـالمية و ٕاذا وثقـت تبقـى‬ ‫بعيــدة عــن النشــر والدراســة والتعمــيم علــى المؤسســات العلميــة ‪ .‬ومــن‬ ‫هذه الحفريات ما يلي )‪: (٤٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫ا‪ .‬الحفريـ ــات التـ ــي سـ ــبقت االحـ ــتالل عـ ــام ‪ :١٩٦٧‬وقـ ــد بلـ ــغ عـ ــدد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحفريــات فــي انحــاء فلســطين عشــرين حفريــة علــى االقــل‪ ،‬وعنــدما‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫كانــت تكـتشــف اي طبقــة مــن االثــار ا ٕالســالمية كانــت تلقــى ا ٕالهمــال‬ ‫والضياع والتدمير ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ب‪ .‬الحفري ــات ا ٕالس ـرائيلية ف ــي الق ــدس بع ــد ع ــام ‪ :١٩٦٧‬ب ــدات ف ــي‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اواخ ــر ع ــام ‪ ١٩٦٧‬وه ــي مس ــتمرة ٕال ــى االن دون توق ــف رغ ــم ق ـ ـرار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مجل ـ ــس االم ـ ــن وهيئ ـ ــة االم ـ ــم المتح ـ ــدة واليونس ـ ــكو الت ـ ــي طالب ـ ــت‬ ‫ٕاسرائيل بوقفها ‪ ،‬ومن هذه الحفريات‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫حفري ــات جن ــوب المس ــجد االقص ــى المب ــارك‪ :‬وتم ــت س ــنة ‪ ١٩٦٨‬عل ــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امتداد سبعين مت ًرا اسفل الحائط الجنوبي للحرم القدسي اما مـا اكـتشـف‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫في هذه الحفريات اثارا اموية ورومانية واخرى بيزنطية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وحفريــات جنــوب غــرب االقصــى المبــارك‪ :‬تــم هــذا الجــزء مــن الحفريــات‬ ‫ٔ‬ ‫س ــنة ‪ ١٩٦٩‬وعل ــى امت ــداد ‪٨٠‬م مبت ـ ً‬ ‫ـدئا م ــن حي ــث انته ــى الج ــزء االول‬ ‫ٔ‬ ‫ويتجــه شـ ً‬ ‫ـماال حتــى وصــل بــاب المغاربــة مــا ًرا تحــت مجموعــة مــن االبنيــة‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالسالمية التابعة للزاوية الفخرية وقد صدعتها الحفريات ومن ثـم ازالتهـا‬ ‫ٔ‬ ‫الس ــلطات ا ٕالس ـ ـرائيلية بالجراف ــات بت ــاريخ ‪/١٤‬حزي ـ ـران‪ ١٩٦٩/‬واجل ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫سكانها‪ .‬وقد تم اكـتشاف اساسات ثالثة قصور اموية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وحفريـ ــات جنـ ــوب شـ ــرق االقصـ ــى‪ :‬سـ ــنة ‪ ١٩٧٣‬واسـ ــتمرت حتـ ــى سـ ــنة‬ ‫‪ ١٩٧٤‬وامت ــدت عل ــى مس ــافة ‪٨٠‬م للش ــرق واخترق ــت الح ــائط الجن ــوبي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫للحــرم القدســي ودخلــت االروقــة الســفلية للمســجد االقصــى ‪ .‬وقــد وصــلت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اعم ــاق الحفري ــات اكـث ــر م ــن ‪١٣‬م واص ــبحت تع ــرض ج ــزءا م ــن ج ــدار‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٥‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ٔﺳﻠﻄﺔ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻷﻣﺎﻛﻦ "اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ام ـ ــر ديفي ـ ــد ب ـ ــن جوري ـ ــون ض ـ ــباطه وخبـ ـ ـراءه بمح ـ ــو ك ـ ــل االس ـ ــماء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الفلسطينية سواء كانـت عربيـة ٕاسـالمية او مسـيحية او مـا قبـل ذلـك مـن‬ ‫ٔ‬ ‫كنعانيــة ويبوســية وعموريــة وغيرهــا‪ ،‬واســتبدالها باســماء عبريــة )‪، (٥٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫وبالتالي تعرضت اسماء المدن والقرى العربية لتزوير وتهويـد المسـميات‬ ‫ٔ‬ ‫بطريق ــة عملي ــة ومنظم ــة ‪ ،‬وت ــتم ع ــن طري ــق س ــلطة " تس ــمية االم ــاكن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لالسماء تعتمد على عـدة طـرق‬ ‫"ا ٕالسرائيلية " واوجه التحريف الصهيوني‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫منهـا اسـتبدال حـرف بـاخر ٕاضـافة او حـذف ًا ‪ ،‬وترجمـة االسـم ٕالـى العبريـة‬ ‫)العبرنة ( مثل جبل الزيتون ٕالى هار هزيتم وجبل الرادار ٕالى هـار دار و‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫هنــاك اســلوب اخــر وهــو تحريــف االســم العربــي لــيالئم اسـ ًـما عبريـ ًـا مثــل‬ ‫كسال ٔاصبحت كسلون والجيب جبعـون وتغيـر ٔاسـماء الشـوارع والطـرق‬ ‫ٔ‬ ‫والس ــاحات العام ــة باس ــتبدالها ب ــاخرى يهودي ــة كج ــزء م ــن خط ــة تهوي ــد‬ ‫المدينــة ‪ ،‬و ٕازالــة المعــالم والحضــارة العربيــة منهــا مثــل تــل الشــرفة ســمي‬ ‫)جبعات هفتار(‪ .‬وباب المغاربة ) رحوب محسي(‪ .‬وطريـق الـواد وسـمي‬ ‫)رح ــوب هك ــامي( ال ــخ‪ .‬ول ــذلك الب ــد م ــن اس ــتعادة الت ــاريخ الم ــدفون‪،‬‬ ‫والجغرافيا المطموسة‪.‬‬ ‫ﻃﻤﺲ اﻟﻬﻮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﺗﻬﻮﻳﺪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‬ ‫وتمثــل ذلــك ٕبالغــاء منــاهج التعلــيم العربيــة فــي المــدارس الحكوميــة‬ ‫بمراحلهــا الــثالث‪ ،‬وتطبيــق منهــاج التعلــيم ا ٕالسـرائيلي‪ ،‬واالســتيالء علــى‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫متح ــف االث ــار الفلس ــطيني وحظ ــر ت ــداول اال الف م ــن الكـت ــب الثقافي ــة‬ ‫والعلميــة العربي ــة ا ٕالس ــالمية ومراقب ــة النش ــر والص ــحافة مراقبــة ص ــارمة‪.‬‬ ‫وب ـرامج التعل ــيم ا ٕالس ـرائيلي تس ــتبعد ك ــل م ــا ينتم ــي ٕال ــى ال ــروح القومي ــة‬ ‫العربيـ ــة واالبتعـ ــاد عـ ــن الثقافـ ــة العربيـ ــة ليسـ ــهل صـ ــهرهم فـ ــي البوتقـ ــة‬ ‫ا ٕالسرائيلية ‪.‬‬ ‫ﺟﺪار اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﻨﺼﺮي ٔ‬ ‫منــذ ‪ ١٦‬يونيــو‪ /‬حزيـران ‪ ٢٠٠٢‬بــدات ٕاسـرائيل فــي بنــاء جــدار فاصــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يقطــع اراضــي الضــفة الغربيــة قطعــا مضــيفا معانــاة اخــرى ٕالــى مــا يعانيــه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ســكان الضــفة مــن قبــل‪ .‬ويــاتي ذلــك ضــمن سياســة فــرض االمــر الواقــع‬ ‫والتي استطاعت من خالله ابتالع نصف مساحة الضفة الغربية تقريب ًـا‪،‬‬ ‫واالســتيالء عل ـى مقــدرات الشــعب الفلســطيني‪ ،‬وتنفيــذ مخططــات غيــر‬ ‫ٔ‬ ‫علنيــة م ــن اج ــل ط ــرد الش ــعب الفلس ــطيني‪ ،‬وجعل ــه يتش ــرد ف ــي من ــافي‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫االرض‪ٕ ،‬ان طريـ ــق اال الم المقدسـ ــي طويـ ــل ومريـ ــر علـ ــى ابنائهـ ــا العـ ــرب‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫االقصــى الجنــوبي ٕالــى خطــر التصــدع بســبب قــدم البنــاء وتفريــغ الت ـراب‬ ‫المالصــق للجــدار مــن الخــارج بعمــق كبيــر وضــجيج الطــائرات الحربيــة‬ ‫يوميـ ًـا ف ــوق المنطقــة واختراقهــا لحــاجز الص ــوت وهــذا يــؤثر علــى جميــع‬ ‫ٔ‬ ‫المع ــالم ا ٕالس ــالمية والديني ــة والتاريخي ــة‪ .‬ام ــا م ــا ت ــم اكـتش ــافه ف ــي ه ــذه‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحفريات فكان اثا ًرا ٕاسالمية اموية ‪ ،‬واثا ًرا رومانية واخرى بيزنطية‪.‬‬ ‫وحفريــات النفــق الغربــي‪ :‬ســنة ‪ ١٩٧٠‬وتوقــف ســنة ‪ ١٩٧٤‬ثــم اســتؤنف‬ ‫ثانيــة ســنة ‪ ١٩٧٥‬واســتمرت حتــى عــام ‪ ١٩٨٨‬رغــم قـرار اليونســكو‪ .‬وفــي‬ ‫عهـد نتنيـاهو نجحـوا بفـتح بـاب ثـان للنفـق مـن جهـة مدرسـة الروضـة علــى‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫طريق اال الم بتاريخ ‪/٢٤‬ايلول‪.١٩٩٦/‬‬ ‫ٓ‬ ‫وحفريـ ــات بـ ــاب العمـ ــود‪ :‬قامـ ــت دائـ ــرة االثـ ــار ا ٕالس ـ ـرائيلية سـ ــنة ‪١٩٧٥‬‬ ‫بالحفريات تحت باب العمود من الخارج وكشف عـن بـاب السـور القـديم‬ ‫ٔ‬ ‫ال ــذي يق ــع ح ــوالي خمس ــة امت ــار تح ــت ب ــاب العم ــود ث ــم وص ــلت الب ــاب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحالية مع الساحة االمامية الخارجية بجسر مسلح مـن اجـل المـرور مـن‬ ‫ٓ‬ ‫و ٕال ــى البل ــدة القديم ــة وك ــل م ــا وجـ ـد م ــن اث ــار وعق ــود ٕاس ــالمية ال تم ــت‬ ‫بالهيكل بصلة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وحفريات باب االسود )باب االسباط(‪ :‬في عام ‪ ١٩٨٢‬بحجة وجـود بركـة‬ ‫ٕاسـ ـرائيلية ف ــي ذل ــك الموق ــع‪ ،‬وانته ــت الحفري ــات ف ــي ع ــام ‪ ١٩٨٦‬دون‬ ‫ٔ‬ ‫العثور على اثر ٕاسرائيلي‪.‬‬ ‫وق ــد ق ــام ا ٕالسـ ـرائيليون بف ــتح النف ــق ع ــام ‪١٩٩٦‬م‪ ،‬وال ــذي يق ــع‬ ‫بمحاذاة الجـدار الغربـي تحـت البنايـات المملوكيـة‪ ،‬كالمدرسـة الجوهريـة‬ ‫والعثمانية والتنكزية‪ ،‬ثم يتجه ٕالى باب الغوانمـة ثـم باتجـاه الشـرق عبـر‬ ‫طري ــق المجاه ــدين ٕال ــى المدرس ــة العمري ــة‪ ،‬حي ــث ح ــدثت ح ــوادث‬ ‫مش ــهورة ف ــي ‪١٩٩٦/٩/٢٤‬م تس ــببت ه ــذه الص ــدامات ف ــي استش ــهاد‬ ‫ٔ‬ ‫خمسة وثمانين ً‬ ‫شهيدا وقد عرفت باحداث النفق‪.‬‬ ‫وفــي ‪ُ ٢٠٠٧/١/١٠‬كشــف عــن مخطــط ُي ّ‬ ‫كمــل خطــوة هــدم طريــق‬ ‫بــاب المغاربــة‪ ،‬ويتمثــل ببنــاء كنــيس فــي حــارة بــاب الــواد غــرب ســوق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ّ‬ ‫القطانين‪ ،‬احـد ابـواب المسـجد االقصـى‪ ،‬تحـت اسـم "خيمـة اسـحاق"‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وذلــك فــي مكــان مبنــى ّ‬ ‫حمــام العــين‪ ،‬الــذي انشــاه االميــر تنكــز الناصـ ّ‬ ‫ـري‬ ‫ّ‬ ‫المملوكية سنة ‪٧٣٧‬هـ‪١٣٣٧/‬م‪ ،‬ليبتلع ٕالى جنـوب المبنـى‬ ‫خالل الفترة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ًُ ّ ّ ٔ‬ ‫ّ )‪. (٤٩‬‬ ‫ارضا تسمى البيارة او الحاكورة تتبع دائرة االوقاف ا ٕالسالمية‬ ‫ٔ‬ ‫وهـ ــذه الحفريـ ــات تجـ ــري بهـ ــدف ٕاضـ ــعاف البنيـ ــة التحتيـ ــة لالبنيـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫والمس ـ ـ ــاكن والمقدس ـ ـ ــات ا ٕالس ـ ـ ــالمية ‪ ،‬حي ـ ـ ــث اص ـ ـ ــيب الكـثي ـ ـ ــر منه ـ ـ ــا‬ ‫بتصــدعات خطي ــرة ‪ ،‬مثــل المدرس ــة العثمانيــة ‪ ،‬والمدرس ــة المزهري ــة‬ ‫والمدرسـة الجوهريـة فـي بـاب الحديـد وربـاط الكـرد ‪ ،‬والزاويـة الرفاتيـة ‪،‬‬ ‫والمدرســة التنكزيــة فــي بــاب السلســلة ‪ ،‬هــذا ٕاضــافة ٕالــى مئــات المنــازل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التي سقطت ارضـياتها وتصـدعت جـدرانها وتمنـع دولـة الكيـان اي تـرميم‬ ‫فيها ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والجدير بالذكر ان اعتداءات الصهاينة لم تمس االحياء وحـدهم بـل‬ ‫ٔ‬ ‫طالت ٔاالموات في قبورهم ٔا ً‬ ‫يضا؛ فهناك مقبرة باب الرحمة " االسباط "‬ ‫ٔ‬ ‫حيــث اتــت حفريــات الجرافــات الصــهيونية علــى مئــات القبــور وتبعثــرت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عظام الموتى بحجة التطوير واالعمار ‪ ،‬وكذلك ما حـدث فـي مقبـرة مـامن‬ ‫ﷲ العريقـة حيـث سـيطر اليهـود علـى هـذه المقبـرة وتوقفـت عمليـة دفـن‬ ‫الموتى منذ ذلك الحين ‪ ،‬وتناقصت مساحتها التي لـم يتبقـى منهـا سـوى‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ١٩‬دونــم بعــد ان كانــت ‪ ١٣٦‬دونــم‪ ،‬وهــي تســتخدم اليــوم كمقــر رئيســي‬ ‫لوزارة التجارة والصناعة الصهيونية‪.‬‬ ‫وخ ـ ــالل الفت ـ ــرة الت ـ ــي ُي ّ‬ ‫غطيه ـ ــا تقري ـ ــر ٕادارة ا ٕالع ـ ــالم والمعلوم ـ ــات‬ ‫بمؤسس ـ ـ ـ ــة الق ـ ـ ـ ــدس الدولي ـ ـ ـ ــة ف ـ ـ ـ ــي الفت ـ ـ ـ ــرة م ـ ـ ـ ــن ‪ٕ ٢٠٠٦/٨/٢١‬ال ـ ـ ـ ــى‬

‫‪ ٢٠٠٨/٨/٢١‬رصــد التقريــر مــا قامــت بــه فــرق ّ‬ ‫الحفريــات التابعــة لدولــة‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتطرفـة حيـث تنشـط فـي‪ ٧‬مواقـع مـن اصـل ‪١٨‬‬ ‫والجمعيات‬ ‫االحتالل‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـات تحــيط بالمســجد االقصــى‪ ،‬وقــد توزعــت هــذه الحفريــات‬ ‫موقــع حفريـ ٍ‬ ‫ٔ‬ ‫الهادفة ٕالنشاء مدين ٍـة ّ‬ ‫يهوديـة تحـت االرض علـى مختلـف جهـات المسـجد‬ ‫ٔ‬ ‫ّ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحفريــات واخطرهــا علــى‬ ‫االقصــى لبنــاء "مدينــة داوود" ‪ ،‬واكبــر هــذه‬ ‫ّ‬ ‫ـافة تزيـد علـى ‪ ٦٠٠‬متـر‬ ‫الهيرودياني الذي يمت ّـد لمس‬ ‫ا ٕالطالق هو الطريق‬ ‫ٍ )‪ٔ (٥٠‬‬ ‫ّ‬ ‫ويــربط ســاحة الب ـراق بالمــدخل الجنــوبي لمدينــة داوود ‪ .‬وقــد اعلنــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بعض صحف االحتالل في ‪ ٢٠٠٨/٤/١٣‬ا ّن احجار حائط البراق بـدات‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خصوصــا تلــك الحجــارة الواقعــة فــي اعلــى الســور‪ ،‬اي احجــار‬ ‫بالتفتــت‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مصـ ّـلى الب ـراق‪ ،‬الــذي يقــع فــي اقصــى الطــرف الغربـ ّـي للمســجد االقصــى‪.‬‬ ‫ُوي ّمه ــد ه ــذا ا ٕالع ــالن ف ــي غال ــب الظ ـ ّـن ٕالغ ــالق مس ــجد الب ـ ـراق‪ ،‬ومن ــع‬ ‫ّٔ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ـودي او موق ٍـع‬ ‫ـيس يه‬ ‫ٔالمصلين من الوصول ٕاليه‪ ،‬تمهيدا لتحوي)ل‪٥١‬ـه( ٕالـى كن ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليهودية المفترضة ‪.‬‬ ‫متصل بالمدينة‬ ‫اثري ٍ‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٦‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫الفلســطينيين مــن كــل ديــن ومــن كــل مشــرب‪ ،‬فالجــدار العــازل الــذي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ادانتــه محكمــة الهــاي‪ ،‬لــن يتوقــف اذاه علــى التهــام ‪ %٥٨‬مــن مســاحة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الض ــفة الفلس ــطينية‪ ،‬الن ــه س ــيعزل القس ــم اال كب ــر م ــن س ــكان الض ــفة‬ ‫ٔ‬ ‫والقطــاع ‪ ٣.٨‬مليــون فلســطيني‪ ،‬عــن اهلهــم داخــل مــا يســمى بــالخط‬ ‫ٔ‬ ‫االخضـر ا ٕالسـرائيلي‪ ،‬بـل ٕانــه يمنـع ‪ -‬بقـرار مــن الكنيسـت ‪ -‬التـزاوج بــين‬ ‫الفلسطينيين في المناطق المحتلة عامي ‪ ١٩٤٨‬و‪ .١٩٦٧‬وكان نصـيب‬ ‫الق ــدس ه ــو ٕاقام ــة الج ــدار الع ــازل حوله ــا بع ــد ٕاحاطته ــا بس ــياج م ــن‬ ‫المســتعمرات االســتيطانية بهــدف خلخلــة التــوازن الــديموغرافي لصــالح‬ ‫ا ٕالسرائيليين)‪. (٥٣‬‬ ‫ويســتولي الجــدار فــي هــذه المرحلــة علــى مــا مجموعــه ‪١٠٧‬كــم‪ ٢‬مــن‬ ‫مســاحة الضــفة الغربيــة ويســتولي علــى ‪ ٣١‬بئـ ًرا ارتوازيــة ويعــزل ‪ ١٦‬قريــة‬ ‫ٔ‬ ‫يس ـ ــكنها ح ـ ــوالي ‪ ١٢٠٠٠‬فلس ـ ــطيني اص ـ ــبحوا مع ـ ــزولين ب ـ ــين الج ـ ــدار‬ ‫ٔ‬ ‫الفاصل والخط االخضر )‪ (٥٤‬هذه القرى هي كما يلي‪:‬‬ ‫جدول رقم )‪(٤‬‬ ‫المناطق الفلسطينية التي تم عزلها بين الجدار الفاصل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والخط االخضر في المرحلة االولى لبناء الجدار )‪(٥٥‬‬ ‫ٔ‬ ‫عدد السكان‬ ‫البلدة او القرية‬ ‫م‪.‬‬ ‫‪٣٧٠٠‬‬ ‫‪ -١‬باقة الشرقية‬ ‫‪٣٢٠٠‬‬ ‫‪ -٢‬برطعة الشرقية‬ ‫‪٢٣٠٠‬‬ ‫‪ -٣‬نزلة عيسى‬ ‫ٔ‬ ‫‪٤٠٠‬‬ ‫‪ -٤‬ام الريحان‬ ‫‪٣٠٠‬‬ ‫‪ -٥‬خربة جبارة‬ ‫ٔ‬ ‫‪٣٠٠‬‬ ‫‪ -٦‬راس الطيرة‬ ‫‪٢٠٠‬‬ ‫‪ -٧‬عرب الرماضين الجنوبي‬ ‫‪٥٠‬‬ ‫‪ -٨‬عرب الرماضين الشمالي‬ ‫‪٢٠٠‬‬ ‫‪ -٩‬خربة الضبع‬ ‫‪٢٠٠‬‬ ‫‪ -١٠‬خربة الشيخ سعد‬ ‫‪٢٠٠‬‬ ‫‪ -١١‬خربة ظهر المالح‬ ‫ٔ‬ ‫‪٢٠٠‬‬ ‫‪ -١٢‬نزلة ابو نار‬ ‫ٓ‬ ‫‪١٠٠‬‬ ‫‪ -١٣‬خربة عبدﷲ ال يونس‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٥‬‬ ‫‪ -١٤‬عرب ابو فردة‬ ‫‪١٠٠‬‬ ‫‪ -١٥‬وادي الرشا‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫‪ -١٦‬خربة منطار الغربية‬ ‫‪١١٥٥٠‬‬ ‫ا ٕالجمالي‬ ‫جدول رقم )‪(٥‬‬ ‫تطور وتقدم عملية ا ٕالنشاء في الجدار الفاصل حتى ‪٢٠٠٦/٤/٣٠‬‬

‫ٔ‬ ‫اكملت ٕاقامته‬ ‫ٔ‬ ‫البناء في اوجه‬ ‫لم يتم ٕاقامته‬ ‫ومخطط له‬ ‫المجموع‬

‫‪٢٠٣‬‬

‫‪٣٦‬‬

‫‪٧٠٣‬‬

‫‪١٠٠‬‬

‫ٔ‬ ‫والجدير بالـذكر ان الجـدار لـه نتـائج مـدمرة علـى العـائالت الــمقدسية‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والقطــاع االقتصــادي والتعليمــي واكــد ووجــد الصــليب االحمــر ان جــدار‬ ‫الفصل العنصـري يعـزل القـدس عـن الضـفة الغربيـة ويمنـع الحركـة الحـرة‬ ‫للم ــواطنين المقيم ــين ف ــي المدين ــة وتجمع ــات الض ــفة الغربي ــة‪.‬ووج ــدت‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫استخفافا عامـا بالتزاماتهـا طبقـا للقـانون‬ ‫اللجنة الدولية ان ٕاسرائيل تبدي‬ ‫ا ٕالنســاني الــدولي فــي ممارســتها فــي القــدس الشــرقية‪.‬حيــث يتبــع الجــدار‬ ‫منطقـ ــا جغرافيـ ــا حيـ ــث الكـتـ ــل االسـ ــتيطانية المحيطـ ــة بالمدينـ ــة بينمـ ــا‬ ‫يس ـ ــتثني المن ـ ــاطق الفلس ـ ــطينية ف ـ ــي المدين ـ ــة وذل ـ ــك بوج ـ ــود جي ـ ــوب‬ ‫فلسطينية معزولة)‪.(٥٧‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻛﻠﻤﺔ أﺧﻴﺮة ٔ‬ ‫ٕان قضية القدس اصبحت االن في خط الدفاع االخير‪ ،‬ربـع السـاعة‬ ‫ٔ‬ ‫االخيــرة ‪ ،‬فقــد بقــي بيــد العــرب ‪ % ١٤‬والكـتــل االســتيطانية التهويديــة‬ ‫تحتـ ـ ـ ــل ‪ % ٣٢‬والبـ ـ ـ ــاقي ‪ % ٥٤‬تحـ ـ ـ ــت س ـ ـ ـ ــقف وسـ ـ ـ ــيف االسـ ـ ـ ــتيطان‬ ‫االستعماري الصهيوني‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان عملي ــة ٕانق ــاذ الق ــدس يج ــب ان تتس ــارع اكـث ــر ف ــاكـثر عل ــى ك ــل‬ ‫ٔ‬ ‫االص ــعدة ل ــيس الفلس ــطيني فق ــط ‪ ،‬ب ــل العرب ــي وا ٕالس ــالمي والمس ــيحي‬ ‫ٔ‬ ‫وال ـ ـ ــدولي ‪ .‬فقض ـ ـ ــية الق ـ ـ ــدس تم ـ ـ ـس المالي ـ ـ ــين م ـ ـ ــن ابن ـ ـ ــاء المس ـ ـ ــلمين‬ ‫والمسـ ــيحيين فـ ــي العـ ــالم كلـ ــه ‪ ،‬واالحـ ــتالل ا ٕالس ـ ـرائيلي لـ ــم ي ـ ـراع كـ ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الصــيحات وكــل القـرارات الدوليــة التــي اعلنــت بــان القــدس اراضــي محتلــة‬ ‫يجب الجالء عنها‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وبعـد‪ :‬لقـد نجحــت الصـهيونية فـي االســتيالء علـى االرض حتــى االن‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وفصلت اهلها عنها وشتتتهم في انحاء االرض فيما يمكن وصـفه با ٕالبـادة‬ ‫الجغرافيــة ‪ .‬لكنهــا لــم تــنجح فــي القضــاء علــى الشــعب الفلســطيني الــذي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بقــي حيـ ًـا ومتماسـ ً‬ ‫ـكا وشـ ً‬ ‫ـامخا فلــم يحــدث قــط ان اذعــن الشــعب للغ ـزاة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ،(٥٨‬ولم يندثر كما اندثرت امم قبله في كـوارث اقـل جسـامة‪ .‬ومـا اخـتم‬ ‫به هو خالصة – اتفق معها – تقول ‪:‬‬ ‫" إن اﷲ ﺧـﺺّ اﻟﺠﻤـﺎل ﺑﻌﺸـﺮ ﺣﺼـﺺ ﻓﻨﺎﻟـﺖ اﻟﻘـﺪس‬ ‫ﺗﺴﻌﺎ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬وﺧﺺ اﻟﺤﺰن ﺑﻌﺸـﺮ ﺣﺼـﺺ ﻓﻨﺎﻟـﺖ اﻟﻘـﺪس‬ ‫ﺗﺴﻌﺎ ﻣﻨﻬﺎ" )‪. (٥٩‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫المرحلة‬

‫الطول‬ ‫بالكيلو متر‬ ‫‪٣٦٢‬‬ ‫‪٨٨‬‬

‫النسبة من‬ ‫طول الجدار‬ ‫‪٥١‬‬ ‫‪١٣‬‬

‫جدول رقم )‪(٦‬‬ ‫ٔ‬ ‫المجتمع الفلسطيني المتاثر بالجدار )‪(٥٦‬‬ ‫عدد القرى‬ ‫‪ %‬من‬ ‫عدد‬ ‫المكان‬ ‫سكان الضفة‬ ‫السكان‬ ‫والبلدات‬ ‫جيوب غرب‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪١١٥٥٠٠‬‬ ‫‪٥٣‬‬ ‫ٔ‬ ‫الجدار االساس‬ ‫جيوب شرق‬ ‫‪٦.٤‬‬ ‫‪١٤٧٧٠٠‬‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫)*(‬ ‫ٔ‬ ‫الجدار االساس‬ ‫) (‬ ‫‪٩.١‬‬ ‫‪٢١٠٠٠٠‬‬ ‫شرق القدس‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫القرى والبلدات‬ ‫)***(‬ ‫‪١٧.٥‬‬ ‫المحاذية للجانب‬ ‫‪٤٠٢٤٠٠ ١٠٢‬‬ ‫الشرقي للجدار‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫‪٨٧٥٦٠٠‬‬ ‫‪٢٠٦‬‬ ‫المجموع‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٧‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫اﻟﺤﻮاﺷﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (١‬يبوس ‪ :‬نسبة ٕالى اليبوسيين الـذين يعتبـرون اول مـن بنـى القـدس‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وهــم بطــن مــن بطــون العــرب االوائــل نشــئوا فــي جنــوب شــبه الجزيــرة‬ ‫العربية ثم رحلوا ٕالى الشمال مـع القبائـل الكنعانيـة واسـتوطنوا فـي هـذه‬ ‫المنطق ــة‪ ،‬وك ــان ملكه ــم‪" :‬ملك ــي ص ــادق" ق ــد اخ ــتط المدين ــة وبناه ــا‪،‬‬ ‫راجع ‪ ،‬عارف العارف ‪ :‬تاريخ القدس ‪ ،‬دار المعـارف ‪1951 ،‬م ‪ ،‬ص ‪١١‬‬ ‫– ‪ ،١٢‬ظف ــر ا ٕالس ــالم خ ــان ‪ ،‬ت ــاريخ فلس ــطين الق ــديم ‪ ،‬بي ــروت ‪ ،‬دار‬ ‫النفائس ‪.١٩٧٣ ،‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٢‬للمزيــد فــي هــذه المســالة راجــع ‪ ،‬جمــال حمــدان ‪ :‬اليهــود ‪ ،‬الهيئــة‬ ‫ٔ‬ ‫المصــرية العامــة للكـتــاب ) مكـتبــة االســرة ( ‪ ١٩٩٨ ،‬م ‪ ،‬هنــري ك ــتن ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القدس الشريف ‪ ،‬ترجمة ‪ ،‬نـور الـدين كـتانـة ‪ ،‬مكـتبـة االقصـى ‪ ،‬االردن‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ١٩٨٩ ،‬م ‪ ،‬احمد سوسة ‪ :‬العرب واليهـود فـي التـاريخ ‪ ،‬ط‪ ، ٧‬العربـي‬ ‫ل ٕالعـ ــالن والنشـ ــر ‪ ،‬دمشـ ــق ‪ ١٩٩٣ ،‬م‪ ،‬ظفـ ــر ا ٕالسـ ــالم خـ ــان ‪ ،‬تـ ــاريخ‬ ‫فلسطين القديم ‪ ،‬بيـروت ‪ ،‬دار النفـائس ‪ ،١٩٧٣ ،‬كـارنييف ‪:‬اليهوديـة‬ ‫والصــهيونية فــي نظــر شــعوب العــالم‪ -‬رؤيــة ٕاعالميــة‪ -‬ترجمــة وتقــديم د‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫محمد علي حوات‪ ،‬دار االفاق العربية‪ -‬القاهرة‪ -‬الطبعـة االولـى ‪١٤٢١‬ه‬ ‫– ‪ ٢٠٠١‬م ‪.J.Gray, The Legacy Of Canaan . Leiden,1957. ،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٣‬الفريــد جيــوم ‪ :‬اســتاذ اللغــة العربيــة بجامعــة لنــدن‪ ،‬ولــه شــهرة فــي‬ ‫العــالم ا ٕالســالمي ذائعــة مستفيضــة‪ .‬وقــد كــان هــو المشــرف علــى تحريــر‬ ‫كـتــاب " تـراث ا ٕالســالم " الــذي تــرجم ٕالــى عــدة لغــات والمقولــة مــن كـتابــة‬ ‫كـتابه "ا ٕالسالم "‬ ‫)‪ (٤‬راجــع ‪ ،‬ســفر التكــوين ‪ِ ١٨:١٥‬ل َن ْسـ ِل َك ُٔا ْع ِطــي هـ ِـذ ِه َٔاال ْر َ‬ ‫ض‪ِ ،‬مـ ْـن َن ْهـ ِـر‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ُْ‬ ‫ات‪.‬‬ ‫ِم ْص َر ِٕالى َّالن ْه ِر الك ِب ِير‪ ،‬ن ْه ِر الف َر ِ‬ ‫)‪ (٥‬راج ــع ‪ ،‬العص ــور القديم ــة‪ ،‬ترجم ــة داود قرب ــان‪ ،‬دار ع ــز ال ــدين ‪،‬‬ ‫بيروت ‪ ،‬ص‪.٢٢٢‬‬ ‫)‪ (٦‬سفر التكوين ‪. ١ : ٣٧ :‬‬ ‫)‪ (٧‬سفر التكوين ‪.٣٤ :٢١ :‬‬ ‫)‪ (٨‬سفر التكوين ‪.٤ :٢٣ :‬‬ ‫)‪ (٩‬سفر القضاة ‪.٩ – ٨ :١ :‬‬ ‫‪(١٠)Josephus , The Jewish War , Penguin , 1969 , p. 360 .‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (١١‬محم ــود س ــعيد عمـ ـران ‪ :‬الق ــدس والمس ــجد االقص ــى ف ــي كـتاب ــات‬ ‫ٔ‬ ‫الرحالــة االجانــب ‪ ،‬بحــث خــاص بــالمؤتمر الــدولي الثــامن حــول تــاريخ‬ ‫ٔ‬ ‫بالد الشام – جامعة دمشق بالتعاون مـع الجامعـة االردنيـة ‪/ ٢٦ – ٢٢‬‬ ‫‪. ٢٠٠٩ / ٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (١٢‬راجــع ‪ ،‬جوســتاف لوبــون ‪ :‬اليهــود فــي تــاريخ الحضــارات االولــى ‪،‬‬ ‫ترجمــة عــادل زعيتــر‪ ،‬مكـتبــة عيســى البــابي الحلبــي‪ ،‬القــاهرة‪،١٩٧٠ ،‬‬ ‫ص‪ ، ٢٣‬وكذلك حضارة العرب ‪ ،‬ترجمة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل زعيتر ‪ ،‬الهيئة‬ ‫ٔ‬ ‫المص ــرية العام ــة للكـت ــاب ‪ ،‬مكـتب ــة االس ــرة ‪ ٢٠٠٠‬م ‪ ،‬ص ‪، ٤٨ ، ٤٧‬‬ ‫‪. ٩٠ ، ٤٩‬‬ ‫)‪ (١٣‬والمقالـ ــة منسـ ــوبة للمـ ــؤرخ االس ـ ـكـتلندي الشـ ــهير جـ ــيمس فريـ ــزر‬ ‫‪ James Frazer‬راجع‪ ،‬مصطفى مراد الـدباغ ‪ :‬بالدنـا فلسـطين‪ ،‬القسـم‬ ‫ٔ‬ ‫االول ‪ ،‬بيروت ‪١٩٧٢ ،‬م ‪.‬‬ ‫‪(١٤)Kegan Paul -New yorK,1927, p.5 Arabia Before‬‬ ‫‪Muhammad‬‬ ‫‪(١٥)Kenyon, Archaeology in the Holy Land, P.117,317.‬‬ ‫وظفر ا ٕالسالم خان ‪ ،‬تـاريخ فلسـطين القـديم ‪ ،‬بيـروت ‪ ،‬دار النفـائس ‪،‬‬ ‫‪ ، ١٩٧٣‬ص‪.١٥‬‬

‫)‪ (١٦‬ك ــارنييف ‪ :‬اليهودي ــة والص ــهيونية ف ــي نظ ــر ش ــعوب الع ــالم‪ -‬رؤي ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاعالمي ــة‪ -‬ترجم ــة وتق ــديم د‪ .‬محم ــد عل ــي ح ــوات‪ ،‬دار االف ــاق العربي ــة‪-‬‬ ‫ٔ‬ ‫القاهرة‪ -‬الطبعة االولى ‪١٤٢١‬ه – ‪ ٢٠٠١‬م‪ ،‬ص‪.١٠‬‬ ‫‪(١٧)cired in O. Killy Ingram, Jerusalem, Triangle Friends‬‬ ‫‪of the Middle East , Durham NC . 1978, P.26.‬‬ ‫)‪ (١٨‬ولــد تيــودور هرتــزل ســنة ‪ ١٨٦٠‬فــي مدينــة بودابســت بهنغاريــا‪،‬‬ ‫لكنــه نـ الــى فيينــا عاصــمة النمســا ‪ .١٨٧٨‬وتعلــم تعليمـ ًـا حـ ً‬ ‫ـديثا حيــث‬ ‫ـزح ٕ‬ ‫الرو‬ ‫ر‬ ‫حصل على دكـتو اة في القانون مـاني سـنة ‪ ،١٨٨٤‬وعمـل بالمحامـاة‬ ‫ٔ‬ ‫لمـدة عـام‪ ،‬لكنـه فضـل ان يكـرس حياتـه للصـهيونية‪ .‬وتـم انتخابـه رئيسـ ًـا‬ ‫للمنظمــة الصــهيونية العالميــة ‪ ،‬وكلمــة ثيــودور تعنــي هبــة ﷲ ‪ ،‬انظــر‪:‬‬ ‫ستيوارت‪ ،‬ديزموند‪ :‬تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية‪ ،‬ص‪.٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (١٩‬راج ــع ‪ٕ ،‬اس ـ ـرائيل ذل ــك ال ــدوالر الزائ ــف ‪ ،‬تعري ــب ال ــديراوي اب ــو‬ ‫حجلة‪ ،‬دار الماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪١٩٦٥ ١‬م‪ ،‬ص‪.٤٤٣‬‬ ‫)‪ (٢٠‬راجع ‪ ،‬الموسوعة الفلسطينية‪ ،‬القسم الثاني‪ ،‬المجلـد الخـامس‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،١٩٩٠ ،‬ص ‪. ٦‬‬ ‫)‪ (٢١‬هنري كـتن ‪ :‬القدس الشريف ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. ١٥٩ - ١٣٩‬‬ ‫)‪ (٢٢‬جمـ ــال حمـ ــدان ‪ :‬اليهـ ــود ‪ ،‬الهيئـ ــة المصـ ــرية العامـ ــة للكـتـ ــاب‬ ‫ٔ‬ ‫)مكـتبة االسرة( ‪ ١٩٩٨ ،‬م ‪ ،‬ص ‪.٥٦‬‬ ‫)‪ (٢٣‬هنري كـتن ‪ :‬القدس الشريف ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.١٦٠ – ١٣٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٢٤‬للمزيــد راجــع ‪ ،‬كــارين ارمســترونج ‪ :‬القــدس مدينــة واحــدة ‪ ..‬عقائــد‬ ‫ث ـ ــالث ‪ ،‬ترجم ـ ــة ‪ ،‬فاطم ـ ــة نص ـ ــر ‪ ،‬محم ـ ــد عن ـ ــاني ‪ ،‬س ـ ــطور ‪ ،‬الق ـ ــاهرة‬ ‫‪ ،١٩٩٨‬ص ‪. ١٠٧ - ٧٩‬‬ ‫)‪ (٢٥‬للمزيــد راجــع ‪ ،‬فيليــب ّ‬ ‫حتــي ‪ :‬تــاريخ ســوريا ولبنــان وفلســطين‪،‬‬ ‫ص ‪ ،٨٨‬ش ــريف ‪ :‬م ــدخل لدراس ــة مط ــامع اليه ــود ف ــي فلس ــطين ق ـ ً‬ ‫ـديما‬ ‫ً‬ ‫وحديثا ‪ ،‬ص ‪،٢٧‬‬ ‫‪Busse, Jerusalemer Heiligtumstraditionen. P.69 .‬‬ ‫)‪ (٢٦‬المحاذي للحائط الغربي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٢٧‬القــدس ‪ :‬الوحــدة ا ٕالس ـرائيلية لالســتيالء علــى االراضــي – الشــرق‬ ‫ٔ‬ ‫االوسط ‪.١٩٩٨/٤/١٠‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٢٨‬صــالح الصــوباني ‪ :‬االوضــاع الديموغرافيــة فــي مدينــة القــدس تحــت‬ ‫ٔ‬ ‫االحـتالل ا ٕالسـرائيلي ‪ ،‬مجلـة صـامد االقتصـادي العـدد ‪ ٨٥‬تمـوز ‪ -‬ايلــول‬ ‫‪ ، ١٩٩١‬ص ‪.١٥٦‬‬ ‫الدستور ٔ‬ ‫االردنية ‪.١٩٩٥/٨/٨‬‬ ‫)‪ (٢٩‬خليل التفكجي ‪:‬‬ ‫)‪ (٣٠‬للمزيد راجع ‪ ،‬هنري كـتن ‪ :‬القدس الشريف ‪ ،‬مرجـع سـابق ‪ ،‬ص‬ ‫‪. ١٥٤ - ١٣٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٣١‬خليل التفكجي ‪ :‬االستيطان في مدينة القدس االهـداف والنتـائج‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫خالد عايـد‪ .‬االسـتيطان فـي جبـل ابـو غنـيم ومـا يتجـاوز‪ ،‬مجلـة الدراسـات‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬صيف ‪ ١٩٩٧‬عدد ‪ ٣١‬صفحة ‪.١١٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٣٢‬الق ــدس ‪ :‬الوح ــدة ا ٕالس ـرائيلية لالس ــتيالء عل ــى االراض ــي ‪ ،‬الش ــرق‬ ‫ٔ‬ ‫االوسط ‪ ،‬بتاريخ ‪. ١٩٩٨/٤/١٠‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٣٣‬راجــع ‪ٕ ،‬اب ـراهيم الفنــي ‪ :‬جــدران وانفــاق واســتيطان ‪ٕ ...‬اس ـرائيل‬ ‫ٔ‬ ‫تعزل القدس ‪ ،‬مجلة العربي ‪ ،‬عدد ‪ ، ٥٦٣‬اكـتوبر ‪ ٢٠٠٥ ،‬م ‪.‬‬ ‫)‪ (٣٤‬نفسه ‪.‬‬ ‫ـتور ٔ‬ ‫)‪ (٣٥‬خلي ـ ــل التفكج ـ ــي ‪ :‬ص ـ ــحيفة الدس ـ ـ االردني ـ ــة ‪" ، ١٩٩٥/٨/٨‬‬ ‫السفير " البيروتية ‪.١٩٩٦/١١/١‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٨‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ٔ‬ ‫)‪ (٣٦‬راجع ‪ ،‬محمد احمـد صـالح ‪ :‬السياسـة الصـهيونية لتغييـر التركيبـة‬ ‫ٔ‬ ‫الديموغرافيــة قبــل ان تضــيع ‪ ،‬مجلــة العربــي ‪ ،‬عــدد ‪ ، ٥٠٥‬ديســمبر ‪،‬‬ ‫‪ ٢٠٠٠‬م ‪.‬‬ ‫)‪ (٣٧‬نفسه ‪.‬‬ ‫)‪ (٣٨‬رزق ش ـ ــقير ‪ :‬الق ـ ــدس ‪ ،‬الوض ـ ــع الق ـ ــانوني والتس ـ ــوية الدائم ـ ــة ‪،‬‬ ‫صحيفة القدس المقدسية ‪. ١٩٩٦/١٠/٩ ،‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٣٩‬راجع ‪ ،‬محمد احمـد صـالح ‪ :‬السياسـة الصـهيونية لتغييـر التركيبـة‬ ‫ٔ‬ ‫الديموغرافيــة قبــل ان تضــيع ‪ ،‬مجلــة العربــي ‪ ،‬عــدد ‪ ، ٥٠٥‬ديســمبر ‪،‬‬ ‫‪ ٢٠٠٠‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٤٠‬راج ــع ‪ ،‬جب ــل اب ــوغنيم والواق ــع ال ــديموغرافي ‪ ،‬ص ــحيفة النه ــار‬ ‫البيروتية ‪ ،‬بتاريخ ‪. ١٩٩٧/٣/١١‬‬ ‫)‪ (٤١‬المصدر‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫انظـر فـي ا ٕالنترنـت‪http: // www,arij. org/ paleye / abughnam :‬‬ ‫)‪ (٤٢‬نشرت هذه البدائل مع التصورات ا ٕالسرائيلية علـى صـفحات بعـض‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫الص ـ ــحف العبري ـ ــة مث ـ ــل ‪ :‬ه ـ ــارتس ‪ ،‬وي ـ ــديعوت احرون ـ ــوت ـ ت ـ ــاريخ‬ ‫‪.١٩٩٦/٥/٢٣‬‬ ‫)‪ (٤٣‬راجع ‪ٕ ،‬ابراهيم الفني ‪ :‬مرجع سابق ‪.‬‬ ‫)‪ (٤٤‬نفسه ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫)‪ (٤٥‬راجــع الخبــر ايضــا فــي‪ ،‬صــحيفة القــدس‪ ،‬العــدد ‪ ،١٢١٩‬االثنــين‬ ‫‪٢٠٠٠/١١/١٣‬م ‪ ،‬ص‪. ٦‬‬ ‫)‪ (٤٦‬راجع ‪ ،‬سليمان ٕابراهيم العسكري ‪ :‬مرارات ابتالع القدس ‪ ،‬مجلـة‬ ‫العربي‪ ،‬عدد ‪ ، ٥٨٢‬مايو ‪ ٢٠٠٧ ،‬م ‪ ،‬ص ‪.١٠‬‬ ‫)‪ (٤٧‬محمد الخطيب الكسواني وعمـران الرشـق‪ " ،‬القـدس ‪ ..‬تـاريخ مـن‬ ‫ٔ‬ ‫اال لم النبيل" ‪ -‬مجلة العربي‪ ،‬عدد ‪ ،٥١٨‬يناير ‪.٢٠٠٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٤٨‬للمزيد راجع ‪ ،‬رائف يوسف نجم ‪ :‬الحفريات االثريـة فـي القـدس ‪،‬‬ ‫المركـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز الفلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطيني ل ٕالعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم ‪،‬‬ ‫‪palestine-info.info/arabic/alquds/mukhtarat/alhafriat.htm .‬‬

‫اﻷﺳﺘﺎذ أﻧﻮر ﻣﺤﻤﻮد زﻧﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺳﻄﻮر‪:‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫كاتب وباحث مصري من مواليد القاهرة ‪.١٩٧١‬‬ ‫ٔ‬ ‫حاص ــل عل ــي ج ــائزة االس ــتاذ ال ــدكـتور عب ــد الحمي ــد‬ ‫العبادي من الجمعية التاريخية‪.‬‬ ‫حاص ــل عل ــى ج ــائزة الن ــور ل ٕالب ــداع م ــن مرك ــز الن ــور‬ ‫ل ٕالعالم ‪ ٢٠٠٨‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫تك ــريم م ــن الدول ــة ف ــي عي ــد العل ــم اع ــوام ‪-١٩٩٦‬‬ ‫‪.٢٠٠٥ -٢٠٠٤‬‬ ‫مقـ ــرر سـ ــمينار التـ ــاريخ ا ٕالسـ ــالمي والوسـ ــيط بكليـ ــة‬ ‫التربية – جامعة عين شمس‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫مشرف تنفيـذي لمشـروع تطـوير قـدرات اعضـاء هيئـة‬ ‫التدريس بجامعة عين شمس‪.‬‬ ‫عض ـ ــو الجمعي ـ ــة المص ـ ــرية للدراس ـ ــات التاريخي ـ ــة‪،‬‬ ‫وعضـ ـ ــو رابطـ ـ ــة الكاتـ ـ ــب العربـ ـ ــي‪ ،‬وعضـ ـ ــو اتحـ ـ ــاد‬ ‫المدونين العرب‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ‪:‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ٔ‬ ‫كـت ــاب زي ــارة جدي ــدة لالستش ـراق‪ ،‬مكـتب ــة االنجل ــو‬ ‫المصرية ‪.‬‬ ‫كـت ــاب الطري ــق ٕال ــى ص ــدام الحض ــارات ‪ ،‬مكـتب ــة‬ ‫ٔ‬ ‫االنجلو المصرية ‪.‬‬ ‫كـت ــاب عل ــم الت ــاريخ واتجاه ــات تفس ــيره‪ ،‬مكـتب ــة‬ ‫ٔ‬ ‫االنجلو المصرية‪.‬‬ ‫قاموس المصطلحات التاريخية )انكليـزي – عربـي (‬ ‫ٔ‬ ‫مكـتبة االنجلو المصرية ‪.‬‬ ‫موسوعة من خزانة التراث ا ٕالسالمي‪.‬‬ ‫تحقي ـ ـ ــق مخط ـ ـ ــوط " خري ـ ـ ــدة العجائـ ـ ـ ـب وفري ـ ـ ــدة‬ ‫الغرائ ــب " الب ــن ال ــوردي‪ ،‬مكـتب ــة الثقاف ــة الديني ــة‬ ‫‪ ٢٠٠٧‬م‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تحقيـق مخطـوط تـاريخ االنـدلس ٕالبـراهيم ابـن اميـر‬ ‫المؤمنين ‪ ٢٠٠٧‬م‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫والتقري ــر الت ــوثيقي االس ــتقرائي ال ــذي يرص ــد االعت ــداءات عل ــى المس ــجد‬ ‫ٔ‬ ‫االقصى في الفترة بـين ‪ٕ ٢٠٠٦/٨/٢١‬الـى ‪ٕ ، ٢٠٠٨/٨/٢١‬ادارة ا ٕالعـالم‬ ‫والمعلوم ـ ـ ـ ــات بمؤسس ـ ـ ـ ــة الق ـ ـ ـ ــدس الدولي ـ ـ ـ ــة ‪ ،‬ا ٕالشـ ـ ـ ـ ـراف والمراجع ـ ـ ـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫اال كاديمي ــة‪ ،‬زي ــاد الحس ـ ـن ‪ ،‬هش ــام يعق ــوب ‪ٕ ،‬اع ــداد الم ــادة العلميـ ــة‬ ‫والخرائط ‪ ،‬عبد ﷲ الحسن ‪.‬‬ ‫)‪ (٤٩‬للمزي ـ ــد راج ـ ــع ‪ ،‬التقري ـ ــر الت ـ ــوثيقي ٕالدارة ا ٕالع ـ ــالم والمعلوم ـ ــات‬ ‫بمؤسس ـ ـ ــة الق ـ ـ ــدس الدولي ـ ـ ــة ‪ ،‬ف ـ ـ ــي الفت ـ ـ ــرة ب ـ ـ ــين ‪ٕ ٢٠٠٦/٨/٢١‬ال ـ ـ ــى‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ، ٢٠٠٨/٨/٢١‬ا ٕالشراف والمراجعة اال كاديمية ‪ ،‬زياد الحسن ‪ ،‬هشـام‬ ‫يعقوب ‪ٕ ،‬اعداد المادة العلمية والخرائط ‪ ،‬عبد ﷲ الحسن ‪.‬‬ ‫)‪ (٥٠‬للمزيد راجع ‪ ،‬التقرير التوثيقي ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬ ‫)‪ (٥١‬نفسه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (٥٢‬راجــع ‪ ،‬ســلمان ابــو ســتة‪ :‬اســتعادة جغرافيــة فلســطين المغيبــة‪،‬‬ ‫مجلة العربي‪ ،‬عدد ‪ ، ٥٨٢‬مايو ‪ ٢٠٠٧ ،‬م ‪ ،‬ص ‪. ٣٢‬‬ ‫)‪ (٥٣‬راجع ‪ ،‬سليمان ٕابراهيم العسكري ‪ :‬مرارات ابتالع القـدس‪ ،‬مرجـع‬ ‫سابق ‪ ،‬ص ‪.١٢‬‬ ‫)‪ (٥٤‬المصدر نفسه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٥٥‬شـ ــبكة المنظمـ ــات البيئيـ ــة الفلسـ ــطينية )‪ ،(PENGON‬اوقفـ ــوا‬ ‫ج ــدار الفص ــل العنص ــري ف ــي فلس ــطين‪ ،‬حق ــائق‪ ،‬ش ــهادات‪ ،‬تحلي ــل‪،‬‬ ‫ودعوة للعمل‪ ،‬القدس‪ ،٢٠٠٣ ،‬ص ‪.٣٣ ،٣٢‬‬ ‫)‪ (٥٦‬مركز المعلومات الوطني الفلسطيني‪ ،‬الموقع ا ٕال لكـتروني‪.‬‬

‫)‪ (٥٧‬نق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـال ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن موق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع الق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدس ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت‬ ‫‪http://www.qudsnet.com/arabic/news.php?maa=View&i‬‬ ‫=‪٤٩٣١٥d‬‬ ‫)‪ (٥٨‬هنــري ك ــتن ‪ :‬فلســطين فــي ضــوء الحــق والعــدل‪ ،‬مكـتبــة لبنــان‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،١٩٧٠ ،‬ص ‪. ٣‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٥٩‬راجع ‪ٕ ،‬ابراهيم الفني ‪ :‬جدران وانفاق ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٣٩‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫اﻟﺒﺮﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻨﺒﻮي‬

‫أﺷﺮف ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺠﺎﻫﺪ‬ ‫كاتب وباحث في تاريخ البريد‬ ‫صاحب مدونة حوارات بريدية‬ ‫مملكة البحرين‬ ‫‪ashraf_mojahed63@yahoo.com‬‬

‫اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻲ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻟﻠﻤﻠﻮك واﻷﻣﺮاء اﻟﻌﺮب‬ ‫رﺳﺎﺋﻞ ٔ‬ ‫م ــن اش ــهر ُالب ـ ُـرد ف ــي عه ــد الرس ــول ص ــلى ﷲ علي ــه وس ــلم تلك ــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الرســائل التــي بعــث بهــا ٕالــى االبــاطرة واال كاســرة والملــوك‪ ،‬الــذين كــانوا‬ ‫يعتل ــون ع ــروش الحكـ ــم ف ــي الـ ــدول المحيط ــة بـ ــالجزيرة‪ ،‬داعي ـ ًـا ٕايـ ــاهم‬ ‫للــدخول فــي ديــن ﷲ الحنيــف‪ ،‬كمــا ال يمكــن ٕاغفــال الرســائل والرســل‬ ‫التي بعث بها صلى ﷲ عليه وسلم ٕالى القبائـل فـي الجزيـرة العربيـة حاث ًـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاياهــا علــى اعتنــاق ا ٕالســالم‪ٕ ،‬ا ًذا يمكــن القــول بــان عهــد الرســول االمــين‬ ‫شــهد اســتخدام البريــد الــداخلي والبريــد الخــارجي‪ ،‬فقــد ذكــر فــي صــحيح‬ ‫ٔ‬ ‫البخــاري‪ ،‬ان النبــي صــلي ﷲ عليــه وســلم كـتــب ٕالــى قيصــر يــدعوه ٕالــى‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ا ٕالســالم‪ ،‬وبعــث بكـتــاب ٕاليــه مــع دحيــة بــن خليفــة الكلبــي‪ ،‬وامــره ان‬ ‫يدفعه ٕالى عظيم بصري ليدفعـه ٕالـى هرقـل قيصـر الـروم‪ ،‬وبعـث عبـد ﷲ‬ ‫بــن حذافــة الســهمي ٕالــى كســري ملــك فــارس‪ ،‬وكــذلك نجــد فــي ســيرة ابــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫هشــام انــه بعــث عمــرو بــن اميــة الصــمري ٕالــى نجاشــي الحبشــة‪ ،‬وحاطــب‬ ‫ٔ‬ ‫ب ــن اب ــي بلتع ــة ٕال ــى المق ــوقس مل ــك ا ٕالس ــكندرية‪ ،‬وعم ــرو ب ــن الع ــاص‬ ‫السهمي ٕالـى جيفـر وعيـاذ ابنـي الجلنـدي ملكـي عمـان‪ ،‬وشـجاع بـن وهـب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االســدي ٕالــى الحــارث بــن ابــي شــمر الغســاني ملــك الشــام‪ ،‬والعــالء بــن‬ ‫الحضرمي ٕالى المنذر بـن سـاوي ملـك البحـرين )تخـريج الـدالالت السـمعية‬ ‫ٔلالمام التلسماني‪ ،‬ص ‪.(١٨٤‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ ٔاﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎل‪:‬‬ ‫اشرف محمد مجاهد‪ ،‬التاريخ البريـدي فـي العصـر النبـوي‪-.‬‬ ‫دوري ــة ك ــان التاريخي ــة‪ -.‬الع ــدد الخ ــامس؛ س ــبتمبر‪.٢٠٠٩‬‬ ‫ص ‪(www.historicalkan.co.nr). ٤١ - ٤٠‬‬

‫ٔ‬ ‫فسر االمام الرازي في مختـار الصـحاح معنـي البريـد فقـال "البريـد‬ ‫ٔ‬ ‫الش ـيء المرتــب او الثابــت‪ ،‬يقــال حم ــل فــالن عل ــى البريــد"‪ ،‬وذكــر فــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القــاموس المحــيط بانــه الش ـيء المرتــب او الرســول‪ ،‬واطلــق كــذلك علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ـيال‪ ،‬واضــاف‬ ‫المســافة بــين ســكنتين وهــي اربعــة فراســخ او اثنــي عشــر مـ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العالمة الكـتاني بالتراتيب ا ٕالدارية بان العرب اطلقوه علـى المسـافة التـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بين محطة واخري من محطات البريـد‪ ،‬ثـم اطلـق علـى حامـل الرسـائل‪،‬‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وتوسعوا فيه االن فاطلقوه على اكياس البريد‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وقــد ذكــر المقريــزي فــي الخطــط ان كلمــة بريــد اصــلها فارســي مــن‬ ‫ٔ‬ ‫"بريد ذنب" ٔالن الملك "دارا" هو ٔاول من ابتكر ً‬ ‫نظاما للبريد‪ ،‬واقـام لـه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫دوابا محذوفة االذناب والذيول لتميزهـا عـن غيرهـا مـن الـدواب االخـرى‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ثــم عربــت وحــذف العــرب نصــفها االخيــر واقتصــرت علــى كلمــة "بريــد" ‪..‬‬ ‫ومنها قول امرئ القيس‪:‬‬ ‫على كل مقصوص الذنابي معاود ‪ .. ..‬بريد السري بالليل من خيل بربرا‬ ‫وقـ ــد كـ ــان البري ـ ــد معروفـ ـ ًـا عن ـ ــد العـ ــرب ف ـ ــي الجاهليـ ــة‪ ،‬حي ـ ــث‬ ‫ٓ‬ ‫اســتعملوا الخيــل والبغــال فــي نقــل بريــدهم‪ ،‬فيــورد ادم ميتــز فــي كـتابــه‬ ‫تاريخ الحضارة ا ٕالسالمية في القرن الرابع الهجري مانصه " ٕان الروم كـانوا‬ ‫يســتعملون الخيــل والبغــال فــي حمــل البريــد‪ ،‬وكــذلك كــان الحــال عنــد‬ ‫ملـوك العــرب فــي الجاهليـة" وكــان يســتخدم فــي العـادة لنقــل بريــد الدولــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والتجسس على اعمال الوالة ونقل االخبار للملوك واالمراء‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وعلــى الــرغم مــن ان الخليفــة الراشــد عمــر بــن الخطــاب رضــي ﷲ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عنه اول من انشا الدواوين ومنها ديوان البريـد‪ ،‬واقـام لهـا دو ًرا بمختلـف‬ ‫الواليــات‪ ،‬كــدار البريــد بالكوفــة التــي ورد ذكرهــا بصــحيح ٔاالمــام البخــاري‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بـان ابـا موســي االشـعري اميـر الكوفــة صـلي بتلـك الــدار‪ ،‬وكـان ابـو موســي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امي ـرا عل ــى الكوف ــة ف ــي زم ــن عم ــر وعثم ــان‪ٕ .‬اال ان كـت ــب الس ــنة والس ــيرة‬ ‫ٔ‬ ‫تخبرنــا كــذلك باهتمــام النبــي صــلي ﷲ عليــه وســلم بــامور البريــد واختيــار‬ ‫ٓ‬ ‫مسـؤوليه وكـتابــه ووســائل نقلــه اخـ ًـذا بالصــفات الشخصــية والخلقيــة لهــذه‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫المهمـة‪ ،‬حيــث اختـار عبــد ﷲ بـن ابــي بكـر لهــذه المهمـة واخــرين‪ ،‬ذلــك‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ان مهمة البريد كانت انذاك تعنـي حمـل لرسـالة ا ٕالسـالم للشـعوب ونقـل‬ ‫ٔ‬ ‫االخبار ٕالى مركز الدعوة في المدينة‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٠‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كمــا ذكــر البخــاري والترمــذي‪ ،‬انــه لمــا اراد النبــي صــلي ﷲ عليــه‬ ‫ٔ‬ ‫وسلم ان يكـتب ٕالى الروم‪ ،‬فقيل له‪ٕ :‬انهم لن يقـدروا كـتابـك ٕاذا لـم يكـن‬ ‫مختومـ ًـا‪ ،‬فاتخــذ خاتمـ ًـا مــن فضــه ونقشــه "محمــد رســول ﷲ"‪ ،‬وكــان ال‬ ‫ٔ‬ ‫يســتغني عــن الخــتم بــه علــى رســائله ٕالــى البلــدان واجوبــة العمــال وقــواد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫السـرايا‪ ،‬فكــان بــذلك اول مــن اســتخدم خــتم الكـتــاب مــن قــريش واهــل‬ ‫الحجاز )التراتيب ا ٕالدارية ٔلالمام الكـتاني‪ ،‬ص ‪.(١٧٧‬‬

‫وق ــد عث ــر م ــؤخ ًرا بالمملك ــة العربي ــة الس ــعودية عل ــى ع ــدد م ــن‬ ‫ٔ‬ ‫االحجــار الميليــة المنقــوش عليهــا المســافة بقيــاس البريــد‪ ،‬حيــث تشــير‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫هــذه االحجــار للمســافة البريديــة التــي توضــع علــى راس كــل محطــة بريــد‬ ‫وتقســم المســافة بــين ٔاول ٓواخــر محطــة بـ ٔـاثني عشــر مـ ً‬ ‫ـيال‪ ،‬والتــي اســتفاد‬ ‫منها الحجاج وغيرهم من المسافرين عبر مئات السنين‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كل هـذه الشـواهد تـدل علـى ان البريـد وان كـان لـم يسـتخدم بمـا‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫هو معروف لدينا االن‪ٕ ،‬اال ان الرسـول الكـريم صـلي ﷲ عليـه وسـلم‪ ،‬قـد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عرف ــه واس ــتخدمه ف ــي الفاظ ــه ومراس ــالته ل ــدعوة المل ــوك وام ـراء الجزي ــرة‬ ‫ٔ‬ ‫العربيــة‪ ،‬واســتخدم عمالــه وكـتابــه ووســائل نقلــه‪ ،‬واهــتم بحســن اختيــار‬ ‫ٔ‬ ‫القائمين عليه وتامين حياتهم وتقدير دورهم‪.‬‬

‫اﻟﻤﺮاﺟﻊ‪:‬‬

‫اﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺒﺮﻳﺪ واﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺘﻬﻢ‬

‫ٔ‬ ‫فقد كان من صـفات رسـله صـلي ﷲ عليـه وسـلم ان يكونـوا ممـن‬ ‫تتــوفر فــيهم وفــور العقــل وطالقــة اللســان وقــوة الحجــة والبيــان‪ ،‬ويــدعو‬ ‫لحس ــن اختي ــار رج ــل البري ــد‪ ،‬فق ــد ورد ف ــي ف ــيض الق ــدير ش ــرح الج ــامع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الصـغير ان رسـول ﷲ صـلي ﷲ عليـه وسـلم قــال " ٕاذا ابـردتم ٕالـي بري ًـدا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫فاجعلوه حسن الوجه‪ ،‬حسن االسم" اي ٕاذا ارسلتم ٕال ّـي رسـوال فتخيـروا‬ ‫الحس ــن الش ــكل والخل ــق وك ــذلك االس ــم لك ــي تنج ــذب ٕالي ــه القل ــوب‪،‬‬ ‫ونتفائــل بحســن صــورته واســمه‪ ،‬حيــث كــان صــلي ﷲ عليــه وســلم يشــتد‬ ‫عليه االسم القبيح ويكرهه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وف ــي س ــنن اب ــي داود نج ــد قول ــه ص ــلي ﷲ علي ــه وس ــلم " ٕا ّن ــي ال‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫يس َ‬ ‫بالعهـد وال ٔا ْح ُ‬ ‫ٔا ِخ ُ‬ ‫ـبس ُالب ْـرد" فـالبرد جمـع بريـد وهـو الرسـول‪ ،‬اي انـه‬ ‫ال يحــبس الرســل الــواردين ٕاليــه للدال لــة علــى تقــدير القــائمين علــى تلــك‬ ‫المهنة‪ ،‬وما يتمتعون به من حصانة تمكنهم من تبليغ رسائلهم‪.‬‬ ‫اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت اﻟﺒﺮﻳﺪﻳﺔ‬ ‫ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ‬

‫اﻷﺳﺘﺎذ أﺷﺮف ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺳﻄﻮر‪:‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫كاتب وباحث مصري مقيم بدولة البحرين‪.‬‬ ‫حاصل على بكالوريوس تجارة خارجية )‪.(١٩٨٥‬‬ ‫صاحب مدونة حوارات بريدية‪.‬‬ ‫ل ـ ــه ع ـ ــدد م ـ ــن المق ـ ــاالت ف ـ ــي ت ـ ــاريخ البري ـ ــد منه ـ ــا‪:‬‬ ‫)الطوابــع السياســية – التــاريخ البريــدي – البريــد فــي‬ ‫العص ـ ــر النب ـ ــوي – الحم ـ ــام الزاج ـ ــل رس ـ ــول الح ـ ــرب‬ ‫ٔ‬ ‫والسـ ــالم – تـ ــاريخ البريـ ــد الجـ ــوي المصـ ــري – ادب‬ ‫الرسائل البريدية ‪( -‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫حيث استخدمت المسافة البريدية في االستدالل علـى كـثيـر مـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االحكــام الفقهيــة‪ ،‬ففــي صــحيح ابــن خزيمــة عــن ابــي هريــرة قــال‪ ،‬قــال‬ ‫ٔ‬ ‫رس ــول ﷲ ص ــلي ﷲ علي ــه وس ــلم "ال تس ــافر ام ـ ـراة بري ـ ًـدا ٕاال ومعه ــا ذو‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫محـرم" وقولـه صـلي ﷲ عليـه وسـلم "ال تقصـر الصـالة فـي اقـل مـن اربعــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بــرد" حيــث اســتدل بمســافة البريــد المحــددة باربعــة فراســخ او اثنــي عشــر‬ ‫ٔ‬ ‫مـ ً‬ ‫ـيال علــى النهــي عــن ســفر المـراة دون محــرم‪ ،‬وعلــى مشــروعية القصــر فــي‬ ‫الصالة للمسافر‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وروي اب ــو داود ف ــي س ــننه ح ــديث ع ــدي اب ــن زي ــد ق ــال "حم ــي‬ ‫رســول ﷲ صــلي ﷲ عليــه وســلم كــل ناحيــة مــن المدينــة بريـ ًـدا بريـ ًـدا‪ ،‬ال‬ ‫ٔ‬ ‫يخــبط شــجره وال يعضــد ٕاال مــا يســاق بــه الجمــل" اي حــدد حــرم المدينــة‬ ‫من صيد واعتداء وخالفه‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫لالمام ٔابو بكر الرازي‬ ‫ مختار الصحاح‬ ‫ كـتاب التراتيب ا ٕالدارية للعالمة الكـتاني‬ ‫ كـتاب الخطط للعالمة المقريزي‬ ‫الهجري ٓ‬ ‫الدم ميتز‬ ‫ كـتابة تاريخ الحضارة ا ٕالسالمية في القرن الرابع‬ ‫ فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقالني‬ ‫ٔ‬ ‫ تخريج الدالالت السمعية لالمام التلسماني‬ ‫ٔ‬ ‫ فيض القدير شرح الجامع الصغير لالمام السيوطي‬ ‫ٔ‬ ‫ كـتاب السنن البي داود السجستاني‬ ‫ كـتاب الصحيح للحافظ ابن خزيمة‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤١‬‬


‫ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ – ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﺒﻌﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺴﻮرﻳﺔ‬

‫د‪.‬ﺑﺸﺎر ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻒ‬ ‫ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ‬ ‫دﻣﺸﻖ – اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ‬ ‫‪dr-khlif@scs-net.org‬‬

‫‪Intellectual - Historical Approach to‬‬ ‫‪The human dimension of Syrian civiliza tion‬‬

‫‪ ‬اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ‪:‬‬ ‫ﺑﺷـ ــﺎر ﻤﺤﻣ ـ ــﺪ ﺧﻟﻴ ـ ــﻒ‪ ،‬ﻤﻗﺎرﺑ ـ ــﺔ ﻓﻛﺮﻳ ـ ــﺔ – ﺗﺎرﻳﺨﻴ ـ ــﺔ ﻠﻟﺒﻌ ـ ــﺪ‬ ‫ا ٕﻻﻧﺳ ــﺎﻧﻲ ﻓ ــﻲ اﻠﺤﻀ ــﺎرة اﻠﺳـ ــﻮرﻳﺔ‪ - .‬دورﻳ ــﺔ ﻜ ــﺎن اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴـ ــﺔ‪- .‬‬ ‫اﻠﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪد اﻠﺨـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻤﺲ؛ ﺴـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻣﺒﺮ‪ .٢٠٠٩‬ص ‪.٥١ - ٤٢‬‬ ‫)‪(www.historicalkan.co.nr‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫»ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻘﺪﻳﻢ أرﺳﻴﺖ اﻷﺳﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺪدت إﻟﻰ أﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ اﻟﻤﺴﻴﺮة اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ«‪.‬‬ ‫ﻛﻠﻮﺗﺸﻜﻮف ـــ ﺑﻮﻧﻐﺎرد ـــ ﻟﻴﻔﻴﻦ«‬

‫اﻠﺒﻴﺌﺔ اﻠﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻠﻣﺟﺎل اﻠﺤﻴﻮي اﻠﻄﺒﻴﻌﻲ ٕاﻠﻰ ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اﻠﻣﻨﺟﺰات‬ ‫واﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت اﻻٕﻧﺳﺎﻧﻴﺔ اﻠﻛﺒﺮى‪.‬‬ ‫وﻳﺘﻀﺢ اﻠﺘﻔﺎﻋﻞ ﻋﺒﺮ اﻠﺘﻣﺎزج اﻠﺒﺷﺮي واﻠﻐﻨﻰ اﻠﻣﺨﺘﻟﻒ واﻠﻣﺘﻨﻮع‬ ‫واﻠﺬي ﻳﺆدي ﺑﺎﻃﺮاد اﻠﻰ ﺗﺒﻟﻮر ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻤﺟﺘﻣﻌﻴﺔ ﻤﺘﻗﺎرﺑﺔ ّ‬ ‫ﺗﺷﻛﻞ ﺸﺨﺼﻴﺔ‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻣﺎﻋﺔ او اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ اﻠﻣﻨﻔﺘﺢ ﻋﻟﻰ اﻠﺘﺟﺎرب واﻠﺨﺒﺮات ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ اﻻﺧﺮى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وﻳﺘﻀﺢ ﻫﺬا ﻓﻲ اﻠﺒﻨﻴﺔ اﻠﺪﻳﻣﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻋﺒﺮ اﻠﺘﺎرﻳﺦ وﺻﻮﻻ ٕاﻠﻰ‬ ‫اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬وﻠﻌﻞ ﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻤﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻠﻗﺮن اﻠﺘﺎﺴﻊ ﻋﺷﺮ وﺑﺪاﻳﺔ‬ ‫اﻠﻗﺮن اﻠﻌﺷﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺸﺎﻫﺪ ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ‪ ،‬ﻓﻗﺪ ﻫﺎﺠﺮ ﻤﺳﻟﻣﻮ اﻠﺒﻟﻗﺎن وﻜﺮﻳﺖ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫دﻤﺷﻖ ﺑﻌﺪ ﺴﻗﻮط ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴﺔ واﻘﺎﻤﻮا ﻋﻟﻰ ﺴﻔﺢ ﺠﺒﻞ ﻘﺎﺴﻴﻮن‬ ‫ٓ‬ ‫وﺴﻣﻲ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺣﻴﻬﻢ ﺑﺤﻲ اﻠﻣﻬﺎﺠﺮﻳﻦ‪ ،‬واﻻن ﺑﻌﺪ ﻤﻀﻲ ﺣﻮاﻠﻲ اﻠﻗﺮن اﻧﺼﻬﺮ ﻫﺆﻻء‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻨﺳﻴﺞ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ اﻠﻮاﺣﺪ وﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻤﻦ ذﻜﺮاﻫﻢ ﺴﻮى اﺴﻢ اﻠﺤﻲ‪.‬‬ ‫ﻫﺬا ﻤﺜﺎل ﺣﺪﻳﺚ ﻠﻣﺎ ﻜﺎن ﻳﺤﺪث ﻋﺒﺮ ﻤﺳﺎر اﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻮاء ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻠﻌﻣﻮرﻳﻴﻦ ﻤﻊ اﻠﺳﻮﻤﺮﻳﻴﻦ ا و اﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﻻﺸﻮري ـ ـ اﻻراﻤﻲ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻓﻲ اﻠﺘﻔﺎﻋﻼت اﻠﻌﻣﻮر ﻳﺔ ـ ـ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ـ ـ اﻻراﻤﻴﺔ ـ ـ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺪﻤﺮ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺴﺒﻴﻞ اﻠﻣﺜﺎل‪ .‬وﻠﻌﻞ ﻫﺬا اﻻﻤﺮ اوﺣﻰ ﻠﻟﻣﺳﺘﺷﺮﻘﻴﻦ ﺑﻮﺠﻮد ﺻﺮاﻋﺎت‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﺛﻨﻴﺔ او ﻋﺮﻘﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺴﻛﺎن اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ‪ ،‬ﻠﻛﻦ اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﺮوﺴﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻮﻧﻐﺎرد ـ ـ ﻠﻴﻔﻴﻦ اوﺿﺢ ﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﻘﻮﻠﻪ ﺣﻴﺚ ورد ﻓﻲ ﻜـﺘﺎب »اﻠﺟﺪﻳﺪ ﺣﻮل‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ«‪ :‬ان اﻠﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻠﻢ ﻳﻌﺮف اﻠﻣﻮﻘﻒ اﻠﻌﺪاﺋﻲ ﻤﻦ ﻋﺎدات‬ ‫وﺗﻗﺎﻠﻴﺪ وﺛﻗﺎﻓﺎت اﻠﺷﻌﻮب اﻠﻣﺟﺎورة واﻠﺒﻌﻴﺪة‪ ،‬وﻠﻢ ﻳﻌﺮف ﻜﺬﻠﻚ‬ ‫اﻠﺨﻼﻓﺎت واﻠﺼﺮاﻋﺎت اﻠﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻟﻰ ٔاﺴﺎس ٔاﺛﻨﻲ ٔاو اﻠﺤﻗﺪ اﻠﻌﺮﻘﻲ واﻠﺷﻌﻮ ر‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﺘﻔﻮق ﻋﻟﻰ اﻠﺷﻌﻮب اﻻﺧﺮى)‪.(٣‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫وﻃﺒﻌﺎ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺬﻜﺮ ذﻠﻚ ﻻﻧﻨﺎ ﻧﺮى اﻧﻪ ﻜﻲ ﻳﻛﻮن ﻠﻣﺟﺘﻣﻊ ﻤﺎ ﺑﻌﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻼﺑﺪ ﻠﻪ ان ﻳﻣﺘﻟﻚ ﻓﻲ ﺸﺨﺼﻴﺘﻪ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻠﻌﺪاﻠﺔ واﻠﺘﺳﺎﻤﺢ‬ ‫واﻻﻧﻔﺘﺎح وﻘﻴﻢ اﻠﺨﻴﺮ واﻠﺤﻖ واﻠﺘﻲ ﻫﻲ ﻘﻴﻢ ٕاﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻠﻣﻄﻟﻖ وﻤﺟﺘﻣﻌﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ٓان‪ً .‬‬ ‫ﺑﻨﺎء ﻋﻟﻰ ﻜﻞ ﻫﺬا ﻓﻼﺑﺪ ان ﻧﺆﻜﺪ ﻋﻟﻰ ﻓﻟﺳﻔﺔ اﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ‬ ‫واﻠﺘﻲ ﻫﻲ اﻠﻀﺎﻤﻦ ﻠﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ اﻠﻣﻨﻔﺘﺢ ﻠﻟﺤﻴﺎة واﻠﻛﻮن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﺎﻣ ﺴﻬﺎ‪ :‬ﻠﻦ ﻧﻗﻒ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻨﺎ ا ﻤﺎم ا ٕﻻﺑﺪاﻋﺎت واﻠﻣﻨﺟﺰات اﻠﺤﻀﺎرﻳﺔ‬ ‫ﺑﻌﺪا ا ً‬ ‫ً‬ ‫ﻧﺳﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻤﺎ‪ ،‬وﻠﻢ ﺗﺳﺘﻣﺮ ٕاﻠﻰ اﻠﻌﺼﻮ ر‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺸﻛﻟﺖ ٕ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ‪ .‬ﺑﻣﻌﻨﻰ اﺧﺮ ا ن اﺧﺘﺮاع اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻫﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﺧﺘﺮاع ّ‬ ‫ﺣﻲ ﺣﺘﻰ اﻻن وﻜﺬﻠﻚ اﺑﺘﻛﺎر اﻻﺑﺟﺪﻳﺔ اﻠﺳﻮرﻳﺔ‪ .‬وﻤﺎ اﻠﻮﺻﻮل ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﻣﻌﻟﻮﻤﺎﺗﻴﺔ وﻋﺼﺮ اﻻﺗﺼﺎﻻت ٕاﻻ ٕاﻋﺎدة ﻻﺧﺘﺮاع اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ واﺑﺘﻛﺎر اﻻﺑﺟﺪﻳﺔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺑﺰﻤﻦ اﺧﺮ ووﺴﻴﻟﺔ اﺧﺮى اﻜـﺜﺮ ﺗﻄﻮرًا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ا ّن اﻧﺘﺷﺎر ﻋﺒﺎدة ٕاﻠﻪ اﻠﺷﻣﺲ اﻠﺤﻣﺼﻲ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ‬ ‫ﺑﻌﺪا ا ً‬ ‫اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﻓﻲ ٔاﺻﻗﺎع اﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ﻳﻌﺘﺒﺮ ً‬ ‫ﻧﺳﺎﻧﻴﺎ اﺑﻦ‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ﻋﺼﺮﻩ‪ ،‬وﻠﻢ ﻳﺆد ٕاﻠﻰ اﺴﺘﻣﺮارﻳﺔ اﺴﺘﻔﺎدت ﻤﻨﻬﺎ اﻠﺤﻀﺎرة ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﻣﻛﻦ اﻠﻨﻈﺮ اﻳﻀﺎ‪ٕ ،‬اﻠﻰ اﻠﻔﻟﺳﻔﺔ اﻠﺮواﻘﻴﺔ ﺑﺒﻌﺪﻫﺎ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺼﺤﻴﺢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﻬﺎ ﻜﺎﻧﺖ اﺑﻨﺔ ﻋﺼﺮﻫﺎ و ﻠﻛﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻻﻋﻣﻖ ﺸﻛﻟﺖ اﻻرﺿﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻔﻟﺳﻔﻴﺔ واﻠﻔﻛﺮﻳﺔ ﻠﻟﻣﺳﻴﺤﻴﺔ وﻫﺬا ﻤﺎ ﺠﻌﻟﻬﺎ ذات ﺑﻌﺪ ٕاﻧﺳﺎﻧﻲ ا رﺣﺐ ‪.‬‬ ‫ﺳﺎدﺳﻬﺎ ‪ :‬ﻠﻌﻞ ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻜﻣﺎ ﻳﺪرﺴﻪ اﻠﻣﺳﺘﺷﺮﻘﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻔﻬﻢ ﻤﻨﻪ اﻧﻪ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻘﺒﺎﺋﻞ وﻤﺪن ﻤﺨﺘﻟﻔﺔ وﻤﺘﻨﺎﺣﺮة وﻤﻔﻛﻛﺔ‪ ..‬ﻏﻴﺮ ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻘﻊ اﻻﻤﺮ ﻫﻮ ا ن ﺛﻣﺔ ﻜـﺘﻟﺘﺎن اﺴﺎﺴﻴﺘﺎن ﺸﻛﻟﺘﺎ ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻫﻣﺎ‪ :‬اﻠﺳﻮﻤﺮﻳﻮن واﻠﻌﻣﻮرﻳﻮن ـ ـ اﻻ ﻜﺎدﻳﻮن ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻗﺎرﺑﺘﻨﺎ ﻠﻟﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﻀﺎرة اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‬ ‫اﻠﻗﺪﻳﻢ ٔان ﻧﺆﺴﺲ ﻠﻌﺪة رﻜﺎﺋﺰ ﺴﻮف ّ‬ ‫ﺗﺷﻛﻞ اﻠﻌﻣﻮد اﻠﻔﻗﺮي ﻠﺒﺤﺜﻨﺎ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫أوﻟﻬﺎ‪ :‬ان ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻗﺎرﺑﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺑﺤﺎل ﻤﻦ اﻻﺣﻮال ان‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﺎت ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ اﻻﺧﺮى ﻠﻢ ﺗﻛﻦ ذات ﺑﻌﺪ ٕاﻧﺳﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻠﻛﻦ ﻓﻲ‬ ‫ﺗﻗﺪﻳﺮﻧﺎ ٔا ّن ﻫﺬا اﻠﺒﻌﺪ ﻳﺘﺳﻊ ﻜﻣﺎ ﻳﻨﻐﻟﻖ ً‬ ‫ﺗﺒﻌﺎ ﻠﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻠﺬاﺗﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺷﺨﺼﻴﺔ ﻠﻣﻄﻟﻖ ﻤﺟﺘﻣﻊ‪ ،‬واﻠﺬي ﻳﺒﺪو ان اﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﻴﺔ‬ ‫ﺗﻟﻌﺐ دورًا ٔا ً‬ ‫ﺴﺎﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﺟﺎل ﺑﺎ ٕﻻﺿﺎﻓﺔ ٕاﻠﻰ اﻠﻈﺮوف اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ‬ ‫واﻠﺒﻴﺌﻴﺔ واﻠﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ‪.‬وﻤﺎ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﺟﺎل ﻤﻦ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﻮ رﺻﺪ ﻤﺟﻣﻞ‬ ‫اﻠﻣﻨﺟﺰات اﻠﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ واﻠﺘﻲ ﺴﺎﻫﻣﺖ ﻓﻲ اﻠﺘﻄﻮر اﻠﻼﺣﻖ‬ ‫ﻠﻟﻣﺟﺘﻣﻌﺎت اﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻤﺎ ّ‬ ‫ﺸﻛﻞ ﻧﻗﺎط اﻧﻌﻄﺎف ﺣﺎﺴﻣﺔ ﻓﻲ ﻤﺟﺮى اﻠﻮﺠﻮد‬ ‫ٕ‬ ‫ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ وﺑﺎﻠﺘﺎﻠﻲ ﺗﻄﻮرﻩ وﻤﺎ اﻧﻌﻛﺲ ﻋﻟﻰ ﺗﻄﻮر اﻠﺤﻴﺎة اﻻٕﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ٕاﻠﻰ ﻳﻮﻤﻨﺎ ﻫﺬا‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ‪ :‬ﺗﺨﺘﻟﻒ وﺴﻴﻟﺔ ﻧﻗﻞ اﻠﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎري ﺑﻴﻦ اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﺎت‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ًٔ ٔ ٔ‬ ‫ﻓﺒﻴﻦ ﻤﺜﻼ ان ﻳﺎﺗﻲ اﻓﻟﻮﻃﻴﻦ ٕا ﻠﻰ ﻤﺼﺮ واﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ وﻳﺳﺘﻔﻴﺪ ﻤﻦ اﻓﻛﺎر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻴﻨﻮس اﻻﻓﺎﻤﻲ وﻤﻦ ﺛﻢ ﻳﺆﺴﺲ ﻤﺬﻫﺒﻪ ﻓﻲ اﻻﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ ﻜﻣﻨﺟﺰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻛﺮي ﻓﻲ زﻤﻦ ﻤﺎ‪ ،‬وﺑﻴﻦ ان ﻳﺘﻢ اﺧﺘﺮاع اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ ﻤﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺮاﺑﻊ ﻘﺒﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻴﻼد ﻓﻲ اﻠﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﺛﻢ ﻳﺒﻟﻮرﻫﺎ اﻠﻣﺷﺮق ا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻻﺑﺟﺪﻳﺔ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﻗﻟﻬﺎ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻮن ﺑﺎﻧﻔﺳﻬﻢ ٕاﻠﻰ ﻋﺎﻠﻢ اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ ﻠﺘﺼﺒﺢ ﻜـﺘﺎﺑﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻧﺬاك ﺑﻌﺪ ﺗﻛﻴﻴﻒ ﻜﻞ ﻤﺟﺘﻣﻊ ﻠﻬﺎ ﺑﺤﺳﺐ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ اﻠﺬاﺗﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺬﻫﻨﻴﺔ ﻤﻨﻬﺎ واﻻ ﻠﺳﻨﻴﺔ وﻤﺎ ٕاﻠﻰ ﻫﻨﺎﻠﻚ‪ .‬ﻓﺒﻴﻦ ﻫﺬا وذاك ﺗﺘﺳﻊ اﻠﺮؤﻳﺔ‬ ‫ﻠﺘﻛﺷﻒ ﻋﻦ ﺣﺲ ٕاﻧﺳﺎﻧﻲ ﻋﺎل ﺗﺒﺪى ﻠﺪى ﻤﺟﺘﻣﻊ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ‬ ‫ﺑﻛﺎﻓﺔ ﺗﻨﻮﻋﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻓﻟﻢ ﻳﻛﻦ ﻳﺘﻢ اﻻ ﻜـﺘﻔﺎء ﺑﺎﺑﺘﻛﺎر اﻠﻣﻨﺟﺰ‪ ،‬ﻻ ﺑﻞ واﻠﺳﻌﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻨﻗﻟﻪ ﻠﻟﻣﺟﺘﻣﻌﺎت اﻻﺧﺮى وﻳﺷﻣﻞ ﻫﺬا ﻤﺟﻣﻞ اﻠﻣﻨﺟﺰات اﻠﺤﻀﺎرﻳﺔ ٕان ﻠﻢ‬ ‫ﻳﻛﻦ ﻜﻟﻬﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ي‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ‪ :‬ﻳﺘﺎﺛﺮ اﻠﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎر ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑﺎﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﺎ ً‬ ‫ّ‬ ‫ﺴﻴﺳﺎ ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ ﻓﺎﻠﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎري اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﻜﺎن ﻳﻣﺘﻟﻚ‬ ‫ﺣﺪ ﻜﺒﻴﺮ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺟﺎﻠﻪ اﻠﺤﻴﻮي اﻠﻣﻣﺘﺪ ﻤﻦ ٕاﻳﺮان واﻻﻧﺎﺿﻮل وﺣﺘﻰ ﻋﺎﻠﻢ اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺸﻣﺎل اﻓﺮﻳﻗﻴﺎ واﻠﺟﺰﻳﺮة اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ‪ .‬وﻋﺒﺮ اﻧﺘﻗﺎل ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ٕاﻠﻰ‬ ‫اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﺎت ٔاﻻﺧﺮى‪ ،‬ﻧﺼﺒﺢ ٔاﻤﺎم اﻜـﺘﻣﺎل ﻓﻲ ﺸﺮﻃﻪ اﻠﺤﻀﺎري‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻮﺠﻮدي‪ ،‬وﻠﻌﻞ ﻫﺬا ٔاﻻﻤﺮ ّ‬ ‫ﻳﺷﻛﻞ ﺧﺼﻴﺼﺔ ا ﺴﺎﺴﻴﺔ ﻤﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ‬ ‫اﻠﺤﻀﺎرة اﻠﺳﻮرﻳﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫راﺑﻌﻬﺎ ‪ :‬ﺛﻣﺔ اﺧﺘﻼف ﺑﻴﻦ اﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﺴﺒﺎب ان ﻳﻛﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺟﺘﻣﻊ ﻤﺎ ذا ﺧﺼﺎﺋﺺ ٕاﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ورﺴﻮﻠﻴﺔ ٕواﺑﺪاﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ان ﺑﻌﺾ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﺎت ﺗﻛـﺘﻔﻲ ﺑﻨﻔﺳﻬﺎ وﻠﻨﻔﺳﻬﺎ‪ .‬وﻘﺪ اﻋﺎد اﺑﻦ ﺧﻟﺪون ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺳﺎﻠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠﻰ ﻋﺎﻤﻞ »اﻠﻬﻮاء«‪ ،‬اي اﻠﻣﻨﺎخ واﻠﺒﻴﺌﺔ اﻠﻄﺒﻴﻌﻴﺔ‪ ،‬وﻳﺒﺪو اﻧﻪ اﻧﺰﻠﻖ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻃﺮﺣﻪ اﻠﻰ ﺑﻮادر ﻋﺮﻘﻴﺔ ﻤﻦ ان ﺛﻣﺔ ا ً‬ ‫ﺠﻨﺎﺴﺎ ﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﺑﺎﻠﺘﺤﻀﺮ واﻠﺘﻗﺪم‪،‬‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻋﻨﻰ ﺑﺬﻠﻚ ﺴﻛﺎن اﻻﻘﺎﻠﻴﻢ اﻠﻣﻌﺘﺪﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ان ﻫﻨﺎك اﺠﻨﺎﺴﺎ ﻻ ﺗﻗﺪم‬ ‫ً ٓ‬ ‫ً‬ ‫وﺑﻣﻌﻨﻰ اﺧﺮ ﻓﻬﻮ رﺑﻂ ﺑﻴﻦ اﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻠﺨﻟﻗﻴﺔ )ﺑﻔﺘﺢ اﻠﺨﺎء( وﺑﻴﻦ‬ ‫ﺸﻴﺌﺎ‪،‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫اﻠﺨﺼﺎﺋﺺ اﻠﺨﻟﻗﻴﺔ )ﺑﻀﻢ اﻠﺨﺎء(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻ ﻧﻌﺘﻗﺪ ان ﻫﺬا اﻠﻄﺮح ﺗﺆﻳﺪﻩ ﻤﻌﻄﻴﺎت اﻻﻧﺎﺴﺔ واﻻ ﺛﻨﻮﻠﻮﺠﻴﺎ ‪.‬‬ ‫وﺑﺎﻋﺘﻗﺎدﻧﺎ ٔاﻧﻪ و ٕان ﻜﺎن ﻠﻟﺒﻴﺌﺔ اﻠﻄﺒﻴﻌﻴﺔ دورﻫﺎ ﺑﻣﺎ ّ‬ ‫ﺗﻗﺪﻤﻪ ﻤﻦ ٕاﻤﻛﺎﻧﺎت‪،‬‬ ‫ﻏﻴﺮ ٔان ﻠﻟﺒﻴﺌﺔ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ اﻠﻣﺘﻔﺎﻋﻟﺔ ّ‬ ‫ﺑﺤﺪ ذاﺗﻬﺎ واﻠﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﻋﻟﻰ اﻠﺒﻴﺌﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ اﻻﺧﺮى‪ ،‬اﻠﺪور اﻻ ﺴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ذﻠﻚ وﺴﻮف ﻳﺆدي ﺗﻔﺎﻋﻟﻬﺎ ﻤﻊ‬

‫)‪(١‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٣‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﻮن‪ :‬ﻃﺎﻠﻣﺎ وﺠﺪوا ﻋﻟﻰ ارض اﻠﻣﺷﺮق وﺗﻔﺎﻋﻟﻮا ﻤﻌﻬﺎ وﻤﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﻴﺌﺔ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ا ﺻﺒﺤﻮا ﻤﺷﺮﻘﻴﻴﻦ ﺑﻐﺾ اﻠﻨﻈﺮ ﻋﻣﺎ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﺑﻌﺾ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻤﻦ اﻠﻨﺎﺣﻴﺔ اﻠﻟﻐﻮﻳﺔ او اﻻﺛﻨﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻟﻌﻤﻮرﻳﻮن‪ :‬ﻤﻨﺬ ﻤﻨﺘﺼﻒ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺜﺎﻠﺚ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد ﺑﺪاوا ﺑﺎﻠﺘﻨﻗﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﺠﺰاء اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ﺣﻴﺚ اﻧﻄﻟﻗﻮا ﻤﻦ ﻤﻨﻄﻗﺔ ﺠﺒﻞ ﺑﺷﺮي ﻓﻲ‬ ‫ﺑﺎدﻳﺔ اﻠﺷﺎم ﺑﺎﺗﺟﺎﻩ اﻠﺟﻨﺎح اﻠﺷﺮﻘﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ ٔواﺴﺳﻮا ً‬ ‫ﻤﺪﻧﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻣﺎﻠﻚ وﻜﺎن اﻫﻢ ﺣﻛﺎﻤﻬﻢ ﺻﺎرﻏﻮن اﻻﻤﻮري »اﻻ ﻜﺎدي« ‪ ٢٣٥٠‬ق‪ .‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺬي ﺴﻌﻰ ﻻﺣﺘﻮاء اﻠﻮﻋﻲ اﻠﻣﺪﻳﻨﻲ ٕاﻠﻰ وﻋﻲ ا ّﻋﻢ ﻋﺒﺮ ﺗﺎﺴﻴﺳﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ وﺻﻟﺖ ﺣﺘﻰ اﻠﺒﺤﺮ اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ وﻜﺬﻠﻚ ﺣﻣﻮراﺑﻲ وﺸﻣﺷﻲ ا دد‬ ‫وﻧﺎرام ﺴﻴﻦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻊ ﻤﻄﻟﻊ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺜﺎﻧﻲ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد ﺻﺎر ٕﺑﺎﻤﻛﺎﻧﻨﺎ اﻠﻨﻈﺮ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻜﻮﺣﺪة اﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ﻤﺘﺟﺎﻧﺳﺔ ا ﺴﺎﺴﻬﺎ اﻠﻌﻣﻮرﻳﻴﻦ وﻤﻦ‬ ‫ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻤﻊ ﻓﺎﻋﻟﻴﺘﻬﻢ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ـ ـ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ‪.‬‬ ‫وﻳﺒﺪو ﻤﻦ دراﺴﺔ ﺣﺮﻜﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ وﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻴﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﻮرﻩ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ان اﻠﺟﻨﺎح اﻠﻐﺮﺑﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق »ﺑﻼد اﻠﺷﺎم «‬ ‫ﻜﺎن ً‬ ‫دوﻤﺎ ﻳﻄﻣﺢ ﺑﺤﻴﻮﻳﺘﻪ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ واﻻﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻠﺘﺟﺎرﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﻳﻀﻢ اﻠﺟﻨﺎح اﻠﺷﺮﻘﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق»اﻠﺮاﻓﺪﻳﻦ« ٕاﻠﻰ ﺣﺮﻜـﺘﻪ ٕواﻳﺼﺎﻠﻪ ﻧﺤﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ وﻫﺬا ﻤﺎ ﻓﻌﻟﻪ ﺻﺎرﻏﻮن اﻻ ﻜﺎدي وﺣﻣﻮراﺑﻲ وﻤﺤﺎوﻻت ﺸﻣﺷﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫ادد‪ ،‬وﻻ ﺗﺷﺬ زﻧﻮﺑﻴﺎ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻﻤﺮ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺎﻠﺘﺪﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﺣﺮﻜﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺦ ﻧﻼﺣﻆ ان اﻠﺟﻨﺎح اﻠﻐﺮﺑﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق‬ ‫اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻜﺎن اﻠﺮاﻓﻌﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻠﻟﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻻ ﺴﻴﻣﺎ ﻋﺒﺮ اﻠﻔﺎﻋﻟﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ وﻻ ﺴﻴﻣﺎ اﻠﺒﺤﺮﻳﺔ ﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻋﺮف ﻋﻦ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﻴﻦ اﻧﻬﻢ ﺗﺟﺎر‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻤﺳﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻤﻦ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ اﻠﻣﺘﺟﺳﺪ ﻓﻲ اﻠﺒﺤﺮ‬ ‫اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ‪.‬‬ ‫رً ٔ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺳﺎﺑﻌﻬﺎ‪ :‬ﻠﻌﺒﺖ اﻠﺘﺟﺎرة ﻋﺒﺮ اﻠﺘﺎرﻳﺦ دو ا ا ﺴﺎﺴﻴﺎ وﻤﻬﻣﺎ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ اﻠﺷﻌﻮب واﻻ ﻤﻢ‪ ،‬ﻓ ٕﺎﻠﻰ ﺠﺎﻧﺐ اﻠﺘﺒﺎدل اﻠﺘﺟﺎري ﻜﺎن ﻳﺘﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻌﺮف واﻠﺘﺎﺛﺮ واﻠﺘﺎﺛﻴﺮ ﺑﻴﻦ اﻠﺜﻗﺎﻓﺎت ﻓﻲ اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﻗﺪﻳﻢ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻳﺒﺪو ان اﻏﻟﺐ ﻤﺪن اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻟﻰ ﺧﻄﻮط‬ ‫اﻠﺘﺟﺎرة اﻠﻌﺎﻠﻣﻴﺔ ﻤﺳﺘﻔﻴﺪة ﻤﻦ ﻤﻮﻘﻌﻬﺎ اﻻﺴﺘﺮاﺗﻴﺟﻲ ﺑﻴﻦ ﺸﺮق اﻠﻌﺎﻠﻢ‬ ‫اﻠﻗﺪﻳﻢ وﻏﺮﺑﻪ وﺑﻴﻦ ﺸﻣﺎﻠﻪ وﺠﻨﻮﺑﻪ‪ .‬ﻠﺬا ﻓﺎن اﻠﺘﺟﺎرة ﻠﻌﺒﺖ دورًا ٔا ً‬ ‫ﺴﺎﺴﻴﺎ ﻓﻲ‬ ‫ٕ‬ ‫ﺗﺤﻗﻴﻖ اﻻﻧﺘﺷﺎر اﻻٕﻧﺳﺎﻧﻲ ﻠﻟﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎري‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫واﻠﺟﺪﻳﺮ ذﻜﺮﻩ ﻫﻨﺎ ﻤﺜﻼ ان اﻠﻣﺳﺒﺤﺔ اﻠﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ ﻓﻲ اﻳﺪي‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻴﻦ واﻠﻌﺮب واﻠﻣﺳﻟﻣﻴﻦ اﺗﺖ ﻋﺒﺮ اﻠﺘﺟﺎرة ٕاﻠﻰ ﺑﻼد اﻠﺷﺎم ﻤﻦ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺘﺟﺎر اﻠﺒﻮذﻳﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ٥٠٠‬ق‪ .‬م واﻻن ﻳﺳﺘﺨﺪﻤﻬﺎ اﻠﻣﺳﻟﻣﻮن‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫واﻠﻣﺳﻴﺤﻴﻮن ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق »د‪ .‬ﺣﺳﻨﻲ ﺣﺪاد ‪ (٤)«١٩٩٠‬ﻻ ﺑﻞ وﺗﺎﺗﻲ اﻻ ن‬ ‫ﻋﺒﺮ ﻤﻮﺴﻢ اﻠﺤﺞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻠﺤﺟﺎج اﻠﻣﺳﻟﻣﻴﻦ‪.‬‬ ‫اﻟﺒﻌﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ‬ ‫‪ ٤٠٠٠٠‬ـــ ‪ ٣٥٠٠‬ق ‪ .‬م ‪:‬‬ ‫ﻓﻲ ﺗﻗﻮﻳﻣﻪ ﻠﺤﻀﺎرة اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻳﻗﻮل ﻫﻨﺮي‬ ‫ﻓﺮاﻧﻛـﻔﻮرت‪:‬‬ ‫»ﻧﺤﻦ ﻧﺘﻌﺮف ٕاﻠﻰ اﻠﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻠﺷﺮق اﻠﻣﺘﻮﺴﻄﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻓﻲ‬ ‫اﻠﺼﻔﺔ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺗﻛﻮن ذاﺗﻴﺘﻬﺎ وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻠﻣﻣﻴﺰ«)‪.. (٥‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫ٕان اﻻدﻠﺔ اﻻﺛﺮﻳﺔ ا ﺛﺒﺘﺖ ان ا ٕﻻﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ وﺠﺪ ﻘﺒﻞ‬ ‫ﺣﻮاﻠﻲ اﻠﻣﻟﻴﻮن ﺴﻨﺔ »د‪ .‬ﺴﻟﻄﺎن ﻤﺤﻴﺳﻦ ‪ «١٩٩٠‬ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﻌﻴﺪﻩ‬ ‫اﻠﺪﻜـﺘﻮر زﻳﺪان ﻜـﻔﺎﻓﻲ ٕاﻠﻰ ﻤﻟﻴﻮن وﻧﺼﻒ ﻤﻟﻴﻮن ﺴﻨﺔ)‪ٕ ،(٦‬وان ﺗﻄﻮر ﻫﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﻧﺳﺎن وﺗﻔﺎﻋﻟﻪ ﻤﻊ اﻠﺒﻴﺌﺔ وﺗﻄﻮر دﻤﺎﻏﻪ ا دى ﻜﻞ ذﻠﻚ ٕاﻠﻰ ﻇﻬﻮر ٕاﻧﺳﺎن‬ ‫اﻠﻨﻴﻨﺎﻧﺪرﺗﺎل اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﻓﻲ ﺣﺪود ‪ ١٠٠٠٠٠‬ﺴﻨﺔ واﻠﺬي ّ‬ ‫ﺸﻛﻞ ا ٕﻻﻧﺳﺎن‬

‫اﻠﻌﺎﻘﻞ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق ورﻳﺜﻪ اﻠﻣﺒﺎﺸﺮ )‪ (٧‬وذﻠﻚ ﻓﻲ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ٣٥٠٠٠‬ﺴﻨﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ﻓﻲ اورﺑﺎ ٕﻓﺎن اﻠﻨﻴﻨﺎﻧﺪرﺗﺎل اﻻو روﺑﻲ ﻠﻢ ﻳﺘﻄﻮر ٕاﻠﻰ ا ٕﻻﻧﺳﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺎﻘﻞ اﻻورﺑﻲ ﺑﻞ ﺗﻄﻮر ﻫﺬا اﻻﺧﻴﺮ ﻋﻦ ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻠﻣﻨﺘﺼﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫»اﻠﻬﻮﻤﻮارﻜـﺘﻮس« )‪ (٨‬وﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮ ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻠﻌﺎﻘﻞ ﺠﺪﻧﺎ اﻠﻣﺒﺎﺸﺮ‪ ،‬ﻫﻮ اﻠﺬي‬ ‫ً‬ ‫ﻤﺳﺘﻨﺪا ﻋﻟﻰ ﻤﺎ ورﺛﻪ‬ ‫ﺻﻨﻊ اﻠﺤﻀﺎرة اﻻٕﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ﺑﻣﻔﻬﻮﻤﻬﺎ اﻠﺒﺪﺋﻲ واﻠﺷﺎﻤﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ﺴﺎﺑﻗﻪ )اﻠﻨﻴﺎﻧﺪرﺗﺎل اوا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻠﻣﻨﺘﺼﺐ؟( وﻫﻮ اﻠﺬي ﻤﺎزال ﻳﻨﺟﺰ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺣﺘﻰ اﻻن‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻳﺒﺪو ا ﻧﻪ وﻻﺴﺒﺎب ﻤﺟﻬﻮﻠﺔ ـ ـ رﺑﻣﺎ ﺑﻴﺌﻴﺔ ـ ـ ﻫﺎﺠﺮ ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻠﻌﺎﻘﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﺸﻣﺎﻻ ٕاﻠﻰ اورﺑﺎ ﺣﻴﺚ ا ﺴﺲ ﻫﻨﺎك ﺣﻀﺎرة ﻏﻨﻴﺔ وﻤﻣﻴﺰة‪ .‬وﻫﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻌﻨﻲ ان ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻠﻌﺎﻘﻞ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ورﻳﺚ اﻠﻨﻴﻨﺎﻧﺪرﺗﺎل اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﻘﺪ ا ّﻤﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اورﺑﺎ ﻘﺒﻞ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ٤٠٠٠٠‬ﻋﺎم ﺑﺎوﻠﻮﻳﺎت اﻠﺤﻀﺎرة ﻋﻟﻰ ﻘﺎﻋﺪة ان ﻫﺬا‬ ‫ّ ٔ ً‬ ‫وﻻ ٔواﻧﻪ ﺻﺎﻧﻊ اﻠﺤﻀﺎرة اﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ً‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ ..‬وﻫﺬا ﻓﻴﻣﺎ‬ ‫ا ٕﻻﻧﺳﺎن ﻫﻮ ﺠﺪﻧﺎ ا‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻳﻌﻨﻴﻪ ان اﺻﻞ ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻻورﺑﻲ ﻳﻌﻮد ٕا ﻠﻰ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫واﻠﻄﺮﻳﻒ ﻓﻲ اﻻﻤﺮ ان ﺑﻌﺾ اﻠﻌﻟﻣﺎء اﻠﻐﺮﺑﻴﻴﻦ وﻻ ﺴﻴﻣﺎ اﻻ ﻠﻣﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺮﻓﻀﻮن ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻈﺮﻳﺔ ﻻﺴﺒﺎب ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻣﻛﻨﻬﻢ اﻻﻘﺘﻨﺎع ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺻﻮﻠﻬﻢ ﺗﻌﻮد ٕا ﻠﻰ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ وﻠﻮ اﻜﺪت اﻠﺤﻗﺎﺋﻖ اﻠﻌﻟﻣﻴﺔ ذﻠﻚ )‪. (٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻴﺲ ﻓﻲ اﻻﻤﺮ ﻏﺮاﺑﺔ‪ ..‬ﺣﻴﻦ ﻧﻌﻟﻢ ان ﺑﻌﺾ اﻠﻌﻟﻣﺎء اﻠﻐﺮﺑﻴﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻜـﺘﺷﻔﻮا ان اﻠﻟﻐﺎت اﻠﻼﺗﻴﻨﻴﺔ واﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ واﻠﻔﺎرﺴﻴﺔ وﻠﻐﺎت ﺸﻣﺎل اﻠﻬﻨﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺘﺷﺎﺑﻪ ﻓﻲ اﻠﺘﺮﻜﻴﺐ واﻠﻨﺤﻮ واﻠﺼﺮف وﻫﺬا ﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺟﻣﻮﻋﻬﺎ‬ ‫ﺗﻌﻮد اﻠﻰ ٔاﺻﻞ ﻫﻨﺪو‪ٔ ..‬اورﺑﻲ !! وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ٔا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ ٔان اﻠﺟﻨﺲ ٓاﻻري‬ ‫ٕ‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺻﻴﻞ ﻫﻮ اﺻﻞ اﻠﺤﻀﺎرة وﻫﺬا ﻤﺎ ا ﻤﻦ ﺑﻪ اﻻ ﻠﻣﺎن ﺣﻴﺚ ﺣﻮﻠﻮا ﻤﺼﻄﻟﺢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻨﺲ اﻠﻬﻨﺪو ـ ـ اورﺑﻲ ٕاﻠﻰ ﻫﻨﺪو ـ ـ ﺠﺮﻤﺎﻧﻲ وﺑﻟﻎ ﻘﻣﺔ ﻤﺎ وﺻﻟﻮا ٕا ﻠﻴﻪ ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﺪ اﻠﻣﺎﺧﻮذﻳﻦ ﺑﻬﻢ ﻤﻦ اﻠﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ واﺴﻣﻪ ﻫﻴﻮﺴﺘﻮن ﺴﺘﻴﻮرات‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺷﻣﺒﺮﻠﻴﻦ ٔا ّﻠﻒ ﻜ ً‬ ‫ـﺘﺎﺑﺎ ﺠﻌﻞ ﻋﻨﻮاﻧﻪ »ا ﺴﺲ اﻠﻗﺮن اﻠﺘﺎﺴﻊ ﻋﺷﺮ« ﺣﻴﺚ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫)‪(١٠‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺿﻢ ﻓﻴﻪ داﻧﺘﻲ واﻠﻣﺳﻴﺢ ٕاﻠﻰ اﻻرﻳﻴﻦ اي اﻠﻬﻨﺪو ﺠﺮﻤﺎﻧﻴﻴﻦ !!‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫وﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻳﺔ ﺗﺼﻮرات ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ارﻳﺔ او ﻏﻴﺮ ارﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻗﺪ اﻜﺪت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻗﺎﺋﻖ اﻠﻌﻟﻣﻴﺔ ﻫﺟﺮة ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻠﻌﺎﻘﻞ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ٕاﻠﻰ اوروﺑﺎ وﺗﺎﺴﻴﺳﻪ‬ ‫ﻫﻨﺎك ﻠﺤﻀﺎرة ﻤﻬﻣﺔ وﻫﺬا ﻳﺆﻜﺪ ﻋﻟﻰ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪١‬ـ ـ ان اﺻﻞ ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻻوروﺑﻲ ﻳﻌﻮد ٕا ﻠﻰ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ‪.‬‬ ‫‪٢‬ـ ـ ٕان ا ٕﻻﻧﺳﺎن اﻠﻌﺎﻘﻞ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ـ ـ ﺠﺪﻧﺎ اﻠﻣﺒﺎﺸﺮ وﻤﺒﺪع اﻠﺤﻀﺎرة‬ ‫ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ـ ـ اﻤﺘﻟﻚ ﻜﻞ اﻠﺼﻔﺎت اﻠﻔﻴﺰﻳﻮﻠﻮﺠﻴﺔ واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ اﻠﺘﻲ‬ ‫ﻳﻣﻟﻛﻬﺎ ٕاﻧﺳﺎﻧﻨﺎ اﻠﺤﺎﻠﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻌﻞ ﻫﺬا ﻳﺷﻛﻞ اﻠﻨﻮاة اﻻوﻠﻰ ﻠﻣﻛﺎﻤﻦ اﻠﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ اﻠﺷﻌﻮري‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻼﺸﻌﻮري ٕان ﻜﺎن ﻓﻲ اﻠﻣﺳﺘﻮى اﻠﻔﺮدي او ﻓﻲ اﻠﻣﺳﺘﻮى اﻠﺟﻣﻌﻲ‬ ‫ﻠﻼﻧﺳﺎن اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ‪.‬‬ ‫ٕ‬ ‫اﺑﺘﻜﺎر اﻟﺰراﻋﺔ ﻣﻨﺠﺰ ﺳﻮرﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺤﻀﺎري‬ ‫ﻳﻗﻮل اﻠﻌﺎﻠﻢ ﻏﻮﻻﻳﻒ‪ :‬ان ﻜﻞ اﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ً‬ ‫ﺗﻗﺮﻳﺒﺎ ﻤﺘﻔﻗﻮن ﻋﻟﻰ اﻠﻣﻐﺰى‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺬي ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻟﻴﻪ ﺛﻮرة اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺤﺟﺮي اﻠﺤﺪﻳﺚ اﻠﺘﻲ اﺗﺳﻣﺖ ﺑﻈﻬﻮر اﻫﻢ‬ ‫ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻠﺒﺷﺮ وﻫﻲ‪ :‬اﻠﺰراﻋﺔ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻠﻣﺎﺸﻴﺔ واﻠﺘﺟﻣﻌﺎت‬ ‫)‪(١١‬‬ ‫اﻠﻣﺳﺘﻗﺮة اﻠﺪاﺋﻣﺔ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻠﻔﺨﺎر ﺑﺎﻠﻨﺳﺒﺔ ٕاﻠﻰ ﺗﻄﻮر اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ اﻠﺒﺷﺮي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻣﻊ ﻤﻄﻟﻊ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺘﺎﺴﻊ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد ﺑﺰﻏﺖ ٕاﻠﻰ اﻠﻮﺠﻮد »اﻠﺜﻮرة‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺰراﻋﻴﺔ« ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬وﻘﺪ ﻋﺜﺮ ﻋﻟﻰ اﻘﺪم دﻠﻴﻞ ‪/‬ﺣﺘﻰ اﻻن‪/‬‬ ‫ﻠﻣﻣﺎرﺴﺔ اﻠﺰراﻋﺔ وﺗﺪﺠﻴﻦ اﻠﺤﻴﻮان ﻓﻲ اﻠﻣﻨﻄﻗﺔ اﻠﻣﻣﺘﺪة ﻤﻦ ﺣﻮض اﻠﻔﺮات‬ ‫ً‬ ‫ﺸﻣﺎﻻ ﻤﺮو ًرا ﺑﺤﻮﺿﺔ دﻤﺷﻖ ﻓﻲ اﻠﻮﺴﻂ وﺣﺘﻰ ﺣﻮض ٔاﻻردن ً‬ ‫ﺠﻨﻮﺑﺎ‪ ،‬وﻫﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(١٢‬‬ ‫اﻠﻣﻨﻄﻗﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻠﺒﺆرة اﻻﻘﺪم ﻓﻲ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﻠﻈﻬﻮر اﻠﺰراﻋﺔ واﻠﺘﺪﺠﻴﻦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﻣﺎ اﺸﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻤﻗﺪﻤﺘﻨﺎ ٕاﻠﻰ ﻤﺟﺎل اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﺤﻴﻮي‪ ،‬ﻓﻼﺑﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﻳﺘﻢ اﻧﺘﻗﺎل ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ٕاﻠﻰ ﻤﺟﺎﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺣﻮاﻠﻲ‪ ٧٦٠٠‬ـ ـ ‪ ٦٠٠٠‬ق ‪ .‬م‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٤‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ٔ‬ ‫وﺻﻟﺖ اﻠﺰراﻋﺔ ٕاﻠﻰ اﻻﻧﺎﺿﻮل ﺑﻮاﺴﻄﺔ اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ‪ ،‬وﻤﻦ ﺛﻢ ﺴﻮف ﻳﻨﺘﻗﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ٕاﻠﻰ ﻤﻨﺎﻃﻖ اﺧﺮى ﻓﻲ اﻠﻌﺎﻠﻢ وﻓﻖ ﻤﺎ ﻳﻟﻲ‪:‬‬ ‫اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ‪:‬‬ ‫ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻟﻒ اﻟﺴﺎﺑﻊ وﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻟﻒ اﻟﺴﺎدس ق‪ .‬م‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻴﺚ وﺻﻟﺖ اﻠﺰراﻋﺔ ٕاﻠﻰ ﺠﻨﻮب اوروﺑﺎ واﻠﺒﻟﻗﺎن واﻠﻴﻮﻧﺎن‪ ،‬وﻳﻌﺘﻗﺪ ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺸﺮﻘﺎ اﻠﻰ ﺑﺎﻜﺳﺘﺎن ً‬ ‫ً‬ ‫وﻏﺮﺑﺎ ﺣﺘﻰ ﺸﻣﺎل اﻓﺮﻳﻗﻴﺎ‪.‬‬ ‫ﺗﺎﺛﻴﺮات ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺮﺣﻟﺔ وﺻﻟﺖ ٕ‬ ‫اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪:‬‬ ‫ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻟﻒ اﻟﺴﺎدس وﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻟﻒ اﻟﺨﺎﻣﺲ ق‪ .‬م‬

‫ٔ‬ ‫ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺮﻜﺖ اﻠﻗﺮى اﻠﺰراﻋﻴﺔ ﻋﻟﻰ اﻤﺘﺪاد اﻠﺳﻮاﺣﻞ وودﻳﺎن اﻻﻧﻬﺎر‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻛﺒﺮى ﻜﺎﻠﺪاﻧﻮب‪ ،‬ﺣﺘﻰ وﺴﻂ اوروﺑﺎ وﻏﺮﺑﻬﺎ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪:‬‬ ‫ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻷﻟﻒ اﻟﺮاﺑﻊ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻴﻬﺎ وﺻﻟﺖ اﻠﺰراﻋﺔ ٕاﻠﻰ ﺸﻣﺎل اوروﺑﺎ واﺴﻛﻨﺪﻳﻨﺎﻓﻴﺎ‪ .‬وﺑﺘﺎﺛﻴﺮات ﻤﺒﺎﺸﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻧﺷﺎت اﻠﺰراﻋﺔ ﻓﻲ وادي اﻠﻨﻴﻞ ﻓﻲ ﺣﻮاﻠﻲ اﻻ ﻠﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺨﺎﻤﺲ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد‪ ،‬ﻫﺬا ﻤﺎ اﻜﺪﺗﻪ ﺗﻨﻗﻴﺒﺎت وﻤﻛـﺘﺷﻔﺎت ﻤﻮﻘﻊ اﻠﻔﻴﻮم‬ ‫ﺗﺷﻛﻞ ﻘﻴﻣﺔ اﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ً‬ ‫ﻓﻲ ﻤﺼﺮ‪ (١٣) .‬اذن ﻧﺤﻦ ٔاﻤﺎم ﻋﺪة ﺣﻗﺎﺋﻖ ّ‬ ‫وﺑﻌﺪا ﻫﻮ‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ٔا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ ٕاﻧﺳﺎﻧﻲ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪١‬ـ ـ ان اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﺸﻬﺪ اول ﻇﻬﻮر ﻠﻟﺰراﻋﺔ ﻓﻲ اﻠﻌﺎﻠﻢ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ٢‬ـ ـ ان ﺛﻣﺔ ﺗﺎﺛﻴﺮات ﻤﺒﺎﺸﺮة ﻋﺒﺮ ﻧﻗﻞ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎري ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻮاﺴﻄﺔ ﻤﺨﺘﺮﻋﻴﻪ »اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻴﻦ« ﻤﺒﺎﺸﺮة ٕاﻠﻰ اﻻﻧﺎﺿﻮل وﻤﺼﺮ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪٣‬ـ ـ ان ﻧﻗﻞ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ﺴﻮف ﻳﺳﺘﺘﺒﻊ ﻧﺷﻮء ﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺠﺪﻳﺪة ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ‬ ‫اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ اﻠﺰراﻋﻴﺔ وﻻﺴﻴﻣﺎ ﻠﺟﻬﺔ اﻻﺴﺘﻗﺮار وﺗﻣﺎﺴﻚ اﻠﺒﻨﻰ‬ ‫اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ وﻇﻬﻮر اﻠﻣﻌﺘﻗﺪات وﺗﻄﻮر اﻠﻔﻨﻮن واﻠﻌﻣﺮان واﻠﺘﺟﺎرة‬ ‫واﻻﻘﺘﺼﺎد‪ ،‬وﻫﺬا ﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ا ٕﻻﺸﺎرة ٕاﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻮﺴﻴﻊ داﺋﺮة اﻠﺮؤﻳﺔ‬ ‫ﻠﻣﻔﻬﻮم اﻠﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎري وﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻪ ‪.‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻔﺨﺎر‬ ‫ﺸﻬﺪ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ٦٥٠٠‬ق‪ .‬م ﺑﺪاﻳﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻠﻔﺨﺎر‬ ‫ٔ‬ ‫ّدل ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ ﻤﻛـﺘﺷﻔﺎت ﻤﻮﻘﻊ ﺗﻞ ا ﺴﻮد ﻓﻲ اﻠﺟﺰﻳﺮة اﻠﺳﻮرﻳﺔ‪ .‬وﻤﻦ ﺛﻢ ّﻋﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا اﻻﺧﺘﺮاع ﻓﻲ ﻤﻨﻄﻗﺔ اﻠﻣﺷﺮق‪ ،‬وﻤﻊ ﺣﻟﻮل اﻻ ﻠﻒ اﻠﺳﺎدس ق‪ .‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪/‬ﻤﻄﻟﻌﻪ‪ /‬اﻧﺘﻗﻞ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ٕاﻠﻰ اﻻﻧﺎﺿﻮل وﻳﺒﺪو ان ﻇﻬﻮرﻩ ﻫﻨﺎك ﻜﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺼﻴﻟﺔ ﻤﺷﺘﺮﻜﺔ ﺑﻴﻦ اﻻﺻﻮل اﻠﻣﺤﻟﻴﺔ اﻻﻧﺎﺿﻮﻠﻴﺔ واﻠﺘﺎﺛﻴﺮات اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ‬ ‫)‪(١٤‬‬ ‫ﺑﺎﻠﺨﺎﺻﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻨﺠﺰ اﻟﺤﻀﺎري اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻤﺸﺮﻗﻲ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ‪ ٣٥٠٠‬ـــ ‪ ٣٣٣‬ق ‪ .‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان اﺑﺘﻛﺎر اﻠﺰراﻋﺔ ادى ٕاﻠﻰ اﻧﻗﻼب ﺸﺎﻤﻞ ﻓﻲ ﻤﺟﻣﻞ اوﺠﻪ اﻠﺤﻴﺎة‬ ‫اﻻﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ واﻠﺜﻗﺎﻓﻴﺔ واﻠﻣﻌﺘﻗﺪﻳﺔ واﻠﺮوﺣﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻗﺪ ﺗﻄﻮر‬ ‫اﻠﻌﻣﺮان وﺗﻄﻮرت اﻠﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻠﺬﻫﻨﻴﺔ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ وزاد اﻠﺘﺮاص اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺎ ادى ٕاﻠﻰ ﻧﺷﻮء اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﺎت اﻠﻛﺒﺮى اﻠﻣﺳﺘﻗﺮة‪ ،‬وﻠﺳﻮف ﻳﺆدي ﺗﺮاﻜﻢ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻌﻄﻴﺎت وﺑﺎﻃﺮاد ٕاﻠﻰ ﻧﺷﻮء اﻠﻣﺪن اﻠﻛﺒﺮى وﻫﻮ ﻤﺎ ﻋﺮف ﺑﺜﻮرة‬ ‫اﻠﻣﺪن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪﺗﻢ ذﻠﻚ ﻓﻲ اﻠﻨﺼﻒ اﻠﺜﺎﻧﻲ ﻤﻦ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺮاﺑﻊ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد‪ ،‬ﻓﻗﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺸﻬﺪ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻧﺬاك ﻧﺷﻮء ﻤﺪن اوﻠﻰ ﻤﺜﻞ اوروك وﺣﺒﻮﺑﺔ‬ ‫اﻠﻛﺒﻴﺮة اﻠﺟﻨﻮﺑﻴﺔ وﺗﻞ ﻘﻨﺎص وﺗﻞ ﺑﺮاك وﺠﺒﻞ ﻋﺎرودة‪ .‬وﻠﻌﻞ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﻮﻠﺪ ً‬ ‫ﺗﺒﻌﺎ ﻠﺘﻄﻮر اﻠﺤﻴﺎة‬ ‫ﻓﻲ ﺗﺤﺎﻠﻔﻪ ﻤﻊ اﻠﺘﺟﺎرة واﻠﻨﺷﺎط اﻠﺘﺟﺎري‪ ،‬ﺴﻮف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻔﺼﻟﻴﺎ ﻫﺎﻤﺎ ﻳﺘﺟﻟﻰ ﻓﻲ اﺧﺘﺮاع‬ ‫اﺑﺘﻛﺎرا‬ ‫اﻻﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ واﻠﺬﻫﻨﻴﺔ‬ ‫اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ٣٢٠٠‬ق‪ .‬م ‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﻨﺎ اﺻﺒﺤﻨﺎ اﻤﺎم ﻇﺎﻫﺮة ﺗﺤﻮل ﻤﺪن اﻠﻣﻌﺒﺪ ٕا ﻠﻰ ﻤﺪن دول ﻤﺷﻛﻟﺔ‬ ‫ﺑﺬﻠﻚ اﻧﺒﺜﺎق اﻠﺳﻟﻄﺔ اﻠﺰﻤﻨﻴﺔ ٕاﻠﻰ ﺠﺎﻧﺐ اﻠﺳﻟﻄﺔ اﻠﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻘﻴﺎدة ﻤﺟﺘﻣﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺪن اﻠﺪول‪ ،‬وﻤﻊ ﻤﻄﻟﻊ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺜﺎﻠﺚ ق‪ .‬م اﺻﺒﺤﻨﺎ ا ﻤﺎم ﻇﺎﻫﺮة اﻠﻣﺪن‬ ‫اﻠﻛﺒﻴﺮة واﻠﻣﺳﻮرة ﻤﺜﻞ ﺗﺮﻘﺎ ـ ﺸﻮﺑﺎط اﻧﻟﻴﻞ ـ ـ ﺗﻞ ﺑﺮاك ـ ﻤﺟﻴﺪو ـ ـ ﺧﺮﺑﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻛﺮك ـ ﺗﻞ اﻠﻔﺮح ـ ﺠﺒﻴﻞ ـ ﺑﺎب اﻠﻀﻬﺮة ـ ﻜﻴﺶ ـ ﻧﻴﺒﻮر ـ ـ ﺗﻞ ﻓﺎرا ـ ـ اﺑﻮ‬ ‫ﺻﻼﺑﻴﺦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻗﻮل ﻜﻟﻮﺗﺷﻛﻮف وﺑﻮﻧﻐﺎرد ـ ـ ﻠﻴﻔﻴﻦ‪ :‬ﻓﻲ اﻠﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ارﺴﻴﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻ ﺴﺲ اﻠﺘﻲ ﺣﺪدت ٕاﻠﻰ ا ﻤﺪ ﺑﻌﻴﺪ اﻠﻣﺳﻴﺮة اﻠﻼﺣﻗﺔ ﻠﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻠﻌﺎﻠﻣﻲ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻬﻨﺎك ﺗﻣﺖ اﻻ ﻜـﺘﺷﺎﻓﺎت اﻠﻬﺎﻤﺔ ً‬ ‫ﺠﺪا ﻓﻲ ﻤﺟﺎل اﻠﺤﻀﺎرة‪ ،‬وﻧﺷﺎت اﻠﻣﺪن‬ ‫ٓ‬ ‫واﻠﻣﺟﺘﻣﻌﺎت وﻇﻬﺮت اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ واﻻداب واﻠﻌﻟﻮم‪ ،‬وﻘﺪ ﻜﺎن ﻠﺤﻀﺎرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ اﻋﻈﻢ اﻠﺘﺎﺛﻴﺮ ﻋﻟﻰ اﻠﺤﻀﺎرة ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴﺔ ـ ـ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ واﻠﺤﻀﺎرة‬ ‫اﻻﺴﻼﻤﻴﺔ‪ٔ ،‬واﺛﺮت ٔا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ ﻤﻦ ﺧﻼﻠﻬﻣﺎ ﻋﻟﻰ اﻠﺤﻀﺎرة اﻠﻌﺎﻠﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﻮر‬ ‫ٕ‬ ‫)‪(١٥‬‬ ‫اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ‪.‬‬ ‫اﺧﺘﺮاع اﻟﻜﺘﺎ ٔﺑﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ﺸﻛﻞ اﺧﺘﺮاع اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ وﻤﻦ ﺛﻢ اﺑﺘﻛﺎر اﻻﺑﺟﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‬ ‫ﻤﻔﺼﻟﻴﺎ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻬﻣﺎ ﻠﺟﻬﺔ ﺗﻌﻣﻴﻖ اﻠﻮﻋﻲ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻠﻣﺳﺘﻮى‬ ‫ﻤﻨﻌﻄﻔﺎ‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻣﻲ‪ ،‬وﻧﻈ ًﺮا ﻠﺪراﺴﺘﻨﺎ ﻠﻬﺬا اﻠﻣﻮﺿﻮع ﻓﻲ ﻤﺘﻦ ﻫﺬا اﻠﻛـﺘﺎب ‪/‬راﺠﻊ‬ ‫اﻠﺪراﺴﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ‪ /‬ﻓﺳﻮف ﻧﻨﺎﻘﺶ ﻫﻨﺎ ﻓﻗﻂ اﻠﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻠﻬﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻬﺎم‪ .‬ﻓﻌﻟﻰ ﻘﺒﺮ زﻳﻨﻮن اﻠﺮواﻘﻲ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻲ ﺛﻣﺔ ﻧﻗﺶ ﻳﻗﻮل‪ :‬اﻠﻢ ﻳﺎﺗﻲ‬ ‫ّ‬ ‫ﻘﺪﻤﻮس ﻤﻦ ﻓﻴﻨﻴﻗﻴﺎ وﻤﻨﺢ اﻠﻴﻮﻧﺎن ﻜـﺘﺒﻬﺎ وﻋﻟﻣﻬﺎ ﻓﻦ اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ؟ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺎن ﻳﺘﻢ اﺧﺘﺮاع اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ اﻠﻣﺳﻣﺎرﺑﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬وا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺼﻞ ﻫﺬا اﻠﻣﺷﺮق ﻻﺑﺘﻛﺎر اﻻﺑﺟﺪﻳﺔ ‪/‬اﻠﺘﻲ اﺻﺒﺤﺖ ﻋﺎﻠﻣﻴﺔ‪ /‬ﻓﻬﺬا‬ ‫ّ ٔ‬ ‫ﻤﻔﻬﻮم‪ ،‬وﻠﻛﻦ ﻤﻣﻛﻨﺎت اﻠﻨﻔﺳﻴﺔ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﺮﺴﻮﻠﻴﺔ ﺣﺘﻣﺖ ان ﻳﺘﻛـﻔﻞ‬ ‫ٔاﺑﻨﺎء ﻫﺬا اﻠﻣﺷﺮق ﺑﻨﻗﻞ ﻤﻨﺟﺰﻫﻢ ٕاﻠﻰ اﻠﻌﺎﻠﻢ ً‬ ‫اﺑﺘﺪاء ﻤﻦ اﻠﻴﻮﻧﺎن‪ ،‬ﻓﻬﺎﻫﻮ‬ ‫ّ‬ ‫ﻘﺪﻤﻮس ﻳﺘﻮﺠﻪ ٕاﻠﻰ اﻠﻴﻮﻧﺎن وﻳﺆﺴﺲ ﻫﻨﺎك ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﺛﻢ ﻳﻌﻟﻣﻬﻢ‬ ‫ٔاﻻﺑﺟﺪﻳﺔ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺴﻮف ﺗﻨﺘﻗﻞ ً‬ ‫ﺗﺒﺎﻋﺎ ٕاﻠﻰ ﻤﺟﺘﻣﻌﺎت اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﻗﺪﻳﻢ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻗﻮل ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ ﻓﻲ ﻤﻌﺮض ﻤﻨﺎﻘﺷﺘﻪ ﻠﻬﺬا اﻻﻤﺮ‪ :‬ﻠﻗﺪ اﻧﺘﻗﻞ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺣﺮف اﻠﻬﺟﺎء ‪/‬اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻲ ‪ً /‬‬ ‫ﺸﺮﻘﺎ ٕاﻠﻰ اﻻراﻤﻴﻴﻦ اﻠﺬﻳﻦ ﻧﻗﻟﻮﻩ ٕاﻠﻰ اﻠﻔﺮس‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻴﺚ اﺻﺒﺤﺖ اﻻراﻤﻴﺔ ﻠﻐﺔ رﺴﻣﻴﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ وﻤﻦ ﺛﻢ ﻓﻗﺪ اﺧﺬﻩ اﻠﻌﺮب‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻠﻴﻛـﺘﺒﻮا ﺑﻪ ﻠﻐﺔ اﻠﻗﺮان‪ ،‬وﺑﻌﺪ ذﻠﻚ اﻧﺘﻗﻞ ٕاﻠﻰ ﺸﻌﻮب اﺴﻴﻮﻳﺔ اﺧﺮى ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﺣﺼﻞ اﻠﻔﺮس واﻻرﻤﻦ واﻠﻬﻨﻮد ﻋﻟﻰ اﺑﺟﺪﻳﺘﻬﻢ ﻤﻦ ﻤﺼﺎدر‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫اراﻤﻴﺔ‪ ،‬وﺣﺮوف اﻠﺒﻬﻟﻮﻳﺔ واﻠﺳﻨﺳﻛﺮﻳﺘﻴﺔ ﻫﻲ ﻤﻦ اﺻﻞ اراﻤﻲ‪ ،‬وﻘﺪ ﺣﻣﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻛﻬﻨﺔ اﻠﺒﻮذﻳﻮن ﻤﻦ اﻠﻬﻨﺪ‪ ،‬اﻻﺑﺟﺪﻳﺔ واﻠﺳﻨﺳﻛﺮﻳﺘﻴﺔ ٕاﻠﻰ ﻘﻟﺐ اﻠﺼﻴﻦ‬ ‫ٓ‬ ‫وﻜﻮرﻳﺎ‪ .‬وﻫﻛﺬا وﺻﻟﺖ اﻠﺤﺮوف اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ً‬ ‫ﺸﺮﻘﺎ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻻراﻤﻴﺔ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﺮق ٔاﻻﻘﺼﻰ ً‬ ‫وﻏﺮﺑﺎ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ٕاﻠﻰ اﻻﻤﺮﻳﻛﻴﺘﻴﻦ‪ ،‬ﻤﻄﻮﻘﺔ اﻠﻌﺎﻠﻢ‬ ‫)‪(١٦‬‬ ‫ﻜﻟﻪ‪.‬‬ ‫ﺣﻀﺎرﻳﺎ اﻧﺳﺎﻧﻴﺎً‬ ‫ً‬ ‫ﻛﻞ اﺑﺘﻛﺎر اﻠﻛـﺘﺎﺑﺔ وﻤﻦ ﺛﻢ ٔاﻻﺑﺟﺪﻳﺔ ﻤﻨﺟﺰاً‬ ‫ﻠﻗﺪ ﺸ ّ‬ ‫ٕ‬ ‫ﺴﻮف ﺗﺘﻮﻠﺪ ﻋﻨﻪ وﺑﺎﺴﺘﻣﺮار ﻤﻨﺟﺰات ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻋﻟﻰ اﻠﺼﻌﻴﺪ اﻠﻌﺎﻠﻣﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻴﺲ ا ّدل ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ ﻤﻦ اﻠﻣﻌﻟﻮﻤﺎﺗﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺗﺪﻳﻦ ﺑﻨﺷﻮﺋﻬﺎ ٕاﻠﻰ ﻤﻨﺟﺰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻛـﺘﺎﺑﻲ واﻻﺑﺟﺪي ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻟﻰ ﻫﺬا ﻳﺆﻜﺪ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﺠﺎﻠﻴﻟﻮ ﺠﺎﻠﻴﻛﻲ‪ :‬ﻓﻲ اﻻﺑﺟﺪﻳﺔ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺤﻗﻖ ﺗﺼﻮر ﻠﻄﺮﻳﻗﺔ ﻳﻣﻛﻦ ﺑﻬﺎ ﺗﺎﻜﻴﺪ اﻠﺘﻮاﺻﻞ اﻠﻔﻛﺮي ﺑﻴﻦ اﻠﺒﺷﺮ ﻤﻬﻣﺎ‬ ‫ﺗﺒﺎﻋﺪ اﻠﻣﻛﺎن وﻋﺒﺮ ﻜﻞ زﻤﺎن‪ ،‬وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻗﺔ ﺗﺼﻟﺢ ﻠﻟﺘﺤﺪث ٕاﻠﻰ اﻠﺬﻳﻦ ﻠﻢ‬ ‫ٔ ٔ ٓ‬ ‫)‪(١٧‬‬ ‫ﻳﻮﻠﺪوا ﺑﻌﺪ واﻠﻰ ﻤﻦ ﺴﻴﻮﻠﺪون ﺑﻌﺪ اﻠﻒ او اﻻف اﻠﺳﻨﻴﻦ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٥‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻟـﻤﻮﺳﻴﻘﺎ‬ ‫اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ واﻟﻔﻠﻚ ٔوا‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻘﺒﻞ اﻠﺨﻮض ﻓﻲ ﻤﺟﺎل ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ان ﻧﺆﻜﺪ ﻋﻟﻰ ان ﻤﻄﻟﻖ‬ ‫ً‬ ‫اﻧﻌﻛﺎﺴﺎ ﻠﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻠﻣﺎدي اﻠﺮوﺣﻲ ﻋﻟﻰ‬ ‫ﻤﻨﺟﺰ ﺣﻀﺎري ﻤﺷﺮﻘﻲ ﻠﻢ ﻳﻛﻦ ٕاﻻ‬ ‫ﻤﺪى اﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ‪ ،‬ﻠﻬﺬا ﻓﺎﻠﺒﻌﺪ ٔاﻻﺧﻼﻘﻲ ﻠﻟﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎري ﺸﻛﻞّ‬ ‫ﺑﻌﺪا ا ً‬ ‫ً‬ ‫ﻧﺳﺎﻧﻴﺎ‪ .‬وﻫﺬا ﻤﺎ ﺠﻌﻞ اﻠﺤﻀﺎرة اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﺿﺮورة ٕاﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٕ‬ ‫وﻠﻮ ﻋﺪﻧﺎ ٕاﻠﻰ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ١٨٠٠‬ﺴﻨﺔ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد‪ ،‬ﻓﻟﺳﻮف ﻳﻛﻮن ﺑﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺳﺎﻠﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ّ‬ ‫ﺗﺪل ﺑﺷﻛﻞ ٔاﻜﻴﺪ ﻋﻟﻰ ﺠﺬو ر‬ ‫اﻳﺪﻳﻨﺎ رﻘﻴﻢ ﻃﻴﻨﻲ ﻳﺤﻮي‬ ‫ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺎﻠﺲ ‪/‬ﻃﺎﻠﻴﺲ‪ /‬اﻠﺘﻲ ﺗﺆرخ ﺑﺤﻮاﻠﻲ ‪ ٦٠٠‬ق‪ .‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺆﻜﺪ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﺑﻴﻼﻧﺷﻮن »ان اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﻜﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ١٨٠٠‬ـ ـ ‪ ( ١٥٠٠‬ق‪ .‬م وﻻﺴﻴﻣﺎ ﻓﻲ زﻤﻦ اﻠﻣﻟﻚ )اﻻﻤﻮري ( ﺣﻣﻮراﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻗﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺜﺮ ﻓﻲ اﻻ ﻠﻮاح اﻠﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﻟﻰ ادﻠﺔ ﺗﺆﻜﺪ وﺠﻮد ا ﺴﺲ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻬﻨﺪﺴﺔ‬ ‫وﺣﺳﺎب اﻠﻛﻣﻴﺎت وﺣﻞ ﻤﺳﺎﺋﻞ ﻤﻦ اﻠﺪرﺠﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﺣﺳﺎب اﻠﺟﺬر‬ ‫)‪(١٨‬‬ ‫اﻠﺘﺮﺑﻴﻌﻲ«‪.‬‬ ‫وﻳﺤﺪد ﻫﺬا اﻠﺒﺎﺣﺚ ﻤﻣﻴﺰات اﻠﺮﻳﻟﻀﻴﺎت اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ ﺑﻣﺎ ﻳﻟﻲ ‪:‬‬ ‫اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ‪ :‬اﻠﺬي ّ‬ ‫ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺗﻗﺪم ﻓﻲ اﻠﻣﻌﺎرف اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺪة ذﻛﺎء ﺟﺒﺮي ‪ :‬ﺣﻴﺚ اﺴﺘﻄﺎع اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻮن ان ﻳﺤﺼﻟﻮا‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﺘﺤﻟﻴﻞ اﻠﺼﺤﻴﺢ ﻻ ﺸﻛﺎل ﻫﻨﺪﺴﻴﺔ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻋﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺻﺤﻴﺤﺔ وﻋﻟﻣﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫وﻳﺼﻞ اﻠﺒﺎﺣﺚ ﻠﻟﻗﻮل‪ :‬ﻠﻗﺪ دﻠﺖ اﻻﺛﺎر اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﺔ ﻋﻟﻰ‬ ‫ﺛﻗﺎﻓﺔ ﺣﺳﺎﺑﻴﺔ ﻜﻮﻧﺘﻬﺎ ﻋﻼﻤﺎت ﻤﺘﻗﻄﻌﺔ ﺠﺎءت ﻤﻦ اﻠﺤﺳﺎب اﻠﺮﻘﻣﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﻴﺎس اﻠﻣﺳﺎﺣﺎت واﻻﺣﺟﺎم وﻋﻟﻢ اﻠﻔﻟﻚ‪ ،‬وﺑﺎﻠﺘﺎﻠﻲ ﻜﺎن ﻻﺑﺪ‬ ‫ﻠﻟﻴﻮﻧﺎن ﻤﻦ ان ٔﻳﺎﺧﺬوا ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻌﻟﻮﻤﺎت وﻳﻨﺳﻗﻮﻧﻬﺎ ﻳﺷﻛﻞ ﺠﺬري‬ ‫ﻳﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻠﻣﻨﻄﻖ واﻠﻌﻗﻞ‪ ،‬وﻜﺎن ذﻠﻚ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ ٦٠٠‬ق‪ .‬م ﺣﻴﺚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ١٩‬‬ ‫اﺴﺲ ﺗﺎﻠﺲ اول ﻋﻣﻟﻴﺔ اﺴﺘﻨﺘﺎﺠﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﻨﺎ ﻧﺟﺪ اﻧﻔﺳﻨﺎ ا ﻤﺎم اﻋﺎدة ﻘﺮاءة ﻠﻬﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ وﻓﻖ اﻠﺒﻌ ﺪ‬ ‫اﻠﺷﻣﻮﻠﻲ ﻠﻟﺤﻀﺎرة اﻠﺳﻮر ﻳﺔ‪ ،‬وﻠﻴﺲ ﻜﻣﺎ ﺑﺪا ﻠﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﻴﻼﻧﺷﻮن ‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻠﺘﺪاﺧﻞ ﺿﻣﻦ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ‪/‬ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻪ‪ ،/‬اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ ـ ـ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻘﺘﺼﺎدي ـ ـ اﻠﺮو ﺣﻲ‪ ،‬ووﺣﺪة اﻠﺤﻴﺎة اﻠﺘﻲ اﻜﺪﺗﻬﺎ اﻠﻛﺷﻮﻓﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺛﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﺗﺟﻌﻟﻨﺎ ﻧﻗ ﺮا ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ﺿﻣﻦ اﻃﺎرﻩ اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﻲ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻲ‪،‬‬ ‫ﻓﻼ ﻳﻣﻛﻦ ٔان ﻧﻨﻈﺮ ٕا ﻠﻴﻪ ﺿﻣﻦ ّ‬ ‫اﻠﺤﻴﺰ اﻠﺬي وﺿﻌﻪ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻼﻧﺷﻮن‪،‬‬ ‫ﻓﻬﻮ ﻠﻴﺲ ﻤﻨﺟﺰ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺠﺰﻳﺮة ﻤﻨﻌﺰﻠﺔ اﺴﻣﻬﺎ ﺑﺎﺑﻞ‪ ،‬وﺑﺎﻠﺘﺎﻠﻲ ﻓﺜﻣﺔ‬ ‫ﺴﻟﺳﻟﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ اﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ﺗﺤﻛﻢ ﻇﻬﻮ ر ٕواﺑﺪاع ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ‪ ،‬ﻋﻨﻴﺖ‬ ‫ﻓﻲ ذﻠﻚ اﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﻠﺪﻳﻣﻐ ﺮاﻓﻲ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ اﻠﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﻤﺳﺎر اﻠﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻻ ﻜﺎدﻳﻴﻦ واﻠﺳﻮﻤﺮﻳﻴﻦ واﻠﻌﻣﻮر ﻳﻴﻦ واﻠﺒﺎﺑﻟﻴﻴﻦ واﻻ ﺸﻮر ﻳﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫واﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﻴﻦ واﻻ راﻤﻴﻴﻦ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ا دى ٕا ﻠﻰ ﻇﻬﻮر ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ وﻏﻴ ﺮﻩ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﻣﻨﺟﺰات ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻬﺬا ﻓﻨﺤﻦ اﻤﻴﻞ ﻠﻼ ﺧﺬ ﺑﻣﺒﺪا اﻠﺷﻣﻮل ﻓﻲ ﻘﺮاءة ﻤﻄﻟﻖ ﻤﻨﺟﺰ‬ ‫ﻤﺳﺘﻨﺪﻳﻦ ﻋﻟﻰ اﻠﻮاﻘﻊ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ‪ ،‬ﻫﻨﺎك ﻤﺳﺎ ﻠﺔ ﻤﻬﻣﺔ ﻃﺮﺣﻬﺎ اﻠﺒﺎﺣﺚ وﺗﺘﻌﻟﻖ ﺑﻬﻮ ﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺎﻠﺲ‪ ،‬ﻓﺤﺳﺐ ﺑﻴﻼﻧﺷﻮن ا ن ﺗﺎﻠﺲ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻲ!‪ ،‬ﻫﻮ اﻠﺬي رﺑﻂ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻌﻟﻮﻤﺎت اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﺔ ﺑﺎﻠﻣﻨﻄﻖ واﻠﻌﻗﻞ وا ﺴﺲ ا ول ﻋﻣﻟﻴﺔ‬ ‫اﺴﺘﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ‪ .‬ﻠﻛﻦ اﻠﺤﻗﺎﺋﻖ اﻠﻌﻟﻣﻴﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺪﺣﺾ اﻋﺘﺒﺎر ﺗﺎﻠﺲ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺎ وﺗﻌﻴﺪﻩ ٕاﻠﻰ ﻫﻮﻳﺘﻪ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻗﺪ ذﻜﺮ ﻫﻴﺮو دوس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﺗﺎﻠﺲ ﻫﻮ ﺴﻮري‪ ،‬ﻓﻴﻨﻴﻗﻲ‪ ،‬وا ّﻜﺪ ذﻠﻚ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮ رس وارﺴﻄ ﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وا رﻳﺳﺘﻮﻜﺳﺎن‪ ،‬وﺗﺆﻜﺪ اﻠﻣﻌﻄﻴﺎت اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔا ن ﻃﺎﻠﻴﺲ وﻠﺪ ﻓﻲ ﺻﻴﺪا‬ ‫وﻫﺎﺠﺮ ٕا ﻠﻰ ﺠﺰﻳﺮة ﺴﺎﻤﻮس اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﺎد ٕا ﻠﻰ ﺴﻮر ﻳﺔ واﺗﺼﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻣﺪرﺴﺔ ﻤﻮﺧﻮس ﻓﻲ ﺻﻮر واﻋﺘﺰل ﻓﻲ ا ﺣﺪ اﻠﻬﻴﺎﻜﻞ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ‬ ‫ﻓﻟﺳﻄﻴﻦ ﺛﻢ ﻫﺎﺠﺮ ٕاﻠﻰ ﻤﺼﺮ وﺑﺎﺑﻞ ﺣﻴﺚ ﻘﻀﻰ ﻋﺷﺮ ﺴﻨﻮات ‪ .‬وﺣﻴﻦ‬

‫ٔ‬ ‫ﻜﺎن ﻓﻲ ‪ ٥٦‬ﻤﻦ اﻠﻌﻣﺮ ذﻫﺐ ٕا ﻠﻰ ﺴﺎﻤﻮس واﺴﺲ ﻤﺪرﺴﺘﻪ ﻫﻨﺎك‪.‬‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻜﻞ ﻫﺬا ﻳﻣﻛﻨﻨﺎ ﻓﻬﻢ ﻤﻨﺟﺰﻧﺎ اﻠﺮﻳﺎﺿﻲ وﻓﻬﻢ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﻧﻗﻟﻪ ٕاﻠﻰ‬ ‫ﺑﻌﺪﻩ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ دوﻧﻣﺎ ﺗﻌﺼﺐ وﻠﻛﻦ ﺑﻌﺼﺒﻴﺔ وﻋﻟﻣﻴﺔ‪ ،‬وﻋﻟﻰ ﻫﺬا ﻳﻗﻮل‬ ‫ﺑﻴﻼﻧﺷﻮن‪ٕ » :‬اﻧﻨﺎ ﻤﺪﻳﻨﻮن ﻠﻟﺒﺎﺑﻟﻴﻴﻦ‪ ،‬ﻫﺆﻻء اﻠﻣﻔﻛﺮون اﻠﻌﻈﺎم اﻠﺬﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ٢١‬‬ ‫ﺴﺎﻫﻣﻮا ﻓﻲ وﺿﻊ اﺴﺎﺴﺎت اﻠﻌﻟﻢ اﻠﺮﻳﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻠﺤﻀﺎرة ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ«‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ول دﻳﻮراﻧﺖ ﻓﻴﺷﻴﺮ ٕاﻠﻰ ﺑﺎﺑﻞ ﻓﻲ اﻻ ﻠﻒ اﻻول ق‪ .‬م ‪/‬وﻫﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﺘﻣﺮارﻳﺔ ﻠﺒﺎﺑﻞ ﻓﻲ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺜﺎﻧﻲ ق‪ .‬م ‪ /‬ﺑﺎﻠﻗﻮل‪» :‬ﻤﻦ ﺑﺎﺑﻞ ﺠﺎء اﻠﻴﻮﻧﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻮاﻠﻮن ٕاﻠﻰ ﻤﺪﻧﻬﻢ ﺑﺎﻠﻗﻮاﻋﺪ اﻻﺴﺎﺴﻴﺔ ﻠﻌﻟﻮم اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت واﻠﻔﻟﻚ‬ ‫ٓ‬ ‫واﻠﻄﺐ واﻠﻨﺤﻮ وﻓﻗﻪ اﻠﻟﻐﺔ وﻋﻟﻢ اﻻﺛﺎر واﻠﺘﺎرﻳﺦ واﻠﻔﻟﺳﻔﺔ‪ ،‬وﻤﻦ اﻠﻣﺪن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ اﻧﺘﻗﻟﺖ ﻫﺬﻩ اﻠﻌﻟﻮم ٕاﻠﻰ روﻤﺎ وﻤﻨﻬﺎ ٕاﻠﻰ اﻻوروﺑﻴﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﻤﺮﻳﻛﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻠﻴﺳﺖ اﻻﺴﻣﺎء اﻠﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻠﻴﻮﻧﺎن ﻠﻟﻣﻌﺎدن واﺑﺮاج‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﻨﺟﻮم واﻠﻣﻮازﻳﻦ واﻠﻣﻗﺎﻳﻴﺲ واﻻ ﻻت اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﻴﺔ واﻠﻛـﺜﻴﺮ ﻤﻦ اﻠﻌﻗﺎﻘﻴﺮ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻴﺳﺖ ﻫﺬﻩ ﻜﻟﻬﺎ ٕاﻻ ﺗﺮاﺠﻢ ﻻ ﺴﻣﺎﺋﻬﺎ اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ٕاﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻻﺣﻴﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ﻻ ﺗﻌﺪو ان ﺗﻛﻮن ﺑﺪﻳﻼ ﻠﺤﺮوﻓﻬﺎ ﻤﻦ اﻻﺣﺮف اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﺔ ٕا ﻠﻰ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ« ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫وﻳﻌﻗﺐ‪» :‬ﻠﻗﺪ اﻧﺘﻗﻟﺖ ﺣﻀﺎرة ارض اﻠﻨﻬﺮﻳﻦ ﻤﻦ ﻤﻬﺪﻫﺎ واﺿﺤﺖ‬ ‫ﻋﻨﺼ ًﺮا ﻤﻦ اﻠﺘﺮاث اﻠﺜﻗﺎﻓﻲ ﻠﻟﺟﻨﺲ اﻠﺒﺷﺮي«‪ (٢٢) .‬وﺗﻨﺒﻐﻲ ا ٕﻻﺸﺎرة ﻫﻨﺎ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺧﺮﺠﺖ ﻤﻦ ﻤﻌﻄﻒ اﻠﺘﺟﺎرة واﻠﻨﺷﺎط اﻠﺘﺟﺎري‪ ،‬ﻻ ﺑﻞ ا ن‬ ‫ﻋﻟﻢ اﻠﻔﻟﻚ اﻧﺒﺜﻖ ﻤﻦ ﺗﺤﺎﻠﻒ اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﻤﻊ اﻠﻣﻌﺘﻗﺪات اﻠﻣﺎوراﺋﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻳﺷﻴﺮ د‪ .‬ﺣﺮﺑﻲ ﻋﻄﻴﺘﻮ ﻓﻲ ﻤﺆﻠﻔﻪ »ﻤﻼﻤﺢ اﻠﻔﻛﺮ اﻠﻔﻟﺳﻔﻲ واﻠﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ‬ ‫ﻤﺪرﺴﺔ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ« ٕاﻠﻰ ﺗﻗﺪم اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ »ﺗﻗﺪم ﻋﻟﻢ اﻠﻬﻨﺪﺴﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ‪ ،‬ﻫﺬا اﻠﺘﻗﺪم اﻠﻛﺒﻴﺮ ﻠﺪرﺠﺔ اﻧﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺎن ﺑﻣﻗﺪورﻫﻢ ان ﻳﻗﺪروا اﻠﻣﺳﺎﺣﺎت اﻠﻣﻌﻗﺪة وﻤﺳﺎﺣﺎت اﻻﺸﻛﺎل ﻏﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺘﻈﻣﺔ‪ ،‬وادرﻜﻮا ان اﻠﺰاوﻳﺔ اﻠﻣﺮﺴﻮﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﺼﻒ اﻠﺪاﺋﺮة ﻫﻲ زاوﻳﺔ‬ ‫ﻘﺎﺋﻣﺔ«‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ﻋﻦ ﻤﺪى اﻠﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻠﻬﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ﻓﻴﺆﻜﺪ ﻋﻟﻰ »ان ﻫﺬﻩ‬ ‫اﻠﻌﻟﻮم اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻧﺘﻗﻟﺖ ٕاﻠﻰ اﻠﻴﻮﻧﺎن‪ ،‬وﻧﻟﻣﺲ ﺑﺮاﻋﺔ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻴﻦ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﺒﺮ ﻋﻨﺪ ارﺧﻣﻴﺪس )اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ ق‪ .‬م( وﻫﻴﺮون )اﻠﻗﺮون اﻻوﻠﻰ‬ ‫)‪( ٢٣‬‬ ‫اﻠﻣﻴﻼدﻳﺔ ( ودﻳﻮﻓﻨﺘﻮس ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺼﻒ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ اﻠﻣﻴﻼدي«‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻳﺆﻜﺪ اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻏﻮردون ﺗﺷﺎﻳﻟﺪ ان »ا ﺴﺲ ﻋﻟﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت وﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﺑﻼد ﺣﻮض اﻠﻨﻬﺮﻳﻦ‪ ،‬واﻜـﺜﺮ اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻄﻮرت ﻋﻦ ﺗﻟﻚ اﻻﺻﻮل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت اﻠﻬﻟﻨﺳﺘﻴﺔ واﻠﻌﺮﺑﻴﺔ « ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﻮ ﻤﺎ ﻳﺆﻜﺪﻩ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﻫﻨﺮي ﻓﺎن ﻠﻮن ﻤﻦ ان ﻤﻌﺮﻓﺘﻨﺎ اﻠﻌﺼﺮﻳﺔ ﺑﺎﻠﻔﻟﻚ‬ ‫واﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺗﻗﻮم ﻋﻟﻰ ﻤﺒﺎدئ وﺿﻌﻬﺎ اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﻮن ‪.‬‬ ‫وﻳﻮﺿﺢ ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ ﻤﺎﺣﻗﻗﻪ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻮن ﻓﻲ ﻤﺟﺎل اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻗﻮﻠﻪ‪ :‬اﺻﺒﺢ اﻠﻌﺪد‪ ٦٠‬وﻫﻮ ﻤﺮﻜﺐ اﻠﻌﺷﺮة‪ ،‬واﻠﻌﺪد اﺛﻨﺎ ﻋﺷﺮ وﻫﻮ اﺣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻرﻘﺎم اﻠﺘﻲ ﻳﻨﻗﺳﻢ ﻋﻟﻴﻬﺎ ﻋﺪد‪ ،٦٠‬اﺴﺎﺴﻴﻦ ﻠﻨﻈﺎﻤﻴﻦ ﺣﺳﺎﺑﻴﻴﻦ ﻳﻌﺮف‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻول ﺑﺎﻠﻨﻈﺎم اﻠﺳﺘﻴﻨﻲ واﻠﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻠﻨﻈﺎم اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺷﺮي‪ .‬وﻻ ﻳﺰال اﻠﻨﻈﺎم‬ ‫ً‬ ‫اﻠﺳﺘﻴﻨﻲ ﻤﺳﺘﻌﻣﻼ ﻓﻲ ﺗﻗﺳﻴﻢ اﻠﺳﺎﻋﺔ واﻠﺪﻘﻴﻗﺔ‪ ،‬وﻜﺬﻠﻚ ﻤﺮﻜﺐ اﻠﺳﺘﻴﻦ‬ ‫اﻠﺬي اﺴﺘﻌﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﻗﺳﻴﻢ اﻠﺪاﺋﺮة اﻠـ ـ‪ ٣٦٠‬درﺠﺔ‪.‬‬ ‫ٔاﻤﺎ ﻠﺟﻬﺔ ﺗﻮاﺻﻟﻴﺔ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ا ً‬ ‫ﻧﺳﺎﻧﻴﺎ ﻓﻴﺆﻜﺪ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻗﺎﻠﻪ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٕ‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻢ‪» :‬ﻓﺎﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﻋﻨﺪ اﻠﺷﻌﻮب ا ٕﻻ ﺴﻼﻤﻴﺔ واﻠﻬﻨﺪﻳﺔ ﻜﺎﻧﺖ ﻤﺘﺼﻟﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺤﻟﻗﺎت ﺑﺎﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻋﺒﺮ اﻠﻛـﺘﺎﺑﺎت اﻻراﻤﻴﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴﺔ «‪ (٢٤) .‬وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻟﻢ ان ﻓﺎﻋﻟﻴﺔ اﻻراﻤﻴﻴﻦ اﻠﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻻ ﻠﻒ اﻻول ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد اﺴﺘﻣﺪت اﺴﺎﺴﺎﺗﻬﺎ ﻤﻦ اﻠﺜﻗﺎﻓﺎت اﻠﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﺒﻗﺘﻬﺎ ﻤﻦ ﻜﻨﻌﺎﻧﻴﺔ واﻜﺎدﻳﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺟﺎل ﻓﻛﺮة اﻠﺰﻤﻦ وﻋﻟﻢ اﻠﻔﻟﻚ ‪ :‬ﻓﻗﺪ ﻘﺪر اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺰﻤﻦ ﺑﺎﻠﺳﺎﻋﺔ اﻠﻣﺎﺋﻴﺔ واﻠﻣﺰو ﻠﺔ‪ ،‬وﻘﺳﻣﻮا اﻠﺷﻬﺮ ٕا ﻠﻰ ارﺑﻌﺔ اﺴﺎﺑﻴ ﻊ‬ ‫) ‪( ٢٠‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٦‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﺎ اﻟﻤﺸﺮﻗﻴﺔ‬

‫ٔ ٔ‬ ‫ٕاذا ﻜﺎن ﺗﺎرﻳﺦ اﻘﺪم رﻘﻴﻢ ﻤﻮﺴﻴﻗﻲ ﻤﺷﺮﻘﻲ ﻳﻌﻮد ٕا ﻠﻰ ﺣﻮاﻠ ﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ١٨٠٠‬ق‪.‬م ﻋﺒﺮ اﻠﻔﺎﻋﻟﻴﺔ اﻻ ﻜﺎدﻳﺔ ٕﻓﺎن ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ ﻜﻲ ﻳﺼﻞ ٕا ﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺪوﻳﻦ ﻋﻟﻰ اﻠﺮﻘﻴﻢ ﻻ ﺑﺪ ا ﻧﻪ ﻘﺪ ﺴﺒﻗﺘﻪ ﺗﻔﺎﻋﻼت وﻤﺨﺎﺿﺎت ادت ٕا ﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺪوﻳﻨﻪ ورﺑﻣﺎ ﺗﻌﻮد ﻫﺬﻩ اﻠﺘﻔﺎﻋﻼت ﻻ ﻠﻔﻲ ﺴﻨﺔ ﺴﺎﺑﻗﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻧﺤﻦ ﻧﻌﺘﻗﺪ ا ﻧﻪ ﻤﻊ ﻧﺷﻮء اﻠﻣﻌﺒﺪ واﻠﺬﻫﻨﻴﺔ اﻠﻣﻌﺘﻗﺪﻳﺔ ﻜﺎن ﺛﻣﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺷﺎط ﻤﻮﺴﻴﻗﻲ ﻤﺮاﻓﻖ‪ ،‬وﻤﻊ اﻻ ﻠﻒ اﻠﺜﺎﻠﺚ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد وﻧﺘﻴﺟﺔ ﻻﻧﻔﺼﺎل‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻌﺒﺪ ﻋﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ وﻧﺷﻮء اﻠﺳﻟﻄﺔ اﻠﺰﻤﻨﻴﺔ ﺑﺪات اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ اﻠﻣﻌﺘﻗﺪﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺎ ﺧﺬ ﺣﻴﺰﻫﺎ اﻠﻣﻌﺒﺪي ﻓﻲ ﻤﻗﺎﺑﻞ ﻇﻬﻮر ﻤﻮﺴﻴﻗﺎ ﻤﺪﻧﻴﺔ ﺗﺘﺮاﻓﻖ ﻤﻊ‬ ‫ﻧﺷﺎﻃﺎت وﻓﺎﻋﻟﻴﺎت اﻠﺤﻴﺎة اﻠﻌﺎﻤﺔ اﻠﻴﻮﻤﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﺬا ﻤﺎ ادى ٕاﻠﻰ ﺗﺒﻟﻮر اﻠﻣﻌﻄﻰ اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﻲ اﻠﺤﻀﺎري ﻓﻲ ﺗﺪوﻳﻨﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ اﻠﺮﻘﻢ ﺴﻮاء ﻓﻲ ‪ ١٨٠٠‬ق‪ .‬م او ﺑﻌﺪ ذﻠﻚ ﺑﺤﻮاﻠﻲ ‪ ٤٠٠‬ﻋﺎم ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻏﺎرﻳﺖ‪ .‬ﻳﻗﻮل اﻠﺒﺎﺣﺚ راؤول ﻓﻴﺘﺎﻠﻲ‪» :‬ﻋﺜﺮ ﻓﻲ ﺠﻨﻮب اﻠﻌﺮاق ﻋﻟﻰ ﻋﺪة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻮﺣﺎت ﺗﻌﻄﻲ اﻠﻛـﺜﻴﺮ ﻤﻦ اﻠﻣﻌﻟﻮﻤﺎت ﻋﻦ اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ اﻻ ﻜﺎدﻳﺔ‪ ..‬وان ﻠﻮﺣﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫)‪( ٣٣‬‬ ‫ﺗﻄﺒﻴﻗﺎ ﻠﻬﺬﻩ اﻠﻣﻌﻟﻮﻤﺎت‪«/.‬‬ ‫‪/‬رﻘﻴﻢ اوﻏﺎرﻳﺖ ﻠﻴﺳﺖ ٕا ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﻫﺬا اﻠﺒﺎﺣﺚ ٕاﻠﻰ ان اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ اﻻ ﻜﺎدﻳﺔ ﺗﺷﺒﻪ ﻤﻮﺴﻴﻗﺎﻧﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣﺎ ﺗﺷﺒﻬﻬﺎ اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴﺔ‪ .‬وﻘﺪ ﻋﺜﺮ ﻓﻲ اوﻏﺎرﻳﺖ ﻋﻟﻰ اﻠﻮاح ﻃﻴﻨﻴﺔ‬ ‫ﺗﺤﻮي ً‬ ‫ﻘﻄﻌﺎ ﻤﻮﺴﻴﻗﻴﺔ ﺗﻌﻮد ٕاﻠﻰ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ١٤٠٠‬ق‪ .‬م وﺗﺒﻴﻦ ﻧﺘﻴﺟﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪراﺴﺔ ان ﻫﺬﻩ اﻻ ﻠﻮاح ﻫﻲ اﻻﺴﺎس ﻓﻲ ﻋﻟﻢ اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ اﻠﻐﺮﺑﻲ اﻠﺬي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻘﺎﻤﻪ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮ رس ﻋﺎم ‪ ٥٠٠‬ق‪ .‬م‪ .‬وﻘﺪ اﺛﺒﺘﺖ اﻠﻌﺎﻠﻣﺔ ﻜﻴﻟﻣﺮ ان ﻤﻮﺴﻴﻗﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻏﺎرﻳﺖ اﻠﺘﻲ ﺗﻗﻮم ﻋﻟﻰ اﻠﺳﻟﻢ اﻠﺳﺒﺎﻋﻲ اﻠﺪﻳﺎﺗﻮﻧﻲ ﻫﻲ اﺴﺎس اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ‬ ‫)‪( ٣٤‬‬ ‫اﻠﻐﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺼﻞ اﻠﺒﺎﺣﺚ ﻓﻴﺘﺎﻠﻲ ٕاﻠﻰ ا ن ﺴﻟﻢ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮ رس ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻲ وﺴﻟﻢ‬ ‫ﺻﻔﻲ اﻠﺪﻳﻦ اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻤﺎ ﻫﻣﺎ ٕاﻻ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺧﻟﻒ ﻠﻟﺳﻟﻢ اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٣٥‬‬ ‫اﻻ ﻜﺎدي‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ اﻤﺪﺗﻨﺎ اﻠﻟﻗﻰ اﻻﺛﺮﻳﺔ واﻠﻣﺪوﻧﺎت ﺑﻣﻌﻟﻮﻤﺎت ﻋﻦ اﻻت ﻤﻮﺴﻴﻗﻴﺔ‬ ‫ﻜﺎﻧﺖ ﺗﺳﺘﻌﻣﻞ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ ﻤﺜﻞ اﻠﻨﺎي واﻠﻗﺎﻧﻮن وﻤﺰاﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺮب واﻠﻄﺒﻮل وﻘﺮون وﻤﺰاﻤﻴﺮ واﺑﻮاب وﺻﻨﻮج ‪.‬‬ ‫وﺗﺨﺒﺮﻧﺎ اﻠﺮﻘﻢ ﻤﻦ ﻋﺪة ﻤﻮاﻘﻊ ﻤﺷﺮﻘﻴﺔ ﻋﻦ وﺠﻮد ﻓﺮق ﻤﻮﺴﻴﻗﻴﺔ‬ ‫واﻧﺘﻗﺎﻠﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻤﺪن اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ وﻋﻦ وﺠﻮد ﻤﻐﻨﻴﻴﻦ ﻳﻌﺰﻓﻮن وﻳﻐﻨﻮن‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻬﻴﺎﻜﻞ واﻠﻗﺼﻮر واﻠﺒﻴﻮت ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﺪﻳﺮ ذﻜﺮﻩ ﻫﻨﺎ ان ﺧﻂ اﻠﺘﻮاﺻﻞ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ واﻠﺬي ﻤﺎرﺴﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﻮن وﻤﻦ ﺛﻢ اﻻراﻤﻴﻮن واﻠﺳﺮﻳﺎن ادى ٕاﻠﻰ ﺗﻄﻮر اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ ﻤﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺼﻮر واﻧﺘﻗﺎﻠﻬﺎ ٕاﻠﻰ اﻠﻣﺟﺎل اﻠﺤﻴﻮي اﻠﻣﺘﻮﺴﻄﻲ اﻻورﺑﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺷﻴﺮ اﻠﻣﺆرخ اﻠﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ارﻧﻮﻠﺪ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ ٕاﻠﻰ ان اﻻ ﺴﻟﻮب اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ واﻠﺷﻌﺮ اﻻﺑﺘﻬﺎﻠﻲ اﻠﺬي اﺻﺒﺢ اﻠﻣﻟﻚ اﻠﻣﺷﺘﺮك ﻠﺟﻣﻴﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﻌﻮب اﻠﺷﺮﻘﻴﺔ اﻻرﺛﻮذﻜﺳﻴﺔ وﺿﻌﻪ ﺴﻮري ﻤﺳﻴﺤﻲ )ﺧﻟﻗﺪوﻧﻲ( ﻫﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫روﻤﺎﻧﺲ )‪ ٤٨٠‬ـ ـ ‪ (٥٥٠‬م وﻘﺪ ﻜـﺘﺐ روﻤﺎﻧﺲ اﺸﻌﺎرﻩ ﺑﺎﻠﻛﻮﻳﻨﻲ اﻻﺗﻴﻛﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ ﻠﻛﻦ ﺗﻔﺎﻋﻴﻟﻪ واﻧﺎﺸﻴﺪﻩ ﻜﺎﻧﺖ ﺴﻮر ّﻳﺔ‪ ،‬وﻳﺷﻴﺮ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ ٕاﻠﻰ ان ﻫﺬﻩ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ﺠﺪﻳﺪا‬ ‫ﻤﻨﻄﻟﻗﺎ‬ ‫اﻠﺨﻄﻮة ﺑﺎﻠﻨﺳﺒﺔ ٕاﻠﻰ اﻠﻣﻮﺴﻴﻗﺎ واﻠﺷﻌﺮ اﻠﻴﻮﻧﺎﻳﻴﻦ ﻜﺎﻧﺖ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻨﻌﺷﺎ )‪.(٣٦‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ﻜﻣﺎ ﻘﺳﻣﻮا اوﺠﻪ اﻠﺳﺎﻋﺔ ٕا ﻠﻰ اﺛﻨﻲ ﻋﺷﺮ ﺴﺎﻋﺔ واﻠﺳﺎﻋﺔ ٕا ﻠﻰ ﺴﺘﻴ ﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫دﻘﻴﻗﺔ واﻠﺪﻘﻴﻗﺔ ٕا ﻠﻰ ﺴﺘﻴﻦ ﺛﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻜﻞ ﻫﺬا اﺗﺒﻊ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ او ﺠﻪ‬ ‫اﻠﻣﻌﻣﻮرة ٕا ﻠﻰ ﻳﻮﻤﻨﺎ ﻫﺬا ‪.‬‬ ‫ﻳﻗﻮل ﺠﻮ رج ﻜﻮﻧﺘﻨﻮ‪ :‬ﻧﺤﻦ ﻤﺪﻳﻨﻮن ﻠﻟﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ﺑﺬﻠﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻮن اﻠﻀﺨﻢ واﻠﺟﺒﺎر اﻠﺬي اﻤﺪﻧﺎ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻜﻞ ﻤﺎ ﻳﺘﻌﻟﻖ ﺑﺎﻠﻄﺐ‬ ‫)‪( ٢٥‬‬ ‫وﻋﻟﻢ اﻠﻔﻟﻚ واﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﺟﺪﻳﺮ ذﻜﺮﻩ ان اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻴﻦ ﻘﺳﻣﻮا اﻠﺰﻤﻦ ٕاﻠﻰ ﺴﻨﻴﻦ‪ ،‬وﻘﺳﻣﻮا‬ ‫ر ّ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺘﻲ ا ن‬ ‫اﻠﺳﻨﺔ ٕاﻠﻰ ‪ ١٢‬ﺸﻬ ًﺮا‪ ،‬وﻜﻞ اﺴﺒﻮع ٕاﻠﻰ ﺴﺒﻌﺔ اﻳﺎم‪ .‬وﻳﻮ د‬ ‫ً‬ ‫وﻧﻈﺎﻤﺎ‬ ‫اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ ﻧﻗﻟﻮا ٕاﻠﻰ اﻠﻴﻮﻧﺎن ﺗﻗﺳﻴﻢ اﻠﺰﻤﻦ واﻠﺳﺎﻋﺎت اﻠﺷﻣﺳﻴﺔ‪..‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻠﻛﺳﻮف واﻠﺨﺳﻮف‪ ،‬وان ﻋﻼﻤﺎت اﻻﺑﺮاج ا ٕﻻﺛﻨﻲ ﻋﺷﺮ اﻠﻣﻮﺠﻮدة‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ً‬ ‫ﺗﻗﺮﻳﺒﺎ اﻠﻌﻼﻤﺎت اﻻﺸﻮرﻳﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﺎ ٕﻻﺿﺎﻓﺔ ٕاﻠﻰ اﻧﻈﻣﺔ‬ ‫ﻠﺪﻳﻨﺎ اﻻن ﻫﻲ‬ ‫)‪(٢٦‬‬ ‫اﻠﻣﻮازﻳﻦ واﻠﻣﻗﺎﻳﻴﺲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺘﻔﻖ اﻠﺒﺎﺣﺜﻮن ﻋﻟﻰ ان ﻋﻟﻢ اﻠﻔﻟﻚ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻜﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٢٧‬‬ ‫اﻠﻣﺼﺪر اﻠﺮﺋﻴﺲ اﻠﺬي اﺴﺘﻗﺖ ﻤﻨﻪ اوروﺑﺎ ﻓﻴﻣﺎ ﺑﻌﺪ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ٓ‬ ‫وﻠﻢ ﺗﻛﻦ ا ﻠﻴﺔ ﻧﻗﻞ اﻠﻣﻨﺟﺰ ﻓﻲ ﺧﻄﻮﻃﻪ اﻠﻌﺎﻤﺔ‪ ،‬اﻻ ﻋﻟﻰ ﻳﺪ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻠﺟﻨﺎح اﻠﻐﺮﺑﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ وﻻﺴﻴﻣﺎ‬ ‫اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﻴﻦ)‪ ،(٢٨‬وﻋﻟﻰ ﻫﺬا ﻳﻗﻮل ول دﻳﻮراﻧﺖ‪» :‬ﻧﻗﻞ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻟﻮم واﻠﻔﻨﻮن ﻤﻦ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ وﻧﺷﺮوﻫﺎ ﻓﻲ اﻠﻴﻮﻧﺎن واﻓﺮﻳﻗﻴﺎ‬ ‫ٕواﻳﻄﺎﻠﻲ واﺴﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬و رﺑﻄﻮا اﻠﺷﺮق ﺑﺎﻠﻐﺮب ﺑﺷﺒﻛﺔ ﻤﻦ اﻠﺮواﺑﻂ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺟﺎرﻳﺔ واﻠﺜﻗﺎﻓﻴﺔ وﺸﺮﻋﻮا ﻳﻨﺘﺷﻟﻮن اورﺑﺎ ﻤﻦ ﺑﺮاﺛﻦ اﻠﻬﻣﺟﻴﺔ« ) ‪. (٢٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﺬا اﻠﻣﻨﺟﺰ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﻓﻲ ﻋﻟﻢ اﻠﻔﻟﻚ وﻻ ﺴﻴﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻟﻢ اﻻرﺻﺎد‬ ‫اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﺔ اﺴﺘﻔﺎد ﻤﻨﻪ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﻋﺒﺮ ﻧﻗﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻬﺬا اﻠﻌﺎﻠﻢ ﻫﺒﺎرﻓﻮس اﻠﻔﻟﻛﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ واﺿﻊ ﻋﻟﻢ اﻠﻔﻟﻚ اﻠﺤﺪﻳﺚ ﻘﺪ اﺴﺘﻔﺎد ﻤﻦ اﻻرﺻﺎد اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﺔ‬ ‫اﻠﺘﻲ اﻋﺘﻣﺪ ﻋﻟﻴﻬﺎ واﻠﺬي ﻋﺎش ﻓﻲ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻧﻲ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد‪ ...‬ﺛﻢ‬ ‫ﺑﻄﻟﻴﻣﻮس اﻠﺬي ﻋﺎش ﻓﻲ ا ٕﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻧﻲ اﻠﻣﻴﻼدي واﻠﺬي‬ ‫ﻇﻞ ﻧﻈﺎﻤﺎﻩ اﻠﺟﻐﺮاﻓﻲ واﻠﻔﻟﻛﻲ ﻤﺳﺘﻌﻣﻼن ﺣﺘﻰ اﻠﻗﺮن اﻠﺳﺎدس ﻋﺷﺮ‬ ‫اﻠﻣﻴﻼدي‪ ،‬وﻤﻌﻟﻮم ﻤﺒﻟﻎ اﻋﺘﻣﺎدﻩ ﻋﻟﻰ ﻋﻟﻮم اﻠﻔﻟﻚ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ واﺴﺘﻔﺎدﺗﻪ‬ ‫ﻤﻨﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﻻ ٔﺑﺎس ﻫﻨﺎ ٔان ﻧﺬﻜﺮ ٔاﻧﻪ اﻜـﺘﺷﻒ ﻓﻲ ﻤﻮﻘﻊ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﺒﻮر ﻠﻮﺣﺎً‬ ‫ً‬ ‫ﻓﺨﺎرﻳﺎ ﻳﻌﻮد ٕاﻠﻰ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ١٥٠٠‬ق‪ .‬م ﻤﺮﺴﻮم ﻋﻟﻴﻪ ﻤﺨﻄﻂ ﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﺒﻮر ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺒﻴﻦ اﻫﻢ ﻤﻌﺎﻠﻢ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻠﻟﻮح وﻫﺬﻩ اﻠﺨﺮﻳﻄﺔ ﻤﻦ اﻘﺪم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺨﺮاﺋﻂ او ﻤﺨﻄﻄﺎت اﻠﻣﺪن ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﺒﺷﺮﻳﺔ‪ ....‬وﻫﺬا ﻤﺎ اﻜﺪﻩ اﻠﻌﺎﻠﻢ‬ ‫)‪( ٣٠‬‬ ‫اﻠﺮوﺴﻲ ﻏﻮﻻﻳﻒ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺟﺪﻳﺮ ذﻜﺮﻩ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ان اﻠﺘﺟﺎرة وﻻﺴﻴﻣﺎ اﻠﺒﺤﺮﻳﺔ ﻓﺮﺿﺖ‬ ‫ٕاﺸﺮاﻃﺎﺗﻬﺎ ا ٕﻻﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻜﻣﺎ ﻓﺮﺿﺖ اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت‪ ،‬وﻫﺬا ﻤﺎ ﺠﻌﻞ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻛـﺘﺷﻔﻮن ﻧﺟﻢ اﻠﻗﻄﺐ اﻠﺷﻣﺎﻠﻲ اﻠﺬي ادى ٕاﻠﻰ ﻧﺷﺎط اﻠﺘﺟﺎرة اﻠﺒﺤﺮﻳﺔ‬ ‫اﻠﻟﻴﻟﻴﺔ وﻫﺬا ﻤﺎ دﻓﻊ ا ٕﻻﻏﺮﻳﻖ ٕﻻﻃﻼق ﺗﺳﻣﻴﺔ »ﻧﺟﻢ اﻠﻔﻴﻨﻴﻗﻴﻴﻦ« ﻋﻟﻰ‬ ‫ﻧﺟﻢ اﻠﻗﻄﺐ اﻠﺷﻣﺎﻠﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ ﺠﻬﺔ اﺧﺮى ٕﻓﺎن ﺗﻗﺳﻴﻢ اﻻﺴﺒﻮع ٕاﻠﻰ ﺴﺒﻌﺔ اﻳﺎم ﻋﻨﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﻴﻦ اﻠﻗﺪﻤﺎء ﻜﺎن ﻳﺘﺒﻊ ذﻫﻨﻴﺘﻬﻢ اﻠﺮوﺣﻴﺔ وﻜﺎن اﻋﺘﻗﺎدﻫﻢ ان ﺛﻣﺔ‬ ‫ا ً‬ ‫ﻠﻬﺎ ﻳﻗﺘﺮن ﺑﻛﻞ ﻧﺟﻢ ﻤﻦ اﻠﻨﺟﻮم اﻠﺳﻴﺎرة اﻠﺳﺒﻌﺔ )اﻠﺷﻣﺲ‪ ،‬اﻠﻗﻣﺮ‪،‬‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺮﻳﺦ ﻋﻄﺎرد‪ ،‬اﻠﻣﺷﺘﺮي‪ ،‬اﻠﺰﻫﺮة‪ ،‬زﺣﻞ( وﻘﺮﻧ ــﻮا اﻳﺎم اﻻﺴﺒﻮع ﺑﻬﺬﻩ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻻ ﻠﻬﺔ ﻓﺼﺎر ﻫﻨﺎك ﻳﻮم ٕﻻ ﻠﻪ اﻠﺷﻣﺲ »‪ «SUN DAY‬وﻳﻮم ٕﻻ ﻠﻪ اﻠﻗﻣﺮ‬ ‫» ‪ «MOON DAY‬وﻳﻮم ٕﻻ ﻠﻪ زﺣﻞ » ‪.«SATURDAY‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﺬا ﻤﺎ اﺴﺘﻣﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻤﻨﺎ ﻫﺬا ﻓﻲ اﺴﻣﺎء اﻻﻳﺎم او ﺑﻌﻀﻬﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫واﻋﺘﻣﺎدا ﻋﻟﻰ ﻫﺬا ﻜﻟﻪ ﺻﺎر ٕﺑﺎﻤﻛﺎﻧﻨﺎ ان ﻧﺘﻔﻬﻢ ﻤﻗﻮﻠﺔ اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﻔﺮﻧﺳﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻮرج ﻜﻮﻧﺘﻨﻮ ﻤﻦ ان »ﻤﺪﻧﻴﺔ اﻠﻐﺮب ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻠﻟﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ﺑﺎﻠﻛـﺜﻴﺮ‬

‫ٔ‬ ‫اﻠﻛـﺜﻴﺮ«)‪ ،(٣١‬وﻤﻗﻮﻠﺔ اﻠﺒﺎﺣﺚ روﺑﻴﺮت ﻻﻧﺪا ان »اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ‬ ‫ً‬ ‫ﻋﻈﻴﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻗﺪ ﻋﺎﺸﺖ ﻤﻨﺬ‬ ‫ﺸﺒﻪ اﻠﺟﺰﻳﺮة اﻻﻳﺒﺮﻳﺔ )ا ٕﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ( ﻠﻌﺒﺖ دورًا‬ ‫اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ ﻋﺷﺮ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد وﺣﺘﻰ اﻠﻗﺮن ٔاﻻول وﻤﺜﻟﺖ ﻃﺮ ًازا ً‬ ‫ﻤﻣﻴﺰا‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﺤﻀﺎرة اﻠﺘﻲ اﻧﺘﻗﻟﺖ ٕاﻠﻰ اﻻراﺿﻲ اﻠﻮاﻘﻌﺔ ٕاﻠﻰ اﻠﺟﻨﻮب ﻤﻦ ﺠﺒﺎل‬ ‫اﻠﺒﻴﺮﻳﻨﻴﻪ« )‪. (٣٢‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٧‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﻤﻨﺠﺰ اﻟﺤﻀﺎري اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻤﺸﺮﻗﻲ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻬﻠﻨﺴﺘﻲ ‪ ٣٣٣‬ـــ ‪ ٦٩‬ق‪ .‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻊ ﺗﺎﺴﻴﺲ ﺴﻟﻮﻘﺲ ﻧﻴﻛﺎﺗﻮر ﻠﻟﺪوﻠﺔ اﻠﺳﻟﻮﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬اﺻﺒﺤﻨﺎ ا ﻤﺎم ﺣﺎﻠﺔ ﻤﻦ اﻠﺘﻣﺎزج ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ واﻠﻔﻛﺮي ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻠﻢ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ وﻋﺎﻠﻢ اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ وﻻ ﺴﻴﻣﺎ اﻠﻐﺮب اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ر‬ ‫وﻳﺆﻜﺪ ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ ان ﺴﻮرﻳﺔ ﻜﺎﻧﺖ اﻠﻌﻣﻮد اﻠﻔﻗﺮي ﻠﻼﻤﺒﺮاﻃﻮ ﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻮﻘﻴﺔ ﻓﺎﻧﻄﺎﻜﻴﺔ ﻜﺎﻧﺖ راﺴﻬﺎ اﻠﺳﻴﺎﺴﻲ اﻤﺎ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﺴﻟﻮﻘﻴﺔ ﻓﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎﺻﻣﺘﻬﺎ اﻠﺘﺟﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻜﺎﻧﺖ اﻓﺎﻤﻴﺎ ﻤﻗﺮﻫﺎ اﻠﺤﺮﺑﻲ )‪.(٣٧‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻌﺼﺮ ﻧﺤﻦ ا ﻤﺎم ﻇﺎﻫﺮة اﺻﻴﻟﺔ ﻓﻲ ﻤﺟﺘﻣﻌﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻠﻣﻌﻟﻮم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔان اﻠﺳﻟﻮﻘﻴﻴﻦ ٔاﺴﺳﻮا ً‬ ‫ﻤﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺴﻮر ﻳﺔ ﻠﻢ ﺗﻛﻦ ﻤﻦ ﻘﺒﻞ او رﺑﻣﺎ ﻜﺎﻧﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻟﺪات ﺻﻐﻴﺮة ﺠﺮى ﺗﺎﺴﻴﺳﻬﺎ ﻤﻦ ﺠﺪﻳﺪ وﻓﻖ اﻠﻣﻨﻈﻮر اﻠﺳﻟﻮﻘﻲ اﻠﺳﻴﺎﺴﻲ‬ ‫واﻻﻘﺘﺼﺎدي واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬وﻋﻟﻰ ﻫﺬا ﺗﻢ ﺗﺷﻴﻴﺪ ﻤﺪن ﻤﺜﻞ اﻠﻼذﻘﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)ﻻودﻳﻛﻴﺔ( واﻧﻄﺎﻜﻴﺔ واﻓﺎﻤﻴﺎ ‪/‬اﺑﺎﻤﻴﺎ ‪ ./‬وﻫﺬﻩ اﻠﻣﺪن ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﻣﺎﺋﻬﺎ ﺑﻌﺪ زوال اﻠﺤﻛﻢ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ﻤﻊ ﺗﺤﺮﻳﻔﻬﺎ ﺑﺎﻠﻟﻔﻆ اﻠﻌﺮﺑﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻛﻦ اﻠﻴﻮﻧﺎن ﻜﺎﻧﻮا ﻘﺪ اﺠﺮو ا ﺗﺒﺪﻳﻼ ﻋﻟﻰ اﺴﻣﺎء اﻠﻣﺪن اﻠﺳﻮرﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺻﻟﻴﺔ واﻃﻟﻗﻮا ﻋﻟﻴﻬﺎ ﺗﺳﻣﻴﺎت ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ اﻧﻪ وﺑﺰوال اﻻﺣﺘﻼ ل‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ﻋﺎدت اﻠﻣﺪن اﻠﻰ ا ﺴﻣﺎﺋﻬﺎ اﻠﺤﻗﻴﻗﻴﺔ واﻻﺻﻟﻴﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ﻓﻌﻛﺎ ﻤﺜﻼ‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫اﺻﺒﺤﺖ ﺑﺘﻮﻠﻴﻣﺎس‪ ،‬وﻋﻣﺎن ﻓﻴﻼدﻠﻔﻴﺎ وﺑﻴﺳﺎن ﺴﻛـﺜﻴﻮﺑﻮﻠﻴﺲ وﺑﻴﺮو ت‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ٣٨‬‬ ‫ﻻودﻳﺳﻪ وﺣﻣﺎﻩ ا ﺑﻴﻐﺎﻧﻴﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﺮواﻗﻴﺔ‪ :‬ﻣﻨﺠﺰ ﻓﻠﺴﻔﻲ إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٕاذا ﻜﻨﺎ ﻧﻮاﻓﻖ ﻋﻟﻰ ان ﻜﻞ ﻤﺬﻫﺐ ﻓﻟﺳﻔﻲ ﻫﻮ اﺑﻦ ﻋﺼﺮﻩ‪ٕ ،‬ﻓﺎن‬ ‫ً‬ ‫اﻠﻣﺬﻫﺐ اﻠﺮواﻘﻲ ﻳﺷﻛﻞ ﺑﺎﻤﺘﻴﺎز ً‬ ‫ﺸﺮﻋﻴﺎ ﻠﻟﻌﺼﺮ اﻠﻬﻟﻨﺳﺘﻲ وﻤﻦ ﺛﻢ‬ ‫اﺑﻨﺎ‬ ‫ً‬ ‫ﺑﻌﺪا ا ً‬ ‫وﺻﻮﻻ اﻠﻰ اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ‪ .‬وﻘﺪ ﺣﻣﻞ ﻫﺬا اﻠﻣﺬﻫﺐ ً‬ ‫ﻧﺳﺎﻧﻴﺎ‬ ‫اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ور ؤﻳﺎ ٕاﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ﻳﺳﺘﻈﻞ ﺑﻬﺎ ﺠﻣﻴﻊ اﻠﺒﺷﺮ واﺴﺎﺴﻬﺎ اﻠﺘﺳﺎﻤﺢ واﻠﻌﺪاﻠﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ا ﺴﺲ ﻫﺬا اﻠﻣﺬﻫﺐ زﻳﻨﻮن اﻠﺮو اﻘﻲ اﻠﻛﻨﻌﺎﻧﻲ )‪ ٣٣٣‬ـ ـ ‪ (٢٦١‬ق ‪.‬‬ ‫م وﻫﻮ ﻤﻦ ﻤﻮاﻠﻴﺪ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻜﻴﺘﻮم ﻓﻲ ﻘﺒﺮص ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺒﺪو ان اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻬﻟﻨﺳﻴﺘﻲ ﻘﺪ ﺸﻬﺪ دﻋﻮات ﻤﺘﻣﺎﻳﺰة ﺑﻴﻦ ﺗﻔﻮق‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ ٕاﻠﻰ ازدﻫﺎر اﻠﻌﺒﻮدﻳﺔ وﺗﺟﺎرﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻤﺎ‬ ‫ﻤﺟﺘﻣﻌﺎت ﻋﻟﻰ اﺧﺮى‪ٕ ،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ادى ٕا ﻠﻰ ﺑﻟﺒﻟﺔ ﻓﻛﺮﻳﺔ وﺴﻴﺎﺴﻴﺔ واﺠ ﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ادت ٕاﻠﻰ ﺗﻨﺎزع ﺑﻴﻦ‬ ‫اﻠﻣﺬاﻫﺐ اﻠﻔﻟﺳﻔﻴﺔ واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ‪ .‬وﻫﺬا ﻤﺎ دﻓﻊ زﻳﻨﻮن اﻠﺮواﻘﻲ ‪ /‬اﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ٕ /‬اﻠﻰ ان ﻳﺤﺎول اﻻﺴﻬﺎم ﻓﻲ وﺿﻊ ا ﺴﺎﺴﺎت ﻠﻔﻛﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻧﺳﺎﻧﻲ ﺠﺪﻳﺪ اﺴﺎﺴﻪ اﻠﺘﺳﺎﻤﺢ واﻠﻣﺳﺎواة واﻠﻌﺪل‪ .‬وﺑﺬا ﻳﻛﻮن زﻳﻨﻮن‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﻣﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﻤﺟﺘﻣﻌﻪ وﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻗﺪ ﺗﺎ ﺴﺳﺖ اﻠﻔﻟﺳﻔﺔ او اﻠﻣﺬﻫﺐ اﻠﺮو اﻘﻲ ﻋﻟﻰ وﺣﺪة اﻠﺟﻨ ﺲ‬ ‫اﻠﺒﺷﺮي واﻠﻣﺳﺎواة ﺑﻴﻦ اﻠﻨﺎس وﻋﺪاﻠﺔ اﻠﺪوﻠﺔ واﻠﻣﺳﺎواة ﺑﻴﻦ اﻠﺮﺠﺎل‬ ‫ٓ‬ ‫واﻠﻨﺳﺎء واﺣﺘﺮام ﺣﻗﻮق اﻠﺰو ﺠﺔ واﻠﺘﺳﺎﻤﺢ وا ٕﻻﺣﺳﺎن ٕاﻠﻰ اﻻﺧﺮﻳﻦ‪،‬‬ ‫)‪( ٣٩‬‬ ‫واﻠﺷﻌﻮر ا ٕﻻ ﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻠﻀﺮورة اﻠﻗﺼﻮى ﻠﻟﻣﻌﺎﻘﺒﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﺘﺒﻴﺎن اﻫﻣﻴﺔ ﻫﺬﻩ اﻠﻔﻟﺳﻔﺔ ‪/‬ﺑﺮاﻳﻨﺎ‪ /‬ﻳﻨﺒﻐﻲ دراﺴﺘﻬﺎ وﻓﻖ ﻋﺼﺮﻫﺎ‬ ‫ٔ ً‬ ‫اوﻻ وﺿﻣﻦ دراﺴﺎت ﻤﻗﺎرﻧﺔ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻘﺒﻟﻬﺎ وﻤﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻤﻦ ﻤﺬاﻫﺐ‬ ‫وﻓﻟﺳﻔﺎت‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎم ‪ ٣٠٢‬ق‪ .‬م ﺑﺪا زﻳﻨﻮن ﻳﻌﻟﻢ ﻤﺬﻫﺒﻪ ﻓﻲ اﺛﻴﻨﺎ‪ ،‬وﻘﺪ اﺑﺎﻧﺖ‬ ‫ﻓﻟﺳﻔﺘﻪ ﻋﻦ ﺻﻟﺔ ﻤﺒﺎﺸﺮة ﺑﺎﻠﺮوﺣﻴﺔ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ وﻻ ﺴﻴﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﺗﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﻣﻮﻠﻴﺔ وا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ﻠﻼﺧﻮة اﻠﺒﺷﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻳﺒﺪو ا ّن زﻳﻨﻮن ﻜﺎن اﻠﻣﺒﺷﺮ‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻول ﻠﻈﻬﻮر اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ‪ .‬وﻘﺪ ﻋﻟﻢ ﻤﺬﻫﺒﻪ ﺑﺎﻠﻟﻐﺔ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ‪/‬ﻠﻐﺔ اﻠﻌﺼﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻧﺬاك‪ /‬وﻜﺎن ﻠﻪ اﺗﺒﺎع ﻤﻦ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ واﻠﺮوﻤﺎن‪ .‬وﻘﺪ ﻜـﺘﺐ ا ﺣﺪ ﺸﻌﺮاء‬ ‫اﻠﻴﻮﻧﺎن ﻋﻟﻰ ﺸﺎﻫﺪة ﻘﺒﺮﻩ ‪:‬‬

‫ٔ‬ ‫» ٕاذا ﻜﺎﻧﺖ ﺑﻼدك اﻻﺻﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﻓﻴﻨﻴﻗﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻬﻞ ﻳﺟﺐ ان ﻳﻀﻴﺮك ﻫﺬا ﺑﺷﻲء‪..‬؟؟‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻢ ﻳﺎ ت ﻘﺪﻤﻮس ﻤﻦ ﻫﻨﺎك‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺬي اﻋﻄﻰ ﻠﻟﻴﻮﻧﺎن ﻜـﺘﺒﻬﺎ وﻜـﺘﺎﺑﻬﺎ؟؟«‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻤﺘﺪ ﺗﺎﺛﻴﺮ اﻠﻔﻟﺳﻔﺔ اﻠﺮواﻘﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﻮر اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ‪ ،‬وﻘﺪ اﺸﺎر‬ ‫ّ ٔ ٔ‬ ‫ﺣﺘﻲ ٕاﻠﻰ ان اول وﺴﻴﻂ ﺑﻴﻦ اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ واﻠﻔﻟﺳﻔﺔ اﻠﺮواﻘﻴﺔ‪ ،‬ﻜﺎن ﺑﻮﻠﺺ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺮﺴﻮل‪ .‬وان ﻜـﺜﻴ ًﺮا ﻤﻦ ﻤﻀﺎﻤﻴﻦ رﺴﺎﺋﻟﻪ واﻻﺴﻟﻮب اﻠﺬي ﻳﻌﺒﺮ ﺑﻪ ﻋﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ذﻠﻚ اﻠﻣﻀﻣﻮن ﻫﻮ ﺗﻔﻛﻴﺮ رواﻘﻲ ٕاﻠﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ‪ ،‬وﻻ ﺴﻴﻣﺎ رﺴﺎﺋﻟﻪ ٕاﻠﻰ اﻫﻞ‬ ‫)‪( ٤٠‬‬ ‫ﻜﻮرﻧﺜﻪ وروﻤﻴﺔ وﻜﻮﻠﻮﺴﻲ وﻜﻮرﻧﺜﻮس‪.‬‬ ‫و ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺘﻰ اﻧﻪ ﻓﻲ زﻤﻦ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ﺸﻬﺪ ﻋﺮش ر ﻤﺎ اﺑﺎﻃﺮة‬ ‫ﺑﻌﺪا ً‬ ‫ٓاﻤﻨﻮا ﺑﺎﻠﻣﺬﻫﺐ اﻠﺮواﻘﻲ ﺣﻴﺚ ﻜﺎن ٔﻳﺎ ﺧﺬ ً‬ ‫دﻳﻨﻴﺎ وﻻ ﺴﻴﻣﺎ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﻤﺎرﻜﻮس ٔاورﻳﻟﻴﻮس ‪/‬ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ‪ ١٨٠‬م‪ /‬ﺣﻴﺚ ﻜﺎن رو ً‬ ‫اﻘﻴﺎ ‪.‬‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺒﺪو ا ﻧﻪ ﺑﺪاﻳﺔ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ اﻠﻣﻴﻼدي ﻧﺟﺤﺖ اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﺘﻮﻓﻴﻖ‬ ‫)‪( ٤١‬‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻠﺮواﻘﻴﺔ وﺑﻴﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺣﺳﺐ ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﺎ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﺟﺎل ﻫﻮ ا ن اﻠﻔﻟﺳﻔﺔ اﻠﺮواﻘﻴﺔ اﻧﺘﻣﺖ ﺑﻗﻮة‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠﻰ اﻠﺨﻂ اﻠﻔﻛﺮي اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬اﻠﺬي ﻧﺟﺪ ﺑﻮاﻜﻴﺮﻩ ﻓﻲ اﻻﺴﺎﻃﻴﺮ‬ ‫ً‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﻮر اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺛﻢ ً‬ ‫ﺗﺎﻠﻴﺎ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﻮر اﻠﻼﺣﻗﺔ وﺻﻮﻻ ٕاﻠﻰ‬ ‫اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ واﻠﺘﻲ ﺗﺆﻜﺪ ﻋﻟﻰ اﻠﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻻ ﺑﻞ ﻓﻲ ﻧﺷﺮ اﻠﻗﻴﻢ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﻋﺒﺮ اﻠﺮﺴﻞ وﺗﻼﻤﻴﺬ اﻠﻣﺳﻴﺢ ٕا ﻠﻰ اﻠﻌﺎﻠﻢ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﻣﺎ اﺴﻟﻔﻨﺎ ٕﻓﺎن ﻫﺬا ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺧﺼﻴﺼﺔ ﻤﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻠﻨﻔﺳﻴﺔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ‪ .‬وﻋﻟﻰ ﻜﻞ ﻫﺬا وﻠﻄﺒﻴﻌﺔ اﻠﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺑﻮاﻜﻴﺮ اﻠﻔﻛﺮ ﻓﻲ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮق ﻋﺒﺮ اﻻﺴﺎﻃﻴﺮ اﻻوﻠﻰ وﺻﻮﻻ ٕاﻠﻰ اﻠﺮواﻘﻴﺔ ﻓﺎﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ‪ٕ ،‬ﻓﺎن ﻫﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻳﻬﻮدﻳﺎ‬ ‫ﻳﺜﺒﺖ ان اﻠﻣﺳﻴﺢ ﻤﺷﺮﻘﻲ وﻳﻨﺘﻣﻲ ٕاﻠﻰ ﻤﺟﺘﻣﻌﻪ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ وﻠﻴﺲ‬ ‫ﻜﻣﺎ ﺗﻮﺣﻲ اﻠﺪواﺋﺮ اﻠﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻠﺼﻬﻴﺒﻮﻧﻴﺔ واﻠﻣﺘﻬﻮدة ﻓﻲ اﻠﻐﺮب اﻠﻣﺳﻴﺤﻲ ‪.‬‬ ‫وﻓﻲ ﺴﻴﺎق اﻠﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ اﻠﻌﺮﺑﻲ ﺗﻨﺒﻐﻲ ا ٕﻻﺸﺎرة ٕاﻠﻰ اﻠﺪور‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﻓﻲ ردف وﺗﻮﺴﻴﻊ ﻘﺎﻋﺪة اﻠﺮﺴﺎﻠﺔ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻻ ﺑﻞ ٕان اﻠﻣﺆرخ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ارﻧﻮﻠﺪ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻟﻰ اﻧﻪ‪» :‬ﻘﺒﻞ اﻳﺎم ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻨﺤﻮ ا ﻠﻔﻲ ﺴﻨﺔ اﺻﺒﺤﺖ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺟﺰﻳﺮة اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﻤﻣﺎ ﻳﻣﻛﻦ اﺠﺘﻴﺎزﻩ ﻤﻦ ﻤﻛﺎن ٕاﻠﻰ اﺧﺮ‪ .‬وﻘﺪ اﺧﺬت اﻻراء‬ ‫واﻠﺘﻨﻈﻴﻣﺎت ﺗﺘﻐﻟﻐﻞ ٕاﻠﻰ ﺸﺒﻪ اﻠﺟﺰﻳﺮة ﻤﻦ اﻠﻬﻼل اﻠﺨﺼﻴﺐ اﻠﺬي ﻳﺤﺎذﻳﻬﺎ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﺷﻣﺎل‪ .‬وﻫﺬا اﻠﺘﻐﻟﻐﻞ ﻜﺎن ٔاﺛﺮﻩ ﺗﺮ ً‬ ‫اﻜﻣﻴﺎ وﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻠﻨﺒﻲ ﻜﺎﻧﺖ اﻠﺷﺤﻨﺔ‬ ‫اﻠﺮوﺣﻴﺔ اﻠﻣﺘﺮاﻜﻣﺔ ﻓﻲ اﻠﺟﺰﻳﺮة اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻟﻰ وﺸﻚ ا ٕﻻﻧﻔﺟﺎر‪ .‬وﺠﺎءت رﺴﺎﻠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﻓﻲ اﻠﻮﻘﺖ اﻠﻣﻨﺎﺴﺐ ٕاذ ّﺗﻟﻗﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﺷﺤﻨﺔ ﻓﺎﺣﺳﻦ اﺴﺘﻌﻣﺎﻠﻬﺎ وذﻠﻚ‬ ‫ﺑﺮؤﻳﺘﻪ اﻠﻨﻴﺮة وﺗﺼﻣﻴﻣﻪ وﺣﻛﻣﺘﻪ« )‪.(٤٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺮاﻳﻨﺎ ٕﻓﺎن اﻧﺘﺷﺎر اﻠﺮﺴﺎﻠﺔ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ٕاﻠﻰ ﺴﻮرﻳﺔ واﻠﻣﺷﺮق ﺑﻌﺎﻤﺔ‬ ‫ﻜﺎن ﻳﺪﺧﻞ ﺿﻣﻦ ا ٕﻻﻃﺎر اﻠﻄﺒﻴﻌﻲ ﻠﻟﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﻻ ﺑﻞ ٕا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻼﻤﺒﺮاﻃﻮر ﻳﺔ اﻻﻤﻮﻳﺔ ‪.‬‬ ‫دﻤﺷﻖ اﺻﺒﺤﺖ ﻋﺎﺻﻣﺔ ٕ‬ ‫اﻟﻤﻨﺠﺰ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻤﺸﺮﻗﻲ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ‪ ٦٤‬ق ‪ .‬م ‪:‬‬ ‫ﻤﻊ دﺧﻮل اﻠﺮوﻤﺎن ٕاﻠﻰ ﺴﻮر ﻳﺔ ﺴﻮف ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻠﻣﻌﻄﻴﺎت ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺻﻌﻴﺪ اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ‪ .‬وﻘﺒﻞ ذﻠﻚ ﺗﻨﺒﻐﻲ ا ٕﻻﺸﺎرة ٕاﻠﻰ ا ن‬ ‫اﻻﺣﺘﻼل اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﻠﺳﻮرﻳﺔ ‪/‬ﺑﻼد اﻠﺷﺎم‪ /‬ﻜﺎن ﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻋﻦ وﺠﻮد ﻓﺎﺋﺾ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻴﻮي ﻋﺳﻛﺮي ﻻ اﻜـﺜﺮ ﻠﺪى روﻤﺎ‪ ..‬وﻫﺬا ﻓﻲ اﻻﺴﺎس ﻫﻮ اﻠﺪاﻓﻊ اﻠﺤﻗﻴﻗﻲ‬ ‫ﻠﻟﺼﺮاع اﻠﻣﺷﺮﻘﻲ ﻤﻊ رو ﻤﺎ ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﻤﻌﺎﻧﻲ اﻻﺣﺘﻼل واﻻﺴﺘﻌﻣﺎر ‪.‬‬ ‫ﺎﺗﺒﺎ رو ً‬ ‫ﻠﻬﺬا وﻤﻊ ﻜﻞ ﺠﺒﺮوت روﻤﺎ وﻃﻐﻴﺎﻧﻬﺎ ﻓﺎن ﻜ ً‬ ‫ﻤﻴﺎ )ﺠﻮﻓﻨﺎل (‬ ‫ٕ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻧﻲ اﻠﻣﻴﻼدي ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻩ ﻋﻟﻰ اﻠﺟﺮح اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﺑﻗﻮﻠﻪ‪» :‬ﻤﻨﺬ‬ ‫زﻤﻦ ﺑﻌﻴﺪ وﻧﻬﺮ اﻠﻌﺎﺻﻲ اﻠﺳﻮري ﻳﺼﺐ ﻤﺎءﻩ ﻓﻲ ﻧﻬﺮ اﻠﺘﻴﺒﺮ ً‬ ‫ﺠﺎﻠﺒﺎ ﻤﻌﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻐﺘﻪ وﻋﺎداﺗﻪ وﻋﻮدﻩ وﻘﻴﺜﺎرﺗﻪ ﺑﺎوﺗﺎرﻫﺎ اﻠﻣﺎﺋﻟﺔ « ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٨‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ﻓﻗﺪ ﻜﺎﻧﺖ ﺴﻮرﻳﺔ ‪/‬اﻠﻣﻮﻏﻟﺔ ﻓﻲ اﻠﻗﺪم‪ /‬ﺗﺟﺎﻩ روﻤﺎ اﻠﺘﻲ ﻠﻢ ﻳﻣﺾ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻴﻬﺎ ﺴﻮى ‪ ٨٠٠‬ﻋﺎم ﻫﻲ اﻻﺻﺎﻠﺔ ﻤﻗﺎﺑﻞ اﻠﻗﻮة اﻠﻔﺎرﻏﺔ اﻠﺮاس‪ ،‬ﻧﺎﻫﻴﻚ‬ ‫ﻋﻟﻰ ٔان ﻧﻬﺮ اﻠﻔﺮات ﻓﻲ ﻋﺼﻮر ﻤﺎ ﻘﺒﻞ اﻠﺮوﻤﺎن ﻠﻢ ﻳﻛﻦ ّ‬ ‫ﻳﺷﻛﻞ ﺣﺎﺠ ًﺰا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ً‬ ‫ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ﺑﻴﻦ ﺠﻨﺎﺣﻲ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ اﻠﻗﺪﻳﻢ‪ ،‬اﻤﺎ اﻻن ﻓﺒﺘﻨﺎ ا ﻤﺎم ﺣﺎﺠﺰ‬ ‫ﻳﻔﺼﻞ اﻠﺟﻨﺎح اﻠﻐﺮﺑﻲ ‪/‬ﺑﻼد اﻠﺷﺎم‪ /‬ﻋﻦ اﻠﺟﻨﺎح اﻠﺷﺮﻘﻲ ‪/‬اﻠﺮاﻓﺪﻳﻦ‪/‬‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻘﺒﻌﺖ ﺣﺪود ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﻳﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﺷﺮق ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺮ اﻠﻔﺮات ‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺒﺪو ان ﻤﺎ ﻓﻌﻟﺘﻪ زﻧﻮﺑﻴﺎ ) ﺑﺖ ّزﺑﺎي( ﻓﻲ ﺿﻣﻬﺎ ﻠﻟﻌﺮاق اﻧﺬاك ٕاﻠﻰ‬ ‫اﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺘﻬﺎ ﻫﻮ ﻤﺤﺎوﻠﺔ اﻋﺎدة اﻠﺟﻨﺎح اﻠﻰ ٔاﺧﻴﻪ ً‬ ‫ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻠﺼ ﺮاﻋﺎت‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ـ ـ اﻠﻔﺎرﺴﻴﺔ‪ .‬وﻠﻌﻞ اﻫﻢ اﻠﺘﺎ ﺛﻴﺮات اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﺧﻼ ل‬ ‫اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮو ﻤﺎﻧﻲ ﺗﺘﻮﺿﺢ ﺿﻣﻦ ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اﻠﻣﻨﺟﺰات ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ‪:‬‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ واﻟﺤﻘﻮق‬

‫اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻏﺎﻳﻮس‪ ١٣٠ :‬ـــ ‪ ١٨٠‬م‬

‫ً‬ ‫ﻤﺮﺠﻌﺎ ﻳﻟﺘﺰم ﺑﻪ اﻠﻗﻀﺎة‪ ،‬ﺑﻨﺘﻴﺟﺔ اﻠﻣﻮﻘﻒ اﻻﻳﺟﺎﺑﻲ‬ ‫اﻋﺘﺒﺮت ﻤﺆﻠﻔﺎﺗﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻼﻤﺒﺮاﻃﻮر ﻓﺎﻠﻨﺘﻴﻦ ﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬وﻫﺬا ﻤﺎ اﺿﻔﻰ ﻋﻟﻴﻬﺎ ﺻﻔﺔ رﺴﻣﻴﺔ‪ .‬وﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮ‬ ‫ﻤﺼﺪرا ٔا ً‬ ‫ً‬ ‫ﺴﺎﺴﻴﺎ ﻠﻣﺪوﻧﺎت‬ ‫اﻠﻣﺆرﺧﻮن اﻠﺮوﻤﺎن ﻤﺆﻠﻔﺎﺗﻪ اﻠﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪،‬‬ ‫اﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﺠﻮﺴﺘﻨﻴﺎن ‪.‬‬

‫اﻟﻔﻘﻴﻪ ﺑﺎﺑﻨﻴﺎن‪ ١٤٠ :‬م‬

‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﺳﺘﺷﺎرا ﻠ ٕﻼﻤﺒﺮاﻃﻮر ﺴﺒﺘﻴﻢ ﺴﻴﻔﻴﺮ‪ّ ،‬‬ ‫ودرس‬ ‫ّﻠﻗﺐ ﺑﺎﻤﻴﺮ اﻠﻔﻗﻬﺎء‪ ،‬ﻋﻣﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺆﻠﻔﻪ »اﻻﺴﺌﻟﺔ واﻻﺠﻮﺑﺔ« ﻓﻲ ﻤﺪارس اﻠﺤﻗﻮق اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ‪ .‬وﻤﻦ اﻻ ﺣﺪاث‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻲ ﺗﺆﻜﺪ ٕاﻧﺳﺎﻧﻴﺘﻪ وﺗﺼﺎﻠﺤﻪ ﻤﻊ ﻧﻔﺳﻪ واﺻﺎﻠﺘﻪ‪ ،‬اﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻤﻗﺘﻞ ﺠﻴﺘﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻳﺪ ﻜﺮﻜﻼ اﺧﻴﻪ‪ ،‬ﻏﻀﺐ اﻠﺮاي اﻠﻌﺎم وﻤﺟﻟﺲ اﻠﺷﻴﻮخ ﻋﻟﻰ ﻜﺮﻜﻼ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺎﺗﻞ ﻤﻦ اﺠﻞ اﻠﻌﺮش‪ ،‬ﻓﻣﺎ ﻜﺎن ﻤﻦ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر اﻠﻗﺎﺗﻞ ‪/‬ﻜﺮﻜﻼ‪ /‬اﻻ ان‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﺨﺮﺠﺎ وﺗﺒﺮﺋﺘﺔ ﻤﻦ ﻓﻌﻟﺘﻪ ﺑﻗﺘﻞ‬ ‫ﻳﻄﻟﺐ ﻤﻦ ﺑﺎﺑﻨﻴﺎن اﻠﻔﻗﻴﻪ ان ﻳﻮﺠﺪ ﻠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺧﻴﻪ‪ ،‬ﻏﻴﺮ ا ن ﺑﺎﺑﻨﻴﺎن ﻳﺮﻓﺾ وﻳﻗﻮل ﻠﻛﺮﻜﻼ‪ٕ :‬ان ارﺗﻛﺎب ﺠﺮﻳﻣﺔ اﻠﻗﺘﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻳﺳﺮ ﻤﻦ ﺗﺒﺮﺋﺔ اﻠﻣﺟﺮم ﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬واﺗﻬﺎم اﻠﺒﺮيء اﻠﻗﺘﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﻤﻗﺘﻟﻪ ﻫﻮ ﻘﺘﻞ‬ ‫ٓ‬ ‫اﺧﺮ وﺠﺮم ﺛﺎن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﺬا اﻠﻣﻮﻘﻒ ٔادى اﻠﻰ ٔان ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﺑﻨﻴﺎن ﺣﻴﺎﺗﻪ ً‬ ‫ﺛﻣﻨﺎ ﻠﻪ‪ ،‬ﺑﺎﻤﺮ ﻤﻦ‬ ‫ٕ‬ ‫ًٔ ٔ‬ ‫ﻋﻟﻣﺎ ان اﻻﺧﻴﺮ ﺗﺘﻟﻣﺬ ﻓﻲ ﻳﻔﺎﻋﺘﻪ ﻋﻟﻰ ﻳﺪ ﺑﺎﺑﻨﻴﺎن‪ .‬واﻠﺟﺪﻳﺮ ذﻜﺮﻩ ﻓﻲ‬ ‫ﻜﺮﻜﻼ‪.‬‬ ‫و ٓ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا اﻠﻣﺟﺎل ان ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر اﺴﻛﻨﺪر ﺴﻔﻴﺮ س ‪/‬اﺧﺮ اﺑﺎﻃﺮة اﻠﺳﻼﻠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻮرﻳﺔ ﻓﻲ روﻤﺎ‪ ٢٢٢) /‬ـ ـ ‪(٢٣٥‬م اﺣﺎط ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﻴﺎن‪ ،‬ﻤﻮدﻳﺳﺘﻴﻨﻮس‪ ،‬وﺑﻮﻠﺲ‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﺑﻨﻴﺖ اول ﻜﻨﻴﺳﺔ واﻋﺎد‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﺟﺮ اﻻﺴﻮد اﻠﻣﻗﺪس ٕاﻠﻰ ﺣﻣﺺ‪ ،‬واﻘﺎم ﺑﺪﻻ ﻤﻨﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺗﻣﺎﺛﻴﻞ ﻧﺼﻔﻴﺔ‬ ‫ﻠﺰارادﺸﺖ واﺑﺮاﻫﻴﻢ واﻠﻣﺳﻴﺢ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﺘﺒﻴﺎن اﻫﻣﻴﺔ ﻤﺎ ﻘﺪﻤﻪ اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ ﻠﻟﺘﺷﺮﻳﻊ اﻠﺮو ﻤﺎﻧﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﺮﺴﻮﻤﺎ ﺑﺘﺎرﻳﺦ‬ ‫ﺗﻨﺒﻐﻲ اﻻﺸﺎرة ٕاﻠﻰ ان ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﺗﻴﻮدور اﻠﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬اﺻﺪر‬ ‫‪ ٤٢٦‬م‪ ،‬ﻋﺮف ﺑﻗﺎﻧﻮن اﻠﻣﺮاﻓﻌﺎ ت ﺣﻴﺚ ّ‬ ‫ﺻﻨ ﻒ اﻠﻔﻗﻬﺎء ٕاﻠﻰ ﺻﻨﻔﻴﻦ وﺣﻈﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ اﻠﻗﻀﺎة اﻋﺘﻣﺎد ﺴﻮاﻫﻢ ﻓﻲ ﺠﻣﻴﻊ اﻻ ﺣﻛﺎم اﻠﺘﻲ ﻳﺼﺪروﻧﻬﺎ ‪:‬‬ ‫اﻟﺼﻨﻒ اﻷول‪:‬‬ ‫وﻳﺷﻣﻞ اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ اﻠﺨﻣﺳﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﺼﻨﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺷﻣﻞ اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺬﻳﻦ اﻋﺘﻣﺪﻫﻢ اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ اﻠﺨﻣﺳﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﺠﺎء ﻓﻲ اﻠﻣﺮﺴﻮم ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮري اﻧﻪ ٕاذا اﺧﺘﻟﻒ اﻠﻗﻀﺎة ﻋﻟﻰ را ي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻠﻢ ﻳﺟﻣﻌﻮا ﻋﻟﻴﻪ ﻓﻌﻟﻰ اﻠﻗﺎﺿﻲ ان ﻳﺎﺧﺬ ﺑﺮاي اﻻ ﻜـﺜﺮﻳﺔ‪ٕ ،‬واذا ﺗﺳﺎوت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻻراء ﻓﻌﻟﻴﻪ ان ﻳﺎ ﺧﺬ ﺑﺮاي اﻠﺟﺎﻧﺐ اﻠﺬي ﻓﻴﻪ ﺑﺎﺑﻨﻴﺎن‪ .‬ﻜﻣﺎ ان ﻤﺎ ﻳﺳﻣﻰ‬ ‫ﺑﻣﺪوﻧﺎت ﺠﻮﺴﺘﻨﻴﺎن ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻧﻮن‪ ،‬اﺴﺘﻣﺪت ﻤﻮادﻫﺎ ﺑﺷﻛﻞ رﺋﻴﺳﻲ ﻤﻦ‬ ‫ﻤﻮاد اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ اﻠﺨﻣﺳﺔ‪ ،‬وﻤﺪرﺴﺔ ﺑﻴﺮوت اﻠﺤﻗﻮﻘﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ‬ ‫ّ‬ ‫)‪( ٤٧‬‬ ‫ﺗﺷﻛﻞ ﻧﺳﺒﺔ ﺛﻣﺎﻧﻴﻦ ﺑﺎﻠﻣﺌﺔ ﻤﻨﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫ﻋﻟﻣﺎ ان ﻤﺎ ﻳﺳﻣﻰ ﺑﻣﺪوﻧﺎت ﺠﻮﺴﺘﻨﻴﺎن ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻧﻮن ﺗﺘﺎﻠﻒ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﻣﺳﻴﻦ ﻜ ً‬ ‫ـﺘﺎﺑﺎ‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻀﻣﻨﺖ ﺣﻮاﻠﻲ ‪ ٢٤٦٢‬ﻓﻗﺮة ﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﺧﺬت ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻔﻗﻴﻪ اﻠﺒﻴﺎن ﻠﻮﺣﺪﻩ‪ .‬وﺸﻛﻟﺖ اﻜـﺘﻣﺎل اﻠﺷﺮع اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ‪ .‬وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﻩ‬ ‫اﻠﻣﺟﻣﻮﻋﺔ ٔاﺴﺎس اﻠﺤﻗﻮق اﻠﺷﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻗﺮون اﻠﻮﺴﻄﻰ واﻠﻌﺼﻮ ر‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠ ﺤﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬وﻘﺪ اﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺟﻣﻮﻋﺔ اﻠﻣﺼﺪر اﻠﺮﺋﻴﺲ اﻠﺬي اﺴﺘﻣﺪت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﻪ اﻠﺪول اﻻوروﺑﻴﺔ اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ ﻘﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ‪ ،‬وﻻﺴﻴﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺮﻧﺳﺎ‪ ،‬اﻠﻣﺎﻧﻴﺎ‪،‬‬ ‫اﻳﻄﺎﻠﻴﺎ‪ ،‬اﺴﺒﺎﻧﻴﺎ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫و‬ ‫وﻳﻌﺘﻗﺪ ان اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺨﻣﺳﺔ ﻜﺎﻧﻮا ر اﻘﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻫﺬا ﻤﺎ ﻳﺒﻌﺚ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻋﺘﻗﺎد ﻤﻦ ان روﺣﻴﺘﻬﻢ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻠﺮواﻘﻴﺔ ﺴﺎﻫﻣﺖ ﻓﻲ ﺗﺨﻟﻴﺺ‬ ‫اﻠﺘﺷﺮﻳ ﻊ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﻤﻦ اﻠﻗﺳﻮة واﻠﻔﻈﺎﻇﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻤﻊ ﻤﻄﻟﻊ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ اﻠﻣﻴﻼدي ﺴﻮف ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻴﺮوت ﻤﺮﻜ ًاﺰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻣﺪرﺴﺔ اﻠﺤﻗﻮق واﻠﺘﻲ ﺑﻗﻴﺖ ﺣﺘﻰ ﻤﻨﺘﺼﻒ اﻠﻗﺮن اﻠﺳﺎدس ا ﺸﻬﺮ ﻤﺪرﺴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ﻤﺪارس اﻠﻮﻻﻳﺎت ﻓﻲ اﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﻳﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ‪ .‬وﻳﺷﻴﺮ اﻠﺒﺎﺣﺜﻮن ٕاﻠﻰ ا ن‬ ‫ﻤﺆﺴﺲ ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺪرﺴﺔ ﻫﻮ اﻻٕﻤﺒﺮاﻃﻮر ﺴﺒﺘﻴﻢ ﺴﻔﻴﺮ ‪ ١٩٣‬ـ ـ ‪ ٢١١‬م ﺛﻢ‬ ‫ﺗﻌﻬﺪﻫﺎ ﺧﻟﻔﺎؤﻩ اﻠﺳﻮرﻳﻮن ﻤﻦ ﺑﻌﺪﻩ‪ .‬وﻧﺘﻴﺟﺔ ﻠﺮﻳ ــﺎدة ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺪرﺴ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ اﻃﻟﻖ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﺠﻮﺴﺘﻨﻴﺎن ﻋﻟﻰ ﺑﻴﺮوت اﺴﻢ »ام اﻠﻗﻮاﻧﻴﻦ‬ ‫)‪(٤٣‬‬ ‫وﻤﺮﺿﻌﺘﻬﺎ «‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫وﻃﺒﻌﺎ‪ ،‬ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻠﻴﺲ ا ﻤﺎم ﻤﻨﺟﺰ ﺣﻀﺎري ﻠﺰﻤﻦ ﻤﻌﻴﻦ وﻋﺼﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻌﻴﻦ‪ ..‬وﻻ ﺑﺪ ان ﻧﻨﻈﺮ ﺑﺷﻛﻞ ﺸﻣﻮﻠﻲ ﺿﻣﻦ داﺋﺮة اﻠﺤﻗﻮق ﺣﻴﺚ ان‬ ‫اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ﺸﻬﺪ ٔاوﻠﻰ اﻠﺷﺮاﺋﻊ واﻠﻗﻮاﻧﻴﻦ‪ ..‬ﻤﻦ ﻠﺒﺖ ﻋﺷﺘﺎر ٕاﻠﻰ ٔاو ر‬ ‫ً‬ ‫ٓ‬ ‫ﻧﻣﻮ ٕاﻠﻰ ﺣﻣﻮراﺑﻲ ٕاﻠﻰ اﻠﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻻﺸﻮرﻳﺔ وﺻﻮﻻ ٕاﻠﻰ ﻤﺪرﺴﺔ ﺑﻴﺮوت‬ ‫ﻠﻟﺤﻗﻮق اﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﻧﻮاة اﻠﻔﻛﺮ اﻠﻗﺎﻧﻮﻧﻲ‪.‬‬ ‫ﻳﻗﻮل ﺑﻮل ﻜﻮﻠﻴﻨﻴﺖ‪» :‬ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﻜﺎن ﻳﺘﻢ ٕاﻋﺪاد اﻠﺤﻗﻮق‬ ‫اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ اﻠ ﺟﺪﻳﺪة‪ٕ ..‬واﻠﻰ ﺠﻣﺎﻋﺔ ﻤﻦ اﻠﻔﻨﻴﻗﻴﻴﻦ اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ ﻫﻢ ﻋﺎﺋﻟﺔ‬ ‫ﺴﺒﺘﻣﻮس ﺴﻔﻴﺮوس وﻤﺳﺘﺷﺎروﻩ‪ ،‬ﻻ ﺗﺰال اﻠﺤﻗﻮق اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ اﻠﺟﺪﻳﺪة‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ٤٤‬‬ ‫ﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺒﻟﻮﻏﻬﺎ اوج اﻠﻛﻣﺎل«‪.‬‬ ‫ﻓﻔﻲ ﻓﺘﺮة ﺣﻛﻢ اﻠﺳﻼﻠﺔ اﻠﺳﻮرﻳﺔ ﻠﻌﺮش روﻤﺎ )‪ ١٩٣‬ـ ـ ‪ ٢٣٥‬م (‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺒﺪو اﻧﻪ ﺗﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻠﺷﺮع اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ وﻧﻗﻟﻪ ﻤﻦ اﻠﻄﻮر اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ٕاﻠﻰ ﻤﺮﺣﻟﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺘﻗﺪﻤﺔ ﻋﺒﺮ ﻤﺆﻠﻔﺎت اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ اﻠﺨﻣﺳﺔ واﻠﺬي اﺣﺎط ﺑﻌﻀﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﺴﺒﺘﻴﻢ ﺴﻔﻴﺮ ﻜﻣﺳﺘﺷﺎرﻳﻦ ﻠﻪ ﻤﺜﻞ ﺑﺎﺑﻨﻴﺎن واﻠﺒﻴﺎن ‪.‬‬ ‫وﺑﺎ ٕﻻﺿﺎﻓﺔ ٕاﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ اﻠﻔﻗﻴﻬﻴﻦ ﻜﺎن ﻫﻨﺎك ﻏﺎﻳﻮس وﺑﻮﻠﺲ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻮدﻳﺳﺘﻨﻮس‪ .‬واﻠﺟﺪﻳﺮ ذﻜﺮﻩ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻧﻬﻢ ﻜـﺘﺒﻮا ﻤﺆﻠﻔﺎﺗﻬﻢ اﻠﺤﻗﻮﻘﻴﺔ‬ ‫ﺑﺎﻠﻼﺗﻴﻨﻴﺔ وﻫﺬا ﻤﺎ ﺠﻌﻞ ﺑﻌﺾ اﻠﻣﺆرﺧﻴﻦ ﻳﻄﻟﻖ ﻋﻟﻴﻬﻢ اﺴﻢ اﻠﻔﻗﻬﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻫﺬا ﻤﺎ اﻧﺳﺤﺐ ﻋﻟﻰ اﻠﺘﺷﺮﻳﻊ اﻠﺬي وﺿﻌﻮﻩ ﻓﺎﻃﻟﻖ ﻋﻟﻴﻪ‬ ‫اﺴﻢ اﻠﺘﺷﺮﻳﻊ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺒﻴﻦ اﻻﺑﺤﺎث ان ﻤﺎ ﻘﺪﻤﻪ ﻫﺆﻻء اﻠﻔﻗﻬﺎء اﻠﺳﻮرﻳﻴﻦ ﻠﻟﺘﺷﺮﻳﻊ‬ ‫اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﻳﺘﻌﺪى اﻠـ ـ ‪ % ٨٠‬ﻤﻨﻪ‪ ،‬وﻫﺬا ﻤﺎ دﻓﻊ ﺑﻌﺾ اﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻠﻟﻗﻮل ‪:‬‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ اﻠﻣﻴﻼدي ﻜﺎﻧﺖ ﺴﻮرﻳﺔ ﺗﻌﻛﺲ ﻋﻟﻰ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﺗﻗﺎﻠﻴﺪﻫﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻗﻮﻘﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﻤﺼﺪر اﻠﺤﻗﻮق اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ واﺻﻟﻬﺎ ‪ (٤٥) .‬وﻳﻣﻛﻨﻨﺎ‬ ‫اﺴﺘﻌﺮاض ﻤﺆﻠﻔﺎت ﻫﺆﻻء اﻠﻔﻗﻬﺎء‪:‬‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﺷﻣﻞ ﻤﺆﻠﻔﺎت ﻏﺎﻳﻮس ﻋﻟﻰ ارﺑﻌﺔ اﺠﺰاء ﺗﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻻﺻﻮل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻ ﺸﻛﺎل وﺣﻗﻮق اﻻﺴﺮة واﻠﻣﻴﺮاث واﻠﻣﻟﻛﻴﺔ‪ .‬واﻠﺟﺪﻳﺮ ذﻜﺮﻩ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺪوﻧﺎت اﻋﺘﻣﺪت ‪/‬ﻻﻫﻣﻴﺘﻬﺎ‪ /‬ﻜﻣﺎدة ﺗﺪرﻳﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﻌﺎﻫﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ٤٦‬‬ ‫واﻠﺟﺎﻤﻌﺎت اﻻوروﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٤٩‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ﻓﻲ اﻷدب‬

‫ٔ‬ ‫ﺣﻔﻞ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﺑﺎدﺑﺎء وﻤﻔﻛﺮﻳﻦ ﻤﺷﺮﻘﻴﻴﻦ ﺴﺎﻫﻣﻮا ﻋﺒﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺘﺎﺠﺎﺗﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻲ ﺗﺨﺼﻴﺐ ﺣﻗﻮل اﻠﻣﻌﺮﻓﺔ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ واﺛﺮوا ٕاﻠﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻲ‬ ‫ﻤﺟﺎري اﻠﻔﻛﺮ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ‪ ..‬وﻳﺳﺘﻮﻘﻔﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﺟﺎل اﻠﻛﺎﺗﺐ اﻠﺳﺎﺧﺮ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻠﻮﻘﻴﺎن اﻠﺳﻣﻴﺳﺎﻃﻲ )‪(١٢٥‬م‪ ،‬اﻠﺬي ﻜـﺘﺐ ﺑﺎﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ اﻧﺬاك ‪/‬ﻠﻐﺔ‬ ‫ّ‬ ‫اﻠﻌﺼﺮ‪ /‬وﻜﺎن ﻳﺘﻛﻟﻢ ٓاﻻراﻤﻴﺔ‪ .‬وﻘﺪ ّاﻠﻒ ﻤﺎ ﻳﺘﻌﺪى ﺛﻣﺎﻧﻴﻦ ً‬ ‫ﻜـﺘﺎﺑﺎ‪ ،‬وﻘﺪ اﺛ ﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﻟﻮﺑﻪ اﻻدﺑﻲ اﻠﺳﺎﺧﺮ ﻋﻟﻰ اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻦ اﻻدﺑﺎء واﻠﻛـﺘﺎب ﻓﻲ اﻠﻌﺎﻠﻢ‪،‬‬ ‫ﻤﻨﻬﻢ‪ :‬ﺴﻮﻳﻔﺖ اﻻﻳﺮﻠﻨﺪي وﺗﻮﻤﺎس ﻤﻮر اﻠﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ وﺴﻴﺮاﻧﻮ دو ﺑﺮﺠﺮاك‬ ‫ٔ‬ ‫وراﺑﻟﻴﻪ وﻓﻮﻠﺘﻴﺮ ور ﻳﻨﺎن واﻧﺎﺗﻮل ﻓﺮاﻧﺲ وﺑﺮﻧﺎردﺸﻮ ‪.‬‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮان واﻟﻌﻤﺎرة‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻜﻣﺎ رﻜﺰﻧﺎ ً‬ ‫ﺴﺎﺑﻗﺎ ﻋﻟﻰ اﻠﻨﺎﺣﻴﺔ اﻠﺘﺮاﻜﻣﻴﺔ ـ ـ اﻠﻨﻮﻋﻴﺔ ﻠﻟﻣﻨﺟﺰ اﻠﺤﻀﺎري‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻼﺑﺪ ان ﻧﺆﻜﺪ ﻤﻦ ﺠﺪﻳﺪ ﻋﻟﻰ ان اﻠﻌﻣﺮان‬ ‫واﻠﻌﻣﻟﺮة اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮو ﻤﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻠﻢ ﺗﻛﻦ وﻠﻴﺪة وﻘﺘﻬﺎ ﻓﻗﻂ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻌﻟﻮم ان ﻧﺷﻮء اﻠﻣﺪن اﻻوﻠﻰ ﻜﺎن ﺴﻣﺔ ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻤﻦ ﺴﻣﺎت اﻠﻣﺷﺮق‬ ‫اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻠﺘﺎﻠﻲ ﻓﻌﻣﺎرﺗﻪ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﺗﺳﺘﻨﺪ ﺑﺎﻠﺤﻗﻴﻗﺔ ﻋﻟﻰ ارث‬ ‫)‪(٤٨‬‬ ‫ﻧﻮﻋﻲ وﺗﺮاﻜﻣﻲ‪ ،‬ﻤﻮﻏﻞ ﻓﻲ اﻠﻗﺪم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻ ﻧﻌﺘﻗﺪ ا ﻧﻪ ﻳﻣﻛﻨﻨﺎ اﻠﻌﺒﻮ ر ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﻠﺟﻬﺔ اﻠﻌﻣﺎرة‬ ‫واﻠﻌﻣﺮان‪ ،‬دون ٔان ّ‬ ‫ﻧﻌﺮج ﻋﻟﻰ ﻤﺒﺪع ﻤﺷﺮﻘﻲ دﻤﺷﻗﻲ ّﻋﺒﺮ ﺑﻣﻨﺟﺰﻩ‬ ‫اﻠﻌﻣﺮاﻧﻲ واﻠﻣﻌﻣﺎري ﻋﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻠﻌﻣﺎرة اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ وروﺣﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻫﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻮﻠﻮدور اﻠﺪﻤﺷﻗﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺪاءة‪ ،‬ﻳﺘﺤﺪث ﺗﺎرﻳﺦ ﻜﻣﺒﺮدج ﻋﻦ ان ﺴﻮر ﻳﺔ ﻜﺎﻧﺖ ﻤﺘﻗﺪﻤﺔ ﻋﻟﻰ‬ ‫روﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺟﺎل اﻠﻌﻣﺎرة‪ ،‬ﻻ ﺑﻞ ﻜﺎﻧﺖ ﺑﺎﻠﻨﺳﺒﺔ ﻠﻬﺎ اﻠﻨﻣﻮذج اﻠﺬي اﺣﺘﺬﺗﻪ‪،‬‬ ‫وﻳﺘﺎﺑﻊ اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﻣﺬﻜﻮر ﻓﻴﻀﻴﻒ‪ :‬ﻠﻗﺪ ﺗﻔﻮﻘﺖ ﺴﻮرﻳﺔ ﻋﻟﻰ روﻤﺎ ﺑﻌﺒﻗﺮﻳﺘﻬﺎ‬ ‫اﻠﻣﺒﺪﻋﺔ وﻓﻲ ﻤﻌﺎرﻓﻬﺎ اﻠﺘﻗﻨﻴﺔ وﻓﻲ ﻤﻬﺎرة ﻋﻣﺎﻠﻬﺎ ‪.‬‬ ‫ٔاﻤﺎ ٔاﺑﻮﻠﻮدور اﻠﺪﻤﺷﻗﻲ )‪ ٦٠‬ـ ـ ‪(١٢٥‬م‪ ،‬ﻓﻗﺪ ﻜﺎن ً‬ ‫ﻘﺮﻳﺒﺎ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ﺗﺮاﺠﺎن‪ ،‬وﻘﺪ اوﻜﻟﺖ ﻠﻪ ﻤﻬﻣﺎت ﻋﻣﺮاﻧﻴﺔ ٕواﻧﺷﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻓﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻘﺪم ﻤﻦ ﺧﻼﻠﻬﺎ ّ‬ ‫ﺠﻞ ﻋﺒﻗﺮﻳﺘﻪ اﻠﻣﺟﺘﻣﻌﻴﺔ واﻠﻔﺮدﻳﺔ ‪ .‬ﻓﻗﺪ اﻧﺷﺎ‬ ‫اﻠﻣﻴﺪان اﻠﺘﺮاﺠﺎﻧﻲ ﻓﻲ رو ﻤﺎ‪ ،‬وﻳﻌﺘﻗﺪ اﻠﻌﺎﻠﻢ ﺑﻴﺎﻧﻛﻲ ﺑﺎﻧﺪﻳﻟﻟﻲ ﻓﻲ ﻜـﺘﺎﺑﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫»اﺑﻮﻠﻮدور اﻠﺪﻤﺷﻗﻲ« ان اﻠﻔﻛﺮة اﻠﻣﻌﻣﺎرﻳﺔ ﻠﻬﺬا اﻠﻣﻴﺪان‪ ،‬وﻻﺴﻴﻣﺎ ﻠﺟﻬﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﺎﺣﺘﻪ ﻤﺳﺘﻣﺪة ﻤﻣﺎ ﻜﺎن ﺣﻮل ﻤﻌﺒﺪ ﺠﻮﺑﻴﺘﻴﺮ ﻓﻲ دﻤﺷﻖ وﻳﺆﻜﺪ ﻋﻟﻰ ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻔﻛﺮة اﻠﻣﻌﻣﺎرﻳﺔ ﻫﻲ ﻓﻛﺮة ﺸﺮﻘﻴﺔ اﻜـﺜﺮ ﻤﻣﺎ ﻫﻲ روﻤﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ﺑﻌﺪا ا ً‬ ‫وﺛﻣﺔ ﻤﻨﺟﺰ ٔﻻﺑﻮﻠﻮدو ر ٔا ﺧﺬ ً‬ ‫ﻧﺳﺎﻧﻴﺎ ّ‬ ‫ﺗﻣﺜﻞ ﻓﻲ اﻠﻌﻣﻮد‬ ‫ٕ‬ ‫اﻠﺘﺮاﺠﺎﻧﻲ اﻠﺬي ﺣﻮى ﺗﺤﺖ ﻘﺎﻋﻪ ﻘﺒﺮ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﺗﺮاﺠﺎن‪ ،‬ﺣﻴﺚ ّ‬ ‫ﺸﻴ ﺪ‬ ‫اﻠﻌﻣﻮد ﺑﺎرﺗﻔﺎع ‪ ٣٣‬ﻤﺘ ًﺮا‪ّ ،‬‬ ‫ﻳﻟﺘﻒ ﺣﻮل ﺠﺬﻋﻪ ﺸﺮﻳﻂ ﺣﻟﺰوﻧﻲ ﻤﻨﺤﻮت‬ ‫ً‬ ‫ﺗﺳﺟﻴﻼ ً‬ ‫ﻓﻨﻴﺎ ﻠﻣﻨﺟﺰات ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر وﻓﻲ داﺧﻞ اﻠﻌﻣﻮد‬ ‫وﻤﻟﻮن ﺴﺷﻣﻞ‬ ‫درج دوار ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ً‬ ‫وﻳﺘﻔﻖ اﻠﺒﺎﺣﺜﻮن ﻋﻟﻰ ان اﺴﻟﻮب ﻫﺬا اﻠﻌﻣﻮد ﻓﻨﻴﺎ‪ ،‬ﻳﺤﺎﻜﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺴﻟﻮب اﻠﻣﻨﺤﻮﺗﺎت اﻻﺸﻮرﻳﺔ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ‪ .‬وﻘﺪ ا ّﺛﺮ ﻫﺬا اﻠﻌﻣﻞ ﻻزﻤﺎن ﻻﺣﻗﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﺘﺼﺎﻤﻴﻢ اﻠﺘﺬﻜﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺪة ﺑﻟﺪان اوروﺑﻴﺔ‪ ،‬وﻳﺆﻜﺪ د‪ .‬ﻋﺪﻧﺎن اﻠﺒﻨﻲ‬ ‫ٔان ﻫﺬا اﻠﻌﻣﻮد ٔاﺛﺮ ٔﺗﺎﺛﻴ ًﺮا ً‬ ‫ﻋﻣﻴﻗﺎ ﻋﻟﻰ اﻠﻌﻣﺎرة ﺣﺘﻰ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬ﻓﻔﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎم ‪ ٤٠٨‬م ﺑﻨﻲ ﻋﻣﻮد ﻤﻣﺎﺛﻞ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ارﻜﺎدﻳﻮس ﻓﻲ ﻤﺪﻳﻨﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺳﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ‪ .‬وﻓﻲ اﻠﻣﺎﻧﻴﺎ ﻋﺎم ‪ ١٠٢٢‬م‪ ،‬ﺸﻴﺪ ﻋﻣﻮد ﻤﻦ اﻠﺒﺮوﻧﺰ ﻳﺤﺎﻜﻲ‬ ‫ﻋﻣﻮد ﺗﺮاﺠﺎن وذﻠﻚ ﻓﻲ ﻜﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ ﻫﻴﻟﺪﺴﻬﺎﻳﻢ ﻓﻲ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻫﺎﻧﻮﻓﺮ ‪.‬‬ ‫وﻋﺎم ‪ ١٨٠٦‬ـ ـ ‪ ١٨١٠‬م اﻧﺷﺊ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺳﺎ ﻋﻣﻮد اﻠﻔﺎﻧﺪوم ﺗﺨﻟﻴﺪاً‬ ‫ﻠﺤﺮوب ﻧﺎﺑﻮﻠﻴﻮن‪ ،‬وﻜﺎن ﺛﻣﺔ ﺗﺷﺎﺑﻪ ﻜﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﻧﻗﻮﺸﻪ اﻠﺒﺎرزة وﻧﻗﻮش‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ٤٩‬‬ ‫ﻋﻣﻮد اﺑﻮﻠﻮدور‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫ﻳﻗﻮل ﺠﻴﺮوم ﻜﺎرﻜﻮﺑﻴﻨﻮ ﻓﻲ ﻜـﺘﺎﺑﻪ »اﻠﺤﻴﺎة اﻠﻴﻮﻤﻴﺔ ﻓﻲ روﻤﺎ ﻓﻲ اوج‬ ‫ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ «‪ٕ :‬ان ﻤﻴﺪان ﺗﺮاﺠﺎن وﺴﻮﻘﻪ ﻫﻣﺎ ﻘﻣﺔ ﻤﻦ ﻘﻣﻢ اﻠﻔﻦ‪ ،‬ﻳﺘﻼﻘﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻴﺮة ﺑﻨﺎﺋﻲ اﻓﻀﻞ اﻠﻌﺼﻮر وﻳﺳﻣﻮن ٕاﻠﻴﻬﺎ ﺗﻼﻤﺬة ﻤﺘﺤﻣﺳﻴﻦ او‬ ‫ﻤﻗﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻤﺜﻞ ﻤﻴﻛﻴﻞ ٔاﻧﺟﻴﻟﻮ‪ ،‬اﻠﺬي ﻳﻨﻗﻞ ً‬ ‫ّ‬ ‫ﺸﻴﺌﺎ ﻤﻦ ﻫﺬا اﻠﺘﻨﺳﻴﻖ‬ ‫اﻠﻣﺘﻗﺷﻒ واﻠﻗﻮي ٕاﻠﻰ واﺠﻬﺔ ﻘﺼﺮ ﻓﺎرﻧﻴﺰة‪ ،‬وﻤﻌﻣﺎرﻳﻮ ﻧﺎﺑﻮﻠﻴﻮن اﻠﺬﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ﻳﺬوﺑﻮن ﻤﺪاﻓﻊ اوﺴﺘﺮﻠﻴﻨﺰ ﻠﻴﻀﻌﻮا ﻋﻣﻮد ﻓﺎﻧﺪوم ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫اﻳﻀﺎ ﻻﺑﺪ ان ﻧﺷﻴﺮ ٕاﻠﻰ اﺑﺪاع ﺗﺪﻤﺮي‪ ،‬ﺗﺟﻟﻰ ﻓﻲ اﻠﺘﺎج اﻠﻛﻮرﻧﺜﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ً‬ ‫اﻧﻄﻼﻘﺎ ﻤﻦ اﺑﺘﻛﺎرﻩ اﻻول ﻓﻲ‬ ‫اﻠﺘﺪﻤﺮي واﻠﺬي ﺸﺎع ﻓﻲ اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻧﺬاك‬ ‫)‪( ٥٠‬‬ ‫ﺗﺪﻤﺮ‪ ،‬ﻋﺒﺮ ٕاﻧﺷﺎءﻩ ﻓﻲ ﻤﻌﺒﺪ ﺑﻞ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺸﺮﻗﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫إﺳﻬﺎم اﻟﺴﺮﻳﺎن‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻳﻗﻮل ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ‪» :‬ﻤﻨﺬ ان ﺑﺪا اﻋﺘﻨﺎق ﺴﻛﺎن اﻠﻣﺷﺮق اﻠﺘﺪرﻳﺟﻲ‬ ‫ﻠﻟﻣﺳﻴﺤﻴﺔ‪ ،‬ﻜﺎﻧﺖ اﻠﻣﺪﻧﻴﺔ اﻠﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻠﻣﺪﻧﻴﺔ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻠﻢ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻳﺤﺲ اﻠﻨﺎﻃﻗﻮن ﺑﺎﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻤﻦ اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﻴﻦ اﻧﻬﻢ اﻜـﺜﺮ ﺛﻗﺎﻓﺔ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﻴﻦ اﻠﻨﺎﻃﻗﻴﻦ ﺑﺎﻠﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬واﻠﻮاﺿﺢ ان اوﻠﺌﻚ ﻘﺪ اﻓﺎدوا ﻧﻔﺤﺎت‬ ‫)‪(٥١‬‬ ‫ﺣﻀﺎرﻳﺔ داﺋﻣﺔ ﻤﻦ ﻫﺆﻻء«‪.‬‬ ‫ﻫﺬا ﻤﻦ ﺠﻬﺔ‪ ،‬وﻤﻦ ﺠﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻓﻗﺪ ﺴﺎﻫﻢ اﻠﺳﺮﻳﺎن ﺑﻌﺪ اﻠﻔﺘﺢ‬ ‫ا ٕﻻ ﺴﻼﻤﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻲ دﻓﻊ اﻠﻌﺮب ﻧﺤﻮ ﻧﻬﻀﺔ ﻋﻟﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻼﻏﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﻓﻛﺮﻳﺔ‪ .‬وﻻﺴﻴﻣﺎ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ‪ ،‬ﺣﻴﺚ اﺴﺘﻔﺎد اﻠﻌﺮب ﻤﻦ اﻠﻗﺎع‬ ‫اﻠﺜﻗﺎﻓﻴﺔ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ واﻠﺘﻲ ﺗﻀﺮب ﺠﺬورﻫﺎ ً‬ ‫ﻋﻣﻴﻗﺎ ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳﺦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ اﺴﺘﻄﺎع اﻠﺳﺮﻳﺎن ﻋﺒﺮ ﺗﺮﺠﻣﺎﺗﻬﻢ ﻠﻟﻣﺆﻠﻔﺎت اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻣﺪوا اﻠﻣﺳﻟﻣﻴﻦ ﺑﻌﻮن ﻤﻌﺮﻓﻲ ﻜﺒﻴﺮ‪ ،‬ﺴﻮف ﻳﻛﻮن ﻠﻪ اﺑﻟﻎ اﻠﺘﺎﺛﻴﺮ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺳﺎق اﻠﺤﻀﺎرة ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ‪ .‬وﻠﻌﻞ ﻤﻦ اﻫﻢ اﻠﺘﺮﺠﻣﺎت اﻠﺘﻲ ﻘﺎﻤﻮا ﺑﻬﺎ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺆﻠﻔﺎت ارﺴﻄﻮ‪ ،‬وﺸﺮوح اﻓﻟﻮﻃﻴﻦ‪ ،‬وﻤﺆﻠﻔﺎت اﺑﻗﺮاط وﺠﺎﻠﻴﻨﻮس‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻄﺒﻴﺔ‪ ،‬وﻜـﺘﺐ اﻘﻟﻴﺪس اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺔ‪ ،‬واﻋﻣﺎل ﺑﻄﻟﻴﻣﻮس اﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ‪ٕ ،‬اﻠﻰ‬ ‫ﻤﺎ ﻫﻨﺎﻠﻚ ﻤﻦ ﻜـﺜﻴﺮ اﻠﺘﺮﺠﻣﺎت‪.‬‬ ‫وﻻ ﻳﻣﻛﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﺟﺎل ﻤﻦ ﺗﺟﺎﻫﻞ ﻤﺎ ﻘﺎم ﺑﻪ ﺻﺎﺋﺒﺔ ﺣﺮان‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮوا اﻠﻮارﺛﻴﻦ ﻠﻟﻌﻟﻮم اﻠﺒﺎﺑﻟﻴﺔ واﻠﻣﻄﻟﻌﻴﻦ ﻋﻟﻰ اﻠﻌﻟﻮم واﻻﻓﻛﺎر‬ ‫اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﻤﺪ اﻠﻌﺮب ﺑﻮﺴﺎﺋﻞ اﻠﻣﻌﺮﻓﺔ اﻠﻨﻈﺮﻳﺔ واﻠﻌﻟﻣﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ﺗﻗﻮل اﻠﺒﺎﺣﺜﺔ ﻧﻴﻨﺎ ﺑﻴﻐﻮﻠﻴﻔﺳﻛﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﻜـﺘﺎﺑﻬﺎ »ﺛﻗﺎﻓﺔ اﻠﺳﺮﻳﺎن ﻓﻲ‬ ‫اﻠﻗﺮون اﻠﻮﺴﻄﻰ« ‪ (٥٢) :‬ﻠﻗﺪ اﺴﺘﻮﻋﺐ اﻠﻌﺮب ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻠﺳﺮﻳﺎن‪ ،‬اﻠﻌﻟﻮم‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ واﻻ ﺴﺎﻠﻴﺐ اﻠﺪﻘﻴﻗﺔ ﻠﻟﺘﺮﺠﻣﺔ‪ ،‬ﻤﺳﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﺑﻣﻬﺎرة ﻋﺎﻠﻴﺔ ﻤﻦ‬ ‫اﻠﻣﻌﺎرف اﻠﻗﻴﻣﺔ ﻓﻲ ﻤﺟﺎﻻت اﻠﻔﻟﺳﻔﺔ واﻠﻄﺐ واﻠﻛﻴﻣﻴﺎء واﻠﻔﻟﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻻرض اﻠﺘﻲ اﺴﺘﻄﺎﻋﻮا ان ﻳﻄﻟﻌﻮا ﻋﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻔﻀﻞ اﺴﺘﻔﺎدﺗﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﺘﺮﺠﻣﺎت اﻠﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ اﻻﻘﺮب ٕاﻠﻴﻬﻢ ﻤﻦ اﻻﺻﻮل اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ‪ .‬وﺗﻀﻴﻒ ‪:‬‬ ‫ٕان اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ اﻠﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻗﺮون اﻠﻮﺴﻄﻰ ﺣﺼﻟﺖ ﻋﻟﻰ اﻧﺘﺷﺎر ﻋﺮﻳﺾ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻇﻬﺮت ﺗﺎﺛﻴ ًﺮا ﻜﺒﻴ ًﺮا ﻓﻲ ﺗﻄﻮر اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ اﻠﻌﺎﻠﻣﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاذن ﻧﺤﻦ ا ﻤﺎم اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ اﻠﺳﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻨﺤﻴﻴﻦ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻟﻤﻨﺤﻰ اﻷول‪ :‬اﻧﻬﺎ اﺴﺘﻣﺪت ﻓﻲ اﻻﺴﺎس ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ ﻤﻦ اﻠﻌﻣﻖ‬ ‫اﻠﺤﻀﺎري اﻠﺘﺎرﻳﺨﻲ ـ ـ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ ﻠﻟﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ ٕﺑﺎﻧﺟﺎزاﺗﻪ واﺧﺘﺮاﻋﺎﺗﻪ ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻨﺤﻰ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬اﻠﻣﺜﺎﻘﻔﺔ واﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﻠﻔﻛﺮي ﻤﻊ اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ادى ٕاﻠﻰ ﻠﻴﺲ اﻠﻨﻈﺮ ﻠﻟﺳﺮﻳﺎن ﻜﻨﺎﻘﻟﻴﻦ ﻋﻦ اﻻﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻻ ﺑﻞ وﻘﺪ اﺴﻬﻣﻮا‬ ‫ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺣﻲ اﻠﻔﻛﺮ واﻠﻔﻟﺳﻔﺔ واﻠﻌﻟﻮم‪.‬‬ ‫ﻋﺪدا ﻜﺒﻴﺮاً‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻜﻞ ﻫﺬا ﻧﺷﻴﺮ ﻠﻗﻮل اﻠﻌﺎﻠﻣﺔ ﺑﻴﻐﻮ ﻠﻴﻔﺳﻛﺎﻳﺎ‪ »:‬ا ّن ً‬ ‫ٕ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﻌﻟﻣﺎء اﻠﻌﺮب ﻜﺎﻧﺖ ا ﺴﻣﺎؤﻫﻢ وﺗﺎﻠﻴﻔﻬﻢ ﺣﺘﻰ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ ﻋﺷﺮ‬ ‫ﺗﺒﺎﻃﺎ ً‬ ‫ﻤﻴﻼدي‪ ،‬ﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ار ً‬ ‫وﺛﻴﻗﺎ ﺑﻌﻟﻮم اﻠﺳﺮﻳﺎن‪ ،‬وﻠﻢ ﻳﻗﺘﺼﺮ ﻜـﺜﻴﺮ ﻤﻨﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻘﺮاءة اﻠﻣﺆﻠﻔﺎت اﻠﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ﻓﻗﻂ ٕواﻧﻣﺎ ﻜ ـﺘﺒﻮا وا ﻠﻔﻮا ﺑﺎﻠﻟﻐﺘﻴ ﻦ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ واﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ان واﺣﺪ« ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٠‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫وﺗﺼﻞ ﻠﻟﻗﻮل‪ٕ » :‬ان اﻠﻌﻟﻮم اﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻋﺒﺮت ﻤﻦ ﺧﻼل اﻠﺳﺮﻳﺎن‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ً‬ ‫اوﻻ‪ ،‬ﻓﺘﻼﻘﺖ ﻤﻊ اﻠﻔﻛﺮ اﻠﻌﺮﺑﻲ واﻤﺘﺰﺠﺖ ﻓﻴﻪ‪ .‬وﻤﻦ اﻳﺪي اﻠﻌﺮب ﺗﺳﻟﻢ‬ ‫اﻠﻐﺮب اﻠﻼﺗﻴﻨﻲ اﻠﺜﺮوة اﻠﻌﻟﻣﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺗﺮاﻜﻣﺖ ﻋﻟﻰ ﻤﺪى ﻘﺮون ﻃﻮﻳﻟﺔ « ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﺧﻴ ًﺮا‪ٕ ..‬ان ا ٕﻻﺸﺎرة ٕاﻠﻰ اﻠﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻠﺷﺨﺼﻴﺔ اﻠﻣﺷﺮﻘﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻳﻣﻨﺤﻨﺎ ﻓﺮﺻﺔ ان ﻧﻌﺮف او ﻧﻌﻲ اﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ ...‬ﻓﻮﻋﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻮف ﻳﺆدي ٕاﻠﻰ وﻋﻲ ﺣﻗﻴﻗﺔ ﻤﻦ ﻧﺤﻦ‪ ..‬اﻠﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﺑﺷﻛﻞ رﺋﻴﺳﻲ اﻧﻨﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺿﺮو رة ٕاﻧﺳﺎﻧﻴﺔ ‪ّ ..‬دل ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ ﻤﺎ ذﻜﺮﻧﺎﻩ ‪ ..‬وﻻ ﺴﻴﻣﺎ ا ن اﻠﺒﻌﺪ ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻗﻴﻗﻲ ﻳﺟﺐ ا ن ﻳﺳﺘﻨﺪ ﻋﻟﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻤﺟﺘﻣﻌﻴﺔ اﺧﻼﻘﻴﺔ ‪ .‬وﻫﺬا ﻫﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﺮ اﻠﻣﺷﺮق اﻠﻌﺮﺑﻲ‪ .‬ا ﻠﻢ ﻳﻗﻞ اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﻔﺮﻧﺳﻲ ﺑﻴﻴﺮ روﺴﻲ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫ﻠﻗﺪ ان اﻻوان اﻠﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻠﻟﻌﺎﻠﻢ اﻠﺷﺮﻘﻲ ان ﻳﺒﺪا ﻓﻴﻪ اﻜـﺘﺷﺎف‬ ‫ً )‪(٥٣‬‬ ‫ﺣﻗﻴﻗﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻪ وﺛﻗﺎﻓﺘﻪ‪ ،‬اﻠﻟﺘﻴﻦ ﻠﻮﻻﻫﻣﺎ ﻠﻐﺪا اﻠﻐﺮب ﻓﺎرﻏﺎ‪.‬‬ ‫‪--------------------------------------------------------‬‬

‫اﻟﻬﻮاﻣﺶ‬ ‫)‪( ١‬‬ ‫)‪( ٢‬‬ ‫)‪( ٣‬‬ ‫)‪( ٤‬‬ ‫)‪( ٥‬‬ ‫)‪( ٦‬‬ ‫)‪( ٧‬‬ ‫)‪( ٨‬‬ ‫)‪( ٩‬‬ ‫)‪( ١٠‬‬ ‫)‪( ١١‬‬ ‫)‪( ١٢‬‬ ‫)‪( ١٣‬‬ ‫)‪( ١٤‬‬ ‫)‪( ١٥‬‬ ‫)‪( ١٦‬‬

‫)‪( ١٩‬‬ ‫)‪( ٢٠‬‬ ‫)‪( ٢١‬‬ ‫)‪( ٢٢‬‬ ‫)‪( ٢٣‬‬

‫)‪( ٢٦‬‬ ‫)‪( ٢٧‬‬ ‫)‪( ٢٨‬‬ ‫)‪( ٢٩‬‬ ‫)‪( ٣٠‬‬ ‫)‪( ٣١‬‬ ‫)‪( ٣٢‬‬ ‫)‪( ٣٣‬‬ ‫)‪( ٣٤‬‬ ‫)‪( ٣٥‬‬ ‫)‪( ٣٦‬‬ ‫)‪( ٣٧‬‬ ‫)‪( ٣٨‬‬ ‫)‪( ٣٩‬‬ ‫)‪( ٤٠‬‬ ‫)‪( ٤١‬‬ ‫)‪( ٤٢‬‬ ‫)‪( ٤٣‬‬ ‫)‪( ٤٤‬‬ ‫)‪( ٤٥‬‬ ‫)‪( ٤٦‬‬ ‫)‪( ٤٧‬‬ ‫)‪( ٤٨‬‬

‫)‪( ٤٩‬‬ ‫)‪( ٥٠‬‬ ‫)‪( ٥١‬‬ ‫)‪( ٥٢‬‬ ‫)‪( ٥٣‬‬

‫ﻣﺮاﺟﻊ أﺧﺮى‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ٔاﻧﺪرﻳﻪ ﺑﺎرو‪ .‬ﺴﻮﻤﺮ‪ .‬ت‪ :‬د‪ .‬ﻋﻴﺳﻰ ﺴﻟﻣﺎن ـ ﺴﻟﻴﻢ اﻠﺘﻛﺮﻳﺘﻲ‪ .‬ﺑﻐﺪاد ـ‬ ‫‪.١٩٧٩‬‬ ‫ﻧﻗﻮﻻ زﻳﺎدة‪ .‬اﻠﻣﺳﻴﺤﻴﺔ واﻠﻌﺮب‪ .‬دار ﻘﺪﻤﺲ‪ .‬دﻤﺷﻖ‪.٢٠٠٠ .‬‬ ‫اﻠﺤﻮﻠﻴﺎت ٔاﻻﺛﺮﻳﺔ اﻠﺳﻮرﻳﺔ‪ .‬ﻤﺟﻟﺪ ‪ ٣٣‬ـ ج‪ ٢‬ـ ـ ‪.١٩٨٣‬‬ ‫ﻫﻮرﺴﺖ ﻜﻟﻴﻨﻐﻞ‪ٓ .‬اﺛﺎر ﺴﻮرﻳﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ‪ .‬ت‪ .‬ﻘﺎﺴﻢ ﻃﻮﻳﺮ‪ .‬وزارة اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ‪.‬‬ ‫ﺴﻮرﻳﺔ‪.١٩٨٥‬‬ ‫د‪ .‬ﻋﻟﻲ ٔاﺑﻮ ﻋﺳﺎف‪ٓ .‬اﺛﺎر اﻠﻣﻣﺎﻠﻚ اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ ﻓﻲ ﺴﻮرﻳﺔ‪ .‬وزارة اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ ـ‬ ‫‪.١٩٨٨‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫)‪( ١٧‬‬ ‫)‪( ١٨‬‬

‫اﻠﺟﺪﻳﺪ ﺣﻮل اﻠﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ـ ـ ﻤﺟﻣﻮﻋﺔ ﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ـ ـ دار اﻠﺘﻗﺪم ـ ـ ﻤﻮﺴﻛﻮ ـ ـ‬ ‫‪.١٩٨٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫اﺑﻦ ﺧﻟﺪون ـ اﻠﻣﻗﺪﻤﺔ ـ ـ اﻠﻣﻗﺪﻤﺔ اﻠﺜﺎﻠﺜﺔ‪ ،‬ﻓﻲ اﻠﻣﻌﺘﺪل ﻤﻦ اﻻﻘﺎﻠﻴﻢ‬ ‫واﻠﻣﻨﺤﺮف ٔ‬ ‫وﺗﺎﺛﻴﺮ اﻠﻬﻮاء ﻓﻲ ٔاﻠﻮان اﻠﺒﺷﺮ واﻠﻛـﺜﻴﺮ ﻤﻦ ٔاﺣﻮاﻠﻬﻢ‪.‬‬ ‫اﻠﺟﺪﻳﺪ ﺣﻮل اﻠﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ـ ـ ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻤﺟﻟﺔ اﻠﺒﻨﺎء اﻠﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ـ ـ ‪ ١٦/٧١٤‬ـ ‪ ١٩٨٩/٢‬ـ ﻤﻦ ﺣﻮار ٔاﺠﺮﻳﻨﺎﻩ ﻤﻊ‬ ‫د‪ .‬ﺣﺳﻨﻲ ﺣﺪاد‪.‬‬ ‫ﻫﻨﺮي ﻓﺮاﻧﻛـﻔﻮرت ـ ﻓﺟﺮ اﻠﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻠﺷﺮق ٔاﻻدﻧﻰ اﻠﻗﺪﻳﻢ ـ ـ ت‪:‬‬ ‫ﻤﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﺧﻮري ـ دار ﻤ ﻛـﺘﺒﺔ اﻠﺤﻴﺎة ـ ﺑﻴﺮوت‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﺣﺪة اﻠﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻠﻟﻮﻃﻦ اﻠﻌﺮﺑﻲ ﻤﻦ ﺧﻼل اﻠﻣﻛـﺘﺷﻔﺎت اﻻﺛﺮﻳﺔ ـ ـ‬ ‫وزارة اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ اﻠﺳﻮرﻳﺔ ـ اﻠﻣﻨﻈﻣﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﻠﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻠﺜﻗﺎﻓﺔ واﻠﻌﻟﻮم ـ ـ‬ ‫‪.٢٠٠٠‬‬ ‫د‪ .‬ﺴﻟﻄﺎن ﻤﺤﻴﺳﻦ ـ ـ اﻠﺼﻴﺎدون ٔاﻻواﺋﻞ ـ دار ٔاﻻﺑﺟﺪﻳﺔ ـ ـ ‪ ١٩٨٩‬ـ ـ‬ ‫دﻤﺷﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫د‪ .‬ﺣﺳﻴﻦ ﻤﺆﻧﺲ ـ ـ اﻠﺤﻀﺎرة ـ ﻋﺎﻠﻢ اﻠﻣﻌﺮﻓﺔ ـ اﻠﻛﻮﻳﺖ ـ ـ ‪ ٢٣٧‬ـ ـ‬ ‫‪.١٩٩٨‬‬ ‫ﻏﻮﻻﻳﻒ ـ اﻠﻣﺪن ٔاﻻوﻠﻰ ـ ـ دار اﻠﺘﻗﺪم ـ ﻤﻮﺴﻛﻮ ـ ‪.١٩٨٩‬‬ ‫د‪ .‬ﺴﻟﻄﺎن ﻤﺤﻴﺳﻦ ـ ـ اﻠﻣﺰارﻋﻮن ٔاﻻواﺋﻞ ـ ـ دار ٔاﻻﺑﺟﺪﻳﺔ ـ دﻤﺷﻖ ـ ـ‬ ‫‪.١٩٩٤‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﺟﺪﻳﺪ ﺣﻮل اﻠﺷﺮق اﻠﻗﺪﻳﻢ ـ ـ ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ ـ ـ ﺗﺎرﻳﺦ ﺴﻮرﻳﺔ وﻠﺒﻨﺎن وﻓﻟﺳﻄﻴﻦ ـ ـ دار اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ ـ ـ ﺑﻴﺮوت ـ ـ‬ ‫‪ .١٩٨٣‬وﻜـﺘﺎﺑﻪ‪ :‬ﺧﻣﺳﺔ ٓاﻻف ﻋﺎم ﻤﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﺷﺮق ٔاﻻدﻧﻰ ـ ﺑﻴﺮوت ـ ـ‬ ‫‪.١٩٨٢‬‬ ‫د‪ .‬ﻤﺤﻣﺪ ﺣﺮب ﻓﺮزات ـ ـ ﻤﺟﻟﺔ اﻠﻣﻌﺮﻓﺔ اﻠﺳﻮرﻳﺔ ـ ‪ ٢٩٨‬ـ ‪.٢٩٩‬‬ ‫ﻤﺟﻟﺔ اﻠﺒﻨﺎء اﻠﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ـ ‪ ٧٢٩‬ـ ‪ ٧٣٤‬ـ ﻤﺤﺎﺿﺮات اﻠﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﻓﻲ‬ ‫ﺣﻮض اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ‪ ١٩٩٠/٣/٣١ ،‬ـ ـ ‪.١٩٩٠/٥/٥‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ول دﻳﻮراﻧﺖ ـ ـ ﻘﺼﺔ اﻠﺤﻀﺎرة ـ ـ ‪ ١٩٦٥‬ـ ـ ج‪+١‬ج‪ ٢‬ـ ـ اﻠﺟﺎﻤﻌﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬ ‫د‪ .‬ﺣﺮﺑﻲ ﻋﻄﻴﺘﻮ ـ ـ ﻤﻼﻤﺢ اﻠﻔﻛﺮ اﻠﻔﻟﺳﻔﻲ واﻠﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﻤﺪرﺴﺔ‬ ‫ا ٕﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ‪ .‬دار اﻠﻌﻟﻮم ـ ﺑﻴﺮوت ‪.١٩٩٢‬‬

‫)‪( ٢٤‬‬ ‫)‪( ٢٥‬‬

‫ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ ـ ـ ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻮرج ﻜﻮﻧﺘﻨﻮ ـ ـ اﻠﻣﺪﻧﻴﺎت اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ ﻓﻲ اﻠﺷﺮق اﻻدﻧﻰ ـ ـ ت‪ :‬ﻤﺘﺮي‬ ‫ﺸﻣﺎس ـ ﺴﻟﺳﻟﺔ ‪QUESAIS - JE‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻳﻣﻛﻦ اﻠﺮﺠﻮع ﻠﻟﻣﺰﻳﺪ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻠﻣﻮﺿﻮع‪ ،‬ﻠ ﻛـﺘﺎب ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺬﻜﻮر اﻋﻼﻩ‪ ،‬ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ ﻠﻛـﺘﺎب ﻘﺼﺔ اﻠﺤﻀﺎرة‪ .‬ول دﻳﻮراﻧﺖ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻮن ان ﻠﻟﻛﻨﻌﺎﻧﻴﻴﻦ اﻠﺒﺎع اﻠﻄﻮﻳﻞ واﻻول ﻓﻲ رﻜﻮب اﻠﺒﺤﺎر‬ ‫واﺴﺘﻛﺷﺎف اﻠﻌﺎﻠﻢ‪.‬‬ ‫دﻳﻮراﻧﺖ ـ ـ ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻏﻮﻻﻳﻒ ـ ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻜﻮﻧﺘﻨﻮ‪ .‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ز‬ ‫اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ـ اﻻﺴﺒﺎﻧﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻠﺘﺎرﻳﺦ‪ .‬ﻤﺟﻣﻮﻋﺔ ﻳﺎﺣﺜﻴﻦ ـ ـ و ارة‬ ‫اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ ـ ﺴﻮرﻳﺔ ـ ـ ‪.١٩٩١‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻮﻠﻴﺎت اﻻﺛﺮﻳﺔ اﻠﺳﻮرﻳﺔ‪ .‬ﻤﺟﻟﺪ‪ ٢٩‬ـ ـ ‪ ٣٠‬ـ ـ ‪ ١٩٧٩‬ـ ـ ‪.١٩٨٠‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ٔارﻧﻮﻠﺪ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ‪ .‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﺒﺷﺮﻳﺔ‪ .‬ت‪ :‬ﻧﻗﻮﻻ زﻳﺎدة ـ ـ ٔاﻻﻫﻟﻴﺔ ﻠﻟﻨﺷﺮ ـ ـ‬ ‫ﺑﻴﺮوت ـ ‪.١٩٨١‬‬ ‫ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ‪ .‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ‪ .‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﺠﺎن ﺑﺮان‪ .‬اﻠﻔﻟﺳﻔﺔ اﻠﺮواﻘﻴﺔ‪ .‬ت‪ :‬ﺠﻮرج ٔاﺑﻮ ﻜﺳﻢ ـ ـ دار ٔاﻻﺑﺟﺪﻳﺔ ـ ـ‬ ‫دﻤﺷﻖ ـ ـ ‪.١٩٩٠‬‬ ‫ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ‪ .‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ٔارﻧﻮﻠﺪ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ‪ .‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻓﻴﻟﻴﺐ ﺣﺘﻲ‪ .‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻋﻴﺳﻰ ﻳﺎزﺠﻲ‪ٓ .‬ﻤﺎ ﺛﺮ ﺴﻮر ّﻳﺔ ﻤﻦ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ ـ دار ﻓﻛﺮ ـ ـ ﻳﺒﺮوت ـ ـ‬ ‫‪١٩٩٠‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻜ ـﺜﻴ ًﺮا ﻤﺎﻳﺮد ﻓﻲ ﻤﻌﺮض اﻠﺒﺤﻮث اﻠﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺘﺎرﻳﺦ وﻋﻣﺎرة اﻠﻌﺼﺮ‬ ‫اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺗﻌﺒﻴﺮ اﻠﻌﻣﺎرة اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻮرﻳﺔ‪ .‬واﻠﺤﻗﻴﻗﺔ ٔان ﻫﺬا‬ ‫اﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻳﺨﺎﻠﻒ ٔاﻻﺴﺲ اﻠﻌﻟﻣﻴﺔ واﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪ ،‬وﻧﻗﺘﺮح ٔان ﻳﺼﺒﺢ اﻠﻌﻣﺎرة‬ ‫اﻠﺳﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻲ‪.‬‬ ‫د‪ .‬ﻋﺪﻧﺎن اﻠﺒﻨﻲ‪ٔ .‬اﺑﻮﻠﻮدور اﻠﺪﻤﺷﻗﻲ‪ .‬وزارة اﻠﺜﻗﺎﻓﺔ ـ ـ ﺴﻮرﻳﺔ‪.١٩٩٠ .‬‬ ‫اﻠﻣﺮﺠﻊ اﻠﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ٔارﻧﻮﻠﺪ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ‪ .‬ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬ ‫ﻧﻴﻨﺎ ﺑﻴﻐﻮﻠﻴﻔﺳﻛﺎﻳﺎ ـ ﺛﻗﺎﻓﺔ اﻠﺳﺮﻳﺎن ﻓﻲ اﻠﻗﺮون اﻠﻮﺴﻄﻰ‪ .‬ت‪ :‬د‪ .‬ﺧﻟﻒ‬ ‫اﻠﺟﺮاد‪ .‬دار اﻠﺤﺼﺎد‪ .١٩٩٠ .‬دﻤﺷﻖ‪.‬‬ ‫ﺑﻴﻴﺮ روﺴﻲ‪ .‬اﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻠﺤﻗﻴﻗﻲ ﻠﻟﻌﺮب‪ .‬ت‪ :‬ﻓﺮﻳﺪ ﺠﺤﺎ‪ .‬وزارة اﻠﺘﻌﻟﻴﻢ‪.‬‬ ‫ﺴﻮرﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥١‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫‪‬ام‪  ‬ا‪‬ة ا‪  ‬‬ ‫‪ ‬ا‪‬ن ا‪   ‬ا‪‬د‬

‫ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻘﺳﻨﻄﻴﻨﺔ )ﺸﺮق اﻠﺟﺰاﺋﺮ ( ﻤﻊ ﻧﻬﺎﻳـﺔ اﻠ ﻗـﺮن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺎﺴـ ــﻊ ﻋ ﺷـ ــﺮ اﻠﻣـ ــﻴﻼدي ﺴﻟﺳـ ــﻟﺔ ﻤـ ــﻦ اﻻﺑ ﺤـ ــﺎث‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺛﺮﻳـ ــﺔ ﻜﺷـ ــﻔﺖ ﻋ ـ ــﻦ ﻋـ ــﺪد ﻜﺒﻴ ـ ــﺮ ﻤـ ــﻦ اﻠﻨﺼـ ــﺐ اﻠﺒﻮﻧﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬ﺣﻴـ ــﺚ اﺛﺒﺘ ـ ــﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪراﺴ ــﺎت ﻤ ــﺪى اﻫﻣﻴ ــﺔ اﻠﻣﺪﻳﻨ ــﺔ اﻠﺘ ــﻲ ﺣﻣﻟ ــﺖ اﺴ ــﻢ "ﺴ ــﻴﺮﺗﺎ" ﺗﺰاﻤﻨ ــﺎ ﻤ ــﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ازد ﻫـﺎر ﻘﺮﻃـﺎج و ﺑﻟﻮﻏﻬـﺎ ذروﺗﻬـﺎ‪ ،‬و ﻘـﺪ اﺠﻣـﻊ ﻤﻌﻈـﻢ اﻠﻣﺆرﺧـﻮن واﻻﺛﺮﻳـﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴـ ً‬ ‫ـﺘﻨﺎدا ٕاﻠ ــﻰ اﻠﻣﻌﻄﻴ ــﺎت اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴ ــﺔ ا ّن وﺠﻮد ﻫــﺎ ﻻ ﻳﺘﺟ ــﺎوز اﻠ ﻗ ــﺮن اﻠﺜﺎﻠ ــﺚ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد‪ٕ .‬ﻓﺎذا ﺗﺳـﺎءﻠﻨﺎ ﻋـﻦ اﻠﺤﻴـﺎة اﻠﺳـﻴﺮﺗﻴﺔ ﻓـﻲ ﻫـﺬﻩ اﻠﻔﺘـﺮة‪ ،‬ﻓ ٕـﺎﻠﻰ اي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺪى ﺗﻣﻛﻨﻨﺎ اﻠﻟﻗﻰ اﻻﺛﺮﻳﺔ ﻤﻦ اﺴﺘﺨﻼص ﻧﻣﻄﻬﺎ وا ﺴﺎﺴﻴﺎﺗﻬﺎ؟‬

‫ﺠﺳﺮ ﺴﻴﺪي ﻤﺳﻴﺪ و واد اﻠﺮﻤﺎل اﻠﺬي ﻳﺷﻖ ﺻﺨﺮﺗﻲ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﻌﺮﻳﻗﺔ‬

‫ٕان اﻠﻨﻗﻮش اﻠﺘﻲ ﻋﺜﺮ ﻋﻟﻴﻬـﺎ ﻤـﻦ ﺧـﻼل اﻠﻨﺼـﺐ اﻠﺒﻮﻧﻴـﺔ اﻠﻣﻛـﺘﺷـﻔﺔ‬ ‫ﻓـﻲ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ ﺗــﺪﻠﻨﺎ ﻋ ﻟـﻰ اﻠﻨﻈـﺎم ا ٕﻻداري واﻻﺠﺘﻣــﺎﻋﻲ واﻠﻌﻗﺎﺋـﺪي)‪ (١‬ا ﻠــﺬي ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺨﺘﻟــﻒ ﻋﻨ ــﻪ ﻓــﻲ ﻘﺮﻃ ــﺎج‪ٕ ،‬اذ ﻳﺆﻜــﺪ اﻧﺪرﻳ ــﻪ ﺑﺮﺗﻴﻴــﻪ ان اﻠﻌ ــﺎدات اﻠﺟﻨﺎﺋﺰﻳ ــﺔ‬ ‫وﻤﺨﺘﻟﻒ اﻠﻄﻗﻮس اﻠﺪﻳﻨﻴﺔ ﻜﺎﻧﺖ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﺴﻴﺮﺗﺎ )‪ ،(٢‬وﻠﻌ ّـﻞ ﻫـﺬا اﻠﺘﺷـﺎﺑﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫او اﻠﺘﻄ ــﺎﺑﻖ ﺠﻌ ــﻞ ﻓﺮﻳـ ــﻖ ﻤ ــﻦ اﻠﻣـ ــﺆرﺧﻴﻦ ﻳﺆﻜ ــﺪون اﻧﻬ ــﺎ ﻠـ ــﻢ ﺗﻛ ــﻦ ﺴـ ــﻮى‬ ‫ً‬ ‫واﻤﺘﺪادا ﻠﻟﻗﻮة اﻠﻗﺮﻃﺎﺠﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻤﺳﺘﻌﻣﺮة ﻓﻴﻨﻴﻗﻴﺔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻳﻌــﺪ ﻤﻌﺒــﺪ اﻠﺤ ﻔ ــﺮة ﻤــﻦ اﻫ ــﻢ واﻘــﺪم اﻠﻨﺼــﺐ اﻠ ــﻮارد ذﻜﺮﻫــﺎ‪ ،‬وﻘ ــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺻـﻨﻒ اﻧﺪرﻳــﻪ ﺑﺮﺗﻴﻴــﻪ‪ ،‬ورﻳﻨﻴــﻪ ﺸــﺎرﻠﻴﻴﻪ اﻠﻨﻗـﻮش اﻠــﺜﻼث ﻤﺌــﺔ ٕاﻠــﻰ ﺑﻮﻧﻴﻗﻴــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫) ‪ ( punique‬وﺑﻮﻧﻴﻗﻴـﺔ ﺠﺪﻳــﺪة ) ‪ ،(néo-punique‬اﻤـﺎ ﻓﻴﻣــﺎ ﻳ ﺨـﺺ ﺗــﺎرﻳﺦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻨـ ــﺎء اﻠﻣﻌﺒ ـ ــﺪ ﻓﻴﻔﺘ ـ ــﺮض ان ﻳﻛـ ــﻮن ﺣ ـ ــﻮاﻠﻲ ﻤﻨﺘﺼ ـ ــﻒ اﻠ ﻗـ ــﺮن اﻠﺜ ـ ــﺎﻧﻲ ﻘﺒ ـ ــﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣـﻴﻼد‪ ،‬ﻓ ٕـﺎذا ﻜـﺎن اﻘـﺪم ﻧـﺺ ﻓـﻲ اﻠﻣﻌﺒـﺪ )‪ ( 56 pun‬ﻳﻌـﻮد ٕاﻠـﻰ ‪ ١٦٢‬ق‪.‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫ ــﺬا ﻻ ﻳﻌﻨـ ــﻲ اﻧ ــﻪ ﺗـ ــﺎرﻳﺦ وﺿـ ــﻊ اﻻ ﺴ ــﺲ اﻻو ﻠـ ــﻰ ﻠﻣﻌﺒ ــﺪ اﻠﺤ ﻔـ ــﺮة )‪ (٣‬ﻠﻛﻨـ ــﻪ‬ ‫اﺴـﺘﻨﺘﺎج ﺗﻮﺻـﻞ ٕاﻠﻴـﻪ ﺑﺮﺗﻴﻴـﻪ وزﻤﻴﻟـﻪ ﻤـﻦ ﺧـﻼل ﻤﻌﺎدﻠـﺔ ﻧﺳـﺒﻴﺔ ﻏﻴـﺮ ﻓﺎﺻــﻟﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﻮﺿﻮع‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاذا ا ﺧ ــﺬﻧﺎ ﺑﻌ ــﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒ ــﺎر اﻠﺒﻌ ــﺪ اﻠﺒ ــﻮﻧﻴﻗﻲ ﻓ ــﻲ اﻠﺒﻨ ــﺎء ا ٕﻻﺠﺘﻣـ ــﺎﻋﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﺳﻴﺮﺗﺎ وﻫﺬا ﻤﺎ اﺸـﺎرت ٕاﻠﻴـﻪ ﻤﻌﻈـﻢ اﻠﻣﺼـﺎدر اﻻﺛﺮﻳـﺔ‪ ،‬ﻓ ٕـﺎن اﻠﺤﻴـﺎة اﻠﺪﻳﻨﻴـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺧﻟﺼﺖ ﻠﻟﻌﻗﻴﺪة اﻠﻔﻴﻨﻴﻗﻴـﺔ ﺑﻣـﺎ ﻓﻴﻬـﺎ ﻤـﻦ ﻃﻗـﻮس وﻋـﺎدات ﻘﺪﻳﻣـﺔ ﻤﺟﺘﻣﻌـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻼ ﻠﻪ ﺑﻌﻞ اﻤـﻮن ﻓـﻲ ﻜـﻞ زاوﻳـﺔ ﻤـﻦ اﻠﻣـﺪن اﻠﻨﻮﻤﻴﺪﻳـﺔ ﻤـﻦ‬ ‫ﻓﻲ ﺗﻗﺮب روﺣﻲ ٕ‬ ‫ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺴﻴﺮﺗﺎ)‪.(٤‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕواذا ﻋﺪﻧﺎ ٕاﻠﻰ ﻧﺼﻮص اﻠﺤﻔﺮة‪ ،‬ﻓﻗﺪ اﺛﺒﺘﺖ اﻠﻨﻗـﻮش‪ ٢٧‬اﻻوﻠـﻰ راي‬ ‫ٔ‬ ‫ﻏﺎﺑﺮﻳــﺎل ﻜــﺎﻤﺒﺲ ﻓﻴﻣ ــﺎ ﻳﺨــﺺ ﻋﺒ ــﺎدة ا ٕﻻ ﻠــﻪ ﺑﻌ ــﻞ اﻤــﻮن‪ٕ ،‬اﺿ ــﺎﻓﺔ ٕاﻠــﻰ ذﻜ ــﺮ‬ ‫ا ٕﻻ ﻠﻬــﺔ ﺗﺎﻧﻴــﺖ ﻓــﻲ اﻠــﻨﻗﺶ)‪ ، (٥)(2 pun‬وﻜﺎﻧــﺖ اﻠــﺪﻻﺋﻞ ﻋﻟــﻰ اﺴ ــﺘﺘﺒﺎب‬ ‫اﻠﺪﻳﺎﻧـﺔ اﻠﻔﻴﻨﻴﻗﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺴـﻴﺮﺗﺎ ﻜـﺜﻴـﺮة ﻻﺴـﻴﻣﺎ ﺗﻟـﻚ اﻠﻨﻗـﻮش اﻠﺘـﻲ وﺠـﺪت ﻋﻟــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺻــﺨﺮ ﻤﻨﺤــﺪر اﻠﻣﻨﻈ ــﺮ اﻠﺟﻣﻴــﻞ واﻠﻛﺪﻳ ــﺔ ٕاذ ارﺗــﺒﻂ ﻓﻴﻬــﺎ اﺴ ــﻢ ﺑﻌــﻞ اﻤ ــﻮن‬ ‫ﻠﻼ ﻠﻪ ﻤﻟﻗﺮت)‪.(٦‬‬ ‫ﺑﺘﺎﻧﻴﺖ‪ ،‬ﻜﻣﺎ ﻜﺷﻒ اﻠﻨﻗﺶ )‪ ( 68pun‬ﻋﻦ وﺠﻮد ﻤﺬﺑﺢ ٕ‬ ‫ﺻـﺎﻓﻴﺔ ﺳﻬﻠﻲ‬ ‫ﻠﻴﺳﺎﻧﺲ ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﺨﺼﺺ ﺗﺎرﻳﺦ ﻘﺪﻳﻢ‬ ‫ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻘﺳﻨﻄﻴﻨﺔ – اﻠﺟﻣﻬﻮرﻳﺔ اﻠﺟﺰاﺋﺮﻳﺔ‬ ‫‪numedia_08@yahoo.fr‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣ ﺲ‬

‫‪ ‬اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎل‪:‬‬ ‫ﺻــﺎﻓﻴﺔ ﺴــﻬﻟﻲ‪ ،‬ﺠﻮاﻧ ــﺐ ﻤــﻦ اﻠﺤﻴــﺎة اﻠﻴﻮﻤﻴ ــﺔ ﻓــﻲ ﺴــﻴﺮﺗﺎ ﻓ ــﻲ‬ ‫اﻠ ﻗـﺮن اﻠﺜﺎﻠــﺚ ﻘﺒــﻞ اﻠﻣــﻴﻼد‪ - .‬دورﻳـﺔ ﻜــﺎن اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴــﺔ‪ - .‬اﻠﻌــﺪد‬ ‫اﻠ ﺨ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻤﺲ؛ ﺴـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒﺘﻣﺒﺮ‪ .٢٠٠٩‬ص ‪.٥٣ - ٥٢‬‬ ‫)‪(www.historicalkan.co.nr‬‬

‫ﺗ ﺟـﺪر ﺑﻨـﺎ ا ٕﻻﺸــﺎرة ٕاﻠـﻰ؛ ﺑﻌــﺾ اﻠﻐﻣـﻮض اﻠـﺬي ﻳﺘﺨﻟــﻞ ﻃﻗﺳـﺎ ﻤــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻄﻗﻮس اﻠﻣﻣﺎرﺴﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺮﺗﺎ وﻫﻮ اﻠﺬي ﻳﺨﺺ ﻘﺮاﺑﻴﻦ اﻻﻃ ﻔـﺎل‪ٕ ،‬اذ ﻳﻌﺘﻗـﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺮﺗﻴﻴـﻪ اﻧــﻪ ﻳﻣﻛــﻦ ان ﺗﻛــﻮن ﺣﻗﻴﻗﻴــﺔ او رﻤﺰﻳـﺔ ‪ ،‬و ّﻤﻣــﺎ ﻻ ﺸــﻚ ﻓﻴــﻪ ﻫــﻮ ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻄﻗﻮس واﺧﺮى ﻫﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻠﻟﻗﻰ اﻻﺛﺮﻳـﺔ اﻠﻗﺮﻃﺎﺠﻴـﺔ‪ ،‬ﻠﻛـﻦ اﻠﺒﺮﺑـﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠــﻢ ﻳﻔﻀ ــﻟﻮا ﻫ ــﺬا اﻠﻨ ــﻮع ﻤ ــﻦ اﻻﺿــﺎﺣﻲ وﻻ اﻠﻌ ــﺎدات اﻠﺟﻨﺎﺋﺰﻳ ــﺔ اﻠﺘ ــﻲ ﻳ ــﺘﻢ‬ ‫ﺧﻼﻠﻬﺎ ﺣﺮق اﻠﺟﺜﺚ )‪.(٧‬‬ ‫ـﻛﺮﻳﺎ و ﻤـ ـ ً‬ ‫ٔاﺣﻛ ــﻢ ﺗﻨﻈـ ــﻴﻢ ﻤﺪﻳﻨـ ــﺔ ﺴـ ــﻴﺮﺗﺎ ادارﻳ ـ ًـﺎ وﻋﺳـ ـ ً‬ ‫ـﺪﻧﻴﺎ ٕاﻠـ ــﻰ ﺣـ ــﺪ‬ ‫ٕ‬ ‫اﻠﺘﻛﺎﻤـ ـ ــﻞ اﻠﻣﻄﻟـ ـ ــﻖ ﺑـ ـ ــﻴﻦ اﻠﻗـ ـ ــﺎدة اﻠﻌﺳـ ـ ــﻛﺮﻳﻮن وا ٕﻻدارﻳـ ـ ــﻮن اﻠﻣﻗﺘـ ـ ــﺪرون‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ،(scribes‬ﻳﺨﻀـ ــﻌﻮن ﻠﺳ ـ ــﻟﻄﺔ ﻋﻟﻴـ ــﺎ ﻋﻟ ـ ــﻰ را ﺴـ ــﻬﺎ ﺸ ـ ــﻔﻄﻴﻦ )ﻘﺎﺿ ـ ــﻴﻴﻦ (‬ ‫ﻳﻨﺘﺨﺒ ــﺎن ﻜ ــﻞ ﺴـ ــﻨﺔ )‪ ،(٨‬وﺗ ــﻢ اﺴـ ــﺘﻨﺘﺎج ذﻠ ــﻚ ﻤ ــﻦ ﺧـ ــﻼل ﺗﺮﺠﻣ ــﺔ ﺑﺮﺗﻴﻴـ ــﻪ‬ ‫وﺸﺎرﻠﻴﻴﻪ ﻠﻌﺒﺎرة ﺗﻌﻨﻲ )‪.(٩)(deux suffètes‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٢‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫وﺑﺤﻛـﻢ اﻠﺤﻗﺒــﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴــﺔ اﻠﺘــﻲ ﻧﺤـﻦ ﺑﺼــﺪد دراﺴــﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺗﺳــﺘﻮﻘﻔﻨﺎ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻌــﺾ اﻠﺘﻔﺎﺻــﻴﻞ ﻓ ــﻲ اﻫــﻢ ﺠﺎﻧ ــﺐ ﻤــﻦ ﺠﻮاﻧــﺐ اﻠﺤﻴ ــﺎة اﻧــﺬاك ﺧﺎﺻ ــﺔ ٕاذا‬ ‫ﺻـﺎدﻓﺘﻨﺎ ﻓـﻲ ﺑﻌـﺾ اﻠﻣﺼـﺎدر اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴـﺔ ﻜﻟﻣـﺔ "‪ " Mishtar‬و ﺗﻌﻨـﻲ اﻠﻗﺎﺋـﺪ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﻌﺳـﻛﺮي‪ ،‬ﻜﻣـﺎ ﻠـﻢ ﺗﺨﻟـﻮ اﻠﻨﺼـﺐ اﻠﺒﻮﻧﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺴـﻴﺮﺗﺎ ﻤـﻦ ٕاﻫـﺪاءات ﻠﻼ ﻠﻬــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻨﺎﺠﺎﺗﻬﺎ ﻠﻟﻨﺼﺮ ﻓﻲ اﻠﻣﻌﺎرك‪ ،‬ﻓﻛﺎن ﻤﻌﻈﻢ ﻫﺆﻻء اﻠﻗﺎدة ﻳﺤﻣﻟـﻮن ا ﺴـﻣﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻮﻧﻴﺔ‪ :‬ارﻳﺲ)‪ ،(Aris‬ارﻳﺳﺎم )‪ ،(Arisam‬ﺑﺪﻤﻟﻗﺮت ) ‪،(Bodmalqart‬‬ ‫ﺣﻣﻟﻗﻮ )‪.(١٠)(Hamilco‬‬ ‫وﻘـﺪ ﻜﺷـﻒ اﻠـﻨﺺ )‪ ( 74 pun‬ﻤـﻦ ﻧﺼـﻮص اﻠﺤ ﻔـﺮة ﻋـﻦ ا ﺴــﺘﺨﺪام‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﻟﺤﺔ اﻠﺒﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺮﺗﺎ)‪ :(١١‬اﻠﺮﻤﺢ‪ ،‬اﻠﺘﺮس اﻠﺒﻴﻀﻮي اﻠﺷـﻛﻞ‪ ،‬اﻠﺨـﻮذة‬ ‫اﻠﻣﺪﺑﺒـ ــﺔ‪ ،‬اﻠﻗـ ــﻮس وﺧﺎﺻـ ــﺔ اﻠﺳـ ــﻴﻒ اﻠﻗﺼـ ــﻴﺮ‪ ،‬وﻓـ ــﻲ ﻫـ ــﺬا اﻠﻮﺻـ ــﻒ ﻳﺆﻜـ ــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜــﺎﻤﺒﺲ اﻧــﻪ ﻠــﻢ ﻳﺼــﺎدف ﻋ ـ ّـﺪة اﻠﻗﺘــﺎل ﻫــﺬﻩ ﻻ ﻓــﻲ اﻠﻨﺼــﺐ اﻠﻗﺮﻃﺎﺠﻴ ــﺔ وﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺘـﻰ ﻓـﻲ اﻠﺷــﺮق‪ ،‬و ٕاﻧﻣـﺎ ﺗﺷـﺒﻪ ٕاﻠــﻰ ﺣـﺪ ﻜﺒﻴـﺮ ﻋـ ّـﺪة اﻠﻨﻮﻤﻴـﺪ او اﻠﻣــﻮر)‪. (١٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﺬا ﺿﺮورة ﺣﺘﻣﻴـﺔ ﻻ ﺧـﺬ ﺑﻌـﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒـﺎر اﻠﺒﻌـﺪ اﻠﺒﺮﺑـﺮي ﻓـﻲ اﻠﻛﺮوﻧﻮﻠﻮﺠﻴـﺎ‬ ‫اﻠﻔﻴﻨﻴﻗﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻋ ﻟ ــﻰ اﻠـ ــﺮﻏﻢ ﻤـ ــﻦ ﺗﺒﺟﻴـ ــﻞ اﻠﻣﺟﺘﻣ ــﻊ اﻠﺳـ ــﻴﺮﺗﻲ ﻠﺤﻴﺎﺗـ ــﻪ اﻠﻌﺳـ ــﻛﺮﻳﺔ‬ ‫واﻠﺪﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻠﻢ ﻳﻣﻨﻊ ﻧﻔﺳﻪ ﻤﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺣﻴﺎﺗـﻪ اﻻﻘﺘﺼـﺎدﻳﺔ اﻠﺘـﻲ ﻠـﻢ ﺗﺨﻟـﻮ ﻤـﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺨﺘﻟﻒ اﻧﻮاع اﻠﺤﺮف واﻻﻧﺷﻄﺔ اﻠﺒﺳﻴﻄﺔ واﻠﻣﻌﻗـﺪة‪ ،‬ﻓﻣـﺎﻏﻮن )‪( Magon‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻦ ادﻧﺒﻌﻞ ﻜﺎن زﻋﻴﻣﺎ ﻠﻟﺘﺟﺎر‪ ،‬و ﻋﺪرﺑﻌﻞ )‪ ( Aderbaal‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻤﻟﻗﺮت‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺼــﺎﺑﺎ‪ ،‬وﻋﺒــﺪ ﻤﻟﻗــﺮت اﺑ ــﻦ ادوﻧﻴﺒﻌــﻞ )‪ ( Adonibaal‬ﺑﻨـ ً‬ ‫ـﺎءا ‪ ،‬و ﻠــﻢ ﺗﻛ ــﻦ‬ ‫اﻠﺘﺟ ــﺎرة ﺻ ــﻌﺒﺔ ﻋﻟ ــﻰ ﻜ ــﻞ ﻤ ــﻦ ﺑﻌ ــﻞ ﻳ ــﺎﺗﻮن )‪ ( Baalyaton‬وﻋﺒ ــﺪ ﻤﻟﻗـ ــﺮت‬ ‫)‪.(١٣‬‬ ‫) ‪ ( Abdmalkart‬و ﻏﻴﺮﻫﻢ‬

‫ٔ‬ ‫وﻘــﺪ ﻤﻛﻨﺘﻨــﺎ اﻠﻣﺼــﺎدر اﻻﺛﺮﻳــﺔ ٕاﻠــﻰ ﺣــﺪ ﻤــﺎ ﻤﻌﺮﻓــﺔ ﺑﻌــﺾ اﻠﻣﻈــﺎﻫﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﺴﻴﺮﺗﺎ او ﻜﺮﺗﻦ ﻤﻨﺬ اﻠﻗﺮن اﻠﺜﺎﻠﺚ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد‪ ،‬ﺣﺘـﻰ ٕوان‬ ‫ً ٔ‬ ‫ﻜﺎﻧــﺖ اﻠﻣﻗﺎﻃﻌــﺔ اﻤﺘ ـ ً‬ ‫ـﺎدﻳﺎ‪ ،‬او ٕادارﻳـ ًـﺎ ﻠﻗﺮﻃ ــﺎج‪ ،‬ﻓـ ٕـﺎن اﻠﺘ ــﺎرﻳﺦ ﻻ‬ ‫ـﺪادا اﻘﺘﺼـ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻣﻛﻨــﻪ ﺗﺟﺎ ﻫ ــﻞ ﻤﺟﺘ ﻣــﻊ ﻤﺤﻛ ــﻢ اﻠﺘﻨﻈــﻴﻢ‪ ،‬ﺻ ــﻨﻊ ﻤ ﺟـ ًـﺪا و ارخ ﻠ ــﻪ ﻓــﻲ ﻜ ــﻞ‬ ‫ﺣﺮف ﺑﻮﻧﻲ ﻧﻗ ﺶ ﻋﻟﻰ ﺻﺨﺮ‪.‬‬ ‫‪-------------------‬‬

‫ا‪‬ا‪:‬‬

‫)‪(1) André BERTHIER : La Numidie (Rome et le Maghreb‬‬ ‫‪Paris 1981 , p 167‬‬ ‫‪(2) A.BERTHIER : ibid. , p 176‬‬ ‫‪(3) André BERTHIER et L’Abbé René CHARLIER : Le‬‬ ‫‪sanctuaire punique d’El Hofra à Constantine ( Textes) ,‬‬ ‫‪Paris 1955 , p 231‬‬ ‫‪(4) G.CAMPS : aux origines de la Berberie , Massinissa ou‬‬ ‫‪les debuts de l’histoire . Alger 1961 , pp 259 ,260.‬‬ ‫‪(5) A.BERTHIER et L CHARLIER : op-cit , pp 12,13.‬‬ ‫" )‪(6‬‬ ‫"‬ ‫‪: ibid. , p236.‬‬ ‫‪(7) A.BERTHIER : La Numidie , p 168‬‬ ‫‪(8) A.BERTHIER : ibid , p 176‬‬ ‫‪(9) A.B et L.CH : Le sanctuaire punique d’El Hofra , p 23‬‬ ‫‪(10) A.BERTHIER : La Numidie ,p 168‬‬ ‫‪(11) A.B : ibid. , p 171‬‬ ‫‪(12) G.CAMPS : Massinissa ou les débuts de l’histoire , p‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪(13) A.BERTHIER : La Numidie , p168‬‬ ‫‪(14) A.B et L CH : op-cit ,pp 231/232‬‬ ‫‪(15) STEPHANE GSELL : Histoire ancienne de l’Afrique‬‬ ‫‪du nord .Tome IV . paris 1920 , pp 153 - 154.‬‬

‫ﻤﻨﻈﺮ ﺠﻮي ﻠﻮﺴﻂ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻘﺳﻨﻄﻴﻨﺔ‬ ‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣ ﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠـﻢ ﺗﺨﻟـﻮ اﻠﻟﻗـﻰ اﻻﺛﺮﻳــﺔ ﻤـﻦ اﻠﺤﻟـﻲ اﻠﻣﺼــﻨﻮﻋﺔ ﻤـﻦ ﻤﺨﺘﻟـﻒ اﻧــﻮاع‬ ‫اﻠﻣﻌــﺎدن ‪ ،‬اﻠﺰﺠ ــﺎج اﻠﻣﻟ ــﻮن ‪ ،‬اﻠﻌﻣــﻼت اﻠﺒﺮوﻧﺰﻳ ــﺔ و اﻠ ﺟـ ـﺮار)‪( amhores‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺘـ ــﻲ اﺧﺘﻟﻔ ـ ــﺖ اﻻراء ﺣ ـ ــﻮل ﻤﺤﻟﻴﺘﻬـ ــﺎ ‪ ،‬ﻓﻴﻔﺘ ـ ــﺮض ‪ M.Cintas‬ان اﻏﻟ ـ ــﺐ‬ ‫اﻠﺟـﺮار اﻠﺘـﻲ ﻋﺜــﺮ ﻋﻟﻴﻬـﺎ ﺑـﺎﻠﻗﺮب ﻤــﻦ ﻤﻨﻄﻗـﺔ اﻠﺨـﺮو ب رودﺴــﻴﺔ )ﻤـﻦ ﺠﺰﻳــﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫رودس ( )‪ ، (١٤‬ﻻن رودس ﻤﺜﻟـﺖ ﺑــﻴﻦ اﻠ ﻗ ـﺮﻧﻴﻦ ‪ ٣‬و‪ ٢‬ق‪.‬م ﻋﺎﺻــﻣﺔ اﻘﺘﺼــﺎد‬ ‫اﻠﻌــﺎﻠﻢ اﻠ ﻗــﺪﻳﻢ و اﺸــﺘﻬﺮت ﺑﺼ ــﻨﺎﻋﺔ اﻠﺟ ـﺮار ذات اﻠﻗﺒﻀــﺘﻴﻦ ﻠﺤ ﻔــﻆ اﻠﻨﺒﻴ ــﺬ‬ ‫وﻜﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪرﻫﺎ ٕاﻠﻰ ﻤﺨﺘﻟﻒ اﻠﻣﻗﺎﻃﻌﺎت ﻤﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺴﻴﺮﺗﺎ )‪.(١٥‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٣‬‬


‫ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ‬

‫"ﺍﳌﺆﺳﺲ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ"‬

‫ﻋﻤــــــــــــﺎد اﻟﺒﺤﺮاﻧﻲ‬ ‫ﻋﻀﺔ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ‫ﻛﺎﺗﺐ وﺑﺎﺣﺚ ‪ -‬ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن‬ ‫‪imad-80@hotmail.com‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺒﺄﺒﻲ ﺠﻌﻔﺭ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭ‬

‫ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺩﻩ‬

‫‪‬‬

‫ﺒـﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺒﻐـﺩﺍﺩ‬

‫‪‬‬

‫ﻭﻻﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﻻﺒﻨﻪ ﺍﻟﻤﻬﺩﻱ‬

‫‪ ‬ﺼﻔـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭ‬ ‫‪‬‬

‫‪Abu Jaafar Al-Manso ur‬‬ ‫‪The real fo under o f the Abbasid E mpire‬‬

‫ﻭﻓـﺎﺓ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭ‬

‫‪ ‬اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد ٔاﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ‪:‬‬ ‫ﻋﻣـ ــﺎد اﻠﺒﺤﺮاﻧ ــﻲ‪ ،‬اﺑــﻮ ﺠﻌﻔ ــﺮ اﻠﻣﻨﺼــﻮر "اﻠﻣﺆﺴ ــﺲ اﻠﺤﻗﻴ ﻗ ــﻲ‬ ‫ﻠﻟﺪوﻠﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ"‪ - .‬دورﻳﺔ ﻜﺎن اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴـﺔ‪ - .‬اﻠﻌـﺪد اﻠ ﺨـﺎﻤﺲ؛‬ ‫ﺴﺒﺘﻣﺒﺮ‪ .٢٠٠٩‬ص ‪.٥٨ - ٥٤‬‬ ‫)‪(www.historicalkan.co.nr‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ﻳﺘﻨـﺎول ﻫــﺬا اﻟﺒﺤــﺚ ﺳـﻴﺮة ﺧﻠﻴﻔــﺔ ﻣــﻦ أﺑــﺮز ﺧﻠﻔـﺎء اﻟﺪوﻟــﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳــﻴﺔ ﺑﺸــﻜﻞ ﺧـﺎص وﺧﻠﻔــﺎء اﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﺑﺸــﻜﻞ‬ ‫ﻋﺎم أﻻ وﻫﻮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﺛـﺎﻧﻲ ﺧﻠﻔـﺎء ﺑﻨـﻲ اﻟﻌﺒـﺎس واﻟـﺬي ﻳﻌﺘﺒـﺮ اﻟﻤﺆﺳـﺲ اﻟﺤﻘﻴ ﻘـﻲ ﻟﻠﺪوﻟـﺔ‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳـﻴﺔ وذﻟـﻚ ﻟﻤــﺎ ﺗﻤﻴـﺰ ﺑــﻪ اﻟﻤﻨﺼـﻮر ﻣــﻦ ﺷﺨﺼـﻴﺔ ﻓﺮﻳــﺪة وﺻـﻔﺎت ﻣﻤﻴــﺰة وﻛـﺬﻟﻚ ﺑﺴــﺒﺐ اﻻﻧﺠـﺎزات اﻟﻜﺒﻴــﺮة‬ ‫اﻟﺘــﻲ اﺳــﺘﻄﺎع أن ﻳﺤﻘﻘﻬــﺎ أﺛﻨــﺎء ﻓﺘــﺮة ﺧﻼﻓﺘــﻪ‪ ،‬ﺣﻴــﺚ اﺳــﺘﻄﺎع أن ﻳﻮﻃــﺪ دﻋــﺎﺋﻢ اﻟﺪوﻟــﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳــﻴﺔ واﻟﺘــﻲ أﺧــﺬت‬ ‫ﺑﻔﻀــﻠﻪ ﻃﺎﺑﻌﻬــﺎ اﻟﻤﻤﻴــﺰ ﻃﻴﻠــﺔ اﻟﻌـــﺼﺮ اﻟﻌـــﺒﺎﺳﻲ اﻷول ﺑﻌـــﺪ أن ﻗــﺎم ﺑﺈزاﺣــﺔ أﻫــﻢ اﻟﻤﻌﺎرﺿــﻴﻦ ﻟﺤﻜﻤــﻪ ﻣــﻦ اﻷﺳــﺮة‬ ‫اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ وﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻬﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻮﺠﻌﻔﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮر‪ :‬ﻫﻮ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ ‪ ،‬اﺑﻮ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺠﻌﻔﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮر‪ .‬وﻠﺪ ﺑﺎﻠﺤﻣﻴﻣﺔ ﺴﻨﺔ ‪ ٩٥‬ﻫـ واﻤﻪ ام وﻠﺪ اﺴﻣﻬﺎ ﺴﻼﻤﺔ‪.‬‬ ‫ﺗﺮﻋﺮع ﻓﻲ وﺴﻂ اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ اﻠﻬﺎﺸﻣﻲ ‪ .‬وﻃﻟﺐ اﻠﻌﻟﻢ وﻫﻮ ﺸﺎب ﻤﻦ ﻤﻈﺎﻧﻪ‬ ‫ٔ​ٔ‬ ‫وﺗﻔﻗﻪ ﻓﻲ اﻠﺪﻳﻦ‪ ،‬وﻧﺎل ﻘﺳﻄﺎ ﻤﻦ ﻋﻟﻢ اﻠﺤﺪﻳﺚ ‪ ،‬ﻓﻨﺷﺎ ادﻳﺒﺎ ﻓﺼﻴﺤﺎ ‪،‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫ﻤﻟﻣﺎ ﺑﺳﻴﺮ اﻠﻣﻟﻮك ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﺣﻴﻦ اﻧﺘﻗﻞ اﺧﻴﻪ اﺑﻮ اﻠﻌﺒﺎس اﻠﺳﻔﺎح ﻤﻦ اﻠﺤﻣﻴﻣﺔ ٕاﻠﻰ اﻠﻛﻮﻓﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺎن ﻤﻌﻪ ‪ .‬وﻠﻣﺎ اﻓﻀﺖ اﻠﺨﻼﻓﺔ ٕاﻠﻰ ﺑﻨﻲ اﻠﻌﺒﺎس ﻜﺎن اﻠﻣﻨﺼﻮ ر ﻋﻀـﺪﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻘـﻮى وﺴﺎﻋـﺪﻩ اﻻ ﺸـﺪ ﻓﻲ ﺗﺪﺑﻴﺮ اﻠﺨﻼﻓﺔ وﻓﻲ ﺴﻨﺔ ‪ ١٣٦‬ﻫـ وﻫﻲ اﻠﺳﻨﺔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻲ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﺑﻮ اﻠﻌﺒﺎس اﻠﺳﻔﺎح ﻋـﻗﺪ ﻫﺬا اﻻﺧﻴﺮ ﻻﺧﻴﻪ اﺑﻮﺠﻌﻔﺮ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺑﺎﻠﺨـﻼﻓﺔ ﻤﻦ ﺑﻌـﺪﻩ وﺠﻌﻟﻪ وﻠﻲ ﻋﻬـﺪ اﻠﻣﺳﻟﻣﻴﻦ وﻜﺎن اذ ذاك‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﻴﺮا ﻋﻟﻰ اﻠﺤﺞ ﺛﻢ ﺗﻮﻓﻲ اﻠﺳﻔﺎح واﺑﻮﺠﻌﻔﺮ ﻓﻲ اﻠﺤﺟﺎز ﻓﺎ ﺧﺬ اﺑﻦ اﺧﻴﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺒﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ اﻠﺒﻴﻌﺔ ﻠﻪ ﺑﺎﻻﻧﺒﺎر وﻜـﺘﺐ ٕاﻠﻴﻪ ﻳﻌﻟﻣﻪ ﺑﻮﻓﺎة ا ﺑﻮ اﻠﻌﺒﺎس‬ ‫اﻠﺳﻔﺎح واﻠﺒﻴﻌﺔ ﻠﻪ ‪.‬‬ ‫وﻘـﺪ ﺗﻣﺖ اﻠﺒﻴﻌﺔ ﻠﻪ ﻳﻮم ‪ ٨‬ﻳﻮﻧﻴﻮ ﺴﻨﺔ ‪٧٥٤‬م واﺴﺘﻣﺮ ﺧﻟﻴﻔﺔ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﺗﻮﻓﻲ ﻳﻮم اﻻ ﺣﺪ اﻠﺳﺎﺑﻊ ﻤﻦ ذي اﻠﺤﺟﺔ ﺴﻨﺔ ‪١٥٨‬ﻫـ اﻠﻣﻮاﻓﻖ ‪٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ٢‬‬ ‫اﻜـﺘﻮﺑﺮ ﺴﻨﺔ ‪٧٧٥‬م ﻓﻛﺎﻧﺖ ﻤـﺪة ﺧﻼﻓﺘﻪ ‪ ٢٢‬ﺴﻨﺔ ﻫﻼﻠﻴﺔ ٕاﻻ ﺴﺘﺔ اﻳﺎم ‪.‬‬ ‫اﻷوﺿـﺎع اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋـﻬﺪه‬ ‫ﺗﻮﻠﻰ اﻠﻣﻨﺼﻮر اﻠﺨﻼﻓﺔ وﻜﺎﻧﺖ اﻠﺪوﻠﺔ ﻻ ﺗﺰال ﻤﻀﻄﺮﺑﺔ وﻠﻢ ﺗﺘﻮﻃﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ارﻜﺎﻧﻬﺎ ﺑﻌـﺪ وﻜﺎن اﻠﺨﻮف ﻳﻨﺘﺎب اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻤﻦ ﺛﻼث ﺠﻬﺎت‪ .‬وﻫﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻬﺎت ﻫﻲ‪ :‬اﻻوﻠﻰ‪ :‬ﻤﻨﺎ ﻓﺳﺔ ﻋﻣﻪ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﻠﻪ ﻓﻲ اﻠﺨﻼﻓﺔ وذﻠﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺳﺒﺐ ﻤﻛﺎﻧﺘﻪ اﻠﻣﺘﻣﻴﺰة ﺑﻴﻦ ﺑﻨﻲ اﻠﻌﺒﺎس وﻻ ﻧﻪ ﻜﺎن ﻳﺪﺑﺮ اﻤﺮ ﺠﻴﻮش‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ ﻤﻦ اﻫﻞ ﺧـﺮاﺴﺎن واﻫﻞ اﻠﺷﺎم واﻠﺟﺰﻳﺮة ‪ ،‬وﻘﺪ ﻘﺎم ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ‬ ‫ﻋﻟﻲ ﺑﺎﻠﺨﺮوج ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ اﻠﻣﻨﺼﻮر وﺑﺎﻳﻊ ﻠﻨﻔﺳﻪ ﺑﺎﻠﺨﻼﻓﺔ ﻓﻲ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﺣﺮان‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﺟﺰﻳﺮة ﻤﻌﺘﻣﺪا ﻋﻟﻰ اﻠﺟﻴﺶ اﻠﺬي ﺗﺤﺖ ﻘﻴﺎدﺗﻪ واﻠﺬي اﻋـﺪ ﻠﻐﺰو اﻠﺪوﻠﺔ‬ ‫اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻫﻛﺬا اﺴﺘﺨﺪم ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﻫﺬا اﻠﺟﻴﺶ اﻠﺬي اﻋﺪ ا ﺴﺎﺴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻐﺰو اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴﻴﻦ ﻠﺘﺤﻗﻴﻖ اﻃﻣﺎﻋﻪ ﻓﻲ اﻠﺨﻼﻓﺔ ﻤﺪﻋﻴﺎ ان اﻠﺳﻔﺎح اﻘﺎﻤﻪ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ )‪( ٣‬‬ ‫وﻠﻴﺎ ﻠﻌﻬﺪﻩ ﺣﻴﻨﻣﺎ ارﺴﻟﻪ ﻠﻗﺘﻞ ﻤﺮوان اﻠﺜﺎﻧﻲ اﺧﺮ ﺧﻟﻔﺎء ﺑﻦ اﻤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺪات اﻠﺤﺮب ﺑﺎن ﺧﺮج اﺑﻮ ﻤﺳﻟﻢ اﻠﺨﺮﺴﺎﻧﻲ ﻤﻦ اﻠﻌﺮاق ﻤﺘﻈﺎﻫﺮا ﺑﺎ ﻧﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ اﻠﺷﺎم وارﺴﻞ ﺧﻄﺎﺑﺎ ٕاﻠﻰ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﻳﺨﺒﺮﻩ ﻓﻴﻪ ان اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻘﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻩ ﻋﻟﻰ اﻠﺷﺎم واﻧﻪ ﻠﻢ ﻳﺎﻤﺮﻩ ﺑﻗﺘﺎﻠﻪ ﻠﻛﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﺤﻴﻟﺔ ﻠﻢ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻟﻰ‬ ‫)‪( ٤‬‬ ‫ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ اﻠﺬي ﻜﺎن ﻤﺘﺤﺼﻨﺎ ﺑﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﺼﺒﻴﻦ ﺸﻣﺎل اﻠﻌﺮاق‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وداﻤﺖ اﻠﺤﺮب ﺑﻴﻦ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ واﺑﻲ ﻤﺳﻟﻢ ﺣﻮاﻠﻲ ﺴﺘﺔ اﺸﻬﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫‪،‬ﺗﻣﻛﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﺑﻲ ﻤﺳﻟﻢ ﻤﻦ ﻫﺰﻳﻣﺔ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﺴﻨﺔ ‪١٣٧‬ﻫـ ‪ .‬ﻓﻔﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺒﺪﷲ ٕاﻠﻰ ا ﺧﻴﻪ ﺴﻟﻴﻣﺎن واﻠﻲ اﻠﺒﺼﺮة ﻓﺎ ﺧﻔﺎﻩ ﻋﻨﺪﻩ ﺛﻢ ﺴﻟﻣﻪ ٕاﻠﻰ ا ﺑﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻌﻔﺮ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ‪١٣٩‬ﻫـ ﺑﻌـﺪ ان ﺣﺼﻞ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﺎن ﻠﻪ ﻓﺳﺟﻨﻪ اﻠﻣﻨﺼﻮ ر‬ ‫)‪(٥‬‬ ‫ﺛﻢ ﻘﺘﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﺳﻊ ﺴﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ‪ ١٤٧‬ﻫـ ‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ‪ :‬ﻧﻔﻮذ ا ﺑﻲ ﻤﺳﻟﻢ اﻠﺨﺮﺴﺎﻧﻲ ﻤﺆﺴﺲ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ ﻓﻗﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻣﺘﻊ ﺑﺘﺎﻳﻴﺪ اﻠﻔﺮس ﻓﺨﺷﻲ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻤﻦ ﺧﻄﺮﻩ ﻻﺴﻴﻣﺎ ﻋﻨﺪﻤﺎ اﻋﻟﻦ ﻋﺰﻤﻪ‬ ‫اﻠﻌﻮدة ٕاﻠﻰ ﺧﺮاﺴﺎن ﺑﻌﺪ اﻠﻗﻀﺎء ﻋﻟﻰ ﺛﻮرة ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ورﺑﻣﺎ ﻜﺎن‬ ‫ﻳﻬﺪف ٕاﻠﻰ اﻻﺴﺘﻗﻼل ﺑﺨﺮاﺴﺎن ﺛﻢ اﻠﺳﻴﻄﺮة ﻋﻟﻰ اﻠﺨﻼﻓﺔ ‪ ،‬ﻜﻣﺎ ﻜﺎﻧﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﻨﺎك اﺴﺒﺎب اﺧﺮى ﺠﻌﻟﺖ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻳﻗﺪم ﻋﻟﻰ اﻠﺘﺨﻟﺺ ﻤﻨﻪ وﻫﻲ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ١‬ﺗﻣﺎدي اﺑﻮﻤﺳﻟﻢ ﻓﻲ زﻫﻮﻩ واﺴﺮاﻓﻪ ﺑﻗﺘﻞ اﻻﺑﺮﻳﺎء ‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬ﺗﻗﺪﻤﻪ ﻋﻟﻰ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻠﺤﺞ وﻋﺪم اﻧﺘﻈﺎرﻩ ٕاﻳﺎﻩ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻃﺮﻳﻖ اﻠﻌﻮدة ﻋﻨﺪﻤﺎ ﺑﻟﻐﻪ ﻧﺒﺎ وﻓﺎة اﻠﺳﻔﺎح ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪ - ٣‬ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻠﺳﻔﺎح ارﺴﻞ اﺑﻮﻤﺳﻟﻢ رﺴﺎﻠﺔ ٕاﻠﻰ اﻠﻣﻨﺼﻮ ر ﻳﻌﺰﻳﻪ دون‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ان ﻳﻬﻨﺎﻩ ﺑﺎﻠﺨﻼﻓﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٤‬ﺗﺟﺮاﻩ ﻋﻟﻰ ﻘﺘﻞ ﺴﻟﻴﻣﺎن ﺑﻦ ﻜـﺜﻴﺮ اﻠﺨﺰاﻋﻲ ا ﺣﺪ ﺸﻴﻮخ اﻠﺪﻋﻮة‬ ‫اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ دون اﺴﺘﺷﺎرة اﻠﻣﻨﺼﻮر ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٥‬ﺗﺤﺪﻳﻪ ﻻ ﻤﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻋﻨﺪﻤﺎ ﺻﺮﻓﻪ ﻋﻦ وﻻﻳﺔ ﺧﺮاﺴﺎن ووﻻﻩ اﻠﺷﺎم‬ ‫)‪( ٦‬‬ ‫وﻤﺼﺮ وﻘﻮﻠﻪ ‪":‬ﻫﻮ ﻳﻮﻠﻴﻨﻲ اﻠﺷﺎم وﻤﺼﺮ وﺧﺮاﺴﺎن ﻠﻲ"‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪ - ٦‬ﺗ ﻗـﺪﻤﻪ ﻻﺴﻣﻪ اﻋﻟﻰ اﺴﻢ اﻠﺨﻟﻴﻔﺔ ﻓﻲ رﺴﺎﺋﻟﻪ واﻧﺘﺳﺎﺑﻪ ٕاﻠﻰ ﺴﻟﻴﻂ‬ ‫)‪( ٧‬‬ ‫اﺑﻦ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﻠﺟﺎ اﻠﻣﻨﺼﻮر ٕاﻠﻰ ﺴﻴﺎﺴﺔ اﻠﻟﻴﻦ وا ﺴﺎﻠﻴﺐ اﻠﺪﻫﺎء ﻓﺎ ﺧﺬ ﻳﺆﻤﻨﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺳﺘﻣﻟﻴﻪ وﻳﺳﺘﺮﺿﻴﻪ وارﺴﻞ ٕا ﻠﻴﻪ ﻤﻦ ﻳﺨﻮﻓﻪ ﻤﻦ ﻤﻐﺒﺔ ﻤﻌﺼﻴﺘﻪ وواﺻﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺴﻴﺎﺴﺔ اﻠﺘﺮﻏﻴﺐ واﻠﺘﻬﺪﻳﺪ ﺣﺘﻰ اﻧ ﺨـﺪع اﺑﻮﻤﺳﻟﻢ وذﻫﺐ ﻠﻟﻗﺎﺋﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﻣﺪاﺋﻦ ﻓﺎﺣﺳﻦ اﻠﻣﻨﺼﻮر اﺴﺘﻗﺒﺎﻠﻪ اول اﻻﻤﺮ ﺛﻢ واﺠﻬﻪ ﺑﺎﻠﺘﻬﻢ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺳﻮﺑﺔ ٕاﻠﻴﻪ وﺑﻌـﺪ ان اﻧﻬﻰ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻤﻦ ﻤﻮاﺠﻬﺔ ﺧﺼﻣﻪ ﺑﺎﻠﺘﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺳﻮﺑﺔ ٕا ﻠﻴﻪ اﻤﺮ رﺠﺎﻠﻪ اﻠﻣﺳﻟﺤﻴﻦ ﺑﻗﺘﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﺟﻟﺳﻪ ﺴﻨﺔ ‪ ١٣٧‬ﻫـ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺘﺨﻟﺺ ﺑﺬﻠﻚ ﻤﻦ اﻜﺒﺮ ﺧﻄﺮ ﻤﺒﺎﺸﺮ ﻋﻟﻰ اﻠﺪوﻠﺔ ﺑﺎﻋﺘﺮاف اﻠﻣﻨﺼﻮ ر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﻔﺳﻪ‪ٕ ،‬اذ ﻳﺮوي اﻧﻪ ﻘﺎل ﻻﺑﻦ ا ﺧﻴﻪ ﻋﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﺣﻴﻨﻣﺎ اﺑﺪى‬ ‫ٔ‬ ‫اﺣﺘﺟﺎﺠﺎ ﻋﻟﻰ اﻠﻄﺮﻳﻗﺔ اﻠﺘﻲ ﻘﺘﻞ ﺑﻬﺎ اﺑﻮ ﻤﺳﻟﻢ ‪ ":‬وﷲ ﻠﻴﺲ ﻠﻚ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫وﺠﻪ اﻻرض ﻋﺪو اﻋﺪى ﻤﻨﻪ وﻫﻞ ﻜﺎن ﻠﻛﻢ ﻤﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ" ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﻘﺎﻤﺖ ﻋﺪة ﺣﺮﻜﺎت ﻜﺮدة ﻓﻌﻞ ﻋﻟﻰ ﻤﻗﺘﻞ اﺑﻮﻤﺳﻟﻢ ﻜﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﺸﻬﺮﻫﺎ ﺣﺮﻜﺔ ﺴﻨﺒﺎذ وﺣﺮﻜﺔ اﻠﺮواﻧﺪﻳﺔ ‪ ,‬ﻠﻛﻦ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺣﺎرﺑﻬﺎ دون ﻫﻮادة‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻧﺟﺢ ﻓﻲ اﻠﻗﻀﺎء ﻋﻟﻴﻬﺎ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺜﺎﻠﺜﺔ‪ :‬ﺧﻮﻓﻪ ﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻣﻪ ال ﻋﻟﻲ ﺑﻦ اﺑﻲ ﻃﺎﻠﺐ اﻠﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺰال‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻘﻟﻮب اﻠﻨﺎس ﻤﻛﺎن ﻤﻛﻴﻦ وا ﺧﺼﻬﻢ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﺳﻦ اﺑﻦ زﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﺳﻦ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ اﺑﻲ ﻃﺎﻠﺐ اﻠﻣﻌﻮرف ﺑﺎﻠﻨﻔﺲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺰﻜﻴﺔ واﻠﻣﻟﻗﺐ ﺑﺎﻠﻣﻬﺪي‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻜﺎن ﻤﺤﻣﺪ ذو اﻠﻨﻔﺲ اﻠﺰﻜﻴﺔ ﻳﺮى ا ﻧﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺣﻖ ﺑﺎﻠﺨﻼﻓﺔ ﻤﻦ ﺑﻨﻲ اﻠﻌﺒﺎس اﺴﺘﻨﺎدا ٕاﻠﻰ ﺣﻗﻪ اﻠﺷﺮﻋﻲ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﺣﻔﻴﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﺳﻦ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ اﺑﻲ ﻃﺎﻠﺐ واﺴﺘﻨﺎدا ٕاﻠﻰ ﻤﺒﺎﻳﻌﺔ اﻠﻬﺎﺸﻣﻴﻴﻦ ﻠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﺨﻼﻓﺔ اواﺧﺮ اﻠﺪوﻠﺔ اﻻﻤﻮﻳﺔ ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٥‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫وﻘﺪ اﺗﻔﻖ ﻤﺤﻣﺪ ذو اﻠﻨﻔﺲ اﻠﺰﻜﻴﺔ اﻠﻣﺘﻮاﺠﺪ ﻓﻲ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﻣﻨﻮرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻊ اﺧﻴﻪ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻠﻣﻮﺠﻮد ﻓﻲ اﻠﺒﺼﺮة ان ﻳﻌﻟﻨﺎ اﻠﺜﻮرة ﻓﻲ اﻠﻮﻘﺖ ﻧﻔﺳﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻛﻦ ﺣﺪث ان ﻤﺮض ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺎﻠﺟﺪري ﻓﺘﺎﺧﺮت ﺛﻮرﺗﻪ ﻤﺪة ﺸﻬﺮﻳﻦ ﻤﻣﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٩‬‬ ‫اﺗﺎح اﻠﻔﺮﺻﺔ ﻠﻟﻣﻨﺼﻮر ﻜﻲ ﻳﻗﻀﻲ ﻋﻟﻰ اﻻﺧﻮﻳﻦ واﺣﺪا ﺑﻌﺪ اﻻ ﺧﺮ ‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻧﻔﺮد اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺑﻣﺤﻣﺪ ذو اﻠﻨﻔﺲ اﻠﺰﻜﻴﺔ وﺴﻴﺮ ﺠﻴﺷﺎ ﻜﺒﻴﺮا ﻳﻗﻴﺎدة‬ ‫وﻠﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﻋﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ وﺣﻣﻴﺪ ﺑﻦ ﻘﺤﻄﺒﺔ ﻓﺎﺸﺘﺒﻚ ﻫﺬا اﻠﺟﻴﺶ ﻤﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﺼﺎر ﻤﺤﻣﺪ ذو اﻠﻨﻔﺲ اﻠﺰﻜﻴﺔ ﺑﺎﻠﻗﺮب ﻤﻦ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻗﺘﻞ ﺣﻣﻴﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺤﻄﺒﺔ ﻤﺤﻣﺪ ذو اﻠﻨﻔﺲ اﻠﺰﻜﻴﺔ واﺣﺘﺰ راﺴﻪ وﺣﻣﻟﻪ ﻠﻟﻣﻨﺼﻮر ﺴﻨﺔ‬ ‫‪١٤٥‬ﻫـ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ اﺧﻮﻩ اﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻓﻗﺪ اﻋﻟﻦ اﻠﺜﻮرة ﻓﻲ اﻠﺒﺼﺮة واﺴﺘﻮﻠﻰ ﻋﻟﻴﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺎرﺴﻞ اﻠﻣﻨﺼﻮر ٕاﻠﻴﻪ ﺠﻴﺷﺎ ﺑﻗﻴﺎدة ﻋﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ وﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻤﺳﻟﻢ‬ ‫واﺸﺘﺒﻚ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻤﻊ اﻠﺟﻴﺶ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ ﻓﻲ اﻠﻣﻮﺿﻊ اﻠﻣﻌﺮوف ﺑﺎﺴﻢ‬ ‫ﺑﺎﺧﻣﺮى اﻠﻗﺮﻳﺐ ﻤﻦ اﻠﻛﻮﻓﺔ ﻓﺎﻧﻬﺰم وﻘﺘﻞ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻠﻌﺎم وﺣﺰوا‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(١٠‬‬ ‫راﺴﻪ واﺗﻮا ﺑﻪ ﻋﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ ‪.‬‬ ‫وﺑﻌﺪ اﻠﻗﻀﺎء ﻋﻟﻰ ﺛﻮرة اﻠﻌﻟﻮﻳﻴﻦ ﺸﻌﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺴﻨﺔ ‪١٤٥‬ﻫـ وﻫﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻨﺔ اﻠﺘﻲ اﻧﺘﺼﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻟﻰ ﺠﻣﻴﻊ اﻠﺜﻮرات اﻧﻪ ﺻﺎر ﺧﻟﻴﻔﺔ ﺣﻗﺎ ﺑﺪون‬ ‫ﻤﻨﺎزع ﻠﺬﻠﻚ ﻋﻣﺪ ٕاﻠﻰ ﺗﺨﻟﻴﺪ ﻫﺬا اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻓﻟﻗﺐ ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻠﻣﻨﺼﻮر ﻓﻲ ﺗﻟﻚ‬ ‫)‪(١١‬‬ ‫اﻠﺳﻨﺔ‪.‬‬ ‫اﻷوﺿﺎع اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪه‬ ‫ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻫﺮب ﻋﺒﺪاﻠﺮﺣﻣﻦ ﺑﻦ ﻤﻌﺎوﻳﺔ ﺑﻦ ﻫﺷﺎم ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺒﺪاﻠﻣﻟﻚ ﺑﻦ ﻤﺮوان ٕاﻠﻰ ﺑﻼد اﻻﻧﺪﻠﺲ وا ﺴﺲ ﺑﻬﺎ اﻠﺪوﻠﺔ اﻻﻤﻮﻳﺔ ﻫﻨﺎك‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﻠﻗﺐ ﺑﺎﻠﺪاﺧﻞ ﺑﺳﺒﺐ دﺧﻮﻠﻪ اﻻﻧﺪﻠﺲ وﻘﺪ اﺴﺘﻄﺎع ﺑﻣﺳﺎﻋﺪة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺒﺎﺋﻞ اﻠﻴﻣﻨﻴﺔ ان ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻋﻟﻰ اﻠﻣﻀﺮﻳﺔ وﻳﺳﺘﻗﻞ ﺑﺤﻛﻢ اﻻﻧﺪﻠﺲ ﻓﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اول ﺑﻟﺪ اﻘﺘﻄﻌﺖ ﻤﻦ اﻠﺨﻼﻓﺔ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ اﻠﻛﺒﺮى ﺑﺎﻠﻣﺷﺮق ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ اراد اﻠﻣﻨﺼﻮر ان ﻳﻗﻀﻲ ﻋﻟﻰ ﺴﻟﻄﺎن ﻋﺒﺪاﻠﺮﺣﻣﻦ اﻻﻤﻮي‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺒﻌﺚ اﻠﻌﻼء ﺑﻦ ﻤﻐﻴﺚ اﻠﺟﺬاﻤﻲ ٕاﻠﻰ اﻻﻧﺪﻠﺲ ﻠﻣﺤﺎرﺑﺔ ﻋﺒﺪاﻠﺮﺣﻣﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻛﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺗﻣﻛﻦ ﻤﻦ ٕاﻳﻗﺎع اﻠﻬﺰﻳﻣﺔ ﺑﺎﻠﻌﺒﺎﺴﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻘﺮﻤﻮﻧﻪ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣﺎ ﻘﺎﻤﺖ ﻓﻲ اﻠﻣﻐﺮب اﺛﻨﺎء ﻋﻬﺪ اﻠﻣﻨﺼﻮر دوﻠﺘﺎن ﺧﺎرﺠﻴﺘﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﺣﺪﻫﻣﺎ ﺗﺪﻳﻦ ﺑﺎﻠﻣﺬﻫﺐ اﻠﺼﻔﺮي ﻧﺳﺒﺔ ٕاﻠﻰ زﻳﺎد ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ اﻻﺻﻔﺮ وﻫﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻳﻀﺎ ﺑﺎﻠﺰﻳﺎدﻳﺔ وﻫﻲ دوﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﻤﺪرار او ﺑﻨﻲ واﺴﻮل اﻠﺼﻔﺮﻳﺔ اﻠﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺎﻤﺖ ﻓﻲ ﻤﻨﻄﻗﺔ ﺴﺟﻟﻣﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺠﻨﻮب اﻠﻣﻐـﺮب اﻻﻘﺼﻰ ﺴﻨﺔ ‪ ١٤٠‬ﻫـ‬ ‫‪٧٥٧/‬م وﻤﺆﺴﺳﻬﺎ ﻳﺪﻋﻰ ﻋﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ اﻠﻣﻛﻨﺎس اﻠﺼﻔﺮي ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺪوﻠﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﺮﺴﺘﻣﻴﺔ اﻻﺑﺎﺿﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﻘﺎﻤﺖ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻐﺮب اﻻوﺴﻂ ﺴﻨﺔ ‪١٤٤‬ﻫـ‪٧٦١/‬م وﻤﺆﺴﺳﻬﺎ ﻫﻮ ﻋﺒﺪاﻠﺮﺣﻣﻦ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫رﺴﺘﻢ وﻫﻮ ﻓﺎرﺴﻲ اﻻﺻﻞ وﻜﺎﻧﺖ ﻋﺎﺻﻣﺔ ﻫﺬﻩ اﻠﺪوﻠﺔ ﻫﻲ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺎﻫﺮت ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ﻤﻣﻟﻛﺔ اﻠﺮوم اﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﺗﺤﺎد اﻠﺨﻼﻓﺔ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻦ اﻠﺷﻣﺎل‬ ‫ﻓﻗﺪ اﻧﺘﻬﺰت ﻓﺮﺻﺔ اﻧﺷﻐﺎل اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﻴﻦ ﺑﻣﺷﺎﻜﻟﻬﻢ وﺛﻮراﺗﻬﻢ اﻠﺪاﺧﻟﻴﺔ ﻓﻗﺪ‬ ‫ٔاﻏﺎروا ﺴﻨﺔ ‪١٣٨‬ﻫـ ﻋﻟﻰ ﻤﻟﻄﻴﺔ ﻓﺪﺧﻟﻮﻫﺎ ﻋﻨﻮة وﻘﻬﺮوا ٔا ﻫﻟﻬﺎ ﻓﻗﺎم اﻠﻣﻨﺼﻮ ر‬ ‫ﺑﺘﺤﺼﻴﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻨﺎﻃﻖ وﻤﻨﺤﻬﻢ ا ٕﻻﻘﻄﺎﻋﺎت واﻠﻣﺰارع و وﺿﻊ ﻠﻬﻢ ﻧﻈﺎﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺳﻴﺮون ﻋﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻏﺎراﺗﻬﻢ ﻋﻟﻰ اﻻراﺿﻲ اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ وﻫﻮ ﻧﻈﺎم اﻠﺼﺎﺋﻒ‬ ‫رٔ‬ ‫واﻠﺷﻮاﺗﻲ ‪ .‬وﻫﻛﺬا اﺴﺘﻄﺎع اﻠﻣﻨﺼﻮ ان ﻳﻀﻊ ﺣﺪا ﻠﻣﻄﺎﻤﻊ اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴﻴﻦ‬ ‫)‪(١٢‬‬ ‫وﻋﺪواﻧﻬﻢ ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬا اﻠﻨﻈﺎم اﻠﺜﻐﺮي ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻨﺼﻮر ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻐﺪاد‬ ‫ﺑﻨﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫ر‬ ‫ﻳﻗﺘﺮن اﺴﻢ اﺑﻮﺠﻌﻔﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮ ﺑﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻐﺪاد اﻠﺘﻲ ﺸﻴﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٤٥‬ﻫـ وﻳﺮﺠﻊ ﺴﺒﺐ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻠﻬﺎ ﻋﻟﻰ ﺣﺪ ﻘﻮل اﺑﻦ اﻻﺛﻴﺮ ٕاﻠﻰ اﻧﻪ ﻠﻣﺎ ﺛﺎرت‬ ‫اﻠﺮواﻧﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻬﺎﺸﻣﻴﺔ اﻠﻮاﻘﻌﺔ ﺑﻨﻮاﺣﻲ اﻠﻛﻮﻓﺔ ﻜﺮﻩ ﺴﻛﺎﻧﻬﺎ ﻠﺬﻠﻚ وﻠﺟﻮار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻫﻞ اﻠﻛﻮﻓﺔ اﻳﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻜﺎن ﻻ ﻳﺎ ﻤﻦ اﻫﻟﻬﺎ ﻋﻟﻰ ﻧﻔﺳﻪ وﻜﺎﻧﻮا ﻘﺪ اﻓﺳﺪوا‬ ‫ﺠﻨﺪﻩ ﻓﺨﺮج ﺑﻨﻔﺳﻪ ﻳﺮﺗﺎد ﻠﻪ ﻤﻮﺿﻌﺎ ﻳﺳﻛﻨﻪ ﻫﻮ وﺠﻨﺪﻩ ﻓﺎﻧﺤﺪر ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﺮﺠﺮاﻳﺎ ﺛﻢ اﺻﻌﺪ ٕاﻠﻰ اﻠﻮﺻﻞ وﺴﺎر ﻧﺤﻮ اﻠﺟﺒﻞ ﻓﻲ ﻃﻟﺐ ﻤﻨﺰل ﻳﺒﻨﻰ ﻠﻪ‬ ‫)‪( ١٣‬‬ ‫ﺣﺘﻰ اﻫﺘﺪى ٕاﻠﻰ ﻤﻮﺿﻊ ﺑﻐﺪاد ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان اﺴﻢ ﺑﻐﺪاد ﻤﺷﺘﻖ ﻋﻟﻰ اﻻرﺠﺢ ﻤﻦ ﺻﻴﻐﺔ ﻓﺎرﺴﻴﺔ ﻤﺮﻜﺒﺔ ﻤﻦ‬ ‫ﻜﻟﻣﺘﻴﻦ ﻫﻣﺎ ﺑﺎغ وداد وﺗﻌﻨﻲ ﻋﻄﻴﺔ ﷲ‪ .‬وذﻜﺮ اﻠﻣﺆرﺧﻮن واﻠﺟﻐﺮاﻓﻴﻮن‬ ‫اﻠﻌﺮب ﻋﺪة اﺸﺘﻗﺎﻘﺎت ﻠﻬﺬا اﻻﺴﻢ وﺴﻣﺎﻫﺎ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻤﺪﻳﻨﺔ اﻠﺳﻼم ﺗﻴﻣﻨﺎ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺑﺟﻨﺔ اﻠﺨﻟﺪ او ﻻن وادي دﺠﻟﺔ ﻜﺎن ﻳﻗﺎل ﻠﻪ وادي اﻠﺳﻼم وﻜﺎن ﻫﺬا‬ ‫اﻻﺴﻢ ﻫﻮ اﻻﺴﻢ اﻠﺮﺴﻣﻲ اﻠﺬي ﻳﺬﻜﺮ ﻓﻲ اﻠﻮﺛﺎﺋﻖ وﻋﻟﻰ اﻠﻣﺳﻛﻮﻜﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫)‪( ١٤‬‬ ‫واﻻوزان‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ اﺴﺘﻐﺮق ﺑﻨﺎء ﺑﻐﺪاد ارﺑﻌﺔ ﻋﻮام ﺗﻗﺮﻳﺒﺎ ﻤﻦ ‪ٕ ١٤٥‬اﻠﻰ ‪ ١٤٩‬ﻫـ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٦٦ – ٧٦٢/‬م وﻘﺒﻞ اﻠﺘﺨﻄﻴﻂ اﺣﻀﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮر اﻠﻣﻬﻨﺪﺴﻴﻦ واﻫﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻠﺒﻨﺎء واﻠﻣﺳﺎﺣﺔ وﺗﻗﺳﻴﻢ اﻻرض ﻜﻣﺎ ﺠﻟﺐ ٕاﻠﻴﻬﺎ اﻠﺼﻨﺎع‬ ‫واﻠﻔﻌﻟﺔ ﻤﻦ اﻠﺷﺎم واﻠﻣﻮﺻﻞ واﻠﺒﺼﺮة واﻠﻛﻮﻓﺔ ٕوا ﻳﺮان‪ .‬وﻳﺮو ي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺳﻌﻮدي اﻧﻪ اﺸﺘﻐﻞ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ‪ ٥٠‬اﻠﻒ ﻋﺎﻤﻞ ﻳﻮﻤﻴﺎ واﻧﻪ اﻧﻔﻖ‬ ‫ﻋﻟﻴﻬﺎ ﺛﻣﺎﻧﻴﺔ ﻋﺷﺮ ﻤﻟﻴﻮﻧﺎ ﻤﻦ اﻠﺪﻳﻨﺎرات وﻘﺪ ﺠﻌﻞ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻋﻟﻰ اﻠﻌﻣﺎل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺪدا ﻤﻦ اﻠﻣﺮاﻘﺒﻴﻦ ﻜﺎن ا ﺣﺪﻫﻢ ا ٕﻻﻤﺎم اﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﻠﻨﻌﻣﺎن اﻠﺬي ﻋﻬﺪ ٕاﻠ ﻴﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻌﺪ اﻠﻄﻮب اﻠﻟﻴﻦ واﻻﺠﺮ ﻓﺎﺑﺘﻛﺮ ﻃﻼﻳﻗﺔ ﻠﻌﺪة ﺑﺎﻠﻗﺼﺒﺔ ﺗﻮﻓﻴﺮا ﻠﻟﺟﻬﺪ‬ ‫)‪( ١٥‬‬ ‫واﻠﻮﻘﺖ ﻓﺎﺴﺘﻔﺎد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ ذﻠﻚ ‪.‬‬ ‫وﻠﻗﺪ ﺑﻨﻴﺖ ﺑﻐﺪاد ﻋﻟﻰ ﺸﻛﻞ داﺋﺮي وﻫﻮ اﺗﺟﺎﻩ ﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻓﻦ ﺑﻨﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺪن ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻻن ﻤﻌﻈﻢ اﻠﻣﺪن ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻜﺎﻧﺖ ٕاﻤﺎ ﻤﺳﺘﻄﻴﻟﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺎﻠﻔﺳﻄﺎط او ﻤﺮﺑﻌﺔ ﻜﺎﻠﻗﺎﻫﺮة او ﺑﻴﻀﺎوﻳﺔ ﻜﺼﻨﻌﺎء ‪ ،‬وﻠﻌﻞ اﻠﺳﺒﺐ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ذﻠﻚ ﻳﺮﺠﻊ ٕاﻠﻰ ان اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻘﺪ ﺗﺎﺛﺮ ﺑﻬﻨﺪﺴﺔ ﺑﻌﺾ اﻠﻌﻮاﺻﻢ اﻠﻔﺎرﺴﻴﺔ‬ ‫)‪(١٦‬‬ ‫اﻠﻗﺪﻳﻣﺔ ﻤﺜﻞ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﻫﻣﺬان ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٦‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫وﺻﻴﺔ ٔا ﺑﻮ ﺠﻌﻔﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮر‬ ‫‪-------------------‬‬‫ﻘﺎل اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻠﻮﻠﺪﻩ وو ﻠﻲ ﻋﻬﺪﻩ اﻠﻣﻬﺪي‪" :‬وﻠﺪت ﻓﻲ ذى‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﺟﺔ‪ ،‬وو ﻠﻴﺖ ﻓﻲ ذى اﻠﺤﺟﺔ‪ ،‬وﻘﺪ ﻫﺟﺲ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻰ اﻧﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﻮت ﻓﻲ ذى اﻠﺤﺟﺔ ﻤﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﺳﻨﺔ‪ٕ ،‬واﻧﻣﺎ ﺣﺪاﻧﻰ ﻋﻟﻰ اﻠﺤﺞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ذﻠﻚ‪ ،‬ﻓﺎﺗﻖ ﷲ ﻓﻴﻣﺎ اﻋﻬﺪ ٕاﻠﻴﻚ ﻤﻦ اﻤﻮر اﻠﻣﺳﻟﻣﻴﻦ ﺑﻌﺪي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ﻳﺟﻌﻞ ﻠﻚ ﻓﻲ ﻜﺮﺑﻚ وﺣﺰﻧﻚ ً‬ ‫وﻤﺨﺮﺠﺎ‪ ،‬وﻳﺮزﻘﻚ اﻠﺳﻼﻤﺔ‬ ‫ﻓﺮﺠﺎ‬ ‫وﺣﺳﻦ اﻠﻌﺎﻘﺒﺔ ﻤﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺤﺘﺳﺐ‪ .‬ﻳﺎ ﺑﻨﻰ‪ٔ :‬اﺣﻔﻆ ﻤﺤﻣﺪ اً‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻤﺘﻪ‪ ،‬ﻳﺤﻔﻈﻚ ﷲ‪ ،‬وﻳﺤﻔﻆ ﻋﻟﻴﻚ اﻤﻮرك‪ٕ ،‬واﻳﺎك واﻠﺪم‬ ‫اﻠﺤﺮام‪ٕ ،‬ﻓﺎﻧﻪ ٌ‬ ‫ﺣﻮب ) ٕاﺛﻢ( ﻋﻨﺪ ﷲ ﻋﻈﻴﻢ‪ ،‬وﻋﺎر ﻓﻲ اﻠﺪﻧﻴﺎ ﻻزم‬ ‫ٓ‬ ‫ﻤﻗﻴﻢ‪ ،‬واﻠﺰم اﻠﺤﺪود‪ٕ ،‬ﻓﺎن ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻼﺻﻚ ﻓﻲ اﻻﺠﻞ‪،‬‬ ‫وﺻﻼﺣﻚ ﻓﻲ اﻠﻌﺎﺠﻞ‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﺘﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺘﺒﻮر‪ٕ ،‬ﻓﺎن ﷲ ﺗﻌﺎﻠﻰ‬ ‫ﻠﻮ ﻋﻟﻢ ً‬ ‫ﺸﻲءا ٔاﺻﻟﺢ ﻤﻨﻬﺎ ﻠﺪﻳﻨﻪ ٔوازﺠﺮ ﻋﻦ ﻤﻌﺎﺻﻴﻪ ٔﻻ ٍﻤﺮ ﺑﻪ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜـﺘﺎﺑﻪ‪ .‬واﻋﻟﻢ ان ﻤﻦ ﺸﺪة ﻏﻀﺐ ﷲ ﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻪ‪ ،‬اﻧﻪ اﻤﺮ ﻓﻲ‬ ‫ﻜـﺘﺎﺑﻪ ﺑﺘﻀﻌﻴﻒ اﻠﻌﺬاب واﻠﻌﻗﺎب ﻋﻟﻰ ﻤﻦ ﺴﻌﻰ ﻓﻲ ٔاﻻرض‬ ‫ً‬ ‫ﻓﺳﺎدا‪ ،‬ﻤﻊ ﻤﺎ ّادﺧﺮ ﻠﻪ ﻋﻨﺪﻩ ﻤﻦ َاﻠﻌﺬاب اﻠﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬ﻓﻗﺎل ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ ُ َ َ َ​َ ُ َ​َ َ ْ َ‬ ‫ض‬ ‫)اﻧﻣﺎ ﺠﺰاء اﻠ ِﺬﻳﻦ ﻳﺤ ِﺎرﺑﻮن اﻠﻟﻪ ور ُﺴ ﻮﻠﻪ وﻳ ْﺳﻌﻮن ِﻓﻲ اﻻر ِ‬ ‫َﻓ َﺳ ًﺎدا ان ُﻳ َﻗﺘ ُﻟ ْﻮا ا ْو ﻳُ َﺼﻟ ُﺒ ْﻮا ا ْو ُﺗ َﻗﻄ َﻊ ا ْﻳ ِﺪﻳﻬ ْﻢ َوا ْر ُﺠ ُﻟ ُﻬﻢ ّ ِﻤﻦْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َذ ِﻠ َﻚ ﻠ ُﻬ ْﻢ ِﺧ ْﺰ ٌي ِﻓﻲ اﻠﺪ ْﻧ َﻴﺎ َوﻠ ُﻬ ْﻢ ِﻓﻲ‬ ‫ﻼف ا ْو ُﻳ َﻨﻔ ْﻮ ْا ِﻤ َﻦ اﻻ ْر‬ ‫ِﺧ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٓاﻻ ِﺧ َﺮ ِة َﻋ َﺬ ٌاب َﻋ ِﻈ ٌﻴﻢ ( ﺴﻮرة اﻠﻣﺎﺋﺪة‪ٓ ،‬اﻳﺔ ‪ .٣٣‬ﻓﺎﻠﺳﻟﻄﺎن ﻳﺎ‬ ‫ﺑﻨﻰ ﺣﺒﻞ ﷲ اﻠﻣﺘﻴﻦ‪ ،‬وﻋﺮوﺗﻪ اﻠﻮﺛﻗﻰ‪ ،‬ودﻳﻨﻪ اﻠﻗﻴﻢ‪ ،‬ﻓﺎﺣﻔﻈﻪ‬ ‫وﺣﺼﻨﻪ‪ُ ،‬وذب ﻋﻨﻪ‪ٔ ،‬واوﻘﻊ ﺑﺎﻠﻣﻟﺤﺪﻳﻦ ﻓﻴﻪ‪ٔ ،‬واﻘﻣﻊ اﻠﻣﺎرﻘﻴﻦ‬ ‫ﻤﻨﻪ‪ ،‬واﻘﺘﻞ اﻠﺨﺎرﺠﻴﻦ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻠﻌﻗﺎب‪ ،‬وﻻ ﺗﺟﺎوز ﻤﺎ ٔاﻤﺮ ﷲ ﺑﻪ‬ ‫ﻓﻲ ﻤﺤﻛﻢ اﻠﻗ ٓﺮان‪ ،‬واﺣﻛﻢ ﺑﺎﻠﻌﺪل وﻻ ﺗﺷﻄﻂ؛ ٕﻓﺎن ذﻠﻚ‬ ‫ٔا ﻘﻄﻊ ﻠﻟﺷﻐﺐ‪ٔ ،‬واﺣﺳﻢ ﻠﻟﻌﺪو‪ٔ ،‬واﻧﺟﻊ ﻓﻲ اﻠﺪواء‪ّ ،‬‬ ‫وﻋﻒ ﻋﻦ‬ ‫اﻠﻔﻰء‪ ،‬ﻓﻟﻴﺲ ﺑﻚ ٕاﻠﻴﻪ ﺣﺎﺠﺔ ﻤﻊ ﻤﺎ ﺧﻟﻔﻪ ﷲ ﻠﻚ‪ ،‬واﻓﺘﺘﺢ‬ ‫ﻋﻣﻟﻚ ﺑﺼﻟﺔ اﻠﺮﺣﻢ وﺑﺮ اﻠﻗﺮاﺑﺔ‪ ،‬واﻳﺎك ٔ‬ ‫واﻻ ﺛﺮة واﻠﺘﺒﺬﻳﺮ ٔﻻﻤﻮال‬ ‫ٕ‬ ‫اﻠﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬واﺸﺤﻦ اﻠﺜﻐﻮر‪ ،‬واﺿﺒﻂ ٔاﻻ ﻃﺮاف‪ٔ ،‬وا ّﻤﻦ اﻠﺳﺒﻞ‪،‬‬ ‫وﺴﻛﻦ اﻠﻌﺎﻤﺔ‪ٔ ،‬وادﺧﻞ اﻠﻣﺮاﻓﻖ ﻋﻟﻴﻬﻢ‪ ،‬وادﻓﻊ اﻠﻣﻄﺎردة‬ ‫ﻋﻨﻬﻢ‪ٔ ،‬واﻋﺪ ٔاﻻﻤﻮال واﺧﺰﻧﻬﺎ‪ٕ ،‬واﻳﺎك واﻠﺘﺒﺬﻳﺮ‪ٕ ،‬ﻓﺎن اﻠﻨﻮاﺋﺐ‬ ‫ﻏﻴﺮ ٔﻤﺎﻤﻮﻧﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﻤﻦ ﺸﻴﻢ اﻠﺰﻤﺎن‪ٔ ،‬واﻋﺪ اﻠﻛﺮاع واﻠﺮﺠﺎل‬ ‫واﻠﺟﻨﺪ ﻤﺎ اﺴﺘﻄﻌﺖ‪ ،‬واﻳﺎك ٔ‬ ‫وﺗﺎﺧﻴﺮ ﻋﻣﻞ اﻠﻴﻮم ٕا ﻠﻰ اﻠﻐﺪ‪،‬‬ ‫ٕ‬ ‫ﻓﺘﺘﺪارك ﻋﻟﻴﻚ ٔاﻻﻤﻮر وﺗﻀﻴﻊ‪ ،‬ﺠﺪ ﻓﻲ ٕاﺣﻛﺎم ٔاﻻﻤﻮر اﻠﻨﺎزﻻت‬ ‫ٔﻻوﻘﺎﺗﻬﺎ ٔاوﻻ ٔﻓﺎوﻻ‪ ،‬واﺠﺘﻬﺪ وﺸﻣﺮ ﻓﻴﻬﺎ‪ٔ ،‬واﻋﺪ رﺠﺎﻻ ﺑﺎﻠﻟﻴﻞ‬ ‫ﻠﻣﻌﺮﻓﺔ ﻤﺎ ﻳﻛﻮن ﺑﺎﻠﻨﻬﺎر‪ ،‬ورﺠﺎﻻ ﺑﺎﻠﻨﻬﺎر ﻠﻣﻌﺮﻓﺔ ﻤﺎ ﻳﻛﻮن‬ ‫ﺑﺎﻠﻟﻴﻞ‪ ،‬وﺑﺎﺸﺮ ٔاﻻﻤﻮر ﺑﻨﻔﺳﻚ‪ ،‬وﻻ ﺗﻀﺟﺮ وﻻ ﺗﻛﺳﻞ‪،‬‬ ‫واﺴﺘﻌﻣﻞ ﺣﺳﻦ اﻠﻈﻦ ﺑﺮﺑﻚ‪ٔ ،‬وا ﺴ اﻠﻈﻦ ﺑﻌﻣﺎﻠﻚ وﻜـﺘﺎﺑﻚ‪،‬‬ ‫وﺧﺬ ﻧﻔﺳﻚ ﺑﺎﻠﺘﻴﻗﻆ‪ ،‬وﺗﻔﻗﺪ ﻤﻦ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻟﻰ ﺑﺎﺑﻚ‪ّ ،‬‬ ‫وﺴﻬﻞ‬ ‫ِ‬ ‫ٕاذﻧﻚ ﻠﻟﻨﺎس‪ ،‬واﻧﻈﺮ ﻓﻲ ٔاﻤﺮ اﻠﻨﺰاع ٕاﻠﻴﻚ‪ ،‬ووﻜﻞ ﺑﻬﻢ ً‬ ‫ﻋﻴﻨﺎ ﻏﻴﺮ‬ ‫ﻧﺎﺋﻣﺔ‪ً ،‬‬ ‫وﻧﻔﺳﺎ ﻏﻴﺮ ﻻﻫﻴﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﻨﻢ‪ٕ ،‬واﻳﺎك‪ٕ ،‬ﻓﺎن ٔاﺑﺎك ﻠﻢ ﻳﻨﻢ‬ ‫ﻤﻨﺬ وﻠﻰ اﻠﺨﻼﻓﺔ‪ ،‬وﻻ دﺧﻞ ﻋﻴﻨﻪ اﻠﻨﻮم ٕاﻻ وﻘﻟﺒﻪ ﻤﺳﺘﻴﻗﻆ‪ .‬ﻳﺎ‬ ‫ﺑﻨﻰ‪ :‬ﻻ ﻳﺼﻟﺢ اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕاﻻ ﺑﺎﻠﺘﻗﻮى‪ ،‬وﻻ ﺗﺼﻟﺢ اﻠﺮﻋﻴﺔ ٕاﻻ‬ ‫ﺑﺎﻠﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﻣﺮ اﻠﺒﻼد ﺑﻣﺜﻞ اﻠﻌﺪل‪ ،‬ﻫﺬﻩ وﺻﻴﺘﻰ ٕاﻠﻴﻚ‪،‬‬ ‫وﷲ ﺧﻟﻴﻔﺘﻰ ﻋﻟﻴﻚ"‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫اﻟﻤﻨﺼﻮر‬ ‫ﺻﻔﺎت ر ٔ‬ ‫ﻜﺎن اﻠﻣﻨﺼﻮ ﻤﻦ اﻋﻈﻢ رﺠﺎل ﺑﻨﻲ اﻠﻌﺒﺎس ﻓﻗﺪ ﻜﺎن ﻓﻲ ﺧﻟﻗﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﺪ واﻠﺼﺮاﻤﺔ واﻠﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻠﻟﻬﻮ واﻠﺘﺮف ‪ .‬ﻓﻗﺪ اﺗﺼﻒ ﺑﺎﻠﺷﺪة واﻠﺒﺎ س‬ ‫واﻠﻴﻗﻈﺔ واﻠﺤﺰم واﻠﺼﻼح واﻻﻫﺘﻣﺎم ﺑﻣﺼﺎﻠﺢ اﻠﺮﻋﻴﺔ وﻋﺮف ﺑﺎﻠﺜﺒﺎت ﻋﻨﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﺪاﺋﺪ وﻻﺸﻚ ﺑﺎن ﻫﺬﻩ اﻠﺼﻔﺔ ﻜﺎﻧﺖ ﻤﻦ ﺑﻴﻦ اﺑﺮز اﻠﺼﻔﺎت اﻠﺘﻲ ﻜـﻔﻟﺖ‬ ‫ﻠﻪ اﻠﻨﺟﺎح ﻓﻲ ﺣﻛﻢ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ ‪.‬‬ ‫وذﻜﺮ ﻋﻦ ﺣﻣﺎد اﻠﺘﺮﻜﻲ ٔاﻧﻪ ﻘﺎل ‪ ":‬ﻜﻨﺖ واﻘﻔﺎ ﻋﻟﻰ ٔراس اﻠﻣﻨﺼﻮ ر‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺳﻣﻊ ﺠﻟﺒﺔ ﻓﻲ اﻠﺪار ﻓﻗﺎل ﻤﺎ ﻫﺬا ﻳﺎ ﺣﻣﺎد اﻧﻈﺮ ﻓﺬﻫﺒﺖ ٕﻓﺎذا ﺧﺎدم ﻠﻪ‬ ‫ﻘﺪ ﺠﻟﺲ ﺑﻴﻦ اﻠﺟﻮاري وﻫﻮ ﻳﻀﺮب ﺑﺎﻠﻄﻨﺒﻮر وﻫﻦ ﻳﻀﺤﻛﻦ ﻓﺟﺌﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺎﺧﺒﺮﺗﻪ ﻓﻗﺎل واي ﺸﻲء اﻠﻄﻨﺒﻮر ﻓﻮﺻﻔﺘﻪ ﻠﻪ ﻓﻗﺎل ﻠﻪ اﺻﺒﺖ ﺻﻔﺘﻪ ﻓﻣﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺪؤﻳﻚ اﻧﺖ ﻤﺎ اﻠﻄﻨﺒﻮر ﻓﻗﺎل راﻳﺘﻪ ﺑﺨﺮاﺴﺎن ﺛﻢ ﻘﺎم ﺣﺘﻰ اﺸﺮف ﻋﻟﻴﻬﻢ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻟﻣﺎ ﺑﺼﺮوا ﺑﻪ ﺗﻔﺮﻘﻮا ﻓﺎﺧﺬ اﻠﻀﺎرب وﻜﺳﺮ اﻠﻄﻨﺒﻮر ﻋﻟﻰ راﺴﻪ واﺧﺮﺠﻪ‬ ‫)‪(١٧‬‬ ‫ﻤﻦ ﻘﺼﺮﻩ ‪.‬‬ ‫وﻘﺪ ﻋﺮف ﻋﻦ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻤﻴﻟﻪ ٕاﻠﻰ اﻻﻘﺘﺼﺎد ﻓﻲ اﻠﻨﻔﻗﺎت ﺣﺘﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺘﻼت ﺑﺎﻻﻤﻮال ﺧﺰاﺋﻨﻪ‪ ،‬وﻠﻢ ﻳﻛﻦ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻳﻌﻄﻲ اﻠﺷﻌﺮاء ﺗﻟﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻄﺎﻳﺎ اﻠﺒﺎﻠﻐﺔ ﺣﺪ اﻠﺳﺮف ٕواﻧﻣﺎ ﻜﺎﻧﺖ ا ﻋﻄﻴﺎﺗﻪ ارزاق اﻠﻌﻣﺎل اﻳﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﻮر ‪ ٣٠٠‬درﻫﻢ وﻠﻢ ﻳﺰل اﻻﻤﺮ ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ ٕاﻠﻰ اﻳﺎم اﻠﻣﺎﻤﻮن ﻓﻛﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(١٨‬‬ ‫اول ﻤﻦ ﺴﻦ زﻳﺎدة اﻻرزاق ﻫﻮ اﻠﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﺴﻬﻞ ‪.‬‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﺳﻴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﻤﺟﻣﻮﻋﻬﺎ وان ﻜﺎﻧﺖ ﺗﺒﺪو ﻓﻲ ﻤﻈﻬﺮﻫﺎ ﺑﺨﻼ ٕا ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻠﺤﻗﻴﻗﺔ ﺴﻴﺎﺴﺔ اﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺣﻛﻴﻣﺔ ﻤﻛﻨﺘﻪ ﻤﻦ ا ٕﻻﻧﻔﺎق ﻋﻟﻰ ﻤﺮاﻓﻖ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻬﺎﻤﺔ ﻤﺜﻞ ا ٕﻻﻧﻔﺎق ﻋﻟﻰ اﻠﺟﻴﻮش وﻋﻟﻰ اﻠﺤﺮوب اﻠﺘﻲ ﻜﺎن ﻻ ﺑﺪ‬ ‫ﻤﻨﻬﺎ ﻠﻟﻗﻀﺎء ﻋﻟﻰ اﻠﺜﻮرات اﻠﺘﻲ ﻫﺪدت اﻠﺪوﻠﺔ ﻤﻦ ﻜﻞ ﺠﺎﻧﺐ وﻤﺜﻞ ﺑﻨﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎﺻﻣﺔ ﺠﺪﻳﺪة ﻠﻟﺪوﻠﺔ وﻘﺪ اﺴﺘﻄﺎع اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻓﻲ اﻠﻨﻬﺎﻳﺔ ان ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﺼﻮﻤﻪ وان ﻳﺒﻨﻲ ﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻐـﺪاد ﺑﻔﻀﻞ ﺣﺮﺻﻪ ﻋﻟﻰ ادﺧﺎر اﻻﻤﻮال‬ ‫ٔ‬ ‫واﺴﺘﻌﺪاد ﻻي ﻜﺎرﺛﺔ ﻘﺪ ﺗﺼﻴﺐ اﻠﺪوﻠﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺮوي اﻠﻄﺒﺮي ان اﻠﻣﻨﺼﻮر اوﺻﻰ اﺑﻨﻪ اﻠﻣﻬﺪي ﺑﻗﻮﻠﻪ ‪" :‬وا ﻧﻈﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اي ﺑﻐﺪاد ٕﻓﺎﻧﻬﺎ ﺑﻴﺘﻚ وﻋﺰك ﻘﺪ ﺠﻣﻌﺖ ﻠﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻮال ﻤﺎ ٕان ﻜﺳﺮ ﻋﻟﻴﻚ اﻠﺨﺮاج ﻋﺷﺮ ﺴﻨﻴﻦ ﻜﺎن ﻋﻨﺪك ﻓﻴﻬﺎ ﻜـﻔﺎﻳﺔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻرزاق واﻠﺟﻨﺪ واﻠﻨﻔﻗﺎت وﻋﻄﺎء اﻠﺬرﻳﺔ )اي اﻻﺴﺮة اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ( وﻤﺼﻟﺤﺔ‬ ‫)‪( ١٩‬‬ ‫اﻠﺜﻐﻮر ﻓﺎﺣﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ ﻓﺎﻧﻚ ﻻ ﺗﺰال ﻋﺰﻳﺰا ﻤﺎدام ﺑﻴﺖ ﻤﺎﻠﻚ ﻋﺎﻤﺮا "‪.‬‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻟﻌﻬﺪ ﻻﺑﻨﻪ اﻟﻤﻬﺪي‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺎﻧﺖ وﻻﻳﺔ اﻠﻌﻬﺪ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻻﺑﻦ ا ﺧﻴﻪ ﻋﺒﺳﻰ ﺑﻦ‬ ‫ﻤﻮﺴﻰ وﻠﻴﺲ ﻻﺑﻨﻪ اﻠﻣﻬﺪي وﻠﻬﺬا ﻓﻗﺪ اﺧﺬ اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻳﺳﺘﻌﻣﻞ ﻤﻊ اﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺧﻴﻪ وﺴﺎﺋﻞ اﻠﺘﺮﻫﻴﺐ واﻠﺘﺮﻏﻴﺐ ﺣﺘﻰ اﺠﺎﺑﻪ ٕاﻠﻰ ﻃﻟﺒﻪ وﺧﻟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ﻤﻨﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻨﺔ ‪١٤٧‬ﻫـ ﻓﺼﺎرت وﻻﻳﺔ اﻠﻌﻬﺪ ﻠﻟﻣﻬﺪي اوﻻ ﺛﻢ ﻠﻌﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻌﺪﻩ ‪ .‬ﺑﺎﻠﺮﻏﻢ ﻤﻦ ان ﻋﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﻜﺎن ﻘﺪ اﻧ ﻗـﺬ ﻠﻪ ﻤﻟﻛﻪ اﻜـﺜﺮ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺮة ‪.‬وﻳﺒﺪو ان اﻠﺨﻟﻴﻔﺔ ﻓﻛﺮ ﻓﻲ ﺧﻟﻊ اﺑﻦ اﺧﻴﻪ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻬﺪﻩ ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻓﻴﺬﻜﺮ اﻠﻄﺒﺮي ا ﻧﻪ اوﻓﺪ ﻋﻴﺳﻴــﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﻠﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻠﻌﻟﻮﻳﻴﻦ وﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﻴﺘﻪ ان ﻳﺘﺨﻟﺺ اﻤﺎ ﻤﻦ وﻠﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﻠﻴﺤﻮل اﻠﺨﻼﻓﺔ ٕاﻠﻰ اﺑﻨﻪ اﻠﻣﻬﺪي ا و‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ﻤﺤﻣﺪ اﻠﻨﻔﺲ اﻠﺰﻜﻴﺔ واﺧﻴﻪ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ وﻘﺎل‪" :‬ﻻ اﺑﺎﻠﻲ اﻳﻬﻣﺎ ﻘﺘﻞ‬ ‫)‪( ٢٠‬‬ ‫ﺻﺎﺣﺒﻪ"‪.‬‬ ‫وﻓﺎة اﻟﻤﻨﺼﻮر‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ‪١٥٨‬ﻫـ ﺣﺞ اﻠﻣﻨﺼﻮر وﻓﻲ اﺛﻨﺎء ﻋﻮدﺗﻪ ﻤﻦ اﻠﺤﺞ ﻤﺮض‬ ‫وﺗﻮﻓﻲ ﻠﻴﻟﺔ اﻠﺳﺒﺖ ‪ ٦‬ذي اﻠﺤﺟﺔ ﺴﻨﺔ ‪ ١٥٨‬ﻫـ وﻠﻢ ﻳﺤﻀﺮ ﻋﻨﺪ وﻓﺎﺗﻪ ٕا ﻻ‬ ‫اﻠﺮﺑﻴﻊ اﻠﺤﺎﺠﺐ ﻓﻛـﺘﻢ ﻤﻮﺗﻪ وﻤﻨﻊ اﻠﻨﺳﺎء وﻏﻴﺮﻫﻦ ﻤﻦ اﻠﺒﻛﺎء ﻋﻟﻴﻪ ﺛﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺻﺒﺢ ﻓﺤﻀﺮ اﻫﻞ ﺑﻴﺖ اﻠﺨﻼﻓﺔ وﺠﻟﺳﻮا ﻤﺟﺎﻠﺳﻬﻢ ﻓﺎ ﺧﺬ اﻠﺮﺑﻴﻊ ﺑﻴﻌﺘﻬﻢ‬

‫ﻠﻟﻣﻬﺪي وﻠﻌﻴﺲ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﻤﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺛﻢ دﻋﺎ ﺑﺎﻠﻗﻮاد ﻓﺒﺎﻳﻌﻮا وﺗﻮﺠﻊ‬ ‫اﻠﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻋﺐ وﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺴﻟﻴﻣﺎن ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ٕاﻠﻰ ﻤﻛﺔ ﻠﻴﻟﺒﻴﻌﻮا‬ ‫)‪(٢١‬‬ ‫اﻠﻨﺎس ﻓﺒﺎﻳﻌﻮا ﻠﻟﻣﻬﺪي ﺑﻴﻦ اﻠﺮﻜﻦ واﻠﻣﻗﺎم ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٧‬‬


‫دراﺳﺎت‬

‫ﺗﻨﺎوﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻫﺬا ﺴﻴﺮة اﻠﺨﻟﻴﻔﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ ٔاﺑﻮﺠﻌﻔﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮ ر‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺑﺪءا ﻤﻦ ﺗﻮﻠﻴﺔ ﻤﻨﺼﺐ اﻠﺨﻼﻓﺔ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ا ﺧﻴﻪ ا ﺑﻮ اﻠﻌﺒﺎس اﻠﺳﻔﺎح ﺴﻨﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٣٦‬ﻫـ‪٧٥٤/‬م ﻤﺮورا ﺑﺎﻠﺤﺮوب اﻠﺘﻲ ﺧﺎﺿﻬﺎ ﺿﺪاﺑﺮز ﺧﺼﻮﻤﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻣﻨﺎﻓﺳﻴﻦ ﻠﻪ ﻋﻟﻰ ﻤﻨﺼﺐ اﻠﺨﻼﻓﺔ ﻜﻌﻣﻪ ﻋﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻋـﻟﻲ واﺑﻮﻤﺳﻟﻢ‬ ‫اﻠﺨﺮﺴﺎﻧﻲ وﻤﺤﻣﺪ ذو اﻠﻨﻔﺲ اﻠﺰﻜﻴﺔ وﺣﺮﻜـﺘﻲ ﺴﻨﺒﺎذ واﻠﺮواﻧﺪﻳﺔ وﻜﻴﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﺘﻄﺎع ان ﻳﺘﻐﻟﺐ ﻋﻟﻴﻬﻢ وﻳﺤﻛﻢ ﺴﻴﻄﺮﺗﻪ ﻋﻟﻰ ﺸﺆ ون اﻠﺪوﻠﺔ وﻳﻮﻃﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫دﻋﺎﺋﻣﻬﺎ ‪ ،‬وﺗﻨﺎوﻠﻨﺎ ﻜﺬﻠﻚ اﻻوﺿﺎع اﻠﺨﺎرﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪﻩ واﻠﺪول اﻠﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﺘﻄﺎﻋﺖ اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻠﺨﻼﻓﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﺷﺮق واﻫﻣﻬﺎ اﻠﺪوﻠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺪﻠﺲ واﻠﺼﻔﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﻐﺮب واﻠﺮﺴﺘﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﻐﺮب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻوﺴﻂ ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻄﺮﻘﻨﺎ ٕاﻠﻰ اﺴﺒﺎب وﻃﺮﻳﻗﺔ ﺑﻨﺎءﻩ ﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻐﺪاد وﻫﻮ اﻠﻌﻣﻞ‬ ‫اﻠﺬي اﻘﺘﺮن دوﻤﺎ ﺑﺎﺴﻣﻪ وﻻ ﺗﻛﺎد ﺗﺬﻜﺮ ﺑﻐﺪاد ﺣﺘﻰ ﻳﺬﻜﺮ ﻤﻌﻬﺎ اﺴﻢ‬ ‫ذﻠﻚا ﻠﻰ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﻮر وﺑﻔﻀﻟﻪ ﺧﻟﺪ اﺴﻣﻪ ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳ ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻄﺮﻘﻨﺎ ﺑﻌﺪ ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻳﺘﻪ اﻠﻌﻬﺪ ﻻﺑﻨﻪ اﻠﻣﻬﺪي ﺑﻌﺪ ان ﺧﻟﻊ اﺑﻦ اﺧﻴﻪ ﻋﻴﺳﻰ ﺑﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﻤﻦ‬ ‫ً‬ ‫واﻧﺘﻬﺎء ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ ﺴﻨﺔ ‪١٥٨‬ﻫـ‪٧٧٥/‬م ‪.‬‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻠﻌﻬﺪ‬ ‫‪-----------------------‬‬

‫اﻟﻬﻮاﻣﺶ‬ ‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻜ ـﺜﻴﺮ – اﻠﺒﺪاﻳﺔ واﻠﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳ ج‪ ١‬ص‪.١٢١،١٢٢‬‬ ‫)‪ (٢‬اﻠﺷﻴ ﻤﺤﻣﺪ اﻠﺨﻀﺮي ﺑﻚ ‪ -‬ﻤﺤﺎﺿﺮات ﺗﺎرﻳ ٔاﻻﻤﻢ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ"اﻠﺪوﻠﺔ‬ ‫اﻠﻌﺒﺎﺴﺔ" ص‪.٨١‬‬ ‫)‪ (٣‬اﻠﻣﺳﻌﻮدي – ج‪ ٣‬ص‪.٢٨٩‬‬ ‫)‪ (٤‬اﻠـﺷﻴ ﻤﺤﻣﺪ اﻠﺨﻀﺮي ﺑﻚ – ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺒﻖ ذﻜﺮﻩ ‪ -‬ص‪.٨٥‬‬ ‫)‪ (٥‬اﻠﻣﺳﻌﻮدي ‪ -‬ج‪ ٣‬ص‪.٣٠٥‬‬ ‫)‪ (٦‬اﻠﻴﻌﻗﻮﺑﻲ ‪ -‬ج‪ ٢‬ص‪. ٣٦٦ ،٣٦٥‬‬ ‫)‪ (٧‬اﻠﺪوري ‪ -‬اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ ٔاﻻول ص‪.٢٥‬‬ ‫)‪ (٨‬اﻠﻄﺒﺮي ‪ -‬ﺗﺎرﻳ اﻠﺮﺴﻞ واﻠﻣﻟﻮك ج‪ ٦‬ص‪. ١٣٨‬‬ ‫)‪ (٩‬د‪ٔ .‬اﺣﻣﺪ ﻤﺨﺘﺎر اﻠﻌﺒﺎدي – ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ واﻠﻔﺎﻃﻣﻲ ص‪.٥٢‬‬ ‫)‪ (١٠‬اﺑﻦ ٔاﻻ ﺛﻴﺮ ‪ -‬ج‪ ٥‬ص‪. ٥٧٠‬‬ ‫)‪ (١١‬د‪ٔ .‬اﺣﻣﺪ ﻤﺨﺘﺎر اﻠﻌﺒﺎدي – ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺒﻖ ذﻜﺮﻩ ‪ -‬ص‪. ٥٤، ٥٣‬‬ ‫)‪ (١٢‬د‪ٔ .‬اﺣﻣﺪ ﻤﺨﺘﺎر اﻠﻌﺒﺎدي – ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ ‪ -‬ص‪.٦١‬‬ ‫)‪ (١٣‬د‪ .‬ﻤﺤﻣﺪ ﺴﻬﻴﻞ ﻃﻗﻮش ‪ -‬ﺗﺎرﻳ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ ص‪٧١‬‬ ‫)‪ (١٤‬اﺑﻦ ٔاﻻ ﺛﻴﺮ ‪ -‬ج‪ ٥‬ص‪. ٥٥٨‬‬ ‫)‪ (١٥‬اﻠﺨﻄﻴﺐ اﻠﺒﻐﺪادي – ﺗﺎرﻳ ﺑﻐﺪاد ج‪ ١‬ص‪.٧١‬‬ ‫)‪ (١٦‬د‪ٔ .‬اﺣﻣﺪ ﻤﺨﺘﺎر اﻠﻌﺒﺎدي – ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ ‪ -‬ص‪٥٦‬‬ ‫)‪ (١٧‬اﻠﺷﻴ ﻤﺤﻣﺪ اﻠﺨﻀﺮي ﺑﻚ –ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺒﻖ ذﻜﺮﻩ ‪ -‬ص‪.٨١‬‬ ‫)‪ (١٨‬اﻠﻣﺮﺠﻊ ﻧﻔﺳﻪ ‪ -‬ص‪.٨٥، ٨٤‬‬ ‫)‪ (١٩‬د‪ٔ .‬اﺣﻣﺪ ﻤﺨﺘﺎر اﻠﻌﺒﺎدي – ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺎﺑﻖ ‪ -‬ص‪.٦٦‬‬ ‫)‪ (٢٠‬اﻠﻄﺒﺮي – ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺒﻖ ذﻜﺮﻩ ‪ -‬ج‪ ٧‬ص‪. ٥٧٧‬‬ ‫)‪ (٢١‬اﻠﺷﻴ ﻤﺤﻣﺪ اﻠﺨﻀﺮي ﺑﻚ –ﻤﺮﺠﻊ ﺴﺒﻖ ذﻜﺮﻩ ‪ -‬ص‪.٨٥‬‬ ‫‪-------------------------------------------‬‬

‫‪-٢‬‬ ‫‪-٣‬‬ ‫‪-٤‬‬

‫ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻻت ودراﺳﺎت اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﻤﺎد اﻟﺒﺤﺮاﻧﻲ‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ٔ‬ ‫ﻧﻛﺳﺔ ﻳﻮﻧﻴﻮ ‪١٩٦٧‬م " اﺴﺒﺎﺑﻬﺎ وﻧﺘﺎﺋﺟﻬﺎ "‬ ‫ﻤﻮﺣﺪ ﻋﻣﺎن "ﻘﺎﺑﻮس ﺑﻦ ﺴﻌﻴﺪ"‪.‬‬ ‫ﻓﺘﺢ اﻠﻗﺳﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻤﺤﻣﺪ اﻠﻔﺎﺗﺢ ‪ ١٤٥٣‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫دوﻠﺔ اﻻدارﺴﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﻐﺮب اﻻﻘﺼﻰ )‪ ٣١١ – ١٧٢‬ﻫـ(‬ ‫ﺣﺮب ﻔﺎر )‪١٩٧٥- ١٩٦٥‬م( ‪.‬‬ ‫ﺠﻣﺎل ﻋﺒﺪ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﻦ اﻠﺜﻮرة ٕاﻠﻰ اﻠﻨﻛﺳﺔ )‪١٩٦٧- ١٩٥٢‬م( ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻮ ﺠﻌﻔﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮر " اﻠﻣﺆﺴﺲ اﻠﺤﻗﻴﻗﻲ ﻠﻟﺪوﻠﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ "‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪-١‬‬

‫اﻟﻤﺼﺎدر‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻄﺒﺮي‪ ،‬اﺑﻮﺠﻌﻔﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺠﺮﻳﺮ ‪ -‬ﺗﺎرﻳ اﻠﺮﺴﻞ واﻠﻣﻟﻮك‪ .‬ﺗﺤﻗﻴﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ اﺑﻮ اﻠﻔﻀﻞ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ ‪ .‬دار اﻠﻣﻌﺎرف ﺑﻣﺼﺮ ‪. ١٩٦٠‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺨﻄﻴﺐ اﻠﺒﻐﺪادي‪ ،‬اﻠﺤﺎﻓﻆ اﺑﻮ ﺑﻛﺮ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ – ﺗﺎرﻳ‬ ‫ﺑﻐﺪاد ‪ .‬دار اﻠﻛـﺘﺐ اﻠﻌﻟﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮو ت ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻦ ﻜـﺜﻴﺮ اﻠﺤﺎﻓﻆ ﻋﻣﺎد اﻠﺪﻳﻦ اﺑﻮ اﻠﻔﺪاء ٕاﺴﻣﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻣﺮ اﻠﻗﺮﺸﻲ‬ ‫اﻠﺪﻤﺷﻗﻲ – اﻠﺒﺪاﻳﺔ واﻠﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳ ‪ .‬دار اﻠﻣﻌﺎرف ﺑﻴﺮون ط‬ ‫‪ ٢،٩٧٧‬م‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ي ٔ‬ ‫اﻠﺒﻼذر ‪ ،‬اﺑﻮ اﻠﻌﺒﺎس ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴــﻰ ﺑﻦ ﺠﺎﺑﺮ – ﻓﺘﻮح اﻠﺒﻟﺪان ‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫ﺗﺤﻗﻴﻖ ﻋﺒﺪﷲ وﻋﻣﺮ اﻧﻴﺲ اﻠﻄﺒﺎع‪ .‬دار اﻠﻨﺷﺮ ﻠﻟﺟﺎﻤﻌﻴﻴﻦ‬ ‫‪١٩٥٧،‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٥‬اﺑﻦ اﻻﺛﻴﺮ)ﻋـﺰ اﻠﺪﻳﻦ( – اﻠﻛﺎﻤﻞ ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳ ‪ ،‬اﻠﻗﺎﻫﺮة‪١٣٤٨،‬ﻫـ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٦‬اﻠﻣﺳﻌﻮدي‪ ،‬اﺑﻮاﻠﺤﺳﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ اﻠﺤﺳﻦ – ﻤﺮوج اﻠﺬﻫﺐ وﻤﻌﺎدن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻮﻫﺮ‪ .‬دار اﻻﻧﺪﻠﺲ ﺑﻴﺮو ت ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٧‬اﻠﻴﻌﻗﻮﺑﻲ ـ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﺑﻲ ﻳﻌﻗﻮب ﺑﻦ ﺠﻌﻔﺮ ﺑﻦ وﻫﺐ ﺑﻦ واﺿﺢ –‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺎرﻳ اﻠﻴﻌﻗﻮﺑﻲ ‪ .‬ﺗﺤﻗﻴﻖ ﻋﺒﺪ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﻬﻨﺎ‪ ،‬ﻤﺆﺴﺳﺔ اﻻﻋﻟﻣﻲ‬ ‫ﻠﻟﻣﻄﺒﻮﻋﺎت ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺮاﺟﻊ ‪ٔ :‬‬ ‫‪ - ٨‬اﻠﻌﺒﺎدي‪ ،‬د‪.‬ا ﺣﻣﺪ ﻤﺨﺘﺎر – ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ واﻠﻔﺎﻃﻣﻲ‪ ،‬دار‬ ‫اﻠﻨﻬﻀﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ‪ .‬ﺑﻴﺮو ت ‪١٩٧٢‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٩‬اﻠﺪوري‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻠﻌﺰﻳﺰ – اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ اﻻول ‪ .‬دار اﻠﻨﻬﻀﺔ‬ ‫ﺑﻴﺮو ت ‪ .‬ط‪١٩٨٨ ،٢‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ١٠‬اﻠﺨﻀﺮي‪ ،‬اﻠﺷﻴ ﻤﺤﻣﺪ – ﻤﺤﺎﺿﺮات ﺗﺎرﻳ اﻻﻤﻢ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ‪،‬‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ‪ .‬اﻠﻣﻛـﺘﺒﺔ اﻠﺘﺟﺎرﻳﺔ اﻠﻛﺒﺮى‪ ،‬ط‪ ،١٠‬اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪.‬‬ ‫‪ - ١١‬ﺴﺎﻠﻢ‪ ،‬د‪.‬اﻠﺳﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻠﻌﺰﻳﺰ‪ ،‬دراﺴﺎت ﻓﻲ ﺗﺎرﻳ اﻠﻌﺮب ج‪،٣‬‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻌﺒﺎﺴﻲ اﻻول ‪ .‬ﻤﺆﺴﺳﺔ ﺸﺒﺎب اﻠﺟﺎﻤﻌﺔ‪ ،‬ا ٕﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ ‪.‬‬ ‫‪ - ١٢‬ﻃﻗﻮش‪ ،‬د‪ .‬ﻤﺤﻣﺪ ﺴﻬﻴﻞ – ﺗﺎرﻳ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ ‪ ،‬دار اﻠﻨﻔﺎﺋﺲ‬ ‫ﺑﻴﺮوت ‪ ،‬ط‪٢٠٠١ ، ٣‬م ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٨‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻮح "اﻟﻨﻘﻮد" ﺑﺄﺳﺮار اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬

‫ﻳﺴﺮي ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ‬ ‫ﺑﺎﺣﺚ وﻤﺤﺎﺿﺮ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﺪراﺴﺎت اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ وا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ واﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‬ ‫اﻠﻗﺎﻫﺮة – ﺠﻣﻬﻮرﻳﺔ ﻤﺼﺮ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫‪ayusri_a@hotmail.com‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣ ﺲ‬

‫‪ ‬اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎل‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺳ ــﺮي ﻋﺒـ ــﺪ اﻠﻐﻨ ــﻲ ﻋﺒـ ــﺪ ﷲ‪ ،‬ﻋﻨـ ــﺪﻤﺎ ﺗﺒ ــﻮح اﻠﻨ ﻗـ ــﻮد ﺑﺎﺴ ـ ـﺮار‬ ‫اﻠﺘ ـ ـ ــﺎرﻳﺦ‪ - .‬دورﻳـ ـ ـ ــﺔ ﻜـ ـ ـ ــﺎن اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴـ ـ ـ ــﺔ‪ - .‬اﻠﻌـ ـ ـ ــﺪد اﻠ ﺨـ ـ ـ ــﺎﻤﺲ؛‬ ‫ﺴﺒﺘﻣﺒﺮ‪ .٢٠٠٩‬ص‪.٦١ – ٥٩‬‬ ‫)‪(www.historicalkan.co.nr‬‬

‫ٔ‬ ‫ﻳﻌﺘﺒـﺮ ﻋ ﻟـﻢ اﻠﻣﺳـﻛﻮﻜﺎت )اﻠﻨﻮﻤﻴـﺎت ( او دراﺴـﺔ اﻠﻨﻗـﻮد ﻤـﻦ اﻠﻌ ﻟـﻮم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﺘﻲ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬـﺎ ﻠﻟﺒﺎﺣـﺚ اﻠﺘـﺎرﻳﺨﻲ او اﻻﺛـﺮي ‪ ،‬ﻜـﺬﻠﻚ ﻤـﻦ اﻠﻣﻬـﻢ ان ﻳ ﻟـﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑ ــﻪ اﻠﻣﺜﻗـ ــﻒ اﻠﻣﻬ ــﺘﻢ ﺑـ ــﺎﻠﻌﻟﻮم ا ٕﻻﻧﺳ ــﺎﻧﻴﺔ ‪ ،‬ﻻن اﻠﻨ ﻗـ ــﻮد ﻫ ــﻲ ﻋﻣـ ــﺎد دراﺴـ ــﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻻﻘﺘﺼ ــﺎد اﻠ ﻗ ــﺪﻳﻢ ‪ ،‬وﻤـ ـﺮاة اﻠﻨﺷـ ــﺎط اﻠﺘﺟ ــﺎري واﻠﺘﻌ ــﺎﻤﻼت ﺑ ــﻴﻦ ﺸـ ــﻌﻮب‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻢ‪.‬‬ ‫واﻠﻣﺳﻛﻮﻜﺎت دﻠﻴﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻲ واﺿﺢ ﻠﻣﺎ ﺗﺤﻣﻟـﻪ ﻤـﻦ ﺗـﺎرﻳﺦ ﺿـﺮﺑﻬﺎ‪،‬‬ ‫واﺴﻢ اﻠﻣﻟﻚ ٔاو ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃـﻮر وﺸـﻌﺎر اﻠﺪوﻠـﺔ ﺴـﻮاء ﻜـﺎن ً‬ ‫رﻤﺰﻳـﺎ ٔاو ً‬ ‫دﻳﻨﻴـﺎ ‪ ،‬ﻜﻣـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان اﻠﻣ ﻟ ــﻮك واﻠ ﻗ ــﺎدة ﻓ ــﻲ اﻠﻌﺼ ــﺮ اﻠﻗـ ــﺪﻳﻢ اﺴ ــﺘﺨﺪﻤﻮا اﻠﻨ ﻗ ــﻮد ﻠﻨ ﺷ ــﺮ اﻓﻛـ ــﺎر‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻤﻌﻴﻨـ ــﺔ ﺑـ ــﻴﻦ اﻠﻨـ ــﺎس ﻻﻧﻬ ـ ــﺎ ا ﺴـ ــﺮع ﺗـ ــﺪاوﻻ ﻤ ـ ــﻦ اي ﺸـ ــﻲء اﺧـ ــﺮ ‪ ،‬ودراﺴ ـ ــﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺷــﻌﺎرات اﻠﻣﺼــﻮرة ﻋﻟ ــﻰ اﻠﻌﻣﻟــﺔ ﻻ ﺗﺰﻳ ــﺪ ﻤﻌﺮﻓﺘﻨــﺎ ﺑﻗ ــﺎدة واﻠﻬــﺔ اﻠﺷ ــﻌﻮب‬ ‫ً ٔ‬ ‫ﻋﻟﻣـﺎ ﺑﺎﻻﻓﻛـﺎر وا ٕﻻﺣﺳﺎﺴـﺎت اﻠﺘـﻲ ﺗﺮﻤـﺰ ﻠﻬـﺎ‬ ‫اﻠﻗﺪﻳﻣـﺔ ﻓﺤﺳـﺐ‪ ،‬ﺑـﻞ ﺗﺤﻴﻄﻨـﺎ‬ ‫اﻠﺷﻌﺎرات واﻠﺼﻮر ‪.‬‬ ‫واﻠﻌﻣﻟﺔ ﻻ ﺗﺤﺪد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻓﻗﻂ‪ ،‬ﺑﻞ اﻠﻌﺜﻮر ﻋﻟﻴﻬﺎ ﻓـﻲ ﻤﻛـﺎن ﻤﻌـﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺳﺎﻋﺪﻧﺎ ٔا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ ﻋﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﻣﻛﺎن ‪ ،‬ﻓﻟﻮ اﻧﻨﺎ ﻋﺜﺮﻧﺎ ﻋﻟﻰ ﻋﻣﻟـﺔ دا ﺧـﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻴﺖ ﻘﺪﻳﻢ ﻤﺜﻼ ﻧﺳﺘﻄﻴﻊ ان ﻧﻗﺎرن ﺑﻴﻦ ﻋﻣﺮ اﻠﺪار وﺗﺎرﻳﺦ اﻠﻌﻣﻟـﺔ ‪ ،‬ا ﻤـﺎ ٕاذا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺜﺮﻧـﺎ ﻤــﺜﻼ ﻋﻟـﻰ ﻋﻣﻟــﺔ ﻓـﻲ اﺴــﺎس ﺑﻴـﺖ ﻓــﻼ ﺑـﺪ ان ﺗﻛــﻮن اﻠﻌﻣﻟـﺔ اﻘــﺪم ﻤــﻦ‬ ‫اﻠﺒﻴﺖ ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ٕا ًذا وﺴﻴﻟﺔ ﻤﻬﻣﺔ ﻠﺘﺤﺪﻳﺪ اﻠﺘﻮارﻳﺦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٕان اﻠﻌﻣﻟـ ــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣـ ــﺔ ﻤ ـ ـﺮاة اﻻﻘﺘﺼ ـ ــﺎد‪ ،‬ﻻن ﻓﻛـ ــﺮة اﻠﻌﻣﻟـ ــﺔ ﻇﻬ ـ ــﺮت‬ ‫ﺑﻬ ــﺪف ﺗﺳ ــﻬﻴﻞ اﻠﻨﺷـ ــﺎط اﻠﺘﺟ ــﺎري ‪ ،‬ﻓﺎﻠﺘ ﺟـ ــﺎر ﻘﺒ ــﻞ اﺑﺘﻛـ ــﺎر اﻠﻌﻣﻟ ــﺔ ﻜـ ــﺎﻧﻮا‬ ‫ﻳﺘﻌـﺎﻤﻟﻮن ﺑﻗﻄــﻊ اﻠﻣﻌــﺎدن اﻠﺜﻣﻴﻨـﺔ ﻤﺜــﻞ ا ﻠــﺬﻫﺐ واﻠﻔﻀـﺔ ‪ ،‬ﺛــﻢ ﻠﺟﺌــﻮا ٕا ﻠــﻰ‬ ‫وﺿﻊ ٔاﺧﺘﺎﻤﻬﻢ ﻋﻟﻴﻬﺎ ﻠﻀﻣﺎن ﻧﻗﺎوة ﻤﻌﺎدﻧﻬﺎ ووزﻧﻬـﺎ‪ ،‬وﻘـﺪ ﻇﻬـﺮ ﻫـﺬا اﻠﺘﻄـﻮر‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﺑﻟﺪان اﺴﻴﺎ اﻠﺼﻐﺮى ﺧﻼل اﻠﻗﺮن اﻠﺘﺎﺴﻊ ﻘﺒﻞ اﻠﻣﻴﻼد‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ﻜﺎن اﻠﻣﻌﺪن اﻠﻣﻔﻀﻞ ﻠﺳﻚ اﻠﻌﻣﻟﺔ اﻧـﺬاك ﻫـﻮ ﺧﻟـﻴﻂ ﻤـﻦ ﺴـﺒﻴﻛﺔ‬ ‫اﻠ ــﺬﻫﺐ واﻠﻔﻀ ــﺔ ﺑﻨﺳ ــﺐ ﻤﻌﻴﻨ ــﺔ‪ ،‬وﻳ ﺳ ــﻣﻰ اﻠﺨ ﻟ ــﻴﻂ ا ٕﻻ ﻠﻛـﺘ ــﺮون‪ ،‬وﺗ ﺳـ ــﻣﻰ‬ ‫اﻠﻌﻣﻟﺔ اﻠﻣﺳﻛﻮﻜﺔ ﻤﻦ ا ٕﻻ ﻠﻛـﺘﺮون ﺑﺎﻠﺒﻴﻟﻴﻮن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻣـﺎ ﺑـﺪا ت ﻓﻛـﺮة اﻠﺪوﻠـﺔ ﺗـﺰداد وﺿـﻮﺣﺎ واﺻـﺒﺤﺖ اﺠﻬﺰﺗﻬـﺎ ﺗﺷـﺮف‬ ‫ﻋﻟ ــﻰ ﺣﺮﻜ ــﺔ اﻠﺘﺟـ ــﺎرة ﻧﻈ ـ ًـﺮا ﻠﺷـ ــﺪة اﻠﺘﻨ ــﺎﻓﺲ ﻋﻟﻴﻬ ــﺎ ﺑـ ــﻴﻦ اﻠﻣ ــﺪن اﻠﻣﺨﺘﻟﻔـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗـﺪﺧﻟﺖ ﺣﻛﻮﻤـﺔ اﻠـﺪوﻳﻼت ﻠﻮﺿــﻊ ﺿـﻣﺎن ﻋﻟـﻰ ﻫــﺬﻩ اﻠﻗﻄـﻊ اﻠﻣﻌﺪﻧﻴـﺔ ﺑــﺎن‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ ﺗﺘﻌﻬﺪ ﺑﻀﻣﺎن ﻘﻴﻣﺔ وزﻧﻬﺎ وﻧﻗﺎء ﻤﻌﺎدﻧﻬﺎ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻳﻌﺘ ﻗــﺪ ﻋﻟﻣــﺎء اﻠﻣﺳــﻛﻮﻜﺎت ان اول دوﻠــﺔ ﺗﻮﺻــﻟﺖ ٕاﻠــﻰ ذﻠــﻚ ﻫــﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻣﻟﻛـﺔ ﻠﻴـﺪﻳﺎ ﻓـﻲ اﺴـﻴﺎ اﻠﺼـﻐﺮى‪ ،‬وﺴـﺮﻋﺎن ﻤـﺎ اﻋﺟـﺐ ﻫـﺬا اﻠﺘﺼـﺮف اﻠﻣـﺪن‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴــﺔ اﻠﺘﺟﺎرﻳــﺔ اﻠﺘــﻲ ﻜﺎﻧــﺖ ﺗﻨﺘﺷــﺮ ﻋﻟــﻰ ﻃــﻮل ﺴــﺎﺣﻞ ا ﺴــﻴﺎ اﻠﺼ ــﻐﺮى‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓـﻲ ﺑ ﺤــﺮ ٕاﻳﺟــﺔ‪ ،‬وﻫــﻲ ﻤــﺪن ﻜـﺎن ﻋﻣﻟﻬــﺎ اﻻول ﺑــﻞ واﻠﻮﺣﻴــﺪ اﻠﺘﺟــﺎرة ﺑــﻴﻦ‬ ‫ﺸﻌﻮب ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻨﻄﻗﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻟﻴ ــﻪ ﻓ ﻗـ ــﺪ و ﺠ ــﺪت ﺣﻛﻮﻤـ ــﺎت اﻠﻣ ــﺪن ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴـ ــﺔ ان ﻓ ــﻲ ﺿـ ــﻣﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠـﺔ ﻠﻗﻄــﻊ اﻠﻣﻌـﺎدن اﻠﻣﺳــﺘﺨﺪﻤﺔ ﻠﺘﺒـﺎدل ﻘﻴﻣــﺔ اﻻﺸـﻴﺎء اﻠﻣﺒﺎﻋــﺔ ﺿــﻣﺎن‬ ‫ﻜﺒﻴــﺮ ﻻﺴــﺘﻗﺮار اﻠﺘﺟــﺎرة اﻠﺨﺎرﺠﻴــﺔ وﺿ ــﻣﺎﻧﻬﺎ و ﻠــﺬﻠﻚ ﻠﺟﺌــﻮا ٕا ﻠــﻰ ٕاﺗﺒــﺎع ﻫ ــﺬا‬ ‫اﻠﻨﻈـﺎم‪ .‬وﻘـﺪ ﻧﺎﺴـﺐ وﺿـﻊ اﻠﺷـﻌﺎر اﻠﺨـﺎص ﺑﻛـﻞ ﻤﺪﻳﻨـﺔ ﻋ ﻟـﻰ ﻘﻄـﻊ اﻠﻣﻌــﺪن‬ ‫اﺗﺟﺎﻩ دوﻳﻼت اﻠﻣـﺪن ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴـﺔ اﻠﺘـﻲ ﻜﺎﻧـﺖ ﺗﺤـﺮص ﻋﻟـﻰ ﺗﻮﻜﻴـﺪ ﺸﺨﺼـﻴﺘﻬﺎ‬ ‫واﺴﺘﻗﻼﻠﻬﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻨــﺬ ﻋ ــﺎم ‪ ٧٠٠‬ق‪.‬م ﺑــﺪات اﻠﻨﻗ ــﻮد ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴ ــﺔ ﺗﻈﻬــﺮ ﻓ ــﻲ ﻤﻨ ــﺎﻃﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺴـﻌﺔ ﻤــﻦ ﺣــﻮض اﻠﺒﺤـﺮ اﻻﺑــﻴﺾ اﻠﻣﺘﻮ ﺴــﻂ‪ ،‬ﻓـﻲ ﻤﺼــﺮ وﺴــﻮرﻳﺎ وﺸــﻣﺎل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻓﺮﻳﻗﻴـﺎ ﻤﻣـﺎ ﻳﻌﻛــﺲ ﺣ ﺟـﻢ اﻠﺘﺟــﺎرة ﺑـﻴﻦ ﻤﺼــﺮ واﻠﻣـﺪن ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴــﺔ ﻓـﻲ اﺴــﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺼ ــﻐﺮى او ﻓـ ــﻲ ﺑ ﺤ ــﺮ ٕاﻳﺟـ ــﺔ‪ ،‬ﺑـ ــﻞ اﻧﻬ ــﺎ ا ﻠـ ــﺪﻠﻴﻞ اﻠﻮﺣﻴـ ــﺪ ﻋﻟ ــﻰ ﻘﻴـ ــﺎم ﻫـ ــﺬﻩ‬ ‫ـﺘﻔﻴ ــﺎ اﻘﺘﺼـ ً‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴ ــﺎ ٔان ﻤﺼــﺮ ﻜﺎﻧ ــﺖ ﺑ ﻟـ ًـﺪا ﻤﻛ ً‬ ‫اﻠﺘﺟــﺎرة ‪ ،‬واﻠﻣﻌــﺮوف ً‬ ‫ـﺎدﻳ ﺎ ﻓ ــﻲ‬ ‫اﻠﻌﺼــﻮر اﻠﻗﺪﻳﻣــﺔ ٕاﻻ ﻤــﻦ ﺧﺷــﺐ ٔاﻻرز و اﻠﻔﻀ ــﺔ ٔﻻﻧﻬــﺎ ﻜﺎﻧــﺖ ﻤﻌـ ً‬ ‫ـﺪﻧﺎ ﻧ ــﺎدراً‬ ‫ﺑﻌﻛﺲ اﻠﺬﻫﺐ اﻠﺬي ﻜﺎن ً‬ ‫ﻤﺘﻮاﻓﺮا ﺑﺷﻛﻞ ﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻤﺼﺮ ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٥٩‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣ ﺲ‬

‫ٔ‬ ‫وﻤـﻦ ا ﺠــﻞ ﻫـﺬا ﺣﺮﺻــﺖ اﻠﻣـﺪن ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴــﺔ ﻋ ﻟـﻰ ﺴــﻚ ﻧﻗﻮدﻫـﺎ ﻤــﻦ‬ ‫اﻠﻔﻀﺔ ﻜﻲ ﺗﻗﺪﻤﻬﺎ ٕاﻠـﻰ اﻠﻣﺼـﺮﻳﻴﻦ ﻓـﻲ ﻤﻗﺎﺑـﻞ اﻠﻗﻣـﺢ ا ﻠـﺬي ﻜـﺎن ً‬ ‫ﻓﺎﺋﻀـﺎ ﻋـﻦ‬ ‫ﺣﺎﺠــﺔ ﻤﺼ ــﺮ ﺣﻴ ــﺚ ﺗﻨﺘﺟــﻪ ﺣﻗﻮﻠﻬ ــﺎ ﺑ ــﻮﻓﺮة ‪ ،‬وﻠﻬــﺬا ﻳﺟ ــﺪ ا ﻠ ــﺪارس ﻠﺘ ــﺎرﻳﺦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻼﻘــﺎت اﻠﺘﺟﺎرﻳ ــﺔ ﻠﻣﺼــﺮ وا ﻠ ــﺒﻼد اﻠﻣﺟــﺎورة ﻠﻬ ــﺎ ‪ ،‬ﻳﺟــﺪ ا ﻤﺎﻤ ــﻪ ﻤﺟﻣﻮﻋ ــﺔ‬ ‫ﻜﺒﻴــﺮة ﻤــﻦ اﻠﻨﻗ ــﻮد اﻠﻔﻀــﻴﺔ ﻠﻌــﺪد ﻜﺒﻴ ــﺮ ﻤــﻦ اﻠﻣــﺪن ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴ ــﺔ ‪ ،‬وﻤــﻦ ﺛ ــﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺳـﺘﻄﻴﻊ ان ﻳ ﺤــﺪد ﻧﺳـﺒﺔ اﻠﺘﻌﺎﻤــﻞ ﻤـﻊ ﻜــﻞ ﻤﻨﻬـﺎ واﻠﺘﻄــﻮر ا ﻠـﺬي ﻳﻄ ـﺮا ﻋﻟــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫ ــﺬا اﻠﺘﻌﺎ ﻤـ ــﻞ ﻧﺘﻴﺟ ــﺔ ﻠﺘﻐﻴـ ــﺮ اﻻ ﺣ ــﻮال اﻠﺳﻴﺎﺴـ ــﻴﺔ ﻓ ــﻲ اﻠﻌـ ــﺎﻠﻢ ‪ ،‬وﺗﺳـ ــﺎﺑﻖ‬ ‫اﻠﻣﺪن ﻓﻴﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻻﺣﺘﻛﺎر ﺴﻮق اﻠﺘﺟﺎرة اﻠﺪوﻠﻴﺔ ﻤﻊ ﻤﺼﺮ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻌﻣﻟــﺔ ﺗ ــﺮﺗﺒﻂ ﺑﻗ ــﻮة اﻻﻘﺘﺼ ــﺎد اﻠﻣﺤﻟــﻲ ﻻن ذﻠ ــﻚ ﻳ ــﻨﻌﻛﺲ ﻋ ﻟ ــﻰ‬ ‫ﻤﺮﻜﺰﻫـﺎ اﻠــﺪوﻠﻲ ‪ ،‬وﻘــﺪ ﻜﺎﻧـﺖ ﻤﺪﻳﻨــﺔ ﻘﻮرﻳﻨــﻪ )ﻘـﻮرﻳﻨﻲ ( ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴــﺔ ﻓــﻲ ﻠﻴﺒﻴــﺎ‬ ‫ﻤﺷﻬﻮرة ﺑﺘﺼﺪﻳﺮ ﻧﺒﺎت اﻠﺳﻟﻔﻴﻮم اﻠﻄﺒﻲ اﻠﺬي ﻜﺎن اﻠﻄﻟﺐ ﻋﻟﻴﻪ ً‬ ‫ﺸﺪﻳﺪا ﻓـﻲ‬ ‫اﻠﻌــﺎﻠﻢ اﻠﺨــﺎرﺠﻲ ‪ ،‬وﻠﻗــﺪ وﺿــﻌﺖ ﻤﺪﻳﻨ ــﺔ ﻘﻮرﻳﻨــﻪ رﺴـ ًـﻣﺎ ﻠﻬــﺬا اﻠﻨﺒــﺎت ﻋ ﻟ ــﻰ‬ ‫ﻋﻣﻟﺘﻬﺎ ﻜﺮﻤﺰ وﺸﻌﺎر ﻠﻟﻣﺪﻳﻨﺔ ‪ ،‬وﻤﻦ ﺛﻢ ﻧﺟﺪ ﻫﺬﻩ اﻠﻌﻣﻟﺔ ﻤﻨﺘﺷـﺮة ﻓـﻲ ﺑﻗـﺎع‬ ‫ٔ‬ ‫واﺴﻌﺔ ﻤﻦ ﻤﺼﺮ وﺑﻼد اﻠﻴﻮﻧﺎن ٕواﻳﻄﺎﻠﻴﺎ واﺴﻴﺎ اﻠﺼﻐﺮى ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻣـﺎ ﺣﺎوﻠــﺖ رو ﻤــﺎ ان ﺗ ﻔـﺮض ﺴــﻴﺎدﺗﻬﺎ ﺴﻴﺎﺴـ ًـﻴﺎ ﻋﻟـﻰ ﺑ ﻟــﺪان اﻠﺒ ﺤــﺮ‬ ‫اﻠﻣﺘﻮﺴــﻂ ﻋﻗ ــﺐ ﻫﺰﻳﻣ ــﺔ ﻫﺎﻧﻴﺒ ــﺎل ﻓ ــﻲ ﻧﻬﺎﻳ ــﺔ اﻠ ﻗ ــﺮن اﻠﺜﺎﻠ ــﺚ ﻘﺒ ــﻞ اﻠﻣ ــﻴﻼد‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﺟﺎت ٕا ﻠﻰ دﻋﻢ اﻠﺪﻳﻨﺎر اﻠﺮو ﻤﺎﻧﻲ ﻜـﻲ ﻳﺼـﺒﺢ ﻋﻣﻟـﺔ ﻠﻬـﺎ اﺣﺘﺮاﻤﻬـﺎ ﺑـﻴﻦ ﺑﻟـﺪان‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺤ ــﺮ اﻠﻣﺘﻮﺴ ــﻂ ﺑـ ــﻞ ان ﻤﺼ ــﺮ اﻠﺒﻄﻟﻣﻴـ ــﺔ ﺧﻔﻀ ــﺖ ﻋﻣﻟﺘﻬـ ــﺎ اﻧ ــﺬاك ﺣﺘـ ــﻰ‬ ‫ﺗﺼـﺒﺢ ﻤﺳـﺎوﻳﺔ ﻠﻗﻴﻣـﺔ اﻠـﺪﻳﻨﺎر اﻠﺮو ﻤـﺎﻧﻲ ‪ ،‬و ﺣـﺬا ﺣـﺬو ﻤﺼـﺮ ﺴـﺎﺋﺮ اﻠﻣﻣﺎﻠـﻚ‬ ‫اﻠﻬﻴﻟﺳـ ـ ــﺘﻴﻨﻴﺔ ‪ ،‬وﻜ ـ ـ ــﺎن ذﻠـ ـ ــﻚ ﺑﺪاﻳ ـ ـ ــﺔ اﻠﺳـ ـ ــﻴﻄﺮة اﻠﻔﻌﻟﻴ ـ ـ ــﺔ ﻠﻟﺮوﻤـ ـ ــﺎن ﻋ ﻟ ـ ـ ــﻰ‬ ‫اﻘﺘﺼﺎدﻳﺎت ﺑﻟﺪان اﻠﺒﺤﺮ اﻠﻣﺘﻮﺴﻂ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜ ﻣــﺎ ان اﻠﻨ ﻗــﻮد ﻫــﻲ اﻠﻣﻗﻴــﺎس اﻠــﺪﻘﻴﻖ ﻠﻟﺘﺟــﺎرة واﻠﺳــﻴﻄﺮة ‪ ،‬ﻓ ـ ٕـﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠــﺔ ﻫــﻲ ٔا ً‬ ‫ﻳﻀ ــﺎ ﻤﻗﻴــﺎس ﻠﺤﺎﻠ ــﺔ اﻻﻘﺘﺼــﺎد اﻠ ــﺪاﺧﻟﻲ او اﻠ ﻗــﻮﻤﻲ ‪ ،‬ﻓﻗ ـ ً‬ ‫ـﺪﻳﻣﺎ‬ ‫ﻜﺎﻧــﺖ اﻠﺪوﻠــﺔ اﻠﻐﻨﻴــﺔ ﺗ ﺤــﺮص ﻋﻟــﻰ وزن اﻠﻌﻣﻟــﺔ وﻧﻗــﺎوة ﻤﻌــﺪﻧﻬﺎ ﺴــﻮاء ﻜــﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴــﺒﻛﻬﺎ ﻤ ــﻦ ا ﻠ ــﺬﻫﺐ او اﻠﻔﻀ ــﺔ ‪ ،‬وﻓ ــﻲ ﺣﺎﻠ ــﺔ ٕاﻓ ــﻼس اﻻﻘﺘﺼ ــﺎد او ﺗﻌ ــﺮض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ ﻠﻣﺘﺎﻋﺐ اﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ ٕﻓﺎﻧﻬـﺎ ﺗﻟﺟـﺎ ٕا ﻠـﻰ ﺗﺨﻔـﻴﺾ وزن اﻠﻌﻣﻟـﺔ ‪ ،‬او ﺗﻗﻟﻴـﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺳــﺒﺔ اﻠﻣﻌــﺪن اﻠﺜﻣﻴﻨــﺔ ﻓﻴﻬــﺎ ‪ ،‬وﺗﺨﻟﻄﻬــﺎ ﺑﻣﻌــﺎدن رﺧﻴﺼــﺔ ﻤﺜــﻞ اﻠﺒﺮوﻧــﺰ او‬ ‫اﻠﻗﺼﺪﻳﺮ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﻠﺟﺎت ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋـﺪة ﻤـﺮات ٕاﻠـﻰ ﺗﺨﻔـﻴﺾ ﻋﻣﻟﺘﻬـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟـﻰ اﻤـﻞ ﻓـﻲ ٕاﻋـﺎدة ﺗﻨﺷـﻴﻂ اﻘﺘﺼـﺎدﻫﺎ ‪ ،‬وﻓـﻲ ﻤﺼـﺮ ﻤـﺜﻼ ﻳـﻨﻌﻛﺲ اﻠﺨـﺮاب‬ ‫اﻻﻘﺘﺼ ــﺎدي ﻠﻟ ــﺒﻼد ﺧـ ــﻼل ﺣﻛ ــﻢ اﻠﺮوﻤ ــﺎن ﻓـ ــﻲ اﻠ ﻗ ــﺮن اﻠﺜﺎﻠ ــﺚ اﻠﻣـ ــﻴﻼدي‬ ‫ٕﺑﺎ ﺧﻔـﺎء اﻠﻌﻣﻟـﺔ اﻠﻔﻀـﻴﺔ اﻠﺘـﻲ ﻜﻨـﺎ ﻧﺮاﻫــﺎ ﻓـﻲ ﺑﺪاﺑـﺔ اﻠﺤﻛـﻢ اﻠﺮو ﻤـﺎﻧﻲ وﺗﺤﻮﻠﻬــﺎ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕا ﻠـﻰ ﺸـﺒﻪ ﺑﺮوﻧﺰﻳـﺔ اﻃ ﻟـﻖ ﻋﻟﻴﻬــﺎ اﻠﺮوﻤـﺎن اﻠﻌﻣﻟـﺔ اﻻﻫﻟﻴـﺔ او اﻠﻣﺤﻟﻴـﺔ ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻣــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻗﻴــﺖ اﻠﻌﻣﻟــﺔ اﻠﻔﻀــﻴﺔ رﻤـ ًـﺰا ﻏﻴــﺮ ﻤﻮ ﺠــﻮد ﻓــﻲ اﻠﻮاﻘــﻊ ﺗﺤﺳــﺐ ﻋ ﻟــﻰ ا ﺴﺎﺴ ــﺔ‬ ‫اﻠﻀﺮاﺋﺐ اﻠﻣﻗﺮرة ‪.‬‬ ‫وﻤﻦ ﻤﻗﺎﻳﻴﺲ اﻻزدﻫﺎر ﻓﻲ ﺑﻼد اﻠﻌﺎﻠﻢ اﻠﻗـﺪﻳﻢ ﺗﻨـﻮع ﻓﺌـﺎت اﻠﻌﻣﻟـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠـﻰ درﺠــﺎت ﻤﺘﺪرﺠــﺔ ‪ ،‬وﻜﻟﻣــﺎ ﻜــﺎن اﺻــﻐﺮ ﻓﺌــﺔ ﻤﻮﺠــﻮدة ﻓﻣﻌﻨــﻰ ﻫــﺬا اﻧﻬــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻄﻟﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻠﺘﻌﺎﻤﻞ ‪ ،‬وﻤﻌﻨـﻰ ذك ان ﻧ ﺟـﺪ اﻠﻔﻟـﺲ او اﻠﻣ ﻟـﻴﻢ او اﻠﺳـﻨﺖ ‪،‬‬ ‫ﻤﺘﻮا ﺠـ ًـﺪا ﺑﻛـﺜــﺮة ﻓ ــﻲ ٔاﻻﺴــﻮاق وﺑﺎﻠﺘــﺎﻠﻲ ﻧﻌ ــﺮف ٔان ﻫﻨــﺎك رو ًاﺠــﺎ ً‬ ‫ﺗﻌﺎﻤﻟﻴ ــﺎ ‪،‬‬ ‫اﻘﺘﺼﺎدﻳﺎ ‪ٔ ،‬ا ﻤﺎ ٕاذا اﺧﺘﻔﺖ ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺌﺎت اﻠﺼﻐﻴﺮة ٔاﺻﺒﺢ اﻠﺜﻗﻞ ً‬ ‫ً‬ ‫ور ً‬ ‫ﻤﺮﻜﺰا‬ ‫ﺧﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟ ــﻰ اﻠﻌﻣ ــﻼت اﻠﻛﺒﻴ ــﺮة ‪ ،‬وﻜ ــﺎن ﻫ ــﺬا اﻜﺒ ــﺮ دﻠﻴ ــﻞ اﻘﺘﺼ ــﺎدي ﻋﻟ ــﻰ ارﺗ ﻔـ ــﺎع‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﻌﺎر وازدﻳﺎد ﺣﺟﻢ اﻠﺘﻀﺨﻢ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺳـﺘﻄﻴﻊ اﻠﺒﺎﺣـﺚ ﻓـﻲ اﻠﺘـﺎرﻳﺦ ان ﻳـﺪرس ذﻠـﻚ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ دراﺴــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺸـﺎﻤﻟﺔ ﻠﻟﻌﻣﻟــﺔ‪ ،‬وﺑـﺎﻠﻄﺒﻊ ﻳﺟــﺐ ان ﻳﻛــﻮن ﻠﺪﻳـﻪ ﺧﻟﻔﻴــﺔ ﻓـﻲ ﻋﻟــﻢ اﻻﻘﺘﺼــﺎد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺘـﻰ ﻳﺳـﺘﻄﻴﻊ ان ﻳـﺘﻔﻬﻢ وﻳﺘﺒــﻴﻦ ﻤﺜـﻞ ﻫـﺬﻩ اﻻﻤــﻮر وﺑﺎﻠﺘـﺎﻠﻲ ﻳﺼـﺒﺢ ﺣﻛﻣــﻪ‬ ‫ً‬ ‫ﺴﻟﻴﻣﺎ‪.‬‬

‫ٔ ٔ‬ ‫ٕان دراﺴــﺔ اﻠﻌﻣﻟ ــﺔ ﻋ ﻟ ــﻢ وﻓ ــﻦ وﺗــﺎرﻳﺦ‪ ،‬ﻋ ﻟ ــﻢ ﻻﻧ ــﻪ اﺻ ــﻮل وﻘﻮاﻋ ــﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺟـﺐ ان ﺗﻌـﺮف وﺗﺘﺒـﻊ‪ ،‬وﻓـﻦ ﻻن اﻠﻌﻣﻟـﺔ ﻤ ﺟـﺎل دراﺴـﺔ ﻓﻨﻴـﺔ وﺗﺼــﻮﻳﺮﻳﺔ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗـﺎرﻳﺦ ٔﻻﻧــﻪ ﻳﺳــﻬﻞ ﺗﺼـﻨﻴﻔﻬﺎ ً‬ ‫زﻤﻨﻴــﺎ وﺣﺳــﺐ اﻻ ﻤـﺎﻜﻦ اﻠﺘــﻲ ﺿــﺮﺑﺖ ﻓﻴﻬــﺎ ‪،‬‬ ‫ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻠﻨﻗﻮش واﻠﺘﻮارﻳﺦ اﻠﺘﻲ ﺗﺤﻣﻟﻬﺎ اﻠﻌﻣﻟﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻬـﺬا ﺴــﺎﻫﻢ ﻋ ﻟــﻢ دراﺴــﺔ اﻠﻨ ﻗـﻮد او اﻠﻌﻣــﻼت ﻤﺳــﺎﻫﻣﺔ ﻜﺒﻴــﺮة ﻓــﻲ‬ ‫ٕاﺛ ـﺮاء اﻠﻣﻌﺮﻓــﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴ ــﺔ ﺑﺒﻟــﺪان اﻠﻌ ــﺎﻠﻢ اﻠ ﻗــﺪﻳﻢ واﻠ ﺤ ــﺪﻳﺚ ً‬ ‫ﺧﺎﺻــﺔ ﻋﻨ ــﺪﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺼـﻣﺖ اﻠﻮﺛـﺎﺋﻖ او ﺗﻌﺟـﺰ ﻋـﻦ اﻠﺒــﻮح او اﻠﺘﻌﺒﻴـﺮ ‪ ،‬او ﺗﻛـﻮن ﻧـﺎدرة ‪ ،‬ﻓﻌﻟــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴـﺒﻴﻞ اﻠﻣﺜــﺎل ‪ :‬ﻓــﻲ ﺧـﻼل اﻠ ﻗــﺮن اﻠﺜﺎﻠــﺚ اﻠﻣـﻴﻼدي ‪ ،‬واﻠــﺬي ﻳﻌﺘﺒــﺮ اﻓ ﻗــﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺼــﻮر ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳــﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴ ــﺔ ً‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨــﺎ ‪ٕ ،‬اذ ﻻ ﻳﻮ ﺠ ــﺪ ﻜـﺘﺎﺑــﺎت ذات اﺻ ــﺎﻠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻣﻛـﻦ ان ﺗﻔﻴـﺪ اﻠﺒﺎﺣـﺚ او ا ﻠـﺪارس ‪ ،‬واﻠﻨﻗـﻮش ﻧـﺎدرة ‪ ،‬ووﺛـﺎﺋﻖ اﻠﺒـﺮدي ﻻ‬ ‫ﺗﻮ ﺠ ــﺪ ﺴ ــﻮى ﻓ ــﻲ ﻤﺼ ــﺮ ‪ ،‬وﻜﻟﻬ ــﺎ ﻤﻮﺿ ــﻮﻋﺎت ﻤﺤﻟﻴ ــﺔ واﺠﺘﻣﺎﻋﻴ ــﺔ ‪ ،‬ﻫﻨ ــﺎ ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻮﺠ ــﺪ اﻤ ــﺎم اﻠﺒﺎﺣ ــﺚ ﺴ ــﻮى دراﺴ ــﺔ اﻠﻌﻣﻟ ــﺔ ﻜ ــﻲ ﻳﺘﻌ ــﺮف ﻋ ﻟ ــﻰ ﺸﺨﺼ ــﻴﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺑﺎﻃﺮة واﻠﺤﻛﺎم ‪ ،‬واﻠﺘﻄﻮر اﻻﻘﺘﺼﺎدي واﻠﺳﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺗﻟﻚ اﻠﻔﺘﺮة‪.‬‬ ‫ﻓﻟﻟﻌﻣﻟـﺔ وﺠﻬــﺎن ‪ :‬اﻠﻮﺠــﻪ واﻠﻈﻬـﺮ ‪ ،‬ﻋ ﻟــﻰ اﻠﻮﺠــﻪ ﻧ ﺟـﺪ ﻋــﺎدة ﺻــﻮرة‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر او اﻠﻣﻟﻚ و ﻜﺬﻠﻚ اﺴـﻣﻪ وﻠﻗﺒـﻪ وﺗـﺎرﻳﺦ ﺗﻮﻠﻴﺘـﻪ ﻤﻗﺎﻠﻴـﺪ اﻠﺤﻛـﻢ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻟﻰ اﻠﻈﻬﺮ ﻧﺷﺎﻫﺪ رﻤﺰ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ او ﺸـﻌﺎرﻫﺎ او رﻤـﺰ ﻤﻨﺎﺴـﺒﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴـﺔ ﻤﻌﻴﻨـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺜ ــﻞ ‪ :‬ﺿ ــﻢ ﻤﻣﻟﻛ ــﺔ او ﻘﻴـ ــﺎم دوﻠ ــﺔ ﺠﺪﻳ ــﺪة‪ ،‬وﻜـ ــﻞ ذﻠ ــﻚ دﻻ ﺋ ــﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻴـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻌﺘﺒﺮة ﻳﺟﺐ ان ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻠﺤﺳﺒﺎن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣـﺎ ان اﻠﻌﻣﻟـﺔ ﺗﻛﺷــﻒ ﻋـﻦ ﻫﻮﻳـﺔ ﻜـﺜﻴــﺮ ﻤـﻦ اﻠﺟﻣﺎﻋـﺎت اﻠﺳﻴﺎﺴــﻴﺔ‬ ‫اﻠﺘﻲ ﻜﺎن ﻠﻬﺎ ﻜﻴﺎن ﺧـﺎص ﻤﻛﻨﻬـﺎ ﻤـﻦ ﺴـﻚ ﻋﻣﻟـﺔ ﻜﺮﻤـﺰ ﻠﺳـﻴﺎدﺗﻬﺎ ووﺠﻮد ﻫـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺴﻲ اﻠﻔﺎﻋﻞ‪ .‬وﻋﻟﻰ ﻇﻬﺮ اﻠﻌﻣﻟﺔ ﻋﺎدة ﻤﺎ ﻳﻮﺿـﻊ رﻤـﺰ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ او اﻠﺪوﻠـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ً ،‬‬ ‫وﻏﺎﻠﺒــﺎ ﻤــﺎ ﻳﻌﺒــﺮ ﻋــﻦ اﺴــﻄﻮرة ﻤﻌﻴﻨ ــﺔ ﻠﻬــﺎ ﻋﻼﻘــﺔ ﺑﺎﻠﺪوﻠــﺔ او ﻋــﻦ ﻤﻨﺎﺴ ــﺒﺔ‬ ‫ـﺪرا ﻤﻬﻣــﺎً‬ ‫ﻤﻌﻴﻨـﺔ ﻤﺜــﻞ اﻠﻨﻗــﻮد اﻠﺘﺬﻜﺎرﻳـﺔ ‪ ،‬و ﻫــﺬا ﻳﺟﻌــﻞ دراﺴـﺔ اﻠﻨﻗــﻮد ﻤﺼـ ً‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻻﺴﺎﻃﻴﺮ واﻠﺘﻗﺎﻠﻴﺪ واﻠﻔﻨﻮن ﺑﻮﺠﻪ ﻋﺎم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﻣـﺎ ان دراﺴــﺔ اﻠﻨ ﻗــﻮد ﺗﻮﺿــﺢ ﻠﻨـﺎ ﻤــﺪى ازد ﻫــﺎر اﻠﺘﺟــﺎرة او ﻓﺘﻮرﻫــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻼﻘـﺎت اﻠـﺪول واﻠﻣﻗﺎﻃﻌـﺎت ﺑﻌﻀــﻬﺎ ﺑـﺒﻌﺾ ﻤﺜﻟﻣـﺎ اﻠﺤــﺎل ﻓـﻲ اورﺑـﺎ ٕاﺑــﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺼـﻮر اﻠﻮﺴـﻴﻄﺔ ‪ ،‬ﻜﻣـﺎ ان اﻧﺘﺷــﺎر اﻠﻌﻣﻟـﺔ ﻓـﻲ ﻤﻨــﺎﻃﻖ ﺧـﺎرج اﻠـﺒﻼد اﻠﺘــﻲ‬ ‫ﺴﻛﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻤﺪى اﻠﻨﺷﺎط اﻠﺳﻴﺎﺴـﻲ واﻠﺘﺟـﺎري ﻠـﺒﻌﺾ ا ﻠـﺪول ‪ ،‬ﻤﺜـﻞ‬ ‫اﻠﻌﻣﻟ ــﺔ اﻠﺼ ــﻴﻨﻴﺔ واﻠﻬﻨﺪﻳ ــﺔ اﻠﺘ ــﻲ ﻋﺜـ ــﺮ ﻋﻟﻴﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ ﺸ ــﺮق اﻠﻗ ــﺎرة ا ٕﻻﻓﺮﻳﻗﻴـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜــﺬﻠﻚ اﻠﻌﻣﻟ ــﺔ اﻠﻌﺮﺑﻴ ــﺔ اﻠﺘ ــﻲ ﻋﺜ ــﺮ ﻋﻟﻴﻬــﺎ ﻓ ــﻲ ﺸ ــﻣﺎل ﻏ ــﺮب اورﺑ ــﺎ ‪ ،‬واﺛ ــﺎر‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﻣـﻼت ا ٕﻻﻳﻄﺎﻠﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻠﻣﺷـﺮق اﻠﻌﺮﺑــﻲ ‪ ،‬واﻠﻔﻟـﻮرن اﻠﻔﻟﻮرﻧ ﺳـﻲ ﻓـﻲ اﻧ ﺤــﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اورﺑــﺎ ﻋﻨــﺪ ﻋﺼــﺮ اﻠﻨﻬﻀ ــﺔ ‪ ،‬و ﻤــﻦ ﻜــﻞ ذﻠ ــﻚ ﻧﺳــﺘﻄﻴﻊ ان ﻧﺳــﺘﺨﺮج اﻻدﻠ ــﺔ‬ ‫اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻴﺪان دراﺴﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺦ رﻏﻢ ﺻﺤﺔ اﻠﻮﺛﺎﺋﻖ واﻠﻨﺼﻮص‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان اﻻﺴــﺎﻃﻴﺮ واﻠﺮﻤــﻮز اﻠﺪﻳﻨﻴــﺔ واﻠﺷــﻌﺎرات اﻠﺳﻴﺎﺴــﻴﺔ واﻠﺘ ــﺬﻜﺎرات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻜﺎﻧﺖ اﻠﺪول ﺗﺳـﺘﺨﺪﻤﻬﺎ ﻠﻨ ﺷـﺮ اﻓﻛـﺎر ﻤﻌﻴﻨـﺔ‪ ،‬وذﻠـﻚ ﻻن اﻠﻌﻣﻟـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴـﺮﻳﻌﺔ اﻠﺘﻨ ﻗـﻞ ﺑـﻴﻦ اﻠﻨـﺎس ﺧﺎﺻـﺔ ان اﻠﺼـﻮرة ﻜﺎﻧـﺖ اﻜـﺜـﺮ ﺗﻌﺒﻴـﺮا واﺛـ ًﺮا ﻤــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻛـﺘﺎﺑـﺔ ٕاذا وﺿـﻌﻨﺎ ﻓـﻲ اﻻﻋﺘﺒــﺎر ﻧﺳـﺒﺔ اﻻﻤﻴـﺔ ﻋﺎﻠﻴــﺔ اﻻرﺗﻔـﺎع ﺑـﻴﻦ اﻠﺷــﻌﻮب‬ ‫ٓ‬ ‫ﻓﻲ ﺗﻟﻚ اﻻوﻧﺔ ‪.‬‬ ‫واﻠﻛـﺜﻴـ ـ ــﺮ ﻤـ ـ ــﻦ اﻠﺷ ـ ـ ــﻌﺎرات ﻜﺎﻧـ ـ ــﺖ ﺗﺳ ـ ـ ــﺘﺨﺪم ﻠﺨﺪﻤـ ـ ــﺔ اﻠﺟﻴ ـ ـ ــﻮش‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺼ ـﺮاﻋﺎت اﻠﺤﺮﺑﻴ ــﺔ ﺧﺎﺻ ــﺔ ﻻﻧﻬ ــﺎ ﻜﺎﻧ ــﺖ ﺗﺳــﻚ ﻠ ــﺪﻓﻊ رواﺗ ــﺐ اﻠﺟﻨ ــﺪ ﻓ ــﻲ‬ ‫رٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪرﺠـﺔ اﻻو ﻠــﻰ ‪ ،‬ﻓﻣــﺜﻼ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃـﻮ اﻏﺳــﻄﺲ ﻓــﻲ ﻏـﺪاة ﻓﺘﺤــﻪ ﻠﻣﺼــﺮ ﺴــﻚ‬ ‫ﻋﻣﻟ ــﺔ ﺗﺬﻜﺎرﻳ ــﺔ ﻋﻟﻴﻬ ــﺎ ﺻ ــﻮرة اﻠﺘﻣﺳ ــﺎح و ﻫ ــﻮ ٕا ﺣ ــﺪى اﻠﻣﻌﺒ ــﻮدات اﻠﺷـ ــﺎﺋﻌﺔ‬ ‫اﻠﻌﺒـﺎدة ﻓــﻲ ﻤﺼـﺮ اﻠﻔﺮﻋﻮﻧﻴــﺔ ‪ ،‬وﺗﺤﻣـﻞ ﻋﺒــﺎرة ﻤﻗﺘﻀـﺒﺔ ﻫــﻲ ‪ " :‬ﻠﻗـﺪ ﻓﺘﺤــﺖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺼ ـﺮ" ‪ ،‬وﻜﺎﻧــﺖ اﺑﻟ ــﻎ ﺸــﻌﺎر واوﺠ ــﺰ ﻜﻟﻣــﺎت اراد ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃ ــﻮر ﻧﺷــﺮﻫﺎ ﺑ ــﻴﻦ‬ ‫اﻠﻨـﺎس‪ ،‬وﻜـﺎن ذﻠــﻚ ﻓـﻲ زﻤـﻦ ﻠــﻢ ﻳﻌـﺮف و ﺴـﺎﺋﻞ ا ٕﻻﻋــﻼم ﺑﺳـﻄﻮﺗﻬﺎ اﻠﺮﻫﻴﺒــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺘﻲ ﺣﻮﻠﺖ ﻋﺎﻠﻣﻨﺎ اﺠﻣﻊ ٕاﻠﻰ ﻘﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮة ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٠‬‬


‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣ ﺲ‬

‫وﻘﺪ ﻳﻛﻮن ﻫﻨﺎك ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﻴﺮ اﻠﺮﻤﻮز اﻠﺪﻳﻨﻴـﺔ اﻠﺘـﻲ ﻧﺮاﻫـﺎ ﻋﻟـﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﻗــﻮد اﻠﻗﺪﻳﻣ ــﺔ ﻠﻗﻟ ــﺔ ﻤﻌﺮﻓﺘﻨ ــﺎ ﺑﻬ ــﺎ ‪ ،‬وﻠﻨـ ـﺪرة اﻠﻣﺼ ــﺎدر اﻠﺘ ــﻲ ﺗﺳ ــﺘﻄﻴﻊ ان‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻔﺳﺮ ﻠﻨﺎ ﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ودﻻﻠﺘﻬﺎ ‪ ،‬وﻠﻛﻦ ﻓﻲ اورﺑﺎ ﺧﻼل اﻠﻌﺼﻮر اﻠﻮﺴﻴﻄﺔ ﻠﺪﻳﻨﺎ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺼـﺎدر ادﺑﻴـﺔ ﻤﺼـﻮرة ﺗﺷـﺮح ﻠﻨـﺎ ﻤﻌــﺎﻧﻲ ﻫـﺬﻩ اﻠﺮﻤـﻮز ‪ ،‬ﻓﻣـﺜﻼ ﻧ ﻗـﺮا ‪ :‬ان رﻤــﺰ‬ ‫اﻠﻗﺳﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻗﺮن اﻠﺳﺎدس اﻠﻣﻴﻼدي ﻫﻮ رﻤﺰ رﺑـﺔ اﻠﺟﻣـﺎل ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴـﺔ‬ ‫) ٕاﻓﺮودﻳﺖ ( وﻠﻣﺎ ﺠﺎء ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮر ﻃﻴﺒﺮوﻳـﻮس وﻏﻴـﺮ ﻫـﺬا اﻠﺮﻤـﺰ ٕا ﻠـﻰ اﻠﺼـﻟﻴﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺮﻓﻨـﺎ ان ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃـﻮر ﺠﻴﺳـﺘﻴﻦ اﻠﺜـﺎﻧﻲ ﺻــﺎﺣﺐ ﻓﻛـﺮة ٕاﻓﺮودﻳـﺖ ﻜـﺎن ﻳﻌﺘﻨــﻖ‬ ‫اﻠﻮﺛﻨﻴﺔ ً‬ ‫ﺴﺮا ! ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻗـ ــﺪ ﻜﺎﻧ ـ ــﺖ اﻠﺮﺴ ـ ــﻮﻤﺎت اﻠﺘ ـ ــﻲ ﺗﻮﺿ ـ ــﻊ ﻋﻟ ـ ــﻰ ﻇﻬ ـ ــﺮ اﻠﻌﻣﻟ ـ ــﺔ اﺸ ـ ــﺒﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺮﺴﻮﻤﺎت ﻃﻮاﺑﻊ اﻠﺒﺮﻳﺪ ﻓﻲ اﻳﺎﻤﻨﺎ ﻫﺬﻩ ‪ ،‬اي اﻧﻬﺎ ﻜﺎﻧﺖ وﺴﻴﻟﺔ ﻠﻟﺪﻋﺎﻳـﺔ اي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﻔ ــﺖ اﻠﻨﻈ ــﺮ ٕاﻠـ ــﻰ اﻻ ﺣ ــﺪاث اﻠﻣﻬﻣـ ــﺔ اﻠﺘ ــﻲ ﺗﺤ ــﺪث ﻓـ ــﻲ اﻠﺪوﻠ ــﺔ ‪ ،‬او ٕا ﻠـ ــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫زﻋﻣﺎﺋﻬ ــﺎ‪ ،‬او ٕاﻠـ ــﻰ اﺛﺎرﻫـ ــﺎ ‪ ،‬او ٕا ﻠـ ــﻰ اﻋﻼﻤﻬـ ـﺎ ‪ ،‬او ٕا ﻠـ ــﻰ ﺗﻔﻮﻘﻬـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ ﻤﻀـ ــﻣﺎر‬ ‫ﻤﻌــﻴﻦ‪ ،‬ﻜــﻞ ﻫــﺬا ﻳﻛﺷــﻒ ﻠﻨــﺎ ﺑﺟــﻼء ووﺿــﻮح ﺠﻮاﻧــﺐ ﻤــﻦ ﺗــﺎرﻳﺦ ا ﻠ ــﺪول‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠ ﻗــﻮﻤﻲ‪ ،‬ﻓــﻲ ﻧﻔــﺲ اﻠﻮﻘــﺖ ا ﻠــﺬي ﻧﻄﺎﻠــﺐ ﻓﻴــﻪ ﺑﺘﺤﻛــﻴﻢ ﻋﻗﻟﻴــﺔ اﻠ ﺤ ــﺬر ﻻن‬ ‫اﻠﻣﺒﺎﻠﻐ ــﺔ واﻠﺘﻬﻮﻳـ ــﻞ ﻜـ ــﺎن ﺻـ ــﻔﺔ ﻋﺎﻤ ـ ـﺔ ﻓـ ــﻲ اﻠﺪﻋﺎﻳـ ــﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣـ ــﺔ ﻤ ﻣـ ــﺎ ﻳ ﺟـ ــﺎﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻗﺎﺋﻖ اﻠﺘﻲ ﺗﻮﺿﺤﻬﺎ اﻻدﻠﺔ واﻠﺒﺮاﻫﻴﻦ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻜﻣ ــﺎ ﺗﻟ ﻗـ ــﻲ اﻠﻨ ﻗـ ــﻮد ٔا ً‬ ‫ﺣﻴﺎﻧـ ــﺎ اﻠﻀ ــﻮء اﻠ ﺳـ ــﺎﻃﻊ ﻋ ﻟـ ــﻰ ﺑﻌـ ــﺾ اﻠﻗﻀـ ــﺎﻳﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﺴﺘﻮرﻳﺔ اﻠﺘﻲ ﺗﺼﻣﺖ اﻠﻮﺛﺎﺋﻖ وﻜﺬﻠﻚ اﻫﻞ اﻠﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻦ اﻠﺤـﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬـﺎ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ﻓﻣــﺜﻼ ﺗﻛﺷــﻒ ﻋــﻦ ﻤــﺪى اﺴــﺘﻗﻼل اﻠــﺪوﻳﻼت واﻠﻣﻗﺎﻃﻌــﺎت ﺣﺘــﻰ ﺗﻣﺘﻟ ــﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻣﻟــﺔ ﺧﺎﺻ ــﺔ ﺑﻬ ــﺎ او ﻠﻨﻔﺳ ــﻬﺎ‪ ،‬وﻠﻣ ــﺎذا ﻳﺳ ــﻣﺢ اﻻﺑ ــﺎﻃﺮة ﻠ ــﺒﻌﺾ ا ﻠ ــﺪوﻳﻼت‬ ‫ﺑﺳـﻚ ﻋﻣﻟـﺔ ﻤﺳــﺘﻗﻟﺔ داﺧـﻞ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳــﺔ‪ ،‬وﻳﺮﻓﻀـﻮن ﻫــﺬا اﻠ ﺤـﻖ ﺑﺎﻠﻨﺳــﺒﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻻﺧـﺮﻳﻦ؟ ‪ ،‬وﻘــﺪ ﻳﻛﺷــﻒ ﻫــﺬا ﻤﺳــﺎﺋﻞ دﺴــﺘﻮرﻳﺔ وﻘﺎﻧﻮﻧﻴــﺔ ﻤﻌ ﻗــﺪة ﺗﺤﺘــﺎج‬ ‫ٔ‬ ‫ٕا ﻠـﻰ اﻠﺒﺤـﺚ واﻠﺪراﺴـﺔ ‪ ،‬و ﻫـﺬا ﻳﺟﻌﻟﻨـﺎ ﻧﺳــﺎل ‪ :‬ﻫـﻞ ﻜـﺎن ﺴـﻚ اﻠﻌﻣﻟـﺔ ﺣــﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤ ــﻦ ﺣﻗ ــﻮق ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃ ــﻮر او ﺴ ــﻟﻄﺔ اﻠﺳ ــﻴﻨﺎﺗﻮ واﻠﺷ ــﻌﺐ اﻠﺮو ﻤ ــﺎﻧﻲ ‪ ،‬او ﻤ ــﻦ‬ ‫ﺴـ ــﻟﻄﺔ ﺣﻛـ ــﺎم اﻠﻮﻻﻳـ ــﺎت ؟ ‪ ،‬وﻤﺘـ ــﻰ ﻳﺟ ـ ــﻮز وﻤﺘـ ــﻰ ﻻ ﻳﺟـ ــﻮز ﺴـ ــﻚ اﻠﻌﻣﻟ ـ ــﺔ‬ ‫اﻠﻣﺤﻟﻴﺔ؟‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻗـﺎرئ ﻓـﻲ ﺗـﺎرﻳﺦ اﻻﻘﺘﺼـﺎد واﻠـﻨﻈﻢ اﻻﻘﺘﺼـﺎدﻳﺔ ﺴـﻮف ﻳﺟـﺪ ادﻠــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺧـﺮى ﻤﻬﻣــﺔ ﺗﺳــﺎﻋﺪﻩ ﻓـﻲ ﻫــﺬا اﻠﻣﻀــﻣﺎر ‪ ،‬ﻤــﺜﻼ ذﻠـﻚ اﻠ ﻗ ـﺮار ا ﻠــﺬي اﺻــﺪرﻩ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻻﺛﻴﻨﻴﻮن ﻓﻲ ﺻﺪر ٕاﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺘﻬﻢ ﺑﻔﺮض اﻠﻌﻣﻟـﺔ اﻻﺛﻴﻨﻴـﺔ ﻜﻌﻣﻟـﺔ رﺴـﻣﻴﺔ ﻓـﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻣﻴــﻊ ارﺠــﺎء ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳــﺔ ‪ ،‬و ﻫــﺬا اﻠ ﻗ ـﺮار ﻳﻌﺘﻣــﺪ ﻋﻟــﻰ ﻘﻮاﻋــﺪ دﺴــﺘﻮرﻳﺔ ‪،‬‬ ‫ﻜﻣﺎ ﻳﻮﺠﺪ ﻫﻨﺎك ﻋﺪة ﻘﺮارات ﺗﻨﻈﻴﻣﻴـﺔ ﺑﺨﺼـﻮص ﺗﻨﻈـﻴﻢ اﻠﺘﻌﺎ ﻤـﻞ ﺑﻌﻣـﻼت‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﻗﺪﻳـﺔ ﻤﺨﺘﻟﻔـﺔ ﻓــﻲ اﻠﻣﺪﻳﻨـﺔ او اﻠﺪوﻳﻟـﺔ اﻠﻮا ﺣــﺪة ‪ ،‬واﻻﻋﺘـﺮاف ﺑﻌﻣﻟـﺔ ﻤﻌﻴﻨــﺔ‬ ‫ً‬ ‫ﻠﻟﺘﻌﺎﻤﻞ ﺑﻬﺎ ً‬ ‫وﺧﺎرﺠﻴﺎ ‪.‬‬ ‫داﺧﻟﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﻨـ ــﺎك ﺧﻄ ـ ــﺎب ﻤﺜﻴ ـ ــﺮ ارﺴ ـ ــﻟﻪ اﺣـ ــﺪ اﻠﻣﺳ ـ ــﺌﻮﻠﻴﻦ اﻠﻣ ـ ــﺎﻠﻴﻴﻦ ٕا ﻠ ـ ــﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫)اﺑﻮﻠﻟﻮﻧﻴﺳ ــﻴﺲ ( وزﻳ ــﺮ ﻤﺎﻠﻴ ــﺔ ﺑﻄﻟﻴﻣ ــﻮس اﻠﺜ ــﺎﻧﻲ ﻳﺳﺘﻔﺳ ــﺮ ﻓﻴ ــﻪ ﻋ ــﻦ ﻧﻈ ــﺎم‬ ‫اﻠﻨﻗﺪ اﻠﺮﺴﻣﻲ اﻠﺟﺪﻳﺪ اﻠﺬي ﻜﺎﻧﺖ اﻠﺬي ﻜﺎﻧـﺖ اﻠﺤﻛﻮﻤـﺔ ﺑﺼـﺪد ٕاﺻـﺪارﻩ ‪،‬‬ ‫وﻋـﻦ ﻤﺼـﻴﺮ اﻠﻌﻣـﻼت ٔاﻻﺠﻨﺒﻴـﺔ اﻠﻗﺪﻳﻣـﺔ ‪ ،‬وﻫـﻞ ﻳﺟـﻮز ٕاﻋـﺎدة ﺿـﺮﺑﻬﺎ ﻧﻗ ً‬ ‫ـﻮدا‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻄﻟﻣﻴ ــﺔ ﺑﻌـ ــﺪ ﺻـ ــﻬﺮﻫﺎ ﺣﺘـ ــﻰ ﻳﻣﻛـ ـﻦ اﺴـ ــﺘﺨﺪاﻤﻬﺎ ﻓـ ــﻲ ﻤﺼـ ــﺮ ‪ ،‬ﻻن اﻠﺪوﻠـ ــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺮﻤﺖ اﻠﺘﻌﺎﻤﻞ ﺑﺎﻠﻨﻗﺪ اﻻﺠﻨﺒﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﻗﺘــﺮح اﻠﻣﺳ ــﺌﻮل اﻠﻣــﺎﻠﻲ ان ﺗﺳ ــﺘﻮرد اﻠﺪوﻠ ــﺔ ﻜﻣﻴــﺎت ﻜﺒﻴ ــﺮة ﻤ ــﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺬﻫﺐ ﻠﻀﺮﺑﻪ ﻜﻌﻣﻟﺔ ﻤﺼﺮﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻛﻮن اﻠﻨ ﻗـﺪ اﻠﻣﺼـﺮي اﻧـﺬاك ﺠﺪﻳ ًـﺪا او‬ ‫ﻘﻮﻳـﺎ ٔاو ً‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻐﺮﻳــﺎ ﻠﻟﺘﻌﺎﻤــﻞ ﺑــﻪ ﺧــﺎرج اﻠﺤــﺪود اﻠﻣﺼــﺮﻳﺔ ﺣﻴــﺚ ﻜﺎﻧــﺖ اﻠﺘﺟــﺎرة‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺼــﺮﻳﺔ ﻤﺰدﻫــﺮة ﺗﺳ ــﻴﻄﺮ ﻋ ﻟــﻰ ا ﺴــﻴﺎ اﻠﺼ ــﻐﺮى وﺠــﺰر ﺑ ﺤــﺮ ٕاﻳ ﺟ ــﺎ ﻓــﻲ ﺗﻟ ــﻚ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻻوﻧﺔ ‪.‬‬ ‫ﻠﻗـﺪ ﻓﻌـﻞ اﻠﺒﻄﺎﻠﻣــﺔ ذﻠـﻚ ﻜﺟـﺰء ﻤــﻦ ﻤﺨﻄـﻂ ﺴﻴﺎﺴـﺘﻬﻢ اﻠﺘﻮﺴــﻌﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺟﺎرﻳـﺔ ﻓﻗـﺪ ﻜـﺎﻧﻮا ﻳﺟﻣﻌـﻮن اﻠﻨ ﻗـﻮد اﻠﺬﻫﺒﻴـﺔ اﻻﺠﻨﺒﻴـﺔ وﻳﻌﻴـﺪون ﺿـﺮﺑﻬﺎ او‬

‫ﺴـﻛﻬﺎ ﻓـﻲ ﻤﺼــﺮ ﺑﻌـﺪ وﺿــﻊ ﺸـﻌﺎر اﻠﺒﻄﺎﻠﻣــﺔ ﻋﻟﻴـﻪ‪ .‬وﻠﻛــﻦ اﻠﻣﺳـﺌﻮل اﻠﻣــﺎﻠﻲ‬ ‫ا ﻠــﺬي ٔارﺴــﻞ اﻠﺨﻄ ــﺎب ٕاﻠــﻰ وزﻳــﺮ اﻠﻣﺎﻠﻴ ــﺔ وﺠــﻪ ﺴــﺆاﻻ ً‬ ‫ﻤﻬﻣ ــﺎ ﻠﻟــﻮزﻳﺮ وﻫ ــﻮ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻴﺲ ﻤﻦ اﻻرﺧﺺ ان ﻧﺳـﺘﻮرد ﻜﻣﻴـﺎت ﻤـﻦ اﻠـﺬﻫﺐ وﻧﺳـﻚ ﻋﻣـﻼت ﺑﺎ ﺴـﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺼـﺮ ‪ ،‬ﺑـﺪﻻ ﻤـﻦ ﺠﻣـﻊ اﻠﻨﻗـﻮد اﻻﺠﻨﺒﻴـﺔ ٕﻻﻋـﺎدة ﺿـﺮﺑﻬﺎ ﻓـﻲ ﻤﺼـﺮ‪ ،‬وﺠﻌﻟﻬـﺎ‬ ‫ﺑﻄﻟﻣﻴﺔ ؟ !‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟـﻰ ﻜـﻞ ﺣــﺎل ﻓﺎﻠﺘـﺎرﻳﺦ ﻳ ﻗـﻮل ﻠﻨــﺎ اﻧـﻪ ﻜﻟﻣـﺎ ﺣﺎوﻠــﺖ دوﻠـﺔ ﻤـﺎ ﺑﻨــﺎء‬ ‫ٕاﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳــﺔ ﻜﻟﻣــﺎ ﺴــﻌﺖ ٕا ﻠ ــﻰ ﻓــﺮض ﻋﻣﻟﺘﻬــﺎ ً‬ ‫ﺠﻨﺒــﺎ ٕاﻠ ــﻰ ﺠﻨــﺐ ﻤــﻊ ﻘﻮاﻧﻴﻨﻬ ــﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﺠﺰاء اﻠﺘﻲ ﺗﻄﻣﻊ ﻓﻴﻬﺎ ‪ ،‬واﻠﺷـﻮاﻫﺪ ﻋﻟـﻰ ذﻠـﻚ واﺿـﺤﺔ ﻠﻟﻌﻴـﺎن ﻓـﻲ زﻤﻨﻨـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠـﺮاﻫﻦ‪ .‬ﻧﻌـﻮد ﻠﻨ ﻗــﻮل ‪ٕ :‬ان اﻻﺛﻴﻨﻴـﻴﻦ اﻋﻟﻨــﻮا ﻓـﻲ ﺻــﺒﻴﺤﺔ ﻘﻴـﺎم ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳــﺔ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫اﻻﺛﻴﻨﻴـﺔ اﻧﻬــﻢ ﻋﻟـﻰ اﺴــﺘﻌﺪاد ﺗــﺎم ﻻﺴـﺘﺒﺪال اﻠﻌﻣــﻼت اﻠﻗﺪﻳﻣـﺔ اﻠﺘــﻲ ﻜﺎﻧــﺖ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺗﺼـﺪرﻫﺎ اﻠﻣـﺪن ا ٕﻻﻏﺮﻳﻗﻴـﺔ ﻘﺒـﻞ ٕادﻤﺎﺠﻬـﺎ ﻓـﻲ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳـﺔ اﻻﺛﻴﻨﻴـﺔ‪ ،‬ﺑﻌﻣﻟــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺛﻴﻨﺎ اﻠﺟﺪﻳﺪة او اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻣﺘﺤﺪة اﻠﺘﻲ ﺗﺤﻣﻞ اﺴﻣﻬﺎ وﺸﻌﺎرﻫﺎ‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫وﻋﻨ ــﺪﻤﺎ ﻘ ــﺎم اﻻﺗﺤ ــﺎد اﻻﺛﻴﻨ ــﻲ ﻓ ــﻲ اﻠ ﻗ ــﺮن اﻠﺜﺎﻠ ــﺚ ﻘﺒ ــﻞ اﻠﻣـ ــﻴﻼد ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻋﻟﻨـﻮا ـ ﻜﻣــﺎ ﻳ ﻗـﻮل ﺑﻮﻠﻴﺒﺒــﻮس ـ اﻧﻬـﻢ اﺗﻔ ﻗــﻮا ﻋﻟـﻰ ﻤــﻮازﻳﻦ وﻤﻌـﺎﻳﻴﺮ وﻋﻣﻟــﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺣﺪة ﻳﺘﺪاوﻠﻬﺎ اﻻﻋﻀﺎء ﻜﺮﻤﺰ ﻠﻗﻴﺎم اﻻﺗﺤﺎد ‪ ،‬ﻤﻊ اﻠﺳﻣﺎح ﺑﻮﺿﻊ اﺴﻢ ﻜﻞ‬ ‫ﻤﺪﻳﻨــﺔ ﻋﻟ ــﻰ اﻠﻌﻣﻟ ــﺔ ذات اﻠﻣﺳ ــﺘﻮى اﻠﻌ ــﺎم ﻠﻼﺗ ﺤ ــﺎد ‪ٕ ،‬اذ ﻠ ــﻢ ﻳﻛ ــﻦ ﻫﻨ ــﺎك‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﺰاﻧـﺔ وا ﺣـﺪة ‪ ،‬ﺑـﻞ ﻠﻛـﻞ ﻤﺪﻳﻨـﺔ اﻠ ﺤــﻖ ﻓـﻲ ٕاﺻـﺪار ﻋﻣﻟـﺔ ﻤﺤﻟﻴـﺔ ﺑﺷــﺮط ان‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗــﺬﻜﺮ اﻧﻬ ــﺎ ﻋﻣﻟ ــﺔ ﻠﻼﺗ ﺤ ــﺎد وﺗ ــﻢ ﺿــﺮﺑﻬﺎ ﻓ ــﻲ ﻤﺪﻳﻨ ــﺔ ﻜ ــﺬا ‪ ،‬وﻋﻟﻴ ــﻪ ﻓﺤﺮﻜ ــﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺗﺤﺎدﻳﺎت او اﻠﻛﻴﺎﻧﺎت اﻠﺪﺴﺘﻮرﻳﺔ واﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ ﺗﻨﻌﻛﺲ ﻓﻲ دراﺴـﺔ اﻠﻌﻣﻟـﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫واﻠﺘﻲ ﻫﻲ ـ دون ﺸﻚ ـ ﻤﺮاة ﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻻﻘﺘﺼﺎد اﻠﺳﻴﺎﺴﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳـﺘﻢ اﻠﻌﺜــﻮر ﻋ ﻟــﻰ اﻠﻨﻗــﻮد اﻠﻗﺪﻳﻣـﺔ ﻓــﻲ اﻻﻤــﺎﻜﻦ اﻻﺛﺮﻳــﺔ ‪ ،‬وﺧﺎﺻــﺔ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻣﻨﺎزل واﻠـﺪﻳﺎر اﻠﺘـﻲ ﺗﻛﺷـﻒ ﻋﻨﻬـﺎ اﻠﺤ ﻔـﺎﺋﺮ ٔاﻻﺛﺮﻳـﺔ اﻠﻣﻨﻈﻣـﺔ ‪ٔ ،‬وا ً‬ ‫ﺣﻴﺎﻧـﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻮﺠـﺪ ﻓـﺮادى او ﻤﺨﺒـﺎة ﻓــﻲ ﺸـﻛﻞ ﺧﺒﻴﺌـﺎت ‪ ،‬ﻘــﺪ ﺗﺷـﻣﻞ اﻠﺨﺒﻴﺌـﺔ اﻠﻮا ﺣــﺪة‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺑﻀﻊ اﻻف ﻤﻦ اﻠﻗﻄﻊ )اﻠﻨﻗﻮد ( ‪ ،‬وﻫﻨﺎ ﻳﻣﻛﻦ ﻠﻨﺎ ان ﻧﺳـﺘﺨﻟﺺ ﻤﻌﻟﻮﻤـﺎت‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴـﺔ ﻤﻔﻴـﺪة ﻋـﻦ اﻠﻣﻛــﺎن ‪ ،‬وﻋـﻦ ﺗﺳﻟﺳـﻞ اﻠﻌﻣﻟــﺔ واﻠﺘﻄـﻮر اﻠـﺬي ﻤــﺮت‬ ‫ﺑﻪ ﻤﻗﺎرﻧﻴﻦ ذﻠﻚ ﺑﺘﻄﻮر اﻠﻮﺿﻊ اﻠﺳﻴﺎﺴﻲ واﻻﻘﺘﺼﺎدي واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻔﻲ ﻘﺮى ﻤﺼﺮ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺮو ﻤﺎﻧﻲ ﻤﺜﻼ ﻻﺣﻈﻨﺎ اﻧﻪ ﻜﻟﻣﺎ ﺗﺪﻫﻮرت‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻼﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳـ ــﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴـ ــﺔ ازداد اﻠﺘـ ــﺪﻫﻮر اﻻﻘﺘﺼ ـ ــﺎدي‬ ‫اﻻوﺿـ ــﺎع اﻠﺳﻴﺎﺴـ ــﻴﺔ ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﺒﻼد ‪ ،‬ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﻟﺟﺎ اﻠﻔﻼﺣﻮن او اﻠﺳﻛﺎن اﻠﻣﺤﻟﻴﻮن ٕاﻠـﻰ ﺠ ﻣـﻊ اﻠﺨﺒﻴﺌـﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻤﻨﺎزﻠﻬﻢ ‪ ،‬او ﻓﻲ ﻤﻛﺎن ﻻ ﻳﻌﺮﻓـﻪ اﺣـﺪ ﺴـﻮاﻫﻢ ‪ ،‬وذﻠـﻚ اﻧﻌﻛـﺎس واﺿـﺢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻌﺪم ا ٕﻻﺣﺳﺎس ﺑﺎﻻﻤﺎن اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬ ‫ﻜـ ــﺬﻠﻚ ﻧﺳ ـ ــﺘﻄﻴﻊ ٔان ﻧ ﻗـ ــﻴﺲ ﺣﺟ ـ ــﻢ ا ﻠـ ــﺮواج اﻠﻌﻣﺮاﻧ ـ ــﻲ واﻠﺘﺟ ـ ــﺎري‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻌﺳـﻛﺮي ﺑﺤ ﺟـﻢ اﻠﻌﻣـﻼت اﻠﺘـﻲ ﺗﺼـﺪر ﻓـﻲ ﻋﻬـﺪ ﻤﻌـﻴﻦ‪ ،‬ﻻن اﻠﺤﻛﻮﻤــﺎت‬ ‫وﻠﻼﻧ ﻔـ ــﺎق ﻋﻟـ ــﻰ اﻠﻣﺷـ ــﺮوﻋﺎت‬ ‫ﻜﺎﻧ ــﺖ ﺗﺼـ ــﺪر اﻠﻨ ﻗـ ــﻮد ﻠـ ــﺪﻓﻊ رواﺗـ ــﺐ اﻠﺟﻨـ ــﺪ ٕ‬ ‫اﻠﻌﻣﺮاﻧﻴﺔ واﻠﺨﺪﻤﺎت اﻠﻌﺎﻤﺔ‪ ،‬وﻜﺬﻠﻚ دﻓﻊ رواﺗﺐ اﻠﻣـﻮﻇﻔﻴﻦ اﻠﻌﻣـﻮﻤﻴﻴﻦ‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٕا ًذا ﻓـﺎﻠﻨﻗﻮد ﻫــﻲ ﺧﻴــﺮ ﻤـﺮاة ﻠﻟﻨﺷــﺎط اﻠﻌــﺎم ﻠﻟﺤﻛﻮﻤـﺎت اﻠﺘــﻲ ﺗﺼــﺪرﻫﺎ‪ .‬وﻘــﺪ‬ ‫ﺗـﺮﺗﺒﻂ اﻠﻨ ﻗــﻮد ار ً‬ ‫ﺗﺒﺎﻃــﺎ ً‬ ‫ﻋﺎﻃﻔﻴـﺎ ﺑــﺒﻌﺾ اﻠﺷــﻌﻮب واﻠـﺒﻼد ﻓﺘﺒﻗــﻰ ﻤﺳــﺘﺨﺪﻤﺔ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ً‬ ‫اﺴﻣﺎ وﻓﻌـﻼ واﻠﻣﺜـﻞ ﻋﻟـﻰ ذﻠـﻚ واﺿـﺢ ﻤـﻦ )اﻠﻣﺎرﻳـﺎ ﺗﺮﻳـﺰا ( وﻫـﻲ ﻋﻣﻟـﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳـﺔ اﻠﻨﻣﺳـﺎوﻳﺔ اﻠﺘــﻲ ﻜﺎﻧـﺖ ﻻ ﺗ ـﺰال ﻤﺳـﺘﺨﺪﻤﺔ او ﻤﻗ ﻟــﺪة ﻓـﻲ ﺑــﻼد‬ ‫اﻠﺤﺒﺷﺔ واﻠﻴﻣﻦ ٕاﻠﻰ وﻘﺖ ﻘﺮﻳﺐ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫وﺧﺘﺎﻤ ـ ــﺎ ﻧ ﻗـ ـ ــﻮل ‪ٕ :‬اﻧﻨ ـ ــﺎ ﻧﺳـ ـ ــﺘﻄﻴﻊ ان ﻧ ﻗ ـ ــﺪر ﺣﺟـ ـ ــﻢ اﻠﺘﺟ ـ ــﺎرة ﺑـ ـ ــﻴﻦ‬ ‫ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳــﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴ ــﺔ وﺸ ــﺒﻪ اﻠﺟﺰﻳــﺮة اﻠﻬﻨﺪﻳ ــﺔ ﻤ ــﺜﻼ ﻋــﻦ ﻃﺮﻳ ــﻖ ﻜﻣﻴ ــﺎت‬ ‫اﻠﻨ ﻗـﻮد اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴــﺔ اﻠﺘــﻲ ﻋﺜـﺮ ﻋﻟﻴﻬــﺎ ﻫﻨــﺎك ‪ ،‬وﻋﻟﻴــﻪ ﺗﻛـﻮن اﻠﻬﻨــﺪ ﻘــﺪ ﺻــﺪرت‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻀﺎﺋﻊ ﺑﻗﺪر ﻘﻴﻣﺔ ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻗﻮد ٕان ﻠﻢ ﺗﻛﻦ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻨﻬﺎ ‪ ،‬ﻻن ﻤﻴـﺰان اﻠﺘﻌﺎ ﻤـﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻢ ﻳﻛﻦ ﻓﻲ ﺻﺎﻠﺢ ا ٕﻻﻤﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻠﺮوﻤﺎﻧﻴﺔ ﻤﻣﺎ ادى ٕاﻠـﻰ اﻧﻬﻴـﺎر اﻘﺘﺼـﺎدﻫﺎ ‪،‬‬ ‫وﺑﺎﻠﺘﺎﻠﻲ اﻧﻬﻴﺎرﻫﺎ ﻜﻟﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦١‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻓﺘﺮاس اﻟﻠﺤﻮم اﻵدﻣﻴﺔ‬ ‫زﻳﺎرة إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻘﺎرن‬

‫د‪.‬ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻏﻮردو‬ ‫باحث وكاتب‬ ‫ٓ‬ ‫دكـتوراه في االداب تخصص‪ :‬تاريخ ا ٕالسالم والحضارة‬ ‫المملكة المغربية‬

‫وجدة‪ :‬منشورات جسور‪١٣٩ ) .٢٠٠٤ ،‬صفحة(‬

‫اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ‬

‫‪ghourdou.abdelaziz@voila.fr‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪:‬‬ ‫اﻓﺘﺮاس اﻟﻠﺤﻮم اﻵدﻣﻴﺔ ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺜﺄر‬

‫ٔ‬ ‫ في معنى الثار‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ الرمز المؤطر‪ :‬داعي "الثار"‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ محطات معاصرة في جغرافيا االفتراس االدمي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ االفتراس ثارا‪ :‬الجذور واالمتدادات‪.‬‬

‫ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺜﺄر‬

‫ٔ‬ ‫يــا لســورة الغضــب التــي يوقظهــا الثــار مــن مرقــدها‪ ،‬هيبوثالموســها‬ ‫ٔ‬ ‫الس ــاهر عل ــى االدرين ــالين والك ــورتيزول ب ــالعين الت ــي ال تن ــام ٕاال ل ــتحلم‬ ‫ٔ‬ ‫بمه ـ ّـيج مثي ــر يحف ــز غ ــدتها االدرينالي ــة‪ ،‬وم ــن عس ــاه يك ــون ه ــذا المحف ــز‬ ‫ٔ‬ ‫الهصور غير الثار المستفرس المتوعد‪.‬‬ ‫اﻟﺮﻣﺰ اﻟﻤﺆﻃﺮ‪ :‬داﻋﻲ "اﻟﺜﺄر"‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المعنا في مناسبتين او ثالث‪ ،‬عند حديثنا عن اللذة‪ٕ ،‬الى افتراس‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫اللح ــوم االدمي ــة ب ــدافع االنتقــام‪ .‬وه ــو افت ـراس يقــرن ف ــي نف ــس االن ب ــين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫شعورين متنابذين‪ ،‬مبدئيا‪ ،‬هما "اللذة" و"اال لـم"‪ ،‬وبالتـالي افـال يمكـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اعتماد "الثار" رمزا سـلطويا اخـر يـدفع لسـلوك االفتـراس؟ و ٕاذا كـان ذلـك‬ ‫كذلك‪ ،‬فالتساؤل حول الرافد الـذي يسـتند ٕاليـه )مرجعيـا ونزعاتيـا( يبـدو‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امرا مشروعا وملحا ايضا؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الثــار )او االنتقــام( شــكل مــن اشــكال االذى والعقــاب‪ ،‬لكــن كيــف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يكـ ـ ــون ٕالحـ ـ ــاق االذى بـ ـ ــالغير رابـ ـ ــا لصـ ـ ــدع او تعويضـ ـ ــا عـ ـ ــن خسـ ـ ــارة؟‬ ‫‪(Nietzsche, La généalogie de la morale, trad. Henri Albert,‬‬ ‫)‪Edit. Gallimard,1964, p.60‬‬ ‫ٕان التفظيــع لهــو المتعــة المفضــلة للبشــرية البدائيــة‪ ،‬حيــث تحــل‬ ‫"الفظاعـ ــة" محـ ــل التوابـ ــل والمقـ ــبالت‪ ،‬لكـ ــن بطريقـ ــة تصـ ــور الفظاعـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"حاج ـ ــة" س ـ ــاذجة او بريئ ـ ــة‪ ،‬نوع ـ ــا م ـ ــن "الخب ـ ــث المن ـ ــزه"‪ ،‬او بعب ـ ــارة‬ ‫"سبينوزا" "اللطافة المؤذية" )‪ (La sympathia malvolen‬التي تفسـح‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"للضــمير"مســاحة واســعة مريحــة ليمارســها بكــل جـراة‪ ،‬دون ان يخجــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫من ارتكابها‪ ،‬ودون ان يشعر بالعار او الوخز بعد ذلك‪ ،‬النه اهتدى ٕالـى‬ ‫"الحيلة" التي تقدم تبريرا لمنزع "الشر" الكامن فيـه‪ ،‬بـل‪ ،‬علـى العكـس‬ ‫من ذلك‪ ،‬له الحق ٔان يتلذذ ّ‬ ‫بكم الفظاعة المتفجـرة عـن فعـل و ممارسـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الث ــار‪ ،‬ب ــل ٕان ه ــذه الممارس ــة ه ــي وح ــدها الكـفيل ــة بط ــرد اال ل ــم الخف ــي‬

‫المســتتر‪ ،‬الــذي كــان يعــذب ويرهــق‪ ،‬يلهــب ويــؤرق‪ ،‬الــذات مــن الــداخل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فــي زمــن غــابر‪ ،‬عنــد حصــول االعتــداء "االول"‪ .‬الثــار هــو المتعــة والراحــة‬ ‫ٔ‬ ‫التي ما كان لها ان تتحقق دون استطياب للفظاعة‪ ،‬حيث يصبح الجالد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ص ــديقا "للخي ــر" ومعبـ ـرا عن ــه وممثل ــه ايض ــا‪ ،‬ف ــال ينظ ــر لفعل ــه عل ــى ان ــه‬ ‫ٔ‬ ‫انحطاط َمرضـي لالخـالق‪ ،‬وال يحمـر خجـال مـن سـلوك الفظاعـة والقسـوة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والشر‪ ،‬بـل ٕانـه كلمـا امعـن فـي ارتكابـه ٕاال وكـان الـذ نكهـة‪ .‬ولـه بعـد ذلـك‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ان ينقل ـ ــب ٕال ـ ــى اهل ـ ــه وه ـ ــو يتمط ـ ــى‪ ،‬يحك ـ ــي لالخ ـ ــرين ف ـ ــي اس ـ ــتعالء‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وباس ــلوب م ــبهج ومثي ــر‪ ،‬م ــا انج ــزه ف ــي "االع ــداء" م ــن بط ــوالت‪ ،‬حت ــى‬ ‫تنس ــحب الل ــذة عل ــى الجمي ــع‪ ،‬وتنتق ــل هس ــتيريا التل ــذذ م ــن الش ــخص‬ ‫ٔ‬ ‫المفرد ٕالى المجتمع المتكـثر الذي ُي ّنوه بالثار ويباركه ويعتز به‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الثار ايضا – وكما الضمير – " َد ْين"‪ ،‬لكن لكل مجاالته واشـكاله‬ ‫ٔ‬ ‫التعبيريــة النفســانية واالجتماعيــة المعقــدة‪ .‬شــعور المــدين بــان فــي ذمتــه‬ ‫ٔ‬ ‫دينــا ال يمكــن تســديده ٕاال بالثــار وعبــره‪" :‬الهامــة" فــي الفكــر "الجــاهلي"‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫القديم مثال تعبر عن "اال لة" التي ابتكرتها منظومة هذا الفكر‪ ،‬مـن اجـل‬ ‫استخالص َّالدين بواسطة تسوية من التسـويات التـي تـم حولهـا الوفـاق‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وهذه التسوية ليست اكـثر من "الثار"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫هكذا فعالقة الجماعة باعضائها‪ ،‬في خطوطها العامـة‪ ،‬هـي عالقـة‬ ‫الدائن بالمدين )جينيالوجيا‪ ،‬ص‪ ،(...٦٥.‬فهو يعيش على ما توفره لـه‪،‬‬ ‫يتمتع بمنافعها‪ .‬نظريا‪ ،‬ال تخفر له ذمة وال تنتهـك كرامـة‪ ،‬ناعمـا بالسـالم‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫والطمانين ــة "داخ ــل" جماعت ــه‪ ،‬بعيــدا عــن االف ــات والش ــرور التــي يظ ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٕانســان "الخــارج" عرضــة لهــا‪ ...‬والجــل كــل مــا تحققــه الجماعــة وتضــمنه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فهــو ملــزم امامهــا‪ ،‬مــدين لهــا بــاال يخــون الوعــود التــي قطعهــا علــى نفســه‬ ‫ٔ‬ ‫تجاهها و ٕاال يكون قد اذنب في حقها‪.‬‬ ‫المــذنب هــو الــذي ال يســدد ديونــه ويهــاجم دائنيــه‪ ،‬وعليــه‪ ،‬يجــرد‬ ‫مذ ذاك من كل المنافع التي كانـت تضـمنها الجماعـة‪ ،‬ويطـرد "خارجهـا"‬ ‫– حت ــى ل ــو ظ ــل داخله ــا – ٕال ــى الحال ــة البري ــة‪ ،‬يعاق ــب وف ــق العدال ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والقانون‪ُ ،‬يثار منه‪ ،‬كمـا لـو انـه عـدو مبغـوض‪ ،‬حتـى لـو كـان اعـزل خـائر‬ ‫ٔ‬ ‫القوى‪ ،‬النه فاقد لكل حق‪ ،‬بما في ذلك حق الشفقة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫الثار ٕاذن شان "داخلي" و"خارجي" في نفـس االن‪ ،‬يهـم الجماعـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فــي عالقتهــا مــع افرادهــا‪ ،‬كمــا يهمهــا فــي عالقتهــا مــع االعــداء‪ .‬لكنــه يكــرس‬ ‫ٔ‬ ‫دائم ــا تح ــت اس ــم "العدال ــة"‪ ،‬كش ــكل م ــن اش ــكال التكـفي ــر ع ــن ذن ــب‬ ‫ٔ‬ ‫ارتك ــب او ح ــق اغتص ــب‪ٕ ،‬اذ ال ينبغ ــي ت ــرك المتس ــبب ف ــي الض ــرر دون‬ ‫عقاب في النهاية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يعني ذلك ان المتسبب في الضـرر قـد اثـار زوابـع عنيفـة مـن الكـره‬ ‫والغــيظ والضــغينة والبغضــاء‪ ...‬وكلهــا مشــاعر مميتــة تســتوجب االنتقــام‪،‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٢‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻟﺜﺄر‪ :‬ﻣﺤﻄﺎت ﻣﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻻﻓﺘﺮاس اﻵدﻣﻲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫في الثورة الثقافية التي اعلنها ماو تسي تونـغ )ربيـع ‪١٩٦٦‬م( اكـل‬ ‫ٔ‬ ‫الثـوار المـاويون العديـد مـن "اعـداء الثـورة"‪ .‬يحكـي زينـغ ي ــي ‪Zheng Yi‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫)شــيوعي قــديم‪ .‬كــان واحــدا مــن الحــرس االحمــر ايــام الثــورة‪ ،‬تحــول ســنة‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٩٧٨‬م ٕال ــى واح ــد م ــن اكـث ــر منتق ــدي اله ــذيان "الم ــاوي"( قص ــة حم ــى‬ ‫ٓ‬ ‫االفت ـراس االدمــي التــي هبــت علــى ٕاحــدى المــدارس‪" :‬فــي المطــابخ كــان‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫يطهــى اللحــم االدمــي‪ ،‬فــي ٕاقامــة االســاتذة كــان يطهــى اللحــم االدمــي‪ ،‬فــي‬ ‫ٓ‬ ‫داخليــات البنــات كــان يطهــى اللحــم االدمــي‪ ،‬فــي ســاحة المدرســة كــان‬ ‫ٓ‬ ‫يشوى اللحم االدمي‪ ،‬في كل مكان كنت تـرى شـوايات مـن صـنع منزلـي‪.‬‬ ‫فــي وكســوان ‪ ١٨ - Wuxuan‬يونيــو ‪١٩٦٨‬م‪ُٔ -‬ارغــم المــدير والمدرســون‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫علــى تمزيــق واكــل احــد زمالئهــم )اســتاذ للجغرافيــا (‪ ،‬صــرخ فــيهم "فــو‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بينكــون ‪) " Fu Bingkun‬وهــو تلميــذ مــن الثانيــة ثــانوي( بعــد ان القــى‬ ‫ٕال ــيهم بس ــكين مط ــبخ قريب ــا م ــن الجث ــة‪" :‬جواس ــيس‪ ،‬اقطع ــوا اللح ــم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لناكلــه هــذه الليلــة‪ٕ .‬ايــاكم ان تفســدوا المصـران اثنــاء التقطيــع‪ٕ .‬اذا فعلــتم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ذلــك ســالقي بكــم فــي النهــر‪ .‬اريــدكم ان تحفظــوا ايضــا القلــب والكبــد"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ويحكي مدير المؤسسة‪" :‬بعـد القلـب والكبـد‪ ،‬جـاء دور االرداف‪ .‬الـبعض‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫مال اال كياس باللحم‪ ،‬واخرون علقوا قطع اللحم على فوهات البنادق"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫فــي مطــبخ ا ٕالعداديــة‪ ،‬كــان ســبعون تلميــذا يلتهمــون امـراة شــويت‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫علــى مــدفات المؤسســة‪ .‬لــم يــتم اكــل االســاتذة فقــط‪ ،‬بــل كــان البحــث‬ ‫ٔ‬ ‫جاريا عـن جميـع "اعـداء الماويـة"‪ .‬فـي قريـة شـنغنيان ‪ ،Shangnian‬تـم‬ ‫عــرض الشــاب زانــغ فوشــين ‪ Zhang Fuchen‬علــى لجنــة ماويــة‪ ،‬تقــدم‬ ‫ٔ‬ ‫فتى مـن الحـرس االحمـر عمـره )‪١٢‬سـنة( وقتلـه بطعنـة خنجـر‪ ،‬ثـم انتـزع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫قلبه وكبده واعضاءه الجنسية‪ ،‬قبل ان يتهافت باقي اعضـاء اللجنـة علـى‬ ‫الجثة‪ ،‬ويمتشوا ما بها من لحم‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وهذا االنتقام – كما هو معروف – يحمل اسـم "الثـار" عنـدما ياخـذ المـرء‬ ‫حقــه بيــده‪ ،‬واســم "العقــاب" عنــدما تتكـفــل ٕاحــدى مؤسســات المجتمــع‬ ‫ٔ‬ ‫الم ـ ــنظم ب ـ ــذلك‪ ،‬رغ ـ ــم ان الت ـ ــاريخ البش ـ ــري الطوي ـ ــل‪ ،‬بم ـ ــا ف ـ ــي ذل ـ ــك‬ ‫ٔ‬ ‫المعاصر‪ ،‬يثبت حاالت عديدة من "الثار" حتـى داخـل مجتمعـات تـدعي‬ ‫ٔ‬ ‫لنفس ــها انه ــا منظم ــة المؤسس ــات‪ ،‬ناهي ــك ع ــن الح ــاالت العدائي ــة ب ــين‬ ‫مجتمعين متنابذين متحاربين‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫الثــار يكشــف لنــا عــن ا ٕالنســان العــدواني العنيــف‪ٕ ،‬اذ نعــرف مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الناحيــة التاريخيــة الصــرف‪ ،‬وقــائع ثــار لــم يكــن فيهــا الثــائر ياخــذ الثــار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫لنفسه حتى يتصـالح معهـا‪ ،‬اي انـه لـم يكـن ضـحية اعتـداء مسـبق اصـابه‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لشخصــه‪ ،‬بــل تصــدى للثــار نيابــة عــن "اخــرين" واعلــن حربــا علــى اعــداء‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ليسـوا اعـداءه المباشـرين‪ ،‬تحــول ٕالـى الـة تدميريـة فــي صـراع ناشـب بــين‬ ‫ٔ‬ ‫انظمــة قــوى وهياكــل صـراع خارجــة عنــه‪ .‬لكــن حتــى فــي هــذه الحالــة التــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ينصــب فيهــا الــبعض انفســهم االت "للقصــاص" بمعنــاه الثــاري المبتــذل‬ ‫العــدمي‪ ،‬فـ ٕـان هــذا ا ٕالنســان‪/‬المقصــلة قــد تقمــص فعليــا شــعور الضــحية‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االصلي وعايش قدرته النفسية المدمرة كما لو انه "صاحب ثار" حقيقـي‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واي ف ـ ــرض بعك ـ ــس ذل ـ ــك يخرج ـ ــه م ـ ــن خان ـ ــة "الث ـ ــار" ويدخل ـ ــه خان ـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫"االرتزاق" باشكاله النمطية المعروفة )غوردو‪ ،‬االرتزاق بالدولـة المركزيـة‬ ‫المغربية الوسيطية‪٢٠٠٢ ،‬م(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ما يضحى به على سبيل الترضية في المنظومـة الثاريـة – حيـث ال‬ ‫ٔ‬ ‫ينكــره داخلهــا احــد غالبــا – هــو "الكـتلــة البشــرية" البالغــة التعقيــد‪ ،‬تــتم‬ ‫ٔ‬ ‫مصادرتها ماديا وروحيا‪ ،‬من اجل فكرة "ثقافوية"‪ ،‬ظاهريـا‪ ،‬هـي "راحـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الضحية عبر الثار"‪ ،‬اي كـتلة بشرية حية صير ٕالى ٕاتالفها من اجل فكـرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عبثيــة مــدمرة؟ الواقــع غيــر ذلــك تمامــا فــي العمــق‪ ،‬او علــى االقــل يـراد لــه‬ ‫غيــر ذلــك‪ .‬فمــا يضــحى بــه يـراد مــن ورائــه فــي النهايــة راحــة الضــحية‪ :‬راحــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القتيــل فــي قبــره؟ ٕاطالقــا‪ ،‬بــل راحــة المطالــب باخــذ الثــار‪ ،‬مــن عــبء‬ ‫ٔ‬ ‫نفسي واجتماعي يرهقه وينهـك كاهلـه‪ ،‬يعـد عليـه انفاسـه ويكبلـه فـي كـل‬ ‫ســلوكاته‪ ،‬حركاتــه وســكناته‪ ...‬هــذا هــو المحتــوى الحقيقــي الــذي تخفيــه‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫فكــرة "الراحــة"‪ ،‬اي ان م ــا يض ــحى ب ــه مــن "كـتلــة حياتي ــة" ي ـراد ب ــه فــي‬ ‫النهايــة ٕانقــاذ "كـتلــة حياتيــة" مقابلــة‪ ،‬لكــن ٕارادة الفكــرة شــيء ومــا ينتهــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٕاليه تطبيقها في الواقع شـيء اخـر‪ ،‬وهكـذا – مـثال وفـي المعظـم االعـم –‬ ‫ٔ‬ ‫عوض ان ننتهي ٕالى "الراحة" شكال ومضمونا‪ ،‬تتـدخل حيثيـات يصـعب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حتى حصرها‪ :‬ا ٕالمعان في قتل االعداء‪ ،‬او التمثيل بهـم‪ ،‬او المبالغـة فـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاذاللهــم‪ ،‬او تفجــيعهم‪ ...‬اي الــدفع بالثــار ٕالــى حــدوده القصــوى‪ ،‬فتنتهــي‬ ‫ٔ‬ ‫المصـ ــفوفة ٕالـ ــى "دوامـ ــة الثـ ــار"‪ ،‬وله ـ ــذا السـ ــبب بالـ ــذات تـ ــم تنصـ ــيب‬ ‫ٔ‬ ‫"العقاب" الذي تستخلصه مؤسسات المجتمع المنظم‪ ،‬عوضا عن الثـار‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فرغم انهما معا – الثار والعقاب – يتضمنان الفكرة ذاتهـا وهـي "تخلـيص‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الذمة"‪ٕ ،‬اال ان االهداف متباينة‪ ،‬حيث يقدم الثاني )العقاب( نفسـه علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫انه نهاية السلسلة‪ ،‬في حين يبدو االول )الثار( حلقـة فـي سلسـلة ممتـدة‬ ‫ٕالى ما ال نهاية‪ .‬وهكذا يفترض في العقاب وضع حد للجرائم‪ ،‬بينما يجنح‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الثــار ٕالــى فــتح منافــذ جديــدة لهــا‪ .‬المجتمعــات التــي تــؤمن بالثــار توضــع‬ ‫ٔ‬ ‫دائمــا فــي ســلم ادنــى مــن تلــك التــي تزعزعــت قناعتهــا ا ٕاليمانيــة بفائدتــه‬ ‫ٔ‬ ‫الجوهريــة وقدرتــه علــى ٕايجــاد "الحــل" فعوضــته بالعقــاب‪ ،‬دون ان نثيــر‬ ‫سؤاال مزعجا حول ٕامكانية العقاب نفسه على ٕايجاد الحل‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ع ــدوك ق ــد س ــلبك غص ــبا واحـ ــدا‪ ،‬او اكـث ــر‪ ،‬م ــن حقوق ــك التـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تضمنها الطبيعة والثقافـة‪ .‬زرع حـديقتك المـا وشـوكا‪ ،‬فلـيس اقـل مـن ان‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫تجرع ــه م ــن نف ــس الك ــاس‪ ،‬ان تفجع ــه ف ــي حقوق ــه‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك ح ــق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحيــاة‪ .‬ان تــبطش‪ ،‬فــي اســتعالء‪ ،‬بكــل مــا يمســه مــن قريــب او بعيــد‪.‬‬

‫وكلم ـ ــا تع ـ ــاظم بطش ـ ــك وص ـ ــلفك‪ ،‬زدت رفع ـ ــة وس ـ ــموا ف ـ ــي مجتمع ـ ــك‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحاضن‪ ،‬النك حررته من دين كان يثقلـه قبـل ان يثقلـك‪ ،‬والقيـت بـه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بكل احجار الطواحين‪ ،‬علـى كاهـل العـدو‪ ،‬فكبلتـه بـدين اشـد فظاعـة ال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يكسره ٕاال "ثار" مقابل افظع‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ي ــتقن الث ــار ٕاث ــارة مش ــاعر الع ــداء المس ــمومة‪ ،‬والحق ــد ال ــدفين‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وتحفيــز الــذاكرة‪ ،‬واالنتظــار‪ ،‬فطالــب الثــار مــا عليــه ان ينســى‪ ،‬يجــب ان‬ ‫ٔ‬ ‫يبق ــى متيقظ ــا ح ــذرا متربص ــا لحظ ــة االنتق ــام المثل ــى الموجع ــة‪ ،‬واال كـث ــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٕايالما للعدو‪ .‬الثار يحوله ٕالى نفـس مريبـة حقـود معذبـة‪ ،‬لكنهـا ال تتقوقـع‬ ‫علــى عــذابها كمــا يفعــل صــاحب الضــمير‪ ،‬فهــي المضــمرة للشــر المســتعدة‬ ‫لتفجيــره‪ ،‬تســتهدي با ٕالســاءة والكراهيــة للوصــول ٕالــى راحتهــا وارتوائهــا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫الث ــار – عك ــس الض ــمير – ال يحس ــن التقوق ــع واالن ــزواء‪ ،‬فه ــو ال ــوحش‬ ‫ٔ‬ ‫المنفلــت مــن عقالــه‪ .‬ارضــه البكــر التــي يتــنفس فيهــا مــلء رئتيــه‪ :‬فريســة‬ ‫وحريــق ومذبحــة‪ ...‬ال يرتــوي ٕاال عبــر سلســلة مــن المجــازر واالغتصــابات‬ ‫ٔ‬ ‫"الهوميريـة" الرهيبـة‪ :‬قــاس‪ ،‬بـارد‪ ،‬وفظيـع‪ ...‬هكــذا ينبغـي لـه ان يكــون‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وهكــذا ينبغــي ان يقــدم نفســه فــي مواســم "عكــاظ" الشــعرية‪ :‬اولــم يقتلــع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫علة شقائه والمه من جذورها؟ ُح ّق له ٕاذن ان يفخر‪ ،‬هو المقاتل الم ّـؤزر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالنصــر الــذي قضــى علــى اســاطين الشــر مــن االعــداء وســقاهم مــن ُمـ ّـره‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫جعله ــم ينطرح ــون ارض ــا‪ ،‬يرتجف ــون جزع ــا‪ ،‬يلعق ــون ح ــذاءه‪ ...‬يتخطف ــه‬ ‫ٔ‬ ‫انيــنهم عبــر بحــر مــن الــدماء يخوضــه حتــى الركــب ٕالــى عــالم مــن النشــوة‬ ‫واللذة واالفتتان‪ .‬تستيقظ الذات الحقيقية من سبات‪ ،‬تنتصب ممشـوقة‬ ‫مدويــة فــي المهانــة واالنحطــاط‪ ،‬تنبعــث مــن رمادهــا كمثــل العنقــاء‪ ،‬فقــد‬ ‫جاءها "الخالص"‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٣‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻻﻓﺘﺮاس ﺛﺄرا‪ :‬اﻟﺠﺬور واﻻﻣﺘﺪادات‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ك ـ ـ ــان م ـ ـ ــن الممك ـ ـ ــن ان نق ـ ـ ــف عل ـ ـ ــى "دوام ـ ـ ــة الث ـ ـ ــار" بمنحاه ـ ـ ــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االنتربولــوجي او التــاريخي االجتمــاعي الصــرف‪ .‬فالثــار بصــيغته التركيبيــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المتش ــعبة الجوان ــب يمكن ــه ان يس ــتوعب ع ــدة دراس ــات – وق ــد انج ــزت‬ ‫ٔ‬ ‫حولــه فعــال عــدة دراســات – بــالمعنى االنتربولــوجي‪/‬التــاريخي الــذي نريــد‬ ‫ٔ‬ ‫ان نصرف عنه النظر هنا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫رغــم ذلــك‪ ،‬يمكــن للقــارئ )ولمزيــد مــن االطــالع( متابعــة اشــكال‬ ‫ٔ‬ ‫كـثيرة من الثار واالنتقام الجسدي والنفسي عند‪:‬‬ ‫‪Louis Cardaillac, Morisques et Chrétiens-Un‬‬ ‫‪affrontement polémique (1492-1620), Edit. Klinsieck,‬‬ ‫‪Paris, 1977.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وهــو كـتــاب غنــي بالوثــائق لمــن اراد المتابعــة التاريخيــة للقضــية خــالل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العصور الحديثة )مثال االندلس وامريكا(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امــا مــن يريــد متابعــة الحالــة فــي التــاريخ الوســيط‪ ،‬فمــا عليــه ٕاال ان‬ ‫ٔ‬ ‫يرجع لالمثلة التي قـدمها كـفـين رايلـي ‪ Kevin Reilly‬فـي الفصـل السـابع‬ ‫تحــت عنــوان‪" :‬العنــف واالنتقــام" ضــمن البــاب الثالــث "العــالم التقليــدي‬ ‫‪١٥٠٠-٥٠٠‬م" من كـتابه‪:‬‬ ‫‪The West and the world-Atopical history of civilisation,‬‬ ‫‪Harper and Row,1980.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وم ــن يري ــد ان يراج ــع حال ــة العن ــف والث ــار‪ ،‬نم ــاذج م ــن خ ــالل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الحــروب‪ ،‬بنظــرة االنتربولــوجي‪ ،‬فمــن اهــم الدراســات فــي هــذا الشــان مــا‬ ‫قدمه بيار كالستر في نهاية السبعينات‪:‬‬ ‫‪Pierre Claster, L’archéologie de la violence dans les‬‬ ‫‪sociétés primitives : La guerre, in Revue Libre, Edit. Payot,‬‬ ‫‪Paris,N 1er, 1977.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مــع التنبيــه ٕالــى ان هــذه االبحــاث والدراســات ال تعــرض لموضــوع‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"االفتـراس االدمــي" ‪ -‬مــن قريــب او بعيــد ‪ -‬بــل هــي مجــرد ابحــاث عرضــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لموضوع الثار‪ ،‬جملة او تفصيال‪ ،‬باشكاله النمطية المعروفة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫نح ـ ــن ٕاذن ال نن ـ ــوي متابع ـ ــة اش ـ ــكال الث ـ ــار‪ ،‬بنظ ـ ــرة تاريخي ـ ــة او‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫انتروبولوجيــة كالســيكية‪ ،‬رغــم اننــا ســنلجا لدراســة موضــوعنا )االفت ـراس‬ ‫ٓ‬ ‫االدمي( ‪ -‬في هذا الفصل‪ -‬اعتمادا على نصـوص مـن التـاريخ وا ٕالناسـة‪ٕ .‬اال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان الق ـ ــارئ س ـ ــيلحظ م ـ ــن دون ش ـ ــك الف ـ ــرق ب ـ ــين متابعتن ـ ــا هن ـ ــا للث ـ ــار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والمتابعـ ــات التاريخيـ ــة‪/‬ا ٕالناسـ ــية لـ ــه‪ .‬ذلـ ــك اننـ ــا عمـ ــدنا اوال ٕالـ ــى نحـ ــت‬ ‫المفه ــوم ليص ــير "رم ــز س ــلطة" ق ــادر عل ــى دف ــع الح ــدث واس ــتيالده‪ ،‬ث ــم‬ ‫قمنا‪ ،‬ثانيـا‪ ،‬بتوكيـد رمزيتـه عبـر شـهادات معاصـرة تزكـي طرحنـا لموضـوع‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫االفتراس‪ ،‬واالن سنحاول ان نختم فصلنا بمقاربـة تركيبيـة لمبحـث الثـار‬ ‫واالفتراس‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫حــدث هــذا ٔاثنــاء الهــذيان الشــيوعي الم ــاوي فــي ســتينيات الق ــرن‬ ‫ٔ‬ ‫الماضــي‪ ،‬تحــت اســم "الثــورة الثقافيــة"‪ ،‬لكنــه حــدث ايضــا فــي منــاطق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مختلفــة مــن العــالم‪ ،‬تحــت مســميات مختلفــة مــن اشــهرها مــا حــدث اثنــاء‬ ‫ٓ‬ ‫الص ـ ـ ـراعات "ا ٕالثني ـ ــة" جن ـ ــوب ش ـ ــرق اس ـ ــيا‪ .‬فف ـ ــي م ـ ــارس ‪١٩٩٩‬م ف ـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫"كاليمانتــان ‪) "Kalimantan‬بالمنطقــة االندونيســية مــن بورنيــو(‪ ،‬عــاد‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫"االفت ـراس االدمــي" بــداعي الثــار ليظهــر بــين قبائــل "دايــاك ‪."Dayaks‬‬ ‫فالكراهيــة ا ٕالثنيــة والثقافيــة‪ ،‬كانــت تــؤجج حربــا منــذ ثالثــين ســنة بــين‬ ‫ٔ‬ ‫ال ـ ــداياك )‪ ١.٥‬ملي ـ ــون نس ـ ــمة( والمه ـ ــاجرين "‪١٠٠) "Madurais‬ال ـ ــف‬ ‫نسمة( الذين جاؤوا مـن جزيـرة "مـادورا ‪) "Madura‬جزيـرة فقيـرة شـمال‬ ‫ٔ‬ ‫شرق جاوة(‪" :‬خالل ثالثة ايام حملنا ‪ ٧٥‬من رؤوس المادوريين وحرقنـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مــائتي منــزل‪ ".‬يقــول احــد الــداياك‪ .‬كانــت الحكومــة االندونيســية تتك ــتم‬ ‫ٓ‬ ‫عمــا كــان يجــري مــن مجــازر وحرائــق وافتراســات ادميــة بــين المجمــوعتين‬ ‫ٔ‬ ‫الع ــرقيتين‪ ،‬فيم ــا وق ــف ا ٕالع ــالم الغرب ــي مش ــدوها ام ــام مش ــاهد "قط ــاع‬ ‫ٔ‬ ‫الرؤوس" من بورنيـو‪ .‬كـان الـداياك يـذبحون اعـداءهم ويجمعـون الـدم فـي‬ ‫دن كبي ــر يتن ــاوبون الش ــرب من ــه‪ .‬ث ــم يقوم ــون بش ــق الجث ــث م ــن الظه ــر‬ ‫ٔ‬ ‫وانت ـزاع القلــوب‪ ،‬لكــن لــيس كــل جثــث المــادورين‪ :‬فقــط اولئــك الــذين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اظهـ ــروا بسـ ــالة خارقـ ــة اثنـ ــاء المعـ ــارك‪ ،‬فقـ ــط هـ ــؤالء يجـ ــب اسـ ــتخالص‬ ‫ٔ‬ ‫ارواحهم وتملكها‪ .‬كانت الرؤوس تجمع ويتم نقلها ٕالى القرية لالحتفـال‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امــا القلــوب واال كبــاد فتشــوى وتؤكــل بينمــا يلقــى ببــاقي الجثــث فــي النــار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لحرقها‪ .‬اكل من ذلك جميع اهالي الداياك بما في ذلك النساء واالطفـال‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫خــالل اربعــة اشــهر‪ .‬اعترفــت الســلطات الرســمية بجاكرطــا بحــوالي ‪٥٠٠‬‬ ‫ٓ‬ ‫ضحية‪ ،‬بينما قدرت ا ٕالحصاءات غير الرسمية العدد في حوالي ‪ ٤‬االف‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مـن اغــرب مـا وقــع مـن افتـراس ادمــي )جنـوب شــرق اسـيا ايضــا( مــا‬ ‫ٔ‬ ‫وقــع فــي بورمــا فــي نهايــة القــرن الماضــي‪ .‬تفاصــيل االحــداث انطلقــت مــن‬ ‫فرنسا يوم ‪ ١٨‬يناير ‪١٩٩٦‬م‪ ،‬عندما كان عامل مختبر للتصوير في بـاريز‬ ‫)‪ (Forum des Halles‬منكبــا علــى مراقبــة فــيلم )‪ (Pellicule‬قــدم لــه‬ ‫ٔ‬ ‫لتحميضه‪ ،‬لكنه لم يصدق ما كان يمر امامه على "الكليشيه" ٕالـى درجـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اصابته بالغثيان‪ .‬ففي الصور التي كانت تتالحق امامـه كانـت تمـر مجـزرة‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫بشعة وافتراس ادمي ابشع‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫في الصورة االولى كان يظهر شخصان )اسيويان( مكبالن ٕباحكـام‬ ‫ف ـ ــي وض ـ ــع القرفص ـ ــاء‪ .‬ث ـ ــم ظهـ ـ ـرا ميت ـ ــين ف ـ ــي الص ـ ــورة الثاني ـ ــة‪ ،‬وعل ـ ــى‬ ‫"الكليشيه" الموالي تم بقر بطنيهمـا‪ ،‬وفـي الصـورة المواليـة تـم اسـتخراج‬ ‫ٔ‬ ‫االحشاء وعزل الكبد والقلب عن الباقي‪ ،‬وكان صاحب الفيلم يبـدو علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاحدى هذه الصور وقد وضع رجله على عنق احد الضحايا لتثبيت الجثة‪.‬‬ ‫هــاتف صــاحب المختبــر الشــرطة التــي حضــرت وراقبــت الموقــف‪،‬‬ ‫وفي حـدود السـاعة السادسـة مسـاء حضـر شـاب فـي الخامسـة والعشـرين‬ ‫مــن العمــر يطالــب باســتعادة فيلمــه فــتم ضــبطه وتقديمــه لمركــز الشــرطة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اثن ــاء التحقي ــق تب ــين ان ــه مرت ــزق ك ــان ق ــد عم ــل م ــع ب ــوب دين ــار ‪Bob‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ Dinard‬في انقالب بجزر القمر – بعـد ان عمـل بـالجيش الفرنسـي وطـرد‬ ‫ٔ‬ ‫بسبب السرقة – كما عمـل مـع الميليشـيا الكرواتيـة فـي بوسـنيا‪ ،‬قبـل ان‬ ‫ٔ‬ ‫يــتم تجنيــده مــن طــرف ثــوار "كــارنز ‪ "Karens‬فــي برمانيــا‪ .‬امــا الضــحيتان‬ ‫علــى الفــيلم فهمــا مــن جنــود النظــام العســكري فــي "رانغــون ‪."Rangoon‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وعــن الصــور قــال المرتــزق‪" :‬نعــم لقــد اكلنــا كبــديهما‪ ،‬لكهــا عــادة ثاريــة‬ ‫ٔ ٔ ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫محليـة‪ ،‬وهـي شـائعة هنـاك‪ ،‬فـذلك يجعلـك اقـوى‪ ،‬وانـا اردت ان اجــرب‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫االمر واريه الصدقائي‪ .‬قطعا لم يكونوا ليصدقوني من دون الصور‪"...‬‬

‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫افتـراس ادمــي ثــاري يقــع جنــوب شــرق اســيا )بورمــا( ويــتم اكـتشــافه‬ ‫ٔ‬ ‫في قلب اوربا )باريز(‪ ،‬فهل هذا يعني تنزيه القارة العجوز عـن مثـل هـذه‬ ‫الممارسات؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫هذا ما ينفيه المالحظون اال لمان الذين يؤكدون ان احداثا مماثلـة‬ ‫ٓ‬ ‫م ــن الته ــام ادم ــي ش ــوهدت ف ــي البوس ــنة خ ــالل المج ــازر الص ــربية ف ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تسعينيات القرن ‪٢٠‬م‪ ،‬كانت حمى الثار واالنتقام تجثم وراءهـا‪ .‬وليتاكـد‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫مــرة اخــرى ان االوربــي ال يحتــاج دائمــا ٕالــى الرحيــل ٕالــى االخــر )المتخلــف(‬ ‫ٔ‬ ‫من اجل تقديم الدليل على "التوحش" و"الهمجية"‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٤‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫تتفق الكـثير من الشهادات على ان مجازر االفتراس االدمـي بـداعي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الثــار كانــت شــائعة فــي العديــد مــن المنــاطق االفريقيــة فــي فتـرات مختلفــة‬ ‫م ــن تاريخه ــا‪ .‬م ــن ب ــين ه ــذه الش ــهادات ش ــهادة ممث ــل الش ــركة الملكي ــة‬ ‫ٔالفريقيــا )ســنيلغراف ‪ ( W.Snelgrave‬الــذي حضــر ٕاحــدى هــذه المجــازر‬ ‫ٔ‬ ‫)في مطلع القرن ‪١٨‬م( ووصفها وصفا دقيقـا‪ ،‬حيـث ذكـر بانـه يـتم اقتيـاد‬ ‫الضـ ــحايا وتجمـ ــيعهم فـ ــي مكـ ــان معـ ــين‪ ،‬حيـ ــث تفصـ ــل رؤوسـ ــهم عـ ــن‬ ‫ٔ‬ ‫اجسادهم‪ .‬بعضهم كان يناهز الستين من العمـر‪ ،‬يقتـاد مكبـل اليـدين‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ثم يفصل الجالد راسه بضربة سيف واحدة‪ ،‬تحت نظر ٕاعجاب العشـيرة‬ ‫بقوتــه الخارقــة‪ .‬بعــد المجــزرة يكــون الــدم مــن نصــيب الــدكاكير ‪Fétiches‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫واال لهة‪ ،‬والرؤوس من نصيب الملك‪ ،‬بينما االجساد هـي حـظ الجمهـور‪.‬‬ ‫)‪. (Snelgrave, p. 50‬‬ ‫ٓ‬ ‫نفـس الفظاعــة والوحشـية‪ ،‬يقصــها علينـا شــاهد عيـان اخــر )نخــاس‬ ‫" الــذي ‪ٕ Robert Norris‬انجليــزي مــن القــرن ‪١٨‬م( هــو "روبيــر نــوريس‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫حضــر العــادات االحتفاليــة الخــر ايــام الســنة بمملكــة الــداهومي‪ ،‬والتــي‬ ‫ٔ‬ ‫يتراسـها الملـك وحاشـيته‪ ،‬حيـث يختـتم االحتفـال ٕبالقـاء عـدد مـن البشــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)االضــاحي( ٕالــى التماســيح المفترســة لتمــزيقهم والتهــامهم‪ ،‬لكــن اال كـثــر‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫فظاعــة هــو ان االهــالي ينافســون التماســيح علــى افتـراس رؤوس الضــحايا‪.‬‬ ‫‪(Robert Norris, Memoirs of the reign of Bossa-Ahadee :‬‬ ‫‪with an account of ajourney to Abomey, in‬‬ ‫… )‪1772,londres,1789) (Trad. Paris,1790‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫وفــي غــرب افريقيــا الســوداء‪ ،‬يــذكر شــاهد عيــان اخــر‪ ،‬انــه كــان مــن عــادة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫" تق ـ ــديم الق ـ ـرابين البش ـ ــرية م ـ ــن االع ـ ــداء ف ـ ــي ‪Agadja‬مل ـ ــك "اكادج ـ ــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المناسبات‪ ،‬لكنه ال ياكل من لحومها‪ ،‬بـل يتـرك مهمـة االفتـراس الهـالي‬ ‫‪(W.Snelgrave, A full account of somepart of Guiea‬المنطقـة‪.‬‬ ‫‪and the slave trade)(Voyage sur la cote du Dahomey en‬‬ ‫ٔ‬ ‫وهـي عـادة طبقهـا ايضـا …‪1727); Trad. Amstrdam, 1785, p. 29‬‬ ‫الــذي كــان يقتــل مــا بــين ‪ ٤٠٠‬و‪ ٥٠٠‬مــن ٔاعدائــه ‪Bénin‬ملــك بنــين‬ ‫ٔ‬ ‫عند حلول مناسبة اعتالئه العرش‪ ،‬اي بمعدل ‪ ٢٣‬فردا في اليـوم‪ .‬انظـر‪:‬‬ ‫‪O.Dapper, Description de l’Afrique: Complication‬‬ ‫‪géographique. Trad. Amstrdam,1686, p.110-112.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫هــذه نمــاذج فقــط عــن شــعوب افريقيــة مارســت االفتـراس االدمــي‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫شـعوب كـان االنتروبولـوجي فريـزر ينعتهـا بالهمجيـة‪ ،‬ويسـتهجن ان تعقـد‬ ‫ٔ‬ ‫ـرة ٔ‬ ‫بينهــا وبــين اوربــا "المتحضـ " ادنــى مقارنــة‪ ،‬بــل ٕان مجــرد التفكيــر فــي‬ ‫هذه المقارنة "مقلق وخطير" )انظر مفهوم االفتراس" من هذه الدراسـة(‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫والواقع ان اكل اللحوم البشرية‪ ،‬لـداعي الثـار او لغيـره‪ ،‬لـيس حكـرا علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫شــعوب دون اخــرى‪ ،‬لــيس هنــاك شــعوب "متحضــرة" واخــرى "همجيــة"‬ ‫ٔ‬ ‫ب ـ ــالمعنى ال ـ ــذي قص ـ ــده فري ـ ــزر‪ .‬ك ـ ــل الش ـ ــعوب "همجي ـ ــة"‪ ،‬واورب ـ ــا ف ـ ــي‬ ‫ٓ‬ ‫مق ــدمتها‪ٕ ،‬اذا ك ــان ال ــدليل عل ــى ه ــذه الهمجي ــة ه ــو "االفت ـراس االدم ــي"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وليس ــت النص ــوص ه ــي م ــا يعوزن ــا لتوكي ــد ه ــذه ال ــدعوى‪ ،‬ول ــتكن اول ــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االمثلة عن اوربا "المتحضرة"‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫كونــت بيينــا ‪ Le comte de la Pena‬مارشــال انكــر ‪، Ancre‬‬ ‫ٔ‬ ‫وال ــوزير االول للملكي ــة الفرنس ــية المع ــروف بكونتش ــيني ‪ Concini‬ك ــان‬ ‫محميا من طـرف مـاري دي ميديتشـي ‪ ، Marie de Médicis‬رغـم بغـض‬ ‫الجميع له‪) :‬النبالء والعامة(‪ٔ .‬امر لـويس ‪ Louis XIII‬قائـد حرسـه فيتـري‬ ‫‪ Vitry‬بقتل ـ ــه‪ ،‬لك ـ ــن قتل ـ ــه ل ـ ــم يش ـ ــف غلي ـ ــل المنتقم ـ ــين ال ـ ــذين ق ـ ــاموا‬ ‫ٔ‬ ‫باستخراج جثته وانتزاع القلب منها وشوائه ثم تقطيعه واكله‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اح ـ ـ ـ ـ ـ ــداث افتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراس مماثل ـ ـ ـ ـ ـ ــة وقع ـ ـ ـ ـ ـ ــت خ ـ ـ ـ ـ ـ ــالل االيلولي ـ ـ ـ ـ ـ ــات‬ ‫‪) Septembrisades‬مــذابح ‪٦-٢‬شــتنبر ‪١٧٩٢‬م( عنــدما قــام الثــوار بــذبح‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الــف شــخص مــن االرســتقراطيين وانصــار الملكيــة‪ ،‬ثــم افترســوا قلــوبهم‬ ‫ٔ‬ ‫واكبادهم وغمسوا الخبز في دمائهم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مـن اشــهر مـا ســجلته النصــوص فـي هــذا الصـدد )االيلوليــات( قصــة‬ ‫مـاري تيريـز لـويز ‪، Marie-Thérèse Louise de Savoie Carignan‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اميــرة المبــال ‪ ،Lambale‬التــي قتلــت بضــربة مــن مطرقــة قبــل ان يقطــع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫راسها بسكين جـزار‪ ،‬كمـا قطعـت اعضـاؤها الجنسـية ونهـداها‪ ،‬با ٕالضـافة‬ ‫لقلبها الذي تم نهشه بوحشية‪.‬‬ ‫وفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ثـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورة ‪١٨٤٨‬م ٕبايطاليـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ :‬يحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي دي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاريكورت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪ DE Maricourt‬بانـه راى رجلـين مـن صـقلية ينهشـان قلـب احـد سـكان‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫نــابلي‪ ،‬كمــا يــذكر ‪ Briene Boismond‬ان احــد الجرحــى مــن البييمونــت‬ ‫ٔ‬ ‫لم يكـف عن طلب قطعة لحم احد الحرس الوطني المدرج في دمائه‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫االفتراس من اجل راب صدع‪ ،‬رفع ظلم‪ ،‬مسـح ٕاهانـة… قـد ينظـر‬ ‫ٔ‬ ‫ل ــه داخ ــل بع ــض المجموع ــات‪ ،‬احيان ــا‪ ،‬نظ ــرة س ــلبية‪ ،‬لكنه ــا ليس ــت‬ ‫ٔ‬ ‫قدحية ابـدا‪ .‬بـل كـثيـرا مـا نجـدها محبـذة تشـجع عليهـا الثقافـة االجتماعيـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫نفسها‪ ،‬فاالمر ليس مخجال بتاتا‪ .‬االفتراس ثارا غالبا ما كان يمارس باوربا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الكالســيكية بــانتزاع القلــب واكلــه )تضــاف لــه احيانــا االعضــاء التناســلية(‬ ‫باعتباره محركا للحياة‪ ،‬ورمز الرغبـات ا ٕالنسـانية‪ .‬ابـتالع القلـب يعنـي ٕاذن‬ ‫التدمير التام للعدو‪ ،‬محوه من الذاكرة نهائيا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االفتراس ثارا تعبير عن غضـب‪ ،‬جمـاعي او فـردي‪ ،‬بهـدف تحقيـق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اكبــر قــدر مــن ا ٕالح ـراج للعــدو بتحويلــه ٕالــى حالــة "اللحــم"‪" :‬ساســحقك‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫سـحقا والتهمـك نيـا" عبـارة قالهـا اشـيل ‪ Achille‬لهطـور ‪ Hector‬باوربـا‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫الكالس ــيكية وكرره ــا بع ــد ثالث ــة االف س ــنة اح ــد الزعم ــاء الكونغـ ــوليين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫للمستكشف برونـاش ‪ٕ " :Brunache‬انـه المـر ممتـع ان يتلـذذ المـرء بلحـم‬ ‫ٔ‬ ‫شـ ــخص يكرهـ ــه‪ ".‬فهاهنـ ــا تسـ ــتوي اوربـ ــا "المتحضـ ــرة" ببـ ــاقي الشـ ــعوب‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"البدائية"‪ :‬ففي افريقيا كما في اوربا‪ ،‬وفي اسيا كمـا فـي امريكـا‪ ،‬يسـتوي‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫الجميع‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬امام شواهد "االفتراس االدمي"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫قبائل "تيبينامبـا ‪ "Tupinamba‬البرازيليـة التـي درسـها طـويال "ا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ميترو ‪ "A. Metraux‬الحظ ان اسلوب حياتها يعتمد على الحرب‪ ،‬وانهـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫غالبــا مــا تحــارب مــن اجــل اســر اعــدائها‪ ،‬اكـثــر منهــا مــن اجــل قــتلهم‪ :‬اي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عــدو يقتــل فــي المعركــة كــان يــتم اكلــه حــاال‪ ،‬امــا االســرى فيصــبحون فــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ملــك مــن ياســرهم‪ ،‬قبــل ان يــتم " ٕادمــاجهم" ضــمن القبيلــة‪ .‬الكبــار فــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الس ـ ــن – م ـ ــن االس ـ ــرى – ينبغ ـ ــي اال تط ـ ــول م ـ ــدة ٕاق ـ ــامتهم‪ٕ ،‬اذ ينبغ ـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫التعجيــل بــاكلهم‪ ،‬فيمــا يتــرك الفتيــان والشــباب لمــدة قــد تصــل ‪ ٢٠‬ســنة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٕالــى جانــب زوجــاتهم‪ .‬يفســر "التيبينامبــا" ســلوكهم بــان الثــار ال يكـتمــل‬ ‫ٔ‬ ‫ويصــبح نــاجزا مــن دون هــذه ا ٕالج ـراءات‪ٕ ،‬انهــم ال يــاكلون بعضــهم بعضــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ابــدا‪ ،‬وينعتــون االســرى "باالصــهار"‪ ،‬حتــى يميــزوا بــين االشــخاص الــذين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تربطهم بهم روابط دموية‪ ،‬وبين الغرباء اضاحي المستقبل‪ .‬يرتبط الثـار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ايض ــا‪ ،‬ل ــديهم‪ ،‬بالتع ــاليم الديني ــة الج ــل راح ــة موت ــاهم‪ ،‬فال ــذي يقت ــل‬ ‫ٔ‬ ‫الضــحية عليــه ان يخضــع لعمليــة تطهيــر حتــى يــتم حمايتــه مــن الغضــب‬ ‫الــذي قــد تنزلــه بــه الــروح المنفلتــة منهــا‪ ،‬ويتضــمن طقــس التطهيــر تغييــر‬ ‫االسم‪ ،‬تماما كما نجد عند هنود "كواياكي"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بامريكـ ــا الشـ ــمالية هنـ ــود "الكـ ــونكين ‪ "Algonquins‬و"هيـ ــرون‬ ‫‪ "Huerons‬و"ك ــري ‪ "Crees‬و" ٕايروك ــوا ‪ "Iroquois‬كله ــا قبائ ــل عرف ــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫االفتـ ـ ـراس االدم ـ ــي الخ ـ ــارجي ‪ ، Exocannibalisme‬لكنه ـ ــا ال تاك ـ ــل ٕاال‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٥‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االعــداء الــذين يقتلــون فــي ســاحة المعركــة‪ ،‬امــا االســرى فيــدمجون ضــمن‬ ‫هذه القبائل‪ .‬هكذا يتم االنتقام للقتلى ويتم تعويضهم لتكـثير الجماعة‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ل ـ ــدى "االزتي ـ ــك ‪ "Aztèques‬ك ـ ــان "االفتـ ـ ـراس االدم ـ ــي" يش ـ ــحن‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫بحمول ــة ديني ــة‪ ،‬حي ــث يق ــدم االف االع ــداء للتض ــحية به ــم عن ــد اق ــدام‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اال لهة‪ ،‬ثم يقوم االهالي بالتهامهم ظنا منهم ان ذلك يقربهم من اال لهة‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فــي العــالم ا ٕالس ــالمي ايضــا وقعــت احــداث افت ـراس ادمــي بــداعي‬ ‫ٔ‬ ‫الثــار‪ ،‬منهــا مــا حــدث فــي فتنــة قرطبــة‪ ،‬التــي دارت رحاهــا ســنة ‪٤٠١‬ه ‪-‬‬ ‫زمــن هشــام المؤيــد ب ــاهلل ‪ -‬عنــدما حاص ــر البربــر المدين ــة حصــارا شــديدا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"حتى اكل الناس الدم من مذابح البقر والغنم واكلوا الميتة‪ ...‬وكـان قـوم‬ ‫ٔ‬ ‫فــي الســجن فمــات مــنهم رجــل فــاكلوه‪ .‬ومــع هــذه المحــق فشــرب الخمــر‬ ‫ظاهر والزنا مباح واللواط غير مستور وال تـرى ٕاال مجـاهرا بمعصـية‪) ".‬ابـن‬ ‫عذاري‪ ،‬ج‪ .‬ص‪(١٠٧.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ال شـ ـ ــك ان اكـ ـ ــل اللحـ ـ ــم البشـ ـ ــري هنـ ـ ــا م ـ ـ ـرتبط بضـ ـ ــائقة هـ ـ ــؤالء‬ ‫المســاجين ‪ ،‬فمــن يلتفــت ٕالــيهم والمجاعــة والنهــب ّعمــا شــوارع قرطبــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وازقته ــا‪ ،‬وس ــط ق ــوم ال يمي ــزون ب ــين ح ــالل او ح ـ ـرام‪ ،‬ب ــين مق ــدس او‬ ‫ٔ‬ ‫مدنس‪ ،‬حتى جامع الزهراء احرقـوه ونهبـوا "مـا بقـي مـن قناديلـه وصـفائح‬ ‫ٔ‬ ‫ابوابـ ــه ومنبـ ــره وحصـ ــره‪) ".‬نفسـ ــه‪ ،‬ص‪ (١٠٧.‬فالمجاعـ ــة قـ ــد تبـ ــرر كـ ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ســلوك‪ ،‬لكــن مــا راينــا فــي جملــة فرســان قرطبــة الــذين اغتنمــوا غفلــة مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بعــض البربــر فاصــابوا احــد قــادتهم ‪ -‬حباســة بــن ماكســن ‪ -‬واخــذوه اســيرا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"فلما عرفوه )اي مكانته( قتلوه وقطعوه وتهـادوا لحمـه فـاكلوه‪) ".‬نفسـه‪،‬‬ ‫ص‪(١١٢.‬‬ ‫ٔ‬ ‫تبــدو العناصــر المــؤطرة لرمــز الثــار‪ ،‬مبــدئيا مــن خــالل النصــوص‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫التي عرضناها‪ ،‬تزاوج بين النفساني واالجتماعي في نفـس االن‪ ،‬دون ان‬ ‫ٔ‬ ‫يفهـ ـ ـ ــم مـ ـ ـ ــن قولنـ ـ ـ ــا اننـ ـ ـ ــا نوافـ ـ ـ ــق علـ ـ ـ ــى تعريفـ ـ ـ ــات ‪ R.Dahl‬للضـ ـ ـ ــابط‬ ‫السيكوسوسيولوجي )انظـر‪.( The concept of power, Paris, 1957 :‬‬ ‫ٔ‬ ‫فمشروعنا في الحـديث عـن رمـز "الثـار" يسـعى فقـط ٕالـى مالمسـة "الرمـز"‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫من الخارج باعتباره ظاهرة مشدودة للواقع البرانـي او الثقافـة اوال‪ ،‬وثانيـا‬ ‫محاولــة االنجــذاب ٕالــى الــداخل‪ ،‬للتعــرف علــى نفــس "الرمــز" لكــن مــن‬ ‫ٔ‬ ‫خالل تفاعالت الجواني او الحالـة النفسـانية للفـرد‪/‬المجتمـع‪ .‬هـذا كـل مـا‬ ‫قصدناه من ٕاثارتنا للضابط السيكوسوسيولوجي‪ ،‬حتى ال نتيه فـي نقـاش‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ادبي او فلسفي هذا ليس محله‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫عل ـ ــى ان ه ـ ــذا االحتي ـ ــاط المب ـ ــدئي ال يمنعن ـ ــا م ـ ــن االنط ـ ــالق م ـ ــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عبارتين ادبيتين‪/‬فلسفيتين تترددان كـثيرا عند الحديث عـن رمـز "الثـار"‬ ‫هم ــا‪" :‬راح ــة االنتق ــام" و"ع ــذاب االنتق ــام"‪ ،‬فكي ــف تتس ــاكن "الراح ــة"‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫و"الع ــذاب" ف ــي نف ــس الكي ــان؟ اف ــال يك ــون ذل ــك مج ــرد س ــهو ادب ــي او‬ ‫انتقائيــة فلســفية لشــعور واحــد يصــعب تحديــده بســبب اعتمــال مشــاعر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مضطربة اغفل تحديدها بداهة في القراءات االدبية – الفلسفية؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ربما‪ ،‬لكن لنذكر اننا هنا ال نحلل متعة النوم او لذة الجـنس‪ ...‬وال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الم الفـراق او مـرارة الهزيمـة‪ ...‬نحـن نحلـل موضـوعا علـى درجـة عاليـة مـن‬ ‫ٓ‬ ‫الحساسية هـو "افتـراس اللحـم االدمـي"‪ ،‬لـذلك ف ٕـان المشـاعر هنـا – رغـم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تنابــذها – قــد تمتــاز بنــوع مــن التطــرف‪ :‬لــيس اال لــم هــو نفــس اال لــم‪ ،‬وال‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اللذة هي ذاتها في جميع الحاالت‪ .‬اكيد ان هناك مستويات في الشـعور‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يصعب – وربما يستحيل – قياسها وضبطها رياضيا او ٕاحصـائيا او حتـى‬ ‫ٔ‬ ‫سريريا‪ ،‬لكننا نؤمن بصورة قطعية بتفاوت مسـتويات الشـعور‪ :‬ان يصـل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بك الحقد‪ ،‬او الغل‪ ،‬او الكراهية‪ ...‬حد قتل العـدو‪ ،‬فهـذا مسـتوى‪ ،‬وان‬ ‫ٓ ٔ ٔ‬ ‫يصل بك حد التمثيل به ‪ ،‬فهذا مستوى اخر‪ ،‬اما ان يصـل الشـعور حـد‬ ‫ٔ‬ ‫القتل وتوزيع اللحم واكله وتهاديه‪ ،‬فهذا مستوى ثالث يفوق التصور؟‬

‫ٔ‬ ‫تفكيك مستويات هذا الشعور المـزدوج )اللـذة‪/‬اال لـم( يحـتم علينـا‬ ‫ٔ‬ ‫مب ــدئيا الت ــذكير بم ــدلول "الث ــار" باعتب ــاره الق ــوة الناب ــذة المؤدي ــة لفع ــل‬ ‫"االفتراس" في حالتنا هنا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫كـ ـ ــم ه ـ ـ ــو س ـ ـ ــهل ه ـ ـ ــذا الت ـ ـ ــذكير ف ـ ـ ــي مسـ ـ ــتواه اللغ ـ ـ ــوي او حت ـ ـ ــى‬ ‫ا ٕاليتيمولــوجي‪ ،‬كــم هــو صــعب فــي داللتــه النفســانية واالجتماعيــة )راجــع‬ ‫م ــا س ــجلناه بخص ــوص رص ــد المفه ــوم(‪ .‬فــابن منظ ــور ال ــذي اقت ــرح علين ــا‬ ‫ٔ‬ ‫مصدر ثار وثؤرة‪ :‬بمعنى الطلـب بالـدم وغيـره‪)...‬لسـان العـرب‪ ،‬دار الكـتـب‬ ‫ٔ‬ ‫العلمي ــة‪ ،١٩٩٢ ،‬ج‪ ،٤.‬ص‪ (...٩٧.‬يتي ــه بع ــد ذل ــك فيكـت ــب اكـث ــر م ــن‬ ‫صــفحتين لرصــد الشــعور‪ .‬هــذا رجــل لغــة وال ينبغــي ٕازعاجــه بمــا لــم يؤتــه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫حــول موضــوع تحيــر فيــه انتربولــوجي متمــرس مثــل جلنــر‪Gelner, ) .‬‬ ‫‪Ernest, Pouvoir politique et fonction religieuse dans‬‬ ‫‪l’islame marocain, Annales, E.S.C, Mai – Juillet 1970,‬‬ ‫‪. ( pp.706-707‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الثار ناتج‪ ،‬او متولد‪ ،‬عن شعور عميق يمزج بين الغضب واال لم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان ــه عملي ــة جراحي ــة نفس ــانية رهيب ــة ٕالزاح ــة "ورم خبي ــث" ه ــو "اال ل ــم"‬ ‫ٔ‬ ‫وزراعــة "ورم حميــد" هــو "اللــذة"‪ :‬اال لــم يـرتبط بالعــذاب النفســي الــداخلي‬ ‫ٔ‬ ‫المتواص ــل المـ ـرتبط ب ــدوره بس ــلوك ع ــدواني )م ــادي او معن ــوي( مس ــبق‬ ‫ٔ‬ ‫تجـاه مــن ارتكـب فــي حقـه الســلوك العـدواني‪ .‬لــذلك يظـل اال لــم الــداخلي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يعتصــره‪ ،‬يــنهش بعضــه بعضــا‪ٕ ،‬الــى ان تحــين لحظــة الثــار ليتحــول اال لــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالــى لــذة عبــر ممارســة انتقاميــة )ماديــة او معنويــة ايضــا( فيتحــول العــذاب‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالى راحة‪ .‬وكما يمكن ان يكون هـذا الشـعور حالـة خاصـة متفـردة )تخـص‬ ‫ٔ‬ ‫الفرد( يمكن ان يكون ظاهرة عامة متكـثرة )تهم كل الجماعة(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫هذا فيما يتعلـق بفحـوى "الثـار" باختصـار شـديد‪ ،‬امـا فيمـا يتعلـق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بم ـ ــا اس ـ ــميناه "مس ـ ــتويات الش ـ ــعور" المتص ـ ــلة ب ـ ــه )راح ـ ــة او ع ـ ــذابا(‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫فالظــاهر‪ ،‬مــن خــالل موضــوع االفتـراس االدمــي‪ ،‬اننــا امــام اشــد الهويــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫تطرفــا كمــا ســبق ان المحنــا‪ .‬يشــهد علــى ذلــك ان اللوحــات التــي عرضــتها‬ ‫علينا المصادر‪ ،‬في هذا الباب‪ ،‬تتقاطع فيما بينها في التشديد علـى الجـو‬ ‫المشحون‪ ،‬والمريع‪ ،‬لظرفيـة االفتـراس كعامـل نفسـاني‪/‬جمـاعي مؤسـس‬ ‫ٔ‬ ‫للفعــل‪ .‬كمــا تتقــاطع ايضــا فــي التنصــيص‪ ،‬ضــمنيا‪ ،‬علــى الســند الثقــافي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫للجماع ــة المفترس ــة – اي الث ــار كس ــلوك اجتم ــاعي يق ــع حول ــه ن ــوع م ــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالجمـ ــاع او شـ ــبه ا ٕالجمـ ــاع علـ ــى االقـ ــل – وشـ ــاهدنا علـ ــى ذلـ ــك هنـ ــا ان‬ ‫ٓ‬ ‫االدمــي‪/‬الفريســة‪ ،‬كــان يقتــل‪ ،‬فــي جميــع الشــهادات التــي ذكرناهــا‪ ،‬قبــل‬ ‫ٔ‬ ‫ان يتم افتراس لحمه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫لكن كيف يتاتى تساكن "العذاب" و"الراحة" في ذات واحدة؟‬ ‫ٔ‬ ‫من يتفرس في الجزئيات المرتبطـة بطالـب الثـار‪ ،‬يتوقـف وال شـك‬ ‫عنــد محطتــين ٔاساســيتين فيــه‪ٔ ،‬اي االطــار المـ ّ‬ ‫ـوطن لمشــاعر "العــذاب"‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫و"الراح ــة"‪ٕ .‬اذ ان مراقب ــة ه ــذا ا ٕالط ــار‪ ،‬فيم ــا نعتق ــد‪ ،‬تجعلن ــا نتب ــين ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ص ــيغة الســؤال كم ــا طرحناهــا اوال‪ ،‬واعــدنا طرحه ــا هنــا‪ ،‬فيه ــا نــوع م ــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التضــليل الكالمــي‪ ،‬او المغالطــة باســلوب المناطقــة‪ ،‬وهــو امــر لــم ننتبــه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاليـه عنـدما عـ ّـن لنـا التسـاؤل اول مــرة‪ٕ .‬اذ ان لفـظ "التسـاكن" هنــا هـو فــي‬ ‫ٔ‬ ‫غي ــر محل ــه‪ ،‬وال ــذي دلن ــا عل ــى ذل ــك محطت ــان اساس ــيتان ف ــي موض ــوع‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫"الثار"‪ .‬الن اال لم‪/‬التوتر‪ ،‬واللـذة‪/‬الراحـة فـي واقـع الحـال ليسـا متـزامنين‬ ‫ٔ‬ ‫حتــى يــتم مفعــول التســاكن‪ ،‬بــل متعــاقبين متــواليين‪ .‬اي ليســت هنــاك‬ ‫ٓ‬ ‫مجابهة مكشوفة بين شعورين متناقضين‪ ،‬فـي نفـس االن‪ ،‬داخـل نفـس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"الــذات"‪ .‬ذلــك ان النهايــة الفعليــة للشــعور االول )اال لــم( تمثــل البدايــة‬ ‫الحقيقيــة للشــعور الثــاني )اللــذة(‪ ،‬والــذي حقــق هــذه النقلــة البينــة بــين‬ ‫الشعورين في موضوعنا هو فعل االفتراس‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٦‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاذا امكنن ــا اس ــتيعاب ه ــذا التص ــور‪ ،‬س ــهل علين ــا ٕادراك ان بداي ــة‬ ‫ٔ‬ ‫النهايـ ـ ـ ــة لشـ ـ ـ ــعور اال لـ ـ ـ ــم تحـ ـ ـ ــددت مـ ـ ـ ــع بدايـ ـ ـ ــة لحظـ ـ ـ ــة تحقـ ـ ـ ــق فعـ ـ ـ ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الث ــار‪/‬االفت ـراس‪ ،‬الن ــه يفت ــرض بعــد ذل ــك ان تستســلم ذات "المفت ـ ِـرس"‬ ‫لمفعـول اللـذة وبالتـالي الراحـة‪ ،‬حتـى و ٕان ظلـت بعـض المشـاعر القديمــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)اال لم‪/‬التوتر( قابعة في االعماق‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫لكن ٕاذا كان افتراس اللحوم االدمية ينسجم مـع ثقافـة العديـد مـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الشــعوب التــي تناولناهــا بالتحليــل‪ ،‬كحالــة القبائــل االفريقيــة واالمريكيــة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بل وبعض النماذج المقدمة عـن المثـال االوربـي ايضـا‪ ،‬اي ان المنظومـة‬ ‫الثقافية لهذه الشعوب ال تتناقض مع سلوك االفتراس لديها‪ٕ ،‬فانـه يتعـذر‬ ‫علينــا‪ ،‬عمليــا‪ ،‬فهــم حالــة البربــري حباســة بــن ماكســن‪ ،‬عــن النمــوذج‬ ‫ا ٕالسالمي‪ .‬فالرجل هنا ليس كافرا حربيا وال مسلما مرتـدا وال زانيـا محصـنا‬ ‫ٔ‬ ‫)وهي الحاالت التي يبـيح فيهـا الشـارع ا ٕالسـالمي اكـل اللحـم البشـري عنـد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الضـ ــرورة(‪ ،‬اي ان قتلـ ــه‪ ،‬فضـ ــال عـ ــن اكلـ ــه‪ ،‬ال يسـ ــتقيم مـ ــع المنظومـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫الثقافيــة ا ٕالســالمية بــل منــاف لهــا النهــا تحــرم مثــل هــذا الســلوك حتــى فــي‬ ‫ٔ‬ ‫حالــة الضــرورة القصــوى وهــي حالــة المجاعــة‪ .‬اكـثــر مــن ذلــك فالفرســان‬ ‫ٔ‬ ‫ال ــذين افترس ــوا لحم ــه‪ ،‬ه ــم "فرس ــان" اي مق ــاتلون عل ــى ظه ــور الخي ــل‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫بمعنــى اخــر مــا زال عنــدهم بعــض مــا يــاكلون‪ ،‬الن الخيــل ‪ٕ -‬ان كنــت ال‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ت ــدري ‪ -‬اول ــى م ــن اك ــل االدم ــي‪ .‬ال يبق ــى امامن ــا ٕاذن ٕاال اس ــتنتاج واح ــد‬ ‫ٔ‬ ‫ووحيـ ــد هـ ــو ان هـ ــذه الحالـ ــة تعبـ ــر عـ ــن مسـ ــتوى متطـ ــرف فـ ــي الشـ ــعور‬ ‫بالكراهي ــة وا ٕالمع ــان ف ــي االنتق ــام‪ ،‬ن ــود مقارنته ــا بحادث ــة مش ــابهة ‪ -‬عل ــى‬ ‫مســتوى الشــعور ‪ -‬ذكرتهــا كـتــب الســيرة )ابــن هشــام وصــحبه( وهــي نازلــة‬ ‫ٔ‬ ‫هند بنت عتبة )يوم احد( التـي شـقت صـدر حمـزة بـن عبـد المطلـب )عـم‬ ‫النبي( وانتزعت كبده ومضغتها فلـم تستسـغها فلفظتهـا )انتقامـا ممـا كـان‬ ‫قد فعله بعائلتها يوم بـدر(‪ :‬فـوراء حادثـة قرطبـة ا ٕالسـالمية تتـراءى حادثـة‬ ‫ٔ‬ ‫قــريش الجاهليــة‪ ،‬والرمــز الــدافع فــي الحــادثتين معــا هــو "الثــار" مــع مــا‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ترتب عنه من اختيار متجرد صاف ال يداخله اي رمـز اخـر‪ .‬مـع التنصـيص‬ ‫ٔ‬ ‫هنــا علــى ان موقــف هنــد موقــف شخصــي متفــرد ال كــت الكبــد ثــم لفظتهــا‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وحتى القاتل "وحشي" اشاح بوجهه عنها استهجانا‪ ،‬بينما موقف سـكان‬ ‫قرطبــة موقــف جمــاعي متكـثــر متفــاحش‪ :‬قتلــوا الرجــل‪ ،‬ثــم وزعــوا لحمــه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وافترسوه‪ :‬فهل نعتبر اهل قرطبة‪ ،‬والحالة هاته‪ ،‬اكـثـر جاهليـة مـن هنـد‬ ‫بنت عتبة؟‬ ‫ﻣﻼﺣﻖ‬

‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‪:‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻀﻐﻂ اﻟﻤﺠﺎﻋﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻻﻓﺘﺮاس اﻵدﻣﻲ‬

‫ المجاعة‪.‬‬ ‫ ضغط الحاجة )حالة الجوع(‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ افتراس االدمي بداعي المجاعة )شهادات من حولنا(‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ االفتراس االدمي‪ :‬التفاتة ٕالى زمن مضى‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺠﺎﻋﺔ‬

‫ٔ‬ ‫المجاعــة‪ :‬نقــص حــاد فــي المــواد الغذائيــة نــاتج اساســا عــن ظــروف‬ ‫ٔ‬ ‫طبيعي ــة او بشـ ــرية )كالجفـ ــاف والحـ ــروب‪ ،(...‬وينـ ــتج عنـ ــه حـ ــاالت مـ ــن‬ ‫السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقام ‪ Cachexie‬والتنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادر ‪ Kwashiorkor‬والالحيمينيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫‪ . Avitaminose‬وهو )الجوع( ٕان طال يؤدي ٕالى الوفاة‪.‬‬ ‫‪(Petit Larousse de la médecine, 1994) .‬‬ ‫ﺿﻐﻂ اﻟﺤﺎﺟﺔ‪ :‬ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻮع‬

‫م ــا ال ــذي تعني ــه"الحاج ــة" بالنس ــبة لظ ــاهرة معق ــدة )بتضاريس ــها‬ ‫الفيزيولوجية ‪ /‬النفسانية ‪ /‬االجتماعية( كالظاهرة "البشرية"؟‬ ‫صـياغة جـواب مقنــع بـالتعريف "الحـدي" المتــداول عنـد المناطقــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يبـ ــدو بعيـ ــد المنـ ــال‪ ،‬او عسـ ــير المالمسـ ــة علـ ــى االقـ ــل‪ ،‬فهـ ــذه الظـ ــاهرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫المعقــدة – ا ٕالنســان – والنهــا معقــدة بالــذات تســتدعي استحضــار اليــات‬ ‫ٔ‬ ‫عديــدة متراصــة مركبــة‪ ،‬مــن البيولوجيــة ٕالــى النفســانية‪ ،‬مــن اجــل تحديــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫قسمات هذا المبهم الماسي‪ٕ .‬اذ اي تفسير يمكن ان نقدمـه ٕالقنـاع انفسـنا‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫قبــل ان نقنــع االخــرين حــول "ضــروري" يبــدو لفــرط ضــرورته فائضــا عــن‬ ‫ٓ‬ ‫كل تفسير‪ ،‬محتاجا لكل تفسير‪ ،‬في نفس االن؟‬ ‫مـا يبـدو "حاجـة" عنـد الــبعض‪ ،‬يصـبح "فائضـا عـن الحاجـة" لــدى‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫بع ــض اخ ــر‪ ،‬فكي ــف يـ ـزاوج الش ــيء ب ــين معن ــاه ونقيض ــه؟ لنب ــدا تلم ــس‬ ‫ٔ‬ ‫عناص ــر ا ٕالجاب ــة م ــن عناص ــر االس ــئلة‪ ،‬م ــن البداي ــة ٕاذن‪ ،‬لك ــن بطريق ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مختلفة عن الطرح االول كما بداناه‪.‬‬ ‫يحتــاج ا ٕالنســان ٕالــى الهــواء‪ ،‬يحتــاج ٕالــى لمســة حنــان‪ ،‬يحتــاج ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫كلم ــة طيب ــة‪ ...‬باس ــتطاعتنا ان نس ــتخرج قائم ــة‪ ،‬مفتوح ــة‪ ،‬بمس ــتويات‬ ‫متباينــة مــن حيــث الماهيــة ال تجمــع بينهــا ٕاال هــذه "الحاجــة" التــي نحــن‬ ‫بصــدد البحــث عــن ماهيتهــا‪ٕ .‬اذ يمكــن ٔان نــذيل قائمتنــا بســؤال مركــزي‬ ‫ٔ‬ ‫اخي ــر‪ :‬م ــا ال ــذي يجم ــع ب ــين الحاج ــة ٕال ــى ح ــك الجل ــد والحاج ــة لرخص ــة‬ ‫السياقة مثال؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يبــدو انــه لــيس ٕبامكاننــا تحاشــي هــذا النــوع مــن االســئلة‪ ،‬حتــى لــو‬ ‫ٔ‬ ‫تعمدنا ذلك‪ ،‬النه سيفاجئنا – في سخرية ولؤم – في مكان ما‪ ،‬فـي كـل‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ ف ــي ين ــاير ‪١٩٦٢‬م‪ ،‬ف ــي كونغول ــو ‪ ،Kongolo‬ش ــمال كاتنغ ــا‬ ‫ٔ‬ ‫‪) Katanga‬بـ ـ ــالزايير( هـ ـ ــاجم عـ ـ ــدد مـ ـ ــن االهـ ـ ــالي ‪ ١٩‬مبش ـ ـ ـرا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واكلوهم النهم سمموا افكار شبابهم‪.‬‬ ‫ وفي يناير ‪١٩٥٦‬م‪ ،‬قام المدعو نـدجومبو ‪ N’Djombo‬المقـيم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بكينشاسا باكل ابن اخيه عقابا له على ٕاغواء زوجته‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ في ابريل ‪١٩٦٠‬م‪ ،‬وبمدينة القاهرة قام منير مهني بقتـل اختـه‬ ‫الصغرى التي فرطت في شرفها‪ ،‬طعنها بسـكين ثـم شـرب دمهـا‬ ‫ليطهر شرف العائلة‪.‬‬ ‫ في مونتريال ‪) Montréal‬مارس ‪١٩٥٢‬م( قام صاحب مخبـزة‬ ‫ٕباعــداد وجبــة خاصــة ضــحيتها مــوزع الخبــز العامــل عنــده الــذي‬ ‫ضبطه وهو يغازل زوجته على الهاتف‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وهنــاك شــواهد تثبــت ان االفت ـراس بــداعي الثــار اســتمر ٕالــى غايــة‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٨٨٨‬م بجــزر "المركيــز ‪ ."Marquises‬وفــي ســنة ‪١٩٠٧‬م اكلــت قبيلــة‬ ‫ٔ‬ ‫"تاكو كان ‪ "Takou Kan‬اسيرا يابانيا لديها‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫احــداث كـثيــرة مماثلــة كانــت تقــع فــي امــاكن مختلفــة مــن العــالم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫و ٕالــى وقــت قريــب جــدا )ق‪٢٠.‬م(‪ :‬ففــي بعــض انحــاء نيجيريــا‪ ،‬كـثي ـرا مــا‬ ‫ٔ‬ ‫كــان المضــحى بــه يقلــى فــي زيــت ســاخنة جــدا‪ ،‬قبــل اكلــه‪ .‬ولــدى قبائــل‬ ‫ٔ‬ ‫"باتا ‪ "Battas‬بسومطرة‪ ،‬كان المحكوم عليهم يؤكلون احياء وبالتـدريج‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وفــي اوقيانيــا كــان يــتم انتـزاع لســان المحكــوم عليــه‪ ،‬ثــم يشــوى الضــحية‬ ‫وهو مازال حيا على "سرير" من الصخور الملتهبـة‪ ،‬بينمـا كـان يحـتفظ –‬ ‫ٔ‬ ‫ف ــي "ببوازي ــا ‪ – "Papouasie‬بالض ــحايا احي ــاء‪ ،‬وينت ــزع اللح ــم ش ــيئا‬ ‫فشيئا ٕامعانا في االنتقام‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٧‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻓﺘﺮاس اﻵدﻣﻲ ﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺠﻮع‪ :‬ﺷﻬﺎدات ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عرفت روسيا )االتحـاد السـوفياتي( اثنـاء الحـرب االهليـة‪ ،‬وبالـذات‬ ‫ٔ‬ ‫بــين ‪ ١٩١٩‬و‪١٩٢١‬م‪ ،‬مجاعــة خطيــرة دفعــت النــاس ٕالــى اكــل كــل مــا‬ ‫ٔ‬ ‫يج ــدون‪ .‬ورغ ــم ان البالش ــفة رفض ــوا اللج ــوء ٕال ــى اس ــتدرار عط ــف ال ــدول‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المج ـ ـ ــاورة "الراس ـ ـ ــمالية"‪ٕ ،‬اال ان غ ـ ـ ــوركي ‪ Gorki‬طل ـ ـ ــب بنفس ـ ـ ــه دع ـ ـ ــم‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫مكــان‪ ،‬مــن ثنايــا موضــوع يتجاوزنــا كمثــل "الحاجــة"‪ .‬والجــل ذلــك ال بــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان نتوقف عنده قبل ان يستوقفنا فجائيا‪ ،‬فنتلعثم فـي الجـواب )هـذا ٕاذا‬ ‫ٓ‬ ‫كنــا ال نتلعــثم االن فعــال فــي الجــواب(‪ .‬لنتفــرس جيــدا فــي بنيتــه وشــموخه‬ ‫ٔ‬ ‫وص ــلفه‪ ،‬قب ــل ان تس ــعفنا ا ٕالجاب ــة‪ :‬ه ــذه "الحاج ــة"‪ ،‬عل ــى م ــا يب ــدو‪ ،‬ال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يمكن ان تكون ٕاال الشرط االساس لما ينتجها‪ ،‬لما يولدها‪ .‬الوسـط الحـي‬ ‫ٔ‬ ‫الــذي افرزهــا – حتــى لــو كــان نصــا قانونيــا جامــدا – كنايــة عــن الواجبــات‬ ‫)الفيزيولوجيــة‪ ،‬النفســانية‪ ،‬االجتماعيــة‪ (...‬التــي نلتــزم حيالهــا بضــرورة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالذعان‪ ،‬او السمع والطاعة‪" .‬الحاجة" ترتبط دائما بالصيغة االمريـة مـع‬ ‫"الواجــب"‪" :‬محتــاج" معنــاه "يجــب" كيــت وكيــت‪ ...‬و ٕاال؟ و ٕاال فلــتكن‬ ‫مستعدا لتحمل العواقب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫يتعــين ٕاذن‪ ،‬كمــا هــو واضــح‪ ،‬ان نضــبط "الحاجــة" انطالقــا مــن‬ ‫ٔ‬ ‫"مجــال" الكــالم او منطــوق الحــديث‪ ،‬ولــيس انطالقــا مــن ضــبط صــارم‪،‬‬ ‫مسبق‪ ،‬يوقعنا في شرك التعميمية العمياء‪ .‬فلنمتنع عن كـل مـا لـم يؤتـه‬ ‫ٔ‬ ‫المرء‪ ،‬وما ينبغي له‪ ،‬النـه لـيس هنـاك تعريـف كامـل‪ ،‬نـاجز‪ ،‬منـزل مـن‬ ‫عــل‪ .‬لــيس هنــاك مــن معنــى محــدد‪ ،‬باســتثناء المعنــى اللغــوي المبســط‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الم ــوارب الملت ــبس ب ــدوره‪ ،‬او ان ه ــذا المعن ــى متع ــدد بتع ــدد االغـ ـراض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫المستهدفة‪ .‬لنـدقق هنـا علـى الفـور فـي هـذه االغـراض ٕاذا اردنـا ان نكشـف‬ ‫عـن مكمـن التعـارض العنيـف الــذي تتخـذه الصـيغ التعبيريـة "للحاجــة"‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫الج ــل ذل ــك نحت ــاج ٕال ــى عي ــون ممالئ ــة طيع ــة تحس ــن االلتف ــاف ح ــول‬ ‫المعتقد الذهني الذي تريد رصده وال تكـتفي بمجرد المشاهدة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاذا نظرن ــا بعي ــون الفيزيول ــوجي‪ ،‬الباح ــث ف ــي وظ ــائف االعض ــاء‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫تتخذ الحاجة معنى معينا‪ :‬حاجة الجسم ٕالـى االنسـولين‪ٕ ،‬الـى البـروتين‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٕال ــى الحدي ــد‪ ...‬لتتح ــرك ه ــذه اال ل ــة العض ــوانية‪ٕ .‬اذا حركن ــا االع ــين ذاته ــا‬ ‫للمنحى النفسي‪ :‬تحتاج ٓاال لة العضوانية ٕالى الضحك والبكاء‪ٕ ،‬الى تـوازن‬ ‫ٔ‬ ‫المشاعر‪ٕ ،‬الـى النظـرة الحالمـة العطـوف‪ ،‬التـي تتحـول احيانـا ٕالـى ضـرورة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اكـثــر ضــرورية مــن االنســولين والبــروتين‪ ،‬بحيــث يكــون الخصــاص ٕاليهــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مــدمرا فعــال‪ .‬امــا ٕاذا ادرنــا االعــين تجــاه االوامــر االجتماعيــة‪ ،‬االقتصــادية‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫القانونية‪ ...‬تجـاه مـا يثقلنـا ويعـذبنا كـل يـوم‪ٕ ،‬فاننـا سـنجد حاجـات اخـرى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مختبئة هنا او هناك‪ :‬تحتاج ٕالى حمية صارمة ٕاذا اردت ٕارضـاء شـريكك‪،‬‬ ‫تحتاج ٕالى ٕازجاء التحية ٕالى رئيسك في العمل‪ٕ ،‬الى التملق والتزلـف مـن‬ ‫ٔ‬ ‫اج ــل ترقي ــة‪ ،‬تحت ــاج ٕال ــى خ ــوض ٕاض ـراب حت ــى تلتف ــت الس ــلطة ٕالي ــك‪،‬‬ ‫تحتاج لنصيحة قانونية‪ ،‬لقلم للكـتابـة‪ ،‬لوسـيلة للتنقـل‪ٕ ...‬اذا لـم تقنعـك‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ه ـ ــذه االمثلـ ـ ــة‪ ،‬فالالئحـ ـ ــة امامـ ـ ــك مفتوحـ ـ ــة وسـ ـ ــتجد انـ ـ ــك سـ ـ ــتحتاج‪،‬‬ ‫بالضرورة‪ ،‬لشيء ما في مكان ما وفي زمان ما‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بوســع المــرء‪ ،‬بعــد ان اضــاف مــا شــاء لقائمتنــا المفتوحــة‪ ،‬وحــذف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫منهــا مــا شــاء )مــا لــيس بحاجــة ٕاليــه؟( ان يتســاءل عمــا يوحــد بــين اال كــل‬ ‫والبكاء واالنضباط واالعتراف بالجميل وتلميع الحذاء‪...‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ما يوحـد قائمتنـا المفتوحـة‪ ،‬حاجتنـا‪ ،‬او بـاالحرى حاجاتنـا – ولـو‬ ‫ٔ‬ ‫ان العـ ـ ــادة جـ ـ ــرت بالحـ ـ ــديث بصـ ـ ــيغة المفـ ـ ــرد – هـ ـ ــو فعـ ـ ــل "ا ٕال ل ـ ـ ـزام"‬ ‫ٔ‬ ‫و"الضـ ــرورة" المسـ ــتتر خلفهـ ــا‪ .‬مهمـ ــا تعـ ــددت الحاجـ ــات واختلفـ ــت‪ ،‬او‬ ‫تناقضت حتى‪ٕ ،‬فان صفة الحاجة تجعلها ضرورية في ظرفية مخصوصـة‪.‬‬ ‫تظــل الضــرورة الفعــل المحــوري الموحــد حتــى لــو قارنــا قائمتنــا البشــرية‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫بقائمــة مماثلــة لمــا هــو جامــد هامــد‪ ،‬او عضــواني اخــر‪ ،‬مــن نــوع‪ :‬تحتــاج‬ ‫ٔ‬ ‫التربة ٕالى سماد مخصب‪ ،‬او تحتـاج النباتـات – بمـا فـي ذلـك الظليلـة –‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لكميــة مــن الضــوء‪ ،‬كمــا تحتــاج اللبــؤة‪ٕ ،‬الــى اســد‪ ،‬ذكــر فحــل‪ ،‬مــن اجــل‬ ‫ٕاخصابها طبيعيا‪...‬‬

‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ هــل لــي ان افهــم مــن هــذا‪ ،‬يــا ســيد‪ ،‬ان مــا يضــغط علــي بفعــل‬‫ٔ‬ ‫"الض ــرورة" ه ــو "حاج ــة"؟ وان ــه م ــا بوس ــعي االس ــتغناء عم ــا ذك ــرت م ــن‬ ‫ٔ‬ ‫امثلة؟‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ مبــدئيا مــا علــي ٕاال ان اومــئ بالموافقــة‪ ،‬لكــن لنحتــرس عنــد هــذه‬‫ٔ‬ ‫ا ٕاليمــاءة مــن ان ينتابنــا شــعور باالنتصــار فيعمينــا عمــا بقــي مــن مؤشـرات‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫"فالضــرورة" فــي واقــع الحــال ليســت ٕاال مؤشـرا اوال لمالمســة مــا نرنــو ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ضــبطه )اي "الحاجــة"(‪ ،‬صــحيح انــه مؤشــر مركــزي‪ ،‬لكــن تظــل هنــاك‬ ‫ٔ‬ ‫مؤشرات ما ينبغي ان تغيـب عـن البـال‪ ،‬والمراهنـة عليهـا ضـرورية لنظـل‬ ‫ممسكين بتالبيب مشكلتنا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ثمــة امــور ال يقــوى المــرء علــى البقــاء دونهــا فــي اوقــات معينــة )علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫افتـراض انــه يمكــن ان يبقــى دونهــا فــي اوقــات اخــرى(‪ ،‬ال يمكــن افتــداؤها‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ببديل في تلك االوقات‪ .‬ال مراء فـي انهـا ال تتخـذ شـكال نمطيـا لـدى جميـع‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫النــاس‪ ،‬بــل تتخــذ اشــكاال متعارضــة متنابــذة مــن ظــرف الخــر ومــن فــرد‬ ‫لغيره‪ :‬قويـة‪ ،‬سـاحرة‪ ،‬جذابـة لـدى الـبعض لفـرط حـاجتهم ٕاليهـا‪ .‬بذيئـة‪،‬‬ ‫خائبــة‪ ،‬قــذرة لفــرط ابتــذالها‪ ،‬لــدى الــبعض ٓاالخــر‪" .‬المنفعــة" فــي تصــور‬ ‫االقتصـ ـ ــاديين‪ ،‬و"الظرفيـ ـ ــة" بالنسـ ـ ــبة لمعش ـ ـ ــر المـ ـ ــؤرخين‪ ،‬مؤش ـ ـ ـران‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاضـ ــافيان‪ ،‬تكميليـ ــان السـ ــتعراض ابـ ــواب "الحاجـ ــة" المشـ ــرعة‪ ،‬والتـ ــي‬ ‫ينبغــي ٕاحكــام ٕاغالقهــا لتضــييق الخنــاق علــى "حاجتنــا" اللعــوب‪ ،‬وهــذه‬ ‫ٔ‬ ‫بعض االمثلة‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫يحتاج ضعيف البصر )واحيانا البصيرة( ٕالى نظارات تسـاعده علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫الرؤيــة‪ ،‬نظــارات قــد يــدوس عليهــا االخــرون فــي خــيالء النهــا ال تعنــي لهــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫شيئا‪ ،‬هـو ايضـا قـد يعـيش دونهـا‪ ،‬لكـن عليـه ان يـدفع ثمنـا مقابـل ذلـك‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يحتــاج اي كــان ٕالــى درايــة بالســياقة وبقــانون الســير ٕان هــو اراد الحصــول‬ ‫ٔ‬ ‫علــى رخصــة ســياقة‪ .‬يمكنــه طبعــا ان يعــرض عــن هــذه "الدرايــة" بــل وعــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الرخصـة اصــال‪ ،‬لكــن فـي هــذه الحالــة لـن يســمح لــه بالقيـادة ابــدا‪ ،‬وعليــه‬ ‫ٔ‬ ‫ان يستعد لدفع الثمن ٕاذا خرق المحظور‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫هذه امثلة عن حاجات‪" :‬ضرورية"‪" ،‬نفعية"‪" ،‬ظرفية"‪ ...‬تضـطر‬ ‫ٔ‬ ‫النـ ــاس ٕالـ ــى التفكيـ ــر فيهـ ــا بوصـ ــفها "حاجـ ــات" رغـ ــم ان حيـ ــاتهم – فـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المعظــم االعــم – ال تتوقــف عليهــا‪ ،‬لكــن علــيهم ان يفكــروا‪ ،‬عــالوة علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ذل ــك‪ ،‬ف ــي حاج ــات اكـث ــر ض ــرورة بالنس ــبة له ــم‪ .‬حاج ــات تش ــدهم ٕاليه ــا‬ ‫ك ــدواليب الن ــاعورة بحي ــث ال خ ــالص وال فك ــاك منه ــا ٕاال عب ــر الم ــوت‪،‬‬ ‫حاجــات تمثــل شــرط الوجــود وشــرط ازدهــاره‪ ،‬بــل حاجــات تتربــع علــى‬ ‫ٔ‬ ‫"الحاجات" نفسها في كبريـاء ونـزق وزهـو مثيـر لالشـمئزاز المقيـت‪ ،‬او مـا‬ ‫يمك ـ ــن نعت ـ ــه به ـ ــدوء ب ـ ــارد ممي ـ ــت "حاج ـ ــة الحاج ـ ــات"‪ :‬تل ـ ــك ٔاالم ـ ــور‬ ‫الفيزيولوجي ــة المتمي ــزة بالديموم ــة والمتوقف ــة عليه ــا حي ــاة العض ــوانيات‬ ‫عامــة بمــا فيهــا ا ٕالنســان‪ :‬الهــواء‪ ،‬المــاء‪ ،‬الغــذاء‪ ...‬تلــك التــي تكرهنــا علــى‬ ‫ٔ‬ ‫البقــاء فــي وضــع التــابع ابــدا‪ ،‬وتهــددنا‪ ،‬فــي حــال تحــديها‪ ،‬بمــا يســوؤنا‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫بالشـ ــع المرعـ ــب‪ ،‬الـ ــذي يمـ ــتص دفقـ ــان الحيـ ــاة وعنفوانهـ ــا‪" ،‬باالرمل ـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫السوداء" )اكـثر العناكب سما(‪...‬‬ ‫• هو الموت ٕاذن؟‬ ‫ٔ‬ ‫• اكيد‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٨‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المنظوم ــة الدولي ــة‪ ،‬معترف ــا ب ــان الس ــكان ي ــاكلون جث ــث موت ــاهم ب ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ويقتتلـ ـ ــون مـ ـ ــن اجـ ـ ــل ذلـ ـ ــك‪ .‬وهـ ـ ــذا مـ ـ ــا اكدتـ ـ ــه شـ ـ ــهادة ‪Ossorguine‬‬ ‫ٔ‬ ‫و‪ ، Emmanuel Todd‬الل ــذان اقـ ـرا صـ ـراحة بالتج ــارة الرائج ــة للح ــوم‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫االدمية اثناء الحرب االهلية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وفــي نهايــة الثمانينــات‪ ،‬اعتــرف االتحــاد الســوفياتي رســميا‪ ،‬ب ــان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اول مخطط خماسي ستاليني ادى ٕالـى مجاعـة كبيـرة فـي اوكرانيـا ‪-١٩٣٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٩٣٣‬م‪ ،‬وان ســتالين نفســه الــذي افتعــل االزمــة )حيــث صــمم وخطــط‬ ‫ٔ‬ ‫ونفذ لمشـروع راح ضـحيته مـا بـين ‪٤‬و‪ ٥‬ماليـين نسـمة( مـن اجـل تجميـع‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫االراضي‪ ،‬وانه اثناء الكارثة انتشر افتراس اللحم االدمي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اح ــداث افتـ ـراس مماثل ــة عرفه ــا الت ــاريخ المعاص ــر‪ ،‬خاص ــة اثن ــاء‬ ‫الح ـ ــروب‪ ،‬ف ـ ــي حص ـ ــار لينينغـ ـ ـراد ‪١٩٤٢-١٩٤١ Leningrad‬م‪ ،‬وف ـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٩٧٥‬م فــي الكمبــودج‪ ،‬وفــي كوريــا الشــمالية اثنــاء المجاعــات المتتاليــة‬ ‫بع ـ ـ ـ ــد ‪١٩٩٥‬م‪ ،‬وخاص ـ ـ ـ ــة س ـ ـ ـ ــنة ‪١٩٩٧‬م حي ـ ـ ـ ــث اعت ـ ـ ـ ــرف الالجئ ـ ـ ـ ــون‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫والمنظمات الدولية بحدوث عمليـات افتـراس ادمـي‪ ،‬وهـذا مـا اكدتـه قنـاة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ (1997) ABC‬عنــدما نشــرت خبـرا مفــاده ان االهــالي قــد اصــابهم الجنــون‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫من الجوع ٕالى درجة انهم يقتلون وياكلون اطفالهم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ويــذكر س‪ .‬اوكــا ‪) S. Ooka‬جنــدي يابــاني خــالل الحــرب العالميــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الثاني ــة( ان ــه ف ــي س ــنة ‪١٩٤٤‬م حاص ــرت الق ــوات االمريكي ــة والفليبيني ــة‬ ‫ٔ‬ ‫الجنــود اليابــانيين فــي جزيــرة "ليــت ‪ "Leyte‬بارخبيــل الفليبــين‪ ،‬ممــا‬ ‫ٔ‬ ‫ارغــم اليابــانيين علــى التوغــل داخــل الغابــة الكـثيفــة حيــث قضــى الكـثيــر‬ ‫ٔ‬ ‫منهم‪ .‬اما الذين عاشوا فكان عليهم اللجوء "للكلبونية"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وفــي مجــال احــداث الطيـران الجــوي‪ ،‬وقعــت حــوالي عشــر حــاالت‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫افت ـراس ادم ــي من ــذ ‪١٩٤٥‬م‪ ،‬اش ــهرها حادث ــة المفترس ــين م ــن اورغ ــواي‬ ‫ٔ‬ ‫الــذين تحطمــت طــائرتهم علــى سلســلة االنــديز‪ ،‬حيــث عاشــوا علــى قممهــا‬ ‫ظروفــا قاســية مــدة ســبعين يومــا اســتنفذوا خاللهــا كــل مــا يملكــون مــن‬ ‫طع ــام‪ .‬بع ــد ذل ــك التفت ــوا ٕال ــى الم ــوتى م ــنهم‪ ،‬لك ــن بع ــد نق ــاش طوي ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وعنيــف‪ ،‬وتــردد اطــول واعنــف‪ ،‬حيــث خــرج النــاجون "بفارمــان داخلــي"‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مفاده اال ياكل الفرد من جثة قريب له‪ ،‬وانه في حالة وفاته يقدم جسده‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ وعــن طيــب خــاطر ‪ -‬غــذاء لالخــرين‪ ...‬والواقــع ان هــذا "الفارمــان" هــو‬‫ٔ‬ ‫نفس ــه ك ــان تطييب ــا للخ ــاطر‪ ،‬او تنويم ــا للض ــمير )س ــنعود له ــذه النقط ــة‬ ‫ٔ‬ ‫بالتفص ـ ــيل ف ـ ــي الفص ـ ــل الم ـ ــوالي(‪ ،‬ام ـ ــا تج ـ ــرع واب ـ ــتالع قط ـ ــع اللح ـ ــم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫الصغيرة‪ ،‬فقد كان صعبا ومريرا ‪ ،‬كما لو انهم كانوا يتجرعون دواء مقرفا‬ ‫مقززا‪ ،‬وعانى الكـثيرون منهم بعد ذلك معاناة نفسية مدمرة‪ ،‬حيـث كـان‬ ‫ٔ‬ ‫عل ــى ال ــبعض زي ــارة اخص ــائيين عل ــى م ــدى ثالث ــين ش ــهرا للتخفي ــف م ــن‬ ‫العذاب ووخز الضمير‪ ...‬بل في استجوابات تلفزيونية مع البعض منهم ‪-‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫في بداية التسعينات ‪ -‬اكدوا انهم ما زالوا يعـانون مـن هـول مـا جـرى لهـم‬ ‫في تلك السنة "المشؤومة"‪ ،‬سنة ‪١٩٧٢‬م‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ اﻻﻓﺘﺮاس اﻵدﻣﻲ‪ٔ :‬اﻟﺘﻔﺎﺗﺔ إﻟﻰ زﻣﻦ ﻣﻀﻰ‬ ‫اص ــبح م ــن ش ــبه المؤك ــد ان ٕانس ــان "النيان ــدرتال ‪"Neandertal‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫عرف حاالت من االفتراس االدمي‪ ،‬ذلك ما كشف عنـه البـاحثون اال لمـان‬ ‫منذ ‪١٨٩٠‬م‪ ،‬انطالقا مـن بقايـا اكـتشـفت فـي مغـارة "كرابينـا ‪"Krapina‬‬ ‫بكرواتيا‪ ،‬لكن ٔاالدلـة كانـت تعـوزهم لتوكيـد ذلـك‪ .‬بعـد هـذا بحـوالي قـرن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫من الزمن كشفت اعمال االركيولوجيين بالمعهد الـوطني للبحـث العلمـي‬ ‫ٔ‬ ‫بمرس ـ ـ ــيليا‪) ،‬ف ـ ـ ــي مغ ـ ـ ــارة "موالكيرس ـ ـ ــي ‪ "Molaguercy‬ف ـ ـ ــي "اردي ـ ـ ــش‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ("Ardèche‬عـن اعمـال تؤكـد ان ٕانسـان النيانـدرتال العاقـل ‪L’Homo‬‬ ‫‪ sapiens néanderthalenisis‬قد افترس بعضه بعضا‪.‬‬

‫فقد تم فحـص عينـة مـن العظـام )‪ ٤٦٠‬عظمـا( تغـذى عليهـا بعـض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اس ــالفنا م ــن بن ــي البش ــر‪ ،‬واثبت ــت التحالي ــل ان ‪ ٧٢‬عظم ــا‪ ،‬منه ــا‪ ،‬ه ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ايض ــا الس ــالفنا م ــن البش ــر ‪ ،Hominidés‬كان ــت لس ــتة افـ ـراد متف ــاوتي‬ ‫ٔ‬ ‫االعم ــار‪ :‬بالغ ــان‪ ،‬ومراهق ــان )‪ ١٦-١٤‬س ــنة(‪ ،‬وطف ــالن )‪ ٨-٧‬س ــنوات(‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫وكانـ ــت جميعـ ــا تحمـ ــل اثـ ــار مجـ ــزرة حقيقيـ ــة‪ :‬فالعظـ ــام كانـ ــت مكسـ ــرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ومهشــمة‪ ،‬والتفاصــيل التــي اجريــت علــى بقايــا العظــام )بمنطقــة االقــدام‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والمرافــق واالذرع(‪ ،‬اثبتــت انــه تــم قطعهــا وبترهــا‪ ،‬كمــا تــم انت ـزاع الفــك‬ ‫من جمجمتين فتيتين‪.‬‬ ‫ه ــذه العظ ــام عث ــر عليه ــا ف ــي معظم ــة واح ــدة م ــع عظ ــام حيواني ــة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫كـثيــرة‪ ،‬ممــا يــرجح ان اســالفنا قــد مارســوا – ربمــا تحــت ضــغط الجــوع –‬ ‫ٓ‬ ‫افتراس االدمي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"المص ــريات ‪ "L’egyptologie‬ايض ــا تطالعن ــا بواح ــد م ــن اق ــدم‬ ‫ٔ‬ ‫الشــواهد علــى اكــل اللحــم البشــري‪ ،‬تحــت ضــغط الحاجــة‪/‬الجــوع‪ ،‬مــن‬ ‫ٔ‬ ‫خالل مـا وقـع فـي مصـر الفرعونيـة زمـن مجاعـة اصـابتها سـنة ‪٢٢٠٠‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫كمــا ان الرومــان ايضــا اكلــوا موتــاهم فــي عــدة مجاعــات‪ ،‬اشــهرها مــا حــدث‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عنــدما حاصــرت حشــود االريــك ‪ Alaric‬اســوار رومــا‪ .‬ويشــبه هــذا مــا ذكــره‬ ‫هي ــرودوت ع ــن المل ــك الفارس ــي قمبي ــز ‪ ٥٣٠) Cambyse‬ق‪.‬م – ‪٥٢٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫ق‪.‬م( ال ــذي اض ــطر للتراج ــع ف ــي ٕاح ــدى حمالت ــه عل ــى ا ٕالثي ــوبيين‪ ،‬الن‬ ‫جنــوده بــدؤوا يفترســون بعضــهم بعضــا‪ .‬كمــا اضــطرت المجاعــة المرتزقــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الفينيقيــين ٕالــى اكــل بعضــهم‪ ،‬لكــن حــالتهم انتهــت بماســاوية عنــدما امــر‬ ‫القائــد القرطــاجي هاملقــار بركــة ‪ ٢٩٠) Hamilcar Barca‬ق‪.‬م – ‪٢٢٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ق‪.‬م( بسحق المفترسين تحت ارجل الفيلة النه اعتبـرهم رجسـا ال يمكـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاعادة ٕادماجه بالمجتمع االصلي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اجل فهم "رجس"‪ ،‬في ظروف "عاديـة" فـي مجتمـع "عـادي" هـم‬ ‫رج ـ ــس‪ ،‬تمام ـ ــا كم ـ ــا س ـ ــيحدث ف ـ ــي مدين ـ ــة ستراس ـ ــبورغ الفرنس ـ ــية س ـ ــنة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٨١٧‬م‪ ،‬عنــدما احيلــت ســيدة فرنســية علــى مصــحة لالم ـراض العقلي ــة‬ ‫ٔ‬ ‫النهــا افترســت طفلهــا‪ ،‬وذلــك حفاظــا علــى "شــرف البشــرية" كمــا قــررت‬ ‫المحكمة‪) .‬راجع التفاصيل ضمن مالحق هذا المبحث(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫قبائــل "االزنــدي ‪ "Azandé‬المعروفــة بنيــام‪ -‬نيــام ‪Niam-Niam‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والتــي درســها ٕايفــانز برتشــارد ‪ Evans Pritchard‬بافريقيــا‪ ،‬ال تاكــل ٕاال‬ ‫المجرمين والمقاتلين الذين يقتلـون فـي سـاحات المعـارك‪ .‬لكـن برتشـارد‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اكد ان لديهم نفور من اللحم االدمي عموما‪ ،‬وانهم ال يلجؤون لـه ٕاال زمـن‬ ‫المجاعات الحادة‪ ،‬ووفق طقوس تطهيرية معينة‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫االفتراس االدمي "رجس" يحتاج ٕالى طقوس مطهرة‪ ،‬حتى لو كـان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ذل ــك زمـ ــن مجاعـ ــة‪ ،‬الن ه ــذا الـ ــزمن ايضـ ــا عق ــاب عـ ــن انتهـ ــاك "سـ ــنن‬ ‫ٔ‬ ‫الكـ ــون"‪" :‬فـ ـ ٕـاذا كـ ــان ابـ ــتالع الطـ ــوطم شـ ــكال مـ ــن اكـ ــل لحـ ــوم البشـ ــر‪:‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫)االدمية(‪ٕ ،‬فاننا نفهم لماذا قـد تكـون االدميـة الرمزيـة او الفعليـة قصاصـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ين ــزل باولئ ــك ال ــذين ينتهك ــون ‪ -‬ع ــن قص ــد او غي ــر قص ــد ‪ -‬الحرم ــات‪".‬‬ ‫)الفكـ ــر البـ ــري‪ ،‬ص‪.‬ص‪ٕ ،(١٣٢-١٣١ .‬ان المجاعـ ــة‪ ،‬مثـ ــل غيرهـ ــا مـ ــن‬ ‫ٔ‬ ‫الكــوارث الطبيعيــة‪ ،‬تتضــمن معنــى العقــاب‪ ،‬فحيثمــا غفــل المجتمــع او‬ ‫ســهى عــن الحــق وذكــره‪ ،‬وعمــت فيــه المنك ـرات والفــواحش والجــور‪ٕ ،‬اال‬ ‫وكان ذلك مؤذنا بنزول كارثة‪ .‬فالغفلة عن سنن الكون تـؤدي ٕالـى خـراب‬ ‫"العمران" في التعبير الخلدوني‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫زمن المجاعات الكبرى )وبالتالي افتراس االدمـي( يوقـع النـاس فـي‬ ‫"المواق ــف الحدي ــة" كم ــا ص ــاغها ياس ــبرز ‪) K.Jaspers‬الخطيئ ــة الكب ــرى‬ ‫والمعان ــاة والخ ــوف والص ـراع واالس ــتياء والم ــوت‪ (...‬ف ــي ه ــذه اللحظ ــات‬ ‫بالضبط يحدث "سقوط الشيفرة" ٕاذ يتخلص ا ٕالنسان من قيـوده اليوميـة‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٦٩‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫واهتمامات ــه المثالي ــة ويص ــبح ف ــي مواجه ــة الوج ــود بك ــل عنف ــه وعمق ــه‬ ‫وصميميته )كارل ياسبرز‪" ،‬العقل والوجود‪١٩٣٥،‬م(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫تتح ـ ــدث الحولي ـ ــات الص ـ ــينية‪ ،‬باس ـ ــى عمي ـ ــق‪ ،‬ع ـ ــن مث ـ ــل ه ـ ــذه‬ ‫المواق ــف )الحدي ــة(‪ :‬فف ــي ع ــام ‪٧٥٧‬م دف ــع الج ــوع الن ــاس ٕال ــى افتـ ـراس‬ ‫ٔ ٓ ٔ‬ ‫ثالثــين الــف ادمــي اثنــاء مجاعــة "ســوي يــانغ ‪ ."Souei Yang‬وفــي عــام‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٨٩٢‬م ضربت مجاعة اخرى جنوب الصين وصل فيها سعر اللحم ٕالـى‬ ‫ٔ‬ ‫ما يعادل ‪ ٧٠٠‬فرنك )فرنسي( للرطل‪ ،‬كيفما كـان نـوع هـذا اللحـم‪ ،‬الن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫النصوص تتحدث عن ان الفقراء باعوا ابناءهم من شدة ا ٕالمالق‪.‬‬ ‫حــدث الشــيء نفســه عنــدما حاصــر هنــري ‪ Henri IV‬العاصــمة‬ ‫الفرنس ــية ب ــاريز‪ .‬وف ــي مدين ــة ‪ Sancerre‬البروتس ــتانتية ‪ -‬زم ــن المجاع ــة‬ ‫ٔ‬ ‫الح ــادة الت ــي رافق ــت الح ــروب الديني ــة ‪ -‬ت ــذكر الش ــهادات التاريخي ــة ب ــان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫النساء وضعن اطفالهن في قدور عميقة لطبخهم واكلهم‪ .‬سلوك يلقي بنـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالــى الــذاكرة الجماعيــة العبريــة مــن خــالل مــا نق ـرا فــي كـتــاب "الملــوك" ‪-‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اثناء حصار اورشليم والسامرة ‪ -‬عندما ارغمت المجاعة النسـاء علـى طـبخ‬ ‫ٔ‬ ‫اطفالهن وتقديمهم وجبات غذائية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫"زمــن " المجاع ــة ال نقص ــد ب ــه ظرفيته ــا‪ ،‬بــالمعنى المت ــداول‪ ،‬اي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فترة من عصـر مشـحونة باالحـداث والوقـائع‪ ،‬علـى المـؤرخ ان يفككهـا ثـم‬ ‫يعيــد تركيبهــا‪" .‬الــزمن" هنــا هــو اليــومي‪ ،‬الرتيــب ربمــا‪ ،‬الم ـرتبط بحيــاة‬ ‫ٔ‬ ‫االفراد البسطاء‪ ،‬والناس العاديين‪ ،‬فـي عالقـتهم الحميمـة‪" .‬الـزمن" هنـا‬ ‫ٔ‬ ‫غي ـ ــر زم ـ ــن البط ـ ــوالت والمع ـ ــارك‪ ،‬او المعاه ـ ــدات الدولي ـ ــة وا ٕالنج ـ ــازات‬ ‫االقتصـادية‪ ...‬التـي عـادة مـا تحـتفظ بـه‪ ،‬وتفصـل فيـه‪ ،‬كـتـب ا ٕالخبــاريين‬ ‫والمؤرخين على السـواء‪" .‬الـزمن" هنـا هـو "الـزمن" فقـط‪ ،‬بمعنـى تعاقـب‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫لحظاتــه‪ ،‬تــوالي اناتــه‪ ...‬لكــن فــي اثــاره وانعكاســاته البعديــة علــى النــاس‬ ‫ٓ‬ ‫المنغمسين معه في صراع مرير رهيب‪ ،‬قصير‪/‬طويل في نفس االن‪ ،‬قـد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تـدوم "مدتــه" بضــعة اسـابيع‪ ،‬او بالكــاد بضــعة اشـهر‪" ،‬مــدة" قصــيرة فــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"ازمن ــة" ا ٕالخب ــاري والم ــؤرخ‪ ،‬طويل ــة‪ ،‬ابدي ــة‪ ،‬ف ــي "ازمن ــة" م ــن يكاب ــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المعانـاة اليوميـة مـن اجـل البقـاء‪ ،‬النـه زمـن مجاعـة‪ ،‬اي زمـن تتكـرر فيــه‬ ‫لعبة الموت والحياة‪.‬‬ ‫ٕان لعبــة المــوت والحيــاة‪ ،‬االنقطــاع والتــواتر‪ ،‬الفصــل والوصــل‪...‬‬ ‫ٔ‬ ‫هي لعبة الزمن وماهيته الحقيقية‪ ،‬علـى االقـل بالنسـبة للتـاريخ البشـري ـ‬ ‫علـ ــى عكـ ــس التـ ــاريخ الطبيعـ ــي الـ ــذي يحـ ــوي ضـ ــمن مـ ــا يحويـ ــه تـ ــاريخ‬ ‫الجامد‪/‬الصخر الذي يرتفـع عـن مفهـوم الحيـاة والمـوت بـالمعنى البشـري ـ‬ ‫ٔ‬ ‫لعبــة الفصــل والوصــل هاتــه تعنــي ان الــزمن كــي يســتمر البــد مــن انقطــاع‬ ‫ٓ‬ ‫انات ــه المتتالي ــة‪ .‬االسترس ــال الزمن ــي الملم ــوس يخف ــي تقط ــع اللحظ ــات‬ ‫العيانية‪ ،‬فلكي تتدفق الحياة في الزمن‪ ،‬البد من المـوت‪ :‬فعبـر المـوت‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وبواسطته‪ ،‬تستمر الحياة‪ ،‬لكن اية حياة؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"اال كــل" هنــا ال يعنــي مجــرد اال كــل العــادي‪ ،‬الننــا ال ناكــل شــيئا‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫عاديا‪ .‬فاال كل والماكول شيء واحد‪ .‬الفعـل قـائم علـى االتحـاد والهوهويـة‬ ‫ٔ‬ ‫)التجانس‪/‬التماثل(‪ ،‬واال كل نـوع مـن االنجـذاب الوجـودي الحـزين نحـو‬ ‫ٔ‬ ‫حيــاة ممزقــة تتطــاير اشــالؤها فــي كــل اتجــاه‪ ،‬تمامــا مثــل المــوت‪ ،‬بمعنــاه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الوجــودي ايضــا‪ .‬هاهنــا تســتوي الحيــاة والمــوت وعلــى المــرء ان يختــار‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"االمر هكذا وال يمكن ان يكون ٕاال هكذا"‬ ‫)‪(J.P.Sartre, Critique de la raison dialectique, Paris, 1960, p.128‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تتف ـ ــق الش ـ ــهادات‪ ،‬المدقق ـ ــة لالح ـ ــداث‪ ،‬غالب ـ ــا ح ـ ــول ان ق ـ ـ ـرار‬ ‫االفت ـراس ـ العــام فــي حالــة الجــوع ـ كــان يــتم عــادة بعــد نفــاذ كــل غــذاء‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والدخول في حالة صيام تدوم عـدة ايـام‪) .‬راجـع حادثـة طـائرة االنـديز فـي‬ ‫مبحــث‪ :‬منحــى الضــمير‪ ،‬ضــمن هــذا الفصــل(‪ .‬والنصــوص التــي تؤكــد هــذا‬

‫التصور تفيض عن كل حاجة‪ ،‬سـنحلل فيمـا يلـي نمـاذج عنهـا مـن خـالل‬ ‫التاريخ ا ٕالسالمي‪.‬‬ ‫فقـ ــد ذكـ ــر يحـ ــي بـ ــن خلـ ــدون‪ ،‬مـ ــثال‪) ،‬بغيـ ــة الـ ــرواد‪ ،‬الجزائـ ــر‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ،١٩٠٤‬ص‪ (١٢٥.‬ان ع ــدد الم ــوتى بل ــغ ف ــي حص ــار تلمس ــان )‪٧٠٦‬ه(‬ ‫ٔ‬ ‫قتال وجوعا زهاء ‪ ١٢٠‬الفـا‪ .‬وذكـر الناصـري )االستقصـا‪ ،‬ج‪ ،٣ .‬ص‪(٨٥.‬‬ ‫فــي وصــف الحصــار نفســه‪" :‬وبمــوت الســلطان يوســف )‪٧٠٦‬ه( انقضــت‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫مــدة الحصــار عــن ال يغمراســن وقــومهم مــن بنــي عبــد الــواد وســائر اهــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تلمســان‪ ...‬ن ــالهم فيه ــا م ــن الجهــد والش ــدة م ــا لــم ين ــل ام ــة م ــن االم ــم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واض ــطروا ٕال ــى اك ــل الجي ــف والقط ــوط والفي ـران‪ ،‬حت ــى ٕانه ــم اكل ــوا فيه ــا‬ ‫ٔ‬ ‫اشــالء المــوتى مــن النــاس‪ "...‬بلــغ ثمــن "اللحــم مــن الجيــف‪ :‬الرطــل مــن‬ ‫لحم البغال والحمير بثمن المثقال ومن الخيل بعشر المثقـال‪ ،‬والرطـل‬ ‫ٔ‬ ‫مــن الجلــد البقــري ميتــة او مــذكى بثالثــين درهمــا‪ ،‬والهــر الــداجي بمثقــال‬ ‫ٔ‬ ‫ونص ــف والكل ــب بمثل ــه‪ ،‬والف ــار بعش ــرة دراه ــم والحي ــة بمث ــل ذل ــك‪".‬‬ ‫)الناصري‪ ،‬ج‪ ،٣.‬ص‪(٨٦.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وذكــر ابــن خلكــان )وفيــات االعيــان( فــي وصــف غــالء )حــدث زمــن‬ ‫المستنصــر العبيــدي(‪ :‬لــم يعهــد مثلــه بمصــر منــذ زمــان يوســف )النبــي(‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واســتمر ســبع ســنين‪ ،‬اكــل النــاس فيهــا بعضــهم بعضــا وبيــع رغيــف واحــد‬ ‫بخمسين دينارا‪ ،‬وكان المستنصر فـي هـذه الشـدة يركـب وحـده وكـل مـن‬ ‫معــه مــن الخــواص مترجلــون لــيس لهــم دواب يركبونهــا‪ ،‬وكــانوا ٕاذا مشــوا‬ ‫يتساقطون في الطرقات من الجوع‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وذكــر القــادري )نشــر المثــاني‪ ،‬ج‪ ،٢.‬ص‪ (١٣٤.‬فــي احــداث )عــام‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٠٧٠‬ه‪١٦٦٣-٦٢/‬م(‪" :‬اكل الناس الجيـف‪ُٔ ،‬واكـل فيـه االدمـي بوسـط‬ ‫ٔ‬ ‫الصفارين ميتا‪ .‬وكـثر الموت باالزقة دون ما في المارستان‪ .‬قيل دفن مـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المارستان اربعة وثمانون الفا دون من دفن من غيره"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وكرر الناصري شيئا من مثل هذا في اكـثر من مناسبة‪ ،‬ففي "سـنة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ثالث وسبعين والف‪ ،‬اغار المولى محمـد بـن الشـريف علـى زرع الحياينـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫باحواز فـاس فانتسـفه وافسـده‪ ،‬ووقعـت عقـب ذلـك مجاعـة عظيمـة اكـل‬ ‫ٓ‬ ‫فيه ــا الن ــاس الجي ــف وال ــدواب واالدم ــي‪ ،‬وخل ــت ال ــدور‪) "...‬االستقص ــا‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ج‪ ،٧.‬ص‪" .(٢٨.‬وفــي اواخــر ســنة ثــالث وســبعين والــف مــع الســنة التــي‬ ‫ٔ‬ ‫بعدها حدثت مجاعـة عظيمـة بـالمغرب‪ ،‬السـيما فـاس واعمالهـا‪) ...‬حتـى(‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اكـل النــاس فيهــا الجيــف والـدواب واالدمــي‪) ".‬نفســه‪ ،‬ص‪ (١٠٤.‬ثــم ذكــر‬ ‫فــي نفــس ا ٕالطــار‪ ،" :‬وكـثــر الهــرج وانحــبس المطــر ووقــع القحــط وعظمــت‬ ‫المجاع ــة واس ــتمر الح ــال عل ــى ذل ــك نح ــوا م ــن س ــبع س ــنين‪ ،‬م ــن س ــنة‬ ‫ٔ‬ ‫تســعين ٕالــى ســنة ســت وتســعين ومائــة والــف‪ ،‬فكانــت هــذه المــدة كلهــا‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مجاع ــة‪ ،‬اك ــل الن ــاس فيه ــا الميتـ ــة والخنزي ــر واالدم ــي‪ ،‬وفن ــي اكـثـ ــرهم‬ ‫جوعا‪) ".‬االستقصا‪ ،‬ج‪ ،٨.‬ص‪(٤٩.‬‬ ‫يق ــدم لن ــا ا ٕالخب ــاريون )م ــن خ ــالل ه ــذه النص ــوص( "المجاع ــة"‬ ‫ٓ‬ ‫كرديــف للســانكروني الثابــت الســتواء الزمــان "االن"‪ .‬لكــن الواقــع الــذي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يجب ان ينتبه ٕاليه المؤرخ المحترف هـو ان الـزمن ال يتوقـف‪" .‬المجاعـة"‬ ‫مســتمرة فــي الزمــان مــدة تنســاب فيــه‪ ،‬ومــع فعــل االنســياب هــذا ينســاب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الجــوع ايضــا‪ٕ .‬ان االمــر دقيــق فــي بعــده الزمنــي الممتــد‪ ،‬وفــي عالقتــه مــع‬ ‫ٔ‬ ‫التطــور الــذي قــد يحصــل علــى المشــاعر‪ٕ :‬ان التجربــة‪/‬الصــدمة االولــى قــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تجعل مرتكب الفعل "اال كـل" يحـس بنـوع مـن المـرارة او وخـز الضـمير‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫او تذهب به حد التقيء والغثيان‪ ...‬لكن المجاعة تمتد على زمـن معـين‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وصــفة التمــاد هــذه تجعــل مرتكــب الفعــل "اال كــل" يجــوع مــن جديــد‪،‬‬ ‫ثاني ــا‪ ،‬وثالث ــا‪ ،‬ورابع ــا‪ ...‬بط ــول م ــدة المجاع ــة‪ .‬فه ــول التجرب ــة‪/‬الص ــدمة‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٠‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫االولى قد مضى لحالـه‪ ،‬ولـيس هنـاك ٕاال االستسـالم للجـوع ← المـوت‪،‬‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫او الصراع من اجل البقاء ← الحياة = اكل االدمي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫تتالش ــى الص ــدمة االول ــى‪ ،‬وتح ــل محله ــا الض ــرورة المتك ــررة‪ ،‬ث ــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العادة‪ ،‬وربما الالمباالة‪ ...‬من شان هذا االستسـالم النفسـي ان يعبـر عـن‬ ‫ٔ‬ ‫ارتهــان الــذات فــي الموضــوع‪ ،‬فتصــبح الــذات منفعلــة اكـثــر منهــا فاعلــة‪...‬‬ ‫تفعل بها الظرفية وتحولها ٕالى هذا الكـائن‪" :‬ا ٕالنسـان الال ٕانسـاني"‪ ،‬لكـن‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حتـى فـي قمـة هــذا االنفعـال يجـب اال ننسـى اننــا امـام اختيـار فـي النهايــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاذ ان ه ـ ــذا التح ـ ــول ف ـ ــي الس ـ ــلوك المرت ـ ــد ض ـ ــد الطبيع ـ ــة البش ـ ــرية ب ـ ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والحيوانيــة ايضــا ‪ -‬الن ــه مــن النــادر حســب مــا علمنــا علــم الزولوجي ــا ان‬ ‫ٔ‬ ‫ياكــل الحيــوان قرينــه كحالــة بعــض العناكــب مــثال ‪ -‬نتــاج اختيــار مثقــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫با ٕال كراهات‪ ،‬هذا اكيد‪ ،‬لكنه اختيـار فـي النهايـة‪ :‬بـين ان يصـبح ا ٕالنسـان‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫ميتا او ان ياكل ميتا ) ٕانسانا(‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫هكــذا يتعــرى ا ٕالنســان مــن كــل مــا علمتــه ٕايــاه الثقافــة‪ ،‬مــن االف‬ ‫الســنين المتراكمــة فــي ســجالت الحضــارة‪ .‬تقــول النصــوص بعــد ٔان تصــور‬ ‫المنظر بشعا‪ ،‬مقززا‪ ،‬مقرفا‪ ...‬بعد الكـالب والقطـط‪ ،‬بعـد جيـف الكـالب‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والقطــط والفئ ـران‪ ...‬وكــل مــا يتحــرك‪ ،‬او مــا كــان يتحــرك‪ ،‬تبــدا االيــادي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫باالمتــداد نح ــو االي ــادي االخــرى الت ــي توقفــت ع ــن الحركــة‪ ،‬تتفحص ــها‪...‬‬ ‫تتفــرس فيهــا‪ ...‬تقلبهــا‪ ...‬تتركهــا ثــم تعــود ٕاليهــا‪ ...‬كــم يســتمر الوضــع قبــل‬ ‫ٔ‬ ‫اتخاذ القرار باال كل؟‬ ‫ال تجيبنــا النصــوص ٕاال ٕباشــارات مبهمــة مقتضــبة محشــورة داخــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّكم من العبارات التي تسترسل فـي وصـف الكارثـة احيانـا‪ ،‬وقـد الـف ابـن‬ ‫علقم ــة كـتاب ــا ض ــمنه بع ــض م ــا نق ــول "يبك ــي الق ــارئ وي ــذهل العاق ــل‪".‬‬ ‫حسب ما وصفه به ابن عذاري )ج‪ ،٤.‬صص‪(١٤٨-١٤٧.‬‬ ‫"بيعــت بيضــة دجاجــة بثالثــة دراهــم‪ ،‬ورطــل اللحــم البغلــي بســتة‬ ‫دنانير‪ ،‬ورطل الجلد البقري بخمسة دراهم‪) "...‬ابن عـذاري‪ ،‬ج‪ ،٤.‬ص‪.‬‬ ‫‪" (٣٨‬وانسلخ هذا الشهر )ربيـع الثـاني( ورطـل القمـح بثالثـة مثاقيـل غيـر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ربع‪ ...‬ودخل جمادى االولى وعدمت االقـوات بالجملـة‪ ،‬وهلـك النـاس‪...‬‬ ‫ٔ‬ ‫بيــع رطــل لحــم الفــرس بــاثني عشــر دينــارا‪ ،‬وراســه بخمســة عشــر مثقــاال‪...‬‬ ‫ووصــل القمــح ثالثــة مثاقيــل للرطــل‪ ،‬ورطــل الشــعير مثقــالين ونصــف‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واوقيــة الجــبن بعشــرة دراهــم‪ ،‬وبيضــة دجاجــة بثمانيــة دراهــم‪) "...‬ابــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ع ــذاري‪ ،‬ج‪ ،٤.‬ص ــص‪ (٣٩-٣٨.‬ف ــي ه ــذا الخض ــم ياتين ــا الخب ــر‪ ،‬كان ــه‬ ‫ٔ​ٔ‬ ‫يحــاول ٔان يخفــف عنــا‪ّ ،‬‬ ‫يمهــدنا‪ ،‬بــذكر ظروفــه‪ ،‬لهــول مــا ســنقرا او نســمع‪:‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫"وترمق سائر الناس ‪ -‬اي ان الرجل كان يـتكلم عـن المياسـير الـذين بقـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫له ــم بع ــض م ــا يش ــترون م ــا بق ــي م ــن اش ــياء تؤك ــل ‪ -‬ب ــالجلود واالص ــماغ‬ ‫ٓ‬ ‫وع ــروق الس ــوس‪ ،‬وم ــن دون ه ــؤالء ب ــالفئرة والقط ــط وجي ــف بن ــي ادم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ُوهجم علـى نصـراني وقـع فـي الحفيـر‪ ،‬فاخـذ باليـد‪ ،‬ووزع لحمـه‪) ".‬ج‪،٤.‬‬ ‫ص‪(٣٩‬‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫تستوقفنا‪ ،‬بجد‪ ،‬العبـارة االخيـرة فـي الـنص‪" :‬وهجـم علـى نصـراني‬ ‫ٔ‬ ‫وق ــع ف ــي الحفي ــر‪ ،‬فاخ ــذ بالي ــد‪ ،‬ووزع لحم ــه"‪ ،‬لنتس ــاءل ع ــن الدال ل ــة‬ ‫المرجعيــة "للنص ـراني" فــي المنظومــة الثقافيــة المــؤطرة لحــدث االفت ـراس‬ ‫ٓ‬ ‫االدمي‪ :‬لماذا النصراني بالضبط؟‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالجابــة علــى الســؤال تســتدعي‪ ،‬اوال‪ ،‬التشــديد علــى زمــن الحــدث‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وظرفيت ــه‪ .‬الن النص ــارى ه ــم م ــن ضــاعف الماس ــاة‪ ،‬بحص ــارهم المدين ــة‪:‬‬ ‫" ّ‬ ‫وجد الطاغية )لذريق( في حرق من خرج من المدينة ٕالى المحلـة‪ ،‬لـئال‬ ‫ٔ‬ ‫يخ ــرج الض ــعفاء‪ ،‬ويت ــوفر الق ــوت عل ــى االغني ــاء‪)".‬اب ــن ع ــذاري‪ ،‬ج‪،٤.‬‬ ‫ص‪(٣٩.‬‬

‫ثانيــا( رغــم ذلــك ال بــد ٕالســكات وخــز الضــمير مــن فتــوى تخرســه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فتوى يقتنع بها العقـل‪ ،‬او علـى االقـل يـزعم انـه اقتنـع بهـا‪ ،‬حتـى تطمـئن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫النفس وتهدا‪ .‬وفي هذا الصدد تقـدم المصـادر الفقهيـة مـادة دسـمة‪ ،‬اكـثـر‬ ‫دسما في جميع الحاالت من الموضوع الـذي تعالجـه والمـرتبط بالمجاعـة‬ ‫وقلة الحيلة‪.‬‬ ‫لقـ ــد فصـ ــلت مصـ ــادر الفقـ ــه ا ٕالسـ ــالمي فـ ــي مثـ ــل هـ ــذه النـ ــوازل‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫فالمضـطر " ٕان لـم يجــد ٕاال ادميـا محقــون الـدم لــم يـبح لــه قتلـه ٕاجماعــا وال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاتالف عضو منه‪ ،‬مسلما كان او كافرا‪ ،‬النه مثله فال يجوز ان يبقي نفسـه‬ ‫ٕباتالفه وهذا ال خالف فيه‪ ،‬و ٕان كان مبـاح الـدم كـالحربي والمرتـد‪ ،‬فـذكر‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القاضي ان له قتلـه واكلـه الن قتلـه مبـاح‪ .‬وهكـذا قـال اصـحاب الشـافعي‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ ٔ ٔ‬ ‫النــه ال حرمــة لــه فهــو بمنزلــة الســباع‪ ،‬و ٕان وجــده ميتــا ابــيح اكلــه الن اكلــه‬ ‫ٔ‬ ‫مبـاح بعـد قتلــه فكـذلك بعـد موتــه‪ ،‬و ٕان ُوجـد معصـوما ميتــا لـم يـبح اكلــه‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فــي قــول اصــحابنا‪ ،‬وقــال الشــافعي وبعــض الحنفيــة‪ :‬يبــاح وهــو اولــى الن‬ ‫ٔ‬ ‫حرمــة الحــي اعظــم‪) ".‬ابــن قدامــة‪ ،‬المغنــي‪ ،‬ج‪ ،١٣.‬صــص‪(١٠٩-١٠٨.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وه ــذا م ــا اك ــده ص ــاحب "الش ــرح الكبي ــر" )نش ــر م ــع المغن ــي‪ ،‬ج‪،١٣.‬‬ ‫صــص‪ (١٤٨-١٤٧.‬بــل ذهــب بعــض الشــافعية )الشــرح الكبيــر‪ ،‬ج‪،١٣.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ص‪ٕ (١٤٤.‬الــى ان ــه يجــوز للمضــطر ان ياك ــل بعــض اعضــائه "الن ل ــه ان‬ ‫ٔ‬ ‫يحفــظ الجملــة بقطــع عضــو منــه كمــا لــو وقعــت فيــه اال كلــة‪ ".‬وقــد تنبــه‬ ‫ٔ‬ ‫صـ ــاحب المغنـ ــي )ج‪ ،١٣.‬ص‪ٕ (١٠١‬الـ ــى مسـ ــالة انسـ ــياب الـ ــزمن عنـ ــد‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫معالجته مسالة اكل الميتة اثناء المسـغبة‪ ،‬فاجـاز للجـائع ان ياكـل حتـى‬ ‫ٔ‬ ‫الشــبع "النــه ٕاذا اقتصــر علــى ســد الرمــق عــادت الضــرورة عليــه عــن قــرب‪،‬‬ ‫وال يتمكن من البعد عن الميتة مخافة الضرورة المستقبلة‪"...‬‬ ‫ٔ‬ ‫صــاحب "كشــاف القنــاع" ‪ -‬مــن انصــار هــذه الفتــوى والمنــافحين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عنه ـ ــا ‪ -‬يؤك ـ ــد ان الحنابل ـ ــة ايض ـ ــا اج ـ ــازوا للمض ـ ــطر اك ـ ــل المي ـ ــت غي ـ ــر‬ ‫ٔ‬ ‫المعصــوم‪ ،‬اي الــذي دمــه مبــاح‪ ،‬مثــل المرتــد والحربــي والزانــي المحصــن‬ ‫والقاتــل فــي المحاربــة‪ .‬ووافقــوا الشــافعية فــي القــول بجــواز قتــل الحربــي‬ ‫ٔ‬ ‫والمرتد واكـل لحمـه‪) .‬البهـوتي‪ ،‬كشـاف القنـاع عـن مـتن ا ٕالقنـاع‪ ،‬مطبعـة‬ ‫الحكومة‪ ،‬مكة‪ ،‬ج‪ ،٦.‬ص‪.(١٩٨.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فالكــافر الحربــي او المســلم المرتــد او الزانــي المحصــن‪ ...‬والحالــة‬ ‫ٔ‬ ‫هذه ‪ -‬حالة مجاعة ‪ -‬ال يحل فقط ماله وعرضه ودمـه )اي قتلـه( بـل يحـل‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اكله ايضا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫يتكشف هنا تصنيف بشري‪/‬اجتماعي‪ ،‬مغاير للمـالوف مـن حيـث‬ ‫الغائي ــة‪ :‬ف"الم ــؤمن" و"الك ــافر" تميي ــز دين ــي‪ ،‬و"الش ــرق" و"الغ ــرب"‬ ‫ٓ‬ ‫تمييــز ثقــافي‪ ،‬و"االري" و"الســامي" تمييــز عرقــي وهكــذا‪) ...‬ال نلتفــت هنــا‬ ‫ٕالى مصداقية هذه التصانيف(‪.‬‬ ‫هذه التمييزات تحيل على غاية واحدة هي التفوق والتعالي‪ :‬تفـوق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ديني‪ ،‬تفوق حضـاري‪ ،‬تفـوق جنسـي )دون ان نلتفـت ايضـا ٕالـى معالجـة‬ ‫ٔ‬ ‫من هو المتفوق فعال(‪ .‬قد يتولد عن هذا التعـالي اشـكال مـن االسـتغالل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫او االســتعباد او االســتعمار‪ ...‬لكــن االمــر ‪ -‬رغــم بشــاعته ‪ -‬ال يتعــدى هــذا‬ ‫المســتوى‪ ،‬بينمــا فــي حالتنــا‪ ،‬التــي نحــن بصــدد تحليلهــا‪ ،‬يتخطــى ذلــك‬ ‫ٔ‬ ‫حــدود البشــع ٕالــى االبشــع‪ ،‬ليصــبح عنــدنا تصــنيف بشــري‪/‬اجتمــاعي يميــز‬ ‫بين جماعة المفترسين )بكسر الراء( وجماعة المفترسين )بفتحها(‪.‬‬ ‫يحتــاج ضــبط هــذا التصــنيف ٕالــى تطويــق مرجعياتــه مــن الخلــف‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫النهــا مرجعيــات مركبــة تلـ ّـف الــديني والعســكري والكــارثي فــي ان واحــد‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ينبغ ــي قت ــل الك ــافر الحرب ــي‪ ،‬فه ــو ل ــيس بال ــذمي او المعاه ــد‪/‬المس ــالم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫والزان ــي المحص ــن )رغ ــم ٕاس ــالمه( الن ــه م ــرق ع ــن ال ــدين فينبغ ــي قتل ــه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫والمرت ـ ــد‪ ،‬الم ـ ــارق ايض ـ ــا‪ ،‬وال ـ ــذي تح ـ ــول ٕال ـ ــى حرب ـ ــي‪ .‬ه ـ ــذه المرجعي ـ ــة‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧١‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫ﻣﻼﺣﻖ‪ :‬اﻻﻓﺘﺮاس ﺟﻮﻋﺎ‬

‫• انطلقت السفينة ا ٕالنجليزية ‪ Glenmae‬من ميري الند ‪Maryland‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫في دجنبر ‪١٨٨٧‬م باتجاه بوينس ايرس‪ ،‬لكن العواصف القت بهـا‬ ‫ٔ‬ ‫جنوبــا بــين جــزر ســتاتن ‪ Staten Islands‬وارض النــار‪ .‬اســتطاع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫النـاجون ان يصـلوا ٕالـى االرخبيـل الصــخري حيـث قضـوا هنـاك عــدة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اسابيع على اراض عارية جرداء‪.‬‬ ‫اســتغل ‪ ١٥‬مــنهم تحســن الطقــس ونجحــوا فــي الوصــول ٕالــى فنــار‬ ‫يبعــد عــنهم بحــوالي ‪ ٢٥‬مــيال‪ ،‬وهنــاك قصــوا حكــايتهم المثيــرة‪ ،‬ذكــروا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫انهــم كــانوا يقتــاتون طيلــة المــدة الماضــية علــى االعشــاب البحريــة‪ .‬لكــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االمــواج التــي القــت بعــدد مــن البراميــل ٕالــى الشــاطئ كشــفت عــن مجــزرة‬ ‫ٓ‬ ‫بشــعة‪ٕ ،‬اذ داخــل البراميــل كانــت هنــاك جثــث ادميــة كـثيــرة تــم تقطيعهــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وتمليحها‪ .‬اجل فالرجال الخمسة عشر كـانوا قـد قتلـوا زمالءهـم االضـعف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واحتفظ ــوا به ــم ظن ــا م ــنهم ان م ــدة ٕاق ــامتهم باالراض ــي الج ــرداء س ــتدوم‬ ‫طويال‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫• في مطلع القرن ‪١٩‬م‪ ،‬عرضت حالة افتراس ادمـي‪ -‬فـي فرنسـا‪ -‬علـى‬ ‫الــدكـتور النفســاني ‪ Reisseissen‬بستراســبورغ‪ .‬ففــي يوليــوز ‪١٨١٧‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عاد احد العمال الزراعيين ٕالى بيته بعد غيبة دامت يومين‪ ،‬وسال‬ ‫ٔ‬ ‫زوجت ــه ع ــن طفلهم ــا االص ــغر )‪ ١٥‬ش ــهرا( لكنه ــا ل ــم تجب ــه‪ ،‬ولم ــا‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫حاصرها باالسئلة اشارت ٕالى خزانة في المطبخ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫فــي ٕاحــدى الزوايــا كانــت هنــاك ســلة مغطــاة‪ ،‬بعــد ان رفــع الرجــل‬ ‫ٔ‬ ‫الغطاء تعرف ابنه‪ ،‬مدرجا‪ ،‬في الدماء‪ ،‬وينقصه الطرف االيمن السفلي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫بعــد ٕالقــاء القــبض علــى الزوجــة اعترفــت بانهــا قتلــت طفلهــا بســبب‬ ‫ٓ‬ ‫ا ٕالمــالق الشــديد )تــذكر المجتمــع الجــاهلي الــذي وصــفته االيــة‪ :‬وال تقتلــوا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوالدك ــم خش ــية ٕام ــالق‪ ،(...‬وانه ــا نزع ــت ٕاح ــدى االرج ــل وطبخته ــا م ــع‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫الكرنب‪ ،‬واكلت جزء واحتفظت بجـزء اخـر للـزوج حـين يعـود‪ .‬وبالفعـل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تــم العثــور علــى اج ـزاء اخــرى للطفــل ّ‬ ‫مخزنــة فــي امــاكن مختلفــة‪ ،‬كمــا تــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العثور على عظم الفخذ االيمن وقد اكل لحمه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫رغــم ان التحقيــق لــم يثبــت ايــة حالــة مــن الجنــون‪ ،‬فـ ٕـان المحــامي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والمحق ــق مع ــا اصـ ـرا عل ــى ان المـ ـراة مختل ــة عقلي ــا "حفاظ ــا عل ــى ش ــرف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫البشرية"‪ ،‬فتمت ٕاحالة المراة على مستشفى لالمراض العقلية‪.‬‬ ‫ﻣﻨﺤﻨﻰ اﻟﻀﻤﻴﺮ‬

‫" َٔا ُي ِح ُّب َٔا َح ُد ُك ْم َٔان َي ْٔا ُك َل‬ ‫َ‬ ‫ل ْح َم َٔا ِخ ِيه َم ْي ًتا َف َك ِر ْه ُت ُم ُوه "‬ ‫الحجرات ‪١٢ /‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫العس ــكرية‪/‬الديني ــة توج ــب "القت ــل"‪ ،‬بينم ــا تمث ــل المرجعي ــة الكارثي ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)المجاعــة( الثغــرة التــي تجيــز "اال كــل"‪ .‬علــى ان المرجعيــة الدينيــة ‪ -‬علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االقــل ‪ -‬واضــحة فــي هــذه النقطــة بمــا فيــه الكـفايــة‪ :‬فالفعــل االول فعــل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"وج ــوب" اي ض ــرورة‪ ،‬فيم ــا الفع ــل الث ــاني فع ــل "ج ــواز"‪ ،‬اي اختي ــار‪.‬‬ ‫ٔ ـرى ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وعلــى مــن يــروم فهــم ظــاهرة "االفت ـراس" ان يقــف ‪ -‬مــرة اخـ ‪ -‬ويتامــل‬ ‫ٔ‬ ‫نزعاتها الطبيعية والثقافية‪ .‬الن تحديد النزعات ‪ -‬فضال عن المرجعيـات ‪-‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫مــن شــانه ان يحــدد كيفيــة تعامــل "المفتــرس" مــع وجبتــه‪/‬فريســته‪ ،‬اي‬ ‫ٔ‬ ‫رغبة ام حاجة‪.‬‬ ‫المرجعيـ ـ ـ ــات حملتنـ ـ ـ ــا لتحليـ ـ ـ ــل "البرانـ ـ ـ ــي" )عالقـ ـ ـ ــة المفت ـ ـ ـ ــرس‬ ‫بالفريس ـ ــة(‪ ،‬بينم ـ ــا تحملن ـ ــا النزع ـ ــات لتحلي ـ ــل "الج ـ ــواني" )النفس ـ ــاني‬ ‫المعتمل داخل المفترس( وفق محددات "الرغبة" و"الحاجة"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اال ك ــل حاج ــة‪ ،‬والش ــرب حاج ــة‪ ،‬والج ــنس حاج ــة‪ ...‬فا ٕالنس ــان ‪-‬‬ ‫كمث ــل ب ــاقي العض ــوانيات ‪ -‬محت ــاج للتغذي ــة ك ــي يع ــيش‪ ،‬ه ــذه حاج ــة‪،‬‬ ‫ضــرورة مــن ضــرورات الحيــاة‪ ،‬وانعــدامها يعنــي المــوت‪ .‬والشــرب كــذلك‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والجــنس ولــو انــه ال يــؤدي ٕالــى المــوت ٕاال ان الغريــزة الطبيعيــة الســوية‬ ‫ٔ‬ ‫تجعلــه ضــرورة لتحقيــق تــوازن نفســاني‪ ،‬وهكــذا‪ ...‬هــذه مواضــيع ســبق ان‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اشبعناها تحليال في مكان اخـر ) غـوردو‪ ،‬التمـدين والسـلطة‪ (.‬وصـنفناها‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ضمن "رموز السلطة"‪ .‬لكن هناك فرق بين ان ياكل ا ٕالنسان كي يضـمن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بقاءه حيا‪ ،‬وفي هذه الحالة ‪ -‬الحاجة ‪ -‬ياكل كل مـا يجـده صـالحا لال كـل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)هنا يتذكر ا ٕالنسان اصله البدائي‪ :‬انه حيـوان "قـارت"( شـريطة اال يـؤدي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بــه ٕالــى المــوت كــان يكــون مســموما مــثال‪ ،‬وبــين ان يــدخل ا ٕالنســان ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫احــد مطــاعم الخدمــة الذاتيــة "‪ " Self service‬حيــث يوضــع امامــه مــا لــذ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وطــاب‪ ،‬وهــو يختــار حســب شــهيته‪ :‬ففــي الحالــة االولــى اال كــل "حاجــة"‬ ‫وفــي الثاني ــة "رغبــة" ‪ -‬وقــد تلتقيــان ٔاحيانــا ‪ -‬رغــم ٔانهم ــا مع ــا مــن "رم ــوز‬ ‫السلطة"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫في الحالة االولى يحتاج "المفتـرس" ٕالـى مهـدئ نفسـي ‪-‬كاثارسـيس‬ ‫ )تطهير= ‪ (Catharsis‬حتى يسـتريح الضـمير المتعـب‪ ،‬وهـذا مـا تكـفلـه‬‫الفتــاوى الدينيــة )فــي الحالــة ا ٕالســالمية(‪ ،‬بينمــا يصــبح "االفت ـراس" فــي‬ ‫الحالة الثانية هو المهدئ الذي يريح النهم الداخلي للذة والمتعة‪ ،‬تماما‬ ‫ٔ‬ ‫كحاج ـ ــة الم ـ ــدمن للت ـ ــدخين‪ ،‬ف ـ ــالتوقف ع ـ ــن الت ـ ــدخين )او حت ـ ــى ع ـ ــن‬ ‫المخدرات( ال يؤدي للمـوت ٕاال فيمـا نـدر‪ ،‬بـل قـد تكـون لـه نتـائج حميـدة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫غالب ــا‪ٕ ،‬اال ان المــدمن يصــعب علي ــه‪ ،‬واحيان ــا يســتحيل عليــه‪ ،‬تجاه ــل‬ ‫اله ــاتف داخل ــه وال ــذي ي ــدعوه ٕبالح ــاح ٕالخ ـراج س ــيجارة ونف ــث س ــحابتها‬ ‫ٔ‬ ‫حوله وداخله ايضا‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫افتـراس اللحــم االدمــي "فعـل" واحــد‪ ،‬فــاالدمي هـو االدمــي ‪ -‬كيفمــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كــان جنســه او دينــه ‪ -‬واالفت ـراس هــو االفت ـراس ‪ -‬كيفمــا كانــت طقوســه او‬ ‫ٔ‬ ‫تقاليده ‪" ،-‬الفعل" واحد مهما اختلـف الزمـان او المكـان‪ ،‬لكـن الـدوافع‬ ‫ٔ‬ ‫تختل ـ ــف "حاج ـ ــة" ام "رغب ـ ــة"‪ :‬ح ـ ــدث ت ـ ــاريخي واح ـ ــد و"رم ـ ــوز س ـ ــلطة"‬ ‫متعددة‪.‬‬ ‫التعامــل مــع "رمــوز الســلطة" فــي تحليلنــا الســابق يجعلنــا نحــتفظ‬ ‫ٔ‬ ‫ببعض االستنتاجات‪ ،‬تحفظا من اي مالحظة جانبية مفاجئة‪:‬‬ ‫ٓ‬ ‫االمتــداد باتجــاه اللحــوم االدميــة وافتراســها فــي حالــة "رمــز ســلطة‬ ‫ٔ‬ ‫الحاجة" )اي المجاعة(‪ ،‬اسـتجابة لمحفـز طبيعـي ٕالخـراس غريـزة البقـاء‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وفي حالة "رمز سلطة الرغبة" )اي اللذة( استجابة لمحفـز ثقـافي ٕالخـراس‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫نشــوة االنتشــاء‪ .‬هــذا اســتنتاج اول‪ ،‬امــا االســتنتاج الثــاني المترتــب عنــه‬ ‫فيــتلخص فــي ٔانــه لــيس هنــاك مــا يلــزم المفتــرس بــاقتراف ســلوكه‪" .‬رمــوز‬ ‫الس ـ ــلطة" المحلل ـ ــة هن ـ ــا ت ـ ــدفع للس ـ ــلوك‪ ،‬نع ـ ــم‪ ،‬لكنه ـ ــا ال ت ـ ــؤدي ٕالي ـ ــه‬

‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بالضرورة‪ .‬اي ان هناك دائما هامش من االختيار ‪ -‬ولو ادى هذا االختيـار‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٕالــى االســوا ‪ -‬فالمجاعــة ال تحــتم علــى االدمــي اكــل االدمــي‪ ،‬النــه ٕبامكــان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الجــائع ان يفض ــل اختي ــار الم ــوت‪ .‬وكم ــا المجاع ــة‪ ،‬فاللــذة ايضــا ليس ــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ ٓ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ضــرورية الفت ـراس ادمــي ادميــا اخــر‪ ،‬الن الرغبــة قــد تكبــت‪ .‬علــى ان هــذا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التحفظ )االستنتاج الثاني( ال ينقص من صـالبة تحليلنـا قيـد انملـة‪ ،‬الننـا‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫حللن ـ ــا "الح ـ ــدث" كم ـ ــا وق ـ ــع فع ـ ــال‪ ،‬اي ان االفتـ ـ ـراس واقع ـ ــة تاريخي ـ ــة‬ ‫ملموس ـ ــة‪ ،‬ونح ـ ــن حللن ـ ــا رموزه ـ ــا الس ـ ــلطوية باعتباره ـ ــا تاريخ ـ ــا واق ـ ــع‪،‬‬ ‫ومستمر‪ ،‬الحدوث‪ ،‬وليس ممكن الحدوث‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٢‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻟﺮﻣﺰ اﻟﻔﺎﻋﻞ‪ :‬اﻟﻀﻤﻴﺮ‬

‫ٔ ٔ‬ ‫قلنا عند حديثنا عن الثار‪ ،‬بانه يتولد عن شـعور عميـق يمـزج بـين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الغضــب واال لــم دفعــة واحــدة‪ .‬والغريــب ان موضــوع "الثــار" يلتقــي فــي‬ ‫ٔ‬ ‫عمق التحليـل مـع موضـوع "الضـمير" فـي مسـالة "الغضـب"‪ ،‬ولعـل هـذا‬ ‫م ــا جع ــل "نيتش ــه" يكـت ــب ذات ي ــوم )ص‪(Nietzsche, La (٥٩.‬‬ ‫‪généalogie de la morale, trad. Henri Albert, Edit.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ Gallimard,1964‬بان المذنب – الذي اغضـب االخـرين – ينبغـي ان‬ ‫ٔ‬ ‫يعاقــب‪ ،‬ينبغــي‪ ،‬لكــي يكـفــر عــن ذنبــه‪ ،‬ان يعــوض حتــى لــو كــان هــذا‬ ‫ٔ‬ ‫التعــويض مجــرد الــم يعانيــه متســبب الضــرر‪ ،‬وذلــك حتــى يســدد دينــه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المســتدين يتعهــد امــام الــدائن بتســديد الــدين مــن االشــياء التــي يملكهــا‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عــادة عقــار او مــال او مــا شــابه‪ ...‬لكننــا فــي حالــة "الضــمير" امــام شــكل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫غريــب مــن التعــويض‪ :‬عــوض ان يســدد المــدين للــدائن نقــدا او عقــارا او‬ ‫ملكيــة مــا‪ٕ ...‬فانــه يعطيــه نوعــا مــن "االرتيــاح" فــي شــكل تعــويض‪ .‬ارتيــاح‬ ‫ال ــدائن يوازي ــه تع ــب الض ــمير وع ــذاب الم ــدين‪ .‬انظ ــر ٕال ــى ه ــذا االقت ـران‬ ‫العجي ــب ب ــين "ال ــذنب والش ــقاء"‪ ،‬اقت ـران بص ــورة مكين ــة ال فك ــاك له ــا‪.‬‬ ‫الضــمير المتعــب يــنغص العــيش‪ ،‬يلحــق الضــرر بالــذات‪ٕ ،‬انــه مهرجــان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حقيقــي لال لــم‪ ،‬وهنــا يلتقــي "الضــمير" و"الثــار" مــن جديــد‪ ،‬فــي صــورة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فج ـ ــة‪ ،‬ديماس ـ ــية‪ ،‬مؤلم ـ ــة‪ ،‬الن الض ـ ــمير يث ـ ــار م ـ ــن ص ـ ــاحبه‪ ،‬بجعل ـ ــه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مستســلما لال لــم‪ ،‬رغــم عبثيــة اال لــم وافتقــاده الي معنــى فــي احيــان كـثيــرة‬ ‫)ش ــكل ممايس ــميه ا‪.‬هكس ــلي "م ــا خ ــارج الظ ــاهرة" ‪.(Epiphénomène‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لكن ا ّنى له ان يطرده‪ ،‬او يتخلص منه‪ ...‬فلنتامل هـذا اللغـز المستعصـي‬ ‫عن الحل ولنستفسر عن كنهـه ومضـمونه عنـد شـخص مجـرب بمثـل هـذه‬ ‫ٔ‬ ‫اال لغــاز مثــل"فرويــد")‪ ( ١‬مــثال‪ ،‬فنجــده‪ ،‬رغــم التجربــة المســطورة‪ ،‬حــائرا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فــي االصــول‪ ،‬عــاجزا عــن ســبر الغوائــل واالغــوار‪ُ ،‬يرجــع البصــر‪ ،‬فينقلــب‬ ‫ٔ‬ ‫البصــر خاســئا حســيرا‪ .‬ثــم نستفســر كــرة اخــرى‪ ،‬بمــلء الفكــر عــن القــوة‬ ‫الجبريــة التــي جعلــت ماديــا متمرســا – نظريــة وتطبيقــا – مثــل "لينــين"‬ ‫يقــر بــالقوة الجبــارة للضــمير عنــدما يقرنــه بالشــرف‪ (٢)،‬فيرتــد الفكــر كلــيال‬ ‫مهزوما‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مسالة ٕاضافية اخرى ينبغـي التنصـيص عليهـا هنـا باالسـتتباع حتـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يتم هذا الموضوع الذي يبدو انه ال يكـتمـل ابـدا‪ .‬ف ٕـاذا كـان معنـى الضـمير‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ٕ - ٣‬اذا ســلمنا بــان الضــمير "مركــب مــن الخبـرات العاطفيــة القائمــة علــى اســاس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فهم ا ٕالنسان للمسؤولية االخالقية في المجتمع‪ ،‬وتقدير الفرد الخـاص الفعالـه‬ ‫وسلوكه‪ ".‬الموسوعة الفلسفية‪ٕ ،‬باشراف م‪ .‬روزنثال وب‪.‬يودين‪ ،‬ترجمة سـمير‬ ‫كرم‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪١٩٨٥ ،٥.‬م‪ ،‬ص‪(٢٨٢.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪" - ١‬الض ــمير ه ــو ا ٕالدراك ال ــداخلي النتب ــاذ بع ــض الرغب ــات الت ــي تس ــاورنا عل ــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اعتبار ان هذا االنتباذ ال يحتاج بطبيعة الحال ٕالى ذرائع يتعلـل بهـا وانـه واثـق‬ ‫ٔ‬ ‫من نفسه‪ ،‬وهذه الصـفة تتجلـى بمزيـد مـن الوضـوح بعـد فـي ٕاحساسـنا بالخطـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لــدى ٕادراكنــا و ٕادانتنــا الداخليــة الفعــال اتيناهــا تحــت تــاثير بعــض الرغبــات‪،‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ويبدو ان اي تعليل لهذه ا ٕالدانة فائض عن الحاجة‪ :‬فمن كـان ذا ضـمير فالبـد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وان يجد في دخيلة نفسـه تبريـرا لهـذه ا ٕالدانـة‪ ،‬والبـد ان تحـدو بـه قـوة داخليـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٕالى تانيب نفسـه وتانيـب االخـرين علـى بعـض االفعـال المقترفـة‪ ".‬س‪ .‬فرويـد‪،‬‬ ‫الطــوطم والح ـرام‪ ،‬ترجمــة جــورج طرابيشــي‪ ،‬دار الطليعــة‪ ،‬بيــروت‪،١٩٨٣ ،‬‬ ‫ص‪ .٩٢.‬ورغم ذلك ٕفان فرويد لم يستطع تحديد مصدره‪ ،‬و ٕان كان قد قدم له‬ ‫ٔ‬ ‫تعريفا‪ ،‬فهو يقول )ص‪" (٩٣.‬وهو ‪ -‬اي الضـمير ‪ -‬شـعور طبيعـي وفطـري بقـدر‬ ‫ٔ‬ ‫ما هو مجهول من حيث اصوله‪".‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ - ٢‬كـتــب لينــين بخصــوص الضــمير منوهــا بــه‪ٕ " :‬اذا بقــي بــين الفوضــويين انــاس‬ ‫ٔ‬ ‫لــم يتعظــوا بعــد تحــول كروبــوتكين وغ ـراف وكونيليســين واض ـرابهم مــن نجــوم‬ ‫ٔ‬ ‫الفوضــوية‪ ،‬التحــول البليخــانوفي ٕالــى اشــتراكيين شــوفينيين او ٕالــى فوضــويــي‬ ‫ٔ‬ ‫خنادق حسب تعبير غيه‪ ،‬احـد الفوضـويين القالئـل الـذين احتفظـوا بالشـرف‬ ‫ٔ‬ ‫والضــمير‪ ".‬الدولــة والثــورة‪ ،‬دار الطبــع والنشــر باللغــات االجنبيــة‪ ،‬موســكو‪،‬‬ ‫ط‪ ،٢.‬ص‪.١١٢.‬‬

‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫معقــدا‪ ،‬والبحــث عــن اصــله اعقــد‪ ،‬فـ ٕـان تحديــد نهايتــه او تشــكيل غائيتــه‬ ‫ٔ‬ ‫اشد تعقيدا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ينطلــق عــذاب الضــمير مــن مســالة محوريــة اساســية‪" :‬مــا كــان علــي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ان افعل ذلك" ثم يرتد صداها ٕالى الداخل‪ٕ ،‬الى "النفس" وبالضبط ٕالـى‬ ‫ّ‬ ‫"الــنفس اللوامــة" – باالصــطالح ا ٕالس ــالمي الكالس ــيكي – )اب ــن القــيم‪،‬‬ ‫ال ــروح‪ ،‬تحقي ــق محم ــد اس ــكندر يل ــدا‪ ،‬دار الكـت ــب العلمي ــة‪ ،‬بي ــروت‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ،١٩٨٢‬فصــل كامــل مــن ص‪ (... ٣٠٢.‬وغايتــه ان يــروض هــذه الــنفس‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫عنـد نهايـة المطـاف‪ ،‬فتتـوب عـن ا ٕالثـم المقتـرف وال تعـود ٕاليـه ابـدا‪ .‬اجـل‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫"مــا كــان علــي ان افعــل ذلــك" هــي الفكــرة المؤرقــة‪ ،‬المحزنــة‪ ،‬المرعبــة‪...‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المجبولة بكل انـواع اال لـم والعـذاب‪ ،‬وذات المفعـول السـحري المميـت‪.‬‬ ‫فهــي فكــرة بمفهــوم "االســتبطان" ‪) Introspection‬النظــر ٕالــى الــداخل‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالــى الظــواهر النفســية المســتبطنة واالنفعــاالت الداخليــة الخفيــة( والنهــا ‪-‬‬ ‫الفكــرة ‪ -‬تتضــمن صــيغة االرتعــاب التــي يعيهــا ا ٕالنســان )ذو الضــمير()‪،(٣‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕفانهـ ــا تتضـ ــمن ٕاذن صـ ــيغة مضـ ــمرة اخـ ــرى مترائيـ ــة خلفهـ ــا هـ ــي صـ ــيغة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫االرتــداع‪ ،‬النهــا فكــرة رادعــة مكبلــة حاضــرة بقــوة‪" :‬مــا كــان علــي ان افعــل‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ذلــك" تخفــي خلفهــا صــيغة اخــرى امــرة‪" :‬لــيس علــي ان افعــل ذلــك" و ٕاال‬ ‫ٔ‬ ‫سانقاد ٕالى الحالة المخيفة التي تطبق بمخالبها النارية على كـل مـن يعـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"ا ٕالثــم" ومــع ذلــك يرتمــي بــين احضــانه‪ ،‬اقصــد الحالــة المظلمــة لعــذاب‬ ‫الضمير‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫عــذاب الضــمير الــم ممــض ينــوء بكلكلــه علــى صــاحبه‪ ،‬يوقظــه مــن‬ ‫غفوته ويقوده ٕالى لحظات عيانية ملموسة من الشقاء الفعلي‪ ،‬الحقيقـي‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫خاصة وانـه يصـور الشـقاء بصـفته عقابـا عـن ذنـب‪ ،‬يسـمم حياتـه ويقـوده‬ ‫ٕالـ ــى تـ ــدمير نفسـ ــه بنفسـ ــه ٕاذا لـ ــم يـ ــتمكن مـ ــن محاص ـ ـرته عـ ــن كـثـ ــب‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫بالوص ــول ٕال ــى الخ ــالص‪ ،‬فيص ــار عندئ ــذ ٕال ــى حس ــم نه ــائي للمس ــالة ٕام ــا‬ ‫باالنص ـ ــياع ٕال ـ ــى لعن ـ ــة ا ٕالرادة العدمي ـ ــة‪ ،‬حي ـ ــث يرت ـ ــد الم ـ ــرء عل ـ ــى ذات ـ ــه‬ ‫ويستســلم للرغبــة فــي تــدميرها عبــر الســعي ٕالــى مزيــد مــن الشــقاء‪ ،‬و ٕامــا‬ ‫بالتوصــل ٕالــى ٕانقــاذ ا ٕالرادة نفســها بالتصــالح مــع الــذات ثــم مــع الحيــاة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ليهدا الضمير وينام‪ٕ ،‬باطالق "رصاصة الرحمة" على ا ٕالحساس بالذنب‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالــى ان يوقظــه‪ ،‬ربمــا‪ ،‬شــعور جديــد بــذنب جديــد‪ .‬امــا االحتمــال االخــر‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واالخير‪ ،‬فهـو ان تكـون "رصاصـة الرحمـة" قـد اصـابته فـي مقتـل ‪ٕ -‬اشـعار‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫ـاالحرى‬ ‫بــالموت النهــائي للضــمير‪ ،-‬ينــام فــال يســتيقظ بعــدها ابــدا‪ ،‬او بـ‬ ‫يســتيقظ عوضــا عنــه الــوحش الكــامن فــي ا ٕالنســان‪ ،‬الـوحش الــذي شــحذ‬ ‫ٔ‬ ‫مشــاعر العــداء فــال يشــعر بــا ٕالثم علــى اي ذنــب اقترفــه‪ ،‬بــل ال ي ـراه ذنبــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اصال‪ ،‬الوحش الذي يرتكب الشـر مـن اجـل لـذة ارتكابـه‪ ،‬الـوحش الـذي‬ ‫ّ‬ ‫"يؤله" الشر وينصبه على الذاكرة‪.‬‬ ‫عــذاب الضــمير طاحونــة ال تعــرف الشــفقة‪ ،‬مهمتهــا الــدوران ٕالنتــاج‬ ‫ٔ‬ ‫اال ل ــم والفظاع ــة والح ــزن والق ــرف والغياه ــب المظلم ــة‪ ...‬بتعبي ــر م ــوجز‬ ‫تسـ ــميم حيـ ــاة "العاصـ ــي"‪ :‬الـ ــذي عـ ــرف الحـ ــد وتجـ ــاوزه‪ ،‬عـ ــرف الـ ــذنب‬ ‫واقترفه‪ ،‬عرف ا ٕالثم وارتمى فيه‪ ...‬فليضع في غياهبه المظلمة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فـ ٕـاذا اردت ٕاذن اال تضــيع فــي هــذه الغياهــب المظلمــة‪ ،‬اال تســقط‬ ‫في الهوة السحيقة التي ال قـرار لهـا وال قعـر‪ ،‬فـال تفعـل "كـذا"‪" ،‬كـذا" هـو‬ ‫ا ٕالثم الـذي ينبغـي اجتنابـه وتفاديـه‪ .‬ولكـي تحسـن اجتنابـه وتفاديـه فعلـى‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٣‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الض ــمير ان يبق ــى يقظ ــا ط ــول الوق ــت‪ ،‬الن يقظت ــه وح ــدها تنتش ــل م ــن‬ ‫ٔ‬ ‫الســقوط وتضــمن عــدم الضــياع فــي ضــباب التشــاؤم واليــاس‪ ،‬عبــر كــبح‬ ‫ٔ‬ ‫جماح الرغبة في ا ٕالساءة لغير‪ .‬امـا ٕاذا كانـت الرغبـة جامحـة عارمـة تجـرف‬ ‫نحــو شــالل الــذنب‪ ،‬فعليــك حينئــذ التكـفيــر عــن الكـفــر بالمنظومــة التــي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تــؤطر المجتمــع المــنظم الــذي اســات ٕاليــه‪ .‬فكمــا اســات للغيــر عليــك ان‬ ‫تســيء لنفســك‪ ،‬بتعــذيب الــذات وامتهانه ــا والقصــاص منهــا‪ ،‬علــى قــدر‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫الجــرح الــذي الحقتــه بــاالخرين‪ ،‬بالمنظومــة المــؤطرة التــي تعــيش فيهــا‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ينبغــي ان يكــون حجــم الرعــب المســتبطن داخلــك‪ ،‬حجــم تحقيــر الــذات‬ ‫ٔ‬ ‫وسلخ جلدها‪ ،‬وال ٔتا ّ‬ ‫خذنك بهـا رحمـة او شـفقة‪ ،‬هـي التـي لـم تشـفق علـى‬ ‫ّٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫االخرين وترحمهم‪ ،‬هذه القذرة الخراب االمارة بالسوء‪ ،‬عليك ان تقـتص‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫منه ــا بك ــل م ــا اوتي ــت م ــن عن ــف وش ــدة‪ ،‬وال ــذي يت ــولى ذل ــك ه ــو ان ــت‬ ‫بالذات‪ ،‬ضميرك هو الجالد‪ ،‬والعذاب هو المقصلة‪.‬‬ ‫ﺷﻬﺎدات ﻣﻌﺎﺻﺮة‬

‫ٔ‬ ‫• فـي نـونبر‪١٩٨٠‬م نشـر ‪ Paul Riggs‬ـ اسـتاذ الجينيالوجيـا بجامعـة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫كاليفورني ــا ـ وث ــائق تؤك ــد ب ــان اخ ــوال المرش ــح الجمه ــوري للبي ــت‬ ‫ٔ‬ ‫االبــيض "رونالــد ريغــن" قــد افترســوا بعضــهم بعضــا‪ .‬وبالفعــل كــان‬ ‫ٔ‬ ‫االخوال الثالثة قد لجؤوا ٕالحـدى المغـارات بجبـال روكـي بكولـورادو‬ ‫لالحتماء بها من عاصفة ثلجية دامت طويال‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫بع ــد اس ــبوعين تمك ــن الج ــوع م ــن الخ ــالين‪ Daniel :‬و‪Charlie‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫فقررا اكل اخيهما ‪ Alexandre‬الذي توفي في المغارة من جراء جروحـه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فتم تقطيع بعض االجزاء ٕالى قطع صغيرة وابتالعها‪ .‬هذا مـا اكدتـه وثـائق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫محاكمــة ‪ Denver‬الشــهيرة‪ ،‬التــي براتهمــا‪ ،‬النهمــا اقترفــا "ا ٕالثــم" تحــت‬ ‫ٔ‬ ‫ضغط الجوع الذي افقدهما كل تفكير سليم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫بعد ذلك ظهر "ريغن" علـى شاشـة التلفزيـون يطمـئن االمـريكيين‬ ‫قائال‪" :‬ال داعي للخوف فالكانيبالسم ليس وراثيا‪".‬‬

‫ٓ‬ ‫تجيز الفتاوى الشـرعية )بالنسـبة للمسـلمين( افتـراس االدمـي ‪ -‬فـي‬ ‫ظ ــروف خاص ــة ش ــرحناها ‪ -‬لك ــن م ــا ال ي ــتم االنتب ــاه ٕالي ــه بس ــرعة‪ ،‬عن ــد‬ ‫ٔ‬ ‫مطالعــة النصــوص‪ ،‬ان المنظومــة االجتماعيــة كانــت تحجــم عــن ارتكــاب‬ ‫هذا الحرام‪/‬المباح ‪ -‬رغم الكاثرسيس الديني ‪ -‬وهو ما يفسر كـثرة الموتان‬ ‫ٔ‬ ‫اثناء المجاعات‪ .‬لماذا هذا "التمـرد" المضـمر علـى نصـوص شـرعية تسـعى‬ ‫ٕالــى تف ـريج الغمــة و ٕازاحــة الكربــة؟ مــا هــو الحــاجز الــذي ينتصــب للشــرع‬ ‫بالمرصاد ويجعل الناس تختار الموت على الحياة؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ينبغ ــي للت ــذكير ‪ -‬اوال ‪ -‬ب ــان لك ــل س ــلوك دوافع ــه الت ــي توجه ــه‪،‬‬ ‫بلغتنــا نحــن "رمــوز ســلطته"‪ ،‬وظفنــا منهــا فــي تحليــل "االفت ـراس" عــدة‬ ‫نماذج‪ .‬لكن ما هو الرمز الذي يدفع ل ٕالعراض عن االفتراس؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لننب ــه ‪ -‬ثاني ــا ‪ٕ -‬ال ــى ان موض ــوعنا االص ــلي ه ــو "االفت ـراس" ول ــيس‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"ا ٕالعراض عـن االفتـراس"‪ ،‬لكـن مـا دام ان هـذا يـرتبط بـذاك‪ ،‬او انـه يقـع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫فــي ظلــه‪ ،‬فــال بــاس ان نوليــه شــيئا مــن التحليــل‪ ،‬الن المقابلــة‪/‬المقارنــة‬ ‫بين الموضوعين قد تكون مفيدة جدا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ونح ــن نتام ــل الش ــهادات "الحيـ ـة" المباش ــرة‪ ،‬او غي ــر المباش ــرة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫لوقــائع االفتـراس‪ ،‬تســترعي انتباهنــا بعــض ا ٕالشــارات‪ ،‬او التعقيبــات التــي‬ ‫ٓ‬ ‫ذكرهــا ا ٕالخبــاريون دون شــعور مــنهم‪ ،‬بــل ربمــا بطريقــة اليــة تقــع خــارج‬ ‫وعـيهم التــام‪ ،‬لكنهــا تعبــر عــن حـالتهم النفســية ٕازاء واقعــة االفتـراس‪ .‬مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ضــمن هــذه الشــهادات استســالم ابــن بطوطــة لشــعوره الــداخلي بعــد ان‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫قص علينا رواية الرجل الذي ُوجد ‪ -‬اثناء مجاعة وهـو يشـوي رجـل ادمـي‬ ‫ٔ‬ ‫وياكل منها‪ -‬علـق الرحالـة المغربـي علـى الحادثـة مباشـرة بقولـه‪" :‬والعيـاذ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ب ـ ــاهلل"‪ .‬ه ـ ــذا ق ـ ــاض‪ ،‬س ـ ــليل عائل ـ ــة قض ـ ــاة اص ـ ــيلة‪ ،‬متم ـ ــرس باحك ـ ــام‬ ‫المــذاهب‪ ،‬مــن خــالل تكوينــه وتجوالــه‪ ،‬يستســلم لنفســه فيسـتعيذ بــاهلل‬ ‫ٔ‬ ‫من سلوك يفترض انه يشرعن له ويفتي بجوازه؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫هذه ٕاشـارة اولـى‪ ،‬امـا ا ٕالشـارة الثانيـة فقـد وردت عنـد ابـن عـذاري‪،‬‬ ‫وه ــو يص ــف مجاع ــة بلنس ــية‪) ،‬ج‪ ،٤.‬ص‪" :(٣٩.‬وبينم ــا الرج ــل يمش ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ســقط ميت ــا" وه ــي ٕاش ــارة توض ــح وتؤك ــد م ــا ورد ف ــي ا ٕالش ــارة االول ــى‪ ،‬الن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المعني باالمر رفض السلوك المؤدي لالفتراس ٕالى ان سقط ميتا‪.‬‬ ‫مــا الــذي يمكــن االحتفــاظ بــه مــن مثــل هــذه الشــهادات بالنســبة‬ ‫للعالقة بين االفتراس وا ٕالعراض عنه؟‬ ‫ٔ‬ ‫نح ــن ‪ -‬ف ــي االستش ــهاد الث ــاني ‪ -‬ام ــام موق ــف رج ــل م ــن العام ــة‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يســتهجن او يستبشــع افت ـراس االدمــي ٕالــى ان يســقط ميتــا‪ ،‬ونحــن ‪ -‬فــي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫االستشــهاد االول‪ -‬امــام قــاض يجســد لنــا‪ ،‬رغــم علمــه بــدقائق المعضــلة‪،‬‬ ‫مفارقـة سـلوكية بـين طـرفين متعارضـين سـلوكيا )ال نستحضـر هنـا الطــرف‬ ‫الثالث الذي يدفعـه رمـز "اللـذة"(‪ .‬يجسـد الطرفـان معـا منظومـة السـلوك‬ ‫ٔ‬ ‫المستســلم لظرفيــة حرجــة )المجاعــة(‪ ،‬لكــن باســلوبين مختلفــين تمامــا‪:‬‬ ‫بين شعور بانتباذ مقرف يجعل قاضيا يستعيذ بـاهلل منـه‪) .‬ضـمنيا يفضـل‬ ‫االستسالم للمـوت( وشـعور ثـان يمتـاز بنـوع مـن الـرفض "ا ٕاليجـابي"‪ :‬فهـو‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يوافق علـى ان التصـرف مقـرف‪ ،‬لكـن داعـي الحيـاة داخلـه يـابى االنصـياع‬ ‫للجوع والموت‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫غيــر ان هــذه االستشــهادات تتميــز فضــال عــن طابعهــا ا ٕالخبــاري –‬ ‫ومن خالل استسالم ا ٕالخباريين لذواتهم – بسعيها ٕالـى توجيـه السـلوك‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫او الشــعور العــام مــن خــالل تبشــيع المستســاغ الجــائز او تســويغ البشــع‬ ‫المدان‪ .‬االستشهادات التي عرضـنا لهـا تحيلنـا علـى الشـعور العميـق الـذي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫رسخته "الثقافة" في المجموعـات البشـرية‪ ،‬او علـى االقـل جـزء كبيـر مـن‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫• في الحادثة الجوية الشهيرة بجبال االنديز سنة ‪١٩٧٢‬م‪ ،‬بعد تـردد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫طويــل لجــا النــاجون ال كــل جثــث رفــاقهم المــوتى‪ ،‬كــان علــيهم ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يقنعـوا انفسـهم بسـلوك االفتـراس‪ .‬مـن بـين مـا قالـه احـد الحاضــرين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)طالب في كلية الطب(‪" :‬االرواح قد غادرت االجسـاد ٕالـى السـماء‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫هي االن بين يدي خالقها‪ ،‬مـا يوجـد امامنـا االن ليسـت ٕاال هياكـل‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫كـتل من لحم‪ ،‬ال حياة فيها‪ ،‬قطيع ناكله‪".‬‬ ‫وللتخفي ـ ــف م ـ ــن العـ ــبء ال ـ ــذي ٔاص ـ ــبحوا يرزح ـ ــون تحت ـ ــه تعاه ـ ــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫النــاجون‪ ،‬وعــددهم ‪ ٢٧‬شخصــا‪ ،‬علــى انــه ٕاذا مــات احــدهم ٕفانــه يقــدم‬ ‫ٓ‬ ‫جسده غذاء لالخرين‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لــم يــتم االقت ـراب مــن الجثــة االولــى ٕاال بعــد الي و ٕاحســاس شــديد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ب ـ ــالمرارة‪ .‬اخ ـ ــذوا عل ـ ــى انفس ـ ــهم اال يقرب ـ ــوا بع ـ ــض االعض ـ ــاء‪ ،‬وال جث ـ ــث‬ ‫ٔ‬ ‫االق ــارب‪ .‬اخت ـراق "المحظ ــور" ك ــان ثق ــيال عل ــى ال ــنفس‪ ،‬وبع ــد م ــداوالت‬ ‫ٔ‬ ‫طويلــة‪ ،‬تــم تقطيــع الجثــة االولــى ٕالــى قطــع صــغيرة‪ ،‬مــذاقها كــان مقرفــا‬ ‫ٔ‬ ‫للبعض ٕالى درجة الغثيان‪ ،‬لذا لجؤوا ٕالى خلط اللحـم بمـواد اخـرى حتـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫يص ــبح مستس ــاغا‪ .‬ال ــبعض االخ ــر لج ــا للن ــار لطهي ــه حت ــى ي ــتمكن م ــن‬ ‫ابتالعــه… لكــن شــيئا فشــيئا‪ ،‬وتحــت ضــغط الجــوع تــم التهــام الجثــث‬ ‫ٔ‬ ‫جميعا الواحدة تلو االخرى‪.‬‬

‫اﻟﻀﻤﻴﺮ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٤‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٓ‬ ‫هــذه المجموعــات‪ ،‬وهــو الشــعور الــذي يــؤدي ٕالــى تاكــل الحكــم الشــرعي‬ ‫المب ــيح لفع ــل االفت ـ ـراس‪ ،‬رغ ــم بع ــض "التج ــاوزات"‪ ،‬وعلي ــه ف ـ ٕـان رم ــز‬ ‫"الض ــمير" يب ــدو لن ــا قوي ــا ف ــي توجي ــه الن ــاس نح ــو ا ٕالع ـ ـراض ع ــن فع ــل‬ ‫االفتراس‪ ،‬والتحفظ بالتالي على النصوص الشرعية المجيزة له‪.‬‬ ‫لربمــا جــاز لنــا اعتبــار هــذه االستشــهادات‪/‬اللوحــات‪ ،‬مؤشـرا كافيــا‬ ‫للتعبير عن ازدواجية ا ٕالحساس الجمـاعي العـام‪ .‬فلكـل استشـهاد مدلولـه‬ ‫الميــداني ومجالــه الزمــاني‪/‬المكــاني الخــاص‪ ،‬لكــن مــا يجمــع بينهــا علــى‬ ‫اخــتالف لويناتهــا‪ ،‬هــو ٔان ظرفيتهــا المــؤطرة العامــة واحــدة )مــرة ٔاخــرى‬ ‫ٔ‬ ‫نش ــير ٕال ــى انن ــا هن ــا ال نتح ــدث ع ــن االفتـ ـراس رغب ــة‪/‬ل ــذة( وه ــي ظرفي ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المجاعـ ــة‪ ،‬او بـ ــاالحرى "زمـ ــن" المجاعـ ــة الـ ــذي افـ ــرز هـ ــذه الثنائيـ ــة فـ ــي‬ ‫السلوك‪ ،‬ومن ثم ازدواجية الشعور العام‪.‬‬ ‫الغفلــة عــن الــزمن التــاريخي المتطــور تســحبنا ٕالــى التغاضــي عــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫طرح االسئلة المحرجـة المحيطـة بالمجاعـة‪ٕ ،‬اذ يجـب ان نفكـر فـي الـزمن‬ ‫الــذي تس ــتغرقه المجاع ــة بش ــيء مــن الــبطء حت ــى نتمثــل بوضــوح واق ــع‬ ‫الحال‪ ،‬وال نعني بالواقع هنا المجال الموضوعي المحيط بمقترف الفعـل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)اي االفتـراس( بقــدر مــا نعنــي بــه كــذلك‪ ،‬او ربمــا اكـثــر مــن ذلــك‪ ،‬واقعــه‬ ‫ٔ‬ ‫ال ــداخلي المع ــتم‪ ،‬اي نفس ــيته المقه ــورة‪ ،‬الح ــائرة ب ــين اقتـ ـراف الفع ــل‬ ‫ٔ‬ ‫وعدم ــه‪ ،‬ب ــين الفت ــاوى المش ــفقة المرثي ــة‪ ،‬والقي ــود االخالقي ــة الثقافي ــة‬ ‫ٔ‬ ‫المكبلــة‪ .‬ص ـحيح ان الــدين يبــيح الفعــل تحــت قاعــدة "الضــرورات تبــيح‬ ‫ٔ‬ ‫المحظ ــورات"‪ ،‬لك ــن الفع ــل المب ــاح هن ــا ل ــيس اي فع ــل‪ :‬ل ــيس تع ــاطي‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مســكر او فاحشــة‪...‬او اي "ح ـرام" اخــر جــرت العــادة علــى انتهاكــه م ـرارا‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فاصــبح انتهاكــه مــن قبيــل المــالوف‪ .‬الح ـرام‪/‬المبــاح هنــا‪ ،‬رغــم ٕاباحتــه‪،‬‬ ‫قاس‪ ،‬مدمر‪ ،‬ال يحدث كل يوم‪ ،‬وال كل شهر‪ ،‬بل ربما ال يحـدث ٕاال مـرة‬ ‫واحدة في العمر‪ ،‬ولبعض الناس فقط‪ ،‬وفي ظروف معينة فقط‪ ...‬لـذلك‬ ‫ٔ‬ ‫فهو رغم ٕاباحته فعل تنكره النفس وتنفر منه‪ ،‬النه يظل في قرارتهـا فعـال‬ ‫"حرامــا‪ٕ /‬اجراميــا" يجلــب العــار‪ ،‬كيفمــا كانــت الفتــاوى والتبريـرات‪ .‬وربمــا‬ ‫هــذا مــا يفســر كـثــرة الموتــان فــي الظــروف التــي نحــن بصــدد تحليلهــا‪ ،‬فلــو‬ ‫ٔ‬ ‫كانــت المســالة بســيطة‪ ،‬خاصــة فــي حضــور رخــص دينيــة مبيحــة النتهــاك‬ ‫المحرم‪ ،‬لكان عدد معين من الجثث البشرية‪ ،‬ممن عجل الموت بهـم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ك ــاف ٕالطع ــام االع ــداد االخ ــرى‪ ،‬لك ــن والن المس ــالة اكب ــر حت ــى م ــن ان‬ ‫ٔ‬ ‫تكــون مســتهجنة‪ ،‬فالغالبيــة العظمــى كانــت تــانف مــن اقترافــه وهــو مــا‬ ‫يفسر مزيدا من الموتان‪.‬‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لــك ان تختــار‪ ،‬ايهــا القــارئ‪ ،‬بــين ان تمــوت جوعــا‪ ،‬او ان تاكــل‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫جيف ــة ادمي ــة؟ ال نه ــدف م ــن وراء ه ــذا الع ــرض ان ن ــزج ب ــك ف ــي اختي ــار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مــزعج‪ ،‬ان نكـتــب تاريخــك انــت‪ ،‬لكــن فقــط لنجعلــك تــدرك مــا حــدث‬ ‫فعال ٕاذاك‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ال ب ــد م ــن االعتـ ـراف ب ــان االختي ــار ص ــعب ومري ــر‪ :‬م ـ ـرارة الم ــوت‬ ‫ٔ‬ ‫البطيء من جهة‪ ،‬ومرارة اكل لحم بشري غير مستساغ من جهة ثانية‪.‬‬ ‫الم ـ ــوت يعن ـ ــي الخ ـ ــالص واالستسـ ــالم للراح ـ ــة‪ ،‬لك ـ ــن "جغرافي ـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الجــوع" تخبرنــا بــان مراحلــه طويلــة ومعقــدة قــد تصــل عــدة اســابيع احيانــا‬ ‫ٔ‬ ‫يم ــر خالله ــا الج ــائع بع ــدة مراح ــل ب ــدء ب ــدوار ال ـراس والص ــداع الخفي ــف‬ ‫ووصــوال ٕالــى حالــة الغيبوبــة وا ٕالغمــاء الطويــل‪ .‬فــالموت خــالص‪ ،‬راحــة‪،‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لكن الثمن باهظ ايضـا‪ .‬هـذا هـو االختيـار االول‪ ،‬امـا االختيـار الثـاني فهـو‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بكــل بســاطة‪ ،‬او بكــل تعقيــد‪ ،‬اكــل لحــم بشــري‪ .‬قــد يعنــي ذلــك النجــاة‪،‬‬ ‫لكــن مــاذا ســيقول النــاجي الحقــا؟ كيــف سيفســر نجاتــه مــن الكارثــة بعــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ذل ــك؟ وحت ــى ٕاذا لج ــا ٕال ــى "التعت ــيم" فاس ــدل س ــتارا م ــن الص ــمت ام ــام‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫الغيـ ــر‪ ،‬وك ـ ــف عـ ــن الكـ ــالم فـ ــي الموضـ ــوع‪ ،‬او لجـ ــا السـ ــلوب المراوغـ ــة‬

‫والمــداراة مــع الغيــر‪ ...‬فكيــف يواجــه دخيلتــه؟ كيــف ســيخرس الصــوت‬ ‫الداخلي الذي يطارده بالمساءلة والتعنيف؟ سيبقى دائما بداخلـه صـارخ‬ ‫ٔ‬ ‫ال يسمعه احد سواه‪ ،‬مكـتوم ربما‪ ،‬لكـن فيـه مـن القـوة مـا يكـفـي لسـحبه‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالــى حافــة الجنــون‪ ،‬عبــر جحــيم االســئلة مــن عــذابات الضــمير ووخزاتــه‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫مكـتــوم علــى االخــرين‪ ،‬لكــن ال يســتطيع كـتمــه او ٕاخراســه علــى ذاتــه‪ٕ :‬انــه‬ ‫"الضمير"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اغرب ما في "الضمير" انه معقد تعقد الواقـع الـذي افـرزه – الواقـع‬ ‫ٔ‬ ‫الــذاتي والموضــوعي – بحيــث يصــبح احيانــا "متطرفــا" زيــادة عــن اللــزوم‬ ‫)راجع تعريف فرويد المنصوص عليه في هذا الفصل(‪.‬‬ ‫فالكاثرسيس )يساوي( الفتاوى‪ ،‬في الحالة التي نعالجها‪ ،‬ال يبـدو‬ ‫ٔ‬ ‫مقنع ــا بم ــا في ــه الكـفاي ــة‪ :‬ق ــد يفت ــرس المس ــلم )حت ــى الس ــني االصـ ــيل(‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الخنزيـ ـ ــر‪ ،‬او الميتـ ـ ــة‪ ،‬او اي شـ ـ ــيء اخـ ـ ــر‪ ...‬فـ ـ ــي الظـ ـ ــروف االسـ ـ ــتثنائية‬ ‫ٔ‬ ‫كالمجاعــات‪ ،‬الن الضــرورات تبــيح المحظــورات‪ ،‬والشــارع قــد تــرك بــاب‬ ‫"المصـ ـ ــالح المرسـ ـ ــلة" مفتوحـ ـ ــا علـ ـ ــى مص ـ ـ ـراعيه لمثـ ـ ــل هـ ـ ــذه الظـ ـ ــروف‬ ‫االســتثنائية بالضــبط‪ ،‬لكــن رغــم ذلــك يقــف الشــرع هنــا مشــلوال‪ ،‬شــلال‬ ‫ٔ‬ ‫شـ ــبه تـ ــام‪ ،‬عـ ــن اداء دوره "التهـ ــديئي" لعمـ ــوم المسـ ــلمين‪ ،‬فضـ ــال عـ ــن‬ ‫خاصتهم‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫من يقرا الفتوى ٕبامعان وبذهنية المؤرخ يخـرج بانطبـاع نظـري عـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ظرفهــا االجتمــاعي اكـثــر ممــا يلتفــت لموضــوع التحليــل او التحــريم رغــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اهميتــه‪ .‬الفتــوى هنــا ليســت ضــربا مــن النظــر الفقهــي التــاملي فــي الممكــن‬ ‫ٓ‬ ‫والمحتم ــل )االراتي ــة؟( ب ــل ه ــي واق ــع ت ــاريخي ال ينفص ــل ع ــن مجتمع ــه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫المنظ ـ ــور الفقه ـ ــي الت ـ ــاملي ال يلتف ـ ــت للفت ـ ــوى ٕاال ف ـ ــي نتيجته ـ ــا العام ـ ــة‬ ‫)التحليــل‪/‬التحــريم(‪ :‬الهــدف معرفــي ‪ -‬تعليمــي‪ٔ ،‬امــا الفتــوى مــن المنظــور‬ ‫الت ــاريخي فه ــي وس ــط ح ــي يع ــيش ظروفه ــا االجتماعي ــة واالقتص ــادية‬ ‫ٓ‬ ‫ويتحمل اثارها النفسية‪.‬‬ ‫ٕان التنصيص على العالقة‪ :‬الضمير‪/‬الفتوى‪ ،‬هي التـي تفسـر حالـة‬ ‫"الفصــام" التــي تعيشــها "نفســانية الجماعــة"‪ٕ .‬اذ فــي الوقــت الــذي يقتنــع‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فيه البعض – ويبدو انهم كانوا قلـة – بـالفتوى كمتـنفس او اداة مرجعيـة‬ ‫ٓ‬ ‫ٕالراحــة الضــمير ومــن ثــم االســتراحة‪ ،‬يبــدو االخــرون – الغالبيــة – غيــر‬ ‫قادرين تمامـا علـى هضـم واستسـاغة الفتـوى فضـال عـن هضـم واستسـاغة‬ ‫ٓ‬ ‫اللحم االدمي الذي تجيز افتراسه‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تاسيســا علــى هــذا التحليــل‪ ،‬فـ ٕـان اقــل مــا يجــب االنتبــاه ٕاليــه عنــد‬ ‫ٔ‬ ‫مقابل ــة الض ــمير‪/‬الفت ــوى‪ ،‬ه ــو تغل ــب م ــا اس ــميناه "رم ــز الض ــمير" عل ــى‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كاثرســيس الفتــوى‪ ،‬اي ان وزنــه االجتمــاعي هــو ال ـراجح‪ .‬ولنــا ان نعتبــره‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫نوعا مـن التشـبث ا ٕالرادي – بمـا ان االمـر يتعلـق ب ٕـارادة حـرة – بمرجعيـة‬ ‫ٔ‬ ‫"الثقاف ــة" )بمنحاه ــا ا ٕالنس ــاني الع ــام(‪ ،‬دون ان يعن ــي ذل ــك اس ــتهداف‬ ‫المرجعية الدينية‪ٕ ،‬اذ عندما وضعنا الضمير في مقابـل الفتـوى‪ ،‬لـم يكـن‬ ‫ٔ‬ ‫ليغيــب عــن ذهننــا اننــا بصــدد الحــديث عــن مجتمــع مســلم فــي النهايــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫فالمقابل ــة هن ــا ال تعن ــي التع ــارض والتض ــاد بق ــدر م ــا تخت ــزل اس ــلوبا ف ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المفاضلة‪ ،‬ينتهـي ٕالـى تغليـب رمـز مـن الرمـوز‪ ،‬اي الرمـز الفاعـل اكـثـر فـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الظ ــاهرة االجتماعي ــة‪ ،‬دون اق ــتالع ب ــاقي الرم ــوز‪ ،‬او محاول ــة تخطيه ــا او‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫طمســها‪ ،‬الننــا نحلــل عمليــا "مركــب رمــوز" رغــم ان الظــاهرة المســتهدفة‬ ‫واحدة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫فــي ظــل اجــواء كهاتــه )ظرفيــات المجاعــات(‪ ،‬تتكــوم فيهــا الجثــث‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫في االزقة والطرقات‪ ،‬تعد علينا المصادر االف الضحايا‪...‬كيف يربا المـرء‬ ‫ٔ‬ ‫على نفسه‪ ،‬وهو ما زال فيـه بعـض الرمـق‪ ،‬اال يشـد هـذا الرمـق بلقمـة مـن‬ ‫هذه الجثث؟‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٥‬‬


‫ﻋﺮض ﻛﺘﺎب‬

‫هــل للضــمير كــل هــذه المقــدرة علــى الترهيــب مــن حيــاة مســتقبلية‬ ‫مهين ــة فــي حــال ا ٕالق ــدام – ولــو خلســة – عل ــى فع ــل االفت ـراس‪ ،‬بحي ــث‬ ‫يشرد بصاحبه ٕالى تصور بناء من الجحـيم الـذي لـن يطمـئن فيـه بعـد ٕالـى‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االخــرين‪ ،‬بــل و ٕالــى نفســه ايضــا؟ جحــيم يضــطره الرتــداء الــف قنــاع لكــي‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫يخف ــي ع ــن االخ ــرين وج ــه المفت ــرس الحقيق ــي "اك ــل البش ــر" الم ــتعطش‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫للدماء؟ اليست هذه هي اقماط الذبح المتينـة التـي تستحضـر المـوت فـي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ابرع اشكاله؟‬ ‫لنرج ــع بالوق ــائع ٕال ــى ص ــيغها ا ٕالنس ــانية الت ــي نعرفه ــا‪ :‬ه ــؤالء بش ــر‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مثلنـا‪ ،‬يطلـب مـنهم ان يـاكلوا بشـرا مثلنـا ايضـا‪ٔ :‬اال يحتـاج االمـر فعـال ٕالـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫شيء من التنكر والتقنع؟ السنا نطلب من ا ٕالنسان‪ ،‬بمـا هـو ٕانسـان‪ ،‬ان‬ ‫يطــرح ســقط متاعــه‪ٔ ،‬اعنــي ٕانســانيته‪ ،‬جانبــا‪ ،‬لــبعض الوقــت‪ٔ .‬ان يتعــرى‬ ‫ٔ‬ ‫مــن شـرنقة الثقافــة‪ ،‬مــن كــل مــا خلفــه التــاريخ وانجزتــه الحضــارة‪ ،‬ليعــود‬ ‫ٔ‬ ‫بدائيا همجيا كما كان‪ ...‬بل اكـثر مما كان؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ال ــيس اس ــهل علي ــه ان ينق ــاد له ــذا الض ــمير الكاس ــر‪ ،‬فيستس ــلم‬ ‫ٔ‬ ‫للمــوت البطــيء فــي عــزة وشــموخ‪ ،‬وفــي وضــوح ايضــا‪ ،‬بــدال مــن ارتــداء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اقنعــة وطــرح اخــرى وتبريــر مــا ال يبــرر لعيــون نهمــة‪ ،‬وقحــة‪ ،‬جبانــة‪ ،‬ال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تتجرا حتى على طرح السؤال لكنها تكــتم تانيبـا ال يكـاد يبـين‪ ،‬تخفـي فـي‬ ‫زجاجها جالدا سيفه اللسان؟‬ ‫ٔ‬ ‫مستاء‪ ،‬معذب‪ ،‬مرتبك‪ ،‬عاجز عـن الـتخلص مـن اسـاه العميـق‪...‬‬ ‫هــذه حالــه التــي يصــورها الضــمير‪ ،‬ســحقا لهــا مــن حــال‪ ،‬ومرحــى بمعانــاة‬ ‫ٔ‬ ‫الرم ــق االخي ــر‪ ،‬باش ــتهاء الم ــوت ٕان ك ــان م ــدعاة للتف ــاخر والتب ــاهي‪ .‬م ــع‬ ‫وجــود كــل هــذه الجثــث‪ ،‬وكــل هــذه الفتــاوى المجيــزة لالفت ـراس‪ ،‬يبــدو‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الضــمير للفكــر ســخيفا اخــرق‪ .‬يستشــيط الفكــر غيظــا وهــو يتامــل منجـزات‬ ‫ٔ‬ ‫الضـمير وصــروحه وهــي تتعـالى علــى انقــاض ّ‬ ‫التفكـر والعقــل‪ :‬الضــمير ضــد‬ ‫العقل‪ٕ ،‬ارادة الموت ضد داعي الحياة‪ ،‬ا ٕالنسان الذي يعـاف مـن افتـراس‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالنســان‪ ،‬رغــم كــل الشــروط العقليــة المجيــزة للســلوك‪ ،‬يبــدو كمــا لــو انــه‬ ‫يعــاف مــن الحيــاة نفســها‪ .‬رغبــة جمــوح فــي امتهــان الــذات‪ ،‬واحتقارهــا‪،‬‬ ‫وتهديمها‪ .‬والضمير‪ ،‬هذا المدمر البارع‪ ،‬ليس هناك من يضاهيه مهـارة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫عندما يتعلق االمر بتهديم الذات‪.‬‬ ‫هكــذا تقض ـي المجاعــة علــى بعــض البشــر‪ ،‬ويقضــي الضــمير علــى‬ ‫معظمه ــم‪ ...‬وتتحم ــل المس ــغبة ‪ -‬عل ــى ذم ــة الت ــاريخ التقلي ــدي ‪ -‬وح ــدها‬ ‫المسؤولية‪ ،‬بينمـا ينـام رمـز "الضـمير" فـي سـكينة وهـدوء‪ ،‬يصـنع تاريخـا‬ ‫ٔ‬ ‫غير مسطور‪ ،‬ال تدركه نصوص ا ٕالخباري‪ ،‬وال تناله اقالم مؤرخ مزعوم‪.‬‬ ‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬

‫ﻫــﺬا ﻣــﺎ اﺳــﺘﻬﻮى ﻫــﺬه اﻟﺪراﺳــﺔ ﺑﺎﻟﻀــﺒﻂ‪ ،‬ﺗﺸــﺮﻳﺢ‬ ‫"اﻻﻓﺘــﺮاس اﻵدﻣــﻲ" ﺣﺘــﻰ اﻷﺣﺸــﺎء رﻏﺒــﺔ ﻓــﻲ اﺳــﺘﺠﻼء‬ ‫اﻷﺳــﺒﺎب اﻟﺤﻴــﺔ اﻟﻤﺤﻔــﺰة ﻋﻠــﻰ اﻟﺴــﻠﻮك‪ ،‬ﻻ اﻻﻧﺸــﻐﺎل‬ ‫ﺑﺄﺷــﻜﺎل اﻟﻬــﻮى واﻟﺴــﺪور‪ ،‬ﻟﻬــﺬا ﻓﻬــﺬه دراﺳــﺔ ﺧﺎﺻــﺔ‬ ‫ﻧﺘﻤﻨﻰ ﻟﻬﺎ ﻗﺎرﺋﺎ ﺧﺎﺻﺎ أﻳﻀﺎ‪.‬‬

‫_____________________‬

‫د‪.‬ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻏﻮردو ﻓﻲ ﺳﻄﻮر‪:‬‬

‫باحث وكاتب مغربي من مواليد بوجـدة‬ ‫ٔ‬ ‫ع ــام ‪ .١٩٦٤‬اس ــتاذ باح ــث‪ ،‬و ٕاط ــار ف ــي‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالدارة التربويـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪ /‬اكاديميـ ـ ـ ـ ـ ــة الجهـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫الشــرقية ‪ /‬وجــدة ‪ /‬المغــرب‪ .‬دكـتــوراه فــي‬ ‫ٓ‬ ‫االداب )تخص ـ ـ ـ ـ ـ ــص‪ :‬ت ـ ـ ـ ـ ـ ــاريخ ا ٕالس ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬ ‫والحض ـ ــارة(‪ .‬مه ـ ــتم‪ ،‬با ٕالض ـ ــافة لمج ـ ــال‬ ‫ٔ‬ ‫التخص ـ ــص"التـ ـ ــاريخ" باالنثروبولوجيـ ـ ــا‪،‬‬ ‫والفك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬والدراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات القانوني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫والسياس ــية‪ ،‬وال ــنص ا ٕالب ــداعي‪ :‬قص ــة‪ ،‬ورواي ــة‪ ،‬وش ــعرا‪ .‬ص ــدر ل ــه س ــتة‬ ‫كـت ــب‪ ،‬فض ــال ع ــن عشـ ـرات المق ــاالت والنص ــوص ا ٕالبداعي ــة‪ .‬عض ــو ف ــي‪:‬‬ ‫الهيئ ــة االستش ــارية لدوري ــة ك ــان التاريخي ــة‪ .‬مرك ــز الدراس ــات والبح ــوث‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالنسانية واالجتماعية‪ .‬المكـتب التنفيذي لمركـز االبحـاث والدراسـات فـي‬ ‫المجتم ـ ــع الم ـ ــدني والمن ـ ــاهج التربوي ـ ــة‪ .‬الجمعي ـ ــة الدولي ـ ــة للمت ـ ــرجمين‬ ‫واللغويين العرب‪ ،‬ورئيس لجنة النشر بها‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕال ــى اي ــن يمك ــن ان تنته ــي بن ــا مغ ــامرة مث ــل الت ــي اق ــدمنا عليه ــا‬ ‫ٓ‬ ‫لتحليل موضوع افتراس اللحوم االدمية؟‬ ‫ٔ‬ ‫لربمــا افضــى بنــا التحليــل فــي النهايــة ‪ -‬وليبــق حــديث الليــل س ـرا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بينن ــا ‪ٕ -‬ال ــى ان س ــلوك االفت ـ ـراس ابع ــد م ــن ان يخت ــزل ف ــي مج ــرد ن ــزوة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عشــوائية عــابرة‪ ،‬او فــي رد فعــل اضــطراري اعيتــه الحاجــة او اعجــزه طلــب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الثار‪ ...‬النه كل هذه الرموز معا‪ .‬والنه كل هذه الرمـوز بالضـبط‪ ،‬فتحليلـه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ـاالحرى‬ ‫ال ينبغي ان يركن ٕالى صرامة علمية مزعومة متصلبة‪ ،‬بل ينبغي ب‬ ‫ٔ‬ ‫ان يتمتــع بقــدر عــال مــن المرونــة ٕالبـراز "الرمــز" الفاعــل عنــد معالجــة كــل‬ ‫حالة على حـدة‪ ،‬و ٕاقصـائه ٕاذا دعـت الضـرورة فـي حالـة ‪ -‬حـاالت ‪ -‬مغـايرة‬ ‫ال تستدعيه وظيفيا‪.‬‬ ‫‪ -‬ماذا ٕاذن؟‬

‫ٔ‬ ‫• مــا كــان علينــا ٕاذن ان ننســاق وراء ســببية مزعومــة تــركن ٕالــى تفاســير‬ ‫مبهمــة‪ ،‬تختفــي رغــم تعبيراتهــا المغريــة الجذابــة‪ ،‬خلــف االقتصــادي‬ ‫واالجتمــاعي والثقــافي والسياســي‪ ،‬خلــف البنــى التحتيــة المحركــة‪،‬‬ ‫خلف الدافعية "العميقة" البعيدة التي ينبغـي علـى المـؤرخ الكشـف‬ ‫عنها دائما حتى تتكشف "عبقريتـه" و"نبوغـه"‪ .‬سـببية كانـت تكبـل‬ ‫الفكر عن القيام بكل ممارسـة حـرة نبيلـة‪ ،‬تجعلنـا َن ُنفـر مـن التـاريخ‬ ‫ٔ‬ ‫ُون ّنفــر منــه‪ .‬ال ننفــي قطعــا هــذه االســباب المزعومــة‪ ،‬لكننــا نــدعو ٕالــى‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تحجيمها اوال‪ ،‬و ٕالى اجراتها وتعيينها بدقة )وهذا هو المهم( ثانيا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ وماذا ايضا؟‬‫• كـ ــان البـ ــد لنـ ــا‪ ،‬بعـ ــد‪ ،‬مـ ــن اقت ـ ـراح بـ ــديل عـ ــن " ُبنـ ــاهم التحتيـ ــة"‬ ‫المزعوم ــة‪ ،‬اقتـ ـراح يتجاوزه ــا م ــن خ ــالل م ــنهج عمل ــي التحلي ــل‪،‬‬ ‫تجريب ــي الدال ل ــة والمغ ــزى حت ــى تتكش ــف لن ــا حس ــناته )الم ــنهج(‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وعيوبه‪ ،‬فكان اقتراحنا متممـا لمـا بـداناه فـي مشـروع اخـر )غـوردو‪،‬‬ ‫التمــدين والســلطة‪ ،‬البــاب الثالــث( بهــدف تثــوير منــاهج الدراســات‬ ‫التاريخية‪ ،‬اعتمادا على "رموز السلطة"‪.‬‬ ‫ ثم ماذا؟‬‫ٔ‬ ‫• تجريبي ـ ــة ‪ Empirisme‬الم ـ ــنهج‪ ،‬اي م ـ ــنهج‪ ،‬تحت ـ ــاج ٕال ـ ــى جس ـ ــم‬ ‫ٓ‬ ‫)موضــوع( ينبغــي تشــريحه‪ ،‬فكــان "افت ـراس اللحــوم االدميــة" ذاك‬ ‫ٔ‬ ‫الجســم‪ ،‬وكانــت الصــعوبة بالتــالي مركبــة او مزدوجــة‪ :‬مــنهج جديــد‬ ‫يقــتحم فلســفة التــاريخ ومناهجــه‪ ،‬يــتم تطبيقــه علــى موضــوع غريــب‬ ‫يشذ عن سنن الخلق والتاريخ‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٦‬‬


‫ﺗﻘــﺎرﻳــﺮ‬ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫ﺣﻤﺎم ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻺﻋﺠﺎب ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻳﻮﺑﻲ‬ ‫وﻛﻨﻴﺴﺔ ﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻞ ﺗﻨﻴﻨﻴﺮ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺴﻮرﻳﺔ‬

‫ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺮﻳﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻗﻊ‬

‫انهـ ــا مجـ ــرد قريـ ــة صـ ــغيرة‪ ،‬تضـ ــم عـ ـ ً‬ ‫ـددا مـ ــن البيـ ــوت الطينيـ ــة‬ ‫ٕ‬ ‫المتنــاثرة هنــا وهنــاك‪ ،‬بناهــا الفالحــون حــول تــل ترابــي كبيــر ذي منحــدر‬ ‫جنــوبي منبســط‪ ،‬يقــع علــى بعــد ميــل جنــوب شــرق مدينــة الحســكة علــى‬ ‫الضــفة الشــرقية لنهــر الخــابور فــي الجزيــرة الســورية ‪٧٠٠ ) .‬كــم شــمال‬ ‫شرق العاصمة دمشق (‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫هكــذا تبــدو قريــة تنيني ــر لناظرهــا للوهل ــة االولــى‪ ،‬لكــن م ــا ٕان‬ ‫ٔ‬ ‫نقترب من ذلـك التـل ونـرى الحفريـات التـي اجريـت فيـه‪ ،‬حتـى نكـتشـف‬ ‫ٔ‬ ‫ان تنينيــر ليس ــت قري ــة عادي ــة‪ ،‬ب ــل ٕانه ــا قري ــة ذات ت ــاريخ عري ــق‪ ،‬فق ــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اشارت الدالئل االثرية ٕالى انهـا كانـت ماهولـة منـذ سـنة ‪ ٢٥٠٠‬ق‪.‬م‪ ،‬اي‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان هــذا الموقــع قــديم كـقــدم دمشــق وحلــب وحمــاة‪ ،‬نشــا وتطــور واســتمر‬ ‫حتـى جـاء االجتيـاح المغـولي علـى يـد الملـك تيمورلنـك‪ ،‬الـذي ّدمـر قريــة‬ ‫ً‬ ‫واضعا ً‬ ‫حدا لتاريخها الطويل وحضارتها العريقة ‪.‬‬ ‫تنينير قبل ‪ ٦٠٠‬عام‪،‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫هــذه الحضــارة التــي تــم اكـتشــافها مــن قبــل بعثــة اثريــة اميركيــة‪،‬‬ ‫تعمــل برعايــة و ٕاش ـراف كليــة ســانت لــويس الحكوميــة فــي مدينــة ســانت‬ ‫لويس التابعة لوالية ميسوري‪ ،‬وبرئاسة د ‪ .‬مايكل فوللر‪.‬‬

‫أﺛﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻓﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ‬

‫‪aya2006@scs-net.org‬‬

‫ اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺘﻘﺮﻳﺮ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫خليــل اقطينــي‪ ،‬حمــام مثيــر ل ٕالعجــاب مــن العصــر االيــوبي‪-.‬‬ ‫دوري ــة ك ــان التاريخي ــة‪ -.‬الع ــدد الخ ــامس؛ س ــبتمبر‪.٢٠٠٩‬‬ ‫ص ‪(www.historicalkan.co.nr).٧٩ - ٧٧‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﺧﻠﻴﻞ اﻗﻄﻴﻨﻲ‬ ‫كاتب وصحفي بمؤسسة الوحدة للصحافة والنشر‬ ‫مدير مكـتب صحيفة تشرين بالحسكة‬ ‫الجمهورية العربية السورية‬

‫ٔ‬ ‫ومــن خــالل اعمــال البحــث والتنقيــب التــي قامــت بهــا البعثــة فــي‬ ‫قريــة تنينيــر‪ ،‬تــم التوصــل ٕالــى العديــد مــن المكـتشــفات الهامــة‪ ،‬التــي‬ ‫ٔ‬ ‫اماطــت اللثــام عــن جوانــب عديــدة مــن تــاريخ منطقــة الجزيــرة بشــكل‬ ‫خــاص وتــاريخ ســورية بشــكل عــام‪ ،‬وخــالل مواســم التنقيــب تمكنــت‬ ‫ٔ‬ ‫البعثة من اكـتشاف اثر تاريخي فريد من نوعه‪ ،‬هو عبارة عـن حمـام مثيـر‬ ‫ل ٕالعجاب من حيث التصميم والتجهيز ‪.‬‬ ‫يقع هذا الحمام في الجزء الجنوبي‬ ‫مــن تــل تنينيــر‪ ،‬هــذا الجــزء الــذي‬ ‫‪<^ãÞ_<l‚Ò_<l^ËjÓ¹]T‬‬ ‫ٔ‬ ‫ك ــان يض ــم ايض ـ ًـا الح ــي الحك ــومي‬ ‫‪<í߉<<àÚ<íÖçâ`Ú‬‬ ‫ٔ‬ ‫والتجــاري مــن البلــدة‪ .‬وقــد اكــدت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪SÝJÑ<NQLL‬‬ ‫اعمــال التنقيــب التــي اجريــت ان‬ ‫ٔ‬ ‫ابنيـ ـ ــة هـ ـ ــذا الجـ ـ ــزء مشـ ـ ــيدة مـ ـ ــن‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫حجــارة كبيــرة وجــدرانها مطليــة بــالجص‪ ،‬غيــر ان اصــحاب الحمــام اثــروا‬ ‫دفـع المزيـد مـن التكـاليف‪ ،‬لقـاء بنـاء جدرانـه مـن الحجـارة السـوداء التـي‬ ‫تســمى حجــر البازلــت‪ ،‬والتــي تــم جلبهــا مــن ســفوح جبــل كوكــب البركــاني‬ ‫الواقع ٕالى الشرق من مدينة الحسكة ‪.‬‬ ‫والســؤال الــذي يطــرح نفســه فــي هــذا الســياق هــو لمــاذا اســتعمل‬ ‫ٔ‬ ‫سـكان بلـدة تنينيـر حجـر البازلـت عوض ًـا عـن االحجـار الكلسـية المتـوافرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لــديهم؟! الجــواب‪ :‬الن البازلــت احجــار بركانيــة تمــتص الح ـرارة‪ ،‬وتبقــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حــارة لفتــرة اطــول مــن االحجــار الكلســية‪ ،‬ولهــذا فــان اختيــارهم للبازلــت‬ ‫في بناء الحمام‪ ،‬هو اختيار موفق ويدل على وجود تقـدم كبيـر فـي مجـال‬ ‫ٔ‬ ‫الهندسة العمرانية في هذه المنطقة منذ اقدم العصور ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وبعــد ٕازالــة االتربــة واالوســاخ مــن مجمــع الحمــام‪ ،‬تبــين انــه كــان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫يحتــوي علــى حجــرة للثيــاب‪ ،‬ومــدخل لــه حــاجز مــن اجــل منــع االطفــال‬ ‫الفضــوليين مــن اخــتالس النظــر علــى الزبــائن‪ ،‬وداخــل الحمــام كانــت‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫هناك غرفتان مربعتان دافئتان‪ ،‬وفسحة كبيرة تتسع لثالثـين او اربعـين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫شخصا على االقل‪ ،‬والى جانـب ذلـك توجـد اربعـة غـرف منفصـلة جنـوبي‬ ‫ٔ‬ ‫الغرفتين الـدافئتين‪ .‬تحتـوي تلـك الغـرف علـى احـواض مـاء مرتبـة بشـكل‬ ‫ٔ‬ ‫متناسق‪ ،‬وقد بنيت ارضية النصف الغربي من الحمام ‪ ،‬بطريقـة ممـرات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الهـواء السـاخن‪ ،‬مـن اجـل تـدفئتها وهـذا مـا يعـرف بتقنيـة االرض الدافئــة‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٧‬‬


‫ﺗﻘــﺎرﻳــﺮ‬ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫التــي تســمى التدفئــة المركزيــة‪ ،‬التــي اقتبســها المهندســون العــرب مــن‬ ‫الحمامات الرومانية ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اما ماء الحمام فقد كان يجلب مـن بئـر كبيـر قطـر فوهتـه ‪ ١.٦‬م‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وقــد تــم ٕازالــة االتربــة منــه علــى عمــق ثمانيــة امتــار ولــم يــتم الوصــول ٕالــى‬ ‫القعــر بعــد‪ٕ .‬ان حجــم الحمــام وامتــداده المتناســق ومصــدره الــوفير مــن‬ ‫الماء‪ ،‬يظهـر بوضـوح انـه لـم يكـن حمام ًـا لرجـل فقيـر‪ ،‬فحمـام تـل تنينيـر‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ندا الي حمام نموذجي في دمشق او حلـب او القـاهرة خـالل العصـر‬ ‫كان‬ ‫ٔ‬ ‫االيوبي ‪.‬‬

‫آﻧﻴﺔ ﺑﻴﺰﻧﻄﻴﺔ وروﻣﺎﻧﻴﺔ وإﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ولم تكن المكـتشفات في تل تنينيـر مقتصـرة علـى الحمـام سـالف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الـذكر‪ ،‬رغـم انـه مـن اهـم المكـتشـفات‪ ،‬و ٕاذا تـم التوصـل ٕالـى مكـتشــفات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اخــرى علــى قــدر كبيــر مــن االهميــة تعــود لعصــور وحضــارات مختلفــة فقــد‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫دلت الحفريات على وجود اعداد كبيرة من االنية البيزنطية وا ٕالسـالمية‪،‬‬ ‫وعلــى وجــود جــدران منــازل‪ ،‬كمــا تــم اكـتشــاف مصــباح بقــي سـ ً‬ ‫ـليما تمامـ ًـا‬ ‫يشــير ٕالــى انــه كــان يعمــل علــى زيــت الزيتــون‪ ،‬ويعــود تاريخــه ٕالــى ســنة‬ ‫‪ ٥٠٠‬م‪ٔ ،‬اي قبل عصر النبي محمد‪/‬ص‪ /‬بقرن ً‬ ‫تقريبا ‪.‬‬ ‫وفــي مكــان عميــق مــن الهضــبة تــم‬ ‫العث ـ ـ ــور عل ـ ـ ــى ع ـ ـ ــدد م ـ ـ ــن القط ـ ـ ــع‬ ‫‪<…]†{{q<à{{Â<Ì{{ÓÖ]<T‬‬ ‫ٓ‬ ‫المكسـ ـ ــرة النيـ ـ ــة فخاريـ ـ ــة‪ ،‬يعـ ـ ــود‬ ‫‪<tˆ{Úæ<áˆ{¤<Ý‚~jŠi‬‬ ‫تاريخه ـ ـ ــا ٕال ـ ـ ــى م ـ ـ ــا قب ـ ـ ــل الش ـ ـ ــكل‬ ‫ٓ‬ ‫]‪<ÜÒ^{{{£<ç{{{Ãi<†{{{Û¤‬‬ ‫المعـ ـ ــروف لالنيـ ـ ــة البيزنطيـ ـ ــة‬ ‫‪Ü×Ójè á^Ò<ë„Ö]<ßéßi‬‬ ‫والروماني ـ ــة‪ ،‬كان ـ ــت ه ـ ــذه الجـ ـ ـرار‬ ‫تسـ ـ ــتخدم لخـ ـ ــزن ومـ ـ ــزج الخمـ ـ ــر‪،‬‬ ‫]‪S<íéÏè†Æý]<íÇ×Ö‬‬ ‫وتع ــود لح ــاكم تنيني ــر ال ــذي ك ــان‬ ‫يتكلم اللغة ا ٕالغريقيـة‪ ،‬وعـاش فـي‬ ‫هـذا الموقـع منـذ ‪ ٢٢٠٠‬سـنة مضـت‪ ،‬وهـذا التـاريخ هـو العصـر الـذي تـال‬ ‫مباشـرة غـزوات الملـك ا ٕالغريقـي المشـهور )االسـكندر الكبيـر( الـذي ربمـا‬ ‫ترك في هذا الموقع احد حكامه الذين يتكلمون اللغة ا ٕالغريقيـة‪ .‬وعنـدما‬ ‫قامت البعثة بالحفر تحت مستوى قبو الخمر اليوناني‪ ،‬اكـتشفت جـدر ًانا‬ ‫ً ٔ‬ ‫جدا‪ ،‬واحد اال كـتشافات المثيرة‪ ،‬كـان نقوش ًـا‬ ‫تنتمي ٕالى حضارات قديمة‬ ‫كـتابية على حافة وعاء مكسور‪ ،‬مكـتوبـة باللغـة ٓاالراميـة التـي تعتبـر مثـاالً‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫قديما ً‬ ‫جدا عـن هـذا النمـوذج فـي الكـتابـة‪ ،‬والسـيما ان اللغـة االراميـة هـي‬ ‫لغة سلفية للغة السريانية‪ ،‬ويتراوح عمر هذه الكـتابة بين ‪3200-3900‬‬ ‫ٓ‬ ‫عــام ‪ .‬كمــا تــم اكـتشــاف شــيء اخــر مــن مخلفــات هــذا العصــر القــديم جـ ًـدا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫هـو قطعـة حجريـة منحوتـة بحجـم ا ٕالصـبع فـي مشـهد يمثـل رجـال يصـطاد‬ ‫بـالقوس والنشـاب ثـو ًرا مجنح ًـا‪ ،‬باالضـافة الـى خـتم ٔاسـطواني كـان ش ً‬ ‫ـائعا‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫جـ ًـدا خــالل عصــور الملــوك االشــوريين مثــل اشــور ناصــر بــال شلمنصــر‬ ‫وتغالت بالصر ‪.‬‬

‫ﺟﺮة اﻟﺤﺐ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ومــن اهــم قطــع االنيــة التــي تــم العثــور عليهــا فــي طبقــات العصــر‬ ‫ا ٕالســالمي مــا يســمى جــرة الحــب‪ ،‬التــي يبلــغ ارتفاعهــا بقــدر قامــة رجــل‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ومزخرفة باشكال اسـود ووجـوه نسـاء واجسـام بشـرية متناسـقة ومنحوتـة‬ ‫بدقـة‪ ،‬وقـد جـاءت تسـمية حـب مـن مخطوطـة عربيـة عثـر عليهـا مكـتوبـة‬ ‫ٔ‬ ‫على جرة مشابهه في العراق تقول )انا حب وبداخلي مـاء يشـفي( ويمكـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التعــرف علــى تــاريخ الجــدران االثريــة واالوانــي التــي وجــدت فــي قمــة تــل‬ ‫تنينيــر بدقــة تامــة بواســطة حفنــة مــن العملــة البرونزيــة عثــر عليهــا فــي‬ ‫الموقع‪ ،‬وكل هذه القطع من فئـة واحـدة هـي فئـة خمـس ليـرات‪ ،‬ولـذلك‬ ‫لـم يكـن النـاس يهـدرون كـثيـ ًرا مـن الوقـت فـي البحـث عـن هـذه العمـالت‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاذا ما سقطت من جيوبهم مصادفه‪ ،‬تنتمي هذه العملة ٕالى االمير قطب‬ ‫ٔ‬ ‫الـ ــدين محمـ ــد احـ ــد االم ـ ـراء ال ـ ـزنكيين‪ ،‬وكانـ ــت عاصـ ــمة مدينـ ــة سـ ــنجار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القديمـة‪ ،‬والالفـت للنظـر ان هـذا االميـر وضـع صـورته علـى هـذه العملـة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وهــذا عمــل مخــالف للمعتقــدات والتقاليــد ٕالســالمية‪ ،‬وقــد حكــم االميــر‬ ‫ٔ‬ ‫قطــب الــدين مــن ســنة ‪ ٥٩٤‬وحتــى ‪ ٦١٦‬هجريــة‪ ،‬اي مــن ‪1198‬وحتــى‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ١٢١٦‬ميالدي ــة كم ــا ت ــم العث ــور عل ــى عمل ــة نحاس ــية اخ ــرى س ـ ّـكت ف ــي‬ ‫ٔ‬ ‫سنجار تعود للملك االشرف موسى ))‪ ((١٢٢٠-٢١٠‬م ‪.‬‬ ‫‪Ä{{{ÎçÛÒ<ß{{{éßi<Ø{{{i<í{{{éÛâ_<‚{{{Òöi<í{{{è†mù]<l^Ë{{{jÓ¹]<T‬‬ ‫]‪S<…çe^¤]<†ãÞ<î×Â<êréi]‰‬‬

‫ﺧﺎن وﺣﻮاﻧﻴﺖ وﺟﺎﻣﻊ‬

‫ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺳﺮﻳﺎﻧﻴﺔ‬

‫جرار فخارية‬

‫ٔ‬ ‫وم ــن اه ــم المكـتش ــفات المثي ــرة ف ــي منطق ــة التنقي ــب الثالث ــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫جدران كنيسة تخص الطائفة السريانية االرثوذكسية وقد تم العثـور حتـى‬ ‫ٓ‬ ‫االن عل ــى ب ــاب الكنيس ــة والهيك ــل وغرف ــة الك ــاهن والم ــذبح‪ٕ ،‬ان رس ــم‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫وم ــن ب ــين مجموع ــه االبني ــة المكـتش ــفة ف ــي منطقت ــي التنقي ــب‬ ‫الرابعــة والخامســة‪ ،‬خــان وســتة حوانيــت ))فــرن ودكــان حــداد ومدبغــة((‬ ‫وحمام صـغير‪ ،‬وعلـى طـول االتجـاه الشـمالي الشـرقي للخـان تـم اكـتشـاف‬ ‫جامع‪ ،‬وكان جدار الخان الخـارجي بمثابـة جـدار القبلـة فـي هـذا الجـامع‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وقــد حفــرت اربــع كــوات صــغيرة فــي هــذا الجــدار تحمــل الواحـ ًـا مطليــة‬ ‫ٓ‬ ‫ومزخرف ــة بنق ــوش ن ــافرة م ــن الق ـ ـران الك ــريم مكـتوب ــة ب ــالخط الك ــوفي‪،‬‬ ‫با ٕالضــافة لــذلك كانــت هنــاك كــوة مركزيــة كبيــرة تســتخدم كمحـراب‪ ،‬كمــا‬ ‫ٔ‬ ‫عثر على كوب جميل مزين ومطلي بالمينا وباحرف عربيـة مذهبـة‪ ،‬وهـذا‬ ‫دليــل علــى المســتوى الرفيــع للفــن الســوري ٕابــان القــرن الثالــث عشــر‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ويشير اسلوب صـناعة هـذا الكـوب وطريقـة نقـش الحـروف عليـه‪ٕ ،‬الـى انـه‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫صنع ٕاما في الرقة او حلب‪ ،‬امـا االجـزاء المتبقيـة مـن هـذا الكـوب منقولـة‬ ‫))المجــد وا ٕالجــالل ٕالــى ســيدنا الســلطان ولــيعم الســالم علــى ســلطنته‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫الملك العـارف العـادل والمقاتـل مـن اجـل ا ٕاليمـان(( وعثـرت البعثـة علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫نمــاذج اخــرى مــن الفــن الســوري خــالل العصــر االيــوبي داخــل جــامع‬ ‫ٔ‬ ‫صــغير‪ ،‬كمــا شــاهدت الواحـ ًـا جصــية مســتديرة ومســتطيلة الشــكل مثبتــة‬ ‫ٔ‬ ‫فــي اعلــى الجــدران الشــمالية والجنوبيــة لهــذا الجــامع‪ ،‬وتحمــل نقوشـ ًـا‬ ‫بالخط الكوفي هي عبارة ))رب العالمين((‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٨‬‬


‫ﺗﻘــﺎرﻳــﺮ‬ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬

‫خريطة دقيقة لهذه الكنيسـة قـاد ٕالـى عـدة اكـتشـافات هامـة‪ ،‬منهـا معرفـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان البقع الموجودة على ارضية الكنيسة هي من المصابيح التي تسـتخدم‬ ‫ٔ‬ ‫زيت الزيتون في ا ٕالضاءة‪ .‬وتبين ان هذه الكنيسة كانـت تضـاء با ٕالضـافة‬ ‫ٔ‬ ‫للمصــابيح بواســطة ثالثــة شــمعدانات يحمــل كــل منهــا ســتة او ثمانيــة‬ ‫ٔ‬ ‫مصابيح زجاجية عثر على كسر منها في االرضية ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ومن المحتمل ان الجزء الغربي من هذه الكنيسـة كـان مخصص ًـا‬ ‫ٔ‬ ‫للنســاء‪ ،‬والجــزء الشــرقي للرجــال وعثــر فــي ارضــية الكنيســة علــى قطعــه‬ ‫ٔ‬ ‫مجصصــة مزخرفــة ٕباشــارة صــليب‪ ،‬كانــت قطعــة اساســية مــن المــذبح‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫الذي تكسر بسبب انهيار السقف خالل العصر االيوبي ‪.‬‬ ‫كما عثر على قطع صغيرة لباب المكان الـذي يحفـظ فيـه القربـان‬ ‫ٔ‬ ‫المقدس‪ ،‬وعليه حرفان من اللغة السريانية‪ ،‬وبقايا ثالث طبقات ارضـية‬ ‫متباينة ٔواربعة مذابح واضحة موضوعه فوق بعضها ً‬ ‫بعضا بشكل جميـل‬ ‫ٔ‬ ‫يؤك ــد ان ه ــذه الكنيس ــة اس ــتمرت لفت ــرة تزي ــد عل ــى ‪ ٦٠٠‬ع ــام بش ــكل‬ ‫متواصل ‪.‬‬

‫ﻣﻮﻗﻊ ﻫﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺎﺑﻮر‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لقد ذكر بعض الكـتاب العرب في العصرين االيوبي والعباسي ان‬ ‫ٔ‬ ‫تنينير كانت بلدة هامة على الخـابور‪ ،‬فـي حـين ذكـر احـد الجغـرافيين فـي‬ ‫كـتاباته "تنينير الكبرى وتنينيـر الصـغرى"‪ ،‬وقـد اكـتشـفت البعثـة العديـد‬ ‫من التماثيل الصغيرة )عنزة ونعجة( التـي يبلـغ عمرهـا ‪ ٤٥٠٠‬عـام ضـمن‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫طبقـات مـن الرمـاد تشـكلت نتيجــة لوجـود مئـات االفـران او التنـانير التــي‬ ‫ٔ‬ ‫كانــت تعمــل فــي تنينيــر منــذ ذلــك الوقــت‪ ،‬ومــن هنــا اكـتســبت القريــة او‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫البلــدة اســمها‪ ،‬ويعتقــد ان كلمــة تنينيــر كانــت اصــال ً تشــير ٕالــى المنطقــة‬ ‫الغنيــة ٕبانتــاج الحبــوب علــى طــول وادي الخــابور‪ ،‬وربمــا كــان تــل تنينيــر‬ ‫ٔ‬ ‫المركز الرئيسي الماهول بين مواقع التحميص والتخـزين‪ٕ ،‬اذ يصـف احـد‬ ‫ٔ‬ ‫الــواح مكـتبــة مــاري يرجــع تاريخــه ٕالــى عــام ‪ ٦٩٠٠‬ق‪.‬م موقعـ ًـا علــى نهــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الخابور يدعى تابيت‪ ،‬ويحدد احد الجغرافيين اال كاديميين موقع تابيت‬ ‫في موقع تنينير‪ ،‬ويظـن ٔان كلمـة تابيـت تعنـي ش ً‬ ‫ـيئا قريب ًـا مـن كلمـة فـرن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫باللغــة اال كاديــة‪ ،‬هــذه الكلمــة التــي اقتربــت اخيـ ًرا مــن ٕاحــدى الكلمــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العربي ــة المالوف ــة ف ــي االردن وفلس ــطين والت ــي تعن ــي ف ــرن وه ــي كلم ــة‬ ‫تابون‪ً ،‬‬ ‫تماما مثل تنور وتنانير الشائعة في منطقة الجزيرة السورية ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اما المؤرخون الرومان والبيزنطيون فقـد ذكـروا فـي كـتابـاتهم بلـدة‬ ‫ٔ‬ ‫هامــة عل ــى نهــر الخــابور تســمى تن ــورين‪ ،‬وم ــن وصــفها يتض ــح انه ــا بل ــدة‬ ‫ٔ‬ ‫تنينيــر الحاليــة‪ ،‬ويعتقــد ان الســكان العــرب قــد غيــروا اســم الموقــع ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تنينيــر ليســهل علــيهم لفظــه وتعنــي كلمــة تنينيــر او تنــانير وافـران لصــنع‬ ‫الخبز‪.‬‬

‫ﺣﺪﺙ ﰲ ﺭﻣﻀﺎﻥ‬ ‫ﺩﺨــــﻭل ﺍﻟﻔــــﺘﺢ ﺍﻹﺴــــﻼﻤﻲ ﻤﺼــــﺭ‪:‬‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺭﻤﻀﺎﻥ ﻋـﺎﻡ ‪٢٠‬ﻫــ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓـﻕ ‪١٣‬‬ ‫ﺃﻏﺴﻁﺱ ‪٦٤١‬ﻡ‪ ،‬ﻭﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﺃﻤﻴﺭ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨﻴﻥ ﻋﻤﺭ ﺒـﻥ‬ ‫ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺩﺨل ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻲ ﻤﺼـﺭ‬

‫ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﺍﻟﺒﻁل ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‬ ‫ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺼﺭ ﺒﻠﺩًﺍ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﺴــــــﺘﺭﺩﺍﺩ ﻤﺩﻴﻨــــــﺔ ﺇﻨﻁﺎﻜﻴــــــﺔ‪:‬‬ ‫ﻓﻲ‪ ٥‬ﻤﻥ ﺭﻤﻀﺎﻥ ‪٦٦٦‬ﻫـ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻕ ‪ ١٩‬ﻤـﻥ ﻤـﺎﻴﻭ‬ ‫‪١٢٦٨‬ﻡ‪ :‬ﻨﺠﺢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﺒﻴﺒﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﺴـﺘﺭﺩﺍﺩ‬ ‫ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺇﻨﻁﺎﻜﻴﺔ ﻤﻥ ﻴﺩ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻅﻠﺕ ﺃﺴـﻴﺭﺓ‬ ‫ﻓﻲ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ‪ ١٧٠‬ﻋﺎﻤًﺎ‪ ،‬ﻭﻜﺎﻥ ﻟﻭﻗﻭﻋﻬﺎ ﺼﺩﻯ ﻜﺒﻴـﺭ‪،‬‬ ‫ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺜﺎﻨﻲ ﺇﻤﺎﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺭﻫﺎ ﻴﺅﺴﺴﻬﺎ ﺍﻟﺼـﻠﻴﺒﻴﻭﻥ‬ ‫ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺴﻨﺔ ‪٤٩١‬ﻫـ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻕ ‪١٠٩٧‬ﻡ‪.‬‬

‫ﻭﻓﺎﺓ ﺴﻴﻑ ﺍﷲ ﺍﻟﻤﺴـﻠﻭل "ﺨﺎﻟـﺩ ﺒـﻥ ﺍﻟﻭﻟﻴـﺩ"‪:‬‬

‫ﻓﻲ ‪ ١٨‬ﻤﻥ ﺭﻤﻀﺎﻥ ‪٢١‬ﻫـ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓـﻕ ‪ ٢٠‬ﻤـﻥ‬ ‫ﺃﻏﺴﻁﺱ ‪٦٤٢‬ﻡ‪ :‬ﺘﻭﻓﻲ ﺴﻴﻑ ﺍﷲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻭل "ﺨﺎﻟﺩ‬

‫ﺒﻥ ﺍﻟﻭﻟﻴـﺩ" ﺼـﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﺩﻴـﺩ ﻤـﻥ ﺍﻟﻔﺘﻭﺤـﺎﺕ‬ ‫ﻭﺍﻻﻨﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺘـﻰ ﺇﻤﺒﺭﺍﻁـﻭﺭﻴﺘﻴﻥ ﻫﻤـﺎ‬ ‫"ﺍﻟﻔﺭﺱ" ﻭ"ﺍﻟﺭﻭﻡ"‪ ،‬ﻭﻗﺩ ﻗﻀﻰ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻜﻠﻬﺎ ﺒﻴﻥ ﻜ ﱟﺭ‬

‫ﻭﻓ ﱟﺭ ﻭﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺇﻋﻼﺀ ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﻨﺼـﺭﺓ‬ ‫ﺍﻟﺩﻴﻥ‪.‬‬ ‫ـﺔ‬ ‫ـﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟـ‬ ‫ـﻭﻥ" ﻤﺅﺴـ‬ ‫ـﻥ ﻁﻭﻟـ‬ ‫ـﺩ ﺒـ‬ ‫ﻭﻻﺩﺓ "ﺃﺤﻤـ‬ ‫ﺍﻟﻁﻭﻟﻭﻨﻴﺔ‪:‬‬

‫ﻓﻲ ‪ ٢٣‬ﻤﻥ ﺭﻤﻀﺎﻥ ‪٢٢٠‬ﻫـ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻕ ‪ ٢٠‬ﻤـﻥ‬ ‫ﺴﺒﺘﻤﺒﺭ ‪٨٣٥‬ﻡ‪ :‬ﻭُﻟﺩ "ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻁﻭﻟﻭﻥ" ﻤﺅﺴـﺱ‬

‫ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﻟﻭﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭُﻟﺩ ﺒﺒﻐـﺩﺍﺩ‪ ،‬ﻭﺘﻠﻘـﻰ ﺘﻌﻠﻴﻤـﻪ‬ ‫ﺏ ﻟﻔﺕ ﺍﻷﻨﻅـﺎﺭ‬ ‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺒﻌﺩﻤﺎ ﺸ ﱠ‬

‫بلدة هامة على الخابور‬

‫‪٢٥٤‬ﻫـ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻕ ‪٨٦٨‬ﻡ‪ ،‬ﻭﻨﺠﺢ ﻓـﻲ ﺃﻥ ﻴُﻘـﻴﻡ‬ ‫ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻭﻴﺔ ﺸﻤﻠﺕ ﻤﺼﺭ ﻭﺍﻟﺸـﺎﻡ ﻭﺍﻟﺤﺠـﺎﺯ‪ ،‬ﻭﻻ‬

‫ﻴﺯﺍل ﻤﺴﺠﺩﻩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺸﺎﻫﺩًﺍ ﻋﻠﻰ ﻤـﺎ‬ ‫ﺒﻠﻐﺘﻪ ﺩﻭﻟﺘﻪ ﻤﻥ ﺭﻗﻲ ﻭﺘﻘﺩﻡ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﺇﻟﻴﻪ ﺒﻌﻠﻤﻪ ﻭﺸﺠﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬ﺜـﻡ ﻭﻟـﻲ ﻤﺼـﺭ ﺴـﻨﺔ‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٧٩‬‬


‫اﻟﻌﺪد‬ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬ ‫ﺷﺨﺼﻴﺔ‬

‫ﺑﻘﻠﻢ‬

‫ﺑﻜﻮر‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔاستاذ التعليم الثانوي التاهيلي‬ ‫دبلوم الدراسات العليا في التاريخ الحديث والمعاصر‬ ‫طنجة – المملكة المغربية‬ ‫‪ayazahra@yahoo.fr‬‬

‫ﻧﺘﺤﺪث ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع ﺟـﺪﻳﺮ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤـﺎم‪ ،‬ﺑـﻞ‬ ‫ﻳﻔــﺮض اﻻﻫﺘﻤــﺎم ﺑ ـﻪ ﻓﺮﺿــﺎ‪ ،‬ذﻟــﻚ أن ﻟﻜــﻞ أﻣــﺔ رﺟــﺎﻻت ﻣــﻦ‬ ‫ﻧﻬﻀــﺘﻬﺎ وﻳﻘﻈﺘﻬــﺎ‪ ،‬ﺗﺘﻨــﻮع اﻫﺘﻤﺎﻣــﺎﺗﻬﻢ وﺗﺨﺼﺼــﺎﺗﻬﻢ‪ ،‬ﻟﻜــﻦ‬ ‫اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﺬات واﻟﻔﻨﺎء ﻓﻲ ﺧـﺪﻣﺘﻬﺎ‬ ‫وﺗﺤﺼﻴﻨﻬﺎ‪.‬‬

‫ولع ــل الفقي ــه المرح ــوم الم ــؤرخ المغرب ــي محم ــد ب ــن عب ــد اله ــادي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المنــوني احــد هــؤالء الرجــال بــل مــن ابــرزهم‪ ،‬فهــو العــالم المبــرز والمــؤرخ‬ ‫ٓ‬ ‫المقتدر‪ ،‬رجل عشق الكـتابة والتدوين حتى اخر يوم من حياته‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫تـ ــرك الباحـ ــث حصـ ــيلة ضـ ــخمة مـ ــن االعمـ ــال خاليـ ــة مـ ــن الحشـ ــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وا ٕالطناب‪ ،‬اعمـال ال يجـرؤ اي مشـتغل فـي حقـل تـاريخ المغـرب ان ينكـر‬ ‫ٔ‬ ‫استفادته منها واالغتراف من منابعها‪ .‬ولعل مـن ابرزهـا كـتـاب "المصـادر‬ ‫العربية"‪ ،‬تلك الببليوغرافيا الرائعة التي قربت المسافة لكل الباحثين‪.‬‬ ‫فلم يكن الباحـث المنـوني يـؤرخ للحـدث السياسـي فقـط بـل كـان مهمومـا‬ ‫ٔ‬ ‫بالتاريخ للحضارة والفكر والمجتمـع بـالمغرب‪ ،‬فكانـت كـتبـه عـن" تـاريخ‬ ‫الوراقـ ــة"‪ ،‬و"مظـ ــاهر يقظـ ــة المغ ــرب"‪ ،‬و"قـ ــبس مـ ــن عطـ ــاء المخطـ ــوط‬ ‫المغربــي"‪ ،‬و"حضــارة الموحــدين"‪ ،‬و"ورقــات عــن حضــارة المــرينيين"‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔاعم ـ ً‬ ‫ـاال فري ــدة ف ــي الت ــاريخ لتط ــور الفك ــر والمعرف ــة والحض ــارة ب ــالمغرب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ومــن هنــا اردنــا فــي هــذا المقــال الوقــوف مــع هــذه الشخصــية الفــذة تقــديرا‬ ‫للجهود واعترافـا بالجميـل‪ ،‬واكـتشـافا للمـنهج التـاريخي الـذي اعتمـده فـي‬ ‫ٔ‬ ‫بحثــه وتنقيبــه‪ .‬وال نملــك ٕاال ان نــدعو لهــذه الــروح الطيبــة‪" :‬طبــت وطــاب‬ ‫ٔ‬ ‫مقامك وبواك ﷲ مقام الصديقين"‪.‬‬

‫ﺃﲝﺎﺛﻪ ﻭﻣﻨﻬﺠﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫نشــرت الئحــة ٕانجــازات المنــوني مــن مؤلفــات وابحــاث واعمــال برســم‬ ‫نــدوات فــي كـتابــه " قــبس مــن عطــاء المخطــوط المغربــي"‪ ،‬وفــي ملحــق‬ ‫ٔ‬ ‫بالجزء الثاني من كـتابه " المصادر العربية لتاريخ المغـرب"‪ ،‬وعنهـا اخـذ‬ ‫كل من حـاول تجميـع مـا كـتبـه رحمـه ﷲ‪ ،‬ليـتم ٕاحصـاء ‪ ١٨٤‬عمـل بـين‬ ‫)‪(٥‬‬ ‫كـتاب ومقال ومساهمة في ندوة‪.‬‬ ‫وقــد شــملت مســاهمات الفقيــه مجــاالت متعــددة منهــا‪ :‬مجــال الشــرع‬ ‫ا ٕالس ــالمي‪ ،‬التعل ــيم‪ ،‬الت ــاريخ‪ ،‬فهرس ــة المخطوط ــات‪ ،‬ت ــاريخ الوراق ــة‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫السـ ــيرة النبويـ ــة‪ ،‬ت ـ ـراجم االعـ ــالم‪ ،‬اللغـ ــة واالداب‪ ،‬الفنـ ــون‪ ،‬العمـ ــارة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫التعريف بالوثائق‪ ،‬اعمال برسم ندوات‪ ،‬مقاالت مختلفة في العديـد مـن‬ ‫المجــالت‪ :‬المناهــل – دعــوة الحــق – دار النيابــة‪ -‬البحــث العلمــي‪ -‬مجلــة‬ ‫ٓ‬ ‫االداب‪ -‬مجلة دار الحديث‪ -‬مجلة المغرب‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اما اهم كـتبه فهي‪ :‬مظاهر يقظة المغرب الحديث‪ ،‬قـبس مـن عطـاء‬ ‫ٔ‬ ‫المخطـ ــوط المغربـ ــي فـ ــي ثـ ــالث اج ـ ـزاء‪ ،‬حضـ ــارة الموحـ ــدين‪ ،‬العلـ ــوم‬ ‫ٓ‬ ‫واالداب والفنـون علــى عهـد الموحــدين‪ ،‬ورقــات عـن حضــارة المــرينيين‪،‬‬ ‫المصــادر العربيــة لتــاريخ المغــرب مــن الفــتح ا ٕالســالمي ٕالــى نهايــة العصــر‬ ‫ٔ‬ ‫الحــديث فــي ثــالث اج ـزاء‪ ،‬تــاريخ الوراقــة المغربيــة‪ :‬صــناعة المخط ــوط‬ ‫المغربي من العصر الوسيط ٕالى الفترة المعاصرة‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻭﺷﻴﻮﺧﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫من حسن حـظ محبـي العالمـة الفقيـه محمـد المنـوني والبـاحثين ان‬ ‫الفقيــد كـتــب ســيرته الذاتيــة بيــده وقلمــه)‪ .(١‬ولــذلك كــل الــذين كـتبــوا عــن‬ ‫حياة المنوني اعتمدوا على هذه النسخة التي تركها‪.‬‬ ‫اســمه‪ :‬محمــد عبــد الهــادي بــن محمــد المنــوني‪ ،‬ولــد بمكنــاس مقــر‬ ‫عائلته مدة تزيد على سـتة قـرون‪ ،‬وكانـت والدتـه فجـر السـبت ‪ ٢٤‬شـوال‬ ‫عام ‪١٣٣٣‬هـ‪ ٤/‬شتنبر ‪١٩١٥‬م‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التحق في ‪ ٥‬اكـتـوبر ‪ ١٩١٩‬بالكـتـاب فـي مسـجد حيـه‪ .‬وبعـد ان اتـم‬ ‫ٓ‬ ‫حف ــظ الق ـ ـران الك ــريم ع ــام ‪ ١٩٢٨‬عل ــى ي ــد ش ــيخه محم ــد ب ــن الطي ــب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫القب ــاب‪...‬اخ ــذه وال ــده بحف ــظ المت ــون العلمي ــة " كاال لفي ــة" و"مختص ــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الخليل"‪ .‬ثـم اخـذ يحضـر الـدروس فـي اوقـات الفـراغ مـرتين فـي االسـبوع‪،‬‬ ‫في الفقه واللغة والتفسير والحديث والتاريخ‪.‬‬ ‫ف ــي ع ــام ‪١٣٥٧‬ه ـ ـ‪١٩٣٨/‬م‪ .‬التح ــق بف ــاس ليت ــابع دراس ــته بج ــامع‬ ‫القــرويين بالســنة الخامســة مــن الثــانوي‪...‬حصــل علــى "شــهادة العالميــة"‬

‫م ـ ــن جامع ـ ــة الق ـ ــرويين ‪ ٢٨‬يوني ـ ــو ‪١٩٤٣‬م‪ .‬فع ـ ــين مدرس ـ ــا ف ـ ــي القس ـ ــم‬ ‫االبتدائي بالمعهد المكناسي في نهاية نفس السنة‪ ،‬ثم مدرسا بالثانوي‪.‬‬ ‫وف ــي ع ــام ‪ ١٩٥٩‬ع ــين مفتش ـا لم ــادة الت ــاريخ ف ــي ثانوي ــات التعل ــيم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االصيل‪ ،‬قبل ان يلتحق بالعمل فـي الخزانـة العامـة ‪ ،١٩٦١‬ثـم الخزانـة‬ ‫الحســنية ‪ ،١٩٦٢‬ثــم رئيســا لقســم المخطوطــات بــوزارة الثقافــة والتعلــيم‬ ‫ٔ‬ ‫االصيل سـنة ‪١٩٧٠‬م‪ .‬وفـي عـام ‪١٩٧٤‬م عـاد ٕالـى الخزانـة الحسـنية‪ .‬بعـد‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫ذلك عين استاذا للتعليم العالي بكلية االداب بالرباط )‪.(١٩٨٩-٨٨‬‬ ‫ويــذكر المنــوني فــي ســيرته الذاتيــة التــي كـتبهــا بقلمــه شــيوخ العلــم‬ ‫الذين درس عليهم في مختلـف مراحـل تعليمـه‪ .‬ويحصـي مـنهم ‪ ٣٧‬شـيخا‬ ‫درس عل ــيهم فن ــون المعرف ــة المختلف ــة م ــن فق ــه وتفس ــير وح ــديث ولغ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وادب وتــاريخ وجغرافيــا وفلــك‪ .‬اولهــم شــيخ الجماعــة العالمــة المشــارك‬ ‫ٓ‬ ‫محمد بن الحسين العرائشي‪ .‬واخـرهم الشـيخ محمـد بـن العربـي العلـوي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫ومنهم عبد الهادي المنوني اب المترجم له‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫اما عن ٕاجازاته فيحصـي الفقيـه المنـوني ‪ٕ ١٧‬اجـازة حصـل عليهـا مـن‬ ‫علمــاء مبــرزين‪ ،‬مــن المغــرب وخارجــه‪ :‬كالشــيخ عبــد الحــي الكـتــاني‪ -‬عبــد‬ ‫ال ــرحمن ب ــن زي ــدان‪ -‬الش ــيخ محم ــد الم ــدني ب ــن غ ــازي‪ ،‬والش ــيخ محم ــد‬ ‫)‪(٤‬‬ ‫راغب الطباخ من حلب‪ ...‬وغيرهم‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٠‬‬


‫اﻟﻌﺪد‬ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬ ‫ﺷﺨﺼﻴﺔ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان اعمال المنوني اكبر من ان تحصى‪ ،‬فهو ينطبق عليه ما جـاء فـي‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫االثــر ان "خيــركم مــن طــال عمــره وحســن عملــه" فقــد فهــرس مخطوطــات‬ ‫العدي ــد م ــن المكـتب ــات‪ :‬الخزان ــة الملكي ــة‪ ،‬الخزان ــة الحس ــنية‪ ،‬الخزان ــة‬ ‫الناصــرية‪ ،‬الخزانــة الحمزاويــة‪ .‬كمــا حقــق وشــارك فــي تحقيــق العديــد مــن‬ ‫المخطوطات‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ انجــز بيبليوغرافيــا تاريخيــة شــاملة امالهــا علــى طــالب الجامعــة ثــم‬‫ٔ‬ ‫طبعــت‪ .‬و ســهر علــى تكــوين طــالب فــي رحــاب الجامعــات بمــا القــاه مــن‬ ‫عروض ومحاضرات‪ ،‬ومـا اسـتقبل فـي داره وغيرهـا مـن بـاحثين وطـالب‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واشـرف علــى تـوجيههم ودراســاتهم ومؤلفــاتهم‪ .‬كمـا شــارك فـي العديــد مــن‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫الندوات والمؤتمرات والتداريب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫امــا المســار الــذي اختــاره لنفســه فــي البحــث التــاريخي‪ ،‬فقــد اتجــه‬ ‫ٔ‬ ‫المنــوني ٕالــى البحــث والتنقيــب فــي الت ـراث المغربــي فاســتحق ان يكــون‬ ‫الخبير والمتخصص والمبرز في شؤون التـراث‪ .‬فقـد قصـد خـزائن الكـتـب‬ ‫ٔ‬ ‫الخاصة والعامة يتطلع بلهف وشوق ٕالى ما بقي من تـراث االجـداد‪ ،‬و ٕانـه‬ ‫ٔ‬ ‫لعمــل مضــن وشــاق بذلــه االســتاذ فــي تســجيل التـراث المغربــي بمختلــف‬ ‫ٔ‬ ‫علومــه وفنونــه‪ ،‬وقــد اثمــر جهــده الطيــب عــن طائفــة قيمــة مــن الفهــارس‬ ‫ٔ‬ ‫والبيبليوغرافيا اهمها‪:‬‬ ‫ فهرس المخطوطات العربية في الخزانة العامة بالرباط‪.‬‬ ‫ منتخبات من نوادر المخطوطات بالخزانة الحسنية بالرباط‪.‬‬ ‫ فهارس مخطوطات الخزانة الحسنية‪.‬‬ ‫ دليل مخطوطات دار الكـتب الناصرية بتامكورت‪.‬‬ ‫)‪(٧‬‬ ‫ المصادر العربية لتاريخ المغرب‪ ...‬وغيرها‪.‬‬ ‫كانــت خبــرة المنــوني كبيــرة فــي مجــال الت ـراث والمخطوطــات‪ ،‬فقــد‬ ‫ب ــرع ف ــي التوس ــع ف ــي الوص ــف ال ــدقيق للمخطوط ــات م ــن الغ ــالف ٕال ــى‬ ‫ٔ‬ ‫الغــالف‪ ،‬فهــو يصــف تجليــد الكـتــاب‪ ،‬ونــوع الــورق‪ ،‬وانــواع المــداد‪ ،‬ثــم‬ ‫الخطــوط المختلفــة‪ ،‬ويعـ ّـرف بالخطــاطين‪ ،‬كمــا يشــير ٕالــى مــا نســخوه مــن‬ ‫كـتــب‪ ،‬وفــي كــل صــفحة يصــف العنــاوين والزخــارف والطــرر والهــوامش‬ ‫والملحق ــات‪ ،‬زي ــادة عل ــى م ــا ف ــي المخطوط ــات م ــن ش ــماعات وقـ ـراءات‬ ‫ٔ‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫وتمليكات وتحبيسات واختام وتوقيعات‪ٕ ...‬الخ‪.‬‬ ‫لقــد كــان المنــوني حجــة وعمــدة للبــاحثين فــي الكـتــب والمكـتبــات‬ ‫ٔ‬ ‫والفه ــارس‪ ،‬فه ــو الخبي ــر ف ــي معرف ــة ام ــاكن المخطوط ــات وع ــدد نس ــخها‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وحجمها ومكانها‪ .‬ولذا ٕفان خبرته لن تعوض ابـدا‪ .‬فمـن ذا يسـتطيع االن‬ ‫ٔ‬ ‫ان يقوم بتقدير عمر مخطوط غفـل مـن التـاريخ‪ ،‬ورده ٕالـى عصـره اعتمـادا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫على معرفته بخطه او ورقه او حبره او تجليده؟؟‬ ‫ٔ‬ ‫وما كان له ان يصل ٕالى هذا المستوى ٕاال بعدما عانى و قاسـى‪ ،‬فقـد‬ ‫صاحب غبـار المخطوطـات وحشـراتها ورطوبتهـا‪ ،‬انتقـل مـن الداخلـة ٕالـى‬ ‫العي ــون ووزان وتمك ــروت والزاوي ــة الحمزاوي ــة وزاوي ــة تنغمل ــت‪ ،‬يف ــتش‬ ‫ويفهرس ويرتب‪ .‬فقد اعتكـف بالزاوية الحمزاوية ووصـف محتوياتهـا بكـل‬ ‫ٔ‬ ‫دقــة‪ ،‬واقــام شــهرا فــي خزانــة الزاويــة الناصــرية يحصــي كـتبهــا ويفهرســها‪،‬‬ ‫ليســتوعب الفهــرس قرابــة ‪ ٤٢٠٠‬بــين مخطوطــة مســتقلة ومؤلفــات ٔاخــرى‬ ‫)‪(٩‬‬ ‫ضمن مجاميع‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫وف ــي ٕاط ــار بحث ــه المص ــدر اعتن ــى عناي ــة خاص ــة بالو اق ــة‪ ،‬ف ــاخرج‬ ‫لعش ــاق المعرف ــة والب ــاحثين فــي الحض ــارة كـتاب ــه الفري ــد "ت ــاريخ الوراق ــة‬ ‫المغربي ــة‪ :‬ص ــناعة المخط ــوط المغرب ــي م ــن العص ــر الوس ــيط ٕال ــى الفت ــرة‬ ‫المعاصرة"‪ .‬ولعل البحث في هذا الحقل صعب ومعقد لنـدرة المعطيـات‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وقلته ـ ـ ــا فه ـ ـ ــي ال تع ـ ـ ــدو ٕاش ـ ـ ــارات ي ـ ـ ــاتي اغلبه ـ ـ ــا عرض ـ ـ ــا ف ـ ـ ــي المؤلف ـ ـ ــات‬

‫ٔ‬ ‫والمخطوطــات والمقيــدات‪ ،‬ولــذلك لــم يعــرف ال قــديما وال حــديثا تــاليف‬ ‫ٔ‬ ‫او بحـث يســتوعب تــاريخ الوراقــة المغربيــة‪ ،‬فقــد كــان هــدف المنــوني هــو‬ ‫)‪(١٠‬‬ ‫ٕابراز فن حضاري وطني ظل مغفال‪.‬‬ ‫مـا الجديـد الـذي جـاء بـه المنـوني ٕاذن مـن حيـث البحـث التـاريخي؟‬ ‫ٔ‬ ‫مــن المالحــظ ان الفقيــه المنــوني لــم يهــتم بالتــاريخ للفعــل السياســي‪ٕ ،‬ان‬ ‫ٔ‬ ‫مشــروعه يتمثــل فــي ٕاب ـراز الهويــة الحضــارية والثقافيــة المغربيــة وتاصــيل‬ ‫الدولة المغربية ومؤسساتها‪.‬‬ ‫لقـد كــان المنـوني صــاحب رســالة‪ ،‬فقـد دفعتــه غيرتــه علـى وطنــه ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫رد ك ــل المـ ـزاعم الت ــي اراد المس ــتعمر ان يرس ــخها ف ــي االذه ــان‪ ،‬ليثب ــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالحجــة الدامغــة‪ ،‬بالوثيقــة‪ ،‬بالبحــث الرصــين ان المغــرب امــة وحضــارة‬ ‫)‪(١١‬‬ ‫وتاريخ ودولة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕان المن ــوني ينتم ــي لمدرس ــة اب ــن زي ــدان‪ ،‬و ٕاذا ك ــان االخي ــر اه ــتم‬ ‫بالتاريخ للدفاع عن المخزن والدولة المغربية‪ٕ ،‬فان رسالة المنوني كانت‬ ‫ٔ‬ ‫ه ــي ٕاثب ــات وج ــود االم ــة المغربي ــة بحض ــارتها وثقافته ــا ومؤسس ــاتها‪ٕ .‬ان‬ ‫التــاريخ عنــد المنــوني لــيس تاريخــا للبطــل وال تاريخــا للســلطة‪ ،‬بــل ٕانــه‬ ‫تــاريخ البنيــات الثقافيــة والــنظم والخطــط الحضــارية‪ ،‬وتــاريخ مؤسســات‬ ‫)‪(١٢‬‬ ‫الدولة والمجتمع‪.‬‬ ‫ويمكن القـول؛ ٕان مشـروع المنـوني العلمـي مشـروعا متمحـورا حـول‬ ‫ت ــاريخ الفك ــر والحضـ ــارة‪ ،‬ول ــذا فق ــد اهـ ــتم بمواض ــيع طريف ــة وجديـ ــدة‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ك ـ ـ ــالحفالت واالعي ـ ـ ــاد‪ ،‬واش ـ ـ ــكال التص ـ ـ ــوف واتجاهات ـ ـ ــه‪ ،‬والع ـ ـ ــادات‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والموســيقى‪ ،‬والرياضــة‪ ،‬واصــول الــديانات‪ ،‬والرايــات وصــناعة االســلحة‬ ‫ٔ‬ ‫بــالمغرب‪ .‬وه ــي مواضــيع تــذكر بتوج ــه مدرس ــة الحوليــات‪ ،‬كم ــا ان ه ــذه‬ ‫ٔ‬ ‫المواضيع ال يرد ذكرها غالبا ٕاال عرضا في صـيغة ٕاشـارة شـاردة او اسـتطراد‬ ‫عـ ــابر فيصـ ــيرها بفضـ ــل براعتـ ــه وخبرتـ ــه الواسـ ــعة موضـ ــوعات متكاملـ ــة‬ ‫)‪(١٣‬‬ ‫ومنسجمة في شكلها ومبناها‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ومــع كــل مــا انتجــه المنــوني فـ ٕـان مــا ميــزه عــن كـثيــر مــن المــؤرخين‬ ‫والباحثين هـو تقـديم المسـاعدة المسـتمرة واالحتضـان الـدائم للبـاحثين‪.‬‬ ‫وهي مزية قليال ما تجدها ٕاال في من تحلى بخصال الكمال وا ٕاليثار‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ف ــال تك ــاد تج ــد ص ــاحب رس ــالة جامعي ــة او بح ــث علم ــي ل ــه عالق ــة‬ ‫بــالتراث المغربــي ٕاال واســتفاد مــن الخــدمات العلميــة للمرحــوم المنــوني‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫حتــى قــال المــؤرخ المغربــي عبــد ﷲ العــروي ان اســم المنــوني يجــب ان‬ ‫ٔ‬ ‫يسجل في صـدر كـل مؤلـف بـاي لغـة كـان‪ ،‬حـول مغـرب القـرن ‪١٩‬م‪ .‬لـم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫يكــن يــانف عــن اســتقبال البــاحثين فــي داره او فــي اي مكــان كــان‪ .‬ولــم‬ ‫يكــن يبخــل علــيهم بـ ٔـاي توجيــه ٔاو نصــح ‪ ،‬بــل كــان ّ‬ ‫يمكــن البــاحثين مــن‬ ‫مخطوطات مكـتبته الخاصة في كل وقت وحين‪.‬‬ ‫ولعــل تواضــعه وتفانيــه فــي خدمــة البحــث العلمــي وتعاونــه مــع كــل‬ ‫طالــب علــم هــي التــي منحتــه هــذه المحبــة والتقــدير العظيمــين فــي قلــوب‬ ‫كل الباحثين المغاربة ٕاال من كان في قلبه مرض‪.‬‬ ‫ت ــوفي المن ــوني ‪ ٢٨‬غش ــت ‪ ١٩٩٩‬بمكن ــاس وبه ــا دف ــن‪ .‬م ــات‬ ‫ٔ‬ ‫المنوني‪ .‬مات رجل من الصالحين كما عبر المؤرخ احمد التوفيـق‪ .‬ويـذكر‬ ‫ٔ‬ ‫د‪.‬التوفيــق ايضــا‪" :‬تــذاكرنا ذات يــوم حــول الصــالحين الــذين َعرفــوا‪ ،‬مــن‬ ‫َّ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫قبيــل الكرامــات وبـ ٕـاذن ﷲ‪ ،‬متــى يــوفى اجلهــم‪ ،‬فقــال "امــا انــا فقــد رايــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫رؤيــا بعــد وفــاة الفقيــه الرحــالي الفــاروقي اننــي ســاموت بعــده بــاربع عشــرة‬ ‫ســنة"‪ .‬وكــان الرحــالي الفــاروقي تــوفي ‪١٩٨٥‬م‪ ،‬وهكــذا صــدقت رؤيــاه‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫وهذه من ايات الصالحين")‪.(١٤‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨١‬‬


‫اﻟﻌﺪد‬ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬ ‫ﺷﺨﺼﻴﺔ‬

‫ﺍﳍﻮﺍﻣﺶ‪:‬‬

‫ٔ‬ ‫)‪ (١‬توجــد نســخة مرقونــة عنــد الــدكـتور عمــر افــا بهــا ٕاضــافات مفيــدة اعتمــدت‬ ‫عليهـا مجلــة دعــوة الحـق لنشــر ترجمــة للمنـوني فــي عــددها ‪ ، ٣٧١‬الســنة‬ ‫ٓ‬ ‫‪ ، ٤٤‬ينــاير‪/‬فبرايــر ‪ .٢٠٠٣‬ص ‪ . ٢٤‬كمــا نشــر كــل مــن محمــد ال رشــيد‬ ‫ف ــي كـتاب ــه‪ ":‬العالم ــة محم ــد ب ــن عب ــد اله ــادي المن ــوني"‪ ،‬منش ــورات دار‬ ‫البشــائر ودار االمــام مالــك‪ ،‬ط‪ ٢٠٠٥، ١‬ص ‪ .٣٣‬و عبــد العزيــز تيالنــي‬ ‫فــي كـتابــه‪ :‬الفقيــه المنــوني‪ ،‬شــهادات وفــاء‪ ،‬منشــورات جــذور‪ ،‬ط ‪، ١‬‬ ‫‪ ، ٢٠٠٦‬ص‪ ،١٠‬ترجمـ ــة للمنـ ــوني اعتمـ ــادا علـ ــى النسـ ــخة التـ ــي كـتبهـ ــا‬ ‫المؤلف بيده ‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬المراجع المذكورة‪.‬‬ ‫"‬ ‫)‪" (٣‬‬ ‫"‬ ‫)‪" (٤‬‬ ‫)‪ (٥‬دعوة الحق‪ ،‬عدد‪ ،٣٧١‬السـنة‪ ،٤٤‬ينـاير فبرايـر‪ ، ٢٠٠٣‬ص ‪ . ٤١‬عبـد‬ ‫ٓ‬ ‫العزيز تيالني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ . ٥٣‬محمـد ال رشـيد ‪ ،‬مرجـع سـابق‪،‬‬ ‫ص ‪.١٩٧‬‬ ‫)‪ (٦‬محمــد المغ ـراوي‪ ،‬العالمــة محمــد المنــوني والمخطــوط المغربــي‪ :‬رحلــة‬ ‫خبرة وعطاء‪ ،‬مجلة دعوة الحق‪،‬عدد ‪ ، ٣١٧‬ص‪١٤٣.‬‬ ‫)‪ (٧‬نفسه ‪ ،‬ص ‪. ١٤٤‬‬ ‫)‪ٕ (٨‬اس ـ ــماعيل الخطيب‪،‬محم ـ ــد المن ـ ــوني‪ :‬الفقي ـ ــه‪ -‬الم ـ ــؤرخ‪ -‬التراثي‪،‬دع ـ ــوة‬ ‫الحق‪،‬عدد‪ ، ٣٧٠‬اكـتوبر‪ /‬نوفمبر‪ /‬دجنبر ‪ ، ٢٠٠٢‬ص‪.٦٠‬‬ ‫)‪ (٩‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.٦١‬‬ ‫)‪ (١٠‬محمــد الطــوكي ‪ ،‬الخلفيــة النظريــة للعمــل البيبليــوغرافي للفقيــه محمــد‬ ‫المنوني‪،‬دعوة الحق‪ ،‬عدد ‪ً ،٣٧١‬‬ ‫ص ‪. ١٠٤‬‬ ‫)‪ٕ (١١‬اسماعيل الخطيب‪،‬دعوة الحق‪ ،‬عدد ‪ ،٣٧١‬ص ‪. ٦١‬‬ ‫)‪ (١٢‬الفقيه االدريسي‪ ،‬منهج الكـتابة التاريخية عند العالمـة محمـد المنـوني‪،‬‬ ‫دعوة الحق‪،‬عدد ‪ ،٣٧١‬ص ‪.١٤٧‬‬ ‫)‪ٕ (١٣‬اسماعيل الخطيب‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ص‪. ٦٢‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (١٤‬احمد التوفيق‪،‬مات رجل من الصـالحين‪ ...‬مقـال ضـمن كـتـاب " الفقيـه‬ ‫المنوني شهادات وفاء‪ ،‬لعبد العزيز تيالني‪ ،‬ص ‪.١٢٤‬‬

‫ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ‬

‫ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪ – ٢٠٠٨‬ﺳﺒﺘﻤﱪ ‪٢٠٠٩‬‬

‫ﺴﺎﻋﺩﺕ ﺍﻟﺘﻁـﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴـﺔ ﺍﻟﻬﺎﺌﻠـﺔ ﻓـﻲ ﻋﺼـﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴـﺭ ﻤـﻥ ﺍﻷﻜـﺎﺩﻴﻤﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﻴﻥ‪،‬‬ ‫ﻭﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺘﻁﻭﻴﺭ‬ ‫ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺭﻗﻲ ﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻟﻌل ﻤﻥ ﺃﺒـﺭﺯ‬ ‫ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻹﻨﺘﺭﻨﺕ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺘﻨﺎﻤﻲ ﺃﻋﺩﺍﺩ‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﺭﻴﺎﺕ ﺍﻹﻟﻜﺘﺭﻭﻨﻴـﺔ ﻓـﻲ ﻜﺜﻴـﺭ ﻤـﻥ ﺍﻟﻤﺠـﺎﻻﺕ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺒﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻭﺘﺘﻤﻴﺯ ﺍﻟﺩﻭﺭﻴﺎﺕ ﺍﻹﻟﻜﺘﺭﻭﻨﻴﺔ ﺒﻘﺭﺒﻬﺎ ﻤـﻥ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻔﻴﺩ‬ ‫ﻭﺴﺭﻋﺔ ﻭﺼﻭل ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻨﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤـﺎ‬ ‫ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺠﺎﻫﺯﻴﺔ ﺘﺎﻤـﺔ ﻭﻤﺘﺎﺤـﺔ ﻓـﻲ ﻜـل ﻭﻗـﺕ‪،‬‬ ‫ﺨﺼﻭﺼﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸـﺭ ﻭﻴﻤﻜـﻥ‬ ‫ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻹﻨﺘﺭﻨﺕ‪.‬‬ ‫ﻭﺘﻀﻲﺀ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻤﻊ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌـﺩﺩ ﺍﻟﺨـﺎﻤﺱ‬ ‫ﻭﻤﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺭﻗﻤﻲ ﺘﻌﻠﻥ ﺒﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﺭﻭﺭ ﻋﺎﻡ‬ ‫ﻜﺎﻤل ﻋﻠﻰ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻷﻭل‪ ،‬ﻋـﺎﻡ ﻤـﻥ ﺍﻹﺘﺎﺤـﺔ‬

‫اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻜﻮر ﻓﻲ ﺳﻄﻮر‪:‬‬

‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻫﻴﺔ‪ ،‬ﻋﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ كات ـ ــب وباح ـ ــث مغرب ـ ــي واس ـ ــتاذ التعل ـ ــيم الث ـ ــانوي‬ ‫ٔ‬ ‫التاهيلي لمادة التاريخ والجغرافيا‪.‬‬ ‫ حاص ــل عل ــى دبل ــوم الدراس ــات العلي ــا المعمق ــة ف ــي‬ ‫التاريخ الحديث والمعاصر‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ يحض ــر اطروح ــة ال ــدكـتوراه تح ــت عن ــوان‪ ":‬الكـتاب ــة‬ ‫التاريخية بالمغرب في عهد الحماية"‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٢‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫ﺍﻷﻣﲑ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﳋﻄﺎﺑﻲ‬

‫ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ )‪(١٩٦٣-١٩٤٧‬‬

‫رسالة ماجستير غير منشورة‬ ‫ٕاعداد‪ :‬حسن محمد حسن البدوي‬ ‫معهد البحوث والدراسات ا ٕالفريقية‪ ،‬جامعة القاهرة ‪٢٠٠٦‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاشراف‪ :‬االستاذ الدكـتور عبد ﷲ عبد الرازق ٕابراهيم‬

‫ﺣﺴﻦ اﻟﺒﺪوي‬ ‫كاتب وباحث في التاريخ الحديث والمعاصر‬ ‫دولة قط ـ ـ ـ ــر‬ ‫‪hassan_elbadawy@hotmail.com‬‬

‫ٔ‬ ‫فــي منطقــة انــوال الريفيــة عــام ‪١٩٢١‬م‪ ،‬مواصــلين تقــدمهم للقضــاء علــى‬ ‫ٔ‬ ‫بـاقي منـاطق النفــوذ االسـباني فــي المغـرب‪ ،‬حتـى ٕاذا مــا فـتح ﷲ علــيهم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ودانــت لهــم القبائــل‪ ،‬اعلنوهــا حكومــة ريفيــة مســتقلة‪ ،‬ال تخضــع لســلطة‬ ‫المستعمر الغاشم‪ ،‬بل تدين بالوالء للسلطان الشرعي للبالد‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لمــا فشــلت اســبانيا فــي القضــاء علــيهم‪ ،‬عملــت علــى ٕاضــعافهم بــان‬ ‫ٔ‬ ‫اســتفزت ضــدهم الســلطان يوســف ســلطان المغــرب‪ ،‬واوقعــت فــي نفســه‬ ‫ًٔ‬ ‫ـذبا ان محمــد بــن عبــد الكــريم مــا هــو ٕاال ثــائر طــامع فــي عــرش الــبالد‪،‬‬ ‫كـ‬ ‫فانطلــت اللعبــة علــى الســلطان‪ ،‬الــذي كانــت فرنســا قــد وقعــت معــه عقــد‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الحمايـة عـام ‪١٩١٢‬م‪ ،‬فخشـي مـن ضـياع سـلطانه‪ ،‬واعلـن ان محمـد بـن‬ ‫ٔ‬ ‫عبــد الكــريم خــارج عــن طاعتــه‪ ،‬وبــذا اصــبح علــى محمــد بــن عبــد الكــريم‬ ‫مواجهـ ــة مسـ ــتعمر غاصـ ــب‪ ،‬وسـ ــلطان ُمغيـ ــب‪ ،‬والعديـ ــد مـ ــن الخونـ ــة‬ ‫الجه ــالء‪ ،‬لك ــن ٕاصـ ـرار ُالمجاه ــدين و ٕايم ــانهم بح ــق بالده ــم ف ــي التمت ــع‬ ‫بحريــة كاملــة‪ ،‬ال ينــتقص منهــا احــتالل عســكري وال اتفاقيــات‪ ،‬جعلهــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫يواصــلون الكـفــاح ُمحققــين النصــر تلــو االخــر؛ فلمــا شــعر االســبان بــان‬ ‫ٔ‬ ‫سلطانهم في المغرب قرب من الزوال وان استنفارهم للسـلطان ضـد ابـن‬ ‫ٔ‬ ‫عبد الكريم لم ُيجدي ً‬ ‫نفعا‪ ،‬بحثوا عن من ُيعاضدهم للصـمود امـام تقـدم‬ ‫ٔ‬ ‫ُالمجاهدين‪ ،‬فلم يجدوا سوى فرنسا‪ ،‬المنافس االول لهـم فـي المنطقـة‪،‬‬ ‫فتعاهــدوا ووضــعوا اليــد فــي اليــد للقضــاء علــى ابــن عبــد الكــريم ورجالــه‪،‬‬ ‫ودارت المعــارك هنــا وهنــاك‪ ،‬واتســعت ســاحات القتــال‪ ،‬وفعــل الحلفــاء‬ ‫كل ما هو مشروع وغير مشروع ٕالبادة الريفيين‪ ،‬فكانت الغـازات السـامة‬ ‫والمحرقـ ـ ــة‪ ،‬وقصـ ـ ــفت ٔاالسـ ـ ــواق بالطـ ـ ــائرات‪ ،‬واسـ ـ ــتبيحت ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحرمـ ـ ــات‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫ومورست كل وسائل البطش والتنكيل باالهالي العزل وبالمجاهدين‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫حتــى ٕاذا مــا قضــى ﷲ امــره‪ ،‬وكــان مــا كــان مــن اســتنفاد ُالمجاهــدين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لكـ ــل وس ـ ــائل الص ـ ــمود امـ ــام ه ـ ــذا الطوف ـ ــان الجـ ــارف‪ ،‬وم ـ ــع م ـ ــا المي ـ ــر‬ ‫ٔ‬ ‫ُالمجاهدين من حكمـة ونباهـة‪ ،‬فضـل ان يكـون كـبش فـداء لـيحفظ علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مـن تبقــى مــن اهــل الريــف ومــن ُالمجاهــدين حيــاتهم‪ ،‬وقبــل ان ُينفــى هــو‬ ‫ٔ‬ ‫واس ـرته ٕال ــى جزي ــرة "ريني ــون" ٕاح ــدى المس ــتعمرات الفرنس ــية ب ــالمحيط‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الهن ــدي ع ــام ‪١٩٢٦‬م‪ ،‬وغ ــاب االمي ــر واس ـ ـرته ع ــن بالده ــم ال كـث ــر م ــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عشــرين عامـ ًـا‪ ،‬عــانوا خاللهــا م ـرارة النفــي والبعــد عــن االهــل واالوطــان‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امضى االمير تلك السنوات في محاوالت ومحاوالت من اجل العودة ٕالـى‬ ‫ب ــالده‪ ،‬لك ــن دون ج ــدوى‪ ،‬عق ــب انته ــاء الح ــرب العالمي ــة الثاني ــة ع ــام‬ ‫‪١٩٤٥‬م‪ ،‬ومــا نــتج عنهــا مــن تغيــر فــي مــوازين القــوى العالميــة‪ ،‬وافقــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫فرنسا على التخفيف من قيوده ونقله هو واسرته ٕالى اراضيها‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وفــي مــايو عــام ‪١٩٤٧‬م واثنــاء عبــور االميــر واس ـرته لقنــاة الســويس‬ ‫المصرية‪ ،‬عرض عليه بعض المغاربة ُالمقيمـين بالقـاهرة النـزول بمصـر‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ووافقــت الفكــرة رغبــة االميــر الخطــابي‪ ،‬فنــزل بمصــر مواصـ ًـال كـفاحــه مــن‬ ‫جديـ ــد؛ التـ ــف ُمجاهـ ــدي شـ ــمال ٕافريقيـ ــا )تـ ــونس– الجزائـ ــر‪ -‬المغـ ــرب(‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٕاننـ ـا بص ــدد الح ــديث ع ــن فت ــرة م ــن اه ــم فتـ ـرات تاريخن ــا الح ــديث‬ ‫ٔ‬ ‫والمعاصــر‪ ،‬فتــرة شــهد فيهــا العــالم ابشــع صــور التكالــب االســتعماري‪،‬‬ ‫لنه ــب واس ــتنزاف خي ـ ـرات وم ــوارد الش ــعوب الضـ ــعيفة والمغلوب ــة علـ ــى‬ ‫ٔ‬ ‫امرها‪ ،‬ولما كان الوطن العربي قد شغل الجـزء الشـمالي للقـارة ا ٕالفريقيـة‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫باكملــه‪ٕ ،‬اضــافة ٕالــى منطقــة الشــمال الغربــي لقــارة اســيا‪ ،‬لــذا فقــد ُعــد مــن‬ ‫ٔ‬ ‫اهــم المنــاطق ٕاســتراتيجية فــي العــالم‪ ،‬لمــا كــان العــرب قــد ســيطروا مــن‬ ‫زمن بعيد‪ ،‬بحكم هذا الموقع ُالمتميز في طرق تجارة الحرير القادمة مـن‬ ‫الصــين‪ ،‬وتجــارة ُالبهــار القادمــة مــن الهنــد‪ ،‬ولعــدة قــرون قبــل اكـتشــاف‬ ‫ٔ‬ ‫طريــق راس الرجــاء الصــالح؛ لــذا فقــد ظــل الكيــان العربــي مطمعـ ًـا للغـزاة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والمغــامرين‪ ،‬وانــدفعت موجــات االســتعمار االوروبــي صــوب اقــرب بــالد‬ ‫العــرب ٕالــيهم بشــمال ٕافريقيــا‪ ،‬فــاحتلوا الجزائــر عــام ‪١٨٨٠‬م‪ ،‬وفرضــوا‬ ‫الحمايــة علــى تــونس عــام ‪١٨٨١‬م‪ ،‬ثــم علــى المغــرب عــام ‪١٩١٢‬م‪ ،‬لــذا‬ ‫ٔ‬ ‫فقــد اكـتظــت تلــك الفتــرة بالعديــد مــن صــور مقاومــة الســيطرة االجنبيــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وبرزت بعـض الشخصـيات امثـال االميـر عبـد القـادر فـي الجزائـر‪ ،‬وسـيدي‬ ‫ٔ‬ ‫محم ــد امزي ــان وس ــيدي عب ــد الك ــريم الخط ــابي ف ــي المغ ــرب‪ ،‬وك ــان م ــن‬ ‫ُالمجاهـدين الكـثيــر ممـن يضــيق ُالمقـام عــن ذكـرهم‪ ،‬لــذا سـنعرض لســيرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫احــد رمــوز الكـفــاح العربــي فــي شــمال ٕافريقيــا وهــو االميــر محمــد بــن عبــد‬ ‫الكريم الخطابي‪.‬‬ ‫ً ٔ ٔ‬ ‫ولــد محمــد بك ـرا البيــه احــد قــادة قبيلــة بنــي ورياغــل بمنطقــة الريــف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫بشــمال المغــرب‪ ،‬نشــا فــي كنفــه وتلقــى عليــه هــو وشــقيقه االصــغر امحمــد‬ ‫مبــادئ الــدين الحنيــف‪ٕ ،‬اضــافة ٕالــى العلــوم الدنيويــة‪ُ ،‬بغيــة الوقــوف علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عمال بمبـدا "مـن علـم لغـة قـوم امـن غـدرهم"‪،‬‬ ‫احوال الغرب وطبائعهم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ل ــذا فق ــد ارس ــل وال ــده ش ــقيقه االص ــغر لتلق ــى عل ــوم التع ــدين بالعاص ــمة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االس ــبانية مدري ــد‪ ،‬ف ــي الوق ــت ال ــذي كان ــت تحت ــل في ــه اس ــبانيا بع ــض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫منــاطق شــمال المغــرب‪ ،‬امــا محمــد فارســله والــده للعمــل بمدينــة بمليلــة‬ ‫الواقعة ضمن منطقة النفوذ ٔاالسباني ٔا ً‬ ‫يضا‪ ،‬فقام بتدريس اللغـة العربيـة‬ ‫للضباط ٔاالسـبان‪ ،‬وعمـل بالصـحافة‪ ،‬فلمـا ٔراى منـه ٔاالسـبان اتزان ًـا وع ً‬ ‫ـدال‬ ‫ُعــين قاض ـ ًـيا فــي مليلــة‪ ،‬فحــرص خــالل عملــه معهــم علــى الوقــوف عل ــى‬ ‫ٔ‬ ‫حقيقــة نوايــاهم‪ ،‬وعلــى الهــدف مــن تواجــدهم بــارض بــالده‪ ،‬حتــى ٕاذا مــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تاكــد مــن ٕاصـرار االســبان علــى االســتمرار فــي سياســة الظلــم والــبطش فــي‬ ‫ٔ‬ ‫المن ــاطق الت ــي احتلوه ــا‪ ،‬فض ـ ًـال ع ــن ع ــزمهم التوس ــع ف ــي ب ــاقي اراض ــي‬ ‫ٔ‬ ‫الريف‪ ،‬استدعاه والده هو وشقيقه‪ُ ،‬معلنين الجهاد ضد اعداء الوطن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫دار ص ــدام ب ــين الف ــريقين‪ ،‬فلم ــا ت ــوفي االب خلف ــه ابن ــه اال كب ــر ف ــي‬ ‫قيــادة ُالمجاه ــدين‪ ،‬واس ــتمرت المع ــارك قراب ــة الخم ــس س ــنوات‪ ،‬حق ــق‬ ‫خاللها الريفيين بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي انتصارات ال تـزال‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ـربا لالمثــال فــي البراعــة وحســن التخطــيط‪ ،‬بعــد ان تمكنــوا مــن دحــر‬ ‫مض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اكبــر قــوة عســكرية جردهــا ضــدهم االســبان بقيــادة الجنـرال "سلفســتري"‬

‫ﻋﺮض‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٣‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫ُالمقيمون بالقاهرة حول ٔاالميـر‪ ،‬وعزمـوا علـى تكـوين هيئـة مغربيـة كبـرى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫توحــد جهــودهم‪ ،‬وان يكــون االميــر زعــيمهم االول‪ ،‬ومرشــدهم الخبيــر‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وتاسس ـ ــت "لجن ـ ــة تحري ـ ــر المغ ـ ــرب العرب ـ ــي" بالق ـ ــاهرة ع ـ ــام ‪١٩٤٨‬م‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واصــبحت اللجنــة الممثــل الشــرعي للمغاربــة‪ ،‬بعــد ان نالــت تاييــد ودعــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العدي ــد م ــن ال ــدول العربي ــة وا ٕالس ــالمية‪ ،‬بي ــد ان تب ــاين افك ــار اعض ــاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫واضحا منذ اللحظة االولى‪ ،‬ففي الوقت الـذي اقـر فيـه الـبعض‬ ‫اللجنة بدا‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وجهــة نظــر االميــر المناديــة بالكـفــاح المســلح كوســيلة مثلــى للتعامــل مــع‬ ‫االس ــتعمار ‪ -‬ف ــي الوق ــت ذات ــه ‪ -‬ن ــادى ال ــبعض بال ــدخول ف ــي مباحث ــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫سلمية مع المستعمر‪ ،‬واال يتعـدى دور االميـر الخطـابي فـي رئاسـة اللجنـة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫دو ًرا ش ً‬ ‫ـرفيا‪ ،‬باعتبـاره احـد رمـوز الكـفـاح المغربـي وفقـط‪ ،‬فلمـا راى االميـر‬ ‫ٕاصرارهم على تهميشه‪ ،‬وعلى ُالمضي في تلـك السياسـة التـي تنـتقص مـن‬ ‫ٓ‬ ‫كرامــة بالدهــم‪ ،‬اثــر االنفصــال عــن اللجنــة‪ ،‬مواصـ ًـال كـفاحــه مــع مــن تبقــى‬ ‫معه من ُالمجاهدين ُالمخلصين‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫في تلـك االثنـاء اسـتطاع بعـض التونسـيين بقيـادة الحبيـب بورقيبـة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وبعض اعضاء االحزاب المغربيـة‪ ،‬ان يتوصـلوا بالتفـاوض مـع الفرنسـيين‬ ‫ٔ‬ ‫الــى اتفاقــات مــن شـ ٔـانها مــنحهم اسـ ً‬ ‫ـتقالال ذاتيـ ًـا‪ ،‬شــريطة اال يتخطــى هــذا‬ ‫ٕ‬ ‫وو ٔ‬ ‫االســتقالل دائــرة االرتبــاط الــدائم بفرنســا‪ ،‬جــد االميــر الخطــابي نفســه‬ ‫وحيـ ًـدا هــو ومــن معــه مــن ُالمجاهــدين الجزائــريين ‪ -‬وبعــض ذوي الهمــم‬ ‫ٔ‬ ‫والوطني ـ ــة م ـ ــن المغارب ـ ــة والتونس ـ ــيين ‪ -‬ل ـ ــذا كان ـ ــت تص ـ ــريحات االمي ـ ــر‬ ‫ونداءات ــه تص ــل ٕال ــى ش ــعب ش ــمال ٕافريقي ــا منبه ــة ٕاي ــاه لم ــا ُيح ــاك ل ــه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ُمســتنفرة همتــه للــتخلص مــن االســتعمار واعوانــه‪ ،‬لــذا لــم تكــن تصــرفات‬ ‫ٔاالمي ــر الخط ــابي لتج ــد قب ـ ً‬ ‫ـوال ل ــدى ال ــذين انخ ــدعوا بم ــا اعتب ــره الخط ــابي‬ ‫ً‬ ‫استقالال منقوصا‪ ،‬فتنكروا له ولجهاده‪ ،‬وعمل بعضهم علـى ا ٕاليقـاع بينـه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وبــين ملــك المغــرب محمــد الخــامس‪ ،‬بــالرغم مــن ذلــك فقــد اصــر االميــر‬ ‫على مواصلة الكـفاح‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مضى قطار الحياة باالمير الخطـابي وانقضـى اكـثـر مـن ثمانيـة عقـود‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫قضاها االميـر ُمجـاه ًرا برفضـه لكـل صـور االسـتعمار‪ ،‬وفـي فبرايـر ‪١٩٦٣‬م‬ ‫ٔ‬ ‫وب ـ ٔـارض الكنان ــة تنته ــي رحل ــة كـف ــاح بط ــل المغ ــرب واس ــد الري ــف ووري‬ ‫ٔ‬ ‫الثـرى‪ ،‬بعــد ان ســجل لنــا وجهــة نظــره فــي الفتــرة التــي عاشــها ُمجاهـ ًـدا فــي‬ ‫مذكراته التي خط فيها بسطور من نور رحلة كـفاح المغاربة‪.‬‬ ‫وتنقسم الدراسة ٕالى خمسة فصول‪:‬‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬ ‫)اﻟﻤﻐﺮب ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ(‬

‫ٔ‬ ‫هذا الفصل يعرض للظروف التي مهدت للجوء االمير ٕالى مصـر‪ ،‬ومـا‬ ‫ٔ‬ ‫ترتب على فراره من قبضة الفرنسـيين مـن ردود افعـال‪ٕ ،‬اضـافة ٕالـى ٕالقـاء‬ ‫ـرر ٔ‬ ‫الضوء على نشاط المغاربة في الفترة التي سـبقت تح االميـر الخطـابي‪،‬‬ ‫ومــا تــال ذلــك مــن تكــوين لجنــة تحريــر المغــرب العربــي‪ ،‬وكيــف اســتطاع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االميــر الخطــابي مــن خــالل اللجنــة تاســيس النــواة االولــى لجــيش تحريــر‬ ‫المغ ـ ــرب‪ ،‬و ٕارس ـ ــاله للبعث ـ ــات م ـ ــن المغارب ـ ــة لتلق ـ ــى العل ـ ــوم العس ـ ــكرية‬ ‫بالكليــات الحربيــة العربيــة‪ ،‬ناهيــك عــن تدريبــه للمجاهــدين المغاربــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫باحــد المعســكرات بمنطقــة الهايكســتيب بالقــاهرة‪ .‬يعــرض الفصــل ايضـ ًـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لما دب من خالفات بين اعضاء اللجنة‪ ،‬وما نتج عنه من انفصال االمير‬ ‫الخطــابي عــن اللجنــة‪ ،‬وممارســته لنشــاطه السياســي هــو ومــن تبقــى معــه‬ ‫من المخلصين منهم ‪.‬‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‬ ‫)اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ ﻳﻮاﺻﻞ اﻟﻜﻔﺎح ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة(‬ ‫ٔ‬ ‫يعرض هذا الفصل لموقف االمير الخطابي من الممارسـات الفرنسـية‬ ‫فــي المغــرب‪ ،‬ومــن نفــى الســلطان محمــد الخــامس‪ ،‬وتعيــين محمــد بــن‬ ‫ٔ‬ ‫عرفة ً‬ ‫خلفا له‪ ،‬ولكيفية قيادة االمير حملة للضغط علـى فرنسـا‪ ،‬بواسـطة‬ ‫ٔ‬ ‫جيش تحرير المغرب‪ ،‬وتوجيهه للثوار في االقطار المغربيـة الـثالث‪ ،‬ثـم‬ ‫لتفجــر الثــورة التونســية‪ ،‬والثــورة الجزائريــة‪ ،‬ممــا دفــع فرنســا ٕالــى التغييــر‬ ‫مـ ــن سياسـ ــتها فـ ــي شـ ــمال ٕافريقيـ ــا‪ ،‬بتحييـ ــد التونسـ ــيين‪ ،‬ثـ ــم بتحييـ ــد‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫المغاربــة‪ ،‬بــان ابــدت عــدم ممانعتهــا فــي التفــاوض معهــم‪ ،‬ومــا نــتج عــن‬ ‫ذلــك مــن اختالفــات فــي وجهــات النظــر بــين المتفاوضــين الــذين قبلــوا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بانص ــاف الحل ــول‪ ،‬وب ــين االمي ــر الخط ــابي وال ــوطنيين ال ــذين ل ــم يك ــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ليرضيهم سوى رحيل االسـتعمار نهائي ًـا عـن شـمال ٕافريقيـا باكملـه‪ ،‬االمـر‬ ‫الــذي دفــع بالســلطات المغربيــة ٕالــى قيــادة حملــة بطــش وتنكيــل بهــؤالء‬ ‫ً‬ ‫المعترضين على التفاوض مع فرنسا‪ ،‬مما زاد ٔاالمور‬ ‫تعقيدا‪.‬‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‬ ‫)اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ واﻻﺳﺘﻘﻼل(‬ ‫ٔ‬ ‫يعــرض هــذا الفصــل لالحــوال المغــرب عقــب ٕاعــالن االســتقالل‪ ،‬ومــا‬ ‫ٔ‬ ‫ترتــب علــى ذلــك مــن تفجــر الثــورة فــي منطقــة الريــف‪ ،‬ولموقــف االميــر‬ ‫الخطــابي مــن تلــك الثــورة‪ٕ ،‬اضــافة ٕالــى ٕاعــالن الجنـرال ديجــول عــن عزمــه‬ ‫م ــنح االس ــتقالل للجزائ ــريين‪ ،‬وكي ــف تعاون ــت الس ــلطات ف ــي ك ــل م ــن‬ ‫المغــرب وتــونس معــه لتنفيــذ مخططــه فــي الجزائــر‪ ،‬بمحــاوالتهم التــرويج‬ ‫لفكرة الوحدة المغربية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫كم ــا يع ــرض الفص ــل للق ــاء الت ــاريخي ب ــين االمي ــر الخط ــابي والمل ــك‬ ‫محم ــد الخ ــامس بالق ــاهرة‪ ،‬وم ــا دار بي ــنهم م ــن ح ــديث انته ــى ٕال ــى وع ــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الملــك للخطــابي بــان يكــون عــام ‪١٩٦٠‬م عــام جــالء القــوات االجنبيــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ولمــا قــام بــه االميــر الخطــابي مــن مجهــودات ٕالجــالء تلــك القــوات‪ٕ ،‬اضــافة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالــى تركي ــزه الجهــود م ــن اج ــل القض ــية الجزائري ــة‪ ،‬بعــد ان تخل ــى حك ــام‬ ‫تــونس والمغــرب عنهــا بطــرق مباشــرة وغيــر مباشــرة‪ .‬يعــرض الفصــل ٕالــى‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ت ــم االس ــتعانة ف ــي ه ــذا الفص ــل بجان ــب كبي ــر م ــن م ــذكرات االمي ــر‬ ‫الخطــابي‪ ،‬والفصــل يقــدم نبــذة جغرافيــة وتاريخيــة عــن المغــرب‪ٕ ،‬اضــافة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٕالـ ــى نشـ ــاة االميـ ــر‪ ،‬وتوليـ ــه قيـ ــادة ُالمجاهـ ــدين بـ ــالريف خلفـ ـ ًـا لوالـ ــده‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وتاسيســه للحكومــة الريفيــة‪ ،‬ودحــره لالســبان فــي معركــة انــوال ومــا تبــع‬ ‫ذل ــك م ــن تح ــالفهم م ــع الفرنس ــيين ض ــد ُالمجاه ــدين‪ ،‬حت ــى انهي ــار ق ــوة‬ ‫ٔ‬ ‫الــريفيين‪ ،‬ومــا نــتج عنهــا مــن استســالم االميــر الخطــابي ونفيــه ٕالــى جزيــرة‬ ‫رينيون في المحيط الهندي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كمــا يعــرض الفصــل لرحلــة االميــر الخطــابي واسـرته ٕالــى منفــى جزيــرة‬ ‫ريني ــون‪ ،‬و ٕالق ــامتهم الطويل ــة به ــا‪ ،‬وكي ــف ك ــان لتغي ــر مع ــايير السياس ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫الدوليــة انــذاك تــاثير علــى مجريــات حيــاتهم بــالجزيرة‪ ،‬ويعــرض للجهــود‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التــي بــذلت مــن اجــل تخلــيص االميــر الخطــابي مــن االســر الفرنســي‪ ،‬ومــا‬ ‫دار في كـواليس حركـة الجهـاد المغربـي بالقـاهرة‪ ،‬وكيـف تـم التنسـيق مـع‬

‫ٔ ٔ‬ ‫الس ــلطات المص ــرية لتس ــهيل عملي ــة فـ ـرار االمي ــر واسـ ـرته م ــن الب ــاخرة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ولكيفية استقبال المصريين االمير الخطابي واسرته‪.‬‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬ ‫)اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ وﻟﺠﻨﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ(‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٤‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫ٔ‬ ‫االميــر تنديــد بالتجــارب والتفجيـرات النوويــة الفرنســية فــى المســتعمرات‪،‬‬ ‫وبترحيل الطلبة المغاربة من القاهرة‪ ،‬وبمعاهدة ٕايفيان‪.‬‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ‬ ‫)ﻣﻮاﻗﻒ وﻗﻀﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ(‬ ‫ٔ‬ ‫يعرض هذا الفصل لبعض القضايا الهامة فـي حيـاة االميـر الخطـابي‪،‬‬ ‫مثــل موقفــه مــن مشــروع الدســتور المغربــي الجديــد‪ ،‬ومــن قضــية واليــة‬ ‫العهد كنظام لتوريث الحكم في المغرب‪ ،‬وموضـوع عودتـه ٕالـى المغـرب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ويعــرض الخــر بيانــات االميــر الخطــابي ٕالــى المغاربــة‪ ،‬ولسياســته العربيــة‬ ‫ٔ‬ ‫والعالميــة مــن خــالل مواقفــه مــن بعــض القضــايا واالحــداث الــدائرة فــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫العالم‪ ،‬مثل قضية الشرق االوسط‪ ،‬واالحـداث الـدائرة فـي بعـض الـدول‬ ‫مثــل مصــر‪ ،‬والكنغــو‪ ،‬ومــالي‪ ،‬وموريتانيــا‪ ،‬و ٕاندونيســيا‪ ،‬وليبيــا‪ ،‬والهنــد‬ ‫وغيرها‪ً ،‬‬ ‫فضال عن شمال ٕافريقيا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫يعــرض الفصــل لــبعض صــفات االميــر الخط ــابي‪ ،‬ولكيفي ــة حص ــول‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االسرة الخطابية علـى مواردهـا الماليـة‪ .‬ثـم لاليـام االخيـرة فـي حيـاة االميـر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الخطــابي‪ ،‬ثــم لرحيلــه‪ ،‬و ٕاص ـرار اس ـرته علــى ان يــدفن فــي مصــر‪ ،‬وكيــف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اقامــت لــه مصــر جنــازة رســمية‪ ،‬ويختــتم الفصــل بمــا اثيــر حــول مــذكرات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االميـ ــر فـ ــي وسـ ــائل االعـ ــالم‪ ،‬وبمـ ــا وجـ ــده الباحـ ــث فـ ــي المـ ــذكرات مـ ــن‬ ‫معلومات هامة ومفيدة‪ٕ ،‬اضـافة ٕالـى وصـف دقيـق لماهيـة تلـك المـذكرات‬ ‫ٔ‬ ‫وما بها من احداث‪ ،‬مع ٕابداء ما تالحظ بها وعليها من مالحظات‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫وﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﻟﻌﺪة ﻧﻘﺎط ﻫﺎﻣﺔ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ ك ــان انخـ ـراط االمي ــر الخط ــابي ف ــي العم ــل بالسياس ــة مبكـ ـ ًرا‪ٕ ،‬اض ــافة‬ ‫ٔ‬ ‫لمرافقته لوالده في رحلة كـفاحه االولى بالريف‪ ،‬وما تخللهـا مـن عمـل‬ ‫ٔ‬ ‫كمدرس للغة العربية للضباط االسـبان‪ ،‬ثـم قاض ًـيا لقضـاة مليلـة‪ ،‬ثـم‬ ‫ٔ‬ ‫اعتقاله‪ٕ ،‬اضافة ٕالى عمله بالصحافة في جريدة تلغراف الريف – ادى‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ذلك‪ٕ -‬الى نضوج فكره وجعله قارئ جيد لالحداث‪ ،‬وا ًيا مـا كـان مـن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ام ـ ــر هزيم ـ ــة قوات ـ ــه المتواض ـ ــعة‪ ،‬ام ـ ــام ق ـ ــوات التح ـ ــالف االس ـ ــباني‬ ‫الفرنســي؛ فـ ٕـان ذلــك ال ُيعــد هزيمــة نهائيــة‪ ،‬و ٕانمــا هــو ُمجــرد خس ـران‬ ‫لمعركة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ لــو حاولنــا النظــر ٕالــى موقــف الخطــابي اثنــاء تلــك الظــروف لوجــدناه‬ ‫ٔ‬ ‫موق ــف ج ــدير بك ــل احتـ ـرام وتق ــدير‪ٕ ،‬اذ كان ــت مبادرت ــه ب ــان يجع ــل‬ ‫حريتــه طــوق نجــاة لمــن تبقــى مــن رجالــه ومــن الــريفيين‪ ،‬دلـ ً‬ ‫ـيال نافيـ ًـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الي ادعاء بانه سعى لتحقيق منفعة شخصية‪ ،‬او اهداف دنيوية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ علــى هــذا لــم يكــن نفــي االميــر الخطــابي واس ـرته ٕالــى جزيــرة رينيــون‬ ‫ٔ‬ ‫النائيــة‪ ،‬ليفــت فــي عضــده‪ ،‬بــالرغم مــن ان ســيرته كمتمــرد – روكــي‪-‬‬ ‫ٔ‬ ‫كانـت قـد ســبقته ٕالـى الجزيــرة‪ ،‬فنظـر ٕاليــه اهلهـا نظــرة اسـتياء وحــذر‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ل ــذا كان ــت فت ــرة ٕاقامت ــه االول ــى ب ــالجزيرة بمثاب ــة س ــجن لك ــل اف ـ ـراد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االســرة‪ٕ ،‬اال ان ذلــك لــم يحــل دون متابعتــه لمــا يجــري فــي العــالم مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫احداث‪ ،‬وعليه ُيمكننا القول بان فترة المنفى افـادت الخطـابي فكري ًـا‬ ‫بشـ ــكل كبيـ ــر‪ٕ ،‬اذ كـ ــان الحصـ ــار المفـ ــروض عليـ ــه فـ ــي الريـ ــف كافيـ ـ ًـا‬ ‫ٔ‬ ‫للحيلولة بينـه وبـين االنفتـاح علـى العـالم بالشـكل المناسـب‪ ،‬امـا فـي‬ ‫ٔ‬ ‫الجزيرة فكـان ٕبامكانـه الوقـوف علـى مـا يـدور فـي العـالم مـن احـداث‪،‬‬ ‫كمــا كــان تخفيــف قيــوده فيمــا بعــد‪ ،‬سـ ً‬ ‫ـببا فــي اختالط ــه بالســكان‪،‬‬

‫فحقــق شــهرة واســعة بيــنهم‪ ،‬وحــاز ثقــة الجميــع‪ ،‬بمــا فــيهم الضــباط‬ ‫والجنود الذين ُكلفوا بحراسته طوال واحد وعشرون ً‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫ لم يستسلم ٔاالمير لحياة المنفى وحاول ً‬ ‫جاهدا الخروج مـن الجزيـرة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وبــالرغم مــن فشــل كــل محاوالتــه ٕاال انــه رفــض قبــول اي مــن عــروض‬ ‫ٔ‬ ‫الــدول التــي عرضــت مســاعدته علــى الخــروج مــن الجزيــرة‪ٕ ،‬الدراكــه ان‬ ‫ٔ‬ ‫خروجــه بهــذه الطريقــة لــن يعــود علــى بــالده بــاي نفــع‪ ،‬وبــذا فقــد قــدم‬ ‫ٔ‬ ‫مصــلحة بــالده علــى اي منفعــة شخصــية‪ ،‬وبــالرغم مــن موافقــة فرنســا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المتــاخرة علــى نقلــه ٕالــى اراضــيها‪ ،‬والهــداف ال تخــدم ٕاال مصــالحها‪ٕ ،‬اال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔان قد ًرا ً‬ ‫ربانيا جرى ٕالفساد ُمخطط فرنسا‪ ،‬االمر الذي عبر عنه االميـر‬ ‫الخط ــابي نفس ــه م ــن التق ــاء رغبت ــه م ــع رغب ــة م ــن ق ــابلوه عل ــى ظه ــر‬ ‫ٔ‬ ‫المركب؛ وبذا ُيحسـم الخـالف حــول تــلك المسـالة ‪ -‬فـال هـو خطـف‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وال هــو ُحــرض‪ ،‬وال هــو فــر‪ ،‬وال هــو طلــب‪ ،‬وال هــو اجبــر‪ -‬علــى النــزول‬ ‫ٔ‬ ‫بارض مصر‪ٕ ،‬انما توافقت رغبته مع رغبة الـذين اقترحـوا عليـه ا ٕالقامـة‬ ‫في مصـر‪ ،‬ولـم يكـن اسـتقبال المصـريين لـه بكـل ترحـاب‪ٕ ،‬اال مؤشـ ًرا‬ ‫عل ــى م ــا تمت ــع ب ــه م ــن مكان ــة ف ــي قل ــوب الع ــرب كاف ــة‪ ،‬وف ــي قل ــوب‬ ‫المصريين خاصة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ لــم تكــن الظــروف التــي نــزل فيه ــا االميــر الخطــابي ب ــارض مص ــر ع ــام‬ ‫‪١٩٤٧‬م لتماثــل تلــك الظــروف التــي غــادر فيهــا الريــف عــام ‪١٩٢٦‬م‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫اذ كان جهاده بالريف منذ عشرين ً‬ ‫عاما النواة االولـى للحركـة الوطنيـة‬ ‫ٕ‬ ‫ل ـ ــدى المغارب ـ ــة‪ ،‬ال ـ ــذين اس ـ ــتطاعوا تك ـ ــوين ع ـ ــدة تنظيم ـ ــات ن ـ ــادت‬ ‫بــالتخلص مــن االســتعمار‪ ،‬والتــي ســيرتكز عليهــا الخطــابي عنــدما عــاد‬ ‫لممارسة نشاطه الجهادي في القاهرة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ ادرك الخطــابي خــالل نشــاطه بمكـتــب المغــرب العربــي‪ ،‬ثــم بلجنــة‬ ‫ٔ‬ ‫تحري ــر المغ ــرب العربـ ــي بالق ــاهرة‪ ،‬مـ ــا اعت ــرى بعـ ــض المغارب ــة مـ ــن‬ ‫اخ ــتالف ف ــي وجه ــات النظ ــر‪ ،‬ن ــتج ع ــن تنافس ــهم وع ــدم خب ـ ـرتهم‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ومحاولة بعضهم تحقيق بعض المنـافع الشخصـية؛ لـذا حـاول االميـر‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الخطــابي ٕازالــة مــا نشــب بيــنهم مــن خالفــات‪ ،‬بيــد ان االمــر لــم يكــن‬ ‫ٔ‬ ‫يقتصــر علــى التنــافس بيــنهم‪ ،‬فقــد اختلفــوا مــع االميــر علــى الطريقــة‬ ‫ُالمثلــى للكـفــاح‪ ،‬ففــي الوقــت الــذي عمــل فيــه الخطــابي علــى ٕانشــاء‬ ‫مؤسسة عسكرية ُمنظمة لطرد االستعمار من بلدان شـمال ٕافريقيـا –‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫فــي الوقــت ذاتــه‪ -‬عمــل اخــرون علــى التقليــل مــن اهميــة دور االميــر‬ ‫العســكري‪ُ ،‬مركــزين الجهــود فــي الحصــول علــى وعــد مــن المســتعمر‬ ‫ٔ‬ ‫ببعض الحريات‪ ،‬التـي ُيمكـن ان تكـون – مـن وجهـة نظـرهم‪ -‬خطـوة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اول ــى ٕال ــى تحقي ــق امتي ــازات اخ ــرى تالي ــة‪ ،‬ل ــيس ه ــذا فق ــط‪ ،‬ب ــل ان‬ ‫دور ٔ‬ ‫بعض ــهم عم ــد ٕال ــى تهم ــيش االمي ــر الخط ــابي ف ــي قي ــادة اللجن ــة؛‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وجعل ــه ُمج ــرد رم ــز وفق ــط‪ ،‬االم ــر ال ــذي دف ــع االمي ــر الخط ــابي ٕال ــى‬ ‫االنفصال عن اللجنة‪ُ ،‬م ً‬ ‫تفرغا للجهاد على طريقته‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ رغـم تحفــظ الخطـابي علــى بعـض تصــرفات ساسـة المغــرب ٕاال ان ذلــك‬ ‫لــم ُيوقفــه موقــف المتفــرج مــن سياســة فرنســا الجــائرة فــي المغــرب‪،‬‬ ‫وخلعها للسلطان محمد الخامس‪ ،‬تولية محمد بن عرفة خلف ًـا لـه عـام‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٩٥٣‬م‪ ،‬ل ـ ــذا ب ـ ــدا ف ـ ــي الض ـ ــغط عليه ـ ــا ع ـ ــن طري ـ ــق ج ـ ــيش تحري ـ ــر‬ ‫ٔ‬ ‫المغــرب‪ ،‬ممــا اســفر عــن عــودة الســلطان محمــد الخــامس ٕالــى عرشــه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ورغ ــم م ــا ك ــان ُيمك ــن ان يس ــتثمر م ــن موق ــف ج ــيش التحري ــر وم ــن‬ ‫ٔ‬ ‫استقبال الشعب للسـلطان‪ٕ ،‬اال ان بعـض الزعمـاء المغاربـة ركنـوا ٕالـى‬ ‫ٔ‬ ‫التفاوض مـع فرنسـا ُمخـرجين ٕالـى الوجـود معاهـدة اكـس ليبـان‪ ،‬التـي‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫حطم ـ ــت ام ـ ــال الخط ـ ــابي‪ ،‬االم ـ ــر ال ـ ــذي دفع ـ ــه ٕال ـ ــى ُمعارض ـ ــة تل ـ ــك‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٥‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االتفاقيــة‪ُ ،‬معلنـ ًـا انهــا مــؤامرة علــى مصــلحة الشــعب‪ ،‬وان القــائمون‬ ‫عليها ُمغيبون‪.‬‬ ‫ كــان حص ــول الزعم ــاء المغاربــة علــى هــذا االســتقالل المنق ــوص عــام‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٩٥٦‬م‪ ،‬س ـ ً‬ ‫ـببا فيمـ ــا القـ ــوه مـ ــن معارضـ ــة االميـ ــر الخطـ ــابي وعقـ ــالء‬ ‫المغــرب‪ ،‬وبــذا وجــدوا مبــر ًرا للقضــاء علــى جــيش التحريــر‪ ،‬والــبطش‬ ‫والتنكيل بمعارضـيهم‪ ،‬واتخـاذ منـزل ٔاالميـر الخطـابي ٔباجـدير ُمع ً‬ ‫ـتقال‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫للمجاهــدين وقــادة جــيش التحريــر؛ االمــر الــذي ادى ٕالــى تفجــر الثــورة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالريف اواخر عام ‪١٩٥٨‬م واوائل ‪١٩٥٩‬م ُمطالبة باالسـتقالل التـام‬ ‫غير المنقوص‪.‬‬ ‫ كــان حصــول كــل مــن تــونس والمغــرب علــى هــذا النحــو‪ٕ ،‬اضــافة ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫جهـ ــر الـ ــبعض بضـ ــرورة التخلـ ــي عـ ــن قضـ ــية الجزائـ ــر‪ ،‬دافعـ ـ ًـا لالميـ ــر‬ ‫الخطابي للتنديد بتلك التصرفات المتناقضـة مـع مـا نـص عليـه ميثـاق‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لجنــة تحريــر المغــرب العربــي‪ ،‬االمــر الــذي اثــار ضــده حفيظــة العديــد‬ ‫مـ ــن النفعيـ ــين‪ ،‬كمـ ــا كـ ــان وقوفـ ــه وراء ُالمجاهـ ــدين الجزائـ ــريين فـ ــي‬ ‫ثــورتهم ضــد فرنســا‪ ،‬دافعـ ًـا للجن ـرال ديجــول للعــب نفــس الــدور مــع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الساسة الجزائريين‪ ،‬بعد ان تم التاثير عليهم بضغط كـل مـن ا ٕالدارة‬ ‫المغربيــة والتونســية‪ ،‬حتــى رضــخوا فــي النهايــة لخطــة ديجــول‪ ،‬التــي‬ ‫انتهت بتوقيع معاهدة ٕافيان في مارس ‪١٩٦٢‬م‪.‬‬ ‫ لــم يكــن ا ٕالعــالن عــن دســتور المغــرب الجديــد عــام ‪١٩٦٢‬م ُليرضــى‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫االميــر الخطــابي وكـثيــر مــن المغاربــة؛ لــذا صــاح الخطــابي ُمجــاه ًرا ال‬ ‫لتزو ٓ‬ ‫للتســلط‪ ،‬ال لــتحكم الفــرد‪ ،‬ال يــر اراء الشــعب ورغباتــه؛ كــان هــذا‬ ‫ٔ‬ ‫الموقــف مــن الخط ــابي بمثابــة المس ــمار االخيــر الــذي دق فــي نع ــش‬ ‫ٔ‬ ‫العالق ـ ــة ُالمض ـ ــطربة الت ـ ــي ربط ـ ــت ب ـ ــين االمي ـ ــر الخط ـ ــابي وساس ـ ــة‬ ‫المغــرب‪ ،‬فقطــع عنــه معاشــه الــوهمي‪ ،‬وســبه الــبعض فــي الصــحف‪،‬‬ ‫وجاهروا بتمنيهم الموت له حيث هو بالقاهرة‪ ،‬ليس هذا وفقط‪ ،‬بـل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔان الحكومــة المغربي ــة طلب ــت رسـ ً‬ ‫ـميا م ــن مص ــر ان تح ــد مــن نش ــاط‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االمير الخطابي؛ االمر الذي ادى ٕالى التنبيه على الصـحف بعـدم نشـر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مقـ ــاالت وتصـ ــريحات االميـ ــر الخطـ ــابي التـ ــي ُيمكـ ــن ان تتس ــبب فـ ــي‬ ‫اضطراب العالقات مع الحكومة المغربية‪.‬‬ ‫ لهــذا الحــد كــان ُالمتحكمــون فــي المغــرب ُيكنــون للخطــابي الضــغائن‪،‬‬ ‫ولــم يكــن هــذا ٕاال ُلمعارضــته سياســتهم ُالمهادنــة‪ ،‬الظالمــة للشــعب‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫بــرغم تلــك التصــرفات ٕاال انــه كــان يــداوم علــى مراســلة مســئولي الدولــة‬ ‫ذوي المناصــب الحساســة‪ ،‬موجهـ ًـا لهــم النصــح‪ ،‬واضـ ًـعا يــدهم علــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مـواطن الخلــل فـي انظمــتهم‪ ،‬طالب ًـا مــنهم ان يكونـوا عنــد حسـن ظــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الش ــعب به ــم‪ ،‬وعل ــى الجان ــب االخ ــر ك ــان يوج ــه الن ــداء تل ــو االخ ــر‬ ‫للشعب المغربي ذاته‪ً ،‬‬ ‫مبينا له الطريـق الـذي سـار فيـه ساسـته؛ لـذا‬ ‫ٔ‬ ‫ظلــت ٕاشــكالية عــودة االميــر الخطــابي ٕالــى المغــرب مثــار جــدل كبيــر‪،‬‬ ‫منــذ ٕاعــالن اســتقالل المغــرب‪ ،‬فلمــاذا لــم يعــد الخطــابي عنــدما دعــاه‬ ‫الملــك محمــد الخــامس عــام ‪١٩٦٠‬م للعــودة معــه ؟ يقــول الخطــابي‪:‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫" ٕباذن ﷲ سنعود لكن بعد ان يخرج اخـر جنـدي اجنبـي مـن الـبالد"‬ ‫كان هذا مطلب الخطابي الوحيد‪ ،‬والذي لم يتحقق حتى وفاته‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ كــان االميــر الخط ــابي يــؤمن ب ــان حــل المشــاكل الوطني ــة مهمــا كــان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫نوعها‪ ،‬ينبغـي ان يعتمـد علـى القـدرات الذاتيـة باالسـاس‪ ،‬ولـيس علـى‬ ‫زً ٔ‬ ‫تجود به الهيئات الدولية التي ال تقيم و نـا لالمـم الصـغيرة‪ ،‬لـذلك لـم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫يك ــن كـثي ــر التف ــاؤل بهيئ ــة االم ــم وال بمجلس ــها االمن ــي‪ ،‬بع ــد ان راى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تحيــز "عصــبة االمــم" لجانــب االقويــاء " ٕان مــا راينــاه مــن عــرض قضــايا‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مصر وفلسطين و ٕاندونيسيا وغيرها علـى مجلـس االمـن وهيئـة االمـم‪،‬‬ ‫يجعلنــي قليــل الثقــة ‪ -‬بــل عــديم الثقــة‪ -‬فــي قيمــة االلتجــاء ٕالــى هيئــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التحكيم الدولي‪ٕ ،‬ان مشكالتنا لـن تحـل ٕاال بايـدينا‪ ،‬وداخـل اراضـينا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫ـلما كــان ام حربـ ًـا" ويســتنتج الخطــابي ان تلــك المؤسســة اعجــز مــن‬ ‫سـ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫ان تــرد الحــق ٕالــى اهلــه‪ ،‬وبالتــالي فـ ٕـان رفــع الشــكوى ٕاليهــا لــن يفيــد‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫و ٕان م ـ ــن الخي ـ ــر تركه ـ ــا "الن هات ـ ــه المؤسس ـ ــة ال تس ـ ــتطيع ح ـ ــل اي ـ ــة‬ ‫مشكلة"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ُ‬ ‫ تمتـع االميــر الخطـابي بشخصــية محبوبـة مميــزة‪ ،‬ولـم يكــن مـن هــؤالء‬ ‫الــذين تعــج بهــم الصــالونات وقاعــات االحتفــاالت‪ ،‬كــان الخطــابي ال‬ ‫ٔ‬ ‫يحــب االضــواء‪ُ ،‬ويفضــل العمــل فــي صــمت‪ ،‬وكــان قليــل الظهــور فــي‬ ‫ٔ‬ ‫المجتمعــات والمنتــديات‪ٕ ،‬اال بالمناســبات التــي لهــا عالقــة بشــكل او‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫باخر بقضية الجهاد‪ ،‬االمر الذي جعلـه بمنـاى عـن الشـبهات‪ ،‬ومحـل‬ ‫ٓ‬ ‫ثقة مـن الجميـع‪ ،‬وكـان يرحمـه ال يتـوانى عـن مسـاعدة االخـرين‪ ،‬ف ٕـان‬ ‫لــم يكــن بيــده مــا ُيقدمــه لهــم‪ ،‬فكــان يــوجههم بمــا لــه مــن مكانــة فــي‬ ‫قل ــوب المس ــئولين عل ــى اخ ــتالف مناص ــبهم‪ٕ ،‬ال ــى م ــن يقض ــي له ــم‬ ‫حاجتهم‪ُ ،‬م ً‬ ‫ساويا فـي ذلـك بـين مـن يعرفـه ومـن ال يعرفـه‪ ،‬ولـم تكـن‬ ‫اتصــاالت الخطــابي بالمســئولين لتقتصــر علــى القطــر المصــري فقــط‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫فقــد ربطتــه عالقــات اخــوة وصــداقة مــع معظــم رؤســاء وملــوك الــدول‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫انـ ــذاك‪ ،‬وكـ ــان حريصـ ـ ًـا علـ ــى مراسـ ــلتهم للتهنئـ ــة او الع ـ ـزاء او ٕالبـ ــداء‬ ‫ٔ‬ ‫النصــح لهــم‪ ،‬االمــر الــذي تــوفر لنــا مــن الكـثيــر مــن المراســالت التــي‬ ‫ٔر ٔ‬ ‫وجــدناها ضــمن او اق االميــر الخطــابي‪ ،‬والتــي تظهــر بجــالء مــا كــان‬ ‫ٔ‬ ‫يتمتــع بــه االميــر مــن مكانــة فــي قلــوب مــن راســلوه‪ٕ ،‬اذ ال تخلــوا رســالة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مــن تلــك الرســائل مــن الــدعاء لــه او الثنــاء عليــه‪ ،‬او دعوتــه للزيــارة او‬ ‫مداومــة المراســلة‪ٕ ،‬الــى غيــر ذلــك مــن معــاني الحــب والتقــدير‪ ،‬التــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بادلــه ٕاياهــا كــل مــن راســله ســواء مــن انــاس عــاديين او ملــوك ورؤســاء‬ ‫الدول‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ لــم يكــن االميــر الخطــابي رغــم مــا تمتــع بــه مــن مكانــة عظيمــة لــدى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الجميع‪ ،‬ليسمح لنفسه ان يطلب ٕالى اي شـخص اي ًـا كانـت حيثيتـه‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫شـ ً‬ ‫ـيئا لشخصــه‪ ،‬او شــيء ُيخــالف او يتحايــل علــى القــوانين‪ ،‬فبــالرغم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫م ــن معان ــاة االس ــرة الخطابي ــة مادي ـ ًـا‪ ،‬خ ــالل الفت ــرة االول ــى ٕالقامته ــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالقاهرة‪ٕ ،‬اال انه لم يسلك اي طريق غير مالئم للتكسب او المتاجرة‬ ‫بتاريخــه الجهــادي الكبيــر‪ ،‬بــل كــان علــى العكــس مــن ذلــك تمامـ ًـا‪،‬‬ ‫فعنــدما فرضــت لــه الحكومــة المصــرية راتبـ ًـا شـ ً‬ ‫ـهريا قــام باقتســامه بــين‬ ‫ٔ‬ ‫اسرته وبين المجاهـدين المغاربـة‪ ،‬الـذين كـان قـد اتصـل بهـم بمجـرد‬ ‫وصوله ٕالى مصر‪.‬‬

‫الخطابي‬ ‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٦‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫ٔ‬ ‫ اضف ٕالى ذلـك عـدم خضـوع الخطـابي للمسـاومات التـي مارسـها عليـه‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫البعض ٕالعادة امالكه التي صادرها االسبان والفرنسـيين‪ ،‬عقـب نفيـه‬ ‫ٕالى جزيرة رينيون‪ ،‬ومع هذا فضل الخطابي سـلك الطريـق المشـروع‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالعادة ممتلكاته السليبة‪ ،‬دون الخضوع ٕالى اي مـن تلـك الضـغوط‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وفضل ان ُيمارس افراد االسرة بعض االعمال بالقـاهرة ُمعتمـدين علـى‬ ‫ﷲ‪ ،‬وبنفس الطريقة التي عاشوا بها في جزيرة رينيون‪.‬‬ ‫ كان زهد ٔاالمير الخطابي في ملذات الحياة وترفعـه عـن مباهجهـا سـبباً‬ ‫ٔ‬ ‫فيما تمتع به من ورع‪ ،‬كان قـد اكـتسـبه مـن ممارسـته لمهنـة القضـاء‪،‬‬ ‫اذ ك ــان القض ــاء وم ــا يعتم ــد علي ــه م ــن مب ــادئ ال ــدين‪ُ ،‬مه ـ ً‬ ‫ـذبا ل ــنفس‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الخط ــابي‪ ،‬منقي ــا لس ــريرته‪ ،‬االم ــر ال ــذي يس ــهل مع ــه عل ــى اي ق ــارئ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫لبيانات االمير او مراسالته سـواء للشـعب او لالفـراد‪ ،‬اكـتشـاف مـا بهـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫من مسـحة دينيـة‪ٕ ،‬اذ لـم تخـرج اي مـن كـتابـات االميـر يوم ًـا عـن فلـك‬ ‫ٔ‬ ‫الدين بقواعده الثابتـة الرصـينة‪ ،‬فـال نلمـس فيهـا اي نـوع ممـا نـراه فـي‬ ‫ٔ‬ ‫كـتابــات االســتعماريين مــن حقــد او مــا شــابه‪ ،‬بــل نجــده علــى النقــيض‬ ‫يـ ــدعوهم الـ ــى العمـ ــل بمـ ــا فيـ ــه مصـ ــلحتهم ٔا ً‬ ‫وال مـ ــن عـ ــدم اسـ ــتعداء‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشــعوب المستضــعفة علــيهم‪ ،‬منبهــا ٕايــاهم ٕالــى مــا يمكــن ان يعــود‬ ‫عليهم من ذلك من عواقب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ لــم يضــن االميــر الخطــابي علــى شــباب امتنــا بثمــرة جهــاده بــالريف وال‬ ‫بما اكـتسبه من خبـرة ومهـارة خـالل تعاملـه مـع االسـتعمار‪ ،‬وتـرك لنـا‬ ‫فــي مذكراتــه خالصــة وافيــة ‪ -‬ســهلة ُميســرة – صــاغها فــي ُحلــة بديعــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫اضفى عليها بروحه الباسلة لمسات دلـت فـي وضـوح علـى مـا تمتـع بـه‬ ‫الرجــل مــن حــب ونباهــة و ٕايمــان‪ ،‬تــرك لنــا ُمذكراتــه شــاهدة علــى تلــك‬ ‫الملحمــة المغربيــة الجهاديــة العظيمــة‪ ،‬وبــرغم رفــض الخطــابي نشــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الم ــذكرات ف ــي حيات ــه‪ ،‬خش ــية ان ُيدنس ــها اع ــداء الحري ــة ب ــالتحريف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والتب ــديل‪ٕ ،‬اال ان عزائن ــا ان ــه حفظه ــا لن ــا‪ ،‬وق ــت ان ك ــان لالس ــتعمار‬ ‫ٓ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ذيول واعوان هنا وهنـاك‪ ،‬امـا وقـد ان االوان ‪ -‬لنطلـع عليهـا‪ -‬فلننهـل‬ ‫منها ونتعلم كيف تكون الوطنية والحرية الحقة‪.‬‬

‫اﻷﻧﺪﻟﺲ‬

‫اﻟﻤﺠﺪ اﻟﺰاﺋﻞ‬ ‫ﺘﻘﻊ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻤﻥ ﺃﻭﺭﺒﺎ‪ ،‬ﻭﺘﺸﻤل ﺍﻵﻥ ﻤﺎ‬ ‫ﻴﺴﻤﻰ ﺃﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﺭﺘﻐﺎل‪ ،‬ﻭﻴﻔﺼﻠﻬﺎ ﻋـﻥ ﻗـﺎﺭﺓ ﺃﻓﺭﻴﻘﻴـﺎ‬ ‫ﻤﻀﻴﻕ ﺠﺒل ﻁﺎﺭﻕ‪ .‬ﻭﻴﺭﺍﺩ ﺒﺎﻷﻨﺩﻟﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ‬

‫ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺯﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻤﺘﺩﺕ ﻤﻥ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻌـﺭﺏ ﻷﺴـﺒﺎﻨﻴﺎ‬ ‫‪٩١‬ﻫـ ‪٧١١ /‬ﻡ ﺤﺘﻰ ﺴﻘﻭﻁ ﻏﺭﻨﺎﻁﺔ ‪٨٩٧‬ﻫـ‪١٤٩٢ /‬ﻡ‬

‫ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻤﺘﺩﺕ ﻨﺤﻭ ﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ﻗﺭﻭﻥ‪.‬‬

‫ﻭﻗﺩ ﻗﺎﻡ ﺒﻔﺘﺢ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﻥ ﺃﺒﻁﺎل ﺍﻟﻔﺘﻭﺡ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ؛ ﻫﻡ ﺃﺴﺩ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﻁﺎﺭﻕ ﺒﻥ ﺯﻴﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻤﻭﺴﻰ ﺒـﻥ‬

‫ﻨﺼﻴﺭ‪ ،‬ﻭﺍﺒﻨﻪ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﺒﻥ ﻤﻭﺴﻰ‪ .‬ﻭﻗﺩ ﻗـﺎﺭﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴـﺏ‬ ‫ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﻤﺅﺭﺥ ﻓﻴﻜﺘﻭﺭ ﺭﻭﺒﻨﺴﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼـﺤﻴﺔ‬

‫ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻭﻓﻲ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﺨﻼل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ‬ ‫ﻟﻸﻨﺩﻟﺱ ﻓﻘﺎل‪ ":‬ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻓﻲ ﻅﻼﻡ ﺤﺎﻟﻙ‪ ،‬ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻜﺎﻨﺕ‬ ‫ﻗﺭﻁﺒﺔ ﺘﻀﻴﺌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﺎﺒﻴﺢ‪ ،‬ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﻏﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺤل‪،‬‬ ‫ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺭﻁﺒﺔ ﻤﺭﺼﻭﻓﺔ ﺍﻟﺸﻭﺍﺭﻉ"‪.‬‬

‫ﻭﻗﺩ ﻋﻼ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﺨﻼل ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ‬ ‫ﺍﻟﻤﻤﺘﺩﺓ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻔﺘﺢ‪ ،‬ﺤﺘﻰ ﻋﺼﺭ ﺁﺨﺭ ﻤﻠﻭﻙ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻭﻫـﻭ‬

‫ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎ ﻜﺎﺩ ﻴﻨﻔﺭﺩ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ﺤﺘﻰ ﺨﺭﺝ ﻋﻠﻴـﻪ‬

‫ﻓﺭﺩﻴﻨﺎﻨﺩ "ﻤﻠﻙ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ" ﻋﺎﺯﻤ ﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺁﻻ ﻴﻌﻭﺩ ﻓﻲ ﻏﺭﻨﺎﻁﺔ‬

‫ﻤُﻠﻙ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻥ‪ .‬ﻭﺘﻼﻗﻰ ﺍﻟﻐﺭﻴﻤﺎﻥ ﻭﺘﺭﺍﺠـﻊ ﺍﻟﻌـﺭﺏ ﻭﺘـﻡ‬

‫ﺤﺼﺎﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻏﺭﻨﺎﻁﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺨﺫﻭﺍ ﻴﻌﺎﻨﻭﻥ ﻋﺫﺍﺏ ﺍﻟﻤﻭﺕ‬ ‫ﺠﻭﻋﺎﹰ ﺤﺘﻰ ﺍﺘﻔﻘﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻡ‪ .‬ﻭﺴﻠﻡ ﻤﻔـﺎﺘﻴﺢ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨـﺔ‬

‫ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﺜﻡ ﺭﻜﺏ ﺠﻭﺍﺩﻩ ﻤﻭﻟﻴ ﹰﺎ ﻴـﻭﺩﻉ ﻤﻠﻜـ ﹰﺎ‬ ‫ﻙ‬ ‫ﺫﻫﺏ ﻭﻤﺠﺩﹰﺍ ﻀﺎﻉ‪ ،‬ﻭﺭﺃﺘﻪ ﺃﻤﻪ ﻋﺎﺌﺸﺔ ﻴﺒﻜﻲ ﻓﻘﺎﻟﺕ‪" :‬ﺍﺒـ ِ‬

‫ﻤﺜل ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻤﻠﻜ ﹰﺎ ﻟﻡ ﺘﺤﺎﻓﻅ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺜل ﺍﻟﺭﺠﺎل"‪.‬‬

‫ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻷﺴﺒﺎﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻔﻭﺍ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﻥ ﺒﻼﺩﻫﻡ ﺃﻨﻬﻡ ﺇﻨﻤﺎ‬ ‫ﻴﺨﺭﺒﻭﻥ ﺒﻴﻭﺘﻬﻡ ﺒﺄﻴﺩﻴﻬﻡ‪ ،‬ﻭﻟﻡ ﻴﺩﺭﻜﻭﺍ ﺃﻨﻬـﻡ ﻗﺘﻠـﻭﺍ ﺍ ِﻹ َﻭﺯﱠﺓ‬

‫ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻴﺽ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪ ،‬ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ﻭﻟﻘﺭﻭﻥ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻓـﻲ‬

‫ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻤﻨﺒﻊ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﻭﺍﻟﻌﻠﻭﻡ‪ ،‬ﻤﺼـﺒﺎﺡ‬

‫اﻷﺳﺘﺎذﺣﺴﻦ اﻟﺒﺪوي ﻓﻲ ﺳﻄﻮر‪:‬‬

‫ﻭﺇﻨﻨﺎ ﻟﻨﻠﻤﺱ ﻓﻀل ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﻋﻅﻴﻡ ﺃﺜﺭ ﻤﺠـﺩﻫﻡ ﺤﻴﻨﻤـﺎ‬

‫ﻨﺭﻯ ﺒﺄﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﻤﻬﺠﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ‬ ‫ﺠﻨﺎﺕ ﺘﺠﺭﻱ ﻤﻥ ﺘﺤﺘﻬﺎ ﺍﻷﻨﻬﺎﺭ‪ ،‬ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﻨﺫﻜﺭ ﺘﻠـﻙ ﺍﻟـﺒﻼﺩ‬ ‫ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﻋﺼﻭﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺘﻤﻭﺝ ﺒﺎﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻨﺸﻌﺭ‬ ‫ﺒﺎﻟﺭﻜﻭﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺭﻓﻌﺔ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ‪.‬‬

‫ﻤﻘﺎل ﻤﻨﺸﻭﺭ ﻤﺠﻠﺔ ﻨﺴﻤﺎﺕ‪ -.‬ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ؛ ﺍﺒﺭﻴـل ‪١٤٢٠‬ﻫــ‬ ‫‪٢٠٠٠/‬ﻡ‪ -.‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ :‬ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ‪ -‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻋﻴﻥ ﺸﻤﺱ‪.٢٠٠٠ ،‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫باح ـ ــث مص ـ ــري متخص ـ ــص ف ـ ــي ت ـ ــاريخ المغ ـ ــرب العرب ـ ــي الح ـ ــديث‬ ‫ٓ‬ ‫والمعاصــر‪ ،‬حاصــل علــى ليســانس االداب جامعــة القــاهرة‪ ،‬ودبلــوم‬ ‫ٔ‬ ‫الدارســات االفريقيــة‪ ،‬والماجســتير فــي التــاريخ الحــديث مــن معهــد‬ ‫البحــوث والدارســات ا ٕالفريقيــة جامعــة القــاهرة‪ ،‬ومســجل فــي درجــة‬ ‫الــدكـتوراه فــي التــاريخ الحــديث والمعاصــر‪ ،‬مهــتم بالتــاريخ ويهــوى‬ ‫ٓ‬ ‫الت ـراث واالث ــار‪ ،‬يق ــيم حالي ـ ًـا ف ــي دول ــة قط ــر‪ ،‬ويش ــارك ف ــي جري ــدة‬ ‫العرب القطرية بمقال في صفحة التاريخ كل ٔاربعاء‪.‬‬

‫ﺍﻟﻬﺩﺍﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺒﺎ‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٧‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫ﺍﳌﺪﻥ ﻭﺍﳌﺮﺍﻛﺰ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴﻮﺱ‬ ‫)‪١٠٨١-٦٦٨‬ه ‪١٦٧٠ -١٢٦٩ /‬ﻡ(‬

‫ٔ‬ ‫اطروحة دكـتوراه غير منشورة‬ ‫ٕاعداد الباحث‪ :‬عبد الباسط المستعين‬ ‫جامعة سيدي محمد بن عبد ﷲ )المغرب(‬ ‫ٓ‬ ‫كلية االداب والعلوم ا ٕالنسانية‪ ،‬سايس ‪ -‬فاس‪٢٠٠٩‬‬ ‫ٕاشراف‪ :‬الدكـتورة ماجدة كريمي‬ ‫نال الباحث درجة الدكـتوراه بميزة مشرف جدا‬

‫ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﺳﻂ اﻟﻤﺴﺘﻌﻴﻦ‬ ‫كاتب وباحث في تاريخ المدينة المغربية‬ ‫المملكة المغربية‬ ‫‪abdelbasset73@yahoo.fr‬‬

‫ٓ‬ ‫الفعلــي لهــذه الدولــة بعــد القضــاء علــى اخــر معــالم الحكــم الموحــدي‪ ،‬ثــم‬ ‫سنة ‪١٠٨١‬ه ـ‪١٦٧٠ -‬م‪ ،‬تـاريخ سـقوط ٕايليـغ بيـد الدولـة العلويـة وانتهـاء‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕالمارة السماللية بالسوس‪ .‬وال يخفى ما لهذه الحقبـة مـن اهميـة خاصـة‪،‬‬ ‫فهــي حبلــى بــالمتغيرات‪ ،‬وكانــت مخالفــة ٕالــى حــد كبيــر لمــا ســبقها‪ ،‬علــى‬ ‫مســتوى حجــم التطــورات التــي عاشــها المغــرب برمتــه وانعكاســاتها علــى‬ ‫ٔ‬ ‫المنطقة‪ ،‬وكذلك التطـورات الحاسـمة التـي عاشـتها السـوس وكـان لهـا اثـر‬ ‫واضح على مجموع البالد‪.‬‬ ‫ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺒﺤﺚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اثنــاء تن ــاول قض ــايا هــذا الموضــوع‪ ،‬ت ــم اعتمــاد مختل ــف ادوات‬ ‫الم ــنهج الت ــاريخي م ــن وص ــف واس ــتقراء ث ــم تحلي ــل وتفس ــير فاس ــتنتاج‬ ‫وتعميم بناء على ما توفره المادة المصدرية من معطيات دون ٕالغاء حق‬ ‫التــدخل و ٕاعمــال النقــد والتفكيــك مــع تــوخي مقتضــيات المنــاهج العلميــة‬ ‫من موضوعية وتجرد في معالجة كل القضايا الشائكة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫كمــا اقتضــت طبيعــة ٕاشــكالية الدراســة ان يــتم تنــاول الموضــوع‬ ‫علــى شــكل قضــايا مســتقلة‪ ،‬تفاديــا لرتابــة المعالجــة الكرنولوجيــة‪ ،‬وقــد‬ ‫استحض ــر العام ــل الزمن ــي ٔاثن ــاء دراس ــة ك ــل قض ــية عل ــى ح ــدة م ــع ٕابـ ـراز‬ ‫انعكاساته على الظواهر المدروسة‪.‬‬ ‫ٓ‬ ‫وف ـ ــي حال ـ ــة اخ ـ ــتالف المعلوم ـ ــات المص ـ ــدرية واراء الدارس ـ ــين‬ ‫ٓ‬ ‫والمهتمــين حــول قضــية معينــة‪ ،‬فـ ٕـان عــرض تلــك االراء المختلفــة يكــون‬ ‫مــن منطلــق صــحة كــل الفرضــيات قبــل تحليلهــا وتمحيصــها واســتخالص‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫حك ــم مع ــين او الت ــرجيح ب ــين االراء المتض ــاربة ف ــي حال ــة غي ــاب االدل ــة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الكافية والحجج المقنعة مع ٕاعمال المنطق العقالني فـي تـدعيم الـراي او‬ ‫تفنيده ‪.‬‬ ‫وم ــن ت ــم ف ـ ٕـان مهم ــة البح ــث ل ــم يقتص ــر عل ــى حش ــد الش ــواهد‬ ‫المصـ ــدرية والمرجعيـ ــة‪ ،‬بـ ــل تعـ ــدت ذلـ ــك ٕالـ ــى تقيـ ــيم تلـ ــك النصـ ــوص‬ ‫ٔ‬ ‫واس ــتخالص الموق ــف الشخص ــي المناس ــب ال ــذي ال يتق ــاطع او يختل ــف‬ ‫بالضرورة مع مضمون النصوص التاريخية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫لقــد انبنــى المــنهج الــذي ارتكــزت عليــه هــذه الدراســة علــى ثالثــة‬ ‫ٔ‬ ‫عناصر اساسية‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫اوال ‪ :‬وصف الظاهرة المدروسة وتناولها بالجرد والترتيب والتصنيف‬ ‫حتــى يســهل التعــرف علــى حــدود التطــور الحاصــل بالمــدن والمراكــز‬ ‫السوســية فــي الحقبــة المــذكورة ورصــد كــل المعطيــات المرتبطــة بهــا‬ ‫ً‬ ‫وسياسيا‪.‬‬ ‫طبيعيا واقتصاديا واجتماعيا‬ ‫ثانيــا‪ :‬تحليــل العوامــل المحــددة لنوعيــة التطــور الــذي شــهدته هــذه‬ ‫المراكز الحضرية وتفسيرها‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫تنــدرج هــذه االطروحــة فــي ٕاطــار الدراســات المونوغرافيــة الهادفــة ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫تســليط الضــوء علــى الســوس )منطقــة تقــع جنــوب جبــال االطلــس الكبيــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بــالمغرب كانــت لهــا اهميــة خاصــة فــي تــاريخ المغــرب االقصــى( باعتبــار‬ ‫ٔ‬ ‫تاريخهــا اال كـثــر ٕاثــارة مــن بــين جهــات المغــرب و افتقارهــا ٕالــى الدراســات‬ ‫الحضرية الكافية خاصة فـي الحقـب الخاليـة‪ .‬لـذلك تناولـت الدراسـة كـل‬ ‫ما يرتبط بمدنها ومراكزها من قضايا خـالل الحقبـة المنحصـرة بـين فترتـي‬ ‫حك ــم الم ــرينيين والس ــعديين‪ .‬فم ــا ه ــي ال ــدوافع الت ــي كان ــت وراء ه ــذا‬ ‫االختيار؟‬ ‫دواﻋﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻤﻮﺿﻮع‬ ‫من الدوافع التي كانت وراء االهتمام بهذا الموضوع ما يلي‪:‬‬ ‫ خصوصــية الجنــوب المغربــي عامــة و الســوس خاصــة التــي تجلــت‬ ‫فــي االنفـراد بــبعض التطــورات الخاصــة سياســيا واقتصــاديا وحتــى‬ ‫اجتماعيــا ممــا يولــد الفضــول للكشــف عــن العوامــل الواقفــة وراء‬ ‫ٔ‬ ‫هـ ـ ــذه الظـ ـ ــاهرة واسـ ـ ــبابها المباشـ ـ ــرة وغيـ ـ ــر المباشـ ـ ــرة‪ ،‬القريبـ ـ ــة‬ ‫والبعيدة‪ ،‬الداخلية والخارجية‪ ،‬الذاتية والموضوعية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ المكانة التـي تبواتهـا منطقـة الســوس باسـتمرار‪ ،‬مكانـة لـم تشـمل‬ ‫ٓ‬ ‫جانبا دون اخر‪ ،‬وهي متميزة‪ٕ ،‬ان على المستوى الطبيعي حيث‬ ‫الغن ـ ــى والتن ـ ــوع ال ـ ــذي يجم ـ ــع ب ـ ــين م ـ ــؤهالت الس ـ ــهل والجب ـ ــل‬ ‫والص ــحراء والبح ــر‪ ،‬مم ــا ال يجتم ــع ف ــي منطق ــة غيره ــا ب ــالمغرب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االقصى‪ ،‬او االقتصـادي حيـث تعـدد المـوارد الفالحيـة والمعدنيـة‬ ‫والحرفية فضال عـن ٔاالهميـة التجا ٔ‬ ‫ريـة‪ ،‬او االسـتراتيجي ٕاذ شـكلت‬ ‫المنطقة عبر العصور محط تنافس سياسي وعسكري كبير ‪.‬‬ ‫ االضطراب المصدري الالفت‪ ،‬حيث تتوفر المعلومات في ٕاحـدى‬ ‫المجــاالت المرتبطــة بالســوس ٕالــى حــد الملــل‪ ،‬وتنــدر فــي ٔاخــرى‬ ‫ٔ‬ ‫لح ـ ــد االس ـ ــتغراب‪ ،‬كم ـ ــا تتواط ـ ــا لح ـ ــد الت ـ ــواتر وتتب ـ ــاين لدرج ـ ــة‬ ‫التنــاقض‪ ،‬ممــا يجعــل الخ ـوض فــي ســبيل الكشــف عــن حقيقتهــا‬ ‫يتميز بطابع الجدة والتشويق‪.‬‬ ‫ فق ــر الم ــادة المرجعي ــة المرتبط ــة بالظ ــاهرة الحض ــرية بالس ــوس‪.‬‬ ‫فبقــدر مــا تتعــدد الدراســات المنجــزة حولهــا بقــدر مــا ينــدر االهتمــام‬ ‫بم ــدنها ومراكزه ــا حي ــث م ــا زال ــت ف ــي حاج ــة ٕال ــى جه ــود كب ــرى‬ ‫لتغطية كل المجال السوسي وفي جميع المراحل التاريخية‪.‬‬ ‫و قد شملت هذه الدراسة كل التجمعات الحضـرية والشـبيهة فـي‬ ‫الس ــوس‪ ،‬م ــن م ــدن و مراك ــز‪ ،‬نظـ ـرا لص ــعوبة تحدي ــد مواص ــفات دقيق ــة‬ ‫للمدين ــة ف ــي ا ٕالط ــار الزمن ــي الم ــدروس ال ــذي يت ـراوح ب ــين س ــنة ‪٦٦٨‬ه ـ ـ‪-‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪١٢٦٩‬م‪ ،‬وهو تاريخ سقوط مراكش بيـد المـرينيين‪ ،‬اي تـاريخ التاسـيس‬

‫ﻋﺮض‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٨‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ثالثــا‪ٕ :‬اع ــادة تركي ــب عناص ــر التحليــل للخ ــروج بخالص ــات عام ــة ف ــي‬ ‫موضوع الدراسة‪.‬‬ ‫وهــذه العناصــر ليســت متتاليــة فــي الموضــوع و ٕانمــا موزعــة بكــل فصــول‬ ‫الدراسة‪.‬‬ ‫اﻟﻤﻀﺎﻣﻴﻦ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻸﻃﺮوﺣﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لقــد افضــت اعمــال البحــث ٕالــى تنــاول الموضــوع عبــر ثالثــة ابــواب‬ ‫وتسعة فصول واثنين وعشرين مبحثا‪.‬‬ ‫تم التمهيد لهذه الدراسة بتوضيح ا ٕالطـار التـاريخي العـام الـذي عـاش‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المغرب االقصى وضـمنه السـوس ومحيطهمـا الـدولي فـي ظلـه‪ ،‬وتبـين ان‬ ‫الحقب ــة المدروس ــة مثل ــت منعطف ــا حاس ــما س ــاهم ف ــي انح ـ ـراف المس ــار‬ ‫الحضــاري والحضــري للــبالد التــي تحولــت مــن مركــز القــوة و الريــادة علــى‬ ‫ٔ‬ ‫المستوى السياسي والعسكري ٕالى محـط اطمـاع قـوى قريبـة تتـربص بهـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وتتحــين الفــرص لالنقضــاض علــى اطرافهــا‪ .‬حيــث عــاش المغــرب االقصــى‬ ‫ابتداء من الشطر الثـاني مـن عصـر بنـي مـرين معادلـة معكوسـة تمامـا مـع‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االقطار االروبية‪ .‬ففي الوقت الذي شرعت فيـه تلـك الـدول فـي اسـتجماع‬ ‫قواه ــا والتف ــوق ف ــي المي ــادين العلمي ــة والص ــناعية والبحري ــة‪ ،‬والتكـت ــل‬ ‫السياســي‪ ،‬كــان المغــرب ينحــدر بســرعة نحــو التجزئــة والضــعف السياســي‬ ‫واالضــطراب االجتمــاعي واالنكمــاش االقتصــادي والتراجــع العلمــي‪ ،‬وقــد‬ ‫شــكلت هــذه الظــروف مناســبة غيــر قابلــة للتفويــت اســتغلت بشــكل جيــد‬ ‫مــن قبــل الممالــك ا ٕاليبيريــة المتعاظمــة باســتمرار والمزهــوة بالنجاحــات‬ ‫البــاهرة التــي حققتهــا عســكريا وسياســيا‪ ،‬وفــي ميــدان الكشــوف وامتطــاء‬ ‫ٔ‬ ‫البحــار‪ ،‬فســاهمت االحقــاد التاريخيــة والنزعــة الصــليبية وتحــول مي ـزان‬ ‫الق ــوة لص ــالحها ف ــي التكال ــب عل ــى م ــدن الواجه ــات البحري ــة المغربي ــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واصبح المغرب الول مرة منـذ نهايـة الوجـود الرومـاني فـي مواجهـة ٕاحـدى‬ ‫ٔ‬ ‫اخطر التحديات التي صارت تهدد كيانه ووجوده ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ف ــي ه ــذا الس ــياق الت ــاريخي ال ــذي انقلب ــت في ــه اوض ــاع ال ــبالد م ــن‬ ‫الصـ ــولة الخارجيـ ــة ٕالـ ــى المعانـ ــاة مـ ــن احـ ــتالل جـ ــل الثغـ ــور السـ ــاحلية‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالمغرب االقصى على امتداد الشواطئ المتوسـطية واالطلسـية‪ ،‬تطلعـت‬ ‫ٔ‬ ‫الدراس ــة ٕال ــى كش ــف ن ــوع التط ــور والت ــاثير الحاص ــل عل ــى م ــدن ومراكـ ـز‬ ‫ٔ‬ ‫السوس التي كان طبيعيا ان يصلها صدى هذه التحوالت‪.‬‬ ‫بعــد ذلــك خصــص المبحــث الثــاني مــن الفصــل التمهيــدي لمحاولــة‬ ‫رســم ا ٕالطــار الجغرافــي للدراســة و مناقشــة كافــة ا ٕالشــكاالت التــي يطرحهــا‬ ‫تحديــد المجــال السوســي فــي ظــل تبــاين وتنــاقض المعلومــات المصــدرية‬ ‫ٓ‬ ‫واختالف اراء الدارسين‪ ،‬و مكـن تمحـيص الروايـات المصـدرية مـن رصـد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫تطور استعمال مفردات‪ :‬السوس و السـوس االدنـى ثـم السـوس االقصـى‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫كمــا تــم الوقــوف علــى االخطــاء التــي انزلقــت ٕاليهــا بعــض الدراســات نتيجــة‬ ‫عدم االنتباه ٕالى الخلط الحاصـل فـي العديـد مـن معلومـات المصـادر بـين‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مواقع كـثيرة تحمل اسم السوس سواء في المشرق او ٕافريقيـة او المغـرب‬ ‫ٔ‬ ‫االقص ــى‪ ،‬و االنته ــاء ٕال ــى وض ــع ٕاط ــار تقريب ــي لح ــدود المج ــال السوس ــي‬ ‫ٔ‬ ‫منحصـرة بــين جبــال االطلــس شــماال مــع اعتبــار واجهتهــا الجنوبيــة جــزء ال‬ ‫ٔ‬ ‫يتجـزا مــن الســوس‪ ،‬ثــم منطقــة درعــة شــرقا‪ ،‬ونــول جنوبــا مــع استحضــار‬ ‫ٔ‬ ‫التمــدد المتواصــل للحــدود الجنوبيــة بمــرور الوقــت‪ ،‬فــالمحيط االطلســي‬ ‫غربا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫بعد المدخلين‪ :‬التـاريخي والجغرافـي‪ ،‬الضـروريين لتـاطير الموضـوع‬ ‫ٔ‬ ‫زمنيا و مجاليا‪ ،‬خصصنا الباب االول لتشريح جزء من ا ٕالشـكالية العامـة‬ ‫مرتبط بدراسـة الجوانـب العامـة المحـددة لمسـار التطـور فـي مـدن ومراكـز‬ ‫الســوس‪ ،‬وتنــاول فــي البدايــة ٕاشــكالية مفهــوم المدينــة ومــا يطرحــه مــن‬

‫جدل واسع‪ ،‬وتداخل مـع غيـره مـن المفـاهيم‪ ،‬كالقريـة والكـفـر والقصـبة‬ ‫و الكــورة والقصــر وغيرهــا‪ ،‬ليــتم اســتخالص محــددات خاصــة للمــدن رغــم‬ ‫طابعها النسبي‪ ،‬مع توسـيع مجـال الموضـوع ليشـمل بعـض المراكـز التـي‬ ‫ال ترقــى ٕالــى مصــاف الحواضــر لكنهــا بنــاء علــى المعــايير الحضــرية تعتبــر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اقرب ٕاليها مما سواها‪ .‬وبعد ذلـك تـم تنـاول ٕاشـكالية اسـماء مـدن ومراكـز‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الســوس علــى مســتوى صــيغها واصــولها و دالالتهــا‪ ،‬خلــص ٕالــى ان بعضــها‬ ‫مغ ـ ــرق فـ ــي القـ ــدم‪ ،‬غ ـ ــامض فـ ــي معاني ـ ــه دون ٕالغـ ــاء بعـ ــض المقارب ـ ــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االفتراضــية‪ ،‬و الوقــوف علــى هيمنــة التســميات ذات االصــول االمازيغيــة‬ ‫ٔ‬ ‫كانعكــاس طبيعــي للمكونــات ا ٕالثنيــة‪ ،‬مــع تســجيل بدايــة التــاثير العربــي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واالورب ــي ف ــي ه ــذه االس ــماء من ــذ الق ــرن الثال ــث عش ــر و الخ ــامس عش ــر‬ ‫المــيالدي علــى التــوالي‪ .‬ثــم انتقلــت الدراســة ٕالــى تنــاول ٕاشــكالية مواقــع‬ ‫ومواضــع المــدن والمراكــز السوســية‪ ،‬كــال علــى حــدة‪ ،‬قــادت ٕالــى تحديــد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عل ــى اربع ــة اص ــناف مــن ه ــذه المواق ــع هــي‪ :‬الكـتل ــة الش ــمالية والش ــريط‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الشــمال شــرقي والجــزء الجنــوبي ثــم المنطقــة الوســطى‪ ،‬واربعــة اصــناف‬ ‫ك ــذلك م ــن المواض ــع‪ ،‬ه ــي‪ :‬المواض ــع الس ــهلية والجبلي ــة ث ــم الس ــاحلية‬ ‫فمواضــع النطــاق الجــاف وشــبه الصــحراوي‪ ،‬وقــد تبــين مــن خــالل ذلــك‬ ‫ٔ‬ ‫م ــدى االهمي ــة القص ــوى له ــذين العنص ــرين ف ــي مس ــار المراك ــز الحض ــرية‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالسوس‪ ،‬غير ان تاثيرها ال يستقل عن عدة عوامل اخرى‪.‬‬ ‫وبعــد ذلــك تمــت دراســة التركيــب ا ٕالثنــي واالجتمــاعي لهــذه المــدن‬ ‫والمراكز حيـث تبـين مـدى غناهـا التـاريخي مـن حيـث العناصـر ا ٕالثنيـة مـا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بــين عبــريين وزنــوج وح ـراطين واندلســيين و ات ـراك واروبيــين‪ ،‬غيــر ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االمــازيغ شــكلوا اهــم هــذه المكونــات‪ ،‬يلــيهم العرب‪،‬خاصــة ابتــداء مــن‬ ‫القـ ــرن الثالـ ــث عشـ ــر المـ ــيالدي‪ .‬كمـ ــا تـ ــم الوقـ ــوف علـ ــى تبـ ــاين الفئـ ــات‬ ‫االجتماعي ــة المكون ــة لس ــاكنة ه ــذه المراك ــز م ــا ب ــين فئ ــات ذات مكان ــة‬ ‫اجتماعيــة مرموقــة ضــمت مــن جهــة رمــوز الســلطة الــذين اكـتســبوا الثــروة‬ ‫ٔ‬ ‫والجــاه بفضــل مســؤولياتهم القياديــة فــي ا ٕالدارة او الجــيش‪ ،‬ومــن جهــة‬ ‫ثانية العلماء والصلحاء والشرفاء الـذين مارسـوا ثقـال روحيـا يضـاهي الفئـة‬ ‫السابقة‪ .‬وفئة وسطى ضمت شرائح اجتماعية مختلفة‪ ،‬ثم الفئات الدنيا‬ ‫ٔ‬ ‫التي تمثلت في العبيد والخدم واالسرى‪ .‬و ٕالى جانب ذلك رامت الدراسة‬ ‫ٔ‬ ‫تشــكيل صــورة حــول وضــعية النســاء واالطفــال بهــذا المجتمــع الحضــري‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ووقفــت علــى مســاهمتهما المتواضــعة فــي رســم احــداث المنطقــة ٕاال انهمــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫كانا اكبر و اهون ضحايا النزاعات و الحروب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وق ــد ُخ ــتم الب ــاب االول بمعالجـ ــة ٕاش ــكالية نش ــاة الم ــدن والمراكـ ــز‬ ‫السوسـية ثـم مسـارات تطورهــا‪ .‬و مكنـت هـذه الخطــوة مـن تقسـيم المــدن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مــن حيــث نشــاتها ٕالــى صــنف قــديم يصــعب تحديــد زمــن نشــاته و الجهــة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫المؤسســة لــه‪ ،‬او نشــا فــي الحقبــة ا ٕالســالمية الســابقة عــن فتــرة الدراســة‪،‬‬ ‫وصنف ثان ارتبط بالمـدن والمراكـز المسـتحدثة خـالل الحقبـة المدروسـة‬ ‫ٔ‬ ‫والتــي تــم التمييــز ضــمنها بــين المراكــز االجنبيــة ذات الصــلة بــاالحتالل‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫والمراكـ ــز المحليـ ــة؛ واتضـ ــح ان هن ـ ـاك اخـ ــتالف حـ ــول تـ ــاريخ تاسـ ــيس‬ ‫ٔ‬ ‫معظمهــا واحيانــا حتــى حــول المؤســس‪ ،‬كمــا تــم تتبــع المســار المتعــرج‬ ‫والمضــطرب لنموهــا بالفصــل بــين مراكــز الحقبــة الســابقة عــن االحــتالل‬ ‫ا ٕاليبيري لمراكز السوس)سنة ‪١٤٧٦‬م( و الحقبة الموالية لها‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ام ــا الب ــاب الث ــاني م ــن ه ــذه الدراس ــة فق ــد خص ــص لرص ــد الوظ ــائف‬ ‫ٔ‬ ‫واالنشــطة التــي قامــت بهــا هــذه المراكــز وشــبكة عالقتهــا‪ ،‬وقســمت ٕالــى‬ ‫ثالث وظائف رئيسية ٕالى‪ ،‬هي‪ :‬الوظائف ا ٕالدارية والعسكرية البارزة مـن‬ ‫خ ـ ــالل العواص ـ ــم ا ٕالقليمي ـ ــة والمحلي ـ ــة ذات العالق ـ ــة بال ـ ــدول الحاكم ـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وا ٕالمارات السوسية‪ ،‬او بالبطون القبلية الكبرى و اهمها حاضرة السوس‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٨٩‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫و حاض ــرة ن ــول و حاض ــرة جزول ــة و حاض ــرة تازروال ــت و حاض ــرة طاط ــا‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وك ــذلك الحص ــون العس ــكرية س ــواء منه ــا المنف ــردة او المرتبط ــة ب ــبعض‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الم ـ ــدن او االجنبي ـ ــة المرتبط ـ ــة ب ـ ــاالحتالل‪ ،‬ث ـ ــم الوظ ـ ــائف االقتص ـ ــادية‬ ‫ٔ‬ ‫المتعــددة‪ ،‬الشــاملة لالنشــطة المنجميــة والحرفيــة والفالحيــة والتجاريــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الدالــة علــى تنــوع و اهميــة االســس االقتصــادية للمراكــز السوســية‪ٕ ،‬اضــافة‬ ‫ٕال ــى الوظـ ــائف الدينيـ ــة التـ ــي قامـ ــت بهـ ــا الرباطـ ــات والزوايـ ــا والمسـ ــاجد‬ ‫والمـ ــدارس والتـ ــي كـ ــان حضـ ــورها متمي ـ ـزا بالعديـ ــد مـ ــن مـ ــدن السـ ــوس‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وخصــص الفصــل الثــاني مــن هــذا البــاب ٕالــى العالقــات المتعــددة االبعــاد‬ ‫للمــدن والمراكــز السوســية ســواء علــى مســتوى عالقتهــا بمحيطهــا القبلــي‬ ‫التي تباينـت مـن حيـث نوعيتهـا بـين عالقـة سـلم وتعـاون‪ ،‬وعالقـة حـرب‬ ‫ومواجهة‪ ،‬دون ٕالغاء للمصالح بين الطرفين‪ ،‬ومـن حيـث مجاالتهـا التـي‬ ‫شــملت الجوانــب االجتماعيــة واالقتصــادية الشــديدة الصــلة بهــذه المراكــز‬ ‫ثـ ــم العالقـ ــات السياسـ ــية والعسـ ــكرية‪ .‬وكـ ــذلك عل ـ ــى مسـ ــتوى عالقتهـ ــا‬ ‫ٔ‬ ‫بــالمخزن التــي اتخــذت ثــالث صــور اساســية هــي‪ :‬عالقــة الخضــوع والــوالء‬ ‫الطــوعي منــه و ا ٕالجب ــاري‪ ،‬الناجمــة عــن ق ــوة الدولــة المركزيــة‪ ،‬وعالق ــة‬ ‫التمرد التي ميزت فتـرات طويلـة و متقطعـة مـن تـاريخ السـوس‪ ،‬ثـم حالـة‬ ‫ٔ‬ ‫القطيعة مع الدول الحاكمة بـالمغرب والتـي ارتبطـت فـي الغالـب باوقـات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ضـعف السـلطات المركزيــة او انشـغالها بــالنزاع بـين االمـراء حـول العــرش‪.‬‬ ‫كما تم رصد عالقة المدن والمراكز السوسية بالعالم ا ٕالسالمي التـي تعـود‬ ‫جـ ــذورها ٕال ـ ــى مراح ـ ــل قديم ـ ــة لكنهـ ــا تتغي ـ ــر حس ـ ــب الظ ـ ــروف المحلي ـ ــة‬ ‫ٔ‬ ‫وا ٕالقليمي ــة‪ ،‬و عالق ــة ه ــذه المراك ــز م ــع اروب ــا المتراوح ــة ب ــين االص ــطدام‬ ‫المميز لحقبة االحتالل البرتغالي والقشتالي‪ ،‬ثم روابط الحمايـة مـع هـذه‬ ‫ال ــدول ف ــي فت ـ ـرات معين ــة وك ــذا ال ــروابط التجاري ــة المتزاي ــدة م ــع م ــرور‬ ‫ٔ‬ ‫الوقت‪ ،‬و المتسعة لتشمل عدة بلدان اروبية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫امــا البــاب الثالــث فقــد تنــاول المميـزات العمرانيــة والمعماريــة لمراكــز‬ ‫السوس وكذا العوامل المؤثرة فيها‪ ،‬حيث تمت دراسـة طابعهـا الحضـري‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عبــر محاولــة ٕاســقاط اربعــة معــايير اساســية لتمييــز الحواضــر عمــا ســواها‬ ‫علـ ــى مـ ــدن ومراكـ ــز السـ ــوس‪ ،‬وهـ ــي‪ :‬ارتفـ ــاع الكـثافـ ــة السـ ــكانية والـ ــدور‬ ‫القي ــادي للمدين ــة باعتباره ــا مق ــر الس ــلطة الحاكم ــة والقض ــاء وك ــل رم ــوز‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الدولة‪ ،‬واهمية السوق والنشاط التجاري‪ ،‬با ٕالضافة ٕالى هيمنة االنشطة‬ ‫غيــر الفالحيــة‪ ،‬و هــذه المعــايير تتــوفر بنســب متفاوتــة فــي جــل المراكــز‬ ‫ٔ‬ ‫السوس ــية‪ ،‬باس ــتثناء االنش ــطة الفالحي ــة الت ــي ش ــكلت حيـ ـزا مهم ــا م ــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اهتمامــات جــل المــدن و المراكــز السوســية شــانها فــي ذلــك شــان معظــم‬ ‫مدن ذلـك العصـر‪ .‬و بعـد ذلـك تناولـت الدراسـة مميـزات البنيـة الداخليـة‬ ‫لهــذه المراكــز عبــر رصــد ٔاهــم المعــالم الدالــة علــى غناهــا بــالمرافق الكبــرى‬ ‫ٔ‬ ‫واالساســية‪ ،‬ســواء منهــا المرافــق االقتصــادية مــن ٔاســواق و معاصــر ودور‬ ‫ٔ‬ ‫الدباغة و المحالت التجارية و الفنادق و دور السكة‪ ...‬اوالمرافق الدينيـة‬ ‫ٔ‬ ‫مثــل المســاجد و الزوايــا و المــدارس و الكنــائس‪ ...‬اوالمرافــق المدنيــة مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ش ـ ــوارع و دور و مالح ـ ــات واب ـ ــواب‪...‬اوالمراف ـ ــق العس ـ ــكرية م ـ ــن اس ـ ــوار‬ ‫ٔ‬ ‫وحصون وابراج و غيرها‪.‬‬ ‫ثــم خصــص الفصــل الثــاني مــن هــذا البــاب لفــن العمــارة بالســوس‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واســتهل ٕباطال لــة علــى اهــم االنمــاط العمرانيــة المشــكلة لمراكــز الســوس‬ ‫ٔ‬ ‫والتي تجلت في المدن الجامعة‪ ،‬اي المكونة مـن نسـيج عمرانـي موحـد‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وظاهرة الكـثل المنفصلة التي تالفـت منهـا المدينـة الواحـدة‪،‬حيث تضـم‬ ‫ٔ‬ ‫السـ ــوس مراك ـ ــز مؤلف ـ ــة م ـ ــن عـ ــدة وح ـ ــدات عمرانيـ ــة مس ـ ــتقلة باس ـ ــوارها‬ ‫الخاصة‪ ،‬ثـم الحصـون المختلفـة والمتنوعـة بـين حصـون "رسـمية" يعـود‬ ‫ٔ‬ ‫ٕانشاؤها ٕالى الدول المركزيـة‪ ،‬واخـرى خاصـة بـالثوار يلجئـون ٕاليهـا التقـاء‬

‫الحمـ ــالت المخزنيـ ــة‪ ،‬والحصـ ــون المدنيـ ــة التـ ــي لـ ــم تضـ ــطلع بـ ـ ٔـاي دور‬ ‫عســكري‪ ،‬وحصــون االحــتالل ا ٕاليبيــري‪ ،‬ثــم القصــبات والقصــور داخــل‬ ‫المدن‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫و تــم التطــرق ايضــا ٕالــى مــواد البنــاء المتنوعــة و تقنياتــه بــين الت ـراب‬ ‫ٓ‬ ‫المسـ ــتخدم فـ ــي بنـ ــاءات الطابيـ ــة و صـ ــناعة الطـ ــوب و االجـ ــر‪ ،‬والحجـ ــر‬ ‫والخشب وغيرها‪ ،‬ثم العناصر الزخرفية التـي تفاعلـت فيهـا عـدة مكونـات‬ ‫حضــارية‪ ،‬فبقــدر مــا جســدت بعــض الخصوصــيات المحليــة العريقــة بقــدر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫م ـ ــا ت ـ ــاثرت بعناص ـ ــر فني ـ ــة خارجي ـ ــة‪ ،‬اندلس ـ ــية و مش ـ ــرقية و ص ـ ــحراوية‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واوربي ــة‪ ،‬وك ــان له ــا ايض ــا ٕاش ــعاع خ ــارج الس ــوس‪ ،‬و اس ــتمرت الفن ــون‬ ‫المعمارية بالسوس في التطـور الـداخلي و التفاعـل الخـارجي عبـر مختلـف‬ ‫الحقب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫امــا الفصــل االخيــر مــن هــذا البــاب فقــد انصــب علــى تحليــل العوامــل‬ ‫الفاعل ــة ف ــي الظ ــاهرة الحض ــرية بالس ــوس م ــن خ ــالل اس ــتنباط العوام ــل‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕاليجابية التي اثرت فيها و التي تباينـت بـين مـا هـو طبيعـي مـرتبط بتعـدد‬ ‫مــؤهالت الوســط الطبيعــي بالســوس‪ٕ ،‬ان علــى مســتوى ٕايجابيــات مواقــع‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ومواضــع المراكــز‪ ،‬او اهميــة المــوارد المائيــة وتنــوع المنتجــات الفالحيــة‬ ‫ٔ‬ ‫خاصة في القسـم السـهلي الشـمالي‪ ،‬او وفـرة الثـروات المعدنيـة‪ .‬ومنهـا مـا‬ ‫ٔ‬ ‫ه ــو اقتص ــادي يكم ــن ف ــي تع ــدد الص ــنائع واالنش ــطة الحرفي ــة ب ــالمراكز‬ ‫ٔ‬ ‫السوس ــية عل ــى م ــر العص ــور‪ .‬ومنه ــا م ــا ه ــو سياس ــي يتعل ــق ب ـ ٕـاقرار االم ــن‬ ‫وتوفير االستقرار خاصة في فترات قوة الدولة الحاكمة‪.‬ومن ثم اسـتفادت‬ ‫المراك ـ ــز السوس ـ ــية كـثي ـ ـ ـرا م ـ ــن الغن ـ ــى الطبيع ـ ــي وم ـ ــن فت ـ ـ ـرات الرخ ـ ــاء‬ ‫االقتصادي واالستقرار السياسي‪.‬‬ ‫وبالمقابل كانت هناك عوامـل سـلبية عرقلـت نمـو المراكـز وسـاهمت‬ ‫ٔ‬ ‫كـثي ـرا فــي تعطيــل مســيرتها‪ .‬واهمهــا غيــاب االســتقرار السياســي و تعاقــب‬ ‫الثورات والحمالت المخزنية المضادة‪ٕ ،‬اضـافة ٕالـى التـوتر االجتمـاعي مـن‬ ‫خ ــالل الصـ ـراعات القبلي ــة ح ــول مص ــادر الم ــاء والمراع ــي‪ ،‬ث ــم الك ــوارث‬ ‫ٔ‬ ‫الطبيعيــة التــي كــان للســوس منهــا نصـيب وافــر‪ .‬وقــد اثــرت هــذه العوامــل‬ ‫وغيرها بشكل سلبي على العمران البشري بمراكز السوس‪.‬‬ ‫أﻫﻢ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت‬ ‫بع ــدما الوق ــوف م ــع جوان ــب ش ــتى ذات الص ــلة بم ــدن و مراك ــز‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الســوس مــن اواخــر القــرن ‪٧‬هـ ـ ‪١٣ /‬م ٕالــى اواخــر القــرن ‪١١‬هـ ـ ‪١٧ /‬م ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وبســط مختلــف القضــايا التــي تـرتبط بهــا‪ ،‬يبــدو انهــا مــا زالــت بحاجــة ٕالــى‬ ‫ٔ‬ ‫تــذييل يلخــص جملــة النتــائج المتوصــل ٕاليهــا و يبســط اهــم االســتنتاجات‬ ‫ٓ‬ ‫و االفــاق التــي تفتحــت جـراء ذلــك‪ .‬و فيمــا يلــي الخطــوط العريضــة لنتــائج‬ ‫ٔ‬ ‫هذه االطروحة‪:‬‬ ‫• كشف النقاب عن دال لـة مصـطلح السـوس و ضـبط نطاقـه الجغرافـي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫فمن خالل ما تاتى من معلومات مصدرية و دراسات حديثـة‪ ،‬تمـت‬ ‫مناقشــة مســار تطــور اســتعمال هــذا المصــطلح الــذي تغيــر حســب‬ ‫الحقــب و انتهــى ٕالــى االنحصــار فــي المنطقــة المخصوصــة بالدراســة‬ ‫خـالل الحقبـة المحـددة‪ .‬و تـم اسـتخالص معـالم حـدود السـوس مـن‬ ‫ٔ‬ ‫الجهــات االربــع مــع استحضــار التغييــر الــذي يطالهــا مــع مــرور الــزمن‬ ‫ٔ‬ ‫خاصـة مـن جهـة الجنــوب حيـث ظلـت فـي تمــدد مسـتمر نحـو اعمــاق‬ ‫الصحراء‪.‬‬ ‫• ٕاثبات نسبية الظاهرة الحضرية المتسمة بالتداخل مع غيرها خاصـة‬ ‫الحصون والقرى و غيرها‪ ،‬وتبـاين مفهومهـا حسـب الظـرفين الزمـاني‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٠‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫و المكاني‪ ،‬و من ثم صعوبة تحصيل ٕاجمـاع البـاحثين حـول تقـديم‬ ‫تعريف موحد للمدينة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫• تقصــي اصــول و دالالت اســماء المــدن و المراكــز السوســية المعب ــرة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫عــن جــذور الظــاهرة المدينيــة بالمنطقــة وعمقهــا االمــازيغي مــع تاثرهــا‬ ‫بم ــا اس ــتجد م ــن عناص ــر فاعل ــة ارتباط ــا بوص ــول القبائ ــل العربي ــة‬ ‫والتدخل ا ٕاليبيري‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫• كشــف اهــم جوانــب القــوة و الضــعف فــي خصــائص مواقــع ومواضــع‬ ‫مختل ـ ــف المراك ـ ــز الحض ـ ــرية السوس ـ ــية وتص ـ ــنيفها ٕال ـ ــى مجموع ـ ــات‬ ‫متقاربة من حيث هذه المميزات‪.‬‬ ‫• ٕابـراز الث ـراء العرقــي و التنــوع الثقــافي و الــديني لسـاكنة مــدن و مراكــز‬ ‫ٔ‬ ‫السوس مع ٕابراز سياق اهم التحوالت االجتماعية التي شهدتها‪.‬‬ ‫• استجالء واقع مختلف فئات المجتمع الحضري بالسوس‪.‬‬ ‫• رصــد مس ــتوى النمــو الحضــري وعمليــة اس ــتحداث المــدن و المراكــز‬ ‫ٔ‬ ‫بالســوس وتتب ــع اه ــم التط ــورات الت ــي عاش ــتها ك ــل ه ــذه التجمع ــات‬ ‫الحضرية خالل الحقبـة المدروسـة فـي ارتبـاط وتفاعـل مـع التحـوالت‬ ‫االجتماعيـ ــة و االقتص ـ ــادية و السياس ـ ــية التـ ــي مي ـ ــزت المنطق ـ ــة ف ـ ــي‬ ‫محاولة الستخالص الخريطة الحضرية للسوس‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫• دراس ــة وظ ــائف م ــدن و مراك ــز الس ــوس باعتباره ــا الس ــبب االس ــاس‬ ‫الستمرارها و نمائها‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫• تحليــل عالقــة المراكــز السوســية بمحيطهــا المتشــعب مــن اجــل فهــم‬ ‫انعكاسات ذلك سلبا و ٕايجابا على هذه المراكز‪.‬‬ ‫• مناقشــة الخصــائص الحضــرية لمــدن و مراكــز الســوس وعرضــها علــى‬ ‫المع ـ ـ ــايير الحديث ـ ـ ــة لتص ـ ـ ــنيف الحواض ـ ـ ــر و بي ـ ـ ــان نص ـ ـ ــيبها منه ـ ـ ــا‬ ‫واستخالص حدود انطباقها عليها‪.‬‬ ‫• رصــد البنيــات الداخليــة و المرافــق الكبــرى لمراكــز الســوس مصــنفة‬ ‫حسـ ــب وظائفهـ ــا باعتبـ ــار هـ ــذه المؤسسـ ــات مـ ــن ممي ـ ـزات الوسـ ــط‬ ‫الحضري‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫• تصــنيف االنمــاط العمرانيــة لمراكــز الســوس مــن اجــل الوقــوف علــى‬ ‫الغنى و التنوع المميز للمالمح الخارجية لهذه التجمعات الحضرية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫• دراسة مواد البناء وفنون العمارة من اجل استخالص حـدود التـاثير‬ ‫ٔ‬ ‫و التاثر في هذا المجال‪.‬‬ ‫• بيــان و تحليــل العوامــل الفاعلــة فــي مــدن و مراكــز الســوس للتعــرف‬ ‫ٔ‬ ‫على مصادر التاثير السلبي وعوامل النماء واالزدهار‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ه ــذه اه ــم الفوائ ــد ال تكـتم ــل ص ــورتها ٕاال ٕاذا تع ــززت بخالص ــات‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاض ــافية عب ــارة ع ــن اس ــتنتاجات كب ــرى تول ــدت ع ــن ه ــذا العم ــل وايض ــا‬ ‫ٓ‬ ‫كـقضايا جديدة تفتح افاقا رحبة للبحث و تدعو الضـرورة السـتيفاء حقهـا‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالى ان تفرد بالدراسة من اجل تناولها بعمق و دقة اكبر‪ ،‬وهي كاالتي‪:‬‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‬ ‫ تجربــة ا ٕالمــارات المحليــة)بنــو يدرـ ـ الحــاحيون ـ الســمالليون‪(...‬‬ ‫ٔ‬ ‫تحت ــاج ٕال ــى تن ــاول تحليل ــي خ ــاص يس ــلط الض ــوء عل ــى ابعاده ــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ونتائجهــا و دوافعهــا‪ ،‬خاصــة وان عــدة مؤشـرات تبــين ان تشــكيل‬ ‫هذه ا ٕالمارات لم يكـن بـدافع االسـتقالل بقـدر مـا كـان نوعـا مـن رد‬ ‫الفعل تجاه ما كان يحصل من اضطراب في السلطات المركزية‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫ مســالة شــرف النســب بالســوس‪ ،‬وكعــادة المغاربــة‪ ،‬فــرغم هيمنــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫االصــول االمازيغيــة علــى معظــم ســاكنة المراكــز السوســية‪ ،‬فـ ٕـان‬ ‫الشــرفاء مــنهم حظــوا بتبجيــل خــاص و مكانــة ال تضــاهى‪ .‬لكــن‬ ‫ٔ‬ ‫ما يحتاج ٕالى تدقيق اكبر هو تتبـع عالقـة السوسـيين بالشـرفاء فـي‬ ‫حالــة تقلــدهم لمســؤولية حكــم الدولــة الســعدية‪ ،‬وهــل تتســاوى‬ ‫نظرتهم للفقيه الشريف بنظـرتهم ٕالـى الحـاكم الشـريف؟ و ٕان كـان‬ ‫ٔ‬ ‫هناك اختالف‪ ،‬فما هي اسبابه و عواقبه؟‬ ‫ نفــوذ الزوايــا بالســوس علــى المســتوى الروحــي و السياســي‪ ،‬رغــم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫انه ــا ليس ــت مي ــزة تنف ــرد به ــا المنطق ــة‪ٕ ،‬اال ان المثي ــر ه ــو تح ــول‬ ‫ٔ‬ ‫السـ ــوس خـ ــالل الحقبـ ــة المدروسـ ــة ٕالـ ــى مركـ ــز لتخـ ــريج اقطـ ــاب‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫التصــوف اكـثــر مــن اي وقــت مضــى‪ .‬هــؤالء الشــيوخ الــذين غــذوا‬ ‫ٔ‬ ‫قبلــة الفــواج الطلبــة و المريــدين‪ .‬فمــا هــو الســر وراء هــذا المــد‬ ‫الصــوفي؟ ومــا هــي تداعياتــه و مخلفاتــه؟ ثــم كيــف يمكــن تفســير‬ ‫نــزوع بعــض هــذه الشخصــيات الصــوفية ٕالــى االنخ ـراط فــي العمــل‬ ‫ٔ‬ ‫السياسـ ــي‪ٕ ،‬ان بتنظـ ــيم صـ ــفوف الجهـ ــاد ضـ ــد الغـ ــزو ا ٕاليبيـ ــري او‬ ‫ٔ‬ ‫بتــزعم تمــردات ضــد الســلطة الحاكمــة؟ و ٕاحجــام اخــرى واكـتفائهــا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بتربي ـ ــة وتعل ـ ــيم و ٕاي ـ ــواء االتب ـ ــاع و اقتص ـ ــارها عل ـ ــى اعم ـ ــال الب ـ ــر‬ ‫وا ٕالحسان‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ قضية عالقة السوسيين بـا ٕاليبيريين‪ ،‬ومـا يـرتبط بمسـالة الحمايـة‬ ‫م ــع الط ــرف ا ٕالس ــباني خاص ــة‪ ،‬ف ــي حاج ــة ٕال ــى تمح ــيص كبي ــر‪.‬‬ ‫فمعاه ــدة بوطاط ــا الغامض ــة المقاص ــد‪ ،‬وردت مبت ــورة الس ــياق‪،‬‬ ‫متضاربة بنودها مع مـا تالهـا مـن وقـائع‪ .‬فمـا مـدى مصـداقية هـذه‬ ‫ٔ‬ ‫المعاهدة؟ وفي حالـة ا ٕاليجـاب‪ ،‬مـا هـي دوافـع االطـراف السوسـية‬ ‫الموقعة؟ و ما حدود االلتزام بمقتضياتها؟‬ ‫ٔ‬ ‫ مســالة الحكــم المحلــي كظــاهرة مثيــرة تكــاد تنفــرد بهــا المنطقــة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وتعــود ٕالــى ازمنــة ســابقة‪ ،‬كمــا انهــا ذائعــة االنتشــار فــي عــدة مراكــز‬ ‫مــن الســوس‪ .‬وعلــى حــد علمنــا فـ ٕـاذا اســتثنينا تجربــة ديــوان ســال‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫والربــاط و القصــبة الــذي انشــاه االندلســيون غــداة ضــعف الحكــم‬ ‫الســعدي‪ٕ ،‬فاننــا ال نكــاد نجــد نظيـرا لــنمط الحكــم التــداولي بمــدن‬ ‫الســوس فــي مرحلــة الفـراغ السياســي خــالل العصــر الوطاســي‪ .‬فمــا‬ ‫هــي ٕاذن جــذور هــذه التجربــة؟ و مــا دوافعهــا و نتائجهــا؟ ولمــاذا‬ ‫عجزت عن االمتداد ٕالى ا ٕالمارات المحلية و الدول المركزية؟‬ ‫ٔ‬ ‫ عوام ــل تح ــول دور المغ ــرب االقص ــى و من ــه الس ــوس ف ــي حقب ــة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫الدراســة ٕالــى مجــال اكـثــر تــاثرا بمــا يحــيط بــه مــن تطــورات‪ ،‬بعــدما‬ ‫ك ـ ــان فـ ـ ــي فت ـ ـ ـرات سـ ـ ــابقة‪ ،‬خاص ـ ــة ٕابـ ـ ــان العصـ ـ ــرين المرابطـ ـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫والموحــدي‪ ،‬هــو المــؤثر فــي االحــداث مــن حولــه‪ .‬و لمــاذا اســتمر‬ ‫العجز عن استرجاع هذه المكانة قائما حتى بعد بناء دولة مركزية‬ ‫قوية في ٕاحدى فترات الحكم السعدي؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫صحيح ان المنصـور اقـدم علـى غـزو السـودان‪ ،‬لكـن لمـاذا عجـز‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المغارب ـ ــة ع ـ ــن اس ـ ــترجاع س ـ ــبتة و تقبل ـ ــوا االم ـ ــر الواق ـ ــع ف ـ ــي االن ـ ــدلس؟‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫واض ــح ايض ــا ان ميـ ـزان الق ــوى العس ــكري ص ــار يمي ــل لص ــالح الممال ــك‬ ‫ٔ‬ ‫المســيحية علــى مســتوى االســطول و ص ـناعة الســالح النــاري‪ ،‬ولكــن لــم‬ ‫بقي المغرب بمعزل عن هـذه التحـوالت ولـم يواكـب مـا تعـاظم حولـه مـن‬ ‫ٔ‬ ‫اخطار؟‬ ‫ٔ‬ ‫ مسالة الجهاد البحري فـي عـرض السـواحل السوسـية والصـحراوية‬ ‫تستحق االهتمام لمـا يتـوفر مـن ٕاشـارات مثيـرة فـي الموضـوع‪ .‬فقـد‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩١‬‬


‫ﻋﺮض أﻃﺮوﺣﺔ‬

‫و ﻓﻲ اﻟﺨﺘﺎم ﻓﺈن اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ أﻋـﻼه ﻟﻴﺴـﺖ ﻫـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﺎ‬ ‫ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﺗﻤﺜـﻞ أﻫـﻢ ﻣـﺎ‬ ‫اﺳــــﺘﺪﻋﺖ اﻟﻀــ ـﺮورة اﺳﺘﺤﻀــــﺎره‪ .‬ﻛﻤــــﺎ ﺗﺒﻘــــﻰ ﻫــــﺬه‬ ‫اﻷﻃﺮوﺣﺔ ﻣﺠﺮد ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻓـﻲ دراﺳـﺔ اﻟﻘﻀـﺎﻳﺎ‬ ‫اﻟﺤﻀﺮﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﺈﺣﺪى ﺟﻬﺎت اﻟﻤﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اثبتت محاضر محاكم التفتيش البرتغاليـة ٕالمـام اشـخاص ينتمـون‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالـ ــى منـ ــاطق غيـ ــر سـ ــاحلية بشـ ــؤون المالحـ ــة البحرية‪،‬وقـ ــد اقـ ــر‬ ‫المــؤرخ البرتغــالي فيكــانيــي بحقيقــة جهــاد ٔاهــل الســوس البحــري‬ ‫ٔ‬ ‫ض ــد البرتغ ــاليين و ا ٕالس ــبان‪ ،‬كم ــا اح ــدثت حمل ــة س ــنة ‪١٦١٨‬م‬ ‫ٔ‬ ‫"ه ــزة عنيف ــة ف ــي اوس ــاط ه ــذه الج ــزر[ًالكن ــاري[ و ش ــبه الجزي ــرة‬ ‫ا ٕاليبيري ــة‪ .‬وكانـ ــت الهـ ــزة واضـ ــحة المع ــالم ‪ ....‬فقـ ــد وصـ ــلت ٕالـ ــى‬ ‫سواحل جزيرة النزروتي ‪ Lanzarote‬خالل هـذه العمليـة وحـدها‬ ‫ٔ‬ ‫ســتون ســفينة ش ـراعية يراســها كــل مــن المســمى تابــان والمســمى‬ ‫س ــليمان‪ .‬وق ــد ن ــزل هن ــاك ‪ ٥٠٠٠‬مح ــارب توجه ــوا مباش ــرة نح ــو‬ ‫مدينــة تيگــيس ‪ ،Tigis‬فهــرب الســكان ٕالــى جزيــرة فويرتوفونتــورا‬ ‫‪ .Fuertaventura‬تمك ــن المه ــاجمون م ــن س ــجن ‪ ٩٠٠‬مس ــيحي‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاسـ ــباني بعـ ــدما هـ ــدموا و احرقـ ــوا منـ ــازل و كنـ ــائس تيگـ ــيس‪ .‬ثـ ــم‬ ‫ٔ‬ ‫توجهــوا بعــد ذلــك ٕالــى گــوميرا ‪ Gomera‬فغــزوا و احرقــوا مدينــة‬ ‫ســان سيباســتيان ‪ San sebastian‬التــي غادروهــا متــوجهين نحــو‬ ‫ٔ‬ ‫جزيـرة البالمـا ‪ La Palma‬بمينـاء تازكوغـت‪ ....‬وقـد كـان مـن شـان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫المجابهة العنيفة ان صدتهم عن اهدافهم فعادوا ٕالى قواعدهم‪".‬‬ ‫ٔ‬ ‫واضــح ٕاذن ان مثــل هــذه العمليــات ال يمكــن تنظيمهــا مــن ف ـراغ‪،‬‬ ‫ل ــذلك وج ــب الكش ــف عم ــن يق ــف وراءه ــا و م ــا يقت ــرن به ــا قب ــل و بع ــد‬ ‫تنفيذها‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدي‬ ‫ قضية التفاوت في المؤهالت الطبيعية بين صنفين من المراكـز و‬ ‫ٔ‬ ‫الجه ــات داخ ــل الس ــوس‪ .‬اح ــدهما يزخ ــر بث ــروات مائي ــة و زراعي ــة‬ ‫وحيوانية متعددة‪ ،‬يقابلـه صـنف ثـان يعـاني مـن شـح و نـدرة هـذه‬ ‫المــوارد‪.‬فكيــف تمكنــت المراكــز ذات ا ٕالمكانيــات المتواضــعة مــن‬ ‫ٔ‬ ‫تامين حاجياتها و حفظ وجودها لزمن طويل؟‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ مس ـ ــالة التج ـ ــارة الص ـ ــحراوية ف ـ ــي القـ ـ ـرنين االول ـ ــين للكش ـ ــوفات‬ ‫ٔ‬ ‫الجغرافي ــة وتح ــول الس ــوس ٕال ــى اه ــم جه ــة مغربي ــة تق ــوم ب ــدور‬ ‫الوس ــيط ف ــي تص ــريف بض ــائعها‪ ،‬تف ــرض التس ــاؤل ح ــول ح ــدود‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫صـ ــمودها فـ ــي وجـ ــه منافسـ ــة االسـ ــاطيل االروبيـ ــة و نـ ــوع التغيـ ــر‬ ‫الحاصل في بنيتها حجما و قيمة وتنظيما‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ قضــية العالقــات التجاريــة االروبيــة مــع الســوس بحاجــة ٕالــى تنــاول‬ ‫ٔ‬ ‫خاص يتتبع كل مراحلها وبنيتها ومحركاتها االساسية‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ المالحة المغربية بالسواحل السوسية واالطلسية عموما تعد مـن‬ ‫القض ــايا العالق ــة الت ــي تنتظ ــر م ــن يكش ــف النق ــاب ع ــن جوان ــب‬ ‫الغمــوض فيهــا‪ .‬فالمؤش ـرات الدالــة علــى قيــام عالقــات بحريــة بــين‬ ‫ٔ‬ ‫الســودان و المغــرب االقصــى فــي ٕاحــدى مراحــل العصــر الوســيط‬ ‫في حاجة ٕالى كشف حيثياتها ومداها وسر اختفائها التام والنهائي‬ ‫بعد ذلك‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ االنشطة الصـناعية و الحرفيـة بالمـدن و المراكـز السوسـية لـم تنـل‬ ‫بعــد الحــظ الــوافي مــن الدراســات الكـفيلــة با ٕالجابــة عــن مختلــف‬ ‫ا ٕالشكاالت المرتبطة بها‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ مــا تـزال خصوصــية التــاثير المعقلــي علــى منطقــة الســوس حبيســة‬ ‫ٔ‬ ‫االحكــام الجــاهزة‪ ،‬بــالتركيز علــى الجوانــب الســلبية منهــا وتحميــل‬ ‫ٔ‬ ‫القبائــل العربيــة مســؤولية كــل دمــار او خـراب مــع ٕاغفــال مــا كــان‬

‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫لهؤالء من اثار ٕايجابية ايضا‪ ،‬كمساهمتها في تعمير بعض المراكز‬ ‫ٔ‬ ‫و ٕانشاء اخرى جديدة‪ .‬لذلك ال بد من عمل ينصف هذه الفئة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ الوظائف التي قـام بهـا االسـرى االروبيـون بالسـوس هـي االخـرى مـا‬ ‫ٔ‬ ‫تزال بحاجة ٕالى من يضعها تحت مجهر البحث المتاني و الرزين‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ ادوار العبيــد)البــيض و الســود( فــي المجتمــع الحضــري بالســوس‬ ‫تتطلب فحصا يتناولها من كل الجوانب‪.‬‬ ‫ ت ـ ــاريخ ومكان ـ ــة الحـ ـ ـراطين ف ـ ــي م ـ ــدن ومراك ـ ــز الس ـ ــوس ليس ـ ــت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫بالوضـ ــوح الـ ــذي مـ ــن شـ ــانه تبي ــين نوعيـ ــة و حجـ ــم االدوار التـ ــي‬ ‫ٔ‬ ‫انيطت بهم و تفسير ذلك‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ حــدود مســاهمة االندلســيين علــى قل ــتهم فــي ٕافــادة الســوس مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫الخب ـرات التــي حملوهــا مــن مــوطنهم االصــلي هــي االخــرى بحاجــة‬ ‫ٔ‬ ‫ٕالى ٕاثبات او نفي‪.‬‬ ‫ الزالــت هنــاك بعــض المواضــع بكــر ت ـرتبط بالفئــات المهمشــة فــي‬ ‫الكـتابــات التاريخيــة‪ ،‬وتحتــاج ٕالــى تنــاول مســتفيض مثــل النســاء‬ ‫ٔ‬ ‫واالطفال‪ :‬وضعيتهم بـين بـاقي الشـرائح االجتماعيـة‪ ،‬ومشـاركـتهم‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕاليجابية فـي صـنع االحـداث‪ ،‬والعـبء الكبيـر الـذي تحملـوه علـى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫مر االحقاب و العصور باعتبارهم اكبر ضحايا االحداث التاريخية‪.‬‬ ‫ الحركي ــة و الدينامي ــة البش ــرية بحواض ــر الس ــوس وجدلي ــة التنق ــل‬ ‫ٔ‬ ‫واالستقرار لدى اهلها لم تطرق من زاوية عالقـة الحضـارة بالبـداوة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫و تاثير ٕاحداهما على االخرى‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻤﻌﻤﺎري‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ مس ــالة ت ــاثير العم ــارة ا ٕاليبيري ــة ف ــي العم ــارة السوس ــية تفتق ــر ٕال ــى‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ّ ٔ‬ ‫تقص اكبر من اجل البث فيها‪.‬‬ ‫االدلة الكافية وتحتاج ٕالى‬ ‫ العمــارة السوســية غنيــة بزخارفهــا وعناصــرها الفنيــة التــي تســتحق‬ ‫ٔ‬ ‫دراسة منفردة تحيط بالموضوع من جميع اطرافه‪.‬‬ ‫ ظــاهرة المــدن المندرســة ذائعــة بكــل جهــات الســوس‪ ،‬نــذكر منهــا‬ ‫علـى سـبيل المثـال‪ٕ :‬ايجلـي ـ نـول ـ تكاوصـت ـ تييـوت ـ تيدسـي‪...‬‬ ‫ٔ‬ ‫مما يقتضي البحـث عـن اسـباب هـذا االنـدراس و ٕامكانيـات تحديـد‬ ‫مواضــع هــذه المــدن والســبل الكـفيلــة بــنفض تـراب النســيان عنهــا‬ ‫ٔ‬ ‫وعن انقاضها‪.‬‬ ‫ قض ـ ــية حف ـ ــظ التـ ـ ـراث المحل ـ ــي‪ ،‬الق ـ ــائم م ـ ــن الض ـ ــياع‪ ،‬و ٕانق ـ ــاذ‬ ‫ٔ‬ ‫المتالشي والمهمل‪ .‬فالسـوس حافلـة بالعديـد مـن المواقـع االثريـة‬ ‫ٕاال ٔان ّ‬ ‫المصنف منها ما زال قليال جدا بالنظر لما هو موجود‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ مسـالة ٕانجـاز مسـح اركيولــوجي لمنطقـة السـوس و تنظـيم عمليــات‬ ‫ٔ‬ ‫تنقيب اثري واسعة تعد مطلبا ملحا بالنظر ٕالـى العـدد الهائـل مـن‬ ‫ٔ‬ ‫المواقع االثرية التي تزخر بها المنطقة‪.‬‬

‫‪‬א‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٢‬‬


‫أوﻻد اﻟﻨﺎس ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺼﺮ ﺳﻼﻃﻴﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ‬

‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫‪Respectable People In The Society of Mamluk Sultans Era‬‬ ‫ﺩ‪ .‬ﻧﻬﻠﺔ ﺃﻧﻴﺲ ﳏﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ‬ ‫أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ‬ ‫ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ – ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزﻫﺮ‬ ‫اﻟﻘﺎﻫﺮة – ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫‪dr_na_mostfa@hotmail.com‬‬

‫‪ ‬اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﻬﻟـ ــﺔ اﻧـ ــﻴﺲ ﻤﺤﻣ ـ ــﺪ ﻤﺼـ ــﻄﻔﻰ‪ ،‬اوﻻد اﻠﻨـ ــﺎس ﻓ ـ ــﻲ ﻤﺟﺘﻣـ ــﻊ ﻋﺼ ـ ــﺮ‬ ‫ﺴ ــﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴ ــﻚ‪ - .‬دورﻳ ــﺔ ﻜ ــﺎن اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴ ــﺔ‪ - .‬اﻠﻌ ــﺪد اﻠﺨ ــﺎﻤﺲ؛‬ ‫ﺴﺒﺘﻣﺒﺮ‪.٢٠٠٩‬ص ‪(www.historicalkan.co.nr ) .١٠٣ - ٩٣‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﺗﻣﺘﻌﺖ ﻤﺼﺮ واﻠﺷﺎم ﺑﻴﻦ دول اﻠﻌﺼﻮر اﻠﻮﺴﻄﻲ ﻓﻲ اﻠﺷﺮق‬ ‫واﻠﻐﺮب ﺑﻣﻛﺎﻧﺔ ﻤﺮﻤﻮﻘﺔ ﺧﻼل ﻋﺼﺮ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ )‪- ٦٤٨‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪٩٢٣‬ﻫـ‪١٥١٧- ١٢٥٠/‬م( ﺑﻞ ﻳﻣﻛﻦ اﻠﻗﻮل ان اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﺸﻛﻟﻮا ﻘﻮة‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎﻠﻣﻴﺔ ﻋﻈﻣﻰ ذات ﻤﻛﺎﻧﺔ ﻤﺘﻔﺮدة ٕاذ ﺗﺒﻮات زﻋﺎﻤﺔ اﻠﻌﺎﻠﻢ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ وﺛﻗﺎﻓﻴﺎ وﺣﻀﺎرﻳﺎ‪ ،‬وﻳﻌﻮد ذﻠﻚ ٕاﻠﻰ ان ﻤﺼﺮ ﻜﺎﻧﺖ ﺗﻣﻟﻚ‬ ‫ﻤﻌﻄﻴﺎت اﻠﺰﻋﺎﻤﺔ اﻠﺘﻲ ﺗﺟﻌﻟﻬﺎ ﻘﻮة ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ وﻋﺳﻛﺮﻳﺔ ﻳﺨﺷﻰ ﺠﺎﻧﺒﻬﺎ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﻣﻛﻦ اﻠﻗﻮل ان ﻤﺼﺮ ﺗﻣﺘﻌﺖ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻠﻗﻮى اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ اﻠﻣﻌﺎﺻﺮة ﻠﻬﺎ‬ ‫واﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﺗﺨﻄﺐ ود ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬وذﻠﻚ ﺑﺳﺒﺐ وﺠﻮد‬ ‫اﻠﺨﻼﻓﺔ اﻠﻌﺒﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬واﻠﻛﻴﺎن اﻠﻌﺳﻛﺮي اﻠﻛﺒﻴﺮ اﻠﺬي ﺸﻛﻟﺘﻪ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻘﻮة اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺤﺮﺑﻴﺔ اﻧﺬاك ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻊ ﻤﺎ ﺸﻛﻟﺘﻪ ﻫﺬﻩ اﻠﺪوﻠﺔ ﻤﻦ ﺑﻨﺎء ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻜﺒﻴﺮ ٕا ﻻ اﻧﻬﺎ اﺸﺘﻣﻟﺖ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﺑﻨﺎء اﺠﺘﻣﺎﻋﻲ ﻤﺘﺒﺎﻳﻦ وﻃﺒﻗﺎت ﺸﻌﺐ ﻤﺘﻌﺪدة ﺸﻐﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ واﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﻄﺒﻗﺔ اﻠﻌﻟﻴﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﻗﻴﺔ ﻃﺒﻗﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ًٔ‬ ‫ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ا ن ﻳﺤﺘﻞ ﻫﺆﻻء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻋﻟﻰ وﻇﺎﺋﻒ‬ ‫اﻠﺷﻌﺐ اﻠﻣﺼﺮي‪ ،‬وﻜﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ‪ ،‬اﻤﺎ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ﻓﻗﺪ ﻜﺎﻧﻮا ﻤﻨﻌﺰﻠﻴﻦ ﻧﺳﺒﻴﺎ ﻋﻦ اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺬي ﺣﻛﻣﻮﻩ وﻇﻟﻮا ﻠﺳﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪة وﻤﻨﺬ ﻧﺷﺎﺗﻬﻢ ﻻ ﻳﺷﺎرﻜﻮن ﻓﻲ اﻠﺤﻴﺎة‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ ٕاﻻ ﻤﻦ ﺧﻼل اﻠﻣﻮاﻜﺐ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ واﻻﻋﻴﺎد اﻠﺪﻳﻨﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﺣﺘﻔﺎﻻت‪ ،‬وﻤﻨﺬ ﻋﺼﺮ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ﺑﺪا اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻳﻨﺰﻠﻮن‬ ‫ﻤﻦ ﻃﺒﺎﻘﺎت اﻠﻗﻟﻌﺔ وﻳﺳﻛﻨﻮن اﻠﻗﺎﻫﺮة وﻳﺘﺰوﺠﻮن ﻤﻦ اﻠﻣﺼﺮﻳﺎت ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻤﺎ اﺑﻨﺎء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺬﻳﻦ وﻠﺪوا ﻓﻲ ﻤﺼﺮ وﻠﻢ ﻳﻣﺳﻬﻢ اﻠﺮق ﻤﻨﺬ‬ ‫ٔ‬ ‫ُﻋﺮﻓﻮا ﻓﻲ ﻤﺼﻄﻟﺢ ذﻠﻚ اﻠﻌﺼﺮ ﺑﺎﺴﻢ )اوﻻد اﻠﻨﺎس( وﻜﺎﻧﺖ ﻤﻛﺎﻧﺘﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ ادﻧﻰ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻓﻬﻢ ﻓﺌﺔ ﺧﺮﺠﺖ ﻤﻦ ﻘﻟﺐ ﻃﺒﻗﺔ‬ ‫اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻠﺘﺼﺒﺢ ﻓﺌﺔ ﻤﻦ ﻓﺌﺎت اﻠﺷﻌﺐ اﻠﻣﺼﺮي ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻳﺮﺠﻊ اﻫﺘﻣﺎﻤﻲ ﻠﻟﺒﺤﺚ واﻠﺘﻨﻗﻴﺐ ﻓﻲ اﺧﺒﺎر ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺌﺔ ٕا ﻠﻰ اﺴﺒﺎب ﻋﺪة ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬ﺗﺒﻌﺜﺮ اﺧﺒﺎر ﻫﺆﻻء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدر اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ وﻋﺪم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺮﻜﻴﺰ ﻋﻟﻰ ا ﺣﻮاﻠﻬﻢ ﺑﻞ ﻜﺎﻧﺖ اﺧﺒﺎرﻫﻢ ﺸﺬرات ﺑﺳﻴﻄﺔ ﺗﻀﺊ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺣﻴﺎﻧﺎ اﻠﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ وﺴﻂ اﻠﻛﻢ اﻠﻬﺎﺋﻞ ﻤﻦ اﻻﺧﺒﺎر اﻠﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬ﻋﺪم ﺗﺮﻜﻴﺰ اﻠﺪراﺴﺎت اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻟﻰ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺌﺔ ﻋﺎﻤﻟﺔ ﻤﻦ ﻓﺌﺎت اﻠﺷﻌﺐ اﻠﻣﺼﺮي‪ ،‬وﻜﺎﻧﺖ ا ٕﻻﺸﺎرة ٕاﻠﻴﻬﻢ ﺗﺎﺗﻲ‬ ‫ﻓﻲ ﺴﻴﺎق اﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻃﺒﻗﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻓﻗﺪ ذﻜﺮت ﺑﻌﺾ ﻠﻣﺤﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺳﻴﻄﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻤﺆﻠﻔﺎت ﻻ ﺴﺎﺗﺬة اﻓﺎﺿﻞ ﻘﺎﻤﻮا ﺑﺪراﺴﺔ‬ ‫اﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ ﻠﻣﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ ‬ﺗﻌﺮض ﻓﺌﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻠﺪراﺴﺎت ﻠﻛـﺜﻴﺮ ﻤﻦ ُاﻠﻐﺒﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺬي اﺻﺎﺑﻬﻢ وﻋﺮﻓﻮا ﺑﺎﻧﻬﻢ ﻜﺎﻧﻮا ﻤﺘﺮﻓﻴﻦ ﻳﻨﻌﻣﻮن ﺑﺤﻴﺎة ﻫﺎدﺋﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺴﻌﻴﺪة وﺗﺮﺑﻮا ﻓﻲ ﺣﺟﻮر اﻠﻨﺳﺎء )او ﺣﺟﺮ اﻠﺳﻌﺎدة( واﻧﻬﻢ ﻠﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻗﺪﻤﻮا ﻠﻣﺼﺮ ﺑﻣﻗﺪار ﻤﺎ اﻋﻄﺘﻬﻢ وﻠﻢ ﻳﺷﺎرﻜﻮا ﻓﻲ اﻠﺬود ﻋﻨﻬﺎ وﻏﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ذﻠﻚ ﻤﻦ اﻻﺗﻬﺎﻤﺎت اﻠﺘﻲ ُﻘﺬﻓﻮا ﺑﻬﺎ واﺻﺒﺤﻮا ﻓﻲ ﻤﻮﺿﻊ اﻻﺗﻬﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻮاء ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻠﻛـﺘﺎﺑﺎت اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ او ا ٕﻻﻓﺮﻧﺟﻴﺔ ‪.‬‬ ‫أوﻻد اﻟﻨﺎس وﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﻢ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ‬ ‫ﻘﺪ ﻇﻬﺮت دراﺴﺎت ﻜـﺜﻴﺮة ﺗﻨﺎوﻠﺖ دراﺴﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ‪-‬‬ ‫وﻧﺤﻦ ﻠﻬﻢ ﺗﺒﻊ ﻓﻲ ذﻠﻚ ‪ -‬ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ ﺠﻮاﻧﺒﻬﺎ اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ واﻻﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ وﺗﻨﺎوﻠﻮا اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻤﻦ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ واﻻﻤﺮاء واﻻﺠﻨﺎد ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻴﺚ ﻧﺷﺎﺗﻬﻢ وﺗﻛﻮﻳﻨﺎﺗﻬﻢ اﻠﻌﺮﻘﻴﺔ ٕواﻘﺎﻤﺘﻬﻢ ﻠﺳﻟﻄﻨﺘﻬﻢ ﻋﻟﻰ اﻧﻗﺎض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ اﻻﻳﻮﺑﻴﺔ وﻜﺬﻠﻚ ﺑﻨﺎء اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ اﻠﻣﺼﺮي ‪ .‬واﻫﻣﻴﺔ ﻃﺒﻗﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‬ ‫ﻓﻲ ﺗﺷﻛﻴﻞ ﻫﺬا اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻘﺪ ﻋﺎﺸﻮا ﻓﻴﻪ ﻜﻄﺒﻗﺔ ﻤﻣﺘﺎزة‬

‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﻔﺼﻟﺔ ﻋﻦ ﺴﺎﺋﺮ اﻠﺳﻛﺎن ﻓﻲ اﻠﺒﻼد ‪ ،‬اﻻﻤﺮ اﻠﺬي ﺴﺎﻋﺪ ﻋﻟﻰ ﻘﻴﺎم‬ ‫ﻤﺟﺘﻣﻊ ﻤﻣﻟﻮﻜﻲ ﻳﻗﻮم ﻋﻟﻰ اﻠﻨﻈﺎم اﻠﻄﺒﻗﻲ ‪ ،‬وﺿﺤﺖ ﻓﻴﻪ ﻤﻌﺎﻠﻢ وﺴﻣﺎت‬ ‫ﻜﻞ ﻃﺒﻗﺔ ﻋﻟﻰ ﺣﺪﻩ ‪ ،‬وﻤﻦ ﻫﻨﺎ ُﺸ ﻐﻞ ﻜـﺜﻴﺮ ﻤﻦ اﻠﻣﺆرﺧﻴﻦ ُاﻠﻗﺪاﻤﻰ ﻤﻨﻬﻢ‬ ‫َ‬ ‫واﻠﻣﺤﺪﺛﻴﻦ ﺑﺪراﺴﺔ اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ اﻠﻣﺼﺮي ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻛﻲ ﻠﻟﺘﻌﺮف ﻋﻟﻰ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻄﺒﻗﺎت اﻠﺘﻲ ﺸﻛﻟﺖ اﻠﺒﻨﺎء اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻲ ﺧﻼل ﺗﻟﻚ اﻠﻔﺘﺮة ‪.‬‬ ‫وﻤﺎ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺴﻴﺎق ﻫﺬﻩ اﻠﺪراﺴﺔ ﻫﻢ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻤﻦ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﻤﺮاء ﺑﺷﻛﻞ ﻋﺎم واوﻻدﻫﻢ ﺑﺷﻛﻞ ﺧﺎص ‪ ،‬ﻓﻗﺪ اﺻﻄﻟﺢ ﻋﻟﻰ ﺗﺳﻣﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻨﺎء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﺑﻟﻗﺐ " اوﻻد اﻠﻨﺎس " ‪ ،‬وﻘﺪ اﺸﺘﺮك ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻟﻗﺐ اﺑﻨﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ واﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ‪ ،‬ﻏﻴﺮ ان اﺑﻨﺎء اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ ﺗﻣﻴﺰوا ﻋﻦ اﻻﺧﻴﺮﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻟﻗﺐ اﻻﺴﻴﺎد واوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﺆﻻء ﻠﻢ ﻳﻣﺳﻬﻢ اﻠﺮق وﻋﺎﺸﻮا وﺗﺮﺑﻮا ﻓﻲ‬ ‫ﺑﻴﻮت ا ٕﻻﻤﺎرة واﻠﻨﻌﻣﺔ ﻻ ﻋﻟﻰ ﻃﺮﻳﻗﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻓﻲ اﻠﻄﺒﺎق واﻠﺘﺮﺑﻴﺔ‬ ‫اﻠﺤﺮﺑﻴﺔ اﻠﺨﺷﻨﺔ‪ ،‬وﻜﻮﻧﻮا ﺑﺬاﺗﻬﻢ ﻓﺌﺔ ﻤﻦ ﻓﺌﺎت ﻃﺒﻗﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻜﺎن ﻠﻬﺎ‬ ‫دورﻫﺎ ﻓﻲ ﻜـﺜﻴﺮ ﻤﻦ ﻤﻨﺎﺣﻲ ﺣﻴﺎة اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ﺑﻛﺎﻓﺔ ﺠﻮاﻧﺒﻪ‬ ‫اﻻﻘﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ واﻠﺜﻗﺎﻓﻴﺔ واﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺳﻢ اﻠﻣﺆرﺧﻮن اﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ٕاﻠﻰ ﻃﺒﻗﺎت ذات ﻤﺮاﺗﺐ‬ ‫ﻋﺳﻛﺮﻳﺔ وﻜﺎن ﻠﻛﻞ ﻤﺮﺗﺒﺔ وﻇﻴ ﻔﺔ ﻳﻗﻮم ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺑﺎﻻﻃﻼع ﺑﻣﻬﺎﻤﻬﺎ ‪ ،‬وﻠﻪ‬ ‫ٕاﻘﻄﺎع ﻳﻨﻌﻢ ﺑﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻟﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺳﺘﻄﻴﻊ اﻠﻗﻴﺎم ﺑﻬﺬﻩ اﻠﻣﻬﺎم ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺎﻠﻄﺒﻗﺔ اﻻوﻠﻰ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ‪ :‬ا ﻤﺮاء اﻠﻣﺌﻴﻦ وﻤﻗﺪﻤﻲ اﻻ ﻠﻮف وﻳﻗﻮم‬ ‫ﻓﻲ ﺧﺪﻤﺘﻬﻢ ﻤﺌﺔ ﻓﺎرس ﻳﻛﻮﻧﻮن ﻓﻲ ﺧﺪﻤﺔ ﺠﻴﺶ اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕاذا ﻤﺎ دق‬ ‫ﻧﻔﻴﺮ اﻠﺤﺮب ‪ .‬وﻳﺒﻟﻎ ﻋﺪد ٔاﻻﻤﺮاء اﻠﻣﺌﻴﻦ ﻓﻲ اﻠﺟﻴﺶ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ً‬ ‫وﻓﻗﺎ ﻠﻣﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﺎء ﻓﻲ اﻠﺮوك اﻠﻨﺎﺻـﺮي ارﺑـﻌﺔ وﻋﺷﺮون ﻤﻗﺪﻤﺎ ﻏﻴﺮ ان ﻫﺬا اﻠﻌﺪد ﻧﻗﺺ‬ ‫ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ﺑﺳﺒﺐ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺑﻌﺾ ا ٕﻻ ﻘﻄﺎﻋﺎت‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻗﺪﻤﺎ ‪ ،‬وﻳﻣﺜﻞ‬ ‫ﻓﺎﺻﺒﺢ ﻋﺪد اﻠﻣﻗﺪﻤﻴﻦ ﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺛﻣﺎﻧﻴﺔ ﻋﺷﺮ وﻋﺷﺮون‬ ‫ﻫﺆﻻء ﻓﻲ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ اﻠﻌﻟﻴﺎ ﻓﻲ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻄﺒﻗﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء‪ :‬ﻫﻢ اﻤﺮاء اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة وﻳﻗﻮم ﻓﻲ‬ ‫ﺧﺪﻤﺘﻬﻢ ٔارﺑﻌﻴﻦ ً‬ ‫ﻓﺎرﺴﺎ ﻳﻛﻮﻧﻮن ﻓﻲ ﺧﺪﻤﺔ ﺠﻴﺶ اﻠﺳﻟﻄﺎن ‪ ،‬ورﺑﻣﺎ زاد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺪدﻫﻢ ٕاﻠﻰ ﺧﻣﺳﻴﻦ او ﺴﺒﻌﻴﻦ او ﺛﻣﺎﻧﻴﻦ ﻜﻞ اﻤﻴﺮ ﺣﺳﺐ ٕاﻘﻄﺎﻋﻪ‬ ‫وذﻠﻚ ﺑﺷﺮط ٔاﻻ ﻳﻗﻞ ﻋﺪد ﻓﺮﺴﺎن ٔاﻤﻴﺮ اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﻋﻦ ٔارﺑﻌﻴﻦ ً‬ ‫ﻓﺎرﺴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﺪد اﻤﺮاء اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﻓﻲ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻠﻴﺲ ﻠﻪ ﺣﺪ ﻤﻌﻴﻦ ‪ ،‬وﻫ ﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺻﺤﺎب اﻠﺮﺗﺒﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﻤﻦ ارﺑﺎب اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ اﻠﻄﺒﻗﺔ اﻠﺜﺎﻠﺜﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ‪ :‬ﻓﻬﻢ اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات ‪ ،‬ورﺑﻣﺎ وﺠﺪ‬ ‫ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﻄﺒﻗﺔ ﻤﻦ ﻫﻢ ٔاﻤﺮاء ﻋﺷﺮﻳﻦ ً‬ ‫ﻓﺎرﺴﺎ ‪ ،‬وﻠﻛﻨﻬﻢ ﻳﻌﺪون ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻣﻟﺔ ﻃﺒﻗﺔ اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات ‪ ،‬وﻻ ﻋﺪد ﻤﺤﺪد ﻻﻤﺮاء ﻫﺬﻩ اﻠﻄﺒﻗﺔ ﺑﻞ ﺗﺰﻳﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﻨﻗﺺ ﺣﺎﻠﻬﺎ ﻜﺤﺎل ﻃﺒﻗﺔ اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎﻩ ‪ ،‬وﻤﻨﻬﺎ ﻳﻛﻮن ارﺑﺎب اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ‬ ‫اﻠﺼﻐﻴﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻄﺒﻗﺔ اﻠﺮاﺑﻌﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ :‬اﻤﺮاء اﻠﺨﻣﺳﺎت وﻋﺪة ﻜﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﻴﺮ ﻤﻨﻬﻢ ﺧﻣﺳﺔ ﻤﻣﺎﻠﻴﻚ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻬﻢ ٕاﻠﻰ ﺠﻴﺶ اﻠﺳﻟﻄﺎن ‪ ،‬واﻫﻢ ﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻳﺷﻛﻞ ﻘﻮام ﻫﺬﻩ اﻠﻄﺒﻗﺔ ﻫﻢ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻻﻤﺮاء "اﻠﻣﻨﺪرﺠﻴﻦ ﺑﺎﻠﻮﻓﺎة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫رﻋﺎﻳﺔ ﻠﺳﻟﻔﻬﻢ وﻫﻢ ﻓﻲ اﻠﺤﻗﻴﻗﺔ ﻜﺎﻜﺎﺑﺮ اﻻﺠﻨﺎد" واﻃﻟﻖ اﻠﻣﺆرﺧﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻟﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻋﻟﻴﻬﻢ اﺴﻢ ﻃﺒﻗﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ اﻠﻣﻣﻛﻦ اﻠﻗﻮل ان ﻫﺬﻩ اﻠﻄﺒﻗﺔ ﻤﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻠﻢ ﺗﻈﻬﺮ ٕاﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻌﺪ ﺠﻴﻞ ﻋﻟﻰ اﻻﻘﻞ ﻤﻦ ﻘﻴﺎم اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻧﻟﺤﻆ ذﻠﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻮﺿﻮح ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون ‪ ،‬وﻋﻬﻮد ‪ ،‬اﺑﻨﺎﺋﻪ وا ﺣﻔﺎدﻩ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻧﻣﺎ ﻠﻢ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺸﺎﻧﻬﻢ ٕاﻻ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﺣﺳﻦ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﻼوون ﺑﻌﺪ ا ن ﺗﺨﻟﺺ ﻤﻦ ﺧﺼﻣﻴﻪ اﻻﻤﻴﺮﻳﻦ اﻠﻛﺒﻴﺮﻳﻦ ﺸﻴﺨﻮن اﻠﻌﻣﺮي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺻﺮﻏﻨﻣﺶ ﻋﺎم ‪٧٥٩‬ﻫـ‪١٣٥٧/‬م ‪ .‬ﻓﺎ ﺧﺬ ﻓﻲ ﺗﺮﻘﻴﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس ٕاﻠﻰ اﻠﺮﺗﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻴﺔ ‪ ،‬ﻻ ﻤﺤﺒﺔ ﻠﻬﻢ ﺑﻞ ﻜﺎن ﻳﻗﻮل " ﻫﺆﻻء ﻤﺎﻤﻮﻧﻮا اﻠﻌﺎﻘﺒﺔ وﻫﻢ ﻓﻲ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٤‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻃﻲ ﻋﻟﻣﻲ‪ ،‬وﺣﻴﺚ وﺠﻬﺘﻬﻢ ٕاﻠﻴﻪ ﺗﻮﺠﻪ ‪ٕ ،‬وان اﺣﺒﺒﺖ ﻋﺰﻠﻬﻢ اﻤﻛﻨﻨﻲ ذﻠﻚ‬ ‫ﺑﺳﻬﻮﻠﺔ وﻓﻴﻬﻢ ٔا ً‬ ‫"‬ ‫ﻳﻀﺎ رﻓﻖ ﺑﺎﻠﺮﻋﻴﺔ‬ ‫أوﻻد اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أرﺑﺎب اﻟﺴﻴﻮف‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﻨﺔ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻴﺔ‬ ‫ًٔ ٔ‬ ‫ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ ان ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف ﻓﻲ ﺴﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻫﻢ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﻣﻌﺮوف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء ﻋﻟﻰ اﻘﺳﺎﻤﻬﻢ ﻤﻦ اﻤﺮاء ﻤﺌﻴﻦ واﻤﺮاء ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة واﻤﺮاء ﻋﺷﺮات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺧﻣﺳﺎت ‪ ،‬وﺑﺎﻠﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻜـﺘﺐ اﻠﻣﺼﺎدر اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ اﻠﻛـﺜﻴﺮة ادرﻜﻨﺎ ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻘﺪ ﺸﻐﻟﻮا اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻦ ﻫﺬﻩ اﻻٕﻤﺎرات ‪ ،‬ﻓﻗﺪ ا ُﻋﻄﻲ اوﻻد‬ ‫اﻠﻨﺎس اﻠﺟﻮاﻤﻚ ُوﻤﻨﺤﻮا ا ٕﻻﻤﺮات اﻠﻣﺨﺘﻟﻔﺔ ٕﺑﺎﻘﻄﺎﻋﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬و ِﻠﻨﺘﻨﺎول ﻜﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻤﺮة ﻋﻟﻰ ﺣﺪﻩ ﺣﺘﻰ ﻧﻮﺿﺢ ﻤﺪى ﺗﻮاﺠﺪ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﻬﺎ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ً ٔ‬ ‫اوﻻ ‪ :‬اﻤﺮاء اﻠﻣﺌﻴﻦ وﻤﻗﺪﻤﻲ اﻻ ﻠﻮف‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻋﺘﺒﺮ اﻤﺮاء اﻠﻣﺌﻴﻦ وﻤﻗﺪﻤﻲ اﻻ ﻠﻮف ﻤﻦ ا ﺴﻣﻰ اﻠﻣﺮاﺗﺐ اﻠﻌﺳﻛﺮﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﺠﻴﺶ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ‪ ،‬وﻻن اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻻ ﻳﺮﻘﻮن ٕاﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﺮﺗﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺎﻠﻴﺔ واﻠﻣﻗﺎم اﻠﺮﻓﻴﻊ ٕاﻻ ﺑﻌﺪ ان ﻳﻣﺮوا ﺑﻣﺮاﺣﻞ ﻃﻮﻳﻟﺔ ﻤﻨﺬ ﺸﺮاﺋﻬﻢ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﻳﺪﺧﻟﻮا اﻠﻄﺒﺎق‬ ‫وﻧﻈﺎم اﻠﺘﺮﻘﻴﺔ ٕاﻠﻰ ﻫﺬﻩ ا ٕﻻﻤﺎرات ﻓﻲ اﻠﺟﻴﺶ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ﻠﻢ ﻳﺨﻀﻊ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻗﺎﻋﺪة ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻴﺒﺪو ان ﻫﻨﺎك ﻃﺮﻳﻗﻴﻦ ﻠﻟﺘﺮﻘﻴﺔ ‪ ،‬اﻻوﻠﻰ وﻫﻲ اﻠﻄﺮﻳﻗﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺎدﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺪرج اﻠﻣﻣﻟﻮك ﻓﻲ اﻠﺘﺮﻘﻲ اﻠﻄﺒﻴﻌﻲ ﻤﻦ رﺗﺒﺔ ٕاﻠﻰ اﻻﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺒﻌﺪ ﺗﺪرﻳﺒﻪ ﻓﻲ اﻠﻄﺒﺎق ﻋﻟﻰ اﻋﻣﺎل اﻠﻔﺮوﺴﻴﺔ ﻜﺎﻠﺮﻤﻲ ﺑﺎﻠﻨﺷﺎب‬ ‫واﻠﻟﻌﺐ ﺑﺎﻠﺮﻤﺢ ورﻜﻮب اﻠﺨﻴﻞ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﺪرج ﺑﻌﺪ ذﻠﻚ ﻓﻲ اﻠﺟﺎﻤﻛﻴﺔ وﻳﻛﻮن‬ ‫راﺗﺒﻪ ﻤﻦ ﺛﻼﺛﺔ ٕاﻠﻰ ﺴﺒﻌﺔ دﻧﺎﻧﻴﺮ ﻓﻲ اﻠﺷﻬﺮ ٕﻓﺎذا ﻤﺎ وﺻﻞ ٕاﻠﻰ درﺠﺔ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫وﻘﻣﺎﺸﺎ‬ ‫اﻠﻔﺮوﺴﻴﺔ وﺑﻟﻎ ﻤﺒﻟﻎ اﻠﺮﺠﺎل اﻋﺘﻗﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬واﺧﺮج ﻠﻪ ﺧﻴﻼ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺠﻌﻟﻪ اﻤﻴﺮ ﺧﻣﺳﺔ ٕﺑﺎﻘﻄﺎع ووﻇﻴﻔﺔ ﻻﺋﻗﺔ ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﺮﻘﻰ ﺑﻌﺪ ذﻠﻚ ﻓﻲ رﺗﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﺴﻟﻄﺎﻧﺎ ‪،‬‬ ‫ا ٕﻻﻤﺮة ٕاﻠﻰ ان ﻳﺼﻞ ٕاﻠﻰ اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ وﻤﻗﺪم اﻠﻒ ورﺑﻣﺎ اﺻﺒﺢ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﻤﺜﻟﺔ ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ ﻜـﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ‪ ،‬ﻤﺜﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫اﻠﻣﺆﻳﺪ ﺸﻴﺦ ا ﻠﻣﺤﻣﻮدي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ اﻠﻄﺮﻳﻗﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ واﻠﺬي اﻃﻟﻖ ﻋﻟﻴﻬﺎ د‪ٕ .‬اﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻃﺮﺧﺎن ﻃﺮﻳﻖ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻄﻔﺮة ﻓﻛﺎن ﻳﻣﻛﻦ ﻠﻼﻤﻴﺮ ان ﻳﺮﻘﻰ ﻤﻦ رﺗﺐ اﻠﺟﻨﺪﻳﺔ او اﻤﻴﺮ ﻋﺷﺮة ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ‪ ،‬ﻤﺜﺎل ذﻠﻚ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق اﻠﺬي ُرﻘﻲ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻨﺪﻳﺔ ٕا ﻠﻰ ٕاﻤﺮة ارﺑﻌﻴﻦ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻏﻴﺮ ان اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻘﺪ وﺻﻞ اﻠﺒﻌﺾ ﻤﻨﻬﻢ ٕاﻠﻰ ٕاﻤﺮة ﻤﺌﺔ وﺗﻗﺪﻤﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻒ دون اﻠﺘﺪرج اﻠﻄﺒﻴﻌﻲ اﻠﺬي ﻜﺎن ﻳﻟﺰم ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻠﻌﺳﻛﺮﻳﺔ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﺎن ﺸﻔﻴﻌﻬﻢ ﻓﻲ ذﻠﻚ ﻋﺪة اﺴﺒﺎب ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ٕ (١‬اﻤﺎ ﻠﻛﻮﻧﻬﻢ اﺑﻨﺎء ﺴﻼﻃﻴﻦ )اﺴﻴﺎد(‪ .‬وﻤﻦ اﻻﻤﺜﻟﺔ ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ ﻤﻦ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﻴﺎد اﻻﻤﻴﺮ اﻧﻮك ﺑﻦ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون ﻋﻨﺪﻤﺎ اﻤﺮﻩ اﺑﻮﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺌﺔ وﻘﺪﻤﻪ ﻋﻟﻰ ٕاﺧﻮﺗﻪ ﺑﺎﻠﺮﻏﻢ ﻤﻦ ﻜﻮﻧﻬﻢ " ا ﺴﻦ ﻤﻨﻪ " ‪ ،‬وﻓﻲ دوﻠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﺮاﻜﺳﺔ ‪ ،‬اﻤﺮ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺠﻗﻣﻖ اﻠﻌﻼﺋﻲ اﺑﻨﻪ اﻠﻣﻗﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻔﺨﺮي ﻋﺜﻣﺎن ﺑﻦ ﺠﻗﻣﻖ اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ٕ (٢‬واﻤﺎ ﻠﻗﺮﺑﻬﻢ ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻠﻗﺮاﺑﺔ او اﻠﻣﺼﺎﻫﺮة او ﻤﺤﺒﺔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻠﺒﻌﺾ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪ ،‬وﻤﻦ اﻻﻤﺜﻟﺔ ﻋﻟﻰ ذﻠﻚ اﻻﻤﻴﺮ اﺣﻣﺪ‬ ‫ﺑﻦ ُﺑﻛ ُـﺘﻣﺮ اﻠﺳﺎﻘﻲ اﻠﺬي ﻜﺎن ﺸﺪﻳﺪ اﻠﻗﺮب ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪ٕ (٣‬وا ﻤﺎ ﻠﻛﻮﻧﻬﻢ اﺑﻨﺎء اﻤﺮاء وﻤﺪﺑﺮي ﻤﻣﻟﻛﺔ ‪ ،‬وﻤﻨﻬﻢ اﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻃﺷﺘﻣﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻣﺺ اﺧﻀﺮ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻛﺎﻤﻞ ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ (٤‬واﻠﺳﺒﺐ اﻻﺧﻴﺮ ﻠﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ وﻜـﻔﺎﺋﺘﻬﻢ ﻓﻴﻣﺎ اﺴﺪى ٕاﻠﻴﻬﻢ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻇﺎﺋﻒ ‪ ،‬ﻤﺜﺎل ذﻠﻚ ‪ :‬ﺗﺎﻤﻴﺮ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻤﻴﺮ ﺴﻼح ﺑﻛـﺘﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻔﺨﺮي ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻘﻼوون ﺑﺳﺒﺐ اﻧﻪ اﺸﺘﺮك رﻏﻢ ﺻﻐﺮ‬

‫ﺴﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﺤﺎرﺑﺔ ٔاﻻﻤﻴﺮ ﺴﻨﻗﺮ ٔاﻻﺸﻗﺮ اﻠﺬي ﺧﺮج ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ اﻠﻣﻨﺼﻮ ر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﺴﻟﻄﺎﻧﺎ ﺑﺪﻤﺷﻖ واﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ‬ ‫ﻘﻼوون واﻋﻟﻦ ﻧﻔﺳﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻦ رﺠﺐ ﺑﻦ ﻜﻟﻔﺖ اﻠﺘﺮﻜﻣﺎﻧﻲ اﻻﺻﻞ واﻠﺬي ﺗﺮﻘﻰ ﻓﻲ ﻋﺪة ﻤﻨﺎﺻﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫دﻳﻮاﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ ٕاﻠﻰ اﻠﻮزارة ﻓﺎﻧﻌﻢ ﻋﻟﻴﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق ٕﺑﺎﻤﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺌﺔ وﺗﻗﺪﻤﻪ اﻠﻒ ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫)ا ( اﻻﺴﻴﺎد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺮﻘﻰ اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ ٕاﻠﻰ رﺗﺒﺔ اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ وﻤﻗﺪم اﻠﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺠﻟﺲ اﻠﺒﻌﺾ ﻤﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻤﺮﺗﺒﺔ اﺗﺎﺑﻚ اﻠﻌﺳﺎﻜﺮ وﻫﻲ اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻠﻌﻈﻴﻣﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻲ ﺗﻌﺪ اﻫﻢ ﻤﺮاﺗﺐ اﻠﺟﻴﺶ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون ﻘﻟﺪ اﺑﻨﻪ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﻤﻗﺪﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺴﺎﺋﺮ اﺧﻮﺗﻪ ‪ ،‬وﻠﻢ ﻳﺮﻘﻰ اﺣﺪ‬ ‫اﻧﻮك ٕاﻤﺮة ﻤﺌﺔ وﻜﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﻬﻢ ٕاﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ ‪ ،‬ﻏﻴﺮ ان ﻫﺬا اﻻﻤﻴﺮ ﻠﻢ ﻳﻨﻌﻢ ﺑﻣﺎ وﺻﻞ ٕاﻠﻴﻪ‪،‬‬ ‫وﻤﺮض وﻤﺎت ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ ٧٤٠‬ﻫـ ‪١٣٣٩ /‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ اوﻻد اﻻﺴﻴﺎد اﺑﻨﺎء اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ ‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻠﻣﺆﻳﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺸﻴﺦ اﻠﻣﺤﻣﻮدي ‪ ،‬ﺑﻟﻎ ﻫﺬا اﻻﻤﻴﺮ ﻤﻦ اﻻﻫﻣﻴﺔ ﻓﻲ دوﻠﺔ اﺑﻴﻪ ﺑﻣﻛﺎن ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻗﺪ ﺠﺮدﻩ اﺑﻮﻩ ﻋﻟﻰ راس ﺣﻣﻟﺔ ٕاﻠﻰ اﻠﻗﺒﺎﺋﻞ اﻠﺘﺮﻜﻣﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺸﻣﺎل اﻠﺷﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎم ‪ ٨٢٢‬ﻫـ ‪ ١٤١٩ /‬م وﻠﻢ َﻳ ُﻌﺪ اﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻠﻰ ﻤﺼﺮ ا ﻻ ﺑﻌﺪ ا ن اﺣﺮز ً‬ ‫ﻧﺼﺮا‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ٕ‬ ‫ﻤﺆز ًرا ﻋﻟﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻗﺒﺎﺋﻞ ‪ ،‬وﺿﻢ ٕاﻠﻰ دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﺑﻌﺾ اﻠﻣﻨﺎﻃﻖ‬ ‫اﻠﺟﺪﻳﺪة وﺴﻚ اﻠﻌﻣﻟﺔ ﺑﺎﺴﻢ اﻠﻣﺆﻳﺪ ﺸﻴﺦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻋﻄﻲ اﻻﺸﺮف ﻳﺮﺴﺒﺎي اﺑﻨﻪ اﻠﻣﻗﺎم اﻠﺟﻣﺎﻠﻲ ﻳﻮﺴﻒ ٕاﻤﺮة ﻤﺌﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﻗﺪﻤﻪ اﻠﻒ وﻋﻟﻰ ﻘﻮل اﺑﻲ اﻠﻣﺤﺎﺴﻦ اﻧﻪ ﻜﺎن " اﻋﻈﻢ ُﻤﻗﺪﻤﻲ اﻻ ﻠﻮف "‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻜﺎن اﻠﺟﻣﺎﻠﻲ ﻳﻮﺴﻒ اﺑﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻳﻨﻮب ﻋﻦ اﺑﻴﻪ اﺛﻨﺎء ﺴﻔﺮﻩ ﻓﻲ ﻘﻟﻌﺔ‬ ‫اﻠﺟﺒﻞ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)ب ( اوﻻد اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻣﻴﺰ اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﺘﺮﻘﻴﻬﻢ ٕاﻠﻰ رﺗﺒﺔ اﻤﺮة ﻤﺌﺔ وﺗﻗﺪﻤﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻒ ﻓﻲ ﺴﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ‪ ،‬ورﻋﻰ ﺑﻌﺾ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ٔ‬ ‫رﻋﺎﻳﺔ ﻜﺒﻴﺮة‪ ،‬وﻘﺮﺑﻮﻫﻢ ٕاﻠﻴﻬﻢ ﺴﻮاء ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺒﺤﺮﻳﺔ ا و‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺮﺠﻴﺔ ﻓﻈﻬﺮ ﻠﻨﺎ ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﻼوون‪ ،‬واﻠﻨﺎﺻﺮ ﺣﺳﻦ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼو ون واﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ‬ ‫ﺣﺳﻴﻦ‪ ،‬وﻜﺬﻠﻚ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق‪ ،‬واﻠﻨﺎﺻﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ ﺑﺮﻘﻮق‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻈﺎﻫﺮ ﻃﻄﺮ‪ ،‬واﻠﻈﺎﻫﺮ ﺠﻗﻣﻖ وﻋﺪ اﺑﻮ اﻠﻣﺤﺎﺴﻦ ﺗﺮﻘﻴﺔ ﻃﻄﺮ ﻠﺒﻌﺾ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺧﺼﺎﺋﻪ ٕاﻠﻰ اﻠﺮﺗﺐ اﻠﻌﺎﻠﻴﺔ ﻤﻦ ﺣﺳﻦ ﻓﻄﻨﺘﻪ وﻘﻮة ﺠﻨﺎﻧﻪ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﺎ ‪:‬أﻣﺮاء اﻟﻄﺒﻠﺨﺎﻧﺎة‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ا‪:‬اﻻﺴﻴﺎد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺮﻘﻰ ﺑﻌﺾ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﻻﺴﻴﺎد ٕاﻠﻰ رﺗﺒﺔ ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﻓﻲ ﺠﻴﺶ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻣﻦ ﺠﻣﻟﺔ اوﻻد اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ‪ ،‬ﺗﺎﻤﻴﺮ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼو ون ﺑﻌﺾ اوﻻدﻩ ٕاﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﻤﻨﺬ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٣١‬ﻫ‪١٣٢١/‬م اﻤﺮ اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕاﺣﻀﺎر اﺑﻨﻪ اﺣﻣﺪ ﻤﻦ اﻠﻛﺮك‪ .‬ﺣﻴﺚ ﻜﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺧﺮج ٕاﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﺧﻟﻊ ﻋﻟﻴﻪ ٕاﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬اﻤﺮ ﻤﻌﻪ ﺛﻼﺛﺔ اﻤﺮاء ﻋﺷﺮات‬ ‫ٔ‬ ‫دﻓﻌﺔ واﺣﺪة وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٣٦- ٧٣٥‬ﻫ‪١٣٣٥- ١٣٣٤ /‬م اﻋﺎد اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ وﻠﺪﻳﻪ اﺑﻮ ﺑﻛﺮ ٕواﺑﺮاﻫﻴﻢ ٕاﻠﻰ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻤﻦ اﻠﻛﺮك واﻤﺮﻫﻣﺎ ﻜﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺣﺪ ٕاﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬وﻠﻢ ﻳﺳﻢ اﺣﺪ ﻤﻨﻬﻣﺎ ﺑﻣﻟﻚ ﺑﻞ ﻜﺎن اﻠﻨﺎس ﻳﻗﻮﻠﻮن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫"ﺴﻴﺪي ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ وﺴﻴﺪي اﺑﺎ ﺑﻛﺮ ﻋﻟﻰ ﻋﺎدة اﻻﺴﻴﺎد"‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﻤﻦ اﻠﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻠﻣﻼﺣﻈﺔ ان ارﺑﻌﺔ ﻤﻦ اﻻﺴﻴﺎد اوﻻد اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻦ ﻘﻼوون ﺗﻗﻟﺪوا ﻤﻨﺼﺐ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ وﻠﻢ ﻳﺮﻘﻮا ٕاﻠﻲ رﺗﺒﺔ اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ وﻤﻗﺪم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻒ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺮﻘﻮا ﻓﻗﻂ ٕاﻠﻰ رﺗﺒﺔ ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة وﻫﻢ اﻻﺴﻴﺎد اﻠﻣﻨﺼﻮر اﺑﻮ ﺑﻛ ﺮ‬ ‫واﻠﻨﺎﺻﺮ اﺣﻣﺪ واﻠﻛﺎﻤﻞ ﺸﻌﺒﺎن واﻠﻣﻈﻔﺮ ﺣﺎﺠﻲ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٥‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)ب ( اوﻻد اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻤﺎ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء اﻠﺬﻳﻦ ﻜﺎﻧﻮا ﻤﻦ ﺠﻣﻟﺔ اﻤﺮاء‬ ‫اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﻓﺬﻜﺮت ﻠﻨﺎ اﻠﻣﺼﺎدر اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻨﻬﻢ ﻃﻮال ﺗﺎرﻳﺦ ﺴﻼﻃﻴﻦ‬ ‫اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻓﻗﺪ ﺸﺎرﻜﻮا ﻤﺷﺎرﻜﺔ ﻓﺎﻋﻟﺔ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺻﺒﻬﻢ اﻠﺘﻲ رﻘﻮا ٕاﻠﻴﻬﺎ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻨﺤﺎول ﺗﺘﺒﻊ ﻫﺆﻻء اﻻﻤﺮاء ﻠﻨﻗﻒ ﻋﻟﻰ ﻤﺪى ﻤﺷﺎرﻜـﺘﻬﻢ ﻫﺬﻩ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﺴﻟﻄﻨﺔ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون ا ﻻوﻠﻰ‪ ،‬ﻜﺎن زﻳﻦ اﻠﺪﻳﻦ‬ ‫ﻜـﺘﺒﻐﺎ ﻧﺎﺋﺐ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ وﺻﺎﺣﺐ اﻠﺳﻟﻄﺔ اﻠﻔﻌﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﺒﻼد‪ .‬ﻓﺮﻘﻲ ﺑﻌﺾ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺧﻮاﺻﻪ ٕاﻠﻰ ٕاﻤ ﺮات ٕﺑﺎﻧﻌﺎم ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬ﻓﻛﺎن ﻤﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﺑﻨﻪ ا ﻧﺺ‬ ‫اﻠﺬي ُرﻘﻲ ٕاﻠﻰ ٕاﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪،‬وﻋﻨﺪﻤﺎ اﺴﺘﻄﺎع اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ اﻻﻧﻔﺮاد‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻤﻮر اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻋﺎم ‪٧٠٩‬ﻫ‪١٣٠٩/‬م وﻃﻮال ﻓﺘﺮة ﺣﻛﻣﻪ ﻧﺮاﻩ ﻳﻨﻌﻢ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ٕﺑﺎﻤﺮات ﻤﺨﺘﻟﻔﺔ ﻤﻨﻬﺎ ٕاﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻣﻣﻦ ُرﻘﻲ ٕاﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﺮﺗﺒﺔ اﻠﻌﺳﻛﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪﻩ‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ارﻏﻮن اﻠﻨﺎﺋﺐ اﻠﻣﺘﻮﻓﻰ ﻋﺎم ‪٧٢٧‬ﻫ‪١٣٢٦/‬م‪ .‬وا ﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻮﻓﻲ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻣﺲ اﻠﺪﻳﻦ ﻘﺮا ﺴﻨﻗﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮري وورد اﻠﺨﺒﺮ ﺑﻣﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٢٨‬ﻫ‪١٣٢٧/‬ﺑﺎﻠﻣﺮاﻏﺔ ﻤﻦ ٕاﻘﻟﻴﻢ اذرﺑﻴﺟﺎن‪ ،‬اﻧﻌﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻟﻰ وﻠﺪﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ﻘﺮا ﺴﻨﻗﺮ ٕﺑﺎﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة اﺑﻗﺎﻩ ﻋﻟﻰ ﻋﺎدﺗﻪ ﻓﻲ دﻤﺷﻖ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺟﺮاﻜﺳﺔ ﻓﻗﺪ ُرﻘﻲ ﺑﻌﺾ اوﻻد اﻻﻤﺮاء ٕاﻠﻰ‬ ‫رﺗﺒﺔ ٕاﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﺟﺮاﻜﺳﻲ اﻤﺘﺪاد ﻠﻟﻌﺼﺮ اﻠﺘﺮﻜﻲ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻻن ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اﻠﺟﺮاﻜﺳﺔ ﻤﻦ ﻤﻗﺪﻤﻲ اﻻ ﻠﻮف‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﺗﺎﺑﻛﺔ وﻧﻮاب اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻫﻢ اﻠﺬﻳﻦ ﻜﺎﻧﻮا ﻤﺳﻴﻄﺮﻳﻦ ﻋﻟﻰ ﻤﻗﺪرات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﻮال اﺣﻔﺎد اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼو ون‪ ،‬وﻧﺟﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﺤﻗﺒﺔ ﺗﻮاﺠﺪ ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎس ﺑﻪ ﺑﻴﻦ اﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﺑﻞ ٕا ﻧﻨﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻢ ﻧﻟﺤﻆ ان ﻋﺪد ﻤﻦ اﻻﺣﻔﺎد ﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﻓﺌﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس‪ ،‬ووﻠﻲ ٕاﻤﺮات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ا ﺣﻔﺎد اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﻦ ﻫﺆﻻء‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻦ ﺗﻨﻛﺰ ﻧﺎﺋﺐ اﻠﺷﺎم اﻠﺬي اﻤﺮ ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫واﺴﺘﻣﺮ ٕاﻠﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق‪ .‬وﻤﻨﻬﻢ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ُﺠﻣﻖ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ اﻠﻛﺒﻴﺮ اﻳﺘﻣﺶ اﻠﺒﺟﺎﺴﻲ اﻠﺬي ﻜﺎن ﻤﻦ اﻤﺮاء اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‬ ‫وﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٨‬ﻫ‪ ١٣٩٥/‬م‪ .‬ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﺛﺎﻠﺜﺎ‪ :‬اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺎﺗﻰ رﺗﺒﺔ اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات ﻓﻲ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻠﺜﺎﻠﺜﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف‪ ،‬وﻳﺼﻞ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ٕاﻠﻰ ﻫﺬﻩ‬ ‫اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ ﻓﻲ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﺑﻌﺼﺮﻳﻬﺎ اﻠﺘﺮﻜﻲ واﻠﺟﺮ ﻜﺳﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون رﻘﻲ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ٕاﻠﻰ رﺗﺒﺔ اﻤﻴﺮ ﻋﺷﺮة‪ ،‬ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٢٨‬ﻫ‪١٣٢٧/‬م وﺑﻌﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﺎة اﻻ ﻤﻴﺮ ﻘﺮاﺴﻨﻗﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮري اﻧﻌﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻟﻰ وﻠﺪﻩ" اﻻ ﻤﻴﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ‬ ‫ﻘﺮاﺴﻨﻗﺮ ٕﺑﺎﻤﺮة ﻋﺷﺮة"ورﺴﻢ ﺑﺳﻔﺮﻩ ﻤﻦ اﻠﻗﺎﻫﺮة ٕاﻠﻰ دﻤﺷﻖ‪ ،‬وﻓﻲ ﻧﻔﺲ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺎم ﺗﻮﻓﻲ اﻻﻤﻴﺮ ﺴﻴﻒ اﻠﺪﻳﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ اﻠﺤﺳﺎﻤﻲ اﻠﻣﻌﺮوف ﺑﺎﻠﺤﺎﺠﺐ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺎﻧﻌﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻟﻰ وﻠﺪﻩ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ٕﺑﺎﻤﺮة ﻋﺷﺮة ﻤﻊ اﻧﻪ ﻠﻢ ﻳﻛﻦ‬ ‫ﺗﺟﺎوز اﻠﺜﺎﻠﺜﺔ ﻋﺷﺮ ﻤﻦ ﻋﻣﺮﻩ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺑﺰﻻر‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ ﺣﺳﺎم اﻠﺪﻳﻦ ﺣﺳﻦ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻦ ﺴﻴﻒ اﻠﺪﻳﻦ ﻘﺷﺘﻣﺮ وﻠﻢ ﻳﺘﺎﻤﺮ ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻟﻰ ﺑﻦ ﻘﺷﺘﻣﺮ ﻏﻴﺮﻩ‪.‬‬ ‫وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٥‬ﻫ‪١٣٩٢/‬م ﻘﻟﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق ٔاﻻﻤﻴﺮ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ ﻘﻣﺎري‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﻴﺮ ﺸﻛﺎر ٕاﻤﺮة ﻋﺷﺮﻳﻦ زﻳﺎدة ﻋﻟﻰ ﻤﺎ ﻜﺎن ﺑﻴﺪﻩ ﻤﻦ ٕاﻘﻄﺎع ﻋﺷﺮة‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﺬﻠﻚ اﻧﻌﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٦‬ﻫ‪١٣٩٣/‬م ٕﺑﺎﻤﺮة ﻋﺷﺮﻳﻦ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﻠﻮزﻳﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ رﺠﺐ ﺑﻦ ﻜﻟﻔﺖ واﻘﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﺧﻀﺮ ﺑﻦ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ اﻠﺳﺎﻘﻲ ﻋﻟﻰ ﻤﺎ ﻜﺎن ﺑﻴﺪﻩ ﻤﻦ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻤﺮة ﻋﺷﺮة ﺑﺎﻠﺮﻏﻢ ﻤﻦ ان اﻠﺬي ﻘﻟﺪﻩ ا ٕﻻﻤﺮة اﻻﻤﻴﺮ ﻤﻨﻄﺎ ‪ ،‬وﻘﻟﺪ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﺮف اﻠﺪﻳﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ ارﻘﻄﺎي ٕاﻤﺮة ﻋﺷﺮ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﺬﻠﻚ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ ا ﺑﻰ ﺑﻛﺮ ﺑﻦ ﺴﻼر ‪ ،‬واﻧﻌﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪٨٠٠‬ﻫ‪١٣٩٧/‬م ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻟﻣﻄﺎي ٕﺑﺎﻤﺮة ﻋﺷﺮة وﻜﺬﻠﻚ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻣﻟﺔ اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ﺑﻼط اﻠﻔﺨﺮي‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ارﻏﻮن ﺸﺎﻩ اﻻﺸﺮﻓﻲ‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ ﺧﻟﻴﻞ ﺑﻦ دﻧﻛﺰ ﺑﻐﺎ ‪.‬‬ ‫ً ٔ‬ ‫اﺑﻌﺎ‪ :‬اﺠﻨﺎد اﻠﺤﻟﻗﺔ‬ ‫ر‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺠﻨﺎد اﻠﺤﻟﻗﺔ ﻓﻲ دوﻠﺔ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻫﻢ اول اﻘﺳﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺟﻴﺶ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ﻜﻣﺎ ﺣﺪد ذﻠﻚ ا ﺑﻮ اﻠﻣﺤﺎﺴﻦ ﺑﻗﻮﻠﻪ )ﻘﺳﻢ ﻳﻗﺎل ﻠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺠﻨﺎد اﻠﺤﻟﻗﺔ وﻤﻮﺿﻮﻋﻬﻢ ان ﻳﻛﻮﻧﻮا ﻓﻲ ﺧﺪﻤﺔ اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬وﻠﻛﻞ ﻤﻨﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻘﻄﺎع ﻓﻲ اﻋﻣﺎل ﻤﺼﺮ‪ ،‬وﻜﻞ اﻠﻒ ﻤﻨﻬﻢ ﻤﻀﺎﻓﺔ ٕاﻠﻰ اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ وﻤﻗﺪم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻒ‪ ،‬وﻠﻬﺬا اﻠﻣﻌﻨﻰ ﺴﻣﻲ اﻻﻤﻴﺮ ﺑﻣﺼﺮ اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ‪ ،‬اﻋﻨﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻤﺌﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻣﻟﻮك ﻓﻲ ﺧﺪﻤﺘﻪ وﻤﻗﺪم اﻠﻒ ﻤﻦ ﻫﺆﻻء اﺠﻨﺎد اﻠﺤﻟﻗﺔ(‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻋﺮف ﻤﻦ ﺧﻼل دراﺴﺔ ﺗﻛﻮﻳﻦ اﻠﺟﻴﺶ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ان ﻘﻮام‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻨﺪ اﻠﺤﻟﻗﺔ ﻳﺆﻠﻒ ﻤﻦ اﻠﻣﻗﺎﺗﻟﻴﻦ اﻻﺣﺮار ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓﻮا‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻤﺼﻄﻟﺢ ذﻠﻚ اﻠﻌﺼﺮ ﺑﺎﺴﻢ اوﻻد اﻠﻨﺎس‪ ،‬واﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬واﻠﺘﺮﻜﻣﺎن‪،‬‬ ‫وﺑﻌﺾ اﻠﻣﺼﺮﻳﻴﻦ اﻠﺬﻳﻦ اﻧﻀﻣﻮا ﻠﻟﺟﻴﺶ‪ ،‬وﻤﻨﺎﺸﻴﺮ ٕاﻘﻄﺎع ﻫﺬا اﻠﻗﺳﻢ‬ ‫ﻤﻦ اﻠﺟﻨﺪ ﺗﺼﺪر ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻤﺒﺎﺸﺮة وﺗﺮاوﺣﺖ ﻘﻴﻣﺔ ٕا ﻘﻄﺎع ﻤﻗﺪم‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﺤﻟﻗﺔ ﻤﺎ ﺑﻴﻦ اﻠﻒ وا ﻠﻒ وﺧﻣﺲ ﻤﺌﺔ دﻳﻨﺎر ﻓﻲ اﻠﺳﻨﺔ وﻤﺘﻮﺴﻂ ﻘﻴﻣﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻘﻄﺎع اﻠﺟﻨﺪي ﻤﺌﺘﺎن وﺧﻣﺳﻴﻦ ً‬ ‫دﻳﻨﺎرا ﻓﻲ اﻠﺳﻨﺔ‪ .‬وﻤﻦ اﻠﻣﻣﻛﻦ ا ن‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺷﺘﺮك ﻋﺪد ﻤﻦ اﺠﻨﺎد اﻠﺤﻟﻗﺔ ﻓﻲ ا ٕﻻﻘﻄﺎع اﻠﻮاﺣﺪ‪ ،‬ا ﻤﺎ ﻤﻦ ﻠﻢ ﻳﻛﻦ ﻤﻨﻬﻢ‬ ‫ﻠﻪ ٕاﻘﻄﺎع ﻓﺘﺼﺮف رواﺗﺒﻬﻢ ﻤﻦ دﻳﻮان اﻠﺟﻴﺶ واﻠﺒﻌﺾ ﻤﻦ اﻠﻣﺆرﺧﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺼﻔﻬﻢ ﺑﺎﻧﻬﻢ اﻘﺮب اﻻﻘﺳﺎم ﺸﺒﻪ ٕاﻠﻰ ﻧﻈﺎم اﻠﺟﻴﺶ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﻮر اﻠﺤﺪﻳﺜﺔ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻬﻢ ﺠﻴﺶ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﺬي ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬وﻳﺷﺮف ﻋﻟﻰ ﻜﻞ ا ﻠﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻤﻨﻬﻢ ا ﺣﺪ اﻤﺮاء اﻠﻣﺌﻴﻦ‪ ،‬وﻠﻛﻞ ﻤﺌﺔ ﻤﻨﻬﻢ ﻧﻗﻴﺐ)ﺑﺎﺸﺎ( وﻠﻛﻞ ارﺑﻌﻮن‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻗﺪﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ورد ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدر ا ﺴﻣﺎء ﺑﻌﺾ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﺠﻨﺎد اﻠﺤﻟﻗﺔ ﻤﺜﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻜﺷﺘﻐﺪي ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ش اﻠﻣﻌﺰي ‪ ،‬ذﻜﺮﻩ اﺑﻦ ﺣﺟﺮ" ﻤﻦ ا ﺠﻨﺎد‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻟﻗﺔ ﻤﻦ اﻫﻞ اﻠﺨﻴﺮ واﻠﻌﻔﺎف واﻠﻮﻘﺎر"وذﻜﺮ ﻜﺬﻠﻚ ﻓﺮج ﺑﻦ ﻃﻮﻏﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﺪ ﻤﻗﺪﻤﻲ اﻠﺤﻟﻗﺔ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﻬﺬا اﻠﻌﺮض ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻠﻨﺎ ان ﻓﺌﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻘﺪ ﻤﺜﻟﺖ ﻓﻲ اﻠﺟﻴﺶ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ﻓﻲ ﻃﺒﻗﺔ اﻻﻤﺮاء ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف وﻜﺎن ﻠﻬﻢ ﺗﻮاﺠﺪ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻘﺳﺎﻤﻬﺎ ﻤﻦ اﻤﺮاء اﻠﻣﺌﻴﻦ وﻤﻗﺪﻤﻲ اﻻ ﻠﻮف‪ ،‬واﻤﺮاء اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬واﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺷﺮات ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻃﻮاﺋﻒ ﻘﺳﻢ اﺠﻨﺎد اﻠﺤﻟﻗﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻠﺮﻏﻢ ﻤﻦ اﻧﻪ ﻠﻢ ﻳﻛﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﻨﺎك ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻤﻔﺼﻞ ﻻ ﺣﻮال اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ ﺠﻨﺪ اﻠﺤﻟﻗﺔ ٕاﻻ ﻤﺎ ﺴﺎﻘﻪ ﻠﻨﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻦ ٕاﻳﺎس ﻓﻲ اﻠﺟﺰء اﻠﺮاﺑﻊ ﻤﻦ ﺑﺪاﺋﻌﻪ وﺗﺘﺒﻌﻪ ﻻﺣﻮال اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫واﺣﺪا ﻤﻨﻬﻢ وﻤﺎ اﻠﻢ ﺑﻬﻢ ﻤﻦ ﻋﺳﻒ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ‬ ‫وذﻠﻚ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺘﺎﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ دوﻠﺔ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ وﻜﺬﻠﻚ وﺿﺢ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﻤﺷﺎرﻜـﺘﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﺤﻣﻼت اﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﺗﺨﺮج ٕاﻠﻰ ﺠﺪة او ﺣﻟﺐ ا و ﻠﻣﻼﻘﺎة ﺑﻨ ﻲ ﻋﺜﻣﺎن ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﺬﻩ اﻠﻣﺷﺎرﻜﺔ ٕاﻤﺎ ان ﺗﻛﻮن ﻓﺎﻋﻟﺔ ﻓﻴﺨﺮﺠﻮن ﺑﺎﻧﻔﺳﻬﻢ ﻓﻲ اﻻﻃﻼب‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺳﺎﻓﺮة‪ ،‬او ﻳﺪﻓﻌﻮن ا ﻤﻮاﻻ ﻠﻴﺨﺮج ﺑﺪﻻ ﻋﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻫﺬا ﻤﺎ ﺴﻮف ﻧﻮﺿﺤﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺷﻛﻞ ادق ﻓﻲ اﻠﺼﻔﺤﺎت اﻠﺘﺎﻠﻴﺔ ﻤﻦ ﻫﺬا اﻠﻔﺼﻞ‪.‬‬ ‫أوﻻد اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻴﺔ‬ ‫اﻫﺘﻢ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ٕﺑﺎدارة ﺸﺆون اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‬ ‫اﻫﺘﻣﺎﻤﺎ ﻜﺒﻴ ًﺮا‪ ،‬واﻧﺳﺤﺐ ذﻠﻚ ﻋﻟﻰ اﻠﻨﻈﻢ ا ٕﻻدارﻳﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺑﻟﻐﺖ‬ ‫درﺠﺔ ﻋﺎﻠﻴﺔ ﻤﻦ اﻠﺪﻘﺔ ا ٕﻻ ﺣﻛﺎم ﺑﺳﺒﺐ وﺠﻮد ٕادارة ﻤﺮﻜﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪،‬‬ ‫ﺗﻗﻮم ﻋﻟﻴﻬﺎ ﻋﺪة دواوﻳﻦ ﺑﻬﺎ ﻜﺒﺎر ﻤﻮﻇﻔﻲ اﻠﺪوﻠﺔ‪ٕ ،‬وادارة ﻤﺤﻟﻴﺔ ﺗﺷﺮف‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٦‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ اﻘﺎﻠﻴﻢ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻳﺘﺮاﺴﻬﺎ ﻤﺟﻣﻮﻋﺔ ﻤﻦ اﻠﻨﻮاب واﻠﻮﻻة‪ ،‬وﻜﻞ ﻫﺆﻻء‬ ‫ﻳﻌﻣﻟﻮن ﺑﺘﻮﺠﻴﻪ ﺗﺎم ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ‪.‬‬ ‫أوﻻً ٔ‪ :‬وﻇﺎﺋﻒ أرﺑﺎب اﻟﺴﻴﻮف‬ ‫ا‪ .‬ﻤﻦ ﻫﻮ ﺑﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺸﺎرك اﻻﻤﺮاء ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف ﻓﻲ ﻋﺪة وﻇﺎﺋﻒ ﻓﻲ اﻠﺪوﻠﺔ‪ ،‬ﻜﻟﻬﺎ‬ ‫ٔاﺴﻬﻣﺖ ﻓﻲ ٕادارة اﻠﻨﻈﺎم ا ٕﻻداري ﻠﻟﺳﻟﻄﻨﺔ ﺑﺷﻛﻞ اﺑﺮز اﻠﺟﻬﺎز ا ٕﻻداري‬ ‫ﻜﻨﻈﺎم ﻤﺘﻛﺎﻤﻞ‪ ،‬ﺣﻴﺚ وﺠﺪت ٕادارة ﻤﺮﻜﺰﻳﺔ ﻤﻗﺮﻫﺎ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬وﻋﻣﺎدﻫﺎ‬ ‫ﻤﺟﻣﻮﻋﺔ ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ وﻜﺒﺎر ﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﺗﻣﺜﻟﻮا ﻓﻲ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﺎﻠﻴﺔ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (١‬ﻧﺎﺋﺐ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻳﺎﺗﻲ ﺣﺳﺐ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻠﻗﻟﻗﺷﻨﺪي ﻋﻟﻰ راس‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺎﺋﻣﺔ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻩ وﻜﻴﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن وﺴﺎﻋﺪﻩ اﻻﻳﻣﻦ ﻓﻲ‬ ‫ﺗﺼﺮﻳﻒ ﺸﺌﻮن اﻠﺪوﻠﺔ‪ ،‬وﻳﺷﺘﺮك ﻤﻊ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻓﻲ ٕاﺻﺪار اﻠﻗﺮارات وﻤﻨﺢ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻ ﻠﻗﺎب وا ٕﻻﻘﻄﺎﻋﺎت واﻠﻣﻨﺎﺸﻴﺮ وﻤﻦ ﺴﻟﻄﺘﻪ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻜﺒﺎر اﻠﻣﻮﻇﻔﻴﻦ وﻤﻦ‬ ‫ﻫﻨﺎ اﺗﺨﺬ ﻠﻗﺐ"ﻜﺎﻓﻞ اﻠﻣﻣﺎﻠﻚ ا ٕﻻﺴﻼﻤﻴﺔ"واﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﻓﻲ دوﻠﺔ ﺴﻼﻃﻴﻦ‬ ‫اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻋﻟﻰ ﻧﻮﻋﻴﻦ‪ ،‬ﻧﺎﺋﺐ اﻠﺤﻀﺮة‪ ،‬وﻫﻮ اﻠﺬي ﻳﻨﻮب ﻋﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻋﻣﺎﻠﻪ ﻤﻊ وﺠﻮد اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬وﻧﺎﺋﺐ اﻠﻐﻴﺒﺔ وﻫﻮ اﻘﻞ درﺠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ اﻻول وﻳﻨﻮب ﻋﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﺛﻨﺎء ﻏﻴﺒﺘﻪ ﺧﺎرج اﻠﺪﻳﺎر اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺎﻠﻨﺳﺒﺔ ﻻوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﻓﻟﻢ ﺗﻣﺪﻧﺎ اﻠﻣﺼﺎدر‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﺑﻣﻌﻟﻮﻤﺎت ﺗﻔﻴﺪ ﺗﻮﻠﻲ اﺣﺪ ﻤﻨﻬﻢ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺼﺐ ٕاﻻ ﻤﺎ ذﻜﺮﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻗﺮﻳﺰي ﻓﻲ ﺣﻮادث ﻋﺎم ‪٧٦٢‬ﻫ‪١٣٦٠/‬م‪ .‬وﻫﻲ اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺨﺎﺻﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻣﻗﺘﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺣﺳﻦ ﺑﻦ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون‪ ،‬ﺣﻴﺚ "اﻘﻴﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﺸﺮف اﻠﺪﻳﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ اﻻزﻜﺷﻲ ﻧﺎﺋﺐ اﻠﻐﻴﺒﺔ "وﻜﺎن ﻳﺷﻐﻞ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ذﻠﻚ اﻠﻮﻘﺖ ﻤﻨﺼﺐ ٕاﺴﺘﺎدار اﻠﻌﺎﻠﻴﺔ‪ .‬وﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻟﻰ ﻧﺺ اﺧﺮ ﻳﻔﻴﺪ ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺗﻮﻠﻰ وﻇﻴﻔﺔ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ او ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻐﻴﺒﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫)‪ ( ٢‬اﻻﺗﺎﺑﻛﻴﺔ ‪ :‬ا ﻤﺎ اﻻﺗﺎﺑﻛﻴﺔ ﻓﻬﻲ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﻤﻦ ﺠﻣﻟﺔ وﻇﺎﺋﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف‪ ،‬ﻓﻟﻢ ﺗﺬﻜﺮ اﻠﻣﺼﺎدر اي ﻤﻌﻟﻮﻤﺎت ﺗﺪل ﻋﻟﻰ ﺗﻮﻠﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ‪ٕ ،‬اﻻ ﻤﺎ ﺠﺎء ﻓﻲ ﺣﻮادث‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٨٥٧‬ﻫ‪١٤٥٣/‬م‪ ،‬ﻋﻨﺪﻤﺎ اﺸﻴﻌﺖ اﻻﺧﺒﺎر ان اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕاﻳﻨﺎل اﻠﻌﻼﺋﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻰ اﺑﻨﻪ اﻠﺷﻬﺎﺑﻲ اﺣﻣﺪ ﻓﻲ اﻻﺗﺎﺑﻛﻴﺔ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﺴﻟﻄﻨﺘﻪ‪ ،‬وﻠﻌﺪم‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫رﺿﺎ ﻜﺒﺎر اﻻﻤﺮاء ﻋﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﺘﺮﻘﻴﺔ راى اﻻﺸﺮف ٕاﻳﻨﺎل اﻠﺮﺠﻮع ﻓﻲ اﻠﻴﻮم‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺎﻠﻲ ﻋﻦ ﻘﺮارﻩ ﻓﻲ ﺗﻮﻠﻲ اﻠﺷﻬﺎب اﺣﻣﺪ‪ ،‬وﺧﻟﻊ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﺗﻨﺒﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ُاﻠﺒﺮ َدﺑﻛﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺼﺐ‪ ،‬واﺻﺒﺢ اﺗﺎﺑﻚ اﻠﻌﺳﺎﻜﺮ‪ ،‬وﻓﻲ ا ﺣﺪاث ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٨٦٢‬ﻫ‪١٤٥٧/‬م وﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻻﻤﻴﺮ ﺗﻨﺒﻚ ُاﻠﺒﺮ َدﺑﻛﻲ‪ ،‬ﺧﻟﻊ ﻤﺮة اﺧﺮى ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﻬﺎﺑﻲ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ٕاﻳﻨﺎل اوﻻد واﺴﺘﻗﺮ ﻓﻲ اﺗﺎﺑﻛﻴﺔ اﻠﻌﺳﺎﻜﺮ وﻇﻞ ﺑﻬﺎ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﻘﻟﺪ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻓﻰ ‪٨٦٥‬ﻫ‪١٤٦٠/‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٣‬راس اﻠﻨﻮﺑﺔ ‪ :‬وﻫﻲ اﻫﻢ ﺛﺎﻠﺚ وﻇﻴﻔﺔ ﺑﻌﺪ اﻻﺗﺎﺑﻛﻴﺔ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدر ﻋﻣﻦ ﺗﻗﻟﺪ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻠﻢ ﻧﺟﺪ ٕا ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺎ اﺸﺎر ٕاﻠﻴﻪ اﺑﻦ ٕاﻳﺎس ﻓﻲ وﻓﻴﺎت ﻋﺎم ‪٩١٢‬ﻫ‪١٥٠٦/‬م ﺣﻴﺚ ذﻜﺮ وﻓﺎة‬ ‫ٔ‬ ‫"اﻠﺷﻬﺎﺑﻲ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ُﺗﻣﺮ ﺑﺎي راس ﻧﻮﺑﺔ اﻠﻨﻮب وﻜﺎن ﻘﺪ ﻜﺒﺮ وﺸﺎﷲ‬ ‫وﻘﺎرب اﻠﺘﺳﻌﻴﻦ ﺴﻨﺔ ﻤﻦ اﻠﻌﻣﺮ"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻠﻌﻞ ﺴﺒﺐ ﻋﺪم ﺗﻮﻠﻲ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻨﺎﺻﺐ اﻠﺜﻼﺛﺔ اﻠﻬﺎﻤﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻳﺮﺠﻊ ﻠﺷﻐﻞ ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻨﺎﺻﺐ ﻤﻦ ﻘﺒﻞ اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻛﺒﺎر ﻓﻲ اﻠﺪوﻠﺔ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻻﺠﻼب واﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻘﺼﺮ‬ ‫اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﻬﺎﻤﺔ ﻋﻟﻴﻬﻢ وﻋﻟﻰ ﺧﺷﺪاﺸﻴﺔ اﻠﺳﻟﻄﺎن ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ٕ (٤‬اﻤﺮة ﻤﺟﻟﺲ ‪ :‬وﻳﺎﺗﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ وﻇﻴﻔﺔ ٕاﻤﺮة ﻤﺟﻟﺲ ﻓﻲ اﻠﺘﺮﺗﻴﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺮاﺑﻊ ﻠﻟﻗﻟﻗﺷﻨﺪي وﺑﺮز ﻏﻴﺮ واﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﻓﻲ ﻫﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ﻤﻨﻬﻢ‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ ﺧﻟﻴﻞ ﺑﻦ ﻘﻮﺻﻮن ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف‬ ‫ٔ‬ ‫ﺸﻌﺒﺎن‪ ،‬وﻜﺎن ٔاﻻﻤﻴﺮ ﺧﻟﻴﻞ ﻘﺪ ﺗﻮﻠﻰ اﻤﺮة ﻤﺟﻟﺲ ً‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٕ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺷﻗﺘﻣﺮ اﻠﻣﺎردﻳﻨﻲ ﺑﺤﻛﻢ اﻧﺘﻗﺎﻠﻪ ٕاﻠﻰ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﺣﻟﺐ‪ .‬وﺗﻮﻻﻫﺎ اﻳﻀﺎ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻳﻟﺒﻐﺎ اﻠﻌﻣﺮي اﺣﺪ ﻤﻗﺪﻤﻲ اﻻ ﻠﻮف ﺑﺎﻠﺪﻳﺎر اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻤﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻮﻠﻰ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق وﻻﻩ ٕاﻤﺮة ﻤﺟﻟﺲ ﻠﻛﻮﻧﻪ اﺑﻦ اﺴﺘﺎذﻩ ﻳﻟﺒﻐﺎ‬ ‫اﻠﺨﺎﺻﻛﻲ وﻜﺎن ﻤﻌﻈﻣﺎ ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﻮﻠﻰ ٔا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ ٕاﻤﺮة ﻤﺟﻟﺲ اﻻﻤﻴﺮ ﺻﺎرم اﻠﺪﻳﻦ اﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ‬ ‫ﺴﻴﻒ اﻠﺪﻳﻦ ﻘﻄﻟﻮ اﻘﺘﻣﺮ ﻋﻨﺪﻤﺎ اﻧﻌﻢ ﻋﻟﻴﻪ ﺑﻬﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﻨﻄﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻳﻟﺒﻐﺎ ﺑﻌﺪﻤﺎ اﻧﻀﻢ ﻠﻟﻨﺎﺻﺮي وﻘﺒﺾ ﻋﻟﻴﻬﻣﺎ ﻤﻨﻄﺎ‬ ‫وﺴﺟﻨﻬﻣﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ٕ (٥‬اﻤﺮة اﺧﻮرﻳﺔ ‪ :‬وﻫﻲ ﻜﺬﻠﻚ ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﻬﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺴﻟﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻدارة اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻟﻢ ﻧﻌﺜﺮ ٕاﻻ ﻋﻟﻰ اﻤﻴﺮ واﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺗﻗﻟﺪ ﻫﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﺐ‪ ،‬وﻫﻮ اﻻﻤﻴﺮ ﺴﻴﻒ اﻠﺪﻳﻦ َاﺴﻨ ُﺒ َﻐﺎ ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ اﻻﺑﻮﺑﻛﺮي‪)) ،‬وﻫﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ﻋﻈﻣﺎء اﻤﺮاء اﻠﺪﻳﺎر اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ (( وﻜﺎن ﺧﺼﻴﺼﺎ ﻋﻨﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ‬ ‫ٔ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ووﻻﻩ ٕاﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺮﻘﻰ ﺑﻌﺪ ﻤﺪة ٕاﻠﻰ ان وﻠﻲ اﻻﻤﻴﺮ اﺧﻮر ﻳﺔ‬ ‫اﻠﻛﺒﺮى ﻠﻟﺳﻟﻄﺎن ﺣﺳﻦ ﺑﻦ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٦‬اﻠﺤﺟﻮﺑﻴﺔ ‪ :‬ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﻲ ﺗﻮﻻﻫﺎ اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﺑﺎﻘﺳﺎﻤﻬﺎ اﻠﻣﺨﺘﻟﻔﺔ‪ ،‬وﻘﺪ ﺸﻐﻞ ﻏﻴﺮ واﺣﺪ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ﻤﻨﺼﺐ‬ ‫ﺣﺎﺠﺐ اﻠﺤﺟﺎب‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺴﻟﻄﻨﺔ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻠﻣﻈﻔﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺎﺠﻲ‪٧٦٢‬ـ‪٧٦٤‬ﻫ‪١٣٦٠/‬ـ‪١٣٦٢‬م‪ .‬ﺗﻗﻟﺪ اﻻﻤﻴﺮ ُاﺴﻨ ُﺒﻐﺎ ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ‬ ‫اﻻﻳﻮﺑﻛﺮي ﺣﺎﺠﺐ اﻠﺤﺟﺎب ﻋﺎم ‪٧٦٣‬ﻫ‪١٣٦١/‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺬﻠﻚ اﺴﺘﻗﺮ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ اﻠﺤﺟﻮﺑﻴﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﻤﻨﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﺣﻣﺎل اﻠﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ش ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ اﻠﺤﺳﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم‪٧٧٩‬ﻫ‪ ١٣٧٧/‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺎﺠﺒﺎ ً‬ ‫ً‬ ‫ﺛﺎﻠﺜﺎ‪ ،‬وﻘﺪ وﺻﻔﻪ ا ﺑﻮ‬ ‫واﺴﺘﻗﺮ ﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻘﻟﺪ ﻋﺎم ‪٧٨٢‬ﻫ‪١٣٨٠/‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺤﺎﺴﻦ ﺑﺎﻧﻪ ﻤﻦ ﺠﻣﻟﺔ اﻻﻤﺮاء" اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎت ﺑﺎﻠﺪﻳﺎر اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ وﺣﺎﺠﺒﺎ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻬﺎ"‪ .‬و وﺻﻒ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳ ﻦ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺴﻴﻒ اﻠﺪﻳﻦ اﻠﺤﺎج ال‬ ‫ﻤﻟﻚ اﻧﻪ ﻤﻦ ﺠﻣﻟﺔ اﻠﺤﺟﺎب ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻪ ﻤﻦ ﻤﺒﺎﺸﺮة ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻏﺰة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ ٕاﻤﺮة ﻤﺎﺋﺔ وﺗﻗﺪﻤﺔ ا ﻠﻒ ﻓﺎﺴﺘﻗﺮ ﺑﺎﻠﻗﺎﻫﺮة ﻋﻟﻰ ٕاﻤﺮة ارﺑﻌﻴﻦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎ ﻤﻦ ُوﺻﻒ ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدر ﺑﻛﻮﻧﻪ ا ﺣﺪ اﻠﺤﺟﺎب‪ ،‬ان ﺗﻮﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﺟﻮﺑﻴﺔ‪ ،‬او ﻤﻦ اﻠﺤﺟﺎب اﻠﺼﻐﺎر ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﻢ‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺠﻟﺒﺎن اﻠﺤﺎﺠﺐ‪،‬واﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ارﻏﻮن اﻠﻣﺎردﻳﻨﻲ"وﻠﻲ اﻠﺤﺟﻮﺑﻴﺔ" واﻠﺰﻳﻨﻲ ﻓﺮج ﺑﻦ ﺑﺮوﺑﻚ اﻠﺳﻴﻔﻲ" اﺣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﺟﺎب" ﺑﺎﻠﺪﻳﺎر اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ رﺠﺐ "ا ﺣﺪ اﻠﺤﺟﺎب اﻠﺼﻐﺎر ﺑﻬﺎ "‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٧‬ا ٕﻻﺴﺘﺪارﻳﺔ ‪ :‬ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﻬﺎﻤﺔ اﻠﺘﻲ ﺗﻮﻻﻫﺎ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﻓﻲ ﺴﻟﻚ وﻇﺎﺋﻒ ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف ﻓﻲ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪ ،‬وﻤﻦ اﻠﺬﻳﻦ ﺗﻮﻠﻮا ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺼﺐ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﺮف اﻠﺪﻳﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻزﻜﺷﻲ‪ٕ ،‬اﺴﺘﺎدار اﻠﻌﺎﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﺣﺳﻦ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﻼوون‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٧٥‬ﻫ‪١٣٧٣/‬م اﻧﻌﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺳﻴﻦ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻘﺒﻐﺎ اص ﺑﺘﻗﺪﻤﺔ اﻠﻒ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﺴﺘﺎدارا وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩١‬ﻫ‪١٣٨٨/‬م اﺛﻨﺎء ﻓﺘﻨﺔ ﻤﻨﻄﺎ وﻳﻟﺒﻐﺎ‬ ‫واﺴﺘﻗﺮ ا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮي‪ ،‬ﺗﻮﻠﻲ اﻻﻤﻴﺮ ﺣﺎج ﺑﻦ ﻤﻐﻟﻄﺎي اﻠﺤﺎﺠﺐ اﺴﺘﺎدار اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺣﺎﺠﻲ‪ ،‬وﻜﺎن ﻏﻴﺮ واﺣﺪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس ﺗﻮﻠﻰ ا ٕﻻﺴﺘﺪارﻳﺔ ﻤﻨﻬﻢ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺴﻨﻗﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﻛﺟﺎوي وﻜﺎن اﻤﻴﺮ ﺧﻣﺳﻴﻦ ‪ .‬واﻻﻤﻴﺮ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﺎﻳﻣﺎز وﻇﻞ‬ ‫ﻳﺘﻨﺎوب ا ٕﻻﺴﺘﺪارﻳﺔ ﻤﻊ ﺴﻌﺪ اﻠﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻏﺮاب ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ‬ ‫ﺑﺮﻘﻮق ﺣﺘﻰ ﻋﺎم‪٨٠٧‬ﻫ‪١٤٠٤/‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻜﺎﻧﺖ ﺗﻔﺼﻞ ٕاﺴﺘﺪارﻳﺔ اﻻﻤﻼك واﻠﺬﺧﻴﺮة اﺣﻴﺎﻧﺎ ﻋﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﺴﺘﺪارﻳﺔ اﻠﻌﺎﻠﻴﺔ ﺑﺎن ﻳﺘﻮﻻﻫﺎ اﻤﻴﺮ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء‪ ،‬وﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس اﺑﻨﺎء‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٧‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء اﻠﺬﻳﻦ ﺗﻮﻠﻮا ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺴﻨﻗﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻨﺪﻤﺎ ﻋﺰل ﻋﻦ ا ٕﻻﺴﺘﺪارﻳﺔ واﻻﻤﻴﺮ ﻳﻟﺒﻐﺎ اﻠﻣﺟﻨﻮن‪ ،‬واﺴﺘﻗﺮ اﺴﺘﺎدار‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻼك واﻠﺬﺧﻴﺮة ‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ ﺻﻼح اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ اﺑﻦ ﺗﻨﻛﺰ اﻠﺬي ﺗﻮﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﺴﺘﺪارﻳﺔ اﻠﺬﺧﻴﺮة ﺛﻢ ﺧﻟﻊ واﺴﺘﻗﺮ ﻤﻛﺎﻧﻪ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ اﺑﻦ‬ ‫اﻠﻄﺒﻼوي ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٩‬ﻫ‪١٣٩٦/‬م ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق‪ ،‬وﺗﻮﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﺴﺘﺪارﻳﺔ اﻻﻤﻼك واﻠﺬﺧﻴﺮة اﻳﻀﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻋﻣﺮ ﺑ ﻦ ﺠﺮﻧﺟﺎ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (٨‬ﺸﺎد اﻠﺷﺮاب ﺧﺎﻧﺎة‪ :‬اﻤﺎ وﻇﻴﻔﺔ ﺸﺎد اﻠﺷﺮاب ﺧﺎﻧﺎة ﻓﻟﻢ ﻧﻌﺜﺮ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻜـﺜﻴﺮ ﻤﻦ ٔاوﻻد اﻠﻨﺎس ﺗﻮﻠﻮا ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ٕا ﻻ ﻤﺎ ذﻜﺮ ﻓﻲ ﺑﺪاﺋﻊ اﻠﺰﻫﻮ ر‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﻼل ا ﺣﺪاث ﻋﺎم ‪٩٠٧‬ﻫ‪١٥٠١/‬م ﻓﻲ اﻠﺮاﺑﻊ ﻋﺷﺮ ﻤﻦ رﺠﺐ ﺧﻟﻊ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻘﺎﻧﺼﻮﻩ اﻠﻐﻮري ﻋﻟﻰ " وﻠﺪﻩ اﻠﻣﻗﺮ اﻠﻨﺎﺻﺮي ﻤﺤﻣﺪ وﻘﺮرﻩ ﻓﻲ‬ ‫ً ٓ‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻘﺒﺎي اﻠﻄﻮﻳﻞ ﺑﺤﻛﻢ وﻓﺎﺗﻪ " وﻜﺎن وﻠﺪ‬ ‫ﺸﺎدﻳﺔ اﻠﺷﺮاب ﺧﺎﻧﺎة‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺣﺪﻳﺚ اﻠﺳﻦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺪ ﺗﻮﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻤﺎ اﻠﻌﺷﺮات ﺸﺎدﻳﺔ اﻠﺷﺮاب ﺧﺎﻧﺎة ﻠﻼﻤﺮاء اﻠﻛﺒﺎر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻮرد ﺧﺒﺮ ﻋﻦ اﻻﻤﺮاء اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻧﻮروز ﺸﺎد اﻻﻏﻨﺎم واﻠﺬي ﺗﻮﻠﻰ ﺸﺎدﻳﺔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺷﺮاب ﺧﺎﻧﺎة ﻠﻟﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺠﻗﻣﻖ ﻋﻨﺪﻤﺎ ﻜﺎن اﻤﻴﺮ اﺧﻮر اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺸﺮف ﺑﺮﺴﺒﺎي‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬ﻧﻗﺎﺑﺔ اﻠﺟﻴﻮ ‪ :‬ﺗﻌﺘﺒﺮ وﻇﻴﻔﺔ ﻧﻗﺎﺑﺔ اﻠﺟﻴﻮ ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﻲ ﺗﻮﻻﻫﺎ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ا ﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﻓﻲ دوﻠﺔ ﺴﻼﻃﻴﻦ‬ ‫اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون ﻋﺎم‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧١٩‬ﻫ‪١٣١٩/‬م‪ .‬ﺗﻮﻠﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﻘﻮ اﻠﻌﺰﻳﺰي‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻬﻣﻨﺪار ﻧﻗﺎﺑﺔ اﻠﺟﻴﻮ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻻﻤﻴﺮ ﻃﻴﺒﺮس اﻠﺨﺎزﻧﺪاري‪ ،‬واﺴﺘﻣﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻬﺎ ٕاﻠﻰ ان ﺧﻟﻌﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻋﺎم ‪٧٢٨‬ﻫ‪١٣٢٧/‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٨‬ﻫ‪١٣٩٥/‬م اﻘﺮ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻜﻟﻔﺖ اﻠﺘﺮﻜﻣﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻧﻗﺎﺑﺔ‬ ‫اﻠﺟﻴﻮ ﻓﻈﻞ ﺑﻬﺎ ٕاﻠﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ ﺑﺮﻘﻮق‪ .‬وﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﺗﻮﻠﻲ ا ﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺼﺐ ﻏﻴﺮ ﻤﺎ ذﻜﺮﻧﺎ‪.‬‬ ‫)‪ (١٠‬اﻠﻣﻬﻣﻨﺪارﻳﺔ‪ :‬وﺗﻟﻲ وﻇﻴﻔﺔ اﻠﻣﻬﻣﻨﺪارﻳﺔ ﻧﻗﺎﺑﺔ اﻠﺟﻴﻮ ﻓﻲ‬ ‫ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﻲ ﺑﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬وﺑﺎﻠﺒﺤﺚ ﺑﺎﻠﻣﺼﺎدر اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻢ ﻧﺟﺪ ا ﺣﺪا ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﺗﻮﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ٕاﻻ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﺎﻧﻲ ﺑﺎي اﻠﻴﻮﺴﻔﻲ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺧﺷﻗﺪم‪ ،‬وﻠﻢ‬ ‫ُﻳﻌﻣﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ﻃﻮﻳﻼ ﺣﻴﺚ ﻏﻀﺐ ﻋﻟﻴﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻠﺳﺒﺒﻴﻦ ‪:‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻠﻬﻣﺎ اﻧﻪ ﻘﺎم ﺑﻔﺾ ﻤﺮاﺴﻴﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن وﻋﺮف ﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ واﻠﺜﺎﻧﻲ اﻧﻪ ﻜﺎن اﺣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔاﺻﺤﺎب ﺠﺎﻧﻲ ﺑﻚ ﻧﺎﺋﺐ ْ‬ ‫ﺠﺪة"واﻧﺤﻂ اﻤﺮﻩ ﻋﻨﺪ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺧﺷﻗﺪم"‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫ﻘﻮﻳﺖ ﻋﻼﻘﺘﻪ ﺑﻌﺪ ذﻠﻚ ﺑﺎﻠﺪوادار اﻠﻛﺒﻴﺮ ﻳﺷﺒﻚ ﻤﻦ ﻤﻬﺪي‪،‬وﺻﺎر ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﻫﻢ ﺠﻟﺳﺎﺋﻪ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ (١١‬ﺸﺪ اﻠﺪواوﻳﻦ‪ :‬وﺗﺎﺗﻰ وﻇﻴﻔﺔ ﺸﺪ اﻠﺪواوﻳﻦ ﺑﻌﺪ اﻠﻣﻬﻣﻨﺪارﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ واﻫﻣﻴﺔ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ﺗﻛﻣﻦ ﻓﻲ ﻜﻮن ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫اداة ﻠﻟﺳﻟﻄﺎن ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدرات واﻠﻗﺒﺾ ﻋﻟﻰ اﻠﻣﻐﻀﻮب ﻋﻟﻴﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺴﺘﺨﻼص اﻻﻤﻮال ﻤﻨﻬﻢ وﻋﻗﺎﺑﻬﻢ‪،‬ﻓﻛـﺜﻴﺮا ﻤﺎ وردت ﻋﺒﺎرات ﻓﻲ‬ ‫ُْ‬ ‫اﻠﻣﺼﺎدر ﺗﺼﻒ ﻋﻣﻞ ﺸﺎد اﻠﺪواوﻳﻦ ﻤﺜﻞ "وﺴﻟﻢ ﻠﻣﺷﺪ اﻠﺪواوﻳﻦ ﻓﻌﺎﻘﺒﻪ‬ ‫وﺸﺪد ﻋﻟﻴﻪ اﻠﻌﺬاب"وﻜﺬﻠﻚ " وﻤﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻠﻗﻟﻗﺷﻨﺪي ﻠﻬﺎ ﺑﻗﻮﻠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫" ٔان ﻳﻛﻮن ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ً‬ ‫رﻓﻴﻗﺎ ﻠﻟﻮزﻳﺮ ﻤﺘﺤﺪﺛﺎ ﻓﻲ اﺴﺘﺨﻼص اﻻﻤﻮال" دﻻﻠﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻳﻀﺎ ﻋﻟﻰ ﻤﺪى ﻤﺎ ﺗﺷﻛﻟﻪ ﻤﻦ اﻫﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻟﻚ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ ا ٕﻻدارﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻫﻣﻴﺘﻬﺎ ﻠﻢ ﺗﻨﺳﺐ ٕاﻠﻰ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ‪ ،‬وﺠﻌﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ اﻤﻴﺮ‬ ‫ﻋﺷﺮة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٨٠٠‬ﻫ‪١٣٩٧/‬م ﺗﻮﻻﻫﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﺑﻟﺒﺎن واﺴﺘﻣﺮ ﺑﻬﺎ ٕاﻠﻰ ﻋﺎم‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪٨٠١‬ﻫ‪١٣٩٨/‬م ﻓﺨﻟﻔﻪ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﻤﻴﺮ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﺧﺎص ﺗﺮك اﻠﺒﺮﻳﺪي ﺸﺎد‬

‫اﻠﺪواوﻳﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﺰل ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٨٠٢‬ﻫ‪١٣٩٩/‬م " ﺑﺤﻛﻢ ٕاﻘﺎﻤﺘﻪ ﻓﻲ‬ ‫دﻤﺷﻖ "‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫)‪ ( ١٢‬اﻤﻴﺮ ﻃﺒﺮ ‪ :‬ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﻲ ﺸﻐﻟﻬﺎ ﺑﻌﺾ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻟﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﺳﺘﺪل ٕاﻻ ﻋﻟﻰ ارﺑﻌﺔ ﻓﻗﻂ ﻤﻣﻦ ﻘﻟﺪ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ﻤﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٧١‬ﻫ‪١٣٦٩/‬م ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ ﺗﻮﻠﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻴﺮان اﻤﻴﺮ ﻃﺒﺮ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﺮف اﻠﺪﻳﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫دﻳﺪار ﺑﻦ ﻘﺮﻤﺎن وﻜﻼﻫﻣﺎ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪.‬‬ ‫)‪ٕ (١٣‬اﻤﺮة ﺸﻛﺎر ‪ :‬ﺻﻨﻒ اﻠﻗﻟﻗﺷﻨﺪي ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻠﺘﺮﺗﻴﺐ‬ ‫اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ واﻠﻌﺷﺮﻳﻦ ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬وﻘﺪ ﺸﻐﻟﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺪد ﻘﻟﻴﻞ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻋﻟﻰ ﻓﺘﺮات ﻤﺘﺒﺎﻋﺪة ﺧﻼل اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼو ون ﺸﻐﻞ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﺮف اﻠﺪﻳﻦ اﻠﺤﺳﻴﻦ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻰ ﺑﻛﺮ ﺑﻦ ﺠﻨﺪ رﺑﻚ ٕاﻤﺮة ﺸﻛﺎر‪ ،‬وﻜﺎن ﻤﺤﻈﻮﻇﺎ ﻓﻲ اﻠﺼﻴﺪ ﻓﺘﻗﺮب ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮ واﻋﻄﺎﻩ ﺗﻗﺪﻤﺔ وﻋﻴﻨﻴﺔ ﻤﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٥‬ﻫ‪١٣٩٢/‬م اﻧﻌﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﻮﺴﻰ‬ ‫ﺑﻦ ﻘﻣﺎري اﻤﻴﺮ ﺸﻛﺎر ٕﺑﺎﻤﺮة ﻋﺷﺮة زﻳﺎدة ﻋﻟﻰ ﻋﺷﺮﺗﻪ اﻠﻣﺘﻮﻠﻲ ﺑﻬﺎ ٕاﻤﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ﺸﻛﺎر‪ .‬وﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﻘﺎﻧﺼﻮﻩ اﻠﻐﻮري‪ ،‬ﺗﻮﻠﻰ ٕاﻤﺮة ﺸﻛﺎر اﺛﻨﺎن ﻤﻦ‬ ‫ي ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﻣﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﺴﻨﺒﻐﺎ اﻠﻄﻴﺎر ‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮي ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻠﻗﻣﺎري‪.‬‬ ‫)‪ (١٤‬ﺣﺮاﺴﺔ اﻠﻄﻴﺮ ‪ :‬وﻫﻲ ﺗﻟﻲ ٕاﻤﺮة ﺸﻛﺎر ﻓﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ‪،‬‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫وﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ ٕاﻻ ﻋﻟﻰ ﺧﺒﺮ واﺣﺪ ﻳﺪل ﻋﻟﻰ ان ا ﺣﺪ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺗﻗﻟﺪ ﻫﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ وذﻠﻚ ﻓﻲ ﺣﻮادث ‪٧٤٥‬ﻫ‪١٣٤٤/‬م‪ .‬ﺣﻴﺚ ذﻜﺮ اﻠﻣﻗﺮﻳﺰي ا ن‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺑﻴﺒﻐﺎ اﻠﺷﻣﺳﻲ ﻜﺎن ﺣﺎرﺴﺎ ﻠﻟﻄﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﺼﺎﻠﺢ‬ ‫ٕاﺴﻣﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون‬ ‫)‪ (١٥‬ﺸﺪ اﻠﻌﻣﺎﺋﺮ ‪ :‬ﺑﺎﻠﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدر ﻠﻢ ﻧﺟﺪ ٕاﻻ ﺧﺒﺮﻳﻦ ﻓﻗﻂ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺷﻴﺮان ٕاﻠﻰ ﺗﻮﻠﻰ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ اﻻول ﻋﺎم ‪٧٦٧‬ﻫ‪ ١٣٦٥/‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﻼل ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ‪ ،‬ﺣﻴﺚ اﻧﻌﻢ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻘﺒﻐﺎ اص ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ ﺸﺎدﻳﺔ اﻠﻌﻣﺎﺋﺮ وﻓﻲ ا ﺣﺪاث‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٩١‬ﻫ‪١٣٨٨/‬م ورد ﺧﺒﺮ ﺑﺘﻗﻟﻴﺪ اﻻﻤﺮاء ﺧﻟﻴﻞ ﺑﻦ ﻘﺮﻃﺎي ﺸﺪ اﻠﻌﻣﺎﺋﺮ‬ ‫)‪ (١٦‬اﻠﻮﻻﻳﺔ ‪ :‬ﺻﻨﻒ اﻠﻗﻟﻗﺷﻨﺪي وﻇﻴﻔﺔ اﻠﻮﻻﻳﺔ ﻓﻲ اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺨﺎﻤﺳﺔ واﻠﻌﺷﺮﻳﻦ وﻘﺳﻢ اﻠﻮﻻة ﺑﺎﻠﺤﺎﺿﺮة ٕاﻠﻰ ﺻﻨﻔﻴﻦ اوﻠﻬﻣﺎ وﻻﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﺮﻃﺔ‪ ،‬وﻫﻢ اﻠﻣﻌﺮوﻓﻮن ﺑﻮﻻة اﻠﺤﺮوب‪ ،‬وﻫﻲ ﻋﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ اﻘﺳﺎم‬ ‫ﺑﺎﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬اﻠﻔﺳﻄﺎط)ﻤﺼﺮ(‪ ،‬واﻠﻗﺮاﻓﺔ‪ ،‬واﻠﺼﻨﻒ اﻠﺜﺎﻧﻲ وﻻﻳﺔ اﻠﻗﻟﻌﺔ‬ ‫وﺑﺪورﻫﻣﺎ ﻳﻨﻗﺳﻣﺎن ٕا ﻠﻰ ﻘﺳﻣﻴﻦ واﻠﻲ اﻠﻗﻟﻌﺔ‪ ،‬وواﻠﻲ ﺑﺎب اﻠﻗﻟﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ا‪.‬وﻻﻳﺔ اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪ :‬وواﻠﻴﻬﺎ ﻳﺤﻛﻢ ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة وﺿﻮاﺣﻴﻬﺎ وﻫﻲ اﻜﺒﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻘﺳﺎم اﻠﺜﻼﺛﺔ واﻋﻼﻫﻢ رﺗﺒﺔ وﻋﺎدﺗﻪ اﻤﻴﺮ ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻮﻠﻰ وﻻﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻏﻴﺮ واﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺼﺎﻠﺢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺻﺎﻠﺢ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوون‪ ،‬ﻘﻟﺪ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺑﻴﻟﻴﻚ‬ ‫اﻠﻣﺤﺳﻨﻲ وﻻﻳﺔ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﻋﺰﻠﻪ ﻤﻦ وﻻﻳﺔ اﻠﻗﺎﻫﺮة اﺴﺘﻗﺮ ﻋﺎم‬ ‫‪٧٥٤‬ﻫـ‪١٣٥٣/‬م ﻤﺷﻴﺮ اﻠﺪوﻠﺔ‪ ،‬وﺠﻟﺲ ﻤﻊ اﻠﻮزﻳﺮ ﻓﻲ ﻘﺎﻋﺔ اﻠﺼﺎﺣﺐ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ﻜﻟﻔﺖ اﻠﺘﺮﻜﻣﺎﻧﻲ ﻓﻗﺪ اﺴﺘﻗﺮ‬ ‫ﻓﻲ وﻻﻳﺔ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻓﺘﺮة‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻘﻟﺪ ﻫﺬا اﻠﻣﻨﺼﺐ ﻋﺎم ‪٨٠٤‬ﻫـ ‪ ١٤٠٣/‬م‬ ‫ﻳﻀﺎ ﺸﺪ اﻠﺪواوﻳﻦ ﻜﻣﺎ ذﻜﺮﻧﺎ ٓا ً‬ ‫ٔاﺿﻴﻒ اﻠﻴﻪ ٔا ً‬ ‫ﻧﻔﺎ‪.‬‬ ‫ٕ‬ ‫ب‪ .‬وﻻﻳﺔ اﻠﻔﺳﻄﺎط)ﻤﺼﺮ(‪ :‬ﻳﺤﻛﻢ واﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻤﺼﺮ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﻈﻴﺮ ﻤﺎ ﻳﺤﻛﻢ واﻠﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬وﻋﺎدﺗﻪ اﻤﻴﺮ ﻋﺷﺮة‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻗﻟﻗﺷﻨﺪي‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺿﻴﻔﺖ وﻻﻳﺔ اﻠﻗﺮاﻓﺔ ٕاﻠﻰ واﻠﻲ اﻠﻔﺳﻄﺎط وﺻﺎر اﻤﻴﺮ ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬وﻠﻛﻨﻪ ﻻ‬ ‫ﻳﺒﻟﻎ ﻤﻛﺎﻧﺔ واﻠﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٨‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻘﺪ اﺧﺒﺮﺗﻨﺎ اﻠﻣﺼﺎدر اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ان ﻏﻴﺮ واﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس ﺗﻗﻟﺪوا اﻤﺮ وﻻﻳﺔ اﻠﻔﺳﻄﺎط )ﻤﺼﺮ( ﻓﺬﻜﺮ اﻠﻣﻗﺮﻳﺰي ﻓﻲ وﻓﻴﺎت ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪٧٣٩‬ﻫـ‪١٣٣٨/‬م اﻻﻤﻴﺮ اﻤﻴﺮ ﻋﻟﻰ ﺑﻦ اﻤﻴﺮ ﺣﺎﺠﺐ" وﻜﺎن واﻠﻲ ﻤﺼﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وا ﺣﺪ اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات"‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٧٩‬ﻫـ‪١٣٧٧/‬م ﺧﻟﻊ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻘﺮ ُاﺑﻐﺎ اﻻﻧﺎﻘﻲ ا ﺣﺪ اﻠﻌﺷﺮات واﺴﺘﻗﺮ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ‬ ‫ﻤﺼﺮ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠـ‪.‬وﻻﻳﺔ اﻠﻗﻟﻌﺔ ‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ اﻠﺼﻨﻒ اﻠﺜﺎﻧﻲ ﻤﻦ اﻠﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬وواﻠﻴﻬﺎ اﻤﻴﺮ‬ ‫ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬وﻠﻪ اﻠﺘﺤﺪث ﻋﻟﻰ ﺑﺎب اﻠﻗﻟﻌﺔ اﻠﻛﺒﻴﺮ ﺣﻴﺚ ﻳﺨﺮج ﻤﻨﻪ ﻋﺎﻤﺔ‬ ‫اﻠﻌﺳﻛﺮ ﻓﻲ ﺧﺮو ﺠﻬﻢ وﻧﺰوﻠﻬﻢ وﻠﻪ اﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻏﻟﻗﻪ وﻓﺘﺤﻪ وﻏﻴﺮ ذﻠﻚ‪ .‬وﻠﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﻌﺜﺮ ﻤﻦ ﺧﻼل اﻠﻣﺼﺎدر ٕاﻻ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﺻﺎرم اﻠﺪﻳﻦ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ُﺑﻟﺮﻏﻲ‬ ‫اﻠﺬي ﺗﻮﻠﻰ اﻠﻗﻟﻌﺔ ﻓﻲ ﻓﺘﻨﺔ ﻤﻨﻄﺎ واﻠﻨﺎﺻﺮي ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﻛﺬا ﻧﺮى ﺗﺮﻘﻲ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺴﻮاء ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ)اﻻﺴﻴﺎد(او اوﻻد اﻻﻤﺮاء ﻓﻲ ﺴﻟﻚ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﻲ ﺑﺤﻀﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻠﺮﻏﻢ ﻤﻦ ان اﻠﺳﻣﺔ اﻠﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ ذﻠﻚ اﻠﻌﺼﺮ ﻫﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺪم اﺴﺘﻗﺮار اﻻﻤﻴﺮ ﻓﻲ وﻇﻴﻔﺘﻪ اﻠﺘﻲ ﻳﺮﻘﻰ ٕاﻠﻴﻪ ﺑﻞ ورﺑﻣﺎ ﺗﺼﻴﺒﻪ ﻤﻀﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﻐﺔ ﻤﺜﻞ اﻠﻗﺒﺾ ﻋﻟﻴﻪ واﻠﻣﺼﺎدرات‪ ،‬وﻏﻀﺐ اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬واﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﻟﺟﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ٕاﻠﻰ دﻓﻊ ﺑﺮاﻃﻴﻞ واﻤﻮال ﺣﺘﻰ ﻳﻟﻲ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ب‪.‬ﻤﻦ ﻫﻮ ﺧﺎرج ﻋﻦ اﻠﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻨﻗﺳﻢ اﻻﻤﺮاء اﻠﺬﻳﻦ ﻓﻲ وﻇﺎﺋﻒ ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف ﺧﺎرج‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ﺛﻼﺛﺔ اﻘﺳﺎم ﻫﻢ ﻧﻮاب اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ‪ ،‬واﻠﻛﺷﺎف واﻠﻮﻻة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﻮﺠﻬﻴﻦ اﻠﻗﺒﻟﻲ واﻠﺒﺤﺮي وﻘﺪ ﺸﺎرك اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﻓﻲ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ‪ ،‬وﺴﺎﻫﻣﻮا ﻓﻲ ٕادارة اﻠﻣﺪن ﺧﺎرج اﻠﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ‪،‬‬ ‫وﺴﻮف ﻧﺤﺎول اﻠﺘﻌﺮف ﻋﻟﻰ ﻤﺪى ٕاﺴﻬﺎﻤﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ذﻠﻚ ‪.‬‬ ‫ٔ ً‬ ‫اوﻻ‪ :‬ﻧﻮاب اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ‪ :‬ﻧﻮاب اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻓﻲ ﺧﺎرج اﻠﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﻫﻢ ﻧﻮاب اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت اﻠﻛﺒﺮى ﻓﻲ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ وﻤﺎ ﻫﻮ ﻤﻮﺠﻮد ﻤﻨﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻣﺼﺮ ﺛﻼث ﻧﻴﺎﺑﺎت‪ ،‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ وﻧﻴﺎﺑﺔ‬ ‫اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي‪ ،‬وﻤﻦ اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت اﻠﺷﺎﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻧﻴﺎﺑﺔ دﻤﺷﻖ‪ ،‬وﺣﻟﺐ ‪،‬‬ ‫وﺣﻣﺎة‪ ،‬وﺣﻣﺺ‪ ،‬وﻃﺮاﺑﻟﺲ‪ ،‬وﺻﻔﺪ‪ ،‬وﺑﻴﺖ اﻠﻣﻗﺪس‪ ،‬وﻏﺰة وﻏﻴﺮﻫﻢ‬ ‫ﻤﻦ ﻧﻴﺎﺑﺎت اﻠﻣﻣﻟﻛﺔ اﻠﺷﺎﻤﻴﺔ‪ .‬وﻘﺪ ﻘﺼﺪﻧﺎ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻧﻮاب اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ اوﻻ ﺛﻢ اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت ﻓﻲ ﺑﻼد اﻠﺷﺎم‪ .‬وذﻠﻚ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ا ن‬ ‫ﻤﺼﺮ ﻫﻲ ﻘﺎﻋﺪة ﺣﻛﻢ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪.١‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ ‪ :‬اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﺠﻟﻴﻟﺔ اﻠﻗﺪر ﺗﻀﺎﻫﻲ ﻓﻲ‬ ‫ﻘﺪرﻫﺎ ﻧﻴﺎﺑﺎت ﻃﺮاﺑﻟﺲ وﺣﻣﺎة وﺻﻔﺪ ﻤﻦ اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت اﻠﺷﺎﻤﻴﺔ ‪ ،‬وﻘﺪ ُرﺗﺐ‬ ‫ﺑﻬﺎ ﻜﺮﺴﻲ ﺴﻟﻄﻨﺔ وﻧﻣﺟﺎة ﺴﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻟﻰ اﻠﻛﺮﺴﻲ‪ ،‬وﻧﺎﺋﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻗﺪﻤﻴﻦ‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻮﻠﻰ ٕاﻤﺮة اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ ﻤﻨﺬ ان‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺮرت ﻓﻴﻬﺎ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﺎم ‪٧٦٧‬ﻫـ‪١٣٦٥/‬م ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس اﺑﻨﺎء‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪٧٧٩‬ﻫـ‪١٣٧٧/‬م ﻘﺮر اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻋﻟﻲ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻻﻤﻴﺮ اﻠﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ذﻠﻚ اﻠﻮﻘﺖ ٔاﻻﻤﻴﺮ اﻳﻨﺒﻚ اﻠﺒﺪري‬ ‫اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ‪-‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ﻘﺷﺘﻣﺮ ﻓﻲ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺻﻼح اﻠﺪﻳﻦ ﺧﻟﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺮام وﻜﺎن ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ ﻘﺪ اﻤﺮ اﻤﻴﺮ ﻤﺎﺋﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻗﺪم اﻠﻒ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻨﺼﻮر ﻋﻟﻲ وﻜﺬﻠﻚ ﻋﺎم ‪٨٤٥‬ﻫـ ‪ ١٤٤١/‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺠﻗﻣﻖ اﻠﻌﻼﺋﻲ ُﺧ ﻟﻊ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ٕاﻳﻨﺎل ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ واﺴﺘﻣﺮ ﺑﻬﺎ " ﻤﺪة‬ ‫ﻃﻮﻳﻟﺔ "‬ ‫‪.٢‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ ‪ :‬وﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﻤﻣﺎ اﺴﺘﺤﺪﺛﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ﻓﻲ اﻻﻧﻈﻣﺔ ا ٕﻻدارﻳﺔ ﺑﺎﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ذات‬ ‫ﻤﻛﺎﻧﺔ ﻫﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﻴﺎﺑﺎت اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ واﻋﻈﻢ ﺧﻄ ًﺮا ﻤﻦ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻮﺠﻪ‬

‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﺤﺮي‪،‬وﻤﻗﺮ ﻧﺎﺋﺒﻬﺎ اﺴﻴﻮط وﻳﺤﻛﻢ ﻋﻟﻰ ﺠﻣﻴﻊ ﺑﻼد اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻟﻰ ﻋﺪد واﻓﺮ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس اﺴﺘﻗﺮوا ﻓﻲ وﻻﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ ٕاﻻ ﻤﺎ ذﻜﺮ ﻓﻲ ﺣﻮادث ‪٧٨١‬ﻫـ‪١٣٧٩/‬م ﻤﻦ اﺴﺘﻗﺮار اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ٕاﻳﺎز اﻠﺘﺮﻜﻲ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﻮادث ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٩٧‬ﻫـ‪١٣٩٤/‬م ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق اﺴﺘﻗﺮ اﻻﻤﻴﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ اﻳﺪﻤﺮ ﻓﻲ‬ ‫ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ ﺑﻌﺪ ٕان ﻧﻗﻞ ٕاﻠﻴﻬﺎ ﻤﻦ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي ‪.‬‬ ‫‪ .٣‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي ‪ :‬ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ٔا ً‬ ‫ﻳﻀﺎ ﻤﻣﺎ اﺴﺘﺤﺪث ﻓﻲ ﻋﻬﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق‪ ،‬وﺗﻟﻲ ﻓﻲ اﻫﻣﻴﺘﻬﺎ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ‪ ،‬وﻤﻗﺮ‬ ‫ﻧﺎﺋﺐ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي ﻓﻲ ﻤﺪﻳﻨﺔ دﻤﻨﻬﻮر ﺑﺎﻠﺒﺤﻴﺮة ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺎﻠﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدر اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ ٕاﻻ ﻋﻟﻰ اﻤﻴﺮ واﺣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻗﻂ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺗﻮﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ وﻫﻮ اﻻ ﻤﻴﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ اﻳﺪﻤﺮ‪ ،‬وذﻠﻚ‬ ‫ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٥‬ﻫـ ‪١٣٩٢/‬م ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬ا ﻠﻛﺷﺎف ‪.‬‬ ‫وﻫﻢ ﻤﻦ اﻠﻄﺒﻗﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﻤﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﺎرج ﻋﻦ ﺣﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎن‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺒﻞ ﻋﻬﺪ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ﻜﺎن اﻠﻛﺷﺎﻓﻮن ﻫﻢ اﻠﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻠﻮن اﻤﺮ اﻠﻮﺠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺒﻟﻲ واﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي ٕاﻠﻰ ان اﺴﺘﻗﺮت ﺑﻬﻣﺎ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ُ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ اﻻول ذﻜﺮ ﻓﻲ ﺴﻴﺎق ا ﺣﺪاث اﻠﻌﺼﺮ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﻮﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻜﺷﺎف ﻠﻟﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ وﻤﻨﻬﻢ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﺮف اﻠﺪﻳﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻزﻜﺷﻲ اﻠﺬي ﺗﻮﻠﻰ وﻻﻳﺔ ﻘﻮص واﺿﻴﻒ ٕاﻠﻴﻪ ﻜﺷﻒ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٧٥‬ﻫـ‪١٣٧٣/‬م ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻘﺪ ﻤﺜﻞ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﺑﻨﺎء اﻻﻤﺮاء ﻓﻲ وﻇﻴﻔﺔ اﻠﻛﺷﺎف ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﺛﻨﺎء ﺴﻟﻄﻨﺔ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٧٣‬ﻫـ‪ ١٣٧١/‬م اﺴﺘﻗﺮ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻴﺮان اﻠﺤﺳﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﻜﺷﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي وﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ﻜﺎن اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺮ ُاﺑﻐﺎ ﻳﺘﻮﻠﻰ ﻜﺷﻒ اﻠﺒﻬﻨﺳﺎوﻳﺔ واﻻﻃﻔﻴﺤﻴﺔ‪ ،‬ﻋﺎم ‪٨٠٢‬ﻫـ ‪١٣٩٩/‬م ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻟﻄﻨﺔ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ ﺑﺮﻘﻮق" ﺗﻮﻠﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻃﺮﻧﻄﺎي‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺷﻒ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي‪ً ،‬‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﺻﻬﺮ اﻻﻤﻴﺮ ﻘﺮﻃﺎي ﺑﺤﻛﻢ‬ ‫اﻧﻔﺼﺎﻠﻪ "‬ ‫ً‬ ‫ﺛﺎﻠﺜﺎ‪ :‬اﻠﻮﻻة ﺑﺎﻠﻮﺠﻬﻴﻦ اﻠﻗﺒﻟﻲ واﻠﺒﺤﺮي‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﻮﻻﻳﺎت اﻠﻣﺼﺮﻳﺔ ﻋﻟﻰ ﻤﺮﺗﺒﺘﻴﻦ‪ ،‬اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻻوﻠﻰ ﻫﻢ اﻠﻮﻻة اﻤﺮاء‬ ‫اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة وﻫﻢ ﻋﻟﻰ ﺴﺒﻊ وﻻﻳﺎت ﺑﺎﻠﻮﺠﻬﻴﻦ اﻠﻗﺒﻟﻲ واﻠﺒﺤﺮي‪ ،‬واﻠﻣﺮﺗﺒﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ وﻫﻢ اﻠﻮﻻة اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات وﻫﻢ ا ﻳﻀﺎ ﺴﺒﻌﺔ وﻻة ﺑﺎﻠﻮﺠﻬﻴﻦ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻧﻪ ﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻟﻰ ﻤﻌﻟﻮﻤﺎت ﺗﻔﻴﺪ ﺗﻣﺜﻴﻞ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﺎﻠﻣﺮﺗﺒﺘﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻜﻞ اﻠﻮﻻﻳﺎت اﻻرﺑﻌﺔ ﻋﺷﺮ‪ .‬ﻓﺎﻜـﺘﻔﻴﻨﺎ ﺑﺘﺮﺗﻴﺐ اﻠﻮﻻﻳﺎت اﻠﺘﻲ اﻘﻴﻢ ﺑﻬﺎ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻤﺮاء اوﻻد ﻧﺎس ﺣﺳﺐ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ واﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي ﻤﻊ ﻤﺮاﻋﺎة ٕاﻤﺮاﺗﻬﻢ ‪.‬‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻠﺒﻬﻨﺳﻰ ‪ :‬وﻫﻲ اﻘﺮب اﻠﻮﻻﻳﺎت ٕاﻠﻰ اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻮﻻﻫﺎ وﻻة‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ﻘﺒﻞ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٧٦‬ﻫـ‪ ١٣٧٤/‬م ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن "اﺴﺘﻗﺮ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺑﻬﺎدر‬ ‫ﻓﻲ وﻻﻳﺔ اﻠﺒﻬﻨﺳﻲ"‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻠﻔﻴﻮم ‪ :‬ﻠﻢ ﻳﺬﻜﺮ اﻠﻗﻟﻗﺷﻨﺪي ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻻﻳﺔ ﺿﻣﻦ وﻻﻳﺎت ﻤﺮﺗﺒﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻧﻪ ذﻜﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻃﺒﻗﺔ اﻠﻛﺷﺎف‪ ،‬وﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻟﻰ اﻳﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻌﻟﻮﻤﺎت ﺗﻔﻴﺪ ﺑﻮﺠﻮد ﻜﺷﺎف ﻋﻟﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻻﻳﺔ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﻞ ﻓﻲ‬ ‫ُ‬ ‫اﻜـﺜﺮ ﻤﻦ ﻤﺼﺪر ذﻜﺮت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ وﻻﻳﺔ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻮﺠﻪ اﻠﻗﺒﻟﻲ‪ ،‬وﺗﻮﻻﻫﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ ﺠﻣﻟﺔ اﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺬﻳﻦ ﺗﻗﻟﺪوا ٕاﻤﺮﺗﻬﺎ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺒﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ‪ ،‬ﻤﻨﻬﻢ ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻃﻐﺎي ﺗﻮﻻﻫﺎ وﻋﺰل ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٦٤‬ﻫـ ‪١٣٦٢/‬م ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪٩٩‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫وﺧﺒﺮ ا ﺧﺮ ﻳﻔﻴﺪ ﺗﻮﻠﻲ اﺣﺪ اوﻻد اﻠﻨﺎس وﻻﻳﺔ اﻠﻔﻴﻮم وﻫﻮ ﻤﺎ ﺠﺎء ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻮادث ﻋﺎم ‪٨٠٢‬ﻫـ‪١٣٩٩/‬م ﻤﻦ ﻘﺒﺾ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ اﻤﻴﺮ ﺣﺎج‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺑﻦ اﻳﺪﻤﺮ‪ ،‬وذﻠﻚ ﻻﻧﻪ ﻜﺎن ﻳﻟﻲ اﻠﻔﻴﻮم ﻓﻲ وﻻﻳﺔ ﻤﻨﻄﺎ ‪.‬‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻠﺟﻴﺰة‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻜﺎن واﻠﻴﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﻴﺮ ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﺛﻢ اﺴﺘﻗﺮ اﻤﻴﺮ ﻋﺷﺮة‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻮﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻻﻳﺔ ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ارﻏﻮن اﻠﻣﺎرداﻧﻲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻳﺔ ﻤﻨﻮف )اﻠﻣﻨﻮﻓﻴﺔ(‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻻوﻠﻰ‪ ،‬ﻓﻗﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻮﻻﻫﺎ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺧﺎص‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺮك ﺑﻦ ﻃﻐﺎي وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٨٠‬ﻫـ‪١٣٧٨/‬م "ﺧﻟﻊ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﻃﺎﺠﺎر‪ ،‬واﺴﺘﻗﺮ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ اﻠﻣﻨﻮﻓﻴﺔ"‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻠﻐﺮﺑﻴﺔ ‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻻوﻠﻰ‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻮﻻﻫﺎ ﻋﺪد ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎس ﺑﻪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﺧﻼل ﻋﺎم ‪٧٦٥‬ﻫـ ‪١٣٦٣/‬م ﻘﻟﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ اﻠﻛﺮﻜﻨﺪ وﻻﻳﺔ اﻠﻐﺮﺑﻴﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪٨٠٢‬ﻫـ‪١٣٩٩/‬م ﺗﻮﻠﻰ وﻻﻳﺔ اﻠﻐﺮﺑﻴﺔ اﻜـﺜﺮ ﻤﻦ اﻤﻴﺮ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻗﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﻮﻻﻫﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﺠﻣﺎل اﻠﺪﻳﻦ ﻳﻮﺴﻒ ﺑﻦ ﻘﻄﻟﻮﺑﻚ‪ ،‬وﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ ﺗﻮﻠﻰ اﻤﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻐﺮﺑﻴﺔ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ُﻏ ُﺮﻠﻮ‪ٕ ،‬اﻠﻰ ان ُﻋﺰل ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺘﻮﻠﻴﺔ اﻻﻤﻴﺮ ﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻ ﻤﻴﺮ ﻓﺮج ﺑﻦ اﻳﺪﻤﺮ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻠﺒﺤﻴﺮة‪ :‬وﻫﻲ اﻳﻀﺎ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻻوﻠﻰ‪ ،‬وﻠﻢ ﻧﺟﺪ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺴﻮى ﺧﺒﺮ واﺣﺪ ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﺑﺎ ٕﻻﻧﻌﺎم ﺑﻬﺬﻩ اﻠﻮﻻﻳﺔ ﻋﻟﻰ ا ﺣﺪ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﺪاث ﻋﺎم ‪٨٣٦‬ﻫـ ‪١٤٣٢/‬م ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺑﺮﺴﺒﺎي ﻋﻨﺪﻤﺎ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ٔ‬ ‫ُﺧ ﻟﻊ ﻋﻟﻰ ﺣﺳﻦ ﺑﻚ ﺑﻦ ﺴﺎﻠﻢ اﻠﺪوﻜﺮي اﺑﻦ اﺧﺖ ﻘﺮاﻳﻟﻚ ﺑﺎﺴﺘﻗﺮارﻩ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻳﺔ اﻠﺒﺤﻴﺮة ً‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻤﻴﺮ ﻋﻟﻰ‪ ،‬ووﺠﻬﻪ ٕا ﻠﻰ ﻤﺪﻳﻨﺔ دﻤﻨﻬﻮر ‪ ،‬واﻘﺎم ﺑﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻨﻴﻦ ﻋﺪﻳﺪة‪ ،‬وﻳﺬﻜﺮ اﺑﻮ اﻠﻣﺤﺎﺴﻦ ان اﻤﻴﺮﻫﺎ ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪﻩ اﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ﺣﺳﻦ ﺑﻚ ‪.‬‬ ‫وﻻﻳﺔ ﻘﻟﻴﻮب ‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻠﻢ ﻧﺳﺘﺪل ٕاﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ ﺧﺒﺮ واﺣﺪ ﻳﻔﻴﺪ ﺗﻮﻠﻲ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻻﻳﺔ وذﻠﻚ ﻓﻴﻣﺎ ذﻜﺮﻩ‬ ‫ْ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻃﻟﻲ وﻻﻳﺔ ﻘﻟﻴﻮب ً‬ ‫اﻠﻣﻗﺮﻳﺰي ﺑﺘﻗﻟﻴﺪ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ‬ ‫ِ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﺮاﺑﻐﺎ اﻻﻧﺎﻘﻲ‪ .‬وﻜﻼﻫﻣﺎ ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫اﻠﻨﺎس ‪.‬‬ ‫وﻻﻳﺔ دﻤﻴﺎط ‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﺗﻌﺪ ﻤﻦ اﻠﻮﻻﻳﺎت‬ ‫ً ٔ‬ ‫ﺑﺤﺮﻳﺎ ﻠﻪ اﻫﻣﻴﺘﻪ‬ ‫اﻠﻬﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺴﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر دﻤﻴﺎط ﺛﻐ ًﺮا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺘﺟﺎرﻳﺔ واﻠﺤﺮﺑﻴﺔ ﻋﻟﻰ ﺣﺪ ﺴﻮاء‪ ،‬وﻘﺪ ا ﻤﺪﺗﻨﺎ اﻠﻣﺼﺎدر ﺑﻌﺪد ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺗﻗﻟﺪوا ٕاﻤﺮة دﻤﻴﺎط‪ ،‬ﻤﻨﻬﻢ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﺑﻴﻟﻴﻚ اﻠﻣﺤﺳﻨﻲ ﺗﻮﻻﻫﺎ ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﺣﺳﻦ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻻﻳﺔ ﻘﻄﻴﺎ ‪ :‬وﻫﻲ اﻳﻀﺎ ﻤﻦ وﻻﻳﺎت اﻠﻣﺮﺗﺒﺔ اﻠﺜﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻗﻟﺪ ٕاﻤﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻻﻳﺔ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ ﺑﻛـﺘﻣﺮ ﺑﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ اﻠﺤﺳﻨﻲ اﻠﺬي‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﻟﻊ ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٦٤‬ﻫـ ‪١٣٦٢/‬م وﻘﻟﺪ وﻻﻳﺔ اﻠﻗﺎﻫﺮة ً‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ اﻠﻛﻮراﻧﻲ‪ ،‬وﺗﻮﻻﻫﺎ اﻳﻀﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ‬ ‫اﻠﻄﺷﻼﻘﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٨٤‬ﻫـ ‪١٣٨٢/‬م‪ ،‬وﻜﺎن ﺑﺟﺎﻧﺐ وﻻﻳﺔ ﻘﻄﻴﺎ واﻠﻴﺎ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫دﻤﻴﺎط ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻠﻮﻘﺖ‪ ،‬وﻘﻟﺪ وﻻﻳﺘﻬﺎ اﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺮﻘﻮق اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﺸﻗﺘﻣﺮ‪.‬‬ ‫ر ً‬ ‫اﺑﻌﺎ‪ :‬اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت اﻠﺷﺎﻤﻴﺔ ‪.‬‬ ‫دوﻠﺔ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ وﻜﺎن ﻋﻟﻰ ﻜﻞ‬ ‫ﺗﻌﺪدت اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت اﻠﺷﺎﻤﻴﺔ ﻓﻲ ٔ ٔ‬ ‫ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﻧﺎﺋﺐ ﺴﻟﻄﻨﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف‪ ،‬وﻫﺆﻻء ﻤﻦ اﻠﻗﺳﻢ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻓﻲ ٔ ﻧﻴﺎﺑﺎﺗﻬﻢ وﻻ‬ ‫اﻠﺨﺎرج ٔﻋﻦ اﻠﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ وﻳﻨﻮﺑﻮن ﻋﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻗﻄﻌﻮن ا ﻤﺮا دوﻧﻪ ٕا ﻻ ٕاذا ﺴﻣﺢ ﻠﻬﻢ ﺑﺬﻠﻚ وﻘﺪ ﺴﺎﻫﻢ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ﻓﻲ ٕادارة ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت اﻠﺷﺎﻤﻴﺔ وﻧﺘﻌﺮف ﻓﻲ اﻠﺳﻄﻮر اﻠﺘﺎﻠﻴﺔ ﻋﻟﻰ ﻤﺪى‬ ‫ٕاﺴﻬﺎﻤﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ ‪.‬‬

‫ٔ‬ ‫‪ .١‬ﻧﻴﺎﺑﺔ ﺣﻟﺐ ‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ اﻫﻢ ﻧﻴﺎﺑﺎت ﺑﻼد اﻠﺷﺎم‪ ،‬وﻘﺪ ﻘﻟﺪ ﺑﻌﺾ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ٕاﻤﺮة ﺣﻟﺐ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﻟﺪ اﻻﻤﻴﺮ ﺴﻴﻒ اﻠﺪﻳﻦ اﺴﻨﺒﻐﺎ ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ اﻻﺑﻮﺑﻛﺮي ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪٧٧٠‬ﻫـ‪١٣٦٨/‬م‪ً ،‬‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻃﻴﺒﻐﺎ اﻠﻄﻮﻳﻞ وﺑﺎﺸﺮ اﻻﻤﻴﺮ ا ﺴﻨﺒﻐﺎ‬ ‫وﻻﻳﺘﻬﺎ ﺴﺘﺔ اﺸﻬﺮ ﺛﻢ ﻧﻗﻞ ٕاﻠﻰ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫‪ .٢‬ﻧﻴﺎﺑﺔ ﺣﻣﺎﻩ ‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ ﻧﻴﺎﺑﺎت ﺑﻼد اﻠﺷﺎم‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻗﻟﺪ ا ﺣﺪ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ﻧﻴﺎﺑﺘﻬﺎ ﻓﻔﻲ ا ﺣﺪاث ﻋﺎم ‪٧٩١‬ﻫـ ‪١٣٨٨/‬م ﺧﻟﻊ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﻮر اﻤﻴﺮ ﺣﺎﺠﻲ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ ا ﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ اﻠﻣﻬﻣﻨﺪار‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫"واﺴﺘﻗﺮ ﺑﻪ ﻧﺎﺋﺐ ﺣﻣﺎﻩ" ﻫﺬا وﻠﻢ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻟﻰ اي اﺧﺒﺎر اﺧﺮى ﺗﻔﻴﺪ ﺗﻗﻟﺪ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﺣﺪ اوﻻد اﻠﻨﺎس ٕاﻤﺮة ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ .٣‬ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻏﺰة ‪ :‬ﻫﻲ ﻤﻦ ﻧﻴﺎﺑﺎت ﺑﻼد اﻠﺷﺎم‪ ،‬وﻘﺪ ﺗﻮﻻﻫﺎ ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس ﻋﺎم ‪٧٧٥‬ﻫـ‪١٣٧٣/‬م اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺴﻴﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ ال ﻤﻟﻚ اﻠﺟﻮﻜﻨﺪار ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ .٤‬ﻧﻴﺎﺑﺔ ﺻﻔﺪ ‪ :‬ﻘﻟﺪ ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻔﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻮادث ﻋﺎم ‪٧٦٥‬ﻫـ‪١٢٦٦/‬م اﺴﺘﻗﺮ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ ارﻏﻮن اﻠﻨﺎﺋﺐ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺻﻔﺪ‪ ،‬ودام ﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ‪٧٦٦‬ﻫـ‪١٢٦٧/‬م‪ .‬وﺗﻮﻠﻰ ﻧﻴﺎﺑﺘﻬﺎ ا ﻳﻀﺎ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻈﻔﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ اﻠﺤﺎج ارﻘﻄﺎي اﻠﻨﺎﺻﺮي‪ ،‬وﻜﺎن ﻤﻦ اﻻﻤﺎﺛﻞ وﻠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺠﺎﻫﺔ ﻓﻲ اﻠﺪوﻠﺔ وﺗﻮﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٧٤‬ﻫـ ‪ ،١٣٧٢/‬وﻘﻟﺪ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺒﺮك اﻠﻨﺎﺻﺮي ﻧﻴﺎﺑﺔ ﺻﻔﺪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻻﻤﻴﺮ ﻳﺷﺒﻚ اﻠﺤﻣﺰاوي ﻋﺎم‬ ‫‪٨٥٥‬ﻫـ‪١٤٥١/‬م ﻓﻲ دوﻠﺔ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺠﻗﻣﻖ اﻠﻌﻼﺋﻲ ‪.‬‬ ‫‪ .٥‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻛﺮك ‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ ﻧﻴﺎﺑﺎت اﻠﺷﺎم اﻠﻬﺎﻤﺔ‪ ،‬وﻜـﺜﻴ ًﺮا ﻤﺎ ﺧﺮج‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠﻴﻬﺎ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ واوﻻدﻫﻢ‪ ،‬وﺠﻟﺲ ﻓﻲ ﻧﻴﺎﺑﺘﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻻﻤﺮاء ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪٧٦٩‬ﻫـ‪١٣٦٧/‬م اﺴﺘﻗﺮ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻣﺮ‬ ‫ﺑﻦ ٔارﻏﻮن اﻠﻨﺎﺋﺐ ﻓﻲ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻛﺮك ً‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﺑﻦ اﻠﻗﺷﺘﻣﺮي‪ ،‬وﻜﻼﻫﻣﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس‪ ،‬وﺗﻮﻻﻫﺎ ﻤﻦ ﻘﺒﻞ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق اﻻﻤﻴﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻤﺒﺎرك‬ ‫ٔ‬ ‫ﺸﺎﻩ اﻠﻣﻬﻣﻨﺪار‪،‬وﻓﻲ ﻋﺎم ‪٨٤١‬ﻫـ ‪١٤٣٧/‬م ﺗﻮﻠﻰ اﻻﻤﻴﺮ ﻏﺮس اﻠﺪﻳﻦ ﺧﻟﻴﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻛﺮك‪ " ،‬وﺴﺎر ﺑﻄﻟﺒﻪ واﺛﻗﺎﻠﻪ ﻤﻦ ﺴﺎﻋﺘﻪ "‬ ‫‪ .٦‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻗﺪس اﻠﺷﺮﻳﻒ ‪ :‬وﻫﻲ ٕاﻤﺎرة ﺠﻟﻴﻟﺔ اﻠﻗﺪر ﻋﻨﺪ ﺴﻼﻃﻴﻦ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ .‬وﻠﻢ ﻧﺟﺪ ﻏﻴﺮ واﺣﺪ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺗﻮﻠﻮا ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﻮ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ال ﻤﻟﻚ‪ ،‬واﻠﺬي ﻧﻗﻞ ٕاﻠﻴﻬﺎ ﻤﻦ ﻧﻴﺎﺑﺔ‬ ‫ﻏﺰة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ .٧‬ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻧﺎﺑﻟﺲ ‪ :‬ﺗﻮﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ اﻻ ﻤﻴﺮ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ﺑﻟﺒﺎن اﻠﺒﺪري ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ .٨‬ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻠﻣﺮﻘﺐ ‪ :‬ﺗﻮﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ دﻘﻣﺎق‪ ،‬اﻧﻌﻢ ﻋﻟﻴﻪ ﺑﻨﻴﺎﺑﺘﻬﺎ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺑﺮﺴﺒﺎي اﻠﺪﻘﻣﺎﻘﻲ‪،‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺑﻌﺪ ان اﻧﻌﻢ ﻋﻟﻴﻪ ٕﺑﺎﻤﺮة ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة ﻓﻲ ﻃﺮاﺑﻟﺲ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫‪ .٩‬ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻃﺮاﺑﻟﺲ ‪:‬وﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﺗﻮﻻﻫﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﺑﺮﺴﺒﺎي ﺑﻦ ﺣﻣﺰة‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮي ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺑﺮﺴﺒﺎي ﺑﻌﺪ ﻘﺎﻧﺒﺎي اﻠﺤﻣﺰاوي اﻠﺬي ﻧﻗﻞ ٕاﻠﻰ‬ ‫ﺣﻟﺐ ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻫﻛﺬا راﻳﻨﺎ ﻜﻴﻒ ُﻤﺜﻞ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ ﻧﻴﺎﺑﺎت اﻠﺷﺎم‪،‬‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺎﻠﺮﻏﻢ ﻤﻦ ﺗﻣﺜﻴﻟﻬﻢ اﻠﻀﻌﻴﻒ ﺑﺎﻠﻣﻗﺎرﻧﺔ ﻤﻊ اﻻﻤﺮاء اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻻﺧﺮﻳﻦ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻻ اﻧﻪ ﻘﺪ وﺠﺪ ﺑﻌﺾ ﻤﻨﻬﻢ ﻋﻟﻰ راس ﻫﺬﻩ اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت‪ ،‬وان ﻜﺎﻧﺖ ﻓﺘﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﻛﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﺣﺳﻦ واﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ ﻘﺪ ﺣﻈﻴﺖ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻨﺳﺒﺔ ﻻ ﺑﺎس ﺑﻬﺎ ﻤﻦ ﻤﺷﺎرﻜﺔ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ ٕادارة اﻠﻨﻴﺎﺑﺎت‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺷﺎﻤﻴﺔ‪ ،‬وﻫﺬا ﻳﺮﺠﻊ ٕاﻠﻰ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻫﺬﻳﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﻦ ﺑﺎوﻻد اﻠﻨﺎس ورﻋﺎﻳﺘﻬﻢ‬ ‫وﺗﻮﻠﻴﺘﻬﻢ اﻠﻣﻨﺎﺻﺐ وا ٕﻻﻤﺮات‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٠٠‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫ﺛﺎﻧﻴًﺎ‪ :‬اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ‬ ‫اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ " ﻜـﺜﻴﺮة ﻠﻟﻐﺎﻳﺔ ﻻ ﻳﺳﻊ اﺴﺘﻴﻔﺎخﻫﺎ" وﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﻲ ﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ اﻻﻤﺮاء ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا‪ .‬اﻠﻮزارة‪ :‬وﻫﻲ ﻤﻦ اﺠﻞ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ وارﻓﻌﻬﺎ رﺗﺒﺔ ﻤﻨﺬ اﺴﺘﻗﺮ ﺸﺎﻧﻬﺎ‬ ‫وﺗﻣﻬﺪت ﻘﻮاﻋﺪﻫﺎ وﺗﻗﺮرت ﻘﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻛﻲ‪ .‬ﻫﺬا وﻘﺪ ﻤﺎرس‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس وﻇﻴﻔﺔ اﻠﻮزارة ‪..‬وذﻜﺮت اﻠﻣﺼﺎدر اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻋﺪد ﻤﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻗﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ز ٔ‬ ‫و ر اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﺣﺳﺎم اﻠﺪﻳﻦ ﻻﺠﻴﻦ اﻠﺼﻗﺮي‬ ‫اﻠﻣﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻠﺤﺳﺎم ﻠﻟﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق‪ ،‬وﻘﺪ "ﺑﺎﺸﺮﻫﺎ ﺑﺤﺮﻤﺔ وﻤﻬﺎﺑﺔ "‬ ‫وﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٩٤‬ﻫـ‪١٣٩١ /‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ز‬ ‫واﺴﺘﻗﺮ اﻳﻀﺎ ﻓﻲ و ارة اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٩٤‬ﻫـ‪١٣٩١/‬م اﻻﻤﻴﺮ رﻜﻦ ا ﻠﺪﻳﻦ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﻘﺎﻳﻣﺎز وذﻠﻚ ً‬ ‫ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻠﺤﺳﺎم اﻠﺼﻗﺮي وﻜﺎﻧﺖ اﻠﻮزارة‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ﺠﻣﻟـﺔ وﻇﺎﺋﻒ ﺑﺎﺸﺮﻫﺎ اﻻﻤﻴﺮ رﻜﻦ اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ ﻘﺎﻳﻣﺎز‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻠﻢ ﺗﻣﺪﻧﺎ اﻠﻣﺼﺎدر ﺑﺎي ﻤﻌﻟﻮﻤﺎت اﺧﺮى ﺗﻔﻴﺪ ﺗﻮﻠﻲ اﺣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس اﻠﻮزارة ﻏﻴﺮ ﻤﺎ ﺴﺒﻖ‪ ،‬وﻤﻬﻣﺎ ﻳﻛﻦ ﻤﻦ اﻤﺮ ﻓﻗﺪ ﺑﺎﺸﺮ ﻫﺬﻩ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻮﻇﻴﻔﺔ اﻠﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ اﻠﻬﺎﻤﺔ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪.‬‬ ‫ب‪ .‬ﻧﻈﺮ ﺑﻴﺖ اﻠﻣﺎل ‪ :‬وﻫﻮ ﻤﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﻠﻬﺎ ﻤﻛﺎﻧﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﺴﻟﻚ ا ٕﻻدارة اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ‪،‬وﺻﻨﻔﻬﺎ اﻠﻗﻟﻗﺷﻨﺪي ﻓﻲ اﻠﺘﺮﺗﻴﺐ اﻠﺜﺎﻧﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻟﻰ اﻧﻪ ﻳﻣﻛﻦ ا ٕﻻﺸﺎرة ٕاﻠﻰ ان ﻜﻞ ﻤﻦ ﺗﻮﻠﻰ اﻠﻮزارة ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻜﺎﻧﻮا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف وﻠﻴﺲ ﻤﻦ ارﺑﺎب اﻻﻘﻼم‪ ،‬وﻫﻨﺎك ﻤﺜﺎل ﻘﺎﺋﻢ ﻳﻣﻛﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ان ﻳﺳﺎق ﻠﻟﺪﻻﻠﺔ ﻋﻟﻰ ﺗﻨﻗﻞ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﻴﻦ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﻣﺨﺘﻟﻔﺔ ﺴﻮاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺎﻧﺖ وﻇﺎﺋﻒ ارﺑﺎب ﺴﻴﻮف او وﻇﺎﺋﻒ دﻳﻮاﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺮﺠﻣﺔ اﻻﻤﻴﺮ ﻏﺮس اﻠﺪﻳﻦ ﺧﻟﻴﻞ ﺑﻦ ﺸﺎﻫﻴﻦ اﻠﺼﻔﻮي‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻈﺎﻫﺮي ﻧﺮى ذﻠﻚ اﻠﻣﺜﺎل ﺑﻮﺿﻮح‪ ،‬ﻓﻗﺪ ﻜﺎن ﻤﻦ ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻣﺎﻠﻴﻚ اﻻﺸﺮف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺮﺴﺒﺎي‪ ،‬وﻻة اﻻﺸﺮف ﻧﻈﺮ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺣﺟﻮﺑﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻈﺮ ﺑﻴﻊ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺒﻬﺎر‪ ،‬ﺛﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٨٣٧‬ﻫـ ‪١٤٣٣/‬م ﺗﻮﻠﻰ ﻧﻴﺎﺑﺔ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬وﻜﺎن اﻧﺬاك‬ ‫اﻤﻴﺮ ﻃﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬ﺛﻢ اﺴﺘﺪﻋﻲ ٕاﻠﻰ اﻠﻗﺎﻫﺮة وﻘﺮر ﻓﻲ ﻧﻈﺮ دار اﻠﻀﺮب‪،‬‬ ‫وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻧﻗﻞ ٕاﻠﻰ اﻠﻮزارة‪ُ ،‬‬ ‫واﺴﺘﻌﻔﻲ ﻤﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻤﺪة ﻳﺳﻴﺮة‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻓﻬﺬﻩ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺠﻣﻟﺔ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺘﻲ ﺴﺎﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس داﺧﻞ ا ٕﻻدارة‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻤﻦ وﻇﺎﺋﻒ ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف واﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻘﺪ راﻳﻨﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺪى ﺗﻮاﺠﺪﻫﻢ ﺗﻗﺮﻳﺒﺎ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ ا ٕﻻدارﻳﺔ وﺧﺎﺻﺔ وﻇﺎﺋﻒ ارﺑﺎب‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻴﻮف ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ او ﺧﺎرج اﻠﺤﻀﺮة اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺎﻠﺮﻏﻢ ﻤﻦ ﺿﻌﻒ ﻤﺷﺎرﻜﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺮﺑﻣﺎ ﻜﺎن ذﻠﻚ ﺑﺳﺒﺐ ان ﻫﺬﻩ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ ﻳﺘﻮﻻﻫﺎ ارﺑﺎب اﻻﻘﻼم ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ‪ ،‬وﻘﺪ ﻻﺣﻈﻨﺎ ان اﻏﻟﺐ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف‪ ،‬وﺗﺟﺪر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ٕﻻﺸﺎرة اﻳﻀﺎ ٕاﻠﻰ ان اﻠﻔﺘﺮة اﻠﺨﺼﺒﺔ اﻠﺘﻲ ﺣﻈﻲ ﻓﻴﻬﺎ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﺎﻫﺘﻣﺎم‬ ‫اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ وﺗﺮﻘﻴﺘﻬﻢ ﻫﻲ ﻤﻦ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼوو ن‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺮو ًرا ﺑﺎﻠﻨﺎﺻﺮ ﺣﺳﻦ واﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن واﻠﻣﻨﺼﻮر ﻋﻟﻲ وﺻﻮﻻ ٕاﻠﻰ ﻋﻬﺪ‬ ‫اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺑﺮﻘﻮق ﻓﻲ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ اﻠﺜﺎﻧﻲ )اﻠﺟﺮﻜﺳﻲ(‪ ،‬ﻓﻗﺪ ﺗﻌﻬﺪ ﻫﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ورﻘﺎﻫﻢ ﻓﻲ ٕاﻤﺮات ووﻇﺎﺋﻒ ﻤﺨﺘﻟﻔﺔ ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ﻣﺸﺎرﻛﺔ أوﻻد اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻷﺣﺪاث اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺎﺗﻰ ﻤﺷﺎرﻜﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ اﻠﺪاﺧﻟﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺨﺎرﺠﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ا ن اﻠﺒﻌﺾ ﻤﻨﻬﻢ ﻜﺎن ﺸﺎرك‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺷﺎرﻜﺔ ﻓﻌﻟﻴﺔ ﻓﻲ وﻇﺎﺋﻒ ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف‪ ،‬وﻘﺪ اﻧﺨﺮﻃﻮا ﻓﻲ اﻠﺳﻟﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺴﻲ‪ ،‬وﺸﺎرﻜﻮا ﻓﻲ ا ﺣﺪاث اﻠﺪوﻠﺔ ﻤﻦ اﻠﺨﻼﻓﺎت واﻠﻣﻨﺎزﻋﺎت اﻠﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻜﺎﻧﺖ ﺗﻨﺷﺎ ﺑﻴﻦ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ وﻜﺒﺎر اﻻﻤﺮاء او ﺑﻴﻦ اﻻﻤﺮاء ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻠﺒﻌﺾ ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وادي ذﻠﻚ ٕاﻠﻰ ﻇﻬﻮر دور ﻳﺘﺳﻢ ﺑﺎﻠﺘﻮاﺿﻊ ﻠﻬﺬﻩ اﻠﻔﺌﺔ داﺧﻞ اﻠﺤﻴﺎة‬

‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ وذﻠﻚ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻧﻬﻢ ﺗﻮاﺠﺪوا ﺑﺷﻛﻞ ﻤﺎ ﻓﻲ ا ٕﻻدارة اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪ ،‬وﺗﻨﻗﺳﻢ ﻤﺷﺎرﻜـﺘﻬﻢ ﻫﺬﻩ ٕاﻠﻰ ﻘﺳﻣﻴﻦ‪:‬‬ ‫أوﻻً‪ :‬اﻟﺼﺮاﻋﺎت واﻟﻔﺘﻦ واﻷﺣﺪاث ٔاﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ‬ ‫اﻋﺘﺒﺮ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ﻓﻲ ﻤﺼﺮ واﻠﺷﺎم ﻤﻦ اﻫﻢ اﻠﻌﺼﻮر اﻠﺘﻲ‬ ‫ﺸﻛﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻠﺼﺮاﻋﺎت واﻠﻔﺘﻦ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻤﻦ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ‪ ،‬وﻜﺎن ٔاﻜـﺜﺮ ﻇﻬﻮ ر‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻬﺬﻩ اﻠﻔﺘﻦ ﻓﻲ اوﻘﺎت ﺸﻐﻮر دﺴﺖ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ‪ ،‬وﺗﻮﻠﻲ ﺴﻟﻄﺎن ﺠﺪﻳﺪ‪ ،‬او‬ ‫اﻠﺜﻮرة ﻋﻟﻰ ﺴﻟﻄﺎن ﻘﻟﺪ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ ﻓﻴﻈﻬﺮ اﻠﻣﻨﺎوﺋﻴﻦ ﻠﻪ واﻠﺮاﻓﻀﻴﻦ‬ ‫ﻠﺳﻟﻄﻨﺘﻪ ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ اﻻﻤﺜﻟﺔ ﻋﻟﻰ ﺗﺨﻟﺺ ﺑﻌﺾ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ٔ‬ ‫ﻇﻨﺎ ًﻤﻨﻬﻢ اﻧﻬﻢ ﻳﺷﻛﻟﻮن ﺧﻄ ًﺮا ﻋﻟﻴﻬﻢ ﻓﻲ اﻠﺤﻛﻢ‪ ،‬ﻤﺎ ﺣﺪث ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻣﻟﻚ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﻼو ون‪ ،‬ﺗﺟﺎﻩ اﺑﻦ اﺧﻴﻪ اﻤﻴﺮ ﻤﻮﺴﻰ ﺑﻦ اﻠﻣﻟﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺼﺎﻠﺢ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ﻘﻼو ون واﻠﺬي ﻜﺎن ﻤﻦ ﺠﻣﻟﺔ اﻻﻤﺮاء ﺑﻣﺼﺮ اوﻻد‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺴﻴﺎد‪ ،‬وﻇﻬﺮ ﺴ ُﻣﺘﻪ وﺑﺎﻧﺖ ﺴﻣﻌﺘﻪ ٕاﻠﻰ ا ن ﺧﺷﻲ ﺠﺎﻧﺒﻪ ﻋﻣﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮ‪ ،‬ﻓﺎوﻜﻞ ﺑﻪ ﻜﻞ ﻤﻦ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ اﻳﺪﻏﺪي واﻻﻤﻴﺮ ﺴﻴﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ‪ ،‬ﻓﻣﺎ زاﻠﻮا ﺑﻪ ﺣﺘﻰ اﻠﻗﻮا اﻠﻗﺒﺾ ﻋﻟﻴﻪ وﻘﺘﻞ واﺻﺒﺢ ﻧﺳﻴﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﺳﻴﺎ وﻫﻮ ﻠﻢ ﻳﺟﻦ اي ﺠﺮﻳﺮة ارﺗﻛﺒﻬﺎ ﻠﻴﺬﻫﺐ ٕﺑﺎﺛﻣﻬﺎ‪ .‬ﻫﺬا وﻘﺪ ﻋﺎﻘﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻛﺎﻤﻞ ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ اﻠﻨﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻌﺾ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء ﺑﻨﻔﻴﻬﻢ ٕواﺧﺮاﺠﻬﻢ ٕاﻠﻰ ﺑﻼد اﻠﺷﺎم وذﻠﻚ ﻻﻧﻬﻢ واﻓﻗﻮا راي اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٓ‬ ‫اﻠﻛﺒﻴﺮ ال ﻤﻟﻚ ا ﻠﺟﻮﻜﻨﺪار ﻓﻲ ﻋﺪم ﺴﻟﻄﻨﺘﻪ ﺑﺳﺒﺐ ﺻﻐﺮ ﺴﻨﻪ وﻠﻬﻮﻩ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﺤﻣﺎم ﻓﻲ اﻠﻗﻟﻌﺔ‪ ،‬وﻫﻢ اﻻﻤﻴﺮ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ال ﻤﻟﻚ ﺸﺎد اﻠﺷﺮاب ﺧﺎﻧﺎة‬ ‫ٔ‬ ‫واﺧﻮﺗﻪ اﻻﻤﻴﺮ ﻘﻣﺎري ا ٕﻻﺴﺘﺎدار ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫واﺿﺤﺎ ﻓﻲ اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺪاﺧﻟﻴﺔ‬ ‫وﻧﺮى دور اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫وذﻠﻚ ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺳﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٦٩‬ﻫـ ‪ ١٣٦٧/‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﻨﺪﻤﺎ ﻘﺎم ﻤﻣﺎﻠﻴﻚ اﻻﻤﻴﺮ ﻳﻟﺒﻐﺎ ﻤﻊ اﻻﻤﻴﺮ اﺴﻨﺪﻤﺮ اﻠﻨﺎﺻﺮي اﺗﺎﺑﻚ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺳﺎﻜﺮ وﺧﺎﻤﺮوا ﻋﻟﻰ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن وﻠﺒﺳﻮا ﻻﻤﻪ اﻠﺤﺮب‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫واﺠﺘﻣﻊ ﻤﻊ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ وﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ﻤﻨﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد ﻧﺎس ﻤﺜﻞ اﻻﻤﻴﺮ ﺧﻟﻴﻞ ﺑﻦ ﻘﻮﺻﻮن واﻻﻤﻴﺮ ُاﺴ ُﻨﺒﻐﺎ ﺑﻦ اﻻﺑﻮﺑﻛﺮي‬ ‫ٓ‬ ‫وﻘﺷﺘﻣﺮ اﻠﻣﻨﺼﻮري واﺧﺮون‪ ،‬واﺠﺘﻣﻊ ﻤﻊ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺧﻟﻖ ﻜـﺜﻴﺮ وﻠﻢ ﻳﻛﻦ‬ ‫ﻤﻌﻪ ﻤﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺳﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ﺴﻮى ﻤﺌﺘﻲ اﻤﻴﺮ‪ ،‬وﺑﻟﻎ ﻋﺪة ﻤﻦ ﺗﺟﻣﻊ ﻋﻟﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﺴﻨﺪﻤﺮ ﻤﻦ ﻤﻣﺎﻠﻴﻚ ﻳﻟﺒﻐﺎ اﻠﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون ﻋﺰل اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻓﻮق اﻻ ﻠﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺧﻣﺲ ﻤﺌﺔ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﻳﺘﺨﻟﺺ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻤﻦ ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬ا ﻤﺮ واﻠﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﻨﺪاء ﻓﻲ ﺸﻮارﻋﻬﺎ" ﻤﻦ ﻳﻗﺪر ﻋﻟﻰ ﻤﻣﻟﻮك ﻤﻦ ﻤﻣﺎﻠﻴﻚ ﻳﻟﺒﻐﺎ اﻻﺠﻼب‬ ‫ﻓﻟﻪ ﺴﻟﺒﻪ‪،‬وﻳﻌﻄﻲ ﻤﻦ اﻠﻣﺎل ﻤﺎ ﻫﻮ ﻜﻴﺖ وﻜﻴﺖ"‪ ،‬ﻓﺳﺎر اﻠﻨﺎس ﻓﻲ‬ ‫ﺸﻮارع اﻠﻗﺎﻫﺮة وراء ﻜﻞ ﻤﻦ ﻫﻮ ﻳﻟﺒﻐﺎوي ﻠﻴﻗﺒﻀﻮا ﻋﻟﻴﻪ وﻳﺤﻀﺮوﻩ ٕاﻠﻰ‬ ‫اﻠﻮاﻠﻲ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻘﺪ ﺣﻣﻞ ﻋﺎم ‪٧٩١‬ﻫـ ‪١٣٨٨/‬م ا ﺣﺪاث ﺠﺳﺎم ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ وﻫﻮ اﻠﻌﺎم اﻠﺬي اﺸﺘﻬﺮ ﺑﻔﺘﻨﺔ اﻻﻤﻴﺮ ﻤﻨﻄﺎ ٔ واﻻﻤﻴﺮ ﻳﻟﺒﻐﺎ‬ ‫ﺑﺮﻘﻮق ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ‪ٔ ،‬واﻋﺎدﻩ اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫اﻠﻨﺎﺻﺮي‪ ،‬وﺧﻟﻌﻬﻣﺎ اﻠﺳﻟﻄﺎن ٔ‬ ‫اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺣﺎﺠﻲ ﺑﻦ ﺸﻌﺒﺎن ﻤﺮة اﺧﺮي‪ .‬وﻘﺪ ﺸﺎرك اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻻ ﺣﺪاث ﻤﺷﺎرﻜﺔ ﻓﺎﻋﻟﺔ ﻓﻣﻨﻬﻢ ﻤﻦ ﻜﺎن ﻤﻨﺎﺻ ًﺮا ﻠﻟﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ﺑﺮﻘﻮق ﺿﺪ اﻠﺜﺎﺋﺮﻳﻦ ﻋﻟﻴﻪ‪ ،‬وﻤﻨﻬﻢ ﻤﻦ ﻜﺎن ﻤﻊ ﻤﻨﻄﺎ واﻠﻨﺎﺻﺮي ‪.‬‬ ‫ً ٔ‬ ‫ﻋﻦ ا ﺣﺪاث ﻫﺬﻩ اﻠﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬وﻠﻛﻦ‬ ‫ﺗﻔﺼﻴﻼ ٔ‬ ‫ٔوﻠﺳﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺑﺼﺪد اﻠﺤﺪﻳﺚ ٔ‬ ‫ﻳﻣﻛﻦ ان ﻧﺜﺒﺖ ﻤﺷﺎرﻜﺔ ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﺟﻮار اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﻬﻢ اﻻﻤﺮاء ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻳﻟﺒﻐﺎ اﻤﻴﺮ ﻤﺟﻟﺲ ﻤﻦ اﻤﺮاء‬ ‫ٔﺑﺮﻘﻮق‪ٔ ،‬‬ ‫اﻻ ﻠﻮف‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ ﺧﻀﺮ ﺑﻦ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ اﻠﺳﺎﻘﻲ‪ ،‬وﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻘﺒﻐﺎ ا ٔص‪،‬وﻫﻣﺎ ﻤﻦ اﻤﺮاء اﻠﻌﺷﺮات واﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻠﺪوداري ا ﺣﺪ اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪ ،‬واﻠﺬي ﻧﺪﺑﻪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺮﻘﻮق‬ ‫ﻠﺤﻔﻆ ﻘﻴﺎﺴﺮ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٠١‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻜﺎن ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺴﺎﺋﺮﻳﻦ ﻓﻲ رﻜﺎب اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ﻤﻨﻄﺎ واﻠﻨﺎﺻﺮي‪ ،‬وﻘﺎم اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺣﺎﺠﻲ ﺑﺎ ٕﻻﻧﻌﺎم ﻋﻟﻴﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕﺑﺎﻧﻌﺎﻤﺎت ﻤﻨﻬﻢ اﻻﻤﺮاء ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ رﺠﺐ ﺑﻦ ﻤﺤﻣﺪ اﻠﺘﺮﻜﻣﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫رﺠﺐ ﺑﻦ ﺠﻨﺘﺮ‪ٕ ،‬واﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﻮﺴﻒ ﺑﻦ ﺑﺮﻠﻐﻲ‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ اﺴﻨﺪﻤﺮ ﺑﻦ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻳﻌﻗﻮب ﺸﺎﻩ اﻤﻴﺮ ﻤﺟﻟﺲ واﻻﻤﻴﺮ اﻤﻴﺮ ﺣﺎج ﺑﻦ ﻤﻐﻟﻄﺎي اﻠﺬي اﻧﻌﻢ ﻋﻟﻴﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺘﻗﺪﻤﺔ ا ﻠﻒ‪ ،‬وﻘﺎم ﺑﻌﺾ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﺤﻔﻆ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﺑﻌﺪ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺗﺳﻟﻢ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻨﺼﻮر ﺣﺎﺠﻲ ﻤﻗﺎﻠﻴﺪ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ‪ ،‬ﻤﻨﻬﻢ اﻻﻤﻴﺮ اﺑﻮ ﺑﻛﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻦ ﺴﻨﻗﺮ اﻠﺟﻣﺎﻠﻲ اﻠﺬي ُو ْﻜﻞ ٕاﻠﻴﻪ ﻤﻊ اﻻﻤﻴﺮ ﺗﻨﻛﺰ ﺑﻐﺎ راس ﻧﻮﺑﺔ ﺑﺤﻔﻆ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻓﻛﺎن ﻤﻮﻘﻊ اﺑﻲ ﺑﻛﺮ ﺑﻦ ﺴﻨﻗﺮ ﺣﻔﻆ ﺑﺎب زوﻳﻟﺔ ٕواﺧﺮاج ﻤﻦ ﻜﺎن‬ ‫ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻤﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﻈﺎﻫﺮﻳﺔ واﻠﺘﺮﻜﻣﺎن وﻏﻴﺮﻫﻢ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﺬﻠﻚ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدة اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﻠﻗﻲ ﻜـﺜﻴﺮ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء اﻠﺬﻳﻦ اﻧﺤﺎزوا ٕاﻠﻰ ﻤﻨﻄﺎ واﻠﻨﺎﺻﺮي ﻜـﺜﻴﺮ ﻤﻦ اﻠﻮﻳﻼت‪ ،‬ﻓﻗﺪ اﻤﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺑﺎﻠﻗﺒﺾ ﻋﻟﻰ ﻜﻞ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ اﻠﺤﺎﺠﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﺧﻴﻪ‪ ،‬وﻋﻟﻰ اوﻻد اﻻﻤﻴﺮ اﻳﺪﻏﻣﺶ وﻋﻟﻰ اوﻻد اﻻﻤﻴﺮ ﻘﻣﺎري‪ ،‬وا ﺧﺮﺠﻬﻢ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺠﻣﻴﻌﺎ ٕاﻠﻰ ﺴﺟﻦ اﻻﺴﻛﻨﺪرﻳﺔ‪ ،‬وﻜﺬﻠﻚ ا ﻠﻗﻰ اﻠﻗﺒﺾ ﻋﻟﻰ اﻻﻤﻴﺮ اﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺎج ﺑﻦ ﺑﻴﺪﻤﺮ‪ ،‬وذﻠﻚ ﺑﺳﺒﺐ اﻧﻪ ﺗﻮﻠﻰ ٕاﻘﻟﻴﻢ اﻠﻔﻴﻮم ﻤﻦ ِﻘ َﺒﻞ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻨﻄﺎ ‪ ،‬وﺣﺒﺲ ﻋﻨﺪ اﻻﻤﻴﺮ ﺗﻣﺮ ﺑﺎي اﻠﺤﺳﻨﻲ ﺣﺎﺠﺐ اﻠﺤﺟﺎب‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ ﺣﻮادث ﻋﺎم ‪٩٠٢‬ﻫـ‪١٤٩٦/‬م ﻋﻨﺪﻤﺎ ﻘﺎم اﻻﻤﻴﺮ ﻘﺎﻧﺼﻮﻩ‬ ‫ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﺑﺎﻠﺜﻮرة ﻋﻟﻰ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﺎﻳﺘﺒﺎي‬ ‫ٔ‬ ‫‪٩٠١‬ـ‪٩٠٤‬ﻫـ‪ ١٤٩٥/‬ـ‪١٤٩٨‬م‪،‬ﺣﺎول ﻘﺎﻧﺼﻮة ﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ اﺴﺘﺨﺪام اوﻻد‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﻨﺎس ﺿﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن‪ ،‬وذﻠﻚ ﻋﻨﺪﻤﺎ ﻧﺎدى ﻓﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﺑﺎن اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻨﻔﻄﻴﺔ ﻳﻄﻟﻌﻮن ٕاﻠﻰ ﺑﺎب اﻠﺳﻟﺳﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻟﻢ ﻳﺨﺮج ٕاﻠﻴﻪ ا ﺣﺪ ﻤﻦ اوﻻد‬ ‫اﻠﻨﺎس وﻻ اﻧﻗﺎدوا ﻠﻪ ﺿﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫وﺸﺎرك اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﺑﺎ ﺣﺪاث‬ ‫ٔ‬ ‫داﺧﻟﻴﺔ اﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻠﻔﺘﻨﺔ واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت واﻠﺜﻮرات اﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﺗﻨﺷﺐ ﺑﻴﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﺮاء ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻠﺒﻌﺾ‪ ،‬وﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ اﻠﺳﻼﻃﻴﻦ‪ ،‬وﻤﻦ اﻤﺜﻟﺔ ذﻠﻚ‬ ‫ﺧﺮوﺠﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺟﺎرﻳﺪ ﻠﻗﻣﻊ اﻠﻌﺮﺑﺎن اﻠﻣﺘﻣﺮدﻳﻦ ﻓﻲ اﻠﺼﻌﻴﺪ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫‪٧٥٥‬ﻫـ‪١٣٥٤/‬م ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﻣﻟﻚ اﻠﺼﺎﻠﺢ ﺻﺎﻠﺢ ﻋﻗﺪ ﺑﺘﻣﻟﻚ اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﺷﻮرة ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻓﻲ اﻤﺮ ﻋﺮب اﻠﺼﻌﻴﺪ ﺑﻌﺪﻤﺎ ﺗﻣﺮد اﻻﺣﺪب‬ ‫ٔ‬ ‫اﺑﻦ واﺻﻞ ﺸﻴﺦ ﻋﺮب َﻋﻣﻚ‪ ،‬وﺣﺪﺛﺘﻪ ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺘﻣﻟﻚ ﺑﻼد اﻠﺼﻌﻴﺪ واﻘﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺎﺠﺒﺎ ً‬ ‫ً‬ ‫وﻜﺎﺗﺒﺎ‪ ،‬ﻓﻗﺮر اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕارﺴﺎل ﺗﺟﺮﻳﺪﻩ ﻠﺘﺎدﻳﺐ ﻫﺬا اﻠﺨﺎرج‪،‬‬ ‫ﻠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻜﺎن ﻋﻟﻰ راﺴﻬﺎ اﻻﻤﻴﺮ ﺴﻴﻒ اﻠﺪﻳﻦ ﺸﻴﺨﻮ اﻠﻌﻣﺮي راس ﻧﻮﺑﺔ‪ ،‬وﻤﻌﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻗﺪﻤﺎ‪ ،‬ﻤﻦ اﻫﻣﻬﻢ اﻻﻤﻴﺮ اﻤﻴﺮ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ارﻏﻮن اﻠﻨﺎﺋﺐ اﻠﺬي‬ ‫اﺛﻨﻲ ﻋﺷﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺮﻩ اﻻﻤﻴﺮ ﺸﻴﺨﻮ ﺑﺎﻠﺘﻮﺠﻪ ٕاﻠﻰ اﻠﺒﻼد اﻻﻃﻔﻴﺤﻴﺔ ‪ ،‬وﻘﺎم ﺑﻗﻣﻊ اﻠﻌﺮﺑﺎن "‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻠﻰ ان اﻤﻨﺖ اﻠﻄﺮﻘﺎت ﺑﺮا وﺑﺤ ًﺮا ﻓﻟﻢ ﻳﺳﻣﻊ ﺑﻗﺎﻃﻊ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﻌﺪﻫﺎ "‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻟﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي ﻓﻗﺪ ﺸﺎرك اﻻﻤﺮاء ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺪة ﺗﺟﺎرﻳﺪ ﺧﺮﺠﺖ ﻤﻦ اﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬ﻠﺘﺎدﻳﺐ ﻋﺮب اﻠﺒﺤﻴﺮة وذﻠﻚ ﻓﻲ ﻋﺪة‬ ‫ﺴﻨﻮات ﻤﺘﻔﺮﻘﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪٧٨٠‬ﻫـ ‪١٣٧٨/‬م ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻼء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻰ ﺧﺮج اﻻﻤﻴﺮ ٕاﻳﻨﺎل اﻠﻴﻮﺴﻔﻲ اﻤﻴﺮ ﺴﻼح وﻤﻌﻪ ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻻﻤﻴﺮ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ﻳﻟﺒﻐﺎ ﻠﻗﺘﺎل ﻋﺮب اﻠﺒﺤﻴﺮة‪ ،‬وﺸﺎرك اﻳﻀﺎ ﻫﺬا‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺟﺮﻳﺪة اﺧﺮي ٕاﻠﻰ ﻋﺮب اﻠﺒﺤﻴﺮة ﻓﻲ ﻋﺎم ‪٧٨٢‬ﻫـ ‪ ١٣٨٠/‬م‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﺘﺎدﻳﺐ ﺑﺪر ﺑﻦ ﺴﻼم اﻠﺬي ﺧﺮج ﻋﻦ اﻠﻄﺎﻋﺔ‪ ،‬وراس ﻫﺬﻩ اﻠﺟﻣﻟﺔ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻳﺘﻣﺶ اﻠﺒﺟﺎس‪ ،‬وﺻﺤﺒﺔ ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس اﻻﻤﻴﺮ ﻘﺮط ﺑﻦ ﻋﻣﺮ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﺘﺮﻜﻣﺎﻧﻲ اﺣﺪ اﻤﺮاء اﻠﻄﺒﻟﺨﺎﻧﺎة‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻫﺬا وﻓﻲ اواﺧﺮ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺎﻧﺼﻮﻩ اﻠﻐﻮري ﺧﺮج اﻠﻌﺪﻳﺪ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﺎﻤﺮ ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻤﺎﻜﻦ ﻋﺪة ﻠﺤﻔﻆ اﻠﻨﻈﺎم واﻻ ﻤﻦ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪٩١٩‬ﻫـ‪١٥١٣/‬م‪ ،‬ﻋﺮض‬

‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن"ﺠﻣﺎﻋﺔ ﻤﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺳﻴﻔﻴﺔ وﻏﻴﺮ ذﻠﻚ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس "‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻤﺮﻫﻢ ﺑﺎﻠﺘﻮﺠﻪ ٕاﻠﻰ اﻠﺳﻮﻳﺲ ﺗﺤﺖ ٕاﻤﺮة اﻻﻤﻴﺮ ار ﻜﻣﺎس اﻤﻴﺮ ﻤﺟﻟﺲ‬ ‫ﺑﺳﺒﺐ اﻠﻛﺷﻒ ﻋﻟﻰ اﻠﻣﺮاﻜﺐ اﻠﺘﻲ ﻋﻣﺮﻫﺎ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻫﻨﺎك‪،‬وﻜﺬﻠﻚ ﻓﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺎم ‪٩٢٠‬ﻫـ ‪١٥١٤/‬م ﻋﻴﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﻘﺎﻧﺼﻮﻩ اﻠﻐﻮ ري ﺠﻣﺎﻋﺔ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻤﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ ﻠﺤﻔﻆ اﻠﺟﺳﻮر اﻠﺘﻲ ﺑﺎﻠﺷﺮﻘﻴﺔ‬ ‫واﻠﻐﺮﺑﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﺎً‪ :‬اﻷﺣﺪاث اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺎﺗﻲ ﻤﺷﺎرﻜﺎت اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺨﺎرﺠﻴﺔ اﻠﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ‬ ‫ﺧﺎرج ﻤﺼﺮ ﻋﻟﻰ ﻋﺪة اوﺠﻪ ﻤﺜﻞ ﺧﺮوﺠﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻣﻼت ٕاﻠﻰ اﻠﺤﺪود‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻠﺷﺎم او ﻓﻲ ﺴﻔﺎرات وﻤﺮاﺴﻼت ﻤﻊ اﻠﺪول اﻠﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﻋﻼﻘﺎت ﻤﻊ اﻠﺳﻟﻄﻨﺔ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻴﺔ او ﻠﺮدع ﻘﻄﺎع اﻠﻄﺮق ﻤﻦ اﻠﻌﺮﺑﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻲ ﻃﺮق اﻠ ﺤّ ﺑﻴﻦ اﻠﺤﺟﺎز واﻠﻗﺎﻫﺮة ‪،‬ﻫﺬﻩ اﻻ ﺣﺪاث ﻤﺟﺘﻣﻌﺔ ﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻦ اﻻﻤﺮاء ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﻓﻔﻲ ﺣﻣﻟﺔ اﻻﻤﻴﺮ ازﺑﻚ ﻤﻦ ﻃﻄﺦ ﻋﻟﻰ ﺑﻼد اﻠﺘﺮﻜﻣﺎن ﻋﻟﻰ ﻋﻬﺪ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺸﺮف ﻘﺎﻳﺘﺒﺎي‪ .‬واﻠﺘﻲ ﻋﺎد ﻓﻴﻬﺎ اﻻﻤﻴﺮ ازﺑﻚ ﻤﻨﺘﺼ ًﺮا ﻋﻟﻰ اﻠﻗﻮات‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻤﻣﺎ اﺠ ّ ﻧﺎر اﻠﻐﻀﺐ ﻋﻨﺪ ﺑﺎﻳﺰﻳﺪ اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻲ واﻋﺪ ﺣﻣﻟﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻼﻧﺘﻗﺎم ﻤﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬ﻤﻣﺎ ﺠﻌﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﻳﺮﺻﺪ ﺠﻣﻴﻊ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ﺠﻬﻮدﻩ ٕﻻﻧﻔﺎذ ﺣﻣﻟﺔ ﻤﻣﺎﺛﻟﺔ ﻠﻟﺤﻣﻟﺔ اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴﺔ واﻋﻟﻦ ا ﻧﻪ ﺴﻮف ﻳﻗﻮد ﻫﺬﻩ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫اﻠﺤﻣﻟﺔ ﺑﻨﻔﺳﻪ‪ ،‬وارﻏﻢ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﺎﻻﺸﺘﺮاك ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﺤﻣﻟﺔ وﻤﻦ ﻠﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ًٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺷﺘﺮك ﻋﻟﻴﻪ ا ن ﻳﺨﺮج ﻋﻨﻪ ﺑﺪﻻ او ﻳﺪﻓﻊ ا ﻤﻮاﻻ ﻠﻗﺎء ﻋﺪم ﺧﺮوﺠﻪ ﻓﻲ‬ ‫اﻠﺤﻣﻟﺔ‪.‬‬ ‫وﻓﻲ ﻤﻮﻘﻌﺔ ﻤﺮج داﺑﻖ وﻋﻨﺪﻤﺎ ﺧﺮج اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻘﺎﻧﺼﻮﻩ اﻠﻐﻮري ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻗﺎء اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺴﻟﻴﻢ اﻻول‪ ،‬ﺧﺮج ﻤﻌﻪ ﺠﻣﻟﺔ ﻜﺒﻴﺮة ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ﺸﺎرﻜﻮا ﻤﻊ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ ﻓﻲ رﺴﻢ ﻧﻬﺎﻳﺔ دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ‪ ،‬وﻘﺪ اﻧﻔﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻋﻟﻰ ﻫﺆﻻء اﻻﺠﻨﺎد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس اﻻﻤﻮال ﻓﻔﺮق ﻠﻛﻞ ﻤﻨﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺛﻼﺛﻴﻦ ً‬ ‫دﻳﻨﺎرا‪ ،‬ﻫﺬا وﻘﺪ ﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﻤﻮﻘﻌﺔ ﻤﺮج داﺑﻖ ﻋﺪد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ﻧﺬﻜﺮ ﻤﻨﻬﻢ ﻋﻟﻰ ﺴﻴﻞ اﻠﻣﺜﺎل ﺸﺮف اﻠﺪﻳﻦ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻘﺎﻧﺼﻮﻩ اﺑﻦ اﺑﻨﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺮﻘﻣﺎ ا ﺣﺪ اﻠﻄﺒﺮدارﻳﺔ‪ ،‬وﺠﻣﺎل اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﻘﺮﻘﻣﺎ اﺣﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻄﺒﺮدارﻳﺔ ا ﻳﻀﺎ‪ ،‬واﻤﺎ ﻤﻦ ﺠﺎء ﺑﺨﺒﺮ ان اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺴﻟﻴﻢ اﻻول اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻘﺪ ﺗﻣﻟﻚ ﻤﺪﻳﻨﺔ دﻤﺷﻖ ﻓﻬﻮ اﻳﻀﺎ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس‪ ،‬وﻫﻮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺑﻟﺒﺎي اﺣﺪ اﻠﺤﺟﺎب وﻳﺬﻜﺮ اﺑﻦ ٕاﻳﺎس اﻧﻪ ﺗﻨﻛﺮ ﻓﻲ ذي اﻠﻌﺮﻳﺎن‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻳﺳﺘﻄﻴﻊ اﻠﻮﺻﻮل ٕاﻠﻰ اﻠﻗﺎﻫﺮة ٕﻻ ﺑﻼ اﻠﺨﺒﺮ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ اﺛﻨﺎء زﺣﻒ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﺴﻟﻴﻢ ﻋﻟﻰ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﺛﺒﺖ ﺠﻣﺎﻋﺔ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻤﻊ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﻃﻮﻤﺎن ﺑﺎي‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪﻤﺎ ارﺴﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕاﻠﻰ اﺑﻨﺎء اﻻﺴﻴﺎد ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻣﺆﻳﺪ واوﻻد اﻠﻣﻟﻚ اﻠﻣﻨﺼﻮر ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﺎﻘﻲ اوﻻد اﻻﻤﺮاء اﻠﺬﻳﻦ ﺑﻣﺼﺮ "اﻋﻣﻟﻮا ﻳﺮﻘﻛﻢ واﺧﺮﺠﻮا ﻠﻟﺳﻔﺮ واﻠﺬي ﻻ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﺳﺎﻓﺮ ﻤﻨﻛﻢ ﻳﻗﻴﻢ ﻠﻪ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻨﻪ ﻠﻟﺳﻔﺮ" اﻤﺎ ﻤﻦ ﺛﺒﺖ ﻤﻊ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻃﻮﻤﺎن‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎي ﻓﻲ وﺠﻪ اﺑﻦ ﻋﺜﻣﺎن‪ ،‬اﻻﻤﻴﺮ ﺣﻴــﻲ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ازﺑﻚ ﻤﻦ ﻃﻄﺦ اﻠﺬي‬ ‫ٔ‬ ‫ﺣﺎرب ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻠﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ واﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴﻴﻦ‪ ،‬وﻜﺬﻠﻚ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ﺴﻮدون اﻠﺪوداري ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ اواﺧﺮ اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ واﺠﻬﺖ ﻤﺼﺮ اﻠﻮﺠﻮد اﻠﻣﺘﺰاﻳﺪ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻠﻼﻓﺮﻧ ّ )اﻠﺒﺮﺗﻐﺎﻠﻴﻴﻦ( ﻓﻲ اﻠﺒﺤﺮ اﻻ ﺣﻣﺮ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪﻤﺎ ﻜﺷﻔﻮا ﻋﻦ‬ ‫ٕ‬ ‫وﺠﻬﻬﻢ اﻠﺳﺎﻓﺮ ﺑﺮﻏﺒﺘﻬﻢ اﻠﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺿﺮب اﻠﻮﺠﻮد اﻠﻣﺼﺮي ا ٕﻻ ﺴﻼﻤﻲ ﻓﻲ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻼد اﻠﻬﻨﺪ واﻠﻣﺤﻴﻂ اﻠﻬﻨﺪي‪ٕ ،‬اﻻ ان اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻐﻮري ﻠﻢ ﻳﻴﺎس وارﺴﻞ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺪة ﺣﻣﻼت وﺗﺟﺮﻳﺪات اﺧﺮي ٕاﻠﻰ ﺑﻼد اﻠﻬﻨﺪ ﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ اوﻻد اﻠﻨﺎس ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫وذﻠﻚ ﻓﻲ اﻋﻮام ﻤﺘﻌﺎﻘﺒﺔ‪ ،‬واﻋﺪ ﻠﺬﻠﻚ دار ﻠﺒﻨﺎء اﻠﺳﻔﻦ ﻓﻲ اﻠﺳﻮﻳﺲ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻋﻣﺮ ﻤﺎ ﻳﻗﺮب ﻤﻦ ﻋﺷﺮﻳﻦ ً‬ ‫ﻤﺮﻜﺒﺎ‪ ،‬واﻋﺪ ﺣﻣﻟﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ اﺧﺮي ﻋﻟﻰ راﺴﻬﺎ‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٠٢‬‬


‫اﻟﻤﻠﻒ‬

‫ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮرة ﻧﻬﻠﺔ أﻧﻴﺲ‪:‬‬ ‫‪ ‬اﻠﺤﻴـﺎة اﻻﻘﺘﺼـﺎدﻳﺔ واﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴـﺔ ﻓ ــﻲ اﻠﺜﻐـﻮر واﻠﻌﻮاﺻـﻢ ا ٕﻻﺴــﻼﻤﻴﺔ‬ ‫ﻋ ﻟـﻰ اﻠﺤـﺪود ﻤـﻊ اﻠﺪوﻠـﺔ اﻠﺒﻴﺰﻧﻄﻴـﺔ ﺞ رﺴـﺎﻠﺔ ﻤﺎﺠﺳـﺘﻴﺮ ﻤﻨﺷــﻮرة ﺞ‬ ‫دار اﻠﻛـﺘــﺎب اﻠﺟﺎﻤﻌﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪٢٠٠٢‬م‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻠﻌﻼﻘﺎت ﺑﻴﻦ ﻤﺼـﺮ واﻠﻣﻣﺎﻠﻚ ا ٕﻻﻓﺮﻳﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴــﻚ‬ ‫اﻠﺟﺮاﻜﺳـ ــﺔ ‪ ٩٢٢- ٧٨٤١‬ﻫ ـ ـ ـ ‪١٥١٧- ١٣٨٢ /‬م‪ .‬ﻜﻟﻴ ـ ــﺔ اﻠﺪراﺴ ـ ــﺎت‬ ‫ا ٕﻻﻧﺳﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪١٩٩٥‬م‪ .‬رﺴﺎﻠﺔ دﻜـﺘﻮراﻩ ﻏﻴﺮ ﻤﻨﺷﻮرة‪.‬‬ ‫‪ٔ ‬اﻻﺴ ـﻮاق واﻠﻣﺮاﻜــﺰ اﻠﺘﺟﺎرﻳــﺔ ﻓ ــﻲ ﺸــﻣﺎل اﻠﺷــﺎم‪ ،‬واﻠﺟﺰﻳــﺮة ﺧــﻼل‬ ‫اﻠﻌ ﺼ ـ ــﺮ اﻠﻌﺒﺎﺴـ ــﻲ‪ ،‬ﺑﺤ ـ ــﺚ ﻧﺷـ ــﺮ ﻓـ ــﻲ اﻠ ﻣ ـ ــﺆﺗﻣﺮ اﻠـ ــﺪوﻠﻲ اﻠﺘ ـ ــﺎرﻳﺦ‬ ‫اﻻﻘﺘﺼ ــﺎدي ﻠﻟﻣﺳـ ــﻟﻣﻴﻦ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌـ ــﺔ ٔاﻻزﻫـ ــﺮ‪ ،‬اﻠﻗـ ــﺎﻫﺮة ‪ ٣٠: ٢٨‬ذي‬ ‫اﻠﺤﺟﺔ ‪١٤١٨‬ﻫـ ‪ٔ ٢٥:٢٧‬اﺑﺮﻳﻞ ‪١٩٩٨‬م‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻠﺼﺮاع ﻋﻟﻲ اﻠﺳﻟﻄﺔ وﻇﺎﻫﺮة اﻠﻌﻨﻒ واﻻﻏﺘﻴﺎﻻت ﻓﻲ ﻋﺼﺮ دوﻠﺘﻲ‬ ‫ﺴــﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴــﻚ‪ ،‬ﻜﻟﻴــﺔ اﻠﺪراﺴ ــﺎت ا ٕﻻﻧﺳــﺎﻧﻴﺔ ﺠﺎﻤﻌــﺔ ٔاﻻزﻫ ــﺮ‪،‬‬ ‫اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻤﻦ ‪ ٦- ٤‬رﺑﻴﻊ ٔاول ‪ ١٤١٩‬ﻫـ ‪ ٣٠- ٢٨ /‬ﻳﻮﻧﻴﻮ ‪١٩٩٨‬م‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺴ ــﺮﺣﺎت اﻠﺼ ــﻴﺪ واﻠﺘـ ــﺮﻳﺾ واﻠﻨﺰﻫـ ـﺔ ﻠﺳـ ــﻼﻃﻴﻦ دو ﻠ ــﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴـ ـ ـﻚ‬ ‫ﺑﻣ ﺼــﺮ‪ ،‬ﻤﺟﻟـﺔ ﻜﻟﻴــﺔ اﻠﺪراﺴـﺎت ا ٕﻻﻧﺳ ـﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌــﺔ ٔاﻻزﻫـﺮ‪ ،‬اﻠﻌــﺪد‬ ‫اﻠﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷﺮ ‪١٩٩٩‬م‪.‬‬ ‫‪ٔ ‬اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺑﻣﺟﺘﻣﻊ ﻋﺼﺮ ﺴﻼﻃﻴﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴـﻚ‪ ،‬ﻜـﺘـﺎب ﻧﺷـﺮ ﺑـﺪار‬ ‫اﻠ ﻛـﺘﺎب اﻠﺟﺎﻤﻌﻲ اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪١٢٢٤‬ﻫـ ‪٢٠٠٣ /‬م‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺧﻮﻧﺪات اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ‪ ،‬ﻜـﺘﺎب‪ ،‬ﻧﺷـﺮ دار اﻠﻛـﺘـﺎب اﻠﺟـﺎﻤﻌﻲ‪،‬‬ ‫اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪١٢٢٤‬ﻫـ ‪٢٠٠٣/‬م‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫‪ٔ ‬اﻻﻳﻮﺑﻴﻮن ﻓﻲ ﻜـﺘﺎﺑﺎت ﻜﻞ ﻤﻦ اﺑﻦ اﻻ ﺛﻴﺮ وا ﺑـﻲ ﺸـﺎﻤﺔ‪ ،‬ﻜـﺘـﺎب ﻧﺷـﺮ‬ ‫دار اﻠ ﻛـﺘﺎب اﻠﺟﺎﻤﻌﻲ‪ ،‬اﻠﻗﺎﻫﺮة ‪١٢٢٥‬ﻫـ ‪٢٠٠٤ /‬م‪.‬‬ ‫‪ ‬ﻧﻴﺎﺑﺔ دﻤﺷﻖ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ دوﻠﺔ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﺟﺮاﻜﺳﺔ ﻤﻦ ‪٨١٥/٨٠١‬ﻫـ‬ ‫‪١٤١٢/١٣٩٨‬م‪ ،‬ﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﻧﺪوة دﻤﺷﻖ ﻓﻲ اﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻠﻣﻨﻌﻗﺪة ﻓﻲ‬‫ﺠﺎﻤﻌﺔ دﻤﺷﻖ ﻤﻦ ‪٢٥:٢٠‬ﻧﻮﻓﻣﺒﺮ ‪ ٢٠٠٦‬م ‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻠﻗﺒﺎﺋﻞ اﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮل اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﻨﺒﻮﻳﺔ وﻋﻼﻘﺘﻬﺎ ﺑﺎﻠﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ‬ ‫اﻠﻨﺒــﻮة‪ ،‬ﺑﺤ ــﺚ ﻤﻗــﺪم ﻠﻟﻗ ــﺎء اﻠﻌﻟﻣ ــﻲ اﻠﻌﺎﺸ ــﺮ ﻠﻟﺟﻣﻌﻴــﺔ اﻠﺘﺎرﻳﺨﻴ ــﺔ‬ ‫اﻠﺳﻌﻮدﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻌﻨﻮان ﻤﻨﻄﻗﺔ اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ اﻠﻣﻨﻮرة ﻋﺒﺮ اﻠﻌﺼﻮر‪ ،‬اﻠﻣﺪﻳﻨﺔ‬ ‫اﻠﻣﻨﻮرة ﻓﻲ اﻠﻔﺘﺮة ﻤﻦ ‪١٤٢٨/٥/١٤:١٢‬ﻫـ‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫اﻤﻴﺮ اﻠﺒﺤﺮ ﺴﻟﻣﺎن اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻲ وﻤﻌﻪ ﺠﻣﺎﻋﺔ ﻜﺒﻴﺮة ﻤﻦ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ اﻠﻗﺮاﺻﻨﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واوﻻد اﻠﻨﺎس وﺠﻣﺎﻋﺔ ﻤﻦ اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴﺔ واﻠﻣﻐﺎرﺑﺔ واﻋﺪت اﻠﺤﻣﻟﺔ ﻓﻲ ﻧﺤﻮ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﻠﻔﻲ ٕاﻧﺳﺎن ﻋﺎم ‪٩٢١‬ﻫـ‪١٥١٥/‬م ﻠﺤﻔﻆ اﻠﺳﻮاﺣﻞ ﻤﻦ ﺗﻌﺪﻳﺎت‬ ‫اﻠﺒﺮﺗﻐﺎﻠﻴﻴﻦ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ ﻤﺷﺎرﻜﺎت اوﻻد اﻠﻨﺎس اﻠﻣﺘﻌﺪدة ﻓﻲ اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺨﺎرﺠﻴﺔ‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﺮوﺠﻬﻢ ﻓﻲ رﻜﺐ اﻠﺤﺟﻴ ّ ﺑﺎواﻤﺮ ﺴﻟﻄﺎﻧﻴﺔ ﻻداء ﺑﻌﺾ اﻠﻣﻬﺎم اﻠﺘﻲ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻳﻛﻟﻔﻮن ﺑﺎداﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻠﺤﺟﺎز‪ .‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪٧٥٤‬ﻫـ ‪١٣٥٣/‬م ﺠﺎءت‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﺧﺒﺎر ﺑﺘﻣﺮد اﻻ ﻤﻴﺮ ﺛﻗﺒﻪ اﺣﺪ اﻤﺮاء اﻠﺤﺟﺎز ﻋﻟﻰ اﺧﻴﻪ ا ﻤﻴﺮ ﻤﻛﺔ اﻠﺷﺮﻳﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻋﺟﻼن‪ ،‬ﻓﺎﺻﺪر اﻠﺳﻟﻄﺎن اواﻤﺮﻩ ﺴ ًﺮا ٕاﻠﻰ اﻤﻴﺮ اﻠﺤ ّ وﻤﻦ ﻓﻲ ﺻﺤﺒﺘﻪ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ﻤﻨﻔﺮدا ﻋﻟﻰ‬ ‫اﻻﻤﺮاء ﺑﺎﻠﻗﺒﺾ ﻋﻟﻰ اﻠﺷﺮﻳﻒ ﺛﻗﺒﻪ ٕواﻘﺮار اﻠﺷﺮﻳﻒ ﻋﺟﻼن‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕاﻤﺎرة ﻤﻛﺔ‪ ،‬وﻜﺎن ﻤﻦ ﺸﺎرك ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻠﻣﻬﻣﺔ اﻻﻤﻴﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ﺸﻬﺎب اﻠﺪﻳﻦ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ ال ﻤﻟﻚ‪ ،‬واﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ﺑﻛـﺘﻣﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﺎﻘﻲ واﻻﻤﻴﺮ رﻜﻦ اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻣﺮ ﺑﻦ ﻃﻗﺰدﻤﺮ‪.‬‬ ‫ٔ ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻤﻦ ﻧﺎﻓﻟﺔ اﻠﻗﻮل ان ﻧﺬﻜﺮ ﻤﺷﺎرﻜﺎت اﻻﻤﺮاء اوﻻد اﻠﻨﺎس ﻓﻲ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺨﺎرﺠﻴﺔ وﻠﻛﻦ ﺑﺷﻛﻞ اﺧﺮ ﻤﻐﺎﻳﺮ ﻠﻣﺎ ذﻜﺮﻧﺎ اﻧﻔﺎ ٕاﻻ وﻫﻲ‬ ‫ﻤﺷﺎرﻜـﺘﻬﻢ ﻋﻟﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻠﻌﻼﻘﺎت اﻠﻮدﻳﺔ ﻤﺘﻣﺜﻟﺔ ﻓﻲ اﻠﺳﻔﺎرات اﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ‬ ‫ﺗﺮﺴﻞ ﻤﻦ اﻠﻗﺎﻫﺮة ٕاﻠﻰ ﻋﻮاﺻﻢ اﻠﻣﻣﺎﻠﻚ اﻠﻣﺟﺎورة‪ ،‬ﻓﺒﺎﻠﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻠﻣﺼﺎدر‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻟﻮﻜﻴﺔ‪ ،‬وﺠﺪﻧﺎ ﺠﻣﻟﺔ ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ﺴﺎﻫﻣﻮا ﺑﺟﻬﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻠﻣﻀﻣﺎر‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﻔﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺸﻌﺒﺎن ﻋﺎم ‪٧٧٠‬ﻫـ ‪١٣٦٨/‬م ﺗﻮﺠﻪ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ اﻻﻤﻴﺮ ُﺴﺮﺗﻗﻄﺎي ﺑﺮﺴﺎﻠﺔ ﻤﻦ اﻠﺳﻟﻄﺎن ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن اوﻳﺲ ﻤﻟﻚ ﺑﻐﺪاد‪ .‬واﺗﺟﻪ اﻳﻀﺎ اﻠﺷﻴﺦ اﻠﻔﻗﻴﻪ اﻠﺤﻨﻔﻲ اﺣﻣﺪ ﺑﻦ‬ ‫ﻜﻨﺪﻏﺪي ﺴﻔﻴ ًﺮا ٕاﻠﻰ ﺗﻴﻣﻮرﻠﻨﻚ ﺴﻟﻄﺎن اﻠﺘﺘﺎر ﻤﻦ ﻘﺒﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻨﺎﺻﺮ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻓﺮج ﺑﻦ ﺑﺮﻘﻮق ﻓﻲ اواﺧﺮ ﻋﺎم ‪٨٠٦‬ﻫـ‪١٤٠٣/‬م ﻏﻴﺮ اﻧﻪ ﻤﺮض‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﻮﻓﻰ‪،‬وﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺠﻗﻣﻖ ارﺴﻞ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ ﻋﻟﻲ ﺑﻦ ٕاﻳﻨﺎل "‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ا ﺣﺪ ﺧﻮاص اﻠﺳﻟﻄﺎن" ﻤﻦ اوﻻد اﻠﻨﺎس ٕاﻠﻰ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻲ ﻤﺮاد ﺑﻦ‬ ‫ﻋﺜﻣﺎن ﻋﺎم ‪٨٤٣‬ﻫـ‪١٤٣٩/‬م‪ ،‬وﺣﻣﻞ ﻤﻌﻪ ﻫﺪﻳﺔ ﺠﻟﻴﻟﺔ ﻤﻦ اﻠﻈﺎﻫﺮ ٕاﻠﻰ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻤﺮاد‪ ،‬وﻘﺪ ﺻﺤﺐ اﻻﻤﻴﺮ ﻋﻼء اﻠﺪﻳﻦ رﺴﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن ﻤﺮاد‬ ‫اﻠﺬﻳﻦ ﻘﺪﻤﻮا اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻘﺒﻞ ذﻠﻚ ﻓﻛﺎﻧﺖ ﺴﻔﺎرة ٔاﻻﻤﻴﺮ اﺣﻣﺪ ً‬ ‫ردا ﻋﻟﻰ‬ ‫اﻠﺳﻔﺎرة اﻠﻌﺜﻣﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻻﺸﺮف ﺑﺮﺴﺒﺎي‪ ،‬ﺧﺮج اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﺤﻣﺪ اﺑﻦ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻤﻨﺟﻚ ﻜﺬﻠﻚ ﺑﻣﺮﺴﻮم ﺴﻟﻄﺎﻧﻲ ﻠﻼﻤﻴﺮ ﺴﻮدون‬ ‫ﻤﻦ ﻋﺒﺪ اﻠﺮﺣﻣﻦ ﻧﺎﺋﺐ دﻤﺷﻖ ﻻﺴﺘﺪﻋﺎﺋﻪ ﻠﻟﻣﺜﻮل ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﻠﺳﻟﻄﺎن‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﺎﻠﻗﺎﻫﺮة‪ ،‬وﻋﺎد ﺻﺤﺒﺔ اﻻﻤﻴﺮ ٕا ﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺣﺘﻰ دﺧﻼ اﻠﻗﺎﻫﺮة ﻓﻲ ﻋﺎم‬ ‫‪٨٣٥‬ﻫـ‪١٤٣١/‬م ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫وﻓﻲ ﺣﻮادث ﻋﺎم ‪٨٤٢‬ﻫـ‪١٤٣٨/‬م ارﺴﻞ اﻠﺳﻟﻄﺎن اﻠﻈﺎﻫﺮ ﺠﻗﻣﻖ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺧﻟﻌﺔ اﻻﺴﺘﻣﺮار ﻓﻲ ﻧﻴﺎﺑﺔ دﻤﺷﻖ ٕاﻠﻰ اﻻﻤﻴﺮ ٕاﻳﻨﺎل اﻠﺟﻛﻣﻲ ﻧﺎﺋﺐ اﻠﺷﺎم‬ ‫ٔ‬ ‫وﺣﻣﻟﺖ ﻫﺬﻩ اﻠﺨﻟﻌﺔ ﻋﻟﻰ ﻳﺪ اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﺑﻦ ٕاﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ٔ ٔ‬ ‫ﻤﻨﺟﻚ‪،‬وﻳﺒﺪو ﻤﻦ ﻫﺬﻩ اﻻﺧﺒﺎر ا ن اﻻﻤﻴﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻠﺪﻳﻦ ﻤﺤﻣﺪ ﻘﺪ ارﺴﻞ‬ ‫ﺴﻔﻴ ًﺮا اﻜـﺜﺮ ﻤﻦ ﻤﺮة وﻓﻲ ﻋﻬﻮد ﻤﺨﺘﻟﻔﺔ ٕاﻠﻰ ﻧﻮاب اﻠﺷﺎم ﻤﻦ ﻘﺒﻞ ﻋﺪة‬ ‫ﺴﻼﻃﻴﻦ ‪.‬‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺑﻌﺪ ﻓﻗﺪ راﻳﻨﺎ ﻤﻦ ﺧﻼل اﻠﺼﻔﺤﺎت اﻠﺳﺎﺑﻗﺔ ﻤﺷﺎرﻜﺔ اوﻻد اﻠﻨﺎس‬ ‫ﻓﻲ اﻠﺤﻴﺎة اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ ﺧﻼل اﻠﻌﺼﺮ اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ‪ ،‬وﻤﺳﺎﻫﻣﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻜ ـﺜﻴﺮ ﻤﻦ‬ ‫ٔ‬ ‫ﻤﻌﻄﻴﺎت ﻫﺬﻩ اﻠﺤﻴﺎة ﺣﺘﻰ ا ﻧﻬﻢ وﺻﻟﻮا ٕاﻠﻰ ﻤﺮاﺗﺐ ﺴﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻠﺟﻴﺶ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻣﻣﻟﻮﻜﻲ وﺗﻗﺪﻤﻮا ﻓﻲ ا ٕﻻﻤﺮات ﻓﺒﻟﻎ ﻤﻨﻬﻢ ﻋﺪد ﻻ ﺑﺎس ﺑﻪ ٕاﻠﻰ اﻤﻴﺮ ﻤﺌﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫وﺗﻗﺪﻤﺔ اﻠﻒ ووﺻﻞ اﻠﻌﺪﻳﺪ ٕاﻠﻰ ﻤﺮاﻜﺰ ﻃﻴﺒﺔ ﻓﻲ اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ‪ ،‬ﺴﻮاء وﻇﺎﺋﻒ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ارﺑﺎب اﻠﺳﻴﻮف او اﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻠﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ وﻜﺬﻠﻚ ادﻠﻮا ﺑﺪﻠﻮﻫﻢ ﻓﻲ ا ﺣﺪاث‬ ‫اﻠﺪوﻠﺔ اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻛﺎن ﻠﻬﻢ ﺗﻮاﺠﺪ ﻓﻲ اﻠﻔﺘﻦ واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻠﺘﻲ اﺸﺘﻬﺮ‬

‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺑﻬﺎ ذﻠﻚ اﻠﻌﺼﺮ‪ ،‬واﺻﺒﺤﺖ ﺴﻣﺔ ﻤﻦ ﺴﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬واﺴﻬﻣﻮا ﻓﻲ ﺗﺎدﻳﺐ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﻌﺮﺑﺎن اﻠﻣﺘﻣﺮدﻳﻦ ﺴﻮاء ﻓﻲ اﻠﺼﻌﻴﺪ واﻠﻮﺠﻪ اﻠﺒﺤﺮي‪ ،‬وا ﻳﻀﺎ ﺗﺎدﻳﺐ‬ ‫اﻠﻌﺮﺑﺎن ﻤﻦ ﻘﻄﺎع اﻠﻄﺮﻳﻖ اﻠ ﺬﻳﻦ ﻳﻗﻄﻌﻮن ﻃﺮﻳﻖ ﻘﻮاﻓﻞ اﻠﺤﺟﻴ ّ‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫اﻧﺘﻬﻴﻨﺎ ٕﺑﺎ ﺑﺮاز دورﻫﻢ ﻓﻲ اﻠﻌﻼﻘﺎت اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ اﻠﻮدﻳﺔ اﻠﺘﻲ ﻜﺎﻧﺖ ﺗﺮﺑﻂ‬ ‫ٔ‬ ‫ﺴﻼﻃﻴﻦ ﻤﺼﺮ اﻠﻣﻣﺎﻠﻴﻚ وﻤﻟﻮك دول اﻠﺟﻮار‪ ،‬وﻫﻛﺬا اوﺿﺤﻨﺎ دورﻫﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫اﻠﺳﻴﺎﺴﻲ ﺑﺷﻛﻞ اﺛﺒﺖ ﺗﻮاﺠﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺴﻴﺮة اﻻ ﺣﺪاث اﻠﺳﻴﺎﺴﻴﺔ ﺧﻼ ل‬ ‫ذﻠﻚ اﻠﻌﺼﺮ ﻫﺬﻩ ا ٕﻻﺴﻬﺎﻤﺎت اﻠﺘﻲ ﻠﻢ ﻳﻗﺘﺼﺮ دورﻫﻢ ﻋﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻜﺎن ﻠﻬﻢ‬ ‫ٔ‬ ‫ٕا ﺴﻬﺎﻤﺎت ا ﺧﺮي وﺗﻮاﺠﺪ ﻤﻟﺤﻮؤ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻠﻣﺟﺘﻣﻊ اﻠﻣﺼﺮي اﻻﺠﺘﻣﺎﻋﻴﺔ‬ ‫ٔ‬ ‫واﻠﺜﻗﺎﻓﻴﺔ وﻫﺬا ﻤﺎ ﺴﻮف ﻧﺘﻌﺮف ﻋﻟﻴﻪ ﺑﻮﺿﻮح اﻜـﺜﺮ‪.‬‬

‫‪ ‬ن ا‪ ‬ر‪‬‬ ‫دورﻳﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ‪.‬ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬

‫‪١٠٣‬‬


‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ– اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‬

‫‪‬א‪‬‬

‫‪١٠٤‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.