قضايا فكرية معاصرة

Page 1

‫قضايا معاصرة‬ ‫فى ظل ل‬

‫الصو ل العشرين‬ ‫للمام الشهيد حسن البنا‬

‫‪1‬‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫إن التاريخ السلمي في ك ل مراحله‪ ،‬يبرز فيه رجا ل يحتاج إليهم الموقف‪ ،‬فيسدون الثغرة‪،‬‬ ‫ويلبون الحاجة‪ ،‬ويقومون بالواجب المطلوب لزمانهم ومكانهم في إيقاظ المة‪ ،‬وترميم ما أصابه‬ ‫البلى أو التصدع في بنيانها‪.‬‬ ‫قد يكون الرج ل المنشود إماما أعظم كعمر بن عبد العزيز رضي ال عنه‪ ،‬وقد يكون أمي ار أو‬ ‫قائدا عسكريا مث ل نور الدين محمود أو صل ح الدين‪ ،‬وقد يكون إمام ا فكري ا ودعوياا‪ ،‬مث ل أبي‬

‫حامد الغزالي‪ ،‬وقد يكون مربيا روحيا مث ل عبد القادر الجيلني‪ ،‬وقد يكون مجددا فقهيا وتربويا‬ ‫إواصلحيا مث ل أبي العباس ابن تيمية‪ ،‬فك ل واحد من هؤل ء جدد فيما كان يفتقر إليه عصره‬ ‫وبيئته من جوانب التجديد الضرورية واللزمة‪.1‬‬ ‫وفي الربع الو ل من القرن العشرين‪ ،‬وبعد سقوط الخلفة عام ‪ ،1924‬أصبح وضع العالم‬ ‫السلمي عامة‪ ،‬ووضع مصر والعالم العربي خاصة‪ :‬يحتاج إلى رج ل ذي فكر ثاقب‪ ،‬وحس‬ ‫مرهف‪ ،‬إوايمان دافق‪ ،‬إوارادة صلبة‪ ،‬يشعر بما تعانيه المة من أمراض وآلم‪ ،‬ويقدر على‬ ‫تشخيص الدا ء‪ ،‬ووصف الدوا ء‪ ،‬ويصبر على متابعة مريضه‪ ،‬حتى ينتق ل به من مرحلة السقام‬ ‫إلى مرحلة العافية‪ ،‬ومنها إلى مرحلة القوة‪ .‬كان هذا الرج ل المنشود أو القائد المظفر‪ ،‬هو حسن‬ ‫البنا‪.‬‬ ‫كان حسن البنا قد عرف غايته وتبين طريقه‪ ،‬وعرف أن غايته كبيرة وضخمة‪ ،‬وأن طريقه شاقة‬ ‫وطويلة‪.‬‬ ‫أما الغاية فهي تجديد السلم في حياة المة‪ ،‬بد ءا بمصر وانتها ء بالمة السلمية كلها‪،‬‬ ‫وقيادتها به إلى الكرامة والعزة والستقرار والحيـاة الطيبـة‪ ،‬سعيا إلى الوحدة المنشودة والخلفة‬ ‫المفقودة‪ ،‬وعمل على نشر السلم في العالم‪ ،‬كما أرادها ال (وما أرسلناك إل رحمة للعالمين‬ ‫( )النبيا ء‪.(107-‬‬ ‫وأما الوسيلة‪ ،‬فهي تعريف المة بالسلم شامل متكامل‪ ،‬كما أنزله ال على رسوله محمد‬

‫صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫‪ 1‬رجال الفكر والدعوة‪ -‬أبو الحسن الندوي‬

‫‪2‬‬


‫بدأت هذه الدعوة منطلقة من فكر مؤسسها وشعوره الداخلي الغامر بأن عليه فرضا لمته يجب‬ ‫أن يؤديه‪ ،‬وأن لديه طاقة يجب أل يدخرها في إحيا ء المة‪ ،‬وتجديد دينها‪.‬‬ ‫بدأت الدعوة بسيطة ولكنها عميقة‪ ،‬محدودة ولكنها قوية‪ ،‬صغيرة في كمها ولكنها كبيرة في‬ ‫كيفها‪ ،‬فقيرة في مالها ولكنها غنية بما تملك من إيمان ل يتزعزع‪ ،‬قليلة المكانات ولكن لديها‬ ‫يقين وطمو ح وآما ل كبار‪.‬‬ ‫من السلم حددت أهدافها‪ ،‬ومن السلم عينت وسائلها ومناهجها‪ ،‬إوالى السلم ردت‬ ‫مرجعيتها‪.‬‬ ‫يسأ ل الناس‪ :‬من أنتم أيها الخوان؟‬ ‫ويجيب البنا‪ :‬قولوا لهؤل ء المتسائلين‪ :‬نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة‪ :‬طريقة صوفية‪،‬‬ ‫وجمعية خيرية‪ ،‬ومؤسسة اجتماعية‪ ،‬وحزب سياسي نظيف‪.‬‬ ‫نحن )السلم( فمن فهمه على وجهه الصحيح‪ ،‬فقد عرفنا‪.‬‬ ‫أيها الخوان أنكم رو ح جديد يسري في قلب هذه المة يحييه بالقرآن‪ ،‬ونور جديد يشرق فيبدد‬ ‫ظلم المادة بمعرفة ال‪ ،‬وصوت داو يعلو مرددا دعوة رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‪.2‬‬ ‫إن الحاجة إلى فهم السلم فهما صحيحا كما أأنز ل على محمد بن عبد ال صلى ال عليه‬

‫وسلم‪ ،‬وكما طبقه واقعا فى حياته وحياة الناس أفرادا وجماعات‪ ،‬وكما أقام به دولة السلم فى‬

‫المدينة لينطلق بها صحابته الكرام بذات الفهم لقامة دولة السلم العالمية والخلفة في‬ ‫الرض للتمكين لهذا الدين في الرض ك ل الرض يقو ل تعالى‪﴿) :‬إنن الددينن إعنند اللإه اإلسسلنأم‬ ‫إ‬ ‫وما اسختنلن ن نإ‬ ‫ب إلن إمن نبسعإد نما نجا ءأهأم اسلإعسلأم نبسغايا نبسيننهأسم نونمن نيسكفأسر إبيآنياإت اللإه فنإنن‬ ‫ف الذينن أسوتأوسا اسلكنتا ن‬ ‫نن‬ ‫اللإه نسإريعأ اسلإحنساإب ﴾ )آ ل عمران‪﴿ (19 :‬نونمن نيسبتنإغ نغسينر اإلسسلنإم إديانا نفنلن أيسقنبن ل إمسنهأ نوأهنو إفي‬ ‫ت نعلنسيأكسم نإسعنمإتي‬ ‫ت لنأكسم إديننأكسم نوأنتسنمسم أ‬ ‫الإخنرإة إمنن اسلنخاإسإرينن ﴾ )آ ل عمران‪﴿ (85 :‬اسلنيسونم أنسكنمسل أ‬ ‫ضطأنر إفي مسخمصةة نغسير متنجانإ ة‬ ‫ور إ‬ ‫ف دإلثسةم فنإنن اللهن نغأفورر نرإحيرم ﴾‬ ‫ت لنأكأم اإلسسلننم إديانا فننمإن ا س‬ ‫ضي أ‬ ‫ن أ ن‬ ‫ن ن ن‬ ‫نن‬ ‫)المائدة‪ :‬من الية ‪ ،(3‬ولهذا لزم الفهم الصحيح الشام ل للسلم‪ ،‬الفهم السليم النقلي الذي جا ء‬ ‫به رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ليتم هذا التمكين‪.‬‬

‫لقد صندر المام الشهيد حسن البنا أركان البيعة بالفهم‪ ،‬ووضع له أصولا عشرين؛ لتمدث ل‬ ‫الميثاق الذى يبايع عليه ال خ العام ل لأيعتبر كل ل أ خ حاراسا أميانا على هذا الفهم من أي تغيير‬ ‫‪ 2‬الوخوان المسلمون‪ -‬يوسف القرضاوي‪ ،‬ص‪.25 -‬‬

‫‪3‬‬


‫أو انحراف؛ وفاا ء ببيعته مع ال‪ ،‬فليلتزم بحدوده في حركته كلها‪ ،‬وليصبح هذا الفهم السياج‬ ‫الحامى من النزل ل والنحراف كذلك‪ .‬لقد ا ن‬ ‫طلع المام الشهيد على الكثير من الكتب والمراجع قب ل‬ ‫وضع الصو ل العشرين‪ ،‬مبلو ار قواعد فقهية ومسائ ل كلية من السلم لذا سماها أصولا‪.‬‬

‫فالفهم الصحيح يعين على سلمة العم ل وحسن التطبيق‪ ،‬ويقي صاحبه العثرات‪ ..‬قا ل الحسن‬

‫البصري‪ :‬العام ل على غير علم كالسائر على غير طريق‪ ،‬يفسد أكثر مما يصلح‪ ،‬فاطلبوا العلم‬ ‫طلبا ل يضر بالعبادة‪ ،‬واطلبوا العبادة طلبا ل يضر بالعلم‪.‬‬ ‫إن العبرة في التفضي ل ليست بكثرة المعارف والمحفوظات والعما ل‪ ،‬إوانما بجودة الفقه‪،‬‬ ‫وصحة الفهم‪ ،‬وسلمة الدراك‪ ..‬قا ل الرسو ل‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪" :-‬فقيه واحد أشد على‬

‫ضا‪" :‬ن ن‬ ‫ضر ال امرا ءا سمع منا حدياثا فحفظه حتى يبلغه غيره‪،‬‬ ‫الشيطان من ألف عابد"‪ ،‬وقا ل أي ا‬ ‫ب حام ل فقه إلى نمن هو أفقهأ منه‪ ،‬وأر ن‬ ‫فأر ن‬ ‫ب حام ل فقه ليس بفقيه"‪ ..‬يقو ل ابن القيم‪" :‬صحة‬ ‫الفهم‪ ،‬وحسن القصد من أعظم نعم ال التي أنعم بها على عبده‪ ،‬ب ل ما أأعطي عبرد عطاا ء بعد‬ ‫ق‬ ‫السلم أفضن ل ول أجن ل منهما‪ ،‬ب ل هما ساقا السلم‪ ،‬وقيامه عليهما‪ ،‬وبهما يأمن العبد طري ن‬

‫ق الضالين الذين فسدت فهومهم‪ ،‬ويصير من الأمننعم‬ ‫المغضوب عليهم الذين فنسد قصأدهم‪ ،‬وطري ن‬ ‫عليهم الذين حأسننت أفهاأمهم وقصوأدهم‪ ،‬وهم أه ل الصراط المستقيم في ك ل صلة‪ ،‬وصحة‬ ‫الفهم نورر يقذفه ال في قلب العبد‪ ،‬يمديز به بين الصحيح والفاسد‪ ،‬والحق والباط ل‪ ،‬والهندى‬ ‫والضل ل‪ ،‬والغلي والرشاد" )إعلم الموقعين(‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫رسالة التعاليم ‪ ..‬لمن ؟!‬

‫‪5‬‬


‫لقد صدر المام الشهيد رسالة التعاليم بهذه الكلمات‪:‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فهذه رسالتي إلى الخوان المجاهدين من الخوان المسلمين الذين آمنوا بسمو دعوتهم ‪ ،‬وقدسية‬ ‫فكرتهم ‪ ،‬وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها‪ ،‬أو يموتوا في سبيلها ‪ ،‬إلى هؤل ء الخوان فقط أوجه‬ ‫هذه الكلمات ‪ ،‬وهي ليست دروسا تحفظ ‪ ،‬ولكنها تعليمات تنفذ‪ ,‬فإلى العم ل أيها الخوان‬ ‫الصادقون‪) :‬نوأقإ ل اسعنملأوا فننسنينرى الأ نعنملنأكسم نونرأسولأهأ نواسلأمسؤإمأنونن نونستأنرلدونن إنلى نعالإإم اسلنغسيإب نوالنشنهاندإة‬ ‫فنينندبأئأكم بإما أكسنتأم تنعمألون( )التوبة‪) ,(105:‬وأننن هنذا إ‬ ‫ص نارإطي أمسستنإقيم ا نفاتنبإأعوهأ نول تنتنبإأعوا اللسأبن ل‬ ‫ن ن‬ ‫س سن ن‬ ‫أ س ن‬ ‫صاأكسم بإإه لننعلنأكسم تنتنأقونن( )النعام‪ .(153:‬أما غير هؤل ء‪ ..‬فلهم دروس‬ ‫ق بإأكسم نعسن نسإبيلإإه نذلإأكسم نو ن‬ ‫فنتنفننر ن‬

‫ومحاضرات‪ ,‬وكتب ومقالت‪ ,‬ومظاهر إواداريات‪ ,‬ولك ل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات‪ ,‬وكل‬

‫وعد ال الحسنى‪.‬‬

‫ل‪:‬‬ ‫ثم يبدأ الحديث عن أركان البيعة قائ ا‬

‫أيها الخوان الصادقون ‪ ..‬أركان بيعتنا عشر فاحفظوها‪:‬‬

‫الفهم و الخلص و العم ل و الجـهــاد و التضحية و الطاعة و الثبات و التجرد و الخـنوة و الثقة ‪.‬‬

‫ثم يقدم للحديث عن الفهم بهذه الكلمات‪:‬‬ ‫إنما أريد بالفهم ‪:‬‬

‫أن توقن بأن فكرتنا إسلمية صميمة و أن تفهم السلم كما نفهمه‪ ,‬في حدود هذه الصو ل‬ ‫العشرين الموجزة ك ل اليجاز ‪:‬‬ ‫لقد حدد الستاذ البنا أربع معالم لركن الفهم‪ ،‬لمن رضى أن يصطف معه على هذا الطريق‪ ،‬قب ل‬ ‫أن يفن إ‬ ‫ص ل ماهية الفهم فى أصوله العشرين وهى‪:‬‬ ‫أ‬ ‫‪.1‬‬

‫أن توقن ‪،‬‬

‫‪.2‬‬

‫بأن فكرتنا إسلمية صميمة ‪،‬‬

‫‪.3‬‬

‫و أن تفهم السلم كما نفهمه‪,‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪.4‬‬

‫في حدود هذه الصو ل العشرين الموجزة ك ل اليجاز‪.‬‬ ‫اليقين‬

‫لقد وجه المام الشهيد حسن البنا هذه الرسالة "إلى الخوان المجاهدين من الخوان المسلمين‬ ‫الذين آمنوا بسمو دعوتهم ‪ ،‬وقدسية فكرتهم ‪ ،‬وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها ‪ ،‬أو يموتوا في‬ ‫سبيلها" ‪ ..‬لذا كان الوصو ل لدرجة اليقين حاجة ماسة لهؤل ء؛ ليؤمنوا بسمو دعوتهم‪ ،‬وقدسية‬ ‫فكرتهم أبتداا ء‪ ،‬ثم للعزم الصادق على العيش بها أو الموت فى سبيلها امتداداا‪ .‬لذا يقرر الشهيد‬

‫سيد قطب هذه الحقيقة فى قوله‪" :‬فمن طبيعة المنهج الذي يرسمه هذا الدين‪ ،‬ومن حاجة البشرية‬ ‫إلى هذا المنهج‪ ،‬نستمد نحن يقيننا الذي ل يتزعزع‪ ،‬في أن المستقب ل لهذا الدين‪ ،‬وان له دو ار في‬ ‫هذه الرض هو مدعو لدائه ‪ -‬أراد أعداؤه كلهم أم لم يريدوا ‪ -‬وأن دوره هذا المرتقب ل تملك‬ ‫عقيدة أخرى‪ -‬كما ل يملك منهج آخر‪ -‬أن يؤديه‪ .‬وأن البشرية بجملتها ل تملك أن تستغني‬

‫طويلا عنه"‪ .3‬ثم كان الحديث عن الفكرة السلمية الصميمة‪...‬‬ ‫الفكرة اللسليمية الصيمييمة‬

‫ولن دعوة الخوان المسلمين تهدف للعودة بالمسلمين إلى دعوة السلم الولى كما جا ء بها محمد‬ ‫بن عبد ال صلى ال عليه وسلم؛ لذا فقد أكد المام الشهيد حسن البنا على أن‪" :‬دعوتنا دعوة‬ ‫أجمع ما توصف به أنها )إسلمية( ولهذه الكلمة معنى واسع غير ذلك المعنى الضيق الذي يفهمه‬ ‫الناس‪ ،‬فإنا نعتقد أن السلم معنى شام ل ينتظم شؤون الحياة جميعا‪ ،‬ويفتي في ك ل شأن منها‬ ‫ويضع له نظاما محكما دقيقا‪ ،‬ول يقف مكتوفا أمام المشكلت الحيوية والنظم التي ل بد منها‬ ‫لصل ح الناس‪ .‬فهم بعض الناس خطأ أن السلم مقصور على ضروب من العبادات أو‬ ‫أوضاع من الروحانية‪ ،‬و حصروا أنفسهم وأفهامهم في هذه الدوائر الضيقة من دوائر الفهم‬ ‫المحصور‪.‬‬ ‫ولكنا نفهم السلم على غير هذا الوجه فهما فسيحا واسعا ينتظم شؤون الدنيا والخرة ‪ ،‬ولسنا‬ ‫ندعي هذا ادعا ء أو نتوسع فيه من أنفسنا ‪ ،‬إوانما هو ما فهمناه من كتاب ال و سيرة المسلمين‬ ‫‪ 3‬المستقبل لهذا الدين – الشهيد سيد قطب‬

‫‪7‬‬


‫الولين‪ ،‬فإن شا ء القارئ أن يفهم دعوة الخوان بشي ء أوسع من كلمة إسلمية فليمسك بمصحفه‬ ‫وليجرد نفسه من الهوى والغاية ثم يتفهم ما عليه القرآن فسيرى في ذلك دعوة الخوان‪.‬‬ ‫أج ل ‪ :‬دعوتنا إسلمية ‪ ،‬بك ل ما تحتم ل الكلمة من معان ‪ ،‬فافهم فيها ما شئت بعد ذلك وأنت في‬ ‫فهمك هذا مقيد بكتاب ال وسنة رسوله وسيرة السلف الصالحين من المسلمين ‪ ،‬فأما كتاب ال فهو‬ ‫أساس السلم ودعامته وأما سنة نبيه فهي مبينة الكتاب وشارحته وأما سيرة السلف الصالح فهم‬ ‫رضوان ال عليهم منفذو أوامره والخذون بتعاليمه وهم المث ل العملية والصورة الماثلة لهذه الوامر‬ ‫والتعاليم"‪.4‬‬

‫حق ا لقد جا ءت رسالة السلم وقد عم الفساد أرجا ء الرض كلها بحيث لم يعد يرتجى لها صل ح‬

‫إل برسالة جديدة‪ ,‬ومنهج جديد‪ ,‬وحركة جديدة‪ .‬فقد طرق الكفر إلى عقائد أهلها جميعا سوا ء أه ل‬ ‫الكتاب الذين عرفوا الديانات السماوية من قب ل ثم حرفوها‪ ,‬أو المشركون في الجزيرة العربية وفي‬ ‫خارجها سوا ء‪.5‬‬ ‫إلى أن جا ء القرن السادس والسابع لميلد المسيح والذى مث ل أحط أدوار التاريخ بل خلف‪ .‬فقد‬ ‫كانت النسانية متدلية منحدرة‪ ،‬وما على وجه الرض قوة تمسك بيدها وتمنعها من التردي وقد‬ ‫زادتها اليام سرعة في هبوطها وشدة في إسفافها‪ .‬وكان النسان في هذا القرن قد نسي خالقه‪,‬‬ ‫فنسي نفسه ومصيره‪ ,‬وفقد رشده‪ ,‬وقوة التمييز بين الخير والشر‪ ,‬والحسن والقبيح‪ .‬وقد خفتت دعوة‬ ‫النبيا ء من زمن‪ ,‬والمصابيح التي أوقدوها قد انطفأت من العواصف التي هبت بعدهم‪ ,‬أو بقيت‬ ‫ونورها ضعيف ضئي ل ل ينير إل بعض القلوب‪ ,‬فضل عن البيوت‪ ,‬فضل عن البلد‪ .‬وقد‬ ‫انسحب رجا ل الدين من ميدان الحياة‪ ,‬ولذوا بالديرة والكنائس والخلوات ف ار ار بدينهم من الفتن‪,‬‬ ‫وضنا بأنفسهم‪ ,‬أو رغبة إلى الدعة والسكون‪ ,‬وف ار ار من تكاليف الحياة وجدها‪ ,‬أو فشل في كفا ح‬ ‫الدين والسياسة‪ ,‬والرو ح والمادة ; ومن بقي منهم في تيار الحياة اصطلح مع الملوك وأه ل الدنيا‬ ‫وعاونهم على إثمهم وعدوانهم‪ ,‬وأك ل أموا ل الناس بالباط ل‪ .. .‬لقد أصبحت الديانات العظيمة‬ ‫فريسة العابثين والمتلعبين ; ولعبة المجرمين والمنافقين‪ ,‬حتى فقدت روحها وشكلها‪ ,‬فلو بعث‬ ‫‪ 4‬دعوتنا – مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‬ ‫‪ 5‬تفسير سورة البينة – فى ظلل القرآن – الشهيد سيد قطب‬

‫‪8‬‬


‫أصحابها الولون لم يعرفوها ; وأصبحت مهود الحضارة والثقافة والحكم والسياسة مسر ح الفوضى‬ ‫والنحل ل والختل ل وسو ء النظام وعسف الحكام‪ ,‬وشغلت بنفسها ل تحم ل للعالم رسالة‪ ,‬ول للمم‬ ‫دعوة‪ ,‬وأفلست في معنوياتها‪ ,‬ونضب معين حياتها‪ ,‬ل تملك مشرعا صافيا من الدين السماوي‪ ,‬ول‬ ‫نظاما ثابتا من الحكم البشري‪ ..‬وكان ورا ء هذا الكفر ما ورا ءه من الشر والنحطاط والشقاق‬ ‫والخراب الذي عم أرجا ء الرض‪ .. .‬وبالجملة لم تكن على ظهر الرض أمة صالحة المزاج‪ ,‬ول‬ ‫مجتمع قائم على أساس الخلق والفضيلة‪ ,‬ول حكومة مؤسسة على أساس العد ل والرحمة‪ ,‬ول‬ ‫قيادة مبنية على العلم والحكمة‪ ,‬ل دين صحيح مأثور عن النبيا ء‪.6‬‬ ‫ومن ثم اقتضت رحمة ال بالبشرية إرسا ل رسو ل من عنده يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة‪ .‬ومن‬ ‫ثم جا ءت رسالة السلم وجا ء الرسو ل في وقته‪ ,‬وجا ءت هذه الصحف وما فيها من كتب وحقائق‬ ‫وموضوعات لتحدث في الرض كلها حدثا ل تصلح الرض إل به‪ .7‬فكان منهج السلم رسالة‬ ‫إسلمية صميمة جا ءت من عند ال للبشر ك ل البشر فى الرض ك ل الرض‪.‬‬ ‫و أن تفهم اللسلم كيما نفهيمه‬ ‫إن المام البنا وجه هذه الرسالة إلى الخوان المجاهدين من الخوان المسلمين الذين آمنوا بسمو‬ ‫دعوتهم‪ ،‬وقدسية فكرتهم‪ ،‬وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها‪ ،‬أو يموتوا في سبيلها‪ ،‬إواذا سألنا‪:‬‬

‫لماذا أقتصر المام البنا رسالته بهذا الخطاب على هؤل ء؟‬ ‫ولماذا يطالب هؤل ء بأن يفهموا السلم كما يفهمه؟‬

‫للجابة على هذا التساؤ ل لبد أن نذكر ما قررة المام الشهيد عن غاية جماعة الخوان‬ ‫المسلمين‪.‬‬

‫غاية الوخوان اليملسليمين‬ ‫يعم ل الخوان المسلمون لغايتين ‪ :‬غاية قريبة يبدو هدفها وتظهر ثمرتها لو ل يوم ينضم فيه الفرد‬ ‫إلى الجماعة ‪ ,‬أو تظهر الجماعة الخوانية فيه في ميدان العم ل العام ‪ .‬وغاية بعيدة لبد فيها من‬ ‫ترقب الفرص وانتظار الزمن وحسن العداد وسبق التكوين ‪.‬‬ ‫‪" 6‬ماذا وخسر العالم بانحطاط المسلمين"‪ -‬أبو الحسن علي الحسني الندوي‬ ‫‪ 7‬تفسير سورة البينة – فى ظلل القرآن – سيد قطب‬

‫‪9‬‬


‫فأما الغاية الولى‪ :‬فهي مساهمة في الخير العام أيا كان لونه ونوعه ‪ ,‬والخدمة الجتماعية كلما‬ ‫سمحت بها الظروف ‪.‬‬ ‫يتص ل ال خ بالخوان ‪ ,‬فيكون مطالبا بتطهير نفسه وتقويم مسلكه إواعداد روحه وعقله وجسمه‬

‫للجهاد الطوي ل الذي ينتظره في مستقب ل اليام ‪ ,‬ثم هو مطالب بأن يشيع هذه الرو ح في أسرته‬

‫وأصدقائه وبيئته ‪ ,‬فل يكون ال خ أخا مسلما حقا حتى يطبق على نفسه أحكام السلم وأخلق‬ ‫السلم ‪ ,‬ويقف عند حدود المر والنهي التي جا ء بها رسو ل ال صلى ال عليه وسلم عن ربه ‪:‬‬ ‫)وننسف ة‬ ‫ب نمسن ندنسانها( )الشمس‪:‬‬ ‫س نونما نسنوانها ‪ ,‬فنأنسلهننمنها فأأجونرنها نوتنسقنوانها ‪ ,‬قنسد أنسفلننح نمسن نزنكانها ‪ ,‬نوقنسد نخا ن‬ ‫ن‬ ‫‪. (10-7‬‬ ‫وتتكون الجماعة من جماعات الخوان ‪ ،‬فتتخذ دا ار وتعم ل علي تعليم الميين وتلقين الناس أحكام‬

‫الدين وتقوم بالوعظ والرشاد والصل ح بين المتخاصمين ‪ ،‬إواقامة المنشيآت النافعة من مدارس‬ ‫ومعاهد و مستوصفات ومساجد في حدود مقدرتها والظروف التي تحيط بها ‪ ،‬وكثير من شعب‬

‫الخوان ينهض بهذه الواجبات يؤديها غلي حالة مرضية من حسن الدا ء ‪.‬‬ ‫فه ل هذا ما يريده الخوان المسلمون ويجهزون أنفسهم له ويأخذونها به ؟!‬ ‫ل أيها الخوان ليس هذا ما نريد ‪ ،‬هو بعض ما نريد ابتغا ء مرضاة ال ‪ ..‬هو الهدف الو ل‬ ‫القريب ‪ ،‬صرف الوقت في طاعة وخير حتى يجي ء الظرف المناسب وتحين ساعة العم ل‬ ‫للصل ح الشام ل المنشود ‪.‬‬ ‫أما غاية الخوان الساسية ‪ ..‬أما هدف الخوان السمى ‪ ..‬أما الصل ح الذي يريده الخوان‬ ‫ويهيؤن له أنفسهم ‪ ..‬فهو إصل ح شام ل كام ل تتعاون عليه قوي المة جميع ا وتتجه نحوه المة‬

‫جميعا ويتناو ل ك ل الوضاع القائمة بالتغيير والتبدي ل ‪.‬‬

‫إن الخوان المسلمين يهتفون بدعوة ‪ ،‬ويؤمنون بمنهاج ‪ ،‬ويناصرون عقيدة ‪ ،‬ويعملون في سبي ل‬

‫إرشاد الناس إلى نظام اجتماعي يتناو ل شؤون الحياة جميع ا اسمه )السلم( ‪ ..‬نز ل به الرو ح‬

‫المين علي قلب سيد المرسلين ليكون به من المنذرين بلسان عربي أمين ‪ ..‬ويريدون بعث المة‬

‫السلمية النموذجية التي تدين بالسلم الحق ‪ ،‬فيكون لها هادي ا إوامام ا ‪ ،‬وتعرف في الناس بأنها‬

‫دولة القرآن التي تصطبغ به والتي تذود عنه والتي تدعو إليه والتي تجاهد في سبيله وتضحي في‬ ‫هذا السبي ل بالنفوس والموا ل ‪.‬‬ ‫‪10‬‬


‫لقد جا ء السلم نظام ا إوامام ا ‪ ،‬دين ا ودولة ‪ ،‬تشريع ا وتنفيذا ‪ ،‬فبقي النظام وزا ل المام ‪ ،‬واستمر‬

‫الدين وضاعت الدولة ‪ ،‬وازدهر التشريع وذوي التنفيذ ‪ .‬أليس هذا هو الواقع أيها الخوان ؟! إوال‬ ‫فأين الحكم بما أنز ل ال في الدما ء والموا ل والعراض ؟ وال تبارك وتعالي يقو ل لنبيه ‪) : r‬نوأنإن‬ ‫ك نعسن نبسع إ‬ ‫ك فنإسن تننولنسوا‬ ‫ض نما أنسننزن ل الأ إلنسي ن‬ ‫اسحأكسم نبسيننهأسم بإنما أنسننزن ل الأ نول تنتنبإسع أنسهنوان ءأهسم نواسحنذسرأهسم أنسن نيسفتإأنو ن‬ ‫نفاسعلنم أننما يإريأد ال أنن ي إ‬ ‫ض أذأنوبإإهسم إوإانن نكإثي ار إمنن الننا إ‬ ‫صينبهأسم بإنبسع إ‬ ‫س لننفاإسأقونن( )المائدة‪. (49:‬‬ ‫أ س أ‬ ‫س ن أ‬ ‫ن‬ ‫والخوان المسلمون يعلمون ليتأيد النظام بالحكام ‪ ،‬ولتحيا من جديد دولة السلم ‪ ،‬ولتشم ل بالنفاذ‬ ‫هذه الحكام ‪ ،‬ولتقوم في الناس حكومة مسلمة ‪ ،‬تؤيدها أمة مسلمة ‪ ،‬تنظم حياتها شريعة مسلمة‬ ‫ك نعنلى نشإرينعةة إمنن النسمإر نفاتنبإسعنها نول تنتنبإسع أنسهنوان ء‬ ‫أمر ال بها نبيه ‪ r‬في كتابه حيث قا ل ‪) :‬ثأنم نجنعسلننا ن‬ ‫النإذين ل يعلنمون ‪ ,‬إنهم لنن يسغنوا عسن ن إ إ‬ ‫ن إإ‬ ‫ضهأسم أنسوإلنياأ ء نبسع ة‬ ‫ض نوالأ نوإللي‬ ‫ك منن ال نشسيئا ن إوإانن الظالمينن نبسع أ‬ ‫أس س أ أ ن‬ ‫ن نس أ‬ ‫‪8‬‬ ‫اسلأمتنإقينن( )الجاثـية‪. (19-18:‬‬ ‫ل‪ " :‬إلى هؤل ء الخوان فقط أوجه هذه الكلمات ‪،‬‬ ‫لقد وجه المام البنا هذه الرسالة دون غيرها قائ ا‬ ‫وهي ليست دروس ا تحفظ ‪ ،‬ولكنها تعليمات تنفذ‪ ,‬فإلى العم ل أيها الخوان الصادقون"‪ .‬لذا فهذه‬

‫الرسالة بهذا الخطاب موجه لمن اصطف للعم ل لهذا الدين‪ ،‬لذلك ينادى فيهم كما نادى رسو ل ال‬ ‫ل‪ :‬وأريد بالخلص ‪:‬‬ ‫صلى ال عليه وسلم فى أصحابه بعد الفهم بالخلص قائ ا‬

‫أن يقصد ال خ المسلم بقوله وعمله وجهاده كله وجه ال‪ ,‬وابتغا ء مرضاته وحسن مثوبته من غير‬

‫نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر‪ ,‬وبذلك يكون جندي فكرة وعقيدة‪ ,‬ل‬ ‫جندي غرض و منفعة‪) ,‬أقس ل إنن صلإتي ونسإكي ومحياي ومماإتي إ‬ ‫ل نر د‬ ‫ب اسلنعالنإمينن( )النعام‪:‬‬ ‫ن‬ ‫نأ أ ن ن سن ن ن ن ن‬ ‫‪ ,(162‬وبذلك يفهم ال خ المسلم معنى هتافه الدائم )ال غايتنا( و )ال أكبر ول الحمد(‪.‬‬ ‫ثم يحدد مراتب العم ل الذى يدعوهم إليه‪ ،‬بعد التأكيد على أنه ثمرة العلم والخلص فيقو ل‪ :‬وأريد‬ ‫بالعم ل ‪:‬‬

‫ثمرة العلم والخلص ‪) :‬نوأقإ ل اسعنملأوا فننسنينرى الأ نعنملنأكسم نونرأسولأهأ نواسلأمسؤإمأنونن نونستأنرلدونن إنلى نعالإإم‬ ‫اسلنغسيإب نوالنشنهاندإة فنأينندبأئأكسم بإنما أكسنتأسم تنسعنمألونن( )التوبة‪. (105:‬‬ ‫ومراتب العم ل المطلوبة من الل خ الصادق ‪:‬‬

‫‪ 8‬رسالة المؤتمر السادس – مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫‪ – 1‬إصل ح نفسه حتى يكون ‪ :‬قوي الجسم‪ ,‬متين الخلق‪ ,‬مثقف الفكر‪ ,‬قاد ار على الكسب‪ ,‬سليم‬ ‫العقيدة‪ ,‬صحيح العبادة‪ ,‬مجاهدا لنفسه‪ ,‬حريصا على وقته‪ ,‬منظما في شؤونه‪ ,‬نافعا لغيره‪ ,‬وذلك‬ ‫واجب ك ل أ خ على حدته ‪.‬‬ ‫‪ -2‬وتكوين بيت مسلم‪ ,‬بان يحم ل أهله على احترام فكرته‪ ,‬والمحافظة على آداب السلم في‬ ‫مظاهر الحياة المنزلية‪ ,‬وحسن اختيار الزوجة‪ ,‬وتوقيفها على حقها و واجبها‪ ,‬وحسن تربية الولد‪,‬‬ ‫والخدم وتنشئتهم على مبادئ السلم‪ ,‬وذلك واجب ك ل أ خ على حدته كذلك ‪.‬‬ ‫‪ – 3‬إوارشاد المجتمع‪ ,‬بنشر دعوة الخير فيه‪ ,‬ومحاربة الرزائ ل و المنكرات‪ ,‬وتشجيع الفضائ ل‪,‬‬

‫والمر بالمعروف‪ ,‬والمبادرة إلى فع ل الخير‪ ,‬وكسب الرأي العام إلى جانب الفكرة السلمية‪,‬‬

‫وصبغ مظاهر الحياة العامة بها دائما‪ ,‬وذلك واجب ك ل أ خ على حدته‪ ,‬وواجب الجماعة كهيئة‬ ‫عاملة ‪.‬‬ ‫‪ – 4‬وتحرير الوطن بتخليصه من ك ل سلطان أجنبي ـ غير إسلمي ـ سياسي أو اقتصادي أو‬ ‫روحي ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬إواصل ح الحكومة حتى تكون إلسليمية بحق‪ ,‬وبذلك تؤدي مهمتها كخادم للمة و أجير‬

‫عندها وعام ل على مصلحتها‪ ,‬والحكومة إسلمية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض‬ ‫السلم غير متجاهرين بعصيان‪ ,‬وكانت منفذة لحكام السلم وتعاليمه ‪0‬‬

‫‪ - 6‬إعادة الكيان الدولي للمة السلمية‪ ,‬بتحرير أوطانها إواحيا ء مجدها وتقريب ثقافتها وجمع‬

‫كلمتها‪ ,‬حتى يؤدى ذلك كله إلى إعادة الخلفة المفقودة والوحدة المنشودة ‪.‬‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫‪ – 7‬وأستاذية العالم بنشر دعوة السلم في ربوعه )نونقاتألوأهسم نحنتى ل تنأكونن فتسننةر نونيأكونن الدديأن أكلهأ‬ ‫إ‬ ‫ل( )لنفا ل‪) ,(39:‬نونيسأنبى الأ إإل أنسن أيتإنم أنونرهأ نولنسو نكإرهن اسلنكاإفأرونن( )التوبة‪. (32:‬‬ ‫وهذه المراتب الربعة الخيرة تجب على الجماعة متحدة وعلى ك ل أ خ باعتباره عضوا في‬

‫الجماعة‪ ,‬وما أثقلها تبعات وما أعظمها مهمات‪ ,‬يراها الناس خيال ويراها ال خ المسلم حقيقة‪ ,‬ولن‬ ‫ب نعنلى أنسمإرإه ولنإكنن أنسكثننر الننا إ‬ ‫س ل نيسعلنأمونن( )يوسف‪:‬‬ ‫نيأس أبدا‪ ,‬ولنا في ال أعظم الم ل )نوالأ نغالإ ر‬ ‫ن‬ ‫‪. (21‬‬ ‫ل‪ :‬وأريد بالجهاد الفريضة‬ ‫ثم يطالبهم بالجهاد‪ ،‬فل تحيا دعوة إل بالجهاد‪ ،‬الذى يحدد معالمه قائ ا‬

‫الماضية إلى يوم القيامة و المقصود بقو ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم ‪) :‬من مات ولم يغز ولم‬

‫ينو الغزو مات ميتة جاهلية (‪ ,‬وأو ل مراتبه إنكار القلب‪ ,‬وأعلها القتا ل في سبي ل ال‪ ,‬وبين ذلك‬ ‫‪12‬‬


‫جهاد اللسان و القلم واليد وكلمة الحق عند السلطان الجائر‪ ,‬ول تحيا دعوة إل بالجهاد‪ ,‬وبقدر سمو‬ ‫الدعوة وسعة أفقها‪ ,‬وبقدر سمو الدعوة و سعة أفقها تكون عظمة الجهاد في سبيلها‪ ,‬وضخامة‬ ‫الثمن الذي يطلب لتأييدها‪ ,‬و جزالة الثواب للعاملين‪):‬وجاإهأدوا إفي ا إ‬ ‫ل نح ن‬ ‫ق إجنهاإدإه( )الحج‪.(78:‬‬ ‫نن‬ ‫وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم ‪) :‬الجهاد سبيلنا( ‪.‬‬ ‫ل‪ :‬وأريد بالتضحية ‪:‬‬ ‫ب ل ويطالبهم بالتضحية فل جهد بغير تضحية قائ ا‬

‫بذ ل النفس والما ل والوقت والحياة وك ل شي ء في سبي ل الغاية‪ ,‬وليس في الدنيا جهاد ل تضحية‬ ‫معه‪ ,‬ول تضيع في سبي ل فكرتنا تضحية‪ ,‬إوانما هو الجر الجزي ل والثواب الجمي ل ومن قعد عن‬ ‫التضحية معنا فهو آثم ‪) :‬إنن الن اسشتننرى إمنن اسلأمسؤإمإنينن أنسنفأنسهأسم نوأنسمنوالنهأسم( الية‪) ,‬أقس ل إسن نكانن آنباأؤأكسم‬ ‫ك بإأننهم ل ي إ‬ ‫إ‬ ‫ب( الية ‪ ),‬فنإسن تأإطيأعوا أيسؤتإأكأم اللنهأ أنسج ارا(‪,‬‬ ‫صيأبهأسم ن‬ ‫صر‬ ‫نوأنسبنناأؤأكسم‪ (..‬الية‪) ,‬نذل ن أ س أ‬ ‫ظنمأر نول نن ن‬ ‫وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم ‪) :‬والموت في سبي ل ال أسمى أمانينا( ‪.‬‬ ‫ثم يحدد لهم مراح ل الدعوة الثلث ودرجة الطاعة المرتبطة بك ل مرحلة على حدى‪ ،‬فيقو ل‪ :‬وأريد‬ ‫بالطاعة ‪:‬‬ ‫امتثا ل المر إوانفاذه توا في العسر واليسر والمنشط والمكره‪ ,‬وذلك أن مراح ل هذه الدعوة ثلث ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬التعريف ‪ :‬بنشر الفكرة العامة بين الناس‪ ,‬ونظام الدعوة في هذه المرحلة نظام الجمعيات‬ ‫الدارية‪ ,‬ومهمتها العم ل للخير العام ووسيلتها الوعظ والرشاد تارة إواقامة المنشيآت النافعة تارة‬

‫أخرى‪ ,‬إلى غير ذلك من الوسائ ل العملية‪ ,‬وك ل شعب الخوان القائمة الن تمث ل هذه المرحلة من‬ ‫حياة الدعوة‪ ,‬وينظمها القانون الساسي‪ ,‬وتشرحها وسائ ل الخوان وجريدتهم‪ ,‬والدعوة في هذه‬ ‫المرحلة عامة ‪.‬‬ ‫ويتص ل بالجماعة فيها ك ل من أراد من الناس متى رغب المساهمة في أعمالها ووعد بالمحافظة‬ ‫على مبادئها‪ ,‬وليست الطاعة التامة لزمة في هذه المرحلة بقدر ما يلزم فيها احترام النظم‬ ‫والمبادئ العامة للجماعة ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬التكوين ‪ :‬باستخلص العناصر الصالحة لحم ل أعبا ء الجهاد وضم بعضها إلى بعض‪,‬‬ ‫ونظام الدعوة – في هذه المرحلة – صوفي بحت من الناحية الروحية‪ ,‬وعسكري بحت من الناحية‬

‫‪13‬‬


‫العملية‪ ,‬وشعار هاتين الناحيتين )أمر وطاعة( من غير تردد ول مراجعة ول شك ول حرج‪ ,‬وتمث ل‬ ‫الكتائب الخوانية هذه المرحلة من حياة الدعوة‪ ,‬وتنظمها رسالة المنهج سابقا‪ ,‬وهذه الرسالة الن ‪.‬‬ ‫والدعوة فيها خاصة ل يتص ل بها إل من استعد استعدادا تاما حقيقيا لتحم ل أعبا ء جهاد طوي ل‬ ‫المدى كثير التبعات‪ ,‬وأو ل بوادر هذا الستعداد كما ل الطاعة ‪.‬‬ ‫‪ – 3‬التنفيذ ‪ :‬وهي مرحلة جهاد ل هوادة فيه ‪ ،‬وعم ل متواص ل في سبي ل الوصو ل إلى الغاية ‪،‬‬ ‫وامتحان وابتل ء ل يصبر عليهما إل الصادقون‪ ,‬ول يكف ل النجا ح في هذه المرحلة إل كما ل‬ ‫الطاعة كذلك وعلى هذا بايع الصف الو ل من الخوان المسلمين في يوم ‪ 5‬ربيع الو ل سنة‬ ‫‪1359‬هـ ‪.‬‬ ‫وأنت بانضمامك إلى هذه الكتيبة‪ ,‬وتقبلك لهذه الرسالة‪ ,‬وتعهدك بهذه البيعة‪ ,‬تكون في الدور‬ ‫الثاني‪ ,‬وبالقرب من الدور الثالث‪ ,‬فقلدر التبعة التي التزمتها وأعلد نفسك للوفا ء بها ‪.‬‬ ‫ل‪ :‬وأريد بالثبات ‪:‬‬ ‫ثم يطالبهم بالثبات على الجهاد فى العم ل ملتزم ا بالطاعة قائ ا‬

‫أن يظ ل ال خ عامل مجاهدا في سبي ل غايته مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والعوام‪ ,‬حتى‬ ‫يلقى ال على ذلك وقد فاز بإحدى الحسنيين‪ ,‬فإما الغاية إواما الشهادة في النهاية‪) ,‬إمنن اسلأمسؤإمإنينن‬ ‫إ إ‬ ‫ضى ننسحنبهأ نوإمسنهأسم نمسن نيسنتنإظأر نونما نبندلأوا تنسبإديلا(‬ ‫صندقأوا نما نعانهأدوا الن نعلنسيه فنمسنهأسم نمسن قن ن‬ ‫إرنجار ل ن‬ ‫)الحزاب‪ ,(23:‬والوقت عندنا جز ء من العلج‪ ,‬والطريق طويلة المدى بعيدة المراح ل كثيرة‬

‫العقبات‪ ,‬ولكنها وحدها التي تؤدي إلى المقصود مع عظيم الجر وجمي ل المثوبة ‪.‬‬ ‫وذلك أن ك ل وسيلة من وسائلنا الستة تحتاج إلى حسن العداد وتحين الفرص ودقة النفاذ‪ ,‬وك ل‬

‫ذلك مرهون بوقته )نونيأقوألونن نمنتى أهنو أقس ل نعنسى أنسن نيأكونن قنإريب ا( )السرا ء‪. (51:‬‬ ‫ل‪ :‬أريد بالتجرد‪:‬‬ ‫ثم يطالبهم بالتجرد للدعوة قائ ا‬

‫أن تتخلص لفكرتك مما سواها من المبادئ والشخاص ‪ ،‬لنها أسمى الفكر وأجمعها وأعلها ‪:‬‬ ‫ل ومن أنحسن إمن ا إ‬ ‫إ‬ ‫ل إ‬ ‫إ‬ ‫ت لنأكسم أسسنوةر نحنسننةر إفي إسب نارإهينم‬ ‫صسبنغةا( )البقرة‪) ,(138:‬قنسد نكانن س‬ ‫)صسبنغةن ا ن ن س س ن أ ن‬ ‫والنإذين معه إسذ نقالأوا لإقنوإمإهم إننا برآ ء إمسنأكم وإمنما تنعبأدون إمن أدوإن ا إ‬ ‫ل نكفنسرننا بإأكسم نونبندا نبسيننننا نونبسيننأكأم‬ ‫سأ ن س‬ ‫ن ن ننأ‬ ‫س س أن أ س ن‬ ‫‪14‬‬


‫اسلعنداوةأ واسلبسغضا ء أنبدا حنتى تأؤإمنوا إبا إ‬ ‫ك‬ ‫ك لن ن‬ ‫ك نونما أنسملإ أ‬ ‫ل نوسحندهأ إإل قنسون ل إسب نارإهينم لنإبيإه لنسستنسغإفنرنن لن ن‬ ‫س أ‬ ‫ن ن ن ن ن أ ن ن‬ ‫إمن ا إ‬ ‫ك اسلم إ‬ ‫صيأر( )الممتحنة‪. (4:‬‬ ‫ك تننونكسلننا ن إوإالنسي ن‬ ‫ل إمسن نشسية ء نرنبننا نعلنسي ن‬ ‫ن‬ ‫ك أنننسبننا ن إوإالنسي ن ن‬ ‫والناس عند ال خ الصادق واحد من ستة أصناف‪ :‬مسلم مجاهد‪ ,‬أو مسلم قاعد ‪ ،‬أو مسلم آثم ‪،‬‬ ‫أو ذمي معاهد ‪ ،‬أو محايد ‪ ،‬أو محارب‪ ,‬ولك ل حكمه في ميزان السلم‪ ,‬وفى حدود هذه‬ ‫القسام توزن الشخاص والهيئات ‪ ،‬ويكون الول ء أو العدا ء ‪.‬‬ ‫ثم يجمع القلوب فى الشرق والغرب‪ ،‬بعيدا عن التعصب المذموم لجنس أو عرق أو لون‪،‬‬

‫على رابطة الخوة السلمية لإعادة الكيان الدولي للمة السلمية‪ ,‬بتحرير أوطانها إواحيا ء‬ ‫مجدها وتقريب ثقافتها وجمع كلمتها‪ ,‬حتى يؤدى ذلك كله إلى إعادة الخلفة المفقودة والوحدة‬ ‫المنشودة فيقو ل‪ :‬وأريد بالخوة ‪:‬‬

‫أن ترتبط القلوب والروا ح برباط العقيدة ‪ ،‬والعقيدة أوثق الروابط وأغلها ‪ ،‬والخوة أخت اليمان ‪،‬‬ ‫والتفرق أخو الكفر ‪ ،‬وأو ل القوة ‪ :‬قوة الوحدة ‪ ،‬ول وحدة بغير حب‪ ,‬وأق ل الحب‪ :‬سلمة الصدر‪,‬‬ ‫إ‬ ‫ك‬ ‫ق أشنح ننسفإسإه فنأأولنئإ ن‬ ‫صةر نونمسن أيو ن‬ ‫صا ن‬ ‫وأعله ‪ :‬مرتبة اليثار‪) ,‬نوأيسؤثإأرونن نعنلى أنسنفأسإهسم نولنسو نكانن بإإهسم نخ ن‬ ‫أهأم اسلأمسفلإأحونن( )الحشر‪. (9:‬‬ ‫وال خ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه من نفسه ‪ ،‬لنه إن لم يكن بهم ‪ ،‬فلن يكون بغيرهم ‪ ،‬وهم‬

‫إن لم يكونوا به كانوا بغيره‪ ) ,‬إوانما يأك ل الذئب من الغنم القاصية(‪) ,‬والمؤمن للمؤمن كالبنيان‪ ،‬يشد‬

‫ضهأسم أنسوإلنياأ ء نبسع ة‬ ‫ض( )التوبة‪ ,(71:‬وهكذا يجب أن نكون‬ ‫بعضه بعض ا(‪) .‬نواسلأمسؤإمأنونن نواسلأمسؤإمننا أ‬ ‫ت نبسع أ‬ ‫‪.‬‬

‫ل‪ :‬وأريد بالثقة ‪:‬‬ ‫ثم يكون الحديث عن الثقة الزمة بين هؤل ء وقيادتهم قائ ا‬

‫اطمئنان الجندي إلى القائد في كفا ءته إواخلصه اطمئنانا عميقا ينتج الحب والتقدير والحترام‬ ‫ك إفينما نشنجنر نبسيننهأسم ثأنم ل نيإجأدوا إفي أنسنفأإسإهسم نحنرجا إمنما‬ ‫ك ل أيسؤإمأنونن نحنتى أينحدكأمو ن‬ ‫والطاعة‪) ,‬نفل نونردب ن‬ ‫ت نوأينسلدأموا تنسسإليم ا( )النسا ء‪. (65:‬‬ ‫ضسي ن‬ ‫قن ن‬ ‫والقائد جز ء من الدعوة ‪ ،‬ول دعوة بغير قيادة ‪ ،‬وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون‬ ‫قوة نظام الجماعة ‪ ،‬إواحكام خططها ‪ ،‬ونجاحها في الوصو ل إلى غايتها‪ ,‬وتغلبها على ما‬ ‫ف( )محمد‪. (21-20:‬‬ ‫يعترضها من عقبات )فنأنسونلى لنهأسم ن‬ ‫طانعةر نوقنسور ل نمسعأرو ر‬ ‫وللقيادة في دعوة الخوان‪:‬‬ ‫‪15‬‬


‫‪ .1‬حق الوالد بالرابطة القلبية‪,‬‬ ‫‪ .2‬و الستاذ بالفادة العلمية‪,‬‬ ‫‪ .3‬والشيخ بالتربية الروحية‪,‬‬ ‫‪ .4‬والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة‪,‬‬ ‫ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا‪ ,‬والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات ‪.‬‬ ‫ولهذا يجب أن يسأ ل ال خ الصادق نفسه هذه السئلة ليتعرف على مدى ثقته بقيادته ‪:‬‬ ‫‪ – 1‬ه ل تعرف إلى قائده من قب ل و درس ظروف حياته ؟‬ ‫‪ – 2‬ه ل اطمأن إلى كفايته إواخلصه ؟‬

‫‪ – 3‬هله هو مستعد لعتبار الوامر التي تصدر إليه من القيادة في غير معصية طبعا قاطعا ل‬ ‫مجا ل فيها للجد ل ول للتردد ول للنتقاص ول للتحوير مع إبدا ء النصيحة والتنبيه إلى الصواب؟‬ ‫‪ – 4‬ه ل هو مستعد لن يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة والصواب‪ ,‬إذا تعارض ما أمر به‬ ‫مع ما تعلم في المسائ ل الجتهادية التي لم يرد فيها نص شرعي ؟‬ ‫‪ – 5‬ه ل هو مستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرف الدعوة ؟ وه ل تملك القيادة في نظره حق‬ ‫الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة ‪.‬‬ ‫بالجابة على هذه المثلة وأشباهها يستطيع ال خ الصادق أن يطمئن على مدى صلته بالقائد‪,‬‬ ‫ت نما إفي النسر إ‬ ‫ض نجإميع ا نما‬ ‫وثقته به‪ ,‬والقلوب بيد ال يصرفها كيف يشا ء )نوأنلن ن‬ ‫ف نبسينن أقألوبإإهسم لنسو أنسنفنسق ن‬ ‫ف نبسيننهأسم إنهأ نعإزيرز نحإكيرم( )لنفا ل‪. (63:‬‬ ‫ت نبسينن أقألوبإإهسم نولنإكنن الن أنلن ن‬ ‫أنلنسف ن‬ ‫ل‪ :‬أيها ال خ الصادق ‪:‬‬ ‫ثم يلزم هؤل ء ببرنامج عملى قائ ا‬

‫إن إيمانك بهذه البيعة يوجب عليك أدا ء هذه الواجبات حتى تكون لبنة قوية في البنا ء‪.9‬‬ ‫ل‪ :‬أيها ال خ الصادق ‪:‬‬ ‫ثم يختتم المام الشهيد رسالته إلى هؤل ء قائ ا‬

‫هذه مجم ل لدعوتك‪ ,‬وبيان موجز لفكرتك‪ ,‬وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات‪:‬‬ ‫)ال غايتنا‪ ,‬والرسو ل قدوتنا‪ ,‬والقرآن شرعتنا‪ ,‬والجهاد سبيلنا‪ ,‬والشهادة أمنيتنا( ‪.‬‬ ‫وأن تجمع مظاهرها في خمس كلمات أخرى ‪:‬‬

‫‪ 9‬انظر فصل‪ :‬البرنامج العملى – واجبات ال خ العامل‬

‫‪16‬‬


‫‪.1‬‬

‫البساطة‪,‬‬

‫‪.2‬‬

‫والتلوة‪,‬‬

‫‪.3‬‬

‫والصلة‪,‬‬

‫‪.4‬‬

‫والجندية‪,‬‬

‫‪.5‬‬

‫والخلق ‪.‬‬ ‫فخذ نفسك بشدة بهذه التعاليم‪ ,‬إوال ففي صفوف القاعدين متسع للكسالى والعابثين ‪.‬‬

‫وأعتقد أنك إن عملت بها وجعلتها أم ل حياتك وغاية غايتك‪ ,‬كان جزاؤك العزة في الدنيا والخير‬ ‫والرضوان في الخرة‪ ,‬وأنت منا ونحن منك‪ ,‬إوان انصرفت عنها وقعدت عن العم ل لها فل صلة‬

‫بيننا وبينك‪ ,‬إوان تصدرت فينا المجالس وحملت أفخم اللقاب وظهرت بيننا بأكبر المظاهر‪,‬‬

‫وسيحاسبك ال على قعودك أشد الحساب‪ ,‬فاختر لنفسك ونسأ ل ال لنا ولك الهداية و التوفيق ‪.‬‬ ‫) نيا أنلينها النإذينن آنمأنوا نهس ل أنأدللأكسم نعنلى تإنجانرة تأسنإجيأكسم إمسن نعنذاةب أنإليةم ‪:‬‬ ‫) ‪ ( 1‬تأؤإمنون إبا إ‬ ‫ل نونرأسولإإه‬ ‫س أ ن‬ ‫) ‪ ( 2‬وتأجاإهأدون إفي سإبيإ ل ا إ‬ ‫ل بإأنسمنوالإأكسم نوأنسنفأإسأكسم نذلإأكسم نخسيرر لنأكسم إسن أكسنتأسم تنسعلنأمونن ‪:‬‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪ - 1‬نيسغإفسر لنأكسم أذأنونبأكسم‬ ‫ك اسلفنسوأز اسلنعإظيأم‬ ‫‪ - 2‬نوأيسدإخسلأكسم نجنناةت تنسجإري إمسن تنسحتإنها النسننهاأر نونمنساإكنن ن‬ ‫طدينبةا إفي نجنناإت نعسدةن نذلإ ن‬ ‫‪ - 3‬وأسخرى تأإحلبونها نصر إمن ا إ‬ ‫ل‬ ‫ن ن ن سر ن‬ ‫ن ن‬ ‫ب نونبدشإر اسلأمسؤإمإنينن ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬نوفنتسرح قنإري ر‬ ‫ل نكما نقان ل إعيسى ابن مريم لإسلحواإرديين من أنسنصاإري إنلى ا إ‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫ل نقان ل‬ ‫ن س أ ن س نن ن ن ن ن س ن‬ ‫نيا أنلينها الذينن آنمأنوا أكوأنوا أنسن ن‬ ‫صانر ا ن‬ ‫اسلحواإرليون نحن أنسنصار ا إ‬ ‫طائإفنةر فنأننيسدننا النإذينن آنمأنوا نعنلى‬ ‫ت ن‬ ‫ت ن‬ ‫طائإفنةر إمسن نبإني إسسرائين ل نونكفننر س‬ ‫ل نفيآنمنن س‬ ‫نن ن ن س أ ن أ‬ ‫ظاإهإرينن( )الصف‪. (14-10:‬‬ ‫صنبأحوا ن‬ ‫نعأددوإهسم فنأن س‬ ‫ل‪ :‬أن تفهم السلم كما نفهمه‪.. ,‬‬ ‫من أج ل ذلك كله كان لبد من خاطب هؤل ء قائ ا‬ ‫في حدود هذه الصول العشرين اليموجزة كل اليجاز‬ ‫لقد حدثت فتنة التكفير فى سجون عبد الناصر‪ ،‬فراجع قادة الخوان من شذ عن الصف بهذه‬ ‫الفكار‪ ،‬راجعوا فكرهم على الصو ل العشرين؛ فتفقوا معا على جميع أصو ل الفهم عدا الص ل‬

‫العشرين الذى يقرر فيه الستاذ البنا‪" :‬ول نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعم ل بمقتضاهما وأدى‬ ‫‪17‬‬


‫الفرائض ـ برأي أو بمعصية ـ إل إن أقر بكلمة الكفر‪ ,‬أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة‪ ,‬أو كذب‬ ‫صريح القرآن‪ ,‬أو فسره على وجه ل تحتمله أساليب اللغة العربية بحا ل‪ ,‬أو عم ل عمل ل يحتم ل‬ ‫تأويل غير الكفر"‪.‬‬ ‫فكان الفصا ل البين بينهما بقو ل المرشد المستشار حسن الهضيبى‪" :‬إذا فلتأخذوا لفتة غير لفتة‬

‫الخوان المسلمين"‪ .‬فخرجوا عن الجماعة التى كانت أو ل من أنكر فكرهم ‪ ،‬ب ل وأصدر المستشار‬

‫حسن الهضيبى رسالته الشهر ‪ :‬دعاة ل قضاة ‪ ،‬والتى فص ل فيها ما أجمله الستاذ البنا فى‬ ‫ل‪ :‬أن تفهم السلم كما‬ ‫الص ل العشرين لذا كان المام الشهيد محددا وهو يقرر خطابه لهؤل ء قائ ا‬

‫نفهمه‪ ,‬في حدود هذه الصو ل العشرين الموجزة ك ل اليجاز‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫وقفات مع‬ ‫الصو ل العشرين‬

‫‪19‬‬


‫الصل‪ :‬الول‬ ‫شمولية السلم‬ ‫السلم نظام شام ل يتناو ل مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة ‪ ،‬وهو خلق وقوة‬ ‫أو رحمة وعدالة ‪ ،‬وهو ثقافة وقانون أو علم وقضا ء ‪ ،‬وهو مادة أو كسب وغنى ‪ ،‬وهو جهاد ودعوة‬ ‫أو جيش وفكرة ‪ ،‬كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سوا ء بسوا ء ‪.‬‬ ‫فى هذا الص ل الذى أريد أن يغيب عن حياة المسلمين قديم ا وحديث ا ‪ ،‬والذى يمث ل‬

‫حجر الزاوية فى الصو ل كلها؛ فهو بمثابة الفكرة الكلية الجامعة التى يدور حولها باقى‬

‫الصو ل تأصيلا وتفصيلا ‪ ..‬لذا وجدنا أنه من الفض ل أن نرجع إلى كلم الستاذ البنا فى‬

‫رسائله ‪ ..‬نعيد قرا ءة ما كتبه عن هذا الص ل‪ .‬ولكن لنذكر أولا المعنى الجامع لتعريف دين‬ ‫السلم‪..‬‬

‫التعريف الول ‪:‬‬ ‫فالسلم هو ما جا ء في حديث جبري ل عليه السلم حيث جا ء بهيئة أعرابي يسأ ل رسو ل ال‬ ‫ليسمع الحاضرين ويتعلموا أمور دينهم جا ء في الحديث ) فأخبرني عن السلم ( فقا ل الرسو ل‬ ‫) السلم أن تشهد أن ل إله إل ال وأن محمد رسو ل ال ‪ ،‬وتقيم الصلة ‪ ،‬وتؤتي الزكاة ‪،‬‬ ‫وتصوم رمضان ‪ ،‬وتحج البيت إن استطعت إليه سبيل (‪.‬‬ ‫التعريف الثاني ‪:‬‬ ‫] السلم هو الخضوع والستسلم والنقياد ل رب العالمين [ ويشترط فيه إن يكون اختياري ا ل‬

‫قس ار لن الخضوع القسري ل رب العالمين أي للسنة الكونية أمرعام بالنسبة لجميع المخلوقات‬ ‫ول ثواب فيه ول عقاب فيه قا ل تعالى ) أفغير دين ال يبغون وله أسلم من في السموات‬

‫والرض طوعا وكرها واليه يرجعون (‬ ‫ فك ل مخلوق خاضع ل ولسنته في جوده وبقائه والنسان كغيره من المخلوقات في هذا‬‫الخضوع القسري ‪.‬‬ ‫ أما الخضوع الختياري ل رب العالمين فهذا هو جوهر السلم المطالب به النسان وعليه‬‫يكون الثواب والعقاب ومظهر النقياد التام لشرع ال تمام الرضى والقبو ل وبل قيد ول شرط ول‬ ‫تعقيب ومن ثم كان السلم بهذا المعنى هو دين ال المرضي عنده وأوحى به إلى رسله الكرام‬ ‫‪20‬‬


‫وبلغوه إلى الناس قا ل تعالى‪ ) :‬أن الدين عند ال السلم ( ) ومن يبتغ غير السلم دينا فلن‬ ‫يقب ل منه وهو في الخرة من الخاسرين ( ) ومن يسلم وجهه ل وهو محسن فقد استمسك‬ ‫بالعروة الوثقى إوالى ال عاقبة المور ( ) ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن ال‬ ‫اصطفى لكم الدين فل تموتن إل وانتم مسلمون أم كنتم شهدا ء إذ حضر يعقوب الموت إذ قا ل‬ ‫لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك إواله آبائك إبراهيم إواسماعي ل إواسحاق إلها واحدا‬ ‫ونحن له مسلمون ( ‪.‬‬ ‫التعريف الثالث ‪:‬‬ ‫]السلم هو النظام العام والقانون الشام ل لمور الحياة ومناهج السلوك للنسان التي جا ء بها‬ ‫محمد رسو ل ال من ربه وأمره بتبليغها إلى الناس وما يترتب على إتباعها أو مخالفتها من ثواب‬ ‫أو عقاب [ قا ل تعالى‪ ) :‬ومن يبتغ غير السلم دين ا فلن يقب ل منه وهو في الخرة من‬

‫الخاسرين ( فالدين هنا يتضمن المعاني التي ذكرنها ويستلزم غيرها وهي بمجموعها تعني‬ ‫السلم الذي جا ء به رسو ل ال من رب العالمين ‪.‬‬ ‫التعريف الرابع ‪:‬‬ ‫] السلم هو مجموعة ما أنز ل ال تعالى على رسوله من أحكام العقيدة والخلق والعبادات‬ ‫والخبارات في القران الكريم والسنة المطهرة وقد أمره ال بتبليغها إلى الناس [‬ ‫قا ل تعالى‪ ) :‬يا أيها الرسو ل بلغ ما أنز ل إليك من ربك وأن لم تفع ل فما بلغت رسالته وال‬ ‫يعصمك من الناس ( المائدة ] ‪ [67‬وما أنز ل ال عليه هو القران الكريم والسنة وفيهما جميع‬ ‫الحكام التي ذكرناها وهي دين ال وهو السلم ‪.‬‬ ‫التعريف الوخايمس ‪:‬‬ ‫] السلم هو الجوبة الصحيحة لثلثة أسئلة شغلت عقو ل البشر في القديم وفي الحديث وترد‬ ‫على فكر ك ل إنسان كلما خل بنفسه وسر ح خواطر في أمور الحياة أوشيع ميتا أو شاهد قبو ار ‪،‬‬

‫وهذه السئلة هي ‪ :‬من أين جئنا ؟ ولماذا جئنـا ؟ إوالى أين المصير ؟ [‬ ‫‪21‬‬


‫والجوبة الصحيحة لهذه السئلة التي أخبر بها الرسو ل صلى ال عليه وسلم وتكون‬ ‫بمجموعاتها تفصيلتها السلم ‪.‬‬ ‫التعريف اللسادس ‪:‬‬ ‫] السلم هو الرو ح الحقيقية للنسان والنور الهادي في درب الحياة والشفا ء الكافي لمراض‬ ‫البشرية والصراط الذي ليض ل من سلكه [ قا ل تعالى‪ ) :‬وكذلك أوحينا إليك روح ا من أمرنا ما‬

‫كنت تدري ما الكتاب ول اليمان ولكم جعلناه نو ار نهدي به من نشا ء من عبادنا إوانك لتهدي‬ ‫إلى صراط مستقيم صراط ال الذي له ما في السموات وما في الرض أل إلى ال تصير‬ ‫المور ( الشورى ]‪ .[52‬وقا ل تعالى‪ ) :‬وننز ل من القران ما هو شفا ء ورحمة للمؤمنين (‬ ‫السرا ء‪ .‬وقا ل تعالى‪ ) :‬ق ل هو للذين آمنوا هدى وشفا ء ( فصلت ]‪.[44‬‬

‫إن هذه التعاريف التى ذكرناها كلها صحيحة ول تناقض فيما بينها ول إختلف لن ك ل‬ ‫واحد منها يستلزم أو يتضمن ما في التعريف الخر إن الختلف فيما بينها هو اختلف‬ ‫اللفاظ ل في المعاني التى يبرزها هذا التعريف دون ذاك وهذا القدر من الختلف ل يؤثر في‬ ‫وحدة مضمون التعاريف ودللتها على معنى السلم صراحة أو التضمن والستلزام‪.10‬‬ ‫إسلم الخوان المسلمين‬ ‫تحت هذا العنوان يقو ل الستاذ البنا رحمه ال‪ :‬و اسمحوا لي إخواني استخدام هذا‬ ‫التعبير‪ ،‬و لست أعني به أن للخوان المسلمين إسلم ا جديدا غير السلم الذي جا ء به سيدنا‬

‫محمد صلى ال عليه وسلم عن ربه‪ ،‬و إنما أعني أن كثي ار من المسلمين في كثير من العصور‬ ‫خلعوا عن السلم نعوتا و أوصافا و رسوما من عند أنفسهم‪ ،‬و استخدموا مرونته و سعته‬

‫استخدام ا ضا ار مع أنها لم تكن إل للحكمة السامية‪ ،‬فاختلفوا في معنى السلم اختلفاا‪ ،‬و‬

‫انطبعت للسلم في نفس أبنائه صور عدة تقرب أو تبعد أو تنطبق على السلم الو ل الذي‬

‫مثله رسو ل ال و أصحابه خير تمثي ل‪.‬‬ ‫فمن الناس من ل يرى السلم شيئا غير حدود العبادة الظاهرة فإن أداها أو رأى من يؤديها‬

‫اطمأن إلى ذلك و رضي به و حسبه قد وص ل إلى لب السلم‪ ،‬و ذلك هو المعنى الشائع عند‬ ‫‪ 10‬شمولية السلم – موقع ينابيع تربوية ‪/www.yanabeea.net‬‬

‫‪22‬‬


‫عامة المسلمين‪.‬‬ ‫و من الناس من يرى السلم إل الخلق الفاض ل و الروحانية الفياضة‪ ،‬و الغذا ء الفلسفي الشهي‬ ‫للعق ل و الرو ح‪ ،‬و البعد بهما عن أدران المادة الطاغية الظالمة‪.‬‬ ‫و منهم من يقف إسلمه عند حد العجاب بهذه المعاني الحيوية العملية في السلم فل‬ ‫يتطلب النظر إلى غيرها و ل يعجبه التفكير في سواها‪.‬‬ ‫و منهم من يرى السلم نوع من العقائد الموروثة و العما ل التقليدية التي ل غنا ء فيها و ل‬ ‫تقدم معها‪ ،‬فهو متبرم بالسلم و بك ل ما يتص ل بالسلم‪ ،‬و تجد هذا المعنى واضح ا في‬

‫نفوس كثير من الذين ثقفوا ثقافة أجنبية و لم تتح لهم فرص حسن التصا ل بالحقائق السلمية‬

‫ل‪ ،‬أو عرفوه صورة مشوهة بمخالطة من لم يحسنوا تمثيله‬ ‫فهم لم يعرفوا عن السلم شيئا أص ا‬ ‫من المسلمين‪.‬‬

‫و تحت هذه القسام جميع ا تندرج أقسام أخرى يختلف نظر ك ل منها إلى السلم عن نظر‬

‫الخر قليلا أو كثي ارا‪ ،‬وقلي ل من الناس أدرك السلم صورة كاملة واضحة تنتظم هذه المعاني‬ ‫جميعا‪.‬‬

‫هذه الصور المتعددة للسلم الواحد في نفوس الناس جعلتهم يختلفون اختلفا بينا في فهم‬ ‫الخوان المسلمون وتصور فكرتهم‪.‬‬ ‫فمن الناس من يتصور الخوان المسلمون جماعة وعظية إرشادية ك ل همها أن تقدم للناس‬ ‫العظات فتزهدهم في الدنيا و تذكرهم بالخرة‪.‬‬ ‫و منهم من يتصور الخوان المسلمين طريقة صوفية تعني بتعليم الناس ضروب الذكر و فنون‬ ‫العبادة و فنون العبادة و ما يتبع ذلك من تجرد و زهادة‪.‬‬ ‫و منهم من يظنهم جماعة نظرية فقهية ك ل نظرهم أن تقف عند طائفة من الحكام تجاد ل فيها‬ ‫و تناض ل عنها‪ ،‬و تحم ل الناس عليها و تخاصم أو تسالم من لم يسلم بها معها‪.‬‬ ‫و قلي ل من الناس خالطوا الخوان المسلمين و امتزجوا بهم و لم يقفوا عند حدود السماع و لم‬ ‫يخلعوا على الخوان المسلمين إسلم ا يتصورنه هم‪ ،‬فعرفوا حقيقتهم و أدركوا ك ل شي ء عن‬

‫ل‪ ،‬وهذا أحببت أن أتحدث لحضراتكم عن معنى السلم و صورته الماثلة‬ ‫دعوتهم علما وعم ا‬

‫في نفوس الخوان‪ ،‬المسلمين‪ ،‬حتى يكون الساس الذي ندعو إليه و نعتز بالنتساب له و‬ ‫الستمداد منه واضح ا جلياا‪.‬‬ ‫‪23‬‬


‫) ‪ ( 1‬نحن نعتقد أن أحكام السلم و تعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا و الخرة‪ ،‬و‬ ‫أن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناو ل الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي‬ ‫مخطئون في هذا الظن‪ ،‬فالسلم عقيدة و عبادة‪ ،‬و وطن و جنسية‪ ،‬و دين ودولة‪ ،‬و روحانية‬ ‫و عم ل‪ ،‬و مصحف و سيف‪ ،‬و القرآن الكريم ينطق بذلك كله و يعتبره من لب السلم و من‬ ‫ك‬ ‫صميمه و يوصي بالحسان فيه جميعه‪ ،‬و إلى هذا تشير الية الكريمة ‪:‬‬ ‫)نواسبتنإغ إفينما آنتا ن‬ ‫ال الندار الإخرةن ول تنسنس نن إ‬ ‫ك إمنن اللدسننيا نوأنسحإسسن نكنما أنسحنسنن الأ إلنسينك( )القصص‪(77:‬‬ ‫صينب ن‬ ‫ن‬ ‫أ ن‬ ‫ن ن‬

‫و إنك لتق أر في القرآن و في الصلة إن شئت قو ل ال تبارك و تعالي في العقيدة و العبادة ‪:‬‬ ‫)وما أإمروا إلل لإيعبأدوا ال مسخلإ إ‬ ‫ك إديأن‬ ‫صينن لنهأ الددينن أحنننفان ء نوأيإقيأموا ال ن‬ ‫صلةن نوأيسؤتأوا النزنكاةن نونذلإ ن‬ ‫ن سأ‬ ‫نن أ‬ ‫ن أ‬ ‫اسلقندينمإة( )البينة‪. (5:‬‬ ‫ك إفينما‬ ‫ك ل أيسؤإمأنونن نحنتى أينحدكأمو ن‬ ‫وتق أر قوله تعالى في الحكم والقضا ء و السياسة ‪) :‬نفل نونردب ن‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ت نوأينسلدأموا تنسسإليماا( )النسا ء‪. (65:‬‬ ‫ضسي ن‬ ‫نشنجنر نبسيننهأسم ثأنم ل نيإجأدوا في أنسنفأسإهسم نحنرج ا منما قن ن‬ ‫و تق أر قوله تعالى في الدين و التجارة ‪) :‬نيا أنلينها النإذينن آنمأنوا إنذا تنندانيسنتأسم بإندسيةن إنلى أننجة ل أمنسلماى‬ ‫ب نوسلأيسملإإ ل النإذي‬ ‫ب نكاتإ ر‬ ‫ب نبسيننأكسم نكاتإ ر‬ ‫ب نكنما نعلننمهأ الأ نفسلنيسكتأ س‬ ‫نفاسكتأأبوهأ نوسلنيسكتأ س‬ ‫ب أنسن نيسكتأ ن‬ ‫ب إباسلنعسدإ ل نول نيسأ ن‬ ‫ق ال رنبه ول يسبنخس إمسنه نشسيئا فنإن نكان النإذي علنسيإه اسلح ل إ‬ ‫نعلنسيإه اسلنح ل‬ ‫ضإعيفا أنسو ل‬ ‫ق نسفيها أنسو ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫س ن‬ ‫ق نوسلنيتن إ ن ن أ ن ن س‬ ‫نيسستنإطيعأ أنسن أيإمن ل أهنو نفسلأيسملإس ل نوإلليهأ إباسلنعسدإ ل نواسستنسشإهأدوا نشإهيندسيإن إمسن إرنجالإأكسم فنإسن لنسم نيأكوننا نرأجلنسيإن‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ضسونن منن اللشهنندا ء أنسن تنضن ل إسحنداأهنما فنتأنذدكنر إسحنداأهنما الأسخنرى نول نيسأ ن‬ ‫فننرأجر ل نواسم نأنرنتاإن منمسن تنسر ن‬ ‫اللشهندا ء إنذا ما أدعوا ول تنسأنموا أنن تنسكتأبوه صإغي ار أنو نكإبي ار إنلى أنجلإإه نذلإأكم أنسقسطأ إعسنند ا إ‬ ‫ل نوأنسقنوأم‬ ‫ن‬ ‫س ن‬ ‫ن أ ن س أ س أأ ن‬ ‫ن أ‬ ‫س‬ ‫إللنشهاندإة وأنسدننى نأل تنرنتابوا إإل أنن تنأكون تإجارةا حا إ‬ ‫ضنرةن تأإديأرونننها نبسيننأكسم نفلنسينس نعلنسيأكسم أجننار ح نأل‬ ‫س‬ ‫ن نن ن‬ ‫س أ‬ ‫ن ن‬ ‫ب نول نشإهيرد( )البقرة‪. (282:‬‬ ‫ضانر نكاتإ ر‬ ‫تنسكتأأبونها نوأنسشإهأدوا إنذا تننبانيسعتأسم نول أي ن‬ ‫صلةن نفسلتنقأسم‬ ‫ت لنهأأم ال ن‬ ‫ت إفيإهسم فنأنقنسم ن‬ ‫و تق ار قوله تعالى في الجهاد و القتا ل و الغزو ‪ ) :‬ن إوإانذا أكسن ن‬ ‫ك وسليسأأخأذوا أنسلإحتنهم فنإنذا سجأدوا نفسليأكوأنوا إمن و ارئإأكم وسلتنسأإت ن إ‬ ‫نإ إ‬ ‫صللوا‬ ‫ن‬ ‫نن‬ ‫طائفنةر مسنهأسم نمنع ن ن ن‬ ‫طائفنةر أسخنرى لنسم أي ن‬ ‫س ن أس‬ ‫س نن س ن‬ ‫ك نوسلنيسأأخأذوا إحسذنرأهسم نوأنسسلإنحتنهأسم نوند النإذينن نكفنأروا لنسو تنسغأفألونن نعسن أنسسلإنحتإأكسم نوأنسمتإنعتإأكسم‬ ‫صللوا نمنع ن‬ ‫نفسلأي ن‬ ‫فنيإميألون علنسيأكم مسيلنةا واإحندةا ول جننا ح علنسيأكم إن نكان بإأكم نأذ إ‬ ‫ضى أنسن‬ ‫ى مسن نمطنةر أنسو أكسنتأسم نمسر ن‬ ‫ن أ ن ن س س ن س ا‬ ‫ن ن ن س ن ن‬ ‫ضأعوا أنسسإلنحتنأكسم نوأخأذوا إحسذنرأكسم ( )النسا ء‪(102:‬‬ ‫تن ن‬ ‫و إلى غير ذلك من اليات الكثيرة البارعة في هذه الغراض نفسها و في غيرها من الداب‬ ‫‪24‬‬


‫العامة و شؤون الجتماع‪.11‬‬ ‫) ‪ ( 2‬إلى جانب هذا يعتقد الخوان المسلمون أن أساس التعاليم السلمية و معينها هو‬ ‫كتاب ال و سنة رسوله صلى ال عليه و سلم‪ ،‬اللذان إن تمسكت بهما فلن تض ل أبدا‪ ،‬و أن‬ ‫كثي ار من الرا ء و العلوم التي اتصلت بالسلم و تلونت بلونه تحم ل لون العصور التي أوجدتها‬ ‫و الشعوب التي عاصرتها‪ ،‬و لهذا يجب أن تستقي النظم السلمية التي تحم ل عليها المة من‬

‫هذا المعين الصافي معين السهولة الولى‪ ،‬و أن نفهم السلم كما كان يفهمه الصحابة و‬ ‫التابعون من السلف الصالح رضوان ال عليهم‪ ،‬و أن نقف عند هذه الحدود الربانية النبوية‬ ‫حتى ل نقيد أنفسنا بغير ما يقيدنا ال به‪ ،‬و ل نلزم عصرنا لون عصر ل يتفق معنا‪.‬‬ ‫) ‪ ( 3‬و إلى جانب هذا أيضا يعتقد الخوان المسلمون أن السلم كدين عام انتظم ك ل شؤون‬ ‫الحياة في ك ل الشعوب و المم لك ل العصار و الزمان‪ ،‬جا ء أكم ل و أسمى من أن يعرض‬ ‫لجزئيات هذه الحياة و خصوص ا في المور الدنيوية البحتة‪ ،‬فهو إنما يضع القواعد الكلية في‬

‫ك ل شأن من هذه الشؤون‪ ،‬و يرشد الناس إلى الطريق العملية للتطبيق عليها و السير في‬ ‫حدودها‪.‬‬

‫و لضمان حق الصواب في هذا التطبيق أو تحريهما على الق ل‪ ،‬عني السلم عناية تامة‬ ‫بعلج النفس النسانية و هي مصدر النظم و مادة التفكير و التصوير و التشك ل‪ ،‬فوصف لها‬ ‫من الدوية الناجعة ما يطهرها من الهوى و يغسلها من أضرار الغرض و الغاية و يهديها إلى‬ ‫الكما ل و الفضيلة‪ ،‬و يزجرها عن الجور و القصور و العدوان‪ ،‬و إذا استقامت النفس و صفت‬ ‫ل‪ ،‬يقولون‪ :‬إن العد ل ليس في نص القانون و‬ ‫فقد أصبحت ك ل ما يصدر عنها صالح ا جمي ا‬ ‫لكنه في نفس القاضي‪ ،‬و قد تأتي بالقانون الكام ل العاد ل إلى القاضي ذي الهوى و الغاية‬

‫فيطبقه تطبيقا جائ ار ل عد ل معه‪ ،‬و قد تأتي بالقانون الناقص و الجائر إلى القاضي الفاض ل‬ ‫العاد ل البعيد عن الهوا ء و الغايات فيطبقه تطبيق ا فاضلا عادلا فيه ك ل الخير و البر و‬

‫الرحمة و النصاف و من هنا كانت النفس النسانية مح ل عناية كبرى في كتاب ال‪ ،‬و كانت‬ ‫النفوس الولى التي صاغها هذا السلم مثا ل الكما ل النساني‪ ،‬و لهذا كله كانت طبيعة‬ ‫السلم تساير العصور و المم‪ ،‬و تتسع لك ل الغراض و المطالب‪ ،‬و لهذا أيضا كان السلم‬ ‫ل يأبى أبدا الستفادة من ك ل نظام صالح ل يتعارض مع قواعده الكلية و أصوله العامة‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫مجموعة الرسائل‪" :‬رسالة – المؤتمر الخامس – حسن البنا"‬

‫‪25‬‬


‫ل أحب أن استرس ل في هذا البيان فذلك باب و اسع و حسبنا هذه اللمامة الموجزة تلقي ضو ءا‬ ‫على هذا المعنى للفكرة السلمية في نفوس الخوان المسلمين‪.12‬‬ ‫أين نحن من تعاليم السلم؟‬ ‫أيها الخوان المسلمون‪...‬‬ ‫أيها الناس أجمعون‪...‬‬ ‫ل‪ ،‬وحرم‬ ‫إن ال بعث لكم إماماا‪ ،‬ووضع لكم نظاماا‪ ،‬وفص ل أحكاماا‪ ،‬وأنز ل كتاباا‪ ،‬وأح ل حل ا‬

‫حراماا‪ ،‬وأرشدكم إلى ما فيه خيركم وسعادتكم‪ ،‬وهداكم سوا ء السبي ل ؛ فه ل اتبعتم إمامه‪،‬‬ ‫واحترمتم نظامه‪ ،‬وأنفذتم أحكامه‪ ،‬وقدستم كتابه‪ ،‬وأحللتم حلله‪ ،‬وحرمتم حرامه؟‬

‫كونوا صرحا ء في الجواب‪ ،‬وسترون الحقيقة واضحة أمامكم‪ ،‬ك ل النظم التي تسيرون عليها في‬ ‫شؤونكم الحيوية نظم تقليدية بحتة ل تتص ل بالسلم‪ ،‬ول تستمد منه ول تعتمد عليه ‪:‬‬ ‫نظام الحكم الداخلي‪.‬‬ ‫نظام العلقات الدولية‪.‬‬ ‫نظام القضا ء‪.‬‬ ‫نظام الدفاع والجندية‪.‬‬ ‫نظام الما ل والقتصاد للدولة والفراد‪.‬‬ ‫نظام الثقافة والتعليم‪.‬‬ ‫ب ل نظام السرة والبيت‪.‬‬ ‫ب ل نظام الفرد في سلوكه الخاص‪.‬‬ ‫الرو ح العام الذي يهيمن على الحاكمين والمحكومين‪ ،‬ويشك ل مظاهر الحياة على اختلفها‪ ،‬ك ل‬ ‫ذلك بعيد عن السلم وتعاليم السلم‪.‬‬ ‫وماذا بقي بعد هذا؟‬ ‫هذه المساجد الشامخة القائمة التي يعمرها الفقرا ء والعاجزون‪ ،‬فيؤدون فيها ركعات خالية من‬ ‫معاني الروحانية والخشوع إل من هندى ال؟‬

‫‪12‬‬

‫المصدر السابق‬

‫‪26‬‬


‫هذه اليام التي تصام في العام فتكون موسم ا للتعط ل والتبط ل والطعام والشراب‪ ،‬وقلما تتجدد‬

‫فيها نفس أو تزكو بها رو ح‪..‬‬ ‫)إإل النإذين آمأنوا وعإملأوا ال ن إ إ إ‬ ‫ص‪.(24:‬‬ ‫ن ن نن‬ ‫صالنحات نونقلير ل نما أهسم( ) ل‬ ‫هذه المظاهر الخادعة من المسابح والملبس‪ ،‬واللحى والمراسم‪ ،‬والطقوس واللفاظ والكلمات‪..‬‬ ‫أهذا هو السلم الذي أراده ال أن يكون رحمته العظمى‪ ،‬ومنته الكبرى على العالمين؟‬ ‫أهذا هدي محمد صلى ال عليه وسلم الذي أراد به أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور؟‬ ‫أهذا هو تشريع القرآن الذي عالج أدوا ء المم ومشكلت الشعوب‪ ،‬ووضع للصل ح أدق‬ ‫القواعد وأرسخ الصو ل؟‬

‫‪13‬‬

‫إن السلم‪:‬‬ ‫ـ نظام داخلي للحكم يتحقق به قو ل ال تبارك وتعالى ‪:‬‬

‫ك نعسن نبسع إ‬ ‫ض نما أنسننزن ل الأ إلنسينك(‬ ‫)نوأنإن اسحأكسم نبسيننهأسم بإنما أنسننزن ل الأ نول تنتنبإسع أنسهنوان ءأهسم نواسحنذسرأهسم أنسن نيسفتإأنو ن‬ ‫)المائدة‪.(49:‬‬

‫ـ ونظام للعلقات الدولية يتحقق به قو ل القرآن الكريم ‪:‬‬ ‫ك نجنعسلنناأكسم أنمةا ونسطا إلتنأكوأنوا أشهنندان ء نعنلى الننا إ‬ ‫س نونيأكونن النرأسوأ ل نعلنسيأكسم نشإهيداا( )البقرة‪:‬‬ ‫)نونكنذإل ن‬ ‫ن‬ ‫‪.(143‬‬ ‫ـ ونظام عملي للقضا ء يستمد من الية الكريمة ‪:‬‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ك ل يؤإمأنون حنتى يحدكمو ن إ‬ ‫ت‬ ‫ضسي ن‬ ‫ك فينما نشنجنر نبسيننهأسم ثأنم ل نيإجأدوا في أنسنفأسإهسم نحنرج ا منما قن ن‬ ‫)نفل نونردب ن أ س ن ن أ ن أ‬ ‫نوأينسلدأموا تنسسإليماا( )النسا ء‪.(65:‬‬

‫ـ ونظام للدفاع والجندية يحقق مرمى النفير العام ‪:‬‬ ‫)اسنإفروا إخنفافا وثإنقالا وجاإهأدوا بإأنموالإأكم وأنسنفأإسأكم إفي سإبيإ ل ا إ‬ ‫ل( )التوبة‪.(41:‬‬ ‫نن‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫سن س ن‬ ‫ن‬ ‫ـ ونظام اقتصادي استقللي للثروة والما ل والدولة والفراد أساسه قو ل ال تعالى ‪:‬‬ ‫)نول تأسؤتأوا اللسفننهان ء أنسمنوالنأكأم النإتي نجنعن ل الأ لنأكسم إقنياماا( )النسا ء‪.(5:‬‬ ‫ـ ونظام للثقافة والتعليم يقضي على الجهالة والظلم‪،،‬ويطابق جل ل الوحي في أو ل آية من‬ ‫ق( )العلق‪.(1:‬‬ ‫كتاب ال ‪) :‬اسق نسأر إباسسإم نردب ن‬ ‫ك النإذي نخلن ن‬ ‫ـ ونظام السرة والبيت ينشئ الصبي المسلم والفتاة المسلمة والرج ل المسلم ويحقق قوله تعالى ‪:‬‬ ‫‪13‬‬

‫مجموعة الرسائل‪" :‬رسالة – تحت راية القرآن – حسن البنا"‬

‫‪27‬‬


‫)يا أنلينها النإذينن آنمأنوا قأوا أنسنفأنسأكسم نوأنسهإليأكسم ننا ار نوأقوأدنها النناأس نواسلإحنجانرأة( )التحريم‪.(6:‬‬ ‫ـ ونظام للفرد في سلوكه الخاص يحقق الفل ح المقصود بقوله تعالى ‪:‬‬ ‫)قنسد أنسفلننح نمسن نزنكانها( )الشمس‪.(9:‬‬ ‫ـ ورو ح عام يهيمن على ك ل فرد في المة من حاكم أو محكوم قوامه قو ل ال تعالى ‪:‬‬ ‫ك ال الندار الإخرةن ول تنسنس نن إ‬ ‫إ‬ ‫ك نول تنسبإغ‬ ‫ك إمنن اللدسننيا نوأنسحإسسن نكنما أنسحنسنن الأ إلنسي ن‬ ‫صينب ن‬ ‫ن‬ ‫)نواسبتنإغ فينما آنتا ن أ ن‬ ‫ن ن‬ ‫اسلفننساند إفي النسر إ‬ ‫ض( )القصص‪.14(77:‬‬ ‫أيها الخوان المسلمون‪...‬‬ ‫ب ل أيها الناس أجمعون‪...‬‬ ‫لسنا حزبا سياسيا ‪ ،‬إوان كانت السياسة على قواعد السلم من صميم فكرتنا‪..‬‬ ‫ولسنا جمعية خيرية إصلحية‪ ،‬إوان كان عم ل الخير والصل ح من أعظم مقاصدنا‪..‬‬

‫ولسنا فرق ا رياضية‪ ،‬إوان كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا‪..‬‬ ‫لسنا شيئ ا من هذه التشكيلت‪ ،‬فإنها جميع ا تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة‪ ،‬وقد ل‬ ‫يوحي بتأليفها إل مجرد الرغبة في تأليف هيئة‪ ،‬والتحلي باللقاب الدارية فيها‪.‬‬

‫ولكننا أيها الناس ‪ :‬فكرة وعقيدة‪ ،‬ونظام ومنهاج‪ ،‬ل يحدده موضع‪ ،‬ول يقيده جنس‪ ،‬ول يقف‬ ‫دونه حاجز جغرافي‪ ،‬ول ينتهي بأمر حتى يرث ال الرض ومن عليها‪ ،‬ذلك لنه نظام رب‬ ‫العالمين‪ ،‬ومنهاج رسوله المين‪.‬‬ ‫نحن أيها الناس ـ ول فخر ـ أصحاب رسو ل ال‪ ،‬وحملة رايته من بعده‪ ،‬ورافعو لوائه كما رفعوه‪،‬‬ ‫وناشرو لوائه كما نشروه‪ ،‬وحافظو قرآنه كما حفظوه‪ ،‬والمبشرون بدعوته كما بشروا‪ ،‬ورحمة ال‬ ‫إ‬ ‫ص‪. (88:‬‬ ‫للعالمين)نولنتنسعلنأمنن نننبأنهأ نبسعند حيةن( ) ل‬ ‫أيها الخوان المسلمون ‪:‬‬ ‫هذه منزلتكم‪ ،‬فل تصغروا في أنفسكم‪ ،‬فتقيسوا أنفسكم بغيركم‪ ،‬أو تسلكوا في دعوتكم سبيل غير‬ ‫سبي ل المؤمنين‪ ،‬أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور ال ومنهاجها من سنة رسوله‪،‬‬ ‫بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات‪ ،‬وتذهب بها الحوادث واليام‪.‬‬ ‫لقد دعوتم وجاهدتم‪ ،‬ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئي ل أصوات ا تهتف بزعامة رسو ل ال‬ ‫وهيمنة نظام القرآن‪ ،‬ووجوب النهوض للعم ل‪ ،‬وتخليص الغاية ل‪ ،‬ودما ء تسي ل من شباب‬

‫‪14‬‬

‫المصدر السابق‬

‫‪28‬‬


‫طاهر كريم في سبي ل ال‪ ،‬ورغبة صادقة للشهادة في سبي ل ال‪ .‬وهذا نجا ح فوق ما كنتم‬ ‫تنتظرون‪ ،‬فواصلوا جهودكم‪ ،‬واعملوا‪) ،‬نوالأ نمنعأكسم نولنسن نيتإنرأكسم أنسعنمالنأكسم( )محمد‪.(35:‬‬ ‫فمن تبعنا الن فقد فاز بالسبق‪ ،‬ومن تقاعد عنا من المخلصين اليوم فسيلحق بنا غداا‪ ،‬وللسابق‬ ‫عليه الفض ل‪ .‬ومن رغب عن دعوتنا‪ ،‬زهادة‪ ،‬أو سخرية بها‪ ،‬أو استصغا ار لها‪ ،‬أو يائسا من‬

‫انتصارها‪ ،‬فستثبت له اليام عظيم خطأه‪ ،‬وسيقذف ال بحقنا على باطله فيدمغه فإذا هو زاهق‪.‬‬ ‫فإلينا أيها المؤمنون العاملون‪ ،‬والمجاهدون المخلصون‪ ،‬فهنا الطريق السوي‪ ،‬والصراط المستقيم‪،‬‬ ‫ول توزعوا القوى والجهود‪.‬‬ ‫)وأننن هنذا إ‬ ‫صاأكسم بإإه لننعلنأكسم‬ ‫ق بإأكسم نعسن نسإبيلإإه نذلإأكسم نو ن‬ ‫ص نارإطي أمسستنإقيم ا نفاتنبإأعوهأ نول تنتنبإأعوا اللسأبن ل فنتنفننر ن‬ ‫ن ن‬ ‫‪15‬‬ ‫تنتنأقونن( )النعام‪. (153:‬‬ ‫الخوان فكرة إصلحية شاملة‬ ‫كان من نتيجة هذا الفهم العام الشام ل للسلم عند الخوان المسلمين أن شملت فكرتهم ك ل‬ ‫نواحي الصل ح في المة ‪ ،‬وتمثلت فيها ك ل عناصر غيرها من الفكر الصلحية ‪ ،‬وأصبح‬ ‫ك ل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ‪ ،‬والتقت عندها آما ل محبي الصل ح الذين عرفوها‬ ‫وفهموا مراميها ‪ ،‬وتستطيع أن تقو ل ول حرج عليك ‪ ،‬إن الخوان المسلمين ‪:‬‬ ‫) ‪ ( 1‬دعوة سلفية ‪ :‬لنهم يدعون إلى العودة بالسلم إلى معينه الصافي من كتاب ال وسنة‬ ‫رسوله‪.‬‬ ‫) ‪ ( 2‬وطريقة سنية ‪ :‬لنهم يحملون أنفسهم علي العم ل بالسنة المطهرة في ك ل شي ء ‪،‬‬ ‫وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيل ‪.‬‬ ‫) ‪ ( 3‬وحقيقة صوفية ‪ :‬لنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ‪ ،‬ونقا ء القلب ‪ ،‬والمواظبة‬ ‫علي العم ل ‪ ،‬والعراض عن الخلق ‪ ،‬والحب في ال ‪ ،‬والرتباط علي الخير ‪.‬‬ ‫) ‪ ( 4‬وهيئة سياسية ‪ :‬لنهم يطالبون بإصل ح الحكم في الداخ ل وتعدي ل النظر في صلة المة‬ ‫السلمية بغيرها من المم في الخارج ‪ ،‬وتربية الشعب علي العزة والكرامة والحرص علي‬ ‫قوميته إلي أبعد حد ‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫المصدر السابق‬

‫‪29‬‬


‫) ‪ ( 5‬وجماعة رياضية ‪ :‬لنهم يعنون بجسومهم ‪ ،‬ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن‬ ‫الضعيف ‪ ،‬وأن النبي صلي ال عليه وسلم يقو ل ‪) :‬إن لبدنك عليك حقاا( إوان تكاليف السلم‬ ‫كلها ل يمكن أن تؤدي كاملة صحيحة إل بالجسم القوي ‪ ،‬فالصلة والصوم والحج والزكاة ل بد‬ ‫لها من جسم يحتم ل أعبا ء الكسب والعم ل والكفا ح في طلب الرزق ‪ ،‬ولنهم تبعا لذلك يعنون‬

‫بتشكيلتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثي ار من الندية المتخصصة بالرياضة‬ ‫البدنية وحدها‪.‬‬

‫) ‪ ( 6‬ورابطة علمية ثقافية ‪ :‬لن السلم يجع ل طلب العلم فريضة علي ك ل مسلم ومسلمة ‪،‬‬ ‫ولن أندية الخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعق ل والرو ح ‪.‬‬ ‫) ‪ ( 7‬وشركة اقتصادية ‪ :‬لن السلم يعني بتدبير الما ل وكسبه من وجهه وهوالذي يقو ل نبيه‬ ‫صلي ال عليه وسلم ‪) :‬نعم الما ل الصالح للرج ل الصالح( ويقو ل ‪) :‬من أمسي كالا من عم ل‬ ‫يده أمسي مغفو ار له( ‪) ،‬إن ال يحب المؤمن المحترف(‪.‬‬

‫) ‪ ( 8‬وفكرة اجتماعية ‪ :‬لنهم يعنون بأدوا ء المجتمع السلمي ويحاولون الوصو ل إلي طرق‬

‫علجها وشفا ء المة منها ‪.‬‬ ‫وهكذا نري أن شمو ل معني السلم قد أكسب فكرتنا شمولا لك ل مناحي الصل ح ‪ ،‬ووجه نشاط‬

‫الخوان إلي ك ل هذه النواحي ‪ ،‬وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلي ناحية واحدة دون غيرها‬ ‫يتجهون إليها جميع ا ويعلمون أن السلم يطالبهم بها جميع ا ‪.‬‬

‫ومن هنا كان كثير من مظاهر أعما ل الخوان يبدو أمام الناس متناقض ا وما هو بمتناقض ‪.‬‬

‫فقد يري الناس ال خ المسلم في المحراب خاشع ا متبتلا يبكي ويتذل ل ‪ ،‬وبعد قلي ل سكون هو بعينه‬

‫واعظا مدرسا يقرع الذان بزواخر الوعظ ‪ ،‬وبعد قلي ل تراه نفسه رياضيا أنيقا يرمي بالكرة أو يدرب‬

‫علي العدو أو يمارس السباحة ‪ ،‬وبعد فترة يكون هو بعينه في متجره أو معمله يزاو ل صناعته في‬ ‫أمانة وفي إخلص ‪ .‬هذه مظاهر قد يراها الناس متنافرة ل يلتئم بعضها ببعض ‪ ،‬ولو علموا أنها‬ ‫جميع ا يجمعها السلم ويأمر بها السلم ويحض عليها السلم لتحققوا فيها مظاهر اللتئام‬

‫ومعاني النسجام ‪ ،‬ومع هذا الشمو ل فقد اجتنب الخوان ك ل ما يؤخذ علي هذه النواحي من الميآخذ‬ ‫ومواطن النقد والتقصير‪.16‬‬

‫‪ ) 16‬رسالة ‪ :‬المؤتمر الخامس (‬

‫‪30‬‬


‫الوخوان دعوة قرآنية‬ ‫ل‪ :‬أيها الخوان‪..‬‬ ‫وهذ المرشد الثانى الستاذ حسن الهضيبى ينادى فى أخوانه قائ ا‬

‫إن ما تمتاز به دعوتكم أنها تـذكر النـاس بقرآنهـم وسـنة رسـولهم ‪ ..‬هـذا القـرآن طالمـا قـرأه النـاس‬

‫على الموات ‪ ,‬وما أنزله ال إل ليقرأه الحيا ء فيكون لهم به حياة ‪ ,‬وصدق ال العظيم‪) :‬نيا أنلينها‬ ‫النإذين آمنوا استنإجيبوا إ‬ ‫ل نوإللنرأسوإ ل إنذا ندنعاأكسم لإنمـا أيسحإييأكـسم( )النفـا ل‪ ..(24:‬ومـن ثـم يقـرؤه الخـوان‬ ‫ن نأ س أ‬

‫المسلمون معاةن ل ألفاظا ‪ ,‬يقرؤونه وطنية وأخلقا واجتماعا ‪ ,‬وما أشــد حاجــة النــاس إلــى هدايــة‬ ‫القرآن في هذه النواحي لو كــان أعــداؤنا يعرفــون أن القـرآن يقــرؤه المسـلمون اليــوم كمـا كـان يقــرؤه‬ ‫المســلمون فــي الصــدر الو ل ويتــأثرون بــه كمــا كــانوا يتــأثرون وأن قرا ءتــه تهــز شــعرة واحــدة فــي‬

‫أبدان المسلمين لما أذاعته على المسلمين إذاعات لندن وباريس إواسرائي ل ‪ ,‬ولكنهم يذيعونه علــى‬ ‫أن المسـلمين يطربـون له كأنغـام توقـع للتسـلية وتقضـى بهـا أيـام المـيآتم والفـرا ح ثـم ل شـي ء ورا ء‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫الوخوان دعوة إلسليمية عاليمية‬ ‫أيها الخوان ‪...‬‬ ‫إن دعــوة الخـوان المسـلمين لـم تعـد دعـوة محليـة فــي حـدود وطـن صـغير ‪ ,‬إوانمــا أصــبحت دعــوة‬ ‫عالمية تشم ل الوطن السـلمي بأسـره ‪ ,‬وتـوقظ فـي المسـلمين رو ح العـزة والك ارمـة والتقـوى ‪ ,‬فهـي‬ ‫اليــوم عنـوان انبعــاث ل نــوم بعــده ‪ ,‬وتحــرر ل عبوديــة معــه ‪ ,‬وعلــم ل جهــ ل ورا ءه‪ .‬ولــم يعــد مــن‬ ‫السه ل على أي طاغية أن يحو ل دون انتشار هذه الرو ح أو امتــدادها ‪ ,‬ومـا ذلـك إل لنهـا تعـبير‬ ‫صــادق عــن شــعور عميــق يمل نفــوس المســلمين جميعــا ويســتولي علــى مشــاعرهم وعقــولهم وهــو‬ ‫أنهــم ل يســتطيعون اليــوم نهضــة بــدون الســلم فالســلم فــي حقيقتــه ضــرورة وطنيــة واجتماعيــة‬ ‫إوانسانية‪.‬‬ ‫اللسلم ضرورة وطنية‬ ‫هو ضرورة وطنية لن الوطن في حاجة إلى قلوب أبنائه وسواعدهم وتضحياتهم ‪ ,‬وليس كالدين‬ ‫عامــ ل قــوي يبعــث فــي نفــوس المثقفيــن وعامــة الشــعب علــى الس ـوا ء حــب الــوطن والتضــحية فــي‬ ‫‪31‬‬


‫سبيله والذود عن كيانه ‪ ,‬والتاريــخ السـلمي القــديم وعظمتـه ليسـت إل أثـ ار بينـا لمـا أوجـده الـدين‬ ‫في نفوس المسلمين الوائ ل من هذه الحياة المليئة بأروع معاني التضحية واليثار‪.‬‬ ‫وفــي عص ـرنا الحاضــر اســتطاعت الــدعوة الســلمية أن تحيــي هــذه المعــاني بمــا رآه النــاس مــن‬ ‫ضروب التضحية والفدا ء في حرب فلسطين ومعركة القنا ل الولى على أيدي الخوان المســلمين‬ ‫‪ ,‬ولـو أن جميــع مــن اشــتركوا فــي حــرب فلســطين كــانت تمل نفوســهم تلــك الــرو ح الــتي بثهــا الــدين‬ ‫في نفوس الخوان المسلمين لتغير مصير هذه المعركة من هزيمة إلى نصر‪.‬‬ ‫إن الجيوش ل تنتصر بقوة الســل ح فحســب ‪ ,‬ولكنهـا تنتصـر بقـوة الـرو ح المعنويـة قبــ ل كــ ل شـي ء‬ ‫وقــادة الجيــوش فــي العصــر الحــديث يحرصــون علــى الــرو ح المعنويــة فــي جيوشــهم فــي وســائلهم‬ ‫الخاصة ‪ ,‬ونحن المسلمين ل نجد أذكى لهذه الرو ح من الدين حين يفهم على وجهه الصحيح‪.‬‬ ‫اللسلم ضرورة اجتيماعية‬ ‫وال ــدين ض ــرورة اجتماعي ــة ‪ ,‬فك ــ ل الغي ــورين عل ــى مص ــالح الش ــعب وكرامت ــه يش ــعرون معن ــا ب ــأن‬ ‫مجتمعنــا ملــئ بالنقــائص والمفاســد وأن ال ـواجب يحتــم علينــا المبــادرة إلــى معالجــة هــذه النقــائص‬ ‫والمفاســد مــن ال ـواجب مــن أقــرب طريــق وأحكمــه‪ .‬ول يشــك كــ ل مــن درس الســلم بــرو ح منصــفة‬ ‫وعرفه على حقيقتـه مـن مصـادره الصـافية فـي أنه خيـر وسـيلة لصـل ح العيـوب الـتي نشـعر بهـا‬ ‫في وطننا ‪ ,‬وأسرع طريق للوصو ل إلى الصل ح الذي ننشده ‪ ,‬ذلك لنه يكفـ ل لكـ ل مـواطن حقـه‬ ‫مــن العلــم والعقيــدة والعبــادة والحيــاة الكريمــة الــتي مــن ضــرورتها فــي الســلم المســكن الصــالح‬ ‫والغــذا ء الصــالح والملبــس الصــالح والعلج الكــافي ‪ ,‬كمــا أنــه مــن ضــرورتها تــوفير الك ارمــة لكــ ل‬ ‫إنســان حــتى ل يهــان بشــتم أو تحقيــر أو عقوبــة بغيــر حــق ‪ ,‬والســلم يســخر قــوى الدولــة كلهــا‬ ‫لتحقي ــق ه ــذه الض ــرورات للمـ ـواطنين جميع ــا ول ي ــترك أمره ــا لض ــمائر الن ــاس حي ــن تغف ــ ل القي ــام‬ ‫بواجبها‪.‬‬ ‫ولع ل مما يجهله كثير مـن النــاس أن مـن مقاصــد الجهـاد فــي السـلم رفــع الظلــم بمختلـف أنــوعه‬ ‫إ‬ ‫ضـ ـنعإفينن إمـ ـنن‬ ‫عــن الضــعفا ء والمظلــومين فــي الرض )نونمــا لنأكـ ـسم ل تأقنــاتإألونن إفــي نسـ ـإبيإ ل الـ ـ نواسلأمسستن س‬ ‫الدرنجــاإ ل نوالدننســاإ ء نواسلإوسلـنداإن النـإذينن نيأقولـأـونن نرنبننــا أنسخإرسجننــا إمـسن نهـإذإه اسلقنسرنيـإة الظنــاإلإم أنسهلأهنــا نواسجنعـس ل لنننــا إمـسن‬ ‫ك نن إ‬ ‫صي ار( )النسا ء‪.(75:‬‬ ‫ك نوإللي ا نواسجنعس ل لنننا إمسن لنأدسن ن‬ ‫لنأدسن ن‬

‫‪32‬‬


‫إن هـذه المبـادئ الـتي ينـادي بهـا السـلم لصـل ح المجتمـع هـي جـز ء مـن نظـامه العـام وعقيـدته‬ ‫الشاملة ‪ ,‬وهو بذلك يلمس عقائد الناس ‪ ,‬فالستجابة إلى هذه المبادئ التي ينــادي بهــا الســلم‬ ‫هي نظر المسلم فرض يجب تحقيقه كالصلة والصيام‪ ..‬فلماذا نترك هذا السـل ح الفعـا ل السـريع‬ ‫في إصل ح أحوالنا؟‬ ‫أمــا الخــوف مــن أن تــؤدي الســتفادة مــن الســلم فــي إصــلحنا الجتمــاعي إلــى الســا ءة إلــى‬ ‫إخوانن ــا المـ ـواطنين م ــن غي ــر المس ــلمين فه ــو خ ــوف ل مح ــ ل ل ــه لن م ــا يس ــتفيده المجتم ــع م ــن‬ ‫إصــل ح الســلم يشــم ل النــاس جميعــا ‪ ,‬وخيــر لغيــر المســلمين أن يعيش ـوا فــي مجتمــع تكفــ ل فيــه‬ ‫أسـباب السـعادة والعيـش الكريـم وتحكمـه مبـادئ الخلق الفاضـلة الـتي نـادت بهـا الشـرائع جميعـا‬ ‫من أن يعيشوا في مجتمع مفكك كمجتمعنا الحاضر الذي يفيض بالميآسي والمظالم‪.‬‬ ‫ومن الضرورات الجتماعية التي تحتــم الســتفادة مــن الســلم فــي وضــعنا القــائم أنـه خيــر علج‬ ‫للقضا ء على التعصب الديني الذميم والنعرات الطائفيـة البغيضـة ‪ ,‬فالسـلم قـدر الحقيقـة الواقعـة‬ ‫وهــي اختلف النــاس فــي أديــانهم ‪ ,‬وقــدر الحاجــة إلــى تعــاونهم فــي الحيــاة مــع اختلف أديــانهم‬ ‫فــأمر المســلمين بــاحترام عقائــد الخريــن ‪ ,‬وحريــة عبــاداتهم ‪ ,‬بــ ل أوجــب علينــا اليمــان بالنبيــا ء‬ ‫السابقين وكتبهم المنزلة )أقولأوا آمننا إبا إ‬ ‫ق‬ ‫ل نونما أسنـإزن ل إلنسيننـا نونمـا أسنـإزن ل إلنـى إسب نارإهيـنم ن إوإاسسـنماإعين ل ن إوإاسسـنحا ن‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ة‬ ‫إ‬ ‫ق نبسيـنن أننحـد مسنهأـسم‬ ‫ب نوالنسسنباإط نونمـا أأوتإـني أمونسـى نوإعينسـى نونمـا أأوتإـني النبإليـونن مـسن نردبإهـسم ل أنفنـدر أ‬ ‫نونيسعأقو ن‬ ‫نوننسحـأن لنـهأ أمسسـلإأمونن( )البقـرة‪ , (136:‬ومــن أجــ ل ذ ل كــان المجمــع عليــه فــي الســلم أنـه ل يجــوز‬

‫شتم أه ل الكتاب في دينهم وأنبيائهم وكتبهم ‪ ,‬ومن الظواهر البارزة في تاريخ السلم كلـه أنـه لـم‬ ‫تحاو ل دولة من الدو ل السلمية سوا ء في عصور العزة والعلم أم في عصور الضــعف والجهالــة‬ ‫أن تتــدخ ل فــي شــئون غيــر المســلمين الدينيــة بــ ل كــانت تــترك لهــم حريــة التحــاكم إلــى محــاكمهم‬ ‫المللية في أحوالهم الشخصية ‪ ,‬وك ل ماله علقة بعقائدهم‪.‬‬

‫فعـ ل المسـلمون هــذا فــي مختلـف العصــور ل مجاملــة ول تفضــل ‪ ..‬بــ ل نـزول علـى حكـم السـلم‬ ‫ولو أمرهم السلم بغير ذلك لفعلـوا ‪ ,‬ونزيـد علـى ذلـك أن مـا أوجبـه السـلم علـى المسـلمين مـن‬ ‫آداب المعاملة في الجوار لم يفرق فيه بين مسلم وغير مسلم ‪,‬قا ل الرسو ل عليـه السـلم‪) :‬المسـلم‬ ‫مــن ســلم النــاس مــن لســانه ويــده( ‪ ..‬هــذا هــو موقــف الســلم وعملــه فــي القضــا ء علــى التعصــب‬ ‫الطائفي ل كما يظنه المغرضون على السلم والجاهلون به‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫اللسلم ضرورة إنلسانية‬ ‫والسلم ضـرورة إنسـانية فـإنه أمـر بالتعـاون بيـن الشـعوب علـى أسـاس الحـق والك ارمـة ‪ ,‬ومبـادئ‬

‫العدالة المطلقة التي ل تتأثر بالمصــالح الشخصـية والفــروق الجنســية )نيـا أنليهنـا النـاأس إنـا نخلنسقننـاأكسم‬ ‫إمن نذنكةر وأسننثى وجعسلناأكم أشعوب ا وقنبائإن ل لإتنعارفأوا إنن أنسكرمأكم إعسنند ا إ‬ ‫ل أنتسنقاأكسم( )الحجرات‪.(13:‬‬ ‫س‬ ‫نننن س أ ن ن‬ ‫نن س‬ ‫نن‬ ‫ن‬

‫وهو دين سلم ‪ ,‬ولذلك كانت تحية المسلمين السلم ‪ ,‬وختام عبادتهم السلم ‪ ,‬واسم ل السلم ‪,‬‬

‫وتحيتــه لعبــاده يــوم يلقــونه ســلم ‪ ,‬بــ ل إن هــدف الســلم هــو إيصــا ل النــاس لطــرق الســلم )قن ـسد‬ ‫جا ءأكم إمـن ا إ‬ ‫ضـنواننهأ أسـأبن ل النسـلإم( )المائـدة‪-15:‬‬ ‫لـ أنورر نوإكتنـا ر‬ ‫ب أمبإيـرن ‪ ,‬نيسهـإدي بإـإه الأـ نمـإن اتننبـنع إر س‬ ‫ن ن س ن‬ ‫‪ ..(16‬ولهذا وجب على المسلمين كافة أن يــدخلوا فــي السـلم ول يجــوز لهــم ول يجـوز لهـم القتـا ل‬ ‫إل دفعا للعدوان عن أنفسهم وعن غيرهم‪.‬‬ ‫إوانم ــا يعك ــر صـ ــفو الس ــلم بيـ ــن ش ــعوب الرض اليـ ــوم أن قـ ــادة هـ ــذه الش ــعوب ل ينظـ ــرون إلـ ــى‬ ‫مصــلحة النســانية مجتمعــة إوانمــا ينظــرون إلــى مصــلحتهم ومصــلحة شــعوبهم ‪ ,‬فهــم يــدعون إلــى‬ ‫الســلم ف جــو مــن الحقــد والجشــع والتعصــب ‪ ,‬وهــي مــن أكــبر عوامــ ل الحــروب بيــن الشــعوب‪..‬‬

‫فه ــذه ال ــدعوة ال ــتي تتص ــاعد هنـ ــا وهنـ ــاك للسـ ــلم م ــن رجـ ــا ل يصـ ــرون عل ــى اس ــتعمار الش ــعوب‬ ‫واستلب خيراتها ‪ ,‬والعدوان على كرامتها ليست إل نفاقا وخداعا يستحق الرثا ء‪.17‬‬ ‫الـدين‪ ..‬واللسـيالسـة‬ ‫قلما تجد إنسان ا يتحدث إليك عن السياسة والسلم إل وجدته يفص ل بينهما فصلا ‪،‬‬

‫ويضع ك ل واحد من المعنيين في جانب ‪ ،‬فهما عند الناس ل يلتقيان ول يجتمعان ‪ ،‬ومن‬

‫هنا سميت هذه جمعية إسلمية ل سياسية ‪ ،‬وذلك اجتماع ديني ل سياسة فيه ‪ ،‬ورأيت في‬ ‫صدر قوانين الجمعيات السلمية ومناهجها )ل تتعرض الجمعية للشئون السياسية( ‪.‬‬ ‫وقب ل أن أعرض إلي هذه النظرة بتزكية أو تخطئة احب أن الفت النظر إلى أمرين‬ ‫مهمين ‪:‬‬

‫‪17‬‬

‫في ذكرى غزوة بدر ‪ -‬رسائل المام المرشد حسن الهضيبى ‪ -‬رمضان ‪ 1372‬ـ يونية ‪1953‬‬

‫‪34‬‬


‫أولهما ‪ :‬أن الفارق بعيد عن الحزبية والسياسية ‪ ،‬وقد يجتمعان وقد يفترقان ‪ ،‬فقد يكون‬ ‫الرجا ل سياسيا بك ل ما في الكلمة من معان وهو ل يتص ل بحزب ول يموت إليه ‪ ،‬وقد‬

‫يكون حزبي اأ وليدري من أمر السياسة شيئاا‪ ،‬وقد يجمع بينهما فيكون سياسي ا حزبي ا أو حزبي ا‬

‫سياسيا حد سوا ء ‪ ،‬وأنا حين أتكلم عن السياسة في هذه الكلمة فإنما أريد السياسة المطلقة‬ ‫‪ ،‬وهى النظر في شؤون المة الداخلية والخارجية غير مقيدة بالحز بينة بحا ل ‪ ..‬هذا‬

‫أمر‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬أن غير المسلمين حينما جهلوا هذا السلم ‪ ،‬أو حينما أعياهم أمر وثباته في‬ ‫نفوس اتباعه ‪ ،‬ورسوخه فت قلوب المؤمنين به ‪ ،‬واستعداد ك ل مسلم لتفديتة بالنفس والما ل‬ ‫‪ ،‬لم يحو ل أن يجرحوا في نفوس المسلمين اسم السلم ول مظاهره وشكلياته ‪ ،‬ولكنهم‬ ‫حاولوا يحصروا معناه في دائرة ضيقة تذهب بك ل مافية من نوا ح قوية عملية ‪ ،‬وان تركب‬ ‫للمسلمين بعد ذلك قشور من اللقاب والشكا ل والمظهريات ل تسمن ول تغنى من جوع‬ ‫‪ ....‬فافهموا المسلمين أن السلم شئ والجتماع شي ء أخر ‪ ،‬وان السلم شي ء‬ ‫والقانون شئ غيره ‪ ،‬وان السلم شئ ومسائ ل القتصاد ل تتص ل به ‪ ،‬وان السلم شئ‬ ‫والثقافة العامة سواه ‪ ،‬وان السلم شئ يجب أن يكون بعيدا عن السياسة ‪.‬‬ ‫فحدثوني بربكم أيها الخوان ‪ ،‬إذا كان السلم شيئا غير السياسة وغير الجتماع ‪ ،‬وغير‬ ‫القتصاد‪ ،‬وغير الثقافة ‪ ...‬فما هو إذن ؟ ‪....‬‬ ‫أهو هذه الركعات الخالية من القلب الحاضر‪..‬‬ ‫أم هذا اللفاظ التي هي كما تقون رابعة العدوية ‪:‬استغفار يحتاج إلى استغفار ‪..‬‬ ‫ة‬ ‫إ إ‬ ‫ى نونرسحنمةا‬ ‫ألهذا أيها الخوة نز ل القران نظاما كام ل محكما مفصل ‪) :‬تسبنيانا لأكد ل نشسي ء نوأهد ا‬ ‫نوأبسشنرى لإسلأمسسلإإمينن( )النح ل‪. (89:‬‬ ‫هذا المعنى المتضائ ل لفكر السلم ‪ ،‬وهذه الحدود الضيقة التي حددها معنى السلم ‪،‬‬ ‫هي التي حاو ل خصوم السلم أن يحصر فيها المسلمين ‪ ،‬وان يضحكوا عليهم بأن يقولوا‬ ‫‪35‬‬


‫لهم بأن تركنا لكم حرية الدين ‪ ،‬وان الدستور ينص على أن دين الدولة الرسمي هو‬ ‫السلم ‪.‬‬ ‫اللسـلم الشـايمـل‬ ‫أنا أعلن أيها الخوان من فوق المنبر بك ل صراحة ووضو ح وقوة ‪ ،‬أن السلم شئ غير‬ ‫هذا المعنى الذي أراد خصومة والعدا ء من أبنائه أن يحصرون فيه ويقيدون به ‪ ،‬وأن‬ ‫السلم عقيدة وعبادة ‪ ،‬ووطن وجنسية ‪ ،‬وسماحة وقوه ‪ ،‬وخلق ومادة ‪ ،‬وثقافة وقانون ‪,‬‬ ‫وأن المسلم مطالب بحكم إسلمه أن يعني بك ل شؤون أمته ‪ ،‬ومن لم يهتم بأمر المسلمين‬ ‫فليس منهم ‪.‬‬ ‫واعتقد أن أسلفنا رضوان ال عليه ما فهموا للسلم معنى غير هذا ‪ ،‬فبه كانوا يحكمون‬ ‫‪ ،‬وله كانوا يجاهدون ‪ ،‬وعلى قواعده كانوا يتعلمون ‪ ،‬وفى حدوده كانوا يسيرون في ك ل‬ ‫شان من شؤون الحياة الدنيا العملية قب ل شؤون الخرة الروحية ‪ ،‬ورحم ال الخليفة الو ل‬ ‫إذ يقو ل ‪) :‬لو ضاع مني عقا ل بعير لوجدته في كتاب ال(‪.‬‬ ‫بعد هذا التحديد العام لمعنى السلم الشام ل ولمعنى السياسة المجردة عن الحزبية ‪،‬‬ ‫أستطيع أن اجهر في صراحة بأن المسلم لن يتم إسلمه إل إذا كان سياسيا ‪ ،‬يعيد النظر‬ ‫في شؤون أمته ‪ ،‬مهتما بها غيور عليا ‪ .‬وأستطيع كذلك أن أقو ل أن هذا التحديد التجريد‬ ‫أمر ل يقره السلم ‪ ،‬وأن على ك ل جمعية إسلمية أن تضع في رأس برنامجها الهتمام‬ ‫بشؤون أمتها السياسية إوال كانت تحتاج هي نفسها إلى أن تفهم معنى السلم‪.‬‬ ‫دعوني أيها الخوة استرس ل معكم قليل في تقرير هذا المعنى الذي قد يبدو مفاجأة غريبة‬ ‫على قوم تعودوا إن يسمعوا دائما نغمة التفريق بين السلم والسياسة ‪ ،‬والذي قد يدع‬ ‫بعض الناس يقولون بعد انصرافنا من هذا الحف ل ‪ :‬إن جماعة الخوان المسلمين قد تركت‬ ‫مبادئها ‪ ،‬وخرجت علي صفتها ‪ ،‬وصارت جماعة سياسية بعد أن كانت جمعية دينية ‪ ،‬ثم‬ ‫يذهب ك ل متأو ل في ناحية من نواحي التأوي ل ملتمس ا أسباب هذا النقلب في نظره ‪،‬‬

‫وعلم ال أيها السادة أن الخوان ما كانوا يوم ا من اليام غير سياسيين ‪ ،‬ولن يكونوا يوم ا‬ ‫‪36‬‬


‫من اليام غير مسلمين ‪ ،‬وما فرقت دعوتهم أبدا بين السياسة والدين ‪ ،‬ولن يراهم الناس‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ضوا نعسنهأ نونقالأوا لنننا أنسعنمالأننا نولنأكسم أنسعنمالأأكسم‬ ‫في ساعة من نهار حزبيين ) ن إوإانذا نسمأعوا اللسغنو أنسعنر أ‬ ‫نسلرم نعلنسيأكسم ل ننسبتنإغي اسلنجاإهإلينن( )القصص‪ ، (55:‬ومحا ل أن يسيروا لغاية غير غايتهم‬ ‫صبنغةن ا إ‬ ‫ل نونمسن‬ ‫أو يعملوا لفكرة سوي فكرتهم أو يتلونوا بلون غير السلم الحنيف ‪ ) :‬إ س‬ ‫أنحسن إمن ا إ‬ ‫ل إ‬ ‫صسبنغةا نوننسحأن لنهأ نعابإأدونن( )البقرة‪. 18(138:‬‬ ‫س نأ ن‬ ‫يمن أنتم أيها الوخوان؟‬ ‫ثم يسأ ل الناس‪ :‬من أنتم أيها الخوان؟‬ ‫ويجيب الستاذ البنا‪ :‬أيها الخوان ‪ :‬أنتم لستم جمعية خيرية ول حزبا سياسيا ول هيئة موضعية‬

‫لغراض محدودة المقاصد ‪ .‬ولكنكم رو ح جديد يسري في قلب هذه المة فيحييه بالقرآن ‪ ،‬ونور‬

‫جديد يشرق فيسدد ظلم المادة بمعرفة ال ‪ ،‬وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسو ل صلي ال عليه‬ ‫وسلم ومن الحق الذي ل غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العب ء بعد أن تخلي عنه الناس ‪.‬‬

‫إذا قي ل إلم لكم تدعون ؟ ‪ ...‬فقولوا ندعو إلي السلم الذي جا ء به محمد صلي ال عليه وسلم‬ ‫والحكومة جز ء منه والحرية فريضة من فرائضه ‪ ،‬فإن قي ل لكم هذه سياسة ! فقولوا هذا هو السلم‬ ‫ونحن ل نعرف هذه القسام ‪.‬‬ ‫إوان قي ل لكم أنتم دعاة ثورة ‪ ،‬فقولوا نحن دعاة حق وسلم نعتقده ونعتز به ‪ ،‬فإن ثرتم علينا ووقفتم‬

‫في طريق دعوتنا فقد أذن ال أن ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرين الظالمين ‪ .‬إوان قي ل لكم إنكم‬ ‫تستعينون بالشخاص والهيئات فقولوا ‪) :‬آمننا إبا إ‬ ‫ل نوسحندهأ نونكفنسرننا بإنما أكننا بإإه أمسشإرإكينن( )غافر‪, (84:‬‬ ‫ن‬ ‫‪19‬‬ ‫فإن للجوا في عدوانهم فقولوا ‪) :‬نسلرم نعلنسيأكسم ل ننسبتنإغي اسلنجاإهإلينن( )القصص‪. (55:‬‬

‫‪ 18‬إلى الطل ب ‪ -‬مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‬ ‫‪ " :19‬بين المس واليوم ‪ -‬مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا"‬

‫‪37‬‬


‫الص ل‪ :‬الثانى‬ ‫مرجعية السلم العليا‬ ‫والقرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع ك ل مسلم في تعرف أحكام السلم ‪ ،‬ويفهم القرآن طبقا لقواعد‬ ‫اللغة العربية من غير تكلف ول تعسف ‪ ،‬ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجا ل الحديث الثقات ‪.‬‬ ‫فى هذا الص ل يحدد الستاذ البنا مرجعية السلم العليا بعد أن حدد حقيقة السلم فى الص ل‬ ‫الو ل بشموله ويؤكد فى هذا الص ل على أمرين‪ :‬الو ل‪ :‬أن مايطرحه من شمو ل السلم ليس‬ ‫من عند نفسه أو غريب عن السلم إوانما هو حقيقة الدين التى بهتت فى النفوس وغابت عن‬ ‫الفهام وفقدت فى واقع الحياة‪ ،‬والثانى‪ :‬أن مصدر التلقي و مرجع الحكام هو القرآن الكريم‬ ‫والسنة المطهرة‪.‬‬ ‫إن تحديد منهج التلقي و القتدا ء لي دعوة يكون عنواناا‪ ،‬و يعطي مؤش ار على استقامتها‬

‫أو اعوجاجها‪ ،‬صلحها أو فسادها‪ ،‬اهتدائها أو زيغها و ضللها‪ .‬و إنه لمن المقرر لدى الجي ل‬ ‫الو ل أن مرجع الحكام لك ل مسلم هو كتاب ال و سنة رسوله فهما المعين الصافي الذي يتلقى‬ ‫منه الهدى في ك ل شؤون حياته‪ .‬و بعد القرون الثلثة الفاضلة خلط المسلمون معينهم الصافي‬ ‫بكدر الفلسفات و غيرها‪ ..‬فنشأت عند المسلمين بعض التصورات المنحرفة التي استبدت بهم‪،‬‬ ‫و أثرت في سلوكهم‪ ،‬فأوردتهم مسالك الضل ل و الردى‪.‬‬ ‫و كان من فض ل ال تعالى على هذه المة أنه يبعث في ك ل قرن من يجدد لها أمر دينها‪ ،‬و‬ ‫ينفي عنه ك ل باط ل و ضل ل‪ ،‬و زيغ و انحراف‪ .‬و يرد المة إلى معينها الصافي تنه ل منه‬ ‫فتحيا حياة طيبة‪ .‬و لقد جا ء شيخ السلم بن تيمية رحمة ال عليه‪ ،‬و للناس مراجع شتى‬ ‫ينهلون منها‪ ،‬و يستندون إليها‪ ،‬و قد اختلطت هذه المراجع و المصادر اختلط ا فتن كثي ار من‬

‫الناس‪ .‬فاختلط الحق بالباط ل‪ ،‬و الهدى بالضل ل‪ ،‬و الصحيح بالسقيم‪ ،‬فجاهد شيخ السلم لرد‬

‫الناس إلى ما كان عليه الجي ل الو ل إلى المصدر الصافي النقي الخالي من الكدر‪ ،‬و نفى عن‬ ‫هذا المصدر ك ل شائبة علقت به‪ .‬و كذلك كان الحا ل عندما جا ء المام الشهيد عليه رحمة ال‪.‬‬ ‫لقد اختلط الحاب ل بالناب ل‪ ،‬و الخالص بالزيوف‪ ..‬فصر خ في الناس أن عودوا إلى ما كان عليه‬ ‫الجي ل الو ل‪ .‬فالتقى المامان على تحديد منهج الدعوة و مصدرها‪ ،‬و مرجع المسلم و مستنده‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫أل و هو كتاب ال‪ ،‬و سنة رسوله صلى ال عليه و سلم و عم ل السلف الصالح و استبعاد ما‬ ‫عدا ذلك إل أن يدور في فلك الكتاب و السنة‪ ،‬حينئذ يستند إليه لموافقتهما‪.20‬‬ ‫لذا فإن هذا الص ل يؤكد على مصادر التلقي والمعرفة في السلم‪ ،‬ومن أين أتستقى‬ ‫أحكامه؟ وهذا ما يج ل الستاذ البنا يعود وينادى بالسلفية‪ 21‬الحقة فى جرا ءة على واقعه‬ ‫ومعاصريه‪ ،‬وبهذا يتضح قو ل المام الشهيد‪" :‬وتستطيع أن تقو ل ول حرج عليك‪ ،‬أن )الخوان‬ ‫المسلمون( دعوة سلفية؛ لنهم يدعون إلى العودة بالسلم إلى معينه الصافي؛ كتاب ال وسنة‬ ‫رسوله‪ -‬صلى ال عليه وسلم"‪.‬‬ ‫فـالخوان المسلمون سلفيون في عقيدتهم‪ ،‬ول يعتمدون إل المصادر الموثوقة المينة‪ ،‬وهي‬ ‫القرآن الكريم وسنة رسو ل ال‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعم ل السلف الصالح ويحرصون على‬ ‫تجاوز ك ل الموروثات التي تؤثر على صفا ء عقيدة التوحيد‪ ،‬بعيادا عن الفلسفة والجد ل وعلم‬ ‫الكلم‪ ،‬والنظريات التي أتخاطب الذهن والجد ل والعق ل فقط‪ ،‬بد ل أن تكون العقيدة واقعاا حياا‬

‫توجه الحياة‪ ،‬وتقود النسان إلى العم ل الصالح والجهاد في سبي ل ال‪ ،‬وهم يرون أن العقيدة لبد‬ ‫أن تعود إلى صفائها ونقائها‪ ،‬وأن يعود لها الدور اليجابي في صنع البطا ل والرجا ل الذين ل‬

‫تلهيهم تجارة ول بيع عن ذكر ال وطاعته‪.‬‬ ‫لذا يقرر الستاذ البنا فيقو ل‪ :‬يعتقد )الخوان المسلمون( أن أساس التعاليم السلمية ومعينها‬ ‫هو كتاب ال وسنة رسوله‪ ،‬اللذان إن تمسكت بهما المة فلن تض ل أبدا‪.22‬‬

‫إوان كثي اار من الرا ء والعلوم التي اتصلت بالسلم وتلونت بلونه تحم ل لون العصور التي‬ ‫أوجدته‪ ،‬والشعوب التي عاصرتها‪ ،‬ولهذا يجب أن تستقي النظم السلمية التي يحم ل عليها‬

‫المة من هذا المعين الصافي‪ ،‬معين السهولة الولى‪ ،‬وأن نقف عند هذه الحدود الربانية‪ ،‬حتى‬ ‫ل أنقيد أنفسنا بغير ما قيدنا ال به‪ ،‬ول نلزم عصرنا لون عصر ل يتفق معه‪ ،‬والسلم دين‬ ‫البشرية جمياعا‪.‬‬ ‫‪ 20‬معا ا على طريق لدعوة‪ :‬شيخ السلم بن تيمية والمام الشهيد حسن البنا – محمد عبد الحليم حامد‪.‬‬ ‫‪ 21‬السلف‪ :‬جمع سالف وهو كل ما تقدمك من آبائك وذوي قرابتك في السن أو الفضل‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنه كل عمل صالح‬ ‫حا‪:‬‬ ‫من يرجع في الحكام الشرعية إلى الكتا ب والسنة ويهدر ما سواهما‪ .‬واصطل ا‬ ‫قدمته‪ ،‬والسلفي‪ :‬هو كل م‬ ‫استمداد السلم من أصوله دون تعصب لما جد عبر التاريخ من نظريات ومفاهيم‪ ،‬فالصل ما ورد في الكتا ب‬ ‫والسنة‪.‬‬ ‫‪ 22‬رسالة المؤتمر الخامس‪:‬‬

‫‪39‬‬


‫ونستطيع أن نقو ل‪ :‬أن دعوة )الخوان المسلمون( تتميز بالحرص التام على تربية أفرادها‬ ‫على منهج السلف فك اار وعقيدة‪ ،‬وتطبياقا ومنهاجا‪.‬‬ ‫الكتاب و السنة‬ ‫مصدر التلقى الو ل‪ :‬القرآن الكريم‪ ،‬لذا فشعار الخوان المسلمون الدائم "القرآن دستورنا" فهم‬ ‫يستقبلونه كما كان رسو ل ال يفع ل‪.‬‬ ‫ولقد كان صحابة النبي‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يعيشون القرآن‪ ،‬وكان الرسو ل يربيهم على‬ ‫ل‪ ،‬وكانوا يقرأون القرآن بقلوب مفتوحة‪ ،‬وحواس‬ ‫ظا وتدب اار وعم ا‬ ‫ذلك‪ ،‬فكانوا أه ل القرآن قرا ءةا وحف ا‬ ‫حاضرة‪ ،‬لتلقي أمر ال لتبنى به حياتها وواقعها على أساسه‪ ،‬ثم تهدم ما عدا ذلك من‬ ‫الموروثات والجاهليات‪ ،‬وكانوا يؤمنون بالكتاب كله‪ ،‬ويدعون الناس إلى السلم الشام ل‪ ،‬وكانوا‬ ‫ب‬ ‫يقرأون القرآن بقلوب وجلة‪ ،‬مستحضرين عظمة ال الخالق ج ل وعل‪ ،‬وهو يخاطبهم‪ ،‬فل عج ن‬ ‫أن تخشع قلوبهم وتدمع عيونهم‪ ،‬وكان القرآن حياة لملكات قلوبهم‪ ،‬وكان بهجتها ونورها‪،‬‬ ‫وميزانهم الدقيق لك ل ما حولهم‪ ،‬ولقد كانوا يتلونه آنا ء اللي ل وأطراف النهار‪ ،‬ويتشبثون به تشبث‬ ‫الغريق المشرف على الغرق بطوق النجاة‪ ،‬فكان القرآن العظيم ربيع قلوبهم ونور أبصارهم‬ ‫ب في ذلك فهو مفتا ح الخير في الدنيا وهو سبي ل الفل ح‬ ‫ومحور حياتهم ومقصد أمرهم‪ ،‬ول عج ن‬ ‫في الخرة‪.‬‬ ‫ومصدر التلقى الثاني‪ :‬هو التباع الكام ل والقتدا ء التام برسولهم‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬ ‫وكانوا يعتبرون قوله وفعله وتقريره حكاما شرعايا ل يختلف في ذلك واحد منهم‪ ،‬ول يجيز أحدهم‬ ‫لنفسه أن يخالف أمر القرآن‪ ،‬أو أمر رسو ل ال‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لقد بلغ امتثالهم أمر‬ ‫النبي‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أن فعلوا ذلك حتى في شئون الدنيا‪.‬‬ ‫عن ابن مسعود‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬أنه جا ء يوم الجمعة والنبي يخطب فسمعه يقو ل اجلسوا‬ ‫فجلس بباب المسجد أي حيث سمع النبي يقو ل ذلك‪ ،‬فرآه النبي‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقا ل‬ ‫له‪" :‬تعان ل يا عبدال ابن مسعود"‪.‬‬ ‫كما بلغ من اقتدائهم به‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أن كانوا يفعلون ما يفع ل ويتركون ما يترك‪،‬‬ ‫دون أن يعلموا لذلك سبابا‪ ،‬أو يسألوه عن علته‪ ،‬فعن عبدال ابن عمر رضي ال عنهما قا ل‪:‬‬ ‫اتخذ رسو ل ال‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬خاتاما من ذهب قب ل تحريم الذهب فاتخذ الناس خواتيم‬ ‫‪40‬‬


‫من ذهب ثم نبذه النبي‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وقا ل‪" :‬إني لن ألبسه أبادا فنبذ الناس‬ ‫خواتيمهم"‪.‬‬ ‫وقا ل‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬في خطبة الوداع‪" :‬إن الشيطان يئس أن يعبد بأرضكم‪ ،‬ولكن‬ ‫رضي أن أيطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فاحذروا‪ ،‬إني قد تركت فيكم ما إن‬ ‫اعتصمتم به فلن تضلوا أبادا؛ كتاب ال وسنة نبيه"‪.‬‬

‫إن ك ل من اتصف بهذه الصفات في أي مكان من القارات الخمس فهو سلفي على المنهج‬

‫الصحيح‪ ،‬وهو من الفرقة الناجية إن شا ء ال‪ ،‬وهو من أه ل السنة والجماعة‪ ،‬وليس من حق‬

‫مخلوق أييا كان أن يعترض عليه‪ ،‬أو يضيق واساعا؛ لنه ل يملك ذلك‪.23‬‬

‫إن من المور الجلية التي ل تحتاج إلى كثيرة كلم أن المام الشهيد ركز على ضرورة اتباع‬ ‫كتاب ال و سنة رسوله صلى ال عليه و سلم و ما وافقهما‪ ،‬و العراض عما خالفهما‪ .‬لقو ل‬ ‫ال تعالى‪) :‬قد جا ءكم من ال نور و كتاب مبين يهدي به ال من اتبع رضوانه سب ل السلم و‬ ‫يخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه و يهديهم إلى صراط مستقيم( ‪-‬المائدة ‪-16،15‬‬ ‫)أطيعوا ال و أطيعوا الرسو ل( ‪-‬النسا ء ‪-59‬‬ ‫)و ما أرسلنا من رسو ل إلى ليطاع بإذن ال( ‪-‬النسا ء ‪-64‬‬ ‫)و ما آتاكم الرسو ل فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا( ‪-‬الحشر ‪-7‬‬ ‫فإن تنازعتم في شي ء فردوه إلى ال و الرسو ل( ‪-‬النسا ء ‪-59‬‬ ‫فقا ل رحمه ال‪ " :‬دعوتنا إسلمية بك ل ما تحتم ل الكلمة من معان فافهم فيها ما شئت بعد ذلك‪،‬‬ ‫و أنت في فهمك مقيد بكتاب ال‪ ،‬و سنة رسوله‪ ،‬و سيرة السلف الصالحين من المسلمين‪ .‬فأما‬ ‫كتاب ال فهو أساس السلم و دعامته‪ .‬و أما سنة رسوله فهي مبينة الكتاب و شارحته‪ .‬و أما‬ ‫سيرة السلف الصالح فهم رضوان ال عليهم منفذو أوامره‪ ،‬و الخذون بتعاليمه‪ ،‬و هم المث ل‬ ‫العملية‪ ،‬و الصورة الماثلة لهذه الوامر و التعاليم ‪ .24‬و يبين مصادر الدعوة و مرتكزاتها فيقو ل‬ ‫‪ 23‬معنى السلفية والمراد منها – الشيخ عبد الله الخطيب – ‪ikhwanonline.com‬‬ ‫‪ 24‬مجموعة الرسائل )دعوتنا( المام الشهيد حسن البنا‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫رحمه ال‪" :‬و عمادنا في ذلك كله"‪ :‬كتاب ال الذي ل يأتيه الباط ل من بين يديه و ل من‬ ‫خلفه‪ .‬و السنة الصحيحة الثابتة عن رسو ل ال )ص(‪ .‬و السيرة المطهرة لسلف هذه المة‪.25‬‬ ‫و يقو ل الستاذ البنا فى معرض الرد على من يدعى‪ :‬أن الخوان المسلمين قوم سياسيون و‬ ‫ل‪ :‬و ل ندري إلى متى‬ ‫دعوتهم دعوة سياسية‪ ،‬و لهم من ورا ء ذلك ميآرب أخرى‪ .‬فيجيب قائ ا‬

‫تتقارض أمتنا التهم‪ ،‬و تتباد ل الظنون‪ ،‬و تتنابز باللقاب‪ ،‬و تترك يقينا يؤيده الواقع في سبي ل‬

‫ظن توجيه الشكوك ؟ يا قومنا‪ :‬إننا نناديكم و القرآن في يميننا‪ ،‬و السنة في شمالنا‪ ،‬و عم ل‬ ‫السلف الصالحين من أبنا ء هذه المة قدوتنا‪ ،‬و ندعوكم إلى السلم و تعاليم السلم و أحكام‬ ‫السلم و هدي السلم‪ .‬فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا‪ .‬و إن كان من‬ ‫يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيا فنحن أعرق الناس و الحمد ل في السياسة‪ .‬و إن شئتم أن‬ ‫تسموا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم فلن تضرنا السما ء متى وضحت المسميات و انكشفت‬ ‫الغايات‪ .‬يا قومنا‪ :‬ل تحجبكم اللفاظ عن الحقائق والسما ء عن الغايات‪ ،‬ول العراض عن‬ ‫الجوهر‪ ،‬إوان للسلم لسياسة في طيها سعادة الدنيا وصل ح الخرة‪ ،‬و تلك هي سياستنا ل‬ ‫نبغي بها بديل فسوسوا بها أنفسكم‪ ،‬واحملوا عليها غيركم تظفروا بالعزة الخروية‪ ،‬ولتعلمن نبأه‬ ‫بعد حين‪.26‬‬

‫‪ 25‬مجموعة الرسائل )إلى الشبا ب( المام الشهيد حسن البنا‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫مجموعة الرسائل )إلى أى شئ ندعو الناس( المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪42‬‬


‫الصل‪ :‬الثالث‬ ‫مصادر ليست من أدلة الحكام الشرعية‬ ‫ولليمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلوة يقذفهما ال في قلب من يشا ء من‬ ‫عباده ‪ ،‬ولكن اللهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الحكام الشرعية ‪ ,‬ول تعتبر إل‬ ‫بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه‪.‬‬ ‫أما اليمان الصادق فيتحقق بصحة العتقاد وصدق التباع‪ .‬وتتحقق العبادة الصحيحة‬ ‫بإخلص النية ومتابعة عم ل الرسو ل صلى ال عليه وسلم‪ .‬وأما المجاهدة فمتعددة بين مجاهدة‬ ‫النفس‪ ،‬والهوى‪ ،‬والشيطان‪ .‬والشيطان يغزو القلب بسلحين‪ :‬سل ح الشهوات ليفسد به عملك‪،‬‬ ‫وسل ح الشبهات ليفسد به اعتقادك‪ ،‬فإذا تغلب على النسان بسل ح الشهوات وسل ح الشبهات‬ ‫فسد عمله واعتقاده‪ ،‬وما بقي له شي ء من إسلمه‪ ،‬والنسان ل يستطيع أن ينتصر على سل ح‬ ‫الشهوات إل بالصبر ول ينتصر على سل ح الشبهات إل باليقين‪ ،‬ولذلك قا ل ربنا سبحانه‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫صنبأروا نونكاأنوا إبيآنياتإننا أيوإقأنونن ﴾ )السجدة‪،(24 :‬‬ ‫وتعالى‪﴿ :‬نونجنعسلننا مسنهأسم أنئنمةا نيسهأدونن بإأنسمإرننا لننما ن‬ ‫إوان لليمان الصادق نواار يمشي به المؤمن كما قا ل ال عز وج ل ﴿نونجنعسلننا لنهأ أنواار نيسمإشي بإإه إفي‬ ‫الننا إ‬ ‫س ﴾ )النعام‪﴿ ،(122 :‬نونمن لنسم نيسجنعإ ل الأ لنهأ أنواار فننما لنهأ إمن أنوةر ﴾ )النور‪.(40 :‬‬ ‫إن اليمان الصادق الذي يتحلى به المسلم هو الحياة الطيبة (من عم ل صالحا من ذكر أو‬ ‫أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ( )النح ل ‪)97 -‬‬ ‫وهو النور الذي يمشي به (وجعلنا له نو ار يمشي به في الناس) )النعام – ‪ .(122‬وهو الرو ح‬ ‫التي يحيا بها (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) )الشورى – ‪ .(52‬يعيش صاحبه مطمئن‬ ‫النفس‪ ،‬مرتا ح البا ل (فمن اتبع هداي فل يض ل ول يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة‬ ‫ضنكا( )طه – ‪.(123‬‬ ‫ولليمان الصادق حلوة يتذوقها المؤمن الذي رضي بال ربا وبالسلم دينا وبمحمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم نبيا ورسول‪ ،‬عبد الن بما يحبه ويرضاه فشكره وأحبه وخشيه‪ ،‬فتفض ل ال عليه بهذا‬ ‫المذاق فكان مع النبيين والصديقين والشهدا ء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‪.‬‬ ‫بهذا اليمان الصادق يعيش المؤمن بين الناس‪ ،‬يص ل من قطعه‪ ،‬ويعفو عن من ظلمه‪،‬‬ ‫ويعطي من حرمه فأيسنز ل ال له القبو ل في الرض ويعيش في مودة ورحمة بين الناس (إن‬ ‫الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجع ل لهم الرحمن ودا) )مريم – ‪.(96‬‬ ‫‪43‬‬


‫أي سعادة‪ ،‬وأي حلوة‪ ،‬وأي نور وأي أمن وأمان يحلس به المؤمن الصادق (الذين آمنوا ولم‬ ‫يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم المن وهم مهتدون ) )النعام ‪.(82 -‬‬ ‫ولك أن تسأ ل وكيف يحبنا ال حتى نفوز بهذه الحلوة‪..‬؟‬ ‫قا ل تعالى‪( :‬ق ل إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم(‬ ‫)آ ل عمران – ‪ (31‬أي إذا سلكنا طريق الدعوة التي وضع معالمها رسو ل ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم يحبنا ال‪ .‬وهذا الطريق يحتاج ملنا إخلص النية وبذ ل الجهد والجهاد والصبر والمصابرة‬ ‫(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ول تعد عيناك عنهم تريد‬ ‫زينة الحياة الدنيا ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا( )الكهف –‬ ‫‪.(28‬‬ ‫تمحيص الغاية‪...‬‬ ‫ومن أهم المور في معركة اليمان هذه هو تمحيص الغاية‪ ..‬بأن يكون ال هو الغاية‪..‬‬ ‫ورسو ل ال هو السوة والقدوة‪(..‬لقد كان لكم في رسو ل ال أأسوة حسنة لمن كان يرجو ال واليوم‬ ‫الخر وذكر ال كثي ار) )الحزاب ‪.(21 -‬‬ ‫خلوف تنكبت الطريق‪ ،‬وجا ءت بعد ذلك خلوف تنكبت الطريق وخلطت عمل صالحا بيآخر‬ ‫سيئ‪ ..‬وبدأت النحرافات تأخذ دورها‪ ..‬في الجاهلية القديمة صنعوا تماثي ل لبعض الرجا ل‬ ‫الصالحين يتبركون بهم‪ ،‬ومع الزمن عبدوهم من دون ال‪ ..‬وفي الجاهليات الحديثة بدأ بعض‬ ‫الناس ينظرون للرج ل الصالح‪ ،‬تعجبهم عبادته فيحكمون عليه بأنه ولي من أوليا ء ال‬ ‫الصالحين‪ .‬ك ل ما يقوله إلهام‪ ،‬وك ل خواطره حقائق‪ ،‬وك ل رؤاه مكشوف عنها الحجاب‪ ،‬فهو‬ ‫يصلي الفجر في القاهرة والظهر في مكة والعصر في المدينة والمغرب في بيت المقدس ثم‬ ‫يعود ليصلي العشا ء في السيد البدوي‪.‬‬ ‫بعض هؤل ء يقو ل‪ :‬حدثني قلبي عن ربي‪ ،‬ويقو ل‪ :‬أنتم تأخذون كلمكم من ميت إلى ميت‬ ‫ونحن نأخذ كلمنا من الحي الذي ل يموت‪ ،‬ويقو ل‪ :‬صلح عندنا كشفا ولم يصح عندنا سندا‪..‬‬ ‫وكله تخريف ل يقبله مسلم يحترم عقله‪.‬‬ ‫ل نريد أن نتعرض للولية والكرامة‪ ..‬ولكننا نقو ل‪ :‬أن اللهام والخواطر والكشف والرؤى ليست‬ ‫من أدلة الحكام الشرعية‪ ،‬ول تعتبر إل بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه‪.27‬‬ ‫‪ 27‬الفكر السلمي الوسط ‪ -‬مصطفى الطحان‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫يدخ ل أنس بن مالك على الخليفة عثمان بن عفان رضي ال عنهما فيقو ل له‪ :‬مالكم تدخلون‬ ‫علـلي وأثر الزنا في وجوهكم‪ ،‬قا ل أنس‪ :‬أوحي بعد رسو ل ال ] قا ل‪ :‬ل ولكنها الفراسة‪..‬‬ ‫فراسة صادقة من مؤمن صادق ينظر بنور ال‪ ..‬ولكنها حديث نفس تخطئ وتصيب‪ ،‬ومهما‬ ‫بلغت قوتها فلن تعدو روع صاحبها‪ ..‬وهي ليست بحا ل من أدلة الحكام الشرعية‪.28‬‬ ‫يقو ل الشيخ محمد الغزالي‪ :‬وقد رأيت ناسا طيبين‪ ،‬شديدي الثقة بطيبتهم‪ ،‬يستمدون منها‬ ‫حكمهم على الشخاص والشيا ء‪ ،‬وربما صدرت لهم أحكام بالطيبة والخبث‪ ،‬أو الح ل والحرمة‪،‬‬ ‫أو التقديم والتأخير ل مصدر لها إل ذوقهم ومزاجهم!!‬ ‫وهذا مسلك قد يص ل بذويه إلى الزيغ أو الدج ل‪ ،‬وعندما أتدبر أزمة اليمان في عالمنا المعاصر‬ ‫أو أزمة التدين خل ل تاريخ النسانية أشعر بأن أص ل البل ء نجم عن أقوام يظنون حكمهم على‬ ‫المور هو حكم ال‪ ،‬ووصايا المرسلين‪.‬‬ ‫إن الحكم الشرعي هو خطاب ال المتعلق بأحكام المكلفين‪ ،‬فليس لحد أن يقو ل‪ :‬نفث في‬ ‫روعي كذا‪ ،‬أو ألهمت كذا‪ ،‬أو رأيت في منامي كذا‪ ،‬أو روى قلبي عن ربي كذا!! فذلك كله‬ ‫فوضى مردودة‪.29‬‬

‫‪ 28‬فهم السلم ‪ -‬جمعة أمين عبد العزيز‪ ،‬ص‪.(63-51) -‬‬ ‫‪ 29‬دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين ‪ -‬محمد الغزالي‪ ،‬ص‪.(39 -38) -‬‬

‫‪45‬‬


‫الص ل‪ :‬الرابع‬ ‫منكرات تجب محاربتها‬ ‫والتمائم والرقى والودع والرم ل والمعرفة والكهانة‪ ،‬وادعا ء معرفة الغيب‪ ،‬وك ل ما كان من هذا الباب‬ ‫منكر تجب محاربته‪ .‬إل ما كان آية من قرآن أو رقية مأثورة‪.‬‬ ‫هذه المنكرات‪ ..‬إنما هي دج ل وشعوذة تعط ل العما ل‪ ،‬وتهم ل سنن ال التي وضعها للسعادة‬ ‫والشقا ء وتتعامى عن الخذ بالسباب‪.‬‬

‫قا ل تعالى‪( :‬ق ل أندعوا من دون ال ما ل ينفعنا ول يضرنا‪ ،‬وأننرلد على أعقابنا بعد إذ هدانا ال‬ ‫ب يدعونه إلى الهدى ائتنا ق ل إن هدى‬ ‫كالذي استهوته الشياطين في الرض حيران له أصحا ر‬ ‫ال هو الهدى وأمرنا لنسلنم لرب العالمين( )النعام – ‪.(71‬‬ ‫وروى المام أحمد عن عقبة بن عامر رضي ال عنهما مرفوعا‪) :‬من تعلق تميمة فل أتنم ال‬

‫له‪ ،‬ومن تعلق ودعة فل ودع ال له( )أي ل جعله في دعة وسكون( ‪ ،‬وفي رواية )من تعلق‬

‫تميمة فقد أشرك(‪.‬‬ ‫وفي الصحيحين عن أبي بشير النصاري رضي ال عنه‪ :‬أنه كان مع رسو ل ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم في بعض أسفاره فأرس ل رسولا أن ل يبقيلن في رقبة بعير قلدة إل قطعت‪.‬‬ ‫وروى المام أحمد عن ابن مسعود رضي ال عنه قا ل ‪ :‬سمعت رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫يقو ل‪ :‬إن الرقى والتمائم والتولة شرك‪ .‬شي ء يصنعونه يزعمون أنه يحبب الزوجة إلى زوجها‬ ‫والزوج إلى زوجته وهو نوع من السحر‪.‬‬ ‫ك ل هذه الشيا ء‪ ..‬التمائم والرقى والودع والرم ل وما شابهها منكرات تجب محاربتها‪ ،‬إل ما كان‬ ‫رقية مأثورة عن النبي صلى ال عليه وسلم من مث ل‪) :‬أعوذ بكلمات ال التامات من شر ما‬ ‫ب الناس اذهب البأس واشفه أنت الشافي ل شفا ء إل شفاؤك شفا ء ل يغادر‬ ‫خلق( أو )اللهم ر ن‬ ‫سقما(‪ ،‬أو تق أر الراقية )فاتحة الكتاب والمعوذتين( وغير ذلك من الدعية والرقى المأثورة‪.‬‬ ‫والنسان بطبعه شديد التعلق بالمستقب ل‪..‬‬ ‫أما المسلم فيؤمن أن المستقب ل بيد ال‪( ..‬وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي‬ ‫أرض تموت إن ال عليم خبير( )لقمان‪ ..(34 -‬وهو يعم ل لدنياه كأنه يعيش أبدا ويعم ل‬ ‫‪46‬‬


‫لخرته كأنه يموت غدا‪ ..‬صحح السلم عقيدته‪ ،‬وهذب معارفه وأعماله‪ ..‬يسير على قاعدة‬ ‫)اعقلها وتوك ل على ال(‪ ..‬ومع التوك ل يلجأ إلى ال بالدعا ء‪.‬‬ ‫أما الذي ل يؤمن بالسلم فهو في شقا ء حقيقي‪ ..‬شديد الخوف من الغد‪ ..‬تشع ل مخاوفه‬ ‫وسائ ل العلم الحديثة‪ ..‬في ك ل ركن منها تجد ‪ :‬برجك‪ ..‬أسرار النجوم‪ ..‬قرا ءة الكف‪..‬‬ ‫التنجيم‪ ..‬قرا ءة الفنجان‪ ..‬وغير ذلك من الشعوذات والدج ل‪.‬‬ ‫والمر غير قاصر على بعض من يتسكع في أسواق الصحافة‪ ..‬فقد قرأنا أن قارئة الفنجان‬ ‫وقارئة الكف تزور البيت البيض باستمرار وأن رجالت السياسة في أمريكا وغيرها يستعينون‬ ‫بهن في اتخاذ الق اررات الهامة‪..‬‬ ‫في ضو ء ذلك ندرك لماذا حارب السلم الوهام والخرافات‪ ..‬ونلقى العقائد السلمية مما شابها‬ ‫من مؤثرات‪ ..‬فالعقيدة الصحيحة وحدها التي تخللص النسان من المعلوقات وتسمو به في‬ ‫معارج الكما ل‪.30‬‬

‫‪ 30‬الفكر السلمي الوسط ‪ -‬مصطفى الطحان‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫الص ل‪ :‬الخامس‬ ‫ص والمصلحة ‪ -‬شروط وسلطة الحاكم‬ ‫بين الن ل‬ ‫ورأي المام ونائبه فيما ل نص فيه ‪ ،‬وفيما يحتم ل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمو ل به ما‬ ‫لم يصطدم بقاعدة شرعية ‪ ,‬وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات‪ ,‬والص ل في العبادات‬ ‫التعبد دون اللتفات إلى المعاني ‪ ,‬وفي العاديات اللتفات إلى السرار والحكم والمقاصد‪.‬‬ ‫تنقسم أحكام الفقه السلمي من حيث مصادرها إلى أربعة أنواع‪:‬‬ ‫النوع الو ل‪ :‬أحكام مصادرها نصوص صريحة قطعية في ثبوتها‪ ،‬وقطعية في دللتها على‬ ‫أحكامها‪ ،‬وهذه أحكام لزمة وعلى ك ل مسلم اتباعها ول يجوز أن يختلف المسلمون فيها‪ ،‬كافتراض‬ ‫الصلة والزكاة والصيام والحج‪ ،‬وكإيجاب اليفا ء بالعقود واشتراط التراضي في البيوع‪ .‬فيآي القرآن‬ ‫الصريحة القطعية الدللة‪ ،‬والسنة المتواترة القطعية الدللة يجب اتباع حكمهما دائما‪.‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬أحكام مصادرها نصوص ظنية في الدللة على أحكامها‪ .‬وهذه فيها مجا ل للجتهاد‬ ‫لكن في حدود تفهم النص ول يخرج عن دائرته‪ ،‬وعلى المجتهدين أن يرجحوا باجتهادهم أن الحكم‬ ‫الذي يد ل عليه النص هو ثبوت الخيار للمتبايعين في المجلس أو عدم ثبوته‪ ،‬وافتراض مسح‬ ‫الرأس كله في الوضو ء أو بعضه‪ ،‬وتحريم الذبيحة لمجرد ترك اسم ال عمدا أو لذكر اسم غير ال‬

‫عليها‪ .‬وما يترجح للمجتهد يكون هو حكم ال في الواقعة على غلبة ظنه‪ ،‬وعليه أن يعم ل به وعلى‬

‫من يستفتيه أن يتابعه في العم ل به‪ ،‬ويجوز التقنين للمة بمجموعة من هذه الحكام التي ل تخرج‬ ‫عن حدود النصوص الظنية الدللة‪ .‬ويجوز أن يكون الحكم في بلد إسلمي أن عدة المطلقة ثلثة‬ ‫أطهار‪ ،‬وفي بلد آخر أن عدة المطلقة ثلث حيضات‪ .‬ول الحكمة في أنه صاغ النص محتمل‬ ‫للدللة على أكثر من حكم‪.‬‬ ‫النوع الثالث‪ :‬أحكام لم تد ل عليها نصوص ل قطعية ول ظنية‪ ،‬ولكن انعقد عليها إجماع‬ ‫المجتهدين في عصر من العصور‪ ،‬كتوريث الجدات السدس‪ ،‬ومنع توريث إبن البن مع وجود‬ ‫البن‪ ،‬وبطلن زواج المسلمة بغير المسلم‪ ،‬وهذه ل مجا ل للجتهاد فيها ويجب على المسلم أن‬ ‫يعم ل بها‪ ،‬لن المجتهدين إذا أجمعوا على حكم فهو حكم المة‪ ،‬والمة ل تجتمع على ضللة‪،‬‬ ‫ولنهم أولو المر التشريعي وال أمنر بإطاعة أولي المر من المسلمين‪ .‬ولكن يجب التحقق من أن‬

‫الحكم انعقد عليه إجماع المجتهدين في عصر من العصور ول يكفي مجرد ادعا ء هذا الجماع‪.‬‬ ‫‪48‬‬


‫النوع الرابع‪ :‬أحكام لم تد ل عليها نصوص ل قطعية ول ظنية ولم ينعقد إجماع عليها من‬ ‫المجتهدين في عصر من العصور كأكثر الحكام الفقهية التي زخرت بها كتب الفقه الحنفية‬ ‫والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والشيعة المامية‪ .‬فهذه الحكام ما هي إل استنباطات لفراد‬ ‫من المجتهدين استنبطوها حسب ما وصلت إليه عقولهم وما أحاط بهم من الظروف والحوا ل‬ ‫والملبسات‪ ،‬وليست أحكاما لزمة لوقائعها‪ .‬فيجوز له ل الجتهاد في عصرهم وبعد عصرهم أن‬ ‫يخالفوهم في استنباطهم كما جاز للمجتهدين المتعاصرين أن يخالف بعضهم بعضا وكما جاز‬ ‫للمجتهد الواحد أن يرجع عن اجتهاده السابق إلى اجتهاد لحق‪.31‬‬ ‫ولقد قلسم الفقها ء المصالح إلى ثلثة أنواع‪:‬‬

‫ص على إحللها كالزواج‪ ،‬والبيع‬ ‫مصالح معتبرة ‪ :‬وهي التي أعطاها الشارع الحكيم درجة العتبار ون ل‬

‫والشرا ء‪ ،‬وك ل ما أمر ال به فعلا للمأمور وتراكا للمحظور‪ ،‬وليمكن أن يكون هناك حكرم من ال‬

‫يضاد مصلحة العباد على القطع‪.‬‬

‫وهي مصالح ضرورية لبد منها في قيام مصالح الدين والدنيا إذا فقدت لم تحص ل المصالح وهي‬ ‫حفظ الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬والعق ل‪ ،‬والنس ل‪ ،‬والما ل‪.‬‬ ‫ومصالح حاجية وهي التي توسع على المكلفين وترفع الضيق الذي يؤدي إلى الحرج )كرخصة‬ ‫السفر‪ ،‬والفطر في المرض‪ ،‬وقصر الصلة‪ ،‬إواباحة الصيد‪ ..‬الخ(‪.‬‬ ‫ومصالح تحسينية كستر العورة‪ ،‬والزينة‪ ،‬وآداب الك ل‪...‬الخ(‪.‬‬

‫ص على‬ ‫ومصالح مهدرة‪ :‬أي غير معتبرة وهي المصالح التي أعطاها الشارع الحكيم درجة الهدار ون ل‬ ‫حرمتها بالرغم من أن فيها بعض المنافع للناس فالخمر والميسر فيهما إثم كبير ومنافع للناس‬ ‫وغير ذلك كثير‪..‬‬ ‫)كالذي يأمر بالفطار في رمضان لمصلحة النتاج‪ ،‬أو يساوي بين الرج ل والمرأة في الميراث‪ ،‬أو‬ ‫يقيد الطلق ويحدد عدد الزوجات بواحدة‪ ....‬الخ(‬ ‫وهي مصالح مهدرة لنها تصطدم إما بقاعدة شرعية أو نص‪.‬‬ ‫ص عليها باعتبار أو إهدار‪ ،‬ول تصطدم بقاعدة‬ ‫ومصالح مرسلة‪ :‬وهي التي أرسلها الشرع فلم ين ل‬ ‫شرعية مث ل ‪:‬‬

‫‪.1‬‬

‫ل ضرر ول ضرار‪.‬‬ ‫‪ 31‬مصادر التشريع السلمي فيما ل نص فيه – عبد الوها ب وخل‪،‬ف‪ ،‬ص‪.(12-11) -‬‬

‫‪49‬‬


‫‪.2‬‬

‫در ء المفاسد مقدم على جلب المصالح‪.‬‬

‫‪.3‬‬

‫ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها‪.‬‬

‫‪.4‬‬

‫الضرر يدفع بقدر المكان ‪ ..‬وهكذا‪.‬‬ ‫وهذه المصالح المرسلة مث ل ‪ :‬زراعة صنف معين كالذرة أو القمح أو القطن لحاجة البلد‪،‬‬ ‫والصناعات المختلفة‪ ،‬وك ل شي ء فيه مصلحة للناس لم ينص عليها الشرع كالترع والمصارف‬ ‫والجسور والمشافي والمدارس وغيرها‪.32‬‬ ‫شروط اليمام‬ ‫المام في العرف السلمي هو الخليفة الذي يحكم المة نيابةا عن رسو ل ال‪ -‬صلى ال‬

‫عليه وسلم‪ -‬في إقامة الدين وسياسة الدنيا به‪ ،‬وقد ينوب عنه نمن يدير البلد من الولة يقومون‬ ‫ضا طالما أنهم أأنيبوا عن المام فلهم السمع والطاعة فيما أمروا به‪،‬‬ ‫بالسلطة التنفيذية‪ ،‬وهؤل ء أي ا‬ ‫وشرط أن يكون المر في معروف؛ لنه ل طاعةن لمخلوق في معصية الخالق‪ ،‬وحديث‬

‫الرسو ل‪" :‬من أطاع أميري فقد أطاعني‪ ،‬ومن عصى أميري فقد عصاني"‪ ،‬وطباعا إذا كان‬ ‫السلم ديانا ودولةا فكان ل بد من إماةم يسوس هذا المجتمع ويدير شئونه‪ ،‬السياسة الشرعية‬

‫التي أشرنا إليها‪ ،‬والحقيقة أن العلما ء اجتهدوا في وضع شروط للمام لكي نطلق عليه )إمام(‬

‫أو)خليفة(‪:‬‬

‫ أولها )السلم(‪) :‬أنإطيأعوا الن نوأنإطيأعوا النرأسون ل نوأأوإلي السمإر إمسنأكسم( )النسا ء‪.(59 :‬‬‫‪ -‬الشرط الثاني )الذكورة(‪ :‬ونحن نتكلم هنا عن الولية العامة‪ ،‬يعني الحاكم‪ ،‬أما دون ذلك‬

‫فكلم كثير جيدا‪ ،‬واجتهادات عند العلما ء أنها تكون قاضية أو تحكم أو ل تحكم‪ ،‬وتكون مث ل‬ ‫الرج ل وتدلي بصوتها‪ ،‬وتشارك في المجالس التشريعية؛ لكن عندما نتكلم عن الذكورة نقصد بها‬ ‫الولية العامة‪ ،‬الخليفة أو الحاكم‪" :‬فلن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" في الولية العامة‪.‬‬ ‫السباب كثيرة؛ حيث توجد مجالت ل يستطيع أن يقوم بها الرج ل وتقوم بها المرأة خير قيام‪،‬‬ ‫لماذا نقسم العم ل‪ ،‬نعترف‪" :‬أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك"‪ ،‬وأعطاها هذه المنزلة ثلث مرات‪..‬‬ ‫لماذا لم يغضب الرجا ل؟! فنحن نتكلم عن وظائف لها خصائص‪ ،‬ه ل من العق ل بمكان أن‬ ‫‪ 32‬فهم السلم ‪ -‬جمعة أمين عبد العزيز‪ ،‬ص‪.(84-82) -‬‬

‫‪50‬‬


‫تكون المرأة مهندسةا مدنيةا تطلع على الخشب والحديد‪ ،‬ال لم يفاض ل بين الرج ل والمرأة من‬

‫حيث التقوى؛ ب ل إن المرأة قد تفوق الرج ل أقرابا ل‪ -‬سبحانه وتعالى‪ -‬سيدنا جبري ل نز ل‬ ‫صا لمرأة ليبلغها السلم من ال‪ ،‬هي السيدة خديجة‪ -‬رضي ال عنها‪.‬‬ ‫خصي ا‬

‫ل‪ :‬مجرد الحم ل والولدة أنتم تعلمون‪ ،‬دعونا‬ ‫الولية العامة ل تصلح لها المرأة‪ ..‬أعطيكم مثا ا‬

‫من النظرة الغربية التي لوثت العق ل السلمي وتأثر بها الناس‪ ..‬المساواة في أي شي ء‪ ،‬نحن‬

‫لو ساوينا الرج ل بالمرأة في ك ل شي ء سنظلمها؛ لنها على غير طبيعتها التي فطرها ال عليها‪،‬‬ ‫فلما نأتي للمامة والولية العامة الذي يسهر باللي ل ويتحسس الناس بالنهار‪ ،‬وينظم الجيوش‪..‬‬ ‫أمور ل تقوى عليها المرأة؛ لكن ه ل منعها أن تشارك في الجهاد‪ ،‬امرأة قالت لما أشيع عن‬ ‫رسو ل ال‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أنه قت ل في أحد‪ ..‬قالت "قوموا وموتوا على ما مات عليه‬ ‫نبيكم"‪!!..‬‬ ‫ الشرط الثالث )أن يكون عدلا في دينه(‪ :‬ل أيعنرف عنه فسوق‪ ،‬متقايا عارافا بأمور السياسة‬‫والحكم‪ ،‬ذا دراية بمصالح المة‪.‬‬ ‫ الشرط الخير )أن يكون جاماعا للعلم بالحكام الشرعية(‪ :‬لنه مكلف بتنفيذها‪.33‬‬‫مسئولية الحاكم‪:‬‬ ‫الحاكم مسئو ل أمام ال سبحانه وتعالى‪ ،‬وأمام الشعب والناس‪" ،‬وهو أجير لهم وعام ل لديهم"‪،‬‬ ‫وقد بنى الستاذ البنا منهجه في هذا المقام على أساس قو ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬

‫مث ل "كلكم راع وكلكم مسئو ل عن رعيته"‪ .‬لذا قا ل إنن أبا بكر الصديق رضي ال عنه وضع‬ ‫أساس العقد الجتماعي بين الحاكم والمحكومين بقوله عندما تونلى الحكم‪" :‬أيها الناس‪ ،‬كنت‬ ‫أحترف لعيالي فأكتسب قوتهم‪ ،‬فأنا الن أحترف لكم‪ ،‬فافرضوا لي من بيت مالكم"‪.‬‬ ‫رأي اليمام ونائبه‬ ‫الحكام كما رأينا أنواع‪:‬‬ ‫·‬

‫أحكام مصادرها نصوص قطعية الثبوت قطعية الدللة على أحكامها‪،‬‬

‫·‬

‫وهي نهائية‪ ،‬ملزمة‪ ،‬ل مجا ل فيها للجتهاد‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫شروط وسلطة الحاكم ‪ -‬شرح الصول العشرين – الستاذ جمعة أمين – موقع‪ikhwanonline.con :‬‬

‫‪51‬‬


‫·‬

‫أحكام مصادرها نصوص ظنية في الدللة على أحكامها‪ ..‬وهذه فيها مجا ل للجتهاد‪.‬‬

‫·‬

‫أحكام انعقد عليها إجماع المجتهدين في عصر من العصور‪ ..‬وهذه ل مجا ل فيها‬

‫للجتهاد‪.‬‬ ‫·‬

‫أحكام لم تد ل عليها النصوص ول أجمعت عليها المة‪ ..‬فهي مجا ل للجتهاد‪.‬‬

‫ولكن من الذي يملك حق الجتهاد؟‬ ‫الذين لهم الجتهاد بالرأي هم الجماعة التشريعية الذين توافرت في ك ل واحد منهم المؤهلت‬ ‫الجتهادية التي قررها علما ء الشرع السلمي‪ ،‬فل يسوغ الجتهاد بالرأي لفرد مهما أوتي من‬ ‫المواهب واستكم ل من المؤهلت‪ ،‬لن التاريخ أثبت أن الفوضى التشريعية بالفقه السلمي كان‬ ‫من أكبر أسبابها الجتهاد الفردي‪.‬‬ ‫ول يسوغ الجتهاد بالرأي لجماعة‪ ،‬إل إذا توافرت في ك ل فرد من أفرادها شرائط الجتهاد‬ ‫ومؤهلته‪ ،‬ول يسوغ الجتهاد بالرأي لجماعة توافرت في ك ل فرد من أفرادها شرائط الجتهاد‬ ‫ومؤهلته إل بالطرق والوسائ ل التي مهدها الشرع السلمي للجتهاد بالرأي والستنباط فيما ل‬ ‫نص فيه]‪ .[7‬فإذا اختلف الفقها ء في مسألة ما فيها أكثر من رأي‪ ،‬فرأي إمام المسلمين ونائبه فيما‬ ‫ل نص فيه‪ ،‬وفيما يحتم ل وجوها عدة‪ ،‬وفي المصالح المرسلة معمو ل به ما لم يصطدم بقاعدة‬ ‫شرعية‪ ،‬وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات‪.34‬‬ ‫الص ل في العبادات التعبد‬ ‫يقو ل ابن تيمية ‪ :‬إن تصرفات العباد من القوا ل والفعا ل نوعان‪:‬‬ ‫‪ ‬عبادات يصلح بها دينهم‪،‬‬ ‫‪ ‬وعادات يحتاجون إليها في دنياهم‪.‬‬ ‫أما العبادات التي أوجبها ال ل يثبت المر بها إل بشرع‪.‬‬ ‫وأما العادات فهي ما اعتاد الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه‪ ،‬والص ل فيه عدم الحظر‪ ،‬فل‬ ‫يحظر منه إل ما حظره ال‪.‬‬ ‫ويقو ل المام أحمد ‪ :‬إن الص ل في العبادات التوقيف فل يشرع منها إل ما شرعه ال‪ .‬والعادات‬ ‫الص ل فيها العفو فل يحظر منها إل ما حرمه‪.‬‬ ‫‪ 34‬رسالة التعاليم ‪ -‬حسن البنا‪ ،‬يراجع في هذه الموضوعات كتا ب السياسة الشرعية في ضوء الشريعة ومقاصدها‪-‬‬ ‫د‪ .‬يوسف القرضاوي‪ ،‬ص‪ 70 -‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫ومن هنا فإن القاعدة أن الص ل في العبادات التوقيف والتعبد بها ل سبحانه وتعالى‪ ،‬والص ل في‬ ‫العادات البحث في الحكم والمقاصد‪ ،‬فإن فهمنا حكمة ال في شي ء حمدنا ال على ذلك‪ ،‬إوان‬ ‫عجز العق ل عن إدراكها اتهمنا العق ل بالعجز ول نتهم الشرع بالنقص‪.35‬‬ ‫فل يجوز الفتا ء في المسألة التي حسمها الحاكم وأخذ فيها برأي من الرا ء‪...‬ل يجوز الفتا ء‬ ‫برأي مخالف لما أخذ به ‪ ،‬خاصة في مسائ ل النزاع بين الفراد‪ ،‬والموا ل والحوا ل‬ ‫الشخصية‪.‬وذلك إعمال لقاعدة ‪ :‬حكم الحاكم يرفع الخلف‪.‬‬ ‫وهذا ليعنى أن ما يأخذ به الحاكم أرا ء مقدسة‪ ،‬ولكن هذا ما يقتضيه النظام‪ ،‬إوال انفرط عقد‬

‫المة ‪ ،‬ولتنازع الناس في الموا ل خاصة تنازعا فاحشا ‪ ،‬فالحفاد مثل يطالبون أعمامهم بنصيب‬ ‫أبيهم بمقتضى قانون الوصية الواجبة ‪ ،‬والعمام يواجهونهم بالفتوى الخرى التي ل تبيح هذا‪.‬‬ ‫ويرتب الناس حياتهم وعقودهم على أساس ما أخذ به القانون من القوا ل الفقهية في المسألة ‪ ،‬فإذا‬ ‫بفتوى من هنا أو هناك تبط ل ك ل ترتيباته ‪ ،‬تضيع أمواله مثل‪ ،‬تطلق زوجته‪ ،‬تحرمه من حضانه‬ ‫أولده‪....‬إلى آخره‪.‬‬ ‫وأراني هنا في حاجة إلى استعارة صياغة الشيخ حسن البنا ‪ -‬رحمه ال‪ -‬حيث يقو ل في هذا‬ ‫الصدد‪ ،‬وما أروع وأدق وأفقه ما قا ل ‪:‬‬ ‫"ورأي المام ونائبه فيما ل نص فيه ‪ ،‬وفيما يحتم ل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمو ل به‬ ‫ما لم يصطدم بقاعدة شرعية ‪ ,‬وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات ‪ ,‬و الص ل في‬ ‫العبادات التعبد دون اللتفات إلى المعاني ‪ ,‬وفي العاديات اللتفات إلى السرار و الحكم و‬

‫المقاصد ‪.36".‬‬

‫‪ 35‬فهم السلم ‪ -‬جمعة أمين عبد العزيز ‪ ،‬ص‪.(87 - 79) -‬‬ ‫‪ 36‬موقع الفقة السلمى ‪www.islamfeqh.com‬‬

‫‪53‬‬


‫الصل اللسادس‬ ‫ل عصمة ال لرسو ل‬ ‫وك ل أحد يؤخذ من كلمه ويترك إل المعصوم صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬وك ل ما جا ء عن السلف‬ ‫رضوان ال عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه‪ ,‬إوال فكتاب ال وسنة رسوله أولى بالتباع ‪ ،‬ولكنا ل‬

‫نعرض للشخاص ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح ‪ ,‬ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما‬ ‫قدموا‪.‬‬

‫بهذا الص ل يخلع المام الشهيد الناس من الرتباط بالشخاص و التعصب لهم مهما كانوا‪،‬‬ ‫ويوجه الدعوة و أتباعها إلى المصدر الرئيسي‪ ،‬و الميزان السماوي‪ :‬الكتاب و السنة‪ .‬مع الحترام‬ ‫الكام ل‪ ،‬و الدب الجم مع سلف المة و علمائها‪ .‬لن العصمة لنبيا ء ال تعالى فقط والعلما ء‬ ‫يخطئون وهذا أمر طبيعى جادا‪ ،‬لذلك يجب أن يكون للمتلقى منهج للتعلم كما يجب عليه أن‬ ‫يمحص مصدر التلقى ‪ ،‬وذلك بالتى‪:‬‬

‫أولل ‪ :‬وجوب التثبت مما ينسب له ل العلم من أخطا ء‪.‬‬

‫ثانيال ‪ :‬ضرورة تحديد نوع الخطأ والتعام ل معه قدر حجمه دون تجاوز‪.‬‬

‫يقول اليمام اللسبكى ‪:‬الصواب عندنا أن من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه ومزكوه وندر‬ ‫جارحوه ‪ -‬من أه ل العلم والصل ح ‪ -‬وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبه‬ ‫أو غيره فإنا ل نلتفت إلى الجر ح فيه ‪.‬‬

‫‪-‬يقول ابن جرير الطبرى‪:‬لو كان ك ل من اأدإعنى عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت ما ادعى‬

‫به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثى المصار لنه ما منهم إل وقد‬ ‫نسبهم قوم مما يرغب به عنه ‪.‬‬

‫ويقول اليمام ابن تييمية‪ :‬ل نعتقد في القوم العصمة –يقصد الئمة – ب ل تجوز عليهم الظنون‬ ‫ونرجو لهم مع ذلك أعلى الدرجات لما اختصهم ال من العما ل الصالحة ‪،‬والحوا ل الأسنية إوانهم‬ ‫لم يكونوا مصرين على ذنب ول نكون من الذين إذا أروا حسنا ستروه إواذا أروا سيئا أذاعوه ولكن لبد‬

‫من رد الفض ل لصحابه وننظر إلى أقوالهم بعين النصاف ‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫يقول اليمام الشافعى ‪ :‬إذا صح الحديث فهو مذهبى ‪ ،‬ويقو ل غيره من العلما ء ‪ :‬إذا خالف‬ ‫قولى حديث رسو ل ال صلى ال عليه وسلم فاضربوا به عرض الحائط فأين هذا الكلم من‬ ‫المتعصبة الذي قا ل أحدهم ‪ :‬ك ل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو منسو خ أو مؤو ل‪.‬‬ ‫فأي غلو وأي تعصب هذا !!وه ل هذا ما يفعله تلميذ المام البنا ‪،‬كبرت كلمة تخرج من أفواههم‬ ‫إن يقولون إل كذباا‪.‬‬

‫إن الفرق واضح بين التعصب وبين احترام العلما ء وكيف نختلف معهم ؟ فالخوان المسلمون‬

‫يحترمون ويقدرون إمامهم البنا رحمة ال عليه ويسندون ما يقولونه إليه لنه كما قي ل من بركة العلم‬ ‫إسناده لقائله‪.‬‬ ‫إوال فماذا نقو ل عن إمام كابن القيم فكثي ار ما يقو ل قا ل شيخنا يقصد –ابن تيمية‪ -‬ويسند ما‬

‫يقوله إليه ب ل إن ابن تيمية نفسه كثي ار ما يذكر المام أحمد بن حنب ل ويسند ما يقوله له وأحمد بن‬ ‫حنب ل يذكر الشافعي‪ ،‬والشافعي يذكر المام مالك ‪ ،‬وهكذا فه ل هؤل ء متعصبون لعلمائهم أم‬

‫مقدرون لهم؟ يحترمونهم ويردون الفض ل لهله‪.‬‬ ‫ص ل بها دعوته لنها مستمدة من كتاب ال الذي ل‬ ‫إننا نلتزم بالصو ل التي قالها المام البنا وأ ن‬

‫يأتيه الباط ل من بين يديه ول من خلفه فالهداف التي حددها ل يختلف عليها مسلم وكذلك‬

‫الغايات أما الوسائ ل فقد تختلف من زمان إلى زمان ومن بيئة إلى بيئة أخرى فما العيب في ذلك؟‬

‫إننا في ك ل ما يقو ل المام البنا ويعتقده نرده إلى ال ورسوله ذلك لن ال يقو ل )لولوو لرددوهه إللى‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫طولنهه إيمونههوم ( ‪ ،‬ويحذر المولى فيقو ل )ألوم لههوم‬ ‫لسلتنإب ه‬ ‫لسوإل ل إوإاللى أهووإلي اللويمإر يمونههوم للعلليمهه الرذيلن لي و‬ ‫الرر ه‬ ‫شلرهعوا لههم ميملن المديإن ليما لوم ليأولذن إبإه اللرهه ( فال وحده المشرع ورسوله هو المبين فل شرع‬ ‫شلرلكاء ل‬ ‫ه‬

‫إل ما شرع ال أو ما شرع رسوله صلى ال عليه وسلم وبوفاة الرسو ل صلى ال عليه وسلم انتهى‬ ‫عهد التشريع أي انتهت العصمة وحم ل العلم من بعده علما ء غير معصومين ‪،‬فما هي العصمة؟‬ ‫العصيمة‪ :‬معناها حفظ ظواهر النبيا ء وبواطنهم من التلبس بمعصية فالرسو ل صلى ال عليه‬ ‫وسلم معصوم من القت ل حتى يبلغ رسالة ربه‪.‬‬ ‫معصوم من العيوب التي تنفر الناس منه لن وجودها يمنع الفائدة من الرسالة وما قي ل عن‬ ‫أيوب عليه السلم أنه مرض مرضا منف ار كذب وافترا ء عليه‪.‬‬ ‫لكنهم لهم صفات البشر ‪:‬‬

‫‪-1‬يأكلون ويشربون ويتصلون بأزواجهم ‪.‬‬ ‫‪55‬‬


‫‪-2‬يرضون ويفرحون ويحزنون ويغضبون ويخافون‪.‬‬ ‫‪ -3‬يمرضون بأمراض ل تعجزهم عن أدا ء رسالتهم ول تنفر الناس منهم فل يجوز عليهم‬ ‫الغما ء الطوي ل ول الجذام والبرص والجنون والعمى ‪.‬‬ ‫‪-4‬يجوز عليهم السهو وعدم إصابة الولى وأما المعاصي والنسيان من جانب الشيطان‬ ‫فمستحي ل عليهم‪.‬‬ ‫والذين يعتقدون في عصمة علمائهم وأئمتهم هم الشيعة وغلة المتصوفة فالكيسانية من الشيعة‬ ‫تقوم على أساس أن المام شخص مقدس يبذلون له الطاعة ويثقون بعلمه ثقة مطلقة ويعتقدون‬ ‫فيه العصمة عن الخطأ لنه رمز للعلم اللهى وكذلك الثنى عشرية الذين يعتبرون الئمة أوصيا ء‬ ‫استودعهم النبى أسرار الشريعة ليبينوا ما لم يبينه النبى صلى ال عليه وسلم إوان ما يقو ل‬

‫الوصيا ء شرع إسلمي لنه تتميم للرسالة حتى أنهم يخصصوا النصوص العامة ويقيدوا‬

‫النصوص المطلقة ولذلك قرروا أن المام معصوم عن الخطأ والنسيان والمعاصي يجوز أن تجرى‬ ‫خوارق العادات على يده لتثبت إمامته ويسمونها معجزة‪.‬‬ ‫ونحن ل نصف علما ءنا بهذه الصفات ولكننا نعطيهم حقهم من الحترام والتقدير ب ل نعطي‬ ‫العلما ء جميعا هذا الحق طالما تحققت فيه صفة العالم من أخلق ودين وعلم فله منا الحترام‬ ‫والتقدير وعدم الني ل أو الحط من شأنه ‪.‬‬

‫فه ل ترون بعد هذا التوضيح والتبيان أن أتباع المام البنا يعتبرونه معصوم ا ويصفونه كما‬

‫تصف الشيعة علما ءها وينشرونها بين الناس كعقيدة لديهم أجيبونا بصدق وأنصفونا يرحمكم ال‬ ‫ورضوان ال عليه حين قا ل "وك ل أحد يؤخذ من كلمه ويترك إل المعصوم صلى ال عليه وسلم"‬ ‫هذا ما طالبنا به رحمة ال عليه‪ ،‬وهذا ما اتبعه السلف وساروا على منواله سرنا بعدهم نقتفي أثرهم‬ ‫ونقتدي بهم فه ل نحن مخطئون في ذلك؟ أليسوا هم سلف هذه المة؟‬

‫‪37‬‬

‫فضل الصحابة‬ ‫إ‬ ‫ب أهإ ل السنة والجماعة ‪ ،‬وذلك لما أثنى الأ تعالى عليهم‬ ‫اعتقاد عدالة الصحابة وفضلهم هو مذه أ‬

‫في كتابه ‪ ،‬ونطقت به السنةأ النبويةأ في مدحهم ‪ ،‬وتواتر هذه النصوص في كثير من السياقات‬

‫مما يد ل دللة واضحة على أن ال تعالى حباهم من الفضائ ل ‪ ،‬وخصهم من كريم الخصا ل ‪ ،‬ما‬ ‫‪ 37‬فهم السلم – الستاذ جمعة أمين‬

‫‪56‬‬


‫نالوا به ذلك الشرف العالي ‪ ،‬وتلك المنزلة الرفيعة عنده ؛ وكما أن ال تعالى يختار لرسالته‬ ‫المح ل اللئق بها من قلوب عباده ‪ ،‬فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة ‪،‬‬ ‫ث نيسجنعأ ل إرنسالنتنأه( النعام‪. 124 /‬‬ ‫ويليق لهذه الكرامة ؛ كما قا ل تعالى ‪ ) :‬اللنهأ أنسعلنأم نحسي أ‬ ‫قا ل ابن القيم رحمه ال ‪ " :‬فال سبحانه أعلم حيث يجع ل رسالته أصل وميراثا ؛ فهو أعلم بمن‬ ‫يصلح لتحم ل رسالته فيؤديها إلى عباده بالمانة والنصيحة ‪ ،‬وتعظيم المرس ل والقيام بحقه ‪،‬‬ ‫والصبر على أوامره والشكر لنعمه ‪ ،‬والتقرب إليه ‪ ،‬ومن ل يصلح لذلك ‪ ،‬وكذلك هو سبحانه‬

‫أعلم بمن يصلح من المم لوراثة رسله والقيام بخلفتهم ‪ ،‬وحم ل ما بلغوه عن ربهم "‪ .38‬وقا ل‬ ‫ضهأسم بإنبسع ة‬ ‫ض لإنيأقولأوا أننهأؤلإ ء نمنن اللنهأ نعلنسيإهسم إمسن نبسينإننا أنلنسينس اللنهأ بإأنسعلننم‬ ‫تعالى ‪ ) :‬نونكنذلإ ن‬ ‫ك فنتنننا نبسع ن‬ ‫إبالنشاإكإرينن( النعام‪. 53/‬‬ ‫وكما جا ءت اليات والحاديث بفضلهم وعلو منزلتهم ‪ ،‬جا ءت أيضا بذكر السباب التي استحقوا‬ ‫بها هذه المناز ل الرفيعة ‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى ‪:‬‬ ‫ضلا‬ ‫) لمنحنمرد نرأسوأ ل اللنإه نوالنإذينن نمنعهأ أنإشندا ء نعنلى اسلأكنفاإر أرنحنما ء نبسيننهأسم تننارأهسم أرنكعا أسنجدا نيسبتنأغونن فن س‬ ‫ك نمثنلأهأسم إفي التنسونارإة نونمثنلأهأسم إفي ا سإلنإجيإ ل‬ ‫ضنوان ا إسينماأهسم إفي أوأجوإهإهم دمسن أنثنإر اللسأجوإد نذلإ ن‬ ‫دمنن اللنإه نوإر س‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫نكنزسرةع أنسخنرنج نش س‬ ‫ع لإنيإغي ن‬ ‫طأنهأ نفيآنزنرهأ نفاسستنسغلن ن‬ ‫ب اللزنار ن‬ ‫ظ بإإهأم اسلأكنفانر نونعند اللهأ‬ ‫ظ نفاسستننوى نعنلى أسوإقه أيسعإج أ‬ ‫صالإنحاإت إمسنأهم نمسغإفنرةا نوأنسج ار نعإظيم ا ( الفتح‪29/‬‬ ‫النإذينن آنمأنوا نونعإملأوا ال ن‬ ‫ومن أعظم موجبات رفعة مكانة الصحابة ‪ ،‬ما شهد ال تعالى لهم من طهارة القلوب ‪ ،‬وصدق‬ ‫اليمان ‪ ،‬وتلك – وال ‪ -‬شهادة عظيمة من رب العباد ‪ ،‬ل يمكن أن ينالها نبنشر بعد انقطاع‬ ‫الوحي ‪ .‬لقوله سبحانه وتعالى ‪ ) :‬لنقنسد ر إ‬ ‫ت النشنجنرإة فننعلإنم نما‬ ‫ضني اللنهأ نعإن اسلأمسؤإمإنينن إسذ أينبايإأعونن ن‬ ‫ك تنسح ن‬ ‫ن‬ ‫إفي أقألوبإإهسم فننأننزن ل النسإكيننةن نعلنسيإهسم نوأننثانبهأسم فنستحا قنإريبا ( الفتح‪18/‬‬ ‫عن أبي هريرة رضي ال عنه قا ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم ‪ ) :‬ل تنأسلبوا نأصنحاإبي ؛‬ ‫ك مند أنحإدإهم ول نن إ‬ ‫ة‬ ‫فنوالنإذي ننفإسي بإيإدإه نلو أننن أنحندأكم نأنفن ن إ‬ ‫صيفنهأ ( رواه البخاري‬ ‫ق مثن ل أأحد نذنهابا نما نأدنر ن أ ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ومسلم ‪.‬‬ ‫‪ 38‬طريق الهجرتين ‪ ،‬ص )‪(171‬‬

‫‪57‬‬


‫على أنه لو لم يرد من ال عز وج ل ورسوله فيهم شي ء ‪ ،‬لوجبت الحا ل التي كانوا عليها من‬ ‫الهجرة ‪ ،‬والجهاد ‪ ،‬والنصرة ‪ ،‬وبذ ل المهج والموا ل ‪ ،‬وقت ل البا ء والولد ‪ ،‬والمناصحة في الدين‬ ‫‪ ،‬وقوة اليمان واليقين ‪ ،‬القطنع على عدالتهم ‪ ،‬والعتقاد لنزاهتهم ‪ ،‬وأنهم أفض ل من جميع‬

‫المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد البدين ‪ ،‬هذا مذهب كافة العلما ء ‪ ،‬ومن يعتد‬ ‫بقوله من الفقها ء‪.39‬‬ ‫يقو ل ابن مسعود رضي ال عنه ‪ " :‬إن ال نظر في قلوب العباد ‪ ،‬فوجد قلب محمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم خير قلوب العباد ‪ ،‬فاصطفاه لنفسه ‪ ،‬فابتعثه برسالته ‪ ،‬ثم نظر في قلوب العباد بعد‬ ‫قلب محمد ‪ ،‬فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ‪ ،‬فجعلهم وزرا ء نبيه ‪ ،‬يقاتلون على دينه ‪،‬‬ ‫فما رأى المسلمون حسنا فهو عند ال حسن ‪ ،‬وما أروا سيئا فهو عند ال سيئ " رواه أحمد في‬ ‫"المسند" وقا ل المحققون ‪:‬‬ ‫ثانيا ‪:‬‬ ‫ب أه ل السنة‬ ‫ل بند أن نعلم أن الصحابة رضي ال عنهم ليسوا بمعصومين ‪ ،‬وهذا هو مذه أ‬ ‫والجماعة ‪ ،‬إوانما هم بشرر يجوأز عليهم ما يجوز على غيرهم ‪.‬‬

‫وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الخطا ء ‪ ،‬فهو إلى جانإب شر إ‬ ‫ف الصحبة وفضإلها‬ ‫أمسغتنفنرر ونمسعفأوو عن صاحبه ‪ ،‬والحسناإت أيسذإهسبنن السيئات ‪ ،‬ومقاأم أننحإد الصحابة مع النبي صلى ال‬ ‫عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبي ل هذا الدين ل يعدلها شي ء ‪.‬‬ ‫يقو ل شيخ السلم رحمه ال ‪ " :‬وأه ل السنة تحسن القو ل فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم ‪ ،‬لكن‬ ‫ل يعتقدون العصمة من القرار على الذنوب وعلى الخطأ في الجتهاد إل لرسو ل ال ‪ ،‬ومن‬ ‫ك النإذينن ننتنقننبأ ل‬ ‫سواه فيجوز عليه القرار على الذنب والخطأ ‪ ،‬لكن هم كما قا ل تعالى ‪ ) :‬أأولنئإ ن‬ ‫نعسنهأسم أنسحنسنن نما نعإملأوا نوننتننجانوأز نعسن نسدينئاتإإهسم ( الحقاف‪ 16/‬الية ‪ ،‬وفضائ ل العما ل إنما هي‬

‫بنتائجها وعواقبها ل بصورها "‪.40‬‬

‫‪"39‬الكفاية" الخطيب البغدادي )ص‪: (49:‬‬ ‫‪ 40‬مجموع الفتاوي ‪4/434‬‬

‫‪58‬‬


‫لذا جا ء هذا الص ل بصيغته هكذا‪ " :‬وك ل أحد يؤخذ من كلمه ويترك إل المعصوم صلى ال‬ ‫عليه وسلم ‪ ,‬وك ل ما جا ء عن السلف رضوان ال عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه‪ ,‬إوال فكتاب‬

‫ال وسنة رسوله أولى بالتباع ‪ ،‬ولكنا ل نعرض للشخاص ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح ‪,‬‬ ‫ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا"‪.‬‬

‫‪59‬‬


‫الصل‪ :‬اللسابع‬ ‫ولك ل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الحكام الفرعية أن يتبع إمام ا من أئمة الدين‪ ،‬ويحسن به‬

‫مع هذا التباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته‪ ،‬وأن يتقب ل ك ل إرشاد مصحوب بالدلي ل متى‬ ‫صح عنده صل ح من أرشده وكفايته‪ ،‬وأن يستكم ل نقصه العلمي إن كان من أه ل العلم حتى يبلغ‬ ‫درجة النظر ‪.‬‬ ‫يتحدث الستاذ البنا فى الص ل السابع عن أه ل الجتهاد والفتوى وهم الأئمة المشهود لهم من‬ ‫المة جمعا ء بالإمامة ‪ ..‬بعد أن تحدث عن مصادر التشريع " الكتاب والسنة "‪ ،‬ثم نفى أن‬ ‫يكون اللهام والخواطر والكشف والرؤى من أدلة الحكام الشرعية أو أن يكون أه ل الشعوذة‬ ‫والكهانة وادعا ء معرفة الغيب هم من يأخذ الناس عنهم دينهم ‪ ...‬ثم بين أن رأئ إمام المسلمين‬ ‫ونائبه فيما ل نص فيه‪ ،‬وفيما يحتم ل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمو ل به ما لم‬

‫يصطدم بقاعدة شرعية وجا ء بعد ذلك كله بقاعدة " وك ل أحد يؤخذ من كلمه ويترك إل‬

‫المعصوم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وك ل ما جا ء عن السلف رضوان ال عليهم موافق ا للكتاب‬ ‫والسنة قبلناه‪ ،‬إوال فكتاب ال وسنة رسوله أولى بالتباع"‬ ‫ح ل التمذهب‬ ‫يتحدث الستاذ البنا عن درجة النظر و تعني درجة الجتهاد في أدلة الحكام الفرعية التي‬ ‫ينبني عليها الفتوى‪ .‬فإن لم يص ل إليها المسلم فل حرج عليه في التمذهب " أن يكون متبعا‬

‫لمذهب معين " خلفاا لمن ابا ح للمسلم الأخذ من المذاهب دون التقييد بمذهب معين ‪ ،‬فهذا‬

‫شأن المقلد الذي مذهبه مذهب من أفتاه ‪.‬‬ ‫ومع هذا يحسن للمقلد أن يجتهد ما استطاع في التعرف على أدلة إمامه ‪ ..‬وهنا مسألتين‪:‬‬ ‫الولى‪ :‬ه ل تعرف المقلد أبتداا ء على وجود الدلي ل‪،‬‬ ‫الثانية‪ :‬دللة هذا الدلي ل على الفتوى التي أخذها‪،‬وما هو السبي ل في التعرف على هاتين ا ل‬ ‫مسألتين ‪ ..‬وما يلزمه فيهما‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫أولا‪ :‬وجود الدلي ل أبتداا ء ‪ ..‬قا ل الستاذ البنا‪ " :‬ويحسن به مع هذا التباع أن يجتهد ما‬ ‫استطاع في تعرف أدلته " اذا هي درجة استحسان وليست الزام ‪ ..‬فى التعرف على الدلي ل عند‬ ‫السؤا ل عن مسألة من المسائ ل الفقهية‪.‬‬

‫ثانياا‪ :‬دللة الدلي ل ‪ ..‬فإن علم وجود الدلي ل من مصادره )القرآن والسنة( فليس عليه ال التباع‪.‬‬ ‫يقو ل الستاذ البنا‪ " :‬وأن يتقب ل ك ل إرشاد مصحوب بالدلي ل" ‪ ..‬وهذا شأن المقلد ‪..‬‬ ‫هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم‬ ‫قا ل محمد بن سيرين و مالك بن أنس و غيرهما من السلف‪ ) :‬هذا العلم دين فانظروا عمن‬ ‫تأخذون دينكم( ‪ .‬هذا في شأن المفتي لذى يأخذ عنه المقلد ‪ ..‬قا ل الستاذ البنا‪ " :‬متى صح‬ ‫عنده صل ح من أرشده وكفايته" لذا لبد أن يتحرى المسلم لدينه ‪ ..‬فل يقصد ال من صح‬ ‫عنده الصل ح والكفاية ‪ ..‬فالصل ح يمنع المفتي من القو ل على ال بما ل يعلم ‪ ..‬والكفاية ‪..‬‬ ‫ضمانة صحة الرأي والفتوى‪.‬‬ ‫فإن كنا نتحرى في أمور الدنيا ‪ ..‬فنقصد إلى الطبيب الماهر ‪ ..‬والمحامي الطلق اللسان ‪..‬‬ ‫والتاجر الصادق ‪ ..‬فأولى بنا أن نتحرى لديننا كما نتحرى لدنيانا‪ ...‬بالبحث عن صاحب‬ ‫الصل ح والكفاية ‪...‬‬ ‫درجة بين المقلد ‪ ..‬وصاحب الفتوى‬ ‫وهذه الدرجة للمسلم الذي نا ل حظاا من العلم فترقى به عن درجة المقلد المتبع ‪ ..‬مجتهدا ما‬

‫استطاع فى تعرف أدلة إمامه‪ ،‬متقبل ا ك ل ارشاد مصحوب بالدلي ل من صاحب الصل ح‬

‫والكفاية وبين درجة من وص ل إلى درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية التي يص ل بها إلى‬

‫الحكم دون الحاجة لإمام من أئمة الدين ‪ ..‬لذا قا ل المام البنا‪ " :‬وأن يستكم ل نقصه العلمي‬ ‫إن كان من أه ل العلم حتى يبلغ درجة النظر" ‪ ..‬وبهذه المنهجية تتكون طبقة من المة يصلوا‬ ‫إلى درجة النظر التي تستغني بهم المة في هذا الشأن ‪.‬فيكون في حقهم فرض عين ‪..‬‬ ‫ويكون في شأن الخرين فرض كفاية‪.‬‬ ‫طبقات المة الثلث‬ ‫بهذا الص ل يضع المام البنا المة جميعها في طبقات ثلث ويحدد ك ل طبقة دورها‪:‬‬

‫‪61‬‬


‫ن في حقه أن يجتهد ما‬ ‫فهناك المقلد‪ :‬ودوره التباع لكنه ل يكتفي بمعرفة الحكم ب ل نيحسأ أ‬ ‫استطاع في تعرف أدلة من يفتيه من أه ل الصل ح والكفاية‪،‬‬ ‫وهناك صاحب العلم‪ :‬الذي لم يص ل إلى درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية فعليه أن‬ ‫يستكم ل نقصه العلمي ليص ل لدرجة النظر‪،‬‬ ‫وهناك إمام الدين‪ :‬الذي وص ل إلى درجة النظر في أدلة الأحكام‪ ،‬وهو من يستطيع أن يحكم‬ ‫بما لديه من دلي ل سوا ء في حقه أو في حق من يستفتيه‪.‬‬ ‫وهذه الطبقات الثلث من المة أتقيد من زعم أن له أن يأخذ من الكتاب والسنة بنفسه مدعياا‬ ‫ك ل يؤخذ من كلمه ويترك إل المعصوم ) صلى ال عليه‬ ‫كما جا ء في الص ل السادس أن ر‬ ‫وسلم ( ‪ ..‬فخرج من قا ل عن السلف الصالح هم رجا ل ونحن رجا ل ولنا أن نأخذ من الكتاب‬ ‫والسنة كما اخذوا ‪ ..‬فجا ء هذا الص ل ليقيد المسألة ويضع المسلم في أحد مراتب ثلث تترابط‬ ‫بهم المة لتؤدي رسالتها التي اخرجها ال لها وهي المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫فمن قا ل إن واقع الناس يبعد او بعد عن هذا الص ل كثي ار ‪ ..‬من حيث أنه قد كثرت فيه‬ ‫الفتوى عبر التليفون ومواقع النترنت والقنوات الفضائيه ‪ ...‬فه ل يعتبر هذا الص ل معبرا عن‬ ‫مرحلة تاريخية شهدت تعدد المذاهب واقبا ل الناس عبر نظم التعليم على طلب العلم الشرعى‬ ‫فى المدارس الفقهيه المتعددة ‪ ...‬وأصبح واقع الناس اليوم ليس فى حاجه لذلك الص ل ابتدا ءا‪.‬‬ ‫نقو ل‪ :‬إن هذه الصو ل بجملتها لتعبر عن الفهم الصحيح للسلم بسهولة وطريقة عملية فى‬ ‫الحياه دون التقيد بتاريخ او بجغرافيا ‪ ..‬بمعنى أن هذا الصو ل ل تعبر عن السلم فى زمن‬ ‫معين ‪ ..‬وستختلف باختلف الزمان ‪ ..‬او أنها تعبر عن فهم السلم لقوم فى ناحية من الكرة‬ ‫الأرضية ‪ ...‬ل ‪ ..‬لقد جا ءت هذه الصو ل لتشر ح لنا السلم كما هو وكما أنز ل على سيدنا‬ ‫محمد صلى ال عليه وسلم فما تناوله الستاذ البنا فى هذا الص ل ل يعبر عن حاله تاريخية‬ ‫مضت ول عن واقع يختلف عن الواقع الذى يعيشه الناس اليوم‪ .‬لذا فإنه يتوافق معنا من‬ ‫ناحيتين أما الولى‪ :‬فواقعنا اليآن يضع جميع من يطلب الفتوى مهما اختلفت الوسيله فى طلبها‬ ‫‪ ..‬فى طبقه المقلد الذى سيصبح مذهبه ‪ ..‬مذهب منه أفتاه ‪ ..‬وعليه التباع كما سبق ان‬ ‫اوضحنا‪.‬‬ ‫اما الثانية‪ :‬فإن هذا الص ل يتطلع إلى إنشا ء واقع جديدا يختلف عما عليه الناس اليوم ‪..‬‬ ‫بتثبيت المدارس الفقهيه السلميه ‪ ..‬وبشحذ همة طلب العلم بالخذ عن علمائها وأئمتها‬ ‫‪62‬‬


‫دوما فى واقع المة ‪....‬‬ ‫حتى يصلوا إلى درجه النظر فى أدله الحكام وسيظ ل هناك المقلدون ا‬ ‫فيظ ل هناك الطبقات الثلث‪ :‬المقلد وطالب العلم والمام ‪ ..‬وبذلك تتكام ل المة بعامتها‬ ‫ورموزها وتغلق الحلقة التى تؤه ل أمه السلم بجميع طبقاتها للقيام بدورها الذى اخرجها ال لها‬ ‫‪..‬‬

‫س تنسأمرون إباسلمعرو إ‬ ‫" أكسنتأم نخسير أنمةة أسخإرج س إ‬ ‫ف نوتنسنهنسونن نعإن اسلأمسننكإر نوتأسؤإمأنونن إباللنإه " )سورة‬ ‫ن‬ ‫ت للننا إ أ أ ن ن س أ‬ ‫س ن‬ ‫آ ل عمران‪.(110 :‬‬ ‫فمن قا ل‪ :‬لقد سعى الستاذ البنا إلى تكليف الشيخ ‪ /‬سيد سابق بكتابه فقة السنة دون التقيد‬ ‫بمذهب فقهى معين ‪ ..‬فه ل سعى الستاذ البنا إلى اذابة هذه الفكرة ‪ ..‬فكرة التقيد بمذهب‬ ‫معين ‪ ..‬أم أن المر غير ذلك‪.‬‬ ‫إن واقع العالم السلمى اليوم الذى ربما تتنازعه المذاهب الفقهية ففى الوقت الذى ينتشر‬ ‫المذهب الحنفى فى أفغانستان ودو ل الشرق ينتشر المذهب المالكى فى دو ل الغرب من بلد‬ ‫المغرب العربى وأفريقيا ‪ ..‬وفى الوقت الذى ينتشر فيه المذهب الشافعى فى مصر وبلد الشام‬ ‫شمالا ينتشر المذهب الحنبلى فى الجزيره العربية جنوباا ‪ ..‬فه ل هذا الواقع بهذا التوزيع يصلحه‬ ‫أن تتوحد المة على مذهب واحد ‪ ..‬أم أن الأفض ل أن تظ ل تلك المدارس الفقهية بهذا التوزيع‬ ‫وه ل ما يحدث على أرض الواقع فى تلك البلد من تعمد اغفا ل الفتوى للمدرسة الفقهية المنتمية‬ ‫لها ‪ ..‬ومن قيام الزهر فى بلد مركزى كمصر من تهميش دور هذه المذاهب الفقهية ‪ ..‬فأصبح‬ ‫الطلب يدرسون الفقة الميسر دون التقيد بتلك المذاهب ‪ ..‬فه ل هذا يصب فى فكرة السعى‬ ‫لتوحيد المة على غير التعصب للمذاهب التى أعلم أنها وصلت فى فترة بداية دعوة الخوان‬ ‫إلى الحد الذى تقام فيه الصلة فى الزهر فى أربع جماعات منفصلة ‪ ..‬ك ل جماعة تنتمى‬ ‫لمذهب فقهى مختلف ‪ ..‬ب ل ووص ل المر إلى مناقشة ب ل وتطبيق فكرة عدم التزويج بين‬ ‫المذاهب المختلفة ‪ ..‬لينتق ل هذا الخلف المذهبى من واقع كتب الفقة إلى واقع حياة الناس‬ ‫اليومية ‪..‬‬ ‫هنا يأتى الستاذ البنا ليؤص ل ذلك الص ل لمور ثلث‪:‬‬ ‫اما الأو ل‪ :‬فتكليفه للشيخ سيد سابق بوضع كتاب للفقة السلمى دون التقيد بمذهب فقهى معين‬ ‫‪ ..‬يأتى من باب فكره توحيد المة دون تعصب مذموم وص ل بأصحاب المذهب الواحد‬ ‫للتعصب لمذهبهم وإمامهم ‪ ..‬دون النظر إلى الدلي ل الشرعي فى المسئله ‪ ..‬فجا ء هذا الص ل‬ ‫‪63‬‬


‫ليعيد الأمور إلى نصابها فى شأن عموم المة باتباع إمام من أئمة الدين ‪ ..‬فيرتفع بعموم‬ ‫المة درجة إلى أعلى دون تعصب او تمذهب ‪ ..‬وهذا يصلح لعموم المة دون النظر إلى‬ ‫الشرق اوالغرب ب ل دون اللتفات إلى الشما ل والجنوب ‪ ..‬والجميع هنا فى المرتبه الأولى ‪..‬‬ ‫مرتبه المقلد ‪.‬‬ ‫اما الثانية‪ :‬يطالب صاحب العلم بالوصو ل إلى درجه النظر ‪ ..‬وهذا دون التعصب لشخص‬ ‫صاحب المذهب ‪ ..‬ولكن بالتقيد بالدلي ل الشرعى ‪ ..‬فيرتفع درجه أعلى بصاحب العلم ‪ ..‬بعد‬ ‫ان ارتفع بعموم المة على فكرة التوحيد دون التقيد بالمذهب ‪ ..‬وبعد أن طالبهم بالجتهاد ما‬ ‫استطاعوا إلى التعرفى على الدلي ل‪.‬‬ ‫اما الثالثة‪ :‬فبعد الرتقا ء بعموم المة ‪ ..‬وتوحيدها بعيداا عن التعصب المذهبى ‪ ..‬يرتقى‬ ‫بطلب العلم للبلوغ بهم لدرجة النظر فى أدلة الحكام ‪ ..‬فتظ ل فكرة المدارس الفقهية قائمة ‪..‬‬ ‫من طلب علم لهم من النهم فى طلبه ما لعلمائهم وأئمتهم من صل ح وكفاية ‪ ..‬فتتكام ل المة‬ ‫بطبقاتها لتؤدى رسالتها‪.‬‬ ‫فإن قا ل قائ ل فى نهايه الص ل السابع‪ :‬وما الضمانة إن عادت تلك المدارس الفقهية ال يعود‬ ‫الخلف على أساس المذهب إلى حياة الناس كما كان؟‬ ‫يأتى الص ل الثامن ‪ ..‬ليضع الطار العام لتلك الضمانة التى يسأ ل عنها السائ ل ‪ ..‬فإلى‬ ‫التفصي ل للأص ل الثامن‬

‫‪64‬‬


‫الص ل‪ :‬الثامن‬ ‫والخلف الفقهي في الفروع ل يكون سببا للتفرق في الدين‪ ،‬ول يؤدي إلى خصومة ول بغضا ء‬ ‫ولك ل مجتهد أجره‪ ،‬ول مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائ ل الخلف في ظ ل الحب في ال‬ ‫والتعاون على الوصو ل إلى الحقيقة‪ ،‬من غير أن يجر ذلك إلى المرا ء المذموم والتعصب‪.‬‬ ‫هذا الدين جا ء ليسع الجميع مهما ذهبوا فى قضية من القضايا ومنها قضية التمذهب ‪..‬‬ ‫فالئمة الربعة مشهود لهم بالإمامة من الجمهور ‪ ..‬وعليه فللمسلم أن يتمذهب على مذهب‬ ‫أحدهم ‪ ..‬وهذا ما أكده الص ل السابع ‪..‬‬ ‫إن المنطق يقضى بختلاف المذاهب الفقهية فى قضايا الفروع وهذه المسألة لها أسبابها العلمية‬ ‫التى لبد منها ‪ ..‬لذلك فإن الخلف الفقهي فى الفروع ما دام يقوم على دلي ل من الكتاب والسنة‬ ‫‪ ..‬واستنبط الحكم إمام بلغ درجة النظر فى أدلة الحكام يستخرج به الحكم الفقهي ‪ ..‬فل يكون‬ ‫هذا الخلف سبباا فى التفرق فى الدين ‪ ..‬ول يؤدى إلى خصومة ‪ ..‬ول إلى بغضا ء‪.‬‬ ‫إن حسم هذا الخلفى فى الأمور الفرعية ل يكون ال بأمرآن ‪:‬‬ ‫الأو ل‪ :‬أن يكون هناك خليفة يأخذ بحكم فى مسائ ل مختلف عليها ‪ ..‬وعليه أيلزم المة أن تتبع‬ ‫هذا الحكم وإن خالف مذهبهم الفقهي‬ ‫والثانى‪ :‬فيما نص عليه الستاذ البنا فى هذا الص ل " من التحقيق العلمي النزيه في مسائ ل‬ ‫الخلف في ظ ل الحب في ال والتعاون على الوصو ل إلى الحقيقة‪ ،‬من غير أن يجر ذلك‬ ‫إلى المرا ء المذموم والتعصب"‪ .‬فالص ل أن يسود الحب فى ال والتعاون على الوصو ل إلى‬ ‫الحقيقة‬ ‫فهذا ما يجمع المة ‪ ..‬ل أن يتعصب ك ل فرد لمذهبه ‪ ..‬والنكار على من أخذ بغير مذهبه‪.‬‬ ‫ومثا ل للخلف الفقهي‪ :‬قرا ءة القاتحة فى الصلة ‪ ..‬فهناك مذهب يشترط قرا ءه الفاتحة لتحسب‬ ‫الركعة ‪ ..‬وهناك من يحسب الركعة بتحصي ل الركوع ‪ ..‬لذا فك ل مذهب له دلي ل على تلك‬ ‫المسائ ل الفقهية الفرعية ‪ ..‬لذا يأتى هذا الص ل ليوحد المة بعناصرها ‪ ..‬فالص ل هو أن يسود‬ ‫الحب فى ال بين أفراد المة جميعها ‪ ..‬والتعاون على الوصو ل إلى الحقيقة ‪ ..‬لأن هذا هو‬ ‫الضمانة التى يحددها الستاذ البنا للخروج من قضية الص ل فيها الختلف ‪ ..‬فكيف لمسائ ل‬ ‫‪65‬‬


‫أختلف فيها علما ء المة‪ ،‬ك ل له دليله‪ ،‬أن تتوحد فيها على مذهب واحد؟ هنا يأتى الستاذ‬ ‫البنا بهذا الص ل ليكون هو الضمانة العملية المنبثقة من تعاليم السلم الحنيف ‪ ..‬لتلك الحالة‬ ‫التى تناقش قضايا خلفية فى الص ل‪.‬‬ ‫إن العم ل على اشاعة الحب والخوة فى ال ‪ ..‬للوصو ل سوياا إلى الحقيقة لهو السبي ل لحسم‬ ‫الخلف فى مسائ ل الص ل فيها الختلف ‪ ..‬لختلف الأفهام والبيئات ‪ ..‬ولكن هذه الضمانة‬ ‫تحتاج إلى تفعي ل فى واقع الأفراد ‪ ..‬فى واقع عموم المة وهذا ل يكون بالتى‪:‬‬ ‫)‪ (1‬الحب فى ال‬ ‫)‪ (2‬الفهم الصحيح للسلم‬ ‫)‪ (3‬البحث عن الحقيقه ‪ ..‬بسمو الغاية‬ ‫فمن قا ل‪ :‬كيف لنا ان نفرق بين الص ل فى الدين والفرع فيه؟ ‪ ..‬قلنا‪ :‬إن الصو ل فى الدين‬ ‫هى العقائد والفروع هى ما دون العقائد ‪ ..‬لذا فقة الفروع هو فقة العبادات والمعاملت ‪ ..‬لذلك‬ ‫احاديثها ودلئلها ‪ ..‬ل يص ل إلى درجه القطعى الدللة ‪ ..‬القطعى الثبوت ‪ ..‬لذلك موضوع‬ ‫السنة بين أه ل الفقة وأه ل الحديث أمر هام فى هذه المسألة‪.‬‬ ‫إن أه ل الحديث اخذوا الأحكام الفقهية من نصوص الحديث وكان اجتهادهم هو البحث فى‬ ‫الحديث من حيث صحته او ضعفه ‪ ..‬اما أه ل الفقة ‪ ..‬فيستنبطون الحكم من الحديث‬ ‫الغزالى فى كتابه ) فليدع أه ل الحديث استنباط الأحكام‬ ‫كأصو ل ‪ ..‬وفروع ‪ ..‬لذلك قا ل الشيخ إ‬ ‫لأه ل الفقة (‬ ‫المشكله الكبرى أن بعض أه ل الحديث وما سماهم الشيخ الغزالى بفقة البداون لأنهم لم‬ ‫يصنفون الدين إلى أصو ل وفروع ‪ ..‬ب ل وجعلوا يأخذون الأحكام من نصوص الحاديث ‪..‬‬ ‫وليس فى أعتبارهم فرع ول أص ل ‪ ..‬فارتفعت المسائ ل الفرعية إلى درجة الفروض والواجبات ‪..‬‬ ‫فاحتلت الأولويات ‪ ..‬ليحدث الضطراب القائم الن فى حياة المسلمين ‪ ..‬ولتحدث المشكلت‬ ‫القائمه اليآن فى واقع الحركات السلمية اليوم لذا قا ل الشيخ محمد الغزالى رحمه ال‪ " :‬لقد‬ ‫نجح بعض الفتيان في قلب شجرة التعاليم السلمية فجعلوا الفروع الخفيفة جذوعها أو جذورا‪،‬‬ ‫وجعلوا الصو ل المهمة أوراقا تتساقط مع الريا ح!"‪.41‬‬ ‫‪41‬‬

‫السنة النبوية بين أهل الفقه ‪ ..‬وأهل الحديث ‪ -‬للشيخ ‪ /‬محمد الغزالي‬

‫‪66‬‬


‫ان الص ل فى فقة الفروع هو الختلف ‪ ..‬فكيف لنا ونحن نناقش مسائ ل الص ل فيها‬ ‫الخلف ‪ ..‬كيف لنا ال نختلف‪.‬‬ ‫يأتى الص ل الثامن بمثابه الضمانة التى تمنع ذلك وتضع الحلو ل العملية على أرض الواقع‬ ‫لتحسم المرا ء المزموم والتعصب الممقوت قب ل أن ينشئ على أرض الواقع‪ .‬فيمنع نشوبه بحسم‬ ‫الأسباب القلبية قب ل أن يحسم السباب العقلية الفكرية‪.‬‬ ‫لقد حدث فى " محنة ‪ " 65‬من قا ل من أفراد الجماعات السلمية‪ :‬هم رجا ل ونحن رجا ل ‪..‬‬ ‫فخرج من يقو ل‪ :‬بالقصر فى الصلة ‪ ..‬وبالفع ل بد ءوا بالقصر فى الصلة ‪ ..‬ولم يسمعوا لرأى‬ ‫أحد غيرهم ‪ ..‬فقصروا الصلة ‪ ..‬وكانت سبباا للتعصب والخلف دون النظر إلى الدلي ل ‪ ..‬او‬ ‫النظر من باب الخلف الفقهى فى الفروع ‪.‬‬ ‫و خطورة ذلك أن ينشئ فهم خاطئ فى حيز خطئ ‪ ..‬بعيداا عن السياق الذى خرجت منه ‪..‬‬ ‫فيكبر الصغير ‪ ..‬ويصغر الكبير ‪ ..‬لتصبح الفروع الخفيفة جذوع ا أو جذو ارا‪ ،‬و الصو ل‬

‫المهمة أوراق ا تتساقط مع الريا ح كما قا ل الشيخ محمد الغزالى ‪ ..‬ويتكرر ذلك فى أمور شتى‬

‫إلى الوصو ل إلى درجة تعصب ك ل فريق لمذهبه والتى ل بد أن تص ل إلى درجه العداوه‬

‫والبغضا ء فى غياب الحب والخوة فى ال ‪ ..‬لتصير صورة من الجيوب التى تشق الصف‬ ‫المسلم لتنشئ فرقة جديدة ‪ ..‬فتتشرزم المة اكثر مما عليه واقعها‪.‬‬ ‫ل‪ :‬والخلف الفقهي في الفروع ل يكون سبب ا‬ ‫يأتى الستاذ البنا ليستأص ل ذلك الدا ء فى مهده قائ ا‬ ‫للتفرق في الدين‪ ,‬ول يؤدي إلى خصومة ول بغضا ء ولك ل مجتهد أجره‪ ..‬ب ل ويحذر من‬

‫الخوض أبتداا ء فى وك ل مسألة ل ينبني عليها عم ل وهذا ما سنناقشه فى الص ل التاسع‪...‬‬ ‫الص ل‪ :‬التاسع‬ ‫وك ل مسألة ل ينبني عليها عم ل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعاا‪ ،‬ومن ذلك كثرة‬

‫التفريعات للحكام التي لم تقع‪ ،‬والخوض في معاني اليات القرآنية الكريمة التي لم يص ل إليها‬ ‫العلم بعد‪ ،‬والكلم في المفاضلة بين الصحاب رضوان ال عليهم وما شجر بينهم من خلف‪,‬‬ ‫ولك ل منهم فض ل صحبته وجزا ء نيته وفي التأو ل مندوحة ‪.‬‬

‫لقد جا ء الخوان المسلمين للعودة بالقران والسنة إلى واقع الحياة ‪ ..‬ليكون المحرك للدنيا‬ ‫والمهيمن عليها والمؤه ل للخرة ‪ ..‬وهذا العم ل الضخم الهائ ل لبد له من فهم صحيح لحقيقة‬ ‫‪67‬‬


‫السلم وهذه مهمة الخوان؛ العوده بالمسلمين إلى هذا الفهم الخالص للدين ليتحقق واقعاا فى‬ ‫حياه الناس فتتحو ل الأقوا ل إلى أفعا ل تنق ل واقع السلم والمسلمين من ميدان الكلم إلى ميدان‬ ‫العم ل فتنهض أمتنا من كبوتها لتعود إلى ريادتها مره أخرى‪.‬‬ ‫لذا يقو ل الستاذ البنا‪ " :‬وك ل مسألة ل ينبني عليها عم ل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا‬ ‫عنه شرعا " إن هذا الدين قو ل ال الفص ل للدنيا كلها ‪ ..‬للعرب والعجم ‪ ..‬للبيض والسود ‪..‬‬

‫للشما ل والجنوب ‪ ..‬للشرق والغرب ‪ ..‬للحاضر والماضى والمستقب ل يقو ل تعالى‪ " :‬والسما ء‬

‫ذات الرجع‪ .‬والرض ذات الصدع‪ .‬إنه لقو ل فص ل وماهو بالهز ل " )سورة الطارق ‪.(14-11‬‬ ‫إن هذا الدين جا ء لينق ل الحياة من واقع إلى واقع ‪ ..‬ولن يتأتى ذلك ال بالعم ل القائم على الفهم‬ ‫الصحيح للسلم‪.‬‬ ‫لقد نشأ فى عالم المسلمين من أطلق عليهم " الأرأيتيين " وهم الفتراضيين بمعنى من يجلس‬ ‫فيقو ل‪ :‬أرأيت إن كان كذا و كذا‪ ..‬فما الحكم فى هذه المسألة ‪ ..‬وتوسيع المر إلى أن شملت‬ ‫مسائ ل فى أمور الزواج والطلق والعبادات والمعاملت ‪ ..‬ومسائ ل أخرى لم تقع فى واقع الناس‬ ‫‪ ..‬وهذا مما حذر منه الستاذ البنا لأنها من المسائ ل التى ل ينبنى عليها عم ل ‪ ..‬لقد كان‬ ‫منهج القران فى هذا المسلك حيث سأ ل الناس عن مواقع الشمس والقمر ‪ ..‬فلم يجيبهم إلى‬ ‫هذا السؤا ل ولكن ذهب فى الإجابة إلى ناحية عملية يستفاد بها " يسألونك عن الأهلة ‪ ..‬ق ل‬ ‫هى مواقيت للناس والحج"‬ ‫وجماعة الأرأيتيين – الفتراضيين – هم أو ل صنف من الأصناف التى ذكرها المام البنا فى‬ ‫قوله‪ " :‬ومن ذلك كثرة التفريعات للحكام التي لم تقع "‬ ‫وهنا يأتى السؤا ل‪ :‬ه ل تندرج المسائ ل العلمية تحت هذا البند أم أنها ل ينسحب عليها هذه‬ ‫الجزئية من الص ل ‪ ..‬وكذلك ما يندرج تحت بند المستقبليات او استش ارف المستقب ل او‬ ‫التفكير باسلوب السناريوهات ‪ ..‬إن هذا كله ل ينسحب عليه هذه الجزئية من الص ل‪.‬‬ ‫فالمسائ ل العلمية التى لم تص ل بعد إلى حقائق علمية ولكنها ما زالت فى اطار النظرية العلمية‬ ‫ان المسائ ل العلمية واستشراق المستقب ل او البعد الرابع ل تستند إلى آيات قرآنية كريمة لم‬ ‫يص ل اليها العلم بعد لذا ل ينصب عليها هذا الص ل أيضا هذه المسائ ل سينبنى عليها عم ل‬

‫فى الواقع الحالى لذا ‪ ..‬نتلق بينات واقعية ثم نحلق فى عالم المستقب ل لتعود بعد ذلك إلى‬ ‫‪68‬‬


‫واقعنا فل تكون ضمن المسائ ل التى ل ينبنى عليها عم ل ب ل تكون من باب التفكير البداعى‬ ‫الذى أمرنا به‪.‬‬ ‫اما القضايا التى تندرج تحت المسائ ل التى أتغيب المسلم عن العم ل المثمر للحياة‪ ،‬والتى ينقله‬ ‫من مسائ ل لها علقة بالواقع إلى عالم فضا ء ل يعود منه إلى الواقع مره أخرى بشئ ‪ ..‬فهذا‬ ‫يقع تحت هذا الص ل الذى يؤكد أن الخوض فى هذه المسائ ل سيكون من التكلف الذى نهينا‬ ‫عنه شرعاا‪.‬‬ ‫يؤكد الستاذ البنا فى هذا الص ل على العم ل والحركة لهذا الدين بالتأكيد على أن عقلية‬ ‫الإنسان المسلم لبد أن تكون عقلية عملية تبدأ بالواقع لتعود مره أخرى إلى الواقع لتغيره سوا ء‬ ‫هذه المسائ ل متعلقة بالأمور الشرعية أو المسائ ل الدنيوية ‪ ..‬الفأص ل فى المسائ ل هى ه ل يبنى‬ ‫عليها عم ل أم ل ‪ ..‬فإن كانت ل يبنى عليها عم ل اسحب عليها الص ل وال فل ‪ ..‬ومثالا‬

‫لذلك يذكر الستاذ البنا فيقو ل‪" :‬والكلم في المفاضلة بين الصحاب رضوان ال عليهم وما‬ ‫شجر بينهم من خلف‪ ,‬ولك ل منهم فض ل صحبته وجزا ء نيته وفي التأو ل مندوحة"‬ ‫فالمفاضلة بين الصحابة رضوان ال عليهم على أساس ما حدث من مواقف بينهم مسألة شائكة‬ ‫فسيدنا على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان ‪ ..‬على ما حدث بينهم لك ل فضله ‪..‬‬ ‫فليس لنا أن ندخ ل فى المفاضلة بينهم لأن هذه المسألة ل يبنى عليها عم ل فالخوض فيها من‬ ‫التكلف الذى نهينا عنه شرعا وكما قا ل " هذه دما ء طهر ال سيوفنا منها فل تدنثوا السنتكم‬ ‫فيها " وكذلك ما شجر بين سائر الصحابة الكرام‪ ،‬فلك ل فض ل صحبته لرسو ل ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬فقد اختارهم ال لصحبة نبيه دون سائر خلقه فلهم جزا ء نيتهم؛ لذا فالتأوي ل هنا‬ ‫مندوحة لما حدث بينهم من خلف وشجار لأن خلف ذلك يمث ل ضربا لرموز المة التى‬

‫وص ل على أيديهم السلم لنا ‪ ..‬فإن دنثناهم دأنث الدين ‪ ..‬فالبرائة من ذلك بالتأوي ل مندوحة‪.‬‬

‫بهذا التناو ل للمسئلة يحافظ الستاذ البنا على رموز المة وقادتها ومن قدموا دمائهم ليص ل‬ ‫الينا الدين ‪..‬‬ ‫ثم إن على المسلم أن ينشع ل بما ينفعه في دينه ودنياه ول يضيع وقته في أمور تاريخية‬ ‫‪ ..‬لفائدة من تردادها الن‪ ...‬وعليه أن يحترم أصحاب رسو ل ال‪ -‬صلى ال عليه‪ -‬ويلتمس‬ ‫لهم أحسن المخارج ويكف عما جرى بينهم مما يترتب عليه حكم ول ينبني عليه عم ل‪ ..‬وقد‬ ‫‪69‬‬


‫كان السلف الصالح من هذه المة يكرهون الخوض في هذه المور حتى قا ل بعضهم ما قاله‬ ‫ت نولنأكم نما نكنسسبتأسم نولن تأسسأنألونن نعنما نكاأنوا نيسعنمألونن‪ .‬وقا ل‬ ‫ال تعالى‪" :‬تإسل ن‬ ‫ت لننها نما نكنسنب س‬ ‫ك أنمةر قنسد نخلن س‬ ‫بعضهم ‪ :‬تلك دما ء طهر ال منها سيوفنا فلنطهر منها ألسنتنا‪ .‬ومع ال سف؛ فإن كثيرا من‬ ‫شباب المسلمين اليوم ل يعرفون من تاريخ السلم المشرق إل ما يثيره أعدا ء السلم من‬ ‫الشرق والغرب وأه ل البدع والهوا ء ‪ ..‬من التشويه لهذا التاريخ العظيم إوابدا ء الفتن وطمس ما‬ ‫سواها‪ ..‬ولذلك فإن على المسلم أن يحذر من مكر هؤل ء ول يضيع وقته في ما ل طائ ل من‬ ‫ورائه‪.‬‬ ‫إن هذا الفهم يجمع حق المة جميعها ويوحد طاقتها وقدراتها مبتعداا عن أسباب الخلف‬ ‫فى الفروع والمسائ ل التى ل ينبنى عليها عم ل لتتوحد الجهود والطاقات متوجهة للغاية العليا من‬ ‫نشر هذا الدين فى ربوع الدنيا متجاوزا تلك المسائ ل التى تشرزم المة وتشتت طاقتها وتهدرها‬ ‫‪ ..‬فتأوي ل الرسو ل لفع ل سيدنا حاطب ابن أبى بلتعة فى ارسالة لأه ل مكة دلي ل على أن الص ل‬ ‫فى هذا الدين هو تجاوز تلك المواقف للسعى للوصو ل إلى الغايه من الوجود كأفراد وكأمة‪.‬‬

‫‪70‬‬


‫الص ل‪ :‬العاشر‬ ‫ومعرفة ال تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد السلم‪ ،‬وآيات الصفات وأحاديثها‬ ‫الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه‪ ،‬نؤمن بها كما جا ءت من غير تأوي ل ول تعطي ل‪ ،‬ول‬ ‫نتعرض لما جا ء فيها من خلف بين العلما ء‪ ،‬ويسعنا ما وسع رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫وأصحابه )نوال نارإسأخونن إفي اسلإعسلإم نيأقوألونن آنمننا بإإه أكو ل إمسن إعسنإد نردبننا( )آ ل عمران‪.(7:‬‬ ‫لقد جا ء فى الص ل الأو ل بعد ما عدد الستاذ البنا جوانب شمو ل السلم قائلا‪ " :‬كما هو‬ ‫عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سوا ء بسوا ء"‪ .‬يأتى الستاذ فى هذا الص ل ليؤكد أن " معرفة ال‬ ‫تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد السلم" ول سبي ل لنا لمعرفه هذه الذات العظمى‬ ‫ال ماورد فى كتاب ال وسنة الرسو ل صلى ال عليه وسلم دون النظر البته إلى اى مصدر‬ ‫ك اسلإكنتا إ‬ ‫نإ‬ ‫ي نأننزن ل نعلنسي ن‬ ‫ب مسنهأ‬ ‫ن‬ ‫اخر فهو الذى يبين عنه ويعرفنا بذاته وصفاته‪ .‬يقو ل تعالى‪ " :‬أهنو الذ ن‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫ت أهنن ألم اسلإكنتاإب نوأنخأر أمتننشابإنها ر‬ ‫ت لمسحنكنما ر‬ ‫آنيا ر‬ ‫ت فنأننما الذينن في أقألوبإإهسم نزسيغر فننيتنبإأعونن نما تننشانبهن مسنهأ‬ ‫اسبتإنغا ء اسلإفتسننإة نواسبتإنغا ء تنسأإويلإإه نونما نيسعلنأم تنسأإويلنهأ إلن اللهأ نوال نارإسأخونن إفي اسلإعسلإم نيأقوألونن آنمننا بإإه أكو ل دمسن‬ ‫إعنإد نردبننا نونما نينذنكأر إلن أسولأوسا السلنباإب" )آ ل عمران‪ " (7:‬إن كثيرا مما جا ء فى آيات الصفات‬ ‫والأسما ء تقع اكثرها تحت بند المتشابهات ‪ ..‬وهذا جع ل الفقها ء يقولون الكثير فى تلك اليات‬

‫المتشابهات كما فى قو ل ال تعالى‪ " :‬يد ال فوق أيديهم " وقوله تعالى‪ " :‬الرحمن على العرش‬ ‫استوى " ‪ ..‬فوقع بعضهم فى التأوي ل‪ ،‬فأولوا اليد بالقدرة يظنون أنهم ينزهون ال ‪ ..‬ووقع‬ ‫آخرون فى التعطي ل ‪ ..‬فعطلوا اليات يظنون كذلك أنهم ينزهون ال سبحانه وتعالى‪ .‬فجا ء‬ ‫الستاذ البنا ليختار قو ل السلف فى هذه المسئلة الشائكة قائل‪ :‬وآيات الصفات وأحاديثها‬ ‫الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه‪ ،‬نؤمن بها كما جا ءت من غير تأوي ل ول تعطي ل"‪ ،‬فتثبت‬ ‫ل ما اثبته لنفسه فى قوله تعالى‪ " :‬يد ال فوق أيديهم " لنؤمن أن ل " يد " ولكن تأتى " ليس‬ ‫كمثله شئ " لتؤكد أنه سبحانه ليس كمثله شئ دون الدخو ل بالتأوي ل بمعنى ترجمته لفظة " اليد‬ ‫" إلى القدرة او بالتعطي ل وذلك بنفى " اليد " من أساسها ‪ ..‬ولكن نؤمن بها كما جا ءت كما‬ ‫قا ل المام أبو عبد ال محمد بن إدريس الشافعي رضي ال عنه‪) :‬آمنت بال وبما جا ء عن ال‬ ‫‪ ،‬على مراد ال ‪ ،‬وآمنت برسو ل ال وبما جا ء عن رسو ل ال على مراد رسو ل ال( ‪.‬وعلى هذا‬

‫‪71‬‬


‫درج السلف وأئمة الخلف رضي ال عنهم كلهم متفقون على القرار والمرار والثبات لما ورد‬ ‫من الصفات في كتاب ال وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله‪.‬‬ ‫أما السلف رضوان ال عليهم فقالوا‪ :‬نؤمن بهذه اليات والحاديث كما وردت ‪ ،‬ونترك بيان‬ ‫المقصود منها ل تبارك وتعالى ‪ ,‬فهم يثبتون اليد والعين والعين والستوا ء والضحك‬

‫والتعجب‪ ...‬الخ ‪ ,‬وك ل ذلك بمعاةن ل ندركها ‪ ,‬ونترك ل تبارك وتعالى الحاطة بعلمها ‪,‬‬

‫ولسيما و قد نهينا عن ذلك في قو ل النبي صلى ال عليه وسلم ‪) :‬تفكروا في خلق ال‪ ,‬و ل‬ ‫‪42‬‬

‫تتفكروا في ال‪ ,‬فإنكم لن تقدروا قدره( ‪.‬‬ ‫لذا قا ل الستاذ البنا‪ " :‬ول نتعرض لما جا ء فيها من خلف بين العلما ء" بما يمكن تسميته "‬ ‫عقيدة التفويض " بمعنى تفويض الصحابة الكرام فى فهمهم لهذه اليات لأنهم كانوا الأجدر‬ ‫بسؤا ل رسو ل ال عن هذه اليات فقا ل "ويسعنا ما وسع رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫وأصحابه"‪ .‬بمعنى أن الصحابة فوضوا هذه المسائ ل كما جا ءت عن ال وعن رسو ل ال ‪..‬‬ ‫فقا ل الستاذ ما قاله ال تعالى‪) " :‬نوال نارإسأخونن إفي اسلإعسلإم نيأقوألونن آنمننا بإإه أكو ل إمسن إعسنإد نردبننا( )آ ل‬ ‫عمران‪ "(7:‬صدق ال العظيم‪ .‬ويقولون عن تفسير السلف‪ :‬رأي الخلف أعلم‪ ،‬ورأي السلف‬ ‫أسلم‪ .‬ونحن نقو ل‪ :‬رأي السلف في هذا أعلم وأسلم معاا‪ ،‬أسلم لننا نروي فيه آيات‪ ،‬ونروي فيه‬

‫أحاديث‪ ،‬وما كان الستدل ل عليه بقا ل ال قا ل رسوله كان أعلم بالقطع واليقين‪ ،‬وما كان فيه‬

‫آية كريمة وحديث نبوي صحيح كان أسلم عاقبة‪ ،‬وأسلم مسئولية‪ ،‬أمام السؤا ل في القبر‪ ،‬وأمام‬ ‫سؤا ل ال يوم الحشر‪ ،‬ويوم العرض عليه ج ل جلله‪ .‬ومن هنا عندما يقا ل في قوله تعالى‪:‬‬

‫النرسحنمأن نعنلى اسلنعسر إ‬ ‫ش اسستننوى‬ ‫بالعلم‪ ،‬والثاني‪ :‬وصفه بالسلم‪ ،‬نقو ل نحن‪ :‬الرأي الذي فسره السلف أسلم عاقبة‪ ،‬وهو أعلم‬ ‫]طه‪ ،[5:‬ونقو ل‪ :‬إن هناك رأيين وتفسيرين أحدهما‪ :‬وصفه‬

‫دليلا وبرهاناا‪ .‬وقد سئ ل المام مالك رحمه ال وهو في المسجد النبوي‪ :‬يا أبا عبد ال ! ما‬ ‫معنى قوله تعالى‪ :‬النرسحنمأن نعنلى اسلنعسر إ‬ ‫ش اسستننوى ]طه‪[5:‬؟ فأطرق ملي ا وفكر برهة ثم التفت‬ ‫ل‪ :‬الستوا ء معلوم‪ ،‬والكيف مجهو ل‪ ،‬والسؤا ل عن هذا بدعة‪ ،‬يا شرطي أخرج‬ ‫إلى السائ ل قائ ا‬

‫هذا من مسجد رسو ل ال‪ .‬فاعتبره من المفسدين! وذلك لن السلف لم يدققوا في هذا فقد فهموه‬ ‫بلغته العربية‪ ،‬وبالدللة عليه عندما حصروا المعنى في قوله تعالى‪ :‬لنسينس نكإمسثإلإه نشسير ء‬ ‫]الشورى‪ ،[11:‬فقالوا‪ :‬ل شبيه له ل في ذاته ول في صفاته ول في أفعاله‪ ،‬وك ل ما ورد مما‬ ‫‪ 42‬لمعة العتقاد ‪ -‬ابن قدامة المقدسي‬

‫‪72‬‬


‫يشبه ذلك أو يتشابه فال أعلم بحقيقته‪ ،‬وليس معناه على ظاهره‪ ،‬إذ ال ج ل جلله ل يستوي‬ ‫استوا ء خلقه‪ ،‬ول يجلس جلوس خلقه‪ ،‬ولكننا نقو ل كما قا ل‪ :‬النرسحنمأن نعنلى اسلنعسر إ‬ ‫ش اسستننوى‬ ‫]طه‪ ،[5:‬ونعتبر التدقيق في ذلك والنبش عليه من بدع علما ء الكلم‪ .‬ومن هنا كان السلف‬

‫الصالح يكرهون علم الكلم‪ ،‬وقالوا‪ :‬علم الكلم كلم بل دلي ل‪ ،‬كلم بفلسفة تشبه الفلسفة‬ ‫اليونانية التي تعدم الحجة والدلي ل من قا ل ال وقا ل رسوله‪ ،‬ومن هنا كتب ابن تيمية كتابا يذم‬

‫فيه علم الكلم‪ ،‬وينفر عنه‪ ،‬وكتب بعده بأكثر من قرن السيوطي كتاب ا زيفه وقبحه ونفر عنه‪،‬‬ ‫وكل الكتابين مطبوعان منتشران‪ .‬والقرآن منه متشابه وغير متشابه‪ ،‬فنأننما النإذينن إفي أقألوبإإهسم‬ ‫نزسيغر فننيتنبإأعونن نما تننشانبهن إمسنهأ اسبتإنغان ء اسلإفتسننإة نواسبتإنغان ء تنسأإويلإإه نونما نيسعلنأم تنسأإويلنهأ إنل اللنهأ نوال نارإسأخونن إفي‬ ‫اسلإعسلإم ]آ ل عمران‪ .[7:‬وكقاعدة عامة سلفا وخلفاا‪ :‬ل نكاد نجد طائفة ضالة مبتدعة إل وتحتج‬ ‫على بدعتها باليات المتشابهات‪ ،‬وقد قا ل لنا نبينا صلى ال عليه وسلم‪) :‬إذا رأيتم من يتبع‬

‫المتشابه فذلك الذي حذر ال منه(‪ .‬خاصة إذا كان الهتمام بالمتشابه قب ل الهتمام بالمحكم‬ ‫من الحل ل والحرام‪ ،‬ومن القصص ومن ذكر النبيا ء‪ ،‬ومن ذكر الدنيا والخرة‪ ،‬ومن ذكر الجنة‬ ‫والنار‪ ،‬ومن ذكر ما جرى على الضالين المكذبين‪ ،‬وما سيجري على الصادقين المتقين الخيار‬ ‫من عباده‪.. .43‬‬ ‫لذا اختار الستاذ البنا رأى السلف وهو الأسلم لأنه الأسلم فى تصحيح العقيدة لأن غير ذلك فيه‬ ‫اتجاة للضل ل ‪ ..‬لن دائرة الكلم هنا عن الذات اللهية التى خرجت بالكلية ما دائرة أفهام‬ ‫البشر وأدوات قياسهم فضلا عن مصادرهم لأن هذه الدائرة تقع فى دائرة الغيب ‪ ..‬واليمان‬ ‫بالغيب هو أو ل صفة جا ءت فى صفات المتقين فى قوله تعالى‪" :‬الم * ذلك الكتاب ل ريب‬ ‫فيه هدى للمتقين * اللذين يؤمنون بالغيب ‪) "...‬سورة البقرة‪ .(3-1 :‬ومعنى يؤمنون بالغيب‬ ‫إ إإ‬ ‫أنهم يؤمنون بما قاله ال فى دائرة الغيب لقوله تعالى‪) " :‬لنسينس نكمسثله نشسير ء(‪) ،‬ل تأسدإرأكهأ‬ ‫ك النسبصانر( )سورة النعام‪ :‬الية ‪" (103‬‬ ‫النسبصاأر نوأهنو أيسدإر أ‬

‫وهنا نعود إلى مدار الفهم الصحيح للسلم الذى يعرضه الستاذ البنا من جديد على‬

‫أمه السلم ‪ ..‬فيأتى هذا الص ل ليحسم قضية كانت سبباا فى اختلفات كثيرة وقعت بين‬ ‫العلما ء وصرفتهم عن لب رسالة السلم ورسالتهم فى نشرها ‪ ..‬فاختار الستاذ البنا رأى‬ ‫السلف ليضع مناقشات وحوارات واختلفات استمرات عقود من السنين مستنزفة عقو ل وطاقات‬ ‫‪ 43‬تفسير سورة طه – الشيخ المنتصر الكتاني ‪islamweb.net -‬‬

‫‪73‬‬


‫المة عبر هذه العقود ‪ ..‬لذا يضع الستاذ البنا القو ل الفص ل الذى يحسم القضية ليعيد توجيه‬ ‫الطاقات مرة أخرى إلى وجهتها الصحيحة‪ ،‬خاصة وأنها قضية تقع فى دائرة الغيب والخذ‬ ‫بالتفوض يمث ل القاعدة التى تحسم الخلف لتتوحد المة على فهم السلف الصالح ‪ ..‬لتنهض‬ ‫بعد ذلك بطبقاتها وفئاتها للقيام بمهام هذه الرسالة الخاتمة‪.‬‬ ‫إن هناك فرق بين دراسة العقيدة ودراسة علم العقيدة كما قا ل ابن تيمية‪ :‬إن دراسة العقيدة‬ ‫نرجع فيها إلى كتاب ال والحاديث الصحيحة التى تعرضت لهذه المسائ ل و هذا فى حق‬ ‫عموم المة ‪ ..‬اما دراسة علم العقيدة والذى يسمى " علم الكلم " ل يكون ال فى حق العلما ء‬ ‫ليقوم ك ل بدوره ويأخذ مع ذلك رأى السلف لأنه هو الأسلم مع العلم ان هذا الص ل ل يناقش‬ ‫العقيدة بجملتها ولكن يتحدث فى نقطة واحدة آل وهى‪" :‬معرفه ال تبارك وتعالى وتوحيده‬ ‫وتنزيهه"‪.‬‬

‫‪74‬‬


‫الص ل‪ :‬الحادى عشر‬ ‫وك ل بدعة في دين ال ل أص ل لها ـ استحسنها الناس بأهوائهم سوا ء بالزيادة فيه أو بالنقص منه ـ‬ ‫ضللة تجب محاربتها والقضا ء عليها بأفض ل الوسائ ل التي ل تؤدي إلى ما هو شر منها ‪.‬‬ ‫هذا الص ل من حيث اتصاله بالعقيدة من حيث ان الص ل الذى سبقه تحدث فيه الستاذ‬ ‫عن معرفه ال اسمى عقائد السلم ياتى هذا الص ل ليؤكد ان الزياده او النقص فى هذا الدين‬ ‫بدعة ‪ ..‬وك ل بدعة ضللة ‪ ..‬وك ل ضللة فى النار ‪ ..‬وكما قا ل رسو ل ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم " من احدث فى امرنا ما ليس منه فهو رد " والإحداث هنا إما بالزيادة او بالنقصان‬ ‫والزيادة او النقصان إما أن يتص ل بأحد الصو ل فى الدين وهى بدعة فى ذات الوقت‪.‬‬ ‫تعريف البدعة‬ ‫لـغ ـاة‪ :‬الختراع على غير مثا ل سابق‪.‬‬

‫شراعا‪ :‬طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد ل‬ ‫سبحانه‪.‬‬ ‫ت إمسنهأسم إفي نشسية ء ﴾ )النعام‪:‬‬ ‫وذم البدع لقوله تعالى‪﴿ :‬إنن النإذينن فننرقأوسا إديننهأسم نونكاأنوسا إشنياعا لنسس ن‬ ‫‪ ، (159‬قد فسرها العلما ء بأنهم أه ل البدع‪ .‬وقا ل صلى ال عليه وسلم‪" :‬من أحدث في أمرنا‬ ‫هذا ما ليس منه فهو رد" وكان‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يقو ل في خطبته‪" :‬أما بعد فإن خير‬ ‫الحديث كتاب ال‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد‪ ،‬وشر المور محدثاتها‪ ،‬وك ل بدعة ضللة"‪.‬‬ ‫البتداع بالزيادة والنقصان‪:‬‬ ‫إن البتداع في الدين مذموم سواا ء كان بالزيادة أو النقصان‪ ،‬لن في الزيادة‪ :‬اتهام الشارع‬ ‫والشريعة بالعجز والنقص وفي النقصان‪ :‬كفر ببعض الشريعة يؤدي بأتباعه إلى البوار والدمار‪.‬‬ ‫من أمثلة الزيادة‪ :‬إقامة الموالد‪ ،‬وبنا ء الضرحة‪ ،‬والطواف حولها‪ ،‬والرهبنة‪ .‬ومنها أيضا‬

‫الحاق الصلة والسلم على رسو ل ال بعد اليآذان‪ ،‬فالص ل أن الصلة على رسو ل ال لها‬ ‫أص ل فى الدين ولكن فى هذا الموضع فان اضيفتها إلى الذان فهى بدعة اضافية ‪ ..‬اما‬

‫البدعة التى ل أص ل لها هى ما يتحدث عنها الستاذ البنا سوا ء بالزياده او بالنقصان وحكمها‬ ‫أنها ضللة ‪ ..‬وهذه الضللة تجب محاربتها والقضا ء عليها بافض ل الوسائ ل التى ل تؤدى إلى‬

‫‪75‬‬


‫ما هو شر منها وفق قواعد المر بالمعروف والنهى عن المنكر المحدده فى كلم الفقها ء‪ .‬يقو ل‬ ‫المام بن القيم رحمه ال‪ :‬إنكار المنكر أربع درجات‪:‬‬ ‫الولى‪ :‬أن يزو ل ويخلفه ضده‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬أن يق ل وأن لم يز ل بجملته‪.‬‬ ‫الثالثة‪ :‬أن يخلفه ما هو مثله‪.‬‬ ‫الرابعة‪ :‬أن يخلفه ما هو شر منه‪.‬‬ ‫فالدرجتان الوليان مشروعتان والثالثة‪ :‬موضع اجتهاد والرابعة محرمة‪.‬‬ ‫وهذا شيخ السلم ابن تيمية يقو ل‪" :‬مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم‬ ‫يشربون الخمر‪ ،‬فأنكر عليهم من كان معي‪ .‬فأنكرت عليه‪ ،‬وقلت له‪ :‬إنما حرم ال الخمر لنها‬ ‫تصد عن ذكر ال وعن الصلة‪ ،‬وهؤل ء تصدهم الخمر عن قت ل النفوس‪ ،‬وسبي الذرية‪ ،‬وأخذ‬ ‫الموا ل‪ ،‬فدعهم"‪.‬‬ ‫فك ل عم ل ل أص ل له فى الدين ينطبق عليه هذا الص ل وعليه فإن ك ل عم ل لبد ان يكون له‬ ‫مشروعيته ابتدا ءا من كتاب ال او من سنة الرسو ل صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬اما ما خرج عن‬ ‫هذا مما ذكره الستاذ البنا تكون من البدعة التى ل أص ل لها فى الدين مث ل زراعة الصبار‬ ‫على رأس القبر او الذبح عنده أوغير ذلك من بدع ‪ ..‬مما ل تجد له أص ل فى الدين يكون‬ ‫ضللة‪ ،‬هذا حتى ل يدخ ل بعض المسلمين بفهمهم فى قضايا التكفير او الحكم بالتشكك فى‬ ‫العقيدة‪ ،‬لذا وجب محاربتها والقضا ء عليها بأفض ل الوسائ ل التى ل تؤدى إلى ما هو شر‬ ‫منها‪ .‬والبدع التى تتص ل بالعقيدة اخطر من البدع التى تتص ل بالعبادات والمعاملت وجميعها‬ ‫حكمها الضللة التى يجب محاربتها ولكن تكون أولوية المحاربة للبدع التى تتص ل بالعقيدة‪.‬‬ ‫لن الدين لبد أن يحفظ كما نز ل على محمد صلى ال على وسلم ‪ ،‬وعلى المسلمين أن يقفوا‬ ‫فى وجه هذه البدع حتى يصان الدين ويحفظ ليظل ل هذا النبع الصافى كما هو قريب عهد من‬ ‫الوحى‪ ،‬غض طرى ليظ ل هذا الفهم المقياس الذى يقيس عليه الفرد والمجتمع كله ‪ ..‬لذا‬ ‫وليسئ ل ك ل فرد منا أين هو من هذه الصو ل؟ ‪ ..‬قا ل محمد بن سيرين ‪) :‬إن هذا العلم دين‬ ‫فانظروا عمن تأخذون دينكم( ‪ ..‬وقا ل‪) :‬لم يكونوا يسألون عن السناد ‪ ،‬فلما وقعت الفتنة قالوا‬ ‫سموا لنا رجالكم‪ ،‬فينظر إلى أه ل السنة فيؤخذ حديثهم ‪ ،‬وينظر إلى أه ل البدع فل يؤخذ‬ ‫حديثهم(‪.‬‬ ‫‪76‬‬


‫إن أو ل بدعة حدثت فى هذا الدين هو توريث الحكم فى عهد سيدنا معاوية بن أبى سفيان‬ ‫رضى ال عنه ثم توسعت إلى أن وصلت إلى القبور والنذور ‪ ..‬ولنا أن نسأ ل‪ :‬لماذا يرفض‬ ‫الدين وبحسم قضية البداع فى الدين خاصة التى ل أص ل لها؟‬ ‫‪-1‬‬

‫ان ال اكم ل هذا الدين واتمه " اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتى ورضيت‬ ‫لكم السلم دينا" )سورة المائدة‪.(3:‬‬

‫‪-2‬‬

‫اقرار هذه الضافات التى صنعها الناس يعنى اعطا ء البشر حق التشريع فى العقائد‬ ‫والعبادات وما اليها لقوله تعالى‪ " :‬ام لهم شركا ء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به ال "‬

‫‪-3‬‬

‫الص ل فى شئون الدين التباع وفى شئون الدنيا البتداع ‪ ..‬لحديث الرسو ل " أنتم‬ ‫أعلم بشئون دنياكم"‬

‫‪-4‬‬

‫التعلق بالبدع المحدثه يتم على حساب السنن الأصلية نفسها فما تنهض بدعة إلى‬ ‫على انقاض سنة ‪.‬‬

‫‪-5‬‬

‫الص ل فى الدين العموم لأنه جا ء لينتظم البشر كلهم والبتداع وإن كان مرفوضاا جملة‬ ‫وتفصيلا ال أنه متفاوت فى الحظر والضرر وذ هو كالعصيان ل يقب ل شئ منه اصل ولكن‬ ‫منه صغائر وكبائر وللصغائر حكمها وللكبائر حكمها ومن هنا فالحرب التى توجه ضد البدع‬ ‫الصغيره دون الحرب التى تعلن على البدع الكبيره والفزع من مرض كالزكام ل يبلغ الفزع من‬ ‫احدى الحميات التى يغلى منها الدماغ ‪ ..‬ان قو ل ال تعالى‪ " :‬ومن يعص ال ورسوله ويتعد‬ ‫حدوده يدخله نار خالدا فيها وله عذاب مهين(]النسا ء‪ (14 :‬فل يستطيع ان نطبق هذه اليه‬ ‫على مقترفى الصغائر وان كانت من العصيان "‬

‫‪44‬‬

‫لقد نظر بعض نفر من الجماعات إلى هذا الدين على ان هذا الدين ليس فيه ال البدع‬ ‫فجا ء هذا الص ل من بين عشرين من الصو ل لنأخذ من الدين ما جا ء فى كتاب ال وسنة نبيه‬ ‫وندع ما دون ذلك‪ .‬لذا يطر ح الستاذ البنا هذا الص ل بعد ما قرر فى الص ل الو ل أن‪:‬‬ ‫"السلم نظام شام ل يتناو ل مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة ‪ ،‬وهو خلق‬ ‫وقوة أو رحمة وعدالة ‪ ،‬وهو ثقافة وقانون أو علم وقضا ء ‪ ،‬وهو مادة أو كسب وغنى ‪ ،‬وهو‬ ‫جهاد ودعوة أو جيش وفكرة ‪ ،‬كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سوا ء بسوا ء"‪ .‬فليس لنا أن‬ ‫‪ 44‬دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين – الشيخ محمد الغزالى‬

‫‪77‬‬


‫نطر ح قضية من قضاياه أو نزيد عليه وليس لنا أن ننافق العامة بطر ح أشيا ء والسكون عن‬ ‫أشيا ء ‪ ..‬ولكننا نطر ح السلم كما هو فهذا ما جا ء به الرسو ل صلى ال عليه وسلم مبلغاا عن‬ ‫الوحى رضى ال عنه وأرضاه‪.‬‬

‫‪78‬‬


‫الص ل‪ :‬الثنى عشر‬

‫والبدعة الضافية والنترإكية واللتزام في العبادات المطلقة خلف فقهي‪ ،‬لك ل فيه رأيه‪ ،‬ول بأس‬ ‫بتمحيص الحقيقة بالدلي ل والبرهان ‪.‬‬ ‫دعون السلم دعون ربانيه بمعنى أن منطقاتها ربانية فهى الكتاب والسنة ‪ ..‬اى الوحى‬ ‫الإلهي وهى الضمانة الوحيدة لحفظ هذا الدين مما أصاب الديانات السابقة من تحريف ثم هى‬ ‫دعون شاملة شملت الحياة جميعها ‪ ..‬وكانت الربانية والشمو ل جناحي هذا الدين‬ ‫لحفظه عن خرافات البشر وقصور تصوراتهم‬ ‫تأتى البدع كثغر صغير فى الجدار ثم إذا به يتسع ثم يتسع ‪ ..‬سوا ء بالضافة او الترك‬ ‫فإذا بالتساع فى الخرق للدرجة التى ل يستطيع أحد أن أيوقف التداعيات التى ستنتج عنها‪.‬‬ ‫وهذا الص ل يتناو ل البدع التى لها أص ل فى الدين بعد ان تحدث عن البدع التى ل أص ل لها‬ ‫فى دين وذكر حكمها ‪ ..‬لذا يمكن تقسيم البدع إلى‪:‬‬ ‫‪ 1‬البدعة الحقيقة‪:‬‬‫هي التي لم يد ل عليها دلي ل شرعي ل من كتاب ول سنة ول إجماع ول استدل ل معتبر عند أه ل‬ ‫العلم ل في الجملة ول التفصي ل‪ .‬وهذا ما تحدثنا عنه في الص ل السابق‪.‬‬ ‫‪ 2‬البدعة الضافية‪:‬‬‫هي ما كان لها أص ل في الشرع أو كان سنة أو مستحبة في الص ل‪ ،‬ثم عرض له وصف أو‬ ‫هيئة أخرجتها عما حدده الشرع‪.‬‬ ‫مث ل‪:‬‬ ‫الجهر بالصلة والسلم على رسو ل ال صلى ال عليه وسلم بعد الذان‪.‬‬ ‫الجهر بقرا ءة سورة الكهف يوم الجمعة قب ل الصلة في جمع كأنها من شعائر الصلة‪.‬‬ ‫أدا ء الذكار بعد الصلة بصورة جماعية ‪.‬‬ ‫‪ 3‬البدعة التركية‪:‬‬‫هي أن يترك المر ء شيائا أحله الشرع تديانا‪ .‬كأن يحرم شيائا حللا‪.‬‬ ‫مث ل‪:‬‬ ‫ترك الزواج بحجة التقرب إلى ال بإكثار العبادة‪.‬‬ ‫‪79‬‬


‫ترك أك ل لحم الحمام تعظياما له‪.‬‬ ‫فى هذا الص ل يتناو ل الستاذ البنا البدع التى لها أص ل فى الدين سوا ءا بالضافة او‬ ‫الترك واضاف لها اللتزام فى العبادات المطلقة ‪ ..‬بمعنى اللتزام بصورة معينة فى عبادة‬ ‫الص ل فيها أنها مطلقة ‪ ..‬مث ل المأثورات لها أص ل لنها ذكر ولها وقت فى الصبا ح والمسا ء‬ ‫‪ ..‬اما الجتماع عليها بصورة محددة ووهيئة معينة فاذا تم اللتزام بهذه الصورة تكون من‬ ‫اللتزام فى العبادات المطلقة‪ .‬بمعنى أنها أولا لها أص ل وواردة فى الكتاب والسنة بطريق‬ ‫صحيح ‪ ..‬اذ ما تنوع فى اطار الخلف الفقهي الذى بالضروره ستكون من المسائ ل الخلفيه‬ ‫لك ل فيه رأيه ‪ ..‬لذلك سيكون حكمه‪ :‬الجواز مع ذكر أنه ل بأس بتمحيص الحقيقه بالدلي ل‬ ‫جدا فلفظة بدع التى جا ءت فى الحديث "ك ل‬ ‫والبرهان وعليه فإن تحرير المصطلح أمر هام ا‬ ‫بدعة ضللة وك ل ضللة فى النار" ل ينسحب على ك ل مستحدث فى الدين ولكن البدعة التى‬ ‫ل أص ل لها فى الدين هو المقصود فى ذلك الحديث وما غير ذلك من البدع فى الدين التى لها‬ ‫أص ل فى الدين وهذه تقع فى الخلف الفقهى ثم تاتى البدع فى الدنيا والتى تبتعد عن هذه‬ ‫القاعده لن " الص ل فى امور الدنيا البتداع وفى امور الدين التباع "‬ ‫لقد نظر المام الشهيد في أقوا ل العلما ء الراسخين فوجد تصنيفهم لهذه النواع من البدع‬ ‫)الضافية والتركية واللتزام في العبادات المطلقة( في دائرة المسائ ل الجتهادية‪ ،‬والراجحة‬ ‫والمرجوحة التي يتناصح فيها بل إغلظ ول جفا ء‪ .‬وتناقش تحت ظل ل الخوة والمحبة في ال‪.‬‬ ‫فقرر المام الشهيد أن هذه النواع خلف فقهي‪ ،‬وبذلك تتألف القلوب‪ ،‬وتتوحد الصفوف‪.‬‬ ‫ومع هذا بين أنه ل مانع من مناقشة المسائ ل التي تندرج تحت هذه النواع بالدلي ل والبرهان‬ ‫تحت ظل ل المحبة والخا ء‪.45‬‬ ‫و هذا الص ل والذى سبقه ليسدان ثغرة البداع ليكم ل هذا الصر ح بربانيته وشموله كما‬ ‫كان على عهد الرسو ل والصحابة ‪ ،‬فينتش ل المسلمين من الواقع الذى تعيشه أمتنا ‪ ..‬إلى واقع‬ ‫مغاير يتناسب وكلمة ال الفاصلة للخلق جميعاا‪ .‬لذا جا ءت هذه الصو ل لتعود بواقع المسلمين‬ ‫إلى العهد الأو ل‪.‬‬

‫‪ 45‬وقفات مع الصول العشرين – الستاذ جمعة أمين ‪ikhwanonline.com‬‬

‫‪80‬‬


‫إن الص ل أن تقوم الحياة وتتكيف الأوضاع على القواعد والصو ل ‪ ..‬ل العكس ‪..‬ل ان‬ ‫تتكيف القواعد والصو ل على الأوضاع القائمة ‪ ..‬لذا جا ءت هذه الصو ل لتؤكد على القواعد‬ ‫والصو ل دون تكيفها على الواقع القائم‪ ،‬لأن الص ل هو أن يتكيف الواقع القائم على القواعد‬ ‫والصو ل الجامعة لهذا الدين اما الفتوى فتقدر بقدرها حسب الشخص والزمان والمكان لذلك‬ ‫الفتوى لها مجالها اما الصو ل فل ‪ ..‬وما نحن بصدده اليآن الصو ل الكليه لهذا الدين‪.‬‬

‫‪81‬‬


‫الص ل‪ :‬الثالث عشر‬ ‫ومحبة الصالحين و احترامهم والثنا ء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم قربة إلى ال تبارك‬ ‫وتعالى‪ ،‬والوليا ء هم المذكورون بقوله تعالى‪) :‬النإذينن آنمأنوا نونكاأنوا نيتنأقونن(‪ ،‬والكرامة ثابتة بشرائطها‬ ‫الشرعية‪ ،‬مع اعتقاد أنهم رضوان ال عليهم ل يملكون لنفسهم نفعا ول ض ار في حياتهم أو بعد‬

‫مماتهم فضلا عن أن يهبوا شيئا من ذلك لغيرهم‪.‬‬

‫هذا الص ل يتحدث فيه الستاذ البنا عن "أوليا ء ال الصالحين" الذين خاض الناس فى حقهم‬ ‫بين مغا ل ايجابيا فرفعهم فوق درجة البشر فأقيمت الضرحة والموالد والطقوس على أسمائهم ‪..‬‬ ‫و مغا ل سلبي ا فجعلهم طواغيط ال فى الرض فطمست بعض المعالم فى بلد إسلمية تحت‬

‫مزاعم عدم الشركيات ‪ ..‬ثم انتقلت هذه الموجة سلب ا إوايجب ا إلى بلد أخرى عن طريق‬

‫أنصارها فوصلت المور بهم إلى جع ل هذه الفعا ل السلبية أو اليجابية من أمور العقيدة‬

‫فكان حديث الستاذ البنا بهذا المدخ ل‪" :‬ومحبة الصالحين و احترامهم والثنا ء عليهم بما عرف‬ ‫من طيب أعمالهم قربة إلى ال تبارك وتعالى" فحب الصالحين فرع من حب الرسو ل وحب ال‬ ‫كما جا ء فى أو ل التشهد ‪ ..‬وكما قا ل الرسو ل صلى ال عليه وسلم‪ ":‬ل تسبوا أصحابي فلو أن‬ ‫أحدكم أنفق مث ل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه ")صحيح البخاري(‪ .‬وقوله‪" :‬من أحب‬ ‫النصار أحبه ال ومن أبغض النصار أبغضه ال" )صحيح الجامع( وقوله‪) :‬ل يحب‬ ‫النصار إل مؤمن ‪ ,‬ول يبغضهم إل منافق ‪ ,‬من أحبهم أحبه ال ومن أبغضهم أبغضه ال(‬ ‫)رواه الترمذي ‪ -‬صحيح الجامع )وقوله‪) :‬والذي نفسي بيده ل يحب النصار رج ل حتى يلقى‬ ‫ال‪ ,‬إل لقي ال وهو يحبه‪ ,‬ول يبغض النصار رج ل حتى يلقى ال إل لقي ال وهو يبغضه(‬ ‫)رواه أحمد ‪ -‬صحيح الجامع(‬

‫هذا لفض ل الصحابة الكرام فهذا وصف ال تعالى لهم‪ " :‬لمنحنمرد نرأسوأ ل اللنإه نوالنإذينن نمنعهأ أنإشندا ء‬ ‫ضنواانا إسينماأهسم إفي أوأجوإهإهم‬ ‫ضال دمنن اللنإه نوإر س‬ ‫نعنلى اسلأكنفاإر أرنحنما ء نبسيننهأسم تننارأهسم أرنكاعا أسنجادا نيسبتنأغونن فن س‬ ‫ظ‬ ‫ك نمثنلأهأسم إفي التنسونارإة نونمثنلأهأسم إفي ا سإلنإجيإ ل نكنزسرةع أنسخنرنج نش س‬ ‫طأنهأ نفيآنزنرهأ نفاسستنسغلن ن‬ ‫دمسن أنثنإر اللسأجوإد نذلإ ن‬ ‫إ‬ ‫صالإنحاإت إمسنأهم‬ ‫ظ بإإهأم اسلأكنفانر نونعند اللنهأ النإذينن آنمأنوا نونعإملأوا ال ن‬ ‫ع لإنيإغي ن‬ ‫ب اللزنار ن‬ ‫نفاسستننوى نعنلى أسوإقه أيسعإج أ‬ ‫نمسغإفنرةا نوأنسج اار نعإظياما"( سورة الفتح‪.29) :‬‬

‫‪82‬‬


‫فحب الإنسان للصالحين بقدر إيمانه ‪ ..‬والصل ح ليس شيئا معمى ‪ ..‬ولكنه شيئا ظاه ار ل‬ ‫غموض فيه ول لبس ‪ ..‬فالصل ح عم ل ‪ ..‬تذكر لصاحبه فيعد من الصالحين‬ ‫لذلك فمحبتهم واحترامهم والثنا ء عليهم بماذا ‪ ..‬بما عرف من طيب عملهم ‪ ..‬قربه إلى ال‬ ‫تعالى وذلك لنشر فضلهم ووضعهم قدوه ظاهره للناس يظ ل شاهدا امامهم ‪ ..‬فالصل ح بما‬ ‫قدم من طيب العم ل ‪ ..‬وليس الصل ح لشئ معمى فل نعرف من هذا الذى اقيم له هذا المقام‬ ‫وماذا فع ل وماذا قدم لدين ال واين جاهد ل احد يعلم ان هذا ما يرفضه السلم فيأتى الستاذ‬ ‫البنا بالفهم الصحيح فى هذه المسئله فيطر ح قضية الوليا ء فيعرفهم وما لهم عندنا فالوليا ء هم‬ ‫الذكورين فى قوله تعالى " الذين امنوا وكانو ل يتقون " فاليمان والتقوى شرطا الوليه ول شئ‬ ‫فوق ذلك فعقيدتهم اليمان واعماله التقوى وهذه اليه هى افض ل تعريف للوليا ء كنا جا ء فى‬ ‫التفسير بذلك يحرر الستاذ البنا هذه القضية التى كثر فيها اللغط الكثير قول وعمل ‪ ..‬عقيده‬ ‫وعباده ‪ ..‬لكان تعلم ان صناديق النذور تجع ل من الئمه تتقات ل على امامه بعض المساجد لما‬ ‫يجمع فيها من اموا ل العامه الدهما ء ثم المخالفات الشرعية التى تحدث فى الموالد التى تقام‬ ‫لهؤل ء الوليا ء حتى صارت هذه المور العامه فى العقيدة ‪..‬هذا فى ظ ل سكون علما ء الدين‬ ‫الذى يطفى من الشرعية على هذه العما ل بسكوتهم والف الخطاب عند المام الشافعى‬ ‫ليرسلها إلى ربه فى زعم هؤل ء جا ء الستاذ البنا يعالج هذه القضية الشائكه التى تركت‬ ‫لتترعرع ويضرب جذورها فى جسد هذه المة ليص ل عدد الموالد إلى ‪ 350‬خل ل العام فى‬ ‫منطقه مث ل الخانكه بمعنى ان ك ل يوم هناك مولد لحد الوليا ء‪.‬‬ ‫من هم الوليا ء؟!‬ ‫ف نعلنسيإهسم نولن أهسم‬ ‫عرف المام الشهيد الوليا ء بتعريف القرآن ﴿نأل إنن أنسوإلنيا ء اللإه لن نخسو ر‬ ‫نيسحنزأنونن* النإذينن آنمأنوسا نونكاأنوسا نيتنأقونن ﴾( يونس‪) ..63 ،62 :‬فالولي‪ :‬هو ك ل مؤمن تقي‪ ،‬وقد‬ ‫عرفهم القرآن بهذا التعريف في العديد من اليات منها قوله تعالى﴿اللهأ نوإللي النإذينن آنمأنوسا ﴾(‬ ‫ك بإأننن اللنهن نمسونلى النإذينن آنمأنوا ﴾ )محمد‪ :‬من الية‪:‬‬ ‫البقرة‪ :‬من الية ‪ (257‬وقا ل تعالى ﴿نذلإ ن‬ ‫‪.(11‬‬

‫لذا فإن شروط الولية‪:‬‬ ‫‪ 1‬التمسك بكتاب ال والسنة‪.‬‬‫‪83‬‬


‫‪ 2‬القتدا ء بأقوا ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم وأفعاله‪.‬‬‫‪ 3‬أن تزن الفعا ل والقوا ل بميزان الكتاب والسنة‪.‬‬‫وصدق من قا ل‪ :‬إذا رأيت الرج ل يمشي على الما ء‪ ،‬ويطير في الهوا ء‪ ،‬ويترك ما أمر ال‬ ‫‪46‬‬

‫ورسوله فاعلم أنه ساحر أو شيطان‪.‬‬

‫ثم يتحدث الستاذ البنا عن الكرامة الثابتة لهم بشرائطها الشرعية والفرق بين الكرامة‬ ‫والمعجزة أن المعجزة أمرا خارق ا للعادة يجريها ال على يد نبى أو رسو ل لتؤكد صدقه ونبوته ‪..‬‬

‫أما الكرامة فهى أمر فوق العادة ربما يجريها ال على يد الصالح أو الفاسد سوا ء بسوا ء‪ ،‬وليس‬ ‫هناك رابط بين الكرامة والولية لأنها ربما تجرى على يد فاسد وكما قا ل ابن تيميه‪ :‬قيسوا‬ ‫أعمالهم على كتاب ال وسنة رسو ل ال ولو رأيتموهم يمشون على الما ء ويطيرون فى الهوا ء‪.‬‬ ‫لذت فإن الغلو فى هذا الدين مساوى للتحل ل منه‪.‬‬ ‫ثم ينتق ل الستاذ البنا إلى قضية نفعهم وضرهم فيقو ل‪" :‬والكرامة ثابتة بشرائطها الشرعية‪،‬‬ ‫مع اعتقاد أنهم رضوان ال عليهم ل يملكون لنفسهم نفع ا ول ض ار في حياتهم أو بعد مماتهم‬

‫نفعا ولا‬ ‫فضلا عن أن يهبوا شيئ ا من ذلك لغيرهم" فيؤكد أنهم ل يملكون لأنفسهم ول لغيرهم ا‬

‫نفعا ولا ضرا فكيف عن دونهم ؟ " ق ل‬ ‫ض ارا‪ .‬لن الأنبيا ء أنفسهم ل يملكون لأنفسهم ول لغيرهم ا‬ ‫انى ل املك لكم ض ار ول رشدا " ق ل انى لي يجيرنى من ال احد ولن اجد من دونه ملتحدا "‬ ‫مهما جرى على ايديهم من كرامات‬ ‫إننا حين نتحدث عن هذه الصو ل فإننا نتحدث عن حاضر المة ومستقبلها ‪ ..‬تاريخها‬ ‫وحضارتها ‪ ..‬لذا يجب أن تتوحد جهود المة ل أن تتمرغ فى مث ل هذه التراهات فليست الولية‬ ‫مرتبطه بكرامة ب ل ارتباطها بصل ح العما ل؛ فالمرأه فى بيتها تخدم ولدها وزوجها تعد وليه‬ ‫بصلحها وتقواها وهذا بالنسبه لعلما ء المسلمين فى أمور الدين كما فى امور الدنيا كذلك‪.‬‬

‫‪ 46‬وقفات مع الصول العشرين – الستاذ جمعة أمين ‪ikhwanonline.com‬‬

‫‪84‬‬


‫الص ل‪ :‬الرابع عشر‬ ‫وزيارة القبور أيا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة‪ ،‬ولكن الستعانة بالمقبورين أيا كانوا ونداؤهم‬ ‫لذلك وطلب قضا ء الحاجات منهم عن قرب أو بعد والنذر لهم وتشيد القبور وسترها وأضا ءتها‬ ‫والتمسح بها والحلف بغير ال وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها‪ ،‬ول نتأو ل لهذه‬ ‫العما ل سدا للذريعة‪.‬‬ ‫ويستكم ل الستاذ البنا الكلم عن الأوليا ء ‪ ..‬فإن كان الص ل الثالث عشر تحدث عن‬ ‫الأوليا ء فى حا ل حياتهم وما يجب نحوهم ‪ ..‬يأتى الص ل الرابع عشر ليتحدث عنهم فى حا ل‬ ‫مماتهم‪ .‬وهنا نقطتين الأولى‪ :‬مرتبطة بما للأحيا ء من قدرة على قضا ء الحاجات كما جا ء فى‬ ‫الص ل الثالث عشر؛ فإن كانوا ل يملكون لنفسهم نفع ا ول ض ار في حياتهم فهم كذلك ل‬

‫يملكون لنفسهم ول لغيرهم نفع ا ول ض ار بعد مماتهم‪ .‬لذا ينسحب عليهم مقبورين ما انسحب‬ ‫على حا ل حياتهم لذا قا ل الستاذ البنا‪ " :‬ولكن الستعانة بالمقبورين أيا كانوا ونداؤهم لذلك‬

‫وطلب قضا ء الحاجات منهم عن قرب أو بعد ‪ ...‬كبائر تجب محاربتها‪ ،‬ول نتأو ل لهذه‬ ‫ك ننسستنإعيأن ﴾‬ ‫ك ننسعأبأد إوإانيا ن‬ ‫العما ل سدا للذريعة"‪ .‬فالستعانة ل تكون إل بال ل أحد سواه ﴿إنيا ن‬ ‫)الفاتحة‪ (5 :‬قا ل صلى ال عليه وسلم‪" :‬إذا سألت فسأ ل ال إواذا استعنت فستعن بال‪" .‬‬ ‫ت‬ ‫ضلر ن‬ ‫فالدعا ء والستعانة ل تكون إل بال ﴿نولن تنسدعأ إمن أدوإن اللإه نما لن نينفنأع ن‬ ‫ك فنإإن فننعسل ن‬ ‫ك نولن ني أ‬ ‫ن إإ‬ ‫ضل ل إمنمن نيسدأعو إمن أدوإن اللنإه‬ ‫فنإ ن ن‬ ‫ك إاذا دمنن الظالمينن ﴾ (يونس‪) 106 :‬وقا ل ج ل شأنه‪﴿ :‬نونمسن أن ن‬ ‫ن‬ ‫ب لنهأ إنلى نيوإم اسلإقنيانمإة نوأهسم نعن أدنعائإإهسم نغاإفألونن ﴾( الحقاف‪) .7:‬‬ ‫نمن ل نيسستنإجي أ‬ ‫اما الثانية‪ :‬فكما جا ء فى الص ل "والنذر لهم وتشيد القبور وسترها وأضا ءتها والتمسح بها‬ ‫والحلف بغير ال وما يلحق بذلك من المبتدعات " كبائر تجب محاربتها بقواعد المر‬ ‫بالمعروف والنهى عن المنكر ول نتأو ل لهذه الأعما ل سدا للذريعة‪.‬‬ ‫ل نتأو ل سيدا للذريعة‬ ‫لقد حرص السلم على حماية عقيدة التوحيد من أي شائبة‪ ،‬لذلك سد ك ل الذرائع المكدرة‬ ‫لصفوها‪ .‬من أج ل هذا أنكر المام الشهيد أن أيتأو ل لهذه المبتدعات المنكرة بأي تأوي ل يسوغها‪،‬‬ ‫فإن ال غني عنها شكلا ومضموناا‪ ،‬لنها ل تخلو من الضرر الشنيع مهما حسن قصد‬

‫صاحبها‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫وقد يتسا ء ل البعض‪ :‬لماذا لم يصف المام الشهيد هذه العما ل بالشرك؟‬ ‫يقو ل الشيخ محمد عبد ال الخطيب‪ :‬إن هذا من حكمته رحمه ال‪ ،‬ورفقه وتلطفه في دعوة‬ ‫الخرين‪ .‬فهو رحمه ال لم أيقصر في بيان عظم هذا الجرم ولكن برفق وتلطف‪ .‬فوصف‬ ‫العما ل بأنها ” كبائر “ ثم أتبعها بـ"تجب محاربتها" ثم "أنكر" أن أيتأو ل لها سيدا للذريعة‪.‬‬

‫‪86‬‬


‫الص ل‪ :‬الخامس عشر‬ ‫والدعا ء إذا قرن بالتوس ل إلى ال تعالى بأحد من خلقه خلف فرعي في كيفية الدعا ء وليس من‬ ‫مسائ ل العقيدة ‪.‬‬ ‫هذا الص ل أيعالج فيه الستاذ البنا‪:‬‬ ‫ الدعا ء مخ العبادة‬‫ التوس ل والوسيلة المجمع عليها والمختلف فيها‬‫ رأي العلما ء في الدعا ء إذا قرن بالتوس ل بأحد من خلقه‬‫صورة المسألة‪:‬‬ ‫المسألة التي يعنيها المام الشهيد في التوس ل هي‪ :‬قو ل المر ء‪ :‬اللهم إني أسألك بجاه فلن أو‬ ‫حقه أو نحو ذلك‪ .‬أي أن يكون التوجه إلى ال ل سواه ومع هذا التوجه توس ل إليه تبارك‬ ‫وتعالى بفلن‪.‬‬ ‫حكم هذه الصورة‪:‬‬ ‫بين المام الشهيد أن هذه الصورة من المسائ ل الجتهادية أي في دائرة الراجح والمرجو ح‬ ‫والتي يدلي فيها ك ل فريق بحجته‪ .‬وهذا معنى قوله )خلف فرعي(‪ .‬ول يترتب على اختيار أي‬ ‫رأي فيها فساد اعتقاد أو زيغ أو ضل ل‪ .‬وهذا معنى قوله‪) :‬وليس في مسائ ل العقيدة( وما ذهب‬ ‫إليه المام الشهيد هو ما اتفق عليه أئمة العلما ء‪.‬‬ ‫التوس ل المختلف فيه بين العلما ء‪:‬‬ ‫‪ 1‬التوس ل إلى ال بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه‪ .‬أجازه البعض إذا كان‬‫بمعنى الشفاعة‪ .‬كما في حادثة استسقا ء عمر بالعباس‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ وأجازه البعض إوان لم يكن بمعنى الشفاعة‪ ،‬ب ل بمعنى التوس ل بجاه الوسيلة نحو القسم‬ ‫على ال بنبيه صلى ال عليه وسلم‪ .‬إل أن العز بن عبد السلم خصه به صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫‪ 3‬أجازه البعض على إطلقه كالمام السبكي وغيره‪.‬‬‫‪ 4‬منعه المام بن تيمية واللباني وغيرهم‪.‬‬‫ولقد أجمع العلما ء على عدم معاقبة من يفع ل ذلك قا ل ابن تيمية‪" :‬وأما القسم الثالث مما‬ ‫يسمى توسلا وهو القسام على ال عز وج ل بالنبيا ء والصالحين أو السؤا ل بأنفسهم‪ ،‬فإنه ل‬ ‫‪87‬‬


‫يقدر أحد أن ينق ل عن النبي صلى ال عليه وسلم شيئ ا ثابتاا‪ ،‬ل في القسم أو السؤا ل به‪ ،‬ول في‬ ‫القسم أو السؤا ل بغيره من المخلوقين‪.‬‬

‫إواذا كان في العلما ء من سوغه‪ ،‬فقد ثبت عن غير واحد من العلما ء أنه نهى عنه‪ ،‬فتكون‬ ‫مسألة نزاعية كما تقدم بيانه‪ ،‬فيرد ما تنازعوا فيه إلى ال ورسوله ويبدي ك ل واحد حجته كما في‬ ‫سائر مسائ ل النزاع‪ .‬وليس هذا من مسائ ل العقوبات بإجماع المسلمين ب ل المعاقب على ذلك‬ ‫معتد جاه ل ظالم‪ .‬فإن القائ ل بهذا قد قا ل ما قالت به العلما ء‪ ،‬والمنكر عليه ليس معه نق ل‬ ‫‪47‬‬

‫يجب إتباعه‪ ،‬ل عن النبي صلى ال عليه وسلم ول عن الصحابة" ‪.‬‬ ‫يقو ل الشيخ محمد عبد ال الخطيب‪ :‬أما الراجح في هذه الصورة فموضوع آخر لم يتعرض‬ ‫له المام الشهيد لنه بصدد الكلم على أصو ل يبايع عليها‪ ،‬ويلتزم بها‪ ،‬ومن ثم يجب أن تكون‬ ‫من المتفق عليه‪ ،‬والذي يمكن التفاق عليه أنها مسألة خلفية‪ .‬ول مانع من التحقيق العلمي في‬ ‫ظ ل الحب بال والتعاون على الوصو ل إلى الحقيقة‪ ،‬من غير أن يجر ذلك إلى المرا ء المذموم‬ ‫والتعصب‪ ،‬والتكفير والتفسيق‪.‬‬ ‫ومن ذلك يتضح‪:‬‬ ‫‪1.‬أن التوس ل بالنبيا ء والصالحين بمعنى القسام بهم أو السؤا ل بهم خلف فقهي يسوغ‬ ‫الجتهاد فيه‪.‬‬ ‫‪2.‬أنها تخضع للصواب والخطأ ل الكفر واليمان‪.‬‬ ‫‪3.‬ليس هناك دلي ل قاطع في الجواز أو المنع‪ ،‬فالختلف فيها ل يترتب عليه فساد اعتقاد‪.‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪4.‬أجمع المسلمون على أن المسألة ل أيأنعاقب عليها‪ .‬ومن أيعاإقب فهو معتد ظالم جاه ل‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫الفتاوى ‪.286 -1/285‬‬ ‫‪ 48‬وقفات مع الصول العشرين – الستاذ جمعة أمين ‪ikhwanonline.com‬‬

‫‪88‬‬


‫الص ل‪ :‬السادس عشر‬ ‫والعرف الخاطئ ل يغير حقائق اللفاظ الشرعية‪ ،‬ب ل يجب التأكد من حدود المعاني المقصود‬ ‫بها‪ ،‬والوقوف عندها‪ ،‬كما يجب الحتراز من الخداع اللفظي في ك ل نواحي الدنيا والدين‪ ،‬فالعبرة‬ ‫المسميات ل بالسما ء ‪.‬‬ ‫العرف ما تعارف عليه الناس‬ ‫العرف‪ :‬عرف معتبر وعرف خاطئ وليس ك ل أعراف المسلمين معتبرة وعليه يجب العودة‬ ‫بالعراف فى جملتها إلى شرع ال للحكم عليها وهنا قضية المرجعية ‪ ..‬فل نعتبر العرف‬ ‫مرجعية للمسلم فالمرجعية كما قررها السلم وكما أكد عليها الستاذ البنا فى الص ل الثانى‬ ‫هى كتاب ال و سنة الرسو ل صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬ب ل نعود بالعراف لهذه المرجعية فنقيسها‬ ‫للحكم عليها ول حجة لشيوع هذه العراف او لقيام بعض العلما ء بها او الشيو خ فالسلم ليس‬ ‫عم ل المشايخ او العوام او العراف فالسلم هو الدين الذى حفظه ال بحفظ مصدره‬ ‫ومرجعيته‪.‬‬ ‫اما تسمية بعض الأفعا ل بغير مسمياتها وإن كانت الفاظ شرعية فلبد التأكد من حدود‬ ‫المعانى المقصود بها والوقوف عندها ‪ ..‬فواقع المسلمين قد وقعوا فى مسميات كثيرة ليست من‬ ‫الدين فى شئ دلست عليهم أمر دينهم ودنياهم؛ مما جع ل الستاذ البنا يحذر من "العرف‬ ‫الخاطئ" الذى تضيع به حقائق شرعية متواترة بتواتر أعراف خاطئة تخفت بالفاظ خادعة لذا‬ ‫وجب الحتراز من الخداع اللفظى فى ك ل نواحى الدنيا والدين فالعبرة بالمسميات ل بالأسما ء‪.‬‬ ‫فالتأكد من حقائق الألفاظ لبد منه لعدم الوقوع فى شيوع العرف فى واقع المسلمين‬ ‫فتسمية الجهاد بالعنف‪ ،‬والربا بالفوائد‪ ،‬والخمر بالمشروبات الروحية ‪ ..‬والشبكة التى يقدمها‬ ‫العريس لعروسه ليست من الشرع ولكنها من العراف السائدة التى أصبحت سببا من أسباب‬

‫تأخر الزواج لكثرة النفقات فإن كان الزواج فى الشرع ايجاب وقبو ل على مهر ومحدد فك ل ما‬ ‫دون ذلك عرف خاطئ " القائمة والشبكة ‪ ...‬الخ" وكذلك عدم تزويج الفتيات من خارج العائلة‬ ‫مث ل ما يحدث فى قبيلة الأشراف‪ ،‬وبنا ء المساجد بهذه الميآذن العالية التى ليس لها فائدة الن‬ ‫فى حياة المسلمين مما يجعلها صورة من الخل ل فى انفاق ما ل المسلمين الذى يحتاجه المجتمع‬ ‫فى قضايا كثيرة‪ ،‬فضياع أموا ل المسلمين في بنا ء الميآذن يمكن أن يتحو ل إلى العم ل في ح ل‬ ‫‪89‬‬


‫مشكلت مث ل‪ :‬أطفا ل الشوارع ) ‪ 3‬مليون في مصر ( – العوانس – أحوا ل السجون‪ .‬إن ابتداع‬ ‫الناس بدع اضافية ‪/‬تركية شاعت فى مجتمعات المسلمين حتى أصبحت أعراف خاطئة سائدة‬ ‫على أساس غير شرعي تحتاج إلى تغيير ممن يحملون لوا ء الصل ح أول حتى يكونوا قدوة‬ ‫لغيرهم ‪ ..‬وكذلك عدم تزويج الفتيات في بعض العائلت ال من دائرة العائلة نفسها مث ل‬ ‫الأشراف ‪ ..‬فل يسمح لهن بالزواج من خارجها ‪ ..‬وهناك ايضا من يطلق عليهم الصناع في‬ ‫السعودية وهم الذين ل قبيلة لهم ‪ ..‬مما يساعد على تمزيق المجتمع المسلم إلى طوائف ‪..‬‬ ‫وطبقات على غير ما أمر ال‪" :‬إن أكرمكم عند ال أتقاكم"‪.‬‬ ‫الحذر من الخداع اللفظي‬ ‫يلجأ يعض المضللين إلى خداع الجماهير بإطلق ألفاظ وعناوين براقة فتكون النتيجة أن‬ ‫يوقعوهم في الرذيلة وينفروهم من الفضيلة‪) .‬العبرة بالمسميات ل بالسما ء(‪.‬‬ ‫أمثلة‪:‬‬ ‫تسمية الحجاب العفيف‪ :‬تخلف وتأخر وكفن‪.‬‬ ‫تسمية السفور والتبرج‪ :‬رقي وتقدم‪.‬‬ ‫رفع راية الذكر فوق أعما ل الدراويش من الرقص والهوس‪.‬‬ ‫رفع راية تكريم الوليا ء فوق بنا ء القباب‪ ،‬والسجود على‪ ‬العتاب‪.‬‬ ‫تسمية التعام ل الربوي زواار باسم المضاربة وتسمية الربا‪ ‬بالفائدة‪.‬‬ ‫إن السم القبيح ل يضر الحق الصحيح والسم الجمي ل ل يبيح الباط ل السقيم‪.‬‬ ‫ومما تجدر الشارة إليه هنا أن كثي اار من المؤسسات المزورة المضللة ترفع رايات حسنا ء‬ ‫)أخوة‪ ،‬مساواة‪ ،‬عدالة‪ ،‬حرية‪ ،‬علم‪ ،‬إيمان‪ ،‬تقدم‪ (..‬وهي فساد وشقا ء للنسانية‪.‬‬ ‫مث ل‪ :‬المؤسسات العلمانية اللدينية‪ ،‬وأندية الماسونية والروتاري‪....‬‬ ‫فينبغي الحذر من هذه الشعارات الزائفة الجوفا ء‪ ،‬والنظر في سلوك أهلها وبرامجهم الحقيقية‬ ‫للوقوف علي حقيقتهم‪.49‬‬ ‫إن الأستاد البنا جع ل من مهام جماعة الخوان المسلمين الكبرى تغيير العراف الخاطئة‬ ‫السائدة ‪ ..‬فوقع هذا العبئ على أكتاف أفراد الجماعة ليغيير أفرادها ك ل فى موقعه ومكانه‬ ‫‪ 49‬وقفات مع الصول العشرين – الستاذ جمعة أمين ‪ikhwanonline.com‬‬

‫‪90‬‬


‫العرف الخاطئ السائد إلى آخر ينطلق من الشرع وذلك عن طريق قدوة عملية أمام المجتمع‬ ‫ليكون لهم المث ل والقدوة في أن يصبح السلم واقع في الحياة ‪ ..‬وبذلك يتغير العرف الخاطئ‬ ‫السائد‪.‬‬

‫‪91‬‬


‫الص ل‪ :‬السابع عشر‬ ‫والعقيدة أساس العم ل‪ ،‬وعم ل القلب أهم من عم ل الجارحة‪ ،‬وتحصي ل الكما ل في كليهما مطلوب‬ ‫شرعال إوان اختلفت مرتبتا الطلب ‪.‬‬

‫العقيدة أساس العم ل ‪ ..‬وهناك عم ل القلب ‪ ..‬وهناك عم ل الجوار ح‪ .‬وعم ل القلب ربما يكون‬

‫منفص ل عن عم ل الجارحة وربما يكون متلبساا ومرتبطاا بها‪ .‬وأعما ل القلب دون الجارحة وهي‬ ‫المشاعر والأحاسيس ‪ ..‬من حب ومن بغض ‪ " ..‬ق ل إن تبدوا ما في قلوبكم أو تخفوه ‪"..‬‬ ‫إن اليمان بال‪ ،‬وسلمة العتقاد هو الأساس الذى يقوم عليه العم ل‪ ،‬لنه بدون العتقاد قائم‬ ‫على فراغ‪ ،‬ويتجه إلى ضل ل‪﴿ .‬نوقنإدسمننا إنلى نما نعإملأوا إمسن نعنمة ل فننجنعسلنناهأ نهنبا ء نمنأثوارا ﴾ )الفرقان‪:‬‬ ‫‪﴿ (23‬نوالنإذينن نكفنأروا أنسعنمالأهأسم نكنس نارةب بإإقينعةة نيسحنسأبهأ الظنسميآأن نما ء نحنتى إنذا نجا ءهأ لنسم نيإجسدهأ نشسيائا‬ ‫نونونجند اللنهن إعنندهأ فننونفاهأ إحنسانبهأ نواللنهأ نسإريعأ اسلإحنساإب ﴾ )النور‪ ،(39 :‬وعلى قدر قوة العقيدة‪ ،‬وعمق‬ ‫اليمان‪ ،‬وصدق اليقين تكون ثمار العم ل ونضجها‪ .‬فواجبنا تعميق جذور اليمان الصافي‪،‬‬ ‫والعقيدة السليمة في النفوس لتأتي العما ل صحيحة مقبولة‪.‬‬ ‫وقد ركز بعض العلما ء على أعما ل القلب منفصلة عن الجوار ح ‪ ...‬ومنهم من فص ل‬ ‫فى أعما ل الجوار ح ‪ .‬قا ل الشيخ محمد الغزالي‪ .. " :‬قد يستر بعض الناس سواتهم القلبية‬ ‫بالقيام ببعض العبادات من صلة وقيام لعلج أو لستر مرض متعلق بالقلب مث ل الحرص أو‬ ‫الشح" ‪ ..‬لذا يقو ل‪" :‬إن بعض العل ل النفسية ل يعالجها صلة ظاهرة أو ذكر متوأص ل ‪ ..‬ان‬ ‫الشح يعالج بالتدريب على العطا ء للناس ومجاهدة النفس على ذلك ‪.50"...‬‬

‫إن عم ل القلب أهم من عم ل الجارحة ‪ ..‬لقد جا ء الحديث‪" :‬إنما العما ل بالنيات ‪"...‬‬ ‫فالعما ل تقوم بها الحوارج والنيات محلها القلب ‪ ..‬وقي ل‪" :‬نية المر ء خير من عمله"‪ .‬فلربما‬ ‫عم ل صغير تعظمه نية ‪ ..‬والعكس صحيح لما ورا ء ذلك العم ل من عم ل القلب ‪..‬فقد دخلت‬ ‫امرأة النار في هرة ‪ ..‬ففي الصحيحين )دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها‬ ‫تأك ل من خشاش الرض ( ‪ ..‬وشكر ال لرج ل حين سقى كلب فعن رسو ل ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم قا ل ‪ :‬بينما رج ل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئ ار فنز ل فيها فشرب ثم خرج فإذا‬ ‫كلب يلهث يأك ل الثرى من العطش فقا ل الرج ل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مث ل الذي كان‬ ‫‪ 50‬دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين – الشيخ محمد الغزالى‬

‫‪92‬‬


‫قد بلغ مني فنز ل البئر فمل خفه ما ء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر ال له فغفر‬ ‫له قالوا ‪ :‬يا رسو ل ال إن لنا في البهائم أج ار ؟ فقا ل ‪ :‬في ك ل كبد رطبة أجر متفق عليه ‪.‬‬ ‫وفي رواية للبخاري ‪ :‬فشكر ال له فغفر له فأدخله الجنة ‪.‬فقد يبدو العم ل صغيرا فى نظر‬

‫أحدنا لكن العم ل الصغير يعكس ما في القلب‪ .‬فإن سلوك المرأة مع الهرة عكس خلو القلب من‬ ‫الرحمة وامتلئه بالقسوة التى استوجبت دخولها النار ‪ ..‬والعكس صحيح؛ فهناك على الضفة‬ ‫الخرى الرج ل الذى سقى الكلب يعكس ما في القلب من رحمة و أرفة للحيوان ومن فى البشرية‬ ‫جمعا ‪ ..‬فقد اجتمع له مشاعر الرحمة والعطف في قلبه فأتى هذا العم ل ‪ -‬سقي الكلب –‬ ‫ليعكس ما في القلب من مشاعر الرحمة والرئفة وحب الخير والحسان والبر ‪ ..‬جميعها مشاعر‬ ‫تسكن في القلب وتنطلق منه وتنعكس على العم ل ‪ ..‬لذا لبد ان نتحسب على قلوبنا لنرى ما‬ ‫ينبض به قب ل أن نقدم على العم ل‪ .‬قا ل تعالى‪ " :‬الذين اذا ذكر ال وجلت قلوبهم " فالعم ل‬ ‫عمل طاعة ل ولم يحس بها القلب لبد أن يراجع‬ ‫ا‬ ‫لبد أن يمر على القلب ‪ ..‬فإذا عم ل العبد‬ ‫ما في القلب ‪..‬لأنه " اذا ذكر ال وجلت قلوبهم " إن تربيتنا كانت على تصحيح عم ل الجوار ح‬ ‫من كيفية صحة الوضو ء والصلة ومتى الزكاة ‪ ..‬ولم نتربى ه ل كانت هذه الصلة تعصم‬ ‫النسان من الهلع والجزع لقوله تعالى‪ " :‬إن النسان خلق هلوعا * إن ملسه الشر كان جزوعا‬ ‫* إوان ملسه الخير كان منوعا * إل المصلين "؛ فه ل الصلة علج للجزع والهلع والمنع؟‬ ‫إن ذكر ال اذا انبعث من القلب ارتبط ذكر السان بما في القلب من مشاعر واحاسيس قا ل‬

‫رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن في الجسد لمضغة اذا صلحت صلح الجسد كله إواذا‬ ‫فسدت فسد الجسد كله ال وهى القلب"‪ .‬وتحصي ل الكما ل في كليهما مطلوب شرعاا إوان اختلفت‬

‫مرتبتا الطلب ‪ ،‬فكما نسعى إلى الكما ل في عم ل الجارحة لبد ان نسعى إلى الكما ل في عم ل‬ ‫القلب ‪ ..‬على أن يكون عم ل القلب مقدماا على عم ل الجارحة ‪ .‬قا ل تعالى‪ } :‬نوإمسنهأسم نمسن نعانهند‬ ‫ضلإإه نبإخلأوا بإإه نوتننولنسوا‬ ‫صندقننن نولنننأكونننن إمنن ال ن‬ ‫ضلإإه لننن ن‬ ‫صالإإحينن * نفلننما آنتاأهسم إمسن فن س‬ ‫اللنهن لنئإسن آنتاننا إمسن فن س‬ ‫ضونن * فنأنسعقننبهأسم نإنفااقا إفي أقألوبإإهسم إنلى نيسوإم نيسلقنسوننهأ بإنما أنسخلنفأوا اللنهن نما نونعأدوهأ نوبإنما نكاأنوا‬ ‫نوأهسم أمسعإر أ‬ ‫نيسكإذأبونن * أنلنسم نيسعلنأموا أننن اللنهن نيسعلنأم إسنرأهسم نوننسجنواأهسم نوأننن اللنهن نعنلأم اسلأغأيوإب { }سورة التوبة‪- 75 :‬‬ ‫ضإلإه { من‬ ‫‪ .{ 78‬أي‪ :‬ومن هؤل ء المنافقين من أعطى اللله عهده وميثاقه } لنئإسن آنتاننا إمسن فن س‬ ‫صالإإحينن { فنص ل الرحم‪ ،‬ونقري الضيف‪،‬‬ ‫صندقننن نولنننأكونننن إمنن ال ن‬ ‫الدنيا فبسطها لنا ووسعها } لننن ن‬ ‫ضلإإه { لم يفوا بما‬ ‫ونعين على نوائب الحق‪ ،‬ونفع ل الفعا ل الحسنة الصالحة‪ } .‬نفلننما آنتاأهسم إمسن فن س‬ ‫‪93‬‬


‫إ إ ن‬ ‫ضونن { أي‪ :‬غير ملتفتين إلى‬ ‫قالوا‪ ،‬ب ل } نبخلأوا بإه نوتننولسوا { عن الطاعة والنقياد } نوأهسم أمسعإر أ‬ ‫الخير‪ .‬فلما لم يفوا بما عاهدوا اللله عليه‪ ،‬عاقبهم } فنأنسعقننبهأسم نإنفااقا إفي قأألوبإإهسم { مستم ار } إنلى نيسوإم‬ ‫نيسلقنسوننهأ بإنما أنسخلنفأوا اللنهن نما نونعأدوهأ نوبإنما نكاأنوا نيسكإذأبونن { ‪ .‬وال يعام ل العبد بما نوى ‪ ..‬فإذا تخلف‬ ‫العم ل لعارض أو لعذر خارج عن ارادته ‪ ..‬فال سبحانه وتعالى يعطي العبد بما نوى ‪ ...‬ل‬ ‫كما فع ل فثعلبة حين أراد الما ل للتصدق فلما جا ء الما ل كان منه ما كان ‪.‬‬ ‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬إن ال ل ينظر إلى صوركم ول إلى اجسامكم ولكن‬ ‫ينظر إلى قلوبكم " فالقلب محط نظر ال‪ .‬إن واجب المؤمن أن يسعى للتخلق بأشعب اليمان‪،‬‬ ‫التي جمعت ك ل العما ل‪ ،‬أعما ل القلوب وأعما ل الجوار ح‪ ،‬ول يجوز له الكتفا ء بأحدهما‪ .‬فال‬ ‫سبحانه أمر بالتوك ل عليه‪ ،‬والستعانة به والخوف منه والرجا ء فيه‪ ..‬وأمر كذلك بالصلة‬ ‫ت‬ ‫ت أقألوأبهأسم ن إوإانذا تألإني س‬ ‫والزكاة والصوم والذكر‪ ..‬قا ل تعالى ﴿إننما اسلأمسؤإمأنونن النإذينن إنذا أذإكنر اللهأ نوإجلن س‬ ‫صلنةن نوإمنما نرنزسقنناأهسم أينإفأقونن*‬ ‫نعلنسيإهسم آنياتأهأ نازندتسهأسم إإينماانا نونعنلى نردبإهسم نيتننونكألونن* النإذينن أيإقيأمونن ال ن‬ ‫ق نكإريرم ﴾ (النفا ل‪.(4 -2 :‬‬ ‫أسولنئإ ن‬ ‫ت إعنند نردبإهسم نونمسغإفنرةر نوإرسز ر‬ ‫ك أهأم اسلأمسؤإمأنونن نحيقا لنهأسم ندنرنجا ر‬ ‫نوايا القلب المستكنة به لبد من رعاية لها لنها مبعث العما ل ‪.‬‬

‫العلقة بين عم ل القلب وعم ل الجارحة‬ ‫يقو ل صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ل يستقيم قلبه حتى يستقيم‬ ‫لسانه" إوان كان الحديث ضعيفا لكنه يحدد العلقة بين عم ل القلب وعم ل الجارحة‪ ،‬فالعلقة‬ ‫بينهما وثيقة؛ فما فى القلب ينضح على الجوار ح ‪ ..‬وعم ل الجوار ح يصب فى محصلة اليمان‬ ‫فى القلب‪ .‬وهذه ديناميكية التغيير‪ :‬فإذا وص ل القلب إلى حالة يظن البعض أنها ميؤس منها‬ ‫وذلك بفسادها الذى يفسد الجسد كله ‪ ..‬فماذا لو استمر الفساد لفترة طويلة؟ إن ديناميكية‬ ‫التغيير هنا تأتى بالطريقة الفعالة للتغيير وذلك عن طريق عملية عكسية ‪ ..‬بمعنى أن تأتى‬ ‫الجوار ح من العما ل التى من شئنها أن تصب فى رصيد اليمان فى القلب فكما جا ء فى‬ ‫الحديث‪" :‬ل يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ل يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه" ‪ ..‬فإذا‬ ‫استقام اللسان بذكر ال والنتها ء عن فحش القو ل استقام القلب‪ ،‬إواذا استقام القلب استقام‬ ‫اليمان ‪ ..‬وبهذه الديناميكية يستطسع النسان أن يبدأ التغيير من النقطة التى يقف فيها مهما‬ ‫من سفح وادى الغواية‪.‬‬ ‫‪94‬‬


95


‫الص ل‪ :‬الثامن عشر‬ ‫والسلم يحرر العق ل‪ ،‬ويحث على النظر في الكون‪ ،‬ويرفع قدر العلم والعلما ء‪ ،‬ويرحب‬ ‫بالصالح والنافع من ك ل شي ء‪ ،‬والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ‪.‬‬ ‫هذا من شمو ل السلم كنظرة عامة ‪ ،‬ومنه أيضا تحصي ل الكما ل فيه بجويده‪ .‬إن ابن القيم‬ ‫حين تحدث عن العبادات قا ل‪ :‬كلما ثقلت العبادة كلما عظم ثوابها‪ .‬ومنهم من قا ل‪ :‬ما كان فيها‬ ‫من الزهد‪ ،‬ومنهم من قا ل‪ :‬ما كان فيها التعدي للغير‪ ،‬ومنهم من قا ل‪ :‬هي عبادة الوقت ‪...‬‬ ‫فالصلة على وقتها هي أفض ل الأعما ل ‪....‬ووقت السحر يصبح الستغفار وهكذا‪ .‬لقد تحدث‬ ‫العلما ء عن العبادات دون الغوص عمقاا في فيها‪ :‬من مراعاة للخشوع وتدبر في أركانها ‪..‬‬ ‫فيأتي الستاذ البنا ليؤكد أن الكما ل في أدا ء العبادات مطلوب وهو من عم ل القلب ‪ ..‬فليس‬ ‫المطلوب القيام بالعبادة وفقط‪ ..‬ولكن الوصو ل للكما ل فيها نوعاا من الشمو ل وهذا يلحق‬ ‫بالص ل السابع عشر‪.‬‬ ‫إن تحرير العق ل خطوة أولى في تحرير النسان ‪ ...‬ولكن من اي شئ يتحرر العق ل ؟!‬ ‫تحرير العق ل لبد أن يتم من القيود ‪ ..‬وهي ثلثة‪ :‬عبادة الموروثات وعبادة الشيو خ وعبادة‬ ‫الخوف من السلطة‪.51‬‬ ‫أن اسر العق ل ومحاربته حا ل من الابداع والختراع وكان للكنيسة حربها على العلم والذي جع ل‬ ‫أوروبا تكفر بالدين وتؤمن بالعق ل ‪ ..‬فقدسوه دون غيره حتى أصبح معبودهم من دون ال ‪...‬‬ ‫فيأتي السلم ليحرر العق ل من هذه القيود لن العق ل هو النعمة التي بها أصبح بها انسان‬ ‫مكلفا ‪......‬وبها أيسئ ل يوم القيامة ‪..‬‬ ‫ا‬ ‫‪...‬وبها أصبح‬ ‫أن محاولت ضارية للها ء العق ل وصرفه عن مهمته الولى وهي التفكر والنظر في الكون‬ ‫والتى بها يستنتج ويضع القواعد فيبدع ويبتكر فهذه مهمة العق ل إن كان حرا ‪ ..‬لذلك يحث ال‬

‫على النظر في الكون ويرفع قدر العلم والعلما ء ‪ ..‬والحا ل بيننا وبين من سبقنا في هذا الميزان‬

‫ظاهر للعيان ‪..‬فالعق ل عندهم أخذ دوره في النطلق في جو من الحرية فأبدع وأنتج‪ .‬فتقدموا‬ ‫وتأخرنا‪ .‬والعلم ليس له وطن ‪ ..‬وليس له دين ‪ ..‬إن للعلم رحم توص ل ‪ ..‬لذلك يجب الخذ‬ ‫بالصالح النافع من ك ل شي ء سوا ء في العلم التكنولوجي و العلوم النسانية والجتماعية‬ ‫‪ 51‬التفكير فريضة ‪ -‬عباس العقاد‬

‫‪96‬‬


‫والدارية والتنمية البشرية ‪ ...‬وهكذا ‪ ..‬وليس كما هتف البعض في أن نأخذ العلوم التكنولوجية‬ ‫وفقط فالعلوم النسانية عند الغرب قامت على أسس غير اسلمية ‪...‬فيأتي الستاذ البنا ليعود‬ ‫للص ل وهو السلم يرحب بالصالح النافع من ك ل شئ ‪ ..‬ولم يقصرها على علم دون علم‬ ‫الص ل‪ ،‬فقط أن تكون صالحة نافعة فالحكمة ضالة المؤمن اني وجدها فهو أحق الناس بها ‪.‬‬ ‫العق ل عندنا أداة تلقي الوحي عن رب العالمين ليفهمه ‪ ..‬ويعقله ‪ ..‬فيطبقه ‪ ..‬فل يطبق‬ ‫النسان الوحي دون وعي ‪ ..‬فاصو ل الفقة تأتي ليثبت عم ل العق ل ودوره في تلقي الوحي ‪ ..‬ثم‬ ‫تجميع السنة وحديث رسو ل ال لم يتم ال بمنهج علمي تجريبي ‪ ...‬فالوحي يوجه العق ل أما في‬ ‫الغرب فل إيمان بالوحي ب ل بالعق ل وفقط ‪.‬‬

‫‪97‬‬


‫الص ل التاسع عشر‬ ‫وقد يتناو ل ك ل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما ل يدخ ل في دائرة الخر‪ ،‬ولكنهما لن يختلفا‬ ‫في القطعي‪ ،‬فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة‪ ،‬ويؤو ل الظني منهما ليتفق‬ ‫مع القطعي‪ ،‬فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعي أولى بالتباع حتى يثبت العقلي أو ينهار ‪.‬‬ ‫لقد جا ء فى الص ل السابع‪ " :‬ولك ل مسلم لم يص ل إلى درجة النظر أن يتبع ‪ "....‬والنظر هو‬ ‫درجة الجتهاد فقد تكلم عن العق ل وعمله من التفكير‪ ،‬ليأتي هنا للحديث عن عم ل العق ل في‬ ‫مسائ ل عقلية صرفة ‪..‬مث ل التفكر في الكون ‪ ..‬وهناك نظر شرعي ينطلق من النص ‪ ..‬فيفكر‬ ‫في النص ليقرر الص ل الشرعي من النص ‪ ..‬وهناك منطقة يتداخ ل فيها النظر الشرعي‬ ‫والعقلي ‪..‬فهناك نظرتان مستقلتان ؛ النظر الشرعي ‪ ..‬والنظر العقلي ‪ ..‬أما ما يدخ ل في دائرة‬ ‫الخر فلن يختلفا في القطعي لذا لن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة ‪ ..‬إن‬ ‫الحقيقة العلمية تبدأ بفروض علمية ‪..‬لنتائج علمية فتص ل بالنظريات إلى الحقائق العلمية‬ ‫الصحيحة ‪..‬لن النظرية فروض واستنتاجات إلى أن تأتي التجربة العملية لتص ل بالفروض إلى‬ ‫الحقائق العلمية الصحيحة ‪...‬وعندها فل اصطدام بين النظرتين ‪...‬‬ ‫فإن كان احداهما ظني يؤ ل الظني منهما ليتفق مع القطعي ‪ ..‬فإن كانا ظنيين ‪ ..‬كان الظني‬ ‫الشرعي مقدم على الظني العقلي حتماا‪.‬‬ ‫أمثلة ونماذج‬

‫‪ 1‬حقيقة شرعية وحقيقة علمية‪ :‬مراح ل خلق النسان في بطن أمه‪ .‬قا ل تعالى‪﴿ :‬نولنقنسد‬‫طفنةا إفي قننارةر نمإكيةن ﴾ )المؤمنون‪(13 ،12 :‬‬ ‫نخلنسقننا ا سإلننسانن إمن أسنللنةة دمن إطيةن* ثأنم نجنعسلنناهأ أن س‬ ‫ونفس الحقائق القرآنية هي هي ما توص ل إليه علما ء الجنة‪.‬‬

‫‪ 2‬حقيقة شرعية ونظرية علمية‪ :‬خلق آدم ونظرية دارون‪ .‬قا ل تعالى ﴿نولنقنسد نخلنسقننا اإلسننسانن‬‫إ‬ ‫ك‬ ‫صاة ل إمسن نحنمةإ نمسسأنوةن )‪ (26‬نواسلنجانن نخلنسقنناهأ إمسن قنسبأ ل إمسن نناإر النسأموإم )‪ (27‬ن إوإاسذ نقان ل نرلب ن‬ ‫صسل ن‬ ‫مسن ن‬ ‫إ‬ ‫ت إفيإه إمسن أروإحي‬ ‫لإسلنملئإنكإة إدني نخالإ ر‬ ‫صاة ل إمسن نحنمةإ نمسسأنوةن )‪ (28‬فنإنذا نسنوسيتأهأ نوننفنسخ أ‬ ‫صسل ن‬ ‫ق نبنش اار مسن ن‬ ‫فنقنأعوا لنهأ نساإجإدينن ﴾ )‪) (29‬الحجر( وهناك بعض النظريات السقيمة الزائفة في خلق النسان‬

‫تزعم أن النسان متطور عن سللة من الحيوانات‪ .‬وهذه النظرية تتعارض مع الحقيقة الشرعية‪،‬‬ ‫فواجب على المسلم أن يأخذ بالحقيقة الشرعية ويضرب بالنظرية العلمية الظنية عرض الحائط‪.‬‬ ‫‪98‬‬


‫‪ 3‬حقيقة علمية وشرعي ظني‪ :‬كروية الرض‪ .‬فقد أثبتت التجارب العلمية بالبراهين‬‫القاطعة أن الرض كروية‪ .‬وقد أشار القرآن الكريم إلى أن الرض ممدودة منبسطة إوالى أنها‬ ‫ض نمندسدننانها نوأنسلقنسيننا إفينها نرنواإسني نونأننبتسننا إفينها إمن أكد ل نزسوةج نبإهيةج ﴾ ﴿‬ ‫كروية‪ .‬فقا ل تعالى ﴿نواسلنسر ن‬ ‫ك ندنحانها ﴾ وفي مث ل هذه الحالة نحم ل الظني الشرعي على الحقيقة العلمية‪.‬‬ ‫ض نبسعند نذإل ن‬ ‫نوالنسر ن‬ ‫ويجدر الشارة إلى أن انبساط الرض وامتدادها ل يتعارض مع كرويتها وذلك لن التعبير‬ ‫يوضح حالتها وصورتها التي يراها الناس وهي ول شك أترى مبسوطة ممدودة‪ .‬أما شكلها فهي‬ ‫كالدحية )كروية بيضاوية(‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫الص ل العشرون‬ ‫ول نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعم ل بمقتضاهما وأدى الفرائض ـ برأي أو بمعصية ـ إل إن‬ ‫أقر بكلمة الكفر‪ ،‬أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة‪ ،‬أو كذب صريح القرآن‪ ،‬أو فسره على‬ ‫وجه ل تحتمله أساليب اللغة العربية بحا ل‪ ،‬أو عم ل عمل ل يحتم ل تأويل غير الكفر ‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫لقد حذر السلم من تكفير شخص بعينه دون تيقن من كفره‪ ،‬لن التسرع في التكفير أمر‬ ‫خطير على صاحبة وعلى المجتمع وعلى الدعوة‪ .‬قا ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم "أيما‬ ‫رج ل قا ل لخيه يا كافر فقد با ء بها أحدهما"‪.‬‬ ‫قا ل أبو حامد الغزالي‪" :‬والذي ينبغي أن يمي ل المسلم إليه الحتراز من التكفير ما وجد إليه‬ ‫ل‪ ،‬فإن استباحة الدما ء والموا ل من المصلين إلى القبلة المصرحين بقو ل ل إله إل ال‬ ‫سبي ا‬

‫محمد رسو ل ال خطأ‪ ،‬والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة‬ ‫من دم مسلم"‪ .‬المحجمة‪ :‬ما يحجم به وقي ل‪ :‬قارورته‪.‬‬

‫‪ 52‬شرح الصول العشرين للمام الشهيد حسن البنا – عبد الكريم زيدان ‪-‬‬

‫‪100‬‬


‫ويقو ل ابن تيمية‪" :‬من ثبت إسلمه بيقين لم يز ل عنه بالشك ب ل ل يزو ل إل بعد إقامة‬ ‫الحجة‪ ،‬إوازالة الشبهة"‪.‬‬ ‫ثانايا‪ :‬كلم المام الشهيد في هذا الص ل يختص بما أيخرج المسلم من السلم‪:‬‬ ‫قصد المام الشهيد أن ينكر على الغلة في التكفير تكفيرهم لمن وحدوا ال‪ ،‬وآمنوا برسوله‪،‬‬ ‫ورضوا بالسلم ديانا‪ ،‬وأدوا فرائض ال‪ ...‬ومع ذلك أحكم عليهم بالكفر لسباب أهون من أن‬ ‫أتخرج صاحبها من السلم كالخطأ في رأي اجتهادي‪ ،‬أو معصية دون الكفر الكبر‪.‬‬ ‫ل تكفير برأي أو معصية‪:‬‬

‫المر ء ل يكفر بالمعصية ما دامت دون الشرك الكبر قا ل‪ ‬تعالى ﴿إنن اللهن لن نيسغإفأر نأن‬ ‫ك لإنمن نينشا ء نونمن أيسشإرسك إباللإه فنقنإد اسفتننرى إثساما نعإظياما ﴾ )النسا ء‪:‬‬ ‫ك بإإه نونيسغإفأر نما أدونن نذلإ ن‬ ‫أيسشنر ن‬ ‫‪.(48‬‬

‫كذلك ل أيكفر مسلم بسبب رأي خطأ في مسألة اجتهادية تحتم ل‪ ‬وجهات نظر سوا ء كانت‬ ‫عقيدة أو فقه‪ .‬قا ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم "إن ال وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما‬ ‫استكرهوا عليه"‪.‬‬ ‫ويعلق ابن تيمية على هذا فيقو ل‪" :‬وذلك يعم الخطأ في‪ ‬المسائ ل الخبرية القولية والمسائ ل‬ ‫العلمية ومازا ل السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائ ل‪ ،‬ولم يشهد أحد منهم على أحد ل‬ ‫بكفر ول بفسق ول بمعصية"‪.‬‬ ‫متى يكفر المسلم؟‬ ‫بين المام الشهيد جملة أسباب من أتى بشي ء منها كان مستحقا للتكفير‪:‬‬

‫‪ 1-‬القرار بكلمة الكفر‪ :‬كأن يقو ل أنه يكفر بال‪ ،‬ول يقر برسالة محمد صلى ال عليه‬

‫وسلم‪ .‬فمث ل هذا قد حكم على نفسه‪ ،‬ول حظ له في السلم‪.‬‬ ‫‪ 2‬إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة‪ :‬هناك أمور متواترة قطعية مشهورة معلومة‬‫للمي والعالم بل بحث ول اجتهاد‪ ،‬وذلك كوجوب الصلة والزكاة‪ ،‬وحرمة الزنا‪ ...‬فمن أنكر‬ ‫ذلك فقد خرج من دائرة السلم‪.‬‬ ‫‪101‬‬


‫‪ 3‬تكذيب صريح القرآن‪ :‬كأن يكذب شيائا د ل عليه القرآن بك ل صراحة ووضو ح ل لبس فيه‬‫ول احتما ل‪ ..‬كأن ينكر أن هناك نبييا اسمه إبراهيم أو إسماعي ل‪....‬‬ ‫‪ 4‬التفسير الباط ل بك ل حا ل‪ :‬القرآن الكريم نز ل بلغة العرب‪ ،‬فهو أيفهم بها ل بسواها‪ ،‬فمن‬‫أعرض عن تفسير القرآن بالقرآن وبسنة رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأقوا ل الصحابة‬ ‫الكرام‪ ،‬ولغة العرب‪ ،‬وفسره بهواه فليتبوأ مقعده من النار‪ .‬ذلك لن هذا السلوب ذريعة لينكر‬ ‫الثابت‪ ،‬ويثبت المنفي‪ ،‬ويح ل الحرام ويحرم الحل ل‪ .‬كأن يفسر نعيم الجنة وعذاب النار بأنها‬ ‫أمثا ل وخيا ل وليست حقائق ثابتات‪ .‬وكأن يفسر خاتم النبيين بغير آخر النبيين‪.‬‬ ‫‪ 5‬إتيان عم ل ل يحتم ل إل الكفر‪ :‬وذلك كمن يفر إلى الكفار ويعاونهم ضد المسلمين ﴿نيا‬‫ن‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫ضهأسم أنسوإلنيا ء نبسع ة‬ ‫ض نونمن نيتننولأهم دمنأكسم فنإنهأ‬ ‫صانرى أنسوإلنيا ء نبسع أ‬ ‫أنلينها الذينن آنمأنوسا لن تنتنخأذوسا اسلنيأهوند نوالن ن‬ ‫إمسنهم إنن الله لن يهإدي اسلقنوم ال ن‬ ‫ظالإإمين ﴾ وكأن يستهزئ بال وآياته ورسوله والسلم‪.‬‬ ‫ن نس‬ ‫أس‬ ‫سن‬ ‫إن الجماعة قد تعرضت لبتل ء خطير كاد يعصف بها لول أن ثبتها ال‪ ،‬وهيأ لها رجالا‬ ‫ربانيين ل تؤثر المحن مهما عظمت على رؤيتهم للمور ببصيرة نافذة ﴿إيا أنلينها النإذينن آنمأنوسا نإن‬ ‫ضإ ل اسلنعإظيإم ﴾ )النفا ل‪:‬‬ ‫تنتنقأوسا اللهن نيسجنع ل لنأكسم فأسرنقانا نوأينكفدسر نعنأكسم نسدينئاتإأكسم نونيسغإفسر لنأكسم نواللهأ أذو اسلفن س‬ ‫‪ (29‬فلم يوقعهم الرضا في الباط ل‪ ،‬ولم يخرجهم الغضب عن الحق فحفظهم ال على أيدي‬ ‫المرشد الستاذ‪ /‬حسن الهضيبي‪ -‬رحمه ال‪ -‬من فتنة التكفير في أعقاب محنة ‪1965‬م‪،‬‬ ‫صله‬ ‫فحافظ على الجماعة من النزلق في المنعطفات بفض ل تربية المام الشهيد وما أ ن‬

‫للجماعة‪ .‬ودرس القضية دراسة دقيقة عميقة مبصرة في كتاب )دعاة ل قضاة( ووضع لها‬

‫ضوابطها الشرعية الكلية‪.53‬‬ ‫ثم أختتم الستاذ البنا أصو ل الفهم بهذه الكلمة فقا ل‪:‬‬ ‫إواذا علم ال خ المسلم دينه في هذه الصو ل‪ ،‬فقد عرف معنى هتافه دائما )القرآن دستورنا و‬ ‫الرسو ل قدوتنا( ‪.‬‬

‫‪ 53‬وقفات مع الصول العشرين – الستاذ جمعة أمين ‪ikhwanonline.com‬‬

‫‪102‬‬


‫واجبات ال خ العام ل‬ ‫برنامج عم ل‬

‫‪103‬‬


‫يمن أين نبدأ؟‬ ‫يقو ل المام الشهيد‪ :‬إن تكوين المم‪ ،‬وتربية الشعوب‪ ،‬وتحقيق الما ل‪ ،‬ومناصرة المبادئ‪ :‬تحتاج‬ ‫من المة التي تحاو ل هذا أو الفئة التي تدعو إليه على الق ل‪ ،‬إلى "قوة نفسية عظيمة" تتمث ل في‬ ‫عدة أمور‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫إرادة قوية ل يتطرق إليها ضعف‪،‬‬

‫‪.2‬‬

‫ووفا ء ثابت ل يعدو عليه تلون ول غدر‪،‬‬

‫‪.3‬‬

‫وتضحية عزيزة ل يحو ل دونها طمع ول بخ ل‪،‬‬

‫‪.4‬‬

‫ومعرفة بالمبدأ إوايمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والنحراف عنه والمساومة عليه‪،‬‬

‫والخديعة بغيره‪.‬‬

‫على هذه الركان الولية التي هي من خصوص النفوس وحدها‪ ،‬وعلى هذه القوة الروحية الهائلة‪،‬‬ ‫تبنى المبادئ وتتربى المم الناهضة‪ ،‬وتتكون الشعوب الفتية‪ ،‬وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة‬ ‫ل‪.‬‬ ‫زمنا طوي ا‬

‫وك ل شعب فقد هذه الصفات الربعة‪ ،‬أو على الق ل فقدها قواده ودعاة الصل ح فيه‪ ،‬فهو شعب‬

‫ل‪ ،‬وحسبه أن يعيش في جو من الحلم والظنون‬ ‫عابث مسكين‪ ،‬ل يص ل إلى خير‪ ،‬ول يحقق أم ا‬ ‫والوهام‪) :‬إنن الظننن ل أيسغإني إمنن اسلنح د‬ ‫ق نشسيئاا( )يونس‪. (36:‬‬ ‫ل‪) :‬إنن الن ل أينغديأر نما بإقنسوةم‬ ‫هذا هو قانون ال تبارك وتعالى وسنته في خلقه ولن تجد لسنة ال تبدي ا‬ ‫نحنتى أينغديأروا نما بإأنسنفأإسإهسم( )الرعد‪. (11:‬‬ ‫وهو أيضا القانون الذي عبر عنه النبي في الحديث الشريف الذي رواه أبو داود ‪) :‬يوشك المم أن‬ ‫تداعى عليكم كما تداعى الكلة إلى قصعتها فقا ل قائ ل‪ :‬ومن إقلةة نحن يومئةذ؟ قا ل‪ :‬ب ل أنتم يومئةذ‬

‫كثيرر‪ ،‬ولكنكم غثار ء كغثا ء السي ل‪ ،‬ولينزعنن اللله من صدور عدوكم المهابة منكم ‪ ،‬وليقذفنن اللله في‬

‫قلوبكم الوهن ‪ ,‬فقا ل قائ ل‪ :‬يا رسو ل اللله وما الوهن ؟ قا ل‪ :‬ح ل‬ ‫ب الدنيا وكراهية الموت(‪ .‬أولست‬ ‫تراه قد بين أن سبب ضعف المم وذلة الشعوب وهن نفوسها وضعف قلوبها وخل ء أفئدتها من‬

‫الخلق الفاضلة وصفات الرجولة الصحيحة ‪ ,‬إوان كثر عددها و زادت خيراتها وثمراتها‪ .‬إوان‬ ‫المة إذا رتعت في النعيم وأنست بالترف وغرقت في أعراض المادة وافتتنت بزهرة الحياة الدنيا ‪,‬‬ ‫ونسيت احتما ل الشدائد ومقارعة الخطوب والمجاهدة في سبي ل الحق ‪ ,‬فق ل على عزتها وآمالها‬ ‫‪104‬‬


‫العفا ء‪. 54‬‬ ‫أيها الخوان المسلمون ‪:‬‬ ‫إن ميدان القو ل غير ميدان الخيا ل ‪ ،‬وميدان العم ل غير ميدان القو ل ‪ ،‬وميدان الجهاد غير ميدان‬ ‫العم ل ‪ ،‬وميدان الجهاد الحق غير ميدان الجهاد الخاطئ ‪.‬‬ ‫يسه ل علي كثير ين أن يتخيلوا ‪ ،‬ولكن ليس ك ل خيا ل يدور بالبا ل يستطاع تصويره أقوال باللسان‪،‬‬ ‫إوان كثيرين يستطيعون أن يقولوا ولكن قليلا من هذا الكثير يثبت عند العم ل ‪ ،‬وكثير من هذا القلي ل‬

‫يستطيع أن يعم ل ‪ ،‬ولكن قليل منهم يقدر علي حم ل أعبا ء الجهاد الشاق والعم ل المضني ‪.‬‬

‫وهؤل ء المجاهدون وهم الصفوة القلئ ل من النصار قد يخطئون الطريق ول يصيبون الهدف إن لم‬ ‫تتداركهم عناية ال ‪ ،‬وفي قصة طالوت بيان لما أقو ل ‪ ،‬فأعدوا أنفسكم وأقبلوا عليها بالتربية‬ ‫الصحيحة والختبار الدقيق وامتحنوها بالعم ل ‪ ،‬العم ل القوي البغيض لديها الشاق عليها ‪،‬‬ ‫وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها ‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي يكون فيه منكم ـ معشر الخوان المسلمين ـ ثلثمائة كتيبة قد جهزت ك ل منها‬ ‫نفسيا روحي ا باليمان والعقيدة ‪ ،‬وفكري ا بالعلم والثقافة ‪ ،‬وجسمي ا بالتدريب والرياضة ‪ ،‬في هذا‬

‫الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لحج البحار ‪ ،‬وأقتحم بكم عنان السما ء ‪ .‬وأغزو بكم ك ل عنيد‬

‫جبار ‪ ،‬فإني فاع ل إن شا ء ال ‪ ،‬وصدق رسو ل ال القائ ل‪) :‬ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة(‪ .‬إني‬ ‫أقدر لذلك وقت ا ليس طويلا بعد توفيق ال واستمداد معونته وتقديم إذنه ومشيئته ‪ ،‬وقد تستطيعون‬

‫أنتم معشر نواب الخوان ومندوبهم أن تقصروا هذا الج ل إذا بذلتم همتكم وضاعفتم جهودكم ‪،‬‬

‫وقد تهملون فيخطئ هذا الحساب ‪ ،‬وتختلف النتائج المترتبة عليه ‪ ،‬فأشعروا أنفسكم العب ء وألقوا‬ ‫الكتائب وكونوا الفرق ‪ ،‬وأقبلوا علي الدروس ‪ ،‬وسارعوا إلي التدريب وانشروا دعوتكم في الجهاد‬ ‫التي لم تص ل إليها بعد ‪ ،‬ول تضيعوا دقيقة بغير عم ل ‪.‬‬ ‫وقد يظن من يسمع هذا أن الخوان المسلمين قلي ل عددهم أو ضعيف مجهودهم ‪ ،‬ولست إلى هذا‬ ‫أقصد وليس هذا هو مفهوم كلمي ‪ ،‬فالخوان المسلمون والحمد ل كثيرون ‪ ،‬إوان جماعة يمثلها‬

‫في هذا الجتماع آلف من أعضائها ك ل منهم ينوب عن شعبة كاملة لكثر من أن يستق ل عددها‬ ‫أو ينسي مجهودها أو يغمط حقها ‪ ،‬ولكن أقصد إلى ما ذكرت أول من أن رج ل القو ل غير رج ل‬ ‫‪ 54‬إلى أي شيء ندعو الناس؟ ‪ -‬مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪105‬‬


‫العم ل ‪ ,‬ورج ل العم ل غير رج ل الجهاد ‪ ,‬ورج ل الجهاد فقط غير رج ل الجهاد المنتج الحكيم الذي‬ ‫يؤدي إلى أعظم الربح بأق ل التضحيات‪.‬‬ ‫يمصارحة‬ ‫أيها الخوان المسلمون وبخاصة المتحمسون المتعجلون منكم ‪:‬‬ ‫اسمعوها مني كلمة عالية داوية من فوق هذا المنبر في مؤتمركم هذا الجامع ‪ :‬إن طريقكم هذا‬ ‫مرسومة خطواته موضوعة حدوده ‪ .‬ولست مخالف ا هذه الحدود التي اقتنعت ك ل القتناع بأنها أسلم‬

‫طريق للوصو ل ‪ ،‬أج ل قد تكون طريق ا طويلة ولكن ليس هناك غيرها ‪ .‬إنما تظهر الرجولة بالصبر‬ ‫والمثابرة والجد والعم ل الدائب ‪ ،‬فمن أراد منكم أن يستعج ل ثمرة قب ل نضجها أو يقتطف زهرة قب ل‬

‫أوانها فلست معه في ذلك بحا ل ‪ ،‬وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلي غيرها من الدعوات ‪.‬‬ ‫ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك علي‬ ‫ال ‪ ،‬ولن يفوتنا إواياه أجر المحسنين ‪ :‬إما النصر والسيادة ‪ ،‬إواما الشهادة والسعادة ‪.‬‬

‫أيها الخوان المسلمون ‪:‬‬

‫ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقو ل ‪ ،‬وأنيروا أشعة العقو ل بلهب العواطف ‪ ،‬وألزموا الخيا ل‬ ‫صدق الحقيقة والواقع ‪ ،‬واكتشفوا الحقائق في أضوا ء الخيا ل الزاهية البراقة ‪ .‬ول تميلوا ك ل المي ل‬ ‫فتذروها كالمعلقة ‪ ،‬ول تصادموا نواميس الكون فأنها غلبة ‪ ،‬ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا‬ ‫تيارها واستعينوا ببعضها علي بعض ‪ ،‬وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد ‪.‬‬ ‫أيها الخوان المسلمون‬ ‫إنكم تبتغون وجه ال وتحصي ل مثوبته ورضوانه ‪ ،‬وذلك مكفو ل لكم ما دمتم مخلصين ‪ .‬ولم‬ ‫يكلفكم ال نتائج العما ل ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الستعداد ‪ ،‬ونحن بعد ذلك إما‬ ‫مخطئون فلنا أجر العاملين المجتهدين ‪ ،‬إواما مصيبون فلنا أجر الفائزين المصيبين ‪ .‬علي أن‬

‫التجارب في الماضي والحاضر قد أثبتت أنه ل خير إل طريقكم ‪ ،‬ول إنتاج إل مع خطتكم ‪ ،‬ول‬ ‫صواب إل فيما تعملون ‪ ،‬فل تغامروا بجهودكم ول تقامروا بشعار نجاحكم ‪ .‬واعملوا وال معكم‬ ‫ولن يتركم أعمالكم والفوز للعاملين )وما نكان ال إلي إ‬ ‫ضينع إإينماننأكسم إنن الن إبالننا إ‬ ‫ف نرإحيرم(‬ ‫س لننرأؤو ر‬ ‫نن ن أ أ‬

‫‪106‬‬


‫)البقرة‪. 55.(143:‬‬ ‫العقبات في طريقنا‬ ‫أحب أن أصارحكم أن دعوتكم ل زالت مجهولة عند كثير من الناس ‪ ،‬ويوم يعرفونها ويدركون‬ ‫مراميها ستلتقي منهم خصومه شديدة وعداوة قاسية ‪ ،‬وستجدون أمامكم كثي ار من المشقات‬

‫وسيعترضكم كثير من العقبات ‪ ،‬وفي هذا الوقت وحده تكونون قد بدأتم تسلكون سبي ل أصحاب‬

‫الدعوات ‪ .‬أما الن فل زلتم مجهولين تمهدون للدعوة وتستعدون لما تتطلبه من كفا ح وجهاد ‪.‬‬ ‫سيقف جه ل الشعب بحقيقة السلم عقبة في طريقكم ‪ ،‬وستجدون من أه ل التدين ومن العلما ء‬ ‫الرسميين من يستغرب فهمكم للسلم وينكر عليكم جهادكم في سبيله ‪ ،‬وسيحقد عليكم الرؤسا ء‬ ‫والزعما ء وذوو الجاه والسلطان ‪ ،‬وستقف في وجهكم ك ل الحكومات علي السوا ء ‪ ،‬وستحاو ل ك ل‬ ‫حكومة أن تجد من نشاطكم وأن تضع العراقي ل في طريقكم ‪.‬‬ ‫وسيتذرع الغاصبون بك ل طرق لمناهضتكم إواطفا ء نور دعوتكم ‪ ،‬وسيستعينون في ذلك بالحكومات‬

‫الضعيفة واليدي الممتدة إليهم بالسؤا ل إواليكم بالسا ءة والعدوان ‪ .‬وسيثير الجميع حو ل دعوتكم‬

‫غبار الشبهات وظلم التهامات ‪ ،‬وسيحاولون أن يبصقوا بها ك ل نقيصة ‪ ،‬وأن يظهروها للناس في‬ ‫طإفأئوا‬ ‫أبشع صورة ‪ ،‬معتمدين علي قوتهم وسلطانهم ‪ ،‬ومعتدين بأموالهم ونفوذهم ‪) :‬أيإريأدونن أنسن أي س‬ ‫نور ا إ‬ ‫ل بإأنسفنواإهإهسم نونيسأنبى الأ إإل أنسن أيتإنم أنونرهأ نولنسو نكإرهن اسلنكاإفأرونن( )التوبة‪ . (32:‬وستدخلون بذلك ول‬ ‫أن‬ ‫شك في دور التجربة والمتحان ‪ ،‬فستجنون وتعتقلون ‪ ،‬وتنقلون وتشردون ‪ ،‬وتصادر مصالحكم‬ ‫إ‬ ‫ب النناأس أنسن أيتسنرأكوا أنسن‬ ‫وتعط ل أعمالكم وتفتش بيوتكم ‪ ،‬وقد يطو ل بكم مدي هذا المتحان ‪) :‬أننحس ن‬ ‫نيأقولأوا آنمننا نوأهسم ل أيسفتنأنونن( )العنكبوت‪ . (2:‬ولكن ال وعدكم من بعد ذلك كله نصرة المجاهدين‬ ‫ومثوبة العاملين المحسنين )نيا أنلينها النإذينن آنمأنوا نهس ل أنأدللأكسم نعنلى تإنجانرة تأسنإجيأكسم إمسن نعنذاةب أنإليةم‬ ‫نإ‬ ‫ظاإهإرينن( )الصف‪. (14-10:‬‬ ‫صنبأحوا ن‬ ‫‪ ..........‬فنأننيسدننا الذينن آنمأنوا نعنلى نعأددوإهسم فنأن س‬ ‫فه ل أنتم مصرون علي أن تكونوا أنصار ال ؟‬ ‫عوايمل النجاح‬ ‫ومن الحق أيها الخوان أن نذكر أمام هذه العقبات جميعا أننا ندعو بدعوة ال وهي أسمي‬ ‫‪ 55‬رسالة المؤتمر الخامس‪ -‬مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪107‬‬


‫الدعوات ‪ ،‬وننادي بفكرة السلم وهي أقوي الفكر ‪ ،‬ونقدم للناس شريعة القرآن وهي أعد ل الشرائع‬ ‫ل ومن أنحسن إمن ا إ‬ ‫إ‬ ‫ل إ‬ ‫إ‬ ‫صسبنغاة( )البقرة‪ , (138:‬وأن العالم كله في حاجة إلى هذه الدعوة‬ ‫‪) ,‬صسبنغةن ا ن ن س س ن أ ن‬ ‫وك ل ما فيه يمهد لها و يهيئ سبيلها ‪ ،‬وأننا بحمد ال برا ء من المطامع الشخصية بعيدون عن‬ ‫المنافع الذاتية ‪ ،‬ول نقصد إل وجه ال وخير الناس ول نعم ل إل ابتغا ء مرضاته ‪ ،‬إواننا نترقب تأييد‬ ‫ك بإأننن الن نمسونلى النإذينن آنمأنوا نوأننن اسلنكاإفإرينن ل نمسونلى لنهأسم( )محمد‪:‬‬ ‫ال ونصره ال فل غالب له ‪) :‬نذلإ ن‬ ‫‪ . (11‬فقوة دعوتنا وحاجة إليها ونبالة مقصدنا وتأييد ال إيانا هي عوام ل النجا ح التي ل تثبت‬ ‫ب نعنلى أنسمإرإه ولنإكنن أنسكثننر الننا إ‬ ‫س ل نيسعلنأمونن(‬ ‫أمامها عقبة ول يقف في طريقها عائق‪) :‬نوالأ نغالإ ر‬ ‫ن‬ ‫)يوسف‪. (21:‬‬ ‫وصـــيـة‬ ‫أيها الخوان المسلمون ‪ ،‬اسمعوا ‪:‬‬ ‫أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلع ل ساعات عصيبة تنتظرنا يحا ل فيها بيني‬ ‫وبينكم إلي حين ؛ فل أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب إليكم ‪ ،‬فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات‬ ‫وأن تحفظوها إذا استطعتم وأن تجتمعوا عليها ‪ ،‬إوان تحت ك ل كلمة لمعاني جمة‪.‬‬

‫أيها الخوان ‪ :‬أنتم لستم جمعية خيرية ول حزبا سياسيا ول هيئة موضعية لغراض محدودة‬

‫المقاصد ‪ .‬ولكنكم رو ح جديد يسري في قلب هذه المة فيحييه بالقرآن ‪ ،‬ونور جديد يشرق فيسدد‬

‫ظلم المادة بمعرفة ال ‪ ،‬وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسو ل صلي ال عليه وسلم ومن الحق‬ ‫الذي ل غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العب ء بعد أن تخلي عنه الناس ‪.‬‬ ‫إذا قي ل‪ :‬إلم لكم تدعون ؟ ‪...‬‬ ‫فقولوا‪ :‬ندعو إلي السلم الذي جا ء به محمد صلي ال عليه وسلم والحكومة جز ء منه والحرية‬ ‫فريضة من فرائضه ‪،‬‬ ‫فإن قي ل لكم‪ :‬هذه سياسة !‬ ‫فقولوا‪ :‬هذا هو السلم ونحن ل نعرف هذه القسام ‪.‬‬ ‫إوان قي ل لكم‪ :‬أنتم دعاة ثورة ‪،‬‬

‫فقولوا‪ :‬نحن دعاة حق وسلم نعتقده ونعتز به ‪ ،‬فإن ثرتم علينا ووقفتم في طريق دعوتنا فقد أذن‬ ‫ال أن ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرين الظالمين ‪.‬‬ ‫‪108‬‬


‫إوان قي ل لكم‪ :‬إنكم تستعينون بالشخاص والهيئات!‬ ‫فقولوا ‪) :‬آمننا إبا إ‬ ‫ل نوسحندهأ نونكفنسرننا بإنما أكننا بإإه أمسشإرإكينن( )غافر‪, (84:‬‬ ‫ن‬ ‫فإن للجوا في عدوانهم‪،‬‬ ‫فقولوا ‪) :‬نسلرم نعلنسيأكسم ل ننسبتنإغي اسلنجاإهإلينن( )القصص‪. (55:‬‬ ‫واجــبات‬ ‫أيها الخوان ‪..‬‬ ‫ـ آمنوا بال واعتزوا بمعرفته والعتماد عليه والستناد إليه ‪ ،‬فل تخافوا غيره ول ترهبوا سواه‪ .‬وأدوا‬ ‫فرائضه واجتنبوا نواهيه ‪.‬‬ ‫ـ وتخلقوا بالفضائ ل وتمسكوا بالكمالت ‪ .‬وكونوا أقويا ء بأخلقكم أعزا ء بما وهب ال لكم من عزة‬ ‫المؤمنين وكرامة التقا ء الصالحين ‪.‬‬ ‫ـ وأقبلوا علي القرآن تتدارسونه ‪ ،‬وعلي السيرة المطهرة تتذاكرونها ‪ ،‬وكونوا عمليين ل جدليين ؛ فإذا‬ ‫هدي ال قوما ألهمهم العم ل ؛ وما ض ل قوم بعد هدي كانوا عليه إل أوتوا الجد ل‪.‬‬ ‫ـ وتحابوا فيما بينكم ‪ ،‬واحرصوا ك ل الحرص علي رابطتكم فهي سر قوتكم وعماد نجاحكم ‪ ،‬واثبتوا‬ ‫حتى يفتح ال بينكم وبين قومكم بالحق وهو خير الفاتحين ‪.‬‬ ‫ـ واسمعوا وأطيعوا لقيادتكم في العسر واليسر والمنشط والمكره ‪ ،‬فهي رمز فكرتكم وحلقة التصا ل‬ ‫فيما بينكم ‪.‬‬

‫إة‬ ‫صإر‬ ‫ـ وترقبوا بعد ذلك نصر ال وتأييده ‪ .‬والفرصة آتية ل ريب فيها ‪) ,‬نونيسونمئذ نيسفنرأ ح اسلأمسؤإمأنونن ‪ ,‬بإنن س‬ ‫إ‬ ‫صأر نمسن نينشاأ ء نوأهنو اسلنعإزيأز النرإحيأم( )الروم‪. (5-4:‬‬ ‫ال نيسن أ‬ ‫وفقنا ال إواياكم لما يحبه و يرضاه ‪ ،‬وسلك بنا وبكم مسالك الخيار المهتدين ‪ ،‬وأحيانا حياة‬

‫العزا ء السعدا ء وأماتنا موت المجاهدين والشهدا ء إنه نعم المولي ونعم النصير ‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫البرنايمج العيملى‬ ‫إن أقوى السب ل لتحقيق النجا ح والتفوق هــو أن نتعلــم مــن تجــارب الخريــن ‪ ،‬إن القتــدا ء بأولئــك‬ ‫الذين حققوا نجاحا فى الحياة يجنبنا ضياع سنوات من العمر فى التجربة والخطأ ‪ ..‬فماذا عليك إن‬

‫قـرأت ســيرة عــالم مــن العلمــا ء أو مصــلح أو سياســى أو مرشــد فــى يــوم أو بضــع يــوم ‪ ..‬إن ذلــك مــن‬ ‫‪ 56‬بين المس واليوم ‪ -‬مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪109‬‬


‫شأنه أن يقدم لك نموذج نجح فـى تحقيــق أهــدافه حــتى أصــبحت واقــع فــى الحيـاة‪ .‬ومــا نعرضـه الن‬ ‫مــن برنام ــج عملــي م ــن هــذا الســبي ل‪ ،‬فــألى العم ــ ل لتس ــتكم ل عــدة الطري ــق ف ــى جـ ـوانب شخص ــيتك‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫أو ل‬ ‫ل‪ :‬لربك‬

‫‪ .1‬أن يكون لك ورد يومي من كتاب ال ل يق ل عن جز ء‪ ،‬واجتهد أل تختــم فــي أكــثر مــن شــهر‪ ،‬ول فــي‬ ‫أق ل من ثلثة أيام‪ .‬وأن تحافظ على الذكار وأل تقصر فى أدائها إل لضرورة قاهرة‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن تــديم مراقبــة ال ـ تبــارك وتعــالى‪ ،‬وتخلــص النيــة لــه فــى كــ ل عمــ ل ‪ ،‬وتــذكر الخ ـرة وتســتعد لهــا‪،‬‬ ‫وتقطع مراح ل السلوك إلى رضوان ال بهمة وعزيمة‪ ،‬وتتقرب إليه ســبحانه بنوافــ ل العبــادة ومــن ذلــك‬ ‫صلة اللي ل وصيام ثلثة أيـام مـن كـ ل شـهر علـى القـ ل‪ ،‬والكثـار مـن الـذكر القلـبي واللسـاني علـى‬ ‫ك ل حا ل ‪ ،‬وتتحدري الدعا ء المأثور عن النبى صلى ال عليه وسلم في ك ل الحوا ل‪.‬‬

‫‪ .3‬أن تحسن الطهارة الحسية والمعنوية وأن تظ ل على وضو ء غالب الحيان‪.‬‬

‫‪ .4‬أن تحسن الصلة وتواظب على أدائها في أوقاتها‪ ،‬وتحرص على الجماعة والمسجد ما أمكن ذلك‪.‬‬ ‫‪ .5‬أن تصــوم رمضــان وتحــج الــبيت إن اســتطعت إليــه ســبيل‪ ،‬وتعمــ ل علــى ذلــك إن لــم تكــن مســتطياعا‬ ‫الن ذلك‪.‬‬ ‫‪ .6‬أن تستصحب دائاما نية الجهاد وحب الشهادة وأن تستعد لذلك ما وسعك الستعداد‪.‬‬

‫‪ .7‬أن تجــدد التوبــة والســتغفار دائامــا وأن تتحــرز مــن صــغائر الثــام فضـ ـلا عــن كبارهــا‪ ،‬وأن تجعــ ل‬

‫لنفسك ساعة قب ل النوم تحاسبها فيها على ما عملت من خير أو شر‪ ،‬وأن تحرص على الوقت فهــو‬

‫الحياة فل تصرف جزا ءا منه من غير فائدة‪ ،‬وأن تتورع عن الشبهات حتى ل تقع في الحرام‪.‬‬

‫‪ .8‬أن تجاهـد نفسـك جهـاادا عنيفاـا حـتى يسـلس قيادتهـا لـك‪ ،‬وأن تغـض طرفـك وتضـبط عاطفتـك وتقـاوم‬

‫نوازع الغريزة في نفسك‪ ،‬وتسمو بها دائاما إلى الحل ل الطيب‪ ،‬وتحو ل بينها وبين الحرام من ذلك أيــا‬

‫كان‪.‬‬

‫ثانيلا‪ :‬لبدنك‪:‬‬

‫‪ .9‬أن تبادر بالكشف الصحي العام وأن تأخذ في علج ما يكون فيك من أمراض‪ ،‬وتهتم بأسباب القــوة‬ ‫والوقاية الجسمانية وتبتعد عن أسباب الضعف الصحي‪.‬‬

‫‪110‬‬


‫‪.10‬أن تبتعــد عــن السـ ـراف فــي قهــوة البــن والشــاي‪ ،‬ونحوهــا مــن المشــروبات المنبهــة‪ ،‬فل تشـ ـربها إل‬ ‫لضرورة‪ ،‬وأن تمتنع بتااتا عن التدخين‪.‬‬

‫‪.11‬أن أتعنى بالنظافة في ك ل شي ء في المسكن والملبس والمطعم والبدن ومح ل العم ل عناية فائقة‪ ،‬فقد‬ ‫بني الدين على النظافة‪.‬‬

‫‪.12‬أن تبتعــد عــن الميســر بكــ ل أن ـواعه مهمــا كــان المقصــد مــن ورائهــا‪ ،‬وتتجنــب وســائ ل الكســب الح ـرام‬ ‫مهما كان ورا ءها من ربح عاج ل‪.‬‬ ‫‪.13‬أن تمتنع عن الخمر والمسكر والمفتر وك ل ما هو من هذا القبي ل ك ل المتناع‪.‬‬ ‫‪.14‬أن تزاو ل نوع ا من أنواع الرياضة البدنية ‪ ،‬ولو المشى ‪ ،‬وأن تنضم لفريق رياضى إذا سمح سنك‪.‬‬ ‫ثالثلا‪ :‬لعقلك‪:‬‬

‫‪.15‬أن تجيد القرا ءة والكتابة‪ ،‬وأن تكثر من المطالعـة فـي رسـائ ل الخـوان وج ارئـدهم ومجلتهـم ونحوهـا‪،‬‬ ‫وأن تكون لنفسك مكتبة خاصة مهمـا كـانت صـغيرة‪ ،‬وأن تتبحـر فــي علمــك وفنــك إن كنـت مــن أهـ ل‬ ‫الختصــاص‪ ،‬وأن تلــم بالشــؤون الســلمية العامــة إلماامــا يمكنــك مــن تصــورها والحكــم عليهــا حكمــا‬

‫يتفق مع مقتضيات الفكرة‪.‬‬

‫‪.16‬أن تحسن تلوة القرآن والستماع إليه والتدبر في معانيه‪ ،‬وأن تدرس السيرة المطهرة وتاريخ الســلف‬ ‫بقــدر مــا يتســع لــه وقتــك‪ ،‬وأقــ ل مــا يكفــي فــي ذلــك كتــاب )حمــاة الســلم(‪ ،‬إوان تكــثر مــن القـرا ءة فــي‬

‫حــديث رســو ل الـ ـ صــلى الـ ـ عليــه وس ــلم‪ ،‬وأن تحف ــظ أربعي ــن حــدياثا علــى القــ ل ولتك ــن الربعيــن‬

‫النووية‪ ،‬وأن تدرس رسالة في أصو ل العقائد ورسالة في فروع الفقه‪.‬‬ ‫رابعلا‪ :‬لوخلقك‪:‬‬

‫‪.17‬أن تكون صادق الكلمة فل تكذب أبادا‪ ،‬قوى الرادة فى تتردد أبداا‪.‬‬

‫‪.18‬أن تكون وفايا بالعهد والكلمة والوعد‪ ،‬فل تخلف مهما كانت الظروف‪.‬‬

‫‪.19‬أن تكون شجااعا عظيم الحتما ل‪ ،‬وأفض ل الشجاعة الصراحة فـي الحــق وكتمــان السـر‪ ،‬والعــتراف‬ ‫بالخطأ والنصاف من النفس وملكها عند الغضب‪.‬‬

‫‪.20‬أن تكون وقواار تؤثر الجد والرزانة دائاما‪ ،‬ول يمنعك الوقار من المزا ح الصــادق والضــحك فـي تبســم‪،‬‬ ‫والتبسط فى غير تبذ ل‪.‬‬

‫‪.21‬أن تكون شـديد الحيـا ء دقيـق الشـعور‪ ،‬عظيـم التـأثر بالحسـن والقبـح‪ ،‬تسـر للو ل وتتـألم للثـاني‪ ،‬وأن‬ ‫تكون متواضع في غير ذلة ول خنوع ول ملق‪ ،‬وأن تطلب أق ل من مرتبتك لتص ل إليها بحق‪.‬‬ ‫‪111‬‬


‫‪.22‬أن تبتعد عن أقران السو ء وأصدقا ء الفساد وأماكن المعصية والثم‪.‬‬ ‫وخايملسلا‪ :‬لجيبك‪:‬‬

‫‪.23‬أن تزاو ل عملا اقتصادايا مهما كنت غنايا‪ ،‬وأن تقدم العم ل الحر مهما كان ضئيل‪ ،‬وأن تــزج بنفســك‬ ‫فيه مهما كانت مواهبك العلمية‪.‬‬

‫‪.24‬أل تحـرص علـى الوظيفـة الحكوميـة‪ ،‬وأن تعتبرهـا أضـيق أبـواب الـرزق ول ترفضـها إذا أتيحـت لـك‪،‬‬ ‫ول تتخ ل عنها إل إذا تعارضت تعارضا تااما مع واجبات الدعوة‪.‬‬

‫‪.25‬أن تح ــرص كــ ل الح ــرص عل ــى أدا ء ح ــق مهنت ــك كــاملا مــن حي ــث الجــادة والتقــان وعــدم الغــش‬ ‫وضبط الموعد‪.‬‬

‫‪.26‬أن تبتعد عن الربا في جميع المعاملت وأن تتطهر منه تمااما‪.‬‬ ‫‪.27‬أن تخدم الثروة السلمية العامـة بتشـجيع المصـنوعات والمنشـيآت القتصـادية السـلمية ومقاطعـة‬ ‫منتجــات مــن يحــاربون المــة‪ ،‬وأن تحــرص علــى القــرش فل يقــع فــي يــد غيــر إســلمية مهمــا كــانت‬ ‫الحوا ل‪ ،‬ول تلبس ول تأك ل إل من صنع وطنك السلمي‪.‬‬ ‫‪.28‬أن تدخر للطوارئ جزا ءا من دخلك مهما ق ل‪ ،‬وأل تتورط في الكماليات أبادا‪.‬‬ ‫‪.29‬أن تحــارب أمــاكن اللهــو فض ـلا عــن أن تقربهــا‪ ،‬وأن تبتعــد عــن مظــاهر الــترف والس ـراف والتبــذير‬ ‫جمياعا‪.‬‬

‫لسادلسلا‪ :‬لغيرك‪:‬‬

‫‪.30‬أن تكــون عــادلا صــحيح الحكــم فــي جميــع الحـوا ل‪ ،‬ل ينســيك الغضــب الحســنات ول تغضــي عيــن‬

‫الرضا عن السيئات‪ ،‬ول تحملك الخصومة على نسيان الجميــ ل‪ ،‬وتقـو ل الحــق ولــو كــان علــى نفســك‬

‫أو على أقرب الناس إليك إوان كان ملرا‪.‬‬ ‫‪.31‬أن تكون عظيم النشاط مدرابا على الخدمات العامة‪ ،‬تشعر بالسعادة والسرور إذا استطعت أن تقــدم‬ ‫خدمة لغيرك من الناس‪ ،‬فتعود المريـض وتســاعد المحتـاج وتحمـ ل الضــعيف وتواسـي المنكــوب ولـو‬

‫بالكلمة الطيبة‪ ،‬وتبادر دائاما إلى الخيرات‪.‬‬

‫‪.32‬أن تكــون رحيــم القلــب كريامــا ســماحا تعفــو وتصــفح وتليــن وتحلــم وترفــق بالنســان والحي ـوان‪ ,‬جميــ ل‬

‫ظ ــا عل ــى الداب الس ــلمية الجتماعي ــة ف ــترحم‬ ‫المعامل ــة حس ــن الس ــلوك م ــع الن ــاس جمياع ــا‪ ،‬محاف ا‬

‫‪112‬‬


‫الص ــغير وت ــوقر الك ــبير وتفس ــح ف ــي المجل ــس‪ ،‬ول تتجس ــس ول تغت ــاب ول تص ــخب‪ ،‬وتس ــتأذن ف ــي‬ ‫الدخو ل والنصراف‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫‪.33‬أن تكــون حســن التقاضــي لحقدــك‪ ،‬وأن تــؤدي حقــوق النــاس كاملــة غيــر منقوصــة بــدون طلــب‪ ،‬ول‬ ‫تماط ل أبادا‪.‬‬ ‫لسابعلا‪ :‬لدعوتك‪:‬‬

‫‪.34‬أن تعمــ ل مــا اســتطعت علــى إحيــا ء العــادات الســلمية إواماتــة العــادات العجميــة فــي كــ ل مظــاهر‬

‫الحياة‪ ،‬ومن ذلك التحية واللغة والتاريخ والزي والثاث‪ ،‬ومواعيــد العمـ ل وال ارحـة‪ ,‬والطعــام والشـراب‪،‬‬ ‫والقدوم والنصراف‪ ،‬والحزن والسرور‪ ..‬الخ‪ ،‬وأن تتحرى السنة المطهرة في ذلك‪.‬‬

‫‪.35‬أن تعم ل على نشر دعوتك فـي كـ ل مكـان وأن تحيـط القيـادة علامـا بكـ ل ظروفـك ول تقـدم علـى عم ل‬ ‫يؤثر فيها تأثي اار جوهرايـا إل بـإذن‪ ،‬وأن تكـون دائـم التصـا ل الروحـي والعملـي بهـا‪ ،‬وأن تعتـبر نفسـك‬

‫دائاما جندايا في الثكنة تنتظر الوامر‪.‬‬

‫‪.36‬أن تشــترك فــي الــدعوة بجـز ء مــن مالــك‪ ،‬وأن تــؤدي الزكــاة الواجبــة فيــه‪ ،‬وأن تجعــ ل منــه حقاــا معلوامــا‬ ‫ل‪.‬‬ ‫للسائ ل والمحروم مهما كان دخلك ضئي ا‬

‫‪.37‬أن تعرف أعضا ء كتيبتك فرادا فرادا معرفة تامة‪ ،‬وتعرفهــم بنفسـك معرفـة تامــة كـذلك‪ ،‬وتـؤدي حقـوق‬

‫أخوتهم كاملة من الحــب والتقـدير والمسـاعدة واليثــار وأن تحضــر اجتماعــاتهم فل تتخلــف عنهـا إل‬

‫بعذر قاهر‪ ،‬وتؤثرهم بمعاملتك ومودتك دائاما‪.‬‬ ‫‪.38‬أن تقــاطع المحــاكم غيــر الســلمية‪ ،‬فل تــذهب إليهــا إل مضــط ارا‪ ،‬والنديــة والصــحف والجماعــات‬ ‫والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك السلمية مقاطعة تامة‪.‬‬

‫‪.39‬أن تتخلى عن صـلتك بـأي هيئـة أو جماعـة ل يكـون التصـا ل بهـا فـي مصـلحة فكرتــك وخاصـة إذا‬ ‫أأمرت بذلك‪.‬‬ ‫ولذلك كله‪:‬‬ ‫‪.40‬أن يكــون لــك قبــ ل النــوم ســاعة تحاســب نفســك فيهــا علــى مبلــغ أدائــك لهــذه الواجبــات ‪ ،‬لفــإن وجــدت‬ ‫خي ار فاحمد ال ‪ ،‬إوان مجدت تقصي ار فاستغفر وتب إليه ‪ ،‬واستعن به ونعم المولى ونعم النصير‪.‬‬ ‫واقتر ح عليك طريقة عملية للنتق ل بهذه الواجبات مـن دائـرة الفكـر إلـى دائـرة العمـ ل ‪ ،‬إنهـا ‪ 39‬واجـب‬ ‫يمكن تقسيمها على ‪ 13‬أسبوع )‪ 91‬يوماا( بحيث تختار ك ل أسبوع ثلثـة واجبـات فقـط لتطبقهـا فيـه‬ ‫‪113‬‬


‫‪ ،‬ولتأخذ بعض الواجبات التى قد تكون محقـق فيهـا تقـدم مـع تلـك الـتى بهـا قصـور ليحـدث شـئ مـن‬ ‫الت ـوازن ‪ ،‬ولتجلــس يومي ـ ا لتحاســبك نفســك علــى اللــتزام بهــذه الواجبــات لتصــ ل فــى نهايــة ‪ 91‬يوم ـ ا‬

‫لستكما ل الصفات التى تؤهلك لتكون على طريق ال ‪ ،‬فياله من دين لو أن له رجا ل‪.‬‬

‫قــم بتصــوير هــذا الجــدو ل ‪ 13‬صــورة لتســج ل فيهــا كــ ل يــوم مــا تقــوم بــه مــن واجبــات‪ ،‬وهــذا اقــترا ح‬ ‫لبرمجة هذا الوبرنامج العملى على هذه المدة‪.‬‬ ‫وال من ورا ء القصد وهو يهدى السبي ل‬

‫‪114‬‬


‫ال‬ ‫سب‬ ‫وع‬

‫ال‬

‫و ل‬

‫ال‬

‫سب‬ ‫وع‬

‫الثا‬ ‫نى‬

‫الواجب الو ل‬

‫الواجب الثانى‬

‫الواجب الثالث‬

‫‪ .1‬أن يكون لك ورد يومي من كتاب‬

‫‪ .2‬أن تبتعد عن السراف في‬

‫ال ل يق ل عن جز ء‪ ،‬واجتهد أل تختم‬

‫قهوة البن والشاي‪ ،‬ونحوها من‬

‫‪ .3‬أن أتعنى بالنظافة في ك ل شي ء‬

‫المشروبات المنبهة‪ ،‬فل تشربها‬

‫والبدن ومح ل العم ل عناية فائقة‪،‬‬

‫ثلثة أيام‪ .‬وأن تحافظ على الذكار‬

‫إل لضرورة‪ ،‬وأن تمتنع بتااتا عن‬

‫فقد بني الدين على النظافة‪.‬‬

‫في أكثر من شهر‪ ،‬ول في أق ل من‬ ‫وأل تقصر فى أدائها إل لضرورة‬

‫التدخين‪.‬‬

‫في المسكن والملبس والمطعم‬

‫قاهرة‬ ‫‪ .4‬أن تديم مراقبة ال تبارك وتعالى‪،‬‬

‫‪ .5‬أن تبتعد عن الميسر بك ل‬

‫‪ .6‬أن تمتنع عن الخمر والمسكر‬

‫وتخلص النية له فى ك ل عم ل ‪،‬‬

‫أنواعه مهما كان المقصد من‬

‫والمفتر وك ل ما هو من هذا القبي ل‬

‫وتذكر الخرة وتستعد لها‪ ،‬وتقطع‬

‫ورائها‪ ،‬وتتجنب وسائ ل الكسب‬

‫مراح ل السلوك إلى رضوان ال بهمة‬

‫الحرام مهما كان ورا ءها من ربح‬

‫وعزيمة‪ ،‬وتتقرب إليه سبحانه بنواف ل‬

‫ك ل المتناع‪.‬‬

‫عاج ل‪.‬‬

‫العبادة ومن ذلك صلة اللي ل وصيام‬ ‫ثلثة أيام من ك ل شهر على الق ل‪،‬‬ ‫والكثار من الذكر القلبي واللساني‬ ‫على ك ل حا ل ‪ ،‬وتتحدري الدعا ء‬

‫المأثور عن النبى صلى ال عليه‬ ‫وسلم في ك ل الحوا ل‪.‬‬

‫‪ .7‬أن تجيد القرا ءة والكتابة‪ ،‬وأن تكثر ‪ .8‬أن تبادر بالكشف الصحي‬ ‫من المطالعة في رسائ ل الخوان‬

‫ال‬ ‫سب‬ ‫وع‬

‫الثا‬

‫لث‬

‫العام وأن تأخذ في علج ما‬

‫وجرائدهم ومجلتهم ونحوها‪ ،‬وأن‬

‫يكون فيك من أمراض‪ ،‬وتهتم‬

‫تكون لنفسك مكتبة خاصة مهما كانت‬

‫بأسباب القوة والوقاية الجسمانية‬

‫إن كنت من أه ل الختصاص‪ ،‬وأن‬

‫الصحي‪.‬‬

‫صغيرة‪ ،‬وأن تتبحر في علمك وفنك‬

‫تلم بالشؤون السلمية العامة إلمااما‬ ‫يمكنك من تصورها والحكم عليها‬

‫وتبتعد عن أسباب الضعف‬

‫حكما يتفق مع مقتضيات الفكرة‪.‬‬

‫‪115‬‬

‫‪ .9‬أن تحسن الطهارة الحسية‬ ‫والمعنوية وأن تظ ل على وضو ء‬ ‫غالب الحيان‪.‬‬

‫ملحظا‬ ‫ت‬


‫‪ .10‬أن تحسن تلوة القرآن والستماع‬ ‫إليه والتدبر في معانيه‪ ،‬وأن تدرس‬

‫ال‬ ‫سب‬ ‫وع‬

‫ال ار‬ ‫بع‬

‫‪ .11‬أن تحسن الصلة وتواظب ‪ .12‬أن تصوم رمضان وتحج البيت‬

‫السيرة المطهرة وتاريخ السلف بقدر ما‬

‫على أدائها في أوقاتها‪ ،‬وتحرص‬ ‫على الجماعة والمسجد ما أمكن‬

‫إن استطعت إليه سبيل‪ ،‬وتعم ل‬

‫يتسع له وقتك‪ ،‬وأق ل ما يكفي في ذلك‬

‫ذلك‪.‬‬

‫ذلك‪.‬‬

‫كتاب )حماة السلم(‪ ،‬إوان تكثر من‬

‫على ذلك إن لم تكن مستطياعا الن‬

‫القرا ءة في حديث رسو ل ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬وأن تحفظ أربعين حدياثا‬ ‫على الق ل ولتكن الربعين النووية‪،‬‬ ‫وأن تدرس رسالة في أصو ل العقائد‬ ‫ورسالة في فروع الفقه‪.‬‬

‫‪ .13‬أن تجدد التوبة والستغفار دائاما‬ ‫ال وأن تتحرز من صغائر الثام فضلا‬

‫سب‬

‫عن كبارها‪ ،‬وأن تجع ل لنفسك ساعة‬

‫وع‬

‫قب ل النوم تحاسبها فيها على ما عملت‬

‫الخ‬

‫من خير أو شر‪ ،‬وأن تحرص على‬

‫ام‬

‫الوقت فهو الحياة فل تصرف جزا ءا‬ ‫منه من غير فائدة‪ ،‬وأن تتورع عن‬

‫س‬

‫‪ .14‬أن تستصحب دائاما نية‬

‫الجهاد وحب الشهادة وأن تستعد‬ ‫لذلك ما وسعك الستعداد‪.‬‬

‫‪ .15‬أن تزاو ل نوع ا من أنواع‬

‫الرياضة البدنية ‪ ،‬ولو المشى ‪ ،‬وأن‬ ‫تنضم لفريق رياضى إذا سمح‬ ‫سنك‪.‬‬

‫الشبهات حتى ل تقع في الحرام‪.‬‬ ‫ال‬ ‫سب‬ ‫وع‬

‫الس‬ ‫اد‬

‫س‬ ‫ال‬

‫سب‬ ‫وع‬

‫الس‬ ‫ابع‬

‫‪ .16‬أن تجاهد نفسك جهاادا عنيافا حتى ‪ .17‬أن تكون صادق الكلمة فل‬ ‫يسلس قيادتها لك‪ ،‬وأن تغض طرفك‬

‫وتضبط عاطفتك وتقاوم نوازع الغريزة‬ ‫في نفسك‪ ،‬وتسمو بها دائاما إلى‬

‫تكذب أبادا‪ ،‬قوى الرادة فى تتردد‬ ‫أبداا‪.‬‬

‫‪ .18‬أن تكون وفايا بالعهد والكلمة‬ ‫والوعد‪ ،‬فل تخلف مهما كانت‬ ‫الظروف‪.‬‬

‫الحل ل الطيب‪ ،‬وتحو ل بينها وبين‬ ‫الحرام من ذلك أيا كان‪.‬‬ ‫‪ .19‬أن تكون شجااعا عظيم الحتما ل‪،‬‬

‫‪ .20‬أن تكون وقواار تؤثر الجد‬

‫وكتمان السر‪ ،‬والعتراف بالخطأ‬

‫من المزا ح الصادق والضحك‬

‫وأفض ل الشجاعة الصراحة في الحق‬

‫والرزانة دائاما‪ ،‬ول يمنعك الوقار‬

‫والنصاف من النفس وملكها عند‬

‫في تبسم‪ ،‬والتبسط فى غير‬

‫الغضب‪.‬‬

‫تبذ ل‪.‬‬

‫‪116‬‬

‫‪ .21‬أن تبتعد عن الربا في جميع‬

‫المعاملت وأن تتطهر منه تمااما‪.‬‬


‫‪ .22‬أن تكون شديد الحيا ء دقيق‬ ‫ال‬

‫الشعور‪ ،‬عظيم التأثر بالحسن والقبح‪،‬‬ ‫تسر للو ل وتتألم للثاني‪ ،‬وأن تكون‬

‫سب‬

‫متواضع في غير ذلة ول خنوع ول‬

‫الثا‬

‫لتص ل إليها بحق‪.‬‬

‫وع‬

‫من‬

‫‪ .23‬أن تدخر للطوارئ جزا ءا من‬ ‫دخلك مهما ق ل‪ ،‬وأل تتورط في‬ ‫الكماليات أبادا‪.‬‬

‫ملق‪ ،‬وأن تطلب أق ل من مرتبتك‬

‫‪ .24‬أن تخدم الثروة السلمية‬ ‫العامة بتشجيع المصنوعات‬

‫والمنشيآت القتصادية السلمية‬ ‫ومقاطعة منتجات من يحاربون‬

‫المة‪ ،‬وأن تحرص على القرش فل‬ ‫يقع في يد غير إسلمية مهما‬

‫كانت الحوا ل‪ ،‬ول تلبس ول تأك ل‬ ‫إل من صنع وطنك السلمي‪.‬‬

‫ال‬

‫سب‬ ‫وع‬

‫‪ .25‬أن تبتعد عن أقران السو ء‬

‫وأصدقا ء الفساد وأماكن المعصية‬

‫الحكومية‪ ،‬وأن تعتبرها أضيق‬

‫والثم‪.‬‬

‫أبواب الرزق ول ترفضها إذا‬

‫أدا ء حق مهنتك كاملا من حيث‬

‫أتيحت لك‪ ،‬ول تتخ ل عنها إل‬

‫وضبط الموعد‪.‬‬

‫التا‬

‫واجبات الدعوة‪.‬‬

‫ع‬

‫سب‬ ‫وع‬

‫الع‬ ‫اش‬ ‫ر‬ ‫ال‬

‫سب‬ ‫وع‬

‫الح‬ ‫اد‬

‫ى‬ ‫ع‬

‫ش‬ ‫ر‬

‫الجادة والتقان وعدم الغش‬

‫إذا تعارضت تعارضا تااما مع‬

‫س‬

‫ال‬

‫‪ .26‬أل تحرص على الوظيفة‬

‫‪ .27‬أن تحرص ك ل الحرص على‬

‫‪ .28‬أن تكون عادلا صحيح الحكم في‬ ‫الحسنات ول تغضي عين الرضا عن‬

‫‪ .29‬أن تزاو ل عملا اقتصادايا‬ ‫مهما كنت غنايا‪ ،‬وأن تقدم العم ل‬

‫الحر مهما كان ضئيل‪ ،‬وأن تزج‬

‫مظاهر الترف والسراف والتبذير‬

‫السيئات‪ ،‬ول تحملك الخصومة على‬

‫بنفسك فيه مهما كانت مواهبك‬

‫جمياعا‪.‬‬

‫جميع الحوا ل‪ ،‬ل ينسيك الغضب‬

‫نسيان الجمي ل‪ ،‬وتقو ل الحق ولو كان‬

‫العلمية‪.‬‬

‫‪ .30‬أن تحارب أماكن اللهو فضلا‬ ‫عن أن تقربها‪ ،‬وأن تبتعد عن‬

‫على نفسك أو على أقرب الناس إليك‬

‫إوان كان ملرا‪.‬‬ ‫‪ .31‬أن تكون رحيم القلب كرياما سماحا ‪ .32‬أن تكون عظيم النشاط مدرابا‬ ‫تعفو وتصفح وتلين وتحلم وترفق‬

‫على الخدمات العامة‪ ،‬تشعر‬

‫بالنسان والحيوان‪ ,‬جمي ل المعاملة‬

‫بالسعادة والسرور إذا استطعت‬

‫حسن السلوك مع الناس جمياعا‪،‬‬ ‫ظا على الداب السلمية‬ ‫محاف ا‬

‫أن تقدم خدمة لغيرك من الناس‪،‬‬ ‫فتعود المريض وتساعد المحتاج‬

‫الجتماعية فترحم الصغير وتوقر‬

‫وتحم ل الضعيف وتواسي‬

‫الكبير وتفسح في المجلس‪ ،‬ول‬

‫المنكوب ولو بالكلمة الطيبة‪،‬‬

‫تتجسس ول تغتاب ول تصخب‪،‬‬ ‫وتستأذن في الدخو ل والنصراف‪..‬‬

‫وتبادر دائاما إلى الخيرات‪.‬‬

‫الخ‪.‬‬

‫‪117‬‬

‫‪ .33‬أن تكون حسن التقاضي‬

‫لحدقك‪ ،‬وأن تؤدي حقوق الناس‬

‫كاملة غير منقوصة بدون طلب‪،‬‬ ‫ول تماط ل أبادا‪.‬‬


‫ال‬ ‫سب‬ ‫وع‬

‫الثا‬ ‫نى‬ ‫ع‬

‫ش‬

‫‪ .34‬أن تعم ل ما استطعت على إحيا ء‬ ‫العادات السلمية إواماتة العادات‬

‫العجمية في ك ل مظاهر الحياة‪ ،‬ومن‬ ‫ذلك التحية واللغة والتاريخ والزي‬

‫‪.35‬‬

‫أن تعم ل على نشر‬

‫دعوتك في ك ل مكان وأن تحيط‬

‫القيادة علاما بك ل ظروفك ول تقدم‬

‫والثاث‪ ،‬ومواعيد العم ل والراحة‪,‬‬

‫على عم ل يؤثر فيها تأثي اار‬ ‫جوهرايا إل بإذن‪ ،‬وأن تكون دائم‬

‫والنصراف‪ ،‬والحزن والسرور‪ ..‬الخ‪،‬‬

‫وأن تعتبر نفسك دائاما جندايا في‬

‫والطعام والشراب‪ ،‬والقدوم‬

‫التصا ل الروحي والعملي بها‪،‬‬

‫وأن تتحرى السنة المطهرة في ذلك‪.‬‬

‫الثكنة تنتظر الوامر‪.‬‬

‫ال‬

‫‪ .37‬أن تعرف أعضا ء مسجدك فرادا‬ ‫فرادا معرفة تامة‪ ،‬وتعرفهم بنفسك‬

‫‪ .38‬أن تقاطع المحاكم غير‬

‫الثا‬

‫أخوتهم كاملة من الحب والتقدير‬

‫والجماعات والمدارس والهيئات‬

‫لث‬

‫والمساعدة واليثار وأن تحضر‬

‫التي تناهض فكرتك السلمية‬

‫ش‬

‫قاهر‪ ،‬وتؤثرهم بمعاملتك ومودتك‬

‫ر‬ ‫سب‬ ‫وع‬

‫ع‬ ‫ر‬

‫‪.40‬‬

‫معرفة تامة كذلك‪ ،‬وتؤدي حقوق‬

‫اجتماعاتهم فل تتخلف عنها إل بعذر‬

‫‪ .36‬أن تشترك في الدعوة بجز ء من‬ ‫مالك‪ ،‬وأن تؤدي الزكاة الواجبة‬

‫فيه‪ ،‬وأن تجع ل منه حاقا معلواما‬ ‫للسائ ل والمحروم مهما كان دخلك‬ ‫ل‪.‬‬ ‫ضئي ا‬

‫‪ .39‬أن تتخلى عن صلتك بأي هيئة‬

‫السلمية‪ ،‬فل تذهب إليها إل‬

‫أو جماعة ل يكون التصا ل بها‬

‫مضط ارا‪ ،‬والندية والصحف‬

‫في مصلحة فكرتك وخاصة إذا‬ ‫أأمرت بذلك‪.‬‬

‫مقاطعة تامة‪.‬‬

‫دائاما‪.‬‬

‫أن يكون لك قب ل النوم ساعة تحاسب نفسك فيها على مبلغ أدائك لهذه الواجبات ‪ ،‬لفإن وجدت‬ ‫خي ار فاحمد ال ‪ ،‬إوان مجدت تقصي ار فاستغفر وتب إليه ‪ ،‬واستعن به ونعم المولى ونعم النصير‪.‬‬

‫‪118‬‬


‫قضايا معاصرة‬ ‫فى ظل ل‬ ‫الصو ل العشرين‬

‫‪119‬‬


‫المواطنة‬

‫‪120‬‬


‫اليمواطنة‬ ‫تعرف "المواطنة" بأنها‪ :‬مكانة أو علقة اجتماعية تقوم بين شخص طبيعي )المواطن(‪ ،‬وبين‬ ‫مجتمع سياسي )الدولة( ‪ ،‬ومن خل ل هذه العلقة يقدم الطرف الو ل الول ء ‪ ،‬ويتولى الطرف‬ ‫الثاني الحماية ‪ ،‬وتتحدد هذه العلقة بين الشخص والدولة بالمساواة أمام القانون "الوضعي" في‬ ‫ظ ل هيمنة الدولة القومية‪.‬‬ ‫ويعبر مفهوم المواطنة بمعناه الحديث عن تطور شديد التعقيد صاغته أوروبا الغربية‬ ‫في القرن التاسع عشر خل ل عمليات تاريخية واجتماعية وسياسية تم فيها النتقا ل من الحق‬ ‫اللهي المقدس إلى حق المواطن ‪ ،‬ومن هيمنة الكنيسة إلى هيمنة الدولة ‪ ،‬وتحو ل النتما ء‬ ‫العرقي أو الديني إلى انتما ء لمجتمع مدني سياسي يعتمد على الدارة العقلنية‪.57‬‬ ‫تأنعلد "المواطنة" أحد المفاهيم الرئيسية في الفكر الليبرالي منذ تبلوره في القرن السابع عشر‬ ‫كنسق للفكار والقيم‪ ،‬ثم تطبيقه في الواقع الغربي في المجالين القتصادي والسياسي في القرنين‬ ‫التاليين‪ ،‬وما ترتب على ذلك من آثار على الترتيبات الجتماعية والعلقات النسانية في القرن‬ ‫العشرين ثم مطلع قرننا هذا‪.‬‬ ‫وقد شهد هذا المفهوم تغيرات عديدة في مضمونه واستخدامه ودللته‪ ،‬فلم يعد فقط يصف‬ ‫العلقة بين الفرد والدولة في شقها السياسي القانوني كما ساد سابقاا‪ ،‬ب ل تد ل القرا ءة في الدبيات‬

‫والدراسات السياسية الحديثة على عودة الهتمام بمفهوم "المواطنة" في حق ل النظرية السياسية بعد‬ ‫أن طغى الهتمام بدراسة مفهوم "الدولة" مع نهاية الثمانينيات‪ ،‬ويرجع ذلك لعدة عوام ل‪ ،‬أبرزها‬ ‫الزمة التي تتعرض لها فكرة الدولة القومية التي مثلت ركيزة الفكر الليبرالي لفترة طويلة؛ وذلك‬ ‫نتيجة عدة تحولت شهدتها نهاية القرن العشرين‪:‬‬ ‫أولها‪ :‬تزايد المشكلت العرقية والدينية في أقطار كثيرة من العالم‪ ،‬وتفجر العنف ب ل والبادة‬

‫الدموية‪ ،‬ليس فقط في بلدان لم تنتشر فيها عقيدة الحداثة من بلدان العالم الثالث ب ل أيض ا في قلب‬

‫العالم الغربي أو على يد قواه الكبرى‪ ،‬بد ءا من البادة النازية لجماعات من اليهود‪ ،‬ومرو ار بالبادة‬ ‫‪ 57‬قاموس المصطلحات السياسية‬

‫‪121‬‬


‫النووية في هيروشيما‪ ،‬ومؤخ ار البادة الصربية للمسلمين‪ ،‬والبادة المريكية للعراقيين وللفغان‪،‬‬

‫والبادة الجارية للفلسطينيين‪.‬‬

‫وثانيها‪ :‬بروز فكرة "العولمة" التي تأسست على التوسع الرأسمالي العابر للحدود وثورة التصالت‬

‫والتكنولوجيا من ناحية أخرى‪ ،‬والحاجة لمراجعة المفهوم الذي قام على تصور الحدود القليمية‬ ‫للوطن والجماعة السياسية وسيادة الدولة القومية‪ ،‬وكلها مستويات شهدت تحولا نوعياا‪.‬‬

‫وعلى صعيد آخر فإن نمو التجاهات الصولية المسيحية واليمينية المتطرفة في البلدان التي مثلت‬ ‫مهد التجربة الليبرالية قد أدى إلى مراجعة المفهوم والتأكيد على محوريته لمواجهة هذه الفكار‬ ‫وآثارها في الواقع السياسي والجتماعي الغربي المعقد مع وجود أقليات عرقية ودينية منها العرب‬ ‫والمسلمون‪ ،‬هذا فضلا عن وصو ل الفردية كفكرة مثالية لتحقيق حرية وكرامة الفرد إلى منعطف‬ ‫خطير في الواقع الليبرالي‪ ،‬بعد أن أدى التطرف في ممارستها وعكوف الفراد على ذواتهم‬

‫ومصالحهم الضيقة إلى تهديد التضامن الجتماعي الذي يمث ل أساس وقاعدة أي مجتمع سياسي‪،‬‬ ‫وتراجع الهتمام بالشأن العام لصالح الشأن الخاص‪ ،‬وتنامى ما يسميه البعض "موت السياسة"‬ ‫وبروز "سياسات الحياة اليومية"‪.58‬‬

‫اليمواطنة فى الغرب الدييمقراطى‬ ‫يعد مفهوم المواطنة من المفاهيم الحديثة التى صاحبت قيام )الدولة القومية( فى أوروبا خل ل‬ ‫عمليات تاريخية واجتماعية وسياسية تم فيها النتقا ل من) الحق اللهي( للحاكم إلى حق المواطن‬ ‫ومن هيمنة الكهنوت إلى اداره الدولة‪.‬‬ ‫وكان ذلك تعبيرعن رغبه قويه للتخلص من طغيان السلطة الدينية وتجاوزات الكنيسة الكاثوليكية‬ ‫الغربية ولذلك نجد أن أهم ما يميز الدولة القومية فى أوروبا هو مبدأ الفص ل بين الدين والدولة‬ ‫ورفض تدخ ل المؤسسات الدينية في ك ل ماله صلة بالعلقة بين المواطن والدولة ‪ ..‬وهو المر‬ ‫المناقض تماما للحالة السلمية تاريخيا وفكريا‪ ،‬ب ل إن حضور المؤسسة الدينية فى العلقة بين‬

‫‪ 58‬المواطنة بين مثاليات الجماعة وأساطير الفردانية – هبة رؤو‪،‬ف ‪islamonline.net‬‬

‫‪122‬‬


‫الفرد والسلطة كان دائما لصالح الفرد فى كبح جما ح السلطة والحد من نفوذها وسطوتها‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن خلو السلم من اى واسطة بين النسان والخالق سبحانه‪. 59‬‬ ‫ولكن المواطنة التى ترتكز على النتما ء إلى الوطن‪ ،‬وهي العام ل الفيص ل في رؤية الدولة لمفهومي‬ ‫حق وواجب المواطن‪ ،‬ل تنفك عن مصطلح الديمقراطية التي هي خيار الغلبية‪ ،‬فباسم الغلبية‬ ‫فى الغرب جا ءت العلمانية وانتهت علقة الكاثوليكية بالدولة وح ل محلهما الشعب وممثلوه وعلقتهم‬ ‫أبدا السما ح بانتهاك خيار الغلبية‪ ،‬أي خيار‬ ‫بالدولة‪ .‬ولكن وعلى مر التاريخ لم تعن المواطنة ا‬ ‫بديل‬ ‫ا‬ ‫نظاما وروحاا‬ ‫ا‬ ‫العلمانية التاريخي‪ ،‬حيث اكتسبت هذه الخيرة حجية أعلى‪ ،‬فقد برزت العلمانية‬ ‫منهجا مدنلينا لدارة المجتمع وحركته في سائر مناحي الحياة‪ ،‬هنا تتبدى لنا المشكلة‬ ‫ا‬ ‫لدين ل يمتلك‬ ‫التاريخية المتمثلة في الفارق البنيوي الموضوعي بين المسيحية والسلم‪ ،‬فإذا كانت الديانة الولى‬

‫ل تمتلك نظاما قانونييا ومنهجا لدارة دفة الحكم‪ ،‬فما ذنب الديانة الثانية في أل تكون مرجعا شامل‬ ‫حاكما لدولة ولديها تلك الداة القانونية والمنهج الذي يشيد بها حتى نفر من رجا ل القانون الغربيين‪.‬‬ ‫من نافلة القو ل أن الحتكام إلى القرآن والسنة هو احتكام أوسع من مجرد تطبيق أحكام الشريعة‬

‫السلمية يدين به المسلم ويتبعه تعلبدا‪ ،‬أما غير المسلم فيتبعه قانوانا مدنييا‪ ،‬خاصة أن ذات هذا‬ ‫القانون ل يلزم غير المسلم بالجانب الشعائري ويدعه له ولرجا ل دينه‪ ،‬وانطلقا من المرحلة‬ ‫التاريخية الحالية بما فيها من انكسارات ضخمة للدولة المسلمة في مصر‪ ،‬يقف دعاة الحتكام إلى‬ ‫السلم فوق أرضية الدفاع في مواجهة ضغوط قبطية‪-‬علمانية متزايدة‪.‬‬

‫في دو ل مث ل الوليات المتحدة وفرنسا التي يرى فيها العلمانيون نموذجا علمانييا آخر‪ ،‬ل يكتسب‬ ‫خيار القلية )بالمفهوم السياسي للكلمة( الصفة الملزمة إن لم تقب ل به الغلبية‪.‬‬ ‫هنا أعود للنموذج العلماني الليبرالي الفرنسي لستحضر تعاطي الدولة الفرنسية بأغلب مؤسساتها‬ ‫الفاعلة مع الحالة السلمية في الداخ ل‪ ،‬ومن بين المثلة الدالة على نسبية مفهوم آخر هو حرية‬ ‫التعبير من زاوية علقته بمفهوم المواطنة‪ ،‬حيث إن وزير الداخلية السابق شار ل باسكوا قد أصدر‬ ‫في عقد التسعينيات ق ار ار بحظر بيع كتاب الحل ل والحرام للشيخ يوسف القرضاوي؛ لنه ينص‬ ‫على جواز ضرب الزوج لزوجته برغم أن ذلك يكون زج ار بالسواك‪ ،‬أكثر من ذلك أن الداعية‬ ‫‪) 59‬المواطنة( في المجتمع المسلم‪..‬رؤية من الخوان المسلمين – د‪ .‬عبد المنعم أبو الفتوح ‪islamonline.net‬‬

‫‪123‬‬


‫الجنوب إفريقي الراح ل أحمد ديدات تم منعه من دخو ل فرنسا‪ ،‬وحظرت كتبه وأشرطته لسنوات ل‬ ‫لشي ء إل أنها تحوي مناظرات تذهب إلى بطلن سند الناجي ل الحالية )ل ننسى أن فرنسا دولة‬ ‫غير دينية(‪.‬‬ ‫قضية حجاب الطالبات المسلمات الفرنسيات هي الكثر دللة على نسبية المفاهيم‪ ،‬خاصة ما‬ ‫يتعلق منها بمصطلح المواطنة‪ ،‬فبعد أن أصدر مجلس الدولة فتوى في مطلع التسعينيات تقو ل إن‬ ‫الحجاب ل يمث ل انتهاكا للعلمانية‪ ،‬قاد الرئيس السابق جاك شيراك قب ل مغادرته الحكم عام ‪2005‬‬ ‫حملة أفضت إلى اعتماد الغلبية النيابية ق ار ار بحظره ليس فقط في المدارس إوانما في سائر‬ ‫المؤسسات العامة‪.‬‬ ‫بطبيعة الحا ل تم تغليب مفهوم الغلبية على مفهوم المواطنة التي ل تعني وفقا للبنا ء التشريعي‬ ‫الفرنسي انتهاك إرادة الغلبية‪ ،‬المثلة على ذلك كثيرة وتقو ل ببساطة إنه ل يوجد ما يعرف‬ ‫بالمواطنة المطلقة؛ لنها ببساطة محكومة بثوابت الغلبية‪ ،‬ول يجب أن نغف ل المرجعية العليا التي‬ ‫يستند إليها المجتمع‪ ،‬فحين تكون العلمانية مرجعا‪ ،‬تكتسب شرعية تفوق ما عداها حتى لو جارت‬ ‫على المواطنة ومعها مبدأ حرية التعبير والملبس‪.‬‬ ‫هذه الغلبية هي التي تتحدث باسمها مثل المستشارة اللمانية آنجيل ميرك ل حين تشدد على‬ ‫الهوية المسيحية لوروبا‪ ،‬المر ذاته يتجلى في حديث راعي الدستور الوروبي ورئيس لجنة‬ ‫صياغته الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان‪ ،‬وهناك عرف مستقر في الدساتير يكرس‬ ‫ما يطلق عليه الشرعية اللية للغلبية‪ ،‬إذ ل يتصور وجود رئيس وزرا ء بريطاني مسلم من أص ل‬ ‫باكستاني أو حتى بريطاني‪ ،‬ولم يكن ممكنا بحا ل لكارلوس منعم المسلم السوري الص ل أن يصعد‬ ‫إلى سدة الحكم في بلده الرجنتين‪ ،‬لو لم يكن قد تحو ل إلى الديانة المسيحية‪ ،‬وحينما أراد‬ ‫الجمهوريون في معركة تكسير عظام الديمقراطيين أن ينالوا من مرشحهم البرز حتى الن باراك‬ ‫أوباما‪ ،‬اكتفوا بتوزيع منشور يذكر فيه اسمه الصلي وهو باراك حسين أوباما‪ ،‬أي أنه يكفي لدى‬ ‫الناخب المريكي أو ربما قطاع كبير من الناخبين المريكيين أن يعرفوا أن منافس هيلري كلينتون‬ ‫مسلم الديانة‪ ،‬لكي ينفضوا عنه‪.‬‬

‫‪124‬‬


‫هذه هي حقائق الشيا ء كما هي ل كما يود أن يراها البعض‪ ،‬وهذا هو الواقع السياسي الذي يفرض‬ ‫آلياته على الرض في الشارع حتى لو نص الدستور المريكي على حرية المعتقد‪ ،‬فالحرية ومن ثم‬ ‫المواطنة يجب أل ترقى بحا ل من الحوا ل إلى التحو ل لواقع يخالف ثوابت المة المسيحية‬ ‫المريكية التي تطبع شعارها الديني على عملتها‪.60‬‬ ‫فما يحدث في الغرب الن من وجود المسلمين في الغرب اسقط ورقة التوت التى تغطى ديمقراطية‬ ‫الغرب‪ ،‬لقد كان الغرب متجانسا فيما بينه بسبب المسيحية إلى أن دخله السلم والمسلمون الذين‬ ‫شذوا عن هذا التجانس‪ ،‬ومن هنا كثر الحديث عن القيم الغربية حتى أن "توني بلير" ‪-‬رئيس‬ ‫وزرا ء بريطانيا السابق‪ -‬قا ل‪" :‬إما أن يقب ل المسلمون قيمنا أو يتركوا بلدنا"‪ ،‬فالغلبية دائما تريد‬ ‫أن أتسيد قيمها‪.‬‬

‫فالتطبيق الغربي للديمقراطية يستند على مبادئ هذه المجتمعات وديانتها‪ ،‬وبذلك فهو يمارس‬ ‫الديمقراطية التي يراها والتي تجمع بين الحسن والسيئ‪ ،‬ومن السذاجة أن نقيم ما هو سيئ بحجة‬ ‫أنه ديمقراطي‪ ،‬فل يمكن لحد أن ينكر أن الستعمار الغربي القديم تم بنا ء على قرار ديمقراطي‪،‬‬ ‫وكذلك احتل ل العراق وأفغانستان كان نتيجة قرار ديمقراطي‪ ،‬فالديمقراطية ل تحم ل داخلها محتوى‬ ‫إنما هي مجرد إجرا ءات‪ ،‬فقد يكون القرار ديمقراطي ‪ %100‬وظالم ‪.61%100‬‬

‫اليمواطنة فى الفكر اللسليمي‬ ‫عندما أفكر في حقوق المواطن في أي أمة أتذكر قصة أمير المؤمنين عمر بن عبد‬ ‫العزيز عندما سمع أن هناك جماعة من الناس )الزردشت عبدة النار( تسمح بزواج البن من أمه‬ ‫وأخته فكتب إلى فقيه عصره الحسن البصري يسأله عن رأي السلم في هذا المر‪ ،‬فكتب إليه‬ ‫الحسن البصري رسالة رائعة يجب أن تعلق فوق ك ل المجالس الشعبية في العالم‪ ،‬قا ل فيها‪:‬‬ ‫"إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز‪ :‬هذا مما جرت به عقائدهم‪ ،‬إوانما أنت متبع‬

‫ولست مبتدعا‪ ،‬فالزم‪ ،‬والسلم"‪.‬‬

‫‪ 60‬الشريعة ومقصود المواطنة‪ . .‬أزمة الهوية في مصر ‪ -‬سيد حمدي ‪islamonline.net‬‬ ‫‪ 61‬من حق الغلبية تشكيل الهوية ‪ -‬جعفر شيخ إدريس ‪islamonline.net -‬‬

‫‪125‬‬


‫ولقد استقر في الفكر السلمي أن الناس أحرار فيما يعتقدون ولكنهم ملتزمون بمعاملت‬ ‫الغلبية إل في المعاملت المرتبطة بعقائدهم‪ ،‬فهم فيها أحرار أيضا‪.‬‬ ‫أي إن أي أقلية سوف تتمتع في الفكر السلمي بالحرية الكاملة في عقائدها وفي أي‬ ‫معاملت لها صلة بهذه العقيدة‪ ،‬مث ل قوانين الزواج أو النسك والشعائر الدينية‪ .‬ب ل من حقها أيضا‬ ‫المتناع عن المشاركة في الدفاع عن الوطن إن استشعرت أن هذا المر سيحرجها دينيا‪ ،‬وتدفع‬ ‫حينئذ ضريبة تسمى الجزية‪ ،‬وهي ليست ملزمة بدفعها إن شاركت في الدفاع عن الوطن‪.‬‬ ‫ونحن نذكر أن هذه الحقوق ل يتمتع بها المواطنون في أعظم الديمقراطيات في الغرب‪ ،‬ل‬ ‫في قوانين الزواج ول في حق المتناع عن النخراط في الجيش‪ ،‬وما زلت أذكر المحاكمة الشهيرة‬ ‫لمحمد علي كلي الذي امتنع عن المشاركة في حرب فيتنام في فترة الستينيات‪.‬‬ ‫وفي مجا ل الهداف المجتمعية وتحديدها نذكر بما فعله رسو ل ال ‪-‬صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ -‬في المدينة وكانت في ذلك الوقت خليطا من المسلمين واليهود‪ ،‬ونذكر أن الجميع توافق‬ ‫على وثيقة مجتمعية تحدد آفاق التعايش بينهم‪.‬‬ ‫قا ل ابن هشام‪ :‬قا ل ابن إسحاق‪ :‬وكتب رسو ل ال‪ ‬كتابا بين المهاجرين والنصار‬ ‫ع فيه يهود وعاهدهم على دينهم وأموالهم ‪،‬وشرط لهم واشترط عليهم‪" :‬بسم ال الرحمن‬ ‫واند ن‬ ‫الرحيم هذا كتاب من محمد النبي ‪‬بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق‬ ‫بهم وجاهد معهم‪ :‬إنهم أمة واحدة من دون الناس‪ .‬المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون‬ ‫بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪.‬‬ ‫وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الولى‪،‬ك ل طائفة تفدى عانيها بالمعروف‬ ‫والقسط بين المؤمنين وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الولى وك ل طائفة منهم تفدي‬ ‫عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪،‬وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهمالولى وك ل‬ ‫طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪،‬وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم‬ ‫الولى‪ ،‬وك ل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪.‬‬ ‫‪126‬‬


‫وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الولى وك ل طائفة منهم تفدي عانيها‬ ‫بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪،‬وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الولى‬ ‫وك ل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪ .‬وبنو الأنبيت على ربعتهم يتعاقلون‬ ‫معاقلهم الولى وك ل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪.‬‬ ‫وبنو الوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الولى وك ل طائفة منهم تفدي عانيها‬ ‫بالمعروف والقسط بين المؤمنين‪ .‬إوان المؤمنين ل يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في‬ ‫فدا ء أو عق ل وأن ل يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه‪.‬‬ ‫إوان المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو‬ ‫فساد بين المؤمنين إوان أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم‪ .‬ول يقت ل مؤمن مؤمنا في كافر‬ ‫ول ينصر كاف ار على مؤمن‪ .‬إوان ذمة ال واحدة يجير عليهم أدناهم‪ .‬إوان المؤمنين بعضهم‬ ‫موالي بعض دون الناس‪ .‬إوانه من تبعنا من يهود فإن له النصر والسوة غير مظلومين ول‬

‫متناصرين عليهم‪.‬‬

‫إوان سلم المؤمنين واحدة‪،‬ل يسالم مؤمن دون مؤمن في قتا ل في سبي ل ال إل على‬ ‫سوا ء وعد ل بينهم‪ .‬إوان ك ل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا‪ .‬إوان المؤمنين يـبي ء بعضهم‬

‫على بعض بما نا ل دما ءهم في سبي ل ال‪ .‬إوان المؤمنين المتقين على أحسن هدي وأقومه‪ .‬وأنه‬ ‫ل يجير مشرك مال لقريش ول نفسا ول يحو ل دونه على مؤمن‪ .‬إوانه من اعتبط مؤمنا قتل عن‬

‫بينة فإنه قود به إل أن يرضى ولي المقتو ل‪ .‬إوان المؤمنين عليه كافة ول يح ل لهم إل قيام‬ ‫عليه‪.‬‬

‫إوانه ل يح ل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بال واليوم الخر أن ينصر محدثا‬ ‫ول يؤويه‪ ،‬وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة ال وغضبه يوم القيامة ول يؤخذ منه صرف ول‬ ‫عد ل‪ .‬إوانكم مهما اختلفتم فيه من شي ء فإن مرده إلى ال عز وج ل إوالى محمد‪ ‬إوان اليهود‬ ‫ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين‪ .‬إوان يهود بني عوف أمة مع المؤمنين‪ .‬لليهود دينهم‬ ‫وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إل من ظلم وأثم فإنه ل يوتغ إل نفسه وأه ل بيته‪.‬‬ ‫‪127‬‬


‫عوف‪،‬وان ليهود بني الحارث مث ل ما ليهود‬ ‫إوان ليهود بني النجار مث ل ما ليهود بني‬ ‫إ‬ ‫‪،‬وان ليهود بني جشم مث ل ما ليهود‬ ‫‪،‬وان ليهود بني ساعدة مث ل ما ليهود بن عوف إ‬ ‫بني عوف إ‬

‫عوف‪،‬وان ليهود بني ثعلبة مث ل ما ليهود‬ ‫بني عوف‪ ،‬إوان ليهود بني الوس مث ل ما ليهود بني‬ ‫إ‬ ‫بني عوف‪ ،‬إل من ظلم وأثم فإنه ل يوتغ إل نفسه وأه ل بيته‪ .‬إوان جفنة بطن من ثعلبة‬ ‫كأنفسهم‪ .‬إوان‬ ‫كأنفسهم‪ .‬إوان‬

‫طيبة مث ل ما ليهود بني عوف‪ .‬إوان البر دون الثم إوان موالي ثعلبة‬ ‫لبني الأش ن‬ ‫بطانة يهود كأنفسهم‪ .‬إوانه ل يخرج منهم أحد إل بإذن محمد ‪‬‬

‫ظلم‪ .‬إوان‬ ‫إوانه ل ينحجز على نار جر ح‪ .‬إوانه من فتك فبنفسه فتك وأه ل بيته‪ ،‬إل من أ‬ ‫ال على أبر هذا‪ .‬إوان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم‪ ،‬إوان بينهم النصر على من‬

‫حارب أه ل هذه الصحيفة‪ ،‬إوان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الثم‪ .‬إوانه لم يأثم امرؤ‬ ‫بحليفه‪ .‬إوان النصر للمظلوم‪ .‬إوان اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين‪ .‬إوان يثرب حرام‬ ‫جوفها له ل هذه الصحيفة‪ .‬إوان الجار كالنفس غير مضار ول آثم‪ .‬إوانه ل تجار حرمة إل‬ ‫بإذن أهلها‪ .‬إوانه ما كان بين أه ل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده‬ ‫إلى ال عز وج ل إوالى محمد رسو ل ال‪‬‬

‫إوان ال على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره‪ .‬إوانه ل تجار قريش ول من نصرها‪ .‬إوان‬ ‫بينهم النصر على من دهم يثرب‪ .‬إواذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه‬

‫ويلبسونه إوانهم إذا دعوا إلى مث ل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إل من حارب في الدين على ك ل‬ ‫أناس حصتهم في جانبهم الذي قبلهم‪ .‬إوان يهود الوس مواليهم وأنفسهم على مث ل ما له ل هذه‬ ‫الصحيفة مع البر المحض من أه ل هذه الصحيفة‪-.‬قا ل ابن هشام ويقا ل مع البر المحسن من‬

‫أه ل هذه الصحيفة‪ .‬إوان البر دون الثم ل يكسب كاسب إل على نفسه‪.‬‬ ‫إوان ال على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره‪ .‬إوانه ل يحو ل هذا الكتاب دون ظالم‬ ‫آثم‪،‬وانه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إل من ظلم أو أثم ‪ .‬إوان ال جار لمن بر واتقى‬ ‫و إ‬

‫ومحمد رسو ل ال‪.62 ‬‬

‫‪) 62‬أوخرجه ‪-‬بهذا الطول ‪ -‬ابن هشام ‪، 3/31‬وابن كثير في النهاية ‪،3/224‬وابن سيد الناس في عيون الرثر‬ ‫‪.1/238‬كلهم عن ابن إسحاق دون ذكر سند‬

‫‪128‬‬


‫اللسلم ضرورة وطنية‬ ‫لذا يأتى السلم كضرورة وطنية لن الوطن في حاجة إلــى قلــوب أبنــائه وسـواعدهم وتضــحياتهم‬ ‫‪ ,‬وليــس كالــدين عامــ ل قــوي يبعــث فــي نفــوس المثقفيــن وعامــة الشــعب علــى السـوا ء حــب الــوطن‬ ‫والتضحية في سبيله والذود عن كيانه ‪ ,‬والتاريخ السلمي القديم وعظمته ليست إل أث ار بينــا لمــا‬ ‫أوجده الدين في نفوس المسلمين الوائ ل من هذه الحياة المليئة بأروع معاني التضحية واليثار‪.‬‬ ‫وفــي عص ـرنا الحاضــر اســتطاعت الــدعوة الســلمية أن تحيــي هــذه المعــاني بمــا رآه النــاس مــن‬ ‫ضروب التضحية والفدا ء في حرب فلسطين ومعركة القنا ل الولى على أيدي الخوان المســلمين‬ ‫‪ ,‬ولـو أن جميــع مــن اشــتركوا فــي حــرب فلســطين كــانت تمل نفوســهم تلــك الــرو ح الــتي بثهــا الــدين‬ ‫في نفوس الخوان المسلمين لتغير مصير هذه المعركة من هزيمة إلى نصر‪.‬‬ ‫إن الجيوش ل تنتصر بقوة الســل ح فحســب ‪ ,‬ولكنهـا تنتصـر بقـوة الـرو ح المعنويـة قبــ ل كــ ل شـي ء‬ ‫وقــادة الجيــوش فــي العصــر الحــديث يحرصــون علــى الــرو ح المعنويــة فــي جيوشــهم فــي وســائلهم‬ ‫الخاصـ ــة ‪ ,‬ونحـ ــن المسـ ــلمين ل نجـ ــد أذكـ ــى لهـ ــذه الـ ــرو ح مـ ــن الـ ــدين حيـ ــن يفهـ ــم علـ ــى وجهـ ــه‬ ‫الصحيح‪.63‬‬ ‫أيميمية الرلسالة اللسليمية ووخصوصية الواجب الوطني‬ ‫ونود أن نفرق بين )أممية الرسالة السلمية( وبين )خصوصية الواجب الوطني(‪ .‬نعم‬ ‫السلم رسالة أممية ولكنه يدعو أتباعه إلى )بر الوطان( تماما كبر البا ء‪ ،‬والقرآن يعبر تعبي ار‬ ‫واضحا عن الدسين الذي في رقبة ك ل فرد لوالديه فيقو ل ال تعالي في سورة السرا ء –آية ‪:-24‬‬ ‫إ‬ ‫ض لنهأنما نجننان ح اللذد ل إمنن النرسحنمإة نوأق ل نر د‬ ‫صإغي ار" أي كما أعطياني في‬ ‫"نواسخإف س‬ ‫ب اسرنحسمهأنما نكنما نرنبنياني ن‬ ‫ضعفي وحاجتي‪ ،‬فيتبقى أن أعطيهما في ضعفهما واحتياجهما‪.‬‬ ‫وكذلك الوطان أعطتني صغيرا‪ ،‬فما كان لبوي أن يعطياني إل من فيض هذا الوطن‬ ‫عليهما‪ ،‬فالوطان تدخ ل إذن في معنى البا ء‪ ،‬وهو معنى شديد القداسة في السلم‪ ،‬كما أن ندا ء‬

‫الوطان عند العسرة واجب التلبية ومقدم على المشاريع الخاصة‪" ،‬أقس ل إإن نكانن آنباأؤأكسم نوأنسبنناأؤأكسم‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ضسونننها أننح ن‬ ‫ب‬ ‫ن إوإاسخنواأنأكسم نوأنسزنواأجأكسم نونعشينرتأأكسم نوأنسمنوار ل اسقتننرسفتأأمونها نوتإنجانرةر تنسخنشسونن نكنساندنها نونمنساكأن تنسر ن‬ ‫‪ 63‬في ذكرى غزوة بدر ‪ -‬رسائل المام المرشد حسن الهضيبى ‪ -‬رمضان ‪ 1372‬ـ يونية ‪1953‬‬

‫‪129‬‬


‫إ‬ ‫إإ‬ ‫ةإ‬ ‫إ‬ ‫صوا نحنتى نيسأتإني الأ بإأنسمإرإه نوالأ لن نيسهإدي اسلقنسونم اسلنفاإسإقينن"‪.‬‬ ‫إلنسيأكم دمنن ال نونرأسوإله نوإجنهاد في نسإبيله فنتننرنب أ‬

‫سورة التوبة‪ ،‬آية ‪24‬‬

‫وأمام هذه الواجبات هناك حقوق للفراد كمواطنين‪ ،‬منها حق المر بالمعروف والنهي عن‬ ‫المنكر‪ ،‬ك ل في ميدانه‪ ،‬سوا ء أكان هذا الميدان سياسيا أو تنمويا أو اجتماعيا‪ ،‬وحق المشاركة‬ ‫التنموية للجيا ل الحالية والجيا ل المستقبلية‪ ،‬فل يمكن لمواطني اليوم أن يهدروا الفرص التنموية‬ ‫لمواطني الغد‪ ،‬فل نستبيح ركازنا ترفا إواسرافا ونترك الجيا ل القادمة بل ركاز‪ ..‬هم شركاؤنا في‬

‫الرض وما فوق الرض وما تحت الرض‪.‬‬

‫وكذلك ينبغي أن يشعر ك ل مواطن بأنه يشارك في قيادة بلده أو في صنع هذه القيادة حقا‬ ‫وصدقا وليس تزييفا وتمثيل‪ ،‬وينبغي أن يشعر كذلك ك ل مواطن أن هذه القيادة تحشده في خدمة‬ ‫الهداف المجتمعية ل خدمة أهداف عشوائية ل معنى لها‪ ،‬وينبغي أن يشعر أيضا ك ل مواطن أن‬ ‫الناس سواسية كأسنان المشط أمام الدستور وما خرج منه من قوانين‪ ،‬متساوون في الحقوق‬ ‫ومتساوون في الواجبات مع حرية العقيدة الشخصية وما يتعلق بها من معاملت‪.64‬‬ ‫وكما ذكر فضيلة الشيخ محمد ابو زهره فإن النسان في حياته ينتمي إلى دوائر إنسانية‬ ‫متعددة تتكام ل ول تتناقض‪ .‬والنتما ء الوطني هو أحد هذه الدوائر وليس هناك ثمة تعارض بينه‬ ‫وبين غيره من دوائر النتما ء ‪ ،‬والتوفيق بين النتما ءات من محبة السرة والعائلة ثم الجماعة ثم‬ ‫الوطن ثم الجماعة الكبرى في السلم ‪..‬ل تلغي فيه الدرجة العليا ما دونها ولكن المنهي عنه‬ ‫التعصب والطائفية التي تؤدي إلى الفرقة والنقسام وتحرض على الظلم‪.65‬‬ ‫اليمواطنة والهوية‬ ‫حين نتحدث عن المواطنة )النتساب جغرافي( لبد من طر ح قضية الهوية )النتساب ثقافي(‪،‬‬ ‫والتى تشك ل حجر زاوية في التعاطي مع المواطنة‪ ،‬وهي ليست أمرا ترفياا إوانما واقع وبنا ء فكري‬ ‫بد ءا من خطط التنمية ووصول إلى العلقات الخارجية‪.‬‬ ‫يصبغ مؤسسات الدولة بصبغته قولا وفعلا ا‬ ‫‪ 64‬المواطنة ‪ -‬أ‪.‬د‪ .‬سيد دسوقى‬ ‫‪) 65‬المواطنة( في المجتمع المسلم‪..‬رؤية من الخوان المسلمين – د‪ .‬عبد المنعم أبو الفتوح ‪islamonline.net‬‬

‫‪130‬‬


‫فالمواطنة وحدها ل تح ل الشكالت المتعلقة بالهوية‪ ..‬فكثير من الناس يتكلمون حو ل فكرة‬ ‫الجتماع على أساس أنهم مواطنون فقط‪ ،‬دون النظر لمصلحة الوطن‪ ،‬متجاهلين أن الناس رغم‬ ‫اختلفهم يريدون مصلحة وطنهم‪ ،‬وأن سر اختلفهم هو في طريقة إصل ح الوطن‪ ،‬فمن يدعو إلى‬ ‫الرأسمالية ليس هدفه إفساد البلد ول الذي يروج للشتراكية‪ ،‬فالك ل يريد الصل ح ولكن بطريقته أو‬ ‫بعبارة أخرى بهويته‪.‬‬ ‫إن النتما ء لعقيدة )الهوية( أقوى من النتما ء الجغرافي للرض ) مواطنة(‪ ،‬وهو المر الذي يدفعهم‬ ‫إلى التخلي عن الوطن بغرض النتصار للهوية مثلما حص ل في البلد الغربية في زمن محاربة‬ ‫الديكتاتوريات حينما ترك الناس أرضهم وانضموا إلى بلد أخرى ترفع شعار الحرية وتقف ضد‬ ‫الديكتاتوريات؛ حتى لو كانت أوطانهم‪ ،‬وهو ما يؤكد أن في بعض الحيان يحدث تنازع بين‬ ‫‪66‬‬ ‫النتما ء للوطن والنتما ء للهوية ‪ ،‬ال فى حالة واحدة وهى أن يكون النتما ء للوطن منبثق ا ومنطلق ا‬

‫من النتما ء للهوية‪ ،‬وهذا ما قرره السلم‪.‬‬

‫إن ك ل مجتمع أو نظام سياسي في العالم لبد أن يستند إلى "مرجعيات" يستقي منها منظومته‬ ‫الخلقية والقانونية‪ ،‬وتتكون هذه المنظومة في مصر من أمرين اثنين‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫الو ل‪ :‬الشريعة السلمية‪ ،‬فهي مرجعية النظام العام التي تشك ل عناصر ثوابته في مصر‪ ،‬وهي‬ ‫الجذر الرئيسي لشجرة المجتمع والتي تغذي باقي أفرع الحياة فيه‪ .‬وبالتالي تخرج منها وتنبثق عنها‬ ‫منظومة القيم والسس المنظمة لك ل مكونات المجتمع‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬المواطنة‪ ،‬وهي الساس الذي يحدد قواعد المساواة بين كافة المواطنين بصرف النظر عن‬ ‫العقيدة أو اللون أو الجنس‪ .‬ول يمكن أن يتعارض الو ل مع الثاني‪ ،‬أي الشريعة مع المواطنة‪ ،‬كما‬ ‫ل تشك ل الشريعة أي تعارض مع بنا ء الدولة المدنية الحديثة‪ ،‬وربما العكس هو الصحيح‪.‬‬ ‫إن ك ل مجتمع إنساني يجب أن يكون لديه مرجعية توفر له منظومة تتوافق مع ثوابت الغالبية‬ ‫العظمى من أفراده‪ ،‬والمثا ل على ذلك‪ ،‬هو أن المجتمعات الغربية ارتضت بالديمقراطية قاعدة‬ ‫منظمة لحياتهم‪ ،‬ومع ذلك هناك جماعات صغيرة لم تتوافق مع هذه الديمقراطية ولم تلتفت إليها‬ ‫الغلبية‪.‬‬ ‫‪ 66‬من حق الغلبية تشكيل الهوية ‪ -‬جعفر شيخ إدريس )بتصر‪،‬ف( ‪islamonline.net -‬‬

‫‪131‬‬


‫إن ذلك ل يمنع من أن تتوافق الجماعة الوطنية ب ل وتتحد لتوفير الضمانات الكفيلة بتحقيق مبدأ‬ ‫المواطنة والمساواة بين جميع المواطنين‪ ،‬دون القتراب من أصو ل المجتمع التي تحدد هويته‬ ‫وملمحه لن أي عبث في هذه الثوابت يشك ل خط ار جسيم ا على حاضره ومستقبله‪ ،‬وبالتالي فأي‬

‫حديث عن أي مخاوف من أن يكون نص المادة الثانية )الشريعة السلمية المصدر الرئيسى‬

‫للتشريع( بوضعه الحالي يشك ل نواة لدولة دينية هو أمر يثير السخرية‪ ،‬لن العالم أجمع لم يعرف‬ ‫أي شك ل للدولة الدينية في المنطقة العربية باستثنا ء إسرائي ل الدولة التي تقوم على العنصرية‬ ‫الدينية‪.67‬‬

‫‪ 67‬الشريعة ضمانة للمواطنة – حوار مع د‪ .‬سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بكلية القتصاد والعلوم السياسية‬ ‫بجامعة القاهرة ‪islamonline.net‬‬

‫‪132‬‬


‫غير المسلمين‬ ‫في المجتمعات ذات الغلبية الإسلمية‬

‫‪133‬‬


‫إعلن الوخوة النلسانية والتبشير بالفكرة العاليمية‬ ‫جا ء السلم الحنيف يعلن الخوة النسانية ويبشر بالدعوة إلى العالمية ‪ ,‬ويبط ل ك ل‬ ‫عصبية ‪ ,‬ويسلك إلى تحقيق هذه الدعوة الكريمة السامية ك ل السب ل النظرية والعملية‪.‬‬ ‫تقرير وحدة الجنس والنلسب‪:‬‬ ‫فقد قرر وحدة الجنس والنسب للبشر جميعا ‪) ,‬فالناس لدم ول فض ل لعربي على عجمي ول‬ ‫لسود على أحمر إل بالتقوى( ‪ ,‬وحكمة التقسيم إلى شعوب وقبائ ل إنما هي التعارف ل التخالف‬ ‫والتعاون ل التخاذ ل ‪ ,‬والتفاض ل بالتقوى والعما ل الصالحة التي تعود بالخير على المجموع‬ ‫والفراد ‪ ,‬وال رب الجميع يرقب هذه الخوة ويرعاها ‪ ,‬ويطالب عباده جميعا بتقريرها ورعايتها ‪,‬‬ ‫والشعور بحقوقها والسير في حدودها‪.‬‬

‫ويعلن القرآن الكريم هذه المعاني جميعا في بيان ووضو ح فيقو ل‪) :‬نيا أنلينها النناأس اتنقأوا نرنبأكأم النإذي‬ ‫ة إ ة‬ ‫إ‬ ‫ق إمسنها نزونجها ونب ن‬ ‫ث إمسنهأنما إرنجالا نكإثي ار نونإنساا ء نواتنقأوا الن النإذي تننسان ءألونن‬ ‫نخلنقنأكسم مسن ننسفس نواحندة نونخلن ن ن س ن ن‬ ‫بإإه نوالنسرنحانم إنن الن نكانن نعلنسيأكسم نرإقيب ا( فاتحة سورة النسا ء ‪ .‬ويقو ل النبي محمد ‪ r‬في أشهر خطبه‬

‫في حجة الوداع‪) :‬إن ال قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعظمها بالبا ء والجداد ‪ ,‬الناس لدم ‪،‬‬ ‫وآدم من تراب ل فض ل لعربي على عجمي ول لسود على أحمر إل بالتقوى( ويقو ل‪) :‬ليس منا‬ ‫من دعا إلى عصبية ‪ ،‬وليس منا من قات ل على عصبية ‪ ،‬وليس منا من مات على عصبية( رواه‬ ‫أبو داود‪.‬‬ ‫وبهذا التقرير قضى السلم تماما على التعصب للجناس أو اللوان في الوقت الذي ل تزا ل فيه‬ ‫المم المتحضرة من أوربا وأمريكا تقيم ك ل وزن لذلك ‪ ,‬وتخصص أماكن يغشاها البيض ويحرم‬ ‫منها السود حتى في معابد ال ‪ ،‬وتضع القوائم الطويلة للتفريق بين الجناس الرية والسامية ‪،‬‬ ‫وتلدعي ك ل أمة أن جنسها فوق الجميع‪.‬‬ ‫تقرير وحدة الدين ‪:‬‬ ‫وقرر السلم وحدة الدين في أصوله العامة ‪ ,‬وأن شريعة ال تبارك وتعالى للناس تقوم على‬ ‫قواعد ثابتة من اليمان والعم ل الصالح والخا ء ‪ ,‬وأن النبيا ء جميعا مبلغون عن ال تبارك‬ ‫‪134‬‬


‫وتعالى ‪ ,‬وأن الكتب السماوية جميعا من وحيه ‪ ,‬وأن المؤمنين جميعا في أية أمة كانوا هم عباده‬ ‫الصادقون الفائزون في الدنيا والخرة ‪ ,‬وأن الفرقة في الدين والخصومة باسمه إثم يتنافى مع‬ ‫أصوله وقواعده ‪ ,‬وأن واجب البشرية جميعا أن تتدين وأن تتوحد بالدين ‪ ،‬وأن ذلك هو الدين القيم‬ ‫وفطرة ال التي فطر الناس‬

‫ك‬ ‫ع لنأكسم إمنن الدديإن نما نو ن‬ ‫صى بإإه أنوحا نوالنإذي أنسونحسيننا إلنسي ن‬ ‫عليها ‪ ،‬وفى ذلك يقو ل القرآن الكريم‪) :‬نشنر ن‬ ‫صسيننا بإإه إسب نارإهينم نوأمونسى نوإعينسى أنسن أنإقيأموا الددينن نول تنتنفننرقأوا( )الشورى‪ , (13:‬ويقو ل القرآن‬ ‫نونما نو ن‬ ‫ت بإنما‬ ‫الكريم مخاطبا النبي محمد ‪) :r‬نفلإنذلإ ن‬ ‫ت نول تنتنبإسع أنسهنوان ءأهسم نوأقس ل آنمسن أ‬ ‫ك نفاسدعأ نواسستنإقسم نكنما أإمسر ن‬ ‫ت لنسعإدن ل نبسيننأكأم الأ نرلبننا نونرلبأكسم لنننا أنسعنمالأننا نولنأكسم أنسعنمالأأكسم ل أحنجةن نبسيننننا‬ ‫أنسننزن ل الأ إمسن إكنتاةب نوأإمسر أ‬ ‫وبسيننأكم ال يسجمع بسيننننا إوإالنسيإه اسلم إ‬ ‫صيأر( )الشورى‪ ، (15:‬ويقو ل النبي محمد ‪ r‬مصو ار هذا المعنى‬ ‫ن‬ ‫نن أ أ ن ن أ ن ن‬ ‫أبدع تصوير‪) :‬مثلى ومث ل النبيا ء قبلي كمث ل رج ل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إل موضع لبنة من‬ ‫زاوية من زواياه فجع ل الناس يطرفون به ويعجبون له ويقولون هل وضعت هذه اللبنة ‪ ،‬فأنا تلك‬ ‫اللبنة وأنا خاتم النبيين( أخرجه الشيخان‪.‬‬ ‫وسلك السلم إلى هذه الوحدة مسلكا عجيبا ‪ ,‬فالمسلم يجب عليه أن يؤمن بك ل نبي سبق‬ ‫ويصدق بك ل كتاب نز ل ‪ ,‬ويحترم ك ل شريعة مضت ‪ ,‬ويثنى بالخير على ك ل أمة من المؤمنين‬ ‫خلت ‪ ،‬والقرآن يفترض ذلك ويعلنه ويأمر به النبي وأصحابه‪) :‬أقولأوا آمننا إبا إ‬ ‫ل نونما أسنإزن ل إلنسيننا نونما‬ ‫ن‬ ‫ب نوالنسسنباإط نونما أأوتإني أمونسى نوإعينسى نونما أأوتإني النبإليونن‬ ‫أسنإزن ل إنلى إسب نارإهينم ن إوإاسسنماإعين ل ن إوإاسسنحا ن‬ ‫ق نونيسعأقو ن‬ ‫ق نبسينن أننحةد إمسنهأسم نوننسحأن لنهأ أمسسلإأمونن( )البقرة‪ , (136:‬ثم يقفي على ذلك بأن هذه‬ ‫إمسن نردبإهسم ل أنفندر أ‬

‫هي سبي ل الوحدة ‪ ،‬وأن أه ل الديان الخرى إذا آمنوا كهذا اليمان فقد اهتدوا إليها إوان لم يؤمنوا‬ ‫به فسيظلون في شقاق وخلف وأن أمرهم بعد ذلك إلى ال فيقو ل ‪) :‬فنإسن آنمأنوا بإإمسثإ ل نما آنمسنتأسم بإإه‬ ‫فنقنإد اسهتنندسوا إوإاسن تنولنسوا فنإننما أهسم إفي إشنقا ة‬ ‫ق فننسنيسكإفينكهأأم الأ نوأهنو النسإميعأ اسلنعإليأم( )البقرة‪.(137:‬‬ ‫ن ن‬ ‫ويدعم هذه الوحدة بين المتدينين والمؤمنين على أساسين واضحين ملسلمين ل يجاد ل فيهما إل‬ ‫مكابر‪:‬‬

‫أولهما‪ :‬اعتبار ملة إبراهيم عليه السلم أساسا للدين إوابراهيم ‪ ,‬ول شك وهو مرجع النبيا ء الثلثة‬

‫الذين عرفت رسالتهم وهم‪ :‬موسى وعيسى ومحمد صلوات ال وسلمه عليهم جميعا‪.‬‬

‫وثانيهما‪ :‬تجريد الدين من أغراض البشر وأهوائهم ‪ ,‬والرتفاع بنسبته إلى ال وحده فتق أر في سورة‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إنإ إ‬ ‫صن‬ ‫طفنسينناهأ في اللدسننيا ن إوإانهأ‬ ‫البقرة قوله تعالى‪) :‬نونمسن نيسرنغ أ‬ ‫ب نعسن ملة إسب نارهينم إإل نمسن نسفهن ننسفنسهأ نولنقند ا س‬ ‫‪135‬‬


‫إ‬ ‫إ إ إ‬ ‫إ‬ ‫إفي الإخرإة لنإمن ال ن إ إ‬ ‫صالحينن( إلى قوله تعالى‪) :‬صسبنغةن ال نونمسن أنسحنسأن منن ال صسبنغةا نوننسحأن لنهأ‬ ‫ن ن‬ ‫إ إ‬ ‫إ‬ ‫صونن( ‪,‬‬ ‫نعابإأدونن ‪ ,‬أقس ل أنتأنحالجوننننا في ال نوأهنو نرلبننا نونرلبأكسم نولنننا أنسعنمالأننا نولنأكسم أنسعنمالأأكسم نوننسحأن لنهأ أمسخل أ‬ ‫ت نولنأكسم نما نكنسسبتأسم نول تأسسنألونن نعنما نكاأنوا نيسعنمألونن(‬ ‫ثم إلى قوله تعالى‪) :‬تإسل ن‬ ‫ت لننها نما نكنسنب س‬ ‫ك أنمةر قنسد نخلن س‬ ‫اليات ‪.141-130‬‬ ‫إن القرآن يثني على النبيا ء جميعا فموسى نبي كريم ‪) :‬ونكان إعسنند ا إ‬ ‫ل نوإجيها( )الحزاب‪, (69:‬‬ ‫ن ن‬ ‫وعيسى عليه السلم )رسوأ ل ا إ‬ ‫ل نونكلإنمتأهأ أنسلنقانها إنلى نمسرنينم نوأرور ح إمسنهأ( )النسا ء‪) , (171:‬نوإجيه ا إفي‬ ‫نأ‬ ‫صالإإحينن( )آ ل عمران‪-45:‬‬ ‫اللدسننيا نوالإخنرإة نوإمنن اسلأمقننرإبينن ‪ ,‬نوأينكلدأم الننانس إفي اسلنمسهإد نونكسهلا نوإمنن ال ن‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫‪) , (46‬نوألمهأ صدديقنةر( )المائدة‪ , (75:‬أكرمتها الملئكة ) ن إوإاسذ نقالنت اسلنملئنكةأ نيا نمسرنيأم نن الن‬ ‫طنفاإك و ن إ‬ ‫طنفاإك نعنلى نإنساإ ء اسلنعالنإمينن( )آ ل عمران‪.(42:‬‬ ‫صن‬ ‫طهننرك نوا س‬ ‫ا س‬ ‫صن ن‬ ‫إ‬ ‫ى نوأنورر( )المائدة‪ , (44:‬والنجي ل كذلك كتاب كريم‬ ‫والتوراة كتاب كريم )إننا أنسننزسلننا التنسونارةن فينها أهد ا‬ ‫إ‬ ‫إ إ‬ ‫إ‬ ‫إإ‬ ‫ى‬ ‫صددق ا لنما نبسينن نيندسيه منن التنسونارة نوأهد ا‬ ‫ى نوأنورر نوأم ن‬ ‫فيه هدى ونور وموعظة )نوآتنسينناهأ اإلسنإجين ل فيه أهد ا‬ ‫وموإعظنةا لإسلمتنإقين( )المائدة‪ , (46:‬وهما والقرآن معهما مصابيح الهداية للناس )نننزن ل علنسي ن إ‬ ‫ب‬ ‫ك اسلكنتا ن‬ ‫ن‬ ‫أ ن‬ ‫ن نس‬ ‫إباسلنح د‬ ‫صددق ا لإنما نبسينن نيندسيإه نوأنسننزن ل التنسونارةن نواإلسنإجين ل( )آ ل عمران‪.(3:‬‬ ‫ق أم ن‬ ‫ت نعلنسيأكسم‬ ‫وبنو إسرائي ل أمة موسى أمة كريمة مفضلة ما استقامت وآمنت )نيا نبإني إسسرائين ل اسذأكأروا نإسعنمتإني النإتي أنسننعسم أ‬ ‫نوأندني فن ن‬ ‫ضسلتأأكسم نعنلى اسلنعالنإمينن( )البقرة‪ , (122:‬وأمة عيسى عليه السلم أمة فاضلة طيبة ما أخلصت )نونجنعسلننا إفي‬ ‫أقألوإب النإذينن اتننبأعوهأ نسأرفنةا نونرسحنمةا نونرسهنبانإنيةا( )الحديد‪.(27:‬‬

‫والتعام ل بين المسلمين وبين غيرهم من أه ل العقائد والديان إنما يقوم على أساس المصلحة الجتماعية والخير‬ ‫إ‬ ‫إ إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫إ‬ ‫النساني ‪) ,‬ل نيسننهاأكأم الأ نعإن الذينن لنسم أينقاتألوأكسم في الدديإن نولنسم أيسخإرأجوأكسم مسن دنياإرأكسم أنسن تننبلروأهسم نوتأسقسطأوا إلنسيهسم إنن الن‬ ‫أيإح ل‬ ‫ظانهأروا نعنلى إسخ نارإجأكسم أنسن‬ ‫ب اسلأمسقإسإطينن ‪ ,‬إننما نيسننهاأكأم الأ نعإن النإذينن نقاتنألوأكسم إفي الدديإن نوأنسخنرأجوأكسم إمسن إدنياإرأكسم نو ن‬ ‫ك هم ال ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ظالإأمونن( )الممتحنة‪.(9-8:‬‬ ‫تننولسوأهسم نونمسن نيتننولهأسم فنأأولنئ ن أ أ‬

‫والجدا ل يكون بالتي هي أحسن إل للذين ظلموا ‪ ,‬وأساسه التذكير بروابط الرسالة السماوية ووحدة‬ ‫ظلنأموا إمسنهأسم نوأقولأوا آنمننا‬ ‫العقيدة اليمانية )نول تأنجاإدلأوا أنسهن ل اسلإكنتاإب إإل إبالنإتي إهني أنسحنسأن إإل النإذينن ن‬ ‫إبالنإذي أسنإزن ل إلنسيننا نوأسنإزن ل إلنسيأكسم ن إوإالنهأننا ن إوإالنهأأكسم نواإحرد نوننسحأن لنهأ أمسسلإأمونن( )العنكبوت‪.(46:‬‬ ‫وبذلك قضى السلم على ك ل مواد الفرقة والخلف والحقد والبغضا ء والخصومة بين المؤمنين‬ ‫من أي دين كانوا ‪ ,‬ولفتهم جميعا إلى وجوب التجمع حو ل "شريعة السلم" ونبذ ك ل ما من شأنه‬ ‫نإ‬ ‫نإ‬ ‫صابإإئينن نمسن آنمنن‬ ‫صانرى نوال ن‬ ‫العداوة والخصام بين بنى النسان ‪) ,‬إنن الذينن آنمأنوا نوالذينن نهاأدوا نوالن ن‬ ‫‪136‬‬


‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ف نعلنسيإهسم نول أهسم نيسحنزأنونن( )البقرة‪:‬‬ ‫صاإلح ا نفلنهأسم أنسجأرأهسم إعسنند نردبإهسم نول نخسو ر‬ ‫إبال نواسلنيسوإم الخإر نونعمن ل ن‬ ‫‪.(62‬‬ ‫فإن أبى الناس إل أن يفترقوا ويختلفوا ويحتكموا إلى أهوائهم باسم الدين فإن السلم وبني‬ ‫ت إمسنهأسم‬ ‫السلم وشريعة السلم النسانية العامة منهم برا ء )إنن النإذينن فننرقأوا إديننهأسم نونكاأنوا إشنيعا لنسس ن‬ ‫إفي نشية ء إنما أنمرهم إنلى ا إ‬ ‫ل ثأنم أينندبأئهأسم بإنما نكاأنوا نيسفنعألونن ‪ ,‬نمسن نجان ء إباسلنحنسننإة نفلنهأ نعسشأر أنسمنثالإنها نونمسن‬ ‫س ن سأ أس‬ ‫ظلنمون ‪ ,‬أقس ل إنإني هنداإني ردبي إنلى إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ص نارةط أمسستنإقيةم إدين ا‬ ‫ن‬ ‫نجان ء إبالنسدينئة نفل أيسجنزى إإل مثسلننها نوأهسم ل أي س أ ن‬ ‫ن‬ ‫إقيم ا إملنةن إب ارإهيم حإنيف ا وما نكان إمن اسلمسشإرإكين ‪ ,‬أقس ل إنن صلإتي ونسإكي ومحياي ومماإتي إ‬ ‫ل نر د‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫نأ أ ن ن سن ن ن ن ن‬ ‫سن ن ن ن ن ن ن أ‬ ‫ت نوأنننا أننوأ ل اسلأمسسلإإمينن( )النعام‪.(163-159:‬‬ ‫ك لنهأ نوبإنذلإ ن‬ ‫اسلنعالنإمينن ‪ ,‬ل نشإري ن‬ ‫ك أإمسر أ‬ ‫تقرير وحدة الرلسالة ‪:‬‬ ‫ولهذا جا ء النبي محمد "عليه الصلة والسلم" رسول عالميا ل رسول إقليميا وأعلن القرآن الكريم‬ ‫ك النإذي نننزن ل اسلفأسرنقانن نعنلى نعسبإدإه لإنيأكونن لإسلنعالنإمينن ننإذي ار(‬ ‫هذه العالمية في آيات كثيرة فقا ل‪) :‬تننبانر ن‬ ‫ك إإل نكافنةا إللننا إ‬ ‫س نبإشي ار نوننإذي ار( )سـبأ‪ , (28:‬وقا ل‪) :‬قأس ل نيا أنلينها‬ ‫)الفرقان‪ , (1:‬وقا ل‪) :‬نونما أنسرنسسلننا ن‬ ‫النناس إدني رسوأ ل ا إ‬ ‫ك النسنماواإت والنسر إ‬ ‫ت‬ ‫ل إلنسيأكسم نجإميع ا النإذي لنهأ أمسل أ‬ ‫ض ل إلنهن إإل أهنو أيسحإيي نوأيإمي أ‬ ‫نأ‬ ‫أ‬ ‫ن ن‬ ‫ل ورسوإلإه النبإدي الأدمدي النإذي يؤإمن إبا إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ل نونكإلنماتإإه نواتنبإأعوهأ لننعلنأكسم تنسهتنأدونن( )لعراف‪, (158:‬‬ ‫أس أ‬ ‫نفيآمأنوا إبا ن ن أ‬ ‫ومن هنا كانت رسالته أيضا ختام الرسالت فل رسالة تعقبها أو تنسخها ول نبي بعده )نما نكانن‬ ‫محنمرد أنبا أنحةد إمن إرجالإأكم ولنإكن رسون ل ا إ‬ ‫ل نونخاتننم النبإديينن( )الحزاب‪ ، (40:‬ومن هنا كذلك كانت‬ ‫أن ن ن س ن س ن س نأ‬ ‫ب نعإزيرز ‪ ,‬ل‬ ‫معجزته الخالدة الباقية هذا القرآن الكريم )إنن النإذينن نكفنأروا إبالدذسكإر لننما نجان ءأهسم ن إوإانهأ لنإكنتا ر‬ ‫نيسأإتيإه اسلنباإطأ ل إمسن نبسيإن نيندسيإه نول إمسن نخسلإفإه تنسنإزير ل إمسن نحإكيةم نحإميةد( )فصلت‪.(42:‬‬ ‫ولقد كان الناس يتسا ءلون من قب ل هذا العصر كيف يكون فرد واحد من أمة واحدة رسول للبشر‬

‫جميعا فجا ء هذا العصر الذي انمحت فيه المسافات ‪ ،‬وتجمعت فيه أطراف الرض بهذه‬ ‫المواصلت ‪ ،‬وتشابكت فيه مصالح المم والدو ل والشعوب حتى لكأنها بلد واحد كبير ‪ ،‬ل ينفك‬ ‫جانب منه عن الجانب الخر في قلي ل ول في كثير ‪ ,‬وانطلقت في أجواز الفضا ء أنبا ء الشرق‬ ‫يعلمها ساعة حدوثها الغرب ‪ ،‬وأنبا ء الغرب يستمع إليها لحظة وقوعها الشرق ‪ ,‬وتركزت آما ل‬ ‫المصلحين اليوم في )العالم الواحد( ‪ ،‬و)النظام الواحد( ‪ ،‬و)الضمان الجتماعي( و)السلم‬ ‫العالمي( ‪ ,‬فكان ذلك آية كبرى ومعجزة أخرى لنبي السلم وشريعة السلم وصدق ال العظيم‪:‬‬ ‫‪137‬‬


‫ق أنولنم يسك إ‬ ‫إ‬ ‫)نسأنإريإهسم آنياتإننا إفي النفا إ‬ ‫ك أننهأ نعنلى أكد ل‬ ‫ف بإنردب ن‬ ‫ق نوإفي أنسنفأسإهسم نحنتى نيتننبنينن لنهأسم أننهأ اسلنح ل ن س ن‬ ‫نشسية ء نشإهيرد( )فصلت‪.(53:‬‬ ‫الجزية‪:‬‬ ‫ولسنا نحب أن تمر هذه الكلمات عن موقف السلم من الحرب قب ل أن نتناو ل أمر الجزية‬ ‫بكلمة توضح معناها والمقصود منها وتكشف عن حكمتها وكيف أنها أبلغ معاني النصاف‬ ‫والمرحمة التي جا ء بها السلم فنقو ل‪:‬‬ ‫الجزية ضريبة كالخراج تجبى على الشخاص ل على الرض والكلمة عربية مشتقة من الجزا ء‬ ‫لنها تدفع نظير شي ء هو الحماية والمنعة ‪ ،‬أو العفا ء من ضريبة الدم والجندية ‪ ،‬وذهب بعض‬ ‫العلما ء إلى أنها فارسية معربة وأصلها "كزيت" ومعناها الخراج الذي يستعان به على الحرب ‪.‬‬ ‫وقا ل إن كسرى هو أو ل من وضع الجزية وعلى هذا فهي نظام في الضريبة نقله السلم عن‬ ‫الفارسية ولم يبتكره‪.‬‬ ‫ولقد قرر السلم ضريبة الجزية على غير المسلمين في البلد التي يفتحها نظير قيام الجند‬ ‫السلمي بحمايتهم وحراسة أوطانهم والدفاع عنها في الوقت الذي قرر فيه إعفا ءهم من الجندية‬ ‫‪ ,‬فهي "بد ل نقدي" لضريبة الدم ‪ ،‬إوانما سلك السلم هذه السبي ل ولجأ إليها مع غير المسلمين‬

‫من باب التخفيف عليهم والرحمة بهم وعدم الحراج لهم حتى ل يلزمهم أن يقاتلوا في صفوف‬

‫المسلمين فيتهم بأنه إنما يريد لهم الموت والستئصا ل والفنا ء والتعريض لمخاطر الحرب والقتا ل‬ ‫‪ ،‬فهي في الحقيقة "امتياز في صورة ضريبة" وفى الوقت نفسه احتياط لتنقية صفوف المجاهدين‬ ‫من غير ذوى العقيدة الصحيحة والحماسة المؤمنة البصيرة ومقتضى هذا أن غير المسلمين من‬ ‫أبنا ء البلد التي تدخ ل تحت حكم السلم إذا دخلوا في الجند أو تكفلوا أمر الدفاع أسقط المام‬ ‫عنهم الجزية ‪ ,‬وقد جرى العم ل على هذا فعل في كثير من البلد التي فتحها خلفا ء السلم ‪،‬‬ ‫وسج ل ذلك قواد الجيوش السلمية في كتب ومعاهدات ل زالت مقرو ءة في كتب التاريخ‬ ‫السلمي ومنها‪:‬‬

‫‪138‬‬


‫‪ - 1‬كتاب خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا حين دخ ل الفرات وأوغ ل فيه وهذا نصه‪) :‬هذا‬ ‫كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا وقومه ‪ ,‬إني عاهدتكم على الجزية والمنعة فلك‬ ‫الذمة والمنعة وما منعناكم فلنا الجزية إوال فل( كتب سنة اثنتي عشرة في صفر‪.‬‬ ‫‪ - 2‬وفى حمص رد المرا ء بأمر أبي عبيدة ما كانوا أخذوه من الجزية من أهلها وما إليها حين‬ ‫جلوا عنها ليتجمعوا لقتا ل الروم وقالوا له ل البلد إنما‪) :‬رددنا عليكم أموالكم لنه قد بلغنا ما‬ ‫جمع لنا من الجموع إوانكم قد اشترطتم أن نمنعكم إوانا ل نقدر على ذلك الن وقد رددنا عليكم ما‬

‫أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط وما كان بيننا وبينكم إن نصرنا ال عليهم( ‪ ،‬فكان جواب أه ل‬ ‫هذه البلد‪) :‬ردكم ال علينا ونصركم عليهم فلوا كانوا هم لم يردوا علينا شيئا وأخذوا ك ل شي ء ‪،‬‬ ‫لوليتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم( ‪ ،‬وكذلك فع ل أبو عبيدة نفسه مع‬ ‫دمشق حين كان يتجهز لليرموك‪.‬‬ ‫‪ - 3‬كتاب العهد الذي كتبه سويد بن مقرن أحد قواد عمر رضي ال عنهما لرزبان وأه ل دهستان‬ ‫وسائر أه ل جرجان ونصه‪) :‬هذا كتاب سويد بن مقرن لرزبان صو ل بن رزبان وأه ل دهستان‬ ‫وسائر أه ل جرجان أن لكم الذمة وعلينا المنعة على أن عليكم من الجزا ء في ك ل سنة على قدر‬ ‫طاقتكم على ك ل حا ل ومن استعنا به منكم فله جزاؤه "أي جزيته" في معونته عوضا عن جزائه ‪،‬‬ ‫ولهم المان على أنفسهم وأموالهم ومللهم وشرائعهم ول يغير شي ء من ذلك( شهد سواد بن قطبة‬ ‫وهند بن عمر وسماك بن مخرمة وعتيبة بن النهاس وكتب في سنة ‪18‬هـ ‪ -‬الطبري‪.‬‬ ‫‪ - 4‬كتاب عتبة بن فرقد أحد عما ل عمر بن الخطاب وهذا نصه‪) :‬هذا ما أعطى عتبة بن فرقد‬ ‫عام ل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أه ل أذربيجان سهلها وجبلها وحواشيها وشعارها وأه ل‬ ‫مللها كلهم المان على أنفسهم وأموالهم ومللهم وشرائعهم على أن يؤدوا جزية على قدر طاقتهم ‪،‬‬ ‫ومن حشر منهم في سنة "أي جند منهم في سنة" وضع عنه جزا ء تلك السنة ومن أقام فله مث ل‬ ‫من أقام من ذلك( ـ الطبري‪.‬‬ ‫‪ - 5‬العهد الذي كان بين سراقة عام ل عمر وبين شهر براز وقد كتب به سراقة إلى عمر فأجازه‬ ‫واستحسنه وهذا نصه‪) :‬هذا ما أعطى سراقة بن عمرو عام ل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‬ ‫‪139‬‬


‫شهر براز وسكان أرمينية والرمن من المان ‪ ,‬أعطاهم أمانا لنفسهم وأموالهم وملتهم أل‬ ‫يضاروا ول ينقضوا ‪ ،‬وعلى أرمينية والبواب الطرا ء منهم "أي الغربا ء" والقنا ء "أى المقيمون" ومن‬ ‫حولهم فدخ ل معهم أن ينفروا لك ل غارة وينفذوا لك ل أمر ناب أو لم ينب رآه الوالي صلحا على‬ ‫أن يوضع الجزا ء "أي الجزية" عمن أجاب إلى ذلك ‪ ،‬ومن استغنى عنه منهم وقعد فعليه مث ل ما‬ ‫على أه ل أذربيجان من الجزا ء فإن حشروا "أى جندوا" وضع ذلك عنهم( شهد عبد الرحمن بن‬ ‫ربيعة وسلمان بن ربيعة وبكير بن عبد ال وكتب مرضي بن مقرن وشهد ـ الطبري‪.‬‬ ‫‪ - 6‬أخي ار أمر الجراجمة فيما ذكره البلذري فقا ل‪) :‬حدثني مشايخ من أه ل إنطاكية أن الجراجمة‬ ‫من مدينة على جب ل لكام عند معدن الزاج فيما بين بياس وبوقا يقا ل لها الجرجومة ‪ ،‬وأن أمرهم‬ ‫كان في استيل ء الروم على الشام إوانطاكية إلى بطريرك إنطاكية وواليها ‪ ،‬فلما قدم أبو عبيدة إلى‬ ‫إنطاكية وفتحها لزموا مدينتهم كم وهموا باللحاق بالروم إذ خافوا علي أنفسهم فلم يتنبه المسلمون‬ ‫لهم ولم ينبهوا عليهم ‪ ،‬ثم إن أه ل إنطاكية نقضوا وغدروا فوجه إليهم أبو عبيدة من فتحها ثانية‬ ‫وولها بعد فتحها حبيب بن مسلمة الفهري فغزى الجرجومة فلم يقاتله أهلها ولكنهم بدروا بطلب‬ ‫المان والصلح فصالحوه على أن يكونوا أعوانا للمسلمين وعيونا ومسالح في جب ل لكام وأل‬ ‫يؤخذوا بالجزية ‪ ,‬ودخ ل من كان في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من النباط وغيرهم وأه ل‬ ‫القرى في هذا الصلح‪ ...‬ولم يؤخذ الجراجمة بالجزية قط حتى أن بعض العما ل في عهد الواثق‬ ‫العباس ألزمهم جزية رؤوسهم فرفعوا ذلك إليه فأمر بإسقاطها عنهم(‪.‬‬ ‫وبهذا البيان يندفع ك ل ما يوجه إلى "ضريبة الجزية" من نقد أو اتهام ‪,‬وتظهر حكمة السلم ورحمة ال‬ ‫بعباده في تشريعاته واضحة ل غموض فيها ول إبهام‪.68‬‬

‫حـق اللسـلم‬ ‫أيها الخوة العزة الفضل ء ‪..‬‬ ‫أريد بعد ذلك بعد ذلك أقو ل لكم أن الدو ل الكبرى قد صرحت أكثر من مرة ‪ ،‬بأنها سوف ل تتدخ ل‬ ‫في شؤون المم الداخلية البحتة ومن ذلك شك ل الحكومات ‪ ،‬وبخاصة إذا اتفقت مع قواعد‬ ‫الديمقراطية العامة ‪ .‬وقد ظفرت الفكرة السلمية بالتقدير الكام ل في مؤتمر لهاي سنة ‪، 1938‬‬ ‫‪68‬‬

‫السلم فى السلم – المام الشهيد حسن البنا – القاهرة غرة صفر ‪ 1367‬هـ‬

‫‪140‬‬


‫إذا قرر المؤتمر إنها شريعة مستقلة قابلة للتطور النما ء متفقة مع أحدث قواعد التشريع ‪ .‬كما‬ ‫ظفرت بهذا التقرير مرة ثانية في مؤتمر واشنطن مايو ‪ 1945‬الذي مث ل مصر فيه وزير العد ل‬ ‫حافظ باشا رمضان ‪ ،‬واستطاع من المؤتمرين بقرار يؤكد القرار السابق ‪ ،‬ويحفظ لمصر بنا ء علي‬ ‫ذلك الحق في أن يكون لها ممث ل في محكمة العد ل الدولية باسم الشريعة السلمية ‪ .‬ذلك إلي أن‬ ‫السلم في ذاته نظام اجتماعي عالمي ‪ ،‬يكف ل للناس الخير والسعادة ‪ ،‬ويح ل لهم ما في مجتمعهم‬ ‫من مشكلت لو نفذوا إلي روحه وأنفذوه علي وجهه ‪ .‬وقد قرر الدستور المصري في المادة ‪149‬‬ ‫)إن دين الدولة السلم ولغتها الرسمية اللغة العربية( ‪ .‬وقد تهيأت الدنيا من جديد للعودة إلي رو ح‬ ‫التدين ‪ ،‬وأدركت خطأ الفكرة القديمة ‪ ..‬فكرة التجرد من العقائد والديان ‪ ،‬حتى إن لجان التعليم في‬ ‫إنكلت ار وأمريكا قررت وجوب إدخا ل الدين إلي المدارس وذهب بعضها في ذلك إلي حد أن يكون‬ ‫الدرس الو ل في ك ل المعاهد صلة علمية ‪ ،‬وعلي هذا فنحن نطلب من أية حكومة مصرية أولا‬

‫وعربية أو إسلمية بعد ذلك أن تعود في نظام حياتها السلمية والمدنية إلي السلم ‪ ،‬ويكون من‬

‫المظاهر العملية لذلك ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ أن تعلن أنها حكومة إسلمية تمث ل فكرة السلم دولي ا تمثيلا رسمي ا ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أن تحترم فرائضه وشعائره وأن تلزم بأدائها ك ل موظفيها وعمالها وأن يكون الكبار في ذلك قدوة‬ ‫لغيرهم ‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ أن تحرم الموبقات التي حرمها السلم من الخمر وما يلحق بها ‪ ،‬ومن الزنا وما يمهد له ‪،‬‬ ‫والربا وما يتص ل به من أنواع القمار والكسب الحرام ‪ ،‬وأن تكون الحكومات قدوة في ذلك فل تبيح‬ ‫شيئ ا من هذا ول تعم ل علي حمايته بسلطة القانون ول تتعام ل مع شعبها علي أساسه ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ أن تجدد مناهج التعليم بحيث تقوم علي التربية السلمية والوطنية ‪ ،‬ويعني بها باللغة العربية‬

‫والتاريخ القومي عناية فائقة ‪ ،‬وتؤدي إلي طبع نفوس المتعلمين بتعاليم السلم وتثقيف عقولهم في‬ ‫أحكامه وحكمه ‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ أن تكون الشريعة السلمية المصدر الو ل للقانون ‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ أن تصـدر الحكـومات عن هـذا التوجيه السلمي في كـ ل التصرفات‪.‬‬ ‫ذلك هو حق السلم علينا وقد بلغنا ‪ ،‬اللهم اشهد ‪ ،‬ول نري لهذا وقتا أنسب من هذا الوان ‪.‬‬ ‫‪141‬‬


‫يقو ل الناس وما تفعلون بالجانب وبغير المسلمين من المواطنين ‪ ،‬فنقو ل يا سبحان ال لقد ح ل‬ ‫السلم هذا الشكا ل ‪ ،‬وصان وحدة المة عن التشقق والنقسام ‪ ،‬وقرر حرية العقيدة والتعبد وما‬ ‫يلحق بهما فقا ل القرآن الكريم )ل إسك نارهن إفي الدديإن( )البقرة‪ ، (256:‬كما كان شعا التعام ل بين‬ ‫المواطنين في أرض السلم دائما )لهم ما لنا وعليهم ما علينا( ‪ ،‬وليس ورا ء ذلك من التسامح‬ ‫زيادة لمستزيد ‪.‬‬

‫علي أننا نعود فنقو ل ‪ :‬أي نظام في الدنيا ـ ديني أو مدني ـ استطاع أن يفسح في قلوب المؤمنين‬ ‫به والمتعصبين له والفانين فيه لغيرهم من المخالفين ما أفسح من ذلك السلم الحنيف الذي‬ ‫يفرض علي المسلم أن يؤمن بك ل نبي سبق ‪ ،‬وبك ل كتاب نز ل ‪ ،‬وأن يثني علي ك ل أمة مضت ‪،‬‬ ‫وأن يحب الخير لك ل الناس ‪ ،‬وأن يكون رحيما بك ل ذي كبد رطبة ‪ ،‬حتى إن الجنة لتفتح أبوابها‬

‫الثمانية لرج ل أطفأ ظمأ كلب ‪ ،‬وتسعر النار بأعمق دركاتها لمرأة حبست هرة ‪ ،‬هذا الدين الرحيم‬ ‫ل يمكن إل أن يكون مصدر حب ووحدة وسلم ووئام‪. 69‬‬

‫‪ 69‬في اجتماع رؤساء المناطق ومراكز الجهاد – المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪142‬‬


‫الوطنية والقومية‬

‫‪143‬‬


‫الوطنية‬ ‫ويخطئ من يظن أن الخوان المسلمين يتبرمون بالوطن والوطنية‪ ،‬فالمسلمون أشد الناس إخلصا‬ ‫لوطانهم وتفانيا في خدمة هذه الوطان واحتراما لك ل من يعم ل لها مخلصا‪ ،‬وها قد علمت إلى أي‬ ‫حد يذهبون في وطنيتهم والى أي عزة يبغون بأمتهم ‪ .‬ولكن الفارق بين المسلمين وبين غيرهم من‬ ‫دعاة الوطنية المجردة أن أساس وطنية المسلمين العقيدة السلمية‪ .‬فهم يعملون لوطن مث ل مصر‬ ‫ويجاهدون في سبيله ويفنون في هذا الجهاد لن مصر من أرض السلم وزعيمة أممه؟ كما أنهم‬ ‫ل يقفون بهذا الشعور عند حدودها ب ل يشركون معها فيه ك ل أرض إسلمية وك ل وطن إسلمي ‪،‬‬ ‫على حين يقف ك ل وطني مجرد عند حدود أمته ول يشعر بفريضة العم ل للوطن إل عن طريق‬ ‫التقليد أو الظهور أو المباهاة أو المنافع‪ ،‬ل عن طريق الفريضة المنزلة من ال على عباده ‪.‬‬ ‫وحسبك من وطنية الخوان المسلمين أنهم يعتقدون عقيدة جازمة لزمة أن التفريط في أي شبر‬ ‫أرض يقطنه مسلم جريمة ل تغتفر حتى يعيدوه أو يهلكوا دون إعادته‪ ،‬ول نجاة لهم من ال إل‬ ‫بهذا‪.70‬‬ ‫الوطنية‬ ‫افتتن كثير من الناس بدعوة الوطنية تارة والقومية تارة أخرى وبخاصة في الشرق حيث تشعر‬ ‫الشعوب الشرقية بإسا ءة الغرب إليها إسا ءة نالت من عزتها وكرامتها واستقللها وأخذت من مالها‬ ‫ومن دمها وحيث تتألم هذه الشعوب من هذا النير الغربي الذي فرض عليها فرضا ‪ ,‬فهي تحاو ل‬ ‫الخلص منه بك ل ما في وسعها من قوة ومنعة و جهاد وجلد ‪ ,‬فانطلقت ألسن الزعما ء وسالت‬ ‫انهار الصحف ‪ ,‬وكتب الكاتبون وخطب الخطبا ء وهتف الهاتفون باسم الوطنية وجل ل القومية‬ ‫حسن ذلك وجمي ل ولكن من غير الحسن وغير الجمي ل أنك تحاو ل إفهام الشعوب الشرقية وهي‬ ‫مسلمة أن ذلك في السلم بأوفى وأزكى وأسمى وأنب ل مما هو في أفواه الغربيين وكتابات‬ ‫الوروبيين أبوا ذلك عليك ولجوا في تقليدهم يعمهون ‪ ,‬وزعموا لك أن السلم من ناحية وهذه‬ ‫الفكرة من ناحية أخرى ‪ ،‬وظن بعضهم أن ذلك مما يفرق وحدة المة ويضعف رابطة الشباب‬ ‫‪ 70‬إلى الشبا ب – مجموعة الرسائل – المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪144‬‬


‫هذا الوهم الخاطئ كان خط ار على الشعوب الشرقية من ك ل الوجهات وبهذا الوهم أحببت أن‬ ‫أعرض هنا إلى موقف الخوان المسلمين ودعوتهم من فكرة الوطنية وذلك الموقف الذي ارتضوه‬ ‫لنفسهم والذي يريدون ويحاولون أن يرضاه الناس معهم ‪.‬‬ ‫وطنية الحنين‬ ‫إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الرض‪ ،‬وألفتها والحنين إليها والنعطاف حولها‪ ،‬فذلك‬ ‫أمر مركوز في فطر النفوس من جهة‪ ،‬مأمور به في السلم من جهة أخرى‪ ،‬إوان بلل الذي‬

‫ضحى بك ل شي ء في سبي ل عقيدته‪ ،‬ودينه هو بل ل الذي كان يهتف في دار الهجرة بالحنين إلى‬ ‫مكة في أبيات تسي ل رقة وتقطر حلوة‪:‬‬ ‫أل ليت شعري ه ل أبيتن ليلة‬ ‫وه ل أردن يوما مياه مجـنة‬

‫بواد وحولي إذ خر وجليـ ل‬ ‫وه ل يبدون لي شامة وطفي ل‬

‫ولقد سمع رسو ل ص وصف مكة من أصي ل فجرى دمعه حنينا إليها وقا ل‪:‬‬ ‫)يا أصي ل دع القلوب تقر(‪.‬‬ ‫وطنية الحرية والعزة‬ ‫إوان كانوا يريدون أن من الواجب العم ل بك ل جهد في تحرير الوطن من الغاصبين وتوفير‬

‫استقلله‪ ،‬وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه‪ ،‬فنحن معهم في ذلك أيضا وقد شدد‬ ‫السلم في ذلك أبلغ التشديد‪ ،‬فقا ل تبارك وتعالى‪) :‬و إ‬ ‫ل اسلإعنزةأ نولإنرأسولإإه نولإسلأمسؤإمإنينن نولنإكنن اسلأمنناإفإقينن ل‬ ‫ن‬ ‫نيسعلنأمونن( )المنافقون‪ ، (8:‬ويقو ل‪) :‬نولنسن نيسجنعن ل الأ لإسلنكاإفإرينن نعنلى اسلأمسؤإمإنينن نسإبيلا( )النسا ء‪(141:‬‬

‫وطنية اليمجتيمع‬

‫‪145‬‬


‫إوان كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد‪ ،‬إوارشادهم إلى طريق استخدام هذه‬

‫التقوية في مصالحهم‪ ،‬فذلك نوافقهم فيه أيضا ويراه السلم فريضة لزمة‪ ،‬فيقو ل نبيه صلى ال‬ ‫عليه وسلم ‪) :‬وكونوا عباد ال إخوانا( ‪ ,‬ويقو ل القرآن الكريم‪) :‬نيا أنلينها النإذينن آنمأنوا ل تنتنإخأذوا بإ ن‬ ‫طاننةا‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫صأدوأرأهسم أنسكنبأر قنسد‬ ‫مسن أدونإأكسم ل نيسأألوننأكسم نخنبالا نولدوا نما نعنتلسم قنسد نبندت اسلنبسغ ن‬ ‫ضاأ ء مسن أنسفنواهإهسم نونما تأسخفي أ‬ ‫نبنيننا لنأكأم الياإت إسن أكسنتأسم تنسعإقألونن( )آ ل عمران‪. (118:‬‬ ‫وطنية الفتح‬ ‫إوان كانوا يريدون بالوطنية فتح البلد وسيادة الرض فقد فرض ذلك السلم ووجه الفاتحين إلى‬ ‫أفض ل استعمار وأبرك فتح‪ ،‬فذلك قوله تعالى‪) :‬ونقاتإألوهم حنتى ل تنأكون إفتسنةر ويأكون الددين إ‬ ‫ل(‬ ‫أس ن‬ ‫أ‬ ‫ن ن نن ن‬ ‫ن‬ ‫)البقرة‪.(193:‬‬ ‫وطنية الحزبية‬ ‫إوان كانوا يريدون بالوطنية تقسيم المة إلى طوائف تتناحر وتتضاغن وتتراشق بالسباب وتترامى‬

‫بالتهم ويكيد بعضها لبعض ‪ ,‬وتتشيع لمناهج وضعية أملتها الهوا ء وشكلتها الغايات والعراض‬ ‫وفسرتها الفهام وفق المصالح الشخصية ‪ ,‬والعدو يستغ ل ك ل ذلك لمصلحته ويزيد وقود هذه النار‬ ‫اشتعال يفرقهم في الحق ويجمعهم على الباط ل ‪ ,‬ويحرم عليهم اتصا ل بعضهم ببعض وتعاون‬ ‫بعضهم مع بعض ويح ل لهم هذه الصلة به واللتفات حوله فل يقصدون إل داره ول يجتمعون إل‬ ‫زواره ‪ ,‬فتلك وطنية زائفة ل خير فيها لدعاتها ول للناس‬ ‫فها أنت ذا قد رأيت أننا مع دعاة الوطنية ‪ ,‬ب ل مع غلتهم في ك ل معانيها الصالحة التي تعود‬ ‫بالخير على البلد والعباد ‪ ,‬وقد رأيت مع هذا أن تلك الدعوى الوطنية الطويلة العريضة لم تخرج‬ ‫عن أنها جز ء من تعاليم السلم‬ ‫حدود وطنية‬ ‫أما وجه الخلف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الرضية‬ ‫والحدود الجغرافية ‪ ,‬فك ل بقعة فيها مسلم يقو ل ) ل إله إل ال محمد رسو ل ال ( وطن عندنا له‬ ‫‪146‬‬


‫حرمته وقداسته وحبه والخلص له والجهاد في سبي ل خيره ‪ ,‬وك ل المسلمين في هذه القطار‬ ‫الجغرافية أهلنا إواخواننا نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم ‪.‬‬ ‫ودعاة الوطنية فقط ليسوا كذلك فل يعنيهم إل أمر تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الرض ‪،‬‬ ‫ويظهر ذلك الفارق العملي فيما إذا أرادت أمة من المم أن تقوى نفسها على حساب غيرها فنحن‬ ‫ل نرضى ذلك على حساب أي قطر إسلمي ‪ ،‬إوانما نطلب القوة لنا جميعا ‪ ،‬ودعاة الوطنية‬

‫المجردة ل يرون في ذلك بأسا‪ ،‬ومن هنا تتفكك الروابط وتضعف القوى ويضرب العدو بعضهم‬

‫ببعض ‪.‬‬ ‫غاية وطنيتنا‬ ‫هذه واحدة ‪ .‬والثانية أن الوطنيين فقط ‪ ،‬ج ل ما يقصدون إليه تخليص بلدهم فإذا ما عملوا‬ ‫لتقويتها بعد ذلك اهتموا بالنواحي المادية كما تفع ل أوربا الن ‪ ،‬أما نحن فنعتقد أن المسلم في عنقه‬ ‫أمانة عليه أن يبذ ل نفسه ودمه وماله في سبي ل أدائها تلك هداية البشر بنور السلم‪ ,‬ورفع علمه‬ ‫خفاقا في ك ل ربوع الرض ‪ ,‬ل يبغي بذلك مال ول جاها وسلطاننا على أحد ول استعبادا لشعب ‪,‬‬ ‫إوانما يبغي وجه ال وحده إواسعاد العالم بدينه إواعل ء كلمته‪ ,‬وذلك ما حدا بالسلف الصالحين‬

‫رضوان ال عليهم إلى هذه الفتو ح القدسية التي أدهشت الدنيا وأربت على ك ل ما عرف التاريخ من‬ ‫سرعة وعد ل ونب ل وفض ل ‪.‬‬ ‫وحدة‬ ‫وأحب أن أنبهك إلى سقوط ذلك الزعم القائ ل إن الجري عن هذا المبدأ يمزق وحدة المة التي‬ ‫تتألف من عناصر دينية مختلفة ‪ ,‬فإن السلم وهو دين الوحدة والمساواة كف ل هذه الروابط بين‬ ‫الجميع ما داموا متعاونين على الخير ‪) ,‬ل نيسننهاأكأم الأ نعإن النإذينن لنسم أينقاتإألوأكسم إفي الدديإن نولنسم‬ ‫أيسخإرأجوأكسم إمسن إدنياإرأكسم أنسن تننبلروأهسم نوتأسقإسطأوا إلنسيإهسم إنن الن أيإح ل‬ ‫ب اسلأمسقإسإطينن( )الممتحنة‪ , (8:‬فمن أين‬

‫يأتي التفريق إذاا؟‬

‫‪147‬‬


‫أفرأيت بعد كيف أننا متفقون مع أشد الناس غلوا في الوطنية في حب الخير للبلد والجهاد في‬ ‫سبي ل في سبي ل تخليصها و خيرها وارتقائها ‪ ,‬ونعم ل ونؤيد ك ل من يسعى في ذلك بإخلص ‪ ,‬ب ل‬ ‫أحب أن تعلم أن مهمتهم إن كانت تنتهي بتحرير الوطن واسترداد مجده فإن ذلك عند الخوان‬ ‫المسلمين بعض الطريق فقط أو مرحلة منه واحدة ويبقى بعد ذلك أن يعملوا لترفع راية الوطن‬ ‫السلمي على ك ل بقاع الرض ويخفق لوا ء المصحف في ك ل مكان‪. 71‬‬ ‫قضيتنا الوطنية في ضوء التوجيه اللسليمي‬ ‫حقوقنا الوطنية معروفة ‪ ،‬أعلنتها المة بك ل وضو ح وجل ء على لسان أحزابها وهيئاتها وجماعاتها‬ ‫وأفرادها في ك ل المناسبات ‪ ،‬وهى ‪ :‬تحقيق وحدة وادي الني ل جنوبه وشماله ‪ ,‬وجل ء القوات‬ ‫الجنبية عنه جميعا ‪ ,‬لتتم بذلك حريته واستقلله ‪.‬‬ ‫السلم الحنيف يعلن مبدأ الحرية ويزكيه ‪ ،‬ويقرره للفراد والمم والجماعات بأفض ل معانيه ‪،‬‬ ‫ويدعوهم إلى العتزاز به والمحافظة عليه ‪ ،‬ويقو ل نبيه صلى ال عليه وسلم‪) :‬من أعطى الذلة‬ ‫من نفسه طائعا غير مكره فليس منى(‪ .‬وهو يحارب هذه اللصوصية الدولية التي يسمونها‬ ‫الستعمار بك ل ما فيه من قوه ‪ ،‬ول ترضى تعليمها أبدا بأن تسود أمة أو يرهق شعب شعب ا آخر ‪،‬‬ ‫ول تزا ل كلمة عمر الفاروق رضى ال عنه ترن في الذن حين قا ل لعامله عمرو بن العاص‪:‬‬

‫)متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أح ار ارا(‪.‬‬ ‫ويوم حم ل الفاتح المسلم سيفه على عاتقه ‪ ،‬وانطلق غازي ا في أراضى ال لم يكن يرجوا من ورا ء‬

‫ذلك مغانم دنيوية ‪ ،‬ولم يكن يتطلع إلى خيرات المم والشعوب ليستأثر بها دونها إوان امتلت يداه‬

‫منها بغير قصد منه ‪ ..‬ولكن كان يؤمن بدعوته ويحمى رسالته ‪ ،‬ويحمى في العالم مبادئ الحق‬

‫والعد ل والسلم وتاريخ الصدر الو ل من أئمة المسلمين الراشدين المهديين – وهم الحجة للسلم‬ ‫– يعطيك هذه الصورة بنية المعالم ‪ ،‬واضحة الحدود ‪.‬‬ ‫والسلم مع هذا يعتبر المة السلمية أمينة على رسالة ال في أرضه ‪ ،‬وله في العالم مرتبة‬ ‫الساتذة – ول نقو ل مرتبة السيادة – بحكم هذه المانة ‪ ،‬فل يسمح لها أن تذ ل لحد ‪ ،‬أو تستعبد‬ ‫‪ 71‬دعوتنا – مجموعة الرسائل – المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪148‬‬


‫لحد ‪ ،‬أو تلين قناتها لغامز أو تخضع لغاصب معتدا أثيم ‪) :‬نولنسن نيسجنعن ل الأ لإسلنكاإفإرينن نعنلى‬ ‫اسلأمسؤإمإنينن نسإبيلا( )النسا ء‪. (141:‬‬ ‫ويوم قرر السلم هذا ‪ ،‬قرر الطريق العلمي لحماية هذه الحرية ‪ .‬فافترض الجهاد بالنفس والما ل‪،‬‬ ‫وجعله فرض كفاية لتأمين الدعوة ‪ ،‬وفرض عين على ك ل أبنا ء المة لرد العدوان على الوطن إذ‬ ‫واجهته قوات الغزاة من غير المسلمين ‪ ،‬وجع ل الشهادة أعلى مراتب اليمان ‪ ,‬ووعد المجاهدين‬ ‫النصر والتأييد في الدنيا ‪ ,‬والخلود والبقا ء والنعيم المقيم في الخرة ‪ ،‬وأعلن أن الجهاد أفض ل‬ ‫العما ل بعد اليمان ‪) ,‬النإذين آمنوا وهاجروا وجاهأدوا إفي سإبيإ ل ا إ‬ ‫ل بإأنسمنوالإإهسم نوأنسنفأإسإهسم أنسع ن‬ ‫ظأم ندنرنجةا‬ ‫ن نأ ن ن ن أ ن ن ن‬ ‫ن‬ ‫إعسنند ا إ‬ ‫ضنواةن نونجنناةت لنهأسم إفينها ننإعيرم أمإقيرم ‪,‬‬ ‫ل نوأأولنئإ ن‬ ‫ك أهأم اسلنفائإأزونن ‪ ,‬أينبدشأرأهسم نرلبهأسم بإنرسحنمةة إمسنهأ نوإر س‬ ‫نخالإإدينن إفينها أننبدا إنن الن إعسنندهأ أنسجرر نعإظيرم( )التوبة‪.(22-20:‬‬ ‫ومع هذا فقد رحب السلم بالوسائ ل السلمية إوانها ء الخصومة متى أدت هذه الوسائ ل إلى‬ ‫العتراف بحق الكما ل لصحابه ‪ ) ,‬إوإان جنحوا إللنسسلإم نفاجنح لنها وتنونكس ل عنلى ا إ‬ ‫ل( )لنفا ل‪.(61:‬‬ ‫سن س ن ن ن ن‬ ‫ن س نن أ‬ ‫وما خير النبي صلى ال عليه وسلم بين أمرين إل اختار أيسرهما ما لم يكن محرم ا ‪ ,‬ومن السلم‬

‫المفاوضة إذا أوصلت إلى الحق الكام ل ‪ ,‬وقد فاوض رسو ل ال صلى ال عليه وسلم في الحديبية‪,‬‬ ‫ومن السلم التحاكم إذا أدى إلى هذا الحق أيضا ‪ .‬إوان كنا ل نعلم إن رسو ل ال صلى ال عليه‬

‫وسلم – أو أحد من الخلفا ء الراشدين المهديين رضي بتحكيم كافر ‪ .‬ولكنه مقتضى عموم الية ‪,‬‬ ‫ولزم التفاق على الخير ‪ ،‬الذي ل يمنعه السلم بين المسلمين وغيرهم متى كان فيه مصلحة لهم‬ ‫وليس فيه ضرر عليهم ‪.‬‬ ‫فإذا فشلت هذه الجهود السلمية فإن رأى السلم صريح في )النبذ( الذي يتضمن إعلن‬ ‫الخصومة‪ ،‬ثم الخذ توا بك ل وسيلة من وسائ ل الجهاد ‪ ) :‬ن إوإانما تننخافننن إمسن قنسوةم إخنياننةا نفاسنبإسذ إلنسيإهسم‬ ‫نعنلى نسنواة ء إنن الن ل أيإح ل‬ ‫ب اسلنخائإإنينن ‪ ,‬نول نيسحنسنبنن النإذينن نكفنأروا نسنبقأوا إنهأسم ل أيسعإجأزونن ‪ ,‬نوأنإعلدوا لنهأسم‬ ‫طعتأم إمن قأنوة وإمن إرباإط اسلنخيإ ل تأرإهبون بإإه عأدنو ا إ‬ ‫ل نونعأدنوأكسم( )لنفا ل‪.(60-58:‬‬ ‫نما اسستن ن س س س‬ ‫ن‬ ‫ن س ن‬ ‫س س أ ن‬ ‫وقد وعد ال المجاهدين للحق أن يدافع عنهم ‪ ،‬وينصرهم ل محالة على أعدائهم مهما يكن عدوهم‬ ‫كام ل الهبة ‪ ،‬عظيم العدد ‪ ،‬مرموق العدة ‪ ،‬قوى الوسائ ل ‪ ،‬وعليهم أل يعبأوا بذلك ‪ ،‬إوان يعتمدوا‬ ‫صأر اسلأمسؤإمإنينن( )الروم‪ , (47:‬هذه الحكام جميعا مقررة في‬ ‫على ال وحده ‪) ,‬نونكانن نحقلا نعلنسيننا نن س‬ ‫‪149‬‬


‫السلم يعرفها بتفصي ل أوسع واستدل ل أقوى وأدق وأحكام ك ل من نه ل من معينه ‪ ,‬وأخذ بحظ من‬ ‫الفقه فيه ‪ ,‬وعلى ضوئها نستطيع أن نح ل قضيتنا الوطنية التي وصلت إلى حد من الرتباك ‪,‬‬ ‫واضطربت الذهان ‪ ,‬إواليك بيان بذلك‪:‬‬ ‫لقد فاوضنا فلم نص ل إلى شي ء لتعنت النجليز وتصلبهم ومناورتهم ‪.‬‬ ‫واحتكمنا فلم نص ل إلى شئ ‪ ،‬كذلك أمام تغليب المصالح الدولية والمطامع الستعمارية ‪ ,‬ولقد قا ل‬ ‫كاتب فاض ل ‪ :‬أننا وصلنا إلى كسب أدبي عظيم بالدعاية الواسعة لقضيتنا بطرحها أمام أنظار‬ ‫العالم كله ‪ ،‬إواخراجها من حيث التفاهم الثنائي الضيق ‪ ,‬إلى حيز التحاكم الدولي الواسع ‪ ،‬وذلك‬

‫صحيح ولكن هذا الكسب الدبي لم يغنى عن الحقيقة الواقعة شيئا ‪ ،‬وهى أننا مازلنا مع النجليز‬ ‫حيث كنا لم نقدم خطوة ‪ ,‬ب ل أن هذا الركود كان مدعاة إلى التساؤ ل والبلبلة ‪.‬‬ ‫لم يبقى إذا إل )النبذ على سوا ء( بأن نعلنهم بالخصومة الصريحة السافرة ‪ ،‬ونقرر في صراحة‬

‫إلغا ء ما بيننا وبينهم من معاهدات واتفاقات ‪ ,‬ونعلن اعتبا ار أمة وادي الني ل معهم في حالة حرب ‪-‬‬ ‫ولو سلبية ‪ -‬وننظم حياتنا على هذا العتبار ‪.‬‬

‫اقتصادي ا ‪ :‬بالكتفا ء والقتصار على ما عندنا وعند إخواننا من العرب والمسلمين والدو ل الصديقة‬ ‫إن كانت‪.‬‬

‫واجتماعي ا ‪ :‬تشجيع رو ح العزة والكرامة وحب الحرية ‪.‬‬ ‫وعلمي ا ‪ :‬بتدريب الشعب كله تدريب ا عسكري ا حتى يأتى أمر ال‪.‬‬ ‫وتهيأ نفوس الشعب لذلك بدعاية واسعة تامة كاملة ‪ ،‬كم تفع ل المم إذا واجهت حالة الحرب‬ ‫الحقيقية ‪ ،‬وتتغير ك ل الوضاع الجتماعية على هذه الساس ‪.‬‬ ‫وهذا العم ل ل يتسنى للفراد ول للهيئات ابتدا ء ‪ ,‬ولكن الحكومة هي المسئولة عنه أولا وأخي ار ‪،‬‬

‫فأما الشعب نقولها في صراحة ووضو ح وثقة ‪ ،‬أنه على أتم استعداد لبذ ل ك ل شي ء لو سلكت‬ ‫الحكومة هذا السبي ل ‪ ،‬إنه مستعد ليجوع ويعرى … وليموت ويناض ل ‪ ،‬ويكافح بأشد النضا ل‬ ‫‪150‬‬


‫والكفا ح ‪ ..‬ولكن على شريطة أن يكون ذلك في سبي ل حريته واستقلله ل في سبي ل ارتباك اللجان‬ ‫الحكومية ‪ ،‬وضعف الوسائ ل الدارية والتخبط في السياسة القتصادية والوقوف أمام مكائد‬ ‫النجليز وضغطهم موقف المستسلمين العاجزين ‪.‬‬ ‫لقد سمعت عامل فقي ار يقو ل حين صدرت الوامر بخلط الخبز ‪ :‬إنني مستعد أنا وأولدي أن نأك ل‬ ‫ك ل يوم مرة واحدة ‪ ,‬إذا وثقنا من أن هذا في سبي ل الحرية والتخلص من النجليز ‪ ,‬ولكنني ساخط‬ ‫ك ل السخط لني ل أفهم لماذا نلجأ إلى هذا الخلط ونحن بلد زراعي أعظم محصوله المواد‬ ‫الغذائية؟!‬ ‫فالشعب على أتم استعداد للبذ ل ‪ ,‬ولكن في الطريق واضحة مرسومة تؤدى إلى الحرية أو الشهادة‪,‬‬ ‫بقيادة حكومة حازمة ترسم له في قوة إواخلص مراح ل هذا الطريق ‪ ,‬أما إذا استمرت الحكومة في‬

‫ترددها وتراخيها واضطرابها ‪ ،‬فلن يؤدى ذلك بالشعب إل إلى أحد أمرين ‪ ،‬إما أن يثور ‪ ،‬إواما أن‬ ‫يموت ‪ ،‬و كلهما جريمة وطنية ل يغتفرها أبدا التاريخ‪. 72‬‬

‫‪72‬‬

‫مشكلتنا في ضوء النظام السلمي – مجموعة الرسائل – المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪151‬‬


‫القومية والعروبة والشرقية والعالمية‬ ‫وكما أن دعوتنا هذه ربانية تدعو إلى هجر المادية ومقاومتها والوقوف في وجه طغيانها والحد من‬ ‫سلطانها والفرار إلى ال واليمان به والعتماد عليه وحسن مراقبته في ك ل عم ل ‪ ,‬فهي كذلك‬ ‫إنسانية تدعو إلى الخوة بين بني النسان وترمى إلى إسعادهم جميع ا لنها إسلمية ‪ ,‬والسلم‬ ‫ك النإذي نننزن ل اسلفأسرنقانن نعنلى نعسبإدإه‬ ‫للناس كافه ليس لجنس دون جنس ول لمه دون أخرى ‪) ,‬تننبانر ن‬ ‫إليأكون إلسلعالنإمين نإذي ار( )الفرقان‪) , (1:‬أقس ل يا أنليها النناس إدني رسوأ ل ا إ‬ ‫ك‬ ‫ل إلنسيأكسم نجإميعا النإذي لنهأ أمسل أ‬ ‫ن ن ن ن ن‬ ‫نأ‬ ‫أ‬ ‫ن ن‬ ‫ل ورسوإلإه النبإدي الأدمدي النإذي يؤإمن إبا إ‬ ‫إ‬ ‫ض ل إلنه إإل هو يسحإيي ويإمي أ إ‬ ‫النسنماواإت والنسر إ‬ ‫ل‬ ‫نأ‬ ‫ن أن أ‬ ‫أس أ‬ ‫ت نفيآمأنوا إبا ن ن أ‬ ‫ن ن‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ك إإل نكافةا للننا إ‬ ‫س نبشي ار نوننذي ار(‬ ‫نونكلإنماتإإه نواتنبإأعوهأ لننعلأكسم تنسهتنأدونن( )العراف‪), (158:‬نونما أنسرنسسلننا ن‬ ‫)سـبأ‪. (28:‬‬ ‫ومن هذا العموم في بعثة النبي صلى ال عليه وسلم ومدى رسالته استمدت دعوتنا العموم في‬ ‫هدفها ومرماها ‪ ،‬فهي دعوة توجه الناس جميعا وتسعى لخيرهم جميعا وتؤاخي بينهم جميعا ول‬ ‫تعترف بفوارق الجناس واللوان و ل تتغير بتغير الشعوب والوطان ‪.‬‬ ‫وتتردد في أفواه الدعاة والناس ألفاظ كثيرة يعنون بها أرا ء ومذاهب فأين مكان هذه اللفاظ في‬ ‫دعوتنا؟ إن لك ل لفظ من هذه اللفاظ ولك ل رأى من هذه الرا ء مكانا في دعوتنا ل لننا نعم ل‬ ‫لرضا ء الجميع و نجام ل في الفكرة وعلى حسابها ولكن لن طبيعة دعوتنا هكذا عموم وشمو ل ‪:‬‬ ‫أ ـ فالمصرية أو القومية ‪ :‬لها في دعوتنا مكانها وحقها في الكفا ح والنضا ل‪.‬‬ ‫إننا مصريون بهذه البقعة الكريمة التي نبتنا فيها ونشأنا عليها ‪ .‬ومصر بلد مؤمن تلقي السلم‬ ‫تلقي ا كريم ا وذاد عنه العدوان في كثير من أدوار التاريخ وأخلص في اعتناقه و طوى عليه أعطف‬

‫المشاعر وأنب ل العواطف ‪ ،‬وهو ل يصلح إل بالسلم ول يداوى إل بعقاقيره ول يطب له إل‬

‫بعلجه ‪ .‬وقد انتهت إليه بحكم الظروف الكثيرة حضانة الفكرة السلمية والقيام عليها فكيف ل‬ ‫نعم ل لمصر ولخير مصر ؟ وكيف ل ندفع عن مصر بك ل ما نستطيع ‪ ،‬وكيف يقا ل إن اليمان‬ ‫بالمصرية ل يتفق مع ما يجب أن يدعو إليه رج ل ينادي بالسلم ويهتف بالسلم! إننا نعتز بأننا‬ ‫مخلصون لهذا الوطن الحبيب عاملون له مجاهدون في سبي ل خيره ‪ ،‬وسنظ ل كذلك ما حيينا‬ ‫‪152‬‬


‫معتقدين أن هذه هي الحلقة الولي في سلسلة النهضة المنشودة ‪ ،‬وأنها جز ء من الوطن العربي‬ ‫العام ‪ ،‬وأننا حين نعم ل لمصر نعم ل للعروبة والشرق والسلم ‪.‬‬ ‫وليس يضيرنا في هذا كله أن نعني بتاريخ مصر القديم ‪ ,‬وبما سبق إليه قدما ء المصريين الناس‬ ‫من المعارف والعلوم ‪ .‬فنحن نرحب بمصر القديمة كتاريخ فيه مجد وفيه علم ومعرفة ‪ .‬ونحارب‬ ‫هذه النظرية بك ل قوانا كمنهاج عملي يراد صبغ مصر به ودعوتها إليه بعد أن هداها ال بتعاليم‬ ‫السلم وشر ح لها صدرها وأنار به بصيرتها وزادها به شرف ا ومجدا فوق مجدها ‪ ،‬وخلصها بذلك‬

‫مما لحق هذا التاريخ من أوضار الوثنية وأدران الشرك وعادات الجاهلية ‪.‬‬

‫ب ـ والعروبة ‪ :‬أو الجامعة العربية ‪ ،‬لها في دعوتنا كذلك مكانها البارز وحظها الوافر ‪ ,‬فالعرب‬ ‫هم أمة السلم الولي وشعبة المتخير ‪ ،‬وبحق ما قاله ‪) : r‬إذا ذ ل العرب ذ ل السلم( ولن‬ ‫ينهض السلم بغير اجتماع كلمة الشعوب العربية ونهضتها ‪ ،‬إوان ك ل شبر أرض في وطن عربي‬

‫نعتبره من صميم أرضنا ومن لباب وطننا ‪.‬‬

‫فهذه الحدود الجغرافية والتقسيمات السياسية ل تمزق في أنفسنا أبدا معني الوحدة العربية‬

‫السلمية التي جمعت القلوب علي أم ل واحد وجعلت من هذه القطار جميع ا أمة واحدة مهما‬

‫حاو ل المحاولون وافتري الشعوبيون ‪.‬‬

‫ومن أروع المعانـي في هذا السبي ل ما حدد به الرسو ل ‪ r‬معني العروبـة إذ فسرها بأنها اللسان‬ ‫والسلم ‪.‬‬ ‫فقد روي الحافظ بن عساكر بسنده عن مالك قو ل النبي ‪) : r‬يا أيها الناس إن الرب واحد ‪ ,‬والب‬ ‫واحد ‪ ،‬والدين واحد ‪ ،‬وليست العربية بأحدكم من أب ول أم ‪ ،‬إوانما هي اللسان فمن تكلم بالعربية‬

‫فهو عربي( ‪.‬‬

‫وبذلك نعلم أن هذه الشعوب الممتدة من خليج فارس إلى طنجة ومراكش علي المحيط الطلسي‬ ‫كلها عربية تجمعها العقيدة ويوجد بينها اللسان ‪ ،‬وتؤلفها بعد ذلك هذه الوضعية المتناسقة في رقعة‬ ‫من الرض واحدة متصلة متشابهة ل يحو ل بين أجزائها حائ ل ‪،‬ول يفرق بين حدودها فارق ‪ ،‬ونحن‬ ‫نعتقد أننا حين نعم ل للعروبة نعم ل للسلم ولخير العالم كله ‪.‬‬

‫‪153‬‬


‫ج ـ والشرقية ‪ :‬لها في دعوتنا مكانها إوان كان المعني الذي يجمع المشاعر فيها معني وقتي ا طارئ ا‬ ‫‪ ،‬إنما ولده وأوجده اعتزاز الغرب بحضارته وتغاليه بمدنيته ‪ ،‬وانعزاله عن هذه المم التي سماها‬

‫المم الشرقية وتقسيمه العالم إلى شرقي وغربي ‪ ،‬وندائه بهذا التقسيم حتى في قو ل أحد شعرائه‬ ‫المأثور ‪ :‬الشرق شرق والغرب غرب ول يمكن أن يجتمعا ‪ .‬هذا المعني الطارئ هو الذي جع ل‬ ‫الشرقيين يعتبرون أنفسهم صفا يقاب ل الصف الغربي ‪ ،‬أما حين يعود الغرب إلى النصاف ويدع‬

‫سبي ل العتدا ء والجحاف فتزو ل هذه العصبية الطارئة وتح ل محلها الفكرة الناشئة ‪ ،‬فكرة التعاون‬ ‫بين الشعوب علي ما فيه خيرها وارتقاؤها ‪.‬‬ ‫د ـ أما العالمية ‪ :‬أو النسانية فهي هدفنا السمى وغايتنا العظمي وختام الحلقات في سلسلة‬ ‫الصل ح ‪ .‬والدنيا صائرة إلى ذلك ل محالة فهذا التجمع في المم ‪ ،‬والتكت ل في الجناس‬ ‫والشعوب ‪ ،‬وتداخ ل الضعفا ء بعضهم في بعض ليكتسبوا بهذا التداخ ل قوة ‪ ،‬وانضمام المتفرقين‬ ‫ليجدوا في هذا النضمام أنس الوحدة ‪ ,‬ك ل ذلك ممهد لسيادة الفكرة العالمية وحلولها مح ل الفكرة‬ ‫الشعوبية القومية التي آمن بها الناس من قب ل ‪ ،‬وكان ل بد أن يؤمنوا هذا اليمان لتتجمع الخليا‬ ‫الصلية ‪ ،‬ثم كان ل بد أن يتخلوا عنها لتتألف المجموعات الكبيرة ‪ ،‬ولتحقق بهذا التيآلف الوحدة‬ ‫الخيرة ‪ .‬وهي خطوات إن أبطأ بها الزمن فل بد أن تكون ‪ ،‬وحسبنا أن نتخذ منها هدفا ‪ ،‬وأن‬

‫نضعها نصب أعيننا مثلا ‪ ،‬وأن نقيم هذا البنا ء النساني لبنته وليس علينا أن يتم البنا ء ‪ ،‬فلك ل‬ ‫أج ل كتاب ‪.‬‬

‫إواذا كان في الدنيا الن دعوات كثيرة ونظم كثير يقوم معظمها على أساس العصبية القومية التي‬

‫تستهوي قلوب الشعوب وتحرك عواطف المم ‪ ،‬فان هذه الدروس القاسية التي يتلقاها العالم من‬ ‫آثار هذه القوة الطاغية بأن يفنى الناس إلى الرشد ويعودوا إلى التعاون والخا ء ‪.‬‬

‫ولقد رسم السلم للدنيا هذه السبي ل فوحد العقيدة أول‪ ،‬ثم وحد النظام والعما ل بعد ذلك ‪ ،‬وظهر‬ ‫هذا المعنى الساحر الني ل في ك ل فروعه العملية ‪.‬‬ ‫فرب الناس واحد ‪ ،‬ومصدر الدين واحد ‪ ،‬والنبيا ء جميع ا مقدسون معظمون ‪ ،‬والكتب السماوية‬ ‫صى بإإه أنوحا نوالنإذي‬ ‫ع لنأكسم إمنن الدديإن نما نو ن‬ ‫كلها من عند ال ‪ ،‬والغاية المنشودة اجتماع القلوب ‪) ,‬نشنر ن‬ ‫صسيننا بإإه إسب نارإهينم نوأمونسى نوإعينسى أنسن أنإقيأموا الددينن نول تنتنفننرقأوا إفيإه( )الشورى‪, (13:‬‬ ‫ك نونما نو ن‬ ‫أنسونحسيننا إلنسي ن‬ ‫‪154‬‬


‫والقرآن عربي وهو أساس هذا الدين ‪،‬وركن الصلة أفض ل القربات إلى ال ‪ ،‬وتلك هي الوسيلة‬ ‫العملية إلى وحدة اللسان بعد وحدة اليمان ‪.‬‬ ‫وهذه الصلة وتلك الزكاة ‪ ،‬والحج والصوم إنما هي كلها تشريعات اجتماعية يراد بها توثيق الوحدة‬ ‫وجع الكلمة إوازالة الفوارق وكشف الحجب والموانع بين بنى النسان ‪.‬‬ ‫ومن هنا كانت دعوتنا ذات مراح ل نرجو أن تتحقق تباعا ‪ ،‬وأن نقطعها جميعا وأن نص ل بعدها‬ ‫إلى الغاية ‪.‬‬ ‫نرجو أن تقوم في مصر دولة مسلمة تحتضن دعوة السلم ‪ ،‬وتجمع كلمة العرب وتعم ل لخيرهم‬ ‫وتحمي المسلمين في أكناف الرض من عدوان ك ل ذي عدوان ‪ ،‬وتنشر كلمة ال وتبلغ رسالته ‪..‬‬ ‫حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله ل‪.73‬‬

‫‪ 73‬دعوتنا فى طور جديد – مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪155‬‬


‫الوخوان والقويمية والعروبة واللسلم‬ ‫كثي ار ما تتوزع أفكار الناس في هذه النواحي الثلثة ‪ :‬الوحدة القومية والوحدة العربية والوحدة‬ ‫السلمية وقد يضيفون إلى ذلك الوحدة الشرقية ثم تنطلق اللسنة والفكار بالموازنة بينها إوامكان‬ ‫تحققها أو صعوبة ذلك المكان ‪ ،‬ومبلغ الفائدة أو الضر منها والتشجيع لبعضها دون البعض‬ ‫الخر ‪.‬‬ ‫فما موقف الخوان المسلمين من هذا الخليط ومن الفكار والمناحي ؟ ول سيما وكثير من الناس‬ ‫يغمزون الخوان المسلمين في وطنيتهم ويعتبرون تمسكهم بالفكار السلمية مناعة إياهم من‬ ‫الخلص للناحية الوطنية ‪.‬‬ ‫والجواب عن هذا أننا لن نحيد عن القاعدة التي وضعناها أساسا لفكرتنا وهى السير على هدى‬ ‫السلم وضو ء تعاليمه السامية ‪ .‬فما موقف السلم نفسه من هذه النواحي ؟‬ ‫إن السلم قد فرضها فريضة لزمة ل مناص منها وأن يعم ل ك ل إنسان لخير بلده وأن يتفانى في‬ ‫خدمته ‪ ,‬وأن يقدم أكثر ما يستطيع من الخير للمة التي يعيش فيها وأن يقدم في ذلك القرب‬ ‫فالقرب رحما وجوا ار حتى أنه ل يجز أن تنق ل الزكوات أبعد من مسافة القصر – إل لضرورة –‬ ‫إيثا ار للقربين بالمعروف فك ل مسلم مفروض عليه أن يسد الثغرة التي هي عليها وأن يخدم الوطن‬ ‫الذي نشأ فيه ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية لن ذلك مفروض عليه من رب العالمين‬ ‫وكان الخوان المسلمون بالتالي أشد الناس حرصا على خير وطنهم وتفانيا في خدمة قومهم ‪ ,‬وهم‬ ‫يتمنون لهذه البلد العزيزة المجيدة ك ل عزة ومجد وك ل تقدم ورقى ‪ ,‬وك ل فل ح ونجا ح ‪ ,‬وقد انتهت‬ ‫إليها رياسة المم السلمية بحكم ظروف كثيرة تضافرت على هذا الوضع الكريم ‪ ,‬إوان حب‬

‫المدينة لم يمنع رسو ل ال أن يحن إلى مكة وأن يقو ل لصي ل ‪ ,‬وقد أخذ يصفها )يا أصي ل دع‬ ‫القلوب تقر( وأن يجه ل بلل يهتف في ق اررة نفسه‪:‬‬ ‫بواد وحولي إذخر وجليـ ل‬

‫أل ليت شعري ه ل أبيتن ليلة‬

‫وه ل يبدون لي شامة وطفي ل‬

‫وه ل أردن يوما ميـاه مجنة‬ ‫‪156‬‬


‫فالخوان المسلمون يحبون وطنهم ‪ ,‬ويحرصون على وحدته القومية بهذا العتبار ل يجدون‬ ‫غضاضة على أي إنسان يخلص لبلده ‪ ,‬وأن يفنى في سبي ل قومه وأن يتمنى لوطنه ك ل مجد وك ل‬ ‫عزة وفخار ‪ ,‬هذا من وجهة القومية الخاصة ‪.‬‬ ‫ثم أن السلم الحنيف نشأ عربيا ووص ل إلى المم عن طريق العرب ‪ ,‬وجا ء كتابه بلسان عربي‬ ‫مبين ‪ ,‬وتوحدت المم باسمه على هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين ‪ ,‬وقد جا ء في الثر ‪:‬‬ ‫إذا ذ ل العرب ذ ل السلم ‪ ,‬وقد تحقق هذا المعنى حين دا ل سلطان العرب السياسي وانتق ل المر‬ ‫من أيديهم إلى غيرهم من العاجم والديلم ومن إليهم ‪ ,‬فالعرب هم عصبة السلم وحراسه ‪.‬‬ ‫وأحب هنا أن ننوه إلى أن الخوان المسلمين يعتبرون العروبة ‪ ,‬كما عرفها النبي ‪ ,‬فيما يرويه ابن‬ ‫كثير عن معاذ بن جب ل رضي ال عنه ‪) :‬أل إن العربية اللسان ‪ ,‬أل إن العربية السان( ‪.‬‬ ‫ومن هنا كانت وحدة العرب أم ار لبد منه لعادة السلم إواقامة دولته إواعزاز سلطانه‪ ,‬ومن هنا‬ ‫وجب على ك ل مسلم أن يعم ل لحيا ء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها‪ ،‬وهذا موقف مجموعة‬

‫البحث من الوحدة العربية ‪.‬‬ ‫بقي علينا أن نحدد موقفنا من الوحدة السلمية ‪ ,‬والحق أن السلم كما هو عقيدة وأنه قضى‬

‫على الفوارق النسبية بين الناس فال تبارك وتعالى يقو ل ‪) :‬إننما اسلأمسؤإمأنونن إسخنوةر( )الحجرات‪,(10:‬‬ ‫والنبي ‪) e‬المسلم أخو المسلم( والمسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على‬

‫سواهم‪.‬‬ ‫فالسلم والحالة هذه ل يعترف بالحدود الجغرافية ول يعتبر الفروق الجنسية والدموية ‪ ,‬ويعتبر‬ ‫المسلمين جميعا أمة واحدة ‪ ,‬ويعتبر الوطن السلمي وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتنا ءت‬ ‫حدوده ‪.‬‬ ‫وكذلك الخوان المسلمون يقدسون هذه الوحدة ويؤمنون بهذه الجامعة ‪ ,‬ويعملون لجمع كلمة‬ ‫المسلمين إواعزاز أخوان السلم وينادون بأن وطنهم هو ك ل شبر أرض فيه مسلم يقو ل )ل إله إل‬ ‫ال محمد رسو ل ال( وما أروع ما قا ل في هذا المعنى شاعر من شعرا ء الخوان‪:‬‬ ‫‪157‬‬


‫ولست أدرى سوى السلم لي وطنا‬ ‫وكلم ــا ذكر أسم ال فى بلــد‬

‫الشـام فيها ووادي النيـ ل سيان‬ ‫عددت أرجا ءه من لب أوطـاني‬

‫يقو ل بعض الناس‪ :‬إن ذلك يناقض تيار الفكرة السائدة في العالم فكرة التعصب للجناس واللوان‬ ‫‪ ,‬والعالم الن تجربة موجة القوميات الجنسية ‪ ,‬فكيف تقفون أمام هذا التيار ‪ ,‬وكيف تخرجون على‬ ‫ما اتفق عليه الناس؟‬ ‫وجواب ذلك أن الناس يخطئون وأن نتائج خطئهم في ذلك ظاهرة ملموسة في إقلق راحة المم‬ ‫وتعذيب ضمائر الشعوب مما ل يحتاج إلى برهان ‪ ,‬وليست مهمة الطبيب أن يجاري المرضى‬ ‫ولكن أن يعالجهم وأن يهديهم سوا ء السبي ل ‪ ,‬وتلك مهمة السلم ومن وص ل دعوته بالسلم ‪.‬‬ ‫ويقو ل آخرون‪ :‬إن ذلك غير ممكن والعم ل له عبث ل طائ ل من تحته ومجهود ل فائدة منه‪ ,‬وخير‬ ‫للذين يعملون لهذه الجامعة أن يعملوا لقوامهم يخدموا أوطانهم الخاصة بجهودهم‪.‬‬ ‫والجواب على هذا أن هذه لغة الضعف والستكانة ‪ ,‬فقد كانت هذه المم مفرقة من قب ل متخالفة‬ ‫في ك ل شي ء ‪ :‬الدين واللغة ‪ ,‬والمشاعر والما ل واللم ‪ ,‬فوحدها السلم وجمع قلوبها على كلمة‬ ‫سوا ء ‪ ,‬ومازا ل السلم كما هو بحدوده ورسومه ‪ ,‬فإذا وجد من أبنائه من ينهض بعب ء الدعوة إليه‬ ‫وتجديده في نفوس المسلمين ‪ ,‬فإنه يجمع هذه المم جميعا من جديد كما جمعها من قديم‪,‬‬ ‫والعادة أهون من البتدا ء ‪ ,‬والتجربة أصدق دلي ل على المكان‪.‬‬ ‫يهتف بعض الناس بعد هذا بالوحدة الشرقية ‪ ,‬وأظن أنه لم يثر هذه النعرة في نفوس الهاتفين بها‬ ‫إل تعصب الغربيين لغربهم وسو ء عقيدتهم في الشرق وأبنائه ‪ ,‬وهم في ذلك مخطئون ‪ ,‬إواذا استمر‬

‫الغربيون على عقيدتهم هذه فستجر عليهم الوبا ل والنكا ل ‪ ,‬والخوان المسلمون ل ينظرون إلى هذه‬ ‫الوحدة الشرقية إل من خل ل هذه العاطفة فقط ‪ ,‬والشرق والغرب عندهم سيان إذا استوى موقفهما‬

‫من السلم ‪ ,‬وهم ل يزنون الناس إل بهذا الميزان‪.‬‬ ‫وضح إذا أن الخوان المسلمين يحترمون قوميتهم الخاصة باعتبارها الساس الو ل للنهوض‬ ‫المنشود ‪ ,‬ول يرون بأسا بأن يعم ل ك ل إنسان لوطنه ‪ ,‬وأن يقدمه للوطن على سواه ‪ ,‬ثم هم بعد‬ ‫‪158‬‬


‫ذلك يؤيدون الوحدة العربية باعتبارها الحلقة الثانية في النهوض ‪ ,‬ثم هم يعملون للجامعة‬ ‫السلمية باعتبارها السياج الكام ل للوطن السلمي العام ‪ ,‬ولى أن أقو ل بعد هذا ‪ :‬إن الخوان‬ ‫يريدون الخير للعالم كله ‪ ,‬فهم ينادون بالوحدة العالمية لن هذا هو مرمى السلم وهدفه ومعنى‬ ‫ك إإل نرسحنمةا إلسلنعالنإمينن( )النبيا ء‪. (107:‬‬ ‫قو ل ال تبارك وتعالى ‪) :‬نونما أنسرنسسلننا ن‬ ‫وأنا في غنى بعد هذا البيان أن أقو ل أنه ل تعارض بين هذه الوحدات بهذا العتبار ‪ ,‬وبان ك ل‬ ‫منهما يشد أزر الخرى يحقق الغاية منها ‪ ,‬فإذا أراد أقوام أن يتخذوا من المناداة بالقومية الخاصة‬ ‫سلحا يميت الشعور بما عداها ‪ ,‬فالخوان المسلمون ليسوا معهم ولع ل هذا هو الفارق بيننا وبين‬ ‫كثير من الناس‪.74‬‬

‫‪ 74‬رسالة المؤتمر الخامس – مجموعة الرسائل – المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪159‬‬


‫التعددية السياسية‬

‫‪160‬‬


‫نظام الحكم‬

‫‪161‬‬


‫الدولة‬

‫‪162‬‬


‫الـدولـة اللسـليمـية الولــى‬ ‫منذ ألف وأربعمائة سنة وثلثينين عاما نادى محمد بن عبد ال النبي المي في بطن مكة وعلى‬ ‫راس جب ل الصفا‪) :‬أقس ل يا أنليها النناس إدني رسوأ ل ا إ‬ ‫ك النسنماواإت والنسر إ‬ ‫ضل‬ ‫ل إلنسيأكسم نجإميع ا النإذي لنهأ أمسل أ‬ ‫نأ‬ ‫أ‬ ‫ن ن‬ ‫ن ن‬ ‫ل ورسولإإه النبإدي الأدمدي النإذي يؤإمن إبا إ‬ ‫إ‬ ‫إلنه إإل هو يسحإيي ويإمي أ إ‬ ‫ل نونكلإنماتإإه نواتنبإأعوهأ لننعلنأكسم‬ ‫نأ‬ ‫ن أن أ‬ ‫أس أ‬ ‫ت نفيآمأنوا إبا ن ن أ‬ ‫تنسهتنأدونن( )لعراف‪.(158:‬‬

‫فكانت تلك الدعوة الجامعة حدا فاصل في الكون كله‪ ,‬بين ماض مظلم‪ ,‬ومستقب ل باهر‬ ‫مشرق‪ ,‬وحاضر زاخر سعيد‪ ,‬إواعلنا واضحا مبينا لنظام جديد شارعه ال العليم الخبير ومبلغه‬

‫محمد البشير النذير‪ ,‬وكتابه القرآن الواضح المنير‪ ,‬وجنده السابقون الولون من المهاجرين‬

‫والنصار‪ ,‬والذين اتبعوهم بإحسان‪ ,‬وليس من وضع الناس‪ ,‬ولكنه صبغة ال‪ ,‬ومن أحسن من ال‬ ‫إ‬ ‫ك‬ ‫ب نول اإلينماأن نولنإكن نجنعسلنناهأ أنواار نسهإدي بإإه نمسن ننشا ء إمسن إعنباإدننا ن إوإان ن‬ ‫صبغة‪) :‬نما أكن ن‬ ‫ت تنسدإري نما اسلكنتا أ‬ ‫ض نأل إنلى ا إ‬ ‫ص ارإط ا إ‬ ‫ل تن إ‬ ‫إة إ‬ ‫إ ة‬ ‫إ‬ ‫ل النإذي لنهأ نما إفي النسنماواإت ونما إفي النسر إ‬ ‫صيأر‬ ‫لنتنسهدي إنلى ص نارط لمسستنقيم‪ ,‬ن‬ ‫ن ن‬ ‫الأموأر( )الشورى‪.(53-52:‬‬ ‫يمنهاج القرآن الكريم في الصلح الجتيماعي‬ ‫والقرآن هو الجامع لصو ل هذا الصل ح الجتماعي الشام ل‪ ,‬وقد أخذ يتنز ل على النبي صلى ال‬ ‫عليه وسلم ‪ ,‬ويعلن به المؤمنين بين الن والن بحسب الوقائع والظروف والمناسبات‬ ‫ك إباسلنح د‬ ‫ق نوأنسحنسنن تنسفإسي اار(‬ ‫ك بإنمثنة ل إإل إجسئننا ن‬ ‫ك نونرتنسلنناهأ تنسرإتيل‪ ,‬نول نيسأأتونن ن‬ ‫ت بإإه فأنؤاند ن‬ ‫)نكنذإل ن‬ ‫ك إلأنثندب ن‬ ‫)الفرقان‪ .(33-32:‬حتى اكتم ل به الوحي وحفظ في الصدور والسطور في مدى اثنتين وعشرين‬ ‫سنة ونيفا‪ ,‬وقد جمع ال فيه لهذه المة تبيان ك ل شي ء‪ ,‬وأصو ل الصل ح الجتماعي الكام ل‬ ‫الذي جا ء به تكاد تنحصر في هذه الصو ل‪:‬‬ ‫أ ـ الربانية‪.‬‬ ‫ب ـ التسامي بالنفس النسانية‪.‬‬ ‫‪163‬‬


‫ج ـ تقرير عقيدة الجزا ء‪.‬‬ ‫د ـ إعلن الخوة بين الناس‪.‬‬ ‫هـ ـ النهوض بالرج ل والمرأة جميعا‪ ,‬إواعلن التكاف ل والمساواة بينهما‪ ,‬وتحديد مهمة ك ل منهم‬

‫تحديدا دقيقا‪.‬‬

‫و ـ تأمين المجتمع بتقرير حق الحياة والملك والعم ل والصحة والحرية والعلم والمن لك ل فرد‬ ‫وتحديد موارد الكسب‪.‬‬ ‫ز ـ ضبط الغريزتين‪ :‬غريزة حفظ النفس‪ ,‬وحفظ النوع‪ ,‬وتنظيم مطالب الفم والفرج‬ ‫ ح ـ الشدة في محاربة الجرائم الصلية‪.‬‬ ‫ط ـ تأكيد وحدة المة والقضا ء على ك ل مظاهر الفرقة وأسبابها‪.‬‬ ‫ي ـ إلزام المة الجهاد في سبي ل مبادئ الحق التي جا ء بها النظام‪.‬‬ ‫ك ـ اعتبار الدولة ممثلة للفكرة وقائمة على حمايتها‪ ,‬ومسؤولة عن تحقيق أهدافها في المجتمع‬ ‫الخاص‪ ,‬إوابلغها للناس جميعا‪.‬‬

‫الشـعائر العـيملية لهذا النظـام‬ ‫وقد خالف النظام القرآني غيره من النظم الوضعية والفلسفات النظرية فلم يترك مبادئه وتعاليمه‬ ‫نظريات في النفوس‪ ,‬ول أرا ء في الكتب‪ ,‬ول كلمات على الفواه والشفاه‪ ,‬ولكنه وضع لتركيزها‬ ‫وتثبيتها والنتفاع بيآثارها ونتائجها مظاهر عملية‪ ,‬وألزم المة التي تؤمن به وتدين له بالحرص‬ ‫على هذه العما ل وجعلها فرائض عليها ل تقب ل في تضييعها هوادة‪ ,‬ب ل يثيب العاملين ويعاقب‬

‫‪164‬‬


‫المقصرين عقوبة قد تخرج بالواحد منهم من حدود هذا المجتمع السلمي وتطو ح به إلى مكان‬ ‫سحيق‪.‬‬ ‫وأهم هذه الفرائض التي جعلها هذا النظام سياجا لتركيز مبادئه هي ‪:‬‬ ‫أ ـ الصلة والذكر والتوبة والستغفار‪...‬الخ ‪.‬‬ ‫ب ـ الصيام والعفة والتحذير من الترف ‪.‬‬ ‫ج ـ الزكاة والصدقة والنفاق في سبي ل ال ‪.‬‬ ‫د ـ الحج والسياحة والرحلة والكف والنظر في ملكوت ال ‪.‬‬ ‫هـ ـ الكسب والعم ل وتحريم السؤا ل ‪.‬‬ ‫و ـ الجهاد والقتا ل وتجهيز المقاتلين ‪ ,‬ورعاية أهليهم ومصالحهم من بعدهم ‪.‬‬ ‫ز ـ المر بالمعروف وبذ ل النصيحة ‪.‬‬ ‫ ح ـ النهي عن المنكر ومقاطعة مواطنه وفاعليه ‪.‬‬ ‫ط ـ التزود بالعلم والمعرفة لك ل مسلم ومسلمة في فنون الحياة المختلفة ك ل فيما يليق به ‪.‬‬ ‫ي ـ حسن المعاملة وكما ل التخلق بالخلق الفاضلة ‪.‬‬ ‫ك ـ الحرص على سلمة البدن والمحافظة على الحواس ‪.‬‬ ‫ ل ـ التضامن الجتماعي بين الحاكم والمحكوم بالرعاية والطاعة معا ‪.‬‬ ‫على قواعد هذا النظام الجتماعي القرآني الفاض ل قامت الدولة السلمية الولى تؤمن به‬ ‫إيمانا عميقا وتطبقه تطبيقا دقيقا وتنشره في العالمين‪ ,‬حتى كان الخليفة الو ل رضي ال عنه‬ ‫يقو ل‪ ) :‬لو ضاع مني عقا ل بعير لوجدته في كتاب ال ( وحتى أنه ليقات ل مانعي الزكاة ويعتبرهم‬ ‫مرتدين بهدمهم هذا الركن من أركان النظام ويقو ل‪ ) :‬وال لو منعوني عقال كانوا يؤدونه لرسو ل‬ ‫ال لقاتلتهم ما استمسك السيف بيدي (‪.‬‬ ‫وكانت الوحدة بك ل معانيها ومظاهرها شم ل هذه المة الناشئة‪ ,‬فالوحدة الجتماعية شاملة بتعميم‬ ‫نظام القرآن ولغة القرآن‪ ,‬والوحدة السياسية شاملة في ظ ل أمير المؤمنين وتحت لوا ء الخلفة في‬

‫‪165‬‬


‫العاصمة‪ ,‬ولم يح ل دونها أن كانت الفكرة السلمية فكرة ل مركزية في الجيوش‪ ,‬وفي بيوت‬ ‫الما ل‪ ,‬وفي تصرفات الولة‪ ,‬إذ أن الجميع يعملون بعقيدة واحدة وبتوجيه عام متحد‪.‬‬ ‫ولقد طردت هذه المبادئ القرآنية الوثنية المحرفة في جزيرة العرب وفي بلد الفرس فقضت عليها‪,‬‬ ‫وطاردت اليهودية الماكرة فحصرتها في نطاق ضيق وقضت على سلطانها الديني و السياسي‬ ‫قضا ء تاما‪ ,‬وصارعت المسيحية حتى انحصر ظلها في قارتي آسيا وأفريقيا وانحازت إلى أوربا في‬ ‫ظ ل الدولة الرومانية الشرقية بالقسطنطينية‪ ,‬وتركز بذلك السلطان الروحي والسياسي بالدولة‬ ‫السلمية في القارتين العظيمتين‪ ,‬وألحت بالغزو على القارة الثالثة تهاجم القسطنطينية من الشرق‬ ‫وتحاصرها حتى يجهدها الحصار‪ ,‬وتأتيها من الغرب فتقتحم الندلس وتص ل جنودها المظفرة إلى‬ ‫قلب فرنسا إوالى شما ل وجنوب إيطاليا‪ ,‬وتقيم في غرب أوربا دولة شامخة البنيان مشرقة بالعلم‬

‫والعرفان‪ ,‬ويتم لها بعد ذلك فتح القسطنطينية نفسها وحصر المسيحية وحصر المسيحية في هذا‬

‫الجز ء المحدود من قلب أوربا‪ ,‬وتمخر الساطي ل السلمية عباب البحرين البيض والحمر‬ ‫فيصير ك ل منهما بحيرة إسلمية‪ ,‬وتقبض قوات الدولة السلمية بذلك على مفاتيح البحار في‬ ‫الشرق والغرب وتتم لها السيادة البرية والبحرية‪.‬‬ ‫وقد اتصلت بغيرها من المم‪ ،‬ونقلت كثي ار من الحضارات‪ ،‬ولكنها تغلبت بقوة إيمانها ومتانة‬

‫نظامها عليها جميعاا‪ ،‬فعربتها أو كادت‪ ،‬واستطاعت أن تصبغها وأن تحملها على لغتها ودينها بما‬

‫فيهما من روعة وحيوية وجما ل‪ ،‬ولم يمنعها أن تأخذ النافع من هذه الحضارات جميعاا‪ ،‬من غير أن‬ ‫يؤثر ذلك في وحدتها الجتماعية أو السياسية‪.75‬‬

‫‪ 75‬بين المس واليوم ‪ -‬مجموعة رسائل المام الشهيد حسن البنا‬

‫‪166‬‬


‫الحكويمة في اللسلم‬ ‫يفترض السلم الحنيف الحكومة قاعدة من قواعد النظام الجتماعي الذي جا ء به للناس ‪ ،‬فهو ل‬ ‫يقر الفوضى ‪ ،‬ول يدع الجماعة المسلمة بغير إمام ‪ ،‬ولقد قا ل الرسو ل صلى ال عليه وسلم لبعض‬ ‫أصحابه ‪) :‬إذا نزلت ببلد وليس فيه سلطان فارح ل عنه(‪ ,‬كما قا ل في حديث آخر لبعض‬ ‫أصحابه كذلك ‪) :‬إذا كنتم ثلثة فأمروا عليكم رجل( ‪.‬‬ ‫فمن ظن أن الدين – أو بعبارة أدق السلم – ل يعرض للسياسة ‪ ،‬أو أن السياسة ليست من‬ ‫مباحثه ‪ ،‬فقد ظلم نفسه ‪ ،‬وظلم علمه بهذا السلم ول أقو ل ظلم السلم فإن السلم شريعة ال ل‬ ‫يأتيها الباط ل من بين يده ول من خلفه ‪ ..‬وجمي ل قو ل المام الغزالي رضى ال عنه ‪) :‬اعلم أن‬ ‫الشريعة أص ل ‪ ،‬والملك حارس ‪ ،‬وما ل أص ل له فمهدوم وما ل حارس له فضائع( فل تقوم الدولة‬ ‫السلمية إل على أساس الدعوة ‪ ،‬حتى تكون دولة رسالة ل تشكي ل إدارة ‪ ،‬ول حكومة مادة جامدة‬ ‫صما ء ل رو ح فيها ‪ ,‬كما ل تقوم الدعوة إل في حماية تحفظها وتنشرها وتبلغها وتقويها ‪.‬‬ ‫وأو ل خطئنا أننا نسينا هذا الص ل ففصلنا الدين عن السياسة عملي ا ‪ ,‬إوان كنا لن نستطيع أن نتنكر‬

‫له نظري ا فنصصنا في دستورنا على أن دين الدولة الرسمي هو السلم ‪ ,‬ولكن هذا النص لم يمنع‬

‫رجا ل السياسة وزعما ء الهيئات السياسية أن يفسدوا الذوق السلمي في الرؤوس ‪ ،‬والنظرة‬

‫السلمية في النفوس ‪ ,‬والجما ل السلمي في الوضاع ‪ ،‬باعتقادهم إواعلنهم وعملهم على أن‬

‫يباعدوا دائما بين توجيه الدين ومقتضيات السياسة ‪ ،‬وهذا أو ل الوهم و أص ل الفساد ‪.‬‬ ‫دعائم الحكم اللسليمي‬

‫والحكومة في السلم تقوم على قاعدة معروفة مقررة ‪ ،‬هي الهيك ل الساسي لنظام الحكم‬ ‫السلمي‪ ..‬فهي تقوم على‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫مسؤولية الحاكم‪،‬‬

‫‪.2‬‬

‫ووحدة المة‪،‬‬

‫‪.3‬‬

‫واحترام أرادتها‪..‬‬ ‫‪167‬‬


‫ول عبرة بعد ذلك بالسما ء والشكا ل ‪.‬‬

‫مسئولية الحاكم ‪:‬‬ ‫فالحاكم مسئو ل بين يدي ال وبين الناس ‪ ،‬وهو أجير لهم وعام ل لديهم ‪ ،‬ورسو ل ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم يقو ل ‪) :‬كلكم راع وكلكم مسئو ل عن رعيته( ‪ ،‬وأبو بكر رضى ال عنه يقو ل ‪ :‬عندما‬ ‫ولى المر وصعد المنبر‪) :‬أيها الناس ‪ ،‬كنت أحترف لعيالي فأكتسب قوتهم ‪ ،‬فأنا الن أحترف‬ ‫لكم‪ ،‬فافرضوا لي من بيت مالكم( ‪ .‬وهو بهذا قد فسر نظرية العقد الجتماعي أفض ل وأعد ل تفسير‬ ‫‪ ،‬ب ل هو وضع أساسه ‪ ,‬فما هو إل تعاقد بين المة والحاكم على رعاية المصالح العامة ‪ ,‬فإذا‬ ‫أحسن فله أجره ‪ ,‬إوان أسا ء فعليه عقابه ‪.‬‬ ‫وحدة المة ‪:‬‬ ‫والمة السلمية واحدة ‪ ,‬لن الخوة التي جمع السلم عليها القلوب أص ل من أصو ل اليمان ل‬ ‫يتم إل بها ول يتحقق إل بوجودها ‪ .‬ول يمنع ذلك حرية الرأي وبذ ل النصح من الصغير إلى الكبير‬ ‫‪ ،‬ومن الكبير إلى الصغير ‪ ،‬وذلك هو المعبر عنه في عرف السلم ببذ ل نصيحة ‪ ،‬والمر‬ ‫المعروف النهى عن المنكر ‪ ،‬وقا ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم ‪) :‬الدين النصيحة( ‪ ،‬قالوا‪:‬‬ ‫لمن يا رسو ل ال ؟ قا ل‪) :‬ل ولرسوله ولكتابه ولئمة المسلمين وعامتهم( وقا ل ‪) :‬إذا رأيت أمتي‬ ‫تهاب أن تقو ل للظالم يا ظالم فقد تودع منها( ‪ ،‬وفي رواية ‪) :‬وبطن الرض خير لهم من ظهرها(‪،‬‬ ‫وقا ل ‪) :‬سيد الشهدا ء حمزة بن عبد المطلب ‪ ،‬ورج ل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله( ‪.‬‬ ‫ول تكون الفرقة في الشؤون الجوهرية في المة السلمية ‪ ،‬لن نظام الحياة الجتماعية الذي‬ ‫يضمها نظام واحد هو السلم ‪ ،‬معترف به من أبنائها جميعا ‪ .‬والخلف في الفروع ل يضر ‪ ،‬ول‬ ‫يوجد بغضا ول خصومة ول حزبية يدور معها الحكم كم تدور ‪ ..‬ولكنه يستلزم البحث والتمحيص‬

‫والتشاور وبذ ل النصيحة ‪ ,‬فما كان من المنصوص عليه فل اجتهاد فيه وما ل نص فيه فقرار ولى‬ ‫المر يجمع المة عليه وهى شي ء بعد هذا ‪.‬‬ ‫‪168‬‬


‫احترام إرادة المة ‪:‬‬ ‫ومن حق المة السلمية أن تراقب الحاكم أدق مراقبة ‪ ،‬وأن تشير عليه بما ترى فيه الخير‪ ,‬وعليه‬ ‫أن يشاورها وأن يحترم إرادتها ‪ ,‬وأن يأخذ بالصالح من آرا ءها ‪ ,‬وقد أمر ال الحاكمين بذلك فقا ل ‪:‬‬ ‫)نونشاإوسرأهسم إفي النسمإر( )آ ل عمران‪ . (159:‬وأثنى به على المؤمنين خي ار فقا ل ‪) :‬نوأنسمأرأهسم أشونرى‬ ‫نبسيننهأسم( )الشورى‪.(38:‬‬ ‫ونصت على ذاك سنة رسو ل ال صلى ال عليه وسلم والخلفا ء الراشدين المهدين من بعدهم ‪ ..‬إذا‬ ‫جا ءهم ‪ ,‬أمر جمعوا أه ل الرأي من المسلمين واستشاروهم ونزلوا عند الصواب من آرائهم ‪ ،‬ب ل أنهم‬ ‫ليندبونهم إلى ذلك ويحثونهم عليه ‪ .‬فيقو ل أبو بكر رضى ال عنه ‪) :‬فإن رأيتموني على حق‬ ‫فأعينوني إوان رأيتموني على باط ل فسددوني أو قوموني( ‪ ,‬ويقو ل عمر بن الخطاب‪) :‬من رأى فلي‬ ‫اعوجاجا فليقومه( ‪.‬‬ ‫)والنظام السلمي( في هذا ل يعنيه الشكا ل ول السما ء متى تحققت هذه القواعد الساسية التي‬ ‫ل يكون الحكم صالحا بدونها ‪ ,‬ومتى طبقت تطبيقا يحفظ التوازن ول يجع ل بعضها يطغى على‬

‫بعض ‪ ,‬ول يمكن أن يحفظ هذا التوازن بغير الوجدان الحي والشعور الحقيقي بقدسية هذه التعاليم‪،‬‬ ‫إوان في المحافظة عليها وصيانتها الفوز في الدنيا والنجاة في الخرة ‪ ،‬وهو ما يعبرون عنه‬

‫فالصطل ح الحديث )بالوعي القومي( أو النضج السياسي أو )التربية الوطنية( أو نحو هذه‬ ‫اللفاظ‪ ،‬ومردها جميعا إلى حقيقة واحدة هي اعتقاد صلحية النظام ‪ ،‬والشعور بفائدة المحافظة‬ ‫عليه … إذ أن النصوص وحداها ل تنهض بأمة كاملة كما ل ينفع القانون إذا لم يطبقه قا ة‬ ‫ض‬

‫عاد ل نزيه ‪.‬‬ ‫ونحن في حياتنا العصرية قد نقلنا من أوربا هذا النظام النيابي الذي تعيش في ظله حكوماتنا الن‪,‬‬ ‫ووضعنا دستورنا على أساسه ‪ ،‬وتغيير هذا الدستور مرة باسمه كذلك ‪ ،‬وجربنا الكثير من آثاره‪،‬‬ ‫فإلى أي مدى ينطبق هذا النظام على السلم ؟ إوالى أي مدى كانت فائدتنا منه طوا ل هذه المدة ؟‬ ‫ذلك ما سنعرض له إن شا ء ال ‪.‬‬ ‫‪169‬‬


‫يملسؤولية الحاكم‬ ‫أنفنحسكم اسلجاإهإلنيإة يبأغون ومن أنحسن إمن ا إ‬ ‫ل أحسكما إلقنسوةم أيوإقأنونن‬ ‫أ ن ن‬ ‫نس ن ن ن س س ن أ ن‬

‫قدمت في الكلمة السابقة أن الدعائم التي يقوم عليها نظام الحكم السلمي ثلث‪:‬‬ ‫) أ ( مسؤولية الحاكم ‪.‬‬ ‫)ب( ووحدة المة ‪.‬‬ ‫)جـ( واحترام إرادتها ‪.‬‬ ‫ولقد تحقق هذا النظام بأكم ل صورة في عهد الخلفا ء الراشدين بعد رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫ال عليه وسلم ‪ .‬فكانوا يشعرون أتم الشعور بالتبعات الملقاة على كواهلهم كحكام مسؤولين عن‬ ‫رعاياهم ‪ .‬ويظهر ذلك في ك ل أقوالهم وتصرفاتهم وحسبك أن تق أر ما قاله عمر بن الخطاب رضى‬ ‫ال عنه حيت ولي الخلفة ‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز حين وليها كذلك ‪ ,‬وجا ءت سيرتاهما مطابقتين‬ ‫لقولهما ‪) :‬أيها الناس قد وليت عليكم ‪ ،‬ولول رجا ء أن أكون خيركم لكم ‪ ،‬وأقواكم عليكم ‪ ،‬وأشدكم‬

‫اضطلعا بما ينوب من مهم أموركم ‪ ،‬ما توليت ذلك منكم ‪ ،‬وكفي عمر أمإهم ا محزنا انتظار‬

‫موافقة الحساب ‪ ،‬يأخذ حقوقكم كيف أخذها ووضعها أين أضعها ‪ ،‬وبالسير منكم كيف أسير فربى‬

‫المستعان( ‪ ،‬فإن عمر أصبح ل يثق بقوة و ل حيلة إن لم يتداركه ال عز وج ل برحمته وعونه‬ ‫وتأييده ‪ ،‬وكان يقو ل ‪) :‬لو أن جملا هلك ضياعا بشط الفرات لخشيت أن يسأ ل ال عنه آ ل‬

‫الخطاب( ‪.‬‬

‫وقا ل عمر بن عبد العزيز في خطبته ‪) :‬أما بعد ‪ ،‬فإنه ليس بعد نبيكم صلى ال عليه وسلم نبي‪,‬ول‬ ‫بعد الكتاب الذي أنز ل عليه كتاب ‪ ,‬أل ما أح ل ال عز وج ل إلى يوم القيامة ‪ ،‬وما حرم ال حرام‬ ‫إلى يوم القيامة ‪ ،‬أل لست يقاض ولكنني منفذ ‪ ،‬أل إني لست بخيركم ولكنى رج ل منكم غير أن‬ ‫ال جعلني أثقلكم حملا( ‪ .‬وقدمت إليه مراكب الخلفة بعد دفن سليمان بن عبد الملك فأمر‬

‫بتأخيرها ‪ ،‬وركب بغلته وعاد إلى منزله ‪ ،‬فدخ ل عليه موله مزاحم فقا ل ‪ :‬يا أمير المؤمنين لعلك‬ ‫‪170‬‬


‫مهتم؟ فقا ل ‪) :‬بمث ل هذا المر الذي نز ل بي اهتممت ‪ ،‬إن ليس من أمة محمد في مشرق ول‬ ‫مغرب أحد إل له قبلي حق يحق علي أداؤه إليه ‪ ،‬غير كاتب إلي فيه ول طالبه مني( ‪.‬‬ ‫وكانت المة مجتمعة الكلمة باستمساكها بأهداب الدين ‪ ،‬واعتقادها فض ل ما جا ء به من أحكام ‪،‬‬ ‫ورعايتها لمر رسو ل ال صلى ال عليه وسلم وتشديده في الوحدة حتى أمر بقت ل من فارق‬ ‫الجماعة أو خرج على الطاعة ‪ ،‬فقا ل ‪) :‬من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يشق عصاكم فاضربوه‬ ‫بالسيف كائنا من كان( ‪ ،‬كما قا ل ‪) :‬من خرج على الطاعة وخالف الجماعة فمات ‪ ،‬مات ميتة‬ ‫جاهلية ‪ ،‬ومن قات ل تحت راية عملية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة ‪ ،‬أو ينصر عصبة ‪،‬‬

‫فقت ل ‪ ،‬فقتلة جاهلية ‪ .‬ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ول يتحاشى من مؤمنها ‪ ،‬ول يفي‬ ‫ذا عهد عهده ‪ ،‬فليس منى ولست منه( ‪.‬‬ ‫كما كانت إرادتها محترمة مقدرة ‪ ،‬فما كان أبو بكر يمضى في الناس أم ار إل بعد أن يستشيرهم‬

‫وخصوص ا فيما ل نص فيه ‪ ،‬وكذلك كان عمر بن الخطاب ‪ ،‬فقد جع ل الخلفة من بعده شورى‬

‫في الستة اللذين توفي رسو ل ال صلى ال عليه وسلم وهو عنهم راض‪. 76‬‬

‫لقد قرر الخليفة أبو بكر الصديق رضي ال عنه في بيان عملي حرب مانعي الزكاة برغم‬ ‫وجود النص الذي يمنع ذلك‪ ،‬وذكره به عمر بن الخطاب رضي ال عنه في الحديث الذي أورده‬ ‫ت نأن أأقاتن ل‬ ‫البخاري‪ .." :‬يا نأبا بكر كي ن‬ ‫ف أتقاتإأ ل النانس وقد قا ل رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أإمر أ‬ ‫النانس حتى يقولوا ل إله إل ال‪ ،‬فمن قا ل ل إله إل ال نعصنم مني ما لهأ ونسفنسه إلن بحقه وحسابه‬ ‫على ال‪ 77".‬ولكن الخليفة أبو بكر رضي ال عنه أمضي رأيه فلزمت الطاعة المسلمين رغم‬ ‫المخالفة لنص صريح‪ ،‬وصار قرار الحرب هو تشريع اللحظة الذي يجب على المسلمين طاعته‬ ‫لنه من ولي المر المنتخب وصاحب السنة في الزمن‪ ،‬وصدر من موقع مسؤولية مباشرة‪..‬‬ ‫فالشريعة السياسية في السلم هي قرار الشرعية المنتخبة‪ ،‬وليست استنباط فقهي وقسر النصوص‬ ‫للجابة على إشكاليات لم تكن ضمن مشاغلها حين نزولها‪.‬‬

‫‪ 76‬نظام الحكم – مجموعة الرسائل لللمام الشهيد حسن البنا‬

‫‪ / 77‬البخاري – ‪.6773‬‬

‫‪171‬‬


‫هذا وقد كان في قرار أبو بكر بحرب المرتدين التفاف رائع على محاولة لهدم الدولة عبر خلق‬ ‫فوضى تشريعية باستخدام الدين‪ .‬وفي ذلك يقو ل الدكتور محمد عمارة‪ .." :‬إن وجود دولة الخلفة‬ ‫التي حماها الصحابة ودعموها بقتالهم للمرتدين كانت السبي ل لما هو أكثر من إقامة فريضة الزكاة‬ ‫الدينية كركن من أركان الدين‪ ..‬إذ أنها كانت السبي ل لقامة السلم كله كدين‪ ...‬فالدولة هي التي‬ ‫نشرت السلم خارج شبه الجزيرة‪ ،‬بعد أن أعادت رفع أعلمه التي طواها العرب المرتدون‪..‬‬ ‫ولولها لتهدد السلم مخاطر أن يصبح مجرد نحلة من النح ل التي عرفها التاريخ‪ ،‬أو ديانة يقف‬ ‫شرف التدين بها عند قلة من الناس"‪ .78‬هذا وتأكيد ما ذهب إليه الدكتور محمد عمارة نجده في‬ ‫مقولة عبد ال بن مسعود رضي ال عنه‪" :‬لقد قمنا بعد رسو ل ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مقام ا‬

‫كدنا نهلك فيه لول أن ال من علينا بأبي بكر‪ ،‬أجمعنا على أن ل نقات ل الناس على ابنة مخاض‬ ‫وابنة لبون‪ ..‬ونعبد ال حتى يأتينا اليقين فعزم ال لبي بكر على قتالهم فوال ما رضي منهم إل‬ ‫بالخطة المخزية أو الحرب المجلية‪ ،‬أما الخطة المخزية فأن يقروا بأن من قت ل منهم في النار ومن‬ ‫قت ل منا في الجنة‪ ،‬وأن يدوا قتلنا ونغنم ما أخذنا منهم‪ ،‬وأن ما أخذوا منا مردود علينا‪ .‬وأما الحرب‬ ‫المجلية فأن يخرجوا من ديارهم"‪ .79‬ولنا أن نتصور حجم حروب الردة إذا علمنا أن عدد اللوية‬ ‫التي عقدها أمير المؤمنين وقتها إحدى عشر لواا ء‪ ،80‬وهذا ليس بالمر اليسير‪ ،‬ولكن أبو بكر‬

‫انطلق في ق ارره من موقع المكلف بالمر‪ ،‬كفهم عام لمسناه على امتداد الخلفة الراشدة‪ ..‬فلم‬ ‫يجتهد عمر في خلفة أبي بكر ولم يجمع عثمان كتاب ال في عهد عمر‪ ..‬فقد أسس السلم آلية‬ ‫لوحدة القرار السياسي عبر تفويض "سلطة المر والفتوى" لمن يفوضه الجمهور بالمطلق أو‬ ‫بالتقييد فالبيعة في السلم على شرط معطيها‪.81‬‬

‫‪ / 78‬د‪ .‬محمد عمارة العلمانية ونهضتنا الحديثة ط دار الشروق ص ‪39‬‬ ‫‪ / 79‬ابن اليثير ج ‪ 2‬ص ‪342‬‬ ‫‪ / 80‬المصدر السابق ص ‪346‬‬ ‫‪ 81‬رؤية في الفكر السياسي السلمي ‪ -‬محمد مكي عثمان‬

‫‪172‬‬


‫الدولة فى برنايمج الحزب‬ ‫فى قراءته الولى‬ ‫رســخ الســلم نموذج ـ ا للدولــة تحققــت فيــه أركانهــا الساســية وقواعــدها‪ ،‬مــن مبــادئ الختيــار‬

‫والمسئولية والمحاسبة والتقاضي‪ ،‬واعتبرت قواعد أساسية لدارة نظــام الدولـة‪ ،‬وتحقيـق مبــدأ الفصــ ل‬ ‫الواضــح بيــن الســلطات دون أن تفقــد عناصــر تكامــ ل أدوارهــا ووظائفهــا‪ ،‬وكــان هــذا الجــانب واضــحا‬

‫فــي الوظيفــة القضــائية الــتي قــامت بــدور مهــم فــي الحــد مــن هيمنــة الحكــام ومحاســبتهم‪ ،‬إلــى جــانب‬ ‫استقل ل المجتمع‪ ،‬كما ساهم العلما ء والفقها ء المستقلون عـن ســيطرة الحكــام فــي زيــادة رصــيد المــة‬ ‫العلمي والفقهي والحضاري‪.‬‬ ‫ثــم نشــأت فــي الغــرب دو ل قوميــة فــي مواجهــة الكنيســة الكاثوليكيــة‪ ،‬ســاهمت فــي وضــع نظــم‬ ‫جديدة لدارة الدولة‪ ،‬والوصو ل بها إلى دولة المؤسسات‪ ،‬وقد صـاحب الدولـة القوميـة الوربيـة نزعــة‬ ‫توسعية لغزو بلدان أخرى‪ ،‬مما يهدد فكرة السيادة نفسـها‪ ،‬ويتيح حريـة التـدخ ل الجنـبي فـي الشـؤون‬ ‫الداخلية للدولة تحت أي ذريعة كانت‪.‬‬ ‫وبعــد ذلــك نشــأت دو ل قوميــة فــي العــالم الســلمي علــي النســق الغربــي‪ ،‬لــم تصــ ل إلــى مرحلــة‬ ‫الستقرار والنضج‪ ،‬نتيجة خضوعها للتغريب‪ ،‬والتبعية والتجزئة‪ ،‬والفساد‪ ،‬والستبداد والتخلف‪.‬‬ ‫ويقوم منهجنا السلمي لصل ح الدولة وفق الخصائص التية‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬دولة تقوم علي يمبدأ اليمواطنة‬ ‫مص ــر دول ــة لك ــ ل المـ ـواطنين ال ــذين يتمتع ــون بجنس ــيتها وجمي ــع المـ ـواطنين يتمتع ــون بحق ــوق‬ ‫وواجبات متساوية‪ ،‬يكفلها القانون وفق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص‪.‬‬ ‫ونعتــبر المواطنــة هــي القاعــدة الــتي تنطلــق عنهــا المطالبــة بالديمقراطيــة‪ ،‬ليــس بغــرض تــداو ل‬ ‫السلطة فحسب‪ ،‬ب ل بغرض ممارسة الديمقراطية‪ ،‬المتجاه ل لمبدأ الغلبية‪.‬‬ ‫ويجــب أن تعــزز النصــوص القانونيــة معاملــة كــ ل الم ـواطنين علــي قــدم المســاواة دون تمييــز‪،‬‬ ‫وعلـي الدولة والمجتمـع العمـ ل علـي ضـمان قيـام الوضـاع الجتماعيـة اللزمـة لتحقيـق النصـاف‪،‬‬ ‫وأن يمكــن الف ـراد مــن المشــاركة بفاعليــة فــي اتخــاذ الق ـ اررات الــتي تــؤثر فــي حيــاتهم‪ ،‬وخاصــة فــي‬ ‫الق اررات السياسية‪.‬‬

‫‪173‬‬


‫ب ‪ -‬دولة دلستورية‬ ‫اســتقر بنــا ء الدولــة الدســتورية علــي دعامــات ثلث؛ الســلطة التشـ ـريعية‪ ،‬والســلطة القضــائية‪،‬‬ ‫والس ــلطة التنفيذي ــة‪ ،‬وال ــتي تعم ــ ل بش ــك ل متم ــايز ومتكام ــ ل ومتض ــامن ف ــي آن واح ــد‪ ،‬باعتب ــار ه ــذه‬ ‫الــدعامات مانعـ ـا مــن الســتبداد واحتكــار الســلطة والمقــرر شــرعا هــو ســد ذ ارئــع الفســاد ومــال يتــم‬

‫الواجب إل به فهو واجب‪.‬‬

‫إوالي جانب ما يـتيحه تعــدد السـلطات مــن توزيــع للمسـؤوليات والســلطة ومنـع احتكارهـا مـن قبــ ل‬

‫أي قوة واحــدة‪ ،‬ينبغــي أن تشــتم ل كـ ل ســلطة مــن هـذه الســلطات علــي كيانــات مؤسســية ترسـخ دعــائم‬ ‫مستقرة وقواعد عم ل واضحة وسياسات محددة‪ ،‬بشك ل يعكس الشفافية والمشاركة‪ ،‬فهي أمــور تعنــي‬ ‫أن تعددية السلطة هي الحافظة لمعادلة أن ك ل سلطة لبد أن ترتبط بالمسئولية‪ ،‬وك ل مسئولية لبــد‬ ‫أن تتلزم مع المسا ءلة‪.‬‬ ‫وتقوم الدولة الدستورية علي السلطات التالية ‪ :‬ـ‬ ‫‪.1‬‬

‫الس ــلطة التشـ ـريعية وال ــتي تش ــك ل م ــن نـ ـواب منتخ ــبين م ــن الش ــعب ب ــالقتراع الس ــري‬

‫المباشر‪ ،‬ويتولون سن القوانين والرقابة علي السلطة التنفيذية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫السلطة التنفيذية وتتولها الحكومة‪ ،‬وهي مسئولة أمام السلطة التشريعية‪.‬‬

‫‪.3‬‬

‫الس ــلطة القض ــائية ويتوله ــا قض ــاة يتمتع ــون بالس ــتقل ل الكام ــ ل وه ــي تت ــولي تط ــبيق‬

‫وتنفيذ الدستور والقوانين التي تسنها السلطة التشريعية‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬دولة تقوم علي الشورى‬ ‫تعد الشورى مبدأ أساسيا تقوم عليـه الدولة بكـ ل أبعادهـا فهـي ليسـت مجـرد مبـدأ سياسـي يحكـم‬ ‫أشكا ل العلقـات السياسـية فحسـب‪ ..‬بـ ل هـي نمـط سـلوك ومنهج عـام لدارة مختلـف جـوانب الحيـاة‬ ‫في الدولة‪ ...‬بالضـافة إلـى كـونه قيمـة إيمانيـة وخلقيـة تـوجه سـلوك الفـراد وعلقـاتهم الجتماعيـة‪،‬‬ ‫يتربي عليها الفرد والمجتمع والحكام لتصبح جـز ءا مــن مكونــات الشخصــية الوطنيــة وأحــد مقوماتهــا‪،‬‬ ‫ويصطبغ بها ك ل المواطنين‪.‬‬

‫والشـورى الـتي نـؤمن بهـا ونسـعى إلـى تحقيقهـا وتأسـيس نظـام الحكـم عليهـا ليسـت قالبـ ا جامـدا‬

‫ولكنهــا تعنــي إرســا ء مبــدأ تــداو ل الســلطة وحــق الشــعب فــي تقريــر شــؤونه واختيــار نـ ـوابه وحكــامه‬ ‫ومراقبتهم ومحاسبتهم وضمان التزامهم في ما يصدر عنهم من قـ اررات أو تصـرفات لتســيير الشــئون‬ ‫‪174‬‬


‫العامــة ا ب ـرأي الشــعب مباش ـرة أو عــن طريــق ن ـوابه حــتى ل يســتبد بــالمر فــرد أو ينفــرد بــه حــزب أو‬ ‫تستأثر به فئة‪ ،‬وهي إلى جانب ذلك مصد ار لتحديـد القواعـد الساسـية الـتي يقوم عليهـا نظـام الحكـم‬ ‫ودستور الدولة‪.‬‬

‫إن عــدم تحديــد شــك ل معيــن للشــورى مــع القواعــد الســلمية المقــررة لتحقيــق مصــلحة العبــاد‬ ‫والبلد ي ـ ــوجب علين ـ ــا أن نأخ ـ ــذ بأحس ـ ــن م ـ ــا وص ـ ــلت إلي ـ ــه المجتمع ـ ــات النس ـ ــانية ف ـ ــي ممارس ـ ــتها‬ ‫الديمقراطية في عصرنا الراهن من أشكا ل وقواعد وطرق إجرائية وفنية لتنظيــم اســتخلص الجمــاع‬ ‫وتحســين ممارس ــة الســلطة وضــمان ت ــداولها س ــلمي ا وتوســيع دائـ ـرة المش ــاركة الشــعبية فيهــا وتفعيــ ل‬

‫المراقبة عليها‪.‬‬

‫د ‪ -‬دولة لسيادة القانون‬ ‫تعد سيادة القانون مبد ءا من مبادئ الدولة الدستورية العادلة‪ ،‬ولتعزيز هــذا المبــدأ وتجســيده فــي‬

‫الواقع العملي لبد من‪:‬‬

‫ضـ ــمان المشـ ــاركة الحقيقيـ ــة للم ـ ـواطنين‪ ،‬عـ ــبر الهيئـ ــات التش ـ ـريعية فـ ــي تقـ ــديم مقترحـ ــات‬

‫‪.1‬‬

‫بالتشريعات والقوانين إواقرارها‪ ،‬وفي اختيار ممثليهم‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫بسط وتعزيز سلطان القضا ء وضمان استقلله والعم ل علي تنفيذ أحكامه‪.‬‬

‫‪.3‬‬

‫ض ــمان خض ــوع س ــلطات الدول ــة للق ــانون‪ ،‬وانض ــباطها ب ــه‪ ،‬واحتكامه ــا إلي ــه‪ ،‬واعتب ــار ك ــ ل‬ ‫تصرف يصدر عن السلطات العامة مخالفـا للدسـتور والقـانون بـاطلا يسـتوجب المسـا ءلة‪ ،‬بـ ل يجـب‬ ‫أن يتضمن الدستور ك ل ما يؤكد علي عناصر الرقابة والمسا ءلة والمحاسبة‪.‬‬ ‫هـ ‪ -‬دولة يمدنية‬ ‫الدولة السلمية هي دولـة مدنيـة بالضـرورة‪ ،‬لن الوظـائف فيهـا أســاس توليهــا الكفــا ءة والخــبرة‬ ‫الفنية المتخصصة والدوار السياسية يقوم بها مواطنون منتخبون‪ ،‬تحقيق ا للرادة الشــعبية الحقيقيــة‪،‬‬ ‫والشعب مصدر السـلطات‪ ،‬وصـولا لحفـظ أمـن المجتمــع‪ ،‬إذ تنشــأ علقــة بيـن الســلطة والشــعب تقـوم‬

‫علي التكام ل والتكاف ل لتحقيق المصلحة العليا للمجتمع‪ ،‬وتعظيم المجا ل المشترك بينهما‪ ،‬فالشعب‬ ‫النــاهض ليــس بــديلا عــن الدولــة الشــرعية الفاعلــة ول مزاحمــا لهــا‪ ،‬بــ ل يعــد مصــد ار مــن مصــادر قــوة‬ ‫الدولة‪.‬‬

‫‪175‬‬


‫والدولـة المتصــفة بالشــرعية والفاعليـة أهـم مصـدر مـن مصــادر قــوة الشـعب‪ ،‬بمــا تســمح بـه مــن‬ ‫قيــام مؤسســات أهليــة تتمتــع بالســتقل ل المــالي والداري‪ ،‬وبمــا تــتيحه مــن مجــالت ومــا ترســمه مــن‬ ‫خطط للنهوض والتقدم أمام المواطنين‪.‬‬ ‫والدولة هي وكي ل عـن المـة تقـوم بكـ ل مـا ل تسـتطيع المـة القيــام بـه‪ ،‬وتقـوم بالمهــام المركزيــة‬ ‫مثــ ل الــدفاع والمــن والخارجيــة‪ ،‬وهــي مســئولة عــن التخطيــط المركــزي‪ ،‬وتــوجيه القطــاع الخــاص‬ ‫والهلــي بسياســة الحـوافز‪ ،‬كمــا أنهــا مســئولة عــن مواجهــة الزمــات والمشــكلت الكــبرى‪ ،‬وتعــويض‬ ‫النقــص فــي الخــدمات والحاجيــات الساســية‪ ،‬وهــي فــي كــ ل هــذا تعمــ ل وفــق تعاقــدها الدســتوري مــع‬ ‫المة كوكي ل لها‪ ،‬ومن خل ل مراقبة السلطة التشريعية لدا ء الدولة نيابة عن المة‪.‬‬ ‫وللدولــة وظــائف دينيــة أساســية‪ ،‬فهــي مســئولة عــن حمايــة وح ارســة الــدين‪ ،‬والدولــة الســلمية‬ ‫يكــون عليهــا حمايــة غيــر المســلم فــي عقيــدته وعبــادته ودور عبــادته وغيرهــا‪ ،‬ويكــون عليهــا ح ارســة‬ ‫السلم وحماية شئونه والتأكـد مـن عـدم وجـود مـا يعـترض الممارسـة السـلمية مـن العبـادة والـدعوة‬ ‫والح ــج وغيره ــا‪ .‬وتل ــك الوظ ــائف الديني ــة تتمث ــ ل ف ــي رئي ــس الدول ــة أو رئي ــس ال ــوزرا ء طبق ــا للنظ ــام‬ ‫السياســي القــائم‪ .‬ولهــذا نــري أن رئيــس الدولــة أو رئيــس الــوزرا ء طبقــا للنظــام السياســي القــائم عليــه‬ ‫واجبــات تتعــارض مــع عقيــدة غيــر المســلم‪ .‬ممــا يجعــ ل غيــر المســلم معفــي مــن القيــام بهــذه المهمــة‪،‬‬ ‫طبقــا للش ـريعة الســلمية‪ ،‬والــتي ل تلــزم غيــر المســلم ب ـواجب يتعــارض مــع عقيــدته‪ ،‬كمــا أن ق ـرار‬ ‫الحـ ــرب يمثـ ــ ل ق ـ ـ ار ار شـ ــرعيا‪ ،‬أي يجـ ــب أن يقـ ــوم علـ ــي المقاصـ ــد والسـ ــس الـ ــتي حـ ــددتها الش ـ ـريعة‬ ‫السلمية‪ ،‬ممـا يجعـ ل رئيـس الدولـة أو رئيـس الـوزرا ء طبقـا للنظـام السياســي القــائم‪ ،‬إذا أتخــذ بنفســه‬ ‫قرار الحرب مسا ءلا عن استيفا ء الجانب الشرعي لقيام الحرب‪ ،‬وهو بهــذا يكــون عليـه واجــب شـرعي‬ ‫يلتزم به‪.‬‬ ‫و‪ -‬دولة تحقق وحدة اليمة‬ ‫تعم ل الدولة المنشودة علي قيام وحدة المة العربية أول ثم المة السلمية فــي ظــ ل التكتلت‬ ‫الكــبيرة والعولمــة‪.‬فالمــة الســلمية أمـة واحــدة‪ ،‬لن الخــوة الــتي جمــع الســلم عليهــا القلـوب أصــ ل‬ ‫مــن أصــو ل اليمــان ل يتــم إل بهــا ول يتحقــق إل بوجودهــا‪ ،‬ول يمنــع ذلــك حريــة الـرأي وبــذ ل النصــح‬ ‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالـدين النصـيحة‪.‬ولقـد جمـع السـلم فـي مجتمعـه بيـن الخـوة‬ ‫النسانية و السلمية‪.‬‬ ‫‪176‬‬


‫ول تجــوز الفرقــة فــي الشــئون الجوهريــة الساســية فــي المــة الســلمية والخلف فــي الفــروع ل‬ ‫ضا ول خصومة‪.‬‬ ‫يضر ول يوجب بغ ا‬

‫ولن الدولة وكي ل عن الجماعة السياسية المصرية‪ ،‬لذا يكون عليها تحقيق آمــا ل هـذه الجماعـة‬

‫فـي الوحـدة العربيـة ثـم فـي الوحـدة السـلمية‪ ،‬والـتي تمثـ ل النتمـا ء الحضـاري والـديني‪ ،‬والـذي جمـع‬ ‫رابطــة العقيــدة مــع رابطــة الحضــارة‪ ،‬وجعــ ل كــ ل مكونــات أمتنــا مــع اختلف الــدين واللغــة وغيرهــا‪،‬‬ ‫ينتمون لوعي جمعي يؤص ل لوحـدتهم‪ .‬وللوحـدة أشـكا ل كـثيرة‪ ،‬وكـ ل مـا صـلح مـن تلـك الشـكا ل هو‬ ‫هــدف لنــا‪ ،‬وكــ ل عمليــات الوحــدة تتــم تــدريجيا‪ ،‬وهــدفها النهــائي الوصــو ل لكيــان مؤسســي جــامع‪ ،‬فــي‬

‫شك ل إتحاد عربي ثم إتحاد إسلمي(‪.82‬‬

‫‪ 82‬القراءة الولى لبرنامج الحز ب الذى طرحته جماعة الوخوان المسلمين‬

‫‪177‬‬


‫النظام السياسى‬

‫‪178‬‬


‫النظـام اللسيالسـي‬ ‫إن المشـروعية السياســية‪ ،‬تتطلــب وصـو ل المجتمــع بكــ ل فئــاته لحالــة التوافـق الــديمقراطي حــو ل‬ ‫القضايا والمسائ ل الوطنية الكبرى‪ ،‬وخاصة قواعـد إدارة النظـام السياسـي والنشـاط السياسـي ولن يتـم‬ ‫ذلــك إل بتــوفير منــا خ الثقــة المتبــاد ل بيــن كــ ل الفئــات كشــرط لتحســين الدا ء داخــ ل النظــام السياســي‬ ‫والذي نرى أن يكون نظاما رئاسيا ‪ -‬برلمانيا وذلـك فـي ظـ ل الواقـع المصـري الحـالي والمنـا خ السـائد‬

‫علــى المســتوى القليمــي والــدولي‪ ،‬ويمكــن أن يتغيــر هــذا الختيــار فــي المســتقب ل إذا مــا تغيــر الواقــع‬ ‫المحلــي والمنــا خ القليمــي والعــالمي وطبقـ ـ ا لرادة المــة وباختيارهــا الحــر عــبر آليــات الديمقراطيــة‬ ‫الحقيقية‪ ،‬ويتطلب ذلك‪:‬‬

‫ل‪ :‬توافر المنا خ الملئم للتحو ل الديمقراطي وتعميق الشورى‬ ‫أو ا‬

‫أ – تعزيز آليات الديمقراطية ومبادئ الشورى‬

‫يتم ذلك في إطار مبادئ وقواعد أساسية تقوم علي ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫توســيع قاعــدة المشــاركة السياســية لكــ ل القــوى‪ ،‬إواشـ ـراك كــ ل الفئــات وجميــع ال ارغــبين فــي‬

‫المشــاركة‪ ،‬وذلــك مــن خل ل اســتراتيجيه الدمــج والدخــا ل بــديلا عــن القصــا ء والســتبعاد واحــترام‬

‫قواع ــد المنافس ــة ال ــتي تت ــم م ــن خل ل آلي ــة النتخاب ــات الدوري ــة النزيه ــة لض ــمان اس ــتقرار العم ــ ل‬ ‫السياسي السلمي‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫التوافق الديمقراطي حو ل القواعد الساسية للنظام السياسي‪ ،‬والتي تمث ل قاسم ا مشترك ا بين‬

‫‪.3‬‬

‫التواف ــق المجتمع ــي مق ــدم عل ــي التن ــافس السياس ــي‪ ،‬والوص ــو ل إل ــى الح ــد الدن ــى أو الح ــد‬

‫ك ل القوي السياسية‪ ،‬والحفاظ علي المصالح الساسية لك ل فئات وشرائح المجتمع المصري‬

‫الضروري من توافق أو إجماع المة علي نظامها السياسي ودســتورها‪ ،‬مقــدم علــي التنــافس القــائم‬ ‫علي أغلبية ومعارضة‪ ،‬ونــري أن دورنــا الساسـي يقـوم علـي تجميـع المـة لتأســيس نظامهـا القـائم‬ ‫علــي الشــورى والديمقراطيــة‪ ،‬وتحديــد مبادئهــا الدســتورية الساســية‪ ،‬ممــا يمكــن مــن قيــام التنــافس‬ ‫السياسي في ظ ل توافق مجتمعي صلب‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬ضمانات الحرية‬

‫الحريــة كأصــ ل إســلمي وتـ ـراث إنســاني ركــن أصــي ل فــي العلقــة التعاقديــة بيــن المـ ـواطن أو‬ ‫مؤسســات المجتمــع المختلفــة مــن جهــة‪ ،‬وبيــن الســلطة الحاكمــة مــن جهــة أخــرى‪ ،‬بمــا يــوفر عدال ـةا‬ ‫‪179‬‬


‫أتساوي بين الفراد‪ ،‬وتضمن حرياتهم في العتقاد‪ ،‬والتصرف والتملك‪ ،‬إوابدا ء الرأي والتعبير والتنق ل‬ ‫و الجتماع وتكوين الحزاب والجمعيات و إصدار الصحف‪.‬‬

‫إن ض ــمان الحري ــة‪ ،‬وص ــيانة الحق ــوق للمـ ـواطن‪ ،‬وفئ ــات المجتم ــع المختلف ــة‪ ،‬يتحمله ــا النظ ــام‬ ‫السياسي بك ل مفرداته‪ ،‬من نظم ومؤسسات إواجـرا ءات وتوجهـات إداريـة وعمليـة‪ ،‬ول تقتصـر الحريـة‬ ‫عل ــي الحري ــات الديني ــة والسياس ــية فحس ــب‪ ،‬ولكنه ــا تش ــم ل التح ــرر م ــن ك ــ ل أنـ ـواع وأش ــكا ل القه ــر‬

‫والستبداد‪ ،‬والني ل من الكرامة النسانية‪.‬‬ ‫ولمنع استبداد السلطة يجب العم ل على ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫سن التشريعات والقوانين واللوائح الضامنة للحرية‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫تفعيــ ل نظــام للتنشــئة السياســية لكــ ل أف ـراد المجتمــع يجعلهــم فــاعلين ومشــاركين فــي الحيــاة‬ ‫السياسية‪ ،‬مشاركة إيجابية وسلمية‪.‬‬ ‫تطـ ــوير النظـ ــام التعليمـ ــي والثقـ ــافي والعلمـ ــي لجـ ــ ل تكـ ــوين المـ ـواطن الصـ ــالح الناضـ ــج‬

‫‪.3‬‬

‫والمؤهــ ل للمشــاركة السياســية الفعالــة‪ ،‬والداعمــة للتنميــة المســتدامة وهــذه كلهــا تضـ ـمن؛ تعليــم‬ ‫الحقــوق والواجبــات‪ ،‬وتنميــة القــدرات الفرديــة والجماعيــة‪ ،‬وبــث قيــم الح ـوار والمشــاركة وتأصــي ل‬ ‫قواعد المسئولية والمسا ءلة‪.‬‬ ‫تطـ ــوير نظـ ــام للتنشـ ــئة الجتماعيـ ــة يـ ــدعم احـ ــترام الدولـ ــة لقيـ ــم الشـ ــعب المصـ ــري وث ـ ـوابته‬

‫‪.4‬‬

‫الساسية‪ ،‬وخاصة الدينية بك ل أطيافها‪ ،‬والتي تعلي من قيمة مدنية الدولة بين أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫العمــ ل علــي أن يعكــس الدســتور الهويــة الجامعــة للمــة بأبعادهــا الســلمية و الحضــارية‬

‫‪.5‬‬

‫والعربيــة ول يكــون متصــادما معهــا‪ ،‬وهــذا شــرط أساســي لتوليــد منــا خ تعاقــدي تـوافقي بيــن الفـراد‬ ‫والمجتمع والدولة‪.‬‬ ‫جـ( منظمات المجتمع الهلي ومؤسسات الشعب‬

‫تتمث ل هذه المنظمـات فـي الحـزاب السياسـية والنقابـات المهنيـة والعماليـة والتحـادات التجاريـة‬ ‫والصناعية والطلبية والجمعيات الهليـة وغيرهـا‪ ،‬وهـي تمثـ ل الـرأي العـام للمجتمـع فـي التعـبير عن‬ ‫مصــالحه إوابــدا ء أريــه فــي الشــئون العامــة ووجــود هــذه المنظمــات المتعــددة واســتقللها‪ ،‬يعــد ضــرورة‬

‫لستقرار النظام السياسي‪ ،‬إواقامة الديمقراطيـة‪ ،‬تضـفي الحيوية علـي النشـطة الجتماعيـة والثقافيـة‬ ‫والتربوية‪ ،‬ولذلك فإن تسهي ل إنشـا ء هـذه المنظمـات واسـتقللها ودعمهـا يعـد مـن أولويـات السياسـات‬

‫العامة‪.‬‬ ‫‪180‬‬


‫ويعني استقل ل هذه المنظمات‪ ،‬أن تكون قادرة وممكنة في إدارة شئونها الداخلية وفق ا لهدافها‬

‫المعلنة ونظامها الساسي دون تـدخ ل إداري مـن السـلطة الحاكمـة يعطـ ل أعمالهـا ويقصـي فاعليتهـا‬

‫الحقيقي ــة‪ ،‬شـ ـريطة ع ــدم مص ــادمة أعماله ــا للق ــانون و حري ــات الخري ــن والقي ــم الساس ــية للمجتم ــع‬ ‫وقواعد النظام العام‪ ،‬وأن تتسم أعمالها بالشفافية وتوسيع قـاعدة المشاركة الطـ ـوعية أمــام المـواطنين‬ ‫والفصا ح عن مصادر التموي ل وطرق النفاق‪.‬‬

‫ثانياا‪ :‬الفص ل بين السلطات‬

‫س ــبق الق ــو ل ب ــأن الفص ــ ل بي ــن الس ــلطات م ــن أس ــس النظ ــام السياس ــي الدس ــتوري الس ــلمي‪.‬‬ ‫ولحداث إصل ح حقيقي يجب مراعاة هذا المبدأ وهو يقوم علي ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تحديد الختصاصات ‪:‬‬

‫تختــص الســلطة التشـريعية بمجلســيها الشــعب والشــورى بعمليــة التشـريع وســن القـوانين والرقابــة‬ ‫علــي الســلطة التنفيذيــة‪ .‬ونهــدف فــي برنامجنــا إلــى تعزيــز هــذه الســلطة بضــم كافــة الجهـزة الرقابيــة‬ ‫المركزية لمجلس الشعب لتعظيم دوره الرقابي وضم المجالس القومية المتخصصــة لمجلـس الشـورى‬ ‫لتعظيم دوره التشريعي في كافة القوانين والتشـريعات وتعظيــم دوره التخطيطــي خاصــة فــي مــا يتعلــق‬ ‫بالمشاريع والبرامج القومية‪ .‬وتختص السلطة القضائية بإعما ل سيادة القانون وحسن تطبيقه إوانفاذ‬ ‫أحكامه علي أفراد المجتمع والدولة وتختص السلطة التنفيذيــة بوضــع الخطــط التنفيذيــة إوادارة دولب‬ ‫العمــ ل الداري فــي الدولــة إواصــدار الق ـ اررات اللزمــة لتنفيــذ القــانون والمســاعدة علــي تنفيــذ الحكــام‬ ‫القضائية‪.‬‬

‫إن ضــبط نقــاط التمــاس والتــداخ ل بيــن الســلطات آليــة مهمــة للحفــاظ علــي اســتقرار المجتمــع‬ ‫وفعاليــة المؤسســات‪ ،‬لــذا يجــب البــد ء بــإجرا ءات تصــحيحية تضــمن قيــام كــ ل ســلطة باختصاصــاتها‪،‬‬ ‫والتأكيد علي ضرورة التوازن والفص ل بين السلطات كمبدأ دســتوري‪ ،‬وتعزيـزه بتشـريعات مســاندة فــي‬ ‫سياق عملية تحو ل سياسي تؤدي لتأسيس نظام نيابي برلماني فعا ل وقضا ء مســتق ل اســتقللا كــاملا‬ ‫وحقيقياا‪.‬‬

‫ب‪ -‬حياد جهاز الدارة العامة‪:‬‬

‫كم ــا يتض ــمن هيك ــ ل النظ ــام السياس ــي نظامـ ـ ا فع ــالا للدارة العام ــة الرش ــيدة‪ ،‬يق ــوم عل ــي أبن ــي‬

‫مؤسسية مستقرة تتسم بمعـايير الكفـا ءة والن ازهـة والحيـاد‪ ،‬وذلـك بطـر ح نظـرة شـاملة لصـل ح الجهـاز‬ ‫‪181‬‬


‫الداري فــي الدولــة تــؤهله للقيــام بوظــائفه التنمويــة‪ ،‬والخدميــة بصــورة أكــثر كفــا ءة وحياديــة بغــض‬ ‫النظــر عــن تــداو ل الســلطة بيــن الح ـزاب المختلفــة‪ .‬فمــن المهــم أن ل يكــون الجهــاز الداري للدولــة‬ ‫حزبيــا وتابعــا لنخبــة بعينهــا‪ ،‬وأن ل يتــم الســيطرة علــي الحكــم مــن خل ل الســيطرة عليــه‪ ،‬ممــا يجعــ ل‬ ‫أجهزة الدولة طرفا في التنافس السياسي‪ ،‬ويفقدها وظيفتها الساسية ويعرضها للفساد‪.‬‬ ‫ولضــمان كفــا ءة الجهــاز الداري وحيــاده‪ ،‬يجــب أن تخضــع الترقيــات لقواعــد موضــوعية ثابتــة‬ ‫ومستقرة‪ ،‬مع وضع نظام واضح للمسا ءلة والمحاسبة‪ ،‬وضمان نظام عاد ل للجــور والمكافــيآت يحــد‬ ‫من الستغل ل السياسي والفساد المالي والداري‪.‬‬ ‫ولضمان عدالة جهاز الشرطة المركزي ونزاهته في التعام ل مــع الفـراد والمؤسســات فيجــب أن‬ ‫يتبــع هــذا الجهــاز لــو ازرة العــد ل لتتمكــن مــن القيــام بمهمتهــا الساســية المنوطــة بهــا وهــي نشــر العــد ل‬ ‫والمــن بيــن المـ ـواطنين بــدل مــن المهمــة الحاليــة الــتي فرضــها عليهــا النظــام للتحكــم فــي الســلطة‬ ‫القضائية وتعطي ل أدائها‪.‬‬ ‫جـ ‪ -‬نظام الدارة المحلية‪:‬‬

‫لتطــوير الدارة المحليــة يتبنــي البرنامــج نظــام الحكــم المحلــي وليــس مجــرد الدارة المحليــة‪ ،‬بمــا‬ ‫يستتبعه من اللمركزية وتعميق الممارسة الديمقراطية المر الذي يستلزم التي ‪:‬‬ ‫‪ .1‬اختيار المحافظ بالنتخاب الحر المباشر‪.‬‬ ‫‪ .2‬منـ ــح أعضـ ــا ء المجـ ــالس الشـ ــعبية المحليـ ــة المنتخبـ ــة بمختلـ ــف مسـ ــتوياتها وسـ ــائ ل الرقابـ ــة‬ ‫المختلف ــة كالسـ ـؤا ل وطل ــب الحاط ــة والس ــتجواب وطل ــب المناقش ــة العام ــة وس ــحب الثق ــة‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫‪ .3‬منــح المجــالس الشــعبية المحليــة المنتخبــة حــق اقــترا ح الم ارســيم المحليــة وضــبط الميزانيــات‬ ‫المحلية في إطار القانون و الخطة العامة للدولة‪.‬‬ ‫‪ .4‬تبعية أجهزة المن علي مستوي المحافظة للمحافظ المنتخب وليس للدارة المركزية‪.‬‬ ‫د‪-‬المجتمع الهلي والرأي العام‪:‬‬

‫يقوم المجتمع الهلي بتوفير مظلــة أمــان لســتقرار النظــام السياســي‪ ،‬وتعزيــز دور المؤسســات‪،‬‬ ‫ويتجل ــي ذل ــك ف ــي س ــعي الـ ـرأي الع ــام ممثلا ف ــي الحـ ـزاب السياس ــية‪ ،‬والنقاب ــات المهني ــة والعمالي ــة‪،‬‬ ‫والتحـادات التجاريـة والطلبيــة و الجمعيـات الهليـة وغيرهـا مـن المؤسســات للتعــبير عـن مصــالحه‬ ‫‪182‬‬


‫إوابــدا ء أريــه فــي الشــئون العامــة‪ ،‬وحريــة النشــاط فــي مختلــف مؤسســات المجتمــع الهلــي‪ ،‬والــتي هــي‬

‫مؤسســات المــة‪ ،‬خاصــة فــي النقابــات واتحــادات الطلب غيرهــا‪ ،‬تمثــ ل الســاس لترســيخ مفــاهيم‬

‫المشاركة‪ ،‬لـذا ل يجـوز السـيطرة عليهـا مـن قبـ ل الدولة أو مـن قبـ ل السـلطة الحاكمـة‪ .‬ونؤكـد هنـا أن‬ ‫مؤسســات المــة الهليــة‪ ،‬هــي أســاس نشــاط المــة‪ ،‬ول يجــب خضــوعها لجهــة الدارة‪ ،‬بــ ل تخضــع‬ ‫للقانون فقط‪ .‬حتى يكون للمة حريتها في تحديد توجهاتها المستقبلية والحضارية‪ ،‬وبهذا تقوم المة‬ ‫بدورها الساسي ووظيفتها الولى‪ ،‬وهي النهوض الحضاري‪.‬‬

‫ثالثاا‪ :‬حرية تداو ل البيانات والمعلومات‬

‫إن إتاحة البيانات والمعلومات ضــرورة لزمـة لتفعيـ ل المشــاركة السياسـية والمجتمعيـة وتحسـين‬ ‫منا خ الستثمار‪ .‬ولتحقيـق ذلـك يجـب إصـدار قـانون يتيـح للفـراد الحـق فـي الحصـو ل عليهـا وذلـك‬ ‫من خل ل‪:‬‬ ‫‪ .1‬تدقيق وتصحيح البيانات الرسمية‪.‬‬ ‫‪ .2‬إتاحة البيانات المتوافرة لدي المؤسسات القومية للنشر العام‪.‬‬ ‫‪ .3‬تعزيز حرية الصحافة والنشر والتعبير عن الرأي‪.‬‬ ‫‪ .4‬الفراج عن الوثائق المتعلقة بالمن القومي التي يحددها القانون بعد مضي ‪ 25‬عااما‪.‬‬

‫رابعاا‪ :‬المسا ءلة والمحاسبة‬

‫إن غياب المسا ءلة يفقد النظام السياسي حيويته‪ ،‬ويجعله غير قادر علي التحــو ل نحــو النضــج‬

‫المؤسسي‪ ،‬كما يقعده عن القيام بوظائفه الساســية‪ ،‬باعتبــار أن الصــل ح السياســي شــرط ضــروري‬ ‫لحـدوث التنميـة القتصـادية‪ ،‬فلبـد مـن تحسـين المنـا خ السياسـي لجـذب السـتثمارات وتوفير فـرص‬ ‫لنمو المشروعات‪ ،‬مع التركيز علي بنا ء سياسات لمكافحة الفساد‪ .‬ويحتاج ذلك إلى‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫إلغا ء تبعية المؤسسات والهيئات الرقابيـة للســلطة التنفيذيــة وضـمها للسـلطة التشـريعية‬

‫متمثلة في مجلس الشعب‪،‬ونشر تقاريرها بحرية وشفافية تامة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تعزيز دور السلطة القضائية في تثبيت سيادة القانون واحترام أحكام القضا ء‪.‬‬

‫‪.3‬‬

‫تفعيــ ل دور ال ـرأي العــام فــي عمليــة الرقابــة علــي عمــ ل المؤسســات‪ ،‬وذلــك مــن خل ل‬

‫إعطا ء حريـة الصـحافة والنشــر أهميـة فــي التشـريعات القانونيــة‪ ،‬والتأكيــد علــي حريــة التعــبير للفـراد‬ ‫والجماعات‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫إصدار قانون جديد لمحاكمة الوزرا ء‪.‬‬ ‫‪183‬‬


‫خامساا‪ :‬التعددية السياسية‬

‫التعددي ــة السياس ــية تعك ــس اختلف المص ــالح والهتمام ــات والولوي ــات ف ــي المجتم ــع‪ ،‬وه ــذا‬

‫الختلف يمكـ ــن التعـ ــبير عنـ ــه بواسـ ــطة الح ـ ـزاب السياسـ ــية‪ ،‬والتجمعـ ــات القتصـ ــادية والثقافيـ ــة‪،‬‬ ‫والجمعيــات الهليــة والنقابــات المهنيــة والعماليــة بمــا يحقــق الــدفاع عــن مصــالح الطـراف المتنوعــة‪،‬‬ ‫ولتحقيق هذه التعددية يجب العم ل علي ‪:‬‬ ‫إنها ء هيمنة واحتكار الحزب الحاكم للسلطة ومنع استخدامه لموارد ومؤسسات الدولــة‬

‫‪.1‬‬

‫وخاصة المنية لتحقيق مصالحه‪.‬‬ ‫إطلق حري ــة تك ــوين الحـ ـزاب دون تــدخ ل مــن الس ــلطة التنفيذي ــة‪،‬وأن تنش ــأ الحـ ـزاب‬

‫‪.2‬‬

‫بمجرد الخطار‪ ،‬وذلك بشرط عدم وجود تشكيلت عسكرية لها وأل تتضمن برامجها أي تمييز بين‬ ‫المواطنين‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫إتاحة فرص أوسع لنشر ثقافة التعددية الحزبية‪ ،‬علي المستوي الوطني‪.‬‬

‫‪.4‬‬

‫تقوي ــة دور الجمعي ــات الهلي ــة والنقاب ــات المهني ــة والعمالي ــة وكاف ــة مؤسس ــات العم ــ ل‬

‫الهلــي وذلــك بإتبــاع سياســات تضــمن إ ازلــة القيــود علــي إنشــائها‪ ،‬و نشــاطها فــي ظــ ل الحفــاظ علــي‬ ‫سلطة الرقابة المالية علي الموارد والنفقات لها‪.‬‬

‫سادساا‪ :‬المساواة وتكافؤ الفرص‬

‫يعــد مبــدأ المســاواة وتكــافؤ الفــرص ضــروري ا لتحقيــق العدالــة و تعميــق النتمــا ء للــوطن ويتحقــق‬

‫ذلك عن طريق ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫عــدم التمييــز بيــن المـواطنين فــي الحقــوق والواجبــات علــي أســاس الــدين أو الجنــس أو‬

‫اللون كحق التملك والتنق ل والتعلـم والعمـ ل وممارسـة العمـ ل السياسـي والتعـبير عن الـرأي – فـي ظـ ل‬ ‫الحفــاظ علــى القيــم الساســية للمجتمــع‪-‬والترشــح للمجــالس المحليــة والنيابيــة وتــولي كافــة الوظــائف‬ ‫القضــائية والتنفيذيــة‪ ،‬فــي كــ ل المجــالت وعلــى جميــع المســتويات باســتثنا ء منصــب رئاســة الدولــة‬ ‫فيشترط فيمن يتوله أو يترشح له أن يكون مسلماا‪ ،‬ونرى أن للمرأة الحق فـي كافـة الوظـائف الداريـة‬ ‫في الدولة ما عدا رئاسة الدولة التي اتفق الفقها ء على عدم جواز توليها لها‪.‬‬

‫‪.2‬‬

‫توســيع المشــاركة فــي الشــئون العامــة أمــام جميــع المـ ـواطنين علــي كافــة المســتويات‬

‫الجتماعي ــة‪ ،‬والثقافي ــة‪ ،‬والقتص ــادية‪ ،‬والسياس ــية‪ ،‬لس ــتيعاب الجه ــود التطوعي ــة‪ ،‬والمس ــاهمة ف ــي‬ ‫مشاريع التنمية‪.‬‬ ‫‪184‬‬


‫تبنــي سياســات عادلــة لتوزيــع الــدخ ل القــومي بشــك ل مت ـوازن يمنــع الســتغل ل‪ ،‬ويــوفر‬

‫‪.3‬‬

‫الجر المناسب‪ ،‬ويقل ل من سيطرة رأس الما ل ويحو ل دون قيام التكتلت الحتكارية‪.‬‬ ‫تمكين المرأة مـن كافـة حقوقهـا وتكون ممارسـة هـذه الحقوق بمـا ل يتعـارض مـع القيـم‬

‫‪.4‬‬

‫الساسية للمجتمع‪.‬‬

‫سابعاا‪ :‬النتخابات الحرة النزيهة‬

‫إن النتخابات الدورية النزيهة هي وسيلة للتعبير عن الرادة الشعبية لتداو ل السلطة‪ ،‬والقضا ء‬ ‫علـي السـتبداد‪ ،‬ولـذا يجـب وضـع معـايير فعالـة تقضـي علـي العيـوب المزمنـة فـي النتخابـات الـتي‬ ‫شهدت انحرافا وتزوي ار للرادة الشعبية وأبعدتها عن عملية تشكي ل السلطة السياسية‪.‬‬ ‫وتتطلب النتخابات الحرة ضمان ما يلي ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫تــولي لجنـة قضــائية مسـتقلة غيــر قابلـة للعـز ل الشـراف الكامـ ل علــي إدارة النتخابــات‬ ‫والستفتا ءات بمجرد صدور قرار دعوة الناخبين‪ ،‬وتخضع لهــا كافــة الجهـزة التنفيذيــة‬ ‫والمحليــة والمنيــة الــتي تتصــ ل أعمالهــا بالنتخابــات‪ ،‬بحيــث تشــم ل مرحلــة الترشــيح‬

‫‪.2‬‬ ‫‪.1‬‬

‫والتصويت والفرز إواعلن النتائج‪.‬‬

‫إلغـ ــا ء جـ ــداو ل القيـ ــد الحاليـ ــة والـ ــتي ل تعـ ــبر بـ ــأي صـ ــورة مـ ــن الصـ ــور عـ ــن الشـ ــعب‬ ‫المصري‪ ،‬إواعادة الجداو ل طبقا للرقم القومي‪.‬‬

‫إدل ء الن ـ ــاخبين بأصـ ـ ـواتهم طبق ـ ــا للرق ـ ــم الق ـ ــومي‪ ،‬م ـ ــع توقي ـ ــع الن ـ ــاخب ف ـ ــي كش ـ ــوف‬

‫النتخابات أمام اسمه بإمضائه أو بصمته‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫فــرض عقوبــات صــارمة علــي الــتزوير أو التلعــب أو التــدخ ل فــي النتخابــات تصــ ل‬

‫إلى الشغا ل الشاقة بالنسبة للموظف العام‪ ،‬واعتبارها جريمة ل تسقط بالتقادم‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫وضع ضوابط دقيقة للنفاق المالي في النتخابات‪.‬‬

‫‪.4‬‬

‫كــف يــد الســلطات المنيــة عــن التــدخ ل فــي أي خطــوة مــن خطـوات العمليــة النتخابيــة‬

‫وقصر دورها علي حفظ المن ومنع الحتكاك بين أنصار المرشحين‪.83‬‬

‫‪ 83‬القراءة الولى لبرنامج الحز ب الذى طرحته جماعة الوخوان المسلمين‬

‫‪185‬‬


186


‫المرأة‬

‫‪187‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.