Nouhad Dammous' Book

Page 1

‫محطات من حيايت‬

‫هناد ّ‬ ‫دموس‬


‫إىل ت‬ ‫زوج� كلود‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫بنا�‪،‬‬ ‫إىل ي‬ ‫جمانة سالمه‬ ‫زينة نحاس‬ ‫رندى فرعون‬

‫ن‬ ‫ت‬ ‫بخ�ة ومحبة‬ ‫ال�‬ ‫ساعدت� ب‬ ‫ي‬ ‫والشكر إىل فيفيان حداد ي‬


‫‪1‬‬

‫محطات من‬ ‫حياتيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫هناد ّ‬ ‫دموس‬


‫ت‬ ‫حيا�‬ ‫محطات من ي‬

‫‪01‬‬

‫الطفل الباحث‬ ‫عن النجاح‬

‫‪02‬‬

‫والدي وأنا‬

‫‪03‬‬

‫‪04‬‬

‫الحب‬ ‫المرحلة الدراسية‬ ‫ّ‬ ‫آ‬ ‫ونصفي الخر‬

‫‪05‬‬

‫وقفة مع الذات‬

‫‪06‬‬

‫مدرسة الفندقية‬

‫‪07‬‬

‫تأسيس‬ ‫ت‬ ‫“هوسبيتالي�‬ ‫ز ي‬ ‫رسفيس�”‬ ‫ي‬

‫‪08‬‬

‫مسك الختام‬

‫‪٠٩‬‬

‫مخترص مقال‬

‫‪١٠‬‬

‫شهادات وتقدير‬

‫‪3‬‬


‫ف‬

‫المقدمة‬ ‫ّ‬

‫~ ي� إحدى مؤتم رات وعىل يساره رئيس جامعة ‪Michigan‬‬

‫ّ‬ ‫املقدمـــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫عــ�‬ ‫تحــب هــذا إالختصــاص»؟ هــذا‬ ‫«هــل‬ ‫ّ‬ ‫الســؤال الــذي طرحــه ي ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫مدي ــري عندم ــا كن ــت أعمل ي� ش�ك ــة تابالي ــن ي� الس ــعودية‪ ،‬كان بمثابة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـا� الدراس ــية م ــن ناحي ــة والعملي ــة م ــن ناحي ــة‬ ‫نقط ــة الفص ــل ي� حي ـ ي‬ ‫ثانيــة‪ .‬يومهــا (كان ذلــك ف ي� عــام ‪ )1952‬كنــت أبحــث عــن جامعــات‬ ‫نز‬ ‫أس‬ ‫تـ ّ‬ ‫ـدرس بالم راس ــلة إختص ــاص عل ــم التج ــارة‪ ،‬ف ــ�ل الس ــؤال ع ــى ر ي‬ ‫ن‬ ‫كالصاعقــة وأجبــت مديــري بالنفــي‪ ،‬فبــادر� بالقــول‪« :‬إذن ت‬ ‫إخــر‬ ‫ي‬ ‫تحب ــه»‪ .‬ف َّك ــرت بص ــوت ع ــال بي ـ نـ� وب ـ ي ن‬ ‫ـ� متس ــائ الً‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫نف‬ ‫ـ�‬ ‫إختصاص ـاً ُّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫«تخي ــل أنــك‬ ‫فأجابــ�‪:‬‬ ‫أحــب؟‬ ‫ولكــن كيــف ســأعرف أي اختصــاص‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـا� ع ـ شـرة س ــاعة متتالي ــة ي� مهن ــة إختصاص ــك ه ــذا‪،‬‬ ‫تعم ــل لم ــدة ثم ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� أن ــك بالتأكي ــد‬ ‫ف ــإذا إجتاح ــك ش ــعور بالف ــرح وال ــرور فذل ــك يع ـ ي‬ ‫س ــتنجح في ــه»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫القص ــة م ــن باب الصدفة ب ــل لنها توجز‬ ‫ل ــم أش ــأ أن ب‬ ‫أخ�ك ــم ه ــذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫وصبي ة يق ــف واحدهما عند‬ ‫م ــا أن ــا علي ــه الي ــوم‪ ،‬وما أتم ّن ــاه لكل ش ــاب‬ ‫ّ‬ ‫مف ـ تـرق ط ــرق فيع ــرف بداي ــة كل طري ــق لكن ــه ال يعلم نهاي ــة أي منها‪.‬‬ ‫فل ــوال ه ــذا الس ــؤال النبي ــه ال ــذي وج ــه إل ف� أح ــد أ‬ ‫الي ــام لم ــا ف ّك ــرت‬ ‫ُ ِّ ي َّ ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� أريده ــا بمثاب ــة وثيق ــة أهديه ــا لوالدي‬ ‫بكتاب ــة ه ــذه الس ــطور ال ـ ي‬ ‫ـار� الحياتي ــة‪ ،‬وليلجأوا‬ ‫وأحف ــادي فيحتفظ ــون به ــا ليتع لّم ــوا م ــن تج ـ ب ي‬ ‫ف‬ ‫إليه ــا ّكل م ــرة يقف ــون مف ّك ري ــن أم ــام معضل ــة تصادفه ــم ي� أموره ــم‬ ‫اليومي ــة‪ .‬ف ـ بـر ي يأ� ّكل مش ــكلة ال ب ـ َّـد له ــا م ــن ح ـ ّـل مناس ــب‪ ،‬والتفك ـ يـر‬ ‫بتف ــاؤل أه ــم الس ــبل لمعالجته ــا‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫المقدمة‬ ‫ّ‬

‫سرية هناد ّ‬ ‫دموس‬ ‫نشاطاته وانجازاته‬ ‫•دكتور فخري‬ ‫•حامل وسام االرز الوط�ن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫س�في سز‬ ‫•مؤسس ش�يك ش�كة‬ ‫هوسبيتال� ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫•مستشار لعدة مشاريع فندقية ي� لبنان والدول العربية‬ ‫منذ العام ‪1957‬‬ ‫الفندقي ة والمعهد ‪١٩٩٦ - ١٩٥٧‬‬ ‫•إدارة المدرسة‬ ‫ّ‬ ‫•إنشاء المعهد السياحي الدكوانة‬ ‫ف‬ ‫•إنشــاء وإدارة إال ت‬ ‫ســراحة الســياحية ي� صيــدا‪ ،‬ط رابلــس‪ ،‬صــور‪،‬‬ ‫جعيت ــا‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫العال‬ ‫العر�‬ ‫•المساعدة ي� تأسيس المعهد‬ ‫الفند� السياحي ب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ـد� ي� ليبي ــا‪ ،‬الردن‪ ،‬ق ـ بـرص‬ ‫•المس ــاعدة ي� تأس ــيس المعه ــد الفن ـ ي‬ ‫والع ـراق‬ ‫وضع برامج شهادة‬ ‫ال�فيه الفندقية اللبنانية‬ ‫• ب‬ ‫•البكالوريا الفندقية اللبنانية‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫الفند�‬ ‫الف�‬ ‫ي‬ ‫•االمتياز ي‬ ‫•التعليم المج زأ الفند�ق‬ ‫ي‬ ‫منذ العام ‪١٩٩٢‬‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫هوســبيتال�‬ ‫تأســيس ش�كــة‬ ‫رسفســر مــع ابنتــه جومانــة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� تنظ ــم وتدي ــر اللق ــاءات والمع ــارض التالي ــة‪:‬‬ ‫وزوجت ــه كل ــود ال ـ ي‬ ‫•‪ HORECA‬يب�وت‪ ،‬االردن‪ ،‬المملكة العربية السعودية والكويت‬ ‫•‪The Garden Show & Spring Festival‬‬ ‫•‪Beirut Cooking Festival‬‬ ‫•‪Salon du Chocolat Beirut‬‬ ‫•‪Whisky Live Beirut‬‬

‫انشاء و اصدار المجالت التالية‬ ‫•‪Hospitality News‬‬ ‫•‪Lebanon Traveler‬‬ ‫•‪Taste & Flavors‬‬

‫‪7‬‬


‫~ اللجنة المشرفة على أول مباريات خدمة في لبنان‪١٩٦٣ ،‬‬ ‫اساتذة المدرسة مع نقيب اصحاب الفنادق طانيوس شالال‬


‫الطفل الباحث عن النجاح‬

‫"عندما تبدأ املصاعب تلوح امامك‬ ‫فاعلم انك عىل ابواب النجاح"‬ ‫‪ -‬مارسيل بانيول ‪-‬‬

‫الطفل الباحــــــــــــــــــــــــــث‬ ‫عن النجــــــــــــــــــــــــــــــــاح‬ ‫ق ــد يخي ــل للبع ــض منك ــم أن ش ــخص اً مث ـ ف‬ ‫ـال ال ــذي‬ ‫ّ‬ ‫ـ� ي‬ ‫و� عم ــري الح ـ ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الفندقي ة والس ــياحية‪،‬‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫مدرس‬ ‫أدار‬ ‫أن‬ ‫ـبق‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫والثمان�‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫الخامس‬ ‫يناهز‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ـبيتالي� رسفيس ـ ي ز‬ ‫لم ــدة أربع ـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬ه ــو رجل‬ ‫وأس ــس ش�ك ــة هوس ـ‬ ‫ـ� عام ـاً‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ� م ــا‬ ‫ج ـ ّـدي ح ــازم ال يح ـ ّ‬ ‫س لك ــم بأن ـ ي‬ ‫ـب الم ـزاح والضح ــك‪ .‬ولك ـ ي‬ ‫ـ� س ـأُ ِ ّ‬ ‫ن‬ ‫ـال القص ـ يـر (الش ــورت) وأمس ــك‬ ‫ـ� طف ــل أرت ــدي بنط ـ ي‬ ‫زل ــت أش ــعر أن ـ ي‬ ‫ف‬ ‫عنقــود عنــب وأركــض مهــروال ً ي ن‬ ‫بــ� الكــروم ي� قريــة راشــيا الــوادي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ�»‪ .‬وكث ـ يـراً م ــا تم ّن ي ــت ل ــو‬ ‫قاص ــداً بي ــت ج ـ ّـدي لرتم ــي ي� أحض ــان «س ـ ّ ي‬ ‫تع ــود تل ــك أ‬ ‫الي ــام ألس ــتمتع به ــا م ــن جدي ــد‪ .‬فالطفول ــة ب ــكل أش ــكالها‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫تفارقــ� يومــاً‪ ،‬ت‬ ‫الــ�‬ ‫وتجلياتهــا لــم‬ ‫حــى أن ي‬ ‫كثــراً مــن الترصفــات ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـي� ه ــو‬ ‫قم ــت به ــا الحق ـاً يمك ــن وصفه ــا بالطفولي ــة‪ .‬لك ــن م ــا يواس ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ـ� بص ــورة أك ـ بـر م ــن خ ــال أحف ــادي‪.‬‬ ‫أن ه ــذا الش ــعور تج ــدد ي� داخ ـ ي‬ ‫تُ ــرى ه ــل ف ي� عم ــر إالنس ــان م ــا ه ــو أجم ــل م ــن ه ــذه المرحل ــة!‬ ‫ف‬ ‫عندمــا أغمــض ن‬ ‫و� هــذه اللحظــات بالــذات‪ ،‬ال‬ ‫عيــ� اليــوم‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫طفولــ� الجميلــة‪ .‬فالعلمــاء يؤ ّك ــدون أن مــا‬ ‫يســع� إال أن أتذ ّك ــر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫تز‬ ‫غــر‬ ‫تخ�نــه ذاكرتــك ي� الطفولــة تحتفــظ بــه ي� أعماقــك بشــكل ي‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫مــؤ� أكيــد عــى أنــك‬ ‫كنــت طفــا ً ســعيداً فــذاك‬ ‫مبــا�‪ .‬فــإذا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ـخصي تك أو ي� إنجازات ــك‪.‬‬ ‫س ــتكون ي� المس ــتقبل رج ـا ً متوازن ـاً إن ي� ش ـ ّ‬ ‫ف‬ ‫ـت مرحل ــة ال يس ــتهان به ــا م ــن عم ــرك ي� أحض ــان‬ ‫فكي ــف إذا أمضي ـ َ‬ ‫ن‬ ‫ـ� الذاك ــرة‬ ‫الطبيع ــة!؟ أكت ــب ه ــذه الكلم ــات وأن ــا أبتس ــم؛ فق ــد أعادت ـ ي‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫ـا� هن ــاك‬ ‫ـد�‪ ،‬عندم ــا كن ــت ألع ــب وأصدق ـ ي‬ ‫إىل راش ــيا ال ــوادي‪ ،‬قري ــة وال ـ ي‬ ‫الطي ــب منه ــا‪ .‬وكذل ــك أ‬ ‫ونقص ــد ك ــروم العن ــب لنت ــذوق أ‬ ‫الم ــر عندم ــا‬ ‫ّ‬ ‫ـ� إىل زحل ــة مدين ــة وال ــدي‪.‬‬ ‫كن ــت أراف ــق أه ـ ي‬

‫‪11‬‬


‫الطفل الباحث عن النجاح‬

‫ف ي� راشــيا الــوادي كان الوضــع مختلفــاً؛ فعندمــا كان‬ ‫يح ـ ي ن‬ ‫ـ� موع ــد تمضي ــة ف ـ تـرة م ــن فص ــل الصي ــف هناك‪،‬‬ ‫ت‬ ‫حقيبــ� بفــرح معلــا ً النفــس بلقــاء‬ ‫أوض ــب‬ ‫كنــت ّ‬ ‫ي‬ ‫ج ـ َّـد َّي هن ــاك (دي ــب ووديع ــة) اللذي ــن كان ــا يختلف ــان‬ ‫عــن جــدي آ‬ ‫الخريــن مــن ناحيــة والــدي بنقــاط‬ ‫َّ َّ‬ ‫كث ـ يـرة‪ .‬ولع ـ ّـل مرك ــز ج ـ ّـدي دي ــب إالجتماع ــي‪ ،‬حي ــث‬ ‫كان رئيــس بلديــة راشــيا الــوادي‪ ،‬ســاهم ف ي� تعزيــز‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫ـ� كان ــا يتمتع ــان به ــا‪ .‬فبيتهم ــا المب ـ ي‬ ‫الش ــعبية ال ـ ي‬ ‫ـزوار الذي ــن‬ ‫م ــن الحج ــر الصخ ــري كان ال يف ــرغ م ــن ال ـ ّ‬ ‫كان ــوا يقص ــدون ج ـ ّـدي لطل ــب إستش ــارة أو نصيح ــة‪.‬‬ ‫ـت أراقبه ــم م ــن بعي ــد كأنه ــم لوح ــة‬ ‫وك ــم م ــر ًة جلس ـ ُ‬ ‫ش‬ ‫ب�ي ــة مرس ــومة بأل ــوان الطيب ــة والص ــدق ال تم ـ ّـل م ــن‬ ‫النظ ــر إليه ــا‪ .‬فه ــم أه ــل ضيع ــة حقيقي ــون قريب ــون‬ ‫ـ�‪ .‬أتذكره ــم وه ــم يتس ــامرون م ــع ج ـ ّـدي‬ ‫ج ــداً إىل قل ـ ب ي‬ ‫ويش ــاركونه مش ــاكلهم‪ ،‬لق ــد كان ــوا يعيش ــون حياته ــم‬ ‫ال�ك ــة» يأخ ــذون ب ـرأي رئي ــس البلدي ــة ت‬ ‫ويح�م ــون‬ ‫« َع ب َ َ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ق رارات ــه‪ .‬أم ــا خلي ــط الدي ــان ي� راش ــيا ال ــوادي المتم ّث ــل‬ ‫بال ــدروز والمس ـ ي ن‬ ‫محب ــة‬ ‫ـيحي� ف ــكان يطبعه ــا بدمغ ــة ّ‬ ‫ن ــادرة ق لّم ــا يجتم ــع تح ــت س ــقفها أه ــل الق ــرى عام ــة‪.‬‬ ‫واهــاً عــى طبيعــة راشــيا ومناخهــا ورائحــة‬ ‫ن‬ ‫ـكن� ح ـ تـى الي ــوم‪ ،‬وال أبال ــغ‬ ‫ت رابه ــا! فه ــي م ــا زال ــت تس ـ ي‬ ‫ن‬ ‫إنــ� أحلــم بهــا أحيانــاً ‪ ...‬أجــل أنــا أحلــم‬ ‫إذا قلــت ي‬ ‫بأهله ــا‪ ...‬ببيوته ــا‪ ...‬بطبيعته ــا ومناخه ــا‪ ،‬فق ــد تأثرت‬ ‫بهــا جــداً إذ عشــت ف� أحضانهــا ت‬ ‫لفــرات طويلــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ـت ب ــداء الجن ــب (‪ )Pleuresie‬وأن ــا صغ ـ يـر‪،‬‬ ‫وعندم ــا أُ ِص ْب ـ ُ‬ ‫كان ــت يل الفرص ــة أن أم ـض ي وقت ـاً أط ــول فيه ــا‪ .‬فاله ــواء‬ ‫الج ــاف والنق ــي ال ــذي يتم ـ ي ّ ز‬ ‫ـ� ب ــه مناخه ــا‪ ،‬كان بمثاب ــة‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ـا� م ــن م ـ ض‬ ‫ـر� ه ــذا ال ــذي ه ــو كناي ــة ع ــن‬ ‫عالج ــي الش ـ ي‬ ‫ي‬ ‫إلته ــاب يصي ــب غش ــاء الجن ــب المحي ــط بالرئت ـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ش‬ ‫�ء ف ي� راش ــيا كان جمي ـاً‪ .‬بيوته ــا‪ ...‬أهله ــا‪...‬‬ ‫كل ي‬ ‫ين‬ ‫والتــ�‪،‬‬ ‫المكدســة بالعنــب‬ ‫القــش‬ ‫كرومهــا‪ ...‬ســال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إضافــة إىل حدائقهــا الغ ّن ــاء الواســعة! كمــا كانــت‬ ‫تلفت ـ نـ�‪ ،‬أن ــا إب ــن الس ــنوات الع ـ ش‬ ‫ـا�‪ ،‬أراضيه ــا الواس ــعة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫فتشــعر� أن ال نهايــة لحدودهــا فكأنهــا بحجــم‬ ‫ي‬ ‫الدنيــا بأكملهــا‪ .‬هــذا المشــهد ت‬ ‫إســرجعته عندمــا‬ ‫ن‬ ‫ـكنت�‬ ‫ك ـ بـرت ورصت مدي ــر مدرس ــة الفندقي ــة حي ــث س ـ ي‬ ‫الرغب ــة ب ــأن تك ــون مدرس ــة فري ــدة م ــن نوعه ــا‪ ،‬كب ـ يـرة‬ ‫تقي ــد‬ ‫تتس ــع لمئ ــات الط ـ ّـاب كأن ال ح ــدود ّ‬ ‫فس ــيحة ّ‬ ‫ت‬ ‫والــد�‪.‬‬ ‫آفاقهــا التعليميــة تمامــاً كحقــول ضيعــة‬ ‫ي‬ ‫أبتس ــم الي ــوم تلقائي ـاً وأن ــا أس ــتعيد منظ ـراً يالمس ــ�ن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫طفولــ� ف ي� راشــيا الــوادي كنــت‬ ‫عــن قــرب! فخــال‬ ‫ي‬

‫ـقي؟ نع ــم‪.‬‬ ‫ل ــم أك ــن طف ـا ً خارج ـاً ع ــن المأل ــوف‪ .‬ش ـ ّ‬ ‫باح ــث أب ــداً ع ــن ّكل جدي ــد ومفي ــد؟ أيض ـاً نع ــم‪ .‬لك ــن‬ ‫أ‬ ‫ـ� الدائ ــم‪.‬‬ ‫اله ــم م ــن ذل ــك ه ــو أن النج ــاح كان هاج ـ ي‬ ‫ل ــم أتع ــب أو أم ـ ّـل يوم ـاً م ــن التفك ـ يـر بالنج ــاح‬ ‫ح ـ تـى عندم ــا كن ــت أواج ــه صعوب ــات ب ــارزة ف ي� مش ــواري‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫إدار� مدرســة الفندقيــة ف ي�‬ ‫المهــ�‪ ،‬الســيما خــال ي‬ ‫ي‬ ‫الدكوان ــة‪ .‬فلق ــد كان ه ــذا الهاج ــس رفيق ــي‪ ،‬ولطالم ــا‬ ‫ن‬ ‫أنــ� ســأكون رجــا ً ناجحــاً‬ ‫أردت أن أبرهــن لوالــدي ي‬ ‫ف‬ ‫ـخصي ة‬ ‫مثل ــه تمام ـاً‪ .‬فه ــو كان مج ــازاً ي� الحق ــوق‪ ،‬ذا ش ـ ّ‬ ‫قوي ــة ويع ــرف دائم ـاً م ــاذا يري ــد‪...‬‬ ‫ع ــى فك ــرة ‪ :‬أن ــا أش ــبهه كث ـ يـراً م ــن ه ــذه الناحية‪،‬‬ ‫ـأخ�كم ع ــن ه ــذا الموض ــوع الحق اً‪.‬‬ ‫وس ـ ب‬

‫~ راشيا الوادي‬

‫~ مع أ‬ ‫الساتذة اميل خوري‪ ،‬نبيل حبيقة‪،‬‬ ‫خيرهللا مدور والتالميذ‪ ،‬عام ‪١٩٦٠‬‬

‫‪13‬‬


‫الطفل الباحث عن النجاح‬

‫أس ــتلقي ع ــى س ــطح بي ــت ج ـ ّـدي أراق ــب ج ـ ّـد ت ي� وه ــي‬ ‫تف ــرش حب ــوب العن ــب لتجففه ــا فتتح ـ ّـول زبيب ـاً بع ــد‬ ‫أس ــابيع قليل ــة‪ .‬وكذل ــك كي ــف كان ــوا يس ـطّحون « ْك ــواز»‬ ‫ين‬ ‫ليجــف بعــد‬ ‫التــ� عــى فــرش معدنيــة مثقوبــة‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫المــر� «المعقــود» مــع‬ ‫جــد�‬ ‫حــ� وتصنــع منــه‬ ‫بّ‬ ‫ي‬ ‫الج ــوز‪ .‬أم ــا رائح ــة خ ـ ب ز‬ ‫قص ــة‬ ‫ـ� المرق ــوق الط ــازج فله ــا ّ‬ ‫مختلفــة! إنهــا مــا زالــت عالقــة ف ي� أنفــي ممزوجــة‬ ‫ب رائح ــة الحط ــب المش ــتعل‪ .‬وجلس ــاتنا ح ــول الص ــاج‬ ‫نغم ــس ذل ــك‬ ‫كان ــت بمثاب ــة متع ــة ال تضاه ــى ونح ــن ّ‬ ‫الخ ـ ب ز‬ ‫ـ� البل ــدي المقرم ــش ف ي� صح ــن اللبن ــة المغم ــور‬ ‫ت‬ ‫ـا� القروي ــة‬ ‫بزي ــت الزيت ــون‪ ،‬فه ــي واح ــدة م ــن ذكري ـ ي‬ ‫ال ـ تـ� ال أنس ــاها‪ .‬ف� ه ــذه اللحظ ــات أدرك لم ــاذا الخ ـ ب ز‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والمل ــح أو المطب ــخ بالتحدي ــد تع ـ ن‬ ‫ـ� يل الكث ـ يـر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال ش ــك أن الطبيع ــة بح ـ ّـد ذاته ــا تحمل الس ــعادة‬ ‫لم ــن يعي ــش فيه ــا‪ ،‬ف ـ ّ ش‬ ‫�ء فيه ــا ن ـرض ونظي ــف‪.‬‬ ‫ـكل ي‬ ‫تتب ـ ّـدل مواس ــمها م ــن فص ــل آلخ ــر كأن عص ــا س ــحرية‬ ‫المس ــتها ت‬ ‫ف�ت ــدي ح ّل ــة بع ــد ح ّل ــة متأث ــرة بعن ــارص كل‬ ‫فص ــل م ـ تـى ح ـ َّـل‪ .‬وال أبال ــغ إذا قل ــت إن ــه ح ـ تـى أه ـ ّـم‬ ‫أ‬ ‫والرس ـ ي ن‬ ‫ـام� ف ي� العال ــم ال يس ــتطيعون‬ ‫مصمم ــي الزي ــاء ّ‬ ‫مقارب ــة لوح ــات الطبيع ــة برس ــوماتها وتصاميمه ــا ف ي�‬ ‫ه ــذه البل ــدة الجميل ــة‪.‬‬ ‫كنــت محظوظــاً بمعايشــة المدينــة والقريــة‬ ‫فم�لنــا أ‬ ‫ف‬ ‫معــاً‪ ،‬ن ز‬ ‫بــروت وكنــا‬ ‫ال‬ ‫ســاس كان يقــع ي� ي‬ ‫ي‬ ‫بالمقاب ــل ن ـ تـر ّدد إىل زحل ــة وراش ــيا الوادي أي ــام الصيف‪.‬‬ ‫مختلفتــ� تمامــاً ّ ن‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫د�‬ ‫ثقافتــ�‬ ‫هــذا الخليــط مــن‬ ‫زو ي‬ ‫بخلفي ــة فكري ــة أفتخ ــر به ــا وأعتق ــد أنه ــا حف ــرت �ف‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ـا�‪ .‬فالمدين ــة ه ــي التط ــور والتكنولوجي ــا وزحم ــة‬ ‫أعم ـ ي‬ ‫الس ـ يـر‪ ...‬فيم ــا القري ــة ه ــي الطبيع ــة والمن ــاخ والن ــاس‬ ‫نم ــت أفــكاري‬ ‫البســطاء والصــدق‪ ...‬وجميعهــا ّ‬ ‫ت‬ ‫شــخصي�‪.‬‬ ‫وســاهمت ف ي� بلــورة‬ ‫ي‬ ‫كان والــداي مــن صنــف أ‬ ‫ين‬ ‫الصالحــ�‬ ‫الهــل‬ ‫المحب ي ن‬ ‫ين‬ ‫الجي اشــة‬ ‫الحنونــ�‬ ‫ــ�‪ .‬وكانــت عاطفتهمــا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫تج ــاه ولديهم ــا (أخ ـ ت ن‬ ‫ـا�‬ ‫ـ� م ــى وأن ــا)‪ ،‬تدفعهم ــا للتف ـ ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫وتأمــ� طلباتنــا وحاجاتنــا دون تــر ّدد‪.‬‬ ‫ف ي� معاملتنــا‬ ‫ولطالمــا كنــت معجبــاً‬ ‫بشــخصي ة والــدي نقــوال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فلق ــد كان رج ـا ً م ّث قف ـاً وحكيم ـاً‪ ،‬كم ــا كان معط ــاء إىل‬ ‫أبع ــد الح ــدود م ــع الجمي ــع خاص ــة م ــع أف ـراد عائلت ــه‪.‬‬ ‫كان جاه ـزاً دائم ـاً للتضحي ــة م ــن أجلن ــا ولمس ــاعدتنا‬ ‫ن‬ ‫يمكنــ�‬ ‫الشــخصي ة‪ .‬وال‬ ‫ولــو عــى حســاب راحتــه‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أن أنســاه وهــو يمســك بنظارتــه المكســورة محــاوال ً‬ ‫إصالحه ــا لصق ـاً يك ال يضط ــر ل ـ شـراء واح ــدة جدي ــدة‪،‬‬

‫أ‬ ‫بف�أيــه ي ن‬ ‫هــم‪ .‬وكان مــن‬ ‫تأمــ� طلبــات أوالده هــو ال ّ‬ ‫أولويّ اتــه ح ّث نــا عــى الدراســة والنجــاح‪ .‬وإذا حــدث‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـا� المدرس ــية ‪ le carnet‬وق ـرأ‬ ‫م ــرة أن حمل ــت دف ــر عالم ـ ي‬ ‫أ‬ ‫مالحظــة أحــد الســاتذة عليهــا «‪»peut mieux faire‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يســأل�‬ ‫يقــدم عمــا ً أفضــل)‪ ،‬كان‬ ‫ي(� اســتطاعته أن ّ‬ ‫ي‬ ‫ـ� ويفت ــح تحقيق ـاً مع ــي ح ــول ه ــذا‬ ‫ع ــن س ــبب تقاع ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـقاو� المع ــروف‬ ‫االم ــر‪ ،‬بحي ــث ل ــم أت ـ َّ‬ ‫ـورع بعده ــا وبش ـ ي‬ ‫ـؤولي�‪ ،‬فأو ّق ــع دف ــرت‬ ‫به ــا أن آخ ــذ ه ــذا االم ــر ع ــى مس ـ ت‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫بنفــ� مو ّف ــراً بذلــك ع ّن ــا نحــن‬ ‫عالمــا� المدرســية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� كان م ــن ش ــأنها‬ ‫االثن ـ يـ� تل ــك الش ــجارات الصغ ـ يـرة ال ـ ي‬ ‫أحب ــذه‬ ‫أن تع ّك ــر صف ــو عالقتن ــا‪ ،‬وه ــو أم ــر ل ــم أك ــن ّ‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫أب ــداً ف ــرت أب ــذل جه ــداً ليبق ــى راضي ـاً ع ـ ّ ي‬ ‫أمــا ّأم ــي ناديــا داوود فكانــت مثــاال ً للمــرأة‬ ‫ت‬ ‫القدي ــرة‬ ‫ـ� كان ــت تش ـ ّـج عنا ع ــى‬ ‫ّ‬ ‫والمحب ــة مع ـاً‪ ،‬وال ـ ي‬ ‫ض‬ ‫ـر� وال ــدي‪ .‬ل ــم أك ــن مطيع ـاً لهم ــا‬ ‫القي ــام بأعم ــال ت ـ ي‬ ‫عجــا�‬ ‫بفضــل تربيتهمــا ّ‬ ‫الجي ــدة يل فحســب‪ ،‬بــل إل ب ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� أك ّن هــا لهمــا‪.‬‬ ‫بهمــا وللعاطفــة ّ‬ ‫الجي اشــة ي‬ ‫يقــول األديــب الفرنــي شــارل نودييــه‬

‫الــذي عــاش مــا بــن القرنــن الســابع عــر‬ ‫والثامــن عــر «أحــى إمتيــاز ميكــن للطبيعــة‬ ‫ّ‬ ‫متقــدم يف العــر هــو أن‬ ‫أن تعطيــه لرجــل‬ ‫يكــون يف إســتطاعته إســتعادة إنطباعاتــه‬ ‫الطفوليــة بهسولــة اتمــة»‪ .‬أان أشــارك األديــب‬

‫الفرنــي رأيــه هــذا وأعتــر أن مرحلــة الطفولــة‬

‫مــن عــري الــي مــا زالــت تدغــدغ أفــكاري‬ ‫بــن الفينــة واألخــرى‪ ،‬هــي مبثابــة جرعــة‬ ‫أتنفســا اليـ َ‬ ‫ـوم بيــي وبــن نفــي‬ ‫أوكســيجني‬ ‫ّ‬

‫مــرات عديــدة فــزوّ دين بشــحنة نشــاط إضافيــة‬

‫تلــون أايمــي‪.‬‬ ‫ّ‬

‫~ المدرسة الفندقية في بيروت حتى عام ‪١٩٦٠‬‬

‫‪15‬‬


‫والدي وأنا‬

‫"االب لديه حياتني تلك الخاصة به‬ ‫واخرى الخاصة اببن"‬ ‫‪ -‬جول رونار ‪-‬‬

‫والــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدي‬ ‫وأنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا‬ ‫لطالم ــا حلم ــت ب ــأن أك ــون أب ـاً‪ ...‬لي ــس م ــن ب ــاب ح ــ� ل ـ أ‬ ‫ـ�والد فق ــط‬ ‫بّي‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫مث‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫دائم‬ ‫كان‬ ‫دم ــوس ال ــذي‬ ‫ب ــل لح ــاول أن أك ــون م ـرآة وال ــدي نق ــوال ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـ� إىل التش ـ ّـب ه ب ــه ف ي� أم ــور كث ـ يـرة‪ .‬فلق ــد كان هادئ ـاً‪،‬‬ ‫الع ــى‪ ،‬م ــا دفع ـ ي‬ ‫ت‬ ‫تز‬ ‫ش‬ ‫�ء آخ ــر ف ي�‬ ‫ـ� ّ‬ ‫يقدمه ــا ع ــى أي ي‬ ‫حنون ـاً‪ ،‬مل�م ـاً بعائلت ــه وطلباته ــا ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫حياتــه‪ .‬عندمــا ولــدت ي� عــام ‪ 1933‬ي� منطقــة زقــاق البــاط حيــث‬ ‫ـ� ب يأ� إس ــم «نه ــاد» ألن ــه أراده محاي ــداً ال‬ ‫كان أه ـ ي‬ ‫ـ� يقطن ــون‪ ،‬أطل ــق ع ـ ي َّ‬ ‫تجم ــع حروف ــه‪.‬‬ ‫دالل ــة طائفي ــة يحمله ــا م ــع ِّ‬ ‫ف‬ ‫عــ� هــذا االســم؟‬ ‫ي� إحــدى المــرات ســألته لمــاذا أطلــق ي ّ‬ ‫ن‬ ‫أحب ــه ويكف ــي أن ــه ال يش ـ يـر إىل طائفت ــك وه ــو‬ ‫ـ� ‪« :‬ه ــو إس ــم ّ‬ ‫فأجاب ـ ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫أم ــر �ض وري ي� بالدن ــا فعندم ــا ال تف ــرض ع ــى الش ــخص الخ ــر دين ــك‬ ‫خصوص ـاً من ــذ اللحظ ــات أ‬ ‫الوىل لمعرفت ــك ل ــه فإن ــه ال ب ـ ّـد سيش ــعر‬ ‫ويتــرف معــك حســب مــا يتط لّبــه الموقــف وليــس‬ ‫أكــر‪،‬‬ ‫ب راحــة ب‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ� مع ـ ي ّـ�»‪.‬‬ ‫وفق ـاً إلنتم ــاء دي ـ ي‬ ‫ل ــم أف ّك ــر يوم ـاً أن إس ــمي هذا س ــيحمل ل الح ــظ ن‬ ‫وبأن� س ــأواجه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫تحدي ــات الحي ــاة وصعوباته ــا‪ ،‬وبأن ــه س ــيكون يوم ـا م ــا مص ــدر‬ ‫مع ــه ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫لوالهــن لمــا ف ّك ــرت‬ ‫الــا�‬ ‫بنــا� الثــاث‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫فخــر واعــ�از لوالدي أي ي‬ ‫بكتاب ــة ّ ت‬ ‫ـ� ه ــذه‪.‬‬ ‫قص ـ ي‬

‫‪17‬‬


‫~ صورة والدي عند تخرجه من كلية الحقوق في دمشق عام ‪1929‬‬

‫والدي وأنا‬

‫‪19‬‬


‫والدي وأنا‬

‫حفظــت مــن والــدي املثابــرة واألداء العــايل يف‬

‫ـخصيته‬ ‫العمــل‪ ،‬ولطاملــا إنطبعــت يف أعمايق شـ ّ‬

‫الدمثــة واللطيفــة‪ .‬فلقــد كان مثــال الرجــل‬

‫املحــب املعطــاء الــذي ال يتــواىن عــن توزيــع‬ ‫ّ‬

‫الحــب عــى جميــع أفــراد عائلتــه‬ ‫الفــرح كمــا‬ ‫ّ‬

‫دون حــدود‪.‬‬ ‫لطالمــا حلــم والــدي‪ ،‬هــو الــذي تابــع دراســته �ف‬ ‫ي‬ ‫مســقط رأســه مدينــة زحلــة‪ ،‬بــأن أصبــح يومــاً مــا‬ ‫طبيب ـاً فه ــذا كان مبتغ ــاه الحقيق ــي‪ .‬فه ــو ح ــاز ش ــهادة‬ ‫ـ� أ‬ ‫ـ� اللبناني ـ ي ن‬ ‫الحق ــوق ف� س ــوريا وكان مــن ب ـ ي ن‬ ‫الوائ ــل‬ ‫ي‬ ‫الذي ــن تم ّت ع ــوا به ــذا المس ــتوى الجامع ــي ف� الم ـ ض‬ ‫ـا�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تخــرج عــاد إىل لبنــان واختــار إاللتحــاق‬ ‫وعندمــا‬ ‫ّ‬ ‫عــ� عضــواً �ف‬ ‫بمديريــة الجمــارك �ف‬ ‫بــروت‪ ،‬حيــث ي ّ ن‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫الــ� إســتمر فيهــا حــىت‬ ‫لجنــة القضايــا الجمركي ــة ت‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫وفاتــه ف� عــام ‪ .1955‬ف� تلــك آ‬ ‫الونــة كنــت مــا زلــت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يافعــاً أدرس ف� ألمانيــا وأنــوي التوج ــه إىل أ‬ ‫ين‬ ‫رجنتــ�‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫بداعــي العمــل‪ ،‬ت‬ ‫ف�كــت ّكل ش‬ ‫�ء ور ئ يا� وهرعــت إىل‬ ‫ي‬ ‫لبن ــان وأن ــا ال أس ــتطيع تصدي ــق م ــا س ــمعته‪ ،‬فغياب ــه‬ ‫ن‬ ‫حــد إالحبــاط‪.‬‬ ‫تســبب يل بحالــة حــزن‬ ‫إجتاحتــ� إىل ّ‬ ‫ي‬ ‫ـ�‪ ،‬فيم ــا بق ــي ه ــو ي رافق ــ�ن‬ ‫لك ّن ـ نـ� تجاوزته ــا بع ــد ح ـ ي ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف� مش ــوار حي ـ ت‬ ‫ـا� م ــن خ ــال كلمات ــه ونصائح ــه‪ ،‬تل ــك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال ـ تـ� ُح ف ــرت ف� ذاك ـ ت‬ ‫ـر� فبات ــت تس ـ ن‬ ‫ـكن� ح ـ تـى الي ــوم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وهن ــا ال ب ـ ّـد م ــن إالش ــارة إىل أن الكت ــاب المق ـ ّـدس‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫كبــو� تلــك‪.‬‬ ‫إنتشــل� مــن‬ ‫(النجيــل) هــو الــذي‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫يومهــا وكنــت ي� ألمانيــا رحــت أبحــث عــن نســخة‬ ‫من ــه بالعربي ــة وبع ــد أن وجدت ــه رح ــت أق ـرأه بنه ــم‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ـ� ف ي� العم ــق وزرع‬ ‫وأس ــتطيع الق ــول إن محت ــواه المس ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ر�‬ ‫ـ� التف ــاؤل م ــن جدي ــد‪ ،‬فكن ــت أتح ــاور م ــع ب يّ‬ ‫ي� داخ ـ ي‬ ‫وعندم ــا أط ــرح علي ــه س ــؤاال ً يح ـ ي ّـر ن ي�‪ ،‬أه ــرع إىل إالنجي ــل‬ ‫ن‬ ‫اود�‪.‬‬ ‫حي ــث أج ــد الج ــواب ع ــى أي س ــؤال ي ـر ي‬ ‫لقــد كان بمثابــة الوالــد الروحــي يل بعــد أن‬ ‫فقــدت آ‬ ‫الخــر البيولوجــي‪ ،‬فهــذا الكتــاب يزخــر‬ ‫التصــور‪.‬‬ ‫حــد يفــوق‬ ‫والمحب ــة إىل‬ ‫بالروحاني ــات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫فأن ــا رج ــل مؤم ــن وم ــا زل ــت واثق ـاً ح ــى الي ــوم م ــن‬ ‫أن العنايــة االلهيــة موجــودة وهــي ت راقبنــا أينمــا‬ ‫ك ّن ــا‪ .‬وك ــم م ــن م ـ ّـرة تس ــاءلنا ف ي� ق ـرارة أنفس ــنا كي ــف‬ ‫اس ــتطعنا أن ننج ــو م ــن مخاط ــر مختلف ــة وال نع ـ تـرف‬ ‫صحي ــة دقيقة‬ ‫ألنفس ــنا بذل ــك‪ .‬فلق ــد م ــررت بتج ــارب‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ـ� بف ـ يـروس‬ ‫م ــن بينه ــا عملي ــة القل ــب المفت ــوح وإصاب ـ ي‬

‫الس ــتافيلوكوك إال أن العناي ــة إاللهي ــة كان ــت محيط ــة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـا� بتف ــاؤل‪.‬‬ ‫ـ� وش ـ ّـدت ع ــى ي ــدي لكم ــل حي ـ ي‬ ‫ب ي� فأنقذت ـ ي‬ ‫ـرب ٌّكل‬ ‫فم ــن المه ــم ج ـ ّـدا أن نعتم ــد الح ــوار م ــع ال ـ ّ‬ ‫ع ــى طريقت ــه‪ ،‬ع ــى أن نم ــارس مــا تع لّمن ــاه من ــه �ف‬ ‫ي‬ ‫حياتن ــا اليومي ــة‪ .‬فمع ــه نك ــون أقوي ــاء ال نخ ــاف ش ــيئ اً‪.‬‬ ‫ن‬ ‫مــد يــد‬ ‫وبــر ي يأ� فــإن العنايــة االلهيــة ال‬ ‫تتــوا� عــن ّ‬ ‫ش‬ ‫الع ــون لن ــا عندم ــا نك ــون بأش ـ ّـد الحاج ــة له ــا‪� ،‬ط أن‬ ‫نفت ــح له ــا قلوبن ــا ونبق ــي آذانن ــا مصغي ــة إليه ــا‪.‬‬ ‫لقــد كنــت ف� إال ي ن‬ ‫ش‬ ‫والع�يــن مــن عمــري‬ ‫ثنــ�‬ ‫ي‬ ‫عندم ــا رح ــل وال ــدي ت ــارك اً وراءه زوج ــة حنون وش ــقيقة‬ ‫رقيق ــة وأن ــا‪ ...‬أن ــا ال ــذي ش ــغل تفك ـ يـري ف ي� حيات ــه كم ــا‬ ‫ف‬ ‫غــر‬ ‫أطب ــق تعاليمــه يل بصــورة ي‬ ‫ي� مماتــه‪ ،‬فكنــت ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫مب ـ ش‬ ‫ـا� ح ـ تـى‬ ‫ترصف ـ ي‬ ‫ـا�ة‪ ...‬فه ــي ُزرع ــت ي� طباع ــي ي‬ ‫و� ّ‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ص ــارت ج ــزءاً ال يتج ـ ّـزأ م ـ ّ ي‬ ‫قصــرة‬ ‫كنــت أتــوق إلختيــار دراســة جامعيــة‬ ‫ي‬ ‫هم ــه مــن ناحيــة‬ ‫المــدى يك‬ ‫نّ‬ ‫يتســى يل أن أقاســمه ّ‬ ‫الم�ليــة‪ ،‬ولذلــك لــم أف ّك ــر يومــاً �ف‬ ‫المصاريــف ن ز‬ ‫ي‬ ‫ـب (كم ــا رغ ــب ه ــو دائم ـاً) ألنه ــا تتط ّل ــب‬ ‫دراس ــة الط ـ ّ‬ ‫أ‬ ‫ســنوات طويلــة بينمــا كنــت مســتعج ال ً لســانده‬ ‫ماديــاً وأخ ّف ــف عــن كاهلــه‪ .‬صحيــح أنــه لــم يكــن‬ ‫توفــر‬ ‫ليقــدم التضحيــات ف ي� ســبيل‬ ‫يو ّف ــر مناســبة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫لــدي شــعور‬ ‫إيقــاع حيــاة كريمــة لنــا‪ ،‬إال أنــه كان‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ير ن‬ ‫هم ــي‬ ‫ــ� عــى إراحتــه مــن ّ‬ ‫افقــ� باســتم رار يح ّث ي‬ ‫ي‬ ‫اس‪ ،‬فأق ــف إىل جانب ــه كرج ــل مس ــؤول ليفخ ــر ب ي�‪.‬‬ ‫ال ــدر ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫لكن ــه كان الوال ــد الباح ــث دائم ـاً ع ــن تأم ـ يـ� الفض ــل‬ ‫ن‬ ‫نقلــ� مــن مدرســة االخــت‬ ‫ألفــراد عائلتــه؛ لذلــك‬ ‫ي‬ ‫أفدوكي ــا ف� ش ــارع م ــار نق ــوال ف� أ‬ ‫ال ش�في ــة إىل مدرس ــة ال ـــ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بــروت يك أكــون عــى‬ ‫س ‪ )IC‬ي� منطقــة رأس ي‬ ‫( آي ي‬ ‫ف‬ ‫الشــخصي ات ي� البلــد‪.‬‬ ‫نفــس مســتوى أبنــاء أهــم‬ ‫ّ‬ ‫وكان النج ــاح هاجس ــه الدائ ــم ولذل ــك ثاب ــرت وجه ــدت‬ ‫تعرفــت إىل عــدد مــن زمالئــه ف ي� الجامعــة‬ ‫يك أنجــح‪ّ .‬‬ ‫أمث ــال المحام ــي نظم ــي عزق ــول م ــن زحل ــة‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫مهم ـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ف ــؤاد صواي ــا ال ــذي تب ـ ّـوأ فيم ــا بع ــد مركزي ــن ّ‬ ‫ف ي� الدولــة اللبنانيــة فقــد بــدأ كمحافــظ ثــم نُ قــل‬ ‫مديــراً عامــاً وزارة ت‬ ‫ال�بيــة والفنــون الجميلــة‪ .‬كمــا‬ ‫أذك ــر المحام ــي الالم ــع أني ــس جاب ــر ال ــذي كان أول م ــن‬ ‫حم ــل ه ــذه الش ــهادة ف ي� مس ــقط رأس ــه عالي ــه‪ ،‬وب ــرع‬ ‫أيض ــا ف ي� مج ــال السياس ــة‪ .‬وم ــن أصدق ــاء وال ــدي أيض ــا‬ ‫ض‬ ‫ـا� فيكت ــور عي ــى ال ــذي ُع ــرف ن ز‬ ‫ب�اهت ــه فحم ــل‬ ‫الق ـ ي‬ ‫ل ــه أه ــل منطقت ــه ف ي� الب ـ تـرون ّكل إعج ــاب وإح ـ تـرام‪ .‬وال‬

‫أن ــى محاف ــظ منطق ــة جب ــل لبن ــان إب ــن زحل ــة الب ــار‬ ‫ف ــوزي بردوي ــل ال ــذي كان م ــن أصدقائ ــه المقرب ـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫أج‬ ‫ـن‬ ‫لق ــد ق ـ ّـدم وال ــدي تضحي ــات كث ـ يـرة م ـ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ـ�ء م ــادي أو معن ــوي‪ ،‬كم ــا إن ــه‬ ‫ـ� ب ـ ي‬ ‫ول ــم يبخ ــل ع ـ ي ّ‬ ‫الصغــرة فــرداً‬ ‫ووفي ــاً لعائلتــه‬ ‫ي‬ ‫كان عطوفــاً حنونــاً ّ‬ ‫فــرداً‪ .‬ولذلــك ي ر ن‬ ‫بالتقصــر‬ ‫افقــ� شــعور دائــم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـن يل مكافأت ــه‬ ‫تجاه ــه‪ ،‬فه ــو الوحي ــد ال ــذي ل ــم تتس ـ ّ‬ ‫ف‬ ‫ـ�! فرحيل ــه‬ ‫ور ّد الجمي ــل ل ــه‪ .‬إن ــه أم ــر يح ـ ّز ج ــداً ي� قل ـ ب ي‬ ‫ع ــن الحي ــاة باك ـراً (‪ ٥٥‬عام ـاً) ل ــم يت ــح يل ه ــذه الفرصة‪.‬‬ ‫كن ــت أرغ ــب ف ي� أن أفرح ــه وأن أش ــاركه مس ــؤولياته وأن‬ ‫ت‬ ‫أع ـ ّـوض ل ــه س ـ ي ن‬ ‫ـ� بذله ــا م ــن أجلن ــا‪،‬‬ ‫ـن� التضحي ــات ال ـ ي‬ ‫لك ــن الحي ــاة تخذلن ــا أحيان ـاً كث ـ يـرة وع ــى غفل ــة م ّن ــا‪،‬‬ ‫ـ�‬ ‫ـر� أب ــو ّ‬ ‫تمام ـاً كم ــا يق ــول الش ــاعر الع ـ ب ي‬ ‫الطي ــب المتن ـ ب ي‬ ‫‪« :‬تج ــري الري ــاح بم ــا ال تش ــتهي الس ــفن»‪.‬‬ ‫كثــرة‪ ،‬واحــدة‬ ‫لقــد حفظــت عنــه أشــياء‬ ‫ي‬ ‫منهــا أنــه يجــب ان ال أطلــق عــى أوالدي أســماء‬ ‫طائفيــة‪ .‬فبهــذه الطريقــة يبقــى دينهــم حكــراً‬ ‫التعبــر عــن أنفســهم‪،‬‬ ‫عليهــم‪ ،‬فيكونــون أحــراراً ف ي�‬ ‫ي‬ ‫وال يفرضــون ف ي� المقابــل أي معيــار إجتماعــي عــى‬ ‫آ‬ ‫يتعرفــون إليــه‪ .‬وهــذا االمــر‬ ‫الشــخص الخــر الــذي ّ‬ ‫حيــا� الشــخصية فأطلقــت عــى ت‬ ‫ت‬ ‫بنــا�‬ ‫طب قتــه ف ي�‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أســماء ال صبغــة دينيــة لهــا مــن بعيــد أو قريــب‪.‬‬ ‫كم ــا ع لّم ـ نـ� ع ــدم إالنتم ــاء إىل ح ــزب مع ـ ي ّ ن‬ ‫ـ� وال‬ ‫ي‬ ‫ســيما أحــزاب ف ي� ذلــك الوقــت القومــي‪ ،‬الشــيوعي‬ ‫فال ت‬ ‫ســ�زالم أو إالنتمــاء بشــكل أو بآخــر‬ ‫والبقيــة‪ .‬إ‬ ‫لزعي ــم أو ح ــزب هم ــا أم ـران مرفوض ــان بتات ـاً عن ــده‬ ‫وقــد بقــي متمس ــك اً بمبــدأه هــذا ت‬ ‫حــى آخــر أيــام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولعــل‬ ‫حياتــه‪ .‬وأنــا بــدوري تأثّــرت بفكرتــه هــذه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وظيفــ� ف ي� الدولــة اللبنانيــة ف ي�‬ ‫اســتقال� مــن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫منتص ــف التس ــعينات ل ــم ي ــأت بالصدف ــة‪ ،‬ب ــل ج ــاء‬ ‫نتيج ــة قناع ـ تـ� ه ــذه‪ .‬فف ــي تل ــك أ‬ ‫الي ــام (بع ــد م ــرور‬ ‫ي‬ ‫‪ ٣٩‬عام ــا) ك ـرث إالس ـ ت‬ ‫ـياس أو ذاك‪ ،‬وب ــات‬ ‫ـ‬ ‫الس‬ ‫ـذا‬ ‫ـ‬ ‫له‬ ‫زالم‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ش�ط ـاً أساس ــي اً للحف ــاظ ع ــى المرك ــز ف ي� العمل الس ــيما‬ ‫ف ي� إالدارة العام ــة للدول ــة اللبناني ــة‪ ،‬فق ــررت دون ت ــرد ّد‬ ‫إالنســحاب بهــدوء مــن هــذه االجــواء‪.‬‬ ‫مــن ناحيــة أخــرى كان لــدى والــدي قناعتــه‬ ‫الخاص ــة بموض ــوع الدي ــن‪ ،‬وب ــأن جميعه ــا له ــا عالق ــة‬ ‫ـرب العالم ـ ي ن‬ ‫مب ـ ش‬ ‫ـ�‪ .‬كان ي ــر ّدد دائم ـاً أن ل ـ ّ‬ ‫ـكل م ّن ــا‬ ‫ـا�ة ب ـ ّ‬ ‫ف ي� النهاي ــة أس ــلوبه ف ي� ترجم ــة عالقت ــه ب ــاهلل وأن ذل ــك‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� ننش ــأ عليه ــا م ــن قب ــل أهلن ــا‬ ‫يتع ّل ــق بال�بي ــة ال ـ ي‬

‫‪21‬‬


‫والدي وأنا‬

‫ت‬ ‫ـ� نعي ــش فيه ــا‪ .‬بف�أي ــه يج ــب إح ـ تـرام‬ ‫أو بالبيئ ــة ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫و� المقاب ــل المطل ــوب م ــن الش ــخص‬ ‫جمي ــع االدي ــان ي‬ ‫المس ــيحي إال ّط ــاع ع ــى إالس ــام ومبادئ ــه والعك ــس‬ ‫صحي ــح‪.‬‬ ‫وال أن ــى‪ ،‬أيض ــا‪ ،‬ناحي ــة أخ ــرى عن ــده إنطبع ــت‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫لــ� وتتع لّــق ش‬ ‫ب�يكــة الحيــاة‪،‬‬ ‫الشــعوري اً ي� ّ‬ ‫مخي ي‬ ‫إذ كان يقــول يل‪« :‬عندمــا ترغــب ف ي� إختيــار نصفــك‬ ‫آ‬ ‫الخــر أنظــر دائمــاً إىل والدتهــا فهــي ســتكون‪ ،‬يومــاً‬ ‫م ــا‪ ،‬ش ــبيهتها دون ش ــك»‪ .‬وكان يخت ــم ه ــذا الموض ــوع‬ ‫ن‬ ‫تم ــا‪ ،‬بتطل ــع‬ ‫ـب الج ـ ّـرة َع ّ‬ ‫ـا� المأث ــور «ط ـ ّ‬ ‫بالق ــول اللبن ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ســأخ�كم كيــف‬ ‫كتابــا�‬ ‫و� ســياق‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫البنــت ل ّم هــا»‪ .‬ي‬ ‫إكتشــفت أن مــا قالــه ف ي� هــذا الشــأن كان صحيحــاً‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫مئ ــة بالمئ ــة‪ ،‬لن الفت ــاة غالب ـاً م ــا تك ــون م ـرآة والدته ــا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫رث‬ ‫ـ� إلي ــه فه ــو إالبتع ــاد ع ــن‬ ‫أم ــا أك ـ م ــا كان ّ‬ ‫ينب ه ـ ي‬ ‫والغــش‬ ‫والزعــرة‬ ‫الغــش ف ي� كافــة المياديــن‪« .‬إيّ ــاك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ـا� دون أي مقاب ــل»‪،‬‬ ‫وح ـ تـى الحص ــول ع ــى الم ــال ّ‬ ‫المج ـ ي‬ ‫ن‬ ‫اد� أن أكــون دائمــاً رجــا ً‬ ‫كان يقــول يل‪ .‬فلقــد أر ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� يتغ ـ ن ّـى به ــا بع ــض‬ ‫حقيقي ـاً بعي ــداً ع ــن الذكوري ــة ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� م ــن‬ ‫الرج ــال ي� أيامن ــا الحالي ــة‪ ،‬فأبره ــن ع ــن رجولي ـ ي‬ ‫خ ــال إتّ باع ــي الش ــهامة والص ــدق والش ــجاعة‪.‬‬ ‫لقــد كان والــدي موظّفــاً ف ي� مديريــة القضــاء‬ ‫ت‬ ‫الــ�‬ ‫ي‬ ‫الجمــرك‪ ،‬ومــا أدراكــم بالمغريــات الماديّ ــة ي‬ ‫تع ـ ّـرض له ــا‪ ،‬إال أن ــه نج ــح ف ي� رفضه ــا والتص ـ ّـدي له ــا‬ ‫وكان يق ــول يل‪« :‬أوع ــا تعمله ــا بحيات ــك وإال فس ــتتواىل‬ ‫عليــك الخســارات الواحــدة تلــو االخــرى»‪.‬‬ ‫م ــا زال ــت أف ــكاره ت رافق ـ نـ� ح ـ تـى الي ــوم ويمكن ــ�ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحــدث‬ ‫القــول إن وفاتــه كانــت‬ ‫الســل� الوحيــد‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـا� م ــن بع ــده‬ ‫ال ــذي واجهت ــه ي� ق ــدري‪ ،‬إذ تغ ـ ي ّـرت حي ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـو� تس ـلّمت مس ــؤولية‬ ‫وانقلب ــت رأس ـاً ع ــى عق ــب ك ـ ي‬ ‫ت‬ ‫بيتنــا‪ ،‬ووقفــت إىل جانــب‬ ‫والــد� بشــكل دائــم يك‬ ‫ي‬ ‫أســتطيع التخفيــف مــن حزنهــا عــى ف راقــه‪ .‬وإذا‬ ‫عم ــا إذا كان الق ــدر ق ــد لع ــب مع ــي‬ ‫م ــا س ــئلت يوم ـاً ّ‬ ‫ت‬ ‫دوراً ســلبي اً ف ي�‬ ‫حيــا�‪ ،‬فأقــول دون تــرد ّد إن حادثــة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� أذكره ــا ف ي� ه ــذا إالط ــار‪.‬‬ ‫وف ــاة وال ــدي ه ــي وحده ــا ال ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� وأن ــه م ــن الصع ــب‬ ‫فحينه ــا ش ــعرت كأن زل ـزاال ً أصاب ـ ي‬ ‫قدم ــي‪ .‬يومه ــا ش ــعرت‬ ‫ـ� الوق ــوف م ــن جدي ــد ع ــى ّ‬ ‫عـ ي ّ‬ ‫ن‬ ‫ـد� أح ــد‬ ‫بالفع ــل ب ــأن الق ــدر يق ــف يل بالمرص ــاد فأفق ـ ي‬ ‫أ‬ ‫قلــ� أال وهــو والــدي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أعــز الشــخاص إىل ب ي‬ ‫ومــا إســتخلصته مــن هــذه التجربــة وأرغــب‬ ‫بــرده أ‬ ‫لــ�والد بشــكل عــام‪ ،‬هــو إالســتفادة قــدر‬ ‫االم ــكان م ــن أهاليه ــم والبق ــاء إىل جانبه ــم أط ــول مدة‬

‫ممكنــة ليخ ّزنــوا منهــم العاطفــة والحكمــة معــاً‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـخصي ة ف ي� ه ــذا الخص ــوص‪،‬‬ ‫ـ� الش ـ‬ ‫ّ‬ ‫وم ــن خ ــال تجرب ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� ش ـكّل فيه ــا غي ــاب وال ــدي صدم ــة كب ـ يـرة يل‪ ،‬ل ــم‬ ‫وال ـ ي‬ ‫المقــدس‪.‬‬ ‫أكــن ألتجاوزهــا لــو لــم الجــأ إىل الكتــاب‬ ‫ّ‬ ‫أق ــول لجي ــل الي ــوم‪ :‬إذا كن ــت ال ت ـزال بعي ــداً ع ــن هللا‬ ‫وتفصل ــك عن ــه مس ــافة كب ـ يـرة‪ ،‬ح ــاول أن تتق ـ ّـرب من ــه‬ ‫فتبق ــي ول ــو ع ــى خي ــط رفي ــع بين ــك وبين ــه‪ .‬فالحي ــاة‬ ‫تتخب ــط‬ ‫مليئ ــة‬ ‫بالمطب ــات وق ــد تج ــد نفس ــك يوم ـاً م ــا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� فــراغ قاتــل ال تعــرف مــن أيــن تبــدأ فيــه وكيــف‬ ‫تنتهــي منــه إليجــاد حلــول لمشــاكلك‪ .‬فاعلــم أنــه‬ ‫باليم ــان وح ــده تس ــتطيع تج ــاوز ه ــذه الصعوب ــات‪.‬‬ ‫إ‬ ‫القــوة االلهيــة لــم تلمســك بعــد فهــذا‬ ‫وإذا كانــت‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ـ� أن ــه م ــا زال ينقص ــك الكث ـ يـر بع ـ ُـد لتق ــف أم ــام‬ ‫يع ـ ي‬ ‫ق ــدرك منتص ــب القام ــة أب ــداً (ي ــا جب ــل م ــا يه ـ ّزك ري ــح)‬ ‫كم ــا نق ــول ف ي� لبن ــان‪ .‬ولتخ ــوض حي ــاة يحت ـ ّـل النج ــاح‬ ‫فيهــا نســبة ال يســتهان منهــا‪ ،‬فبنظــري عليــك‬ ‫العالمــ� أكــرث فأكــرث‬ ‫أن ت‬ ‫ين‬ ‫فتقــر‬ ‫رب‬ ‫ّ‬ ‫تقــرب مــن ّ‬ ‫المســافة فيمــا بينــك وبينــه ت ز‬ ‫وتخ�لهــا مــن خــال‬ ‫تعرف ــك إلي ــه بش ــكل وطي ــد إىل ح ـ ّـد يجعل ــك تتح ـ ّـى‬ ‫ّ‬ ‫بنعمــة الســام‪ ،‬عندهــا فقــط ســتدرك أنــك رصت‬ ‫بـ ي ن‬ ‫ـ� أي ــاد أمين ــة‪.‬‬ ‫أمتـ ّـى اليــوم أن يكــون والــدي رحمــه هللا فخـ ً‬ ‫ـورا‬ ‫حققــت ولــو جـ ً‬ ‫يب حيمثــا هــو‪ ،‬وأن أكــون قــد ّ‬ ‫ـزءا‬

‫ـب أن أقــول‬ ‫مــن أحالمــه‬ ‫ّ‬ ‫ومتنياتــه يل‪ .‬وهنــا أحـ ّ‬ ‫لــه‪« :‬شـ ً‬ ‫علمتــي ّإيه وعــى ّ‬ ‫كل مــا ّ‬ ‫ـكرا عــى ّ‬ ‫كل‬ ‫مــا بذلتــه مــن أجلنــا جميعـ ًـا‪ ،‬فلقــد كنــت خــر‬

‫أب حنــون‪ ،‬عطــوف‪ ،‬ومتفــان يف ســبيل تعزيــز‬

‫َ‬ ‫كنــت مثــايل‬ ‫حيــاة أفــراد عائلتــك‪ ،‬ولطاملــا‬ ‫األعــى وســتبىق كذلــك دامئـ ًـا وأبـ ً‬ ‫ـدا»‪.‬‬

‫~ عام ‪Wangen im Allgäu - Germany ،١٩٥٤‬‬

‫‪23‬‬


‫المرحلة الدراسية‬

‫"العلم خري من املال ألن العلم‬ ‫يحرسك بيمنا انت تحرس املال"‬ ‫عل بن ب يا� طالب ‪-‬‬ ‫‪ -‬ي‬

‫املرحلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫الدراسيـــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫لطالم ــا كان العل ــم س ــاحي الق ــوي ف ي� الحي ــاة‪ .‬كي ــف ال ووال ــدي كان‬ ‫ّ ن‬ ‫ع� دائمــاً عــى إكمــال تعليمــي والنجــاح ف ي�‬ ‫يحــب العلــم‬ ‫ّ‬ ‫ويشــج ي‬ ‫مختل ــف م راحل ــه المدرس ــية والجامعي ــة‪ .‬وم ــن ه ــذا المنطل ــق بال ــذات‬ ‫آثــرت أن أســتحدث أقســام اً دراســية مختلفــة ف ي� مدرســة الفندقيــة‬ ‫ال ـ تـ� أدرته ــا ش‬ ‫وأ�ف ــت عليه ــا لحفن ــة م ــن الزم ــن‪ .‬ف ـ بـر ي يأ�‪ ،‬العل ــم م ــن‬ ‫ي‬ ‫ش ــأنه أن يزي ــد الثق ــة بالنف ــس ويفت ــح الذه ــن ويع ّل ــم صاحب ــه كي ــف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫يحب ه ــا‪ .‬صحي ــح أن الفندقي ــة‬ ‫ـ� ّ‬ ‫وأي ــن يس ــتثمر مواهب ــه ي� الم ــواد ال ـ ي‬ ‫ق‬ ‫الفنــد� ويعــرف ثقافــة‬ ‫الفــن‬ ‫كان هدفهــا تخريــج جيــل يجيــد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� أدخل ــت عليه ــا أقس ــام اً دراس ــية مختلف ــة كتع ّل ــم‬ ‫المطب ــخ ‪ ،‬إال أن ـ ي‬ ‫اللغــات والعلــوم االداريــة‪ .‬فبحســب ر ي يأ� عــى خريجــي مدرســة‬ ‫الفندقي ــة أن يجي ــدوا التح ـ ّـدث بأك ـرث م ــن لغّ ــة‪ ،‬ألن ع ــدم إلمامه ــم‬ ‫وبــ� آ‬ ‫بهــذا الموضــوع قــد يقــف حاجــزاً بينهــم ي ن‬ ‫الفــاق الواســعة‬ ‫ت‬ ‫الــ� قــد تفتــح أمامهــم أبــواب فــرص عمــل ف ي� مختلــف أنحــاء‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫المجــزأ والــذي‬ ‫الفنــد�‬ ‫العالــم‪ .‬وكذلــك ف ّك ــرت مثــاً‪ ،‬ي� التعليــم‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تخ ـ ّـرج من ــه ع ــدد ال يس ــتهان ب ــه م ــن أه ــم الطه ــاة ي� لبن ــان‪ ،‬بع ــد أن‬ ‫وج ــدوا في ــه تحصي ـا ً دراس ــي اً م ــن ن ــوع آخ ــر يخت ــر الوق ــت وير ّك ــز‬ ‫تخوله ــم متابع ــة دورات خاص ــة ف ي� عالم ــي الطه ــي‬ ‫ع ــى م ــواد معين ــة ّ‬ ‫(‪)Units‬‬ ‫الحصــص‬ ‫طريقــة‬ ‫عــى‬ ‫تطب قــا‬ ‫‪ .‬فك لّمــا اجتهــدوا‬ ‫والخدمــة ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫رسع ــوا ي� عملي ــة حصوله ــم ع ــى‬ ‫ي� تحصي ــل أك ـ بـر ع ــدد منه ــا ك لّم ــا ّ‬ ‫ش ــهادة الفندقي ــة ال ـ تـ� تس ـ ت ز‬ ‫ـل�م الدراس ــة لث ــاث س ــنوات‪ .‬ه ــذا االم ــر‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫يتخرج ــوا‬ ‫أن‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫نفس‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫الوق‬ ‫و�‬ ‫ـا‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫مهن‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫بممارس‬ ‫كان يس ــمح له ــم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫حامل ـ ي ن‬ ‫حكومي ــة تس ـ ّه ل له ــم إيج ــاد ف ــرص عم ــل برسع ــة‪.‬‬ ‫ـ� إف ــادة‬ ‫ّ‬

‫‪25‬‬


‫المرحلة الدراسية‬

‫ولطالم ــا لع ــب لبن ــان دوراً مم ـ ز ف‬ ‫والع ــداد‬ ‫ـ�اً ي� التعلي ــم إ‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫العــر�‬ ‫والفنــد�‪ ،‬فــكان البلــد‬ ‫والتدريــب الســياحي‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫هم ي ــة له ــذا االختص ــاص‪ ،‬وكان ــت‬ ‫الول ال ــذي أعط ــى ال ّ‬ ‫مدرس ــة الفندقي ــة ف� الدكوان ــة الس ــباقة ب ـ ي ن‬ ‫ـ� الم ــدارس‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الفندقيــة ف� العالــم ت‬ ‫فكــر� حــول‬ ‫اعتمــدت‬ ‫الــ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مب ــدأ التعلي ــم النظ ــري والتطبيق ــي ف ي� الم ــكان نفس ــه‬ ‫وتح ــت شإ�اف أس ــاتذة متخصص ـ ي ن‬ ‫ـ�‪ .‬وق ــد رك ــن إىل هذه‬ ‫الــدول‪ ،‬فافتتــح ســنة ‪1970‬‬ ‫الفكــرة مكتــب العمــل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫مرك ـزاً لتدري ــب أس ــاتذة فندقي ـ يـ� (مدرس ــة الفندقي ــة‬ ‫ف ي� الدكوان ــة) مارس ــوا تعلي ــم ع ــدة أجي ــال ف ي� مختل ــف‬ ‫ف‬ ‫مقدمه ــا البحري ــن والع ـراق واالردن‬ ‫و� ّ‬ ‫ال ــدول العربي ــة ي‬ ‫واليم ــن وتون ــس وليبي ــا واي ـران وفلس ـ ي ن‬ ‫ـط�‪.‬‬ ‫أردت مــن خــال هــذه اللمحــة الرسيعــة‬ ‫عــن مدرســة الفندقيــة إالشــارة إىل مــدى شــغفي‬ ‫بالعل ــم؛ فمن ــذ نعوم ــة أظاف ــري إس ــتحوذت الدراس ــة‬ ‫عــى إهتمامــي‪ .‬وعندمــا دخلــت مدرســة ال ـــ ‪IC‬‬ ‫ت‬ ‫(ان�ناشــيونال كولــدج) كنــت ت ز‬ ‫مل�مــاً‬ ‫بالتوج ــه إليهــا‬ ‫ّ‬ ‫يومي ـاً دون إنقط ــاع‪ ،‬فأنتق ــل م ــن أ‬ ‫ال ش�في ــة ت‬ ‫بال�ام ــواي‪،‬‬ ‫أو س ــراً ع ــى أ‬ ‫الق ــدام أحيان ـاً‪ ،‬إىل س ــاحة ال ـ بـرج (س ــاحة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫بــروت‪.‬‬ ‫الشــهداء) ومنهــا بال�امــواي أيضــاً إىل رأس ي‬ ‫ين‬ ‫بتأمــ� أفضــل ســبل‬ ‫وبمــا أن والــدي كان يرغــب‬ ‫ت‬ ‫ـ� أبح ــث باس ــتم رار‬ ‫العي ــش لن ــا‪ ،‬فق ــد كن ــت م ــن ناحي ـ ي‬ ‫قصــر المــدى يك أســتطيع العمــل‬ ‫عــن إختصــاص‬ ‫ي‬ ‫فيك ــون أج ــري من ــه خ ـ يـر س ــند لوال ــدي فيخف ــف عن ــه‬ ‫بع ــض أ‬ ‫العب ــاء المادي ــة‪ .‬م ــن ه ــذا المنطل ــق إكتش ــفت‬ ‫أن ف ي� المدرســة قســم اً يعطــي شــهادة بــدروس‬ ‫المحاس ــبة وعل ــم التج ــارة‪ ،‬وأن أ‬ ‫الس ــاتذة الذي ــن كان ــوا‬ ‫يتو ّل ــون التعلي ــم في ــه كان ــوا م ــن جنس ـ ّـي ات فرنس ــية‬ ‫وس ــويرسية ‪ ،‬وه ــو أ‬ ‫اله ــم بالنس ــبة يل حي ــث تتوس ــع‬ ‫ق‬ ‫أتأخ ــر ع ــن إالنتس ــاب‬ ‫ـا� المعرفي ــة‪ ،‬فل ــم ّ‬ ‫معه ــم آف ـ ي‬ ‫إليــه وكنــت مــروراً جــداً باتخــاذ هــذه الخطــوة‬ ‫ســتدفع� برسعــة إىل أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المــام‪.‬‬ ‫ليقيــ� أنهــا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـا� المدرس ــية كث ـ يـرة‪ ،‬لك ــن أك ـرث م ــا حف ــر‬ ‫ذكري ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الــ� كانــت تحيــط بأبنيــة‬ ‫ف ي�‬ ‫ذهــ� هــو الطبيعــة ي‬ ‫ي‬ ‫رض‬ ‫ت‬ ‫الــ� تتألّــف‬ ‫ال ـــ ‪ IC‬وكذلــك المســاحات الخــ اء ي‬ ‫القي م ــون‬ ‫منه ــا حدائقه ــا وس ــاحاتها الشاس ــعة‪ .‬وكان ّ‬ ‫أهمي ــة كب ـ يـرة‪،‬‬ ‫ع ــى المدرس ــة يول ــون م ــادة الرياض ــة ّ‬ ‫رض‬ ‫فاســتحدثوا فيهــا مالعــب كــرة قــدم وكــرة مــ ب‬ ‫وغ�ه ــا مم ــا كان يح ــث تالمذته ــا إىل ممارس ــة الرياض ــة‬ ‫ي‬ ‫بشــكل دائــم‪ .‬هــذا االمــر نم ــى الــروح الرياضيــة �ف‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫لعبــ� كــرة‬ ‫مارســت‬ ‫ولذلــك‬ ‫كبــر‪،‬‬ ‫داخــ� بشــكل ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫~ عام ‪ ،1950‬مع زمالئي الطالب في ‪IC‬‬

‫‪27‬‬


‫المرحلة الدراسية‬

‫المــرض ب والغولــف ت‬ ‫لفــرة طويلــة مــن عمــري‪ ،‬كمــا‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـ�‬ ‫ـ�‪ .‬وأعتقد أن ممارس ـ ي‬ ‫كن ــت أح ــب أيض اً رياض ــة الم ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� س ــاهمت ف ي� تزوي ــدي ببني ــة‬ ‫تل ــك الهواي ــات ه ــي ال ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� م ــا زل ــت أتم ّت ــع به ــا ح ـ تـى‬ ‫جس ــديّ ة قوي ــة‪ ،‬أعتق ــد أن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫توافقونــ� الــرأي؟‬ ‫اليــوم‪ ...‬أال‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـب التح ـ ّـدث‬ ‫ـا� المدرس ــية أح ـ ّ‬ ‫وبالع ــودة إىل ذكري ـ ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� كان ــت تس ــود العالق ــة ب ـ يـ� الس ــاتذة‬ ‫ع ــن الج ــواء ال ـ ي‬ ‫والتالم ــذة‪ .‬فلق ــد كان ــت عالق ــة الن ـ ّـد للن ـ ّـد ال تش ــكو‬ ‫ت‬ ‫الــ� يمكــن‬ ‫مــن أي عقــد‪ ،‬خاصــة ســلطة البطــش ي‬ ‫أن يمارســها الرئيــس عــى المــرؤوس‪ .‬كذلــك ال‬ ‫أســاليب قاســية‪ ،‬بالــكالم أو الفعــل‪ ،‬تمــارس عــى‬ ‫التالمي ــذ‪ ،‬ب ــل إالح ـ تـرام المتب ــادل كان س ـ ّـي د المواق ــف‬ ‫ت‬ ‫ـ� ترتك ــز عليه ــا تل ــك‬ ‫وبمثاب ــة القاع ــدة الذهبي ــة ال ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ينم ــي لدين ــا الثق ــة بالنف ــس‬ ‫العالق ــة‪ .‬ه ــذا الم ــر كان ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫المهني ــة‬ ‫ـا�‬ ‫ّ‬ ‫والش ــخصية القوي ــة‪ ،‬ولق ــد ّ‬ ‫طب قت ــه ي� حي ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� وب ـ يـ� ط ـ ّـاب ي�‬ ‫إذ ش ــعرت ب ــأن إالح ــرام المتب ــادل بي ـ ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� نصبــو إليهــا‬ ‫ســينعكس إيجابــاً عــى النتائــج ي‬ ‫فيخولن ــا ذل ــك تحقي ــق النج ــاح ف ي� ظ ـ ّـل أج ــواء‬ ‫مع ـاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالتــال‬ ‫ســليمة ال ضغينــة فيهــا والحقــد‪ ،‬فيفارقنــا‬ ‫ي‬ ‫الخ ــوف م ــن الفش ــل‪.‬‬ ‫الــ� كان يناديــ�ن‬ ‫وال أنــى كلمــة «‪ »Monsieur‬ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫به ــا بع ــض أ‬ ‫الس ــاتذة بع ــد ‪ 12‬س ــنة م ــن لق ـ ئ‬ ‫ـا� به ــم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الســاتذة أ‬ ‫وبالضافــة إىل أ‬ ‫الجانــب الذيــن كانــوا‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫يع لّمون ــا ي� تل ــك الون ــة‪ ،‬كان هن ــاك ع ــدد من الس ــاتذة‬ ‫اللبناني ـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬أمث ــال أس ــتاذ اللغ ــة العربي ــة ودي ــع دي ــب‬ ‫وآخريــن كفــؤاد ســليمان ولويــس أبــو ش�ف ومــارون‬ ‫ت‬ ‫فاضــل المو ّز ي ن‬ ‫الســياس‬ ‫مــاد� االقتصــاد‬ ‫عــ� عــى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫زمــا� عــى مقاعــد الدراســة فأذكــر‬ ‫والقانــون‪ .‬أمــا‬ ‫ي‬ ‫ســف�‬ ‫طب ــارة الــذي شــغل منصــب‬ ‫ي‬ ‫منهــم ريــاض ّ‬ ‫لبنــان ف ي� واشــنطن‪ ،‬وأنطــوان أبــو خاطــر صاحــب‬ ‫ومديــر ش�كــة مــازدا للســيارات‪.‬‬ ‫تخرجــي إلتقيــت أحــد أولئــك الزمــاء‬ ‫وعنــد ّ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫فأخــر ن ي� أنــه يعمــل ي� �كــة تاباليــن الســعودية‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫(‪ )Tapline/Trans Arabian Pipe line‬وه ــي �ك ــة خطوط‬ ‫نقــل ت‬ ‫البــرول مــن عــدة محطــات‪ :‬طريــف ورفحــا‬ ‫ّ ن‬ ‫ع� عــى تقديــم طلــب عمــل‬ ‫وقيســومة‪،‬‬ ‫فشــج ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫قبــول ي� هــذه ال�كــة‬ ‫تــم‬ ‫فيهــا‪ .‬ولحســن ح ظّــي ّ‬ ‫ي‬ ‫عمــ� ف ي� منطقــة طريــف‪ ،‬ضمــن‬ ‫وبــدأت أمــارس‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ومقــر‬ ‫تأمــ� الخدمــات‬ ‫دائــرة عمــل مســؤولة عــن ي‬ ‫ّ‬ ‫ـوال خمس ــمئة س ــعودي‬ ‫إالقام ــة ووجب ــات الطع ــام لح ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـطي� ومئ ــة أم ـ يـر يك‪ .‬كن ــت أن ــوي‬ ‫ـ� لبن ـ ي‬ ‫ـا� وفلس ـ ي‬ ‫ومئ ـ ي‬

‫ت‬ ‫ـ� ف ي� م ــادة المحاس ــبة‪ ،‬فاتصل ــت‬ ‫يومه ــا إكم ــال دراس ـ ي‬ ‫بمــدارس تعطــي دروســاً عــن طريــق الم راســلة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫عــ�‬ ‫لكنــ� بعــد الســؤال‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫المهــم الــذي طرحــه ي ّ‬ ‫مديــري ف� تلــك ت‬ ‫أخ�تكــم عنــه آنفــا‪،‬‬ ‫الفــرة والــذي ب‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫واخــرت دراســة الفندقيــة بالم راســلة مــع معهــد‬ ‫فتســج لت‬ ‫‪ Lewis Hotel Training School‬ف ي� واشــنطن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عملي ـاً م ــا كن ــت أدرس ــه م ــن خالل ــه‬ ‫أطب ــق ّ‬ ‫في ــه ورصت ّ‬ ‫ف‬ ‫باالضاف ــة اىل دروس ي� عل ــم االدارة تلقيته ــا بالم راس ــلة‬ ‫م ــع أكاديمي ــة ال س ــال ف ي� أم ـ يـركا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫جعلــ� أمــارس مهنــة التعليــم‬ ‫حــ� للعلــم‬ ‫ي‬ ‫بّي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـ� إدارة ال�ك ــة ي� إح ــدى‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫طلب‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫فق‬ ‫ـردد‪،‬‬ ‫دون ت ـ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫و� مب ــادىء‬ ‫الم ـرات إعط ــاء دروس خاص ــة ي� إال ي‬ ‫نكل�ي ــة ي‬ ‫ن‬ ‫ـعودي�‪ ،‬وبالطب ــع‬ ‫عم اله ــا الس ـ‬ ‫ي‬ ‫الحس ــاب لع ــدد م ــن ّ‬ ‫المهم ــة خ ــارج نط ــاق دوام ــي‬ ‫ـ� القي ــام به ــذه‬ ‫ّ‬ ‫كان ع ـ ي ّ‬ ‫ف‬ ‫اليومــي‪ .‬عندهــا قــررت إاللتحــاق بمدرســة ي� لنــدن‬ ‫ـدرس إال ي ز‬ ‫أدرس م ــن‬ ‫نكل�ي ــة بالم راس ــلة أيض ـاً‪ ،‬ف ــرت ُ‬ ‫تـ ّ‬ ‫وأدرس مــن جهــة أخــرى‪ ،‬وكان نجاحــي باهــراً‬ ‫جهــة ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫بتطــوري ي�‬ ‫المهم ــة ممــا ســاهم‬ ‫ف ي� تلــك‬ ‫مهنــ�‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫مهم ــة التدريــس تلــك إىل أســاليب‬ ‫فقــد لجــأت ي� ّ‬ ‫عملي ــة تس ــاهم ف ي� تبس ــيط صف ــوف الحس ــاب‬ ‫تعلي ــم ّ‬ ‫بعــد أن الحظــت بعــض الصعوبــات لــدى العمــال‬ ‫ين‬ ‫الســعودي� ف ي� طريقــة إســتيعابهم تلــك الــدروس‬ ‫ح ـ تـى أثن ــاء قيامه ــم بمعادل ــة الجم ــع اذ كانوا ي ـ تـرددون‬ ‫بالجاب ــة ع ــن س ــؤال يتط ّل ــب‪ ،‬مث ـاً‪ ،‬جم ــع العددي ــن‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫خائفــ� مــن إقــراف الخطــاء‪ .‬عندهــا قــررت‬ ‫‪ 5‬و‪7‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫اللج ــوء إىل تبس ــيط الم ــر م ــن خ ــال إس ــتخدام أع ــداد‬ ‫ألش ــياء يعرفونه ــا ويعيش ــون معه ــا‪ .‬فم ــا ك ــدت أق ــول‬ ‫له ــم «اذا كان لدي ــك خمس ــة جم ــال واش ـ تـريت س ــبعة‬ ‫ن‬ ‫آخريــن فكــم جمــا ً يكــون بحوزتــك؟ ت‬ ‫يأتيــ�‬ ‫حــى‬ ‫ي‬ ‫الجــواب رسيعــاً ‪ 12 :‬جمــل‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الــ� بذلتهــا ي� التدريــس مــن‬ ‫هــذه الجهــود ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� م ــن ناحي ــة ثاني ــة‪ ،‬س ــاهمت‬ ‫ناحي ــة إ‬ ‫ولكم ــال دراس ـ ي‬ ‫ت ت‬ ‫ش‬ ‫قيــ� ف ي� ال�كــة‪ ،‬بحيــث نقلــت بصفــة مســؤول‪،‬‬ ‫ب� ي‬ ‫إىل محط ــة منطق ــة القيس ــومة الواقع ــة ع ــى الح ــدود‬ ‫ـال ت ـ ّـم منح ــي مكافئ ــات‬ ‫الس ــعودية الكويتي ــة‪ ،‬وبالت ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـو� نجح ــت ي� تدري ــب‬ ‫مالي ــة لربع ــة أش ــهر متتالي ــة ك ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـكا� ف ي� العم ــل‪.‬‬ ‫ش ــاب س ــعودي ليح ـ ّـل م ـ ي‬ ‫كثــرة‬ ‫بقــي العلــم رفيقــي خــال م راحــل‬ ‫ي‬ ‫أمــل منــه بتاتــاً باحثــاً دائمــاً‬ ‫مــن عمــري‪ ،‬فكنــت ال ّ‬ ‫حصلــت مــرةً‪،‬‬ ‫عــن ّكل جديــد قــد يحملــه يل‪ .‬فقــد‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫الــدول ي� جنيــف‬ ‫عــى منحــة مــن مكتــب العمــل‬ ‫ي‬

‫بفضــل ممثلهــا ف ي� لبنــان جــوزف دوناتــو الــذي‬ ‫كان يشــغل منصــب مديــر عــام وزارة الشــؤون‬ ‫للتــدرب مــع مــدراء‬ ‫االجتماعيــة ف ي� لبنــان‪ ،‬وذلــك‬ ‫ّ‬ ‫ـ� يتم ـ ي ز‬ ‫فن ــادق ناجح ـ ي ن‬ ‫ـ�ون بإدارته ــم فن ــادق معروف ــة‪:‬‬ ‫‪ Thonon-les-Bains‬ف ي� فرنســا‪ ،‬و‪ Arosa‬وليــورسن ف ي�‬ ‫جنيــف وســوي رسا وأيضــاً ف ي� مــدن أخــرى كلــوزان‬ ‫تدربــت ف ي� فنــدق هيلتــون‬ ‫واســطنبول‪ ،‬حيــث ّ‬ ‫العالمــي وكان يومهــا أول فــرع مــن نوعــه �ف‬ ‫ي‬ ‫االمــر يك‬ ‫العالــم‪ .‬وبعــد تخرجــي مــن المعهــد‬ ‫ي‬ ‫‪ Lewis Hotel Training School‬قــررت إالســتقالة مــن‬ ‫ش�ك ــة تابالي ــن ألتف ـ ّـرغ للدراس ــة م ــن ناحي ــة ولعملي ــات‬ ‫التدريــب التطبيقيــة ف ي� أوروبــا مــن ناحيــة ثانيــة‪.‬‬ ‫بعدهــا حصلــت لمــرة جديــدة عــى منحــة أخــرى‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫بــروت ّ ن‬ ‫لــ� دراســة‬ ‫مــن الســفارة اللمانيــة ي� ي‬ ‫تخو ي‬ ‫إختص ــاص إدارة الفن ــادق ف ي� ‪ ،Heidelberg‬وه ــي واح ــدة‬ ‫ق‬ ‫الفنــد�‬ ‫مــن أهــم المؤسســات الخاصــة بالتعليــم‬ ‫ي‬ ‫جــت منهــا ف ي� عــام ‪.1956‬‬ ‫وأك�هــا ف ي� ألمانيــا‬ ‫ب‬ ‫وتخر ُ‬ ‫ّ‬ ‫كبــرة مــن دراســا�ت‬ ‫خــرة‬ ‫ي‬ ‫لقــد إكتســبت ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـ� ي� �كة‬ ‫وتدريب ـ ي‬ ‫ـا� تل ــك‪ .‬ففي الس ــعودية خ ــال عم ـ ي‬ ‫تعرفــت إىل جنســيات مختلفــة وتع لّمــت‬ ‫تاباليــن ّ‬

‫كيفي ــة إالنخ ـراط ف ي� مجتمع ــات غربي ــة تختل ــف تمام ـاً‬ ‫ن أ‬ ‫عــن مجتمعنــا ش ق‬ ‫مــر يك والهولنــدي‬ ‫فبــ� ال ي‬ ‫الــر ي�‪ .‬ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وغ�ه ــم‪،‬‬ ‫ـال ي‬ ‫واللبن ـ ي‬ ‫ـ� والصوم ـ ي‬ ‫ـا� والس ــعودي والبحري ـ ي‬ ‫حص ــدت كمي ــة أف ــكار ألش ــخاص يختلف ــون تمام ـاً ع ــن‬ ‫بعضهــم البعــض قلبــاً وقالبــاً‪ .‬فمــن ي ن‬ ‫بــ� الذيــن‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـر� عثم ــان كيتميت ــو ال ــذي ص ــار فيم ــا‬ ‫حف ــروا ي� ذاك ـ ي‬ ‫ـ� فن ــدق فينيس ــيا ف ي� لبن ــان‪.‬‬ ‫بع ــد واح ــداً م ــن مؤس ـ ي‬ ‫ســم� أبــو حمــد أحــد كبــار المستشــارين‬ ‫وكذلــك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫االقتصادي ـ يـ� يومه ــا ي� الس ــعودية ولبن ــان‪ ،‬وال أن ــى‬ ‫ن‬ ‫ـ� أي ــوب إضاف ــة إىل‬ ‫أيض ــا الدكات ــرة نعم ــان بس ـ ي‬ ‫ـتا� وإي ـ ي‬ ‫ج ــورج س ــابا مؤس ــس ش�ك ــة بريم ـ يـرا‪ .‬كم ــا اس ــتخلصت‬ ‫ت‬ ‫ـا� تل ــك منه ــا أن ل ـ ّ‬ ‫ـكل‬ ‫أم ــوراً م ّه م ــة م ــن خ ــال تنق ـ ي‬ ‫مدي ــر عم ــل طريقت ــه وأس ــلوبه ف� تعامل ــه م ــع آ‬ ‫الخ ــر‪،‬‬ ‫ي‬ ‫يّ ن‬ ‫معــ�‬ ‫ممــا يتط لّــب عــدم تعميــم أســلوب عمــل‬ ‫ين‬ ‫تعرفــت أيضــاً عــى‬ ‫عــى المــدراء‬ ‫أجمعــ�‪ .‬كمــا ّ‬ ‫حرفي ـاً ع ــى‬ ‫عالمي ــة وكيفي ــة تطبيقه ــا‬ ‫أنظم ــة ش�كات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ـزودت بخ ـ بـرة ح ــول كيفي ــة التعام ــل‬ ‫الرض‪ .‬كذل ــك ت ـ ّ‬ ‫ئ‬ ‫ـا� والتع ــاون معه ــم وم ــع م ــدر ئ يا�‪ّ .‬كل ذل ــك‬ ‫م ــع زم ـ ي‬ ‫ت‬ ‫المهني ــة وتثقيفهــا‬ ‫شــخصي�‬ ‫ســاهم ف ي� صقــل‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫بالعمــل الــدؤوب وبإرضــاء الزبــون‪.‬‬ ‫~ مع طالب في كلية الفندقية – هيدلبرغ –ألمانيا عام ‪1956‬‬

‫‪29‬‬


‫الحب ونصفي آ‬ ‫الخر‬ ‫ّ‬

‫"عندما تختار امرأة لتكون الزوجة فاعرف أن‬ ‫هذه املكانة هي ّ‬ ‫مقدسة‪ ،‬وأنه عليك أن تتفاىن‬ ‫يف إسعادها والعكس صحيح‪ .‬ولكن ما هو‬ ‫ّ‬ ‫مطلوب منك ّ‬ ‫يتوجب علهيا‬ ‫يعد أكرب بكثري مما‬ ‫تجاهك‪ ،‬فهي مخلوق أضعف منك وهذا األمر‬ ‫ّ‬ ‫يتطلب منك يف املقابل أن تكون مثلها األفضل‬ ‫مقد ً‬ ‫ما لها ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل أنواع املساعدة "‬ ‫‪ -‬سيلفيو بيليكو ‪-‬‬

‫الحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب‬ ‫ّ‬ ‫ونصفـــــــــــي اآلخــــــــــــــــــر‬ ‫حي ـاً‪ .‬أواف ــق الكاتب‬ ‫يق ــول أوس ــكار وايل ــد إن الح ــب كفي ــل ب ــأن يبقي ــك ّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫المعــى‬ ‫والشــاعر إاليرلنــدي قولــه هــذا‪ ،‬مــع فــرق واحــد يكمــن ي�‬ ‫يتحدثــون عنــه بغ رابــة‬ ‫للحــب‪ .‬فهــذا الشــعور الــذي‬ ‫الحقيقــي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأحيان ـاً يس ــتخدمونه م ــن أج ــل بت�ي ــر هفواته ــم أو نجاحاته ــم‪ ،‬ل ــه‬ ‫مع ـ نـى آخ ــر بالنس ــبة يل إذ أعت ـ بـره ش ــعوراً ي ــري فين ــا ج ـراء تناغ ــم‬ ‫ـ� الط ــرف آ‬ ‫ـ� يح ــدث فيم ــا بينن ــا وم ــا ب ـ ي ن‬ ‫مع ـ ي ّ ن‬ ‫الخ ــر لي ــس أك ـرث ‪ .‬فأن ــا‬ ‫ب ــكل بس ــاطة أص ــف الح ــب بن ــوع م ــن ت ــوارد خواط ــر أو ‪ Télépathie‬كما‬ ‫ف‬ ‫طي ات ــه أحاس ــيس‬ ‫ـمي ه بالفرنس ــية‪ .‬وه ــذا المفه ــوم ب ـر ي يأ� يحم ــل ي� ّ‬ ‫نس ـ ّ‬ ‫ـب التقلي ــدي ال ــذي يتحدثّ ــون عن ــه‪.‬‬ ‫ع ـ ّـدة تتج ــاوز مع ـ نـى الح ـ ّ‬

‫‪31‬‬


‫الحب ونصفي آ‬ ‫الخر‬ ‫ّ‬

‫فــأن تنظــر إىل إمــرأة وتشــعر بــأن هنــاك نوعــاً مــن‬ ‫ـا�‪ ،‬له ــو‬ ‫الكيمي ــاء ت ــري تلقائي ـاً بينكم ــا وبش ــكل إيج ـ ب ي‬ ‫بالتفكــر بهــا مــن زاويــة‬ ‫أمــر يكفيــك لتبــدأ بعــده‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� تجتاحــك عــادة مــن الناحيــة‬ ‫أخــرى ي‬ ‫غــر تلــك ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� الق ــول‪ .‬فمصادف ــة إم ـرأة تلتق ــي‬ ‫الجس ــدية إذا أمكن ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫معه ــا ف ي� أم ــور كث ـ يـرة م ــن النظ ــرة الوىل ح ــى دون أن‬ ‫تتح ـ ّـدث معه ــا ه ــو أم ــر ن ــادر ق لّم ــا يتك ــرر‪ .‬وأن ت ــري‬ ‫ف ي� دم ــك‪ ،‬وح ـ تـى ف ي� دماغ ــك‪ ،‬تل ــك الكيمي ــاء المش ـ ّـب عة‬ ‫بأحاس ــيس مختلف ــة ال تع ــرف كي ــف بإمكان ــك إحصائها‬ ‫بحــد ذاتــه يدفعــك إىل الشــعور‬ ‫لهــو أمــر ممتــع‬ ‫ّ‬ ‫بالس ــعادة المطلق ــة وكأن ــك ربح ــت الجائ ــزة الك ـ بـرى‪،‬‬ ‫فينعك ــس أ‬ ‫الم ــر ع ــى مالمح ــك مب ـ ش‬ ‫ـا�ة وكأن ــك ملك ــت‬ ‫العالــم باجمعــه فتنتقــل وبلحظــة واحــدة مــن‬ ‫ـرس الحاك ــم الواث ــق م ــن‬ ‫موق ــع الرج ــل الع ــادي إىل ك ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ق رارات ــه‪ .‬والجدي ــر ذك ــره أن ت ــوارد الف ــكار او الخواط ــر‬ ‫ال ت‬ ‫يعــرف بــه علميــاً كمــا هــي حالــة أي أحاســيس‬ ‫ف‬ ‫و�‬ ‫أخ ــرى تصيبن ــا دون أن يك ــون له ــا تفس ـ يـر علم ــي ي‬ ‫ـب‪ .‬هن ــا يمك ــن الق ــول إن ه ــذه الحال ــة‬ ‫ّ‬ ‫مقدمه ــا الح ـ ّ‬ ‫ت‬ ‫ـ� نعيش ــها م ــن خ ــال ال ـــ ‪ Télépathie‬تع ـ ّـد نوع ـاً‬ ‫ال ـ ي‬ ‫م ــن الفطن ــة ال زائ ــدة أو بُ ع ــد النظ ــر اللذي ــن يمكنن ــا‬ ‫يخولنــا تو ّق ــع أمــور ال‬ ‫التم ّت ــع بهمــا بشــكل واضــح ّ‬ ‫تلب ــث أن تحص ــل معن ــا‪.‬‬ ‫التعم ق بش ــكل‬ ‫أن ــا بطبع ــي ال أحب الفلس ــفة وال‬ ‫ّ‬ ‫مع ّق ــد ف� أ‬ ‫الم ــور؛ ف ــكل م ــا رغب ــت ف� إيصال ــه إليك ــم �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ه ــذا الموض ــوع م ــن منطل ــق خ ـ بـر ت‬ ‫ـخصي ة‪ ،‬ه ــو‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـب ف ي� ه ــذا االط ــار بال ــذات‪.‬‬ ‫ـ� أض ــع الح ـ ّ‬ ‫أن ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـب يوم اً»؟‬ ‫ـ� أن ــك ل ــم تق ــع ي� الح ـ ّ‬ ‫«ه ــل ه ــذا يع ـ ي‬ ‫ه ــذا ه ــو الس ــؤال البديه ــي‪ ،‬كم ــا أعتق ــد‪ ،‬ال ــذي ق ــد‬ ‫تطرحون ــه بع ــد ق ـراءة ه ــذه الس ــطور‪ .‬ولذل ــك س ــأقول‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الحــب الــذي‬ ‫أنــ� لــم أقــع ف ي�‬ ‫لكــم‬ ‫ّ‬ ‫وبــكل رصاحــة ي‬ ‫تعرفون ــه أنت ــم‪ ،‬م ــع أن ـ نـ� ف� المقاب ــل كان ل ــدي خ ـ بـر�ت‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ف� هــذا المجــال عــى الطريقــة ت‬ ‫الــ� ش�حتهــا لكــم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫آنف ـاً‪ .‬فأن ــا ال أتذ ّك ــر أن ش ــعوراً جنوني ـاً إجتاح ـ ن‬ ‫ـ� يوم ـاً‬ ‫ي‬ ‫قمــت ف ي� هــذا الســياق‬ ‫معي نــة‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬ ‫مــا نحــو إمــرأة ّ‬ ‫بــردود فعــل خارجــة عــن المألــوف‪ّ .‬كل مــا يمكنــ�ن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـأن وبعقالني ــة‬ ‫ـ� عش ــت ه ــذا الش ــعور بت ـ ّ‬ ‫قول ــه ه ــو أن ـ ي‬ ‫قلــ�‬ ‫عقــ�‪،‬‬ ‫يــدق بالطبــع ولكــن بفضــل‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫إذ كان ب ي‬ ‫فالفك ــر ب ـر ي يأ� ه ــو أس ــاس ّكل ش ــعور‪ .‬ه ــذا المفه ــوم‬ ‫التحــدث عنــه بإســهاب ف ي� البارابســيكولوجي‬ ‫يجــري‬ ‫ّ‬ ‫أي علــم التخاطــر كمــا يســمونه بالعربيــة‪.‬‬

‫ك ــم م ـ ّـرة حظي ــت بفرص ــة مش ــابهة؟ ه ــي م ـرات قليل ــة‬ ‫ال يتج ــاوز عدده ــا أصاب ــع الي ــد الواح ــدة‪ ،‬ولك ــن أ‬ ‫الهم‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫أنــ� عشــت هــذا الشــعور‬ ‫ي� هــذا الموضــوع‪ ،‬هــو ي‬ ‫م ــع الم ـرأة ال ـ تـ� ت‬ ‫اخ�ته ــا ف ي� ‪ 28‬أبري ــل م ــن ع ــام ‪1967‬‬ ‫ي‬ ‫لتك ــون نصف ــي آ‬ ‫الخ ــر‪.‬‬ ‫فكلــود هــي مــن النســاء القليــات الــايت‬ ‫ّ‬ ‫بحضورهــن وبدماثــة‬ ‫اســتطعن أن يقنعنــي‬

‫ّ‬ ‫أخالقهــن‪ ،‬فجذبتــي نحوهــا بصــورة غــر‬ ‫ُ‬ ‫عرفــت كيــف كان‬ ‫مبــارشة‪ .‬ومــع مــرور العــر‬ ‫إحســايس هــذا سـ ً‬ ‫ـلميا تجاههــا عندمــا إخرتهتــا‬ ‫لتكــون زوجــي‪ .‬وقبــل أن أدخــل يف تفاصيــل‬ ‫لقــايئ معهــا ابســتطاعيت أن ّ‬ ‫أؤكــد لكــم أن‬

‫أهــم ّ‬ ‫حــب وحالــة غــرام‪ ،‬إذا رغبــم يف‬ ‫قصــة ّ‬

‫تمسيهتــا هكــذا‪ ،‬خضهتــا يف حيــايت ومنــت معــي‬ ‫لحظــة بلحظــة هــي تلــك الــي عشــها مــع‬

‫كلــود وأوالدي‪ .‬أجــل‪ ...‬فــأان اليــوم مــا زلــت‬ ‫مغرمـ ًـا بـ«كــويك» (كمــا أحــب أن أاندهيــا تدلـ ً‬ ‫ـا)‬

‫أتخيــل نفــي مــن دوهنــا‪ ،‬وكذلــك األمــر‬ ‫إذ ال ّ‬ ‫ابلنســبة لبنــايت الــايت أعتربهــن جــذوري‬ ‫الصلبــة والثابتــة يف هــذه الدنيــا‪.‬‬

‫~ مع أمير وحاكم صربيا ودكتور غسان عائدي‬

‫ن‬ ‫حد ما‪ ،‬إال أن‬ ‫ـ� إىل ّ‬ ‫قب ــل «ك ـ ي‬ ‫ـوك» ّ‬ ‫تعرفت إىل فتاة جذبت ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫زوج�‪.‬‬ ‫ـاور� بأنه ــا ل ــن تك ــون‬ ‫إحساس ـاً داخلي ـاً كان يس ـ ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� بتل ــك الفت ــاة‪ ،‬وكان ــت‬ ‫عالق ــة صداق ــة قوي ــة ربطت ـ ي‬ ‫تم ــا بتطلع البن ــت َ إل ّم ا»‬ ‫«طب الج ـ ّـرة عا ّ‬ ‫جمل ــة وال ــدي ّ‬ ‫ن‬ ‫ـ� ف ي� ّكل م ــرة أردت فيه ــا إقامة عالقة جديّ ة مع‬ ‫ال تفارق ـ ي‬ ‫فت ــاة م ــا‪ .‬فف ــي إح ــدى الم ـرات كن ــت م ــع مجموع ــة من‬ ‫أ‬ ‫الصدق ــاء ف� جلس ــة ش ــبابية نتن ــاول العش ــاء ف� م ـ ن ز‬ ‫ـ�ل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ونتحــدث بمواضيــع مختلفــة‪،‬‬ ‫أحدهــم ونتســامر‬ ‫ّ‬ ‫عندمــا ت‬ ‫إقــرح علينــا أحدهــم ومــن بــاب التســلية‬ ‫تتجــرأ أو تقــول الحقيقــة»‬ ‫أن نقــوم بلعبــة «هــل‬ ‫ّ‬ ‫(‪ ،)Tu oses ou tu dis la vérité‬كمــا هــي معروفــة‬ ‫بالفرنس ــية‪ ،‬وه ــي لعب ــة إجتماعي ــة إزده ــرت ف ي� أيامن ــا‬ ‫طلــب إىل الشــخص‬ ‫ســؤال أو‬ ‫وترتكــز عــى توجيــه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫آ‬ ‫بيبس أو س ــفن‬ ‫الخ ــر حس ــب م ــا تق ــرره وجه ــة ق ــارورة‬ ‫ي‬ ‫آب بت�مهــا ف ي� أرضهــا‪ .‬فــإذا جــاءت وجهــة الزجاجــة‬ ‫ن‬ ‫ـ� أن ــك أن ــت م ــن سيتس ـلّم‬ ‫ب رأس ــها نح ــوك فذل ــك يع ـ ي‬ ‫المــور‪ ،‬فتطــرح عــى الطــرف آ‬ ‫زمــام أ‬ ‫الخــر الــذي‬ ‫حــدده قبالتــك‪ ،‬ســؤاال ً‬ ‫يكــون كعــب الزجاجــة قــد ّ‬ ‫تعت ـ بـره صعب ـاً أو تطل ــب من ــه القي ــام بعم ــل ج ــريء‬ ‫يختــاره هــو‪ .‬وتمــض ي الســهرة عــى هــذا المنــوال‬ ‫الكثــر مــن الضحــك والمواقــف‬ ‫مســلي ةً يتخللهــا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫وج ــه‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـؤال‬ ‫ـ‬ ‫الس‬ ‫ـوى‬ ‫ـ‬ ‫فح‬ ‫كان‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫أدري‬ ‫وال‬ ‫ـة‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫الفكاهي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫رن ف ي�‬ ‫إىل تل ــك الفت ــاة ي� تل ــك اللحظ ــة‪ ،‬إال أن جوابه ــا ّ‬ ‫ن‬ ‫أذ� بش ــكل مب ـ ش‬ ‫ـا� كأن ــه ص ــوت الج ــرس ال ــذي كن ــت‬ ‫ي‬ ‫ـب‬ ‫أنتظ ــر س ــماعه من ــذ ف ـ تـرة‪ ،‬فه ــي ر ّدت تق ــول‪« :‬ط ـ ّ‬ ‫تم ــا بتطل ــع البن ــت َ إل ّم ــا»‪ .‬فحملق ــت إليها‬ ‫الج ـ ّـرة ع ــى ّ‬ ‫واس ـ تـرجعت بث ــوان قليل ــة نصيح ــة وال ــدي يل‪ ،‬الس ــيما‬ ‫وأن وال ــدة تل ــك الفت ــاة ل ــم تك ــن تمل ــك صيت ـاً تحس ــد‬ ‫نفــ� إذا كانــت الفتــاة بنفســها‬ ‫عليــه‪ .‬فقلــت ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫إع�ف ــت بأنه ــا س ــتكون ع ــى ش ــاكلة والدته ــا‪ ،‬فلم ــاذا‬ ‫ـ� معه ــا وأن ــا م ــن البداي ــة م ـ تـردد‪ .‬ومن ــذ‬ ‫أقح ــم نف ـ ي‬ ‫عقــ� تلــك الفتــاة فصــارت مــن‬ ‫تلــك اللحظــة و ّدع‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ـا� الغاب ــر‪.‬‬ ‫الم ـ ي‬ ‫ن‬ ‫يلفتــ� ف ي� المــرأة عامــة هــو أنوثتهــا‪.‬‬ ‫أكــرث مــا‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� تفيــض منهــا هــي‬ ‫فهــذه النعومــة المفرطــة ي‬ ‫رث‬ ‫الداخــ�‬ ‫يعــر عــن جمالهــا‪ ،‬الســيما‬ ‫بــر ي يأ� أكــ مــا ب ّ‬ ‫ي‬ ‫من ــه‪ .‬فعندم ــا تح ـرض أ‬ ‫النوث ــة الطاغي ــة ف ي� ش ــخصية‬ ‫إمــرأة مــا يصبــح مــن الســهل القيــام بأصعــب‬ ‫ـض النظ ــر ع ــن‬ ‫االش ــياء‪ ،‬ح ـ تـى إن ــه يصب ــح بإمكان ــك غ ـ ّ‬ ‫هف ــوات ق ــد ترتكبه ــا صاحبته ــا‪ .‬ه ــذه الصف ــة إضاف ــة‬

‫~ كلود قماطي دموس‬

‫‪33‬‬


‫الحب ونصفي آ‬ ‫الخر‬ ‫ّ‬

‫إىل نوعيــة ي ز‬ ‫تشــد ن يا� إىل المــرأة عامــة‬ ‫معي نــة‬ ‫ّ‬ ‫ف�يــاء ّ‬ ‫فأتأثّــر بحضورهــا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ـ� رج ــل م ــن الن ــوع اللع ــوب‬ ‫خي َل ـ َّ‬ ‫ال يُ َّ‬ ‫ـن لك ــم أن ـ ي‬ ‫ال ــذي يبح ــث ع ــن العالق ــات النس ــائية بش ــكل دائ ــم‪.‬‬ ‫تــرف نقــوم بــه نتائجــه‬ ‫فأنــا مقتنــع بــأن لــكل‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� يك أجعله ــا ت ــدور ي� النتائ ــج‬ ‫إاليجابي ــة والس ــلبية ال ـ ي‬ ‫االوىل‪ ،‬كن ــت أح ــرص ع ــى درس أي ــة خط ــوة أق ــوم به ــا‬ ‫ف ي� ه ــذا الش ــأن‪ .‬ال ش ــك أن ــه كان ل ــدي لحظ ــات خاص ــة‬ ‫ب ي� أســتمتع بالقيــام بهــا‪ ،‬إال أنهــا جميعهــا كانــت‬ ‫مدروســة خاصــة تلــك المتع لّقــة بالنســاء‪ .‬كانــت‬ ‫ت‬ ‫مملكــ� الخاصــة دائمــا خــارج العمــل؛ وضعــت‬ ‫يل‬ ‫ي‬ ‫له ــا خطوط ـاً حم ـراء يك أبقيه ــا بعي ــدة ع ــن أي خط ــر‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـاس‬ ‫يمك ــن أن يالمس ــها‪ .‬فم ــا يح ــدث ي� المرك ــز الس ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫يــأ� ف ي� الطليعــة ّ‬ ‫وكل مــا يمكــن أن‬ ‫لمملكــ� تلــك ي‬ ‫ي‬ ‫يطال ــع جوانبه ــا إنم ــا ه ــو مج ــرد تفاصي ــل ال ّ ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تهم ـ ي‬ ‫أم ــا ّ ت‬ ‫ـ� م ــع كل ــود فكان ــت مغاي ــرة تمام ـاً ع ــن‬ ‫قص ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� عش ــتها م ــع الفت ــاة الس ــابقة الذك ــر‪ .‬إنه ــا‬ ‫تل ــك ال ـ ي‬ ‫عالق ــة سلس ــة‪ ،‬هادئ ــة‪ ،‬غني ــة أ‬ ‫بالحاس ــيس والمش ــاعر‬ ‫ّ‬ ‫ال راقي ــة‪ .‬لق ــد قي ــل يل يومه ــا‪ ،‬وكن ــت ف ي� العق ــد الثالث‬ ‫مــن عمــري‪ ،‬أن هنــاك فتــاة الئقــة وجميلــة‪ ،‬إبنــة‬ ‫بي ــت مع ــروف (آل قماط ــي) ويؤلّف ــون عائل ــة بيتوتي ــة‬ ‫ن‬ ‫جذبتــ� كلــود بب�اءتهــا وصدقهــا‪ ،‬فهــي‬ ‫محافظــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـ� أن ــا‪.‬‬ ‫ل ــم تكــن تمل ــك خ ـ بـرة واســعة ي� الحي ــاة مث ـ ي‬ ‫ـار� أش ــبه بنقط ــة الم ــاء‬ ‫ب‬ ‫فخ�ته ــا الحياتي ــة مقاب ــل تج ـ ب ي‬ ‫ف‬ ‫التبج ج‬ ‫ي� بح ــر شاس ــع‪ .‬ال أق ــول ه ــذه االم ــور م ــن ب ــاب ّ‬ ‫أ ن‬ ‫ـ� ف ي� الواقع إحتكك ــت بالحياة‬ ‫أو ب‬ ‫الك�ي ــاء أب ــداً‪ ،‬ب ــل لن ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـار�‬ ‫بش ــكل كب ـ يـر‪ ،‬فعجن ــت ب�ابه ــا وارتوي ــت م ــن تج ـ ب ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـن مب ّك ــرة‪،‬‬ ‫ـ� ب ــدأت العم ــل ي� س ـ ّ‬ ‫فيه ــا‪ ،‬خصوص ـاً أن ـ ي‬ ‫فس ــافرت وكاب ــدت ألص ــل م ــا أن ــا علي ــه الي ــوم‪ .‬كم ــا‬ ‫أن إختالط ــي م ــع جنس ــيات مختلف ــة م ــن دول غربي ــة‬ ‫وعربيــة كمــا ســبق وذكــرت لكــم ّ ن‬ ‫دتــ� بخلفيــة‬ ‫زو ي‬ ‫فكريــة واســعة لــم يســبق لكلــود الشــابة الطريّ ــة‬ ‫الع ــود أن خاضته ــا يوم ـاً‪ .‬فه ــي كان ــت تعي ــش ف ي� كن ــف‬ ‫عائل ــة ب�وتي ــة تع لّم ــت منه ــا ح ــب آ‬ ‫الخ ــر‪ ،‬فص ــارت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ـاس‬ ‫إم ـرأة تعب ــق بالحن ــان والعط ــف‪ ،‬صاحب ــة قل ــب م ـ ي‬ ‫بالمحب ــة وم ــا ي ـزال‪.‬‬ ‫ينب ــض‬ ‫ّ‬ ‫نختل ــف‪ ،‬كل ــود وأن ــا‪ ،‬بطباعن ــا دون ش ــكّ لي ــس‬ ‫م ــن ب ــاب اله ــدوء والعصبي ــة وم ــا ش ــابه تل ــك الصفات‬ ‫الموج ــودة ع ــادة ف� ش ــخصياتنا‪ ،‬فلق ــد ك ّن ــا متش ـ ي ن‬ ‫ـابه�‬ ‫ي‬ ‫بطريقــة مواجهتنــا أ‬ ‫ين‬ ‫ومختلفــ�‬ ‫المــور واســتيعابها‪،‬‬ ‫بكيفيــة نظرتنــا أ‬ ‫فالخلفي ــة‬ ‫للمــور وتحليلهــا‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ت‬ ‫ّ‬ ‫تجــار� الحياتيــة‬ ‫أتحــى بهــا بفعــل‬ ‫الــ� كنــت‬ ‫بي‬ ‫الفكريــة ي‬ ‫فرض ــت علين ــا ه ــذا االخت ــاف‪ .‬إال أن ــه ل ــم يؤثّ ــر ع ــى عالقتن ــا‬ ‫ـ� وحريص ـ ي ن‬ ‫الزوجي ــة بش ــكل أو بآخ ــر‪ ،‬ب ــل ك ّن ــا متناغم ـ ي ن‬ ‫ـ� ع ــى‬ ‫ت‬ ‫ـا� الث ــاث (جومان ــا وزين ــة ورن ــدى)‬ ‫بن ــاء عائل ــة حقيقي ــة م ــع بن ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـن بزين ــة الحي ــاة‪.‬‬ ‫ـا� أصفه ـ ّ‬ ‫ال ـ ي‬ ‫فالمع ــروف أن الم ـرأة ع ــادة م ــا تلح ــق بزوجه ــا فتك ــون‬ ‫ضلع ـاً م ــن ضل ــوع ص ــدره‪ ،‬يأتمنه ــا ع ــى أرساره ويفضف ــض له ــا‬ ‫م ــا ف ي� أعماق ــه وه ــذا ه ــو واق ــع حياتن ــا‪ ،‬كل ــود وان ــا‪ .‬ال أس ــتطيع‬ ‫إنــ� لــم ألحــق بهــا بــدوري فهــي كانــت ّ ن‬ ‫ن‬ ‫لــ�‪،‬‬ ‫تكم ي‬ ‫القــول ي‬ ‫ين‬ ‫الطرفــ� أن يلحقــا‬ ‫ففــي مفهــوم المشــاركة الزوجيــة عــى‬ ‫ببعضهم ــا البع ــض وإال ول ــد ن ــوع م ــن النف ــور أو الالت ــوازن �ف‬ ‫ي‬ ‫العالقــة بينهمــا‪.‬‬

‫~ صورة بناتي جومانا‪ ،‬زينة ورندى‬ ‫وعلى أمل أن يتابعوا مع أوالدهم هذه المسيرة‬

‫‪35‬‬


‫التبعي ــة ال ـ تـ� ترتك ــز عليه ــا ش‬ ‫ال�اك ــة وتس ــاهم‬ ‫ه ــذه‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف ي� تأســيس أيــة عائلــة ناجحــة ال بــد أن يقــوم بهــا‬ ‫ّكل طــرف مــن ناحيتــه وعــى أكمــل وجــه دون أن‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ـ� كن ــت‬ ‫يح ــاول أحدهم ــا إلغ ــاء دور الخ ــر‪ .‬صحي ــح أن ـ ي‬ ‫صاح ــب الق ـرار ف� الم ـ ن ز‬ ‫ـ�ل‪ ،‬إال ان كل ــود كان ــت بمثاب ــة‬ ‫ي‬ ‫مس ــاعد القائ ــد‪ ،‬ال ــذي يد ّل ــه ع ــى الطري ــق الصحي ــح‬ ‫فينب ه ــه ع ــى مخاط ــر منعطف‬ ‫المف ــروض أن يس ــلكه‪ّ ،‬‬ ‫ـب ق ــد‬ ‫ق ــوي ق ــد يطالع ــه أثن ــاء القي ــادة‪ ،‬أو ع ــى مط ـ ّ‬ ‫غــض‬ ‫يصادفــه فجــأة فيقــع فيــه ســهواً فيمــا لــو ّ‬ ‫نظ ــره ع ــن المس ــار ول ــو للحظ ــات قليل ــة‪.‬‬ ‫فكلــود كانــت ّ‬ ‫متنبــة‬ ‫تمتتــع بتلــك املــزات‬ ‫ّ‬ ‫وواعيــة ألي طــارىء‪ .‬وكــم مــن مـ ّـرة إســتندت‬ ‫إىل كتفهــا فحضنتــي وأزاحــت عـ ّـي ثقــل هموم‬

‫بتفهمهــا ورؤيهتــا لألمــور‪ .‬هــي نصفــي‬ ‫الحيــاة ّ‬ ‫ّ‬ ‫شــكلت‬ ‫اآلخــر بــكل مــا للكلمــة مــن معــى‪.‬‬ ‫صلبا حديـ ً‬ ‫ً‬ ‫ـداي ال‬ ‫ركــزة زواجنــا األساســية فــكان‬

‫ميكــن تدمــره‪ .‬فعندمــا كنــت أغيــب ألكــر مــن‬ ‫إثنــي عــرة ســاعة خــارج البيــت منغمسـ ًـا يف‬ ‫العمــل‪ ،‬كانــت هــي مــن ّ‬ ‫يعــره مــن الداخــل‬ ‫ـرا حجـ ً‬ ‫ويصقــل بنيتــه حجـ ً‬ ‫ـرا بكميــة هائلــة مــن‬ ‫ـب الــذي يســكهنا‪.‬‬ ‫الحـ ّ‬

‫ت‬ ‫حــى عندمــا غادرنــا لبنــان بفعــل الحــرب وذهبنــا‬ ‫إىل فرنســا للعيــش هنــاك بعيــدا عــن ألســنة النــار‬ ‫ال ـ تـ� كان ــت تحي ــط ن ز‬ ‫بم�لن ــا إن ف ي� ب ـ يـروت أو ف ي� الجب ــل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إس ــتطاعت كل ــود أن تمس ــك بي ــدي وت ـ ن‬ ‫ـؤازر� رغ ــم أنن ــا‬ ‫ي‬ ‫كن ــا نخ ــوض واح ــدة م ــن تجاربن ــا القاس ــية م ــع الحي ــاة‬ ‫ف ي� ظ ـ ّـل مدخ ــول م ــادي بس ــيط‪ .‬وهن ــا ال ب ــد من إالش ــارة‬ ‫إىل أن أي زوج ـ ي ن‬ ‫ـ� ال يس ــتطيعان إكم ــال حياتهم ــا مع ـاً‬ ‫إذا لــم يمســكا بأيــادي بعضمهــا فيشــع ران أ‬ ‫بالمــان‬ ‫ح ـ تـى ل ــو كان العال ــم بأجمع ــه م ــن حولهم ــا غارق ـاً ف ي�‬ ‫الن ــار أو ف ي� الطوف ــان‪.‬‬ ‫عــى الرجــل (الــزوج) بــر ي يأ�‪ ،‬أن يكــون واعيــاً‬ ‫ألهمي ــة الم ـرأة إىل جانب ــه‪ .‬صحي ــح أن ــه يف ّك ــر‪ ،‬ويح ّل ــل‪،‬‬ ‫ويتعــب‪ ،‬ويلهــث وراء ي ن‬ ‫تأمــ� عيــش رغيــد لعائلتــه‪،‬‬ ‫لكن ــه بالمقاب ــل يج ــب أن يك ــون واعي ـاً ال ــدور ال ــذي‬ ‫يســتخف بقدراتهــا‬ ‫تؤ ّديــه زوجتــه ف ي� البيــت فــا‬ ‫ّ‬ ‫كثــرة عــن‬ ‫أو يهملهــا‪ ،‬بــل عليــه أن يبحــث مــرات ي‬

‫أســاليب تزهــر ف� قلبهــا مشــاعر ض‬ ‫الــر�‪ ،‬فتشــعر‬ ‫ي‬ ‫الــ� يك ن هــا لهــا نصفهــا آ‬ ‫أ‬ ‫الخــر‪ .‬فعندمــا‬ ‫بالهميــة ت ي ّ‬ ‫ترضيهــا يصبــح مــن الســهل عليهــا إرضــاؤك ألن‬ ‫خــرات‪،‬‬ ‫الدنيــا بالنهايــة هــي أخــذ وعطــاء وتبــادل ب‬ ‫وإذا مــا تم ّت ــع الــزوج بخلفيــة غنيــة وبتجــارب‬ ‫عــدة فــإن المطلــوب منــه يصبــح أضعــاف‬ ‫حياتيــة ّ‬ ‫مــا يمكــن أن يؤ ّديــه رجــل عــادي‪ .‬فهــذا النــوع مــن‬ ‫الرج ــال «المدعوك ـ ي ن‬ ‫ـ�» كم ــا نق ــول بالعامي ــة عليه ــم‬ ‫غ�هــم‪،‬‬ ‫أن يتفهمــوا زوجاتهــم بشــكل أفضــل مــن ي‬ ‫فيكون ــوا مثاله ــن أ‬ ‫ت‬ ‫الع ــى‪ .‬كم ــا عليه ــم أن ال ي ــرددوا‬ ‫عــن مســاعدتهن ومعاونتهــن والتخفيــف مــن‬ ‫معاناتهــن ف ي� ّكل مــرة تســنح لهــم الظــروف بذلــك‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫والي ــوم عندم ــا أس ــرجع حي ـ ي‬ ‫ـا� م ــع كل ــود ال ـ ي‬ ‫تك لّلــت بالنجــاح والحمــد هللا‪ ،‬ترتســم إبتســامة‬ ‫ال ـ ض‬ ‫ـر� ع ــى ثغ ــري بص ــورة تلقائي ــة‪ .‬فه ــي ل ــم تك ــن‬ ‫فق ــط نصف ــي آ‬ ‫الخ ــر ب ــل ج ــزءاً ال يتج ـ ّـزأ م ــن روح ــي‪،‬‬ ‫فكن ــت أخ ــاف عليه ــا م ــن نس ــمة اله ــواء وأع ــرف تمام ــا‬ ‫ن‬ ‫يمكنــ� نســيانها يومــاً مــا‪ .‬فعندمــا نكــون‬ ‫بأنــه ال‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫أصح ــاء ال تــرك لنــا مشــاغل الدنيــا فرصــة‬ ‫شــباب اً ّ‬ ‫التفك ـ يـر به ــذه االم ــور‪ .‬أم ــا م ــع دخولن ــا خري ــف العم ــر‬ ‫ين‬ ‫الروتــ� اليومــي‬ ‫فيصبــح ّكل عنــر مــن عنــارص‬ ‫الــذي اعتدنــا عليــه نوعــاً مــن التعويــض المعنــوي‬ ‫الــذي نصبــو إليــه مــا دمنــا نتنفــس‪ .‬ففــي عمرنــا‬ ‫ه ــذا تتغ ـ ي ّـر إهتماماتن ــا وهواجس ــنا وتصب ــح منح ــرة‬ ‫وبــالوالد أ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫والحفــاد‪.‬‬ ‫ب�يــك العمــر‬


‫الحب ونصفي آ‬ ‫الخر‬ ‫ّ‬

‫عندم ــا أتح ـ ّـدث ع ــن كل ــود ال ب ـ ّـد أن أذك ــر واح ــداً م ــن‬ ‫ت‬ ‫الــ� إســتطعنا تحقيقهــا ســوي اً أال‬ ‫أهــم إالنجــازات ي‬ ‫ت‬ ‫بنــا� الثــاث‪ :‬جومانــا وزينــة ورنــدى‪ .‬فلــكل‬ ‫وهــو ي‬ ‫ـن م ـ ي ز‬ ‫ـب والتقدي ــر‪.‬‬ ‫ـن له ـ ّ‬ ‫معي ن ــة وأك ـ ّ‬ ‫منه ـ ّ‬ ‫ـن ّكل الح ـ ّ‬ ‫ـ�ة ّ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـغاال� الكث ـ يـرة ل ــم أس ــتطع‬ ‫ـ� بس ــبب إنش ـ ي‬ ‫صحي ــح أن ـ ي‬ ‫صغــرات إال أنــ�ن‬ ‫وهــن‬ ‫م رافقتهــن بشــكل دائــم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ـن‪ ...‬أع ــرف‬ ‫بالمقاب ــل كن ــت قريب ـاً م ــن كل واح ــدة منه ـ ّ‬ ‫تفك�هــا ونقــاط‬ ‫شــخصيتها ومطالبهــا وطريقــة‬ ‫ي‬ ‫وقوتهــا عــى حــد ســواء‪.‬‬ ‫ضعفهــا ّ‬ ‫فزين ــة مث ـا ً تتم ّت ــع بقل ــب جمي ــل‪َ ،‬م ــن يتع ـ ّـرف‬ ‫ت‬ ‫الــ� تفيــض منهــا‪.‬‬ ‫إليهــا يشــعر برسعــة‬ ‫ّ‬ ‫بالمحب ــة ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫لديه ــا أس ــلوبها الخ ــاص ي� طل ــب أم ــر م ــا م ــن الخ ــر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫معــى‪.‬‬ ‫مغناج ــة هــي‪ ،‬وإمــرأة ب ــكل م ــا للكلمــة مــن‬ ‫ت عــى النعــم الثــاث الــي زوّ دين هبــا يف حيــايت‬ ‫إبنــ�‬ ‫وصفــات زينــة تنطبــق أيضــاً عــى رنــدى‬ ‫ي‬ ‫ذك‪ ،‬إضافــة إىل أمــرة عــري كلــود‪.‬‬ ‫الصغــرى فهــي‬ ‫بّ‬ ‫تعــر عــن آرائهــا بأســلوب ّ ي‬ ‫أ‬ ‫وتبح ــث دائم ـاً ع ــن الفض ــل‪ ،‬وتم ـ ّـد ي ــد الع ــون لم ــن‬ ‫فأعت�هــا ث‬ ‫هــن‬ ‫هــو بحاجــة إليهــا‪ .‬أمــا جومانــا‬ ‫ب‬ ‫أك� ّ‬ ‫صالب ــة‪ .‬تح ــدد أهدافه ــا وتع ــرف كي ــف تح ّق ــق النج ــاح‬ ‫ـب العل ــم وتس ــعى‬ ‫فيه ــا‪ .‬لطالم ــا كان ــت جومان ــا تح ـ ّ‬ ‫وراء المعرف ــة وتبح ــث ع ــن النجاح ــات الكب ـ يـرة؛ فه ــي‬ ‫ال تستســلم وال تتعــب مــن بــذل الجهــد ف ي� ســبيل‬ ‫الوصــول إىل م رادهــا وعــى المســتوى المطلــوب‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ـبه� كث ـ يـراً بطريق ــة عمله ــا ورؤيته ــا ألم ــور‬ ‫إنه ــا تش ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫المهن ــة‪ ،‬كم ــا أنه ــا إنخرط ــت ي� نف ــس الخ ـ ّط المه ـ ي‬ ‫الــذي قمــت بــه فكانــت ســاعدي أ‬ ‫اليمــن والــرأس‬ ‫المدبّ ــر الــذي أتّ ــكل عليــه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� زرعته ــا‬ ‫جميعه ــن يتح ّل ـ يـ� بتل ــك الطيب ــة ال ـ ي‬ ‫منهــن‬ ‫أمهــن كلــود‪ ،‬وأعتقــد أن ّكل واحــدة‬ ‫فيهــن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ـخصي تها نفح ــة م ــن روح كل ــود المحبب ــة‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫�‬ ‫ـل‬ ‫ّ‬ ‫تحم ـ ي‬ ‫آ‬ ‫ش‬ ‫حــب الخــر وأخــذن‬ ‫ت�بــن منهــا ّ‬ ‫إىل ب ي‬ ‫قلــ�‪ ،‬فلقــد ّ‬ ‫ن‬ ‫ـب العط ــاء‪ ،‬فألّف ــن خليط ـاً إنس ــاني اً بإمتي ــاز‬ ‫ـ� ح ـ ّ‬ ‫عـ ّ ي‬ ‫ـن أو إجتمعن ــا س ــوي اً‬ ‫أفتخ ــر ب ــه َّكل م ــرة ُوج ـ ُ‬ ‫ـدت معه ـ ّ‬ ‫ت‬ ‫لســبب أو آلخــر‪ .‬واكتمــال‬ ‫ســعاد� بإنجــازي هــذا‬ ‫ي‬ ‫ال ــذي ح ّق قت ــه م ــع كل ــود إكتم ــل م ــع أحف ــادي الذي ــن‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫ـاد�‬ ‫أح ــاول أن أزرع ي� ّكل واح ــد منه ــم‪ّ ،‬‬ ‫كمي ــة م ــن مب ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫وجرع ــات م ــن تفك ـ يـري وحناي ــا م ــن عاطف ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـت يوم ـاً ف ي� أن أرزق‬ ‫ـألون� أحيان ـاً إذا م ــا رغب ـ ُ‬ ‫يس ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الــا�‬ ‫بنــا� الثــاث‬ ‫بصــ�‪ ،‬وذلــك طبعــاً إىل جانــب ي‬ ‫ي‬ ‫بيّ‬ ‫أســتغ� عنهــن‪ ،‬فأقــول لهــؤالء ن‬ ‫ن‬ ‫إنــ�‬ ‫أن‬ ‫أســتطيع‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫لــم أف ّك ــر أبــداً وبتاتــاً بهــذا الموضــوع‪ ،‬حــى إنــه‬ ‫ن‬ ‫لــم‬ ‫يقــض مضجعــي ولــو للحظــة مــن‬ ‫يســاور� أو‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫اللحظــات‪ .‬فلطالمــا كنــت محاطــاً بالصبيــان مــن‬ ‫خــال تالميــذي ف ي� مدرســة الفندقيــة إذ كانــوا مــن‬ ‫بالكتفــاء والشــبع‬ ‫الذكــور‪ ،‬ممــا ولّــد لــدي شــعوراً إ‬ ‫حــول‪ .‬فتم ّن يــت دائمــا‬ ‫مــن رؤيــة الجنــس الخشــن‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الصغ�ة‪.‬‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ب ــأن أح ــاط يوم ـاً بالجن ــس الناع ــم ي� عائل ـ ي‬ ‫بــ� البنــت والصــ� أ‬ ‫فــر يأ� ال فــرق ي ن‬ ‫والهــم مــن ّكل‬ ‫ب ي‬ ‫بي‬ ‫أصح ــاء «خلق ــة كامل ــة نعم ــة‬ ‫ذل ــك ه ــو أن ن ــرزق أوالداً ّ‬ ‫ن‬ ‫اللبنــا� وهــو صحيــح‬ ‫زايــدة» كمــا يقــول المثــل‬ ‫ي‬ ‫محب ــة‬ ‫وحقيقــي مئــة بالمئــة‪ .‬وبــر ي يأ� إن الفتــاة ّ‬ ‫ـ� ال ــذي ال ب ـ ّـد‬ ‫وحنون ــة وأق ــرب إىل والديه ــا م ــن الص ـ ب ي‬ ‫أن يلتحــق بزوجتــه يومــاً مــا‪.‬‬ ‫فالبنــت هــي نعمــة بحـ ّـد ذاهتــا وأشــكر ّرب دامئـ ًـا‬

‫كلميت إىل كلود قبل يوم من مغادرتنا‬ ‫‪Tu seras toujours présente dans mon coeur aprés 50 ans‬‬ ‫‪de vie commune pleine d’amour et d’exploits réussis.‬‬ ‫‪Tu as été aimée et appreciée par tous. Merci d’avoir été‬‬ ‫‪présente dans ma vie à me soutenir.‬‬

‫‪39‬‬


‫وقفة مع الذات‬

‫"جميعنا لدينا قدران احدهما‬ ‫ابلطول واآلخر ابلعرض"‬ ‫ ين‬‫ام� معلوف ‪-‬‬

‫وقفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫مع الــــــــــــــــــــــــــــــــــذات‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪« :‬الش ــمس ال تدعو أح ــداً يل�اه ــا»‪ ،‬فلنكن‬ ‫ـ� يعجب ـ ي‬ ‫هن ــاك مث ــل صي ـ ي‬ ‫ع ــى ق ــدر الش ــمس عندما ت ـ شـرق وكذل ــك عندم ــا تغ ــرب‪ .‬ال أدري لماذا‬ ‫آ‬ ‫ـا�‬ ‫تذ ّك ــرت ه ــذا الق ــول الن وأن ــا أف ّك ــر بكتاب ــة فق ــرة م ــن فق ـرات كت ـ ب ي‬ ‫ت‬ ‫أعت�ه ــا وقف ــة م ــع ال ــذات‪.‬‬ ‫ـ� ب‬ ‫ه ــذا ال ـ ي‬ ‫المهــم جــداً أن نقــوم دائمــاً بمحاســبة أنفســنا قبــل أن‬ ‫مــن‬ ‫ّ‬ ‫غ�نــا‪ ،‬وكذلــك أن نبحــث دائمــاً عــن النــور الــذي يســطع‬ ‫نحاســب ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ـ� م ــن ش ــأنها أن تدفعن ــا‬ ‫وي ـ ي ء طريقن ــا‪ ،‬ب ــدل التقوق ــع ي� الظلم ــة ال ـ ي‬ ‫اىل القيــام بدعســات ناقصــة ف ي� ّ‬ ‫ظــل ليــل حالــك‪.‬‬ ‫ـ� حناي ــاه ع ــن أ‬ ‫لطالم ــا إس ــتوعبت ق ــدري وأن ــا أبح ــث ب ـ ي ن‬ ‫الم ــور‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ر� وتضي ــف المزي ــد م ــن النج ــاح‬ ‫ـ� باس ــتطاعتها أن تط ـ ّـو ي‬ ‫إاليجابي ــة ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫إىل مش ــواري ي� الحي ــاة‪ ،‬كم ــا كن ــت محارب ـاً ش ــجاع اً ي� الوق ــت نفس ــه‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـا�‬ ‫لم ــا ّ‬ ‫خب ــأه يل الق ــدر م ــن مفاج ــآت غ ـ يـر س ــارة‪ .‬لق ــد جاه ــدت ي� حي ـ ي‬ ‫ئ‬ ‫ً‬ ‫متمس ــك ا بالصحي ــح‬ ‫ـاد� وأف ــكاري‪،‬‬ ‫العملي ــة وصارع ــت إ‬ ‫ّ‬ ‫للحتف ــاظ بمب ـ ي‬ ‫آ‬ ‫أطب ق ــه ب ــدل الغل ــط ال ــذي يري ــده الخ ــرون م ــن أج ــل‬ ‫ال ــذي يج ــب ان ّ‬ ‫تلمي ــع صورته ــم ومصالحه ــم الخاص ــة‪.‬‬ ‫ال ش ــكّ ف� أن هن ــاك ع ــدداً م ــن أ‬ ‫الش ــخاص الذي ــن أحم ــل له ــم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫جانــ�‬ ‫الجميــل إذ وقفــوا إىل‬ ‫خــر‬ ‫وســاندو� ووثقــوا ب ي�‪ ،‬فكانــوا ي‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫فــرات عمــ� �ف‬ ‫مســؤول� ومــدراء وزمــاء تعاونــت معهــم طيلــة ت‬ ‫ين‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫و� لبن ــان‪ .‬فف ــي ه ــذه الحي ــاة ال يمكنن ــا أن نش ـ ّـق طريقن ــا‬ ‫الخ ــارج ي‬ ‫والمــر منهــا دون رفيــق‪ .‬فمــا مــن أحــد يســتطيع‬ ‫ونغــرف الحلــو‬ ‫ّ‬ ‫يســر وحيــداً متجاهــا ً أو ضاربــاً‬ ‫الحفــاظ عــى إســتم راريته وهــو ي‬ ‫بعــرض الحائــط وجــود الشــخص آ‬ ‫الخــر‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫وقفة مع الذات‬

‫وتتس ــع للجميــع وتفتــح ذراعيهــا‬ ‫فالحيــاة حلــوة ّ‬ ‫إكســرها‪ ،‬إنمــا علينــا‬ ‫لــكل مــن يســعى إىل إرتشــاف‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫بالمقابــل أن ننظــر إىل النصــف المــ�ن مــن الكــوب‬ ‫خــر ت ي� الطويلــة‬ ‫وليــس إىل نصفــه الفــارغ‪ .‬فبعــد ب‬ ‫أ‬ ‫فيه ــا أرى أن التف ــاؤل يحم ــل لن ــا أ‬ ‫الم ــل‪ ،‬وه ــذا الخ ـ يـر‬ ‫يضعنــا عــى ســكة الحيــاة المســتقيمة‪ ،‬وإال فــإن‬ ‫ين‬ ‫حــد‬ ‫الفشــل يكــون ف ي� انتظارنــا ونصبــح‬ ‫شــبيه� إىل ّ‬ ‫كب ــر بالنس ــان آ‬ ‫ال يل ال ــذي يق ــوم بأعمال ــه ميكانيكي ـاً‪،‬‬ ‫ي إ‬ ‫فتك ــون إنجازات ــه‪ ،‬م رآت ــه الحقيقي ــة‪ ،‬جام ــدة ال حي ــاة‬ ‫ن‬ ‫ـو� أب ــدأ ف ي� ه ــرم الحي ــاة م ــن أع ــى‬ ‫فيه ــا وال روح‪.‬دع ـ ي‬ ‫نقطــة فيــه وصــوال إىل أ‬ ‫الكــرث إنخفاضــاً‪ .‬فــأول مــا‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫يج ــب إالل ـ ت ز‬ ‫رب العالم ـ يـ�‪ ،‬فال‬ ‫ـ�ام ب ــه ه ــو عالقتن ــا م ــع ّ‬ ‫تق لّل ــوا أهميته ــا ألنه ــا أساس ــية إلس ــتم راريتنا‪ ،‬بحي ــث‬ ‫يك ــون لدين ــا مرج ــع ق ــوي نث ــق ب ــه ف ــا نع ــود نخ ــاف‬ ‫ش‬ ‫�ء عندمــا نكــون معــه‪ .‬قــد تتســاءلون كيــف‬ ‫مــن ي‬ ‫بإمكانن ــا أن نعط ــي له ــذه العالق ــة أهمي ــة ف ي� حياتن ــا‬ ‫وهــي تعــد مــن عالــم التجريــد (‪)L’abstraction‬؟‬ ‫فس ــأجيبكم ب ــكل موضوعي ــة ودائم ـاً بفع ــل خالص ــة‬ ‫ـار� م ــع الحي ــاة‪.‬‬ ‫تج ـ ب ي‬ ‫هن ــاك دوم ـاً إش ــارات نتل ّق اه ــا م ــن ذل ــك المرج ــع‬ ‫شــئنا أم أبينــا‪ ،‬ومــا علينــا إال أن نفتــح أذهاننــا‬ ‫لتلق ّف ه ــا جي ــداً‬ ‫فنفسه ــا ونعم ــل بمش ــيئتها‪ .‬كي ــف‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫تدرك ــون تل ــك إالش ــارات؟ الم ــر س ــهل للغاي ــة فعندم ــا‬ ‫ـتمر‬ ‫تقوم ــون بج ــردة حس ــاب مع أنفس ــكم بش ــكل مس ـ ّ‬ ‫ال ب ـ ّـد أن تكتش ــفوها ش�ط أن ال تغض ــوا نظرك ــم عنه ــا‬ ‫كثــرة‬ ‫أو تســتصغروها‪ ،‬ولســوف تتفاجــأون أحيانــاً ي‬ ‫بقدرته ــا ع ــى إح رازه ــا الف ــرق ف ي� مس ـ يـرتكم‪ .‬هكذا أرى‬ ‫ت‬ ‫ـ� م ــع هللا ع ـ ّز وج ـ ّـل‪ ،‬فأن ــا أش ــعر بحض ــوره معي‬ ‫عالق ـ ي‬ ‫دائم ـاً وأب ــداً ف ي� كل خط ــوة أق ــوم به ــا‪ .‬كم ــا أعتق ــد أن‬ ‫الول ف� تمس ــ� أ‬ ‫ه ــذه العالق ــة كان ــت الس ــبب أ‬ ‫بالم ــل‬ ‫ي ّ ي‬ ‫ف‬ ‫غــر الطبيعــي أن ت ّت ــكل‬ ‫الدائــم ي� الحيــاة‪ ،‬فمــن ي‬ ‫ع ــى تل ــك الق ــوة ت‬ ‫ف�م ــي تح ــت أقدامه ــا ّكل مخاوف ــك‬ ‫مصــرك المجهــول دون أن تــر ّد‬ ‫وتســاؤالتك عــن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫هــي عليــك وتمســك بيــدك حــى آخــر لحظــة مــن‬ ‫مكون ــات‬ ‫حيات ــك‪ .‬ف ــإذا َخ َل ـ ْ‬ ‫ـت ثقافت ــك ودروس ــك م ــن ّ‬ ‫الفي ــاض الــذي نســميه القــوة االلهيــة‪،‬‬ ‫هــذا النبــع ّ‬ ‫ف‬ ‫فتأكــد أنــك مــررت ي� هــذه الحيــاة مــرور الكــرام‬ ‫الجم ــة‪ ،‬فهــي‬ ‫ولــم تكــن جديــراً بهــا وبعطاءاتهــا ّ‬ ‫تع لّم ــك دروس ـاً باليجابي ــة وبقب ــول آ‬ ‫الخ ــر إىل أق ــى‬ ‫إ‬ ‫تأخ ــر وأن القطــار‬ ‫حــد‪ .‬ومهمــا إعتقــدت أن الوقــت ّ‬ ‫ّ‬ ‫قــد فاتــك إلقامــة هــذه العالقــة‪ ،‬فكــن عــى ثقــة‬

‫مــن أن الفرصــة تبقــى دائمــاً ســانحة أمامــك فهــي‬ ‫غ�ه ــا م ــن االم ــور المادي ــة لي ــس له ــا تاري ــخ‬ ‫عك ــس ي‬ ‫إنته ــاء (‪ ،)expiry date‬وس ــتبقى تالحق ــك وتنظ ــر إلي ــك‬ ‫وتحــدق بــك مــن بعيــد منتظــرة بشــغف أن تقــوم‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫بالخط ــوة الوىل نحوه ــا‪ ،‬حي ــث ل ــن تتأخرعنده ــا م ــن‬ ‫أن تبادل ــك بالمث ــل فتغم ــرك بحكمته ــا وتنش ــلك م ــن‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ـ� تعي ــش فيه ــا‪.‬‬ ‫الف ــو� ال ـ ي‬ ‫ال ت‬ ‫بمــد يــدك لهــا ولــو بعــد‬ ‫تــردد يــا عزيــزي ّ‬ ‫ين‬ ‫تتأخ ــر عــن إالســتجابة لــك وأخــذك‬ ‫حــ� فهــي لــن ّ‬ ‫ف‬ ‫الــدا�ء مهمــا ت‬ ‫إق�فــت مــن أخطــاء‪ .‬أمــا‬ ‫ف ي� حضنهــا‬ ‫ت‬ ‫ـ� فأن ــا ال أتح ــاور معه ــا بطريق ــة كالس ــيكية‬ ‫م ــن ناحي ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� ع ــى إتّ ص ــال دائ ــم معه ــا‪ .‬فلطالم ــا‬ ‫أب ــداً‪ ،‬رغ ــم أن ـ ي‬ ‫حرص ــت وم ــا زل ــت ح ـ تـى الس ــاعة أن أصغ ــي إلرش ــاداتها‬ ‫نفــ� أو مــع‬ ‫وتطبيــق مــا تع لّمتــه منهــا إن مــع‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫يقويــ� ويزيــد مــن صالبــ�ت‬ ‫الخريــن‪ ،‬وهــو مــا كان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫إىل أبعــد حــدود‪.‬‬ ‫والي ــوم إذا م ــا ف ّك ــرت بطري ــق الع ــودة أو النهاي ــة‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫كم ــا يس ـ ّـم يها كث ـ يـرون منك ــم‪ ،‬فأن ــا ع ــى ثق ــة م ــن أن ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـا�‬ ‫جاه ــز له ــا دون ت ــر ّدد‪ .‬فلق ــد قم ــت بجمي ــع واجب ـ ي‬ ‫نفس مس ــتعداً‬ ‫ر�‪ ،‬ولذل ــك أج ــد‬ ‫تج ــاه الحي ــاة وتج ــاه ب يّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪ .‬وال أبال ــغ إذا قل ــت‬ ‫لتل ــك اللحظ ــة ي� أي وق ــت جاءت ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� أنتظ ــر تل ــك اللحظ ــة المح ّت م ــة ل ـ ّ‬ ‫ـكل واح ــد من ــا‬ ‫إن ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� أردده ــا دون كل ــل‬ ‫بف ــرح ودون خ ــوف‪ .‬أم ــا الص ــاة ال ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� ف ي� أيام ــي الحل ــوة والم ـ ّـرة منه ــا فه ــي «أبان ــا‬ ‫وت رافق ـ ي‬ ‫الــذي ف ي� الســماوات»‪ .‬عندمــا أتلوهــا أشــعر ب راحــة‬ ‫ن‬ ‫ـ� مس ــنود بصخ ــرة ل ــن يق ــوى أح ــد ع ــى‬ ‫كب ـ يـرة وبأن ـ ي‬ ‫زحزحته ــا‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وأر ن يا� أعيــش حاليــاً فــرة إجــازة مــع الــذات‬ ‫غني ــة بالســام الداخــ� مــع نفــ� ومــع آ‬ ‫الخريــن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ح ـ تـى عندم ــا أس ــتعيد ش�ي ــط حي ـ ت‬ ‫ـا� وأتذ ّك ــر أش ــخاص اً‬ ‫ي‬ ‫ــ� أو إالســاءة إل‪ ،‬أشــعر ن‬ ‫ت‬ ‫بأنــ� نســيت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حاولــوا أذيّ ي‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ترصفاته ــم تل ــك تجاه ــي فس ــامحتهم م ــن ّكل قل ـ ب ي‬ ‫ّ‬ ‫ـدي أب ــداً أي ش ــعور بالضغين ــة أو الحق ــد تج ــاه‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ـس‬ ‫لي ـ‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫نفــ� أن يعيشــوا‬ ‫أحدهــم‪ ،‬وأتمــى لهــم ي� قــرارة‬ ‫ي‬ ‫بس ــعادة م ــا بق ــي له ــم م ــن ه ــذه الحي ــاة‪ .‬فأن ــا م ــن‬ ‫االش ــخاص الذي ــن ال يحتمل ــون زع ــل آ‬ ‫الخري ــن منه ــم‪،‬‬ ‫ولذلــك كنــت أبحــث دائمــاً عــن طريقــة أواســيهم‬ ‫قصــرة وهــي ال تســتأهل أن‬ ‫فــر ي يأ� إن الحيــاة‬ ‫ي‬ ‫بهــا‪ .‬ب‬ ‫نحم ــل فيه ــا أحاس ــيس س ــلبية تع ّك ــر صف ــو عيش ــنا‪.‬‬ ‫فتع لّــم يــا صديقــي أن تمــارس فضيلــة العطــاء‬ ‫م ــع آ‬ ‫الخري ــن ح ـ تـى ل ــو ل ــم يبادل ــوك إي ــاه‪ .‬وتعل ــم أن‬

‫~ مع مدير عام فندق فينيسيا رينه المبير أ‬ ‫والستاذ بجاني‪،‬‬ ‫محامي نقابة أصحاب الفنادق والشيخ حبيب كيروز عام ‪١٩٦١‬‬

‫‪43‬‬


‫وقفة مع الذات‬

‫ذروة العط ــاء ه ــي ال ـ ض‬ ‫ـر�‪ ،‬وه ــو إحس ــاس ال يضاهي ــه‬ ‫بأهمي ت ــه أي إحس ــاس آخ ــر ق ــد تش ــعر ب ــه‪ .‬فأن ــا كن ــت‬ ‫ّ‬ ‫وم ــا زل ــت أس ــتمتع بممارس ـ ت‬ ‫ـ� ه ــذه القيم ــة االنس ــانية‬ ‫ي‬ ‫ف� أي عم ــل أق ــوم ب ــه‪ ،‬ح ـ تـى إن ـ نـ� أص ــف نف ــ� بب ـرئ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العط ــاء‪ .‬وه ــذا الش ــعور ال يمكن ــه أن ينض ــب ف‬ ‫داخل‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحــب‪،‬‬ ‫ألنــه بمثابــة حاجــة أتن ّف ــس مــن خاللهــا‬ ‫ّ‬ ‫خصوص ـاً إذا م ــا س ــنحت الفرص ــة بمالمس ــة مش ــهد‬ ‫حص ــاد بذوره ــا بع ــد أن تعط ــي ثماره ــا‪ .‬فف ــي تل ــك‬ ‫وأشــع تها‪،‬‬ ‫ســتتعرف إىل وهجهــا‬ ‫اللحظــات بالــذات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫�ء ف ي� ه ــذه الدني ــا ال يس ــاوي واح ــدة م ــن تل ــك‬ ‫وأي ي‬ ‫بالحب ــاط فيم ــا ل ــو ل ــم يحم ــل‬ ‫اللحظ ــات‪ .‬ق ــد تص ــاب إ‬ ‫ت‬ ‫الــ� رجوتهــا‪ ،‬ولكــن يجــب ان ال‬ ‫العطــاء النتيجــة ي‬ ‫أ‬ ‫بالســتم رار ف ي� خــوض تجربــة‬ ‫تفقــد المــل وعليــك إ‬ ‫العطــاء ألن إيجابياتهــا تفــوق ســلبياتها باالطنــان‪.‬‬ ‫ب ـرأ� إن الهتم ــام بالش ــخص آ‬ ‫الخ ــر ال يمك ــن إال‬ ‫إ‬ ‫يي‬ ‫حب ـاً‪ ...‬وك ــم وك ــم نح ــن بحاج ــة‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫علي‬ ‫ـس‬ ‫أن ينعك ـ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫إىل ه ــذا الش ــعور لنن ــا كائن ــات ب�ي ــة ضعيف ــة‪ ،‬يمكن‬ ‫أن نس ــقط أم ــام أول إمتح ــان صع ــب يواجهه ــا‪ .‬لك ــن‬ ‫م ــع فضائ ــل العط ــاء والمحب ــة واالهتم ــام واالخ ــاص‬ ‫لنســر بخطــوات ثابتــة لــن‬ ‫نحص ــن أنفســنا‬ ‫فإننــا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫تس ــتطيع مفاج ــآت الحي ــاة غ ـ يـر الس ــارة أن تعرقله ــا أو‬ ‫أن تخ ّف ــف م ــن عزيمت ــك ف ي� ممارس ــتها‪.‬‬ ‫ومــن بــاب «وقفــة مــع الــذات»‪ ،‬يخطــر يل أن‬ ‫ت‬ ‫الخاص ــة‪.‬‬ ‫حيــا�‬ ‫أزودكــم ببعــض التفاصيــل عــن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫فأن ــا مث ـا ً أعت ـ بـر الجديّ ــة ي� المواق ــف كم ــا ي� ممارس ــة‬ ‫العمــل مطلبــاً أساســي اً لتحقيــق إالنجــازات‪ ،‬وال‬ ‫يجــوز إستســهال أ‬ ‫المــور أو إالســتخفاف بهــا مهمــا‬ ‫بل ــغ حجمه ــا‪ .‬فعندم ــا ب ــدأت أم ــارس العم ــل عرف ــت‬ ‫ت‬ ‫ـتطاع� النج ــاح إذا ل ــم‬ ‫ضمني ـاً أن ــه ل ــن يك ــون ف ي� اس ـ‬ ‫ي‬ ‫آخــذ أ‬ ‫أضي ــع‬ ‫المــور عــى محمــل‬ ‫ّ‬ ‫الجــد‪ .‬لذلــك لــم ّ‬ ‫ت‬ ‫ـ� دون أن أك ــون منتج ـاً‪ .‬وإنطالق ـاً‬ ‫أي ــة ثاني ــة م ــن وق ـ ي‬ ‫م ــن ه ــذا المب ــدأ بال ــذات برع ــت حي ــث كن ــت مدي ـراً‬ ‫ين‬ ‫أربعــ� عامــاً‪ .‬وبعــد‬ ‫لمدرســة الفندقيــة ألكــرث مــن‬ ‫انتهــاء ّ ت‬ ‫ــ� تلــك ف ي� منتصــف التســعينات لــم‬ ‫مهم ي‬ ‫ـ� ب ــأن أعي ــش ع ــى بس ــاط م ــن حري ــر‪،‬‬ ‫أس ــمح لنف ـ ي‬ ‫بــل حزمــت أمــري وقــررت البــدء مــن جديــد‪.‬‬ ‫المهم ــة! لك ــن‬ ‫وم ــا أدراك ــم م ــا صعوب ــات تل ــك‬ ‫ّ‬ ‫العزيمــة أقــوى مــن الضعــف ت‬ ‫بحــد‬ ‫والــردد‪ ،‬فهــي‬ ‫ّ‬ ‫ذاته ــا الق ــوة الدافع ــة والمحف ــزة‪ .‬وهك ــذا َّأس س ــت ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ـبيتالي� رسفيس ـ ي ز‬ ‫ـ�‪ .‬ونجح ــت‬ ‫تل ــك الف ـ تـرة ش�ك ــة هوس ـ‬ ‫ي‬ ‫أ ن‬ ‫ش‬ ‫نــ� كنــت أرغــب بتحقيقــه‪ .‬فعندمــا‬ ‫بم�وعــي ل ي‬

‫تتواج ــد إالرادة نفل ــح‪ ،‬وعنده ــا ال يج ــد الفش ــل مكان ـاً‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫يحب ــون‬ ‫ل ــه ي� ق راراتن ــا‪ .‬فأن ــا م ــن الش ــخاص الذي ــن ال ّ‬ ‫التغيــر‪.‬‬ ‫إالكتفــاء بــل يقاومــون ويجاهــدون إلحــراز‬ ‫ي‬ ‫حدثته ــا ال أق ــول‬ ‫ـ� وم ـ تـى ّ‬ ‫فغالب ـاً م ــا كن ــت أح ّف ــز نف ـ ي‬ ‫له ــا مث ــا‪« :‬يكفي ــك م ــا أنجزت ــه ي ــا نه ــاد لق ــد قم ــت‬ ‫بعمــل ي ز‬ ‫تفوقــت عــى نفســك وصــار ف ي�‬ ‫ممــ� فأنــت ّ‬ ‫إمكانــك أن تقــوم «ب �ض بــة مع لّــم»‪ .‬ال أبــداً! فأنــا‬ ‫نفــ� تلميــذاً يتع لّــم مــن أي إنســان‬ ‫مــا زلــت أرى‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫يلتق ــي ب ــه‪ .‬وأي تجرب ــة أو موق ــف أتع ــرض لحدهم ــا‬ ‫يومي ـاً ال أس ــتبعد التع ّل ــم من ــه يك أضي ــف جدي ــداً إىل‬ ‫ت‬ ‫ـا�‪ .‬بالمقاب ــل علين ــا أن نل ـ ّـون أيامن ــا ببع ــض‬ ‫معلوم ـ ي‬

‫ف‬ ‫ـال العم ــل والحص ــاد‪ .‬فه ــو‬ ‫الم ـزاح‪ ،‬لك ــن لي ــس ي� مج ـ ي‬ ‫ف‬ ‫معي ن ــة حل ــواً ومس ــلي اً ويخف ــف م ــن‬ ‫يك ــون ي� أوق ــات ّ‬ ‫وط ــأة الهم ــوم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ـ� لتقدي ــم الفض ــل‪،‬‬ ‫غالب ـاً م ــا كن ــت أح ّف ــز نف ـ ي‬ ‫ف‬ ‫وذل ــك ع ــن طري ــق البح ــث عن ــه أوالً‪ .‬فمب ــدأي ي� ه ــذا‬ ‫المج ــال كان بس ــيط اً‪ ،‬إذ كن ــت قب ــل أن أخل ــد إىل الن ــوم‬ ‫ض‬ ‫ـ� ف ـ تـرة م ــن الوق ــت أراج ــع فيه ــا م ــا‬ ‫أم ـ ي م ــع نف ـ ي‬ ‫اس ــتطعت إنج ــازه طيل ــة الي ــوم‪ ،‬وأقارن ــه بم ــا يمك ــن‬ ‫يل وأس ــتطيع تحقيق ــه من ــه فيم ــا ل ــو س ــعيت إىل ذل ــك‬ ‫بأســلوب آخــر‪ .‬وبــر ي يأ� إن أحــى إكتشــاف إســتطعت‬ ‫التوص ــل إلي ــه خ ــال م راجع ــة ال ــذات ه ــو تقب ــل آ‬ ‫الخ ــر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫~ مع وزير السياحة الروسي‪ ،‬وديع رمضان وأسعد قانصو‬

‫فعندم ــا تم ــارس ه ــذا االم ــر فعلي ـاً ع ــى أرض الواق ــع‪،‬‬ ‫تكــون قــد قضيــت عــى كميــة ال يســتهان بهــا مــن‬ ‫المش ــاكل ف ي� حيات ــك‪.‬‬ ‫جمي ـ ٌـل أن نبح ــث ع ــن أ‬ ‫الم ــور الحل ــوة ف ي� الحي ــاة‪،‬‬ ‫فهــي تح ّف زنــا وتزيــد مــن نجاحنــا‪ .‬مــن هنــا ن‬ ‫فإنــ�‬ ‫ي‬ ‫أس ــتمتع بالتع ــرف إىل روحية كل ش ــخص ألتق ــي به‪ ،‬إال‬ ‫ن‬ ‫ـ� كغ ـ يـري م ــن الن ــاس أتأثّ ــر بالش ــكل الخارج ــي له ــا‪.‬‬ ‫أن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� مج ــال الفن ــادق‬ ‫وانطالق ـاً م ــن ه ــذا الموض ــوع جذب ـ ي‬ ‫والخدمــات الســياحية النهــا تــدور ف ي� فلــك الجمــال‬ ‫الفضــل أ‬ ‫وتقديــم أ‬ ‫والحــى إىل الزبائــن إن ف ي� مجــال‬ ‫الخدم ــات الس ــياحية أو ف ي� مج ــال الطع ــام وتقديم ــه‪.‬‬

‫‪45‬‬


‫~ أمام غرفتي في السعودية عام ‪،١٩٥٢‬‬ ‫وكنت جلبت الت راب للحديقة من لبنان‬

‫فالناقــة تلعــب دوراً هامــاً ف� التأثــر عــى آ‬ ‫أ‬ ‫الخــر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وجذب ــه للتعام ــل مع ــك‪ ،‬وه ــي ال تنح ــر فق ــط‬ ‫بالمظه ــر الخارج ــي ب ــل ه ــي تطبعن ــا بش ــكل أك ـ بـر‬ ‫فيم ــا ل ــو جمع ــت تح ــت جناحيه ــا جم ــال ال ــروح‬ ‫مــع أناقــة الجســد‪ .‬فالشــكل الخارجــي ت‬ ‫يــرك‬ ‫إنطباعــاً أوليــاً لــدى الشــخص آ‬ ‫الخــر‪ .‬وغالبــاً مــا‬ ‫يك ــون ه ــذا إالنطب ــاع جي ــداً ف ي� ح ــال كن ــت رج ـا ً أنيق ـاً‬ ‫وتعــرف كيفيــة التعامــل بقواعــد الحيــاة وأصولهــا‪.‬‬ ‫ت‬ ‫بأناقــ�‬ ‫ــكت‬ ‫تمس ُ‬ ‫وانطالقــاً مــن هــذا الموضــوع ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫التحــ� بــالوىل‬ ‫ولعــل‬ ‫الخارجيــة والداخليــة معــاً‪.‬‬ ‫ّي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ّ ش‬ ‫الــ� بإمكانــك ممارســتها عــى‬ ‫يعــد الــرارة الوىل ي‬ ‫الخ ــر م ــن اللحظ ــة أ‬ ‫الط ــرف آ‬ ‫الوىل للقائ ــك ب ــه‪ .‬فه ــي‬ ‫تجعلــه يديــر رأســه نحــوك تلقائيــاً فينظــر إليــك‬ ‫ش‬ ‫مبــا�ة بحيــث ال يمكــن أن يكــون مــرورك أمامــه‬ ‫مــرور الكــرام‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أتمس ــك‬ ‫الــ� ّ‬ ‫حــ� للناقــة ي‬ ‫عــ� ب ّ ي‬ ‫لقــد عــرف ّ ي‬ ‫ف‬ ‫معي نــاً‬ ‫بهــا ي� كل إطاللــة يل‪ ،‬ولقــد تبعــت خ طّــاً ّ‬ ‫فيهــا يك أحــرز الفــرق أيضــاً مــن خاللهــا‪ .‬فكمــا‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫بــذال�‪،‬‬ ‫الــ� أحــب ارتداءهــا مــع‬ ‫ي‬ ‫عقــدة «البابيــون» ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ثيــا�‬ ‫كذلــك المــر بالنســبة لدقــة خيــار يا� أقمشــة ب ي‬ ‫وألوانهــا‪ ،‬أ‬ ‫ن‬ ‫أســتغ� عــن إرتدائــه‬ ‫فالبيــض مثــا ً ال‬ ‫ي‬ ‫ت ف‬ ‫ت‬ ‫ـ�‪ .‬وه ــي تفاصي ــل صغ ـ يـرة ق ــد يجده ــا‬ ‫ح ــى ي� أحذي ـ ي‬ ‫تعــرف‬ ‫غــر ذات أهميــة إال أنهــا دون شــكّ‬ ‫البعــض ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫عــ� ولــو مــن بعيــد‪ .‬كمــا أعتقــد أن‬ ‫مشــاهدي ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� أتح ـ ّـى به ــا‬ ‫ه ــذه االناق ــة الداخلي ــة والخارجي ــة ال ـ ي‬ ‫ورثته ــا ع ــن وال ـ َـد َّي‪ .‬فق ــد كان ــا‪ ،‬هم ــا إالثن ــان‪ ،‬يحب ــان‬ ‫يّ ز‬ ‫وبالتــال يحرصــان عــى إلباســنا‪،‬‬ ‫التمــ� بثيابهمــا‬ ‫ي‬ ‫ـقيق�‪ ،‬أ‬ ‫أن ــا وش ـ ت‬ ‫الزي ــاء الجميل ــة فنب ــدو ع ــى أفض ــل‬ ‫ي‬ ‫داخــ�‬ ‫مــا يــرام‪ّ .‬كل ذلــك بقــي معــي وحفظتــه ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫فص ــار ج ــزءاً م ــن ش ـ‬ ‫طورت ــه بفض ــل‬ ‫ـخصي�‪ ،‬بع ــد أن ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ـ� بش ــخصيات كث ـ يـرة ترك ــت أثره ــا ي� داخ ـ ي‬ ‫معرف ـ ي‬ ‫وبــر ي يأ� إن المظهــر الخارجــي يلعــب دوراً ال يســتهان‬ ‫الشــخص ية‪ ،‬فيكــون بمثابــة بــاب‬ ‫بــه ف ي� عالقاتنــا‬ ‫ّ‬ ‫العب ــور إىل قل ــب آ‬ ‫الخ ــر دون إس ــتئذان‪ .‬ف ــأول م ــا يمك ــن‬ ‫أن يلفتن ــا ف ي� ش ــخص م ــا ه ــو إطاللت ــه‪ .‬وذل ــك إالنطب ــاع‬ ‫أ‬ ‫الول ال ــذي تي�ك ــه لدين ــا يبق ــى م رافق ـاً لن ــا طيل ــة م ــدة‬ ‫عالقتن ــا ب ــه‪ .‬والش ــكل الجمي ــل ال يتو ّق ــف الي ــوم ع ــى‬ ‫إالنس ــان وح ــده إذ ص ــار يط ــال مج ــاالت صناعي ــة ع ــدة‬ ‫وح ـ تـى س ــياحية كطريق ــة تقدي ــم الطع ــام ف ي� الفن ــادق‬ ‫وطريق ــة توضي ــب المائ ــدة وترتيبه ــا‪ ،‬بحي ــث ص ــارت‬ ‫تأخــذ ي ّ ز‬ ‫كبــراً يضــاف إىل شــخصية «الشــيف»‬ ‫حــ�اً ي‬

‫والخدم ــات المطبخي ــة ع ــى أنواعه ــا‪ .‬فش ــكل الطب ــق‬ ‫ف‬ ‫تذوق ــه‬ ‫ال ــذي يق ـ ّـدم ل ــك ي� مطع ــم م ــا ق ــد يج ـ ّـرك إىل ّ‬ ‫أو العك ــس‪ ،‬ولذل ــك ن ــرى الطه ــاة الي ــوم يتفن ّن ــون ف ي�‬ ‫ف‬ ‫و� كيفيــة تقديمــه‪ .‬فالجمــال ّ‬ ‫بــكل‬ ‫صناعــة الطبــق ي‬ ‫الخــر‪ ،‬أمــا أ‬ ‫أشــكاله وأنواعــه لــه تأثــره عــى آ‬ ‫الناقــة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـاس لوضع ــه‬ ‫ـ� ت رافق ــه فه ــي تش ـكّل العن ــر الس ـ ي‬ ‫ال ـ ي‬ ‫ف ي� قالبــه الصحيــح فتلعــب ف ي� عمليــة لفــت النظــر‬ ‫وجذبــه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫افقــ� منــذ نعومــة‬ ‫حــب الناقــة هــذا الــذي ر‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫دفعــ� إىل إختيــار رياضــة الغولــف بعــد‬ ‫أظافــري‬ ‫ي‬ ‫التن ــس هواي ــة يل‪ .‬فلطالم ــا إرتبط ــت ه ــذه الرياض ــة‬ ‫كثــرون ال‬ ‫بالنبــاء (‪ .)gentleman‬وهنــاك أشــخاص ي‬ ‫يعت�ونه ــا رياض ــة حقيقي ــة ألنه ــا خالي ــة م ــن العن ــف‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫ـو� أعطيك ــم فك ــرة وج ـ يـ�ة عنه ــا‬ ‫أو الجه ــد‪ .‬ولك ــن دع ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫حب ه ــا من ــذ‬ ‫ـ� الدائم ــة ووقع ــت ي� ّ‬ ‫لنه ــا بمثاب ــة رفيق ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ـ� ف ي�‬ ‫اللحظ ــة الوىل عندم ــا ّ‬ ‫تعرف ــت إليه ــا أثن ــاء عم ـ ي‬ ‫الســعودية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـوال‬ ‫فه ــذه الرياض ــة تف ــرض ممارس ـ ُت ها الس ـ يـر ح ـ ي‬ ‫ت ف‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫‪ 7‬كيلوم ــرات ي� ظ ــرف س ــاعات قليل ــة‪ .‬وال ب ــات ال ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� غالب ـاً م ــا‬ ‫ينفذّ ه ــا الالع ــب بعصاه ــا الحديدي ــة وال ـ ي‬ ‫يف ــوق عدده ــا المئ ــة‪ ،‬تح ـ ّـرك ف ي� الجس ــد عض ــات ق ــد‬ ‫تحركه ــا رياض ــات أخ ــرى‪ .‬وع ــدا إفادته ــا الجس ــدية‬ ‫ال ّ‬ ‫تزودن ــا برياض ــة فكري ــة ه ــي ق ــوة ت‬ ‫ال�ك ـ يـ�ز‬ ‫ه ــذه فإنه ــا ّ‬ ‫إضاف ــة إىل عملي ــة تحلي ــل مس ــار الك ــرة وإدارة الش ــوط‬ ‫ف ي� مختــاف مناخاتــه‪ .‬فــإذا كنتــم تجدونهــا رياضــة‬ ‫خفيف ــة فكون ــوا ع ــى ثق ــة م ــن أنك ــم بع ــد أن تصيب ــوا‬ ‫حــواىل ‪ 18‬ثقبــاً مــن مســارها العــام‪ ،‬فإنكــم بالــكاد‬ ‫ت‬ ‫ـ� بدأت ــم به ــا‪.‬‬ ‫س ــتتمتعون بالطاق ــة نفس ــها ال ـ ي‬ ‫ـ�‬ ‫لق ــد ترك ــت ه ــذه الرياض ــة ي‬ ‫تأث�ه ــا الكب ـ يـر ع ـ ي ّ‬ ‫ت‬ ‫ـ� الخارجي ــة أو الداخلي ــة‪ .‬فالثي ــاب‬ ‫إن م ــن ناحي ــة أناق ـ ي‬ ‫المخصصــة لممارســتها لهــا طابعهــا الخــاص‬ ‫وهــو أ‬ ‫ئ‬ ‫أزيــا�‪ .‬كمــا إن ممارســتها‬ ‫المــر الــذي طبــع‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� تتط لّــب نفســاً طويــا ً للمتابعــة إســتخدمته‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بــد‬ ‫كثــرة‪ .‬وهنــا ال ّ‬ ‫ي� مواقــف شــخصية وعمليــة ي‬ ‫صغــرة وهــي أن هــذه‬ ‫مــن تزويدكــم بمعلومــة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� دخل ــت عال ــم الفض ــاء‬ ‫الرياض ــة تع ـ ّـد الوحي ــدة ال ـ ي‬ ‫(‪ .)Extraterrestre‬ذاك أن رائ ــد الفض ــاء أالن ب‪ .‬ش ــيبارد‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� ق ــام‬ ‫حم ــل مع ــه ث ــاث طاب ــات غول ــف ي� الرحل ــة ال ـ ي‬ ‫به ــا إىل القم ــر ع ــام ‪ 1971‬ع ــى م ـ ت ن‬ ‫ـ� المركب ــة الفضائي ــة‬ ‫أبول ــو ‪ ،14‬وم ــارس ه ــذه الرياض ــة هن ــاك ع ــى س ــطح‬ ‫القمــر مــع زميلــه إدغــار د‪ .‬ميتشــيل‪.‬‬


‫وقفة مع الذات‬

‫~ مع دكتور مفيد أبو م راد في ليبيا‪ ،‬عام ‪١٩٧٤‬‬

‫ت‬ ‫ـا� إىل جان ــب ممارس ــة رياض ــة الغول ــف ه ــي‬ ‫وم ــن هواي ـ ي‬ ‫الق ـراءة‪ .‬فأن ــا م ــن أ‬ ‫الش ــخاص الذي ــن يمض ــون وقت ـاً ال‬ ‫ن‬ ‫رث‬ ‫ـ� ف ي� ه ــذا‬ ‫يس ــتهان ب ــه م ــع الكت ــاب‪ .‬وأك ـ م ــا يجذب ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� تتن ــاول مواضي ــع التاري ــخ‪،‬‬ ‫المج ــال ه ــو الكت ــب ال ـ ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� تحمــل عــى صفحاتهــا قصصــاً تــروي‬ ‫وتلــك ي‬ ‫ش ــهادات حي ــة أو س ـ يـر حياة ش ــخصي ات ّ ت ز ن‬ ‫ود�‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مهم ة ف ــ� ي‬ ‫ـب أيض ـاً رواي ــات‬ ‫ـ‬ ‫أح‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫كم‬ ‫ـام‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـكل‬ ‫ـ‬ ‫بش‬ ‫ـاة‬ ‫ـ‬ ‫ب ــأرسار الحي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـ� ي� ق راءة‬ ‫ـ� ال أح ــب تضيي ــع وق ـ ي‬ ‫جرج ــي زي ــدان‪ ،‬إال أن ـ ي‬ ‫كتــب الفلســفة المع ّق ــدة‪ ،‬فيمــا أحــب بالمقابــل‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـ� الكث ـ يـر‪ .‬وأحيان ـاً كث ـ يـرة‬ ‫الديني ــة منه ــا لنه ــا تع لّم ـ ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� أعشــقها‪ ،‬يك‬ ‫ألجــأ إىل الموســيقى الكالســيكية‪ ،‬ي‬ ‫كثــراً‬ ‫أتــزود بالهــدوء والســكينة‪ ،‬فيمــا ال أستســيغ ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫فــروز ووديــع‬ ‫إالســتماع إىل العمــال الوب راليــة‪ .‬أمــا ي‬ ‫ف‬ ‫وزك ناصيــف والموســيقى العربيــة بشــكل‬ ‫الصــا� ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� م ــن وق ــت آلخ ــر‪ ،‬لكنه ــا ال تش ـكّل‬ ‫ع ــام فه ــي ت رافق ـ ي‬ ‫ت‬ ‫أفض له ــا خصوص ـاً ون ــادراً م ــا‬ ‫ـ� ّ‬ ‫عنوان ـاً للموس ــيقى ال ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـن م ــا‪.‬‬ ‫ـ� لمط ــرب أو مغ ـ ّ‬ ‫أدن ــدن أو أغ ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الــ� أردتهــا أن تكــون‬ ‫المهــم ي� هــذه الوقفــة ي‬ ‫بمثاب ــة م ـر تآ� الداخلي ــة والخارجي ــة‪ ،‬ه ــو يقي ـ ن ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ـ� أن ـ ي‬ ‫ي‬ ‫نفــ� جيــداً‪ .‬كمــا أعــرف أيــن تكمــن نقــاط‬ ‫أعــرف‬ ‫ي‬ ‫قــو� وضعفــي‪ .‬أ‬ ‫ت‬ ‫فــالوىل يمكــن إختصارهــا ف� بحــث‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الفضــل أ‬ ‫الدائــم عــن أ‬ ‫والحســن وإلغــاء الســلبية‬ ‫أمــل يومــاً‬ ‫باليجابيــات وحدهــا‪ .‬لــم ّ‬ ‫إ‬ ‫للحتفــاظ إ‬ ‫ت‬ ‫الــ� يغلــب عليهــا التفــاؤل‪.‬‬ ‫مــن إجــراء المعــادالت ي‬ ‫ف‬ ‫صحيــح أن المبالغــة ال تجــوز ي� هــذا الموضــوع‬ ‫بحي ــث ن ــول أ‬ ‫الش ــياء أك ـرث مم ــا تس ــتحقه‪ ،‬إال أنن ــا ف ي�‬ ‫ي‬ ‫نتمس ــك بتل ــك الطاق ــة االيجابي ــة ف ي�‬ ‫أن‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫علين‬ ‫المقاب ــل‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� ي� اس ــتطاعتها أن تأخذن ــا إىل أبع ــد مم ــا‬ ‫داخلن ــا‪ ،‬وال ـ ي‬ ‫يعب ــد طريقــاً‬ ‫نتصــور‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫فالتفكــر بطريقــة إيجابيــة ّ‬ ‫أوس ــع وأجم ــل يأخ ــذ صاحب ــه إىل مس ــاحات شاس ــعة‬ ‫مــن الحيــاة بعيــداً عــن القوقعــة وضيــق أ‬ ‫المــل‪.‬‬ ‫الفض ــل هــو بــرأ� الوســيلة أ‬ ‫فالبحــث عــن أ‬ ‫الكيــدة‬ ‫يي‬ ‫لمالمســة أي هــدف نصبــو إليــه مهمــا كان صعبــاً‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـ� عاني ــت منه ــا وم ــا زل ــت‬ ‫أم ــا نقط ــة الضع ــف ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ـ� للم ــادة‪ .‬وه ــو‪ ،‬م ــن وجه ــة‬ ‫فه ــي تكم ــن ي� ع ــدم ح ـ ب ّ ي‬ ‫نظــري‪ ،‬أمــر ال أجــده ســلبي اً بقــدر مــا هــو خيــار‬ ‫نق ــوم ب ــه نتيج ــة تربي ــة معين ــة أو مب ــادىء نتمس ــك‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫إنــ� أســتطيع إدراجــه ف ي� الئحــة نقــاط‬ ‫بهــا‪ ،‬حــى ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� أتمت ــع به ــا‪.‬‬ ‫الق ــوة ال ـ ي‬ ‫ـب التج ــارة يوم ـاً‪ ،‬ول ــم أف ّك ــر ب ــأن أصب ــح‬ ‫ل ــم أح ـ ّ‬ ‫مليون ـ يـراً ول ــو م ــرة واح ــدة‪ .‬ف ــكل م ــا رغب ــت ب ــه ه ــو‬

‫أن أعي ــش مكتفي ـاً دونم ــا حاج ــة ألح ــد‪ .‬ح ـ تـى عندم ــا‬ ‫ت‬ ‫وظيفــ� ف ي� الدولــة كرئيــس لمدرســة‬ ‫عــ�‬ ‫عرضــت ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يؤم ن ــوا يل م ــ�زال ً وب ــأن يس ــمح‬ ‫الفندقي ــة طالب ــت ب ــأن ّ‬ ‫ـول بالعي ــش بإمكاني ــات جي ــدة أس ــتطيع به ــا‬ ‫يل مدخ ـ ي‬ ‫أ‬ ‫أؤم ــن لوالدي عيشــاً رغيــداً ودراســات عاليــة‪.‬‬ ‫ان ّ‬ ‫آ‬ ‫لــم أحســد يومــاً الخريــن عــى عيشــهم‪ ،‬أو‬ ‫إشــتهيت منصبــاً أو مركــزاً عاليــاً‪ .‬فالمــال بــر ي يأ�‬ ‫ت‬ ‫تجربــ� الشــخصية ال يصنــع الســعادة‪.‬‬ ‫وحســب‬ ‫ي‬ ‫ـ� أن ال أك ــون يوم ـاً عب ــداً‬ ‫لق ــد إتخ ــذت ق ـراراً م ــع نف ـ ي‬ ‫ف‬ ‫للم ــال وال ألصحاب ــه ونجح ــت ي� ذل ــك ولس ــت آس ــف اً‬ ‫تعرضــت لهــا‪.‬‬ ‫بالرغــم مــن مغريــات ي‬ ‫كثــرة ّ‬ ‫ن‬ ‫تجذبــ� يومــاً بــأي شــكل مــن‬ ‫فالمــادة لــم‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫�عــت لهــا أبوابــاً‬ ‫أشــكالها‪ .‬لــم ألهــث وراءهــا وال ّ‬ ‫موص ــدة‪ .‬كم ــا إن ـ نـ� ل ــم أس ــمح له ــا يوم ـاً أن تحكم ــ�ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حيــا�‪ .‬فالمــال بــر ي يا� هــو مجــرد‬ ‫صفــو‬ ‫أو أن تع ّك ــر‬ ‫ي‬ ‫رث‬ ‫وســيلة تؤمــن لنــا العيــش الكريــم ليــس أكــ ‪،‬‬ ‫وال يجــوز أن يســيطر علينــا أو يغلــب عــى أفكارنــا‬ ‫بحيــث يصبــح هاجســنا‪ .‬أ‬ ‫والهــم هــو أن ال يتحــول‬ ‫إىل غاي ــة نحس ــب حس ــابها ف ي� ّكل م ــرة نري ــد إنج ــاز أم ــر‬ ‫مــا‪ .‬وأعتقــد أنــه إنطالقــاً مــن هــذا المبــدأ بالــذات‬ ‫ول ــد ل ــدي ذاك الش ــعور ف ي� إالبتع ــاد ع ــن أي مص ــدر ق ــد‬ ‫يس ـ ّه ل رب ــح الم ــال بطريق ــة غ ـ يـر الئق ــة‪ .‬فلق ــد كان‬ ‫ت‬ ‫ـتطاع� أن أك ــون رج ـا ً مقت ــدراً وثري ـاً ل ــو ل ــم‬ ‫ف ي� اس ـ‬ ‫ي‬ ‫قدمــت يل عــى أطبــاق مــن‬ ‫أرفــض عروضــاً مغريــة ّ‬ ‫ئ‬ ‫ش‬ ‫ـاد� م ـرات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فض ــة‪ ،‬ولكنه ــا ل ــم تك ــن تتم ــا� م ــع مب ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫حــ� أنهــا كانــت مــرات أخــرى فرصــاً ال تتكــرر‬ ‫ي� ي‬ ‫لــم أعــرف كيــف أقتنصهــا ف ي� الوقــت المناســب‪ ،‬أو‬ ‫أ ن‬ ‫فعقــ�‬ ‫نــ� لــم أعــرف أن أحســبها جيــداً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ربمــا ل ي‬ ‫ال يف ــرز الس ــيولة بق ــدر م ــا يف ــرز إالب ــداع‪ .‬ه ــذا م ــع‬ ‫اعتب ــاري أن ـ نـ� ت‬ ‫إق�ف ــت أحيان ـاً أخط ــاء ال تغتف ــر ف ي� ه ــذا‬ ‫ي‬ ‫المج ــال‪ ،‬لكن ـ نـ� بالتأكي ــد لس ــت نادم ـاً عليه ــا ألن ـ ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫فحــى‬ ‫بذلــك‪...‬‬ ‫فخــور‬ ‫وأنــا‬ ‫إليــه‬ ‫وصلــت‬ ‫راض ٍ بمــا‬ ‫وقــرأت ذات يــوم أبن األوطــان ال تبــى اال‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫تقوي�‪.‬‬ ‫نقاط ضعفي ساهمت ي�‬ ‫ي‬ ‫ابملعرفــة والعمــل املضــي وان مســؤولية صنــع‬ ‫أمــا مــا ال أستســيغه أبــداً‪ ،‬ال بــل أخــاف منــه‪،‬‬ ‫فهــو المفاجــآت‪ .‬فالمفاجــأة اذا كانــت غــر ســارة وطــن تقــع عــى شــعبه وليــس عــى ّ‬ ‫حكامــه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فبإمكانه ــا أن تخرب ــط حي ــاة بأكمله ــا فت ـ تـرك بصماته ــا‬ ‫تفكــري‬ ‫الســلبية عليهــا وهــي لطالمــا شــغلت‬ ‫ي‬ ‫الــ� �ف‬ ‫تطالعــ�‪ ،‬ألنهــا وحدهــا ت‬ ‫ن‬ ‫وتمنيــت أن ال‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫إس ــتطاعتها أن تتس ــبب يل بالقل ــق وبخربط ــة مس ــاري‬ ‫الطبيع ــي ف ي� الحي ــاة‪ .‬وهن ــا ال ب ـ ّـد م ــن أخ ــذ اس ـ تـراحة‬ ‫ت‬ ‫ـ� يق ــوم به ــا المح ــارب بع ــد ص ــوالت‬ ‫تش ــبه تل ــك ال ـ ي‬

‫وج ــوالت م ــن المع ــارك م ــع ه ــذه الحي ــاة‪ ،‬فأذك ــر بل ــد‬ ‫أ‬ ‫حب ــا ال يوصــف بكلمــات‪ّ .‬‬ ‫فــكل‬ ‫الرز الــذي أكــن لــه ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـا� المهني ــة كان منبع ــه‬ ‫م ــا حققت ــه وم ــا أنجزت ــه ي� حي ـ ي‬ ‫ف‬ ‫و� المناس ــبة س ــأذكر لك ــم قص ــة يق ــال‬ ‫ـ� للبن ــان‪ .‬ي‬ ‫حـ ب ّ ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� معج ــب به ــا ج ــدا ت�ج ــم م ــا‬ ‫بأنه ــا أس ــطورة ولك ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫حــ� وعــده ربّ ــه‬ ‫أكنــه‬ ‫لوطــ�‪ .‬وتقــول أن مــوىس ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـ� عليه ــا مملكت ــه (كم ــا ا ّدع ــى) رأى جب ــال‬ ‫ب ــالرض ليب ـ ي‬ ‫لبن ــان فس ــأله‪«:‬وماذا ع ــن تل ــك الجبال؟ (وكان يش ـ يـر اىل‬ ‫جب ــال لبن ــان)»‪ ،‬فنه ــره هللا قائال‪«:‬ه ــذه وق ــف يل ول ــن‬ ‫تطأه ــا قدم ــاك»‪ .‬وم ــا أري ــد قول ــه هن ــا ه ــو أن لبن ــان‬ ‫خلقــه هللا ليكــون قطعــة مــن الجنــة ولذلــك ي ّ ز‬ ‫تمــ�‬ ‫كثــرة ف ي� االنصهــار‬ ‫غــره مــن البلــدان بأشــياء ي‬ ‫عــن ي‬ ‫ف‬ ‫و� الحريــة والديمق راطيــة‬ ‫المســيحي – االســامي‪ ،‬ي‬ ‫وحقــوق االنســان والتعدديــة الحضاريــة وصــوال اىل‬ ‫العالميــة‪.‬‬ ‫وال أقــول لكــم ذلــك مــن بــاب المبالغــة بــل‬ ‫أل ن ي� لمس ــت ذل ــك ع ــن ق ــرب فكن ــت كلم ــا س ــافرت اىل‬ ‫ن‬ ‫ـ� أح ــن اىل حض ــن أم ــي‪،‬‬ ‫الخ ــارج أع ــود الي ــه الهث ــا وكأن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـكن� ب ــكل جوارح ــي وأن ــا عاش ــق ل ــه ع ــى‬ ‫فلبن ــان يس ـ ي‬ ‫طريق ــة ف ـ يـروز «بفق ــرك بحب ــك بع ـ ّـزك بحب ــك كي ــف‬ ‫م ــا كن ــت بحب ــك بجنون ــك بحب ــك‪.»...‬‬ ‫ومــن لبنــان أنتقــل اىل ش‬ ‫العــر� الــذي‬ ‫الــرق‬ ‫بي‬ ‫أبــدع ف ي� اكتشــاف هللا اال أنــه لــم يكتشــف االنســان‬ ‫بعــد‪ ،‬كمــا قــرأت ذات يــوم‪ .‬وهنــا مكمــن التخلــف‬ ‫ف أ‬ ‫أ‬ ‫ش ق‬ ‫ن‬ ‫ـال ووج ــود‬ ‫لن ال ــر ي� ال ي ــوازن ب ـ يـ� وج ــود هللا ي� الع ـ ي‬ ‫االنس ــان ع ــى أ‬ ‫الرض‪ .‬وفق ــدان الت ــوازن ف ي� ه ــذه الصورة‬ ‫ت‬ ‫ـ� رأيناه ــا‪ ،‬وبالرغ ــم م ــن التط ــور‬ ‫يش ــكل المعضل ــة ال ـ ي‬ ‫ش‬ ‫والتجــرأ عــى هــدم‬ ‫البــري‪ ،‬ف ي� القتــل باســم هللا‬ ‫ّ‬ ‫الحض ــارات باس ــم الدي ــن‪ ،‬وه ــي ب ـرأي بمثاب ــة دع ــوة‬ ‫اىل الكف ــر ولي ــس اىل التديّ ــن كم ــا يهل ــل البع ــض‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫مدرسة الفندقية‬

‫"يك أكتشف من أان ّ‬ ‫حقا ومعىن وجودي يف‬ ‫عيل أن أعرف اإلمكانيات اليت‬ ‫هذه الدنيا كان ّ‬ ‫ً‬ ‫متاما كاليت عرفهتا فميا‬ ‫تنتظرين يف مستقبيل‬ ‫مايض ‪ ،‬فمن املجدي أن أعرف ً‬ ‫َّ‬ ‫دامئا أين‬ ‫يخص‬ ‫أان اليوم وأين كنت يف السابق "‬ ‫‪ -‬دانيال كايز ‪-‬‬

‫مدرســـــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫الفندقيـــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫ين‬ ‫أربعــ� عامــاً‪،‬‬ ‫لحــوال‬ ‫تــول إدارة مدرســة الفندقيــة‬ ‫ي‬ ‫لطالمــا شــكّل ي ّ‬ ‫ف‬ ‫تز‬ ‫ـ�‪ .‬كن ــت ي� ال ـــ‪ ٢4‬م ــن عم ــري عندما ب ــدأت مش ــواري هذا‪،‬‬ ‫إع ــ�ازاَ بنف ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫فذل ــك المب ــى ال ــذي يق ــع ي� منطق ــة الدكوان ــة كان بمثاب ــة مملك ـ ي‬ ‫ودني ــاي الخاص ّت ـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫هــذه المرحلــة مــن حيــا� ال أنفــكّ أتذكرهــا � يوميــا� ت‬ ‫حــى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الس ــاعة‪ .‬ف ــأن أق ــف خل ــف تأس ــيس أول مدرس ــة فندقي ــة ف ي� العال ــم‬ ‫العــر� انطالقــا مــن لبنــان وطــن أ‬ ‫الرز‪ ،‬لهــو أمــر يثلــج صــدري‬ ‫بي‬ ‫ويرس ــم إبتس ــامة ضر� ع ــى ثغ ــري‪ .‬وإح ــدى أه ـ ّـم الدالئ ــل ع ــى نج ــاح‬ ‫ه ــذا ال ــرح ت‬ ‫ال�ب ــوي ه ــو إص ــدار طاب ــع بري ــدي خ ــاص ٍ ب ــه‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫ـ� إس ــتحدثتها بنف ـ ي‬ ‫إتب ــاع نظ ــام الوح ــدات الدراس ــية المج ـزأة ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـ� ص ــارت الي ــوم ج ــزءا ال يتج ـ ّزأ م ــن‬ ‫ـ� وال ـ ي‬ ‫ي� مج ــال التعلي ــم المه ـ ي‬ ‫مناه ــج ع ــدة جامع ــات ف ي� العال ــم‪.‬‬ ‫لق ــد س ــاهمت ه ــذه الخط ــوة ف ي� تحقي ــق ج ــزء ال يس ــتهان ب ــه‬ ‫ت‬ ‫وحــى ف ي� قطــاع الضيافــة‬ ‫الكبــرة ف ي� مجــال الســياحة‬ ‫مــن أحالمــي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫العاملــ� ي� الفنــادق‬ ‫شــغل� موضــوع‬ ‫والمطاعــم‪ .‬فلطالمــا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� ت ــدور‬ ‫والمؤسس ــات والمش ــاريع الس ــياحية والطه ــاة ومهنته ــم ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـا� باح ـ تـرام وتقدي ــر‬ ‫ـ� أن ينظ ــر اللبن ـ ي‬ ‫ي� مج ــال إالب ــداع‪ .‬ف ــكان يهم ـ ي‬ ‫له ــذه المهن ــة والتعري ــف بنش ــاط وق ــدرات الط ــاب‪ .‬ولطالم ــا رغب ــت‬ ‫ف ي� تســليط الضــوء عــى قــدرات أصحــاب هــذه المهنــة والموهبــة‬ ‫ت‬ ‫الــ� يجــب أن يتح لّــوا بهــا يك ينجحــوا عنــد‬ ‫رفيعــة المســتوى ي‬ ‫ش‬ ‫ـ�» بح ــد ذاته ــا كان البع ــض ير ّددونه ــا بن ــوع‬ ‫تطبيقه ــا‪ .‬فكلم ــة «ع ـ ّ ي‬ ‫ف‬ ‫هــد� أن أضــع موظّــف‬ ‫مــن إالســتخفاف بطبيعــة المهنــة‪ ،‬فصــار‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ـ�» والخ ــادم ف ي� قال ــب مغاي ــر يجع ــل الن ــاس تنظ ــر‬ ‫الفن ــدق و«الع ـ ّ ي‬ ‫ت‬ ‫إليهمــا ي ن‬ ‫ــر‪ ...‬وإعجــاب ‪ ...‬وتقديــر‪.‬‬ ‫بعــ� أخــرى ‪ :‬باحــرام‪ِ ...‬وك ب َ‬

‫‪51‬‬


‫مدرسة الفندقية‬

‫تنــاول الطعــام‬ ‫بحــد ذاتــه يشــكّل عمليــة ممتعــة‪« ،‬ال طع ــم له ــا وال رائح ــة»‪ ،‬ب ــل فات ــرة ال ت ـ تـرك أثره ــا‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وصانــع أطباقــه يســاهم ي� تزويدنــا بهــا فنشــعر علين ــا ال س ــلب اً وال إيجاب ـاً‪ ،‬وه ــو الم ــر ال ــذي يج ــب أن‬ ‫بل ــذّ ة أ‬ ‫الم ــر تمام ـاً كم ــا نش ــعر عن ــد ممارس ــتنا أعم ــاال ً ال يالم ــس الش ــيف ال م ــن بعي ــد وال م ــن قري ــب‪.‬‬ ‫أخــرى ن زاولهــا ف ي� مجــال الرياضــة مثــاً‪ .‬فكيــف ال‬ ‫يص ــح أن نعط ــي الش ــيف ح ّق ــه ف ي� ه ــذا المج ــال أو أن‬ ‫ً‬ ‫وانطالقــا مــن إعجــايب الكبــر مبهنــة الشــيف‬ ‫نتغ ـ ض‬ ‫ـا� ع ــن الجه ــد ال ــذي يبذل ــه م ــن أج ــل أن يق ــدم‬ ‫س ً‬ ‫ــا‬ ‫قــررت يف أحــد األايم أن أســتحدث َق َ َ‬ ‫طي ــب المــذاق؟‬ ‫للجائــع صحــن ّ‬ ‫حم ــص بالطحينــة ّ‬ ‫كيــف ال يصــح أن نجاملــه عــى طبــق تب ولــة لذيــذ خاصـ ًـا بــه شــبهيا ابملتبّ ــع لــدى خريجــي دراســة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫قريبــا يف ّ‬ ‫كل مــرة‬ ‫وغ�هم ــا كث ـ يـر من الطــب‪ ،‬وأمتــى أن يطبّ ــق‬ ‫ال رائح ــة والطع ــم ح ـرض ّ ه بش ــغف؟ ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� تس ــتنفد من ــه أوقات ـاً طويل ــة لتطويره ــا‬ ‫الطب ــاق ال ـ ي‬ ‫يتخــرج هبــا أحــد هــواة الطبــخ مــن أكادمييــة‬ ‫ّ‬ ‫أو لتحض�هــا بحســب أ‬ ‫الصــول‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ن ومدرســة أو جامعــة درس فهيــا أصــول الطهــي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـكنت� ي� العم ــق فكان ــت تالزم ـ ي‬ ‫ه ــذه الف ــكار س ـ ي‬ ‫أمــل مــن البحــث عــن بــاب لتوضيــح وهو يتمضن أربعة بنود هي ‪:‬‬ ‫بحيــث ال ّ‬ ‫ت‬ ‫يّ ز‬ ‫وفــرة‬ ‫الممــ� لديــه معلومــات‬ ‫ولعــل مدرســة الفندقيــة شــكّلت هــذا ‪1.1‬الطاهــي‬ ‫ّ‬ ‫أهميتهــا‪.‬‬ ‫جي ــدة تتع لّق ــان بالناحيت ـ ي ن‬ ‫ـ� الغذائي ــة‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫تدريبي‬ ‫ّ‬ ‫البــاب العريــض الــذي إســتطعت مــن خاللــه أن‬ ‫والصحي ــة‪ .‬فهــو ينــدرج عــى الئحــة العنــارص‬ ‫ّ‬ ‫أترجــم القــول بالفعــل‪ ،‬وأن أبتكــر إطــاراً خاصــاً‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫الساســية ف ي� مؤسســات التغذيــة‪.‬‬ ‫عم ــال الخدمــة أهــم مــن‬ ‫بالموظّــف‬ ‫الفنــد� (كان ّ‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫الممــ� ليــس فقــط الــذي يجيــد‬ ‫أولئ ــك الذي ــن يعمل ــون ف� مج ــال المطب ــخ)‪ ،‬وبالطاهي ‪2.2‬الطاهــي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫متقدم ـاً فيه ــا‪ ،‬ب ــل أيض ـاً‬ ‫عل ــوم الطه ــي ويك ــون‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫بعــد‬ ‫بـ«شــيف»‬ ‫عنــه‬ ‫ف‬ ‫يعــر‬ ‫الــذي صــار اليــوم‬ ‫ّ‬ ‫أن يكــون متقدمــاً ف ي� حفــظ المــواد الغذائيــة‬ ‫ش‬ ‫«عــ�»‪ .‬وال أبالــغ‬ ‫إندثــرت تمامــاً تســميته البدائيــة‬ ‫ّي‬ ‫وتحض�هــا وطهيهــا بالطريقــة الصحيحــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إذا قل ــت إن صاح ــب ه ــذه المهن ــة ه ــو بمثاب ــة ش ــخص‬ ‫ز‬ ‫المكونات‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫جم‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫طريق‬ ‫ـرف‬ ‫ـ‬ ‫يع‬ ‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫المم‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫الطاه‬ ‫‪3.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نؤم ن ــه ع ــى حياتن ــا‬ ‫يس ــتأهل الثق ــة التام ــة ب ــه‪ ،‬فنح ــن ّ‬ ‫للحصــول عــى وجبــة ال تقترصعــى جاذبيتهــا‬ ‫يحــدد الخطــوط‬ ‫وصح تنــا كــون مــا يدخــل جوفنــا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخارجيــة ت‬ ‫ف‬ ‫العريض ــة ألس ــلوبنا ف‬ ‫الــ� يســيل لهــا اللعــاب بــل أيضــاً‬ ‫ي‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫طبق‬ ‫�‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫يض‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫فه‬ ‫ـش‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫العي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫صح ي ــة تس ــاهم ف ي�‬ ‫أن تك ــون مؤلّف ــة م ــن م ــواد ّ‬ ‫والبت ــكار والعل ــم وش ــغف‬ ‫ـب والحن ــان والف ــن إ‬ ‫ّكل الح ـ ّ‬ ‫صح تن ــا‪.‬‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـاظ‬ ‫ـ‬ ‫الحف‬ ‫ّ‬ ‫تمع ــن واحدنــا بمالمــح‬ ‫المهنــة يل�ضينــا‪ .‬وإذا مــا ّ‬ ‫‪4.4‬بن ــاء ع ــى م ــا تق ــدم‪ ،‬أق ـ تـرح قس ــم اليم ـ ي ن‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫أول ش ــيف إلتق ــاه ف ي� حيات ــه أال وه ــو والدت ــه فلس ــوف‬ ‫‪« :‬أنــا الشــيف (فــان) أتع ّه ــد وأحلــف عــى‬ ‫يتذك ــر كي ــف كان ــت تتف ـ ّـرس بوج ــوه أف ـراد عائلته ــا إث ــر‬ ‫أن أكــون مخلصــاً أ‬ ‫ين‬ ‫والقوانــ� وعــى‬ ‫للنظمــة‬ ‫هم ه ــا أن‬ ‫تقديمه ــا له ــم طبق ـاً م ــن‬ ‫ي‬ ‫وج ـ َّـل ّ‬ ‫تحض�ه ــا‪ُ ،‬‬ ‫نز‬ ‫ت‬ ‫عمــ� كطاهــي‪ ،‬وأن ال‬ ‫أثنــاء‬ ‫والصــدق‬ ‫اهــة‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫ت ــرى إبتس ــامة عريض ــة تزيّ ــن وجوهه ــم ل�ت ـ ّـد عليه ــا‬ ‫ـر� وبنش ــوة أ‬ ‫إيجاب ـاً إذ يكتنفه ــا الش ــعور بال ـ ض‬ ‫أس ــمح ألي أس ــباب ديني ــة أو وطني ــة أو جنس ــية‬ ‫المومة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫أن تؤثّــر عــى‬ ‫واجبــا� وعــى خدمــة الزبائــن‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الــ�‬ ‫فقــد نالــت ح ّق هــا تلقائيــاً مــن خــال الفرحــة ي‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫وأن أحــرم‬ ‫وأقدرهــم‪ .‬وعــى النســاء‬ ‫رؤســا� ّ‬ ‫ي‬ ‫ولّدهــا إعجابهــم بالطعــام الــذي قدمتــه لهــم‪،‬‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫والرج ــال منح ــي ثقته ــم واح�امه ــم وتقديره ــم‬ ‫بالس ــتم رار‬ ‫وامت ــ�ت نفس ــها بنعم ــة إالكتف ــاء والرغب ــة إ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أال� العك ــس‬ ‫كبــرة كربّ ــة ن ز‬ ‫يل ي� ح ــال ن ّف ــذت تع ّه ــدي ه ــذا وأن ي‬ ‫مــ�ل‪.‬‬ ‫ي� م زاولــة مهمتهــا بســعادة ي‬ ‫ف‬ ‫تمام ـاً ي� ح ــال نكث ــت ب ــه»‪.‬‬ ‫وأم‬ ‫ف ـ بـر ي يأ� الش ــيف ه ــو بمثاب ــة طبي ــب وس ــاحر ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫اســ�‬ ‫وفن ــان ي� الوق ــت نفس ـ فـه‪ .‬ف ــإذا غاب ــت واح ــدة م ــن ه ــذه تذكــرون جيــداً مــا ب‬ ‫أخ�تكــم إيــاه ســابق اً عــن در ي‬ ‫ف‬ ‫العن ــارص ع ــن أس ــلوبه ي� العم ــل‪ ،‬فق ــد وقع ــه إاليج ـ ب ي‬ ‫تواقــاً يومهــا‬ ‫ـا� لعلــم التجــارة ي� مدرســة ‪ IC‬إذ كنــت ّ‬ ‫عــى آ‬ ‫الخــر‪ ،‬وصــار‬ ‫ّ‬ ‫مجــرد رجــل يآل (روبــوت) خــال لممارســة العمــل باكــراً يك أســاعد والــدي‪ .‬بعدهــا‬ ‫م ــن المش ــاعر ولي ــس لدي ــه أحاس ــيس يضيفه ــا ع ــى إنتقلــت إىل العمــل مــع ش�كــة تاباليــن الســعودية ف ي�‬ ‫خلطات ــه‪ ،‬فتصب ــح أطباق ــه كم ــا يق ــول المث ــل‬ ‫ي‬ ‫الفرنس قس ــم الخدم ــات‪ .‬وبع ــد أن تلقي ــت النصيح ــة الذهبي ــة‬

‫االمــر يك يومهــا وهــي أن أبحــث عــن‬ ‫مــن مديــري‬ ‫ي‬ ‫عمــل أحب ــه قبــل كل ش�ء‪ ،‬قــررت خــوض الدراســة �ف‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫االم�كيــة‬ ‫مجــال الضيافــة‪ .‬ووفقــت بأحــد المعاهــد ي‬ ‫‪ Lewis Hotel Training School‬المعروف ــة به ــذا المج ــال‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� ه ــذه‪.‬‬ ‫وانطلق ــت من ــذ ذاك الوق ــت ي� دراس ـ ي‬ ‫ف‬ ‫تقدمــت بطلبــات‬ ‫فأثنــاء‬ ‫عمــ� ي� الســعودية ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫إىل وزارة ت‬ ‫ـاعدو� ي� الحص ــول‬ ‫ال�بي ــة اللبناني ــة يك يس ـ‬ ‫ي‬ ‫ع ــى منح ــة دراس ــية‪ .‬وبالفع ــل حصل ــت ع ــى واح ــدة‬ ‫م ــن الس ــفارة أ‬ ‫اللماني ــة ف ي� ب ـ يـروت‪ .‬إال أن مدي ــر مكت ــب‬ ‫الــدول جــوزف دوناتــو وجــد يل منحــة ف ي�‬ ‫العمــل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـدول ي� جني ــف‪ ،‬وكن ــت يومه ــا م ــا‬ ‫مكت ــب العم ــل ال ـ ي‬ ‫زل ــت ش ــاب اً يافع ـاً ل ــم أبل ــغ ال ـــ‪ 20‬م ــن عم ــري بع ــد‪.‬‬ ‫وبقي ــت ح ــواىل الس ــنة أتن ّق ــل ب ـ ي ن‬ ‫ـ� البل ــدان االوروبي ــة‬ ‫ـوال ش ــهر ك ال ً م ــن أه ــم م ــدراء‬ ‫حي ــث كن ــت أس ــاعد لح ـ ي‬ ‫ز‬ ‫ين‬ ‫والمم�يــن بأعمالهــم‪.‬‬ ‫الناجحــ�‬ ‫الفنــادق‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� الوقــت‬ ‫ومــن ســوي رسا إنتقلــت إىل فرنســا ي‬ ‫تقدمــت بطلــب للحصــول عــى‬ ‫نفســه كنــت قــد ّ‬ ‫منحــة جديــدة‪ ،‬وكان يومهــا فــؤاد صوايــا مديــراً‬ ‫عام ـاً ل ــوزارة ت‬ ‫فأم ــن يل واح ــدة م ــن الحكوم ــة‬ ‫ال�بي ــة‪ّ .‬‬ ‫أ‬ ‫اللمانيــة ألدرس ف ي� واحــد مــن أهــم معاهدهــا‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫‪ ،Heidelberg‬وعن ــد إنته ـ ي‬ ‫ـ� تل ــك طلب ـ ي‬ ‫ـا� م ــن دراس ـ ي‬ ‫فــؤاد صوايــا وقــال يل بالحــرف‪« :‬هنــاك شــخص‬ ‫هالــر) كان يديــر‬ ‫ســويرسي الجنســية (أوســكار‬ ‫ي‬ ‫المدرس ــة الفندقي ــة عندن ــا وق ــد غ ــادر لبن ــان مؤخ ـراً‬ ‫فه ــل تس ــتطيع أن تس ــتلم مكان ــه؟ ه ــل أن ــت ق ــادر‬ ‫تحم ــل هــذه المســؤولية؟»‬ ‫عــى ّ‬ ‫جــدي بهــذا العــرض حــزن‬ ‫عندمــا‬ ‫أخــرت ّ‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ـ�؟ م ــا عن ــا‬ ‫لم ــري وق ــال يل‪« :‬إنّ ــو آخرت ــك تص ـ يـر ع ـ ّ ي‬ ‫بالعيل ــة رج ــال يش ــتغلوا بهالمضم ــار»‪ .‬رنّ ــت كلمات ــه‬ ‫ف ن‬ ‫ش‬ ‫ـ�»‪ .‬لكن ــه‬ ‫ي� ي‬ ‫أذ� خصوص ـاً تس ــميته لعم ـ ي‬ ‫ـ� بالـ«ع ـ ّ ي‬ ‫ور� أ‬ ‫م ــع الوق ــت م ــا لب ــث أن تف ّه م ـ ن ض‬ ‫بالم ــر الواق ــع‪،‬‬ ‫ـ� ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـمي� له ــذا المرك ــز الرس ــمي ف ي� الدول ــة اللبناني ــة‬ ‫فتس ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـاورت� فأزه ــرت واقع ـاً زرعت ــه‬ ‫كان مدخ ـا ً لح ــام س ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ي� مج ــال الخدم ــات الس ــياحية ودائم ـاً ع ــى طريق ـ ي‬ ‫يومه ــا ف ّك ــرت بالع ــرض ال ــذي ق ـ ّـدم يل وقل ــت ف ي�‬ ‫ـ� ه ــي فرص ــة تس ــتحق التجرب ــة‪ ،‬خصوص ـاً‬ ‫ق ـرارة نف ـ ي‬ ‫ف‬ ‫تأس ســت ي� عــام‬ ‫أن المدرســة الفندقيــة كانــت قــد ّ‬ ‫ن‬ ‫ـ� أنه ــا م ــا زال ــت‬ ‫‪ 1951‬أي قب ــل س ــنوات قليل ــة مم ــا يع ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت ت‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫و� إس ـ‬ ‫طريّ ــة الع ــود‪ ،‬ي‬ ‫ـتطاع� تزويده ــا بخ ـ بـر يا� ال ـ ي‬ ‫ي‬ ‫ـ� ف ي� فن ــادق عالمي ــة مش ــهورة‬ ‫جمعته ــا م ــن خ ــال عم ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـاهدا�‪ .‬وكأن ه ــذا الع ــرض‬ ‫إ‬ ‫بالضاف ــة إىل أس ــفاري ومش ـ ي‬

‫ج ــاء ف ي� الوق ــت المناس ــب لذل ــك ق ــررت خ ــوض ه ــذه‬ ‫التجرب ــة‪ ،‬متس ـلّح اً بالخط ــوط والعناوي ــن العريض ــة‬ ‫كونتهــا مــن ت‬ ‫ت‬ ‫فــرة‬ ‫تدريــ� ف ي� ألمانيــا وســوي رسا‬ ‫الــ� ّ‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ت‬ ‫وظيفــ� ف ي�‬ ‫وفرنســا‪ .‬وبعدمــا و ّق عــت إالت ّف ــاق عــى‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ـوال الش ــهرين‬ ‫ت�ي ــن الول م ــن ع ــام ‪ 1957‬كان ل ــدي ح ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫التــدرب‬ ‫لمهمــ� الجديــدة هــذه فقــررت‬ ‫لتحــرض ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫لــدى جــورج الريّ ــس مديــر فنــدق بريســتول الــذي‬ ‫كان معروفــا ومشــهورا ف ي� هــذا المجــال‪ ،‬ورصت‬ ‫أعم ــل إىل جانب ــه م ــن الس ــابعة صباح ـاً ح ـ تـى الس ــابعة‬ ‫أ‬ ‫كثــرة‬ ‫خ�تــه اللبنانيــة أشــياء ي‬ ‫مســاًء لكتســب مــن ب‬ ‫إس ــتفدت منه ــا فيم ــا بع ــد لتلوي ــن مس ـ يـر ت ي� ف ي� مدرس ــة‬ ‫الفندقيــة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ف ي� الحقيق ــة كن ــت أعل ــم عل ــم اليق ـ يـ� أن ه ــذا‬ ‫المجــال واســع جــداً‬ ‫ويتحم ــل أي أفــكار جديــدة‬ ‫ّ‬

‫‪53‬‬


‫مدرسة الفندقية‬

‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـ� مع‬ ‫مبتك ــرة تس ــاهم ي� تطوي ــره بش ــكل أفض ــل‪ .‬لكن ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫ـ� كان ــت ضم ــن ح ــرم‬ ‫بـ ي‬ ‫ـد� العم ــل ي� المدرس ــة‪( ،‬ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫بــروت وهــي اليــوم ن‬ ‫مبــى‬ ‫مدرســة الصنايــع ي� رأس ي‬ ‫وزارة الداخلي ــة) إكتش ــفت ثغ ـرات كث ـ يـرة تش ــوب ه ــذه‬ ‫المدرســة مــن ألفهــا إىل يائهــا‪ ،‬الســيما ف ي� المناهــج‬ ‫ت‬ ‫فالقي مــون‬ ‫الــ� تتبعهــا ف ي� عمليــة تدريــس طالبهــا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـبقو� إكتف ــوا بالتدري ــس النظ ــري أي‬ ‫عليه ــا الذي ــن س ـ ي‬ ‫ـ�»‪ ،‬معتقدي ــن أنه ــا كان ــت تف ــي بالغ ــرض‬ ‫ـ� بح ـ ي‬ ‫«ح ـ ي‬ ‫أ‬ ‫تزوده ــم بفك ــرة ح ــول‬ ‫لتخري ــج الط ــاب وع ــى الق ــل ّ‬ ‫ه ــذا المج ــال‪.‬‬ ‫إنتفضــت عــى هــذا الواقــع وقــررت أن أدخــل‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و�‬ ‫ال ــدروس التطبيقي ــة والنظري ــة ي� صل ــب المناه ــج ي‬ ‫آن واح ــد‪ .‬كي ــف ال وأن ــا متأك ــد م ــن أن معظ ــم خ ـ بـر ت ي�‬ ‫ف‬ ‫ـ� وم ــن‬ ‫ي� ه ــذا المج ــال جمعته ــا م ــن عم ـ ي‬ ‫ـ� التدري ـ ب ي‬ ‫ومبــا�ة؟ كل ذلــك ّ ن‬ ‫لــ� ت ز‬ ‫ش‬ ‫ممارســته عمليــاَ‬ ‫الــ�ود‬ ‫خو ي‬ ‫بمعرف ــة ش ــاملة ب ــأدق تفاصي ــل ه ــذا القط ــاع‪ .‬أ‬ ‫ولن ــ�ن‬ ‫ي‬ ‫كن ــت أتم ّت ــع بق ــدر كب ـ يـر م ــن الج ـرأة ألط ــرح أف ــكاري‬ ‫بوض ــوح‪ ،‬أ‬ ‫المحب ب ــة إىل القل ــب كان ــت‬ ‫ـخصي ت ي�‬ ‫ولن ش ـ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبــ� آ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫بيــ� ي ن‬ ‫الخريــن‬ ‫تســاهم ي� تقريــب المســافات ي‬ ‫ف‬ ‫جي ــد ل ــدى مح ــاوري غالب ـاً م ــا‬ ‫فأنج ــح ي� ت ــرك إنطب ــاع ّ‬ ‫ئ‬ ‫ـا�‬ ‫كان ينته ــي بص ــورة إيجابي ــة‪ ،‬فق ــد تدب ـ ُ‬ ‫ـرت أم ــر لق ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� محم ــد رع ــد لع ــرض‬ ‫م ــع مدي ــر ع ــام التعلي ــم المه ـ ي‬ ‫أف ــكاري التطويري ــة‪.‬‬ ‫كان ــت مدرس ــة الفندقي ــة تابع ــة للمديري ــة العامة‬ ‫للتعلي ــم المه ـ نـ� ووزارة الس ــياحة مع ـاً؛ وكان أ‬ ‫الس ــتاذ‬ ‫ي‬ ‫محمــد رعــد صديقــاً مقربــاً مــن رئيــس الجمهوريــة‬ ‫يومــذاك كميــل شــمعون ويشــغل منصــب مديــر‬ ‫إالنشــاءات ف ي� الدولــة اللبنانيــة إىل جانــب عملــه‬ ‫ف ي� المديريــة المذكــورة؛ بادرتــه بالقــول‪« :‬مــا هــذه‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫مــ� أن أديرهــا؟‬ ‫الــ� طلبتــم ّ ي‬ ‫المدرســة الفندقيــة ي‬ ‫إنه ــا مج ـ ّـرد غرف ــة ومطب ــخ لي ــس أك ـرث ‪ ،‬وه ــي ال تف ــي‬ ‫بالــروط الالزمــة لتخريــج طــاّب يملكــون ولــو ن‬ ‫ش‬ ‫أد�‬ ‫فأجابــ�‪« :‬هنــاك ن‬ ‫ن‬ ‫مبــى‬ ‫فكــرة عــن هــذا القطــاع»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫نح ــن ف ي� ص ــدد بنائ ــه ف ي� منطق ــة الدكوان ــة فم ــا رأي ــك‬ ‫ل ــو تذه ــب إىل هن ــاك‪ ،‬وت ـ شـرف بنفس ــك ع ــى ت‬ ‫ال�تيب ــات‬ ‫الالزم ــة ال ـ تـ� تفيدن ــا ف ي� ش‬ ‫م�وعن ــا ه ــذا ف ي� ح ــال وجدت ــه‬ ‫ي‬ ‫مناســب اً‬ ‫ليتحــول إىل مدرســة فندقيــة مثاليــة؟»‬ ‫ّ‬ ‫توج ه ــت إىل الدكوان ــة فوج ــدت عم ــارة‬ ‫وبالفع ــل ّ‬ ‫كنايــة عــن علبــة مربعــة مــن االســمنت‪ ،‬ال ت ّت ســم‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫فدون ــت‬ ‫ـد�‪َّ .‬‬ ‫اس فن ـ ي‬ ‫ب ــأي مواصف ــات تتع ّل ــق بمب ــى در ي‬ ‫ت‬ ‫مالحظــا� وعــدت أدراجــي إىل مديريــة التعليــم‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫المهــ� حيــث قلــت لمديرهــا‪« :‬أريــد أن ش ئ‬ ‫أنــ�‬ ‫ي‬ ‫مدرســة فندقيــة عــى شــكل فنــدق‪ ،‬تحتــوي عــى‬ ‫ـ�‪،‬‬ ‫قس ــم للتدري ــس النظ ــري وآخ ــر للتطبي ــق االعم ـ ي‬ ‫بحيــث يكــون أ‬ ‫المــران متاحــان أمــام الطــاب �ف‬ ‫ي‬ ‫الوقــت نفســه»‪.‬‬ ‫�ض‬ ‫ـ� برسع ــة واس ــتح مهن ــدس‬ ‫ل ـ ب ّـى محم ــد رع ــد طل ـ ب ي‬ ‫المب ـ نـى ف ي� الدكوان ــة يومه ــا عاص ــم س ــام وطل ــب من ــه‬ ‫تغي ـ يـر الخ رائ ــط الهندس ــية‪ ،‬وق ــال ل ــه‪« :‬ن ّف ــذ طلب ــات‬ ‫دم ــوس وق ــم بم ــا يرغ ــب ب ــه تمام ـاً»‪ .‬وبالفع ــل‬ ‫أس ــتاذ ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� أردته ــا ي� ظ ــرف س ــنة واح ــدة‬ ‫أجري ــت التعدي ــات ال ـ ي‬ ‫ليب ــدأ إثره ــا مش ــواري الطوي ــل م ــع مدرس ــة الفندقية‪.‬‬ ‫وعندم ــا إنتقل ــت المدرس ــة إىل ن‬ ‫المب� الجديد إكتش ــفت‬ ‫أن ال كهربــاء وال ميــاه فيــه! وهــي مشــكلة عانيناهــا‬ ‫ـوال س ــتة أش ــهر‪.‬‬ ‫طوي ـا ً إىل أن ج ــاء الح ــل بع ــد ح ـ ي‬ ‫و� أح ــد أ‬ ‫ف‬ ‫الي ــام وقف ــت أتفح ــص موق ــع المب ــىن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫وأطي ــل نظ ــري في ــه يمن ــة وي ــرة‪ ،‬وخلص ـ ُ‬ ‫ـت إىل أن ـ ي‬ ‫أحولــه إىل‬ ‫أرى مشــهداً شــبه صحــراوي‪ ،‬فقــررت أن ّ‬ ‫لوح ــة خ ـرض اء م ــن خ ــال القي ــام ب ــأول خط ــوة بيئي ــة‪.‬‬ ‫فخ ــال دراس ـ ت ف‬ ‫ن‬ ‫رث‬ ‫ـ�‪،‬‬ ‫س ‪ )IC‬كان أك ـ م ــا لفت ـ ي‬ ‫ـ� ي� ال ـــ(آي ي‬ ‫ي‬ ‫كمــا ذكــرت ســابق اً‪ ،‬البيئــة الخــرض اء الجميلــة ت‬ ‫الــ�‬ ‫ي‬ ‫تحي ــط بمبناه ــا‪ ،‬إذ كان ــت ظ ــال أش ــجارها تنف ــخ فين ــا‬ ‫روح الع ــزم وتح ّث ن ــا بص ــورة غ ـ يـر مب ـ ش‬ ‫ـا�ة ع ــى إكم ــال‬ ‫اس‪ .‬ف ـ بـر ي يأ� إن وج ــود عن ــارص الطبيع ــة‬ ‫مش ــوارنا ال ــدر ي‬ ‫يزودن ــا بطاق ــة إيجابي ــة تزي ــد م ــن إنتاجيتن ــا‪.‬‬ ‫حولن ــا ّ‬ ‫وم ــا أقول ــه لي ــس مج ـ ّـرد كالم ع ــى ورق ب ــل ه ــو عل ــم‬ ‫مع ـ تـرف ب ــه‪ .‬ولذل ــك ن ــرى أن أك ـ بـر الجامع ــات وأعرقه ــا‬ ‫ف ي� العال ــم تتب ــع ه ــذا المب ــدأ ف ي� محيطه ــا‪ ،‬ح ـ تـى إنه ــا‬ ‫ف‬ ‫تؤم ــن لطالبه ــا‬ ‫تس ــتحدث حدائ ــق غ ّن ــاء ي� حرمه ــا‪ ،‬يك ّ‬ ‫ت‬ ‫الــ� يمضونهــا ف ي�‬ ‫أجــواء درس مغايــرة عــن تلــك ي‬ ‫الصفــوف المغلقــة لســاعات طويلــة‪ .‬كمــا إنــه مــن‬ ‫شــأن هــذه المســاحات الخــرض اء أن تزودنــا بال راحــة‬ ‫التوج ــه إىل أماكنه ــا ف ي� اله ــواء الطل ــق‪ ،‬فننفرد‬ ‫ـب‬ ‫ّ‬ ‫وبح ـ ّ‬ ‫أ‬ ‫م ـرات بأنفس ــنا‪ ،‬وم ـرات أخ ــرى نتح ـ ّـدث م ــع الصدق ــاء‬ ‫فيتم لّكن ــا ش ــعور بال راح ــة ال مثي ــل ل ــه‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أنــ� ذهبــت فاشــريت‬ ‫المهــم ي� الموضــوع ي‬ ‫مجموعــة شــتول وأشــجار حملتهــا عــى شــاحنة إىل‬ ‫ن‬ ‫ـدا�‬ ‫المدرس ــة حي ــث كان أس ــتاذ الرياض ــة م ــن آل صي ـ ي‬ ‫ي ــدرب تالمي ــذه ف ي� الخ ــارج‪ ،‬فطلب ــت من ــه ومنه ــم أن‬ ‫ت‬ ‫ـ� جلبته ــا‬ ‫ّ‬ ‫يعب ئ ــوا ع ــدداً م ــن المس ــتوعبات التنكي ــة ال ـ ي‬ ‫مع ــي ألزرع فيه ــا تل ــك الش ــتول‪ .‬وص ــدف أن كان أح ــد‬ ‫ن‬ ‫ـ� يق ــوم بجولت ــه ف ي� المدرس ــة‬ ‫المفتش ـ يـ� م ــن آل حل ـ ب ي‬

‫ن‬ ‫ت‬ ‫تتوزع‬ ‫ـ� بع ــد أن ش ــاهد االش ــجار والش ــتول ّ‬ ‫فاق ــرب م ـ ي‬ ‫ف ي� أرج ــاء الموق ــع وق ــال يل‪« :‬أن ــت به ــذا االم ــر تخال ــف‬ ‫ين‬ ‫ـ� ف� نقطت ـ ي ن‬ ‫ن‬ ‫مختلفت�»‪ .‬وعندما إس ــتوضحته‬ ‫ـ�‬ ‫القوان ـ ي ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪« :‬أوال ً لق ــد إس ــتخدمت عب ــوات تن ــك م ــن‬ ‫الم ــر أجاب ـ ي‬ ‫الدول ــة دون إذن مس ــبق‪ ،‬كم ــا أن ــك تشغِّ ـ ــل تالمي ــذك‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫حص ــة الرياض ــة وه ــو أم ــر من ــاف‬ ‫ي� مج ــال الزراع ــة ي� ّ‬ ‫اس»‪ .‬ل ــم أش ــأ أن أجادل ــه يومه ــا‪،‬‬ ‫أيض ــا للقان ــون ال ــدر ي‬ ‫ن‬ ‫ـال وكان‬ ‫ـ� عندم ــا صادف ــت رئي ــس التفتي ــش الم ـ ي‬ ‫إال أن ـ ي‬ ‫ّ‬ ‫المــا يتنــاول العشــاء ف ي� مطعــم المدرســة‬ ‫مــن آل‬ ‫ش‬ ‫أخ�ت ــه م ــا حص ــل مع ــي بع ــد أن �ح ــت ل ــه وجه ــة‬ ‫ب‬ ‫نظ ــري فاقتن ــع وق ــال يل‪« :‬ه ــو وس ــام اذا نع لّق ــه ع ــى‬ ‫ص ــدرك فبفضل ــك ك ـرث ت أعمالن ــا التفتيش ــية»‪ .‬ه ــذه‬ ‫أ‬ ‫الشــجار مــا زالــت ت‬ ‫حــى اليــوم تظلــل المديريــة‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـو� أن ــا م ــن يق ــف وراء‬ ‫المهني ــة ي� الدكوان ــة‪ ،‬وأفتخ ــر ك ـ ي‬ ‫المبــادرة ف ي� إبتــكار تلــك المســاحة ويعــود الفضــل‬ ‫بذلــك اىل رئيــس بلديــة الدكوانــة أنطــوان شــختورة‬ ‫ـ� موظف ــا لالعتن ــاء به ــذه أ‬ ‫ال ــذي ع ـ ي ّ ن‬ ‫الش ــجار فبقي ــت‬ ‫ح ـ تـى الي ــوم‪.‬‬ ‫~ مع الطالب شارل عسلي‪ ،‬السيد فتال‪ ،‬جاك يمين‬ ‫وطالب أثناء توزيع جوائز‪ ،‬عام ‪١٩٦٨‬‬

‫اس فلق ــد حاول ــت تطبي ــق‬ ‫بالع ــودة إىل المنه ــج ال ــدر ي‬ ‫م ــا تع لّمت ــه م ــن خ ـ بـر ت ي� ف ي� مج ــال الفن ــادق فاس ــتحدثت‬ ‫ين‬ ‫نوعــ� مــن التدريــس فيهــا‪ :‬النظــري (لمــدة شــهر‬ ‫ـ� التطبيق ــي (لم ــدة ش ــهر واح ــد) مع ــا‪.‬‬ ‫واح ــد) والعم ـ ي‬ ‫ف‬ ‫فكان ــت واح ــدة من أه ــم الم ــدارس الفندقي ــة ي� العالم؛‬ ‫ق‬ ‫ـد� ف ي� لبن ــان ول ــم يلب ــث‬ ‫وبذل ــك ّ‬ ‫تأس ــس التعلي ــم الفن ـ ي‬ ‫ف‬ ‫أن ب ــان أث ــره ي� ع ــدد م ــن ال ــدول‪ .‬فبس ــبب ه ــذا النج ــاح‬ ‫ال ــذي ح ّق قت ــه طلبت ـ نـ� (طبع ـاً م ــن خ ــال وزارة ت‬ ‫ال�بي ــة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ف ي� لبنــان) ٌ‬ ‫وحــى‬ ‫دول عــدة كســوريا والعــراق واالردن‬ ‫ق ـ بـرص وليبي ــا إلنش ــاء م ــدارس مماثل ــة فيه ــا‪.‬‬ ‫كما عملت عىل إصدار ش ــهادات رس ــمية من الدولة‬ ‫ت‬ ‫ـ� كانت تعطى‬ ‫لخريج ــي المدرس ــة ب ــدال م ــن االف ــادات ال ـ ي‬ ‫له ـم‪ .‬ف ــكان حامل ــو الش ـ ي ن‬ ‫ـهادت� إالبتدائي ــة والتكميلي ــة‬ ‫يدرســون المنهــج ليتخرجــوا منهــا أهــل مهنــة‬ ‫باف ــادة‪ .‬ث ــم رفع ــت مس ــتوى الش ــهادة لتش ــمل تالم ــذة‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـا� كم ــا كان ــت تس ــمى ف ي�‬ ‫البكالوري ــا ي� قس ــميها االول والث ـ ي‬ ‫تل ــك أ‬ ‫ن‬ ‫ـتوضحو� عم ــا أح ــاول فعل ــه‬ ‫الي ــام‪ .‬وعندم ــا اس ـ‬ ‫ي‬ ‫الس ــيما أنه ــم كان ــوا يملك ــون فك ــرة مس ــبقة فحواه ــا أن‬

‫‪55‬‬


‫~ مع مدير عام السياحة أ‬ ‫الستاذ‬ ‫ميشال توما وأساتذة‬

‫مدرسة الفندقية‬

‫الفندقي ــة تخ ـ ّـرج مج ـ ّـرد طه ــاة‪ ،‬قل ــت له ــم ‪ :‬ال‪ ...‬الي ــوم‬ ‫اس عندن ــا إذ ص ــار يج ــري تح ــت‬ ‫تغ ـ ي ّـر المس ــتوى ال ــدر ي‬ ‫عن ــوان «مخت ـ بـر طه ــي وحلوي ــات واس ــتقبال»‪ ،‬فأعجب ــوا‬ ‫بالتس ــمية وأخذوه ــا بع ـ ي ن‬ ‫واعت�وه ــا ش ــهادة‬ ‫ـ� االعتب ــار‪ ،‬ب‬ ‫تقني ــة تس ــاوي بأهميتها ش ــهادات أخ ــرى من ه ــذا النوع‪.‬‬ ‫لقــد كنــت أول مــن وضــع مــروع إنشــاء فنــدق‬

‫ومطعــم منوذجــي لتدريــب الطــاب يف قطــاع‬ ‫الضيافــة تـ ً‬ ‫ـوازاي مــع دروهســم النظريــة فكنــت‬

‫ســبَّ ً‬ ‫اقا يف اســتحداهثا يف التعلــم الفنــديق‬ ‫يف لبنــان والعــامل‪ .‬وهنــا ّ‬ ‫أود اإلشــارة إىل أن‬ ‫عبــارة «مــا عنــا ّ‬ ‫عشــية ابلعيلــة»‪ ،‬الــي طالعــي‬ ‫هبــا ّ‬ ‫جــدي عندمــا أخربتــه عــن العــرض الــذي‬ ‫ّ‬ ‫قــدم يل لوظيفــة مديــر الفندقيــة‪ ،‬دفعتــي‬ ‫ألن أســتحدث تلــك الهشــادة الرمسيــة الــي‬ ‫يتخــرج هبــا طالــب الفندقيــة‪ ،‬فيكــون صاحــب‬

‫هشــادة معــرف هبــا مــن الدولــة اللبنانيــة‬ ‫أســوة بزمالئــه يف جامعــات ومعاهــد لبنانيــة‬ ‫أخــرى‪.‬‬

‫عندمــا بدأنــا اتبــاع الشــهادات الرســمية إســتعنت‬ ‫بالمف ّت ــش ت‬ ‫ال�ب ــوي الدكت ــور مفي ــد أب ــو م ـراد؛ وأذك ــر‬ ‫تعــد‬ ‫أنــه قــال يل يومهــا‪« :‬ليــس ف ي� اســتطاعتك أن‬ ‫ّ‬ ‫برنامجــا دراســيا ينتــج عنــه شــهادة رســمية تحــت‬ ‫عنــوان الطهــي ‪ ،‬فهــي لــن تؤخــذ عــى محمــل‬ ‫«مخت�‬ ‫الج ـ ّـد»‪ ،‬فأجبت ــه‪ :‬س ــتتألف م ــن الم ــواد التالي ــة‬ ‫ب‬ ‫طه ــي» و«مخت ـ بـر حلوي ــات ومخت ـ بـر خدم ــة»‪ .‬وهك ــذا‬ ‫اس ــتحدثت عنوان ـاً للش ــهادة‪ ،‬فص ــار المتخ ـ ّـرج يحم ــل‬ ‫ش ــهادة بالتس ـ ي ن‬ ‫ـب‬ ‫ـميت� وت ــم اع ــادة النظ ــر به ــا لتص ـ ّ‬ ‫ف ي� نفــس مســتوى الشــهادات الرســمية‪ .‬ومنذئــذ‬ ‫تواف ــد الط ـ ّـاب بأع ــداد كب ـ يـرة إىل المدرس ــة وتو ّزع ــت‬ ‫كالتــال‪:‬‬ ‫الشــهادات‬ ‫ي‬ ‫•بريفيــه فندقيــة رســمية اختصــاص انتــاج‬ ‫وخدمــات‬ ‫•بكالوريــا فندقيــة رســمية اختصــاص انتــاج‬ ‫طهــي أو خدمــة مطعميــة‬ ‫•بكالوريــا فندقيــة ثانويــة اختصــاص اســتقبال‬ ‫ومحاســبة‬ ‫•‪ TS‬اختصاص (‪)Hotel Management‬‬

‫وطبع ـاً م ــن خ ــال دراس ــته م ــواداً إضافي ــة ت ــم اع ــادة‬ ‫النظــر فيهــا ليوافــق عليهــا مــن قبــل وزارة ت‬ ‫ال�بيــة‬ ‫ومنه ــا‪:‬‬ ‫•مواد قانون العمل والتغذية الصحية‬ ‫•المحاسبة واالحصاء‬ ‫لمختــرات مطبــخ وحلويــات‬ ‫•تســمية الطهــي‬ ‫ب‬ ‫والخدمــة واالســتقبال‬ ‫كن ــت أجم ــع خ ـ بـر ت يا� وأس ــتلهم منه ــا‪ ،‬وآخ ــذ فك ــرة م ــن‬ ‫هن ــا وأخ ــرى م ــن هن ــاك مع تط ــور حاجات المؤسس ــات‬ ‫ومطاعموأطب قه ــا ف ي� المدرس ــة‪ .‬ول ــم أكتف‬ ‫م ــن فن ــادق‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـ� ذكرته ــا آنف ـاً‪ ،‬ب ــل �ع ــت‬ ‫باس ــتحداث القس ــام ال ـ ي‬ ‫بتكوي ــن عالق ــة وطي ــدة م ــع جامع ــات أجنبي ــة هدفه ــا‬ ‫ين‬ ‫تأمــ� دعــوات زيــارة لطالبنــا إليهــا ‪ ،‬فيطلعــون‬ ‫ســر التدريــب ف ي� مدارســها الفندقيــة؛ مــن‬ ‫عــى ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� تع ـ ّـد مدرس ــتها الفندقي ــة‬ ‫بينه ــا جامع ــة كورن ــل ال ـ ي‬ ‫أول مدرســة مــن نوعهــا ف ي� العالــم‪ ،‬وكذلــك جامعــة‬ ‫ميشــيغن‪ .‬وقــد وافــق مؤســس وعميــد المدرســة‬ ‫الفندقيــة ف ي� جامعــة كورنــل عــى إســتقبال حملــة‬ ‫ش ــهادة البكالوري ــا الفني ــة ‪ BT2‬م ــن مدرس ــة الفندقي ــة‬ ‫ليتابعــوا دراســتهم فيهــا بعــد أن تمــت معادلــة‬ ‫الش ــهادة اللبناني ــة بس ــنتها الثاني ــة‪ .‬وأذك ــر أنن ــا أرس ــلنا‬ ‫المم�ي ــن والمتفوق ـ ي ن‬ ‫يز‬ ‫ـ� اىل انكل ـ تـرا‬ ‫ع ــدد م ــن الط ـ ّـاب‬ ‫ف‬ ‫وألمانيــا وســوي رسا للتــدرب ي� أهــم فنــادق تلــك‬ ‫البلــدان ولينضــم عــدد منهــم بعدهــل اىل كــوادر‬ ‫التعليــم ف ي� المدرســة الفندقيــة كأســاتذة يشــهد‬ ‫ن‬ ‫يهمــ� ف ي� هــذا االطــار ايجــاد م راكــز‬ ‫لخ�اتهــم‪ .‬كان‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫التحــدث‬ ‫مســتقبلية لهــم تشــغلهم وتدفعهــم اىل‬ ‫ّ‬ ‫ين‬ ‫المقربــ� منهــم مــن أهــل وأصدقــاء‪،‬‬ ‫عنهــا أمــام‬ ‫ن‬ ‫المهــ� وبتمتعهــم‬ ‫بحيــث يفاخــروا بتطورهــم‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ـ� جي ــد نس ــبة اىل الج ــور المرتفع ــة‬ ‫بمس ــتوى معي ـ ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� كانــوا يتقاضونهــا ف ي� المقابــل‪ .‬فيســاهموا ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�ويــج للمدرســة الفندقيــة ويســتقطبون شــباب‬ ‫بلداته ــم لالنتس ــاب اليه ــا م ــن خ ــال ه ــذا أ‬ ‫الس ــلوب‬ ‫يخ�ونهــم عــن نجاحاتهــم‪.‬‬ ‫والســيما عندمــا ب‬ ‫وأرغــب ف ي� المناســبة أن أروي لكــم نصيحــة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـمال صاح ــب‬ ‫ّ‬ ‫قدمه ــا يل ي� أح ــد الي ــام طاني ــوس الش ـ ي‬ ‫ف‬ ‫أه ــم فن ــادق لبن ــان وأش ــهرها ي� الخمس ــينات (بينه ــا‬ ‫الكبــر ف ي� عاليــه وصيــدا) ومطاعــم‬ ‫أوتيــل طانيــوس‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الــرج وبــاب ادريــس‬ ‫بــ�‬ ‫منطقــ� ب‬ ‫أخــرى مو ّزعــة ي‬ ‫ي‬ ‫ـال أن أس ــأله‬ ‫(أس ــواق ب ـ يـروت) ي‬ ‫وغ�ه ــا‪ .‬فلق ــد خط ــر بب ـ ي‬

‫رس نجاحــه فقــال يل‪«:‬ال أحــب المظاهــر‬ ‫يومــا عــن ّ‬ ‫ن‬ ‫وهم ــي ه ــو اك ـرام الموظف ـ يـ� عن ــدي بحي ــث‬ ‫الفاخ ــرة ّ‬ ‫ش‬ ‫معيــ� الئــق‪ ،‬فالمــال الــذي‬ ‫يتمتعــون بمســتوى‬ ‫ي‬ ‫أجني ــه أتقاس ــمه معه ــم وأض ــع قس ــما كب ــرا من ــه �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جيوبه ــم‪ ،‬فكان ــوا ف ي� المقاب ــل يعمل ــون طيل ــة س ــاعات‬ ‫النه ــار دون تأ ّف ــف أو مل ــل وه ــو أ‬ ‫الم ــر ال ــذي ينعك ــس‬ ‫وبالتــال نجاحــات متتاليــة»‪.‬‬ ‫عــ� ايجابــا‬ ‫ي‬ ‫يّ‬ ‫ت‬ ‫ادار� لتطوي ــر هذه‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫كيفي‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫حديثن‬ ‫اىل‬ ‫ـود‬ ‫ـ‬ ‫وأع‬ ‫ي‬ ‫ورواده ــا‪ ،‬فلق ــد دأب ــت ولم ــرة واح ــدة ف ي� الع ــام‬ ‫المهن ــة ّ‬ ‫وخــراء مــن خــارج لبنــان (كانــت‬ ‫عــى دعــوة أســاتذة ب‬ ‫ش�ك ــة ط ــران ال ـ شـرق أ‬ ‫الوس ــط بش ــخص رئي ــس مجل ــس‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ادارته ــا س ــليم س ــام تتكف ــل بتأم ـ يـ� تذاكر س ــفر درجة‬ ‫أوىل له ــم ع ــى نفقته ــا الخاص ــة) فيم ــا كن ــت أتكف ــل‬ ‫بمصاريــف اقامتهــم ف ي� الفنــادق فيمضــون ف ي� ربــوع‬ ‫لبن ــان نح ــو ‪ 10‬أي ــام‪ .‬وكذل ــك كن ــت أدع ــو أصح ــاب تل ــك‬ ‫الفنــادق والمطاعــم للمشــاركة ف ي� اللجــان ش‬ ‫الم�فــة‬ ‫ع ــى مب ــاراة الدخ ــول واالمتحان ــات ف ي� المدرس ــة يك أبق ــي‬ ‫ع ــى طريق ــة تع ــاون وطي ــدة معه ــم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫مفص ل ــة لحاج ــات‬ ‫و� ع ــام ‪ 1982‬قم ــت بدراس ــة ّ‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ـد� م ــن تجه ـ ي ز‬ ‫ـ�ات ومع ــدات‬ ‫المدرس ــة والمعه ــد الفن ـ ي‬ ‫مــع أســعارها التقديريــة‪ ،‬فشــكّلت تلــك الدراســة‬ ‫ـ� وزارة ت‬ ‫ب ــاب التع ــاون م ــا ب ـ ي ن‬ ‫ال�بي ــة وجمعي ــة الش ــبان‬ ‫صي ــاح‪ ،‬فتأسســت‬ ‫المســيحية مــع رئيســها غســان ّ‬ ‫االخــرة بــرأس مــال بلــغ ‪ 350‬ألــف دوالر‪ .‬ومــا‬ ‫هــذه‬ ‫ي‬ ‫أذكــره أيضــاً هــو بت�عــي بمجموعــة مــن الكتــب‬ ‫‪Americain Hotel at Lodging Association‬‬ ‫لتعــر‬ ‫ب‬ ‫بشــهادة الفندقيــة إىل مســتوى ‪ TS‬ت‬ ‫والــ� اعتمدتهــا‬ ‫ي‬ ‫غالبيــة الجامعــات اللبنانيــة مــع اجــراء بعــض‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و� ه ــذا‬ ‫التعدي ــات عليه ــا وم ــا زال ــت ح ــى الي ــوم‪ .‬ي‬ ‫إالط ــار كن ــت أيض ـاً أس ــتقبل بع ــض ه ــؤالء المس ـ ي ن‬ ‫ـؤول�‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ـ� ب ــكل‬ ‫ـ� م ــن ب ــاب تب ــادل الخدم ــات يف�ودون ـ ي‬ ‫بضياف ـ ي‬ ‫جديــد وطــارئ ف ي� هــذا المضمــار وأعــرض عليهــم‬ ‫ـتقبلي ة الجدي ــدة وآخ ــذ بمالحظاتهم‬ ‫مش ــاريعي المس ـ ّ‬ ‫وتعليقاتهــم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫كن ــت أري ــد أن أزرع ي� جي ــل الش ــباب م ــا اخ�نت ــه‬ ‫جانــ�‬ ‫خــرات عــى أمــل أن يقــف أحدهــم إىل‬ ‫مــن ب‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫فيســاعد� ي� إدارة المدرســة أو أن يتأهــل لتســلّم‬ ‫ي‬ ‫مهام ــي يوم ـاً م ــا‪ .‬وأذك ــر أن ـ نـ� أرس ــلت الطالب ـ ي ن‬ ‫ـ� ع ــادل‬ ‫ي‬ ‫االم�كيــة‬ ‫وشــارل‬ ‫جبــور‬ ‫عســ� إىل جامعــة كورنــل ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ليتابع ــا دراس ــتهما هن ــاك بحي ــث يكون ــا جاهزي ــن عند‬ ‫عودتهمــا إلســتالم‬ ‫منصــ�‪ ،‬اذ كنــت اف ّك ــر دائمــا‬ ‫بي‬

‫‪57‬‬


‫~ عن نقابة أصحاب الفنادق صفوح ك رامي‪ ،‬جان أبو منصور‪ ،‬مدير‬ ‫التنظيم المهني ومدير عام السياحة محمد خطيب مع الوزير‬ ‫فتوش بعد تأسيس جمعية إالنماء السياحي والفندقي‪ ،‬عام ‪1961‬‬

‫ب ــان التجدي ــد ه ــو س ـ ّـي د المواق ــف ف ي� قط ــاع الضياف ــة‬ ‫والســياحة‪ ،‬فلمــاذا ال أفســح المجــال أمــام هــؤالء‬ ‫الشــبان ي ز‬ ‫ل� ّودونــا بــدم جديــد‪.‬‬ ‫وبالفعــل ذهبــا وأكمــا دراســتهما لثــاث ســنوات‬ ‫متتالي ــة هن ــاك بفض ــل منح ــة قدمته ــا لهم ــا يومه ــا‬ ‫وزارة ت‬ ‫ال�بي ــة (أي ــام الوزي ــر نجي ــب أب ــو حي ــدر)‪ .‬وعندما‬ ‫ل ــم توظفهم ــا الدول ــة اللبناني ــة‪ ،‬بقي ــت وح ــدي أجاه ــد‬ ‫م ــع ع ــدد م ــن أ‬ ‫الس ــاتذة وبينه ــم فري ــد خ ــوري وحن ــا‬ ‫ب يأ� صعــب واليــاس ســميا ويونــس فــوزات وأنطــوان‬ ‫واك ــد وج ــوزف محف ــوظ وم ــع إثن ـ ي ن‬ ‫ـ� م ــن الطه ــاة حن ــا‬ ‫ـدور‬ ‫س ــالم وحن ــا ص ــادر وال ـــ ‪ Maître d’hotel‬خ ـ يـر هللا م ـ ّ‬ ‫ن ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� تل ــك‪.‬‬ ‫يس ـ‬ ‫ي‬ ‫ـاعدو� ي� مهم ـ ي‬ ‫لعـــي أطلــت الــرح عليكــم يف هــذا املقطــع‬ ‫مــن كتــايب‪ ،‬أعــذروين فقــد أردت أن أروي خاللــه‬

‫أهــم اإلنجــازات الــي حققهتــا يف مشــواري‪.‬‬

‫كثــرة هــي؟ نعــم! لكــن مــن املفيــد ذكرهــا‬ ‫ليعــرف أحفــادي ومعهــم الجيــل الجديــد مــن‬

‫الشــباب اللبنــاين أنــي مل أصــل إىل مــا أان‬ ‫عليــه ابلصدفــة‪ ،‬بــل كان ذلــك نتيجــة جهــد‬ ‫كبــر وتطــور مســمر مل أمـ ّـل مــن تطبيقهمــا يف‬

‫حيــايت العمليــة‪.‬‬

‫كثــرة بينهــا رئيــس‬ ‫لقــد تســلّمت مهامــا رســمية ي‬ ‫الم ـ شـروع المش ـ تـرك ب ـ ي ن‬ ‫ـ� االم ــم المتح ــدة والمجل ــس‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـ� والتق ـ ي‬ ‫ـ� إلنم ــاء الس ــياحة للتعلي ــم المه ـ ي‬ ‫الوط ـ ي‬ ‫وذل ــك ف� الف ـ تـرة الممت ــدة م ــا ب ـ ي ن‬ ‫ووس ــعت‬ ‫ـ� ‪ 1967‬و‪ّ .1971‬‬ ‫ي‬ ‫المدرســة الفندقيــة ف ي� عــام ‪ 1970‬بحيــث وضعــت‬ ‫ـ� المختص ـ ي ن‬ ‫الدراس ــات م ــع المهندس ـ ي ن‬ ‫ـ� م ــن قب ــل وزارة‬ ‫أ‬ ‫الش ــغال لتفاصي ــل البن ــاء المخص ــص لفندقي ــة بل ــدة‬ ‫دي ــر القم ــر ف ي� الش ــوف‪ .‬كم ــا وضع ــت نص ــوص م ـ شـروع‬ ‫ق‬ ‫ـد� المج ـ ّزأ ف ي� ع ــام ‪ 1978‬وال ــذي س ــمح‬ ‫التعلي ــم الفن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـا� أن يتابع ــوا دراس ــة‬ ‫لع ــدد كب ـ يـر م ــن الش ــباب اللبن ـ ي‬ ‫ف‬ ‫تخوله ــم الحص ــول ع ــى ش ــهادة‬ ‫جزئي ــة ي� المدرس ــة ّ‬ ‫ق‬ ‫ـد� بج ــدارة‪،‬‬ ‫تفت ــح له ــم الب ــاب لدخ ــول القط ــاع الفن ـ ي‬ ‫وه ــذا االم ــر ش ــمل االش ــخاص المعوق ـ ي ن‬ ‫ـ� ايض ــا وطه ــاة‬ ‫ن‬ ‫ـا� كم ــا تابعه ــا مهندس ــون قبي ــل‬ ‫م ــن الجي ــش اللبن ـ ي‬ ‫س ــفرهم خ ــارج لبن ــان‪.‬‬ ‫أم ــا أفض ــل م ــا أتذك ــره م ــن مش ــواري فه ــو إدارة‬ ‫ســم يت ت‬ ‫إســراحات ف ي� صيــدا وصــور‬ ‫م راكــز ســياحية ّ‬

‫وجعيتــا حققــت نجاحــاً مدويــاً ف� تلــك آ‬ ‫الونــة‬ ‫ي‬ ‫الس ــيما أنه ــا ج ّه ــزت بمع ــدات ممت ــازة وفري ــق عم ــل‬ ‫ت‬ ‫ـا� متط ـ ّـور بالتع ــاون م ــع الط ــاب‪ .‬فيم ــا بقي ــت‬ ‫خدم ـ ي‬ ‫ت ت‬ ‫م� ي ن‬ ‫اح� ط رابلــس والعريضــة بمثابــة ش‬ ‫وعــ�‬ ‫اســر ي‬ ‫ل ــم يكتم ــا م ــن تنظيم ــي وتجه ـ ي ز‬ ‫ـ�ي‪ .‬فعندم ــا طل ــب‬ ‫ن‬ ‫ـ� إنش ــاء إس ـ تـراحة رابع ــة ف ي� مدين ــة ط رابل ــس قم ــت‬ ‫مـ ّ ي‬ ‫ـت بنتيجته ــا‬ ‫بدراس ــة ميداني ــة بيئي ـاً وإجتماعي ـاً رفض ـ ُ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـ� أنه ــا ل ــن تك ــون مربح ــة‬ ‫ـاس دل ـ ي‬ ‫الموافق ــة لن إحس ـ ي‬ ‫مالي ـاً‪ .‬إال أنه ــم ل ــم يقتنع ــوا بوجه ــة نظ ــري وب ـ ش‬ ‫ـا�وا‬ ‫بإنش ــائها فصدم ــوا بع راقي ــل كث ـ يـرة أوقف ــت الم ـ شـروع‬ ‫ال ــذي تنب ــأت ل ــه بالفش ــل قب ــل والدت ــه‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫ـ� بصاحب‬ ‫هن ــاك بع ــض‬ ‫ّ‬ ‫ـ� يصفون ـ ي‬ ‫المقرب ـ يـ� م ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـت‬ ‫ـ� ال تخف ــق‪ .‬ال أدري إن كن ـ ُ‬ ‫الرؤي ــا المس ــتقبلية ال ـ ي‬ ‫ز‬ ‫المــ�ة‪ ،‬أو أنهــا‬ ‫ولــدت متمتعــاً بالفطــرة بهــذه‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـار� وخ ـ بـر يا�‪ .‬فغالب ـاً م ــا كن ــت أرى‬ ‫ـكنت� بفع ــل تج ـ ب ي‬ ‫سـ ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـاس‬ ‫ـ� إحس ـ ي‬ ‫نتائ ــج الم ــور قب ــل حصوله ــا‪ .‬ول ــم يخ ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـادر� مدرس ــة‬ ‫ـ� ح ــى بع ــد مغ ـ ي‬ ‫م ــرة‪ .‬وه ــذا االم ــر رافق ـ ي‬ ‫الفندقيــة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ســاهمت‬ ‫شــخصي�‪ ،‬القويــة عــى مــا أعتقــد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بتســهيل أمــوري العمليــة‪ .‬فلقــد كنــت صادقــاً �ف‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ـش‪،‬‬ ‫ـ� م ــع الخري ــن‪ .‬ال أجام ــل وال أس ــاوم وال أغ ـ ّ‬ ‫تعام ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـا� وال ــدي رحم ــه‬ ‫وه ــي مب ــادىء تربّ ي ــت عليه ــا وأوص ـ ي‬ ‫ـ� به ــا‪ .‬ف ي� المقاب ــل كن ــت أع ــرف كي ــف‬ ‫هللا ع ــى التح ـ ّ ي‬ ‫أقتنــص الفرصــة تلــو االخــرى لتحقيــق آمــال‪ .‬و�ف‬ ‫ي ي‬ ‫مشــواري الطويــل ف ي� مدرســة الفندقيــة حرصــت‬ ‫تصــب إنجــاز ت يا� ّ‬ ‫وكل مــا قمــت بــه ف ي�‬ ‫دائمــاً عــى أن‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ه ــذا القط ــاع ي� مصلح ــة المدرس ــة ولبن ــان‪ ...‬لبن ــان‬ ‫ن‬ ‫حب ــه إىل أبع ــد الح ــدود‪ ،‬فكن ــت تواق ـاً‬ ‫ـكن� ّ‬ ‫ال ــذي س ـ ي‬ ‫دائمــاً إلبــراز وجهــه المــض ي ء‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫ـأ� مج ــال الس ــياحة ي� ّ‬ ‫وي ـ ي‬ ‫مقدم ــة الب ــواب ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ف ت‬ ‫و� الحقيقــة‬ ‫يمكــن أن تســاهم ي� ال�ويــج لــه‪ .‬ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الــ� قمــت بهــا‬ ‫وبالرغــم مــن الســفار العديــدة ي‬ ‫أ‬ ‫ورو� وح ـ تـى أم ـ يـركا‬ ‫فطال ــت مختل ــف بل ــدان العال ــم ال ب ي‬ ‫وغ�ه ــا‪ ،‬بق ــي لبن ــان أجم ــل تل ــك البل ــدان وافضله ــا‬ ‫ي‬ ‫أخ�كــم تلــك الحادثــة‬ ‫بنظــري‪ .‬لذلــك أو ًّد هنــا أن ب‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الــ� جــرت معــي أثنــاء وجــودي ي� جنيــف بموجــب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫أنــ� حصلــت عليهــا‬ ‫الــ�‬ ‫ُ‬ ‫ذكــرت ســابق اً ي‬ ‫المنحــة ي‬ ‫ـدول بفض ــل مدي ــر ع ــام وزارة‬ ‫م ــن مكت ــب العم ــل ال ـ ي‬ ‫الش ــؤون االجتماعي ــة ج ــوزف دونات ــو لمتابع ــة دراس ــة‬ ‫تدريبيــة (‪ )Stage‬لمــدة عــام مــع مــدراء فنــادق‬ ‫ف‬ ‫ن ف‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫ناجحــ� ي� أروزا‪ ،‬جنيــف وهيلتــون‪ ،‬اســطنبول‪ .‬ي‬


‫مدرسة الفندقية‬

‫ه ــذه االخ ـ يـرة كان فن ــدق هيلت ــون جدي ــداً فيه ــا وغرف ــه‬ ‫ّ‬ ‫تطــل عــى البوســفور‪.‬‬ ‫ف‬ ‫بــال يومهــا أن أقــوم بخطــوة‬ ‫فقــد خطــر ي� ي‬ ‫تص ــب ف ي� خدم ــة بل ــدي‪ .‬كان ذل ــك ع ــام ‪ ،1955‬ع ــى م ــا‬ ‫أذك ــر‪ ،‬وكان لبن ــان يش ــهد إنقس ــام اً كب ـ يـراً ب ـ ي ن‬ ‫ـ� أبنائ ــه اذ‬ ‫يحب ــذ سياس ــة الرئي ــس جم ــال عب ــد‬ ‫بينه ــم م ــن كان ّ‬ ‫آ‬ ‫الن ــارص فيم ــا كان القس ــم الخ ــر ض ـ ّـده‪ .‬قل ــت يومه ــا‬ ‫صليــ� الــذي كان موجــوداً‬ ‫ســم�‬ ‫لصديقــي دكتــور‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫أيض ـاً هن ــاك ف ي(� س ــوي رسا) م ــا رأي ــك ي� أن ن ـ بـرز ص ــورة‬ ‫ت‬ ‫تشــوهه‬ ‫الــ�‬ ‫ّ‬ ‫لبنــان الجميــل بــدل تلــك الصــورة ي‬ ‫وتظهــر مــدى إنقســام أبنائــه ش‬ ‫وت�ذمهــم‪ .‬واتفقنــا‬ ‫ع ــى فك ــرة خط ــرت يل وه ــي أن أطب ــع ملصق ـاً يحم ــل‬ ‫عبــارة ‪ Lebanon Land of Sunshine and Beauty‬أي‬ ‫«لبنــان أرض الشــمس والجمــال» وكان عبــارة عــن‬ ‫صغــر الحجــم ملــون وتتوســطه‬ ‫ملصــق دائــري‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ـوال ‪ 500‬قطع ــة ع ــى‬ ‫الرزة اللبناني ــة ألصقن ــا من ــه ح ـ ي‬ ‫الس ــيارات ف ي� جني ــف‪ .‬والي ــوم عندم ــا أرى الملصق ــات‬

‫ت‬ ‫تــروج للبنــان الجميــل‪ ،‬أتذّ كــر مــا‬ ‫إ‬ ‫الــ� ّ‬ ‫والعالنــات ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫قم ــت ب ــه ي� جني ــف إذ كن ــت الس ـ ّـب اق ي� إبت ــكار ملص ــق‬ ‫يحــ� عــن لبنــان‪ ،‬فيمــا اليــوم صــارت الملصقــات‬ ‫ي‬ ‫تعــد بالمئــات وتقــف وراءهــا مؤسســات ســياحية‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ـا� وق ــف وراء إطالقه ــا‬ ‫وخدماتي ــة ع ـ ّـدة‪ ،‬بينم ــا ي� الم ـ ي‬ ‫ـ� وأن ــا‪.‬‬ ‫ش ــخصان فق ــط هم ــا صديق ــي س ـ ي‬ ‫ـم� صلي ـ ب ي‬ ‫م ـ شـروع آخ ــر‪ ،‬ه ــو أ‬ ‫ف‬ ‫اله ــم بنظ ــري‪ ،‬حققت ــه ي� مدرس ــة‬ ‫الفندقي ــة وكان إقام ــة مطع ــم نموذج ــي م ــن الدرج ــة‬ ‫الممتــازة‪ .‬فقــد طلبــت يومهــا مــن التالمــذة أن‬ ‫نتشــارك ف ي� تشــغيله فيكــون عــى المســتوى الــذي‬ ‫ـال‬ ‫نحل ــم ب ــه‪ .‬وانطالق ـاً م ــن ه ــذه النقط ــة خط ــر بب ـ ي‬ ‫أن أصــدر كتــاب طبــخ يحتــوي وصفــات طعــام‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الطــاب التطبيقــي ف ي� هــذا‬ ‫لبنــا� تســ ّه ل عمــل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� إس ــتدعيت يومه ــا نجي ــب صف ـ يـر‬ ‫المطع ــم‪ .‬أذك ــر أن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـا� وطلب ــت من ــه أن يم ــارس‬ ‫المتم ــرس بالطب ــخ اللبن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� بأن ــه ال ش ــأن ل ــه بالكتاب ــة‬ ‫مهن ــة التدري ــس ‪ ،‬فأجاب ـ ي‬ ‫وبأن ــه يجي ــد الطه ــي وان التعلي ــم له ــو أم ــر يجهل ــه‬ ‫أ‬ ‫التني ر‬ ‫~ مع كامل السعد‪ ،‬جان عقل وذكي ّ‬

‫تمامــاً‪ .‬وبعــد عمليــة بحــث شــاقة إهتديــت إىل‬ ‫ش‬ ‫بالمهم ــة‬ ‫ـو� ال ــذي واف ــق ع ــى القي ــام‬ ‫ّ‬ ‫غال ــب يحش ـ ي‬ ‫كون ــه س ــبق وعم ــل ف ي� ع ــدة مطاب ــخ معروف ــة (فندق ــا‬ ‫وجبيــ� ولــدى آل رسســق) فجعلتــه أســتاذاً‬ ‫صوفــر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الطــاب كيفيــة صنــع هــذه‬ ‫ف ي� المدرســة ليع لّــم‬ ‫الوصف ــات اللبناني ــة والعربي ــة‪ .‬ف ــكان أن ُول ــد كت ــاب‬ ‫ن‬ ‫والعــر�» الــذي‬ ‫اللبنــا�‬ ‫طبــخ بعنــوان «المطبــخ‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أعتــره بمثابــة قامــوس طبــخ شــارك ي� وضعــه إىل‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫يحشــو� اليــاس ســميا وجــوزف محفــوظ‪،‬‬ ‫جانــب‬ ‫ي‬ ‫فع الــة لتشــجيع دخــول الطــاب إىل‬ ‫وكان وســيلة ّ‬ ‫ف‬ ‫وتحضــر الطعــام ي� مطعــم مدرســة‬ ‫المطبــخ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الفندقيــة‪ .‬وقــد وضعــت ي� هــذا الكتــاب مجموعــة‬ ‫ت‬ ‫ـ� ل ــم يك ــن يحتويه ــا‬ ‫كب ـ يـرة م ــن وصف ــات الطع ــام ال ـ ي‬ ‫مدون ــة ف ي� ه ــذا‬ ‫كت ــاب ج ــورج الريّ ــس أول َم ــن أص ــدر ّ‬ ‫اللبناني�ن‬ ‫إالط ــار‪ .‬ولح ــق ب ــه بعده ــا ع ــدد م ــن الطه ــاة‬ ‫ي‬ ‫الذيــن ي ز‬ ‫تمــ�وا ف ي� اصــدار كتــب مشــابهة‪.‬‬ ‫وبالفع ــل فق ــد أصب ــح مطع ــم المدرس ــة موقع ـاً‬ ‫خدماتي ـاً ال يش ــبه غ ـ يـره إن بمس ــتوى ج ــودة الطع ــام‬ ‫ت‬ ‫الــ� يؤم ّن هــا‪ .‬فشــكّل‬ ‫الــذي ّ‬ ‫يقدمــه أو بالخدمــات ي‬ ‫ن‬ ‫وجه ــة للبناني ـ يـ� والس ــواح وكذل ــك كان بمثاب ــة مرك ــز‬ ‫ويطب ق ــون دراس ــتهم ف ي�‬ ‫ـ� للط ــاب فيتع لّم ــون‬ ‫ّ‬ ‫تدري ـ ب ي‬ ‫الوقــت نفســه مــن خــال أدائهــم ف� مطبخــه أو �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الصال ــة الخاص ــة ب ــه‪ .‬هك ــذا من ــذ ذل ــك الوق ــت ص ــار‬ ‫الطب ــاخ فنان ـاً والخ ــادم بائع ـاً ناجح ـاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خــر ت‬ ‫أطــور هــذا‬ ‫أن‬ ‫إســتطعت‬ ‫�‬ ‫وبفضــل‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫المطعــم ت‬ ‫حــى صــار ي ّت ســع ألكــرث مــن ‪ 600‬شــخص‪.‬‬ ‫ك ّن ــا نبيــع الطبــق بســعر الكلفــة ألنــه كان بمثابــة‬ ‫عمــل تطبيقــي للطــاب ‪ ،‬تمامــاً كمــا كان جــورج‬ ‫ن‬ ‫يســتغ� عــن‬ ‫الريــس يفعــل ف ي� فندقــه اذ كان‬ ‫ي‬ ‫نــر إالعالنــات ف� الصحــف ت‬ ‫ش‬ ‫لل�ويــج لمطعمــه‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ين�هــا الزبائــن ي ن‬ ‫الــ� ش‬ ‫بــ� النــاس‬ ‫مكتفيــاً بتلــك ي‬ ‫الت ــم للدين ــة»‬ ‫س ــماع اً كم ــا يقول ــون بالفرنس ــية «م ــن ِ‬ ‫(‪ .)de bouche à oreille‬وكن ــت أدع ــو بع ــض الصحافي ـ يـ�ن‬ ‫أمثــال جــورج ســكاف ووليــد عــوض وســليم نصــار‬ ‫ليتعرف ــوا اىل المطع ــم‬ ‫وايلي ــان جب ــارة وي ــارس هوت ــري‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ـر م ــا عن‬ ‫ويذكرون ــه ي� مقاالته ــم‪ .‬فبمج ـ ّـرد أن ي ــري خ ـ ب ٌ‬ ‫أن مطع ــم الفندقي ــة يق ـ ّـدم الطع ــام من ضم ــن المواد‬ ‫التطبيقي ــة والتمريني ــة للط ــاب دون أي كلف ــة إضافي ــة‬ ‫كان الزبائــن يتوافــدون بالمئــات‪ .‬لكــن عقبــة جديــة‬ ‫واجهــت قدرتنــا عــى إالســتم رار‪ .‬فنظــام المدرســة‬ ‫ض‬ ‫ين‬ ‫بتأمــ� مبلــغ مــن المــال ليقــوم الطــاب‬ ‫يقــ ي‬

‫بتمريناته ــم م ــن خ ــال ه ــذا المطع ــم‪ ،‬وعندم ــا يت ـ ّـم‬ ‫رصف المبل ــغ المخص ــص لذل ــك يتوق ــف المل ـ ت ز‬ ‫ـ�م ع ــن‬ ‫ف‬ ‫ـال‬ ‫تزويدن ــا بالم ــواد فيتو ّق ــف العم ــل ي� المطب ــخ وبالت ـ ي‬ ‫ال نع ــود قادري ــن ع ــى تقدي ــم الطع ــام‪.‬‬ ‫ف� البدايــة كانــت أ‬ ‫الطبــاق تحــرض ّ مــن كميــة‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫لتأمــ� عملهــم‬ ‫المكونــات الخاصــة بالطــاب‬ ‫ّ‬ ‫التطبيقــي‪ .‬وعندمــا كانــت تلــك الكميــة تنتهــي‬ ‫يتو ّق ــف العمــل ف ي� المطعــم إذ أن إمكانياتنــا لــم‬ ‫تك ــن تس ــمح لن ــا بأك ـرث م ــن ذل ــك أي أك ـرث م ــن الكمي ــة‬ ‫المنص ــوص عليه ــا ف ي� إالت ّف ــاق الج ــاري بينن ــا كمدرس ــة‬ ‫فندقي ــة ومديري ــة التعلي ــم المه ـ نـ�‪ .‬ه ــذا أ‬ ‫الم ــر كان‬ ‫ي‬ ‫يق ــف عائق ـاً أم ــام نجاحن ــا بش ــكل أك ـ بـر فزبائنن ــا كان ــوا‬ ‫ف� غالبيته ــم م ــن رج ــال أ‬ ‫العم ــال وأحيان ـاً كث ـ يـرة م ــن‬ ‫ي‬ ‫كب ــار موظ ّف ــي الدول ــة وكان ع ــدم إس ــتطاعتنا توف ـ يـر‬ ‫الطعــام لهــم يشــكّل موقفــاً حرجــاً لنــا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫إتص ــل ب ي� مديــر عــام وزارة‬ ‫و� أحــد اليــام ّ‬ ‫ي‬ ‫المــال ف ي� الدولــة اللبنانيــة‬ ‫الماليــة والمســؤول‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ� تحض ـ يـر أطب ــاق القري ــدس‬ ‫ـ�‪ ،‬طالب ـاً م ـ ّ ي‬ ‫أندري ــه توي ـ ي‬ ‫المعروفــة ب ـــ‪ crevettes Newburg‬لمدعويــه الذيــن‬ ‫ســرافقونه إىل المطعــم‪ .‬فوجــدت الفرصــة ســانحة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـ� لنن ــا ل ــم نع ــد‬ ‫لق ــول ل ــه‪« :‬أعت ــذر من ــك س ـ ّـي د توي ـ ي‬ ‫المخص صــة لنــا حســب‬ ‫نملــك القريــدس فالكميــة‬ ‫ّ‬ ‫المناقص ــة الخاص ــة ي ز‬ ‫بم�انيتن ــا إنته ــت ول ــن أس ــتطيع‬ ‫تقدي ــم ه ــذا الطب ــق لمدعوي ــك»‪ .‬كان ــت بمثاب ــة حيل ــة‬ ‫مارس ــتها علي ــه م ــن أج ــل إقتن ــاص الفرص ــة وإيص ــال‬ ‫رس ــالة مب ـ ش‬ ‫مكون ــات‬ ‫ـا�ة ل ــه فحواه ــا أن تحدي ــد كمي ــة ّ‬ ‫الطعــام ف ي� مطبخنــا تنعكــس ســلب اً عــى خدماتنــا‬

‫‪61‬‬


‫مدرسة الفندقية‬

‫ف‬ ‫ئ‬ ‫ولحثــه عــى إيجــاد ّ‬ ‫نهــا�‬ ‫حــل‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫يصــب ي� خدمــة وصــل نجــاح مدرســة الفندقيــة وازدهارهــا إىل‬ ‫ن‬ ‫المدرســة‪ .‬وحصــل مــا توقعتــه‪ ،‬فقــد‬ ‫ي‬ ‫ســأل�‪« :‬إذن حـ ّـد جعــل مــرف لبنــان يصــدر طابعـ ًـا بريـ ً‬ ‫ـداي‬ ‫الحــل»؟ ت‬ ‫ّ‬ ‫التــال‪« :‬الحــل بســيط‬ ‫فاق�حــت عليــه‬ ‫مــا‬ ‫ي‬ ‫وه ــو أن تص ــدروا نظام ـاً يس ــمح للمدرس ــة الفندقي ــة حمــل صورهــا‪ .‬كمــا أهنــا دفعــت بعــض ســفراء‬ ‫ب ــأن تعي ــد اس ــتثمار اي راداته ــا فيتث ـ نـى له ــا ش�اء الم ــواد لبنــان يف الخــارج اىل تقــدمي منــح دراســية‬ ‫الكافي ــة للمطع ــم»‪ .‬الفك ــرة كان ــت جدي ــدة م ــن نوعه ــا‬ ‫ّ‬ ‫املتفوقــن بحيــث يســتطيعون إكمــال‬ ‫لطلهبــا‬ ‫ّ‬ ‫ألن ــه يُ من ــع ع ــى مؤسس ــات الدول ــة أن تم ــارس فع ــل‬ ‫دراســهم العليــا يف املدرســة الفندقيــة يف‬ ‫عــ� إيجابيــاً وعمــل‬ ‫التجــارة‪ .‬ورغــم ذلــك فقــد ر ّد ي ّ‬ ‫ً‬ ‫رصحــا ينصــح‬ ‫من ــذ تل ــك الس ــاعة ع ــى إضاف ــة م ــادة به ــذا المع ـ نـى الدكوانــة‪ .‬كمــا صــارت ابملقابــل‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫وجهــة‬ ‫فشــكلت‬ ‫ع ــى قان ــون المحاس ــبة العمومي ــة‪ .‬وكان ــت تل ــك ه ــي بــه الســفراء يف بلــدان عربيــة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫المــرة الوىل والوحيــدة حســب علمــي ي‬ ‫الــ� يجــري لطــاب مــن االردن وتونــس وإيــران وغريهــا‪.‬‬ ‫فيه ــا تعدي ــل مش ــابه ف ي� ه ــذا إالط ــار‪ .‬وهك ــذا تو ّف ــرت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫للمطع ــم الق ــدرة ع ــى تموي ــل نفس ــه بنفس ــه وال ـ ي‬ ‫ـ�؛ إذ‬ ‫إالس ــتقاللية كان ــت عنوان ـاً ب ــارزاً لتط ــوري المه ـ ي‬ ‫عرفــت بـ«تجــارة الفندقيــة»‪ .‬وكانــت مدرســتنا هــي‬ ‫ـ� ق ـرارات‬ ‫كن ــت أح ــاول ق ــدر إالم ــكان أن أمل ــك بنف ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫زودهــا‬ ‫الــ� أعطيــت هــذا‬ ‫ّ‬ ‫الحــق ممــا ّ‬ ‫الوحيــدة ي‬ ‫مملكــ� أي مدرســة الفندقيــة‪ ،‬فكنــت بعيــداً ّكل‬ ‫ي‬ ‫بإس ــتقاللية مالي ــة ل ــم تتوف ــر ي‬ ‫لغ�ه ــا من المؤسس ــات البع ــد ع ــن إالنتم ــاءات السياس ــية والحزبي ــة‪ .‬وأك ـرث م ــا‬ ‫ت‬ ‫كان ّ ن‬ ‫الرســمية ف ي� الدولــة‪.‬‬ ‫ـا� ف ي� مصلحته ــا‪ .‬ه ــذا‬ ‫ـ� ه ــو أن تص ـ ّ‬ ‫ـب عالق ـ ي‬ ‫يهم ـ ي‬ ‫ف‬ ‫و� ه ــذا إالط ــار أيض ـاً‪ ،‬أذك ــر حادث ــة ج ــرت مع ــي التم ـ ي ّ ز‬ ‫ي‬ ‫ـ� ال ــذي كن ــت أتم ّت ــع ب ــه كان نابع ـاً م ــن تقدي ــر‬ ‫أثن ــاء إجتم ــاع للم ــدراء العام ـ ي ن‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫ـ� كان ــوا يعقدون ــه م ــرة‬ ‫ين‬ ‫المســؤول�‬ ‫لشــخص ي‬ ‫ي‬ ‫كــو� كنــت معروفــاً برفــ ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ي� الشــهر ي� المدرســة الفندقيــة ي� الدكوانــة أيــام المســايرة عــى حســاب مصلحــة‬ ‫منصــ�‪ .‬فــكان‬ ‫بي‬ ‫الرئيــس ال راحــل فــؤاد شــهاب‪ .‬فاغتنمــت الفرصــة‬ ‫ـمال‬ ‫الم ــدراء العام ــون أمث ــال ج ــان عق ــل وروجي ــه ش ـ ي‬ ‫غــر الالئــق يستش ــر ن ف‬ ‫ت‬ ‫أيضــاً ولفــت إنتباههــم إىل أنــه مــن ي‬ ‫ـا�‬ ‫و� ي� ّكل ش ــاردة وواردة ويأخ ــذون بمالحظ ـ ي‬ ‫ي ي‬ ‫أن يجتمعــوا ف ي� المدرســة بهــذه الطريقــة بحيــث‬ ‫ويترصف ــون بش ــكل كب ـ يـر ع ــى أس ــاس الجديّ ــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يســرق الســمع إليهــم‪ ،‬أ‬ ‫يمكــن ألي كان أن ت‬ ‫والفضــل‬ ‫ألتــق برؤســاء الجمهوريــة الذيــن توالــوا‬ ‫لــم‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫كبــرة تعــزل عــن الخــارج‬ ‫أن يجتمعــوا ي� صالــة ي‬ ‫الــ� عملــت فيهــا ف ي�‬ ‫عــى الحكــم أثنــاء الحقبــة ي‬ ‫ن‬ ‫يمكنــ� القــول بــأن لبنــان‬ ‫وتكــون مجهــزة بتقنيــات إالضــاءة والصــوت‪ .‬ولمــا الدولــة اللبنانيــة‪ .‬لكــن‬ ‫ي‬ ‫ب ــدا يل م ــن إستفس ــاراتهم‪،‬‬ ‫ين‬ ‫الرئيســ� كميــل شــمعون وفــؤاد شــهاب‬ ‫خاص ــة م ــن قب ــل محم ــد ف ي� عهــدي‬ ‫أ‬ ‫الذهــ� ف� مجــال الســياحة‪ .‬ت‬ ‫غزيــري (مديــر عــام وزارة الشــغال العامــة مــن شــهد عــره‬ ‫حــى‬ ‫بي ي‬ ‫حــى عــام ‪ ،)1992‬ت‬ ‫العــام ‪ 1948‬ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ومــري النمــار( مديــر‬ ‫ش‬ ‫مبــا�ة‬ ‫غــر‬ ‫إنــ� شــهدت مســاندة ي‬ ‫يمكنــ� القــول ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫تعامــ� مــع‬ ‫الرئيســ� المذكوريــن مــن خــال‬ ‫مصلح ــة االنش ــاءات ي� وزارة الش ــغال العام ــة)‪ ،‬أنه ــم مــن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫إقتنع ــوا بالفك ــرة إق�ح ــت أن تتح ــول ال�ف ــة (ت ـ يـراس) مــدراء الــوزارت ف ي� حكوماتهمــا أمثــال محمــد رعــد‬ ‫ت‬ ‫ومســاحتها ألــف مــر مربــع لتســتضيف مختلــف وجــان عقــل ونــارص صفــي الديــن ومحمــد خطيــب‬ ‫ت‬ ‫ئ‬ ‫إالجتماع ــات والمؤتم ـرات‪ .‬أوبالفع ــل أخ ــذوا بإق�اح ــي وحســن عواضــة‪ .‬وأذكــر‬ ‫لقــا� مــرة بكمــال جنبــاط‬ ‫ي‬ ‫تتس ــع للــف شــخص ومــا زالــت ف� ع ــام ‪ ،1959‬ي ــوم كان وزي ـراً ت‬ ‫ّ‬ ‫وتــم بنــاء صالــة ّ‬ ‫لل�بي ــة‪ .‬حينه ــا كن ــت‬ ‫ي‬ ‫موجــودة ت‬ ‫اليــوم‪.‬‬ ‫حــى‬ ‫قــد أجريــت مبــاراة دخــول إىل المدرســة لعــدد مــن‬ ‫المتقدمــ� وكان رائجــاً ف� تلــك آ‬ ‫ين‬ ‫الونــة أن يجــري‬ ‫ي‬ ‫تمري ــر الوس ــاطات لتس ــهيل دخ ــول تلمي ــذ ع ــن غ ـ يـره‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ـ� ل ــم أقب ــل بذل ــك الواق ــع وأبلغ ــت مدي ــر ع ــام‬ ‫إال أن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� محم ــد رع ــد المق ـ ّـرب م ــن الرئي ــس‬ ‫التعلي ــم المه ـ ي‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ـ� س ــأجري مب ــاراة‬ ‫كمي ــل ش ــمعون برف ـ ي ذل ــك وبأن ـ ي‬

‫الدخــول تلــك وبــأن النتيجــة وحدهــا تحســم‬ ‫ن‬ ‫ـ� ال ـرأي واس ــتعنت يومه ــا للقي ــام‬ ‫الموض ــوع‪ .‬فوافق ـ ي‬ ‫ت‬ ‫نقابــ�‬ ‫بهــذه المهمــة حســب النتائــج بلجنــة مــن‬ ‫ي‬ ‫الفن ــادق والمطاع ــم لتخت ــار المؤه ّل ـ ي ن‬ ‫ـ� م ــن الط ــاب‪.‬‬ ‫وتم ــت المب ــاراة وكان ــت غالبي ــة الناجح ـ ي ن‬ ‫ـ� فيه ــا م ــن‬ ‫ّ‬ ‫ين‬ ‫المســؤول�‬ ‫الطائفــة المســيحية‪ .‬وعندمــا أعلمــت‬ ‫بذلــك لفتــوا إنتباهــي إىل أن هــذا االمــر ال يتوافــق‬ ‫م ــع قوان ـ ي ن‬ ‫ـ� الدول ــة حس ــب تع ــادل الطوائ ــف‪ .‬فق ــررت‬ ‫بنفــ� إىل الوزيــر جنبــاط‬ ‫أن أحمــل تلــك النتائــج‬ ‫ي‬ ‫وأبلغ ــه أ‬ ‫الم ــر ش ــخصي اً ع ّل ــه يتف ّه ــم وجه ــة نظ ــري‪.‬‬ ‫فم ــا ذن ــ� أن ــا إذا كان ــت النس ــبة أ‬ ‫الك ـ بـر م ــن الناجح ـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫بي‬ ‫ف� ه ــذه المس ــابقة ه ــي م ــن المس ـ ي ن‬ ‫ـيحي�!؟ وبالفع ــل‬ ‫ي‬ ‫قابلتــه ف ي� مكتبــه بالــوزارة ورويــت لــه مــا حــدث‪،‬‬ ‫ن‬ ‫فســأل�‪« :‬هــل انــت متأ ّك ــد مــن أن هــذه النتائــج‬ ‫ي‬ ‫باليجــاب قائــاً‪« :‬نعــم أنــا‬ ‫نزيهــة؟ فــرددت عليــه إ‬ ‫شــخصي اً شأ�فــت عليهــا وأن أحــداً لــم يســتطع‬ ‫أثناءه ــا التل ّف ــت يمين ـاً أو يس ــاراً‪ ،‬فلق ــد كان ــت أ‬ ‫الج ــواء‬ ‫ـ�‪« :‬إذا كن ــت‬ ‫جدي ــة وال مج ــال للغ ـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـش فيه ــا»‪ .‬ف ــر ّد ع ـ ي ّ‬ ‫ش‬ ‫أن ــت َم ــن أ�ف ع ــى ه ــذه إالمتحان ــات فأن ــا ال مش ــكلة‬ ‫ف‬ ‫تطب ــق مــا تــراه مناســب اً‪ ،‬وإذا كان هــؤالء‬ ‫لــدي ي� أن ّ‬ ‫ه ــم بنظ ــرك يس ــتأهلون دخ ــول المدرس ــة كم ــا أظه ــر‬ ‫إالمتحــان فليكــن»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫يقــدم‬ ‫كان الطاقــم‬ ‫الســياس ي� تلــك اليــام ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫مصلح ــة لبن ــان ف ــوق ّكل اعتب ــار ويتعاط ــى م ــع الم ــور‬ ‫ن‬ ‫أنــ� تل ّق يــت يومــاً إتصــاال ً‬ ‫بموضوعيــة‪ .‬فــا أتذكــر ي‬ ‫ين‬ ‫المســؤول� يتوســط فيــه ألحــد الطــاب‪،‬‬ ‫مــن أحــد‬ ‫ن‬ ‫ـ� تمري ــر أح ــد غ ـ يـر مس ــتحق‪ ،‬أو غ ــض‬ ‫أو يطل ــب م ـ ّ ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫نــ� كنــت بعيــداً عــن أيــة‬ ‫النظــر عــن مخالفــة‪ .‬ول ي‬ ‫عالق ــة م ــع س ــياس أو رئي ــس ح ــزب فق ــد كن ــت ال أتوا�ن‬ ‫ي‬ ‫ع ــن حماي ــة نف ــ� بأش ــخاص موال ـ ي ن‬ ‫ـ� له ــذا الزعي ــم أو‬ ‫ي‬ ‫ـياس‪ ،‬إذ كن ــت أخت ــار م ــن يالئ ــم الوظيف ــة‬ ‫ذل ــك الس ـ ي‬ ‫ال ـ تـ� تنقص ـ نـ� ف� المدرس ــة وال ـ تـ� ت ــدور بمجمله ــا �ف‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فلــك التعليــم‪ .‬وكان أ‬ ‫الســاتذة المنتمــون حزبيــاً‬ ‫ن‬ ‫يزعجونــ� ألن تنفيــذ مهماتهــم ف ي�‬ ‫أو سياســي اً ال‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـ� وه ــم كان ــوا بالفع ــل‬ ‫ـ� كان ــت ّ‬ ‫تهم ـ ي‬ ‫التعلي ــم ه ــي ال ـ ي‬ ‫ع ــى مس ــتوى المس ــؤولية المنوط ــة به ــم‪ .‬كم ــا كان ــوا‬ ‫ش‬ ‫مبــا� يل‬ ‫غــر‬ ‫مــن ناحيــة أخــرى يشــكّلون دعمــاً ي‬ ‫لــدى مرجعياتهــم مــن خــال معرفتهــم الوثيقــة‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� ف ي� العم ــل‬ ‫ـ� ون زاه ـ ي‬ ‫ب ي�‪ .‬كان ــوا ع ــى عل ــم بمصداقي ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫ـدا� ورفع ــه‬ ‫وهم ــا الس ــاح ال ــذي حملت ــه ي� وج ــه أع ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫يخرب‬ ‫ه ــؤالء الس ــاتذة أيض ـاً ي� وج ــه ّكل م ــن ح ــاول أن ّ‬

‫ـ� مرك ــزي ف ي� الدول ــة فل ــم يغ ــدر ب ي� أح ــد منه ــم أو‬ ‫عـ ي ّ‬ ‫ن‬ ‫طعنــ� مــن الخلــف بــل عــى العكــس تمامــاً فقــد‬ ‫ي‬ ‫كان ــوا يتحدثّ ــون ع ـ ن‬ ‫ـ� دائم ـاً بالخ ـ يـر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـع� أن أن ــى الدع ــم ال ــذي كان يؤمنه‬ ‫كم ــا ال يس ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� الذي ــن كان ــوا يول ــون ه ــذا‬ ‫يل م ــدراء التعلي ــم المه ـ ي‬ ‫ف‬ ‫مقدمهــم جــان عقــل‬ ‫و� ّ‬ ‫القطــاع إهتمامــاً ي‬ ‫كبــراً‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫الــذي ســاهم مســاهمة مبــا�ة ي� تعزيــز التعليــم‬ ‫ن‬ ‫ـ� ف ي� لبن ــان ف ــكان مش ــجع اً كب ـ يـراً ل ــه كم ــا ش ـكّل‬ ‫المه ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ويــؤازر� ف ي� قــرار ت يا�‬ ‫يشــد عــى يــدي‬ ‫ســنداً قويــاً يل‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫لثقت ــه الكب ـ يـرة ب ي�‪.‬‬ ‫ن‬ ‫كذلــك فقــد لعــب المجلــس‬ ‫الوطــ� إلنمــاء‬ ‫ي‬ ‫الســياحة التابــع لــوزارة الســياحة دوراً مهمــاً‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫تأمــ� بطاقــات‬ ‫يتــوا� عــن‬ ‫لمســاعد�‪ ،‬إذ كان ال‬ ‫ي‬ ‫الس ــفر يل لحض ــور مؤتم ـرات خ ــارج لبن ــان ع ـ بـر ش�ك ــة‬ ‫ط ــران ال ـ شـرق أ‬ ‫الوس ــط ورئيس ــها س ــليم س ــام‪ .‬وم ــن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ب ـ يـ� رؤس ــائه ش ــارل حل ــو (رئي ــس الجمهوري ــة الحق ـاً)‬ ‫والش ـ ي ن‬ ‫ـيخ� حبي ــب ك ـ يـروز وميش ــال الخ ــوري اللذي ــن‬ ‫يجــا� معــي عــى أســاس أنهمــا‬ ‫كان ترصفهمــا إال ب ي‬ ‫عــري‪.‬‬ ‫يخدمــان لبنــان ب‬ ‫للتحدث عن وزارة الس ــياحة‬ ‫هن ــا أغتنم الفرص ــة‬ ‫ّ‬ ‫ـ� ض‬ ‫بـ ي ن‬ ‫الما� والحا�ض ‪ .‬فلطالما لعبت هذه الوزارة دوراً‬ ‫ي‬ ‫إيجابيــاً ف ي� ســبيل إلقــاء الضــوء عــى لبنــان الحلــو‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـا� تش ـكّل‪ ،‬م ــع المجل ــس الوط ـ ي‬ ‫لق ــد كان ــت ي� الم ـ ي‬ ‫إلنمــاء الســياحة‪ ،‬قــوة ال يســتهان بهــا عــى أرض‬ ‫الواق ــع؛ وه ــذا أ‬ ‫الم ــر ل ــم يك ــن يتع ّل ــق بال ــوزراء الذي ــن‬ ‫يتولونه ــا ب ــل بالس ــلطة والق ــوة اللت ـ ي ن‬ ‫ـ� كان المجل ــس‬ ‫ن‬ ‫الوطــ� التابــع لهــا يتم ّت ــع بهمــا كونــه كان غنيــاً‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ولديــه إمكانياتــه الماديــة ي ز‬ ‫الخاصتــ� بــه‪.‬‬ ‫وم�انيتــه‬ ‫ن‬ ‫أســم ي تلــك المرحلــة بمرحلــة العــر‬ ‫ويمكنــ� أن ّ‬ ‫ي‬ ‫التفكــر‬ ‫الذهــ� للســياحة ف ي� لبنــان مــن بــاب أن‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫الج ـ ّـدي كان يس ــود معظ ــم ق ـرارات رج ــال الدول ــة دون‬ ‫وجــود مصالــح خاصــة‪.‬‬ ‫أذكــر أيضــاً طرفــة أخــرى مــا زالــت تحفــر �ف‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫لتحويــ�‬ ‫أتقــدم بطلــب‬ ‫ذهــ�‪ .‬فعندمــا قــررت أن‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مــن متعاقــد ف ي� «المــاك المؤقــت» إىل موظــف‬ ‫ذهبــت إىل مجلــس‬ ‫مثبــت ف ي� «المــاك الدائــم»‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫المبا�عــن ذلــك‪ .‬كان‬ ‫الخدمــة المدنيــة المســؤول‬ ‫رئيس ــه يومه ــا الش ــيخ ف ــوزي حبي ــش فاس ــتدعى أح ــد‬ ‫مدرائ ــه‪ ،‬حس ــن ش ــلق‪ ،‬وق ــال ل ــه‪« :‬بالزم ــان كان هن ــاك‬ ‫مدي ــر ع ــام ف ي� مجل ــس ال ــوزراء يدع ــى ج ــورج حيم ــري‬ ‫وكان عنــد تل ّق يــه معاملــة مــا وقبــل أن ي طّلــع عــى‬

‫‪63‬‬


‫مضمونهــا يف ّك ــر بطريقــة إليقافهــا‪ .‬ومــن بعــده‬ ‫تــوىل هــذا المركــز مديــر عــام آخــر يدعــى ناظــم‬ ‫عــكاري الــذي كان لديــه طريقــة مغايــرة تمامــاً ف ي�‬ ‫إدارة أعمال ــه إذ كان عن ــد اس ــتالمه معامل ــة م ــا يف ّك ــر‬ ‫أ‬ ‫ـي�ها‪ ،‬ونح ــن ف ي� معامل ــة نه ــاد‬ ‫بالطريق ــة المث ــل لتس ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـا�‪....‬‬ ‫ّ‬ ‫دم ــوس وطلب ــه ه ــذا نري ــد أن ن ّت ب ــع أس ــلوب الث ـ ي‬ ‫فتــرف»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مــن الرؤســاء الذيــن إلتقيتهــم مــرة واحــدة‬ ‫ال راحــل ســليمان فرنجيــة ف ي� أوائــل الســبعينات‪ .‬كان‬ ‫ذلــك يــوم دعيــت إىل القــر الجمهــوري ف ي� اهــدن‬ ‫لمناقش ــة موض ــوع إنش ــاء إس ـ تـراحة ف ي� ط رابل ــس أس ــوة‬ ‫ت‬ ‫الــ� إفتتحناهــا ف ي� صيــدا وصــور وجعيتــا‬ ‫بتلــك ي‬ ‫(ق ــرب المغ ــارة)‪ .‬ذهب ــت يومه ــا برفق ــة ال راح ــل غس ــان‬ ‫توي ـ نـ� ال ــذي كان وزي ـراً ت‬ ‫لل�بي ــة‪ .‬ف ي� إالجتم ــاع وبع ــد أن‬ ‫ي‬ ‫عرض ــت مالحظ ـ ت‬ ‫ـا� قل ــت ر يأ� ب رصاح ــة تام ــة وه ــو أن ـ ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫المــروع لــن يعــود بــأي أربــاح‬ ‫أحب ــذ الفكــرة ألن‬ ‫ال ّ‬ ‫للدول ــة ب ــل بخس ــارة ماديّ ــة‪ .‬لك ــن المهن ــدس روجي ــه‬ ‫ن‬ ‫تمس ــك‬ ‫ـ� يومه ــا ّ‬ ‫شـ ي‬ ‫ـمال مدي ــر ع ــام التعلي ــم المه ـ ي‬ ‫بالفك ــرة وأرص عليه ــا‪ .‬فع لّق ــت قائ ـاً‪« :‬إذا قررت ــم ذلك‬ ‫بالفعــل ن‬ ‫فإنــ� أطلــب أن تذكــر ف ي� محــرض الجلســة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫المــروع‬ ‫موافقــ� عــى‬ ‫وبالتــال عــدم‬ ‫مالحظــا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫م ــن الناحي ــة المالي ــة»‪ .‬وبالفع ــل إتُّ ِخ ــذ الق ـرار بإنش ــاء‬ ‫إال ت‬ ‫نفــ� أن أكــون بعيــداً عــن‬ ‫ســراحة فقــررت ف ي�‬ ‫ي‬ ‫لبن ــان ي ــوم إالفتت ــاح وه ــو م ــا فعل ــت حينم ــا علم ــت‬ ‫بالموع ــد فس ــافرت إىل الخ ــارج‪ .‬وعلم ــت بعده ــا أن ــه‬ ‫أ ن‬ ‫ت‬ ‫ـ� كان ــت‬ ‫وا�‬ ‫ّ‬ ‫أثن ــاء حف ــل إالفتت ــاح راح ــت ال ي‬ ‫الفضي ــة ال ـ ي‬ ‫مع ـ ّـدة إلس ــتعمالها ف ي� الحفل ــة تتس ــاقط م ــن جي ــوب‬ ‫ض‬ ‫الفو�‬ ‫بع ــض المدعوي ــن الذي ــن أخذوه ــا خلس ــة وأن‬ ‫عم ــت الم ــكان‪ .‬ويهم ـ نـ�‪ ،‬بع ــد كل الس ـ ي ن ت‬ ‫ـ� م ـ َّـرت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ـن� ال ـ ي‬ ‫ي‬ ‫أن أوض ــح أن ـ ن‬ ‫ـ� ل ــم أق ــف ض ــد ه ــذا الم ـ شـروع لمج ـ ّـرد‬ ‫ي‬ ‫ـب� ب ـرأ�‪ ...‬ل ــم يك ــن ذل ــك ه ـ ف‬ ‫ث‬ ‫ـد� أب ــداً؛ ب ــل ُج ـ َّـل‬ ‫تش ـ ّ ي ي ي‬ ‫ي‬ ‫ت ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� إنس ــجمت م ــع إس ـ‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫م ــا فعلت ــه ه ــو أن ـ ي‬ ‫ـنتاجا� ال ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـار� موق ــع إالس ـ تـراحة المق ـ تـرح ف ي�‬ ‫إس ــتخلصتها م ــن زي ـ ي‬ ‫المدين ــة (كم ــا ذك ــرت س ــابق اً) فاس ـ ش‬ ‫فت مس ــتقبلها‬ ‫ـت� ُ‬ ‫ال ــذي ل ــم يتأخ ــر ظه ــوره‪ ...‬فق ــد توق ــف العم ــل فيه ــا‬ ‫رسيعــاً ومــا زال ت‬ ‫حــى هــذه الســاعة مــع العلــم أن‬ ‫الس ـ تـراحات أ‬ ‫الخ ــرى م ــا ت ـزال ناش ــطة ج ــداً‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ل ــم أك ــن أتع ــب م ــن التفك ـ يـر ي� كيفي ــة تطوي ــر‬ ‫ق‬ ‫آفــا� عالميــة ال تنحــر‬ ‫مدرســة الفندقيــة وكانــت ي‬ ‫اس ليش ــمل‬ ‫بلبن ــان فق ــط‪ .‬فبع ــد تطوير المنه ــج الدر ي‬ ‫التطبيقــي والنظــري أعــددت ب رامــج اخــرى لكافــة‬

‫~ مع طالب مدرسة الفندقية‪ ،‬عام ‪١٩٦٥‬‬


‫مدرسة الفندقية‬

‫ف‬ ‫ـ� أن أضي ــف‬ ‫ـ� ع ـ ي‬ ‫االختصاص ــات‪ .‬بعده ــا قل ــت ي� نف ـ ي‬ ‫ين‬ ‫اللغت� الفرنس ــية‬ ‫م ــواد أخ ــرى كعل ــم االدارة وتدري ــس‬ ‫يز‬ ‫واالنكل�يــة‪ .‬ونجحــت بإقنــاع مديــر عــام التعليــم‬ ‫ن‬ ‫المهــ� جــان عقــل بــأن نو ّق ــع إتفاقيــة عمــل مــع‬ ‫ي‬ ‫معه ــد ‪ Centre Belge‬أ‬ ‫الكاديم ــي يت ـ ّ‬ ‫ـول بموجبه بعض‬ ‫أس ــاتذته تدري ــس ّ‬ ‫طلبن ــا عل ــوم المحاس ــبة والتس ــويق‬ ‫ت‬ ‫تــزود ّ‬ ‫طلبنــا‬ ‫الــ� بإمكانهــا أن‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫وغ�هــا مــن المــواد ي‬ ‫بخلفي ــة ثقافي ــة غني ــة تس ــهم بتطوي ــر قدراته ــم �ف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫س ــوق العم ــل وتع ــادل بذل ــك الش ــهادات الرس ــمية‪....‬‬ ‫ونجحــت ف ي� ذلــك ألكــرث مــن أربــع ســنوات‪ .‬ومــن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� نس ــجتها إلتقي ــت مؤس ــس‬ ‫خ ــال عالق ـ ي‬ ‫ـا� القوي ــة ال ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫م�كي ــة‬ ‫مدرس ــة إالدارة الفندقي ــة ي� جامع ــة كورني ــل ال ي‬ ‫‪Cornell University School of Hotel Administration‬‬

‫خ ــال وج ــودي ف ي� أم ـ يـركا بموج ــب منح ــة م ــن مؤسس ــة‬ ‫ت‬ ‫ـود� إىل‬ ‫ف ــورد العالمي ــة (‪ .)Ford Foundation‬وبع ــد ع ـ ي‬ ‫لبنــان إتصــل ب ي� ‪ Prof. Dean Meek‬قائــا ً ‪« :‬إطلعنــا‬ ‫ت‬ ‫أمــركا عــى‬ ‫عــى ملفــك‬ ‫ونقــرح عليــك الســفر إىل ي‬ ‫ف‬ ‫نفق ــة مكت ــب (‪ )Ford Foundation‬ي� لبن ــان م ــن أج ــل‬ ‫إالط ــاع ع ــى أح ــدث التط ــورات ف ي� عال ــم الفندقي ــة»‪.‬‬ ‫ن‬ ‫دفعتــ� لدعوتــه إىل‬ ‫فولــدت بيننــا عالقــة وطيــدة‬ ‫ي‬ ‫لبن ــان وزي ــارة مدرس ــتنا الفندقي ــة‪ .‬يومه ــا إطل ــع ع ــى‬ ‫ن‬ ‫الثــا�‬ ‫مقــررات شــهادة البكالوريــا الفنيــة القســم‬ ‫ي‬ ‫‪ BT2‬وهــي أعــى شــهادة كانــت تُ عطــى لخريجينــا‪،‬‬ ‫لخريج ــي‬ ‫وع ــى أس ــاس ه ــذه الزي ــارة ق ــرر أن يق ـ ّـدم ّ‬ ‫المدرســة ال ر ي ن‬ ‫اغبــ� ف ي� إكمــال دراســتهم ف ي� الخــارج‬ ‫الــ� تعــد أ‬ ‫ت‬ ‫الوىل ف ي�‬ ‫ّ‬ ‫إاللتحــاق بجامعــة «كورنيــل» ي‬ ‫مج ــال الفندقي ــة بع ــد أن ت ـ ّـم تخفي ــض س ــنة دراس ــة‬ ‫لهم ــا‪ .‬وم ــن خ ــال ه ــذه المب ــادرة إس ــتطعت يومه ــا‬ ‫وع ــن طري ــق وزي ــر ت‬ ‫ال�بي ــة آن ــذاك نجي ــب أب ــو حي ــدر‬ ‫ن‬ ‫ـ�) إلكمال‬ ‫أن أرس ــل طالب ـ يـ� (ع ــادل جب ــور وش ـ ي‬ ‫ـارل عس ـ ي‬ ‫دراســتهما هنــاك عــى أمــل أن يعــودا ويســتلما‬ ‫مركــزي‪ .‬وبعــد عودتهمــا وانتظارهمــا ســتة أشــهر‬ ‫ن‬ ‫مــكا�‬ ‫حســب قانــون الدولــة اللبنانيــة لتســميتهما‬ ‫ي‬ ‫ل ــم يت ــم تعيينهم ــا م ــن قبله ــا فع ــادا أدراجهم ــا إىل‬ ‫ـاه� ه ــذا القط ــاع‬ ‫أم ـ يـركا وأصبح ــا فيم ــا بع ــد م ــن مش ـ ي‬ ‫هن ــاك‪ .‬وه ــذا الق ـرار جعل ـ نـ� أبق ــى ف� مرك ــزي ألربع ـ يـ�ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عامــاً دون إنقطــاع‪.‬‬ ‫تفكــري بتســليم‬ ‫قــد تتســاءلون عــن ســبب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـاغل‬ ‫موقع ــي ي� إدارة الفندقي ــة إىل غ ـ يـري ي� ح ـ يـ� أن ش ـ ي‬ ‫يتمس ــكون عــادة بك راســيهم‪ .‬كنــت واســع‬ ‫الم راكــز‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ� ل ــم أك ــن‬ ‫الف ــق وال أري ــد أن ّ‬ ‫أتجم ــد ي� م ـ ي‬ ‫ـكا�‪ .‬كم ــا إن ـ ي‬

‫ـ� ولك ــن بمصلح ــة المدرس ــة‪ ،‬فتو ّق عت أن‬ ‫أف ّك ــر بنف ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـابا� ل ــم‬ ‫يج ــري التغي ـ يـر نوع ـاً م ــن التط ـ ّـور إال أن حس ـ ي‬ ‫تطب ــق كم ــا اش ــتهيت ولع ـ ّـل ذل ــك كان ق ــدري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كم ــا عمل ــت ع ــى إنش ــاء قس ــم تعلي ــم اللغ ــات‪،‬‬ ‫خريــج مــن مدرســة الفندقيــة أن‬ ‫ب‬ ‫فــر ي يأ� عــى ّكل ّ‬ ‫غــر العربيــة كونــه‬ ‫يجيــد‬ ‫التحــدث بلغــات أخــرى ي‬ ‫ّ‬ ‫خــراء وزمــاء لــه مــن جنســيات أخــرى‬ ‫ســيلتقي ب‬ ‫يعملــون ف ي� المضمــار نفســه وال يتكلمــون العربيــة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫معــار�‬ ‫لذلــك أجريــت إتّ صــاال ً بشــخص مــن‬ ‫ي‬ ‫الــدول‬ ‫كان يشــغل مركــز رئيــس مكتــب العمــل‬ ‫ي‬ ‫(‪ )International Labor Office‬وطلبــت منــه مســاعد�ت‬ ‫ي‬ ‫ـ� ب رام ــج وأس ــاتذة لتدري ــس اللغت ـ ي ن‬ ‫لتأم ـ ي ن‬ ‫ـ� الفرنس ــية‬ ‫واالنكل�يــة‪ .‬فأوضــح ل أن هــذا أ‬ ‫يز‬ ‫المــر يتط لّــب‬ ‫ي‬ ‫مس ــاعدة منظم ــة أ‬ ‫الم ــم المتح ــدة ت‬ ‫لل�بي ــة والعل ــم‬ ‫ت‬ ‫عل إس ــتحداث‬ ‫والثقاف ــة (يونيس ــكو ‪ )UNESCO‬واق ــرح ي ّ‬ ‫~ مؤسس ورئيس معهد الفنادق في‪Prof. Dean Meek - Cornell University‬‬ ‫مع رئيس ‪ Mr. Walker - Ford Foundation‬في لبنان‪١٩٧٠ ،‬‬

‫معه ــد س ــياحي‪ ،‬فكان ــت والدة ه ــذا االخ ـ يـر ع ــى ي ــدي‬ ‫أيضــاً حيــث صــار قســم اً مــن أقســام المديريــة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ� (رصت رئيس ــا ل ــه)‬ ‫ـ� والتق ـ ي‬ ‫العام ــة للتعلي ــم المه ـ ي‬ ‫يز‬ ‫وهك ــذا تأم ــن تعلي ــم اللغت ـ ي ن‬ ‫واالنكل�ي ــة‬ ‫ـ� الفرنس ــية‬ ‫والفندقيــة الســياحية‪.‬‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫ـتحدا� نظ ــام الوح ــدات‬ ‫ـ� أن أن ــى إس ـ‬ ‫ي‬ ‫وال يمكن ـ ي‬ ‫المجــزأة القابلــة للتجميــع ف ي� التعليــم‬ ‫الدراســية‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪ .‬فف ــي ش ــهر م ــارس (آذار) م ــن ع ــام‬ ‫ـ� والتق ـ ي‬ ‫المه ـ ي‬ ‫‪ 1979‬وبمرس ــوم يحم ــل رق ــم ‪ 1836‬ص ــدر يومه ــا ع ــن‬ ‫وزي ــر ت‬ ‫ال�بي ــة الوطني ــة والفن ــون الجميل ــة أس ــعد رزق‬ ‫ف ي(� عه ــد الرئي ــس ال راح ــل الي ــاس رسكي ــس)‪ ،‬خ ــرج إىل‬ ‫الن ــور نظ ــام تعليم ــي جدي ــد ع ــى أس ــاس «وح ــدات‬ ‫دراســية مجــزأة قابلــة للتجميــع» غايتــه إعطــاء‬ ‫دروس إعداديــة وإكماليــة للطــاب الذيــن تتوافــر‬ ‫فيهــم ش‬ ‫الــروط الوافيــة واشــتهر عــدد معهــم ف ي�‬

‫لبن ــان والعال ــم‪ .‬فق ــد آث ــرت أن أدخ ــل ه ــذا النظ ــام‬ ‫ف ي� مدرس ــة الفندقي ــة يك أفت ــح الب ــاب أم ــام أك ـ بـر ع ــدد‬ ‫لللتحــاق بهــا ولــو بصــورة‬ ‫ممكــن مــن الطــاب إ‬ ‫جزئيــة‪ ،‬أي بدراســات مســتحدثة عــى شــكل أجــزاء‬ ‫ص ــارت تع ــرف الي ــوم بمختل ــف الجامع ــات ب ـــ ‪Unité‬‬ ‫بالفرنســية‪ .‬وشــملت وحــدات التدريــس المجــزأة‬ ‫دروس ـاً فني ــة نظري ــة وأخ ــرى عملي ــة وثالث ــة ف ي� الثقاف ــة‬ ‫العام ــة‪ .‬ويس ــمح لن ــا ذل ــك النظ ــام بتدري ــب عن ــارص‬ ‫مــن الجيــش أ‬ ‫ين‬ ‫المعوقــ� وكذلــك طالبــا‬ ‫والشــخاص‬ ‫م ــن تون ــس واي ـران وس ـ يـرلنكا‪ .‬والطال ــب ال ــذي ينه ــي‬ ‫إحــدى هــذه الوحــدات المقــررة يخضــع إلمتحــان‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـ� والتق ـ ي‬ ‫تجري ــه المديري ــة العام ــة للتعلي ــم المه ـ ي‬ ‫ف ي� الم راكــز التابعــة لهــا‪.‬‬ ‫اس الجدي ــد ث ــورة ف ي�‬ ‫أح ــدث ه ــذا النظ ــام ال ــدر ي‬ ‫ف‬ ‫و� مدرس ــة الفندقي ــة خاص ــة‪،‬‬ ‫عال ــم التعلي ــم عام ــة ي‬ ‫فقــد تبنتــه أكــرث مــن جامعــة فيمــا بعــد‪ ،‬بينمــا‬ ‫إس ــتقطب آالف الط ــاب اللبناني ـ ي ن‬ ‫ـ� الذي ــن التحق ــوا به‬ ‫لتكمل ــة دراس ــتهم ف ي� مدرس ــة الفندقي ــة‪ ،‬كم ــا س ــمح‬ ‫له ــم بممارس ــة أعماله ــم ومهنه ــم ف ي� الوق ــت نفس ــه‬ ‫كونــه يتألّــف مــن دراســة جزئيــة ال تتط لّــب حضــور‬ ‫كام ــل مق ــررات المنه ــج ب ــل م ــن خ ــال متابع ــة دروس‬ ‫ت‬ ‫ـ� يختارونه ــا‪.‬‬ ‫الم ــواد ال ـ ي‬ ‫ومــن خــال موقعــي كمستشــار ف ي� مجلــس‬ ‫العــر� للســياحة الــذي يضــم عــدداً مــن‬ ‫إالتحــاد‬ ‫بي‬ ‫ال ــدول العربي ــة‪ ،‬طمح ــت لتأس ــيس المعه ــد الفن ــد�ق‬ ‫ي‬ ‫تم ــت الموافق ــة العربي ــة علي ــه‬ ‫ـال وال ــذي ّ‬ ‫الع ـ ب ي‬ ‫ـر� الع ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وعمل ــت للفك ــرة ح ــى نجح ــت بوض ــع حج ــر الس ــاس‬ ‫للمعهــد ف ي� بلــدة الشــبانية بمجهــود ال ينــى مــن‬ ‫قبــل وزيــر الســياحة آنــذاك مــروان حمــادة‪ .‬هــذه‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫أنــ�‬ ‫الفكــرة كان يجــب أن تن ّف ــذ ي� المغــرب إال ي‬ ‫إس ــتطعت وبمس ــاندة الوزي ــر حم ــادة م ــن نقله ــا إىل‬ ‫لبنــان‪ ،‬ولكــن مــع أ‬ ‫الســف لــم يتــم تنفيذهــا‪.‬‬ ‫واليــوم عندمــا أســتعيد ذكــراييت هــذه بفضــل‬ ‫هــذا الكتــاب الــذي أقــوم بتدوينــه أشــعر‬ ‫ً‬ ‫عامــا‬ ‫ابلفخــر ملــا اســتطعت إنجــازه طيلــة ‪40‬‬ ‫(مــن عــام ‪ 1957‬حــى ‪ ،)1995‬أي الفــرة الــي‬

‫توليــت فهيــا منصــب إدارة مدرســة الفندقيــة‬ ‫الــي شـ ّـكلت مرحلــة مــن أهــم مراحــل حيــايت‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫ف‬ ‫و� لمح ــة رسيع ــة لجمي ــع تل ــك إالنج ــازات أس ــتطيع‬ ‫ي‬ ‫ـال‪:‬‬ ‫أن أوجزه ــا كالت ـ ي‬ ‫•إســتحداث عــدة شــهادات حكوميــة رســمية‬ ‫ف ي� مدرســة الفندقيــة‪ :‬التكميليــة والبكالوريــا‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫الفنــد�‬ ‫الفــ�‬ ‫والمتيــاز‬ ‫والتأهيليــة الفنيــة إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والجــازة الفندقيــة‪.‬‬ ‫إ‬ ‫•القيــام بأعمــال إستشــارية عديــدة بتكليــف‬ ‫مــن وزراء ت‬ ‫ال�بيــة الوطنيــة ف ي� ســوريا واالردن‬ ‫ظــ�‬ ‫والمملكــة العربيــة الســعودية ب ي‬ ‫ود� وأبــو ب ي‬ ‫وليبيــا والمغــرب وتونــس‪.‬‬ ‫ت‬ ‫•ت ــرؤس االدارة العام ــة للم ـ شـروع المش ــرك إلدارة‬ ‫إالس ـ تـراحات الس ــياحية (ص ــور وصي ــدا وجعيت ــا)‬ ‫ين‬ ‫يز‬ ‫الخاصــ�‬ ‫والتجهــ�‬ ‫وكذلــك وضــع التنظيــم‬ ‫ت ت‬ ‫ش‬ ‫اح� ط رابلــس والعريضــة‪.‬‬ ‫بم�وعــي إســر ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الــ� ع لّمــت ف ي� مشــواري‬ ‫ومــن إالنجــازات الخــرى ي‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ـد�‬ ‫ـو� وراء وض ــع نص ــوص م ـ شـروع التعلي ــم الفن ـ ي‬ ‫وق ـ ي‬ ‫والتــرع بمجموعــة كتــب االســتاذ والطالــب‬ ‫المجــ ّزأ‬ ‫ب‬ ‫ز‬ ‫تجهــ�ات‬ ‫والتمكــن مــن الحصــول مجانــاً عــى‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫لمختــرات المدرســة مــن إحــدى الــركات‬ ‫ومعــدات‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫م�كيــة بقيمــة ‪ 500‬ألــف دوالر‪.‬‬ ‫ال ي‬ ‫كم ــا كان ــت يل الفرص ــة الج ـراء تعدي ــات لتس ــمية‬ ‫ن‬ ‫ـوا� وخدم ــة إىل ش ــهادات‬ ‫ه ــذه الش ــهادة م ــن ط ــاه وحل ـ ي‬ ‫ذكرته ــا لك ــم س ــابقا‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫أعــ� بهــا‬ ‫هــي حقبــة مــن أيــام لبنــان العــ ّز‬ ‫ّ‬ ‫شــخصي اً إنتهــت إثــر إنــدالع الحــرب المشــؤومة‬ ‫الكبــرة‬ ‫التطــورات الســلبية‬ ‫عــام ‪ .1975‬ولــم تلبــث‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫مــ� بشــدة‬ ‫الــ� طــرأت تباعــاً أن ّ‬ ‫هــزت الوضــع ال ي‬ ‫ي‬ ‫فأقفلــت الجامعــات والمــدارس أبوابهــا وبينهــا‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫تجه�اتهــا‬ ‫الــ� فقــدت كافــة‬ ‫مدرســة الفندقيــة ي‬ ‫ودم ــر قس ــم منه ــا‪ ،‬فاضط ــررت ألخ ــذ ف ـ تـرة إس ـ تـراحة‬ ‫ّ‬ ‫قرسي ــة س ــافرت خالله ــا إىل فرنس ــا م ــع زوج ـ ت‬ ‫ـ� وأوالدي‬ ‫ي‬ ‫ـوال الس ــنة‪ .‬وهن ــاك ل ــم أو ّف ــر فرص ــة‬ ‫حي ــث عش ــنا لح ـ ي‬ ‫ف‬ ‫للتعــرف إىل ّكل جديــد ي� عالــم الفندقيــة‪ ،‬فكنــت‬ ‫ّ‬ ‫أم ـض وق ـ تـ� متنق ـا ً ب ـ ي ن‬ ‫ـ� معه ــد وأكاديمي ــة وجامع ــة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أتعــرف إىل التطــورات ت‬ ‫الــ� طالــت مناهــج هــذا‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫المجــال وتطبيقاتهــا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� أف ـ تـرق فيه ــا ع ــن‬ ‫كان ــت ه ــذه الم ــرة الوىل ال ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫انــ� ف ي� منتصــف التســعينيات (عــام‬ ‫مملكــ�‪ .‬إال ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫إســتقال� بشــكل‬ ‫بــال فكــرة تقديــم‬ ‫‪ )1995‬الحــت ي� ي‬ ‫ي‬ ‫ـن التقاع ــد‪،‬‬ ‫رس ــمي‪ ،‬قب ــل س ــنة واح ــدة م ــن بلوغ ــي س ـ ّ‬ ‫وبع ــد أن لمس ــت تب ـ ّـدالت جذري ــة ف ي� أداء طاق ــم جديد‬

‫ين‬ ‫السياســي� تولّــوا مناصــب هامــة ف ي� الدولــة‬ ‫مــن‬ ‫اللبنانيــة‪ .‬يومهــا قــررت إالنســحاب مــن موقعــي‬ ‫به ــدوء ت ــارك اً ور ئا� واح ــداً م ــن أه ــم المعال ــم ت‬ ‫ال�بوي ــة‬ ‫ي‬ ‫الس ــياحية والخدماتي ــة ع ــى الس ــواء‪ .‬أ‬ ‫فالج ــواء العام ــة‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـز� ع ــى‬ ‫ـ� س ــادت تل ــك الحقب ــة م ــا ع ــادت لتح ّف ـ ي‬ ‫ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ـ� ل ــم أك ــن أستس ــيغ‬ ‫ـا�‪ .‬كم ــا إن ـ ي‬ ‫العم ــل كم ــا ي� الم ـ ي‬ ‫إالنتمــاءات السياســية ت‬ ‫الــ� كانــت تُ فــرض عــى‬ ‫ي‬ ‫موظف ــي القط ــاع الرس ــمي م ــن هن ــا وهن ــاك‪ .‬كل تل ــك‬ ‫أ‬ ‫الس ــباب مجتمع ــة أ ّدت إىل إتّ خ ــاذ ق ـراري ه ــذا ال ــذي‬ ‫كان نهائيــاً وال رجــوع عنــه‪.‬‬

‫~ أساتذة وطالب عام ‪١۹٦١‬‬


‫ت‬ ‫يز‬ ‫رسفيس�"‬ ‫"هوسبيتالي�‬ ‫تأسيس‬ ‫ي‬

‫"عندما ال منلك رؤاي واضحة عن املستقبل‬ ‫الذي ينتظران فأننا سنشعر بعدم االستقرار‬ ‫يف الحارض الذي نعيشه "‬ ‫‪ -‬دانييل بيناك ‪-‬‬

‫أتسيــــــــــــــــــــــــــــــــــــس‬ ‫"هوسبيتـــالييت رسفيســــزي"‬ ‫قبــل أن أتــرك مدرســة الفندقيــة كنــت أعمــل مستشــار خدمــات‬ ‫ســياحية مجانيــة تحــت إســمي الشــخص‪ .‬ففكــرة إنتقــال إىل ت‬ ‫فــرة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫التقاع ــد كان ــت تقلق ـ نـ� فأن ــا م ــن أ‬ ‫الش ــخاص الذي ــن يحب ــون االنت ــاج‬ ‫ي‬ ‫والعمــل وأشــعر دائمــا بــأن لــدي فيضــاً مــن أ‬ ‫الفــكار وكميــة مــن‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫فنــد�‬ ‫عمــ� كمستشــار‬ ‫لنفــ�‬ ‫الــ� ال تنتهــي‪ ...‬فقلــت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحــام ي‬ ‫ســياحي لــن يكــون طويــل أ‬ ‫المــد دون شــك ألن هــذا المضمــار‬ ‫كثــرون ويتــم إســتبدالهم ي ن‬ ‫بــ� وقــت‬ ‫يدخلــه كــرث ويخــرج منــه ي‬ ‫ت‬ ‫الــ� تالمــس مــدراء‬ ‫وآخــر بوجــوه جديــدة حســب‬ ‫ي‬ ‫التغيــرات ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫(هوســبيتالي�‬ ‫الــركات الســياحية تلــك‪ .‬ففكــرت بتأســيس ش�كــة‬ ‫ي‬ ‫إنســتيتويت) لتقديــم خدمــات ســياحية ودورات تدريبيــة خاصــة‬ ‫بينهــا تنظيــم لقــاءات خاصــة بالفنــادق والمطاعــم ومؤسســات‬ ‫ن‬ ‫أنــ� كنــت يومهــا ف ي(� عــام ‪ )1992‬ال زلــت تابعــاً‬ ‫مشــابهة‪ .‬وبمــا ي‬ ‫ن‬ ‫كــو� موظفــاً رســمي اً فيهــا أسســت هــذه ش‬ ‫ال�كــة‬ ‫لمــاك الدولــة ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـبيتالي� إنس ــتيتويت»‬ ‫ـ� تح ــت عن ــوان «هوس ـ‬ ‫ي‬ ‫ووضعته ــا بإس ــم زوج ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫تأمــ�‬ ‫(‪ )Hospitality Institute‬بحيــث تكــون مهمتهــا الساســية‬ ‫االستشــارات لمؤسســات ســياحية‪.‬‬

‫‪71‬‬


‫ت‬ ‫يز‬ ‫رسفيس�"‬ ‫"هوسبيتالي�‬ ‫تأسيس‬ ‫ي‬

‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� جومان ــا‪ ،‬بع ــد حصوله ــا ع ــى‬ ‫وعندم ــا إع�ف ــت يل إبن ـ ي‬ ‫ت‬ ‫شــهادة‬ ‫ارســال لهــا اىل‬ ‫الماســر ف ي� علــوم االدارة اثــر‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫واش ــنطن ي� أم ـ يـركا‪ ،‬بأنه ــا تح ــب ه ــذا المج ــال وبأنه ــا‬ ‫تنــوي التخصــص ف ي� الفندقيــة‪ ،‬نصحتهــا بــأن هــذا‬ ‫القط ــاع لي ــس أ‬ ‫بالم ــر الس ــهل ويتط ّل ــب ق ــدرات خارق ــة‬ ‫م ــن قب ــل النس ــاء‪ ،‬وقل ــت له ــا ‪«:‬م ــا رأي ــك ل ــو تعمل ـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ف ي� ه ــذا القط ــاع؟ فهن ــا س ــتكون الف ــرص مفتوح ــة أمامك‬ ‫النــرة»‪ .‬عندمــا اسســنا‬ ‫ولــدي مــلء الثقــة بأفــكارك ي‬ ‫رسفيســ� كانــت حســب رؤيــ�ت‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫هوســبيتالي�‬ ‫ش�كــة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـر� وينتظرها‬ ‫جدي ــدة م ــن نوعه ــا ي� لبن ــان والعال ــم الع ـ ب ي‬ ‫مس ــتقبل زاه ــر‪ .‬وكن ــت واثق ــا ب ــأن جومان ــا ستس ــتطيع‬ ‫القي ــام به ــذه المهم ــة ع ــى أكم ــل وج ــه‪ .‬فالفن ــادق كم ــا‬ ‫المطاع ــم تلع ــب دوري ــن رئيس ـ ي ن‬ ‫ـي� ف ي� مج ــال الس ــياحة‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫كثــرة ف ي� هذيــن‬ ‫أنــ� إكتشــفت ثغــرات ي‬ ‫ي� لبنــان إال ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫و� مقدمه ــا غي ــاب‬ ‫القطاع ـ يـ� والمؤسس ــات المش ــابهة ي‬ ‫التع ــاون والمعرف ــة فيم ــا بينه ــا‪ .‬فلق ــد كن ــت متأك ــداً‬ ‫م ــن أن هذي ــن القطاع ـ ي ن‬ ‫ـ� يمكنهم ــا أن يكم ــا بعضهم ــا‬ ‫البعــض فيمــا لــو تشــاركا ف ي� رؤياهمــا المســتقبلية‪،‬‬ ‫وه ــو أ‬ ‫الم ــر ال ــذي س ــينعكس إيجاب ـاً ع ــى وج ــه لبن ــان‬ ‫الس ــياحي ألن إجتماعهم ــا ف ي� مش ــاريع خدماتي ــة وأخ ــرى‬ ‫أ‬ ‫المــ� فيحققــان‬ ‫ســياحية ســيضع إمكانياتهمــا عــى‬ ‫ت‬ ‫ـ� المس ــتقبلية‬ ‫رغباتهم ــا وطموحاتهم ــا‪ .‬وبحس ــب رؤي ـ ي‬ ‫كنــت أجــد أن ف ي� إلتقائهمــا سيشــكالن قــوة ال حــدود‬ ‫ت‬ ‫ـا� بالفع ــل إذ ش ــكال‬ ‫له ــا‪ .‬وم ــع الوق ــت تحقق ــت توقع ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الــ�‬ ‫قطاعــ�‬ ‫متناغمــ� أخرجــا لبنــان مــن قوقعتــه ي‬ ‫وج ــد نفس ــه فيه ــا إث ــر إنته ــاء الح ــرب‪.‬‬ ‫ش‬ ‫وبالفعــل إســتطعنا مــن خــال هــذه ال�كــة‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� جمع ــت تح ــت‬ ‫تأم ـ يـ� لق ــاءات ومع ــارض (هوري ــكا) ال ـ ي‬ ‫س ــقفها المطاع ــم والفن ــادق والمؤسس ــات المش ــابهة‪،‬‬ ‫بحيــث تعــرف الجميــع إىل إمكانيــات آ‬ ‫الخــر ووجــد‬ ‫ّ‬ ‫للس ــتفادة م ــن كل منه ــا حس ــب حاج ــة كل م ــن‬ ‫طريق ــه إ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪:‬‬ ‫المش ــر يك�‪ .‬وتفس ـ يـر كلم ــة «هوري ــكا» (‪ )Horeca‬يع ـ ي‬ ‫‪ HO: Hotel‬و ‪ Re: Restaurant‬و‪ .Ca:Café‬وأتذكــر جيــداً‬ ‫مش ــواري م ــع ه ــذه الخدم ــات م ــن بدايات ــه عندم ــا رحن ــا‬ ‫نبح ــث ع ــن موق ــع ننطل ــق من ــه‪ ،‬فقررن ــا ف ي� ع ــام ‪1993‬‬ ‫أن نس ــتخدم مدرس ــة (م ــون الس ــال) من ـ بـراً لن ــا وبقين ــا‬ ‫هنــاك ت‬ ‫لفــرة مــن الوقــت إىل أن إنتقلنــا إىل العاصمــة‬ ‫واتخذنــا مــن مركــز بيــال مكانــاً دائمــا لتنظيــم‬ ‫معارضنــا هــذه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الــ� نحتفــل بعيدهــا‬ ‫الالفــت أن هــذه المعــارض ي‬ ‫ـيس ال ـــ‪ 25‬ه ــذه الس ــنة (‪ ،)2018‬ذاع صيته ــا ليص ــل‬ ‫التأس ـ ي‬

‫~ مع محمد ناجيا في هوريكا الكويت‬

‫‪73‬‬


‫~ مع رئيس الجمهورية إميل لحود‬ ‫في القصر الجمهوري‪ ،‬عام ‪٢٠٠٨‬‬

‫ت‬ ‫هوســبيتالي�‬ ‫بلــدان عربيــة عــدة أخــذت ش�كــة‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫فيســ� عــى عاتقهــا أن تنظــم لديهــا لقــاء‬ ‫س�‬ ‫ي‬ ‫هوري ــكا ليصب ــح تقلي ــداً س ــنوي اً أيض ـاً عنده ــا وم ــن‬ ‫ين‬ ‫بــ� هــذه البلــدان المملكــة العربيــة الســعودية‬ ‫(‪ )2011‬والكويــت (‪ )2004‬أ‬ ‫والردن (‪ .)2000‬كمــا انتخبــت‬ ‫لــرأس أ‬ ‫ت‬ ‫الفرنــ�»‬ ‫«الكاديميــة الوطنيــة للمطبــخ‬ ‫ي‬ ‫(ِ‪ )Academie Nationale de Cuisine Francaise‬ألمثلهــا‬ ‫ف ي� لبنــان والبلــدان العربيــة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� لبنــان يــزور ســنوي اً هــذا النشــاط بامتيــاز‬ ‫ي‬ ‫أكــرث مــن ‪ 15‬الــف شــخص كمــا تجــري خاللــه‬ ‫ين‬ ‫للطباخــ� والحلونجيــة‬ ‫مســابقات مختلفــة‬ ‫وأصحــاب الخدمــات المطعميــة اضافــة اىل أخــرى‬ ‫ت ــدور ح ــول مواضي ــع أطي ــب قه ــوة وأفض ــل توضي ــب‬ ‫وغ�هــا‪ .‬كمــا صــار‬ ‫غرفــة فنــدق وكوكتيــل عصائــر ي‬ ‫ينظــم منــذ عــام ‪ 2015‬صالــون الشــوكوال الــذي‬ ‫بــات ق‬ ‫العــر� نظــراً‬ ‫يــا� شــهرة واســعة ف ي� العالــم‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫للمس ــتوى الرفي ــع ال ــذي يتمت ــع ب ــه وال ــذي يضاه ــي‬ ‫بتنظيمــه الصالــون نفســه الــذي يقــام ف ي� فرنســا‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الــ� تشــكل تبــادال ً ف ي�‬ ‫وال يمكــن أن أغفــل اللقــاءات ي‬ ‫الثقاف ــات م ــن خ ــال إس ــتضافته (هوري ــكا) طه ــاة م ــن‬ ‫العال ــم أجم ــع اش ــتهروا بإنجازاته ــم ف ي� عال ــم الطب ــخ‬ ‫إن ف� قص ــور رؤس ــاء الجمهوري ــة أ‬ ‫والم ـراء والمل ــوك‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫ف� مطاعمه ــم ال ـ ت‬ ‫ـ� دون ــت ف ي� الئح ــة دلي ــل «ميش ــان»‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كونه ــا حائ ــزة ع ــى نجوم ــه‪ .‬كما تنظ ــم مع ــارض ‪Beirut‬‬ ‫‪ Cooking Festival‬و‪Garden Show & Spring Festival‬‬ ‫و‪ Wiskhy Live‬و‪.Salon du Chocolat‬‬ ‫ش‬ ‫أفــرح عندمــا ألمــس نجاحــات هــذه ال�كــة‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫بنــا� الثــاث (جومانــا ورنــدى وزينــة)‬ ‫الــ� تتشــارك ي‬ ‫ي‬ ‫ف� إدارتهــا مــع فريــق عمــل ي ّ ز‬ ‫ممــ� ف ي� ادارتهــا ّكل مــن‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫معــ�‪ .‬فلقــد صــارت بمثابــة منصــة ثقافيــة‬ ‫مركــز‬ ‫تس ــلط الض ــوء ع ــى خدم ــات س ــياحية عدي ــدة تج ــري‬ ‫ف ي� مج ــال الخدم ــات الفندقي ــة والمطاع ــم والمقاه ــي‬ ‫وب ــكل م ــا ل ــه عالق ــة به ــذه القطاع ــات كزي ــت الزيت ــون‬ ‫يز‬ ‫والتجهــ�ات‬ ‫والنبيــذ والمخبــوزات وأدوات المطبــخ‬ ‫الخاص ــة ف ي� ه ــذه القطاع ــات‪ .‬كم ــا أنه ــا تج ــري ورش ــات‬ ‫عمــل متخصصــة ف ي(� صالونــات هوريــكا)‪.‬‬ ‫ولخدم ــة ه ــذه المع ــارض ص ــدر ع ــن ه ــذه ش‬ ‫ال�كة‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫متخصص ــة‬ ‫فيســ� أيضــاً مجــات‬ ‫س�‬ ‫هوســبيتالي� ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫‪ Hospitality News‬و‪Taste & Flavors‬و‪Lebanon Traveler‬‬ ‫الخ ــرة مختص ــة بإلق ــاء الض ــوء بالدرج ــة أ‬ ‫وه ــذه أ‬ ‫الوىل‬ ‫ي‬ ‫ع ــى أ‬ ‫الماك ــن الس ــياحية ف ي� لبن ــان فتك ــون بمثاب ــة دليل‬

‫ســياحي يســ ّه ل عمليــة تنظيــم رحــات الســفر ف ي�‬ ‫لبن ــان وكذل ــك ف ي� محيط ــه كم ــا تع ـ ّـرف ع ــن الس ــياحة‬ ‫الداخليــة ف ي� بالدنــا‪ .‬وتجــدر إالشــارة إىل أنــه يقــدم‬ ‫ســنوي اً منــذ عــام ‪ 2010‬ت‬ ‫حــى اليــوم الجائــزة الماليــة‬ ‫«‪ »Nouhad Dammous Excellency Award‬وقدرهــا‬ ‫ق‬ ‫فنــد� ي ز‬ ‫ممــ�‪ .‬كمــا‬ ‫أمــر يك لطالــب جامعــي‬ ‫‪ 5000‬دوالر ي‬ ‫ي‬ ‫يقــدم ســنوي اً درع «‪»Lifetime Achievement Award‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫إىل ش ــخصيات لبناني ــة قام ــت بأعم ــال مم ـ يـ�ة ي� مج ــال‬ ‫الضيافــة ف ي� لبنــان والــدول العربيــة‪.‬‬ ‫ميكنــي أن أصــف رشكــة «هوســبيتالييت‬ ‫سريفيســز» أبصغــر أوالدي ومــا زلــت حــى‬ ‫هــذه الســاعة دامئ البحــث عمــا ميكــن أن‬

‫يغذهيــا مــن أفــكار جديــدة‪ ،‬كمــا أنــي أســمتع‬ ‫بــن وقــت وآخــر يف تحريــر مواضيــع ســياحية‬ ‫يف بعــض منشــوراهتا‪ ،‬فهــي مبثابــة املســتقبل‬

‫الــذي واجهتــه قبــل أن أصــل إليــه والهــدف‬

‫الــذي حققتــه مبســعى حثيــث مــن قبــي‬

‫والطفــل الــذي ســيعزز آمــال بنــايت وأحفــادي‪.‬‬


77

‫ت‬ ‫يز‬ "�‫رسفيس‬ �‫"هوسبيتالي‬ ‫تأسيس‬ ‫ي‬

HOSPITALITY SERVICES BUSINESS, FOOD & LIFESTYLE EVENTS HORECA KUWAIT

Kuwait’s annual hospitality and foodservice event horeca-kuwait.com

GARDEN SHOW & SPRING FESTIVAL

An essential destination for all outdoor enthusiasts, with plants, flowers and ideas to enhance and decorate outdoor spaces the-gardenshow.com

BEIRUT COOKING FESTIVAL The ultimate showcase of the country’s top chefs, leading food and beverage brands, artisanal products and art of living beirutcookingfestival.com

HORECA JORDAN

Bringing together professionals and exhibitors from Jordan and the wider region horeca-jordan.com

SALON DU CHOCOLAT BEIRUT

Dedicated to chocolate, the salon welcomes the country’s top chocolatiers and hosts the finest chocolate brands and chefs from around the world

HORECA LEBANON

The region’s largest annual business meeting place for the hospitality and foodservice industries horecashow.com

TRAVEL LEBANON

An annual celebration of Lebanon’s magnificent beauty spots, travel destinations and the best summer activities the-gardenshow.com

MAGAZINES & DIGITAL PLATFORMS

INITIATIVES

HOSPITALITY NEWS MIDDLE EAST

BEIRUT CAPITAL TASTE

TASTE & FLAVORS

GOURMET WEEK

Focusing on the latest news, innovations and trends within the region’s hospitality and foodservice sectors Daily news bulletins on hospitalitynewsmag.com

The ultimate biannual English language food and lifestyle magazine. Packed with recipes, chefs picks, gift ideas, home and gardening tips and lifestyle advice. Daily updates on tasteandflavors.com

salonduchocolatbeirut.com

WHISKY LIVE BEIRUT

SAUDI HORECA| RIYADH

whiskylivebeirut.com

saudihoreca.com

A must for whisky enthusiasts and connoisseurs, showcasing the finest and rarest whiskies on the market

The largest event of its kind in Saudi Arabia to gather hospitality professionals and industry experts

LEBANON TRAVELER

Lebanon’s only biannual tourism magazine, highlighting the country’s best kept urban and rural secrets, its top destinations and activities as well as overseas travel ideas Daily articles on lebanontraveler.com

A social initiative that reinforces Beirut’s global reputation as a center of excellence, talent and creativity

Celebrating the finest culinary experiences across Beirut


‫مسك الختام‬

‫"لكل بداية هناية ولكن مع كل هناية‬ ‫هناك رحلة بداية جديدة "‬ ‫س�ج زيلر ‪-‬‬ ‫‪ -‬ي‬

‫مســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬ ‫الختــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام‬ ‫كثــراً بــل أفضــل العمــل عليــه‪ ،‬ومــع ذلــك‬ ‫عــادة ال أحــب الــكالم ي‬ ‫ن‬ ‫وأتمــى أن ال تكونــوا‬ ‫نفــ� قــد أطلــت الــكالم هــذه المــرة‬ ‫أعتــر‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ق ــد مللت ــم م ــن أخب ــاري ال ـ تـ� رسدته ــا عليك ــم وال ـ ت‬ ‫ـ� انتقيته ــا م ــن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫والحيــا� معــاً‪.‬‬ ‫المهــ�‬ ‫مشــواري‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حيــا� كنــت متفائــا ً اذ لــم أكــن أملــك الوقــت‬ ‫ف ي� مشــوار‬ ‫ي‬ ‫للتش ــاؤم‪ ،‬وب ـر ي يأ� إن كل ش ــخص يعم ــل بجه ــد ويض ــع هدف ـاً أم ــام‬ ‫عينيــه ليحققــه‪ ،‬هــو إنســان متفائــل يحــب البدايــات ولــو مــن‬ ‫الصف ــر‪ ...‬وع ــى فك ــرة فه ــو ين ــدرج ع ــى الئح ــة أ‬ ‫الش ــخاص الناجح ـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫الجم ــة ف ي� هــذا إالطــار‪.‬‬ ‫حســب إعتقــادي‬ ‫وتجــار� ّ‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫كتــا� هــذا لــم أكــن أتصــور ن‬ ‫بأنــ�‬ ‫فعندمــا بــدأت ي� تدويــن ب ي‬ ‫ي‬ ‫س ــأكمله دون نصف ــي آ‬ ‫الخ ــر‪ .‬صحي ــح أن ل ــكل بداي ــة نهاي ــة‪ ،‬ولك ــن ل ــم‬ ‫ستســبق� ف� رحلــة حياتنــا إىل العالــم آ‬ ‫ن‬ ‫«كــوك»‬ ‫يخي ــل يإل أن‬ ‫الخــر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� كل ــود تارك ــة وراءه ــا‬ ‫فف ــي ‪ 21‬ماي ــو (أي ــار) م ــن ع ــام ‪ 2017‬رحل ــت زوج ـ ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـ� و�يك ــة‬ ‫ف راغ ـاً كب ـ يـراً ل ــم أحتمل ــه‪ .‬فه ــي كان ــت رفيق ــة ب ي‬ ‫در� وملهم ـ ي‬ ‫أ‬ ‫عم ــري‪ ،‬وعندم ــا أقمن ــا م راس ــم الع ـزاء وتواف ــد المئ ــات م ــن الصح ــاب‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـا� كن ــت أبادره ــم الق ــول إن‬ ‫والصدق ــاء لتقدي ــم ه ــذا الواج ــب يل ولبن ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـبقت� إىل دني ــا الح ــق‪،‬‬ ‫ـوك» ّ‬ ‫«ك ـ ي‬ ‫وض ب ــت حقيبته ــا وس ــافرت قب ـ ي‬ ‫ـ�‪ ،‬فس ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫نفــ� بأننــا‬ ‫لكــ� أعــ ّزي‬ ‫فعــر�‪،‬‬ ‫ألــم ب ي�‬ ‫وإن يكــن الحــزن قــد ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫س ــنلتقي م ــن جدي ــد هن ــاك‪...‬‬

‫‪79‬‬


‫مسك الختام‬

‫كتبــت كلمــات قليلــة لكلــود عندمــا غادرتنــا عــى‬ ‫ت‬ ‫ـ� أتخيله ــا دائم ــا كنس ــمة صي ــف تالمس‬ ‫عج ــل ه ــي ال ـ ي‬ ‫ف‬ ‫وجن ـ تـ�‪ .‬قل ــت له ــا ‪« :‬س ـ ي ن �ض‬ ‫ـ�‬ ‫ـتكون� ح ــا ة دائم ـاً ي� قل ـ ب ي‬ ‫ي َّ‬ ‫ت‬ ‫المشــركة‬ ‫وبعــد مــرور نصــف قــرن مــن الحيــاة‬ ‫بالحــب واالكتشــافات الناجحــة‪.‬‬ ‫معــاً والمشــبعة‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و� المقاب ــل كن ــت محبوب ــة م ــن‬ ‫ـ� ي‬ ‫لق ــد كن ــت حبيب ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫�ض‬ ‫ـا�»‪.‬‬ ‫الجمي ــع‪ .‬ش ــك را لن ــك كن ــت ح ــا ة كس ــند ي� حي ـ ي‬ ‫ف� أ‬ ‫الي ــام الع ـ شـرة قب ــل رحيله ــا أرصي ــت ع ــى أن‬ ‫ي‬ ‫أهديه ــا خم ــس وردات يومي ـاً‪ ،‬لتك ــون بمثاب ــة تكري ــم‬ ‫ت‬ ‫ـ� أمضيناه ــا مع ـاً ف ي� الحل ــوة والمرة‬ ‫للس ــنوات ال ـــ‪ 50‬ال ـ ي‬ ‫وكانــت ف ي� كل مــرة تــر ن يا� أحملهــا لهــا تعلــو ثغرهــا‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـ� طيل ــة‬ ‫ـ� رافقت ـ ي‬ ‫تل ــك االبتس ــامة الجميل ــة الهادئ ــة ال ـ ي‬ ‫تقاس ــمي معه ــا حياتن ــا الزوجي ــة‪.‬‬ ‫لقــد عــز ّزت لــدي كلــود‪ ،‬رحمهــا هللا‪ ،‬إيمــا�ن‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ـاس ف ي� الحي ــاة عام ــة‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫أس‬ ‫دور‬ ‫ـب‬ ‫بق ــدرة الم ـرأة ع ــى لع ـ‬ ‫ي‬ ‫فه ــي كائ ــن رائ ــع ويمك ــن وصف ــه بأن ــه كتل ــة أحاس ــيس‬ ‫نفتقده ــا نح ــن الرج ــال بطبيعتن ــا الذكوري ــة‪ .‬وب ـر ي يأ�‬ ‫ال تج ــوز إالس ــتهانة به ــا أب ــداً‪ .‬وأتوج ــه إليه ــا بالق ــول‬ ‫إنه ــا أه ــم م ــن الرج ــل عام ــة وقريب ـاً ج ــداً س ــتحكم‬ ‫العال ــم‪ .‬فه ــي لديه ــا الق ــدرة ع ــى التكه ــن والتوق ــع‬ ‫بش ــكل صحي ــح‪ ،‬إضاف ــة إىل تمتعه ــا بمش ــاعر مختلف ــة‬ ‫تخولهــا أن تســر أ‬ ‫المــور كمــا يجــب‪ ،‬كونهــا تملــك‬ ‫ّ‬ ‫يّ‬ ‫آ‬ ‫التكي ــف‬ ‫عــى‬ ‫وكذلــك‬ ‫خــر‬ ‫ال‬ ‫إســتيعاب‬ ‫عــى‬ ‫قــدرة‬ ‫ّ‬ ‫م ــع أي ــة حال ــة أو وض ــع يصادفاه ــا‪ .‬إنه ــا بحال ــة تط ــور‬ ‫مس ــتمر وه ــي ب ـر ي يأ� أصبح ــت قريب ــة ج ــداً م ــن تب ـ ّـوء‬ ‫س ــدة الرئاس ــة ف� مختل ــف بل ــدان العال ــم‪ .‬وه ــذا أ‬ ‫الم ــر‬ ‫ي‬ ‫عــر‬ ‫لــم يــأت مــن العبــث فهــي لطالمــا حققــت ب‬ ‫حقب ــات التاري ــخ القدي ــم والحدي ــث نجاح ــات واس ــعة‬ ‫ت‬ ‫حــى صــارت المرجعيــة الرســمية لبلــدان برمتهــا‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وكليوبــرا وزنوبيــا وصــوال ً إىل‬ ‫فمنــذ أيــام اليســار‬ ‫أ‬ ‫الملــكات ي ز‬ ‫ال�ابيــت الوىل وكاتريــن الثانيــة وفكتوريــا‬ ‫ثــم الرئيســة الفيليبينيــة الســابقة كــورازون آكينــو‬ ‫(أول ســيدة تحكــم بلــداً آســيويا) وليمــا غبــوي‬ ‫ت‬ ‫الــ� حصلــت عــى جائــزة نوبــل للســام‬ ‫ي‬ ‫(ليب�يــا) ي‬ ‫ف‬ ‫ع ــام ‪ 2011‬لقيامه ــا بلع ــب دور ه ــام ي� إنه ــاء الح ــرب‬ ‫ف‬ ‫ليب�ي ــا تحقي ــق‬ ‫ي� بالده ــا بع ــد أن تع ــذّ ر ع ــى رج ــال ي‬ ‫ال�يطاني ــة ال راحل ــة مارغري ــت‬ ‫ذل ــك‪ ،‬ورئيس ــة ال ــوزراء ب‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫الــ� شــكّلت منعطفــاً أساســي اً ي� الحيــاة‬ ‫تاتــر ي‬ ‫السياس ــية ف ي� بلده ــا‪ .‬وتط ــول الئح ــة أولئ ــك النس ــوة‬ ‫ت‬ ‫بن‬ ‫الــا�‬ ‫لعــ� أدواراً رئيســية ف ي� بالدهــن واســتطعن‬ ‫ي‬ ‫تغيــر مجــرى حيــاة دول وأمــم‪ .‬ت‬ ‫حــى إن بعضهــن‬ ‫ي‬

‫ـ�م الحدي ــث فك ــن بمثاب ــة‬ ‫ترك ــن بصماته ــن ع ــى االع ـ إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫م�كيــة أوبــرا‬ ‫مــدارس متنقلــة ي� هــذا الشــأن كال ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـ� أن‬ ‫ـ�‪ .‬وال يمكن ـ ي‬ ‫وينف ــري و إاليطالي ــة أوريان ــا فالت ـ ي‬ ‫أنــى واحــدة مــن أهــم تلــك النســاء‪ ...‬أ‬ ‫الم يت�يــزا‬ ‫ت‬ ‫الــ� لعبــت دوراً رائعــاً ف ي� حياتنــا الروحيــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫لذلــك أشــدد عــى ت‬ ‫إحــرام المــرأة ف ي� حياتنــا‬ ‫اليوميــة وإعطائهــا ح ّق هــا ومــداراة مشــاعرها ألنــه‬ ‫ت‬ ‫ـ� ته ـ ّز الرسي ــر‬ ‫ل ــم يخط ــىء م ــن ق ــال «ان الم ـرأة ال ـ ي‬ ‫تهــز العالــم بيســارها»‪.‬‬ ‫بيمينهــا ّ‬ ‫وللجيــل الصاعــد والشــباب الموهــوب أقــول‬ ‫إياكــم واالســتخفاف بقدراتكــم ش�ط أن تحبــوا مــا‬ ‫تقوم ــون ب ــه‪ .‬ف ــاذا غاب ــت عنك ــم ه ــذه الم ـ ي ز‬ ‫ـ�ة فاعلم ــوا‬ ‫أن النجــاح لــن يكــون حليفكــم مهمــا فعلتــم أو‬ ‫جاهدت ــم‪ .‬كم ــا أنصحك ــم بش ــبك حواس ــكم الخم ــس‬ ‫إلنج ــاز مهامك ــم‪ ،‬بحي ــث يُ عم ــل واحدك ــم فك ــره وه ــو‬ ‫يســمع ويــرى ويتــذوق ويتحســس ويتشــمم عطــر‬ ‫الحي ــاة‪ .‬ألن ــه به ــذه الطريق ــة فق ــط يس ــتطيع تحس ـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫موقعــه وتحقيــق مــا تصبــو اليــه نفســه بخطــوات‬ ‫مطب ــات فيه ــا‪.‬‬ ‫ثابت ــة ال ّ‬ ‫~ مع رئيس الجمهورية ميشال عون‬ ‫في القصر الجمهوري‪ ،‬عام ‪٢٠١٨‬‬

‫ت‬ ‫ت‬ ‫الــا� أكــن‬ ‫ولبنــا� الثــاث رنــدى وزينــة وجومانــا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أنــ�‬ ‫ّ‬ ‫لهــن ّكل الحــب والتقديــر أتوجــه فأقــول لهــن ي‬ ‫أتم ـ نـى أن أس ــتطيع م ــع الوق ــت القص ـ يـر ال ــذي م ــا زل ــت‬ ‫أملك ــه بع ــد‪ ،‬إكم ــال م ــا بدأت ــه معك ــن ليط ــال أحف ــادي‬ ‫ين‬ ‫تبقــ�‬ ‫جميعهــم دون إســتثناء‪ .‬وأوصيكــن بــأن‬ ‫ومحب ــات كم ــا‬ ‫ممس ــكات بأي ــادي بعضك ــن م ّت ح ــدات‬ ‫ّ‬ ‫عرفتكــن دائمــاً‪ ،‬تمامــاً كمــا زرعــت فيكــن والدتكــن‬ ‫يز‬ ‫المــ�ات‪ .‬فهــي لــم تتــوان يومــاً عــن‬ ‫كلــود هــذه‬ ‫ت‬ ‫والخــاص حــى رمقهــا‬ ‫تزويدكــن بالقــوة والمثابــرة إ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫خــر‪ .‬ت ن‬ ‫أشــتم دائمــاً‬ ‫حيــا� وأتمــى أن‬ ‫أنــ� ورود‬ ‫ال ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حيــا�‪.‬‬ ‫رائحــة عطركــن ف ي�‬ ‫ي‬ ‫وع ــى س ـ يـرة ال ــورد أرغ ــب هن ــا أن أذك ــر أم ـراً أحب ــه‬ ‫ويتعل ــق بمش ــهدية الزه ــور‪ ،‬فه ــي تش ــكل بالنس ــبة يل‬ ‫ن‬ ‫ـ� ع ــن ط ــوري؛ فأن ــا‬ ‫متع ــة ال تضاه ــى بحي ــث تخرج ـ ي‬ ‫طالمــا رفضــت أخــذ قســط مــن ال راحــة ف ي� مجــرى‬ ‫ت‬ ‫ـا� العملي ــة ح ـ تـى م ــن أج ــل إرتش ــاف فنج ــان قه ــوة‬ ‫حي ـ ي‬ ‫ن‬ ‫فكــو�‬ ‫إذ حرصــت دائمــاً عــى تناولــه وأنــا أعمــل‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أتمت ــع بطاق ــة إنتاجي ــة غزي ــرة ال زال ــت تتملك ـ نـ� ح ــىت‬ ‫ي‬ ‫الي ــوم‪ ،‬كن ــت أجته ــد يك ال أنزل ــق‪ ،‬بص ــورة مب ـ ش‬ ‫ـا�ة أو‬

‫غ ـ يـر مب ـ ش‬ ‫ـا�ة‪ ،‬إىل وق ــت ف ـراغ أراه ضياع ـاً لقس ــم ول ــو‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫لنملهــا‬ ‫الــ� وهبنــا إياهــا هللا‬ ‫ي‬ ‫صغــر مــن الحيــاة ي‬ ‫بإنتاجــات مفيــدة‪ .‬وحدهــا الزهــور باســتطاعتها‬ ‫ن‬ ‫مــ� إنتباهــي فأعطيهــا إهتمامــاً خاصــاً‪.‬‬ ‫أن تــرق ي‬ ‫ولذلــك فهنــاك حديقــة غ ّن ــاء مــن الزهــور الملونــة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اود� ش ــعور‬ ‫تزي ــن ش�ف ــات م ــ� يزل‪ ،‬كلم ــا نظ ــرت إليه ــا ر ي‬ ‫بالس ــعادة فأس ــتمتع بالتف ــرج عليه ــا وأخت ــار أ‬ ‫الح ــى‬ ‫ّ‬ ‫دار�‪ .‬ف‬ ‫بينهــا ألقطفهــا وأزيّ ــن بهــا ت‬ ‫و� هــذا الســياق‬ ‫ي ي‬ ‫ن‬ ‫فرنــ� يقــول ‪« :‬اذا شــعرت‬ ‫يطالعــ� قــول لكاتــب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بالحبــاط أو بالتشــاؤم مــا عليــك ســوى أن‬ ‫يومــاً إ‬ ‫تنظ ــر إىل وردة م ــا ف ــا ب ــد أن تتخ ّل ــص من ــه برسع ــة»‪.‬‬ ‫أعتقــد أن مشــوار الحيــاة شــارف عــى نهايتــه‪،‬‬ ‫وهــو أمــر طبيعــي لشــخص ف ي� مثــل عمــري وأنــا‬ ‫أتقب ــل ه ــذا أ‬ ‫الم ــر برحاب ــة ص ــدر‪ ،‬وال أدري م ــا ال ــذي‬ ‫ين‬ ‫الثمانــ� أو‬ ‫يدفــع بعــض النــاس الذيــن تجــاوزوا‬ ‫ين‬ ‫التســع� إىل التشــبث بالحيــاة ألبعــد حــدود‪ .‬لقــد‬ ‫رأي ــت بعضه ــم يت ــىء ع ــى ع ــكازه وبال ــكاد يس ــتطيع‬ ‫يســمع� وال ت‬ ‫ن‬ ‫حــى‬ ‫نقــل قدمــه وال يســتطيع أن‬ ‫ي‬ ‫أن يــر نا� بوضــوح‪ ،‬وقــد ن‬ ‫عــا� مشــقة المجــيء إىل‬ ‫ي‬

‫‪81‬‬


‫مسك الختام‬

‫الكنيســة لتقديــم واجــب العــزاء يل عندمــا فقــدت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� ه ــؤالء وتمني ــت ف ي� ق ـرارة‬ ‫ـ�‪ .‬حزن ــت عن ــد رؤي ـ ي‬ ‫زوج ـ ي‬ ‫نفــ� أن ال أصــل إىل تلــك المرحلــة مــن العمــر‬ ‫ي‬ ‫وح ـرض ه ــذا الس ــؤال تلقائي ـاً إىل ذه ـ ن‬ ‫ـ� ‪« :‬ت ــرى ه ــل‬ ‫ي‬ ‫هــؤالء أ‬ ‫الشــخاص ســعداء ف ي� حياتهــم اليــوم؟ ومــا‬ ‫ال ــذي يدف ــع بعضه ــم إىل التش ــبث بالحي ــاة بالرغ ــم‬ ‫ت‬ ‫جهــ�‬ ‫مــن حالتهــم الصحيــة المتدهــورة؟ فمــن‬ ‫ي‬ ‫أتم ـ نـى أن أس ــافر إىل العال ــم آ‬ ‫الخ ــر وأن ــا ف� قم ــة عط ــا�ئ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـ� أن أعي ــش بق ــدر‬ ‫ـ� الصحي ــة الجي ــدة‪ .‬ال يهم ـ ي‬ ‫وحال ـ ي‬ ‫ن‬ ‫يهمــ� أن أكــون عــى مســتوى الحيــاة بحيــث ال‬ ‫مــا‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ـ� أوال ً وال ع ــى الخري ــن الحق ـاً‪.‬‬ ‫أش ــكل عال ــة ع ــى نف ـ ي‬ ‫كم ــا أن ـ نـ� معج ــب بق ــول ي ــردده أصدقاؤن ــا ال ــدروز �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ه ــذا االط ــار وال ــذي يق ــول‪« :‬انش ــاهلل تعي ــش ع ــى ق ـ ّـد‬ ‫مــا بيلبقلــك»‪ ،‬مقولــة جميلــة وتســتحق التوقــف‬ ‫عنده ــا والتمع ــن به ــا ألنه ــا حقيقي ــة مئ ــة بالمئ ــة»‪.‬‬ ‫وهنــا أرغــب ف ي� أن أروي لكــم حادثــة حصلــت‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫ار� وأخ ـ بـر ن ي� أن ــه يتب ــع‬ ‫ـا� عندم ــا ز ي‬ ‫يل م ــع أح ــد أصدق ـ ي‬ ‫حميــة غذائيــة معينــة ويمــارس الرياضــة بشــكل‬ ‫مســتديم‪ .‬فلقــد تفاجــأت بأســلوبه الجديــد ف ي�‬ ‫الحي ــاة ه ــو ال ــذي عاش ــها بالط ــول والع ــرض وس ــألته‬ ‫ولم ــاذا تح ــرم نفس ــك م ــن العي ــش ع ــى طبيعيت ــك‬ ‫وال تســتمتع بــكل مــا لديــك مــن فــرص لتمضيــة‬ ‫مــا تبقــى مــن عمــرك متصالحــاً مــع نفســك ومــع‬ ‫ن‬ ‫فأجابــ� دون تــردد‪« :‬أريــد أن‬ ‫معدتــك الفارغــة؟‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أعي ــش م ــا ف ــوق المئ ــة س ــنة ال ب ــل أرغ ــب ي� أن أتج ــاوز‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫بتلقائيــ�‬ ‫أذهلــ� جوابــه فأجبتــه‬ ‫ال ـــ‪ 110‬ســنوات»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� النف ــس‬ ‫المع ــروف به ــا ‪« :‬ي ــا صديق ــي إذا كن ــت تم ـ ي‬ ‫بالعي ــش طوي ـا ً إىل ه ــذا الح ـ ّـد أل ــم تتس ــاءل م ــن ه ــم‬ ‫أ‬ ‫الشــخاص الذيــن ســيحيطون بــك ف ي� تلــك الحالــة‬ ‫وذل ــك الوق ــت؟ فأن ــا أعتق ــد أن ــك س ــتكون وحي ــداً ألن‬ ‫غالبيــة مــن هــم بعمــرك ســيكونون قــد ســبقوك‬ ‫إىل العالــم آ‬ ‫الخــر‪ ،‬فيمــا الباقــون منهــم ســيكونون‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫الــ� تتســاقط أوراقهــا‬ ‫منشــغل� بخريــف أيامهــم ي‬ ‫واحــدة تلــو أ‬ ‫الخــرى تمامــاً كمــا يحــدث للطبيعــة‬ ‫تتخي ــل نفس ــك‬ ‫خ ــال ه ــذا الفص ــل»‪ .‬وس ــألته ‪« :‬ه ــل ّ‬ ‫قابع ـاً ف ي� غرفت ــك وحي ــداً تنتظ ــر وص ــول قط ــار الس ــفر‬ ‫ك يقل ــك إىل المحط ــة أ‬ ‫الخ ـ يـرة وأن ــت بال ــكاد تس ــتطيع‬ ‫ي‬ ‫أن تلح ــق ب ــه لحركت ــك البطيئ ــة وال يوج ــد م ــن تت ـ ئ‬ ‫ـ�‬ ‫إىل كتف ــه أو يمس ــك بي ــدك لتصل ــه بآم ــان؟ أم أن ــك ي ــا‬

‫صديق ــي تن ــوي العي ــش بخيال ــك ع ــى كوك ــب أخ ــر»؟‬ ‫س ــكت صديق ــي ول ــم يج ــد الكلم ــات الالزم ــة إلقناع ــي‬ ‫بهدفــه المبالــغ فيــه‪.‬‬ ‫أشــعر ن‬ ‫كأنــ� شــاهدت للتــو فيلمــاً ســينمائي اً‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حيــا� بأكملهــا‪ ،‬وال أبالــغ إذا قلــت‬ ‫يتحــدث عــن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫إنــ� إســتمتعت بهــذه التجربــة الســيما أنهــا بــر ي يأ�‬ ‫ي‬ ‫ت ت‬ ‫دونتهــا‬ ‫مــن نــوع أفــام الـ«آكشــن»‪.‬‬ ‫الــ� ّ‬ ‫ي‬ ‫فذكريــا� ي‬ ‫ف ي� هــذا الكتــاب‪ ،‬كمــا هــي دون زيــادة أو نقصــان‪،‬‬ ‫ن‬ ‫والنط ــاق‬ ‫ـاس م ــن جدي ــد إ‬ ‫ـ� ع ــى إلتق ــاط أنف ـ ي‬ ‫ح ّف زت ـ ي‬ ‫م ــرة أخ ــرى نح ــو مغام ــرة إنتاجي ــة مم ـ ي ز‬ ‫ـ�ة‪ .‬صحي ــح أن ــه‬ ‫ت‬ ‫ـر� بع ــض التفاصي ــل الصغ ـ يـرة ك ــون‬ ‫غاب ــت ع ــن ذاك ـ ي‬ ‫النســيان بــدأ يغزوهــا‪ ،‬إال أن مــا كتبتــه كان بمثابــة‬ ‫ملخ ــص ع ــن ‪ 85‬س ــنة (عم ــري الي ــوم) أمضيته ــا بف ــرح‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫رث‬ ‫س ــادتها الح ــداث إاليجابي ــة أك ـ م ــن تل ــك الس ــلبية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الــ� نتمتــع‬ ‫فالذكريــات بــر ي يأ� تغــذّ ي نســبة الــذكاء ي‬ ‫ـ� فريديري ــك‬ ‫به ــا‪ .‬إنه ــا كم ــا يصفه ــا الكات ــب الفرن ـ ي‬ ‫دار ال ــذى ي ــرى أن ــه لي ــس هن ــاك م ــن أش ــخاص أذكي ــاء‬ ‫ب ــل هن ــاك أش ــخاص لديه ــم ذاك ــرة قوي ــة‪.‬‬

‫‪83‬‬


85

‫مخترص مقال‬

‫مختصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــر‬ ‫مقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال‬ Revue du Liban, 1954 L’article qu’on va lire a été écrit par un jeune libanais, Nouhad Dammous, qui vient de se rendre en Allemagne pour suivre à l’université d’Heidelberg, un stage de perfectionnement dans l’industrie hôtelière. Ayant obtenu des diplômes émanant d’institutions hôtelières à Washington, M. Dammous a bénéficié d’une bourse du bureau international du travail qui lui a permis de visiter les grands centres touristiques français et suisses. Son étude pertinente porte sur l’apport du tourisme à l’économie d’un pays et sur les moyens de propagande pour attirer et retenir le touriste.


87

‫مخترص مقال‬

Le tourisme a droit à une considération bien plus marquée de la part des dirigeants de la nation, ceux-ci ne devant plus voir en lui un sujet de distraction plus ou moins accessoire, mais une industrie qui sait tirer parti des richesses nationales dont la nature nous a comblés, permettant de ce fait à un grand nombre d’habitants de vivre du produit de leur travail et assurant à l’Etat non seulement d’intéressantes ressources fiscales, mais aussi des rentées extérieures jouant un rôle prédominant dans la balance des comptes. Le tourisme moderne présente, économiquement parlant, les principaux caractères d’une grande industrie: il emploie par grandes masses le capital et la main-d’œuvre - on y constate une spécialisation croissante – on y rencontre l’effet de l’intégration, symptôme des industries actives – il obtient enfin des résultats notables dans l’économie du pays. Je voudrais ici rappeler qu’en plus de la main d’œuvre utilisée directement par les entreprises purement touristiques (hôtellerie, moyens de transport, agences de voyage etc…), on doit tenir compte de tous les commerces qui sont intéressés indirectement: les hôtels font travailler les maisons d’alimentation, les négociants des liqueurs, les produits de luxe, les fournisseurs de mobilier, d’équipements et l’artisanat. Les grands facteurs de la production: le capital et le travail. Comme toute industrie dont la fonction normale est d’augmenter la valeur des biens qu’elle transforme ou qu’elle déplace, l’industrie touristique accroit la somme des valeurs qu’elle emploie. C’est une industrie productive, au même titre que toute industrie manufacturière.

Aucun économiste n’a hésité d’ailleurs, depuis Adam Smith, à étendre le titre de productif aux travaux manufacturiers comme aux travaux de transports. Le caractère productif des opérations commerciales a été admis plus récemment,

et il a été confirmé par les faits. Elle a effectivement réussi à remplir un rôle économique équivalent à celui des autres activités nationales. Par suite, elle a droit de la part des gouvernants aux conditions comparables à celles dont sont gratifiées les autres branches de l’activité du pays. L’industrie touristique utilise toutes les autres industries. Une industrie commerciale et industrie de transport. Les étrangers font d’autres dépenses. Ils se désaltèrent dans nos cafés, ont recours à nos coiffeurs, fréquentent nos spectacles et lieux de détente, entrent dans nos magazines et ne manquent pas d’y acquérir, outre les objets qui peuvent leur être nécessaires, les milles objets superflus que fournissent nos commerçants.

PROPAGANDE ET PUBLICITE Le rôle de la propagande dans l’industrie hôtelière est capital; Il attire la clientèle et la retient. La propagande touristique doit être considérée sous deux angles bien différents: propagande extérieure et propagande intérieure. Le touriste qui se déplace ne vient pas dans une station village en raison de la recommandation plus ou moins sensée d’un hôtel. Il vient visiter ou réaliser dans une station touristique en raison de ces avantages particuliers, et à cette occasion, il descend dans un hôtel de cette localité, utilise tel autocar ou tel taxi. C’est la publicité faite collectivement, qui en fin de compte, attire à elle le client à l’hôtel. Il faut de l’ordre, qui ne soit pas de l’ordre dispersé; il faut de la méthode, un esprit de sage économie qui évite les doubles emplois, les dépenses vouées d’avance à rester stériles. Pour obtenir tout cela, il faut un plan général commun et une unité de vue et de réalisation.


‫شهدات وتقدير‬

‫هشــــــــــــــــــــــــــــــــــــا دات‬ ‫وتقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدير‬ ‫قــدم بعــض أ‬ ‫عمــر أمضينــاه معــاً‬ ‫الصدقــاء شــهادات حيــة بإســم‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ين‬ ‫والمــر‪ ،‬ولــم يكــن مــن المجــدي أن‬ ‫الحلــو‬ ‫فيهــا‬ ‫تشــاركنا‬ ‫وســن�‬ ‫ّ‬ ‫ـا� دون وج ــود مث ــل ه ــؤالء أ‬ ‫ف‬ ‫الش ــخاص ف� حي ـ ت‬ ‫ت‬ ‫ض‬ ‫ـا�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أم ـ ي قدم ـاً ي� حي ـ ي‬ ‫ي‬ ‫ه ــي ش ــهادات أع ـ ت ز‬ ‫وأعت�ه ــا رم ــز وف ــاء م ــن رج ــاالت لبن ــان الذي ــن‬ ‫ـ� به ــا ب‬ ‫زرع ــوا ف ي� أرض ــه المحب ــة والعم ــل والجه ــد بطريق ــة أو بأخ ــرى‪ .‬وهنا ال‬ ‫ب ــد يل م ــن تقدي ــم الش ــكر ل ــكل واح ــد منه ــم ع ـ ب ّـر وع ــى طريقت ــه ع ــن‬ ‫ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ� بكتاب ــة بع ــض الس ــطور ع ـ ّ ي‬ ‫حب ــه يل فتك ـ ّـرم ع ـ ي ّ‬

‫‪89‬‬


91

‫شهدات وتقدير‬

‫هشادات حية من الوفـاء‬

‫هشادات حية من الوفـاء‬

Many people will remember today how instrumental Nouhad DAMMOUS was to the success of the major hotel chains in the Middle East. I am one of them! Nouhad started and was running the best hotel school in the region, with students coming from all over including, Pakistan, India, and North Africa. From 1962 and for the next 20 years, he provided Intercontinental chain, starting with the Phoenicia in Beirut with the most professional Executives and Staff, many of them to become subsequently General Managers in the company and in other hotel chains. Nouhad’s dedication to the school and the students, was extraordinary. His main concern was to find a placement for the graduates, which he always did, through his International network. The hotel industry worldwide owes Nouhad a lot. All those who were trained under his stewardship shined wherever they went. This was both because of his professionalism and mentorship that he bestowed generously. Our thanks and deep gratitude go to Nouhad and our best wishes to him both personally and professionally.

Nouhad was behind creating the Hotel School in Beirut. It was his vision that he saw the need to develop Lebanese people into the Hospitality growth in not only Lebanon but the Middle East. He is always researching the latest of all aspects of the industry and his resourcefulness allowed him to make the school better and better and became a huge influence on the products that the school was graduating from Management to developing Chef etc. I was one of two people he encouraged to study at Cornell. Now my career has reached the stars having worked for Hyatt, Four Seasons, Starwood and then I went on to Create Buddha Bar Hotels and Resorts and now developing incredible projects in the USA. To this date I still look up to him in every aspect of my career. He is admired, highly respected in the industry and is an Amazing person. His success in what he has accomplished speaks for itself from the Hotel school he developed to the many businesses he built with the help of daughter Joumana such as Horeca etc. It has been an honor to me and my family not only to remember being his student but more importantly become his close friend, one that will forever be a part of my life.

RAYMOND G. KHALIFE President Middle East-Africa 1990-2002 Intercontinental Hotels Group September 30, 2017

With friendship and love. Your admirer. CHARLY ASSALY President & Managing Director Buddha Bar Hotels, Resorts & Spa United States Of America-New York


93

‫شهدات وتقدير‬

‫هشادات حية من الوفـاء‬

Nouhad Dammous one of the Leader in Hospitality not only in Mena region but Worldwide. Nouhad is called by several veterans of the Hospitality as “Their Godfather”. You dont meet a Lebanese gentlman more than Nouhad, he is Nationalist and he put in the Gastronomy World the Lebanese Gastronomy and the Lebanese Gourmet as well as the Lebanese Quality of service in the Hospitality industry. I remember him that he did attend several IH&RA congress and he was always attending all sessions more than any Hoteliers listening to all conferences to learn about the new synergie in Hospitality. He was impressive when he discussed about several subjects with me and with other international Hoteliers and restaurateurs. Nouhad always respect the synergy for his professional success, you can find synergy in all his work between hospitality magazines, hospitality meetings to achieve this synergy as achieving success. He does believe that All Lebanese leaders in Hotels and restaurants, management and cuisine chefs must be responsible for the implementation of synergy in their work to achieve success, as he did with Horeca shown in Lebanon, Jordan, Kuwait, Saudi Arabia and Egypt. He did encourage all Lebanese entrepreneurs and chefs to expand in the world and let the world discover the Lebanese Hospitality and the rcihess of their Gastronomy of quality and to unveils Lebanon Hidden treasures. His Horeca Shown become the place to visit for everyone who is in charge of Gastromy and want to exchange and communicate with various professionals between 1000 and 1500 people come to discover the last trend in Food and in services during these 25 years of Hospitality services.

We cannot talk about the Godfather without asking about Claude, who was the most valuable companion Lady that I never met full of loyautee and admiration sharing her time between educating 3 lovely girls and Le Parrain, She left us this year but her smile and souvenir still with us forever. I need to finish my statement talking about Joumana, a great young lady full of spirit and intelligence as well as her discreet charm, I never saw her mad or nervous, she was handling all the job of her father in keeping herself as cool as possible, this is why she was chosen to be a Board member of Mediterranean hotels and restaurant association. Thank you Joumana for keeping the great job that was initiated by our Godfather Nouhad.

DR. GHASSAN AIDI President & Chief Executive Officer


95

‫شهدات وتقدير‬

‫هشادات حية من الوفـاء‬

I met NOUHAD the first time when I was a student of the Hotel School in Beirut, it was a great fear of great respect that a young boy can knock at the door or take an appointment to meet “MR. DAMMOUS”. Proud I am to share with you my testimonial. I have known MR. DAMMOUS, the Hotel School Director, Teacher and a Mentor… NOUHAD is an Encyclopaedia in the Hospitality Industry. We are proud of his leadership and accomplishments, moving forward throughout the nation where we come across People that were his students. For many years the Lebanese Nation and the Region have been so fortunate to have NOUHAD DAMMOUS, who started, initiated, created and kept innovating the Hospitality Industry and related Industries. His devotion as a great family believer, a father and a Leader especially with the support of Ladies around him - The Late Mrs Claude Dammous and the daughters Joumana, Randa And Zeina. NOUHAD foresight, Vision and his ability to demonstrate at all times aiming higher always with great discipline and professional flair. His genuine care for his students remained, shown not only when he was the Director of the Hotel School, but when he formed the Hospitality Services, HORECA, Hospitality News as well as the other publications. NOUHAD has always been encouraging, as I recall when I was 19, organising Hotelier’s feast, his support, encouragement, constructive advices and being always available, have fuelled us to a great success, which he reminds me on this occasion every now and then.

You meet many People in life but to meet an extraordinary Father, Teacher, Leader, Mentor … this does not happen very often. NOUHAD’S wisdom as a man of a great and profound personality with a large spectrum of knowledge, being always available and interacting, an inspired Leader whose thoughts, ideas, advices, inputs with his generous time fuels us always to aim higher. NOUHAD!!!... We wish you the best of health and long life. I have always enjoyed my visit to your office to have that special coffee with you as to give me the energy, the encouragement and the quality of time. I extend my best wishes to your loved ones and to your small family, your daughters, and sons in law and grandchildren. To your large one You remain always amongst us and without your entrepreneurship approach, your knowledge, support, creation, the Hotel School and the Industry in Lebanon & the region would have never witnessed what we have today, and would have not been recognised without your continued innovative and enlightening know - how. Thank you for being there always for us, giving us the energy, the knowledge, the motivation, the care … and your loving and smiling spirit.

You are truly our Icon. With my Love. AMINE


‫شهدات وتقدير‬

‫هشادات حية من الوفـاء‬

‫ق‬ ‫ـد� ف ي� لبن ــان الس ــمعة‬ ‫عرفت ــه رج ــل صاح ــب رؤي ــة واط ــاع ومعرف ــة فأعط ــى القط ــاع الس ــياحي والفن ـ ي‬ ‫يز‬ ‫الممــ�ة والوحيــدة ف ي�‬ ‫تخرجــوا مــن المدرســة الفندقيــة‬ ‫الطيبــة بواســطة انتشــار الشــباب الذيــن ّ‬ ‫الدكوان ــة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫وال� أنشأها وأدارها بنجاح ي ز‬ ‫يز‬ ‫ش‬ ‫مم�‪.‬‬ ‫هذه المدرسة‬ ‫المم�ة والوحيدة ي� هذا ال�ف ي‬ ‫كان ف� المدرسة الفندقية هذه مطعم اً معروف اً من قبل ذواقة أ‬ ‫ن‬ ‫اللبنا�‪.‬‬ ‫الكل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ع ــى الصعي ــد الش ــخص كان ل الح ــظ أن أذه ــب م ـراراً م ــع أ‬ ‫اله ــل لتن ــاول وجب ــة الغ ــذاء‪ .‬كل ه ــذا كان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـ� باس ــتقباله اضاف ــة ل ـ أ‬ ‫ـ�كل الش ــهي والخدم ــة الممت ــازة ال ـ ت‬ ‫بمجه ــود ولباق ــة االس ــتاذ نه ــاد المم ـ ي ز‬ ‫ـ� ل ــم‬ ‫ي‬ ‫يك ــن له ــا مثي ــل ف ي� لبن ــان‪.‬‬ ‫ف ي� العــام ‪ 1977‬ومــع بدايــة االســتعداد الفتتــاح فنــدق ســمرالند‪ ،‬عرفــت االســتاذ نهــاد مستشــاراً‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� كان ــت تم ــر به ــا الب ــاد‪ ،‬أعجب ــت بإيمان ــه وب ــأن‬ ‫وخب ـ يـراً‪ .‬رغ ــم الصع ــاب ي� تل ــك الف ــرة العصيب ــة ال ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫وبس ــط الم ــور أمام ــي‪.‬‬ ‫ـجع� ّ‬ ‫القط ــاع الفن ـ ي‬ ‫ـد� المدم ــر س ــيعود وينه ــض م ــن جدي ــد فه ــذا م ــا ش ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـا� دائم ـاً المش ــورة الصائب ــة‪ ،‬كم ــا س ــاهم مع ــي ف ي� ح ـ ّـل‬ ‫كن ــت التقي ــه اس ــبوعي اً لس ــنوات ع ـ ّـدة فاعط ـ ي‬ ‫مصاع ــب كث ـ يـرة واجهتن ــا ف� تل ــك الف ـ تـرة‪ ،‬وع ــى صعي ــد المث ــال توظي ــف عالقات ــه ومعرفت ــه بالمهني ـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫النتق ــاء أ‬ ‫اللفض ــل منه ــم م ــن ب ـ ي ن‬ ‫ـ� القلي ــل المتبق ــي ف ي� لبن ــان للعم ــل ف ي� س ــمرالند‪.‬‬ ‫وأم ــن له ــا‬ ‫اس ــتحدث االس ــتاذ نه ــاد لتس ــهيل أم ــر المؤسس ــات والعب ــاد ف ــرع ث ــان للمدرس ــة الفندقي ــة ّ‬ ‫مرك ـزاً للتدري ــب ف ي� الس ــمرالند فه ــذا أفادن ــا وأف ــاد المدرس ــة وال ّط ــاب وس ــاهم بتهيئ ــة فري ــق عم ــل‬ ‫س ــاعد ف ي� االنطالق ــة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫لخ�ت ــه ورحاب ــة ص ــدره‪،‬‬ ‫ل ــم يبخ ــل الس ــتاذ نه ــاد بح ــل معض ــات كث ـ يـرة ع ــى صعي ــد إالدارة نظ ـراً ب‬ ‫ت‬ ‫ـ� تع لّمته ــا من ــه كون ــه صاح ــب تجرب ــة غني ــة ف ي� ه ــذا المج ــال‪.‬‬ ‫ال ـ ي‬ ‫الع ــوام تط ــورت عالق ـ تـ� ب ــه ليصب ــح صديق ـاً ونع ــم أ‬ ‫م ــع أ‬ ‫الصدق ــاء فبقي ــت أواك ــب ابدعات ــه وانجازات ــه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ف ت‬ ‫ش‬ ‫ـ�‬ ‫باعج ــاب إن كان ه ــذا ي� مج ــال المع ــارض (أوري ــكا) أو ي� ال�وي ــج والن ــر وأهمه ــا المس ــابقات ال ـ ي‬ ‫نظمه ــا إلغن ــاء المهن ــة وتحض ـ يـر المهني ـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫دم وس اسم المع ت‬ ‫اق�ن بالسياحة والفنادق ف ي� لبنان‪.‬‬ ‫نهاد ّ‬

‫الشيخ خالد صعب‬

‫مدير عام فندق سمر الند سابق اً‬

‫~ في حفل تكريم من ِق َب ل سيادة المط ران مبارك‬

‫‪97‬‬


‫شهدات وتقدير‬

‫‪99‬‬


‫شهدات وتقدير‬

‫‪101‬‬


‫شهدات وتقدير‬

‫‪103‬‬


‫شهدات وتقدير‬

‫‪105‬‬


‫إىل أحفادي‪،‬‬ ‫نديم سالمه‬ ‫ياسمينا سالمه‬ ‫لما سالمه‬ ‫جنيفر نحاس‬ ‫يارا نحاس‬ ‫ين‬ ‫كارول� نحاس‬ ‫نور فرعون‬ ‫ميشيل فرعون‬

‫ق‬ ‫الفند� والسياحي‬ ‫مس� ت ي� ف ي� النشاط‬ ‫أمل أن يتابعوا ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.