بني آدم
مجموعة قصصية
خالد علي
البتــــــاع ابحث عنه بهدوء يثير الريبة...متأكد من وجوده لذلك ل داعي للرسراع..متأكد انه من نصيبي....و لكن رسرعان ما افقد هدوئي عندما ل أجده امامي....متأكد من وجوده لكني لم اجده بعد..انفي ل تخطأ هذه الرائحة ابدا...ل بد من انها هنا في مكان ما..هه لرائحة تقترب..اين هو اين هو..اخيرا ها هو ذا.. رسخطا لكم حقا ايتها العائلة المتكبرة..ما اطيبك ايها اللحم....هذا هو الطعام حقا..امم...لذيذ!! ما هذا؟؟؟!!!شكله يوحي بأنه مهم و ثمين ...حسنا لنر ماذا يفعل ** تعلن شرطة المرور عن اغلق كوبري 6اكتوبر غدا للصلحـ......
انه يتكلم..ياله من شيء عجيب...ماذا رسأرسميه..حسنا ..ليكن ارسمه منه..بتاع حسنا يا بتاع...هات ما عندك..
** و انتي عملتي ايه لما عرفتي ؟؟؟ اعمل ايه يعني ..سبت البيت و مشيت ليه كده ؟؟؟انتي كده هتبقى الغلطانة و تضيعي حقك.. انتي شايفة كده؟؟
انك تغير صوتك ايضا بسرعة...انك مسلي حقا..حسنا لتكلم انا أتدري انا ل اعرف ارسمي الحقيقي...اطلق علي اي ارسم تحبه...اعتبرني جعر كما يطلق علي رسايس الجراج في اول الشارع.. انا ل اعرف عمري نحديدا....و لكن اعتبرني اكبر منك..نظرا للحجم حتى ل اعرف احدا من عائلتي..ليس لي اصدقاء كثيرين..و ل حتى أعداء حسنا...لتتكلم انت قليل.. ** و أنا ويايا باعيش ..زي المليونيرات.. باحلم و انا معييش.. ماالعنش الزمات..
صوتك جميل في الغناء ...لماذا ل تحترف الغناء؟؟ أتدري يمكننا ان نعمل معا...انا ارستطيع تأليف اشعار كثيرة تغنيها انت..صحيح انني ل اعرف القراءة و ل الكتابة..و لكن يمكنني ان امليها لك و تكتبها انت... هل تستطيع الكتابة؟؟؟ ** اعلنت وزارة الصحة عن اكتشاف 20حالة جديدة لنفلونزا الخنازير
ههههههههههههه..و تقرأ جرائد ايضا...يبدو انك مثقف.. آه..بطني تؤلمني قليل..حسنا...انتظر قليل ابحث عن شيء اشربه.. ل ليس هذا..و ل هذا..ما هذه؟؟!! تبا انها فارغة.....ليس هذا..و ل هذا..بعض المياه الغازية...طعمها غريب..لي هم....أتريد بعضها؟؟ل لن اعطيك..انا لم اشرب منذ المس..عذرا لك يا احمر يا صديقي تكلم قليل.... ** هنتكلم النهارده على الحب الول...
الحب؟؟!!!!!!!!!...لم احب احدا من قبل بارستثناء القطة الصفراء التي كانت تترك لي الطعام..كانت تستحق الحب حقا..كانت تترك لي الطعام و ل تأكل ال بعدما انتهي انا....كانت تعاملني و كأنها امي..كم افتقدها الن....منذ ان ماتت و انا اكره هذه العائلة البغيضة...قتلوها حتى ل تجلب الجراثيم لهم....قتلة ** اللوان طبعا بتعبر عن اشكال الحب المختلفة ..يعني مثل...
اللوان تعبر عن الحب..ههههه بالنسبة لي اللوان تعبر عن اشياء اخري...مثل..الحمر..يعبر عن اللحم الطازج..او الدم.. و الصفر يعني شيئا يمكن شربه ان كان رسائل..و الرسود الخبـ ــ..آآآآآآآآآآه بطني تؤلمني جدا..آآآآآه ** و الن مع برنامج السهرة ..و اوبريت يا طلع الشجرة تأليــــ
حسنا..ل احتمل..اعتذر منك يا صديقي..رسأحاول ان انام قليل...ل ارستطيع البقاء و بطني تؤلمني هكذا.. ما َفآ َوى ك َي ِتي ً ج ْد َ م َي ِ ضى ,أَ َل ْ ك َف َت ْر َ ك َر ّب َ طي َ ع ِ ف ُي ْ س ْو َ ** َو َل َ
غ َنى عا ِئل َف َأ ْ ك َ ج َد َ ضا ّل َف َه َدى َ,و َو َ ك َ ج َد َ َ ،و َو َ ل َفل َت ْن َه ْر سا ِئ َ م َفل َت ْق َه ْر َ,و أَ ّما ال ّ َف َأ ّما ا ْل َي ِتي َ ح ّد ْ ث ك َف َ م ِة َر ّب َ ع َ َو أَ ّما ِب ِن ْ صدق ا العظيم.. و هكذا اعزائي المستعمين ..نصل لنهاية فقرتنا و نبدأ فقرة جديدة تمتد معكم حتى الساعة السابعة صباحا....... ---------------------------------------------------------------------------------------
يمر السايس على مقلب الزبالة الذي في الميدان...يجد شبه انسان لم يتعدى السادرسة من عمره نائما على بطنه..بجانبه راديو ترانزرسيستور صغير... يرفس السايس هذا الشبح الملقى على الرض بقدمه فل يجد حركة.. ينادي عليه"..يا جعر..يا جعر"..و لكن ل اجابة يثني على ركبتيه...يقلبه...يجد فمه مملؤا برغاوي بيضاء و تنبعث منه رائحة عفنة.. يضع اذنه على قلبه ليسمع نبضه..فيجده توقف ينظر بارسى يقلبه على بطنه مرة اخرى ..يأخذ الراديو الترازرستور و ينظفه من التراب..و يمضي في طريقه للجراج في اول الشارع.
وحدي..وحدي مع بذلتي الينيقة أحضر فطوري المعتاد...فنجان من الشاي الخضر..مع بعض البسكويت الذي تصنعه ابنتي بنفسها من أجلي....كم هي رائعة حقا كوالدتها... ل ..بل والدتها كانت أروع و أجمل و أطيب.... * أصبحنا و أصبح الملك لله....
كعادتي كل جمعه أاخذ حماما دافئا...و ارتدى بذلتي النيقة جدا التى ل ارتديها ال في هذا اليوم من كل ارسبوع... بذلتي التى ل يعرف عنها أحد شيئا رسوى انها انيقة جدا...و انها و على الرغم من رسوادها الشديد...ال انها تبعث على المل و التفاؤل في نفس من يراها لعلو رسوادها عن كل مرادفات الرسود من حزن و كآبة و آلم.... * ماشي في نور ا ..بادعي و اقول يا رب
ارتكن الى جانب من الحائط عند مدخل العمارة...اشير الى الحارس الشخصي بالذهاب فأنا لست بحاجة اليه اليوم..يتناقش معي....انظر اليه شذرا..ثم اتركه و امشي محذرا اياه من تتبعي كعادته.... اذهب الى السائق...و اصرفه هو الخر....لكنه قد تعود مني هذا كل جمعه..فأصبح مرات كثيرة ل يأتي من الرساس..مع ذلك فانه يحبني حقا... انطلق وحدي بالسيارة..وحدي مع بذلتي النيقة...و عندما تشير رساعة يدي السويسرية الصل الى العاشرة و النصف..افتح الراديو على اذاعة القرآن الكريم..و ينطلق صوت النقشبندي كارسرا حدة الصمت و ثقله....
* يظن الناس بي خير ...و اني لشر الناس ان لم تعف عني
ها قد وصلت اليه في تمام الحادية عشر...اخلع حذائي قبل الدخول...يأتيني صوت شجي من الداخل....تاليا ليات من القرأن الكريم...ماليا الفراغ حوله بنغمات ملئكية تتطاير و تصطدم فتتساقط داخل آذان المحيطين به...
* و لقد صرفنا في هذا القرأن للناس من كل مثل و كان النسان أكثر شيء جدل
انتهيت من الصلة عند الواحدة تقريبا...اتخذ طريقي الى السيارة..يتلفت الناس من حولي و ينظرون الي و يتهامسون فيما بينهم عني....و لكنهم رسرعان ما ينفون لنفسهم كل ظنونهم معا و يتفتتون بعيدا....أصل لعربتي..و اقودها وحدي...وحدي و البذلة النيقة...التي لم يصيبها شيء بعد و ما زالت بحالتها الولى المعهودة اضع ارسطوانة جديدة في مشغل الرسطوانات..ارفع الصوت بعض الشيء...لقد أحسن ابني الصغر اختيار الغاني بعناية....حقا تتوافق مع روحي و مزاجي...لقد ورث فهمه لي عن والدته...ل بل كانت اكثر منه تفهما لي و نظاما... و ينطلق صوت ام كلثوم ممتعا مستمتعا... * رق الحبيـــب .....و واعدني
في موعدي تمام....ها أنا ذا أمامك...كما أنا....جئتك كعادتي كل جمعة.... كيف حالي؟؟!!!...و كأنك ل تعرفين...يزداد الضغط قليل بحكم المنصب الجديد....انت تعلمين هذه الشياء الروتينية... البدلة؟؟!!..آآآآه..هههههه..ذكراتك ما زالت قوية كما كانت دائما...نعم..هي بدلة زفافنا..ما زلت احتفظ بها..
أتعلمين...حفيدنا الكبر زفافه بعد ارسبوعين تقريبا..... ابنتنا منهمكة في تفاصيل الزواج..لذلك تريدني ان ابلغك اعتذارها عن انقطاعها في الفترة الماضية.... ل تحزني يا حبيبتي..فأنتي تعلمي انها تحبك جدا.. اه...خذي هذه الورد..انتقيتها من اجلك كما تحبين... الوركيدا في البداية..تليها..زهر الزنبق المتفتحة..و في المركز تمام زهورك المفضلة...زهور اليارسمين بالوانها المميزة..... حسنا....لقد حان موعد ذهابي..أراكي الرسبوع القادم في نفس الموعد...وداعًا... امشي ببطء ناظرا للخلف و مرددا هذ اللحن الشجي الذي ل طالما غنيناه معا... * اعطني الناي و غني ...فالغنا سر الوجود
قبل ان اصل للعربة اجده منتظرا بجانبها...ارسلم عليه...و اعطيه خمسين جنيها...و اوصيه بالعتناء بالزهور جيدا..و ان يبعد المتطفلين عنها......يبتسم و يؤكد لي انه رسيفعل..مع انني متأكد من أنه لن يفعل.. * اللهم اجعل قبرها روضه من رياض الجنة ....اللهم اجعل قبرها روضه من رياض الجنة..
اركب عربتي مرة اخرى..مغادرا مقابر العائلة...ادير الرسطوانة....ارفع الصوت..تتكسر الدموع في عيني قبل ان تجد مخرجا....لكنها ما تلبث ان تنهمر ...و الصوت ياتي منطلقا كارسرا للصمت من حولي...من حولي وحدي....وحدي مع بذلتي النيقة....
* الدنيا ريشة في هوا ...طايرة بغير جناحين و احنا النهارده سوا ...و بكره هنكون فين ..في الدنيا
عيون العفعي "خللي بالك...هتفضل تمثل عليك لحد ما توقعك فيها..و بعدها تسيبك كده..خللي بالك منها...دي حية" هكذا قال لي...حذرني منها..اكد لي انها ستمثل علي..و تفرض علي شباكها حتى توقعني في حبها...حتى اجعلها تتملكني..اسلمها بنفسي مفتاح حياتي تتحكم فيه كما تريد ------لم اصدق نفسي حين اتت الي في المرة الولي...تسألني"ما تعرفش الدكتور جه و ل لسه؟؟" نظرت اليها ..وجدتها توجه نظراتها الي مباشرة..لم اشعر بلساني و هو ينطق " مش عارف ..بيتهيألي لسه" نظرت الي مرة اخرى..ثم ضحكت و ابتعدت .......................
كنت اشبعها نظرات منذ رأيتها اول مرة..كانت مميزة جدا.. عينيها تستحق الشادة من كل شعراء العالم..رسواد بل انتهاء يأخذك اليه..محرورسا بجفنين شديدي البياض و رموش تمهدك لسواد عينيها..كانت رسر جمالها ....................... للمرة الثانية في اقل من اسبوع... تجد معي رواية...تنظر اليها ثم تسالني"دي رواية؟
"..لم اتردد كالمرة الولى ..تماسكت قليل " آه ..دي رواية قالت ضحى""......انت قريتها؟؟".. " اه طبعا"" ........حلوة؟؟!!!"... " ماتسألينيش عن بهاء طاهر ...رأيي انه احسن روائي في مصر كلها"... "للدرجادي!!!..طب ممكن اخدها اقراها؟؟" "...عادي مفيش مشاكل".. "شكرا هابقى اقراها و اجيبهالك" "...اتفضلي براحتك خالص"..
تنظر الي قليل كأنها تنتظرني ان اقول شيئا لكني انظر اليها في صمت و هدوء ل يخفي ما بداخلي من تقلبات و شقلبات فرحة غير متخيلة هذه اللحظة التي اتكلم فيها معها..بل و اضرب موعدا اخر...صحيح غير محدد و لكن يبقى موعد.. "طيب ..مع السلمة" ".....ا يسلمك"..تبتسم بتلقائية و بساطة و تذهب... آآآآآآآآخ..نسيت اسألها عن اسمها ........
على الرغم من انني جاف بعض الشيء و ل تستهويني صداقة البنات و هذه الشياء...لكنها كانت دائما تأرسرني لها..كانت تملك الحق الكامل في ان تستحوذ على عقلي و قلبي و كل خواطري...كأنها ملكتي...كانت تسلبني نفسي . في وجودها..انا مجرد تابع لها......ما أحلها من تبعية!!! ............................................. " سلم عليكم .....ازيك يا ....؟؟؟؟" " .....اه سوري ..انا تامر" " يا راجل ...ازيك يا تامر ....انا حسبت مالكش اسم ...انا ريم" " معلشي بقى ....اصلي بانسي بسرعة ...ازيك يا ريم؟؟" " الحمد لله يا سيدي ...انا قريت الراوية و حلوة اوي" " ...ما انا قولتلك ..بهاء طاهر احسن روائي" " آه فعل ...حلوة اوي" "...تحبي تقريله حاجة تانية؟؟؟؟ ..انا عندي كل رواياته" " ماشي يا سيدي ..بس تكون حاجة صغيرة بقى عشان المتحانات على البواب" " ماشي ...هاجيبلك ان شاء ا بكره رواية ..صغيرة كده" " ماشي ..بعد اذنك صحباتي مستنييني" "...اتفضلي يا ريم ..مع السلمة" .......................
فقدت اصدقائي بسببها...كانت اكثر من انثى ..كانت تسحق روحك امامها..تحولك للشيء...مجرد ظل..او شبح انسان يبدأ في الخفوت شيئا فشيئا...حتى تتحول للشيء... كانت دائما تردد..انا زي الفريك ما احبش شريك..اريدك لي وحدي.انا ملكتك و انت عبدي..مجرد خادم في بلطي الملكي..لي وحدي .. ما ارسحرك ملكة!!!!!
................ " اتفضلي يا ريم ..دي الراوية اللي قلتلـــ..."... " معلش يا تامر ...مش هاقدر اخدها النهارده ..مش فاضية اليومين دول" " عادي ..خليها عندك براحتك" "...بلش يا عم ..هانسى ...خليها معاك لحد ما احب اقراها ..و انا هاقولك"
لم تكن تنظر لي كعادتها...بل كانت تلقي بنظراتها يمينا و يسارا ..كأنها تهرب مني...لو كأنها تستفزني..طعنتني اكثر بتلك النظرات الباحثة عن اللشيء خلفي "......ماشي يا ريم ...براحتك"
هكذا قلت و انا أثأر لذكوريتي..كيف تقول هذا و انا ل اطلب شيئ....ترفضني..ارستدرت للخلف و انا امشي.... " تامر"...رسمعتها ..ارستدرت لها فجأة..وجدتها تنظر لي مباشرة و ابتسامة على شفتيها المكتنزتين.. " خلص يا سيدي ..هات الرواية و اانا لما اقراها هابقى اجيبها"
لم تفلح محاولتها تلك في ررسم البتسامة على وجهي..لكنها حقا ررسمتها داخل قلبي.. و لنها شعرت بذلك..طلبت مني " ايه يا عم ..مش ناوي تعزمني على حاجة اشربها و ل ايه؟؟"
هكذا مباشرة..صعدت بروحي الى اعلي مرة اخرى... ل طبعا ..تحبي تشربي ايه" " " هاشرب زيك ...انت هاتشرب ايه؟؟" انظر لها و الفرحة ترسم وجهي بشوشا...
" هاشرب زيك برضه" " ....خلص يبقى اتنين نسكافيه بلك ..معلقة واحدة سكر"
هكذ جعلت من هذا المشروب الذي ل احبه ابدا مشروبي المفضل لباقي ايامي..ل أّمل منه..ارستنشق فيه
رائحتها المميزة...ارستشعرها فيه
---------------------------------" خللي بالك ...هتقرب منك ..و تفضل تدلع عليك ...لحد ما تملكك ..و بعدها تسيبك تقع على جدور رقبتك" -------------
يوم ظهور النتيجة لم اكن واضعا امل اكثر من النجاح...وجدتها بجانبي تمرق صفوف الطلب لتسألني بكل براءة عن نتيجتي "..الحمد لله ..عدت" " ما انا عارفة ...شفت نتيجتك قبل نتيجتي" " ....طب و انتي عملتي ايه؟" " انا جيد جدا الحمد لله" " ...الف مبروك" " الف مبروك حاف كده؟؟"
ابتسامها الدائم كان محفزا لي لنطلق و احلم بما هو اكثر دائما... " خلص ...يل بينا على اي مكان تحبيه ...ده جيد جدا برضه مش اي كلم يعني"
هكذا كانت تاخذني دوما لعوالم اخرى..تجعلني احلم بما ليس ممكن..تشعرني بانني ارسعد انسان في العالم ...................
تؤكد لي دوما انها ل تسمح لحد بان يشاركها في...كنت ارسعد بهذا الكلم.رغم ما يحمله من اهانة لي..و لكنه كان يشعرني بانني كملكها..غير انها تعود لتؤكد..انت عبدي وحدي..رغم هذا افرح طوال وجودي معها..كانت تملك مفتاح رسعادتي و حياتي كلها ............ انتظرها منذ اكثر من ساعة ...ليس عادتها التأخر ..ها هي مع صديقتها.. " سلم عليكم ..لو سمحت يا ريم"... تنظر الي ثم تأتي... " خير يا تامر ..في حاجة؟؟!!"
" انتي اتأخرتي ليه؟؟ ...انا مستنيكي من ساعة" تنظر الي في استغراب "..معلش ..ماكنتش فاضية" " خلص سماح ..بس ماتتاخريش تاني" تنظر الي ثم تمشي _____________ انا جربت و وقعت فيها ..بس الحمد لله لحقت نفسي ...قدرت اخلص منها... خللي بالك ..دي ما بترحمش حد ال لما توقعه فيها ..بتنتقم من كل الولد ..بتقضي عليهم _________________
اصبحت هي ترياقي للحياة...اصبحت كل ما أملك...في بعدها اصبح لشيء..و في وجودها ايضا ل شيء..لكن ل شيء ذو قيمة..قيمة وجودي معها .................................... " لو سمحت يا تامر ...انت كده بتحرجني" قالتها و هي تنظر بعيدا... " ليه يا ريم؟؟"..... " انت مش واخد بالك ان الناس ممكن تفهمنا غلط؟؟؟!!" ".....تفهمنا غلط ازاي؟؟!!!!!" " يعني ما يفهموش اننا زمايل و اخوات".... " اخوات!!!!!!!!!!!!!" " ايوه اخوات ..مش اكتر من اخوات"
قالتها و مشت..ابتعدت و هي تلقي بنظرات للخلف...لم تكن نظرات عطف..بل نظرات رسخرية..نظرات تملؤها روح النتصار و الشماتة..... حينها نظرت لنفسي....كيف لم الحظ كل هذه الثقوب التي ملئت جسدي...جسدي امتل بالثقوب التي كانت تصنعها في....حتى روحي امتلت بثقوبهاكيف لم احظ من قبل انني اعد شيء.. انني اصبحت ل شيء..
_________________ انا خايف عليك .بجد منها ...انت ما تعرفهاش زيي ....دي حية ..حية ..بتلف على رقبة الواحد لما ما تخنقه
يقولها و يكررها..كأنه ل يرى كل هذه الثقوب التى تملني....كأنه ل يلحظ انني مجرد ظل لرجل كان خنا منذ رسنوات... كأنه ل يلحظ بالفعل انني غرقت في حبها...و اصبحت خادما في بلطها الملكي الزلي... كانه ل يرى انها لدغتني من قبل
كان اينسان عندما ذهبوا لعملهم في الصباح وجدوه في الحديقة المامية.... غريب حقا..بالمس عندما عادوا لبيوتهم بعد انتهاء العمل لم يكن موجودا..كيف ارستطاع ان يقفز اذا لهنا اثناء الليل.. لم يصلوا لجابة.. ظلوا يتسائلوا فيما بينهم لم يجدوا اجابة شافية ترضي فضولهم و تخوفهم.. حاولوا ازاحته لكنهم خافوا..لم يعرفوا لم خافوا..و لكنهم فقط خافوا.....
بعد فترة ايقنوا ان الحكومة الجديدة قد اتت به ليل في الخفاء كتذكار لهذه الحديقة و هذا الميدان العريق و لهل الحي... اقتنعوا بهذا على الرغم من انهم متأكدين من ان الحكومة الجديدة ل يعنيها هؤلء في شيء.. لكنهم وجدوا ان القتناع بشيء حتى لو خطأ افضل من عدم القتناع باي شيء بعد مرور ايام اعتادوا عليه واصبح هذا التمثال هو مكان تجمعهم..يتجمعوا حوله دائما في فترة الراحة.. و كان الطفال يحبون اللعب بجواره دائما.. كان يشعروا ان الحديقة قد عادت اليها روحها المسلوبة بعد النقلب الحكومي.. هذه الحديقة التي كانت تحمل ارسم الملك..و كانت تتورسط ميدان حيهم الشهير بالمكتبات و العطارة.. كان حيا اصيل و عريقا بحق..و كانت حديقة كتلك الحدائق التي تراودك في احلمك... و لكن منذ قيام الثورة ..و تغير ارسمها الى حديقة العهد الجديد.... و معها ذهب الملك الى حيث ل يدري احد..لم يعلموا الي اين ذهب رجال الحكومة اعتبروا ان تلك الزهور التي تزينها احد علمات العهد الملكي..ازالوها..و معها ازالوا روح الحديقة..و روح الحي بأكمله.. ----------------------كان كل من يرى التمثال هذا يتعجب من صنعه حقا.. لم ينس شيئا من التفاصيل النسانية الدقيقة جدا...النف البارز مع ثنيات جلدية بسيطة معبرة عن السن..عينان تلمعان في نظرة انكسار شديد..كذلك الشعر الذي لم يكن يعرفوا كيف يتطاير مع نسمات الهواء....حتى وقفة التمثال لم تكن عادية.. كان يقف مع انحناءة بسيطة للمام..توحي بحال رسكان البلد و الحي..وقفة فيها من الضعف الكثير..لكن على الرغم من كل هذا ....كان يتميز برائحة غريبة من الماضي..روح الكرامة للشعب..
حاول اهل الحي كثيرا معرفة لَم يرمز هذا التمثال..هم حقا احبوه.و اعتادوا عليه..لكنهم ل يدروا لي
شيء يرمز..
كذلك لم يعتادوا من حكومتهم الجديدة ان تفعل شيئا دونما ان تعلن عنه..لكنه لم تعلن شيئا عن هذا التمثال الرائع.. و لكن على الرغم من كل هذا كان اهل الحي يعتبرون هذا التمثال فخرا لهم انه يزين حديقة حيهم دون غيرها....و كانوا يلقبونه بـ..بتمثالنا.. كانوا يقصدون به..التمثال المعبر عنا ....و كذلك التمثال المتواجد عندنا.. ---------------------------مع مرور اليام اكثر...ازداد حبهم و ولعهم بالتمثال.. اصبح اكثر تجمعهم عنده..كأنهم يشركونه في تجمعاتهم.. من شدة حبهم له لحظوا انه اخذ في النحناء اكثر مع اليام..تعجبوا بشدة..كيف يتغير هكذا مع اليام.. في باديء المر خافوا عليه..خافوا ان يسقط ارضا و ينتهي امره... لكنهم شعروا انه يحبهم كما يحبونه..انه يتعايش معهم..زاد انحنائهم لما يواجهون..فزاد هو انحنائه....ينحنوا اكثر..ينحني معهم.. احبوه اكثر بكثير..و ازدادوا به شغفا... -----------------عندما قرأوا ان الرئيس و من معه رسيأتون لزيارة حيهم و زيارة الحديقة فرحوا ..و في نفس الوقت خافوا.. فرحوا ان الرئيس رسيأتي لزيارة الحديقة و رؤية التمثال....الذي هو هدية الحكومة الخفية لهم.. كذلك خافوا ال يكون من الحكومة..ان يكون احد مهوورسي الفن صنعه ثم وضعه في هذا المكان بالذات...
هذا ما جعلهم يحاولوا ان يخفوا التمثال عن اعين الحراس الذين كانوا ياتون يوميا لمعاينة الموقع الذي رسيزوره الرئيس و من معه.. كانوا يخفونه باي شيء..حتى انفسهم..و بالفعل نجحوا في هذا... و عند زيارة الرئيس المرتقبة زينوا التمثال تماما كأنها ليلة عررسه.. اتي الرئيس و معه الوزراء....يتقدمهم اقدمهم..و الوحيد الباقي من ايام الملكية.. عندما دخلوا الحديقة..اقشعر جسد الرئيس خوفا..كأنه ارستشعر رائحة خطر.. في نفس الوقت تبسم الوزير..و كأنه ارستشعر رائحة حب..تماما كما ارستشعرها اهل الحي كله.. لحظوه..تعجبوا بشدة..ومعها تعجب اهل الحي انه لم يكن هدية الرئيس لهم.. لكن الرئيس حاول تدارك الموقف..اقترب منه..و معه الوزير..نظروا له في وقفته المنحنية للمام قليل..و شعره الكثيف الذي يغطي اغلب وجهه..
نظروا له..خاف الرئيس قليل..و ارتعش من الخوف..لكن الوزير كان على العكس....اقترب اكثر فاكثر..و نظر جيدا له...لحظه..و عرفه...كيف ينسى هو الملك!!! معها تساقطت دمعات غزيرة..لم تكن من الرئيس..و ل من الوزير... بل كانت منه..من التمثال..بكي ..حينها فقط ادركوا جميعا انه لم يكن ابدا مجرد تمثال..انه كان انسان.. و رسقط هو مع دمعاته...رسقط معها الملك ***ملحوظة ... ليس المقصود بتاتا هو العودة ليام ملكية الملك فاروق و الملك فؤاد و غيرهم..لكن المقصود ملكية النسان و الشخص لنفسه..ملكية افكارك..ملكية حريتك..ملكيتك لنفسك..و ال أعلم
قبلة الحياة كان يذوب عشقا فيها..تأخذه رائحتها بعيدا عن الجميع..كانت تأرسره تستمع للحان بليغ و عبد الوهاب..قتتراقص على الحانها..فتجذبه اكثر اليها..
رغم ان عشقه لها لم يكن حديث العهد..بل تخطي اكثر من 50عاما.. ما زال يتذكر اول مرة راها...لم يكن تخطي العاشرة.. اخذته بشكلها الغريب عليه.....لم يكن يحب هذا اللون من قبل..لكنها اخذته لما هو اعمق من اللون... اخذته مباشرة الى تلك الرائحة التي ملت المكان بمجرد دخولها..تلك الرائحة التي أخذت ألباب الحاضرين في المآتم.. لم يتوقف هو عند هذا الحد..عندما رأها تمر من امامه في هدوء و انسيابية مد يده اليها و تذوق لول مرة قبلتها... -----------انت مش شايف صحتك بقت ازاي؟؟؟.....الضغط على طول عالي...و الدكتور منعك منها خالص.هكذا تصيح ابنتي علّي .ـ.كلما راتني اشرب فنجال من القهوة... تحبني بشدة..و لذلك تمنعني من متعتي الزلية..من القهوة.. ارجوك..ل تبتسم او تظن بي خلل... اني اعشق القهوة عشق الحبة..تلك الرائحة السحرية التي تجعل عقلك يصل الى نقاط مجهولة في الكون الذي هو حولك دائما..لكن في وجودها تتغير نظرتك للكون..تتغير نظرتك لكل شيء..
لم يفت يوم دون ان اتذوقها...مجرد اشتمامي لرائحتها من على بعد يعيدني لقوتي.. اتعلمون!!..يوم فرحي لم يكن هناك شربات او عصائر او اي شيء من تلك الشياء المعتادة..كانت القهوة..فقط القهوة.. ----------------------مبروك يا ارستاذ محمد الترقية الجديدة...بقيت مدير المصنع من الشياء الجميلة بالنسبة لي انني ارستطعت ان اجعل من حبي و هوايتي ايضا وظيفة..
كم شخص ممن يحبوا القهوة و يعشقوها مثلي تتاح لهم فرصة ان يعملوا في اكبر مصنع للبن في الشرق الورسط...بل و يصبح مديره الول.. ل تعتقد انني غريب الطوار او ل يوجد مثلي الكثيرون..انت مخطيء عليك فقط ان تذهب الى تلك القهوة الماكثة في الميدان.. رائحتها رستدلك عليها...ل تقلق ل تخف ايضا حين تلج قدمك داخلها.كن واثقا من نفسك..لنك اذا ترددت لن تتمكن من الدخول.. تلك القواعد..يجب ان تتملكك الثقة و ان تكون فعل من عشاق القهوة..لست مجرد متطفل تريد ان تتأكد اننا لسنا قليلون.. رستخبرني كيف يمكن ان تعرف...هذا هو رسحر القهوة..ل يمكن خداعها بسهولة -----------------------حالة الرستاذ محمد بقت خطيرة جدا..الضغط عالي جدا و مابقاش في دوا بيأثر عليه..الضغط لزم ينزل عشان عملية القلب المفتوح يتحدث الطبيب بصوت هامس لبنتي...ل يريدني ان ارسمع..فاتظاهر انا بالنوم ل يمكن لحد ان يمنع شخصا من حبيبته...انها حبيبته اتسلل من وراء ابنتي..اذهب الى هناك.. حيث كل اصدقائي..كل من هم في حالتي..حيث محبوبتي ادخل المقهي بخطى متثاقلة انهكتها العمليات الكثيرة القى جسدي على اقرب كررسي لدى الباب..تناديني القهوة برائحتها المنتشرة في المكان..ل مجال لمقاومتها هاهي تأتيني تتمايل على نغمات المورسيقى المنبعثة في المكان.. تتراقص على نغمات بليغ و عبد الوهاب..
تأتيني متأنقة كعادتها في اجمل الفناجيل... اتذوق قبلتها...قبلة الحياة..تأخذني لعوالم اخرى..ارى ما ل اراه.. ارى ابي..و امي..ارى زوجتى التي اكل السرطان منها حتى ماتت.. ارى ابني الشهيد..اراهم متجمعين معا..يتحدثون و يتسامرون.. يبتسمون لي..و يضمونني اليهم.. ----------------ل تخف عندما تذهب هناك للمقهي..رستجد الكثيرون مثلي...بل ربما انت ايضا مثلي و لكن ل تعرف.. فقط ادخل المكان..و وصل رسلمي لمن هناك ممن مثلي.
حادث مروري **ملحوظة..أحداث هذه القصة تدور في مكان واحد فقط..و في وقت ل يتخطى الل 10دقائق.. فقط لزم التنويه قبل القراءة
رسعيدة جدا بهذا الخبر..تجلس بجوار هذا الرجل النائم ..امامهم شخص يتحدث في المحمول...خلفهم اب و طفلتيه الصغيرتان...هذا غير السائق و تابعه..و هذا الغامض الجالس في المقدمة وحيدا بجوار السائق.. ----------رغم حالتها العامة التي يرثى لها..و ل تدل على اي مظهر حضاري بتاتا.. ال انك و في هذه اللحظة بالذات اذا رايتها ل تملك ال ان تحتضنها و تبتسم لها و تهنئها.. لم يكن لهناء اي مطالب في حياتها القصيرة... أرسرة فقيرة..لكن راضية..حتى تزوجت من عامل البلدية..الراضي ايضا.. تنظر للطفلتين خلفها..تبتسم لهما..و لنفسها أيضاً ل تستطيع ان تخفي رسعادتها عن المحيطين بها.. "خد 50قرش..و 10صاغ الباقيين مش عايزاهم..خليهملك" تنطلق بفرحة و رسعادة منقطعة النظير هكذا للتّباع.... لمن ل يعرفها..احيانا كثيرة كانت ل تدفع حتى الـ 40قرش بسهولة..ل لشيء ال لضيق اليد تسري في جسدها نغمة فرحة لذيذة...... تتحس بطنها بحنان بالغ..و كأنها رستراقصها على هذه النغمات يهتز الرجل بجانبها و كأنه يشاركها رقصتها الخاصة على اليقاع النفسي لها وتنظر في هذه الورقة التي في يدها.. تلمع في عينيها دمعتين تنحدران في هدوء للرسفل.. و هي تحمد ال على هذا الخبر..و هذه النعمة..ثم تضع يدها على بطنها في حرص شديد عليها..و تحدث نفسها"...هارسميه رسعيد..عشان تبقى عيشته رسعيدة ..و احسن مننا"
و فجأة..يقطع حديثها الشخصي جدا هذه الصرخة... حاااااااااااااااااااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ***************** منظره يغط في نوم عميق..هكذا يوحي انما واقعيا..العكس تماما...ما زال يتذكر رنين الكلمات في اذنه.. "احنا مضطرين نقلل العمالة في الشركة...الزمة المالية" يتذكرها..و يتذكر رسنوات عمله الـ 25في هذه الشركة اللعينة..كانوا يعتبروه العمدة في الشركة.. يحترق من داخله..منتظرا اي لحظة للنفجار... يفتح عينيه لينظر حوله..يفتش في جيوبه..ل يجد اقل من 10جنيه..يعطيها للتّباع الذي يؤكد انه ليس مع فكة رغم ما تحتويه يده من وريقات مختلفة القيمة..و رغم رسؤال السائق له ان كان يحتاج الى فكة
يرفع يده في وجه التّباع طالبا منه الصمت و ان يحتفظ بالباقي....ثم يغمض عينيه مرة اخرى.. و يتذكر هنا ابنته ..التي خطوبتها بعد 5ايام.. و اليوم فقط و يوم ان كان يستعد لطلب رسلفة يتم فصله...يالقدر يستند برأرسه على الشباك"..معلشي يا ارستاذ رسعد...مقدر و مكتوب""..دي مهزلة..احنا مش هنسكت""..جري ايه يا رسعد يا اخويا!!..ما انت لسه شباب اهه..يعني ممكن تدور على شغل في حتة تانية..انت خبرة برضه".... تختلط كل تلك الجمل في رارسه..زملء و اصدقاء بحق..كل منهم يتمتم بالحمد انه لم يكن مع المفصولين..في نفس الوقت يوارسوا المفصولين..و المغضوب عليهم لنهم طالبوا بحقوق كل العاملين..الذين فصلوا و الذين لم يصبهم الدور بعد.. تتسلل اهتزازة لجسده..يرتج لها جسده في خفة..فينظر له الراكبين..و لكنه رسرعان ما يسيطر على جسده مرة اخرى..تاركا قلبه للهتزاز بشده و كما يريد....
و فجأة..تتوقف السيارة في الشارة.... حينها يبدأ في ادراك ما حوله..يفتح عينيه في بطء شديد ..لم يستقل عربيته..ااااه..لقد نسيتها عند الشركة.. و تفتح الشارة مرة اخرى..و يبدأ المرور في النسياق مرة اخرى.. ينظر الى الخلف يرى طفلتين تلعبان في راحة بال و هدوء يتذكر اولده..يتذكر الفصل من الشركة...يتذكر زوجته..حينها ل يستطيع ان يمنع انطلقها من بين شفتيه.... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه...... لتتواكب مع صرخات من حوله ...حااااااااااااااااااااااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ **********************************
في الخلف وحيدا مع ابنتيه... اكبرهما ل تتعدى الـ 5رسنوات..رسعاد..و الخرى فرح ذات الـ 3رسنوات.. رسعاد تردد هذا النشيد الذيذ... أنا رسعاد اخت القمر...بين العباد حسني اشتهر فرح تلعب مع ابيها... و ابوهم ...الرستاذ هاني..يلعب مع فرح..و يراقب رسعاد.. و يراقب نفسه معهما.. يتذكر كلمات القاضي.....و هو يوافق على نقل حضانة الطفلتين الى امهما... المرأة التي لم تفعل في حياتها اي جيد او صواب ال انها اتت بهاتين الرائعتين..هاتين البسمتين ...تريد ان تكفر عن حسنتها تلك حتى ل تلوث صحيفتها المليئة باخطائها المتميزة و رسيئاتها النادرة...
ينظر الى الطفلتين مرة اخرى..يعلم انها ربما تكون المرة الخيرة التي يرى فيها هذه الضحكات و البسمة على وجوههم...انه يعرفها جيدا.. ل يختلف عندها ابنتها عن عدوتها..كلهم رسواء..تراهم عبيد عندها.....حتى هو نفسه كانت تعتبره خادما لها.. و حقا فهو تنازل كثير من اجل ابنتيه الصغيرتين..لكنه لم يتحمل اكثر مما يراه امام عينيه...لم يتحمل مزيد اهاناتها له امام الجميع.. نظرة الناس له تذكره دائما باهناتها ربما هذا ما جعله يغادر المدينة الى حيث ل يعلم احد..و لم يعد ال من اجل انهاء هذه القضية فقط..وتنتهى هكذا..تنتهي كما لم تنتهي الفلم ينظر الى الرجل الجالس أمامه...يحسده على راحة باله و هو يغط في نوم عميق حتى مع تلك الضوضاء الصاخبة من ذلك الشاب الذي يتحدث في الهاتف ,كذلك تلك السيدة الفقيرة..لماذا هي رسعيدة هكذا؟؟؟!!! آآآه ..لماذا تقسو الدنيا عليه فقط ؟؟؟!!؟ تردد رسعاد انشودتها..انا رسعاد اخت القمر.. و تجذب فرح الب من قميصه...فينظر لها و يبتسم...و يغني مع رسعاد.. و فجأة.....حااااااااااااااارس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب *************** لم يكف عن التحدث في الهاتف منذ ركوبه.. واضعه على اذنه متحدثا بصوت عالي..غير عابيء بمن حوله و ل ازعاجه لهم... مخرجا من جيبه الجرة 40قرش بالعدد..ل اكثر و ل اقل.. فيطلق التّباع افيهه الخاص..طب ما تسلفنا دقيقتين و خلص يا باشا
ينظر له الشاب ..فيسكت التّباع على الفور.. و يستمر الشاب في التحدث...
ربما لن يكتشفوا ان ما في يده ليس ال محمول لعبة"من ابو 5جنيه" و ان الشاب حتى ل يعرف الي اين يتجه هذا الميكروباص..و ل الي اين هو ذاهب ******************* يخيل اليك انه مجرد تّباع عادي.. الحقيقة انه مختلف عن الخرين.. فكم هو عدد التّباعين الحاصلين على مؤهل عالي...و ان وظيفته المفترض ان تكون مدرس محترم في اي مدررسة من المدارس المنتشرة في ربوع البلد..
لكنه حقا مكافح..لم يستسلم لليأس و عمل باي عمل امامه..ايا كانت صفته.. كان هذا – على حد تعبيره -اديني بارسلي نفسى و أملى وقت فراغي.. و ربما ايضا لمل فراغ جيبه...و فارغ بيتهم من اي دخل ال عن طريقه ... يتحمل ثقالة هذا الزبون الجالس امامه و ل يكف عن التحدث في الهاتف.. و يتمنى لو يورسعه ضربا.... و لكن هاتين الطفلتين في الكررسي الخير تروحان عنه قليل..يلعب معهم محركاً يديه -الجرة يا حضرات....يعطيه هذا الرجل النائم عشرة جنيهات..يتعامل معها كما تعود دائما"..مفيش فكة معايا"..طريقة تعودها كي يحصل على اكبر مبلغ ممكن....يتركها له الرجل كاملة... يصيح له السائق..عايز فكة يا ارستاذ؟؟!!!
ل يكف عن مضايقته بهذا اللقب...هو يعلم انه ليس بيده..و لكنه فعل يبرع في ارستفزازه.. يصل هو لحد الذروة...من السائق و من هذا الراكب امامه..مع تحدثه في التليفون.. فيلتفت و يستعد للتحدث..و لكنه فجأة يصرخ..حاااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب
*********************** ربما ل يوحي مظهره بانه على قيد الحياة.. بدلة قاتمة السواد...نضارة تخفي تقريبا وجهه كله... ل حركة..ال عندما دفع الجرة فقط..... ل صوت ابدا.....حتى عندماحاول السائق ان يفتح معه حوارا عن الحالة المرورية لم ينطق حرفاً بل لم يلحظ احد انه فعل في العربية ال عندما صرخ محذرا...حارســب اللوري **************** مشغل احدى اغاني الميكروباصات كما ُتعرف.. واضعاً رسيجارة في فمه...تفوح منها رائحة ل تبشر بخير.. ربما ليس اكثر ابناء جيله احباطا...و لكنه بالتأكيد في المراكز الثلثة الولى... رسائق بدرجة خبير... 15عاما رسائقا ل تكفي لن تحصل على مشروعك الخاص..ميكروباصك تذهب يوميا في الصباح الى الموقف...تبحث عن اي عربية في انتظار رسائق لتعرض خدماتك...ثم تأخذ ما يكفيك من رسباب و تحذيرات بأن تحدث اي خدش في السيارة... "اوعى ياض يا ابن الـ ....تمد ايدك ع الجرة......فاهم يا روح امك؟؟" يتقبل كل هذا بصدر رحب و ابتسامة بلهاء..و دموع مكتومة في عينيه...
"عايز فكة يا أرستاذ؟؟؟"يصيح للتّباع دائما يخرج ما يتعرض له من صاحب السيارة على تابعه ربما اكثر قليل في تقييم حشوة السيجارة هذه... حسنا...رسيكمل هذه )الفردة( ثم يشرب كوب شاي كي يستعيد وعيه... يتوقف في الشارة..يحاول ان يفتح حوار تقليدي مع الرجل بجانبه عن الحوال المرورية..و لكن يصدمه صمت الرجل فيقطع كلمه و ل يتحدث تنفتح الشارة فيستعد للنطلق حينما يستمع لكلم الراكب بجانبه..ثم صراخ باقي الركاب... حاااااااااااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب اللوري ---------------------تنطلق عربة النقل المحملة باطنان من حديد التسليح في اتجاه بالميكروباص .... لم تتوقف صرخات الركاب....و لم يتوقف اللوري كذلك.. يتصادموا.. تتحسس بطنها في خوف...يحتضن ابنتيه برعب شديد.. يتمسك بهاتفه..يفتح عينيه و ينظر في فزع.... يصرخ العربية ل ...يعود لما كان عليه قبل صرخته مختبئا في نضارته يتجمد في مكانه و يبكي بشدة و هو ممسك الجرة..
يتصادما... و يختلط دمهم معاً
مجلة حائط
كان تجمعهم الرسبوعي..كل ثلثاء..ربما ل يبدو عليه شيء غريب.. هم الخمسة..لم يزدوا و لم ينقصوا.. خالد ابراهيم..رسها مجدي..رنا يسري...أحمد الشريف..أدهم المصري في نفس مكانهم الذي لم يتغير تقريبا منذ بدء اجتماعاتهم..الطاولة اقصى اليسار بجوار النافذة المطلة على الميدان ل شيء تغير.....ال انهم لم يكونوا كما كانوا.. كان يشتعل بداخلهم حماس رهيب..اذا نظرت في اعين ايا منهم رستلحظ داخلها تلك اللمعة المميزة..لمعة الحماس المشتعل بداخلهم..يجد منفذا له من خلل بريق اعينهم.. تتعرف عليه من خلل حركاتهم العفوية النفعالية..حركات تنم عن فرحة شديدة و حماس شديد..تنم عن حدث كبير..كبير منتظر
لم اعد في حاجة لرسالهم عما يريدوا..طلباتهم معروفة و محفوظة....اتي بها بمجرد وصولهم.. اتقدم منهم و اقدمها لهم في هدوء..عندما يأخذهم الكلم ..يفضل ال اقاطعهم ..
كانوا جميعا..كل في مكانه..عيونهم معلقة على ورقة مفرودة امامهم..و يمسك خالد بالقلم و يررسم فيها خطوط بالرصاص ..و يكتب بعض الكلمات ل اتبينها من مكاني بجانب المشرب..
و كانوا يتناقشوا في رسعادة بالغة..و كأنهم يررسموا خطة زفاف احدهم.. هم جميعا تخطوا العشرين عاما..جميعهم مازالوا عزاب..بارستثناء التجربة القصيرة المريرة لرنا..خطوبة رسريعة لقل من 3اشهر جميعنا يعرف ان خالد يعشق رسها .....ال هي...كان يخشى ان يظهر لها حبه جتى ل تتعلق بما لي يمكنه ان يسدده لها..هو ل يستطيع تحمل تكلفة الزواج هذه اليام..حدثني بهذا منذ مدة وحدنا في احد المسيات الحانية
كانوا يومها متألقين ..منظرهم يجذب اعين المارة من الخارج و الجالسين في الداخل..و كأنهم نجوم في حفل رساهر..الجميع اعينهم متعلقة بهم.. يرفع أدهم يده الي..عندما اقترب منهم..يحدثني ادهم بلكنته الفلسطينية المميزة.. "هل عمي..قلي..رايك ايه احلى..القمر هلل و ل بدر؟؟؟" رسؤال غريب...ربما يكون نكتة!!!لكن اعينهم جميعا متعلقة بي..ما المقصود من السؤال؟؟ "بيتهيألي..البدر..نوره بيكفي انه يغطي البسيطة كلها" تبتسم رنا ببساطتها المعتادة..ل تلبث ان تتبعها رسها بنظرة المستفسر.. رسها و رنا..صديقتان...لم يتعرفا على بعض ال من خلل اللقاءات الثقافية التي تعقد شهريا في هذا المقهي.. أما ادهم و احند فهما في الصل زميل درارسة..حتى الن..و خالد يكاد يكون اكثر الزوار للمقهي يوميا.. أبت صاحبته ان تجعله مقهي لنفخ الدخان..رفضت فيه المدخنين..و ل توجد شيشة..مقهي ثقافي حضاري...اجتمع فيه خيرشباب..فتعاونوا على البر و التقوى..و لم يلفظوا بالثم و ل العدوان اشعر بحرج شديد ان اكون اخطأت اجابة..رسرعان ما يلحقني أحمد بمرحه المعتاد.. "البدر احسن لنه بيوفرلنا فاتورة الكهربا..انما الهلل مش باشوف ال لو ولعت النور" يبتسموا جميعا و انا معهم..
قبل ان تقول رسها بلغتها القوية التي اكتسبتها من كثرة قراءاتها..هي صغيرة 22عاما فقط..لكن عمرها العقلي ربما يتخطي ضعف عمرها "الحقيقة يا عمي ان انا شايفة ان الهلل اقوي..تأثير الهلل على باقي القمر اقوي بكتير.. في رسحبة الضوء اللي بيكفينيها الهلل..باقدر اشوف حدود القمر كله..كمان الهلل اول جزء بينور في البدر..و اخر جزء بينطفي" يتبعها خالد بالجملة التي تنفي عني حرج"..بس دي اراء ...و اختلف الرأي ل يفسد للود قضية..و احنا اللي بينا يا عمي اكبر من الود" ينادونني دائما بـ)عمي(....لو كان انعم ال علي بالولد..لربما كان ابني مثلهم لكن حقيقة..مجرد كلمة )عمي( منهم كانت تشعرني بالنشوة و كأنهم اولدي.. كنت بمرور الوقت..و تكرار الجتماعات و اللقاءات في المقهي اشعر بانجذاب قوي نحوهم..و كأنهم فعل اولدي..كانت همومهم تشغلني..و كذلك فرحهم يسعدني.. يقوم ادهم و يسحب كررسي و يقول لي"..اتفضل عمي..بدنا رايك شوي" يشير خالد الى الورقة امامه.. "عايزين نعمل حاجة زي مجلة حائط..و بنفكر نسميها حالة حوار...ايه رايك يا عمنا" "عارفين يا ولدي ان اكتر حاجة ضايعة مننا اليام دي هي الحوار.. مفيش حد بيكلم حد..و كل واحد بيقول يل نفسي..و عشان كده ماحدش بيعرف حد" تبتسم رنا مرة اخري و هي تخبرني بصوتها المنغم.. "كلمك مظبوط يا عمي..و عشان كده كان رسؤالنا..ايه القوى..البدر و ل الهلل؟؟ رسؤال جدلي و تختلف عليه الراء...و المفروض اننا نتقبل كل الراء..المتفقة و المعارضة..هو ده الحوار" تشرح لي في هدوء اجزاء مجلة الحائط...
الجزء الثقافي رسيعمل عليه خالد"..دودة الكتب"..يعتقد ان الكتاب اهم من الطعام احيانا..يكفيك كسرة خبز و رشفة ماء..و لكن ل تكفيك مكتبات الدنيا كلها .. اما الجزء الجتماعي و الحواري..تؤول مهمته لصاحبة الكلم القوي رسها..رغم هدوء ملمحها الذي يجذبك اليه..ال ان ال حباها بنعمة قوية..تأتي بكلمات من عمق اللغة لتغذي المعنى الذي تريده كما يكون..و كأنها تلعب بمكعبات صغيرة..تجمع كلمة من هنا على اخرى من هناك لتوضح ما يدور في بالها..
اما احمد..ابرز ما يميزه ارستخراجه الضحكات من اي شخص في اي وقت..باقل جهد.. و هذا ما يجعل الجزء الذي ينوي كتابته يتصدر المجلة في تخطيطهم..يعلموا مدى تأثير البسمة الحقيقية الصافية على الشخاص الحزانى... و رنا تتكفل بالكاريكاتير و الررسومات...رقة ملمح رنا و مصريتها كانوا دائما ما يظهروا في ررسوماتها..و كأنها تكتب ارسمها او جنسيتها..كان الررسم عندها ارسهل من الكتابة و مهمة ادهم هي تنسيق كل هذه الجزاء معا في شكل قوي..و تصميم واضح بعد توضيح رنا..يسود الصمت قليل.. قبل ان يكمل لها احمد.. "و طبعا يا عمي انت معانا..مسئوليتك بقى تشرف علينا..عشان عايزين نخلصها قبل الثلثاء الجاي" رائعين بحق..ل يتكفلوا فقط بانارة عقول الخرين..بل ينيروا قلوبهم ..و ينيروا كل حياتهم.. و كان مهمتهم في الحياة هي فقط انارة الطريق للخرين كم احبهم!! "بس ايه ياولد اللي طلع في دماغكوا الفكرة دلوقتي يعني؟؟!!" يجيبني خالد بهدوء... "ياعمنا ..ربنا هيسألنا عن شبابنا..المفروض مانضيعوش و نستغله..
ماننساش اننا شباب..و احنا اللي شايلين حمل مصر على اكتافنا..و عايزين نقول للناس ان مصر حلوة ..حلوة بجد..و هي دي حالة الحوار بينا..مصر حلوة..و عشان كده السؤال زي ما رنا قالت.. ايه القوى..البدر و ل الهلل..هنختلف و نتحاور و نتناقش...بس تبقى بديهية واحدة..ان في كل الحوال مصر احلى بلد" ترتشف رسها اخر ما تبقى في كوبها من عصير..ثم تنظر في رساعتها.. "الساعة دلوقتي ...2.15بسرعة بقى عشان نلحقهم" ينهوا جميعا ما معهم.. يعطيني ادهم الورقة التي كانت امامهم..يوصيني بها خيرا الى ان يأتوا كل بجزئه المرة القادمة حتى يبدأوا في تنفيذها النهائي.. لم اعرف رسببا لسرعتهم هذه المرة في المغادرة.. ارستوقفت ادهم لرسأله.. "عارف يا عمي!!انا بقالي اكتر من 7رسنين في مصر..باشوف اهلي في غزة و الضفة كل يوم يموتوا ...ينضربوا..يتحرقوا..و يتعذبوا..تعرف؟؟كانت كل رصاصة بتصيب حدا فيهم..كأنها موجهة الي...كنت حارسس اني مذلول مكّتف...ول بايدي اشي اعمله لبلدي و لوطني.. بس بعد 7رسنين في مصر..باعترفلك يا عمي..بقى هوايا مصري عن جد..و احس انها بلدي ..و مصلحتها تهمني..و لهيك".. يقاطعه أحمد و هو يسحبه من يده"..و لهيك يا عمي هيفضل يتكلم هنا و الناس يبدأوا يتحركوا و مانعرفش نوصلهم...ادعيلنا يا عمي" "ربنا يوفقكوا يا بني و ينصركوا على كل ظالم" تمسك رنا بيد رسها"...هاتي ايدك..مش عايزين نتوه من بعض خالص" يقف خالد على باب المقهي و هو يشير اليهم..اوصلهم الى الباب... يسلم علّي خالد بشدة..و يقبل يدي"..نشوفك على خير يا عمي...حافظ على المجلة"
يعبروا الطريق امامي.. ما اجملهم شباب بحق..بنات و اولد..ل يفرق بينهم شيء.. و ل يجمعهم شيء ال كل ما هو نبيل و راقي..يجمعهم حب مصر رسها...رنا...أحمد..خالد..ادهم... جميهم و كأنهم خرجوا من نسيج واحد..يختلفوا في الراء لكن يتوحدوا في الفكار.. تعبر رنا عنها بررسمه..تنثرها رسها في كلمات....يصوغها احمد في رسخرية...يقولها خالد بمرجعيات...يطلقها أدهم و كأنها رصاصة... لكنهم جميعا يتوحدوا في الفكار.. ما أرسعد اهلهم بهم جميعا.. اعود الى داخل المقهي...اضع مجلة الحائط المستقبلية بعناية في دولبي..و اغلق عليها بعناية.. انظر من خلل النافذة المطلة على الميدان...أجد تجمع كبير و هائل.. اظل واقفا مكاني اشاهدهم.. حشد ل نهائي من شباب في اغلبه..شكلهم رائع جدا..جميعهم رسعيد و يبتسم..و كأنهم في موكب فرح.. ابصر من بعيد طيف رسها كأنها معهم... اخطو مسرعا نحو الباب حتى أتاكد.. ارسمع صوت دوي طلقات نارية في الهواء..ارسرع في الخطا..الدوي يتواصل..متى ازدادت المسافة هكذا حتى الباب!!.. اخيرا ادلف من الباب..و دوي الطقات يستمر.. اجول بعين بين الشباب...ل اتبين احد..ل اري شيء.. ل الحظ رسوي لون احمر قاني يتسلل الى مدخل المقهى..و كانه يلتف حول قدمي..
ابتعد بسرعة عن الباب..اشعر و كأن حمل ثقيل رسقط علي.. اهرول مسرعا بين الحشد الملقي على الرض... ادعو ربي ان يخيب ظني.... ارسمع كلمة خافتة بجانبي"..عمـ ـ ـ ـ "... يمسك يدي"...قول لسهـ ـ ااا اني باح ـ ـ ـبـ ـ".......... هذا خالد ..هذا صوته..و هذا حبه..لكن هل هذا حاله؟!!!!؟ امسك به مستنجدا بربي..اهزه بشدة...و ل اجابه انطلق به مسرعا الى المقهي..اطلب النجدة من الجميع..لكن كان ما كان اذهب بحثا عن الخرين.. ماذا عنهم جميعا.. رنا رسقطت قتيلة..ممسكة بيدها رسها..اعتزما عندما خرجا من المقهي..أل يتوها ابداً
أدهم رسقط على احمد..تلقى بدل منه الطلقات جميعها..و أحمد رفض ال ان يلحق بهم جميعا فأخذ من الرصاصات نصيبه و ما يكفي..
جمعتهم جميعا داخل المقهي..جلست بجانبهم لحظة .. انطلقت مسرعا لحضر مجلة الحائط.. وقعتها بدمائهم جميعا..كل في مكانه المخصص..ارفقت به صورة لكل منهم.. و غمست يدي في دمهم..و كتبت )اكيد مصر احلى( انتهيت منها في اقل من 30دقيقة..كان عمل رسريع...
علقتها في مدخل المقهي.. و بجانبها رسؤال واحد فقط.. ايهما القوى؟؟البدر أم الهلل؟؟؟!!!!! حينها كنت ارسأل السؤال و انا متأكد من الجابة دون تردد هلل الشباب الذي يحدد كل القمر..هو اول البدر و انتهاءه.. و هو أرساس الضوء..و أرساس انارة عقول و قلوب كل الناس بالتأكيد..هذا الهلل اقوي بكثير من أي بدر
ال ـ 18دور احتشد اللف امام المبني هاتفين باعلى صوتهم...مطالبين بارسقاط العلم.. كان حديث جانبي يدور بين مجموعة اصدقاء.. تفتكر انهم هيشيلوا العلم؟؟- و ال الواحد ماعدش عارفهما ممكن يعملوا ايه..ربنا يسترانا زهقت اوي بقى..كده كتير...أنا طالع- و فجأة رسحب العلم من يد صديقه و أخذ طريقه في الصعود. احمد..ارجع يا احمد لكنه كان بدأ الطريق بعض الوقات تكون الحمارسة اكبر من ان ٌتحتوى..
هذا ماحدث..
اتخذ احمد الطريق للعلى..لم ينظر لكونهم 18دور..و ل انه ممنوع ارستخدام السلم و ل اي شيء.. نظر للعلم في يده..و اتجه للعلى... --------)(1 "رسبايدر مان مش احسن مني..رسبايدر مان مش احسن مني" و اخذ في الصعود متشبثا باي بروز يراه على الحائط يااااااااااااااا رب...
عندما وصل للدور الول كان يشعر بخوف شديد..يكاد يبكي و هو ينظر للرسفل رغم انه لم يرتفع كثرا.. كان الكل يطالب بارسقاط العلم و ل يراه احد ال صديقيه فقط.. تذكر وقتها صورة جده المعلقة في الصالة اما باب الشقة مباشرة.. كان شاويشا في الجيش قتل في عام 1967 تشبث اكثر بالعلم و ارستكمل الطريق بحماس.. --------)(2 "يااااااااااااااااااااااا رب" كانت صيحة قوية اخرج فيها كل ما في صدره من خوف و قلق.. كان يرى بعدما وصل للطابق الثاني الناس و هو اصغر.. لكنه كان ل يزال يرى صديقيه و يحدد مكانهم .. كان يرى مكانه فارغا بجانبهم..و كذلك مكان صديقهم ماجد...الذي قتل في يوم 28يناير كان يرى مكانه و كأنه دمه مازال يجري في مكانه .. نظر للعلى قبل ان ينطلق و هو اكثر اصرار على الوصول.. ---------)(3 "أحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد" كان صديقيه وقتها شديدا القلق عليه و ظل يصرخان باعلى صوتهم..و لكن كان صوتهم يضيع ورسط هذا الصخب و النداءات العالية.. ظل هو ينطلق للعلي بدون توقف و كأنه ل يرى و ل يسمع ال ما امامه كانا شديدا القلق عليه خصوصا في هذه الظلمة.. فكر أحدهما و فأخذ كّش اـف و رسلطه امامه بحيث يرى.. ان كان و لبد من ان يصعد للعلى فليصعد في النور
-------------)(4 "يااااااااااااااااااااااااا رب" يتبقى الكثير حتى يستكمل الصعود ينظر للرسفل فيرى الضوء مسلط عليه بقوة.. يحمد ال على ان احدا فكر في ان ينير له الطريق للعلى..لم يكن يستطيع ان يصعد في الظلم اكثر من هذا كان ينظر من شرفة الدور الرابع وجدها مظلمة..كان أحدا ل يسكن فيها تذكر ان جميع السكان اخلوا العمارة من اجل هذه السفارة الملعونة رفع علم مصر في شعاع الضوء امامه و هو ممسك ببروز الشرفة و هتف "تحيا مصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر"
----------)(5 "الحقوا ده في واحد على الجدار" كانت جملة هتف بها احد الواقفين.. نظر الجميع للعلي باتجاه الضوء.. رأوه عند الطابق الخامس..و ممسك بعلم مصر و هو يستكمل الصعود.. كان الهتاف و التصفيق بالعلى اكثر من ان يخذلهم و يستسلم للتعب الذي احل به... كانت تكفي جملة"تحي ـ ــا مص ـ ــر "التي يهتف بها الجميع ليستكمل الصعود دون توقف ----------)(6 كان الهتاف يلهب حمارسه ليستكمل الصعود.. "يااااااااااااااا رب" تنطلق مدوية ..كان يشعر و كأن يده تصل للبروزات وحدها دون عناء منه.. ل يتحكم هو في حركتها.. بل هي التي تتحكم فيه يجد نفسه فجأة عند الطابق السادس و يستكمل الصعود دون ان يقف.. يشعر بالتعب و لكن يده تواصل التطلع..و قدميه تواصل الحركة لعلى كان الحماس يتملكه كله من اعله لرسفله --------------------)(7 كان الصعود المستمر الذي يصعد به ل يتوقف.. حاول النظر للرسفل لكنه لم يستطع ان يحدد مكان صديقيه..كان النور يأتي اليه من كل مكان لم يقتصر فقط على هذا الكشاف الذي كان مسلطا عليه في البداية كان رقعة الناس تتضح حدودها اكثر في عينيه... يراها و كأنها لوحة مررسومة بالوان مصر امامه شعر فيهابخطوط هذا الررسام البرازيلي "كارلوس لطوف" نفس رسخونة الوانه شعر فيها ايضا بملمح تماثيل محمود مختار..تدب فيها حيوية و اصالة شعر فيها بملمح امه ..و شعر و كأنها تحثه على الصعود و اكمال المهمة ...فارستكمل الصعود ------------)(8 "ارفع رارسك فوق..انت مصري" كان يرددها من بالرسفل فتصل اليه قوية كفاية لتهز جبل المقطم.. كان في صعوده المستمر يرى ما لم يراه و هو في الرسفل.. شعر و كأن مصر كلها اجتمعت امام عينيه..يراها رأى العين
تذكر صلح جاهين ""على ارسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء.. انا مصر عندي احلى و اجمل الشياء" "باحبك يا مص ــر"قالها بكل حب و هو يحتضن علم مصر.. و ارستكمل الصعود ----------)(9 "هو طالع كده ازاي؟؟" كان الناس ورسط هتافهم و تشجعيهم له قلقين و متخوفين كيف يستطيع ان يصعد هكذا دون اي مساعده يصعد و كأنه يلهو و يتمسك بالجدار بيد واحدة و يرفع بالخرى العلم رد أحد صديقيه"..أصل أحمد بيحب مصر اوي" كانوا يتعجبوا بشده ...قبل ان يهتف احد المتظاهرين.. "كلــنا بنحبك يا مصر..كلــنا معاك يا احمد" ------------------)(10 فجأة...وجد امامه صورة النقيب أحمد جلل.. تذكر كيف قتل دونت ذنب او رسبب كان شهيدا يرتفع في السماء عندما وضعوا جثمانه في التراب.. وجد امامه العلم في الهواء و كأنه يسخر منه.. "يا ولااااااااااد الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلب" و ارستكمل الصعود -------------)(11 تذكر أحمد ان يعاني من فوبيا الماكن المرتفعة.. لم يعرف كيف نسى هذه المعلومة..كاد يسقط حينها و لكنه تشبث بالجدار امامه.. رسمع حينها همسا من الشرفة امامه... لم يميز منه رسوى كلمات معدودة "غزة..مصر..باراك..مباراك" شعر بالضيق الشديد و الرستفزاز.. أتاه الهتاف من ارسفل "تحي ـ ـ ـ ــا مصـ ــر" فدفعه من الرسفل للصعود -------------)(12
كان صديقيه بالرسفل شديدا القلق عليه.. كانوا يروه يصغر و يصغر مع صعوده المستمر..لم يكادا يراه على الرغم من الضواء المسلطة عليه "لو حصل حاجة هنقول لبوه ايه" "مش احنا اللي هنقول..الناس دي كلها اللي هتقول.. تحيــا جمهورية مصر العربيــة" ----------)(13 ك.ان اليعي.اء يتملكه اكثكر ف.اكثكر..ل يكد يتسطيع ان يكرك يديه من مك.ان.ا.. مكر ام.ام يعينيه شكريط من الصور.. صورة العلم الصكري يكرفع ف سين.اء يع.ام 1973 صورة يعلم الكي.ان الصهيون و هو يوضع يعلى السف.ارة ف مصكر يع.ام 1980 صورة ممد الدرة..صورة اي.ان حجو.. ك.ان هت.اف الن.اس من اسفل قوى جدا "ي.ا شهيد ن.ام و ارت.اح..و احن.ا نكمل الكف.اح" و أخذ ف الصعود ------)(14 ل تعد تستطيع الضواء السلطة ان تصل ل.ا هو ابعد من ذلك ف تلك الليلة اللظلمة.. و جب يعليه ان يعتمد يعلى احس.اس قلبه ك.انت ليلة ملظلمة ل يكد ان يلظهكر فيه.ا القمكر لكنه حينه.ا ظهكر و اض.اء..و كأنه ك.ان مسخكرا له..يضيء كل بقعة تقع يده يعليه.اتس.ايعده ف الصعود.. ك.ان ينلظكر للقمكر و نوره البيض الس.اطع..الذي يني له طكريقه.. فيستمكر ف الصعود -------)(15
اخب اصدق.ائه فيم.ا بعد انه استط.اع من مك.انه هذا ان يكرى مصكر كله.ا.. رأهم ف الق.ائد ابكراهيم و هم يلوحون له و يشجعونه ف اللة ك.انوا يهتفون ب.اسه و يط.البونه ب.الستمكرار بينم.ا ف النصورة ك.انوا ف مسيات مشجعة له اسوان ك.انت متشحة بعلم مصكر بطول.ا و ف سوه.اج خكرجوا جيع.ا يط.البون بطكردهم و السويس ك.انت تزدان ب.المحكر و البيض و السود و كأن.ا يوم يعكرسه.ا أكد أمحد أنم سعهم جيع.ا يكرددون نفس الت.اف ف نفس الوقت "ب ــكره ب ـ ــكره ي.ا صه.اي ــنة" "ب ــكره ب ـ ــكره ي.ا صه.اي ــنة" ------)(16 تعجب أمحد من نفسه كيف استط.اع ان يصعد كل هذه الدوار لول مكرة ف حي.اته هو الذي ل يصعد حت شجكرة ف صغكره و يع.ان من فوبي.ا من الم.اكن الكرتفعة يتسلق 16دورا و ل ي.اف.. ل يشعكر ال ب.الم.اسة الشديدة تتملكه حسن ً.ا..قضى يعلى فوبي.اه ال.اصة ..ف.استكمل طكريقه ليقضى يعلى فوبي.ا مصكر الع.امة ------------)(17 ل يعد يستطيع ان يكرك يده من مك.ان.ا.. شعكر و كأنه تيبس ف وضعه هذا.. بكرودة شديدة من حوله ..
أحس و كأنه اخف من ان يثبت نفسه و ان اي ريح ستودي به للرض.. نلظكر للسفل فلم يكد يستطيع ان يكرى شيئ.ا.. فجأة ربتت يد يعلى ظهكره..نلظكر بفزع وجده م.اجد صديقه "كّم لـ ي.ا أمحد..انت قكربت تقق حلمن.ا" أخذته الدهشة فك.اد يسقط لول ان امسكت به يد جده "قوم ي.ا أمحد...انت يعديت كل الصعب..مبق.اش ح.اجة" ث أخذ ممد الدرة بيده و صعد معه تكرافقهم.ا حجو..فهمست ف اذنه "تعكرف..ك.ان بدي شوف سب.ايدر م.ان متل م.احيكو يعنه صح.اب فوق..بس هل شوفتك انت..و ال أحلى بكتي من اي وصف" ----------)(18 ك.ان هدفه يقت ب بشده..ه.ا هو ام.امه.. اخيا استط.اع ان يعتدل و يقف كم.ا يب.. شعكر بنسمة هواء منعشة تكر يعليه فتف.اءل.. نزع العلم الصهيون من مك.انه و الق.اه ارض.اً و وضع العلم الصكري مك.انه و أخذ يكرفكرف.. ك.ان مشهد رائع جدا.. ك.انت اي.ان تسك ب.العلم و هي تطي ف الواء لتجعله يكرفكرف .. بينم.ا ك.ان م.اجد يكراقص الدرة حول العلم.. ام.ا جده فكربت يعلى كتفه و هو يدمع قبل ان يقبله ف رأسه النلظكر ف السفل ك.ان بديع.اً الكل يكرقص فكرح.ا و طكرب.ا
ك.ان أمحد يكري مصكر كله.ا سعيدة.. بل يكراهم ف غزة فكرحي ب.ا فعله و هم يق.اومون ف يعّم .اـن ك.انوا ف طكريقهم للوصول ل.ا استط.ايعه بينم.ا ف سوري.ا و طكرابلس ك.انوا يكرروا انفسهم حت يطهكروا بلدهم حت القمكر ك.ان يش.اركهم السع.ادة فأستأثكر بضوءه للعلم فبدا و كأنه يشع ضوءا و بي.اض.ا وسط السم.اء و النجوم --------يعندم.ا يع.اد للرض ح.اول الوصول لصديقيه لكنه وجد الكل يلتف حوله.. محلوه يعلى اليعن.اق و هم يهتفون.. "تيـ ـ ــ.ا مصـ ـ ـ ــكر" ك.ان يشعكر بنشوة ب.الغة وقته.ا..و لكن ك.ان يشغل ب.اله.. هل فعل ك.انوا معه ف اليعلي؟؟!! ك.ان م.ا يزال يستشعكر كلم.ات اي.ان ف اذنه.. رائحة الزيتون العلقة ف ثي.ا ب الدرة ل تزال ف انفه و جده و كأنه يكربت يعلى كتفه الن.. م.اجد م.ازال ام.امه كم.ا أت.اه ف اليعلى ابيض شف.اف يعندم.ا ك.ان يشى مع صديقيه سألوه "بس انت ازاي ي.ا امحد م.اخوفتش..مش انت يعندك فوبي.ا؟؟" نلظكر للسم.اء ث ابتسم..... "م.اجد و الدرة ه.ا اللي طلعون"
من مصر
كانت العربة تسير تهتز اتفاعا و هبوطا و هي تسير بهم..و كانوا هم جميعهم الثمانية عشرة متجمعين في الخلف اغلبهم صامت ال بعضهم يق أر بعض الدعية او الترانيم.. كان علي يجلس بجانب الكوة الوحيدة بالخلف التي يمكن ان ينفذ لهم شعاع من الضوء منه حتى يستطيعو ان يميزوا بعضهم البعض-بصعوبة شديدة-و كان يجلس بجواره صديقه عماد.. لم يكن عماد و علي اصدقاء منذ فترة بعيدة فقط 6او 7سنوات ..اول يوم استلم فيه علي عهدته العسكرية و اخبروه انه في سل ح المشاه ..و التحق بالكتيبة .. 11حينها رأي عماد يستلم مكانه هو الخر..تعجب من لمعة عينيه الحزينة و بدأ يحدثه..و منذ ذلك الوقت و هما اصدقاء بحق كان عماد ساهما في المام الل واقع.. "مالك يا عماد؟؟!!..قلقان ليه" "خايف يا علي اوي..مش عارف ليه خفت فجأة" "تخاف؟؟!!؟؟نخاف و احنا رايحين نتفسح؟؟"سأله علي و هو يبتسم باحثا عن امل مفقود "نتفسح؟؟مش فاكر ياعلي اللي حصل قبل كده؟مش فاكر محمد سعيد..مش فاكر مصطفى الشحات..مش فاكر دفعة 69اللي مش باقي منها غيري انا و انت و محسن عبد الكريم اللي اتنقل لمركز القيادة؟؟"كان عماد منفعل و خائف فعل " فاكر كويس يا عماد.و عشان كده متأكد اننا رايحين نتفسح..اللي جوانا و مكتوم بقاله سنين هنخرجه ..هنشم هوا براحتنا من غير ما تكون في حاجة ضاغطة على صدرنا..و هنعرف نتفسح" كان في الحقيقة علي يريد ان يطمئن نفسه ..كان يتمنى ان يقول احد هذا الكلم له شخصيا.. كان عماد وقتها صمت عن الكلم و بدا و كأنه يائس بحق.و كذلك بقيتهم في الخلف كانوا صامتين تماما..و كأنهم في مسيرة جنائزية مهيبة.. فجاة بدأ علي يغني باعلي صوته. "يا اهل بالمعارك..يا بخت مين يشارك بنارها نستبارك.. و نصبح منصورين.. مليين الشعب تدق الكعب تقول كلنا جاهزين كلنا جاهزين
يا أهل بالمعااااارك "....... كان الكل بدأ يردد معه و بدات تصدر حركة صاخبه تحمل أمل ما للقادم المجهول...و كان صوت ضحكاتم بدأ يرتفع قبل ان يأتيهم تحذير من المام فعادوا للهدوء مرة اخرى..و هم يرددوا الغنية فيما بينهم بصوت خفيض بعد فترة بسيطة توقفت العربة.. "يل يا رجالة...بسم ال" _______ بدأوا جميعا في النزول من التوبيس الخاص بفوجهم...و كان الكل ممسك بكتيب الخاص بالتعليمات الخاصة بالفوج و ايضا باحكام و فرائض الحج.. يتقدمهم الشيخ المسئول عنهم..الشيخ"سعد الشحات"..كان شابًا ممتليء بعض الشيء..طويل و شديد البياض.. كذلك صوته هاديء و رزين..و يعلو وجهه ابتسامة غير متكلفة.. امسك بيد الستاذ علي و هو ينزله من التوبيس.. كان علي يشعر برهبة شديدة و هو في طريقه لبيت ال الحرام.. بكي فرح ًا عندما ق أر اسمه في الفائزين بالحج لهذا العام..ربما هذا هو افضل ما حدث له منذ الحرب...خاصة و ان الحج جاء له عن طريق "جمعية محاربي اكتوبر" بمناسبة مرور 15عامًا على الحرب و كأنها مكافأة من الدولة لصحاب النجاز التاريخي.. كان علي مهتم بشدة و هو يستمع لتعليمات الشيخ ..كان يشعر فيه بشيء من اللفة الغريبة..يخبرهم كيف يؤدوا الماسك بالتريب و ينصح الكبار في السن بتجنب الزحام حتى ل يصابوا باختناقات..كذلك ينصحهم جميعا بان يبقوا بالقرب من بعضهم البعض...و يؤكد عليهم "تذكروا رقم فوجنا..الحادي عشر –مصر"- تذكر علي رقم ..11و تذكر الكتيبة 11مشاة و تذكر كل اصدقائه وقتها..التمعت عيناه فجاة.. و ذهب مسرعا للشيخ قبل ان يذهب"..يا شيخ سعد.يا شيخ سعد..انت والدك كان اسمه ايه؟"
ضحك الشيخ بهدوء و سعادة "كنت مستنيك تسالني من اول الرحلة..مرضيتش اقولك" "ابن مصطفي الشحات ال يرحمه...يا بخته بيك" "ال يرحمه ..يل عشان نلحق وقتنا" ظظظم هذا البناء.. ذهب علي و بدأ في الدوران حول الكعبة..و بدأت عيناه تمتل بالدموع و هو ينظر لِع َ كان يبكي على كل خطاياه التي ارتكبها... كان يسير في خطى وجلة يملؤها خوف شديد من ال.. ظل يبكي و يبكي و يبكي.. كان كلما اراد ان يردد مع باقي الحجيج خرج صوته مكتوما...ل يكاد هو يسمعه ...بدل من الحروف تنطلق الدموع من عينيه .. بكى بشدة..حتى وجد يدا تربت على كتفه من الخلف.. كان رجل اسيوي الملمح يبتسم بهدوء و طمأنينه.. قال له في لغة عربية ضعيفة"....ال اكبر...غفور...رحمن" وجدت كلمات هذا الرجل الوقع الهاديء الطيب في نفس علي..شعر بطمأنينة و راحة بال حينها.. ابتسم بدوره للسيوي..ثم امسك السيوى بيد علي و بدأ في التلبية معًا.. __________ "مصر يا أم..ولد اهم دول علشانك داقوا الهم" كان هدير المليين في ميدان التحرير كافيا لن يحرك الصخور الراقدة على القلوب منذ عقود طويلة تجمع اولدها معا في هذا الميدان على اختلف طبائعهم و احلمهم و مستواياتهم..جميعا اولدها.. كان الجميع يتعرف على الخر ..اختفت الفارق..
في أحد جوانب الميدان تجمع عدد غير قليل من الشباب حول الحاج علي...كانوا يستمعون بانصات شديد و هو يحكي لهم عن حرب اكتوبر.. كثير من هؤلء الشباب ابائهم كانوا اطفال وقت الحرب فلم ينغرز في عقولهم اشياء تذكر عن الحرب و بالتالي لم ينقلوا لولدهم عنها ال اقل القليل.... كان يتحدث و هو يستند على عصاه في يمينه و حفيده الكبرعلى يساره .. حديثه مشوق و خلب..يسرد الحداث و كأنها امامه الن بكظ ظظل تفاصيلها كان الستاذ علي بطبيعة عمله كمعلم يجيد التعامل مع الجيال الخرى..لم يصبه سرطان تباعد الجيال بضرر يذكر سوى بعض الكلمات و التعبيرات التى ل يستطيع ان يضعها في معنى محدد.. ابتسامته لم تفارقه و هو يسرد لهم الحداث التي شهدها هو و من معه في الكتيبة 11مشاه.. كان يعلم في ق اررة نفسه ان التاريخ سيذكر هؤلء الشباب بما لم يذكرهم بعد الحرب.. " بيقولوا جيلنا قدر انه يحرر ارض رسينا من العدو..بس الحقيقة ان احنا محررنهاش فعل..احنا يادوب خرجنا دباباتهم و عساكرهم بس..انما هما لسه هناك ..دول بقوا هنا كمان..في كل مكان حوالينا".. كان الستاذ علي يحدثهم بحماس شديد..ربما يفوق عمره الذي تخطى الظ 65 "و العدو مش ارسرائيلي و ل اجنبي..في كمان العدو الداخلي..اللي هو مننا..ده بقى خطورته في انه عارف طباعنا و عارف كمان ازاي بنفكر.. يعني بيتوقع كل خطوة نعملها..و بيحاول انه يمنعها..و دي المشكلة يا شباب.. لزم نفاجئه بالجديد.. في 73فاجئنا العدو في عز الضهر و من غير توقعات ..قبل ما يفكر كنا بقينا قدامه خلص.. و انتوا يا شباب كمان زي ما فاجئتوه في البداية..لزم نفضل بالمفاجئات لحد ما نخلص من كل العداء هما عايزنا نفضل تحت..بس ل....احنا هنطلع فوق"
تحمس بشدة و هو يتحدث..و نقل حماسه للشباب الذي امامه...و بدأوا في الهتاف بقوة.. "لفوووق
لفووووووق لفوووووووووق" _____ و بدأوا في الصعود.. الحاجز الترابي مهول عندما تراه من اسفل..كما لو كان لعنان السماء "يابوووووي..الجبل ده عالي جوي...بسم ال"قالها عوض ميخائيل –أحد افراد الكتيبة -بنبرة تحدي و حماس.. كان عماد بشعر بخوف غامض..فمسك علي يده ..و بدأوا في الصعود لعلي.. كانوا متشابكين معا و هم يصعدون في حين تأتي المياه من خلفهه من الخراطيم و هي تصنع تلك الحفر في الجدار.. يرددون معاً بصوت واحد "ال اكبر..ال اكبر"كانت صيحاتهم هذه كفيلة وحدها لن تسقط الجدار هشيما مع الصعود و الصيحات و اقتراب المل..كان الحماس يتملكهم جميعا ليقضى على كل خوفهم.. بدأ عماد في الصعود وحده...و كذلك علي..عندما أروا العلم المصرى مزروعا على قمة بارليف اسرعوا الخطى و ارتفعت صياحتهم"..تحيا مصر..تحيا مصر..تحيا مصر" شعروا برغبة شديدة في الطيران..ارادوا ان يحلقوا فوق الرؤوس ..تمنوا لو يستطيعوا الن ان يروا الصهاينة من خلف جدارهم الذي ل ينفع "تصدق شكلها فسحة يا على صح"..قالها عماد و هو منتشى بالسعادة كانوا ينظروا لبعضهم في فرحة و سعادة ل توصف عندما بدأ طيران العدو في إلقاء قنابل حارقة عليهم...نار حارقة اشتعلت تأكل ما تأتي عليه ..و من تاتي عليه ايضا.. بدأوا يسرعوا الخطى نحو القمة متجنبين كل القنابل.. نظر علي بجانبه على عماد فوجده متأخ ار قليل عنه.. "هات ايدك يا عماد "قالها علي بسرعة و هو يمسك بيده..
و بدأ في الصعود هو و عماد...ظل علي يحدث عماد و يردد "ال اكبر..ال اكبر.,.تحيـــــــا مصر" لكن علي لم يجد اي استجابه..نظر لعماد فلم يجده.. وجد يده فقط مشتعله..اما بقيته فلم يجدها.... نظر ليد عماد..ثم نظر الى العلي و صرخ"..يا ولاااااااد الكــلب" و احتضن يد عماد و هو يصعد نحو القمة ______________ عندما وصل للقمة كان قد ارهق ...لكن هذا السيوي اللطيف الذي لم يتركه ازا ح عنه هم الصعود و التعب.. بدأ في الصلة...ثم الدعاء.. صعود عرفات ذكره ايضا بصعوده السابق لخط بارليف..تذكره جيدا و تذكر كل من كان معه... تذكر عوض عندنا كان يتهكم على الجدار و هم بالسفل..و ايضا و هم عائدين لم يتوقف عن الضحك و السخرية من كل ما مروا به... ايضا تذكر عماد و كيف استشهد في مقربة منه و لم يدر ال بعد حين.. غلبته دموعه مرة أخرى..هذه المرة لم يربت صديقه عليه..كان هو ايضا مشغول بدعائه و بكائه.. دعا علي للجميع..ظل يدعو.. كان محمل بقائمة من الدعية لكل اصدقائه...لم يتذكرها جيدا..لكنه تذكر ان يدعو لوالديه و ايضا زوجته بالمغفرة و الرحمة..و دعا ايضا لولده بالمستقبل السعيد.. دعا لفراد كتيبة 11فردا فردا..دعا كذلك لمصطفى والد الشيخ سعد..و لم ينس ابدا ان يخص عماد بدعاء كاف له و لولده علي الذي لم يره ال بعد الحرب مباشرة عندما ذهب لتأدية واجب العزاء التف الى صديقه السيوي بجانبه..وجده دعو بما يشبه النحيب..كان يبقى و يهتز جسده الضئيل كله و هو بكي.. ربت علي على كتفه وسانده..لم يكن يعرف لغته ابدا..لكن ظن انه يعرف قليل من العربية كما حدثه.. "ال رحمن رحيم..هو الهادي"هدأ بكاء الرجل -و ان لم يتوقف -و عاد الى ابتسامته
ظل علي يبحث عن الشيخ سعد بعينيه بين الحجيج حتى وجده ..ذهب اليه و ظل معه حتى الهبوط.. "على فكرة..انا دعيت لمصطفي ال يرحمه" قالها علي و هو يستند على الشيخ..فابتسم و قبل يد الستاذ علي.. في صبا ح اليوم التالي عندما ذهبوا الى منى..بدأوا في رمي الجمرات.. كان على انتقى 70حصاة بعناية شديدة طيلة الليل حتى يرميها ..كان يشعر و كأنه يرجم كل شياطين حياته.. و بدأ في رجمهم و القاء الحصى.. __________ كانوا جميعا يرجموا شيطانهم الخاص...الخوف اردوه قتيل من قبل عندما خرجوا و لم يكتفوا بالمشاهدة كان الستاذ علي يسير بجوار حفيده و هما يرددان معًا "الشعب يريد اسقاط النظام.. الشعب يريد اسقاط النظام" عندما وجد احد مجاوريه يهتف بأعلى صوت يمكنه "اتنحي" كانت كلمة كافية لتخرج كل ما احتجزوه من فرحه بداخلهم...بدا الجميع في الرقص و الحتفال.. بينما اخذ حفيده في القفز و كأنه يريد ان يطير ليرى المشهد كامل من اعلى..ل تفوته لحظة هنا و ل في اي مكان اخر بمد مصر.. كان ايضا الستاذ علي شديد الفرحة للدرجة التي جعلته يمكس بعصاه و يبدأ في تليوجها في الهواء متراقصا معهم على وقع "بسم ال..ال اكبر بسم ال بسم ال بسم ال..ادن و كبر بسم ال بسم ال ال اكبر..ادن و كبر و قول يا رب.
الفرحة تكمل".. تذكر جميع اصدقائه في الكتيبة 11مشاه عندما كانوا يرددونها خلف الراديو و هم عائدون بعد 18يوما على الجبهة.. توارد الرقم في ذهنه اشعل فتيل ضحكة عالية دوت وسط صخب الميدان.. 18يوما على الجبهة لتحقيق النتصار.. كذلك قضي في رحلة الحج 18يوما..لتحقق التوبة و ايضا 18يوما في الميدان لتحقيق الحرية.. عندما سقطت نظارته على الرض سارع احد الرجال للتقاطها.. اخذها منه علي..كان في شكله الفة قوية..و التماعة عين ل تنسى..امسك علي به.. "انت علي؟؟انت علي ابن عماد السعيد؟؟" تفاجأ الرجل قليل..كذلك شعر حفيده بخجل قليل من ان يكون جده تخالطت عليه اسماء الشخاص "ايوه...انا علي عماد السعيد"قالها الرجل و هو متعجب من هذا الرجل ..كيف عرفه احتضنه الستاذ علي بقوة..ثم اخبره... "انا كنت مع ابوك الشهيد في كتيبة ..11و لما اتولدت انت سنة 72عماد سماك على اسمي ..علي" امسك علي بالستاذ بقوة و احتضنه بدأ في الرقص معا و الهتاف.. =============================================== كان الستاذ علي يجلس على الكرسي الخاص به في بلكونة بيته و هو يق ار الجريدة صبا ح اليوم... كان العنوان البرز على الصفحة الولي ..بعد 38عاما ..الثورة تعيد النصر لبطال أكتوبر الحقيقيين فتذكر الحداث صبا ح السادس من اكتوبر.. كذلك كان بجانبه الخبر الخر عن تقديم كل التيسيرات للحجيج هذا العام..فأعاد تنشيط ما ترسب بداخله من عشق و وله بهذه الرحلة..و الشيخ سعد ابن زميله السابق في الجيش
كان في صدر الصفحة الثالثة ..نشطاء يسربون عبر »تويتر« صو ار للتحرير تمكن من كشف قتلة المتظاهرين تذكر كيف قضى ايامه في الميدان وسط ابناء مصر جميعا...و تذكر ايضا علي ابن عماد الذي قابله بالصدفة. أكد على نفسه ان يرسل رسالة لعلي اليوم في ذكرى وفاة والده.... كان يتسلى بقراءة حظك اليوم"..غد مشرق..ل تـقلق" ابتسم لنفسه..لعظظل و عسى.. حينها دخل حفيده الصغر علي ذو الربع سنوات.. "جدوووووووووووووووووووووو" و جرى اليه مسرعا قبل ان يلقى الجريدة بعيدا و يجلس هو مكانها
حكاية حواء
كعادتها كل يوم استيقظت السـت " ماجدة" في العاشرة صباحا.. كانت مجهدة و كأنها لم تنم منذ زمن بعيد ..تأكدت ان سكرها بالتأكيد عالي.. وجدت ابنتها حواء واضعة الفطار على الطاولة في الخارج كـكل يوم ..و بجانبه حقنة النسولين.. تكفي امها ارهاق اعداد الفطار و هي ل تستطيع.. بعدما فطرت اخذت ترتشف الشاي و هي تنظر لصورة زوجها.. " صباح الخير يا ابو محمود ..عامل ايه؟؟!!! وحشتني اوي ..حواء بتسلم عليك ".. كانت الصورة بادي فيها زوجها و هو مازال شابا يافعا مرتديا البذلة العسكرية و هو ناظر للمام..
جلست الست ماجدة قليل في الشرفة ..كانت تستدفيء بشمس الشتاء المتسربة من خلف العمارات الشاهقة عندما لمحت بعينها المبصرة جارتهم القديمة " أم سعد" و هي تدخل العمارة ..فنادت عليها .ثم ذهبت لتفتح لها الباب استقبلتها بترحاب شديد و هي تعاتبها لنها تأخرت في زيارتهم هذه المرة..
لكن أم سعد بادرتها بالعتذار عن التأخر "..معلشي يا اختي ..انتي عارفة كنت مشغولة مع ابو سعد اليومين اللي فاتوا". " ربنا يشفيه يا رب و يخليه ليكوا" ثم ذهبتا معا للجلوس في الشرفة معا ...كان الحديث بينهما ل ينقطع و هما يتحدثان عن احوالهم و احوال البلد" اللي مابتتصلحش ابدا" ..و كانت حواء هي صاحبة الهتمام الكبر من خاذ -عن الحديث بعدما قررت ان ترتدي النقاب لتبتعد بجمالها – ال ّ آكلي لحوم الناث – و اولهم مدير المدرسة التي تعمل بها مجدي المشد -الذين لم ينئوا و لو مرة عن ان يحترموا انسانيتها ...حتى بعد النقاب كانت ام سعد تكن من داخلها كل الحب و الود لـ" ماجدة " و زوجها المرحوم اللواء سعد المصري الذي لوله ما استطاع ابنها ان يكون كما هو الن رائد في الجيش ..كانت تشعر انها تدين لهما و لبنائها" حواء و محمود" بالواجب.. و لهذا كانت تحرص على زيارتهم كل فترة حتى بعدما انتقلت الى حي اخر في الجهة المقابلة من النيل .. كانت تساعد حواء في العتناء بامها بعدما تسرب السحاب البيض لعينها اليمنى فلم تعد تبصر بها..
كان الحديث بينهما ل ينقطع ال برشفات الشاي المتتابعة و قطع البسكويت امامهم.. عندما دقت الساعة الثانية ..كانت الضوضاء في الخارج مزعجة جدا لمن في مثل سنيهما ..فدخلتا الى الصالة.. و فتحا التلفاز..
كانت ام سعد من داخلها تشعر بفخر لوجود ابنها ضمن حماة الوطن و ان الجيش هو الذي يتولى امر البلد الن ..كانت تشعر بشيء من السلطة و النفوذ المتقدم بوضع ابنها الجديد.. جالتا بين القنوات المختلفة ..فاستبقاهما ما يحدث في البلد الن.. كانت ام سعد المتكلمة " انا مش عارفة الناس دي عايزة ايه بقى ..دول عايزين كل حاجة" " ربنا يهديهم يا اختى ..هما عارفين طريقهم صح ..ربنا يهديهم بس و يبعد عنهم ولد الحرام" " عارفين ايه بس ..يعني هما عاجبهم وقف الحال ده؟؟" " وقف الحال ده يا ام سعد مش هما السبب فيه ..السبب فيه معروف ..احنا بس اللي مش بنتكلم" " امال مين بقى السبب فيه يعني؟؟؟" "...ربنا يجازي اللي كان السبب بقى" كانت ماجدة تشعر بعدم رغبة مفاجئة في الكلم ..كان فؤادها يضرب بشدة و يعصف به في كل جانب.. فجأة تساءلت "..حوا اتأخرت كده ليه؟؟!!!" و طالعهم على الشاشة منظر فتاة و هي تسحل و تضرب و تعرى من قبل عساكر الجيش... نظرت ام سعد لـماجدة فجأة ..و هتفتا معا بصوت قلق و مضطرب "..ربنا يستـــر" قبل ان تلتمع في عينيهما الدموع ---------
كان محمود مستغرقا في احلمه الخاصة و هو جالسا على مكتبه في العمل..
لم يكن عنده رغبة في العمل في هذا اليوم.. ظل يسترجع ما فعله ليلة امس ..عندما ظل يتكلم مع احد الفتيات على النترنت طوال الليل.. يتذكر كلماتها فيلتهب من داخله و يتحرق ليعود ليستكمل ما كانا يفعلنه .. يتمنى ان يكلمها الن على التليفون لكنه تذكر.. كانت النشوة و الفرحة قد أخذته حتى انه نسى هاتفه المحمول في الشقة..
دخل المكتب زميله السوري ا ّياد ..حياه محمود و كعادته اخذ يتهكم على ما يحدث في سوريا.. " ليك هيدا السد ما بيشبع أبدا" كانت العادة ان يسكت اياد او يبدأ في النفعال بمجرد ان يبدأ محمود في التحدث بلهجته الشامية و هو يتعمد ان يخطيء فيها فيستفزه.. لكن هذه المرة كان ا ّياد هاديء .. " راح يشبع و يهدي لما مصر بتهدي .....هيك تصير" لم يعر محمود انتباه و اعتبر ان ا ّياد يحاول ان يرد فقط ليس ال.. انشغل هو بتعديل الغترة على رأسه ..و اخذ يقلب في الوراق التي أمامه.. اكن يعلم انه امامه عمل طويل ..عليه ان يجمع كل البيانات التي امامه في الوراق على الكومبيوتر ..ثم يبدأ التدقيق في المرتبات الجديدة بعد الزيادة التي اقرها رئيس العمل السعودي لجميع العاملين في الشركة...
اخذه النهماك في العمل بعيدا عما يدور حوله ..حتى دخل عليه الشيخ طلل الشمري صاحب العمل ..و كان على غير العادة متلهف في الكلم.. اخبر محمود ان يفتح التلفاز بسرعة.. وجد فتاة و اعضاء من الجيش يسحلوها و يجرودها من ملبسها.. كان محمود ينظر باستغراب و تعجب ..و ا ّياد كان يضحك بسخرية "..موقلتلك ..لما مصرتهدى ..سوريا راح تهدي ع طول ..هيك تصير" شعر محمود لبعض اللحظات بشيء من الخجل و الخذي مما رأه فأخذ يعبث بلحيته المهذبة جداو يخلل اصابعه بينها ..لكنه سرعان ما تبدل -ليمنع لحظات التشفي ممن معه في المكتب- " اكيد كانت بتضربهم او بتشتمهم ..هما مش هيعملوا كده لوحدهم" نظر ا ّياد و الشيخ طلل اليه مستفهمين ..فاستكمل هو بشيء من الثقة.. " ايوه ...هي اكيد استفزتهم ..و بعدين هي نازلة ليه؟!!! ..دي واحده مش متربية و اهلها اكيد منحلين".. كان ا ّياد بدا يشعر من داخله بشيء من التقزز من زميله في المكتب ..و لم يجد رغبة في الستمرار في الستماع الي هذا الحديث.. " ليك ا يا اخي ..عقلك صار ضايع من البنات اللي تكلمهن ع النت كل يوم ..ليك ا" اتبع الشيخ طلل ملحظة ا ّياد بايماءة من رأسه موافقة..
و استطرد محمود " مثل انا اختي عمرها ما تنزل كده ..منتقبة ما شاء ا و متربيين كويس جدا و نعرف نفرق بين الصح و الباطل كويس ...انما دي اكيد ل" و اكمل "..بعدين انا عايزاعرف هي مش حاسة بالبرد و هي لبسة كده يعني ..استغفر ا العظيم ..دي فتنة ..استغفر ا العظيم" فعقب عليه الشيخ طلل "..اي و ا ..استغفر ا العظيم" ..و اتبعها بنظرة ذات معنى لـمحمود ..ثم انصرف مسرعا الى مكتبه ..لن يعلم محمود ان الشيخ طلل كان ذهب مسرعا الى مكتبه ليمضي قرار انهاء التعاقد مع محمود سعد المصري ..و انه ليس مسئول عن تواجده في المملكه العربية السعودية منذ هذه اللحظة ما ان انصرف الشيخ طلل لمكتبه ..انكفأ محمود على الوراق لينهي ما فيها ..لكنه لم يستطع ان يكمل ..ظل ينظر الى الرواق و منظر الفتاة و هي معراة اما العساكر ل يغيب عنه.. كان المشهد يعاد مرات عديدة على جميع القنوات.. ركز محمود في المشهد مرة اخرى ..رأي ملمح شخص ل تخطئه عينه... " ده سعد"
عندما عاد محمود الى شقته مساءا وجد ان والدته قد حاولت التصال به اكثر من 10مرات ..و ارسلت رسالة نصية قصيرة هذا نصها.. " حواء أرجل من كل الشعب ..اتضربت و اتبهدلت و اتعرت من الجيش ..و لسه بعد كل ده بتحب مصر"...
----------
قد تصاب بالملل الشديد عندما تكون كل مهمتك ان تجلس في احد الشوارع داخل سيارة مصفحة من الثامنة صباحا و حتى الرابعة عصرا كل يوم.. هكذا كان سعد ..يشعر بملل شديد من تكرار هذه الجلسة كل يوم طوال شهرين الخيرين ..تحديدا عندما بدأ هذا العتصام في هذا الشارع.. كانت المهمة الموكلة اليه ان يرقب تحركات الشباب المعتصمين في الشارع و ان يرصد اي تغير ملحوظ و يخبر به القيادات لتخاذ القرار كان يشعر بالحباط عندما يرى نظرة الناس اليه و هو عائد كل يوم الى شقته و هم يعتبرونه احد افراد السلطة الحاكمة في مصر ..خصوصا نظرات والدته اليه كل يوم.. كانوا يرونه الحامي الكبر للبلد و انه المسئول عن الدفاع عنا جميعا ..بينما كانت مهمته كلها و على حد قوله" نتورجي "..يراقب ما يفعلوا ثم يخبر القيادات ..فتقرر هي ما يفعله هو ...ليس ال لكن ..و على الرغم من هذا الملل ..فأنه في بعض الحيان كان يتمنى ان يعود الي الهدوء المصاحب له.. عندما تأتي احد السيدات اللتي فقدن اولدهن في اليام السابقة و تبدأ في الحديث او العراك مع العساكر الواقفين كان يجب عليه ان يذهب اليها ليبعدها عن العساكر ..يتحمل هو النصيب الكبر من السب و الشتائم -باعتباره الرتبة العلى ..-كان غالبا ما يبدأ في النفعال لكنه يمسك نفسه قبل ان ينفجر فيمن امامه ..كان يتمنى ان يصرخ "..انا عبد المأمور ...و مليش اي ذنب ..هما اللي بيذنبوا و احنا بنتحمل خطياهم" ..كانت غالبا يسكته بكاء المهات المكلومات ..او نشيج الطفال المتيتمين...
كان يعود و يسكن عربته و يبتعد عنهم ذاويا الى ملله و هدوئه القاتل..
كان يشعر هذا اليوم بالضيق و الحنق الشديدان ...كان قد تم تبليغه في الصباح بأنه سينتقل الى مطروح ...كانت ضربة موجعة بالنسبة له ..ربما كانت سلواه الوحيدة في مهمته هذه انه في نهاية اليوم يجلس بين امه و ابيه و ينسى ما في الصباح.. كما انه ستواجهه مهمة كبيرة في ان يواجه النفعال المتوقع من قبل هؤلء المعتصمين بعد ما فعله زميله نجيب المسئول عن الفترة المسائية عندما قام بضرب احد الشباب ضربا مبرحا .. كان يندب حظه العثر في ان يتحمل دوما اخطاء الخرين و خطاياهم...
لم تكن الساعة وصلت للواحدة ظهرا عندما بدا هؤلء الشباب في الهتاف و كان عددهم يتزايد عن باقي اليام ....اخبر سعد القيادات و ظل منتظرا قرارهم.. و كان في داخله يتمنى ان يقضى على هؤلء القيادات جميعا ..ما اغباهم من قادة!!
كان الوقت يمر و الوامر لم تأتي بعد ..و كان غضبه يتزايد ....حينها قرر ان يفعل ما يفعله كل مرة ..هم يأمروه ان يشتبك باقل درجة ممكنة بحيث ل يظهر امام الجميع ..هكذا قرر... أمر العساكرجميعهم بان يبدأوا في الشتباك و فض تجمع هؤلء ..و عندما بدأ العساكر في التحرك و فض العتصام ..شعر من داخله بقوة حقيقية ..لول مرة يكون وحده مسئول عن قرار-
حتى و ان كان مكرر و غير مبتكر -لكنه رأي في داخله قوة جديدة عليه.... تحمس بشده حتى اشترك هو الخر مع العساكر ...كان منظر الشباب و هم يهرولون بعيدا عنهم منظر مشجعا له ..كان يجري خلفهم باقصى سرعة ليلحق باي منهم حتى وقعت يديه على فتاة منتقبة كانت تتعثر و هي تجري ..وجدها صيدا جيدا ليبرز قوته امام الجميع و امام نفسه.. و بدأ في ضربها و جرها على الرض و اشترك معه اثنين من عساكره ايضا ..بدون تفكير كان يجردها من ملبسها و يقطعها ..و بدأ ينهال عليها ضربا ..كان النقاب قد نزع بعيدا عن وجهها ..بدون قصد القى نظرة عابرة على وجهها ..تبين المفاجأة.. " حوا!!!!!" كانت صدمه مفاجئة لم يتوقعها.. فكر سريعا ..حاول ان يغطيها ..لكن كان قد فات الوان
----------كانت حواء مستلقية على السرير في المستشفي و بجوارها والدتها.. كانت عيناها مفتوحة لكنها ل تبصر امامها.. كانت غارقة في كوابيسها الخاصة. كانت ترى فيما يرى النائم -و هي مفتحة العينين -والدها مرتديا بذلته العسكرية و هو يعبر الحاجز المائي في السادس من اكتوبر ..كان يعدو بهمة و نشاط ثم يصعد اعلى الحاجز الترابي الكبير ..ما ان يقف على اعله حتى تبتدأ ملمحه في التحول ..وجه اخر مألوف لكن به غضاضة ..انه سعد ..الذي يقفز من اعلى الحاجز ..تهرع هي من اسفل لتنقذه فينطلق هو في صدرها ببيادته الثقيلة جدا فيندفع قلبها خارجا ...تلتفت هي لتلحق قلبها و
تضعه في مكانه ..تجد ان سعد هذا اخذه و القاه لشخص اخر ..وجه اخر مألوف ..انه مجدي المشد مدير المدرسة التي تعمل بها -و الذي كان يعكف على ان يتحرش بها حتى قررت ان ترتدي النقاب لتبتعد عنه ال انه لم يكن يتوقف ابدا -و ظل يعبثا به و يتناقله فيما بينهما و يصدران اصواتا مبهمة غير مفهومة لم تستطع هي ان تميزها ..بينما كانت هي تصارع الموت اخذت تستنجد بجميع من يمروا ليعيدوا اليها قلبها ..لكنهم كانوا ينظروا اليها ثم يضحكوا و يبدأو في اللعب معهما ..لم يكد قدرتها على التحمل ان تنتهي حتى ظهر احد الشباب الذي لم تتبين ملمحه يريد ان يوقفهم ..نظروااليه جميعا باستهزاء و بدأوا في تفتيت قلبها قطع صغيرة ..كان هذا الشاب يحاول ان يجمع الفتات بسرعة قبل ان يتلوث بدنس الرض او اياديهم.. كانت حواء بدأت تفقد قدرتها تماما عن الحركة ..كانت عيناها تتابع الشاب المسكين و هو يجري بسرعة بينهم ليلحق ما يوقعونه من قلبها ...فجأة صرخ هذا الشاب صرخة فيهم فتوقفوا جميعا ..و فجأة ايضا صرخت هي قبل ان تلحقها امها و تقبل جبينها.. " ربنا ينتقم من يا بنتي" و تنهمر دموع امها على وجه ابنتها الوحيدة فتهدأ بنتها قليل و تستلقي على السرير مرة أخرى قبل ان يأتي دكتور حسام و يعطيها حقنة مهدئة مرة اخرى و يلقي نظرة على الجرح ..ثم اخبر والدتها ان احدهم ينتظربالخارج.. خرجت هي فوجدت جارتهم القديمة ام سعد تقف و راسها مطاطأ.. " ازيك يا ختي ..سامحيني معلش" نظرت ام محمود لها و لم تنطق بكلمة واحدة ..التفتت مرة اخرى و عادت الى الغرفة و اغلقت الباب خلفها حتى ل يزعج ابنتها احد