مجموعه

Page 1

‫بني آدم‬

‫مجموعة قصصية‬

‫خالد علي‬


‫البتــــــاع‬ ‫ابحث عنه بهدوء يثير الريبة‪...‬متأكد من وجوده لذلك ل داعي للرسراع‪..‬متأكد انه من نصيبي‪....‬و لكن‬ ‫رسرعان ما افقد هدوئي عندما ل أجده امامي‪....‬متأكد من وجوده لكني لم اجده بعد‪..‬انفي ل تخطأ هذه‬ ‫الرائحة ابدا‪...‬ل بد من انها هنا في مكان ما‪..‬هه لرائحة تقترب‪..‬اين هو اين هو‪..‬اخيرا ها هو ذا‪..‬‬ ‫رسخطا لكم حقا ايتها العائلة المتكبرة‪..‬ما اطيبك ايها اللحم‪....‬هذا هو الطعام حقا‪..‬امم‪...‬لذيذ!!‬ ‫ما هذا؟؟؟!!!شكله يوحي بأنه مهم و ثمين ‪...‬حسنا لنر ماذا يفعل‬ ‫** تعلن شرطة المرور عن اغلق كوبري ‪ 6‬اكتوبر غدا للصلحـ‪......‬‬

‫انه يتكلم‪..‬ياله من شيء عجيب‪...‬ماذا رسأرسميه‪..‬حسنا ‪..‬ليكن ارسمه منه‪..‬بتاع‬ ‫حسنا يا بتاع‪...‬هات ما عندك‪..‬‬

‫** و انتي عملتي ايه لما عرفتي ؟؟؟‬ ‫اعمل ايه يعني‪ ..‬سبت البيت و مشيت‬ ‫ليه كده ؟؟؟انتي كده هتبقى الغلطانة و تضيعي حقك‪..‬‬ ‫انتي شايفة كده؟؟‬

‫انك تغير صوتك ايضا بسرعة‪...‬انك مسلي حقا‪..‬حسنا لتكلم انا‬ ‫أتدري انا ل اعرف ارسمي الحقيقي‪...‬اطلق علي اي ارسم تحبه‪...‬اعتبرني جعر كما يطلق علي رسايس الجراج‬ ‫في اول الشارع‪..‬‬ ‫انا ل اعرف عمري نحديدا‪....‬و لكن اعتبرني اكبر منك‪..‬نظرا للحجم حتى‬ ‫ل اعرف احدا من عائلتي‪..‬ليس لي اصدقاء كثيرين‪..‬و ل حتى أعداء‬ ‫حسنا‪...‬لتتكلم انت قليل‪..‬‬ ‫** و أنا ويايا باعيش‪ ..‬زي المليونيرات‪..‬‬ ‫باحلم و انا معييش‪..‬‬ ‫ماالعنش الزمات‪..‬‬


‫صوتك جميل في الغناء ‪...‬لماذا ل تحترف الغناء؟؟‬ ‫أتدري يمكننا ان نعمل معا‪...‬انا ارستطيع تأليف اشعار كثيرة تغنيها انت‪..‬صحيح انني ل اعرف القراءة و ل‬ ‫الكتابة‪..‬و لكن يمكنني ان امليها لك و تكتبها انت‪...‬‬ ‫هل تستطيع الكتابة؟؟؟‬ ‫** اعلنت وزارة الصحة عن اكتشاف ‪ 20‬حالة جديدة لنفلونزا الخنازير‬

‫ههههههههههههه‪..‬و تقرأ جرائد ايضا‪...‬يبدو انك مثقف‪..‬‬ ‫آه‪..‬بطني تؤلمني قليل‪..‬حسنا‪...‬انتظر قليل ابحث عن شيء اشربه‪..‬‬ ‫ل ليس هذا‪..‬و ل هذا‪..‬ما هذه؟؟!! تبا انها فارغة‪.....‬ليس هذا‪..‬و ل هذا‪..‬بعض المياه الغازية‪...‬طعمها‬ ‫غريب‪..‬لي هم‪....‬أتريد بعضها؟؟ل لن اعطيك‪..‬انا لم اشرب منذ المس‪..‬عذرا لك يا احمر يا صديقي‬ ‫تكلم قليل‪....‬‬ ‫** هنتكلم النهارده على الحب الول‪...‬‬

‫الحب؟؟!!!!!!!!!‪...‬لم احب احدا من قبل بارستثناء القطة الصفراء التي كانت تترك لي الطعام‪..‬كانت‬ ‫تستحق الحب حقا‪..‬كانت تترك لي الطعام و ل تأكل ال بعدما انتهي انا‪....‬كانت تعاملني و كأنها‬ ‫امي‪..‬كم افتقدها الن‪....‬منذ ان ماتت و انا اكره هذه العائلة البغيضة‪...‬قتلوها حتى ل تجلب الجراثيم‬ ‫لهم‪....‬قتلة‬ ‫** اللوان طبعا بتعبر عن اشكال الحب المختلفة‪ ..‬يعني مثل‪...‬‬

‫اللوان تعبر عن الحب‪..‬ههههه‬ ‫بالنسبة لي اللوان تعبر عن اشياء اخري‪...‬مثل‪..‬الحمر‪..‬يعبر عن اللحم الطازج‪..‬او الدم‪..‬‬ ‫و الصفر يعني شيئا يمكن شربه ان كان رسائل‪..‬و الرسود الخبـ ــ‪..‬آآآآآآآآآآه‬ ‫بطني تؤلمني جدا‪..‬آآآآآه‬ ‫** و الن مع برنامج السهرة‪ ..‬و اوبريت يا طلع الشجرة تأليــــ‬

‫حسنا‪..‬ل احتمل‪..‬اعتذر منك يا صديقي‪..‬رسأحاول ان انام قليل‪...‬ل ارستطيع البقاء و بطني تؤلمني هكذا‪..‬‬ ‫ما َفآ َوى‬ ‫ك َي ِتي ً‬ ‫ج ْد َ‬ ‫م َي ِ‬ ‫ضى ‪,‬أَ َل ْ‬ ‫ك َف َت ْر َ‬ ‫ك َر ّب َ‬ ‫طي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ُي ْ‬ ‫س ْو َ‬ ‫** َو َل َ‬


‫غ َنى‬ ‫عا ِئل َف َأ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َد َ‬ ‫ضا ّل َف َه َدى ‪َ,‬و َو َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َد َ‬ ‫‪َ ،‬و َو َ‬ ‫ل َفل َت ْن َه ْر‬ ‫سا ِئ َ‬ ‫م َفل َت ْق َه ْر ‪َ,‬و أَ ّما ال ّ‬ ‫َف َأ ّما ا ْل َي ِتي َ‬ ‫ح ّد ْ‬ ‫ث‬ ‫ك َف َ‬ ‫م ِة َر ّب َ‬ ‫ع َ‬ ‫َو أَ ّما ِب ِن ْ‬ ‫صدق ا العظيم‪..‬‬ ‫و هكذا اعزائي المستعمين‪ ..‬نصل لنهاية فقرتنا و نبدأ فقرة جديدة تمتد‬ ‫معكم حتى الساعة السابعة صباحا‪.......‬‬ ‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫يمر السايس على مقلب الزبالة الذي في الميدان‪...‬يجد شبه انسان لم يتعدى السادرسة من عمره نائما على‬ ‫بطنه‪..‬بجانبه راديو ترانزرسيستور صغير‪...‬‬ ‫يرفس السايس هذا الشبح الملقى على الرض بقدمه فل يجد حركة‪..‬‬ ‫ينادي عليه‪"..‬يا جعر‪..‬يا جعر"‪..‬و لكن ل اجابة‬ ‫يثني على ركبتيه‪...‬يقلبه‪...‬يجد فمه مملؤا برغاوي بيضاء و تنبعث منه رائحة عفنة‪..‬‬ ‫يضع اذنه على قلبه ليسمع نبضه‪..‬فيجده توقف‬ ‫ينظر بارسى يقلبه على بطنه مرة اخرى ‪..‬يأخذ الراديو الترازرستور و ينظفه من التراب‪..‬و يمضي في طريقه‬ ‫للجراج في اول الشارع‪.‬‬


‫وحدي‪..‬وحدي مع بذلتي الينيقة‬ ‫أحضر فطوري المعتاد‪...‬فنجان من الشاي الخضر‪..‬مع بعض البسكويت الذي تصنعه ابنتي بنفسها من‬ ‫أجلي‪....‬كم هي رائعة حقا كوالدتها‪...‬‬ ‫ل ‪..‬بل والدتها كانت أروع و أجمل و أطيب‪....‬‬ ‫* أصبحنا و أصبح الملك لله‪....‬‬

‫كعادتي كل جمعه أاخذ حماما دافئا‪...‬و ارتدى بذلتي النيقة جدا التى ل ارتديها ال في هذا اليوم من كل‬ ‫ارسبوع‪...‬‬ ‫بذلتي التى ل يعرف عنها أحد شيئا رسوى انها انيقة جدا‪...‬و انها و على الرغم من رسوادها الشديد‪...‬ال‬ ‫انها تبعث على المل و التفاؤل في نفس من يراها لعلو رسوادها عن كل مرادفات الرسود من حزن و كآبة و‬ ‫آلم‪....‬‬ ‫* ماشي في نور ا‪ ..‬بادعي و اقول يا رب‬

‫ارتكن الى جانب من الحائط عند مدخل العمارة‪...‬اشير الى الحارس الشخصي بالذهاب فأنا لست بحاجة‬ ‫اليه اليوم‪..‬يتناقش معي‪....‬انظر اليه شذرا‪..‬ثم اتركه و امشي محذرا اياه من تتبعي كعادته‪....‬‬ ‫اذهب الى السائق‪...‬و اصرفه هو الخر‪....‬لكنه قد تعود مني هذا كل جمعه‪..‬فأصبح مرات كثيرة ل يأتي‬ ‫من الرساس‪..‬مع ذلك فانه يحبني حقا‪...‬‬ ‫انطلق وحدي بالسيارة‪..‬وحدي مع بذلتي النيقة‪...‬و عندما تشير رساعة يدي السويسرية الصل الى العاشرة‬ ‫و النصف‪..‬افتح الراديو على اذاعة القرآن الكريم‪..‬و ينطلق صوت النقشبندي كارسرا حدة الصمت و‬ ‫ثقله‪....‬‬


‫* يظن الناس بي خير‪ ...‬و اني لشر الناس ان لم تعف عني‬

‫ها قد وصلت اليه في تمام الحادية عشر‪...‬اخلع حذائي قبل الدخول‪...‬يأتيني صوت شجي من‬ ‫الداخل‪....‬تاليا ليات من القرأن الكريم‪...‬ماليا الفراغ حوله بنغمات ملئكية تتطاير و تصطدم فتتساقط‬ ‫داخل آذان المحيطين به‪...‬‬

‫* و لقد صرفنا في هذا القرأن للناس من كل مثل و كان النسان أكثر‬ ‫شيء جدل‬

‫انتهيت من الصلة عند الواحدة تقريبا‪...‬اتخذ طريقي الى السيارة‪..‬يتلفت الناس من حولي و ينظرون الي و‬ ‫يتهامسون فيما بينهم عني‪....‬و لكنهم رسرعان ما ينفون لنفسهم كل ظنونهم معا و يتفتتون بعيدا‪....‬أصل‬ ‫لعربتي‪..‬و اقودها وحدي‪...‬وحدي و البذلة النيقة‪...‬التي لم يصيبها شيء بعد و ما زالت بحالتها الولى‬ ‫المعهودة‬ ‫اضع ارسطوانة جديدة في مشغل الرسطوانات‪..‬ارفع الصوت بعض الشيء‪...‬لقد أحسن ابني الصغر اختيار‬ ‫الغاني بعناية‪....‬حقا تتوافق مع روحي و مزاجي‪...‬لقد ورث فهمه لي عن والدته‪...‬ل بل كانت اكثر منه‬ ‫تفهما لي و نظاما‪...‬‬ ‫و ينطلق صوت ام كلثوم ممتعا مستمتعا‪...‬‬ ‫* رق الحبيـــب‪ .....‬و واعدني‬

‫في موعدي تمام‪....‬ها أنا ذا أمامك‪...‬كما أنا‪....‬جئتك كعادتي كل جمعة‪....‬‬ ‫كيف حالي؟؟!!!‪...‬و كأنك ل تعرفين‪...‬يزداد الضغط قليل بحكم المنصب الجديد‪....‬انت تعلمين هذه‬ ‫الشياء الروتينية‪...‬‬ ‫البدلة؟؟!!‪..‬آآآآه‪..‬هههههه‪..‬ذكراتك ما زالت قوية كما كانت دائما‪...‬نعم‪..‬هي بدلة زفافنا‪..‬ما زلت احتفظ‬ ‫بها‪..‬‬


‫أتعلمين‪...‬حفيدنا الكبر زفافه بعد ارسبوعين تقريبا‪.....‬‬ ‫ابنتنا منهمكة في تفاصيل الزواج‪..‬لذلك تريدني ان ابلغك اعتذارها عن انقطاعها في الفترة الماضية‪....‬‬ ‫ل تحزني يا حبيبتي‪..‬فأنتي تعلمي انها تحبك جدا‪..‬‬ ‫اه‪...‬خذي هذه الورد‪..‬انتقيتها من اجلك كما تحبين‪...‬‬ ‫الوركيدا في البداية‪..‬تليها‪..‬زهر الزنبق المتفتحة‪..‬و في المركز تمام زهورك المفضلة‪...‬زهور اليارسمين‬ ‫بالوانها المميزة‪.....‬‬ ‫حسنا‪....‬لقد حان موعد ذهابي‪..‬أراكي الرسبوع القادم في نفس الموعد‪...‬وداعًا‪...‬‬ ‫امشي ببطء ناظرا للخلف و مرددا هذ اللحن الشجي الذي ل طالما غنيناه معا‪...‬‬ ‫* اعطني الناي و غني‪ ...‬فالغنا سر الوجود‬

‫قبل ان اصل للعربة اجده منتظرا بجانبها‪...‬ارسلم عليه‪...‬و اعطيه خمسين جنيها‪...‬و اوصيه بالعتناء بالزهور‬ ‫جيدا‪..‬و ان يبعد المتطفلين عنها‪......‬يبتسم و يؤكد لي انه رسيفعل‪..‬مع انني متأكد من أنه لن يفعل‪..‬‬ ‫* اللهم اجعل قبرها روضه من رياض الجنة‪ ....‬اللهم اجعل قبرها روضه‬ ‫من رياض الجنة‪..‬‬

‫اركب عربتي مرة اخرى‪..‬مغادرا مقابر العائلة‪...‬ادير الرسطوانة‪....‬ارفع الصوت‪..‬تتكسر الدموع في عيني‬ ‫قبل ان تجد مخرجا‪....‬لكنها ما تلبث ان تنهمر ‪...‬و الصوت ياتي منطلقا كارسرا للصمت من حولي‪...‬من‬ ‫حولي وحدي‪....‬وحدي مع بذلتي النيقة‪....‬‬

‫* الدنيا ريشة في هوا‪ ...‬طايرة بغير جناحين‬ ‫و احنا النهارده سوا‪ ...‬و بكره هنكون فين‪ ..‬في الدنيا‬


‫عيون العفعي‬ ‫"خللي بالك‪...‬هتفضل تمثل عليك لحد ما توقعك فيها‪..‬و بعدها تسيبك كده‪..‬خللي بالك منها‪...‬دي حية"‬ ‫هكذا قال لي‪...‬حذرني منها‪..‬اكد لي انها ستمثل علي‪..‬و تفرض علي شباكها حتى توقعني في حبها‪...‬حتى‬ ‫اجعلها تتملكني‪..‬اسلمها بنفسي مفتاح حياتي تتحكم فيه كما تريد‬ ‫‪------‬‬‫لم اصدق نفسي حين اتت الي في المرة الولي‪...‬تسألني"ما تعرفش الدكتور جه و ل لسه؟؟"‬ ‫نظرت اليها ‪..‬وجدتها توجه نظراتها الي مباشرة‪..‬لم اشعر بلساني و هو ينطق " مش عارف‪ ..‬بيتهيألي‬ ‫لسه"‬ ‫نظرت الي مرة اخرى‪..‬ثم ضحكت و ابتعدت‬ ‫‪.......................‬‬

‫كنت اشبعها نظرات منذ رأيتها اول مرة‪..‬كانت مميزة جدا‪..‬‬ ‫عينيها تستحق الشادة من كل شعراء العالم‪..‬رسواد بل انتهاء يأخذك اليه‪..‬محرورسا بجفنين شديدي البياض‬ ‫و رموش تمهدك لسواد عينيها‪..‬كانت رسر جمالها‬ ‫‪.......................‬‬ ‫للمرة الثانية في اقل من اسبوع‪...‬‬ ‫تجد معي رواية‪...‬تنظر اليها ثم تسالني"دي رواية؟‬


‫"‪..‬لم اتردد كالمرة الولى ‪..‬تماسكت قليل " آه‪ ..‬دي رواية قالت ضحى"‪"......‬انت قريتها؟؟"‪..‬‬ ‫" اه طبعا"‪" ........‬حلوة؟؟!!!"‪...‬‬ ‫" ماتسألينيش عن بهاء طاهر‪ ...‬رأيي انه احسن روائي في مصر كلها"‪...‬‬ ‫"للدرجادي!!!‪..‬طب ممكن اخدها اقراها؟؟"‪ "...‬عادي مفيش مشاكل"‪..‬‬ ‫"شكرا هابقى اقراها و اجيبهالك"‪ "...‬اتفضلي براحتك خالص"‪..‬‬

‫تنظر الي قليل كأنها تنتظرني ان اقول شيئا لكني انظر اليها في صمت و هدوء ل يخفي ما بداخلي من‬ ‫تقلبات و شقلبات فرحة غير متخيلة هذه اللحظة التي اتكلم فيها معها‪..‬بل و اضرب موعدا اخر‪...‬صحيح‬ ‫غير محدد و لكن يبقى موعد‪..‬‬ ‫"طيب ‪..‬مع السلمة"‪ ".....‬ا يسلمك"‪..‬تبتسم بتلقائية و بساطة و تذهب‪...‬‬ ‫آآآآآآآآخ‪..‬نسيت اسألها عن اسمها‬ ‫‪........‬‬

‫على الرغم من انني جاف بعض الشيء و ل تستهويني صداقة البنات و هذه الشياء‪...‬لكنها كانت دائما‬ ‫تأرسرني لها‪..‬كانت تملك الحق الكامل في ان تستحوذ على عقلي و قلبي و كل خواطري‪...‬كأنها‬ ‫ملكتي‪...‬كانت تسلبني نفسي ‪.‬‬ ‫في وجودها‪..‬انا مجرد تابع لها‪......‬ما أحلها من تبعية!!!‬ ‫‪.............................................‬‬ ‫" سلم عليكم‪ .....‬ازيك يا‪ ....‬؟؟؟؟" ‪ " .....‬اه سوري‪ ..‬انا تامر"‬ ‫" يا راجل‪ ...‬ازيك يا تامر‪ ....‬انا حسبت مالكش اسم‪ ...‬انا ريم"‬ ‫" معلشي بقى ‪ ....‬اصلي بانسي بسرعة‪ ...‬ازيك يا ريم؟؟"‬ ‫" الحمد لله يا سيدي‪ ...‬انا قريت الراوية و حلوة اوي" ‪ " ...‬ما انا قولتلك‪ ..‬بهاء‬ ‫طاهر احسن روائي"‬ ‫" آه فعل‪ ...‬حلوة اوي"‪ "...‬تحبي تقريله حاجة تانية؟؟؟؟‪ ..‬انا عندي كل رواياته"‬ ‫" ماشي يا سيدي‪ ..‬بس تكون حاجة صغيرة بقى عشان المتحانات على البواب"‬ ‫" ماشي‪ ...‬هاجيبلك ان شاء ا بكره رواية‪ ..‬صغيرة كده"‬ ‫" ماشي‪ ..‬بعد اذنك صحباتي مستنييني"‪ "...‬اتفضلي يا ريم‪ ..‬مع السلمة"‬ ‫‪.......................‬‬


‫فقدت اصدقائي بسببها‪...‬كانت اكثر من انثى ‪..‬كانت تسحق روحك امامها‪..‬تحولك للشيء‪...‬مجرد‬ ‫ظل‪..‬او شبح انسان يبدأ في الخفوت شيئا فشيئا‪...‬حتى تتحول للشيء‪...‬‬ ‫كانت دائما تردد‪..‬انا زي الفريك ما احبش شريك‪..‬اريدك لي وحدي‪.‬انا ملكتك و انت عبدي‪..‬مجرد خادم‬ ‫في بلطي الملكي‪..‬لي وحدي ‪..‬‬ ‫ما ارسحرك ملكة!!!!!‬

‫‪................‬‬ ‫" اتفضلي يا ريم‪ ..‬دي الراوية اللي قلتلـــ‪..."...‬‬ ‫" معلش يا تامر‪ ...‬مش هاقدر اخدها النهارده‪ ..‬مش فاضية اليومين دول"‬ ‫" عادي‪ ..‬خليها عندك براحتك"‪ "...‬بلش يا عم‪ ..‬هانسى‪ ...‬خليها معاك لحد ما احب‬ ‫اقراها ‪ ..‬و انا هاقولك"‬

‫لم تكن تنظر لي كعادتها‪...‬بل كانت تلقي بنظراتها يمينا و يسارا ‪..‬كأنها تهرب مني‪...‬لو كأنها‬ ‫تستفزني‪..‬طعنتني اكثر بتلك النظرات الباحثة عن اللشيء خلفي‪ "......‬ماشي يا ريم ‪ ...‬براحتك"‬

‫هكذا قلت و انا أثأر لذكوريتي‪..‬كيف تقول هذا و انا ل اطلب شيئ‪....‬ترفضني‪..‬ارستدرت للخلف و انا‬ ‫امشي‪....‬‬ ‫" تامر"‪...‬رسمعتها ‪ ..‬ارستدرت لها فجأة‪..‬وجدتها تنظر لي مباشرة و ابتسامة على شفتيها المكتنزتين‪..‬‬ ‫" خلص يا سيدي‪ ..‬هات الرواية و اانا لما اقراها هابقى اجيبها"‬

‫لم تفلح محاولتها تلك في ررسم البتسامة على وجهي‪..‬لكنها حقا ررسمتها داخل قلبي‪..‬‬ ‫و لنها شعرت بذلك‪..‬طلبت مني‬ ‫" ايه يا عم‪ ..‬مش ناوي تعزمني على حاجة اشربها و ل ايه؟؟"‬

‫هكذا مباشرة‪..‬صعدت بروحي الى اعلي مرة اخرى‪...‬‬ ‫ل طبعا‪ ..‬تحبي تشربي ايه"‬ ‫"‬ ‫" هاشرب زيك‪ ...‬انت هاتشرب ايه؟؟"‬ ‫انظر لها و الفرحة ترسم وجهي بشوشا‪...‬‬


‫" هاشرب زيك برضه"‪ " ....‬خلص يبقى اتنين نسكافيه بلك‪ ..‬معلقة واحدة سكر"‬

‫هكذ جعلت من هذا المشروب الذي ل احبه ابدا مشروبي المفضل لباقي ايامي‪..‬ل أّمل منه‪..‬ارستنشق فيه‬

‫رائحتها المميزة‪...‬ارستشعرها فيه‬

‫‪---------------------------------‬‬‫" خللي بالك‪ ...‬هتقرب منك‪ ..‬و تفضل تدلع عليك‪ ...‬لحد ما تملكك‪ ..‬و بعدها تسيبك‬ ‫تقع على جدور رقبتك"‬ ‫‪-------------‬‬

‫يوم ظهور النتيجة لم اكن واضعا امل اكثر من النجاح‪...‬وجدتها بجانبي تمرق صفوف الطلب لتسألني بكل‬ ‫براءة عن نتيجتي‪ "..‬الحمد لله‪ ..‬عدت"‬ ‫" ما انا عارفة‪ ...‬شفت نتيجتك قبل نتيجتي"‪ " ....‬طب و انتي عملتي ايه؟"‬ ‫" انا جيد جدا الحمد لله"‪ " ...‬الف مبروك"‬ ‫" الف مبروك حاف كده؟؟"‬

‫ابتسامها الدائم كان محفزا لي لنطلق و احلم بما هو اكثر دائما‪...‬‬ ‫" خلص‪ ...‬يل بينا على اي مكان تحبيه‪ ...‬ده جيد جدا برضه مش اي كلم يعني"‬

‫هكذا كانت تاخذني دوما لعوالم اخرى‪..‬تجعلني احلم بما ليس ممكن‪..‬تشعرني بانني ارسعد انسان في‬ ‫العالم‬ ‫‪...................‬‬

‫تؤكد لي دوما انها ل تسمح لحد بان يشاركها في‪...‬كنت ارسعد بهذا الكلم‪.‬رغم ما يحمله من اهانة لي‪..‬و‬ ‫لكنه كان يشعرني بانني كملكها‪..‬غير انها تعود لتؤكد‪..‬انت عبدي وحدي‪..‬رغم هذا افرح طوال وجودي‬ ‫معها‪..‬كانت تملك مفتاح رسعادتي و حياتي كلها‬ ‫‪............‬‬ ‫انتظرها منذ اكثر من ساعة‪ ...‬ليس عادتها التأخر‪ ..‬ها هي مع صديقتها‪..‬‬ ‫" سلم عليكم‪ ..‬لو سمحت يا ريم"‪...‬‬ ‫تنظر الي ثم تأتي‪...‬‬ ‫" خير يا تامر‪ ..‬في حاجة؟؟!!"‬


‫" انتي اتأخرتي ليه؟؟‪ ...‬انا مستنيكي من ساعة"‬ ‫تنظر الي في استغراب‪ "..‬معلش‪ ..‬ماكنتش فاضية"‬ ‫" خلص سماح‪ ..‬بس ماتتاخريش تاني"‬ ‫تنظر الي ثم تمشي‬ ‫_____________‬ ‫انا جربت و وقعت فيها‪ ..‬بس الحمد لله لحقت نفسي‪ ...‬قدرت اخلص منها‪...‬‬ ‫خللي بالك‪ ..‬دي ما بترحمش حد ال لما توقعه فيها‪ ..‬بتنتقم من كل الولد‪ ..‬بتقضي‬ ‫عليهم‬ ‫_________________‬

‫اصبحت هي ترياقي للحياة‪...‬اصبحت كل ما أملك‪...‬في بعدها اصبح لشيء‪..‬و في وجودها ايضا ل‬ ‫شيء‪..‬لكن ل شيء ذو قيمة‪..‬قيمة وجودي معها‬ ‫‪....................................‬‬ ‫" لو سمحت يا تامر‪ ...‬انت كده بتحرجني"‬ ‫قالتها و هي تنظر بعيدا‪...‬‬ ‫" ليه يا ريم؟؟"‪.....‬‬ ‫" انت مش واخد بالك ان الناس ممكن تفهمنا غلط؟؟؟!!"‪ ".....‬تفهمنا غلط‬ ‫ازاي؟؟!!!!!"‬ ‫" يعني ما يفهموش اننا زمايل و اخوات"‪....‬‬ ‫" اخوات!!!!!!!!!!!!!"‬ ‫" ايوه اخوات‪ ..‬مش اكتر من اخوات"‬

‫قالتها و مشت‪..‬ابتعدت و هي تلقي بنظرات للخلف‪...‬لم تكن نظرات عطف‪..‬بل نظرات رسخرية‪..‬نظرات‬ ‫تملؤها روح النتصار و الشماتة‪.....‬‬ ‫حينها نظرت لنفسي‪....‬كيف لم الحظ كل هذه الثقوب التي ملئت جسدي‪...‬جسدي امتل بالثقوب التي‬ ‫كانت تصنعها في‪....‬حتى روحي امتلت بثقوبهاكيف لم احظ من قبل انني اعد شيء‪..‬‬ ‫انني اصبحت ل شيء‪..‬‬


‫_________________‬ ‫انا خايف عليك‪ .‬بجد منها‪ ...‬انت ما تعرفهاش زيي‪ ....‬دي حية‪ ..‬حية‪ ..‬بتلف على رقبة‬ ‫الواحد لما ما تخنقه‬

‫يقولها و يكررها‪..‬كأنه ل يرى كل هذه الثقوب التى تملني‪....‬كأنه ل يلحظ انني مجرد ظل لرجل كان خنا‬ ‫منذ رسنوات‪...‬‬ ‫كأنه ل يلحظ بالفعل انني غرقت في حبها‪...‬و اصبحت خادما في بلطها الملكي الزلي‪...‬‬ ‫كانه ل يرى انها لدغتني من قبل‬

‫كان اينسان‬ ‫عندما ذهبوا لعملهم في الصباح وجدوه في الحديقة المامية‪....‬‬ ‫غريب حقا‪..‬بالمس عندما عادوا لبيوتهم بعد انتهاء العمل لم يكن موجودا‪..‬كيف ارستطاع ان يقفز اذا لهنا‬ ‫اثناء الليل‪..‬‬ ‫لم يصلوا لجابة‪..‬‬ ‫ظلوا يتسائلوا فيما بينهم لم يجدوا اجابة شافية ترضي فضولهم و تخوفهم‪..‬‬ ‫حاولوا ازاحته لكنهم خافوا‪..‬لم يعرفوا لم خافوا‪..‬و لكنهم فقط خافوا‪.....‬‬


‫بعد فترة ايقنوا ان الحكومة الجديدة قد اتت به ليل في الخفاء كتذكار لهذه الحديقة و هذا الميدان العريق‬ ‫و لهل الحي‪...‬‬ ‫اقتنعوا بهذا على الرغم من انهم متأكدين من ان الحكومة الجديدة ل يعنيها هؤلء في شيء‪..‬‬ ‫لكنهم وجدوا ان القتناع بشيء حتى لو خطأ افضل من عدم القتناع باي شيء‬ ‫بعد مرور ايام اعتادوا عليه واصبح هذا التمثال هو مكان تجمعهم‪..‬يتجمعوا حوله دائما في فترة الراحة‪..‬‬ ‫و كان الطفال يحبون اللعب بجواره دائما‪..‬‬ ‫كان يشعروا ان الحديقة قد عادت اليها روحها المسلوبة بعد النقلب الحكومي‪..‬‬ ‫هذه الحديقة التي كانت تحمل ارسم الملك‪..‬و كانت تتورسط ميدان حيهم الشهير بالمكتبات و العطارة‪..‬‬ ‫كان حيا اصيل و عريقا بحق‪..‬و كانت حديقة كتلك الحدائق التي تراودك في احلمك‪...‬‬ ‫و لكن منذ قيام الثورة ‪..‬و تغير ارسمها الى حديقة العهد الجديد‪....‬‬ ‫و معها ذهب الملك الى حيث ل يدري احد‪..‬لم يعلموا الي اين ذهب‬ ‫رجال الحكومة اعتبروا ان تلك الزهور التي تزينها احد علمات العهد الملكي‪..‬ازالوها‪..‬و معها ازالوا روح‬ ‫الحديقة‪..‬و روح الحي بأكمله‪..‬‬ ‫‪----------------------‬‬‫كان كل من يرى التمثال هذا يتعجب من صنعه حقا‪..‬‬ ‫لم ينس شيئا من التفاصيل النسانية الدقيقة جدا‪...‬النف البارز مع ثنيات جلدية بسيطة معبرة عن‬ ‫السن‪..‬عينان تلمعان في نظرة انكسار شديد‪..‬كذلك الشعر الذي لم يكن يعرفوا كيف يتطاير مع نسمات‬ ‫الهواء‪....‬حتى وقفة التمثال لم تكن عادية‪..‬‬ ‫كان يقف مع انحناءة بسيطة للمام‪..‬توحي بحال رسكان البلد و الحي‪..‬وقفة فيها من الضعف الكثير‪..‬لكن‬ ‫على الرغم من كل هذا ‪....‬كان يتميز برائحة غريبة من الماضي‪..‬روح الكرامة للشعب‪..‬‬


‫حاول اهل الحي كثيرا معرفة لَم يرمز هذا التمثال‪..‬هم حقا احبوه‪.‬و اعتادوا عليه‪..‬لكنهم ل يدروا لي‬

‫شيء يرمز‪..‬‬

‫كذلك لم يعتادوا من حكومتهم الجديدة ان تفعل شيئا دونما ان تعلن عنه‪..‬لكنه لم تعلن شيئا عن هذا‬ ‫التمثال الرائع‪..‬‬ ‫و لكن على الرغم من كل هذا كان اهل الحي يعتبرون هذا التمثال فخرا لهم انه يزين حديقة حيهم دون‬ ‫غيرها‪....‬و كانوا يلقبونه بـ‪..‬بتمثالنا‪..‬‬ ‫كانوا يقصدون به‪..‬التمثال المعبر عنا ‪....‬و كذلك التمثال المتواجد عندنا‪..‬‬ ‫‪---------------------------‬‬‫مع مرور اليام اكثر‪...‬ازداد حبهم و ولعهم بالتمثال‪..‬‬ ‫اصبح اكثر تجمعهم عنده‪..‬كأنهم يشركونه في تجمعاتهم‪..‬‬ ‫من شدة حبهم له لحظوا انه اخذ في النحناء اكثر مع اليام‪..‬تعجبوا بشدة‪..‬كيف يتغير هكذا مع اليام‪..‬‬ ‫في باديء المر خافوا عليه‪..‬خافوا ان يسقط ارضا و ينتهي امره‪...‬‬ ‫لكنهم شعروا انه يحبهم كما يحبونه‪..‬انه يتعايش معهم‪..‬زاد انحنائهم لما يواجهون‪..‬فزاد هو‬ ‫انحنائه‪....‬ينحنوا اكثر‪..‬ينحني معهم‪..‬‬ ‫احبوه اكثر بكثير‪..‬و ازدادوا به شغفا‪...‬‬ ‫‪-----------------‬‬‫عندما قرأوا ان الرئيس و من معه رسيأتون لزيارة حيهم و زيارة الحديقة فرحوا ‪..‬و في نفس الوقت خافوا‪..‬‬ ‫فرحوا ان الرئيس رسيأتي لزيارة الحديقة و رؤية التمثال‪....‬الذي هو هدية الحكومة الخفية لهم‪..‬‬ ‫كذلك خافوا ال يكون من الحكومة‪..‬ان يكون احد مهوورسي الفن صنعه ثم وضعه في هذا المكان‬ ‫بالذات‪...‬‬


‫هذا ما جعلهم يحاولوا ان يخفوا التمثال عن اعين الحراس الذين كانوا ياتون يوميا لمعاينة الموقع الذي‬ ‫رسيزوره الرئيس و من معه‪..‬‬ ‫كانوا يخفونه باي شيء‪..‬حتى انفسهم‪..‬و بالفعل نجحوا في هذا‪...‬‬ ‫و عند زيارة الرئيس المرتقبة زينوا التمثال تماما كأنها ليلة عررسه‪..‬‬ ‫اتي الرئيس و معه الوزراء‪....‬يتقدمهم اقدمهم‪..‬و الوحيد الباقي من ايام الملكية‪..‬‬ ‫عندما دخلوا الحديقة‪..‬اقشعر جسد الرئيس خوفا‪..‬كأنه ارستشعر رائحة خطر‪..‬‬ ‫في نفس الوقت تبسم الوزير‪..‬و كأنه ارستشعر رائحة حب‪..‬تماما كما ارستشعرها اهل الحي كله‪..‬‬ ‫لحظوه‪..‬تعجبوا بشدة‪..‬ومعها تعجب اهل الحي انه لم يكن هدية الرئيس لهم‪..‬‬ ‫لكن الرئيس حاول تدارك الموقف‪..‬اقترب منه‪..‬و معه الوزير‪..‬نظروا له في وقفته المنحنية للمام قليل‪..‬و‬ ‫شعره الكثيف الذي يغطي اغلب وجهه‪..‬‬

‫نظروا له‪..‬خاف الرئيس قليل‪..‬و ارتعش من الخوف‪..‬لكن الوزير كان على العكس‪....‬اقترب اكثر فاكثر‪..‬و‬ ‫نظر جيدا له‪...‬لحظه‪..‬و عرفه‪...‬كيف ينسى هو الملك!!!‬ ‫معها تساقطت دمعات غزيرة‪..‬لم تكن من الرئيس‪..‬و ل من الوزير‪...‬‬ ‫بل كانت منه‪..‬من التمثال‪..‬بكي ‪..‬حينها فقط ادركوا جميعا انه لم يكن ابدا مجرد تمثال‪..‬انه كان انسان‪..‬‬ ‫و رسقط هو مع دمعاته‪...‬رسقط معها الملك‬ ‫***ملحوظة ‪...‬‬ ‫ليس المقصود بتاتا هو العودة ليام ملكية الملك فاروق و الملك فؤاد و غيرهم‪..‬لكن المقصود ملكية‬ ‫النسان و الشخص لنفسه‪..‬ملكية افكارك‪..‬ملكية حريتك‪..‬ملكيتك لنفسك‪..‬و ال أعلم‬


‫قبلة الحياة‬ ‫كان يذوب عشقا فيها‪..‬تأخذه رائحتها بعيدا عن الجميع‪..‬كانت تأرسره‬ ‫تستمع للحان بليغ و عبد الوهاب‪..‬قتتراقص على الحانها‪..‬فتجذبه اكثر اليها‪..‬‬


‫رغم ان عشقه لها لم يكن حديث العهد‪..‬بل تخطي اكثر من ‪ 50‬عاما‪..‬‬ ‫ما زال يتذكر اول مرة راها‪...‬لم يكن تخطي العاشرة‪..‬‬ ‫اخذته بشكلها الغريب عليه‪.....‬لم يكن يحب هذا اللون من قبل‪..‬لكنها اخذته لما هو اعمق من اللون‪...‬‬ ‫اخذته مباشرة الى تلك الرائحة التي ملت المكان بمجرد دخولها‪..‬تلك الرائحة التي أخذت ألباب‬ ‫الحاضرين في المآتم‪..‬‬ ‫لم يتوقف هو عند هذا الحد‪..‬عندما رأها تمر من امامه في هدوء و انسيابية مد يده اليها و تذوق لول مرة‬ ‫قبلتها‪...‬‬ ‫‪-----------‬‬‫انت مش شايف صحتك بقت ازاي؟؟؟‪.....‬الضغط على طول عالي‪...‬و الدكتور منعك منها خالص‪.‬‬‫هكذا تصيح ابنتي علّي ‪.‬ـ‪.‬كلما راتني اشرب فنجال من القهوة‪...‬‬ ‫تحبني بشدة‪..‬و لذلك تمنعني من متعتي الزلية‪..‬من القهوة‪..‬‬ ‫ارجوك‪..‬ل تبتسم او تظن بي خلل‪...‬‬ ‫اني اعشق القهوة عشق الحبة‪..‬تلك الرائحة السحرية التي تجعل عقلك يصل الى نقاط مجهولة في الكون‬ ‫الذي هو حولك دائما‪..‬لكن في وجودها تتغير نظرتك للكون‪..‬تتغير نظرتك لكل شيء‪..‬‬

‫لم يفت يوم دون ان اتذوقها‪...‬مجرد اشتمامي لرائحتها من على بعد يعيدني لقوتي‪..‬‬ ‫اتعلمون!!‪..‬يوم فرحي لم يكن هناك شربات او عصائر او اي شيء من تلك الشياء المعتادة‪..‬كانت‬ ‫القهوة‪..‬فقط القهوة‪..‬‬ ‫‪----------------------‬‬‫مبروك يا ارستاذ محمد الترقية الجديدة‪...‬بقيت مدير المصنع‬ ‫من الشياء الجميلة بالنسبة لي انني ارستطعت ان اجعل من حبي و هوايتي ايضا وظيفة‪..‬‬


‫كم شخص ممن يحبوا القهوة و يعشقوها مثلي تتاح لهم فرصة ان يعملوا في اكبر مصنع للبن في الشرق‬ ‫الورسط‪...‬بل و يصبح مديره الول‪..‬‬ ‫ل تعتقد انني غريب الطوار او ل يوجد مثلي الكثيرون‪..‬انت مخطيء‬ ‫عليك فقط ان تذهب الى تلك القهوة الماكثة في الميدان‪..‬‬ ‫رائحتها رستدلك عليها‪...‬ل تقلق‬ ‫ل تخف ايضا حين تلج قدمك داخلها‪.‬كن واثقا من نفسك‪..‬لنك اذا ترددت لن تتمكن من الدخول‪..‬‬ ‫تلك القواعد‪..‬يجب ان تتملكك الثقة و ان تكون فعل من عشاق القهوة‪..‬لست مجرد متطفل تريد ان‬ ‫تتأكد اننا لسنا قليلون‪..‬‬ ‫رستخبرني كيف يمكن ان تعرف‪...‬هذا هو رسحر القهوة‪..‬ل يمكن خداعها بسهولة‬ ‫‪-----------------------‬‬‫حالة الرستاذ محمد بقت خطيرة جدا‪..‬الضغط عالي جدا و مابقاش في دوا بيأثر عليه‪..‬الضغط لزم ينزل‬ ‫عشان عملية القلب المفتوح‬ ‫يتحدث الطبيب بصوت هامس لبنتي‪...‬ل يريدني ان ارسمع‪..‬فاتظاهر انا بالنوم‬ ‫ل يمكن لحد ان يمنع شخصا من حبيبته‪...‬انها حبيبته‬ ‫اتسلل من وراء ابنتي‪..‬اذهب الى هناك‪..‬‬ ‫حيث كل اصدقائي‪..‬كل من هم في حالتي‪..‬حيث محبوبتي‬ ‫ادخل المقهي بخطى متثاقلة انهكتها العمليات الكثيرة‬ ‫القى جسدي على اقرب كررسي لدى الباب‪..‬تناديني القهوة برائحتها المنتشرة في المكان‪..‬ل مجال‬ ‫لمقاومتها‬ ‫هاهي تأتيني تتمايل على نغمات المورسيقى المنبعثة في المكان‪..‬‬ ‫تتراقص على نغمات بليغ و عبد الوهاب‪..‬‬


‫تأتيني متأنقة كعادتها في اجمل الفناجيل‪...‬‬ ‫اتذوق قبلتها‪...‬قبلة الحياة‪..‬تأخذني لعوالم اخرى‪..‬ارى ما ل اراه‪..‬‬ ‫ارى ابي‪..‬و امي‪..‬ارى زوجتى التي اكل السرطان منها حتى ماتت‪..‬‬ ‫ارى ابني الشهيد‪..‬اراهم متجمعين معا‪..‬يتحدثون و يتسامرون‪..‬‬ ‫يبتسمون لي‪..‬و يضمونني اليهم‪..‬‬ ‫‪----------------‬‬‫ل تخف عندما تذهب هناك للمقهي‪..‬رستجد الكثيرون مثلي‪...‬بل ربما انت ايضا مثلي و لكن ل تعرف‪..‬‬ ‫فقط ادخل المكان‪..‬و وصل رسلمي لمن هناك ممن مثلي‪.‬‬

‫حادث مروري‬ ‫**ملحوظة‪..‬أحداث هذه القصة تدور في مكان واحد فقط‪..‬و في وقت ل يتخطى الل ‪ 10‬دقائق‪..‬‬ ‫فقط لزم التنويه قبل القراءة‬


‫رسعيدة جدا بهذا الخبر‪..‬تجلس بجوار هذا الرجل النائم ‪..‬امامهم شخص يتحدث‬ ‫في المحمول‪...‬خلفهم اب و طفلتيه الصغيرتان‪...‬هذا غير السائق و تابعه‪..‬و هذا‬ ‫الغامض الجالس في المقدمة وحيدا بجوار السائق‪..‬‬ ‫‪----------‬‬‫رغم حالتها العامة التي يرثى لها‪..‬و ل تدل على اي مظهر حضاري بتاتا‪..‬‬ ‫ال انك و في هذه اللحظة بالذات اذا رايتها ل تملك ال ان تحتضنها و تبتسم لها و تهنئها‪..‬‬ ‫لم يكن لهناء اي مطالب في حياتها القصيرة‪...‬‬ ‫أرسرة فقيرة‪..‬لكن راضية‪..‬حتى تزوجت من عامل البلدية‪..‬الراضي ايضا‪..‬‬ ‫تنظر للطفلتين خلفها‪..‬تبتسم لهما‪..‬و لنفسها أيضاً‬ ‫ل تستطيع ان تخفي رسعادتها عن المحيطين بها‪..‬‬ ‫"خد ‪ 50‬قرش‪..‬و ‪ 10‬صاغ الباقيين مش عايزاهم‪..‬خليهملك"‬ ‫تنطلق بفرحة و رسعادة منقطعة النظير هكذا للتّباع‪....‬‬ ‫لمن ل يعرفها‪..‬احيانا كثيرة كانت ل تدفع حتى الـ ‪ 40‬قرش بسهولة‪..‬ل لشيء ال لضيق اليد‬ ‫تسري في جسدها نغمة فرحة لذيذة‪......‬‬ ‫تتحس بطنها بحنان بالغ‪..‬و كأنها رستراقصها على هذه النغمات‬ ‫يهتز الرجل بجانبها و كأنه يشاركها رقصتها الخاصة على اليقاع النفسي لها‬ ‫وتنظر في هذه الورقة التي في يدها‪..‬‬ ‫تلمع في عينيها دمعتين تنحدران في هدوء للرسفل‪..‬‬ ‫و هي تحمد ال على هذا الخبر‪..‬و هذه النعمة‪..‬ثم تضع يدها على بطنها في حرص شديد عليها‪..‬و تحدث‬ ‫نفسها‪"...‬هارسميه رسعيد‪..‬عشان تبقى عيشته رسعيدة ‪..‬و احسن مننا"‬


‫و فجأة‪..‬يقطع حديثها الشخصي جدا هذه الصرخة‪...‬‬ ‫حاااااااااااااااااااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫*****************‬ ‫منظره يغط في نوم عميق‪..‬هكذا يوحي‬ ‫انما واقعيا‪..‬العكس تماما‪...‬ما زال يتذكر رنين الكلمات في اذنه‪..‬‬ ‫"احنا مضطرين نقلل العمالة في الشركة‪...‬الزمة المالية"‬ ‫يتذكرها‪..‬و يتذكر رسنوات عمله الـ ‪ 25‬في هذه الشركة اللعينة‪..‬كانوا يعتبروه العمدة في الشركة‪..‬‬ ‫يحترق من داخله‪..‬منتظرا اي لحظة للنفجار‪...‬‬ ‫يفتح عينيه لينظر حوله‪..‬يفتش في جيوبه‪..‬ل يجد اقل من ‪ 10‬جنيه‪..‬يعطيها للتّباع الذي يؤكد انه ليس مع‬ ‫فكة رغم ما تحتويه يده من وريقات مختلفة القيمة‪..‬و رغم رسؤال السائق له ان كان يحتاج الى فكة‬

‫يرفع يده في وجه التّباع طالبا منه الصمت و ان يحتفظ بالباقي‪....‬ثم يغمض عينيه مرة اخرى‪..‬‬ ‫و يتذكر هنا ابنته ‪..‬التي خطوبتها بعد ‪ 5‬ايام‪..‬‬ ‫و اليوم فقط و يوم ان كان يستعد لطلب رسلفة يتم فصله‪...‬يالقدر‬ ‫يستند برأرسه على الشباك‪"..‬معلشي يا ارستاذ رسعد‪...‬مقدر و مكتوب"‪"..‬دي مهزلة‪..‬احنا مش‬ ‫هنسكت"‪"..‬جري ايه يا رسعد يا اخويا!!‪..‬ما انت لسه شباب اهه‪..‬يعني ممكن تدور على شغل في حتة‬ ‫تانية‪..‬انت خبرة برضه"‪....‬‬ ‫تختلط كل تلك الجمل في رارسه‪..‬زملء و اصدقاء بحق‪..‬كل منهم يتمتم بالحمد انه لم يكن مع‬ ‫المفصولين‪..‬في نفس الوقت يوارسوا المفصولين‪..‬و المغضوب عليهم لنهم طالبوا بحقوق كل‬ ‫العاملين‪..‬الذين فصلوا و الذين لم يصبهم الدور بعد‪..‬‬ ‫تتسلل اهتزازة لجسده‪..‬يرتج لها جسده في خفة‪..‬فينظر له الراكبين‪..‬و لكنه رسرعان ما يسيطر على جسده‬ ‫مرة اخرى‪..‬تاركا قلبه للهتزاز بشده و كما يريد‪....‬‬


‫و فجأة‪..‬تتوقف السيارة في الشارة‪....‬‬ ‫حينها يبدأ في ادراك ما حوله‪..‬يفتح عينيه في بطء شديد‪ ..‬لم يستقل عربيته‪..‬ااااه‪..‬لقد نسيتها عند‬ ‫الشركة‪..‬‬ ‫و تفتح الشارة مرة اخرى‪..‬و يبدأ المرور في النسياق مرة اخرى‪..‬‬ ‫ينظر الى الخلف يرى طفلتين تلعبان في راحة بال و هدوء‬ ‫يتذكر اولده‪..‬يتذكر الفصل من الشركة‪...‬يتذكر زوجته‪..‬حينها ل يستطيع ان يمنع انطلقها من بين‬ ‫شفتيه‪....‬‬ ‫آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه‪......‬‬ ‫لتتواكب مع صرخات من حوله ‪...‬حااااااااااااااااااااااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫**********************************‬

‫في الخلف وحيدا مع ابنتيه‪...‬‬ ‫اكبرهما ل تتعدى الـ ‪ 5‬رسنوات‪..‬رسعاد‪..‬و الخرى فرح ذات الـ ‪ 3‬رسنوات‪..‬‬ ‫رسعاد تردد هذا النشيد الذيذ‪...‬‬ ‫أنا رسعاد اخت القمر‪...‬بين العباد حسني اشتهر‬ ‫فرح تلعب مع ابيها‪...‬‬ ‫و ابوهم ‪...‬الرستاذ هاني‪..‬يلعب مع فرح‪..‬و يراقب رسعاد‪..‬‬ ‫و يراقب نفسه معهما‪..‬‬ ‫يتذكر كلمات القاضي‪.....‬و هو يوافق على نقل حضانة الطفلتين الى امهما‪...‬‬ ‫المرأة التي لم تفعل في حياتها اي جيد او صواب ال انها اتت بهاتين الرائعتين‪..‬هاتين البسمتين‪ ...‬تريد ان‬ ‫تكفر عن حسنتها تلك حتى ل تلوث صحيفتها المليئة باخطائها المتميزة و رسيئاتها النادرة‪...‬‬


‫ينظر الى الطفلتين مرة اخرى‪..‬يعلم انها ربما تكون المرة الخيرة التي يرى فيها هذه الضحكات و البسمة‬ ‫على وجوههم‪...‬انه يعرفها جيدا‪..‬‬ ‫ل يختلف عندها ابنتها عن عدوتها‪..‬كلهم رسواء‪..‬تراهم عبيد عندها‪.....‬حتى هو نفسه كانت تعتبره خادما‬ ‫لها‪..‬‬ ‫و حقا فهو تنازل كثير من اجل ابنتيه الصغيرتين‪..‬لكنه لم يتحمل اكثر مما يراه امام عينيه‪...‬لم يتحمل مزيد‬ ‫اهاناتها له امام الجميع‪..‬‬ ‫نظرة الناس له تذكره دائما باهناتها‬ ‫ربما هذا ما جعله يغادر المدينة الى حيث ل يعلم احد‪..‬و لم يعد ال من اجل انهاء هذه القضية‬ ‫فقط‪..‬وتنتهى هكذا‪..‬تنتهي كما لم تنتهي الفلم‬ ‫ينظر الى الرجل الجالس أمامه‪...‬يحسده على راحة باله و هو يغط في نوم عميق حتى مع تلك الضوضاء‬ ‫الصاخبة من ذلك الشاب الذي يتحدث في الهاتف‪ ,‬كذلك تلك السيدة الفقيرة‪..‬لماذا هي رسعيدة‬ ‫هكذا؟؟؟!!!‬ ‫آآآه‪ ..‬لماذا تقسو الدنيا عليه فقط ؟؟؟!!؟‬ ‫تردد رسعاد انشودتها‪..‬انا رسعاد اخت القمر‪..‬‬ ‫و تجذب فرح الب من قميصه‪...‬فينظر لها و يبتسم‪...‬و يغني مع رسعاد‪..‬‬ ‫و فجأة‪.....‬حااااااااااااااارس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب‬ ‫***************‬ ‫لم يكف عن التحدث في الهاتف منذ ركوبه‪..‬‬ ‫واضعه على اذنه متحدثا بصوت عالي‪..‬غير عابيء بمن حوله و ل ازعاجه لهم‪...‬‬ ‫مخرجا من جيبه الجرة ‪ 40‬قرش بالعدد‪..‬ل اكثر و ل اقل‪..‬‬ ‫فيطلق التّباع افيهه الخاص‪..‬طب ما تسلفنا دقيقتين و خلص يا باشا‬


‫ينظر له الشاب ‪..‬فيسكت التّباع على الفور‪..‬‬ ‫و يستمر الشاب في التحدث‪...‬‬

‫ربما لن يكتشفوا ان ما في يده ليس ال محمول لعبة"من ابو ‪ 5‬جنيه"‬ ‫و ان الشاب حتى ل يعرف الي اين يتجه هذا الميكروباص‪..‬و ل الي اين هو ذاهب‬ ‫*******************‬ ‫يخيل اليك انه مجرد تّباع عادي‪..‬‬ ‫الحقيقة انه مختلف عن الخرين‪..‬‬ ‫فكم هو عدد التّباعين الحاصلين على مؤهل عالي‪...‬و ان وظيفته المفترض ان تكون مدرس محترم في اي‬ ‫مدررسة من المدارس المنتشرة في ربوع البلد‪..‬‬

‫لكنه حقا مكافح‪..‬لم يستسلم لليأس و عمل باي عمل امامه‪..‬ايا كانت صفته‪..‬‬ ‫كان هذا – على حد تعبيره‪ -‬اديني بارسلي نفسى و أملى وقت فراغي‪..‬‬ ‫و ربما ايضا لمل فراغ جيبه‪...‬و فارغ بيتهم من اي دخل ال عن طريقه ‪...‬‬ ‫يتحمل ثقالة هذا الزبون الجالس امامه و ل يكف عن التحدث في الهاتف‪..‬‬ ‫و يتمنى لو يورسعه ضربا‪....‬‬ ‫و لكن هاتين الطفلتين في الكررسي الخير تروحان عنه قليل‪..‬يلعب معهم محركاً يديه‬ ‫‪-‬الجرة يا حضرات‪....‬‬‫يعطيه هذا الرجل النائم عشرة جنيهات‪..‬يتعامل معها كما تعود دائما‪"..‬مفيش فكة معايا"‪..‬طريقة تعودها كي‬ ‫يحصل على اكبر مبلغ ممكن‪....‬يتركها له الرجل كاملة‪...‬‬ ‫يصيح له السائق‪..‬عايز فكة يا ارستاذ؟؟!!!‬


‫ل يكف عن مضايقته بهذا اللقب‪...‬هو يعلم انه ليس بيده‪..‬و لكنه فعل يبرع في ارستفزازه‪..‬‬ ‫يصل هو لحد الذروة‪...‬من السائق و من هذا الراكب امامه‪..‬مع تحدثه في التليفون‪..‬‬ ‫فيلتفت و يستعد للتحدث‪..‬و لكنه فجأة يصرخ‪..‬حاااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب‬

‫***********************‬ ‫ربما ل يوحي مظهره بانه على قيد الحياة‪..‬‬ ‫بدلة قاتمة السواد‪...‬نضارة تخفي تقريبا وجهه كله‪...‬‬ ‫ل حركة‪..‬ال عندما دفع الجرة فقط‪.....‬‬ ‫ل صوت ابدا‪.....‬حتى عندماحاول السائق ان يفتح معه حوارا عن الحالة المرورية لم ينطق حرفاً‬ ‫بل لم يلحظ احد انه فعل في العربية ال عندما صرخ محذرا‪...‬حارســب اللوري‬ ‫****************‬ ‫مشغل احدى اغاني الميكروباصات كما ُتعرف‪..‬‬ ‫واضعاً رسيجارة في فمه‪...‬تفوح منها رائحة ل تبشر بخير‪..‬‬ ‫ربما ليس اكثر ابناء جيله احباطا‪...‬و لكنه بالتأكيد في المراكز الثلثة الولى‪...‬‬ ‫رسائق بدرجة خبير‪...‬‬ ‫‪ 15‬عاما رسائقا ل تكفي لن تحصل على مشروعك الخاص‪..‬ميكروباصك‬ ‫تذهب يوميا في الصباح الى الموقف‪...‬تبحث عن اي عربية في انتظار رسائق لتعرض خدماتك‪...‬ثم تأخذ ما‬ ‫يكفيك من رسباب و تحذيرات بأن تحدث اي خدش في السيارة‪...‬‬ ‫"اوعى ياض يا ابن الـ‪ ....‬تمد ايدك ع الجرة‪......‬فاهم يا روح امك؟؟"‬ ‫يتقبل كل هذا بصدر رحب و ابتسامة بلهاء‪..‬و دموع مكتومة في عينيه‪...‬‬


‫"عايز فكة يا أرستاذ؟؟؟"يصيح للتّباع‬ ‫دائما يخرج ما يتعرض له من صاحب السيارة على تابعه‬ ‫ربما اكثر قليل في تقييم حشوة السيجارة هذه‪...‬‬ ‫حسنا‪...‬رسيكمل هذه )الفردة( ثم يشرب كوب شاي كي يستعيد وعيه‪...‬‬ ‫يتوقف في الشارة‪..‬يحاول ان يفتح حوار تقليدي مع الرجل بجانبه عن الحوال المرورية‪..‬و لكن يصدمه‬ ‫صمت الرجل فيقطع كلمه و ل يتحدث‬ ‫تنفتح الشارة فيستعد للنطلق حينما يستمع لكلم الراكب بجانبه‪..‬ثم صراخ باقي الركاب‪...‬‬ ‫حاااااااااااااااااارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب اللوري‬ ‫‪---------------------‬‬‫تنطلق عربة النقل المحملة باطنان من حديد التسليح في اتجاه بالميكروباص ‪....‬‬ ‫لم تتوقف صرخات الركاب‪....‬و لم يتوقف اللوري كذلك‪..‬‬ ‫يتصادموا‪..‬‬ ‫تتحسس بطنها في خوف‪...‬يحتضن ابنتيه برعب شديد‪..‬‬ ‫يتمسك بهاتفه‪..‬يفتح عينيه و ينظر في فزع‪....‬‬ ‫يصرخ العربية ل‪ ...‬يعود لما كان عليه قبل صرخته مختبئا في نضارته‬ ‫يتجمد في مكانه و يبكي بشدة و هو ممسك الجرة‪..‬‬

‫يتصادما‪...‬‬ ‫و يختلط دمهم معاً‬


‫مجلة حائط‬

‫كان تجمعهم الرسبوعي‪..‬كل ثلثاء‪..‬ربما ل يبدو عليه شيء غريب‪..‬‬ ‫هم الخمسة‪..‬لم يزدوا و لم ينقصوا‪..‬‬ ‫خالد ابراهيم‪..‬رسها مجدي‪..‬رنا يسري‪...‬أحمد الشريف‪..‬أدهم المصري‬ ‫في نفس مكانهم الذي لم يتغير تقريبا منذ بدء اجتماعاتهم‪..‬الطاولة اقصى اليسار بجوار النافذة المطلة على‬ ‫الميدان‬ ‫ل شيء تغير‪.....‬ال انهم لم يكونوا كما كانوا‪..‬‬ ‫كان يشتعل بداخلهم حماس رهيب‪..‬اذا نظرت في اعين ايا منهم رستلحظ داخلها تلك اللمعة المميزة‪..‬لمعة‬ ‫الحماس المشتعل بداخلهم‪..‬يجد منفذا له من خلل بريق اعينهم‪..‬‬ ‫تتعرف عليه من خلل حركاتهم العفوية النفعالية‪..‬حركات تنم عن فرحة شديدة و حماس شديد‪..‬تنم عن‬ ‫حدث كبير‪..‬كبير منتظر‬

‫لم اعد في حاجة لرسالهم عما يريدوا‪..‬طلباتهم معروفة و محفوظة‪....‬اتي بها بمجرد وصولهم‪..‬‬ ‫اتقدم منهم و اقدمها لهم في هدوء‪..‬عندما يأخذهم الكلم ‪..‬يفضل ال اقاطعهم ‪..‬‬

‫كانوا جميعا‪..‬كل في مكانه‪..‬عيونهم معلقة على ورقة مفرودة امامهم‪..‬و يمسك خالد بالقلم و يررسم فيها‬ ‫خطوط بالرصاص ‪..‬و يكتب بعض الكلمات ل اتبينها من مكاني بجانب المشرب‪..‬‬


‫و كانوا يتناقشوا في رسعادة بالغة‪..‬و كأنهم يررسموا خطة زفاف احدهم‪..‬‬ ‫هم جميعا تخطوا العشرين عاما‪..‬جميعهم مازالوا عزاب‪..‬بارستثناء التجربة القصيرة المريرة لرنا‪..‬خطوبة رسريعة‬ ‫لقل من ‪ 3‬اشهر‬ ‫جميعنا يعرف ان خالد يعشق رسها ‪.....‬ال هي‪...‬كان يخشى ان يظهر لها حبه جتى ل تتعلق بما لي‬ ‫يمكنه ان يسدده لها‪..‬هو ل يستطيع تحمل تكلفة الزواج هذه اليام‪..‬حدثني بهذا منذ مدة وحدنا في احد‬ ‫المسيات الحانية‬

‫كانوا يومها متألقين ‪..‬منظرهم يجذب اعين المارة من الخارج و الجالسين في الداخل‪..‬و كأنهم نجوم في‬ ‫حفل رساهر‪..‬الجميع اعينهم متعلقة بهم‪..‬‬ ‫يرفع أدهم يده الي‪..‬عندما اقترب منهم‪..‬يحدثني ادهم بلكنته الفلسطينية المميزة‪..‬‬ ‫"هل عمي‪..‬قلي‪..‬رايك ايه احلى‪..‬القمر هلل و ل بدر؟؟؟"‬ ‫رسؤال غريب‪...‬ربما يكون نكتة!!!لكن اعينهم جميعا متعلقة بي‪..‬ما المقصود من السؤال؟؟‬ ‫"بيتهيألي‪..‬البدر‪..‬نوره بيكفي انه يغطي البسيطة كلها"‬ ‫تبتسم رنا ببساطتها المعتادة‪..‬ل تلبث ان تتبعها رسها بنظرة المستفسر‪..‬‬ ‫رسها و رنا‪..‬صديقتان‪...‬لم يتعرفا على بعض ال من خلل اللقاءات الثقافية التي تعقد شهريا في هذا‬ ‫المقهي‪..‬‬ ‫أما ادهم و احند فهما في الصل زميل درارسة‪..‬حتى الن‪..‬و خالد يكاد يكون اكثر الزوار للمقهي يوميا‪..‬‬ ‫أبت صاحبته ان تجعله مقهي لنفخ الدخان‪..‬رفضت فيه المدخنين‪..‬و ل توجد شيشة‪..‬مقهي ثقافي‬ ‫حضاري‪...‬اجتمع فيه خيرشباب‪..‬فتعاونوا على البر و التقوى‪..‬و لم يلفظوا بالثم و ل العدوان‬ ‫اشعر بحرج شديد ان اكون اخطأت اجابة‪..‬رسرعان ما يلحقني أحمد بمرحه المعتاد‪..‬‬ ‫"البدر احسن لنه بيوفرلنا فاتورة الكهربا‪..‬انما الهلل مش باشوف ال لو ولعت النور"‬ ‫يبتسموا جميعا و انا معهم‪..‬‬


‫قبل ان تقول رسها بلغتها القوية التي اكتسبتها من كثرة قراءاتها‪..‬هي صغيرة ‪ 22‬عاما فقط‪..‬لكن عمرها‬ ‫العقلي ربما يتخطي ضعف عمرها‬ ‫"الحقيقة يا عمي ان انا شايفة ان الهلل اقوي‪..‬تأثير الهلل على باقي القمر اقوي بكتير‪..‬‬ ‫في رسحبة الضوء اللي بيكفينيها الهلل‪..‬باقدر اشوف حدود القمر كله‪..‬كمان الهلل اول جزء بينور في‬ ‫البدر‪..‬و اخر جزء بينطفي"‬ ‫يتبعها خالد بالجملة التي تنفي عني حرج‪"..‬بس دي اراء ‪...‬و اختلف الرأي ل يفسد للود قضية‪..‬و احنا‬ ‫اللي بينا يا عمي اكبر من الود"‬ ‫ينادونني دائما بـ)عمي(‪....‬لو كان انعم ال علي بالولد‪..‬لربما كان ابني مثلهم‬ ‫لكن حقيقة‪..‬مجرد كلمة )عمي( منهم كانت تشعرني بالنشوة و كأنهم اولدي‪..‬‬ ‫كنت بمرور الوقت‪..‬و تكرار الجتماعات و اللقاءات في المقهي اشعر بانجذاب قوي نحوهم‪..‬و كأنهم‬ ‫فعل اولدي‪..‬كانت همومهم تشغلني‪..‬و كذلك فرحهم يسعدني‪..‬‬ ‫يقوم ادهم و يسحب كررسي و يقول لي‪"..‬اتفضل عمي‪..‬بدنا رايك شوي"‬ ‫يشير خالد الى الورقة امامه‪..‬‬ ‫"عايزين نعمل حاجة زي مجلة حائط‪..‬و بنفكر نسميها حالة حوار‪...‬ايه رايك يا عمنا"‬ ‫"عارفين يا ولدي ان اكتر حاجة ضايعة مننا اليام دي هي الحوار‪..‬‬ ‫مفيش حد بيكلم حد‪..‬و كل واحد بيقول يل نفسي‪..‬و عشان كده ماحدش بيعرف حد"‬ ‫تبتسم رنا مرة اخري و هي تخبرني بصوتها المنغم‪..‬‬ ‫"كلمك مظبوط يا عمي‪..‬و عشان كده كان رسؤالنا‪..‬ايه القوى‪..‬البدر و ل الهلل؟؟‬ ‫رسؤال جدلي و تختلف عليه الراء‪...‬و المفروض اننا نتقبل كل الراء‪..‬المتفقة و المعارضة‪..‬هو ده الحوار"‬ ‫تشرح لي في هدوء اجزاء مجلة الحائط‪...‬‬


‫الجزء الثقافي رسيعمل عليه خالد‪"..‬دودة الكتب"‪..‬يعتقد ان الكتاب اهم من الطعام احيانا‪..‬يكفيك كسرة‬ ‫خبز و رشفة ماء‪..‬و لكن ل تكفيك مكتبات الدنيا كلها ‪..‬‬ ‫اما الجزء الجتماعي و الحواري‪..‬تؤول مهمته لصاحبة الكلم القوي رسها‪..‬رغم هدوء ملمحها الذي‬ ‫يجذبك اليه‪..‬ال ان ال حباها بنعمة قوية‪..‬تأتي بكلمات من عمق اللغة لتغذي المعنى الذي تريده كما‬ ‫يكون‪..‬و كأنها تلعب بمكعبات صغيرة‪..‬تجمع كلمة من هنا على اخرى من هناك لتوضح ما يدور في‬ ‫بالها‪..‬‬

‫اما احمد‪..‬ابرز ما يميزه ارستخراجه الضحكات من اي شخص في اي وقت‪..‬باقل جهد‪..‬‬ ‫و هذا ما يجعل الجزء الذي ينوي كتابته يتصدر المجلة في تخطيطهم‪..‬يعلموا مدى تأثير البسمة الحقيقية‬ ‫الصافية على الشخاص الحزانى‪...‬‬ ‫و رنا تتكفل بالكاريكاتير و الررسومات‪...‬رقة ملمح رنا و مصريتها كانوا دائما ما يظهروا في ررسوماتها‪..‬و‬ ‫كأنها تكتب ارسمها او جنسيتها‪..‬كان الررسم عندها ارسهل من الكتابة‬ ‫و مهمة ادهم هي تنسيق كل هذه الجزاء معا في شكل قوي‪..‬و تصميم واضح‬ ‫بعد توضيح رنا‪..‬يسود الصمت قليل‪..‬‬ ‫قبل ان يكمل لها احمد‪..‬‬ ‫"و طبعا يا عمي انت معانا‪..‬مسئوليتك بقى تشرف علينا‪..‬عشان عايزين نخلصها قبل الثلثاء الجاي"‬ ‫رائعين بحق‪..‬ل يتكفلوا فقط بانارة عقول الخرين‪..‬بل ينيروا قلوبهم ‪..‬و ينيروا كل حياتهم‪..‬‬ ‫و كان مهمتهم في الحياة هي فقط انارة الطريق للخرين‬ ‫كم احبهم!!‬ ‫"بس ايه ياولد اللي طلع في دماغكوا الفكرة دلوقتي يعني؟؟!!"‬ ‫يجيبني خالد بهدوء‪...‬‬ ‫"ياعمنا ‪..‬ربنا هيسألنا عن شبابنا‪..‬المفروض مانضيعوش و نستغله‪..‬‬


‫ماننساش اننا شباب‪..‬و احنا اللي شايلين حمل مصر على اكتافنا‪..‬و عايزين نقول للناس ان مصر‬ ‫حلوة ‪..‬حلوة بجد‪..‬و هي دي حالة الحوار بينا‪..‬مصر حلوة‪..‬و عشان كده السؤال زي ما رنا قالت‪..‬‬ ‫ايه القوى‪..‬البدر و ل الهلل‪..‬هنختلف و نتحاور و نتناقش‪...‬بس تبقى بديهية واحدة‪..‬ان في كل‬ ‫الحوال مصر احلى بلد"‬ ‫ترتشف رسها اخر ما تبقى في كوبها من عصير‪..‬ثم تنظر في رساعتها‪..‬‬ ‫"الساعة دلوقتي ‪...2.15‬بسرعة بقى عشان نلحقهم"‬ ‫ينهوا جميعا ما معهم‪..‬‬ ‫يعطيني ادهم الورقة التي كانت امامهم‪..‬يوصيني بها خيرا الى ان يأتوا كل بجزئه المرة القادمة حتى يبدأوا‬ ‫في تنفيذها النهائي‪..‬‬ ‫لم اعرف رسببا لسرعتهم هذه المرة في المغادرة‪..‬‬ ‫ارستوقفت ادهم لرسأله‪..‬‬ ‫"عارف يا عمي!!انا بقالي اكتر من ‪ 7‬رسنين في مصر‪..‬باشوف اهلي في غزة و الضفة كل يوم يموتوا‬ ‫‪...‬ينضربوا‪..‬يتحرقوا‪..‬و يتعذبوا‪..‬تعرف؟؟كانت كل رصاصة بتصيب حدا فيهم‪..‬كأنها موجهة الي‪...‬كنت‬ ‫حارسس اني مذلول مكّتف‪...‬ول بايدي اشي اعمله لبلدي و لوطني‪..‬‬ ‫بس بعد ‪ 7‬رسنين في مصر‪..‬باعترفلك يا عمي‪..‬بقى هوايا مصري عن جد‪..‬و احس انها بلدي ‪..‬و مصلحتها‬ ‫تهمني‪..‬و لهيك‪"..‬‬ ‫يقاطعه أحمد و هو يسحبه من يده‪"..‬و لهيك يا عمي هيفضل يتكلم هنا و الناس يبدأوا يتحركوا و مانعرفش‬ ‫نوصلهم‪...‬ادعيلنا يا عمي"‬ ‫"ربنا يوفقكوا يا بني و ينصركوا على كل ظالم"‬ ‫تمسك رنا بيد رسها‪"...‬هاتي ايدك‪..‬مش عايزين نتوه من بعض خالص"‬ ‫يقف خالد على باب المقهي و هو يشير اليهم‪..‬اوصلهم الى الباب‪...‬‬ ‫يسلم علّي خالد بشدة‪..‬و يقبل يدي‪"..‬نشوفك على خير يا عمي‪...‬حافظ على المجلة"‬


‫يعبروا الطريق امامي‪..‬‬ ‫ما اجملهم شباب بحق‪..‬بنات و اولد‪..‬ل يفرق بينهم شيء‪..‬‬ ‫و ل يجمعهم شيء ال كل ما هو نبيل و راقي‪..‬يجمعهم حب مصر‬ ‫رسها‪...‬رنا‪...‬أحمد‪..‬خالد‪..‬ادهم‪...‬‬ ‫جميهم و كأنهم خرجوا من نسيج واحد‪..‬يختلفوا في الراء لكن يتوحدوا في الفكار‪..‬‬ ‫تعبر رنا عنها بررسمه‪..‬تنثرها رسها في كلمات‪....‬يصوغها احمد في رسخرية‪...‬يقولها خالد‬ ‫بمرجعيات‪...‬يطلقها أدهم و كأنها رصاصة‪...‬‬ ‫لكنهم جميعا يتوحدوا في الفكار‪..‬‬ ‫ما أرسعد اهلهم بهم جميعا‪..‬‬ ‫اعود الى داخل المقهي‪...‬اضع مجلة الحائط المستقبلية بعناية في دولبي‪..‬و اغلق عليها بعناية‪..‬‬ ‫انظر من خلل النافذة المطلة على الميدان‪...‬أجد تجمع كبير و هائل‪..‬‬ ‫اظل واقفا مكاني اشاهدهم‪..‬‬ ‫حشد ل نهائي من شباب في اغلبه‪..‬شكلهم رائع جدا‪..‬جميعهم رسعيد و يبتسم‪..‬و كأنهم في موكب فرح‪..‬‬ ‫ابصر من بعيد طيف رسها كأنها معهم‪...‬‬ ‫اخطو مسرعا نحو الباب حتى أتاكد‪..‬‬ ‫ارسمع صوت دوي طلقات نارية في الهواء‪..‬ارسرع في الخطا‪..‬الدوي يتواصل‪..‬متى ازدادت المسافة هكذا‬ ‫حتى الباب!!‪..‬‬ ‫اخيرا ادلف من الباب‪..‬و دوي الطقات يستمر‪..‬‬ ‫اجول بعين بين الشباب‪...‬ل اتبين احد‪..‬ل اري شيء‪..‬‬ ‫ل الحظ رسوي لون احمر قاني يتسلل الى مدخل المقهى‪..‬و كانه يلتف حول قدمي‪..‬‬


‫ابتعد بسرعة عن الباب‪..‬اشعر و كأن حمل ثقيل رسقط علي‪..‬‬ ‫اهرول مسرعا بين الحشد الملقي على الرض‪...‬‬ ‫ادعو ربي ان يخيب ظني‪....‬‬ ‫ارسمع كلمة خافتة بجانبي‪"..‬عمـ ـ ـ ـ ‪"...‬‬ ‫يمسك يدي‪"...‬قول لسهـ ـ ااا اني باح ـ ـ ـبـ ـ‪"..........‬‬ ‫هذا خالد ‪..‬هذا صوته‪..‬و هذا حبه‪..‬لكن هل هذا حاله؟!!!!؟‬ ‫امسك به مستنجدا بربي‪..‬اهزه بشدة‪...‬و ل اجابه‬ ‫انطلق به مسرعا الى المقهي‪..‬اطلب النجدة من الجميع‪..‬لكن كان ما كان‬ ‫اذهب بحثا عن الخرين‪..‬‬ ‫ماذا عنهم جميعا‪..‬‬ ‫رنا رسقطت قتيلة‪..‬ممسكة بيدها رسها‪..‬اعتزما عندما خرجا من المقهي‪..‬أل يتوها ابداً‬

‫أدهم رسقط على احمد‪..‬تلقى بدل منه الطلقات جميعها‪..‬و أحمد رفض ال ان يلحق بهم جميعا‬ ‫فأخذ من الرصاصات نصيبه و ما يكفي‪..‬‬

‫جمعتهم جميعا داخل المقهي‪..‬جلست بجانبهم لحظة ‪..‬‬ ‫انطلقت مسرعا لحضر مجلة الحائط‪..‬‬ ‫وقعتها بدمائهم جميعا‪..‬كل في مكانه المخصص‪..‬ارفقت به صورة لكل منهم‪..‬‬ ‫و غمست يدي في دمهم‪..‬و كتبت )اكيد مصر احلى(‬ ‫انتهيت منها في اقل من ‪ 30‬دقيقة‪..‬كان عمل رسريع‪...‬‬


‫علقتها في مدخل المقهي‪..‬‬ ‫و بجانبها رسؤال واحد فقط‪..‬‬ ‫ايهما القوى؟؟البدر أم الهلل؟؟؟!!!!!‬ ‫حينها كنت ارسأل السؤال و انا متأكد من الجابة دون تردد‬ ‫هلل الشباب الذي يحدد كل القمر‪..‬هو اول البدر و انتهاءه‪..‬‬ ‫و هو أرساس الضوء‪..‬و أرساس انارة عقول و قلوب كل الناس‬ ‫بالتأكيد‪..‬هذا الهلل اقوي بكثير من أي بدر‬


‫ال ـ ‪ 18‬دور‬ ‫احتشد اللف امام المبني هاتفين باعلى صوتهم‪...‬مطالبين بارسقاط العلم‪..‬‬ ‫كان حديث جانبي يدور بين مجموعة اصدقاء‪..‬‬ ‫تفتكر انهم هيشيلوا العلم؟؟‪-‬‬ ‫و ال الواحد ماعدش عارفهما ممكن يعملوا ايه‪..‬ربنا يستر‬‫انا زهقت اوي بقى‪..‬كده كتير‪...‬أنا طالع‪-‬‬ ‫و فجأة رسحب العلم من يد صديقه و أخذ طريقه في الصعود‪.‬‬ ‫احمد‪..‬ارجع يا احمد‬ ‫لكنه كان بدأ الطريق‬ ‫بعض الوقات تكون الحمارسة اكبر من ان ٌتحتوى‪..‬‬

‫هذا ماحدث‪..‬‬

‫اتخذ احمد الطريق للعلى‪..‬لم ينظر لكونهم ‪ 18‬دور‪..‬و ل انه ممنوع ارستخدام السلم‬ ‫و ل اي شيء‪..‬‬ ‫نظر للعلم في يده‪..‬و اتجه للعلى‪...‬‬ ‫‪--------‬‬‫)‪(1‬‬ ‫"رسبايدر مان مش احسن مني‪..‬رسبايدر مان مش احسن مني"‬ ‫و اخذ في الصعود متشبثا باي بروز يراه على الحائط‬ ‫يااااااااااااااا رب‪...‬‬


‫عندما وصل للدور الول كان يشعر بخوف شديد‪..‬يكاد يبكي و هو ينظر للرسفل رغم انه لم يرتفع كثرا‪..‬‬ ‫كان الكل يطالب بارسقاط العلم و ل يراه احد ال صديقيه فقط‪..‬‬ ‫تذكر وقتها صورة جده المعلقة في الصالة اما باب الشقة مباشرة‪..‬‬ ‫كان شاويشا في الجيش قتل في عام ‪1967‬‬ ‫تشبث اكثر بالعلم و ارستكمل الطريق بحماس‪..‬‬ ‫‪--------‬‬‫)‪(2‬‬ ‫"يااااااااااااااااااااااا رب"‬ ‫كانت صيحة قوية اخرج فيها كل ما في صدره من خوف و قلق‪..‬‬ ‫كان يرى بعدما وصل للطابق الثاني الناس و هو اصغر‪..‬‬ ‫لكنه كان ل يزال يرى صديقيه و يحدد مكانهم ‪..‬‬ ‫كان يرى مكانه فارغا بجانبهم‪..‬و كذلك مكان صديقهم ماجد‪...‬الذي قتل في يوم ‪ 28‬يناير‬ ‫كان يرى مكانه و كأنه دمه مازال يجري في مكانه ‪..‬‬ ‫نظر للعلى قبل ان ينطلق و هو اكثر اصرار على الوصول‪..‬‬ ‫‪---------‬‬‫)‪(3‬‬ ‫"أحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد"‬ ‫كان صديقيه وقتها شديدا القلق عليه و ظل يصرخان باعلى صوتهم‪..‬و لكن كان صوتهم يضيع ورسط هذا الصخب و‬ ‫النداءات العالية‪..‬‬ ‫ظل هو ينطلق للعلي بدون توقف و كأنه ل يرى و ل يسمع ال ما امامه‬ ‫كانا شديدا القلق عليه خصوصا في هذه الظلمة‪..‬‬ ‫فكر أحدهما و فأخذ كّش اـف و رسلطه امامه بحيث يرى‪..‬‬ ‫ان كان و لبد من ان يصعد للعلى فليصعد في النور‬

‫‪-------------‬‬‫)‪(4‬‬ ‫"يااااااااااااااااااااااااا رب"‬ ‫يتبقى الكثير حتى يستكمل الصعود‬ ‫ينظر للرسفل فيرى الضوء مسلط عليه بقوة‪..‬‬ ‫يحمد ال على ان احدا فكر في ان ينير له الطريق للعلى‪..‬لم يكن يستطيع ان يصعد في الظلم اكثر من هذا‬ ‫كان ينظر من شرفة الدور الرابع وجدها مظلمة‪..‬كان أحدا ل يسكن فيها‬ ‫تذكر ان جميع السكان اخلوا العمارة من اجل هذه السفارة الملعونة‬ ‫رفع علم مصر في شعاع الضوء امامه و هو ممسك ببروز الشرفة و هتف‬ ‫"تحيا مصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر"‬


‫‪----------‬‬‫)‪(5‬‬ ‫"الحقوا ده في واحد على الجدار"‬ ‫كانت جملة هتف بها احد الواقفين‪..‬‬ ‫نظر الجميع للعلي باتجاه الضوء‪..‬‬ ‫رأوه عند الطابق الخامس‪..‬و ممسك بعلم مصر و هو يستكمل الصعود‪..‬‬ ‫كان الهتاف و التصفيق بالعلى اكثر من ان يخذلهم و يستسلم للتعب الذي احل به‪...‬‬ ‫كانت تكفي جملة"تحي ـ ــا مص ـ ــر "التي يهتف بها الجميع ليستكمل الصعود دون توقف‬ ‫‪----------‬‬‫)‪(6‬‬ ‫كان الهتاف يلهب حمارسه ليستكمل الصعود‪..‬‬ ‫"يااااااااااااااا رب"‬ ‫تنطلق مدوية ‪..‬كان يشعر و كأن يده تصل للبروزات وحدها دون عناء منه‪..‬‬ ‫ل يتحكم هو في حركتها‪..‬‬ ‫بل هي التي تتحكم فيه‬ ‫يجد نفسه فجأة عند الطابق السادس و يستكمل الصعود دون ان يقف‪..‬‬ ‫يشعر بالتعب و لكن يده تواصل التطلع‪..‬و قدميه تواصل الحركة لعلى‬ ‫كان الحماس يتملكه كله من اعله لرسفله‬ ‫‪--------------------‬‬‫)‪(7‬‬ ‫كان الصعود المستمر الذي يصعد به ل يتوقف‪..‬‬ ‫حاول النظر للرسفل لكنه لم يستطع ان يحدد مكان صديقيه‪..‬كان النور يأتي اليه من كل مكان‬ ‫لم يقتصر فقط على هذا الكشاف الذي كان مسلطا عليه في البداية‬ ‫كان رقعة الناس تتضح حدودها اكثر في عينيه‪...‬‬ ‫يراها و كأنها لوحة مررسومة بالوان مصر امامه‬ ‫شعر فيهابخطوط هذا الررسام البرازيلي "كارلوس لطوف" نفس رسخونة الوانه‬ ‫شعر فيها ايضا بملمح تماثيل محمود مختار‪..‬تدب فيها حيوية و اصالة‬ ‫شعر فيها بملمح امه ‪..‬و شعر و كأنها تحثه على الصعود و اكمال المهمة‪ ...‬فارستكمل الصعود‬ ‫‪------------‬‬‫)‪(8‬‬ ‫"ارفع رارسك فوق‪..‬انت مصري"‬ ‫كان يرددها من بالرسفل فتصل اليه قوية كفاية لتهز جبل المقطم‪..‬‬ ‫كان في صعوده المستمر يرى ما لم يراه و هو في الرسفل‪..‬‬ ‫شعر و كأن مصر كلها اجتمعت امام عينيه‪..‬يراها رأى العين‬


‫تذكر صلح جاهين‬ ‫""على ارسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء‪..‬‬ ‫انا مصر عندي احلى و اجمل الشياء"‬ ‫"باحبك يا مص ــر"قالها بكل حب و هو يحتضن علم مصر‪..‬‬ ‫و ارستكمل الصعود‬ ‫‪----------‬‬‫)‪(9‬‬ ‫"هو طالع كده ازاي؟؟"‬ ‫كان الناس ورسط هتافهم و تشجعيهم له قلقين و متخوفين كيف يستطيع ان يصعد هكذا دون اي مساعده‬ ‫يصعد و كأنه يلهو و يتمسك بالجدار بيد واحدة و يرفع بالخرى العلم‬ ‫رد أحد صديقيه‪"..‬أصل أحمد بيحب مصر اوي"‬ ‫كانوا يتعجبوا بشده ‪...‬قبل ان يهتف احد المتظاهرين‪..‬‬ ‫"كلــنا بنحبك يا مصر‪..‬كلــنا معاك يا احمد"‬ ‫‪------------------‬‬‫)‪(10‬‬ ‫فجأة‪...‬وجد امامه صورة النقيب أحمد جلل‪..‬‬ ‫تذكر كيف قتل دونت ذنب او رسبب‬ ‫كان شهيدا يرتفع في السماء عندما وضعوا جثمانه في التراب‪..‬‬ ‫وجد امامه العلم في الهواء و كأنه يسخر منه‪..‬‬ ‫"يا ولااااااااااد الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلب"‬ ‫و ارستكمل الصعود‬ ‫‪-------------‬‬‫)‪(11‬‬ ‫تذكر أحمد ان يعاني من فوبيا الماكن المرتفعة‪..‬‬ ‫لم يعرف كيف نسى هذه المعلومة‪..‬كاد يسقط حينها و لكنه تشبث بالجدار امامه‪..‬‬ ‫رسمع حينها همسا من الشرفة امامه‪...‬‬ ‫لم يميز منه رسوى كلمات معدودة‬ ‫"غزة‪..‬مصر‪..‬باراك‪..‬مباراك"‬ ‫شعر بالضيق الشديد و الرستفزاز‪..‬‬ ‫أتاه الهتاف من ارسفل‬ ‫"تحي ـ ـ ـ ــا مصـ ــر"‬ ‫فدفعه من الرسفل للصعود‬ ‫‪-------------‬‬‫)‪(12‬‬


‫كان صديقيه بالرسفل شديدا القلق عليه‪..‬‬ ‫كانوا يروه يصغر و يصغر مع صعوده المستمر‪..‬لم يكادا يراه على الرغم من الضواء المسلطة عليه‬ ‫"لو حصل حاجة هنقول لبوه ايه"‬ ‫"مش احنا اللي هنقول‪..‬الناس دي كلها اللي هتقول‪..‬‬ ‫تحيــا جمهورية مصر العربيــة"‬ ‫‪----------‬‬‫)‪(13‬‬ ‫ك‪.‬ان اليعي‪.‬اء يتملكه اكثكر ف‪.‬اكثكر‪..‬ل يكد يتسطيع ان يكرك يديه من مك‪.‬ان‪.‬ا‪..‬‬ ‫مكر ام‪.‬ام يعينيه شكريط من الصور‪..‬‬ ‫صورة العلم الصكري يكرفع ف سين‪.‬اء يع‪.‬ام ‪1973‬‬ ‫صورة يعلم الكي‪.‬ان الصهيون و هو يوضع يعلى السف‪.‬ارة ف مصكر يع‪.‬ام ‪1980‬‬ ‫صورة ممد الدرة‪..‬صورة اي‪.‬ان حجو‪..‬‬ ‫ك‪.‬ان هت‪.‬اف الن‪.‬اس من اسفل قوى جدا‬ ‫"ي‪.‬ا شهيد ن‪.‬ام و ارت‪.‬اح‪..‬و احن‪.‬ا نكمل الكف‪.‬اح"‬ ‫و أخذ ف الصعود‬ ‫‪------‬‬‫)‪(14‬‬ ‫ل تعد تستطيع الضواء السلطة ان تصل ل‪.‬ا هو ابعد من ذلك ف تلك الليلة اللظلمة‪..‬‬ ‫و جب يعليه ان يعتمد يعلى احس‪.‬اس قلبه‬ ‫ك‪.‬انت ليلة ملظلمة ل يكد ان يلظهكر فيه‪.‬ا القمكر‬ ‫لكنه حينه‪.‬ا ظهكر و اض‪.‬اء‪..‬و كأنه ك‪.‬ان مسخكرا له‪..‬يضيء كل بقعة تقع يده يعليه‪.‬اتس‪.‬ايعده ف الصعود‪..‬‬ ‫ك‪.‬ان ينلظكر للقمكر و نوره البيض الس‪.‬اطع‪..‬الذي يني له طكريقه‪..‬‬ ‫فيستمكر ف الصعود‬ ‫‪-------‬‬‫)‪(15‬‬


‫اخب اصدق‪.‬ائه فيم‪.‬ا بعد انه استط‪.‬اع من مك‪.‬انه هذا ان يكرى مصكر كله‪.‬ا‪..‬‬ ‫رأهم ف الق‪.‬ائد ابكراهيم و هم يلوحون له و يشجعونه‬ ‫ف اللة ك‪.‬انوا يهتفون ب‪.‬اسه و يط‪.‬البونه ب‪.‬الستمكرار‬ ‫بينم‪.‬ا ف النصورة ك‪.‬انوا ف مسيات مشجعة له‬ ‫اسوان ك‪.‬انت متشحة بعلم مصكر بطول‪.‬ا‬ ‫و ف سوه‪.‬اج خكرجوا جيع‪.‬ا يط‪.‬البون بطكردهم‬ ‫و السويس ك‪.‬انت تزدان ب‪.‬المحكر و البيض و السود و كأن‪.‬ا يوم يعكرسه‪.‬ا‬ ‫أكد أمحد أنم سعهم جيع‪.‬ا يكرددون نفس الت‪.‬اف ف نفس الوقت‬ ‫"ب ــكره ب ـ ــكره ي‪.‬ا صه‪.‬اي ــنة"‬ ‫"ب ــكره ب ـ ــكره ي‪.‬ا صه‪.‬اي ــنة"‬ ‫‪------‬‬‫)‪(16‬‬ ‫تعجب أمحد من نفسه كيف استط‪.‬اع ان يصعد كل هذه الدوار لول مكرة ف حي‪.‬اته‬ ‫هو الذي ل يصعد حت شجكرة ف صغكره و يع‪.‬ان من فوبي‪.‬ا من الم‪.‬اكن الكرتفعة‬ ‫يتسلق ‪ 16‬دورا و ل ي‪.‬اف‪..‬‬ ‫ل يشعكر ال ب‪.‬الم‪.‬اسة الشديدة تتملكه‬ ‫حسن ً‪.‬ا‪..‬قضى يعلى فوبي‪.‬اه ال‪.‬اصة ‪..‬ف‪.‬استكمل طكريقه ليقضى يعلى فوبي‪.‬ا مصكر الع‪.‬امة‬ ‫‪------------‬‬‫)‪(17‬‬ ‫ل يعد يستطيع ان يكرك يده من مك‪.‬ان‪.‬ا‪..‬‬ ‫شعكر و كأنه تيبس ف وضعه هذا‪..‬‬ ‫بكرودة شديدة من حوله ‪..‬‬


‫أحس و كأنه اخف من ان يثبت نفسه و ان اي ريح ستودي به للرض‪..‬‬ ‫نلظكر للسفل فلم يكد يستطيع ان يكرى شيئ‪.‬ا‪..‬‬ ‫فجأة ربتت يد يعلى ظهكره‪..‬نلظكر بفزع وجده م‪.‬اجد صديقه‬ ‫"كّم لـ ي‪.‬ا أمحد‪..‬انت قكربت تقق حلمن‪.‬ا"‬ ‫أخذته الدهشة فك‪.‬اد يسقط لول ان امسكت به يد جده‬ ‫"قوم ي‪.‬ا أمحد‪...‬انت يعديت كل الصعب‪..‬مبق‪.‬اش ح‪.‬اجة"‬ ‫ث أخذ ممد الدرة بيده و صعد معه تكرافقهم‪.‬ا حجو‪..‬فهمست ف اذنه‬ ‫"تعكرف‪..‬ك‪.‬ان بدي شوف سب‪.‬ايدر م‪.‬ان متل م‪.‬احيكو يعنه صح‪.‬اب فوق‪..‬بس هل شوفتك انت‪..‬و ال أحلى بكتي من اي وصف"‬ ‫‪----------‬‬‫)‪(18‬‬ ‫ك‪.‬ان هدفه يقت ب بشده‪..‬ه‪.‬ا هو ام‪.‬امه‪..‬‬ ‫اخيا استط‪.‬اع ان يعتدل و يقف كم‪.‬ا يب‪..‬‬ ‫شعكر بنسمة هواء منعشة تكر يعليه فتف‪.‬اءل‪..‬‬ ‫نزع العلم الصهيون من مك‪.‬انه و الق‪.‬اه ارض‪.‬اً‬ ‫و وضع العلم الصكري مك‪.‬انه‬ ‫و أخذ يكرفكرف‪..‬‬ ‫ك‪.‬ان مشهد رائع جدا‪..‬‬ ‫ك‪.‬انت اي‪.‬ان تسك ب‪.‬العلم و هي تطي ف الواء لتجعله يكرفكرف ‪..‬‬ ‫بينم‪.‬ا ك‪.‬ان م‪.‬اجد يكراقص الدرة حول العلم‪..‬‬ ‫ام‪.‬ا جده فكربت يعلى كتفه و هو يدمع قبل ان يقبله ف رأسه‬ ‫النلظكر ف السفل ك‪.‬ان بديع‪.‬اً‬ ‫الكل يكرقص فكرح‪.‬ا و طكرب‪.‬ا‬


‫ك‪.‬ان أمحد يكري مصكر كله‪.‬ا سعيدة‪..‬‬ ‫بل يكراهم ف غزة فكرحي ب‪.‬ا فعله و هم يق‪.‬اومون‬ ‫ف يعّم ‪.‬اـن ك‪.‬انوا ف طكريقهم للوصول ل‪.‬ا استط‪.‬ايعه‬ ‫بينم‪.‬ا ف سوري‪.‬ا و طكرابلس ك‪.‬انوا يكرروا انفسهم حت يطهكروا بلدهم‬ ‫حت القمكر ك‪.‬ان يش‪.‬اركهم السع‪.‬ادة فأستأثكر بضوءه للعلم فبدا و كأنه يشع ضوءا و بي‪.‬اض‪.‬ا وسط السم‪.‬اء و النجوم‬ ‫‪--------‬‬‫يعندم‪.‬ا يع‪.‬اد للرض ح‪.‬اول الوصول لصديقيه لكنه وجد الكل يلتف حوله‪..‬‬ ‫محلوه يعلى اليعن‪.‬اق و هم يهتفون‪..‬‬ ‫"تيـ ـ ــ‪.‬ا مصـ ـ ـ ــكر"‬ ‫ك‪.‬ان يشعكر بنشوة ب‪.‬الغة وقته‪.‬ا‪..‬و لكن ك‪.‬ان يشغل ب‪.‬اله‪..‬‬ ‫هل فعل ك‪.‬انوا معه ف اليعلي؟؟!!‬ ‫ك‪.‬ان م‪.‬ا يزال يستشعكر كلم‪.‬ات اي‪.‬ان ف اذنه‪..‬‬ ‫رائحة الزيتون العلقة ف ثي‪.‬ا ب الدرة ل تزال ف انفه‬ ‫و جده و كأنه يكربت يعلى كتفه الن‪..‬‬ ‫م‪.‬اجد م‪.‬ازال ام‪.‬امه كم‪.‬ا أت‪.‬اه ف اليعلى ابيض شف‪.‬اف‬ ‫يعندم‪.‬ا ك‪.‬ان يشى مع صديقيه سألوه‬ ‫"بس انت ازاي ي‪.‬ا امحد م‪.‬اخوفتش‪..‬مش انت يعندك فوبي‪.‬ا؟؟"‬ ‫نلظكر للسم‪.‬اء ث ابتسم‪.....‬‬ ‫"م‪.‬اجد و الدرة ه‪.‬ا اللي طلعون"‬

‫من مصر‬


‫كانت العربة تسير تهتز اتفاعا و هبوطا و هي تسير بهم‪..‬و كانوا هم جميعهم الثمانية عشرة متجمعين في‬ ‫الخلف اغلبهم صامت ال بعضهم يق أر بعض الدعية او الترانيم‪..‬‬ ‫كان علي يجلس بجانب الكوة الوحيدة بالخلف التي يمكن ان ينفذ لهم شعاع من الضوء منه حتى يستطيعو‬ ‫ان يميزوا بعضهم البعض‪-‬بصعوبة شديدة‪-‬و كان يجلس بجواره صديقه عماد‪..‬‬ ‫لم يكن عماد و علي اصدقاء منذ فترة بعيدة فقط ‪ 6‬او ‪ 7‬سنوات‪ ..‬اول يوم استلم فيه علي عهدته العسكرية‬ ‫و اخبروه انه في سل ح المشاه ‪..‬و التحق بالكتيبة ‪.. 11‬حينها رأي عماد يستلم مكانه هو الخر‪..‬تعجب من‬ ‫لمعة عينيه الحزينة و بدأ يحدثه‪..‬و منذ ذلك الوقت و هما اصدقاء بحق‬ ‫كان عماد ساهما في المام الل واقع‪..‬‬ ‫"مالك يا عماد؟؟!!‪..‬قلقان ليه"‬ ‫"خايف يا علي اوي‪..‬مش عارف ليه خفت فجأة"‬ ‫"تخاف؟؟!!؟؟نخاف و احنا رايحين نتفسح؟؟"سأله علي و هو يبتسم باحثا عن امل مفقود‬ ‫"نتفسح؟؟مش فاكر ياعلي اللي حصل قبل كده؟مش فاكر محمد سعيد‪..‬مش فاكر مصطفى الشحات‪..‬مش‬ ‫فاكر دفعة ‪ 69‬اللي مش باقي منها غيري انا و انت و محسن عبد الكريم اللي اتنقل لمركز القيادة؟؟"كان‬ ‫عماد منفعل و خائف فعل‬ ‫" فاكر كويس يا عماد‪.‬و عشان كده متأكد اننا رايحين نتفسح‪..‬اللي جوانا و مكتوم بقاله سنين هنخرجه‬ ‫‪..‬هنشم هوا براحتنا من غير ما تكون في حاجة ضاغطة على صدرنا‪..‬و هنعرف نتفسح" كان في الحقيقة‬ ‫علي يريد ان يطمئن نفسه‪ ..‬كان يتمنى ان يقول احد هذا الكلم له شخصيا‪..‬‬ ‫كان عماد وقتها صمت عن الكلم و بدا و كأنه يائس بحق‪.‬و كذلك بقيتهم في الخلف كانوا صامتين‬ ‫تماما‪..‬و كأنهم في مسيرة جنائزية مهيبة‪..‬‬ ‫فجاة بدأ علي يغني باعلي صوته‪.‬‬ ‫"يا اهل بالمعارك‪..‬يا بخت مين يشارك‬ ‫بنارها نستبارك‪..‬‬ ‫و نصبح منصورين‪..‬‬ ‫مليين الشعب تدق الكعب تقول كلنا جاهزين كلنا جاهزين‬


‫يا أهل بالمعااااارك‬ ‫‪".......‬‬ ‫كان الكل بدأ يردد معه و بدات تصدر حركة صاخبه تحمل أمل ما للقادم المجهول‪...‬و كان صوت ضحكاتم‬ ‫بدأ يرتفع قبل ان يأتيهم تحذير من المام فعادوا للهدوء مرة اخرى‪..‬و هم يرددوا الغنية فيما بينهم بصوت‬ ‫خفيض‬ ‫بعد فترة بسيطة توقفت العربة‪..‬‬ ‫"يل يا رجالة‪...‬بسم ال"‬ ‫_______‬ ‫بدأوا جميعا في النزول من التوبيس الخاص بفوجهم‪...‬و كان الكل ممسك بكتيب الخاص بالتعليمات‬ ‫الخاصة بالفوج و ايضا باحكام و فرائض الحج‪..‬‬ ‫يتقدمهم الشيخ المسئول عنهم‪..‬الشيخ"سعد الشحات"‪..‬كان شابًا ممتليء بعض الشيء‪..‬طويل و شديد‬ ‫البياض‪..‬‬ ‫كذلك صوته هاديء و رزين‪..‬و يعلو وجهه ابتسامة غير متكلفة‪..‬‬ ‫امسك بيد الستاذ علي و هو ينزله من التوبيس‪..‬‬ ‫كان علي يشعر برهبة شديدة و هو في طريقه لبيت ال الحرام‪..‬‬ ‫بكي فرح ًا عندما ق أر اسمه في الفائزين بالحج لهذا العام‪..‬ربما هذا هو افضل ما حدث له منذ الحرب‪...‬خاصة‬ ‫و ان الحج جاء له عن طريق "جمعية محاربي اكتوبر" بمناسبة مرور ‪ 15‬عامًا على الحرب و كأنها مكافأة‬ ‫من الدولة لصحاب النجاز التاريخي‪..‬‬ ‫كان علي مهتم بشدة و هو يستمع لتعليمات الشيخ ‪..‬كان يشعر فيه بشيء من اللفة الغريبة‪..‬يخبرهم كيف‬ ‫يؤدوا الماسك بالتريب و ينصح الكبار في السن بتجنب الزحام حتى ل يصابوا باختناقات‪..‬كذلك ينصحهم‬ ‫جميعا بان يبقوا بالقرب من بعضهم البعض‪...‬و يؤكد عليهم "تذكروا رقم فوجنا‪..‬الحادي عشر –مصر‪"-‬‬ ‫تذكر علي رقم ‪..11‬و تذكر الكتيبة ‪ 11‬مشاة و تذكر كل اصدقائه وقتها‪..‬التمعت عيناه فجاة‪..‬‬ ‫و ذهب مسرعا للشيخ قبل ان يذهب‪"..‬يا شيخ سعد‪.‬يا شيخ سعد‪..‬انت والدك كان اسمه ايه؟"‬


‫ضحك الشيخ بهدوء و سعادة "كنت مستنيك تسالني من اول الرحلة‪..‬مرضيتش اقولك"‬ ‫"ابن مصطفي الشحات ال يرحمه‪...‬يا بخته بيك"‬ ‫"ال يرحمه ‪..‬يل عشان نلحق وقتنا"‬ ‫ظظظم هذا البناء‪..‬‬ ‫ذهب علي و بدأ في الدوران حول الكعبة‪..‬و بدأت عيناه تمتل بالدموع و هو ينظر لِع َ‬ ‫كان يبكي على كل خطاياه التي ارتكبها‪...‬‬ ‫كان يسير في خطى وجلة يملؤها خوف شديد من ال‪..‬‬ ‫ظل يبكي و يبكي و يبكي‪..‬‬ ‫كان كلما اراد ان يردد مع باقي الحجيج خرج صوته مكتوما‪...‬ل يكاد هو يسمعه ‪...‬بدل من الحروف تنطلق‬ ‫الدموع من عينيه ‪..‬‬ ‫بكى بشدة‪..‬حتى وجد يدا تربت على كتفه من الخلف‪..‬‬ ‫كان رجل اسيوي الملمح يبتسم بهدوء و طمأنينه‪..‬‬ ‫قال له في لغة عربية ضعيفة‪"....‬ال اكبر‪...‬غفور‪...‬رحمن"‬ ‫وجدت كلمات هذا الرجل الوقع الهاديء الطيب في نفس علي‪..‬شعر بطمأنينة و راحة بال حينها‪..‬‬ ‫ابتسم بدوره للسيوي‪..‬ثم امسك السيوى بيد علي و بدأ في التلبية معًا‪..‬‬ ‫__________‬ ‫"مصر يا أم‪..‬ولد اهم‬ ‫دول علشانك داقوا الهم"‬ ‫كان هدير المليين في ميدان التحرير كافيا لن يحرك الصخور الراقدة على القلوب منذ عقود طويلة‬ ‫تجمع اولدها معا في هذا الميدان على اختلف طبائعهم و احلمهم و مستواياتهم‪..‬جميعا اولدها‪..‬‬ ‫كان الجميع يتعرف على الخر ‪..‬اختفت الفارق‪..‬‬


‫في أحد جوانب الميدان تجمع عدد غير قليل من الشباب حول الحاج علي‪...‬كانوا يستمعون بانصات شديد و‬ ‫هو يحكي لهم عن حرب اكتوبر‪..‬‬ ‫كثير من هؤلء الشباب ابائهم كانوا اطفال وقت الحرب فلم ينغرز في عقولهم اشياء تذكر عن الحرب و‬ ‫بالتالي لم ينقلوا لولدهم عنها ال اقل القليل‪....‬‬ ‫كان يتحدث و هو يستند على عصاه في يمينه و حفيده الكبرعلى يساره ‪..‬‬ ‫حديثه مشوق و خلب‪..‬يسرد الحداث و كأنها امامه الن بكظ ظظل تفاصيلها‬ ‫كان الستاذ علي بطبيعة عمله كمعلم يجيد التعامل مع الجيال الخرى‪..‬لم يصبه سرطان تباعد الجيال‬ ‫بضرر يذكر سوى بعض الكلمات و التعبيرات التى ل يستطيع ان يضعها في معنى محدد‪..‬‬ ‫ابتسامته لم تفارقه و هو يسرد لهم الحداث التي شهدها هو و من معه في الكتيبة ‪ 11‬مشاه‪..‬‬ ‫كان يعلم في ق اررة نفسه ان التاريخ سيذكر هؤلء الشباب بما لم يذكرهم بعد الحرب‪..‬‬ ‫" بيقولوا جيلنا قدر انه يحرر ارض رسينا من العدو‪..‬بس الحقيقة ان احنا محررنهاش فعل‪..‬احنا يادوب خرجنا دباباتهم و‬ ‫عساكرهم بس‪..‬انما هما لسه هناك ‪..‬دول بقوا هنا كمان‪..‬في كل مكان حوالينا‪"..‬‬ ‫كان الستاذ علي يحدثهم بحماس شديد‪..‬ربما يفوق عمره الذي تخطى الظ ‪65‬‬ ‫"و العدو مش ارسرائيلي و ل اجنبي‪..‬في كمان العدو الداخلي‪..‬اللي هو مننا‪..‬ده بقى خطورته في انه عارف طباعنا و عارف‬ ‫كمان ازاي بنفكر‪..‬‬ ‫يعني بيتوقع كل خطوة نعملها‪..‬و بيحاول انه يمنعها‪..‬و دي المشكلة يا شباب‪..‬‬ ‫لزم نفاجئه بالجديد‪..‬‬ ‫في ‪ 73‬فاجئنا العدو في عز الضهر و من غير توقعات ‪..‬قبل ما يفكر كنا بقينا قدامه خلص‪..‬‬ ‫و انتوا يا شباب كمان زي ما فاجئتوه في البداية‪..‬لزم نفضل بالمفاجئات لحد ما نخلص من كل العداء‬ ‫هما عايزنا نفضل تحت‪..‬بس ل‪....‬احنا هنطلع فوق"‬

‫تحمس بشدة و هو يتحدث‪..‬و نقل حماسه للشباب الذي امامه‪...‬و بدأوا في الهتاف بقوة‪..‬‬ ‫"لفوووق‬


‫لفووووووق‬ ‫لفوووووووووق"‬ ‫_____‬ ‫و بدأوا في الصعود‪..‬‬ ‫الحاجز الترابي مهول عندما تراه من اسفل‪..‬كما لو كان لعنان السماء‬ ‫"يابوووووي‪..‬الجبل ده عالي جوي‪...‬بسم ال"قالها عوض ميخائيل –أحد افراد الكتيبة‪ -‬بنبرة تحدي و‬ ‫حماس‪..‬‬ ‫كان عماد بشعر بخوف غامض‪..‬فمسك علي يده ‪..‬و بدأوا في الصعود لعلي‪..‬‬ ‫كانوا متشابكين معا و هم يصعدون في حين تأتي المياه من خلفهه من الخراطيم و هي تصنع تلك الحفر في‬ ‫الجدار‪..‬‬ ‫يرددون معاً بصوت واحد "ال اكبر‪..‬ال اكبر"كانت صيحاتهم هذه كفيلة وحدها لن تسقط الجدار هشيما‬ ‫مع الصعود و الصيحات و اقتراب المل‪..‬كان الحماس يتملكهم جميعا ليقضى على كل خوفهم‪..‬‬ ‫بدأ عماد في الصعود وحده‪...‬و كذلك علي‪..‬عندما أروا العلم المصرى مزروعا على قمة بارليف اسرعوا‬ ‫الخطى و ارتفعت صياحتهم‪"..‬تحيا مصر‪..‬تحيا مصر‪..‬تحيا مصر"‬ ‫شعروا برغبة شديدة في الطيران‪..‬ارادوا ان يحلقوا فوق الرؤوس ‪..‬تمنوا لو يستطيعوا الن ان يروا الصهاينة‬ ‫من خلف جدارهم الذي ل ينفع‬ ‫"تصدق شكلها فسحة يا على صح‪"..‬قالها عماد و هو منتشى بالسعادة‬ ‫كانوا ينظروا لبعضهم في فرحة و سعادة ل توصف عندما بدأ طيران العدو في إلقاء قنابل حارقة عليهم‪...‬نار‬ ‫حارقة اشتعلت تأكل ما تأتي عليه ‪..‬و من تاتي عليه ايضا‪..‬‬ ‫بدأوا يسرعوا الخطى نحو القمة متجنبين كل القنابل‪..‬‬ ‫نظر علي بجانبه على عماد فوجده متأخ ار قليل عنه‪..‬‬ ‫"هات ايدك يا عماد "قالها علي بسرعة و هو يمسك بيده‪..‬‬


‫و بدأ في الصعود هو و عماد‪...‬ظل علي يحدث عماد و يردد "ال اكبر‪..‬ال اكبر‪.,.‬تحيـــــــا مصر"‬ ‫لكن علي لم يجد اي استجابه‪..‬نظر لعماد فلم يجده‪..‬‬ ‫وجد يده فقط مشتعله‪..‬اما بقيته فلم يجدها‪....‬‬ ‫نظر ليد عماد‪..‬ثم نظر الى العلي و صرخ‪"..‬يا ولاااااااد الكــلب"‬ ‫و احتضن يد عماد و هو يصعد نحو القمة‬ ‫______________‬ ‫عندما وصل للقمة كان قد ارهق ‪...‬لكن هذا السيوي اللطيف الذي لم يتركه ازا ح عنه هم الصعود و التعب‪..‬‬ ‫بدأ في الصلة‪...‬ثم الدعاء‪..‬‬ ‫صعود عرفات ذكره ايضا بصعوده السابق لخط بارليف‪..‬تذكره جيدا و تذكر كل من كان معه‪...‬‬ ‫تذكر عوض عندنا كان يتهكم على الجدار و هم بالسفل‪..‬و ايضا و هم عائدين لم يتوقف عن الضحك و‬ ‫السخرية من كل ما مروا به‪...‬‬ ‫ايضا تذكر عماد و كيف استشهد في مقربة منه و لم يدر ال بعد حين‪..‬‬ ‫غلبته دموعه مرة أخرى‪..‬هذه المرة لم يربت صديقه عليه‪..‬كان هو ايضا مشغول بدعائه و بكائه‪..‬‬ ‫دعا علي للجميع‪..‬ظل يدعو‪..‬‬ ‫كان محمل بقائمة من الدعية لكل اصدقائه‪...‬لم يتذكرها جيدا‪..‬لكنه تذكر ان يدعو لوالديه و ايضا زوجته‬ ‫بالمغفرة و الرحمة‪..‬و دعا ايضا لولده بالمستقبل السعيد‪..‬‬ ‫دعا لفراد كتيبة ‪ 11‬فردا فردا‪..‬دعا كذلك لمصطفى والد الشيخ سعد‪..‬و لم ينس ابدا ان يخص عماد بدعاء‬ ‫كاف له و لولده علي الذي لم يره ال بعد الحرب مباشرة عندما ذهب لتأدية واجب العزاء‬ ‫التف الى صديقه السيوي بجانبه‪..‬وجده دعو بما يشبه النحيب‪..‬كان يبقى و يهتز جسده الضئيل كله و هو‬ ‫بكي‪..‬‬ ‫ربت علي على كتفه وسانده‪..‬لم يكن يعرف لغته ابدا‪..‬لكن ظن انه يعرف قليل من العربية كما حدثه‪..‬‬ ‫"ال رحمن رحيم‪..‬هو الهادي"هدأ بكاء الرجل‪ -‬و ان لم يتوقف‪ -‬و عاد الى ابتسامته‬


‫ظل علي يبحث عن الشيخ سعد بعينيه بين الحجيج حتى وجده ‪..‬ذهب اليه و ظل معه حتى الهبوط‪..‬‬ ‫"على فكرة‪..‬انا دعيت لمصطفي ال يرحمه" قالها علي و هو يستند على الشيخ‪..‬فابتسم و قبل يد الستاذ‬ ‫علي‪..‬‬ ‫في صبا ح اليوم التالي عندما ذهبوا الى منى‪..‬بدأوا في رمي الجمرات‪..‬‬ ‫كان على انتقى ‪ 70‬حصاة بعناية شديدة طيلة الليل حتى يرميها‪ ..‬كان يشعر و كأنه يرجم كل شياطين‬ ‫حياته‪..‬‬ ‫و بدأ في رجمهم و القاء الحصى‪..‬‬ ‫__________‬ ‫كانوا جميعا يرجموا شيطانهم الخاص‪...‬الخوف‬ ‫اردوه قتيل من قبل عندما خرجوا و لم يكتفوا بالمشاهدة‬ ‫كان الستاذ علي يسير بجوار حفيده و هما يرددان معًا‬ ‫"الشعب يريد اسقاط النظام‪..‬‬ ‫الشعب يريد اسقاط النظام"‬ ‫عندما وجد احد مجاوريه يهتف بأعلى صوت يمكنه‬ ‫"اتنحي"‬ ‫كانت كلمة كافية لتخرج كل ما احتجزوه من فرحه بداخلهم‪...‬بدا الجميع في الرقص و الحتفال‪..‬‬ ‫بينما اخذ حفيده في القفز و كأنه يريد ان يطير ليرى المشهد كامل من اعلى‪..‬ل تفوته لحظة هنا و ل في‬ ‫اي مكان اخر بمد مصر‪..‬‬ ‫كان ايضا الستاذ علي شديد الفرحة للدرجة التي جعلته يمكس بعصاه و يبدأ في تليوجها في الهواء متراقصا‬ ‫معهم على وقع "بسم ال‪..‬ال اكبر بسم ال بسم ال‬ ‫بسم ال‪..‬ادن و كبر بسم ال بسم ال‬ ‫ال اكبر‪..‬ادن و كبر و قول يا رب‪.‬‬


‫الفرحة تكمل‪"..‬‬ ‫تذكر جميع اصدقائه في الكتيبة ‪ 11‬مشاه عندما كانوا يرددونها خلف الراديو و هم عائدون بعد ‪ 18‬يوما على‬ ‫الجبهة‪..‬‬ ‫توارد الرقم في ذهنه اشعل فتيل ضحكة عالية دوت وسط صخب الميدان‪..‬‬ ‫‪ 18‬يوما على الجبهة لتحقيق النتصار‪..‬‬ ‫كذلك قضي في رحلة الحج ‪ 18‬يوما‪..‬لتحقق التوبة‬ ‫و ايضا ‪ 18‬يوما في الميدان لتحقيق الحرية‪..‬‬ ‫عندما سقطت نظارته على الرض سارع احد الرجال للتقاطها‪..‬‬ ‫اخذها منه علي‪..‬كان في شكله الفة قوية‪..‬و التماعة عين ل تنسى‪..‬امسك علي به‪..‬‬ ‫"انت علي؟؟انت علي ابن عماد السعيد؟؟"‬ ‫تفاجأ الرجل قليل‪..‬كذلك شعر حفيده بخجل قليل من ان يكون جده تخالطت عليه اسماء الشخاص‬ ‫"ايوه‪...‬انا علي عماد السعيد"قالها الرجل و هو متعجب من هذا الرجل ‪..‬كيف عرفه‬ ‫احتضنه الستاذ علي بقوة‪..‬ثم اخبره‪...‬‬ ‫"انا كنت مع ابوك الشهيد في كتيبة ‪..11‬و لما اتولدت انت سنة ‪ 72‬عماد سماك على اسمي ‪..‬علي"‬ ‫امسك علي بالستاذ بقوة و احتضنه بدأ في الرقص معا و الهتاف‪..‬‬ ‫===============================================‬ ‫كان الستاذ علي يجلس على الكرسي الخاص به في بلكونة بيته و هو يق ار الجريدة صبا ح اليوم‪...‬‬ ‫كان العنوان البرز على الصفحة الولي‪ ..‬بعد ‪ 38‬عاما‪ ..‬الثورة تعيد النصر لبطال أكتوبر الحقيقيين‬ ‫فتذكر الحداث صبا ح السادس من اكتوبر‪..‬‬ ‫كذلك كان بجانبه الخبر الخر عن تقديم كل التيسيرات للحجيج هذا العام‪..‬فأعاد تنشيط ما ترسب بداخله من‬ ‫عشق و وله بهذه الرحلة‪..‬و الشيخ سعد ابن زميله السابق في الجيش‬


‫كان في صدر الصفحة الثالثة ‪..‬نشطاء يسربون عبر »تويتر« صو ار للتحرير تمكن من كشف قتلة‬ ‫المتظاهرين‬ ‫تذكر كيف قضى ايامه في الميدان وسط ابناء مصر جميعا‪...‬و تذكر ايضا علي ابن عماد الذي قابله‬ ‫بالصدفة‪.‬‬ ‫أكد على نفسه ان يرسل رسالة لعلي اليوم في ذكرى وفاة والده‪....‬‬ ‫كان يتسلى بقراءة حظك اليوم‪"..‬غد مشرق‪..‬ل تـقلق" ابتسم لنفسه‪..‬لعظظل و عسى‪..‬‬ ‫حينها دخل حفيده الصغر علي ذو الربع سنوات‪..‬‬ ‫"جدوووووووووووووووووووووو"‬ ‫و جرى اليه مسرعا قبل ان يلقى الجريدة بعيدا و يجلس هو مكانها‬


‫حكاية حواء‬

‫كعادتها كل يوم استيقظت السـت " ماجدة" في العاشرة صباحا‪..‬‬ ‫كانت مجهدة و كأنها لم تنم منذ زمن بعيد ‪ ..‬تأكدت ان سكرها‬ ‫بالتأكيد عالي‪..‬‬ ‫وجدت ابنتها حواء واضعة الفطار على الطاولة في الخارج كـكل‬ ‫يوم‪ ..‬و بجانبه حقنة النسولين‪..‬‬ ‫تكفي امها ارهاق اعداد الفطار و هي ل تستطيع‪..‬‬ ‫بعدما فطرت اخذت ترتشف الشاي و هي تنظر لصورة زوجها‪..‬‬ ‫" صباح الخير يا ابو محمود‪ ..‬عامل ايه؟؟!!!‬ ‫وحشتني اوي ‪ ..‬حواء بتسلم عليك ‪"..‬‬ ‫كانت الصورة بادي فيها زوجها و هو مازال شابا يافعا مرتديا‬ ‫البذلة العسكرية و هو ناظر للمام‪..‬‬

‫جلست الست ماجدة قليل في الشرفة ‪ ..‬كانت تستدفيء بشمس‬ ‫الشتاء المتسربة من خلف العمارات الشاهقة‬ ‫عندما لمحت بعينها المبصرة جارتهم القديمة " أم سعد" و هي‬ ‫تدخل العمارة‪ ..‬فنادت عليها‪ .‬ثم ذهبت لتفتح لها الباب‬ ‫استقبلتها بترحاب شديد و هي تعاتبها لنها تأخرت في زيارتهم‬ ‫هذه المرة‪..‬‬


‫لكن أم سعد بادرتها بالعتذار عن التأخر‪ "..‬معلشي يا اختي ‪ ..‬انتي‬ ‫عارفة كنت مشغولة مع ابو سعد اليومين اللي فاتوا"‪.‬‬ ‫" ربنا يشفيه يا رب و يخليه ليكوا"‬ ‫ثم ذهبتا معا للجلوس في الشرفة معا‪ ...‬كان الحديث بينهما ل‬ ‫ينقطع و هما يتحدثان عن احوالهم و احوال البلد" اللي‬ ‫مابتتصلحش ابدا"‪ ..‬و كانت حواء هي صاحبة الهتمام الكبر من‬ ‫خاذ‪ -‬عن‬ ‫الحديث بعدما قررت ان ترتدي النقاب لتبتعد بجمالها – ال ّ‬ ‫آكلي لحوم الناث – و اولهم مدير المدرسة التي تعمل بها مجدي‬ ‫المشد‪ -‬الذين لم ينئوا و لو مرة عن ان يحترموا انسانيتها‪ ...‬حتى‬ ‫بعد النقاب‬ ‫كانت ام سعد تكن من داخلها كل الحب و الود لـ" ماجدة " و زوجها‬ ‫المرحوم اللواء سعد المصري الذي لوله ما استطاع ابنها ان‬ ‫يكون كما هو الن رائد في الجيش‪ ..‬كانت تشعر انها تدين لهما و‬ ‫لبنائها" حواء و محمود" بالواجب‪..‬‬ ‫و لهذا كانت تحرص على زيارتهم كل فترة حتى بعدما انتقلت الى‬ ‫حي اخر في الجهة المقابلة من النيل ‪..‬‬ ‫كانت تساعد حواء في العتناء بامها بعدما تسرب السحاب البيض‬ ‫لعينها اليمنى فلم تعد تبصر بها‪..‬‬

‫كان الحديث بينهما ل ينقطع ال برشفات الشاي المتتابعة و قطع‬ ‫البسكويت امامهم‪..‬‬ ‫عندما دقت الساعة الثانية‪ ..‬كانت الضوضاء في الخارج مزعجة جدا‬ ‫لمن في مثل سنيهما‪ ..‬فدخلتا الى الصالة‪..‬‬ ‫و فتحا التلفاز‪..‬‬


‫كانت ام سعد من داخلها تشعر بفخر لوجود ابنها ضمن حماة‬ ‫الوطن و ان الجيش هو الذي يتولى امر البلد الن‪ ..‬كانت تشعر‬ ‫بشيء من السلطة و النفوذ المتقدم بوضع ابنها الجديد‪..‬‬ ‫جالتا بين القنوات المختلفة‪ ..‬فاستبقاهما ما يحدث في البلد الن‪..‬‬ ‫كانت ام سعد المتكلمة " انا مش عارفة الناس دي عايزة ايه‬ ‫بقى‪ ..‬دول عايزين كل حاجة"‬ ‫" ربنا يهديهم يا اختى‪ ..‬هما عارفين طريقهم صح‪ ..‬ربنا يهديهم بس‬ ‫و يبعد عنهم ولد الحرام"‬ ‫" عارفين ايه بس‪ ..‬يعني هما عاجبهم وقف الحال ده؟؟"‬ ‫" وقف الحال ده يا ام سعد مش هما السبب فيه‪ ..‬السبب فيه‬ ‫معروف‪ ..‬احنا بس اللي مش بنتكلم"‬ ‫" امال مين بقى السبب فيه يعني؟؟؟"‪ "...‬ربنا يجازي اللي كان‬ ‫السبب بقى"‬ ‫كانت ماجدة تشعر بعدم رغبة مفاجئة في الكلم‪ ..‬كان فؤادها‬ ‫يضرب بشدة و يعصف به في كل جانب‪..‬‬ ‫فجأة تساءلت‪ "..‬حوا اتأخرت كده ليه؟؟!!!"‬ ‫و طالعهم على الشاشة منظر فتاة و هي تسحل و تضرب و تعرى‬ ‫من قبل عساكر الجيش‪...‬‬ ‫نظرت ام سعد لـماجدة فجأة‪ ..‬و هتفتا معا بصوت قلق و‬ ‫مضطرب‪ "..‬ربنا يستـــر" قبل ان تلتمع في عينيهما الدموع‬ ‫‪---------‬‬

‫كان محمود مستغرقا في احلمه الخاصة و هو جالسا على مكتبه‬ ‫في العمل‪..‬‬


‫لم يكن عنده رغبة في العمل في هذا اليوم‪..‬‬ ‫ظل يسترجع ما فعله ليلة امس‪ ..‬عندما ظل يتكلم مع احد الفتيات‬ ‫على النترنت طوال الليل‪..‬‬ ‫يتذكر كلماتها فيلتهب من داخله و يتحرق ليعود ليستكمل ما كانا‬ ‫يفعلنه ‪..‬‬ ‫يتمنى ان يكلمها الن على التليفون لكنه تذكر‪..‬‬ ‫كانت النشوة و الفرحة قد أخذته حتى انه نسى هاتفه المحمول‬ ‫في الشقة‪..‬‬

‫دخل المكتب زميله السوري ا ّياد‪ ..‬حياه محمود و كعادته اخذ يتهكم‬ ‫على ما يحدث في سوريا‪..‬‬ ‫" ليك هيدا السد ما بيشبع أبدا"‬ ‫كانت العادة ان يسكت اياد او يبدأ في النفعال بمجرد ان يبدأ‬ ‫محمود في التحدث بلهجته الشامية و هو يتعمد ان يخطيء فيها‬ ‫فيستفزه‪..‬‬ ‫لكن هذه المرة كان ا ّياد هاديء ‪..‬‬ ‫" راح يشبع و يهدي لما مصر بتهدي‪ .....‬هيك تصير"‬ ‫لم يعر محمود انتباه و اعتبر ان ا ّياد يحاول ان يرد فقط ليس ال‪..‬‬ ‫انشغل هو بتعديل الغترة على رأسه ‪ ..‬و اخذ يقلب في الوراق‬ ‫التي أمامه‪..‬‬ ‫اكن يعلم انه امامه عمل طويل‪ ..‬عليه ان يجمع كل البيانات التي‬ ‫امامه في الوراق على الكومبيوتر‪ ..‬ثم يبدأ التدقيق في المرتبات‬ ‫الجديدة بعد الزيادة التي اقرها رئيس العمل السعودي لجميع‬ ‫العاملين في الشركة‪...‬‬


‫اخذه النهماك في العمل بعيدا عما يدور حوله‪ ..‬حتى دخل عليه‬ ‫الشيخ طلل الشمري صاحب العمل‪ ..‬و كان على غير العادة متلهف‬ ‫في الكلم‪..‬‬ ‫اخبر محمود ان يفتح التلفاز بسرعة‪..‬‬ ‫وجد فتاة و اعضاء من الجيش يسحلوها و يجرودها من ملبسها‪..‬‬ ‫كان محمود ينظر باستغراب و تعجب‪ ..‬و ا ّياد كان يضحك‬ ‫بسخرية‪ "..‬موقلتلك‪ ..‬لما مصرتهدى‪ ..‬سوريا راح تهدي ع طول‪ ..‬هيك‬ ‫تصير"‬ ‫شعر محمود لبعض اللحظات بشيء من الخجل و الخذي مما رأه‬ ‫فأخذ يعبث بلحيته المهذبة جداو يخلل اصابعه بينها‪ ..‬لكنه سرعان‬ ‫ما تبدل‪ -‬ليمنع لحظات التشفي ممن معه في المكتب‪-‬‬ ‫" اكيد كانت بتضربهم او بتشتمهم‪ ..‬هما مش هيعملوا كده‬ ‫لوحدهم"‬ ‫نظر ا ّياد و الشيخ طلل اليه مستفهمين ‪ ..‬فاستكمل هو بشيء من‬ ‫الثقة‪..‬‬ ‫" ايوه‪ ...‬هي اكيد استفزتهم‪ ..‬و بعدين هي نازلة ليه؟!!!‪ ..‬دي واحده‬ ‫مش متربية و اهلها اكيد منحلين‪"..‬‬ ‫كان ا ّياد بدا يشعر من داخله بشيء من التقزز من زميله في‬ ‫المكتب‪ ..‬و لم يجد رغبة في الستمرار في الستماع الي هذا‬ ‫الحديث‪..‬‬ ‫" ليك ا يا اخي‪ ..‬عقلك صار ضايع من البنات اللي تكلمهن ع النت‬ ‫كل يوم‪ ..‬ليك ا"‬ ‫اتبع الشيخ طلل ملحظة ا ّياد بايماءة من رأسه موافقة‪..‬‬


‫و استطرد محمود " مثل انا اختي عمرها ما تنزل كده‪ ..‬منتقبة ما‬ ‫شاء ا و متربيين كويس جدا و نعرف نفرق بين الصح و الباطل‬ ‫كويس‪ ...‬انما دي اكيد ل"‬ ‫و اكمل‪ "..‬بعدين انا عايزاعرف هي مش حاسة بالبرد و هي لبسة‬ ‫كده يعني‪ ..‬استغفر ا العظيم‪ ..‬دي فتنة‪ ..‬استغفر ا العظيم"‬ ‫فعقب عليه الشيخ طلل‪ "..‬اي و ا‪ ..‬استغفر ا العظيم"‪ ..‬و اتبعها‬ ‫بنظرة ذات معنى لـمحمود‪ ..‬ثم انصرف مسرعا الى مكتبه‪ ..‬لن‬ ‫يعلم محمود ان الشيخ طلل كان ذهب مسرعا الى مكتبه ليمضي‬ ‫قرار انهاء التعاقد مع محمود سعد المصري‪ ..‬و انه ليس مسئول‬ ‫عن تواجده في المملكه العربية السعودية منذ هذه اللحظة‬ ‫ما ان انصرف الشيخ طلل لمكتبه‪ ..‬انكفأ محمود على الوراق‬ ‫لينهي ما فيها‪ ..‬لكنه لم يستطع ان يكمل‪ ..‬ظل ينظر الى الرواق و‬ ‫منظر الفتاة و هي معراة اما العساكر ل يغيب عنه‪..‬‬ ‫كان المشهد يعاد مرات عديدة على جميع القنوات‪..‬‬ ‫ركز محمود في المشهد مرة اخرى‪ ..‬رأي ملمح شخص ل تخطئه‬ ‫عينه‪...‬‬ ‫" ده سعد"‬

‫عندما عاد محمود الى شقته مساءا وجد ان والدته قد حاولت‬ ‫التصال به اكثر من ‪ 10‬مرات‪ ..‬و ارسلت رسالة نصية قصيرة هذا‬ ‫نصها‪..‬‬ ‫" حواء أرجل من كل الشعب‪ ..‬اتضربت و اتبهدلت و اتعرت من‬ ‫الجيش‪ ..‬و لسه بعد كل ده بتحب مصر‪"...‬‬

‫‪----------‬‬


‫قد تصاب بالملل الشديد عندما تكون كل مهمتك ان تجلس في احد‬ ‫الشوارع داخل سيارة مصفحة من الثامنة صباحا و حتى الرابعة‬ ‫عصرا كل يوم‪..‬‬ ‫هكذا كان سعد‪ ..‬يشعر بملل شديد من تكرار هذه الجلسة كل يوم‬ ‫طوال شهرين الخيرين‪ ..‬تحديدا عندما بدأ هذا العتصام في هذا‬ ‫الشارع‪..‬‬ ‫كانت المهمة الموكلة اليه ان يرقب تحركات الشباب المعتصمين‬ ‫في الشارع و ان يرصد اي تغير ملحوظ و يخبر به القيادات لتخاذ‬ ‫القرار‬ ‫كان يشعر بالحباط عندما يرى نظرة الناس اليه و هو عائد كل‬ ‫يوم الى شقته و هم يعتبرونه احد افراد السلطة الحاكمة في‬ ‫مصر‪ ..‬خصوصا نظرات والدته اليه كل يوم‪..‬‬ ‫كانوا يرونه الحامي الكبر للبلد و انه المسئول عن الدفاع عنا‬ ‫جميعا‪ ..‬بينما كانت مهمته كلها و على حد قوله" نتورجي‪ "..‬يراقب ما‬ ‫يفعلوا ثم يخبر القيادات‪ ..‬فتقرر هي ما يفعله هو‪ ...‬ليس ال‬ ‫لكن‪ ..‬و على الرغم من هذا الملل‪ ..‬فأنه في بعض الحيان كان‬ ‫يتمنى ان يعود الي الهدوء المصاحب له‪..‬‬ ‫عندما تأتي احد السيدات اللتي فقدن اولدهن في اليام السابقة‬ ‫و تبدأ في الحديث او العراك مع العساكر الواقفين كان يجب عليه‬ ‫ان يذهب اليها ليبعدها عن العساكر‪ ..‬يتحمل هو النصيب الكبر من‬ ‫السب و الشتائم‪ -‬باعتباره الرتبة العلى‪ ..-‬كان غالبا ما يبدأ في‬ ‫النفعال لكنه يمسك نفسه قبل ان ينفجر فيمن امامه‪ ..‬كان يتمنى‬ ‫ان يصرخ‪ "..‬انا عبد المأمور‪ ...‬و مليش اي ذنب‪ ..‬هما اللي بيذنبوا و‬ ‫احنا بنتحمل خطياهم"‪ ..‬كانت غالبا يسكته بكاء المهات‬ ‫المكلومات‪ ..‬او نشيج الطفال المتيتمين‪...‬‬


‫كان يعود و يسكن عربته و يبتعد عنهم ذاويا الى ملله و هدوئه‬ ‫القاتل‪..‬‬

‫كان يشعر هذا اليوم بالضيق و الحنق الشديدان‪ ...‬كان قد تم‬ ‫تبليغه في الصباح بأنه سينتقل الى مطروح‪ ...‬كانت ضربة موجعة‬ ‫بالنسبة له‪ ..‬ربما كانت سلواه الوحيدة في مهمته هذه انه في‬ ‫نهاية اليوم يجلس بين امه و ابيه و ينسى ما في الصباح‪..‬‬ ‫كما انه ستواجهه مهمة كبيرة في ان يواجه النفعال المتوقع من‬ ‫قبل هؤلء المعتصمين بعد ما فعله زميله نجيب المسئول عن‬ ‫الفترة المسائية عندما قام بضرب احد الشباب ضربا مبرحا ‪..‬‬ ‫كان يندب حظه العثر في ان يتحمل دوما اخطاء الخرين و‬ ‫خطاياهم‪...‬‬

‫لم تكن الساعة وصلت للواحدة ظهرا عندما بدا هؤلء الشباب في‬ ‫الهتاف و كان عددهم يتزايد عن باقي اليام‪ ....‬اخبر سعد القيادات‬ ‫و ظل منتظرا قرارهم‪..‬‬ ‫و كان في داخله يتمنى ان يقضى على هؤلء القيادات جميعا‪ ..‬ما‬ ‫اغباهم من قادة!!‬

‫كان الوقت يمر و الوامر لم تأتي بعد‪ ..‬و كان غضبه يتزايد‬ ‫‪ ....‬حينها قرر ان يفعل ما يفعله كل مرة‪ ..‬هم يأمروه ان يشتبك‬ ‫باقل درجة ممكنة بحيث ل يظهر امام الجميع‪ ..‬هكذا قرر‪...‬‬ ‫أمر العساكرجميعهم بان يبدأوا في الشتباك و فض تجمع‬ ‫هؤلء‪ ..‬و عندما بدأ العساكر في التحرك و فض العتصام‪ ..‬شعر‬ ‫من داخله بقوة حقيقية‪ ..‬لول مرة يكون وحده مسئول عن قرار‪-‬‬


‫حتى و ان كان مكرر و غير مبتكر‪ -‬لكنه رأي في داخله قوة جديدة‬ ‫عليه‪....‬‬ ‫تحمس بشده حتى اشترك هو الخر مع العساكر‪ ...‬كان منظر‬ ‫الشباب و هم يهرولون بعيدا عنهم منظر مشجعا له‪ ..‬كان يجري‬ ‫خلفهم باقصى سرعة ليلحق باي منهم حتى وقعت يديه على فتاة‬ ‫منتقبة كانت تتعثر و هي تجري‪ ..‬وجدها صيدا جيدا ليبرز قوته امام‬ ‫الجميع و امام نفسه‪..‬‬ ‫و بدأ في ضربها و جرها على الرض و اشترك معه اثنين من‬ ‫عساكره ايضا‪ ..‬بدون تفكير كان يجردها من ملبسها و يقطعها‪ ..‬و‬ ‫بدأ ينهال عليها ضربا‪ ..‬كان النقاب قد نزع بعيدا عن وجهها ‪ ..‬بدون‬ ‫قصد القى نظرة عابرة على وجهها‪ ..‬تبين المفاجأة‪..‬‬ ‫" حوا!!!!!" كانت صدمه مفاجئة لم يتوقعها‪..‬‬ ‫فكر سريعا‪ ..‬حاول ان يغطيها‪ ..‬لكن كان قد فات الوان‬

‫‪----------‬‬‫كانت حواء مستلقية على السرير في المستشفي و بجوارها‬ ‫والدتها‪..‬‬ ‫كانت عيناها مفتوحة لكنها ل تبصر امامها‪..‬‬ ‫كانت غارقة في كوابيسها الخاصة‪.‬‬ ‫كانت ترى فيما يرى النائم‪ -‬و هي مفتحة العينين‪ -‬والدها مرتديا‬ ‫بذلته العسكرية و هو يعبر الحاجز المائي في السادس من‬ ‫اكتوبر‪ ..‬كان يعدو بهمة و نشاط ثم يصعد اعلى الحاجز الترابي‬ ‫الكبير‪ ..‬ما ان يقف على اعله حتى تبتدأ ملمحه في التحول‪ ..‬وجه‬ ‫اخر مألوف لكن به غضاضة‪ ..‬انه سعد ‪ ..‬الذي يقفز من اعلى‬ ‫الحاجز‪ ..‬تهرع هي من اسفل لتنقذه فينطلق هو في صدرها‬ ‫ببيادته الثقيلة جدا فيندفع قلبها خارجا ‪ ...‬تلتفت هي لتلحق قلبها و‬


‫تضعه في مكانه‪ ..‬تجد ان سعد هذا اخذه و القاه لشخص‬ ‫اخر‪ ..‬وجه اخر مألوف‪ ..‬انه مجدي المشد مدير المدرسة التي تعمل‬ ‫بها‪ -‬و الذي كان يعكف على ان يتحرش بها حتى قررت ان ترتدي‬ ‫النقاب لتبتعد عنه ال انه لم يكن يتوقف ابدا‪ -‬و ظل يعبثا به و‬ ‫يتناقله فيما بينهما و يصدران اصواتا مبهمة غير مفهومة لم‬ ‫تستطع هي ان تميزها‪ ..‬بينما كانت هي تصارع الموت اخذت‬ ‫تستنجد بجميع من يمروا ليعيدوا اليها قلبها‪ ..‬لكنهم كانوا ينظروا‬ ‫اليها ثم يضحكوا و يبدأو في اللعب معهما‪ ..‬لم يكد قدرتها على‬ ‫التحمل ان تنتهي حتى ظهر احد الشباب الذي لم تتبين ملمحه‬ ‫يريد ان يوقفهم‪ ..‬نظروااليه جميعا باستهزاء و بدأوا في تفتيت‬ ‫قلبها قطع صغيرة‪ ..‬كان هذا الشاب يحاول ان يجمع الفتات بسرعة‬ ‫قبل ان يتلوث بدنس الرض او اياديهم‪..‬‬ ‫كانت حواء بدأت تفقد قدرتها تماما عن الحركة‪ ..‬كانت عيناها تتابع‬ ‫الشاب المسكين و هو يجري بسرعة بينهم ليلحق ما يوقعونه من‬ ‫قلبها‪ ...‬فجأة صرخ هذا الشاب صرخة فيهم فتوقفوا جميعا ‪ ..‬و‬ ‫فجأة ايضا صرخت هي قبل ان تلحقها امها و تقبل جبينها‪..‬‬ ‫" ربنا ينتقم من يا بنتي" و تنهمر دموع امها على وجه ابنتها الوحيدة‬ ‫فتهدأ بنتها قليل و تستلقي على السرير مرة أخرى قبل ان يأتي‬ ‫دكتور حسام و يعطيها حقنة مهدئة مرة اخرى و يلقي نظرة على‬ ‫الجرح ‪ ..‬ثم اخبر والدتها ان احدهم ينتظربالخارج‪..‬‬ ‫خرجت هي فوجدت جارتهم القديمة ام سعد تقف و راسها‬ ‫مطاطأ‪..‬‬ ‫" ازيك يا ختي‪ ..‬سامحيني معلش"‬ ‫نظرت ام محمود لها و لم تنطق بكلمة واحدة‪ ..‬التفتت مرة اخرى‬ ‫و عادت الى الغرفة و اغلقت الباب خلفها حتى ل يزعج ابنتها احد‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.