ما بين الحلم و الواقع

Page 1

ูก


‫‪٢‬‬

‫ما بين الحلم و الواقع‬ ‫ﶍﻮﻋﻪ ﻗﺼﺼﻴﻪ‬ ‫إبراھيم جاد‬


‫‪٣‬‬

‫ٕاﻫﺪاء ‪...‬‬ ‫ٕاﱄ ﻣﻦ ﳞﺪي اﶺﻴﻊ‬ ‫و ﳝﻦ ﻋﻠﳱﻢ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ‬ ‫ٕاﱄ ُﻣﻌﻄﻲ اﳌﻮﻫﺒﺔ‬ ‫رﰊ و رب اﻟﻌﺎﳌﲔ‬ ‫‪...‬‬


‫‪٤‬‬

‫المقدمة‬ ‫بسم الرحمن الرحيم‬

‫الكتاب عبارة عن فصول تمثل قصص ‪ ،‬كل قصة‬ ‫تختلف عن األخري و غير مرتبطة بھا فإن لم تعجبك‬ ‫واحدة فاقرأ غيرھا لعلھا تعجبك ‪ ،‬إما أن لم تعجبك أي‬ ‫قصة فھنالك خاتمة من الممكن أن تحوز علي إعجباك‬ ‫‪...‬‬

‫ﺷﻜﺮاً ﻋﻠﻲ إﺧﺘﻴﺎرك ﻛﺘﺎﺑﻲ و اﺗﻤﻨﻲ أن ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ‬ ‫ﺗﺤﺘﺎج ﻷﻧﻲ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻚ ﻷﻧﻚ أﻋﻄﻴﺘﻨﻲ ﻣﺎ أﺣﺘﺎج ‪...‬‬


‫‪٥‬‬

‫محبوبتي و قاتلتي‬ ‫تبدأ الدموع بالوصف قبل أن ترسم الكلمات صورة‬ ‫الموت ‪ ،‬الذي كانت السعادة سيدته و أميرته ‪ ،‬فالقتل‬ ‫بخنجر الحب أصعب من الموت بسالح العدو ‪...‬‬ ‫انتھت الثانوية العامة و عنائھا لنبدأ صفحة جديدة و‬ ‫مختلفة في التعليم و الحياة األكثر دلعا ً ‪ ،‬كما قالوا لنا‬ ‫معلمينا ‪ ،‬أن إنتھاء الدراسه ستكون بأنتھاء الثانوية و‬ ‫أن الجامعه مرحلة تعارف و صداقات و كل ما تشتھي‬ ‫األنفس ‪ ،‬و لم يعلمنا أحد أنھا مرحلة الوجود ‪،‬‬ ‫فالمستقبل يبدء ھنا و الحلم ينتظر التحقيق و الفشل‬ ‫ينادينا بكل وسائل المجتمع ‪.‬‬ ‫بدئت الدراسه الجامعية و أنا طالب في كليه التربيه ‪،‬‬ ‫ابعت األد الفيس بوكي إلي الجميع و أتعرف علي كل‬ ‫الناس و باألخص األزھار التي تجعل للحياه طعما ً‬ ‫ت كثيرة‬ ‫مختلفا ً ‪ ،‬ھذا وقتھا كما قيل لنا ‪ ،‬تكونت صداقا ٍ‬


‫‪٦‬‬

‫و معارف أكثر ‪ ،‬لكني لم اتعرف حتي األن علي‬ ‫الزھرة التي يجلس لھا القمر تحت قدميھا و يناج‬ ‫الجمال بوصفھا ‪.‬‬ ‫مرت األيام حتي وقع نظر القلب عليھا و لكن كيف‬ ‫الوصول الي السماء أللمس بيدي ھل ھي انسانة ام‬ ‫مالك ‪ ،‬ھي ليست واقفه علي االرض كما أراھا بل‬ ‫إنعكاس صوره السماء علي االرض ‪.‬‬ ‫لحسن الحظ أن كليتي صغيرة فكنت كل يوم ابحث‬ ‫عنھا حتي اجدھا و انظر اليھا كي يفرح القلب برؤياھا‬ ‫و يھلل بأعلي صوته عندما تبادلني النظرات ‪ ،‬تأكدت‬ ‫من اعجابي بھا و أيضا ً بأعجابھا بي ‪ ،‬لكني ال أعرف‬ ‫كيف اذھب و أتحدث إليھا فالموضوع صعب جداً‬ ‫بالنسبه لي ‪ ،‬و ھا القدر و حسن الحظ يقفا جواري ‪،‬‬ ‫فعندما كنت أتحدث إلي إحدي صديقات الفيس بوك و‬ ‫كانت ھذه الصديقة من اقرب الناس إليھا ‪ ،‬فلم اتردد‬ ‫لحظه بإبالغھا عما بداخلي و طلبت منھا األكونت‬ ‫الخاص بصديقتھا ‪ ،‬ثم طار األد و انا جالس أنتظر‬ ‫علي أحر من الجمر قبوله‪ ،‬و ھا جائت اللحظه التي‬


‫‪٧‬‬

‫أتحدث فيھا إلي األميره العاجز الجميعُ عن الوصل‬ ‫إليھا إلي أجمل ما رأت عيني ‪.‬‬ ‫بدأ الشات بالتعارف و لمسات اإلعجاب تضغوا عليه ‪،‬‬ ‫و اعترفت في أول حديثي أني معجب بھا و أن القلب‬ ‫يفرح لرؤيتھا ‪ ،‬و ھي ترد بأن الحلم واقع و أنھا ايضا ً‬ ‫معجبه ‪ ،‬فطار القلب مالمسا ً للسماء و النجوم ترقص‬ ‫حوله ‪ ،‬لكن الدنيا ليست دائما ً جميلة ‪ ،‬فھي في السنة‬ ‫الثانية من دراستھا و انا طالب في الفرقة األولي ‪ ،‬لكن‬ ‫ھذا العائق لم يقف امامنا فكان اإلعجاب يزداد يوما ً بعد‬ ‫يوم و كنا دائمي التحدث علي الفيس بوك و نتقابل عليه‬ ‫من غير ميعاد ‪ ،‬فقد اتفق الحب من غير أن نتفق مع‬ ‫بعضنا البعض علي ميعاد ثابت و ھو التاسعه من مساء‬ ‫كل يوم لنبدء حديثنا الذي لم نكن نتمناه أن ينتھي ‪ ،‬و‬ ‫يوم يزداد التشابه بيننا و نكتشف تقارب االفكار و‬ ‫كل ٍ‬ ‫الروح ايضا ً ‪ ،‬و جاء اليوم األھم في حياتي في ھذه‬ ‫الفترة ‪ ،‬و ھو أن أجلس مع محبوبتي وجھا لوجه و‬ ‫يطوق الحب و الورود مجلسنا و تتشابك الكلمات كأنھا‬ ‫ملحنه من قبل ‪.‬‬


‫‪٨‬‬

‫أصبحت ال أري في الدنيا غيرھا و ال أتحدث الي أح ٍد‬ ‫سواھا‪.‬‬ ‫يوم جليس عاشق يداعب األشواق و األھات‬ ‫الخيال كل ٍ‬ ‫‪ ،‬الذي جعل السعادة ھي بذرة األمل ‪ ،‬حتي جاء يوم‬ ‫الفراق األول الذي كان أخر يوم في امتحاناتي ‪ ،‬تحدثت‬ ‫عن الفراق الذي البد أن يأتي ‪ ،‬فأنا في السنه األولي و‬ ‫ھي في الثانية ‪ ،‬و انا لست اال فقيرا ال أملك المال‬ ‫فعليھا أن تنتظرني إلي ما شاء و ھذا ھو المستحيل‬ ‫بعينه ‪ ،‬و ھذا ما علمناه سويا ً و اتفقنا عليه ‪ ،‬وألن‬ ‫والدھا لن يقبل بانتظارھا لي ‪ ،‬فكان البد من الفراق ‪،‬‬ ‫الذي كان كالسيف الذي شق القلب دون رئفه ‪.‬‬ ‫افترقنا ‪......‬‬ ‫بعدھا فكر العقل و كان خاضع لحبھا الذي ازداد‬ ‫بتصرفاتھا ‪ ،‬فھي لم تكن انانية لتنھي العالقة بيننا في‬ ‫أي وقت بل انتظرت حتي انتھيت من اإلمتحانات ‪،‬‬ ‫فھذا الموقف كفيل أن أصبح العاشق ألنسانة تستحق أن‬ ‫أصنع لھا من الدنيا ابتسامة ُترْ َس ْم علي وجھھا ‪.‬‬


‫‪٩‬‬

‫اعتقدنا حينا ذاك أننا افترقنا ‪ ،‬و ھذا ما لم يحدث فكان‬ ‫القلب يتحدث إليھا يوميا ً اما العقل فكان مقتنع أن ھذه‬ ‫الكلمات كلمات صداقة و ليست حب ‪ ،‬اتفق القلب و‬ ‫العقل أال يتفقا و كانوا ممزيقين لكل شيئا بداخلي ‪ ،‬حتي‬ ‫رفض العقل ‪ ،‬و كان القلب ھو السيد الذي ابحث دائما ً‬ ‫عن راحته ‪ ،‬و عندما ساقني العقل يوما لعدم الحديث‬ ‫إليھا ‪ ،‬حينھا قتل القلب بيد العقل و ُج َن بأرادته ‪.‬‬ ‫فأيقنت أن اللحظه في البعد عنھا موتأ للقلب الذي يحيا‬ ‫بوجودھا و ال يعرف الفرح إال من خاللھا ‪ ،‬و عندما‬ ‫تتاخر افقد عقلي و ينشق قلبي شوقا ً و خوفا ً أال يراھا ‪.‬‬ ‫الدراسه بدئت و أنا ابحث عنھا كاألب الذي تاه منه‬ ‫طفله حتي لقيتھا و جلست بجوارھا ليرتاح القلب من‬ ‫عناء البحث ‪ ،‬و ال تتحدث إال العيون التي دائما تفضح‬ ‫أشواقي و حبي إليھا ‪ ،‬فكانت تعلم منھا كل شئ دون أن‬ ‫أتحدث إليھا ‪.‬‬ ‫تحدثت بعدھا عن الفراق لتري ھل سأقف امام الدنيا‬ ‫للفوز بھا ام سأكون مستسلما للظروف ؟؟؟‪....‬‬


‫‪١٠‬‬

‫ھنا انشقت االرض و كنت مدفوننا في باطنھا ‪ ،‬واقفا ً‬ ‫و روحي تطلب النجده و أنا ال استطيع أن ا ُسعفھا ‪ ،‬ثم‬ ‫تحدثت الكلمات من أعماق القلوب ‪ ،‬فقولت إذا اردتي‬ ‫الفراق فھو ليس بقرارك ألننا أصبحنا روحا في جسدين‬ ‫‪ ،‬أما الفراق سأقطع رأسه بسيف ال يعرف الرحمة حتي‬ ‫ال يطرق بابنا ذات يوم ‪ ،‬أما الدنيا سأجعلھا راكعة‬ ‫تحت قدميكي تلبي لكي كل ما تشتھيه حتي ال ينقصكي‬ ‫شئ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وصفت الحب المجرد الذي يستطع اإلنسان أن يلمسه ‪،‬‬ ‫فتشابك القلبان في سجن حارسه الحب و مفتاحه الموت‬ ‫‪.‬‬ ‫شئ و لكنه لم يرجع كما كان ‪ ،‬بل زاد كل‬ ‫رجع كل ِ‬ ‫شئ عما كان اضعافنا مضاعفه ‪ ،‬فكان الحب ھو الماء‬ ‫الذي ارتوي منه ‪ ،‬و كانت لي الثمره التي أحلم أن‬ ‫اقطفھا ‪.‬‬ ‫أتذكر المستحيل الذي صار واقعا ً حتي أثبت لھا إني‬ ‫قتلت الفراق فلم يعد موجوداً ‪ ،‬كانت السنه الثانيه لي و‬


‫‪١١‬‬

‫قد تعثرت في الترم األول فكان عدد المواد سبعه و أنا‬ ‫ناجع في اثنين فقط ‪ ،‬و كان يجب علي أن أنجح الترم‬ ‫الثاني صافي الذي عدد مواده عشرة ‪ ،‬و فعلتھا بعدما‬ ‫ذقت األمرين الذي كان طعمه أجمل من الشھد و العسل‬ ‫‪ ،‬ألنه يبقي محبوبتي بين يدي ‪.‬‬ ‫أثناء اإلمتحانات كان الغياب قد طال و ھنالك يوما ً‬ ‫ستجمعنا فيه اإلمتحانات ‪ ،‬أحببت أن احضر لھا مفاجئه‬ ‫فكانت الھديه التي لم أقول لھا عما بداخلھا رغم‬ ‫إلحاحھا ‪ ،‬فقولت لھا إنه شئ يمشي ففزعت و وقعت‬ ‫الھديه من يديھا ‪ ،‬ثم التقطتھا و قامت باإلعتذار و كان‬ ‫وجھھا يبرء كاالطفال ‪ ،‬كان جمالھا أقوي من ان يري‬ ‫بالعين فكان الرأي القلب ‪.‬‬ ‫جائت اإلجازه و نحن نتحدث ليالً و نھاراً ال نفارق‬ ‫بعضنا و لكن االوجه لم تتقابل إال مرة واحدة ‪ ،‬كانت‬ ‫ھذه المرة االجمل في حياتي و أنا أنظر الي محبوبتي و‬ ‫ھي تجلس جواري في السينما و كأن النور أغلق ليزيد‬ ‫من محاسنھا ‪ ،‬فلم أري في الظالم أجمل منھا و ال في‬ ‫النور ‪ ،‬لم اشاھد الفيلم بل جلست أشاھد مخلوقا ً ال يشبه‬


‫‪١٢‬‬

‫جماله اي شئ في ھذا الكون و ال للكلمات القدره علي‬ ‫أن تصفه ‪.‬‬ ‫ظھرت النتيجه و تحققت المعجزه و نجحت و كنت قد‬ ‫قررت بيني و بين نفسي أن آتي لمحبوبتي بھدي ٍة‬ ‫النجاح التي ھي سببه ‪ ،‬فذھبت أشتري لھا خاتم من‬ ‫الفضه كان ثمنه كل ما في جيبي من مال و لم يتبقي لي‬ ‫سوي أجرة رجوعي الي المنزل ‪ ،‬و في اليوم التالي‬ ‫أھديتھا إياه ‪ ،‬و أتذكر يوما ً بعدھا حينما أخذت الخاتم ثم‬ ‫البسته لھا في يدھا و قلبي يخفق حبا ً و عشقا ً و خيالي‬ ‫صورعلي االطالق ‪ ،‬إنني جالس‬ ‫يرسم لي أجمل ما ُ‬ ‫بجوارھا و ألبسھا شبكه األبديه التي تربطنا ببعض دون‬ ‫أن يفرق أح ٌد بيننا ‪ ،‬و ھذا ما لم يحدث إال في الخيال ‪.‬‬ ‫نزلنا الي الواقع ذات يوما ً حتي أخبرتنا أشباح الفراق‬ ‫أن الوقت قد حان ‪ ،‬و كنا نتفق عليه و ال كننا ال‬ ‫نستطيع أن نفارق بعضنا ‪ ،‬فنعود لنتحدث مره اخري ‪،‬‬ ‫لم يكن طريق الفراق إال اشواكا ً علي االرض و ظلماتا‬ ‫في السماء و عواصف رمليه تنزع االشجار من‬ ‫جذورھا ‪ ،‬لم تكن نھايته إال مقبرة ال جليس و ال ونيس‬


‫‪١٣‬‬

‫بھا إال الذكريات ‪ ،‬فلماذا تكون ھذه ھي النھايه و ھذا‬ ‫ھو طريقنا ‪ ،‬لماذا أيھا القدر‪ ،‬فأنت الذي يتعفف عن‬ ‫الخطايا ‪ ،‬فكيف تخطئ في حقنا ‪ ،‬و أنت أيضا ً أيھا‬ ‫النصيب لماذا تختار لنا ‪ ،‬فنحن المختارون من ‪،‬‬ ‫لماذا ال نختار نحن ‪ ،‬و يكون االختيار بيدك أنت ‪ ،‬و‬ ‫أنت تقتل دون رحمه تفرق دون عدل ‪ ،‬لم استسلم لكما‬ ‫‪ ،‬فالمعركه طويلة و لن تنتھي إال اذا أردت ان أ ٌنھيھا‬ ‫أنا و ليس أحداً منكما ‪ ،‬لم أنھيھا إال بالفوز فأنا ال‬ ‫أعرف الخسارة ‪ ،‬و سأقطع رأسيكما حتي ال تظھرا‬ ‫ألحدا من بعدي ‪.‬‬ ‫أنتصر القدر و النصيب في معركه ليست عادلة ‪،‬‬ ‫فكانت الدنيا بما فيھا سالحا لھما حتي محبوبتي ‪ ،‬ما‬ ‫كانت إال السالح الذي قطع رأسي حتي ال يفكر و شق‬ ‫قلبي حتي ال يشعر‪ ،‬و أنا لم اكن أملك سالحا ً سوي‬ ‫القلب و العقل ‪.‬‬ ‫افترقنا و كنا قد اتفقنا قبل ان تنصر اعدائي و تجعلني‬ ‫الخاسر الذليل ان نتذكر بعضنا البعض دائما بكل خير‬ ‫و ھذا ما حدث و ما سيظل حادث ألن ليس بيني و بين‬


‫‪١٤‬‬

‫محبوبتي إال كل خير ‪ ،‬فھي لم تكن تعرف انھا سالح‬ ‫القدر و النصيب ‪ ،‬لم تكن اال ضحيه لھما ‪ ،‬استغلوھا‬ ‫لقتلي و ھي تعتقد انھا تحافظ علي حبيبھا ‪ ،‬حتي قتلوھا‬ ‫ھي ايضا بنفس السالح الذي قتلوني به ‪.‬‬ ‫ھذا ھو يوم مقتلي ‪ ،‬فاألنسان ليس جسداً دون روح ‪،‬‬ ‫فالروح قتلت عندما رحلت محبوبتي عني و اختارت‬ ‫ان تنصر اعدائي ‪ ،‬فما انا اال جسمان ينتظر التحلل ‪.‬‬ ‫و كان الجسد يري الروح و لكنه ال يستطيع أن يسكن‬ ‫فيھا ‪ ،‬فھي كانت كل يوم امامي لكنھا ليست لي بل لھا‬ ‫‪ ،‬حتي في اليوم الذي لم أراھا فيه كان القلب و العقل و‬ ‫الوجدان يرسما صورتھا امام عيني كي أراھا و ال‬ ‫تفارقني ‪ ،‬فأنا مقتول انتظر أن تبعث الروح في ‪،‬‬ ‫أناشدھا كل يوم فھل تسمعني ‪ ،‬تفوح الكلمات من‬ ‫ذاكرتي دون أن ينطق اللسان بھا و لكنا الناطق كان‬ ‫القلب ‪.‬‬ ‫أعلم ان كل شئ قد انتھي بإنتصار القدر و النصيب ‪،‬‬ ‫لكنھما قد انتصرا في الدنيا التي ھي سنوات معدودة ‪،‬‬


‫‪١٥‬‬

‫أما أنا فنصري في السماء في األخرة في جنه الخلد ‪،‬‬ ‫قلت لكما أنني ال أعرف الھزيمة و لن أخسر و ھا أنا‬ ‫ھنا منتصر ‪ ،‬فقد صليت للرب و تقربت بالصيام و‬ ‫قرائة القرآن و بالصدقات و حج البيت ‪ ،‬اصبحت‬ ‫المؤمن الذي يرضي بقضاء ‪ ،‬فرضاني بدخول‬ ‫جنته و العيش في رغد ‪ ،‬و األھم أنني جالس األن و‬ ‫محبوبتي بجواري ‪ ،‬نأكل من ثمارات و نشرب من‬ ‫أنھار لبنه و خمره ‪ ،‬نعم أيھا القدر و النصيب أن‬ ‫النصر ليس في االرض بل في السماء في الجنة ‪،‬‬ ‫فلتعلما ھذا ‪ ،‬أن نصركم ذائل أما أنا فنصري من ‪،‬‬ ‫و من ينصره فھو الفائز ‪.‬‬ ‫محبوبتي افترقنا في الدنيا ‪ ،‬أما في األخره في الجنة ‪،‬‬ ‫لن يستطيع أح ٌد أن يفرقنا ‪ ،‬سأنتظر إنتھاء عمري‬ ‫بفارغ الصبر حتي يرجع كل شئ كما كان حتي نكون‬ ‫لبعضنا البعض ‪ ،‬حتي تكوني جليستي و شريكتي في‬ ‫كل شئ ‪ ،‬الحمد‪ a‬الذي ھدانا الي الحق و علمنا إيھا ‪،‬‬ ‫و رضانا به ‪ ،‬و أرضانا منه ‪.‬‬


١٦


‫‪١٧‬‬

‫حياه‬ ‫ا ُكتشفت جزيرة صغيرة في المحيط الھادي مساحتھا ال‬ ‫تصل إلي كيلو متر مربع ‪ ،‬كان بھا العديد من األشجار‬ ‫المعروفه و أيضا ً نباتات يتغذي عليھا اإلنسان و كوخ‬ ‫صغير داخله قبر ‪ ،‬و بينما يتجول المكتشفون إذا بھم‬ ‫يلتقون برجل عجوز ‪ ،‬كانت مفاجئه قويه لكنھم جلسوا‬ ‫معه ليعرفوا ماذا جاء به إلي ھذا المكان ‪.‬‬ ‫بدأ العجوز في الكالم فأنصت الجميع ‪ ،‬فالدھشة جعلتھم‬ ‫ال يستطيعون مقاطعة حديثه ‪.‬‬ ‫كنت في السابق عاشق يتمني العيش مع محبوبته و ال‬ ‫شئ منا لحظة في ال ُبع ِد عن بعضنا ‪،‬‬ ‫يسرق أح ٌد او ٍ‬ ‫فخطر ببالنا فكرة العيش دون الجميع في مكان مھجور‬ ‫لكن من الصعب أن تجد مكان كھذا إال في الصحراء‬ ‫فبماذا يفيد ؟! نحن نريد مكان يتمتع بالحياة فاستمر‬ ‫البحث شھور حتي أھدانا الزمان ھذه الجزيرة التي‬ ‫تحولت إلي منزل صغير ببستان كبير ‪ ،‬كنا ال نملك‬


‫‪١٨‬‬

‫مال و تخلصنا من كل شئ حتي الھاتف و التلفاز لم‬ ‫نملك أي وسائل إتصال او ترفيه من الممكن أن تأخذنا‬ ‫من بعضنا و تجعلنا نفكر في شئ آخر غيرنا ‪ ،‬و عندما‬ ‫وصلنا إلي الجزيرة كنا نيام علي االرض من التعب ‪،‬‬ ‫و في صباح اليوم التالي كان الخوف يمأل قلبي رعبا ً‬ ‫فنحن محاصرين من الحيوانات أما حبيبتي فاستيقظت‬ ‫مبتسمه فابتسم لھا الجميع و بدأوا يمدون يد العون لنا‬ ‫كي ننھض ‪ ،‬و بدأوا يساعدونا بتقطيع بعض الشجر‬ ‫عندما وجدونا نبني ھذا الكوخ ‪...‬‬ ‫عشنا في ھذا الكوخ حياة أفضل مما كانت في أجمل‬ ‫مدن العالم ‪..‬‬ ‫انطلقنا نزرع مع بعضنا البعض ونحرث األرض و‬ ‫نرمي البذور و نرويھا بيدين و األخرتين ممسكتان‬ ‫ببعضھما ‪ ،‬و كنا نسبح معا ً و نتسابق و نلعب السلة و‬ ‫كل شئ ‪ ،‬لم تكن حياة بدائية كما تبدو لكم بل كانت‬ ‫حياة ھادئة ‪ ،‬يأمر الحب فيھا شعبه فيطيع و ترسم‬ ‫السعادة من مجرد اإلحساس أننا إلي جوار بعضنا‬


‫‪١٩‬‬

‫البعض ‪ ،‬ال أحد يستطيع أن يدخل بيننا أو يفرق حبنا‬ ‫‪...‬‬ ‫و في يوم كان األصعب و األجمل في نفس الوقت ‪ ،‬لقد‬ ‫استيقظت و لم أجدھا جواري و لم تكن أمام الكوخ أو‬ ‫حوله ‪ ،‬بدأت ‪ ،‬أبحث و أبحث ‪ ،‬حتي وجدت طاولة‬ ‫تزينھا الطبيعه ‪ ،‬و األشجار مصفوفه لدخولي و‬ ‫األرض مفروشه بالورود كان مكان مزين من الطبيعة‬ ‫ھدية من محبوبتي إلي ‪ ،‬لنقضي في ھذه المكان يوما ً‬ ‫لن يستطيع أھل االرض أن يعيشوا مثله فكانت الطبيعة‬ ‫تعرفنا ھنا و غنت لنا البالبل و تناجت معھا الطيور‬ ‫جميعا ‪ ،‬و رسم الطاووس بألوانه دائرة كنت أقف أنا و‬ ‫محبوبتي داخلھا نرقص علي األنغام و تصفيق‬ ‫الحيوانات ‪ ،‬فالقردة رمتنا باألزھار و الفيلة أمطرت لنا‬ ‫السماء ‪ ،‬كان يوم مھدي من إلينا فھذه الحيوانات و‬ ‫الطيور أطھر من البشر كثيراً ‪ ،‬و ليس ھذا فقط لك أن‬ ‫تتخيل سيدي يوما ً كھذا كم تحتاج فيه من األموال كي‬ ‫تعيشه ‪ ،‬لكن ھنا مع الطبيعة و الحب لم يكلفك شئ إال‬


‫‪٢٠‬‬

‫السعاده ‪ ،‬فالسعاده التي تحس ھي منقوشة في قلبك قبل‬ ‫أن تزغرفھا لغيرك ‪.‬‬ ‫أ تسطيع أن تري السماء و البحر و الصحراء و‬ ‫األسماك و الطيور و الحيوانات و كل شئ في ھذا‬ ‫الكون في وقتا واحد ‪ ،‬ھنا فوق ھذه االشجار لنا أنا و‬ ‫محبوبتي مجلس ‪ ،‬كل يوم نتسلقه و نقف لنشاھد ھذا‬ ‫الجمال كله بصحبه الحيوانات التي تداعبنا و نداعبھا‬ ‫دون مقابل ‪ ،‬تبدو أن ھناك مشكله فكيف الحديث مع‬ ‫ھؤالء فاللغه مختلفه ‪ ،‬لكن أتعلم سيدي أن لغتھم أصدق‬ ‫من حديث كلماتنا التي من السھل فيھا الكذب و النفاق‬ ‫ببسمه زائفه ‪ ،‬أما ھؤالء فلغتھم االحساس و الشعور‬ ‫بالقلوب فھذه لغه الصدق التي ال يستطيع أحد أن‬ ‫يغيرھا ‪ ،‬فعندما يريد أحد أن يقول شئ فعينه تبلغ عن‬ ‫قلبه ما يسكن بداخله ‪.‬‬ ‫و يوما ً آخر كانت اللھفة من محبوبتي عندما كنا بجوار‬ ‫بعضنا في الفراش و انتظرت حتي نامت ‪...‬‬


‫‪٢١‬‬

‫ذھبت أزين الجزيرة ألقيم لھا حفل زفاف لم يشھد بشر‬ ‫بمثله ‪ ،‬قامت القردة بتجميع بعض أوراق الشجر‬ ‫المختلفه و زينته بالورد و تبرع الطاووس ببعض‬ ‫ريشه ليكمل جمال الفستان ‪ ،‬و الفيله تصنع دائره كبيرة‬ ‫و تنتظر إمطارنا بالماء أما القردة فعلي الشجر‬ ‫ينتظرون باألالت الموسيقة الطبيعية و الطيور في‬ ‫السماء تصنع لوحة علي شكل قلب وفي فم كل منھم‬ ‫وردة أما الدب فأھدي لنا صورة تجمعني بمحبوبتي و‬ ‫األسماك تنتظر لتخرج من الماء و ترسم صور و‬ ‫ار مثلھا من قبل ‪...‬‬ ‫أشكال لم َ‬ ‫خرجت محبوبتي تبحث عني حتي وجدتني أجلس علي‬ ‫ظھر حوت ‪ ،‬فطلبت منھا أن تأتي معي في جولة في‬ ‫المحيط ‪ ،‬و كان كل شئ يبدوا طبيعيا ً و عندما رجعنا‬ ‫قمت بأھدائھا الفستان و معه عقداً من اللؤلؤ و الورود‬ ‫صنعته بيدي و مقبضا ً و خاتما ً من الشعب المرجانية‬ ‫مھدي من األسماك ‪ ،‬و عندما قامت بإرتدائھم بدأ الحفل‬ ‫بتحليق الطيور و في وسط القلب توجد صورتنا ‪ ،‬و‬ ‫األسماك تبادل التھنئة برسم أشكال زغاريد تفرح القلب‬


‫‪٢٢‬‬

‫‪ ،‬و القردة تبدأ بالطبل علي األشجار و تلحين األنغام و‬ ‫عندما بدأ الطبل كانت السماء تمطر بفضل الفيلة ‪ ،‬و‬ ‫تتساقط علينا الورود من فم الطيور‪ ،‬و حبيبتي بين‬ ‫ضلوعي تقبل وجھي و ترقص علي أنغام الطيور و‬ ‫األسماك و الحيوانات ‪ ،‬كانت أكثر من سنفونية من‬ ‫تأليف و تنفيذ الطبيعة لن يقدر أحد أن يصنع مثلھا ‪،‬‬ ‫ھذه السعادة الحقيقة فقد أحسست بشعور ال ينسي حتي‬ ‫األن و لم يتكرر ثانيتا ً ‪.‬‬ ‫و تفاجئنا عند دخول الكوخ بمائدة تتشكل من أنواع‬ ‫كثيرة من الطعام ‪ ،‬و رسومات علي الجدران ‪ ،‬و أشياء‬ ‫غريبه تضئ المكان كأنك تجلس علي أضواء الشموع ‪،‬‬ ‫كان الكوخ كلفة الھدية المعطرة في تزينه ‪.‬‬ ‫أما نحن فلم نقدم لھؤالء الحيوانات و الطيور و‬ ‫األسماك إال الحب و اللعب الذي نحتاجه نحن لنفرح‬ ‫فلعبنا معنا جميع أنواع الرياضات و أقمنا منافسات و‬ ‫أعطينا ھدايا للفائز ‪...‬‬


‫‪٢٣‬‬

‫ھنا الھدية ال تقاس بالمال فالزھرة أغلي من عقد من‬ ‫األلماظ ‪ ،‬ألن ثمن الشئ ھنا بقيمته بالحب ‪ ،‬و ليس‬ ‫بالمال الذي نريد شراء السعاده و كل شئ به‪...‬‬ ‫ھذه الحياة لم تكلفنا شئ بل أعطتنا كل شئ ‪ ،‬السعادة و‬ ‫الحب و الفرحة و االبتسامة ‪ ،‬فلم يكن ھنالك يوم حزين‬ ‫حتي أن أصابنا مرض ‪ ،‬فجلوس كل ھذه القلوب التي‬ ‫تشعر و تحس بجوارنا تطرد المرض الذي ال يستطيع‬ ‫أساتذه الطب التغلب عليه ‪...‬‬ ‫ھنا كان كل شئ جميل و لم تكن ھنالك لحظه تعاسة ‪،‬‬ ‫إال عندما ماتت محبوبتي حينھا حزنت الطبيعة أكثر من‬ ‫حزني ‪ ،‬فانظروا إلي ھذا الجمال لم يكن يعرف إال‬ ‫الفرحة أما الحزن فاصبح حاله بعد فراق محبوبتي ‪ ،‬و‬ ‫كان يوم توديعھا بموكب لم أراه لملوك يحضر لھم‬ ‫الجميع كي يودعوھم و ھم ال يھتموا إال بتزيين أنفسھم‬ ‫حين ذلك ‪ ،‬لم يأتوا للتوديع بالقلب و الحب بل للمكانة‬ ‫الزائفة و الكسب ‪ ،‬أما محبوبتي فودعت بالقلوب و التي‬ ‫دفنت إلي جوارھا في ھذا الكوخ الذي كنا نعيش فيه‬


‫‪٢٤‬‬

‫دائما ً ‪ ،‬و بجوارھا كل الذكريات حتي الخاتم المصنوع‬ ‫من خشب ‪...‬‬ ‫لم يبق إال أن أرقد بجوارھا كي يصبح كل شئ مثلما‬ ‫بدئناه معا ً ‪ ،‬و ھذه وصيتي و الجميع بحبھم و‬ ‫مساعدتھم لي ‪ ،‬أعلم أنھم لن يعزوا عني تنفيذ ھذا‬ ‫المطلب الذي سيعيد حياتي الي سابق عھدھا مع‬ ‫محبوبتي فسالمي إليھا حتي يوم لقائنا اآلخر ‪.‬‬


‫‪٢٥‬‬

‫موالتي و سيدتي‬ ‫ت المجتمع كله ‪ ،‬إنكِ‬ ‫ت لستي نصف المجتمع ‪ ،‬بل أن ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ت‬ ‫األھم في ھذا الزمن ‪ ،‬و بدونك سنخسر الزمن ‪ ،‬أن ِ‬ ‫األم و األخت و الزوجة و اإلبنة ‪.‬‬ ‫إن الذين يجھلون أھميتك و ال يعطونك المقام األعلي ‪،‬‬ ‫تر‬ ‫فھؤالء جھالء لم يعرفوا من الدنيا الحق ‪ ،‬و لم َ‬ ‫قلوبھم الفضل ‪ ،‬إنكِ تاج الرؤس و جمال الوجود و‬ ‫عطف السماء ‪.‬‬ ‫أمي أتحدث إليكِ و أنا خافض الرأس عاجز عن الشكر‬ ‫‪ ،‬تحملتي مشقة تسعة أشھر و عناء والدة تذھب روحك‬ ‫كي تأتي بروحي ‪ ،‬تأكلي من أجلي و تنظفي جسدي و‬ ‫لبسي ‪ ،‬تسھري الليل حتي أرجع إلي المنزل و‬ ‫تطمئني علي ‪ ،‬تغسلي و تجھزي األكل ‪ ،‬تعطيني الحب‬ ‫و الحنان دون مقابل ‪ ،‬تسعدي بوجودي و لفرحي ‪،‬‬ ‫أفضالك ھي التي جعلتني رجالً ‪ ،‬و بدونك ما كنت إال‬ ‫تائه ال أعلم قيمة اإلحساس ‪ ،‬الحزن يطرق بابك من‬ ‫أفعالنا ‪ ،‬و الفرح يطرق أبوابنا من أفعالك ‪.‬‬


‫‪٢٦‬‬

‫ت المعلم و المربي و الخادم ‪ ،‬أن عمرك‬ ‫كم سنه أن ِ‬ ‫ت الجنة‬ ‫الذي أفنيتيه من أجلنا ‪ ،‬ھو الذي أحيانا ‪ ،‬أن ِ‬ ‫التي يتمناھا الجميع ‪ ،‬و الزھرة التي تعشقھا العيون ‪ ،‬و‬ ‫ت الكل في واحد ‪ ،‬و‬ ‫القلب الذي يخفق بالحنين ‪ ،‬أن ِ‬ ‫الكل بدونك ال يستطيع أن يكون إال مفرداً ناقص الجمع‬ ‫‪.‬‬ ‫تذكر قبل الحديث عن المرأه التي ال تعجبك تصرفاتھا‬ ‫و ال أفعالھا ‪ ،‬أن ھي التي علمتك الكلمات ‪ ،‬أنظر إلي‬ ‫الجميع كأنھن التي ربتك و سوتك رجالً ‪.‬‬ ‫جالس يوما ً و الدموع تتساقط من الجفون و ال أدري‬ ‫ماذا أفعل ‪ ،‬و أخفق الصوت حتي ال يسمعني أح ٌد ‪،‬‬ ‫لكن أمي سمعتني بصوت الحب ‪ ،‬فأخذتني إلي ذراعيھا‬ ‫لتعطيني األمان و القوة التي تخيف الدموع و تشعل‬ ‫السعادة كي أتحول من عذاب جھنم إلي روضه الجنة ‪.‬‬ ‫تساندني وقت ال ِم َحن التي أفعلھا في حق نفسي ‪ ،‬و‬ ‫يوم‬ ‫تخرجني من الظالم إلي النور ‪ ،‬تجلس جواري كل ٍ‬ ‫كي تجعل َني األفضل في ھذا الكون ‪ ،‬تمنحني كل شئ‬


‫‪٢٧‬‬

‫قبل أن أطلبه ‪ ،‬و لم يقدر العجز يوما ً أن يمنعاھا من‬ ‫العطاء ‪.‬‬ ‫المذاكرة لھا األولولية األولي فعندما تنتھي منھا أفعل ما‬ ‫شئت ‪ ،‬و كل صالح لي يكون في مقدمه طالباتھا مني ‪،‬‬ ‫أفعل كل شئ أريده والكل فحدود أال أخطئ كما علمتني‬ ‫أمي ‪ ،‬كي أصبح األفضل علما ً و خلقا ً و مكانة ‪،‬‬ ‫ترشدني إلي السعادة ببسمة وجھھا و لھيب قلبھا التي‬ ‫تكون انعكاسا ً لألفعال السليمة ‪ ،‬التي أصبحت طريقي‬ ‫الذي تعلمت المشي فيه علي يديھا ‪.‬‬ ‫ھذه ھي األم التي تضحي بكل ما تملك من أجل أبنھا ‪،‬‬ ‫تفضل التعاسة إلسعاد ولدھا ‪ ،‬ال تطلب إال ألوالدھا و‬ ‫لم تكن يوما ً تسعي لنفسھا ‪ ،‬ليأتي يوم يتجرئ عليھا من‬ ‫كان بدونھا فريسة لكل حيوان ضال ‪ ،‬يعيقھا و يسبھا و‬ ‫ھي التي جعلته يتكلم و قادر علي الوقوف علي قدميه ‪،‬‬ ‫عجبا ً لمن تھديه النعمة فيردھا بنقمة ‪.‬‬


‫‪٢٨‬‬

‫اليوم الذي ال تخدم فيه أمك ‪ ،‬ال تحسب نفسك من‬ ‫ضمن األحياء ‪ ،‬ألن بدون خدمتھا لك لم تكن يوما ً لتحيا‬ ‫‪.‬‬ ‫إن الكلمات و األفعال و كل ما في ھذه الدنيا ال تستطيع‬ ‫أن ترد ألمك ما فعلت ألجلك ‪ ،‬فلتكن عبداً لھا حتي‬ ‫يفارق أحداكما الحياة ‪ ،‬و إن فارقت ھي لتكن لھا الولد‬ ‫الصالح الذي يدعوا لھا و يتصدق من أجلھا و يعتمر‬ ‫البيت ليغفر لھا ‪ ،‬أما اذا كنت أ َ‬ ‫نت المفارق فھي تعلم ما‬ ‫ال تعلمه أ َ‬ ‫نت و ستخدمك في موتك أكثر مما كان في‬ ‫معاشك ‪.‬‬ ‫األخت الكبري فھي أمك الثانية أما الصغري فھي آبنتك‬ ‫األولي ‪ ،‬ھذه قوانين تعلمناھا من الحياة ‪ ،‬فكن لھما‬ ‫األخ و األب الحنون الذي يسھر علي راحتھما ‪ ،‬فھم‬ ‫مسؤلون منك كما أمرت و أخذت ‪ ،‬فھم أعطوك قبل أن‬ ‫تطلب منھما ‪ ،‬ساعدوك قبل أن تعرف عنوان الصديق‬ ‫‪ ،‬علموك المأخاه و الحب و التضحيه ‪.‬‬


‫‪٢٩‬‬

‫ھم االصدقاء األوفي لك ‪ ،‬فال تكن جاھل بترك‬ ‫اسع و افعل كل شئ من أجلھما ‪ ،‬ستري‬ ‫صداقاتھن ‪َ ،‬‬ ‫سعادة قلبك علي وجھھما ‪ ،‬إنھا الحقيقه ‪ ،‬ما عليك فعله‬ ‫فقط أن تجلس في ھدوء تتذكر كل ما مضي لتبني عليه‬ ‫ما ھو آت ‪.‬‬ ‫ألم تتذكر اليوم الذي طلبت من أبويك شيئا فلم يستطيعا‬ ‫أن يلبياه لك ‪ ،‬فمددت اختك يديھا بالنجده إليك ‪ ،‬لتلبي‬ ‫حلما ً كان بدونھا كابوس تتئلم عند تذكره ‪ ،‬ھذه ھي‬ ‫األخت الكبري أمك الثانيه التي تضئ لك أصابعھا كي‬ ‫تعبر‬ ‫تشعر بالسعادة ‪ ،‬تفتح إليك الطريق المسدود كي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إلي ما تريد ‪ ،‬تدافع عنك في ضعفك ‪ ،‬تسھر في‬ ‫مرضك لترتاح أنت ‪ ،‬تعطيك ما يجعلك األقوي و‬ ‫األفضل بين الجميع ‪ ،‬تدللك و ترسم علي شفتيك‬ ‫الضحكة ‪ ،‬تفاجئك بھدية ‪ ،‬تصنع لك المأكوالت الغريبة‬ ‫التي ال طعم لھا ‪ ،‬إنھا نعمه من فال تكن لھا إال األخ‬ ‫البار ‪.‬‬ ‫أما ابنتك األولي التي تفعل فيھا كل شئ و كأنھا دومية‬ ‫‪ ،‬تجرب معھا كل شئ في سعادة و لعب ‪ ،‬تخرج من‬


‫‪٣٠‬‬

‫قلبك العطف علي الصغير الذي تعلمته من األخت‬ ‫الكبري ‪ ،‬اشياءاً و اشياءاً لن تمحي من الذاكرة ‪ ،‬حتي‬ ‫بعد الموت ستجدھا في كتابك الذي يھديك إياه ‪.‬‬ ‫ھذه ھي المرأة لكنھا ليست الغريبة التي ترأھا بل‬ ‫األخت التي تربيت معھا ‪ ،‬فكل امرأة تراھا ما ھي إال‬ ‫األم العطائة واألخت الحنونة و االبنة الشقية ‪ ،‬فال تنس‬ ‫أن كل امرأة ليست غريبة كي تعتدي عليھا أيھا المغفل‬ ‫‪.‬‬ ‫الزوجة و ھي سكنة النفس ‪ُ ،‬مك َملت الناقص ‪ ،‬بدونھا‬ ‫لست كامل ‪ ،‬أ تدري كيف خلقت الزوجه ‪ ،‬من ضلع‬ ‫زوجھا فھي ليست غريبة عنه بل ھي جز ٌء منه ‪ ،‬فانتما‬ ‫الواحد الكامل ‪ ،‬و بدون بعضكما ناقصين ‪ ،‬ليست ھي‬ ‫فقط الناقصة بل أنت أيضا ً ناقص ‪.‬‬ ‫إن الحب الذي تتبادله مع زوجتك ھو السمو الكامل‬ ‫للروح التي خلقھا ‪ ،‬فا‪ a‬نفخ من روحه في آدم ثم‬ ‫خلق حواء ‪ ،‬أي أن الروح التي تسكنا ناقصة و كمالھا‬


‫‪٣١‬‬

‫في الزوجة التي نسكن إليھا ‪ ،‬فلتسعد روحك بإسعاد‬ ‫زوجتك ‪.‬‬ ‫المستقبل يبني معاھا فتكون ھي السند و المحفز لك ‪،‬‬ ‫تبدئا حياة جديدة كل واح ٍد فيھا له وظيفه جديدة عليه ‪،‬‬ ‫فلتتحلوا بالصبر و المساعده ‪ ،‬و لتعلم أن النجاح‬ ‫الحقيقي ال يأتي إال بمساعدة المرأه التي ھي األن‬ ‫َ‬ ‫فأنت ناجح ألنھا تتحمل أعباءاً من المفترض‬ ‫زوجتك ‪،‬‬ ‫أن تكون علي كاھلك ‪ ،‬تخلد ما بقي من عمركما إلي‬ ‫جوار بعضكما البعض ‪ ،‬فأستحسن الجوار و كن له‬ ‫الجار الذي أمر به ‪ ،‬الزوجة ليست جارية ملك يدك‬ ‫بل ھي تكملتك ‪ ،‬فإن أھنتھا ذات يوم فاعلم أنك تھين‬ ‫نفسك ‪ ،‬ھي الصالحة التي تدفعك إلي األمام و األم التي‬ ‫تحت قدميھا الرضوان و األخت التي اسعدتك ‪ ،‬فكن لھا‬ ‫األب و األخ و الزوج الصالح ‪ ،‬ألنھا فارقتھما كي تكن‬ ‫لك ‪.‬‬ ‫ھذه ما ھي إال أقل الكلمات عن المرأة ‪ ،‬التي وجوب‬ ‫استمرار الحياة سنة تتمثل فيھا ‪ ،‬و لكنك كي تعي‬ ‫الحقيقه فاعلم أن أمك و أخت و زوجتك و ابنتك ھي‬


‫‪٣٢‬‬

‫المرأه التي تصفھا بالنقص و العجز ‪ ،‬فكيف تكون لك‬ ‫كل ذلك و ھي ناقصه ‪.‬‬ ‫األم ھي المرأة التي تنجب ‪ ،‬التي أنجبتك ھي أمك و‬ ‫األخت التي تربيت معھا ھي أم و زوجتك ھي أم‬ ‫أوالدك ‪ ،‬كل امرأة في ھذا الكون ھي األم ‪ ،‬التي‬ ‫بصالحھا يصلح المجتمع كله ‪ ،‬ألنھا مربية المستقبل ‪،‬‬ ‫أما إذا فسدت فالعكس محتوم الوجوب ‪.‬‬ ‫أيھا الذكر الذي يھاجم المرأة ‪ ،‬ھل رأيت رجالً ذات‬ ‫يوم يھين نفسه ‪ ،‬إن إكرام المرأة من مكارم الرجال ‪،‬‬ ‫ألنھم يعون مكانتھا ‪ ،‬فأنت أيھا األحمق ‪ ،‬ال تتحدث‬ ‫ألنك تھاجم األم التي ربتك و األخت التي ساندك و‬ ‫الزوجة التي أصلحتك ‪ ،‬نعم إنھا الحقيقه ‪.‬‬ ‫إن الرجولة ال تأتي إال بأكرام المرأة ‪ ،‬و ما دون ذلك‬ ‫ليسوا رجال ‪.‬‬ ‫فاألم ھي التي تصنع من الطفل رجالً و الزوجة ھي‬ ‫التي تكمله ‪.‬‬


‫‪٣٣‬‬

‫إن المرأة ليست فقط الكمال للرجل ‪ ،‬بل ھي صانعه‬ ‫الرجل ‪.‬‬


٣٤


‫‪٣٥‬‬

‫السجناء‬

‫يوما ً في قاعه المحكمة ‪ ،‬جلس الجميع بانتظار حكم‬ ‫القاضي علي المتھمين ‪ ،‬الذي امتالئت السجون بھم ‪،‬‬ ‫لكن الغريب أن من وراء القضبان العديد من الشباب ‪.‬‬ ‫دخل الحاجب ليعلن عن قدوم القاضي فوقفت المحكمه‬ ‫إجالالً و احتراما ً لقاضيھا ‪ ،‬جلس العادل و أجلس‬ ‫الجميع ‪ ،‬و نظرا في أولي القضايا بعد مرافعة محامي‬ ‫المتھم الذي ھزت كلماته السماء لكنھا لم تھز الھيئة‬ ‫المحلفة و قاضيھا ‪.‬‬ ‫فإذا بالقاضي يصدر حكمه علي أول المتھمين بضياع‬ ‫مستقبله و حياته ‪ ،‬ثم جاء دور المتھم األخر ليتكرر‬ ‫معه الحكم نفسه بضياع مستقبله و حياته أيضا ً ‪.‬‬ ‫ثم ثم ‪ ......‬نفس الحكم حتي انتھي القفص إلي وجود‬ ‫شابان فقط بداخله ‪.‬‬


‫‪٣٦‬‬

‫حينما جاء دور الشاب األول و قبل أن يترافع الدفاع‬ ‫عنه طلب الشاب أن يتحدث ‪ ،‬و طلب من القاضي أن‬ ‫يروي شيئا ‪،‬فسمح له القاضي ‪ ،‬فبدء يحكي قصته التي‬ ‫أعتقد أنھا ستنجيه من ھذه القضبان ‪.‬‬ ‫فقال سيدي القاضي راوضني منذ أن كنت صبيا ً أن‬ ‫أصبح شرطيا ً ‪ ،‬ألني أجد في خدمة الناس سعادة بالغة‬ ‫‪ ،‬فبعد إتمام شھادة الثانوية العامة تقدمت لإللتحاق بكلية‬ ‫الشرطة ‪ ،‬و نجحت في اختباراتھا و تقدمت للمسؤل‬ ‫كي أعطي له ملفي و أسئله عن موعد الدراسه و أنا في‬ ‫غايه الفرح ‪ ،‬لكن أثناء وقوفي امامه إذ بشاب و معه‬ ‫رجل يتمتعا بحسن المظھر و الرفاھيه ‪ ،‬فجلس الشاب‬ ‫و الرجل و بدأ المسؤل يمزح معھما بعدما رأي كرتا ً‬ ‫كان معھما ‪ ،‬و نظرا إلي بعدھا و ھو مشمئذ مني و قال‬ ‫ماذا تريد ‪ ،‬فأجبته فرد قائالً كيف دخلت ھذا المكتب‬ ‫من وصلك إلي ھنا ‪ ،‬ثم سئلني أمعك كرتا ً ‪ ،‬فتعجبت‬ ‫من السؤال و قولته له ال ‪ ،‬لكني ناجح في اإلختبارات‬ ‫‪ ،‬فضحك و أحضر الحراس كي يخروجوني ‪ ،‬فذھبت‬ ‫و كلي حزن و أسي و استشيطا غضبا ً ‪ ،‬فإذا بأبي و‬


‫‪٣٧‬‬

‫أمي يحدثاني فيعلو صوتي عليھما ألنھم ليسوا أصحاب‬ ‫جاھا ً وال عزاً ‪ ،‬فكانت كلماتي كالسم الذي أصاب أبي‬ ‫و انتابه الشعور بالعجز ‪ ،‬فوقع و جاء الطبيب ليخبرني‬ ‫بأن أبي قد شل ‪ ،‬نعم شل إلني كنت صبيا ً عاجز علي‬ ‫فھم الحقيقة ‪ ،‬نسيت ما عناه ھذا الرجل كي أصل إلي‬ ‫ما أنا عليه ‪ ،‬لم أذكر أنه كان يعمل من أجلي أكثر من‬ ‫خمسة عشر ساعة كي يوفر لي حياة سعيدة و يلبي لي‬ ‫كل ما يستطيع أن يقدمه أب ألبنه ‪.‬‬ ‫األن عرفت ھذا و أفتخر بأبي الشريف الذي لم يرض‬ ‫لي إال أن آكل الحالل ‪ ،‬علمت أنه ليس سبب فشلي بل‬ ‫أنا الذي تسببت في شلله ‪.‬‬ ‫الدموع تتساقط كالسيول ‪ ،‬المحكمه تتئلم و الدنيا تنبذ‬ ‫الحظ و الكل عاجز ال يملك إال البكاء و الحزن ‪....‬‬ ‫ثم بدأ الشاب يكمل قصته بعد موج ًه من عدم الرضي‬ ‫و السخط للجميع علي أحوال الحياة ‪.‬‬ ‫أكملت دراستي و أنا أعمل علي ميكروباص تركه لي‬ ‫أبي ألعوله منه ‪ ،‬ففي يوما ً و كالعاد ًه تقف اللجنة‬


‫‪٣٨‬‬

‫نعبر‬ ‫الشرطية الشريفة و ال تطلب إال حسنه كي‬ ‫َ‬ ‫الطريق و يستطيعون ان يعيشوا معنا في سالم أو‬ ‫تسحب الرخصة ‪ ،‬و أجلس بجوارھم أبوس األيادي‬ ‫التي لن تغني شيئا ً إال إذا أبيضت جيوبي ‪.....‬‬ ‫ھذا ھو اليوم المشؤم الذي دائم التكرار أن تجد لجنة‬ ‫في الطريق‪ ،‬مما دفعني إلي اتخاذ طريق آخر ملئ‬ ‫بالمخاطر ‪ ،‬ألن عالج أبي قد انتھي و البد لي أن‬ ‫أحضر له العالج ‪ ،‬و أنا ال أملك إال ما في جيبي ‪ ،‬أ‬ ‫أذھب إلي اللجنة و أدفع لھا أم آخذ الطريق اآلخر ‪ ،‬فلم‬ ‫يكن أمامي خيار إال أن أسلك الطريق البديل ‪ ،‬و دعوت‬ ‫ أن ينجني منه أنا و من معي سالمين ‪ ،‬لكن القدر‬ ‫كان أسرع من دعواتي و أنقلب الميكروباص و حدث‬ ‫ما حدث ‪...‬‬ ‫فكيف أكون أنا المجرم ‪ ،‬ھل العدل أن يكون الضعيف‬ ‫ھو المجرم ‪ ،‬و لما ال يكون القوي الذي فرض علينا أن‬ ‫نفعل ھذا ‪ ،‬يدفعوننا إلي الھروب من الفعل الصحيح ‪،‬‬ ‫و ارتكاب األخطاء ‪ ،‬ثم نأتي متھمين نحاسب علي‬ ‫جبروتھم و ظلمھم لنا ‪...‬‬


‫‪٣٩‬‬

‫إنكم ستحكمون في األرض فاحكموا بالعدل ‪ ،‬ألن‬ ‫ھنالك يوما ً سيحكم فيه ‪ ،‬فكونوا خلفاء ‪ a‬في عدله‬ ‫علي ارضه ‪.‬‬ ‫استشاط القاضي غضبا ً من كلماتا ً تشبه الطلقات في‬ ‫صدره ‪ ،‬و جاء دور الدفاع ‪.‬‬ ‫سيدي القاضي إنكم اعدل من في األرض ‪ ،‬و الحكم و‬ ‫الحق و العدل بعد أنتم ‪ ،‬فھا قد اتضح كل شئ ليس‬ ‫الذنب ذنب موكلي ‪ ،‬إنما ھو ذنب الفساد الذي طغي‬ ‫علي كل شئ في دولتنا ‪...‬‬ ‫أنا لن أتحدث فليس للكلمات حقا ً أن تعدل ‪ ،‬لكن‬ ‫صاحب الحق ھو القلب و العقل ‪...‬‬ ‫أتضح كل شيء ‪ ،‬و لن أقول إال ھذا اتضح كل شيء ‪،‬‬ ‫اتضح ‪ ،‬فلماذا يكون الصمت و الضعف و الذل ھو ما‬ ‫وجب علينا فعله ‪ ،‬لماذا ال نقضي علي ھذا الظلم و‬ ‫الفساد ‪..‬‬ ‫لماذا نحن المتھمون و ھم اآللھه التي ال تذنب ‪ ،‬أليسوا‬


‫‪٤٠‬‬

‫بشر أم إنھم منزلين من السماء ‪ ،‬لقد طفح الكيل و‬ ‫عجزت األلسنه و ماتت القلوب ‪ ،‬انتھي كل شئ فلم‬ ‫يبقي سواكم فأنجدونا مما نحن فيه ‪ ...‬شكراً سيدي‬ ‫القاضي ‪.‬‬ ‫فإذا بالقاضي يحكم بتشديد العقوبه علي المتھم ‪ ،‬كأنه‬ ‫أطرش لم يسمع شئ ‪ ،‬أعمي البصر و البصيره ال قلب‬ ‫له ‪ ،‬كأنه فاقد العقل ال يملك ما يزن به االمور ‪.‬‬ ‫نزل الحكم علي الجميع كسھم يقتل و ال يجرح ‪ ،‬الكل‬ ‫متعجب ال يستطيع التفسير و كلمه حسبي و نعم‬ ‫الوكيل تعلوا أعلي من صوت رعد السماء ‪.‬‬ ‫األرض ترتعش و الجبال تھتز لموت األب الذي كان‬ ‫الحكم له قاتل ‪ ،‬فالرصاصه التي خرجت من فم‬ ‫القاضي أصابة القلب الذي توقف عن النبض ‪ ،‬إنتھت‬ ‫القضيه في ساحه المحكمه لكنھا لم تنته في ساحة ‬ ‫‪...‬‬ ‫تبقي في القفص أخر سجين ‪ ،‬جالسا ً يبكي و ينوح لما‬ ‫سمعه ‪ ،‬و قبل الحكم عليه طلب أن يروي قصته ‪.‬‬


‫‪٤١‬‬

‫فقال القاضي بشموخ إنه ال يملك الوقت الكافي لسماع‬ ‫ھذه التخاريف و أنه يملك ملف به كل ما يخص القضيه‬ ‫و المتھم ‪..‬‬ ‫رد عليه السجين ‪ ،‬اسمع إنھا قد تكون أخر كلماتي ‪..‬‬ ‫قال القاضي ‪ :‬ھسمع بس اتكلم بسرعه ‪.‬‬ ‫قال السجين منذ الصغر و أتمني أن أعدل بين الناس ‪،‬‬ ‫وأسعد برؤيه فرحة المظلوم بأخذه لحقه فتمنيت أن‬ ‫أكون قاضيا ً ‪ ،‬فدرست حتي استطعت أن أحصل علي‬ ‫‪ %٩٩‬و يكون مجموعي ألعلي كلية لكني اخترت‬ ‫الحقوق ‪ ،‬سعيت لھدفي فكنت األول في األربع سنوات‬ ‫الدراسيه ‪...‬‬ ‫كان القضاء يريد شخصا ً واحداً و أيضا ً الكلية تريد‬ ‫معيداً واحداً ‪...‬‬ ‫لكني توجھت للقضاء لكي أستلم حلمي لكني فوجئت‬ ‫بردَ المسؤل أنه ال يوجد حُ لم ‪ ،‬فسئلته كيف إنكم‬ ‫تريدون شخصا ً فھا أنا ‪ ،‬تحدثت إليه كي أخبره أنني‬ ‫األول علي الدفعة ‪ ،‬فرد بكل بساطة أعلم ما تقول لكن‬


‫‪٤٢‬‬

‫في دفعتك ابن القاضي و ھو أحق منك ‪......‬‬ ‫ھذه قوانين دولتنا يا بني ‪ ،‬فالبد لك أن ترضي و ال‬ ‫تسعي لتغير الواقع ألنك لن تجني منه إال ضياع وقتك ‪،‬‬ ‫و من الممكن أن ينتھي بك إلي السجن إذا تعثرت و‬ ‫أنت تطلب حقك بإحداھم و ستكون تھمتك التعدي علي‬ ‫القانون ‪....‬‬ ‫أعلم ما تريد أن تقول ‪ ،‬إن ھذا ظلم و ليس عدل ‪ ،‬لكنه‬ ‫قانونھم و أنا ال املك إال النصيحة ‪ ،‬ثم قال ‪،،،‬‬ ‫ال تحزن يا بني فلله عدال سيأتي ذات يوم لكل مظلوم‬ ‫بحقه ‪....‬‬ ‫تمالكني الحزن لكن عقلي أراد لي األمل ‪ ،‬فقال لي إن‬ ‫ھدفك ھو العدل و نصر المظلوم ‪ ،‬إذن فاقبل بالمعيد و‬ ‫كن دكتور قانون يستطيع أن يأتي للمظلوم بحقه ‪...‬‬ ‫فذھبت إلي المسؤل فكان رده أنه قد عين ابن الدكتور‬ ‫الذي كان معك في الدفعه و قال لي ال تندھش فھذا‬ ‫قانون دولتنا ‪.....‬‬


‫‪٤٣‬‬

‫فكان ما كان ‪ ،‬لم أقف كثيرا ھنا ألنھا ليست المرة‬ ‫األولي ‪ ،‬تعودت الظلم بالقانون ‪...‬‬ ‫رضيت بھذا و اشتغلت بالمحاماة و لكني لم أكن مثل‬ ‫الجميع ‪ ،‬كان التفوق و المكان األعلي من نصيبي ‪،‬‬ ‫ألني أدركت أن الحق ظلما ً في بالدي ‪ ،‬و أن الظلم حقا ً‬ ‫‪...‬‬ ‫ھذه ھي القوانين التي تفوقت عليھا و أتيت لكل مظلوم‬ ‫بحقه من خاللھا ‪ ،‬فكانت تھمتي أنني أنصر العدل أما‬ ‫ما بين يدك فما ھو إال حقيقتكم ‪ ،‬آسف سيدي ‪ ،‬ليس‬ ‫العدل الذي تعرفه بل الظلم ‪ ،‬ألنكم ترون الظلم عدالً و‬ ‫ال تروا العدل إال ظلما ً ‪...‬‬ ‫الحمد‪ a‬الذي جعلني ال أخشي سواه و ال أرجو إال‬ ‫عدله ‪ ،‬فلي العادل و لكم الشيطان الذي أغواكم‬ ‫بالدنيا فأنساكم أن ھنالك آخره ‪ ،‬سيحاسب فيھا كل واح ٍد‬ ‫بعمله و ال ظلم فيھا و ال عوج ألن قاضيھا ھو ‪.‬‬ ‫أال تتذكرني ‪ ،‬أنا الذي تمنيت أن أكون مكانك أنا‬ ‫المسروق يا سارق ‪ ...‬نعم أنا الذي عينت مكانه أنا‬


‫‪٤٤‬‬

‫األول و أنت ابن القاضي ‪ ،‬أنا الذي سرقت منه حقه‬ ‫تصبح مكانه ‪ ،‬فكيف لسارق أن يعدل بينه و بين‬ ‫كي‬ ‫َ‬ ‫خصمه ‪.‬‬ ‫رد القاضي و ھو يستشيط غضبا ً ‪ ،‬أمثالك ال أماني و‬ ‫ال حقوق لھم ‪.‬‬ ‫وقف الجميع و صاح الدفاع ‪ ،‬ماذا أقول ‪ ،‬أنا ال آري‬ ‫نفسي إال في مسرحية ‪ ،‬كيف اطلب منك أن تبرئ‬ ‫انسان قمت بقتله من قبل ‪ ،‬كيف أطلب منك العدل و‬ ‫أنت ال تعلم عنه شيئا إال في كتب كان الظلم و الغش و‬ ‫النفاق كتابھا ‪ ،‬أحكم بما تريد فلنا ال أحدا سواه ‪.‬‬ ‫فصدر حكم القاضي بمخالفه القوانين التي لم يكن في‬ ‫نص عقوباتھا لھذه التھمه اإلعدام و حبس الدفاع ‪.‬‬ ‫فرغت المحكمه من جالسيھا ‪ ،‬و خرج الجميع َي َسب و‬ ‫يعلن كل شئ ‪ ،‬يوما ً لم يكن للعدل فيه مكان ‪ ،‬أصواتا‬ ‫تعلو و ال سامع لھا إال ‪.‬‬ ‫قلما يكتب في إحدي الصحف و لم يكن لصاحبه إال أن‬


‫‪٤٥‬‬

‫يروي ما حدث بكل تفاصيله ‪ ،‬ال زيادة و ال نقصان ال‬ ‫شيء سوي ما كان داخل الجدران ‪...‬‬ ‫العالم يقرئ و الكل ينھدش ‪ ،‬لكن لم يكن من بين‬ ‫المندھشين مواطنين ھذا البلد ‪ ،‬فھم عالمين أن الظلم‬ ‫سائد و الكل يذوق منه فال جديد إال صراخ أعلي مما‬ ‫تعودوا عليه ‪ ،‬لكن ھذه المرة لم يكن صوت الصحفي‬ ‫وحيداً بل معه كل من امتلك حلما ً ‪ ،‬معه الشباب معه و‬ ‫المستقبل ‪.‬‬ ‫علي الصوت فكان مخيفا ھذه المره ‪ ،‬ألنه وصل للعالم‬ ‫بأكمله ‪ ،‬فما كان للدولة خيار إال أن تقف عاجزة و‬ ‫تقول جملھتا الشھيره ‪ ،‬إن القضاء مستقل و ھو مؤسسة‬ ‫شامخة و ال تملك الدولة سلطة عليھا ‪ ،‬و ال نسمح ألحد‬ ‫بالتدخل في ھذا الشأن ‪ ،‬ھذه تصريحات الخارجية‬ ‫للعالم الذي انكسر قلبه علي االنسان الذي فقد انسانيته ‪.‬‬ ‫ثم صدر قرار النائب العام بوقف النشر في ھذه القضية‬ ‫حتي يتحقق من صحتھا و إتخاذ االجراءات الالزمه ‪.‬‬ ‫لم يتوقف النشر فال سلطان للدولة علي مواقع التواصل‬


‫‪٤٦‬‬

‫اإلجتماعي كي تنفذ عليه قرار النائب العام ‪ ،‬بل توقف‬ ‫النشر عند أصحاب العجز و اإلستسالم للذل و الخوف‬ ‫‪ ،‬القضية أكبر من أن تغلق بدون حساب أحد ‪ ،‬فكان‬ ‫الحساب للصحفي الذي رفض أن يسكت علي ھذه‬ ‫المظالم التي رأھا ‪ ،‬اختفي الرجل وسط سكوت و‬ ‫خضوع و ذل ممن حوله ‪.‬‬ ‫أتفق الشباب علي النزول إلي الميادين و الوقف أمام‬ ‫الدولة بطلب الحق و العدل و الكرامة ‪ ،‬و ال يملكوا إال‬ ‫الصوت الذي يھتفون به و الورقة التي يكتبون عليھا‬ ‫مطالبھم ‪ ،‬و كان من ضمناھا ‪ ،،‬أين الصحفي ‪...‬‬ ‫فردت الدولة و بكل قوه و حسم بقنابل الغاز و المياه‬ ‫التي لم تخيف الشباب ‪ ،‬فكان البد للدولة أن تنھي ھذه‬ ‫اللعبه فكان الخرطوش و الرصاص المطاطي و أحيانا ً‬ ‫الرصاص الحي سالحھا للرد علي مطالب ھؤالء‬ ‫الشباب ‪.‬‬ ‫أنا أطلب العيش و العدالة و الكرامة ‪ ،‬و أنت ترد بقتلي‬ ‫و قتل من يقفوا معي و تطلب منا أن نخضع ألوامرك ‪،‬‬


‫‪٤٧‬‬

‫أنا أطلب و أنت تعند و تتحددي ‪.‬‬ ‫نسي صاحب السلطة أنه موجود ليعدل و يخدم الشعب‬ ‫و يحقق لھم ما يطلبوه ‪ ،‬نسي أنه يأخذ راتبه منا ليفعل‬ ‫ھذا ‪ ،‬و أنه ھو القائم علي خدمتنا و ليس نحن من‬ ‫نخدمه ‪ ،‬نسي كل منا دوره الحقيقي و أعمته الدنيا عن‬ ‫الحق ‪.‬‬ ‫نسينا الخوف من ‪ ،‬و نخاف من بشر صنعنھا بأيدينا‬ ‫ك إله ‪.‬‬ ‫ال خوف و ال خضوع إال ‪ a‬بھذا لن يكون ھناك‬ ‫ديكتاتور ‪ ،‬بل يكون ھنالك كلمه حق تعلوا و عدالً بين‬ ‫الجميع و مساواة ‪ ،‬ألننا ال نخاف إال صاحب السلطان‬ ‫و مالك الملوك رب الوجود الذي ال إله إال ھو ‪،‬‬ ‫العادل الذي ال يرضي الظلم ‪ ،‬الحاكم الذي يسھر علي‬ ‫راحتنا ‪ ،‬و ال يريد منا إال الخير ألنفسنا ‪ ،‬أ نترك‬ ‫الخضوع ‪ ، a‬و نخضع لمن جعله الجھل و الظلم آلھا‬ ‫مع ‪......‬‬


٤٨


‫‪٤٩‬‬

‫من انا‬ ‫سؤال يري الجميع أن االجابه عنه أشبه بالمستحيل بل‬ ‫إنه درب من الخيال أن يعرف أي إنسان من يكون ‪...‬‬ ‫ھذه حقائق أثبتھا الجميع فمن أنا ‪ ،‬أ أستطيع انا اقول‬ ‫من أنا سوي األسم و العمر و العنوان أو أشياء ليس لھا‬ ‫سوي صفه المسميات ال معني و ال قيمه لھا في حقيقه‬ ‫األمر ؟؟؟ ‪....‬‬ ‫عندما سئلت نفسي ھذا السؤال أجابت الطموحات و‬ ‫األمنيات التي تمنيت أن أري نفسي مثلھا ‪ ،‬لكن الواقع‬ ‫لم يكن له مكان في اإلجابه ‪ ،‬فقررت السؤال ثانيتا من‬ ‫أنا ‪ ،‬رأيت في نفسي ما أتمناه و إني أشبه المالئكه إال‬ ‫قليل فكيف أكون ھذا الذي رأيته و لم أحقق في حياتي‬ ‫أي تقدم ‪ ،‬إجابة غير مقنعه فالواقع لم يشھد نجاحات أو‬ ‫فوز حقيقي يخبرني أنني ھذا المالك الطاھر ‪ ،‬أخذت‬ ‫خطوه جديده في التفكير أن أري نفسي كما يراھا الناس‬ ‫‪ ،‬و لكن كيف أعلم رؤي الجميع لشخصي ‪ ،‬أسئلھم‬ ‫ھذه اإلجابه بديھيه ‪ ،‬فعلت ھذا سئلت من حولي من‬


‫‪٥٠‬‬

‫أصدقاء ‪ ،‬كان العجب أن ھذا المالك الذي رأيته في‬ ‫نفسي كان وصف اجابتھم علي سؤالي ‪ ،‬فكيف لي أن‬ ‫اقتنع بھذا ‪ ،‬دارت حوارات و أفكار و تأمالت العقل‬ ‫تعجز أن تعلم من أنا و من حولي يعجزوا أن يقولوا لي‬ ‫من أكون ‪ ،‬بل ھنا سؤال آخر ‪ ،‬لماذا رأني أصدقائي‬ ‫بنفس ما رأته نفسي ‪ ،‬أعتقد أنھم رؤني ذلك الن ھنالك‬ ‫من الحكمه ما تقول الطيور علي اشكالھا تقع ‪ ،‬فأنا‬ ‫شبيھھم فھم يروني كما يروا أنفسھم و تراني ذاتي ‪،‬‬ ‫لكن ھذه المرة أخترت أن اسئل غرباء ‪ ،‬فكان الرد‬ ‫كيف لنا أن نعرف من لم نتعامل معه ‪ ،‬غلقت األبواب‬ ‫و النوافذ و لم يبقي في المكان سوي أنا و ذاتي التي‬ ‫تخدعني فقررت مواجھتھا ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬من أكون ؟‬ ‫ذاتي ‪ :‬أال تعلم من تكون ؟‬ ‫أنا ‪ :‬لو أعلم ما كنت بسائل ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬أنت تعلم لكنك تخاف المواجھة و الحقيقة ‪.‬‬


‫‪٥١‬‬

‫أنا ‪ :‬أخاف مواجھت من ؟‬ ‫ذاتي ‪ :‬تخاف أن تواجه نفسك ‪،‬تخاف أن تري نفسك‬ ‫فاشل عديم الجدوي ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬لكني لست كذلك ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬ألم أقل لك أنك تخاف المواجه لذلك ستھرب‬ ‫منھا ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬لن أھرب فلست جبان ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬أ متاكد مما تقول ؟‬ ‫أنا ‪ :‬ھھھھه أال أعلم من أكون ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬إذاً أنت تعلم ؟‬ ‫أنا ‪ :‬ھھاه ‪ ...‬تمتمه بكالمات غير مفھومة ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬ھل تفجائت ‪ ،‬نعم إنھا الحقيقه أنت تعلم من‬ ‫تكون و لكن تخاف الحقيقه فإذا كنت ال تعلم سأقول لك‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬إذاً ماذا تريد أن تقول لي ؟‬


‫‪٥٢‬‬

‫ذاتي ‪ :‬الحقيقه التي تخفيھا ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬لم أخفي حقائق ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬إذن اصطنت جيداً و ال تقاطعني ‪ ،‬ألنك لن‬ ‫تنوي سماع ھذا الكالم مرة آخري ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬أسمعك ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬أنا ال أعلم من تكون ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬ھاه ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬قلت لك اصطنت و ال تقاطع ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬حاضر ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬سأدلك إلي الطريق الذي تري فيه نفسك و تعلم‬ ‫حينا ذك من تكون ‪ ،‬لكن أنت الذي ستحكم علي نفسك ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬كيف أو ال أنت نفسي ؟‬ ‫ذاتي ‪ :‬ال ‪ ،‬بل أنا عقلك الباطن و روح فكرك الذي ال‬ ‫تظھره ‪ ،‬انصت ‪.‬‬


‫‪٥٣‬‬

‫أنا ‪ :‬معك ‪ ،‬أكمل ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬أنت الفاعل ‪ ،‬أنت الماضي و الحاضر ‪ ،‬لكن ال‬ ‫نعلم ماذا في المستقبل و ال يھمنا ‪ ،‬ألننا نريد أن نعلم‬ ‫من تكون ‪ ،‬و ليس ما ستكونه ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬أنا ال أفھم شئ ‪.‬‬ ‫ذاتي ‪ :‬أنت بفعلك فعندما تصنع الخير فأنت َخ َير ‪ ،‬و‬ ‫عندما تصنع الشر تكن االسوء ‪ ،‬فلتكتب و تتذكر ما‬ ‫فعلت ‪ ،‬و تقل ھل كان الصواب أم الخطأ و ما النسبة‬ ‫الفارقة بينھما ‪ ،‬كي تعلم من تكون ‪.‬‬ ‫انتھيت مع ذاتي و قتل الحزن حكاياتي ‪ ،‬فلم أعد أنا‬ ‫الذي كنت في الماضي ‪ ،‬عندما اتسائل لكني أصبحت‬ ‫الواقع الذي البد أن اھرب منه في زحام أخطاء الجميع‬ ‫‪ ،‬فالكل مخطئ و يري نفسه صواب بال لوم أو حزن ‪،‬‬ ‫فلماذا ال أكون مثل الجميع ‪ ،‬لماذا أكون مختلفا ‪.‬‬ ‫فقدت صوابي ‪ ،‬و رأيت وجھي الحقيقي فقررت أن‬ ‫أرفع يدي إلي سامع القلوب الذي يحكم و يتوب‬


‫‪٥٤‬‬

‫علينا من جھالً أصاب فنجح ‪ ،‬و بعدما أنتھيت و في‬ ‫أثناء وجودي في المسجد رأيت رجل أحس قلبي أنه‬ ‫ملك من سماء بعث إلي كي يعلمني ما أريد ‪،‬‬ ‫تقدمت إليه ‪ ،‬فقال أجلس فأنا منصت ‪.‬‬ ‫أنا ‪ :‬سيدي قد اتعبني الدھر و كل شئ كان مراده أن ال‬ ‫أكون ما اريد ‪.‬‬ ‫الحكيم ‪ :‬أتعلم ما الدھر يا ولدي ‪ ،‬إنه و ما يبتلي‬ ‫عباده إال حبا ً فيھم ‪ ،‬أصبر و أفعل ما تأمر و كن عبداً‬ ‫صالحا ً يكن لك ما تمنيت ‪ ،‬فكيف ‪ a‬أن يبخل علي من‬ ‫أعطاه ‪ ،‬اعط كل ذي حق حقه ‪ ،‬العمل في إتقانه و‬ ‫القلب بالعبادة و المعاصي بتركھا و الوالدين بإحسانك‬ ‫إليھما و المال بتطھيره ‪ ،‬كل شئ ال استثناء ‪ ،‬أرضي‬ ‫ فتكن أنت الراضي أعطي فتكن أنت المعطي ‪.‬‬ ‫علمت من أكون ‪ ،‬فالخطأ دلني إلي طريق القاع الملئ‬ ‫بالناس الذين يفعلوا العرف دون النظر إلي صحته و‬ ‫ھل ھو مناسب لديننا و قيمنا أم ال ‪ ،‬أما الفعل الصحيح‬ ‫فأتعبتني رقبتي و أنا أنظر إليه في القمه التي ال يوجد‬


‫‪٥٥‬‬

‫بھا إال قلة قليلة ‪.‬‬ ‫حزنت علي الماضي و الحاضر لكنا أمل المستقبل لم‬ ‫يتركني فمد يد العون لي ‪ ،‬لنبدأ صفحه جديده أول ما‬ ‫يوم ُي ْمحا خطأ و‬ ‫كتب فيھا محو أخطاء الماضي ‪ ،‬كل ٍ‬ ‫يكتب بدل منه فعل صحيح ‪ ،‬حتي أصبحت في الواقع‬ ‫كما تمنت أن أكون دون مبالغة أو تناقض ‪.‬‬ ‫ھذا ھو عطاء لي ‪ ،‬أن أصبح في القمه التي كان‬ ‫خطوات الوصل إليھا بفعل ما أمرنا به ‪.‬‬


٥٦


‫‪٥٧‬‬

‫جھل التقدم‬ ‫يوما ً في قاعة الدراسة ‪ ،‬الكل يسمع ألستاذ موھوب‬ ‫يشرح األدب في صورته الحديثه ‪ ،‬لكن ھنالك طالب ال‬ ‫يقدر أن يفھم ما يقوله معلمه ألن قدرته اللغوية ضعيفة‬ ‫‪ ،‬كان ھذا الطالب يجلس و ھو يخاف أن يسئل من‬ ‫معلمه و ال يستطيع اإلجابه فعندھا سيظھر بمظھر غير‬ ‫الئق ‪ ،‬و جاء السؤال و ارتجف الطالب لكن لحسن‬ ‫حظه كان السؤال عن الرقم ‪ ٨‬او ‪َ ، ٧‬سئل المعلم ما‬ ‫ھذا ‪.‬‬


‫‪٥٨‬‬

‫رد الطالب ‪ ٨‬و ھذا ما يتضح للجميع لكن المعلم رد‬ ‫بأنه يراه ‪ ، ٧‬إختلفنا حينا ذاك ‪ ،‬من يستطيع أن يحسم‬ ‫األمر و يقول ھل ھو ‪ ٨‬أم ‪ ، ٧‬كان الموضوع ليس له‬ ‫عالقه بالرقم بل عالقته تتمثل في إراده و روئيه المعلم‬ ‫أننا من الممكن أن نختلف و يكون كالنا علي صواب ‪،‬‬ ‫و ھذا ما أسماه الطالب منطق الال منطق و الالعقل ‪،‬‬ ‫لكنه سمع فقط و كان كالم المعلم مقنع للجميع ‪ ،‬فيقول‬ ‫المعلم أننا نختلف أحيانا و لكن كل منا يري الصواب‬ ‫من موقعه فاذا بدلنا ھذه المواقع نكون بدلنا الرؤيه‬ ‫أيضا ً و يتضح لكل منا وجھه النظر األخري أنھا‬ ‫صواب من ھذا الجانب ‪ ،‬فيكون حينھا أن كالنا علي‬ ‫صواب ‪...‬‬ ‫‪ ..‬إذاً فالنظرة ھنا من جانب واحد و ليست نظرة شاملة‬ ‫تجمع تفاصيل الموضوع كي تنتھي بنتيجه للمجمل بل‬ ‫انتھت بنتيجه جزئيه للجزء الذي يراه كل واحد منا‪..‬‬ ‫فلماذا ال نتقبل الرأي األخر الذي يكون علي قدر‬ ‫صوابنا ‪ ،‬انتھي الحديث و أنغلق الموضوع في قاعة‬ ‫الدراسة لكنه لم ينتھي من تفكير الطالب فبدء رحله من‬


‫‪٥٩‬‬

‫البحث كي يتأكد مما سمعه ‪.‬‬ ‫أنطلق الطالب إلي منزله و ھو يفكر بصوت يصل‬ ‫رنينه إلي السماء فيما حدث في المحاضرة ‪ ،‬و بعدما‬ ‫وصل إلي البيت بدأ يتأمل الكلمات من جديد و بدئت‬ ‫األسئلة التي ال نھاية أو حصر لھا ‪ ،‬أول األسئلة ھل‬ ‫ھو ‪ ٨‬أم ‪ ، ٧‬كانت اإلجابة ال تھم أكان ‪ ٨‬أم ‪ ٧‬بل‬ ‫األھم إلي ما يشير ‪ ،‬اتضح أنه سواء كان ‪ ٨‬أم ‪ ٧‬فال‬ ‫يشير أي منھم إلي شئ و لكنھما أتفقا في ذاتھما إلي أن‬ ‫كل منھم رقم ‪ ،‬إذاً فالمعني منقوص يحتاج إلي ما يكمله‬ ‫كي يكون ذو قيمه أو فائدة فمثال إذا كانت مكتوبة ‪٨‬‬ ‫أشخاص فمن المستحيل أن تقرأ ‪ ٧‬و العكس صحيح ‪.‬‬ ‫كان المعلم ال يريد الرقم بل يريد فكرة االختالف أننا‬ ‫من الممكن أن نختلف و يكون كالنا علي صواب ‪،‬‬ ‫لذلك فلننظر نظرة أخري إلي ھذه الحكمة التي يود‬ ‫معلما ً أن يزرعھا في عقولنا ‪.‬‬ ‫سأختلف معك معلمي ألنك لست علي صواب ‪ ،‬فالحق‬ ‫واحد و اإلله واحد و الدين واحد و كل شيء أساسه‬


‫‪٦٠‬‬

‫واحد و الثاني الذي أكمل الواحد كما تكمل المرأة‬ ‫الرجل خلق من الواحد الذي ھو آدم عليه السالم ‪،‬‬ ‫القواعد التي وضعھا ديني واحده ال تتجزء ‪ ،‬فكيف‬ ‫يوضع الشئ و نقيده و يكونا علي صواب ‪..‬‬ ‫أعتذر لمعلمي ألنه قال أن الثوابت واحده و ال اختالف‬ ‫عليھا و إذا أختلفنا البد أن يكون ھنالك شخص واحد‬ ‫علي صواب ‪...‬‬ ‫اإلختالف علي أشياء أخري في السياسة أو العلم أو‬ ‫غير ذلك ‪ ،‬سأتفق معك و أرفع لك القبعه أيضا ً و لكن‬ ‫عليك أن تقول لي ما ھي الثوابت ‪ ،‬إذا أثبت أن ھناك‬ ‫قواعد يتفق عليھا الجميع سأتفق معك أن ھنالك رأيان‬ ‫علي صواب ‪ ،‬فقل لي ھل أتفق العالم أن ھو اإلله‬ ‫ھو خالق الكون بمن عليه لم يتفق العالم بأكمله ‪ ،‬أ كل‬ ‫ما يدور حولھم من شمس و قمر و نظام و سماء بال‬ ‫عمد يشكك فيه أحد علي وجود إله خالق لھذا كله ‪ ،‬ھذه‬ ‫ھي الثوابت التي من المفترض أن يتفق عليھا الجميع ‪،‬‬ ‫ھنا نكون أختلفنا و يري كالنا أنه علي صواب ألن ھذا‬ ‫ثابت ال ينكر و لكنھم أيضا ً يروي انھم علي صواب و‬


‫‪٦١‬‬

‫أننا مصتنعين لھذا اإلله ‪ ،‬فكيف نختلف علي ما ھو اقل‬ ‫وضوحا ً من ذلك و يكون كالنا علي صواب ‪.‬‬ ‫حتي قوانين الطبيعه التي ال تقبل التغيير لثباتھا ‪ ،‬أثبت‬ ‫اينشتين فيھا أن نيوتن كان علي خطأ ‪.‬‬ ‫سيدي سأثبت لك عكس قولك ‪ ،‬فلتتغير األدوار و‬ ‫اتقمص أنا دور المعلم و أنت طالبي ‪ ،‬قل لي جملة‬ ‫استخدم فيھا ‪ ٨ ، ٨‬أشخاص ‪ ،‬ماذا تدل ‪ ٨‬أشخاص ‪،‬‬ ‫إنھا ناقصة سيدي أريد جملة كاملة واضحة ‪ ،‬ھؤالء ‪٨‬‬ ‫أشخاص مھذبين ‪ ،‬لقد حددنا من ھم ال ‪ ٨‬و ما يميزھم‬ ‫عن غيرھم كي نستطيع أن نعرفھم ‪ ،‬فھل إذا قلت ھذه‬ ‫الجملة لمائة شخص سيختلف معك أح ٌد منھم ‪ ،‬البد أن‬ ‫يتواجد من يختلف ألن ھنالك دائما ً حاقد يريد أن يبطل‬ ‫الحق لمكاسبا ما ‪ ،‬سيقول لك نحويا الجملة كاملة لكنھا‬ ‫ليست صحيحه ألن ھؤالء األشخاص غير مھذبين ‪،‬‬ ‫فكيف تصفھم بما ال يملكون ‪ ،‬حدث اإلختالف و تغير‬ ‫الموضوع من أننا نريد أن نضع الرقم ‪ ٨‬في جملة‬ ‫كاملة تدلنا بكل وضوح علي ما يعنيه ھذا الرقم ھنا ‪ ،‬و‬ ‫اصبحت القضيه ليست قضيه ال ‪ ٨‬بل قضيه ثانوية ‪،‬‬


‫‪٦٢‬‬

‫يأخدنا فيھا اآلخر كي يبعدنا عن الھدف األساسي ‪،‬‬ ‫يقول لك أن ھؤالء فعالً كذا و كذا و ھنالك أدلة و‬ ‫شھود و يكبر الموضوع كي يختلق نزاع واھم ننسي به‬ ‫األصل ‪.‬‬ ‫أيضا ً من المنظور السياسي الذي تھوي الحدث فيه‬ ‫سيدي سأرجع لك شيئا منسي منذ زمن بعيد ‪ ،‬األنظمة‬ ‫السياسية التي قامت علي الرأسمالية و اإلشتراكية و‬ ‫العلمانية و الليبرالية ‪ ،‬كم أستمر تواجدھا و ماذا‬ ‫أستطاعت أن تفعل في العصور الحديثه ‪ ،‬ما التقدم‬ ‫الذي أحرزته ‪ ،‬إن التقدم كبير لن أختلف معك ‪ ...‬لكن‬ ‫ھل يقارن بدولة عمر بن عبدالعزيز ‪ ...‬و لكن كم من‬ ‫الوقت تحتاج ھذه األنظمة كي تثبت لنا أنھا غير صائبة‬ ‫و تطفوا شوائبھا الكثيرة و األخطاء التي‬

‫اسقطت‬

‫بعض ھذه األنظمة و ستظل تسقط كل جديد منھا ألنھا‬ ‫صناعة بشرية مملوئة باألخطاء التي تظھر بعد وقت‬ ‫معين ‪ ،‬فلنترك كل ھذا و نري نظام سياسي آخر أستمر‬ ‫قرابة الثالثة عشر قرنا ً ‪ ،‬إنھا الدولة اإلسالمية سيدي‬ ‫التي حكمت بسياسه في االرض اإلله الواحد و التي‬


‫‪٦٣‬‬

‫حكمت العالم بأكمله و مدت الجميع بالتقدم و الرقي ‪،‬‬ ‫أكثر من ألف و ثالثة مائة عام يسود ھذا النظام العالم‬ ‫فھل ھنالك أنجح من ھذا النظام الذي وقع عندما تخلي‬ ‫البشر عنه و استحدثوا مناھج جديدة من صنعھم ‪ ،‬كي‬ ‫يسقط أيضا ً ھذا النظام ‪ ،‬لكنه لم يسقط كما سقط الجميع‬ ‫‪ ،‬سقط ھذا النظام ألن القائمين عليه تركوا ما فيه و‬ ‫أختلقوا عليه ما ليس به ‪ ،‬ھذه ھي الحقيقه لكن األنظمة‬ ‫األخري تسقط لشوائب في ذاتھا ‪ ،‬لكن نظام ال‬ ‫تشوبه أي شوائب ‪ ،‬أ كان في نظام الدولة اإلسالمية‬ ‫اختالفات ‪ ،‬البد أنه كان ھنالك العديد من اإلختالفات‬ ‫لكن في النھايه البد أن يتواجد واحد فقط علي صواب و‬ ‫ھو منھج ‪ ،‬فمن اتبعه كان ھو الصائب و من تركه‬ ‫كان ھو الخاطئ ‪..‬‬ ‫سنختلف في علم الرياضيات و علم اللغه و علم‬ ‫المنطق و كل علوم الدنيا و الدين ‪ ،‬لكن ال يوجد‬ ‫إختالف كل أطرافه علي صواب ‪ ،‬واحد فقط فلنقلھا‬ ‫سويا واحد فقط ھو المحق و األصح ‪.‬‬ ‫الوصول إلي القمه أو الھدف المراد تحقيقه له عدة‬


‫‪٦٤‬‬

‫طرق لكن طريق واحد فقط ھو الصواب ‪.‬‬ ‫مثال ‪ -:‬رجالن يريدان أن يصبحا أغنية ‪ ،‬أحدھم عمل‬ ‫و تعب و تاجر و ذاق األمرين كي يجني ثمار عمره‬ ‫ثروة يرضھا لنفسه ‪ ،‬األخر سرق و نھب كي يجني‬ ‫لنفسه غني زائف لكن في نھايه المطاف وصل إلي‬ ‫الھدف المرجوا تحقيقه ھو الغني ‪ ،‬حققنا الھدف سيدي‬ ‫و وصلنا إلي ما البد أن نصل إليه فقل لي أي الطرق‬ ‫كان صواب ‪ ،‬كالنا حقق الھدف و كالنا مختلفين في‬ ‫الوصول إليه لكن ليس كالنا علي صواب ‪.‬‬ ‫نھايه القول أن شھد أن ال إله إال ھو و المالئكة و‬ ‫أولوا العلم ‪ ،‬و إن علمنا برسله و كتبه أن الحق‬ ‫واحد و طريقه واحد ھذا ما اخبرنا به في أياته و قرآنه‬ ‫و انجيله و كتبه ‪ ،‬و أيضا ً اخبرنا أن الظالمات عديدة و‬ ‫طرقھا عدة كالنفاق الذي يتلون به الناس كي يصلوا إلي‬ ‫غايتھم ‪ ،‬فإذا أردت العلم الحديث فاربطه بعلم كي‬ ‫يھدينا إلي طريق ال طريق البشر الذين يطبقون فيه‬ ‫قوانينھم ‪ ،‬و أعطي لنا قوانين الكون الذي استخلفنا‬ ‫عليه في اياته و قرآنه ‪ ،‬فلنكن خلفاء في األرض و‬


‫‪٦٥‬‬

‫ليس خلفاء آدم و ذريته الذين عصوا و فسدوا في‬ ‫األرض ‪.‬‬


٦٦


‫‪٦٧‬‬

‫مدرستي‬ ‫مدرستي جميلة نظيفة متطورة ‪ ،‬العلم نور ‪ ،‬النظافة‬ ‫من اإليمان ‪ ،‬كن جميال تري الوجود جميال ‪ ،‬خيركم‬ ‫من تعلم العلم و علمه ‪ ،‬كلھا شعارات و كلمات تملئ‬ ‫جدران المدارس لتجمل شكلھا ‪ ،‬ال لتغير منھا شيء ‪.‬‬ ‫خد يا حيوان ھنا ‪ ،‬حيوان ‪ ،‬أه حيوان مش عجبك ياض‬ ‫عجبني يا باشا ‪.‬‬ ‫ھھھھھھھه باشا و حيوان يال أھم بيفكو عن نفسھم برده‬ ‫عشان ما يبقاش فيه قفش بين المدرس و الطالب ‪،‬‬ ‫عالقات ود و كدا يعني و كله في صالح التعليم ‪.‬‬ ‫فين ياض الفلوس اللي عليك و ال أقول البوك إن أنت‬ ‫ما بتجيش الدرس ‪ ،‬يا باشا بكره تبقي عندك ‪ ،‬أيوة كدا‬ ‫‪.‬‬ ‫إيه يال جي بشبشب قايم من السرير علي ھنا و ال إيه ‪،‬‬ ‫يا مستر مش بالمظاھر الء ‪.‬‬


‫‪٦٨‬‬

‫إنت لسه جي دا اليوم خلص ‪ ،‬عندي حصه ألعاب ‪ ،‬ما‬ ‫أجيش أفشل يعني ‪ ،‬و بعدين اإلدارة قالتلي إن من حقي‬ ‫أخش المدرسة في أي وقت ‪ ،‬إيه الحالوة دي يال بقيت‬ ‫مثقف ماشي يا خويا خش ‪.‬‬ ‫ھذه ُن ْبذة عن األخالق و التعامل داخل المدارس ‪ ،‬و ما‬ ‫ھي إال نبذه ھاه نبذة ‪ ،‬و ننتقل إلي التعليم و ليس‬ ‫التربية و األخالق التي من المفترض أن تسبق التعليم ‪،‬‬ ‫فكما قالوا لنا إنھا تسمي وزاره التربية و التعليم ‪ ،‬و‬ ‫التربية في المقدمة و خدين بالكم معايا في المقدمة ‪،‬‬ ‫بس و ما ھتفرق و ال دي في المقدمة و ال دي في‬ ‫المقدمة االتنين متساويين و الحمد‪ a‬في المؤخرة ‪.‬‬

‫فمنذ بداية الدراسة و نحن كطلبه ال نعي ما نقول و إنما‬ ‫نحفظه فقط ‪ ،‬ھكذا يعلمونا مدرسينا فال عتاب علينا إنما‬ ‫عليھم ھم ‪ ،‬إحنا ملناش دعوة اه و ھم السبب ‪ ،‬و‬ ‫بعد التدرج في الدراسة وصلت لكلية التربية التي‬ ‫تعدني كي أصبح مدرسا ً ‪ ،‬و كان المالحظ أن الفرق‬


‫‪٦٩‬‬

‫الذي تغير ھو المناھج التي تحفظ ال أسلوب الشرح و‬ ‫ال أي شئ سوي تخلف و تاخر أكبر ‪ ،‬شوفتوا مش‬ ‫قولتلكم ھم السبب ‪ ،‬بس ھم مين ھاه مين ‪.‬‬ ‫الفصل ملئ بالطالب الذي تختلف مستوياتھم الماديه و‬ ‫اإلجتماعيه و ينظر إلينا المدرس علي ھذا النحو ‪ ،‬إن‬ ‫األفضل دائما ً ھو الذي يملك الھدوء و المال و يكون له‬ ‫تلميذاً في درسه الخصوصي ‪ ،‬الواد دا شكله ابن ناس‬ ‫و ھناكل من وراه لقمة عيش حلوة ‪.‬‬ ‫ال أحد يعلمنا شئ سوي كلمات ال تجدي نفعا ً النھا غير‬ ‫مرتبطة بالواقع الذي نعيشه بل مرتبطة بخيال و وھم ‪..‬‬ ‫درسنا لغتنا العربية و لكن لم نعلم أھميتھا و ال شيء‬ ‫عنھا إال إنھا تتألف من أجزاء مختلفة ‪ ،‬شكل المدرسين‬ ‫مش عارفين ھي لزمتھا إيه أصالً عشان كدا محدش‬ ‫قالنا ‪ ،‬و الرياضيات ما ھي إال مسأل ‪ ،‬نحفظ القوانين‬ ‫و نطبق عليھا كي نصل إلي ناتج ‪ ،‬و العلوم و ما علمنا‬ ‫منھا إال أنھا تضم علوم ‪ ،‬سبحان يا جدع اسم علي‬ ‫مسمي ‪ ،‬ثم الدراسات التي تضم التاريخ و الجغرافيا‬ ‫التي تريد الحكومه منا معرفتھا ‪ ،‬ثم اللغة االنجليزية و‬


‫‪٧٠‬‬

‫التي ھي األھم كي تحصل علي وظيفة في سوق العمل‬ ‫الذي ال توجد فيه فرص عمل إال إذا كنت متمكنا منھا ‪،‬‬ ‫و في عالم التحضر و البرتوكوالت الوھمية في‬ ‫مجتمعنا الفاقد للوعي فأن وضع بعض الكلمات‬ ‫االنجليزية وسط حديثك باللغة العربية ھو داللة علي‬ ‫أنك من وسط راقي متقدم ‪ ،‬و المصيبة بقي إيه إن ھم‬ ‫بيعلمونا انجليزي غلط ما بيعرفوش ينطقوا انجليزي اه‬ ‫و زي ما بقولك كدا ‪.‬‬ ‫فلنبدأ الحديث األھم عن التعليم ‪ ،‬التعليم في بالدنا ھو‬ ‫منشئات و ليس طلبه و معلمين ‪ ،‬أن الذي ينظر اليه‬ ‫الموجه الذي ال يملك سلطة إال شرب القھوة او الشاي‬ ‫في المدرسة التي يزورھا ‪ ،‬و نقله يا باشا و يا بيه و‬ ‫نظبطه برده عشان يخرج متكيف و أھم حاجه ان‬ ‫الذبون يتكيف ‪ ،‬ھي النظرة علي نظافة المدرسة و‬ ‫الفصول و عدد المتغيبين و الزي الخاص بالمدرسة ‪،‬‬ ‫انھم يريدون مؤسسات نظيفة الشكل و الھيئة ‪ ،‬فيعمل‬ ‫الطالب في بعض االحيان عامل نظافة عندما تخبر‬ ‫المدرسة بقدوم احد الموجھين أو االدارين األعلي منھم‬


‫‪٧١‬‬

‫‪ ،‬يروحوا ندھين علي العيال اللي عليھم حصة العاب لم‬ ‫ياض انت و ھو الزبالة عشان تلعبوا ‪ ،‬و العيال فرحانة‬ ‫عشان ھتلعب مش عرفين ان ھم كدا عمال نظافة ‪،‬‬ ‫حلو أن أنت تخليھم نظاف و يلموا زبالتھم و تعلمھم‬ ‫النظافة ‪ ،‬حلو أنك تعلمھم إيه النظافة عشان النظافة‬ ‫مش عشان حد جي يزور المدرسة و الزم يلقيھا نظيفة‬ ‫‪ ،‬اما مسئلة تحصيل الطالب فھي مھمة و لكن تأتي في‬ ‫زيل القائمة التي ينظر إليھا ‪ ،‬و ھي مسئلة تحصيل ال‬ ‫ادراكي عبارة عن حفظ المناھج و شكل االسئلة ‪،‬‬ ‫فنالحظ أن في بعض األحيان ‪ ،‬ال ليس في بعض‬ ‫األحيان ‪ ،‬أسف إنما في معظم األحيان حقيقتا ً أن الطلبه‬ ‫تعرف اإلجابة و لكن عندما تسئل ال تسطيع أن تجيب‬ ‫عن السؤال ‪ ،‬ألنھا تحفظ الموجود كما ھو دون أن‬ ‫يفكر العقل ‪ ،‬ما الھدف مما يحفظة ‪ ،‬زي معلش كدا في‬ ‫الكلمة او مش معلش اوي يعني الحمار حافظ الطريق‬ ‫بيروح و يجي بس بيروح و يجي ليه مش عارف ‪،‬‬ ‫يمكن عشان صاحبه عايزه يروح و يجي ‪.‬‬


‫‪٧٢‬‬

‫أن التعليم البد ان يرتبط بالمدرسة ‪ ،‬لكن إذا ارتبط‬ ‫التعليم بالمدرسة في بالدنا فتصبح جناية البد أن يعاقب‬ ‫عليھا ‪ ،‬اه و جناية بتخرجلنا مسجلين مش متعلمين‬ ‫‪ ،‬ھو مش المعظم بصراحة بس حقيقة موجودة ‪.‬‬ ‫يتحدثوان عن التطوير التعليمي يوميا ً و علي أن البداية‬ ‫آلبد أن تكون من المعلم ‪ ،‬إذاً فلنبدأ بالمعلم ‪ ،‬فلنأخذه و‬ ‫نعلمه ھذا الفاشل الذي ال يعلم شيء سوي الذي علمتوه‬ ‫إياه ‪.‬‬ ‫الدراسة في كلية التربية كما درستھا ھي قمة الغباء و‬ ‫التخلف ‪ ،‬فمعظم الدكاتره يدركون أن ما يقدمونه لنا ال‬ ‫يضر و ال ينفع بأعترافھم ‪ ،‬و مع ذلك يقومون بتقديمه‬ ‫‪ ،‬ھو غباء و كدا يعني بس ھو دا اللي عندنا و‬ ‫ھتتعلموه يعني ھتتعلموه ‪ ،‬ثم يقولون أن ھناك سياسات‬ ‫البد أن تطبق و ھناك نظام و قوانين يحكمھم ‪ ،‬يعلموننا‬ ‫الجانب النظري دون تطبيق و بعدھا يطلب منا المجتمع‬ ‫التطبيق ‪ ،‬فلنطبق او نصفق أو أي شئ ‪ ،‬إن الذي‬ ‫تعلمناه ليس ھو الموجود علي أرض الواقع فالكلمات‬ ‫جميلة عن مجتمعنا الذي اصبح قطعة من اوربا بل‬


‫‪٧٣‬‬

‫أجمل منھا ‪ ،‬بيدرسولنا حاجات يا سبحان و ‬ ‫تحس أن أنت مش من البلد دي ‪ ،‬لكن الحقيقة و الواقع‬ ‫إن الكوارث ال عدد لھا و إن المناھج التي تعلمناھا ال‬ ‫وجود لھا ‪ ،‬فمثالً عندما تنزل تدريب في إحدي‬ ‫المدارس كي تطبق ما درست في الجانب التربوي تجد‬ ‫أنك مطالب بتطبيق ما ال تعرف و البد أن تخضع له ‪،‬‬ ‫تناقضت المناھج في كلية التربية منھج ‪ ،‬و لوزارة‬ ‫التربية و التعليم منھج للسلوك و اسلوب المعلم و‬ ‫تحضير الدرس ‪ ،‬فكل الذي تعلمته ال قيمة له ألنك‬ ‫عندما تعمل فأنك تعمل تحت إشراف وزارة التربية و‬ ‫التعليم و التي ال تعترف بما تعلمته في الجانب التربوي‬ ‫‪ ،‬بيعلمونا حاجات كتير و رايح فين رايح الجامعة جي‬ ‫منين جاي من الجامعة و في األخر يقولك أركن اللي‬ ‫اتعلمته علي جمب ‪ ،‬حاضر ياسطي ھركنه ‪ ،‬خش عليا‬ ‫بالطلعة الجديدة ‪ ،‬و كي تصبح معلم يستطيع أن يفكر‬ ‫خارج اإلطار العام و ينجح ‪ ،‬البد أن تفكر بأسلوبھم و‬ ‫أن تنجح في نظرھم و ليس في نظر نفسك أو نظر‬ ‫المجتمع الحقيقي الذي ينشد تعليم بمعني الكلمة ال‬ ‫التعليم الذي يقدم اآلن ‪ ،‬أنت معانا يبقي ھتنجح مش‬


‫‪٧٤‬‬

‫معانا تبقي معارض و عايز البلد دي تقع و مش وطني‬ ‫علي فكرة ‪.‬‬ ‫ستتعجب كثير من كل شيء و ھذا ال يھم ‪ ،‬األھم أن‬ ‫تختار إما أن تخضع للفشل و التأخر و تصبح جزء منه‬ ‫و أنت تبحث عن عمل ‪ ،‬أو أن ترفض ما يدور في ھذه‬ ‫المؤسسة و تجلس في بيتك تشاھد برامج التلفاز الذي‬ ‫يتحدث فيه المسؤل عن التطور الحقيقي الذي سيحدث‬ ‫في التعليم و الذي يجب أن يحدث حتي تتقدم االمه ‪،‬‬ ‫فھي كلمات ال تجدھا إال أمام الشاشات ‪ ،‬أما في‬ ‫القوانين و السياسات التي تخصھا فلن تجد شيء إال و‬ ‫يدعوا إلي مزيد من تأخر العقول و انحالل األخالق و‬ ‫ھروب المفكر من ھذا المجتمع الفاشي الذي يقتل ابنائه‬ ‫بالتعليم ‪ ،‬إنھم يدعوننا إلي دينا جديد أمام التلفاز أما في‬ ‫المكان اللي ھو بيقول عليه فھو ثابت علي دينه ‪ ،‬‬ ‫أكبر ‪.‬‬ ‫إن اللوم ال يمكن أن يكون علي الطالب ألن الطالب‬ ‫يذاكر وفق ما تعطي له و ينجح و منھم من يتفوق و في‬ ‫النھاية يجد نفسة كأنه لم يتعلم شيء ‪ ،‬و المعلم أنت‬


‫‪٧٥‬‬

‫تعده كي يصبح علي ما ھو عليه اآلن ‪ ،‬فكيف ترجع‬ ‫األزمة و التأخر الذي جني علي اوالدنا علي عاتقه ‪،‬‬ ‫لماذا لم تعلمه أنت كي يصبح قادر علي تحقيق ھذه‬ ‫المتطلبات التي تتحدث عنھا ‪ ،‬لكن بالفعل أنت الذي‬ ‫تقوم بتعليمه فكيف تطلب منه عمل لم تعرفه كيف يكون‬ ‫‪ ،‬كيف تعلمه شيء و تطلب منه نقيضه ‪ ،‬كيف تنفصل‬ ‫كلية التربية عن وزارة التربية و التعليم و يكون كل‬ ‫منھما في جانب أخر و كأنھم خصوم كل واح ٌد يريد أن‬ ‫يحقق ما تھواه نفسه ‪ ،‬ھي خناقه ملناش دعوه احنا ‪،‬‬ ‫احنا نعمل إيه نجيب كوبيتين شاي و نعد نتفرج ‪.‬‬ ‫بصراحة بقي و من غير كالم كبير ‪ ،‬أي دولة عايزة‬ ‫تتقدم و تطور و تبقي دولة لھا مكانة في وسط األمم ‪،‬‬ ‫بتعمل ايه ‪ ،‬بتبدء بالتعليم ‪ ،‬ألن التعليم ھو أساس كل‬ ‫شيء ‪ ،‬و خلص الكالم و ‪ ،‬عايزين يبقي في تعليم‬ ‫بجد اكيد في ناس تعرف تعمل تعليم حقيقي ينتج‬ ‫اإلنسان الذي يقود ھذه الدولة نحو التقدم و الرقي ‪،‬‬ ‫لكن مش عايزين يبقي في تعليم و ال نتقدم عشان‬ ‫محدش يفھم انتوا بتعملوا ايه في البلد ‪ ،‬و كل الناس‬


‫‪٧٦‬‬

‫تقول حاضر و نعم و يمشوا وراكم ‪ ،‬ما توجعوش‬ ‫دمغنا احنا بقي ‪ ،‬و كل شويه نتطور التعليم و المعلم ‪،‬‬ ‫و المعلم أھم واحد و المعلمين ورثه األنبياء ‪ ،‬و‬ ‫الحاجات اللي الناس كلھا عارفھا دي ‪ ،‬ال تقولوا كالم‬ ‫حقيقي و زي الفل و تطبقوه ألما ما توجعوش دمغنا‬ ‫بالكالم في الموضوع دا ‪ ،‬كتبتھلكم كدا عشان تفھموھا‬ ‫عشان عرفكم مش اد كدا في العربي ‪ ،‬فله يا صاحبي ‪.‬‬ ‫ھناك أيضا ً موضوع تكسد الفصول ‪ ،‬طيب و ھنعمل‬ ‫ايه و مفيش فلوس نبني مدارس تاني ‪ ،‬و ازمة نھت‬ ‫علي التعليم اللي مش موجود ‪ ،‬ازاي ھتعلم ‪ ٧٠‬طالب‬ ‫في فصل واحد و ھتأعدھم فين و عقبال ما تسكتھم‬ ‫تكون الحصة خلصت ‪ ،‬ھي دي األزمة يعني أن مفيش‬ ‫فلوس تبني مدرسة عشان تخلي عدد الطلبه أقل في كل‬ ‫فصل ‪ ،‬خد حل للمشكله من غير فلوس ‪.‬‬ ‫الحل موجود بس مش ھقوله ھنفذه علي طول ‪ ،‬ازاي‬ ‫ھتنفذه و انت مش وزير تعليم ‪ ،‬ما ھم ھيجبوني وزير‬ ‫تعليم عشان أحل المشكله ‪ ،‬وزير تعليم ايه أنت لسه‬ ‫عيل بتاخد مصروفك من أبوك أنت عديت الواحد و‬


‫‪٧٧‬‬

‫عشرين سنه اصال ‪ ،‬دا اللي انتوا فلحين فيه تتريقوا‬ ‫إنما تحلوا الء ‪ ،‬يفرق ايه عني اللي ماسك وزير التعليم‬ ‫‪ ،‬يفرق أنه دكتور راجل عالم عارف ھو بيعمل ايه ‪،‬‬ ‫كويس و النتيجه ايه مفيش تعليم متصنفين أخر دولة ‪،‬‬ ‫و أنا حتي لو جيت و فشلت معتقدش أننا ھنخسر‬ ‫حاجة عشان احنا كدا كدا األخير ‪ ،‬إنما بقي لو حليت‬ ‫المشاكل فھنتقدم كتير اوي ‪ ،‬فكرتك وصلت و ربك‬ ‫يسھل ‪.‬‬ ‫حدثت المفاجئة و تعينت وزير للتعليم طفل كما يقولون‬ ‫عنه و ينظرون إليه ‪ ،‬مؤتمر صحفي يعلن فيه الوزير‬ ‫عن خطة الوزارة في حل مشاكلھا و تطويرھا ‪.‬‬ ‫أنت بتدرس في التعليم االساسي كام ساعه في الترم ‪،‬‬ ‫ھنقول مثال ‪ ٣‬شھور ‪ ،‬احنا ھنخليھم اربع شھور و‬ ‫نص ‪ ،‬و ھنخلي الدراسة ‪ ٦‬ايام في االسبوع ‪ ،‬و كل‬ ‫طالب ھيدرس ‪ ٣‬ايام في االسبوع فقط و المدرس‬ ‫ھيشتغل السته ‪ ،‬يعني ھنجيب مدرسة ھنقسمھا اتنين ‪،‬‬ ‫النص االول ھيجي سبت و حد و اتنين ‪ ،‬و النص‬ ‫التاني تالت و اربع و خميس ‪ ،‬و الجمعه أجازة للكل ‪،‬‬


‫‪٧٨‬‬

‫كدا أنا عملت ايه قللت نسبة الفصول ‪ ، %٥٠‬و اديت‬ ‫للطلبه اجازه ممكن من خاللھا يطبقوا اللي اتعلموا دا‬ ‫في المجتمع اللي عايشين فيه ‪ ،‬اه اجازه أخر السنة‬ ‫ممكن تبقي شھر واحد بس ‪ ،‬بس أنت مديھم اجازات‬ ‫كتير و محدش ھيعترض أما يكون دا ھيحسن تعليم‬ ‫والدھم ‪...‬‬ ‫لسه في فكرة تكميلية ‪.‬‬ ‫نخلي فترات الدراسة ‪ ٣‬فترات ‪ ،‬تبدء من ‪ ٦‬صباحا ً‬ ‫لحد ‪ ، ١٢‬و من ‪ ١٢,٥‬لحد ‪ ، ٦,٥‬و من ‪ ٧‬ل ‪، ١‬‬ ‫ھتأخر الطلبه كل دا و ھتسھر األھالي ‪ ،‬اه ھأخرھم‬ ‫بس ھراعي و أنا بعمل كدا إن األخوات اللي في اسرة‬ ‫وحده يبقي ميعادھم واحد فقط من ال ‪ ٣‬فترات ‪ ،‬عشان‬ ‫ما اتعبش اولياء األمور ‪ ،‬و ھنراعي األم العامله في‬ ‫اختيار ميعاد والدھا علي الفترة المناسبة ‪ ،‬و اكيد أما‬ ‫تفھم الناس أن كل دا عشان خاطر مصلحت والدھم و‬ ‫مستقبلھم ھيسندوك و ھيشجعوك و ھتنفذ الفكرة ‪ ،‬لك‬ ‫أن تتخيل أن أنت كدا قللت نسبه ال ‪ %٥٠‬الي التلت ‪،‬‬ ‫يعني الفصل اللي تعداده ‪ ٧٠‬طالب ھيبقي عدده اآلن‬


‫‪٧٩‬‬

‫حوالي ‪ ٢٤‬طالب ‪ ،‬من ‪ ٧٠‬ل ‪ ٢٤‬فرق رھيب ‪ ،‬تقدر‬ ‫تعلم كدا كل طلَبك بصورة صحيحة و توفرلھم كل‬ ‫شيء ‪ ،‬اتكلمنا فوق إن ال ُمدرس الموجود بالفعل‬ ‫ھيشتغل االسبوع كله ‪ ،‬كدا ھيبقي في مشكله إن الفتره‬ ‫ال‪ ٣‬دي محتجنلھا مدرسين ‪ ،‬اكيد مش مشكله أنت كدا‬ ‫بتوفر فرص عمل ‪ ،‬بس مفيش فلوس ‪ ،‬ممكن نعمل ايه‬ ‫إعادة توزيع اجور الوزارة ‪ ،‬بس معتقدش أن حد‬ ‫ھيوافق أن راتبه يقل ‪ ،‬و اللي مش ھيوافق يعد‬ ‫جنب الست الوالده ملھوش شغل عندي ‪،‬و ھعمل حد‬ ‫أدني للمدرس ‪ ٣‬اآلف جنيه و حد اقصي ‪ ٢٥‬الف جنيه‬ ‫ألعلي راتب في الوزارة ‪ ،‬و تشكيل لجنة تظم الواقع‬ ‫الذي نعيشه و احتياجات سوق العمل ‪ ،‬و الفكر بتطوير‬ ‫المناھج بحيث إن الطالب يخلص دراسة يشتغل ‪.‬‬ ‫كدا ممكن نقول أن احنا قدرنا نحل مشكله الخمسين‬ ‫السنه اللي فاتت ‪ ،‬من غير ما نكلفك حاجه ‪ ،‬و نبدأ من‬ ‫جديد ‪ ،‬صفحة مشرقة في العملية التربوية و التعليمية ‪،‬‬ ‫مفيش اسھل من كدا ‪.‬‬


‫‪٨٠‬‬

‫الوزير كل يوما ً في مدرستا ً ٌ‬ ‫ھيئة و لبسه تكون قميص‬ ‫و بنطلون و احيانا تيشرت ‪ ،‬و كمان مفيش حراسة ‪ ،‬و‬ ‫اإلدارات كل إدارة مفيھاش غير ‪ ٣‬موظفين و الباقي‬ ‫بيمروا في المدارس يطمنوا علي العملية التعليمية ‪،‬‬ ‫المدارس كلھا مترقبة و شغالة عشان في اي لحظة‬ ‫بيالقوا مسؤل فوق دمغھم ‪ ،‬كل دا من خالل حزمة‬ ‫جديدة من القوانين قام بوضعھا الوزير مع المدرسين و‬ ‫اولياء األمور ‪ ،‬سبحان بقي في تفاھم و عمل‬ ‫تعاوني و مشترك في الوزارة ‪ ،‬و الطالب اللي يتأخر‬ ‫‪ ١٠‬دقايق ميدخلش و اذا غاب ‪ ٣‬ايام يستدعي ولي‬ ‫أمره و يتم إخباره ‪...‬‬ ‫الوزير في المترو بياخد سلفي مع الطلبه اللي ركبين‬ ‫معاھا ‪ ،‬و الناس بتتكلم و تضحك معاھا عادي ‪،‬‬ ‫المدرسين كلھم شغلين و الدروس الخصوصيه شبه‬ ‫اختفت ألن المدرس بيشرح كل حاجه في الفصل ‪.‬‬ ‫في عالقة ود و أسلوب جديد في التعامل ‪ ،‬الحق الوزير‬ ‫راح كليات التربية و أعد مع رؤساء كليات التربية ‪ ،‬و‬


‫‪٨١‬‬

‫اتفقوا و اتكلموا عن تطوير المدرس عشان عايزينه‬ ‫بمواصفات معينه ‪ ،‬كل دا في كام شھر ‪.‬‬ ‫التصنيف الجديد ھيظھر و الكل مستني يضحك علي‬ ‫الطفل اللي بيلعب و رايح جي ‪ ،‬و قال ايه وزير ‪،‬‬ ‫التعليم اتقدم ‪ ١٥‬مركز و لسه األفكار ما اطبقتش بنسبة‬ ‫‪ ، %١٠٠‬امال لو اطبقت كلھا ھنتقدم اد إيه ‪ ،‬سؤال ‪،‬‬ ‫خلي العواجيز ركبھم تخبط في بعض ‪.‬‬ ‫ما بين الحلم الذي ننشده و الواقع ال ُمئلم ھو العمل ‪ ،‬إذن‬ ‫فلنبدأ بالعمل و ننھي زمن الكلمات و اآللم ‪.‬‬ ‫ھذا ما فعله الطفل ‪ ،‬قام بالعمل حتي نھي علي اآللم ‪،‬‬ ‫لكن اآللم الذي تركه قضي علي أمل الشيخوخه في‬ ‫الحلم و اصبح لھم كابوسا ً ‪.‬‬ ‫اللھم لك الحمد علي ما أعطيتنا ‪ ،‬إن دائما ً يقف بيد‬ ‫العون لنا ‪ ،‬لكننا من ال نقبل بھذا العون ‪َ ،‬تقبل ما‬ ‫أعطاك و اعمل بجد ‪ ،‬و ليكن يقينك إن م ُنجيك‬ ‫من كل سوء و مساعداً لك في فعل الخير ‪ ،‬بھذه‬


‫‪٨٢‬‬

‫الكلمات ختم الطفل استقالته التي قدمھا قبل أن يبدأ عاما ً‬ ‫جديداً من الدراسة ‪.‬‬


٨٣


‫‪٨٤‬‬

‫دايره‬ ‫تحطم القلب بعدما خرج من بيتھا عاجز عن الوصل‬ ‫إليھا ‪ ،‬فكان ألبويھا مطالب عدة كي يشتري الجارية‬ ‫منھم ‪ ،‬سؤال األھل عن المال ال غير فھل ھذا مناسب‬ ‫لنا أم ال ‪ ،‬و كأنھا تجارة يريدون أن يربحوا منھا المال‬ ‫‪ ،‬و كأنه ھو مصدر السعاده للناس ‪ ،‬غفلوا أن الرجل‬ ‫الحق الذي يحب أبنتھم قادر أن يسعدھا دون مال ‪ ،‬فما‬ ‫بينھم ليس للمال فيه مكان ‪ ،‬الحب للشخصيه و الصفات‬ ‫و الفعل المتبادل إلسعاد بعضھم البعض ‪ ،‬لم يكن المال‬ ‫طرفا و لن يكون في السعادة ‪ ،‬الھدية التي تسعد الحبيبة‬ ‫ليس ثمنھا مال بل حب و حنان ‪.‬‬ ‫تتغير األزمنة و تتبدل األحوال و لكن العقول تظل ثابتة‬ ‫علي أفكار قد انتھي زمنھا ‪ ،‬الكل يري أبنائه أطفال‬ ‫يريد إسعادھم ‪ ،‬لكنھم األن ليسوا بأطفال ‪ ،‬و إسعادھم‬ ‫ليس بيدك وحدك ‪ ،‬فأترك لھم الخيار كي يجنوا ما‬ ‫زرعوه ‪.‬‬


‫‪٨٥‬‬

‫رفضت اإلبنه الفراق و طلبت من الحبيب أن يظل‬ ‫بجانبھا ‪ ،‬لكن كان الرفض قاطع فمن أنا ألكون‬ ‫بجوارك ‪ ،‬المستقبل الذي جعلنا معا ً ھو الحاضر الذي‬ ‫فرقنا األن ‪ ،‬فلنتفارق و نحاول أن نعيش دون القلب‬ ‫الذي قتل ‪ ،‬ال يترك لنا خياراً غير ھذا ‪ ،‬فلتسعدي‬ ‫بحياتك و تتذكريني بالخير ‪ ،‬و أنا األخر سأفعل ذلك ‪،‬‬ ‫ودعا ً يا مسقبل قد انتھي قبل أن يبدأ ‪ ،‬يا حلم كان واقعه‬ ‫كابوس ‪.‬‬ ‫بدأ الشاب العمل و الكفاح و ھو يأس من كل شئ ‪،‬‬ ‫فماذا تكون الفائدة مما أفعله ‪ ،‬الحصول علي غير‬ ‫المرغوب ھو ذل يزيد العجز ‪ ،‬سأحصل علي كل شئ‬ ‫إال الذي أريده ‪ ،‬فما قيمة األشياء ما قيمة الدنيا ‪،‬‬ ‫سأعمل ألن العمل ال مفر منه ‪ ،‬لكن السعادة لن أحصل‬ ‫عليھا ‪ ،،،‬بمرور الوقت النجاح حليفة و يسانده كي‬ ‫يصل إلي أعلي المراتب و لكن بعد ماذا ‪ ،‬بعدما أصبح‬ ‫المال ال قيمة له فالحبيبة أصبحت زوجة لرجل آخر ‪.‬‬ ‫يتابع أخبارھا فبعد الفراق بسنتين كانت خطبتھا لرجل‬ ‫يملك من المال ما يمأل عين األھل ‪ ،‬استمرت الخطبة‬


‫‪٨٦‬‬

‫ستة أشھر لتنتھي بالزواج في أكبر قاعات األفراح ‪،‬‬ ‫الكل كان سعيد ‪ ،‬لكنھا لم تكن كذلك ‪ ،‬أنا أعرف فكنت‬ ‫أراقبھما من بعيد ‪ ،‬ھذه اإلبتسامة التي عليھا وجھھا‬ ‫األن ‪ ،‬ما ھي إال أكذوبة تداري بھا الحزن الذي يمأل‬ ‫قلبھا ‪ ،‬فعندما أمتلكھا الحزن ذات يوم و ھي ال تستطيع‬ ‫البوح به كانت ھذه اإلبتسامة علي وجھھا ‪ ،‬و لم اتركھا‬ ‫في ذلك اليوم حتي اعترفت ‪ ،‬أن من الممكن أن نتفارق‬ ‫ألن والدھا يريد مستوي معين لزوج ابنته ‪ ،‬كنت حينھا‬ ‫في قمه الفرح و ھي تتعجب من فرحي ‪ ،‬و أقسمت لھا‬ ‫أنني سأظل أعمل حتي اكون الرجل الذي يوافق عليه‬ ‫والدھا ‪ ،‬و عندما سئلتني عن الفرحه فقولت لھا ‪ ،‬إن‬ ‫ت‬ ‫حبك لي يرسم علي وجھك فكيف ال أسعد و أن ِ‬ ‫تخبرينني به ‪ ،‬أبتسمت باإلبتسامة المعروفة و نسيت‬ ‫كل شيء إلنھا دائمة الثقة في كالمي ‪ ،‬لكن القدر كان‬ ‫أسرع من أن أصدق بوعدي ‪ ،‬ھا ھي األن علي جالسة‬ ‫علي الكوشة مع غيري ألني تاخرت ‪ ،‬اما أنا األن فقد‬ ‫جلبت المال الكفيل ليجعلني الجالس جوارھا ‪ ،‬لكن‬ ‫جوارھا ليس لي و لم يصبح خالي كي أملئه أنا ‪.‬‬


‫‪٨٧‬‬

‫خرجت من القاعة بعدما قبلھا زوجھا في الرقصة التي‬ ‫يضع فيھا يديه علي وسطھا ‪ ،‬و قد انھمرت الدموع و‬ ‫ال أستطيع إيقافھا ‪ ،‬الخيال ال يريد لي إال الموت األن‬ ‫‪ ،‬لم يقبل العقل فكرة أن تصبح ألحد غيري و القلب‬ ‫يتجزء إلي قطع كل منھا في مكان مغاير ‪ ،‬حتي جاء‬ ‫الشيطان إلي وقال لي ال تترك ما ھو لك يأخذه غيرك ‪،‬‬ ‫و أنا ال أستطيع أن أقبل مجرد التفكير فيما سيحدث بعد‬ ‫دقائق ‪ ،‬فذھبت إلي سيارة الزفاف و راقبت الطريق‬ ‫فعندما ھيئت الفرصة ‪ ،‬جلعت العربة أشبه بالخردة ‪،‬‬ ‫ثم ذھبت إلي محطة توليد الكھرباء التابعة للقاعة و‬ ‫رميت الماء فيھا ‪ ،‬ثم ھربت بعيد أسقي أشجار النيل‬ ‫بدمعي ‪ ،‬حتي ھدئت و رجعت إلي المنزل كي أنام ‪ ،‬و‬ ‫في اليوم التالي جلست وحيداً اتندم علي ما فعلته بالليلة‬ ‫الماضية ‪ ،‬ثم قمت بإرسال برقية ورد مماثل للذي‬ ‫أعطيتھا إياه قبل حين ‪ ،‬و كرتا ً مكتوبا ً عليه إن الحب ال‬ ‫يموت و لكنه ٌيميت ‪.‬‬ ‫أخذت أجازة و سافرت إلي إحدي المدن الساحلية كي‬ ‫أريح أعصابي ‪ ،‬و كنت جالس ذات يوم علي البحر ‪ ،‬و‬


‫‪٨٨‬‬

‫كأننا أعداء ‪ ،‬فاألمواج تعلو و أشواقي ترد باألعلي ‪،‬‬ ‫البحر غاضب كأنه يفكرني بالحزن الذي أحاط بي ‪ ،‬و‬ ‫عندما أعطيته ظھري جائت موجه عنيفه كي تسقطني‬ ‫علي وجھي ‪ ،‬ثم قمت أرد عليه بتعنيفه فاذا به يرد بقلم‬ ‫علي وجھي ‪ ،‬تعجبت لما يفعله و استئجرت مركبا ً كي‬ ‫أذھب إلي أعماقه و أسئله لما تفعل معي ھذا ‪ ،‬و عندما‬ ‫وصلت إلي منتصفه ھدأ و كأنه تحول نسمه تعطف‬ ‫علي الوجع ‪ ،‬و جلست أفكر و أنا ال أعلم ماذا يرد أن‬ ‫يقول لي البحر ‪ ،‬فرجعت بعد ذلك إلي البيت و في‬ ‫اليوم التالي ذھبت إلي عملي ‪ ،‬لم يتغير الحال كثير‬ ‫فكنت دائم الصمت و الھدوء و الحزن يخيم علي وجھي‬ ‫‪ ،‬و كان لي في ھذا العمل إحدي أصداقاء الجامعة الذي‬ ‫كان دائم الجلوس بجانبي و يحاول أن يساعدني أن‬ ‫أخرج من ھذه المحنة ‪ ،‬و في أحد األيام التي انتھينا‬ ‫فيھا من عملنا قبل الموعد المحدد ‪ ،‬طلب لي القھوة و‬ ‫جلس يتحدث إلي عما مضي ‪ ،‬و قال لي إنك قد‬ ‫خسرت األھم في حياتك ‪ ،‬لكنك تستطيع أن تصنع‬ ‫افضل مما كان ‪ ،‬الحياه ليست فقط زوجه و شريكه‬ ‫حياة ھنالك العديد من المواضيع و األعمال أھم من ھذا‬


‫‪٨٩‬‬

‫‪ ،‬فإذا كنت ال ترغب في غيرھا فلتظل عاذبا ً دون‬ ‫جواز ‪ ،‬لكن عليك أن تفعل الكثير حتي ال يكون الجميع‬ ‫مثلك يائسين ‪ ،‬فإذا بالفراش يقدما لنا القھوة و ھو مبتسم‬ ‫و يرحل ‪ ،‬فيقول لي صديقي ‪ ،‬أتدري ما راتب ھذا‬ ‫الرجل ‪ ،‬إنه ال يتعدي األف جنيه ‪ ،‬و يملك أسرة تتكون‬ ‫من بنتين و ولدين و زوجته ‪ ،‬اوالده جميعا في التعليم‬ ‫و زوجته تعمل خياطه كي تساعده علي أن يصرف‬ ‫علي أوالدھم ‪ ،‬لم أراه ذات يوما ً بذي جديد منذ أن أتيت‬ ‫ار اإلبتسامة تفارق وجھه ‪،‬‬ ‫إلي ھذا العمل ‪ ،‬و أيضا ً لم َ‬ ‫إنه يعمل من أجل أن يسعد األخرين و ليس من أجل‬ ‫نفسه ‪ ،‬فاعمل أنت أيضا ً من أجل أن تسعدك أھلك‬ ‫الذين فعلوا كل شيء إلسعادك ‪ ،‬ساعد البسطاء الذين ال‬ ‫يملكون إال الفقر و الجوع ‪ ،‬اسعد الجميع كي تسعد ‪.‬‬ ‫خرج الشاب من عمله و رجع إلي البيت و لكن ھذه‬ ‫المره لم يغلق عليه الغرفة كالمعتاد بل خرج ليجلس مع‬ ‫والديه ‪ ،‬و تفاجئ بالفرحة التي تمأل قلبھم بمجرد‬ ‫وجوده بجوارھم و إحساسھم أنه أصبح أفضل مما كان‬ ‫عليه ‪ ،‬أدرك حين ذاك أنه كان أناني ال يفكر بمن‬


‫‪٩٠‬‬

‫يفكرون به ‪ ،‬و ال يطلب إسعاد من إذا رؤه سعيد سعدوا‬ ‫‪ ،‬تغيرت الحياة و تبدل التفكير ‪ ،‬و بعد فترة قصيرة إذا‬ ‫به يفاجئ والديه بھدية إلي زيارة الكعبة ‪ ،‬و حينھا‬ ‫أدرك معني السعادة و الفرح الحقيقي ‪ ،‬ثم لجئ إلي ‬ ‫و طلب منه أن يعينه كي يسعد الجميع و ال يجعله‬ ‫قصير البصيرة ال يفكر إال في نفسه ‪.‬‬ ‫المنزل قد خلي فاألبوين في بيت ‪ ،‬و الذكريات‬ ‫تعرض علي شاشه العين ‪ ،‬فعندما كان كل يوم يلعب‬ ‫كورة في الشارع و يرجع إلي البيت و كأنه يعمل في‬ ‫المجاري ‪ ،‬فتسعد األم بفرح إبنھا و تنظف له ثيابه و‬ ‫تحضر األكل له كي يخرج من الحمام و يأكل ‪ ،‬و األب‬ ‫الذي يأخذ في نزھة و يجلب له كل ما يحتاج و يطلب ‪.‬‬ ‫حينھا أدرك معني ما فعله البحر ‪ ،‬إنك إذا طلبت الھدوء‬ ‫فاسعي إليه و إذا طلبت السعادة فاسعي إليھا ‪ ،‬لكن‬ ‫عندما تجلس علي شاطئھما تنتظر قدومھما فإنھم لن‬ ‫يأتوا ‪.‬‬ ‫تغيرت المالمح الحزينة و تبدلت بقلبا مشفق علي‬ ‫الجميع ‪ ،‬لكن دقاته تظل لحبيبته التي ال يستطيع نسيانھا‬


‫‪٩١‬‬

‫‪ ،‬يتذكرما فعله في ليلة الزفاف و ھو يضحك و يطلب‬ ‫من أن تكون محبوبته سعيدة لسيعد ھو األخر ‪ ،‬لم‬ ‫يقف ھنا و لكن استمر في حياته كي يسعد كما تعلم ‪.‬‬ ‫ثم أنضم بعد ذلك إلحدي المؤسسات الخيرية ليساعد‬ ‫الناس ‪ ،‬ألنه علم أن في مساعدة الناس السعادة الحقيقة‬ ‫التي يوھبھا لنا ‪ ،‬لكنه تعجب من األعداد الكثيرة‬ ‫التي تطلب المساعدة ‪ ،‬فإذا كان الناس جميعا ً يطلبون‬ ‫المساعدة فمن الذي يملك كي يساعد كل ھؤالء ‪ ،‬نزل‬ ‫بعد ذلك إلي الشارع كي يتحقق مما رأي ‪ ،‬و كانت‬ ‫الصدمة أكبر من التي أتت إليه ‪ ،‬فرأي رجالً عجوزاً‬ ‫يبحث في إحدي صناديق القمامة و ھو ينظر إليه و‬ ‫يترقب ماذا يريد ھذا الرجل من الصندوق ليتفاجئ‬ ‫بالرجل يخرج بعض بواقي األكل و يجلس بجوار‬ ‫الصندوق ليتناولھا ‪ ،‬وقف مسبھل و كأنه فاقد الوعي‬ ‫عمود إنارة في منتصف الطريق ‪ ،‬ثم ذھب إلي الرجل‬ ‫و قبل يده و الدموع علي خديه ‪ ،‬و قال له لماذا تفعل‬ ‫ھذا يا أبي ‪ ،‬قال إني جائع و ال أملك المال كي أشتري‬ ‫الطعام ‪.‬‬


‫‪٩٢‬‬

‫جائع و ال تملك المال كي تأكل ‪ ،‬فتذھب إلي صناديق‬ ‫القمامه تأكل منھا !!!‬ ‫أال يوجد من يعولك يا أبي ‪.‬‬ ‫ال يوجد سوي لنا في ھذا الزمان ‪ ،‬و نعمه با‪ a‬و‬ ‫لكنك ال تملك ابن أو أخ أو أھل ‪ ،‬أملك ابن واحد لكنه‬ ‫لم يصبح ملكا ً لي بعد زواجه ‪ ،‬كيف يا أبي ماذا حدث ‪.‬‬ ‫كنت شغال باليوميه من و أنا صغير ‪ ،‬عتال بشيل‬ ‫الرمل و الزلط و الطوب أي حاجه ‪ ،‬عشان أنا جاھل‬ ‫أھلي ما علمونيش و ال أعرف صنعة آكل منھا عيش ‪،‬‬ ‫و كان رزقي علي األد و الحمد‪ a‬شاكر ربنا علي ‬ ‫بيدھولي ‪ ،‬و اما وصلت لسن الجواز أھلي كانوا‬ ‫عايزين يفرحوا بيا ‪ ،‬إتجوزت بنت عمي كانت زيي‬ ‫برده ال بتعرف تقري و ال تكتب ‪ ،‬و كنا ساكنين في‬ ‫أوضة باألجورة في القاھرة ‪ ،‬ھو إنت منين أصال يا‬ ‫حاج ‪ ،‬أنا من الصعيد ‪..‬‬ ‫و بعدين ‪...‬‬


‫‪٩٣‬‬

‫و بعدين يابني ربنا كرمني بولد ‪ ،‬حمدت ربنا و قولت‬ ‫ھسمع الكالم اللي بيقول ما تخلفش كتير عشان تقدر‬ ‫تربي ابنك كويس و كدا ‪ ،‬و مخلفتش غيره و رضيت‬ ‫بيه ‪ ،‬و وديته المدرسة و كنت بشتغل أكتر من ‪١٢‬‬ ‫ساعة عشان أقدر أوفرله فلوس الدروس و لبس‬ ‫المدرسة و أديله مصروف في إيده ‪ ،‬و فضلت كدا معاه‬ ‫لحد ما ربنا كرمنا و دخل الجامعة ‪ ،‬و قرر بعدھا إنه‬ ‫يشتغل و يساعدني عشان نحس من عشتنا شويه ‪ ،‬و‬ ‫بعد فترة ربنا كرمنا و اشترينا حتة أرض صغيرة في‬ ‫منطقة محدوفة محدش سكن فيھا لسه كانت ‪ ٥٠‬متر ‪،‬‬ ‫و بعد ما بناھا روحت كتبت البيت بأسمه عشان يفرح‬ ‫بأن ليه ملك ‪ ،‬و ھو في سنة رابعة أمه ماتت و بقيت‬ ‫عايش أنا و ھو لوحدينا ‪ ،‬فقولتله يابني أنت بقيت راجل‬ ‫ما تشد حيلك كدا عشان أجوزك ‪ ،‬قالي إن في واحدة‬ ‫زميلته في الجامعة بيحبھا و عايز يتجوزھا ‪ ،‬قولتله‬ ‫علي بركه خلص السنه دي و أروح أخطبھالك ‪ ،‬و‬ ‫بعد ما خلص خطبتھاله و قبل الفرح بتاعه كنت شغال‬ ‫و ما أعرفش إيه اللي حصل لقيت نفسي في المستشفي‬ ‫‪ ،‬و أما جي بسئله الدكتور قالك ايه ‪ ،‬قالي الحمد‪a‬‬


‫‪٩٤‬‬

‫مفيش حاجه بس ما تشلش حاجه تقيله تاني يا أبي ‪،‬‬ ‫قولتله طيب يابني و ھناكل منين و ھنعيش إزاي ‪ ،‬قالي‬ ‫يعني أنا مش مالي عينك و ال إيه يا حاج ‪ ،‬قولتله ربنا‬ ‫يخليك ليا و ما يحرمنيش منك ‪ ،‬و بعد ما اتجوز كنت‬ ‫باكل أنا و ھو و مراته ‪ ،‬لكن لقيته مره بيقولي معلش‬ ‫يا أبي أنا ھتعزل في الشقه فوق عشان مراتي بتتكسف‬ ‫منك و مش ھناكل مع بعض ‪ ،‬قولتله يابني اللي يريحك‬ ‫‪ ،‬و كان بينزلي األكل كل يوم ‪ ،‬لحد ما جي في يوم‬ ‫مراته كانت بتزعق و تقوله ھو أنت جيبني شغاله ليك‬ ‫و البوك ‪ ،‬و زعلت سعتھا و راحت بيت أبوھا ‪ ،‬و‬ ‫روحنا صلحناھا ‪ ،‬لكن كان كل كام يوم تزعق و‬ ‫تتخانق معاه عشان كدا ‪ ،‬و في أيام بدأ ما ينزليش أكل‬ ‫فأقول معلش يمكن الظروف مزنقة معاه و مش معاه‬ ‫فلوس يجيب أكل يكفينا إحنا التالتة ‪ ،‬لحد ما خلف و‬ ‫بعدھا كان دايما نسيني ‪ ،‬و حسيت إني تقيل عليه ‪ ،‬و‬ ‫معملته معايا اتغيرت و حسيته مش طايق وجودي ‪،‬‬ ‫فقررت أسبله البيت و أشوفلي مكان تاني اعيش فيه ‪،‬‬ ‫روحت اشتغل مقدرتش اشيل حاجه و كنت تعبان مش‬ ‫زي األول ‪ ،‬الواحد عجز يابني ما بقاش زي األول ‪،‬‬


‫‪٩٥‬‬

‫فضلت أدور علي أي شغالنه أكل منھا عيش مكنتش‬ ‫بالقي ‪ ،‬و كان في ناس بتشوفي بصعبه عليھا تديني أي‬ ‫حاجه ‪ ،‬مع إن الحكايه دي بتكسرني و تزعلني جداً ‪،‬‬ ‫بس مكنش قدامي غير إني أقبل بيھا عشان أقدر أكل و‬ ‫أعيش ‪ ،‬و أما بتتزنق اوي و مالقيش حد يديني أي‬ ‫حاجه بعمل زي ما شوفت كدا ‪ ،‬بدور علي أي حاجه‬ ‫أكلھا ‪.‬‬ ‫و ما بتخفش يا حاج يحصلك حاجه من األكل دا ‪،‬‬ ‫يابني ما ھي القطط و الكالب بتأكل منه و‬ ‫مابيحصلھمش حاجه ‪ ،‬و بعدين خليھا علي ربك ‪ ،‬ربك‬ ‫كريم مابينساش حد ‪ ،‬و نعمه با‪ a‬يا ولدي ‪ ،‬طيب قوم‬ ‫معايا يا حاج ‪ ،‬ھنروح فين يابني ‪ ،‬ھنشوفلك مكان تعد‬ ‫فيه و لقمة نظيفة تاكلھا ‪ ،‬تشكر يابني بس ما تتعبش‬ ‫نفسك ‪ ،‬أنا كويس كدا و ربك كريم مش ھينساني ‪ ،‬و‬ ‫نعمه با‪ a‬يا حاج قوم بس معايا ‪ ،‬حاضر يابني ‪.‬‬ ‫أخذه الشاب بعدھا إلي دار مسنين تابعة للمؤسسة‬ ‫الخيرية الجديدة التي انشائھا ‪ ،‬لينھي فيھا العجوز ما‬ ‫تبقي له من عمر ‪.‬‬


‫‪٩٦‬‬

‫تعجب الشاب مما سمعه و شعر كأنه يشاھد إحدي‬ ‫المسلسالت المبالغ في درامتھا ‪ ،‬لكن بمرور الوقت‬ ‫تعود علي ھذه األحداث ‪.‬‬ ‫فالشارع الذي يمر منه أصبح مأوي ألطفال عديدة فيھم‬ ‫من يعرفه أھله و من ال يعرف له أھل ‪ ،‬و التسول ال‬ ‫حصره له ‪ ،‬و من ينام بجوار القطط و الكالب علي‬ ‫األرصفه ‪ ،‬و ھنالك من يشاركھم في مأكلھم ‪ ،‬لكن‬ ‫العجيبة أن الجميع يري ھذه المشاھد يوميا ً و لكن ال‬ ‫يفعل شئ ‪ ،‬فأين دور كل إنسان في المجتمع بل إين‬ ‫المجتمع كله ‪ ،‬أين الدولة ‪.‬‬ ‫أسئلة عديدة ال جواب عنھا ‪ ،‬فھؤالء ھم مستقبل ھذه‬ ‫األمة و ھذا المجتمع ‪ ،‬لكني صدمت بدور الدولة في‬ ‫إحدي القصص التي يحكيھا الناس ‪.‬‬ ‫الشاب يفعل كل ھذه كل يوم ‪ ،‬لكنه لم ينسي الحبيبة ‪ ،‬و‬ ‫دائم السؤال عنھا لكن من أبعد الطرق ‪ ،‬كي يطمئن‬ ‫علي سعادتھا ‪ ،‬لكن أتي خبر ال يعرف ھل يسعده أم‬ ‫يحزنه ‪ ،‬فالمحبوبة قد ُ‬ ‫طلقت ‪ ،‬ھل يسعد ألنه بإمكانه‬


‫‪٩٧‬‬

‫األن أن يفوز بھا ‪ ،‬أم يحزن ألنھا األن تتندم علي ما‬ ‫حدث لھا ‪.‬‬ ‫لكنه اختار الفرح و السعادة ‪ ،‬و ما كان ألبويھا إال أن‬ ‫يتوبا علي الذنب الذي افتعلوه ‪ ،‬فذھبوا إليه يطلبوا منه‬ ‫الرجوع الي ابنتھم ‪ ،‬فقال لھم في الماضي أعتقدتا أن‬ ‫ابنتكم كقطعة من األنتيكة تبيعاھا للذي يدفع أكثر ‪،‬‬ ‫وغفلتم أن ھنالك رجل يريد شرائھا كي تزين شقته و‬ ‫معصمه ‪ ،‬و رجل أخر يعشق األنتيكه و يريدھا كي‬ ‫يحافظ علي جمالھا ‪ ،،،‬ثم وافق ‪...‬‬ ‫تمت ال ِخطبة و رجع الماضي الذي ال يرجع ‪ ،‬لكن‬ ‫لشموخ الزمن بدل القديم ‪ ،‬فالحبيبة لم تملك سعادة بالغة‬ ‫كما كان في الماضي و ھي جوار حبيبھا ‪ ،‬لكن الشاب‬ ‫رفض جمود الزمن ‪ ،‬و أضاء لمحبوبته الدنيا بشموع‬ ‫السھر ‪ ،‬و قطف لھا من السماء زھرات األمل ‪ ،‬كي‬ ‫يتبدل حزنھا إلي سجود الشكر علي السعادة ‪.‬‬ ‫الماضي رفض السعادة و وقف ليبدل األدوار ‪ ،‬فقبل‬ ‫الزفاف كان الشاب في السجن متھم بقلب نظام الحكم ‪،‬‬


‫‪٩٨‬‬

‫حياته معلقه بحكم ‪ ،‬لكن الحبيبة لم تنتظر ھي األخري‬ ‫كثيراً ‪ ،‬لكن فقد ثالث سنوات ‪ ،‬حتي ظھرت الحقيقة‬ ‫التي كانت سبب سجن المحبوب ‪.‬‬ ‫القضيه ھي اتھامه الدولة بالظلم و عدم العدل ‪ ،‬فكيف‬ ‫يتھم الدولة بھذه التھمة البشعة ‪ ،‬كان مبرره ناس عديدة‬ ‫قد صادفھم من أطفال الشوارع و عواجيز يأكلوا من‬ ‫القمامة و غيرھم و غيرھم ‪ ،‬لكن السبب الرئيس كانت‬ ‫قصة الموظف محدود الدخل الذي رضي بالقليل ‪ ،‬لكن‬ ‫القليل يزداد كل يوما ً قله ‪.‬‬ ‫كل شئ يزداد سعره و راتبه يبقي علي ما ھو عليه ‪ ،‬و‬ ‫إذا زاد كانت زيادة ال قيمه لھا ال تساوي زيادة األسعار‬ ‫للسلع المختلف ‪ ،‬و تقلبات في اإلقتصاد العالمي و‬ ‫نقص ميزانيه ‪ ،‬و البد أن يسد ھذا العجز ‪ ،‬فكان البد‬ ‫للحكومه رفع جميع األسعار حتي تحافظ علي الدولة ‪،‬‬ ‫و لكن لماذا ال يزداد إال أسعار السلع التي يستھلكھا‬ ‫الفقراء ‪.‬‬


‫‪٩٩‬‬

‫لماذا ال تأخذ الدولة إال من من ال يملك ‪ ،‬ھذا ھو كان‬ ‫اإلختالف بين الشاب و الدولة ‪ ،‬قال الشاب إن ھنالك‬ ‫العديد من الناس من يملكوا أمواالً فائضة عن حاجتھم ‪،‬‬ ‫باإلضافه إلي ناس يأخذوا رواتب أكثر مما يستحقون ‪،‬‬ ‫لماذا ال تأخذ من ھؤالء ‪ ،‬ردت الدولة أن ھؤالء القادة‬ ‫و بدونھم ال توجد دولة ‪ ،‬تعجب الشاب ‪ ،‬و تسائل ھل‬ ‫ھؤالء ھم الشعب ‪ ،‬قالوا ال و لكن ال يوجد من يستطيع‬ ‫إدارة ھذه الدولة إال ھؤالء الصفوة ‪ ،‬فالبد أن يأخذوا‬ ‫كل ما يحتاجون و توفر لھم الدولة طلباتھم حتي يكملوا‬ ‫مسيرة النھوض و اإلرتقاء بالدولة ‪ ،‬رد الشاب بأن‬ ‫الدولة تتاخر كل يوم عما كانت عليه ‪ ،‬فإذا كان البد من‬ ‫أموال طائلة لھم فليتروكوا مناصبھم و لنجرب إدارة‬ ‫الشباب ‪ ،‬فھي أكيد إذا سائت لن تكن أسوء مما نحن‬ ‫عليه ‪.‬‬ ‫ختم الشاب بقصة قطز التي تدرس في الثانوية ‪ ،‬عندما‬ ‫كان التتار علي األبواب و البد من تجھيز الجيش كي‬ ‫يستطيع مواجھت التتار ‪ ،‬و إال سيقضي علي الجميع و‬ ‫يصبحون موتي ‪ ،‬ذھب حين ذل قطز للشيخ العز بن‬


‫‪١٠٠‬‬

‫عبدالسالم يطلب فتوة بفرض الضرائب علي الشعب‬ ‫لتجھيز الجيش ‪ ،‬رفض العز الضريبة و قال كيف نأخذ‬ ‫من من ال يملكون إال قوت يومھم و أنت و حاشيتك و‬ ‫أمرائك تأكلون في أطباق من الذھب و الفضة ‪ ،‬و‬ ‫تملكون ما ال حاجة لكم به ‪ ،‬فعندما تتساوا مع العامة‬ ‫من الشعب ‪ ،‬حينھا يمكن لك ان تجمع الضريبة ‪ ،‬و‬ ‫جمعت بالفعل الضريبة لكن بعدما أصبح الجميع‬ ‫سواسية ‪ ،‬ال يملك أحداھم أكثر من األخر ‪ ،‬ھذا درس‬ ‫تعلمناه في الكتب ‪ ،‬فلماذا ال تطبقوه في الحياة العملية‬ ‫التي نعيشھا األن ‪.‬‬ ‫كان كالم الشاب كالعالج الذي شفي به الدولة ‪ ،‬فأقرت‬ ‫حينھا الدولة قانون الحد األدني و األقصي لألجور الذي‬ ‫عدل بين الجميع ‪ ،‬و جعل ھنالك فائض يسد عجز‬ ‫الميزانية بل و يفيض عنھا ‪ ،‬لتبدأ مرحلة جديدة من‬ ‫العدل و المساواة بين الجميع ‪ ،‬و توفير فرص العمل و‬ ‫اإلھتمام باألخر ‪ ،‬ألن الكل أصبح قريب من بعضه ال‬ ‫أحد يسكن برج عالي و األخر مسكنه تحت األرض ‪،‬‬ ‫الكل يمر في نفس الشارع و يري و يحس بالمحتاج و‬


‫‪١٠١‬‬

‫يعطف عليه ‪ ،‬و تعدلت اإلنسانيه بالقلوب ‪ ،‬و أصبح‬ ‫أطفال الشوارع تالميذ للمدارس الداخليه ‪ ،‬و العواجيز‬ ‫سكان دار المسنين ‪ ،‬و المتسول القادر توفر له العمل ‪،‬‬ ‫أما غير القادر فتكفلت الدولة بإعالته ‪ ،‬ھذا ھو قانون‬ ‫العدالة الذي انتصر للجميع ‪ ،‬الذي أصبح فيه الغني ھو‬ ‫الذي يعطي الفقير ‪ ،‬و الفقر تالشي و لم يكن له وجود‬ ‫في مجتمع المسلمين ‪ ،‬لنتراجع أكثر فأكثر و يتعدل كل‬ ‫شئ ‪ ،‬و تبني القوانين التي كانت لدولة عمر بن‬ ‫عبدالعزيز ‪ ،‬التي كان أساسھا اإليمان با‪ a‬ثم اإلنسان و‬ ‫إنسانيته ‪ ،‬التي لم يكن لقوانين الغابة التي نعيشھا األن‬ ‫وجود ‪.‬‬ ‫خرج الشاب من المعقتل بعدما كان عدواً للدولة ‪،‬‬ ‫مكرما ً منھا بالجائزه التقديرة لھا ‪ ،‬و متوجا ً علي رؤس‬ ‫الجميع ‪ ،‬يعانقه الشعب و كأنه األبن المفقود الذي رجع‬ ‫إلي حضن من يراه ‪.‬‬ ‫األن حفل الزفاف الذي طال إنتظاره من الجانبين ‪ ،‬لم‬ ‫يكن كمثل ‪ ،‬المدعوا فيه جميع أطياف الشعب ‪ ،‬و‬ ‫الداعي أيضا ً الشعب ‪ ،‬لتبدأ قصة الحب في عناق‬


‫‪١٠٢‬‬

‫الزواج ‪ ،‬و تسمتر الحياة بالسعادة الدائمة ليست فقط‬ ‫بين الشاب و محبوبته بل بين جميع أطياف الشعب‬ ‫الذي علم سر السعادة و ھو الحب ‪.‬‬ ‫اإلنسان ال يعرف العجز و ال يعرف إال الحب ‪،‬‬ ‫مساعدة الجميع ما ھي إال الصالح للنفس و اإلسعاد‬ ‫للقلب ‪ ،‬أما الكره و األنانيه ما ھي إال الحيوانية التي‬ ‫يمتلكھا اإلنسان و التي يجب أن يقضي عليھا ‪ ،‬كي‬ ‫يصل إلي السعادة المرغوب الوصل اليھا ‪.‬‬


١٠٣


‫‪١٠٤‬‬

‫خاتمه‬

‫ما بين الحلم و الواقع‬ ‫‪ ...‬العمل ‪...‬‬ ‫صعد الزمن علي منصه الخطابه ليلقي علينا من‬ ‫الحكمه ما يعلم ‪...‬‬ ‫ار شيئا ‪ ،‬و كنت‬ ‫كان الليل قد خيم و ازداد السواد فلم َ‬ ‫في ھذا اليوم عابر سبيل بال مأوي ‪ ،‬فطلبت حقي من‬ ‫اإلحسان فلم أجد أحداً يعطني إياه ‪ ،‬إال شابة شاخ‬ ‫وجھھا ‪ ،‬أكرمتني حينا ذاك ‪...‬‬ ‫لكن العجب في الصبي الذي ال يري إال شيخوخة‬ ‫دفعني إلي سؤالھا ‪ ،‬ما الذي أوصلك إلي ھذا يا ابنتي‬ ‫‪...‬‬ ‫قالت الواقع المرير يا أبي فانظر حولنا ال يوجد إال‬ ‫القبح ‪ ،‬حتي أنت حين سئلت لم يجيبك أحد ‪ ،‬فقولت بل‬ ‫أجبتني أنت ‪ ،‬فقالت يا سيدي إن الدنيا قد تعفنت و‬ ‫أصبح الحق باطل و الباطل حق ‪ ،‬و الخادم ليس سيد‬


‫‪١٠٥‬‬

‫القوم ‪ ،‬بل ھو ضعيف وجب عليه الخدمة ‪ ،‬أما سيديھم‬ ‫ھو القوي الذي يھابونه ‪ ،‬و أشياءاً و أشياء ال عدد و ال‬ ‫حصر لھا ‪..‬‬ ‫يا ابنتي ما الذي فعل بالواقع ھذا ‪ ،‬ما الذي جعله بھذا‬ ‫القبح ‪...‬‬ ‫الناس يا سيدي بأفعالھم جعلت كل شيء سيء ‪..‬‬ ‫نعم عمل الناس ھو من جعل كل شيء كما ھو عليه‬ ‫األن ‪..‬‬ ‫فبماذا تحلمي أن تجدي ‪...‬‬ ‫أحلم بوجود الحق منتصراً و اليد ممدوداً بالخير و‬ ‫القوي معين الضعيف ‪...‬‬ ‫إذاً فلماذا ال تنصري الحق و تمدي يدك بالخير و تعيني‬ ‫من ھو أضعف منك ‪..‬‬ ‫أفعل ھذا بالفعل يا سيدي ‪...‬‬ ‫لكنك أيضا ً وجب عليكي تعليمه للجميع حتي يفعلوه ‪...‬‬


‫‪١٠٦‬‬

‫فإذا كان الذي أوصلنا لھذا ھو عملنا ‪ ،‬أيضا ً عملنا ھو‬ ‫الذي سيغيره ‪...‬‬ ‫فالذي جعل الواقع واقع العمل الذي قمنا به ‪ ،‬و الذي‬ ‫يجعل الحل َم واقعا ً ھو أن نقوم بتنفيذه بخطوات بأرض‬ ‫الواقع و ال نيأس من الفشل بل نحاول مرارا حتي‬ ‫يتحقق الحلم و يصبح واقع فا‪ a‬ال يضيع أجر العاملين‬ ‫‪ ،‬فعلينا بالعمل و تنفيذ الحلم بجعله واقع ‪.‬‬ ‫إن اإلنسان الذي يحلم بالنجاح لم يصل إليه إال بالعمل ‪،‬‬ ‫فلنترك لوم الواقع و نعمل علي تحقيق األحالم كي‬ ‫تصبح واقع ‪.‬‬ ‫‪ .....‬كنت أحلم في الماضي أن أصبح كاتبا ً مشھوراً و‬ ‫أن يخلد اسمي دون موت ‪ ،‬و األن تحققت أولي‬ ‫خطوات الحلم بأنكم تقرأوا كتابي و تعرفوا اسمي ‪.....‬‬

‫ﻓﺘﺤﻴﺔ ﺷﻜﺮا و ﺗﻘﺪﻳﺮا اﻟﻴﻜﻢ ﻋﻠﻲ ﻋﻮﻧﻜﻢ ‪...‬‬ ‫‪#‬ابراھيم_جاد‬


‫‪١٠٧‬‬

‫تصحيح لغوي ‪ :‬أ ‪ /‬محمد حسن‬

‫نعتذر عن أي خطيء لغوي‬


‫‪١٠٨‬‬

‫الفھرس‬ ‫محبوبتي و قاتلتي‬ ‫حياه‬ ‫موالتي و سيدتي‬ ‫السجناء‬ ‫من انا‬ ‫جھل التقدم‬ ‫مدرستي‬ ‫دايره‬


١٠٩


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.