ูก
٢
ما بين الحلم و الواقع ﶍﻮﻋﻪ ﻗﺼﺼﻴﻪ إبراھيم جاد
٣
ٕاﻫﺪاء ... ٕاﱄ ﻣﻦ ﳞﺪي اﶺﻴﻊ و ﳝﻦ ﻋﻠﳱﻢ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ ٕاﱄ ُﻣﻌﻄﻲ اﳌﻮﻫﺒﺔ رﰊ و رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ...
٤
المقدمة بسم الرحمن الرحيم
الكتاب عبارة عن فصول تمثل قصص ،كل قصة تختلف عن األخري و غير مرتبطة بھا فإن لم تعجبك واحدة فاقرأ غيرھا لعلھا تعجبك ،إما أن لم تعجبك أي قصة فھنالك خاتمة من الممكن أن تحوز علي إعجباك ...
ﺷﻜﺮاً ﻋﻠﻲ إﺧﺘﻴﺎرك ﻛﺘﺎﺑﻲ و اﺗﻤﻨﻲ أن ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎج ﻷﻧﻲ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻚ ﻷﻧﻚ أﻋﻄﻴﺘﻨﻲ ﻣﺎ أﺣﺘﺎج ...
٥
محبوبتي و قاتلتي تبدأ الدموع بالوصف قبل أن ترسم الكلمات صورة الموت ،الذي كانت السعادة سيدته و أميرته ،فالقتل بخنجر الحب أصعب من الموت بسالح العدو ... انتھت الثانوية العامة و عنائھا لنبدأ صفحة جديدة و مختلفة في التعليم و الحياة األكثر دلعا ً ،كما قالوا لنا معلمينا ،أن إنتھاء الدراسه ستكون بأنتھاء الثانوية و أن الجامعه مرحلة تعارف و صداقات و كل ما تشتھي األنفس ،و لم يعلمنا أحد أنھا مرحلة الوجود ، فالمستقبل يبدء ھنا و الحلم ينتظر التحقيق و الفشل ينادينا بكل وسائل المجتمع . بدئت الدراسه الجامعية و أنا طالب في كليه التربيه ، ابعت األد الفيس بوكي إلي الجميع و أتعرف علي كل الناس و باألخص األزھار التي تجعل للحياه طعما ً ت كثيرة مختلفا ً ،ھذا وقتھا كما قيل لنا ،تكونت صداقا ٍ
٦
و معارف أكثر ،لكني لم اتعرف حتي األن علي الزھرة التي يجلس لھا القمر تحت قدميھا و يناج الجمال بوصفھا . مرت األيام حتي وقع نظر القلب عليھا و لكن كيف الوصول الي السماء أللمس بيدي ھل ھي انسانة ام مالك ،ھي ليست واقفه علي االرض كما أراھا بل إنعكاس صوره السماء علي االرض . لحسن الحظ أن كليتي صغيرة فكنت كل يوم ابحث عنھا حتي اجدھا و انظر اليھا كي يفرح القلب برؤياھا و يھلل بأعلي صوته عندما تبادلني النظرات ،تأكدت من اعجابي بھا و أيضا ً بأعجابھا بي ،لكني ال أعرف كيف اذھب و أتحدث إليھا فالموضوع صعب جداً بالنسبه لي ،و ھا القدر و حسن الحظ يقفا جواري ، فعندما كنت أتحدث إلي إحدي صديقات الفيس بوك و كانت ھذه الصديقة من اقرب الناس إليھا ،فلم اتردد لحظه بإبالغھا عما بداخلي و طلبت منھا األكونت الخاص بصديقتھا ،ثم طار األد و انا جالس أنتظر علي أحر من الجمر قبوله ،و ھا جائت اللحظه التي
٧
أتحدث فيھا إلي األميره العاجز الجميعُ عن الوصل إليھا إلي أجمل ما رأت عيني . بدأ الشات بالتعارف و لمسات اإلعجاب تضغوا عليه ، و اعترفت في أول حديثي أني معجب بھا و أن القلب يفرح لرؤيتھا ،و ھي ترد بأن الحلم واقع و أنھا ايضا ً معجبه ،فطار القلب مالمسا ً للسماء و النجوم ترقص حوله ،لكن الدنيا ليست دائما ً جميلة ،فھي في السنة الثانية من دراستھا و انا طالب في الفرقة األولي ،لكن ھذا العائق لم يقف امامنا فكان اإلعجاب يزداد يوما ً بعد يوم و كنا دائمي التحدث علي الفيس بوك و نتقابل عليه من غير ميعاد ،فقد اتفق الحب من غير أن نتفق مع بعضنا البعض علي ميعاد ثابت و ھو التاسعه من مساء كل يوم لنبدء حديثنا الذي لم نكن نتمناه أن ينتھي ،و يوم يزداد التشابه بيننا و نكتشف تقارب االفكار و كل ٍ الروح ايضا ً ،و جاء اليوم األھم في حياتي في ھذه الفترة ،و ھو أن أجلس مع محبوبتي وجھا لوجه و يطوق الحب و الورود مجلسنا و تتشابك الكلمات كأنھا ملحنه من قبل .
٨
أصبحت ال أري في الدنيا غيرھا و ال أتحدث الي أح ٍد سواھا. يوم جليس عاشق يداعب األشواق و األھات الخيال كل ٍ ،الذي جعل السعادة ھي بذرة األمل ،حتي جاء يوم الفراق األول الذي كان أخر يوم في امتحاناتي ،تحدثت عن الفراق الذي البد أن يأتي ،فأنا في السنه األولي و ھي في الثانية ،و انا لست اال فقيرا ال أملك المال فعليھا أن تنتظرني إلي ما شاء و ھذا ھو المستحيل بعينه ،و ھذا ما علمناه سويا ً و اتفقنا عليه ،وألن والدھا لن يقبل بانتظارھا لي ،فكان البد من الفراق ، الذي كان كالسيف الذي شق القلب دون رئفه . افترقنا ...... بعدھا فكر العقل و كان خاضع لحبھا الذي ازداد بتصرفاتھا ،فھي لم تكن انانية لتنھي العالقة بيننا في أي وقت بل انتظرت حتي انتھيت من اإلمتحانات ، فھذا الموقف كفيل أن أصبح العاشق ألنسانة تستحق أن أصنع لھا من الدنيا ابتسامة ُترْ َس ْم علي وجھھا .
٩
اعتقدنا حينا ذاك أننا افترقنا ،و ھذا ما لم يحدث فكان القلب يتحدث إليھا يوميا ً اما العقل فكان مقتنع أن ھذه الكلمات كلمات صداقة و ليست حب ،اتفق القلب و العقل أال يتفقا و كانوا ممزيقين لكل شيئا بداخلي ،حتي رفض العقل ،و كان القلب ھو السيد الذي ابحث دائما ً عن راحته ،و عندما ساقني العقل يوما لعدم الحديث إليھا ،حينھا قتل القلب بيد العقل و ُج َن بأرادته . فأيقنت أن اللحظه في البعد عنھا موتأ للقلب الذي يحيا بوجودھا و ال يعرف الفرح إال من خاللھا ،و عندما تتاخر افقد عقلي و ينشق قلبي شوقا ً و خوفا ً أال يراھا . الدراسه بدئت و أنا ابحث عنھا كاألب الذي تاه منه طفله حتي لقيتھا و جلست بجوارھا ليرتاح القلب من عناء البحث ،و ال تتحدث إال العيون التي دائما تفضح أشواقي و حبي إليھا ،فكانت تعلم منھا كل شئ دون أن أتحدث إليھا . تحدثت بعدھا عن الفراق لتري ھل سأقف امام الدنيا للفوز بھا ام سأكون مستسلما للظروف ؟؟؟....
١٠
ھنا انشقت االرض و كنت مدفوننا في باطنھا ،واقفا ً و روحي تطلب النجده و أنا ال استطيع أن ا ُسعفھا ،ثم تحدثت الكلمات من أعماق القلوب ،فقولت إذا اردتي الفراق فھو ليس بقرارك ألننا أصبحنا روحا في جسدين ،أما الفراق سأقطع رأسه بسيف ال يعرف الرحمة حتي ال يطرق بابنا ذات يوم ،أما الدنيا سأجعلھا راكعة تحت قدميكي تلبي لكي كل ما تشتھيه حتي ال ينقصكي شئ . ِ وصفت الحب المجرد الذي يستطع اإلنسان أن يلمسه ، فتشابك القلبان في سجن حارسه الحب و مفتاحه الموت . شئ و لكنه لم يرجع كما كان ،بل زاد كل رجع كل ِ شئ عما كان اضعافنا مضاعفه ،فكان الحب ھو الماء الذي ارتوي منه ،و كانت لي الثمره التي أحلم أن اقطفھا . أتذكر المستحيل الذي صار واقعا ً حتي أثبت لھا إني قتلت الفراق فلم يعد موجوداً ،كانت السنه الثانيه لي و
١١
قد تعثرت في الترم األول فكان عدد المواد سبعه و أنا ناجع في اثنين فقط ،و كان يجب علي أن أنجح الترم الثاني صافي الذي عدد مواده عشرة ،و فعلتھا بعدما ذقت األمرين الذي كان طعمه أجمل من الشھد و العسل ،ألنه يبقي محبوبتي بين يدي . أثناء اإلمتحانات كان الغياب قد طال و ھنالك يوما ً ستجمعنا فيه اإلمتحانات ،أحببت أن احضر لھا مفاجئه فكانت الھديه التي لم أقول لھا عما بداخلھا رغم إلحاحھا ،فقولت لھا إنه شئ يمشي ففزعت و وقعت الھديه من يديھا ،ثم التقطتھا و قامت باإلعتذار و كان وجھھا يبرء كاالطفال ،كان جمالھا أقوي من ان يري بالعين فكان الرأي القلب . جائت اإلجازه و نحن نتحدث ليالً و نھاراً ال نفارق بعضنا و لكن االوجه لم تتقابل إال مرة واحدة ،كانت ھذه المرة االجمل في حياتي و أنا أنظر الي محبوبتي و ھي تجلس جواري في السينما و كأن النور أغلق ليزيد من محاسنھا ،فلم أري في الظالم أجمل منھا و ال في النور ،لم اشاھد الفيلم بل جلست أشاھد مخلوقا ً ال يشبه
١٢
جماله اي شئ في ھذا الكون و ال للكلمات القدره علي أن تصفه . ظھرت النتيجه و تحققت المعجزه و نجحت و كنت قد قررت بيني و بين نفسي أن آتي لمحبوبتي بھدي ٍة النجاح التي ھي سببه ،فذھبت أشتري لھا خاتم من الفضه كان ثمنه كل ما في جيبي من مال و لم يتبقي لي سوي أجرة رجوعي الي المنزل ،و في اليوم التالي أھديتھا إياه ،و أتذكر يوما ً بعدھا حينما أخذت الخاتم ثم البسته لھا في يدھا و قلبي يخفق حبا ً و عشقا ً و خيالي صورعلي االطالق ،إنني جالس يرسم لي أجمل ما ُ بجوارھا و ألبسھا شبكه األبديه التي تربطنا ببعض دون أن يفرق أح ٌد بيننا ،و ھذا ما لم يحدث إال في الخيال . نزلنا الي الواقع ذات يوما ً حتي أخبرتنا أشباح الفراق أن الوقت قد حان ،و كنا نتفق عليه و ال كننا ال نستطيع أن نفارق بعضنا ،فنعود لنتحدث مره اخري ، لم يكن طريق الفراق إال اشواكا ً علي االرض و ظلماتا في السماء و عواصف رمليه تنزع االشجار من جذورھا ،لم تكن نھايته إال مقبرة ال جليس و ال ونيس
١٣
بھا إال الذكريات ،فلماذا تكون ھذه ھي النھايه و ھذا ھو طريقنا ،لماذا أيھا القدر ،فأنت الذي يتعفف عن الخطايا ،فكيف تخطئ في حقنا ،و أنت أيضا ً أيھا النصيب لماذا تختار لنا ،فنحن المختارون من ، لماذا ال نختار نحن ،و يكون االختيار بيدك أنت ،و أنت تقتل دون رحمه تفرق دون عدل ،لم استسلم لكما ،فالمعركه طويلة و لن تنتھي إال اذا أردت ان أ ٌنھيھا أنا و ليس أحداً منكما ،لم أنھيھا إال بالفوز فأنا ال أعرف الخسارة ،و سأقطع رأسيكما حتي ال تظھرا ألحدا من بعدي . أنتصر القدر و النصيب في معركه ليست عادلة ، فكانت الدنيا بما فيھا سالحا لھما حتي محبوبتي ،ما كانت إال السالح الذي قطع رأسي حتي ال يفكر و شق قلبي حتي ال يشعر ،و أنا لم اكن أملك سالحا ً سوي القلب و العقل . افترقنا و كنا قد اتفقنا قبل ان تنصر اعدائي و تجعلني الخاسر الذليل ان نتذكر بعضنا البعض دائما بكل خير و ھذا ما حدث و ما سيظل حادث ألن ليس بيني و بين
١٤
محبوبتي إال كل خير ،فھي لم تكن تعرف انھا سالح القدر و النصيب ،لم تكن اال ضحيه لھما ،استغلوھا لقتلي و ھي تعتقد انھا تحافظ علي حبيبھا ،حتي قتلوھا ھي ايضا بنفس السالح الذي قتلوني به . ھذا ھو يوم مقتلي ،فاألنسان ليس جسداً دون روح ، فالروح قتلت عندما رحلت محبوبتي عني و اختارت ان تنصر اعدائي ،فما انا اال جسمان ينتظر التحلل . و كان الجسد يري الروح و لكنه ال يستطيع أن يسكن فيھا ،فھي كانت كل يوم امامي لكنھا ليست لي بل لھا ،حتي في اليوم الذي لم أراھا فيه كان القلب و العقل و الوجدان يرسما صورتھا امام عيني كي أراھا و ال تفارقني ،فأنا مقتول انتظر أن تبعث الروح في ، أناشدھا كل يوم فھل تسمعني ،تفوح الكلمات من ذاكرتي دون أن ينطق اللسان بھا و لكنا الناطق كان القلب . أعلم ان كل شئ قد انتھي بإنتصار القدر و النصيب ، لكنھما قد انتصرا في الدنيا التي ھي سنوات معدودة ،
١٥
أما أنا فنصري في السماء في األخرة في جنه الخلد ، قلت لكما أنني ال أعرف الھزيمة و لن أخسر و ھا أنا ھنا منتصر ،فقد صليت للرب و تقربت بالصيام و قرائة القرآن و بالصدقات و حج البيت ،اصبحت المؤمن الذي يرضي بقضاء ،فرضاني بدخول جنته و العيش في رغد ،و األھم أنني جالس األن و محبوبتي بجواري ،نأكل من ثمارات و نشرب من أنھار لبنه و خمره ،نعم أيھا القدر و النصيب أن النصر ليس في االرض بل في السماء في الجنة ، فلتعلما ھذا ،أن نصركم ذائل أما أنا فنصري من ، و من ينصره فھو الفائز . محبوبتي افترقنا في الدنيا ،أما في األخره في الجنة ، لن يستطيع أح ٌد أن يفرقنا ،سأنتظر إنتھاء عمري بفارغ الصبر حتي يرجع كل شئ كما كان حتي نكون لبعضنا البعض ،حتي تكوني جليستي و شريكتي في كل شئ ،الحمد aالذي ھدانا الي الحق و علمنا إيھا ، و رضانا به ،و أرضانا منه .
١٦
١٧
حياه ا ُكتشفت جزيرة صغيرة في المحيط الھادي مساحتھا ال تصل إلي كيلو متر مربع ،كان بھا العديد من األشجار المعروفه و أيضا ً نباتات يتغذي عليھا اإلنسان و كوخ صغير داخله قبر ،و بينما يتجول المكتشفون إذا بھم يلتقون برجل عجوز ،كانت مفاجئه قويه لكنھم جلسوا معه ليعرفوا ماذا جاء به إلي ھذا المكان . بدأ العجوز في الكالم فأنصت الجميع ،فالدھشة جعلتھم ال يستطيعون مقاطعة حديثه . كنت في السابق عاشق يتمني العيش مع محبوبته و ال شئ منا لحظة في ال ُبع ِد عن بعضنا ، يسرق أح ٌد او ٍ فخطر ببالنا فكرة العيش دون الجميع في مكان مھجور لكن من الصعب أن تجد مكان كھذا إال في الصحراء فبماذا يفيد ؟! نحن نريد مكان يتمتع بالحياة فاستمر البحث شھور حتي أھدانا الزمان ھذه الجزيرة التي تحولت إلي منزل صغير ببستان كبير ،كنا ال نملك
١٨
مال و تخلصنا من كل شئ حتي الھاتف و التلفاز لم نملك أي وسائل إتصال او ترفيه من الممكن أن تأخذنا من بعضنا و تجعلنا نفكر في شئ آخر غيرنا ،و عندما وصلنا إلي الجزيرة كنا نيام علي االرض من التعب ، و في صباح اليوم التالي كان الخوف يمأل قلبي رعبا ً فنحن محاصرين من الحيوانات أما حبيبتي فاستيقظت مبتسمه فابتسم لھا الجميع و بدأوا يمدون يد العون لنا كي ننھض ،و بدأوا يساعدونا بتقطيع بعض الشجر عندما وجدونا نبني ھذا الكوخ ... عشنا في ھذا الكوخ حياة أفضل مما كانت في أجمل مدن العالم .. انطلقنا نزرع مع بعضنا البعض ونحرث األرض و نرمي البذور و نرويھا بيدين و األخرتين ممسكتان ببعضھما ،و كنا نسبح معا ً و نتسابق و نلعب السلة و كل شئ ،لم تكن حياة بدائية كما تبدو لكم بل كانت حياة ھادئة ،يأمر الحب فيھا شعبه فيطيع و ترسم السعادة من مجرد اإلحساس أننا إلي جوار بعضنا
١٩
البعض ،ال أحد يستطيع أن يدخل بيننا أو يفرق حبنا ... و في يوم كان األصعب و األجمل في نفس الوقت ،لقد استيقظت و لم أجدھا جواري و لم تكن أمام الكوخ أو حوله ،بدأت ،أبحث و أبحث ،حتي وجدت طاولة تزينھا الطبيعه ،و األشجار مصفوفه لدخولي و األرض مفروشه بالورود كان مكان مزين من الطبيعة ھدية من محبوبتي إلي ،لنقضي في ھذه المكان يوما ً لن يستطيع أھل االرض أن يعيشوا مثله فكانت الطبيعة تعرفنا ھنا و غنت لنا البالبل و تناجت معھا الطيور جميعا ،و رسم الطاووس بألوانه دائرة كنت أقف أنا و محبوبتي داخلھا نرقص علي األنغام و تصفيق الحيوانات ،فالقردة رمتنا باألزھار و الفيلة أمطرت لنا السماء ،كان يوم مھدي من إلينا فھذه الحيوانات و الطيور أطھر من البشر كثيراً ،و ليس ھذا فقط لك أن تتخيل سيدي يوما ً كھذا كم تحتاج فيه من األموال كي تعيشه ،لكن ھنا مع الطبيعة و الحب لم يكلفك شئ إال
٢٠
السعاده ،فالسعاده التي تحس ھي منقوشة في قلبك قبل أن تزغرفھا لغيرك . أ تسطيع أن تري السماء و البحر و الصحراء و األسماك و الطيور و الحيوانات و كل شئ في ھذا الكون في وقتا واحد ،ھنا فوق ھذه االشجار لنا أنا و محبوبتي مجلس ،كل يوم نتسلقه و نقف لنشاھد ھذا الجمال كله بصحبه الحيوانات التي تداعبنا و نداعبھا دون مقابل ،تبدو أن ھناك مشكله فكيف الحديث مع ھؤالء فاللغه مختلفه ،لكن أتعلم سيدي أن لغتھم أصدق من حديث كلماتنا التي من السھل فيھا الكذب و النفاق ببسمه زائفه ،أما ھؤالء فلغتھم االحساس و الشعور بالقلوب فھذه لغه الصدق التي ال يستطيع أحد أن يغيرھا ،فعندما يريد أحد أن يقول شئ فعينه تبلغ عن قلبه ما يسكن بداخله . و يوما ً آخر كانت اللھفة من محبوبتي عندما كنا بجوار بعضنا في الفراش و انتظرت حتي نامت ...
٢١
ذھبت أزين الجزيرة ألقيم لھا حفل زفاف لم يشھد بشر بمثله ،قامت القردة بتجميع بعض أوراق الشجر المختلفه و زينته بالورد و تبرع الطاووس ببعض ريشه ليكمل جمال الفستان ،و الفيله تصنع دائره كبيرة و تنتظر إمطارنا بالماء أما القردة فعلي الشجر ينتظرون باألالت الموسيقة الطبيعية و الطيور في السماء تصنع لوحة علي شكل قلب وفي فم كل منھم وردة أما الدب فأھدي لنا صورة تجمعني بمحبوبتي و األسماك تنتظر لتخرج من الماء و ترسم صور و ار مثلھا من قبل ... أشكال لم َ خرجت محبوبتي تبحث عني حتي وجدتني أجلس علي ظھر حوت ،فطلبت منھا أن تأتي معي في جولة في المحيط ،و كان كل شئ يبدوا طبيعيا ً و عندما رجعنا قمت بأھدائھا الفستان و معه عقداً من اللؤلؤ و الورود صنعته بيدي و مقبضا ً و خاتما ً من الشعب المرجانية مھدي من األسماك ،و عندما قامت بإرتدائھم بدأ الحفل بتحليق الطيور و في وسط القلب توجد صورتنا ،و األسماك تبادل التھنئة برسم أشكال زغاريد تفرح القلب
٢٢
،و القردة تبدأ بالطبل علي األشجار و تلحين األنغام و عندما بدأ الطبل كانت السماء تمطر بفضل الفيلة ،و تتساقط علينا الورود من فم الطيور ،و حبيبتي بين ضلوعي تقبل وجھي و ترقص علي أنغام الطيور و األسماك و الحيوانات ،كانت أكثر من سنفونية من تأليف و تنفيذ الطبيعة لن يقدر أحد أن يصنع مثلھا ، ھذه السعادة الحقيقة فقد أحسست بشعور ال ينسي حتي األن و لم يتكرر ثانيتا ً . و تفاجئنا عند دخول الكوخ بمائدة تتشكل من أنواع كثيرة من الطعام ،و رسومات علي الجدران ،و أشياء غريبه تضئ المكان كأنك تجلس علي أضواء الشموع ، كان الكوخ كلفة الھدية المعطرة في تزينه . أما نحن فلم نقدم لھؤالء الحيوانات و الطيور و األسماك إال الحب و اللعب الذي نحتاجه نحن لنفرح فلعبنا معنا جميع أنواع الرياضات و أقمنا منافسات و أعطينا ھدايا للفائز ...
٢٣
ھنا الھدية ال تقاس بالمال فالزھرة أغلي من عقد من األلماظ ،ألن ثمن الشئ ھنا بقيمته بالحب ،و ليس بالمال الذي نريد شراء السعاده و كل شئ به... ھذه الحياة لم تكلفنا شئ بل أعطتنا كل شئ ،السعادة و الحب و الفرحة و االبتسامة ،فلم يكن ھنالك يوم حزين حتي أن أصابنا مرض ،فجلوس كل ھذه القلوب التي تشعر و تحس بجوارنا تطرد المرض الذي ال يستطيع أساتذه الطب التغلب عليه ... ھنا كان كل شئ جميل و لم تكن ھنالك لحظه تعاسة ، إال عندما ماتت محبوبتي حينھا حزنت الطبيعة أكثر من حزني ،فانظروا إلي ھذا الجمال لم يكن يعرف إال الفرحة أما الحزن فاصبح حاله بعد فراق محبوبتي ،و كان يوم توديعھا بموكب لم أراه لملوك يحضر لھم الجميع كي يودعوھم و ھم ال يھتموا إال بتزيين أنفسھم حين ذلك ،لم يأتوا للتوديع بالقلب و الحب بل للمكانة الزائفة و الكسب ،أما محبوبتي فودعت بالقلوب و التي دفنت إلي جوارھا في ھذا الكوخ الذي كنا نعيش فيه
٢٤
دائما ً ،و بجوارھا كل الذكريات حتي الخاتم المصنوع من خشب ... لم يبق إال أن أرقد بجوارھا كي يصبح كل شئ مثلما بدئناه معا ً ،و ھذه وصيتي و الجميع بحبھم و مساعدتھم لي ،أعلم أنھم لن يعزوا عني تنفيذ ھذا المطلب الذي سيعيد حياتي الي سابق عھدھا مع محبوبتي فسالمي إليھا حتي يوم لقائنا اآلخر .
٢٥
موالتي و سيدتي ت المجتمع كله ،إنكِ ت لستي نصف المجتمع ،بل أن ِ أن ِ ت األھم في ھذا الزمن ،و بدونك سنخسر الزمن ،أن ِ األم و األخت و الزوجة و اإلبنة . إن الذين يجھلون أھميتك و ال يعطونك المقام األعلي ، تر فھؤالء جھالء لم يعرفوا من الدنيا الحق ،و لم َ قلوبھم الفضل ،إنكِ تاج الرؤس و جمال الوجود و عطف السماء . أمي أتحدث إليكِ و أنا خافض الرأس عاجز عن الشكر ،تحملتي مشقة تسعة أشھر و عناء والدة تذھب روحك كي تأتي بروحي ،تأكلي من أجلي و تنظفي جسدي و لبسي ،تسھري الليل حتي أرجع إلي المنزل و تطمئني علي ،تغسلي و تجھزي األكل ،تعطيني الحب و الحنان دون مقابل ،تسعدي بوجودي و لفرحي ، أفضالك ھي التي جعلتني رجالً ،و بدونك ما كنت إال تائه ال أعلم قيمة اإلحساس ،الحزن يطرق بابك من أفعالنا ،و الفرح يطرق أبوابنا من أفعالك .
٢٦
ت المعلم و المربي و الخادم ،أن عمرك كم سنه أن ِ ت الجنة الذي أفنيتيه من أجلنا ،ھو الذي أحيانا ،أن ِ التي يتمناھا الجميع ،و الزھرة التي تعشقھا العيون ،و ت الكل في واحد ،و القلب الذي يخفق بالحنين ،أن ِ الكل بدونك ال يستطيع أن يكون إال مفرداً ناقص الجمع . تذكر قبل الحديث عن المرأه التي ال تعجبك تصرفاتھا و ال أفعالھا ،أن ھي التي علمتك الكلمات ،أنظر إلي الجميع كأنھن التي ربتك و سوتك رجالً . جالس يوما ً و الدموع تتساقط من الجفون و ال أدري ماذا أفعل ،و أخفق الصوت حتي ال يسمعني أح ٌد ، لكن أمي سمعتني بصوت الحب ،فأخذتني إلي ذراعيھا لتعطيني األمان و القوة التي تخيف الدموع و تشعل السعادة كي أتحول من عذاب جھنم إلي روضه الجنة . تساندني وقت ال ِم َحن التي أفعلھا في حق نفسي ،و يوم تخرجني من الظالم إلي النور ،تجلس جواري كل ٍ كي تجعل َني األفضل في ھذا الكون ،تمنحني كل شئ
٢٧
قبل أن أطلبه ،و لم يقدر العجز يوما ً أن يمنعاھا من العطاء . المذاكرة لھا األولولية األولي فعندما تنتھي منھا أفعل ما شئت ،و كل صالح لي يكون في مقدمه طالباتھا مني ، أفعل كل شئ أريده والكل فحدود أال أخطئ كما علمتني أمي ،كي أصبح األفضل علما ً و خلقا ً و مكانة ، ترشدني إلي السعادة ببسمة وجھھا و لھيب قلبھا التي تكون انعكاسا ً لألفعال السليمة ،التي أصبحت طريقي الذي تعلمت المشي فيه علي يديھا . ھذه ھي األم التي تضحي بكل ما تملك من أجل أبنھا ، تفضل التعاسة إلسعاد ولدھا ،ال تطلب إال ألوالدھا و لم تكن يوما ً تسعي لنفسھا ،ليأتي يوم يتجرئ عليھا من كان بدونھا فريسة لكل حيوان ضال ،يعيقھا و يسبھا و ھي التي جعلته يتكلم و قادر علي الوقوف علي قدميه ، عجبا ً لمن تھديه النعمة فيردھا بنقمة .
٢٨
اليوم الذي ال تخدم فيه أمك ،ال تحسب نفسك من ضمن األحياء ،ألن بدون خدمتھا لك لم تكن يوما ً لتحيا . إن الكلمات و األفعال و كل ما في ھذه الدنيا ال تستطيع أن ترد ألمك ما فعلت ألجلك ،فلتكن عبداً لھا حتي يفارق أحداكما الحياة ،و إن فارقت ھي لتكن لھا الولد الصالح الذي يدعوا لھا و يتصدق من أجلھا و يعتمر البيت ليغفر لھا ،أما اذا كنت أ َ نت المفارق فھي تعلم ما ال تعلمه أ َ نت و ستخدمك في موتك أكثر مما كان في معاشك . األخت الكبري فھي أمك الثانية أما الصغري فھي آبنتك األولي ،ھذه قوانين تعلمناھا من الحياة ،فكن لھما األخ و األب الحنون الذي يسھر علي راحتھما ،فھم مسؤلون منك كما أمرت و أخذت ،فھم أعطوك قبل أن تطلب منھما ،ساعدوك قبل أن تعرف عنوان الصديق ،علموك المأخاه و الحب و التضحيه .
٢٩
ھم االصدقاء األوفي لك ،فال تكن جاھل بترك اسع و افعل كل شئ من أجلھما ،ستري صداقاتھن َ ، سعادة قلبك علي وجھھما ،إنھا الحقيقه ،ما عليك فعله فقط أن تجلس في ھدوء تتذكر كل ما مضي لتبني عليه ما ھو آت . ألم تتذكر اليوم الذي طلبت من أبويك شيئا فلم يستطيعا أن يلبياه لك ،فمددت اختك يديھا بالنجده إليك ،لتلبي حلما ً كان بدونھا كابوس تتئلم عند تذكره ،ھذه ھي األخت الكبري أمك الثانيه التي تضئ لك أصابعھا كي تعبر تشعر بالسعادة ،تفتح إليك الطريق المسدود كي َ َ إلي ما تريد ،تدافع عنك في ضعفك ،تسھر في مرضك لترتاح أنت ،تعطيك ما يجعلك األقوي و األفضل بين الجميع ،تدللك و ترسم علي شفتيك الضحكة ،تفاجئك بھدية ،تصنع لك المأكوالت الغريبة التي ال طعم لھا ،إنھا نعمه من فال تكن لھا إال األخ البار . أما ابنتك األولي التي تفعل فيھا كل شئ و كأنھا دومية ،تجرب معھا كل شئ في سعادة و لعب ،تخرج من
٣٠
قلبك العطف علي الصغير الذي تعلمته من األخت الكبري ،اشياءاً و اشياءاً لن تمحي من الذاكرة ،حتي بعد الموت ستجدھا في كتابك الذي يھديك إياه . ھذه ھي المرأة لكنھا ليست الغريبة التي ترأھا بل األخت التي تربيت معھا ،فكل امرأة تراھا ما ھي إال األم العطائة واألخت الحنونة و االبنة الشقية ،فال تنس أن كل امرأة ليست غريبة كي تعتدي عليھا أيھا المغفل . الزوجة و ھي سكنة النفس ُ ،مك َملت الناقص ،بدونھا لست كامل ،أ تدري كيف خلقت الزوجه ،من ضلع زوجھا فھي ليست غريبة عنه بل ھي جز ٌء منه ،فانتما الواحد الكامل ،و بدون بعضكما ناقصين ،ليست ھي فقط الناقصة بل أنت أيضا ً ناقص . إن الحب الذي تتبادله مع زوجتك ھو السمو الكامل للروح التي خلقھا ،فا aنفخ من روحه في آدم ثم خلق حواء ،أي أن الروح التي تسكنا ناقصة و كمالھا
٣١
في الزوجة التي نسكن إليھا ،فلتسعد روحك بإسعاد زوجتك . المستقبل يبني معاھا فتكون ھي السند و المحفز لك ، تبدئا حياة جديدة كل واح ٍد فيھا له وظيفه جديدة عليه ، فلتتحلوا بالصبر و المساعده ،و لتعلم أن النجاح الحقيقي ال يأتي إال بمساعدة المرأه التي ھي األن َ فأنت ناجح ألنھا تتحمل أعباءاً من المفترض زوجتك ، أن تكون علي كاھلك ،تخلد ما بقي من عمركما إلي جوار بعضكما البعض ،فأستحسن الجوار و كن له الجار الذي أمر به ،الزوجة ليست جارية ملك يدك بل ھي تكملتك ،فإن أھنتھا ذات يوم فاعلم أنك تھين نفسك ،ھي الصالحة التي تدفعك إلي األمام و األم التي تحت قدميھا الرضوان و األخت التي اسعدتك ،فكن لھا األب و األخ و الزوج الصالح ،ألنھا فارقتھما كي تكن لك . ھذه ما ھي إال أقل الكلمات عن المرأة ،التي وجوب استمرار الحياة سنة تتمثل فيھا ،و لكنك كي تعي الحقيقه فاعلم أن أمك و أخت و زوجتك و ابنتك ھي
٣٢
المرأه التي تصفھا بالنقص و العجز ،فكيف تكون لك كل ذلك و ھي ناقصه . األم ھي المرأة التي تنجب ،التي أنجبتك ھي أمك و األخت التي تربيت معھا ھي أم و زوجتك ھي أم أوالدك ،كل امرأة في ھذا الكون ھي األم ،التي بصالحھا يصلح المجتمع كله ،ألنھا مربية المستقبل ، أما إذا فسدت فالعكس محتوم الوجوب . أيھا الذكر الذي يھاجم المرأة ،ھل رأيت رجالً ذات يوم يھين نفسه ،إن إكرام المرأة من مكارم الرجال ، ألنھم يعون مكانتھا ،فأنت أيھا األحمق ،ال تتحدث ألنك تھاجم األم التي ربتك و األخت التي ساندك و الزوجة التي أصلحتك ،نعم إنھا الحقيقه . إن الرجولة ال تأتي إال بأكرام المرأة ،و ما دون ذلك ليسوا رجال . فاألم ھي التي تصنع من الطفل رجالً و الزوجة ھي التي تكمله .
٣٣
إن المرأة ليست فقط الكمال للرجل ،بل ھي صانعه الرجل .
٣٤
٣٥
السجناء
يوما ً في قاعه المحكمة ،جلس الجميع بانتظار حكم القاضي علي المتھمين ،الذي امتالئت السجون بھم ، لكن الغريب أن من وراء القضبان العديد من الشباب . دخل الحاجب ليعلن عن قدوم القاضي فوقفت المحكمه إجالالً و احتراما ً لقاضيھا ،جلس العادل و أجلس الجميع ،و نظرا في أولي القضايا بعد مرافعة محامي المتھم الذي ھزت كلماته السماء لكنھا لم تھز الھيئة المحلفة و قاضيھا . فإذا بالقاضي يصدر حكمه علي أول المتھمين بضياع مستقبله و حياته ،ثم جاء دور المتھم األخر ليتكرر معه الحكم نفسه بضياع مستقبله و حياته أيضا ً . ثم ثم ......نفس الحكم حتي انتھي القفص إلي وجود شابان فقط بداخله .
٣٦
حينما جاء دور الشاب األول و قبل أن يترافع الدفاع عنه طلب الشاب أن يتحدث ،و طلب من القاضي أن يروي شيئا ،فسمح له القاضي ،فبدء يحكي قصته التي أعتقد أنھا ستنجيه من ھذه القضبان . فقال سيدي القاضي راوضني منذ أن كنت صبيا ً أن أصبح شرطيا ً ،ألني أجد في خدمة الناس سعادة بالغة ،فبعد إتمام شھادة الثانوية العامة تقدمت لإللتحاق بكلية الشرطة ،و نجحت في اختباراتھا و تقدمت للمسؤل كي أعطي له ملفي و أسئله عن موعد الدراسه و أنا في غايه الفرح ،لكن أثناء وقوفي امامه إذ بشاب و معه رجل يتمتعا بحسن المظھر و الرفاھيه ،فجلس الشاب و الرجل و بدأ المسؤل يمزح معھما بعدما رأي كرتا ً كان معھما ،و نظرا إلي بعدھا و ھو مشمئذ مني و قال ماذا تريد ،فأجبته فرد قائالً كيف دخلت ھذا المكتب من وصلك إلي ھنا ،ثم سئلني أمعك كرتا ً ،فتعجبت من السؤال و قولته له ال ،لكني ناجح في اإلختبارات ،فضحك و أحضر الحراس كي يخروجوني ،فذھبت و كلي حزن و أسي و استشيطا غضبا ً ،فإذا بأبي و
٣٧
أمي يحدثاني فيعلو صوتي عليھما ألنھم ليسوا أصحاب جاھا ً وال عزاً ،فكانت كلماتي كالسم الذي أصاب أبي و انتابه الشعور بالعجز ،فوقع و جاء الطبيب ليخبرني بأن أبي قد شل ،نعم شل إلني كنت صبيا ً عاجز علي فھم الحقيقة ،نسيت ما عناه ھذا الرجل كي أصل إلي ما أنا عليه ،لم أذكر أنه كان يعمل من أجلي أكثر من خمسة عشر ساعة كي يوفر لي حياة سعيدة و يلبي لي كل ما يستطيع أن يقدمه أب ألبنه . األن عرفت ھذا و أفتخر بأبي الشريف الذي لم يرض لي إال أن آكل الحالل ،علمت أنه ليس سبب فشلي بل أنا الذي تسببت في شلله . الدموع تتساقط كالسيول ،المحكمه تتئلم و الدنيا تنبذ الحظ و الكل عاجز ال يملك إال البكاء و الحزن .... ثم بدأ الشاب يكمل قصته بعد موج ًه من عدم الرضي و السخط للجميع علي أحوال الحياة . أكملت دراستي و أنا أعمل علي ميكروباص تركه لي أبي ألعوله منه ،ففي يوما ً و كالعاد ًه تقف اللجنة
٣٨
نعبر الشرطية الشريفة و ال تطلب إال حسنه كي َ الطريق و يستطيعون ان يعيشوا معنا في سالم أو تسحب الرخصة ،و أجلس بجوارھم أبوس األيادي التي لن تغني شيئا ً إال إذا أبيضت جيوبي ..... ھذا ھو اليوم المشؤم الذي دائم التكرار أن تجد لجنة في الطريق ،مما دفعني إلي اتخاذ طريق آخر ملئ بالمخاطر ،ألن عالج أبي قد انتھي و البد لي أن أحضر له العالج ،و أنا ال أملك إال ما في جيبي ،أ أذھب إلي اللجنة و أدفع لھا أم آخذ الطريق اآلخر ،فلم يكن أمامي خيار إال أن أسلك الطريق البديل ،و دعوت أن ينجني منه أنا و من معي سالمين ،لكن القدر كان أسرع من دعواتي و أنقلب الميكروباص و حدث ما حدث ... فكيف أكون أنا المجرم ،ھل العدل أن يكون الضعيف ھو المجرم ،و لما ال يكون القوي الذي فرض علينا أن نفعل ھذا ،يدفعوننا إلي الھروب من الفعل الصحيح ، و ارتكاب األخطاء ،ثم نأتي متھمين نحاسب علي جبروتھم و ظلمھم لنا ...
٣٩
إنكم ستحكمون في األرض فاحكموا بالعدل ،ألن ھنالك يوما ً سيحكم فيه ،فكونوا خلفاء aفي عدله علي ارضه . استشاط القاضي غضبا ً من كلماتا ً تشبه الطلقات في صدره ،و جاء دور الدفاع . سيدي القاضي إنكم اعدل من في األرض ،و الحكم و الحق و العدل بعد أنتم ،فھا قد اتضح كل شئ ليس الذنب ذنب موكلي ،إنما ھو ذنب الفساد الذي طغي علي كل شئ في دولتنا ... أنا لن أتحدث فليس للكلمات حقا ً أن تعدل ،لكن صاحب الحق ھو القلب و العقل ... أتضح كل شيء ،و لن أقول إال ھذا اتضح كل شيء ، اتضح ،فلماذا يكون الصمت و الضعف و الذل ھو ما وجب علينا فعله ،لماذا ال نقضي علي ھذا الظلم و الفساد .. لماذا نحن المتھمون و ھم اآللھه التي ال تذنب ،أليسوا
٤٠
بشر أم إنھم منزلين من السماء ،لقد طفح الكيل و عجزت األلسنه و ماتت القلوب ،انتھي كل شئ فلم يبقي سواكم فأنجدونا مما نحن فيه ...شكراً سيدي القاضي . فإذا بالقاضي يحكم بتشديد العقوبه علي المتھم ،كأنه أطرش لم يسمع شئ ،أعمي البصر و البصيره ال قلب له ،كأنه فاقد العقل ال يملك ما يزن به االمور . نزل الحكم علي الجميع كسھم يقتل و ال يجرح ،الكل متعجب ال يستطيع التفسير و كلمه حسبي و نعم الوكيل تعلوا أعلي من صوت رعد السماء . األرض ترتعش و الجبال تھتز لموت األب الذي كان الحكم له قاتل ،فالرصاصه التي خرجت من فم القاضي أصابة القلب الذي توقف عن النبض ،إنتھت القضيه في ساحه المحكمه لكنھا لم تنته في ساحة ... تبقي في القفص أخر سجين ،جالسا ً يبكي و ينوح لما سمعه ،و قبل الحكم عليه طلب أن يروي قصته .
٤١
فقال القاضي بشموخ إنه ال يملك الوقت الكافي لسماع ھذه التخاريف و أنه يملك ملف به كل ما يخص القضيه و المتھم .. رد عليه السجين ،اسمع إنھا قد تكون أخر كلماتي .. قال القاضي :ھسمع بس اتكلم بسرعه . قال السجين منذ الصغر و أتمني أن أعدل بين الناس ، وأسعد برؤيه فرحة المظلوم بأخذه لحقه فتمنيت أن أكون قاضيا ً ،فدرست حتي استطعت أن أحصل علي %٩٩و يكون مجموعي ألعلي كلية لكني اخترت الحقوق ،سعيت لھدفي فكنت األول في األربع سنوات الدراسيه ... كان القضاء يريد شخصا ً واحداً و أيضا ً الكلية تريد معيداً واحداً ... لكني توجھت للقضاء لكي أستلم حلمي لكني فوجئت بردَ المسؤل أنه ال يوجد حُ لم ،فسئلته كيف إنكم تريدون شخصا ً فھا أنا ،تحدثت إليه كي أخبره أنني األول علي الدفعة ،فرد بكل بساطة أعلم ما تقول لكن
٤٢
في دفعتك ابن القاضي و ھو أحق منك ...... ھذه قوانين دولتنا يا بني ،فالبد لك أن ترضي و ال تسعي لتغير الواقع ألنك لن تجني منه إال ضياع وقتك ، و من الممكن أن ينتھي بك إلي السجن إذا تعثرت و أنت تطلب حقك بإحداھم و ستكون تھمتك التعدي علي القانون .... أعلم ما تريد أن تقول ،إن ھذا ظلم و ليس عدل ،لكنه قانونھم و أنا ال املك إال النصيحة ،ثم قال ،،، ال تحزن يا بني فلله عدال سيأتي ذات يوم لكل مظلوم بحقه .... تمالكني الحزن لكن عقلي أراد لي األمل ،فقال لي إن ھدفك ھو العدل و نصر المظلوم ،إذن فاقبل بالمعيد و كن دكتور قانون يستطيع أن يأتي للمظلوم بحقه ... فذھبت إلي المسؤل فكان رده أنه قد عين ابن الدكتور الذي كان معك في الدفعه و قال لي ال تندھش فھذا قانون دولتنا .....
٤٣
فكان ما كان ،لم أقف كثيرا ھنا ألنھا ليست المرة األولي ،تعودت الظلم بالقانون ... رضيت بھذا و اشتغلت بالمحاماة و لكني لم أكن مثل الجميع ،كان التفوق و المكان األعلي من نصيبي ، ألني أدركت أن الحق ظلما ً في بالدي ،و أن الظلم حقا ً ... ھذه ھي القوانين التي تفوقت عليھا و أتيت لكل مظلوم بحقه من خاللھا ،فكانت تھمتي أنني أنصر العدل أما ما بين يدك فما ھو إال حقيقتكم ،آسف سيدي ،ليس العدل الذي تعرفه بل الظلم ،ألنكم ترون الظلم عدالً و ال تروا العدل إال ظلما ً ... الحمد aالذي جعلني ال أخشي سواه و ال أرجو إال عدله ،فلي العادل و لكم الشيطان الذي أغواكم بالدنيا فأنساكم أن ھنالك آخره ،سيحاسب فيھا كل واح ٍد بعمله و ال ظلم فيھا و ال عوج ألن قاضيھا ھو . أال تتذكرني ،أنا الذي تمنيت أن أكون مكانك أنا المسروق يا سارق ...نعم أنا الذي عينت مكانه أنا
٤٤
األول و أنت ابن القاضي ،أنا الذي سرقت منه حقه تصبح مكانه ،فكيف لسارق أن يعدل بينه و بين كي َ خصمه . رد القاضي و ھو يستشيط غضبا ً ،أمثالك ال أماني و ال حقوق لھم . وقف الجميع و صاح الدفاع ،ماذا أقول ،أنا ال آري نفسي إال في مسرحية ،كيف اطلب منك أن تبرئ انسان قمت بقتله من قبل ،كيف أطلب منك العدل و أنت ال تعلم عنه شيئا إال في كتب كان الظلم و الغش و النفاق كتابھا ،أحكم بما تريد فلنا ال أحدا سواه . فصدر حكم القاضي بمخالفه القوانين التي لم يكن في نص عقوباتھا لھذه التھمه اإلعدام و حبس الدفاع . فرغت المحكمه من جالسيھا ،و خرج الجميع َي َسب و يعلن كل شئ ،يوما ً لم يكن للعدل فيه مكان ،أصواتا تعلو و ال سامع لھا إال . قلما يكتب في إحدي الصحف و لم يكن لصاحبه إال أن
٤٥
يروي ما حدث بكل تفاصيله ،ال زيادة و ال نقصان ال شيء سوي ما كان داخل الجدران ... العالم يقرئ و الكل ينھدش ،لكن لم يكن من بين المندھشين مواطنين ھذا البلد ،فھم عالمين أن الظلم سائد و الكل يذوق منه فال جديد إال صراخ أعلي مما تعودوا عليه ،لكن ھذه المرة لم يكن صوت الصحفي وحيداً بل معه كل من امتلك حلما ً ،معه الشباب معه و المستقبل . علي الصوت فكان مخيفا ھذه المره ،ألنه وصل للعالم بأكمله ،فما كان للدولة خيار إال أن تقف عاجزة و تقول جملھتا الشھيره ،إن القضاء مستقل و ھو مؤسسة شامخة و ال تملك الدولة سلطة عليھا ،و ال نسمح ألحد بالتدخل في ھذا الشأن ،ھذه تصريحات الخارجية للعالم الذي انكسر قلبه علي االنسان الذي فقد انسانيته . ثم صدر قرار النائب العام بوقف النشر في ھذه القضية حتي يتحقق من صحتھا و إتخاذ االجراءات الالزمه . لم يتوقف النشر فال سلطان للدولة علي مواقع التواصل
٤٦
اإلجتماعي كي تنفذ عليه قرار النائب العام ،بل توقف النشر عند أصحاب العجز و اإلستسالم للذل و الخوف ،القضية أكبر من أن تغلق بدون حساب أحد ،فكان الحساب للصحفي الذي رفض أن يسكت علي ھذه المظالم التي رأھا ،اختفي الرجل وسط سكوت و خضوع و ذل ممن حوله . أتفق الشباب علي النزول إلي الميادين و الوقف أمام الدولة بطلب الحق و العدل و الكرامة ،و ال يملكوا إال الصوت الذي يھتفون به و الورقة التي يكتبون عليھا مطالبھم ،و كان من ضمناھا ،،أين الصحفي ... فردت الدولة و بكل قوه و حسم بقنابل الغاز و المياه التي لم تخيف الشباب ،فكان البد للدولة أن تنھي ھذه اللعبه فكان الخرطوش و الرصاص المطاطي و أحيانا ً الرصاص الحي سالحھا للرد علي مطالب ھؤالء الشباب . أنا أطلب العيش و العدالة و الكرامة ،و أنت ترد بقتلي و قتل من يقفوا معي و تطلب منا أن نخضع ألوامرك ،
٤٧
أنا أطلب و أنت تعند و تتحددي . نسي صاحب السلطة أنه موجود ليعدل و يخدم الشعب و يحقق لھم ما يطلبوه ،نسي أنه يأخذ راتبه منا ليفعل ھذا ،و أنه ھو القائم علي خدمتنا و ليس نحن من نخدمه ،نسي كل منا دوره الحقيقي و أعمته الدنيا عن الحق . نسينا الخوف من ،و نخاف من بشر صنعنھا بأيدينا ك إله . ال خوف و ال خضوع إال aبھذا لن يكون ھناك ديكتاتور ،بل يكون ھنالك كلمه حق تعلوا و عدالً بين الجميع و مساواة ،ألننا ال نخاف إال صاحب السلطان و مالك الملوك رب الوجود الذي ال إله إال ھو ، العادل الذي ال يرضي الظلم ،الحاكم الذي يسھر علي راحتنا ،و ال يريد منا إال الخير ألنفسنا ،أ نترك الخضوع ، aو نخضع لمن جعله الجھل و الظلم آلھا مع ......
٤٨
٤٩
من انا سؤال يري الجميع أن االجابه عنه أشبه بالمستحيل بل إنه درب من الخيال أن يعرف أي إنسان من يكون ... ھذه حقائق أثبتھا الجميع فمن أنا ،أ أستطيع انا اقول من أنا سوي األسم و العمر و العنوان أو أشياء ليس لھا سوي صفه المسميات ال معني و ال قيمه لھا في حقيقه األمر ؟؟؟ .... عندما سئلت نفسي ھذا السؤال أجابت الطموحات و األمنيات التي تمنيت أن أري نفسي مثلھا ،لكن الواقع لم يكن له مكان في اإلجابه ،فقررت السؤال ثانيتا من أنا ،رأيت في نفسي ما أتمناه و إني أشبه المالئكه إال قليل فكيف أكون ھذا الذي رأيته و لم أحقق في حياتي أي تقدم ،إجابة غير مقنعه فالواقع لم يشھد نجاحات أو فوز حقيقي يخبرني أنني ھذا المالك الطاھر ،أخذت خطوه جديده في التفكير أن أري نفسي كما يراھا الناس ،و لكن كيف أعلم رؤي الجميع لشخصي ،أسئلھم ھذه اإلجابه بديھيه ،فعلت ھذا سئلت من حولي من
٥٠
أصدقاء ،كان العجب أن ھذا المالك الذي رأيته في نفسي كان وصف اجابتھم علي سؤالي ،فكيف لي أن اقتنع بھذا ،دارت حوارات و أفكار و تأمالت العقل تعجز أن تعلم من أنا و من حولي يعجزوا أن يقولوا لي من أكون ،بل ھنا سؤال آخر ،لماذا رأني أصدقائي بنفس ما رأته نفسي ،أعتقد أنھم رؤني ذلك الن ھنالك من الحكمه ما تقول الطيور علي اشكالھا تقع ،فأنا شبيھھم فھم يروني كما يروا أنفسھم و تراني ذاتي ، لكن ھذه المرة أخترت أن اسئل غرباء ،فكان الرد كيف لنا أن نعرف من لم نتعامل معه ،غلقت األبواب و النوافذ و لم يبقي في المكان سوي أنا و ذاتي التي تخدعني فقررت مواجھتھا . أنا :من أكون ؟ ذاتي :أال تعلم من تكون ؟ أنا :لو أعلم ما كنت بسائل . ذاتي :أنت تعلم لكنك تخاف المواجھة و الحقيقة .
٥١
أنا :أخاف مواجھت من ؟ ذاتي :تخاف أن تواجه نفسك ،تخاف أن تري نفسك فاشل عديم الجدوي . أنا :لكني لست كذلك . ذاتي :ألم أقل لك أنك تخاف المواجه لذلك ستھرب منھا . أنا :لن أھرب فلست جبان . ذاتي :أ متاكد مما تقول ؟ أنا :ھھھھه أال أعلم من أكون . ذاتي :إذاً أنت تعلم ؟ أنا :ھھاه ...تمتمه بكالمات غير مفھومة . ذاتي :ھل تفجائت ،نعم إنھا الحقيقه أنت تعلم من تكون و لكن تخاف الحقيقه فإذا كنت ال تعلم سأقول لك. أنا :إذاً ماذا تريد أن تقول لي ؟
٥٢
ذاتي :الحقيقه التي تخفيھا . أنا :لم أخفي حقائق . ذاتي :إذن اصطنت جيداً و ال تقاطعني ،ألنك لن تنوي سماع ھذا الكالم مرة آخري . أنا :أسمعك . ذاتي :أنا ال أعلم من تكون . أنا :ھاه . ذاتي :قلت لك اصطنت و ال تقاطع . أنا :حاضر . ذاتي :سأدلك إلي الطريق الذي تري فيه نفسك و تعلم حينا ذك من تكون ،لكن أنت الذي ستحكم علي نفسك . أنا :كيف أو ال أنت نفسي ؟ ذاتي :ال ،بل أنا عقلك الباطن و روح فكرك الذي ال تظھره ،انصت .
٥٣
أنا :معك ،أكمل . ذاتي :أنت الفاعل ،أنت الماضي و الحاضر ،لكن ال نعلم ماذا في المستقبل و ال يھمنا ،ألننا نريد أن نعلم من تكون ،و ليس ما ستكونه . أنا :أنا ال أفھم شئ . ذاتي :أنت بفعلك فعندما تصنع الخير فأنت َخ َير ،و عندما تصنع الشر تكن االسوء ،فلتكتب و تتذكر ما فعلت ،و تقل ھل كان الصواب أم الخطأ و ما النسبة الفارقة بينھما ،كي تعلم من تكون . انتھيت مع ذاتي و قتل الحزن حكاياتي ،فلم أعد أنا الذي كنت في الماضي ،عندما اتسائل لكني أصبحت الواقع الذي البد أن اھرب منه في زحام أخطاء الجميع ،فالكل مخطئ و يري نفسه صواب بال لوم أو حزن ، فلماذا ال أكون مثل الجميع ،لماذا أكون مختلفا . فقدت صوابي ،و رأيت وجھي الحقيقي فقررت أن أرفع يدي إلي سامع القلوب الذي يحكم و يتوب
٥٤
علينا من جھالً أصاب فنجح ،و بعدما أنتھيت و في أثناء وجودي في المسجد رأيت رجل أحس قلبي أنه ملك من سماء بعث إلي كي يعلمني ما أريد ، تقدمت إليه ،فقال أجلس فأنا منصت . أنا :سيدي قد اتعبني الدھر و كل شئ كان مراده أن ال أكون ما اريد . الحكيم :أتعلم ما الدھر يا ولدي ،إنه و ما يبتلي عباده إال حبا ً فيھم ،أصبر و أفعل ما تأمر و كن عبداً صالحا ً يكن لك ما تمنيت ،فكيف aأن يبخل علي من أعطاه ،اعط كل ذي حق حقه ،العمل في إتقانه و القلب بالعبادة و المعاصي بتركھا و الوالدين بإحسانك إليھما و المال بتطھيره ،كل شئ ال استثناء ،أرضي فتكن أنت الراضي أعطي فتكن أنت المعطي . علمت من أكون ،فالخطأ دلني إلي طريق القاع الملئ بالناس الذين يفعلوا العرف دون النظر إلي صحته و ھل ھو مناسب لديننا و قيمنا أم ال ،أما الفعل الصحيح فأتعبتني رقبتي و أنا أنظر إليه في القمه التي ال يوجد
٥٥
بھا إال قلة قليلة . حزنت علي الماضي و الحاضر لكنا أمل المستقبل لم يتركني فمد يد العون لي ،لنبدأ صفحه جديده أول ما يوم ُي ْمحا خطأ و كتب فيھا محو أخطاء الماضي ،كل ٍ يكتب بدل منه فعل صحيح ،حتي أصبحت في الواقع كما تمنت أن أكون دون مبالغة أو تناقض . ھذا ھو عطاء لي ،أن أصبح في القمه التي كان خطوات الوصل إليھا بفعل ما أمرنا به .
٥٦
٥٧
جھل التقدم يوما ً في قاعة الدراسة ،الكل يسمع ألستاذ موھوب يشرح األدب في صورته الحديثه ،لكن ھنالك طالب ال يقدر أن يفھم ما يقوله معلمه ألن قدرته اللغوية ضعيفة ،كان ھذا الطالب يجلس و ھو يخاف أن يسئل من معلمه و ال يستطيع اإلجابه فعندھا سيظھر بمظھر غير الئق ،و جاء السؤال و ارتجف الطالب لكن لحسن حظه كان السؤال عن الرقم ٨او َ ، ٧سئل المعلم ما ھذا .
٥٨
رد الطالب ٨و ھذا ما يتضح للجميع لكن المعلم رد بأنه يراه ، ٧إختلفنا حينا ذاك ،من يستطيع أن يحسم األمر و يقول ھل ھو ٨أم ، ٧كان الموضوع ليس له عالقه بالرقم بل عالقته تتمثل في إراده و روئيه المعلم أننا من الممكن أن نختلف و يكون كالنا علي صواب ، و ھذا ما أسماه الطالب منطق الال منطق و الالعقل ، لكنه سمع فقط و كان كالم المعلم مقنع للجميع ،فيقول المعلم أننا نختلف أحيانا و لكن كل منا يري الصواب من موقعه فاذا بدلنا ھذه المواقع نكون بدلنا الرؤيه أيضا ً و يتضح لكل منا وجھه النظر األخري أنھا صواب من ھذا الجانب ،فيكون حينھا أن كالنا علي صواب ... ..إذاً فالنظرة ھنا من جانب واحد و ليست نظرة شاملة تجمع تفاصيل الموضوع كي تنتھي بنتيجه للمجمل بل انتھت بنتيجه جزئيه للجزء الذي يراه كل واحد منا.. فلماذا ال نتقبل الرأي األخر الذي يكون علي قدر صوابنا ،انتھي الحديث و أنغلق الموضوع في قاعة الدراسة لكنه لم ينتھي من تفكير الطالب فبدء رحله من
٥٩
البحث كي يتأكد مما سمعه . أنطلق الطالب إلي منزله و ھو يفكر بصوت يصل رنينه إلي السماء فيما حدث في المحاضرة ،و بعدما وصل إلي البيت بدأ يتأمل الكلمات من جديد و بدئت األسئلة التي ال نھاية أو حصر لھا ،أول األسئلة ھل ھو ٨أم ، ٧كانت اإلجابة ال تھم أكان ٨أم ٧بل األھم إلي ما يشير ،اتضح أنه سواء كان ٨أم ٧فال يشير أي منھم إلي شئ و لكنھما أتفقا في ذاتھما إلي أن كل منھم رقم ،إذاً فالمعني منقوص يحتاج إلي ما يكمله كي يكون ذو قيمه أو فائدة فمثال إذا كانت مكتوبة ٨ أشخاص فمن المستحيل أن تقرأ ٧و العكس صحيح . كان المعلم ال يريد الرقم بل يريد فكرة االختالف أننا من الممكن أن نختلف و يكون كالنا علي صواب ، لذلك فلننظر نظرة أخري إلي ھذه الحكمة التي يود معلما ً أن يزرعھا في عقولنا . سأختلف معك معلمي ألنك لست علي صواب ،فالحق واحد و اإلله واحد و الدين واحد و كل شيء أساسه
٦٠
واحد و الثاني الذي أكمل الواحد كما تكمل المرأة الرجل خلق من الواحد الذي ھو آدم عليه السالم ، القواعد التي وضعھا ديني واحده ال تتجزء ،فكيف يوضع الشئ و نقيده و يكونا علي صواب .. أعتذر لمعلمي ألنه قال أن الثوابت واحده و ال اختالف عليھا و إذا أختلفنا البد أن يكون ھنالك شخص واحد علي صواب ... اإلختالف علي أشياء أخري في السياسة أو العلم أو غير ذلك ،سأتفق معك و أرفع لك القبعه أيضا ً و لكن عليك أن تقول لي ما ھي الثوابت ،إذا أثبت أن ھناك قواعد يتفق عليھا الجميع سأتفق معك أن ھنالك رأيان علي صواب ،فقل لي ھل أتفق العالم أن ھو اإلله ھو خالق الكون بمن عليه لم يتفق العالم بأكمله ،أ كل ما يدور حولھم من شمس و قمر و نظام و سماء بال عمد يشكك فيه أحد علي وجود إله خالق لھذا كله ،ھذه ھي الثوابت التي من المفترض أن يتفق عليھا الجميع ، ھنا نكون أختلفنا و يري كالنا أنه علي صواب ألن ھذا ثابت ال ينكر و لكنھم أيضا ً يروي انھم علي صواب و
٦١
أننا مصتنعين لھذا اإلله ،فكيف نختلف علي ما ھو اقل وضوحا ً من ذلك و يكون كالنا علي صواب . حتي قوانين الطبيعه التي ال تقبل التغيير لثباتھا ،أثبت اينشتين فيھا أن نيوتن كان علي خطأ . سيدي سأثبت لك عكس قولك ،فلتتغير األدوار و اتقمص أنا دور المعلم و أنت طالبي ،قل لي جملة استخدم فيھا ٨ ، ٨أشخاص ،ماذا تدل ٨أشخاص ، إنھا ناقصة سيدي أريد جملة كاملة واضحة ،ھؤالء ٨ أشخاص مھذبين ،لقد حددنا من ھم ال ٨و ما يميزھم عن غيرھم كي نستطيع أن نعرفھم ،فھل إذا قلت ھذه الجملة لمائة شخص سيختلف معك أح ٌد منھم ،البد أن يتواجد من يختلف ألن ھنالك دائما ً حاقد يريد أن يبطل الحق لمكاسبا ما ،سيقول لك نحويا الجملة كاملة لكنھا ليست صحيحه ألن ھؤالء األشخاص غير مھذبين ، فكيف تصفھم بما ال يملكون ،حدث اإلختالف و تغير الموضوع من أننا نريد أن نضع الرقم ٨في جملة كاملة تدلنا بكل وضوح علي ما يعنيه ھذا الرقم ھنا ،و اصبحت القضيه ليست قضيه ال ٨بل قضيه ثانوية ،
٦٢
يأخدنا فيھا اآلخر كي يبعدنا عن الھدف األساسي ، يقول لك أن ھؤالء فعالً كذا و كذا و ھنالك أدلة و شھود و يكبر الموضوع كي يختلق نزاع واھم ننسي به األصل . أيضا ً من المنظور السياسي الذي تھوي الحدث فيه سيدي سأرجع لك شيئا منسي منذ زمن بعيد ،األنظمة السياسية التي قامت علي الرأسمالية و اإلشتراكية و العلمانية و الليبرالية ،كم أستمر تواجدھا و ماذا أستطاعت أن تفعل في العصور الحديثه ،ما التقدم الذي أحرزته ،إن التقدم كبير لن أختلف معك ...لكن ھل يقارن بدولة عمر بن عبدالعزيز ...و لكن كم من الوقت تحتاج ھذه األنظمة كي تثبت لنا أنھا غير صائبة و تطفوا شوائبھا الكثيرة و األخطاء التي
اسقطت
بعض ھذه األنظمة و ستظل تسقط كل جديد منھا ألنھا صناعة بشرية مملوئة باألخطاء التي تظھر بعد وقت معين ،فلنترك كل ھذا و نري نظام سياسي آخر أستمر قرابة الثالثة عشر قرنا ً ،إنھا الدولة اإلسالمية سيدي التي حكمت بسياسه في االرض اإلله الواحد و التي
٦٣
حكمت العالم بأكمله و مدت الجميع بالتقدم و الرقي ، أكثر من ألف و ثالثة مائة عام يسود ھذا النظام العالم فھل ھنالك أنجح من ھذا النظام الذي وقع عندما تخلي البشر عنه و استحدثوا مناھج جديدة من صنعھم ،كي يسقط أيضا ً ھذا النظام ،لكنه لم يسقط كما سقط الجميع ،سقط ھذا النظام ألن القائمين عليه تركوا ما فيه و أختلقوا عليه ما ليس به ،ھذه ھي الحقيقه لكن األنظمة األخري تسقط لشوائب في ذاتھا ،لكن نظام ال تشوبه أي شوائب ،أ كان في نظام الدولة اإلسالمية اختالفات ،البد أنه كان ھنالك العديد من اإلختالفات لكن في النھايه البد أن يتواجد واحد فقط علي صواب و ھو منھج ،فمن اتبعه كان ھو الصائب و من تركه كان ھو الخاطئ .. سنختلف في علم الرياضيات و علم اللغه و علم المنطق و كل علوم الدنيا و الدين ،لكن ال يوجد إختالف كل أطرافه علي صواب ،واحد فقط فلنقلھا سويا واحد فقط ھو المحق و األصح . الوصول إلي القمه أو الھدف المراد تحقيقه له عدة
٦٤
طرق لكن طريق واحد فقط ھو الصواب . مثال -:رجالن يريدان أن يصبحا أغنية ،أحدھم عمل و تعب و تاجر و ذاق األمرين كي يجني ثمار عمره ثروة يرضھا لنفسه ،األخر سرق و نھب كي يجني لنفسه غني زائف لكن في نھايه المطاف وصل إلي الھدف المرجوا تحقيقه ھو الغني ،حققنا الھدف سيدي و وصلنا إلي ما البد أن نصل إليه فقل لي أي الطرق كان صواب ،كالنا حقق الھدف و كالنا مختلفين في الوصول إليه لكن ليس كالنا علي صواب . نھايه القول أن شھد أن ال إله إال ھو و المالئكة و أولوا العلم ،و إن علمنا برسله و كتبه أن الحق واحد و طريقه واحد ھذا ما اخبرنا به في أياته و قرآنه و انجيله و كتبه ،و أيضا ً اخبرنا أن الظالمات عديدة و طرقھا عدة كالنفاق الذي يتلون به الناس كي يصلوا إلي غايتھم ،فإذا أردت العلم الحديث فاربطه بعلم كي يھدينا إلي طريق ال طريق البشر الذين يطبقون فيه قوانينھم ،و أعطي لنا قوانين الكون الذي استخلفنا عليه في اياته و قرآنه ،فلنكن خلفاء في األرض و
٦٥
ليس خلفاء آدم و ذريته الذين عصوا و فسدوا في األرض .
٦٦
٦٧
مدرستي مدرستي جميلة نظيفة متطورة ،العلم نور ،النظافة من اإليمان ،كن جميال تري الوجود جميال ،خيركم من تعلم العلم و علمه ،كلھا شعارات و كلمات تملئ جدران المدارس لتجمل شكلھا ،ال لتغير منھا شيء . خد يا حيوان ھنا ،حيوان ،أه حيوان مش عجبك ياض عجبني يا باشا . ھھھھھھھه باشا و حيوان يال أھم بيفكو عن نفسھم برده عشان ما يبقاش فيه قفش بين المدرس و الطالب ، عالقات ود و كدا يعني و كله في صالح التعليم . فين ياض الفلوس اللي عليك و ال أقول البوك إن أنت ما بتجيش الدرس ،يا باشا بكره تبقي عندك ،أيوة كدا . إيه يال جي بشبشب قايم من السرير علي ھنا و ال إيه ، يا مستر مش بالمظاھر الء .
٦٨
إنت لسه جي دا اليوم خلص ،عندي حصه ألعاب ،ما أجيش أفشل يعني ،و بعدين اإلدارة قالتلي إن من حقي أخش المدرسة في أي وقت ،إيه الحالوة دي يال بقيت مثقف ماشي يا خويا خش . ھذه ُن ْبذة عن األخالق و التعامل داخل المدارس ،و ما ھي إال نبذه ھاه نبذة ،و ننتقل إلي التعليم و ليس التربية و األخالق التي من المفترض أن تسبق التعليم ، فكما قالوا لنا إنھا تسمي وزاره التربية و التعليم ،و التربية في المقدمة و خدين بالكم معايا في المقدمة ، بس و ما ھتفرق و ال دي في المقدمة و ال دي في المقدمة االتنين متساويين و الحمد aفي المؤخرة .
فمنذ بداية الدراسة و نحن كطلبه ال نعي ما نقول و إنما نحفظه فقط ،ھكذا يعلمونا مدرسينا فال عتاب علينا إنما عليھم ھم ،إحنا ملناش دعوة اه و ھم السبب ،و بعد التدرج في الدراسة وصلت لكلية التربية التي تعدني كي أصبح مدرسا ً ،و كان المالحظ أن الفرق
٦٩
الذي تغير ھو المناھج التي تحفظ ال أسلوب الشرح و ال أي شئ سوي تخلف و تاخر أكبر ،شوفتوا مش قولتلكم ھم السبب ،بس ھم مين ھاه مين . الفصل ملئ بالطالب الذي تختلف مستوياتھم الماديه و اإلجتماعيه و ينظر إلينا المدرس علي ھذا النحو ،إن األفضل دائما ً ھو الذي يملك الھدوء و المال و يكون له تلميذاً في درسه الخصوصي ،الواد دا شكله ابن ناس و ھناكل من وراه لقمة عيش حلوة . ال أحد يعلمنا شئ سوي كلمات ال تجدي نفعا ً النھا غير مرتبطة بالواقع الذي نعيشه بل مرتبطة بخيال و وھم .. درسنا لغتنا العربية و لكن لم نعلم أھميتھا و ال شيء عنھا إال إنھا تتألف من أجزاء مختلفة ،شكل المدرسين مش عارفين ھي لزمتھا إيه أصالً عشان كدا محدش قالنا ،و الرياضيات ما ھي إال مسأل ،نحفظ القوانين و نطبق عليھا كي نصل إلي ناتج ،و العلوم و ما علمنا منھا إال أنھا تضم علوم ،سبحان يا جدع اسم علي مسمي ،ثم الدراسات التي تضم التاريخ و الجغرافيا التي تريد الحكومه منا معرفتھا ،ثم اللغة االنجليزية و
٧٠
التي ھي األھم كي تحصل علي وظيفة في سوق العمل الذي ال توجد فيه فرص عمل إال إذا كنت متمكنا منھا ، و في عالم التحضر و البرتوكوالت الوھمية في مجتمعنا الفاقد للوعي فأن وضع بعض الكلمات االنجليزية وسط حديثك باللغة العربية ھو داللة علي أنك من وسط راقي متقدم ،و المصيبة بقي إيه إن ھم بيعلمونا انجليزي غلط ما بيعرفوش ينطقوا انجليزي اه و زي ما بقولك كدا . فلنبدأ الحديث األھم عن التعليم ،التعليم في بالدنا ھو منشئات و ليس طلبه و معلمين ،أن الذي ينظر اليه الموجه الذي ال يملك سلطة إال شرب القھوة او الشاي في المدرسة التي يزورھا ،و نقله يا باشا و يا بيه و نظبطه برده عشان يخرج متكيف و أھم حاجه ان الذبون يتكيف ،ھي النظرة علي نظافة المدرسة و الفصول و عدد المتغيبين و الزي الخاص بالمدرسة ، انھم يريدون مؤسسات نظيفة الشكل و الھيئة ،فيعمل الطالب في بعض االحيان عامل نظافة عندما تخبر المدرسة بقدوم احد الموجھين أو االدارين األعلي منھم
٧١
،يروحوا ندھين علي العيال اللي عليھم حصة العاب لم ياض انت و ھو الزبالة عشان تلعبوا ،و العيال فرحانة عشان ھتلعب مش عرفين ان ھم كدا عمال نظافة ، حلو أن أنت تخليھم نظاف و يلموا زبالتھم و تعلمھم النظافة ،حلو أنك تعلمھم إيه النظافة عشان النظافة مش عشان حد جي يزور المدرسة و الزم يلقيھا نظيفة ،اما مسئلة تحصيل الطالب فھي مھمة و لكن تأتي في زيل القائمة التي ينظر إليھا ،و ھي مسئلة تحصيل ال ادراكي عبارة عن حفظ المناھج و شكل االسئلة ، فنالحظ أن في بعض األحيان ،ال ليس في بعض األحيان ،أسف إنما في معظم األحيان حقيقتا ً أن الطلبه تعرف اإلجابة و لكن عندما تسئل ال تسطيع أن تجيب عن السؤال ،ألنھا تحفظ الموجود كما ھو دون أن يفكر العقل ،ما الھدف مما يحفظة ،زي معلش كدا في الكلمة او مش معلش اوي يعني الحمار حافظ الطريق بيروح و يجي بس بيروح و يجي ليه مش عارف ، يمكن عشان صاحبه عايزه يروح و يجي .
٧٢
أن التعليم البد ان يرتبط بالمدرسة ،لكن إذا ارتبط التعليم بالمدرسة في بالدنا فتصبح جناية البد أن يعاقب عليھا ،اه و جناية بتخرجلنا مسجلين مش متعلمين ،ھو مش المعظم بصراحة بس حقيقة موجودة . يتحدثوان عن التطوير التعليمي يوميا ً و علي أن البداية آلبد أن تكون من المعلم ،إذاً فلنبدأ بالمعلم ،فلنأخذه و نعلمه ھذا الفاشل الذي ال يعلم شيء سوي الذي علمتوه إياه . الدراسة في كلية التربية كما درستھا ھي قمة الغباء و التخلف ،فمعظم الدكاتره يدركون أن ما يقدمونه لنا ال يضر و ال ينفع بأعترافھم ،و مع ذلك يقومون بتقديمه ،ھو غباء و كدا يعني بس ھو دا اللي عندنا و ھتتعلموه يعني ھتتعلموه ،ثم يقولون أن ھناك سياسات البد أن تطبق و ھناك نظام و قوانين يحكمھم ،يعلموننا الجانب النظري دون تطبيق و بعدھا يطلب منا المجتمع التطبيق ،فلنطبق او نصفق أو أي شئ ،إن الذي تعلمناه ليس ھو الموجود علي أرض الواقع فالكلمات جميلة عن مجتمعنا الذي اصبح قطعة من اوربا بل
٧٣
أجمل منھا ،بيدرسولنا حاجات يا سبحان و تحس أن أنت مش من البلد دي ،لكن الحقيقة و الواقع إن الكوارث ال عدد لھا و إن المناھج التي تعلمناھا ال وجود لھا ،فمثالً عندما تنزل تدريب في إحدي المدارس كي تطبق ما درست في الجانب التربوي تجد أنك مطالب بتطبيق ما ال تعرف و البد أن تخضع له ، تناقضت المناھج في كلية التربية منھج ،و لوزارة التربية و التعليم منھج للسلوك و اسلوب المعلم و تحضير الدرس ،فكل الذي تعلمته ال قيمة له ألنك عندما تعمل فأنك تعمل تحت إشراف وزارة التربية و التعليم و التي ال تعترف بما تعلمته في الجانب التربوي ،بيعلمونا حاجات كتير و رايح فين رايح الجامعة جي منين جاي من الجامعة و في األخر يقولك أركن اللي اتعلمته علي جمب ،حاضر ياسطي ھركنه ،خش عليا بالطلعة الجديدة ،و كي تصبح معلم يستطيع أن يفكر خارج اإلطار العام و ينجح ،البد أن تفكر بأسلوبھم و أن تنجح في نظرھم و ليس في نظر نفسك أو نظر المجتمع الحقيقي الذي ينشد تعليم بمعني الكلمة ال التعليم الذي يقدم اآلن ،أنت معانا يبقي ھتنجح مش
٧٤
معانا تبقي معارض و عايز البلد دي تقع و مش وطني علي فكرة . ستتعجب كثير من كل شيء و ھذا ال يھم ،األھم أن تختار إما أن تخضع للفشل و التأخر و تصبح جزء منه و أنت تبحث عن عمل ،أو أن ترفض ما يدور في ھذه المؤسسة و تجلس في بيتك تشاھد برامج التلفاز الذي يتحدث فيه المسؤل عن التطور الحقيقي الذي سيحدث في التعليم و الذي يجب أن يحدث حتي تتقدم االمه ، فھي كلمات ال تجدھا إال أمام الشاشات ،أما في القوانين و السياسات التي تخصھا فلن تجد شيء إال و يدعوا إلي مزيد من تأخر العقول و انحالل األخالق و ھروب المفكر من ھذا المجتمع الفاشي الذي يقتل ابنائه بالتعليم ،إنھم يدعوننا إلي دينا جديد أمام التلفاز أما في المكان اللي ھو بيقول عليه فھو ثابت علي دينه ، أكبر . إن اللوم ال يمكن أن يكون علي الطالب ألن الطالب يذاكر وفق ما تعطي له و ينجح و منھم من يتفوق و في النھاية يجد نفسة كأنه لم يتعلم شيء ،و المعلم أنت
٧٥
تعده كي يصبح علي ما ھو عليه اآلن ،فكيف ترجع األزمة و التأخر الذي جني علي اوالدنا علي عاتقه ، لماذا لم تعلمه أنت كي يصبح قادر علي تحقيق ھذه المتطلبات التي تتحدث عنھا ،لكن بالفعل أنت الذي تقوم بتعليمه فكيف تطلب منه عمل لم تعرفه كيف يكون ،كيف تعلمه شيء و تطلب منه نقيضه ،كيف تنفصل كلية التربية عن وزارة التربية و التعليم و يكون كل منھما في جانب أخر و كأنھم خصوم كل واح ٌد يريد أن يحقق ما تھواه نفسه ،ھي خناقه ملناش دعوه احنا ، احنا نعمل إيه نجيب كوبيتين شاي و نعد نتفرج . بصراحة بقي و من غير كالم كبير ،أي دولة عايزة تتقدم و تطور و تبقي دولة لھا مكانة في وسط األمم ، بتعمل ايه ،بتبدء بالتعليم ،ألن التعليم ھو أساس كل شيء ،و خلص الكالم و ،عايزين يبقي في تعليم بجد اكيد في ناس تعرف تعمل تعليم حقيقي ينتج اإلنسان الذي يقود ھذه الدولة نحو التقدم و الرقي ، لكن مش عايزين يبقي في تعليم و ال نتقدم عشان محدش يفھم انتوا بتعملوا ايه في البلد ،و كل الناس
٧٦
تقول حاضر و نعم و يمشوا وراكم ،ما توجعوش دمغنا احنا بقي ،و كل شويه نتطور التعليم و المعلم ، و المعلم أھم واحد و المعلمين ورثه األنبياء ،و الحاجات اللي الناس كلھا عارفھا دي ،ال تقولوا كالم حقيقي و زي الفل و تطبقوه ألما ما توجعوش دمغنا بالكالم في الموضوع دا ،كتبتھلكم كدا عشان تفھموھا عشان عرفكم مش اد كدا في العربي ،فله يا صاحبي . ھناك أيضا ً موضوع تكسد الفصول ،طيب و ھنعمل ايه و مفيش فلوس نبني مدارس تاني ،و ازمة نھت علي التعليم اللي مش موجود ،ازاي ھتعلم ٧٠طالب في فصل واحد و ھتأعدھم فين و عقبال ما تسكتھم تكون الحصة خلصت ،ھي دي األزمة يعني أن مفيش فلوس تبني مدرسة عشان تخلي عدد الطلبه أقل في كل فصل ،خد حل للمشكله من غير فلوس . الحل موجود بس مش ھقوله ھنفذه علي طول ،ازاي ھتنفذه و انت مش وزير تعليم ،ما ھم ھيجبوني وزير تعليم عشان أحل المشكله ،وزير تعليم ايه أنت لسه عيل بتاخد مصروفك من أبوك أنت عديت الواحد و
٧٧
عشرين سنه اصال ،دا اللي انتوا فلحين فيه تتريقوا إنما تحلوا الء ،يفرق ايه عني اللي ماسك وزير التعليم ،يفرق أنه دكتور راجل عالم عارف ھو بيعمل ايه ، كويس و النتيجه ايه مفيش تعليم متصنفين أخر دولة ، و أنا حتي لو جيت و فشلت معتقدش أننا ھنخسر حاجة عشان احنا كدا كدا األخير ،إنما بقي لو حليت المشاكل فھنتقدم كتير اوي ،فكرتك وصلت و ربك يسھل . حدثت المفاجئة و تعينت وزير للتعليم طفل كما يقولون عنه و ينظرون إليه ،مؤتمر صحفي يعلن فيه الوزير عن خطة الوزارة في حل مشاكلھا و تطويرھا . أنت بتدرس في التعليم االساسي كام ساعه في الترم ، ھنقول مثال ٣شھور ،احنا ھنخليھم اربع شھور و نص ،و ھنخلي الدراسة ٦ايام في االسبوع ،و كل طالب ھيدرس ٣ايام في االسبوع فقط و المدرس ھيشتغل السته ،يعني ھنجيب مدرسة ھنقسمھا اتنين ، النص االول ھيجي سبت و حد و اتنين ،و النص التاني تالت و اربع و خميس ،و الجمعه أجازة للكل ،
٧٨
كدا أنا عملت ايه قللت نسبة الفصول ، %٥٠و اديت للطلبه اجازه ممكن من خاللھا يطبقوا اللي اتعلموا دا في المجتمع اللي عايشين فيه ،اه اجازه أخر السنة ممكن تبقي شھر واحد بس ،بس أنت مديھم اجازات كتير و محدش ھيعترض أما يكون دا ھيحسن تعليم والدھم ... لسه في فكرة تكميلية . نخلي فترات الدراسة ٣فترات ،تبدء من ٦صباحا ً لحد ، ١٢و من ١٢,٥لحد ، ٦,٥و من ٧ل ، ١ ھتأخر الطلبه كل دا و ھتسھر األھالي ،اه ھأخرھم بس ھراعي و أنا بعمل كدا إن األخوات اللي في اسرة وحده يبقي ميعادھم واحد فقط من ال ٣فترات ،عشان ما اتعبش اولياء األمور ،و ھنراعي األم العامله في اختيار ميعاد والدھا علي الفترة المناسبة ،و اكيد أما تفھم الناس أن كل دا عشان خاطر مصلحت والدھم و مستقبلھم ھيسندوك و ھيشجعوك و ھتنفذ الفكرة ،لك أن تتخيل أن أنت كدا قللت نسبه ال %٥٠الي التلت ، يعني الفصل اللي تعداده ٧٠طالب ھيبقي عدده اآلن
٧٩
حوالي ٢٤طالب ،من ٧٠ل ٢٤فرق رھيب ،تقدر تعلم كدا كل طلَبك بصورة صحيحة و توفرلھم كل شيء ،اتكلمنا فوق إن ال ُمدرس الموجود بالفعل ھيشتغل االسبوع كله ،كدا ھيبقي في مشكله إن الفتره ال ٣دي محتجنلھا مدرسين ،اكيد مش مشكله أنت كدا بتوفر فرص عمل ،بس مفيش فلوس ،ممكن نعمل ايه إعادة توزيع اجور الوزارة ،بس معتقدش أن حد ھيوافق أن راتبه يقل ،و اللي مش ھيوافق يعد جنب الست الوالده ملھوش شغل عندي ،و ھعمل حد أدني للمدرس ٣اآلف جنيه و حد اقصي ٢٥الف جنيه ألعلي راتب في الوزارة ،و تشكيل لجنة تظم الواقع الذي نعيشه و احتياجات سوق العمل ،و الفكر بتطوير المناھج بحيث إن الطالب يخلص دراسة يشتغل . كدا ممكن نقول أن احنا قدرنا نحل مشكله الخمسين السنه اللي فاتت ،من غير ما نكلفك حاجه ،و نبدأ من جديد ،صفحة مشرقة في العملية التربوية و التعليمية ، مفيش اسھل من كدا .
٨٠
الوزير كل يوما ً في مدرستا ً ٌ ھيئة و لبسه تكون قميص و بنطلون و احيانا تيشرت ،و كمان مفيش حراسة ،و اإلدارات كل إدارة مفيھاش غير ٣موظفين و الباقي بيمروا في المدارس يطمنوا علي العملية التعليمية ، المدارس كلھا مترقبة و شغالة عشان في اي لحظة بيالقوا مسؤل فوق دمغھم ،كل دا من خالل حزمة جديدة من القوانين قام بوضعھا الوزير مع المدرسين و اولياء األمور ،سبحان بقي في تفاھم و عمل تعاوني و مشترك في الوزارة ،و الطالب اللي يتأخر ١٠دقايق ميدخلش و اذا غاب ٣ايام يستدعي ولي أمره و يتم إخباره ... الوزير في المترو بياخد سلفي مع الطلبه اللي ركبين معاھا ،و الناس بتتكلم و تضحك معاھا عادي ، المدرسين كلھم شغلين و الدروس الخصوصيه شبه اختفت ألن المدرس بيشرح كل حاجه في الفصل . في عالقة ود و أسلوب جديد في التعامل ،الحق الوزير راح كليات التربية و أعد مع رؤساء كليات التربية ،و
٨١
اتفقوا و اتكلموا عن تطوير المدرس عشان عايزينه بمواصفات معينه ،كل دا في كام شھر . التصنيف الجديد ھيظھر و الكل مستني يضحك علي الطفل اللي بيلعب و رايح جي ،و قال ايه وزير ، التعليم اتقدم ١٥مركز و لسه األفكار ما اطبقتش بنسبة ، %١٠٠امال لو اطبقت كلھا ھنتقدم اد إيه ،سؤال ، خلي العواجيز ركبھم تخبط في بعض . ما بين الحلم الذي ننشده و الواقع ال ُمئلم ھو العمل ،إذن فلنبدأ بالعمل و ننھي زمن الكلمات و اآللم . ھذا ما فعله الطفل ،قام بالعمل حتي نھي علي اآللم ، لكن اآللم الذي تركه قضي علي أمل الشيخوخه في الحلم و اصبح لھم كابوسا ً . اللھم لك الحمد علي ما أعطيتنا ،إن دائما ً يقف بيد العون لنا ،لكننا من ال نقبل بھذا العون َ ،تقبل ما أعطاك و اعمل بجد ،و ليكن يقينك إن م ُنجيك من كل سوء و مساعداً لك في فعل الخير ،بھذه
٨٢
الكلمات ختم الطفل استقالته التي قدمھا قبل أن يبدأ عاما ً جديداً من الدراسة .
٨٣
٨٤
دايره تحطم القلب بعدما خرج من بيتھا عاجز عن الوصل إليھا ،فكان ألبويھا مطالب عدة كي يشتري الجارية منھم ،سؤال األھل عن المال ال غير فھل ھذا مناسب لنا أم ال ،و كأنھا تجارة يريدون أن يربحوا منھا المال ،و كأنه ھو مصدر السعاده للناس ،غفلوا أن الرجل الحق الذي يحب أبنتھم قادر أن يسعدھا دون مال ،فما بينھم ليس للمال فيه مكان ،الحب للشخصيه و الصفات و الفعل المتبادل إلسعاد بعضھم البعض ،لم يكن المال طرفا و لن يكون في السعادة ،الھدية التي تسعد الحبيبة ليس ثمنھا مال بل حب و حنان . تتغير األزمنة و تتبدل األحوال و لكن العقول تظل ثابتة علي أفكار قد انتھي زمنھا ،الكل يري أبنائه أطفال يريد إسعادھم ،لكنھم األن ليسوا بأطفال ،و إسعادھم ليس بيدك وحدك ،فأترك لھم الخيار كي يجنوا ما زرعوه .
٨٥
رفضت اإلبنه الفراق و طلبت من الحبيب أن يظل بجانبھا ،لكن كان الرفض قاطع فمن أنا ألكون بجوارك ،المستقبل الذي جعلنا معا ً ھو الحاضر الذي فرقنا األن ،فلنتفارق و نحاول أن نعيش دون القلب الذي قتل ،ال يترك لنا خياراً غير ھذا ،فلتسعدي بحياتك و تتذكريني بالخير ،و أنا األخر سأفعل ذلك ، ودعا ً يا مسقبل قد انتھي قبل أن يبدأ ،يا حلم كان واقعه كابوس . بدأ الشاب العمل و الكفاح و ھو يأس من كل شئ ، فماذا تكون الفائدة مما أفعله ،الحصول علي غير المرغوب ھو ذل يزيد العجز ،سأحصل علي كل شئ إال الذي أريده ،فما قيمة األشياء ما قيمة الدنيا ، سأعمل ألن العمل ال مفر منه ،لكن السعادة لن أحصل عليھا ،،،بمرور الوقت النجاح حليفة و يسانده كي يصل إلي أعلي المراتب و لكن بعد ماذا ،بعدما أصبح المال ال قيمة له فالحبيبة أصبحت زوجة لرجل آخر . يتابع أخبارھا فبعد الفراق بسنتين كانت خطبتھا لرجل يملك من المال ما يمأل عين األھل ،استمرت الخطبة
٨٦
ستة أشھر لتنتھي بالزواج في أكبر قاعات األفراح ، الكل كان سعيد ،لكنھا لم تكن كذلك ،أنا أعرف فكنت أراقبھما من بعيد ،ھذه اإلبتسامة التي عليھا وجھھا األن ،ما ھي إال أكذوبة تداري بھا الحزن الذي يمأل قلبھا ،فعندما أمتلكھا الحزن ذات يوم و ھي ال تستطيع البوح به كانت ھذه اإلبتسامة علي وجھھا ،و لم اتركھا في ذلك اليوم حتي اعترفت ،أن من الممكن أن نتفارق ألن والدھا يريد مستوي معين لزوج ابنته ،كنت حينھا في قمه الفرح و ھي تتعجب من فرحي ،و أقسمت لھا أنني سأظل أعمل حتي اكون الرجل الذي يوافق عليه والدھا ،و عندما سئلتني عن الفرحه فقولت لھا ،إن ت حبك لي يرسم علي وجھك فكيف ال أسعد و أن ِ تخبرينني به ،أبتسمت باإلبتسامة المعروفة و نسيت كل شيء إلنھا دائمة الثقة في كالمي ،لكن القدر كان أسرع من أن أصدق بوعدي ،ھا ھي األن علي جالسة علي الكوشة مع غيري ألني تاخرت ،اما أنا األن فقد جلبت المال الكفيل ليجعلني الجالس جوارھا ،لكن جوارھا ليس لي و لم يصبح خالي كي أملئه أنا .
٨٧
خرجت من القاعة بعدما قبلھا زوجھا في الرقصة التي يضع فيھا يديه علي وسطھا ،و قد انھمرت الدموع و ال أستطيع إيقافھا ،الخيال ال يريد لي إال الموت األن ،لم يقبل العقل فكرة أن تصبح ألحد غيري و القلب يتجزء إلي قطع كل منھا في مكان مغاير ،حتي جاء الشيطان إلي وقال لي ال تترك ما ھو لك يأخذه غيرك ، و أنا ال أستطيع أن أقبل مجرد التفكير فيما سيحدث بعد دقائق ،فذھبت إلي سيارة الزفاف و راقبت الطريق فعندما ھيئت الفرصة ،جلعت العربة أشبه بالخردة ، ثم ذھبت إلي محطة توليد الكھرباء التابعة للقاعة و رميت الماء فيھا ،ثم ھربت بعيد أسقي أشجار النيل بدمعي ،حتي ھدئت و رجعت إلي المنزل كي أنام ،و في اليوم التالي جلست وحيداً اتندم علي ما فعلته بالليلة الماضية ،ثم قمت بإرسال برقية ورد مماثل للذي أعطيتھا إياه قبل حين ،و كرتا ً مكتوبا ً عليه إن الحب ال يموت و لكنه ٌيميت . أخذت أجازة و سافرت إلي إحدي المدن الساحلية كي أريح أعصابي ،و كنت جالس ذات يوم علي البحر ،و
٨٨
كأننا أعداء ،فاألمواج تعلو و أشواقي ترد باألعلي ، البحر غاضب كأنه يفكرني بالحزن الذي أحاط بي ،و عندما أعطيته ظھري جائت موجه عنيفه كي تسقطني علي وجھي ،ثم قمت أرد عليه بتعنيفه فاذا به يرد بقلم علي وجھي ،تعجبت لما يفعله و استئجرت مركبا ً كي أذھب إلي أعماقه و أسئله لما تفعل معي ھذا ،و عندما وصلت إلي منتصفه ھدأ و كأنه تحول نسمه تعطف علي الوجع ،و جلست أفكر و أنا ال أعلم ماذا يرد أن يقول لي البحر ،فرجعت بعد ذلك إلي البيت و في اليوم التالي ذھبت إلي عملي ،لم يتغير الحال كثير فكنت دائم الصمت و الھدوء و الحزن يخيم علي وجھي ،و كان لي في ھذا العمل إحدي أصداقاء الجامعة الذي كان دائم الجلوس بجانبي و يحاول أن يساعدني أن أخرج من ھذه المحنة ،و في أحد األيام التي انتھينا فيھا من عملنا قبل الموعد المحدد ،طلب لي القھوة و جلس يتحدث إلي عما مضي ،و قال لي إنك قد خسرت األھم في حياتك ،لكنك تستطيع أن تصنع افضل مما كان ،الحياه ليست فقط زوجه و شريكه حياة ھنالك العديد من المواضيع و األعمال أھم من ھذا
٨٩
،فإذا كنت ال ترغب في غيرھا فلتظل عاذبا ً دون جواز ،لكن عليك أن تفعل الكثير حتي ال يكون الجميع مثلك يائسين ،فإذا بالفراش يقدما لنا القھوة و ھو مبتسم و يرحل ،فيقول لي صديقي ،أتدري ما راتب ھذا الرجل ،إنه ال يتعدي األف جنيه ،و يملك أسرة تتكون من بنتين و ولدين و زوجته ،اوالده جميعا في التعليم و زوجته تعمل خياطه كي تساعده علي أن يصرف علي أوالدھم ،لم أراه ذات يوما ً بذي جديد منذ أن أتيت ار اإلبتسامة تفارق وجھه ، إلي ھذا العمل ،و أيضا ً لم َ إنه يعمل من أجل أن يسعد األخرين و ليس من أجل نفسه ،فاعمل أنت أيضا ً من أجل أن تسعدك أھلك الذين فعلوا كل شيء إلسعادك ،ساعد البسطاء الذين ال يملكون إال الفقر و الجوع ،اسعد الجميع كي تسعد . خرج الشاب من عمله و رجع إلي البيت و لكن ھذه المره لم يغلق عليه الغرفة كالمعتاد بل خرج ليجلس مع والديه ،و تفاجئ بالفرحة التي تمأل قلبھم بمجرد وجوده بجوارھم و إحساسھم أنه أصبح أفضل مما كان عليه ،أدرك حين ذاك أنه كان أناني ال يفكر بمن
٩٠
يفكرون به ،و ال يطلب إسعاد من إذا رؤه سعيد سعدوا ،تغيرت الحياة و تبدل التفكير ،و بعد فترة قصيرة إذا به يفاجئ والديه بھدية إلي زيارة الكعبة ،و حينھا أدرك معني السعادة و الفرح الحقيقي ،ثم لجئ إلي و طلب منه أن يعينه كي يسعد الجميع و ال يجعله قصير البصيرة ال يفكر إال في نفسه . المنزل قد خلي فاألبوين في بيت ،و الذكريات تعرض علي شاشه العين ،فعندما كان كل يوم يلعب كورة في الشارع و يرجع إلي البيت و كأنه يعمل في المجاري ،فتسعد األم بفرح إبنھا و تنظف له ثيابه و تحضر األكل له كي يخرج من الحمام و يأكل ،و األب الذي يأخذ في نزھة و يجلب له كل ما يحتاج و يطلب . حينھا أدرك معني ما فعله البحر ،إنك إذا طلبت الھدوء فاسعي إليه و إذا طلبت السعادة فاسعي إليھا ،لكن عندما تجلس علي شاطئھما تنتظر قدومھما فإنھم لن يأتوا . تغيرت المالمح الحزينة و تبدلت بقلبا مشفق علي الجميع ،لكن دقاته تظل لحبيبته التي ال يستطيع نسيانھا
٩١
،يتذكرما فعله في ليلة الزفاف و ھو يضحك و يطلب من أن تكون محبوبته سعيدة لسيعد ھو األخر ،لم يقف ھنا و لكن استمر في حياته كي يسعد كما تعلم . ثم أنضم بعد ذلك إلحدي المؤسسات الخيرية ليساعد الناس ،ألنه علم أن في مساعدة الناس السعادة الحقيقة التي يوھبھا لنا ،لكنه تعجب من األعداد الكثيرة التي تطلب المساعدة ،فإذا كان الناس جميعا ً يطلبون المساعدة فمن الذي يملك كي يساعد كل ھؤالء ،نزل بعد ذلك إلي الشارع كي يتحقق مما رأي ،و كانت الصدمة أكبر من التي أتت إليه ،فرأي رجالً عجوزاً يبحث في إحدي صناديق القمامة و ھو ينظر إليه و يترقب ماذا يريد ھذا الرجل من الصندوق ليتفاجئ بالرجل يخرج بعض بواقي األكل و يجلس بجوار الصندوق ليتناولھا ،وقف مسبھل و كأنه فاقد الوعي عمود إنارة في منتصف الطريق ،ثم ذھب إلي الرجل و قبل يده و الدموع علي خديه ،و قال له لماذا تفعل ھذا يا أبي ،قال إني جائع و ال أملك المال كي أشتري الطعام .
٩٢
جائع و ال تملك المال كي تأكل ،فتذھب إلي صناديق القمامه تأكل منھا !!! أال يوجد من يعولك يا أبي . ال يوجد سوي لنا في ھذا الزمان ،و نعمه با aو لكنك ال تملك ابن أو أخ أو أھل ،أملك ابن واحد لكنه لم يصبح ملكا ً لي بعد زواجه ،كيف يا أبي ماذا حدث . كنت شغال باليوميه من و أنا صغير ،عتال بشيل الرمل و الزلط و الطوب أي حاجه ،عشان أنا جاھل أھلي ما علمونيش و ال أعرف صنعة آكل منھا عيش ، و كان رزقي علي األد و الحمد aشاكر ربنا علي بيدھولي ،و اما وصلت لسن الجواز أھلي كانوا عايزين يفرحوا بيا ،إتجوزت بنت عمي كانت زيي برده ال بتعرف تقري و ال تكتب ،و كنا ساكنين في أوضة باألجورة في القاھرة ،ھو إنت منين أصال يا حاج ،أنا من الصعيد .. و بعدين ...
٩٣
و بعدين يابني ربنا كرمني بولد ،حمدت ربنا و قولت ھسمع الكالم اللي بيقول ما تخلفش كتير عشان تقدر تربي ابنك كويس و كدا ،و مخلفتش غيره و رضيت بيه ،و وديته المدرسة و كنت بشتغل أكتر من ١٢ ساعة عشان أقدر أوفرله فلوس الدروس و لبس المدرسة و أديله مصروف في إيده ،و فضلت كدا معاه لحد ما ربنا كرمنا و دخل الجامعة ،و قرر بعدھا إنه يشتغل و يساعدني عشان نحس من عشتنا شويه ،و بعد فترة ربنا كرمنا و اشترينا حتة أرض صغيرة في منطقة محدوفة محدش سكن فيھا لسه كانت ٥٠متر ، و بعد ما بناھا روحت كتبت البيت بأسمه عشان يفرح بأن ليه ملك ،و ھو في سنة رابعة أمه ماتت و بقيت عايش أنا و ھو لوحدينا ،فقولتله يابني أنت بقيت راجل ما تشد حيلك كدا عشان أجوزك ،قالي إن في واحدة زميلته في الجامعة بيحبھا و عايز يتجوزھا ،قولتله علي بركه خلص السنه دي و أروح أخطبھالك ،و بعد ما خلص خطبتھاله و قبل الفرح بتاعه كنت شغال و ما أعرفش إيه اللي حصل لقيت نفسي في المستشفي ،و أما جي بسئله الدكتور قالك ايه ،قالي الحمدa
٩٤
مفيش حاجه بس ما تشلش حاجه تقيله تاني يا أبي ، قولتله طيب يابني و ھناكل منين و ھنعيش إزاي ،قالي يعني أنا مش مالي عينك و ال إيه يا حاج ،قولتله ربنا يخليك ليا و ما يحرمنيش منك ،و بعد ما اتجوز كنت باكل أنا و ھو و مراته ،لكن لقيته مره بيقولي معلش يا أبي أنا ھتعزل في الشقه فوق عشان مراتي بتتكسف منك و مش ھناكل مع بعض ،قولتله يابني اللي يريحك ،و كان بينزلي األكل كل يوم ،لحد ما جي في يوم مراته كانت بتزعق و تقوله ھو أنت جيبني شغاله ليك و البوك ،و زعلت سعتھا و راحت بيت أبوھا ،و روحنا صلحناھا ،لكن كان كل كام يوم تزعق و تتخانق معاه عشان كدا ،و في أيام بدأ ما ينزليش أكل فأقول معلش يمكن الظروف مزنقة معاه و مش معاه فلوس يجيب أكل يكفينا إحنا التالتة ،لحد ما خلف و بعدھا كان دايما نسيني ،و حسيت إني تقيل عليه ،و معملته معايا اتغيرت و حسيته مش طايق وجودي ، فقررت أسبله البيت و أشوفلي مكان تاني اعيش فيه ، روحت اشتغل مقدرتش اشيل حاجه و كنت تعبان مش زي األول ،الواحد عجز يابني ما بقاش زي األول ،
٩٥
فضلت أدور علي أي شغالنه أكل منھا عيش مكنتش بالقي ،و كان في ناس بتشوفي بصعبه عليھا تديني أي حاجه ،مع إن الحكايه دي بتكسرني و تزعلني جداً ، بس مكنش قدامي غير إني أقبل بيھا عشان أقدر أكل و أعيش ،و أما بتتزنق اوي و مالقيش حد يديني أي حاجه بعمل زي ما شوفت كدا ،بدور علي أي حاجه أكلھا . و ما بتخفش يا حاج يحصلك حاجه من األكل دا ، يابني ما ھي القطط و الكالب بتأكل منه و مابيحصلھمش حاجه ،و بعدين خليھا علي ربك ،ربك كريم مابينساش حد ،و نعمه با aيا ولدي ،طيب قوم معايا يا حاج ،ھنروح فين يابني ،ھنشوفلك مكان تعد فيه و لقمة نظيفة تاكلھا ،تشكر يابني بس ما تتعبش نفسك ،أنا كويس كدا و ربك كريم مش ھينساني ،و نعمه با aيا حاج قوم بس معايا ،حاضر يابني . أخذه الشاب بعدھا إلي دار مسنين تابعة للمؤسسة الخيرية الجديدة التي انشائھا ،لينھي فيھا العجوز ما تبقي له من عمر .
٩٦
تعجب الشاب مما سمعه و شعر كأنه يشاھد إحدي المسلسالت المبالغ في درامتھا ،لكن بمرور الوقت تعود علي ھذه األحداث . فالشارع الذي يمر منه أصبح مأوي ألطفال عديدة فيھم من يعرفه أھله و من ال يعرف له أھل ،و التسول ال حصره له ،و من ينام بجوار القطط و الكالب علي األرصفه ،و ھنالك من يشاركھم في مأكلھم ،لكن العجيبة أن الجميع يري ھذه المشاھد يوميا ً و لكن ال يفعل شئ ،فأين دور كل إنسان في المجتمع بل إين المجتمع كله ،أين الدولة . أسئلة عديدة ال جواب عنھا ،فھؤالء ھم مستقبل ھذه األمة و ھذا المجتمع ،لكني صدمت بدور الدولة في إحدي القصص التي يحكيھا الناس . الشاب يفعل كل ھذه كل يوم ،لكنه لم ينسي الحبيبة ،و دائم السؤال عنھا لكن من أبعد الطرق ،كي يطمئن علي سعادتھا ،لكن أتي خبر ال يعرف ھل يسعده أم يحزنه ،فالمحبوبة قد ُ طلقت ،ھل يسعد ألنه بإمكانه
٩٧
األن أن يفوز بھا ،أم يحزن ألنھا األن تتندم علي ما حدث لھا . لكنه اختار الفرح و السعادة ،و ما كان ألبويھا إال أن يتوبا علي الذنب الذي افتعلوه ،فذھبوا إليه يطلبوا منه الرجوع الي ابنتھم ،فقال لھم في الماضي أعتقدتا أن ابنتكم كقطعة من األنتيكة تبيعاھا للذي يدفع أكثر ، وغفلتم أن ھنالك رجل يريد شرائھا كي تزين شقته و معصمه ،و رجل أخر يعشق األنتيكه و يريدھا كي يحافظ علي جمالھا ،،،ثم وافق ... تمت ال ِخطبة و رجع الماضي الذي ال يرجع ،لكن لشموخ الزمن بدل القديم ،فالحبيبة لم تملك سعادة بالغة كما كان في الماضي و ھي جوار حبيبھا ،لكن الشاب رفض جمود الزمن ،و أضاء لمحبوبته الدنيا بشموع السھر ،و قطف لھا من السماء زھرات األمل ،كي يتبدل حزنھا إلي سجود الشكر علي السعادة . الماضي رفض السعادة و وقف ليبدل األدوار ،فقبل الزفاف كان الشاب في السجن متھم بقلب نظام الحكم ،
٩٨
حياته معلقه بحكم ،لكن الحبيبة لم تنتظر ھي األخري كثيراً ،لكن فقد ثالث سنوات ،حتي ظھرت الحقيقة التي كانت سبب سجن المحبوب . القضيه ھي اتھامه الدولة بالظلم و عدم العدل ،فكيف يتھم الدولة بھذه التھمة البشعة ،كان مبرره ناس عديدة قد صادفھم من أطفال الشوارع و عواجيز يأكلوا من القمامة و غيرھم و غيرھم ،لكن السبب الرئيس كانت قصة الموظف محدود الدخل الذي رضي بالقليل ،لكن القليل يزداد كل يوما ً قله . كل شئ يزداد سعره و راتبه يبقي علي ما ھو عليه ،و إذا زاد كانت زيادة ال قيمه لھا ال تساوي زيادة األسعار للسلع المختلف ،و تقلبات في اإلقتصاد العالمي و نقص ميزانيه ،و البد أن يسد ھذا العجز ،فكان البد للحكومه رفع جميع األسعار حتي تحافظ علي الدولة ، و لكن لماذا ال يزداد إال أسعار السلع التي يستھلكھا الفقراء .
٩٩
لماذا ال تأخذ الدولة إال من من ال يملك ،ھذا ھو كان اإلختالف بين الشاب و الدولة ،قال الشاب إن ھنالك العديد من الناس من يملكوا أمواالً فائضة عن حاجتھم ، باإلضافه إلي ناس يأخذوا رواتب أكثر مما يستحقون ، لماذا ال تأخذ من ھؤالء ،ردت الدولة أن ھؤالء القادة و بدونھم ال توجد دولة ،تعجب الشاب ،و تسائل ھل ھؤالء ھم الشعب ،قالوا ال و لكن ال يوجد من يستطيع إدارة ھذه الدولة إال ھؤالء الصفوة ،فالبد أن يأخذوا كل ما يحتاجون و توفر لھم الدولة طلباتھم حتي يكملوا مسيرة النھوض و اإلرتقاء بالدولة ،رد الشاب بأن الدولة تتاخر كل يوم عما كانت عليه ،فإذا كان البد من أموال طائلة لھم فليتروكوا مناصبھم و لنجرب إدارة الشباب ،فھي أكيد إذا سائت لن تكن أسوء مما نحن عليه . ختم الشاب بقصة قطز التي تدرس في الثانوية ،عندما كان التتار علي األبواب و البد من تجھيز الجيش كي يستطيع مواجھت التتار ،و إال سيقضي علي الجميع و يصبحون موتي ،ذھب حين ذل قطز للشيخ العز بن
١٠٠
عبدالسالم يطلب فتوة بفرض الضرائب علي الشعب لتجھيز الجيش ،رفض العز الضريبة و قال كيف نأخذ من من ال يملكون إال قوت يومھم و أنت و حاشيتك و أمرائك تأكلون في أطباق من الذھب و الفضة ،و تملكون ما ال حاجة لكم به ،فعندما تتساوا مع العامة من الشعب ،حينھا يمكن لك ان تجمع الضريبة ،و جمعت بالفعل الضريبة لكن بعدما أصبح الجميع سواسية ،ال يملك أحداھم أكثر من األخر ،ھذا درس تعلمناه في الكتب ،فلماذا ال تطبقوه في الحياة العملية التي نعيشھا األن . كان كالم الشاب كالعالج الذي شفي به الدولة ،فأقرت حينھا الدولة قانون الحد األدني و األقصي لألجور الذي عدل بين الجميع ،و جعل ھنالك فائض يسد عجز الميزانية بل و يفيض عنھا ،لتبدأ مرحلة جديدة من العدل و المساواة بين الجميع ،و توفير فرص العمل و اإلھتمام باألخر ،ألن الكل أصبح قريب من بعضه ال أحد يسكن برج عالي و األخر مسكنه تحت األرض ، الكل يمر في نفس الشارع و يري و يحس بالمحتاج و
١٠١
يعطف عليه ،و تعدلت اإلنسانيه بالقلوب ،و أصبح أطفال الشوارع تالميذ للمدارس الداخليه ،و العواجيز سكان دار المسنين ،و المتسول القادر توفر له العمل ، أما غير القادر فتكفلت الدولة بإعالته ،ھذا ھو قانون العدالة الذي انتصر للجميع ،الذي أصبح فيه الغني ھو الذي يعطي الفقير ،و الفقر تالشي و لم يكن له وجود في مجتمع المسلمين ،لنتراجع أكثر فأكثر و يتعدل كل شئ ،و تبني القوانين التي كانت لدولة عمر بن عبدالعزيز ،التي كان أساسھا اإليمان با aثم اإلنسان و إنسانيته ،التي لم يكن لقوانين الغابة التي نعيشھا األن وجود . خرج الشاب من المعقتل بعدما كان عدواً للدولة ، مكرما ً منھا بالجائزه التقديرة لھا ،و متوجا ً علي رؤس الجميع ،يعانقه الشعب و كأنه األبن المفقود الذي رجع إلي حضن من يراه . األن حفل الزفاف الذي طال إنتظاره من الجانبين ،لم يكن كمثل ،المدعوا فيه جميع أطياف الشعب ،و الداعي أيضا ً الشعب ،لتبدأ قصة الحب في عناق
١٠٢
الزواج ،و تسمتر الحياة بالسعادة الدائمة ليست فقط بين الشاب و محبوبته بل بين جميع أطياف الشعب الذي علم سر السعادة و ھو الحب . اإلنسان ال يعرف العجز و ال يعرف إال الحب ، مساعدة الجميع ما ھي إال الصالح للنفس و اإلسعاد للقلب ،أما الكره و األنانيه ما ھي إال الحيوانية التي يمتلكھا اإلنسان و التي يجب أن يقضي عليھا ،كي يصل إلي السعادة المرغوب الوصل اليھا .
١٠٣
١٠٤
خاتمه
ما بين الحلم و الواقع ...العمل ... صعد الزمن علي منصه الخطابه ليلقي علينا من الحكمه ما يعلم ... ار شيئا ،و كنت كان الليل قد خيم و ازداد السواد فلم َ في ھذا اليوم عابر سبيل بال مأوي ،فطلبت حقي من اإلحسان فلم أجد أحداً يعطني إياه ،إال شابة شاخ وجھھا ،أكرمتني حينا ذاك ... لكن العجب في الصبي الذي ال يري إال شيخوخة دفعني إلي سؤالھا ،ما الذي أوصلك إلي ھذا يا ابنتي ... قالت الواقع المرير يا أبي فانظر حولنا ال يوجد إال القبح ،حتي أنت حين سئلت لم يجيبك أحد ،فقولت بل أجبتني أنت ،فقالت يا سيدي إن الدنيا قد تعفنت و أصبح الحق باطل و الباطل حق ،و الخادم ليس سيد
١٠٥
القوم ،بل ھو ضعيف وجب عليه الخدمة ،أما سيديھم ھو القوي الذي يھابونه ،و أشياءاً و أشياء ال عدد و ال حصر لھا .. يا ابنتي ما الذي فعل بالواقع ھذا ،ما الذي جعله بھذا القبح ... الناس يا سيدي بأفعالھم جعلت كل شيء سيء .. نعم عمل الناس ھو من جعل كل شيء كما ھو عليه األن .. فبماذا تحلمي أن تجدي ... أحلم بوجود الحق منتصراً و اليد ممدوداً بالخير و القوي معين الضعيف ... إذاً فلماذا ال تنصري الحق و تمدي يدك بالخير و تعيني من ھو أضعف منك .. أفعل ھذا بالفعل يا سيدي ... لكنك أيضا ً وجب عليكي تعليمه للجميع حتي يفعلوه ...
١٠٦
فإذا كان الذي أوصلنا لھذا ھو عملنا ،أيضا ً عملنا ھو الذي سيغيره ... فالذي جعل الواقع واقع العمل الذي قمنا به ،و الذي يجعل الحل َم واقعا ً ھو أن نقوم بتنفيذه بخطوات بأرض الواقع و ال نيأس من الفشل بل نحاول مرارا حتي يتحقق الحلم و يصبح واقع فا aال يضيع أجر العاملين ،فعلينا بالعمل و تنفيذ الحلم بجعله واقع . إن اإلنسان الذي يحلم بالنجاح لم يصل إليه إال بالعمل ، فلنترك لوم الواقع و نعمل علي تحقيق األحالم كي تصبح واقع . .....كنت أحلم في الماضي أن أصبح كاتبا ً مشھوراً و أن يخلد اسمي دون موت ،و األن تحققت أولي خطوات الحلم بأنكم تقرأوا كتابي و تعرفوا اسمي .....
ﻓﺘﺤﻴﺔ ﺷﻜﺮا و ﺗﻘﺪﻳﺮا اﻟﻴﻜﻢ ﻋﻠﻲ ﻋﻮﻧﻜﻢ ... #ابراھيم_جاد
١٠٧
تصحيح لغوي :أ /محمد حسن
نعتذر عن أي خطيء لغوي
١٠٨
الفھرس محبوبتي و قاتلتي حياه موالتي و سيدتي السجناء من انا جھل التقدم مدرستي دايره
١٠٩