لنتعلم إسلامنا

Page 1




‫مقدمة‪5 .........................................................................‬‬ ‫َخلَ َقنا اهللُ جميعاً ‪6...............................................................‬‬ ‫‪7.............................................................‬‬ ‫َخ ْل ُق اإلنسان‬ ‫المثالي في جسم اإلنسان‪8............................................‬‬ ‫البرنامج‬ ‫ُّ‬ ‫كيف ظهرت األحياء األخرى إلى الوجود؟‪9 ..................................‬‬ ‫ْ‬ ‫خل ُق الكون‪11.....................................................................‬‬ ‫إ َنّه اهلل الذي خلق َّ‬ ‫كل شيء ؟‪13..................................................‬‬ ‫َخلَق اهلل َّ‬ ‫كل إنسان وله َق َد ٌر م َّ‬ ‫ُحدد ‪14............................................‬‬ ‫الرسل وأنزل الكتب‪15 ...............................................‬‬ ‫اهلل أرسل ّ‬ ‫ُ‬ ‫والنبي األ َّول‪ :‬آد ُم عليه السالم ‪17...............................‬‬ ‫اإلنسان األ َوُّل‬ ‫ُّ‬ ‫نوح عليه السالم ‪19.....................................................‬‬ ‫نبي اهلل ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫نبي اهللِ إبراهي ُم عليه السالم ‪20.................................................‬‬ ‫ُّ‬ ‫نبي اهلل موسى عليه السالم ‪21..................................................‬‬ ‫ُّ‬ ‫س عليه السالم‪22...................................................‬‬ ‫نبي اهلل يُونُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫نبي اهلل أي ُ‬ ‫ُّوب عليه السالم ‪23..................................................‬‬ ‫ُّ‬ ‫نبي اهلل عيسى عليه السالم‪24..................................................‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُوس ُ‬ ‫ف عليه السالم‪25..................................................‬‬ ‫َن ِب ُّي اهلل ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫وسلّم ‪26.....................................‬‬ ‫رسول اهلل م َ‬ ‫ُح َّم ٌد َ‬ ‫صلّى اهلل عليه َ‬


‫مقدمة‬ ‫أطفالنا األعزاء‪ ،‬سوف نناقش في هذا الكتاب موضوعات مهمة يجب عليكم أن تفكروا فيها بعمق‪ .‬عندما تدخلون المدرسة يبدأ‬ ‫مدرسوكم بتعليمكم الحروف األبجدية‪ ،‬ثم بعدها تتعلمون األرقام ودروس الرياضيات‪ .‬ولكن هل فكرتم يوماً ما لِماذا تذهبون إلى‬ ‫المدرسة وتتعلمون كل هذه األشياء؟ أغلبكم سوف يجيب على هذا السؤال َّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ضروري لالشتغال بمهنة محترمة حين نكبر‪ .‬وهذا‬ ‫بأن هذا‬ ‫يعني أنكم متأكدون تقريباً أنكم سوف تكبرون يوماً ما‪ .‬وفي الواقع قد يأتي اليوم الذي يبدأ فيه األطفال حولكم في مناداتكم بألقاب َ‬ ‫مثل‪:‬‬ ‫عمتي‪ ،‬خالتي‪ ،‬عمي أو جدي‪ ،‬كما تُنا ُدون أنتم عمَّاتكم وخاالتكم وجدودكم حالياً‪ ،‬أي أنكم سوف تكبرون يوماً‪ ،‬إن َّ‬ ‫قدر اهلل لكم ذلك‪.‬‬ ‫تستمروا في التقدم في السن إلى األبد‪ ،‬فكل إنسان يكبر في السن تدريجيًّا‪ ،‬ولكنَّه حين يأتي األجل فإنَّه يترك هذا‬ ‫ورغم هذا فإنكم لن‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َص ُدق هذا على اآلخرين فإنه يص ُدق عليك أنت أيضا‪ .‬وبعد أن تنقضي أيام الطفولة فإنه يمكنك‬ ‫العالم ويبدأ حيا ًة جديدة في اآلخرة‪ .‬وكما ي ْ‬ ‫ً‬ ‫رجال شاباً أو امرأة شابة‪ ،‬ثم بعد ذلك قد تبلغ َّ‬ ‫سن جدودك‪ .‬ويأتي بعد ذلك الوقت الذي تبدأ فيه الحياة في العالم اآلخر‪.‬‬ ‫أن تنمو فتصبح‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ولكن كل المجهودات المبذولة‬ ‫وتذهب أنت إلى المدرسة لتعد نفسك للمستقبل‪ ،‬حيث يجب أن يهتم كل إنسان بإعداد نفسه للمستقبل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫لإلعداد للمستقبل محدودة الفائدة بهذا العالم فقط‪ ،‬فماذا عن األشياء التي تحتاجها لحياتك األخرى؟ يجب عليك أن ت ِعد نفسك للحياة‬ ‫األخرى أيضاً‪ ،‬فهل فكرت في ذلك؟‬ ‫وعندما تكبر سوف تحتاج لكسب ُسبُل العيش‪ ،‬وهذا يعني أنه يجب عليك أن تكون لك مهنة‪ .‬ولهذا فإنَّك تذهب إلى المدرسة‪ .‬وبنفس‬ ‫المنطق‪ ،‬إن َ‬ ‫شئت أن تحيا حياة سعيدة في اآلخرة‪ ،‬فإنه يجب عليك أداء بعض األشياء‪ .‬وأوَّل هذه األشياء أن تبدأ فوراً في معرفة اهلل‬ ‫سبحانه‪ ،‬وما الذي يريده منا‪.‬‬ ‫وقوَّته‪ ،‬اهلل تعالى الذي خلق أمك وأباك وأصدقا َءك َّ‬ ‫وسوف نتحدث في هذا الكتاب عن قدرة اهلل ُ‬ ‫الحيوانات‬ ‫وكل الناس اآلخرين‪ ،‬وخلق‬ ‫ِ‬ ‫وعلمه َّ‬ ‫نهائي‪ ،‬وما‬ ‫والنباتات‬ ‫َ‬ ‫وجميع الكائنات الحية‪ ،‬وخلق األرض والشمس والقمر والكون بأكمله‪ .‬وسوف نتحدث عن قدرة اهلل ِ‬ ‫الال ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫تنس؛ فهذه مسائل غاية في األهمِّية‪ ،‬سوف تستفيد منها فائدة عظيمة‪.‬‬ ‫النتها َء عنه‪ .‬وال َ‬ ‫الذي يرغب ِمنا ِفعْله‪ ،‬وما الذي يرغب منا ا ِ‬

‫‪5‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫َخلَ َقنا اهللُ جميعاً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫«إن شاء اهللُ» َ‬ ‫َار َّك اهللُ»‪ْ ،‬‬ ‫«ف ْليَغ ِفر لك اهلل» وهكذا‪.‬‬ ‫كثيراً ما تسمع َ‬ ‫الناس يشيرون إلى «اهلل»‪ .‬وغالبا ما يَذكرونه في ُج َمل مثل‪« :‬لِيُب ِ‬ ‫هذه هي الجمل التي تستخدمها حين ُ‬ ‫تذكر اهلل‪ ،‬وتُصلِّي بين يديه أو تُسبِّحه‪.‬‬ ‫فإن جملة َ‬ ‫«ف ْليَح َف ْظ َك اهللُ» تُعبِّر عن حقيق ِة َّ‬ ‫وعلى سبيل المثال َّ‬ ‫قو ٌة وقدر ٌة ال نهائية عليك وعلى جميع المخلوقات ِمن حولك‬ ‫أن اهلل لديه َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫وحفظ أمِّك وأبيك وأصدقائك ِمن األذى‪ .‬ولهذا السبب َّ‬ ‫فإن هذا الدعا َء كثيرا ما‬ ‫القادر على ِحف ِظك‬ ‫وغير الحيَّة ‪ .-‬فاهلل وحدَه‬ ‫ الحيَّ ِة منها‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫أن يمنع كارثةً‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫تعرفه ْ‬ ‫مأساوي مماثل‪ .‬ولنفكر لحظة؛ هل يُم ِكن ألمِّك أو أبيك أو ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫حادث‬ ‫يُستخدَم حين اإلشارة لِكارثة طبيعية أو‬ ‫ٍ‬ ‫أي أحد ِ‬ ‫ً‬ ‫فيضان أو حريق أو زلزال؟ بالطبع ال يُم ِكنهم ذلك‪َّ ،‬‬ ‫ألن اهلل وحدَه الذي يجعل مثل هذه الحوادث تصيب اإلنسان‪ ،‬وهو وحده‬ ‫طبيعية مثل‬ ‫ٍ‬ ‫القادر على من ِعها ً‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وكلمة «إن شاء اهلل» تعني‪ :‬إذا أراد اهلل‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإنه يجب علينا حين قولنا سوف نفعل شيئاً أو سنمتنع عن فعل شيء‪ ،‬أن نقول بعد‬ ‫ذلك‪« :‬إن شاء اهلل»‪ ،‬ذلك ألن اهلل وحده هو الذي يعرف المستقبل وبالتالي يخلقه حسب رغبته‪ ،‬وال يحدث شيء إال حسب ما يرغبه اهلل‪.‬‬ ‫وحين يقول أح ٌد منَّا على سبيل المثال‪ :‬بالتأكيد سأذهب إلى المدرسة غ ًدا؛ فإنه يرتكب خطأً بذلك‪ ،‬ألنه ال يعرف ما الذي يريد اهلل منه أن‬ ‫يفعله في المستقبل‪ .‬وربما أصابه المرض وعجز عن الذهاب إلى المدرسة‪ ،‬أو ربما حدثت اضطرابات أو ظروف جوِّية صعبة َّ‬ ‫فتوقفت‬ ‫ُ‬ ‫الدراسة في المدارس‪.‬‬ ‫وأن َّ‬ ‫بأن اهلل يعرف كل شيء‪َّ ،‬‬ ‫لهذا السبب نقول «إن شاء اهلل»حين نعبِّر عما ننوي عمله في المستقبل‪ ،‬وبالتالي نُ ِق ُّر َّ‬ ‫كل شيء يحدث‬ ‫ً‬ ‫ظهر اإلحترام الواجب نحو ربِّنا الذي يمتلك القدرة والمعرفة‬ ‫بإرادته‪ ،‬وال يم ِكننا أن نعرف شيئا يتجاوز ما يعلمه اهلل لنا‪ ،‬وبهذه الطريقة نُ ِ‬ ‫المطلقتين‪.‬‬ ‫آيات القران الكريم أنه يريد منَّا أن نقول (إن شاء اهلل» فيقول َّ‬ ‫عز ِمن قائل‪:‬‬ ‫ويخبرنا اهلل في ِ‬ ‫َ‬ ‫َّك إ َذا َن ِس َ ُ ْ‬ ‫( َولاَ َت ُقولَ َّن لِ َش ْي ٍءإنِّي َف ِ ٌ َ َ ً لاَّ َ َ للهَُّ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َن َربِّي لأِ َ ْق َر َب ِم ْن َه َذا َر َشداً) (سورة الكهف‪:‬‬ ‫يت َوقل َع َسى أن َي ْه ِدي ِ‬ ‫اعل ذلِك َغدا إِ أن يَشا َء ا َواذكر َّرب ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪. ) 23 - 24‬‬ ‫َّ‬ ‫ُهمًّا إلى درجة كبيرة‪ ،‬فما عليك ‪ -‬إن أردت أن تعرف اهلل ‪ -‬إال‬ ‫م‬ ‫ليس‬ ‫هذا‬ ‫ولكن‬ ‫الموضوعات‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫عن‬ ‫الكثير‬ ‫صغيري‬ ‫يا‬ ‫وقد ال تعرف‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫حولك وت َفكر‪.‬‬ ‫أن تنظر ِمن ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ستجد َّ‬ ‫َ‬ ‫جميل اللون‪ ،‬أو في الوجه‬ ‫أرنب أبيض‬ ‫أن َ‬ ‫ِ‬ ‫الج َمال ينتشر حولنا في كل مكان وتظهر لك صفات اهلل وقدرته التي ال حدود لها‪ .‬فكر في ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫للدالفين‪ ،‬أو في األلوان الزاهية لجناح فراشة‪ ،‬وفكر في ُزرقة البحار‪ُ ،‬‬ ‫الباسم َّ‬ ‫وغير ذلك‬ ‫وخضرة الغابات واألنواع المختلفة من الزهور‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َم العال َم وما به من‬ ‫من مظاهر الجمال التي ال حصر لها في العالم‪ .‬إنه اهلل الذي خلق كل هذا‪ ،‬فهو خالق كل الكون الذي تراه؛ خلق ِمن عد ٍ‬ ‫الج َمال الذي يخلقه اهلل يمكنك أن ترى قدرته المطلقة‪.‬‬ ‫مخلوقات‪ .‬ومن خالل رؤية َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ويُعتبَر من الحقائق التي ال شك فيها َّ‬ ‫أن وجودَنا هو دليل على وجود اهلل؛ ولذا فلنُفك ْر أوال في وجودنا‪ ،‬وكيف خلقنا اهلل بهذا الق ْد ِر ِمن الكمال‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫َخ ْل ُق اإلنسان‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫تساءلت يوماً كيف ظهر اإلنسان إلى الوجود؟ غالباً ما تبادر باإلجابة‪َّ :‬‬ ‫غير‬ ‫«إن لكل فرد أُمًّا وأباً»‬ ‫هل‬ ‫ولكن هذه اإلجابة سوف تكون َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫تفسر كيف ظهر أوَّل إنسان إلى الوجود‪ .‬ويمكن أن تكون‬ ‫َّل‬ ‫أو‬ ‫ظهر‬ ‫وكيف‬ ‫أم‬ ‫َّل‬ ‫أو‬ ‫ظهرت‬ ‫كيف‬ ‫ر‬ ‫تفس‬ ‫ال‬ ‫فهي‬ ‫دقيقة‪،‬‬ ‫أب‪ ،‬أي إنَّها إجابة ال ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫قد سمعت بعض القصص عن هذا الموضوع في المدرسة أو ممن هم حولك‪َ .‬ف ْل َن ْأ ِت اآلن إلى اإلجابة الدقيقة الوحيدة؛ وهي َّ‬ ‫أن اهلل هو الذي‬ ‫خلقك‪ .‬وسوف نتناول هذا األمر بالتفصيل في الفصول القادمة‪ .‬أمَّا اآلن‪ ،‬فهناك شيء واحد يجب أن نعرفه كلُّنا‪ ،‬وهو َّ‬ ‫أن أوَّل إنسان ظهر‬ ‫النبي آد ُم عليه السالم‪ ،‬ومنه جاء ُّ‬ ‫كل البشر‪.‬‬ ‫على وجه األرض إنَّما كان ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫وكان آد ُم عليه السالم إنساناً مثلنا تماما‪ ،‬يمشي ويتكلم وينام ويأكل‪ ،‬ويصلي كذلك ويعبد اهلل‪ .‬وقد خلقه اهلل أوال ثم خلق زوجته‪ ،‬ثم تكاثر‬ ‫أبنا ُؤهما ُ‬ ‫ومألوا العال َم بأكمله‪.‬‬ ‫الخل َق‪ ،‬يُص ِدر أمراً واحداً‪ ،‬وهو قولُه لِما يريد ْ‬ ‫أن اهلل‪ ،‬حين يريد ْ‬ ‫وال تنس أبداً َّ‬ ‫خل َقه‪ُ :‬كن فيكون‪ ،‬فعند اهلل القو ُة والقدر ُة المطلقة ليفعل َّ‬ ‫أي‬ ‫شيء يُريد‪ .‬وعلى سبيل المثال فإنه خلق آد َم من طين وهذا أمر سهل بالنسبة إليه سبحانه‪.‬‬ ‫ورغم ما سبق فال تنس أبداً َّ‬ ‫إجابات أخرى للسؤال حول كيفية إيجاد الناس؛ فهم ال يبحثون‬ ‫أن هناك أُناس يُنكرون وجو َد اهلل‪ ،‬ويعطي هؤالء‬ ‫ٍ‬ ‫عن الحقيقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فإذا تخيَّلنا َّ‬ ‫تم سكب الحبر على الورق بالصدفة‪ ،‬كما أن‬ ‫شخصية من شخصيات الرسوم‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫المتحركة قالت‪ :‬أنا ظهرت إلى الوجود حينما َّ‬ ‫ُ‬ ‫األلوان ُس ِكبَت هي اآلخرى بالصدفة وكوَّنت ألواني‪ ،‬أي أنَّني لم أحتج ِّ‬ ‫ظهرت للوجود‬ ‫ألي شخص لِيَرس َم صورتي أو يعط َي ِني شكلي‪ ،‬وإنما‬ ‫بج ِّدية‪ ،‬فأنت تعرف أن الخطوط واأللوان المُحكمة والحركات‬ ‫ُّ‬ ‫بالصدفة‪ .‬ال يمكنك في هذه الحالة أن تأخذ كالم هذه الشخصية الكارتونية ِ‬ ‫ْ‬ ‫التي تصدر عن هذه الشخصية الكارتونية وغيرها ال يمكن أن تتكوَّن بصورة عشوائية من خالل َسكب األلوان هنا وهناك‪ ،‬حيث َّ‬ ‫أن سكب‬ ‫فوضى وب ً‬ ‫ُقعة ِمن لطخ الحبر‪ ،‬وال يمكن أن َت ْنتُج عنه صور ٌة دقيقة ُ‬ ‫ذات خطوط منتظمة ‪.‬وكلُّنا يعرف أنه‬ ‫زجاجة حبر ال ينتج عنه إال‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫وهدف‪ ،‬فإنَّه يجب لشخص ما ْ‬ ‫لظهور ِّ‬ ‫ُصم َمه ويرس َمه‪.‬‬ ‫أي شيء له معنى‬ ‫أن يفك َر فيه وي ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫الشخصية الكارتونيةَ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والرسام‪ ،‬فأنت تفهم ِتلقا ِئيا َّ‬ ‫وال تحتاج يا صغيري لتعرف كل هذا أن ترى الفن َ‬ ‫أن فنان الكارتون هو الذي أعطى‬ ‫ان‬ ‫َّ‬ ‫خصائصها وشكلَها وألوا َنها ُ‬ ‫والقدر َة على الكالم والمشي أو القفز‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وبعد هذا المثال ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شخصا ما ال يقبل فكرة َّ‬ ‫بج ِّدية فيما يأتي‪َّ :‬‬ ‫أن اهلل خلقه‪ ،‬يكون في الحقيقة كاذبا‪َ ،‬مثله َمثل الشخصية الكارتونية في‬ ‫إن‬ ‫ر‬ ‫فك‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫المثال السابق‪.‬‬ ‫واآلن لنفترض َّ‬ ‫أن مثل هذا الشخص يتكلم معنا‪ْ ،‬فل َن َر كيف سيُحاول شرح طريق ِة مجي ِئه هو واآلخرين إلى هذا الوجود‪ ،‬وسنجد أنَّه يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫المصادفات أجسادَنا‬ ‫بالصدفة ‪.‬لقد خلَقت‬ ‫«أنا وأبي وأمي وأجدادي واآلباء األولون الذين عاشوا في غابر الزمان‪ ،‬كلُّنا جئنا إلى هذا الوجود ُّ‬ ‫وجميع أعضائنا»‪.‬‬ ‫وأعيُ َننا وآذا َننا‬ ‫َ‬ ‫وكلمات هذا الرجل الذي يُنكر أن اهلل خلقه‪ ،‬ستكون مثل كلمات الشخصية الكارتونية‪ ،‬وال يوجد إال فارق وحيد بينه وبين هذه الشخصية‬ ‫الكارتونية؛ هو تكوينها الذي كان ِمن خطوط وألوان مرسومة على فرخ من ورق‪ ،‬أمَّا الشخص الذي يُن ِكر خلق اهلل له‪ ،‬فإنه مُكوَّن‬ ‫ولكن‪ ،‬أال يوجد فارق آخر؟ أليس هذا الرجل الذي ينطق هذه الكلمات ٌ‬ ‫ْ‬ ‫أكثر إتقاناً ِمن الشخصية‬ ‫من خاليا‪.‬‬ ‫كائن شدي ُد التعقيد‪ ،‬وتكوينه ُ‬ ‫ً‬ ‫أكثر‬ ‫الكارتونية؟ أال يمتلِك أعضاءا أكثر؟ وبالتالي‪ ،‬إذا كان ِمن المستحيل على الشخصية الكارتونية أن تظهر إلى الوجود بالصدفة فإنه ُ‬ ‫بالصدفة‪.‬‬ ‫استحالة أن يأتي إنسان إلى الوجود ُّ‬ ‫واآلن‪ ،‬لَِنسأل هذا الشخص السؤال التالي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫«لديك جس ٌد رائ ٌع يعمل دون أدنى خلل؛ ف َيدَاك لديهما القدر ُة على إمساك األشياء ب ِدقة عظيمة‪ ،‬أفضل ِمن أكثر الماكينات تطورا‪ .‬ويمكنك‬ ‫ً‬ ‫واضحا نقيًّا ال أثر ألي‬ ‫صوتا‬ ‫أفضل آالت التصوير‪ .‬ولديك أُ ُذنان تسمع بهما‬ ‫أكثر ِح َّد ًة ِمن‬ ‫بصر‬ ‫تجر َي على قدميك‪ ،‬ولديك‬ ‫مثالي ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الص ْوت الذي تسمعه بهما‪ .‬ويوجد بجسدك العدي ُد ِم َن األجهزة التي‬ ‫بوضوح‬ ‫ا‬ ‫صوت‬ ‫ُنتج‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫صوتي‬ ‫جهاز‬ ‫أفضل‬ ‫يستطيع‬ ‫وال‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫خشخشة‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫أي سيطرة على عمل قلبك و ِك ْل َي َتي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ْك وكبدك‬ ‫لديك‬ ‫ليس‬ ‫أنه‬ ‫فرغم‬ ‫المثال؛‬ ‫سبيل‬ ‫وعلى‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫قيد‬ ‫س بها‪ ،‬والتي تعمل معاً إلبقائك على‬ ‫ال تُ ِح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ماكينات‬ ‫ُصمِّموا‬ ‫ٍ‬ ‫فإنها تستمر في العمل دون أدنى عطل‪ .‬وفي عصرنا هذا فإن المئات من العلماء والمهندسين يبذلون جهوداً مضنية لي َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُشابه ٍة لتلك األعضاء‪ ،‬ورغم ذلك لم تُؤ ِّ‬ ‫نع ِّ‬ ‫أي آلة‬ ‫َد جهو ُدهم إلى شيء ‪.‬أي أنك أيُّها اإلنسان‬ ‫خال ِمن العيوب يعجز البشر عن ُ‬ ‫مخلوق ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫صِ‬ ‫َّ‬ ‫تفسر كل هذا؟»‬ ‫مماثلة لها‪ .‬فكيف ِّ‬ ‫َ‬ ‫الرجل الذي يُن ِكر َّ‬ ‫سنجد َّ‬ ‫أن اهلل يخلُ ُق هذه األشياء غالباً ما يقول‪:‬‬ ‫أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫«أنا أيضا أعرف أن لدينا أجسادا تخلو من العيوب وأعضاءًا مثالية‪ ،‬ولكني أومن بما يأتي‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫مجموعة ِمن َّ‬ ‫ْ‬ ‫بالصدفة‪ ،‬لتكوين أعضا ِئنا وأجسا ِدنا»‬ ‫جتمعت‬ ‫الذ َّرات التي ال حيا َة فيها وال َو ْع َي لها‪ُّ ،‬‬ ‫اِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ً‬ ‫غير منطقي ٍة وغريبة‪ .‬وأيًّا كان عمره أو عمله‪َّ ،‬‬ ‫وسوف تالحظ بال شك َّ‬ ‫فإن َّ‬ ‫أفكار‬ ‫أي شخص يسوق هذه المزاعم لديه‬ ‫ٌ‬ ‫أن كلماته تبدو َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫غير المنطقية‪.‬‬ ‫المعتقدات‬ ‫هذه‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ون‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُؤ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ناس‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫ُصا‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫كثيرا‬ ‫المرء‬ ‫أن‬ ‫العجيب‬ ‫واضحة الخطأ‪ .‬و ِمن‬ ‫ً ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫بالصدفة‪ ،‬فال يوجد شك َّ‬ ‫ُصممُها‪َّ ،‬‬ ‫ونظراً َّ‬ ‫أن اهلل‬ ‫ألن أبسط الماكينات تحتاج لمُصم‬ ‫ِّم ي ِّ‬ ‫فإن نظامًا ُم َعق ًدا كاإلنسان ال يمكن أن يكون قد ظهر ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫خلق اإلنسان األوَّل وزوَّده باألجهزة التي تُ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫البشري البقا َء ِمن خالل‬ ‫األجيال التالية‪ .‬وقد ض ِمن اهللُ للجنس‬ ‫مكنُه ِم َن التكاثُر بحيث تظهر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫دورنا بفضل هذا البرنامج الذي َ‬ ‫تقرأه في‬ ‫خلقه اهلل‪ ،‬وتنمو أجسا ُدنا وفقا لهذا البرنامج‪ .‬وما َ‬ ‫برا ِم َج وضعها في خالياه‪ .‬وظهرنا نحن ِب ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َح لحقيق ِة َّ‬ ‫أو َ‬ ‫ْن‪.‬‬ ‫فهم ْ‬ ‫أن اهلل الذي خلقنا َي ْمتلِك قدرة وحكمة ال ِن َها ِئيتي ِ‬ ‫الصفحات التالية سوف يُ َمكنك ِمن ٍ‬

‫‪7‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫المثالي في جسم اإلنسان‬ ‫البرنامج‬ ‫ُّ‬ ‫أن لِ ِّ‬ ‫مثالي‪ .‬ويرجع الفضل لهذا البرنامج في َّ‬ ‫أوضحنا في الصفحة السابقة َّ‬ ‫َّ‬ ‫كل إنسان عينين وأذنين‬ ‫البشري ببرنامج‬ ‫أن اهلل زوَّد الجسم‬ ‫ٍّ‬ ‫وذراعين وأسنا ًنا‪ .‬كما يرجع الفضل في هذا البرنامج في أن البشر يتشابهون في أشكالهم بدرجة معقولة رغم بعض االختالفات في‬ ‫ُ‬ ‫وبعض الشعوب ل َديْها مال ِم ُحها ال ُم َميَّزة بسبب هذا البرنامج‪ ،‬وعلى سبيل المثال َّ‬ ‫فإن الصينيِّين واليابانيِّين‬ ‫مالمحهم‪ .‬فنحن نشبه أقاربَنا‪،‬‬ ‫بعضهم ً‬ ‫عاد ًة ما يشبه ُ‬ ‫بعضا كما َّ‬ ‫أن لألفارقة َ‬ ‫وتركيبات أفواههم وأعيُ ِن ِهم ال ُم َميَّزة‪.‬‬ ‫ومالمح وجوههم‬ ‫لون بشرتهم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫واآلن سوف نصف لك هذا البرنامج من خالل المثال التالي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مصانع خاص ٍة‬ ‫اآللي‪ .‬ويقوم الخبَرا ُء في‬ ‫الحاس َب‬ ‫خبير هذا‬ ‫يصم ُم‬ ‫قد تكون لديك فكر ٌة عن كيفية عمل الحاسبات اآللية (الكمبيوتر)‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ين بالتكنولوجيا الحديثة بإنتاج مكو ٍ َ َ‬ ‫مُست ِعي ِن َ‬ ‫ص المُد َم ِج‬ ‫ِّنات مُكمِّل ٍة للحاسب‪ ،‬مثل الميكروبروسيسور‪ ،‬والشاش ِة ولوح ِة المفاتيح والق ْر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أن ِّ‬ ‫عمليات عالي ِة التعقيد‪ .‬ويمكنك ْ‬ ‫تكتب على‬ ‫حاسب قادر ٍة على أداء‬ ‫وغيرها‪ .‬وبهذا تكون لديك ماكينة‬ ‫ات الصوت‬ ‫تشغل ألعابًا أو َ‬ ‫ٍ‬ ‫ومُكب َ‬ ‫ِّر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الحاسب ما تشاء‪ ،‬ولكن حتى يتحقق ٌّ‬ ‫َّات‪ ،‬و ِمن دون هذه البرمجيات‪ ،‬التي يجهِّزها خبرا ُء خصيصا لهذا‬ ‫أي ِممَّا سبق فإنك تحتاج لبر َم ِجي ٍ‬ ‫الغرض َّ‬ ‫ألن الحاسب لن يعمل بدونها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫أن المُبر ِمج يجب ْ‬ ‫وعالو ًة على ذلك فإننا نعرف أنه ليس كل برنامج يتوا َءم مع كل حاسب‪ ،‬مما يعني َّ‬ ‫أن يعرف كال ِمن الحاسب اآللي‬ ‫واألهم‬ ‫اآللي‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫والبرمجيَّات المتوائمة معه‪ .‬وكما رأينا فإن اإلنسان يحتاج إلى ماكينة وإلى برنامج مناسب معاً ليتمكن من تشغيل الحاسب ِّ‬ ‫من ذلك أنَّه إن لم يقم أحد بتصميم ِّ‬ ‫كل هذه األشياء وإنتاجها‪ ،‬فإن الحاسب‪ ،‬مر ًة أخرى لن يعمل‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫برنامجا في خاليانا يتسبب في ظهورنا‪ ،‬ويتبادر للذهن سؤال وهو كيف‬ ‫اآللي‪ .‬وكما ذكرنا سابقاً فإن هناك‬ ‫البشري‬ ‫ويشبه الجس ُد‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الحاسب َّ‬ ‫ظهر هذا البرنامج نفسه للوجود؟ اإلجابة واضحة وهي‪:‬‬ ‫يخلق اهلل القدير كل إنسان على حدة‪ ،‬فاهلل هو الذي خلق أجسادنا وخلق البرامج التي تشكل هذه األجساد ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫البشري بالحاسب اآللي‪ ،‬فأجسادنا تتفوَّق على أعقد الحاسبات بما ال مجال معه‬ ‫ولكن ال تفهمني خطأً‪ ،‬فإنه من المستحيل مقارنة الجس ِد‬ ‫للمقارنة‪ُّ .‬‬ ‫ومخنا وحده على سبيل المثال أعق ُد عدة مرات من الحاسب‪.‬‬ ‫واآلن لنرى كيف يولد طفل رضيع ويأتي إلى هذا العالم‪:‬‬ ‫توجد في البدء على شكل قطعة شديدة الصغر من اللحم في رحم أمك‪ ،‬ومع الوقت تتمدد هذه القطعة وتأخذ شكلها المحدد‪.‬‬ ‫ويتحدد منذ اللحظة األولى لوجودك طولك ولون عينيك وحاجبيك‪ ،‬وشكل يديك والمئات من المالمح األخرى‪ .‬وكل تلك المعلومات تكون‬ ‫مخزنة في هذا البرنامج األولي الذي وضعه اهلل في خالياك ‪.‬ويتميز هذا البرنامج بأنه متقن ومفصل لدرجة أن العلماء لم يبدأوا في فهم‬ ‫كيفية عمله إال حديثاً جداً‪.‬‬ ‫نمو أجسادنا ال يبدو لنا غريباً‪ ،‬حيث أننا ننمو خالل‬ ‫ونحن ننمو بالتدريج وفقاً لهذا البرنامج الذي وضعه اهلل في أجسادنا‪ ،‬ولذلك فإن َّ‬ ‫سنوات‪ .‬وال شك أننا سوف نصاب بالدهشة إن عمل هذا البرنامج بسرعة أكبر‪ ،‬فمظهر طفل حديث الوالدة يتحول فجأة إلى رجل عجوز‬ ‫ً‬ ‫مذهال بدرجة كبيرة‪.‬‬ ‫أمام أعيننا سوف يبدو‬

‫‪8‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫كيف ظهرت األحياء األخرى إلى الوجود؟‬ ‫وال تقتصر الكائنات الموجودة على األرض بأي حال من األحوال على البشر‪ ،‬فهناك اآلالف من الكائنات الحية‪ ،‬بعضها تعرفه‪ ،‬والكثير‬ ‫منها ال تعرف عنه شيئاً‪ .‬وبعض هذه الكائنات تعيش من حولك‪ ،‬فأنت تراهم وتسمعهم في كل مكان‪ .‬وبعض هذه الكائنات بعيد عنك جداً‬ ‫بحيث ال تجد فرصة لرؤيتها إال في الكتب أو في السينما‪ .‬ولكنك بنظرة متعمِّقة إلى هذه الكائنات سوف تجد َّ‬ ‫أن لديها كلها صفة واحدة‬ ‫نسمي هذه الصفة «التواؤم»‪.‬واآلن دعنا نعدد ما هي األشياء التي تتواؤم معها‬ ‫مشتركة‪ .‬فهل يمكنك أن تستنج ما هي هذه الصفة؟ يمكننا أن‬ ‫َ‬ ‫الكائنات الحية‪:‬نجدها تتواؤم مع‪:‬‬ ‫‪ .1‬البيئة التي تحيا فيها‪.‬‬ ‫‪ .2‬الكائنات الحية األخرى التي تشترك معها في المعيشة‪.‬‬ ‫‪ .3‬العناصر التي تحافظ على التوازن في الطبيعة‪.‬‬ ‫‪ .4‬العوامل التي تنفع البشر‪.‬‬ ‫مثاال مبسطاً لتوضيح معنى «التواؤم «‪ِّ .‬‬ ‫ً‬ ‫فكر في مقبس ومأخذ الكهرباء في األجهزة‬ ‫وقبل أن نبدأ في شرح العوامل السابقة دعنا نقدم‬ ‫الموجودة في بيتك‪ ،‬ستجد أن هناك تواؤماً تاماً فيما بينها‪ ،‬ولكن كيف يمكن أن تثبت هذا التواؤم التام؟ تثبته باإلشارة إلى أن هناك فتحات في‬ ‫المقبس تدخل فيها قرون ال َمأخذ‪ .‬ولكن هل يكفي هذا؟ ال فهناك أيضاً حقيقة أن عرض القرون المعدنية للمأخذ تساوي تماماً عرض الفتحات‬ ‫في المقبس‪ .‬ولو حدث وتغير الوضع فإن ال َمأخذ لن يدخل في المقبس‪ .‬وعالوة على هذا فإن المسافة بين قرون ال َمأخذ تساوي تماماً المسافة‬ ‫بين فتحات المقبس‪ ،‬فإن لم تتسا َو المسافتان فإن ال َمأخذ لن يدخل بإحكام في المقبس‪ .‬فإذا كان ال َمأخذ طويلة أكثر من الالزم‪ ،‬فإنها أيضاً‬ ‫ً‬ ‫مصنوعا من البالستيك‪ ،‬فإنك سوف تصاب‬ ‫لن تتواؤم‪ .‬وإذا كانت قرون ال َمأخذ غير معدنية‪ ،‬فإنها لن توصل الكهرباء‪ .‬وإذا لم يكن ال َمأخذ‬ ‫بصدمة كهربائية في كل مرة تمسك فيها بذلك ال َمأخذ‪ .‬وكما ترى فإن غياب التواؤم حتى في أبسط األدوات مثل ال َمأخذ والمقبس تجعل‬ ‫األداة غير قابلة لالستعمال‪ .‬ويشير هذا إلى أن نفس الشخص هو الذي صمم ال َمأخذ والمقبس‪ .‬وقد صممهما ليكونا متوائمين مع بعضهما‬ ‫بعضاً وبالتالي جعلهما قابلين لالستعمال‪ .‬وبعي ًدا عن الخيال أن نتصور أن المعدن والبالستيك قد اجتمعا بالصدفة وأنه تم التخطيط لكل منهما‬ ‫ً‬ ‫ومأخذا يتواءمان مع بعضهما البعض‪.‬‬ ‫مقبسا‬ ‫بصورة مستقلة ومنفصلة عن األخرى‪ ،‬ألنه في هذه الحالة لن تجد أبداً ً‬ ‫ونجد أن التواؤم بين المخلوقات الحية أكثر تعقداً بكثير من التواؤم بين ال َمأخذ والمقبس ألن الكائنات الحية تتضمن اآلالف من األجهزة‬ ‫واألعضاء التي يجب عليها أن تتعايش في تناسق وتعمل معاً دون أدنى خطإ‪ .‬وأي محاولة لكتابة شرح هذه األجهزة وكيف تعمل واحداً‬ ‫واحداً سوف تمأل مكتبة تحوي مئات الكتب‪ .‬وبنا ًء على ما سبق فإننا سوف نشرح بصورة مختصرة الصفات المكتملة للكائنات الحية التي‬ ‫أودعها اهللُ فيها‪:‬‬

‫الكائنات الحية تتواؤم مع البيئة التي خلقها اهلل فيها‪:‬‬ ‫كل كائن حي سواء كان على األرض أو كان في السماء‪ ،‬يتواءم تواؤماً كا ِم ً‬ ‫ال مع بيئته‪ ،‬فهكذا خلقهم اهلل‪ .‬وخلق لهم العديد من األجهزة‬ ‫ً‬ ‫(النظم) المتقنة التي تضمن لهم التغذية‪ ،‬والحماية والتناسل‪ .‬ويظهر هذا أن كل كائن حي مصمم وفقا للبيئة التي يعيش فيها‪.‬‬ ‫وتتواؤم أعضاء حياة الكائنات الحية وأساليبها مع الظروف السائدة في بيئاتها‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن الطيور لديها أجنحة مثالية تمكنها من‬ ‫الطيران في السماء‪ ،‬واألسماك لديها خياشيم مخلوقة خصيصاً لتمكنها من التنفس تحت الماء‪ ،‬ولو كان لديها رئات مثلنا لكانت قد غرقت‪.‬‬

‫الكائنات الحية تتواءم مع الكائنات الحية األخرى التي تتعايش معها‪:‬‬

‫تساهم بعض الطيور والحشرات في تكاثر النباتات‪ .‬ويعني هذا‪ ،‬أن هذه الطيور والحشرات رغم عدم إدراكها لذلك‪ ،‬فإنها تساعد على نمو‬ ‫النباتات‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬فحين تزور النحلة زهرة بعد أخرى‪ ،‬فإنها تحمل اللقاح‪ .‬ويرجع لهذه العملية الفضل في تمكين النباتات من‬ ‫التكاثر‪ .‬وفي بعض الحاالت تقوم بعض الحيوانات بأفعال تفيد حيوانات أخرى‪ .‬فالسمك المنظف على سبيل المثال ينظف الكائنات الدقيقة‬ ‫من على أجساد األسماك الكبيرة وبالتالي يوفر لها حياة صحية‪ ،‬وهذا شكل آخر من أشكال التواؤم‪.‬‬

‫الكائنات الحية تتواءم مع العناصر التي تضمن التوازن في الطبيعة‪:‬‬

‫ً‬ ‫وإضافة إلى ذلك؛ فإن الكائنات خلقت بخصائص تحافظ على هذا التوازن‪.‬‬ ‫ال يوجد كائن حي‪ ،‬غير اإلنسان يخل بالتوازن في الطبيعة‪.‬‬ ‫ولكن التوازن على األرض يكون عرضة دائماً ألن تُ ِخ َّل به تصرفات اإلنسان الجاهل‪ .‬وعلى سبيل المثال إذا أفرط اإلنسان في اصطياد‬ ‫نوع من الكائنات بحيث َّ‬ ‫تخطى الحدو َد المعقولة‪ ،‬فإن هذه النوعية تنقرض‪ .‬ويتسبب االنقراض بدوره في زيادة الفرائس التي كان يصطادها‬ ‫هذا الكائن زيادة مفرطة‪ ،‬مما يمكن أن يعرض حياة البشر أنفسهم بل ويعرض الطبيعة نفسها للخطر‪ .‬وبالتالي يوجد توازن ذاتي في خلق‬ ‫الكائنات الحية‪ ،‬فهي تُخلَق بتواؤم كامل مع توازن الطبيعة‪ ،‬وال يمتلك إال اإلنسان القدرة على تدمير هذا التوازن الدقيق‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫الكائنات الحية تتواءم مع العوامل التي ِّ‬ ‫توفر منافع للبشر‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫فكر على سبيل المثال في فائدة العسل بالنسبة إليك‪ .‬كيف تعرف النحل أنك تحتاج إلى هذا النوع من التغذية‪ ،‬وكيف تقوم بإنتاجه؟ وهل يمكن‬ ‫ً‬ ‫ُنتج َّ‬ ‫غذائية مثالية لتغطية هذه االحتياجات؟ بالطبع ال‪.‬‬ ‫مواد‬ ‫لدجاجة‪ ،‬أو بقرة أو خروف أن يعرف االحتياجات الغذائية للبشر وي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وهذا التناسق التام بين الكائنات الحية دليل واضح على َّ‬ ‫أن هناك خالقاً واحداً هو الذي خلقها‪ ،‬وترجع كل التوازنات الدقيقة على األرض لهذا‬ ‫الخلق المتقن إلى اهلل سبحانه‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫ْ‬ ‫خل ُق الكون‬ ‫حد اآلن ْ‬ ‫ُ‬ ‫شرحنا إلى ِّ‬ ‫واألرض والشمس‬ ‫خل َق اهلل للكائنات الحيَّة‪ .‬واآلن حان الوقت لنتدبَّر الكون بأكمله‪َ .‬خلَق اهلل الكون الذي توجد فيه أنت‬ ‫ُّ‬ ‫والمجرات وكل األشياء األخرى الموجودة في الكون‪.‬‬ ‫والمجموعة الشمسية والكواكب والنجوم‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ورغم هذا فإنه إلى جوار الذين يعارضون حقيقة خلق الكائنات الحية‪َّ ،‬‬ ‫ويؤكد هؤالء‬ ‫أناسا آخرين ينكرون حقيقة خلق اهلل للكون‪.‬‬ ‫فإن هناك ً‬ ‫الكون ظهر للوجود تلقائيًّا‪ .‬ويزيد على ما سبق أنَّهم يقترحون َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫غير المنطقية‪،‬‬ ‫أن‬ ‫أن الكون كان موجوداً دائما‪ .‬ولكنَّهم ال ِّ‬ ‫يفسرون أبداً دعواهم َ‬ ‫َ‬ ‫المثال التالي‪ :‬تخيَّل أنَّك ركبت مركبًا في يوم من األيام وأبحرت في عرض البحر‪ ،‬ووصلت إلى شاطئ جزيرة‪ .‬ففيم‬ ‫شبه‬ ‫وهي دعوى تُ ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سوف ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫سحاب‪ ،‬وتحوطها الحدائق الجميلة والمساحات الخضراء؟ وإضافة إلى هذا‪ ،‬وجدت‬ ‫تفكر إذا ما وجدت مدينة متطورة‪ ،‬بها ناطحات‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫السكك الحديدية‪ .‬بالتأكيد سوف تعتقد َّ‬ ‫أناس أذكياءُ‪ ،‬أليس‬ ‫المدينة قام‬ ‫أن هذه‬ ‫المدينة ملِي َئة بالمسارح والمطاعم وخطوط‬ ‫بتخطيطها وبنا ِئها ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ماض وسكنَّا بها‪ .‬ونحن نتمتَّع‬ ‫كذلك؟ فما رأيُك في‬ ‫ْن أح ٌد هذه المدينة؛ فقد كانت موجود ًة منذ األزل‪ ،‬وقد ِجئنا في ٍ‬ ‫وقت ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شخص يقول‪ :‬لم َيب ِ‬ ‫في هذه المدينة بكل ضروريات الحياة التي كانت قد جاءت إلى الوجود بصورة تلقائية»؟‬ ‫تنس َّ‬ ‫سوف تظن بالتأكيد َّ‬ ‫أكبر من تلك المدينة بما‬ ‫أن الكون الذي نعيش فيه ُ‬ ‫أن هذا الشخص مجنون‪ ،‬أو أنَّه ال فكرة لديه عمَّا يتكلم‪ .‬ولكن‪ ،‬ال َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫واألقمار واألتباع ِمن مختلف األنواع‪.‬‬ ‫مجاال للمقارنة‪ .‬ويتضمَّن هذا الكون عددا ال نهائيًّا‪ ،‬تقريبًا‪ ،‬من الكواكب والنجوم والمُذنبات‬ ‫ال يدع‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُجد دائما‪ ،‬يجب أال يبقى دون إجابة لمزاعمه؟ أال توافقني؟‬ ‫و‬ ‫ما‬ ‫وإن‬ ‫ه‬ ‫خلق‬ ‫يتم‬ ‫لم‬ ‫ن‬ ‫ُتق‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫الكون‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫ب‬ ‫يزعم‬ ‫الذي‬ ‫الشخص‬ ‫فإن‬ ‫الحالة‬ ‫هذه‬ ‫وفي‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وندع اإلجابة إلى‬ ‫التعرف على الكون‪،‬‬ ‫وبعد أن تقرأ الفقرة التالية سوف تتمكن أنت بنفسك من تقديم أفضل إجابة‪ .‬واآلن دعنا نتوسع في‬ ‫ُّ‬ ‫النهاية‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫جار كبير‬ ‫كل شيء بدأ بان ِف ٍ‬ ‫َ‬ ‫القليل من المعلومات عن المساحات البعيدة‬ ‫النزر‬ ‫أثناء العصور التي لم يكن لدى الناس فيها تليسكوبَّات لمراقبة السماوات‪ ،‬لم يكن لديهم إال‬ ‫َ‬ ‫أفكار عن الكون تختلف كثيراً عمَّا لدينا اليوم‪ .‬ومع ُّ‬ ‫معلومات‬ ‫تقدم التكنولوجيا‪ ،‬ج َمع اإلنسان‬ ‫في الكون‪ ،‬والتي ال يُعت َمد عليها‪ ،‬وكانت لديهم‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الناس في منتصف القرن العشرين اكتشافا في غاية األهمية‪ ،‬وذلك أن للكون تاريخ ميال ٍد‪ ،‬ممَّا يعني‬ ‫دقيقة عن الفضاء‬ ‫الخارجي‪ ،‬واكتشف ُ‬ ‫ِّ‬ ‫أن الكون لم يكن دائماً موجوداً‪ .‬وهذا يعني َّ‬ ‫َّ‬ ‫ات بدأت في التكوُّن ِمن تاريخ م َّ‬ ‫َ‬ ‫ُحدد‪ .‬وقد َح َسب العلماء‬ ‫الكون والنجوم والكواكب‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫والمجر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫تاريخ الكون ووصلوا إلى أنه حوالي ‪ 15‬مليار سنة‪.‬‬ ‫وأطلق العلما ُء على اللحظة التي ُولِد فيها الكون اس َم‪:‬االنفجار العظيم؛ الذي وقع منذ ‪ 15‬مليار سنة‪ ،‬حين لم يكن شي ٌء قد ظهر إلى الوجود‪،‬‬ ‫ثم ظهر ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ين َّ‬ ‫كل شيء فجأ ًة بانفجار‪ ،‬بدأ من نقطة واحدة‪.‬ويعني هذا باختصار؛ َّ‬ ‫الناس أنَّهما كانا موجودين على الدوام‬ ‫أن الماد َة‬ ‫ظن ُ‬ ‫والكون اللذ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مسألة سهلةً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫أن يتفهَّموا َّ‬ ‫َداه‪ :‬كيف وصل الناس إلى ْ‬ ‫ليس كذلك‪ ،‬بل كانت لهما بداية ‪.‬وهنا يثور سؤال ُمؤ َّ‬ ‫أن للكون بداية؟ في الحقيقة كانت‬ ‫بدرج ٍة كبيرة‪ْ ،‬إذ َّ‬ ‫أن المادة التي انتثرت وتسارعت مبتعدة عن جزيئات المادة األخرى مع حدوث االنفجار الكبير ما زالت تتباعد عن بعضها‪.‬‬ ‫التمدد حتى لحظ ِتنا هذه‪ .‬وتخي ْ‬ ‫ْ‬ ‫ولتُ ِّ‬ ‫فكر يا صغيري ً‬ ‫قليال! َ‬ ‫بالون‪ْ ،‬‬ ‫َّل َّ‬ ‫فالك ْو ُن مازال مست ِم ًّرا في ُّ‬ ‫َ‬ ‫فإن َر َسمْنا نقطتين صغيرتين‬ ‫الكون عبار ٌة عن‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫على سطح البالون‪ ،‬فماذا سيحدث لهما عندما تنفخ البالون؟ ستجد َّ‬ ‫أن النقطتين تتباعدان عن بعضهما بعضا مع زيادة حجم البالون‪ .‬وكما في‬ ‫ِّ‬ ‫حالة البالون‪ ،‬فإن حجم الكون ما زال في زياد ٍة مُست ِم َّرة‪ُّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫والمجرات‬ ‫وكل شيء فيه يبتعد عن كل شيء آخر؛ أي أن المسافة ما بين النجوم‬ ‫َّ‬ ‫مستمرة‪.‬‬ ‫والمُذنَّبات في زياد ٍة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫وتخيَّل أنَّك تشاهد ُّ‬ ‫الكون إذا قمت بإدارة الفيلم بصورة عكسية نح َو بدايته؟ سوف ينكمش‬ ‫كارتون‪ ،‬كيف سيبدو لك‬ ‫فيلم‬ ‫تمد َد الكون‬ ‫ٍ‬ ‫في ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الكون ويتضاءل حتى يصير نقطة واحدة‪ ،‬أليس كذلك؟ هذا ما َف َعله العلما ُء بالضبط؛ فقد عادوا إلى بداية االنفجار الكبير‪ ،‬وأدركوا َّ‬ ‫ُ‬ ‫أن الكون‬ ‫المستمر في التمدد بدأ كنقط ٍة وحيدة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫قرر اهلل ْ‬ ‫أن يبدأ إيجا َد الكون منها‪ .‬وخلق اهلل بهذا‬ ‫ننظر إليه باعتباره‬ ‫وهذا‬ ‫النقطة المبدئية التي َّ‬ ‫ِّي باالنفجار الكبير‪ ،‬أصبحنا ُ‬ ‫ُ‬ ‫االنفجار الذي ُسم َ‬ ‫المادة إلى الوجود‪ ،‬ثم انتشرت بسرعات هائل ٍة‪ .‬وكانت البيئةُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الكون‪ ،‬وبالتالي ظهرت َّ‬ ‫الصغ ِر‪ ،‬التي تشكل منها‬ ‫االنفجار ُ‬ ‫ْمات شديد ِة ِّ‬ ‫الج َسي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫المتكوِّنة في اللحظات األولى بع َد االنفجار تُشبه أُ ْك َ‬ ‫ْمات دقيق ٍة مختلفة‪ ،‬ثم مع مرور الوقت بدأت هذه‬ ‫لة «شوربة» من المادة‪،‬‬ ‫مكونة من ُج َسي ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الكارثة العظيمة تتحوَّل إلى َهيْكل َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذرات‪ ،‬وهكذا خلق اهللُ‬ ‫الج َس ْي َمات الدقيقة‪ ،‬وفي النهاية َخلَق النجو َم من َّ‬ ‫منظم؛ حيث َخلَق اهلل َّ‬ ‫ات من ُ‬ ‫الذر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫العالَ َم وكل ما فيه‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫مثاال لتوضيح ِّ‬ ‫وق ً‬ ‫اآلن َن ُس ُ‬ ‫دعنا َ‬ ‫ْ‬ ‫كل ما سبق‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ألوان‪ ،‬وال يوجد ُّ‬ ‫أي شي ٍء‬ ‫فكر في مساحة فضا ٍء هائلة ال حدود لها‪ .‬وال يوجد في هذه المساحة إال إنا ٌء على شكل طاس ٍة مملوء ٍة بصبغ ِة‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الدهان‪ ،‬مما يكوِّن ألوانا غريبة‪ .‬وتخيَّل بعد ذلك َّ‬ ‫آخر في مساحة الفضاء الهائلة‪ .‬ويختلط في هذا الوعاء جميع أنواع ِّ‬ ‫أن قنبلة انفجرت في‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫مالي َ‬ ‫تتحرك في‬ ‫ين من بُقع الل ْون َّ‬ ‫بقع شديد ِة ِّ‬ ‫الص َغر‪ .‬وتخيَّل ِ‬ ‫الوعاء‪ ،‬وتناثرت األلوان تحت تأثير االنفجار في جميع االتجاهات في شكل ٍ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ضى‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫حدوث‬ ‫من‬ ‫فبدال‬ ‫الحدوث؛‬ ‫في‬ ‫ُعتادة‬ ‫م‬ ‫غير‬ ‫ء‬ ‫أشيا‬ ‫تبدأ‬ ‫جميع االتجاهات وسط الفضاء‪ .‬وفي تلك اللحظات‪ ،‬وأثناء رحل ِة الب َُق ِع الصغيرة‪،‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ ْ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫مخلوقات عاقلة‪ .‬وتبدأ النقاط الصغيرة التي كانت‬ ‫بعضها بعضاً كما لو كانت‬ ‫عارم ٍة للنِّقاط ثم اختفا ِئها في النهاية‪ ،‬فإنَّها تبدأ في‬ ‫ٍ‬ ‫التفاعل مع ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثم تبدأ النقاط من‬ ‫أصفر وثالث‬ ‫ألوان مستقلة‪ ،‬فهذا أزرق‪ ،‬وذاك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أحمر‪َّ ،‬‬ ‫في البدء خليطا من األلوان في فرز أنفسها وترتيب أنواعها في شكل ٍ‬ ‫ً‬ ‫التحرك بعي ًدا عن بعضها البعض‪.‬‬ ‫وتستمر في‬ ‫نفس مجموعة األلوان تتجمَّع معا‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وتستمر في رحلتها على شكل نقطة كبيرة‪ .‬ويحدث في‬ ‫خمسمائ ِة نقط ٍة زرقا َء معاً‪،‬‬ ‫و َتح ُدث بعد ذلك ُكلِّه أشيا ُء‬ ‫ُّ‬ ‫أغرب من هذا؛ حين تتجمَّع ُ‬ ‫واندماج آخر لمائتي نقط ٍة صفراء في ركن آخر‪ ،‬حيث تستمر‬ ‫ندماج لثالث ِمائ ِة نقط ٍة حمراء‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫آخر ِمن مساحة الفضاء اِ ٌ‬ ‫كن َ‬ ‫الوقت ذاته‪ ،‬وفي ُر ٍ‬ ‫ٌّ‬ ‫كل منها في التباعد عن النقاط األخرى معاً‪ .‬وتتباعد مجموعات األلوان المستقلَّة عن بعضها بعضاً‪ ،‬وتبدأ في تكوين صورة جميلة‪ ،‬كما لو‬ ‫أوامر صادر ًة ِمن أح ٍد ما‪.‬‬ ‫كانت تتَّ ِبع‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وتبدأ ُ‬ ‫كواكب‬ ‫غيرها لتكوِّن‬ ‫بعض النقاط في التجمُّع معًا مكوِّنة ص َو ًرا للنجوم‪ ،‬وتتجمَّع نقاط أخرى‬ ‫مكونة صور ًة للشمس‪ ،‬وتتجمع نقاط ُ‬ ‫َ‬ ‫تدور حول الشمس‪ .‬إذا تخي َ‬ ‫َّلت أنك رأيت صورة مثل هذه‪ ،‬هل سوف تعتقد َّ‬ ‫أنفجارا في وعاء من األلوان تسبب في تكوين هذه الصور‬ ‫أن‬ ‫ً‬ ‫بالصدفة؟ لن يوجد من يعتقد بإمكانية هذا‪.‬‬ ‫فإن المادة تجمَّعت سويًّا َّ‬ ‫وكما يشرح المثال الخاص بتكوُّن الصورة من نقاط األلوان‪َّ ،‬‬ ‫وشكلت الصورة المتقنة التي نراها حين ننظر إلى‬ ‫ِ‬ ‫دوث تلك األشياء ُكلِّها من تلقاء نفسها؟‬ ‫ح‬ ‫ُّل‬ ‫تخي‬ ‫يمكن‬ ‫هل‬ ‫ولكن‬ ‫األعلى نحو السماء‪ ،‬أي أنها كوَّنت النجوم والشمس والكواكب‪.‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫ً‬ ‫كيف يمكن أن تكون النجوم في السماء‪ ،‬والكواكب والشمس والقمر واألرض قد ظهرت إلى الوجود نتيجة لتساقط الذرات وتجمُّعها بالصدفة‬ ‫بعد انفجار؟ وماذا عن أمِّك وأبيك وأصدقائك‪ ،‬والطيور والقطط‪ ،‬وثمرات الموز والفراولة‪...‬؟ بالطبع من المستبعد جداً أن يكون هذا قد‬ ‫فمثل هذه الفكرة ستكون خالية من المنطق؛ َم َثلُها ُ‬ ‫حدث‪ُ ،‬‬ ‫ال ِّدعاء القائل َّ‬ ‫إن بيتاً ما لم يبنه بنَّاؤون‪ ،‬ولكنه ظهر إلى الوجود من خالل‬ ‫مثل ا ِ‬ ‫ً‬ ‫بالصدفة البحتة‪ .‬ونعرف كلُّنا بأن وحدات الطوب التي تتناثر نتيجة انفجار قنبلة ال تُكو ُ‬ ‫أكواخا صغيرة‪،‬‬ ‫ِّن‬ ‫اإلرادة ُ‬ ‫الح َّرة للبَالط والطوب‪ُّ ،‬‬ ‫وإنَّما تتحوَّل إلى صخور وفتات متناثر على األرض‪ ،‬ومع الوقت تندمج وتختفي في تربة األرض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تركيزا خاصاً؛ فكما تعرف َّ‬ ‫فإن نقاط اللون هي مادة ال وعي لها وال حياة فيها‪ .‬وينتج عن هذا أنه يستحيل على‬ ‫وتوجد فكرة واحدة تتطلب‬ ‫ً‬ ‫نقاط ِّ‬ ‫ص َورا‪ .‬ونحن ال نتحدث في الحقيقة عن صور‪ ،‬وإنما عن تكوُّن كائنات حية واعية‪ .‬وبالتالي فإنه‬ ‫الدهان أن تتجمع تلقائياً معاً وتُكوِّن ُ‬ ‫من المستبعد‪ ،‬بصورة مؤكدة ِج ًّدا‪َّ ،‬‬ ‫كائنات حيَّ ٍة مثل البشر والنباتات والحيوانات ظهرت إلى الوجود من مادة غير حية بالصدفة البحتة‪.‬‬ ‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫المجردة مثل البروتينات‬ ‫بالعين‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫جدا‬ ‫ة‬ ‫دقيق‬ ‫ْئات‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َّن‬ ‫تتكو‬ ‫ها‬ ‫بأن‬ ‫وسنجدها‬ ‫أجسادنا؛‬ ‫في‬ ‫ر‬ ‫نتفك‬ ‫ولِنفه َم هذا بصورة أوضح يجب أن‬ ‫َّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نتاج لتصميم خاص؛ فقد‬ ‫الجزيئات خاليًا‪ ،‬ومن تلك الخاليا تتكون أجسادنا‪ .‬والتنظيم‬ ‫والدهون والماء‪ ...‬وتُكوِّن هذه‬ ‫المثالي في أجسادنا هو ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫خلق اهلل أعيُ َننا التي نرى بها‪ ،‬وأيدينا التي نمسك بها هذا الكتاب‪ ،‬وأرجلنا التي تُ ِّ‬ ‫مكنُنا من المشي‪ .‬وحدد اهلل مسبقاً قبل ْ‬ ‫أن يخلَُقنا كيف سننمو‬ ‫ونتطور في أرحام أمهاتنا‪ ،‬وإلى ِّ‬ ‫أي طول سنصل‪ ،‬وما هي ألوان أعيننا وكيف ستكون‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫إ َنّه اهلل الذي خلق َّ‬ ‫كل شيء‬ ‫لو تذكرت‪ ،‬فإننا َس َعيْنا في بداية هذا الكتاب لتقديم اإلجابة الصحيحة لشخص ال يؤمن باهلل‪ ،‬واآلن لديك اإلجابة الصحيحة‪ ،‬فاالنفجارات ال‬ ‫تنتج عنها صورة منتظمة ذات معنى‪ ،‬ولكن يمكنها فقط أن تُدمِّر صور ًة جميلة قائمة‪ .‬ويتفوَّق النظام الذي نتج بعد االنفجار الكبير‪ ،‬والذي‬ ‫ظهر منه الكون‪ ،‬في إتقانه بالنسبة لألمثلة التي أوردناها؛ ِمن مدينة كبيرة‪ ،‬أو وعاء لأللوان‪ ،‬وال يمكن ٍّ‬ ‫ألي منها أن يَنتُج عن الصدفة‪.‬‬ ‫المتقن إال عن إرادة اهلل العظيم سبحانه‪ ،‬فاهلل قادر على ْ‬ ‫المثالي َ‬ ‫خل ِق ِّ‬ ‫أي شيء‪ ،‬وذلك َبق ْولِه له‪ :‬كن فيكون‪.‬‬ ‫ال ينتج هذا النظام‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الشمس لتضخ الطاقة وتد ِفئنا‪.‬‬ ‫كون غاي ٍة في اإلتقان‪ ،‬وخلق فيه الحيوانات والنباتات ‪.‬وخلق‬ ‫َ‬ ‫وقد خلق اهلل‪ ،‬من أجلنا‪ ،‬عالما جميال‪ِ ،‬‬ ‫داخل ٍ‬ ‫قليال من الشمس؛ لكان عالمُنا ً‬ ‫أقرب ً‬ ‫وضب َ‬ ‫َ‬ ‫المسافة بين الشمس واألرض ب ِد َّقة متناهية‪ ،‬بحيث َّ‬ ‫غاية في السخونة‪ ،‬وإذا‬ ‫أن األرض لو كانت‬ ‫َط‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫كانت أبعد لكنا قد تجمَّدنا ِمن البرد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وكلَّما كشف العلما ُء المزيد ِمن الحقائق ُكلَّما زادت معرفتنا أكثر فأكثر بقدرة اهلل‪ .‬وتأتي هذه المعرفة من َّ‬ ‫أن المادة ال يمكنها أن تصل إلى‬ ‫قرارات‪ ،‬وال أن ِّ‬ ‫تنف َذ أيًّا ِمن هذه القرارات‪ ،‬ممَّا يعني َّ‬ ‫األساسي للنجوم‬ ‫أن هناك خالقاً يُصمِّم ويخلُق هذا الكون‪ .‬أمَّا المادة‪ ،‬وهي المُكوِّن‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫حي أو جا ِم ٍد‪ ،‬وتخضع كل هذه األشياء لسيطرة اهلل‪ ،‬مما ينتج عنه انتظام الحياة على األرض‪َّ ،‬‬ ‫ألن‬ ‫والبشر والحيوانات والنباتات وكل شيء‪ٍّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫كل شيء من خلق اهلل الذي يعطي َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫كل شيء خلقه ونظا َمه‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫َخلَق اهلل َّ‬ ‫كل إنسان وله َق َد ٌر ُم َّ‬ ‫حدد‬ ‫البشر الحيا َة في هذا العالم ليمتحنهم‪ ،‬كما‬ ‫ذكرنا في بداية هذا الكتاب أن اهلل خلق آدم عليه السالم الذي تناسل منه كل البشر‪ .‬ومنح اهلل‬ ‫َ‬ ‫ليعرفوهم بمسؤولياتهم‪.‬‬ ‫أرسل إليهم الرسل ِّ‬ ‫ويخضع ُّ‬ ‫تمر عليه؛ أي أننا نخضع لالختبار من خالل ردود أفعالنا تجا َه األحداث التي تقابلنا‪،‬‬ ‫كل إنسان لالختبار من خالل األحداث التي ُّ‬ ‫ً‬ ‫نتصرف بصورة صحيحة أم ال‪.‬‬ ‫‪.‬وإجماال فإننا نختبر ما إذا كنَّا‬ ‫ومن خالل الطريقة التي نتكلم بها‪ ،‬وصمودنا في وجه الصعاب‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫مصيرنا في الحياة اآلخرة‪.‬‬ ‫االختبار‬ ‫ويحدد هذا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أن َّ‬ ‫ً‬ ‫جدا‪ ،‬إذ منح اهللُ‬ ‫القدر َّ‬ ‫سرا هاماً ًّ‬ ‫كل األحداث التي‬ ‫البشر‬ ‫َرهم‪ .‬ويعني ُ‬ ‫رحمة واسعة حين َّ‬ ‫ويتضمَّن االختبار الخاص بالحياة الدنيا ًّ‬ ‫قرر َقد َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫تمر باإلنسان خالل حياته بأكملها قد َّ‬ ‫الخاص به الذي‬ ‫َره‬ ‫يتعرض لها‪ .‬ولكل إنسان َقد ُ‬ ‫حددها اهلل مُسبقا‪ ،‬حتى من قبل ميالد اإلنسان الذي َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫غيره‪.‬‬ ‫ال يشاركه فيه ُ‬ ‫ولتيسير فهم هذه الفكرة يمكننا أن نشبِّه َ‬ ‫مسجل على شريط فيديو‪ .‬ويتميَّز الفيلم في هذه الحالة ببدايته ونهايته المعروفتين مسبقاً‪،‬‬ ‫القدَر‬ ‫بفيلم َّ‬ ‫ٍ‬ ‫القدَر‪ُّ ،‬‬ ‫ولكنَّنا َكمُشاهدين سوف لن نعرفها حتى نشاهد الفيلم‪ .‬وما يص ُدق على الفيلم يصدق على َ‬ ‫فكل ما سوف يفعله اإلنسان خالل حياته‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ولحظة موته‪ ،‬كلُّها مقرر ٌة مُسبَقا‪ً.‬‬ ‫والبيوت التي سوف ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َسكنُها‪،‬‬ ‫والمدارس التي سيتعلَّم فيها‪،‬‬ ‫سيتعرض لها‪،‬‬ ‫وكل األحداث التي‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫محدد ٌة مسبقاً في علم اهلل‪ُّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫وكل األحداث التي تحدث لإلنسان سواء كانت خيراً أو شراً‪َّ ،‬‬ ‫وكل إنسان يقع تحت االختبار ِبما يتوافق مع‬ ‫ً‬ ‫وإجماال لِما سبق؛ َّ‬ ‫يمر على سلسلة من األحداث ثم يحدد إيمانه‬ ‫خصيصاً له‪.‬‬ ‫هذا السيناريو‬ ‫فإن اإلنسان‪ ،‬وفقاً لهذا السيناريو‪ُّ ،‬‬ ‫المكتوب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وتصرفاته‪ ،‬وباإلضافة إلى ردود أفعاله تجاه هذه األحداث يحدد مصيره في الحياة اآلخرة‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫تقر َرت‬ ‫داعي لإلنسان من إحساسه باألسى نتيجة لألحداث التي َّ‬ ‫وتعطي معرفة القدَر راحة كبيرة لإلنسان‪ ،‬فهي رحمة من اهلل‪ ،‬إلنه ال ِ‬ ‫ِّ‬ ‫‪.‬ويبشر اهلل الذين يصبرون في مواجهة ال ِف َتن بجنَّ‬ ‫ُدركون أنَّه ال شيء‬ ‫ي‬ ‫الذين‬ ‫النعيم‪،‬‬ ‫ات‬ ‫مسبقاً‪ ،‬أو قلقه من عدم سير األمور على ما يُرام‬ ‫ِ‬ ‫أفضل النماذج التي نقتدي بها في هذا المجال ‪.‬ويُكا ِف ُئ اهللُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نتيجة‬ ‫بجنَّات النعيم‬ ‫يحدث إال بإرادة اهلل‪ ،‬وقد أعطى لنا ُر ُسل اهلل‬ ‫مثل هؤالء َ‬ ‫المثالي وسلوكهم القويم‪.‬‬ ‫إيما ِنهم‬ ‫ِّ‬

‫‪14‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫الرسل وأنزل الكتب‬ ‫اهلل أرسل ّ‬ ‫َّ‬ ‫منحنا اهلل القدر َة على التفكير وعلى‬ ‫قدمنا في الفصول السابقة أمثلة ودالئل تساعدنا ألن ندرك ونفهم قدرة اهلل وعظمته إلى حد ما‪ .‬وقد َ‬ ‫االستدالل حتى نتمكن من معرفته‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الرسل وأرسلهم‬ ‫يعرفنا فيها بنفسه‪ ،‬ويخبرنا بما يريده منَّا في هذه الكتب‪ .‬وزيادة على هذا؛ كلَّف‬ ‫وقد أنزل اهلل إلينا كذلك‬ ‫الكتب السماوية التي ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ليقدموا للناس نماذج بسلوكهم الممتاز‪ ،‬ويوصل هؤالء الرسل وحي اهلل الصافي الذي يرشد البشرية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫رسول‪ ،‬وعدد أكبر‬ ‫ويصعب معرفة عدد الرسل الذين أرسلهم اهلل بالتحديد‪ ،‬رغم أن هناك أحاديث تذكر أنه كان هناك ثالثة عشر وثالثمائة‬ ‫ٍ‬ ‫بكثير من األنبياء عبر تاريخ البشرية‪ .‬وال نعلم من هؤالء الرسل إال الذين وردت أسماؤهم في القرآن الذي هو آخر وحي أنزله اهلل ‪.‬ويعطي‬ ‫لنا اهلل معلومات عن حياة الرسل حتى نتمكن من فهم سلوكهم‪ .‬و يخبرنا‪ ،‬من خالل عرض حياة رسله‪ ،‬باألسلوب السليم للعيش‪ ،‬وكيف نسلك‬ ‫تعر َفنا كيف نسلك سلوكاً سليماً في هذه الحياة‪ ،‬وال أن نعرف‬ ‫سلوكاً قويماً في هذه الدنيا‪ .‬وال يمكن أليَّ ِة وسيل ٍة‪ ،‬دون رساالت اهلل وتعاليمه‪ ،‬أن ِّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫غير‬ ‫أي السلوكات أفضل وأكثر توافقا مع القيم الواردة في القرآن الكريم‪ .‬كما ال يمكننا معرفة السلوك الذي يوصلنا إلى رضا اهلل وثوابه ِ‬ ‫المنقضي‪ ،‬وال الذي يؤدي بنا إلى عقوبته‪ ،‬إال من خالل تعاليم اهلل‪.‬‬ ‫ويخبرنا اهلل في القرآن الكريم أنه أرسل رسله عبر تاريخ البشرية لجميع األقوام والمجتمعات‪ ،‬فدعوهم لعبادة اهلل وحده ودعائه وطاعة‬ ‫أوامره‪ ،‬كما أنذروهم بالتعرض لعقوبة اهلل وعذابه إذا لو يفعلوا ما أُ ِمروا به‪ ،‬وباختصار فإنهم َّ‬ ‫بشروا المؤمنين بالجنَّة‪ ،‬وأنذروا الكافرين‬ ‫ً‬ ‫موسع في الفصول التالية من الكتاب)‪ .‬وقد كان محمد‪،‬‬ ‫الذين يرتكبون‬ ‫أفعاال آثمة بالنار والعذاب األليم (وسوف نتناول الجنة والنار بشكل َّ‬ ‫ُ‬ ‫آخر الكتب السماوية‪.‬‬ ‫آخر الرسل الذين بعثهم اهلل للبشرية‪ ،‬وكان القرآن المُنزل عليه َ‬ ‫عليه الصالة والسالم‪َ ،‬‬ ‫الجه ُ‬ ‫َّال َ‬ ‫ُ‬ ‫الرساالت السابقة التي أرسلها اهلل ِمصدا ِق َي َتها؛ حين أَ َ‬ ‫خاص ًة‬ ‫كلمات من عندهم‬ ‫وذوُو المقاصد السيِّ َئة‬ ‫وقد فقدت‬ ‫دخ َل عليها ُ‬ ‫وفقرات َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الحقيقي الذي أنزله اهلل للبشر في الرساالت السابقة لم يبق إلى هذا اليوم‪َّ .‬‬ ‫َّ‬ ‫ولكن اهلل عالج هذه المشكلة‬ ‫األصلي‬ ‫الوحي‬ ‫فإن‬ ‫السبب‬ ‫‪.‬ولهذا‬ ‫بهم‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الكتاب الذي ال يُم ِكن تبديله وتحريفه‪.‬‬ ‫بإرسال القرآن الكريم؛‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُضوح ِه؛ فيُم ِكن ألي إنسان‬ ‫وقد حفظ الرسول محمد صلى اهلل عليه وسلم ومن جاء بعده من المسلمين القرآن حفظا متميِّزا‪ .‬والقرآن يتميَّز ِبو ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القرآن الذي بقي دون ِّ‬ ‫أي تعديل‪ ،‬وما يزال حافظه‪ ،‬فهو الكتاب‬ ‫در َك فوراً أنه كال ُم اهلل‪ .‬وقد حفظ اهلل‬ ‫أن يفهمه‪ .‬ويمكننا‪ ،‬حين نقرأ القرآن‪ ،‬أن ن ِ‬ ‫ُّ‬ ‫الناس عنه إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫السماوي الوحيد الذي سوف يُسأَل ُ‬ ‫ً‬ ‫اختالفا في حرف وال كلمة ما بين مصحف وآخر ‪.‬ويوجد تطابق‬ ‫ويقرأ المسلمون اليوم نفس القرآن‪ ،‬في كل مكان من العالم‪ ،‬وال يمكن أن تجد‬ ‫والقرآن الذي أوحي إلى الرسول محمد عليه الصالة والسالم‪ ،‬والذي جمعه الخليفة األول «أبو بكر»‪،‬‬ ‫تام بين القرآن الذي هو بين أيدينا‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وحرف‬ ‫تطابق كلم ٍة بكلمة‪،‬‬ ‫عام‪ ،‬حيث يوجد بينهما‬ ‫‪1400‬‬ ‫حياتهما‬ ‫على‬ ‫ت‬ ‫مر‬ ‫وقد‬ ‫عنهما‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫رضي‬ ‫«عثمان»‬ ‫الخليفة‬ ‫ذلك‬ ‫بعد‬ ‫نسخه‬ ‫ثم‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫س بتحريف‪ ،‬وحدث هذا نتيجة لحفظ اهلل للقرآن‬ ‫بحرف‪ .‬ويعني هذا أنه منذ نزل القرآن على النبي محمد عليه السالم‪ ،‬فإنه بقي كما هو لم يُ َم َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫الخاص للقرآن الكريم‪ ،‬فيقول‪( :‬إِنَّا َن ْح ُن‬ ‫‪.‬ويؤكد اهلل سبحانه في أحد آياته ِح ْف َظه‬ ‫إضافة أجزا ٍء إليه‬ ‫تغييره أو‬ ‫من ِشرار الناس الذين أرادوا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َن َّز ْل َنا ِّ‬ ‫الذ ْك َر َوإِنَّا لَ ُه لَ َحا ِف ُظ َ‬ ‫ون) (سورة الحجر‪) 9 :‬‬ ‫ُ‬ ‫ويشير اهلل بكلمة نحن إلى نفسه‪ ،‬فال يوجد إله آخر بجوار اهلل الذي ال شريك له؛ فهو اهلل العظيم الموج ُد ِّ‬ ‫المحيط بكل شيء علماً‪.‬‬ ‫لكل شيء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويُشير اهلل إلى نفسه في بعض أجزاء القرآن بقوله «أنا» ‪ ،‬وفي أجزا َء أخرى بقوله «نحن»‪ ،‬و َتستخ ِدم اللغة العربية ‪ -‬وهي لغة القرآن ‪َ -‬‬ ‫كلمة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُشبه هذا استخدا َم الملوك لِكلمة‬ ‫«نحن» لإلشارة إلى جماعة‪ ،‬أو إلى شخص واحد بُغية إثارة اإلحساس بال َعظ َمة واالحترام لدى السامع‪ ،‬وي ِ‬ ‫«نحن» في بعض اللغات كاإلنجليزية‪.‬‬ ‫وسنُ ِّ‬ ‫أصح الكلمات على اإلطالق ألنها‬ ‫وس َو ِره‪ .‬وتتميز كلمات القرآن بأنها‬ ‫قدم لك في األجزاء التالية من هذا الكتاب‬ ‫ُّ‬ ‫نماذج ِمن آيات القرآن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أنفسنا‪.‬‬ ‫َعرفنا َ‬ ‫عرف َ‬ ‫أكثر ممَّا ن ِ‬ ‫كلمات اهلل الذي ي ِ‬ ‫ويبيِّن اهلل لنا في القرآن أنه يريد منَّا أن نتعلَّم دروساً من حياة األنبياء‪ ،‬حيث يقول في إحدى اآليات الكريمة‪:‬‬ ‫صصه ْم عب َ لأُِّ‬ ‫َْ‬ ‫ص َ‬ ‫ص ِد َ‬ ‫يل ُك َّل َش ْي ٍء َو ُه ًدى َو َر ْح َم ًة لَِّق ْوم ي ْ‬ ‫ُؤ ِمنُ َ‬ ‫يق الَّ ِذي َبي َ‬ ‫َاب َما َك َ‬ ‫(لَ َق ْد َك َ‬ ‫ون)‬ ‫ان َح ِديثاً ي ُّْف َت َرى َولَـ ِكن َت ْ‬ ‫ْن َي َد ْي ِه َو َت ْف ِ‬ ‫ان ِفي َق َ ِ ِ ِ‬ ‫ْر ٌة ْولِي األلب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫(يوسف‪) 111 :‬‬ ‫ً‬ ‫تفكر وتستخدم المنطق وتسعى لتعلُّم القرآن لتحيا وفقاً‬ ‫أن القرآن كال ُم اهلل؛ وبالتالي ِّ‬ ‫نوعية من الناس يعرفون َّ‬ ‫ويقصد اهلل بأولي األلباب‬ ‫ألوامره‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫وحي من اهلل أن ِّ‬ ‫يقد َم أعذاراً يوم‬ ‫ه‬ ‫يصل‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ‫الناس‬ ‫من‬ ‫د‬ ‫أح‬ ‫حق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫يكون‬ ‫لن‬ ‫إذ‬ ‫أوامره‪،‬‬ ‫طاعة‬ ‫مسؤولية‬ ‫الرسل‬ ‫إليهم‬ ‫ل‬ ‫ُرس‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫اهلل‬ ‫يُحمِّل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الحساب‪َّ ،‬‬ ‫شخص رسالة اهلل فإنه يكون مسؤوال عليها‪ ،‬وقد‬ ‫يسمع‬ ‫يعرفون أقوا َمهم بوجود اهلل‪ ،‬وما الذي يريده اهلل منهم ‪.‬وما إن‬ ‫ْ‬ ‫ألن ُر ُسل اهلل ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫أخبرنا القرآن بذلك فيما يلي‪:‬‬ ‫ال ي ُ‬ ‫ين لَِئ َّ‬ ‫(ر ُس ً‬ ‫ال ُّمب ِّ‬ ‫َّ‬ ‫الر ُس ِل َو َك َ‬ ‫َ‬ ‫ين َومُن ِذ ِر َ‬ ‫َش ِر َ‬ ‫ان اللُهّ َع ِزيزاً َح ِكيماً) (سورة النساء‪)165 :‬‬ ‫لن‬ ‫ل‬ ‫ون‬ ‫َك‬ ‫اس َعلَى اللِهّ ُح َّج ٌة َب ْع َد ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪15‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫وقد خلق اهلل جماعات عديدة من الناس على وجه األرض‪ ،‬ورفضت ٌ‬ ‫بعض من تلك الجماعات ما جاءت به ُر ُسلُها‪ ،‬وأنكرت على اإلطالق‬ ‫كو َنهم ُر ُس ً‬ ‫ُ‬ ‫المتمر ِدين‪ ،‬على لسان رسله‪،‬‬ ‫الجماعات ألنها لم تستمع لكلمات ُر ُسلها ولم تطع أوامر اهلل‪ .‬وقد ت َو َّعد اهلل هؤالء‬ ‫ال‪ ،‬وقد عو ِقبت هذه‬ ‫ِّ‬ ‫استمر هؤالء األقوام في معارضة أنبيائهم وتجريحهم‪ .‬ويزيد على ما سبق َّ‬ ‫َّ‬ ‫استبد بهم‪ ،‬في‬ ‫أن العنف‬ ‫بحياة مليئة بالشقاء في الدنيا‪ ،‬ورغم هذا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بعض األحيان‪ ،‬للدرجة التي وصلوا فيها إلى قتل أنبيائهم؛ وبنا ًء على ذلك عاقبهم اهلل بما يستحقونه من عقاب‪ ،‬وبمرور الوقت حلت محلهم‬ ‫ٌ‬ ‫مجتمعات أخرى جديدة ‪.‬ويحكي لنا القرآن عن حال مثل هؤالء األقوام فيما يلي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َر ْوا ك ْم أ ْهلك َنا ِمن ق ْبلِ ِهم مِّن ق ْر ٍن مَّكنَّ ُ‬ ‫ار َت ْج ِري ِمن َت ْح ِت ِه ْم‬ ‫ض َما ل ْم نُ َمكن لك ْم َوأ ْر َسل َنا َّ‬ ‫ْهم ِّم ْد َرارا َو َج َعل َنا األ ْن َه َ‬ ‫(أَلَ ْم ي َ‬ ‫الس َماء َعلي ِ‬ ‫اه ْم ِفي األ ْر ِ‬ ‫ْ‬ ‫َفأَ ْهلَ ْك َن ُ ُ‬ ‫وب ِه ْم َوأَ ْن َشأ َنا ِمن َب ْع ِد ِه ْم َق ْرناً َ‬ ‫آخ ِر َ‬ ‫ين) (سورة األنعام‪) 6 :‬‬ ‫اهم ِبذنُ ِ‬ ‫َ‬ ‫المتمردين من أقوامهم‪.‬‬ ‫ض َّد‬ ‫السلوك‬ ‫وسوف نتناول بالتفصيل في الفصول القادمة‬ ‫ِّ‬ ‫النموذجي لألنبياء الذين جاهدوا ِ‬ ‫َّ‬

‫‪16‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫ُ‬ ‫والنبي األ َّول‪ :‬آد ُم عليه السالم‬ ‫اإلنسان األ َوُّل‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫أن أول إنسان ظهر على األرض كان آدم عليه السالم‪ ،‬وكان آد ُم َ‬ ‫أول األنبياء أيضاً‪ ،‬أي َّ‬ ‫تذكر أنَّنا حين تكلَّمنا عن خلق اإلنسان قلنا َّ‬ ‫أن اهلل‬ ‫ً‬ ‫رسوال ألوَّل جماعة خلقها على وجه األرض‪ ،‬وعلَّمها دي َنها وكيف يكون أفرا ُدها عباداً مخلصين هلل ‪.‬وقد علَّم اهلل آد َم كيف يتكلَّم‪،‬‬ ‫أرسل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُخبرنا القرآن عن هذا فيما يلي‪:‬‬ ‫وعلمه األسما َء كلها‪ ،‬وي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫( َو َعل َم آ َد َم األ ْس َماء كل َها ث َّم َع َر َ‬ ‫صا ِد ِق َ‬ ‫ين) (سورة البقرة‪) 31 :‬‬ ‫ض ُه ْم َعلى ال َمال ِئك ِة فقال أ ِنبئو ِني ِبأ ْس َماء َهـ ُؤالء إِن كنت ْم َ‬ ‫ويُعتبَر تعلي ُم الكالم ً‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫شيئا هامًّا جدا‪ ،‬فاإلنسان وحده من دون جميع الكائنات الحيَّة لديه القدرة على الكالم فهي خاصية للبشر وح ِدهم‪ .‬ويعود‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫يعر َ‬ ‫ويعطي لها أسماء‪.‬‬ ‫ف األشيا َء من حوله‬ ‫َ‬ ‫الفضل في الكالم إلى القدرة األوَّلية التي خلقها اهلل وبَثها في آدم‪ ،‬حيث أصبح في قدرة اإلنسان أن ِ‬ ‫واستطاعت األجيال التي تلت آدم أن تتكلَّم بدورها‪ ،‬وأن تكون لها مشاع؛ َف َّ‬ ‫تتمك َن من الشعور باألسف أو الحماس‪ ،‬كما ارتدوا المالبس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وغيرها ِمن‬ ‫داريَّة‪،‬‬ ‫ظهر‬ ‫األدوات واألجهز َة‪ ،‬وتملَّكوا‬ ‫واستخدموا‬ ‫اآلالت الموسيقيَّة؛ مثل النَّاي ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫والرسوم ِ‬ ‫المواهب في الموسيقى وال َف ِّن‪ .‬وت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ً‬ ‫فإن الب َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بعض الناس؛ َّ‬ ‫َشر األوائل‬ ‫م‬ ‫مزاع‬ ‫خالف‬ ‫على‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫أي‬ ‫مثلنا؛‬ ‫أناسا‬ ‫كانوا‬ ‫هم‬ ‫أن‬ ‫األقدمين‪،‬‬ ‫ر‬ ‫َش‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫بقايا‬ ‫مع‬ ‫العلماء‬ ‫عليها‬ ‫عثر‬ ‫التي‬ ‫األشياء‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مخلوقات وسطا َ‬ ‫بين ال ِق ْر ِد واإلنسان‪.‬‬ ‫مخلوقات متوحشة‪ ،‬ولم يكونوا أبدا‬ ‫لم يكونوا أبدا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خص اهللُ‬ ‫اإلنسان وحدَه ب ُك ِّل هذه ُ‬ ‫َ‬ ‫وتعل ُم أنَّه ال القر ُد وال ُّ‬ ‫الق ُدرات‬ ‫آخر يمكنه الكالم أو التفكير أو‬ ‫أي‬ ‫ُّ‬ ‫التصرف مثل اإلنسان؛ فقد َّ‬ ‫مخلوق َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الرجوع إلى كتاب عجائب ْ‬ ‫ُ‬ ‫خلق اهلل لهارون يحيى)‪.‬‬ ‫حو َل هذا الموضوع يُم ِكنُك‬ ‫(وللمزيد من المعلومات ْ‬ ‫ُقدمون مزاع َمهم الخاصة‪ ،‬فزيَّفوا شخصيةً‬ ‫َ‬ ‫فإن بعض الناس الذين ال يريدون َقب َ‬ ‫َّ‬ ‫ورغم هذا َّ‬ ‫بشري كان آدم‪ ،‬ي ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫كائن‬ ‫أول‬ ‫إن‬ ‫القائلة‪:‬‬ ‫الحقيقة‬ ‫ُول‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫غير المُذنبَة (أي التي ال ذيل لها؛ مثل الشمبانزي والغوريال) نبعت‬ ‫ألوَّل إنسان‪ .‬ووفقا للسيناريو‬ ‫الخيالي الذي ألفوه؛ فإن البَش َر والقرو َد َ‬ ‫ِّ‬ ‫مشتر ً‬ ‫أن لها َسلَ ً‬ ‫َ‬ ‫مخلوق واحد‪ ،‬أي َّ‬ ‫غير‬ ‫األحداث‬ ‫هذه‬ ‫حدوث‬ ‫كيفية‬ ‫عن‬ ‫هم‬ ‫ت‬ ‫سأل‬ ‫فإذا‬ ‫الحالية‪.‬‬ ‫حالتهم‬ ‫إلى‬ ‫الوقت‬ ‫مرور‬ ‫مع‬ ‫َّروا‬ ‫تطو‬ ‫ثم‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫ِمن‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫دليل على زعمهم فإنَّهم ال يستطيعون‪ .‬واختصاراً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫المعتادة‪َّ ،‬‬ ‫طلبت ِمنهم تقديم ِّ‬ ‫بالصدفة »‪ .‬وإذا‬ ‫فإن لديهم إجابة واحدة هي قولهم‪« :‬حدَثت ُّ‬ ‫أي ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫لما سبق؛ فإنه ال توجد وال قطعة واحدة ِمن بقايا الكائنات الحية ت ِثبت أن اإلنسان تطوَّر من مخلوق آخر‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫إجابة جاهزة‪َّ :‬‬ ‫إن َ‬ ‫بعض المخلوقات الحية تترك آثاراً حين تموت‪ ،‬وهذا البقايا التي نسمِّيها‬ ‫سألت‪ :‬ما هي هذه البقايا ِمن الماضي؟ فهناك‬ ‫فإذا‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫المخلوق أن يُحبَس فجأ ًة في بيئ ٍة خالية من األكسجين‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫يجب‬ ‫ه‬ ‫فإن‬ ‫هذا؛‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫َح‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ولكن‬ ‫تغيير‪.‬‬ ‫دون‬ ‫السنين‬ ‫لماليين‬ ‫تبقى‬ ‫؛‬ ‫حفريات‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تم لِطائر على األرض تغطيتُه فجأ ًة ب ُ‬ ‫الرمال لماليين السنين‪َّ ،‬‬ ‫فإن بقايا هذا الطائر يُمكن أن تبقى‬ ‫ك‬ ‫وم ِمن ِّ‬ ‫وعلى سبيل المثال؛ إذا حدث أن َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إلى يومنا هذا‪ .‬وبال ِم ْث ِل؛ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫فرزها األشجار تسمَّى «الراتينجات»‪ ،‬وتغطي أحيانا هذه المادة التي تش ِبه العسل حشرة‪ ،‬ثم تتحوَّل‬ ‫فإن هناك مواد ت ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫إلى َّ‬ ‫معلومات عن الكائنات الحيَّ ِة التي‬ ‫لماليين السنين ‪.‬وبهذه الطريقة نتمكن من جمع‬ ‫مادة صلبة تُسمَّى «الكهرمان»‪ ،‬فتحفظ الحشر َة الميِّتة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫كانت موجودة في األزمان الغابرة‪ ،‬وتسمَّى هذه البقايا «حفريات «‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُذنَّبة‪ ،‬أن يُظهروا أي َ‬ ‫غير الم َ‬ ‫وال يمكن لمن يقترحون َّ‬ ‫َّة حفريَّ ٍة تثبت‬ ‫أن اإلنسان األوَّل ظهر إلى الوجود‬ ‫متناسال من مخلوق يشبه القردة َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫غير مُذن ٍب‪ .‬لكن ما فعله هؤالء الناس‬ ‫غير معتا ٍد‪ ،‬نصفه إنسان‪ ،‬ونصفه اآلخر قرد ُ‬ ‫ِ‬ ‫مزاع َمهم ‪.‬أي لم يعثر أحد على أيَّ ِة حفرية تنتمي لمخلوق ِ‬ ‫ورسومات لتغطية هذا التزييف‪ ،‬بل وأدخلوا هذه الرسومات المُزيَّفة في الكتب التعليمية للمدارس‪.‬‬ ‫وصور‬ ‫َّفة‪،‬‬ ‫ُزي‬ ‫م‬ ‫لحفريات‬ ‫ُهم‬ ‫م‬ ‫تقدي‬ ‫هو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫غير حكما َء‪،‬‬ ‫تزييفات علمية‪ .‬ونظرا ألن أصحاب هذه‬ ‫ونشرها باعتبارها‬ ‫عمليات التزوير هذه تدريجيًّا واحدة واحدة‪،‬‬ ‫وتم كشف‬ ‫المزاعم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويتميَّزون بال ِعناد‪ ،‬فإنَّه يكاد يكون من المستحيل عليهم أن يتقبَّلوا وجو َد اهلل‪ ،‬ويُدركوا أنَّه يخلُق َّ‬ ‫كل شيء‪ .‬ورغم َّ‬ ‫أن عدد هؤالء الناس‬ ‫ِ‬ ‫ُص ُّرون على تبرير ُح َججهم‪ِّ ،‬‬ ‫ويؤك ُدون أنَّها‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫َّهة‪،‬‬ ‫ُشو‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫يتضا َءل بصورة مست ِم َّرة‪ ،‬فإنَّه مازالت هناك َب ِقيَّة منهم تجتهد لنشر وجهات نظرهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن َّ‬ ‫ٌ‬ ‫يتم إجراؤه‪ُ ،‬‬ ‫ُثب ُت َّ‬ ‫صحيحة علميًّا‪ .‬ورغم ذلك َّ‬ ‫وك َّل دليل ِّ‬ ‫غير المُذنَّب لم يتطوَّر إلى إنسان‪.‬‬ ‫كل بحث ُّ‬ ‫أن ال ِقر َد َ‬ ‫يقدمه النابهون ِمن العلماء ي ِ‬ ‫ً‬ ‫خاص ٍة ‪ُ -‬م َما ِثال لإلنسان المعاصر ِمن جميع النواحي‪ ،‬ولم يكن يختلف عنَّا في ِّ‬ ‫أي‬ ‫وكان آد ُم ‪ -‬وهو اإلنسان األوَّل الذي خلقه اهلل بعناية َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الشيطان‬ ‫ُخب ُرنا اهلل بها في القرآن ‪.‬وتبقى قضية في غاية األهمية يخبرنا اهلل بها عن آدم‪ ،‬وهي ِقصة آد َم مع‬ ‫شيء‪ ،‬وهذه هي الحقائق التي ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫عدو البشرية‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫عدو البشرية األكبر‬ ‫الشيطان ُّ‬ ‫بكل ُّ‬ ‫يمكن أن تكون قد علمت بعض المعلومات عن الشيطان‪ ،‬ولكن هل تعرف أنَّه هو أيضاً يعر ُفك جيِّداً‪ ،‬ويلجأ ِّ‬ ‫الط ُرق إلى أن يغويَك؟ وهل‬ ‫ِْ‬ ‫ِ‬ ‫الرئيسي للشيطان الذي يتظاهر بصداقته إياك إنما هو أن يخدعك؟ ْ‬ ‫بدأ ِمن البداية األولى؛ لِنُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫تعلم َّ‬ ‫الشيطان‬ ‫أنفسنا لِ َم كان‬ ‫ول َن‬ ‫أن الغرض‬ ‫ذك َر َ‬ ‫َّ‬ ‫عر َ‬ ‫ف هذا سوف نرجع إلى قصة آدم والشيطان في القرآن‪.‬‬ ‫عدوَّنا‪ ،‬ولَِن ِ‬ ‫وي ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إبليس‬ ‫نفسها إلغوا ِء اإلنسان بعيدا عن طريق اهلل‪ .‬ويُذكر‬ ‫ُ‬ ‫ُطلِق القرآن لقب الشيطان حتى يوم الدين اسمًا عامًّا لكل الكائنات التي وهبت َ‬ ‫ُ‬ ‫تمرد على اهلل حين خلَ َق اهلل آدم‪.‬‬ ‫ير األصيل الذي َّ‬ ‫في القرآن باعتباره ِّ‬ ‫الشر َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صة القرآنية‪َّ ،‬‬ ‫إبليس فقد رفض السجو َد‬ ‫فإن اهلل َخلق آدم‪ ،‬ثم طلب من المالئكة بعد ذلك السجو َد له‪ .‬وا ْمتثل المالئكة ألمر اهلل‪ ،‬أمَّا‬ ‫ُ‬ ‫ووفقاً لل ِق َّ‬ ‫فط َرد اهللُ‬ ‫آلدم‪َّ ،‬‬ ‫خير من اإلنسان‪َ .‬‬ ‫َجح َ‬ ‫التمرد على اهلل‬ ‫بك ْو ِنه ٌ‬ ‫وأكد بصور ٍة َف َّجة من ُّ‬ ‫ُرهم بما يشاء‪ ،‬وتب َّ‬ ‫وعقوق لِ َح ِّق اهلل على عباده في أن يأم َ‬ ‫ٍ‬ ‫إبليس ِمن ْ‬ ‫وسوء أدبه ‪.‬‬ ‫حض َر ِته لعصيا ِنه ُ‬ ‫َ‬

‫‪17‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫َّ‬ ‫إبليس من اهللِ ُمهْلَ ًة‪ ،‬حتى َي َت َّ‬ ‫ويتركز ُ‬ ‫َ‬ ‫مكن ِمن ْ‬ ‫وقبْل أن يُغا ِد َر ْ‬ ‫ُغو َي الناس حتى يَجعلَهم‬ ‫هدف‬ ‫إغ َوا ِء الناس‪.‬‬ ‫حض َر َة اهللِ‪َ ،‬طلَب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫إبليس في أن ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْل أغلبيَّ ِة الناس ي َ‬ ‫َخضعون له‪ .‬وقد‬ ‫َحيدون عن الطريق المستقيم‪ ،‬أثناء المُهل ِة التي منحها اهلل له‪ .‬ولن َيت َّ‬ ‫يِ‬ ‫سبيل َجع ِ‬ ‫ورع الشيطان عن شي ٍء في ِ‬ ‫أَ‬ ‫ُ‬ ‫وأتباعه إلى النار‪ ،‬وي ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القرآن هذا كما يلي‪:‬‬ ‫َذكر‬ ‫الشيطان‬ ‫ُرسل‬ ‫ي‬ ‫سوف‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫اهلل‬ ‫ن‬ ‫عل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يس لَ ْم ي ُ‬ ‫َّر َن ُ‬ ‫( َولَ َق ْد َخلَ ْق َن ُ‬ ‫ال َما َم َن َع َك أَ َّ‬ ‫وا إ َّ‬ ‫ال َت ْس ُج َد إ ْذ أَ َم ْرتُ َك َق َ‬ ‫ين َق َ‬ ‫َ‬ ‫اج ِد َ‬ ‫َكن م َ‬ ‫ْر‬ ‫ال أَ​َن ْا َخي ٌ‬ ‫صو ْ‬ ‫ِّن َّ‬ ‫اك ْم ثُ َّم ُق ْل َنا لِْل َمآل ِئ َك ِة ْ‬ ‫ال إِ ْبلِ َ‬ ‫اك ْم ثُ َّم َ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس ُج ُدوا آل َد َم ف َس َج ُد ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ون َقالَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّر ِفي َها َف ْ‬ ‫اه ِبط ِم ْن َها َف َما يَك ُ‬ ‫ين َقال َف ْ‬ ‫َو ِم يُ ْب َعث َ‬ ‫اغ ِر َ‬ ‫اخ ُر ْج إِنَّك ِم َن َّ‬ ‫نظ ْر ِني إِلى ي ْ‬ ‫ون لك أن َت َت َكب َ‬ ‫ين َقال أ ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ار َو َخلق َت ُه ِمن ِط ٍ‬ ‫ِّم ْن ُه َخلق َت ِني ِمن نَّ ٍ‬ ‫ُس َت ِقي َم ثُ َّم آل ِتيَنَّهُم مِّن َبي َ‬ ‫ال َفب َما أَ ْغ َو ْي َت ِني َ‬ ‫ص َر َ‬ ‫َ‬ ‫ُنظر َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫يه ْم َو ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم َو َع ْن أَ ْي َما ِن ِه ْم َو َعن َش َمآ ِئلِ ِه ْم َو َ‬ ‫أل ْق ُعد َّ‬ ‫ال َت ِج ُد‬ ‫اط َك ْالم ْ‬ ‫َن لَ ُه ْم ِ‬ ‫ين َق ِ‬ ‫ْن أ ْي ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِنك ِم َن الم ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْألن َج َهنَّ َم ِم ُ‬ ‫ين َق َ‬ ‫ال ْ‬ ‫اخ ُر ْج ِم ْن َها َمذ ُؤوماً َّم ْد ُحوراً ل َمن َت ِب َع َك ِم ْن ُه ْم ألم َّ‬ ‫أَ ْك َث َر ُه ْم َشا ِك ِر َ‬ ‫نك ْم أ ْج َم ِعين) (سورة األعراف‪)18-11:‬‬ ‫الشيطان بعيداً عن ْ‬ ‫يوم الحساب‪ .‬ومنذ ذلك الحين فإنَّه َتسلَّ َط على الناس‬ ‫وبعد َط ْر ِد‬ ‫حض َر ِة اهلل‪َ ،‬ش َرع في ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الصِّراع الذي سوف يست ِم ُّر إلى ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِب َم ْك ٍر ُ‬ ‫الغرض‪ .‬وكما َفهمت اآلن َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عدو يُم ِكنه أن يَدخل إلى اإلنسان‬ ‫فإن‬ ‫مسبوق ٍة لِيُحقق هذا‬ ‫غير‬ ‫الشيطان ٌّ‬ ‫وخط ٍط إلغوائهم‪ ،‬مستخ ِدما طرقا َ‬ ‫َ‬ ‫تكون ح ِذراً لِت ْن ُج َو ِمن ِحيَله‪.‬‬ ‫يج ُب عليك أن‬ ‫مكر ش ِديد ودهاء‪ .‬ولهذا َّ‬ ‫السبب ِ‬ ‫ِب ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫تنس أبداً َّ‬ ‫َ‬ ‫ُحاول‬ ‫أن‬ ‫وال َ‬ ‫ُحاول في هذه اللحظة أن يَمن َعك من إكمال قراءة هذا الكتاب‪ ،‬وي ِ‬ ‫الشيطان يَكمُن لك اآلن ويُخطط لإليقاع بك‪ .‬وهو ي ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عصيَهم‪ .‬كما‬ ‫ُرونك ِبغير‬ ‫ُغريَك حتى تعا ِمل الذين يَكب ُ‬ ‫احترام وت ِ‬ ‫من َعك ِمن التفكر فيما قرأته‪ ،‬ويحاول أن َيعُوقك عن أداء األفعال الخيِّرة‪ ،‬وي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْطان‬ ‫ُحاول أن يمن َعك ِمن أن تقول ِّ‬ ‫الص ْد َق في جميع أحوالِك‪ .‬ويجب عليك أال تس َم َح أبدا للشي ِ‬ ‫يسعى ألن يمن َعك ِمن شكر اهلل و ِمن الصالة‪ ،‬وي ِ‬ ‫ِّ‬ ‫يخدعك وي ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِمن ْ‬ ‫َ‬ ‫يرك‪.‬‬ ‫تكون إنساناً َذا شخصي ٍة خي‬ ‫ُعطلَك َعن أن‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ماع لِ‬ ‫صوت ض ِم ِ‬ ‫ِّرة‪ ،‬ويعطلك عن االس ِت ِ‬ ‫َ‬ ‫ويَجب عليك أن تلجأ إلى اهلل وتسألَه أن يُ ِعي َنك ويُ ْنجيَك حين تُ ِّ‬ ‫راغ َب ٍة في القيام ِبفعل خير‪ ،‬فهذا‬ ‫نفسك َ‬ ‫فكر في ِفكر ٍة ِش ِّريرة‪ ،‬أو حين تجد َ‬ ‫غير ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫تنس أبداً َّ‬ ‫الشيطان ال َسيْطر َة وال ُسل َ‬ ‫َ‬ ‫طان له على من يمتلك اإليمان‪.‬‬ ‫أن‬ ‫الحيَل الما ِك َرة للشيطان‪ ،‬وال َ‬ ‫كلُّه ِمن ِ‬

‫‪18‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫نوح عليه السالم‬ ‫نبي اهلل ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫بأن عليهم أن يُؤ ِمنوا باهلل خالق ِّ‬ ‫َرهم َّ‬ ‫كل شيء‪ ،‬ويجب عليهم‬ ‫نوح عليه السالم قو َمه إلى الطريق الصحيح‪َ ،‬م َثلُه َم َث ُل‬ ‫دعا ٌ‬ ‫جميع األنبياء‪ ،‬فأخب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُخب ُرنا القرآن عن هذا كما يلي‪:‬‬ ‫أال يَعبدوا أحدا سواه‪ ،‬وإال فإنهم سوف يُعاقبون‪ .‬وي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اف َعلَي ُ‬ ‫وا إ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ال اللَهّ إنِّ َي أ َخ ُ‬ ‫ُّب ٌ‬ ‫يم) (سورة هود‪)26 – 25 :‬‬ ‫( َولَ َق ْد أ ْر َس ْل َنا نُوحاً إِلَى َق ْو ِم ِه إِنِّي لَ ُك ْم َن ِذ ٌ‬ ‫ْك ْم َع َذ َ‬ ‫اب ي ْ‬ ‫ير م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين أن ال َت ْعبُ ُد ِ‬ ‫َو ٍم ألِ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َره أنَّه سوف يُ ْن ِجي‬ ‫عظي َمة‪ ،‬وأخب َ‬ ‫ورغم جميع تحذيراته‪ ،‬لَم يؤمن بنوح إال قليل من الناس‪ ،‬وبنا ًء على ذلك؛ فقد أمر اهلل نوحا أن يَب ِن َي س ِفينة ِ‬ ‫المؤمنين في هذه السفينة‪.‬‬ ‫فس ِخروا منه ‪.‬ولم يدرك الذين يفتقرون لإليمان‬ ‫باهلل‪،‬‬ ‫يؤمنون‬ ‫ال‬ ‫الذين‬ ‫الناس‬ ‫ء‬ ‫هؤال‬ ‫بحار‬ ‫فيها‬ ‫يوجد‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫نطق‬ ‫م‬ ‫في‬ ‫نوح للسفينة‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأدهش بنا ُء ٍ‬ ‫َ‬ ‫ما الذي سوف يحدث لهم‪َّ ،‬‬ ‫ولكن اهلل كان يعلم‪.‬‬ ‫مطر َغزير أليَّام متعددة َّ‬ ‫األرض حتى فاض على ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كل شيء‪ .‬وقد أثب َ‬ ‫َ‬ ‫حدوث هذه‬ ‫َت العلما ُء‬ ‫وغطى الما ُء‬ ‫وحين اك َت َمل بنا ُء السفينة َهطل ٌ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الكثير ِمن جبال اليوم َّ‬ ‫الكارثة التاريخية‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ظهر َّ‬ ‫غطتها الميا ُه يوماً ما‪.‬‬ ‫أن‬ ‫حيث َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تم كشف ال َع ِدي ِد ِمن الدال ِئ ِل بالشرق األوسط ت ِ‬ ‫وال َّ‬ ‫الناس إلى أسطح المباني في‬ ‫شك أنَّك قد شاهدت العديد من الفيضانات في مختلف أنحاء العالم على شاشة التِّلفاز‪ .‬وعاد ًة ما يلجأ‬ ‫ُ‬ ‫مواجهة مثل هذه الكارثة‪ ،‬وينتظرون ْإتي َ‬ ‫َان النجدة‪ .‬وال يمكن في مثل هذه الحاالت لغير المراكب والطائرات المروحية (الهليكوبتر) أن‬ ‫الكارثة التي ُس ِّميَت طوفان نوح عقوبةً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫نوح‪ .‬وتمثل هذه‬ ‫تُن ِق َذهم‪ ،‬أمَّا في وقت ِّ‬ ‫نوح عليه السالم فلم يكن هناك ما يُن ِقذهم إال سفينة ٍ‬ ‫نبي اهلل ٍ‬ ‫خصيصاً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لمعاقبة الناس الذين كفروا بنوح‪َّ ،‬‬ ‫السفينة أح ٌد من هؤالء‬ ‫وألن هؤالء الناس انتظروا النجد َة ِمن غير اهلل؛ فإنَّه لم يركب‬ ‫خلقها اهللُ ِّ‬ ‫مخلوقات أخرى مثلِهم‪.‬‬ ‫صمُّوا آذا َنهم عن تحذيرات اهلل‪ .‬ولم يضع هؤالء ِث َق َتهم في اهللِ وإنَّما اعتمدوا على‬ ‫ٍ‬ ‫الذين َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫إن أراد اهلل ذلك‪َّ ،‬‬ ‫ألي شيء أن يحفظنا إال ْ‬ ‫وال يمكن ِّ‬ ‫الجبال أو انتقلوا إلى مناطق أعلى‪ ،‬ولكنهم‬ ‫ولكن الناس الذين أنكروا هذه الحقيقة تسلقوا ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫رغم ذلك لم يتمكنوا ِمن إنقاذ أنف ِسهم ِمن الغرق‪.‬‬ ‫وآ َمن عد ٌد ٌ‬ ‫قليل ِج ًّدا من الناس باهلل وو ِثقوا به‪ ،‬ممَّا قادَهم لِ ُركوب السفينة مع نوح وإنقاذ أنفسهم‪ .‬وأخذ ُر َّك ُ‬ ‫اب السفينة ِمن ُك ِّل نوع من‬ ‫ً‬ ‫الحيوانات زوجا؛ كما أمرهم اهلل تعالى‪ ،‬ويحكي لنا القرآن هذه األحداث كما يلي‪:‬‬ ‫لأْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون َو ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫(ك َّذب ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َت َقبْلَ ُه ْم َق ْو ُم نُوح َف َك َّذبُوا َع ْب َد َنا َو َقالُوا َم ْجنُ ٌ‬ ‫الس َماء ِب َما ٍء ُّمن َه ِم ٍر َوف َّج ْر َنا ا ْر َ‬ ‫َعا َربَّ ُه أَنِّي َم ْغلُ ٌ‬ ‫ض‬ ‫اب َّ‬ ‫از ُد ِج َر َفد َ‬ ‫ص ْر ففت ْح َنا أ ْب َو َ‬ ‫وب فانت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُعيُوناً َف ْال َت َقى ْال َماء َعلَى أمْر َق ْد ُق ِد َر َو َح َم ْل َنا ُه َعلَى َذ ِ ْ‬ ‫اها آي ً‬ ‫ُّد ِك ٍر َف َكي َ‬ ‫َة َف َه ْل ِمن م َّ‬ ‫اح َو ُد ُس ٍر َت ْج ِري ِبأ ْعيُ ِن َنا َج َزاء لِّ َمن َك َ‬ ‫ان ُك ِفر َولَ َقد تَّ َر ْك َن َ‬ ‫ْف‬ ‫ٍ‬ ‫ات أل َو ٍ‬ ‫َك َ‬ ‫ان َع َذ ِابي َونُ ُذ ِر) (سورة القمر‪)16 – 9:‬‬ ‫الر ُس ُل أقوا َمهم‬ ‫وقد أبلغ‬ ‫ُ‬ ‫ودع ْوا أقوامهم لعبادة اهلل وطاع ِة ُر ُسلِه‪ .‬ولم يسأل ُّ‬ ‫نفس التعاليم في األساس‪َ ،‬‬ ‫جميع األنبياء الذين أرسلَهم اهلل ألقوامهم َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يقدمون خدما ِتهم إال نتيجة ُحبِّهم هللِ َ‬ ‫فالرسل ال ِّ‬ ‫وخ ْو ِفهم منه‪.‬‬ ‫ُقابل َخدَما ِتهم‪ ،‬فمن أرسلهم اهلل لنقل كلما ِته للناس ال يفعلون هذا‪ُّ ،‬‬ ‫أجرا في م ِ‬ ‫عاب حين ي َُذمُّهم أقوامُهم ويُعا ِملُو َنهم ِب َق ْس َوة‪ .‬وزياد ًة على هذا َّ‬ ‫فإن َ‬ ‫بعض الناس تآمروا‬ ‫ُجابه ُّ‬ ‫الر ُس ُل‪ ،‬أثناء توصيل رساالتهم‪ ،‬العدي َد ِمن ِّ‬ ‫الص ِ‬ ‫وي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وتجرأ ُ‬ ‫ولكن ِبما َّ‬ ‫ْ‬ ‫أن األنبياء يخافون اهلل وحدَه وال يخافون أحدا سواه‪ ،‬فإنه‬ ‫بعضهُم فق َتلوهم ِفعال‪.‬‬ ‫رسلُوا إليهم‪ ،‬بل‬ ‫َّ‬ ‫على ْقت ِل أنبيائهم الذين أ ِ‬ ‫لم تثبطهم ولم تُ ِخ ْفهم أي ُ‬ ‫الر ُسل أبداً َّ‬ ‫أن اهلل سوف يُكا ِفئُهم ِب َسخا ٍء‪ ،‬سوا ٌء في الحياة الدنيا أو في الحياة األخرى‪.‬‬ ‫س ُّ‬ ‫َّة مُعوِّقات‪ ،‬ولم َي ْن َ‬

‫‪19‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫نبي اهللِ إبراهي ُم عليه السالم‬ ‫ُّ‬ ‫الر ُسل الذين لَ َف َت اهللُ‬ ‫سوف نُنا ِق ُ‬ ‫َ‬ ‫انتباهنا إليهم في القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫بعض ُّ‬ ‫ش في هذا القسم ُّ‬ ‫بتوس ٍع العدي َد من مزايا ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ص السموات‪،‬‬ ‫كان إبراهي ُم عليه السالم أ َح َد هؤالء ُّ‬ ‫الر ُسل‪ .‬وحين كان إبراهي ُم صغيرا‪ ،‬وال يُوجد أح ٌد ِمن َحولِه يُذك ُره ِبوُجود اهلل‪ ،‬قام ِب َف ْح ِ‬ ‫أن اهللَ يَخلُ ُق َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقا َد ُه هذا لِي َْفه َم َّ‬ ‫القرآن هذا كما يلي‪:‬‬ ‫كل شي ٍء‪ ،‬ويذكر لنا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ات َواأل ْرض َولِي ُ‬ ‫ال َه َـذا َربِّي َفلَمَّا أ َف َل َق َ‬ ‫ين َفلَمَّا َج َّن َعلَ ْي ِه الليْل َرأى َك ْو َكباً َق َ‬ ‫اهي َم َملَ ُك َ‬ ‫ون ِم َن المُو ِق ِن َ‬ ‫َك َ‬ ‫ال ال أ ِح ُّب‬ ‫وت َّ‬ ‫( َو َك َذلِ َك نُ ِري إِب َ‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اآل ِفلِ َ َ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْس بَاز َغ ًة َق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َهـذاَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َازغا قال َهـذا َربِّي فلمَّا أفل قال ل ِئن ل ْم َي ْه ِد ِني َربِّي ألكو َن َّن ِم َن الق ْوم َّ‬ ‫الضال َ‬ ‫ين فلمَّا َرأى الشم َ ِ‬ ‫ين فلمَّا َرأى الق َم َر ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات َو َ‬ ‫ض َح ِنيفاً َو َما أَ​َن ْا ِم َن ْالم ْ‬ ‫َربِّي َه َـذا أَ ْكب ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ِّ‬ ‫َري ٌء مِّمَّا تُ ْش ِر ُكون إِنِّي َو َّجه ُ‬ ‫األ ْر َ‬ ‫ُش ِر ِك َ‬ ‫ين)‬ ‫ْت َو ْج ِه َي لِلَّ ِذي َف َط َر َّ‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫َر فلمَّا أفل ْت قال يَا ق ْو ِم إِني ب ِ‬ ‫(سورة األنعام‪)79 – 75 :‬‬ ‫ودعا إبراهي ُم قو َمه َّ‬ ‫أال يعبدوا إال اهلل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َس َمعُو َنك ْم إِذ َت ْد ُع َ‬ ‫ص َناما ف َنظل ل َها َعا ِك ِف َ‬ ‫اهي َم إِذ قال لأِ ِبي ِه َوق ْو ِم ِه َما َت ْعبُ ُد َ‬ ‫ون أ ْو يَن َفعُو َنك ْم أ ْو‬ ‫ون قالوا َن ْعبُ ُد أ ْ‬ ‫ين قال َهل ي ْ‬ ‫ْه ْم َنبَأَ إِب َ‬ ‫ْر ِ‬ ‫( َواتل َعلي ِ‬ ‫لأْ‬ ‫ون َقالُوا ب ْ‬ ‫ون َق َ‬ ‫يُ‬ ‫ُون َفإِنَّ ُه ْم َع ُد ٌّو لِّي إِلاَّ َر َّب ْال َعالَ ِم َ‬ ‫ون أَنتُ ْم َوآبَا ُؤ ُك ُم ا َ ْق َدم َ‬ ‫ال أَ َف َرأَيْتُم مَّا ُكنتُ ْم َت ْعبُ ُد َ‬ ‫َل َو َج ْد َنا آبَاء َنا َك َذلِ َك ي َْف َعلُ َ‬ ‫َض ُّر َ‬ ‫ين الَّ ِذي َخلَ َق ِني‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َس ِقين َوإ َذا َمر ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َو َم ِّ‬ ‫ين)‬ ‫ين َوال ِذي يُ ِميتُ ِني ث َّم ي ْ‬ ‫ين َوال ِذي ُه َو يُط ِع ُم ِني َوي ْ‬ ‫ين َوال ِذي أط َم ُع أن َي ْغ ِف َر لِي َخ ِطي َئ ِتي ي ْ‬ ‫الد ِ‬ ‫ُح ِي ِ‬ ‫ض ُت ف ُه َو يَش ِف ِ‬ ‫ف ُه َو َي ْه ِد ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫(سورة الشعراء‪) 82 - 69 :‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫القرآن بهذا كما‬ ‫ُخبرنا‬ ‫اه‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫اهلل‬ ‫ولكن‬ ‫فيها‪،‬‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫وألق‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ظ‬ ‫ع‬ ‫نارا‬ ‫شعلوا‬ ‫فأ‬ ‫باهلل‪،‬‬ ‫لإليمان‬ ‫م‬ ‫دعاه‬ ‫حين‬ ‫وحا َو َل أعدا ُء إبراهي َم َق ْتلَ ُه‬ ‫ُ‬ ‫ونجاه منها ‪.‬وي ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َِ َ‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫للهَُّ‬ ‫لآَ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫لاَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َات لق ْو ٍم يُؤ ِمن َ‬ ‫(ف َما ك َ‬ ‫ون) (سورة العنكبوت‪) 24 :‬‬ ‫ان َج َو َ‬ ‫ار إِن ِفي ذلِك ي ٍ‬ ‫اب ق ْو ِم ِه إِ أن قالوا اقتلو ُه أ ْو َح ِّرقو ُه فأ َ‬ ‫نجا ُه ا ِم َن الن ِ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اهي َم) (سورة األنبياء‪)69 :‬‬ ‫ار كو ِني ب ْ‬ ‫(قل َنا يَا َن ُ‬ ‫َردا َو َسلاَ ما َعلَى إِب َ‬ ‫ْر ِ‬ ‫النار ِمن َح ْرق إبراهي َم‪ ،‬وهي مُعج َز ٌة ِم َن اهللِ‪ ،‬ودلِ ٌ‬ ‫أن اهللَ يَخلُ ُق و َي َت َّ‬ ‫وبما َّ‬ ‫يل على ُق ْد َر ِته التي ال حدود‬ ‫حك ُم في ُك ِّل شيء‪ ،‬فقد منعت إرادتُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُرد اهلل‪ ،‬فال يُم ِك ُن‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫وإذا‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫سيطر‬ ‫وتحت‬ ‫بإرادته‬ ‫إال‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫يح‬ ‫أن‬ ‫ء‬ ‫شي‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ُم‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫إذ‬ ‫اهلل‪،‬‬ ‫ة‬ ‫بإراد‬ ‫إال‬ ‫األرض‬ ‫وجه‬ ‫على‬ ‫ء‬ ‫شي‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫يح‬ ‫وال‬ ‫لها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لِشخص أن يُؤ ِذ َي أو يَقتُ َل شخصاً آخر‪ ،‬وذلك ِم ً‬ ‫صداقا لِقوله تعالى‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫اآلخ َر ِة نُ ْؤ ِت ِه ِم ْن َها َو َس َن ْج ِزي الشا ِك ِر َ‬ ‫َ‬ ‫ين)‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ُر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ؤ‬ ‫ن‬ ‫َا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الد‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ُر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫َج‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ابا‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ُوت‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫( َو َما‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ​ِ ِ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫(سورة آل عمران‪)145 :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ولَ ْم َيم ْ‬ ‫َّ‬ ‫أج َل موته الذي َّ‬ ‫حدده اهلل مُسبَقاً لم يكن قد حان بع ُد‪ ،‬فأ ْن َجاه اهللُ من الناس بإِ ْذ ِنه‪.‬‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫النار‪،‬‬ ‫في‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ُت إبراهي ُم رغم أنَّه ِ َ‬ ‫ً‬ ‫القرآن الكريم َّ‬ ‫أن إبراهي َم كان رجال ذا شخصيَّ ٍة نموذجية مثالية فيقول‪:‬‬ ‫آيات‬ ‫ُخب ُرنا اهلل في إحدى ِ‬ ‫وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اهي َم ل َحلِي ٌم أوَّا ٌه ُّم ِن ٌ‬ ‫يب) (سورة هود‪)75 :‬‬ ‫{إِ َّن إِب َ‬ ‫ْر ِ‬ ‫ُدهم وقلوبَهم لَه‪ ،‬كما تُظهر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الناس الذين يخلصون و َّ‬ ‫صفات‬ ‫ضوع ألوامر اهلل‪،‬‬ ‫ص ْد ِر ال َف ْر ِد‬ ‫اآلية‪ ،‬وع َد ُم ُّ‬ ‫ُح ُّب اهللُ َ‬ ‫التمرد وامتال ُء َ‬ ‫وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالخير والخ ِ‬ ‫يُحبُّها اهلل‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫نبي اهلل موسى عليه السالم‬ ‫ُّ‬ ‫يشير اهللُ كثيراً إلى نبيِّه موسى عليه السالم في القرآن الكريم‪ .‬وقد أنزل اهللُ التورا َة على موسى‪َّ ،‬‬ ‫ولكن التورا َة التي ِبيَد اليهود اليوم‪ ،‬وال َع ْه ِد‬ ‫ُ‬ ‫كلمات الب َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫القديم الذي ِبيَد ال َم ِسيحي َ‬ ‫يحيِّي ِه‬ ‫َشر وإضافاتُهم‪.‬‬ ‫دخلَت عليهما‬ ‫صر الحالِ ِّي و َم ِس ِ‬ ‫ِّين َف َقدَا ِمصداقيَّ َتهُما األصلِيَّة‪ ،‬فقد أ ِ‬ ‫ولكن يَهو ِديِّي ال َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫األصلي الذي أنزله اهلل ‪.‬وقد حاد اليهو ُد عن الطريق المستقيم؛ َّ‬ ‫ض َ‬ ‫ألن ال ِكتاب الذي‬ ‫ين أنها ن َسخ ِمن الكتاب‬ ‫َقرأُون تلك‬ ‫الكتب الم َّ‬ ‫َ‬ ‫ي َ‬ ‫ُحرفة مُف َت ِر ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وحى به اهلل إلى موسى عليه السالم‪.‬‬ ‫يؤمنون ِبه لم َيعُد‬ ‫َ‬ ‫الكتاب الذي أ َ‬ ‫و َنعرف َّ‬ ‫فإن م َ‬ ‫كل شيء عن حياة موسى الفاضلة وشخصي ِته من القرآن الكريم‪ .‬وحسبما يُخبرنا القرآن‪َّ ،‬‬ ‫الواح ُد‬ ‫ُلوك ِم ْ‬ ‫ص َر القديم ِة كان ي َ‬ ‫ُسمَّى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الفراع َنة أشخاصاً‬ ‫األلوه َ‬ ‫جدا‪ ،‬ولم يكونوا يُؤ ِمنون باهلل‪ ،‬بل ُّ‬ ‫مغرورين ًّ‬ ‫أنفسهم‪ .‬وقد أرسل اهللُ موسى‬ ‫يظنون‬ ‫أغلبية‬ ‫وكان‬ ‫رعون‪.‬‬ ‫ف‬ ‫منهم‬ ‫ية في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لواح ٍد ِمن ِّ‬ ‫أشد هؤال ِء الحكام َقس َو ًة‪.‬‬ ‫ضُ‬ ‫ُتحدثة عن حياة موسى ‪.‬فقد َ‬ ‫َ‬ ‫نرغب َتأمُّلَها أثناء قراءة اآليات الم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫قصر فرعون‪.‬‬ ‫قدره إلى‬ ‫قاط المُهمَّة التي‬ ‫ية‬ ‫ساق ُه ُ‬ ‫«القدَر» أح َد النِّ ِ‬ ‫وتأتي َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فرعون قد أمر ُجنودَه أن يَقتُلوا كل َولِي ٍد ذ َك ٍر يُولد على َو ْج ِه األرض التي يحكمُها‪ ،‬وذلك في الوقت الذي ُولِ َد فيه موسى‪ .‬وكان موسى‬ ‫وكان‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ندوق (تابوت) وتض َعه في النهر‪،‬‬ ‫األطفال‬ ‫عليه السال ُم واحدا ِمن هؤال ِء‬ ‫َّ‬ ‫ضين لِلخطر‪ .‬وأ َم َر اهلل َّأم موسى أن تترك َوليدها في ُ‬ ‫المعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫التابوت على الماء‬ ‫األم موسى في التابوت وتركته في الماء‪ ،‬وطفا‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫هلل‪.‬‬ ‫وال‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫سيكون‬ ‫ه‬ ‫وأن‬ ‫النهاية‪،‬‬ ‫وأكد لها اهلل عود َته إليها في‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويعارض‬ ‫الشخص الذي سوف يبلغه رسالة اهلل‬ ‫فرعون‬ ‫قصر فرعون‪ .‬وهكذا رعا‬ ‫بصور ٍة عشوائية‪ ،‬ث َّم رسا بعد فترة على الشاطئ عند‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُحيط بكل شيء ِعلما أن فرعون سوف يجد موسى عليه السالم‪،‬‬ ‫نظر ِه المشوشة‪ ،‬دون أن يدرك‬ ‫فرعون ذلك‪َ .‬‬ ‫وعلِم اهلل‪ ،‬الذي ي ِ‬ ‫ِو ْج ِ‬ ‫هات ِ‬ ‫وسوف يُربِّيه في قصره‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سوف يعثُر عليه‪َّ ،‬‬ ‫ُترك في النَّهر‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُصبح َن ِبيًّا في النهاية‪ .‬وبهذه‬ ‫رعون‬ ‫وأن ِف‬ ‫وقد علِ َم اهلل حين ُولِد موسى أنَّه سوف ي َ‬ ‫وأن موسى سوف ي ِ‬ ‫حدد اهللُ مُسبَقاً َقدَر موسى‪ْ ،‬‬ ‫الطريقة َّ‬ ‫َر به أمَّه‪.‬‬ ‫وأخب َ‬ ‫النظر ُهنا إلى َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ً َ‬ ‫َره الذي َّ‬ ‫حددَه اهلل له مُسبَقاً‪.‬‬ ‫ويجب أن نُل ِفت‬ ‫َ‬ ‫أن كل تفاصيل حيا ِة موسى عليه السالم حدَثت وفقا لِقد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الوقت ب َ‬ ‫َ‬ ‫هارون نبيًّا عليهما‬ ‫َعث اهلل موسى نبيًّا ورسوال‪ ،‬وأيَّدَه ِبأخيه‬ ‫بعض من‬ ‫ص َر حين أصبح َر ُجال شابًّا‪ ،‬وبعد‬ ‫و َت َرك موسى ِم ْ‬ ‫ِ‬ ‫مرور ٍ‬ ‫ِ‬ ‫سالم اهلل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وهارون إلى فرعون‪ ،‬وبلَّغاه رسالة اهلل‪ .‬وكانت تلك مُهم ً‬ ‫ُ‬ ‫صعبة ْإذ دعيا ‪ -‬دون تردد‪-‬‬ ‫َّة‬ ‫وذهب موسى‬ ‫ِ‬ ‫ُخب ُرنا القرآن بدعوة موسى لِفرعون كما يلي‪:‬‬ ‫وعباد ِته‪ ،‬وي ِ‬ ‫ُوا ب َها َف ُ‬ ‫ُوسى يَا ِف ْر َع ْو ُن إنِّي َر ُس ٌ‬ ‫ان َعا ِقب ُ‬ ‫ُّوسى بآيَا ِت َنا إلَى ِف ْر َع ْو َن َو َملَِئ ِه َف َظلَم ْ‬ ‫ين َو َق َ‬ ‫َة ْالم ْ‬ ‫ْف َ‬ ‫انظ ْر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ول مِّن‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫س‬ ‫ُف‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ثُ َّم َب َع ْث َنا ِمن َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ْال َح َّق َق ْد ج ْئتُ ُكم ببَيِّ َن ٍة مِّن َّرب ُ‬ ‫ول َعلَى اللِهّ إ َّ‬ ‫يق َعلَى أَن َّ‬ ‫ِّك ْم َفأَ ْر ِس ْل َم ِع َي َب ِني إ ْس َرا ِئ َ‬ ‫ال أَ ُق َ‬ ‫ين َح ِق ٌ‬ ‫َّر ِّب ْال َعالَ ِم َ‬ ‫يل) (سورة األعراف‪)105-103 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫فرعون كان ِم ْن َحةً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْطر على كل شيء‪ .‬والحقيقة َّ‬ ‫أن كل ما كان يملكه‬ ‫رجال مغروراً َف ُخوراً‪.‬‬ ‫وكان فرعون‬ ‫َّ‬ ‫وتمرد على اهلل ظنًّا منه أنَّه ي َ‬ ‫ُسي ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ألن فرعون لم ْ‬ ‫ولكن َنظرا َّ‬ ‫ْ‬ ‫يكن َح ِكيما فإنه لم يفهم هذا األمر‪.‬‬ ‫ِم َن اهلل‪ ،‬بما في ذلك قوته واألرض التي يملكها‪،‬‬ ‫حا ِكمًا قاسيًا إلى اإليمان باهلل‬

‫يؤ ِمن باهلل‪ ،‬وكان كما ذكرنا ِمن ُ‬ ‫رج ً‬ ‫ال شدي َد القسو ِة‪ ،‬واستع َب َد َب ِني إسرا ِئ َ‬ ‫رعون موسى‪ ،‬ولم ْ‬ ‫يل ‪.‬وحين أصبح واضحاً َّ‬ ‫ُ‬ ‫وعار َ‬ ‫أن‬ ‫ض ِف‬ ‫قبل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وصر موسى عليه السالم وبنو إسرائيل معه بين‬ ‫ينوي القضا َء على موسى وكل المؤمنين‪َ ،‬ه َرب هؤالء ِمن ِمصر ِب ِقيادة موسى‪ُ .‬‬ ‫وح ِ‬ ‫فرعون ِ‬ ‫وفرعون وجنو ِده الذين كانوا يتبعونهمأخرى‪َّ .‬‬ ‫َ‬ ‫ولكن موسى‪ ،‬حتى في هذا الموقف اليائس‪ ،‬لم ييأس أبداً‪ ،‬ولم يفقد ِث َق َته ِباهلل‪.‬‬ ‫البحر ِمن ِجه ٍة‬ ‫ِ‬ ‫وفر َق اهللُ‬ ‫البحر ِقس َمين بمعجز ٍة عظيم ٍة ِمن عنده‪َّ ،‬‬ ‫وشق طريقاً في البحر لبني إسرائيل‪ .‬وكانت هذه إحدى المعجزات العظيمة التي أعطاها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وجميع ُجنو ِده‪.‬‬ ‫ُغرقا فرعون‬ ‫اهللُ لِموسى‪ .‬وما إن وصل بنو إسرائيل إلى الشاطئ الثاني‪ ،‬فإن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫البحر عاد إلى طبيعته‪ ،‬م ِ‬ ‫ُعج َز ِة في القرآن كما يلي‪:‬‬ ‫ويخبرنا اهلل بهذه الحادث ِة الم ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ون َو ُك ٌّل َكانُ ْ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َات َرب َ َ ْ‬ ‫اهم ب ُذنُوبه ْم َوأَ ْغ َر ْق َنا َ‬ ‫َ‬ ‫وا َظالِ ِم َ‬ ‫آل ِف ْر َع َ‬ ‫آل ِف ْر َع ْو َن َوالَّ ِذ َ‬ ‫ين) (سورة‪ :‬األنفال‪)54‬‬ ‫(كدَأ ِب ِ‬ ‫ِّه ْم َفأ ْهلك َن ُ ِ ِ ِ‬ ‫ين ِمن ق ْبلِ ِه ْم كذبُوا بآي ِ ِ‬ ‫أقر بأنَّه يؤ ِم ُن باهلل‪ ،‬وحا َو َل بذلك ْ‬ ‫ُ‬ ‫ينج َو بنفسه‪ .‬وال نعل ُم هل َ‬ ‫كان للنَّ َد ُم الذي شعر به في اللحظة‬ ‫وحين أدرك‬ ‫فرعون أنَّه سوف يموت‪َّ ،‬‬ ‫أن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ير ِة أيَّة فائدة‪ ،‬وذلك ألن اهلل يعفو عنا فقط حين يكون ندمُنا خالِصا‪ ،‬وحين يأتي قبل لحظ ِة ال َم ْو ِت نف ِسها‪ ،‬فاهلل َر ْح َمان رحيم‪ .‬أمَّا إذا لم‬ ‫األخ َ‬ ‫ِ‬ ‫إال في لحظ ِة الموت‪ ،‬فإنَّها َّ‬ ‫صادقة‪ ،‬وال تُنجي ُ‬ ‫ً‬ ‫بالطبع ال تكون ً‬ ‫َن ْن َد ْم ولم َنتُب َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يكون هذا هو ما حدث‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ويُم ِك ُن أن‬ ‫مثل هذه التوب ِة‬ ‫توبة‬ ‫ِ‬ ‫رض َي اهللَ ِط َو َ‬ ‫مع فرعون‪َ َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فرعون ْ‬ ‫َ‬ ‫‪.‬فإن لم‬ ‫ال حيا ِتنا ونتجنَّ َب َخطأ‬ ‫ظه ُر هذه السور ُة؛ فإنَّه يجب علينا أن نحيا لنُ ِ‬ ‫ولكن اهلل وحدَه يعلم‪ .‬وكما ت ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫نفعل هذا َّ‬ ‫لحظة ال َم ْو ِت قد ال تكون له أيَّة فائدة‪.‬‬ ‫فإن األسى‬

‫‪21‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫س عليه السالم‬ ‫نبي اهلل يُونُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َجب ْ‬ ‫درجة صعوب ِة الموقف الذي يكون باعثاً على اليأس‪َّ ،‬‬ ‫الفصل‬ ‫أن َي ِث َق باهللِ دائمًا ويسألَه ال َع ْو َن‪ .‬وكما َذ َك ْرنا في‬ ‫مهما كانت‬ ‫ِ‬ ‫فإن المر َء ي ِ‬ ‫ً‬ ‫الساب ِق َّ‬ ‫والبحر األحمر‪ ،‬وإنَّ َما وضع ثق َته في اهلل‪ِّ .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يونس عليه‬ ‫رعون‬ ‫ف‬ ‫ُوش‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫بين‬ ‫ر‬ ‫وص‬ ‫ح‬ ‫ين‬ ‫ح‬ ‫‪،‬‬ ‫أبدا‬ ‫ْأس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫السالم‬ ‫عليه‬ ‫موسى‬ ‫فإن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويقدم لنا ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫خصية َ‬ ‫السالم نموذجا َ‬ ‫ْأس أبدا ِمن َع ْو ِن اهلل‪.‬‬ ‫الخيِّر ِة التي ال َتي ُ‬ ‫آخ َر للش ِ‬ ‫َر اهللُ‬ ‫ورغم َّ‬ ‫إنذار َقومه فإنَّه ترك قو َمه ُد َ‬ ‫يونس ِب ِع َّد ِة ُط ُرق‪ ،‬فأُل ِق َي إلى البحر من السفينة التي ركبها‪،‬‬ ‫أن اهلل كلَّف‬ ‫ون إنذار‪ .‬واختب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يونس ِب ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُخب ُرنا القرآن بهذه‬ ‫تص ُّر ِفه‪ ،‬فرجع إلى اهلل تائبا‪ ،‬والت َجأ إليه‬ ‫يق على َ‬ ‫ضارعا‪ ،‬وي ِ‬ ‫َم ال َع ِم ِ‬ ‫ثم اب َتلعته سمكة ِعمالقة‪ ،‬وأدى ذلك إلى شع ِ‬ ‫ُوره بالند ِ‬ ‫الحادثة كما يلي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫لاَّ‬ ‫لاَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫( َو َذا ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ات أن إِل َه إِ أ َ‬ ‫ْحا َنك إِني كنت ِم َن الظالِ ِم َ‬ ‫اس َت َج ْب َنا ل ُه َو َن َّج ْي َنا ُه‬ ‫ين ف ْ‬ ‫نت ُسب َ‬ ‫اضبا فظ َّن أن لن نق ِد َر َعل ْي ِه ف َنادَى ِفي الظل َم ِ‬ ‫ون إِذ َّذ َه َب ُم َغ ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫نجي ْالم ْ‬ ‫ُؤ ِم ِن َ‬ ‫ين) (سورة األنبياء‪)88-87 :‬‬ ‫ِم َن ال َغ ِّم َو َك َذلِك نُ ِ‬ ‫القرآن أيضاً ِب َما سيحدث ليونس عليه السالم لو لم َي ِثق باهلل ولم يُسبِّحه و َي ْد ُعه‪:‬‬ ‫ُخب ُرنا اهللُ في‬ ‫وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لاَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ئ‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ين‬ ‫ط‬ ‫َق‬ ‫ي‬ ‫ِّن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َت‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫اء‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َذ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ون‬ ‫ث‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َو‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫َط‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ين‬ ‫ِّح‬ ‫ب‬ ‫ُس‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫(فلَ ْو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ٍ َ َ ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ َ​َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ َ​َ َ َ َِ ٌ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َزي ُد َ‬ ‫ون) (سورة الصافات‪)147-143 :‬‬ ‫أ ْو ي ِ‬ ‫فتجرب ُ‬ ‫ً‬ ‫موقف يائس ِفع ً‬ ‫واضحة لإلنسان أنَّه يجب عليه َّ‬ ‫يونس عليه‬ ‫َة‬ ‫ْال‪ .‬ويُمثِّل ما سبق إشار ًة‬ ‫يونس ِمن‬ ‫ْأس أبداً ِم ْن عون اهلل‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫أال َيي َ‬ ‫وأنقذ اهللُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ ُ‬ ‫س لِج ِميع المُؤ ِم ِنين‪ ،‬وعلينا َّ‬ ‫َ‬ ‫واجهُنا‪ ،‬ويجب أن َن ْد ُع َو اهللَ دائمًا ونسألَه ال َع ْو َن‪.‬‬ ‫أال‬ ‫السالم د ْ‬ ‫َر ٌ‬ ‫نضعف مهما كانت المشقة والصعاب التي تُ ِ‬ ‫ِ‬

‫‪22‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫نبي اهلل أي ُ‬ ‫ُّوب عليه السالم‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّوب عليه السالم ِبفقد أسرته وثرو ِته‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫صفة ممي َ‬ ‫ِّز ٌة للمسلِمين‪ .‬وقد اُ ُبتلِ َي أي ُ‬ ‫مرض شدي ٍد سبَّب‬ ‫ُواجهة ما يحدث لإلنسان‬ ‫الثبات في م َ‬ ‫وابتلِ َي ِب ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫القرآن شخصيةَ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫غير اهللِ‪ ،‬و َو َ‬ ‫له معانا ٍة كبيرة‪ .‬ولم يسأل أي ُ‬ ‫ُّوب وعل َمه كيف يتغلب على ِمحن ِته ‪.‬وينقل لنا‬ ‫ضع ثقته فيه‪.‬‬ ‫واستجاب اهلل ألي َ‬ ‫َ‬ ‫ُّوب َ‬ ‫َّة‪ُ ،‬‬ ‫ُّوب عليه السالم النموذجي َ‬ ‫ويذكر لنا دع َو َته كما يلي‪:‬‬ ‫أي َ‬ ‫َ َ ْ ٌ‬ ‫الشي َ‬ ‫ُّوب إ ْذ َنادَى َربَّ ُه أَنِّي َم َّس ِن َي َّ‬ ‫ار ُك ْ‬ ‫ْط ُ‬ ‫َار ٌد َو َش َر ٌ‬ ‫اب َو َو َه ْب َنا لَ ُه أَ ْهلَ ُه َو ِم ْثلَهُم َّم َع ُه ْم‬ ‫اب ْ‬ ‫ان ِبنُ ْ‬ ‫( َو ْاذ ُك ْر َع ْب َد َنا أَي َ‬ ‫ص ٍب َو َع َذ ٍ‬ ‫ض ِب ِر ْجلِك َهذا ُمغ َت َسل ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫لأْ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ض ْغثاً َف ْ‬ ‫ص ِابراً ِن ْع َم ْال َع ْب ُد إِنَّ ُه أَو ٌ‬ ‫َّاب )( سورة ص‪)44-41 :‬‬ ‫اض ِرب بِّ ِه َولاَ َت ْح َن ْث إِنَّا َو َج ْد َنا ُه َ‬ ‫َاب َو ُخ ْذ ِب َي ِد َك ِ‬ ‫َر ْح َمة مِّنَّا َو ِذك َرى لأِ ْولِي ا لب ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيتمردون على اهلل‪ ،‬وهذه‬ ‫وبعض الناس يزيدون على هذا‬ ‫ويَعيبُنا أنَّنا فور إصابة أحدنا بمرض أو مشقة أو مشكلة فإنه يستسلم لليأس فوراً‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫متعددة‪َّ ،‬‬ ‫ُّوب َّ‬ ‫عاب ِّ‬ ‫َ‬ ‫إخالصه هلل‪.‬‬ ‫وتختبر‬ ‫المؤمن‬ ‫نضج‬ ‫غضب اهلل ‪.‬ويعلِّمُنا‬ ‫ُ‬ ‫أن اهلل قد ي ِّ‬ ‫نموذج أي َ‬ ‫َ‬ ‫ولكن هذه المصائب تُ ِ‬ ‫ُعرض عبادَه ِ‬ ‫صفات تُ ِ‬ ‫لص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ويجب علينا أن ندع َو اهللَ َ‬ ‫نصبر كما صبر أي ُ‬ ‫ُّوب عليه السالم‪،‬‬ ‫ونثق به في مواجهة جميع المصاعب التي َّ‬ ‫نتعرض لها‪ .‬ويجب علينا أن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫مصاعبَنا‪ ،‬ويكا ِفئُنا في هذه الدنيا وفي الحياة اآلخرة‪.‬‬ ‫ونتوجه إلى اهلل‪ ،‬وعندها فقط يُخفف اهلل‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬

‫‪23‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫نبي اهلل عيسى عليه السالم‬ ‫ُّ‬ ‫خاصة‪ .‬وكما حدث في حالة آد َم؛ َّ‬ ‫ُخبرنا اهلل بهذا في القرآن كما يلي‪:‬‬ ‫خلق اهلل عيسى عليه السالم بطريق ٍة َّ‬ ‫ون ٍ‬ ‫أب ‪.‬وي ِ‬ ‫فإن اهلل خلق عيسى ِمن ُد ِ‬ ‫للِهّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اب ث َّم قال له كن فيَكون) (سورة آل عمران ‪) 59‬‬ ‫(إِ َّن َم َث َل ِع َ‬ ‫يسى ِعن َد ا َك َم َث ِل آ َد َم َخلَ َق ُه ِمن ت َر ٍ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫نموذجا من النماذج َّ‬ ‫ً‬ ‫َعر ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفذة‪ْ ،‬إذ كانت اِمرأ ًة‬ ‫ضها اهلل لنا‬ ‫ُشير‬ ‫ً‬ ‫وي ِ‬ ‫القرآن إلى عيسى ِبكونه اِبنا لِمري َم عليها السالم ‪.‬ومري ُم امرأة َن ِبيلة شريفة‪ ،‬ي ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ون أب بمُعجزة منه‪ ،‬كما َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫بش َرها َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أن اب َنها سوف يكون نبيًّا‪.‬‬ ‫د‬ ‫بريل»‬ ‫«ج‬ ‫ه‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫بواسطة‬ ‫عيسى‬ ‫اهلل‬ ‫َها‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫وقد‬ ‫هلل‪.‬‬ ‫ة‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ُخ‬ ‫م‬ ‫نة‬ ‫م‬ ‫ُؤ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫شديد‬ ‫َِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫اإلنجيل وهو أح ُد الكتب السماوية التي أرسلها اهلل للبشرية (بعد اختفاء عيسى َّ‬ ‫الناس اإلنجيل‪ ،‬واليوم‬ ‫وجعل اهللُ عيسى نبيًّا‪ ،‬وأنزل عليه‬ ‫بدل ُ‬ ‫ً‬ ‫الناس‬ ‫األصلي‪ ،‬وال يُمكن االعتما ُد على الكتب التي يُطلِق عليها المسيحيُّون‬ ‫ليس لدينا نسخة من اإلنجيل‬ ‫إنجيال‪ .‬وقد أمر اهلل عيسى أن يدع َو َ‬ ‫ِّ‬ ‫ضي ٌع في المهد‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الناس باهلل‪ .‬كما بشر عيسى بمُحمَّد (أحمد)‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫العدي‬ ‫ه‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫صراط اهلل المستقيم‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫َ‬ ‫وذكر َ‬ ‫ُعجزات ‪.‬وتكلَّم عيسى وهو َر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليه الصالة والسالم‪ ،‬رسول اهلل الذي سوف يأتي بعدَه‪ ،‬وقد أخبرنا اهلل في القرآن بهذا كما يلي‪:‬‬ ‫يل إنِّي َر ُس ُ‬ ‫ول اللهَِّ إلَي ُ‬ ‫َي ِم َن التَّ ْو َرا ِة َو ُمب ِّ‬ ‫َ‬ ‫( َوإ ْذ َق َ‬ ‫يسى اب ُ‬ ‫ُّص ِّدقاً لِّ َما َبي َ‬ ‫ْن َيد َّ‬ ‫اس ُم ُه أَ ْح َم ُد َفلَمَّا‬ ‫ول ي َْأ ِتي ِمن َب ْع ِدي ْ‬ ‫ْكم م َ‬ ‫ال ِع َ‬ ‫َشراً ِب َر ُس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْن َم ْر َي َم يَا َب ِني إِ ْس َرا ِئ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّب ٌ‬ ‫َج ُ‬ ‫ين) (سورة الصف‪)6 :‬‬ ‫ات َقالُوا َه َذا ِس ْح ٌر م‬ ‫اءهم ِب ْالبَيِّ َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َامرات لِقتله‪ُّ ،‬‬ ‫ناس قليلون ًّ‬ ‫وظنوا أنَّهم َقبَضوا عليه وصلبوه‪،‬‬ ‫جدا ‪.‬أمَّا أعدا ُء عيسى فقد اِ ْب َتكروا ُمؤ‬ ‫ُعاو ْنه في َز َم ِنه إال أُ ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ولم يُؤ ِمن ِب ِعيسى ولم ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫القرآن أنهم لم يقتلوه‪:‬‬ ‫ُخب ُرنا في‬ ‫ولكن اهلل ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫للهَّ‬ ‫اخ َتلَ ُف ْ‬ ‫ْن َم ْر َي َم َر ُس َ‬ ‫ين ْ‬ ‫صلَبُو ُه َولَـ ِكن ُشبِّ َه لَ ُه ْم َوإِ َّن ال ِذ َ‬ ‫يسى اب َ‬ ‫وا ِفي ِه لَ ِفي َشك ِّم ْن ُه َما لَهُم ِب ِه ِم ْن‬ ‫( َو َق ْولِ ِه ْم إِنَّا َق َتل َنا ال َم ِس َ‬ ‫ول ا ِ َو َما َق َتلو ُه َو َما َ‬ ‫يح ِع َ‬ ‫َاع َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِع ْلم إ َّ‬ ‫َ‬ ‫ال اتِّب َ‬ ‫الظ ِّن َو َما ق َتلو ُه َي ِقينا) (سورة النساء‪)157‬‬ ‫ٍِ‬ ‫نات فوق الطبيعة‪،‬‬ ‫وبعد اختفا ِء عيسى عليه السالم‪ ،‬حاول أعدا ُؤه أن يُغيِّروا‬ ‫الوحي الذي جاء به‪ ،‬ف َبدَأُوا ي ُ‬ ‫َرسمُون عيسى ومري َم على شكل كا ِئ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ابن مريم أن هذه‬ ‫مسك بهذه الم‬ ‫ُوجد إلى يو ِمنا هذا َمن َي َت َّ‬ ‫بل وحتى على شكل آلِ َه ٍة ‪.‬وي َ‬ ‫ُعتقدات ِ‬ ‫ِ‬ ‫الباطلة ‪.‬وي ِ‬ ‫سان عيسى ِ‬ ‫ُخب ُرنا القرآن على لِ ِ‬ ‫خاط َئ ٌة‪ ،‬كما يلي‪:‬‬ ‫الم‬ ‫ُعتقدات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ْحا َن َك َما ي ُ‬ ‫ون لِي أَ ْن أَ ُق َ‬ ‫ِّي إلَـ َهيْن ِمن ُدون اللِهّ َق َ‬ ‫( َوإ ْذ َق َ‬ ‫ْس لِي ِب َح ٍّق إِن ُك ُ‬ ‫نت ُق َ‬ ‫ْن َم ْر َي َم أَأَ َ‬ ‫َك ُ‬ ‫يسى اب َ‬ ‫نت‬ ‫ال ُسب َ‬ ‫ول َما لَي َ‬ ‫ال اللُهّ يَا ِع َ‬ ‫ِ‬ ‫اس ات ِخذو ِني َوأم َ ِ ِ‬ ‫لت لِلنَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫للَهّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُق ْلتُ ُه َف َق ْد َعلِ ْم َت ُه َتعْل ُم َما ِفي َنف ِسي َو َ‬ ‫اعبُ ُدوا ا َربِّي َو َربَّك ْم َوك ُ‬ ‫ال أ ْعل ُم َما ِفي َنف ِسك إِنَّك أ َ‬ ‫ُوب َما قل ُت ل ُه ْم إِال َما أ َم ْر َت ِني ِب ِه أ ِن ْ‬ ‫نت‬ ‫نت َعال ُم ال ُغي ِ‬ ‫الر ِق َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْه ْم َش ِهيداً مَّا ُدم ُ‬ ‫ْه ْم َوأَ َ‬ ‫نت أَ َ‬ ‫يه ْم َفلَمَّا َت َو َّف ْي َت ِني ُك َ‬ ‫نت َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهي ٌد) (سورة المائدة‪)117-116 :‬‬ ‫نت َّ‬ ‫يب َعلي ِ‬ ‫ْت ِف ِ‬ ‫َعلي ِ‬ ‫الكتاب الم َ‬ ‫س‬ ‫المستقيم ألنَّهم يتَّ ِبعُون‬ ‫الطريق‬ ‫َرجة كبيرة‪ ،‬ولكنَّهم اليو َم َب ُع ُدوا عن‬ ‫َ‬ ‫بن مريم ِبد َ‬ ‫ُق َّد َ‬ ‫وبعد اختفا ِئه ازداد عد ُد الذين يؤمنون بعيسى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُوجد‬ ‫النبي م َّ‬ ‫الذي َتغي َ‬ ‫َّر ِباإلضافة والحذف‪ .‬وال ي َ‬ ‫ُحمد عليه الصالة والسالم‪ ،‬ألنه َو ْح ُي اهللِ‬ ‫طريق مُستقيم في يومنا هذا إال الذي دعانا إليه ُّ‬ ‫الوحي ُد الذي لم يتغيَّر‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫ُوس ُ‬ ‫ف عليه السالم‬ ‫َن ِب ُّي اهلل ي ُ‬

‫ً‬ ‫َ‬ ‫عر ُ‬ ‫لنتعرف على شخصية يوسف المثالية‪ .‬حين كان‬ ‫ضها هنا باختصار‬ ‫صة‬ ‫نجد في القرآن‬ ‫َّ‬ ‫وصفا تفصيليًّا لِ ِق َّ‬ ‫يوسف عليه السالم‪ ،‬وسوف َن ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يل‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫إلى‬ ‫وباعوه‬ ‫ئر‪،‬‬ ‫الب‬ ‫في‬ ‫ف‬ ‫ُوس‬ ‫ي‬ ‫على‬ ‫قافلة‬ ‫رت‬ ‫ث‬ ‫وع‬ ‫أكله‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫ب‬ ‫ئ‬ ‫ذ‬ ‫أن‬ ‫َاه‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫وأخبروا‬ ‫منه‪،‬‬ ‫ون‬ ‫ار‬ ‫غ‬ ‫ي‬ ‫كانوا‬ ‫هم‬ ‫ألن‬ ‫بئر‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫أخوت‬ ‫ألقاه‬ ‫يوسف صغيرا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫السجن حيث ل ِبث ِع َّد َة سنوات‪.‬‬ ‫تعرض للظ ِلم واالفترا ِء عليه‬ ‫صر ٍّي يمتلِك‬ ‫قصرا‪ .‬وبعد ذلك َّ‬ ‫ً‬ ‫بالباط ِل‪ ،‬فأل ِق َي في ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ونظرا لِحكم ِته البالِ َغ ِة‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫يوس َ‬ ‫َر ًيئا تمامًا‪َّ ،‬‬ ‫فإن حا ِك َم ِمصر وضع‬ ‫وك ْو ِن ِه‬ ‫فر َج عنه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتبيَّ َنت بَرا َء ُة ُ‬ ‫شخصا يُوثق به‪ ،‬وألنه كان ب ِ‬ ‫ف في النها َي ِة وأ ِ‬ ‫ُ‬ ‫تحت ُس َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫لط ِته ُكنُ َ‬ ‫وصفح يوسف في النهاي ِة َعن إخ َو ِته الذين عا َملوه بقسو ٍة بالِ َغ ٍة‪ ،‬واستدعى أخوته وأباه وأمَّه لَِي ِعيشوا‬ ‫وز ِم َ‬ ‫خاز َنها‪َ .‬‬ ‫صر و َم ِ‬ ‫معه ‪.‬‬ ‫شخصية مثالِي ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ونجاه ِمن البئر الذي كان من المستحيل أن يهرب منه‪،‬‬ ‫يوسف عليه السالم‬ ‫شخصية‬ ‫وكانت‬ ‫َة‪ ،‬فقد اختبره اهلل ِب ِع َّد ِة ُط ُر ٍق‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يوسف عليه‬ ‫وبرأ ُسم َع َته‪ ،‬وأخيرا م َن َحه َمنصبًا َر ِفيعًا‪ .‬وكان‬ ‫الس‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫اه‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ثم‬ ‫جن‪،‬‬ ‫الس‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫د‬ ‫خالل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫بالشر‬ ‫ء‬ ‫ملي‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫مو‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫اه‬ ‫جن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ثم َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ينس أبدا َّ‬ ‫َلجأ إلى اهلل ويدعوه في كل المواقف‪ .‬ورغم برا َء ِته َّ‬ ‫أن هذا ابتال ٌء ِم َن‬ ‫فإن يوسف ل ِبث في ِّ‬ ‫السالم ي َ‬ ‫جن ِبض َع سنوات‪ ،‬ولكنه لم َ‬ ‫الس ِ‬ ‫وع َظم ِته لِلنَّاس ِمن َحولِه‪ .‬ويُظهر لنا َوال ُؤه هللِ و ِثقتُه به تحت هذه ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الظروف‬ ‫اهلل‬ ‫ة‬ ‫در‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫على‬ ‫‬‫السجن‬ ‫في‬ ‫وجوده‬ ‫أثناء‬ ‫‬‫ُوسف‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫اهلل‪ .‬ودَأَ َ‬ ‫ِ ِ َِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القاس َي ِة ح ِق َيق َة شخصي ِته الم َ‬ ‫ُمتازة‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪25‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬


‫ُ‬ ‫وسلّم‬ ‫رسول اهلل ُم َح َّم ٌد َ‬ ‫صلّى اهلل عليه َ‬ ‫أكثر ِممَّا نعر ُ‬ ‫آخرهم؛ وقد عاش منذ ‪ 1400‬سن ٍة فقط‪ .‬وكان‬ ‫محم ٍد‬ ‫ف عن سائر األنبياء‪ ،‬ألنَّه ُ‬ ‫نعرف عن َّ‬ ‫رسول اهلل عليه الصالة والسالم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫آخر الكتب السماوية ‪-‬‬ ‫أنبيَا ِئه ِمن قبْل ‪.‬و ِمن أجل ذلك؛ فإن اهلل أنزل‬ ‫َّروا وشوَّهوا‬ ‫الناس قد َغي ُ‬ ‫ُ‬ ‫القرآن ‪َ -‬‬ ‫َ‬ ‫جميع الد ِ‬ ‫يانات التي أنزلها ُاهلل على ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الناس عليه إلى‬ ‫ي‬ ‫سوف‬ ‫الذي‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫الوح‬ ‫تاب‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫وهو‬ ‫القديمة‪،‬‬ ‫يانات‬ ‫الد‬ ‫على‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫دخ‬ ‫أ‬ ‫التي‬ ‫األخطاء‬ ‫جميع‬ ‫ح‬ ‫ُصح‬ ‫ي‬ ‫حتى‬ ‫َّد‪،‬‬ ‫ُحم‬ ‫م‬ ‫النبي‬ ‫ِّ‬ ‫ُحاس ُب ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫على ِّ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬وقد بيَّن اهلل لنا في ِه ما الذي يريده من عباده‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُج َهت لِلنَّ ِب ِّي العدي ُد‬ ‫السابقين ‪ -‬العدي َد من المصاعب أثنا َء تبليغه‬ ‫رسالة اهلل لِقومه‪ .‬وو ِّ‬ ‫واجه نبيُّنا َّ‬ ‫وقد َ‬ ‫محم ٌد صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬مثل األنبياء ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِمن االتهامات التي ال أساس لها‪ ،‬رغم أنه لم يسأل قو َمه َّ‬ ‫َوية‪.‬‬ ‫أجر‪ ،‬ولم تكن له أيَّة رغب ٍ‬ ‫أي ٍ‬ ‫َات دني ِ‬ ‫وأُجبر نبيُّنا على الهجرة ِمن َّ‬ ‫مك َة ‪ -‬المدين ِة التي ُولِ َد فيها ‪ -‬وقد اُ ْ‬ ‫ض ُط ِهد المسلمون األوائل الذين اتبَّعُوه‪ ،‬حتى َّ‬ ‫أن َ‬ ‫وتعرض‬ ‫بعضهم ُع ِّذ َب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ولكن اهللَ لم َيدَع َّ‬ ‫َّ‬ ‫وظل سليمًا ِمن التحريف إلى يَو ِمنا هذا‪ ،‬تصديقاً لوعد اهلل في حفظ كال ِم ِه‬ ‫ار يغيرون دين اإلسالم‪،‬‬ ‫قاسيَة‪،‬‬ ‫الكف َ‬ ‫لِمُعا َملة ِ‬ ‫القرآن المجيد‪.‬‬ ‫الحكيم وكتابه العزيز؛‬ ‫ِ‬ ‫الر ُسل‪َّ ،‬‬ ‫وأكد في‬ ‫جميع الناس األحياء في عصرنا هذا‪ ،‬وقد أ َم َر اهلل‬ ‫محم ٍد عليه الصالة والسالم إلى‬ ‫وتُ َّ‬ ‫وج ُه دعو ُة نبيِّنا َّ‬ ‫جميع الناس ِب َ‬ ‫َ‬ ‫طاع ِة ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ال َع ِدي ِد ِمن اآليات َّ‬ ‫مبادئ‬ ‫أهم‬ ‫أن‬ ‫طاعة ُر ُسلِه هي في الحقيق ِة طاعة له سبحانه‪ .‬و ِمن أجل هذا تُع َتبَر طاعة نبيِّنا عليه الصالة والسالم ِمن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َر خ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫انعكاسا لطاعة ال َم ْر ِء هلل‪.‬‬ ‫النبي عليه الصالة والسالم‬ ‫اإلسالم األساسية‪ .‬ويُع َتب ُ‬ ‫ً‬ ‫وع القلب ألوامر ِّ‬ ‫وقد َو ًة لِ ِّ‬ ‫ال ُ‬ ‫بالصفات المتفوِّقة لنبيِّنا الذي كان َم َث ً‬ ‫كل الناس‪ ،‬وفيما يلي بعضاً من هذه اآليات‪.‬‬ ‫وي ِّ‬ ‫ُعر ُفنا اهللُ في القرآن الكريم ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وف َّر ِحي ٌم َفإن َت َولَّ ْو ْا َف ُق ْل َح ْسب َي اللُهّ ال إلَـ َه إ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ين َر ُؤ ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ال ُه َو َعلَ ْي ِه َت َو َّك ْلتُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يص َعليْكم ِبالمُؤ ِم ِن َ‬ ‫(لَ َق ْد َجاءك ْم َر ُسول مِّن أنف ِسك ْم َع ِزيز َعل ْي ِه َما َع ِنت ْم َح ِر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو ُه َو َر ُّب ْال َع ْر ْ‬ ‫يم) (سورة التوبة‪) 129 - 128 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ش ال َع ِظ ِ‬ ‫ُح َّم ٌد أَبَا أَ َح ٍد مِّن ِّر َجالِ ُك ْم َولَ ِكن َّر ُس َ‬ ‫ِّين َو َك َ‬ ‫ول اللهَِّ َو َخا َت َم النَّ ِبي َ‬ ‫( َما َك َ‬ ‫ان اللهَُّ ِب ُك ِّل َش ْي ٍء َعلِيماً) (سورة األحزاب‪) 40 :‬‬ ‫ان م َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫للُهّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْه ْم آيَا ِت ِه َوي َ‬ ‫يه ْم َر ُسوال م ْ‬ ‫اب َوال ِحك َمة َوإِن َكانُوا ِمن قبْل ل ِفي َ‬ ‫(لَ َق ْد َم َّن ا َعلى المُؤ ِم ِن َ‬ ‫الل‬ ‫يه ْم َويُ َعل ُم ُه ُم ال ِك َت َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ُزك ِ‬ ‫ِّن أنف ِس ِه ْم يَتلو َعلي ِ‬ ‫ين إِذ َب َع َث ِف ِ‬ ‫ين) (سورة آل عمران‪)164 :‬‬ ‫ُّب ٍ‬ ‫مِ‬ ‫ُ‬ ‫رسالة اهلل إلى الناس ِمن خالل آيا ِته التي تبدأ بكلمة ُ‬ ‫َ‬ ‫محم ًدا صلى اهلل عليه وسلم ْ‬ ‫«قل‪ ،»...‬وبلَّغ ُّ‬ ‫نبي َنا محم ٌد صلى‬ ‫ُوص َل‬ ‫النب َّي َّ‬ ‫أن ي ِ‬ ‫أ َم َر اهلل ِ‬ ‫َ‬ ‫الرسالة للناس من خالل تلك اآليات‪ ،‬وجميع آيات القرآن ‪.‬وقد أخبرتنا زوجتُه عائشة رضي اهلل عنها َّ‬ ‫النبي «كان ُخلُقه‬ ‫اهلل عليه وسلم‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قاص َد ًة بذلك أنَّه أستوعب القرآن بصورة كاملة ونعلم َّ‬ ‫ُقر ُر‬ ‫النبي هي التطبيق ال َع َملِ ُّي لتعاليم القرآن واالمتثال بأوامر اهلل ‪.‬وي ِّ‬ ‫القرآن» ِ‬ ‫أن سنَّة ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اهلل في إحدى آيات القرآن أنه على عباده الذين يخافونه ويريدون َمغ ِف َرته؛ طاعة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫(ق ْل إن ُكنتُ ْم تُ ِحب َ للَهّ‬ ‫ُ‬ ‫ْك ُم اللُهّ َو َي ْغ ِف ْر لَ ُك ْم ُذنُوب ُ‬ ‫ُحبب ُ‬ ‫ور َّر ِحي ٌم) (آل عمران‪) 31 :‬‬ ‫َك ْم َواللُهّ َغ ُف ٌ‬ ‫ُّون ا َفاتَّ ِبعُو ِني ي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫توضح ُ‬ ‫ُ‬ ‫وكما ِّ‬ ‫س تعالي َمه ِبمُنتهى ِّ‬ ‫الدقة‪.‬‬ ‫مار َ‬ ‫اآلية السابقة‪ ،‬أنَّه إذا ما أردنا أن ي ِ‬ ‫ُحبَّنا اهلل‪ ،‬فيجب علينا أن نم َت ِثل ِبما يدعونا إليه نبيُّنا‪ ،‬ون ِ‬

‫‪26‬‬

‫‪www. rasoulallah.net‬‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.