ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥
ﻣﻘﺪﻣـﺔ ﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﻭﺍﻟﺼﱠﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﱠﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﳌﺮﺳـﻠﲔ ﺍﳊﻤﺪ ﷲ ﺭ ﱢ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﲨﻌﲔ. ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ: ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﱂ ﳜﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺳﺪﻯ؛ ﺑـﻞ ﺧﻠﻘـﻪ ﻓﺈ ﱠﻥ ﺍ َ ﳊﻜﻤﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻭﺣﺠﱠﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ؛ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻟﻪ ﲝ ﱢﻖ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﱠﺔ ﺍﻟﺘﱠﺎﻣﱠـﺔ ﰲ ﺴ ْﺒﺘُ ْﻢ ﹶﺃﻧﱠﻤَﺎ َﺧ ﹶﻠ ﹾﻘﻨَﺎ ﹸﻛ ْﻢ َﻋَﺒﺜﹰﺎ :ﺳﺪﻯ ﻭﺑﺎﻃﻼ ﺗـﺄﻛﻠﻮﻥ ﺤِ ﺍﻷﺭﺽ؛ ﹶﺃ ﹶﻓ َ ﻭﺗﺸﺮﺑﻮﻥ ﻭﲤﺮﺣﻮﻥ ﻭﺗﺘﻤﺘﱠﻌﻮﻥ ﺑﻠﺬﱠﺍﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻭﻧﺘﺮﻛﻜﻢ؛ ﻻ ﻧﺄﻣﺮﻛﻢ ﺴ ْﺒﺘُ ْﻢ ﹶﺃﻧﱠﻤَﺎ َﺧ ﹶﻠ ﹾﻘﻨَـﺎﻛﹸ ْﻢ ﺤِ ﻭﻻ ﻧﻨﻬﺎﻛﻢ ﻭﻻ ﻧﺜﻴﺒﻜﻢ ،ﻭﻻ ﻧﻌﺎﻗﺒﻜﻢ؛ ﹶﺃ ﹶﻓ َ ﺤﻖﱡ ﻟﹶﺎ ﹺﺇﹶﻟ َﻪ ﹺﺇﻟﱠـﺎ َﻋَﺒﺜﹰﺎ َﻭﹶﺃﻧﱠﻜﹸ ْﻢ ﹺﺇﹶﻟ ْﻴﻨَﺎ ﻟﹶﺎ ُﺗ ْﺮ َﺟﻌُﻮ ﹶﻥ * ﹶﻓَﺘﻌَﺎﻟﹶﻰ ﺍﻟﻠﱠ ُﻪ ﺍﹾﻟ َﻤ ِﻠﻚُ ﺍﹾﻟ َ ﺵ ﺍﹾﻟ ﹶﻜ ﹺﺮ ﹺﱘ] ﺍﳌﺆﻣﻨﻮﻥ[١١٦ -١١٥ :؛ ﺗﻌﺎ ﹶﻇ َﻢ ﻋـﻦ ﻫُ َﻮ َﺭﺏﱡ ﺍﹾﻟ َﻌ ْﺮ ﹺ ﻫﺬﺍ ﺍﻟ ﱠﻈﻦﱢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺪﺡ ﰲ ﺣﻜﻤﺘﻪ):(١ ﻗــﺪ َﻫﻴﱠــﺆﻭﻙ ﻷﻣــﺮ ﻟــﻮ ﻓﻄﻨــﺖ ﻟــﻪ ﻓﺎﺭﺑــﺄ ﺑﻨﻔﺴــﻚ ﺃﻥ ﺗﺮﻋــﻰ ﻣــﻊ ﺍﳍﻤــﻞ ﻭﺍﳌﺴﻠﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻪ ﻫﺪﻑ ﻭﻏﺎﻳﺔ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ؛ ﺗـﺪﻭﺭ ﻛﻠﱡﻬﺎ ﰲ ﻓﻠﻚ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻻ ﺗَﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﱠﻌﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﱠﻌﺒﱡﺪﻳﱠﺔ ﻣﻦ ﺻﻼﺓ ﻭﺻﻮﻡ ﻭﺯﻛﺎﺓ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﺑﻞ ﺗﺸﻤﻞ ﻛ ﱠﻞ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﺻﺎﱀ ﻧﺎﻓﻊ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﺎ ﺍﺑﺘﻐﺎ َﺀ ﻭﺟـﻪ ﺍﷲ؛ ﻗﹸـ ﹾﻞ ﹺﺇﻥﱠ ) (١ﺗﻔﺴﲑ ﺍﺑﻦ ﺳﻌﺪﻱ ).(٥٦٠
٦
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﲔ] ﺍﻷﻧﻌـﺎﻡ: ﻱ َﻭ َﻣﻤَﺎﺗِﻲ ِﻟﻠﱠ ِﻪ َﺭﺏﱢ ﺍﹾﻟﻌَﺎﹶﻟ ِﻤ َ ﺤﻴَﺎ َ ﺴﻜِﻲ َﻭ َﻣ ْ ﺻﻠﹶﺎﺗِﻲ َﻭُﻧ ُ َ [١٦٢؛ ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﺭﻣﻖ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻓﺎﳌﺴﻠﻢ ﻻ ﻳﺘﻮﱠﻗ ُ ﻓﻤﺎ ﻣﺸﺮﻭﻋُﻚ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﲣﺘﺎﺭﻩ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ ﷲ ﺗﻌـﺎﱃ ﺃﻥ ﳚﻌـﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﻨﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﻴﱢﺐ ،ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍ َ ﺍﳊﻴﺎ ﹶﺓ ﺯﻳﺎﺩ ﹰﺓ ﻟﻨﺎ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﺧﲑ. ﻭﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﱢﻨﺎ ﳏﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﲨﻌﲔ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٧
ﺃﳘﻴﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻒ ﺍﻟﺼﱠﺎﱀ -ﺭﲪﻬﻢ ﺍﷲَ -ﻳ ﹸﺬﻣﱡﻮﻥ ﺍﻟﺮﱠﺟ ﹶﻞ ﳝﻀﻲ ﺣﻴﺎﺗَﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﱠﹶﻠ ُ ﻼ ﺑﻼ ﻫﺪﻑ ﻭﻻ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﻻ ﻋﻤﻞ؛ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ -ﺭﺿـﻲ ﺍﷲ ﺳﺒﻬﻠ ﹰ ﻋﻨﻪ -ﻗﺎﻝ" :ﺇﻧﱢﻲ ﻷﻣﻘﺖ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﺮﺟ ﹶﻞ ﻓﺎﺭﻏﺎﹰ ،ﻻ ﻋﻤﻞ ﺩﻧﻴـﺎ ،ﻭﻻ ﺁﺧﺮﺓ") .(١ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﺛﺮ ﻣﺸﻬﻮ ٌﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻟﺴﻨﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﳋﻄـﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﻠﻔﻆ" :ﺇﻧﱢﻲ ﻷﻛﺮﻩ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﺃﺣﺪَﻛﻢ ﺳـﺒﻬﻠﻼﹰ؛ ﻻ ﰲ ﻋﻤﻞ ﺩﻧﻴﺎ ،ﻭﻻ ﰲ ﻋﻤﻞ ﺁﺧﺮﻩ").(٢ ﻼ( ﺃﻱ ﻏﲑ ﻣﻜﺘﺮﺙ ﺑﺬﻫﺎﺑﻪ؛ ﲏ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ) :ﺳﺒﻬﻠ ﹰ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺴﱠﻔﺎﺭﻳ ﱡ ﻼ ﺇﺫﺍ ﻻ ﰲ ﻋﻤﻞ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﺁﺧﺮﺓ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ :ﻭﳝﺸﻲ ﺳﺒﻬﻠ ﹰ ﺟﺎﺀ ﻭﺫﻫﺐ ﰲ ﻏﲑ ﺷﻲﺀ)(٣؛ ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺴﱠﺒﻬﻠ ﹸﻞ ﻻ ﻫﻮ ﺃﺧـﺬ ﺑﻌﻠـﻢ ﻼ ﻓﻨﺎﻝ ﻣﻨﻪ ﻛﺴـﺒﺎﹰ ،ﻭﻻ ﻫـﻮ ﻓﺄﺻﺎﺏ ﻣﻨﻪ ﺣﻈًّﺎ ،ﻭﻻ ﻫﻮ ﺃﺗﻘﻦ ﻋﻤ ﹰ ﺍﺷﺘﻐﻞ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﺰﻛﱠﻰ ﻬﺑﺎ ﻧﻔﺴَﻪ ﻭﻃﻬﱠﺮ ﻗﻠﺒَﻪ ،ﻭﻻ ﻫﻮ ﻛﺪﺡ ﰲ ﺍﻟـﺪﱡﻧﻴﺎ ﻒ ﻧﻔﺴَﻪ ،ﻭﻋﺎﻝ ﺃﻫﻠﹶﻪ!! ﻓﻌ ﱠ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺳﺒﻬﻠﻼﹰ ،ﻭﲤ ﱡﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻔ ﱢﻜ َﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻴﻒ ﻳﻐﺘﻨﻤﻬﺎ؟ ﺃﻭ ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻨﻊ ﻬﺑﺎ؟ ﻉ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ؛ ﻓﻼﺑﺪ ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﺸﺮﻭ ٌ ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ).(١٠٣/٩ ) (٢ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﻳﻠﻌﻲ :ﱂ ﺃﺟﺪﻩ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ،ﲣﺮﻳﺞ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ ).(٣٥٣/٢ ) (٣ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﶈﻴﻂ :ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺴﲔ ،ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ) (٢٢٤/١١ﻣﺎﺩﺓ :ﺳﺒﻬﻞ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٨
ﻷ ﱠﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎ ﹶﻥ ﻣﺴﺆﻭ ﹲﻝ ﻋﻦ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﻀﺎﻩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟ ﱡﺪﻧﻴﺎ؛ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﱯ ﻗﺎﻝ» :ﻻ ﺗﺰﻭﻝ ﻗﺪﻡ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻣﺴﻌﻮﺩ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ -ﻋﻦ ﺍﻟﱠﻨ ﱢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ ﺣﱴ ﻳﺴﺄﻝ :ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻴﻢ ﺃﻓﻨﺎﻩ ،ﻭﻋـﻦ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻓﻴﻢ ﺃﺑﻼﻩ ،ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺍﻛﺘﺴﺒﻪ ﻭﻓﻴﻢ ﺃﻧﻔﻘﻪ ،ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻋﻤـﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻠﻢ«).(١ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍ ُﺩ ﻳُﻘﺎﺳﻮﻥ ﺑﺎﳌﻨﺠﺰﺍﺕ ﻻ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﺭ؛ َ ﻭَﻧ ﹾﻜﺘُﺐُ ﻣَﺎ ﻗﹶـﺪﱠﻣُﻮﺍ ﲔ] ﻳـﺲ:[١٢ : ﺼ ْﻴﻨَﺎ ُﻩ ﻓِﻲ ﹺﺇﻣَـﺎ ﹴﻡ ﻣُـﹺﺒ ﹴ َﻭ َﺁﺛﹶﺎ َﺭ ُﻫ ْﻢ َﻭ ﹸﻛﻞﱠ َﺷ ْﻲ ٍﺀ ﺃ ْﺣ َ َ ﻭَﻧ ﹾﻜﺘُﺐُ ﻣَﺎ ﹶﻗﺪﱠﻣُﻮﺍ :ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ ﺍﻟﱵ ﻋﻤﻠﻮﻫﺎ ﻭﺑﺎﺷـﺮﻭﻫﺎ ﰲ ﺣـﺎﻝ ﺣﻴﺎﻬﺗﻢ ﻣﻦ ﺧﲑ ﻭﺷﺮَ ،ﻭ َﺁﺛﹶﺎ َﺭ ُﻫ ْﻢ :ﺁﺛﺎﺭ ﺍﳋﲑ ﻭﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺸﱠـ ﱢﺮ ﺍﻟـﱵ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻟﺴﱠﺒﺐ ﰲ ﺇﳚﺎﺩﻫﺎ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺣﻴﺎﻬﺗﻢ ﻭﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﻬﺗﻢ ،ﻭﺗﻠـﻚ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺄﺕ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﳍﻢ ﻭﺃﻓﻌﺎﳍﻢ ﻭﺃﺣﻮﺍﳍﻢ).(٢ ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻟﻨﻔﺴـﻚ ﰲ ﺍﻟﻨﺴـﺐ ﺐ ﺍﺑــﻦ ﺁﺩﻡ ﻓﻌﻠﹸــﻪ ﻧﺴــ ُ ﺖ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﺎ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﻗﺪﱠﻣﺖَ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺿﻔ َ ﻱ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﺛ ٌﺮ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﻣـﻦ ﺑﻌـﺪﻩ ،ﻭﻋﻤـﺮ ﻻﺑ ﱠﺪ ﻷ ﱢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺎﺱ ﺑﺎﻟﺴﱢﻨﲔ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ؛ ﻓﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋ ﱠﻤ َﺮ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﺃﺛﺮ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﻋﺎﺵ ﻗﻠﻴﻼ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺬﻛﺮﻭﻧﻪ ﺑﻪ؛ ﻛﻢ ﻋﺎﺵ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﱠﺎﻓﻌ ﱡﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﻭﻛﻢ ﺗﺮﻙ؟! ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ) (٢٤١٦ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﱐ. ) (٢ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﺴﻌﺪﻱ ).(٦٩٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٩
ﻱ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ! ﻭﻛﻢ ﺗﺮﻙ؟! ﻋﺎﺵ ﺍﻟﺸﱠﻴﺦ ﻛﻢ ﻋﺎﺵ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﱠﻨﻮَﻭ ﱡ ﺣﺎﻓﻆ ﺃﲪﺪ ﺣﻜﻤﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ! ﻭﻛﻢ ﺗﺮﻙ؟! ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻛﺜﲑ. ﻑ ﻳﺴـﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬـﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻻﺑ ﱠﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜ ﱢﻞ ﺷﺎﺏ ﺃﻫﺪﺍ ٌ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻳﻘﻮﻡ ﻬﺑﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ. ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﺮﺳﻢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻫﺪﻓﹰﺎ ﻓﺈﻧﱠﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻴﺸﺔ ﻋﺸﻮﺍﺋﻴﺔ ،ﻳﺘﺨـﺒﻂ ﴰﺎﻻ ﻭﺟﻨﻮﺑﺎ ﻭﺷﺮﻗﺎ ﻭﻏﺮﺑﺎ ﻭﻻ ﻳﻬﺘﺪﻱ ﻟﺸﻲﺀ ،ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻳـﻦ ﻳﺘﺠﻪ ﻓﻠﻦ ﻳﺼﻞ. ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ :ﻗﻴﻤﺔ ﻛﻞ ﺍﻣﺮﺉ ﻣـﺎ ﳛﺴﻨﻪ).(١ ﻭﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ :ﻗﻴﻤﺔ ﻛﻞ ﺍﻣﺮﺉ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﺐ)(٢؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺻﺪﻕ ﺍﻷﲰﺎﺀ» :ﺣﺎﺭﺙ ﻭﳘﺎﻡ«).(٣
) (١ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ).(٢٣٦/١ ) (٢ﺍﳉﻮﺍﺏ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ).(٣٢٩/٦ ) (٣ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﳌﻔﺮﺩ ) ،(٨١٤ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﱐ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
١٠
ﻣﺎ ﺍﳊﻠ ُﻢ ﺍﻟﺬﻱ َﺗ َﻮﺩﱡ ﲢﻘﻴﻘﹶﻪ؟ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﰲ ﺍﳊﺠﺮ ﺑﺎﳌﺴﺠﺪ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ،ﻭﻣﺼﻌﺐ ،ﻭﻋـﺮﻭﺓ، ﺑﻨﻮ ﺍﻟﺰﱡﺑﲑ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ،ﻭﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ،ﻓﻘﺎﻝ :ﲤﻨﱡﻮﺍ .ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ :ﺃﲤـﲎ ﺍﳋﻼﻓﺔ ،ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺮﻭﺓ :ﺃﲤﲎ ﺃﻥ ﻳﺆﺧﺬ ﻋﲏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺼﻌﺐ :ﺃﲤﲎ ﺇﻣﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ،ﻭﺍﳉﻤﻊ ﺑﲔ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﻨﺖ ﻃﻠﺤﺔ ،ﻭﺳﻜﻴﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﺍﳊﺴﲔ. ﻓﻘﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ :ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﺄﲤﲎ ﺍﳌﻐﻔﺮﺓ. ﻓﻨﺎﻟﻮﺍ ﻣﺎ ﲤﻨﻮﺍ ،ﻭﻟﻌﻞ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺪ ﻏﻔﺮ ﻟﻪ).(١ ـﺎﺭﺍ ـﻦ ﻛﺒـ ـﻮﺱ ﻛـ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻟﻨﻔـ ﺗﻌﺒﺖ ﰲ ﻣﺮﺍﺩﻫـﺎ ﺍﻷﺟﺴـﺎﻡ ﻭﻻﺑﺪ ﻟﻠﺸﺎﺏ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻮﱠﺍﻗ ﹰﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﻤﻌﺎﱄ؛ ﻗﺎﻝ ﻋﻤـﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ) :ﺇ ﱠﻥ ﻧﻔﺴﻲ ﺗﻮﱠﺍﻗﺔ ،ﻭﺇﻬﻧﺎ ﱂ ﺗﻌﻂ ﻣﻦ ﺍﻟـﺪﱡﻧﻴﺎ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﺇﻻ ﺗﺎﻗﺖ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻣﺎ ﻻ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨـﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ]ﺍﳋﻼﻓﺔ[ ﺗﺎﻗﺖ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ ]ﻳﻌﲏ :ﺍﳉﻨـﺔ[()،(٢ ﻭﻗﺎﻝ) :ﻳﺎ ﺭﺟﺎﺀ ،ﺇ ﱠﻥ ﱄ ﻧﻔﺴﹰﺎ ﺗﻮﱠﺍﻗ ﹰﺔ ﺗﺎﻗﺖ ﺇﱃ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﻓﺘﺰﻭﺟﺘﻬﺎ ،ﻭﺗﺎﻗﺖ ﺇﱃ ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﻓﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ،ﻭﺗﺎﻗﺖ ﺇﱃ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻓﺄﺩﺭﻛﺘﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺗﺎﻗﺖ ﺇﱃ ﺍﳉﻨﺔ ﻓﺄﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﺃﺩﺭﻛﻬﺎ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ().(٣ ﻭﻋﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ -ﻗﺎﻝ :ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) (١ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(١٤١/٤ ) (٢ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ).(١٣٤/٥ ) (٣ﻭﻓﻴﺎﺕ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ).(٣٠١/٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
١١
» :ﺇﻥ ﺍﷲ ﳛﺐﱡ ﻣﻌﺎﱄ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺃﺷﺮﻓﻬﺎ ﻭﻳﻜﺮﻩ ﺳﻔﺎﺳﻔﻬﺎ«).(١ ﺼﻮﱡﻑ- ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺷﻘﻴﻖ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺒﻠﺨ ّﻲ ﺍﻟﺰّﺍﻫﺪ– ﺃﺣﺪ ﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﱠﺘ َ ﺑﺈﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ :ﻣﺎ ﺑﺪﺀ ﺃﻣـﺮﻙ ﺍﻟـﺬﻱ ﺑﻠﻐﻚ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ؟ ﺃﻱ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻚ ﻣُﻌﺮﺿﹰﺎ ﻋﻦ ﺍﻟـﺪﱡﻧﻴﺎ ﺐ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻓﺬﻛﺮ ﺃﻧﱠﻪ ﺭﺃﻯ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻠﻮﺍﺕ ﻃﲑﹰﺍ ﻣﻜﺴﻮﺭ ﺴ َ ﺗﺎﺭﻛﹰﺎ ﺍﻟﱠﺘ ﹶﻜ ﱡ ﺍﳉﻨﺎﺣﲔ ﺃﺗﺎﻩ ﻃﺎﺋﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﳉﻨﺎﺡ ﲜﺮﺍﺩﺓ ﰲ ﻣﻨﻘﺎﺭﻩ ،ﻗﺎﻝ :ﻓﺘﺮﻛـﺖ ﺖ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ. ﺐ ﻓﺎﺷﺘﻐﻠ ُ ﺴ َ ﺍﻟﱠﺘ ﹶﻜ ﱡ ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ :ﻭﱂ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﺍﻟﺼﱠﺤﻴﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻃﻌـﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴ ﹶﻞ ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ؟ ﺃﻣﺎ ﲰﻌﺖ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ » :ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻔﻠﻰ«) -(٢ﻭﻣﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﳌﺆﻣﻦ :ﺃﻥ ﻳﻄﻠـﺐ ﺃﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺘﲔ ﰲ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﻛﻠﱢﻬﺎ ﺣﱴ ﻳﺒﻠ ﹶﻎ ﻣﻨﺎﺯ ﹶﻝ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ -ﻓﺄﺧﺬ ﺷﻘﻴﻖ ﻳ َﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻘﺒﱠﻠﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ :ﺃﻧﺖ ﺃﺳﺘﺎﺫﻧﺎ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺇﺳﺤﺎﻕ).(٣ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻻ ﻳﻘﻨﻊ ﺣﱴ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻏﺎﻳﺘَﻬﺎ ﻭﺃﻋﻼﻫﺎ؛ ﻓﺈﻥ ﻛـﺎﻥ ﻃﺎﻟﺒﹰﺎ ﱂ ﻳﻘﻨﻊ ﺇﻻ ﺍﻟﱠﺘ ﹶﻔ ﱡﻮﻕَ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﹰﺎ ﱂ ﻳﻘﺼﱢﺮ ﰲ ﺗﺮﺑﻴـﺔ ﺃﺑﻨﺎﺋـﻪ ﲔ ﹺﺇﻣَﺎﻣًـﺎ ﻭﺑﻨﺎﺗﻪ؛ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﻗﺪﻭﺍﺕ ﰲ ﺍﳋﲑ؛ ﻭَﺍ ْﺟ َﻌ ﹾﻠﻨَـﺎ ِﻟ ﹾﻠﻤُـﺘﱠ ِﻘ َ ]ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ،[٧٤ :ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﻄﻤﻮﺡ» :ﺇﺫﺍ ﺳﺄﻟﺘﻢ ﺍﷲ ﻓﺎﺳﺄﻟﻮﻩ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﻓﺈﻧﻪ ﺃﻭﺳﻂ ﺍﳉﻨﺔ ﻭﺃﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﺔ ﺃﺭﺍﻩ ﻓﻮﻗﻪ ﻋﺮﺵ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻭﻣﻨﻪ ﺗﻔﺠﺮ ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ) (١٣١/٣ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﱐ. ) (٢ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ).(١٤٢٨ ) (٣ﻓﻮﺍﺕ ﺍﻟﻮﻓﻴﺎﺕ ).(١٠٦/٢
١٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﺃﻬﻧﺎﺭ ﺍﳉﻨﺔ«).(١ ﻓﻼ ﻗﻴﻤﺔ ﳌﻦ ﺍﱠﺗ ﹶﻜ ﹶﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ ﻭﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺪﻭﺍﻡ ﻻ ﻳﺘﻄﻠﻊ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺸﺮﻑ ﺇﱃ ﻋﻠﻮ ،ﻭﻻ ﻳﺮﺟﻮ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺭﻗﻴﺎ، ﻼ. ﻕ ﺑﻪ ﺃﺻ ﹰ ﻭﻇﻞ ﻭﺍﻗﻔﹰﺎ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻪ ،ﻭﻻ ﻳﺄﻣﻞ ﺍﻟﻠﱢﺤﺎ َ ﺷﺒﺎﺏ ﺧﻨـﻊ ﻻ ﺧـﲑ ﻓـﻴﻬﻢ ﻭﺑﻮﺭﻙ ﰲ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻄـﺎﳏﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲬﺴﻪ ،ﻓﺄﻳﻬﻢ ﺗﻜﻮﻥ؟! ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲬﺴـﺔ ﺇﺫﺍ ﺣﺴـﺒﺘﻬﻢ ﳚــﻮﻝ ﰲ ﻣﻴــﺪﺍﻬﻧﺎ ﻣﺒــﺎﺭﺯﹰﺍ ﻭﳏﺴﻦ ﻳﻨﻔـﻖ ﺟـﻮﺩﹰﺍ ﻣﺎﻟـﻪ ﻭﻋــﺎﱂ ﻳــﺪﺭﺱ ﰲ ﻛﺘﺎﺑــﻪ ـﻪ ـﺎ ﻋﺪﻟـ ـﺎﻡ ﻓﻴﻨـ ـﺎﻛﻢ ﺃﻗـ ﻭﺣـ ﻭﻋﺎﺑﺪ ﻳﻘﻮﻡ ﰲ ﺟﻨﺢ ﺍﻟـﺪﺟﻰ ﻓﻬــﺆﻻﺀ ﺧﲑﻫــﻢ ﻭﻏﲑﻫــﻢ ﺑﻞ ﳘﺞ ﻣﻦ ﳘﺞ ﻣـﱴ ﻣﺸـﻮﺍ
)(٢
ﻓﻔﺎﺭﺱ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻮﻏﻰ ﺫﻭ ﺩﺭﻗﺔ ﻒ ﺍﻟﻘﺘـﺎﻝ ﺧﺮﻗـﺔ ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻯ ﺻ ﱠ )(٣ ﲨﻴﻌــﻪ ﺫﻫﺒــﻪ ﻭﻭﺭﻗــﺔ ﻳﺴــﺮﺩﻩ ﻭﺭﻗــﺔ ﻓﻮﺭﻗــﺔ ﰲ ﻗﻠﺒــﻪ ﻟﻠﻌــﺎﳌﲔ ﺷــﻔﻘﺔ )(٥ ﻳﺸﻜﻮ ﺍﳉﻮﻯ) (٤ﻣـﻦ ﺍﻟﻨـﻮﻯ ﻻ ﳊﻢ ﻓﻴﻬﻤـﻮ ﻭﻟﻴﺴـﻮﺍ ﻣﺮﻗـﺔ ـﺔ ـﻰ ﺍﻟﺘﱠﻘـ ﱢﻲ ﻃﺮﻗـ ـﻴﻘﻮﺍ ﻋﻠـ ﻳﻀـ
ﻭﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ :ﻗـﺎﻝ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ : ﺱ ﻛﺎﺑﻞ ﻣﺎﺋﺔ؛ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﲡﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺍﺣﻠﺔ«).(٦ »ﲡﺪﻭﻥ ﺍﻟﻨﱠﺎ َ ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ).(٢٧٩٠ ) (٢ﺩﺭﻗﺔ :ﺍﻟﺘﺮﺱ. ) (٣ﺍﻟﻮﺭﻕ :ﺍﻟﻔﻀﺔ. ) (٤ﺍﳉﻮﻯ :ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻮﺟﺪ. ) (٥ﺍﻟﻨﻮﻯ :ﺍﻟﺒﻌﺪ. ) (٦ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ).(٢٥٤٧
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
١٣
ﻭﻣﻌﲎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃ ﱠﻥ ﺍﳌﺮﺿ ﱠﻲ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻜﺎﻣ ﹶﻞ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ ﻗﻠﻴﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﻛﻘﻠﱠﺔ ﺍﻟﺮﺍﺣﻠﺔ ﰲ ﺍﻹﺑﻞ).(١ ﺍﳉﻮﺩ ﻳﻔﻘﺮ ﻭﺍﻹﻗـﺪﺍﻡ ﻗﺘـﺎﻝ ﻟﻮﻻ ﺍﳌﺸﻘﱠﺔ ﺳﺎﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ ﻭﳑﺎ ﻳﻨﺸﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻷﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻣﺸﺮﻭﻉ :ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺣﻴﺎﻬﺗﻢ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﺗﺄﺛﲑ ﻳﺒﻘﻰ ﺳﻮﻯ ﻋﺪﺓ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺃﳒﺒﻮﻫﻢ ﻭﺗﺮﻛﻮﻫﻢ؛ ﻓﻤﻦ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻼ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ﻷﻬﻧﻢ ﱂ ﳛﺮﺻـﻮﺍ ﱂ ﻳﻌﺪ ﳍﻢ ﻓﺎﺋﺪﺓ ،ﺑﻞ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﺛﻘ ﹰ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺃﺧﺮﻭﻳﱠﺔ ﻭﺩﻧﻴﻮﻳﺔ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔـﻊ؛ ﳑﱠـﺎ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻧﺘﻬﺎﺀ ﺩﻭﺭﻫﻢ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﲟﺠﺮﱠﺩ ﺗﺰﻭﻳﺞ ﺁﺧﺮ ﺍﻷﻭﻻﺩ؛ ﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﻣﱠﻞ ﺑﻨﻈﺮ ﺣﻜﻴﻢ ﳌﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺳﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﱠﻪ ﺇﻥ ﱂ ﻓﺎﻟﺸﱠﺎ ﱡ ﳚﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﺸﺮﻭﻋﹰﺎ ﻃﻤﻮﺣﹰﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﺎ ﻳﻘـﻮﺩُﻩ ﺇﱃ ﺧـﲑ ﺍﻟـﺪﱡﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻓﺈﻧﱠﻪ ﺳﻴﺼﻞ ﺇﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﻳﺸﻌﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻧﱠﻪ ﻛﺎﺋﻦ ﻻ ﺟﺪﻭﻯ ﻣﻨـﻪ ﻭﻻ ﻓﺎﺋﺪ ﹶﺓ ﻓﻴﻪ. ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗُﺮﺟَﻰ ﻟﺪﻓﻊ ﻣﻠﻤﱠـﺔ ﻭﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﻌـﺮﻭﻑ ﻋﻨـﺪﻙ ﻭﻻ ﻛﻨﺖ ﺫﺍ ﺟﺎﻩ ﻳﻌﺎﺵ ﲜﺎﻫـﻪ ﻭﻻ ﺃﻧﺖ ﻳﻮﻡ ﺍﳊﺸﺮ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺸﻔﻊ ﻓﻌﻴﺸﻚ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﻮﺗﻚ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻋﻮﺩ ﺧﻼﻝ ﻋﻦ ﻭﺻﺎﻟﻚ ﺃﻧﻔﻊ
) (١ﲢﻔﺔ ﺍﻷﺣﻮﺫﻱ ).(١٤١/٨
١٤
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﺍﷲ ﰲ ﺧﻠﻘﻪ ﺃﻥ ﻗﺴﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻮﺍﻫﺒﻬﻢ ﻭﻣﻠﻜﺎﻬﺗﻢ ﻛﻤـﺎ ﻗﺴﻢ ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ ﻭﻃﺒﺎﺋﻌﻬﻢ ﻭﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ،ﻭﻓﺎﻭﺕ ﺑﲔ ﻋﻘﻮﳍﻢ ﻭﻓﻬـﻮﻣﻬﻢ ﺕ ﻛﻤﺎ ﻓﺎﻭﺕ ﺑﲔ ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﻭﺃﻟﻮﺍﻬﻧﻢ؛ َ ﻭ ِﻣ ْﻦ َﺁﻳَﺎِﺗ ِﻪ َﺧ ﹾﻠﻖُ ﺍﻟﺴﱠـﻤَﺎﻭَﺍ ِ ﺴَﻨِﺘﻜﹸ ْﻢ َﻭﹶﺃﹾﻟﻮَﺍﹺﻧ ﹸﻜ ْﻢ] ﺍﻟـﺮﻭﻡ ،[٢٢ :ﻭﻫـﺬﺍ ﺽ ﻭَﺍ ْﺧِﺘﻠﹶﺎﻑُ ﹶﺃﹾﻟ ِ ﻭَﺍﹾﻟﹶﺄ ْﺭ ﹺ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﺘﱢﺒﻴﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﱢﻳﻨﻴﱠﺔ ﻭﺍﻟﺪﱡﻧﻴﻮﻳﱠﺔ؛ ﻓﻔﻲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﱢﻳﻨﻴﺔ ﳒﺪ ﻣَﻦ ﻓﺘﺢ ﻟﻪ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﻼﺓ ،ﻭﻣﻦ ﻓـﺘﺢ ﻟـﻪ ﰲ ﺑـﺎﺏ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ،ﻭﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻟﻪ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ،ﻭﻣﻦ ﻓـﺘﺢ ﻟـﻪ ﰲ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﻭﺇﻗﺮﺍﺋﻪ ،ﻭﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﲑ. ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳُ ﹾﻔَﺘﺢُ ﻟﻪ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﶈﺘﺎﺟﲔ ﻭﺇﻏﺎﺛـﺔ ﺍﳌﻠـﻬﻮﻓﲔ، ﻭﺗﻔﺮﻳﺞ ﺍﻟﻜﺮﻭﺏ ﻭﺳ ﱢﺪ ﺍﻟﺪﱡﻳﻮﻥ ﻭﻛﻔﺎﻟﺔ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻬﻢ ﻭﻣﻮﺍﺳﺎﻬﺗﻢ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﻭﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ ﻓﻬﻮ ﰲ ﻋﻤﻞ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ. ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺸﱠﻔﺎﻋﺔ ﻭﺍﻹﺻﻼﺡ ﺑـﲔ ﺍﻟﻨـﺎﺱ؛ ﻚ ﺃﺳﲑﺍﹰ ،ﻭﳛﻘﻦ ﺩﻣﺎ ،ﻭﻳﺪﻓﻊ ﻣﻜﺮﻭﻫﺎ ،ﻭﳛﻖ ﺣﻘﺎ ،ﻭﳝﻨﻊ ﺑﺎﻃﻼ، ﻓﻴﻔ ﱠ ﻭﻳﺮﻓﻊ ﻇﻠﻤﺎ. ﻭﰲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﻮﻳﱠﺔ ﳒﺪ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻄﱢﺐ ،ﺃﻭ ﺍﳍﻨﺪﺳﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ،ﺃﻭ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﻖ ..ﻭﻫﻜﺬﺍ. ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺯﻭﺍﺝ ﻹﻋﻔـﺎﻑ ﻧﻔﺴـﻪ ..ﻭﻣﺸـﺮﻭﻉ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﺓ! ..ﻭﻣﺸﺮﻭﻉ ﺑﻨﺎﺀ ﺑﻴﺖ! ..ﻭﺷﺮﺍﺀ ﺳﻴﺎﺭﺓ!..
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
١٥
ﻭﻋﻤﻞ ﰲ ﺷﺮﻛﺔ! ..ﻭﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﻣﺆﺳﱠﺴﺔ ﺧﲑﻳـﺔ! ..ﻭﻋﻤـﻞ ﻣﻮﻗـﻊ ﺩﻋﻮﻱ! ..ﻭﺗﻌﻠﻢ ﻟﻐﺔ!.. ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ ﲢﻘﻴﻘﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﻌـﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﺴﺘﻐﺮﻕ ﺳﻨﻮﺍﺕ؛ ﻣﺜﻞ :ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﻭﺗﻜﻮﻳﻦ ﺃﺳﺮﺓ ﺻﺎﳊﺔ ﻭﻋﻤﻞ ﻣﺆﺳﱠﺴﻲ ﺩﻋﻮﻱ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻗﺼﲑﺓ ﺗﺘﺮﺍﻭﺡ ﻓﺘﺮﺗُﻬﺎ ﺍﻟﺰﱠﻣﻨﱠﻴ ﹸﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﱠـﻨﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﱠﻨﺘﲔ؛ ﻣﺜﻞ :ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜـﺮﱘ ،ﻭﺗﻌﻠـﻢ ﺍﻟﻠﻐـﺎﺕ ﻭﺍﳊﺎﺳﺐ ﺍﻵﱄ ،ﻭﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﱠﺘ ﹶﻄﻮﱡﻋﻴﱠـﺔ ،ﻭﰲ ﺍﻷﻧﺸـﻄﺔ ﺍﻟﺪﱠﻋﻮﻳﺔ؛ ﺇﻣﺎ ﺑﺘﻌﻠﻴﻖ ﺇﻋﻼﻧﺎﺕ ﶈﺎﺿﺮﺓ ،ﺃﻭ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺷﺮﻳﻂ ﺃﻭ ﻛﺘﻴﱢﺐ ﺃﻭ ﻣﻄﻮﻳﱠﺔ ،ﺃﻭ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻣﻠﺘﻘﻴﺎﺕ ﻭﻧﺪﻭﺍﺕ ،ﺃﻭ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳉﻤﻌﻴﱠﺎﺕ ﺍﳋﲑﻳﺔ ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﻬﺗﻢ ﺍﳋﲑﻳﺔ؛ ﻛﺘﻔﻄﲑ ﺻﺎﺋﻢ ،ﻭﺗﻮﺯﻳﻊ ﻣـﻮﺍ ﱠﺩ ﻋﻴﻨﻴﱠـﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﶈﺘﺎﺟﲔ ﻭﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻔﻘﲑﺓ ،ﻭﻛﻔﺎﻟﺔ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡ ...ﻭﻏﲑﻫﺎ. ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺗﺮﻛﻴـﺰ ﻭﻭﻗـﺖ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﻋﻲ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺔ ﺗﺄﺧﺬ ﻭﻗـﺖ ﺍﻹﻧﺴـﺎﻥ ﻛـﺎﻣﻼﹰ، ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﳝﻜﻦ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﺎ. ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻓﺮﺩﻳﱠﺔ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﲨﺎﻋﻴـﺔ ،ﻭﺍﳌﺸـﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﳒﺢ ﻭﺃﻧﻔﻊ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﺣﺘﻤﺎ ﹰﻻ ﻟﻠﱠﻨﺠﺎﺡ؛ ﻓﺎﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻛـﺜﲑﺓ؛ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺩﻋﻮﻳﺔ ،ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﲡﺎﺭﻳﺔ ،ﺇﻋﻼﻣﻴﺔ. ﻓﺎﻟﺪﱠﻋﻮﻳﺔ ﻛﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﻋﱪ ﺍﻟﺘﱠﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﺸﻬﺮﻳﺔ ،ﺃﻭ ﺷـﺮﺍﺀ
١٦
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻄﻮﻳﱠﺎﺕ ﻭﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺭﺵ ﻭﺍﳌﺼﺎﻧﻊ ﻭﺍﻟﺸﱠﺮﻛﺎﺕ.. ﺤﻴﱠﺔ ،ﻭﺗﻔﻌﻴﻞ ﻟﻮﺣﺔ ﺍﻟﻔﺘـﺎﻭﻯ ﺼﱢ ﻭﺍﻟﺘﱠﻮﻋﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻭﺍﳌﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟ ﱢ ﻭﺍﻟﺘﱠﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩﻳﱠﺔ ،ﻭﺍﳌﻐﻠﱠﻔﺎﺕ ﺍﻟﺪﱠﻋﻮﻳﱠـﺔ ،ﻭﺭﺳـﺎﺋﻞ ﺍﻟﱪﻳـﺪ ﱐﰲ ﺍﻹﻟﻜﺘﺮﻭﱐ ،ﻭﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﳉﻮﱠﺍﻝ ﺍﻟﺪﱠﻋﻮﻳـﺔ ،ﻭﺍﻟﻨﺸـﺮ ﺍﻹﻟﻜﺘـﺮﻭ ﹼ ﺍﳌﻨﺘﺪﻳﺎﺕ. ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻛﺘﺮﲨﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﺜﻤﺮﺓ ،ﻭﺇﻋـﺪﺍﺩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻷﲝﺎﺙ ،ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻭﺣﻔﻆ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ،ﻭﺗﻌﻠﱡـﻢ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻛﺎﻟﻠﻐﺎﺕ ،ﻭﺍﳊﺎﺳﺐ ﺍﻵﱄ ،ﻭﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ،ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ،ﰒ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻭﺇﺗﻘﺎﻥ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺇﺗﻘﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ. ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﻳﺔ :ﻛﻮﺭﺩ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ ﺍﳊـﺎﺭﺙ ﻛـﺎﻥ ﺛﻠـﺚ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻭﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺰﺑﲑ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﰲ ﺍﳌﺼﺤﻒ ﻧﻈﺮﺍ ،ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﻠﻴﻞ ،ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﺇﻻ ﻟﻴﻠﺔ ﻗﻄﻌﺖ ﺭﺟﻠﻪ ،ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺳﺒﻌﺎﹰ ،ﻓﻴﺨﺘﻢ ﻛ ﱠﻞ ﺳﺒﻊ ﻟﻴﺎﻝ ﺧﺘﻤﺔ. ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :ﻛـﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ،ﻭﺯﻳـﺎﺭﺓ ﺍﳌﺮﺿـﻰ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﻬﺗﻢ ،ﻭﻛﻔﺎﻟﺔ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻔﻘﲑﺓ :ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ– ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﳛﻤﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻇﻬـﺮﻩ ﻳﺘﺒﻊ ﺑﻪ ﺍﳌﺴﺎﻛﲔ ﰲ ﺍﻟﻈﱡﻠﻤﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻧﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻻ ﻳﺪﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﻓﻘـﺪﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺆﺗﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ،ﻭﳌﺎ ﻣﺎﺕ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺑﻈﻬﺮﻩ ﺃﺛـﺮﹰﺍ ﳑﱠـﺎ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
١٧
ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﳉﺮﺏ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻷﺭﺍﻣﻞ).(١ ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﱢﺠﺎﺭﻳﺔ :ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﲟﺘﺠﺮ ﺻﻐﲑ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﺭﺟﻞ ﺍﻓﺘﺘﺢ ﻣﺘﺠﺮﹰﺍ ﺻﻐﲑﹰﺍ ﻟﻘﻄﻊ ﻏﻴﺎﺭ ﻭﺯﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ،ﺃﺻﺒﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺷﺮﻛﺔ ﳍﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﻓﺮﻋﹰﺎ ﰲ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎﹰ ،ﺣﺠـﻢ ﳏﻔﻈﺘـﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﳌﻼﻳﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﱡﻭﻻﺭﺍﺕ ﻭﺭﺑﱠﻤﺎ ﺍﳌﻠﻴﺎﺭﺍﺕ. ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎ ﺻﻐﲑﺍ :ﻛﻤﺤﺮﻙ ﺍﻟﺒﺤﺚ "ﺟﻮﺟﻞ" ﻭﻛﺤﻤﻞ ﻟﻠﺼﺮﺍﻓﺔ ﺑﺪﺀ ﺻﻐﲑﺍ ﰒ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺼﺮﻓﺎ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﻭﻣﻄﻌﻢ ﺻﻐﲑ ﺻﺎﺭ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻄﺎﻋﻢ... ﻭﻏﲑﻫﺎ. ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﱠﺘ ﹶﻄﻮﱡﺭﻳﱠﺔ ﻛﺘﻌﻠﻢ ﻣﻬﻨﺔ ﺃﻭ ﺣﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﺻﻨﻌﺔ ﺃﻭ ﺻﻴﺎﻧﺔ. ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻛﺈﻧﺸﺎﺀ ﻗﻨﺎﺓ ﻓﻀﺎﺋﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻜﺘﺮﻭﱐ، ﺃﻭ ﳎﻠﺔ ﻫﺎﺩﻓﺔ.
) (١ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(٣٩٣/٤
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
١٨
ﻛ ﱡﻞ ﺷﺎﺏ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﺸﺮﻭﻉ ﻻ ﳜﻠﻮ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻧﻘﻄﺔ ﲤﻴﺰﻩ ﻭﻧﻮﺍﺣﻲ ﺇﺑﺪﺍﻉ ﺗﱪﺯﻩ؛ ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ؛ ﻟﻴﻨﺘﻔﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ؛ ﺫﻟﻚ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌـﻴﺶ ﻟﻨﻔﺴـﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﺻﻐﲑﹰﺍ ﺑﺴﻴﻄﺎﹰ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳝﻮﺕ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻷﻣﱠﺘـﻪ ﻳﻌـﻴﺶ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎﹰ؛ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳝﻮﺕ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ. ﻭﻣﻦ ﱂ ﺗﺘﺒﻠﻮﺭ ﻋﻨﺪﻩ ﺧﺼﺎ ﹸﻝ ﺍﻟﱠﺘ َﻤﻴﱡﺰ ﺃﻭ ﻧﻘﺎﻁ ﺍﻟﻘﻮﺓ ،ﻓﻠﻴﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ َﺗﹶﻠﻤﱡﺴﻬﺎ ﻭﺻَﻘﻠﻬﺎ ﻭﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ ،ﻭﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﺣﺪﹰﺍ ﳜﻠـﻮ ﻣـﻦ ﻣﻮﻫﺒﺔ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ،ﺃﻭ ﻃﺎﻗﺔ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﻬﺑﺎ. ﺇ ﱠﻥ ﻛ ﱠﻞ ﺷﺨﺺ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﳝﻠﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﹶﺓ ﻟﻴﻜـﻮﻥ ﺷﺨﺼﹰﺎ ﻣﺒﺪﻋﹰﺎ ﻣﻮﻫﻮﺑﺎﹰ؛ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ -ﻳﻘـﻮﺩ ﺟﻴﺸﹰﺎ ﻋﺮﻣﺮﻣﺎﹰ ،ﻭﻓﻴﻪ ﻛﺒﺎ ُﺭ ﺍﻟﺼﱠﺤﺎﺑﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻤﺮُﻩ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ).(١ ﻭﺍﺑﻨﺎ ﻋﻔﺮﺍﺀ– ﻣﻌﺎﺫ ﻭﻣﻌﻮﺫ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ :ﻳﺘﺼـﺪﱠﻳﺎﻥ ﻟﻘﺘـﻞ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﱠﺔ ﺃﺑﺎ ﺟﻬﻞ ..ﻓﻴﺒﺘﺪﺭﺍﻩ ﺑﺴﻴﻔﻴﻬﻤﺎ ﻓﻴﻀـﺮﺑﺎﻩ ﺣـﱴ ﻳﻘﺘﻼﻩ).(٢ ﻭﺍﺑ ُﻦ ﻋﺒﱠﺎﺱ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ -ﺗﺮﲨﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ :ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺟﻌﱠﻴ ﹰﺔ ﻋﻠﻤﱠﻴ ﹰﺔ ﻭﺁﻳ ﹰﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﳊﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺻﻐﺮ ﺳﻨﱢﻪ. ) (١ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ).(٢٠٤/٦ ) (٢ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ) (٤٠٢٠ﻭﻣﺴﻠﻢ ).(١٨٠٠
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
١٩
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﱠﺎﻓﻌ ﱡﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ :ﺣﻔﻈﺖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﺑﻦ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﲔ، ﻭﺣﻔﻈﺖ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﺑﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﲔ).(١ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﺖ ﻟﻪ :ﺿﻊ ﻣﺸﺮﻭﻋﹰﺎ ﻟﺘﺤﻔﻆ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺃﻭ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣـﻦ ﻓﺈﻥ ﻗﻠ َ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻗﺎﻝ :ﺃﻧﺎ ﺫﺍﻛﺮﰐ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﰐ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔ ﳏـﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺣﻔﻆ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻧﱠﻪ ﱂ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺧﻄـﻮﺍﺕ ﻫـﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ،ﻭﻟﻮ ﻓﻌﻞ ﻻﻛﺘﺸﻒ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻫﻼ ﺑﻪ.
) (١ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(٧/١٩
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٠
ﻛﻴﻔﻴﱠ ﹸﺔ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻑ ﻣﻮﻫﺒﺔ ﺍﻟﻄﱢﻔﻞ ﻭﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﻣﻦ ﺧـﻼﻝ ﻣﻴﻮﻟـﻪ ﰲ ﳝﻜﻦ ﺍﻛﺘﺸﺎ ُ ﺍﻷﻟﻌﺎﺏ؛ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺃﻟﻌﺎﺏ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﱠﺔ ،ﻭﺃﻟﻌﺎﺏ ﺭﺳﻢ ﻭﺗﻠﻮﻳﻦ ،ﻭﺃﻟﻌـﺎﺏ ﻚ ﻭﺗﺮﻛﻴﺐ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻌﺎﺏ. ﻓ ّ ﱯ ﻭﻣﺎ ﺼّ ﻗﺎﻝ ﺍﺑ ُﻦ ﺍﻟﻘﻴﱢﻢ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ :ﻭﳑﱠﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺣﺎﻝ ﺍﻟ ﱠ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﻣﻬﻴﺄ ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ...ﻓﻼ ﳛﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ.. ﻓﺈﻧﻪ ﺇﻥ ﲪﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻪ ﱂ ﻳﻔﻠﺢ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﻫـﻮ ﻣﻬﻴﺄ ﻟﻪ. ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺁﻩ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﺟﻴﺪ ﺍﳊﻔﻆ ،ﻭﺍﻋﻴـﺎ- ﻓﻬﺬﻩ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻭﻬﺗﻴﱡﺌﻪ ﻟﻠﻌﻠﻢ ،ﻓﻠﻴﻨﻘﺸﻪ ﰲ ﻟﻮﺡ ﻗﻠﺒﻪ ﻣـﺎ ﺩﺍﻡ ﺧﺎﻟﻴﺎﹰ؛ ﻓﺈﱠﻧﻪ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺴﺘﻘﺮ ﻭﻳﺰﻛﻮ ﻣﻌﻪ. ﻭﺇﻥ ﺭﺁﻩ ﲞﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻛ ﱢﻞ ﻭﺟﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺴـﺘﻌﺪ ﻟﻠﻔﺮﻭﺳـﻴﺔ ﻭﺃﺳﺒﺎﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﱡﻛﻮﺏ ﻭﺍﻟﺮﱠﻣﻲ ﻭﺍﻟﻠﱠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺮﱡﻣﺢ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻧﻔﺎﺫ ﻟـﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﱂ ﳜﻠﻖ ﻟﻪ ،ﻣﻜﱠﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﱠﺘ َﻤﺮﱡﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻓﺈﻧﱠﻪ ﺃﻧﻔ ُﻊ ﻟﻪ ﻭﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ. ﻭﺇﻥ ﺭﺁﻩ ﲞﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﻧﱠﻪ ﱂ ﻳُﺨﻠﻖ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﺭﺃﻯ ﻋﻴﻨَﻪ ﻣﻔﺘﻮﺣ ﹰﺔ ﻼ ﳍﺎ ﻭﻫﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﺒﺎﺣﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﺇﱃ ﺻﻨﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﱠﻨﺎﺋﻊ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﳍﺎ ﻗﺎﺑ ﹰ ﻟﻠﻨﺎﺱ ،ﻓﻠﻴﻤﻜﱢﻨﻪ ﻣﻨﻬﺎ).(١ ) (١ﲢﻔﺔ ﺍﳌﻮﺩﻭﺩ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﺍﳌﻮﻟﻮﺩ ).(٢٤٤-٢٤٣
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢١
ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ ﻭﺍﻟﻄﱠﺎﻗﺎﺕ؛ ﺺ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﻣﻌﻴﱠﻨﺔ ﻭ ﱠﻇﻔﹶﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓﹰ، ﱯ ﻛﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻟﻔﺖ ﻧﻈﺮَﻩ ﺷﺨ ٌ ﻓﺎﻟﱠﻨ ﱡ ﻓﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺃﰊ ﳏﺬﻭﺭﺓ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ– ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﺟﺎﻫﻠﻴﱠﺘﻪ ﻗﺒـﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻐﻨﻴﹰﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ» :ﺍﺫﻫﺐ ﻓﺄﺫﱢﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﳊﺮﺍﻡ«).(١ ﻭﻧﻈﺮ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﱠﻮﺭﻱﱡ ﺇﱃ ﻋﻴﲏ ﻭﻛﻴﻊ ﺑﻦ ﺍﳉﺮﱠﺍﺡ ﻭﻗﺎﻝ) :ﺗـﺮﻭﻥ ﺱ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑـﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﱡﺅﺍﺳﻲّ؛ ﻻ ﳝﻮﺕ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺷﺄﻥ() ،(٢ﻭﺗﻔ ﱠﺮ َ ﺱ ﰲ ﺍﻟﺸﱠﺎﻓﻌﻲ؛ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸـﺎﻓﻌﻲ: ﺣﻨﻴﻔﺔ ﰲ ﺃﰊ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﻣﺎﻟﻚ؛ َﺗ ﹶﻔ ﱠﺮ َ ﱄ ﺳﺎﻋﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﳌﺎﻟﻚ ﻓﺮﺍﺳﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ ﱄ :ﻣـﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﲰﻊ ﻛﻼﻣﻲ ﻧﻈﺮ ﺇ ﱠ ﺍﲰﻚ؟ ﻓﻘﻠﺖ :ﳏﻤﺪ .ﻓﻘﺎﻝ ﱄ :ﻳﺎ ﳏﻤﺪ ﺍﺗﱠﻖ ﺍﷲ ﻭﺍﺟﺘﻨﺐ ﺍﳌﻌﺎﺻﻲ؛ ﻓﺈﻧﱠﻪ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺷﺄﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺄﻥ).(٣ ﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻓﺎﺧﺘﱪﺗُﻪ، ﻼ ﻋﻤﺮﻩ ﲬﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﹶﺃَﺗ ﱠﻢ ﺣﻔ ﹶ ﺕ ﻃﻔ ﹰ ﻭﺟﺪ ُ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻳَﻌﺮﻑ ﻣﻮﺍﺿ َﻊ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﺼﺤﻒ ،ﻓﺴﺄﻟﺖ ﺃﺑﺎﻩ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺣﻔﻈﻪ ،ﻓﺬﻛﺮ ﺃﻧﱠﻪ ﳌﺎ ﺑﻠﻎ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﺴﻨﺘﲔ َﻫﱠﻴﹶﺄ ﻟﻪ ﻏﺮﻓ ﹰﺔ ﺻﻐﲑﺓ ﲨﻊ ﻟـﻪ ﻼ ﻳﺬﻳﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ، ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻌﺎﺏ ،ﻭﺟﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﺠ ﹰ ﺣﱴ ﲣﻄﱠﻰ ﺍﻻﺑ ُﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜ ﹶﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺑﺪﺃ ﰲ ﲢﻔﻴﻈﻪ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ،ﻓﺤﻔـﻆ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻋﻤﺮﻩ ﲬﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ. ﺱ ﻗﺪﺭﺍﺕ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﱢﻔ ﹶﻞ ﻋﻨﺪﻩ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﻗﻮﻳﱠـﺔ ﻚ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﻨﺎ َ ﻻﺷ ﱠ ﻬﺗﻴﱢﺌﻪ ﻟﻠﺤﻔﻆ؛ ﻟﻜﻦ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻟﺘﱠﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﱠﺨﻄﻴﻂ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﻭﺿﻊ ﺍﳋﻄﱠﺔ ﻟﻦ ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ) ،(٦٣٣ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﱐ. ) (٢ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺩﻣﺸﻖ ).(٦٩/٦٢ ) (٣ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ).(٢٨٦/٥١
٢٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﳛﻔﻆ؛ ﺣﱴ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﺑﻐ ﹰﺔ ﰲ ﺍﳊﻔﻆ ،ﻭﻟﻮ ﺃ ﱠﻥ ﺷﺨﺼﹰﺎ ﺇﺫﺍ ﺩﻋـﻲ ﺇﱃ ﺍﳊﻔﻆ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻧﺎ ﺫﺍﻛﺮﰐ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﰐ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﳏﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﺃﻧـﺎ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ .ﻓﺈﻧﱠﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ؛ ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ. ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻀﻊ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﻳﺘﺼﻮﱠﺭ ﻭﻳﺘﻮﻫﱠﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻘﺒﺎﺕ، ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﻐﲑﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﻀﺨﻤﻬﺎ ،ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻄﱠﺎﻫﺎ؛ ﻓﻨﻘﻮﻝ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﺍ :ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻙ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻧﻘﻠﻪ ﱯ ﰲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ: ﺖ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻪ؛ ﺃﱂ ﻳﻘﻞ ﺍﻟﱠﻨ ﱡ ﻟﻐﲑﻙ ﺇﺫﺍ ﻛﻨ َ »ﺗﻌﲔ ﺻﺎﻧﻌﺎ ﺃﻭ ﺗﺼﻨﻊ ﻷﺧﺮﻕ«)(١؛ ﺗﻌﲔ ﺻﺎﻧﻌﹰﺎ ﻳﺴـﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﻓﺘﺴﺎﻋﺪﻩ ،ﺃﻭ ﺗﺼﻨﻊ ﻷﺧﺮﻕ ﻻ ﳛﺴﻦ ﻭﻫﻮ ﻋﺎﺟﺰ ،ﻓﺘﺼﻨﻊ ﻟﻪ.
) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ) ،(٢٥١٨ﻭﻣﺴﻠﻢ ).(٨٤
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٣
ﺲ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻷ ُﺳ ُ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ،ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ: ﺃﻭ ﹰﻻ :ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ: ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﲢﺘـﺎﺝ ﺇﱃ ﺗﺄﻣﱡـﻞ، ﻭﺳﺆﺍﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﱪﺓ؛ ﻓﻤﺎ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻣﻨﻬﺎ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ؟ ﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻳﺘﺤﺘﱠﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺃﻥ ﳚﻴ َ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ. ﺛﺎﻧﻴﹰﺎ :ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﺘﱠﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻉ: ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻳﺘ ﱡﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺿﻊ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﳋﻄـﻮﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣـﺔ ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻉ ،ﻭﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ،ﻭﺃﳘﻴﺘﻪ ،ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﳌﺘﻮﻗﱠﻊ ﻟﻪ ،ﻭﺧﻄﱠﺔ ﺍﻟﻌﻤـﻞ، ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻪ. ﺛﺎﻟﺜﺎ :ﺗﻨﻔﻴ ﹸﺬ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ: ﺑﻌﺪ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻭﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﱠﺨﻄﻴﻂ ﻟﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒـﺪﺀ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ؛ ﻭﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٤
ﺭﺍﺑﻌﺎ :ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ: ﻉ ﳌﺆﺛﱢﺮﺍﺕ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ،ﻭﻗﺪ ﳛﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻄﻮﻳ ٌﺮ ﻗﺪ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﺍﳌﺸﺮﻭ ُ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﱠﻨﻔﻴﺬ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ؛ ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺍﻟﻨﱠﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻨﱢﻬﺎﺋﻴﺔ ﲟﺎ ﻛـﺎﻥ ﻑ ﻫﻞ ﳒﺢ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻨﺠﺢ. ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ؛ ﺣﱴ ﺗﻌﺮ َ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٥
ﻛﻴﻒ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ؟ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻗﺪ ﻳﺄﰐ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﱠﺘﹶﺄﻣﱡﻞ ﻭﺍﻟﱠﺘ ﹶﻔﻜﱡﺮ ﻭﺍﻟﱠﻨﻈﹶﺮ ،ﻭﻗﺪ ﺖ ﻱ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ) :ﻛﻨـ ُ ﻳﻜﻮﻥ ﲟﺸﻮﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ؛ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎ ُﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭ ﱡ ﻋﻨﺪ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺭﺍﻫﻮﻳﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ :ﻟﻮ ﲨﻌـﺘﻢ ﻛﺘﺎﺑـﹰﺎ ﱯ .ﻓﻮﻗﻊ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻗﻠﱯ ،ﻓﺄﺧﺬﺕ ﰲ ﲨﻊ ﻫـﺬﺍ ﳐﺘﺼﺮﹰﺍ ﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱠﻨ ﱢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ().(١ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ" ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ؛ ﺻﻨﱠﻔﻪ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﻣﻬﺪﻱ. ﱐ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ؛ ﻛﺘﺎﺏ "ﻧﻴﻞ ﺍﻷﻭﻃﺎﺭ ﺷﺮﺡ ﻣﻨﺘﻘﻰ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ" ﻟﻠﺸﱠﻮﻛﺎ ﹼ ﺃﻟﱠﻔﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺸﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺷﻴﺨﻪ. ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺐ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻛﻠﻤ ﹰﺔ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ :ﻣﺜﻞ ﺍﻹﻣـﺎﻡ ﺍﻟﺬﻫ ّ ﱯ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﱠﺔ ﺍﳊﺪﻳﺚ؛ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﱄ ﻃﻠﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﺐﺇﱠ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﱢﻳﻦ ﺍﻟﱪﺯﺍﱄ :ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﱠﺒ َ ﰲ) ،(٢ﻭﻋﻦ ﳏﻤﺪ ﻂ ﺍﶈﺪﺛﲔ .ﻓﺄﺛﱠﺮ ﻗﻮﻟﹸﻪ ﱠ ﺧﻄﻲ ﻓﻘﺎﻝ :ﺧﻄﱡﻚ ﻳﺸﺒﻪ ﺧ ﱠ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺃﻧﱠﻪ ﻗﺎﻝ :ﻛﻨﺖ ﺃﻟﻌﺐ ﺑﺎﻟﻜﺮﺓ ﻭﺃﻧﺎ ﺣﺪﺙ ،ﻓﻮﻗﻌﺖ ﺍﻟﻜـﺮﺓ ﻗﺮﺏ ﺍﳌﻌﺎﰱ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﺍﳊﻤﺼﻲ ،ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻷﺧﺬﻫﺎ.. ﻓﻘﺎﻝ :ﺍﺑﻦ ﻣَﻦ ﺃﻧﺖ؟) (١ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(٤٠١/١٢ ) (٢ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(٣٦/١
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٦
ﻗﻠﺖ :ﺍﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ. ﻗﺎﻝ :ﺃﻣﺎ ﺇ ﱠﻥ ﺃﺑﺎﻙ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ،ﻓﻜﺎﻥ ﳑﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﻣﻌﻨـﺎﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﺒﻬﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﻟﺪﻙ. ﺕ ﺇﱃ ﺃﻣﱢﻲ ،ﻓﺄﺧﱪﺗُﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﺻﺪﻕ؛ ﻫﻮ ﺻﺪﻳ ٌﻖ ﻷﺑﻴﻚ. ﻓﺼﺮ ُ ﺖ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺎﰱ ،ﻭﻣﻌﻲ ﳏﱪﺓ ﻭﻭﺭﻕ. ﻓﺄﻟﺒﺴﺘﲏ ﺛﻮﺑﹰﺎ ﻭﺇﺯﺍﺭﺍﹰ ،ﰒ ﺟﺌ ُ ﻓﻘﺎﻝ ﱄ :ﺍﻛﺘﺐ :ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺵ ،ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﺑـﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ،ﻗﺎﻝ :ﻛﺘﺒﺖ ﱄ ﺃﻡ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﰲ ﻟﻮﺣﻲ :ﺍﻃﻠﺒﻮﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺻﻐﺎﺭﺍﹰ، ﺗﻌﻤﻠﻮﺍ ﺑﻪ ﻛﺒﺎﺭﺍﹰ؛ ﻓﺈ ﱠﻥ ﻟﻜ ﱢﻞ ﺣﺎﺻﺪ ﻣﺎ ﺯﺭﻉ. ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ؟ ﺻﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﱴ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺬﻫﱯ) :ﺍﻹﻣﺎﻡ ،ﺍﳊﺎﻓﻆ ،ﺍﺠﻤﻟـﻮﺩ، ﳏﺪﺙ ﲪﺺ ،ﺃﻭ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﻄﺎﺋﻲ ﺍﳊﻤﺼﻲ(. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ) :ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﺸﱠﺎﻡ ﻣﻨـﺬ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﺳﻨﺔ ﻣﺜﻞ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ().(١ ﻭﺭﲟﺎ ﺗﺄﰐ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﳑﱠﻦ ﺃﻗ ﹼﻞ ﻣﻨﻚ ﺷﺄﻧﺎﹰ ،ﻓﻼ ﲢﻘﺮ ﱠﻥ ﺫﻟﻚ؛ ﺣـﱴ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺣﻴﻮﺍﻧﹰﺎ ﺃﻭ ﺣﺸﺮﺓ: ﻓﻬﺬﺍ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ -ﺍﺳﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺧﱪ ﺍﳍﺪﻫﺪ ﰲ ﺇﻗﺎﻣـﺔ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺩﻋﻮﻱ ﻛﺒﲑ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺃﻥ ﻗﺎﻟﺖ ﻣﻠﻜﺔ ﺳـﺒﺄ ﻛﻤﺎ ﺣﻜﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻨﻬﺎَ :ﺭﺏﱢ ﹺﺇﻧﱢﻲ ﹶﻇ ﹶﻠ ْﻤﺖُ َﻧ ﹾﻔﺴِﻲ َﻭﹶﺃ ْﺳ ﹶﻠ ْﻤﺖُ ﻣَـ َﻊ ) (١ﺍﻧﻈﺮ :ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ).(٦١٥-٦١٣/١٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٧
ﲔ] ﺍﻟﻨﻤﻞ.[٤٤ : ُﺳ ﹶﻠ ْﻴﻤَﺎ ﹶﻥ ِﻟﻠﱠ ِﻪ َﺭﺏﱢ ﺍﹾﻟﻌَﺎﹶﻟ ِﻤ َ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺴﺎﺋ ﱡﻲ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﱠﺤﻮ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﳕﻠﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮ ﰲ ﺗﺮﲨﺘﻪ ﺃﻧﱠﻪ ﺑﺪﺃ ﰲ ﻃﻠﺐ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﰒ ﺻﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻓ َﻬ ﱠﻢ ﺑﺘﺮﻛﻪ ،ﻓﺎﺿﻄﺠﻊ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﻓﺮﺃﻯ ﳕﻠ ﹰﺔ ﲢﻤﻞ ﻃﻌﺎﻣﹰﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺼـﻌﺪ ﺑـﻪ ﻼ ﺳﻘﻄﺖ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺣﱴ ﺻﻌﺪﺕ ،ﻓﺄﺧـﺬ ﺣﺎﺋﻄﺎﹰ؛ ﻛﻠﻤﺎ ﺻﻌﺪﺕ ﻗﻠﻴ ﹰ ﺩﺭﺳﹰﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻜﺎﺑﺪ ﺣﱴ ﺻﺎﺭ ﺇﻣﺎﻣﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﺤﻮ. ﺃﻭ ﻳﺄﰐ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﺨﺺ: ﺏ ﺍﶈﻠﱠﻰ ﻭﺑﺮﻉ ﰲ ﺗﻌﻠﱡـﻢ ﻒ ﻛﺘﺎ َ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﱠ َ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻗﺎﻝ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺗﻌﻠﱡﻤﻪ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺃﻧﱠﻪ ﺷﻬﺪ ﺟﻨﺎﺯﺓﹰ ،ﻓﺪﺧﻞ ﺍﳌﺴـﺠﺪ، ﻓﺠﻠﺲ ﻭﱂ ﻳﺮﻛﻊ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺟﻞ :ﻗﻢ ﻓﺼ ﱢﻞ ﲢﻴ ﹶﺔ ﺍﳌﺴﺠﺪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺳﺘﺎ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻘﻤﺖ ﻭﺭﻛﻌﺖ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﱠﻼﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨـﺎﺯﺓﺩﺧﻠﺖ ﺍﳌﺴﺠﺪ ،ﻓﺒﺎﺩﺭﺕ ﺑﺎﻟﺮﻛﻮﻉ ،ﻓﻘﻴﻞ ﱄ :ﺍﺟﻠﺲ ،ﺍﺟﻠﺲ؛ ﻟﻴﺲ ﺫﺍ ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ .ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺼﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺎﻧﺼﺮﻓﺖ ﻭﻗﺪ ﺣﺰﻧﺖ ،ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﱠـﺎﱐ:ﺩﻟﱠﲏ ﻋﻠﻰ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺃﰊ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺩﺧﻮﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻘﺼﺪﺗُﻪ ،ﻓﺄﻋﻠﻤﺘُﻪ ﲟﺎ ﺟﺮﻯ ،ﻓ َﺪﻟﱠﲏ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻃـﺄ ﻣﺎﻟـﻚ، ﻓﺒﺪﺃﺕ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺗﺘﺎﺑﻌﺖ ﻗﺮﺍﺀﰐ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ ﳓﻮﹰﺍ ﻣـﻦ ﺛﻼﺛـﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ ،ﻭﺑﺪﺃ ﺑﺎﳌﻨﺎﻇﺮﺓ).(١ ) (١ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(١٩٩/١٨
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٨
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺳﻴﺒﻮﻳﻪ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﱠﺤﻮ؛ ﻛﺎﻥ ﺇﺗﻘﺎﻧُﻪ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠـﻢ ﺑﺴـﺒﺐ ﺽ ﻟﻪ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ،ﻭﻗﺪ ﻣﻮﻗﻒ ﺗﻌ ﱠﺮ َ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺃﻣﺮﻩ ﻳﺼﺤﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻤﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﲪﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ،ﻓﻠﺤﻦ ﻳﻮﻣﺎﹰ ،ﻓﺮ ﱠﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻟﹶﻪ. ﱭ ﻋﻠﻤﹰﺎ ﻻ ﺗﻠﺤﻨﲏ ﻓﻴﻪ ﺃﺑﺪﹰﺍ! ﻓﻘﺎﻝ :ﻷﻃﻠ ﱠ ﻓﻄﻠﺐ ﺍﻟﻨﺤ َﻮ ﻭﻟﺰﻡ ﺍﳋﻠﻴﻞ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺣﱴ ﺑﺮﻉ ﰲ ﺍﻟﻨﱠﺤﻮ ﻭﺻـﺎﺭ ﺇﻣﺎﻣﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﻛﱪ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻨﱠﺤﻮ ﺇﱃ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬﺍ؛ ﻣﻊ ﺃﻧﱠﻪ ﻋﺎﺵ ﺍﺛﻨﲔ ﻭﺛﻼﺛﲔ ﺳﻨﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻗﻴﻞ :ﻗﺎﺭﺏ ﺍﻷﺭﺑﻌﲔ).(١ ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺸﺮﻭﻋُﻚ ﺇﻛﻤﺎ ﹰﻻ ﳌﺸﺮﻭﻉ ﺑﺪﺃﻩ ﻏﲑﻙ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﺿﲑ ﻓﻴﻪ؛ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻟﻠﻐﲑ؛ ﻓﻤﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺪﺩ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﲨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ؛ ﻓﻘﺪ ﲨﻌﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜـﺮ -ﺭﺿـﻲ ﺍﷲ ﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺤﻒ ﻭﺍﺣﺪ. ﻋﻨﻪ -ﰒ ﲨﻊ ﻋﺜﻤﺎﻥ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ -ﺍﻟﻨﺎ َ ﻱ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﰲ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﺠﻤﻟﻤﻮﻉ ﺷـﺮﺡ ﻭﺍﺑﺘﺪﺃ ﺍﻟﻨﱠﻮﻭ ﱡ ﺍﳌﻬﺬﺏ" ،ﻓﺴﻜﺐ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻤﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ :ﻟـﻮ ﷲ ﻟﻪ ﺇﲤﺎﻣَﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﻛﺘﺎﺑﹰﺎ ﰲ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﱂ ﻳﺆﻟﱠﻒ ﻣﺜﻠﹸـﻪ .ﺇﻻ ﺃﻧﱠـﻪ ﹶﻗ ﱠﺪ َﺭ ﺍ ُ ﺗﻮﻓﱢﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﻭﱂ ﻳﺘﻤﱠﻪ ،ﻭﻭﺻﻞ ﺇﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﱢﺑﺎ. ﻱ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﱢﺑﺎ ﻓﺠﺎﺀ ﺗﻘ ﱡﻲ ﺍﻟﺪﱢﻳﻦ ﺍﻟﺴﱡﺒﻜ ﱡﻲ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﻣﺎ ﺑﺪﺃﻩ ﺍﻟﱠﻨﻮَﻭ ﱡ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﻠﻴﺲ ،ﰒ ﻣﺮﺕ ﺳﻨﻮﻥ ﻭﻗﺮﻭﻥ ﺣﱴ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺸﱠﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﳒﻴـﺐ ﺍﳌﻄﻴﻌ ّﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﹶﻓﹶﺄَﺗﻤﱠﻪ. ) (١ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ).(١٧٦/١٠
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٢٩
ﺗﻔﺴﲑ ﺍﳉﻼﻟﲔ :ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﻲ؛ ﺍﺑﺘﺪﺃ ﺗﻔﺴـﲑﻩ ﻣـﻦ ﺃﻭﱠﻝ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﱠﺎﺱ ،ﰒ ﺍﺑﺘﺪﺃ ﺑﺘﻔﺴﲑ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﲢﺔ، ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﹶﺃَﺗﻤﱠﻬﺎ ﺗﻮﱢﻓ َﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ. ﰒ ﺟﺎﺀ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﱢﻳﻦ ﺍﻟﺴﱡﻴﻮﻃ ّﻲ ﻓﺄﻛﻤﻞ ﺗﻔﺴﲑَﻩ ﻓﺎﺑﺘـﺪﺃ ﺑﺘﻔﺴـﲑ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻬﻧﺞ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﱢﻳﻦ ﺍﶈﱢﻠ ﱢﻲ ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﻋﻨﺪ ﺁﺧﺮ ﺳـﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ. ﺃﺿﻮﺍﺀ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﰲ ﺇﻳﻀﺎﺡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ :ﺍﺑﺘﺪﺃﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣ ﹸﺔ ﳏﻤـﺪ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﺸﱢﻨﻘﻴﻄ ّﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﺳـﻮﺭﺓ ﺍﺠﻤﻟﺎﺩﻟـﺔ ،ﰒ ﺃﻛﻤﻠﻪ ﺗﻠﻤﻴﺬﹸﻩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻄﻴﺔ ﳏﻤﺪ ﺳﺎﱂ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ. ﺇﻛﻤﺎﻝ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻘﺪﺱ :ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻠﻚ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺯﻧﻜﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ- ﻳﺮﺟﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺳﺘﻨﻘﺎﺫ ﺑﻴﺖ ﺍﳌﻘﺪﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﱠﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﺼﱠﻠﻴﺒﻴﲔ ﻋﻠـﻰ ﻳﺪﻳﻪ ،ﺣﱴ ﺇﻧﻪ ﺃﻋﺪ ﻣﻨﱪﹰﺍ ﻋﻈﻴﻤﹰﺎ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺇﺫﺍ ﻓﺘﺤﻪ ،ﻭﺑـﺪﺃ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﳉﻬﺎﺩ ،ﻏﲑ ﺃﻧﱠﻪ ﻣﺎﺕ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﻗﺒﻞ ﲤﺎﻣﻬﺎ ،ﺣﱴ ﻛﺘﺐ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻱ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﻭﻫﻮ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﰊ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ. ﺍﻷﻳﻮ ّ ﻭﻗﺪ ﻳﺸﺘﺮﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﺍﺣـﺪ: ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﻭﺍﺑﻨﻪ ﳏﻤﺪ ﺍﺷﺘﺮﻛﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲨﻊ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ -ﺭﲪﻬﻢ ﺍﷲ؛ ﺣﻴﺚ ﺳـﺎﻓﺮ ﺍﻟﺸﱠـﻴﺦ ﻋﺒـﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﻣﻊ ﺍﺑﻨﻪ ﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ )ﳒﺪ ﻭﻣﻜﺔ، ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ،ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ،ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﻣﺼﺮ ،ﻭﺑﺎﺭﻳﺲ( ﳉﻤﻊ ﳐﻄﻮﻃﺎﺕ ﺍﺑـﻦ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣٠
ﺗﻴﻤﻴﺔ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ،ﺣﱴ ﺃﺧﺮﺟﺎ ﻟﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻈـﻴﻢ ﰲ ﺳـﺒﻌﺔ ﻭﺛﻼﺛﲔ ﳎﻠﱠﺪﹰﺍ. ﻉ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻻ ﻣﺎﺩﱢﻳﺎ: ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭ ُ ﻛﻤﺎ ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ -ﰲ ﺭﺣﻠـﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﳊ ﱢﻖ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻧﻔﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺣﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﱠﺎﻡ ﲝﺜﹰﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﱢﻳﻦ ﺍﳊ ﱢﻖ ﺣﱴ ﺍﻫﺘﺪﻯ ﺇﱃ ﺩﻳﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳊﻨﻴﻒ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣١
ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻭﺗﻨﺒﻴﻬﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: -١ﻻ ﺗﻐﻔﻞ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﱠ َﻌﺒﱡﺪﻱﱠ ﻋﻨﺪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻙ ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻉ: ﻓﻤﺤﻮ ُﺭ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳌﺮﺀ ﻛﻠﱢﻬﺎ ﻫﻮ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ -ﻋﺰ ﻭﺟـﻞ ،ﻭﺑﺎﻟﺘـﺎﱄ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﲔ ﻳﻔﻜﱢﺮ ﰲ ﺃﻱ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻻﺑ ﱠﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﺬﻛﱠ َﺮ ﺃﻧﱠﻪ ﻋﺒ ٌﺪ ﷲ -ﻋﺰ ﺐ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﱠﺔ. ﻭﺟﻞ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺟ ُ ﻂ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺗﺴﺄﻝ ﻧﻔﺴﻚ :ﻫـﻞ ﻱ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﲣﻄﱢ ﹸ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﻷ ﱢ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺳﻴﺠﻌﻠﲏ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﷲ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ -ﺃﻡ ﺃﺑﻌﺪ؟ ﻓﻜﻤﺎ ﻧﻀﻊ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺟﺪﻭﻯ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺟﺪﻭﻯ ﻓﱢﻨﻴﱠﺔ، ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺟﺪﻭﻯ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﻔﻜﱢﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﺃﻥ ﻧﺴﺄ ﹶﻝ ﺃﻧﻔﺴَﻨﺎ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣﺎ َﺟ ْﺪﻭَﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻷُﺧﺮﻭﻱّ؟ ﻭﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻻ ُﻳﻘﹾﺒ ﹸﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻀﺮﱡﻩ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻳﺒﻌﺪﻩ ﻋﻦ ﺍﷲ. ﱯ ﺣﲔ ﺗﻜﻠﱠﻢ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟـﺬﻱ ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺷﺪﻧﺎ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﱠﻨ ﱡ ﻳﻔﻜﱢﺮ ﻓﻴﻪ ﻛﻞﱡ ﺷﺎﺏﱟ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺰﱠﻭﺍﺝ! ﹶﻓَﺒﱠﻴ َﻦ ﻣﻌﺎﻳ َﲑ ﺍﻻﺧﺘﻴـﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻠﺠﺄ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻨّﻜﺎﺡ ،ﻓﻘﺎﻝ » :ﺗﻨﻜﺢ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻷﺭﺑـﻊ: ﳌﺎﳍﺎ ،ﻭﳊﺴﺒﻬﺎ ،ﻭﲨﺎﳍﺎ ،ﻭﻟﺪﻳﻨﻬﺎ ،ﻓﺎﻇﻔﺮ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟـﺪﻳﻦ ﺗﺮﺑـﺖ ﻳﺪﺍﻙ«).(١ ) (١ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ).(١٧٦/١٠
٣٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﻱ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻨﺎ ﻧﻐﻔﻞ ﻋﻨﻪ ﻛﺜﲑﺍﹰ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻻﺑـ ﱠﺪ ﺃﻥ ﻭﺍﻟﺒﻌ ُﺪ ﺍﻟﱠﺘ َﻌﺒﱡﺪ ّ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻌ ُﺪ ﺣﺎﺿﺮﹰﺍ ﰲ ﺃﺫﻫﺎﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﱠﻔﻜﲑ ﰲ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﲔ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ؛ ﻓﺠﻤﻴﻊ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﻮﻳﱠـﺔ ﳍـﺎ ﺑﻌﺪُﻫﺎ ﺍﻟﺘﱠﻌﺒﱡﺪﻱّ؛ ﻓﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟ ﱠﺰﻭﺍﺝ ﻟﻪ ﺑُﻌ ٌﺪ َﺗ َﻌﺒﱡﺪﻱﱞ ﰲ ﺇﻋﻔﺎﻑ ﺍﻟـﻨﱠﻔﺲ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﰲ ﺍﳊﺮﺍﻡ »ﻭﰲ ﺑﻀﻊ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺻﺪﻗﺔ«).(١ ﻭﻣﻦ ﻳﻔﻜﺮ ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ؛ ﻛﺸﺮﻛﺔ ﺃﻭ ﻣﺆﺳﱠﺴﺔ ﻟﺘﺪ ّﺭ ﻟﻪ ﺭﲝﺎﹰ ،ﻭﳛﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﱢﺯﻕ ﺍﳊﻼﻝ ،ﻭﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﺍﳊﺮﺍﻡ ،ﻓﻬﺬﺍ ﺟﺎﻧـﺐ ﺗﻌﺒﱡﺪﻱﱞ. ﻭﻣﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺇﻋﻼﻣﻲ! ﻛﻌﻤﻞ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻗﻨﺎﺓ ،ﺃﻭ ﻣﻮﻗﻊ ﺇﻋﻼﻣﻲ ،ﻭﻟﻪ ﻫﺪﻑ ﻫﻮ :ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻮﺍﻗﻌﻬﻢ ،ﻭﻫﺪﻑ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﳏﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ ،ﻓﻬﺬﺍ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻌﺒﺪﻱ. ﻭﻣﻦ ﻟﻪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ! ﻣﺜﻞ ﻋﻤﻞ ﻣﺆﺳﱠﺴﺔ ﺧﲑﻳﱠﺔ ﻟﻜﻔﺎﻟـﺔ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡ ،ﺃﻭ ﻋﻤﻞ ﻣﻨﺘﺪﻯ ﻟﻸﺳﺮﺓ ،ﺃﻭ ﻋﻤﻞ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻟﺼﺎﻟﺔ ﺍﻷﻓـﺮﺍﺡ ﻭﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻬﺬﻩ ﳍﺎ ﻏﺎﻳﺘُﻬﺎ ﺍﻟﺪﱢﻳﻨﻴﱠﺔ. ﺇﺫﻥ ﹸﻛﻞﱡ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺗﻨﺎ ﳍﺎ ﺑﻌ ٌﺪ ﺗﻌﺒﱡﺪﻱﱞ؛ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻳﻨﱠﻴ ﹰﺔ ﳏﻀﺔﹰ، ﺃﻭ ﺩﻧﻴﻮﱠﻳﺔﹰ؛ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻋﺒ ٌﺪ ﷲ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﺷﺆﻭﻧﻪ. ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ) ،(٥٠٩٠ﻭﻣﺴﻠﻢ ).(١٤٦٦
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣٣
-٢ﻣﺮﺍﻋﺎ ﹸﺓ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻭﺍﳌﺘﻮﻗﱠﻌﺔ ﰒ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺸـﺮﻭﻉ ﺑﻨﺎ ًﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ: ﻉ ﺿﺨﻤﹰﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﻌﺪﱠﺓ ﻟﻪ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭ ُ ﻼ: ﻉ ﳑﻜ َﻦ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﱠﺤﻘﻴﻖ؛ ﻓﻤـﺜ ﹰ ﺟﺪﺍ؛ ﺇﺫ ﻻﺑ ﱠﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭ ُ ﻱ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﻨﻈﺮ ﻛ ﱠﻢ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜﻨﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺇﻗﺎﻣ ﹶﺔ ﻋﻤﻞ ﲡﺎﺭ ﱟ ﺗﻮﻓﲑﻩ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﱢﺠﺎﺭﻱﱢ ،ﰒ ﺣﺪﱢﺩ ﺣﺠ َﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻨـﺎﺀ ﻋﻠـﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺎﻝ. ﺚ ﻋﻦ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻣـﺎ ﻫـﻲ ﺍﻟﺸﱠـﻬﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺒﺤ ﹶ ﺍﻟﺪﱢﺭﺍﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﻤﻠﻬﺎ ﻭﺍﳋﱪﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﻬﺑﺎ ،ﰒ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺫﻟﻚ ﺣﺪﱢﺩ ﻧﻮﻋﻴﱠﺔ ﻭﻣﺮﺗﺒ ﹶﺔ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻌﻰ ﳍﺎ. ﻆ ﻛ ﱠﻞ ﻳﻮﻡ ﺭﺑ َﻊ ﺣـﺰﺏ ﻣـﻦ ﻼ ﺃﻥ ﲢﻔ ﹶ ﻓﺮﺑﱠﻤﺎ ﲢﺪﱢﺩ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻣﺜ ﹰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻭﺃﻧﺖ ﻗﺪﺭﺗُﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻔﻆ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺳﻄﺮ ،ﺃﻭ ﲢﺪﱢﺩ ﺧﻄ ﹰﺔ ﻭﺑﺮﻧﺎﳎﹰﺎ ﻟﻌﻤﻞ ﻋﺸﺮ ﺭﺣﻼﺕ ،ﻭﺃﻧﺖ ﻻ ﲤﻠﻚ ﺍﳌﺎ ﹶﻝ ﺍﻟﻜـﺎﰲ ﺇﻻ ﻟﺮﺣﻠﺘﲔ ﻓﻘﻂ! ﻭﰲ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﳚﺐ ﺍﳊﺬ ُﺭ ﻣﻦ ﺇﻫﺪﺍﺭ ﺃﻭ ﲡﻤﻴﺪ ﺍﳌﻮﺍﺭﺩ ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻭﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﲟﺸﺎﺭﻳﻊ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﺟﺪﺍ ﻣﻊ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑـﺄﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ...ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻧﱠﻨﺎ ﻃﻠﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺭﺑﻊ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻘﻂ؛ ﻓﻜﻼ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ– ﺍﻟﱠﺘ َﻌﻠﱡﻖ ﲟﺸﺎﺭﻳﻊ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﲟﺸـﺎﺭﻳﻊ ﻀَﻴ َﻌ ﹲﺔ ﻟﻠﻮﻗﺖ ﻭﺇﻫﺪﺍ ٌﺭ ﻟﻠﻄﱠﺎﻗﺎﺕ. ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺔَ -ﻣ ْ ﻭﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﻼﺋﻢ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴـﺘﺨﺮﺝ ﺍﻟﻄﱠﺎﻗـ ﹶﺔ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣٤
ﺍﻟﻜﺎﻣﻨ ﹶﺔ ﻭﻳﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﳌﻮﺍﺭﺩ ﺍﳌﻬﻤﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺨﺺ ،ﻭﺗﻜﻮﻥ ﳑﻜﻨ ﹶﺔ ﺍﻟﺘﱠﻄﺒﻴﻖ ،ﻭﻛﻤﺎ ﻗـﺎﻝ » :ﺍﻛﻠﻔـﻮﺍ ﻣـﻦ ﺍﻷﻋﻤـﺎﻝ ﻣـﺎ ﺤﻤﱠﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻧـﻪ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟـﺪﱠﻭﺍﻡ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ«)(١؛ ﺃﻱ َﺗ َ ﻭﺍﻟﺜﱠﺒﺎﺕ؛ ﻻ ﺗﻔﻌﻠﻮﻧﻪ ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﻭﺗﺘﺮﻛﻮﻧﻪ ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ).(٢ ﻱ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﺃﻧﱠﻪ ﻗـﺎﻝ: ﻳُﺤﻜﹶﻰ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻴﻞ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﻫﻴﺪ ّ ﱄ ﺷﺨﺺ ﻳﺘﻌﻠﱠﻢ ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ ﻭﻫﻮ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻓﺄﻗﺎﻡ ﻣـ ﱠﺪ ﹰﺓ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺮ ﱠﺩ ُﺩ ﺇ ﱠ ﻭﱂ ﻳﻌﻠﻖ ﰲ ﺧﺎﻃﺮﻩ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻪ. ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ﻳﻮﻣﹰﺎ :ﹶﻗﻄﱢﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ: ـﺘﻄﻴﻊ ﻭﺟـﺎﻭﺯﻩ ﺇﱃ ﻣـﺎ ﺗﺴـ ﺇﺫﺍ ﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺷـﻴﺌﺎ ﻓﺪﻋـﻪ ﻓﺸﺮﻉ ﻣﻌﻲ ﰲ ﺗﻘﻄﻴﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ،ﰒ ﻬﻧﺾ ﻭﱂ ﻳﻌﺪ ﳚﻲﺀ ﺇﱄﹼ ،ﻓﻌﺠﺒﺖ ﻣﻦ ﻓﻄﻨﺘﻪ ﳌﺎ ﻗﺼﺪﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﻊ ﺑﻌﺪ ﻓﻬﻤﻪ).(٣ -٣ﺍﻋﺮﻑ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ: ﻓﺎﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻛﺜﲑﺓ؛ ﻓﺨﺬ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻚ؛ ﹶﻗ ْﺪ َﻋ ِﻠ َﻢ ﹸﻛ ﱡﻞ ﺸ َﺮَﺑﻬُ ْﻢ] ﺍﻟﺒﻘﺮﺓَ ،[٦٠ :ﻭِﻟﻜﹸﻞﱟ ﹺﻭ ْﺟﻬَـﺔﹲ ﻫُـ َﻮ ُﻣ َﻮﻟﱢﻴﻬَـﺎ ﺱ َﻣ ْ ﹸﺃﻧَﺎ ﹴ ﺺ ]ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ[١٤٨ :؛ ﻓﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻭﻳﻼﺋﻢ ﺍﻟﺸﱠـﺨ َ ﻣﻦ ﹶﺃ َﻫ ﱢﻢ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﱢﻨﻴﱠﺔ ﺍﻟﺼﱠﺎﳊﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑـﺎﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻃﻠﺐ ﺗﻮﻓﻴﻘﻪ. ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ).(١٠٠٦ ) (٢ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺴﻨﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ).(٦٨/٢ ) (٣ﻭﻓﻴﺎﺕ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ).(٢٤٨-٢٤٧/٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣٥
ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺸﱠﺨﺺ ﳌﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣـﻮﺭ ﺍﳌﻬﻤـﺔ؛ ﻓﻠـﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﱠﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺎﻫﺮﹰﺍ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﺷﻲﺀ؛ ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻢ ﻳﻮﺳﻒ -ﻋﻠﻴـﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ -ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﹶﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻓﻄﻠﺒﻬﺎ؛ ﻗﹶﺎ ﹶﻝ ﺍ ْﺟ َﻌ ﹾﻠﻨﹺﻲ َﻋﻠﹶﻰ ﱯ ﺽ ﹺﺇﻧﱢﻲ َﺣﻔِﻴﻆﹲ َﻋﻠِﻴﻢٌ] ﻳﻮﺳﻒ[٥٥ :؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﻨ ﱡ َﺧﺰَﺍِﺋ ﹺﻦ ﺍﹾﻟﹶﺄ ْﺭ ﹺ ﺃﺑﺎ ﺫﺭ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ. ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺻﺤﺎﺑﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻳﺘﻤﻴﱠﺰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﰲ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻣﺘﻌﺪﱢﺩﺓ؛ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ َﺗ َﻤﱠﻴ َﺰ ﺑﺎﳉﻬﺎﺩ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ َﻣ ْﻦ َﺗ َﻤﱠﻴ َﺰ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ َﺗ َﻤﱠﻴ َﺰ ﺑﺒﻌﺾ ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ َﻣ ْﻦ َﺗ َﻤﱠﻴ َﺰ ﺑﺎﻟﺒﺬﻝ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ. ﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﻣﻨﺎﺳـﺒﹰﺎ -٤ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭ ُ ﻟﻠﺰﱠﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﱠﺭﺗَﻪ ﻹﳒﺎﺯﻩ: ﻷ ﱠﻥ ﻣﻦ ﺃﺧﻄﺮ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﳉﻴﱢﺪﺓ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻮﻗـﺖ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﻹﳒﺎﺯﻫﺎ؛ ﻛﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﳛﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﱠـﻬﺎﺩﺓ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﱠـﺔ ﰲ ﺨﺮﱡﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﱠﺎﻧﻮﻳﺔ. ﺐ ﻣﺜﻼ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻌﺪ َﺗ َ ﲣﺼﱡﺺ ﺍﻟ ﱢﻄ ﱢ ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣَﻦ ﻳﺴﺮﻑ ﻭﻳﺒﺬﱢﺭ ﰲ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺳـﻌﺔ ﺟﺪﺍ ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺇﳒﺎﺯﻫﺎ ﰲ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ؛ ﻛﻤﻦ ﳝﻜﻨـﻪ ﺍﻟﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﻣﺜﻼ ﺧﻼﻝ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﳝﺎﻃﻞ ﻭﻳﺴﻮﱢﻑ ﻭﻳﺘﺄﺧﺮ؛ ﻓﻼ ﳛﻘﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺇﻻ ﰲ ﲦﺎﻥ ﺳﻨﻮﺍﺕ! ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﳝﻜﺚ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﰲ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ. ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺃﺷﺪ ﻣﻦ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻮﻗﺖ؛ ﻭﻫﻲ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺗﻌﻮﻳﻀﻬﺎ ،ﻭﻟﻠﺰﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺘﻀﺎﺀﻝ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟـﺪﱢﺭﻫﻢ
٣٦
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﺎﺭ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﱠﺍﺟﺤﺔ ﻭﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﱠﺎﻓﺬﺓ. -٥ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺪﻑ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘـﻪ ﻫﺪﻓﹰﺎ ﻣﺸﺮﻭﻋﹰﺎ: ﻓﺎﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻛـﺜﲑﺓ ،ﻭﻻ ﺗﻀـﻴﻖ ﺍﳊﻴـﺎﺓ ﺇﻻ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰﻳﻦ ،ﻭﱂ ﻳﻌﺪﻡ ﻳﻮﻧﺲ -ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ -ﻋﻤﻼ ﻭﻫـﻮ ﰲ ﺑﻄـﻦ ﺍﳊﻮﺕ؛ ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺒﱢﺤﲔ؛ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻣﺎ ﳚـﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﺪﱠﻯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﻭﺇﳒﺎﺯﻩ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ ﳚﻮﺯ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻪ ﺃﻭ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ؛ ﻓﺎﻟﺴﱠﻌ ُﻲ ﻟﻜﺴﺐ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﱠﺮﻭﺓ ﻟﻠﺘﱠﻤﺘﱡﻊ ﺑﻄﻴﱢﺒـﺎﺕ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﰲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟ ﱢﱪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﳑﻜﻦ ﻟﻜ ﱢﻞ ﻣَﻦ ﺑﺬﻝ ﺟﻬﺪَﻩ ﰲ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻟﻜﻦ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻛﺘﺠﺎﺭﺓ ،ﺃﻭ ﺯﺭﺍﻋﺔ، ﺃﻭ ﺻﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻐﺶ ،ﻭﺍﻟﺮﱢﺷﻮﺓ ،ﻭﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺮﱢﺑﺎ ،ﻭﺍﳌﺨﺪﱢﺭﺍﺕ؛ ﻟﻜﻦ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺜﱠﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﱡ َﺮﻳﱠﺎ! ﺍﻷﻭ ﹸﻝ َﺟ َﻤ َﻊ ﻣﺎﻟﹶﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻼﻝ؛ ﻓﻬﻮ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻭﳒﺎﺓ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﺇﻧﻔﺎﻗﹶﻪ ،ﻭﺍﻵﺧ ُﺮ َﺟ َﻤﻌَﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻓﻬﻮ ﺷﻘﺎ ٌﺀ ﻟﻪ ﺏ ﰲ ﺍﻵﺧﺮﺓ. ﰲ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﺎ ﻭﺟﺤﻴﻢ ﻭﻋﺬﺍ ٌ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺁﺧﺮ ..ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﺠﺢ ﰲ ﺍﻟﺪﱢﺭﺍﺳﺔ ﺑﺎﳉ ﱢﺪ ﻭﺍﻻﺟﺘـﻬﺎﺩ ﻭﺍﳌﺜﺎﺑﺮﺓ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﱠﻔﺲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﱠﺘ َﻮﻛﱡﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻭﺩﻋﺎﺋﻪ ﻭﺍﻟﻠﱡﺠﻮﺀ ﺶ ﻭﺍﻻﺣﺘﻴـﺎﻝ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﺠﺢ ﻭﻟﻜـﻦ ﺑـﺎﻟﻐ ﱢ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺯﻣﻼﺋﻪ. ﺾ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻨﱠﺎﻧﺎﹰ، ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﳌﺬﻣﻮﻣﺔ ﻣﺎ ﳜﻄﱢﻂ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﻌ ُ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣٧
ﺃﻭ ﳑﱢﺜﻼﹰ ،ﺃﻭ ﻣﻄﺮﺑﹰﺎ. ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ :ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﺎ ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺃﻧﺎﻝ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺃﻓﻀـﻞ ﻣﻮﺳﻴﻘﺎﺭ ،ﰒ ﺃﺭﺣﻞ ﻋﻨﻬﺎ!! ﻫﺬﺍ ُﺟﻞﱡ ﻫﺪﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺓ؛ ﻳﻌﻴﺶ ﻭﳝﻮﺕ ﻟﻴﺤ ﱢﻘ َﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﳍﺪﻑ ﻭﻳﻜﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ. ﻉ ﻣﻨﺪﳎﹰﺎ ﰲ ﺍﳍﺪﻑ ﺍﻷﲰﻰ ﻭﺍﻷﻛﱪ ﻭﺍﳌﻘﺼﻮ ُﺩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭ ُ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻴﺎ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ؛ ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺮﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ -ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﱃ. ﺼﺼَﻪ ﺍﻟﺪﱠﻗﻴ َﻖ ﻛـﺎﻥ ﰲ ﺨﱡ ﻕ ﻷ ﱠﻥ َﺗ َ ﺖ ﺯﻭﺟﺘُﻪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻄﱠﻼ َ ﺭﺟﻞ ﹶﻃﹶﻠَﺒ ْ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺼﱠﺮﺍﺻﲑ!! ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺼﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﰲ ﻛـ ﱢﻞ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻋﺎﺋﻠﻴﱠﺔ ﻳﻘﻮﻣﺎﻥ ﻬﺑﺎ؛ ﻓﻠﻢ َﺗ ُﻌ ْﺪ ﺗﻄﻴﻖ ﺫﻟﻚ. ﻉ ﳏﺪﱠﺩﹰﺍ ﻭﺍﺿﺤﹰﺎ: -٦ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭ ُ ﻻ ﻏﻤﻮﺽ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﻟﺒﺲ؛ ﻷ ﱠﻥ ﻋﺪ َﻡ ﲢﺪﻳـﺪ ﺍﳍـﺪﻑ ﺃﻭ ﻋـﺪ َﻡ ﻭﺿﻮﺣﻪ ﳚﻌﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎ ﹶﻥ ﻏ َﲑ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ،ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ. ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻐﺮﺑﱢﻴﲔ )ﺭﻳﺪﻳﺮ ﻛﻠﻴﻨﺞ(" :ﻋﻨﺪﻱ ﺳﺘﺔ ﻣﻦ ﺍﳋـﺪﱠﺍﻡ ﺍﻷﻭﻓﻴﺎﺀ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺧﺬﺕ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺃﲰﺎﺅﻫﻢ :ﻣﺎﺫﺍ؟ ﳌﺎﺫﺍ؟ ﻣﱴ؟ ﻛﻴﻒ؟ ﺃﻳﻦ؟ ﻣﻦ؟". ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ؟ ﳌﺎﺫﺍ ﺗﺮﻳﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ؟
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣٨
ﻣﱴ ﺳﻴﺒﺪﺃ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ؟ ﻭﻣﱴ ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ؟ ﻛﻴﻒ؟ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ. ﺃﻳﻦ ﻳُﻘﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ؟ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺘﺤﺘﺎﺟﻬﻢ ﻟﺘﺴﺘﻌﲔ ﲞﱪﺍﻬﺗﻢ؟ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ :ﻣﺎﺫﺍ؟ ﻭﳌﺎﺫﺍ؟ ﻭﻣﱴ؟ ﻭﻛﻴﻒ؟ ﻭﺃﻳﻦ؟ ﻭﻣﻦ؟ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﳌﻬﻤﱠﺔ ﺟﺪﺍ ﰲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱠﺘﻴﺠﺔ. ﻂ ﻛـﺜﲑﹰﺍ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﳚﺎ َﺩ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔ ّﻲ ﳛﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﳜ ﱢﻄ ﹶ ﻭﺑﺈﺗﻘﺎﻥ ،ﻭﻗﺪ ﲢﺘﺎﺝ ﺍﳌﺴﺄﻟ ﹸﺔ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺀﺓ ،ﻭﺳـﻌﺔ ﺍﻃـﻼﻉ ،ﻭﲝـﺚ، ﻭﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ؛ ﺣﺘﱠﻰ ﻳﺼ ﹶﻞ ﺇﱃ ﲢﺪﻳﺪ ﻭﺍﺿﺢ ﳌﺎ ﻳﺮﻳﺪ. ﻱ ﲣﺼﱡﺺ ﻼ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﺮﱠﺝ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﻣﻌﺔ ﻟﻜﻨﱠﻪ ﱂ ﳛﺪﱢﺩ ﺃ ّ ﻓﻤﺜ ﹰ ﻳﺮﻳﺪ ،ﻭﻻ ﰲ ﺃﻱ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻴﺪﺭﺱ ،ﻭﻻ ﻣﱴ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ؛ ﻟﻌﺪﻡ ﲢﺪﻳﺪﻩ ﺍﳍﺪﻑ. ﻭﻛﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﳚﺎ َﺩ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔ ّﻲ ﻭﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﻓﻘـﻂ، ﺴ ﹶﻔ َﺮ ﻓﻘﻂ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﳛﺪﱢﺩ ﻭﺟﻬﺘَﻪ ﺃﻭ ﻃﺒﻴﻌ ﹶﺔ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﺍﻟـﺬﻱ ﺃﻭ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟ ﱠ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﰲ ﺳﻔﺮﻩ. ﺐ ﺍﻟـﱵ ﺭﺑﱠﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ :ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ )ﺃﻗﺮﺃ( .ﻭﻟﻜﻨﱠﻚ ﻻ ﲢـﺪﱢﺩ ﺍﻟﻜﺘـ َ ﺳﺘﻘﺮﺅﻫﺎ ،ﺃﻭ ﺗﻘﻮﻝ :ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﻞ ﺃﻧﺸﻄ ﹰﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ﹰﺔ ﺃﻭ ﺧﲑﱠﻳﺔﹰ ،ﻭﱂ ﲢﺪﱢﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﺸﻄ ﹶﺔ ﻫﻞ ﻫﻲ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡ ،ﺃﻡ ﲢﻔـﻴﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺃﻡ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﻹﻏﺎﺛﻴﱠﺔ ،ﺃﻡ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٣٩
ﻻﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﻭﺿﻮﺡ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ،ﻭﲢﺪﻳﺪﻩ ﺑﺪﻗﱠﺔ؛ ﺣﱴ ﻻ ﳜﺘﻠﻂ ﺑﻐﲑﻩ ﻭﻳﺘﻌﺬﱠﺭ ﲢﻘﻴﻘﹸﻪ ﻭﺍﻟﺴﱠﻌ ُﻲ ﻟﻪ ،ﻭﻣﻦ ﻭﺿﻮﺡ ﺍﳍﺪﻑ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﱠﻴ ﹶﻞ ﺃﻛ َﱪ ﻗﺪﺭ ﺠ ٌﺰ ﻣﺘﺤ ﱢﻘ ٌﻖ ﺣﺎﺻ ﹲﻞ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻚ. ﳑﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﻛﺄﻧﱠﻪ ُﻣْﻨ َ -٧ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﳏﺘﺎﺟـﹰﺎ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺃﻭﱃ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ: ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎ ﹸﻥ ﻳﺴﻌﻰ ﻷﻫﺪﺍﻑ ﺗﺘﻮﻓﱠﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺸﱡـﺮﻭﻁ ﺍﻟﺴﱠﺎﺑﻘﺔ؛ ﻟﻜﻨﱠﻪ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻬﺎ؛ ﺑﻞ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻛﺜـﺮ ﺇﳊﺎﺣﺎﹰ؛ ﻛﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺒﲏ ﻟﻪ ﺍﺳﺘﺮﺍﺣﺔ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻳﺎ َﻡ ﺃﺟﺎﺯﺗﻪ ،ﻭﻫﻮ ﱂ َﻳﺒْﻦ ﻣﻨـﺰ ﹰﻻ ﺳﻜﻨﻴﺎ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻴﻪ ﻃﻮﺍ ﹶﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﲦﺮﺓ :ﻛﺠﻤـﻊ ﺍﻟﻄﱠﻮﺍﺑـﻊ ﻼ. ﻭﺍﻟﻌﻤﻼﺕ ﻣﺜ ﹰ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻣﺒﺎﺣﺔ :ﻛﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘـﺪﻡ ..ﻭﻗـﺮﺍﺀﺓ ﺍﺠﻤﻟﻠﱠـﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﱠﻭﺭﻳﱠﺎﺕ ..ﻭﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ..ﻭﺍﻟﺮﺣﻼﺕ ..ﻭﺍﻟﺮﱠﺳﻢ ﺍﳌﺒﺎﺡ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻣﺴﺘﺤﺒﱠﺔ :ﻛﺘﻌﻠﱡﻢ ﺍﻟﺴﱢﺒﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﺮﱠﻣـﻲ ﻭﻏـﲑ ﺫﻟﻚ. ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﻛﺎﻟﺰﱠﻭﺍﺝ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻼﺑﺪ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺃﻭﻟﻮﻳﱠﺎﺗـﻪ ،ﻭﺍﻻﺧـﺘﻼﻝ ﰲ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﱠﺎﺕ ﳚﻌﻠﻪ ﻳﻘﺪﱢﻡ ﻣﺎ ﺣﻘﱡﻪ ﺍﻟﺘﱠﺄﺧﲑ ،ﻭﻳﺆﺧﱢ ُﺮ ﻣﺎ ﺣﻘﱡﻪ ﺍﻟﺘﱠﻘﺪﱘ. ﻭﺭﲟﺎ ﲤﺎﺩﻯ ﺍﳊﺎﻝ ﲟﻦ ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺘﻪ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﺗﻮﺍﻓﻪ
٤٠
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺻﻐﺎﺭﻫﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺃﺛـﺮﹰﺍ ﺑﻞ ﺁﺛﺎﺭﹰﺍ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻧﻔﻌُﻬﺎ ﻭﻳﻨﺎﻝ ﻏﲑﻩ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ. ﻓﻼ ﺗﻘﻨﻊ ﲟـﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺠـﻮﻡ ﺕ ﰲ ﺃﻣـﺮ ﻣـﺮﻭﻡ ﺇﺫﺍ ﻏﺎﻣﺮ َ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎ ﹸﻥ ﻻُﺑﺪﱠ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻪ ﻭﺍﻟﺴﱠﻌﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬـﺎ ﺐ ﻃﻤﻮﺡ ﻭﻧﻔﺲ َﺗﻮﱠﺍﻗﺔ ﳌﻌﺎﱄ ﺍﻷﻣﻮﺭ؛ ﻓﺎﳊﻴﺎ ﹸﺓ ﳏﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﺹ ﺻﺎﺣ َ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﻜﺮﺭ ،ﻭﻣﻦ ﻗﻀﻰ ﺃﻭﻗﺎﺗﻪ ﻭﻣﻀﺖ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ﺑﺘﻮﺍﻓـﻪ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺻﻐﺎﺭﻫﺎ ﻋﺎﺵ ﰲ ﻗﺎﻋﻬﺎ ،ﻭﱂ ﻳﺘﺴ ﱠﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﱡﻗـ ّﻲ ﺇﱃ ﺫﺭﺍﻫـﺎ ﻭﻗﻤﻤﻬﺎ. ﻼ ..ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﻤﺘﱠﻊ ﺑﺬﻛﺎﺀ ﻋﺎﻝ ﺟﺪﺍ ،ﻭﻳﺘﺨﺮﱠﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳـﺔ ﻓﻤﺜ ﹰ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﳑﺘﺎﺯ ،ﻭﻟﺪﻳﻪ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺣﱴ ﳛﺼـﻞ ﻋﻠـﻰ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﱡﻛﺘﻮﺭﺍﻩ؛ ﻟﻜﻨﱠﻪ ﻳﺮﺿﻰ ﲟﺎ ﲢﻘﻖ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺐ ﺃﻥ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﳏﺪﻭﺩﺓ؛ ﻓﻬﻮ ﻬﺑﺬﺍ ﻗﺪ ﻗﺘﻞ ﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﻭ َﻭﹶﺃ َﺩ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ،ﻭﺍﻟﺴﺒ ُ ﺃﻫﺪﺍﻓﹶﻪ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌ ﹲﺔ ﻭﻃﻤﻮﺣﻪ ﳏﺪﻭ ٌﺩ. -٨ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ :ﺃﻥ ﻳﻜﺘﻢ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻋﻤﱠﻦ ﻻ ﺣﺎﺟ ﹶﺔ ﺇﱃ ﻋﻠﻤﻪ ﻬﺑﺎ: ﻭﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﺍﻷﺛﺮ» :ﺍﺳﺘﻌﻴﻨﻮﺍ ﻋﻠـﻰ ﻗﻀـﺎﺀ ﺣـﻮﺍﺋﺠﻜﻢ ﺠ َﺰ ﻋﻦ ﺣﻔﻆ ﺳﺮﱢﻩ ﻓﻼ ﻳﻠﻮﻡ ﻏﲑﻩ ﺇﺫﺍ ﺃﻓﺸﺎﻩ، ﺑﺎﻟﻜﺘﻤﺎﻥ«) ،(١ﻭﻣﻦ َﻋ َ ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺿﺎﻋﺖ ﻭﻓﺸﻞ ﰲ ﲢﻘﻴﻘﻬﺎ ﺃﻭ ﺳﺮﻗﺖ ﺑﺴـﺒﺐ ﺇﻓﺸﺎﺀ ﺃﺳﺮﺍﺭﻫﺎ. ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻄﱪﺍﱐ ﰲ ﺍﳌﻌﺠﻢ ﺍﻟﺼﻐﲑ ).(١١٨٦
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٤١
-٩ﺍﳌﺒـﺎﺩﺭﺓ: ﺖ ﻓﺜﺎﺑﺮ ،ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻧﱠﻪ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﳌﹶﻔﺎﺧ َﺮ ﺖ ﻓﺒﺎﺩﺭ ،ﻭﺇﻥ ﻋﺰﻣ َ ﺇﻥ ﳘﻤ َ ﻒ ﺍﻵﺧﺮ؛ ﻓﻠﻴﺒﺎﺩﺭ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﲟﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﳛـﺎﻝ ﺼ ﱢ ﻣَﻦ ﺭﺿﻲ ﺑﺎﻟ ﱠ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻲ: ﻓﺈﻥ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺃﻥ ﺗﺘـﺮﺩﺩﺍ ـﻦ ﺫﺍ ـﺖ ﺫﺍ ﺭﺃﻱ ﻓﻜـ ﺇﺫﺍ ﻛﻨـ ﻓﺈﻥ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻌـﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﻴـﺪﺍ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺫﺍ ﻋـﺰﻡ ﻓﺄﻧﻔـﺬﻩ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ :ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ » :ﺑﺎﺩﺭﻭﺍ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ ﺳﺒﻌﺎ ﻫﻞ ﺗﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﺇﻻ :ﻓﻘﺮﺍ ﻣﻨﺴﻴﺎ ،ﺃﻭ ﻏﲎ ﻣﻄﻐﻴـﺎ ،ﺃﻭ ﻣﺮﺿﺎ ﻣﻔﺴﺪﺍ ،ﺃﻭ ﻫﺮﻣﺎ ﻣﻔﻨﺪﺍ ،ﺃﻭ ﻣﻮﺗﺎ ﳎﻬﺰﺍ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺪﺟﺎﻝ ﻓﺸـﺮ ﻏﺎﺋﺐ ﻳﻨﺘﻈﺮ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ؟ ﻓﺎﻟﺴﺎﻋﺔ ﺃﺩﻫﻰ ﻭﺃﻣﺮ«).(١ ﻭﻋﺪﻟﻚ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻭﺻﺮﻓﻚ ﻗﻴﻢ ﻓﺒﺎﺩﺭ ﺇﺫﺍ ﻣـﺎ ﺩﺍﻡ ﰲ ﺍﻟﻌﻤـﺮ ﻓﻔﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻹﻣﻜـﺎﻥ ﺗﺴـﻌﻰ ﻭﺟﺪ ﻭﺳﺎﺭﻉ ﻭﺍﻏﺘﻨﻢ ﺯﻣـ َﻦ ﺐ ﻟﻌﺮﺿﻬﺎ. ﺖ ﺍﳌﻨﺎﺳ ُ ﺑﺎﺩﺭ؛ ﺇﺫ ﺭﺑﱠﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻮﻗ ُ -١٠ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻭﺿ ُﻊ ﺧﻄﱠﺔ ﻋﻤﻠﻴﱠﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ :ﻓﺎﳌﺸﺮﻭﻉ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻈﻴﻤﹰﺎ ﻭﳑﻜﻨﹰﺎ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﹰﺎ ﻭﳏﺪﱠﺩﹰﺍ ﻣـﺎ ﱂ ﻳﺒﻴﱠﻦ ﺳﺒﻴ ﹸﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭﹰﺍ ﻭﺁﻣﺎ ﹰﻻ ﻓﻘﻂ؛ ﺃﻣﱠـﺎ ﲢﻘﱡﻘﹸـﻪ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻄﱠﺔ ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻔﺘﺮﻕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﳉﺎﺩﱢﻳﻦ ﻭﺍﳍﺎﺯﻟﲔ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ. ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ) (٢٣٠٦ﻭﺣﺴﻨﻪ.
٤٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﺍﳍﺪﻑ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﳉ ّﺪ ﻭﺍﻟﻌﺰﺍﺋﻢ ﲟﺠﺮﱠﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﱠﺩ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﺍﻟـﺘﱠﻔﻜﲑ ﻭﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﻟﻜﻴﻔﻴﱠﺔ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ،ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻄﱠﺮﻳﻖ ﺃﻭ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﻗﱠﻊ ﺣﺼـﻮﻟﹸﻬﺎ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﲡﺎﻭ ُﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ﻭﺍﻟﱠﺘ َﻐﻠﱡﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ ﺃﻣﱠﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﱠﺴﻮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﻤﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﳋﻴﺎﻟﻴﱠﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ؛ ﻭﻟﺬﺍ ﺗﺮﺍﻫﻢ ﻻ ﳜﻄﻮﻥ ﺧﻄﻮ ﹰﺓ ﻭﺍﺣﺪ ﹰﺓ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﲢﻘﻴﻘﻬﺎ؛ ﻓﻤَﻦ ﻳﻀﻊ ﻟﻪ ﻣﺸﺮﻭﻋﹰﺎ ﻣﺜﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻨـﺰﻝ ﺧﻼﻝ ﺳﻨﺘﲔ ،ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺧﻄﱠـﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﳍﺪﻑ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﲑ ﺍﳌﺒﺎﻟﻎ ﺍﳌﺎﻟﻴﱠﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻟﺘﱠﺼﺎﻣﻴﻢ ﺍﳍﻨﺪﺳﻴﱠﺔ ﺍﻟﻠﱠﺎﺯﻣﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻗـﺪ ﻣـﻊ ﺍﳌﻘﺎﻭﻝ ،ﻭﺷﺮﺍﺀ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ،ﻭﲢﺪﻳﺪ ﲨﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﺑﺎﻟ ﱢﺪﻗﱠـﺔ ﻭﺍﻟﺘﱠﻔﺼﻴﻞ. ﻭﻫﺬﺍ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻤﱠﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺒﲏ ﻣﻨـﺰ ﹰﻻ ﺳـﻜﻨﻴﺎ ﻓﻘـﻂ ،ﰒ ﻻ ﻳﻔﻜﱢﺮ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ. ﻼ ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﲢﺪﻳـﺪ ﻭﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺜ ﹰ ﱄ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﺩﺭﻩ ،ﰒ ﻭﺿﻊ ﳐﻄﱠـﻂ ﻟـﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ،ﰒ ﺍﻻﻃﱢﻼﻉ ﺍ َﻷ ﱠﻭ ﹼ ﳛﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺑﻪ ﻭﻓﺼﻮﻟﻪ ﻣﺒﺎﺣﺜﻪ ﻭﻣﺴﺎﺋﻠﻪ ﻭﺃﻣﺜﻠﺘﻪ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﱠﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺘﱢﺠﺎﺭﻳﺔ ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻭﻯ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﳍـﺎ؛ ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﲨﻊ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻋﻦ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻣﻘﺘﺮﺡ ،ﻭﻣﻦ ﱠﰒ ﲢﻠﻴﻠﻬﺎ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ ﻭﺗﻘﻠﻴﻞ ﺍﳌﺨﺎﻃﺮ ﻭﺭﲝﻴﺔ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ. ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﳚﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪﻯ ﳒﺎﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸـﺮﻭﻉ ﺃﻭ ﺧﺴـﺎﺭﺗﻪ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٤٣
ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ ﺍﶈﻠﻲ ﻭﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﳚﺐ ﻋﻤﻞ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻟﻠﺴﻮﻕ ﺍﶈﻠﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ ﻭﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﻪ. ﻓﻜﻞﱡ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﱡﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺪﱢﻳﻦ ﳛﺘﺎﺝ ﻟﻴﺘ ﱠﻢ ﺗﻨﻔﻴـﺬﻩ ﺇﱃ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﲣﻄﻴﻂ ﻭﲢﺪﻳﺪ ﻟﻸﻫﺪﺍﻑ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،ﰒ ﻳﺘﺒﻊ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﻟﻠﻤﻬﻤﱠﺎﺕ ﻭﺍﻷﻭﻟﻮﻳﱠﺎﺕ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ،ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻣـﻦ ﺷـﺄﻬﻧﺎ ﲢﻮﻳ ﹸﻞ ﺍﳋﻄﻂ ﻭﺍﻟﺪﱢﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﱠﻨﻈﹶﺮﻳﱠﺔ ﺇﱃ ﻭﺍﻗﻊ ﻭﻋﻤﻞ. ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻠﻮ ﻭﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻏﺮﻗﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺘﱠﻨﻈﲑ ﻭﺍﻟﺘﱠﺨﻄﻴﻂ ﺣﱴ ﲤ ﱠﺮ ﺍﻷﻳﱠﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﱡﻬﻮﺭ ﺑﻞ ﻭﺍﻟﺴﱠﻨﻮﺍﺕ ﻭﻫﻢ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﰲ ﲣﻄﻴﻄﻬﻢ ﻭﺩﺭﺍﺳﺎﻬﺗﻢ. ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻭﺍﻹﺿﺎﻋﺔ :ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﳘﻠﻮﺍ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓـﺄﳘﻠﻮﺍ ﻂ ﻭﺍﻟﺪﱢﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﺘﺄﻧﱢﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺒﻖ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﻭﺍﻟﺘﱠﻨﻔﻴـﺬ ،ﻓﻘﺎﻣـﺖ ﺍﻟﺘﱠﺨﻄﻴ ﹶ ﺨﺒﱡﻂ. ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﻬﺗﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺍﻟﱠﺘ َ -١١ﺍﳌﺮﻭﻧﺔ: ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﻧﺎﹰ؛ ﺃﻱ :ﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩ ﺩﻧﻴﺎ ،ﻭﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩ ﻂ ﺃﺣﺪُﻧﺎ ﻷﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺳﺎﻋﺘﲔ ﺇﱃ ﻋُﻠﻴﺎ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺄﻥ ﳜ ﱢﻄ ﹶ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎﺕ ،ﺃﻭ ﻳﺰﻭﺭ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺇﱃ ﲬﺴﺔ ﻭﻫﻜﺬﺍ. ﳋﻄﱠﺔ ،ﻭﺗﻮﻓﲑ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ،ﻭﲢﺪﻳﺪ ﺯﻣـﻦ -١٢ﺑﻌﺪ ﺇﳒﺎﺯ ﺍ ﹸ ﺍﻟﺘﱠﻨﻔﻴﺬ ،ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﳋﻄﱠﺔ ﻣﻦ ﺃﺟـﻞ ﺍﻟﻮﺻـﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳍﺪﻑ:
٤٤
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﺳﻴﻮﺍﺟﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﺛﻨﺎ َﺀ ﺗﻘﺪﱡﻣﻪ ﳓﻮ ﻫﺪﻓﻪ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺍﻟـﱵ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻨﻪ ﺗﻌﺪﻳ ﹶﻞ ﺧﻄﻄﻪ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﺍﳌﺮﺣﻠﻴﱠـﺔ ﺍﻟـﱵ ﺗﻮﺻﻠﻪ ﻟﻠﻬﺪﻑ ﺍﻟﺮﱠﺋﻴﺴ ّﻲ. -١٣ﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ :ﻛﻦ ﺻﻠﺒﹰﺎ ﻭﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺴﱠﲑ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺼﱢﻌﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱠﺠﺎﺡ، ﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﺪﻣ ﹰﺔ ﻛﺒﲑﺓ. ﺖ ﺗﻠﻘﱠﻴ َ ﺣﱴ ﻭﺇﻥ ﻛﻨ َ ﺐ ﻻ ﻬﺗﻦ ﱀ ﻋﻠﻴﻚ ﺧﻄ ٌ ﻭﺇﺫﺍ ﺃ ﱠ ـﺎﺡ ـﻰ ﺍﻹﳊـ ـﺮﺏ ﻋﻠـ ﻭﺍﺿـ ﺠﺎﺝ ﺃﻧﱠﻪ ﻗﺎﻝ :ﺑﻌﺖ ﻃﺴﺖ ﺃﻣﻲ ﺑﺴـﺒﻌﺔ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﺑﻦ ﺍﳊ ﱠ ﺩﻧﺎﻧﲑ)(١؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ. ﻭﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﻣﻌﲔ ﻭﺍﻟﺪ ﳛﲕ ﺑﻦ ﻣﻌﲔ ﺍﶈﺪﱢﺙ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺧﻠﱠﻒ ﻻﺑﻨﻪ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﺩﺭﻫﻢ )ﺃﻱ ﻣﻠﻴﻮﻥ( ﻓﺄﻧﻔﻘﻪ ﻛﻠﱠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﺣﱴ ﱂ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﻧﻌﻞ ﻳﻠﺒﺴﻪ).(٢ ﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺃﻧﱠﻪ ﻗﺎﻝ: ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﱠﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﻜﻨﺪ ّ ﺖ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﺃﻟﻔﺎﹰ ،ﻭﺃﻧﻔﻘﺖ ﰲ ﻧﺸﺮﻩ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﺃﻟﻔﺎ).(٣ ﺃﻧﻔﻘ ُ ﻒ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻴﻚ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ،ﻭﻻ ﲤﻨﻌﻚ ﺿﻌ ُ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﺃﻭ ﺍﳌﻮﺍﺻﻠﺔ: ﻓﺎﻟﻌﻤﺮ ﳝﻀﻲ ﻭﺍﻟﺴﱡﻨﻮﻥ ﺛـﻮﺍﻥ ﻭﺍﺻﻞ ﻣﺴـﲑﺗَﻚ ﻻ ﺗﻘـﻒ ) (١ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(٢٢٠/٧ ) (٢ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(٧٧/١١ ) (٣ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ).(٦٣٠/١٠
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٤٥
-١٤ﻹﲤﺎﻡ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻓﺮﺣﺔﹲ ﺧﺎﺻﱠﺔﹲ: ﱐ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﺍﺑﺘﺪﺃ ﰲ ﺗـﺄﻟﻴﻒ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﳊﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻌﺴﻘﻼ ﹼ ﻛﺘﺎﺏ ﻳﺸﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱّ ،ﻭﺍﺑﺘﺪﺃ ﰲ ﺍﻟﺸﱠﺮﺡ ﺳﻨﺔ ٧١٨ﻫـ ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﻣﻨﻪ ٨٤٢ﻫـ. ﺏ "ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ" ﻋﻤﻞ ﻭﻟﻴﻤ ﹰﺔ ﻋﻈﻴﻤ ﹰﺔ ﻳـﻮﻡ ﺧَـﺘْﻢ ﻭﳌﺎ ﺃ ﱠﰎ ﺍﻟﻜﺘﺎ َ ﺍﻟﺸﱠﺮﺡ. ﻗﺎﻝ ﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﻟﺴﱠﺨﺎﻭ ّ ﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ) :ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﻣﺸﻬﻮﺩﹰﺍ ﱂ ﻳﻌﻬﺪ ﺃﻫ ﹸﻞ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻣﺜﻠﻪ ،ﲟﺤﻀﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻀﻼﺀ.. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﱡﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﻛﺜﺮﻭﺍ ،ﻭﻓﺮﻕ ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﺍﻟـ ﱠﺬ َﻫﺐَ ،ﻭﻛـﺎﻥ ﺍﳌﺼﺮﻭﻑ ﰲ ﺍﻟﻮﻟﻴﻤﺔ ﳓﻮ ﲬﺴﻤﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭﹰﺍ( ).(١
) (١ﺍﻧﻈﺮ :ﺍﳉﻮﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﺪﺭﺭ ﰲ ﺗﺮﲨﺔ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ).(٧٠٢/٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٤٦
ﺏ ﻓﺸﻞ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺃﺳﺒﺎ ُ ﻟﻜﻲ ﳓﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻓﻼﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﱠﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ: -١ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ: ﻓﺄﺧﻄﺮ ﻣﺎ ﻳﻬﺪﱢﺩ ﳒﺎﺡ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺳـﺮﻋﺔ ﺍﻟﻴـﺄﺱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺴـﻼﻡ ﻟﻠﻌﻘﺒﺎﺕ. ﺇﻥ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ ،ﻭﺍﳌﺆﻣﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﻻ ﻳﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺴﺮ ﺃﻣﺎﻡ ﲡﺎﺭﺏ ﺍﻟﻔﺸﻞ؛ ﺑﻞ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨـﻬﺎ ﻋـﺪﱠﺓ ﻭﺫﺧﲑﺓ ﳌﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﳌﺴﲑ ﳓﻮ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﲞﱪﺓ ﺃﻋﻤﻖ ،ﻭﺑﺼﲑﺓ ﺃﻋﻈﻢ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ "ﺳﻴﻨﺠﺮ" ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺮﻩ ﻻﺧﺘﺮﺍﻉ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ ﺍﳋﻴﺎﻃﺔ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻳﻔﻜﺮ ﰲ ﻗﻄﻌﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻜﻴﻨﺔ. ﻓﺈﻳﱠﺎﻙ ﺃﻳﱡﻬﺎ ﺍﻟﺸﱠﺎﺏ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﻠﱠﻰ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﻞ ،ﻭﺃﻥ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﺸﱡﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﳍﺰﳝﺔ. ﱯ ﻳﺮﺷﺪ ﺇﱃ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻨﱠﺸﺎﻁ ﻓﻴﻪ ﻭﻧﺒـﺬ ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﱠﻨ ّ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﺘﱠﻮﺍﻛﻞ ﺣﱴ ﺁﺧﺮ ﳊﻈﺔ» :ﺇﻥ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻭﺑﻴﺪ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﺴﻴﻠﺔ -ﺍﻟﻨﱠﺨﻠﺔ ﺍﻟﺼﱠﻐﲑﺓ -ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺣﱴ ﻳﻐﺮﺳـﻬﺎ ﻓﻠﻴﻔﻌﻞ«) .(١ﻭﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﻋﻦ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺑﻦ ﺧﺰﳝﺔ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﻗـﺎﻝ: ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ) ،(١٢٥٦٩ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﱐ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٤٧
ﺖ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﻷﰊ :ﻣـﺎ ﳝﻨﻌـﻚ ﺃﻥ ﲰﻌ ُ ﺗﻐﺮﺱ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﰊ :ﺃﻧﺎ ﺷﻴﺦ ﻛﺒﲑ ﺃﻣﻮﺕ ﻏﺪﹰﺍ. ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﻤﺮ :ﺃﻋﺰﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﻟﺘﻐﺮﺳﻬﺎ؟ ﻓﻠﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻳﻐﺮﺳﻬﺎ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﻊ ﺃﰊ).(١ ﺸﺘﱡﺖ: -٢ﺍﻟﺘﱠ َ ﺇ ﱠﻥ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﱠﺔ ﻭﺿﻴﺎﻉ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻪ ﺖ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺃﻭ ﺿﻌﻒ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﱠﺔ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻫﻮ ﺗﺸﺘﱡ ُ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺭﺑﱠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣ ُﺪ ﻣﻨـﻬﺎ ﳛﺘـﺎﺝ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﺎﺗﻒ ﺍﻟﻜﺜﲑﻭﻥ ﰲ ﺟﻬﻮﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﳒﺎﺯﻩ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟﻮ ﻱﰲ ﺾ ﺑﻪ ﲟﻔﺮﺩﻩ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻮ ﺷـﺌﺖ ﺟﻬـﺪﻩ ﺍﻟﻔـﺮﺩ ّ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻨﻬ َ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ. ﺣﲑﺍﻥ ﻻ ﻇﻔ ٌﺮ ﻭﻻ ﺇﺧﻔـﺎﻕ ﻭﻣﺸﺘﱠﺖ ﺍﻟﻌﺰﻣـﺎﺕ ﻳﻘﻀـﻲ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﲤﻨﻊ ﺇﲤﺎ َﻡ ﺍﳌﺸـﺮﻭﻋﺎﺕ :ﺍﻟﺒـﺪﺀ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻛﺒﲑ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﺷﺎﻛﺮ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ؛ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻞ ﰲ ﺃﻛﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻋﻤﻞ ﺿﺨﻢ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ: ﻓﺸﺮﻉ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺴﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ،ﰒ ﺷﺮﻉ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺳـﻨﻦ ) (١ﻛﻨـﺰ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ).(٩١٣٦
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٤٨
ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ،ﰒ ﺷﺮﻉ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ،ﰒ ﺷﺮﻉ ﰲ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ ،ﰒ ﺷﺮﻉ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﶈﻠﻰ ﻻﺑـﻦ ﺣـﺰﻡ... ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﺪﻡ ﺇﲤﺎﻣﻪ ﺃﻳﺎ ﻣﻨﻬﺎ. -٣ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ: ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻣﻄﻠﺐ ﻋﻈﻴﻢ ﺣﺎﻝ ﺩﻭﻧﻪ ﻛﺴ ﹸﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﻋﺠﺰُﻩ؛ ﻭﳍﺬﺍ ﱯ ﻳﺘﻌﻮﱠﺫ ﺑﺎﷲ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺩﻋﺎﺋﻪ» :ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﱐ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﱠﻨ ﱡ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ«).(١ ﱯ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺪﱠﺍﺀ ﺍﻟﻌﻀﺎﻝ ،ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺇﱃ ﺃﻧﱠﻪ ﻭﺣﺬﱠﺭ ﺍﻟﱠﻨ ﱡ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻀﱠﻌﻒ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻋﻤﻞ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺩﻩ؛ ﻓﻘﺎﻝ: »ﺍﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻚ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﻦ ﺑﺎﷲ ،ﻭﻻ ﺗﻌﺠﺰ ،ﻭﺇﻥ ﺃﺻـﺎﺑﻚ ﺷﻲﺀ ﻓﻼ ﺗﻘﻞ :ﻟﻮ ﺃﱐ ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻗﻞ :ﻗﺪﺭ ﺍﷲ، ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﻓﻌﻞ .ﻓﺈﻥ "ﻟﻮ" ﺗﻔﺘﺢ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ«).(٢ ﺍﻟﺬﻝ ﰲ ﺩﻋﺔ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﻋ ﱠﺰ ﺍﳌﻌﻴﺸﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳُﺸﻘﻰ ﳍـﺎ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﱠﺍﻏﺐ ﺍﻷﺻﻔﻬﺎﱐﱡ :ﻣﻦ ﺗﻌﻄﻞ ﻭﺗﺒﻄـﻞ ﺍﻧﺴـﻠﺦ ﻣـﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ -ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﻴﺔ -ﻭﺻﺎﺭ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﳌﻮﺗﻰ).(٣ ﻭﻗﻴﻞ :ﺇﻳﱠﺎﻙ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ ﻭﺍﻟﻀﱠﺠﺮ؛ ﻓﺈﻧﱠﻚ ﺇﻥ ﻛﺴﻠﺖ ﱂ ﺗﺆ ﱢﺩ ﺣﻘًّﺎ، ﻭﺇﻥ ﺿﺠﺮﺕ ﱂ ﺗﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊ ﱢﻖ. ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ) ،(٢٨٢٣ﻭﻣﺴﻠﻢ ).(٢٧٠٦ ) (٢ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ).(٢٦٦٤ ) (٣ﻓﻴﺾ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ).(٢٩٣/٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٤٩
ﺇ ﱠﻥ ﺍﻟﺘﱠﻮﺍﱐ ﺃﻧﻜﺢ ﺍﻟﻌﺠـﺰ ﺑﻨﺘـﻪ ﻭﺳﺎﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺣﲔ ﺃﻧﻜﺤﻬﺎ ﻣﻬﺮﺍ ﻓﺮﺍﺷﺎ ﻭﻃﻴﺌﺎ ﰒ ﻗﺎﻝ ﳍﺎ :ﺍﺗﻜـﻲ ﻓﻐﺎﻳﺘﻜﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺗﻠﺪﺍ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍ ﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ:
ﺩﺑﺒﺖ ﻟﻠﻤﺠﺪ ﻭﺍﻟﺴﺎﻋﻮﻥ ﻗﺪ ﺑﻠﻐـﻮﺍ
ﺟﻬﺪ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺃﻟﻘﻮﺍ ﺩﻭﻧـﻪ ﺍﻷﺯﺭﺍ
ﻓﻜﺎﺑﺪﻭﺍ ﺍﺠﻤﻟﺪ ﺣﱴ ﻣـﻞ ﺃﻛﺜـﺮﻫﻢ
ﻭﻋﺎﻧﻖ ﺍﺠﻤﻟﺪ ﻣﻦ ﺃﻭﰱ ﻭﻣﻦ ﺻـﱪﺍ
ﻻ ﲢﺴﺐ ﺍﺠﻤﻟﺪ ﲤﺮﺍ ﺃﻧـﺖ ﺁﻛﻠـﻪ
ﻟﻦ ﺗﺒﻠﻎ ﺍﺠﻤﻟﺪ ﺣﱴ ﺗﻠﻌـﻖ ﺍﻟﺼـﱪﺍ
ﻭﺍﳌﻌﲎ :ﺃ ﱠﻥ ﻏﲑَﻙ ﺳﻌﻰ ﺇﱃ ﺍﺠﻤﻟﺪ ﻬﺑﻤﱠﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﺃﻧـﺖ ﳋﻤﻮﻟـﻚ ﺐ ﺍﻟﺸﱠﻴﺦ ﺍﳍﺮﻡ؛ ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻨﺎﻝ ﺍﺠﻤﻟﺪَ؟! ﺏ ﺩﺑﻴ َ ﻼ ﻭﺗﺪ ﱡ ﺗﺴﻌﻰ ﻣﺘﻜﺎﺳ ﹰ -٤ﺍﻟﺘﱠﺄﺟﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﱠﺴﻮﻳﻒ: ﺍﻟﺘﺄﺟﻴﻞ ﻫﻮ ﺗﺄﺧﲑ ﺍﳌﻬﺎ ّﻡ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﺇﱃ ﻣﻮﺍﻋﻴﺪ ﺃﺧـﺮﻯ ،ﻭﺭﲟـﺎ ﻧﺴﻴﺎﻬﻧﺎ ﺇﱃ ﺍﻷﺑﺪ. ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻒ :ﺃﻧﺬﺭﺗﻜﻢ "ﺳﻮﻑ"؛ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺪ ﺇﺑﻠﻴﺲ. ﻭﻻ ﺃﺩﺧﺮ ﺷﻐﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻦ ﻛﺴﻞ ﺇﱃ ﻏﺪ ﺇﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰﻳﻦ ﻏـﺪ ﺇﺫﺍ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﳍﺪﻑ ﻓﻼ ﺗﺆﺟﱢﻞ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ،ﻭﺍﺑﺪﺃ ﻓﻮﺭﺍ ،ﻭﻟﻦ ﺗﺼﻞ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻃﺎﳌﺎ ﺃﻧﱠﻚ ﺗﺴﺘﻤ ﱡﺮ ﰲ ﺍﻟﺘﱠﺄﺟﻴﻞ. ﺱ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﳌﻔـﺎﻟﻴﺲ ﻭﺍﺗﺮﻙ ﻣﲎ ﺍﻟﻨﱠﻔﺲ ﻻ ﲢﺴﺒﻪ ﻳﺸﺒﻌﻬﺎ ﺇ ﱠﻥ ﺍﳌﲎ ﺭﺃ ُ ﺇﻬﻧﺎ ﺣﺠﺔ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﺍﻟﻜﺴﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﺷﻴﺌﺎﹰ ،ﻓﻴﻌﻠﱢﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻐﺪ ،ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃ ﱠﻥ ﻟﻜﻞ ﻳﻮﻡ ﺷﻐﻠﻪ. ﺍﻧﺘﺒﻪ ﻣﻦ ﺭﻗﺪﺓ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ،ﻓـﺎﻟﻌﻤﺮ ﻭﺍﻃﺮﺡ ﺳﻮﻑ ﻭﺣﱴ ﻓﻬﻤـﺎ ﺩﺍﺀ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٠
ﻭﺗﺄﺟﻴﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﺸﺮﻭﻋﺎﺗﻚ ﻳﺆﺩﱢﻱ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﻬﺑﺎ ﻏﲑُﻙ ،ﻭﻳﺄﺧﺬ ﺯﻣﺎ َﻡ ﺍﳌﺒﺎﺩَﺭﺓ ﻣﻨﻚ ،ﻭﺃﻗ ﹼﻞ ﻣﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﳋﺴﺎﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻈﻔﺮ ﻏـﲑُﻙ ﺑﺎﻷﺟﺮ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻵﺧﺮﺓ. -٥ﺇﺳﺎﺀﺓ ﺍﻟﺘﱠﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ: ﺇﻥ ﺃﺧﻄ َﺮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻫﻲ ﻣﺸـﻜﻠﺔ ﺿـﻴﺎﻉ ﻉ ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﻭﻛﻞﱡ ﻓﺎﺋﺖ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﺪﺭﻙ ﺇﻻ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ؛ ﺇﺫ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﲏ ﺿﻴﺎ َ ﺖ ﻻ ﻳﺘﻮﺍﻟﺪ ،ﻭﻻ ﻳﺘﻤﺪﺩ، ﻓﺎﺋﺖ ﺍﻟ ﱠﺰﻣَﻦ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻﺑ ﱠﺪ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﻮﻗ َ ﻭﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ،ﻭﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﻟﻠﻮﺭﺍﺀ؛ ﺑﻞ ﻟﻸﻣﺎﻡ ﺩﺍﺋﻤﺎﹰ ،ﻭﻟـﺬﺍ ﻓـﺈ ﱠﻥ ﺃﻭ ﹶﻝ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻨﱠﺠﺎﺡ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻭﺍﻟﺰﱠﻣ ُﻦ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ؛ ﺣﱴ ﻭﺇﻥ ﻛﺜﺮﺕ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﻬﺗﻢ ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻮﻗﺖ"؛ ﺇﺫ ﺇ ﱠﻥ ﺍﻟﺰﻣ َﻦ ﻳﺘﺤﺮﱠﻙ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﷲ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﺭ ﻫﻮ ﺍﺳﺘﻐﻼﻟﻨﺎ ﻟﻠﻮﻗﺖ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺟﺮﻳﺎﻧﻪ. ﻭﻗﺪ ﻛﺜﺮﺕ ﺍﻟﻨﱡﺼﻮﺹ ﻭﺍﻵﺛﺎ ُﺭ ﰲ ﺍﻟﺘﱠﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﺿﻴﺎﻉ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ؛ ﻼ ﻋﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﱠﺠﺎﺭﺏ ﰲ ﺍﳊﻴـﺎﺓ؛ ﻓﻀ ﹰ ﻗﺎﻝ » :ﻧﻌﻤﺘﺎﻥ ﻣﻐﺒﻮﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻛـﺜﲑ ﻣـﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺱ :ﺍﻟﺼـﺤﺔ، ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ«).(١ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ ﺍﳊﻨﺒﻠ ّﻲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ :ﺇﻧﱢﻲ ﻻ ﳛﻞﱡ ﱄ ﺃﻧﱢـﻲ ﺃﺿـﻴﱢﻊ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻱ ،ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻄﻞ ﻟﺴﺎﱐ ﻋﻦ ﻣـﺬﺍﻛﺮﺓ ﻭﻣﻨـﺎﻇﺮﺓ، ﺖ ﻓﻜـﺮﻱ ﰲ ﺣـﺎﻝ ﺭﺍﺣـﱵ ،ﻭﺃﻧـﺎ ﻭﺑﺼﺮﻱ ﻋﻦ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ،ﺃﻋﻤﻠ ُ ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ).(٦٤١٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥١
ﻣﻨﻄﺮﺡ).(١ ﻱ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ :ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺷﺮﻑ ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑ ُﻦ ﺍﳉﻮﺯ ّ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻭﻗﺪﺭ ﻭﻗﺘﻪ؛ ﻓﻼ ﻳﻀﻴﱢﻊ ﻣﻨﻪ ﳊﻈ ﹰﺔ ﰲ ﻏﲑ ﻗﺮﺑﺔ ،ﻭﻳﻘـﺪﻡ ﻓﻴـﻪ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻓﺎﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ).(٢ -٦ﺍﻟﻔﻮﺿﻮﻳﱠ ﹸﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺘﱠﺨﻄﻴﻂ: ﻁ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﺍﻟﻨﱢﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎ ّﻡ ﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﳌﺮﺍ ُﺩ ﺑﺎﻟﻔﻮﺿﻮﻳﱠﺔ ﺍﺧﺘﻼ ﹸ ﻱ ﺿـﺎﺋﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺗﻔﻜﲑﻩ ﻭﺳﻠﻮﻛﻪ ﻭﺃﻭﻟﻮﻳﱠﺎﺗﻪ؛ ﻓﺎﻟﺸﱠﺨﺺ ﺍﻟﻔﻮﺿﻮ ّ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ،ﻣﻬﻤﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ،ﺍﺭﲡﺎﱄ ،ﻻ ﲣﻄﻴﻂ ﻟﻪ ،ﻣﺘﺨﺒﱢﻂ ﻻ ﻧﻈـﺎ َﻡ ﳊﻴﺎﺗﻪ؛ ﻳﺒﺪﺃ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰒ ﻳﺘﺮﻛﻪ ،ﻭﻳﺸﺮﻉ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻻ ﻳﺘﻤّﻪ، ﻭﻳﺴﲑ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﰒ ﻳﺘﺠﻨّﺒﻪ ،ﻭﻳﺄﺧﺬ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﰒ ﳝﻠﹼﻪ. ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﻓﺎﺕ ﺃﻣﺮ ﻋﺎﺗﺐ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍ ﻭﻋﺎﺟﺰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﻀﻴﺎﻉ ﻟﻔﺮﺻﺘﻪ ﺇﻧﻪ ﻣﻮﻟ ٌﻊ ﺑﺈﻓﺴﺎﺩ ﺃﻣﺮﻩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ. -٧ﺿﻌﻒ ﺍﳊﺎﻓﺰ: ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺎﻓ ُﺰ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﱠﺨﺺ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺟﻴﹰﺎ ﻛـﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﳛﻔﺰﻩ ﻭﳛﻤﺴﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ،ﻭﺇ ﱠﻥ ﺍﻧﻌﺪﺍ َﻡ ﺍﶈﻔﱢـﺰ ﻳـﺆﺩﱢﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺘﻮﺭ ﻭﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ،ﻭﺣﻞﱡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﱠﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﱠﻮﺍﺻﻲ ﻭﺍﻟﺘﱠﻨﺎﺻﺢ. ) (١ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ ).(٣٦/٤ ) (٢ﺻﻴﺪ ﺍﳋﺎﻃﺮ ).(٥٧
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٢
ﱄ ﺃﰊ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠ ّﻲ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺃﻧﱠﻪ ﻗﺎﻝ :ﺩﻓـﻊ ﺇ ﱠ ﻣﺎﺋ ﹶﺔ ﺃﻟﻒ ﺩﺭﻫﻢ ،ﻭﻗﺎﻝ :ﺍﺫﻫﺐ؛ ﻓﻼ ﺃﺭﻯ ﻟﻚ ﻭﺟﻬﹰﺎ ﺇﻻ ﲟﺎﺋﺔ ﺃﻟـﻒ ﺣﺪﻳﺜﹰﺎ. ﻱ ﻟﻪ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﲟﺸـﺮﻭﻋﻪ ،ﻭﺃﻗـﻮﻯ ﻓﻔﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﻮﻟﺔ ﺣﺎﻓﺰ ﻗﻮ ّ ﺣﺎﻓﺰ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﻭﺟﻪ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺪﱠﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ؛ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃَ :ﻭ َﻣ ْﻦ ُﻳ ﹺﺮ ْﺩ ﺠﺰﹺﻱ ﺏ ﺍﹾﻟ َﺂ ِﺧ َﺮ ِﺓ ﻧُ ْﺆِﺗ ِﻪ ِﻣ ْﻨﻬَﺎ َﻭ َﺳَﻨ ْ ﺏ ﺍﻟﺪﱡْﻧﻴَﺎ ﻧُ ْﺆِﺗ ِﻪ ِﻣ ْﻨﻬَﺎ َﻭ َﻣ ْﻦ ُﻳ ﹺﺮ ْﺩ ﹶﺛﻮَﺍ َ ﹶﺛﻮَﺍ َ ﺍﻟﺸﱠﺎ ِﻛﺮﹺﻳ َﻦ] ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ.[١٤٥ : ﻒ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ: -٨ﺿﻌ ُ ﻭﻫﺬﺍ ﳑﱠﺎ ﻳﺆﺩﱢﻱ ﺇﱃ ﺗﺄﺧﲑ ﺍﻟﺸﱡﺮﻭﻉ ﻭﺍﻟﺘﱠﺒﺎﻃﺆ ﻓﻴﻪ ،ﺃﻭ ﺇﻳﻘﺎﻓﻪ ﲤﺎﻣﺎﹰ؛ ﺺ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﳋﺼﻢ ﰲ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ. ﻷ ﱠﻥ ﺍﻟﺸﱠﺨ َ -٩ﺿﻌﻒ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﺓ: ﳑﱠﺎ ﻳﺆﺩﱢﻱ ﺇﱃ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﱠﺔ ﺗﺆﺩﱢﻱ ﺇﱃ ﺟﻨﻮﺡ ﻭ َﺷﻄﹶﺤﺎﺕ ﻓﻜﺮﻳﱠﺔ ﺃﻭ ﺳﻠﻮﻛﻴﱠﺔ. -١٠ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺜﱢﻘﹶﺔ ﺑﺎﻟﻨﱠﻔﺲ: ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎﹰ؛ ﳑﱠﺎ ﳚﻌﻞ ﻓﻴﻪ ﻧﻮﻋﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﱢﻜﺎﻟﻴﱠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﲑ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ؛ ﻓﻌﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ -ﺭﺿـﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ -ﻗﺎﻝ :ﳌﱠﺎ ﺗﻮﻓﱢﻲ ﺭﺳﻮ ﹸﻝ ﺍﷲ ﻗﻠﺖ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼـﺎﺭ: ﱯ ؛ ﻓﺈﻧﱠﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮ َﻡ ﻛﺜ ٌﲑ. ﺏ ﺍﻟﱠﻨ ﱢ ﻳﺎ ﻓﻼﻥ ﻫﻠ ﱠﻢ ﻓﻠﻨﺴﺄﻝ ﺃﺻﺤﺎ َ ﻓﻘﺎﻝ :ﻭﺍﻋﺠﺒﹰﺎ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﱠﺎﺱ؛ ﺃﺗﺮﻯ ﺍﻟﻨﱠﺎﺱ ﳛﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻴـﻚ،
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٣
ﻭﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﻣﻦ ﺗﺮﻯ. ﻓﺘﺮﻙ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺃﻗﺒﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺒﻠﻐﲏ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﺂﺗﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻗﺎﺋﻞ ،ﻓﺄﺗﻮﺳـﺪ ﺭﺩﺍﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﻪ ،ﻓﺘﺴﻔﻲ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ،ﻓﻴﺨﺮﺝ ﻓـﲑﺍﱐ ﱄ ﺖﺇﱠ ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﻳﺎ ﺍﺑ َﻦ ﻋ ﱢﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑـﻚ؟ ﺃﻻ ﺃﺭﺳـﻠ َ ﻓﺂﺗﻴﻚ. ﻓﺄﻗﻮﻝ :ﻻ ،ﺃﻧﺎ ﺃﺣ ﱡﻖ ﺃﻥ ﺁﺗﻴﻚ .ﻓﺄﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﳊﺪﻳﺚ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺒﻘﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺣﱴ ﺭﺁﱐ ﻭﻗﺪ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻲﱠ ،ﻓﻘـﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﱴ ﺃﻋﻘ ﹶﻞ ﻣﻨﱢﻲ).(١ -١١ﺍﻟﻌﺠﻠﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﱠﹶﺄﻧﱢﻲ: ﻓﻤﺎ ﺗﻜﺎﺩ ﲣﻄﺮ ﰲ ﺑﺎﻟﻪ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺣﱴ ﻳﻼﺣﻆ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﺑﺄ ﱠﻥ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﻏﲑ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﱃ ﻏﲑﻩ. -١٢ﻋﺪﻡ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺸﱠﺨﺼﻴﱠﺔ: ﳑﺎ ﳚﻌﻠﻪ ﻳﺘﺬﺑﺬﺏ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﰲ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ؛ ﻓﻤ ﱠﺮ ﹰﺓ ﻳﺘﺤﻤﱠﺲ ﻟﻄﻠـﺐ ﺼ ٌﺮ ﰲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﰒ ﻳﺴﻤﻊ ﻗﺼـﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﻣ ﱠﺮ ﹰﺓ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻧﱠﻪ ﻣﻘ ﱢ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﳉﺎﻟﻴﺎﺕ ﻓﻴﺸﻌﺮ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﱢﺮﺍﻉ ﺍﻟﻨﱠﻔﺴـ ّﻲ ﺑﺘﻘﺼـﲑﻩ ﻬﺑـﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ ،ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﺠﺰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻼ ﻳﻨﺠﺰ ﺷﻴﺌﹰﺎ. ﻭﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﻫﺬﺍ ﻭﺑﲔ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﺴﻬﻢ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﳎـﺎﻝ، ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭﻣﻲ ).(٥٧٠
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٤
ﻓﻬﺬﻩ ﺧﻄﺘﻪ. -١٣ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺪﻑ ﺣﻴﺎﰐﹼ. -١٤ﻋﺪﻡ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ. -١٥ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﺍﻟﺬﺍﰐ. -١٦ﻋﺪﻡ ﺍﳉﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺒﺬﻝ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ. -١٧ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﻂ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﳑﻦ ﻫﻢ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ،ﻭﺃﻫﻠﻪ، ﻭﺑﻴﺌﺘﻪ. -١٨ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﺑﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﺗﻔﺴﺪ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ. -١٩ﺍﻻﺳﺘﻌﺠﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﺜﻤﺮﺓ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﻗﺒﻞ ﲤﺎﻣﻪ: ﻭﻫﺬﻩ ﻋﻼﻣﺔ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻬﻤﺎﺕ ،ﻭﻣَﻦ ﺿَﻌﻒ ﺻﱪُﻩ ﹶﻗﻞﱠ ﻓﻼﺣُﻪ. ﻓﻘﺪ ﻗ ﱠﻞ ﳑﺎ ﻳﺮﲡﻴـﻪ ﻧﺼـﻴﺒﻪ ﻭﻣﻦ ﹶﻗﻞﱠ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﱠﻘﻴﻪ ﺍﺻـﻄﺒﺎﺭُﻩ ﻟﻘﺪ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻨﱯ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻗﺒﻞ ﺃﻭﺍﻧﻪ ﷲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﱴ ﻳﺴﲑ ﺍﻟﺮﱠﺍﻛﺐ ﻣﻦ ﺻـﻨﻌﺎﺀ ﻓﻘﺎﻝ» :ﻭﺍﷲ ﹶﻟﻴُﺘﻤﱠﻦﱠ ﺍ ُ ﺇﱃ ﺣﻀﺮﻣﻮﺕ ﻻ ﳜﺎﻑ ﺇﻻ ﺍﷲ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﻤﻪ ،ﻭﻟﻜـﻨﱠﻜﻢ ﺗﺴﺘﻌﺠﻠﻮﻥ«).(١ ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﳌﻘﺮﱠﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ) :ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﺳـﺘﻌﺠﻞ ) (١ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ).(٣٦١٢
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٥
ﺍﻟﺸﱠﻲ َﺀ ﻗﺒﻞ ﹶﺃﻭَﺍﻧﻪ ،ﻋﻮﻗﺐ ﲝﺮﻣﺎﻧﻪ(. ﻭﻣﺴﺘﻌﺠﻞ ﺍﻟﺸﱠﻲﺀ ﻗﺒـﻞ ﺍﻷﻭﺍ ﻥ ﻳﺼﻴﺐ ﺍﳋﺴﺎﺭ ﻭﳚﲏ ﺍﻟﻨﺼﺐ ﻟﺬﻟﻚ ﻻﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﱠﱪ.
٥٦
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳍﻤﻢ ﻭﺍﻟﻨﱠﺠﺎﺡ ﰲ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﳘﱠﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴـﺘ ﱠﻢ ﺑﻨﺠـﺎﺡ.. ﻭﺇﻟﻴﻚ ﺑﻌﻀﹰﺎ ﳑﱠﻦ ﺿﺮﺑﻮﺍ ﻟﻨﺎ ﺃﺭﻭﻉ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ: * ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻭﻣﺸﺮﻭ ُ ﻉ ﺇﻋﻤﺎﺭ ﺍﻷﺭﺽ :ﹺﺇﻧﱠﺎ َﻣﻜﱠﻨﱠـﺎ ﻟﹶـ ُﻪ ﻓِـﻲ ﺽ َﻭ َﺁَﺗ ْﻴَﻨﺎ ُﻩ ِﻣ ْﻦ ﹸﻛﻞﱢ َﺷ ْﻲ ٍﺀ َﺳَﺒﺒًﺎ] ﺍﻟﻜﻬﻒ:[٨٤ : ﺍﹾﻟﹶﺄ ْﺭ ﹺ ﷲ ﻟﺬﻱ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻭﺁﺗﺎﻩ ﻣﻦ ﻛ ﱢﻞ ﺷﻲﺀ ﺳﺒﺒﺎﹰ؛ ﻓﻌﻤﻞ ﺑﺘﻠـﻚ ﻣﻜﱠ َﻦ ﺍ ُ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﷲ ﺇﻳﱠﺎﻫﺎ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻓﻪ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻣﺒﺘﻐﺎﻩ؛ ﻓﺒﺬﻝ ﺟﻬﺪﹰﺍ ﻋﻈﻴﻤﹰﺎ ﻭﺟﻴﱠﺶ ﺟﻨـﺪَﻩ ﻭﻋﺪﱠﺗـﻪ ﻭﻋﺘﺎﺩَﻩ ﻭﻣﺎ ﳝﺘﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﻭﻗﻮﱠﺓ ﻟﻴﻮﺍﺻﻞ ﻣﺴﲑﺗَﻪ ﻭﺟﻬﺎﺩﻩ؛ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻧﱠﻪ ﻻﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﺑﺬﻝ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻨّﺼﺐ ﻟﻴﺼﻞ ﺍﳌﺮﺀ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﺩﻩ. ﻭﻗﺪ ﺳﻌﻰ "ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ" ﻹﻋﻤﺎﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺇﺻﻼﺣﻬﺎ ﻭﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺣﱴ ﺑﻠﻎ ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻃﺎﻗﺘُﻪ ﻭﻗﺪﺭﺗُﻪ ،ﻭﱂ ﻳﺮﺽ ﲟﻨـﺰﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﻨــﺰﻟﺔ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﺣﱴ ﰲ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﺍﻟ ﱡﺪﻧﻴﺎ ،ﻭﱂ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﱟ؛ ﺑﻞ ﺳﻌﻰ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﱴ ﺑﻠﻎ ﻣﻐﺮﺏ ﺍﻟﺸﻤﺲ ،ﰒ ﺳﺎﺭ ﲜﻴﻮﺷﻪ ﺣﱴ ﺑﻠﻎ ﺴﺪﱠﻳﻦ ،ﻭﲤﻠﱠﻚ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﻛﻠﱠﻬﺎ ﻣﺸﺮﻗﻬﺎ ﰒ ﺃﺗﺒﻊ ﺳﺒﺒﹰﺎ ﺣﱴ ﺑﻠﻎ ﺑﲔ ﺍﻟ ﱠ ﺣﱴ ﺣﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺃﺛﱠﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻏﺪﺍ ﻣﻠﺠﹰﺄ ﻟﻠﻤﻈﻠﻮﻣﲔ ﻭﻣﺄﻣﻨﹰﺎ ﻟﻠﺨﺎﺋﻔﲔ. ﻂ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﲰ ﱡﻲ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ :ﻭﻣﻦ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻧﺒﺄ ﺫﻱ ﺍﻟﻘـﺮﻧﲔ ﺗﻨﺸـﻴ ﹸ ﺍﳍﻤﻢ ﻟﺮﻓﻊ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ،ﻭﺃﻧﱠﻪ ﻣﺎ ﺗﻴﺴﺮﺕ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐـﻲ ﺃﻥ ﻳﻌـﺪ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٧
ﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﻻ ﺍﺟﺘﻴﺎﺯ ﺍﻟﻘﻔﺮ ﻋﺬﺭﺍ ﰲ ﺍﳋﻤﻮﻝ ﻭﺍﻟﺮﱢﺿﺎ ﺑﺎﻟﺪﱡﻭﻥ؛ ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﺸﻂ ﻭﳝﺜﻞ ﰲ ﻣﺮﺍﺭﺗﻪ ﺣﻼﻭﺓ ﻋﻘﺒﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﱠﺍﺣﺔ ﻭﺍﳍﻨـﺎﺀ، ﻛﻤﺎ ﻗﻀﻰ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﲔ ﻋﻤﺮَﻩ ﻭﱂ َﻳﺬﹸﻕ ﺇﻟﱠﺎ ﺣـﻼﻭﺓ ﺍﻟﻈﹼﻔـﺮ ﻭﻟـﺬﹼﺓ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ؛ ﺇﺫ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﻌﺪﻫﻢ ﺍﳌﺼﺎﻋﺐ ﻋـﻦ ﻧﻴـﻞ ﻣـﺎ ﻳﺒﺘﻐﻮﻥ).(١ ﻱ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﰲ ﻛ ﱢﻞ ﻳﻮﻡ– ﻭﻟـﻴﺲ * ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭ ّ ﻛﻞ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺃﻭ ﺷﻬﺮ -ﺍﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺩﺭﺳﺎﹰ؛ ﺩﺭﺳﲔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ"، ﻭﺍﻟﺜﱠﺎﻟﺚ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﳌﻬﺬﱠﺏ" ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺣﻪ ﺑﻌـﺪ ﺫﻟـﻚ ﰲ ﻛﺘﺎﺑـﻪ ﺍﻟﻀﱠﺨﻢ "ﺍﺠﻤﻟﻤﻮﻉ" ،ﻭﺩﺭﺳﹰﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﱠﺤﻴﺤﲔ ،ﻭﺩﺭﺳﹰﺎ ﰲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ،ﻭﺩﺭﺳﹰﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﻠﱡﻤﻊ" ﻻﺑﻦ ﺟﱢﻨ ّﻲ ﰲ ﺍﻟﻨﱠﺤـﻮ، ﺴﻜﹼﻴﺖ ﰲ ﺍﻟﻠﱡﻐﺔ ،ﻭﺩﺭﺳـﹰﺎ ﻭﺩﺭﺳﹰﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ "ﺇﺻﻼﺡ ﺍﳌﻨﻄﻖ" ﻻﺑﻦ ﺍﻟ ّ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﻒ ،ﻭﺩﺭﺳﹰﺎ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺗﺎﺭ ﹰﺓ ﰲ "ﺍﻟﻠﱡﻤﻊ" ﻷﰊ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻭﺗﺎﺭ ﹰﺓ ﰲ ﺍﳌﻨﺘﺨﺐ ﻟﻠﻔﺨﺮ ﺍﻟﺮﱠﺍﺯﻱ ،ﻭﺩﺭﺳﹰﺎ ﰲ ﺃﲰﺎﺀ ﺍﻟﺮﱢﺟﺎﻝ ،ﻭﺩﺭﺳـﹰﺎ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﱢﻳﻦ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻋﻠﻖ ﲨﻴ َﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﱠﻖ ﻬﺑﺎ ﻣـﻦ ﺷـﺮﺡ ﻣﺸـﻜﻞ، ﻭﻭﺿﻮﺡ ﻋﺒﺎﺭﺓ ،ﻭﺿﺒﻂ ﻟﻐﺔ ،ﻭﺑﺎﺭﻙ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﻭﻗﱵ. ﻓﻜﺎﻥ ﻻ ﻳﻀﻴﱢﻊ ﻟﻪ ﻭﻗﺘﹰﺎ ﻻ ﰲ ﻟﻴﻞ ﻭﻻ ﰲ ﻬﻧﺎﺭ ﺇﻻ ﰲ ﺍﺷﺘﻐﺎﻝ ﺣﱴ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻕ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺩﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺳﺖ ﺳﻨﲔ ،ﰒ ﺃﺧـﺬ ﰲ ﺍﻟﺘﱠﺼـﻨﻴﻒ ﻭﺍﻹﻓﺎﺩﺓ. ) (١ﳏﺎﺳﻦ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ).(٨٧/١١
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٨
* ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ -ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ -ﺭﺣﻞ ﺷﻬﺮﹰﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺃﻧﻴﺲ ﺭﺿـﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ. * ﻭﺃﺑﻮ ﺃﻳﻮﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺧﺮﺝ ﺇﱃ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﲟﺼﺮ ﻳﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺣﺪﻳﺚ. * ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﳌﺴﱠﻴﺐ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﻗﺎﻝ :ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻷﺳﲑ ﺍﻷﻳـﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﱄ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ. * ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﲑ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﺭﺣﻞ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﺁﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣـﻦ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ. * ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺪﱠﻳﻠﻤ ّﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻓﲑﻭﺯ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ -ﻗﺎﻝ :ﺑﻠﻐﲏ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌـﺎﺹ -ﺭﺿـﻲ ﺍﷲ ﻋﻨـﻬﻤﺎ- ﻓﺮﻛﺒﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ ﺃﺳﺄﻝ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺪﻳﻠﻤﻲ ﺑﻔﻠﺴﻄﲔ. ﻱ ﻭﺗﺄﻟﻴﻔﻪ ﺍﻟﺘﱠﻔﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ: * ﺍﻟﻄﱠﱪ ّ ﻱ -ﺭﲪﻪ ﺍﷲ -ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ :ﻫﻞ ﺗﻨﺸـﻄﻮﻥ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﱠﱪ ّ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺁﺩﻡ ﺇﱃ ﻭﻗﺘﻨﺎ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ :ﻛﻢ ﻗﺪﺭﻩ؟ ﻓﺬﻛﺮ ﳓﻮﻩ ﺛﻼﺛﲔ ﺃﻟﻒ ﻭﺭﻗﺔ. ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ :ﻫﺬﺍ ﳑﺎ ﺗﻔﲎ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ ﻗﺒﻞ ﲤﺎﻣﻪ! ﻓﻘﺎﻝ :ﺇﻧﺎ ﷲ! ﻣﺎﺗﺖ ﺍﳍﻤﻢ. ﻓﺎﺧﺘﺼﺮ ﺫﻟﻚ ﰲ ﳓﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﺁﻻﻑ ﻭﺭﻗﺔ ،ﻭﳌﺎ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﳝﻠـﻲ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٥٩
ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻗﺎﻝ ﳍﻢ ﳓﻮﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﰒ ﺃﻣﻼﻩ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ. ﻭﻗﺎﻝ :ﺍﺳﺘﺨﺮﺕ ﺍﷲ ﻭﺳﺄﻟﺘُﻪ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻮﻳﺘُﻪ ﻣﻦ ﺗﺼـﻨﻴﻒ ﺍﻟﺘﱠﻔﺴﲑ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﻠﻪ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﲔ ،ﻓﺄﻋﺎﻧﲏ).(١ * ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ. ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﲡﺪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﺎﺑﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﳉﻬﺪ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌـﺔ ﻼ ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺃﺣﺪ ﺭﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻜﺒﲑ؛ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜ ﹰ ﺑﻌﺜﺔ ﻷﳌﺎﻧﻴﺎ ﻟﻴﺪﺭﺱ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺣﻠﻤﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﻨﻊ ﳏﺮﱢﻛﹰﺎ. ﻳﻘﻮﻝ :ﻗﺮﺃﺕ ﺣﱴ ﻋﺮﻓﺖ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ ﻛﻠﱠﻬـﺎ؛ ﻭﻟﻜـﻨﱠﲏ ﺖ ﻋﺎﺟﺰﹰﺍ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﶈﺮﱢﻙ. ﻇﻠﻠ ُ ﺖ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴـﻪ ﱄ ﺍﻟﺼﱡﻨﻊ ﺑﺮﺍﺗﱯ ﻛﻠﱢﻪ ،ﻭﺟﻌﻠ ُ ﻓﺎﺷﺘﺮﻳﺖ ﳏﺮﱢﻛﹰﺎ ﺇﻳﻄﺎ ﱠ ﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ :ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺳ ﱡﺮ ﻗـﻮﺓ ﻛﺄﻧﱠﲏ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﺗﺎﺝ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﻫﺮ ،ﻭﻗﻠ ُ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ،ﺇﻥ ﺻﻨﻌﺖ ﳏﺮﻛﺎ ﻣﺜﻠﻪ ﻏﲑﺕ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ،ﻭﻗﻠـﺖ :ﻟـﻮ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖ ﺃﻥ ﺃﻓﻜﻚ ﻗﻄﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﶈﺮﻙ ﻭﺃﻋﻴﺪ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﰒ ﺷﻐﻠﺘﻪ ﻓﺎﺷﺘﻐﻞ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺧﻄﻮﺕ ﺧﻄﻮﺓ ﳓﻮ ﺳﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ. ﻓﺄﺗﻴﺖ ﺑﺮﺳﻮﻡ ﺍﶈﺮﻙ ﺍﻟﱵ ﻋﻨﺪﻱ ﻭﺃﺧﺬﺕ ﻭﺭﻗﹰﺎ ﻛـﺜﲑﹰﺍ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻣﻀﻴﺖ ﺃﻋﻤﻞ ،ﻓﺮﲰﺖ ﺃﺟﺰﺍ َﺀ ﺍﶈﺮﱢﻙ ﻗﻄﻌ ﹰﺔ ﻗﻄﻌـﺔﹰ ،ﺣـﱴ ﻓﻜﻜﺘﻪ ﻛﻠﱠﻪ ﻭﺭﲰﺘﻪ ﻛﻠﱠﻪ ﻣﺮﺗﱠﺒﺎﹰ ،ﰒ ﺃﻋﺪﺕ ﺗﺮﻛﻴﺒﻪ ﻭﺷﻐﱠﻠﺘُﻪ ﻓﺎﺷـﺘﻐﻞ! ) (١ﺳﲑ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ).(٢٧٥-٢٧٤/١٤
٦٠
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
ﻭﻛﺎﺩ ﻗﻠﱯ ﻳﻘﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ! ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻋﻤﻞ ﺁﻛﻞ ﰲ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﻭﺟﺒـﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﻻ ﺃﻧﺎﻡ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ. ﻭﻋﻠﻢ ﺭﺋﻴﺲ ﺑﻌﺜﺘﻨﺎ ﻓﺄﺗﻰ ﲟﺤﺮﻙ ﻣﻌﻄﻞ ﻭﻗﺎﻝ :ﺍﻛﺘﺸﻒ ﻣﻮﺿـﻊ ﺍﳋﻄﺄ ﻛﻲ ﻳﻌﻤﻞ ،ﻓﺸﻐﻠﺘﻪ ﰲ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻮﺍﺿـﻊ ﺍﳋﻠـﻞ؛ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻼﺙ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺍﶈﺮﻙ ﺑﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﺂﻛﻠﺔ ،ﺻﻨﻌﺖ ﻏﲑﻫـﺎ ﺑﻴـﺪﻱ ﺑﺎﳌﻄﺮﻗﺔ ﻭﺍﳌﱪﺩ. ﰒ ﻃﻠﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺃﻥ ﺃﺻﻨﻊ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻭﺃﺭﻛﺐ ﳏﺮﻛـﺎ، ﻓﺎﻟﺘﺤﻘﺖ ﲟﺼﺎﻧﻊ ﺻﻬﺮ ﺍﳊﺪﻳﺪ ﻭﺻﻬﺮ ﺍﻟﻨﺤﺎﺱ ﻭﺍﻷﳌﻮﻧﻴﻮﻡ ﺑﺪﻻ ﻣـﻦ ﺃﻥ ﺃﻋﺪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺩﻛﺘﻮﺭﺍﺓ ﻛﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﲏ ﺃﺳﺎﺗﺬﰐ ﺍﻷﳌﺎﻥ. ﻼ ﻭﺃﻗﻒ ﺻﺎﻏﺮﹰﺍ ﺇﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺎﻣﻞ ﺻﻬﺮ ﺍﳌﻌـﺎﺩﻥ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻋﺎﻣ ﹰ ﺃﻃﻴﻊ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﻛﺄﻧﻪ ﺳﻴﺪ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﺃﺧﺪﻣﻪ ﻭﻗﺖ ﺍﻷﻛـﻞ ﳌـﺪﺓ ﲦـﺎﱐ ﺳﻨﻮﺍﺕ ،ﻛﻨﺖ ﺃﻋﻤﻞ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻋﺸﺮ ﻭﲬﺲ ﻋﺸﺮﺓ ﺳﺎﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﻴـﻮﻡ، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺁﺧﺬ ﻧﻮﺑﺔ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﻭﺧﻼﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻨﺖ ﺃﺭﺍﺟﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻛ ﱢﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. ﻭﻋﻠﻢ ﺣﺎﻛ ُﻢ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ "ﺍﳌﻴﻜﺎﺩﻭ" ﺑﺄﻣﺮﻱ ،ﻭﺃﺭﺳﻞ ﱄ ﻣـﻦ ﻣﺎﻟـﻪ ﺍﳋﺎﺹ ﲬﺴﺔ ﺁﻻﻑ ﺟﻨﻴﻬﹰﺎ ﺇﳒﻠﻴﺰﻳﹰﺎ ﺫﻫﺒﺎ ،ﻓﺎﺷﺘﺮﻳﺖ ﻬﺑﺎ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻣﺼﻨﻊ ﳏﺮﻛﺎﺕ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻭﺷﺤﻨﺘُﻪ ﺑﻜ ﱢﻞ ﻣﺎ ﺍﺩﱠﺧﺮﺗُﻪ ،ﻭﲟﺠﺮﱠﺩ ﻭﺻﻮﱄ ﻟﺒﻠـﺪﻱ ﻃﻠﺐ ﺍﳌﻴﻜﺎﺩﻭ ﺭﺅﻳﱵ ،ﻓﻘﻠﺖ :ﻟﻦ ﺃﺳﺘﺤﻖ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﺸـﺊ ﻼ. ﻣﺼﻨﻊ ﳏﺮﻛﺎﺕ ﻛﺎﻣ ﹰ ﻭﺑﻌﺪ ﺗﺴﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﲪﻠﺖ ﻣﻊ ﻣﺴﺎﻋﺪﻱ ﻋﺸﺮﺓ ﳏﺮﻛﺎﺕ "ﺻﻨﻊ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٦١
ﰲ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ" ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺼﺮ ،ﻭﺩﺧﻞ ﺍﳌﻴﻜﺎﺩﻭ ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ ﻭﻗﺎﻝ :ﻫﺬﻩ ﺃﻋـﺬﺏ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﲰﻌﺘُﻬﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﰐ؛ ﺻﻮﺕ ﳏﺮﻛﺎﺕ ﻳﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ. ﻓﺎﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺑﺎﻃﻠﻬﻢ! ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﺩﻭﺩ ﺷﻠﱯ :ﺗﺮﺩﱠﺩﺕ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﺟﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﳌﺒﺸﺮﻳﻦ ﰲ ﻣﺪﺭﻳﺪ ﻭﰲ ﻓﻨﺎﺀ ﺍﳌﺒﲎ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ،ﻭﺿﻌﻮﺍ ﻟﻮﺣ ﹰﺔ ﻛﺒﲑ ﹰﺓ ﻛﺘﺒﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ :ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﺒﺸﺮ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﳓﻦ ﻻ ﻧﻌﺪﻙ ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﻋﻤﻞ ﺃﻭ ﺳﻜﻦ ﺃﻭ ﻓﺮﺍﺵ ﻭﺛﲑ؛ ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻨﺬﺭﻙ ﺑﺄﻧﻚ ﻟﻦ ﲡﺪ ﰲ ﻋﻤﻠـﻚ ﺍﻟﺘﱠﺒﺸﲑﻱ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﱠﻌﺐ ﻭﺍﳌﺮﺽ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻘﺪﻣﻪ ﺇﻟﻴﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﳋﺒـﺰ ﻭﻓﺮﺍﺵ ﺧﺸﻦ ﰲ ﻛﻮﺥ ﺻﻐﲑ ،ﺃﺟﺮﻙ ﻛﻠﻪ ﺳـﺘﺠﺪﻩ ﻋﻨـﺪ ﺍﷲ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻛﻚ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺃﻧﺖ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺣﺮﻛﺖ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﲪﻠﺔ ﺍﻟﺸـﻬﺎﺩﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻄـﺐ ﻭﺍﳉﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﻟﻠﺬﻫﺎﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻘﺎﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﳋﻴﺎﻡ ،ﻭﺍﳌﺴﺘﻨﻘﻌﺎﺕ ﺍﳌﻠﻴﺌـﺔ ﺑـﺎﻟﻨﱳ ﻭﺍﳌﻴﻜﺮﻭﺑﺎﺕ ،ﻭﺍﳌﻜﻮﺙ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺴﻨﲔ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ﺩﻭﻥ ﺭﺍﺗـﺐ ،ﻭﺩﻭﻥ ﻣﻨﺼﺐ ،ﻭﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﲟﺆﻫﻠﻪ ﻟﺮﺑﺢ ﻣﺌـﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻣـﻦ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭﺍﺕ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺿﺤﻰ ﺑﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺍﻟـﺬﻱ ﻳﻌﺘﻘـﺪ ﺻﺤﺘﻪ. ﻓﻴﺎ ﻋﺠﺒﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺠﺐ ،ﻋﺠﺒﺎ ﳝﻴﺖ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﲡﻤﱡﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻠﻬﻢ ،ﻭﺗﻔﺮﱡﻗﻜﻢ ﻋﻦ ﺣﻘﱢﻜﻢ.
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٦٢
ﺍﳋﺎﲤـﺔ ﺴ َﲑ ﺑﻼ ﻫﺪﻑ ﺇﻫﺪﺍ ٌﺭ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺗﻀﻴﻴﻊ ﻟﻠﻌﻤﺮ ،ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﺈ ﱠﻥ ﺍﻟ ﱠ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻳﻦ ﺳﻴﺘﺠﻪ ﻓﻠﻦ ﻳﺼـﻞ ،ﻭﻳﻌـﻴﺶ ﰲ ﻋﺸـﻮﺍﺋﻴﺔ ﻭﲣﺒﱡﻂ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﰲ ﻫـﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﻴﺐ ﺣﺎﻓﺰﺍ ﻟﻨﺎ ﻋﻠـﻰ ﺗﻨﻈـﻴﻢ ﺃﻫﺪﺍﻓﻨﺎ ﻭﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻨﺎ. ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻭﻓﻘﻨﺎ ﻟﻠﺨﲑ ﻭﺩﻟﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺑﺎﻋﺪ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺸﺮ ﻳـﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ. ﻭﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﳏﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﲨﻌﲔ.
ﳏﻤﺪ ﺻﺎﱀ ﺍﳌﻨﺠﺪ
ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻤﻚ
٦٣
ﺍﶈﺘﻮﻳﺎﺕ ﻣﻘﺪﻣـﺔ ٥ .................................................... ﺃﳘﻴﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ٧ ......................... ﻣﺎ ﺍﳊﻠ ُﻢ ﺍﻟﺬﻱ َﺗ َﻮ ﱡﺩ ﲢﻘﻴﻘﹶﻪ؟ ١٠.................................. ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ١٤.................................. ﻛﻞﱡ ﺷﺎﺏ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﺸﺮﻭﻉ ١٨.......................... ﻛﻴﻔﻴﱠ ﹸﺔ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ٢٠........................... ﺍﻷ ُﺳ ُ ﺲ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ٢٣............................. ﻛﻴﻒ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﺸﺮﻭﻋﻚ؟ ٢٥...................................... ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻭﺗﻨﺒﻴﻬﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ٣١............... ﺏ ﻓﺸﻞ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ٤٦.................................... ﺃﺳﺒﺎ ُ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳍﻤﻢ ﻭﺍﻟﻨﱠﺠﺎﺡ ﰲ ﺍﳌﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ٥٦....................... ﺍﳋﺎﲤـﺔ ٦٢................................................... ﺍﶈﺘﻮﻳﺎﺕ٦٣...................................................