11 of september

Page 1



‫اآلثار احلميدة واحملاسن‬ ‫لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬ ‫(بشهادة قادة الغرب ومفكريه)‬

‫أبو عبيدة‬ ‫عبد اهلل خالد العدم‬ ‫تقدمي‬ ‫الشيخ مصطفى أبو اليزيد‬


‫إهداء‪...‬‬ ‫إلى أولئك الصناديد من دنيا البشر الذين أحيا اهلل بهم أنفسا ً‬ ‫كانت مواتاً‪ ،‬وفتح بهم قلوبا ً كانت عن احلق موصدة‪.‬‬ ‫إلى تلك الكوكبة الفذة التي صنعت مجد أمتها‪ ،‬وصاغت‬ ‫قوالب عزتها في زمن الذلة واالنكسار‪.‬‬ ‫إلى ذاك النفر الذي رسم معالم طريق اخلالص ألمته بأحرف‬ ‫من نور‪ ،‬صدَّق عليها بنجيعه الذي جاد به في منهاتن‬ ‫وواشنطن‪.‬‬ ‫إلى تلك العصبة التي غزت معقل الشيطان في األرض وسوت‬ ‫صروحه احملاربة هلل ورسوله واملؤمنني باألرض حتى غدت قاعا ً‬ ‫صفصفاً‪.‬‬ ‫إلى تلك الثلة التي نك َّست راية الصليب وزلزلت عرش الباطل‬ ‫حتى غدا أولياؤه حيارى يتخبطون في األرض ال يلوون على‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫وصنَّاع احلياة‪ ،‬وبناة األمم‪ ،‬وشاحذي الهمم‪ ،‬ومعلي‬ ‫إلى سادة اجملد‪ُ ،‬‬ ‫الراية في زمن االنكسار‪ ،‬إلى التسعة عشر موحدا‪...‬‬ ‫أجزل اهلل لهم الثواب‬

‫‪2‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫قيرطلا داز‬

‫زاد الطريق‬ ‫م ِإ اّل أ َ ْن تَقَ طَّ َع‬ ‫قال اهلل تعالى‪} :‬ال يَزَالُ بُنْ َيان ُ ُه ُم ال َّ ِذي ب َ َنوْا رِي َب ًة فِي قُلُوب ِ ِه ْ‬ ‫قلُوب ُ ُه للهَّ‬ ‫يم{ [التوبة‪.]110:‬‬ ‫يم َح ِ‬ ‫ْ‬ ‫ك ٌ‬ ‫م وَا ُ عَ ِل ٌ‬ ‫ُ‬ ‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا ضن َّ الناس بالدينار والدرهم‬ ‫وتبايعوا بالعينة وتبعوا أذناب البقر وتركوا اجلهاد في سبيل اهلل أدخل اهلل‬ ‫تعالى عليهم ذال ً ال يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم‪[ .).‬رواه أحمد والطبراني‬ ‫والبيهقي‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح اجلامع‪:‬‏‪.]675‬‬ ‫قال اإلمام اجملدد عبد اهلل عزام رحمه اهلل‪( :‬نحن بإذن اهلل سنكون دعاة اخلير‬ ‫إلنقاذ البشرية‪ ...‬نحن بإذن اهلل سنهز النائمني في أرجاء املعمورة‪ ...‬نحن بإذن‬ ‫اهلل سنكون نارا ً حترق الظاملني في كل مكان‪ ...‬نحن بإذن اهلل سنهدد مصالح‬ ‫الكفر في األرض كلها‪ ...‬نحن بإذن اهلل سنقض مضاجع أمريكا‪ ،‬وسنؤرق أجفان‬ ‫روسيا‪ ،‬وسنهز األرض حتت أقدام اجلنس األصفر واألحمر وغيرهم‪.).‬‬ ‫قال املعتز باهلل الشيخ اجملاهد أبي مصعب الزرقاوي رحمه اهلل‪( :‬لقد‬ ‫أرست األمة زمنا ً طويال ً ركنت فيه إلى الدنيا واستنامت عن درب اجلهاد والفداء‪،‬‬ ‫واستباح العدو بيضتها‪ ،‬وانتقص أرضها من أطرافها وجاس الكفار خالل الديار‪،‬‬ ‫وسنة اهلل أن األيام دول والدهر إقبال وإدبار‪ ،‬ولقد بلغت امتنا القاع‪ ،‬وآذنت اآلن‬ ‫وبحمد اهلل‪ -‬باالرتفاع واإلقالع من جديد‪ ،‬وستظل ترتقي صعدا ً حتى تبلغ‬‫الذروة وتستحوذ على اجملد مرة أخرى‪ ،‬ليتحقق لنا بشارة املصطفى صلى اهلل‬

‫‪3‬‬


‫عليه وسلم فيما رواه مسلم عن ثوبان ‪-‬رضي اهلل عنه– قال‪ ،‬قال صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪( :‬إن اهلل زوى لي األرض فرأيت مشارقها ومغاربها‪ ،‬وإن أمتي سيبلغ ملكها‬ ‫ما زوي لي منها‪.).‬‬ ‫قال الشيخ اجملاهد أسامة بن الدن حفظه اهلل‪( :‬عندما نتحدث عن غزوتي‬ ‫نيويورك وواشنطن‪ ،‬نتحدث عن أولئك الرجال الذين غيروا مجرى التاريخ وطهروا‬ ‫صفحات األمة من رجس احلكام اخلائنني وأتباعهم بغض النظر عن أسمائهم‬ ‫ومسمياتهم‪.‬‬ ‫نتحدث عن رجال ال أقول إنهم حطموا برجي التجارة ومبنى وزارة الدفاع‬ ‫األميركية فقط فهذا أمر يسير‪ ،‬ولكنهم حطموا هبل العصر‪ ،‬وحطموا قيم‬ ‫هبل العصر‪.‬‬ ‫هؤالء الرجال العظام جسدوا اإلميان في قلوب املؤمنني‪ ،‬وأكدوا عقيدة‬ ‫الوالء والبراء‪ ،‬ونسفوا مخططات الصليبيني وعمالئهم من حكام املنطقة عبر‬ ‫عشرات السنني‪ ،‬عبر الغزو الفكري لتمييع عقيدة الوالء والبراء‪.‬‬ ‫وإن املقام ال يتسع لذكر هؤالء الرجال مبا هم أهله‪ ،‬والقلم يعجز عن حصر‬ ‫محاسنهم ومحاسن آثار غزواتهم املباركة‪.).‬‬

‫‪4‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ديزيلا وبأ ىفطصم خيشلا ملقب ةمدقم‬

‫مقدمة بقلم الشيخ مصطفى أبو اليزيد‬

‫(((‬

‫بسم اهلل القوي القادر القهار اجلبار املنتقم املذل للكفار القائل في كتابه‬ ‫الكرمي‪} :‬قَاتِلُوا ال َّ ِذي َن ال يُؤ ْ ِم ُنو َن بِاللهَّ ِ وَال بِال َْيوْ ِم الآْ ِخ ِر وَال ي ُ َحر ِّ ُمو َن َما َحر َّ َم اللهَّ ُ‬ ‫اب َحتَّى ي ُ ْع ُطوا الجْ ِزْي َ َة عَ نْ ي َ ٍد‬ ‫وَر َ ُسو ُل ُه وَال ي َ ِدي ُنو َن دِي َن الحْ َق ِّ ِم َن ال َّ ِذي َن أُوتُوا الْ ِ‬ ‫ك َت َ‬ ‫صا ِغرُو َن{ [التوبة‪ ،]29:‬والقائل سبحانه‪( :‬قَاتِلُوا ال َّ ِذي َن ال يُؤ ْ ِم ُنو َن بِاللهَّ ِ وَال‬ ‫م َ‬ ‫و َ ُه ْ‬ ‫بِال َْيوْ ِم الآْ ِخ ِر وَال ي ُ َحر ِّ ُمو َن َما َحر َّ َم اللهَّ ُ وَر َ ُسو ُل ُه وَال ي َ ِدي ُنو َن دِي َن الحْ َق ِّ ِم َن ال َّ ِذي َن أُوتُوا‬ ‫صا ِغرُو َن{ [التوبة‪.]29:‬‬ ‫الْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك َت َ‬ ‫اب َحتَّى ي ُ ْع ُطوا الجْ ِزْي َ َة عَ نْ ي َ ٍد وَ ُه ْ‬

‫والصالة والسالم على رسوله الضحوك القتال الذي بعث بالسيف بني يدي‬ ‫الساعة حتى يعبد اهلل وحده القائل‪( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال‬ ‫إله إال اهلل وأن محمد رسول اهلل ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة)‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فقد كانت غزوتا نيويورك وواشنطن بحق هي غزوة القرن وغزوة الفرقان في‬ ‫هذا الزمان‪ ،‬ولها من الشبة الكبير بغزوة بدر الكبرى والتي سمى اهلل تعالى‬ ‫يومها بيوم الفرقان‪ ،‬والتي كانت من أبرز معاملها وأخص مميزاتها‪:‬‬ ‫ك‬ ‫أوالً‪ :‬أنها متت بعون اهلل وقدرته ومشيئته قال اهلل تعالى عنها‪} :‬كَ َما أ َ ْخر َ َج َ‬ ‫ك بِالحْ َق ِّ و َ ِإنَّ َف ِريقا ً ِم َن المُْؤ ْ ِم ِنني َ َلكَارِ ُهو َن{ [ألنفال‪]5:‬‬ ‫ك ِمنْ ب َ ْيتِ َ‬ ‫رَب ُّ َ‬ ‫ص َوى وَالرَّك ْ ُب أ َ ْسفَ لَ‬ ‫م بِال ُْعدْوَ ِة الْقُ ْ‬ ‫م بِال ُْعدْوَ ِة ال ُّدن ْ َيا وَ ُه ْ‬ ‫وقال أيضا‪}ِ :‬إذ ْ أَن ْ ُت ْ‬ ‫ي اللهَّ ُ أ َ ْمرا ً كَا َن َمف ُْعوال ً‬ ‫كنْ لِ َيقْ ِ‬ ‫م فِي المْ ِ َ‬ ‫يعادِ و َ َل ِ‬ ‫ُم وَلَوْ ت َ َواعَ دْ مُت ْ لاَ ْخ َت َل ْف ُت ْ‬ ‫ِمنْك ْ‬ ‫ض َ‬ ‫للهَّ‬ ‫يم{‬ ‫ك َمنْ َهل َ‬ ‫لِ َي ْه ِل َ‬ ‫َك عَ نْ ب َ ِّي َن ٍة وَي َ ْ‬ ‫ح َيى َمنْ َحيَّ عَ نْ ب َ ِّي َن ٍة و َ ِإنَّ ا َ ل َ​َس ِمي ٌع عَ ِل ٌ‬ ‫[ألنفال‪ ]42:‬وهكذا كانت الغزوتان فقد كان قدر اهلل وتوفيقه في إمتامهما على‬ ‫الوجه الذي متتا عليه‪ ،‬وقد أغشى اهلل أبصار الكفار وجعل من بني أيديهم سدا ً‬ ‫‪ -  1‬األمير العام لقاعدة اجلهاد في أفغانستان وعضو مجلس شورى القاعدة وأحد مؤسسيها حفظه اهلل ونفع به‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫ومن خلفهم سداً‪ ،‬وحفظ اجملاهدين التسعة عشر حتى متت الغزوتني بفضل‬ ‫اهلل‪ ،‬ولوال أن اهلل قد أرادها كما متت ملا متت‪ ،‬فقد يخطط البشر ويسعون في‬ ‫العمل والتنفيذ‪ ،‬ثم ال يتم لهم ما خططوه وأرادوه‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬لقد أراد اهلل من غزوة بدر أن تكون مثاال ً عملياً‪ ،‬وجترب ًة واقعية أن العدو‬ ‫الكافر مهما كانت قوته وعدته وعتاده فهو ضعيف أمام قوة املؤمنني حقا ً باهلل‪،‬‬ ‫املتصلة قلوبهم باهلل‪ ،‬مهما كان ضعفهم وقلة عدتهم وعتادهم‪ ،‬وكما قال‬ ‫سيد قطب رحمه اهلل عن غزوة بدر في ظالله‪( :‬ذلك لتتزود العصبة املسلمة‬ ‫من هذه التجربة الواقعية ملستقبلها كله‪ ،‬ولتوقن كل عصبة مسلمة أنها‬ ‫متلك في كل زمان وفي كل مكان أن تغلب خصومها وأعداءها مهما تكن هي‬ ‫من القلة ويكن عدوها من الكثرة‪ ،‬ومهما تكن هي من ضعف العدة املادية ويكن‬ ‫عدوها من االستعداد والعتاد‪ ..‬وما كانت هذه احلقيقة لتستقر في القلوب كما‬ ‫استقرت باملعركة الفاصلة بني قوة اإلميان وقوة الطغيان‪.)..‬‬ ‫ضربت أمريكا اجملرمة الظاملة في عقر دارها‬ ‫وهكذا كانت الغزوتان‪ ،‬فقد ُ‬ ‫بقلة قليلة وهي التسعة عشر‪ ،‬وعدة وعتاد ال يذكر غير أنهم كانوا يحملون بني‬ ‫ضربت أمريكا ضربة مباركة ال تزال‬ ‫جنوبهم اإلميان القوي باهلل واليوم اآلخر‪ ،‬فقد ُ‬ ‫تترنح منها وستظل إلى ما شاء اهلل‪ ،‬وستكون هاتني الغزوتني املباركتني مثاال ً‬ ‫واقعياً‪ ،‬وجتربة ماثلة للعيان النتصار قوة اإلميان‪ ،‬وإن كانت قليلة العدة والعتاد‬ ‫على قوة الظلم والطغيان‪ ،‬وإن كانت معها القنبلة النووية وأعتى األسلحة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن غزوة بدر الكبرى كانت فرقانا ً بني تاريخني في تاريخ اجلماعة‬ ‫اإلسالمية آنذاك‪ ،‬وفي تاريخ البشرية جميعها قبل هذه الغزوة وبعدها ولذلك‬ ‫سماها اهلل يوم الفرقان يوم التقى اجلمعان‪ ،‬فكانت فرقانا ً بني تاريخ الصبر‬ ‫واملصابرة واالنتظار وكف اليد‪ ،‬وتاريخ احلركة والقوة واجلهاد والقتال بالنسبة‬

‫‪6‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ديزيلا وبأ ىفطصم خيشلا ملقب ةمدقم‬

‫لتاريخ اجلماعة املسلمة‪ ،‬وكانت فرقانا ً في تاريخ البشرية بني تاريخ لم يكن‬ ‫للنظام اإلسالمي فيه أي وجود لدولة قوية مرهوبة اجلناب‪ ،‬إلى تاريخ آخر قامت‬ ‫فيه دولة لإلسالم قوية فتية يخشى قوتها طواغيت األرض‪ ،‬وبدأ الناس يدخلون‬ ‫في دين اإلسالم أفواجاً‪..‬‬ ‫وهكذا كانت الغزوتان فرقانا ً في تاريخ املسلمني عموما ً وتاريخ احلركة‬ ‫اإلسالمية اجلهادية على وجه اخلصوص‪ ،‬فقد فرح املسلمون وشفى اهلل صدورهم‬ ‫من عدوهم‪ ،‬الذي طاملا ضرب وقتل وعربد في بالد اإلسالم‪ ،‬وأعادت للمسلمني‬ ‫الثقة بدينهم‪ ،‬وبقوة وشجاعة أبنائهم وشبابهم‪ ،‬الذين يلتزمون بهذا الدين‪،‬‬ ‫وكانت أيضا ً فرقانا ً للحركة اإلسالمية اجلهادية‪ ،‬فقد أبرزت الغزوتان العدو‬ ‫احلقيقي والطاغوت األكبر الذي يدعم ويقوي الطواغيت الصغار‪ ،‬والذي يجب أن‬ ‫تتجه إليه سهام اجملاهدين‪ ،‬ويوحدوا هدفهم وغرضهم ومقصدهم إليه أوال ً وقد‬ ‫حتقق هذا فعال ً بعد هذا الفتح املبني‪ ،‬وكانت الغزوتان كذلك فرقانا ً بني تشتت‬ ‫أهداف اجملاهدين وجهودهم قبلها وتوحدهم واجتماعهم على هذا الهدف األكبر‬ ‫بعدها‪ ،‬وكانت الغزوتان أيضا ً فرقانا ً بني تاريخ البشرية قبلها وبعدها‪ ،‬فأصبح من‬ ‫املشهور توقيت األحداث واملواقف والتصورات مبا بعد تاريخ الغزوتني‪ ،‬ورأى الناس‬ ‫قوة هذا الدين وأثر اإلميان على التسعة عشر الذين قاموا بهذا العمل املبارك‪،‬‬ ‫ودخل الناس في دين اإلسالم أفواجاً‪.‬‬ ‫وأما أصحاب اجلاه والسلطان وأصحاب الشركات واألموال ورافعو لواء‬ ‫الصليب وعمالئهم‪ ،‬فقد شعروا بقوة اإلسالم وبقوة املسلمني إذا متسكوا‬ ‫بدينهم فأعلنوها حربا ً شعواء على اإلسالم واملسلمني حتت مسمى اإلرهاب‬ ‫والتطرف‪ ،‬وهكذا كانت غزوة يوم الثالثاء املبارك فرقانا ً في تاريخ البشرية بني‬ ‫فسطاط اإلميان واحلق واجلهاد الذي نال شرف رفع لوائه احلركة اجلهادية وقادتها‬ ‫األبطال ومن ورائهم أمة اإلسالم‪ ،‬وفسطاط الصليب والكفر والباطل الذي باء‬ ‫بحمل لوائه الصليبي احلاقد بوش وحلفائه اجملرمني وعمالئه اخلائنني‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫وبعد‪ :‬فهذا ما يحضرنا من أوجه الشبه بني غزوة بدر الكبرى والغزوتني‬ ‫املباركتني وهو اجتهاد منا نسأل اهلل أن يكون صوابا ً ويغفر لنا ما كان فيه من‬ ‫خطأ‪ ،‬أحببنا أن نقدم به لهذا الكتاب الطيب املبارك (اآلثار احلميدة واحملاسن‬ ‫لغزوتي واشنطن ومنهاتن)‪ ،‬وقد بذل كاتبه األخ الفاضل اجملاهد أبو عبيدة‬ ‫املقدسي جهدا ً مباركا ً طيبا ً مشكورا ً نسأل اهلل أن يتقبله منه ويجعله في‬ ‫ميزان حسناته‪.‬‬ ‫وقد وفق اهلل كاتبه في اإلتيان باحلجج والبراهني واألدلة على ما قاله من‬ ‫أفواه األعداء وتقريراتهم‪ ،‬وكما يقال احلق ما شهدت به األعداء‪ ،‬حتى ال يبقى‬ ‫خملالف حجة وال ملرجف أو مخذل محجة‪.‬‬ ‫وألن الكاتب من مجاهدي احلركة اجلهادية واملتحركني لهذا الدين‪ ،‬فقد فتح‬ ‫اهلل عليه من أبواب اخلير والفهم والهداية ما استطاع أن يجمع من اآلثار احلميدة‬ ‫اه ُدوا فِي َنا‬ ‫للغزوتني ما لم يجمعه غيره فيما نعلم وصدق اهلل القائل‪} :‬وَال َّ ِذي َن َج َ‬ ‫م ُس ُب َل َنا و َ ِإنَّ اللهَّ َ لمَ َ َع المْحُ ْ ِس ِنني َ{ (العنكبوت‪)69:‬‬ ‫َل َن ْه ِديَن َّ ُه ْ‬

‫فنسأل اهلل أن ينفع بهذا الكتاب‪ ،‬ويهدي به من ينشد الهداية‪ ،‬ويكون منارا ً‬ ‫ومرشدا ً للمجاهدين في سبيل اهلل‪.‬‬ ‫واحلمد هلل رب العاملني‬ ‫وكتبه‬ ‫مصطفى أبو اليزيد‬ ‫‪ 25‬رجب ‪ 1428‬املوافق ‪2007 / 8/ 8‬‬

‫‪8‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ةمدقملا‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫املقدمة‬

‫احلمد اهلل الذي أنزل احلديد فيه بأس شديد ومنافع للناس‪ ،‬وقدر األيام فهي‬ ‫دول بني األجناس‪ ،‬وأصلي وأسلم على املبعوث بالقرآن نذيرا ً وبشيرا ً فال اعوجاج‬ ‫في دعوته وال التباس‪ ،‬وعلى آله وأصحابه خير من جاهد بالسيف فلم يتركوا‬ ‫للباطل أي ركن أو أساس‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فمما ال شك فيه وال ريب‪ ،‬وال تزييف بني ثناياه وال خداع‪ ،‬أن ألحداث يوم‬ ‫الثالثاء املبارك أو ما اصطلح عليه بني أمم األرض وتعورف بأحداث يوم احلادي عشر‬ ‫بينا ً في تغيير مسار مجرى التاريخ‪ ،‬وعامال ً واضح املعالم في‬ ‫من سبتمبر‪ ،‬أثرا ً ِّ‬ ‫إعادة صياغة أحرف كتابته‪ ،‬فقد غدا هذا اليوم املبارك في أذهان الكثيرين يوما ً‬ ‫يؤرخ فيه‪ ،‬فوجه العالم الذي بدا قبل احلادي عشر هو غير ذاك الوجه الذي أطل‬ ‫بعده‪.‬‬ ‫ومنذ اللحظات األُول لذاك اليوم‪ ،‬الذي حمل بني طياته املسرات‪ ،‬وأقبلت‬ ‫بني ثناياه البشارات للمستضعفني في األرض‪ ،‬أطلت بعض الرؤوس – وياليتها‬ ‫لم تطل ولزمت الصمت‪ ،‬وعكفت على خاصة أمرها‪ ،‬فراحت واستراحت‪ ،‬وكَفت‬ ‫املسلمني ‪ -‬وقد أخذت على عاتقها مسؤولية التشويش على نصاعة هذا احلدث‬ ‫اجلليل‪ ،‬والتحقير من شأن هذا العمل العظيم‪ ،‬وإظهاره مبظهر احلدث املأساوي‬ ‫الذي لم يجلب على األمة سوى الرزايا واخلطوب‪ ،‬التي ال يستطيع مدقق حساب‬ ‫أن يحيط بها عدَّا !!‬ ‫فلقد درج الكثير ممن ناوئ الفئة اجملاهدة‪ ،‬والسذج من الطيبني الذين انطوت‬ ‫عليهم حيل الطاغوت‪ ،‬أو من راجت في أذهانهم بعض املصالح الفاسدة التي‬ ‫تزينت في أذهانهم‪ ،‬درجوا على تشكيك األمة احملمدية بجدوى غزوة القرن‪ ،‬فتارةً‬

‫‪9‬‬


‫أبرزوا آثارها السيئة – زعموا – التي جلبتها على األمة اإلسالمية‪ ،‬وتارةً أخرى‬ ‫طعنوا بأدلتها الشرعية(((‪ ،‬التي استند إليها من جاد بنفسه لرفع كابوس الذلة‬ ‫واملهانة الذي الزم األمة‪ ،‬وفي الوقت ذاته محق رموز اآللهة املزعومة (الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية) وقهرها وجعلها أضحوكة الشرق وأحدوثة الغرب‪.‬‬ ‫وملا أن كان األمر كما ذكرنا‪ ،‬واحلال كما وصفنا‪ ،‬فقد آملني أن أعمى ذاك النفر‬ ‫أبصارهم عن مزايا هذا احلدث التاريخي العظيم‪ ،‬فلم أجد واحلالة تلك سوى أن‬ ‫أعزم أمري‪ ،‬وأشحذ همتي‪ ،‬وأس ّن قلمي‪ ،‬وأتوكل على خالقي‪ ،‬وأشرع بتسطير‬ ‫ما بني أيديكم‪ ،‬ذبا ً عن الدين‪ ،‬ودفاعا ً عن املوحدين‪ ،‬ونصرةً للمجاهدين وإحقاقا ً‬ ‫للحق املبني‪ ،‬الذين ندين اهلل به‪ ،‬ونرجو ثوابه بإظهاره لعباده املوحدين‪.‬‬ ‫وهذا الذي أضعه بني أيديكم‪ ،‬إمنا هو جهد متواضع‪ ،‬لعبد فقير ضعيف‪،‬‬ ‫عمل فيه جاهدا ً على استقصاء اآلثار احلميدة‪ ،‬وجمع احملاسن اجلمة‪ ،‬التي جلبتها‬ ‫بني طياتها غزوة القرن‪ ،‬وجادت بها سحب خيرها على أمة اإلسالم‪ ،‬فكانت‬ ‫بحق نصرا ً لها ومتكيناً‪ ،‬وعزا ً وفتحا ً مبيناً‪ ،‬وكانت لعدوتها (طاغوت العصر) ذل ًة‬ ‫ومهانة‪ ،‬وضعفا ً وانكساراً‪ ،‬وصغارا ً وخذالناً‪ ،‬كما سنرى ذلك مسطرا ً بني ثنايا‬ ‫هذه الورقات‪.‬‬ ‫ومما ميز هذا العمل املتواضع‪ ،‬أن استندت في إثبات صحة ما أحطت به من‬ ‫آثار حميدة ومزايا حسنة‪ ،‬على أقوال أبناء الغرب النصراني‪.‬‬ ‫فتارة أستشهد بأقوال سادة الصليبيني‪ ،‬واعتراف قادتهم العسكريني‪ ،‬وتارة‬ ‫أخرى بإقرارات رواد فكرهم‪ ،‬وشهادة عظماء تنظيرهم‪ ،‬وأبرز كتاب صحفهم‪،‬‬ ‫وتارة ثالثة باستفتاءات القنوات الفضائية‪ ،‬ومراكز األبحاث املتخصصة‪.‬‬ ‫وما هذا اجلمع وذاك االستقصاء‪ ،‬إال ليدرك كل من في نفسه شيء من‬ ‫‪ -  1‬وقد كفانا الشيوخ األفاضل الرد على شبه هؤالء النفر وهلل احلمد واملنة‪ ،‬وملن أراد التفصيل الفقهي للمسألة والدراسة‬ ‫العلمية فاليراجع كتاب «حقيقة احلرب الصليبية» للشيخ يوسف العييري رحمه اهلل‪ ،‬وكتاب «التأصيل ملا جرى ألمريكا‬ ‫من التدمير» للشيخ عبد العزيز اجلربوع‪ ،‬وفتوى العالم حمود الشعيبي رحمه اهلل وغيرهم من علماء التوحيد‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ةمدقملا‬

‫هذه الغزوة‪ ،‬أن آثارها احلميدة قد شهد به العدو قبل الصديق‪ ،‬فيردعه ذلك عن‬ ‫الطعن باجلهاد وأهله‪ ،‬ولعل اهلل يشرح صدره فينشغل بنشر محاسنها بني‬ ‫عباده‪ ،‬فيناله األجر والثواب‪ ،‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫وفي اخلتام أقول‪ :‬إن هذه الغزوة املباركة‪ ،‬ستبقى شاهدة والى يوم الدين‪ ،‬على‬ ‫أن هناك فئة من اجملاهدين غرباء آخر الزمان‪ ،‬قد أبت عليهم نخوتهم اإلميانية‪،‬‬ ‫وروحهم األبية‪ ،‬ورجولتهم الشريفة‪ ،‬أن يضعوا الدنية في دينهم لصليبي حاقد‪،‬‬ ‫أو ملرتد آثم‪ ،‬أو مللحد عربيد‪ ،‬فكفروا بكل اآللهة التي تعبد من دون اهلل يوم‬ ‫غصت بها األرض‪ ،‬وآلو على أنفسهم أن ينفضوا غبار الذلة والتبعية‪ ،‬وأن‬ ‫أن َّ‬ ‫يستلوا سيوفهم‪ ،‬ويرحلوا بها إلى قلب عدوهم‪ ،‬ويُعملوه بال رحمة في شريان‬ ‫حياته‪ ،‬انتقاما ً لدين ربهم وثأرا ً للثكالى واألرامل واأليتام‪ ،‬ونصرةً للمستضعفني‬ ‫من أهل السنة الذين سامهم معبود املرتدين (الواليات املتحدة األمريكية)‪ ،‬كل‬ ‫خسف وأوقع بهم كل جور‪ ،‬ال لذنب سوى ألنهم من ورثة محمد صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫هذا وإنني أتضرع إلى اهلل العلي القدير‪ ،‬أن يتقبل منا هذا العمل‪ ،‬ويجعله‬ ‫خالصا ً لوجهه الكرمي‪ ،‬وأن يجعل فيه اخلير والسداد ألبناء التوحيد‪ ،‬والهداية‬ ‫والرشاد ملن ناوأهم ممن تكالب على اجلهاد وأهله‪ ،‬واعلم حفظك اهلل أن هذا جهدٌ‬ ‫بشري فما كان منه صوابا ً فمن اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وما كان من خطأ فمن‬ ‫نفسي والشيطان‪ ،‬واهلل ورسوله منه بريئان‪ ،‬واستغفر اهلل من ذلك‪ .‬وآخر دعوانا‬ ‫أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬ ‫كُتب من بعض الثغور في ‪ 1428 / 4 /3‬املوافق ليوم السبت ‪2007 / 5 / 19‬‬ ‫خادم اجلهاد واجملاهدين‬ ‫أبو عبيدة املقدسي‬ ‫عبد اهلل بن خالد العدم‬ ‫كان اهلل له‬

‫‪11‬‬


‫بني يدي األحداث‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫إن صراع فسطاط احلق مع فسطاط الباطل‪ ،‬لهو صراع قدمي ممتد منذ أن‬ ‫خلق اهلل عز وجل آدم عليه السالم‪ ،‬والى أن يرث اهلل األرض ومن عليها‪ ،‬فقد‬ ‫شاء اهلل ‪ -‬وله األمر واخللق ‪ -‬وأراد وقدر منذ األزل‪ ،‬أن يكون صالح أمر الدنيا‬ ‫ودميومة العيش البشري فيها وعمارتها‪ ،‬قائم أساسا ً على سنة التدافع‪ ،‬بني قوى‬ ‫اخلير املتمثلة بالرسل وأتباعهم‪ ،‬وبني قوى الشر التي يتصدر زمام أمرها أزالم‬ ‫اجلاهلية وأشياعهم‪ ،‬ومن خالل استقراء نصوص الوحي الرباني‪ ،‬نرى مصداق‬ ‫للهَّ‬ ‫ت األَرْض}‬ ‫ض لَفَ َس َد ِ‬ ‫م ب ِ َب ْع ٍ‬ ‫اس ب َ ْع َ‬ ‫ذلك في قوله تعالى‪{ -:‬وَلَوْال دَ ْف ُع ا ِ الن َّ َ‬ ‫ض ُه ْ‬ ‫للهَّ‬ ‫ت‬ ‫ض ُهم ب ِ َب ْع ٍ‬ ‫اس ب َ ْع َ‬ ‫[البقرة‪ ،]251:‬وقوله تعالى‪{ -:‬وَلَوْلاَ دَ ْف ُع ا ِ الن َّ َ‬ ‫ض ل َُّهدِّ َم ْ‬ ‫يها ْ للهَّ‬ ‫نصرَنَّ اللهَّ ُ َمن‬ ‫ات و َ َم َسا ِج ُد يُذْكَر ُ فِ َ‬ ‫ص َو ِ‬ ‫ام ُع وَب ِ َي ٌع وَ َ‬ ‫َ‬ ‫اس ُم ا ِ كَثِيرا ً وَل َ​َي ُ‬ ‫صل َ​َو ٌ‬ ‫نصر ُ ُه ِإنَّ اللهَّ َ لَقَ ِو ٌّي عَ ِزيز ٌ } [احلج‪]40‬‬ ‫يَ ُ‬ ‫فالتدافع بني اخلير والشر سنة كونية وفريضة قدرية‪ ،‬حتى يعبد اهلل وحده‬ ‫ال شريك له‪ ،‬وتستمر البشرية في مسارها الذي أراده اهلل وحدده لها‪..‬‬ ‫ولقد أعلمنا العزيز احلكيم‪ ،‬وبينَّ لنا في كتابه الكرمي‪ ،‬أن أرباب اجلاهلية‬ ‫لن يتركوا هذا الدين وشأنه‪ ،‬ولن يخلوا بينه وبني من يقصده من املوحدين‪،‬‬ ‫اس َت َطاعُ واْ}‬ ‫ُم ِإ ِن ْ‬ ‫م عَ ن دِي ِنك ْ‬ ‫ى يَرُدُّوكُ ْ‬ ‫فقال عز من قائل‪{ :‬وَال َ يَزَالُو َن يُقَ اتِلُونَك ْ‬ ‫ُم َحتَّ َ‬

‫‪12‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ادحألا يدي نيب‬

‫[البقرة‪ ]217‬إن هذه اآلية الكرمية وغيرها الكثير في كتاب اهلل‪ ،‬لتحكي بكل‬ ‫وضوح قصة هذا الدين العظيم مع خصومه املعاندين‪ ،‬وترسم لنا الطريق‬ ‫بينا ً ملن أراد أن يدرك حقيقة العالقة بني أولياء‬ ‫السوي القومي واضح املعالم ِّ‬ ‫الرحمن وأعوان الشيطان‪.‬‬ ‫فاجلاهلية املنتفشة بالكبر والباطل‪ ،‬واحملفوفة بالعناد واالستعالء ال يسرُّها‬ ‫أبدا ً وال يسعدها بتاتا ً وال يروق لها بالكلية‪ ،‬أن ترى احلق الناصع بجوهرة التوحيد‬ ‫يعلو ويسمو ويزهو‪ ،‬ويبلغ أقصى مداه‪ ،‬وهي واقفة جامدة ال حترك ساكناً‪ ،‬والغرمي‬ ‫بجانبها يصول ويجول ليبلغ ما بلغ الليل والنهار‪.‬‬ ‫لذا وجب عليها وجوبا ً أوحى به الشيطان لها‪ ،‬أن تستنفر قواها وجتيش‬ ‫جيوشها‪ ،‬وتعد عدتها للوقوف سدا ً منيعا ً في وجه احلق القادم بقوة ليحطم‬ ‫أصنامها‪ ،‬ويسفه أحالمها‪ ،‬ويئد جاهليتها التي أعلنت احلرب على اهلل بكافة‬ ‫أشكالها‪.‬‬ ‫وبعد كثير استحضار بدأ مسلسل الصراع احلتمي بني الفريقني‪ ،‬وفي كل‬ ‫مرة تنقلب اجلاهلية على أعقابها‪ ،‬وترتد على أدبارها‪ ،‬وتفر ُّ ألوكارها منكسرةً‬ ‫ذليلة‪ ،‬جتر أذيال خيبتها‪ ،‬وقد عالها اخلسران والبوار‪ ،‬وجللها الهوان والشنار‪،‬‬ ‫وأحاط بها االنهزام والصغار‪.‬‬ ‫وفي املرة األخيرة استنفرت اجلاهلية – التي تولى ِكبر أمرها وقاد زمام قيادتها‬ ‫أبناء التثليث النصراني – قساوسة دجلها‪ ،‬ودهاقنة باطلها‪ ،‬وأساطني مكرها‪،‬‬ ‫وأباطرة غيها‪ ،‬ورواد خبثها‪ ،‬وسرعان ما غزت جحافلها بالد املشرق اإلسالمي‪ ،‬بعد‬ ‫أن متكنت من علومه‪ ،‬ودرسته دراسة واعية‪ ،‬وأحاطت بفنونه وأبجدياته‪ ،‬فأدركت‬ ‫سرَّه العظيم‪ ،‬وأحاطت بعوامل بقائه‪ ،‬وأسباب دميومته واستمراره‪.‬‬ ‫وما لبثت بعد أن متكنت منه أن أتت على اخلالفة اإلسالمية فقضت على‬ ‫منارتها الباسقة‪ ،‬وعطلت أحكام القضاء اإلسالمي‪ ،‬وغيبت الشريعة الربانية‬ ‫عن احلكم‪ ،‬واستبدلتها بشريعة إبليسية من صنع أهواء البشر‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫ورويدا ً رويداً‪ ،...‬انسلخت األمة احملمدية عن ماضيها التليد‪ ،‬وحالت الرزايا‬ ‫واخلطوب بينها وبني مقومات وجودها كأمة سائدة حاكمة رائدة‪.‬‬ ‫ولم تكد اجلماهير املسلمة تفيق من تلك الكوارث التي حلَّت بها‪ ،‬حتى‬ ‫صعقت بضياع فلسطني‪ ،‬واحتالل اليهود لها‪ ،‬لتعلو النجمة السداسية وترفرف‬ ‫ُ‬ ‫بحرية فوق مسرى محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫وحتت ظل تلك األجواء النكدة وقد سادت شريعة الشيطان‪ ،‬وأُقصيت عن‬ ‫احلكم شريعة الرحمن‪ ،‬عاش املسلمون في دركات من اجلهل والظلم‪ ،‬ومترغوا في‬ ‫دياجير الذلة واملهانة‪ ،‬وغرقوا في بحور الشهوات التي أنستهم تاريخهم اجمليد‪،‬‬ ‫وألهتهم عن حاضرهم القريب‪ ،‬وصرفتهم عن مستقبلهم الذي ينتظر‪.‬‬ ‫فعانوا الويالت تلو الويالت‪ ،‬وجترعوا غصص املرارة‪ ،‬واكتووا بنار احملنة والغربة‪،‬‬ ‫وغدا حماهم نهبا ً مشاعا ً لكل غاز متجبر‪ ،‬وطامع عربيد‪ ،‬ومحتل آثم‪ ،‬وكأل ً‬ ‫مباحا ً للكالب العوادي والذئاب الضواري‪ ،‬فال مغيث لهم من أبناء جلدتهم وال‬ ‫مجيب‪.‬‬ ‫وفي خضم تلك الرزايا واخلطوب‪ ،‬وعلى قدر من اهلل غزت اجلحافل السوفيتية‬ ‫امللحدة بالد األفغان‪ ،‬لتتوهج من فوق ذراها ‪ -‬بعد أن عاث الشيوعيون فيها قتالً‪،‬‬ ‫وذبحاً‪ ،‬وانتهاكا ً لألعراض‪ -‬شعلة اجلهاد‪ ،‬التي ما لبثت أن ازدادت توقدا ً بالتفاف‬ ‫العديد من أفذاذ هذه األمة حولها‪ ،‬وعلى رأسهم الشيخ الفقيه اجملدد لفريضة‬ ‫اجلهاد‪ ،‬وعبادة القتال عبد اهلل بن يوسف عزام – رحمه اهلل‪ -‬الذي واصل الليل‬ ‫بالنهار دعوةً وحتريضا ً باللسان‪ ،‬وقتاال ً بالسيف والسنان‪ ،‬وسرعان ما أتت دعوته‬ ‫املباركة أُكلها‪ ،‬وبارك اهلل غرسها‪ ،‬فدبَّت الروح في أوصال األمة املمزقة‪ ،‬وبعثت‬ ‫النخوة اإلميانية في النفوس الشاردة‪ ،‬وأحيت قلوبا ً كانت مواتاً‪ ،‬فغدت تتوهج‬ ‫حرق ًة على الدين واحملارم‪.‬‬ ‫وسقط الدب الروسي في مستنقع آثامه غير مأسوف عليه‪ ،‬ولم تعد له‬ ‫بعد تلك السقطة املميتة أي قيمة في عالم الدول واملمالك‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ادحألا يدي نيب‬

‫وسرعان ما تبع اندحاره سقوط كابل بأيدي األحزاب اجملاهدة‪ ،‬التي لم يتق‬ ‫الكثير منها اهلل في دماء اجملاهدين‪ ،‬فأعملت سيوفها في رقاب بعضها البعض‪،‬‬ ‫طمعا ً في امللك‪ ،‬ورغب ًة في الصوجلان‪ ،‬وحبا ً في الزعامة‪ ،‬وحرصا ً على الذكر‬ ‫والثناء‪.‬‬ ‫وأبى اهلل العلي القدير رغم ذاك التناحر أن يضيع الدماء الزكية‪ ،‬التي سالت‬ ‫َّص من اجملاهدين‬ ‫أنهرا ً بنية دحر الطاغوت‪ ،‬وإقامة حكم اهلل في األرض‪ ،‬وأنال اخلُل َ‬ ‫ما كانوا يصبون إليه‪ ،‬ويتطلعون يوما ً لتحقيقه في عالم األحياء ودنيا البشر‪.‬‬ ‫فبعد أن خيمت سحب الظالم القامتة على ديار اإلسالم ردحا ً من الزمان‪،‬‬ ‫بدأت أنوار اجملد تشع من جديد بسناها من فوق رواسي خراسان‪ ،‬مبددة ليل أمة‬ ‫التوحيد احلالك بسنا ضيائها الوهاج‪ ،‬ومؤذنة بعودة اإلسالم ليحكم ويسود‪،‬‬ ‫بعد أن غابت أنواره الربانية عن واقع البشرية عقودا ً طواالً‪.‬‬ ‫ويسر اهلل وكانت إشراقة فجر حركة طالبان (الشريعة والقرآن) – أعادها‬ ‫اهلل للمسلمني عزيزةً وردها للسيادة واحلكم – وبزغ جنمها‪ ،‬واشتهر أمرها‪ ،‬وراحت‬ ‫كواكب املهاجرين على إثر ذاك البزوغ املبارك بالعودة إليها‪ ،‬ومن بني أولئك النفر‬ ‫صنَّاع قرار غزوتي واشنطن ومنهاتن‪ ،‬الذين اصطفاهم اهلل على علم‬ ‫العائد كان ُ‬ ‫واختارهم ستارا ً لقدره‪ ،‬يصنع بهم ما شاء ‪ -‬نحسبهم من الصاحلني اجملاهدين‬ ‫وال نزكي على اهلل أحدا ً ‪ ،-‬وبارك اهلل اجلهود‪ ،‬وأنفذ اهلل على أيديهم غزوة القرن‪،‬‬ ‫ليغدوا العالم بعد ذلك‪ ،‬على وجه غير الوجه الذي بدا عليه‪ ،‬قبل احلادي عشر‬ ‫من سبتمبر‪.‬‬ ‫فلقد جاءت هذه األحداث اجلسام‪ ،‬في غير السياق الذي رسمه أباطرة املكر‬ ‫األمريكي‪ ،‬وصنعه ومتناه أساطني فكرهم‪ ،‬وأرباب تصورهم‪.‬‬ ‫فقد غدت مقولة القرن األمريكي سرابا ً في سراب‪ ،‬وأمست نظرية نهاية‬ ‫التاريخ أوهاما ً في أوهام‪ ،‬وبات حلم اإلمبراطورية األمريكية التي ال تقهر في طي‬ ‫الكتمان‪ ،‬وبني ثنايا صفحات النسيان‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫وجاءت هذه الغزوة أيضاً‪ ،‬في سياق الصراع القدمي املتجذر‪ ،‬واملمتد امتداد‬ ‫الوجود البشري فوق هذه البسيطة‪ ،‬فهي شكلٌ من أشكال ذاك الصراع املتعدد‬ ‫حتمي يتماشى مع السنن‬ ‫اجلوانب‪ ،‬بني فسطاط احلق وفسطاط الباطل‪ ،‬وهو أمر ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الكونية‪ ،‬ويحقق املطلب اإللهي بدفع الشر‪ ،‬والنيل من فسطاطه‪.‬‬ ‫فإما أن تسود شريعة التوحيد‪ ،‬أو يعلوا الثالوث النصراني‪ ،‬وإما أن تخضب‬ ‫شوكة اجلاهلية وأزالمها‪ ،‬وإما أن يرتع املسلمون في وهاد الذلة وجنود املهانة‪...‬‬ ‫وإما أن تكون كلمة اهلل هي العليا‪ ،‬وإما أن تكون كلمة هبل العصر وطاغوت‬ ‫الزمان هي األعلى‪.‬‬ ‫نعم لقد جاءت هذه الغزوة املباركة كرسالة صادقة‪ ،‬مسطرة بحروف‬ ‫تقطر دما ً لكل متجبر مكابر‪ ،‬وطاغية متأله‪ ..‬رسالة مفادها أن أبناء التوحيد لن‬ ‫يرضوا الذلة‪ ،‬ولن يضعوا الدنية‪ ،‬وأنهم قادمون بكل عزم لتحطيم اآللهة التي‬ ‫تعبد من دون اهلل‪ ،‬وكسر هيبة تلك األصنام التي أذلت العباد‪ ،‬وتدمير سلطانها‬ ‫الطاغوتي‪ ،‬وتنصيب القرآن الكرمي ليحكم البشرية أجمع‪...‬‬ ‫واهلل غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪...‬‬

‫‪16‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫راغمو ضرألا قراشم يف مالسإلا ءانبأ ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة على أبناء اإلسالم‬ ‫في مشارق األرض ومغاربها‬

‫لقد تركت أحداث يوم الثالثاء املبارك‪ ،‬على أبناء األمة احملمدية أثارا ً حميدة‪،‬‬ ‫ومحاسن جمة‪ ،‬ال يعرف مدى نفعها وعظيم خيرها إال العلي القدير‪ ،‬الذي بارك‬ ‫خطوات تلك الكوكبة التي دكت عروش الباطل‪ ،‬وأتت على بنيانه من القواعد‪،‬‬ ‫وأحالت أبراج شموخه وغطرسته احملاربة هلل ورسوله هبا ًء منثورا(((‪.‬‬ ‫فقد أيقظت أحداث ذلك اليوم الشباب املسلم من سباته الطويل‪ ،‬الذي‬ ‫امتد لعقود عديدة‪ ،‬بفعل احلبوب اخملدرة التي طاملا جرَّعهم إياها السياسيون‬ ‫وأصحاب النظريات السلمية االنهزامية‪ ،‬التي ما زادت األمة إال انتكاسا ً وانحدارا ً‬ ‫إلى الهاوية‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪.‬‬ ‫وبعثت في وجدانهم التائه الغيرة اإلسالمية واحلمية اإلميانية‪ ،‬ودبَّت في‬ ‫أوصالهم املمزقة الروح األبية والنخوة احملمدية‪ ،‬التي ما فتئ الطواغيت من‬ ‫عرب وعجم يعملون وبكل إخالص لسادتهم النصارى على نزعها من القلوب‪،‬‬ ‫وسحقها وجعلها رهينة الذل واالستكانة‪ ،‬وغدت ‪ -‬بفضل اهلل – مصدر إلهام‬ ‫للشباب املسلم‪ ،‬ومثلٌ يحتذى ملن أراد أن يعلو بأمته الكرمية وي ُ َسودها كرسي‬ ‫اخلالفة الراشدة‪.‬‬

‫‪ -  1‬من املعلوم أن برجي التجارة العاملي هما مركز الربا في العالم‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫يقول الكاتب األمريكي املتصهني ريوفن كورت في مقاله الذي ترجمه‬ ‫للعربية محمد اخملتار الشنقيطي‪( :‬إن حتطيم مركز التجارة العاملي والهجوم‬ ‫على البنتاغون – رمزَا القوة االقتصادية والعسكرية األمريكية – لهو عمل ال‬ ‫يضاهيه شيء في البشاعة‪ ،‬واألخطر من ذلك أنه سيصبح سابقة وإلهاما ً‬ ‫للمعتدين في املستقبل‪ ...‬لقد اختار أعداء احلضارة الغربية مركز التجارة العاملي‬ ‫والبنتاغون نظرا ً ألهميتهما كرمزين في مجتمعنا‪ ،‬فكان الهدف من تدميرهما‬ ‫هو إيجاد خواء سلبي في نفوس األمريكيني وكل املؤمنني بالدميقراطية‪ ،‬وتقويض‬ ‫ثقتنا في قوتنا‪ ،‬وسيكون في الالئحة مستقبال ً – لو أتيح لِلمجاهدين االستمرار‬ ‫في مسارهم – البيت األبيض‪ ،‬ومتثال احلرية‪ ،‬وجسر البوابة الذهبية‪ ،‬وساعة (بيغ‬ ‫بن) وبرج (إيفل)‪ ،‬والكرملني‪ ،‬فكل هذه في خطر داهم كما يعرف اجلميع‪ ،‬فقد‬ ‫انفتحت شهية أتباع اإلسالم الراديكالي‪ ،‬ووجدوا إلهاما فيما حدث‪.((()..‬‬ ‫وكانت الغزوة بحق الصاعق الذي فجر طاقات الشباب املسلم‪ ،‬ذاك الشباب‬ ‫الذي ُمورس عليه من فنون التضليل‪ ،‬وأساليب نزع الثقة وطمس معاملها في‬ ‫النفوس‪ ،‬وجعلها رهينة العجز والكسل ما مورس(((‪.‬‬ ‫نعم لقد كان للغزوة أثر ٌ عظيم‪ ،‬ال ينكره إال جاحد وال يتجاهله إال أعمى‬ ‫البصر والبصيرة‪ ،‬وال يبخسه حقه إال مريض القلب منتكس الفطرة(((‪.‬‬ ‫‪ -  2‬ترجمة حرفية عن مجلة "إسرائيل من الداخل" ـــ ‪ Israel Insider‬ـــ ركن" آراء" ــ ‪ Views‬ــ وكاتب املقال‬ ‫هو ريوفن كورت املدير الناشر للمجلة‪.‬‬ ‫‪ -  3‬يقول أحد مسؤولي وزارة اخلارجية الفرنسية‪( :‬إن العالم اإلسالمي عمالق مقيد‪ ،‬لم يكتشف نفسه بعد حتى اآلن‬ ‫اكتشافا ً تاماً‪ ،‬فهو حائر‪ ،‬وهو قلق‪ ،‬وهو كاره النحطاطه وتخلفه‪ ،‬وراغب رغبة يخالطها الكسل والفوضى في مستقبل‬ ‫أحسن وحرية أوفر‪ ..‬عدم االنتاج الصناعي والفني‪ ،‬حتى ال ينهض‪ ،‬فإذا عجزنا عن حتقيق هذا الهدف‪ ،‬بإبقاء املسلم‬ ‫متخلفاً‪ ،‬وحترر العمالق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه‪ ،‬فقد بؤنا بإخفاق خطير‪ ،‬وأصبح العالم العربي‪ ،‬وما وراءه‬ ‫من الطاقات اإلسالمية الضخمة خطرا ً داهما ً ينتهي به الغرب‪ ،‬وتنتهي معه وظيفته احلضارية كقائد للعالم‪ .)..‬انظر‬

‫مجلة روز اليوسف في عددها الصادر بتاريخ ‪1963/6/29‬‬ ‫‪ -  4‬وإليكم أيها اجلاحدون املنكرون املشككون ما قاله الكاتب األمريكي املشهور لويس البالم رئيس حترير مجلة هاربرز‪( :‬لقد‬ ‫أنهت أحداث سبتمبر التميز األمريكي عن بقية العالم ووضعت األمريكان على األرض وضمن الكرة األرضية يصيبهم ما‬ ‫يصيب كل الشعوب التي اكتوت بسياساتهم‪ ،‬كما أنهى احلدث ‪ -‬فعليا ً ‪ -‬إدعاء األمريكان بأحقيتهم للهيمنة على هذا‬ ‫العالم)‪ .‬فهل آن لألقالم املتآمرة على اجلهاد أن تتكسر وتستحي من نفسها؟!‬

‫‪18‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫راغمو ضرألا قراشم يف مالسإلا ءانبأ ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫فكم من شاب تائه عاد إليه صوابه على أنغام ارتطام تلك الطائرات بأهدافها‪،‬‬ ‫وكم من موح ٍد استقام أمره بعد طول شرود وكثير ضياع‪ ،‬والتزم الطريق القومي‪،‬‬ ‫وتذوق حالوة اإلميان‪ ،‬وارتقى صهوة جواده ونفر في سبيل ربه ليذود عن حمى‬ ‫التوحيد بعد أن شاهد اصطدام الصقور احملمدية بأبراج الشر في األرض‪ ،‬وكم‬ ‫من شهي ٍد ماجد سطرنا سيرته العطرة‪ ،‬قد تنسم عبير الهداية‪ ،‬وأريج اإلنابة‪،‬‬ ‫بعد أن عاين تلك الصور اخلالدة‪ ،‬التي أحيت في النفوس معاني العزة‪ ،‬ورسمت‬ ‫(((‬ ‫طريق الكرامة للباحثني عن مجد هذا الدين‪.‬‬ ‫ومن أثارها احلميدة‪ :‬أن قضت على مفهوم املستحيل وغير املمكن‪ ،‬هذا‬ ‫املفهوم سيء الذكر‪ ،‬الذي عشعش ولسنوات طوال في قلوب أبناء اإلسالم‪،‬‬ ‫وسيطر على أذهانهم‪ ،‬وشلَّ حركة أركانهم‪ ،‬وجعلهم عبيدا ً لواقعهم املزري‪،‬‬ ‫الذي لو استنطقته لقال وعلى ألسنة الكثيرين‪( :‬ليس في اإلمكان أبدع مما‬ ‫كان)‪.‬‬ ‫أجل لقد سحقت حوافر خيل التسعة عشر موحدا ً هذا املفهوم‪ ،‬وأعادت‬ ‫الثقة إلى نفوسهم املهتزة‪ ،‬وزرعت األمل في وجدانهم املشتت‪ ،‬وأظهرت وبكل‬ ‫وضوح ال غبش فيه‪ ،‬أن هناك من أبناء األمة اإلسالمية من هو قادر‪ -‬بتوفيق اهلل‬ ‫– على إنزال العقاب في تلك اآللهة الباطلة (أمريكا)‪ ،‬وأنه وبجهود فردية ميكن‬ ‫متريغ أنف حاملة لواء الصليب بالوحل والتراب‪ ،‬فما هو واهلل إال توكل صادق‬ ‫على اهلل‪ ،‬وعزمية ال تعرف الكلل وال يتخللها الوهن‪ ،‬ونرى األعاجيب من الوجوه‬ ‫املتوضئة والسواعد الطاهرة‪.‬‬ ‫وأظهرت الغزوة كذلك‪ :‬أن هذه األمة أمة خير ولود(((‪ ،‬قادرة وباستمرار على‬ ‫‪ -  5‬وما عليك أخي القارئ سوى أن تتصفح كتابنا ( شهداء في زمن الغربة ) لتدرك حقيقة ما سطرناه‪.‬‬ ‫‪ - 6‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال يزال اهلل يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته‪ ).‬السلسلة‬ ‫الصحيحة‪.2442/‬‬

‫‪19‬‬


‫إجناب األفذاذ‪ ،‬وصناعة األبطال القادرين على استرداد هيبتها واستعادة كرامتها‪،‬‬ ‫تلك الكرامة التي داسها أبناء التثليث النصراني‪ ،‬وورثة مسيلمة الكذاب‬ ‫ممن أسلموا البالد وباعوا العباد لورثة الروم ليذبحوهم ذبح النعاج على موائد‬ ‫شهواتهم اآلثمة وإلى اهلل املشتكى‪.‬‬ ‫ومن بركاتها على األمة‪ :‬أن أشعرت املسلمني بهويتهم اإلسالمية‪ ،‬وأوجدت‬ ‫بالهم اإلسالمي‪،‬‬ ‫في نفوسهم معاني األخوة اإلميانية‪ ،‬وول َّدت لديهم اإلحساس‬ ‫ّ‬ ‫وأشعرتهم للمرة األولى أنهم جميعا ً في مركب خطر واحد‪ ،‬يتربص بهم العدو‬ ‫لينال منهم كونهم مسلمني فقط ال غير‪ ،‬وقد جتسدت تلك األحاسيس اإلميانية‬ ‫واقعا ً حيا ً بني ثنايا تلك الضربات‪ ،‬التي استهدفت أبناء التثليث النصراني في‬ ‫مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬ولم يكن يجمع بني منفذي تلك األعمال اجلهادية‪ ،‬سوى‬ ‫بالهم اإلسالمي واألخوة اإلميانية‪ ،‬التي توجب عليه حق النصرة ألخيه‬ ‫الشعور‬ ‫ّ‬ ‫املسلم‪ ،‬ولو كان على بُعد آالف األميال‪ ...‬وحقيقة األمر أن تصريحات األحمق‬ ‫املطاع جورج بوش بعد أحداث يوم الثالثاء املبارك‪ ،‬كان لها األثر اإليجابي البينّ‬ ‫في إحياء معاني األخوة اإلميانية‪ ،‬زد على ذلك السياسة العدوانية التي انتهجها‬ ‫احملافظون اجلدد‪ ،‬في التعامل مع أبناء التوحيد‪ ،‬فاحلمد هلل الذي جعل تدبيرهم‬ ‫في تدميرهم‪ ،‬وأحال سوء مكرهم وباال ً عليهم‪.‬‬ ‫ومن محاسنها اجلمة‪ :‬أن أفصحت تلك الضربات عن هوية طائفة مجاهدة‪،‬‬ ‫قد فرَّت بدينها واستعلت بإميانها(((‪ ،‬قد شغلتها هموم أمتها عن كل شيء‪،‬‬ ‫فخاضوا الصعاب وأبحروا في بحور اخلطوب‪ ،‬واقتحموا حوض املنايا ليعلوا راية‬ ‫توحيدهم‪ ،‬ويدخلوا السرور واحلبور على أفئدة املكتوين بنار الطاغوت ويرسموا‬ ‫‪ -  7‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬بدأ اإلسالم غريبا ً وسيعود غريبا ً كما بدأ فطوبى للغرباء )‪ .‬وقال عليه الصالة والسالم‪ ( :‬لن‬ ‫يبرح هذا الدين قائما ً يُقاتل عليه عصابة من املسلمني حتى تقوم الساعة ) رواه مسلم‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫راغمو ضرألا قراشم يف مالسإلا ءانبأ ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫البسمة على الوجوه البريئة التي سحقت براءتها آلة احلرب األمريكية‪ ،‬وال أدل‬ ‫على ذلك من صور أولئك الفتية من أبناء فلسطني‪ ،‬الذين انتشوا فرحا ً ورقصوا‬ ‫طربا ً على أنغام تهاوي أبراج محاربة اهلل في األرض(((‪ ...‬فاحلمد هلل الذي شفى‬ ‫صدور قوم مؤمنني وأغاض صدور قوم كافرين‪.‬‬ ‫م إال‬ ‫وصدق العلي القدير إذ يقول‪{ :‬ال َ يَزَالُ بُنْ َيان ُ ُه ُم ال َّ ِذي ب َ َنوْا ْ رِي َب ًة فِي قُلُوب ِ ِه ْ‬ ‫أن تَقَ طَّ َع قلُوب ُ ُه للهّ‬ ‫يم} [التوبة‪.]110 :‬‬ ‫يم َح ِ‬ ‫ْ‬ ‫ك ٌ‬ ‫م وَا ُ عَ ِل ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ومن محاسنها اجلليلة كذلك‪ :‬أن أحيت في نفوس املوحدين بعضا ً من‬ ‫أمجاد أجدادهم األوائل وغزو ديار الكفر‪ ،‬فألول مرة ومنذ عدة قرون((( يشاهد‬ ‫املسلمون وبالصورة والصوت أحداث غزوة من غزوات املسلمني لدارٍ من دور الكفر‬ ‫واإلحلاد(‪ ،((1‬بعد أن ضاقت صدورهم وطفح الكيل في نفوسهم وهم يتجرعون‬ ‫حل في بالد املسلمني‪ ،‬التي غدت كأل ً‬ ‫صبح مساء غصص املرارة حزنا ً على ما َّ‬ ‫مباحا ً لكل غازٍ متجبر وكاف ٍر متسلط(‪ ،((1‬فكان هذا احلدث اجللل بداية عهد‬ ‫جديد(‪ ،((1‬تنسم من خالله ورثة محمد صلى اهلل عليه وسلم معاني العزة‬ ‫‪ -  8‬ومن غير املستغرب أن طاغية فلسطني الهالك ياسر عرفات قد جمع عددا ً من الفتية الصغار وألبسهم اللباس األسود‬ ‫وحملهم الشموع تعبيرا ً عن رفضهم ملا حدث في واشنطن ومنهاتن وذلك ردا ً على ما تناقلته وسائل اإلعالم من فرحة‬ ‫أبناء فلسطني مبا حدث لهبل العصر من تدمير‪ ،‬فانظر يرعاك اهلل إلى تلك اخلسة والعمالة التي وصل إليها الهالك‬ ‫اليهودي األصل كما أثبت ذلك بعض أبناء فلسطني اخمللصني‪.‬‬ ‫‪ -  9‬أي منذ أن بدأت الدولة العثمانية باالنحسار واالنكسار واتخاذها موقف املدافع عن حماه وأراضيه‪...‬‬ ‫‪ -  10‬من املعلوم أن جهاد الطلب يصبح فرض عني على املسلمني إذا لم يقم به املسلمون كل عام مرة واحدة على األقل‪،‬‬ ‫وبقيام جماعة من املسلمني به يسقط عن الباقي وهذا في حالة الطلب‪ ،‬وليس كما هو حالنا اليوم فاجلهاد اليوم باتفاق‬ ‫األئمة فرض عني على كل مسلم لم يعذره اهلل‪.‬‬ ‫‪ -  11‬فال يوجد بلد من بالد املسلمني اليوم إال وحتت وصاية الكافر األصلي أو املشرك امللحد وصاي ًة وحكما ً مباشرا ً أو حكما ً‬ ‫بالوكالة من ِقبل أذنابهم املرتدين الذين باعوا البالد وأفسدوا العباد والى اهلل املشتكى‪.‬‬ ‫‪ -  12‬فقد توالت بفضل اهلل بعدها الغزوات املباركة فلم ميض كثير وقت حتى دكت العاصمة اإلسبانية مدريد‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫تبعها بفضل اهلل غزوة لندن التي أتت على أسطورة اخملابرات اإلجنليزية التي سامت املسلمني ولعقود طويلة كل أصناف‬ ‫اخلسف واجلور‪ .‬وصدق الشيخ الفقيه عبد اهلل عزام رحمه اهلل عندما وصفها بقوله‪ ( :‬بريطانيا احلية الرقطاء ) فهي‬ ‫واهلل وراء كل مصيبة حلَّت بدار من دور اإلسالم في هذا الزمان‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫والكرامة‪ ،‬وأحيا في قلوبهم سيرة تلك الغزوات احملمدية‪ ،‬التي طاملا سمعوا‬ ‫عنها وتناقلوها رواي ًة جيال ً بعد جيل‪.‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة كذلك‪ :‬أن كشفت الغزوتان حقيقة وجه أمريكا‬ ‫البائس(‪ ،((1‬وعرَّت أوصالها ومزقت قناعها الذي طاملا تسترت به‪ ،‬وأخفت وراءه‬ ‫حقيقة نصرانيتها احلاقدة على اإلسالم وأهله‪ ،‬وبان وبكل وضوح ال لبس‬ ‫فيه ألبناء اإلسالم حقيقة روادها وسادتها الصليبيني املكنني لإلسالم وأهله‬ ‫كل حقد وضغينة‪ ،‬وقد أفصحت ألسنتهم عن خبايا نفوسهم اآلثمة فهذا‬ ‫كبيرهم وقائدهم إلى اجلحيم(‪((1‬جورج دبليو بوش يكشر عن ناب حقده ويعلنها‬ ‫عقب عودته من مناقشات عقدها مع مستشاريه املقربني في كامب ديفيد‬ ‫في يوم ‪( :2001/09/16‬سنشن حملة صليبية طويلة األمد لتخليص العالم من‬ ‫فاعلي الشر)‪.‬‬ ‫ولم ميض كثير وقت على ذلك اإلعالن حتى كررها أمام حشد من اجلنود‬ ‫الكنديني مبينا ً أنها ليست بزلة لسان كما حاول اخملذلون واملرجفون تصويرها‬ ‫يقول هذا الدعي‪...( :‬و ِقفوا إلى جانبنا في هذه احلملة الصليبية الهامة)‪.‬‬ ‫وهذا ما أكده نائب وزير دفاعه بوول وولفويتز في مؤمتر علمي حول التأثيرات‬ ‫السياسية الثقافية ألحداث احلادي عشر من سبتمبر ‪( :‬هناك فجوة خطيرة بني‬ ‫الغرب والعالم اإلسالمي بيد أن تلك الفجوة ميكن ردمها‪ ،‬وأضاف هناك ضرورة‬ ‫لشن حرب أيديولوجية ضد اإلسالم األصولي وذلك من أجل الفوز في احلرب‬ ‫(‪((1‬‬ ‫الشاملة ضد اإلرهاب‪).‬‬ ‫‪ -  13‬كشفته بطبيعة احلال ألولئك العوام من الناس اخملدوعني بها‪ ،‬أما املتبصرون بحالها فاألمر ال يخفى عليهم فقد‬ ‫بصرهم اهلل أمر هذه الدولة النصرانية وغيرها من ملل الكفر بقوله سبحانه وتعالى‪ ( :‬ولن ترضى عنك اليهود وال‬ ‫َّ‬

‫النصارى حتى تتبع ملتهم ) وقوله سبحانه وتعالى‪ ( :‬وال يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا )‬ ‫واآليات في هذا املعنى كثيرة وهلل احلمد واملنة‪.‬‬ ‫‪ -  14‬إن لم يسلموا ويدخلوا في دين اهلل احلق ويكفروا بالتثليث‪...‬‬ ‫‪ -  15‬انظر صحيفة "واشنطن تاميز "األمريكية اخلميس ‪.2002-6-6‬‬

‫‪22‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫راغمو ضرألا قراشم يف مالسإلا ءانبأ ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫وها هو القس األمريكي يحرض جنوده على القتال في فلوجة العز في يوم‬ ‫الفصح النصراني بقوله‪ ( :‬لم نوعد بأننا سنكون في مهمة سهلة‪ ..‬لقد أخبرنا‬ ‫الرب بأنه معنا على طول الطريق‪ ..‬وأضاف لسنا خائفني من املوت ألن السيد‬ ‫املسيح سيعطينا حياة أبدية)(‪.((1‬‬ ‫وقد صدق الرئيس األمريكي السابق وهو كذوب عندما قال في كتابيه‬ ‫(الفرصة السانحة و نصر بال حرب)‪( :‬لقد انتصرنا على العدو الشيوعي ولم يبق‬ ‫لنا عدو إال اإلسالم)‪.‬‬ ‫ومما قاله بعض أبناء احلية الرقطاء "بريطانيا" في مجلس نوابهم املشؤوم‪،‬‬ ‫مقرين بأنها حرب صليبية‪ ( :‬إن احلرب على العراق كانت حملة صليبية على‬ ‫(‪((1‬‬ ‫أعظم خطر يحدق باإلنسانية وهم األصوليون املسلمون‪) .‬‬ ‫وبهذا وذاك وغيره الكثير أدرك أبناء التوحيد حقيقة هذه الدولة الصليبية‬ ‫املارقة‪ ،‬فلم يعد ينطوي عليهم دجل الدجالني‪ ،‬وتدليس املدلسني من عمالء‬ ‫اليهود والنصارى واملرتدين(‪.((1‬‬ ‫وبان للمسلمني – وهلل احلمد ‪ -‬وجه هذه الدولة املتألهة‪ ،‬التي متسحت‬

‫‪ -  16‬انظر وكالة االسوشيدبرس في يوم ‪.2004-4-12‬‬ ‫‪ -  17‬انظر صحيفة احلياة اللندنية الصادرة في يوم ‪2004-2-8‬‬ ‫‪ -  18‬فال يأتي ضال هنا ويردد كالببغاء إنها زلة لسان أو أنهم ال يقصدون بقولهم كذا وكذا ويرقع لهم ويبرر أقوالهم ويخلق‬ ‫لهم من األعذار ما يخلق‪ ،‬فقد أثبت علماء النفس أن اإلنسان يظهر في حال انفعاله وغضبه ما يكنه صدره من غير‬ ‫مواراة وال تضليل‪ .‬وقد شهد العدو قبل الصديق على أنها لم تكن زلة لسان كما صور البعض فقد ذكر الكاتب الفرنسي‬ ‫املعروف "ماكسيم ليفيبفر" في كتابه "السياسة اخلارجية األمريكية" ما نصه‪ ( :‬وكما كان الحظ هنري كسينجر‪ ،‬فإن‬ ‫قدر الواليات املتحدة هو االضطالع بعبء دورين‪ :‬دور "املناورة" عندما ترجح كفة االنعزالية‪ ،‬ودور "الصليبية" عندما ترجح‬ ‫كفة املسيحية‪ .‬وبهذا املعنى حتدث الرئيس بوش‪ ،‬ولم تكن فلتة لسان‪ ،‬عن "حرب صليبية" ضد "محور الشر" واإلرهاب‪،‬‬ ‫مؤسسا بذلك ما أسماه بعض الباحثني "دبلوماسية احلق اإللهي"‪ ).‬احلياة اللندنية العدد الصادر في ‪.2004/11/28‬‬ ‫ويقول الكتاب البريطاني ألن وودز‪( :‬في عشية احلرب على العراق حتدث جورج بوش عن "حرب صليبية"‪ .‬و كان مسرورا بنفسه‬ ‫جدا ً جلذابة الكلمة التي خطرت على باله‪ ،‬إال انه سرعان ما أسكته مستشاروه) ويقول الكاتب والصحفي البريطاني‬ ‫الشهير روبرت فيسك في إحدى مقاالته‪ ( :‬يبدو أن الرئيس بوش يعتقد حقيقة أنه يقود حملة صليبية‪ ،‬فقد عاد‬ ‫ليستعمل العبارة قبل أيام رغم أنه ُحذر من ذلك )‪ .‬فهل بعد هذا البيان من بيان يا أولي األفهام ؟!‬

‫‪23‬‬


‫مبسوح التسامح واحلرية(‪ ((1‬وأسبغت على نفسها من األلقاب والنعوت ما يطلق‬ ‫عادة على اآللهة(‪ ،((2‬فاحلمد هلل الذي فضح هذه اململكة اللقيطة على املأل‪ ،‬وأبان‬ ‫عوارها وكشف زيفها‪ ،‬وأظهر عداءها الصليبي لإلسالم واملسلمني‪.‬‬ ‫وهذا الذي سطرناه ما هو إال غيض من فيض‪ ،‬ولو أردنا تتبع أقوالهم‬ ‫وتصريحاتهم لضاق الكتاب ذرعا ً بأخبارهم‪.‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة‪ :‬أن كانت وما زالت سببا ً مباشرا ً النخفاض نسبة‬ ‫الراغبني في السفر إلى بالد الغرب النصراني‪ ،‬سواء كان ذلك السفر لإلقامة‬ ‫الدائمة أو العمل أو الدراسة(‪ ،((2‬واألثر احملمود في ذلك أن كثيرا ً ممن يقصدون‬ ‫تلك البالد الكافرة يرجعون إلى بالدهم – هذا إن رجعوا – وقد ُمسخ اإلسالم‬ ‫في أذهانهم‪ ،‬وتشربت نفوسهم ُح ّب العجل النصراني(‪ ،((2‬وتطبعت جوارحهم‬ ‫‪ -  19‬وال أدل على صدق حريتها وتسامحها مما حصل للمسلمني عقب الغزوة املباركة‪ ،‬وقد صرح احملامي األمريكي ستانلي‬ ‫كوهني جلريدة احلياة اللندنية أثناء زيارته ملدينة جدة أن احلكومة األمريكية شنت حربني إحداهما في اخلارج واألخرى‬ ‫في داخل أمريكا كان مسلمو الداخل املتضررين منها‪ .‬وتابع‪ :‬لقد طرد آالف املسلمني من أمريكا بعد أحداث سبتمبر‪،‬‬ ‫وأخبروا أنهم غير مرحب بهم‪ ،‬كما أجبروا على تسجيل أسمائهم وأغلقت جمعياتهم اخليرية وأخضعوا للتحقيق‪.‬‬ ‫ويقول نورمان ميلر واصفا حريتها وتسامحها‪ ( :‬أمريكا أصبحت أكثر فظاظة‪ ،‬ورمبا أصبح العالم كلَّه يسير في هذا‬ ‫الطريق؛ألننا نقوم بتصدير هذه الفظاظة‪ ،‬إن َّها واحدة من أكبر سلعنا الثقافية‪ :‬اللغو)‪ .‬وال أدل على صدق تسامحها‬ ‫الديني مع اآلخرين وسلميتها من االستطالع الذي أجري في تلك البالد قبل احلرب األمريكية على أفغانستان‪ ،‬حيث أظهر‬ ‫االستطالع أن ‪ 85%‬يؤيدون غزو أفغانستان‪ ،‬وقد أجرت وزارة الدفاع األمريكية إحصا ًء آخر قبل بدء الهجوم على العراق‬

‫أظهر أن ‪ 80%‬من الشعب األمريكي يؤيد غزو العراق‪ ،‬فتأمل يرعاك اهلل هذا التسامح الديني‪!...‬‬

‫‪ -  20‬كتسميتهم احلرب على أفغانستان باسم العدالة املطلقة وذلك قبل تداركهم األمر وتغيير هذا االسم‪.‬‬ ‫‪ -  21‬ورحم اهلل الشيخ اجملدد عبد اهلل عزام إذ يقول‪ :‬ألن تبيع الطماطم على أرصفة الطرق خير لك من السفر إلى بالد‬ ‫الغرب ودراسة الطب‪ ،‬ألنه ببيعك الطماطم على الطرقات حتفظ دينك‪ ،‬أما بسفرك إلى بالد الغرب فإنك ترجع بالشهادة‬ ‫العلمية وتترك هناك ما تبقى من دينك والى اهلل املشتكى‪.‬‬ ‫‪ -  22‬وخير مثال على ذلك املسخ الذي يصيب الكثير ممن رضي احلياة بني ظهراني الكفار‪ ،‬ما قاله الضال املتبرئ من دينه‬ ‫الكاتب والشاعر التونسي عبد الوهاب ديب الذي يعمل اآلن استاذا ً في جامعة باريس ومدير مجلة ديدال لشهرية "‬ ‫لوموند دوليدو كاسيون "يقول هذا الضال‪( :‬على كل حال‪ ،‬القرآن يحتوي على عدد هام من االعتبارات املرفوضة عندما‬ ‫نواجهها بالتطور االجتماعي والسياسي الذي عرفته البشرية في العصور احلديثة مثل تفاوت النساء والرجال‪ ،‬وكراهية‬ ‫اليهود واحلدود الهمجية كحد الزنا وحد السرقة‪ ...‬يجب جتديد العالقة مع التطور الثقافي الذي عرفه العصر الكالسيكي‬ ‫لإلسالم حتى يتم تذويب الرسالة القرآنية في الفعل التحديثي)‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫راغمو ضرألا قراشم يف مالسإلا ءانبأ ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫بطباع أولئك القوم الضالني‪ ،‬وأخذوا بنصيب وافر من قيمهم وعاداتهم‪ ،‬وبذلك‬ ‫لم يبق لهم حظ من اإلسالم سوى اسمه‪ ،‬ومن الدين سوى وسمه‪.‬‬ ‫ومن اجلدير ذكره في هذا املقام أن قناة اجلزيرة القطرية قد أجرت استطالعا ً‬ ‫عاما ً للرأي‪ ،‬بعد مرور خمسة أعوام على أحداث سبتمبر استطلعت فيه آراء‬ ‫‪ 41000‬شخص‪ ،‬أثبتت فيه تدني نسبة الراغبني في السفر إلى تلك البالد‬ ‫النصرانية‪ ،‬وإليك أخي القارئ نتيجة استطالعها‪.‬‬ ‫فقد أعرب ما نسبته ‪ % 72,4‬ممن استطلعت آراؤهم عن عدم رغبتهم في‬ ‫السفر إلى الواليات املتحدة األمريكية مقابل ‪ % 27,6‬أبدوا رغبتهم في السفر‬ ‫إلى تلك الدول احملاربة هلل ورسوله واملؤمنني‪.‬‬ ‫بل على العكس من ذلك فقد زادت نسبة الراغبني بالفرار من جحيمها‬ ‫كما يقول الدكتور فيصل القاسم‪(:‬هناك أكثر من ثمانية وأربعني باملائة من‬ ‫األمريكيني أنفسهم قالوا "ال" لبوش‪ ،‬ال بل إن بعضهم قرر هجرة الواليات‬ ‫املتحدة لعدم قدرته على العيش فيها في ظل اإلدارة اجلديدة‪ ،‬وقد أظهر مركز‬ ‫الهجرة في أمريكا أن عدد الذين قرروا ترك البالد قد تضاعف سته مرات بعد يوم‬ ‫واحد من فوز الرئيس بوش بوالية ثانية‪)..‬‬ ‫ومن محاسنها املباركة على أبناء اإلسالم‪ :‬أن أحيت في نفوسهم كثيرا ً‬

‫من تلك املصطلحات الشرعية‪ ،‬ورسخت في قلوبهم مفاهيما ً كادت أن تنسى‬ ‫وتنسخ من قواميس أحكامهم وتصوراتهم‪ ،‬فقد غدت – وهلل احلمد واملنة –‬ ‫مصطلحات‪ :‬حتكيم الشريعة‪ ،‬وإقامة خالفة اهلل في األرض(‪ ،((2‬والوالء للمؤمنني‬ ‫والبراءة من الكافرين‪ ،‬وخيانة احلكام لألمة ومواالتهم للصليبيني‪ ،‬والبحث في‬ ‫أحكام اإلميان والكفر‪ ،‬وغدت مصطلحات عالم سوء وحبر سلطان(‪ ،((2‬وصليبي‬ ‫دول أخرى أدّى إلى إذكاء‬ ‫‪ -  23‬فقد أكدت وكالة أنباء "رويترز"‪ ،‬التي استطلعت آراء اخلبراء‪ ( :‬أ ّن التدخل األمريكي في شؤون ٍ‬ ‫رسخ صعود اإلسالم كخيارٍ للماليني في الشرق األوسط‪.).‬‬ ‫التش ّدد الذي تسعى واشنطن للقضاء عليه‪ ،‬كما ّ‬

‫‪ -  24‬قال الدكتور محمد بن يحيى النجيمي ‪ -‬أستاذ الدراسات العليا بكلية امللك فهد األمنية ‪ ( :-‬إن الشبان الذين يشكلون‬

‫‪25‬‬


‫ً‬ ‫فضال عن‬ ‫كافر(‪ ،((2‬ورافضي مكفر ألهل السنة‪ ،‬ترددها ألسنة العامة من الناس‪،‬‬ ‫ألسنة اخلاصة من طالب العلم(‪.((2‬‬ ‫قال األكادميي أسعد أبو خليل‪- ،‬وهو من أصل لبناني ويقوم بالتدريس في‬ ‫األمريكية ض ّد اإلسالم بعد هجمات‬ ‫كاليفورنيا‪( :-‬من املفارقة أ ّن املمارسات‬ ‫ّ‬ ‫‪ 11‬سبتمبر ساهمت في صعوده وظهوره بصور ٍة أكبر حتى في أكثر أشكاله‬ ‫تعصبا ً وتطرّفا ً(‪.)..((2‬‬ ‫ّ‬

‫أعدادا ً كبيرةً في العالم اإلسالمي لن يتمكن العلماء واحلكومات من ضبط حماسهم‪ ،‬إذا استمرت الواليات املتحدة‬ ‫في اجلهر بانتهاكاتها كالتي حدثت في الفلوجة والرمادي وكافة املدن العراقية‪ ،‬والتي حدثت وحتدث في أبي غريب‬ ‫وجوانتانامو‪.) .‬‬ ‫ً‬ ‫وحقيقة األمر أن أعداء الدين وأعوانهم املرتدين وأبواقهم املنتفعني لم يألوا جهدا في سلخ األمة احملمدية عن ‪25  -‬‬ ‫هويتها‪ ،‬والعمل وبكل جهد على طمس هذه املفاهيم ليسلخوا الناس عن دينهم‪ ،‬ويصبح ومع مرور الزمن النصراني‬ ‫الكافر أخا ً للمسلم ما دام يرتبط معه برابطة جواز السفر ورابطة الوطن الواحد واملصير املشترك‪ ،‬وقد عاينا ذلك مع‬ ‫‪.‬شديد األسف في بالدنا ردها اهلل ألحكام الشريعة‬ ‫ويعود الفضل في ذلك – بعد فضل اهلل تعالى – إلى تلك اخلطابات الربانية التي صدع به شيوخ التوحيد ودعاة احلق ‪26  -‬‬ ‫كالشيخ اجملاهد أبي مصعب الزرقاوي رحمه اهلل والشيخني اجملاهدين أسامة بن الدن والدكتور أمين الظواهري حفظهما‬ ‫‪.‬اهلل‬ ‫بالنسبة لهذا املتأمرك فهو تطرفا ً وتعصباً‪ ،‬أما بالنسبة ألبناء التوحيد فهو فتح من اهلل وخير عظيم‪ ،‬وبشرى ‪27  -‬‬ ‫‪.‬طيبة بعودة الناس إلى دينهم لتتبوأ أمة التوحيد مكانتها التي اختارها اهلل لها‬

‫‪26‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيينابرلا مهئاملعب نيملسملا فيرعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في تعريف‬ ‫املسلمني بعلمائهم الربانيني‬

‫إن حقيقة العلماء الربانيني ال يتجلى س��ناها وال ينبعثس نورها إال في زمن‬ ‫يعض ناب اخلطوب على القلوب‪ ،‬فال تثبت سوى‬ ‫احملنة‪ ،‬وحني تعم الكربة‪ ،‬ويوم أن‬ ‫َّ‬ ‫القلوب املعلقة بالرحمن‪ ،‬املفعمة بسنا اإلميان‪.‬‬ ‫ففي املواقف العظيمة القدر اجلليلة األمر‪ ،‬يظهر ورثة األنبياء وأتباع الرسل‪،‬‬ ‫فه��ذا اإلمام أحمد يقف موقفا ً يحفظ اهلل فيه األمة من الضالل‪ ،‬وهذا العز بن‬ ‫عبد السالم بائع امللوك‪،‬القائل لولده بعد أن جاء منزله نائب السلطنة في مصر‪،‬‬ ‫متوشحا ً سيفه ليقتله بعد فتواه ببيع األمراء املماليك‪ :‬يا ولدي أبوك أقل من أن‬ ‫يقتل في سبيل اهلل‪ ،‬وهذا شيخ اإلسالم ابن تيمية ومواقفه اجلليلة التي حفظ‬ ‫اهلل بها هذا الدين‪ ،‬وهذا أبو إسماعيل الهروي يقول‪ :‬ضربت كذا وكذا مرة‪ ...‬ملاذا‬ ‫(((‬ ‫؟ ليس ألسكت عن السنة! بل ألسكت عن أهل البدع‪.‬‬ ‫وف��ي هذا الزمان الذي أظلته اجلاهلية بظ�لال جهلها‪ ،‬ومقابل تلك الصورة‬ ‫القامت��ة لذاك النفر‪ ،‬الذي ارتضى أن يك��ون بعلمه حرب ًة لطعن األمة من الظهر‪،‬‬ ‫جن��د عصبة رباني��ة من أولي��اء اهلل املوحدين‪ ،‬س��ليلي الدوح��ة النبوية الكرمية‬ ‫– نحس��بهم كذلك واهلل حس��يبهم – قد صدق��وا اهلل ما واع��دوه‪ ،‬وأدوا أمانة‬ ‫‪ -  1‬ومواقف األئمة الربانيني كثيرة جدا‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫علمه��م وبلغوا رس��الة ربهم‪ ،‬ول��م تأخذهم في اهلل لومة الئ��م وال عذل عاذل‪،‬‬ ‫خ َ‬ ‫ش��وْن َ ُه وَلاَ‬ ‫واضعني نصب أعينهم قوله تعالى‪{ :‬ال َّ ِذي َن ي ُ َبلِّغُو َن رِ َس��الاَ ِ‬ ‫ت اللهَّ ِ وَي َ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫شوْ َن أ َ َحدا ً ِإلاَّ اللهَّ َ وَكَفَ ى بِاللهَّ ِ َح ِسيبا ً } (األحزاب‪)39‬‬ ‫يَ ْ‬ ‫وأعلنوها عقب أحداث يوم الثالثاء املبارك صارخ ًة مزلزلة لعروش الطواغيت‬ ‫وأذنابه��م من اخلش��ب املس��ندة‪ ،‬التي تص��درت مجال��س اإلفتاء ال ع��ن جدارة‬ ‫واستحقاق ولكنه رضى الطاغوت‪!...‬‬ ‫أق��ول‪ :‬أعلنوها مرددين مس��معني‪ :‬إنهم فتية آمن��وا بربهم وزادهم اهلل‬ ‫ه��دى‪ ...‬إنهم فتي��ة أماجد قوض اهلل به��م عرش الباطل‪ ،‬وه��دم اهلل بفعلهم‬ ‫امليم��ون أبراج محارب��ة اهلل ف��ي األرض‪ ...‬وأذل اهلل بتضحياتهم كبرياء الصليب‬ ‫األمريكي‪ ...‬وأتى ببذلهم على أس��طورة اإلمبراطورية التي ال تقهر‪ ،‬فطوبى لهم‬ ‫ثم طوبى‪...‬‬ ‫وإليك أخي القارئ بعضا ً مما قاله أولئك امليامني‪ ،‬سليلي الشجرة النبوية‬ ‫الباسقة‪-:‬‬ ‫يقول الش��يخ العالمة حمود بن عقال الش��عيبي رحمه اهلل ‪ ( :‬أما مظاهرة‬ ‫الكفار على املس��لمني ومعاونتهم عليهم فهو كفر ناقل عن ملة اإلسالم‪ ،‬عند‬ ‫كل م��ن يعتد بقوله م��ن علماء األمة قدميا ً وحديثا‪ ...‬م��ن ظاهر دول الكفر على‬ ‫املس��لمني وأعانهم عليهم كأمريكا وزميالتها في الكفر يكون كافرا مرتدا عن‬ ‫اإلس�لام بأي شكل كانت مظاهرتهم وإعانتهم‪ ...‬ندعو جميع املسلمني شعوبا‬ ‫وحكاما أن يهبوا لنصرة إخوانهم اجملاهدين في بالد األفغان بكل ما يستطيعون‬ ‫من عون بالنفس واملال والدعاء والدعاية‪....‬‬ ‫أيه��ا األخوة املس��لمون‪ :‬إن إخوانكم اجملاهدين في اإلمارة اإلس�لامية في‬ ‫أفغانس��تان يقاومون دول الكفر مجتمع��ة بقيادة أمري��كا وبريطانيا‪ ،‬وتعلمون‬ ‫ضعف حالتهم املادية وقلة مواردهم وتعلمون أن نصرتهم واجبة على كل مسلم‬ ‫حس��ب قدرته‪ ،‬وال أقل م��ن نصرتهم ودعمهم باملال الذي ه��م في أمس احلاجة‬

‫‪28‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيينابرلا مهئاملعب نيملسملا فيرعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫مضيق عليهم‬ ‫إلي��ه إذا لم ميكن دعمهم بالنفس‪ ،‬وقد كانوا قبل نش��وب احلرب‬ ‫ّ‬ ‫باحلصار االقتصادي فما بالكم اليوم وقد انضم إلى هذا احلصار االقتصادي حالة‬ ‫احلرب بتقتيله وتش��ريده وهتكه لألعراض‪ ،‬و ف��ي مقابل هذا احلصار واحلرب على‬ ‫الش��عب املس��لم تنعم املنظمات التنصيرية بدعم ال مثيل له لنشر دعواتهم‬ ‫الكفرية ودعواتهم املشوهة لإلسالم واجلهاد‪)..‬‬ ‫ومما قاله الش��يخ العالمة أبو قتادة الفلس��طيني فرج اهلل كربه‪ ( :‬يجب‬ ‫أن يرفع كل مس��لم رأس��ه عاليا ً مفتخرا ً ومس��تعليا ً بإميانه ألن��ه ينتمي لهذه‬ ‫األمة العظيمة التي يقف أهلها مع ضعفهم وقلة حيلتهم وتش��ردهم يقفون‬ ‫وحدهم ووحدهم فقط أمام جند الشيطان في الشرق والغرب‪ ،‬فشباب اإلسالم‬ ‫وعلى اخلصوص ش��باب اجله��اد هم من لقن ال��روس دروس البطولة والش��هادة‬ ‫والفداء‪ ،‬وش��باب اإلس�لام وعلى خصوص ش��باب اجلهاد هم من يقف أمام اآللة‬ ‫األمريكية واالس��تكبار الش��يطاني العفن في رأسها‪ ،‬فالكل قد تساقط وظهر‬ ‫عواره‪ ،‬إال هؤالء الش��باب املؤمن تساقطت جماعات اإلرجاء واجلنب‪ ،‬ورفعت أيديها‬ ‫خوفا ً واستس�لاماً‪ ،‬ووقفت عشرات السنني أمام وزارات الداخلية تطلب ترخيص‬ ‫حزب مش��وه‪ ،‬ودفعوا آالف التنازالت لدول هش��ة فسيفس��ائية‪ ،‬وشباب اجلهاد‬ ‫يصادمون برؤوسهم العارية وبأيديهم املتوضئة وبإميانهم الذي يتعالى مع وعود‬ ‫النبي الكرمي أمام أس��لحة الش��يطان وجنده‪ ،‬وهي أسلحة ال يعرف مقدارها إال‬ ‫العل��ي القدير‪ ،‬حني يرى املس��لم هذا فه��ل يجوز له ولو للحظ��ة أن يحزن عما‬ ‫يصيبنا أو يتراجع‪ ،‬ال واهلل بل عليه أن يتقدم إلى حتقيق النبوءات الرسالية‪ ،‬التي‬ ‫بشرنا بها رسولنا محمد صلى اهلل عليه وسلم‪)...‬‬ ‫ومما قاله الش��يخ األس��ير أبو محمد املقدسي فرج اهلل كربه‪ ( :‬فقد شاء‬ ‫اهلل تعال��ى مبن��ه وكرمه أن يقر عيون املوحدين ويش��ف ص��دور املؤمنني بأحداث‬ ‫اس��تهدفت رموز أمريكا السياسية والعس��كرية واالقتصادية فسوتها بالتراب‬

‫‪29‬‬


‫ودكتها فجعلتها قاعا صفصفا‪ ،‬فمرّغت بذلك أنف أمريكا آلهة املرتدين وقبلة‬ ‫الطواغيت في بالدنا‪ ،‬وهي أحداث استبشر بها وفرح لها كل موحد ومجاهد يعرف‬ ‫جرائ��م النظام األمريكي الصليبي وجرائم أحالفه في حق اإلس�لام واملس��لمني‬ ‫ووراءها بداية نهايتهم إن شاء اهلل‪ ..‬وأرعد لها أنف كل منافق وعميل للصليبني‬ ‫واليه��ود وأذنابهم من طواغي��ت الردة وأئمة الكفر ف��ي كل مكان‪ ..‬فيجب على‬ ‫املس��لمني نصرة إخوانهم على عدوهم الكاف��ر وحلفائه الكفرة واملرتدين وعدم‬ ‫خذالنهم أو إس�لامهم ألعدائهم‪ ،‬فهذا واجب امل��واالة التي وصف اهلل به عباده‬ ‫املؤمنني‪ ،‬وهو من مقتضيات األخوة اإلميانية ولوازم التوحيد وعراه الوثقى‪.)..‬‬ ‫ومم��ا قاله الش��يخ األس��ير علي اخلضي��ر فرج اهلل كربه‪ ( :‬ف��إن الفرح مبا‬ ‫يحصل للظاملني واملعتدين والناكثني من الكفرة هي س��نة املسلمني‪ ،‬ثم الفرح‬ ‫مب��ا يصيبهم من نكب��ات ومصائب هو مقتض��ى البراءة من الكف��ار وبغضهم‬ ‫ومعاداتهم‪ ،‬أما مس��ألة مظاه��رة الكفار فأعظم من بحثه��ا هم أئمة الدعوة‬ ‫النجدي��ة رحمهم اهلل واعتبروا ذلك من الكفر والنف��اق والردة واخلروج عن امللة‪،‬‬ ‫وهذا هو احلق‪ ،‬ويدل عليه‪ :‬الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلجماع‪)..‬‬ ‫ومما قاله الشيخ بشر بن فهد البشر‪ ( :‬وما أصاب أمريكا ال يخرج عن سنن‬ ‫اهلل تعالى‪ ،‬فإنها قد طغت في األرض وجتبرت وعظم فس��ادها وإفس��ادها‪ ،‬وكثر‬ ‫ظلمها وخاصة للمسلمني‪ ...‬وإن العدوان على أفغانستان باسم محاربة اإلرهاب‬ ‫ال يخ��رج عما دل��ت عليه هذه اآلي��ات الكرميات من عداوة الكافرين للمس��لمني‬ ‫واجتهاده��م في صرفهم عن دينهم‪ ،‬فإن املقص��ود األعظم من هذا العدوان هو‬ ‫القض��اء على حكومة مس��لمة وإحالل نظ��ام علماني تابع ألمري��كا مكانها‪...‬‬ ‫التع��اون مع أمريكا في العدوان على أفغانس��تان س��واء كان بالرج��ال أو املال أو‬ ‫الس�لاح أو الرأي هو من قبيل مظاهرة الكفار على املس��لمني‪ ،‬وهو كفر وردة عن‬

‫‪30‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيينابرلا مهئاملعب نيملسملا فيرعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫اإلسالم‪ ،‬وهذا احلكم يشمل األفراد واجلماعات وغيرهم‪) ...‬‬ ‫ومبا س��بق ذك��ره وبيانه يتضح لكل موحد أن��ار اهلل بصيرته‪ ،‬عنوان أئمة‬ ‫اله��دى ويتبني له منارات احلق التي يجب عليه أن يتلمس خطاها‪ ،‬ويأخذ بقولها‬ ‫ويسترش��د بسناها في زمن كثرت فيه الدياجير املظلمة‪ ،‬وتشعبت فيه الطرق‪،‬‬ ‫وغدا احلليم فيه حيرانا‪.‬‬ ‫وه��ذه دع��وة لك يا أخا اإلس�لام لتدع عنك أولئك املتس��لقني املنتفعني‬ ‫من شيوخ الفضائيات‪ ،‬الذين ملئوا الدنيا صراخا وعويال ً محسوبا ً سلفا ً بالدوالر‬ ‫األمريك��ي‪ ...‬وتبحث ع��ن أولئك الصادقني اخمللصني من أبن��اء هذه األمة الكرمية‬ ‫على اهلل‪ ،‬وتتبع آثارهم وتأخذ عنهم فهم دليلك احلق املوصل إلى رضوان اهلل‪.‬‬ ‫(((‬

‫‪ -  2‬وأقوال العلماء الربانيني في هذا احلدث العظيم كثيرة‪ ،‬وملن أراد أن يستزيد فما عليه سوى البحث ليدرك حقيقة من‬ ‫يأخذ عنه دينه‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫آثارها احلميدة في إظهار حقيقة من‬ ‫ناوئ اجملاهدين ووقف في عدوة اخملذلني‬ ‫إن م��ن نواميس اهلل الثابتة ف��ي هذا الكون والتي ال تتغير بحال من األحوال‬ ‫في عالم البش��ر ودني��ا الناس‪ ،‬أن يبتلي اهلل عباده باخلير تارة‪ ،‬وبالش��ر تارة أخرى‬ ‫وجن��د مصداق ذلك في قول��ه تعال��ى ( ولنبلونكم حتى نعل��م اجملاهدين منكم‬ ‫والصابرين ونبلوا أخباركم ) ( محمد ‪ ،) 31 /‬ومن بني أولئك النفر الذين ش��اء اهلل‬ ‫وميحص ما في صدورهم‪ ،‬ويظهر خبايا نفوس��هم‪ ،‬وحقيقة إميانهم‪،‬‬ ‫أن يبتليهم ّ‬ ‫وصدق ادعائهم‪ ،‬فئة العلماء الذين هم ورثة األنبياء(((‪.‬‬ ‫فما أن دُكت معالم الصلبان في منهاتن وواش��نطن‪ ،‬حتى متزقت األقنعة‬ ‫وتكش��فت احلجب وبانت املكنونات‪ ،‬وظهر أدعياء العل��م الذين اتخذوا علمهم‬ ‫جس��را ً موصال ً وحبال ً متيناً‪ ،‬يتسلقوه لتحقيق غايات شتى درجت في أذهانهم‪،‬‬ ‫وليعلوا ُسلم اجملد املزعوم على أشالء جثث أبناء التوحيد امليامني‪.‬‬ ‫ففي اليوم الذي كانت ترتقب فيه األمة وبكل شغف من أصحاب العمائم‬ ‫الذين ملئوا الدنيا بصياحهم‪ ،‬وأثقلوا كاهل الفضائيات بندواتهم ومحاضراتهم‬ ‫أن يأخ��ذوا بيدها وبي��د أبنائها اجملاهدي��ن‪ ،‬الذين هم طليعتها األولى وس��يفها‬ ‫املس��لط على نحور أعدائها‪ ،‬في ذلك الوقت الذي اش��تدت فيه احملنة‪ ،‬وكش��رت‬ ‫عن نابها الكربة‪ ،‬وتكالبت أمم الش��ر من نصارى حاقدين‪ ،‬ويهود ماكرين‪ ،‬ومرتدين‬ ‫متعاونني‪ ،‬ووثنيني مبغضني‪ ،‬على الفئة اجملاهدة الصابرة املصابرة‪.‬‬ ‫أقول‪ :‬في خضم تلك التكالبات الشيطانية خرجت الفتاوى اآلثمة‪ ،‬ودُونت‬ ‫البيان��ات الباطلة‪ ،‬التي أنكرت على الطليعة اجملاهدة غزوتها‪ ،‬وجرَّمت أصحابها‪،‬‬ ‫‪ -  1‬كما ثبت ذلك في احلديث الذي رواه مسلم‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيلذخملا ةودع يف فقوو نيدهاجملا ئوان نم ةقيقح راهظإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫ورمتهم بشتى التهم‪ ،‬ووصفتهم بأبشع األلفاظ‪ ،‬ونعتتهم بأقبح العبارات(((‪.‬‬ ‫فه��ذا املدع��و يوس��ف القرضاوي وأصحاب��ه‪ ،‬ال يكتف��ون بتحريض أبناء‬ ‫التثلي��ث النصراني على غزو دار الش��ريعة والقرآن « أفغانس��تان « وقتل أبنائها‬ ‫املس��تضعفني‪ ،‬بل يدعون املنتس��بني للجيش األمريكي الصليب��ي ممن يزعمون‬ ‫أنهم مس��لمون‪ ،‬بأن ال يترددوا في تلبية أوامر قادتهم‪ ،‬وما ذاك إال لتأكيد والئهم‬ ‫لهبل العصر الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫ وإليك أخي القارئ مقتطفات من فتواهم اآلثمة‪ ،‬والتي كانت جوابا ً على‬ ‫س��ؤال أكبر مرشدي من يسمون باملسلمني في اجليش األمريكي املدعو ‪ /‬محمد‬ ‫بن عبد الرش��يد‪ ،‬والس��ؤال هو‪ :‬ما حكم املشاركة في العمليات التي حتدث في‬ ‫أفغانستان اآلن‪..‬؟‬ ‫ وكان ج��واب القرضاوي وأصحاب��ه(((‪( :‬الواجب على املس��لمني كافة أن‬ ‫يكون��وا يدا ً واحدة ضد الذين يروعون اآلمنني ويس��تحلون دماء غير املقاتلني بغير‬ ‫س��بب ش��رعي‪ ،‬ألن اإلس�لام حرم الدماء واألموال حرمة قطعية الثبوت إلى يوم‬ ‫القيام��ة‪ ...‬ويجب على إخواننا العس��كريني املس��لمني في اجلي��ش األميركي أن‬ ‫يجعلوا موقفهم هذا ـ وأساس��ه الديني ـ معروف جلميع زمالئهم ورؤس��ائهم‬ ‫وأن يجه��روا ب��ه وال يكتموه‪ ..‬ول��و أن األحداث االرهابية الت��ي وقعت في الواليات‬ ‫املتحدة عوملت مبقتضى نصوص الش��ريعة وقواعد الفقه اإلسالمي لكان الذي‬ ‫ينطبق عليها هو حكم جرمية احلرابة الوارد في س��ورة ( املائدة )(((‪ ...‬لذلك‪ ،‬فإننا‬ ‫نرى ض��رورة البحث عن الفاعلني احلقيقيني لهذه اجلرائم‪ ،‬وعن املش��اركني فيها‬ ‫بالتحريض والتمويل واملس��اعدة‪ ،‬وتقدميهم حملاكمة منصفة تنزل بهم العقاب‬ ‫‪ -  2‬فمن وصفهم للطليعة اجملاهدة بالفئة الضالة إلى وصفهم باخلوارج على أئمتهم إلى وصفهم بالتكفيريني الذين‬ ‫يكفرون املسلمني إلى وصفهم باإلرهابيني مبعناها املذموم عندهم‪ ...‬إلى غير ذلك من األوصاف التي زينها لهم الشيطان‬ ‫في صدورهم اململوءة حقدا ً على اجلهاد واجملاهدين‪ ...‬والى اهلل وحده املشتكى وهو خير الناصرين‪.‬‬ ‫‪ -  3‬طارق البشري ومحمد سليم العوا وهيثم اخلياط و فهمي هويدي‪.‬‬ ‫‪ -  4‬تأمل يرعاك اهلل فقد غدا اجملاهدون بنظر هذا الشيخ وصحبه محاربون هلل ورسوله واملؤمنني لذلك يجب أن تقطع‬ ‫أيديهم وأرجلهم من خالف‪!!!.‬‬

‫‪33‬‬


‫املناسب الرادع لهم وألمثالهم من املستهينني بحياة األبرياء وأموالهم واملروعني‬ ‫ألمنهم(((‪.‬‬ ‫ وهذا كله من واجب املس��لمني املشاركة فيه بكل سبل ممكنة‪ ،‬حتقيقا ً‬ ‫لقوله تعالى‪« :‬وتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان»((( ولكن‬ ‫احلرج الذي يصيب العس��كريني املسلمني في مقاتلة املسلمني اآلخرين‪ ،‬مصدره‬ ‫أن القتال يصعب ـ أو يس��تحيل ـ التمييز فيه بني اجلناة احلقيقيني املستهدفني‬ ‫به‪ ،‬وبني األبرياء الذين ال ذنب لهم في ما حدث‪ ،‬وان احلديث النبوي الصحيح يقول‪:‬‬ ‫«إذا تواجه املس��لمان بس��يفيهما‪ ،‬فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل واملقتول في‬ ‫النار‪ ،‬قيل هذا القاتل فما بال املقتول؟ قال‪ :‬قد أراد قتل صاحبه»‪ ،‬والواقع أن احلديث‬ ‫الش��ريف املذكور يتناول احلالة التي ميلك فيها املسلم أمر نفسه فيستطيع أن‬ ‫ينهض للقتال ويس��تطيع أن ميتنع عنه‪ ،‬وهو ال يتناول احلالة التي يكون املس��لم‬ ‫فيها مواطنا ً وجنديا ً في جيش نظامي لدولة((( يلتزم بطاعة األوامر الصادرة إليه‪،‬‬ ‫وإال كان والؤه لدولته محل شك مع ما يترتب على ذلك من أضرار عديدة‪.‬‬ ‫وإذا كان العسكريون املسلمون(((‪ ،‬في اجليش األميركي يستطيعون طلب‬ ‫‪ -  5‬قال ابن قدامة رحمه اهلل‪( :‬ويجوز نصب املنجنيق ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم نصب املنجنيق على أهل الطائف‪،‬‬ ‫وعمرو بن العاص نصب املنجنيق على أهل اإلسكندرية)‪[ .‬املغني]‪.‬‬ ‫و قال ابن قاسم رحمه اهلل في احلاشية‪ :‬ويجوز رمي الكفار باملنجنيق ولو قتل بال قصد صبيانا و نساءا وشيوخا ورهبانا جلواز‬ ‫النكاية باإلجماع‪ ،‬قال ابن رشد رحمه اهلل‪ :‬النكاية جائزة بطريق اإلجماع بجميع أنواع املشركني احلاشية على الروض‬ ‫(‪.)27/4‬‬ ‫وقال الشيخ العالمة حمود بن عقال الشعيبي‪ ( :‬وما يدندن حوله البعض عن االعتذار لألبرياء دون معرفة من هم هؤالء األبرياء‬ ‫فإمنا ذلك من آثار التأثر باملصطلحات الغربية ووسائل اإلعالم‪ ،‬حتى أصبح من لم يُظن فيهم ذلك يرددون مصطلحات‬

‫وعبارات غيرنا اخملالفة لأللفاظ الشرعية‪ .‬علما بأنه يجوز لنا أن نفعل بالكفار مبثل ما فعلوا بنا وهذا فيه رد وتبيني ملن ردد‬ ‫كلمة األبرياء‪ ،‬فإن اهلل سبحانه وتعالى أباح لنا ذلك‪ ،‬ومن النصوص التي تدل على ذلك قوله تعالى‪ ( :‬وإن عاقبتم فعاقبوا‬ ‫مبثل ما عوقبتم به ) وقال تعالى‪ ( :‬والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها )‪.‬‬ ‫‪ -  6‬انظر إلى هذا االستدالل الذي ما أنزل اهلل به من سلطان‪ ،‬يريد هذا اجملرم أن يتعاون املسلمني مع عبدة الصلبان على‬ ‫النيل من اجملاهدين والتشريد بهم‪.‬‬ ‫‪ -  7‬وأي دولة هذه التي يتحدث عنها‪ ،‬أهي دولة اخلالفة الراشدة‪..‬؟! إنها دولة الطاغوت األكبر هبل العصر التي غدت إلها ً‬ ‫يعبد من دون اهلل‪ ..‬والعياذ باهلل‪..‬‬ ‫‪ -  8‬تأمل يا أخا التوحيد عسكري مسلم في دولة الصليب‪ !..‬وأي إسالم بقي ملن يعمل في صفوف من يحارب اهلل ورسوله‬

‫‪34‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيلذخملا ةودع يف فقوو نيدهاجملا ئوان نم ةقيقح راهظإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫اخلدم��ة مؤقت��ا ً أثناء هذه املعارك الوش��يكة‪ ،‬في الصف��وف اخللفية للعمل في‬ ‫خدمات اإلعاش��ة وما ش��ابهها ـ كما ورد في الس��ؤال ـ من دون أن يسبب لهم‬ ‫ذلك‪ ،‬وال لغيرهم من املس��لمني األميركيني‪ ،‬حرجا ً وال ض��ررا ً فإنه ال بأس عليهم‬ ‫من هذا الطلب‪ ،‬أما إذا كان هذا الطلب يس��بب ضررا ً أو حرجا ً يتمثل في الش��ك‬ ‫في والئهم‪ ،‬أو تعريضهم لسوء ظن‪ ،‬أو التهام باطل‪ ،‬أو إليذائهم في مستقبلهم‬ ‫الوظيفي‪ ،‬أو للتش��كيك في وطنيتهم‪ ،‬وأش��باه ذلك‪ ،‬فان��ه ال يجوز عندئذ هذا‬ ‫الطلب‪...‬‬ ‫ ث��م خلص فتواه اآلثمة بقوله‪ :‬واخلالصة انه ال بأس ـ إن ش��اء اهلل ـ على‬ ‫العسكريني املسلمني من املشاركة في القتال في املعارك املتوقعة ضد من ي ُ َظ ُّن‬ ‫أنهم ميارسون اإلرهاب أو يؤوون املمارسني له ويتيحون لهم فرص التدريب واالنطالق‬ ‫من بالدهم‪ ،‬مع اس��تصحاب النية الصحيحة عل��ى النحو الذي أوضحناه‪ ،‬دفعا ً‬ ‫ألي شبهة قد تلحق بهم في والئهم ألوطانهم‪ ،‬ومنعا ً للضرر الغالب على الظن‬ ‫وقوعه‪ ،‬وإعماال للقواعد الش��رعية التي تنص على أن الضرورات تبيح احملظورات‪،‬‬ ‫وتوجب حتمل الضرر األخف لدفع الضرر األشد)(((‪.‬‬ ‫ومما قاله رئيس اجمللس القضائي األعلى في اململكة « السعودية « صالح‬ ‫اللحيدان مشنعا ً على اجملاهدين غزوتهم املباركة‪ ،‬واصفا ً أعمالهم اخل َِّيرة أنها في‬ ‫غاية الفحش والسوء‪( :‬إن ما حدث مما شاهدته في العرض الذي عرضته وكاالت‬ ‫البث العام مما حدث على تلك العمارات من الضرب التي تداعت له العمارة فصار‬ ‫الن��اس أثر ذلك كأمنا القيامة قام��ت وكأن الفزع فزع قيام الس��اعة وظهر على‬ ‫وج��وه الذين يركضون هنا وهناك الذهول(‪ ..((1‬إن من يُحدث مثل هذه اجلرائم يعد‬ ‫واملؤمنني ويحمل لواء الصليب ويجاهر به ويعلنها حربا ً صليبية على اإلسالم وأهله‪..‬؟!‬ ‫‪ -  9‬الضرر األخف في نظر هذا املفتي وزمرته هو قتل املسلمني واإلعانة على قتلهم وتدمير دولة اإلسالم من أجل ماذا‪..‬؟! من‬ ‫أجل دفع الضرر األشد وهو رضى الصليب عنهم واحلفاظ على مستقبلهم الوظيفي وعدم تشكيك األمريكان بوالئهم‬ ‫لراعي الصليب بوش‪!..‬‬ ‫‪ -  10‬أما قتل الرضع بني أيدي أمهاتهم في فلسطني فلم يثر في نفسك احلمية كما أثارها قتل هؤالء النصارى احلاقدين‪!...‬‬

‫‪35‬‬


‫في النظر اإلسالمي من أخطر الناس جرما وأسوأهم عمال ومن يظن أن أحدا من‬ ‫علماء اإلس�لام العارفني مبقاصد شريعة اإلس�لام املطلعني على مقاصد القران‬ ‫وس��نة املصطفى صلى اهلل عليه وس��لم يظن أنه يجيز مثل هذه األعمال فإمنا‬ ‫يظن سوءا‪.‬‬ ‫ثم تابع قائال‪ :‬ال يتوقع أن الش��عب األمريكي الذي يقول عن نفس��ه أنه من‬ ‫أب��رز حم��اة الدميقراطية‪ ،‬وحامل ل��واء العدل‪ ،‬ال يعقل أن ينظ��ر إلى مواطنيهم‬ ‫أو ضيوفهم من العرب واملس��لمني ومن غير املس��لمني م��ن العرب أيضا ال ميكن‬ ‫أن ينظر إليهم الش��عب األمريكي مع ما هو في��ه من مناعة وما يفترض فيهم‬ ‫العق��ل ومعرفة التجانس وتذكر ما قد حدث فى أي��ام احملن‪ ،‬ال ميكن أن ينظر إلى‬ ‫غير املس��يء بنظرة املسيء فإنه ال يستوي اجملرم مع غير اجملرم وال يحمل مسالم‬ ‫‌موالي(‪ ،((1‬ذنب وجريرة معتد ظالم‪..‬‬ ‫ث��م ختم بقول��ه‪ :‬أكرر مرة أخرى أن ه��ذا العمل الذي تعرض��ت له الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية بهذه الفظاعة والوحش��ية املتناهية التي هي أبعد من عمل‬ ‫الوحوش ! وأبعد من عمل ما قد يس��مى جماعات إرهاب أو فصائل إجرام بل هو‬ ‫(‪((1‬‬ ‫عمل بالغ اخلطورة أقول إنه في غاية الفحش والسوء‪)..‬‬ ‫ومما قاله الش��يخ س��فر احلوالي ف��ي خطابه املفتوح لس��يد البيت األبيض‬ ‫الصليب��ي جورج دبلي��و بوش‪ ( :‬لقد كان احلادي عش��ر من س��بتمبر‪ /‬ايلول حدثا ً‬ ‫وحش��يا ً بالغ الفظاعة‪ ،‬وقتل األبرياء(‪ ((1‬أيا ً كان��وا وفي أي مكان من بقاع العالم‪،‬‬ ‫فعلة ش��ائنة مدانة ومروعة‪ ،‬هذا وقد كانت حكومتنا قد أعلنت على الفور عن‬ ‫اش��مئزازها م��ن عمل أولئك اجلناة الذي��ن اقترفوا هذه الفعل��ة وقدمت تعازيها‬

‫موال ملن يا أعلى سلطة شرعية في الدولة السلولية ‪ ..‬؟!‬ ‫‪-  11‬‬ ‫ٍ‬

‫‪ -  12‬مقتطفات من احلديث الذي ألقاه بتاريخ ‪ 26‬جمادى اآلخرة ‪1422‬هـ املوافق ‪ 14‬سبتمبر ‪2001‬م‬ ‫‪ -  13‬دهاقنة وأساطني وجنراالت وزارة الشر األمريكية « البنتاغون «‪ ،‬وأبراج محاربة اهلل ورسوله في األرض « أبراج الربا «‬ ‫غدوا أبرياء اآلن يا سفر‪..‬؟!‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيلذخملا ةودع يف فقوو نيدهاجملا ئوان نم ةقيقح راهظإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫للثكلى وذوي الضحايا وأعربت عن تعاطفها ومواساتها‪)...‬‬ ‫وه��ذا الذي ذكرنا غيض م��ن فيض‪ ،‬ولو أردنا تتبع ما قال��ه املناوئون للجهاد‬ ‫واجملاهدين‪ ،‬لس��ودنا صحفا ً وصحفا‪ ،‬وما على القارئ الكرمي س��وى أن يتتبع تلك‬ ‫البيانات التي صدرت عقب األحداث‪ ،‬ليميز ذاك النفر املتقول على اهلل بغير علم‪،‬‬ ‫وينجو بنفس��ه من الوقوع في شراك ضاللهم‪ ،‬واعلم أن العلم دين فانظر عمن‬ ‫تأخذ دينك‪.‬‬ ‫وصدق اإلمام العالمة ابن القيم إذ يقول‪ ( :‬كل من آثر الدنيا من أهل العلم‬ ‫واس��تحبها‪ ،‬فالبد أن يقول على اهلل غير احلق‪ ،‬في فتواه وحكمه وخبره وإلزامه‪،‬‬ ‫ألن أحكام الرب س��بحانه كثيرا ً ما تأتي على خالف أغراض الناس‪ ،‬الس��يما أهل‬ ‫الرياس��ة‪ ،‬و الذين يتبعون الش��هوات‪ ،‬فإنهم ال تتم له��م أغراضهم إال مبخالفة‬ ‫(‪((1‬‬ ‫احلق ودفعه كثيرا)‬ ‫(‪((1‬‬

‫‪ -  14‬وإليك يا سفر ما قاله األكادميي األمريكي وارد تشرشل أستاذ جامعة كولورلدوا األمريكية‪ ( :‬إن رسالته الرئيسية التي‬ ‫يريد أن يوصلها هي أن هجمات ‪ 11‬من سبتمبر جاءت نتيجة السياسة اخلارجية األمريكية بالطبع وهو شيء مفروغ منه‬ ‫أن ما تزرعه حتصده وهذا ما حدث‪ ..‬وقال مايكل شاور وهو ضابط سابق في اخملابرات األمريكية ‪ CIA‬ورئيس الوحدة اخلاصة‬ ‫املكلفة مبطاردة الشيخ اسامة بن الدن‪ ( :‬أعتقد أن قادتنا خالل السنوات العشر األخيرة قد أضروا بالشعب األمريكي‬ ‫مبواصلتهم نعت ابن الدن باللص واجملرم واإلرهابي‪ ...‬وطاملا أننا ال نحترمه فسنموت بأعداد كثيرة وسنخسر احلرب على‬ ‫اإلرهاب‪ ...‬وتابع قائالً‪ :‬إن الواليات املتحدة مسؤولة عن موت ماليني املسلمني في العالم‪ ،‬لذلك فإن املعاملة باملثل تعني‬ ‫أنه ميكن قتل ماليني األمريكان‪)...‬‬ ‫وإليك ما قاله املثقف اليهودي األمريكي «نعوم تشومسكي» في كتابه ( ماذا يريد العم سام؟ )‪ -:‬أعتقد من وجهة النظر‬ ‫القانونية أنَّ هناك ما يكفي من األدلة التهام كل الرؤساء األمريكيني منذ نهاية احلرب العاملية الثانية بأنهم مجرمو‬

‫حرب‪ ،‬أو على األقل متورطون بدرجة خطيرة في جرائم حرب‪ ،‬وأضاف‪ :‬إنَّ الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬قضت على سك َّانها‬ ‫األصليني ـ الهنود احلمر ـ عبر القرون‪ ،‬واجتاحت نصف املكسيك‪ ،‬وتدخلت بعنف في املنطقة‪ ،‬واحتلت هاواي فيتنام‪،‬‬ ‫وقامت خالل اخلمسني سنة األخيرة باللجوء إلى القوة في جميع أنحاء العالم تقري ًبا‪ ...‬هذه هي املرَّة األولى التي تو َّج ُه‬ ‫فيها البنادق إلى االجتاه اآلخر‪ ..‬ـ يقصد ضربة سبتمبر ـ ال ميكن اعتبار الواليات املتحدة ضحية بريئة إال ّ إذا جتاهلنا‬ ‫اهتماما أكبر ملا نفعل في العالم‪ ...‬علينا أن نتساءل‪ :‬ملاذا حصل لنا ما‬ ‫ً‬ ‫الئحة أفعالها وأفعال حلفائها‪ ...‬علينا أن نُعير َ‬ ‫حصل؟!‪.)..‬‬

‫وإليك أيضا ً ما قاله توماس شيتوم ‪ -‬وهو من قدماء احملاربني في فيتنام‪( :-‬أمريكا ولدت في الدماء‪ ،‬ورضعت الدماء‪ ،‬وأتخمت‬ ‫دماء‪ ،‬وتعملقت على الدماء‪ ،‬ولسوف تغرق في الدماء‪.)!!..‬‬ ‫‪ -  15‬الفوائد البن القيم‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫آثارها احلميدة في كشف سوءة‬ ‫احلكام املرتدين لعوام املسلمني‬ ‫لسنوات طوال خلت بقي الكثير الكثير من أبناء أمة محمد صلى اهلل عليه‬ ‫ضلَّلني بتلك األباطيل املتألهة اجلاثمة على صدورهم‪ ،‬والتي‬ ‫وسلم مخدوعني ُم َ‬ ‫لم تترك باب ردة عن دين اهلل إال وجلته من أوسع طرقه‪ ،‬فمن إعطاء أنفسهم‬ ‫الضالة حق التشريع للناس من دون اهلل(((‪ ،‬إلى مواالة الكفار وإعانتهم على ذبح‬ ‫املسلمني(((‪ ،‬إلى جعل البالد قواعد للمجندين واجملندات من أبناء الصليب(((‪ ،‬إلى‬ ‫حترمي احلالل وحتليل احلرام‪ ،‬إلى التنكيل باجملاهدين وكسر شوكتهم وحماية إخوان‬ ‫القردة واخلنازير املغتصبني األرض املقدسة والذود دون حماهم(((‪ ،‬إلى غير ذلك من‬ ‫أبواب طرقوها ليحوزوا سخط الرحمن ورضى الشيطان والعياذ باهلل‪.‬‬ ‫ولقد كان للهالة اإلعالمية الضخمة التي أحاطوا أنفسهم بها دورا ً بارزا ً‬ ‫في تزييف احلقائق على العامة من املسلمني‪ ،‬وإصباغ الشرعية على حكمهم‬ ‫‪ -  1‬كما نصت على ذلك دساتيرهم الشيطانية‪.‬‬ ‫‪ -  2‬وال أدل على ذلك من املناورات العسكرية األمريكية مع اجليش املصري في الصحراء‪ ،‬والتي تعرف باسم النجم الساطع‬ ‫والتي يشارك فيها ما يقارب من ‪ 20‬ألف جندي أمريكي‪ .‬فلماذا يتدرب اجليش األمريكي على القتال في الصحراء‪...‬؟! أليس‬ ‫لغزو بالد املسلمني التي أغلبها صحاري وخاصة املنطقة العربية‪..‬؟! زد على ذلك صناديق الذخيرة واألسلحة السعودية‬ ‫التي وجدت في اليمن اجلنوبي الشيوعي‪ ،‬وبني يدي اجليش النصراني الذي قاده في اجلنوب السوداني الهالك جون قرنق‪،‬‬ ‫وزد على هذا وذاك املواد التموينية السعودية منها واإلماراتية التي عثرنا عليها في أفغانستان في مراكز عبدة الصلبان‪،‬‬ ‫وعثر عليها إخواننا في العراق‪.‬‬ ‫‪ -  3‬وما قاعدة الكويت وقاعدة العيينة في قطر وقاعدة األمير سلطان اجلوية واخلبر في بالد احلرمني وممر قناة السويس اآلمن‬ ‫ومطارات األردن وغيرها عنا ببعيد‪.‬‬ ‫‪ -  4‬فقد أقر قائد سالح اجلو اإلسرائيلي اللواء دان حلوتش في تاريخ ‪ 2004 – 2 – 28‬أن اململكة العربية السعودية قد أحبطت‬ ‫تنفيذ عملية استشهادية جوية ضد اسرائيل‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيملسملا ماوعل نيدترملا ماكحلا ةءوس فشك يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫البائس النكد‪ ،‬وإظهارهم مبظهر املنافح دون حقوق املسلمني‪ ،‬واملدافع عن‬ ‫رغباتهم وطموحاتهم وأمانيهم(((‪.‬‬ ‫وفي خضم ذاك الزيف والدجل الذي تفانوا في تسويقه على السذج‬ ‫من الناس‪ ،‬ساق العلي القدير لهم من سفَّه أحالمهم وأبان عورهم وكشف‬ ‫خباياهم‪ ،‬وأتى على بنيانهم املتهاوي فخر َّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم‬ ‫اهلل من حيث لم يحتسبوا‪ ،‬فقد أكرم اهلل عباده املوحدين بغزوتي واشنطن‬ ‫ومنهاتن‪ ،‬التي جعلت الناس فسطاطني فسطاط إميان وفسطاط كفر وردة‬ ‫ونفاق(((‪ ،‬وسرعان ما نطق بها زعيم الصليبية العاملية وحامل لوائها األحمق‬ ‫املطاع جورج بوش وأعلنها بقوله‪ ( :‬إما معنا وإما مع اإلرهاب «أي مع اجملاهدين»)‪.‬‬ ‫وقال هذا الكذاب األشر في موطن آخر‪( :‬إما أن تكون معنا أو ال تكون‪.)...‬‬ ‫وعلى ضوء تلك اخلطابات الصليبية‪ ،‬بدأ الركب املرتد من احلكام اخلونة‬ ‫بالتسابق للوصول ملوائد أرباب الصليب‪ ،‬لتقدمي العزاء وإبداء والوالء‪ ،‬وإظهار‬ ‫الوفاء وأعلنوها بال مواراة وال خجل‪ ،‬نحن جند محضرون بني يديك يا راعي احلرب‬ ‫على اإلسالم وأهله‪ ،‬فما عليك يا سيدي بوش إال أن تشير بإصبعك ولن جتد إال ما‬ ‫يرضيك عنا‪ ،‬وبالفعل كان له ما أراد والى اهلل املشتكى‪.‬‬ ‫وال أدل على عمالتهم للغرب النصراني مما قاله وزير الدفاع األمريكي رونالد‬ ‫رامسفيلد في لقائه اخلاص مع مقدم برنامج « لقاء خاص « حافظ امليرازي‪.‬‬ ‫حافظ امليرازي‪ :‬لو انتقلنا إلى التعاون الذي حتصلون عليه من حلفاء أميركا‬ ‫في العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬ما مداه اآلن مع باكستان‪..‬؟‬ ‫‪ -  5‬زد على وسائل اإلعالم علماء السلطان وأحبار السوء الذين أصبغوا على هؤالء الطواغيت من النعوت واأللقاب ما جعل‬ ‫منهم أئمة هدى راشدين‪ ،‬فأضلوا األمة وفتنوهم بهذه األباطيل الكاذبة‪ ،‬ومقابل ماذا ؟! مقابل لعاعات من الدنيا يرمي‬ ‫بها الطاغوت كفضالت فيتلقفها ذاك احلبر ويتغنى بها فبئست احلياة حياتهم واهلل‪ .‬وما أحسن قول ابن القيم في‬ ‫الفوائد‪( :‬علماء السوء جلسوا على باب اجلنة يدعون إليها الناس بأقوالهم‪ ،‬ويدعونهم إلى النار بأفعالهم‪ ،‬فكلما قال‬ ‫قائلهم للناس هلموا‪ ،‬قالت أفعالهم ال تسمعوا منهم‪ ،‬فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول املستجيبني له‪ ،‬فهم في‬ ‫الصورة أدالء‪ ،‬وفي احلقيقة قطاع الطرق )‪.‬‬ ‫‪ -  6‬كما ذكر ذلك الشيخ اجملاهد أسامة بن الدن حفظه اهلل‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫دونالد رامسفيلد‪ :‬أعتقد أن عدد الدول في العاملني العربي واإلسالمي‬ ‫وخارجهما من التي عرضت دعمها كان ضخماً‪ ،‬وكان شيئا ً رائعا ً حقا ً رؤية‬ ‫التجاوب والتعبير عن القلق إزاء أعمال اإلرهاب هذه والدعم والتماسك ووحدة‬ ‫الصف التي مت حتقيقها‪ .‬لقد أعلنت كل هذا البلدان دعمهما بالطريقة التي‬ ‫أرادتها لذلك وملشاركتها كذلك‪ ،‬وهو يختلف بالتأكيد من بلد آلخر‪ ،‬ونحن‬ ‫نتفهم ذلك فكل بلد منظوره اخملتلف نوعا ً ما‪ ،‬وله تاريخه اخملتلف‪ ،‬ويعيش في‬ ‫جوار مختلف‪ ،‬وهذا من وجهة نظري ووجهة نظر الواليات املتحدة أمر مفهوم‬ ‫متاماً‪ ،‬ولكنه كان دعما ً رائعا ً حقاً‪.‬‬ ‫حافظ امليرازي‪ :‬هل سمحت لكم السعودية مركز القيادة والتحكم في‬ ‫قاعدة األمير سلطان‪..‬؟‬ ‫دونالد رامسفيلد‪ :‬هدفي هو احلصول على احلد األقصى املستطاع من‬ ‫الدعم الذي أستطيع احلصول عليه من الدول األخرى ومن الناس اآلخرين‪ ،‬وحتى‬ ‫من أناس داخل البلدان األخرى‪ ،‬كما هو حاصل من ناس داخل أفغانستان حالياً‪،‬‬ ‫وأعتقد أن الطريقة التي ميكن بها احلصول على احلد األقصى من املساعدة هو‬ ‫أنه لكل بلد أن يقرر لنفسه املدى الذي يستطيع بلوغه أوال ً في التصدي لإلرهاب‬ ‫والكلمات واجلمل التي يلجأ إليها كل بلد لوصف طريقة مشاركته‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫هذا هو األنسب بدال ً من قيامي أنا بتوصيف كيف يدير كل بلد من نحو مائة أو‬ ‫مائة وخمسني بلدا ً في العالم‪..‬‬ ‫حافظ امليرازي‪ :‬لكن هل أنتم راضون ‪ 100%‬عن مثال ً في بلد كالسعودية؟ لو‬ ‫بدأنا به على سبيل املثال‪.‬‬ ‫دونالد رامسفيلد‪ :‬أنا سعيد بتلقي الدعم من كل بلد في املنطقة والتي‬ ‫نتلقى الدعم منها‪ ،‬وهذا يشمل كل البلدان تقريباً‪ ،‬وأنا أدرك حقيقة حساسية‬ ‫(((‬ ‫املوقف وأن لكل بلد أن يفعل ذلك بالطريقة التي تريحه وتتالئم مع ظروفه‪.‬‬ ‫‪ -  7‬قناة اجلزيرة برنامج « لقاء خاص « األحد ‪1422/8/3‬هـ املوافق ‪2001/10/21‬م‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نيملسملا ماوعل نيدترملا ماكحلا ةءوس فشك يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫ومما قاله في هذا املقام رئيس هيئة األركان املشتركة في اجليش األمريكي‬ ‫ريتشارد مايرز عندما ُسئل عن مدى تعاون الدول العربية في احلملة الصليبية‬ ‫على بالد األفغان‪.‬‬ ‫حافظ امليرازي‪ :‬ما مدى التعاون العسكري الذي حتصلون عليه من الدول‬ ‫العربية‪ ،‬خصوصا ً في اخلليج؟‬ ‫ريتشارد مايرز‪ :‬أعتقد أننا نحصل على تعاون ضخم‪ ،‬وكما قد تعلم فإن‬ ‫اجلنرال (توم فرانكس) قائد القيادة املركزية املسؤولة عن مواصلة احلرب املتمركزة‬ ‫اآلن في أفغانستان كان في املنطقة‪ ،‬وتقاريره مشجعة جدا ً جداً‪ ،‬نحن نتلقى‬ ‫دعما ً حسناً‪ ،‬وهو يختلف من بلد إلى آخر‪ ،‬من حيث نوعه وما إلى ذلك‪ ،‬ولكننا‬ ‫(((‬ ‫نتلقى دعما حسنا جدا ً جداً‪ ،‬ليس في اخلليج فحسب وإمنا في العالم بأسره‪).‬‬ ‫ومبا تقدم ذكره يتبني لكل مسلم أنار اهلل بصيرته ‪ -‬وبشهادة وزير احلرب‬ ‫الصليبي‪ -‬مدى عمالة حكام املسلمني ألبناء التثليث النصراني‪ ،‬وأن هؤالء‬ ‫احلكام ما هم إال يدٌ ضاربة مهمتها إجهاض كل محاولة لالرتقاء بأمة التوحيد‪،‬‬ ‫وتذليل السبل الغتصاب خيرات األمة ‪ ،‬فاحلمد هلل على ذاك اخلير العظيم الذي‬ ‫جلبته بني ثناياها أحداث غزوة يوم الفرقان على أبناء اإلسالم‪ ،‬الذين سحرهم‬ ‫أئمة الضالل بآلتهم اإلعالمية‪ ،‬وأحبار السوء الذين زينوا كل قبيح وقبحوا كل‬ ‫حسن وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪.‬‬

‫‪ -  8‬قناة اجلزيرة برنامج « لقاء خاص « السبت ‪1422/9/2‬هـ املوافق ‪2001/11/17‬م‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫آثارها احلميدة على مسار‬ ‫احلركة اجلهادية العاملية‬ ‫إن الباحث املدقق في أحوال احلركة اجلهادية في العالم‪ ،‬يدرك كل اإلدراك‬ ‫مدى النفع الذي جلبته غزوتا واشنطن ومنهاتن بني ثناياها لفريضة اجلهاد‪،‬‬ ‫الغائبة عن أذهان الكثير من أبناء أمة اإلسالم‪ ،‬هذه الفريضة التي لم يعد لها‬ ‫ذكرا ً إال بني أمهات الكتب‪ ،‬مدونا ً للقراءة التثقيفية البحتة والنظر ال غير‪.‬‬ ‫فبعد أن كان القيام بهذه الفريضة املتعينة(((‪ ،‬محصورا ً في أغلب األحيان‬ ‫على جماعات اجلهاد املنظمة‪ ،‬سواء اجملاهد منها فوق األرض األفغانية – ردها‬ ‫اهلل للمجاهدين – أو املرابط منها فوق ثرى وطنه‪ ،‬جاءت الغزوتان لتعولم اجلهاد‬ ‫وجتعل منه جهادا ً أمميا ً عامليا ً قائما ً على جهود آحاد املسلمني((( الذين أحيت فيهم‬ ‫الغزوتني معاني العزة‪ ،‬وبعثت في وجدانهم روح اجلهاد واالستشهاد‪ ،‬ودبَّت في‬ ‫أوصالهم الروح األبية التي ال ترضى الدون‪ ،‬فغدا الواحد فيهم قنبلة موقوتة‬ ‫تتحني الفرصة املناسبة لتتشظى في مجاميع الصليب املتناثرة في أصقاع‬ ‫الدنيا‪.‬‬ ‫أجل! لقد عوملة أحداث يوم الثالثاء املبارك – بفضل اهلل – اجلهاد في‬ ‫سبيل اهلل‪...‬فها هي تفجيرات بالي في اندونيسيا تشهد على ما سطرناه‪ ...‬وها‬ ‫‪ - 1‬كما أفتى بذلك مجدد هده الفريضة في هذا العصر الشيخ الفقيه اجملاهد عبد اهلل عزام رحمه اهلل‪ ،‬والشيخ العالمة‬ ‫حمود بن عقال الشعيبي رحمه اهلل‪ ،‬والشيخ األسير عمر عبد الرحمن فك اهلل أسره وغيرهم من علماء التوحيد‪.‬‬ ‫‪ -  2‬يقول جيرميي بيني احمللل في مركز اإلرهاب والتمرد التابع جمللة جاينز البريطانية املتخصصة‪ ( :‬ال حاجة إلى إقامة أي‬ ‫اتصال مع بن الدن أو أحد مساعديه‪ ،‬إن اعتداءات ضخمة أصبح ينفذها شبان من العامة ليس لديهم نوع االتصاالت‬ ‫التي ميكن أن جندها لدى اجليل السابق ملا وصف بالقاعدة‪ ،‬وهذا األمر مخيف للغاية حني نفكر في عدد الشبان من هذا‬ ‫النوع في العالم‪.)..‬‬

‫‪42‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ةيملاعلا ةيداهجلا ةكرحلا راسم ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫ ‬ ‫هي أنفاق مدريد تقر مبا سجلناه‪.‬‬ ‫وها هي أوكار اليهود في الدار البيضاء تفصح عن سر ِّ ما كتبناه‪ ...‬وها هي‬ ‫معاقل اإلفساد في سيناء بعد أن غدت هشيما ً تبوح ببعض ما جلبته غزوتا‬ ‫واشنطن ومنهاتن من محاسن‪ ...‬وها هم أساطني املكر الصليبي يقرون بذلك‬ ‫مرغمني‪:‬‬ ‫فقد اعترف مار ساجمان املسؤول السابق في اخملابرات املركزية األمريكية‪:‬‬ ‫( بأن القاعدة القدمية قد مت حتييدها‪ ،‬واخلطر اآلن يأتي من جماعات ظهرت من‬ ‫تلقاء نفسها‪ ،‬ألنهم يبقون في منازلهم وال يحتاجون إلى االتصال بـ «القاعدة»‪،‬‬ ‫فهم يعرفون ما تفكر فيه‪ ،‬إذن فإنها موجودة في كل مكان كما أن ساحة‬ ‫(((‬ ‫العمليات اآلن هي العالم كله‪) ..‬‬ ‫ويبرز ذلك أكثر فيما قاله روفن باز‪ ،‬مدير مشروع أبحاث احلركات‬ ‫اإلسالمية‪ ( :‬إن هناك جيال جديدا يسمي «الباحثون عن اجلهاد»‪ ،‬فهم شباب‬ ‫ال ينتظرون «القاعدة» لتستقطبهم‪ ،‬ويبحثون عن اجلهاد بأنفسهم‪ ،‬وهذا يعد‬ ‫ظاهرة أخطر‪ ،‬ألنه يعني أن هناك املزيد من القطاعات االجتماعية والسياسية‬ ‫(((‬ ‫واالقتصادية التي قد تساهم في هذه احلركة )‬ ‫وقال إفان كوملان‪ ،‬املستشار في مجال اإلرهاب‪ ( :‬إن التعطش للشهادة لدى‬ ‫بعض املسلمني قد تزايد منذ ‪ 11‬سبتمبر‪ ...‬وأضاف قائالً‪ ( :‬سأندهش جدا إن لم‬ ‫يكن قادة القاعدة متورطني‪ ،‬فإن هناك الكثير من الكالم حول مدى كون هذه‬ ‫املنظمات اجلهادية اجلديد ال شكل لها‪ ،‬وهذا صحيح‪ ،‬ولكن أية محاولة أشبه‬ ‫بـ ‪ ١١‬سبتمبر من الصعب تصديق أن ال أحدا من قيادي «القاعدة» لم يخبر‬ ‫(((‬ ‫بها‪)..‬‬ ‫وأعلنت املفوضة األوروبية املكلفة العالقات اخلارجية وسياسة اجلوار‪،‬‬ ‫‪ -  3‬انظر صحيفة «املصري اليوم» الصادرة في القاهرة اجلمعة ‪.2006 8--25‬‬ ‫‪ -  4‬املصدر السابق‪.‬‬ ‫‪ -  5‬املصدر السابق‬

‫‪43‬‬


‫بينيتا فيريرو فالدنر‪ ( :‬أن املفوضية تقدم ‪ 400‬مليون يورو سنويا لتعزيز إجراءات‬ ‫مكافحة اإلرهاب في ‪ 80‬دولة في العالم‪ ،‬وذلك نظرا ً ألن اإلرهاب أصبح ظاهرة‬ ‫(((‬ ‫كونية ال تعرف حدود‪).‬‬ ‫وقد أقر َّ مؤلف كتاب‪(:‬الغرور اإلمبريالي)‪« :‬ملاذا يخسر الغرب حربه على‬ ‫اإلرهاب؟»((( مبا ذهبنا إليه‪ ،‬فقد ذكر في كتابه السابق الذكر‪( :‬إن املسؤولني‬ ‫األميركيني يرفضون قبول الواضح‪ ،‬وهو أننا نقاتل حركة عصيان إسالمية واسعة‬ ‫النطاق تشمل العالم اإلسالمي بأسره‪ ،‬ولسنا نحارب مجموعة إجرامية أو‬ ‫إرهابية(((‪ ،‬كما أن سياستنا وإجراءاتنا أخفقت في أن تعمل على أكثر من مجرد‬ ‫إحداث خدش بسيط في قوة العدو‪.).‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة‪ :‬أن كانت تلك الغزوة سببا ً مباشرا ً لوحدة اجلماعات‬ ‫ص صفوفها وانخراط الكثير منها في‬ ‫اجلهادية العاملة‪ ،‬وجمع كلمتها ور ِّ‬ ‫فالتم بذلك الشمل وتضافرت اجلهود بعد أن كانت‬ ‫صفوف تنظيم قاعدة اجلهاد‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫جهود العاملني لهذا الدين مبعثرة‪ ،‬واألعمال مشتت ًة واألهداف متباينة‪ ،‬فجاءت‬ ‫هذه الغزوة على قدر من اهلل لتكون مفتاح خير على أبناء احلركات اجلهادية‪،‬‬ ‫َسر َّ بذلك أبناء التوحيد‪ ،‬وأُدميت من‬ ‫فوحدت صفوفهم وجمعت كلمتهم‪ ،‬ف ُ‬ ‫كم ٍد قلوب احلاقدين‪.‬‬ ‫فها هو الشيخ اجملدد أبو مصعب الزرقاوي رحمه اهلل‪ :‬يعلنها مدوية في‬ ‫وجه طواغيت اجلاهلية من عرب ومن عجم « أنا مع أسامة حيث آل مآله» كاسرا ً‬ ‫بذلك حواجز النفس األمارة بالسوء‪ ،‬متجردا ً من حب العلو في األرض(((‪.‬‬ ‫‪ -  6‬شبكة األخبار العاملية‬ ‫‪ -  7‬من املعروف أن مؤلف هذا الكتاب هو أحد مسؤولي وكالة االستخبارات األمريكية ‪ CIA‬وما زال على رأس عمله‪ ،‬ولهذا لم‬ ‫يعلن عن اسمه وعادة ما يظهر على شاشات التلفاز مقنعا‪.‬‬ ‫‪ -  8‬يقصد باجملرمني واالرهابيني هنا أهل اجلهاد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -  9‬قال تعالى ( تلك الدار اآلخرة جنعلها للذين ال يريدون علوا في األرض وال فسادا والعاقبة للمتقني )‪ ،‬قال العالم الرباني‬ ‫الزاهد العابد الفضيل بن عياض عن هذه‪ « :‬هنا هلكت األماني «‪ .‬فرحمك اهلل يا أبا مصعب فقد كنت بحق من طالب‬ ‫اآلخرة ‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ةيملاعلا ةيداهجلا ةكرحلا راسم ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫وها هم أبناء السلفية للدعوة والقتال في اجلزائر يعلنوها مزلزلة لعروش‬ ‫الباطل‪ :‬هذه يدنا ممدودة لك يا أمير اجلهاد « أسامة « فاقبل بيعتها‪ ،‬ومتى ذلك‬ ‫زمن تهافتت فيه الهامات على عروش امللك‪ ،‬وتزاحمت فيه على‬ ‫يا ترى‪..‬؟! في ٍ‬ ‫كراسي الرئاسة‪ ،‬وتسابقت فيه على ُسلم اإلمارة وتشبثت فيه ال تريد له‬ ‫فراقا‪.‬‬ ‫وها هم اخمللصون الثابتون على العهد من أبناء اجلماعة اإلسالمية املصرية‪،‬‬ ‫ال تأخذهم في احلق لومة الئم‪ ،‬ويعلنوها مستعلني على الباطل‪ »:‬نحن مع‬ ‫أسامة «‪ ،‬يوم أن تراجع من تراجع‪ ..‬وسقط من سقط‪ ..‬وداهن من داهن‪ ..‬وانتكس‬ ‫من انتكس‪ ..‬فلله در تلك األرحام التي أجنبت أبطال غزوة يوم الفرقان‪.‬‬ ‫ومن محاسنها العظام‪ :‬أن و َّحدت أهداف ورثة محمد صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬وجعلت من العدو الصليبي األمريكي وأذنابه هدفا ً مباشرا ً يتقصدونه‬ ‫بضرباتهم املباركة أين ما حلَّ ‪ ،‬وحيث ما وُ ِج َد‪ ،‬مما سيؤدي وعلى املدى القريب –‬ ‫وبعون اهلل – إلى إضعافه وبالتالي القضاء عليه وسقوطه وسقوط أنظمة الردة‬ ‫العميلة‪ ،‬التي طاملا أجهد اجملاهدون أنفسهم بقتالها وتقصدها‪ ،‬والعمل على‬ ‫ً‬ ‫متمثال‬ ‫إسقاطها ولكن دون جدوى(‪ ،((1‬وما ذاك إال لوقوف األخطبوط النصراني‬ ‫برأسه الواليات املتحدة األمريكية بجانبها‪ ،‬تزودها باملال والرجال وتدعمها‬ ‫باخلبرات واملعدات‪ ،‬لتنال من عباد اهلل اجملاهدين دعاة احلق املبني‪ ،‬ولوال هذا الدعم‬ ‫الغاشم لكان مصير هؤالء اخلونة وأنظمتهم مزابل التاريخ ومراتع اللعنات‪.‬‬ ‫ومن آثارها املباركة‪ :‬أن كانت سببا ً مباشرا ً في وئد كثير من تلك اخليارات‬ ‫والنظريات واألطروحات اخملالفة خليار اجلهاد في سبيل اهلل وملبدأ املقاومة‪ ،‬فبعد‬ ‫أن صدَّع منظرو النظريات االنهزامية الرؤوس بنظرياتهم وأطروحاتهم السلمية‬ ‫اخملذلة عن اجلهاد‪ ،‬أطل علينا يوم الثالثاء املبارك بأحداثه العظام‪ ،‬وقد ُمرِّغ أنف‬ ‫‪ -  10‬وما جتارب اإلخوان املسلمني في سوريا وجتارب اإلخوة في اجلزائر وجتارب اإلخوة في مصر وجتارب اإلخوة في ليبيا وغيرهم‬ ‫من احلركات اجلهادية عنا ببعيد‪ ،‬نسأل اهلل العلي القدير أن يتقبل شهداءهم ويفك أسراهم‪...‬‬

‫‪45‬‬


‫عاصمة الشيطان في األرض بالوحل والتراب‪ ،‬ليغدوا من ذلك اليوم اجلهاد في‬ ‫سبيل اهلل بالسيف والسنان‪ ،‬مفتاح التغيير ومصدر العزة‪ ،‬ومحل أنظار عامة‬ ‫املسلمني كخيار وحيد أوحد للنصر والتمكني(‪..((1‬‬

‫‪ -  11‬يقول مراسل بي بي سي لشؤون األمن « فرانك جاردنر « الذي تعرض حملاولة اغتيال في بالد احلرمني‪( :‬نداء بن الدن‬ ‫للمسلمني للدفاع عن أرضهم احملتلة لقي صدى واسعا‪ ،‬وأعيد إنتاجه من خالل حرب العراق‪.)...‬‬

‫‪46‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫راوع نايبو ةيداهجلا ريغ ةيمالسإلا تاكرحلا ةيرعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في تعرية احلركات‬ ‫اإلسالمية غير اجلهادية وبيان عوارها‬

‫لقد جاءت وعلى قدرٍ من اهلل أحداث يوم الثالثاء املبارك لتضع النقاط على‬ ‫احلروف‪ ،‬ولتجلي حقائق كثيرة‪ ،‬كانت غائبة أو متوارية عن أذهان الكثير من أبناء‬ ‫هذه األمة الكرمية على اهلل‪ ،‬ومن بني تلك احلقائق التي أفصحت عنها تلك‬ ‫األحداث حقيقة كثي ٍر من تلك اجلماعات اإلسالمية‪ ،‬التي طاملا صدعت الرؤوس‬ ‫بنظرياتها غير اجملدية نفعاً‪ ،‬والتي رسمت من خاللها الطريق املفضي إلى إقامة‬ ‫اجملتمع املسلم(((‪.‬‬ ‫فمع أول هزة عنيفة تساقطت األوراق‪ ،‬وتكشفت اخلفايا واخملبوءات‪،‬‬ ‫وتكسرت األقنعة‪ ،‬وبان وبال غرابة حقيقة مناهجهم املصادمة للحق الذي‬ ‫جاء به النبي الكرمي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وعلم القاصي والداني ممن أنار‬ ‫اهلل بصيرته أن ال والء لدين اهلل‪ ،‬وال والء ألبناء التوحيد‪ ،‬وال والء للغر ِّ احملجلني‬ ‫احلاملني أرواحهم على أكفهم ينافحون دون هذا الدين‪ ،‬ودون أعراض املسلمني‪،‬‬ ‫في قواميس هذه اجلماعات‪ ،‬وأن ال والء في صفحات دساتيرهم إال ملصاحلهم‬ ‫الشخصية اآلنية‪ ،‬وملكاسب أحزابهم ومصالح جماعاتهم دون أدنى التفات إلى‬ ‫الثوابت والقطعيات في هذا الدين العظيم‪ ،‬القائم أصال ً على الوالء هلل ورسوله‬ ‫‪ -  1‬ومن أمثلة ذلك اإلخوان املسلمني ودميقراطيتهم الشركية التي أثبتت فشلها‪ ،‬وحزب التحرير وطلب النصرة التي‬ ‫ينتظرها منذ ما يزيد عن خمسني عاماً‪ ،‬وسلفية األلباني رحمه اهلل القائمة على التصفية والتربية‪ ،‬والسلفية‬ ‫اإلصالحية القائمة على بناء املؤسسات والتغلغل في شؤون احلياة العامة ومن ثم إقامة اجملتمع املسلم‪ ...‬إلى غير ذلك‬ ‫من النظريات التي لم تزد املسلمني سوى انحدارا ً إلى األسفل والى اهلل املشتكى‪ ،‬وملزيد من اإليضاح ما عليك سوى أن‬ ‫تراجع كتابنا « الطريق إلى إقامة اجملتمع املسلم «‪ ...‬وباهلل التوفيق‬

‫‪47‬‬


‫واملؤمنني‪ ،‬والبراءة من الكافرين وأشياعهم واملرتدين وأذنابهم(((‪ ،‬ولنأخذ على‬ ‫سبيل املثال ال احلصر جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬فقد أصدرت هذه اجلماعة التي‬ ‫تدعي أنها أكبر جماعة إسالمية‪ ،‬أول بياناتها املنددة بالغزوة املباركة‪ ،‬مؤكدةً‬ ‫فيه وقوفها جنبا ً إلى جنب مع أعداء األمة‪ ،‬وقد جاء هذا اإلعالن املشؤوم موقعا ً‬ ‫بتوقيع مرشدها العام مصطفى مشهور يقول البيان‪ ( :‬إن ما أعلنه السيد‬ ‫الرئيس حسني مبارك من ضرورة أن يكون التحالف ضد اإلرهاب ضمن إطار‬ ‫دولي((( ومفاهيم محددة وطبقً ا إلثباتات مقنعة‪ ،‬هذا املوقف هو موقف شجاع‬ ‫خاصة مع الضغوط األمريكية املتزايدة‪.‬‬ ‫وأن اإلخوان املسلمني يؤيدون هذا املوقف احلكيم ويساندونه(((‪ ،‬وقد‬ ‫اكتسب هذا املوقف الشجاع تأيي ًدا ومساندة األغلبية الساحقة في العاملني‬ ‫العربي واإلسالمي‪ ،‬وندعو جميع األطراف امللوك والرؤساء العرب واملسلمني‬ ‫التخاذ مثل هذا املوقف‪ ،‬تأيي ًدا للعدل واإلنصاف‪ ،‬ولعدم إثارة الشعوب العربية‬ ‫(((‬ ‫واإلسالمية‪)..‬‬ ‫ نعم! هذه بياناتهم صدرت في الوقت الذي كان فيه املستضعفون من‬ ‫‪ -  2‬فأين أنتم مما قاله اإلمام اجملدد محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وهو يتحدث عن الوالء والبراء في هذا الدين العظيم‪ ( :‬فاهلل اهلل‬ ‫يا إخواني متسكوا بأصل دينكم‪ ،‬وأوله وآخره وأسه ورأسه‪ ،‬شهادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬واعرفوا معناها‪ ،‬وأحبوها وأحبوا أهلها‬ ‫واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين‪ ،‬واكفروا بالطواغيت وعادوهم وابغضوهم‪ ،‬وابغضوا من أحبهم أو جادل عنهم‬ ‫أو لم يكفرهم أو قال‪ :‬ما علي منهم‪ ،‬أو قال‪ :‬ما كلفني اهلل بهم‪ ،‬فقد كذب هذا على اهلل وافترى‪ ،‬فقد كلفه اهلل بهم‬ ‫وافترض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانهم وأوالدهم‪ ،‬فاهلل اهلل‪ ،‬متسكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم ال‬ ‫تشركون به شيئاً‪ ،‬اللهم توفنا مسلمني وأحلقنا بالصاحلني‪ ) .‬مجموع التوحيد‪.‬‬ ‫‪ -  3‬أحربا ً تريدها أيها املرشد‪ ،‬وحتالفا ً دوليا ً عامليا ً للنيل من اجملاهدين الذين لوال اهلل ثم تضحياتهم لكان شذاذ الصليب‬ ‫وأجناس اليهود يسرحون وميرحون اآلن في شوارع القاهرة‪.‬‬ ‫‪ -  4‬فتأمل يرعاك اهلل فقد غدا فرعون مصر في نظر هذه اجلماعة حكيما شجاعا‪ !..‬هذا الطاغية الذي طاملا تلطخت يداه‬ ‫ينج من براثني شره حتى هذه اجلماعة التي تزكيه‪ ..‬أوما بلغك أيها املرشد قول سفيان البصري (‬ ‫بدماء اجملاهدين‪ ،‬ولم ُ‬ ‫من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى اهلل‪ )..‬فما بالك بهذا الطاغية الذي لم يترك باب ردة عن دين اهلل إال وجله من‬

‫أوسع طرقه‪.‬‬ ‫‪ -  5‬بيان اإلخوان املسلمني حول أحداث أمريكا‪ ‬وتداعياتها املؤسفة ‪ /‬القاهرة ‪ 7‬رجب ‪ 24 - 1422‬سبتمبر ‪.2001‬‬ ‫( موقع إسالم أون الين )‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫راوع نايبو ةيداهجلا ريغ ةيمالسإلا تاكرحلا ةيرعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫أبناء التوحيد فوق ذرى خراسان‪ ،‬في أشد ما يكونون حاجة إلى املعني والنصير‪،‬‬ ‫فأي والء ألبناء التوحيد بقي في قواميس هذه اجلماعة وغيرها من اجلماعات التي‬ ‫سارت على نهجها‪..‬؟! وأي حظ بقي لها بعدما هدمت أعظم أركان هذا الدين‪،‬‬ ‫وجعلت من هدمه مطية متتطيها لتنال رضى الغرب وسخط الرب‪..‬؟!‬ ‫وأي شرعية بقيت لها لتتصدر اجملالس وتتحدث باسم املسلمني‪...‬؟! وهذا‬ ‫كبير النصرانية بوش يقول وقد فقه من دينه احملرف ما لم يفقهه كبراء هذه‬ ‫اجلماعة من دينهم‪ ( :‬سنشن حملة صليبية طويلة األمد لتخليص العالم من‬ ‫فاعلي الشر‪ ،) ..‬وقال في موطن آخر يحث اجلنود الكنديني على القتال بجانب‬ ‫جنوده‪...( :‬و ِقفوا إلى جانبنا في هذه احلملة الصليبية الهامة‪.) ..‬‬ ‫فهل بعد هذا البيان من بيان يا أصحاب العقول النيرة‪...‬؟! وهل بعد هذه‬ ‫الصراحة من صراحة يا أهل املصالح واملكاسب‪..‬؟! وهل بعد هذا اإلقرار من إقرار‬ ‫يا أهل الوسطية واالعتدال‪..‬؟!‬

‫‪49‬‬


‫آثارها احلميدة في الترويج لسالح الردع اإلسالمي‬ ‫املعروف بالعمليات االستشهادية‬ ‫في بداية التسعينات من القرن املنصرم ظهر بشكل مفزع ألعداء اهلل ما عُ رف‬ ‫بسالح الردع اإلسالمي « العمليات االستشهادية «‪ ،‬وكان لظهور هذا السالح األثر‬ ‫الفعال في تغيير موازين القوى فوق روابي األرض املقدسة‪ ،‬التي حبا اهلل أبناءها بأن‬ ‫كانوا السباقني في استعمال هذا السالح للنيل من أبناء يهود املغتصبني ملسرى‬ ‫النبي الكرمي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولكن وعلى الرغم من انطالقته األولى من فوق‬ ‫ثرى األرض الطيبة‪ ،‬إال أن تأثيرها بقي محدودا ً ومقصورا ً في أغلب األحيان على أبناء‬ ‫فلسطني‪ ،‬ولم يؤمن بجدوى فتكه بأعداء اهلل سوى القليل من ورثة محمد صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬ومن بني أولئك النفر القليل الذي آمن به كسالح ردع وفتك بأعداء اهلل‬ ‫احملاربني هلل ورسوله واملؤمنني‪ ،‬كان التسعة عشر أبطال غزوتي واشنطن ومنهاتن‪،‬‬ ‫الذين أحيا اهلل بهم ونشر على أيديهم فكرة سالح الردع اإلسالمي‪ ،‬وغدا هذا السالح‬ ‫ بفضل اهلل ‪ -‬هو اخليار االستراتيجي لردع املعتدين على ديار اإلسالم‪ ،‬واإلثخان بهم‪،‬‬‫(((‬ ‫ب االستشهاد هو مفتاح النصر‪ ،‬وسر‬ ‫والنيل منهم ‪ ،‬فقد بدا لكل ذي بصر أن ُح َّ‬ ‫التمكني للمؤمنني في األرض‪ ،‬وهذا هو مصداق قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬إذا ضن‬

‫الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة وتبعوا أذناب البقر وتركوا اجلهاد في سبيل‬ ‫اهلل أدخل اهلل تعالى عليهم ذال ال يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم)‬

‫(((‬

‫ولقد أكرمنا اهلل عز وجل وعاينا ذلك‪:‬‬ ‫ ‬

‫فتلك بالد الرافدين واإلقبال غير املسبوق على العمليات االستشهادية((( ‪،‬‬

‫‪ -  1‬قال وزير الدفاع اإلسرائيلي السابق بنيامني بن اليعازر‪ ( :‬إن سالح العمليات االستشهادية ال تقدر على مواجهته أكبر‬ ‫دولة في العالم‪ ،‬حيث تتضاءل أمامه ترسانات أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬إضافة إلى أنه تكتيك ال ميكن مقاومته‪.)...‬‬ ‫‪ -  2‬رواه أحمد والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب اإلميان‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح اجلامع‏‪:‬‏ ‪675‬‬ ‫‪ - 3‬فقد ذكر الشيخ اجملاهد أبو حمزة املهاجر حفظه اهلل «أمير قاعدة اجلهاد في بالد الرافدين» سابقا ووزير احلرب في دولة‬

‫‪50‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫هشتسالا تايلمعلاب فورعملا يمالسإلا عدرلا حالسل جيورتلا يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫التي وصف حدتها رأس الصليب بوش بقوله في إحدى مؤمتراته الصحفية في البيت‬ ‫األبيض بعد مقتل العديد من جنده‪ (:‬من الصعب أن نوقف املفجرين االنتحاريني عن‬ ‫القيام بهذه التفجيرات‪.)..‬‬ ‫وهذه أفغانستان وأبناؤها الذين لم يعهدوا هذا الشكل من أشكال اإلثخان في‬ ‫العدو‪ ،‬ولم يسبق لهم أن توافدوا على طرق باب العمليات االستشهادية(((‪ ،‬يتسابقون‬ ‫وبأعداد غفيرة على ولوج بابها(((‪ ،‬رغب ًة فيما عند الرحمن‪ ،‬وطمعا ً في اإلثخان بجحافل‬ ‫الصلبان وأذنابهم من ورثة مسيلمة الكذاب‪.‬‬ ‫ ‬

‫وقد أقر َّ رئيس وكالة االستخبارات العسكرية األمريكية اجلنرال مايكل مابلز‬

‫أمام جلنة االستماع مبجلس الشيوخ األمريكي بزيادة العمليات االستشهادية‪ ( :‬نحن‬ ‫نوقن أن املتمردين يشكلون اآلن اخلطر األعظم المتداد سلطة احلكومة األفغانية من‬ ‫أي وقت مضى منذ أواخر ‪ 2001‬وسوف ينشطون هذا الربيع‪ ...‬وأضاف‪ :‬ارتفعت هجمات‬ ‫الثوار بنسبة ‪ 20%‬والهجمات االنتحارية «االستشهادية « بلغت أربعة أضعاف‪)..‬‬ ‫ ‬

‫فاحلمد هلل الذي أحيا بدماء التسعة عشر موحدا ً أم ًة كانت في نومها سادرة‪،‬‬

‫وفي دنياها ضائعة‪ ،‬وعن اجلهاد الهية‪ ،‬وعن طلب الشهادة راغبة‪.‬‬ ‫العراق اإلسالمية أعزها اهلل‪ :‬أنه مت تنفيذ ما يزيد عن ‪ 1500‬عملية استشهادية خالل األربع سنوات التي تلت الغزو‬ ‫الصليبي لبالد الرافدين‪.‬‬ ‫‪ -  4‬يقول الصحفي العربي أحمد زيدان في إحدى مقاالته « ماذا يجري في أفغانستان‪..‬؟! «‪ ( :‬حتى نهاية شهر نيسان املاضي‬ ‫كان عدد العمليات االنتحارية الطالبانية والتي استهدفت القوات األميركية واألفغانية منذ مطلع العام املاضي قد‬ ‫جتاوزت األربعني عملية وأسفرت عن مقتل العشرات من القوات الدولية‪ ،‬والعمليات االنتحارية أسلوب جديد في احلرب‬ ‫األفغانية فقد آثر األفغان منذ أيام اجلهاد األفغاني على عدم تفجير أنفسهم ولكن يبدو أن العالقة مع القاعدة باإلضافة‬ ‫إلى الوضع العراقي دفعهم إلى تغيير عقليتهم السابقة تلك‪ ،‬وكشفت مصادر طالبانية سابقا أن أكثر من ثالثمائة‬ ‫طالباني ينتظرون دورهم في تنفيذ العمليات االنتحارية‪ ،‬في حني تتحدث املصادر العسكرية األميركية عن قيام تنظيم‬ ‫القاعدة بدور التدريب واملساعدة والتحضير للعمليات العسكرية ضدها‪ ،‬وحتدثت املصادر ذاتها عن ملسهم تنسيقا‬ ‫واضحا بني طالبان والقاعدة في العمليات العسكرية التي استهدفت قواتهم وقوات التحالف الدولي أخيرا)‬ ‫‪ -  5‬قال املسؤول العسكري السابق حلركة طالبان املال داد اهلل – رحمه اهلل ‪ -‬في اتصال هاتفي عبر األقمار الصناعية مع‬ ‫رويتر‪ ( :‬إن مئات من مجاهدي طالبان األفغان مستعدون لشن هجمات فدائية‪ ...‬وأنهم فقط ينتظرون األوامر من قادة‬ ‫طالبان‪.)..‬‬

‫‪51‬‬


‫آثارها احلميدة على األرض املباركة‬ ‫«فلسطني السليبة»‬ ‫قال شيخنا اجملاهد أسامة بن الدن قبيل غزوة يوم الفرقان‪ ( :‬إلى إخواننا في‬ ‫فلسطني نقول لهم إن دماء أبنائكم هي دماء أبنائنا‪ ،‬وإن دمائكم دماؤنا‪ ،‬فالدم‬ ‫الدم‪ ،‬والهدم الهدم‪ ،‬ونشهد اهلل العظيم أننا لن نخذلكم حتى يتم النصر أو‬ ‫نذوق ما ذاق حمزة بن عبد املطلب‪ ،‬رضي اهلل عنه )‪.‬‬ ‫لب‪ ،‬أن الواليات‬ ‫إن من امل ُ َسلَّمات التي لم تعد تخفى على كل ذي ّ‬ ‫املتحدة األمريكية هي شريان الدم املتدفق‪ ،‬الذي يغذي أوصال هذا الكيان‬ ‫اليهودي الغاصب لبالد فلسطني‪ ،‬وهي عصب وجوده وسر دميومة بقائه حتى‬ ‫اآلن(((‪ ،‬وهي وال شك من ساند قيامه وثبَّت أركانه‪ ،‬وقد أفصحت ألسنة أرباب‬

‫البيت األبيض عن ذلك في مواطن عدة ومناسبات جمة‪ ،‬وبينوا مبا ال يدع مجاال ً‬ ‫للشك حقيقة التزامهم جتاه هذه الدولة املصطنعة‪ ،‬فهذا كبيرهم الرئيس‬ ‫األسبق نيلسون يصرح حال سماعه خبر وعد بلفور املشؤوم(((‪ ( :‬أعتقد أن األمم‬ ‫احلليفة قد قررت وضع حجر األساس للدولة اليهودية بتأييد تام من حكومتنا‬ ‫وشعبنا‪ ،)...‬وهذا كبيرهم اآلخر جيمي كارتر‪ ،‬يعلن أمام الكنيست اإلسرائيلي‬ ‫في مارس ‪ ،1979‬حقيقة تلك العالقة مبا ال يدع مجاال ً لتشكيك املشككني‪:‬‬ ‫(لقد آمن و أظهر سبعة من رؤساء اجلمهورية أن عالقة أمريكا بإسرائيل أكثر‬ ‫‪ -  1‬قدر حتليل اقتصادي منشور حديثا (ضمن تقرير واشنطن حول الشرق األوسط تُشر في يونيو‪ )2003‬أن الدعم األمريكي‬ ‫للكيان اإلسرائيلي كلف دافعي الضرائب األمريكيني تقري ًبا ‪ 3‬تريليون دوالر)‪.‬‬ ‫‪ -  2‬هو وعدٌ بريطاني مشؤوم قطعهه الصليبي السير بلفور وزير اخلارجية البريطاني في ‪ 1917/11/02‬لليهود تعهد فيه‬ ‫لهم بإقامة وطن قومي لهم فوق األرض الفلسطينية‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ةبيلسلا نيطسلف« ةكرابملا ضرألا ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫من مجرد عالقة خاصة‪ ،‬لقد كانت و ال تزال عالقة فريدة و هي عالقة ال ميكن‬ ‫تقويضها ألنها متأصلة في وجدان و أخالق و ديانة و معتقدات الشعب األمريكي‬ ‫نفسه‪ ،‬لقد أقام الرواد وأقوام جتمعوا في كال الشعبني من دول شتى إسرائيل و‬ ‫الواليات املتحدة فشعبي كذلك أمة مهاجرين و الجئني إننا نتقاسم معا ميراث‬ ‫التوراة)‪.‬‬ ‫وبهذا التصريح وذاك اإلقرار وغيره الكثير الكثير مما ال يسع اجملال‬ ‫بذكره وسرده‪ ،‬ندرك حقيقة العالقة الوطيدة‪ ،‬والرباط القوي املستحكم بني‬ ‫الكيانني املصطنعني‪ ،‬وندرك مبعيتهم أيضا ً بعضا ً من احملاسن التي جلبتها بني‬ ‫طياتها غزوة الفرقان للقضية الفلسطينية(((‪ ،‬ففي حقيقة األمر أن ما أصاب‬ ‫تلك الدولة املارقة من تنكيل وتدمير((( ال بد وبالضرورة مصيب ربيبتها املدللة‬ ‫– إسرائيل ‪ ،-‬فالتعجيل بانهيار هذا الصنم املدعو بهبل العصر يعني وبكل‬ ‫وضوح التعجيل بدمار الكيان الصهيوني‪ ،‬وانشغال الواليات املتحدة بخاصة‬ ‫أمرها يعني انشغالها ولو بشكل مؤقت عن الدولة العبرية املغتصبة لثرى‬ ‫األرض املباركة‪ ،‬ونزيف األمريكان يعني توقف الدعم األمريكي عن هذا الكيان‬ ‫املسخ الذي عاث في األرض فسادا‪ ،‬وبذلك سينقطع حبل الناس الذي ميد هذا‬ ‫الكيان مبستلزمات بقائه ودميومته‪.‬‬ ‫فمن آثارها احلميدة‪ :‬أن جعلت منها القضية األولى للمسلمني وللعالم‬ ‫‪ -  3‬ذكرت الصحفية املصرية جنالء بدير العاملة في مجلة « صباح اخلير «‪ ( :‬أنه يتملكها شعور بأن أسامة بن الدن‬ ‫رجل حقيقي ومناضل حقيقي‪ ،‬فهو على حق يجب أال يشعر األميركيون باألمان طاملا أن الفلسطينيني ال يشعرون به‬ ‫وأضافت‪ :‬منذ أكثر من ‪ 12‬شهرا نكتفي باإلعراب شفهيا عن تعاطفنا مع الفلسطينيني وبن الدن هو الوحيد الذي فعل‬ ‫شيئا لهم )‪.‬‬ ‫‪ -  4‬هذا مع ِعلمنا املسبق أن اللوبي اليهودي هو احلاكم الفعلي للواليات املتحدة وهم صانعوا قرارها وسادة اقتصادها وأرباب‬ ‫إعالمها‪ ....‬يقول البروفيسور جون ميرشهامير والبروفيسور ستيفن وولت من جامعة هارفارد األمريكية في وثيقتهم‬

‫املشتركة‪ ( :‬إن اللوبي اإلسرائيلي يقود اإلدارة األمريكية من أنفها ويمُ لي علي الرئيس سياسته الشرق أوسطية‪ ..‬وأضافا‪:‬‬ ‫اللوبي اإلسرائيلي أشبه باألخطبوط املتعدد األذرع الذي يدس أياديه في كل مكان‪ ،‬ولديه تأثير هائل جدا علي الناخبني‬

‫األمريكيني كلهم الذين يضطرون للخضوع ملطالبه خشية التعرض ألذاه ‪).‬‬ ‫للكاتب روؤبني بدهتسور صحيفة (هآرتس) ‪.2006/3/26‬‬

‫‪53‬‬


‫على حد سواء(((‪ ،‬وأعادتها إلى محضنها اإلسالمي‪ ،‬وربطتها برباط ال تنفك عراه‬ ‫بأمتها اإلسالمية‪ ،‬ضاربة بعرض احلائط تلك الدعاوي الزائفة الباطلة التي طاملا‬ ‫صدع منظروها رؤوسنا بترديدها‪ ،‬كقول بعضهم‪ ( :‬فلسطني للفلسطينيني )‬ ‫وقول اآلخر‪ ( :‬فلسطني قضية عربية ) إلى غير ذلك من ال ُّترهات التي لم تزد أبناء‬ ‫فلسطني سوى بؤساً‪...‬‬ ‫ومن محاسنها العظام‪ :‬أن جعلت اليهود رهينة اخلوف والرعب والقلق‬ ‫النفسي من تكرار مشاهد نيويورك وواشنطن في تل أبيب‪ ،‬وقد أكدت ذلك وزارة‬ ‫الصحة « اإلسرائيلية « بقولها‪ (:‬إن أحداث ‪ 11‬سبتمبر أدت لزيادة أعداد املرضى‬ ‫النفسيني اإلسرائيليني نتيجة القلق املستمر من تعرضهم لضربات ُمشابهة ملا‬ ‫حدث في نيويورك وواشنطن‪ ،) .‬ومن جانبها ذكرت صحيفة «هاأرتس» اليهودية‬ ‫أن يوم ‪ 11‬سبتمبر من كل عام سيشهد زيادة حاالت اخلوف داخل إسرائيل كما‬ ‫في الواليات املتحدة من تكرار الضربات‪ ،‬لئن التوحد في املكاسب البد وأن يتضمن‬ ‫على اجلانب املوازي توحد في اخلسائر(((‪).‬‬ ‫وحفظ اهلل شيخنا اجملاهد أسامة بن الدن إذ يقول‪( :‬أُقسم باهلل العظيم‬ ‫الذي رفع السماء بغير عمد‪ ،‬لن حتلم أمريكا وال من يعيش في أمريكا باألمن‬ ‫واألمان حتى نعيشه واقعا في فلسطني‪ ،‬وحتى تخرج جميع اجليوش الكافرة من‬ ‫أرض محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.)..‬‬

‫‪ -  5‬وهذا ما يفسر اعتراف الصليبي بوش بالدولة الفلسطينية‪ ،‬ومسارعته إلى حلِّها‪ ،‬والتوسط في ذلك‪ ،‬وسعيه احلثيث‬ ‫إلمتام سالمه املزعوم‪ ،‬ونحن نؤمن بأن هذه احللول حلولٌ كفرية ال يقبلها الشرع وال يجيزها‪ ،‬ونحن على يقني أن األرض‬ ‫املباركة ال تسترد إال بقرآن يهدي وسيف يحمي‪.‬‬ ‫‪ -  6‬وهذا اعتراف صريح وإقرار ال غبش فيه مبا سبق وذكرناه‪ ،‬أن ما أصاب الواليات املتحدة األمريكية البد وأن يصيب ربيبتها‬ ‫املصطنعة إسرائيل‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في تعجيل الغزو الصليبي‬ ‫األمريكي لبالد الرافدين «العراق»‬ ‫لقد كان ألحداث احلادي عشر من سبتمبر أثرا ً بالغا ً في تغير سياسة أساطني‬ ‫املكر األمريكي‪ ،‬وإحداث مراجعة شاملة ألدمغة صنَّاع قرارها في واشنطن(((‪،‬‬ ‫فلقد أوجدت تلك األحداث في العقل األمريكي ما عُ رف الحقا ً مبصطلح « احلرب‬ ‫االستباقية «(((‪ ،‬التي سرعان ما ترجمتها واقعا ً حيا ً في عالم البشر‪ ،‬وغزت‬ ‫جيوشها اجلرارة بالد الرافدين « العراق «‪ ،‬بدعوى استكمالها احلرب على اإلرهاب‬ ‫والقضاء على جيوبه‪ ،‬وتخليص العراق من رئيسه ومن أسلحة الدمار الشامل‬ ‫التي غدت تهديدا ً مباشرا ً ملصاحلها في الشرق األوسط(((‪ ،‬ولـتأمني حدود ربيبتها‬ ‫‪ -  1‬يقول ويليام كريستول وهو ‪ -‬أحد املراجع املؤثرة في عقل بوش وكان من صنَّاع فكرة احلرب على العراق – في رده على‬ ‫سؤال مراسل صحيفة هاآرتس اليهودية‪ ،‬ملاذا احلرب العراق‪..‬؟‪( :‬إن هذه احلرب تهدف أول ما تهدف الي تشكيل وبناء‬ ‫شرق أوسط جديد فهي حرب لتغيير الثقافة السياسية في املنطقة بكاملها‪ ...‬ويضيف كريستول‪ :‬إن ما حدث في‏‪11‬‏‬ ‫سبتمبر‏‪2001‬‏ هو أن األمريكيني استيقظوا ليكتشفوا أن العالم ليس هو العالم الذي عرفوه من قبل‏‪,‬‏ هذا العالم أصبح‬ ‫مكانا خطيرا‪ ،‬لهذا فقد بحث األمريكيون عن مبدأ أو عقيدة تتيح لهم مواجهة هذا العالم اخلطير‪ ،‬والعقيدة الوحيدة‬ ‫التي وجدوها هي تلك التي يتبناها احملافظون اجلدد‪ ،‬وتقوم على تغيير الثقافة السياسية للمنطقة التي تأتي بأمثال‬ ‫صدام حسني وأسامة بن الدن للعالم‪ ،‬وإيجاد نظام عاملي جديد واالستعداد الستخدام القوة لبناء وتأسيس هذا النظام‬ ‫اجلدي ‏د‏‪ ،‬وعلى هذا األساس كانت حرب العراق لبناء النظام العاملي والشرق األوسط اجلديد ) موقع العصر‪« /‬احملافظون‬ ‫اجلدد وتغيير مجرى التاريخ «‬ ‫‪ -  2‬اعتمدت الواليات املتحدة األمريكية ولسنوات طوال سياسة الردع واالحتواء في مواجهة الدول املعادية لها‪ ،‬ولكن ومع‬ ‫أحداث يوم الثالثاء املبارك تغيرت هذه اإلستراتيجية‪ ،‬وغدا مكانها ما عرف باحلرب االستباقية مبفهومها األمريكي‪ ،‬التي‬ ‫تعني ضرب العدو احملتمل وتدميره قبل أن يكون قادرا ً على مهاجمة الواليات املتحدة األمريكية‪.‬وقد أوضح رأس الصليب‬ ‫بوش حقيقة احلرب االستباقية بقوله في خطابه الشهير في قاعدة ويست بوينت في تاريخ ‪ ( :2002 / 6/1‬إن األمريكيني‬ ‫ال يستطيعون ترك أعدائهم يبادرونهم بالضربة‪ ..‬وأضاف‪ :‬إن األمم ليست بحاجة إلى تلقي الضربة‪ ،‬قبل أن يكون مبقدروها‬ ‫اتخاذ إجراء قانوني للدفاع عن أنفسهم ضد قوى تشكل خطرا ً داهماً‪)..‬‬ ‫‪ -  3‬وقد صدرت في هذا السياق عدة تصريحات من مسؤولني أمريكيني على رأسهم الرئيس بوش ذكروا فيها‪ ( :‬أن هناك‬ ‫إمكانية للتعاون بني بعض احلكام املوصوفني بالطغاة وبني رجال املنظمات السرية املوصوفني باإلرهابيني‪ ،‬مما قد ميك َّن‬

‫‪55‬‬


‫املدللة «إسرائيل»‪.‬‬ ‫صنَّاع القرار في البيت األبيض للوهلة األولى‪ ،‬أن احلرب على العراق‬ ‫وظن َّ ُ‬ ‫لن تكلف اإلدارة األمريكية إال القليل من املال والرجال(((‪ ،‬وستكون بوابة انطالق‬ ‫حلروب عديدة تشنها على الدول اجملاورة للعراق‪ ،‬لتخليصها من طواغيتها‪ ،‬ونشر‬ ‫احلرية والدميقراطية على الطريقة األمريكية‪ ،‬وبناء شرق أوسط جديد‪...‬‬ ‫سيل من التهديدات األمريكية لصدام حسني‪ ،‬أنشبت احلرب‬ ‫وبعد‬ ‫ٍ‬ ‫أظفارها وعال دخانها‪ ،‬وكشر الصليب عن ناب حقده‪ ،‬وما لبث أن أعمله في جسد‬ ‫حزب البعث الكافر‪ ،‬الذي لم يصمد طويال ً أمام آلة احلرب األمريكية الضخمة‪،‬‬ ‫واخليانات الرافضية التي كانت بحق الطابور اخلامس األمريكي(((‪.‬‬ ‫وهكذا استباحت اجليوش النصرانية حمى الرشيد‪ ،‬وعال أعلى منابرها‬ ‫الصليب‪ ،‬وتوشحت بغداد بالسواد‪ ،‬وعالها احلزن وقد رثت مجد املعتصم وكرامة‬ ‫الرشيد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من اجلراحات واملآسي التي خلفها الغزاة الصليبيون في‬ ‫نفوس أبناء التوحيد‪ ،‬بغزوهم لبلد مسلم أهله‪ ،‬واستباحت أعراض ساكنيه‬ ‫من أهل السنة األماجد‪ ،‬والتنكيل برجاله األبرار من ورثة محمد صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬إال أن اآلثار احلميدة واحملاسن لهذا الغزو الصليبي الغاشم بدأت تظهر‬ ‫للقاصي والداني مع مرور األيام‪.‬‬ ‫املنظمات من امتالك أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬ولم تتلكأ الدوائر األمنية في القول بأن عراق صدام حسني وكوريا الشمالية‬ ‫قد تتعاونان مع تنظيمات معادية للواليات املتحدة في صنع أسلحة كيميائية وجرثومية‪ ،‬وهذا ما يسوغ في النهاية‬ ‫عدم التمييز احلدِّي بني الطغاة واملنظمات اإلرهابية‪ ،‬وبنا ًء على هذا فقد سوغ بوش مبدأ الضربات الوقائية‪ .)..‬انظر «‬

‫اإلستراتيجية األمريكية اجلديدة وانعكاساتها على العرب « بقلم ‪ /‬د‪ .‬عبد الستار قاسم‬

‫‪ -  4‬رصدت اإلدارة األمريكية لهذه احلرب الصليبية ما يقرب من سبعني مليار دوالر‪ ،‬ومع اشتداد جذوة اجلهاد ارتفعت تكاليف‬ ‫هذه احلرب من ‪ 48‬بليون دوالر في ‪ 2003‬إلى ‪ 59‬بليون دوالر في ‪ 2004‬إلى ‪ 81‬بليون دوالر في ‪ ،2005‬وصوال إلى ‪94‬بليون دوالر‬ ‫في ‪ .2006‬وحسب التقديرات‪ ،‬فإن الواليات املتحدة تنفق ما مجموعه ‪ 10‬باليني دوالر شهريا ً على احلرب في العراق‪.‬‬ ‫‪ -  5‬فلقد كان هؤالء الروافض‪ ،‬الذين رفضوا دين اهلل‪ ،‬بحق هم الطابور اخلامس‪ ،‬الذي لعب نفس دور من سبقه في الكفر‪،‬‬ ‫أثناء احلرب الفرنسية األسبانية‪ ..‬وذلك عندما سئل فرانكوا األسباني الذي يحارب األسبانيني بدعم من فرنسا كم عدد‬ ‫الطوابير قال أربعة واخلامس داخل مدريد‪!!...‬‬

‫‪56‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫فقد أحيا ذاك الغزو الغاشم في نفوس أبناء اإلسالم في مشارق‬ ‫األرض ومغاربها احلمية على دين اهلل‪ ،‬وبعث في وجدانهم روح اجلهاد ومعاني‬ ‫االستشهاد‪ ،‬وأجج في عروقهم نار الغيرة على محارم احلرائر التي تنتهك فوق‬ ‫ثرى الرافدين – والى اهلل املشتكى ‪ ،-‬فهبَّت اجلموع احملمدية من كل حدب وصوب‪،‬‬ ‫وقد سلت سيوف إميانها وراحت قاصدة بالد الرافدين(((‪ ،‬لتبدأ هناك امللحمة‬ ‫الدامية بني اإلسالم والنصرانية‪ ،‬مؤذن ًة تلك امللحمة – مع فيها من أذى يدمي‬ ‫قلب كل غيور على دين اهلل ومحارم املسلمني – بعهد جديد سيعلو فيه كتاب‬ ‫اهلل(((‪ ،‬وينتكس فيه صليب النصرانية‪ ،‬الذي عال لقرون عديدة بتخاذل املسلمني‬ ‫‪ -  6‬قال ريتشارد بني فينست في برنامج « فيس ذي نيشن «‪ ( :‬إن حرب العراق كانت فرصة كبيرة الستقطاب املزيد من‬ ‫اجلهاديني من مختلف بلدان العالم اإلسالمي‪ ،‬وأصبح هناك في العالم عدد أكبر من اإلرهابيني مما كانوا عليه قبل‬ ‫هجمات احلادي عشر من سبتمبر‪.)..‬‬ ‫وقال مراسل شؤون األمن في بي بي سي فرانك جاردنر لنواب بريطانيني‪ :‬إن هناك خطرا إرهابيا حقيقيا يواجه الغرب وهذا‬ ‫اخلطر تزايد بطريقة درامية منذ احلرب على العراق‪ ..‬وأضاف‪ :‬احلرب على العراق أعطت دفعة لتنظيم القاعدة مما يجعل‬ ‫خطر اإلرهاب اكبر في املستقبل القريب‪ .) ...‬وقال توم كني « رئيس جلنة احلادي عشر من سبتمبر « في الكونغرس‬ ‫األمريكي‪ ( :‬إن حرب العراق ساهمت في تصعيد حجم الراديكالية في املنطقة‏‪ ،‬وأن الوضع في العراق أصبح صعبا جدا‪،‬‬ ‫ويجب العمل على معاجلته وليس البحث في مسببات احلرب‪.)..‬‬ ‫‪ -  7‬قال مرشح الرئاسة األمريكية السابق باترك بيوكانان في مقال له بعنوان « اإلسالم فكرة حان وقتها «‪ ( :‬في سنة‬ ‫‪ – 1938‬السنة التي تلبدت السماء بغيوم احلرب (العاملية الثانية) – نظر كاثوليكي بريطاني فيما وراء القارة األوروبية التي‬ ‫أظلتها غيوم احلرب ليري سحابة أخري في طور التكوين‪.‬‬ ‫فلقد كتب هيلير بيلوك‪ « :‬لقد بدا لي دائما أنه من احملتمل أن اإلسالم سيبعث مرة أخري وأن أوالدنا أو أحفادنا سوف يرون‬ ‫عودة الصراع الضروس بني احلضارة النصرانية وبني أقوي أعدائها ألكثر من ألف عام»‪.‬‬ ‫لقد صدقت نبوءة بيلوك‪ ...‬فبينما تبدوا النصرانية محتضرة في أوروبا فإن اإلسالم يظهر ليزلزل القرن الواحد والعشرين‬ ‫كما زلزل القرون السابقة‪.‬‬ ‫حقا‪ ...‬إن اإلنسان يراقب القوات األمريكية وهي تناضل في مواجهة املتمردين السنة واجلهاديني في العراق‪ ،‬وتواجه عودة‬ ‫طالبان‪ ....‬كلهم يتولون اهلل‪ ،‬وهنا يحضرني قول فيكتور هوجو‪« :‬ليس هناك جيش أقوي من فكرة حان وقتها «‪.‬‬ ‫إن الفكرة التي من أجلها يحاربنا فرقاؤنا لقوية حقا‪ ...‬إنهم يؤمنون أن ال إله إال اهلل وأن محمدا رسوله وأن اإلسالم –‬ ‫االستسالم للقرآن – هو الطريق الوحيد إلي اجلنة وأن مجتمعا سويا يجب أن يحكم بالشريعة – قانون اإلسالم‪ ،‬وألنهم‬ ‫جربوا طرقا أخري وفشلت فقد عادوا إلي اإلسالم‪.‬‬ ‫فما هي األفكار التي نقدمها ؟‬ ‫األمريكان يؤمنون بأن احلرية حتفظ لإلنسان كرامته وأن مجتمعا قائما علي نظام السوق يضمن حياة رغدة للجميع كما‬ ‫حدث في الغرب ويحدث في آسيا‪.‬‬ ‫منذ عهد أتاتورك اعتنق ماليني املسلمني البديل الغربي‪ ،‬ولكن اليوم عشرات املاليني من املسلمني يرفضونه ويعودون إلي‬

‫‪57‬‬


‫عن اجلهاد‪ ،‬وتسلط الطواغيت املرتدين على رقاب املسلمني‪...‬‬ ‫فقد اعترف رأس الصليب جورج بوش أمام مناصريه في النكستر في والية‬ ‫بنسلفانيا بأن معركة العراق هي املعركة الفاصلة التي ستحدد أفق املستقبل‪:‬‬ ‫( إن الرحيل قبل إجناز مهمتنا سيؤدي إلى قيام دولة إرهابية في قلب الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬دولة متتلك احتياطيا ضخما من النفط قد تسعى الشبكات اإلرهابية‬ ‫الستخدامه إلحلاق األذى اقتصاديا بالذين يؤمنون بالدميقراطية من بيننا وأضاف‪:‬‬ ‫إن اجلبهة املركزية للحرب على اإلرهاب حاليا هي العراق وإن االنسحاب قبل اجناز‬ ‫مهمتنا سيضر مبصداقية الواليات املتحدة )‬ ‫وأضاف في خطابه الشامل لألمة األمريكية مبناسبة حلول الذكرى‬ ‫اخلامسة ألحداث احلادي عشر من سبتمبر‪( :‬بغض النظر عن األخطاء التي رمبا‬ ‫تكون ارتكبت في العراق‪ ،‬فليس هناك خطأ أعظم من االعتقاد بأن االنسحاب‬ ‫منه اآلن سيعني أن اإلرهابيني سيدعوننا وشأننا إنهم لن يدعونا وشأننا‪ ،‬بل‬ ‫سيلحقون بنا إلى هنا‪ ..‬وأضاف‪ :‬أسامة بن الدن يسمي هذه احلرب (حرب العراق)‬ ‫احلرب العاملية الثالثة‪ ،‬وهو يقول إن انتصار اإلرهابيني في العراق سيعني هزمية وعار‬ ‫أميركا إلى األبد‪ ...‬وأعلن‪ :‬إننا إذا تخلينا عن العراق لرجال مثل بن الدن‪ ،‬فإن أعداءنا‬ ‫سيشعرون بالتشجيع وسيكتسبون مالذا ً آمنا جديدا‪ ،‬وسيستعمل اإلرهابيون‬ ‫مقدرات العراق لتمويل حركتهم املتطرفة‪ ..‬هدف هؤالء هو بناء إمبراطورية‬ ‫راديكالية حيث يكون لإلرهابيني مالذا ً آمنا ً للتخطيط وإطالق الهجمات على‬ ‫أميركا وغيرها من الدول املتحضرة‪ ..‬وقال‪ :‬إن احلرب على هذا العدو هي أكثر من‬ ‫مجرد حرب عسكرية‪ ،‬إنها النضال األيديولوجي احلاسم للقرن احلادي والعشرين‬ ‫جذورهم‪ ...‬إسالم أكثر نقاءا‪ .‬إن قوة العقيدة اإلسالمية ملدهشة حقا‪.‬‬ ‫لقد قاومت العقيدة اإلسالمية قرنني من الهزمية واملذلة‪ ،‬إذ هزمت اخلالفة العثمانية وألغي كمال أتاتورك نظام اخلالفة‪ .‬ولقد‬ ‫صمدت تلك العقيدة أجياال حتت احلكم الغربي وتغلبت علي مسيرة التغريب من مصر والعراق وليبيا وأثيوبيا وإيران‪.‬‬ ‫لقد تغلب اإلسالم بسهولة علي املد الشيوعي ومسيرة الناصرية القومية وأثبت أنه أقوي من قومية عرفات وصدام‪ ،‬واآلن‬ ‫يصارع القوة العاملية األخيرة‪ .) .‬انظر ‪ http://www.antiwar.com‬املصدر‬

‫‪58‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫وهي نداء جيلنا برمته‪ ..‬وأضاف‪ :‬إن احلرب لم تنته‪ ،‬ولن تنتهي إلى أن يكتب‬ ‫النصر فيها إما لنا أو للمتطرفني‪ ..‬وأضاف‪ :‬إن لم ننتصر في هذه احلرب‪ ،‬فإننا‬ ‫سنترك أطفالنا يواجهون شرق أوسط يسيطر عليه اإلرهابيون والديكتاتوريون‬ ‫الراديكاليون املسلحون باألسلحة النووية‪ ،‬إننا في حرب ستختط الطريق أمام‬ ‫هذا القرن اجلديد وتقرر مصائر ماليني الناس في هذا العالم‪.)...‬‬ ‫وقد أقر نائب رأس الصليب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بأن معركة‬ ‫العراق هي املعركة الفاصلة بني اإلسالم والنصرانية‪ ( :‬نحن في صراع تاريخي‬ ‫في العراق‪ ،‬لو قدر لنا أن نفشل وهو ما لن يحدث‪ ،‬فاألمر أكبر بكثير من هزمية‬ ‫قوة أمريكا‪ ..‬سيتالشى أمل احلرية والتسامح الديني في العراق‪ ..‬وتابع‪ :‬لو قدر‬ ‫لبريطانيا االنسحاب من العراق فإن املتشددين سيطلبون خروج القوات األجنبية‬ ‫من أفغانستان ثم من الشرق األوسط كله‪ ..‬ويستطرد قائالً‪ :‬كلما زاد ضعفنا‬ ‫كلما ضغطوا علينا‪ ،‬هناك معركة يتعني أن نخوضها‪ ،‬صراع يتعني أن نفوز فيه‪،‬‬ ‫وهذا ما يحدث اآلن في العراق )(((‪.‬‬ ‫وها هو رئيس الوزراء االسترالي جون هوارد يؤكد للصحفيني أن اخلسارة‬ ‫في العراق تعني إذالل الغرب وعودة اإلسالم ليحكم من جديد‪ ( :‬نحن ال نستطيع‬ ‫االنسحاب من العراق بدون االعتراف بأن األمريكيني والبريطانيني من حقهم‬ ‫أن يتخذوا اخلطوة نفسها‪ ،‬وهنا يكمن اخلطر فلو انسحبنا جميعا ً من العراق‬ ‫فسيكون إذالال ً هائال ً للغرب‪ ،‬وستكون دفعة قوية لإلرهابيني‪.)..‬‬ ‫نعم إنها احلرب التاريخية بني اإلسالم والنصرانية‪ ،‬إنها احلرب التي ستحدد‬ ‫معالم هذا القرن‪ ،‬وما نراها واهلل إال هزمية ألحزاب الصليب التي تكالبت على‬ ‫الفئة اجملاهدة في العراق‪ ،‬ونصرا ً مبينا ً ألهل التوحيد‪ ،‬وبداية عهد جديد لعودة‬ ‫اإلسالم ليسود األرض ويحكم رغم تخاذل املتخاذلني‪ ،‬ومتاجرة املتاجرين‪ ،‬وخيانة‬ ‫‪ -  8‬كذبت يا عدو اهلل وعدو نفسك ولم تع ُد قدرك‪ ،‬فاألمر عكس ما تفوهت به‪ ،‬فها هي اليوم وبفضل اهلل ثم بتضحيات جنده‬ ‫اجملاهدين‪ ،‬تفر ُّ أنت وجنودك من امليدان وقد عالكم األسى‪ ،‬وجترعتم كأس العلقم‪ ،‬وشربتم من كؤوس املوت أصنافا‪....‬‬

‫‪59‬‬


‫اخلائنني‪ ..‬ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا‪...‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة‪ :‬أن فتحت للشباب املسلم املتعطش لنصرة دينه‬ ‫باب جهاد في عقر دار املسلمني‪ ،‬قريبا ً من أقدس مقدساتهم‪ ،‬فها هي األرض‬ ‫املباركة على مرمى حجر من هذا اجلهاد املبارك‪ ،‬كما قال مفجر ينابيعه الشيخ‬ ‫اجملاهد أبو مصعب الزرقاوي رحمه اهلل‪ ( :‬إننا نقاتل اليوم في العراق وعيوننا على‬ ‫بيت املقدس‪ ،‬الذي ال يسترد إال بقرآن يهدي وسيف ينصر‪ ،((()...‬وها هما احلرمان‬ ‫الشريفان يئنان من ثقل وطأت أبناء التثليث النصراني‪ ،‬ويكاد يسمع من أرض‬ ‫العراق تكبير من يأمهم من أبناء التوحيد املغلوبني على أمرهم‪ ،‬فاحلمد هلل‬ ‫الذي من َّ على عباده بهذا اخلير العظيم‪ ،‬الذي طاملا انتظره الغيارى على دينهم‬ ‫ومقدساتهم‪.‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة كذلك‪ :‬أن عرَّت أبناء الروافض الشيعة‪ ،‬وبينت خبثهم‪،‬‬ ‫وأظهرت للمأل مكرهم وكفرهم‪ ،‬وأنهم إخوان صدق للكافر الصليبي الغازي‬ ‫الديار‪ ،‬املستحل احملارم واألعراض‪ ،‬وطعنة غدر ونفاق في ظهر أبناء التوحيد‬ ‫الغيارى على البالد والعباد من أهل السنة األطهار‪ ...‬ولقد يسر اهلل بفضله‬ ‫وكرمه لتلك الفئة الرافضة لدين اهلل الشيخ اجملدد أبي مصعب الزرقاوي رحمه‬ ‫اهلل‪ ،‬فعرى أوصالهم وأتى على بنيانهم من القواعد‪ ،‬وبني حقيقتهم الرافضة‬ ‫‪ -  9‬يقول الصحفي اإلسرائيلي سيفر بلوتسكر‪ ( :‬املتفاجئون الوحيدون قد يكونون نحن اإلسرائيليون‪ ،‬ففي اللقاءات في‬ ‫أمريكا ُسئلت غير مرة عن موقف إسرائيل جتاه اخلروج األمريكي من العراق‪..‬؟ هل إسرائيل عاملة باملعاني العسيرة من‬ ‫ناحيتها‪ ،‬ملثل هذه اخلطوة ؟ فال ريب أن هروبا ً أمريكيا من بغداد سيعطي دفعة هائلة حلركة اجلهاد العاملية‪ ،‬وسيفسر‬ ‫من مئات ماليني املسلمني كهزمية ألمريكا املكروهة‪ ،‬وهكذا أيضا إسرائيل ستضعف‪ ،‬وصورتها ستتضرر‪ .)...‬لم تتضرر‬ ‫وحسب أيها اليهودي‪ !..‬بل ستغدوا بإذن الواحد األحد سرابا ً في سراب‪ .‬صحيفة يديعوت احرونوت ‪2006/10//24‬‬ ‫هذا وقد كشفت صحيفة هاآرتس اإلسرائيلية‪ ( :‬أن من بني اخملاوف التي حتدث عنها رئيس احلكومة اإلسرائيلية أيهود‬ ‫أوملرت‪ ،‬ملؤمتر« ايباك»‪ ،‬بشأن انسحاب القوات األمريكية من العراق‪ ،‬هو اخلشية من سقوط النظام في األردن وأضافت‬ ‫الصحيفة‪ ،‬أن األجهزة األمنية اإلسرائيلية‪ ،‬كانت قد حذرت من األبعاد احملتملة لالنسحاب األمريكي على األردن‪ ،‬التي‬ ‫تعتبرها إسرائيل «كنزا استراتيجيا»‪ ،‬وتعتبر استقرارها مصلحة إسرائيلية من الدرجة األولى‪ ،‬في وثيقة أرسلتها‬ ‫ألوملرت‪ ،‬التي تشير أن االنسحاب األمريكي قبل استقرار الوضع في العراق من شأنه أن يترك آثارا ً سيئة على الوضع‬ ‫الداخلي في األردن‪ ) .‬فأبشر مبا يسوؤك يا عبد اهلل الصغير‪ ،‬فما هي سوى أيام وتعلو راية التوحيد فوق روابي عمان‪ ،‬ممهدة‬ ‫الطريق جلند الرحمن ليسوؤوا أسيادك في تل أبيب‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫لدين اهلل‪ ،‬املبغضة ألهل السنة املكفرة لهم‪ ،‬الناصرة أعداءهم املوالية حملاربهم‪،‬‬ ‫وقد أجاد رحمه اهلل عندما قال واصفا ً حالهم‪ ( :‬إن التشيع دين ال يلتقي مع‬ ‫اإلسالم‪.((1()...‬‬ ‫ومن محاسنها اجلمة‪ :‬أن مزقت أسطورة اجليش الذي ال يقهر‪ ،‬وحطمت‬ ‫عروش أركانه‪ ،‬وأبادت خضراءه‪ ،‬ومرغت أنفه بالوحل والتراب‪ ،‬وجعلته أحاديث‬ ‫وقصص يتسامر بها الركبان من ورثة محمد صلى اهلل عليه وسلم ورثة األمجاد‬ ‫والكرامة‪ ..‬نعم لقد ذاق اجليش األمريكي في العراق ما لم يذقه في أسوأ أيامه‬ ‫في فيتنام‪ ،‬ورأى جنده ومرتزقته ما لم يرونه في أكلح أحوالهم في الصومال‪،‬‬ ‫فها هم يتساقطون منتحرين على أبواب بغداد الرشيد والرمادي اجملد(‪ ،((1‬فليأت‬ ‫صليبهم ويخلصهم من أيدي اجملاهدين إن كان إله حق كما يزعمون(‪...((1‬‬ ‫ولقد اعترف قادتهم ومنظريهم بعد أن نالت منهم كتائب التوحيد‪ ،‬أن‬ ‫حرب العراق كانت أسوأ قرار أتخذ في تاريخ السياسة اخلارجية األمريكية‪ ،‬وما‬ ‫نرى هذه االعترافات وغيرها من التصريحات التي يصعب حصرها سوى بداية‬ ‫النهاية لهذا الصنم اخلاوي‪ ،‬وما نراها واهلل إال القاصمة التي ستأتي على هذه‬ ‫الدولة املتألهة‪ ،‬وما نراها واهلل إال كما قال فقيد األمة وأمير االستشهاديني أبو‬ ‫مصعب الزرقاوي رحمه اهلل‪ ( :‬واهلل ل ُتهزم ّن أمريكا في العراق بإذن اهلل تعالى‬ ‫ولتخرج ّن من أرض الرافدين مهزومة ذليلة حسيرة حقيرة بعون اهلل تعالى‪.)..‬‬ ‫وإليك أخي القارئ بعضا ً من اعترافاتهم‪ ،‬التي تقطر هزمي ًة وخذال ً وبؤساً‪-:‬‬ ‫‪ -  10‬قال اإلمامان أبو زرعة وأبو حامت الرازيان‪ ( :‬أدركنا العلماء في جميع األمصار – حجازا ً وشاما ً وعراقا ً ومينا ً – فكان من‬ ‫مذهبهم أن الرافضة رفضوا اإلسالم‪ ).‬نقله الاللكائي في « شرح اعتقاد أهل السنة واجلماعة «‬ ‫‪ -  11‬فقد ذكر تقرير للجيش األمريكي أن عدد جنوده املنتحرين في عام ‪ 2005‬قد بلغ ‪ 83‬وأضاف‬ ‫التقرير‪ :‬إننا ندرك الضغط الذي يتعرض له جنودنا إذا كانوا منتشرين في اخلارج أو متمركزين هنا‬ ‫وأضاف البيان‪ :‬ان اجليش وضع عدة برامج مؤسساتية لتحديد اجلنود الذين لديهم نزعة لالنتحار وإحالتهم إلى األطباء‬ ‫النفسيني خالل انتشارهم‪.‬‬ ‫‪ -  12‬قال اجلنرال وليام بوكني املسيحي اإلجنيلي مسؤول الفرق اخلاصة التي حتارب اإلرهاب ‪ ( :‬إن إلهه أعلى من إله املسلمني‪،‬‬ ‫وأشار إلى احلرب ضد اإلرهاب ووصفها بأنها معركة مع «الشيطان»‪ ،‬وقال أن الواليات املتحدة األمريكية مستهدفة ألنها‬ ‫دولة مسيحية‪ .).‬وكالة رويترز لألخبار‬

‫‪61‬‬


‫فقد وصف هاري ريد زعيم األغلبية الدميقراطية في مجلس الشيوخ حرب‬ ‫العراق بقوله‪ (:‬إنها أسوأ خطأ في السياسة اخلارجية في تاريخ هذا البلد‪ ،‬إنها‬ ‫حماقة تفوق حماقة حرب فيتنام وأضاف‪ :‬وجدنا أنفسنا في حفرة عميقة جدا‪،‬‬ ‫ونحتاج إليجاد وسيلة للخروج منها‪ .((1()..‬وقد أقرت وزيرة اخلارجية األمريكية‬ ‫السابقة‪ ،‬في اللقاء الذي جمعها مع الرئيس األمريكي السابق جيمي كارتر في‬ ‫مركز كارتر مبدينة أتالنتا بوالية جورجيا‪ ( :‬أعتقد أن حرب العراق ستدخل التاريخ‬ ‫كأسوأ كارثة في السياسة اخلارجية للواليات املتحدة ألننا فقدنا عامل اخلير في‬ ‫القوة األمريكية كما فقدنا سلطتنا األخالقية‪)..‬‬ ‫ولم يستطع رئيس مجلس وضع السياسات الدفاعية في البنتاغون‪ ،‬وأحد‬ ‫أبرز احملافظني اجلدد ومن احملرضني بشدة على غزو العراق «ريتشارد بيرل» أن يخفي‬ ‫حقيقة ما يحصل في العراق‪ ،‬فقد صرح عن حقيقة موقفه جمللة «فانتي فير»‬ ‫الشهيرة بقوله‪ ( :‬لو عاد التاريخ إلى الوراء‪،‬ورأيت ما أراه اآلن‪ ،‬فإنني لم أكن‬ ‫ألوصي باحلرب وغزو العراق‪ ،‬وإمنا ببدائل أخرى من بينها كيفية منع صدام حسني‬ ‫وقال‬ ‫من تزويد املنظمات «اإلرهابية» بأسلحة الدمار الشامل‪.).‬‬ ‫في موطن آخر للمجلة نفسها‪ ( :‬إن الهزمية باتت محققة في العراق‪ ،‬وانه لم‬ ‫يتوقع مطلقا أن تكون املقاومة على هذه الدرجة من الشراسة‪ ،‬وقال ان الهزمية‬ ‫الكاملة لم تقع بعد‪ ،‬ولكنها باتت حتمية‪.).‬‬ ‫ولقد غدا – وبفضل اهلل وحده – اجليش األمريكي أذل من أن يذكر‪ ،‬وأحقر من‬ ‫أن يقارن‪ ،‬وأمسى أضحوكة اجليوش‪ ،‬ومهزلة القوات‪ ،‬رغم مكابرة املكابرين(‪،((1‬‬ ‫‪ -  13‬شبكة سي أن أن اإلخبارية عن موقعها االلكتروني‪.‬‬ ‫‪ -  14‬يقول الصحفي البريطاني روبرت فيسك ‪ -‬الذي وصف من قبل مؤسسات صحفية عاملية بأنه أفضل مراسل حربي‬ ‫وصحفي معاصر حيث قام بتغطية احلروب في لبنان وفلسطني والعراق وأفغانستان وكتب مئات التقارير واملقاالت‬ ‫بحيادية ومهنية عالية‪ ،‬عن اإلستراتيجية األمريكية في العراق‪( :‬إن اجلميع في الشرق األوسط يعيدون كتابة التاريخ‪،‬‬ ‫لكن لم يسبق أن شهدنا إدارة أمريكية تفسر عن عمد وتدليس وقسوة‪ ،‬املأساة علي أنها جناح‪ ،‬والهزمية علي أنها نصر‪،‬‬ ‫واملوت علي أنه حياة‪ ،‬وذلك مبساعدة صحافة أمريكية متواطئة> ووصف فيسك وزيرة اخلارجية األمريكية كونداليزا رايس‬ ‫بأنها <أعمي خفافيش جورج بوش> أما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد فقد وصفه بأنه <الرجل الكريه الذي ساعد علي‬

‫‪62‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫وجنب أفراده القاصي والداني‪.‬‬ ‫يتسامر بقصص فرار جنده‪ ،‬واندحار قواته‪ُ ،‬‬ ‫فقد كشف برنامج ‪ 60‬دقيقة الشهير الذي تقدمه شبكة سي بي إس‬ ‫األمريكية أن ما يزيد عن ‪ 5500‬جندي أمريكي قد فرُّوا من اخلدمة في اجليش‬ ‫منذ بدء احلرب على العراق‪ ...‬وأكد البرنامج أن العديد من هؤالء اجلنود األمريكيني‬ ‫الهاربني من القوات البرية األمريكية أو قوات مشاة البحرية األمريكية املارينز‬ ‫قد فروا إلى كندا خوفًا من الذهاب إلى العراق مثلما فعل جيل عسكري أمريكي‬ ‫سابق إبان حرب فيتنام‪.‬‬ ‫ولم يلبث أن نشر البنتاغون تقريرا ً جاء فيه‪ :‬أن ما يزيد عن ‪ 5500‬جندي‬ ‫أمريكي قد هربوا من أداء اخلدمة العسكرية منذ بدأت احلرب ضد العراق وحتى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫فاحلمد هلل الذي أذل كبرياء هذا اجليش على أيدي املوحدين من أبناء هذه‬ ‫األمة الكرمية على اهلل‪ ،‬وشرد بهم من خلفهم بتضحيات السواعد الطاهرة‪،‬‬ ‫والوجوه املتوضئة التي لم تسجد لغير اهلل‪.‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة‪ :‬أن استنزفت احلرب على العراق اخلزينة األمريكية‪،‬‬ ‫وجعلتها خاوية مفلسة‪ ،‬يستجدي أربابها الشرق والغرب لينقذوها من مأزقها‪،‬‬ ‫الذي غدت فيه كسيرة ذليلة‪ ،‬ولم جتد واحلالة تلك سوى االستدانة من املؤسسات‬ ‫مبختلف صنوفها‪ ،‬حتى أصبحت اليوم أكبر مستدين في تاريخ البشرية‪.‬‬ ‫فقد ذكرت دراسة أمريكية في يوم ‪( :2006/1/9‬أن تكاليف حرب العراق قد‬ ‫تتخطى ‪ 2‬ترليون دوالر وهو ما يفوق كثيرا تقديرات البيت األبيض قبل احلرب‪).‬‬ ‫وقد أعلن «ميتش دانيلز» مدير املوازنة في البيت األبيض‪( :‬أنه من املتوقع أن‬ ‫تسجل الواليات املتحدة عجزا في املوازنة يبلغ ‪ 200‬مليار دوالر خالل العام احلالي‬ ‫و‪ 300‬مليار دوالر خالل العام املقبل‪ ،‬وذلك في ظل أزمة الركود االقتصادي التي‬ ‫تدشني فوضي> الصدمة والرعب <التي علق بها حتي اآلن أكثر من مائة ألف أمريكي علي قفار العراق‪ )..‬انظر اإلندبندنت‬ ‫البريطانية في ‪ 26‬فبراير ‪.2006‬‬

‫‪63‬‬


‫تعيشها أمريكا‪ ،‬وأوضح‪ :‬أن تزايد العجز يعود إلى كلفة احلرب على اإلرهاب والى‬ ‫التباطؤ االقتصادي‪)..‬‬ ‫وقد صرح «روب بورمتان»‪ ،‬مدير امليزانية في البيت األبيض كما ذكرت ذلك‬ ‫صحيفة القدس العربي‪ ( :‬أن تكاليف حرب العراق بالنسبة للواليات املتحدة رمبا‬ ‫جل في‬ ‫تتجاوز ‪ 110‬مليارات دوالر هذا العام‪ ،‬مقتربة من الرقم القياسي الذي ُس ِّ‬ ‫السنة املالية التي انتهت ل ّتوها‪.)..‬‬ ‫ومن محاسنها اجلليلة‪ :‬أن دبَّت الرعب في قلوب أبناء الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬والذعر في نفوسهم وشردت بهم من خلفهم‪ ،‬فها هي قطعانهم‬ ‫السائبة في عقر دارهم حتجم كل اإلحجام عن االنخراط في صفوف القوات‬ ‫املسلحة‪ ،‬وتأبى كل اإلباء اللحاق بجحافلهم الغازية لبالد الرافدين‪ ،‬خوفا ً على‬ ‫احلياة‪ ،‬وطمعا ً في البقاء‪ ،‬وحبا ً في السالمة‪ ،‬وطلبا ً لألمن والدعة والراحة‪ ،‬فاملصير‬ ‫الذي ينتظر في العراق وأفغانستان بات محسوما ً في أذهانهم‪ ،‬إما القتل أو‬ ‫األسر أو البتر أو الكسر‪ ،‬وإما املرض النفسي ومن ثم االنتحار‪ ...‬وكرد فعل ملا‬ ‫هو حاصل من إحجام الشباب األمريكي عن االنخراط واللحاق بصفوف القوات‬ ‫املسلحة‪ ،‬فقد صرح عضو الكونغرس األمريكي جوزيف بيدن حال اطالعه على‬ ‫تقرير وزارة الدفاع األمريكية بقوله‪ ( :‬إن الواليات املتحدة قد جتد نفسها مضطرة‬ ‫العتماد التجنيد اإلجباري لتفادي النقص في عديد اجليش األمريكي‪).‬‬ ‫وفي استفتاء نشره املركز املشترك للدراسات السياسية والعسكرية في‬ ‫واشنطن سنة ‪ ،2004‬اعتبر ‪ 50%‬من الشباب أن اجليش هو خيارهم األخير بني‬ ‫مؤسسات اخلدمة العسكرية‪.‬‬ ‫هذا وقد نقلت صحيفة نيويورك تاميز عن «إيفان كانتر» األخصائي النفسي‬ ‫مبصحة «باجيت ساوند» للمحاربني القدامى مبدينة سياتل األمريكية قوله‪ ( :‬إن‬ ‫مصحته تستقبل أعدادا متزايدة من اجلنود املرضى الذين تظهر عليهم األعراض‬ ‫املعروفة لضغوط ما بعد الصدمة‪ ،‬ونحن نترقب في قلق وصول طوفان آخر من‬

‫‪64‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫العراق وأفغانستان ممن يعانون من نفس احلالة‪.)..‬‬ ‫وقد أشارت إحصائيات وزارة الدفاع األمريكية «البنتاجون» إلى أن عدد اجلنود‬ ‫الذين شاركوا في احلربني على العراق وأفغانستان حتى اآلن يصل إلى نحو مليون‬ ‫جندي‪ ،‬ولذلك يتوقع اخلبراء أن أكثر من ‪ 100‬ألف منهم على األقل سيحتاجون‬ ‫إلى عالج نفسي(‪.((1‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة‪ :‬أن أظهرت وجه اإلخوان املسلمني الكالح‪ ،‬وبينت عور‬ ‫منهجهم وضالل مسلكهم وسوء تقديرهم‪ ،‬ونبذهم للقطعيات والثوابت في‬ ‫هذا الدين‪ ،‬وتقدميهم املصلحة اآلنية على كل شيء‪ ،‬حتى غدت – والعياذ باهلل‬ ‫– مصلحة الدعوة ومصلحة اجلماعة في عرفهم الضال إلها ً يعبد من دون اهلل‪،‬‬ ‫فوالوا الصليبيني باسم املصلحة‪ ،‬ودخلوا البرملانات الشركية باسم املصلحة‬ ‫الوطنية(‪ ،((1‬وعادوا خيار هذه األمة من اجملاهدين الصادقني باسم املصلحة‬ ‫واحلفاظ على وحدة الوطن(‪ ،((1‬فتبا ً لتلك املصلحة الضالة املضلة ثم تبا‪...‬‬ ‫ومن آثاره احلميدة‪ :‬أن وأدت أحالم عصابة احملافظني اجلدد املتربعني على عرش‬ ‫البيت األبيض‪ ،‬وجعلت من شرقهم األوسط اجلديد(‪ ،((1‬الذي رسموا معالم‬ ‫‪ -  15‬هذا وقد أكد طارق دليواني في مقال له حتت عنوان « عشية ذكرى ‪ 11‬سبتمبر اجليش األمريكي ينهار» صحة ما‬ ‫سطرناه‪ ،‬وما عليك أخي القارئ سوى االطالع عليه في موقع العصر‪ ،‬لتزداد في هذا الباب ففيه الكثير‪.‬‬ ‫‪ -  16‬ومما قاله طارق الهاشمي رئيس « احلزب اإلسالمي»‪ ،‬في هذا الصدد لقناة العربية الفضائية ‪ ( :‬وال نعول على أي وسيلة‬ ‫من وسائل تغيير السلطة‪ ،‬أنا أعتقد أن كل من يبحث عن خيارات أخرى غير اخليار السياسي الفاعل عليه أن يكون‬ ‫خارج التاريخ‪)...‬‬ ‫‪ - 17‬يقول طارق الهاشمي في إحدى مؤمتراته الصحفية‪ ،‬داعيا ً إلى ترك خيار اجلهاد والركون إلى الصليبيني واملرتدين للوصول‬ ‫إلى أهدافهم‪ ( :‬املطلوب أن كل فصائل املقاومة في الوقت احلاضر تعيد النظر في مواقفها على ضوء احلقائق املستجدة‬ ‫في العراق في الظرف الراهن‪ ،‬وال بد وأن تعي أهمية اجللوس على طاولة املفاوضات في املستقبل القريب سواء قررت أن‬ ‫جتلس مع اإلدارة األمريكية أو احلكومة العراقية وهذا ما نفضله في الوقت احلاضر ال ضير في النتيجة البلد بحاجة إلى‬ ‫نظرة جديدة في إدارة األزمة‪) ...‬‬ ‫‪ - 18‬ذكرت صحيفة «فايننشال تاميز» البريطانية في عددها الصادر في يوم االثنني ‪ً 1423/7/16‬‬ ‫نقال عن مستشارة الرئيس‬ ‫األمريكي لشؤون األمن القومي كوندوليزا رايس قولها‪ ( :‬إن الواليات املتحدة تريد أن تكون قوة محررة تكرس نفسها‬ ‫إلحالل الدميقراطية ومسيرة احلرية في العالم اإلسالمي‪ ،‬وأضافت‪ :‬إن النضال من أجل ما وصفته بالقيم الليبرالية‬ ‫األمريكية يجب أال يتوقف عند حدود اإلسالم‪ ،‬وقالت‪ :‬هناك عناصر إصالحية في العالم اإلسالمي نريد دعمها‪ .)..‬وهذا ما‬ ‫أكده وزير اخلارجية األمريكية السابق كولن باول بقوله‪ ( :‬إن اإلطاحة بالرئيس العراقي صدام حسني‪ ،‬تعيد تشكيل الشرق‬

‫‪65‬‬


‫خريطته داخل دهاليز مكرهم مجرد فكرة عاجية يستحيل تطبيقها في عالم‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬ولم يعد بفضل اهلل مبستطاع زعيم تلك العصابة األحمق‬ ‫املطاع جورج بوش أن يتفوه ببنت شفه عن نشر علمانيته ودميقراطيتة وحريته‬ ‫املزعومة على الطريقة األمريكية(‪ ،((1‬التي متسخ اإلنسان وجترده من إنسانيته‬ ‫حتى يغدوا كالعجموات والبهائم‪ ...‬بل لم يعد يفكر مجرد التفكير في ذلك‬ ‫املشروع الشرق أوسطي اجلديد‪ ،‬بعد أن أنساهم ليوث التوحيد فوق ثرى العراق‬ ‫أهوال فيتنام ومصائب الصومال ورزايا املارينز في لبنان‪.‬‬ ‫وقد أقر احملافظون اجلدد بفشل مخططاتهم بالشرق األوسط‪-:‬‬ ‫فهذا كبيرهم الذي علمهم السحر "فرانسيس فوكوياما" صاحب تلك‬ ‫النظرية املشهورة "نهاية التاريخ" يضع كتابا ً يحمل عنوان «أمريكا على‬ ‫األوسط‪ ،‬بطريقة تعزز مصالح الواليات املتحدة‪ ،‬وتساعد في إنهاء الصراع العربي ‪ -‬الصهيوني‪.)..‬‬ ‫ومما قاله نائب وزير الدفاع األمريكي « بول وولفويتز» في هذا الشأن لصحيفة واشنطن تاميز في يوم اخلميس ‪( : 1423 / 3/25‬‬ ‫إنهم يخططون لنشر العلمنة التامة في العالم اإلسالمي‪ ،‬حيث قال في معرض حديثه عن حربهم لإلسالم السلفي‪:‬‬ ‫إن من أكثر الدول التي ميكن أن تكون أمثلة للدول اإلسالمية احلرة والدميقراطية هي‪ :‬تركيا‪ ،‬واندونيسيا‪ ،‬واملغرب‪ ،‬وأضاف‬ ‫قائال‪ :‬نروج لذلك النوع من النجاح كحل لإلرهاب على املدى البعيد‪ ،‬أما على املدى القريب فمن املهم اعتقال وأسر وقتل‬ ‫اإلرهابيني‪.)..‬‬ ‫ويقول « ويليام كريستول « ‪ -‬وهو أحد املراجع املؤثرة في عقل بوش وكان من صناع فكرة احلرب على العراق ورئيس حترير‬ ‫مجلة املقياس األسبوعي – في جوابه على سؤال ملراسل صحيفة هاآرتس‪ :‬ملاذا احلرب على العراق‪.‬؟‪ ( :‬إن هذه احلرب تهدف‬ ‫أول ما تهدف إلى تشكيل وبناء شرق أوسط جديد فهي حرب لتغيير الثقافة السياسية في املنطقة بكاملها‪.) ...‬‬ ‫ويقول الصحفي األمريكي املشهور « تشارلز كروتهامير « في إحدى مقاالته‪ ( :‬لقد توصلت الواليات املتحدة إلى نتيجة‬ ‫مفادها أن عليها أن تتولى بنفسها إعادة بناء العالم العربي من جديد‪ ،‬ومن هذا املنطلق فإن حرب العراق هي البداية‬ ‫لتجربة تاريخية ضخمة إلعادة تشكيل العالم العربي على غرار ما حدث من قبل مع أملانيا واليابان‪ ،‬فالعرب كما يقول‬ ‫كروتهامير غير مؤهلني إلدارة حياتهم بشكل دميقراطي‪،‬‏ وللحرب ضد العراق أهمية أخري فإذا ما حتولت العراق الي دولة‬ ‫ذات طابع وتوجهات غربية فسوف تصبح لهذا التغيير أهميته من ناحية اجلغرافيا السياسية‪ ،‬فوجود أمريكا في العراق‬ ‫بقوتها الهائلة يعطي دفعة وتشجيعا للمعارضة في إيرا ‏ن‪،‬‏ وفي نفس الوقت تصبح عامل ردع لسوريا وتسرع بخطوات‬ ‫التغيير التي يجب أن متر بها‪ ‬منطقة «الشرق األوسط‏‪ ) .« ‬بتصرف عن موقع العصر‬ ‫‪ -  19‬يقول فرانك كارلوتتشي ‪ -‬العضو في مجلس سياسات الدفاع األمريكية‪ -‬متحدثا ً عن ما يسمى مبنطقة الشرق‬ ‫األوسط‪ ( :‬لدينا استراتيجية عليا غاية في البساطة‪ ،‬فنحن نريد في املنطقة نظما ً موالية لنا‪ ،‬ال تُقاوم إرادتنا‪ ،‬ثم إننا‬ ‫نريد ثروات هذه املنطقة بغير منازع‪ ،‬ونريد ضمانا ً نهائيا ً ألمن إسرائيل ألنها الصديق الوحيد الذي ميكننا االعتماد عليه‬

‫في هذه املنطقة‪ )...‬تقرير مجلس العالقات اخلارجية في نيويورك‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫مفترق طرق»‪ ،‬يقول فيه‪ (:‬إن التاريخ لن يكون رحيما مع فكرة التدخل العسكري‬ ‫لنشر الدميقراطية كما فعل احملافظون اجلدد في العراق‪ ،‬ويقول‪ :‬إن احملافظني‬ ‫اجلدد داخل وخارج اإلدارة األمريكية هم الذين دفعوا باجتاه غزو العراق وتغيير‬ ‫النظام فيه‪ ،‬وكانوا القوة الضاغطة وراء إقناع بوش باستخدام القوة العسكرية‬ ‫لنشر الدميقراطية في الشرق األوسط وتغيير األنظمة فيها‪ ،‬وأضاف‪ :‬اإلدارة‬ ‫األمريكية وداعميها من احملافظني اجلدد أساءوا تقدير ردة الفعل الدولية حالة‬ ‫قيام أمريكا باستخدام قوتها‪ ،‬مشيرا إلي أن استعراض القوة في مرحلة ما‬ ‫بعد احلرب الباردة صار أمرا غير مقبول‪ ،‬ومعقد أكثر من تعقيداته أثناء احلرب‬ ‫الباردة‪ ،‬وأضاف فوكويوما‪ :‬إن حلظة احملافظني اجلدد قد مرت وانتهت‪ ،‬وأن هناك‬ ‫حاجة إلى إضفاء بعد مفهومي لسياستها اخلارجية‪ ،‬ولتحقيق هذا‪ ،‬البد من‬ ‫نزع السالح والتركيز على أدوات السياسة والتخطيط‪..‬ويقول إن ما حتتاجه‬ ‫واشنطن اآلن أفكارا جديدة تتعلق بعالقة أمريكا ونسبتها للعالم‪ ،‬أفكار حتافظ‬ ‫على «فكرة عاملية حقوق اإلنسان»‪ ،‬ولكن بدون اإلميان بإمكانية حتقيقها عبر‬ ‫القوة العسكرية وتغيير األنظمة وخداع السيادة األمريكية‪.)..‬‬ ‫وهذه وزيرة اخلارجية األمريكية تُقر في اخلطاب الذي ألقته في الثامن عشر‬ ‫من يناير من عام ‪ 2006‬في جامعة جورج تاون األمريكية بقولها‪ ( :‬إن القدرة‬ ‫األمريكية لها حدود وال بد من احترام هذه احلقيقة في السياسة اخلارجية التي‬ ‫يتعني إتباعها‪ ،‬واعترفت‪ :‬بأن القرن الواحد والعشرين احلالي لن يكون القرن‬ ‫األمريكي‪ ،‬بل سيكون قرنا عامليا حتدده القوة واملصالح املتنوعة بل وصفته بقرن‬ ‫اإلقليمية اجلديدة‪ ،‬وأكدت أن بالدها ستكون مجرد العب كبير ورئيس في إطار‬ ‫تعاوني يحمل صفة التنافس والعالقات التنافسية‪.((2()...‬‬ ‫وقد اعتبر «كنيث وينشتاين» املسئول التنفيذي للمعهد هدسون «مركز‬ ‫‪ -  20‬بتصرف من مقال للكاتب عصام زيدان بعنوان « دبلوماسية رايس والتحوالت اإلستراتيجية األمريكية « موقع العصر‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫تفكير مؤيد لنزعة احملافظني اجلدد» أنه‪ ( :‬في وقت متأخر من مايو من العام‬ ‫املاضي‪ ،‬كان يُنظر إلى احملافظني اجلدد كمنظرين عظماء وأضاف‪ :‬أما اآلن‪ ،‬فنحن‬ ‫نخوض معارك على جبهتني‪ ،‬احلركة احملافظة والتخطيط ملا بعد احلرب على‬ ‫العراق‪.)..‬‬ ‫ويقول الصحفي املشهور روبرت فيسك في مقال له بعنوان «بوش في ذاكرة‬ ‫النسيان مثل هتلر وبرزنييف «‪ ( :‬لقد دُفنت بالفعل سياسة أمريكا جتاه الشرق‬ ‫األوسط حتت رمال بالد الرافدين بعد مقتل أكثر من نصف مليون إنسان‪ ،‬وبعد‬ ‫حصار جيش في أكبر محنة عسكرية هناك منذ حرب فيتنام‪ ،‬ومازال جورج بوش‬ ‫في جهله‪ ،‬فكيف له أن يتعامل مع هذا املوقف‪..‬؟ وكيف أقنع نفسه وكما فعل‬ ‫بشكل واضح أمس في عمان‪..‬؟ وذلك بأن أمريكا ستبقى في العراق إلى أن تنتهي‬ ‫املهمة‪ ،‬واملراد باملهمة هنا هو رؤية واشنطن في إعادة تشكيل الشرق األوسط‬ ‫ومن خالل الرؤية اإلسرائيلية‪ ،‬وهذه املهمة قد ماتت بشكل كبير حيث تنصل‬ ‫احملافظون اجلدد من أهدافهم السياسة البائسة وبدأوا هم والعراقيون أنفسهم‬ ‫في إلقاء اللوم على الرئيس بوش في أحداث تلك الكارثة في العراق‪.)..‬‬ ‫ومن آثارها احلميدة‪ :‬أن أتت على شرعية علماء السلطان وأحبار املصلحة‪،‬‬ ‫وفضحتهم وعلى املأل أيمَّ ا فضيحة‪ ،‬وجردتهم من تلك الهالة القدسية التي‬ ‫استظلوا ظلها يوما ً إلسباغ الشرعية على فتواهم احملسوبة سلفا ً بالدينار‬ ‫والدرهم‪.‬‬ ‫أجل لقد انكشف زيفهم‪ ،‬وبانت حقيقتهم ولم يعد يخفى – بفضل اهلل‬ ‫– سوء سريرتهم على العامي من الناس فضال ً عن طالب العلم املبتدئ‪ ،‬وكيف‬ ‫يخفى حالهم وهذه بياناتهم وفتواهم تشهد على عظيم فعلهم‪ ،‬وتقر بكبير‬ ‫جرمهم‪ ،‬ففي الوقت الذي انتهكت فيه أعراض املسلمات الغافالت األسيرات‪،‬‬ ‫وفي الوقت الذي ديست فيه املقدسات ورسم الصليب فوق منابر التوحيد‪،‬‬ ‫وبال فيه أبناء التثليث النصراني على كتاب اهلل الكرمي وداسوه بأحذيتهم‪ ،‬وفي‬

‫‪68‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫الوقت الذي كشر فيه أحفاد ابن العلقمي الروافض الشيعة عن ناب حقدهم‬ ‫وأعملوه في أجساد أهل السنة‪...‬‬ ‫أقول‪ :‬في خضم تلك األهوال العظام التي تشيب لهولها نواصي الرضع‬ ‫من األطفال وزيادة‪ ،‬صدرت الفتاوى اآلثمة التي حترم اجلهاد في العراق‪ ،‬وتجُ َرم وبال‬ ‫حياء من اهلل من ينفر له‪ ،‬وتصفه بأبشع األلفاظ وأقبح العبارات‪ ،‬وما ذاك إال‬ ‫رغبة في إرضاء ولي األمر املرتد‪ ،‬وطلبا ً الستحسان الغرب‪ ،‬وحبا ً في السالمة‬ ‫والراحة والدعة‪ ،‬وحرصا ً على املنصب واجلاه واملصلحة‪ ،‬فسحقا ً لهم ولبياناتهم‬ ‫ثم سحقا‪...‬‬ ‫وإليك أخي القارئ بعضا ً من ذاك اإلثم الذي سطرته أناملهم‪ ،‬أو جتشأت به‬ ‫ألسنتهم والى اهلل املشتكى‪.‬‬ ‫فقد صرح الشيخ عبد العزيز آل الشيخ «مفتي عام اململكة العربية‬ ‫السعودية» في لقاء مفتوح بأن اجلهاد في العراق غير مشروع‪ ،‬وما هو سوى‬ ‫سفك للدماء بغير حق على حد زعمه الباطل‪ ،‬يقول املفتي العام عبدالعزيز بن‬ ‫عبداهلل بن محمد آل الشيخ املفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء‬ ‫وإدارة البحوث العلمية واإلفتاء ‪(:‬إن اجلهاد في سبيل اهلل أمر عظيم‪ ،‬ال أحد‬ ‫يشك في فضله وعظيم شأنه‪ ،‬ولكن الوضع في العراق يختلف‪ ،‬فإخواننا في‬ ‫العراق يعرفون حال بالدهم وظروفها‪ ،‬ومناخها‪ ،‬ويتعاملون مع واقعهم مبا يرونه‬ ‫مناسب‪ ...‬وأضاف‪ :‬نحن ال نشجع الشباب على ذلك وال نؤيد ذلك الفعل‪ ،‬ألن‬ ‫ما يحدث في العراق سفك للدماء بغير حق‪ ،‬ودماء املسلمني غالية ال يجوز أن‬ ‫نتساهل فيها وأن نزج بشبابنا في أماكن ال يعلمون وال يدرون ما يقع فيها‪ ،‬ونحن‬ ‫ندعو إلخواننا العراقيني بالتوفيق وأن يجمع اهلل شملهم‪)..‬‬ ‫وقد أدلى الشيخ أبو بكر اجلزائري بحديث جلريدة املدينة السعودية في عددها‬ ‫الصادر في ‪ 1425/11/19‬أكد فيه على عدم مشروعية اجلهاد في العراق‪ ،‬يقول‬ ‫(‪((2‬‬

‫‪ -  21‬العربية ‪ /‬نت‬

‫‪69‬‬


‫الشيخ‪ ( :‬لقد قلت مئات املرات ملن سألني ال يحل اجلهاد الذي هو قتال الكائدين‬ ‫واجملرمني والفاسقني إال حتت راية ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل بأن يبايع أهل‬ ‫اإلقليم إماما ً لهم ويطيعونه‪ ،‬ويقيمون دين اهلل وحدوده‪ ،‬فإن استقاموا على دين‬ ‫اهلل وجب عليهم أن يجاهدوا‪ ،‬فإن غزاهم الكفار قاتلوهم وان هم غزوا الكفار‬ ‫أدخلوهم في اإلسالم‪ ،‬أما بدون أمام ووحدة وهداية وعبادة‪ ،‬واهلل هذا كله عبث‬ ‫وسخرية‪ ،‬ولو بقوا خمسني سنة وهم ميوتون فلن يفعلوا شيئا‪ ،‬ولهذا أقول إذا‬ ‫أرادوا اجلهاد يبايعون إماما ويطبقون شرع اهلل عامني أو أكثر وال يكون هناك زنا وال‬ ‫ربا وال غش وال غيره‪ ،‬ويصبحون أمة مسلمة‪ ،‬وبعد ذلك ينظرون إن كانوا قادرين‬ ‫على اجلهاد وقتال الكفار جاهدوا‪ ،‬وإن كانوا عاجزين كما كان الرسول أول األمر‬ ‫ما قاتلوا وهذا شأن املسلمني في الشرق والغرب‪ ...‬وأضاف‪ :‬عليهم أن يصاحلوا‬ ‫أمريكا وال يجاهدون‪ ،‬وال يجوز أن يقاتلوا أمريكا‪ ،‬واهلل ال يستطيعون أن يقضوا‬ ‫على أمريكا وهذا كذب وباطل‪ ،‬وعليهم أن يصاحلوا والرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم صالح اليهود والقبائل‪ ،‬هل يستطيعون اآلن أن ينتصروا عليهم‪ ،‬واهلل ال‬ ‫ينتصرون ثم إذا انتصروا هل أقاموا دين اهلل‪..‬؟! أم هم فسقة فجرة‪..‬؟!)(‪.((2‬‬ ‫هذا الشيخ عبد احملسن العبيكان «املسشار القضائي في وزارة العدل‬ ‫السعودية» يجدد موقفه املعادي للجهاد في برنامج إضاءات األسبوعي ملقدمه‬ ‫«تركي الدخيل»‪ ،‬يقول هذا الشيخ‪ ( :‬ال جهاد في العراق لعدم وجود شروط اجلهاد‬ ‫األساسية كوجود الراية واألرضية وقد نصحنا أهل العراق إلشفاقنا عليهم‪..‬‬ ‫فالعراقيون لم يستفيدوا إال الهالك والدمار‪ ..‬وأضاف‪ :‬في معرض رده على توزيع‬ ‫األمريكان لفتواه‪ « :‬أمر ال يعنيني‪ ..‬وأنا أقول احلق ولو كان مراً‪ ..‬وقد اتصل بي‬ ‫عراقيون يؤيدونني‪.)...‬‬ ‫وهذا الذي بني يديك أخي القارئ ما هو سوى غيض من فيض‪ ،‬واعلم يا أخا‬ ‫عمن تأخذوا دينكم‪.‬‬ ‫اإلسالم أن العلم دين فانظروا َّ‬ ‫‪ -  22‬املصدر ‪www.almadinapress.com‬‬

‫‪70‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ارعلا« نيدفارلا دالبل يكيرمألا يبيلصلا وزغلا ليجعت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫ولهؤالء وغيرهم من علماء السوء نورد لهم ما يسوؤهم من فم من هو‬ ‫على شاكلتهم في محاربة اجلهاد واجملاهدين‪ ،‬فقد قال الدكتور محمد بن يحيى‬ ‫النجيمي ‪ -‬أستاذ الدراسات العليا بكلية امللك فهد األمنية ‪ ( :-‬ال شك أنه ال‬ ‫بد من إذن ولي األمر والوالدين في الذهاب إلى اجلهاد‪ ،‬وولي األمر لم يأذن‪ ،‬وعلمنا‬ ‫أن كثيرا من اآلباء في السعودية ذهب أبناؤهم رغما عنهم‪ ،‬إال أن غزو الواليات‬ ‫املتحدة للعراق بدون إذن من األمم املتحدة وإسقاطها حلكومة شرعية قائمة أيا‬ ‫كانت جرائمها يعد انتهاكا للقانون الدولي‪ ،‬كما أنه هيج مشاعر املسلمني‬ ‫السيما الشباب منهم بصورة جتاوزت حدود السيطرة‪ ،‬وأضاف‪ :‬أن الشبان الذين‬ ‫يشكلون أعدادا ً كبيرةً في العالم اإلسالمي لن يتمكن العلماء واحلكومات من‬ ‫ضبط حماسهم‪ ،‬إذا استمرت الواليات املتحدة في اجلهر بانتهاكاتها كالتي حدثت‬ ‫في الفلوجة والرمادي وكافة املدن العراقية‪ ،‬والتي حدثت وحتدث في أبي غريب‬ ‫وجوانتانامو‪ ،‬وتابع‪ :‬ما حدث أخيرا من تدنيس املصحف وإهانة مشاعر املسلمني‬ ‫أمر آخر سيؤجج مزيدا من مشاعر الغضب ضد الواليات املتحدة ومهما حاول‬ ‫العلماء واحلكام كبح ذلك الغضب‪ ،‬ومهما دعوا إلى العقل واملنطق فإن ذلك لن‬ ‫يجدي ما لم تتوقف الواليات املتحدة عن إشعال نار احلقد والكراهية التي هي‬ ‫(‪((2‬‬ ‫ضدها أوال‪ ،‬بالكف عن ممارساتها‪ ،‬وإعالن عقوبات رادعة ضد مرتكبيها‪)..‬‬

‫‪ -  23‬انظر العربية ‪ /‬نت‬

‫‪71‬‬


‫آثارها احلميدة على‬ ‫مسار الدعوة إلى اهلل‬ ‫إن املتتبع لسيرة النبي الكرمي صلى اهلل عليه وسلم ليعلم كل العلم‪،‬‬ ‫أن دعوته العظيمة إلى هذا الدين لم تؤتي أكلها‪ ،‬ولم يتذوق حالوتها ويأنس‬ ‫بطالوتها اخلالئق من البشر‪ ،‬ولم يتوافدوا للدخول في هذا الدين زرافات ووحدانا‬ ‫إال بعد طول جهاد بالسيف والسنان‪ ،‬ومقارعة اخلصوم الصادين عن سبيل‬ ‫اهلل في ميادين األبطال‪ ،‬حيث الصوارم وحدها تعبر عن عزة هذا الدين ومنعة‬ ‫املسلمني‪ ..‬نعم لقد أعلنها رسول املرحمة ونبي امللحمة‪( :‬بعثت بالسيف بني‬ ‫وجعل رزقي حتت ظل رمحي‪،‬‬ ‫يد ّي الساعة حتى يعبد اهلل وحده ال شريك له‪ُ ،‬‬ ‫(((‬ ‫والصغار على من خالف أمري‪ ،‬ومن تشبه بقوم فهو منهم‪).‬‬ ‫وجعل الذل‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وبنا ًء على ذلك فقد كان لغزوة يوم الثالثاء‪ ،‬آثارا ً طيبة مباركة ومحاسن‬ ‫جمة‪ ،‬في نشر دين اهلل عز وجل وتبليغه للناس في مشارق األرض ومغاربها‬ ‫ودعوتهم إليه‪ ،‬وتعريفهم بحقيقته العظيمة‪.‬‬ ‫ففي أعقاب احلادي عشر من سبتمبر‪ ،‬انكب أبناء الغرب النصراني على‬ ‫الكتب اإلسالمية يتصفحونها ويتدارسونها لعلهم يدركون سر هذا الدين(((‪،‬‬ ‫الذي دفع بكوكبة من خيرة أبنائه ليقتحموا غمار املوت‪ ،‬غير آبهني وال وجلني‪،‬‬ ‫منتصرين لدين ربهم‪ ،‬منفذين أمر كتابهم‪ ،‬مستحقرين أمر دنياهم‪...‬‬ ‫ورويدا ً رويدا‪ ،‬وجراء دراستهم ومطالعتهم بدأ الكثير منهم يدرك ماهية هذا‬ ‫‪ -  1‬صحيح اجلامع الصغير رقم ‪2831‬‬ ‫‪ -  2‬قال اخلبير األمريكي في الدراسات اإلسالمية كارلس دبليو أنرست من جامعة كارولينا الشمالية ـ طبقً ا لصحيفة املؤمتر‬ ‫حاليا ازدياد عدد مواطنيها الذين يرغبون في تعميق معرفتهم بالدين اإلسالمي‪..‬‬ ‫اليمنية‪ ( :‬إن الواليات املتحدة تشهد‬ ‫ً‬ ‫وأضاف‪ :‬إن املناقشات التي جترى في مجموعات صغيرة‪ ،‬وكذلك احلوارات حول اإلسالم‪ ،‬أصبحت تعقد في أوقات كثيرة بني‬

‫املسلمني وغير املسلمني في تلك البالد‪.).‬‬

‫‪72‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫لا ىلإ ةوعدلا راسم ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫الدين العظيم‪ ،‬وسره اجلليل‪ ،‬وجوهره الثمني‪ ،‬وسرعان ما حترر الكثير منهم من‬ ‫قيود املستشرقني احلاقدين‪ ،‬الذين استطاعوا مبكرهم الشيطاني‪ ،‬أن يحولوا بني‬ ‫دين اإلسالم وبني عقولهم وقلوبهم‪ ،‬التي امتألت حقدا ً على اإلسالم وأهله(((‪.‬‬ ‫نعم لقد أفرزت أحداث احلادي عشر من سبتمبر واقعا ً جديدا ً في أذهان‬ ‫أبناء امللة النصرانية‪ ،‬وأوجدت في عقولهم نظرة جديدة لإلسالم‪ ،‬وحتول الكثير‬ ‫منهم عن دركات ضالله‪ ،‬وقصد باب التوحيد والهداية والرشاد(((‪ ،‬ووجلوه غير‬ ‫مكترثني وال آبهني بدسائس أساطني مكرهم(((‪ ،‬ومنظري سياستهم‪ ،‬وراسمي‬ ‫‪ -  3‬تقول جويس ديفس‪ ( :‬إن كال ّ من صناع القرار واملواطنني األميركيني العاديني لديهم صورة مشوهة عن اإلسالم وأضافت‪:‬‬ ‫إن غالبية األميركيني يحملون أفكارًا مسبقة معادية لإلسالم واملسلمني‪ ،‬ال جتد أي أساس معرفي لها‪ .)..‬ويقول عالم‬ ‫االجتماع األمريكي نيكوالس هوفمان‪ ( :‬ال توجد ديانة أو قومية أو ثقافة كثقافة العرب واملسلمني تتعرض في الواليات‬

‫املتحدة ملثل هذا التشويه الفظيع‪ .)..‬ويقول آرمسترونغ‪ ( :‬إن اإلعالم الغربي يثير انطباعات بأن التشدد والتزمت الديني‬ ‫الذي يتسم بالعنف ويسمى (التعصب) هو ظاهرة إسالمية بحتة‪ .)..‬وكتب دوق هيربيورنسريد‪ - ‬وهو كاتب نرويجي ‪-‬‬ ‫قائالً‪ ( :‬رغم مرور ثالثة أعوام على هجمات ‪11‬سبتمبر‪/‬أيلول فإن نوبة اخلوف من اإلسالم تنتشر في أوروبا والواليات املتحدة‬ ‫انتشار النار في الهشيم‪ ،‬وأصبح ذكر اإلسالم واملسلمني مقترنا إلى حد بعيد مبصطلحات من قبيل اإلرهاب والعنف‬ ‫وما شاكلهما‪ ..‬ويضيف قائالً‪ :‬نحتاج إلى التخلص من الكثير من األساطير إزاء املسلمني والتي يصوغها مع األسف‬ ‫األكادمييون وأصحاب الرأي النرويجيون‪)..‬‬ ‫‪ -  4‬ومثال ذلك ‪ -‬وغيره الكثير ‪ -‬إسالم سارة بوكر‪ :‬املمثلة وعارضة األزياء ومتسابقة كمال أجسام‪ ،‬وهي اآلن مديرة قسم‬ ‫االتصاالت في حركة مسيرة العدالة )‪ (The March For Justice‬ومؤسسة « للشبكة العاملية لألخوات» ‪(The Global‬‬ ‫)‪ Sister’s Network‬ومخرجة الفيلم الوثائقي الشهير )‪ )The March Shock & Awe gallery‬تقول هذه املسلمة عن‬ ‫كيفية إسالمها‪ ( :‬بحلول احلادي عشر من سبتمبر وما تالها من ردود فعل لفت انتباهي ذلك الهجوم العارم على كل ما‬ ‫سمى إسالم‪،‬‬ ‫هو مسلم واإلعالن الشهير باستئناف «احلرب الصليبية اجلديدة»‪ ..‬ألول مرة في حياتي لفت انتباهي شيء ي ُ َّ‬

‫حتى تلك اللحظة كل ما عرفته عن اإلسالم كان ال يتعدى احتجاب النساء بأغطية تُشبه اخليام واضطهاد الرجال‬ ‫كتاب يسود لدى الكثي ِر من األمريكيني عنه‬ ‫عثرت على‬ ‫للنساء وكثرة «احلرمي» وعالم يعج بالتخلف واإلرهاب‪ ..‬وذات يوم‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بدأت تصفحه لفت انتباهي أسلوبه البني البالغ الوضوح ثم‬ ‫انطباعات بالغة في السلبية وهو القرآن‪ ..‬في البداية وحني ُ‬

‫وجدت في القرآن خطابًا‬ ‫بتبيان حقيق ِة اخللق والوجود وملك نفسي بتفصيله لعالقة اخلالق باخمللوق‬ ‫ثار إعجابي ببالغته‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مباشرًا للقلبِ والروح دون وسيط أو احلاجة لكاهن‪ .).‬انظر إخوان أون الين ‪.2006/12/10 -‬‬

‫‪ -  5‬قال احملامي راؤول فيلدر في برنامج حواري مع مقدمه مايكل مايسون من شبكة «وستوود وان» أكبر شبكات اإلذاعة‬ ‫األميركية‪ ( :‬اإلسالم دين كراهية ودين قتل‪ ،)..‬وما كان من مايكل مايسون مقدم البرنامج السيئ الذكر إال أن أيده قائالً‪:‬‬ ‫( هذه معلومات مثيرة ال يعرفها أحد تقريبا‪ ..‬اجلميع يعتقدون أن اإلسالم دين مشروع ينادي باحلب واألخوة‪ ..‬احلقيقة‬ ‫هي أن اإلرهابيني يتبعون دينهم مباشرة من القرآن‪ ..‬وأضاف‪ :‬كل الدين اإلسالمي يعلم الكراهية واإلرهاب والقتل‪ ،‬وقد‬ ‫حان الوقت ألن يعلموا ذلك عن اإلسالم‪ ..‬القرآن يعبر بخمسني أسلوبا عن الكراهية واحلقد والعداء والقتل‪ ،‬إنه موهوب‬ ‫لإلرهاب‪ )..‬وقال مايكل جرام أحد مقدمي البرامج احلوارية في إذاعة «دبليو أم إيه إل »األميركية في يوليو‪/‬متوز ‪: 2005‬‬

‫‪73‬‬


‫طريق خالصهم الباطل املزعوم‪...‬‬ ‫وإليك أخي القارئ بعضا ً من ذاك اخلير‪ ،‬الذي جادت به مزن تلك الغزوة‬ ‫وأمطرت به أبناء التثليث النصراني‪ ،‬ليغدوا الكثير منهم وقد تزين بنور اإلسالم‬ ‫صريح على ذاك النفر املتفيهق واملتفلسف‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وعاله رداء التوحيد‪ ،‬وفي هذا ردٌّ‬ ‫الذي أشبع املسلمني ب ُّترهاته من أن أحداث سبتمبر لم جتلب على املسلمني غير‬ ‫السوء‪ ،‬وأنها أضرت مبكاسب الدعوة والدعاة(((‪...‬‬ ‫ففي مقال نشره الكاتب «ديفيد ماكلورين « ‪ -‬وهو قس كاثوليكي روماني‬ ‫وكاتب يعيش في روما‪ -‬في صحيفة التيليغراف البريطانية حتت عنوان « اإلسالم‬ ‫لديه القوة والنقاء اللذان فقدتهما املسيحية « يقول هذا القس الكاثوليكي‪:‬‬ ‫( أوردت صحيفة الريبابليكا في روما أن حوالي سبعني ألف شخص قد حتولوا‬ ‫إلى اإلسالم‪ ،‬هذه إحصائية مذهلة‪ ،‬منذ ‪ 11‬من سبتمبر زاد االهتمام باإلسالم‬ ‫وارتفعت مبيعات الكتب عن اإلسالم‪ ،‬فلماذا يحدث هذا‪ ...‬وأضاف‪ :‬إن هذه احلرب‬ ‫كباقي احلروب‪ ،‬ال ميكن مقاومتها بالقنابل والرصاص فلدينا منها الكثير‪ ،‬ولكن‬ ‫ما نفقده هو املعتقدات الراسخة‪)..‬‬ ‫وقد اعترفت السي‪ .‬إن‪ .‬إن )‪ ): (CNN‬إنه منذ ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬حتى اآلن ـ‬ ‫أي متوز ‪ 2002‬ـ دخل أربعة وثالثون ألفا ً من األمريكيني في دين اإلسالم بالرغم من‬ ‫احلملة اإلعالمية والسياسية األمريكية التي ربطت موضوع «اإلرهاب» باإلسالم‪...‬‬ ‫وأضافت مرغمةً‪ :‬إن اإلسالم هو أكثر األديان أو أسرع األديان انتشارا في الواليات‬ ‫املتحدة‪.)..‬‬ ‫وذكرت صحيفة ذا تاميز البريطانية في عددها الصادر في يوم ‪:2003 -11-29‬‬ ‫(اإلسالم منظمة إرهابية‪ ..‬وأضاف‪ :‬اإلسالم في حرب مع أمريكا واملشكلة ليست في التطرف‪ ..‬اإلسالم هو املشكلة‬ ‫ونحن في حرب مع منظمة إرهابية تدعى اإلسالم‪ .)..‬ويقول إدوارد لوتواك مدير « املركز القومي للدراسات اإلستراتيجية‬ ‫والدولية بواشنطن»‪ ،‬في مداخلة له في مؤمتر أقيم مبدينة نرفيك بشمال النرويج‪ ( :‬ال فرق بني اإلسالم واإلرهاب‪ ..‬وقال‪:‬‬ ‫كلنا يتكلم عن اإلرهاب على أنه عدونا الكبير‪ ،‬وعلينا أن نتذكر أن اإلرهاب هو مجرد وسيلة‪ ،‬عدونا هو اإلسالم‪ ،‬اإلسالم‬ ‫العنيف‪)..‬‬ ‫‪ -  6‬ومثال ذلك ما قاله الداعية املصري محمد حسان بأن‪ ( :‬الضربة قد شوهت صورة اإلسالم عند الغرب‪)..‬‬

‫‪74‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫لا ىلإ ةوعدلا راسم ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫(أن ما يقرب من ‪ 10.000‬مواطن من أصل أوربي قد اعتنقوا اإلسالم ببريطانيا‬ ‫فقط خالل ال ‪ 18‬شهرا املاضيني معظمهم مبدينة لندن‪ ...‬وفي اإلطار ذاته ذكرت‬ ‫شبكة األخبار السويسرية‪ :‬أن ثالثني ألف امرأة سويسرية أعلنت إسالمها في‬ ‫السنوات األخيرة‪.)...‬‬ ‫وقد أعلنت اإلذاعة الدمنركية األولى دخول ‪ 2500‬دامنركي اإلسالم نقال عن‬ ‫مشروع بحثي تعده جامعة كوبنهاجن والذي سيعرض في شهر ديسمبر القادم‪،‬‬ ‫وذكرت جريدة «بيرلنسك تيذن» أن اإلسالم وجد اإلقبال بكثرة منذ أحداث احلادي‬ ‫عشر من سبتمبر ‪ 2001‬حيث اجته الكثير من الدمناركيني « بالذات املراهقني‬ ‫والشباب « نحو اإلسالم‪.‬وقال املؤرخ الديني «كات أوسترغور» الذي يعد البحث‬ ‫مع «تينا ينسن»‪ :‬إن هذه الظواهر جاءت لتبقى‪ ،‬وقالت «تينا ينسن»‪ :‬سوف نرى‬ ‫إقبال الدمنركيني على اإلسالم‪،‬الذي ينظر إليه كأداة جملتمع حضاري وهذا ما يدعو‬ ‫الكثيرين إلى التوجه اليوم نحو هذا الدين‪.‬‬ ‫وقد أدى اهتمام الدامنركيني باإلسالم إلى قلق كبير لدى الكنيسة الشعبية‬ ‫ومن بينهم رئيس قساوسة مدينة « فيبورغ « كارسنت نيس الذي قال في‬ ‫تعليقه‪ :‬إن دخول ‪ 2500‬دمنركي اإلسالم زيادة عن احلد املعتاد وفي فترات متقاربة‬ ‫يجعل من األمر مشكلة املشاكل هناك‪ ،‬وذكر القس كارسنت نيسن لإلذاعة‬ ‫املذكورة‪ :‬أنه علينا أن نوضح الفرق بني املسيحية واإلسالم وأن نستخدم طاقاتنا‬ ‫لتجميل صورة النصرانية عوضا عن بذل األموال‪ ،‬من أجل البناء خالل السنني‬ ‫(((‬ ‫القادمة‪).‬‬ ‫وهذا الذي سطرناه قليلٌ من كثير‪ ،‬ولو أردنا االستقصاء لسودنا من الصحف‬ ‫أضعاف ما سودناه في هذه العجالة‪ ،‬وفيما ذكرنا بعون اهلل الكفاية‪ ،‬ومن أراد‬ ‫أن يستزيد فما عليه سوى أن يقلب الصفحات‪ ،‬ليجد ما يسر ُّ خاطره ويبهج‬ ‫سريرته‪ ،‬واهلل املوفق لكل خير‪.‬‬ ‫‪ -  7‬انظر موقع اإلسالم اليوم ‪ /‬وكاالت ‪2006/07/13 /‬‬

‫‪75‬‬


‫آثارها احلميدة في إحياء روح اجلهاد‬ ‫واالستشهاد في مناطق القبائل البشتونية‬

‫إن املتأمل اليوم في حال القبائل الباكستانية املتاخمة حلدود أفغانستان‪،‬‬ ‫عم مضارب تلك القبائل األبية‪ ،‬بعيد أحداث يوم الثالثاء‬ ‫ليبصر مدى اخلير الذي َّ‬ ‫املبارك‪ ،‬فعلى الرغم من تفجر ينابيع اجلهاد على بُعد مرمى حجر من ديارها‪،‬‬ ‫إال أن أبناء تلك القبائل لم يأخذوا بنصيبهم الذي يليق بهم من تلك الصحوة‬ ‫اجلهادية‪ ،‬ولم يهبوا تلك الهبة الطيبة لنجدة اإلسالم وأهله((( إال بعد أحداث يوم‬ ‫الفرقان‪ ،‬وما تبعها من توافد أبناء يعرب وغيرهم من املهاجرين إلى اهلل‪ ،‬والذين‬ ‫الشماء التي سارعت الحتضانهم‪،‬‬ ‫لم يحفلوا بحصن منيع سوى فوق رواسيهم‬ ‫َّ‬ ‫ثم مشاركتهم جهادهم املبارك‬ ‫والسهر على راحتهم‪ ،‬ومد يد العون لهم‪ ،‬ومن َّ‬ ‫جلحافل الصليب الغازية بالد الشريعة والقرآن « أفغانستان»‪.‬‬ ‫نعم إن املبحر اليوم في بحر القبائل العذب‪ ،‬ليرى كم اخلير الذي جلبته‬ ‫تلك األحداث املباركة‪ ...‬فها هي قبائل مسعود قد غدت رائدة القبائل في تقدمي‬ ‫أبنائها للعمليات االستشهادية‪ ،‬بل هي الرافد املتواصل الذي ميد اجلهاد األفغاني‬ ‫باالستشهاديني‪ ...‬وها هي قبائل وزير وداور تذيقان أبناء الصليب وأعوانهم املرتدين‪،‬‬ ‫أصناف العذاب فوق روابي اخلير «أفغانستان «‪ ..‬وها هم أبناء بيجاور يضرمون‬ ‫األرض نارا ً حتت أقدام الغزاة هناك فوق رواسي كونر‪...‬وهذا الذي ذكرناه وحددناه‬ ‫‪ -  1‬وإن كان لهم أيادي بيضاء على اجلهاد السابق سواء في زمن االحتالل اإلجنليزي لبالدهم حيث هزمزهم شر َّ هزمية‪ ،‬أو الغزو‬ ‫الروسي الشيوعي ألفغانستان‪ ،‬ولكنه كان محدودا ً ولم يكن بهذا احلجم الذي عايناه بعد الغزوة املباركة‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ينوتشبلا لئابقلا قطانم يف داهشتسالاو داهجلا حور ءايحإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫قليلٌ من كثير‪ ،‬وإال فباقي القبائل البشتونية ال تقل جهادا ً عن أخواتها‪ ،‬فاحلمد‬ ‫هلل الذي أحيا بدماء التسعة عشر أمة محمدية كانت عن جهادها غافلة‪...‬‬ ‫يقول القائد حجي عمر الوزيري في اتصال هاتفي مع إحدى وكاالت األنباء‪:‬‬ ‫(نحن نرسل مجاهدين إلى أفغانستان‪ ..‬نرسل مجاهدين إلى مناطق تركز‬ ‫القوات األمريكية والبريطانية‪ ...‬سنواصل جهادنا ضدهم هذا واجبنا الديني‪...‬‬ ‫وأضاف‪ :‬ال وجود للقاعدة هنا‪ ..‬هناك فقط طالبان محليون‪ ..‬طالبان وزيرستان‪..‬‬ ‫وقال‪ :‬لقد التقيت بكل من أسامة بن الدن زعيم القاعدة واملال محمد عمر زعيم‬ ‫حركة طالبان األفغانية قبل هجمات ‪ 11‬سبتمبر لكنني لم أراهم منذ ذلك‬ ‫(((‬ ‫الوقت‪)..‬‬ ‫ويقول «ريتشارد هولبروك « السفير السابق للواليات املتحدة لدى األمم‬ ‫أسبوعيا لصحيفة «الواشنطن بوست»‪ ( :‬في‬ ‫املتحدة‪ ،‬والذي يكتب عمودًا‬ ‫ً‬ ‫منطقة ما من باكستان ال يعلم بأمرها غالبية األمريكيني‪ ،‬برزت دولة صغيرة‬ ‫بدائية نوعًا ما تقوم بتوفير املأوى واحلماية أللد أعدائنا‪ ،‬هذه املنطقة تعتبر‬ ‫نسخة مصغرة مما كان عليه األفغان قبل احلادي عشر من سبتمبر عام ‪2001‬‬ ‫األمر الذي يشكل تهدي ًدا مباشرًا للمصالح احليوية لألمن القومي األمريكي‪.‬‬ ‫لقد صارت وزيرستان واإلقليم احلدودي الشمالي الغربي ـ الذي يعتقد أن كل‬ ‫من أسامة بن الدن وزعيم حركة طالبان املال عمر يختبئان فيه « زعموا « ـ معقال ً‬ ‫لتدريب عناصر حركة طالبان وتنظيم القاعدة وجتنيدهم‪ ،‬كما أصبحت مكانا ً‬ ‫الستراحة املقاتلني واإلعداد للهجمات التالية على كل من الواليات املتحدة‬ ‫وقوات حلف شمال األطلنطي والقوات األفغانية داخل أفغانستان‪ ،‬وقد أدت‬ ‫الهجمات األخيرة إلى وقوع بضعة قتلى في صفوف قوات حلف الناتو‪ ،‬ومقتل‬ ‫(((‬ ‫جنود أمريكيني وكنديني‪ ،‬ومن املتوقع أن يكون هناك مزيد من الهجمات‪).‬‬ ‫‪ -  2‬انظر اإلسالم اليوم ‪ /‬رويترز ‪.2006/04/27‬‬ ‫‪ -  3‬انظر مفكرة اإلسالم ‪ /‬مقال مترجم لزينب كمال‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫ويقول سيد سليم شاهزاد في مقال له بعنوان « حديث احلرب من أسامة‬ ‫وطالبان «‪( :‬احلرب الشبكية» هي الوصف األدق إلستراتيجية طالبان اجلديدة‪،‬‬ ‫ولكن القادة القابعني في اجلبال يقولون إنها مماثلة إلستراتيجية اجملاهدين في‬ ‫مواجهة السوفيت عام ‪ 1988‬حيث سيطر اجملاهدون أوال علي املناطق األفغانية‬ ‫املتاخمة للحدود الباكستانية وعلى القرى احمليطة باملدن الكبيرة‪.‬‬ ‫عند ذلك – وبعد مرور ‪ 10‬سنني على االحتالل السوفيتي – متكن جملاهدون من‬ ‫شن معارك من مواقع استحكاماتهم‪ ،‬وأن يؤمنوا في نفس الوقت ما يحتاجونه‬ ‫من أفراد وعتاد وأموال‪.‬‬ ‫واليوم فمن املقدر أن هناك ‪ 40‬ألفا من األفراد اجلاهزين للقتال منهم ‪27‬‬ ‫ألفا في وزيرستان الشمالية‪ ،‬وتشير الدالئل أن هناك أعدادا مماثلة في الواليات‬ ‫القبلية اخلمس باإلضافة إلى أفراد من مناطق متاخمة في باكستان‪.((().‬‬

‫‪ -  4‬انظر آسيا تاميز أونالين ‪2006/4/26‬‬

‫‪78‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ا هظفح رمع دمحم الملا نينمؤملا ريمأ اهميعزو نابلاط ةكرح ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة على حركة طالبان وزعيمها‬ ‫أمير املؤمنني املال محمد عمر حفظه اهلل‬ ‫لسنوات عدة بقيت حركة طالبان وزعيمها املال محمد عمر لغزا ً محيرا ً‬

‫للكثيرين من أبناء هذه األمة املاجدة‪ ،‬وانقسم الناس في ماهيتها أقساماً‪،‬‬ ‫وتفرقوا في أمرها فرقا ً وشيعا ما بني مؤيد مجاهد في صفوفها ومناصر مؤازر(((‪،‬‬ ‫وبني متوقف في حالها متوجس خيف ًة من حقيقة أمرها‪ ،‬وبني مكفر له –‬ ‫والعياذ باهلل – بدعوى باطلة وأكاذيب مرجفة آثمة(((‪ ،‬وبني متردد ال إلى هؤالء وال‬ ‫إلى هؤالء‪ ،‬وبني متهم لها تارةً بالعمالة جلهاز االستخبارات الباكستاني(((‪ ،‬وتارةً‬ ‫أخرى بأنها صنيعة االستخبارات األمريكية ((( ‪ CIA‬وهكذا دواليك‪...‬‬ ‫‪ -  1‬فقد آزر هذه احلركة الكثيرون من أهل العلم ممن هم خارج حماها‪ ،‬ومن أبرزهم الشيخ العالمة حمود بن عقال الشعيبي‬ ‫رحمه اهلل‪ ،‬فقد جاء في جوابه على سؤال عبد الرحمن بن محمد الهرفي عندما سأله‪ :‬سماحة الشيخ حمود العقالء‬ ‫الشعيبي زكيتم حكومة طالبان اإلسالمية تزكية مطلقة أال ترى يا سماحة الشيخ أن هذا فيه تعجل حيث إن األمر‬ ‫لم يستتب لهم بعد ولعلهم أن يظهروا أمرا آخر إذا متكنوا من الدولة كما فعل غيرهم‪..‬؟! أنا أرى أن األمر استتب‬ ‫لهم‪ ،‬وأن حكمهم عام على أفغانستان ولم يخرج على حكمهم إال القليل من أرض أفغانستان‪ ،‬وقد زكيتهم ألنهم‬ ‫يعلنون أن الشريعة هو دستورهم الوحيد ويحاربون كل ما عدا ذلك‪ ،‬بل نرى أن النصارى واليهود واملالحدة وأعوانهم‬ ‫يضربون احلصار االقتصادي على أفغانستان ويحاربونها فلماذا هذه احلرب‪ ..‬؟! ألنهم يحكمون كتاب اهلل وسنة نبيه‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم في كل شيء‪ ،‬وهذا أكبر دليل على أن طالبان دولة إسالمية رشيدة تطبق أحكام اهلل‪ ،‬وال أدل‬ ‫على ذلك من حملتهم على أصنام بوذا‪ ،‬وتهدميها مع معارضة دول الكفر وتهديدهم لها ـ وكذا املستسلمني الذين‬ ‫نصروا الكفار على إخوانهم املسلمني وأفتوا بحرمة هذا الهدم‪ ،‬ونحن نحكم بأنهم دولة إسالمية مبا يظهرون لنا‪)..‬‬ ‫انظر شبكة أنا مسلم للحوار اإلسالمي‬ ‫‪ -  2‬كما فعل أحدهم وكتب في ذلك رسالة عَ نونَها باسم « كشف شبهات املقاتلني حتت راية من أخل بأصل الدين «‪ ،‬وأبى‬ ‫اهلل إال أن ييسر له من يرد عليه‪ ،‬فأجلمه الشيخ أبو قتادة الفلسطيني برسالة أسماها « جؤنة املطيبني «‪.‬‬ ‫‪ -  3‬كما وصفتها مجلة « السنة « التي يشرف عليها محمد بن سرور في عددها الصادر في ‪1996/10‬م‪ ،‬حيث أكد فيها‬

‫عمالتها لباكستان وأنها صنيعة استخباراته العسكرية ‪.ISI‬‬ ‫‪ -  4‬وقد تولى كبر هذا التهجم الكاتب جمال خاشقجي السعودي اجلنسية من صحيفة احلياة اللندنية‪ ،‬فلم يترك وصفا ً‬ ‫قبيحا ً إال وألصقه في هذه احلركة‪ ،‬وكذلك العقالني فهمي هويدي الذي شوه هذه احلركة أميا تشويه في مقاالته السيئة‬

‫‪79‬‬


‫وفيما الناس مفترقون في أمرها‪ ،‬جاءت أحداث يوم الثالثاء املبارك لتضع‬ ‫النقاط على احلروف‪ ،‬وجتلي احلقيقة الغائبة عن أذهان الكثيرين من هذه األمة‪،‬‬ ‫وتضع حركة طالبان وزعيمها أمير املؤمنني في واجهة األحداث‪.‬‬ ‫وحتت محك االختبار ووطأت االبتالء واالمتحان‪ ،‬أفصحت األعمال عن‬ ‫لسان احلال‪ ،‬وتكلمت املواقف وأظهرت احلقائق وأبانت عن املعادن‪ ،‬وأظهرت‬ ‫معالم حركة طالبان ملن كان يجهلها‪ ،‬فبالرغم من الضغط الهائل‪ ،‬والتهديد‬ ‫لف لفَّها‪ ،‬بسحق‬ ‫املباشر‪ ،‬والوعيد املتكرر من اآللهة الباطلة « أمريكا « ومن َّ‬ ‫أركان احلركة إن لم يسلموا الشيخ أسامة ومن معه من املهاجرين‪ ،‬أبت احلركة‬ ‫وعلى رأسها أميرها التنازل عن الثوابت والقطعيات في هذا الدين العظيم‪،‬‬ ‫وسرعان ما أصدروا فتواهم الربانية‪ ،‬التي أكدوا فيها رفضهم القاطع تسليم‬ ‫الشيخ املهاجر ورفاقه‪ ،‬ولو كلفهم ذلك ضياع امللك‪ ،‬و بذل األرواح واملهج وسفك‬ ‫الدماء‪ ،‬وتدمير أفغانستان وقتل أبنائها اآلمنني العزل‪ .‬وإليك يا أخا اإلسالم‬ ‫بعضا ً مما جاء في بيانهم املبارك الذي أرسله املولوي عبد اهلل رئيس احتاد علماء‬ ‫أفغانستان إلى أمير املؤمنني املال محمد عمر – سلمه اهلل ‪ ( -: -‬إذا ُسلم أسامة‬ ‫سيكون مطلب أمريكا أيضاً‪ ،‬رفع احلجاب عن النساء‪ ،‬وإيقاف احلدود و القصاص‬ ‫وغيره‪ ،‬وتوقيف األحكام اإللهية‪ ،‬وسيطلبون حكومة كفرية خالصة وينفذون‬ ‫أحكامهم الوضعية وهو مطلبهم‪ ،‬مع إيجاد حكومة عميلة لهم‪ ،‬وعند ذلك‬ ‫سيرضون حينما يصبح األفغان عقيدة وصورة وسيرة مطابقة ملا يرغبون‪ ،‬وفي‬ ‫هذه احلالة لن يرضى اهلل عنا وستواجه األمة اإلسالمية خسرانا ً ثقيال‪ ،‬ودماء‬ ‫الشهداء ستكون هبا ًء منثورا‪ ،‬ويكون في هذه احلالة ذريعة لهم لتكون حكومة‬ ‫كفرية‪ ،‬وسينفر الشعب األفغاني ومسلمو العالم‪ ،‬من كل عالم وطالب للعلم‬ ‫ولن يقفوا معهم أبداً‪ ،‬وستكون بينهم قطيعة وسينظرون لطالب العلم‬ ‫التي نشرها في صحيفة الشرق األوسط‪ ....‬زد على هذا وذاك شيخ األزهر الطنطاوي الذي وصفها بالضالل واالنحراف‪..‬‬ ‫عليه من اهلل ما يستحق‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ا هظفح رمع دمحم الملا نينمؤملا ريمأ اهميعزو نابلاط ةكرح ىلع ةديمحلا اهراثآ‬

‫والعالم و هذه احلركة خاصة على أنهم عمالء ألمريكا‪ ،‬وإن حصل شيء من ذلك‬ ‫ستقع املسؤولية أمام اهلل وأمام الناس على عاتقكم لوحدكم‪ ،‬فلهذا أقول‬ ‫بالتأكيد هذا العمل – أي تسليم أسامة بن الدن ‪ -‬مردود شرعا ً وسياسة وغير‬ ‫جائز وال تفعل هذا ألن هذا العمل هو مبثابة إعالن احلرب على اهلل‪ ،‬نحن ننتظر‬ ‫(((‬ ‫جوابكم ولكم االحترام‪).‬‬ ‫ولم يلبث أن جاء ردُّ أمير املؤمنني الثابت على احلق املال «محمد عمر» حفظه‬ ‫اهلل تعالى‪-:‬‬ ‫( العلماء الكرام احملترمني‪:‬‬ ‫وبعد‪...‬‬ ‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫نحن وأنتم في هذا العالم قد أحيينا اسم اإلسالم إلى قدر ما‪ ،‬ومن جهة‬ ‫أخرى لن تقبل أمريكا أي كالم غير تسليم أسامة بن الدن‪ ،‬وفي حالة تسليمه‬ ‫ستسقط قلوب املسلمني وستكون ضربة حليثية وسياسة اإلسالم‪ ،‬وعند ليونة‬ ‫جانبنا لهم ومن بعدها اإلنكار ستقوى شوكتهم‪.‬‬ ‫مطلبنا رفع راية اإلسالم والباقي على اهلل‪ ،‬وما سيحصل بعد ذلك ليس من‬ ‫أجل أسامة بن الدن ولكنها مسألة كفر وإسالم‪ ،‬وفي حالة تسليمه سترتفع راية‬ ‫الكفر وفي حالة عدم التسليم ترتفع راية اإلسالم‪ ،‬وألجل رفع راية اإلسالم يجب‬ ‫حلكم‪ ،‬ولكن‪»،...‬ولن‬ ‫أن يتحمل املسلمون كل املشاكل‪ ،‬وقد استعملنا جميع ا ِ‬ ‫(((‬ ‫ترضى عنك اليهود وال النصارى حتى تتبع ملتهم»‪).‬‬ ‫تسطع بنور التوحيد‪ ،‬وتشع من حرارة اإلميان‪،‬‬ ‫وبهذه الكلمات التي ّ‬ ‫أُجلمت شفاه املشككني‪ ،‬وأُخرصت ألسنة املنافقني‪ ،‬وبان وبال أدنى شك للقاصي‬ ‫‪ -  5‬وممن وقع عليها من العلماء األجالء‪ :‬مولوي عبد اهلل‪ ،‬مولوي محمد احلنفي‪ ،‬مولوي محمد صادق‪ ،‬مولوي محمد نور‪ ،‬مولوي‬ ‫أبو الفضل‪ ،‬مولوي حافظ نور محمد‪ ،‬مولوي جانان احمدي‪ ،‬مولوي محمد حق‪ ،‬مولوي عبد احلق حقاني‪ ،‬مولوي محمد‬ ‫ريس‪ ،‬مولوي نظر‪ ،‬مولوي آغا جان‪ ،‬مولوي عبد العلى‪ ،‬مولوي سيد بار‪ ،‬مولوي احلاج حافظ شاكر اهلل‪ ،‬مولوي محمد‬ ‫رسول‪ ،‬مولوي عمر‪ ،‬مولوي عبد الودود‪ .‬انظر‪ :‬امليزان حلركة طالبان‪.‬‬ ‫‪ -  6‬املصدر السابق ‪.‬‬

‫‪81‬‬


‫والداني حقيقة هذه احلركة الطيب أهلها‪ ،‬التي ضربت أروع األمثلة في الصدق‬ ‫والثبات على احلق‪ ...‬هذه احلركة التي مثلت حقيقة اإلسالم‪ ،‬وجوهر اإلميان في‬ ‫هذا القرن الذي أسدلت عليه اجلاهلية أثوابها‪ ...‬هذه احلركة التي أحيت في‬ ‫النفوس معاني العزة والكرامة‪ ،‬وبعثت في وجدانهم روح التضحية واجلهاد‪،‬‬ ‫وذكَّرت أبناء اإلسالم مبواقف العظماء من هذه األمة‪ ،‬ممن قد سبق إلى اهلل‪ ،‬فلله‬ ‫درها من حركة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ينارصنلا برغلل يلامشلا فلاحتلا ةلامع راهظإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في إظهار عمالة‬ ‫التحالف الشمالي للغرب النصراني‬

‫لبضع سنوات سبقت الغزوة املباركة‪ ،‬متكن التحالف الشمالي((( املعادي‬ ‫حلركة طالبان اإلسالمية من خداع الكثيرين من أبناء هذه األمة‪ ،‬الذين طاملا‬ ‫زمروا وطبلوا لهذا املسخ‪ ،‬وأصبغوا عليه الشرعية‪ ،‬وجعلوا منه حتالف حق‪ ،‬البد‬ ‫وأن يشارك أبناء اإلمارة اإلسالمية السلطة واحلكم في كابل(((‪ ،‬وباملقابل وعلى‬ ‫عكس أولئك النفر الذين انطوت عليهم احليل الشمالية – بقصد أو بغير قصد‬ ‫– أدرك جند التوحيد حقيقة أمره منذ األيام األُول‪ ،‬وأيقنوا أنه أداة طعن خبيثة‬ ‫ماكرة ُجردت من غمدها لتنال من اجلهاد واجملاهدين‪ ،‬وليكون في نفس الوقت‬ ‫أداة طيعة بيد الغرب النصراني‪ ،‬يستخدمونه متى شاءوا لضرب حركة طالبان‪،‬‬ ‫والوقوف في وجه توسعها وبسط سيطرتها‪ ..‬وألجل هذا وذاك انبرى أسدين‬ ‫من أسود التوحيد((( لكبير هذا التحالف الشيطاني « أحمد شاه مسعود «‪،‬‬ ‫وأعمال سيفيهما في جسده اآلثم وال كرامة‪ ،‬ليكون عبرة وعظة لكل طاغوت‬ ‫قد يعتبر‪ ...‬ولم ميض سوى يومني على هالك كبيرهم‪ ،‬حتى كانت املاحقة التي‬ ‫عصفت بسيدته « أمريكا «‪ ،‬وأحالت رموز كبره وغطرسته هبا ًء منثورا‪ ،‬وهنا‬ ‫‪ -  1‬التحالف الشمالي‪ :‬هو حتالف من عدة أحزاب أفغانية منها الشيوعي والعلماني والشيعي واملتلبس باإلسالم‪ ،‬ومن أشهر‬ ‫رجاله الهالك أحمد شاه مسعود واجلنرال الشيوعي املعروف عبد الرشيد دوستم وغيرهم من وجوه الشر الذين ظهرت‬ ‫عمالتهم لكل ذي بصيرة مع الغزو الصليبي ألفغانستان‪ ،‬وهم اآلن متربعون على عرش كابل ردها اهلل حلكم الشريعة‪.‬‬ ‫‪ -  2‬كما قال أحدهم وهو من رموز الصحوة ‪ -‬زعم ‪ ( : -‬كما نناشد حكومة اإلمارة اإلسالمية في أفغانستان أن تبادر‬ ‫مببادرة صلح بينها وبني حتالف املعارضة بإصدار عفو عام وتلبية بعض املطالب وفتح باب احلوار والتفاهم وإعطاء القادة‬ ‫املسلمني منهم فرصة ملناصب في احلكومة وما أشبه ذلك مما يحسم مادة الفرقة أو يقللها‪.) .‬‬ ‫‪ -  3‬األخ الشهيد أبو عبيدة التونسي واألخ الشهيد أبو سهل التونسي تقبلهما اهلل في الصاحلني‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫بانت حقيقة هذا التحالف اآلثم‪ ،‬فما لبث أن سارع إلى أسياده النصارى مرحبا ً‬ ‫بقدومهم إلى تلك البقعة الضيقة التي بقيت له‪ ،‬لتكون مرتعا ً خصبا ً لعلوج‬ ‫الصليب‪ ،‬يستخدمونها كمنطلق غاشم للتنكيل بأبناء اإلمارة اإلسالمية‪ ،‬ولم‬ ‫يكتف ورثة الردة بذلك بل شاركوا الغزاة قتلهم أبناء التوحيد‪ ،‬وتفننوا في ذلك‬ ‫أيمَّ ا تفنن(((‪ ،‬فسحقا ً لذاك التحالف‪ ،‬وملن شايعه‪ ،‬وأيده‪ ،‬ونصره ثم سحقا‪ ...‬وخير‬ ‫من يشهد على عمالتهم رئيس هيئة األركان املشتركة في اجليش األمريكي‬ ‫«ريتشارد مايرز»‪ ،‬الذي يقول في معرض جوابه على سؤال حافظ امليرازي مقدم‬ ‫برنامج « لقاء خاص «‪ ( -:‬كما تعلمون فإن هذه احلرب هي ضد اإلرهاب ومن‬ ‫يدعمون اإلرهابيني‪ ،‬ونعتقد أن اخلطة تتقدم إلى حد كبير كما توقعنا لها‪،‬‬ ‫وميكنني القول إلى حد اآلن‪ :‬أننا كنا ناجحني في حتقيق أهدافنا‪ ،‬فقد كان اجلزء‬ ‫األول من اجلهد موجها ً ضد الدفاعات اجلوية لطالبان‪ ،‬و قد أحلقنا الضرر بها أو‬ ‫دمرناها إلى احلد الذي يجعلنا قادرين على الطيران بحرية فوق البالد‪ ،‬ونحن اآلن‬ ‫نوجه دعمنا لقوات املعارضة‪ ،‬ومنكنهم من القتال ضد طالبان‪.‬‬ ‫حافظ امليرازي‪ :‬ما طبيعة وجودكم هناك‪..‬؟ لقد أكدمت في البنتاجون وجود‬ ‫قوات أميركية على أرض أفغانستان‪ ،‬هل ميكنك إلقاء مزيد من الضوء على هذا‬ ‫الوجود‪.‬؟‬ ‫ريتشارد مايرز‪ :‬ال أستطيع تسليط املزيد من الضوء أكثر مما قد سبق قوله‪،‬‬ ‫ولكن لنا قوات أميركية على األرض منذ عدة أيام مع حتالف الشمال‪ ،‬وكمنسقني‬ ‫‪ -  4‬تقول نيوزويك األمريكية ‪ ( :‬كانت الضربات اجلوية األمريكية السبب الرئيسي خلف انتصارات حتالف الشمال‪ .‬باستثناء‬ ‫املقاومة في قندوز التي حوصرت وقطعت عنها اإلمدادات‪ ،‬لم يجابه جنود طالبان خصومهم ويحاربوا بل انسحبوا بكل‬ ‫بساطة في ظل قصف عنيف‪ .‬وهذا كالذي حصل في هيرات هذه املدينة الغربية التي يحكمها اليوم سيدا حرب أحدهما‬ ‫سني واآلخر شيعي في ظل أجواء من التوتر‪ ،‬مثلما كان األمر في كابل نفسها ‪ ،‬في الواقع‪ ،‬في الكثير من احلاالت‪ ،‬كان‬ ‫القتال اجلدي الوحيد الذ ي خاضته قوات حتالف الشمال هو ضد سجناء عزل من حركة طالبان واملقاتلني األجانب الذين مت‬ ‫التنكيل بهم ورميهم بالرصاص وهؤالء هم الضحايا احملظوظون‪ .‬فقد مت العثور على جثث كثيرة جلنود طالبان مسلوخة‬ ‫فروات رؤوسها أو مشوهة‪ ) .‬انظر موقع ‪www. Drasat.com /‬‬

‫‪84‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ينارصنلا برغلل يلامشلا فلاحتلا ةلامع راهظإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫مع حتالف الشمال مهمتهم األساسية هي تقدمي االستشارات ومحاولة دعم‬ ‫التحالف بالضربات اجلوية بالطريقة املناسبة‪ ،‬أفراد هذه القوات األميركية‬ ‫مدربون خصيصا ً على كيفية إدخال القوات اجلوية إدخالها في الصراع بالطريقة‬ ‫املناسبة‪ ،‬وهذا ما يقومون به‪ ،‬ونعتقد أنه سيكون لنا تأثير كبير على قدرة حتالف‬ ‫(((‬ ‫الشمال للقيام بدوره في هذه احلرب ضد طالبان‪).‬‬

‫‪ -  5‬قناة اجلزيرة برنامج « لقاء خاص « السبت ‪1422/9/2‬هـ املوافق ‪2001/11/17‬م‪،‬‬

‫‪85‬‬


‫آثارها احلميدة في إظهار رجاالت األمة‬ ‫الصادقني وسادتها املنتظرين‬

‫مما ال يشك فيه عاقل وال يجادل فيه مجادل‪ ،‬أن لألحداث العظام واألمور‬ ‫اجلسام‪ ،‬دورا ً بارزا ً في إظهار حقيقة الرجال‪ ،‬واإلفصاح عن معدنهم‪ ،‬وكشف‬ ‫مكنونات صدورهم‪ ،‬وملا أن كان األمر كما ذكرنا‪ ،‬فقد كان لواقعة احلادي عشر‬ ‫من سبتمبر وما تبعها من أحداث تشيب لهولها مطالع الرضع من األطفال‪ ،‬أثرا ً‬ ‫بالغا ً على رجاالت األمة‪ ..‬فقد أبرزت تلك األحداث رواد األمة الصادقني‪ ،‬وسادتها‬ ‫املنتظرين‪ ،‬وأمراءها املرتقبني القادمني بتوجيه القرآن وقوة السيف(((ليأخذوا‬ ‫بيدها ويسودوها عرش البشرية‪ ،‬الذي اغتصبه املتألهون من البشر‪.‬‬ ‫أجل لقد أبرزت الغزوة احملمدية رواد األمة‪ ،‬وسطرت أسماءهم‪ ،‬وأظهرت‬ ‫صفاتهم‪ ،‬فهم الذين استعلوا بإميانهم فلم تلن لهم قناة لكافر حقود أو مرتد‬ ‫حسود‪ ...‬وهم الذين استعصوا على الترويض‪ ،‬ولم يقبلوا االحتواء‪ ...‬وهم الذين‬ ‫سموا مببادئهم فلم يخضعوا مليزان البيع والشراء الذي يغلف واقع البشرية‬ ‫النكد‪ ...‬وهم الذين ارتضوا العيش بعزة فوق أفواه بنادقهم‪ ،‬وركلوا بأقدامهم‬ ‫العارية الراحة والدعة والرتوع بذلة حتت أقدام الصليبيني‪ ...‬فهذا أمير املؤمنني‬ ‫املال محمد عمر – حفظه اهلل – يضرب أروع األمثلة بالصدق والثبات على احلق‪،‬‬ ‫ويأبى كل اإلباء أن يُسلم حفنة من وجوه اخلير املهاجرة إلى حمى ملكه لكافر‬ ‫صليبي‪ ،‬ولو كان الثمن عرش إمارته‪ ،‬وصوجلان حكمه(((‪.‬‬ ‫‪ -  1‬كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ( :‬قوام الدين‪ :‬قرأن يهدي وسيف ينصر‪.).‬‬ ‫‪ -  2‬تأمل يا أخا التوحيد يرعاك اهلل هذا املوقف العظيم‪ ،‬وقارنه مبواقف طواغيت املسلمني من عرب وعجم‪ ،‬وكيف تسابقهم‬ ‫للركوع حتت أقدام الصليبيني لينالوا رضاهم‪!.‬‬

‫‪86‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫رظتنملا اهتداسو نيقداصلا ةمألا تالاجر راهظإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫يقول هذا الرجل األمة‪ ( :‬ألن يكتب التاريخ ويشهد لنا املسلمون بأننا قتلنا‬ ‫في سبيل اهلل على مبادئنا اإلسالمية وعقيدتنا اخلالدة‪ ،‬خير لنا عند اهلل من‬ ‫أن يكتب التاريخ ويشهد علينا املسلمون بأننا عشنا في صحة ونعمة بعد أن‬ ‫غيرنا مبادئنا وتنازلنا عن راية اجلهاد‪ ،‬ومن كان يظن أن الدولة اإلسالمية ستنعم‬ ‫بالسيادة من غير ابتالء ومتحيص فهو جاهل ال يعرف سيرة النبي صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪.)..‬‬ ‫ويقول في موطن آخر‪ ( :‬لو لم يبق في أفغانستان إال دمي ملنعت أسامة‬ ‫بن الدن واجملاهدين العرب وما أسلمتهم‪.)..‬‬ ‫ويقول هذا اجلبل األشم‪( :‬أنا أفكر في وعدين‪ :‬وعد اهلل‪ ،‬ووعد بوش‪،‬‬ ‫وبالنسبة لوعد اهلل فهو أرحب وأكثر حماية من أي تهديد في الدنيا‪ ،‬وأما وعد‬ ‫بوش فهو زائل مهما طالت عواقب عدم تنفيذه‪.)..‬‬ ‫فأي إميان ذاك الذي يعتمل صدرك‪ ،‬وأي كرامة تلك التي تكنها في قلبك‪،‬‬ ‫وأي رجولة قد حباك اهلل إياها يا ابن الكرام‪ ،‬واهلل إنها ملواقف ال تذكرنا سوى بذاك‬ ‫اجليل الذي تربى على عني محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ...‬وإنها لصور مشرقة‬ ‫ستبقى بقاء الدهر ومضات ربانية يسترشد بها الرجال والرجال فقط(((‪.‬‬ ‫وهذا الشيخ املهاجر اجملاهد أسامة بن الدن‪ ،‬وقد حمل على كاهليه‬ ‫هم األمة املكلومة يعلنها مزلزلة في وجه كل طاغوت متجبر‪ ،‬رغم تكالب أمم‬ ‫َّ‬ ‫الشر قاطبة لتنال منه‪ ( :‬أن ال أمن وال آمان ألبناء التثليث النصراني فوق هذه‬ ‫البسيطة‪ ،‬ما لم ينعم به املوحدون في فلسطني وغيرها من بالد املسلمني‪.)..‬‬ ‫نعم هؤالء هم رجال األمة – ومن اقتفى أثرهم – ثبتوا على مبادئهم يوم‬ ‫أن تراجع املدَّعني لهول اخلطب‪ ..‬وتقدموا لساح املنايا وبحر احلتوف يوم أن ظن َّ‬ ‫بأرواحهم عشاق الدنيا‪ ..‬وسارعوا لنصرة كتاب ربهم وسنة نبيهم‪ ،‬يوم أن تخاذل‬ ‫علماء السوء‪ ،‬وأحبار الفضائيات ممن ملؤا الدنيا بضجيج صراخهم‪.‬‬ ‫‪ -  3‬وملن أراد أن يستزيد عن هذا األمة فعليه مبقال « الرجل العمالق‪ ،‬أمير املؤمنني « لكاتبه الشيخ حسني بن محمود‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫يقول مايكل شاور(((‪ ( :‬ال أعتقد أن أسامة بن الدن ظهر من فراغ‪ ،‬فيبدوا أنه‬ ‫مخلص‬ ‫يعمل في سياق التاريخ اإلسالمي‪ ،‬وهو رجل ٌ حسب تقديري على األقل‬ ‫ٌ‬ ‫في إميانه الديني‪ ،‬وهو في احلقيقة يقوم بدور من يدافع عن دينه‪ ،‬وقد نختلف‬ ‫معه في ذلك‪ ،‬أو رمبا نحتاج إلى قتله‪ ،‬إذ أنه أعلن احلرب ضد الواليات املتحدة‪ ،‬لكن‬ ‫أعتقد أنه من اخلطأ مبكان أن ال نأخذ كالمه على قيمته‪ ،‬وأيضا ً ننكر الدور الذي‬ ‫ً (((‬ ‫يلعبه الدين في حياته وفي دوافعه أيضا‪)..‬‬ ‫ويقول هذا الرجل في موطن آخر‪ ( :‬بن الدن رجل عظيم‪ ،‬ألنّه أث ّر على مجرى‬ ‫التاريخ وأضاف‪ :‬يجب احترام أسامة بن الدن حتى ال يتسبب في قتل املزيد‬ ‫من األمريكيني‪ ..‬ويقول‪ :‬أعتقد أن قادتنا خالل السنوات العشر األخيرة أضروا‬ ‫بالشعب األمريكي مبواصلتهم نعت ابن الدن باللص‪ ،‬واجملرم واإلرهابي‪ ،‬وطاملا أنّنا‬ ‫(((‬ ‫ال نحترمه فسنموت بأعداد كبيرة‪ ،‬وسنخسر احلرب على اإلرهاب‪).‬‬

‫‪ -  4‬وهو ضابط سابق في وكالة االستخبارات املركزية األمريكية ‪ CIA‬و كان يعمل على مطاردة بن الدن منذ منتصف‬ ‫الثمانينات‪ ،‬وقد ترأس بني ‪ 1996‬و‪ 1999‬وحدة خاصة مكلفة مبطاردة أسامة بن الدن‪ ،‬وهي على حد تعبيره الوحدة الوحيدة‬ ‫اخملصصة ملالحقة شخص واحد في الـ>سي أي إيه>‪ ،‬وصاحب كتاب <العجرفة اإلمبريالية‪.‬‬ ‫‪ -  5‬انظر كالمه في برنامج‪« :‬سري للغاية» ولقائه مع مقدمه يسري فوده‪.‬‬ ‫‪ -  6‬انظر موقع العصر مقال بعنوان « بعد أربع سنوات من هجمات نيويورك وواشنطن‪ :‬القاعدة بعيون غربية « بقلم علي‬ ‫حسني باكير‬

‫‪88‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يكيرمأ ةعينص ندال نب ةماسأ خيشلا نأ قافنلا قاوبأ ةبذك دأو يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في وأد كذبة أبواق النفاق أن‬ ‫الشيخ أسامة بن الدن صنيعة أمريكية‬

‫بث سمها في جسد األمة احملمدية‪،‬‬ ‫لغرض خبيث درجت أبواق النفاق على ِّ‬ ‫مشككة بشيخ اجلهاد أسامة بن الدن – حفظه اهلل – فتارة ترميه بالعمالة‬ ‫ألبناء الصليب األمريكي‪ ،‬وتارة أخرى تصفه بأنه صنيعة االستخبارات األمريكية‬ ‫‪ ،CIA‬صنعته على عينها ليكون ستارا ً ملكر خبثها تستخدمه متى شاءت‪،‬‬ ‫لتنفيذ مآرب شتى يربوا إليها صنَّاع القرار في البيت األبيض األمريكي(((وهكذا‬ ‫دواليك‪.‬‬ ‫ومضت األيام واحلال كما ذكرنا‪ ،‬وأتباع كل ناعق يصفقون فرحني بتلك‬ ‫ال ُّترهات‪ ،‬حتى جاء اليوم املوعود الذي غزا فيه جند أسامة معقل الشيطان في‬ ‫األرض « أمريكا «‪ ،‬وأتوا على رموز شره‪ ،‬وأبادوا خضراء مجده‪ ،‬وأوقعوا فيه من‬ ‫اخلسائر ما لم يحط به مدقق حساب‪ ،‬وخبير جمع واستقصاء‪ ،‬وعلى أصداء تلك‬ ‫‪ -  1‬يقول الشيخ اجملدد أبو محمد املقدسي ‪ -‬فرج اهلل كربه ‪ ( :-‬قليل هم أولئك الذين يدركون حقيقة منهج هذا الدين‬ ‫العظيم وحجم تكاليفه‪ ،‬فعندما خلق اهلل اجلنة والنار وبعث جبريل ليراهما ورأى اجلنة وما فيها من نعيم للوهلة األولى‬ ‫قال‪ ( :‬واهلل يا رب لم يسمع بها أحد قط إال دخلها‪ ،‬فلما أن رآها بعد ذلك قد حفت باملكاره قال‪ ( :‬واهلل يا رب خشيت أن‬ ‫ال يدخلها أحد)‪ .‬فالطريق الذي أراده اهلل أن يوصل إلى اجلنة ليس مزروعا ً بالورود والرياحني‪ ..‬كال بل هو محفوف باملكاره‬ ‫واالبتالءات واألذى والدماء‪ ..‬ولو كان أحد يدخل اجلنة دون سلوك هذه الطريق لكان أولى الناس به رسل اهلل وأنبياؤه‬ ‫الذين اصطفاهم اهلل من خيرة خلقه‪..‬فقد أوذوا وشوهوا وكذبوا‪ ..‬فصبروا على ما كذبوا حتى أتاهم نصر اهلل وال مبدل‬ ‫لكلمات اهلل‪..‬وهذه احلقيقة يعرفها كل عاقل درس منهج األنبياء وتاريخ الدعوات‪ ....‬فالذين يحلمون أن يكونوا من ورثة‬ ‫األنبياء ثم يبحثون عن رضى الناس أو احلكومات لم يفقهوا حقيقة هذا املنهاج‪ ..‬إن األنبياء جاءوا ليقلبوا أوضاع أقوامهم‬ ‫املنكوسة رأسا ً على عقب ال لينخرطوا فيها ويرقعوها بدعاوى اإلصالح فإن داء الشرك ال يصلحه إال االستئصال من‬ ‫اجلذور‪ ..‬ولذلك عودوا وأوذوا هم وأتباعهم‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫الغزوة املباركة‪ ،‬وحتت حطام شوامخ محاربة اهلل في األرض‪ ،‬اندثرت معالم تلك‬ ‫املقولة املشككة في الشيخ وجهاده‪ ،‬وغدت في أذهان الكثيرين ممن أنار اهلل‬ ‫بصيرتهم‪ ،‬أضحوكة‪ ،‬يتسامر بها الركبان‪ ،‬وأحدوثة يتندر بها من فتح اهلل عليه‬ ‫وأبصره طريق احلق وسبيل الرشد‪.‬‬ ‫يقول الدكتور هاني السباعي مدير مركز املقريزي للدراسات التاريخية‬ ‫في معرض رده على سليم نصار‪ ( :‬من الذي قال هذا‪..‬؟ هذا الرجل لم وليس‬ ‫لألمريكان هؤالء دخل ال من قريب وال بعيد لهذا الرجل‪ ،‬هذا الرجل تربى في أرض‬ ‫احلرمني‪ ،‬وكان خريج كلية االقتصاد‪ ،‬ورجل أعمال ومن أسرة مشهورة‪ ،‬ثم سافر‬ ‫للجهاد فقط لنداء اجلهاد‪ ،‬وإال لو كان يريد ‪ CIA‬وال غير ذلك ملاذا يلجأ إلى هذا‬ ‫الطريق‪..‬؟ ملاذا يضحي بنفسه ومباله‪..‬؟ ملاذا يزهد في هذا‪..‬؟‬ ‫ال‪ ..‬ال‪ ..‬ال‪ ،‬البد أن تراجع نفسك‪ ،‬ألن هذه تهمة‪ ،‬لو أن الرجل موجود‪ ..‬لو أن‬ ‫الرجل موجودٌ اآلن ملا استطعت أن تتهمه هذه التهمة‪ ،‬هذه تهمة خطيرة‪ ،‬يجب‬ ‫أن تراجع نفسك يا أستاذ سليم‪ ،‬يجب أن تراجع نفسك )(((‪.‬‬ ‫وإلى هذا املشكك وأمثاله‪ ،‬أورد لهم قول مدير وحدة مالحقة الشيخ‬ ‫أسامة بن الدن‪ ،‬في وكالة االستخبارات املركزية األمريكية (مايكل شوير)‪ ،‬هذا‬ ‫اجلواب الكافي الذي جاء في سياق رده على أسئلة يسري فوده في برنامج‪( ،‬سري‬ ‫للغاية)‪:‬‬ ‫يسري فوده‪ :‬كثيرون يعتقدون بالنظر لتاريخ بن الدن مع وكالة االستخبارات‬ ‫األمريكية أثناء اجلهاد ضد االحتالل السوفياتي ألفغانستان العالقة اخلاصة‬ ‫التي يتمتع بها وقتها مع اخملابرات األمريكية‪ ،‬يتساءل الكثيرون رمبا هذه العالقة‬ ‫اخلاصة بشكل أو بآخر وإن كان شابها بعض التوترات‪..‬؟‬ ‫مايكل شوير‪ :‬بإمكاني أن أقول لك سيد فوده بأننا لم نكن على أي اتصاالت‬ ‫‪ -  2‬انظر برنامج أكثر من رأي « تفجيرات الرياض والدار البيضاء» بتاريخ ‪2003/05/23‬م‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يكيرمأ ةعينص ندال نب ةماسأ خيشلا نأ قافنلا قاوبأ ةبذك دأو يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫مع بن الدن أثناء احلرب ضد السوفيات بن الدن لم يكن لديه اهتمام بالتحدث‬ ‫لألمريكيني كان لديه مصادر متويله اخلاصة‪ ،‬ومصادر احلصول على السالح‬ ‫اخلاص به واجملندين أيضاً‪ ،‬وكان واضحا ً في تلك املرحلة أنه اعتبر الواليات املتحدة‬ ‫باعتبارها شرا ً يأتي باملرتبة الثانية فقط بعد االحتاد السوفياتي‪ ،‬هناك أناس‬ ‫كثيرون في الواليات املتحدة واإلعالم‪ ،‬يعتقدون أن هناك عالقة ما‪ ،‬وأن السي آي‬ ‫إيه قد مولت أو جندت أسامة بن الدن من وجهت نظري ومن خالل معرفتي ال‬ ‫صحة لذلك أبداً‪.)..‬‬

‫‪91‬‬


‫آثارها احلميدة في إظهار صدق‬ ‫اجملاهدين وأنهم إذا قالوا فعلوا‬

‫على غير عادة املمالك والدول واجلماعات‪ ،‬سواء القومية منها كان أو‬ ‫البعثية‪ ،‬أو االشتراكية أو غيرها من ذات التوجه غير اإلسالمي اجلهادي‪ ،‬والتي‬ ‫اشتهرت وعلى مر السنني بإطالقها للتصريحات النارية‪ ،‬والتهديدات املرعبة‬ ‫اخمليفة خلصومها‪ ،‬برز تنظيم قاعدة اجلهاد ومتيز عن غيره بصدق دعواه‪ ،‬وجدية‬ ‫تهديداته وتنفيذ توعداته‪ ،‬فإذا قال التنظيم فعل‪ ،‬وإذا وعد أجنز بحول اهلل‬ ‫وقوته‪ ،‬ولقد أثبت الواقع صدق ما سطرناه‪ ،‬فلم ميض سوى القليل على تهديد‬ ‫الشيخ اجملاهد أسامة بن الدن‪ ،‬حتى كانت غزوتا نيروبي ودار السالم‪ ،‬لتتبعها‬ ‫بعد سنتني غزوة عدن البحرية‪ ،‬وما هو سوى َحوْ ٍل حتى توج اجملاهدون صدقهم‪،‬‬ ‫وأنفذوا وعدهم‪ ،‬وغزوا اإلمبراطورية املتهالكة « أمريكا « في عقر دارها‪ ،‬وضربوها‬ ‫في صميم كبريائها‪ ،‬ومركز شموخها‪ ،‬ولم ميض سوى ثالثة أعوام حتى عرض‬ ‫الشيخ اجملاهد أسامة الهدنة على ورثة الروم‪ ،‬الذين ركبوا موجة مرشدتهم إلى‬ ‫اجلحيم واخلراب أمريكا الصنم‪ ،‬وأخذتهم العزة باإلثم‪ ،‬لتكون غزوة لندن التي‬ ‫أصابت احلية الرقطاء « بريطانيا « في مقتل‪ ،‬لتنتكس أجهزتها األمنية والى‬ ‫األبد‪ ...‬فلله احلمد واملنة الذي جعل في هذه األمة‪ ،‬وفي هذا الزمان الغريب‪ ،‬من‬ ‫إذا قال فعل‪ ،‬وإذا وعد أجنز وإذا هدد نفذ‪...‬‬ ‫وال أدل على صدق ما سطرناه من قول زعيم الصليبية البائس جورج‬ ‫دبليوا بوش حال سماعه إلحدى خطابات الشيخ أسامة‪ ( :‬إن واشنطن تأخذ‬ ‫الرسالة الصوتية اخلاصة بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن الدن علي محمل‬

‫‪92‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫اولعف اولاق اذإ مهنأو نيدهاجملا قدص راهظإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫اجلد‪ ..‬وأضاف‪ :‬لكننا يجب أن نعي بأن مضمونها يؤكد لنا وألصدقائنا وحلفائنا‬ ‫أن هناك عدوا ً خطيرا ً ميقتنا ومستعد أن يرتكب جرائم قتل لتحقيق أهدافه‪.)..‬‬ ‫وفي حوار مرئي أجراه بوب شيفر‪ ،‬ممثل شبكة األخبار األمريكية ‪CBS‬‬ ‫مع مايكل شوير‪ ،‬الرئيس السابق لوحدة تعقب بن الدن‪ ،‬التابعة جلهاز اخملابرات‬ ‫األمريكية ‪ ،CIA‬أقر َّ مايكل شوير بأن الشيخ أسامة إذا قال فعل‪-:‬‬ ‫شيفر‪ :‬ما هي مدى خطورة كلمات بن الدن في رأيكم‪...‬؟‬ ‫شوير‪ :‬خطيرة جدا وال بد من أخذها بجدية‪ ،‬فقد سبق أنه وجه خطابا‬ ‫شبيها منذ عامني إلى شعوب أوروبا‪ ،‬وعرض عليهم هدنه مماثلة‪ ،‬إال أنهم لم‬ ‫يعيروا كلماته أي انتباه‪ ،‬فقام مبهاجمة لندن مرتني‪ ،‬أن بن الدن رجل مميت في‬ ‫جديته‪ ،‬وليس عنده وقت للهراء‪ ،‬ولقد تعودنا منه في العشرة أعوام املنصرمة‪،‬‬ ‫أنه يفعل ما يقول‪ ،‬وذلك بنسبة تقرب من ‪ ،100%‬إن تهديدات أمثال صدام أو‬ ‫دولة إيران‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬ال تعني شيء‪ ،‬فهؤالء ال يستطيعون مساسنا‪ ،‬أما‬ ‫اجلهة الوحيدة القادرة على ضربنا في عقر دارنا مرة تلو األخرى‪ ،‬فهي القاعدة وال‬ ‫بد من أخذ كلمات بن الدن على أعلى محمل من اجلدية‪.((()..‬‬

‫‪ -  1‬انظر شبكة ‪ CBS‬اإلخبارية‪.‬‬

‫‪93‬‬


‫آثارها احلميدة في القضاء على‬ ‫مفهوم التعايش السلمي بني األديان‬ ‫لقد أحيت أحداث يوم الثالثاء املبارك في وجدان األمة اإلسالمية‪ ،‬مشاعر‬ ‫العداء والبغضاء لألمم الكافرة على اختالف معبوداتها‪ ،‬وأوجدت في نفوسهم‬ ‫معاني الوالء للمؤمنني والبراءة من الكافرين‪ ،‬هذه املعاني اجلليلة القدر‪ ،‬العظيمة‬ ‫صلب عقيدة التوحيد‪ ،‬التي ما فتئ أعداء هذا الدين من‬ ‫األصل التي هي من ُ‬ ‫مرتدين خونة‪ ،‬ويهود نقمة‪ ،‬ونصارى حقدة‪ ،‬ومالحدة مبغضة‪ ،‬وعصرانيني ضللة‪،‬‬ ‫يوصلون الليل بالنهار جاهدين يعملون من أجل طمسها في النفوس‪ ،‬ومتييعها‬ ‫في األذهان‪ ،‬وتفريغها من محتواها‪ ،‬وجعلها من املاضي السحيق التي شرب‬ ‫عليها الدهر وأكل‪ ،‬ولم يعد من املمكن اإلميان بها والعمل مبقتضاها في واقع‬ ‫احلياة العصري‪ ...‬نعم لقد عملت القوى الشيطانية على طمس تلك املعاني‬ ‫الربانية‪ ،‬واستبدالها مبفهوم التعايش السلمي بني األديان‪ ،‬واحلوار بني احلضارات‪،‬‬ ‫والتقارب بني األديان‪ ،‬ونشر مذهب غاندي‪ ،‬والترويج لفكرة امللة اإلبراهيمية‬ ‫لتقارب األديان(((‪ ،‬وإنشاء املؤسسات وإقامة املراكز وعقد الندوات(((‪ ،‬للترويج لتلك‬ ‫‪ -  1‬فهذا فهمي هويدي وكتاباته وأفكاره التي تقطر ضالالً‪ ،‬يقول هذا العصراني‪( :‬وحدة األصل اإلنساني ثابتة في نصوص‬ ‫القرآن الكرمي‪ ،‬واملساواة واألخوة بني بني البشر‪ ،‬والقداسة التي أحيطت بها كرامة اإلنسان بصرف النظر عن دينه أو‬ ‫جنسه من األمور الثابتة في نصوص القرآن والسنة‪ ،‬أما التفاضل بني الناس في اآلخرة فله معايير أخرى‪ ..‬ويقول‪ :‬إن‬ ‫األمر الهام هو أن حقوق اإلنسان وحرياته األساسية واملساواة بني البشر جميعاً‪ ،‬هذا كله مقرر في اإلسالم على أساس‬ ‫العقيدة‪ ،‬وليس من مسائل االجتهاد والنظر‪ ..‬وأضاف‪ :‬إن التفرقة بني البشر فيما هو دنيوي حسب اعتقادهم أو جنسهم‬ ‫أو لونهم ليس من منهج القرآن في شيء‪ ،‬إذ القاعدة هي املساواة‪ ،‬واجلميع في ديار اإلسالم أمة واحدة‪ ،‬واخللق كلهم‬ ‫نفس واحد ٍة « بالتعبير القرآن‪ ..‬ويقول في موطن أخر‪ :‬إن‬ ‫(عيال اهلل) بالتعبير النبوي‪ ،‬فضال ً عن أن الناس خلقوا « من ٍ‬ ‫املسلمني في لغة القرآن الكرمي هم املؤمنون باهلل الواحد‪ ،‬وليسوا أتباع دين خاص‪ ،‬كما يقرر الشيخ محمد دراز في كتابه‬ ‫الهام حول « الدين» )‪ .‬ويقول العصراني محمد شلتوت‪ ،‬في كتابه « اإلسالم عقيدة وشريعة « واصفا أبناء الكفر‪ ( :‬إنهم‬ ‫إخوان اإلنسانية)‪ .‬انظر كالمهم في كتاب‪ « :‬نظرات شرعية في فكر منحرف « ‪ /‬لسليمان بن صالح اخلراشي «‪.‬‬ ‫‪ -  2‬ومن ذلك مؤسسة « الفكر العربي «‪ ،‬القائم على شؤونها األمير السعودي خالد الفيصل‪ ،‬والذي حدد بدوره الهدف منها‬

‫‪94‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫ايدألا نيب يملسلا شياعتلا موهفم ىلع ءاضقلا يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫املسميات التي ما أنزل اهلل بها من سلطان‪ ،‬وال متت إلى اإلسالم بصلة‪ ،‬بل هي‬ ‫مناقضة كل التناقض ومصادمة كل التصادم مع عقيدة التوحيد‪ ،‬القائمة على‬ ‫(((‬ ‫الوالء للمؤمنني والبراءة من الكافرين‪.‬‬ ‫بقوله في معرض جوابه على سؤال « صالح اإلدريسي «‪-:‬‬ ‫خالد‪ :‬برأيي أن من أهم ما يجب أن يتناوله اخلطاب اجلديد للفكر العربي‪-:‬‬ ‫ أن في موروثنا ثوابت عقدية ال ميكن مراجعتها‪ ،‬وثوابت أخرى سلوكية ال بد من مراجعتها على ضوء تطورات العصر‬‫ومقتضياته‪ ،‬وليس كل الذي عند اآلخر مرفوضة ومفهوم االختالف ال يعني مفهوم املفاضلة‪.‬‬ ‫ أن ا إلسالم دين السالم‪ ،‬يجرم قتل نفس واحدة بغير حق‪ ،‬إلى حد اعتبار اجلاني وكأنه قتل الناس جميعا‪ ،‬فإذا شذ عن‬‫تعاليمه نفر من أتباعه فإن احلكم يجري على القاعدة ال على االستثناء‪.‬‬ ‫البد من التعايش بني سكان الكوكب الواحد على أساس االحترام املتبادل والعدل‪ ،‬وعلى ضوء املصالح املتبادلة والقواسم‬ ‫املشتركة وفشل خيار السالم الذي تلتزمه األمة العربية بحكم شريعتها يهدد بضربة قاصمة لالستقرار العاملي وا‬ ‫حلضارة اإلنسانية كلها‪.‬‬ ‫ على العرب استئناف دور الشريك في احلضارة اإلنسانية املعاصرة بإنتاج التقنية وانتهاج علوم العصر‪.‬‬‫تأكيد مشاركة املرأة العربية في التنمية طبقا ً لضوابط مستنيرة‪.‬‬ ‫انظر مجلة أهال ً وسهال ً التابعة للخطوط اجلوية السعودية ‪ /‬عدد ربيع األول ‪ 1423 /‬هـ‬ ‫م‬ ‫اء ب َ ْع ٍ‬ ‫آم ُنوا ال تَتَّ ِ‬ ‫اء ب َ ْع ُ‬ ‫خذ ُوا ال َْي ُهودَ وَالن َّ َ‬ ‫‪ -  3‬قال تعالى‪ ( :‬يَا أَي ُّ َها ال َّ ِذي َن َ‬ ‫م أَوْلِ َي ُ‬ ‫صارَى أَوْلِ َي َ‬ ‫ُم فَإِن َّ ُه ِمنْ ُه ْ‬ ‫م ِمنْك ْ‬ ‫ض وَ َمنْ ي َ َت َول َُّه ْ‬ ‫ض ُه ْ‬ ‫ِإنَّ اللهَّ َ ال ي َ ْه ِدي الْقَ وْ َم الظَّ المِ ِني َ )‪.‬‬ ‫م ِم َن الحْ َق ِّ‬ ‫آم ُنوا ال تَتَّ ِ‬ ‫وقال اهلل تعالى‪ ( :‬يَا أَي ُّ َها ال َّ ِذي َن َ‬ ‫م أَوْلِ َي َ‬ ‫م بِالمْ َ َود َّ ِة وَقَدْ كَفَ رُوا بمِ َا َج َ‬ ‫اء تُلْقُ و َن ِإل َْي ِه ْ‬ ‫خذ ُوا عَ ُدوِّي وَعَ ُدوَّكُ ْ‬ ‫اءكُ ْ‬ ‫للهَّ‬ ‫م بِالمْ َ َود َّ ِة‬ ‫يُ ْ‬ ‫َاء َمر ْ َ‬ ‫م ِج َهادا ً فِي َس ِبي ِلي وَابْتِغ َ‬ ‫ضاتِي ت ُ ِسرُّو َن ِإل َْي ِه ْ‬ ‫م َخر َ ْج ُت ْ‬ ‫ُم ِإ ْن كُنْ ُت ْ‬ ‫م أ َ ْن تُؤ ِْم ُنوا بِا ِ رَبِّك ْ‬ ‫خ ِر ُجو َن الر َّ ُسولَ وَ ِإيَّاكُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يل )‪.‬‬ ‫ضلَّ َس َو َاء َّ‬ ‫ُم فَقَ دْ َ‬ ‫م وَ َمنْ يَف َْعلْ ُه ِمنْك ْ‬ ‫م وَ َما أ ْع َلنْ ُت ْ‬ ‫َم بمِ َا أ ْخفَ ْي ُت ْ‬ ‫الس ِب ِ‬ ‫وَأَنَا أ ْعل ُ‬ ‫للهَّ‬ ‫م ن َ ُسوا ا َ‬ ‫م ِمنْ ب َ ْع ٍ‬ ‫ض يَأ ْ ُمرُو َن بِالمُْنْكَ ِر وَيَنْ َهوْ َن عَ ِن المْ َ ْعر ُ ِ‬ ‫وف وَيَقْ ِب ُ‬ ‫ات ب َ ْع ُ‬ ‫وقال اهلل تعالى‪ ( :‬المْ ُ َنافِقُ و َن وَالمْ ُ َنافِقَ ُ‬ ‫ضو َن أَي ْ ِدي َ ُه ْ‬ ‫ض ُه ْ‬ ‫م ِإنَّ المْ ُ َنافِ ِقني َ ُه ُم الْفَ اسِ قُ و َن)‪.‬‬ ‫َف َن ِس َي ُه ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫المْ‬ ‫المْ‬ ‫المْ‬ ‫المْ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫يم‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫وف‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫اء‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ات‬ ‫ن‬ ‫ْم‬ ‫ؤ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ْم‬ ‫ؤ‬ ‫و‬ ‫(‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال اهلل‬ ‫َ‬ ‫الصالةَ وَيُؤْتُو َن الزَّكَاةَ‬ ‫عَ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُ َ ِ َ ُ َ َ ْ َ ِ ُ ِ َ ُ ُ َ َّ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ْ ْ َ ُ‬ ‫للهَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫ُ‬ ‫يم)‪.‬‬ ‫يعو َن ا َ وَر َ ُسو َل ُه أو َل ِئ َ‬ ‫وَيُطِ ُ‬ ‫ك َس َير ْ َح ُم ُه ُم ا ُ ِإنَّ ا َ عَ ِزيز ٌ َح ِ‬ ‫ك ٌ‬ ‫ب واحد حقيقة اإلميان باهلل ومواالة‬ ‫قل‬ ‫في‬ ‫يجتمع‬ ‫ال‬ ‫(‪ ‬إنه‬ ‫القيم‪:‬‬ ‫ظالله‬ ‫في‬ ‫اهلل‪-‬‬ ‫رحمه‬ ‫–‬ ‫قطب‬ ‫سيد‬ ‫املعلم‬ ‫األستاذ‬ ‫يقول‬ ‫ٍ‬ ‫أعدائه الذين يُدعون إلى كتاب اهلل ليحكم بينهم فيتولون ويُعرضون‪ ..‬ومن ثم جاء هذا التحذير الشديد‪ ،‬وهذا التقرير‬

‫احلاسم بخروج املسلم من إسالمه إذا هو والى من ال يرتضي أن يحكم كتاب اهلل في احلياة‪ ،‬سواء كانت املواالة مبودة‬ ‫س ِم َن اللهَّ ِ فِي‬ ‫ون المُْؤ ِْم ِنني َ وَ َمنْ يَف َْعلْ ذَلِ َ‬ ‫القلب‪ ،‬أو بنصره‪ ،‬أو باستنصاره ) ال يَتَّ ِ‬ ‫خ ِذ المُْؤ ِْم ُنو َن الْكَافِ ِري َن أَوْلِ َي َ‬ ‫ك َفل َْي َ‬ ‫اء ِمنْ دُ ِ‬

‫َشيْ ٍء (آل عمران‪.28:‬‬

‫هكذا‪ ،‬ليس من اهلل في شيء ال في صلة وال نسبة وال دين وال عقيدة‪ ،‬وال رابطة وال والية‪ ،‬فهو بعيد عن اهلل‪ ،‬منقطع الصلة‬ ‫متاماً‪!..‬‬

‫وأول خطوة في الطريق هي متيز الداعية وشعوره باالنعزال التام عـن اجلاهلية تصورا ً ومنهجا ً وعمالً‪ ،‬االنعزال الذي ال يسمح‬ ‫بااللتقاء في منتصف الطريق‪ ،‬واالنفصال الذي يستحيل معه التعاون إال إذا انتقل أهل اجلاهلية من جاهليتهم بكليتهم‬ ‫إلى اإلسالم‪.‬‬

‫‪95‬‬


‫لقد جاءت غزوة الفرقان‪ ،‬لتقضي على أحالم الصليبيني وأذنابهم املرتدين‬ ‫ومفكريهم العلمانيني‪ ،‬الذين طاملا روجوا ملفهوم التعايش بني األديان‪ ،‬وأتت ‪-‬‬ ‫بفضل اهلل ‪ -‬على مخططاتهم اخلبيثة الرامية القضاء على ركن الوالء والبراء‪،‬‬ ‫وأبقت في الوقت نفسه على حالة العداء بني أبناء التوحيد وأبناء امللة النصرانية‪،‬‬ ‫وأججت من جديد جذوة الصراع بني فسطاط احلق وأتباعه‪ ،‬و معسكر الباطل‬ ‫وأشياعه‪.‬‬

‫ال ترقيع وال أنصاف حلول‪ ،‬وال التقاء في منتصف الطريق‪ ،‬مهما تزيت اجلاهلية بزي اإلسالم أو ادعت هذا العنوان‪.‬‬ ‫ومتيز هذه الصورة في شعور الداعية هو حجر األساس‪ ،‬شعوره بأنه شيء آخر غير هؤالء‪ ،‬لهم دينهم وله دينه‪ ،‬لهم طريقهم‬ ‫وله طريق‪ ،‬ال ميلك أن يُسايرهم خطوة واحدة في طريقهم‪ ،‬ووظيفته أن يسيرهم في طريقه هو بال مداهنة وال نزول عن‬

‫قليل من دينه أو كثير‪ ،‬وإال فهي البراءة الكاملة واملفاصلة التامة واحلسم الصريح‪ )..‬لكم دينكم ولي دين(‪.‬‬

‫إن املسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب‪ ،‬ولكنه منهي عن الوالء لهم مبعنى التناصر والتحالف معهم‪ ..‬وسذاجة أية‬ ‫سذاجة وغفلة أية غفلة أن نظن أن لنا وإياهم طريقا ً واحدا ً نسلكه للتمكني للدين أمام الكفار وامللحدين إذا كانت‬ ‫املعركة مع املسلمني‪!..‬‬ ‫فليس هناك جبهة تديَّن يقف معها اإلسالم في وجه اإلحلاد‪ ،‬هناك دين هو اإلسالم‪ ،‬وهناك ال دين‪ ،‬هو غير اإلسالم‪ ،‬ثم يكون‬ ‫هذا الالدين عقيدة أصلها سماوي ولكنها محرفة أو عقيدة أصلها وثني باقية على وثنيتها‪ ،‬أو إحلاد ينكر األديان‪ ،‬تختلف‬

‫فيما بينها كلها‪ ..‬ولكنها تختلف كلها مع اإلسالم‪ ،‬وال حلف بينها وبني اإلسالم وال والء‪!..‬‬ ‫إن اإلسالم يكلف املسلم أن يقيم عالقاته بالناس جميعا ً على أساس العقيدة‪ ،‬فالوالء والعداء ال يكونان في تصور املسلم‬ ‫وفي حركته على السواء إال في العقيدة‪ ،‬ومن ثم ال ميكن أن يقوم الوالء وهو التناصر بني املسلم وغير املسلم‪ ،‬إذ أنهما ال‬ ‫ميكن أن يتناصرا في مجال العقيدة‪ ،‬وال حتى أمام اإلحلاد مثال ً ـ كما يتصور بعض السذج منا وبعض من ال يقرأون القرآن‬ ‫ـ وكيف يتناصران وليس بينهما أساس مشترك يتناصران عليه‪..‬؟! فالذين يحملون راية هذه العقيدة ال يكونون مؤمنني‬ ‫بها أصـالً‪ ،‬وال يكونون في ذواتهم شيئا ً وال يحققون في واقع األرض أمرا ً ما لم تتم في نفوسهم املفاصلة الكاملة بينهم‬ ‫وبني سائر املعسكرات التي ال ترفع رايتهم‪)!..‬‬

‫‪96‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫خيراتلا ةياهن ةيرظن ىلع ءاضقلا يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في القضاء‬ ‫على نظرية نهاية التاريخ‬ ‫لقد سيطرت نظرية «نهاية التاريخ» التي صاغها املفكر األمريكي الشهير‬ ‫فرانسيس فوكوياما على عقول وأذهان الكثيرين من البشر‪ ،‬وخاصة في بالد‬ ‫الغرب النصراني‪ ،‬وأثارت حولها زوبعة إعالمية عاتية‪ ،‬وجدال ً عميقا ً بني املفكرين‬ ‫واملنظرين‪ ،‬وردود فعل عديدة من أطراف شتى‪ ...‬ولم يلبث صانعها أن جعل منها‬ ‫كتاباً‪ ،‬أكد فيه أن العالم قد وصل خط النهاية في تطوره‪ ،‬وأنه ال ميكن بحال‬ ‫من األحوال أن يأتي منظرو العالم ومفكروه بنظام خير من النظام الرأسمالي‬ ‫الغربي‪ ،‬خاصة بعد سقوط النظام الشيوعي االشتراكي‪ ،‬وأوجب هذا النصراني‬ ‫احملافظ على البشرية أن تتبنى هذا النظام‪ ،‬وتعمل جاهدة ساعية لتطبيقه‪،‬‬ ‫فهو قدر اإلنسانية املقدر عليها‪ ،‬وال بد أن تذعن له وحتيا حتت ظله والى األبد‪ ،‬وقد‬ ‫وافقه فيما ذهب إليه رأسهم األكبر جورج بوش فقال متبجحا ً مستعلياً‪ ( :‬أن‬ ‫أمريكا هي النموذج الوحيد الباقي على قيد احلياة للنجاح اإلنساني‪).‬‬ ‫ويقول ألبرت بيفريدج ممث ِّل والية (إنديانا) في مجلس الشيوخ األمريكي‪،‬‬ ‫مؤكدا ً كالم زعيمه‪ (:‬لقد جعل اهلل منَّا أساتذة العالم! كي نتمكن من نشر‬ ‫النظام حيث تكون الفوضى‪ ،‬وجعلنا جديرين باحلكم لكي نتمكن من إدارة‬ ‫ستعم العالم مرَّة أخرى البربرية‬ ‫الشعوب البربرية الهرمة‪ ،‬وبدون هذه القوة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫والظالم‪ ،‬وقد اختار اهلل الشعب األمريكي دون سائر األجناس كشعب مختار‪،‬‬ ‫يقود العالم أخيرا ً إلى جتديد ذاته‪.).‬‬ ‫وفيما أرباب هذه النظرية الباطلة اخلاطئة يخططون وبكل مكر‪،‬‬ ‫لتطبيقها واقعا ً حيا ً كما قال أحد مفكريهم‪( :‬كانت السياسة اخلارجية‬

‫‪97‬‬


‫األمريكية في اخلمسني سنة املاضية قد تكونت استجابة للتهديد الذي يطرحه‬ ‫خصوم هذه البالد‪ ،‬ففي كل عام منذ «بيرل هاربر» كانت أمريكا مشتبكة إما في‬ ‫حرب أو في مواجهة‪ ،‬واآلن ‪ -‬وألول مرة ‪« -‬بعد النظام العاملي اجلديد» منذ نصف‬ ‫قرن‪ ،‬حتظى الواليات املتحدة بالفرصة إلعادة تركيب سياستها اخلارجية متحررة‬ ‫من قيود احلرب الباردة وضغوطها)‪.‬‬ ‫وكما قال أيضا ً مفكرهم املشهور ويليام كريستول‪ ( :‬إذا لم تقم الواليات‬ ‫املتحدة بصياغة العالم على صورتها وشاكلتها هي‪ ،‬فسيقوم العالم بصياغتها‬ ‫على صورته وشاكلته هو‪.)..‬‬ ‫أقول‪ :‬فيما أولئك النفر في غيهم سادرون أتاهم أمر اهلل من حيث لم‬ ‫يحتسبوا‪ ،‬وكانت القاصمة التي قصمت ظهورهم‪ ،‬وسحقت نظريتهم‪ ،‬وشتت‬ ‫أفكارهم‪ ،‬ولم يعد كتاب «نهاية التاريخ «‪ ،‬وما ُسطر فيه من نظريات وفرضيات‪،‬‬ ‫بعد احلادي عشر من سبتمبر يساوي ثمن احلبر الذي كُتب فيه‪...‬‬ ‫فقد أظهرت تلك الغزوة املباركة طرف صراع جديد مع الغرب النصراني‬ ‫صاحب النظام الرأسمالي‪ ،‬طرف ذو طبيعة خاصة‪ ،‬له قوانينه وتشريعاته‬ ‫وأبجدياته وثوابته وقطعياته‪ ،‬التي يستمدها من كتاب ربه وسنة نبيه صلى‬ ‫صعب شديد املراس‪ ،‬ال يقبل املساومة على مبادئه‪ ،‬قادم‬ ‫اهلل عليه وسلم‪ ..‬طرف‬ ‫ٌ‬ ‫لي َحك َِّم شريعة اهلل‪ ،‬ويعيد مجد أمته‪ ،‬ويهدم ما يسمى باحلضارة‬ ‫وبكل قوة‪ُ ،‬‬ ‫الغربية املستعبدة البشر‪ ،‬القائمة على قانون الغاب‪ ،‬القوي فيها يأكل الضعيف‬ ‫والبقاء لألقوى(((‪..‬‬ ‫‪ -  1‬يقول ستيفن إيه دوجالس في مجلس الشيوخ األمريكي عام ‪1858‬م‪ (:‬إنَّ أمريكا أ َّمة شابة نامية‪ ،‬تعج مثل خلية‬ ‫النحل‪،‬وكما أنَّ النحل في حاجة إلى اخلاليا ليتجمع وينتج العسل‪ ،‬أقول لكم‪ :‬إنَّ التكاثر والتضاعف والتوسع هو قانون‬ ‫وجود هذه األمة)‪.‬‬

‫ويقول السيناتور هارت بنتون في خطاب ألقاه أمام مجلس الشيوخ عام‪1846‬م‪ ( :‬إنَّ قدر أمريكا األبدي هو الغزو والتوسع‪،‬‬ ‫وتضمها إليها‪ ،‬أرضا ً بعد‬ ‫ثم ابتلعت كلَّ احلبال‪ ،‬فهكذا ستغزو أمريكا األراضي‪،‬‬ ‫إن َّها مثل عصا هارون التي صارت أفعى‪َّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫أرض‪ ،.‬ذلك هو قدرها املتجلي‪ :‬أعطها الوقت‪ ،‬وستجدها تبتلع‪ ،‬كلَّ بضع سنوات مفازات بسعة معظم ممالك أوروبا‪ ،‬ذلك‬

‫هو معدَّل توسعها‪ .)...‬ويقول املؤرخ ريتشارد إمييرمان‪ (:‬القوَّة واألمن األمريكيني يعتمدان بشكل أساسي على احلصول‬

‫‪98‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫خيراتلا ةياهن ةيرظن ىلع ءاضقلا يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫نعم‪ :‬جاءت الغزوة لتقول للدنيا ومن يحيا فوق ثراها‪ ،‬أن هناك طائفة من‬ ‫أبناء التوحيد قادمة بالسيف‪ ،‬لتحطم قيد الرأسمالية اآلثم‪ ،‬وتبيد خضراءه‪،‬‬ ‫وتسحق نظرياته الكفرية املصادمة ملنهج اهلل‪ ،‬وت ُ َس ّودُ نظاما ً ربانيا ً قائما على‬ ‫أساس « إن احلكم إال هلل «‪.‬‬ ‫وليعلم فوكوياما أن ما حلَّ بدياره اآلثمة‪ ،‬إمنا هو بداية األمر‪ ،‬وما ينتظر فهو‬ ‫أدهى وأمر‪ ،‬واهلل غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪.‬‬

‫على املواد األولية من العالم‪ ،‬وبالتدخل في أسواقه الداخلية‪ ،‬وباألخص في دول العالم الثالث التي يجب أن تبقيها‬ ‫الواليات املتحدة حتت السيطرة الشديدة)‪.‬‬ ‫ويتبجح الرئيس األمريكي السابق نيكسون قائالً‪(:‬على أعداء الواليات املتحدة األمريكية أن يدركوا أننا نتحول حمقى إذا‬ ‫ضربت مصاحلنا‪...‬بحيث يصعب التنبؤ مبا قد نقوم به مما لدينا من قوة تدميرية غير تقليدية‪ ،‬وعندها سوف ينحنون خوفا ً‬ ‫منَّا)‪ ،‬ويقول وزير اخلارجية كولن باول‪( :‬نحن اآلن القوة األعظم‪ ،‬نحن اآلن الالعب الرئيس على املسرح الدولي‪ ،‬وكل ما يجب‬ ‫علينا أن نفكر به اآلن هو مسؤوليتنا عن العالم بأسره‪ ،‬ومصاحلنا التي تشمل العالم كلَّه)‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫آثارها احلميدة في إسقاط‬ ‫شرعية األمم املتحدة وغيرها‬ ‫من املنظمات الدولية‬ ‫وهكذا وبعد ما يزيد عن خمسني عاما ً من الزيف والدجل‪ ،‬الذي مارسه‬ ‫الغرب النصراني وأذنابه وعمالئه على الشعوب املسلمة‪ ،‬بانت حقيقة تلك‬ ‫املنظمات الصليبية‪ ،‬التي ما أنشئت وشيد بنيانها إال لتكون أداة طيعة حلرب‬ ‫اإلسالم وأهله‪ ،‬وحيلة صليبية ماكرة يصبغون من خاللها الشرعية الباطلة‬ ‫على جرائمهم البشعة بحق أبناء التوحيد(((‪ ،‬ويستترون بها كغطاء أممي لقهر‬ ‫الشعوب الرافضة لسياستهم وإمالءاتهم وأهوائهم‪...‬‬ ‫أجل لقد خفي حال تلك املنظمات عل كثير من السذج‪ ،‬املنخدعني‬ ‫بإمالءات أرباب الفكر‪ ،‬وأساطني التنظير‪ ،‬وجتار الكالم‪ ،‬وسادة الدجل والكذب‪ ،‬من‬ ‫أصحاب املناهج املصادمة ملنهج احلق تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫وفي خضم ذاك التضليل املتعمد باغتتهم القاصمة احملمدية‪ ،‬التي أتت‬ ‫على معالم طاغوت العصر « الواليات املتحدة األمريكية «‪ ،‬وأجبرت كبيرها رائد‬ ‫الشرعية واحلرية – زعم – جورج بوش أن يفصح عن حقيقة ما يك ُّنه صدره‪ ،‬ممزقا ً‬ ‫بتصريحاته حجب األمم املتحدة‪ ،‬التي طاملا تستر خلفها مع من سبقه‪ ،‬وتذرع‬ ‫بإجماعها لتنفيذ مخططاته الرامية استعباد البشر‪...‬‬ ‫فقد صرح هذا املغرور – ومبا ال يدع مجاال ً لتشكيك املشككني – في لقائه‬ ‫مع عسكريه في قاعدة «فورت كامبيل «بوالية «كنتاكي» األمريكية‪( :‬سنحارب‬ ‫‪ -  1‬فقد أقرت صحيفة أوبزيرفر البريطانية يوم ‪ 11‬يوليو ‪ ( :2003‬بأن األمم املتحدة هي املسئولة عن ذبح ‪ 7000‬مسلما في‬ ‫سيربرنيتشا عام ‪ 1995‬ألنها تبنت فكرة « عدم إقامة دولة إسالمية في أوروبا‪.)...‬‬

‫‪100‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يلودلا تامظنملا نم اهريغو ةدحتملا ممألا ةيعرش طاقسإ يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫اإلرهابيني‪ ،‬وسنحارب كل من يقدم لهم العون في كل مكان وأي زمان‪ ..‬إن أمريكا‬ ‫لديها رسالة لدول العالم‪ ،‬إذا كنت تؤوي إرهابيا‪ ،‬فأنت إرهابي‪ ..‬إذا كنت تدرب أو‬ ‫تسلح إرهابيا‪ ،‬فأنت إرهابي‪ ..‬إذا كنت تطعم أو متول إرهابيا‪ ،‬فأنت إرهابي‪ ،‬وسوف‬ ‫تكون مسؤوال ً أمام الواليات املتحدة وأصدقائنا‪ ،‬حتى يتم القضاء على اإلرهاب‬ ‫الذي يهدد احلضارة‪ ،)..‬وقال في موطن أخر‪(:‬سنحارب اإلرهاب وكل دولة تساند‬ ‫اإلرهاب )‪ .‬وقال أيضا‪ ( :‬إما أن تكون معنا أو ال تكون‪ ،)..‬وأضاف متبجحا ً بسطوته‬ ‫مستعلياً‪ ( :‬إما أن تكون معنا أو تكون مع اإلرهابيني‪.)..‬‬ ‫فأين الشرعية الدولية التي طاملا تغنيت بها أنت وقومك أيها الصليبي‬ ‫الدجال‪ ،‬وأين اإلجماع األممي الذي طاملا تسترت به لتنفيذ مؤامراتك أيها الكذاب‬ ‫األشر‪ ،‬وأين الدميقراطية املزعومة التي طاملا انتفشت بها مرحا ً مع صحبك أيها‬ ‫النصراني احلاقد‪..‬‬ ‫ولقد صدق أعوانك أعوان السوء وهم كاذبون عندما قالوا‪ ( :‬إنهم ال يحتاجون‬ ‫إلى أدلة لضرب أي دولة يشكون فيها‪.)..‬‬ ‫وبهذا وذاك وغيره الكثير من تصريحات الغرب النصراني‪ ،‬أُخرصت تلك‬ ‫األلسن التي نظَّ رت لتلك املنظمات‪ ،‬وأُجلمت تلك الشفاه املنافقة التي طاملا‬ ‫تغنت مبحاسن تلك الهيئات‪ ،‬وهرعت إليها تستجديها وبال مجيب(((‪..‬‬ ‫تغير‬ ‫يقول الكاتب الفرنسي إينياسيو رامونيه‪ ( :‬لقد كنا نتساءل ما الذي ّ‬ ‫في السياسة الدولية بعد أحداث احلادي عشر سبتمبر ‪ ،2001‬وبعد نشر اإلدارة‬ ‫األمريكية في ‪ 20‬سبتمبر األخير لوثيقة تشرح «إستراتيجية األمن الوطني‬ ‫للواليات املتحدة األمريكية» صرنا نعرف اجلواب‪ ،‬فالهندسة اجليوسياسية تعرف‬ ‫في قمتها قوة عظمى وحيدة‪ ،‬الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬والتي تتمتع بقوة‬ ‫عسكرية ال نظير لها‪ ،‬وهي لن تتردد في العمل وحيدا إذا اقتضت الظروف ذلك‪،‬‬ ‫‪ -  2‬وال أدل على دجل هذه املنظمة من قول رئيسة االدعاء العام باحملكمة الدولية جلرائم احلرب‪،‬كارال ديل بونتي‪ ،‬فقد صرحت‬ ‫هذه املسؤولة في ‪ 25‬أغسطس ‪ 2002‬قائلة‪ ( :‬إنهم – أي األمم املتحدة – قادرون على الوصول لكاراجيتش إذا عملوا بجد‬ ‫لتحقيق الهدف‪.)..‬‬

‫‪101‬‬


‫من أجل فرض القانون «قانونهم» في الدفاع الذاتي للعمل بشكل وقائي‪ ،‬وفي‬ ‫حالة استشفاف تهديد ما‪ ،‬فإن الواليات املتحدة األمريكية سوف تتدخل قبل‬ ‫يتجسد هذا التهديد‪ ..‬وأضاف‪ :‬توجد هيئة األمم املتحدة اآلن على هامش‬ ‫حتى أن‬ ‫ّ‬ ‫األحداث‪ ،‬وانحسر دورها إلى غرفة تسجيل يجب عليها أن تنحني أمام قرارات‬ ‫واشنطن‪ ،‬وذلك ألن إمبراطورية ّما ال تنحني ألي قانون ال يعجبها‪ ،‬ويصبح من‬ ‫ثم قانونها «قانونا كونيا»‪ ‬تسعى لفرضه على اجلميع‪ ،‬وبالقوة إن استدعى‬ ‫األمر ذلك‪ ،‬ليصبح هذا الفرض «مهمتها» الكبرى‪ ،‬ليتم الدخول في حلقة‬ ‫مفرغة‪.((().‬‬ ‫وقد أعلنها رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديال بكل جالء في‬ ‫خطابه الشهير في يوم ‪( :2004-5-11‬بأن الدول الكبرى تتالعب باألمم املتحدة‬ ‫كيفما تشاء‪.)...‬‬

‫‪ -  3‬صحيفة ليموند الفرنسية مقال مترجم ملصطفى فرحات ‪ /‬انظر موقع العصر‬

‫‪102‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نالا ةنيهر اهلعجو ةيكيرمألا ةدحتملا تايالولل ةيداصتقالا ةموظنملا رخن يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في نخر املنظومة‬ ‫االقتصادية للواليات املتحدة األمريكية‬ ‫وجعلها رهينة االنهيار‬ ‫«قال الرئيس األمريكي جورج بوش موجها ً خطابه ألمته بعد مضي‬ ‫أسبوعني على الهجمات املباركة‪:‬‬ ‫اإلرهابيون الذين هاجموا الواليات املتحدة في ‪ 11‬سبتمبر استهدفوا‬ ‫اقتصادنا وشعبنا‪..‬لقد دمروا رمز الرخاء األمريكي لكنهم لم يستطيعوا مس‬ ‫مصادره‪ ..‬إن ثروة بالدنا ليست محتواة في أبراج من زجاج وفوالذ‪ ،‬بل موجودة في‬ ‫أعمال ومهارات عمالنا الذين ما زالوا أقوياء كما كانوا قبل أسبوعني‪ ..‬تعرض‬ ‫اقتصادنا إلى صدمة‪ ،‬إذ فقد هذا األسبوع خاص ًة في قطاعات شركات الطيران‬ ‫والضيافة واملطاعم والسياحة حيث جاهدت تلك الشركات للبقاء‪ ،‬وأقدر تلك‬ ‫الشركات التي تبذل جهودا ً إضافية لتجنب تسريح موظفيها‪ ،‬حتى في هذه‬ ‫األوقات الصعبة‪ ،‬كثير من األمريكيني شاهدوا أسعار أسهمهم تتهاوى مع‬ ‫كل تلك التحديات فإن اقتصاد أمريكا يتمتع بأساس قوي‪ ،‬إنني أعمل أيضا ً مع‬ ‫الكونغرس لتقوية اقتصادنا املتوسع والعودة بأمريكا إلى العمل‪»...‬‬ ‫عالم بحقائق‬ ‫وعقل‬ ‫ إن من احلقائق امل ُ َسلَّم بها عند كل ذي فكر ناضج‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قائم باملقام‬ ‫الواليات املتحدة أن عماد وجود هذه الدولة‪ ،‬ودميومة احتادها ومتاسكه‬ ‫ٌ‬ ‫األول على قوة اقتصادها الذي يقدر بثلث اقتصاد العالم أجمع‪ ،‬وملا أن كان األمر‬ ‫كذلك فقد كان ألحداث يوم احلادي عشر من سبتمبر‪ ،‬األثر البالغ واملدمر على‬ ‫منظومة اقتصادها الربوي‪ ،‬وجعله قاب قوسني أو أدنى من االنهيار‪ ،‬الذي ليس‬

‫‪103‬‬


‫بعده قائمة بعون اهلل‪...‬‬ ‫خبراء كثر‪ ،‬أن االقتصاد األمريكي تضرر‬ ‫فقد ذكرت عدة دراسات‪ ،‬وأكد‬ ‫ٌ‬ ‫ضررا ً ال ميكن جتاوز آثاره‪ ،‬وانشرخ شرخا ً سحيقا ً ليس بالسهولة ردمه‪.‬‬ ‫فبعد شهر من أحداث يوم الثالثاء املبارك نشرت صحيفة «الرياض» في‬ ‫تاريخ ‪1422 /7/24‬تقريرا ً أوردت فيه خسائر الواليات املتحدة األمريكية نتيجة‬ ‫الضربات املباركة وفيما يلي تلك اخلسائر‪-:‬‬ ‫‪ 6.7‬مليار دوالر إعادة بناء مركز التجارة العاملي‪ ،‬و‪ 5.3‬مليار دوالر إصالح‬ ‫وترميم األبنية األخرى‪ ،‬و ‪ 9‬مليار دوالر إصالح البنية التحتية للمترو والهاتف‬ ‫والكهرباء واإلمدادات‪ 12 ،‬مليار جتهيزات سيارات و أجهزة معلوماتية‪ ،‬و‪ 11‬مليار‬ ‫دوالر خسارة رواتب خمسة آالف و‪ 600‬شخص‪ ،‬و ‪ 9‬مليار دوالر تنظيف موقع‬ ‫مركز التجارة العاملي والتأكد من أمانه‪ 7 ،‬مليار دوالر الساعات اإلضافية التي‬ ‫عملها موظفو بلدية نيويورك وإعادة بناء اجملاري وغيرها‪ ،‬ومليار دوالر إصالحات‬ ‫يجريها مالكوا العقارات وشركاؤهم‪ ،‬و‪ 3‬مليار دوالر عالجات طبية وخسائر‬ ‫عائدات جرحى‪ ،‬و‪ 13.5‬مليار دوالر أرباح فائتة للشركات وتوقف جزء كبير من‬ ‫النشاط االقتصادي في نيويورك‪ ،‬و‪ 7.5‬مليار دوالر خسائر شركات االستثمار في‬ ‫بورصة وول ستريت التي تضررت بسبب اإلغالق ملدة أربعة أيام‪ ،‬و‪ 2.3‬مليار ربح‬ ‫فائت للمطاعم والفنادق‪.‬‬ ‫‪ 1.75‬مليار في إيجارات املباني املتضررة أو املهدمة‪ ،‬و‪ 3‬مليار دوالر خسائر‬ ‫عائدات الضرائب بسبب انتقال عشرات الشركات إلى الضواحي‪ ،‬و‪800 – 700‬‬ ‫مليون دوالر إعادة إصالح مبنى البنتاغون‪ ،‬و‪ 390‬مليون دوالر قيمة الطائرات‬ ‫املدمرة ‪ ،‬و‪ 5‬مليار دوالر ربح فائت بسبب توقف احلركة اجلوية‪ ،‬و‪ 85‬ألف وظيفة‬ ‫ألغتها الشركات اجلوية خالل أسبوعني من احلادث‪ ،‬و‪ 30-20‬ألف وظيفة سيتم‬ ‫تسريحهم بسبب تراجع الطلب املتوقع على الطائرات‪ ،‬و‪ 4‬آالف وظيفة مت إلغاءها‬

‫‪104‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫نالا ةنيهر اهلعجو ةيكيرمألا ةدحتملا تايالولل ةيداصتقالا ةموظنملا رخن يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫من صانع السيارات جنرال موتورز‪).‬‬ ‫ووفقا ً لتقرير أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال» فقد انهارت وأفلست ‪60‬‬ ‫ألف شركة‪ ،‬ومت تسريح ما ال يقل عن ‪ 160‬ألف عامل‪ ،‬وذلك في الفترة ما بني ‪11‬‬ ‫سبتمبر ‪ 2001‬و ‪ 11‬سبتمبر ‪.2002‬‬ ‫وهذا ما أكده «روجر كوبايرش» من مجلس العالقات اخلارجية األمريكي‬ ‫بقوله ‪ ( :‬لقد جعلت أحداث سبتمبر اقتصادنا املتدهور في وضع أكثر سو ًء‪ ،‬ألنها‬ ‫فتحت اجملال للشركات التي كانت تعد لتسريح موظفيها القيام بذلك بشكل‬ ‫أسرع‪.)..‬‬ ‫ونتيجة حتمية لغياب األمن عن الواليات املتحدة فقد تراجعت نسبة‬ ‫االستثمار األجنبي فيها ‪ -‬كما أقرت بذلك وزارة التجارة األمريكية بتاريخ ‪6 / 26‬‬ ‫‪ – 2003 /‬بنسبة ‪ 64%‬لتصل إلى ‪ 1 ,147‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫وذكرت صحيفة «احلياة اللندنية»‪ ،‬نقال ً عن تقارير معهد االستثمار‬ ‫األمريكي‪ ( :‬أن عمليات الهروب من َمحافظ األسهم بدأت عندما بلغت اخلسائر‬ ‫التي تكبدها املستثمرون في األسهم األميركية منذ بداية السنة ‪ 3.2‬تريليون‬ ‫دوالر وهو رقم محبط في حد ذاته‪ ،‬سوى أن إضافة اخلسائر األولية التي حلقت‬ ‫باملستثمرين منذ بدء انهيار أسواق املال األميركية سيرفع اخلسائر االجمالية‬ ‫إلى قرابة ‪ 8‬تريليونات دوالر‪ ،‬من ضمنها ما قدره املعهد املذكور بنحو ‪ 700‬بليون‬ ‫دوالر من خسائر املستثمرين الدوليني‪ ،‬ومن ضمنهم املستثمرين من الشرق‬ ‫(((‬ ‫االوسط‪) .‬‬ ‫وأضاف معهد سياسة االقتصاد في الواليات املتحدة‪( :‬أميركا ليست‬ ‫محصنة ضد قوانني اجلاذبية املالية فهي أيضا ً عرضة لتلك األنواع من األزمات‬ ‫(((‬

‫التي اكتسحت األرجنتني والكثير من الدول النامية في األعوام األخيرة‪.((().‬‬ ‫‪ -  1‬انظر كتاب « احصاءات – دراسات – أرقام « الصادر عن دار البيان‪.‬‬ ‫‪ -  2‬انظر احلياة اللندنية عددها الصادر في يوم الثالثاء املوافق ‪.2002/11/19-1423/9/13‬‬ ‫‪ -  3‬احلياة اللندنية العدد الصادر في ‪.2003 / 1 / 20‬‬

‫‪105‬‬


‫هذا وقد بلغت نسبة العجز في امليزان التجاري األمريكي ‪ 504‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫في حني كان متوقعا ً له أن يصل في عام ‪ 2002‬إلى حوالي ‪ 158‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫أما اآلثار اخلطيرة املترتبة على هذا التراجع واالنهيار فقد خلصها موقع‬ ‫«الثابتون على العهد» في مقال نشر على صفحاته بقوله‪-:‬‬ ‫أوالً‪:‬‏ انخفاض سعر الدوالر أمام العمالت األجنبية‏‪ ،‬فمنذ بداية العام‬ ‫احلالي انخفض الدوالر بنحو ‪ 12%‬أمام اليورو‪ ،‬كما انخفض بنحو ‪ 6%‬أمام اجلنيه‬ ‫االسترليني‪ ،‬وبالنسبة نفسها تقريبا ً أمام الني الياباني‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬التراجع احلاد في أسعار األوراق املالية في البورصة « وول ستريت «‬ ‫وغيرها من أسواق املال األمريكية‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬فقد املستثمرين ثقتهم في االقتصاد األمريكي‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬اجتاه البطالة نحو التزايد بسبب إفالس بعض الشركات وتقليص‬ ‫حجم األعمال في البعض اآلخر‪ ،‬فطبقا ً ألحدث البيانات ارتفعت البطالة في‬ ‫أمريكا في شهر مايو ‪ 2002‬إلى ‪ 6%‬لتسجل أعلى مستوى له منذ أكثر من سبع‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬إن كثيرا ً من البنوك املركزية بدأت تعيد النظر في اقتناء املعدن‬ ‫األصفر « الذهب» إلى خزائنها كاحتياطي بعد التخلي عن هذه السياسة‬ ‫في السبعينات من القرن املاضي‪ ،‬حيث قامت كثير من البنوك املركزية ببيع‬ ‫احتياطاتها من الذهب بعد أن فقد بريقه كمستودع للقيمة (((‪.‬‬

‫‪ -  4‬انظر موقع الثابتون على العهد‪ ،‬مقال بعنوان « حصاد غزوتي نيويورك وواشنطن باألرقام «‪.‬‬

‫‪106‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يرمألا ةينمألا ةزهجألا ةروطسأ ىلع ءاضقلا يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في القضاء على‬ ‫أسطورة األجهزة األمنية األمريكية‬ ‫لقد أحاطت الواليات املتحدة األمريكية نفسها بهالة أمنية أسطورية‪،‬‬ ‫حتى غدت في نظر الكثيرين ممن آمن بها في مقام اآللهة ‪ -‬والعياذ باهلل ‪ -‬تعلم‬ ‫الغيب‪ ،‬بحيث أنها تستطيع كما تدعي أن تشارك أحدهم قراءة صحيفة يومية‬ ‫يقرؤها داخل سيارته مبعزل عن الناس‪ ،‬أو فوق سرير نومه(((‪ ،‬وأنه مبقدورها أن حتدد‬ ‫«ماركة» املالبس الداخلية لهذا احلاكم أو ذاك الزعيم‪ ..‬إلى غير ذلك من ال ُّترهات‬ ‫واخلزعبالت واألساطير‪ ،‬التي روجت لها على الطريقة الهوليودية(((‪ ،‬حتى أوهمت‬ ‫الناس بأنه ال يعجزها شيء في األرض‪ ،‬وأنه مبقدورها الوصول إلى ما تريد في‬ ‫املكان الذي شاءت‪ ،‬وفي الوقت الذي حددت وأرادت(((‪ ،‬وكأن لسان حالها يردد ما‬ ‫‪ -  1‬حتى أوهموا الناس كما جاء في كثير من أدبياتهم ‪( :‬إذا دخل فأر أمريكا أو خرج فالبد وان جتد عنه تقريرا في االستخبارات‬ ‫األمريكية)‪.‬‬ ‫‪ -  2‬يقول روبرت بايير العميل السابق في اخملابرات األميركية‪ ،‬وصاحب كتاب «انهيار سي‪.‬آي‪.‬ايه « في حديث خاص لإلعالمية‬ ‫اللبنانية مارية بطيش‪ ( :‬قبل ‪ 11‬سبتمبر املاضي‪ ،‬لم تكن وكالة االستخبارات األميركية متلك أي مصدر حقيقي في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬ولم تأبه بأن يكون لها حضور فعال وسط اجلالية اإلسالمية‪ ،‬في أملانيا مثال‪ ،‬السيما في هامبورج حيث مت‬ ‫التحضير للعمليات االنتحارية‪ ،‬لقد أصيبت الوكالة منذ سنوات بالعمى والصمم‪ ،‬فمن أين كان ميكن إذن اكتشاف ما‬ ‫يحدث داخل التنظيمات اإلرهابية‪).‬‬ ‫‪ -  3‬ويقول جيمس بامفورد في مقال كتبه للواشنطن بوست‪ ( :‬إنه ال يجب أن نغفر للوكالة الوطنية لألمن القومي (‪)NSA‬‬ ‫اخملولة بالتنصت على كل املشبوهني في العالم‪ ،‬حتى إنها لم تعرف رقم أسامة بن الدن اخللوي وهي التي‬ ‫تقصيرها‪ ،‬فهي ّ‬

‫لها آذان في كل أرجاء الكرة األرضية‪.).‬‬ ‫ً‬ ‫ يقول اإلمام الفقيه عبد اهلل عزام رحمه اهلل‪ ( :‬لكن البشر كثيرا وهم يقدرون حساباتهم يغفلون القوة العظمى التي‬‫تدير الكون ويرجع إليها األمر كله ( وهلل غيب السموات واألرض وإليه يرجع األمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل‬ ‫عما تعملون )‪ ،‬يغفلون وهم يحسبون حساباتهم البشرية الدنيوية قول اهلل عز وجل ( أليس اهلل بكاف عبده) بلى‪ ،‬أليس‬ ‫اهلل بكاف عبده‪ ،‬بلى‪ ( ،‬ويخوفونك بالذين من دونه ‪ -‬القوى العظمى ‪ -‬ومن يضلل اهلل فما له من هاد ومن يهد اهلل فما له‬ ‫من مضل أليس اهلل بعزيز ذي انتقام ) بلى‪ ،‬الناس يتغافلون عن هذه القضية‪ ،‬وال جتد على ألسنة املسلمني يرددون سوى‬ ‫« كيف قام الفعل الفالني وأمريكا غير راضية‪ ،‬وكيف جنح الفعل الفالني وروسيا غاضبة « وكأنها أصبحت ‪-‬تعالى اهلل‬ ‫عما يظنون علوا ً كبيرا ‪ -‬كأن أمريكا وروسيا إلها ً من دون اهلل سبحانه وتعالى‪ ..‬ملاذا‪..‬؟)‬

‫‪107‬‬


‫قاله دليلها إلى جهنم فرعون الذي جاء على لسانه في القرآن الكرمي‪ ( :‬وقال‬ ‫فرعون يا أيها املأل ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطني‬ ‫فاجعل لي صرحا ً لعلي أطلع إلى إله موسى وإني ألظنه من الكاذبني )‪.‬‬ ‫وتصرمت األيام وأسطورة ‪ CIA‬التي ال تقهر ما تزال تسيطر وتهيمن‬ ‫على عقول وأذهان الكثير من السذج‪ ،‬حتى جاء اليوم الذي حتطمت فيه تلك‬ ‫األسطورة األمنية املزيفة‪ ،‬ومتزقت فيه حجبها الضبابية‪ ..‬فتحت أقدام التسعة‬ ‫عشر مجاهداً‪ ،‬وأسفل ركام وزارة الدفاع األمريكية « البنتاغون « وحتت أنقاض‬ ‫مبنى التجارة الدولي في منهاتن‪ ،‬اندثرت معالم تلك األسطورة األمنية‪ ،‬وغدت‬ ‫من يومها سرابا ً في سراب‪ ..‬وبان لكل ذي عينني هوان تلك األجهزة التي طاملا‬ ‫تشدق بذكرها املتشدقون‪ ،‬وتغنى بقدرتها املغنون‪ ،‬وتسامر بقصص بطوالت‬ ‫خيالها املتسامرون(((‪...‬‬ ‫فأين منظومة املراقبة عبر األقمار الصناعية «إشلون»‪ ،‬التي تضم ‪120‬‬ ‫قمرا صناعيا جتسسيا‪ ،‬للتجسس على العالم وعلى كل واردة وشاردة فيه‪..‬؟!‬ ‫وأين سالح الردع الذي أنفقت عليه املليارات من الدوالرات ليحميها من نوائب‬ ‫الدهر‪..‬؟! وأين منظومة اإلنذار املبكر التي صدعت الرؤوس بقدرته اخليالية‪..‬؟!‬ ‫وأين أجهزة ووكاالت أمنها التي ملئت الدنيا بعمالئها‪..‬؟! وأين طائرات األواكس‬ ‫‪ -  4‬يقول روبرت بايير العميل السابق في اخملابرات األميركية‪ ،‬وصاحب كتاب «انهيار سي‪.‬آي‪.‬ايه « في معرض جوابه على سؤال‬ ‫اإلعالمية اللبنانية مارية بطيش‪ :‬كيف تبرر عدم اكتشاف اخملابرات املركزية األميركية مسبقا ملا يخطط من تفجيرات‬ ‫في ‪ 11‬سبتمبر املاضي‪..‬؟‬ ‫يجيب روبرت‪ ( :‬كنا كثيرون في الشرق األوسط وفي العالم‪ ،‬وعجزنا عن اكتشاف املؤامرة اإلرهابية على برجي التجارة‬ ‫العامليني والبنتاغون‪ ،‬وجاءت التفجيرات بشكل يستحيل تخيله‪ ،‬وهي في مطلق األحوال إدانة لقصورنا عن توقع ما‬ ‫حصل وملؤسساتنا ووسائلنا التكنولوجية احلديثة الوكالة املغمورة باآلليات الفاعلة‪ ،‬األقمار االصطناعية‪ ،‬التقاط‬ ‫املكاملات الكترونياً‪ ..‬كنا نعتمد على أصدقائنا في أوروبا والشرق األوسط الطالعنا على ما يتعلق باألصوليات اإلسالمية‬ ‫وأجنحتها املتطرفة‪ .‬لكن في النهاية‪ ،‬لديكم انتم العرب مثل شعبي ظريف وله داللته في سياق ذلك‪ ،‬فهو يقول‪« :‬‬ ‫ماحك جلدك غير ظفرك»‪ ،‬لقد اعتمدنا على غيرنا‪ ،‬هذا صحيح‪ ،‬وقد كنا مخطئني حتى املوت حتت سابع ارض‪ ،‬في ذلك‪،‬‬ ‫وهذا أصح من الصحيح‪.)..‬‬

‫‪108‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يرمألا ةينمألا ةزهجألا ةروطسأ ىلع ءاضقلا يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫التي ال تغادر جو السماء صبح مساء‪..‬؟!‬ ‫لقد غدت – بفضل اهلل – بعد هذه القاصمة أقل من أن تذكر‪ ،‬وأحقر من أن‬ ‫تقارن‪ ،‬وأذل من أن تتبع‪.‬‬ ‫فاحلمد هلل الذي أزال هيبتها‪ ،‬وهتك أستارها‪ ،‬وكشف حجب زيفها‪،‬‬ ‫وأحال أسطورتها سرابا‪ ،‬وعزها املزعوم ذال ً وهوانا‪ ،‬وغرورها بؤسا ً ونكاال‪.‬‬ ‫وقد اعترف قادتها وكبراؤها بفشلها الذريع في منع وقوع أحداث احلادي‬ ‫عشر من سبتمبر وعجزها أمام رجال التوحيد‪.‬‬ ‫فقد أقر َّ النائب اجلمهوري ساكسبي شامبليس ‪ -‬الذي يرأس اجملموعة‬ ‫حول اإلرهاب واألمن الداخلي في جلنة االستخبارات في مجلس النواب ‪ -‬بقوله‪:‬‬ ‫( ال شك أنه فشل هائل ألجهزة االستخبارات‪ ..‬وأضاف‪ :‬خالل السنوات التي‬ ‫سبقت ‪ 11‬أيلول‪/‬سبتمبر كانت الفوضى تسود بني أعضاء التراتبية في وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية األميركية في ما يتعلق باألولويات‪ ،‬األمر الذي اثر على‬ ‫مهمات مكافحة التجسس والعمالء واحملللني‪ ..‬وقال‪ :‬اكتشفنا بعد ‪ 11‬أيلول‪/‬‬ ‫سبتمبر أن عمالء تنظيم القاعدة كانوا يقومون بأنشطتهم بحرية تامة في‬ ‫أوروبا وأفريقيا والشرق األوسط وفي جنوب شرق آسيا‪ ،‬وهذا ما يكشف ثغرات‬ ‫إستراتيجية االتكال كثيرا على اآلخرين في لعبة التجسس‪)..‬‬ ‫ وأضافت إلينور هيل ‪ -‬رئيسة جلنة التحقيق في فشل االستخبارات‬ ‫األمريكية في منع هجمات ‪ 11‬سبتمبر – أيلول‪ ( :-‬إن جهات استخباراتية‬ ‫أمريكية تلقت عدة حتذيرات بوقوع هجمات إرهابية قبل تاريخ وقوعها‪ ،‬وقالت‪:‬‬ ‫إن االستخبارات األمريكية ارتكبت «أخطاء» قبل ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬وفشلت في وضع‬ ‫إمكانات كافية لتعقب أعضاء تنظيم القاعدة التابع ألسامة بن الدن في كل‬ ‫مكان في العالم‪ ،‬وقالت‪ :‬إن كثيرا من املعلومات املتاحة لالستخبارات األمريكية‬ ‫(((‬ ‫افتقدت التفاصيل‪ ،‬مثل األهداف احملددة والتوقيت‪ ،‬أو افتقدت املصداقية‪)..‬‬ ‫‪ -  5‬انظر كتاب « أسطورة الوهم « ملؤلفه الشيخ محمد احلكامية‪.‬‬

‫‪109‬‬


‫آثارها احلميدة في القضاء على‬ ‫عنجهية واستكبار الفرد األمريكي‬ ‫عاش أفراد الشعب األمريكي ردحا ً من الزمان‪ ،‬وقد أخذتهم نزعة االستعالء‬ ‫الشيطاني‪ ،‬على من دونهم من سائر البشر‪ ،‬فحيث ما حلَّ الفرد األمريكي فهو‬ ‫السيد املطاع‪ ،‬والرجل املبجل صاحب األمر والنهي‪ ،‬املستعبد غيره املتبجح‬ ‫بجنسيته‪ ،‬املستعلي بهويته الصادع بها في كل مكان‪ ،‬املباهي بها األقوام‬ ‫فعمه شعور بالعظمة التي ال سبيل لقهرها لسنوات طوال(((‪ ،‬ولكن وكما قال‬ ‫َّ‬ ‫الشاعر‪:‬‬ ‫فال يغر بطيب العيش إنسان‬ ‫لكل شيء إذا ما مت نقصان‬ ‫فعلى أنغام وقع هدير الطائرات‪ ،‬وقد أحالت رموز الكبر والغطرسة‬ ‫واالستعالء األمريكي هبا ًء منثورا‪ ،‬استيقظ األمريكي من سباته‪ ،‬وقد سلبته‬ ‫تلك الضربات احملمدية كل شيء استعلى به يوما ً وتبجح به على من دونه من‬ ‫سائر البشر‪ ،‬فها هي رموز فخره وعنوان غروره غدت سرابا ً في سراب‪ ،‬وها هي أبراج‬ ‫مملكته وأركان مجده املزعوم تتهاوى منكفئة على نفسها‪ ،‬لتتهاوى مبعيتها آثار‬ ‫عزة األمريكي املزعومة‪ ،‬وليغدوا معها ومع مرور الزمان معدوم احليلة‪ ،‬مجهول‬ ‫أكوام من اجلنسيات‪ ،‬التي طاملا‬ ‫الهوية‪ ،‬مستور اجلنسية‪ ،‬متواريا ً متخفيا ً خلف‬ ‫ٍ‬ ‫ازدراها وتعالى عليها‪ ،‬واحتقرها وجعل منها مطية ميتطيها لينال مرغوبه‪،‬‬ ‫ويقضي بها شهوته‪.‬‬ ‫يقول احملامي األمريكي «ستانلي كوهني» معترفا ً مبا آل إليه أبناء جلدته‪( :‬أن‬ ‫أبناء الواليات املتحدة أصبحوا يخشون اخلروج من بالدهم بسبب سياسة بالدهم‬ ‫‪ - 1‬يقول ألبرت بيفريدج ممث ِّل والية (إنديانا) في مجلس الشيوخ األمريكي‪ ( :‬لقد جعل اهلل منَّا أساتذة العالم ! كي نتمكن‬ ‫من نشر النظام حيث تكون الفوضى‪ ،‬وجعلنا جديرين باحلكم لكي نتمكن من إدارة الشعوب البربرية الهرمة‪ ،‬وبدون هذه‬

‫ستعم العالم مرَّة أخرى البربرية والظالم‪ ،‬وقد اختار اهلل الشعب األمريكي دون سائر األجناس كشعب مختار‪،‬‬ ‫القوة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫يقود العالم أخيرا إلى جتديد ذاته )‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫كيرمألا درفلا رابكتساو ةيهجنع ىلع ءاضقلا يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫املتسلطة في أجزاء كثيرة من العالم‪ ،‬وأضاف‪ :‬أن استغالل القوة العسكرية‬ ‫ضد اآلخرين ليس الطريق األمثل لفرض احترامها وحتقيق مصاحلها بل هو بداية‬ ‫(((‬ ‫النهاية‪).‬‬ ‫نعم لقد غدا الفرد األمريكي ال يستطيع بحال من األحوال‪ ،‬أن يفصح عن‬ ‫جنسيته‪ ،‬أو يكشف هويته‪ ،‬أو حتى يتكلم بلسان قومه في معظم بالد الشرق‪،‬‬ ‫وما ذاك إال خوفا ً على احلياة‪ ،‬وطمعا ً في النجاة‪ ،‬وحبا ً في السالمة‪ ،‬ورهب ًة من‬ ‫املوت والهالك‪...‬‬ ‫ فقد أصدرت وزارة اخلارجية األمريكية عدة حتذيرات إلى رعاياها في اخلارج‪،‬‬ ‫حتذرهم من مخاطر قد تواجههم‪ ،‬وتأمرهم بأخذ احلذر واالحتياط‪ ،‬ومما ذكرته في‬ ‫هذا الصدد‪( :‬على جميع املواطنني األميركيني التيقظ الدائم بسبب التهديد‬ ‫املتزايد لوقوع أعمال إرهابية ميكن أن تستهدف مدنيني عبر هجمات محتملة‬ ‫بأسلحة غير تقليدية‪ ..‬وأضاف البيان‪ :‬يجب االحتياط في األماكن التي يتجمع‬ ‫فيها األجانب أو التي عادة ما يرتادونها كاملناطق السكنية واملالهي الليلية‬ ‫(((‬ ‫واملطاعم وأماكن العبادة واملدارس والفنادق ومحطات القطارات والشواطئ‪)...‬‬ ‫ويقول لويس البالم رئيس حترير مجلة «هاربرز»‪ ،‬األمريكية‪ ( :‬ان احلادي‬ ‫عشر من سبتمبر أنهى متاما التميز األمريكي عن العالم وأن هذا احلدث‪ ،‬وضع‬ ‫األمريكان على األرض وضمن الكرة األرضية يصيبهم ما يصيب كل الشعوب‬ ‫التي اكتوت بسياساتهم‪،‬كما أنهى احلدث ‪ -‬فعليا ‪ -‬إدعاء األمريكان بأحقيتهم‬ ‫للهيمنة على هذا العالم )(((‪.‬‬ ‫فلله در أولئك الفتية األماجد‪ ،‬الذين أحالوا عزة طاغوت العصر‪ ،‬ذل ًة‬ ‫وصغار‪ ،‬وجعلوا أبناءها يتوارون خوفا ً وطمعاً‪ ،‬بعد أن كانوا طاغني مستعلني‬ ‫مستكبرين‪.‬‬ ‫‪ -  2‬انظر احلياة اللندنية‬ ‫‪ -  3‬انظر البيان اإلماراتية بتاريخ ‪2003/2/8‬‬ ‫‪ -  4‬انظر مقال « أمريكا تتجه نحو صناعة عزلتها « للدكتور عبد اهلل النفيسي‪.‬‬

‫‪111‬‬


‫آثارها احلميدة في جعل أبناء الصليب‬ ‫األمريكي رهينة اخلوف والرعب‬ ‫لعقود خلت وما زالت املأساة مستمرة‪ ،‬عاش أبناء التوحيد في كثير من‬ ‫بالد اإلسالم في أجواء مفعمة باخلوف والرعب‪ ،‬حيث ال أمن وال أمان‪ ،‬ومظنة‬ ‫القتل في كل وقت وعلى أي حال هي املسيطرة‪ ،‬سواء كان احلال في مسجد‪،‬‬ ‫أو داخل منزل‪ ،‬أو بني جدران ملجئ‪ ،‬أو فوق سرير مشفى‪ ،‬وكأن اخلوف والرعب‪،‬‬ ‫والتشريد والقتل‪ ،‬قدر مكتوب فقط على أبناء اإلسالم‪ ،‬دون سواهم من البشر‪،‬‬ ‫على اختالف مشاربهم ومعبوداتهم وحاشى أن يكون ذلك‪.‬‬ ‫ ومضت األيام واحلال كما بيَّنا من سيء إلى أسوأ‪ ،‬وظن أبناء الصليب‬ ‫األمريكي الذين ساموا املسلمني كل خسف(((‪ ،‬أنهم مبنأى عن زلزال الرعب‪،‬‬ ‫وبراكني اخلوف‪ ،‬وأن محيطاتهم مانعتهم من غضبة أبناء التوحيد الغيارى على‬ ‫دينهم‪.‬‬ ‫ نعم ظنوا ذلك للوهلة األولى أنهم في مأمن خلف بحارهم‪ ،‬ولكن‪..‬‬ ‫وعلى حني غرَّة أتاهم أمر اهلل‪ ،‬وغزتهم خيول ورثة محمد صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫في عقر دارهم‪ ،‬ومظنة أمنهم‪ ،‬وغدت منظومة أمنهم – بفضل اهلل – أهون من‬ ‫أن تذكر‪ ،‬وأمسى الواحد فيهم يتوجس خيف ًة من نفسه‪ ،‬يترقب املوت في كل‬ ‫حلظة أن يحيط به‪ ،‬وأسدل الذعر والرعب بأثوابه عليهم‪ ،‬بعد أن كانوا آمنني‬ ‫‪ -  1‬قال املسؤول السابق في ‪ CIA‬مايكل شوير ‪ -‬الذي قاد وحدة مطاردة بن الدن من عام ‪ 1996‬حتى عام ‪( :-1999‬اليوم يوجد‬ ‫حليف وحيد ال ميكن االستغناء عنه لنب الدن وتنظيم القاعدة وحلفائهم أال وهو السياسة األميركية اخلارجية جتاه‬ ‫العالم اإلسالمي‪ ..‬وأضاف‪ :‬بن الدن ركز على السياسات األميركية في العالم اإلسالمي مثل التواجد العسكري األميركي‬ ‫في العراق وأفغانستان ودعمها االقتصادي والعسكري إلسرائيل ودعمها املمتد لعقود للحكومات املرتدة واملستبدة في‬ ‫العالم اإلسالمي‪.).‬‬

‫‪112‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫عرلاو فوخلا ةنيهر يكيرمألا بيلصلا ءانبأ لعج يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫مطمئنني‪.‬‬ ‫ يقول مايكل موور اخملرج األمريكي الشهير في كتابه « أيها املتأنق‪ ،‬ماذا‬ ‫حل ببالدي‪..‬؟»‪ ( :‬إن اإلدارة األمريكية خلقت جوا ً من الرعب احلقيقي والهوس‬ ‫الذي جعل كل مواطن أمريكي يعتقد بأنه معرض للموت في أي حلظة وفي أي‬ ‫مكان‪ ،‬وصار األمريكان يصابون بالرعب جملرد رؤية طائرة حتلق في اجلو‪ ،‬بل واخلوف‬ ‫من مساحيق التنظيف أن تكون حربا وبائية إرهابية‪ ،‬فقد جعل اإلعالم األمريكي‬ ‫اإلرهاب في كل مكان‪ ،‬وكل يوم يحمل حتذيرا جديدا وإنذارا جديدا‪ ،‬فمثال احذروا‬ ‫مجسمات الطائرات املزودة باملتفجرات‪ ،‬حاذروا قنابل األحذية‪ ،‬قد تشعل القاعدة‬ ‫(((‬ ‫حرائق في الغرب األمريكي‪ ،‬بلغوا عن أي مسحوق قد تصادفونه‪).‬‬ ‫األمريكيني البارزين حول قضايا‬ ‫ وقد أظهر استطالع أجري بني اخلبراء‬ ‫ّ‬ ‫األمن القومي‪(:‬أ ّن ‪ % 83‬يرون أ ّن العالم أصبح خالل حكم بوش أكثر خطرا ً‬ ‫بالنسبة ألمريكا واألمريكيني‪)..‬‬ ‫ وقال «جيمس دوبينز» املسؤول السابق في البيت األبيض ووزارة اخلارجية‬ ‫واخلبير في شؤون الشرق األوسط‪ ( :‬بعد خمس سنوات من ‪ 11‬أيلول‪ ،‬جنحت‬ ‫الدبلوماسية األمريكية في عزل الواليات املتحدة بدل عزل اإلرهابيني‪)..‬‬ ‫وهذا واهلل الذي أصابكم جزا ًء وفاقا ملا اقترفته أيدي صنَّاع قرارهم‪،‬‬ ‫وراسمي سياستهم‪ ،‬وأرباب ناصيتهم‪ ،‬في بالد املسلمني‪ ،‬وكل هذا مبباركة من‬ ‫هذا الشعب‪ ،‬الذي عاش على الدماء‪ ،‬وسيغرق في الدماء‪.‬‬ ‫ يقول الكاتب األمريكي ويليام بلوم مؤلف كتاب « الدولة املارقة «‪ ( :‬لو‬ ‫كنت الرئيس الستطعت أن أوقف اإلرهاب ضد الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬في‬ ‫بضعة أيام قليلة وعلى نحو دائم‪ ،‬ولتحقيق هذا يتعني علي َّ أوالً‪ :‬االعتذار جلميع‬ ‫األرامل واأليتام‪ ،‬وممن جرى إفقارهم وتعذيبهم‪ ،‬ومن املاليني العديدة األخرى من‬ ‫ضحايا اإلمبريالية األمريكية‪ ،‬ثم يتعني عليَّ أن أعلن وبكل إخالص في كل ركن‬ ‫‪ -  2‬انظر موقع العصر مقال بعنوان « اخلاسرون « إلبراهيم غرايبة ‪،‬‬

‫‪113‬‬


‫من أركان العالم‪ ،‬أن التدخالت أمريكا العاملية قد انتهت‪ ،‬وأن أبلغ رسالة إلى‬ ‫« إسرائيل « بأنها لم تعد الوالية الواحد واخلمسني في الواليات املتحدة‪ ،‬بل‬ ‫ً (((‬ ‫أصبحت من اآلن فصاعدا بلدا ً أجنبيا‪)..‬‬ ‫ ولقد أظهرت استطالعات الرأي التي أجرتها مجلة « التامي وقناة‬ ‫ديسكفري « في شهر أغسطس ‪ ،2006‬وكان ذلك ردا ً على تصريحات رأسهم‬ ‫الصليبي جورج بوش‪ ،‬ورفيقته العجوز الشمطاء كوندليزا رايس‪ ،‬أن األمريكان‬ ‫باتوا أكثر أمنا ً بعد خمس سنوات من الغزوة املباركة‪ ،‬أقول‪ :‬أظهر االستطالع أن‬ ‫‪ % 73‬ممن استطلعت آرائهم يعتقدون أن الواليات املتحدة قد تتعرض لهجمات‬ ‫جديدة‪ ،‬خالف تصريحات الرئيس بوش‪ ،‬وأن ‪ % 23‬يعتقدون أن الواليات املتحدة في‬ ‫منأى عن هجمات جديدة(((‪.‬‬ ‫وأبشركم يا أحفاد الروم مبا يسوؤكم‪ ،‬كما سبق وبشركم مبا ساءكم‪،‬‬ ‫شيخنا اجملاهد أسامة بن الدن‪ ،‬أنه ال أمن لكم وال أمان لصلبانكم فوق هذه‬ ‫البسيطة‪ ،‬حتى تذوقوا ما ذاقه أسالفكم من قياصرة الروم‪ ،‬وحتى تشربوا من‬ ‫نفس الكأس الذي جترعه عنوة أباطرتكم ودهاقنتكم‪ ،‬أو تضعوا اجلزية ألبناء‬ ‫التوحيد عن ي ٍد وأنتم أذلة صاغرون‪.‬‬

‫‪ -  3‬انظر كتاب « الدولة املارقة « للكاتب األمريكي ويليام بلوم‪.‬‬ ‫‪ -  4‬انظر قناة اجلزيرة برنامج « من واشنطن «‪.‬‬

‫‪114‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يكيرمألا ميقلا فيز فشك يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في كشف‬ ‫زيف القيم األمريكية‬

‫لعقود عديدة خلت وكثير ٌ من الناس في غيهم سادرين‪ ،‬وبني طيات جهلهم‬ ‫راقدين‪ ،‬قد أعمت أبصارهم قيم ومبادئ أخس مملكة جاهلية عرفها البشر منذ‬ ‫فجر التاريخ‪ ،‬أمريكا ذاك الصنم األحمق الذي مأل الدنيا بضجيجه املزعج‪ ،‬فلم‬ ‫يبق ركن من أركان هذه املعمورة إال غشاه ذاك الضجيج‪ ،‬وانتشى اجلهلة من‬ ‫ساكنيه طرباً‪ ،‬وهم يتغنون بذكر محاسن تلك الدولة املارقة‪ ،‬التي استطاعت ‪-‬‬ ‫بتغافلهم ‪ -‬خداعهم‪ ،‬بتلك الهالة اإلعالمية الضخمة‪ ،‬فأغشت أبصارهم فلم‬ ‫يعد يبصر الواحد فيهم سوى صورتها القبيحة‪ ،‬التي تزينت بأعينهم فغدت‬ ‫أروع ما يكون في دنيا البشر‪.‬‬ ‫أجل لسنوات طوال تغنى السذج من البشر‪ ،‬بالقيم السائدة فوق ثرى‬ ‫ ‬ ‫العالم اجلديد‪ ،‬ولكم متنوا وبكل رغبة لو شدوا الرحال يوما ً إليها‪ ،‬ليتفيئوا ظالل‬ ‫حريتها املزعومة‪ ،‬وينعموا بكرمي دميقراطيتها البائسة(((‪.‬‬ ‫ وفيما أصحاب األحالم الوردية غاطون في وديع أحالمهم‪ ،‬كانت خيول‬ ‫التسعة عشر موحدا ً على موعد مع دك قيم و أسس ومبادئ زيف تلك الدولة‬ ‫الباطلة‪ ،‬ليستيقظ الناس على حقيقتها املرَّه‪ ،‬وينكشف املستور‪ ،‬ويظهر الزيف‬ ‫‪ -  1‬تقول العجوز الشمطاء كوندوليزا رايس وزيرة اخلارجية األمريكية‪ ( :‬القيم األمريكية قيم عاملية يستطيع الشعب أن‬ ‫يقول ما يفكر به‪ ،‬وأن يعتقد مبا يشاء‪.).‬‬ ‫وما رأيك أيتها العجوز بقول مؤرخكم «تيد هاير» معلقا ً على فوز الرئيس كلينتون بوالية أخرى مع علم شعبكم بعالقته‬ ‫الشاذة مع اليهودية « مونيكا ليونيسكي»‪ ( :‬إنَّ أ َّمة تقبل أن يقودها شخص على هذا القدر من االنحطاط األخالقي ال‬ ‫ميكن أن تستمر في تبوء قيادة هذا العالم )‪.‬‬

‫‪115‬‬


‫واخلداع‪ ،‬ويبان وجهها الكالح على صورته(((‪ ،‬تلك الصورة القبيحة التي طاملا‬ ‫متسحت مبسوح األخالق والقيم‪ ،‬وتسترت خلف دميقراطية خادعة كاذبة(((‪ .‬‬ ‫يقول احملامي األمريكي ستانلي كوهني جلريدة «احلياة اللندنية» أثناء زيارته‬ ‫ملدينة «جدة» واصفا ً تسامح دميقراطية القتلة‪ ( :‬لقد شنت احلكومة األمريكية‬ ‫حربني إحداهما في اخلارج واألخرى في داخل أمريكا كان مسلمو الداخل املتضررين‬ ‫منها‪ ..‬وتابع‪ :‬لقد طرد آالف املسلمني من أمريكا بعد أحداث سبتمبر‪ ،‬وأخبروا‬ ‫أنهم غير مرحب بهم‪ ،‬كما أجبروا على تسجيل أسمائهم وأغلقت جمعياتهم‬ ‫اخليرية وأخضعوا للتحقيق‪).‬‬ ‫ويقول نورمان ميلر واصفا خلقها وليونتها وسالستها‪ ( :‬أمريكا أصبحت‬ ‫أكثر فظاظة‪ ،‬ورمبا أصبح العالم كلَّه يسير في هذا الطريق‪ ،‬ألننا نقوم بتصدير‬ ‫هذه الفظاظة‪ ،‬إنَّها واحدة من أكبر سلعنا الثقافية‪ :‬اللغو)‪.‬‬ ‫وال أدل على صدق تسامحها الديني مع اآلخرين وسلميتها من االستطالع‬ ‫الذي أجري في تلك البالد قبل احلرب األمريكية على أفغانستان‪ ،‬حيث أظهر‬ ‫االستطالع أن ‪ 85%‬يؤيدون غزو أفغانستان‪ ،‬وقد أجرت وزارة الدفاع األمريكية‬ ‫إحصا ًء آخر قبل بدء الهجوم على العراق أظهر أن ‪ 80%‬من الشعب األمريكي‬ ‫يؤيد غزو العراق‪ ،‬فتأمل يرعاك اهلل هذا التسامح الديني‪!...‬‬ ‫وقد رصد مجلس العالقات اإلسالمية األميركية « كير « ‪ -‬وهو أحد أكبر‬ ‫‪ -  2‬يقول « لي آتووتر» ‪ -‬وهو أحد الرموز البارزة في إدارة الرئيس ريغان ‪ ( : -‬لقد ساعدني مرضي على أن أدرك أن ما كان‬ ‫مفقودا في اجملتمع كان مفقودا في داخلي أنا أيضا‪ :‬قليل من احلب واملودة وقليل من األخوة‪...‬ال أعلم من سيقودنا في عقد‬ ‫التسعينيات‪ ،‬ولكن ينبغي عليه أن يتحدث صراحة عن هذا اخلواء الروحي في قلب اجملتمع األميركي‪ ،‬إنه ورم خبيث ينتشر‬ ‫في أرواحنا‪)..‬‬

‫مجلة ‪:Life‬عدد فبراير ‪1991‬م‬

‫‪ -  3‬يقول البروفسور» دون فان إينت» أستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا‪ ( :‬ال شك في أ ّن عقيدتنا الرأسمالية بال خلق وال دين‪،‬‬ ‫هكذا هي منذ أن ولدت حتى يومنا هذا‪ .) .‬وال أدل على أخالقهم ودميقراطيتهم من اعتراف رجلهم الرئيس الباكستاني‬

‫برويز مشرف عندما قال‪ ( :‬قالوا لي‪ :‬أمامك خياران إ َّما أن تدخل في حلف أمريكا ضد اإلرهاب‪ ،‬وإ َّما أن نعيد باكستان‬ ‫للعصر احلجري‪.) !!!..‬‬

‫‪116‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يكيرمألا ميقلا فيز فشك يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫منظمات احلقوق املدنية املسلمة في أميركا‪ -‬أكثر من ‪ 400‬حالة من حاالت‬ ‫االعتداء على املسلمني والعرب في أميركا‪ ،‬وقعت في األسبوع التالي للحوادث‪،‬‬ ‫وهو ما يفوق تقريبا عدد حاالت االعتداء التي رصدها اجمللس في العام املاضي‬ ‫بأكمله‪ ،‬والتي بلغ عددها ‪ 366‬حالة‪.‬‬ ‫وخلطورة األمر وما تعرض له املسلمني‪ ،‬فقد صدق مجلس الشيوخ األميركي‬ ‫على قرار يدين فيه حوادث االعتداء على املسلمني ويثني على دورهم في اجملتمع‬ ‫األميركي‪ ،‬ثم تبعه في ذلك مجلس النواب‪ ،‬كما صرح العديد من املسؤولني‬ ‫بنفس الشيء مثل جون آشكروفت وزير العدل األميركي والسيناتور إدوارد‬ ‫كيندي والنائب الدميقراطي ديفد بونير والنائب الدميقراطي جيم موران‪ ،‬وذلك في‬ ‫محاولة منهم لتهدئة وإيقاف دائرة العنف الشعبي املوجه للمسلمني‪ ،‬واملتأثرة‬ ‫ببعض التغطيات اإلعالمية السلبية وغير املسؤولة‪ ،‬لعالقة املسلمني واإلسالم‬ ‫باحلوادث اإلرهابية األخيرة(((‪.‬‬ ‫قال الصحافي الفرنسي جان غيسنل ‪ -‬مؤلف كتاب الكذبة الرهيبة ‪ -‬في‬ ‫محاضرة ألقاها في مركز زايد للتنسيق واملتابعة‪ ( :‬لقد دفعت الواليات املتحدة‬ ‫شعبها ملهاجمة مواطنني من أصول عربية وإسالمية‪ ،‬وسنت تشريعا ً استثنائيا ً‬ ‫يستهدف العرب واملسلمني بشكل خاص‪ ،‬وأضاف‪ :‬هذه إجراءات غير مقبولة‪،‬‬ ‫همهم الوحيد االندماج في دولة القانون والتمتع‬ ‫كونها تلحق ضررا بأشخاص ّ‬ ‫بحرية املعتقد والدميقراطية – زعموا ‪ ،-‬وأشار إلى أن معاناة اآلالف من املالحقة‬ ‫والسجن كان ألسباب عرقية صرفه‪).‬‬ ‫وياليت األمر توقف عند ذلك‪ ،‬فلم ميض كثير وقت على غزو أفغانستان‪،‬‬ ‫حتى رأى العالم وشاهد مثالية القيم األمريكية واقعا ً حيا ً هناك في معتقل‬ ‫‪ -  4‬انظر « حقوق وحريات مسلمي وعرب أميركا بعد االنفجارات « لعالء بيومي‪ :‬مدير الشؤون العربية ‪ -‬مجلس العالقات‬ ‫اإلسالمية األميركية (كير)‪.‬‬

‫‪117‬‬


‫غوانتامنوا‪ ،‬وما أدراك ما غوانتامنوا‪..‬؟! حيث يتجرد األمريكي من بشريته – إن كان‬ ‫عنده شيئا ً من ذلك ‪ ،-‬ويغدوا حيوانا ً مبسوح إنسان‪ ،‬يجتهد كل االجتهاد لتطبيق‬ ‫قيمه‪ ،‬وسماحته‪ ،‬وعدله‪ ،‬ومبادئه املثلى على بني البشر‪..‬‬ ‫ تقول الصحفية اإلسرائيلية «اورلي ازوالي كاتس»‪ ،‬في تقرير لها نشر في‬ ‫صحيفة « يدعوت أحرنوت» في تاريخ ‪ (:25 /2/25‬لقد حاولوا احملققني األمريكيني‬ ‫كسر إرادة أسير سوداني في غوانتانامو من خالل إلباسه العلم اإلسرائيلي‬ ‫عنوة‪ ،‬فيما قاموا بربط أسرى آخرين بأيديهم وأرجلهم حتى غرقوا ببولهم‬ ‫وبرازهم طيلة ‪ 18‬إلى ‪ 24‬ساعة‪ ،‬وأضافت‪ :‬األسرى العرب واملسلمني هناك ال‬ ‫يعلمون هوية مكان اعتقالهم‪ ،‬مما ميكن احملققني األمريكيني من تهديد من يرفض‬ ‫اإلدالء مبعلومات حول القاعدة خالل استجوابه بتسليمه لإلسرائيليني من خالل‬ ‫نقله إلى ثكنة مجاورة يرفع فيها العلم اإلسرائيلي مسبقا‪ ،‬وأفاد التقرير‪ :‬أن‬ ‫مترجما أمريكيا عمل في املعتقل يع ّد كتابا يكشف فيه املزيد من فظاعات‬ ‫ً‬ ‫غوانتانامو منها مهاجمة األسرى بغاز الفلفل وقيام محققة بخلع مالبسها‬ ‫أثناء التحقيق مع أسير سعودي أغمض عينيه وشرع بالصلوات وعندها ألقت‬ ‫بنفسها عليه‪ ،‬فبصق نحوها فعادت وبللته مبادة سائلة حمراء كالدم وأبلغته‬ ‫أن ذلك من حيضها‪ ،‬في محاولة حلرمانه من الصالة‪ ،‬ثم غادرت الغرفة تاركة إياه‬ ‫(((‬ ‫باكيا كالطفل‪).‬‬ ‫وليت شعري لو وقف األمر عند هذا احلد‪ ،‬ويا ليتهم اكتفوا مبا سبق ذكره‪،‬‬ ‫فقد أبى أهل أخس جاهلية عرفها البشر‪ ،‬وأحط مملكة سمع عنها الناس‪ ،‬إال‬ ‫أن يكملوا فصول وحشيتهم هناك في أبي غريب‪ ،‬فقد أبصر العالم وشاهد‬ ‫كيف تعدت همجيتهم كل همجية‪ ،‬وفاقت كل تصور قد يصل إليه اإلنسان‪،‬‬ ‫فها هم أصحاب القيم املثالى‪ ،‬واملبادئ السامية‪ ،‬واحلرية الكبرى ‪ ،‬يعبرون عن‬ ‫حقيقة الدميقراطية األمريكية العفنة‪ ،‬والتسامح األخالقي النكد مرة ثانية‪،‬‬ ‫‪ -  5‬انظر موقع العصر‪ :‬مقال للكاتب علي حسني باكير بعنوان‪« :‬جرائم التعذيب‪ :‬إستراتيجية أمريكية بامتياز»‪.‬‬

‫‪118‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يكيرمألا ميقلا فيز فشك يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫ت لإلنسانية بصلة‪ ،‬وأعملوا أنياب حقدهم‬ ‫بعد أن ألقوا عن كاهلهم كل ما يمَ ُ ُّ‬ ‫في أجساد املستضعفني من أبناء اإلسالم‪ ،‬الذين ال ذنب لهم سوى أنهم يقولون‪:‬‬ ‫ال إله إال اهلل‪...‬‬ ‫ فقد كشف تقرير أعده اجلنرال األمريكي « أنطونيو ثاغوبا» ونشرته‬ ‫مجلة «نيويوركر « عن مدى بشاعة األعمال‪ ،‬التي قام بها رجال هذه اجلاهلية‬ ‫املتهالكة‪ ،‬التي ما فتئت تفتخر بقيمها‪ ،‬يقول التقرير‪ ( :‬حدثت ممارسات سادية‬ ‫وجرائم في سجن أبي غريب بني شهر تشرين أول وشهر كانون أول من العام‬ ‫املاضي‪ ،‬وقام بهذه املمارسات جنود من كتيبة الشرطة العسكرية رقم ‪372‬‬ ‫وعدد من عناصر أجهزة اخملابرات األمريكية و انتهاكات كبيرة منها‪:‬‬ ‫كسر األضواء الكيماوية وسكب السائل على املعتقلني‪ ،‬سكب املياه الباردة‬ ‫والساخنة على املعتقلني بعد تعريتهم‪ ،‬ممارسة اللواط بحق املعتقلني وإجبارهم‬ ‫على متثيل مظاهر جنسية ضد بعضهم البعض‪ ،‬إجبارهم على ممارسة العادة‬ ‫السرية‪ ،‬تعرية املعتقلني وإجبارهم على النوم فوق بعض‪ ،‬إدخال أضواء كيماوية‬ ‫في دبر املعتقلني‪ ،‬إبقاء املعتقلني عراة لعدة أيام‪ ،‬ضرب املعتقلني مبقابض املكانس‬ ‫والكراسي‪ ،‬إجبارهم على التعري ولبس مالبس نسائية داخلية‬ ‫ربط رقاب املعتقلني وهم عراة بحبل وجرهم وهم مقيدون‪ ،‬حرمانهم من‬ ‫النوم‪ ،‬استخدام الكالب العسكرية لترويع املعتقلني وعضهم‪ ،‬اغتصاب النساء‬ ‫(((‬ ‫املعتقالت‪).‬‬ ‫ أما تعليقهم على تلك املمارسات فقد جاء على لسان أحد قادتهم‪،‬‬ ‫تقول القائد كاربنسكي في لقاء إعالمي‪ ( :‬بالنسبة للمحتجزين العراقيني في‬ ‫سجن أبي غريب فالظروف احلالية في السجن أفضل من بيوتهم‪.((()..‬‬ ‫ وتقول صحيفة (الواشنطن بوست) األمريكية‪( :‬بينما تشجب احلكومة‬ ‫‪ -  6‬انظر موقع العصر‪ :‬مقال للكاتب علي حسني باكير بعنوان‪« :‬جرائم التعذيب‪ :‬إستراتيجية أمريكية بامتياز»‪.‬‬ ‫‪ -  7‬وصدق البروفسور «دون فان إينت « ‪ -‬أستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا‪ -‬وهو كذوب إذ يقول‪ ( :‬ال شك في أ ّن عقيدتنا‬ ‫الرأسمالية بال خلق وال دين‪ ،‬هكذا هي منذ أن ولدت حتى يومنا هذا‪.) .‬‬

‫‪119‬‬


‫األمريكية علنا استعمال التعذيب‪ ،‬فإن كل شخص من مسؤولي األمن القومي‬ ‫احلاليني الذين ووجهوا بهذه احلقائق دافعوا عن استعمال العنف ضد األسرى‬ ‫بدعوى أنه أمر ضروري‪ ،‬كما أبدوا ثقتهم بأن اجلماهير األمريكية تدعم رأيهم‬ ‫وموقفهم‪.‬‬ ‫ وتنقل الصحيفة عن أحد املسئولني على عمليات األسر ونقل املعتقلني‬ ‫قوله‪ :‬إذا أنت لم تنتهك حقوق شخص ما بعض الوقت‪ ،‬فمن احملتمل أنك ال‬ ‫(((‬ ‫تستطيع القيام بعملك‪!!..‬‬ ‫أحسبك((( ال‬ ‫اللب‪ ،‬يا من كنت ترجو أي خير – وإن كنت ِ‬ ‫ فتأمل يا صاحب ّ‬ ‫ترجو– من تلك الدولة الطاغية‪ ،‬تأمل حقيقة قيمها‪ ،‬وإنصاف عدالتها‪ ،‬وحسن‬ ‫أخالقها‪ ،‬وسماحة أبنائها‪ ،‬وخالبة دميقراطيتها‪ ،‬وسمو حريتها‪!!...‬‬

‫‪ -  8‬انظر تفاصيل املقال في عددها الصادر في يوم اخلميس‪.2002 December 27‬‬ ‫‪ -  9‬بكسر السني فإنه أجود في اللغة كما ذكر ذلك أصحاب املعاجم‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يندلا عاقصأ يف ةيكيرمألا ةحلسملا تاوقلا تيتشت يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في تشتيت القوات‬ ‫املسلحة األمريكية في أصقاع الدنيا‬

‫لقد كان للغزوة املباركة أثر ٌ واضح املعالم‪ ،‬في إخراج اجليش األمريكي من‬ ‫قواعده احلصينة‪ ،‬القابع فيها آمنا ً مطمئناً‪ ،‬واستدراجه ملواجهات ساخنة مع‬ ‫أبناء التوحيد املتشوقني للنيل من هذا العدو املتغطرس‪ ،‬الذي استعبد الناس‬ ‫لعقود عديدة‪ ..‬فلم يلبث هذا اجليش الصليبي بعد أن نالت منه يد اجملاهدين‬ ‫وأهدرت كرامته‪ ،‬إال أن تَوزع في أصقاع هذه املعمورة(((‪ ،‬طالبا ً الثأر لكرامته‬ ‫التي مرغت بالتراب‪ ،‬فقصد أفغانستان‪ ،‬ولم يلبث أن ثناها فغزت جحافله‬ ‫بالد الرافدين‪ ،‬وأرسل قواته للفلبني‪ ،‬وتفرقت جموعه في األرض‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫استنزاف قدراته املالية و العسكرية‪ ،‬وباتت قواته مستهدفة بشكل اكبر ‪،‬‬ ‫وانهارت معنوياتها حتى وصلت احلضيض‪ ،‬وغدا الفرار من اخلدمة العسكرية‬ ‫واالنتحار سمة هذا اجليش املتهالك(((‪ ،‬وغدت الواليات املتحدة بنفسها غير آمنة‬ ‫‪ -  1‬حسب مصادر البنتاغون فقد انتشر اجليش األمريكي وتوزع على الشكل التالي‪-:‬‬ ‫ربع مليون عسكري نشروا في قواعد خارج أراضيها‪ 55 ،‬ألفا منهم على سفن بحرية‪ 120 ،‬ألفا يتمركزون في اوربا منهم‪70:‬‬ ‫ألفا في أملانيا و‪ 2000‬جندي في تركيا ‪ 30‬ألفا في اخلليج‪ 40891 .‬جندي أمريكي في اليابان‪ 36.‬ألفا في كوريا اجلنوبية‬ ‫انظر البيان – شعبان ‪1422 /‬‬ ‫واسعا ج ًدا في أعقاب حربي العراق‬ ‫‪ -  2‬تقول صحيفة هيرالد ترييون‪ ( :‬بعدما أصبح اجليش األمريكي منتشرًا انتشارًا‬ ‫ً‬ ‫وأفغانستان‪ ،‬خاصة مع تواصل اجلهود الساعية إليجاد نوع من االستقرار في أفغانستان‪ ،‬بات اجلنود األمريكيون وجنود‬

‫مشاة البحرية األمريكيون مطالبني بالذهاب إلى مواطن اخلطر واخلوف ملرات عديدة ومتالحقة‪ ،‬وملدد أطول بكثير مع فرص‬ ‫أقل في إمكانية التنعم بالبقاء في الوطن مقارنة بأسالفهم من العسكريني األمريكيني‪ ,‬وبات أولئك اجلنود في حالة‬ ‫تشبه الهستيريا من ردهم إلى أماكن اخملاطر التي ال يعلمون ملاذا حتيق بهم هكذا‪)!..‬‬

‫‪121‬‬


‫جراء انتشار قواتها‪ ،‬وتشرذمهم في األرض‪ ،‬مما يأذن – بحول اهلل – ومع أول غزوة‬ ‫مشابهة لغزوة الفرقان‪ ،‬بانهيارها وتفككها‪ ،‬لتغدوا خمسني والية مستقلة ال‬ ‫يجمع بينها سوى ذكريات املاضي املؤلم(((‪.‬‬ ‫يقول جيمس كارول‪ ( :‬يبدو أن الهيمنة العسكرية األمريكية غير املسبوقة‬ ‫في العالم والتي أدت كلفتها الباهظة إلى خنق االقتصاد األمريكي‪ ،‬لم تضعف‬ ‫املقاومة لنا في اخلارج ولم جتعـــل األمريكيني أكثر أمنا‪.((()..‬‬ ‫وقد أقرَّت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ األمريكي‪ ،‬برئاسة "غاري‬ ‫ريد" رئيس األقلية الدميقراطية في اجمللس بتفاقم األعباء على اجليش تقول‬ ‫اجملموعة‪ ( :‬إ ّن القوات األمريكية موجودة اآلن في ‪ 120‬بلداً‪ ،‬وأ ّن األعباء امللقاة على‬ ‫عاتقها بلغت أوج األزمة إال أ ّن الواليات املتحدة لم تصبح أكثر أمناً‪.‬‬ ‫وقال عضو مجلس الشيوخ « غاري ريد «‪ ( :‬إ ّن أمريكا في ظلّ بوش أصبحت‬ ‫أقلّ أ ْمنا ً وتواجه أخطارا ً متزايدة وليست مستعدة للعالم اخلطر الذي نعيش‬ ‫فيه‪.)..‬‬

‫حتمل ضربات أخرى على شاكلة أحداث سبتمبر‪.) .‬‬ ‫‪ -  3‬يقول وزير األمن األمريكي ‪ ( :‬إن الواليات املتحدة ال تستطيع ّ‬

‫‪ 4‬وتنقل الهيرالد تريبيون عن اجلندي األمريكي قوله‪ :‬لقد اعتقدت أ ّن اجليش األمريكي كان كبيرًا مبا فيه الكفاية بحيث تكون‬ ‫متاما من العودة إليها مرة ثانية على األقل حتى تنتهي أوضاع‬ ‫الوحدة العسكرية التي تخدم في إحدى املناطق مستبعدة ً‬ ‫ً‬ ‫متاما‪ ,‬فها نحن نعود إلى كابوسنا مرة ثانية ونتعرض‬ ‫متاما‪ ,‬ولكن ظني كان خطأ ً‬ ‫معينة وتبدأ أوضاع أخرى مختلفة ً‬ ‫للموت في كل يوم مرات ومرات‪.‬‬

‫عاما‪ :‬إنني أعلم أن هذا هو واجبي والبد أن أعود للخدمة في العراق من أجل بالدي‪ ،‬ولست‬ ‫ويضيف جارسيا البالغ من العمر ‪ً 20‬‬ ‫علي أداؤه‪ ,‬كما ينتابني شعور بأنني رمبا ال أعود ألهلي مرة‬ ‫ً‬ ‫نادما على ذلك‪ ،‬لكن ينتابني الشعور بأنني لم أؤدِّ ما كان يجب ّ‬ ‫ثانية‪ .‬انظر مفكرة اإلسالم ‪ /‬مقال بعنوان « الرهان اخلاسر لبوش على اجلندي األمريكي «‪ ،‬ترجمة ‪ /‬أحمد عطا ‪ -‬انظر‬ ‫بوسطن غلوب ‪/‬أغسطس ‪2004 /‬‬

‫‪122‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يلع سانلا ءيرجتو ةيكيرمألا ةدحتملا تايالولا ةبيه رسك يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في كسر هيبة‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫وجتريء الناس عليها‬ ‫منذ أن وضعت احلرب العاملية الثانية أوزارها والواليات املتحدة األمريكية‪،‬‬ ‫تتجبر في األرض بغير احلق‪ ،‬وتطغى غير آبهة بأحد‪ ،‬فتسحق هذا الشعب حتت‬ ‫عجالت مجنزراتها‪ ،‬وتُنعم على ذاك الشعب بأُعطياتها‪ ،‬وتضع آخر حتت حصار‬ ‫ظلمها ليموت جوعا ً إن لم يخضع جلبروتها‪ ،‬فأرهبت الناس بسحرها‪ ،‬وأرعبت‬ ‫األمم بسطوتها‪ ،‬وتوجست املمالك والدول منها خيفةً‪ ،‬وخضع لها الشرق مهابةً‪،‬‬ ‫ودان لها الغرب رضا ً وطمعا ً(((‪...‬‬ ‫وعلى عكس تلك الشعوب املستضعفة‪ ،‬واملمالك املقهورة املغلوبة على‬ ‫أمرها طوعا ً أو كرها‪ ،‬كانت ثلة من أبناء التوحيد‪ ،‬ورثة األمجاد رواد الكرامة‪ ،‬ممن‬ ‫كفر بتلك اململكة الضالة يعدون العدة لتحطيم كبريائها وجبروتها‪ ،‬وإظهار‬ ‫حقيقتها اخلاوية للمأل‪...‬‬ ‫ويسر اهلل وكانت الغزوة املباركة‪ ،‬التي أحالت مجد الواليات املتحدة وعزها‬ ‫املزعوم ذال ً وهواناً‪ ،‬وقوتها ضعفا ً وخواراً‪ ،‬وجبروتها وطغيانها استكانة وبوارا‪،‬‬ ‫وذاقت بفضل اهلل من كؤوس املوت أصنافا‪ ،‬ومن العذاب أشكاال ً وألوانا‪ ،‬وغدت‬ ‫واشنطن عاصمة الدولة املتشيطنة مدينة أشباح‪ ،‬وقد فر َّ سدنتها ال يلوون‬ ‫‪ -  1‬يقول املؤرخ ريتشارد إمييرمان‪ ( :‬القوَّة واألمن األمريكيني يعتمدان بشكل أساسي على احلصول على املواد األولية من‬ ‫العالم‪ ،‬وبالتدخل في أسواقه الداخلية‪ ،‬وباألخص في دول العالم الثالث التي يجب أن تبقيها الواليات املتحدة حتت‬

‫السيطرة الشديدة)‪.‬‬ ‫ويقول الرئيس األمريكي األسبق نيكسون‪( :‬على أعداء الواليات املتحدة األمريكية أن يدركوا أننا نتحول حمقى إذا ضربت‬ ‫مصاحلنا‪...‬بحيث يصعب التنبؤ مبا قد نقوم به مما لدينا من قوة تدميرية غير تقليدية‪ ،‬وعندها سوف ينحنون خوفا ً منَّا )‪.‬‬ ‫ويقول وزير اخلارجية األمريكية كولن باول‪( :‬نحن اآلن القوة األعظم‪ ،‬نحن اآلن الالعب الرئيس على املسرح الدولي‪ ،‬وكل ما‬ ‫يجب علينا أن نفكر به اآلن هو مسؤوليتنا عن العالم بأسره‪ ،‬ومصاحلنا التي تشمل العالم كلَّه)‪.‬‬

‫‪123‬‬


‫على شيء سوى النجاة بالنفس‪ ،‬وبدت نيويورك خاوية على عروشها‪ ،‬كأن لم‬ ‫تغن باألمس‪ ،‬وغدا تقرير خارجيتها‪ ،‬الذي سطره كبراؤها قبل شهرين من الغزوة‬ ‫والذي جاء فيه‪ ( :‬إن من شبه املؤكد أن الواليات املتحدة ستبقى حتى عام ‪2030‬‬ ‫القوة العسكرية واالقتصادية الوحيدة في العالم‪ )..‬أقول‪ :‬غدا حبرا ً على ورق ال‬ ‫قيمة له في عالم األحياء‪ ،‬بل لم يعد يساوي ثمن املداد الذي كتب فيه‪.‬‬ ‫ أي واهلل لقد هتك التسعة عشر موحدا ً أستار مجدها الزائف‪ ،‬وجعلوا‬ ‫من ذاك الطاغوت املتكبر أضحوكة يتجرأ عليها القاصي والداني‪ ..‬فهذه إيران‬ ‫الروافض تتحداها جهارا ً نهارا ً ببرنامجها النووي‪ ،‬وتلك كوريا الشمالية جتري‬ ‫تفجيرها النووي غير مبالية بتهديداتها(((‪ ،‬وها هي فنزويال تتحدى هذه الدولة‬ ‫الباطلة‪ ،‬ويصفها رئيسها « شافيز « بأبشع العبارت((( وها هم فراعنة مصر‬ ‫وآل سلول يرفضون إرسال قواتهم إلنقاذ جيش الصليب املنهار املنتكس في‬ ‫العراق‪ ،‬وها هم رعاياها أينما حلُّوا يتوجسون خيفة أن يتخطفهم جند اهلل‬ ‫امليامني‪ ،‬فاحلمد هلل الذي حطم هيبتها‪ ،‬ونك َّس رايتها‪ ،‬وأذل جبروتها‪ ،‬وجرأ عليها‬ ‫القاصي والداني‪ ،‬والقريب منها والبعيد‪.‬‬ ‫‪ -  2‬بل تهددها بضربة استباقية وبال رحمة إن فكرة مبهاجمتها كما صرح بذلك نائب مدير وزارة خارجية كوريا الشمالية‬ ‫في يوم اخلميس‪ 6‬فبراير‪.2003‬‬ ‫‪ -  3‬يقول رئيس فنزويلال هوجو شافيز أمام اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪-:‬‬ ‫أمس أيها السيدات والسادة من هذا املنبر جاء هنا رئيس الواليات املتحدة وهو السيد الذي اشير اليه باسم الشيطان وتكلم‬ ‫وكأنه ميلك العالم‪.‬‬ ‫اعتقد أننا نستطيع ان ندعو طبيب نفساني لتحليل خطاب االمس الذي القاه رئيس الواليات املتحدة‪ .‬وبصفته املتحدث‬ ‫بـاسم االمبريالية فقد جاء لتقدمي تركيبة وصفة حملاولة احلفاظ على منط الهيمنة واستغالل ونهب شعوب العالم‪.‬‬ ‫كان اخلطاب يصلح ان يكون سيناريو لفيلم من أفالم الفريد هيتشكوك‪ .‬حتى استطيع ان اقترح عنوان الفيلم «‬ ‫وصفة الشيطان «‪ .‬وكما يقول تشومسكي هنا بوضوح وبعمق فإن اإلمبراطورية األمريكية تقوم بكل ما في‬ ‫وسعها لتدعيم نظام هيمنتها‪ ،‬ونحن ال نستطيع أن نسمح لها بذلك‪،‬ال نسمح لدكتاتورية العالم أن تتكتل‪..‬‬ ‫إن خطاب رئيس العالم املليء بالنفاق االمبريالي ينبع من احلاجة للسيطرة على كل شيء‪،‬‬ ‫إنهم‬ ‫الصفوة‬

‫يقولون إنهم يريدون فرض النموذج الدميقرا‪ ،‬ولكن هذا منوذجهم الدميقراطي‪ ،‬إنها دميقراطية‬ ‫املزيفة‪،‬‬

‫ودعوني‬

‫اقول‬

‫هي‬

‫دميقراطية‬

‫مبتكرة‬

‫تفرض‬

‫بالسالح‬

‫والقنابل‬

‫والرصاص‪.‬‬

‫يا لها من دميقراطية غريبة ! قد ال يتعرف عليها حتى أرسطو أو اآلخرون الذين وضعوا أسس الدميقراطية‬ ‫نعم تستطيع أن تسمينا متطرفني‪ ،‬ولكننا نقاوم ضد اإلمبراطورية وضد منوذج الهيمنة‪.‬‬

‫‪124‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫يبيلصلا ودعلا حاس ىلإ ةكرعملا ثادحأ لقن يف ةديمحلا اهراثآ‬

‫آثارها احلميدة في نقل أحداث‬ ‫املعركة إلى ساح العدو الصليبي‬

‫منذ الغارة اليابانية على مينائها وقاعدتها البحرية في «بير هاربر»‪ ،‬بقيت‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية في منأى خلف محيطاتها‪ ،‬عن ضربات أي عدو‬ ‫خارجي‪ ،‬فقد اعتادت هذه الدولة املتجبرة طوال السنوات التي سبقت أحداث يوم‬ ‫ضرب‪ ،‬وتعاقب وال تُعاقب‪ ،‬وتأتي وال تؤتى‪،‬‬ ‫الفرقان‪ ،‬أن تغزوا وال تُغْزا‪ ،‬وتضرب وال ت ُ ْ‬ ‫وقد ارتسمت هذه الصورة لسنوات طوال في أذهان روادها ومفكريها وقادتها‪،‬‬ ‫وتغنى بها الكثير الكثير من رجاالتها‪ ،‬فهذا كبيرها األسبق «نيكسون» وكتابه‬ ‫سد فيه تلك الصورة اخملتزلة في أذهان قومه والتي‬ ‫املشهور «نصر بال حرب»‪َ ،‬ج َّ‬ ‫ملخصها « أن احلرب ما دامت خارج حمى الواليات املتحدة فهي ليست بحرب‪،‬‬ ‫وما سيتمخض عنها من نتائج إمنا هو نصر ال محال‪.»..‬‬ ‫وفيما اإلدارة األمريكية بقيادة احملافظني اجلدد تعد العدة لغزو أفغانستان(((‪،‬‬ ‫كان ورثة التوحيد على موعد مع نقل أحداث املعركة إلى ساح العدو‪ ،‬ومباغتته‬ ‫في عقر داره‪ ،‬وضرب مركز قيادته للعالم سواء العسكرية منها أو االقتصادية‪،‬‬ ‫وذلك ألول مرة منذ ما يزيد عن خمسني عاماً‪ ،‬ليذوق عبدة األوثان مرارة الهزمية‪،‬‬ ‫وطعم االنكسار‪ ،‬وليشربوا من ذاك الكأس الذي طاملا أسقوه غيرهم من األمم‪...‬‬ ‫قوم يحبون املوت كما يحب غيرهم احلياة‪ ..‬غزوهم فأحالوا‬ ‫أي ربي لقد غزاهم ٌ‬ ‫دار أمنهم دار رعب وخوف وهلع‪ ...‬فهذا رئيسهم البائس جورج بوش ال يجد ملجئا ً‬ ‫‪ -  1‬كما صرح بذلك « بول أونيل « وزير اخلزانة األمريكي األسبق في كتابه « ثمن الوالء»‪ ( :‬إن قرار الغزو اتخذته اإلدارة‬ ‫األمريكية قبل ضربات القاعدة‪.).‬‬

‫‪125‬‬


‫يأوي إليه فيفر ُّ من والية فلوريدا إلى والية لويزيانا‪ ،‬ثم يواصل مسلسل الهرب‬ ‫ويأوي إلى مكان آمن في والية نبراسكا في وسط العمق األمريكي‪ ..‬وهذا نائبه‬ ‫ديك تشيني يقتفي أثر خطاه فيفر ال يلوي على شيء سوى النجاة بالنفس‪ ،‬ولم‬ ‫يقتصر األمر على رأس الدولة ونائبه‪ ،‬فقد مت إخالء البيت األبيض من رواده‪ ،‬بعيد‬ ‫إخالء من جنا من وزارة الدفاع « البنتاغون»‪ ،‬وباتت وزارة اخلارجية كهفا ً يستوطنه‬ ‫اجلان بعد فرار أزالمه‪.‬‬ ‫ وهكذا غدت واشنطن عاصمة اإلمبراطورية التي ليس لها مثيل في‬ ‫التاريخ – زعموا – خاوية على عروشها‪ ،‬قد فر َّ صنَّاع قرارها‪ ،‬وأساطني دهائها‪،‬‬ ‫وبتلك الغزوة الطيبة‪ ،‬تكسرت أحالم الرئيس نيكسون(((‪ ،‬وأصبحت نظرياته‬ ‫ومقوالته سرابا ً في سراب‪ .‬وصدق العلي القدير القائل في كتابه الكرمي‪ }:‬ال يَزَالُ‬ ‫بُنْيان ُ ُهم ال َّ ِذي ب َ َنوا ريب ًة فِي قلُوبهم إ اّل أَن تَقَ طَّ َع قلُوب ُ ُه للهَّ‬ ‫يم {‬ ‫يم َح ِ‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫ُ ِ​ِ ْ ِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ك ٌ‬ ‫م وَا ُ عَ ِل ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫(التوبة‪ )110:‬وبهذا الذي بني يديك من اآلثار احلميدة واحملاسن اجلمة التي يسر‬ ‫اهلل عز وجل جمعها لهذه الغزوة املباركة‪ ،‬نختم هذه الورقات التي نسأل اهلل أن‬ ‫يجعلها في ميزان حسناتنا يوم لقائه‪ ،‬وأن ال يحرمنا أجرها إنه ولي ذلك والقادر‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‬

‫‪ -  2‬القائل‪( :‬نحن نقبض على ناصية املستقبل بأيدينا‪.) ..‬‬

‫‪126‬‬

‫اآلثار احلميدة واحملاسن لغزوتي واشنطن ومنهاتن‬


‫احملتويات‬

‫زاد الطريق������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������ ‪3‬‬ ‫مقدمة بقلم الشيخ مصطفى أبو اليزيد������������������������������������������������������������������������������������ ‪5‬‬ ‫املقدمة����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������� ‪9‬‬ ‫بني يدي األحداث������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������ ‪12‬‬ ‫آثارها احلميدة على أبناء اإلسالم في مشارق األرض ومغاربها��������������������������������������������������� ‪17‬‬ ‫آثارها احلميدة في تعريف املسلمني بعلمائهم الربانيني ���������������������������������������������������������� ‪27‬‬ ‫آثارها احلميدة في إظهار حقيقة من ناوئ اجملاهدين ووقف في عدوة اخملذلني ����������������������� ‪32‬‬ ‫آثارها احلميدة في كشف سوءة احلكام املرتدين لعوام املسلمني �������������������������������������������� ‪38‬‬ ‫آثارها احلميدة على مسار احلركة اجلهادية العاملية ������������������������������������������������������������������� ‪42‬‬ ‫آثارها احلميدة في تعرية احلركات اإلسالمية غير اجلهادية وبيان عوارها �������������������������������� ‪47‬‬ ‫آثارها احلميدة في الترويج لسالح الردع اإلسالمي املعروف بالعمليات االستشهادية����������� ‪50‬‬ ‫آثارها احلميدة على األرض املباركة «فلسطني السليبة» ���������������������������������������������������������� ‪52‬‬ ‫آثارها احلميدة في تعجيل الغزو الصليبي األمريكي لبالد الرافدين «العراق» ������������������������ ‪55‬‬ ‫آثارها احلميدة على مسار الدعوة إلى اهلل ��������������������������������������������������������������������������������� ‪72‬‬ ‫آثارها احلميدة في إحياء روح اجلهاد واالستشهاد في مناطق القبائل البشتونية ��������������� ‪76‬‬ ‫آثارها احلميدة على حركة طالبان وزعيمها أمير املؤمنني املال محمد عمر حفظه اهلل�������� ‪79‬‬ ‫آثارها احلميدة في إظهار عمالة التحالف الشمالي للغرب النصراني �������������������������������� ‪83‬‬ ‫آثارها احلميدة في إظهار رجاالت األمة الصادقني وسادتها املنتظرين �������������������������������� ‪86‬‬ ‫آثارها احلميدة في وأد كذبة أبواق النفاق أن الشيخ أسامة بن الدن صنيعة أمريكية ����������� ‪89‬‬ ‫آثارها احلميدة في إظهار صدق اجملاهدين وأنهم إذا قالوا فعلوا ������������������������������������������������ ‪92‬‬ ‫آثارها احلميدة في القضاء على مفهوم التعايش السلمي بني األديان������������������������������������� ‪94‬‬ ‫������������������������������������������������������� ‪97‬‬ ‫آثارها احلميدة في القضاء على نظرية نهاية التاريخ‬ ‫آثارها احلميدة في إسقاط شرعية األمم املتحدة وغيرها من املنظمات الدولية ������������������ ‪100‬‬ ‫آثاره��ا احلمي��دة في نخر املنظوم��ة االقتصادية للوالي��ات املتحدة األمريكي��ة وجعلها رهينة‬ ‫االنهيار ����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������� ‪103‬‬ ‫آثارها احلميدة في القضاء على أسطورة األجهزة األمنية األمريكية ����������������������������������� ‪107‬‬ ‫آثارها احلميدة في القضاء على عنجهية واستكبار الفرد األمريكي������������������������������������ ‪110‬‬


‫آثارها احلميدة في جعل أبناء الصليب األمريكي رهينة اخلوف والرعب��������������������������������������� ‪112‬‬ ‫آثارها احلميدة في كشف زيف القيم األمريكية���������������������������������������������������������������������������� ‪115‬‬ ‫آثارها احلميدة في تشتيت القوات املسلحة األمريكية في أصقاع الدنيا���������������������������������� ‪121‬‬ ‫آثارها احلميدة في كسر هيبة الواليات املتحدة األمريكية وجتريء الناس عليها������������������������ ‪123‬‬ ‫آثارها احلميدة في نقل أحداث املعركة إلى ساح العدو الصليبي������������������������������������������������ ‪125‬‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.