munasarah, hassan hussein adam

Page 1

;‹Ä`;Øât;‡]ât;~Ëå

;ÎÖê]fiŸÂ;ÅËÁ_h ;;ÈŸ]i£\;‡]Ëe÷’ ;;;ÿ]ŸÊë’\;∫;ÏËŸ˜à¸\;k]ÁˆÊ’\;Ô]⁄÷¬’


‫ ‬

‫تأييد ومناصرة‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫للبػ ػي ػ ػػاف الخػ ػ ػ ػتامي‬

‫لعلماء الواليات اإلسػ ػ ػبلمية‬

‫فـــي الصــومــال‪.‬‬

‫‪1‬‬


‫ا لحمد هلل الغفور الودكد كالصبلة كالسبلـ على صاحب المقاـ المحمود كعلى آلو كصحبو ككل من تمسك‬ ‫بالحبل الممدكد‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬فقد قرأت البارحة البياف الختامي لمؤتمر علماء الواليات اإلسبلمية الذم أنار الطريق على كجازتو كح ٌدد‬

‫المعالم بعبارتو فوضع المراىم على مواضع األلم في زمن ماتت فيو العزائم كسقطت فيو العمائم كشابت الذكائب‬ ‫من ىوؿ المصائب‪.‬‬ ‫الردل ﴿كلو شاء اهلل‬ ‫فجزاىم اهلل خيرا كأكرثهم ٌ‬ ‫لغي ك ٌ‬ ‫عزا كنصرا‪ ،‬كثبٌتهم على الخير كالهدل كجنٌبهم سبيل ا ٌ‬ ‫لجمعهم على الهدل﴾‪.‬‬

‫ىذا كمن الغبطة بمكاف كحسن الحظ القراءة لجمع من علماء األمة كىو يطلق األسماء الشرعية على مسمياتها‬ ‫من غير مواربة كال مزايدة فيا بردىا على القلب كاستقامتها على المنهج البلحب كعائدىا المصيرم في بياف كجو‬ ‫الحق البلزب كإطبلقها في الوقت المناسب‪.‬‬ ‫ال أخفي تأييدم المطلق لما كرد في البياف من فتاكل كنصائح كاقتراحات بل التشرؼ باالنحياز إليو كاالعتراؼ‬ ‫بالجميل كالتقدير لما قاموا بو جزاىم اهلل عنا كعن المسلمين خيرا‪.‬‬ ‫لمحة من المسيرة البيانية الجهادية األخيرة‪:‬‬ ‫تساءؿ الناس عن شرعيٌة الدفاع عن النفس كالجهاد ضد أمراء الحرب المرتدين عند بدء االختطاؼ ألىل‬ ‫التوحيد كالجهاد كتسلميهم كقرابين إلى الغرب الصليبي قبل ثورة المحاكم اإلسبلمية فقامت ثلٌة من طلبة العلم‬ ‫بواجب البياف كالتأييد المستطاع آنذاؾ حذار معرة الكتماف كقاـ المستضعفوف بالدفاع عن النفس بالسيف‬

‫كالسناف‪.‬‬ ‫ثم كانت نهضة المحاكم اإلسبلمية في جنوب البلد كاضطربت اآلراء كاألفكار تجاىها في بداية األمر فبادر‬ ‫السن الذم تراجعوا الحقا لما ظهر لهم جدكل‬ ‫طائفة من أىل العلم إلى الجرم على السنة األكلى خبلفا لكبار ٌ‬ ‫المقاكمة المسلحة كما ح ٌققتو من نجاح‪.‬‬

‫‪2‬‬


‫أعقب ذلك النكسة التاريخية للمحاكم كبدء االستعداد للدفاع عن الحرمات كالمقدسات كقاـ المجاىد بالطعاف‬ ‫كالمجالدة‪ ،‬كآخركف بالبياف البلزـ كالتحريض المفركض كما ال يخفى على متابع لتلك األحداث‪.‬‬ ‫ثم خرج من رحم المحاكم كالحادبين عليها التحالف الذم بات يعرؼ بتحالف أسمرا كالذم لقي ترحيبا صاخبا‬ ‫كتأييدا ساخنا من الجمهور‪ ،‬فعارضو طائفة من طلبة العلم‪.‬‬ ‫كيقاؿ‪ :‬أني من أش ٌد الناقدين لو كأذكر أف الشيخ المجاىد عبد الرحمن معلم نور رحمو اهلل سألني على جناح سفر‬

‫عن مفاسد المؤتمر كما عساه أف يسفر عنو كذلك في (ُٓ‪َِ​َٕ/ٗ/‬ـ) فقلت لو‪ً«:‬دزن الناظس في مؤجمس‬ ‫أطمسا بالنظسة ألاوليت بؤن فيه مفاطد وفىاكس منها ما ًلي‪:‬‬

‫‪ .1‬مىالاة اليافسٍن الحسبيين ولها مظاهس ل ًنفً عنها أهل املؤجمس غالبا مثل‪:‬‬ ‫اجخاذهم بطاهت‪،‬مداهنتهم‪ ،‬طاعتهم في ألامىز‪،‬السهىن إليهم‪ ،‬كبىٌ أخبازهم والثلت بهم‪،‬الاطدشازة بهم والاطدنازة بآزائهم‪.‬‬ ‫‪ .2‬الخحالف الظياس ي مع الىفسة وله أهداف ومصالح للجاهب ألاكىي‪.‬‬ ‫‪ .3‬الاطخعاهت والخحالف مع املسجدًن وإلاصغاء إليهم واحترامهم وجىكيرهم‪.‬‬ ‫‪ .4‬جىثير طىاد أهل ألاهىاء والبدع الىبري من غير ضسوزة والاطخعاهت بهم‪.‬‬ ‫‪ .5‬إًىاء املجسمين البرملاهيين والدظتر عليهم وإضفاء الشسعيت عليهم فينطلي أمسهم على املظلمين‪.‬‬ ‫‪.6‬إهه ًصٍد فجىة الخالف بين املجاهدًن في امليدان وطيحدر فسكت بينهم‪.‬‬ ‫‪.7‬إهه ًلصم تهمت العمالت باملجاهدًن لحظاب ازٍترًا عند السأي العام املعازض‪.‬‬ ‫‪ .8‬جظهس ازٍترًا هناصحت لهم وهي ّ‬ ‫عدوة املظلمين هما هى معلىم‪.‬‬ ‫‪ٌ .9‬س يء للمظلمين املجاهدًن الازٍترًين وٍىىن وصمت عاز في جبين املجاهد الصىمالي عند مظلمي ازٍترًا‪.‬‬ ‫‪ .11‬إهه خطىة أوليت أو محاولت زاهيت إلجهاض عملياث الجهاد ول ًبعد أن ًىىن من إمالءاث أمسٍيا لخحىٍل مظاز‬ ‫الجهاد اللائم في الصىماٌ إلى جحسٍس وطني فضفاض ل كيمت له في امليزان هظىابله في العالم إلاطالمي هما أن‬ ‫الاهخلاداث ألامسٍىيت ألطمسا ما هي إل جلىٍت للثلت بها والاطمئنان إليها ما دام اهخلدث من كبل أمسٍيا ّ‬ ‫عدوة املظلمين‪.‬‬ ‫‪ .11‬الخحالف حصب جدًد مضمىهه‪ :‬سحب البظاط من جحذ أكدام املجاهدًن وجعل اللضيت كىميت صىماليت بدٌ‬ ‫هىنها إطالميت صسفت وكد برٌ املجاهدون في إطالميتها شىطا»‪.‬‬

‫كلما كصل خبر الوثيقة إلى من يتش ٌدؽ اليوـ بالحكمة كبعد النظر ىاتفني طالبا عدـ النشر لما قد تحدثو في‬

‫الميداف من معارضة كنقد ألنها مبنية في زعمو على التسرع فإف المؤتمر لم يظهر منو بعد ما يستنكر‪.‬ككاف ىو‬ ‫كأمثالو من المؤيدين للمؤتمر‪.‬‬ ‫ثم أخذ النسخة المطبوعة من الشيخ عبد الرحمن فلم يعثر لها على أثر ثم لما عدت احتفظت بالنسخة األصلية‬ ‫بخط يدم بعد أف كادت تضيع‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫ثم كثرت الجبهات في البلد كاختلفت االتجاىات كاختلطت األكراؽ ككنت أحد المنحازين إلى مناصرة الجبهة‬ ‫الرد على المخ ٌذلين‪.‬‬ ‫الباقية على درب الجهاد كالتوحيد مع مساندتي للجميع بالبياف ك ٌ‬ ‫ثم برزت الحكومة االنتقالية إلى الوجود بزعامة [شريف شيخ أحمد] كالتي لقيت من المجتمع الدكلي كاإلقليمي‬ ‫تأييدا لم يسبق لو مثيل في تاريخ البلد خبلؿ عقدين من الزمن كحاكؿ الناصحوف لملمة الجراح كرأب الصدع‬ ‫كالتحذير من الكفر الصراح ببياف كجوب الكفاح بالمقدكر من السبلح‪.‬‬ ‫تبل ذلك اختبلؼ المرجعيات في الرؤية الشرعية حوؿ الطائفة المجاىدة إلى اليوـ في البلد الجريح كاتجو أكثرىم‬ ‫إلى الوصم بالخارجية كالتكفير‪ ،‬كبعض آخر إلى القوؿ بأف فيهم نزعة حركرية كحملة خارجية‪.‬كبذؿ الحادبوف‬ ‫كرد المحتار إلى الرأم المختار‪ .‬فإلى اهلل المشتكى من حاؿ األشرار‬ ‫جهودا مضنية في درء الفتنة ككشف الغمة ٌ‬

‫كالعياذ باهلل من دار البوار‪.‬‬

‫أعقب ذلك انخراط الجناح العسكرم لبلتحاد اإلسبلمي في إقليم أكجادين في سلك الوحدات األمنية‬ ‫كالعسكرية للجيش اإلثيوبي بزعامة [إبراىيم محمد حسين] بعد سيل من الدماء المهراقة بالعمالة كالمظاىرة‬ ‫للحكومة اإلثيوبية فلم آؿ جهدا في بياف تلك الردة الصلعاء كر ٌد الفرية الخرقاء عن حظيرة الشريعة السمحاء في‬

‫«النصائح المنجية» «منجية األفهاـ»؛«إسعاؼ السائل»‪«،‬التنبيهات»‪ ،‬حتى اتضح السبيل لمن عقل كال حاجة إلى من‬ ‫استحمق أك غفل‪.‬‬ ‫كأما التحذير عن مزالق التراجعات كالتعديبلت المنهجية كاالنهزامات النفسية تحت شعار التعقل كنبذ العنف‬ ‫مل الخاصة‬ ‫كالتطرؼ للحركات اإلقليمية كالمحلية فقد بالغت في نظرم في النداء كالصراخ ليل نهار حتى ٌ‬ ‫كالعامة كسئموا من ترداد القوؿ كالبياف في التحذير من تلك األساليب كالنكسات فالحمد هلل الذم بنعمتو تتم‬ ‫الصالحات‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫شكر كتقدير‪:‬‬

‫قل فيو الناصر كالمعين‬ ‫أشكر أىل التوحيد كالجهاد على صبرىم كجبلدىم في سبل الكرامة كالصمود في زمن ٌ‬

‫ككثر فيو الخانع كالمهين‪.‬‬

‫كأكصيهم بالص بر كالمصابرة كالثبات على درب الجهاد كالتوحيد كعدـ االغترار بأساليب المجرمين﴿إف يمسسكم‬ ‫قرح فقد مس القوـ قرح مثلو كتلك األياـ نداكلها بين الناس﴾‪﴿ ،‬إف تكونوا تألموف فإنهم يألموف كما تألموف‬ ‫كترجوف من اهلل ما ال يرجوف﴾‪.‬‬ ‫ترؾ الجهاد يوجب الهبلؾ في الدنيا كاآلخرة‪:‬‬ ‫عن أبي أمامة رضي اهلل عنو عن النبي صلى اهلل عليو ك سلم قاؿ‪ «:‬من لم يغزك أك يجهز غازيا‪ ،‬أك يخلف غازيا في‬ ‫أىلو بخير‪ ،‬أصابو اهلل بقارعة قبل يوـ القيامة»‪.‬ركاه أبو داكد كغيره كىو حديث حسن‪.‬‬

‫كعن أبي بكر الصديق رضي اهلل عنو عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‪ «:‬ما ترؾ قوـ الجهاد إال عمهم اهلل‬ ‫بالعذاب»‪.‬ركاه الطبراني في األكسط كىو حديث حسن كما قالو الحافظ المنذرم كالدمياطي كالشيخ األلباني‪.‬‬

‫كعن ابن عمر رضي اهلل عنهما عن النبي صلى اهلل عليو كسلم أنو قاؿ‪:‬‬ ‫« إذا تبايعتم بالعينة‪ ،‬كأخذتم أذناب البقر‪ ،‬كرضيتم بالزرع‪ ،‬كتركتم الجهاد سلط اهلل عليكم ذالن الينزعو حتى ترجعوا إلى‬

‫دينكم»‪ .‬أخرجو اإلماـ أحمد كأبو داكد كغيرىما كىو حديث صحيح‬

‫كالواقع المعاش خير شاىد كالتاريخ الغابر خير ناقد كال عبرة لجاىل أك حاقد‪.‬‬

‫عدكىا فإنها تهلك ىبلكا عظيما باستيبلء العدك عليها‬ ‫يقوؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رحمو اهلل‪«:‬إف كل أمة ال تقاتل ٌ‬ ‫كتسلٌطو على النفوس كاألمواؿ‪ .‬كترؾ الجهاد يوجب الهبلؾ في الدنيا كما يشاىده الناس كأما في اآلخرة فلهم عذاب النار»‪.‬‬ ‫بالذؿ كغيره‪ ،‬كنزع األمر منو فأعطاه لغيره‪ ،‬فإف‬ ‫كبيٌن رحمو اهلل في موضع آخر قائبل‪«:‬من ترؾ الجهاد عذبو اهلل عذابا أليما ٌ‬ ‫بينهم الفتنة‪،‬‬ ‫بينهم العداكة حتٌى تقع ي‬ ‫اس الجهاد في سبيل اهلل‪ ،‬فقد يبتليهم بأف ييوقع ي‬ ‫ىذا الدين لمن ٌ‬ ‫ذب عنو»‪«.‬فإذا ترؾ النٌ ي‬

‫بأسهم على ع يد ٌك اهلل كع يد ٌكىم‪ .‬كإذا لم‬ ‫بينهم‪ ،‬كجعل ي‬ ‫وبهم‪ ،‬كألٌف ي‬ ‫فإ ٌف النٌاس إذا اشتغليوا بالجهاد في سبيل اهلل جمع اهللي قيػلي ي‬ ‫بعضهم بأس و‬ ‫بعض»‬ ‫شيعا‪ ،‬كييذيق ي‬ ‫ينفركا في سبيل اهلل ع ٌذ يبهم اهللي بأف يي ي‬ ‫لبسهم ن‬ ‫ي‬

‫‪5‬‬


‫كقاؿ رحمو اهلل‪ «:‬إف المكاره التي تحصل ألىل اإليماف كالجهاد يحصل مثلها كأعظم منها لغيرىم فإنو ال تتم مصلحة أحد إف‬ ‫يذؿ لمن يقاتل‪ ،‬فمن لم يقاتل في سبيل الرحمن قاتل في سبيل‬ ‫لكل إما أف يقاتل‪ ،‬كإما أف ٌ‬ ‫لم ينب عن نفسو كأرضو‪ .‬فبل بد ٍّ‬

‫الشيطاف‪..‬‬

‫كمعلوـ أف كونو عزيزان خير من كونو ذليبلن‪ ،‬كال بد من موت الخلق كلهم‪ ،‬كخير الموت القتل في سبيل اهلل»‪.‬‬

‫كيقوؿ ابن تيمية رحمو اهلل‪:‬‬ ‫« إف الجهاد أعلى ما يحبو اهلل كرسولو‪ ،‬كالبلئموف عليو كثير‪ ،‬إذ كثير من الناس الذين فيهم إيماف يكرىونو‪ ،‬كىم إما‬ ‫مخذلوف مفتركف للهمة كاإلرادة فيو‪ ،‬كإما مرجفوف مضعفوف للقوة كالقدرة عليو‪ ،‬كإف كاف ذ لك من النفاؽ»‪.‬‬

‫كيقوؿ العبلمة ابن القيم رحمو اهلل‪:‬‬ ‫« أعلى ما يحبو اهلل كرسولو الجهاد في سبيل اهلل‪ ،‬كالبلئموف عليو كثير‪ ،‬إذ أكثر النفوس تكرىو ‪ ،‬كالبلئموف عليو ثبلثة أقساـ‪:‬‬ ‫مضعف للقوة كالقدرة»‪.‬‬ ‫منافق‪ ،‬كمخذؿ مفتر للهمة‪ ،‬كمرجف ٌ‬

‫قاؿ اإلماـ أحمد بن جنبل رحمو اهلل‪:‬‬ ‫«كل من قاتل المشركين فهو على الحق‪ ..‬كأنو إف بطل أمر اإلماـ لم يبطل الغزك كالحج‪ ،‬كلو اختلفوا على إمامين لم يتعطل‬ ‫الغزك كالحج ى ذاف باباف ال يدفعهما شيء أصبل كما يبالى من قسم الفيء أك من كليهما‪ ..‬يجب الجهاد ببل إماـ إذا صاحوا‬ ‫النفير‪ ..‬الغزك دفع عن المسلمين ال يترؾ لشيء»‪[.‬مسائل ابن ىانئ (ِ‪ )ُِٗ/‬اعتقاد اإلماـ المنبل أحمد بن حنبل ألبي الفضل التميمي‬

‫صٕٗ‪ )ِٖ-‬مسائل أبي داكد ألحمد صِّْ‪.‬كالفركع البن مفلح (َُ‪.])ِ​ِٕ/‬‬

‫(ُ)‪ .‬الدكلة الشرعية ىي اإلمارة اإلسبلمية‪:‬‬

‫مبالغة في توضيح الواضحات كإمعانا في شرح بعض الضركريات أحببت التعليق على بعض ما جاء في بياف‬

‫العلماء في الفقرات التالية‪:‬‬

‫قاؿ المشايخ في محور الفتاكل‪«:‬الواليات اإلسبلمية ىي السلطة الشرعية في الصوماؿ‪.»..‬‬

‫يصح غيره في ميزاف الشرع كاعتبار‬ ‫كذكركا من األدلة ما تقتضيو طبيعة البيانات الختامية كىو الحق الذم ال ٌ‬ ‫الواقع كال ينكره إال مكابر حاقد أك جاىل سابح في بحار العماية كالضبلؿ‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫اإلمارة من الواجبات الدينية فبل ب ٌد من إقامتها‪.‬‬

‫قاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪ «:‬يجب أف يعرؼ أف كالية أمر الناس من أعظم كاجبات الدين بل ال قياـ للدين كال‬

‫للدنيا إال بها‪ .‬فإف بني آدـ ال تتم مصلحتهم إال باالجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض كالبد لهم عند االجتماع من‬ ‫َّ ً‬ ‫وؿ ىكأ ٍيكلًي األ ٍىم ًر ًم ٍن يك ٍم﴾‪.‬قاؿ أبو ىريرة‬ ‫الر يس ى‬ ‫آمنيوا أ ًىطيعيوا اللَّ ىو ىكأ ًىطيعيوا َّ‬ ‫ين ى‬ ‫رأس»‪.‬يقوؿ المولى جل ذكره‪﴿:‬يىاأىيػُّ ىها الذ ى‬ ‫رضي اهلل عنو‪«:‬إ ٌف أكلي األمر ىم األمراء»‪.‬خرجو الطبرم كغيره بسند صحيح ‪.‬‬ ‫يقوؿ اإلماـ الطبرم في الترجيح بين األقواؿ التفسيرية في اآلية‪«:‬أكلى األقواؿ في ذلك بالصواب قوؿ من قاؿ‪:‬‬ ‫ىم األمراء كالوالة فيما كاف هلل طاعة كللمسلمين مصلحة»‪.‬‬ ‫كقاؿ الحافظ ابن كثير رحمو اهلل‪ «:‬الظاىر أف اآلية عامة في جميع أكلي األمر من األمراء كالعلماء»‪.‬‬ ‫ككذلك ابن تيمية كابن القيم‪.‬‬ ‫دليل على كجوب نصب المطاع ألف اهلل ال‬ ‫كجو االستدالؿ باآلية‪:‬أف اهلل أكجب بطاعة أكلي األمر كاألمر بالطاعة ه‬ ‫يأمر بطاعة من ال كجود لو كال يوجب طاعة من ال يجب نصبو فاألمر بالطاعة يقتضي األمر بإيجاده عند العدـ‪.‬‬

‫قاؿ شيخ اإلسبلـ رحمو اهلل‪ «:‬فالدين الحق ال بد فيو من الكتاب الهادم كالسيف الناصر‪ ..‬فالكتاب يبيٌن ما أمر‬

‫اهلل بو كما نهى عنو كالسيف ينصر ذلك كيؤيده»‪.‬‬

‫الر يس ً‬ ‫وؿ ىكإًلىى‬ ‫ٍخ ٍو ًؼ أىذىاعيوا بً ًو ىكلى ٍو ىردُّكهي إًلىى َّ‬ ‫كمن األدلة على ذلك قولو تعالى‪ ﴿:‬ىكإًذىا ىج ىاء يى ٍم أ ٍىم هر ًم ىن ٍاأل ٍىم ًن أ ٍىك ال ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً َّ ً‬ ‫ين يى ٍستىػ ٍنبًطيونىوي ًم ٍنػ يه ٍم﴾‬ ‫أ ٍيكلي ٍاأل ٍىم ًر م ٍنػ يه ٍم لى ىعل ىموي الذ ى‬

‫دلت اآلية على أنو البد للنا س من كلي أمر يتولى شؤكنهم كيدبر مصالحهم‪ ،‬كذلك بداللة إشارة النص‪.‬‬

‫كمن السنة الدالة على ذلك قولو صلى اهلل عليو كسلم‪«:‬ال يى ًح ُّل لًثىبلثىًة نىػ ىف ور يى يكونيو ىف بًىف ىبل وة ًم ىن األ ٍىر ً‬ ‫ىح ىد يى ٍم»‪.‬‬ ‫ض إًالَّ أ َّىم يركا ىعلىٍي ًه ٍم أ ى‬

‫ركاه اإلماـ أحمد من حديث عبد اهلل بن عمرك‪.‬‬

‫كقولو عليو الصبلة‬

‫ىريرة رصي اهلل عنهما‬

‫ً‬ ‫ىح ىد يى ٍم»‪.‬ركاه أبو داكد كغيره من حديث أبي سعيد الخدرم كأبي‬ ‫كالسبلـ‪«:‬إًذىا ىخ ىر ىج ثىبلثىةه في ىس ىف ور فىػ ٍلييػ ىؤِّم يركا أ ى‬

‫‪7‬‬


‫كأخرج اإلماـ البزار في مسنده بسند صحيح عن عمر بن الخطاب بلفظ‪«:‬إذا كنتم ثبلثة في سفر فأمركا أحدكم ذاؾ‬ ‫أمير أمره رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم»‪.‬‬

‫كأخرج البزار أيضا بإسناد صحيح من حديث عبد اهلل بن عمر مرفوعا بلفظ‪«:‬إذا كانوا ثبلثة فبل يتناجى اثناف دكف‬

‫الثالث‪،‬كإذا كانوا ثبلثة في سفر فليؤمركا أحدىم»‪.‬كقاؿ الحافظ في مختصر زكائد البزار‪«:‬حديث صحيح»‪.‬‬ ‫فأمركا عليكم أحدكم كال‬ ‫كأخرج اإلماـ الطبراني من حديث عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنو مرفوعا‪«:‬إذا كنتم ثبلثة في سفر ٌ‬

‫يتناجى اثناف دكف صاحبهما»‪.‬إسناد صحيح‪.‬‬

‫كىي أحاديث يشهد بعضها لبعض كما قالو الشوكاني كصديق حسن خاف كغيرىما من أىل العلم‪.‬‬

‫من فقو األخبار‬

‫قاؿ اإلماـ البغوم رحمو اهلل‪«:‬إنما أمرىم بذلك ليكوف أمرىم جميعان كال يتفرؽ بهم الرأم فيحملهم ذلك على‬

‫الخبلؼ كالشقاؽ»‪.‬‬

‫كقاؿ اإلماـ الطيبي رحمو اهلل‪«:‬إنما أمر ذلك ليكوف أمرىم جميعان كال يقع بينهم خبلؼ فيتعبوا فيو‪ ،‬كفيو دليل‬ ‫على أف الرجلين إذا ح ٌكما رجبلن بينهما في قضية فقضى بالحق نفذ حكمو»‪.‬‬

‫كقاؿ ابن تيمية رحمو اهلل‪ «:‬فأكجب صلى اهلل عليو كسلم تأمير الواحد في االجتماع القليل العارض في السفر‪ ،‬تنبيها‬ ‫بذلك على سائر أنواع االجتماع‪ .‬كألف اهلل تعالى أكجب األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر‪ ،‬كال يتم ذلك إال بقوة‬ ‫كإمارة‪ .‬ككذلك سائ ر ما أكجبو من الجهاد كالعدؿ كإقامة الحج كالجمع كاألعياد كنصر المظلوـ‪ ،‬كإقامة الحدكد‬ ‫ال تتم إال بالقوة كاإلمارة‪ ..‬فالواجب اتخاذ اإلمارة دينا كقربة يتقرب بها إلى اهلل‪ ،‬فإف التقرب إليو فيها بطاعتو كطاعة رسولو‬ ‫من أفضل القربات كإنما يفسد فيها حاؿ أكثر الناس البتغاء الرياسة أك الماؿ بها‪.‬‬ ‫كقد ركل كعب بن مالك عن النبي صلى اهلل عليو كسلم أنو قاؿ‪ «:‬ىما ًذئٍػبى ًاف ىجائًىع ًاف أ ٍير ًسبل ًفي ىزًريبى ًة غىنى وم بًأىفٍ ىس ىد لى ىها ًم ٍن‬ ‫ًح ٍر ً‬ ‫ص ال ىٍم ٍرًء ىعلىى ال ىٍم ًاؿ ىك َّ‬ ‫الش ىر ًؼ لً ًدينً ًو»‪.‬فأخبر أف حرص المرء على الماؿ كالرياسة يفسد دينو مثل أك أكثر من فساد‬

‫الذئبين الجائعين لزريبة الغنم»‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫كقاؿ رحمو اهلل‪«:‬فإذا كاف قد أكجب صلى اهلل عليو كسلم في أقل الجماعات كأقصر االجتماعات أف يولٌى‬ ‫أحدىم كاف ىذا تنبيها على كجوب ذلك فيما ىو أكثر من ذلك»‪.‬‬ ‫كقاؿ اإلماـ الشوكاني رحمو اهلل‪«:‬فيها دليل على أنو يشرع لكل عدد بلغ ثبلثة فصاعدان أف يؤمركا عليهم أحدىم ألف‬

‫في ذلك السبلمة من الخبلؼ الذم يؤدم إلى التبلؼ‪ ،‬فمع عدـ التأمير يستبد كل كاحد برأيو كيفعل مايطابق‬

‫ىواه فيهلكوف‪ ،‬كمع التأمير يقل االختبلؼ كتجتمع الكلمة كإذا شرع ىذا لثبلثة يكونوف في فبلة من األرض‬ ‫كيسافركف فشرعيتو لعدد أكثر يسكنوف القرل كاألمصار كيحتاجوف لدفع التظالم كفصل التخاصم أكلى‬ ‫كأحرل»‪.‬نيل األكطار (ُٓ‪ )َّْ/‬تحقيق حسن حبلؽ‪.‬‬ ‫كنحوه عند صديق حسن خاف في كتاب‪[:‬ظفر البلضي بما يجب في القضاء على القاضي صّْ]‪.‬‬

‫ىذا كقوؿ المشايخ جزاىم اهلل خيرا‪« :‬الواليات اإلسبلمية ىي السلطة الشرعية في الصوماؿ‪ .»..‬فهو الحق الذم‬ ‫ال يمترم فيو أىل التحصيل كاإلدراؾ بالواقع؛‬

‫أما كونو ىو الحق كالصواب المحض فمن كجهين‪:‬‬ ‫الوجو األكؿ األدلة العامة‪ :‬نصوص الكتاب كالسنة في األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر كإقامة الحدكد‬ ‫كاستيفاء الحقوؽ عامة مطلقة لم تخص كلم تقيد بزماف أك مكاف أك بشخص معين‪.‬‬ ‫كتخصيص آيات الكتاب كأخبار السنة أك تقييدىما من غير دليل من تحريف الكلم عن مواضعو‪.‬‬ ‫كمعلوـ أ ٌف إقامة الحدكد الواجبة بفعل المحرمات كترؾ الواجبات‪ ،‬كاستيفاء الحقوؽ من باب األمر بالمعركؼ‬ ‫كالنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫كال يخفى أف ىذا الواجب يقوـ بو كل من قدر عليو القدرة الشرعية كما أف محاربة أىل الفساد من المحاربين‬ ‫كقطاع الطرؽ كنحوىم الذين يفسدكف في األرض كال يصلحوف من باب األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر كمن‬

‫الجهاد في سبيل اهلل‪.‬‬

‫كإقامة الحدكد كالشرائع من األمور العامة التي شرع لها اإلمارة كسائر الزكاجر كدفع المفاسد كإقامة المصالح‬ ‫كأصل التكليف عاـ لكل متأىل ما لم يمنع منو مانع شرعي فلما لم يقم بذلك إال اإلمارة اإلسبلمية تحقق أنها‬

‫ىي السلطة الشرعية في الصوماؿ‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫الوحو الثاني‪ :‬األدلة التفصيلية كىي كثيرة‪.‬‬ ‫منها حديث عقبة بن مالك رضي اهلل تعالى عنو عن النبي صلى اهلل عليو كسلم أنو قاؿ‪«:‬أعجزتم إذا بعثت رجبلن‬ ‫منكم فلم يمض ألمرم أف تجعلوا مكانو من يمضي ألمرم»‪.‬‬

‫[ركاه أبو داكد (ِِٕٔ) كأحمد (َٕ​َُٕ) كابن حباف (َْْٕ) كالحاكم (ِ‪ )ُ​ُٓ-ُ​ُْ/‬كابن حزـ في المحلى (ٗ‪ )ِّٔ/‬كالمزم في‬ ‫التهذيب(َِ‪.)ِ​َِ/‬صححو ابن حباف كالحاكم كابن حزـ‪ ،‬كالحافظ العراقي في األمالي كالعبلمة األلباني كالشيخ شعيب كىو كما قالوا]‪.‬‬

‫من فقو الحديث ما ذكره أىل العلم‪:‬‬

‫أ‪ -‬أكرد اإلماـ ابن حباف رحمو اهلل ىذا الحديث تحت ترجمة‪«:‬ذكر البياف بأف صاحب السرية إذا خالف اإلماـ فيما‬ ‫أمر بو كاف على القوـ أف يعزلوه كيولوا غيره»‪.‬فاستوفى فقو الحديث بالترجمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬قاؿ ابن تيمية رحمو اهلل تعالى‪ «:‬قد فوض صلى اهلل عليو كسلم إليهم عزؿ من ال يقوـ بالواجب من كالتو‬ ‫ابتداء تولية من يقوـ بالواجب»‪[.‬منهاج السنة‪.ّْٔ/ٕ:‬‬ ‫فكيف ال ٌ‬ ‫يفوض إليهم ن‬

‫ج‪ -‬كقاؿ العبلمة شرؼ الدين الطيبي رحمو اهلل‪«:‬أم إذا أمرت أحدان أف يذىب إلى أمر فلم يذىب إليو فأقيموا غيره‬ ‫مكانو‪ ،‬كإذا بعثتو ألمر كلم يمض إلمضاء أمرم كعصاني فاعزلوه»‪.‬شرح المسكاة للطيبي‪.ّٕٔ/ٕ:‬‬

‫كمنها فعل الصحابة رضواف اهلل عليهم في غزكة مؤتة بعد مقتل األمراء الثبلثة الذين أمرىم النبي صلى اهلل عليو‬ ‫كسلم‪ ،‬فاتفقوا على تأمير خالد بن الوليد‪ ،‬كقد ىر ًض ىي النبي صلى اهلل عليو كسلم صنيعهم ىذا‪.‬‬ ‫قاؿ ابن حجر أيضا‪ «:‬فيو جواز التأمر في الحرب بغير تأميرػ أم بغير نص من اإلماـ»‪.‬‬ ‫كقاؿ اإلماـ الطحاكم رحمو اهلل‪«:‬ىذا أصل يؤخذ منو على المسلمين أف يق ٌدموا رجبل إذا غاب اإلماـ يقوـ مقامو إلى‬ ‫أف يحضر»‪.‬‬

‫كقاؿ ابن قدامة الحنبلي رحمو اهلل‪«:‬فإف عدـ اإلماـ لم ييؤ ىخر الجهاد ألف مصلحتو تفوت بتأخيره كإف حصلت غنيمة‬

‫قسمها أىلها على موجب الشرع‪ .‬قاؿ القاضي‪ :‬كيؤخر قسمة اإلماـ حتى يظهر إماـ احتياطا للفركج‪.‬‬

‫فإف بعث اإلماـ جيشا كأ َّىمر عليهم أميرا ف يقتل أك مات‪ ،‬فللجيش أف يؤمركا أحدىم كما فعل أصحاب النبي صلى‬ ‫اهلل عليو كسلم في جيش مؤتة لما قتل أمراؤىم الذين أمرىم النبي صلى اهلل عليو كسلم َّأمركا عليهم خالد بن‬ ‫ً‬ ‫ب رأيهم‪ ،‬كسمى خالدا سيف اهلل»‪.‬‬ ‫كص َّو ى‬ ‫الوليد‪ ،‬فبلغ النبي صلى اهلل عليو كسلم ىفرض ىي أىمرىم ى‬ ‫‪11‬‬


‫جل كعبل‪﴿:‬فقاتل في سبيل اهلل ال تكلف إال نفسك﴾ اآلية‪.‬‬ ‫كمنها قولو ٌ‬

‫قاؿ اإلماـ ابن حزـ رحمو اهلل‪ «:‬كىذا خطاب متوجو إلى كل مسلم فكل أحد مأمور بالجهاد كإف لم يكن معو‬ ‫أحد»‪[.‬المحلى‪.]ُّٓ/ٕ:‬‬ ‫كقاؿ رحمو اهلل أيضا‪«:‬يغزل أىل الكفر مع كل فاسق م ن األمراء كغير فاسق‪ ،‬كمع المتغلب كالمحارب‪ ،‬كما يغزل مع اإلماـ‪،‬‬ ‫كيغزكىم المرء‬

‫كحده إف قدر أيضا»‪[.‬المحلى البن حزـ‪.]ٗ​ٗ/َُ(:‬‬

‫كقاؿ اإلماـ القرطبي رحمو اهلل في تفسير اآلية‪«:‬لهذا ينبغي لكل مؤمن إف يجاىد كلو كحده»‪.‬‬ ‫كمعلوـ أف قتاؿ المرء كحده عند انهزاـ الجيش مما يرضي الرب كيعجبو لقولو صلى اهلل عليو كسلم‪«:‬عجب ربنا‬ ‫من رجل غزا في سبيل اهلل فانهزـ أصحابو فعلم ما عليو فرجع حتى أىرؽ دمو فيقوؿ اهلل عز كجل لمبلئكتو انظركا إلى عبدم‬ ‫رجع رغبة فيما عندم كشفقةن مما عندم حتى أىريق دمو»‪.‬ركاه أحمد كأبو داكد كغيرىما‪.‬‬

‫كعلى ىذا فالجهاد من باب األمر بالمعركؼ كالنه ي عن المنكر لكوف الكفر كالشرؾ أنكر المنكرات‪ ،‬فإذا كجب‬ ‫أك جاز بغير إماـ كجماعة بنص اآلية فغير الجهاد من الواجبات أكلى بذلك‪.‬‬

‫كلما لم يقم بالشرائع العامة في البلد على الوجو المشركع إال الواليات اإلسبلمية كانت ىي السلطة الشرعية‬ ‫الوحيدة التي يجب إعانتها على المأمورات كترؾ المحظورات‪.‬‬ ‫كمن ذلك قولو عليو السبلـ‪ «:‬ما من نبي بعثو اهلل في أمة قبلي إال كاف لو من أمتو حواريوف كأصحاب يأخذكف بسنتو‬ ‫كيقتدكف بأمره ثم إنها تخلف من بعدىم خلوؼ يقولوف ماال يفعلوف كيفعلوف ما ال يؤمركف‪ ،‬فمن جاىدىم بيده فهو مؤمن كمن‬

‫جاىدىم بلسانو فهو مؤمن كمن جاىدىم بقلبو فهو مؤمن كليس كراء ذلك من اإليماف حبة خردؿ»‪.‬‬

‫كىو دليل على تفويض النبي صلى اهلل عليو كسلم إلى األمة جهاد المنحرفين من الحكاـ كاألمراء‪.‬‬ ‫يقوؿ اإلماـ ابن رجب‪:‬‬ ‫« ىذا يدؿ على جهاد األمراء باليد كجهاد األمراء باليد‪ :‬أف يزيل بيده ما أمركا بو من الظلم إف كاف لو قدرة على‬ ‫ذلك ككل ىذا جائز‪ ،‬كليس من باب قتالهم كال من الخركج عليهم الذم كرد النهي عنو»‪.‬‬ ‫عم‪ ،‬لكن في نوع من الحكاـ المبدلين لشرع اهلل كلسنة نبيو صلى اهلل عليو كسلم كما ىو ظاىر‬ ‫ظاىر الحديث أ ٌ‬ ‫في الحديث كلهذا أنكره أحمد لظنٌو أنو يعارض األحاديث اآلمرة بالصبر على جور األمراء كالوالة‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫كمنها قولو صلى اهلل عليو كسلم‪«:‬لن يبرح ىذا الدين قائمان تقاتل عليو عصابة من المسلمين حتى تقوـ الساعة»‪.‬‬

‫قولو عليو السبلـ‪«:‬لن يبرح»؛ «ال يزاؿ»‪.‬أفعاؿ تفيد االستمرار كالدكاـ أعني استمرار القتاؿ على دين الرسوؿ‬

‫صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬ ‫كقد نص عليو الصبلة كالسبلـ أنو سيأتي على أمتو زماف ال يكوف لهم فيو سلطاف كال إماـ كما في حديث حذيفة‬ ‫بن اليماف رضي اهلل عنو‪ ،‬كمع ذلك أخبر استمرار القتاؿ ككجود العصابة المجاىدة القائمة بأمر اهلل كأنها باقية إلى‬ ‫نزكؿ عيسى عليو السبلـ كما في قولو‪«:‬ال تزاؿ طائفة من أمتي بأمر اهلل ال يضرىم من خذلهم أك خالفهم حتى يأتي أمر اهلل‬

‫كىم ظاىركف على الناس»‪.‬كالظهور كالغلبة بالحجة كالبياف دائمان كبالسيف كالسناف أحيانان أك غالبان ألف الحرب‬ ‫سجاؿ كاألياـ دكؿ‪.‬‬

‫كالسلطات تستم ٌد شرعيتها أكال من قيامها بأمر اهلل عز كجل كاتباع سنن المرسلين كما سول ذلك فهو من باب‬ ‫الكماؿ كباهلل تعالى التوفيق‪.‬‬

‫كمن ذلك قولو صلى اهلل عليو كسلم‪«:‬إال أف تركا كفران بواحان عندكم من اهلل فيو برىاف» متفق عليو من حديث عبادة ابن‬ ‫الصامت كاللفظ لمسلم‪.‬‬

‫إف الخليفة إذا ارتد أك قاـ بو كصف الكفر يجب الخ ركج عليو كما يجب نصب إماـ عدؿ آخر على جماعة‬ ‫المسلمين فمن يقوـ بهذا الواجب يا ترل؟ فهل نتنظر إمامان آخر يخرج من السرداب ليقوـ بأعباء الخبلفة‬ ‫كأحواؿ الرعية؟ أـ يقاؿ‪ :‬ال يجوز الخركج على اإلماـ المرتد إذ ال إماـ يقاتل من كرائو كيتقى بو كقوؿ أىل اإلفك‬

‫كاالفتراء على الشرائع؟‬

‫بل الحق الذم عليو أىل العلم من الفقهاء كالمحدثين أف جماعة المسلمين تقوـ مقاـ السلطاف فتخلع كتولٌي‬ ‫كاهلل كلي التوفيق‪.‬‬ ‫كمنها حديث أـ سلمة رضي اهلل تعالى عنها قالت‪«:‬إف نبي اهلل صلى اهلل عليو كسلم بينا ىو يومان قائل في بيتها كعنده‬

‫رجل من أصحابو يتحدثوف إذ جاء رجل فقاؿ يا رسوؿ اهلل كم صدقة كذا ككذا من التمر؟ فقاؿ‪ :‬رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‬ ‫علي فأخذ مني كذا ككذا من التمر‪ ،‬فازداد صاعان‪ ،‬فقاؿ لو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫كذا ككذا فقاؿ الرجل إف فبلنان تعدل ٌ‬ ‫كسلم‪«:‬كيف إذا سعى عليكم من يتعدل عليكم أشد من ىذا التعدم»‪.‬فخاض القوـ كبهرىم الحديث حتى قاؿ رجل منهم‪:‬‬ ‫كيف يا رسوؿ اهلل إذا كاف رجل غائبان عنك في إبلو كماشيتو كزرعو كأدل زكاة مالو فتعدل عليو الحق فكيف يصنع كىو غائب‬ ‫‪12‬‬


‫عنك؟ فقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‪ :‬من أدل زكاة مالو طيب النفس بها يريد بها كجو اهلل كالدار اآلخرة فلم يغيب شيئان‬

‫من مالو كأقاـ الصبلة ثم أدل الزكاة فتعدل عليو في الحق فأخذ سبلحان فقاتل فقتل فهو شهيد»‪.‬‬

‫[أخرجو اإلماـ أحمد كالطبراني كالبخارم في التاريخ الكبير كالبيهقي كىو حديث حسن]‪.‬‬

‫كفيو دليل على أنو إذا بىػ يعد اإلماـ أك غاب ال يعطٌل استيفاء الحقوؽ كال إقامة األحكاـ من أجل غيبتو أك بعده‬

‫فضبلن عند عدمو شرعان أك حسان كاهلل أعلم‪.‬‬

‫كتأمر عليها ألنو كاف قد في ًصل‬ ‫كوف جماعة مقاتل نة ٌ‬ ‫كمنها أف أبا بصير قاتل كدافع عن نفسو من غير إذف اإلماـ ثم ٌ‬ ‫عن يد اإلماـ كحكمو كقصتو مشهورة في كتب الحديث كالسير [زاد المعاد (ّ‪ ،)َّٗ/‬كالفركع البن مفلح (َُ‪.])ُّٕ/‬‬

‫تأمر في غزكة مؤتة من غير تأمير كتولية من اإلماـ بل بتأمير الصحابة‬ ‫كمنها أف خالد بن الوليد رضي اهلل تعالى عنو ٌ‬

‫لو كترجم البخارم عليو‪«:‬باب من تأمر في الحرب بغير إمرة»‪.‬‬

‫كقاؿ الخطابي كالبغوم رحمهما اهلل‪«:‬فيو بياف أف التأمير في الحرب مشركع‪ .‬كفيو أف خالد بن الوليد تأمر عليهم بعد‬ ‫ما أصيب األمراء من غير تأمير من النبي صلى اهلل عليو كسلم لمكاف الضركرة كذلك أنو نظر فإذا ىو في ثغر‬ ‫مخوؼ لم يأمن فيو ضياع المسلمين فأخذ الراية كتولى أمر المسلمين كرضيو رسوؿ اهلل فصار ىذا أصبلن في كل‬

‫أمر حدث مما سبيلو أف يتواله األئمة كلم يشهدكه كخيف عليو الضياع أف القياـ بو كاجب على من شهده من‬ ‫جماعة المسلمين كإف لم يتقدـ منهم في ذلك‪.‬‬

‫ككذلك إف كقع ذلك في كاحد خاص نحو أف يموت رجل بفبلة فإف على من شهده حف ىظ مالو كإيصالىو إلى‬

‫أىلو كإف لم يوص ب و كما يجب عليو تكفينو كتجهيزه ألف أمر الدين على التعاكف كالتناصح ىذا معنى كبلـ‬ ‫الخطابي رحمو اهلل»‪.‬شرح السنة للبغوم (ُ​ُ‪.)ٓ-ْ/‬‬

‫كمنها ما ركاه اإلماـ مالك في الموطأ كعبد الرزاؽ كالشافعي كالبيهقي أف عبدان البن عمر سرؽ كىو آبق فأرسل بو‬ ‫عبد اهلل بن عمر إلى سعيد بن العاص كىو أمير المدينة ليقطع يده فأبى سعيد أف يقطع يده كقاؿ‪ :‬ال تقطع يد‬

‫‪13‬‬


‫اآلبق إذا سرؽ‪ .‬فقاؿ لو عبد اهلل بن عمر‪ :‬في أم كتاب اهلل كجدت ىذا؟ ثم أمر بو عبد اهلل بن عمر فقطعت‬ ‫يده‪ .‬أثر صحيح‪.‬‬ ‫قاؿ اإلماـ ابن عبد البر رحمو اهلل‪«:‬لم يختلف عن مالك أنو ال يقطع السيد عبده في السرقة ألف قطع السارؽ إلى‬ ‫السلطاف‪ ،‬فلما لم ير ابن عمر الح ٌد يقاـ على يدم السلطاف كرآه حدان معطبلن قاـ هلل عز كجل»‪.‬‬

‫[االستذكار في‬

‫شرح حديث رقم (ُُٖٔ) من باب قطع اآلبق السارؽ]‪.‬‬

‫كقتل جندب الخير للساحر على مرأل كمسمع األمير الوليد بن عقبة ثم قاؿ رضي اهلل عنو‪ :‬حد الساحر ضربة بالسيف‬ ‫ي‬

‫كقرأ‪﴿ :‬أفتأتوف السحر كأنتم تبصركف﴾‪[.‬ركاه البيهقي بسند صحيح]‪.‬كأصل القصة عند بعض أىل السنن شهير‪.‬‬ ‫كإقامة السيد الحد على عبده كالحديث في الصحيحين‪.‬‬

‫كقاؿ عبد الرحمن بن أبي ليلى‪ «:‬أدركت بقايا األنصار يجلدكف كالئدىم في مجالسهم الحدكد إذا زنوا»‪ .‬ركاه البيهقي‬ ‫كغيره‪.‬‬ ‫كحديث عقبة بن عامر قاؿ رضي اهلل عنو‪«:‬قلنا يا رسوؿ اهلل إنك تبعثنا فننػزؿ بقوـ ال يقركننا فما ترل فيو؟ فقاؿ لنا‪:‬إف‬

‫نزلتم بقوـ فأ مركا لكم ما ينبغي للضيف فاقبلوا فإف لم يفعلوا فخذكا منهم حق الضيف الذم ينبغي لهم»‪.‬‬ ‫فيو دليل على جواز استيفاء بعض الحقوؽ من غير و‬ ‫قضاء كال إماـ في بعض األحياف كفيو دليل لمسألة الظفر‬ ‫المشهورة‪.‬‬ ‫كمرت على المسلمين أزمنة لم يكن لهم فيها خليفة‪،‬من أشهرىا السنوات الثبلث من ٔٓٔ ىػ كفيها قىػتى ىل التتار‬

‫الخليفة العباس المستعصم ببغداد إلى ٗٓٔ ىػ كفيها بويع أكؿ خليفة عباسي بمصر‪ ،‬كرغم انعداـ اإلماـ إذ ذاؾ‬ ‫فقد خاض المسلموف معركة ىي من مفاخر المسلمين إلى اليوـ كىي معركة عين جالوت ضد التتار في ٖٓٔ ىػ‪،‬‬

‫حدث ىذا في توافر أكابر العلماء كعز الدين بن عبد السبلـ كغيره كلم يقولوا كيف نجاىد كليس لنا خليفة؟‪ ،‬بل‬ ‫ب نفسو بنفسو سلطانا على مصر بعد أف عزؿ‬ ‫إف قائد المسلمين في ىذه المعركة «سيف الدين قطز» كاف قد نى ى‬ ‫صى‬ ‫كع َّد ابن كثير فعل‬ ‫ابن أستاذه من السلطنة لكونو صبيا صغيرا‪ ،‬كرضي بذلك القضاة كالعلماء كبايعوا قطزا سلطانا‪ ،‬ى‬

‫قطز ىذا نعمة من اهلل على المسلمين إذ بو كسر اهلل شوكة التتار كما عد ابن تيمية ىذه الطوائف التي قاتلت‬

‫‪14‬‬


‫التتار في تلك األزمنة من الطائفة المنصورة‪ ،‬فقاؿ‪ «:‬أما الطائفة بالشاـ كمصر كنحوىما فهم في ىذا الوقت‬ ‫المقاتلوف عن دين اإلسبلـ كىم من أحق الناس دخوال في الطائفة المنصورة»‪.‬‬ ‫كمن أقواؿ أىل العلم المتعلقة بهذا األصل ما يلي‪:‬‬ ‫ُ‪ .‬قاؿ اإلماـ ابن حزـ (ْٔٓق) رحمو اهلل‪«:‬ال يجوز الحكم إال ممن كاله اإلماـ القرشي الواجبة طاعتو‪ ،‬فإف لم يقدر‬ ‫على ذلك فكل من أنفذ حقا فهو نافذ‪ ،‬كمن أنفذ باطبل‬

‫فهو مردكد»‪[.‬المحلى البن حزـ‪.]ّْٓ/ٗ:‬‬

‫ِ‪ .‬قاؿ إماـ الحرمين الجويني رحمو اهلل‪«:‬لو شغر الزماف عن كاؿ تعين على المسلمين القياـ بمجاىدة الجاحدين‪ ،‬كإذا‬ ‫قاـ بو عصب فيهم كفاية سقط الفرض عن سائر المكلفين فهذا إذا عدموا كاليان‪ .‬كقد قاؿ العلماء‪ :‬لو خلى الزماف عن السلطاف‬

‫فحق على قطاف كل بلدة كسكاف كل قرية أف يقدموا من ذكم األحبلـ كالنهى كذكم العقوؿ كالحجا من يلتزموف امتثاؿ إشارتو‬

‫كأكام ره كينتهوف عن مناىيو كمزاجره‪ ،‬فإنهم لو لم يفعلوا ذلك ترددكا عند إلماـ المهمات كتبلدكا عند إظبلؿ الواقعات فإذا‬ ‫خلى الزماف عن السلطاف كحب البدار على حسب اإلمكاف إلى درء البوائق عن أىل اإليماف فيستحيل أف يؤمركا بالقعود عما‬ ‫عم الفساد الببلد كالعباد كإذا أمركا بالتقاعد في قياـ السلطاف‬ ‫يقتدركف عليو من دفع الفساد فإنهم لو تقاعدكا عن الممكن ٌ‬ ‫كفاىم ذكا األمر المهمات كأتاىا على أقرب الجهات»‪[.‬غياث األمم في التياث الظلم‪.]ٖٗ/ِ:‬‬

‫ّ‪ .‬كقاؿ اإلماـ الماكردم أبو الحسن رحمو اهلل‪«:‬من كجب لو على شخص حد قذؼ أك تعزير ككاف ببادية بعيدة عن‬ ‫السلطاف لو استيفاؤه إذا قدر عليو بنفسو»‪.‬‬ ‫ْ‪ .‬كعلق الشبراملسي على قولو‪«:‬بعيدة عن السلطاف‪ :‬أم كقريبة منو كخاؼ من الرفع إليو عدـ التمكن من إثبات‬

‫حقو أك غرـ دراىم فلو استيفاء حقو حيث لم يطلع عليو من يثبت بقولو كأمن الفتنة»‪.‬قولو‪(:‬فلو استيفاؤه) أم‬

‫كمع ذلك إذا بلغ اإلماـ ذلك فلو تعزيره الفتياتو عليو» مغني المحتاج (ْ‪ُْ/‬كُْٔ) كاألشباه كالنظائر للسيوطي (ْٕٔ)‪ ،‬نهاية‬

‫المحتاج (ٖ‪ )ّ​ّ​ّ/‬حاشية القليوبي على شرح المحلى (ْ‪.)ُٖٓ/‬‬

‫ٓ‪ .‬كقاؿ القاضي أبو يعلى الحنبلي‪«:‬كلو أف أىل بلد قد خبل من قاض أجمعوا على أف قلدكا عليها قاضيا‪ ،‬نظرت‬ ‫‪ :‬فإف كاف اإلماـ موجودا بطل التقليد‪ ،‬كإف كاف مفقودا صح‪ ،‬كنفذت أحكامو عليهم‪ .‬فإف تجدد بعد نظره إماـ‪،‬‬ ‫نفسين لو‬ ‫لم يستدـ النظر إال بعد إذنو‪ ،‬كلم ينقض ما تقدـ من حكمو‪ .‬كقد نص أحمد رحمو اهلل تعالى على أف ى‬ ‫كمو عليهما»‪.‬كبين التولية كالتحكيم فرؽ ال يخفى‪.‬‬ ‫ىح َّكما عليهما نفذ ح ي‬

‫السا ًر يؽ‬ ‫﴿ك َّ‬ ‫ٔ‪ .‬كيقوؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رحمو اهلل‪«:‬خاطب اهلل المؤمنين بالحدكد كالحقوؽ خطابا مطلقا‪ ،‬كقولو‪ :‬ى‬ ‫ً ً‬ ‫اج ًل يدكا﴾ كقولو‪﴿:‬كالَّ ًذين يػرمو ىف الٍم ٍح ً‬ ‫﴿الزانًيىةي ىك َّ‬ ‫السا ًرقىةي فىاقٍطىعيوا﴾‪.‬كقولو‪َّ :‬‬ ‫ىك َّ‬ ‫الزانًي فى ٍ‬ ‫ى ى ىٍي ي ى‬ ‫صىنات ثي َّم لى ٍم يىأٍتيوا بأ ٍىربىػ ىعة يش ىه ىداءى‬ ‫فى ً‬ ‫﴿كىال تىػ ٍقبىػليوا لى يه ٍم ىش ىه ىادةن أىبى ندا﴾ لكن قد علم أف المخاطب بالفعل البد أف يكوف قادرا‬ ‫اجل يد ي‬ ‫ٍ‬ ‫كى ٍم﴾ ككذلك قولو‪ :‬ى‬ ‫‪15‬‬


‫عليو‪ ،‬كالعاجزكف ال يجب عليهم‪ ،‬كقد يع ًل ىم أف ىذا فرض على الكفاية‪ ،‬كىو مثل الجهاد‪ ،‬بل ىو نوع من الجهاد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫﴿كقىاتًليوا ًفي ىسبً ًيل اللَّ ًو﴾ كقولو‪﴿:‬إًَّال تى ًنف يركا ييػ ىع ِّذبٍ يك ٍم﴾ كنحو ذلك ىو فرض‬ ‫ب ىعلىٍي يك ٍم الٍقتى ياؿ﴾كقولو‪ :‬ى‬ ‫فقولو‪ ﴿:‬يكت ى‬ ‫على الكفاية من القادرين‪ .‬كالقدرة ىي السلطاف‪ ،‬فلهذا‪ :‬كجب إقامة الحدكد على ذم السلطاف كنوابو‪.‬‬

‫كالس نة أف يكوف للمسلمين إماـ كاحد كالباقوف نوابو‪ ،‬فإذا فرض أف األمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها كعجز من‬ ‫الباقين أك غير ذلك‪ ،‬فكاف لها عدة أئمة لكاف يجب على كل إماـ أف يقيم الحدكد كيستوفي الحقوؽ‪ ،‬كلذا قاؿ العلماء‪ :‬إف‬ ‫أىل البغي ينفذ من أحكامهم ما تنفذ من أحكاـ أىل العدؿ‪ ،‬ككذلك لو شاركوا اإلمارة كصاركا أحزابان لوجب على كل حزب‬

‫فعل ذلك في أىل طاعتهم‪ ،‬فهذا عند تفرؽ األمراء كتعددىم‪ ،‬ككذلك لو لم يتفرقوا لكن طاعتهم لؤلمير الكبير ليست طاعة‬

‫تامة‪ ،‬فإف ذلك أيضان إذا أسقط عنو الزامهم بذلك‪ ،‬لم يسقط عنهم القياـ بذلك‪ ،‬بل عليهم أف يقيموا ذلك‪ ،‬ككذلك لو فرض‬ ‫عجز بعض األمراء عن إقامة الحدكد كالحقوؽ أك إضاعتو بذلك لكاف ذلك الفرض على القادر عليو‪ (.‬كالقدرة السلطاف)‪.‬‬

‫كقوؿ من قاؿ‪:‬ال يقيم الحدكد إال السلطاف كنوابو‪ :‬إذا كانوا قادرين فاعلين بالعدؿ كما يقوؿ الفقهاء‪ :‬األمر إلى الحاكم‬

‫إنما ىو العادؿ القادر‪ ،‬فإذا كاف مضيعا ألمواؿ اليتامى أك عاجزان عنها لم يجب تسليمها إليو مع إمكاف حفظها بدكنو‪ ،‬ككذلك‬

‫االمير إذا كاف مضيعان للحدكد أك عاجزان عنها لم يجب تفويضها إليو مع إمكاف إقامتها بدكنو‪.‬‬

‫كاألصل أف ىذه الواجبات تقاـ على أحسن الوجوه فمتى أمكن إقا متها مع أمير لم يحتج إلى اثنين‪ ،‬كمتى لم يقم إال بعدد كمن‬

‫غير سلطاف أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها فإنها من باب األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر‪ ،‬فإف كاف‬

‫في ذلك من فساد كالة األمر أك الرعية ما يزيد على إضاعتها لم يدفع فساد بأفسد منو كاهلل أعلم»‪.‬مجموع الفتاكل (ّٔ‪-ُٕٓ/‬‬

‫ُٕٔ)‪.‬‬

‫كلهذا كاف شيخ اإلسبلـ يعمل بهذا األصل الذم قرره فيعزر كيقيم الحدكد لما ضيع السبلطين إقامة الحدكد في‬ ‫زمانو كال يخفى ىذا على مطلع سيرة الشيخ رحمو اهلل‪ .‬البداية كالنهاية (ُْ‪.)-ُِ/‬‬ ‫ٕ‪ .‬كقاـ جماعة من أىل الفقو كالحديث في سنة (َُِىػ) بإقامة حد الحرابة على قطاع الطرؽ كأىل الفساد إلىماؿ‬ ‫الخلفية كتضييعو لذلك في بغداد كخراساف‪.‬‬ ‫انظر‪[:‬تاريخ الملوؾ كاألمم البن جرير (ُ‪ )ُِٕٖ/‬كالمنتظم في تاريخ الملوؾ البن الجوزم (ٔ‪ )َّٔ/‬كالبداية كالنهاية (ُْ‪ُ​ُٖ/‬كَُّ)‬

‫حوادث سنة (َُِك ُِّ]ىػ‪.‬‬

‫كوف جماعةن‬ ‫ٖ‪ .‬كقاـ الشيخ أبو محمد حسن بن خلف البربهارم صاحب "شرح السنة" بمحاربة أىل الفسوؽ في بغداد ك ٌ‬ ‫كأعوانان لذلك فحطموا دكر الخمور كالدعارة سنة (ِّّ) ىػ‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬الكامل في التاريخ البن األثير‪ ،‬كالبداية كالنهاية في حوادث ىذه السنة مع كجود الخليفة في بغداد إال أنو‬ ‫كاف مضيعان لبعض األحكاـ‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫ٗ‪ .‬كقاـ الشيخ كاجاج بن زلو اللمطي من أىل السوس األقصى كالشيخ عبد اهلل بن ياسين كتبلميذىما بمحاربة القبائل‬ ‫المتمردة على الشريعة في المغرب كالجزائر كموريتانيا بمشورة كأمر من اإلماـ أبي عمراف الفاسي فقامت دكلة‬ ‫المرابطين على أكتافهم كالشيخاف المذكوراف حجرا أساس لهذه الدكلة‪.‬انظر‪:‬‬

‫[االستقصاء ألخبار دكؿ المغرب األقصى (ُ‪ )ُِٖ-ُٕ​ٕ/‬كاألثر السياسي للعلماء في عصر المرابطين (صٕٓ‪.]ٔٗ-‬‬

‫َُ‪ .‬كما قامت جماعة من أىل العلم بقتاؿ المغيرين كقطاع الطرؽ من عرب المغرب‪ .‬انظر فتاكل العلماء في ذلك‬ ‫كجهادىم مع ىؤالء‪[.‬المعيار المعرب‪ )-ُّٓ/ٔ:‬ك(ِ‪ )ّْٓ/‬في عاـ ٕٔٗىػ]‬

‫ُ​ُ‪ .‬كسئل اإلماـ أبو جعفر أحمد بن نصر الداكدم (َِْق) رحمو اهلل عن ببلد «ربما لم يكن عندىم سلطاف كتجب‬ ‫الحدكد على السواؽ كشربة الخمور كغيرىم من أىل الفساد‪ ،‬ىل لعدكؿ ذلك الموضع كفقهائو أف يقيموا‬ ‫الحدكد‪ ،‬إذا لم يكن سلطاف كينظركا في أمواؿ اليتامى كالغيب كالسفهاء؟‬ ‫فأجاب رحمو اهلل‪«:‬ذلك لهم ككل بلد ال سلطاف فيو أك فيو سلطاف يضيع الحدكد أك السلطاف غير عدؿ فعدكؿ‬ ‫الموضع كأىل العلم يقوموف في جميع ذلك مقاـ‬

‫السلطاف»‪[.‬المعيار المعرب كالجامع المغرب عن فتاكل علماء إفريقية‬

‫كاألندلس كالمغرب‪.]َُِ/َُ:‬‬ ‫ُِ‪ .‬كسئل أيضان عن بلد ال قاضي فيو كال سلطاف أيجوز فعل عدكلو في بيوعهم كأشربتهم كنكاحهم؟‬ ‫فأجاب‪ :‬بأف العدكؿ يقوموف مقاـ القاضي كالوالي في المكاف الذم ال إماـ فيو كال قاض‪.‬‬

‫ُّ‪ .‬قاؿ أبو عمراف الفاسي من أئمة القرف الرابع كالخامس‪«:‬أحكاـ الجماعة الذين تمتد إليهم األمور عند عدـ‬ ‫عماؿ‬ ‫السلطاف نافذ منها كل ما جرل على الصواب كالسداد في كل ما يجوز فيو حكم السلطاف‪ ،‬ككذلك كل ما حكم فيو ٌ‬

‫المنازؿ من الصواب ينفذ لئلقامة إياىم الحكم»‪.‬المعيار المعرب (َُ‪.)َُّ/‬‬

‫ُْ‪ .‬كما سئل الشيخاف أبو عمراف الفاسي كأبو بكر بن عبد الرحمن عمن توفي في سفر كلم يوص ألحد فاجتمع‬ ‫المسافركف كق ٌدموا رجبلن باع ىناؾ تركتو ثم قدموا لبلد الميت فقاـ الورثة كأرادكا نقض البيع إذ لم يبع عن إذف‬ ‫حاكم‪ ،‬كبلده بعيد عن موضع موتو فهل المسافركف حكمهم حكم القاضي أـ ال ؟‬

‫فأجابا‪«:‬بأف من مات في سفر كموضع ال قرار فيو كال قضاة كال عدكؿ فما فعلو جماعة الرفقة من بيع أك غيره‬ ‫فجائز كقد كقع مثل ىذا لعيسى بن مسكين فصوب فعلو كأمضاه»‪.‬‬

‫ُٓ‪ .‬كقاؿ اإلماـ أبو عبد اهلل العربي الفاسي‪«:‬كمن المعلوـ في الفقو أ ٌف جماعة المسلمين تتنزؿ منػزلة السلطاف إذا‬ ‫عدـ‪ ،‬كعليو من الفركع ماال يكاد يحصى‪ ،‬كمسألة من غاب عنها زكجها كىي في بلد ال سلطاف فيو فإنها ترفع‬ ‫أمرىا إلى عدؿ من صالحي جيرانها فيكشف عن أمرىا كيجتهد لها ثم تعتد كتتزكج‪ ،‬ألف الجماعة في بلد ال‬ ‫‪17‬‬


‫سلطاف فيو تقوـ مقاـ السلطاف قالو القابسي كأبو عمراف الفاسي كغيرىما من شيوخ المذىب (المالكي) مع أف‬ ‫ىذا من كظائف اإلماـ أك نائبو الذم ىو القاضي التي ال يباشرىا غيره مع كجوده‪ ،‬كمع ذلك لم يتوقف األمر فيها‬ ‫على كجوده»‪.‬النوازؿ الجديدة الكبرل (ّ‪ )ُْ-ُّ/‬للوزاني‪.‬‬

‫ُٔ‪ .‬كقاؿ اإلماـ الشوكاني مفنٌدان لمقولة‪«:‬الحدكد إلى اإلماـ أك نائبو» على ىذا اإلطبلؽ‪:‬‬

‫«ىذا مبني على أف الحدكد إلى األئمة كأنو ال يقيمها غيرىم على من كجبت عليو‪ ،‬كليس على ىذا أثارة من علم‬ ‫كالشك أف اإلماـ كمن يلي من جهتو ىم أكلى من غيرىم كما قدمنا‪.‬‬

‫كأما أنو ال يقيمها إال األئمة كأنها ساقطة إذا كقعت في غير زمن إماـ أك في غير مكاف يليو فباطل‪ ،‬كإسقاط لما‬

‫أكجبو اهلل من الحدكد في كتابو كاإلسبلـ موجود كالكتابة كالسنة موجوداف‪ ،‬كأىل العلم كالصبلح موجواف فكيف‬ ‫تهمل حدكد الشرع بمجرد عدـ كجود كاحد من المسلمين»‪.‬السيل الجرار المتدفق على حدائق األزىار (ْ‪.)ُّ​ُ/‬‬

‫على ىذا األصل الذم دؿ عليو الكتاب كالسنة انعقد إجماع أىل السنة كالجماعة من الصحابة كالتابعين كغيرىم كال عبرة‬ ‫بخبلؼ من خالف ىذا األصل من أىل األىواء كالبدع‪.‬‬

‫كىذا قليل من كثير في إقامة الحدكد كاستيفاء الحقوؽ كنصب الشرائع بحسب القدرة الشرعية عند عدـ‬ ‫السلطاف أك غيبتو أك تعطيلو لؤلحكاـ كالحقوؽ كعليو كأف الواجب على أىل العلم كالجهاد الذين يبسطوف‬ ‫السيطرة على القرل كالمدف إقامة الحدكد كاستيفاء الحقوؽ نصحان هلل كلكتابو كلرسولو كللمؤمنين‪.‬‬

‫كعلى ىذا األصل قامت الحركات اإلسبلمية في كل قطر من األقطار اإلسبلمية تأمر بالمعركؼ كتنهى عن المنكر‬

‫كتعلم المجتمع أمر دينو كتس ٌد حاجات بعض المعوزين لما عطل ذلك جميع األنظمة الحاكمة في العالم‬ ‫اإلسبلمي‪.‬‬ ‫أم جماعة قادرة إقامة الحدكد كالشرائع كأف ال تتعلل بعلل كاىية كأعذار ساقطة في ميزاف الشرع كالبرىاف‪.‬‬ ‫كعلى ٌ‬

‫كفي ىذا كلو إبطاؿ للرؤية الشيطانية الضالة المضلة‪«:‬الجهاد الشرعي ىو الذم يكوف بإذف اإلماـ‪..‬كال يجوز لجماعة‬

‫الدعوة إقامة الحدكد كإعبلف الجهاد» كما يقولو الطوائف الربيعية المدخلية كاالعتصامية إلخ‬

‫‪18‬‬


‫فباف بما تقدـ‪:‬‬ ‫‪ ‬اجفاق املغازبت واملشازكت على أن أهل البلد ًلىمىن ملام الظلطان عند فلده أو غيبخه إذا لم ًمىن الاهخظاز‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وهرلً إذا وان مضيعا للحدود والحلىق هيف إذا ازجد وعطل الشسائع وحازب الدًن وأهله؟‪.‬‬ ‫‪ ‬أن الدولت وطيلت من الىطائل وإكامت الشسائع غاًت وملصد بالنظبت لإلمامت فئذا حعرزث الىطيلت املعينت لم‬ ‫ٌظلط امل لصد ألن املعهىد في كىاعد الشسع طلىط الىطائل سظلىط امللاصد‪ ،‬ل العىع فئن مساعاة امللاصد‬ ‫أولى من مساعاة الىطائل‪ ،‬بل جلام بما جيظس من وطائل أخسي على حد كىله حعالى‪﴿:‬فاجلىا هللا ما اطخطعخم﴾‬ ‫وكىله صلى هللا عليه وطلم‪«:‬إذا أمسجىم بؤمس فؤجىا منه ما اطخطعخم»‪.‬‬ ‫وكىٌ الفلهاء‪«:‬امليظىز ل ٌظلط باملعظىز»‪.‬‬ ‫‪ ‬جمع هؤلء اجحاد املنهج وفهم امللاصد الشسعيت من مشياة واحدة ألن امللصىد من إزطاٌ السطل وإهصاٌ الىخب‬ ‫الظماوٍت‪ :‬إكامت الشسائع وإظهاز الشعائس‪.‬‬ ‫وامللصىد من هصب الشسائع‪ :‬جمع الخلم على الحم‪.‬‬ ‫وامللصىد من جمعهم‪ :‬حعسٍفهم باهلل وبما ًسضيه‪.‬‬ ‫وامللصىد من حعسٍفهم له‪ :‬عبادتهم هلل زب العاملين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فيل من أزشد ألامت إلى هرا امللصد أو كادها إليه هال أو سعضا فهى أحم الناض وأولهم بالطاعت لطيما عند خلى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الصمان عن الظلطان حظا أو شسعا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ولهرا كامذ الجماعاث إلاطالميت في ألاكطاز إلاطالميت داعيت إلى الخمظً بالىخابت والظنت وجطبيم شسع هللا في ألازض‬ ‫ً‬ ‫حين أدزهذ جماما أن حيام هره ألاشمنت هبروا هخاب هللا وزاء ظهىزهم ول بلدز زدجه عن الدًن واطدبدلىه بنظم‬ ‫طاغىجيت هفسٍت‪ .‬وكد هجص بهرا اللىٌ في جلسٍس ألاصل املرهىز‪.‬‬

‫حقيقة اإلمامة كتفسير أكلي األمر عند أىل العلم‪.‬‬ ‫قاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪:‬‬ ‫«أكلوا األمر‪ :‬أصحاب األمر كذككه‪ ،‬كىم الذين يأمركف الناس‪ ،‬كذلك يشترؾ فيو أىل اليد كالقدرة كأىل العلم‬ ‫كالكبلـ‪ ،‬فلهذا كاف أكلوا األمر صنفين‪ :‬العلماء كاألمراء فإذا صلحوا صلح الناس‪ ،‬كإذا فسدكا فسد الناس‪ ،‬كما‬ ‫ىحم ًسيَّة لما سألتو‪ :‬ما بقاؤنا على ىذا األمر؟ قاؿ‪ :‬ما استقامت لكم‬ ‫قاؿ أبو بكر الصديق رضي اهلل عنو لؤل ي‬ ‫أئمتكم‪ .‬كيدخل فيهم الملوؾ كالمشايخ كأىل الديواف‪ ،‬ككل من كاف متبوعا فإنو من أكلى األمر‪ ،‬كعلى كل كاحد‬ ‫من ىؤالء أف يأمر بما أمر اهلل بو‪ ،‬كينهى عما نهى عنو‪ ،‬كعلى كل كاحد ممن عليو طاعتو أف يطيعو في طاعة اهلل‪،‬‬ ‫كال يطيعو في معصية اهلل»‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫كيقوؿ رحمو اهلل تعالى‪«:‬اإلمامة عندىم‪ -‬أىل السنة كالجماعة‪ -‬تثبت بموافقة أىل الشوكة عليها‪ ،‬كال يصير الرجل‬ ‫مقصود اإلمامة‪.‬‬ ‫إماما حتى يوافقو أىل الشوكة عليها الذين يحصل بطاعتهم لو‬ ‫ي‬

‫فإف المقصود من اإلمامة إنما يحصل بالقدرة كالسلطاف‪ ،‬فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة كالسلطاف صار إماما‪.‬‬

‫مقصود الوالية فهو من أكلي األمر الذين أمر اهلل‬ ‫كلهذا قاؿ أئمة السلف‪ :‬من صار لو قدرة كسلطاف يفعل بهما‬ ‫ى‬ ‫بطاعتهم مالم يأمركا بمعصية اهلل‪.‬‬

‫فاإلمامة ملك كسلطاف كالملك ال يصير ملكا بموافقة كاحد كال اثنين كال أربعة إال أف تكوف موافقة ىؤالء تقتضي موافقة‬ ‫غيرىم بحيث يصير ملكا بذلك‪.‬‬

‫كىكذا كل أمر يفتقر إلى المعاكنة عليو ال يحصل إال بحصوؿ من يمكنهم التعاكف عليو‪.‬‬ ‫كلهذا لما بويع علي رضي اهلل عنو كصار معو شوكة صار إماما كلو كاف جماعة في سفر فالسنة أف يؤمركا أحدىم‬

‫كما قاؿ صلى اهلل عليو كسلم ‪..‬‬ ‫فإذا ٌأمره أىل القدرة منهم صار أميرا‪ ،‬فكوف ال رجل أميرا كقاضيا ككاليا كغير ذلك من األمور التي مبناىا على القدرة‬ ‫كالسلطاف متى حصل ما يحصل بو من القدرة كالسلطاف حصلت كإال فبل‪.‬‬

‫إذ المقصود بها عمل أعماؿ ال تحصل إال بقدرة فمتى ما حصلت القدرة التي بها يمكن تلك األعماؿ كانت‬ ‫حاصلة كإال فبل‪.‬‬ ‫كىذا مثل‪:‬كوف الرج ل راعيا للماشية متى سلمت إليو بحيث يقدر أف يرعاىا كاف راعيا لها كإال فبل ‪ .‬فبل عمل إال‬ ‫بقدرة عليو فمن لم يحصل لو القدرة على العمل لم يكن عامبل كالقدرة على سياسة الناس إما بطاعتهم لو كإما‬

‫بقهره لهم فمتى صار قادرا على سياستهم بطاعتهم أك بقهره فهو ذك سلطاف مطاع إذا أمر بطاعة‬

‫اهلل»‪[.‬منهاج‬

‫السنة‪.]ِٓٗ-ِٕٓ/ُ:‬‬ ‫كقاؿ أيضا رحمو اهلل‪«:‬اإلماـ ىو الذم يؤتم بو كذلك على كجهين ‪:‬‬

‫أحدىما‪ :‬أف يرجع إليو في العلم كالدين بحيث يطاع باختيار المطيع لكونو عالما بأمر اهلل عز كجل آمرا بو فيطيعو‬ ‫المطيع لذلك كإف كاف عاجزا عن إلزامو الطاعة ‪.‬‬

‫كالثاني ‪ :‬أف يكوف صاحب يد كسيف بحيث يطاع طوعا ككرىا لكونو قادرا على إلزاـ المطيع بالطاعة‪ .‬كقولو‬ ‫فسر باألمراء بذكم القدرة كأمراء‬ ‫تعالى‪﴿:‬ي ا أيها الذين آمنوا أطيعوا اهلل كأطيعوا الرسوؿ كأكلي األمر منكم﴾ قد ٌ‬ ‫الحرب‪ ،‬كفسر بأىل العلم كالدين ككبلىما حق‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫كىذاف الوصفاف كانا كاملين في الخلفاء الراشدين فإنهم كانوا كاملين في العلم كالعدؿ كالسياسة كالسلطاف كإف‬ ‫كاف بعضهم أكمل في ذلك من بعض﴾‪ .‬منهاج السنة (ْ‪،)َُٕ-َُٔ/‬‬ ‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن محمد المعركؼ بشيخ زاده الحنفي رحمو اهلل (َُٖٕ)‬

‫«كاإلماـ يصير إماما بالمبايعة معو من األشراؼ كاألعياف كبأف ينفذ حكمو في رعيتو خوفا من قهره كجبركتو فإف‬ ‫بايع الناس كلم ينفذ حكمو فيهم لعجزه عن قهرىم ال يصير‬

‫إماما»‪.‬مجمع األنهر في شرح ملتقى األبحر (ْ‪.)ُْٓ/‬‬

‫(ِ)‪ .‬الحكومة االنتقالية حقيقتها كحكمها‬ ‫قاؿ المشايخ بالنسبة للحكومة االنتقالية‪:‬‬ ‫أس ست من قبل الدكؿ الصليبية العالمية كالدكؿ المجاكرة‬ ‫يسمى بالحكومة الفدرالية غير شرعية أصبل ألنها ٌ‬ ‫«ما ٌ‬ ‫المعادية كىي موالية ألعداء المسلمين كيتكوف أعضاؤىا من زعماء الحرب الذين أفسدكا الببلد كالعلمانيين الذين‬

‫تربوا في أحضاف أعداء اإلسبلـ كاإلسبلميين الذين انسلخوا من الدين‪..‬كأما حكمها في الشريعة اإلسبلمية فهي‬ ‫حكومة مرتدة باألدلة التالية‪.»..‬‬ ‫ثم أخذكا في سرد األدلة مع التلخيص البلزـ في مثل ىذا المقاـ‪.‬ح ٌقا إنو حدث تاريخي كحكم شرعي نوعي في‬

‫تاريخ البلد ال أعرؼ لو مثيبل‪.‬‬

‫إف صدكر مثل ىذا الحكم عن ىذا الجمع من المشايخ مما يب ٌشر بأف في األمة من ينشد الحق كالهدل فإذا عثر‬ ‫عليو باح بو كال يبغي بو بديبل مع كثرة العوارض كظهور العوائق من كل شيطاف مارؽ‪.‬‬

‫مستند حكم المشايخ على الحكومة الفدرالية‪.‬‬

‫استند المشايخ الفضبلء في حكمهم الجرمء كالصريح في آف كاحد على مستندات إجماعية بين أىل‬

‫العلم‪:‬‬

‫ُ‪ .‬مواالة الكافرين التي تستلزـ معاداة المسلمين فمن نصر الكافرين على المسلمين فقد عاداىم بالضركرة كىي‬ ‫من المسائل الظاىرة الجلية التي ال تخفى على العامة فضبل عن الخاصة كما قرره شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رحمو‬

‫اهلل في‪[:‬مجموع الفتاكل‪.)ْٓ/ْ:‬كالدرر السنية‪.]ّّٕ،ّٖ​ٖ-ِّٕ/َُ:‬‬

‫كيقوؿ اإلماـ عبد اهلل بن محمد النجرم اليماني(‪788‬ىػ) في قولو تعالى‪:‬‬ ‫﴿ال يتخذ المؤمنوف الكافرين أكلياء من دكف المؤمنين﴾ اآلية‪«.‬دلت على حرمة مواالة الكافر‪ ،‬كىو معلوـ من ضركرة الدين‪..‬‬ ‫كعلى إباحة التقية باإلظهار فقط‪ ،‬كالقلب مطمئن بعداكتو»‪[.‬شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنػزيل‪.]493/1:‬‬ ‫‪21‬‬


‫كيقوؿ الشيخ حمد بن‬

‫عتيق‪«:‬فأما معاداة الكفار كالمشركين فاعلم أف اهلل سبحانو كتعالى قد أكجب ذلك كأكد‬

‫كحرـ مواالتهم كش ٌدد فيها حتى أنو ليس في كتاب اهلل تعالى حكم فيو من األدلة أكثر كال أبين من ىذا الحكم بعد‬ ‫إيجابو ٌ‬

‫كجوب التوحيد كتحريم ضده»‪[.‬النجاة كالفكاؾ من مواالة المرتدين كأىل اإلشراؾ]‪.‬‬ ‫يقوؿ العبلمة نجم الدين الطوفي رحمو اهلل (ُٕٔق)‪:‬‬

‫عدك‪،‬‬ ‫العدك صديق‪ ،‬كصديق الصديق صديق‪ ،‬كعدك الصديق عدك‪ ،‬كصديق العدك ٌ‬ ‫عدك ٌ‬ ‫«كقد استمرت العادة‪ :‬أ ٌف ٌ‬ ‫كلي اهلل عد ٌك اهلل فبل جرـ يحاربو اهلل‬ ‫فكذلك ٌ‬ ‫عدك ٌ‬

‫تعالى»‪[.‬التعيين في شرح األربعين صُّٖ]‪.‬‬

‫كال يخفى أف مناط الحكم «الكفر» المناصرة كالمعاكنة فمتى تحققت النصرة ثبت الحكم كاألصل عدـ المانع كالعمل‬ ‫بالمقتضي‪.‬‬

‫كالدليل قولو تعالى‪ ﴿:‬ال يتخذ المؤمنوف الكافرين أكلياء من دكف المؤمنين كمن يفعل ذلك فليس من اهلل في شيء‬ ‫إال أف تتقوا منهم تقاة﴾‪.‬‬

‫قاؿ اإلماـ البغوم رحمو اهلل‪ ﴿«:‬كمن يفعل‬

‫ذلك﴾‪ .‬أم مواالة الكفار في نقل األخبار إليهم كإظهارىم على عورة‬

‫المسلمين ﴿ فليس من اهلل في شيء﴾ أم ليس من دين اهلل في شيء‪.‬‬

‫كمعنى اآلية‪ :‬أف اهلل تعالى نهى المؤمنين عن مواالة الكفار كمداىنتهم كمباطنتهم إالٌ أف يكوف الكفار غالبين‬ ‫ظاىرين‪ ،‬أك يكوف المؤمن في قوـ كفار يخافهم فيداريهم باللساف كقلبو مطمئن باإليماف دفعان عن نفسو من غير أف‬ ‫يستحل دمان حرامان أك ماالن حرامان أك غير ذلك من المحرمات‪ ،‬أك يظهر الكفار على عورة المسلمين‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫كالتقيٌة ال تكوف إال مع خوؼ القتل مع سبلمة النية‪ ،‬قاؿ اهلل تعالى‪﴿ :‬إال من أكره كقلبو مطمئن باإليماف﴾ ثم ىذه‬ ‫التقية رخصة فلو صبر على إظهار إيمانو حتى قتل كاف لو بذلك أجر عظيم»‪[.‬معالم التنزيل‪.]ِٓ-ِْ/ِ:‬‬

‫كقاؿ الزمخشرم رحمو اهلل(ِٖٓق)‪ ﴿«:‬كمن يفعل ذلك فليس من اهلل في شيء﴾ كمن يوالي الكفرة فليس من كالية اهلل في‬ ‫عدكه‬ ‫شيء يقع عليو اسم الوالية يعني أنو منسلخ من كالية اهلل رأسان كىذا أمر معقوؿ فإف مواالة الولي كمواالة ٌ‬

‫متنافياف»‪[.‬الكشاؼ‪].َِٕ-ِٔٗ/ُ:‬‬

‫‪22‬‬


‫كقاؿ علم الدين السخاكم رحمو اهلل (ِْٔق) في تفسيره‪:»ُّٔ/ُ«:‬‬ ‫«﴿ ال يتخذ المؤمنوف الكافرين أكلياء﴾ يخصونهم بالمو ٌدة أم يطلعونهم على عورات المسلمين كيو ٌدكف لو ظهر الكفار على‬ ‫المؤمنين»‪.‬‬

‫كمن األدلة على ذلك قولو تعالى‪ ﴿:‬يا أيها الذين آمنوا ال تتخذكا اليهود كالنصارل أكلياء بعضهم أكلياء بعض كمن يتولهم‬

‫منكم فإنو منهم إف اهلل ال يهدم القوـ الظالمين* فترل الذين في قلوبهم مرض يسارعوف فيهم يقولوف نخشى أف تصيبنا دائرة ﴾‬ ‫اآلية‪.‬‬ ‫قاؿ أبو إسحاؽ إبراىيم الزجاج رحمو اهلل (ُ​ُّق)‪:‬‬ ‫«أم من عاضدىم على المسلمين فإنو من عاض ىده»‪﴿ .‬فترل الذين في قلوبهم مرض يسارعوف فيهم﴾ كالمرض ىنا النفاؽ في‬ ‫الدين كمعنى ﴿يسارعوف فيهم﴾‪:‬أم في معاكنتهم على المسلمين»‪[ .‬معاني القرآف‪.]ُُٖ/ِ:‬‬

‫بيٌن رحمو اهلل أ ٌف من عاضد الكافرين على المسلمين فهو منهم كأ ٌف المرض المذكور ىو النفاؽ األكبر كأ ٌف‬ ‫المسارع إلى معاكنتهم مسارع إلى الكفر كالعياذ باهلل‪.‬‬ ‫كقاؿ أبو جعفر النحاس رحمو اهلل (ّٖ​ّق)‪ «:‬ىذا في المنافقين ألنهم كانوا يمالئوف المشركين كيخبركنهم بأسرار المؤمنين‪﴿...‬‬

‫يسارعوف فيهم ﴾ المعنى‪ :‬يسارعوف في معاكنتهم»‪[.‬معاني القرآف ِ‪.]ُِّ/‬‬

‫كقاؿ أيضا رحمو اهلل‪«:‬كتولٌيهم‪ :‬معاضدتهم على المسلمين كاختصاصهم دكنهم‪﴿.‬كمن يتولٌهم﴾ أم ألنو قد خالف اهلل تعالى‬ ‫كرسولو كما خالفوا ككجبت معاداتو كما كجبت معاداتهم ككجبت لو النار كما كجبت لهم فصار منهم أم من أصحابهم‬ ‫»‪[.‬إعراب القرآف للنحاس‪.]ُِٕ/ُ:‬‬

‫كىذا تصريح منو بتكفير المعاضد ككجوب معاداتو كما تجب معاداة الكافر ككجوب النار لو كما تجب للكافر‬ ‫األصلي‪.‬كأف المماألة كتقديم األسرار من مواالة المنافقين لليهود التي ىي السبب في النزكؿ‪.‬‬ ‫كقاؿ أبو منصور اللغوم الفقيو األزىرم (َّٕق) رحمو اهلل بعد تحقيق معاني الوالية‪:‬‬

‫كأما قولو تعالى‪﴿:‬كمن يتولٌهم منكم﴾ معناه‪:‬من يتٌبعهم كينصرىم»‪[.‬تهذيب اللغة‪.]ِّٓ/ُٓ :‬‬ ‫« ٌ‬

‫‪23‬‬


‫قد أحسن األزىرم ما شاء في تحقيق معنى الولي كأنو الناصر على المسلمين موافقا لغيره من أىل اللساف كالفقو‬ ‫أحب تضرر مسلم أك انتصار كافر عليو فقد تح ٌقق فيو المقتضي للتكفير‪.‬‬ ‫فمن نصر كافرا على مسلم أك ٌ‬ ‫كقاؿ أبو منصور السمرقندم الماتريدم رحمو اهلل (ّ​ّ​ّ ق)‪:‬‬ ‫«يحتمل قولو تعالى‪﴿:‬ال تتخذكا اليهود كالنصارل أكلياء﴾ كجوىان‪:‬‬

‫أحدىا‪ :‬يحتمل‪ :‬ال تتخذكىم أكلياء في الدين أم ال تدينوا بدينهم فإنكم إذا دنتم بدينهم صرتم أكلياءىم في النصر كالمعونة‪.‬‬ ‫كالثاني‪ :‬يحتمل‪ :‬ال تتخذكىم أكلياء في النصر كالمعونة ألنهم إذا اتخذكىم أكلياء في النصر كالمعونة صاركا أمثالهم ألنهم إذا‬

‫نصركا الكفار على المسلمين كأعانوىم فقد كفركا كىو كقولو تعالى‪﴿ :‬يا أيها الذين آمنوا ال تتخذكا بطانة من دكنكم﴾‬ ‫سرىم كخفيٌاتهم فعلى ذلك األكؿ كاهلل أعلم‪.‬‬ ‫نهاىم أف يتخذكا أكلئك موضع ٌ‬

‫كالثالث‪ :‬يحتمل‪﴿ :‬ال تتخذكا اليهود كالنصارل أكلياء﴾ في المكسب كالدنيا فإنهم إذا فعلوا ذلك الب ٌد من أف يميلوا إليهم‬ ‫يفسقهم كيخرج شهادتهم فهذا النهي يحتمل ىذه الوجوه الثبلثة التي ذكرنا‪.‬‬ ‫كيصدركا عن رأيهم في شيء فذلك مما ٌ‬

‫كقولو‪﴿:‬كمن يتولهم منكم فإنو منهم﴾ الوجوهي التي ذكرنا‪ :‬الوالية في الدين‪ ،‬كالوالية في النصر كالمعونة‪ ،‬فإنهم إذا فعلوا ذلك‬

‫صاركا منهم في حكم الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كالوالية في المكسب كالدنيا فإنهم إذا فعلوا ذلك فيصيركف منهم في حكم الدنيا‪ ..‬أخبر‬

‫المسمى بتأكيبلت أىل السنة‪.]ْٔ/ِ:‬‬ ‫أف من يتولهم من المسلمين فسيصير منهم »‪ [.‬تفسير القرآف ٌ‬

‫تحقيق بالغ قاطع لدابر الجبهة التحريفية في أ ٌف الوالية المنهية عنها تشمل الوالية في الدين‪ ،‬كالوالية في المعونة‬ ‫كالنصرة‪ ،‬كالوالية في المكسب الدنيوم من حيث العموـ اللفظي‪.‬‬

‫عدكىم كىو منهم‬ ‫كعدك ٌ‬ ‫عدكىم فهو كليٌهم ٌ‬ ‫فإف من داف بدين قوـ فهو منهم جملة كتفصيبل‪.‬كمن نصرىم على ٌ‬ ‫بالضركرة‪.‬كأما من ماؿ إليهم من أجل أغراضو من غير تدي ون بدينهم أك و‬ ‫األكلىين‬ ‫نصرة لهم على عدكىم فهو دكف َّ‬ ‫ٌ‬ ‫كما ىو ظاىر‪.‬‬

‫قسمها إلى نوعين‪:‬‬ ‫كأما من حيث الحكم الشرعي الخاص فقد ٌ‬

‫النوع األكؿ‪ :‬الوالية المك ٌفرة كالمخرجة من الملة كيدخل فيها صنفاف من الناس‪:‬‬

‫الصنف األكؿ‪ :‬من داف بدينهم« ال تتخذكىم أكلياء في الدين أم ال تدينوا بدينهم فإنكم إذا دنتم بدينهم صرتم أكلياءىم في‬

‫النصر كالمعونة»‪.‬ألف التدين يقتضي النصرة كالمعونة‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫الصنف الثاني‪ :‬من نصرىم على المسلمين كإف لم يدف بدينهم‪«:‬فإنهم إذا فعلوا ذلك صاركا منهم في حكم الدنيا‬ ‫كاآلخرة»‪ «.‬ال تتخذكىم أكلياء في النصر كالمعونة ألنهم إذا اتخذكىم أكلياء في النصر كالمعونة صاركا أمثالهم ألنهم إذا نصركا‬ ‫الكفار على المسلمين كأعانوىم فقد كفركا»‪.‬‬ ‫كىذا مما أكضحو اإلماـ أبو جعفر النحاس في قولو‪«:‬ككجبت معاداتو كما كجبت معاداتهم ككجبت لو النار كما كجبت‬ ‫لهم فصار منهم أم من أصحابهم »‪.‬‬

‫المفسقة كىي الوالية في المكسب كالدنيا مثل مجالستهم كمصادقتهم كائتمانهم كقد‬ ‫النوع الثاني‪:‬الوالية‬ ‫ٌ‬

‫خونهم اهلل من غير أف يدين بدينهم أك ينصرىم على‬ ‫ٌ‬

‫المسلمين‪«.‬الوالية في المكسب كالدنيا فإنهم إذا فعلوا‬

‫ذلك فيصيركف منهم في حكم الدنيا»‪«.‬كالثالث‪ :‬يحتمل‪﴿ :‬ال تتخذكا اليهود كالنصارل أكلياء﴾ في المكسب كالدنيا فإنهم إذا‬

‫يفسقهم كيخرج شهادتهم»‪.‬‬ ‫فعلوا ذلك الب ٌد من أف يميلوا إليهم كيصدركا عن رأيهم في شيء فذلك مما ٌ‬

‫كقاؿ العبلمة سليماف بن عبد القوم الطوفي رحمو اهلل (ُٕٔق)‪:‬‬ ‫«عاـ في ترؾ مواالتهم كاالستعانة بهم بطريق المواالة في أمر دين أك دنيا‪..‬كالمواالة ىي‪ :‬العناية الظاىرة عن موادة باطنة‬

‫﴿بعضهم أكلياء بعض﴾ أم‪ :‬إنما يصلح مواالة بعضهم لبعض لما بينهم من جامع الكفر ال للمؤمنين‪،‬ال أنهم في‬ ‫الواقع متوالوف كيف كقد ألقى بينهم العداكة كالبغضاء إلى يوـ القيامة‪﴿.‬كمن يتولهم منكم فإنو منهم إف اهلل ال‬ ‫يهدم القوـ الظالمين﴾‪.‬ظاىره‪ :‬أنو يكفر بمواالتهم‪،‬كىو كذلك‪،‬إذ مواالتهم تستلزـ معاداة المؤمنين‪،‬كىي كفر‪.‬‬

‫أما من اعتنى بأمر بعضهم على جهة الرحمة أك رعاية الذمة‪ ،‬أك استمالتهم إلى اإلسبلـ كنحو ذلك مجردان من مواالتهم فبل بأس‬

‫لقولو عز كجل‪﴿ :‬ال ينهاكم اهلل عن الذين لم يقاتلوكم في الدين كلم يخرجوكم من دياركم أف تبركىم كتقسطوا إليهم أف اهلل‬ ‫يحب المقسطين﴾‪[ .‬اإلشارات اإللهية إلى المباحث األصولية ص‪.]ِ​َِ، ُِٗ:‬‬

‫بيٌن رحمو اهلل أف ظاىر كتاب اهلل تكفير الموالي لهم كأنو كذلك ثم ذكر أف مناصرة الكافرين تستلزـ معاداة‬ ‫المفسرين كالزجاج كالطبرم أنها تستلزـ الرضا بالكفر كعلى أم فالحكم الشرعي مناط‬ ‫المؤمنين‪.‬كذكره غيره من‬ ‫ٌ‬ ‫بالمناصرة الظاىرة كما ىو ظاىر الكتاب العزيز كتقتضيو القواعد العلمية كما سيأتي‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫تحقيق معنى المواالة في كتاب اهلل‬ ‫موادة باطنة»‪[.‬اإلشارات اإللهية صُِٗ]‪.‬‬ ‫يقوؿ العبلمة الطوفي رحمو اهلل‪«:‬المواالة ىي‪:‬العناية الظاىرة عن ٌ‬ ‫كقاؿ ابن تيمية رحمو اهلل‪«:‬إف المواالة يم ٍو ىجبيها‪ :‬التعاكف كالتناصر»‪[.‬جامع الرسائل‪.]ُّٗ/ِ:‬‬ ‫ط المواالة‪ :‬المناصرة»‪[.‬نظم الدرر‪.]ُِٗ/ ّ:‬‬ ‫كيقوؿ العبلمة البقاعي رحمو اهلل‪«:‬مح ٌ‬

‫يحب تضرر المسلم كانتصار الكافر قبل أف ينصره كمع ذلك أدار أىل‬ ‫كال شك أ ٌف معين الكافر على المسلم ٌ‬ ‫التحقيق التكفير على المناصرة كالمعاضدة ال على المحبة القلبية للتبلزـ بين الظاىر كالباطن إال في حالة اإلكراه‬

‫كالتقية كىي رخصة من اهلل كحالة استثنائية‪.‬فإذا تحقق التناصر كالتعاكف فقد تح ٌققت المحبة القلبية‪.‬‬ ‫كلهذا قاؿ أىل األصوؿ‪:‬يجوز االستدالؿ بانتفاء األثر على انتفاء المؤثِّر المعيٌن‪.‬‬

‫فيجوز القوؿ بوجود المحبة القلبية إذا تحقق الظاىر الداؿ عليها كبانتفائها إذا انتفت الموافقة كالمناصرة ألف‬

‫التعاكف كالتناصر مح ٌط المواالة عند أىل العلم كما سبق‪.‬‬

‫كالحكم الشرعي يدار على المظنة الظاىرة المنضبطة ال على الحكم الخفية المنتشرة؛‬

‫يقوؿ ابن تيمية رحمو اهلل‪ «:‬تنازع الفقهاء في المنافق الزنديق الذم يكتم زندقتو ىل يرث كيورث؟ على قولين؛‬ ‫كالصحيح‪ :‬أنو يرث كيورث كإف علم في الباطن أنو منافق كما كاف الصحابة على عهد النبي صلى اهلل عليو‬ ‫كسلم‪ ،‬ألف الميراث مبناه على المواالة الظاىرة ال على المحبة التي في القلوب‪،‬فإنو لو علٌق بذلك لم تمكن معرفتو‪ ،‬كالحكمة‬ ‫إذا كانت خفية أك منتشرة علق الحكم بمطنتها‪ ،‬كىو ما أظهره من مواالة المسلمين»‪[.‬مجموع الفتاكل‪.]َُِ/ٕ:‬‬

‫كيقوؿ العبلمة ابن دقيق العيد رحمو اهلل‪ «:‬تقتضي العادة الشرعية اإلعراض عن آحاد الصور المضطربة كإدارة الحكم‬

‫على المظنة»‪[.‬شرح اإللماـ‪.]ْٕٓ/ْ:‬‬

‫كيقوؿ الحافظ صبلح الدين العبلئي(ُٕٔق) رحمو اهلل‪«:‬األمور الخفية أك المنتشرة دأب الشارع أف بضبطها بوصف‬ ‫ظاىر يدكر الحكم عليو كما أشرنا إليو في المسربة لما كانت تخفى على العياف ككانت مما يحصل اإلنقاء فيها‬ ‫بالثبلث ضبطت بهذا العدد‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫ككذلك قصر الصبلة في السفر إنما كاف للمشقة كمشاؽ المسافرين تختلف فضبط بمسافة معينة ىي مظنة‬ ‫المشقة غالبا‪.‬‬ ‫ككذلك األمور المتعلقة بالباطن كال يطلع عليها ضبطت بالوصف الظاىر الذم ىو مظنتو غالبا كبيانو بصور‪:‬‬

‫منها‪ :‬العقل الذم ىو مناط التكليف يختلف باختبلؼ الناس بل يختلف فيو حاؿ الواحد بحسب األكقات‬

‫بالسن أك باالحتبلـ‪.‬‬ ‫فضبطو الشارع بأف جعلو مناطا بالبلوغ إما ٌ‬

‫كمنها‪ :‬ال تصديق الموجب للنجاة من القتل كلحقن الدماء كالماؿ لما تعذر اإلطبلع عليو ضبطو الشارع باإلتياف‬ ‫بالشهادتين حتى لو توافرت القرائن على مخالفة الظاىر الباطن لم يلتفت إليها كما في إسبلـ المرتد عند العرض‬ ‫على السيف كإسبلـ الحربي باإلكراه إذ لو اعتبر ذلك لم يكن لو ضابط‪.‬‬ ‫كمنها‪ :‬أف التراضي يعتبر في العقود بقولو تعالى‪﴿ :‬إال أف تكوف تجارة عن تراض منكم﴾كذلك أمر باطن فناطو‬ ‫الشافعي رضي اهلل عنو باإليجاب كالقبوؿ كمن قاؿ من األصحاب بالمعاطاة جعل القرائن القائمة فيما اعتاده‬ ‫الناس تدؿ على الرضا‪.‬‬

‫ككذلك أكقع الطبلؽ من الهازؿ كنحوه إحالة على الوصف الظاىر الذم نيطت بو األحكاـ ضابطا‪.‬‬

‫كمنها‪ :‬العدة االستبرائية‪ ،‬ناطها الشارع بالوطء كناطها من الوطء بتغيب الحشفة كلو حصلت البراءة يقينا كما لو‬ ‫طلقها بعد تلك اإلصابة أك باعها ألربع سنين أك علق طبلقها على براءتها من الحبل‪.‬‬ ‫كمنها‪ :‬لو قاؿ‪ :‬إف شئت فأنت طالق أك إف رضيت فقالت‪ :‬شئت أك رضيت كىي كارىة بقلبها فالصحيح أنو يقع‬ ‫ألف المناط اللفظ الداؿ على ذلك‪،‬كقاؿ أبو يعقوب األبيوردم‪ :‬ال يقع لعدـ المعلق عليو كإليو ماؿ القاضي‬

‫حسين كاهلل أعلم»‪[.‬المجموع المذىب في قواعد المذىب‪.]ٖٔ-ٖٓ/ِ:‬‬

‫و‬ ‫الولي يحب انتصار‬ ‫تحقيق بالغ في أ ٌف المواالة عناية ظاىرة عن مو ٌادة باطنة كأف موجبها التعاكف كالتناصر ألف ٌ‬

‫عدكه‪.‬‬ ‫كليٌو على ٌ‬

‫أم‪ ،‬فالحكم‬ ‫كبالجملة‪ :‬فالمناصرة كالمعاضدة الظاىرة إما أف تكوف ىي العلة‪ ،‬كإما أف تكوف مظنة العلة كعلى ٌ‬

‫منوط بها كمدار عليها فإف العادة الشرعية تقتضي اإل عراض عن آحاد الصور المضطربة كإدارة الحكم على‬

‫المظنة كما قاؿ أىل األصوؿ‪ .‬فمن نصر الكافرين على المسلمين فهو كافر بنص التنزيل‬

‫‪27‬‬


‫خالصة القول فً حقٌقة المواالة‪:‬‬ ‫«إن المواالة موجبها التناصر والتعاون»‪.‬ابن تٌمٌة‪.‬‬ ‫«المواالة هً‪ :‬العناٌة الظاهرة عن موادّة باطنة»‪.‬الطوفً‪.‬‬ ‫«مح ّط المواالة‪ :‬المناصرة»‪.‬البقاعً‪.‬‬ ‫« ال شك أن الوالٌة المنهً عنها هً الوالٌة بمعنى النصرة»‪.‬الرازي‪.‬‬ ‫« والمراد من النهً عن اتخاذهم أولٌاء أن ٌعاملوا معاملة األولٌاء فً المصادقة والمعاشرة والمناصرة»‪.‬‬ ‫الشوكانً‪.‬‬

‫مسألة التجنٌد مع الكافرين‪.‬‬

‫قاؿ العبلمة عبد اهلل بن محمد النجرم اليماني‪:‬‬ ‫«من تجنٌد مع الظلمة ليستعينوا بو في الجبايات كالمظالم فبل إشكاؿ في فسقو‪.‬‬

‫كأما الكفار فإذا تجنٌد معهم أحد فقد أفتى اإلماـ علي بن محمد (ْٕ​ٕىػ) بكفر من تجنٌد مع سبلطين اليمن كحكم بر ٌدتو‪..‬‬

‫قاؿ‪ :‬كقد حكم المنصور باهلل بأف مناصرة الكافر على المسلم كفر لقولو صلى اهلل عليو كسلم للعباس يوـ بدر كقد اعتذر أنو‬ ‫خرج مكرىا‪«:‬ظاىرؾ علينا»‪.‬كنظر كبلمو»‪[.‬شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل صّْٗ‪.]ّٕٗ-‬‬

‫كفي البخر الز ٌخار من كتب الزيدية ٔ‪:ِْٕ/‬‬

‫«فرع‪ :‬فأما التعاىد على المناصرة بين ا لمؤمن كالفاسق أك الكافر فقد ذكر المنصور باهلل عليو السبلـ أنها مواالة توجب الكفر‬ ‫كالفسق»‪.‬‬

‫كقاؿ الفقيو يوسف الزيدم‪«:‬كقاؿ المنصور باهلل‪:‬إ ٌف مناصرة الكفار على المسلمين توجب الكفر ألنو صلى اهلل عليو كسلم‬

‫قاؿ للعباس‪ :‬ظاىرؾ علينا‪.‬كقد اعتذر أنو خرج مكرىا»‪.‬شافي العليل صّٓٗ الهامش‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫استعانة الكفار كالضركرة‬ ‫يستعين بعض المجرمين بالكفار ثم يدعي الضركرة كاإللجاء إلى ذلك من جانب المجاىدين كما كقع للسلطاف‬ ‫السعدم عاـ‪ٖٗٔ(:‬ق)‪.‬‬ ‫المخلوع أبي عبد اهلل محمد بن عبد اهلل ٌ‬

‫عمو أبي مركاف المعتصم باهلل بعث رسالة إلى علماء المغرب مبرران‬ ‫فإنو لما استنصر بنصارل البرتغاؿ على ٌ‬ ‫الستعانتو بالكفار قائبل‪:‬‬

‫«ما استصرخت بالنصارل حتى عدمت النصرة من المسلمين كقد قاؿ العلماء أنو يجوز لئلنساف أف يستعين على من غصبو‬ ‫حقو بكل ما أمكنو‪»..‬‬

‫فأجابو علماء المغرب بقولهم‪«:‬كبعد‪ :‬فهذا جواب من كافة الشرفاء كالعلماء كالصلحاء كاألجناد من أىل المغرب كفقهم‬ ‫اهلل لموالنا محمد ابن موالنا عبد اهلل السعدم عن كتابو الذم استدعاىم فيو لحكم الكتاب كالسنة كاستدؿ بحججو الواىية‬ ‫المنكبة عن الصواب قائلين لو عن أكؿ حجة صدر بها الخطاب لو رجعت على نفسك اللوـ كالعتاب لعلمت أنك المحجوج‬

‫كالمصاب‪.»..‬‬

‫إلى أف أتوا على جميع شبهاتو كأحسنوا في ذلك ما شاءكا من ذلك قولهم لو‪:‬‬ ‫«كفي قولك‪ :‬يجوز لئلنساف أف يستعين على من غصبو حقو بكل ما أمكنو‪.‬كجعلت قولك ىذا قضية انتجت لك‬ ‫دليبل على جواز االستعانة بالكفار على المسلمين كفي ذلك مصادمة للقرآف كالحديث كىو عين الكفر أيضا كالعياذ باهلل‪..‬‬

‫كفي كتاب القضاء من نوازؿ اإلماـ البرزلي رحمو اهلل أف أمير المسلمين يوسف بن تاشفين اللمتوني رحمو اهلل‬ ‫استفتى علماء زمانو رضي اهلل عنهم كىم ما ىم في استنصار ابن عباد األندلسي بالكتابة إلى اإلفرنج على أف‬ ‫يعينوه على المسلمين فأجابو جلٌهم رضي اهلل عنهم بردتو ككفره فتأمل ىذا مع قضيتك تجدىا أحركية مناسبة لقضية ابن عباد‬ ‫في عقدىا ابتداء كأنو متى طرأ الكفر كجب العزؿ كناىيك بقوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم عليكم بالسمع كالطاعة كبما‬ ‫أفتى العلماء رضواف اهلل عليهم بردة من استنصر بالنصارل على المسلمين فهو نص جلي في كجوب خلعك كسقوط بيعتك فلم‬

‫يبق لك إال منازعة الحق سبحانو في حكمو‪ ﴿:‬كمن يشاؽ اهلل كرسولو فإف اهلل شديد العقاب﴾»‪ ..‬ككيف ال تنظر‬ ‫لقضايا تلمساف كتونس كغيرىما من سائر البلداف ككيف كقع ألمرائهم المستنصرين بالكفار على المسلمين ىل‬ ‫حصلوا على شي ء مما قصدكه أك بلغوا شيئا مما أملوه على أف أكثر العلماء حكموا بردتهم ففاتتهم الدنيا كاآلخرة‬ ‫كالعياذ باهلل»‪[.‬االستقصاء ألخبار دكؿ المغرب االقصى‪.]ِٕ​ٕ-َِٕ/ِ :‬‬

‫كجو علماء المغرب إلى السلطاف المخلوع أسئلة يجب توجيو مثلها إلى الحكومة المرتدة كبالذات إلى رئيسها‬ ‫ٌ‬

‫أخراه اهلل في الدنيا كاآلخرة كإلى مناصريها المنتسبين للعلم كالدعوة‪.‬‬ ‫‪29‬‬


‫ثم انظر إلى إبطاؿ شبهة الضركرة كاإللجاء كالتسجيل عليو بالكفر كاالرتداد الستعانتو بالكفار على المسلمين من‬ ‫قبل علماء المغرب كالشرفاء ألف الضركرة ال تبيح الكفر كاإلشراؾ‪.‬‬

‫سن القوانين الوضعية أك العمل بها‪.‬‬ ‫ِ) ‪ٌ .‬‬

‫المجرد كافر مرتد كيدخل تحت ىذا األصل‬ ‫المشرع بالرأم ٌ‬ ‫تقرر بدليل الكتاب كالسنة كإجماع سلف األمة إف ٌ‬

‫أصناؼ‪:‬‬

‫المشرع الواضع للقانوف فهو كافر خارج من الملة سبيلو سبيل عمرك بن لحي كجنكيزخاف كغيرىما‪﴿.‬أـ‬ ‫األكؿ‪ِّ :‬‬ ‫لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذف بو اهلل﴾‪﴿.‬اتخذكا أحبارىم كرىبانهم أربابا من دكف اهلل﴾‪﴿.‬كال يأمركم أف تتخذكا‬ ‫المبلئكة كالنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلموف﴾‪﴿.‬ككذلك زيٌن لكثير من المشركين قتل أكالدىم شركاؤىم﴾‪.‬‬

‫المشرع مفتر‪ ،‬كالمفترم على اهلل كافر باتفاؽ‪ ،‬أل ف التشريع من البشر افتراء ‪،‬كالمستحسن برأيو‬ ‫مشرع ‪،‬ك ِّ‬ ‫فهذا ِّ‬ ‫كجاعلو شرعا كافر كما تقرر في موضعو‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الحاكم بذلك التشريع الجاىلي اختيارا فهو كافر أيضا كفرا مخرجا من الملة ‪،‬حكمو حكم العرب الذين‬ ‫َّ‬ ‫حكموا تشريعات عمرك بن لحي‪ ،‬كالتتار الذين أسلموا مع تحكيمهم لقوانين أجدادىم‪ ،‬كحكم تيمورلنك العامل‬ ‫بقوانين جد ٌأمو ﴿فبل كربك ال يؤمنوف حتى يحكموؾ فيما شجر بينهم﴾‪﴿ .‬أفحكم الجاىلية يبغوف كمن أحسن من اهلل حكما‬ ‫لقوـ يوقنوف﴾‪﴿ .‬أفغير اهلل ابتغي حكما كىو الذم أنزؿ إليكم الكتاب مفصبل﴾‪﴿.‬أفغير دين اهلل يبغوف كلو أسلم من في‬ ‫السموات كاألرض طوعا ككرىا كإليو يرجعوف﴾‪﴿.‬كإف أطعتموىم إنكم لمشركوف﴾‪﴿.‬كمن لم يحكم بما أنزؿ اهلل فأكلئك ىم‬ ‫الكافركف﴾‪.‬‬

‫الثالث‪:‬المتحاكم إلى القانوف الوضعي فالمتحاكم إليو طوعا كافر أيضا حكمو حكم السابقين سواء بسوء سبيلو‬ ‫سبيل قتيل عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو‪﴿:‬ألم تر إلى الذين يزعم وف أنهم آمنوا بما أنزؿ إليك كما أنزؿ من‬ ‫قبلك يريدكف أف يتحاكموا إلى الطاغوت كقد أمركا أف يكفركا بو﴾‪.‬‬

‫يستثنى من ىذا الحكم عند بعض المعاصرين المتحاكم إليو اضطرارا كليس بشيء أل ٌف قضيٌة الرد كالتحاكم إلى غير‬

‫المحرمات التي تجوز بالضركرة كإنما ىي من باب الكفر باهلل كاإلشراؾ بو فبل يجوز إال باإلكراه‬ ‫شرع اهلل ليس من باب‬ ‫ٌ‬ ‫الشرعي‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬اآلمر بتقنين القوانين الجاىلية في الببلد أك الجالب لها ألف اآلمر بالكفر كافر‪،‬كما أف الجالب لو راض بو‬ ‫كالرضا بالكفر كفر إجماعا‪.‬‬ ‫‪31‬‬


‫قاؿ شيخ اإلسبلـ تقي الدين‪«:‬كمعلوـ باالضطرار من دين المسلمين كباتفاؽ جميع المسلمين‪ :‬أف من سو ٌغ اتباع الشريعة‬

‫غير شريعة محمد صلى اهلل عليو كسلم فهو كافر»(ُ)‪.‬‬

‫محل خبلؼ‬ ‫الخامس‪:‬الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل في قضايا جزئية معيٌنة لرشوة كنحوىا من المعاصي كتكفير ىذا ٌ‬ ‫بين السلف‪.‬‬

‫ذىب عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنو كطائفة من أصحابو إلى أنٌو من الكفر األكبر قاؿ مسركؽ األجدع رحمو‬

‫اهلل‪ «:‬سألت عبد اهلل بن مسعود عن الجور في الحكم؟ قاؿ‪ :‬ذاؾ الكفر‪ ،‬قاؿ‪ :‬كسألتو عن الرشا فقاؿ‪ :‬الرجل يقضي للرجل‬ ‫حاجة فيهدم إليو بهدية»‪.‬‬

‫الرشا في الحكم؟ قاؿ‪ :‬ذلك الكفر؛ ثم‬ ‫كفي ركاية‪«:‬كنت جالسا مع عبد اهلل فجاءه رجل ققاؿ‪ :‬يا أبا عبد الرحمن السحت ِّ‬ ‫قرأ‪﴿:‬كمن لم يحكم بما أنزؿ اهلل فأكلئك ىم الكافركف﴾‪.‬‬

‫كفي ركاية‪«:‬سألت ابن مسعود عن السحت‪ ،‬أىو رشوة في الحكم؟ قاؿ‪:‬ال‪ ،‬كمن لم يحكم بما أنزؿ اهلل فأكلئك ىم الكافركف‬

‫كالظالموف كالفاسقوف كلكن السحت أف يستعينك رجل على مظلمة إماـ فتعينو فيهدم لك فذلك السحت»‪.‬كفي‬

‫ركاية‪«:‬سألت عبد اهلل عن السحت فقاؿ‪ :‬الرشى‪.‬كسألتو عن الجور في الحكم؟ فقاؿ‪ :‬ذالك الكفر»‪.‬‬ ‫كقاؿ مسركؽ األجدع‪«:‬قلت لعمر بن الخطاب رضي اهلل عنو يا أمير المؤمنين‪ ،‬أرأيت الرشوة في الحكم أمن السحت ىي؟‬ ‫قاؿ‪:‬ال‪ ،‬كلكن كفر‪.‬قاؿ‪ :‬عمر بن الخطاب‪ :‬أما السحت أف يكوف للرجل عند السلطاف حاجة كمنزلة كيكوف لآلخر إلى‬

‫السلطاف حاجة فبل يقضي حاجتو حتى يهدم إليو ىدية»‪.‬‬

‫كقاؿ مسركؽ األجدع رحمو اهلل‪ «:‬إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت كإذا أكل الرشوة بلغت بو الكفر»‪.‬‬

‫كىذه آثار ثابتة عن ابن مسعود كأصحابو‪.‬‬

‫[تفسير سعيد بن منصور رقم‪ )ِْٕ-ّٕٗ:‬كعبد الرزاؽ‪ )ُْٔ​ٔ​ٔ:‬كمسند أبي‬

‫يعلى‪ )ِٓٔ​ٔ:‬كتاب الدعاء للطبراني (َُِِ‪َُِٔ-‬؛ كأحكاـ القرآف للقاضي إسماعيل صُّٗ‪.َُْ-‬كاألكسط البن المنذر (ِْٓٔ‪-‬‬ ‫ْٗٓٔ] ٔ‪ )ُٔ​ُ-َٖٔ/‬كالبيهقي في السنن َُ‪.ُّٖ-ُّٕ/‬‬

‫كفيها من الفقو‪ :‬التفريق بين كفر المعاصي كبين كفر االرتداد كأف الحكم بغير ما أنزؿ اهلل كفر مطلقا بدكف‬ ‫التفصيل الذم يؤثر عن ابن عباس كبعض أصحابو كالداللة على ذلك من كجوه‪:‬‬ ‫الوجو األكؿ‪:‬أف األصل في اإلطبلؽ الكفر األكبر كالشرؾ األكبر كعلى األصل تحمل أقواؿ السلف إال بصارؼ‪.‬‬

‫( ) مجموع الفتاوى (‪.)485/82‬‬ ‫‪31‬‬


‫قاؿ ابن تيمية رحمو اهلل‪ «:‬الكفر المطلق ال يجوز أف يراد بو إال الكفر الذم ىو خبلؼ اإليماف ألف ىذا ىو المعنى‬ ‫الشرعي‪ ..‬إف الكفر المطلق ىو الكفر األعظم المخرج عن الملة فينصرؼ اإلطبلؽ‬

‫إليو»‪.‬شرح العمدةِ‪.ِٖ-َٖ/‬‬

‫كليس ىنا شيء يوجب صرفو عن الظاىر‪.‬‬ ‫كقاؿ الحافظ ابن حجر رحمو اهلل‪«:‬إف ع رؼ الشارع إذا أطلق الشرؾ إنما يريد بو ما يقابل التوحيد كقد تكرر ىذا‬ ‫اللفظ في الكتاب كاألحاديث حيث ال يراد بو إال ذلك»‪ .‬فتح البارم‪.ْٖ/ُ:‬‬

‫معرؼ بالبلـ غير من ٌك ر كىو يحمل على الكفر األكبر عند أىل التحقيق‪ .‬قاؿ شيخ‬ ‫الوجو الثاني‪ :‬أف ىذا الكفر ٌ‬ ‫المعرؼ ينصرؼ إلى الكفر المعركؼ كىو المخرج من الملة‪ ..‬كفرؽ بين‬ ‫اإلسبلـ ابن تيمية رحمو اهلل‪«:‬كالكفر ٌ‬

‫منكر في اإلثبات»‪ .‬شرح العمدة ِ‪ ِٖ/‬كاقتضاء الصراط المستقيمُ‪.ِّٕ/‬‬ ‫المعرؼ بالبلـ كبين كفر ٌ‬ ‫الكفر ٌ‬

‫المحرمات في كتاب اهلل كالسحت كبين الكفر في الحكم مما يدؿ على أف‬ ‫الوجو الثالث‪ :‬التفريق الصريح بين‬ ‫ٌ‬ ‫المراد بو الكفر األكبر كإال بطل معنى التفريق المنصوص‪.‬‬ ‫كىو ظاىر الكتاب مؤيدا باالعتبار فإف الجائر كالمرتشي في الحكم يظهر الباطل في صورة الحق كيسوقو مساؽ‬ ‫شرعة رب العالمين‪.‬‬ ‫كبالجملة‪ :‬فإف النزاع المأثور عن السلف في المسألة إنما ىو في الوقائع المعيٌنة التي قد يجور فيها القاضي‬ ‫كنحوه ال التشريع العاـ بالرأم المجرد الذم ىو كفر مخرج من الملة باإلجماع‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫ّ‪ .‬إف الرضا بالكفر كفر باإلجماع‪.‬‬

‫مما استند المشايخ في الحكم الصريح قاعدة الرضا بالكفر كىو كفر باإلجماع‪.‬‬

‫كأظهر سند لهذا اإلجماع قولو تعالى‪ ﴿:‬كقد نزؿ عليكم في الكتاب إف إذا سمعتم آيات اهلل يكفر بها كيستهزأ بها فبل‬ ‫تقعدكا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إف اهلل جامع المنافقين كالكافرين في جهنم جميعا﴾‪.‬‬ ‫يقوؿ اإلماـ أبو جعفر النحاس(ّٖ​ّىػ) رحمو اهلل‪:‬‬ ‫دؿ بهذا على كجوب اج تناب أصحاب المعاصي‪،‬إذا ظهر منهم منكر‪،‬ألف من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم‪ ،‬كالرضى بالكفر‬ ‫« ٌ‬ ‫كفر» (ِ)‪.‬‬

‫كقاؿ نجم الدين الطوفي (ُٕٔق) رحمو اهلل في عموـ حكم اآلية‪«:‬عاـ مطرد»(ّ)‪.‬‬

‫كقاؿ اإلماـ مكي بن أبي طالب رحمو اهلل‪«:‬المعنى‪ :‬قد أخبرتم أيها المنافقوف في القرآف‪﴿:‬أف إذا سمعتم﴾‬

‫فاتٌخذتموىم أكلياء‪﴿ ،‬إنكم إذا مثلهم﴾ كفار إذا جالستموىم على تلك الحاؿ‪،‬ألف من لم يجتنبهم فهو راض بفعلهم‪،‬‬ ‫فالرضا بالكفر كفر»(ْ)‪.‬‬

‫كيقوؿ العبلمة البقاعي رحمو اهلل‪ «:‬كأما ىذه اآلية فمدنية فالتغيير عند إنزالها باللساف كاليد ممكن لكل مسلم‪،‬‬

‫فالمجالس من غير نكير راض‪ ،‬فلهذا علٌل بقولو‪﴿:‬إنكم إذان﴾ أم إذا قعدتم معهم كىم يفعلوف ذلك‪﴿:‬مثلهم﴾ أم في الكفر‬ ‫المصرح للكفراف دالة على أف إظهاره لما أظهر نفاؽ‪،‬كأنو راض بما يصرح بو ىذا الكافر‪،‬‬ ‫ألف مجالسة المظهر لئليماف‬ ‫ٌ‬ ‫كالرضى بالكفر كفر ‪ ..‬كالتسوية بينهم في الكفر بالقعود معهم دالة على التسوية بين العاصي كمجالسو بالخلطة من غير‬

‫إنكار»‪.‬‬

‫(ٓ)‬

‫كقاؿ اإلماـ النجرم اليماني رحمو اهلل ‪:‬‬ ‫«دلٌت على أنو ال يجوز مشاىدة المنكر‪ ،‬كعلى أف الرضا بالكفر كفر‪ ،‬كأف تارؾ اإلنكار مع القدرة كفاعل المنكر‬

‫سياف‪.‬فإذا أذف كلي المرأة لها بالتكلم بالكفر لينفسخ نكاحها صار كافرا‪ ،‬ككذلك المفتي‪..‬كقولو‪﴿:‬إنكم إذا‬

‫دؿ على أ ٌف فاعل المنكر كغير المنكر سيٌاف»‪.‬‬ ‫مثلهم﴾ ٌ‬

‫(ٔ)‬

‫(‪ )8‬إعراب القرآن ( ‪)855/‬‬ ‫( ) اإلشارات اإللهٌة إلى المباحث األصولٌة ص‪24‬‬ ‫(‪ )5‬تفسٌر الهداٌة (‪) 458- 45 /8‬‬ ‫(‪ )4‬نظم الدرر فً تناسب اآلٌات والسور (‪). 3 - 3/8‬‬ ‫(‪ )3‬شافً العلٌل فً شرح الخمسمائة آٌة من التنزٌل ( ‪)33 /‬‬ ‫‪33‬‬


‫كالتحقيق‪ :‬أف مناط الحكم تح ٌق يق الرضا بالسكوت كالقعود مع القدرة على اإلنكار أك القياـ اللذين ىما دليل‬ ‫يدؿ على عدمو كحالة اإلكراه ا لمعتبر كالجاسوس المسلم فبل تكفير النتفاء‬ ‫الرضا بالكفر‪ .‬فإف كجد سبب ظاىر ٌ‬ ‫مناط الحكم كانتفاء المناط يدؿ على انتفاء الحكم المعلق بو‪.‬‬

‫الرجل إذا سمع آيات اهلل يكفر‬ ‫كقاؿ الشيخ سليماف بن عبد اهلل رحمو اهلل‪«:‬إف معنى اآلية على ظاىرىا‪ ،‬كىو أ ٌف ٌ‬ ‫بها كيستهزأ بها فجلس عند الكافرين المستهزئين من غير إكراه كال إنكار كال و‬ ‫قياـ عنهم حتى يخوضوا في‬ ‫و‬ ‫حديث غيره فهو كافر مثلهم‪ ،‬كإف لم يفعل فعلهم أل ٌف ذلك يتضمن الرضا بالكفر‪ ،‬كالرضا بالكفر كفر‪.‬‬ ‫استدؿ العلماء على أف الراضي بالذنب كفاعلو‪ ،‬فإف ادعى أنو يكره ذلك بقلبو لم ييقبل منو؛ ألف‬ ‫كبهذه اآلية كنحوىا‬ ‫ٌ‬

‫الحكم على الظاىر كىو قد أظهر الكفر فيكوف كافران »‪.)ٕ(.‬‬

‫ْ‪ .‬ال عبرة لتصرفات الحكومة الفدرالية المرتدة‬

‫ىذه حقيقة ال ب ٌد من القوؿ بها لتحقق المقتضي للحكم كترتيبا لآلثار على األسباب‪.‬‬

‫يقوؿ المشايخ الفضبلء في ىذه المسألة بالخصوص‪«:‬جميع اال تفاقات التي كقعتها ىذه الطائفة من استيراد الكفار كبيع‬ ‫األراضي كتسليم المواني كالمطارات كغيرىا كلها ملغاة ال شرعية لها»‪.‬‬

‫نعم اختبلؼ بعض الفقهاء في اعتبار بعض تصرفات المرتد شيء ال عبلقة بمثل ىذه المسائل التي يتكلم عنها‬ ‫المشايخ الكراـ جزاىم اهلل خيرا‪.‬‬ ‫كأضيف ىنا ما ىو مندرج في مضموف كبلـ المشايخ فأقوؿ‪ :‬كال عبرة أيضا بعهدىم كإجارتهم كأمانهم للكافرين‬ ‫المؤمن‪.‬‬ ‫المؤمن ك َّ‬ ‫سواء كانوا أفرادا أك طوائف بل الواجب قتاؿ الجميع أعني ِّ‬

‫جاء في فتاكل البرزلي‪:‬جامع مسائل األحكاـ لما نزؿ من القضايا بالمفتين كالحكاـ‪«:)ِ​ِ/ْ :‬كل طائفة من أىل اإليماف اجتمعت‬ ‫كنصبت إماما كامتنعت من حكم اإلماـ العادؿ فهي باغية‪.‬‬ ‫فإف استعانت الباغية بأىل الحرب على قتاؿ الفئة العادلة كجب قتاؿ أىل الحرب كسبيهم‪.‬‬ ‫كليس أمانهم بأماف كال إجارتهم لهم بإجارة‪ .‬كإنما تكوف على ما أجازىا اهلل كرسولو من أف ال يكوف غرر على‬

‫يؤمنوا على قتاؿ المسلمين كسبيهم كأخذ أموالهم فبل»‪.‬‬ ‫المسلمين‪.‬كأما أف ٌ‬

‫(‪ )3‬مجموعة التوحٌد ص‪.52:‬‬ ‫‪34‬‬


‫نعم كيف يصح أمانهم كإجارتهم لهم كىم يكفركف باالستعانة؟ قاؿ اإلماـ البرزلي رحمو اهلل‪«:‬كلم يتكلم في حكم‬ ‫الطائفة التي كقعت استعانتها بالعدك‪ .‬كاحفظ أني رأيت البن الصيرفي في دكلة لمتونة من صنهاجة‪ :‬أف المعتمد‬ ‫بن عباد استعاف بهم في حرب المرابطين فنصرىم اهلل عليو كىرب ىو ثم نزؿ على حكم يوسف بن تاشفين أمير‬ ‫صنهاجة فاستفتى فيو الفقهاء فأكثرىم أفتى أنها ردة‪،‬كقاضيو مع بعض الفقهاء لم يرىا ردة كلم يبح دمو بالردة‪.» ..‬فتاكل‬ ‫البرزلي‪.ِ​ِ/ْ:‬‬

‫(ٓ)‪.‬نصيحة عامة إلى المسلمين‪.‬‬ ‫كجو المشايخ الفضبلء نصائح متنوعة إلى المسلمين عامتهم كخاصتهم فأكصوىم بتقول اهلل كاالعتصاـ بالكتاب‬ ‫ٌ‬

‫كالسنة كالتوبة من جميع الذنوب كاآلثاـ كاالجتماع على كلمة الحق‪.‬‬

‫كح ٌذركا من الركوف إلى الكفار كالمرتدين مع التوصية باالبتعاد عن مجامع المرتدين‪.‬كما ح ٌذركا عواـ المسلمين من‬ ‫االغترار بفتاكل علماء السوء الذين يفتوف لبلعداء‪.‬‬

‫أقوؿ ىاىنا تسكب العبرات كتخرس األلسن عن الكلمات كتصم األسماع عن األصوات لفداحة الهاجم من‬ ‫األزمات كالنكبات من قبل تلك البهائم من الحيوانات‪.‬علماء السوء كما أدراؾ ما علماء السوء قطاع طريق الجنة‬ ‫كالعياذ باهلل كالمنة‪.‬‬ ‫متنوعة؛‬ ‫إف القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء كالحي ال تؤمن عليو الفتنة كأسبابها كثيرة ٌ‬

‫كالشبو خطٌافة كالقلوب ضعيفة‪.‬‬

‫مسرجة طويلة‬ ‫كمن أشدىا على الدىماء كأبعدىا غورا في اإلغواء فتنة أناس ظهركا بأزياء العلماء كالصالحين بلحى ٌ‬

‫كعمائم كاألبراج يتظاىركف بمظهر الدعوة كاإلصبلح كالحقيقة االنطواء على الزغل كالسعي إلى ما فيو ذىاب‬

‫اإلسبلـ كالهد ألركاف الدين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الرزية إذا كانت‬ ‫كل ٌ‬ ‫كتقل الخطورة إذا كانت قاصرة غير متعدية لكن ٌ‬ ‫كمن ٌ‬ ‫الرزية ٌ‬ ‫ثم قيل‪ :‬زلة العالم زلٌة العالىم‪ٌ ،‬‬ ‫كلبس حق بباطل كخدمة ألعداء الدين‪ ،‬كمعارضة ألىل الحق كالجهاد‪.‬‬ ‫متعدية ى‬

‫‪35‬‬


‫كتبح حناجر‬ ‫تعلو في ىذه األياـ صيحات النفاؽ من ىنا كىناؾ كلٌما ٌ‬ ‫كجهت ضربة قاسية إلى المرتدين كأتباعهم ٌ‬

‫المنافقين بالتنديد كالتشنيع على المجاىدين مداىنة ألىل الباطل أك محاماة عن المجرمين‪ ،‬كترتفع صرخات‬

‫أحبار السوء كآ ىات الخذالف فلزـ النظر إلى أمارات علماء السوء كذكر شيء من أحكامهم‪.‬‬ ‫كإذا كاف الساكت عن بياف الحق الواجب شيطانا أخرس‪ ،‬فالناطق بالباطل المناكئ للحق شيطاف ناطق فواغوثاه‬ ‫من بليٌة ىذا!‬

‫من أمارات أحبار السوء‪:‬‬

‫(ُ)‪ .‬الطعن في أىل التوحيد كالجهاد بالخارجية كالتكفير‪:‬‬ ‫اعتاد أىل اإلرجاء كالجفاء كأصحاب البدع كاألىواء كشيوخ مكافحة اإلرىاب رمي الصابر المجاىد في زمن‬ ‫الفتن كأعصار الخنوع كاالستخذاء بهذه التهمة الرخيصة الزائفة المبنية على غير أساس بل على الفهم المنكوس‬ ‫كالرأم المعكوس لمسائل اإليماف كالكفراف‪.‬‬ ‫يقوؿ العبلمة عبد الرحمن بن الحسن آؿ الشيخ رحمو اهلل عن ىذه التهمة‪:‬‬

‫«إذا قلنا‪ :‬ال ييعبد إال اهلل كال ييدعى إال ىو‪ ،‬كال ييرجى سواه كال يتوكل إال عليو‪ ،‬كنحو ذلك من أنواع العبادة التي‬

‫ال تصلح إال هلل‪ ،‬كأف من توجو بها لغير اهلل فهو كافر مشرؾ‪ ،‬قاؿ‪:‬ابتدعتم كك ٌفرتم أمة محمد‪ ،‬أنتم خوارج‪ ،‬أنتم‬

‫مبتدعة»‪.‬‬

‫الدرر السنٌة (‬

‫‪.)552،554/‬‬

‫تخوفهم ىذه القعاقع كال ىذه الفراقع تن ٌفره‪.‬‬ ‫كليس المجاىد كأنصاره من أىل التوحيد بحمد اهلل بالذين ٌ‬ ‫كيقوؿ الشيخ صالح القوزاف في مثل ىذا المقاـ‪:‬‬

‫« كأقوؿ بهذه المناسبة لما كانت حقيقة الخوارج أنهم يكفركف من المسلمين من ارتكب كبيرة دكف الشرؾ‪ ،‬فإنو‬ ‫قد كجد في ىذا الزماف من يطلق ىذا اللقب ‪ -‬لقب الخوارج ‪ -‬على من حكم بالكفر على من يستحقو من أىل‬ ‫الردة كنواقض اإلسبلـ كعباد القبور ‪،‬كأصحاب المبادئ الهدامة كالبعثية كالعلمانية كغيرىا‪ .‬كيقولوف‪ :‬أنتم تكفركف‬ ‫المسلمين فأنتم خوارج ‪،‬ألف ىؤالء ال يعرفوف حقيقة اإلسبلـ كال يعرفوف نواقضو‪ ،‬كال يعرفوف حقيقة مذىب‬ ‫الخوارج بأنو الحكم بالكفر على من ال يستحقو من المسلمين ‪.‬كأف الحكم بالكفر على من يستحقو بأف ارتكب‬ ‫ناقضا من نواقض اإلسبلـ ىو مذىب أىل السنة كالجماعة»‪[.‬أضواء من فتاكل شيخ اإلسبلـ ابن تيمية في العقيدة‪.]َِٕ/ُ:‬‬

‫‪36‬‬


‫كفي عصرنا ىذا يقاؿ لمن أطلق الكفر على أىلو‪ ،‬كقاتل المرتدين كأذنابهم‪:‬إنو خارجي تكفيرم يستحل دماء‬ ‫تجرع كأس االفتراء كالنبز‬ ‫المسلمين‪ ،‬كقد اكتول بنار ىذه الفتنة كثير من علماء التوحيد كالسنة كمن أبرز من ٌ‬

‫بتهمة الخارجية كالتكفير‪:‬‬

‫اإلم اـ القدكة عامر بن عبد قيس العنبرم الزاىد العابد كالعالم الخاشع‪.‬‬ ‫اتهم بأنو يرل الخركج على األئمة لدفعو عن ذمي مظلوـ‪ ،‬كال يأكل ذبائح المسلمين‪ ،‬كال السمن‪ ،‬كال يتزكج‬ ‫تمس بشرتو بشرة أحد‪ ،‬كأنو مثل إبراىيم عليو السبلـ‪ .‬كىذه كلها تهم باطلة عند أىل العلم‬ ‫نساء المسلمين‪ ،‬كال ٌ‬

‫كالتحقيق‪.‬‬

‫يراجع لذلك‪ :‬كتاب الزىد البن المبارؾ (ِ‪ ،ّْٔ/‬ثقات ابن حباف (ٓ‪ ،)ُٖٕ/‬كالجرح كالتعديل (ٔ‪ )ِّٓ/‬كالتاريخ للبخارم (ٔ‪ )-ِّٕ/‬كتاريخ دمشق البن عساكر‬ ‫(ِٔ‪ )-ّ/‬كسير أعبلـ النببلء (ْ‪.)ُٓ/‬‬

‫اإلماـ أحمد بن حنبل إماـ أىل السنة كالجماعة اتهم بالخارجية كالتكفير لما تصلٌب في التمسك بالسنة عند‬ ‫كيستحل دماء المسلمين‪.‬‬ ‫محنة خلق القرآف قيل‪ :‬إنو من الخوارج يكفر الناس بغير موجب‬ ‫ٌ‬ ‫قاؿ اإلماـ أحمد رحمو اهلل‪«:‬بلغني َّ‬ ‫أف أبا خالد كموسى بن منصور كغيرىما يجلسوف في ذلك الجانب فيعيبوف‬

‫قولنا‪ ،‬كي ٌدعوف َّ‬ ‫أف ىذا القوؿ‪ :‬أنَّو ال ييقاؿ‪ :‬مخلوؽ‪ ،‬كغير مخلوؽ‪ ،‬كيعيبوف من يك ٌفر‪ ،‬كيقولوف‪ :‬إنٌا نقوؿ بقوؿ الخوارج‪،‬‬ ‫تبسم أبو عبد اهلل كالمغتاظ‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬ىؤالء قوـ‬ ‫ثم ٌ‬

‫سوء»‪.)ٖ(.‬‬

‫كفي ىذه عبرة ألىل التوحيد كالجهاد‪ ،‬فإذا كاف إماـ التابعين العنبرم‪ ،‬كإماـ أىل السنة كالجماعة الشيباني‪ ،‬من‬ ‫القائلين بقوؿ الخوارج كالمعتقدين لعقائد الصفرية كاألزارقة عند الجهلة كأحبار السوء في عصرىم فبل غرك أف‬ ‫أىل الجهاد كالتوحيد بعقائد الخوارج كاستحبلؿ الدماء‬ ‫يطعن شيوخ مكافحة اإلرىاب في عصر الفتنة كاالرتداد ى‬

‫المعصومة!‬

‫السنة أليب بكر اخلالل (‪ )202/2‬رقم‪)4 01( :‬‬ ‫‪37‬‬


‫اإلماـ الحافظ العبلمة أحمد بن محمد أبو عمرك الطلمنكي رحمو اهلل (ِْٗق) شيخ ابن عبد البر كابن حزـ‬ ‫كغيرىما من الطبقة‪.‬‬ ‫« كاف رأسا في علم القرآف حركفو كإعرابو كناسخو كمنسوخو كأحكامو كمعانيو ككاف ذا عناية تامة بالحديث‬ ‫كمعرفة الرجاؿ حافظا للسنن إماما عارفا بأصوؿ الديانة عالي اإلسناد ذا ىدل كسمت كاستقامة‪ .‬ككاف فاضبل‬ ‫ضابطا شديدا في السنة‪.‬‬ ‫قاؿ خلف بن بشكواؿ‪ :‬كاف سيفا مجردا على أىل األىواء كالبدع قامعا لهم غيورا على الشريعة شديدا في ذات‬

‫اهلل‪.‬كاف زعرا في إنكار المنكر‪ ،‬فقاـ عليو طائفة من المخالفين‪ ،‬كشهدكا عليو بأنٌو حركرم؛ يرل كضع السيف في‬ ‫صالحي الناس‪ ،‬ككانوا خ مسة عشر شاىدا من الفقهاء كالنبهاء فنصره قاضي سرقسطة في عاـ خمس كعشرين كىو القاضي‬ ‫محمد بن عبد اهلل بن فربوف فأشهد على نفسو بإسقاط‬

‫الشهود»‪.‬‬

‫كقاؿ الذىبي في سير أعبلـ النببلء (ُٕ‪ «:)-ٖٓٔ/‬عاش تسعين عاما سول أشهر‪ ،‬كقد امتحن لفرط إنكاره‪ ،‬كقاـ‬ ‫عليو طائفة من أضداده‪ ،‬كشهدكا عليو بأنو حركرم يرل كضع السيف في صالحي المسلمين‪ ،‬ككاف الشهود عليو‬ ‫خمسة عشر فقيها‪ ،‬فنصره قاضي سرقسطة‪ ،‬في سنة خمس كعشرين كأربع مئة‪ ،‬كأشهد على نفسو بإسقاط‬ ‫الشهود‪ ،‬كىو القاضي محمد بن عبد اهلل بن قرنوف»‪.‬‬ ‫ممن اتهم بالخارجية ظلما كعدكانا شيخ اإلسبلـ ابن تيمية كما ىو مشهور كمنتشر في مقاالت مناكئيو ال سيما‬ ‫كشجى في حلوؽ أىل الكفر‬ ‫المتأخرين منهم كالكوثرم كأتباعو ألنو كاف جذعا في أعين أىل البدع كالضبلؿ‬ ‫ن‬

‫كالطغياف بل قاؿ فيو الكوثرم‪«:‬صار كفره مجمعا عليو»‪«.‬كقع االتفاؽ على تضليلو كتبديعو كزندقتو»‪«.‬ليس من‬ ‫الفرؽ الثبلث كالسبعين»‪.‬‬ ‫ككذلك تلميذه العبلمة ابن القيم بل ك ٌفره الكوثرم بقولو‪« :‬كافر أك حمار‪ .‬بلغ في كفره مبلغا ال يجوز السكوت‬ ‫عليو»‪.‬‬

‫اإلماـ الذىبي رحمو اهلل اتهم من جهة علماء السوء فقاؿ فيو الكوثرم‪«:‬عنده نزعة خارجية»‪.‬‬ ‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو اتهموا بذلك بل كفركا من أجلها‪.‬‬ ‫كأشهر ما أنكر عليو علماء السوء‪ :‬األكلى‪ :‬تكفير المشركين المنتسبين إلى اإلسبلـ‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬قتاؿ المشركين كتسمية قتالهم جهادا في سبيل اهلل‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫(ِ)‪.‬مداىنة أىل الباطل من عبلمات علماء السوء‪.‬‬ ‫يقوؿ اإلماـ اإلماـ الذىبي رحمو اهلل‪:‬‬

‫القواؿ بالحق‪ ،‬بل لو نطق العالًم بصدؽ كإخبلص لعارضو ع ٌدة من‬ ‫كقل ٌ‬ ‫«فقد كاهلل ٌ‬ ‫عم الفساد‪ ،‬كظهرت البدع‪ ،‬كخفيت السنن‪ٌ ،‬‬ ‫كجهلوه فبل حوؿ كال قوة إال باهلل‪[.»..‬سير أعبلـ النببلء‪.]ُٔ​ٔ/ُْ:‬‬ ‫علماء الوقت‪ ،‬كلمقتوه ٌ‬

‫بمر الحق‪:‬‬ ‫كيقوؿ في ترجمة اإلماـ األكزاعي كمصارحتو ألبي العباس عبد اهلل بن علي الس ٌفاح ٌ‬

‫اس‪ ،‬كمع ى ىذا فىا ًإلماـ األ ً‬ ‫ً‬ ‫اهلل بن ىعلً ٍّي م ًلكان جبَّاران‪ ،‬س َّفاكان لًلدِّم ًاء‪ ،‬صعب ً‬ ‫الح ِّق ىك ىما تىػ ىرل‪ ،‬الى‬ ‫ىي ى‬ ‫الم ىر ً ى ى ى ى‬ ‫ىكزاع ُّي يى ٍص ىدعيوي بً يم ِّر ى‬ ‫ى ى ى‬ ‫ى ى ى‬ ‫«قى ٍد ىكا ىف ىع ٍب يد ي‬ ‫الس ً‬ ‫وء الَّ ًذين يح ِّسنيػو ىف لًؤليمر ًاء ما يػ ٍقت ًحمو ىف بً ًو ًمن الظُّل ًم كالعس ًف‪ ،‬كي ًقلبػو ىف لىهم الب ً‬ ‫اط ىل ىح ٌقان ‪ -‬قىاتىػلى يه يم اهللي ‪-‬‬ ‫ىك ىخل وٍق ًم ٍن عيلى ىم ًاء ُّ‬ ‫ى ى ٍ ىى ي ٍ ي ي ى‬ ‫ٍ ى ي ى ٍ ىى ى ى ى ي ٍ‬ ‫ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الح ِّق»‪.‬‬ ‫أ ٍىك يىس يكتيػ ٍو ىف ىم ىع ال يق ٍد ىرة ىعلىى بىػيىاف ى‬

‫كيقوؿ اإلماـ الشوكاني رحمو اهلل في محنة جرت لو مع الشيعة في الذب عن الصحابة كخوؼ الفقهاء عن نصرة الحق‬ ‫كالقياـ مع أىل الحق‪ «:‬كلكن أىل العلم يخافوف على أنفسهم‪ ،‬كيحموف أعراضهم‪ ،‬فيسكتوف عن العامة‪ ،‬ككثيرا منهم كاف‬ ‫يصوبهم مداراة لهم‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫كىذه الدسيسة ىي الموجبة الضطهاد علماء اليمن كتسلط العامة عليهم كخموؿ ذكرىم كسقوط مراتبهم ألنهم يكتموف الحق‪،‬‬ ‫فإذا تلكم بو كاحد منهم كثارت عليو العامة صانعوىم كداىنوىم كأكىموىم أنهم على الصواب فيجترئوف بهذه الذريعة على‬

‫كضع مقادير العلماء كىضم شأنهم‪.‬‬ ‫عرفوا العامة إذا سألوىم الحق كزجركىم عن االشتغاؿ بما ليس من شأنهم‬ ‫كلو تكلموا بالصواب أك نصركا من يتكلم بو أك ٌ‬ ‫لكانوا يدا كاحدة على الحق كلم يستطع العامة كمن يلتحق بهم من جهلة المتفقهة إثارة شيء من الفتن فإنا هلل كإنا إليو‬ ‫راجعوف»‪[ .‬البدر الطالع صِْٓ‪.]ِْٔ-‬‬

‫(ّ)‪ .‬التزلف إلى السبلطين بتسويغ الضبلؿ‪.‬‬ ‫يقوؿ األمير شكيب أرسبلف رحمو اهلل في علماء السوء في زمانو‪:‬‬ ‫«من أكبر المسئولين عن انحطاط اإلسبلـ أماـ اهلل كالنٌاس ىم ىذه الطبقة التي تقاؿ لها العلماء فإنهم إال النادر منهم اتخذكا‬ ‫ال ٌدين مصيدة للدنيا كجعلوا ديدنهم التزلف إلى األمراء بتسويغ جميع موبقاتهم باألدلة الشرعية كاإلفتاء عليها من الدين‪.‬‬

‫كقلٌما أتى أحد الملوؾ أ ك األمراء المستبدين عمبل منكرا إال أتوا لو من اآليات كاألحاديث بما يثبتوف لو مشركعية ذلك العمل‬

‫بصرؼ اآليات الكريمة عن معناىا كتحريف الكلم عن مواضعو كركاية الضعاؼ كالموضوعات إلى غير ذلك من االستشهادات‬ ‫التي يتو ٌخوف بها الزلفى كالجائزة»‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫العدك المحتل‬ ‫(ْ)‪ .‬عالم السوء في خندؽ ٌ‬ ‫يقوؿ األمير شكيب رحمو اهلل‪:‬‬

‫«كما زالوا يتمادكف في غيهم ىذا ‪ -‬كالمسلموف غاضوف النظر عن لعبهم ىذا ‪ -‬حتى صاركا يتقربوف بهذه األشياء نفسها إلى‬ ‫الحكومات غير المسلمة في المسائل التي فيها خراب اإلسبلـ كىبلكو‪.‬‬ ‫فكلما سقطت مملكة إسبلمية في يد دكلة أجنبية‪ ،‬أك نهضت أمة إسبلمية لدفع دكلة عادية عليها من األجانب كجدت الدكلة‬ ‫األجنبية من ىؤالء العلماء أسرع الخادمين ألغراضها المفتين من الكتاب كالسنة بزعمهم على مقتضى أىوائها»‪.‬‬ ‫(ٓ)‪.‬التذبذب في المواقف كالجرم كراء األغراض التافهة من أماراتهم‬ ‫يقوؿ األمير رحمو اهلل‪ «:‬كحسبك أف عددا عديدا من علماء سورية أفتوا أثناء الحرب العامة ببغي الشريف حسين أمير مكة تقربا‬ ‫إلى جماؿ باشا قائد سورية يومئذ‪ ،‬فلما فازت دكؿ الحلفاء في الحرب كاحتلوا سورية بايعت ىذه الفئة نفسها الشريف حسينا‬ ‫الذم كاف عندىا من قبل باغيا خارجا على الخليفة‪ .‬ثم لما دخل الفرنسيس الشاـ نفضت أيديها ثانية من صاحب الحجاز‬ ‫كجعلت تفتي بحسب ىول فرنسا كع ٌدت الملك حسينا أجنبيا»‪.‬‬

‫(ٔ)‪ .‬علماء السوء باعة ضمائر كطبلب منافع‪.‬‬ ‫التلوف ككلما عاتبهم اإلنساف على ىذا التذبذب أجابوه‪ :‬إنما ىذه‬ ‫يقوؿ شكيب رحمو اهلل‪«:‬أكثر ىؤالء العلماء برز منهم ىذا ٌ‬ ‫تقية نبتغي بها النجاة من الظبلـ‪.‬‬

‫كالصحيح‪ :‬أف عذرىم غير مقبوؿ‪ ،‬كأف عملهم ىذا مخالف للشرع مناؼ للكتاب كالسنة‪ ،‬كأف دعواىم مداراة الظبلـ ىي‬ ‫كركاد سفاسف‪ ،‬كطبلب كظائف‪ ،‬ىذا يريد أف يكوف قاضيا‪ ،‬كذاؾ مفتيا‪ ،‬كذلك رئيس علماء‪ ،‬كمنهم‬ ‫باطلة‪ ،‬بل ىم باعة ضمائر‪ٌ ،‬‬

‫من يقبض أجرة إمضائو نقدان دراىم معدكدة‪.‬‬

‫المعممين كينظركف إلى العزائم ال إلى العمائم»‪[ .‬حاضر العالم‬ ‫كال نعلم إلى متى يصبر أىل سورية عن تأديب ىؤالء الجهبلء ٌ‬ ‫اإلسبلمي‪.]ْ​ْ/ْ:‬‬

‫(ٕ)‪.‬االفتتاف بالدنيا الفانية‪.‬‬ ‫الواجب النظر إلى العزائم ال إلى العمائم كما قاؿ األمير‪ ،‬كافتتاف المنتسب إلى العلم يرجع إلى االفتتاف‬ ‫بالشهوات كالشبهات كاألكؿ أكثر من الثاني في العصور المتأخرة كما افتتن بها كثير من علماء المغرب مثل‪:‬‬ ‫اإلماـ علي بن منصور‬

‫تشرؽ (تشيٌع) كراـ أف يستر لو ذلك عن العامة كالجماعة‬ ‫الصفار‪«:‬اضطره الفقر كاإلقبلؿ كمحبة السؤدد إلى أف ٌ‬

‫فأبى اهلل أف يستر ذلك عليو»‪.‬قضاة قرطبة كفقهاء أفريقية‪ :‬صِّٖ‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫كمنهم اإلماـ عبد الملك بن محمد الضبي المعركؼ بابن‬

‫فتشرؽ‬ ‫البرذكف‪«:‬غلب حب الدراىم مثل أنداده من كتٌاب الوثائق ٌ‬

‫كافتخر بذلك كلم يستتر بو كاستتار ابن خالتو علي بن منصور فهو اليوـ ممن أثرل كأفاد كاكتسب بما التزمو من أخذ الدراىم في كتب الوثائق»‪.‬‬

‫قضاة قرطبة كفقهاء أفريقية صِْٖ‪.‬‬

‫التشرؽ (التشيع كمساندة الدكلة) ككعدكه قضاء (باجة) فلما‬ ‫كالشيخ قاسم بن خبلد الواسطي‪ ،‬دعاه الشيعة إلى ٌ‬

‫تشرؽ قيل لو‪ :‬استغنينا عن قاض لباجة (مدينة‪ .‬تاريخ فضاة قرطبة كفقهاء أفريقية صِِٗ‪.‬‬

‫تشرؽ سيما إف كاف ممن يأخذ عليها يجعبل‬ ‫كمنهم أبو بكر بن سليماف‪«:‬كاف في إمبلؽ شديد كال ينتصب لكتاب الوثائق بالقيركاف إال من ٌ‬

‫تشرؽ استحكم لو كتابها فقد كسب منها ماال جسيما»‪.‬قضاة قرطبة كفقهاء أفريقية للخشني صِْٗ‪.‬‬ ‫فلما ٌ‬

‫إف المعصوـ من عصمو اهلل كقع ألبي الحسن علي بن عبد اهلل المديني شيخ البخارم كالطبقة ما ىو عبرة للمعتبرين‪.‬‬ ‫تقرب إلى‬ ‫يقوؿ الحافظ ابن رجب رحمو اهلل‪«:‬كاف ابن المديني قد امتحن في محنة القرآف‪ ،‬فأجاب مكرىان‪ ،‬ثم إنو ٌ‬

‫ابن أبي داكد‪ ،‬حيث استمالو بدنياه‪ ،‬كصحبو كعظٌمو‪ ،‬فوقع بسبب ذلك في أم ور صعبة‪ ،‬حتى إنو كاف يتكلم في‬ ‫طائفة من أعياف أىل الحديث يرضي بذلك ابن أبي داكد‪ ،‬فهجره اإلماـ أحمد لذلك‪ ،‬كعظمت الشناعة عليو‪،‬حتى‬

‫صار عند الناس كأنو مرتد‪.‬‬

‫كترؾ أحمد الركاية عنو‪ ،‬ككذلك إبراىيم الحربي كغيرىما‪.‬ككاف يحيى بن معين يقوؿ‪«:‬ىو رجل خاؼ فقاؿ ما‬ ‫عليو»‪.‬كل و اقتصر على ما ذكره ابن معين لعذر‪ ،‬لكن حالو كما كصفنا‪،‬كقد ركل عنو أنو قاؿ ‪ :‬من قاؿ ‪ :‬القرآف‬ ‫مخلوؽ ‪ ،‬فهو كافر ‪.‬كاهلل تعالى يرحمو كيسامحو بمنو ككرمو»‪[.‬شرح علل الترمذم]‪.‬‬

‫كلقد أحسن أبو الفرج ابن الجوزم رحمو اهلل‬

‫بقولو‪«:‬باهلل عليك تف ٌكر فيمن قطع أكثر العمر في التقول كالطاعة‪ ،‬ثم عرضت فتنة‬

‫في الوقت اآلخر‪ ،‬كيف نطح مركبيو الجرؼ فغرؽ كقت الصعود»‪ .‬صيد الخاطر صَُّ‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫(ٔ)‪ .‬التحذير من دكؿ الطوائف المرتدين‪.‬‬

‫المفرقة ألمر‬ ‫يجب التحذير من األنظمة اإلقليمية الموالية لدكؿ النصارل المجاكرة المعادية فإف ىذه الحكومات ٌ‬

‫المسلمين المحاربة هلل كلرسولو قد ظهر أمرىا لمن لم يكن على بيٌنة من أمره من قبل‪.‬كالواجب‪:‬بياف حالهم لؤلمة‬ ‫كالتنفير عنهم كالتشنيع عليهم بما يستحقونو من الحكم باالرتداد كسحب الشرعية من تحت أقدامهم كما كاف‬ ‫الفقهاء يفعلوف في مثلها‪.‬‬

‫سئل اإلماـ ابن حزـ رحمو اهلل عن دكؿ الطوائف األندلسية في عهده فقاؿ‪:‬‬

‫«كأما ما سألتم عنو من أمر ىذه الفتنة كمبلبسة الناس بها مع ما ظهر من تربٌص بعضهم ببعض فهذا أمر امتحنا بو‬ ‫نسأؿ اهلل السبلمة كىي فتنة سوء أىلكت األدياف إال من كقى اهلل من كجوه كثيرة يطوؿ لها الخطاب‪.‬‬

‫كعمدة ذلك‪ :‬أف كل مدبٌر مدينة أك حص ن في شيء من أندلسنا ىذه أكلها عن آخرىا محارب هلل تعالى كرسولو كساع في‬ ‫األرض بالفساد للذم تركنو عيانا من شنٌهم الغارات على أمواؿ المسلمين من الرعية التي تكوف في ملك من‬

‫ضارىم‪ .‬كإباحتهم لجندىم قطع الطريق على الجهة التي يقضوف على أىلها‪ .‬ضاربوف للمكوس كالجزية على‬ ‫ٌ‬ ‫رقاب المسلمين مسلٌطوف لليهود على قوارع طرؽ المسلمين في أخذ الجزية كالضريبة من أىل اإلسبلـ معتذركف‬ ‫حرـ اهلل‪ .‬غرضهم فيها استداـ نفاذ أمرىم كنهيهم‪.‬‬ ‫بضركرة ال تبيح ما ٌ‬

‫الفساؽ كالمنتسبوف إلى الفقو البلبسوف جلود الضأف على قلوب السباع المزيٌنوف‬ ‫يغرنكم ٌ‬ ‫فبل تغالطوا أنفسكم كال ٌ‬ ‫شرىم الناصركف لهم على فسقهم‪.‬‬ ‫ألىل الشر ٌ‬ ‫فالمخلص لنا فيها‪ :‬اإلمساؾ لؤللسنة جملة كاحدة إال عن األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر كذـ جميعهم‪ ،‬فمن‬

‫عجز منا عن ذلك رجوت أف تكوف التقية تسعو‪ .‬كما أدرم كيف ىذا؟ فلو اجتمع كل من ينكر ىذا بقلبو لما‬ ‫كيصوب‬ ‫غيلبوا‪..‬فأما الغرض الذم ال يسع أحدا فيو تقية فأف ال يعين ظالما بيده كال بلسانو كال أف يزيٌن لو فعلو ٌ‬

‫شره كيعاديهم بنيٌتو كلسانو عند من يأمنو على نفسو‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫فإف اضطر إلى دخوؿ مجلس أحدىم لضركرة حاجة أك لدفع مظلمة عن نفسو أك عن مسلم أك إلظهار حق يرجو‬

‫إظهاره أك االنتصاؼ من ظالم آخر كما قاؿ تعالى‪﴿:‬ككذلك نولٌي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبوف﴾ أك‬ ‫لصداقة سالفة فقد يصادؽ اإلنساف المسلم اليهودم كالنصراني لمعرفة تقدمت أك لطلب يعانيو أك لبعض ما شاء‬ ‫اهلل عز كجل فبل يزيٌن لو شيئا من أمره كال يعينو كال يمدحو على ما ال يجوز كإف أمكنو كعظو فليعظو كإال فليقصد إلى ما قصد‬

‫غير مصوب لو شيئا من معاصيو فإف فعل فهو مثلو قاؿ اهلل تعالى‪﴿ :‬كال تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار﴾ كفي‬

‫ىذا كفاية ‪..‬كاهلل لو علموا أف في عبادة الصلباف تمشي ىة أمورىم لبادركا إليها‪ ،‬فنحن نراىم يستمدكف النصارل‬ ‫‪42‬‬


‫فيمكنونهم من حرـ المسلمين كأبنائهم كرجالهم يحملونهم أسارل إلى ببلدىم ‪ ..‬كربما أعطوىم المدف كالقبلع‬ ‫طوعا فأخلوىا من اإلسبلـ كعمركىا بالنواقيس لعن اهلل جميعهم كسلط عليهم سيفان من‬

‫لوجوه التخليص ضمن رسائل ابن حزـ‪]ُٕٔ-ُّٕ/ِ:‬‬

‫سيوفو»‪[.‬رسالة التلخيص‬

‫كقاؿ شيخو الحافظ ابن عبد البر رحمو اهلل‪:‬‬ ‫« كانقطع ملك بني أمية من األندلس بعد األربعمائة بأعواـ يسيرة فصار كل من غلب منها على موضع ملكو‪ ،‬استعبد‬ ‫أىلو ككثر فيها األمراء فضعفوا‪ ،‬كصاركا خوالن للنصارل يؤدكف إليهم أضعاؼ ما كاف المسلموف منهم اليوـ»‪[.‬القصد كاألمم في‬

‫التعريف بأصوؿ العرب ك العجم‪:‬صّٓ]‪.‬‬

‫كمع أ ٌف دكؿ الطوائف األندلسية أفضل بكثير من الدكيبلت اإلقليمية العميلة لليهود كالنصارل إال أف في ذلك‬ ‫عبرة للمعتبرين كعظة لمن يتعظ كالقليل يكفي المنصف كال كافي للمعتسف‪.‬‬

‫كمما يلزـ التحذير منو في ىذا الظرؼ علماء السوء الموالين لؤلنظمة اإلقليمية مثل‪:‬حكومة شريف شيخ أحمد‪،‬‬

‫كحكومة صوماالند‪ ،‬كبوتبلند‪ ،‬كاإلقليم الخامس في إثيوبيا ككذلك المقيمين في المهجر المنافحين عن تلك األنظمة فإف ضرر‬

‫ىؤالء على األمة مما ال يخفى على أحد‪ ،‬نعم قد شرحت بعض ذلك في رسالتي‪«:‬اإلرشاد إلى جواز تعزير المفسدين من أىل‬ ‫التقليد كاالجتهاد»‪.‬‬ ‫التضليل كالتبديع‪ ،‬كالتكفير ألحبار السوء‬

‫إف المصلحة الشرعية تقتضي تنفير عواـ المسلمين من تلك األنظمة كمن أحبار السوء كما فعل فقهاء المغاربة‬ ‫من أىل القيركاف كغيرىم بدكلة بني عبيد المرتدة س ٌدا لباب الفتنة على العواـ‪.‬‬

‫بل قد تقتضي المصلحة البوح بتكفير أتباع األنظمة المرتدة سواء كانوا من العلماء أك من العامة كإف لم يعتقدكا‬

‫معتقدىا‪ ،‬ككذلك معاقبة من خالف من الدعاة بالهجر كالقطيعة كالتبديع أك التفسيق كما فعل فقهاء المالكية‬ ‫بأتباع بني عبيد الزنادقة‪.‬‬ ‫من ذلك‪:‬ما كقع ألبي إسحاؽ التونسي إبراىيم بن حسن رحمو اهلل من المحنة العظيمة‪.‬‬ ‫سبب المحنة‪ :‬أنو استفتي في عاـ (ّْٕق) من مدينة باغاية؛ قاؿ ابن الدباغ رحمو اهلل‪:‬‬

‫‪43‬‬


‫«ككانت المسألة مسألة طبلؽ كمراجعة كذكر السائل‪ :‬أف النكاح كاف من الفرقة المعركفة بإفريقيا بالمشارقة كىم‬ ‫أىل دعوة بني عبيد فأجاب الشيخ أبو إسحاؽ‪ :‬أف ىذه الفرقة على قسمين‪:‬‬ ‫أحدىما‪ :‬كافر مباح الدـ‪.‬‬ ‫كالقسم اآلخر‪ :‬كىم الذين يقولوف بتفضيل علي بن أبي طالب على سائر الصحابة ال يلزمهم القتل كال يبطل‬ ‫نكاحهم‪.‬‬ ‫فأنكر عليو جميع فقهاء أفريقية بالقيركاف كغيرىا كاحتجوا عليو بأف جماعة من أىل الزىد كالعلم كالعبادة‬

‫بالقيركاف كانوا أشد الناس مباينة بالعداكة كالتكفير لبني عبيد كأتباعهم منهم أبو إسحاؽ السبائي كمركاف العابد‬ ‫كربيع القطاف كأضرابهم‪.»..‬‬ ‫كقاؿ القاضي عياض رحمو اهلل‪ «:‬شاعت فتواه فأنكرىا فقهاء أفريقية بالقيركاف كغيرىا ككانوا من التشديد على ىذه‬ ‫الطائفة المارقة ككل من يتعلٌق بهم حيث كانوا‪ .‬كالعامة أشد من ذلك ال سيما بظهورىم عليهم كبغضهم فيهم‪.‬‬

‫كأرسلوا إلى أبي إسحاؽ في معاكدة النظر كأف يرجع فأبى إباء شديدا كخالف الجميع كاستحقر شأف مخالفتو‬

‫المعز فجمعهم ببعض الجمع عنده في المقصورة كناظركه فأظهر اإلنابة إلى قولهم‬ ‫كانتهت القصة إلى السلطاف ٌ‬ ‫كالرجوع إليهم ثم خبل بأصحابو فأنكركا عليو رجوعو عن قولهم كأنو الحق الذم ال يجب سواه‪.‬‬

‫ككاف رأم الفقهاء س ٌد ىذا الباب للعامة على ىؤالء الكفرة كأف بني عبيد زنادقة كأف الداخل في دعوتهم كإف لم يقل بقولهم‬

‫كافر لتوليو الكفرة‪.‬‬

‫فأظهر أبو إسحاؽ التمادم على قولو كإنكار الرجوع عنو فمشى الناس في ىذا بعضهم إلى بعض‪ ،‬كامتزج فيو‬ ‫القياـ هلل عز كجل بالشهوة من العصبية للفقهاء في ذلك كأتتهم مكاتبات علماء الجهات بإنكار ذلك‪ ،‬كأف‬

‫كسر بو من في قلبو مرض‬ ‫المفتين بهذه المقالة الخبيثة من المصريين كالشاميين قد استحسنوا جوابو كنهضوا ليفتنوا بو الناس ٌ‬

‫كاحتج بو‪.‬‬

‫التبرؤ‬ ‫فأطلق الفقهاء الفتيا بما عليو بمقالتو ىذه بالتضليل كالتبديع كقاؿ فيها الشعراء قصائد كثيرة تضمنت إيذاء أبي إسحاؽ ك ٌ‬

‫منو كأنشدىا الشعراء كالطلبة عند الفقهاء غيره في دكرىم كجموعهم كأطلقوا فيها عليو ‪.»..‬‬

‫كقاؿ ابن الدباغ‪ « :‬كقاؿ فيها الشعراء قصائد كثيرة تضمنت أبا إسحاؽ كالت ٌبرم منو‪ ،‬كأنشدىا الشعراء كالطلبة‬ ‫عند الفقهاء في‬

‫دكرىم»‪[.‬معالم اإليماف في معرفة أىل القيركاف ال بن الدباغ‪[ ]ُٕٗ-ُٕ​ٕ/ّ [:‬ترتيب المدارؾ كتقريب المسالك للقاضي عياض‬

‫(ّ‪.)ٕٓ​ٕ-ٕٓٓ/‬‬

‫‪44‬‬


‫كسئل اإلماـ أبو بكر إسماعيل بن إسحاؽ بن عزرة األزدم رحمو‬

‫اهلل‪(،‬فقيو فاضل زاىد قيركاني من أصحاب أبي محمد بن‬

‫أبي زيد كطبقتو)‪«:‬عن خطباء بني عبيد كقيل لو‪ :‬إنهم يثنوف عليهم‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس يقولوف‪ :‬اللهم صل على عبدؾ‬ ‫ككرثو األرض؟‬ ‫الحاكم ٌ‬

‫قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قاؿ‪ :‬أرأيتم لو أ ٌف خطيبا خطب فأثنى على اهلل كرسولو فأحسن الثناء ثم قاؿ‪ :‬أبو جهل في الجنة‬ ‫أشر من أبي جهل»‪ .‬ترتيب المدارؾ‪]ُْٓ/ّ:‬‬ ‫أيكوف كافرا؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬فالحاكم ٌ‬ ‫الذاب عن الطواغيت كجنود االحتبلؿ؟‬ ‫إذا كاف ىذا حكم اإلماـ في الداعي للمرتدين فما حكم الفقيو المساند لهم ٌ‬

‫كسئل اإلماـ أحمد بن نصر أبو جعفر الداكدم (َِْق) رحمو اهلل عن ذلك أيضا‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫« خطيبهم الذم يخطب لهم‪ ،‬كيدعو لهم يوـ الجمعة كافر يقتل كال يستتاب كتحرـ عليو زكجتو كال يرث كال‬ ‫يورث‪ ،‬كمالو فيء للمسلمين كتعتق أمهات أكالده كيكوف مدبركه للمسلمين يعتق أثبلثهم بموتو ألنو لم يبق لو‬ ‫ماؿ‪ .‬كيؤدم مكاتبوه للمسلمين كيعتقوف باألداء‪ ،‬كيرقوف بالعجز‪ .‬كأحكامو كلها أحكاـ الكفر‪.‬‬ ‫فإف تاب قبل أف يعزؿ إظهارا للندـ كلم يكن أخذ دعوة القوـ قبلت توبتو كإف كاف بعد العزؿ أك بشيء منعو لم‬ ‫تقبل‪.‬‬ ‫كمن صلى كراءه خوفا أعاد ظهرا أربعا ثم ال يقيم إذا أمكنو الخركج كال عذر لو بكثرة عياؿ كال‬

‫المدارؾ للقاضي عياض‪.]ُْٓ/ّ :‬‬

‫غيره»‪[.‬ترتيب‬

‫ىذا حكم اإلماـ شارح البخارم على الخطيب الداعي‪ ،‬فما حكم المدافع عنهم كالمساند لهم بما ىو فوؽ ذلك بكثير؟‬

‫كسئل اإلماـ أبو محمد بن الكبراني من فقهاء القيركاف‪:‬‬ ‫« عمن أكرىو بنو عبيد على الدخوؿ في دعوتهم أك يقتل؟‬ ‫قاؿ‪ :‬يختار القتل‪ ،‬كال يعذر أحد بهذا إال من كاف أكؿ دخولهم البلد قبل أف يعرؼ أمرىم‪.‬‬ ‫كأما بعد؛ فقد كجب الفرار فبل يعذر أحد بالخوؼ بعد إقامتو ألف المقاـ في موضع يطلب من أىلو تعطيل‬ ‫الشرائع ال يجوز‪.‬‬ ‫عدكىم فيفتنونهم عن دينهم‪.‬‬ ‫كإنما أقاـ فيها من العلماء كالمتعبدين على المباينة لهم لئبل يخلو بالمسلمين ٌ‬

‫كعلى ىذا كاف حبيب بن حمدكف كنظراؤه‪ :‬ربيع القطاف كأبو الفضل الممسي كمركاف بن نصركف كالسبائي‬

‫كالجبنياني يقولوف كيفتوف»‪.‬ترتيب المدارؾ‪]ُٓٓ/ّ :‬‬ ‫‪45‬‬


‫كقاؿ اإلماـ أبو يوسف بن عبد اهلل الرعيني في كتابو‪:‬‬ ‫«أجمع علماء القيركاف‪ :‬أبو محمد بن أبي زيد‪ ،‬كأبو الحسن القابسي‪ ،‬كأبو القاسم بن شبلوف‪ ،‬كأبو علي بن‬ ‫خلدكف‪ ،‬كأبو محمد الطبيقي‪ ،‬كأبو بكر بن عزرة األزدم‪:‬‬ ‫أف حاؿ بني عبيد حاؿ المرتدين كالزنادقة بما أظهركه من خبلؼ الشريعة فبل يورثوف باإلجماع‪ ،‬كحاؿ الزنادقة بما‬ ‫أخفوه من التعطيل فيقتلوف بالزندقة‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬كال يعذر أحد باإلكراه على الدخوؿ في مذىبهم بخبلؼ سائر أنواع الكفر‪ ،‬ألنو أقاـ بعد علمو بكفرىم فبل‬ ‫يجوز لو ذلك إال أف يختار القتل دكف أف يدخل في الكفر على ىذا الرأم أصحاب سحنوف يفتوف‬

‫المسلمين»‪.‬ترتيب المدارؾ كتقريب المسالك ّ‪.]ُٓٓ/‬‬

‫كقاؿ اإلماـ أبو القاسم الدىاف‪:‬‬ ‫«كىم بخبلؼ الكفار‪ ،‬أل ٌف كفرىم خالطو سحر‪ ،‬فمن اتٌصل بهم خالطو السحر كالكفر‪ ..‬كلما حمل أىل طرابلس‬ ‫إلى بني عبيد أضمركا أف يدخلوا في دينهم عند اإلكراه‪ ،‬ثم ر ٌدكا من الطريق سالمين فقاؿ ابن أبي زيد ىم ك ٌفار‬ ‫العتقادىم ذلك‬

‫»‪[.‬راجع ىذه الفتاكل من ترتيب المدارؾ كتقريب المسالك للقاضي عياض ‪.]ُٓٔ-ُْٓ/ّ:‬‬

‫رد التنازع إلى اهلل كإلى رسولو صلى اهلل عليو كسلم‬ ‫(ٕ)‪ٌ .‬‬

‫رد المتنازع فيو من مسائل الدين كالوقائع إلى اهلل كإلى رسولو ال إلى العلماء كالفقهاء كغيرىم من الناس‬ ‫يجب ٌ‬ ‫باإلجماع‪.‬كما قاؿ تعالى‪﴿:‬فإف تنازعتم في شيء فردكه إلى اهلل كالرسوؿ إف كنتم تؤمنوف باهلل كاليوـ اآلخر﴾‪﴿.‬‬

‫فبل كربك ال يؤمنوف حتى يحكموؾ فيما شجر بينهم ثم ال يجدكا في أنفسهم حرجا مما قضيت كيسلموا‬ ‫تسليما﴾‪.‬‬ ‫قاؿ اإلماـ أبو المظفر السمعاني في قواطع األدلة (ٓ‪:)َُْ/‬‬

‫« أمر عند كقوع االختبلؼ برد المتنازع فيو إلى الكتاب كالسنة فوجب بحق الظاىر أف ال يرد إلى غيرىما من أقاكيل‬

‫الصحابة كالعلماء‪ .‬كيدؿ عليو أيضا إجماع الصحابة فإنهم اختلفوا في مسائل كثيرة كتناظركا كاجتهدكا كلم يرك عن‬ ‫أحد منهم أنو قلد غيره أك دعا أحدا إلى تقليد نفسو‪ .‬كخالف أبو سلمة بن عبد الرحمن ابن عباس في مسألة‬

‫‪46‬‬


‫فتحاكم ا إلى أـ سلمة كلم يقل ابن عباس‪ :‬ال يسوغ لك مخالفتي ألني صحابي كانت تابع لي فتقليدؾ لي كاجب عليك‬ ‫جوز التقليد مع إطباؽ الصحابة على المنع منو فقد خالف اإلجماع»‪.‬‬ ‫فثبت أف من ٌ‬

‫كقاؿ اإلماـ ابن القيم رحمو اهلل تعالى‪:‬‬ ‫رد موارد النػزاع ف ي كل ما تنازع فيو الناس من الدين كلو إلى اهلل كرسولو ال إلى‬ ‫«ىذا دليل قاطع على أنو يجب ٌ‬ ‫أحد غير اهلل كرسولو‪ .‬فمن أحاؿ الرد على غيرىما فقد ضاد أمر اهلل‪ .‬كمن دعا عند النػزاع إلى تحكيم غير اهلل‬ ‫كرسولو فقد دعا بدعول الجاىلية‪ .‬فبل يدخل العبد في اإليماف حتى يرد كل ما يتنازع فيو المتنازعوف إلى اهلل‬ ‫كرسولو‪ .‬كلهذا قاؿ اهلل تعالى‪﴿:‬إف كنتم تؤمنوف باهلل كاليوـ اآلخر﴾ كىذا شرط ينتفي المشركط بانتفائو‪.‬‬ ‫فدؿ على أف من ح ٌكم غير اهلل كرسولو في موارد النػزاع كاف خارجا من مقتضى اإليماف باهلل كاليوـ اآلخر‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫كحسبك بهذه اآلية القاصمة العاصمة بيانا كشفاء فإنها قاصمة لظهور المخالفين لها عاصمة للمتمسكين بها الممتثلين لما‬ ‫أمرت بو﴿ليهلك من ىلك عن بينة كيحيى من حي عن بينة كإف اهلل لسميع عليم﴾‪.‬‬ ‫كقد اتفق السلف كالخلف على أ ٌف الرد إلى اهلل ىو الرد إلى كتابو كالرد إلى الرسوؿ ىو الرد إليو في حياتو كالرد إلى سنتو بعد‬

‫كفاتو»‪[.‬الرسالة التبوذكية صّ​ُّ‪]ُّْ-‬‬

‫كيقوؿ شيخ اإلسبلـ‪ «:‬فلم يأمر عند التنازع إال بالرد إلى اهلل كالرسوؿ دكف الرد إلى أكلي األمر كلهذا كاف أكلوا‬ ‫األمر إذا اجتمعوا ال يجتمعوف على ضبللة‪ ،‬فإذا تنازعوا فالرد إلى كتاب اهلل كسنة رسولو ال إلى غير ذلك من عالم أك أمير‬

‫كمن يدخل في ذلك من المشايخ كالملوؾ كغيرىم‪.‬‬ ‫يرد إليو مواقع النزاع»‪.‬‬ ‫كلو كاف غير الرسوؿ معصوما أك محفوظا فيما يأمر بو كيخبر بو لكاف ممن ٌ‬

‫[جامع الرسائل‪.]-ِْٕ/ُ:‬‬

‫بل الرد إلى غير كتاب اهلل كرسولو من اإلشراؾ باهلل كاالنسبلخ من الدين‪«:‬ألنو لم يحكم بما أنزؿ اهلل فمن جمع‬ ‫إلى ىذا استحبلؿ مخالفة ما ركم عن النبي صلى اهلل عليو كسلم مما يعتقد صحتو عنو عليو السبلـ لقوؿ أحد‬ ‫دكنو كاعتقد أف ىذا جائز فهو كافر مشرؾ مرتد عن الديانة منسلخ عن اإلسبلـ حبلؿ الدـ كالماؿ‪..‬‬ ‫كاعلموا أف ىذا الذم قلت ىو رأم الشافعي كمالك كإسحاؽ بن راىويو كذكر محمد بن نصر عن إسحاؽ بن‬ ‫رد حديثا مسندا‬ ‫سب رسوؿ اهلل أك ترؾ صبلة فرضا متعمدا حتى خرج كقتها ببل عذر أك ٌ‬ ‫راىويو أنو قاؿ‪ :‬من ٌ‬ ‫صحيحا بلغو عن رسوؿ اهلل فهو كافر مشرؾ»‪.‬قاؿ اإلماـ ابن حزـ [رسائل ابن حزـ ِ‪].ُٖٔ/‬‬

‫‪47‬‬


‫كقاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رحمو اهلل في قولو تعالى‪﴿:‬اتخذكا أحبارىم كرىبانهم أربابا من دكف اهلل﴾‬ ‫كحرموا متعمدين للمخالفة أك متأكلين مخطئين ال سيما كعلماء النصارل ىم عند‬ ‫اآلية‪«.‬كىذا يتناكؿ ما إذا أحلٌوا ٌ‬ ‫أنفسهم لم يفعلوا إال ما يسوغ لهم فعلو كالرؤساء إذا قدر أنهم اجتهدكا كأخطأكا يغفر لهم فإف من اتبعهم مع علمو‬

‫بأنهم أخطأكا كخالفوا الرسوؿ فقد عبد غير اهلل كأشرؾ بو»‪ .‬الرد على اإلخنائي صُ​ُٔ ‪.‬‬

‫كيقوؿ العبلمة ابن حزـ رحمو اهلل في قولو‪ ﴿:‬فبل كربك ال يؤمنوف حتى يحكموؾ فيما شجر بينهم﴾ اآلية‪«.‬كأنا‬ ‫أقوؿ‪:‬كاهلل ما آمن من ح ٌكم غير رسوؿ اهلل في دينو»‪.‬رسائل ابن حزـِ‪.ُٖٔ/‬‬

‫كقاؿ العبلمة ابن القيم رحمو اهلل‪:‬‬ ‫« أقسم سبحانو بنفسو المقدسة قسما مؤكدا بالنفي قبلو على عدـ إيماف الخلق حتى يحكموا رسولو في كل ما‬ ‫شجر بينهم من األصوؿ كالفركع كأحكاـ الشرع كأحكاـ المعاد كسائر الصفات كغيرىا‪.‬‬

‫كلم يثبت لهم اإليماف بمجرد ىذا التحكيم حتى ينت في عنهم الحرج كىو ضيق الصدر كتنشرح صدكرىم لحكمو‬ ‫كل االنفساح كتقبلو كل القبوؿ‪.‬‬ ‫كل االنشراح كتنفسح لو ٌ‬ ‫ٌ‬

‫كلم يثبت لهم اإليماف بذلك أيضا حتى ينضاؼ إليو مقابلة حكمو بالرضى كالتسليم كعدـ المنازعة كانتفاء‬

‫المعارضة كاالعتراض‪.‬‬ ‫فهاىنا ثبلثة أمور‪ :‬التحكيم‪ ،‬كانتفاء الحرج‪ ،‬كالتسليم‪.‬‬ ‫فبل يلزـ من التحكيم انتفاء الحرج إذ قد يح ٌكم الرجل غيره كعنده حرج من حكمو‪.‬‬

‫كال يلزـ من انتفاء الحرج الرضا كالتسليم كاالنقياد إذ قد يح ٌك مو كينتفي الحرج عنو في تحكيمو كلكن ال ينقاد‬

‫قلبيو كال يرضى كل الرضى بحكمو‪.‬‬

‫فالتسليم أخص من انتفاء الحرج‪ ،‬فالحرج مانع كالتسليم أمر كجودم كال يلزـ من انتفاء الحرج حصوليو بمجرد‬ ‫انتفائو إذ قد ينتفي الحرج كيبقى القلب فارغا منو كمن الرضى بو كالتسليم لو فتأملو‪.‬‬

‫كعند ىذا تعلم أف الرب تبارؾ كتعالى أقسم على انتفاء إيماف أكثر الخلق كعند االمتحاف تيعلىم مثل ىذه األمور‬

‫الثبلثة ىل ىي‬

‫موجودة في قلب أكثر من يدعي اإلسبلـ أـ ال»‪.‬التبياف في أيماف القرآف صِٓٔ‪.)-‬‬

‫كبالجملة‪:‬فإف الرد إلى اهلل كإلى رسولو من أصوؿ اإليماف باهلل كبرسولو كمن لم يفعل ذلك مع العلم كالقدرة كاف‬ ‫كافرا مشركا كالعياذ باهلل من الخيبة كالشقاء في الدارين‪.‬‬ ‫‪48‬‬


‫يقوؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رحمو اهلل‪«:‬متى ترؾ العالم ما علمو من كتاب اهلل كسنة رسولو كاتبع حكم الحاكم‬

‫المخالف لحكم اهلل كرسولو كاف مرتدا كافرا‪ ،‬يستحق العقوبة في الدنيا كاآلخرة‪ ،‬قاؿ تعالى‪﴿:‬المص‪.‬كتاب أنزؿ إليك فبل‬ ‫يكن في صدرؾ حرج منو لتنذر بو كذكرل للمؤمنين‪ .‬اتبع وا ما أنزؿ إليكم من ربكم كال تتبعوا من دكنو أكلياء‬ ‫قليبل ما تذكركف﴾‪.‬‬ ‫كلو ضرب كحبس كأكذم بأنواع األذل ليدع ما علمو من شرع اهلل كرسولو الذم يجب اتباعو كاتبع حكم غيره؛‬ ‫كاف مستحقا لعذاب اهلل‪ ،‬بل عليو أف يصبر كإف أكذم في اهلل؛ فهذه سنة اهلل في األنبياء كأتباعهم»‪.‬‬ ‫كبناء على ىذه الحقائق العلمية القرآنية يلزـ الرد لمسائل النزاع بين المجاىدين كالمخالفين لهم إلى كتاب اهلل‬ ‫كسنة رسولو عليو الصبلة كالسبلـ ال إلى غيرىما كاف تباعدت المراتب في العلم فإف العصمة في األصلين ال في‬ ‫غيرىما كباهلل تعالى التوفيق‪.‬‬ ‫كبهذا القدر أكتفي كأعتذر للعلماء عن التطاكؿ على البياف‪.‬‬ ‫كالسبلـ على المرسلين كالحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫كتبو‪:‬أبو سلماف الصومالي‬ ‫حساف حسين آدـ‪.‬‬ ‫ُٗمحرـ‪ُّْ​ّ/‬ق‬

‫‪49‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.