�ش�ؤون حملية
�أخبار اجلهــــة
�ش�ؤون وق�ضايا
�ش�ؤون تربوية
�إعالنات قانونية
�شــ�ؤون تربويــــة
خمتلفــــات
7
االختالالت القانونية في معالجة قضية الصحراء المغربية ودور مشروع الحكم الذاتي في إيجاد حل مؤسساتي للقضية (اجلزء الثاين)
الدكتورة العثماين ا�سعيدة
أستاذة مختصة في القضايا احلدودية والترابية في القانون الدولي
تقوم الطروحات اإلنفصالية على مجموعة م ��ن امل��غ��ال��ط��ات ال �ق��ان��ون �ي��ة ال �غ �ي��ر علمية مستندة في ذلك على جهل املنتظم الدولي مبجموعة م��ن التفاصيل ال �ت��ي ت��دخ��ل في إطاراخلصوصية العربية واإلسالمية وطبيعة
العدالة الدولية لم تنصف املغرب ،وجعلت إسبانيا توجه رأي احملكمة وقرارات هيئة األمم املتحدة، بل إنها أدخلت القضية في متاهات ونفق مسدود كاد أن يغلب أطروحات الطرف اآلخر لوال املقاربة املغربية اجلديدة في تدبير ملف الصحراء .في هذه الظروف العدائية لوحدتنا الترابية ،املغرب في حاجة إلى أبنائه وبناته وكل طاقاته من أجل فهم واستيعاب كل الدسائس التي حتاك ضده ،وفهم التحديات التي تواجهه ،واستيعاب كل اإلكراهات التي تعيق مساره الوحدوي ،من أجل ذلك البد من فهم مقاربته اجلديدة في تدبير ملف الصحراء املغربية بناء على معرفة دقيقة للمسار الذي سلكته بحيثياته التاريخية ،القانونية ،الدبلوماسية والسياسية .لذلك نرى من الضروري الوقوف أوال عند بعض احملطات األساسية التي تعطي للمرحلة احلالية أهميتها ،ألنها تبرز الطفرة النوعية التي حققها املغرب في توجيه القضية ملصلحة وحدته الترابية ،رغم كل املناورات والتحالفات املعادية. فمنذ ،أن أثار املغرب على لسان مندوبه أمام جلنة الوصاية التابعة لألمم املتحدة ( )1957مسألة إرتباط إقليمي موريطانيا الفرنسية ووادي الذهب وإفني باملغرب ،الى سنة ،1965كانت األمور واض��ح��ة ،حيث إن الهيئة األممية اعتبرت بأن النزاع حول السيادة في تلك األراضي املستعمرة، ينبغي حسمه من خالل مفاوضات بني املغرب وإسبانيا .لكن مناورات اجلانب اإلسباني ،الذي استغل تدخل موريتانيا واجلزائر في املوضوع، أدى في السنة التالية ،إلى اتخاذ القرار رقم ،2229 بتاريخ 20ديسمبر ،1966ال��ذي لم يعد يطالب احلكومة اإلسبانية بتطبيق نفس املعايير على إفني والصحراء الغربية ،إذ دعا إسبانيا فيما يتعلق بإفني إلى «االتفاق مع املغرب على اإلجراءات املتعلقة بنقل السلطات إلى احلكومة املغربية» مع «األخذ بعني االعتبار رغبات السكان احملليني» .أما فيما يخص الصحراء «اإلسبانية» أن��ذاك ،فقد طالب القرار احلكومة اإلسبانية «بتحديد الطرق الكفيلة بتنظيم االستفتاء في املنطقة» ،باستشارة مع احلكومتني املغربية واملوريتانية ،ومع كل طرف له اهتمام بذلك. منذ ذلك التاريخ إلى غاية سنة ،1968واألمم املتحدة تتخذ تقريبا ،في قراراتها نفس التوصيات، إلى أن مت في 4يناير 1969التوقيع بني إسبانيا واملغرب ،مبدينة فاس ،على املعاهدة التي أدت إلى تسليم إفني للمملكة املغربية .وعلى إثر ذلك أصبحت قضية الصحراء هي املوضوع الوحيد لقرارات األمم املتحدة حتى سنة .1974 كانت احلسابات متداخلة ،وكل طرف في اجلانب اآلخر كان يعتبر أنه قادر على اإلجهاز على باقي األط��راف .املغرب وحده كان يبدو ضعيفا وغير متوفر على أي ورقة ،ألن قرارات األمم املتحدة ذهبت بعيدا عن اإلطار الذي طرحت به القضية في ،1964بحيث أن األمم املتحدة كيفت نزاع الصحراء على أنه قضية تصفية االستعمار ،الذي يدعو إلى القضاء على كافة أشكال االستعمار ويؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها وحتديد نظامها السياسي ،وحتقيق تنميتها االقتصادية واالجتماعية والثقافية .وبناء على هذا التكييف تكون األمم املتحدة قد استبعدت املشكل على أن يكون منطقة متنازعا عليها بني املغرب واسبانيا ،أو أنها كانت منطقة مغربية تقبع حتت االحتالل اإلسباني، بل إنها حسمت بشكل ص��ارم في اعتبار اإلقليم مستعمرة اسبانية يجب إعمال مبدأ تقرير املصير بشأنها .في ظل ه��ذا املوقف مت تأسيس جبهة البوليساريو سنة 1975ومت اإلعالن عن تأسيس «اجلمهورية العربية الصحراوية الدميقراطية» في فبراير ،1976كما حصلت جبهة البوليساريو على صفة ممثل للشعب الصحراوي من طرف األمم املتحدة مما منحها احلق في املشاركة بشكل كامل في كل بحث عن إيجاد تسوية دائمة نهائية مللف
ال �ع�لاق��ات اإلج�ت�م��اع�ي��ة ال�ق��ائ�م��ة باملنطقة، وع� �ل ��ى ع �ك��س ال� �ب ��ول� �ي ��زاري ��و ال � ��ذي ي �ح��اول إل �ب��اس احل��ق بالباطل م��ن خ�لال إستعمال مجموعة من املفاهيم القانونية ومبنهجية وطريقة قريبة من العقلية األوروبية’ ال زال
الصحراء ،وهو ما يعني أيضا منحها صفة الطرف املعني بالنزاع .ه��ذا التطور امل��أس��اوي للملف – بالنسبة للمغرب -الذي أدى إلى فشله في الدفاع عن استكمال وحدته الترابية يعود أساسا إلى عدم ق��درة مبررات احلقوق التاريخية التي يقدمها املغرب للتدليل على أحقية سيادته على اإلقليم في إقناع املنتظم الدولي ،كما أن التأكيد على أن النزاع يندرج في إطار تصفية االستعمار يظهر املغرب بصورة البلد احملتل ملجال ترابي بسبب غياب أية روابط قانونية بني املنطقة واملغرب حتظى باالعتراف الدولي. إن املكسب الوحيد الذي حققه املغرب هو جتميد االستفتاء الذي كانت إسبانيا بصدد إجرائه ،حينما أقنع األمم املتحدة في دورة 1974مبقترحه الرامي إلى طرح استشارة على محكمة العدل الدولية في الهاي ،بعد ما أصبح جليا أن إسبانيا مقدمة ،حسب بالغ للحكومة اإلسبانية في 2يوليو ،1974على خلق «دويلة مزيفة في الصحراء» .ومن جراء ذل��ك توقف االستفتاء في انتظار ص��دور ال��رأي االستشاري .وهذا مكسب نظري ،إذ أن اجلمعية العامة ل�لأمم املتحدة إمن��ا طرحت على محكمة الهاي ،كما قال رئيس الوفد اإلسباني في محكمة العدل الدولية سؤاال أكادمييا ال يقدم وال يؤخر ،وال يهدد مسألة تقرير املصير التي ميكن أن تستأنف مببادرة من إسبانيا .وهنا نشأ وضع جد ملتبس لن يكسبه في األخير إال من يستفيد من أخطاء باقي الالعبني. وفي نفس اليوم الذي صدر فيه الرأي االستشاري،
امل�غ��رب ي��داف��ع ع��ن حقه بالطرق التقليدية خ��اص��ة م��ن وج �ه��ة ن �ظ��ر ال��ق��ان��ون ال��دول��ي. هذه املداخلة ستحاول إعطاء بعض األمثلة عن هذه اإلختالالت لتصل في النهاية إلى دور مشروع احلكم الذاتي كحل مؤسساتي للقضية.
أعلن امللك احلسن الثاني ،في خطاب موجه إلى الشعب املغربي عن انطالق املسيرة اخلضراء كوسيلة سلمية للضغط على إسبانيا للقبول باملفاوضات وكمدخل للتقارب معها .كان الوضع بالنسبة للمغرب جد إيجابي على الصعيد األممي حيث وافق مجلس األمن في نفس اليوم ،أي 6نوفمبر ،1975على قرار يطالب األطراف املعنية بالتعاون مع األمني العام في املوضوع «وإجراء مفاوضات ممكنة في إطار الفصل 33من امليثاق» .و كان األمر كذلك بالنسبة إلسبانيا التي قبلت بالدخول في مفاوضات مع املغرب ،مبشاركة موريتانيا، وذلك في 11نوفمبر ،1975وهي املفاوضات التي توجت ،في 14نوفمبر ،1975بالتوقيع على اتفاقية مدريد في شكل «تصريح باملبادئ» .وبعد موافقة «الكورتيس» اإلسباني على االتفاقية بأغلبية كبيرة ،ومصادقة اجلماعة عليها ،انسحبت إسبانيا من الصحراء ،وأصبحت إدارتها بني موريتانيا واملغرب. كان املغرب في جميع أطوار تاريخه حريصا على استرجاع أراضيه املغتصبة من دون مساومة .لكن الظروف الدولية والواقعية السياسية التي فرضت القبول مبقتضيات اتفاقية مدريد الثالثية اضطرته إلى التفاهم مع اجلانب املوريتاني واالتفاق معه على صيغة تتالءم مع ما جاء في الرأي االستشاري حملكمة العدل الدولية .كان املخرج الوحيد إلعطاء حرية التصرف لكل من الطرفني هو قبول املغرب االعتراف ملوريتانيا مبنطقة وادي الذهب احملاذية ألراضيها ،وذلك مبقتضى االتفاقيات املبرمة معها
في 14أبريل .1976غير أن األوضاع لم تستقر في تلك املناطق بسبب الهجمات العسكرية التي تعرضت لها موريتانيا في نواكشوط واإلطاحة بالرئيس املوريتاني املختار ولد دادة .ومما زاد الطني بلة أن املسؤولني املوريتانيني أج��روا اتصاالت سرية ،بإيعاز من اجلزائر وليبيا ،وقاموا بإبرام اتفاق في 5غشت 1978باجلزائر يقضي بتسليم وادي الذهب جلبهة بوليساريو ،كما لم يتورعوا عن اتخاذ موقف مؤيد ألطروحة أعداء املغرب في القمة 16ملنظمة الوحدة اإلفريقية املنعقدة في منروفيا من 18إلى 22يوليو .1979 أم��ام هذا املوقف املخالف التفاقيات 14أبريل ،1976وبالنظر إلى ما أبانت عنه كثير من القرائن على أن موريتانيا مقدمة على االنسحاب من تلك املنطقة لصالح أع��داء الوحدة الترابية ،مبوجب اتفاقيات سرية ،قرر املغرب استرجاعها طبقا حلقوقه التاريخية ،ولرغبات السكان الذين عبروا عن فرحتهم وجتديد البيعة مللكهم في 8و14غشت .1979 وبعد ذلك التاريخ تتالت األح��داث ب��دءا بإعالن امللك احلسن الثاني في القمة اإلفريقية بنيروبي عن نية املغرب تنظيم استفتاء لتقرير املصير في الصحراء وبناء األحزمة الدفاعية حول احلدود الشرقية لألقاليم الصحراوية ( ،)1981إلى انضمام ما يسمى «اجلمهورية العربية الصحراوية « الوهمية ملنظمة ال��وح��دة اإلفريقية (،)1982 وانسحاب املغرب من نفس املنظمة (.)1984 وبداية فتح احلوار بني امللك احلسن الثاني وجبهة البوليساريو ( ،)1989إلى جانب اجتماع الشيوخ الصحراويني بجنيف ملرتني في 1990و.1992 كما صاحب ه��ذه التطورات حت��رك أمم��ي بسبب االشتباكات املسلحة في الصحراء من خالل القرار رقم 621/1988املتعلق بتعيني ممثل خاص لألمني العام لألمم املتحدة مكلف بقضية الصحراء والقرار رقم 690/1991املتعلق بتشكيل بعثة األمم املتحدة لتنظيم االستفتاء في الصحراء (مينورسو). إن ه��ذا اجلهد ال��ذي تبذله «األمم املتحدة» في إطار سعيها لتحقيق احلل القانوني يصطدم بقوة بالتوازنات الدولية ومبصالح األط��راف التي لم تستسغ حلد اآلن حال للمشكل ضمن معادلة الغالب وال مغلوب التي تقوم على قبول احلل السياسي بدل االحتكام للحل القانوني الذي استنفذ كل مقوماته برفض األطراف للمخططات املطروحة واالستمرار في تبادل االتهامات بوضع العراقيل أم��ام خطة التسوية املقترحة من طرف األمم املتحدة التي وصلت إلى يقني بصعوبة إمكانية التوصل إلى تسوية عبر احلل القانوني داعية األط��راف إلى التفاوض ألج��ل االتفاق على حل سياسي يضع حدا ملا يزيد عن ثالثني سنة من النزاع ويفتح آفاق جديدة لدول املنطقة .هذا التصور هو الذي كان وراء ق��رار املجلس رقم 1309بناء على املبادرة الفرنسية األمريكية املقدمة ملجلس األمن الدولي لصياغة حل سياسي يتضمن حكما ذاتيا للصحراويني ضمن سيادة املغرب في 31مايو ،2000حيث دعا جيمس بيكر ممثل األمني العام لألمم املتحدة في الصحراء إلى حل تفاوضي بني الطرفني ،مما يعني تخلي األمم املتحدة عن خطة االستفتاء. وتكثفت اللقاءات بني املغرب والبوليساريو حتت إشراف األمم املتحدة عبر جوالت طيلة سنة 2000 أثمرت عن إعالن املغرب في ختامها استعداده حلل سياسي تفاوضي .وفي بداية عام 2001قدم جيمس بيكر (اتفاق إط��ار) ينص على أن تكون الصحراء جزءا من املغرب مع التمتع بحكم ذاتي حتتفظ مبوجبه بقدر كبير من السلطات ماعدا املجال اخلارجي والعملة والعلم .وقد قوبل هذا االقتراح بقبول املغرب في حني ووج��ه برفض البوليساريو ،وال زالت املفاوضات قائمة.
جريدة طنجة
(يتبع)
l
عـدد 3615
l
ال�سبت 8 1دجنبـــر 2010