ﻛﺘﺎﺏ :ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ :ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﳏﻤﺪ ﻭﺁﻟﻪ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻳﺆﻣﺎﻥ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ :ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ؛ ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﺑﻞ ﺇﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﲑ؛ ﻭﺗﺸﺘﺮﻛﺎﻥ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﺍﻷَﳓﺎ ِﺀ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻛﻼﳘﺎ ﻳﺘﻌﺎﻃﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀِ ،ﻭﻳﻮﺟﺪ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ :ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ، ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﻨﻔﺮﺩﺍ ﺑﺬﺍﺗﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﳍﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺧﺎﺻﺔ .ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﻳﻦ ﻳﻨﻈﺮﺍﻥ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭﲨﻴﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺗﻨﻈﺮ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﳍﻤﺎ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﺎ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﺎﻥ ﻣﺸﺘﺮﻛﺘﲔ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ :ﻭﻫﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻄﻖ. ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﻟﻨﺤﻮ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﳓﺎ ِﺀ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﻣﻨﺘﻬﻴﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺻﻨﻔﻲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮﺓ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻹِﺭﺷﺎﺩ .ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ. ﻭﻳﻮﺟﺪ ﻛﺜﲑ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺒﻠﻐﻮﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩﻫﻢ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ .ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ؛ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﺎﻻﻋﺘﻴﺎﺩ ﻭﲟﻠﻜﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ .ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﲟﻠﻜﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻠﻬﺎ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻠﻬﺎ ﲟﻠﻜﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﰎ ﻭﺃﻓﻀﻞ .ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﳋﻮﺍﺹ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﺇﹺﻥ ﺗُﺜﺒﺖ ﺃﺟﺰﺍ ُﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ،ﻭﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﻘﻂ ،ﻭ ﻻ ﺑﺎﻻﻋﺘﻴﺎﺩ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﳑﻦ ﺗﻘﺪﻣﻨﺎ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺷﻲﺀ ﳚﺮﻯ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﳎﺮﻯ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ، ﻭﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺣﺮﻯ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﻨﺎﻋﻴﺎ :ﻭﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﳋﻄﱯ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ،ﻭﻫﻲ ﻋﻤﻮﺩ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻭ ﹰﻻ ﻭ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ.ﻭﻫﺆﻻ ِﺀ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﳋﻄﱯ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ،ﻭ ﻻ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﺣﺮﻯ ﺑﺬﻟﻚ؛ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﻓﺄﻛﺜﺮﻭﺍ ﰲ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﲡﺮﻯ ﳎﺮﻯ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻌﻴﻨﺔ ﰲ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭ ﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻌﺪﺓ ﳓﻮ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺗﺒﻴﻴﻨﻪ ﺃﻭ ﹰﻻ ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﻣﻌﺪﺓ ﳓﻮ ﺍﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺄﻬﻧﺎ ﻣﻮﻃﺌﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻻ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻟﻪ.
ﻗﺎﻝ :ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺍﻵﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺪﻥ ،ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﳌﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺟﺪﻭﻯ ﻭﻻ ﻣﻨﻔﻌﺔ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻜﻠﻤﺎ ﺟﻴﺪﺍ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺒﻴﺢ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﲤﹸﻴﻞ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺗﺴﺘﻌﻄﻔﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺒﺎﺡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻘﻂ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻥ ﻳﻠﻔﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﺮﻳﻘﲔ :ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﺗُﺜﺒﱠﺖ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﻳﺆﺩﺏ ﻬﺑﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﳌﺪﻧﻴﲔ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺗﺄﹾﺛﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺃﻭ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﺧﺎﺭﺟﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﳝﻨﻊ ﺇﹺﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﺃﺛﻴﻨﻴﺎ ﻭﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ. ﻱ ﻣﻦ ﺭَﺃﻯ ﺇﹺﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺗﺄﹾﺛﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﺍﺩ ﺗﺜﺒﻴﺘﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﻗﺎﻝ :ﻭﺭﹾﺃ ُ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ. ﻭﺧﻠﻴﻖ ﺇﹺﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻳﺼﲑ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻟﺒﻴﺒﺎ ﺃﺩﻳﺒﺎ. ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﻛﺒﲑ ﺟﺪﻭﻯ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻭﻡ ﺇﹺﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻓﻬﻮ ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﻘﻂ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺣﺪﺩ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺇﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻋﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﻳﺴﲑ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﺟﻮﺭ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﲢﺪﺩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺫ ﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﺄﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﺟﻮﺭ ﻓﻐﲑ ﳑﻜﻦ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺑﺎﻟﺮﲪﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺸﻲ ٍﺀ ﺟﺰﺋﻲ ،ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳉﻮﺭ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻛﻠﻴﺔ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﰲ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻓﻠﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺗﺄﹾﺛﲑ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻮﺟﺐ ﺇﹺﻥ ﺍ َﻷﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳُﻤﻴﻞ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺇﹺﻧﻪ ﺻﺪَﻕ ﻓﻴﻤﺎ ﺍﺩﻋﻰ ﺃﻭ ﱂ ﻳﺼﺪﻕ ،ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﹺﻥ ﳛﺪﺙ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ ﺃﻭ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺩ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺟﻮﺭ ﺃﻭ ﻋﺪﻝ ،ﻭﺗﻔﻮﺽ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﺇﹺﱃ ﺍﳊﻜﺎﻡ.ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﺘﻔﻮﺽ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ.ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺴﺒﺒﲔ :ﺃﻣﺎ ﺃﻭﻻ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﺎﻛﻢ ﻳﻘﺪﺭ ﺇﹺﻥ ﳝﻴﺰ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﻬﻬﺎ ،ﻓﻴﻀﻊ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷَﻣﺮ ﺟﻮﺭ ﻭﻫﺬﺍ ﻋﺪﻝ ﰲ ﺍﻷَﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ.ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﰲ ﺍﳌﺪﻥ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ. ﻭﺃﻣﺎ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﻓ ﻸَﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﺟﻮﺭ ﳛﺘﺎﺝ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﱃ ﺯﻣﺎﻥ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﳝﻜﻦ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻨﺎﻇﺮ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻜﺎﻡ. ﻓﻠﻤﻜﺎﻥ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﻳﺼﻌﺐ ﺇﹺﻥ ﻳُﻔﹶﻮﺽ ﺇﹺﱃ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷَﻣﺮ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﺟﻮﺭ ﺃﻭ ﻧﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﺿﺎﺭ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳُﻔﹶﻮﺽ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻘﻊ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺒﻴﺎﻧﻪ ،ﻭﻷَﻧﻪ ﺃﻣﺮ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻀﻌﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﻨﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻤﻌﻠﻮﻡ ﺇﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﺃﱐ ﰲ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﳋﻄﺐ ﻭﰲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﻭﰲ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﻭﻣﺎ ﳚﺮﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﺠﻤﻟﺮﻯ ،ﱂ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﺷﻲ ٍﺀ ﳚﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﳎﺮﻯ ﺍﳉﺰﺀ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﲡﺮﻱ ﳎﺮﻯ ﺍﻟﻠﻮﺍﺣﻖ.ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﺑﻘﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ -ﻭﻫﻲ ﺃﻭﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ -ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺸﻲ ٍﺀ. ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻧﺎ ﳓﻦ ﻧﺮﻯ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻋﻤﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺇﹺﻥ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺸﺎﺟﺮ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻉ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻹِﺭﺷﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻲ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭ ﺃﻣﺎ ﻫﺆُﻻ ِﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻓﻘﺪ ﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﺃﻻ ﻳﻨﺴﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
ﺇﹺﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻉ ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺟﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺸﺎﺟﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﻞ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﳋﺴﻴﺲ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﺍﻷًﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺸﺎﺟﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﻜﺎﻡ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺸﺎﺟﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﳉﺰ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻠﻢ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎ ﺑﺔ.ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﱂ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺑﺸﻲ ٍﺀ .ﻟﻜﻦ ﳌﺎ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﳜﺴﺲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﻳﻔﺨﻢ ،ﻇﻨﻮﺍ ﺃﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ.ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻓﻌﻞ ﺧﺴﻴﺲ. ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻘﺎﺋﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺘﺸﺎﺟﺮ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﲎ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻷَﻣﺮ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﳌﺪﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺳﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻮﺭ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﺪﻝ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﺻﻐﲑ ،ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺇﹺﻻ ﳌﺎ ﻳُﻤﻴﻞ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺫﻟﻚ ﲞﻼﻑ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺸﲑﺓ ﲟﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺬﻭﻱ ﺍﳉﻨﺎﻳﺎﺕ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻧﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﺿﺎﺭ ﺃﻳﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﻓﻴﻬﻢ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﻬﻧﻢ ﺟﺎﺭﻭﺍ ﺃﻭ ﻋﺪﻟﻮﺍ.ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺫﻭﻱ ﺍﳉﻨﺎﻳﺎﺕ ﻓﻘﻂ.ﻭﻫﺬﻩ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﻜﻤﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺎﺭ ﻬﺑﺎ ﺑﺄﹸﻣﻮﺭ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺎﺭ ﺑﻪ ﻧﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﺿﺎﺭ ،ﻓﻼ ﳜﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺇﹺﻥ ﳛﻴﻔﻮﺍ ﻓﻴﻪ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ،ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺇﹺﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻧﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﺿﺎﺭ ،ﻓﻴﻮﺍﻓﻘﻪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﳜﺎﻟﻔﻮﻩ ﻻﺳﺘﻮﺍ ِﺀ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻊ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﰲ ﻗﻀﺎﺋﻬﻢ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﻫﺬﺍ ﺟﻮﺭ ،ﻷَﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳉﻮﺭ ﻫﻮ ﺷﻲﺀ ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺍﻟﻘﻮﺍﻡ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ.ﻓﻠﺬﻟﻚ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﺴﻠﻢ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺍﻡ ﺗﺜﺒﻴﺘﻪ ،ﻭﻻ ﻳﻔﻀﻰ ﻟﻪ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺪﻝ ،ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﹺﺇﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺟﻮﺭ ﻭﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻋﺪﻝ ،ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺜﺒﺖ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﺟﻮﺭ. ﻭﳌﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﲤﻨﻊ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﻣﺪﻥ ﻛﺜﲑﺓ ﺇﹺﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﲤﹸﻴﻠﻬﻢ ﻭﺗﺴﺘﻌﻄﻔﻬﻢ ﻋﻦ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺘﻨﺎﺯﻋﲔ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺒﺎﺡ ﳍﻢ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺑﺄﺷﻴﺎﺀ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﳑﺎ ﺭﲰﻬﺎ ﻭﺍ ﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﺔ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺮﺯ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻳﺒﺎﻟﻐﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﻀﺎﺭ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻀﺎﺭ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﳛﻂ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻻﺳﺘﻮﺍ ِﺀ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﻪ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﳊﻜﺎﻡ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﺈﹺﺫﻥ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻻ ﺑﺘﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﳌﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ.ﻭﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺜﺒﺖ ﺑﻪ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﲑ ،ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﻋﻤﻮﺩﻩ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻗﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﺒﻼﻏﻲ. ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ.ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻄﻖ.ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ :ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺃﺟﺰﺍ ٍﺀ ﻣﻨﻬﺎ.ﻭﺑﲔّ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻣﻦ ﻛﻢ ﺷﻲﺀ ﻳﻠﺘﺌﻢُ ﻭﻳﻜﻮﻥ، ﻭﻣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﳑﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻓﻘﻂ ﺩﻭﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺟﻨﺴﻪ.ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻌﻠﻢ ﳌﺎﺫﺍ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﺑﲔ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻭﺑﲔ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ
ﺍﻷُﺧﺮ ﻓﻬﻮ ﺃﻗﺪﺭ ﻣﻦ ﺫﻳﻨﻚ.ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻬﺑﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻄﻖ.ﻓﺈﹺﻥ ﻟﻠﻘﻮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﺃﻋﲏ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﺇﹺﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺣﻖ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﳊﻖ.ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺣﻘﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﳊﻖ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺘﻬﻴﺌﻮﻥ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻬﻴﺌﺔ ﳓﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻳﺆﻣﻮﻧﻪ ﻭﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻋﻨﻪ.ﻭﺍﶈﻤﻮﺩﺍﺕ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﳊﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻬﻧﺎ ﻧﺎﺋﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻨﺎﺏ ﺍﳊﻖ ،ﻭﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑﺎﳊﻖ ﻗﺪ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻨﻄﻖ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺒﺎﻥ ﺇﹺﻥ ﻗﺼﻮﺭ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﳌﻨﻄﻖ ،ﻭ ﺃﻥ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻭﻣﻦ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﹺﻥ ﻳﺘﻘﺪﻣﻮﺍ ﻓﻴﻌﺮﻓﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻋﻤﻮﺩ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﺇﹺﻬﻧﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﲡﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﳎﺮﻯ ﺍﻟﺘﺰﻳﲔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺻﻔﺤﺘﻪ ﻻ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻨﺰﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻣﺎ ﺑﻪ ﻗﻮﺍﻡ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﻭﺟﻮﺩﻩ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﲟﺎ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻮﺍ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺟﺮﻭﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻠﺨﻄﺎﺑﺔ ﻣﻨﻔﻌﺘﺎﻥ :ﺇﹺﺣﺪﺍﳘﺎ ﺇﹺﻥ ﻬﺑﺎ ﳛﺚ ﺍﳌﺪﻧﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﳝﻴﻠﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺿﺪ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ.ﻓﺈﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻀﺒﻄﻮﺍ ﺑﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺿﺪﺍﺩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺷﻲﺀ ﻣﺬﻣﻮﻡ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺍﻟﺘﺄﻧﻴﺐ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺦ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻴﻞ ﺇﹺﱃ ﺿﺪ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﺪﺑﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻀﺒﻂ ﺍﳌﺪﻧﻴﲔ ﺑﺎﻷﻗﹶﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ.ﻭﺃﻋﲏ ﺑﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺑﲔ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ ،ﺃﻋﲏ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻙ ﻟﻪ ﰲ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ،ﻻ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻥ ﺍ ِﻹ ﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻬﻮﺭﺍﺕ ﲣﺎﻟﻒ ﺍﳊﻖ ،ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺳﻠﻚ ﺑﻪ ﳓﻮ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻬﻞ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻥ ﻓﻄﺮﺗﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻌﺪﺓ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺃﺻﻼ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺑﻴﺎﻧﻪ ﻟﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻴﻪ.ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻗﺪ ﻧﻀﻄﺮ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﻥ ﳒﻌﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ،ﺃﻋﲏ ﺑﺎﶈﻤﻮﺩﺍﺕ.ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺗﺸﺎﺭﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋ ﹶﺔ ﺍﳉﺪﻝ ،ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻝ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﻥ ﻧﺒﲔ ﻣﻄﻠﻮﺑﺎﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﳝﻜﻨﻬﺎ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ ،ﻛﻤﺎ ﳝﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳉﺪﱄ.ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻧﻘﻨﻊ ﰲ ﺫﻱ ﺍﳉﺎﱐ ﺃﻧﻪ ﺃﺳﺎ َﺀ ﻭﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﺴﻲﺀ ،ﻭﻟﺴﺖ ﺃﻋﲏ ﺃﻧﺎ ﻧﻔﻌﻞ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺑﻞ ﻧﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻭﻗﺖ ،ﻭﻫﺬﺍ ﰲ ﻭﻗﺖ
ﲝﺴﺐ ﺍﻷَﻧﻔﻊ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ،ﻭﺿﺪﻩ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﺁﺧﺮ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍ َﻷﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻭﺿﺪﻩ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﺘﻴﺪﺓ ،ﻭﲰﻌﻨﺎ ﻣﺘﻜﻠﻤﺎ ﻗﺪ ﺃﻗﻨﻊ ﰲ ﺍﻟﻀﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻝ ،ﺃﻣﻜﻨﻨﺎ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺇﹺﻥ ﻧﻨﻘﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻟﻪ.ﻓﻬﺎﺗﺎﻥ ﺍﳌﻨﻔﻌﺘﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺗﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺿﺪﻩ.ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻮﺟﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ ﹺﺇﻻ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ،ﺃﻋﲏ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻭﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ.ﻭﻛﻼ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﳘﺎ ﻣﻬﻴﺌﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍ ِﺀ ﻟ ﻺِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﻛﻼ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ،ﺃﻋﲏ ﺃ،ﻩ ﻟﻴﺲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺃﺷﺪ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﻟ ﻺِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻵﺧﺮ ،ﺑﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ.ﻓﺄﳑﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﳍﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻘﻨﻊ ﻭﻬﺑﺎ ﺗﻘﻨﻊ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀِ ،ﻭﻻ ﺟﺪﻭﻯ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ.ﻟﻜﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻨﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺎﺩﻗﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻭﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻭﺃﺑﻠﻎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﺇﹺﻥ ﻧﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻗﺒﻴﺢ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻀﺮ ﺑﻴﺪﻳﻪ ،ﻭﻻ ﻧﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻗﺒﻴﺢ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻀﺮ
ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳌﻀﺮﺓ ﺑﻪ ﻣﻀﺮﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻀﺮ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻻ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﺪﻝ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺟﻮﺭ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺷﻲﺀ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﺎﻣﱠﺎ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻣﺎ ﻋﺪﻯ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﻠﹶﺪ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻫﻲ ﻣﻌﺪﺓ ﻷﻥ ﻳﻨﻔﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﻘﺘﲎ ﳍﺎ ﻏﲑﻩ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ،ﻭﻳﻀﺮ ﻬﺑﺎ ﺿﺮﺭﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﳉﻮﺭ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﳉﻠﹶﺪ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﰲ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﻭﺍﻟﻨﻔﻊ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ.ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺒﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻟﻴﺲ ﺗﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀِ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﳉﺪﻝ ،ﻭﺃﻬﻧﺎ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﳍﺬﺍ ﺟﺪﺍ. ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﻥ ﺗﻘﻨﻊ ﻭﻻ ﺑﺪ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺘﺒﻊ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺿﺮﻭﺭﺓ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺒﻊ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﺑ ﻞ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻘﻨﻌﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺗﺄﹰﺗﻰ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻘﻊ ﺇﹺﻗﻨﺎﻉ.ﻭﺍﳊﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﺜﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﺐ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺍﻹِﺑﺮﺍﺀ ﻭﻻ ﺑﺪ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺇﹺﻥ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻹِﺑﺮﺍﺀ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ َﻣ ْﻦ ﻟﻴﺲ ِﻣ ْﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﱪﺉ ﻣَﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻄﺒﻴﺐ ،ﻭﻳﻘﻨﻊ َﻣ ْﻦ ﻟﻴﺲ ﲞﻄﻴﺐ.ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺗﺘﺒﻊ ﻓﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻗﻞ. ﻭﻛﻤﺎ ﺇﹺﻥ ﰲ ﺍﳉﺪﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﻴﺎﺱ ﻭﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﻴﺎﺱ ،ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ،ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻘﻨﻌﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﻨﻊ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﻘﻨﻊ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ.ﻟﻜﻦ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ﻟﻴﺲ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﳌﻠﻜﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻹِﻳﻬﺎﻣﻪ ﺃﻧﻪ ﺣﻜﻴﻢ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳉﺪﱄ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺟﺪﱄ ﺑﺎﳌﻠﻜﺔ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻓﺒﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ، ﺃﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﺪﻟﻴﺔ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﳓﻮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﻓﻬﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳋﲑﺍﺕ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻠﻜﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﲟﻘﻨﻌﺔ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ.ﻭﹺﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻷَﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﺩ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ.ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺣﺼﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻼ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻦ ﺃﻗﺎﻭﻳﻞ ﻫﻲ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻭ ﻋﻦ ﺃﻗﺎﻭﻳﻞ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﻘﻨﻌﺔ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﲟﻘﻨﻌﺔ.ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺧﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻟﻪ ،ﻻ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﲟﻘﻨﻌﺔ ﺩﺍﺧﻠﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺑﺎﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﺩﺧﻠﺖ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﲜﺪﻟﻴﺔ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﻣﻘﺼﺪ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺔ.ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺧﲑﹰﺍ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ،ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﻘﻨﻊ ﻭﻟﻴﺲ ﲟﻘﻨﻊ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ﰲ ﻏﺎﻳﺘﻪ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ. ﻑ ﰲ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﺍﻟﱵ ﻗﺼﺪﻧﺎ ﻗﺎﻝ :ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﻛﻞ َﻣ ْﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﱂ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻛﺎ ٍ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﳔﱪ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﺄﹾﺗﻠﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺄﹾﺗﻠﻒ ﻭﻣﺎ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ
ﻓﻜﺄﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻨﺎ ﻣﻘﺼﻮﺩًﺍ ﺃﻭﻻﹰ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﻧﺴﺘﺄﹾﻧﻒ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻧﻌﻮﺩ ﺇﹺﱃ ﻣﻘﺼﻮﺩﻧﺎ ﻛﺄﻧﺎ ﻣﺒﺘﺪﺋﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ،ﻓﻨﺒﺘﺪﺋﺊ ﺃﹶﻭﻻ ﻭﳓﺪ ﻫﺬﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﻨﺨﱪ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻭﳓﻮ ﻣﺎﺫﺍ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺟﻨﺴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭﻓﺼﻠﻬﺎ ﺍﳋﺎﺹ ﻬﺑﺎ ،ﰒ ﻧﺘﻄﺮﻕ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﺣﺼﺎ ِﺀ ﺃﺟﺰﺍﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﳊﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﻗﻮﺓ ﺗﺘﻜﻠﻒ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ.ﻭﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ :ﺍﻻﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﰲ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺘﺒﻊ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ.ﻭﻳَﻌﲏ ﺑﺘﺘﻜﻠﻒ :ﺇﹺﻥ ﺗﺒﺬﻝ ﳎﻬﻮﺩﻫﺎ ﰲ ﺍﺳﻘﺼﺎ ِﺀ ﻓﻌﻞ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺍﳌﻤﻜﻦ.ﻭﻳﻌﲏ ﺑﺎﳌﻤﻜﻦ :ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻓﻴﻪ.ﻭﻳﻌﲏ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ،ﺃﻱ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﺨﺎﺹ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﺪ ﺗﻘﻨﻊ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﻣﻌﻠﻤﺔ ،ﺃﻱ ﻣﱪﻫﻨﺔ ،ﻭﻣﻘﻨﻌﺔ ،ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ،ﻻ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺱ.ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻄﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﻳﻘﻨﻊ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﳌﺮﺽ ﻭﰲ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﻤﺎ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳍﻨﺪﺳﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﺍﻷَﻋﻈﺎﻡ ،ﻭﺍﻷَﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻷَﺟﺴﺎﻡ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻜﻠﻒ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ :ﰲ ﺃﻱّ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺃﻱّ ﺟﻨﺲ ﻛﺎﻥ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺗﻨﺴﺐ ﺇﹺﱃ ﺟﻨﺲ ﺧﺎﺹ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ :ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻧﺎ ﻭﺭﻭﻳﺘﻨﺎ ﻭﳓﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻮﻥ ﳍﺎ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻏﲑ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭﻧﺎ ﻭﺭﻭﻳﺘﻨﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﺳﻴﺬﻛﺮ ﺑﻌﺪ. ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳓﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻮﻥ ﳍﺎ :ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻏﲑﻧﺎ ﻓﺼﻨﻌﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﻭﺍﺷﺘﻬﺮﺕ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﳔﺘﺮﻋﻬﺎ ﳓﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻭﻧﺴﺘﻨﺒﻄﻬﺎ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﻔﻌﻠﻬﺎ ﳓﻦ ﻭﳔﺘﺮﻋﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ :ﺃﺣﺪﻫﺎ ﺇﹺﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺃﻫﻼ ﺇﹺﻥ ﻳُﺼﺪﻕ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ ﺣﺎﻛﻴﺎ ﻋﻦ ﻫﻮﺩ " :ﻭﺃﻧﺎ ﻟﻜﻢ ﻧﺎﺻﺤﺎ ﺃﻣﲔ " ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﻬﺑﻴﺌﺔ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﺷﺄﹾﻬﻧﺎ ﺇﹺﻥ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺆﺩﺓ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ.ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺷﺄﹾﻬﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﲏ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻭﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﺷﺄﹾﻬﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﺴﻤﺖ.ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﳍﺎ ﺗﺄﹾﺛﲑ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺼﺎﳊﲔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﲔ ﻳُﺼﺪﻗﻮﻥ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﺩﻭﻥ ﻗﻮﻝ ﻳﺘﻜﻠﻔﻮﻧﻪ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ.ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻟﻠﺤﺲ ﺍﻟﱵ ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻬﻧﻢ ﺃﺣﺴﻮﻫﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺃﻧﻪ ﺷﺮﺏ ﺃﻭ ﻗﺘﻞ.ﻓﺄﻣﺎ ﺇﹺﺧﺒﺎﺭﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳋﻔﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺲ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﺧﻔﻰ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﺃﺣﺴﻮﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻭ ﻭﳘﻮﺍ ﻓﻴﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﳑﻜﻨﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﺲ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻳُﺼﺪّﻗﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺪﻋﻮﻬﻧﺎ ﰲ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺩﻭﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﺍ ،ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﺍﻟﻘﻮ ﹶﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﻇﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻬﻧﻢ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻷَﻧﺎﺓ ﺃﳕﺎ ﻫﻲ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻹِﻧﻔﻌﺎﻝ ﻓﻘﻂ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﺴﺐ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺇﹺﻧﻔﻌﺎﻻ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻟﻪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺗﺼﺪﻳﻘﻨﺎ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺇﹺﻗﺮﺍﺭﻧﺎ ﺑﻪ ﻭﳓﻦ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﺃﻭ ﺍﳊﺰﻥ ﺗﺼﺪﻳﻘﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﻨﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﺨﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻋﻨﻪ.ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹸﺅﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻬﻧﻢ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﻓﻬﻮ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻘﻨﻊ ،ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﻘﻨﻊ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻨﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺇﹺﻥ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﺭ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﳌﺎ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ ،ﺃﻭﳍﺎ :ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻘﻨﻌﺔ ،ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﺎ :ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﻭﺛﺎﻟﺜﻬﺎ :ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ :ﻣﺎ ﻫﻮ ،ﻭﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻭﻣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻛﺄﻬﻧﺎ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﳌﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﻗﻮﻝ ﻣﺴﺘﻮﰲ ﰲ ﺃﺟﺰﺍﺋﻬﺎ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﻬﻠﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻬﻧﻢ ﺿﻨﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻫﻢ ﻭﲞﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﲟﺎ ﻭﻗﻔﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻭﻫﻲ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﳉﺪﻝ ﰲ ﺃ،ﻫﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﰲ ﻛﻼ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ،ﻭﰲ ﺃﻬﻧﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ ﻳﻨﻈﺮﺍﻥ ﰲ ﺷﻲ ِﺀ ﳏﺪﻭﺩ ﻧﻈﺮًﺍ ﻳﺒﻠﻐﺎﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﻴﻘﲔ ،ﻟﻜﻦ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺒﻠﻐﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻴﻘﲔ.ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻓﻴﺎ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﻧﺒﺘﺪﺉ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻘﻨﻌﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻣﻘﻨﻊ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﺛﺒﺎﺕ ﻭﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀُ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﻴﺎﺱ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﳌﺒﻄﻠﺔ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮﺍ ِﺀ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺜﺎﻝ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﲑ.ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﺿﻤﲑ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻀﻤﲑ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻗﻴﺎﺱ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻘﻴﺎﺱ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﺜﺎﻝ ﻭﻟﻴﺲ ﲟﺜﺎﻝ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀٌ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺀ.ﻓﺎﻟﻀﻤﲑ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳋﻄﱯ ،ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﳋﻄﱯ.ﻭﺍﳋﻄﺒﺎ ُﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺗُﺆﻣﻞ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻇﻬﺮ ﺃﻬﻧﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻬﺑﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﳌﺜﺎﻝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻟﻀﻤﲑ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻬﻧﻢ ﻳﺆﻣﻮﻥ ﺑﻔﻌﻠﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﻥ ﻳﺘﺸﺒﻬﻮﺍ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮﺍ ِﺀ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ.ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻣﺜﺎﻝ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺿﻤﲑ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻭ ﲟﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ.ﻭﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ،ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍ َﺀ ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ.ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻝ.ﻭﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ. ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀُ ﻭ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻳﺸﺘﺮﻛﺎﻥ ﰲ ﺇﹺﻥ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻳﺜﺒﺘﺎﻥ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻛﺬﺍ ،ﺃﻭ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻛﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﻻ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﰲ ﺷﺒﻴﻬﻪ. ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻳﺸﺘﺮﻛﺎﻥ ﰲ ﺇﹺﻥ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻗﻮﻝ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ. ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺇﹺﻥ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﳉﻨﺴﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻧﻮﻋﺎ ﺧﻄﺒﻴﺎ ﻭﻧﻮﻋﺎ ﺟﺪﻟﻴﺎ ﻭﻧﻮﻋﺎ ﺑﺮﻫﺎﻧﻴﺎ ﻭﻧﻮﻋﺎ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺎ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍ ُﺀ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﲜﻬﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ،ﺃﻋﲏ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ.ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﰲ ﺍﳉﺪﻝ ﺃﻭﺛﻖ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ.ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺃﻗﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﲑ؛ ﻷَﻥ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻄﺮﻗﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺜﺎﻝ.ﻭﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺳﻨﺨﱪ ﺑﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻴﻒ ﻧﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﳓﺪﺩ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﲔ ﻣﻦ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ :ﺃﻋﲏ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﻘﻨﻊ ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺃﻭ ﳉﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻭ ﻷَﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ ﰲ ﺃ ْﻣ ﹴﺮ ﻛﹸﻠﻲ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺃ ْﻣ ﹴﺮ ﺟﺰﺋﻲ.ﻭﻛﻼ ﻫﺬﻳﻦ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﻴﻨﹰﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﻐﲑﻩ ﰲ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺿﺮﺑﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﻛﺬﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻛﺬﺍ ﳌﻮﺿﻊ ﻛﺬﺍ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺷﺮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻜﻨﺠﺒﲔ ﻳﻨﻔﻊ ﻓﻼﻧﺎ ﻷَﻧﻪ ﳏﻤﻮﻡ.ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﻀﻤﲑ.ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﻛﺬﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﺍ ﻷَﻧﻪ ﻣﺜﻞ ﻛﺬﺍ ،ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﺸﺮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻜﻨﺠﺒﲔ ،ﻷَﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﺍﻧﺘﻔﻊ ﺑﻪ.ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﳌﺜﺎﻝ.
ﻭﺍﳌﻘﻨﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻠﻴﺲ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻷَﻥ ﺫﻟﻚ ﻏﲑ ﻣﺘﻨﺎﻩ ﻭﻏﲑ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﳍﺎ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺴﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﶈﻤﻮﺩﺓ ،ﺃﻋﲏ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟﺔ ،ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺒﻮﻻ ﻋﻨﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﳊﺎﺩﺛﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ ﻭﺍﳍﻮﻯ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺃﻭ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﻔﺘﺮﻕ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻳﺮﺗﺐ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻨﺘﺠﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺗﺮﺗﺐ ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻌﺘﺎﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﺒﻞ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﲞﻼﻑ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺴﺘﺮﻳﺒﻮﻥ ﺑﺎﻟﻼﺯﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،ﻭﻳﺮﻭﻥ ﺇﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻟﺰﻡ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺇﹺﻥ ﻳﺼﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ، ﻭﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﻔﻬﻤﻮﺍ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺰﻡ ﻋﻦ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺒﺎﻋﺪﻭﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺼﺮﺣﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺘﲔ ﲨﻴﻌﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﲟﻘﺪﻣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰒ ﻳﺮﺩﻓﻮﻬﻧﺎ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﻬﻧﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ :ﻫﺬﺍ ﻳﺪﻭﺭ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻓﻬﻮ ﻟﺺ ،ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ :ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺪﻭﺭ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻓﻬﻮ ﻟﺺ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻨﻊ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻴّﻦ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺸﲑ ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺑﺄﻣﺮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻻ ﳑﺘﻨﻊ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﺑﺎﳉﺰﺀِ ،ﱂ ﻳﺼﺮﺣﻮﺍ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻬﻧﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻟﺌﻼ ﻳﻔﻄﻦ ﻟﻜﺬﻬﺑﺎ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﳉﻴﺪﺓ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﹺﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﺃﺣﺪ ﺻﻨﻔﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺗﺘﺒﲔ ﻣﻘﺪﻣﺎﻬﺗﺎ ﲟﻘﺪﻣﺎﺕ ﺃﹸﺧﺮ ﲣﻠﻂ ﻬﺑﺎ ،ﻭﺇﹺﻻ ﱂ ﻳﺘﺒﲔ ﲪﺪﻫﺎ،ﻓﻘﺪ ﻳﻠﺤﻖ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺇﹺﻥ َﻳﻌْﺴﺮ ﺗﺄﹾﻟﻴﻒ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﳌﻜﺎﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭﻃﻮﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﲜﻤﻴﻌﻬﺎ ﻭﺗﺮﺗﺐ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎ ﺻﻨﺎﻋﻴﺎ.ﻭﺫﻟﻚ ﺷﻲﺀ ﻻ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺑﻞ ﳛﻤﻠﻮﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻼﻣﻪ ﺑﺴﻴﻄﺎ ﻏﲑ ﻣﺘﻜﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺻﻨﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﱴ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﻣﻘﻨﻊ، ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ،ﺃﻋﲏ ﰲ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻭﰲ ﺃﻧﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪ ،ﳏﻤﻮﺩ ﺃﻭ ﻏﲑ ﳏﻤﻮﺩ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺃﺧﺬ ﺍﻷَﺷﺒﺎﻩ ،ﻓﺎﺳﺘﻘﺼﻰ ﻓﺠﻌﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀِ ،ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻌﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﻜﺜﺮﺓ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﺈﹺﺫﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳋﻄﱯ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀُ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ.ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻣﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﲝﺎﻝ ﻏﲑ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺃﺧﺬﺕ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭ ﺍﻹﺳﺘﻘﺮﺍ ِﺀ.ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺑﺎﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺑﻴّﻦ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻋﺎﺩ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ﻗﻴﺎﺳﺎ.ﻭﺇﹺﺫ ﺍ ﺃﺧﺬﺕ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎ ،ﻋﺎﺩ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍ ُﺀ ﻣﺜﺎﻻ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺿﻤﲑﺍ.ﻭﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﻫﻲ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﲟﻘﺪﻣﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭﺟﻴﺰﺓ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻴﺰﺓ ،ﺃﻭ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻭﺣﺬﻑ ﻣﺎ ﺧﻔﻲ ﻣﻨﻬﺎ.ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﻥ ﳛﺬﻑ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ ،ﻷﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺧﱪ ﺑﺎﻟﻼﺯﻡ ﻭﺍﳌﻠﺰﻭﻡ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻣﺮﺗﲔ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻫﺰﺭﹰﺍ ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺃﻱ.ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻼ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﺎﳊﺪ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺇﹺﻻ ﻣﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﻻ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺇﹺﻻ ﺑﺸﺒﻴﻪ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺿﻤﲑﺍ ﺃﻱ ﳏﺬﻭﻓﺎ ﺇﹺﺣﺪﻯ ﻣﻘﺪﻣﺘﻴﻪ ،ﻭﻬﺑﺬﺍ ﲰﻲ ﺿﻤﲑﺍ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﹺﺣﺪﺍﳘﺎ ﻣﻀﻤﺮﺓ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﹲﺍﻹِﺳﺘﻘﺮﺍ ُﺀ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﲤﺜﻴﻼ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻗﻞ ،ﻭﺗﻜﻮﻥ ﳑﻜﻨﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ.ﻷَﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻔﺤﺺ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻱ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻤﺎ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺎﻝ ،ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ.ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻴّﻦ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺎﺭ
ﻬﺑﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻬﻧﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻣﻮﺭ ﻣﻔﻌﻮﻟﺔ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ.ﻭﻟﻴﺲ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﻔﻌﻮﻟﺔ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻻ ﳑﺘﻨﻌﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻋﻦ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻦ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﳑﻜﻨﺔ. ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﳏﻤﻮﺩﺓ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ.ﻭﺃﻋﲏ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﶈﻤﻮﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﺩﻻﺋﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﻜﺮ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﻭﺃﻥ ﻳُﺴﺎ َﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺴﻲﺀ.ﻭﺃﻋﲏ ﺑﺎﻟﺪﻻﺋﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﻲﺀ ﻟﺸﻲ ٍﺀ.ﻭﻫﺬﺍﻥ ﺍﻟﺼﻨﻔﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺗﻮﺟﺪﰲ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﶈﻤﻮﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ،ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ،ﻭﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻌﺾ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﰲ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﻜﻞ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ،ﻭﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﻜﻠﻪ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺗﺼﺪﻕ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﺗﺼﺪﻕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ. ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﺍﳌﺄﺧﻮﺫﺓ ﺣﺪﹰﺍ ﺃﻭﺳﻂ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻷَﺻﻐﺮ ﻭﺃﺧﺺ ﻣﻦ ﺍﻷَﻛﱪ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺧﺺ ﻣﻨﻬﻤﺎ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻷَﺻﻐﺮ ﻭﺃﺧﺺ ﻣﻦ ﺍﻷَﻛﱪ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺄﹾﺗﻠﻒ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷَﻭﻝ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﺑﺎﻷَﺷﺒﻪ.ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ :ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﳍﺎ ﻟﱭ ﻓﻬﻲ ﻗﺪ ﻭﻟﺪﺕ.ﻭﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ :ﻓﻼﻥ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﳚﻤﻊ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﻟﻴﺲ ﻗﺮﺑﻪ ﻋﺪﻭ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺼﻰ ﺍﳌﻠﻚ.ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ :ﻓﻼﻥ ﻗﺪ ﺗﻌﺐ ،ﻭﺍﳌﺘﻌﻮﺏ ﳏﻤﻮﻡ ،ﻓﻔﻼﻥ ﳏﻤﻮﻡ.ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﳌﺸﺒﻪ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺄﹾﺗﻠﻒ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺇﹺﻻ ﺃﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﻨﺘﺞ ﺇﹺﻻ ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺃﻱ.ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺳﻘﺮﺍﻁ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﻣﺘﻮﺍﺗﺮﺍ ،ﻭﺍﶈﻤﻮﻡ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﻣﺘﻮﺍﺗﺮﺍ ،ﻓﺴﻘﺮﺍﻁ ﳏﻤﻮﻡ.ﻓﻬﺎﺗﺎﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺘﺎﻥ ﺻﺎﺩﻗﺘﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺎﺫﺑﺔ ،ﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﻣﺘﻮﺍﺗﺮﺍ ﳌﻮﺿﻊ ﺇﹺﺣﻀﺎﺭﻩ.ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺧﺎﻓﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺭﺃﻭﺍ ﰲ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﻨﺘﺞ ﻛﺬﺑﺎ ،ﻇﻨﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻧﻄﻮﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺬﺏ ،ﻓﲑﻭﻣﻮﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺎﻧﺪﻭﺍ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ،ﻓﻴﻌﺴﺮ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﳌﻜﺎﻥ ﺻﺪﻗﻬﺎ ،ﻓﻴﺘ ﺤﲑﻭﻥ ﻟﺬﻟﻚ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﺧﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﻓﺘﻨﺘﺞ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻻ ﻛﻠﻴﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺗﺆﺧﺬ ﻧﺘﻴﺠﺘﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻛﻠﻴﺔ.ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﻛﺮﺓ ﺍﻟﻌﺎﱂ ،ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻓﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﻛﺮﺓ ﺍﻟﻌﺎﱂ.ﻭﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺍﳊﻜﻤﺎ ُﺀ ﻋﺪﻭﻝ ،ﻷﻥ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺣﻜﻴﻢ ﻭﻋﺪﻝ. ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﲣﺺ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷَﻭﻝ ﳜﺺ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ.ﻭﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺃﺧﺺ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ.ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﺍﻷَﻛﺜﺮﻳﺔ ﳜﺺ ﺍﻷَﺷﺒﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ﺧﺺ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﺸﺘﺒﻪ. ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﶈﻤﻮﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﺗﺒﲔ ﰲ ﺟﻨﺲ ﺟﻨﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﻴﺎﺱ ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﻴﺎﺱ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻓﻘﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﰲ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻣﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺎﻳﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺼﺎﺭ ﻓﻴﻪ ﻻ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﺎﺭ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﺰﺋﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺼﺎﺭ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀِ، ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺑﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎﻩ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮﺍ ِﺀ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﺁﺧﺮ ﻏﲑ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺋﻬﺎ؛ ﻭﻳﻮﺍﻓﻘﻪ ﰲ ﺃﻧﻪ
ﻳﺼﲑ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﱃ ﺟﺰﺋﻲ ﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻬﺎ ﰲ ﺃﻣﺮ ﻛﻠﻲ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﲨﻌﻨﺎ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍ ِﺀ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻧﺼﲑ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﰒ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻲ ﺁﺧﺮ ،ﻓﺈﹺﻧﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻗﺪ ﺻﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻲ ﺑﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﺜﺎﻝ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻧﺼﲑ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻲ ﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻬﻤﺎ ﰲ ﺃﻣﺮ ﻛﻠﻲ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻟﻠﺠﺰﺋﻲ ﺍﻷَﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺃ ْﻭ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ،ﻭﺇﹺﻻ ﱂ ﺗﺼﺢ ﺍﻟﻨﱡﻘﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻲ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻛﻠﻲ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﻟﻠﺠﺰﺋﻲ ﺍﻷَﻋﺮﻑ.ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀِ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻲ ﺑﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﳌﻠﻚ ،ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻃﻠﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﲨﻠﺔ ﺍﻟﻌﺴﺲ ،ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﰲ ﲨﻠﺔ ﻋﺪﻭﻙ ،ﻓﻼ ﺗﺒﺢ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﹺﻥ ﻳﻔﺘﻚ ﺑﺎﳌﻠﻚ ،ﻷﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻃﻠﺐ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻼﻥ ﺍﳌﻠﻚ ،ﻭﻓﻼﻧﺎ ﻣﻦ ﻓﻼﻥ ﺍﳌﻠﻚ ،ﻷَﻗﻮﺍﻡ ﻳﻌﺪﺩﻫﻢ ،ﻓﻔﺘﻜﻮﺍ ﲟﻠﻮﻛﻬﻢ.ﻓﹺﺈﻥﱠ ﻗﺎﺋ ﹶﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻲ ﺑﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﳊﺮﺱ ﳑﻦ ﻛﺎﻥ ﰲ ﲨﻠﺔ ﻋﺪﻭ ﺍﳌﻠﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﹺﻥ ﻳﻔﺘﻚ ﺑﻪ.ﺇﹺﻻ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺭﺗﺴﻢ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﻪ، ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻲ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ،ﻛﺎﻥ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﻞ ،ﻛﺎﻥ ﲤﺜﻴﻼ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺎﻝ ﳍﺎ ﻣﺜﺎﻻﺕ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻘﺪﺍﺭ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻓﺼﻮﻝ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﺎﻣﺾ ﻭﺧﻔﻲ ﻭﻫﻮ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﻐﻨﺎ ِﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻘﺼﺪﻩ ﻫﺎﻫﻨﺎ.ﻭﺳﺒﺐ ﻏﻤﻮﺿﻪ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ.ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ.ﻭﻫﺬﻩ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﱪﺍﻫﲔ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﰲ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﺄﹾﰐ ﻬﺑﺎ ﺟﺰﺀَﺍ ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﺃﰎ ﻓﻌﻼ ﻭﺃﻧﻔﺬ ﳑﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻌﺪ.ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ،ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳋﻄﺒﺎ ُﺀ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ.ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﺗﻌﺪﺩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻓﺼﻮﻝ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻻ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺆﺍﺗﺎﻩ ﻭﺗﺄﺗﻴﺎ ﻷَﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ.ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻗﻞ ﻋﻤﻮﻣﺎ، ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺮﻯ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺰﺀﺍﹰﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﳐﺼﻮﺻﺔ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺗﻮﺟﺪ ﺗﻌﻢ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻷَﻗﻞ ﻭﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﺕ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻝ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻟﻴﺲ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎ ،ﺑﻞ ﰲ ﲨﻴﻌﻬﺎ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻗﻮﻬﺗﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﻓﻬﻲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﺈﹺﺫﻥ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻻ ﻳﺆﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻴﺎﺱ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﳐﺼﻮﺻﺔ ،ﺇﹺﺫ ﻣﺎ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﻋﺎﻡ ﻷَﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺘﺌﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﳐﺼﻮﺻﺔ ﻬﺑﺎ .ﻟﻜﻦ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﱵ ﳓﻦ ﻋﺎﺯﻣﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻳﻘﻴﻨﻴﺔ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ
ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻳﻘﻴﻨﻴﺔ ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺧﻄﺒﻴﺔ.ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﻌﻤﻮﻟﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﻣﺎﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﲜﻨﺲ ﺟﻨﺲ ﻣﻦ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﻣﺎﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻸَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺩ ﺑﻌﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻝ.ﻓﻜﻤﺎ ﺇﹺﻥ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﻗﺴﻤﺖ ﺇﹺﱃ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻭﺃﻧﻮﺍﻉ ،ﻛﺬﻟﻚ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﺗﻘﺴﻢ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺇﹺﱃ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻭﺃﻧﻮﺍﻉ.ﻭﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ :ﻫﻲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ. ﻭﺍﳌﻮﺍﺿﻊ :ﻫﻲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺟﺰﺋﻴﺎﻬﺗﺎ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ.ﻓﻴﺠﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻭ ﹰﻻ ﰲ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ،ﰒ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ.ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻧﺒﺪﺃ ﺃﻭ ﹰﻻ ﻓﻨﺤﺪ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔﺍﳋﺎﺻﺔ ﻬﺑﺎ.ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺣﺪﺩﻧﺎﻫﺎ ،ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﰲ ﺗﻌﺪﻳﺪ ﺍﺳﻄﻘﺴﺎﻬﺗﺎ ﻭﻣﻘﺪﻣﺎﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺓ. ﻭﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍ َﻷﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﺛﻼﺛﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﺪﺩ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﺛﻼﺛﺔ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ :ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﳋﻄﻴﺐ؛ ﻭﻣﻦ ﻣﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ؛ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﺟﻪ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ.ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﳓﻮ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ.ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻨﺎﻇﺮ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺣﺎﻛﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ.ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ :ﺃﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ.ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ،ﻭ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﺮﺫﺍﺋﻞ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳉﻮﺭ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ.ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ،ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺼﺒﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﰲ ﻣﺪﻧﻨﺎ ﻫﺬﻩ ،ﻭﻫﻲ ﻣﺪﻥ ﺍﻹِﺳﻼﻡ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻨﺎﻇﺮ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﳌﻠﻜﺔ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ.ﻓﺈﹺﺫﻥ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻟﻠﺨﻄﱯ ﺛﻼﺛﺔ :ﻣﺸﻮﺭﻱ ﻭﻣﺸﺎﺟﺮﻱ ﻭﺗﺜﺒﻴﱵ.ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﺸﻮﺭﻱ :ﻓﻤﻨﻪ ﹺﺇﺫﹾﻥ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﻨﻊ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺸﲑ ﺇﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﲟﺎ ﳜﺼﻪ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﲟﺎ ﻳﻌﻤﻬﻢ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﺸﲑ ﺃﺑﺪﺍ ﺑﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺇﺫﻥ ﺃﻭ ﻣﻨﻊ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻱ ﻓﻬﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﺻﻨﻔﺎﻥ: ﺷﻜﺎﻳﺔ ﻭﺗﻨﺼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﱵ ﻓﻬﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﻣﺎ ﻣﺪﺡ ،ﻭﺇﻣﺎ ﺫﻡ.ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺎﺭ ﻬﺑﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺸﲑ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺑﺄﺷﻴﺎ ِﺀ ﻣﻌﺪﻭﻣﺔ.ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳌﺎﺿﻲ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﳕﺎ ﻳﺘﺸﻜﻰ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﻭﻗﻌﺖ.ﻭﺇﹺﻥ ﺗﺸﻜﻰ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺘﻜﻰ ﺑﻪ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﻠﻚ ﺷﻜﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻨﺎﻓﻊ ﰲ ﺫﻟﻚ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻌﺮﺽ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎِﺀ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻬﺎ.ﻓﻤﱴ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﰲ ﺷﻰﺀ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﲑﻩ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺑﺪﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻭﻗﻊ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺘﻴﺔ :ﻓﺈﹺﻥ ﺃ ْﻭﻟﹶﻰ ﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﻬﺑﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳊﺎﺿﺮ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻵﻥ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﳕﺎ ﳝﺪﺣﻮﻥ ﻭﻳﺬﻣﻮﻥ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺣﲔ ﺍﻟﺬﻡ ﰲ ﺍﳌﻤﺪﻭﺡ ﻭﺍﳌﺬﻣﻮﻡ.ﻭﺭﲟﺎ ﻣﺪﺡ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳊﻴﻠﺔ ﰲ ﺍﺳﺘﻜﺜﺎﺭ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﳌﻤﺪﻭﺡ ﺃﻭ ﻣﺬﺍﻣّﻪ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﻣﻨﻪ ،ﺃﻭ ﻳﺮﺟﻰ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻴﺨﻠﻄﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﳌﺪﺡ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻤﺪﻭﺡ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻓﻬﻲ ﺛﻼﺙ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ.ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺸﲑ ﻓﻐﺎﻳﺘﻪ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﲑ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﺄﹾﺫﻥ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻧﻔﻊ ،ﻭﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺎﺭ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺿﺮ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻱ ﻓﻐﺎﻳﺘﻪ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳉﻮﺭ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺜﺒﺖ ﻓﻐﺎﻳﺘﻪ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ.ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻏﺎﻳﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼْﺪ ﺍﻷَﻭﻝ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ.ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﳌﺸﲑ ﻗﺪ ﻳﻘﻨﻊ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﺟﻮﺭ ،ﻟﻴﺸﲑ ﺑﺎﻹِﺫﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻭﺑﺎﳌﻨﻊ ﻋﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳉﻮﺭ ﳌﺎ ﰲ ﺍﳉﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﻀﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻮﻗﻊ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪ
ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ ،ﺃﻋﲏ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭ. ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﲣﺺ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪﹰﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ،ﺃﻋﲏ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼْﺪ ﺍﻷَﻭﻝ ،ﻓﺎﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﻤﻴﺰﺓ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺇﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﳌﻌﻄﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ.ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍ َﻷﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﻗﻨﻊ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻵﺧﺮ ،ﺭﲟﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﻤﻨﺎﻇﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﺎﺳﺮﺓ ﻭﻣﺸﺎﻛﺴﺔ ،ﺑﻞ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﺀ ﻣﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﲣﺼﻪ.ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﳌﺪﻋﻲ ﺇﺫﺍ ﺍﺩﻋﻰ ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﺃﺧﺬ ﺍﳌﺎﻝ ﻣﻦ ﻓﻼﻥ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﺷﻚ ﺿﺮﺭ ﺑﻪ ،ﻓﺮﲟﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻪ ﺍﳋﺼﻢ ﺇﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﺍﳌﺎﻝ ﻣﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳉﻮﺭ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺸﲑ ﻗﺪ ﻳﺴﻠﻢ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺟﻮﺭ ،ﻭﻻ ﻳﺴﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺿﺎﺭٌ.ﻭﳌﻜﺎﻥ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺸﲑﻳﻦ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﲑﻭﺍ ﺑﺄﺷﻴﺎﺀ ﺿﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ ﻣﻦ ِﻗﺒَﻞ ﺃﻬﻧﺎ ﻋﺪﻝ ﺃﻭ ﺃﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﲜﻮﺭ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻘﺮﻭﻥ ﺑﺄﻬﻧﺎ ﺿﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺭﲟﺎ ﺃﺣﺘﺎﻟﻮﺍ ﰲ ﺩﻋﻮﻯ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ.ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺕ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ، ﻭﺃﻻ ﻳﻔﺮﻭﺍ ،ﻟﻜﻮْﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﺟﻮﺭﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﱴ ﻗﻬﺮ ﻗﻮﻣﹰﺎ ﻭﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﺭﲟﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﳌﺸﲑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻻ ﳝﺘﻌﻀﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﻷَﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺟﻮﺭﺍﹰ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺃﻭﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻏﲑ ﺿﺎﺭ ﳍﻢ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺎﺩﺡ ﻗﺪ ﻳﺴﻠﻢ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺿﺎﺭ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺪﻋﻰ ﺃﻧﻪ ﻓﻀﻴﻠﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﳜﻠﺺ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﳝﻮﺕ ﺑﺘﺨﻠﻴﺼﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ.ﻓﺎﳌﻮﺕ ﻳﺴﻠﻢ ﺍﳋﺼﻢ ﺃﻧﻪ ﺿﺎﺭ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻓﻀﻴﻠﺔ.ﻛﺬﻟﻚ ﺭﲟﺎ ﻣﺪﺡ ﺑﺎﻟﺮﺫﻳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﻬﻧﺎ ﻧﺎﻓﻌﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻘﺮ ﺃﻬﻧﺎ ﺭﺫﻳﻠﺔ.ﺑﻞ ﻳﺪﻋﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻣﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻬﺎ.ﻓﺈﹺﺫﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺎﺕ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﺻﺎﺣﺒﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺸﺎﻛﺲ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻳﺸﺎﻛﺲ ﻭ ﻻ ﺑﺪ ﰲ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻏﺎﻳﺔ ﺻﺎﺣﺒﺘﻬﺎ ﻓﻌﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻓﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻧﻪ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ،ﻭﻣﻘﺪﻣﺎﻬﺗﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻔﻨﺎ: ﺍﶈﻤﻮﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ.ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻗﻴﺎﺳﹰﺎ ﻳﺄﹾﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎ.ﻭﻷَﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﲑ ﺑﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﺃﻭ ﹰﻻ ﺃﻧﻪ ﳑﻜﻦ ،ﻷَﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻐﲑ ﳑﻜﻨﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﺎﻉ ﺇﹺﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﻻ ﰲ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﻻ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﺍﳉﻨﺴﲔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﲔ ﻣﻦ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻧﺒﲔ ﺃﻭﻻ ﺇﹺﻥ ﺍ َﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻭﻗﻊ ،ﺃﻋﲏ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﱵ ﻭﺍﳉﻨﺲ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻱ.ﻓﺈﹺﺫﻥ ﻻ ﺑﺪ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻳﻘﻨﻊ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﳑﻜﻦ ﺃﻭ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ،ﻭﰲ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ ،ﺳﻮﻯ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺒﲔ ﻬﺑﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ.ﰒ ﺃﻳْﻀﺎ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳋﻄﺒﺎ ُﺀ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺘﺼﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻭﺍﻹِﺫﻥ ﻭﺍﳌﻨﻊ ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻹِﻋﺘﺬﺍﺭ ،ﺑﻞ ﻳﺘﻜﻠﻔﻮﻥ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﻥ ﻳﺜﺒﺘﻮﺍ ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﲑ ﺃﻭ ﺷﺮ -ﻋﻈﻴﻢ ﺃﻭ ﺻﻐﲑ ،ﺷﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﺧﺴﻴﺲ ،ﻭﻻﺋﻖ ﺃﻭ ﻏﲑ ﻻﺋﻖ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻃﻼﻕ ﻭﺇﹺﻣﺎﺑﺎﳌﻘﺎﻳﺴﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺃﺷﺮﻑ ،ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻀﺪ ،ﻓﻤﻌﻠﻠﻮﻡ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻄﺒﺎ ِﺀ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﻥ ﺍﳋﲑ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﺃ ْﻭ ﺻﻐﲑ ،ﻭ ﺧﺴﻴﺲ ﺃ ْﻭ ﺷﺮﻳﻒ ،ﻭﻻﺋﻖ ﺑﺎﳌﻨﺴﻮﺏ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﻭ ﻏﲑ ﻻﺋﻖ.ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﲨﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﻧﺒﺘﺪﺉ ﺑﺘﻌﺪﻳﺪ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﻏﺮﺿﺎ ﻏﺮﺿﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﳒﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻭﻻ ﰲ ﺗﻌﺪﻳﺪ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ،ﰒ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺘﻴﺔ ،ﰒ ﺛﺎﻟﺜﺎ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ. ﻓﺄﻭﻝ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺎﺭ ﻬﺑﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺎﺭ ﺑﻪ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﰲ ﻛﻞ ﺧﲑ ،ﻟﻜﻦ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﺘﲏ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻭ ﺇﹺﻥ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ.ﻓﺄﻣﺎ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﺃﻭ ﻻ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ،
ﻓﻠﻴﺲ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺸﻮﺭﺓ.ﻭﻻ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺧﲑﺍﺕ ﳑﻜﻨﺔ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﺑﻞ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﻟﻴﻨﺎ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻭ ﺇﹺﻥ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺍﻟﱵ ﺑﺪ ُﺀ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻹِﺭﺍﺩﺓ.ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺃﻭ ﻻ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﺮﻭﻳﺘﻨﺎ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ.ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﻭﺃﻗﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﺸﺎﺭ ﻬﺑﺎ ،ﺇﹺﻻ ﺣﻴﺚ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻵﺧﺮ.ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻥ ﺍﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺃﻭ ﹰﻻ ﻫﻞ ﺍ َﻷ ْﻣﺮُ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﹺﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﳑﻜﻦ ﺃﻭ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ،ﰒ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﳑﻜﻨﺎﹰ ،ﺑﺄﻱ ﺷﻲ ٍﺀ ﳝﻜﻦ ﻭﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ.ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺗﺒﲔ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ،ﺷﺮﻉ ﰲ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻓﻴﻪ.ﻭﺇﹺﻥ ﺗﺒﲔ ﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ،ﺧﻼ ﻋﻨﻪ.ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻧﺸﲑ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺮﻭﻯ.ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﱪ ﺑﻪ ﻭﰲ ﺃﻱ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﺒﺪﺃ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻣﻨﺎ ،ﻻ ﺍﻷُﻣﺮ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﺇﹺﻟﻴﻨﺎ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ.ﻭﺇﹺﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺑﲔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﻋﺪﺩ ﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﻬﺎ ﺇﹺﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﻥ ﺗﺒﻠﻐﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺷﺄﹾﻥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻭﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺻﺪﻕ ﻭﺃﺻﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻫﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻧﺘﻜﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍ َﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﳍﺎ ،ﺑﻞ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻨﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﰲ ﺃﺟﺰﺍ ِﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻫﻮ ﺣﻖ، ﺃﻋﲏ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻭﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻭﺃﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ.ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺻﻨﺎﺋﻊ ﻛﺜﲑﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﱴ ﺃﺧﺬ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﺑﺎﳉﻬﺔ ﻭﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﻣﺘﻌﺎﻭﻧﺔ ﻭﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﻏﺮﺽ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﻃﺮﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﲣﺘﻠﻒ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻣﻐﻨﻴﺔ ﰲ ﻏﺮﺽ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻣﻌﺪﺓ ﳓﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﻘﺼﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﻭﻋﻠﻤﻬﺎ.ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻫﻮ ﺳﺎﺑﻖ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷُﻭﱃ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ،ﻻ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﻣﺜﻸﻬﻧﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻹِﻃﻼﻕ ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺑﻄﺒﺎﻋﻬﻢ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ.ﻓﻬﻲ ﺇﹺﳕﺎ ﲣﺎﻟﻒ ﻫﺬﻩ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮ.ﻭﻗﺪ ﲣﺎﻟﻒ ﺃﻳﻀﺎ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻬﻧﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﰲ ﺳﺎﺑﻖ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﻭﺗﺪﻉ ﺗﻘﺼﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ. ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﲑ ﻬﺑﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﲑ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﻢ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺸﲑ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺃﻭ ﲨﺎﻋﺔ.ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﳌﺪﻥ ﻓﻬﻲ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﲬﺴﺔ: ﺃﺣﺪﻫﺎ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻌﺪﺓ ﺍﳌﺪﺧﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﻮﺍﻝ ﺑﻠﻠﻤﺪﻳﻨﺔ.ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻢ.ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﲝﻔﻆ ﺍﻟﺜﻐﺮ ﳑﺎ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ.ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﲟﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﳜﺮﺝ ﻋﻨﻪ.ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﺴﻨﻦ. ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺸﲑ ﺑﺎﻟﻌﺪﺓ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻣﻮﺭ :ﺍﺣﺪﻫﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻏﻼﺕ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ،ﺃﻋﲏ ﻫﻞ ﻫﻲ ﻧﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﺣﻴﻮﺍﻥ ﺃﻭ ﻣﻌﺪﻥ ﺃﻭ ﲨﻴﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﻭ ﺍﺛﻨﺎﻥ ،ﻛﻴﻤﺎ ﺇﹺﻥ ﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻌﺪﺓ ﺷﻲﺀ ﺃﺷﺎﺭ ﺑﺎﻟﺰﻳﺎﺩﺓ.ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻧﻔﻘﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻛﻠﻬﺎ.ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ.ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﻄﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪﻩ ،ﺃﻭ ﻋﺎﻃﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻟﻪ ،ﺃﺷﺎﺭ ﺑﺘﻨﺤﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪ.ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﻨﻔﻘﺎﺕ ﰲ ﻏﲑ
ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﺷﺎﺭ ﺑﺄﺧﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ ﻣﻨﻪ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﲎ ﺑﺎﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ،ﺑﻞ ﻭﺑﺎﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ :ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻌﻴﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻳﻦ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻳﻘﻒ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﻪ ﰲ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ.ﻭﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﻋﻨﺪ ﺍ ِﻹﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻼﺣﺎ ،ﻭﻻ ﰲ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺍﻋﻴﺎ، ﻟﻜﻦ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﻟﻜﻦ ﳛﺘﺎﺝ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﳌﺎ ﺑﺎﻟﺴﲑ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻭﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﺸﲑ ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻗﻮﺓ ﻣﻦ ﳛﺎﺭﺏ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻝ ﺑﺎﶈﺎﺭﺑﺔ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻳﺴﲑ ﺃﻭ ﻋﻈﻴﻢ ،ﻭﺣﺎﻝ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﻭﺛﺎﻗﺘﻬﺎ ﻭﺣﺼﺎﻧﺘﻬﺎ ،ﻭﺿﻌﻒ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﻗﻮﻬﺗﻢ ،ﻭﰲ ﺻﻐﺮ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﻋﻈﻤﻬﺎ ،ﺃﻋﲏ ﻫﻞ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﻢ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﶈﺎﺭﺑﺔ ﺃﻡ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻘﺪﺍﺭ ،ﻭﻫﻞ ﻫﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻦ ﲤﻜﻨﻬﻢ ﺍﶈﺎﺭﺑﺔ ﺃﻡ ﻟﻴﺲ ﻫﻢ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻟﻴﺼﻒ ﳍﻢ ﻛﻴﻒ ﳛﺎﺭﺑﻮﻥ ﺇﹺﻥ ﺃﺷﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﳊﺮﺏ ﻭﻳﻬﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻣﺮ ﺍﳊﺮﺏ ،ﺃﻭ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﲟﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﻣﻦ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﺇﹺﻥ ﺃﺷﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺘﺮﻙ ﺍﳊﺮﺏ.ﻭﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻟﻴﺲ ﺣﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﰲ ﲣﻮﻣﻪ ﻭﺛﻐﺮﻩ ،ﺃﻋﲏ ﻛﻴﻒ ﺣﺎﳍﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻭﺣﺎﳍﻢ ﻣﻊ ﻋﺪﻭﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺑﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻨﻪ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﳊﺮﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻢ.ﻭﳛﺘﺎﺝ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﺍﳉﺎﺋﺮﺓ ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺣﺎﻝ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺩ ﻫﻞ ﻫﻢ ﻣﺘﺸﺎﻬﺑﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺮﺃﹾﻯ ﻭﺇﹺﺟﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﻓﻮﺽ ﺇﹺﱃ ﺻﻨﻒ ﺻﻨﻒ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲜﺰﺀ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﳊﺮﺏ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺘﺸﺎﻬﺑﲔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺭﲟﺎ ﻛﺜﺮﻭﺍ ﻭﺗﻨﺎﺳﻠﻮﺍ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺃﻭ ﻟﻠﺠﺰ ِﺀ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻮﺽ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ.ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﻇﺮﺍ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻓﻀﺖ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﳏﺎﺭﺑﺘﻬﻢ ﺑﻞ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺃﻓﻀﺖ ﹺﺇﻟﻴﻪ ﺣﺮﻭﺏ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ﺍﳌﺸﺎﻬﺑﲔ ﳍﻢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﳛﻜﻢ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻓﻀﺖ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﲝﺮﻬﺑﻢ ﺇﱃ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﺎﻟﺴﻠﻢ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻓﻀﺖ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﺎﳊﺮﺏ. ﻭﺃﻣﺎ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﳌﺸﲑ ﺑﺎﳊﻔﻆ ،ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ،ﻛﻴﻒ ﲢﻔﻆ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻭﻣﺎﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﳊﻔﻆ ﺍﶈﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﻃﺎﺭﺉ، ﻭﻛﻢ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﳊﻔﻆ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺍﺿ َﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﺍﳌﺴﺎﱀ.ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻔﻈﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻗﻠﻴﻼ ،ﺯﺍﺩ ﻓﻴﻬﻢ.ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﺤﻔﻆ ،ﳓﺎﻩ ،ﳑﻦ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺼﺪ ﻗﺼﺪ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﻋﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ، ﺑﻞ ﻳﻘﺼﺪ ﻗﺼﺪ ﻧﻔﺴﻪ.ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺇﹺﻥ ﳛﻔﻆ ﺃﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﳋﻔﻴﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﲝﻔﻈﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ.ﻓﻤﻦ ﻋﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﳝﻜﻨﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﺎﳊﻔﻆ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺒﲑﺍ ﺑﺎﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﲑ ﲝﻔﻈﻬﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻘﻮﺕ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﺎﺟﻬﺎ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﳌﺸﲑ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ،ﻭﻛﻢ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻛﻢ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻞ ﺃﺩﺧﻞ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﺃﺣﺮﺯ ﺃﻡ ﱂ ﻳﺪﺧﻞ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﲣﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻋﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ.ﻭﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺼﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ،ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﺸﻮﺭﺗﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻬﺪ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺫﻟﻚ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺇﹺﻥ ﳛﻔﻆ ﺃﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ ﻷَﻣﺮﻳﻦ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﳌﻜﺎﻥ ﺫﻭﻱ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ.ﻭﺍﳊﺎﻓﻆ ﻟﻠﻤﺪﻥ ﳛﺘﺎﺝ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﲜﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﻔﻈﻪ ﳍﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﻬﺑﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻴﺴﲑ ﰲ ﺃﻣﺮ ﺍﳌﺪﻥ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺪﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﻠﻢ ﻭﻳﻠﺘﺌﻢ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻢ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺃﻱ ﺳُﻨﺔ ﺗﻨﻔﻊ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻭﺃﻱ ﺳُﻨﺔ ﻻ ﺗﻨﻔﻊ ﻭﺃﻱ ﻧﺎﺱ ﺗﺼﻠﺢ ﻬﺑﻢ ﺳُﻨﺔ ﺳُﻨﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻭﺃﻱ ﻧﺎﺱ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻬﺑﻢ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﳜﺎﻑ ﺇﹺﻥ
ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺿﺪﺍﺩ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ.ﻓﺈﹺﻥ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﺪﻥ ،ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ،ﻗﺪ ﺗﻔﺴﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻔﺮﻃﺔ ﺍﻟﻀﻐﻒ ﻭﺍﻟﻠﲔ ﺃﻭ ﻣﻔﺮﻃﺔ ﺍ ﻟﺸﺪﺓ ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺭﺃﹾﻱ ﺃﻭ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺃﻭ ﰲ ﻓﻌﻞ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﺃﻬﻧﺎ
ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﹺﻯ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﳋﺴﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺃﻭ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﳌﺎﻝ.ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﻇﺎﻫﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﺘﻨﺎ ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺆﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳊﺮﻳﺔ ،ﺇﹺﱃ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷَﺧﺴﺎﺀ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﺳﺘﺮﺧﺎ ِﺀ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﻟﻴﻨﻬﺎ، ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ،ﺑﻞ ﻭﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻹِﻓﺮﺍﻁ.ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﻓﺮﻃﺖ ﺑﻄﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺒﻄﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﺘﻘﺼﲑ.ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻔﻄﺲ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﻓﺮﻁ ﻭﺗﻔﺎﻗﻢ ،ﻛﺎﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻧﻒ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﻣﻔﺮﻁ ،ﻗﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳛﺘﺎﺝ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺎﻧﺘﻔﻌﻮﺍ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﻭﰲ ﺃﻣﺔ ﺃﻣﺔ ﻟﻴﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺼﻪ ﻭﺍﻷُﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﲣﺼﻪ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺘﺒﲔ ﺇﹺﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺑﺄﻣﺰﺟﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ﻭﻋﺎﺩﺍﻬﺗﻢ ﳑﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ.ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻦ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻷُﻣﻢ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻟﻄﺒﺎﺋﻊ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﻥ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﺃﻋﲏ ﻣﻦ ﺍﻷَﻋﺪﺍﺀِ ،ﻓﺄﻣﺮ ﻇﺎﻫﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺍﻷَﻭﺟﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻷَﻋﺪﺍﺀِ ،ﻭﺍﻷَﻭﺟﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺤﺮﺯ ﻬﺑﺎ ﻣﻨﻬﻢ.ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﲑ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﻷَﻋﺪﺍ ِﺀ.ﻭﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﺍﺿﻌﻬﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻻ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﺸﲑ ﺍﳌﺸﲑﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻥ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺸﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.ﻭﳓﻦ ﻗﺎﺋﻠﻮﻥ ﺍﻵﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﺫﻥ ﻭﺍﳌﻨﻊ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻣﺒﺘﺪﺅﻥ ﺃﻭﻻ ﺑﺎﻹِﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻳﺸﲑ ﺍﳌﺸﲑﻭﻥ ﻓﻴﺄﺫﻧﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﳝﻨﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺿﺪﺍﺩﻫﺎ.ﻭﻳﺸﺒﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﻣﺎ ﻭﺗﺸﻮﻕ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻠﺨﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻟﻜﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻳﺸﲑ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﲑ ﻓﻴﺨﺘﺎﺭﻭﻧﻪ ﻭﻳﺄﺛﺮﻭﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ ،ﺃﻭ ﺇﹺﺫﺍ ﺳﺌﻞ ﻋﻨﻪ ﺃﺟﺎﺏ ﻓﻴﻪ ﲜﻮﺍﺏ ﻣﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻓﻘﻂ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺳﺌﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﲰﻪ ،ﺃﺟﺎﺏ ﻓﻴﻪ ﲜﻮﺍﺏ ﻏﲑ ﺍﳉﻮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻴﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻵﺧﺮ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺆﺛﺮﻩ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﳌﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ.ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳋﲑ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻫﻮ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﺃﺟﺰﺍ ُﺀ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﻧﻔﻀﻞ ﺃﻭ ﹰﻻ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﻘﻮﻝ ﻋﺎﻡ ،ﰒ ﻧﻔﺼﻞ ﺃﺟﺰﺍﺀﻩ ﻭﳔﱪ ﻋﻦ ﺃﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ﻭﻋﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹِﺫﻥ ﻭﺍﳌﻨﻊ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻷَﻧﻔﻊ ﻓﻴﻪ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﺍﻷَﺿﺮ ﻓﻴﻪ.ﻓﺈﹺﻥ ﻬﺑﺬﺍ ﻳﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﺘﺌﻢ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻣﻊ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻠﻤﻮﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﳚﺮﻱ ﳎﺮﻯ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﻬﻧﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺗﻔﺨﻴﻤﻪ ،ﻭﻳﺼﻐﺮ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﻬﺗﻮﻳﻨﻪ ،ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺇﹺﻥ ﻻ ﻳﺄﹾﺫﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺴﺪ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻮﻕ ﻋﻦ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺃﻭ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺇﹺﱃ ﺿﺪﻩ ،ﻭﱂ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺃﻭ ﻳﺼﻐﺮ ،ﻭﻻ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﺧﺘﻼﻝ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺃﻭ ﺗﻌﻮﻗﻪ ﺃﻭ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺇﹺﱃ ﺿﺪﻩ.
ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﻣﺎ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻫﻮ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﻃﻮ ﹴﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺔ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻊ ﲢﺼﻴﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳊﺎﻓﻈﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﳍﺎ.ﻭﻗﺪ ﻳﺸﻬﺪ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺭﺳﻢ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﺇﹺﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺮﻭﻥ ﺇﹺﻥ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺃﻭ ﺷﻲﺀ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ،ﻓﺄﺟﺰﺍﺅﻩ ﻫﻲ ﻛﺮﻡ ﺍﳊﺴﺐ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﻭﺍﻷَﻭﻻﺩ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ،ﻭﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﳉﺴﺪ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﺍﳉﻠﺪ ﻭﺍﳉﺰﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺒﻄﺶ ﻭﺍﺠﻤﻟﺪ ﻭﺍﳉﻼﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻭﺃﺟﺰﺍﺅﻫﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺎﻑ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﱪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻫﻜﺬﺍ ﺃﺣﺮﻯ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻮﻓﻮﺭﺍ ﻣﻜﻔﻴﺎ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻭﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﳉﺴﺪﺍﻧﻴﺔ.ﻭﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻫﻲ ﺍﳊﺴﺐ ﻭﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﻭﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ.ﻭﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻳُﻌَﺪ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﻧﻔﻮﺫ ﺍ َﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻭﺍﻻﺗﻔﺎﻗﺎﺕ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺴﻤﺎﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺳﻌﺎﺩﺓ.ﻓﺈﹺﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳌﺮﺀ ﰲ ﺳﲑﺗﻪ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻨﻘﺼﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻭﻻ ﻳﺸﻮﺏ ﺧﲑﻩ ﺷﻲﺀ ﻣﻀﺎﺩ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻴﺠﺐ ﺇﹺﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻣﺎ ﻫﻮ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ.ﻓﺄﻣﺎ ﺍﳊﺴﺐ ﻓﻬﻮ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻧﺰﻝ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻗﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺣﻜﺎﻣﺎ ﺃﻭ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺫﻭﻱ ﺫﻛﺮ ﲨﻴﻞ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﻋﺪﺩ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﺣﺮﺍﺭﺍ ﱂ ﳚﺰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳِﺒﺎﺀ ،ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﳑﻦ ﻧﺎﻝ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﺍﳌﻐﺒﻮﻃﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺣﻜﺎﻣﺎ ﻭﻻ ﺭﺅﺳﺎﺀ.ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﳊﺴﺐ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻓﻘﻂ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀِ ،ﻓﺎﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﰎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ.ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﰲ ﺃﻣﺔ ﺃﻣﺔ.ﻭﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﳊﺴﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎ ُﺀ ﻭﺍﻷَﺣﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺷﻬﺮﻭﺍ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﻜﺮﻣﺎﺕ ﱂ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻫﻮ ،ﺑﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ ﺃﺑﺪﹰﺍ ﺃﺷﻴﺎﺥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﳜﻠﻔﻬﻢ ﻏﻠﻤﺎﻥ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳋﺼﺎﻝ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﻢ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺣﺴﻴﺒﺎ.ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻬﻮ ﺣﺴﻴﺐ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﻓﻴﻤﻦ ﻭﻟﺪ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﺎﻷَﻭﻻﺩ ﻭﻛﺜﺮﻬﺗﻢ ﻓﻬﻮ ﳑﺎ ﻻ ﺧﻔﺎﺀ ﺑﻪ.ﻭﺣﺴﻨﺎﳊﺎﻝ ﺑﺎﻷَﻭﻻﺩ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻫﻮ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﻭﺻﻼﺣﻬﻢ ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﳉﺴﺪ ﻭﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ .ﺃﻣﺎ ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﳉﺴﺪ ﻓﺒﺄﺭﺑﻊ :ﺇﹺﺣﺪﺍﻫﺎ ﺍﳉﺰﺍﻟﺔ ﻭﻫﻲ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﺧﻠﻘﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻳﻔﻮﻗﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﳉﻤﺎﻝ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻟﺸﺪﺓ ،ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺍﻟﺒﻄﺶ.ﻓﺒﻬﺬﻩ ﺍﻷَﺭﺑﻊ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺻﺎﳊﲔ ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺃﺟﺴﺎﻣﻬﻢ.ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻴﻜﻮﻧﻮﻥ ﺻﺎﳊﲔ ﺑﺎﺛﻨﺘﲔ :ﺑﺎﻟﻌﻔﺎﻑ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ.ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﺻﻼﺡ ﺣﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻜﺜﺮﺓ ﺍﻷَﻭﻻﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﻭﺍﻹِﻧﺎﺙ.ﻭﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﺎﻹِﻧﺎﺙ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻔﻀﻴﻠﺘﲔ ﰲ ﺍﳉﺴﺪ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ .ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﺴﺪ ﻓﺎﺛﻨﺘﺎﻥ :ﺍﻟﻌﺒﺎﻟﺔ ﻭﻫﻮ ﻋﻈﻢ ﺍﻷَﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻻ ﺍﻟﻠﻮﻥ، ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ.ﻭﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﺜﻼﺙ :ﺍﻟﻌﻔﺎﻑ ﻭﺣﺐ ﺍﻷُﻟﻔﺔ ﻭﺣﺐ ﺍﻟﻜﺪ.ﻓﺈﹺﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻳﻜﻤﻞ ﺍﳌﻨﺰﻝ.ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻗﻠﻨﺎ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺇﹺﻥ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻛﻠﻬﻦ ﺍﻟﻼﰐ ﻣﻦ ﻧﺴﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻛﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﻭﰲ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﺧﺎﺻﺔ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺑﻪ ﺃﻟﺼﻖ. ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻫﻞ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﰲ ﺍﻷُﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﺃﻋﲏ ﰲ ﺃﻭﻻﺩﻫﻢ ،ﺃﻡ ﻟﻴﺲ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ.ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﻳﺮﺑﻮﻥ ﺃﻭﻻﺩﻫﻢ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﻭﺍﻹِﻧﺎﺙ ﺑﺎﻟﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺴﻤﻦ.ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺇﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻓﺎﻬﺗﻢ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﺎﻷَﺑﻨﺎ ِﺀ. ﻓﺄﻣﺎ ﺃﺟﺰﺍ ُﺀ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻧﺎﻧﲑ ﻭﺍﻷﺭﺿﲔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺭ ﻭﺍﻷَﺛﺎﺙ ﻭﺍﻷَﻣﺘﻌﺔ ﻭﺍﳌﻮﺍﺷﻲ ﻭﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻭﺍﳉﻨﺲ ،ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﰲ ﺣﻔﻆ ﻭﻣﻊ ﺣﺮﻳﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﻤﺘﻌﺎ ،ﺃﻱ ﻣﻠﺘﺬﺍ ،ﻻ ﺣﺎﻓﻈﺎ ﳍﺎ ﻓﻘﻂ ﺃﻭ ﻣﻨﻤﻴﺎ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻪ ﺍﻷَﺷﺠﺎﺭ ﺍﳌﺜﻤﺮﺓ ﻭﺍﻟﻐﻼﺕ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀٍ ،ﻭﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻫﻮ ﻣﺎ ﳚﲎ ﺑﻐﲑ ﺗﻌﺐ ﻭﻻ ﻧﻔﻘﺔ.ﻭﺣﺪ ﺍﳊﻔﻆ ﻭﺍﻹِﺣﺮﺍﺯ ﻟﻠﻤﺎﻝ ﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻌﺬﺭ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻬﺑﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺭﺿﺎ ﺃﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺨﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﺮﺳﹰﺎ ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﲨﻮﺣﹰﺎ. ﻭﺣﺪ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﺑﺎﻹِﻋﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻴﻊ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍ ِﺀ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻨﻌﻢ ﺑﺎﳌﺎﻝ ﻓﻬﻮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻠﺬﺫ ﺑﻪ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﺷﺘﺮﻁ ﰲ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻷﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﲎ ﰲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﳌﺎﻝ ﺃﺣﺮﻯ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻗﺘﻨﺎﺋﻪ.ﻷَﻥ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﺀ ﻫﻮ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟﻐﲎ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻐﲎ ﺑﻌﻴﻨﻪ. ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻨﻪ ﺍﻟﻜﻞ ﻓﺎﺿﻼ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﺘﲏ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻷًﻛﺜﺮ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻷَﺧﺒﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻟ ﹶﻜﻴْﺲ ﻭﺍﻟﻔﻄﻨﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﻟﻠﻤﻌﺘﲏ ﲝﺴﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ.ﻭ ﺇﹺﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﳊﺴﻨﺔ ﻬﺑﻢ ﻫﻲ ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳊﻖ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﺗﻜﺎﻓﺌﻬﺎ ﺍﻟﺪﻧﺎﻧﲑ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﻫﻢ.ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻜﺮﻡ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﳊﺴﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﳊﺴﻨﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻔﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻡ.ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺘﺨﻠﻴﺼﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻬﺑﲔ ،ﺃﻭ ﺇﹺﻓﺎﺩﻬﺗﻢ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﺇﹺﻓﺎﺩﻬﺗﺎ ﺑﺎﻟﺴﻬﻞ.ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﲎ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ.ﻭﻗﺪ ﻳﻜﺮﻡ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺧﲑﺍﺕ ﻳﺴﲑﺓ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺜﲑﺓ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﹺﺇﱃ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ.ﻓﻜﺄﻥ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ،ﺃﻱ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻷﺷﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺜﲑﺓ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﻭ ﺍﳊﺎﻝ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻷُﻣﻢ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ.ﻓﺎﳉﺎﺻﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺑﲔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﺮﻣﻮﺍ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺮﺍﺗﺐ ﰲ ﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ ﻭﺍﳌﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﱃ ﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﳐﺎﻟﻔﺘﻪ ﻭﺍﳍﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳍﺪﻳﺔ ﲨﻌﺖ ﺃﻣﺮﻳﻦ :ﺑﺬﻝ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﳚﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎ ﺱ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺻﻨﺎﻑ :ﺇﹺﻣﺎ ﺻﻨﻒ ﳛﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺻﻨﻒ ﳛﺐ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺻﻨﻒ ﲨﻊ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ.ﻭﺍﳍﺪﻳﺔ ﻗﺪ ﲨﻌﺖ ﻣﺘﺸﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﳉﺴﺪ ﻓﺎﻟﺼﺤﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﺮﻳﲔ ﻣﻦ ﺍﻷَﺳﻘﺎﻡ ﺃﻟﺒﺘﺔ ﻭﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﺍ ﺃﺑﺪﺍﻬﻧﻢ ،ﻷَﻥ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺻﺤﺘﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﺗﻐﺒﻂ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺼ ﺤﺔ ،ﺃﻱ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻝ ﻬﺑﺎ ﻭﻫﻮ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳊﺴﻦ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳐﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﺳﻨﺎﻥ.ﻓﺤﺴﻦ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﻭﲨﺎﳍﻢ ﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺑﺪﺍﻬﻧﻢ ﻭﺧﻠﻘﻬﻢ ﻬﺑﻴﺌﺔ ﻳﻌﺴﺮ ﻬﺑﺎ ﻗﺒﻮﳍﻢ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﻱ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻏﲑ ﳏﺘﻤﻠﲔ ﻟ ﻸَﺫﻯ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮ ﻧﻮﺍ ﲝﻴﺚ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺇﹺﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﺮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻣﻬﻴﺌﻮﻥ ﳓﻮ ﺍﳋﻤﺲ ﺍﳌﺰﺍﻭﻻﺕ ﻭﺍﻟﻠﻌﺒﺎﺕ ﺣﺴﺎﻧﺎ ﺟﺪﺍ.ﻭﻧﻌﲏ ﺑﺎﳋﻤﺲ ﺍﳌﺰﺍﻭﻻﺕ ﻭﺍﻟﻠﻌﺒﺎﺕ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮﻥ ﻳﺮﻭﺿﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺻﺒﻴﺎﻬﻧﻢ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﺍﻟﺮﻛﻮﺏ ﻭﺍﳌﺜﺎﻗﻔﺔ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﳌﻼﻛﺰﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺮﻭﻥ ﻓﻴﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻬﻴﺌﺎ ﳓﻮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﺃﻧﻪ ﲨﻴﻞ ﻷَﻧﻪ ﻣﻬﻴﺄ ﻬﺑﺎ ﳓﻮ ﺍﳋﻔﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺷﺐ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻟﺬﻳﺬﻱ ﺍﳌﻨﻈﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ،ﻭﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻌﺪﻳﻦ ﻬﺑﺎ ﳓﻮ ﺍﳊﺮﺏ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻓﺠﻤﺎﳍﻢ ﻫﻮ ﺃﺳﺘﻠﺬﺍﺫ ﺃﻓﻌﺎﳍﻢ ﰲ ﺍﻷَﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺟﺪ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻳﺮﺍﺽ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻌﺒﺎﺕ ﺍﳋﻤﺲ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳊﺮﻭﺏ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺮﻭﻥ ﻏﲑ ﺫﻭﻱ ﺃﺣﺰﺍﻥ ﻭﻻ ﻏﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﳊﺰﻥ ﻭﺍﻟﻐﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻇﻬﺮ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ﻇﻦ ﺑﻪ ﺇﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﺎﺭﺉ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﳑﺎ ﻳﻀﺮ ﰲ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺃﻭ ﺍﳍﻮﺍﻥ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﻄﺶ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﻮﺓ ﳛﺮﻙ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻬﺑﺎ ﻏﲑﻩ ﻛﻴﻒ ﺷﺎ َﺀ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺟﺬﺏ ﻏﲑﻩ ﺃﻭ ﺩﻓﻌﻪ ﺃﻭ ﺃﺷﺎﻟﻪ ﺃﻭ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﻭ ﺿﻐﻄﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﺪﻯ ﻟﻪ ﺃﻭ ﺑﺄﻛﺜﺮﻫﻢ ،ﻓﻬﻮ ﺫﻭ ﺑﻄﺶ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﻓﻬﻮ ﺇﹺﻥ ﻳﻔﻮﺕ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﳚﺎﻭﺯﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﺮﺽ ﻭﺍﻟﻌﻤﻖ ،ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺿﺨﺎﻣﺘﻪ ﺣﺮﻛﺎﺗُﻪ ﻏﲑ ﻣﺘﻜﻠﻔﺔ ﳉﻮﺩﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ.ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺿﺨﺎﻣﺘﻪ ﻟﻴﺲ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﲰﻨﺎ ﻭﻻ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﺍﳉﻬﺎﺩﻳﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﻭﺍﳉﻠﺪ ﻭﺍﳋﻔﺔ.ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﻧﺖ ﺍﳋﻔﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺃﻣﻜﻦ ﺇﹺﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ ﺃﻣﺪﹰﺍ ﺑﻌﻴﺪﺍ؛ ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻔﻴﻔﺎ ﺩﻭﻥ ﺟﻠﺪ ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ ﺃﻣﺪﺍ ﺑﻌﻴﺪﺍ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﺍﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻫﻮ ﻣﺼﺎﺭﻉ.ﻭﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﺍﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﳋﻔﺔ ﻫﻮ ﳎﺎﻫﺪ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﳋﻔﺔ ﻣﻌﺎ ﻓﻴﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﳊﺬﻕ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﳋﻔﺔ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﺼﺎﻝ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺫﺍ ﺍﳋﻤﺲ ﺍﻟﻠﻌﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﻜﱪ ﻣﻊ ﺍﻟﱪﺍﺀﺓ ﻣﻦ ﺍﳊﺰﻥ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻋﺠﻠﺖ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﺍ ﺷﻴﺨﻮﺧﺔ ﺻﺎﳊﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﺮﻳﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺣﺰﺍﻥ؛ ﻭﻻ ﺇﹺﻥ ﺃﻣﻬﻞ ﺇﹺﱃ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﻛﺮﺏ ﻭﺣﺰﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﺍ ﺷﻴﺨﻮﺧﺔ ﺻﺎﳊﺔ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺮﻳﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺣﺰﺍﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﺍ ﺣﻆ ﻣﻦ ﺍﳉﺪ ﻭﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺪﻥ، ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻭﱂ ﺗﻌﺘﺮﻩ ﻣﺼﺎﺋﺐ ﺗﻜﺪﺭ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻪ.ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﳑﺎﺭﺿﺎ ،ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺪ ﻏﲑ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻟﻪ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺮﺗﻪ ﻣﺼﺎﺋﺐ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺎﱀ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻤﺮﺍ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﳑﺎﺭﺿﺎ.ﻭﻗﺪ ﻳﺸﻚ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻣﻊ ﺍﻷَﻣﺮﺍﺽ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺸﺒﻪ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﻮﺓ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻏﲑ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺼﺤﺔ.ﻓﺈﹺﻧﺎ ﻧﺮﻯ ﻗﻮﻣﺎ ﻛﺜﲑﻳﻦ ﺗﻄﻮﻝ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﻣﻊ ﺃﻬﻧﻢ ﻣﺴﻘﺎﻣﻮﻥ.ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺗﺼﺤﻴﺤﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﻔﻌﺔ.ﻭﺍﳋﻄﻴﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﳋﻠﺔ ﻭﺻﻼﺡ ﺣﺎﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻹِﺧﻮﺍﻥ ﻓﺬﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻏﲑ ﺧﻔﻲ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺣُﺪ ﻣﺎﻫﻮ ﺍﳋﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﺼﺎﺣﺐ ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻻ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﻂ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳋﻠﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ،ﻓﺒﻴّﻦ ﺇﹺﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺎﱀ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﺎﻹِﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﻣﺎ ﺻﻼﺡ ﺍﳉﺪ ﻓﻬﻮ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻹِﻧﺴﺎ ٍﻥ ﻣﺎ ﻋﻠﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳋﲑ ﻟﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ.ﻭﻋﻠﺔ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻷَﻛﺜﺮ.ﻓﻤﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﺎﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺇﹺﻥ ﻳﻮﻟﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺫﺍ ﻗﻮﺓ ﻭﻫﻴﺌﺔ ﻳﻌﺴﺮ ﻬﺑﺎ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ.ﻓﺄﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﻪ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﻮﻟﺪ ﺻﺤﻴﺤﺎ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﺴﻘﻰ ﲰﺎ ﻓﻴﱪﺃ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﺮﺽ ﻛﺎﻥ ﺑﻪ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﻓﻌﻠﺘﻬﻤﺎ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ.ﻭﲨﻠﺔ ﺍﻷَﻣﺮ ﺇﹺﻥ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﺍﳉﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺣﺴﻦ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻫﻲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﻐﺒﻮﻃﺎ ﻬﺑﺎ ﳏﺴﻮﺩﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ.ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺪ ﻋﻠﺔ ﳋﲑﺍﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺧﲑﺍﺕ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﺮﻯ ﺧﲑﺍﺕ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﻭﺍﳌﻘﺎﻳﺴﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﲑ، ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺒﺢ ﰲ ﺣﻖ ﺇﹺﻧﺴﺎ ٍﻥ ﺧﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺭﺋﻰ ﻏﲑﻩ ﺃﻗﺒﺢ ﻣﻨﻪ.ﻭﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎﻥ ﻭﻗﻔﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﺄﺻﺎﺏ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻭﱂ ﻳﺼﺐ ﺍﻟﺜﺎﱐ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﺼﺒﻪ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻧﺎﻟﻪ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺧﲑ ﻛﺜﲑ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﺼﺒﻪ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﺩ ﺗﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﻬﺪ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﻛﺜﲑﺍ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﱂ ﻳﺸﻬﺪ ﻗﻂ ﺇﹺﻻ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺮﺏ.
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻭﺍﺣﺪ ﳑﻦ ﻃﻠﺒﻪ ،ﻗﺪ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﺧﲑ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺼﺒﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻳﺴﲑﺍ.ﻓﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﳓﻮﻩ ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﰲ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﳉﺪ. ﻭﺃﻣﺎ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻓﺄﻭﱃ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ ﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﺎﺩﺡ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻭﺟﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺎﺩﺡ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ.ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺣﺎﺿﺮ ،ﻓﺎﳌﺎﺩﺡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺣﺎﺿﺮﺓ ،ﻭﺍﳌﺸﲑ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ،ﺃﻱ ﻧﺎﻓﻌﺔ. ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻳﺸﲑ ﺍﳌﺸﲑ.ﻭﺑﻴّﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺃﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﺟْﻠﻬﺎ ﳝﻨﻊ ﺍﳌﺸﲑ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻨﻊ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻭﻭﺿﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ.ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﹺﻥ ﺍﳌﺸﲑ ﺇﹺﳕﺎ ﻏﺮﺿﻪ ﺍﳌﻘﺪﻡ ﰲ ﻓﻜﺮﻩ ﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ، ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻫﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺁﺧﺮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻫﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺃﻭﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻭﺃﻋﲏ ﺑﺄﻭﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻭﺑﺂﺧﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ. ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﺻﻮﻝ ﻭﻗﻮﺍﻧﲔ ﻳﻌﺮﻑ ﻬﺑﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ،ﻭﻫﻲ ﺍ ﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ.ﻭﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺎﺕ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺧﲑﹰﺍ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻓﻬﻲ ﺧﲑ ﻷَﻬﻧﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﹺﱃ ﺍﳋﲑ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ.ﻓﺎﳋﲑ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﳜﺘﺎﺭ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻕ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﻟﻜﻞ ،ﻭﺃﻋﲏ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﻜﻞ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﳊﺴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺬﻛﺎ ِﺀ.ﻭﺫﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﲑﺍ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﲑﺍ ﰲ ﺍﻟﻈﻦ ،ﻭﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﲑ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻟﻪ ﻓﻘﺪ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﻪ ﻭﻧﺎﻝ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻭﱂ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﺗﺸﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺷﻲﺀ ﺃﺻﻼ.ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﲑ ﻫﻲ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺟﻨﺎﺱ :ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ،ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳊﺎﻓﻈﺔ ﻟﻪ، ﻭﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﳊﺎﻓﻈﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻻﺯﻡ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻳﻌﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻲﺀ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻌﺪ ﻻﺯﻡ ﺍﳌﻔﺴﺪ ﻣﻊ ﺍﳌﻔﺴﺪ، ﻭﻻﺯﻡ ﺿﺪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺿﺪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻬﺎ.ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻟﻠﻔﺎﻋﻞ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﳌﺪﺡ ﺍﻗﺘﻨﺎﺀ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﻤﺪﻭﺣﺔ ،ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺒﻊ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﺄﺧﺮﺓ. ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺻﻨﺎﻑ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ.ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺍﺛﻨﺎﻥ ،ﺇﹺﻣﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ.ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺘﻌﺐ ﰲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻟﻠﺼﺤﺔ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﺨﲑ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﺒﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﳋﲑ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺧﲑ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﻧﻔﻊ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﺷﺮ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺧﲑ ﻣﺎ ﲝﺴﺐ ﻧﻔﻌﻪ ﰲ ﺍﳋﲑ ﻣﺜﻞ ﺷﺮﺏ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻟﻠﺼﺤﺔ.ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻔﻊ ﰲ ﺍﳋﲑ ﻫﻲ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﲔ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻬﺑﺎ ﺧﲑ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻋﻦ ﺷﺮﺏ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀِ ،ﻭﻣﺜﻞ ﺍﳌﺸﻘﺔ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﰲ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﻜﺜﲑ.ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻨﺎﻝ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺷﺮ ﻫﻮ ﺏ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻃﺮﺣﻮﺍ ﺃﻣﺘﻌﺘﻬﻢ.ﻓﺈﹺﻥ ﻃﺮﺡ ﺃﻣﺘﻌﺘﻬﻢ ﺷﺮ، ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻝ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻝ ُﺭﻛﱠﺎ ُ ﻟﻜﻦ ﺗﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺷﺮ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻄﺐ.ﻭﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺗﻠﻚ ﻓﻴﺴﻤﻴﻬﺎ ﺍﻧﺘﻘﺎﻻ.ﻭﻳﻌﲏ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻬﻧﺎ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺷﺮ ﺇﹺﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺧﻒ ﺷﺮﺍ ﻣﻨﻪ ﺃﻭ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺷﺮ ﺇﹺﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﲑ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻓﻬﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﺧﲑﺍﺕ ﰲ ﺃﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﳋﲑ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﻘﺘﻨﲔ ﳍﺎ ﻫﻢ ﻬﺑﺎ ﺣﺴﻨﻮ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ.ﻭﻫﻲ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﺨﲑ ﻭﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﻥ ﳔﱪ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻭﻛﻴﻒ ﻫﻲ ﺧﲑ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻛﻴﻒ ﻫﻲ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﺨﲑ ﻭﻧﻔﺼﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ.ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺃﻳﻀﺎ ﻫﻲ ﺧﲑ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻷَﻥ ﲨﻴﻊ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻳﺸﺘﺎﻕ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ.ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﲑﹰﺍ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻬﺑﺎ
ﺍﳌﻠﺘﺬ ﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻝ.ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺘﺒﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﻔﺢ ﺃﻬﻧﺎ ﺧﲑ ﻭﺃﻬﻧﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﳋﲑ.ﻭﺃﺟﺰﺍ ُﺀ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﻌﺪ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻭﻫﻲ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻟﺒﻌﻀﻬﺎ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ، ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﻌﺾ ﻭﻣﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ.ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺎﻑ ﻭﻛﱪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻨﺒﻞ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻬﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻗﺪ ﲣﺘﺎﺭ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍ ِﺀ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﳉﺴﺪ ﻗﺪ ﲣﺘﺎﺭ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﻫﻲ ﻓﺎﻋﻼﻬﺗﺎ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﲣﺘﺎﺭ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺃﺧﺮ ﻣﻦ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﳊﺴﻨﺔ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﺎﻟﻴﺴﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﺧﲑ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﳍﺬﻳﻦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﲔ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺍﻟﻠﺬﺓ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ.ﻭﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺎﻋﻼ ﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﶈﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻻ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﶈﺒﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺷﻲ ٍﺀ ﺁﺧﺮ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻫﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺠﻴﺪ ﺑﻐﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﳚﺮﻱ ﳎﺮﺍﳘﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ.ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ.ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺠﻴﺪ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﳚﺮﻱ ﳎﺮﺍﳘﺎ ﻫﻲ ﺧﲑ ﻭﻧﺎﻓﻊ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺎﺕ ﺑﺬﺍﻬﺗﺎ ﺍﳌﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻬﺑﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺣﺴﻨﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ﻭﺍﳊﻔﻆ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺧﻔﺔ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﲑ ﺍﶈﻤﻮﺩﺓ.ﻭﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﻏﲑﻫﺎ ﻫﻲ ﺧﲑ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﺘﺼﻞ ﻬﺑﺎ ﺧﲑ ﺁﺧﺮ ،ﻓﻬﻲ ﺧﲑﺍﺕ ﻣﻨﻔﺮﺩﺓ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﺎ ﳐﺘﺎﺭﺓ ﻟﺬﺍﻬﺗﺎ.ﻭﺍﻟﱪ ﺃﻳﻀﺎ ﺧﲑ ﻧﺎﻓﻊ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﻬﺑﺎ ﻭﳚﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻬﻧﺎ ﺧﲑﺍﺕ ﻭﻧﺎﻓﻌﺎﺕ.ﻭﻣﱴ ﺑﻴﱠﻦ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﺧﲑ ﻓﺬﻟﻚ ﺑﻴﺎﻥ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﺮﺍﺀ ﻭﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ.ﻭﺃﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺑﻴّﻦ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺃﻬﻧﺎ ﺧﲑ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺷﺮ ﻓﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﺮﺍﺀ ،ﺃﻋﲏ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺎ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ،ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﺒﲔ ﺧﻄﻴﺐ ﻷَﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨ ٍﺔ ﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﺍﳉﱭ ﳍﻢ ﺧﲑ ﻷَﻬﻧﻢ ﺇﹺﻥ ﺷﺠﻌﻮﺍ ،ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻓﻨﺎﻝ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻌﺪﻭ.ﻭﻟﻜﻦ ﺍﳉﱭ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﺧﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻃﻼﻕ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﲑﺍ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺮﺽ ﳍﻢ ﺫﻟﻚ.ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﺍﳋﲑ ،ﻛﻤﺎ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﻀﺎﺩ ﻟﻠﺨﲑ ﻫﻮ ﻧﺎﻓﻊ ﻟ ﻸَﻋﺪﺍ ِﺀ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﳉﱭ ،ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﺍ ﻷَﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ،ﻛﺎﻥ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻟ ﻸَﻋﺪﺍ ِﺀ.ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺧﲑﺍ ﳍﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺎﺭﺓ ﺑﺎﻷَﻋﺪﺍ ِﺀ.ﺇﹺﻻ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻠﺤﻖ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺷﺮ ﻣﺎ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺿﺎﺭﺍ ﻟﻌﺪﻭﻩ ،ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﲑ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻟﻌﺪﻭﻩ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳉﱭ ﻷَﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳍﻢ ﻗﻮﺓ ﻳﻘﺎﻭﻣﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻋﺪﻭﻫﻢ.ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺇﹺﻥ ﻳﺘﺤﺮﻯ ﰲ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ.ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻠﻴﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻀﺮ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﻳﻜﺮﻫﻪ ﻧﺎﻓﻊ ،ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﻳﺴﺮﻩ ﺿﺎﺭ. ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺿﺎﺭﺍ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻋﺪﻭﻩ ﻭﻧﺎﻓﻌﺎ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻋﺪﻭﻩ.ﻓﻤﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻧﺎﻓﻊ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ﻭﻳﺴﺮ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻋﺪﻭﻩ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺎﺗﻠﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺃﺷﻔﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻄﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﹺﻥ ﻳﻈﻔﺮ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ.ﻓﺈﹺﻬﻧﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻓﺘﺮﻗﺎ ﰲ ﺃﺛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ُﺳﺮﱠ ﻛﻞ ﻭَﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺎﻻﻓﺘﺮﺍﻕ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻟﻸﻋﺪﺍﺀ ﺃﻳﻀﺎ.ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎﻫﻮ ﺿﺎﺭ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ﻓﻜﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ، ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﲔ ﰲ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻬﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﹺﻥ ﻳﻔﻀﻞ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺻﺎﺣﺒﻪ.ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻢ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﻗﺪ ﳚﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ.ﻓﻬﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﺣﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮ ﻧﺎﻓﻌﺎ ،ﺃﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﺮ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻧﺎﺯﻻ ﺑﻌﺪﻭﻩ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻮﺟﺐ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ.ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻬﻮﻯ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﺿﺪ ﻣﺎ ﻳﻬﻮﺍﻩ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺎﺩﻳﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ.ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺎﺩﻳﲔ ﻳﻬﻮﻯ ﺻﺪﺍﻗﺔ
ﺻﺎﺣﺒﻪ ﳌﻜﺎﻥ ﺗﻌﺎﻭﻬﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ.ﻭﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻳﻬﻮﻯ ﺑﻘﺎﺀ ﻋﺪﺍﻭﻬﺗﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﳍﺎ ﺃﻭ ﺗﺄﻛﺪﻫﺎ.ﻭﺃﺭﺳﻄﻮ ﻳﻘﻮﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﺗﻨﻔﻖ ﺍﻟﻨﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺗﻔﻌﻞ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻄﻴﺐ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﻨﻔﻘﺎﺕ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻭﻗﺮﻬﺑﺎ ﺣﱴ ﻛﺄﻬﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ.ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﻔﺮﻁ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﺑﺎﻟﻌﺪﻭ ﺃﻳﻀﺎ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻼﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﳋﲑ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﺪﻭﻩ ،ﻭﻟﻮﻻﻩ ﱂ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺪﻭ.ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﻲ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺃﻧﻪ ﻋﺮﺽ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﻟﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﺃﻧﻪ ﺍﺷﺘﺪﺕ ﳏﺎﺭﺑﺘﻬﻢ ﻟﻪ ﻭﺣﺼﺮﻫﻢ ﺇﹺﻳﺎﻩ ﺳﻨﲔ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻗﺘﻠﻮﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﺼﺎﺭ ﺍﺑﻨﻪ ﻓﺴﺄﳍﻢ ﺇﹺﻥ ﻳﻌﻄﻮﻩ ﺟﺜﺘﻪ ﻟﻴﺤﺮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﻬﺗﻢ ﰲ ﻣﻮﺗﺎﻫﻢ ﻓﻔﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻓﺸﻜﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﻇﻬﺮ ﺷﻜﺮﻫﻢ ﻋﻨﺪ ﲨﻴﻊ ﻗﻮﻣﻪ ﻭﺃﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ.ﻓﻠﻮﻻ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﳌﺎ ﺷﻜﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻴﺴﲑﺍﻟﺬﻱ ﲰﺤﻮﺍ ﻟﻪ ﺑﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹸﻭﻣﲑﻭﺵ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻻﺻﻄﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﻈﻢ ﻗﺪﺭﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺼ ﹶﻄﻨَﻊ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻓﻴﺼﲑ ﺑﻪ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺇﹺﱃ ﺧﲑ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺇﹺﻥ ﳜﺘﺎﺭ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﺪﻭ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﰲ ﺟﻨﺲ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻔﻌﻞ ﺑﻌﺪﻭ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺑﺄﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺍﳋﲑ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﻷُﻭﻣﲑﻭﺵ ﻣﻊ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﻭﺃﻋﺪﺍﺋﻬﻢ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺼﺪ ﺇﹺﱃ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻓﺨﺼﻪ ﺑﺎﳌﺪﺡ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ،ﻭﺧﺺ ﻋﺪﻭﺍ ﻟﻪ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺑﺎﳍﺠﻮ ﻫﻮ ﻭﻗﻮﻣﻪ ﺍﳌﻌﺎﺩﻳﻦ ﻟﻠﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﰲ ﺣﺮﻭﺏ ﻭﻗﻌﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺏ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﻭﻋﻈﻤﻮﻩ ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﺣﱴ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﺇﹺﻻﻫﻴﺎ ﻭﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻌﻠﻢ ﺍﻷَﻭﻝ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ.ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﻔﻌْﻞ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﺎﻷَﻋﺪﺍ ِﺀ ﻭﺍﳋﲑ ﺑﺎﻷَﺻﺪﻗﺎ ِﺀ ﻣﻦ ﺍ ُﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻈﻢ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﺇﹺﻥ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﱂ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻭﻻ ﺗﻴﺴﺮ ﻟﻪ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻳﺴﲑﺍ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻈﻦ ﺇﹺﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳌﻜﺎﻥ ﺧﻮﻑ ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﻳﺮﺟﻮﻩ ،ﺑﻞ ﻷَﻥ ﺷﻮﻗﻪ ﻭﻫﻮﺍﻩ ﻗﺎﺩﻩ ﺇﹺﱃ ﺫﻟﻚ.ﻓﺈﹺﻥ ﻬﺑﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﺪﺍﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ.ﻷَﻥ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺧﻮﻑ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﲑ ﺷﺎﻗﺔ ﺯﻣﺎﻧﺎ ﻳﺴﲑﺍ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻃﺎﻝ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺎﻗﺔ ﻓﺎﻧﻘﻄﻌﺖ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﺍﻭﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻟﻠﻤﺼﻄﻨﻊ.ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻬﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ.ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍ ِﺀ ﺑﺎﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﻈﻢ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻭﻳﻮﺟﺪ ﻧﻔﻌﻬﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻌﻈﻢ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻬﻮﻯ ﺍﳌﻜﺎﻓﺊ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﺳﺪﻳﺖ ﺇﹺﻟﻴﻪ :ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻬﻧﺎ ﻗﺪ ﻓﻀﻠﺖ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻜﺎﻓﺊ ﻭﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ.ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﻐﺎﻟﻂ ﻓﻴﻬﺎ.ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻜﺎﻓﺊ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﻬﻲ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﺑﺄﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﻜﺎﻓﺊ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﻘﺼﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻋﻄﺎﺀِ ،ﻓﻬﻮ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺸﺘﻬﻲ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﻻ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﹺﻟﻴﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﹺﻟﻴﻪ.ﻓﺈﹺﺫﺍ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻟﻠﺼﻨﻴﻌﺔ :ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﺎﻧﲑ ﺑﺪﺭﺍﻫﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻝ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﻳﻘﺘﲎ ﻬﺑﺎ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻓﻬﻲ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﻮﻗﻴﺔ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﻻ ﺳﻮﻗﻴﺔ ﻭﻻ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﱭ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻜﺎﻓﺊ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﰲ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﳌﺎ ﻫﻮ ﺃﻧﻘﺺ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﳌﺎ ﻫﻮ ﺃﺯﻳﺪ ،ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻭﻗﻌﺖ ﻣﻜﺎﻓﺌﺘﻪ ﲟﺎ ﻫﻮ ﺃﻧﻘﺺ ﺃﻭ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﺎ ﹴﻭ ﺃﻭ ﲟﺎ ﻫﻮ ﺷﺒﻴﻪ ،ﻓﻬﻲ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ .ﻷَﻥ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﺑﺎﻷَﻧﻘﺺ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﻟﺬﻟﻚ، ﺑﻞ ﻷَﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﺴﲑ ﻟﻪ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺍﺗﻔﻖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﳑﺎ ﻳﺴﺮ ﺑﻪ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀ ،ﺃﻋﲏ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﳌﻜﺎﻓﺊ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻭﻳﺴﻮﺀ ﺃﻋﺪﺍﺀﻩ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﻣﻦ ﺻﺪﺭ ﻋﻨﻪ ،ﻛﺎﻥ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﳑﺎ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﺎﻓﺊ ﺃﻭ ﻳﺒﺪﺃ ﳏﺐ
ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﳏﺐ ﺍﳌﺎﻝ ﺑﺎﳌﺎﻝ ،ﻭﳏﺐ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺑﺎﻟﻐﻠﺒﺔ. ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺼﻄﻨﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﻭ ﻳﻜﺎﻓﺊ ﻬﺑﺎ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﺎﺿﻠﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﳋﲑﺍﺕ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻭﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺘﺪﺉ ﻭ ﺍﳌﻜﺎﻓﺊ ﺃﻓﻌﺎﻻ ﺳﻬﻠﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻭﻣﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﱴ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﺎﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻫﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻬﻴﺌﲔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﳍﻢ ﺍﳌﻠﻜﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻨﻬﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻟﻴﺲ ﺗﻨﻘﺺ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺷﻴﺌﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﺩﻳﺐ ﻭﺍﳌﻮﻋﻈﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻘﻨﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻧﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﻏﲑ ﻧﺎﻓﻊ .ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻧﺎﻓﻊ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺪﻋﻰ ﺃﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻫﻮ ﺃﻧﻔﻊ ،ﻓﻘﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﻳﺒﲔ ﻬﺑﺎ ﺃﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺃﻧﻔﻊ ﻭﺃﻓﻀﻞ. ﻓﻤﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀِ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻧﻔﻊ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻧﺎﻓﻊ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺩﻭﻡ ﻧﻔﻌﺎ ،ﻫﻮ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺼﺮ ﻧﻔﻌﺎ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻛﱪ ،ﻫﻮ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﻦ ﺍﻷَﺻﻐﺮ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ،ﻫﻮ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﻞ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﳋﲑ ﺃﻛﺜﺮ ،ﺃﻭ ﲨﻊ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻧﻔﻊ .ﻭﺻﻔﺎﺕ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﳐﺘﺎﺭﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ، ﻻ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﺸﻮﻗﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﻞ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﻟﻠﺐ ﳜﺘﺎﺭﻭﻧﻪ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻓﻬﻮ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﺎﳋﲑ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﺘﺼﻔﺔ ﺑﺎﳋﲑ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﲨﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﻬﻧﺎ ﺃﻧﻔﻊ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪ ﰲ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻔﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺻﻔﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﳋﲑ ﻓﻬﻮ ﺃﻧﻔﻊ، ﻣﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻮ ﺍﺣﺪﺓ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﻦ ﺍﺛﻨﺘﲔ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺛﻼﺙ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﰲ ﺟﻨﺲ ﺁﺧﺮ، ﻓﺎﳉﻨﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻷَﻓﻀﻞ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻵﺧﺮ .ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻨﺲ ﻣﻨﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻷَﻓﻀﻞ، ﻓﺎﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻷَﻓﻀﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻵﺧﺮ .ﻭﻫﺬﺍ ﻋﻜﺲ ﺍﻷَﻭﻝ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻛﺮﺍﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺎﺙ ،ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ،ﻓﺎﻟﺬﻛﺮﺍﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺎﺙ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻷَﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺇﹺﱃ ﺟﻨﺴﻪ ﻫﻲ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻵﺧﺮ ﺇﹺﱃ ﺟﻨﺴﻪ .ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﳉﻨﺲ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻨﺲ ﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ. ﰒ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﻻﺯﻣﺎ ﻟﺸﻲﺀ ﻣﺎ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻏﲑ ﻻﺯﻡ ﻟﻪ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ. ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺗﻠﺰﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﻀﺎﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺒﺨﻞ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺨﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮ؛ ﻓﺎﻟﻔﻘﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﺷﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺨﻞ. ﻭﺍﻟﻼﺯﻡ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻌﺎ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻭﺍﳌﻠﺰﻭﻡ ،ﻣﺜﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﻣﻌﺎ ،ﻭﻣﺜﻞ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﳊﻴﻮﺍﻥ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﺑﺄﺧﺮﺓ ﻣﺜﻞ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ .ﻭﹺﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻼﺯﻣﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﺓ ،ﺃﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻻ ﻳﻨﻌﻜﺲ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻌﻞ ﺍﻷَﻭﻝ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺒﺨﻞ. ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺒﺨﻞ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺨﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻳﻌﻮﻕ ﻋﻦ ﺃﺷﻴﺎ ِﺀ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺨﻞ. ﳉﻠﹾﺪ ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ .ﻓﺈﹺﻥ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻧﺎﻓﻊ ﻭﺧﲑ .ﻭﺍﳉﻠﺪ ﻳﻔﻌﻞ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﺍﻷَﻧﻔﻊ ﻫﻮ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍ ِ ﺑﻪ ﺧﲑ ﺃﻋﻈﻢ ﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺎﳉﻤﺎﻝ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻧﻔﻌﺎ .ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻧﻔﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻳﻔﻌﻞ ﻬﺑﺎ ﺧﲑﺍﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﻠﺬﺍﺕ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺘﺎﺭ ﻣﻔﺮﺩﺍ ﺃﻓﻀﻞ ﻧﻔﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳜﺘﺎﺭ ﺇﹺﻻ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ
ﻣﻔﺮﺩﺍ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻻ ﳜﺘﺎﺭ ﺇﹺﻻ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺤﺔ ،ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﲣﺘﺎﺭ ﺩﻭﻥ ﺍﳉﻤﺎﻝ؛ ﻓﺎﻟﺼﺤﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻧﻔﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﺎﻝ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻛﻤﺎﻝ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻛﻤﺎﻝ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻛﻤﺎﻝ ،ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﻛﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﳜﺘﺎﺭ ﻟﺬﺍﺗﻪ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﳜﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﲑﻩ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﳜﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﲑﻩ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﲣﺘﺎﺭ ﻟﺬﺍﻬﺗﺎ ،ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﳜﺘﺎﺭ ﻟﻐﲑﻩ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻞ ﺍﳌﺮﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﻨﺎﻩ ﺃﻗﻞ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﹺﱃ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺃﻭ ﺇﹺﱃ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻠﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺎﺟﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﻭﺍﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺳﻬﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﳛﻮﺝ ﺍﻗﺘﻨﺎﺅﻩ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻻ ﳛﻮﺝ ﺍﻗﺘﻨﺎﺅﻩ ﺇﹺﱃ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﻮﺝ ﺍﻗﺘﻨﺎﺅﻩ ﺇﹺﱃ ﺍﻵﺧﺮ ﻫﻮ ﺁﺛﺮ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺒﻨﻮﻥ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺒﻨﲔ ﳛﻮﺟﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻗﺘﻨﺎ ِﺀ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻟﻴﺲ ﳛﻮﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻗﺘﻨﺎ ِﺀ ﺍﻟﺒﻨﲔ؛ ﻓﺎﻟﻴﺴﺎﺭ ﺃﻓﻀﻞ ﻧﻔﻌﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﺴﺘﺒﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺒﺪﺃ ﻟﻴﺲ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻪ ﻣﺒﺪﺃ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻹِﺭﺍﺩﺓ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳋﲑ،ﻭ ﻭﻓﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺇﹺﺭﺍﺩﺓ ﺍﳋﲑ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺩﻭﻥ ﻣﺒﺪﺃ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﻣﺒﺪﺃﻳﻦ ﻟﺸﻴﺌﲔ ،ﻭﺃﺣﺪ ﺍﳌﺒﺪﺃﻳﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﺍﻷَﻋﻈﻢ ﺃﻋﻈﻢ .ﻭﻋﻜﺲ ﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﻣﺒﺪﺃﻳﻦ ﻟﺸﻴﺌﲔ ﻋﻠﻰ ﺃﻬﻧﻤﺎ ﻓﺎﻋﻞ ،ﻭﺃﺣﺪﳘﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺒﺪﺃ ﻟ ﻸَﻋﻈﻢ ﺃﻋﻈﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﺪﺃﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻬﻧﻤﺎ ﻏﺎﻳﺔ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﺲ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﺃﻣﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﻟﻮﻻ ﻫﻮ ﱂ ﺗﻮﺟﺪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ .ﻭﺃﻣﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺒﺪﺃ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻓﻀﻼ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻓﻴﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺬﻡ :ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﺃﻭﱃ ﺑﺄﻥ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﻓﻌﻠﻪ ﻛﺬﺍ ﻣﻦ ﻓﻼﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻮ ﱂ ﻳﺮﺩ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ .ﺇﹺﺫ ﻟﻮ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﱂ ﻳﻘﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﺮﺭ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻓﻴﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻓﻼﻥ ﺃﺣﻖ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻓﻼﻥ ،ﻷَﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻭﻟﻮﻻ ﺇﹺﺷﺎﺭﺗﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﶈﻤﻮﺩ .ﻭﰲ ﻛﻼ ﺍﳌﻮﺿﻌﲔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺃﻗﻞ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﳊﺪﻳﺪ .ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺃﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻳﺪ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻮ ﺃﻧﻔﻊ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬﺍ :ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻛﺜﺮ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﳑﺎ ﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﻣﻨﺎﻓﻌﻪ .ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻘﺎﻝ: ﺇﹺﻥ ﺍﳌﺎ َﺀ ﺧﲑ ،ﻟﻜﺜﺮﺓ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﻋﻤﻮﻡ ﻣﻨﺎﻓﻌﻪ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﺴﺮ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻷَﻥ ﻣﺎ ﻋﺴﺮ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﻩ ،ﻭﻣﺎ ﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﻩ ،ﻓﻬﻮ ﻏﺮﻳﺐ ﻭﻣﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻪ .ﻭﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬﺍ :ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺳﻬﻞ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻷﺿﻨﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻛﻞ ﺣﲔ ﻳﺘﺸﻮﻕ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺪﻩ ﺃﻋﻈﻢ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺪﻣﻪ ﺃﺷﺪ ﺿﺮﺭﺍ ﻓﻬﻮ ﺃﻧﻔﻊ. ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻋﻈﻢ ﻭﺍﻷَﻗﻞ ﻋﻈﻢ ﺍﳌﻘﺎﻳﺴﺔ ﰲ ﺍﳋﲑ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﰲ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ﻻ ﺧﲑ ﻭﻻ ﺷﺮ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺃﺯﻳﺪ ﺧﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،ﺃﻭ ﺃﺯﻳﺪ ﺷﺮﺍ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺍﻷَﺯﻳﺪ ﻫﻲ ﺃﺯﻳﺪ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻜﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ، ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺃﻋﻈﻢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺃﻓﻌﺎﳍﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻋﻈﻢ ،ﻷَﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺇﹺﱃ ﻣﺒﺎﺩﺋﻬﺎ ﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﹺﺇﱃ ﺑﻌﺾ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻀﺮ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻹِﺑﺼﺎﺭ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻢ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻣﻊ ﺃﺳﺒﺎﻬﺑﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﺲ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻋﻈﻴﻤﺎ .ﻭﰲ ﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻷَﻋﻈﻢ ،ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﻓﻴﻪ ﺃﻋﻈﻢ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﳛﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﺎﻝ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﳛﺐ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻷَﻥ ﺣﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺍﳌﺎﻝ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ
ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﻮﻬﺗﺎ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﻮﻬﺗﺎ ﻏﲑ ﻓﺎﺿﻠﺔ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻭﺷﻬﻮﺓ ﺍﻷَﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ ﻏﲑ ﻓﺎﺿﻠﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻷَﻛﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﺏ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻋﻜﺲ ﻫﺬﺍ: ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻓﺸﻬﻮﺗﻪ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ،ﻓﺸﻬﻮﻬﺗﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ ﻭﺃﻓﻀﻞ ،ﻓﺄﻓﻌﺎﳍﺎ ﺧﲑ ﻭﺃﻓﻀﻞ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﳌﺎ ﻛﺎ ﻧﺖ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ .ﻭﻋﻜﺲ ﻫﺬﺍ :ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﱵ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ،ﻓﻬﻲ ﺃﻓﻀﻞ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻖ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺎﻥ ﻣﺘﻼﺯﻣﲔ ،ﻷَﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﻓﻌﻠﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳛﻜﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺃﻭ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺃﻭ ﺫﻭﻭ ﺍﻷَﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﻷَﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺼﺎﳊﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺧﲑ ﻭﺃﻓﻀﻞ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ﻭﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﲝﺴﺐ ﻓﻄﺮﻫﻢ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺫﻭﻱ ﻟﺐ ،ﻻ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﻭﻩ ﻣﻦ ﺍﻵﺭﺍ ِﺀ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ .ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻭﻱ ﺍﻷَﻟﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻔﻄﺮﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﳋﲑﺍﺕ ﻣﺎ ﻫﻲ ،ﻭﻛﻢ ﻫﻲ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻫﻲ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﻔﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻔﻄﺮﻫﻢ ﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ .ﻭﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺣﺪ ﺍﳋﲑ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻟﻜﻞ ،ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻟﻜﻞ ﲝﺴﺐ ﻓﻄﺮﻫﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﻠﺒﻴﺒﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﺍﻟﻠﺒﻴﺒﺔ ،ﲟﺎ ﻫﻲ ﻓﻄﺮ ﻟﺒﻴﺒﺔ ،ﻫﻮ ﺧﲑ ﻣﻄﻠﻖ ،ﺃﻭ ﺧﲑ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺧﲑ ،ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻷَﺩﺏ ﻭﺍﳉﻠﹶﺪ ﺧﲑﺍﺕ ﻭﺗﺸﻮﻗﻬﻢ ﺇﹺﻳﺎﻫﺎ .ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﲑ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﲔ ﺃﻧﻪ ﺃﻥ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﳚﻮﺭ ﻫﻮ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﲑ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲝﺴﺐ ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻔﻀﻞ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻣﻌﻪ ﻟﺬﺓ ،ﻓﻬﻮ ﺁﺛﺮ ﳑﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻪ ﻟﺬﺓ .ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻟﺬﺓ ،ﻓﻬﻮ ﺁﺛﺮ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻷَﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻳﺒﺘﺪﺭﻭﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﻳﻄﻠﺒﻮﻬﻧﺎ .ﻭﻃﻠﺒﻬﻢ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺷﻲ ٍﺀ ﺁﺧﺮ ﻏﲑﻫﺎ .ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﺃﻋﲏ ﻣﺘﺸﻮﻗﺎ ﻟﻠﻜﻞ ،ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ .ﻓﺎﻟﻠﺬﺓ ﹺﺇ ﹶﺫ ﹾﻥ ﺧﲑ. ﻭﺍﻷَﺯﻳﺪ ﻟﺬﺓ ﻫﻲ ﺍﳌﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﺑﺮﺃ ﻣﻦ ﺍﻷَﺫﻯ ﻭﺍﳊﺰﻥ ﻭﺃﺩﻭﻡ ﺑﻘﺎﺀ .ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﺃﻟﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﻟﻘﺒﻴﺤﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﳑﺎ ﻗﺪ ﳜﺘﺎﺭ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﺬﻳﺬﺍ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﳜﺘﺎﺭ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺇﹺﻣﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻠﺬﺓ ﺃﻓﻀﻞ ﻓﻬﻮ ﺃﻟﺬ ﳑﺎ ﻫﻮ ﺃﺧﺲ .ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻃﻮﻝ ﻣﺪﺓ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻟﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻗﺼﺮ ﻣﺪﺓ .ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺃﺛﺒﺖ ﻓﻴﻨﺎ ،ﻓﻬﻮ ﺃﻟﺬ ﳑﺎ ﻫﻮ ﺃﻗﻞ ﺛﺒﺎﺗﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺭﺳﺦ ﻓﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﺎﻝ ،ﻛﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻟﻨﺎ ﺃﻟﺬ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳉﻤﺎﻝ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﺃﻭ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻟﺬﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻟﻨﺎ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﺣﺪ ﺃﻣﺮﻳﻦ :ﺇﹺﻣﺎ ﻃﻮﻝ ﺍﻋﺘﻴﺎﺩ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺣﱴ ﻳﺼﲑ ﻟﻨﺎ ﺍﻹِﻟﺘﺬﺍﺫ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻬﻧﺎ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﺟﺪﹰﺍ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻭﺍﳍﻮﻯ .ﻓﺎﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺇﹺﺫﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺼﲑ ﺃﻛﺜﺮ ﻟﺬﺓ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻭﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻼﺋﻢ ﻫﻮﺍﻧﺎ ﻣﻼﺀﻣﺔ ﺃﻛﺜﺮ، ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺭﺳﻮﺧﻬﺎ ﻭﺛﺒﻮﻬﺗﺎ .ﻭﻗﺪ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻷﻧَﻔﻊ ﻭﺍﻷَﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﺭﻳﻒ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻔﺎﻑ ،ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﻔﻴﻒ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺁﺛﺮ ﳑﺎ ﳜﺘﺎﺭﻩ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳋﲑ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﺎﻕ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﻟﻜﻞ. ﻭﻣﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﻷَﻭﻝ ،ﺃﻋﲏ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺄﹾﺧﺬﻭﻥ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ ،ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺸﺮﱠﺍﻉ ،ﺃﻓﻀﻞ ﳑﺎ ﱂ ﳜﺘﺎﺭﻭﻩ .ﻭﻣﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻠﻘﻮﻥ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﻓﻀﻞ ﳑﺎ ﻟﻴﺲ ﳜﺘﺎﺭﻭﻩ ﻫﺆﻻ ِﺀ .ﻭﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺘﻠﻘﻮﻥ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ
ﺍﻷَﻭﻝ ،ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺆﺧﺬ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ ،ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﺳﺎﻣﻊ ﻓﻘﻂ ﻣﺒﻠﻎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺳﺎﻣﻊ ﻋﺎﱂ،ﺃﻱ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷُﺻﻮﻝ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻣﺎ ﱂ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﻷُﻭﻝ .ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﺴﻠﻄﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﻷُﻭﻝ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻬﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻏﲑ ﻣﺴﻠﻄﲔ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀُ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻣﺎ ﳉﻤﻴﻊ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﳌﺘﻠﻘﲔ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﻷُﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﲰﻌﻮﻩ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﻩ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻷَﻭﻝ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﳜﺘﺺ ﺑﺬﻭﻱ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻨﺒﻂ ﻋﻦ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ ﺍﻷُﻭﻝ ﺍﻟﱵ ﺻﺮﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻷَﻭﻝ .ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺴﺎﻣﻌﲔ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ .ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺺ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺍﻷُﻭﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻓﻬﻲ ﺍﻷُﺻﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻨﺰﻝ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﻟﺴﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﳛﻜﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﺃﻋﲏ ﺍﳌﺴﻠﻄﲔ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ .ﻭﺍﻟﻔﻀﻼ ُﺀ ﺍﻷَﺑﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺃﻭ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻓﺤﻜﻤﻬﻢ ﺃﻓﻀﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﻷَﺧﺬ ﻗﺪ ﳜﻴﻞ ﻫﻮﺍﻧﺎ ﻭﻧﻘﺼﺎ ﰲ ﺍﳌﺮﺀِﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﱪ ﻭﻗﻠﺔ ﻗﺒﻮﻝ ﻟﻘﻮﻟﻪ .ﻭﻗﺪ ﳜﻴﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﺑﻌﻜﺲ ﻫﺬﺍ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻷَﺑﺮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﻮﻥ ﻣﻘﺒﻮﱄ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﺄﺧﺬ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺻﻼ ﺷﻴﺌﺎ ،ﺃﻭ ﺇﹺﳕﺎ ﺃﺧﺬ ﻋﻨﻬﻢ ﻗﻠﻴﻞ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺃﻗﺎﻭﻳﻞ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﲜﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮﺿﻰّ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﺮﺿﻴﺎ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﺍﻷَﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻫﻢ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺘﻤﻮﺍ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻫﻢ ﳑﺪﻭﺣﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻫﻢ ﺃﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻭﺃﻋﺰ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻛﺘﻤﻮﺍ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﳌﺎ ﺧﺎﻓﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﳜﺎﻑ ﺇﹺﺫﺍ ﳊﻘﺖ ﺍﳌﺮﺀ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻷَﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻠﻔﻀﺎﺋﻞ ﻫﻲ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻋﻨﺪﻩ ﺑﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻓﻤﻦ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻷَﻭﻝ ﺍﳌﻀﺎﺩ ﳍﺬﺍ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ،ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺧﺬ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﳌﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﺪﺍ ﺟﺪﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺮﺍﻣﺎﻬﺗﻢ ﺃﻋﻈﻢ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﻈﻤﺖ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﻇﻦ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻋﻈﻤﺖ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺎﻟﺘﻬﻢ ﺍﳌﻀﺮﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸﻘﺎ ُﺀ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻫﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻘﺒﻮﻟﻮ ﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ ﺟﺪﺍ ﺟﺪﺍ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﻭﻏﲑﻩ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳَﺮﻯ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﻟﺼﻨﻔﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ -ﺃﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﻢ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺎﳍﻢ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ -ﺃﻬﻧﻢ ﻓﺎﺿﻠﻮﻥ ﻭﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﳍﻢ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ ،ﻫﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻭﺃﻋﻈﻢ .ﻓﻬﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﺷﻴﺌﺎ ،ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﻏﲑﻫﻢ ﺳﻮﺍﻩ ،ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﳜﺘﺎﺭﻩ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﻓﻀﻞ ﻭ ﺁﺛﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺴﻤﺔ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺇﹺﱃ ﺟﺰﺋﻴﺎﺗﻪ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﳌﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻭﻣﲑﻭﺵ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻳﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﳊﻖ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺃﺧﺬ ﺑﺪﻟﻪ ﺟﺰﺋﻴﺎﺗﻪ ،ﻓﺬﻛﺮ ﻗﺘﻞ ﺍﻷَﻭﻻﺩ ﻭﺍﻟﻨﻮﺡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺣﺮﻕ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ ﳍﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻗﺪ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ ،ﻭﻫﻮ ﻋﻜﺲ ﻫﺬﺍ ،ﺃﻋﲏ ﺃﻥ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﺪﻝ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻬﺎ .ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻷَﻋﺴﺮ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺍﻷَﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺴﻬﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻗﺪ ﺗﺮﻯ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ،ﺃﻭ ﰲ ﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ ،ﺃﻭ ﰲ ﺍﻷَﺳﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﰲ ﺳﻦ ﺍﻟﺼﺒﺎ ،ﺃﻭ ﰲ ﺍﳌﺪﺩ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ َﻣ ْﻦ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﻃﻮﻳﻞ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﻗﺼﲑ ،ﺃﻭ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻞ ﺻﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺍﳌﺮﻳﺾ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ .ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﻭﺃﺷﺒﺎﻫﻬﺎ ﳑﺎ ﻳﺼﻴّﺮ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻈﻴﻢ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻭﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻓﻴﻤﺎ
ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﺷﺪ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻧﻔﻌﺎ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭ ﻓﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺿﺮﺭﺍ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺍﳌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺒﺎ ﻭﺍﳌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺿﺮ .ﻭ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ .ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻓﻬﻮ ﺃﻓﻀﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﻫﻲ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻣﺜ ﻞ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﳊﻠﻢ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻤﻞ ﻣﻊ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ. ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ ﺃﹶﻭ ﻗﺒﻠﺖ ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻠﹸﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻓﻌﻠﹸﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘ ﹶﺔ ﲤﺎﻣﻬﺎ .ﻭ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ ،ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺘَﻬﺎ " :ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﻤّﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ " ،ﻭﻳﺴﻤﻰ ﺍﻷُﺧﺮ " :ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺪﺡ " ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻓﻌﻠﹸﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺘَﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺣﺪ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺪﺡ :ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ ﲜﻬﻞ ﺃﹶﻭ ﺑﻐﻠﻂ ﱂ ﲤﺪﺡ ﺃﹶﺻﻼ؛ ﻭﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ: ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻛﻴﻒ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺎﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺣﺴﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳉﻤﻴﻞ؛ ﻷَﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﳉﻤﻴﻞ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﻋﻦ ﻏﻠﻂ ﺃﹶﻭ ﺟﻬﻞ ﱂ ﻳﻘﺒﻞ ﻭﻻ ﻣﺪﺡ ﻓﺎﻋﻠﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻓﻜﻴﻒ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩ ﺍﳋﲑ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻪ. ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﺃﹸﻭﺛﺮ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﺃﹶﺣﺪ ،ﺁﺛﺮ ﳑﺎ ﻻ ﳜﺘﺎﺭ ﺇﹺﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ. ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻣﺆﺛﺮﺓ ﺑﺬﺍﻬﺗﺎ ،ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ ﻣﺆﺛﺮ ﻟﻠﻐﲑ ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ﻓﻬﻲ ﺃﹶﻧﻔﻊ ،ﻛﺎﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﰲ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻌﻴﺶ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﺮﻏﺪ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ،ﻭﰲ ﺍﺻﻄﻨﺎﻉ ﺍﳋﲑﺍﺕ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺃﹶﻬﻧﻤﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎﻥ ،ﻷَﻬﻧﻤﺎ ﳚﻤﻌﺎﻥ ﺍﳋﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﳊﺰﻥ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﻠﺬﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﻠﺬﺓ ،ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺳﺒﺐ ﺍﳋﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﻷَﺣﺰﺍﻥ .ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩ ﻓﺎﺿﻞ ﻭﳐﺘﺎﺭ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳋﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﻷَﺣﺰﺍﻥ ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ. ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺍﺟﺘﻤﻌﺎ ﻻﻣﺮﺉ ﺟﻌﻼﻩ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﻣ ْﻦ ﻋِﻠﻤﻪ ﺃﹶﻭ ﺟﻬﻠﻪ َﻣ ْﻦ ﺟﻬﻠﻪ .ﻷَﻥ ﻫﺬﻩ ﺧﲑﺍﺕ ﻣﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻻ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺪﺡ .ﻭﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺪﻓﻊ ﺍﻷَﺣﺰﺍﻥ ﻇﹶﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻗﻮﻡٌ، ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﺭﺃﹶﻭﺍ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ.ﻭﺫﻟﻚ ﻭﺍﺟﺐ ﻣﻦ ِﻗﺒَﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭ ﻣﺄﹾﻣﻮﻧﺔ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﳌﻦ ﻟﻪ ﻋﻴﻨﺎﻥ ﻓﻔﻘﺪ ﺇﹺﺣﺪﺍﳘﺎ ﻛﻤﻦ ﻟﻪ ﻋﲔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻔﻘﺪﻫﺎ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻋﲔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺳﻠﺐ ﺃﹶﺣﺐ ﳑﺎ ﺳﻠﺐ َﻣ ْﻦ ﻟﻪ ﻋﻴﻨﺎﻥ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﰲ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﻋﻦ ﺳﻠﺐ ﺍﳌﺎﻝ ﻛﺎﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﻋﻦ ﺳﻠﺒﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺣﺪﻩ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ .ﻭﳚﺐ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﻣﱴ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻓﺪﻫﺎ ﺑﺎﳌﺜﺎﻻﺕ ﺍﳌﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﺎﻋﻴﻞ ،ﻓﻠﺤﻘﻬﻢ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻀﺮﺭ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﳚﺐ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﻓﻈﺎ ﻟﻠﻘﺼﺺ ﻭﺍﻷَﺧﺒﺎﺭ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺜﺒﺖ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺃﹶﻧﻔﻊ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺿﺮ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﺫﻥ ﻭﺍﳌﻨﻊ ،ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﻔﺎﻳﺔ. ﻟﻜﻦ ﺃﹶﻫﻢ ﻭﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﹶﻧﻔﻊ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻧﺴﺘﻘﺼﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻭﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﺄﹶﺗﻰ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺳﻨﻨﺎ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﻼﺹ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﻗﻮﺍﻣﻬﺎ .ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ﺍﳋﻄﲑﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﱵ ﺭﲰﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷَﻭﻝ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ
ﺍ َﻷﻭﻝ .ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ،ﲣﺘﻠﻒ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﲝﺴﺐ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ ،ﻭﻋﺪﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ. ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻐﻠﺐ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺇﹺﺫﺍ ﻟﻄﻢ ﺍﳌﺮﺅﻭﺱ .ﻭﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳊﺮﻳﺔ ،ﺍﻟﻌﺪﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﻄﻢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻄﻤﻬﺎ. ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺃﹶﺭﺑﻊ :ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺴﺔ ،ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ،ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﻴﺔ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻻ ﺍﻟﺸﺨﺺ .ﺩ ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﺒﺨﺖ ﻻ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺌﻬﺎﻝ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻷَﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺣﺪ ﻓﻀﻞ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺧﺴﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺴﻠﻂ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺪﻧﻴﲔ ﺑﺄﹶﺩﺍ ِﺀ ﺍﻹِﺗﺎﻭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻐﺮﱘ ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻔﻘﺔ ﻟﻠﺤﻤﺎﺓ ﻭﺍﳊﻔﻈﺔ ﻭﻻ ﻋﺪﺓ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻷُﺧﺮ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻥ ﲢﺼﻞ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷَﻭﻝ .ﻓﺈﹺﻥ ﺟﻌﻞ ﳍﻢ ﺣﻈﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ .ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﳚﻌﻞ ﳍﻢ ﺣﻈﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷَﻭﻝ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﳏﺎﻣﺎﺗﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﳏﺎﻣﺎﺓ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪﻩ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷَﺩﺏ ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﲟﺎ ﺗﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﲟﺎ ﺗﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﳍﻢ ﻫﻢ ﻣﺘﺴﻠﻄﻮﻥ ﲜﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺼﻞ ﺑﻪ ﺻﻼﺡ ﺣﺎﻝ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻫﻞ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﻗﺘﺪﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻠﺢ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﺃﹶﻫﻞ ﺣﺰﻡ ﻭﲢﺮﺯ ﳑﺎ ﺷﺄﹾﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺴﺪ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﲰﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺁﺭﺍﺅﻫﺎ ﻭﺃﹶﻓﻌﺎﳍﺎ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﻷَﺧﻴﺎﺭ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﺎ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻓﻘﻂ .ﻭﻫﺬﻩ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺎﻹِﻣﺎﻣﻴﺔ ،ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺇﹺﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﺍﻷَﻭﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻜﺎﻩ ﺃﹶﺑﻮ ﻧﺼﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺐ ﺍﳌﻠﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﺣﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﻴﺔ ﻭﺃﹶﻻ ﻳﻨﻘﺼﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻲﺀ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺸﺎﺭﻛﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻀﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻷَﺧﻴﺎﺭ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﻥ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﻏﲑ ﻣﺘﺒﺪﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻫﻮﺭ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺳﻨﺘﻨﺎ ﺍﻹِﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﲑ ﺫﺍﺕ ﺳﻨﻦ ﳏﺪﻭﺩﺓ ،ﺑﻞ ﻳﻔﻮﺽ ﺍﻷَﻣﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﲔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲝﺴﺐ ﺍﻷَﻧﻔﻊ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻭﻗﺖ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳜﻔﻰ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﲰﻨﺎ ﺑﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻏﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻷَﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ .ﻓﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳉﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﳊﺮﻳﺔ ،ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺧﺴﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ،ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ،ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ. ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﻦ ﻏﲑ ﻣﺘﺒﺪﻟﺔ ﻓﻐﺎﻳﺔ ﻭﺍﺿﻌﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺤﻔﻆ ﻭﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺱ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺑﺘﺒﺪﻝ ﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﻭﺍﻷَﻣﻜﻨﺔ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻟﻴﺲ ﺗﻠﻔﻰ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻧﻠﻔﻰ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﻛﺒﺔ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﺍﻵﻥ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﺆﻣﻠﺖ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﻭﺗﻐﻠﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻧﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﹺﱃ ﻏﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻧﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻨﺎ ﺍﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﺘﻠﻚ ﺍ َﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻚ
ﺑﺎﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﻧﺮﻭﻡ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻓﻴﻬﺎ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﳛﺚ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻣﻘﻨﻌﺔ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺸﲑﻭﻥ ﻬﺑﺎ ﺫﻭﻱ ﺻﻼﺡ ﻭﺣﺴﻦ ﻓﻌﻞ ،ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻟﻨﺎ ﻭﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻴﻨﺎ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻨﺎ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﳓﺚ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﰲ ﺍﳊﺚ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﺷﺪ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻻ ﻧﺸﲑ ﺇﹺﻻ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻨﺎ ﺃﹶﻭ ﳓﻦ ﻋﺎﺯﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻨﺎ .ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻨﺒﻂ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ .ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﹶﻳﻦ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﳌﻘﻨﻌﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﰲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ، ﻭﻛﻢ ﺃﹶﳓﺎﺀُ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﺬﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻔﻲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻓﻨﺤﻦ ﻗﺎﺋﻠﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﻴﺼﺔ ﻭﺍﳉﻤﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ،ﻷَﻥ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﻭﻳﺬﻡ .ﻭﻳﻠﺤﻖ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻨﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺡ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎ َﻷﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻧﻘﺪﺭ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺡ ﻏﲑﻧﺎ ﻧﻘﺪﺭ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺡ ﺃﹶﻧﻔﺴﻨﺎ .ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻔﻖ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻐﲑ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻓﻘﻂ ﻭﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﺮﺍﺟﻌﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻌﺮﺽ ﻛﺜﲑﺍ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﻮﻥ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺑﺄﹶﺷﻴﺎﺀ ﻏﲑ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻌﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻣﺪﺡ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﰲ ﻣﺪﺡ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺘﻨﻔﺴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﳌﺘﻨﻔﺴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﲤﺪﺡ ﺑﺄﹶﺷﻴﺎ ِﺀ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺑﻐﲑ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻣﺎ. ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻫﻮ ﳑﺪﻭﺡ ﻭﺧﲑ ﻭﻟﺬﻳﺬ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻧﻪ ﺧﲑ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﻓﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﲨﻴﻠﺔ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﻷَﻬﻧﺎ ﺧﲑ ﻭﻫﻲ ﳑﺪﻭﺣﺔ. ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ :ﻫﻲ ﻣﻠﻜﺔ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﺑﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﻫﻮ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺧﲑ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﺎﻓﻈﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻪ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﳓﻮ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ،ﺟﻠﻴﻞ ﺍﻟﻘﺪﺭ ،ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﺄﹾﻥ ﰲ ﺣﺼﻮﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻨﻪ. ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺃﹶﺟﺰﺍ ُﺀ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ :ﻓﺎﻟﱪ ﺃﹶﻱ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﳌﺮﻭﺀَﺓ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ ﻭﻛﱪ ﺍﳍﻤﺔ ﻭﺍﳊﻠﻢ ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻠﺐ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﰲ ﺫﺍﺕ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﰲ ﺃﹸﻧﺎﺱ ﺁﺧﺮﻳﻦ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﰲ ﺃﹸﻧﺎﺱ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻡ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺁﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﰲ ﺣﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﺣﺎﻝ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺁﺛﺮ ﰲ ﻭﻗﺖ ﺍﳊﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺴﻠﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻓﻤﺆﺛﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭﺍﳊﺮﺏ ﲨﻴﻌﺎ .ﻭﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺴﺨﺎ ِﺀ ﻭﺍﳌﺮﻭﺀَﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﶈﺎﻭﻳﺞ ﺁﺛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻏﲑ ﺍﶈﺎﻭﻳﺞ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﳌﺮﻭﺀَﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺨﺎ ِﺀ ﺑﺎﻷَﻗﻞ ﻭﺍﻷَﻛﺜﺮ،ﻷَﻥ ﻓﻌﻞ ﻛﻠﺘﻴﻬﻤﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻟﻜﻦ ﺍﳌﺮﻭﺀﺓ ﻫﻲ ﻓﻌﻞ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺴﺨﺎ ِﺀ. ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﱪ ﻓﻬﻮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻳﻌﻄﻰ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻬﺑﺎ ﻟﻜﻞ ﺍﻣﺮﺉ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﺄﹾﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ .ﻭﺍﳉﻮﺭ ﻫﻮ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﺑﻪ ﺍﳌﺮﺀ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻓﻔﻀﻴﻠﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻬﺑﺎ ﻓﻌﺎﻻ ﻟ ﻸَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﳊﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻔﻌﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﺧﺎﺩﻣﺎ ﻟﻠﺴﻨﺔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﱭ ﻓﻀﺪ ﻫﺬﺍ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﻓﻔﻀﻴﻠﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﰲ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﺠﻮﺭ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ.
ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺴﺨﺎ ُﺀ ﻓﻔﻀﻴﻠﺔ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻭﺍﻟﺪﻧﺎﺀﺓ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻛﱪ ﺍﳍﻤﺔ ﻓﻔﻀﻴﻠﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ .ﻭﺻﻐﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻨﺬﺍﻟﺔ ﺿﺪﻫﺎ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻠﺐ ﻓﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﺣﺴﻦ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻟﻪ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺃﹶﺟﺰﺍﺋﻬﺎ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﳑﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻌﺴﺮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻥ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺄﹶﺩﺏ ﻭﺍﻻﺭﺗﻴﺎﺽ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﲢﺼﻞ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻫﻲ ﺃﹶﻣﻮﺭ ﺣﺴﺎﻥ ﻭﳑﺪﻭﺡ ﻬﺑﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻔﻀﺎﺋﻞ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﻭﻫﻲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻭﺃﹶﻋﺮﺍﺿﻬﺎ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ ﳍﺎ ﻭﺃﹶﻓﻌﺎﳍﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺴﻨﺔ ﳏﻤﻮﺩﺓ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﻻ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﳏﻤﻮﺩﺓ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﺃﹶﻭ َﻣ ْﻦ ﻓﻌﻞ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﻓﻌﻠﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﳍﻢ ﻣﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺤﻖ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻻ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻣﺎ ﺑﺬ ﹸﻝ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴﺨﺎ ِﺀ .ﻟﻜﻦ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺒﺬﻳﺮ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﱵ ﻻ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻗﺒﻮﻟﻪ ﺇﹺﻳﺎﻩ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻌﻞ ﳑﺪﻭﺡ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﲟﻤﺪﻭﺡ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻬﺎﻧﺔ ﻭﺿﻴﻢ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺄﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﳑﺪﻭﺣﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﺪﻝ .ﻭﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﺰﺍﺅﻫﺎ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻓﻘﻂ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺰﺍﺅﻫﺎ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺟﺰﺍﺅﻫﺎ ﺍﳌﺎﻝ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻞ ﳚﺎﺯﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ ،ﻓ ﹶﻔﻌَﻠﻪُ ﻓﺎﻋﻞﹲ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻣﺪﺡ ﺑﻪ ﻭﻛﻞ ﻣﺎﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻻ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺪﺡ ﺑﻪ .ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺧﲑﺍﺕ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ﻛﺬﻟﻚ ﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ. ﻭ َﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺧﲑﺍﺕ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺎﺭﺓ ﻟﻠﻔﺎﻋﻞ ،ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻳﻀﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻀﺮ ﺑﻪ .ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﲣﺘﺺ ﺑﺈﹺﻛﺮﺍﻡ ﺍﻷَﻣﻮﺍﺕ ﳑﺪﻭﺣﺔ ﻷَﻥ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻟ ﻸَﺣﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻐﲑ ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻣﻨﻪ ﺿﺮﺭٌ ﻓﻬﻮ ﳑﺪﻭﺡ ﺑﻪ .ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳑﺪﻭﺡ ﺑﻪ ﺃﹶﻳﻀﺎ ،ﻷَﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻋﺪﻝ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﻪ .ﻭﳑﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺫﻭ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺃﹶﻥ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﺘﻀ ﺢ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺆﺩّﻬﺑﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻧﺼﺮﺓ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﳏﻤﺪﻬﺗﻢ ﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ .ﻭﺍﳋﺠﻞ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﳑﺎ ﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﻴﺎ َﺀ ﳝﻨﻌﻪ ﻋﻦ ﺇﹺﺗﻴﺎﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ .ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻋﺪﻡ ﺍﳊﻴﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻋﻼﻣﺔ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﳍﺎ ﺃﹶﻭ ﻫﻮ ﻣﺰﻣﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻠﻬﺎ .ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﻰ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﺮﺽ ﻻﻣﺮﺃﹶﺓ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﻣﺸﻬﻮﺭﺍ ﻋﺮّﺽ ﳍﺎ ﺑﺎﻟﻘﺒﻴﺢ ،ﺑﺄﹶﻥ ﻗﺎﻝ ﳍﺎ :ﺇﹺﱐ ﺃﹸﺭﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻗﻮﻝ ﻗﻮﻻ ﳝﻨﻌﲏ ﻋﻨﻪ ﺍﳊﻴﺎﺀ ،ﻓﺤﻠﻤﺖ ﻋﻨﻪ ﻭﱂ ﲡﺒﻪ ﺑﻘﻮﻝ ﻗﺒﻴﺢ ﻭﱂ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﺄﹶﱂ ﻭﻻ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻯ ﳌﻜﺎﻥ ﻓﻀﻴﻠﺘﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﺣﺪﺍ ﻻ ﻳﻌﺮّﺽ ﳍﺎ ﻻ ﲟﺜﺎﻝ ﻭﻻ ﺑﻘﻮﻝ ﻛﻠﻲ ،ﻭﳘﺎ ﺻﻨﻔﺎ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﺟﻌﻠﺖ ﺗﻨﺺ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﲤﺪﺡ ﺃﹶﻫﻠﻬﺎ ﻭﺗﺘﻌﺼﺐ ﳍﻢ ﻭﲢﺎﻣﻲ ﻋﻨﻬﻢ .ﻭﻛﺎﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ َﻣ ْﻦ ﻣﻌﻬﺎ ﱂ ﻳﺄﹾﻧﻔﻮﺍ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻟﺘﻌﺮﻳﻀﻪ ﻟﻌﻠﻤﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻻ ﻳﺘﻬﻢ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﻟﻸَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﺴﺐ ﺍﺠﻤﻟﺪ ﻭﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﲡﻌﻞ ﺍﳌﺘﻌﺼﺐ ﳍﺎ ﻭﺍﶈﺎﻣﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲢﺼﻞ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻻ ﲟﺠﺎﻫﺪﺓ ﻛﺒﲑﺓ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻔﺎﻑ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺻﺎﺭﺕ ﻟﻪ
ﻣﻠﻜﺔ ﺑﺘﺮﺩﺍﺩ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﳍﺎ ﻭﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺽ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﱵ ﺍﻗﺘﺼﺼﻨﺎ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻗﺪ ﻳﺼﲑ ﻬﺑﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲢﺼﻞ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻻ ﲟﺠﺎﻫﺪﺓ ﻛﺒﲑﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻹِﻧﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﲑ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﺴﺘﻔﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻫﻮ ﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﱪ ﻗﺪ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﻤﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻬﻧﻤﺎ ﻧﺎﻓﻌﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﳘﺎ ﲨﻴﻼﻥ .ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻋﺪﺍ ِﺀ ﻭﻻ ﻳﺮﺿﻰ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ ﺣﺎﻝ ﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻮ ﺟﺰﺍﺀ ،ﻭﺍﳉﺰﺍ ُﺀ ﻋﺪﻝ ،ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﲨﻴﻞ .ﻭﳏﺒﺔ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻭﳏﺒﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﻤﺎ ﻷَﻬﻧﻤﺎ ﻋﻼﻣﺘﺎﻥ ﺗﺪﻻﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﺛﺎﺭ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻻ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﻣﺎﻝ ﻬﺑﻤﺎ .ﺃﹶﻣﺎ ﳏﺒﺔ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻓﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻳﺜﺎﺭ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﳏﺒﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻓﻌﻠﻰ ﺇﹺﻳﺜﺎﺭ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻷَﺛﲑﺓ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﻣﻘﺘﻨﻴﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﻣﺎﻝ ﻷَﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﱵ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﳏﻔﻮﻇﺎ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﺍﶈﻤﻮﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻡ ﺍﻟﱵ ﳚﻌﻠﻮﻬﻧﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺬﻭﻱ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻓﲑ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻑ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻮﻓﲑ ﺷﻌﺮﻩ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﻮﻓﻮﺭﻯ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻻ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﲟﻮﻓﻮﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻻ ﳝﺘﻬﻨﻮﻥ ﺑﺄﹶﻱ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﺗﻔﻘﺖ .ﻭﺍﻷَﺯﻳﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺨﺬ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺃﹶﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﹺﺇﱃ ﺁﺧﺮﻳﻦ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻜﺘﻔﻴﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺄﺧﺬ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ :ﻓﻴﻤﺪﺡ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻮﻫﻢ ﹶﺃﻬﻧﺎ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻮﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﺮﺽ ﺃﹶﻥ ﻭﺟﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻓﺘﻮﻫﻢ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻓﻀﺎﺋﻞ :ﺍﻟﻌﻰّ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﳊﻠﻴﻢ ،ﻓﻴﻮﻫﻢ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺣﻠﻴﻢ ،ﻭﺍﻟﺒﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻨﻪ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺴﻤﺖ ﻓﻴﻮﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺫﻭ ﲰﺖ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﱘ ﺍﳊﺲ ﻗﺪ ﻳﻮﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﻔﻴﻒ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻪ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻌﻔﻴﻒ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺘﻬﻮﺭ ﻗﺪ ﻳﻮﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺷﺠﺎﻉ ،ﻭﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺮﱘ. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻮﻫﻢ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻧﻘﻴﺼﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻨﻘﻴﺼﺔ ،ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻜﺒﲑ ﺍﳍﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺠﺎﰱ ﻋﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﻓﻴﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻐﻠﻂ ﻭﻳﻨﺨﺪﻉ .ﻭﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﳍﻤﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺼﻨﻊ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻮﻑ ﻛﺒﲑ ﻭﻻ ﺿﺮﺭ ﺷﺪﻳﺪ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﻗﺪ ﻳﻮﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻋﻜﺲ ﻫﺬﺍ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﻨﺨﺪﻉ ﺇﹺﻧﻪ ﻛﺒﲑ ﺍﳍﻤﺔ .ﻭﳑﺎ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻳُﻌﻄﻲ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀﻩ ﻭﻏﲑ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻭﻣﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﺷﺮﻑ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺴﺨﺎ ِﺀ ﻫﻮ ﺑﺬﻝ ﺍﳌﺎﻝ ﻟﻠﻜﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﲝﻀﺮﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺒﻮﻥ ﺍﳌﻤﺪﻭﺡ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﻘﺮﺍﻁ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﺪﺡ ﺃﹶﻫﻞ ﹶﺃ ﺛﻴﻨﻴﺔ ﺑﺄﹶﺛﻴﻨﻴﺔ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﳑﺪﻭﺡ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻣﻪ ﻭﺃﹶﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﳜﺘﻠﻒ. ﺡ ﺍﻵﺑﺎ ِﺀ ﻭﺫﻛ ُﺮ ﻣﺂﺛﺮﻫﻢ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﻭﻣﺪﺡ ﺍﳌﺮﺀ ﲟﺎ ﺗﺴﻤﻮ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﳘﺘﻪ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺪﺡ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﺪ ُ ﺍﳌﺮﺍﺗﺐ ﻭﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﳍﻤﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮﺏ ﻬﺑﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺗﺐ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺬﻳﻦ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﻔﻀﺎﺋﻞ ﺁﺑﺎﺅﻩ ﻭﲟﺎ ﻳﺆﻣﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻤﻮ ﳓﻮﻩ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ :ﻣﻦ ﺃﹶﻱ ﻣﺂﺛﺮ ﺍﺑﺘﺪﹶﺃ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺁﺑﺎﺋﻪ ،ﻭﺇﹺﱃ ﺃﹶﻱ ﻣﺂﺛﺮ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﳘﺘﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﻤﻮ ﻬﺑﻤﺘﻪ ﺇﹺﱃ ﻧﻴﻞ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﳝﺪﺡ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺑﺄﹶﺑﺂﺋﻪ ﻓﻘﻂ .ﻭﻛﺄﹶﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﲟﻨﺎﻗﺐ ﺍﻵﺑﺎ ِﺀ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺑﻔﻀﻴﻠﺔ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﻟﺴﻨﺎ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺮﻣﺖ ﺃﹶﻭﺍﺋﻠﻨﺎ ...ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺣﺴﺎﺏ ﻧﺘﻜﻞ ﻧﺒﲏ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻭﺍﺋﻠﻨﺎ ...ﺗﺒﲏ ﻭﻧﻔﻌﻞ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﻭﺇﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺑﺎﳌﺪﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﺫﻛﺮ ﺍﻵﺑﺎ ِﺀ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ: ﻧﻔﺲ ﻋﺼﺎﻡ ﺳﻮّﺩﺕ ﻋﺼﺎﻣﺎ ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﻴﺌﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﺸﻴﺌﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳝﺪﺡ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﳍﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﻧﺖ ﺑﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺗﺰﻳﻴﻨﺎ ﳍﺎ ﻭﺗﻔﺨﻴﻤﺎ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﳊﺴﺐ ﺍﳌﻘﺘﺮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﺨﺖ ﺍﳌﻘﺘﺮﻥ ﺑﺄﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﻭﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺘﺮﻥ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﻣﻊ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﺸﻴﺌﺔ ﻣﱴ ﺗﻜﺮﺭﺕ ﻣﺮﺍﺭﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺣﱴ ﺃﹶﻭﳘﺖ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻋﺮﺽ ﳍﺎ ﺫﻟﻚ ﻇﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻠﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﳜﺠﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﺮﺍﺭﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﳝﺪﺡ ﺍﳋﺠﻞ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺩﺧﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﺢ ﻷﻥ ﺍﳌﺪﻳﺢ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻳﺼﻒ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻫﻲ ﳑﺎ ﺗﻌﻈﻢ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﺢ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ :ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻟﻴﺲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﻻ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳊﺴﺐ ﻭﺍﳌﻨﺸﺄ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺗﻌﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﺎﺕ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﺘﺆﺧﺬ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺗﺜﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ :ﺇﹺﻥ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﻳﻮﻟﺪ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﺭ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺬﻡ :ﺇﹺﻥ ﺍﳊﻴﺔ ﺗﻠﺪ ﺍﳊﻴﺔ .ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﳛﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻓﻬﻲ ﺩﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺛﺒﺘﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﺨﺖ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﺇﹺﻬﻧﺎ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻫﻲ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ،ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﳉﻨﺲ .ﺑﻞ ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ ﺟﻨﺲ ﻟﻠﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳏﻴﻄﺎ ﻬﺑﺎ، ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﳛﺪﺙ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﺟﻨﺲ ﳛﻴﻂ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ .ﻭﻫﺬﺍﻥ ﺍﳉﻨﺴﺎﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﻣﺎ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ،ﻳﺪﺧﻼﻥ ﲨﻴﻌﺎ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﲔ ﳐﺘﻠﻔﺘﲔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻷَﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻔﻌﻞ، ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﹺﺇﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺫﻛﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺫﻛﺮﺍ ﻣﻄﻠﻘﺎ ،ﺃﹶﻣﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﻭﰲ ﺍﳌﺪﺡ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﺃﹶﻭ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ .ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﻭﺍﻟﻔﻀﻞ ﻟﻸَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ،ﺑﻞ ﻟ ﻸَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺭﻭﻳﺘﻪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺯﻳﺪ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﺍ :ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻌﺎﺩﻬﺗﻢ ﺑﺎﻟﺒﺨﺖ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻌﺎﺩﻬﺗﻢ ﻋﻦ ﺭﻭﻳﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻛﻔﻼﻥ ،ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺧﻼ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺪﺡ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺯﻳﺪ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﺍ :ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺑﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ،ﺩﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﺢ ﺗﺎﺭﺓ ﻭﰲ ﺍﻟﺬﻡ ﺃﹸﺧﺮﻯ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻇﻨﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﳐﺘﻠﻔﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻗﻮﻣﺎ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ،ﹺﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﲑ ﳏﺼﻞ ﻭﻻ ﻣﻜﺘﺴﺐ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ؛ ﻭﻗﻮﻡ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﻭﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺇﹺﻻﻫﻴﺔ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻋﻦ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻓﺎﳌﻤﺪﻭﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ ﺃﹶﺑﺪﺍﹰ ،ﻭﺍﳌﺬﻣﻮﻡ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺬﻡ ﺑﻪ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺗﻨﻤﻴﺘﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺃﹶﻧﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﺇﹺﻧﻪ ﺃﹶﻭﻝ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻫﺬﺍ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻗﺼﺔ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﻗﺎﺑﻴﻞ ،ﺃﹶﻭ ﺇﹺﻧﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻓﻌﻞ ﻫﺬﺍ ،ﺃﹶﻭ ﺇﹺﻧﻪ
ﻓﻌﻞ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﻳﺴﲑ ﻣﺎ ﺷﺄﹾﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﻛﺜﲑ ،ﺃﹶﻭ ﺇﹺﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻓﻌﻼ ﻛﺒﲑﺍ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻔﻴﺪ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻔﻌﻞ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﺇﹺﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﻳﻌﺴﺮ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ .ﰒ ﺇﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﳑﻦ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ ﰲ ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺃﹶﻗﻮﺍﻟﻪ ﻣﺮﺍﺭﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﻓﺈﹺﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻈﻴﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :ﺇﹺﻧﻜﻢ ﺃﹶﻳﻬﺎ ﺍﻟﺮﻫﻂ ﺃﹶﺋﻤﺔ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻜﻢ .ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﻬﺑﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ،ﺑﻞ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﻳﺔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺸﺒﻪ ﺑﺎﳌﻤﺪﻭﺡ ﺍﻷَﻭﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ ،ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺸﺒﻪ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ؛ ﺃﹶﻭ ﻳﺸﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺍﳌﻤﺪﻭﺣﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺎﺯﻉ ﺃﹶﺣﺪ ﰲ ﲪﺪﻫﻢ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳝﺪﺣﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﺳﻮﺍﻕ ،ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺸﺒﻪ ﻬﺑﻢ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ .ﻭﳑﺎ ﻳﻌﻈﻢ ﺍﳌﻤﺪﻭﺣﲔ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﺳﻮﺍ ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﻢ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﺄﹾﻬﻧﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺸﺒﻬﻮﺍ ﺑﺎﳌﻤﺪﻭﺣﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﻳﻘﺎﺳﻮﺍ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻌﻬﻢ ﺩﺍﺋﻤﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹸﻥ ﻳﺸﺒﻬﻮﺍ ﺑﺄﹸﻭﻟﺌﻚ ،ﻭﺃﹶﻥ ﳚﺮﻭﺍ ﳎﺮﺍﻫﻢ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻣﺮﺍﺗﺒﻬﻢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﰲ ﳕﻮ ﺩﺍﺋﻢ .ﻭﻣﻘﺎﻳﺴﺔ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ﻻ ﺗﺼﺢ ﺇﹺﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ،ﳌﻮﺿﻊ ﺣﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻯ ﻧﻘﺎﺋﺼﻪ ﺃﹶﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﻏﲑﻩ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻋﻈﻢ ،ﻭﻳﺮﻯ ﻓﻀﺎﺋﻠﻪ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﺻﻐﺮ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﳌﻘﺎﻳﺴﺔ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻬﺎ ﺍﻟﻔﻀﻼ ُﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﻰ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻋﻦ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺎﻳﺲ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ ،ﻭﳚﺮﻯ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﻧﻔﺴﻪ ،ﲟﻌﲎ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺃﹶﺛﺎﺏ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺭﺫﻳﻠﺔ ﻋﺎﻗﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻭﺍﳌﻘﺎﻳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﳌﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺰﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﻤﺪﻭﺣﲔ ﺟﺪﺍ .ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﳑﺪﻭﺣﻮﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﰲ ﳕﻮ ﺩﺍﺋﻢ ،ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬ ﻳﻦ ﺃﹶﺟﻬﺪﻭﺍ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻠﻐﻮﺍ ﻣﺒﻠﻎ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﲔ ،ﻓﻌﺠﺰﻭﺍ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻬﻢ ﳑﺪﻭﺣﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ .ﻭﻫﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺩﺍﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺗﺸﺮﻳﻒ ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻒ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺒﻪ ﺑﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﶈﻤﻮﺩﻳﻦ ،ﻓﺈﹺﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺗﺸﺮﻳﻔﺎ ﻟﻠﻤﻤﺪﻭﺡ ﻭﺩﻻﻟﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ .ﻭﲨﻠﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻷَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﻷَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﻬﻮ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﳝﺪﺡ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﻳﺬﻡ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﺍﳌﻌﺘﺮﻑ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﺎ .ﻭﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﻮﺟﻮﺩ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﳌﻌﺪﻭﻡ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ ﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺎﺩﺡ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﻒ ﺟﻼﻟﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﻬﺑﺎﺀﻩ ﻭﺯﻳﻨﺘﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻭﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﻓﻬﻮ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﺸﻮﺭﺓ ،ﻷَﻥ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺘﺼﺮﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺳﻠﻔﺖ ﳓﺪﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﻜﻮﻥ .ﻭﺇﹺﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻭﺍﻟﻌﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺳﻠﻔﺖ ﳓﻦ ﻟﻪ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻗﺒﻮﻻ ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﺎ ﻻﻧﻘﻀﺎﺋﻪ ﻭﺗﺼﺮﻣﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳉﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ. ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﺠﻤﻴﻊ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﻘﺎﻳﺴﺔ ﲟﻦ ﺳﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﶈﻤﻮﺩﻳﻦ ﻭﺍﳌﺬﻣﻮﻣﲔ .ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺎﺩﺡ ﻭﺍﻟﺬﺍﻡ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﲝﻀﺮﺓ َﻣ ْﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﺃﹶﻭ ﺍ ﻟﺬﻡ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﲝﻀﺮﺓ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀِ ،ﻭﻳﺬﻡ ﲝﻀﺮﺓ ﺍ َﻷﻋْﺪﺍ ِﺀ .ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﻒ ﺫﻛﺮﻫﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﻓﺎﻋﻼﻬﺗﺎ ﻭﻋﻼﻣﺎﻬﺗﺎ ﻭﺃﹶﻋﺮﺍﺿﻬﺎ .ﻭﻫﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﳑﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺗﻌﺮﻑ ﺣﺪﻭﺩ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﺪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺿﺪﻩ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﺿﺪﺍﺩ ﺗﻠﻚ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻧﺎ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻟﻴﺲ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺪﺡ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺬﻡ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ
ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ،ﻭﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻥ ﳔﱪ ﻣﻦ ﻛﻢ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺗﺄﹾﺗﻠﻒ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ،ﻭﻧﻌﺮﻑ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ .ﻭﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻫﻲ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳉﺎﺋﺮ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﺠﻤﻟﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻓﻤﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻥ ﲢﺼﻰ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻇﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﺟﺎﺭ ،ﻭﺃﹶﻥ ﳔﱪ ﻣﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ ﻓﺄﹶﻥ ﳓﺼﻰ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺪﺍ ﻷَﻥ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺄﹾﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﺄﹶﻥ ﳔﱪ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﲟﺎﺫﺍ ﻣﻦ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺟﺎﺋﺮﻳﻦ ،ﻭﺑﺄﹶﻱ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻳﺘﺄﹶﺗﻰ ﺍﳉﻮﺭ ،ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺘﺄﹶﺗﻰ ﺫﻟﻚ ﳍﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﳔﱪ ﻣﺎ ﺍﳉﻮﺭ ،ﰒ ﻧﺼﲑ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﳉﻮﺭ :ﻫﻮ ﺇﹺﺿﺮﺍﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﻮﻋﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﻟﻠﺴﻨﺔ .ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﲔ :ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﻣﺔ. ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻨﺴﻰ ﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﺘﺐ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﻗﻮﻣﺎ ﻗﻮﻣﺎ ﻭﺃﹸﻣﺔ ﺃﹸﻣﺔ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﻬﺑﺎ ﺍﳉﻤﻴﻊ ،ﻣﺜﻞ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺷﻜﺮ ﺍﳌﻨﻌﻢ. ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﻮﻋﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﺑﻪ ﻏﲑ ﻣﻜﺮﻩ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹺﻛﺮﺍﻫﺎ ﳏﻀﺎ ،ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻌﺪ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﳑﺎ ﻳﻬﻮﺍﻩ ﻭﻳﺘﺸﻮﻗﻪ .ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻃﻮﻋﺎ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺭﻭﻳﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﳍﺎ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻻ ﻋﻦ ﺭﻭﻳﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻦ ﺿﻌﻒ ﺭﻭﻳﺔ ،ﳌﻜﺎﻥ ﺧﻠﻖ ﺭﺩﻱﺀ ﺃﹶﻭ ﻋﺎﺩﺓ .ﻭﻫﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﻦ ﺭﻭﻳﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻋﻦ ﻋﻠﻢ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﺃﹶﻭ ﻋﻦ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺃﹶﻓﻌﺎﻻ ﺿﺎﺭﺓ ﺃﹶﻭ ﻏﺎﺷﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳐﺘﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺿﺮﺭ ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ،ﻳﺘﻌﺪﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺟﺎﺋﺮﻭﻥ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺷﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺿﻌﻒ ﺭﺃﻱ .ﻭﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﺎﻫﻞ ﺷﺮﻳﺮ ﺟﺎﺋﺮ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﻪ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﺒﻪ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺸﺒﻖ ﻭﺍﻟﺸﺮﻩ ،ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳉﱭ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻔﺎﺭﻕ ﺍﳉﺒﺎﻥ ﺃﹶﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻳﺴﻠﻤﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﺩﱏ ﺷﺪﺓ ﺗﻨﺰﻝ ﺑﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳏﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻗﺪ ﻳﻔﺎﺭﻕ ﺃﹶﺻﺤﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺣﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﶈﺒﻮﻥ ﻟﻠﻐﻠﺒﺔ ﻳﻔﺎﺭﻗﻮﻥ ﺃﹶﺻﺤﺎﻬﺑﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺣﺐ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ .ﻭﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺫﻭ ﺍﳊﻤﻴﺔ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻭﺍﻷَﻧﻔﺔ ﻗﺪ ﻳﻀﺮ ﺑﺄﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻋﺎﺭ ﻳﻠﺤﻘﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﺎﻫﻞ ﺍﻷَﲪﻖ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻠﺘﺒﺲ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺑﺎﳉﻮﺭ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻮﻗﺎﺡ ﻓﻴﻔﻌﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻟﻘﻠﺔ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﰲ ﺍﳊﻤﺪ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻠﺠﻮﺭ ﻻ ﻋﻦ ﺭﻭﻳﺔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﻭﳑﺎ ﻳﺄﰐ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ،ﻭﺃﹶﻬﻧﺎ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺭﺩﻱﺀ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﺭﺩﻱﺀ .ﻭﺍﻷَﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ ﺗﻌﺮﻑ ﳑﺎ ﺗﻘﺪﻡ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺗﻌﺮﻑ ﳑﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ،ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻨﺎ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﳔﱪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻣﺎﺫﺍ ﳚﻮﺭ ﺍﳉﺎﺋﺮﻭﻥ ،ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺠﺎﺋﺮﻳﻦ ﺃﹶﻥ ﳚﻮﺭﻭﺍ ،ﻭﰲ ﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﳚﻮﺭﻭﻥ .ﻏﲑ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻧﺒﺘﺪﺉ ﻓﻨﺒﻴّﻦ ﹶﺃﻱّ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻠﻬﺎ ﳚﻮﺭﻭﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺷﺘﺎﻗﻮﻫﺎ ﺟﺎﺭﻭﺍ ،ﺃﹶﻭ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺮﻫﻮﻫﺎ ﺟﺎﺭﻭﺍ ﺃﹶﻳﻀﺎ .ﻭﻫﻮ ﺑﻴﱠﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﻜﻮ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳُﺸﻜﻰ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻛﻢ ﻫﻲ ،ﻭﺃﹶﻱ ﻫﻲ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﻛﻤﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﲝﺴﺐ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ.
ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﺃﹶﻣﺮ ﻭﻛﻴﺪ ﰲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻹِﻧﺴﺎﱐ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﺮﻯ ﻛﺜﲑ ﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﺸﻜﻮﺍ ،ﺃﹶﺿﺮﻭﺍ ﺑﺄﹶﻗﺮﺑﺎﺋﻬﻢ ﻭﺇﹺﺧﻮﺍﻬﻧﻢ. ﻭﻛﻞ ﻓﺎﻋﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳉﻮﺭ ،ﻓﺈﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﻦ ﺍﺭﺍﺩﺗﻪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻻ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﲝﺴﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ .ﻭﻫﺬﺍ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﻫﻔﻮﺓ ﻭﻓﻠﺘﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ :ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻲﺀ ﺍﳋﻠﻖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻗﺎﺳﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻃﻮﻋﺎ ،ﺑﻞ ﻋﻦ ﻭﻋﻴﺪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺃﹶﻭ ﻬﺗﺪﻳﺪ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎ ِﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﻔﺮﺩﺍ ﻋﻠﺔ ﻛﻮﻧﻪ ،ﻻ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎ ِﺀ ﻧﻔﺴﻪ :ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﺎﺩﺓ ﺭﺩﻳﺌﺔ ﺃﹶﻭ ﺧﻠﻖ ﺭﺩﻱﺀ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺷﻬﻮﺓ ﻭﺷﻮﻕ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺸﻮﻕ :ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺷﻮﻕ ﻣﻈﻨﻮﻥ ﻧﻄﻘﻲ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺷﻮﻕ ﺧﻴﺎﱄ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺷﻮﻕ ﺧﻴﺎﱄ :ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺷﻮﻕ ﻏﻀﱯ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺷﻬﻮﺓ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﺎﳉﺎﺋﺮﻭﻥ ﳚﻮﺭﻭﻥ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﳌﻜﺎﻥ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻷَﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻜﺮﺍﻩ ،ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻷَﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﳋﻠﻖ ،ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ ،ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻭﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ؛ ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻋﺪﻯ ﺍﻟﺬﻳﻴﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻫﻲ ﺃﹶﻗﺴﺎﻡ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻗﺴﻤﺔ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﳉﺎﺋﺮﺓ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷَﺳﻨﺎﻥ ﻭﺍﳍﻤﻢ ﻭﺍﳉﺪﻭﺩ ﻗﺴﻤﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ .ﻷَﻥ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﻮﺭﻫﻢ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻓﻠﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻏﻠﻤﺎﻥ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻏﻀﻮﺑﲔ ﹶﺃﻭ ﺷﻬﻮﺍﻧﻴﲔ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺘﺎﻗﻮﺍ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺎﻝ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻷَﻏﻨﻴﺎ ِﺀ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﺎﻗﺘﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟ ﻸَﻏﻨﻴﺎ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺘﺎﻗﻮﺍ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺎﻝ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀِ .ﻓﻤﱴ ﻧﺴﺐ ﺍﻷَﻏﻨﻴﺎﺀ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﺟﻨﺲ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺱ ﻓﻠﻴﺲ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺍ ﻟﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﻐﲎ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ،ﺑﻞ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻐﲎ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﳍﻤﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻧﺴﺐ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﻓﻠﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﺃﹶﻭﻻ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﳍﻤﻢ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﹶﻭ ﻷَﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﻭﻻ ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﹶﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﳉﻮﺭ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﺑﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻔﺠﺎﺭ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺇﹺﻬﻧﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﳘﻤﻬﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﻋﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﺃﹶﻭ ﻋﻦ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻋﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ،ﻭﻫﻢ ﺫﻭﻭ ﺍﳍﻤﻢ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ؛ ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻔﺠﺎﺭ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ،ﻭﺍﻷَﺑﺮﺍﺭ ﻋﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﻔﻴﻒ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻟﺬﻳﺬﺓ ،ﻭﺍﻟﻔﺎﺟﺮ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺭﺩﻳﺌﺔ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺑﺄﹶﺧﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ ﳍﺬﻩ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ ﺃﹸﻭﱃ ﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﳉﻮﺭ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺘﺠﻨﺐ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﺻﻼ، ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺃﹶﺳﻮﺩ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺑﻴﺾ ﺃﹶﻭ ﺿﺨﻤﺎ ﺃﹶﻭ ﳓﻴﻔﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻗﺪ ﻳﻠﺤﻘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ. ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺬﻛﺮ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﻧﺎ ﻗﺒﻞ ،ﺍﻷَﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﱵ ﺗﻐﲑ ﺍﳋﻠﻖ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻧﻔﻴﺴﺎ ﺃﹶﻭ ﺟﺴﻤﺎﻧﻴﺎ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺍﻟﺼّﺒﺎ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻐﲎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻓﺘﻘﺮ ﻇﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺻﻐﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺍﺳﺘﺤﻴﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﺼﻨﻌﻪ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺛﺮﻯ ﻇﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﻭﱂ ﻳﺴﺘﺢ ﻣﻦ ﺷﻲ ٍﺀ .ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺳﻴﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻓﻨﺮﺟﻊ ﺇﹺﱃ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﺑﺴﺒﻴﻠﻪ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﺒﻴﻨﺖ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﺠﻮْﺭ ،ﺗﺒﻴﻨﺖ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻐﺎﺋﻴﺔ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﻮﺭﻭﻥ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﻓﻠﻴﺲ ﳍﻢ ﻏﺎﻳﺔ ﳏﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻮْﺭﻫﻢ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﻻ ﺃﹶﻛﺜﺮﻳﺎ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﻠﻜﺔ ﻭﻫﻴﺌﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺎ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻟ ﻸَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻗﻞ، ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻭﻏﺮﻳﺰﺗﻪ ﻓﻬﻮ ﻋﻦ ﻫﻴﺌﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺭﺍﺳﺨﺔ.
ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﺑﺼﻔﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮﻳﺎ .ﻭﻏﺎ ﻳﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﻴﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﻨﻮﻥ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻓﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﲡﺮﻯ ﳎﺮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﻓﻘﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻨﺴﻮﺏ ﺇﹺﱃ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﹺﱃ ﺷﻲ ٍﺀ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺒﺪﺅﻫﺎ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻩ ،ﻓﻐﺎﻳﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﳉﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ؛ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻩ ﻳﻌﺮﺽ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻐﺎﻳﺘﻪ :ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﺕ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺧﲑ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻧﺎﻓﻊ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﻟﻠﺬﺓ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻓﻐﺎﻳﺘﻪ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﺜﺄﺭ .ﻭﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﺜﺄﺭ ﻫﻮ ﺷﻲﺀ ﻏﲑ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳌﻌﺎﻗﺐ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻟﻸَﺻﻠﺢ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﻟ ﻸَﺻﻠﺢ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﺃﹶﻭ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ ﺑﻨﻔﺲ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ .ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﳌﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﺔ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻗﺼﺪ ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﲎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﳚﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﲟﺜﻞ ﻣﺎ ﺟﲎ .ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻵﺧﺬ ﺑﻪ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻮﺍﺣﻘﻪ ﻓﺴﻴﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﳋﻠﻖ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﺬﺓ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺳﺒﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻷَﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﻌﻞ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎ ِﺀ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺓ. ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻩ ﺷﱴ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻠﺘﺬ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﳉﻮﺭ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎ ِﺀ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺧﲑﺍﺕ ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺧﲑﺍﺕ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻟﺬﻳﺬﺍﺕ ،ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﺬﻳﺬﺍﺕ .ﻷَﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎ ِﺀ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﺧﲑ ﻋﺎﺟﻞ ﺃﹶﻭ ﺁﺟﻞ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﺷﺮ ﻳﻨﺎﳍﻢ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﺑﻪ ﺧﲑﹰﺍ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻘﺪﻭﻥ ﲝﺪﻭﺙ ﺍﻟﺸﺮ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻨﺪﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﺃﹸﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﻣﻨﻪ ﻳﺴﲑﹰﺍ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﳔﺘﺎﺭ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺗﻌﺠﻴﻞ ﺍﶈﺰﻧﺎﺕ ﻭﺍﳌﺆﺫﻳﺎﺕ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﻘﺪﻧﺎ ﺃﹶﻧﻨﺎ ﻧﻨﺎﻝ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﻵﺟﻞ ﺧﲑﹰﺍ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﺃﹶﻭ ﺷﺮﹰﺍ ﺃﹶﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻧﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ. ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﰲ ﻭﺟﻮﻩ ﺷﱴ .ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﺎﻗﻪ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻓﻬﻮ ﺇﹺﻣﺎ ﻧﺎﻓﻊ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﺬﻳﺬ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺍﺕ ﻛﻢ ﻫﻲ ﻭﺃﹶﻱ ﻫﻲ .ﻟﻜﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻔﺮﺩ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺍﺕ .ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻭﺗﻮﻓﻴﺔ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ ﺍﻵﻥ: ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻫﻮ ﺗﻐﲑ ﺇﹺﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﲢﺪﺙ ﺑﻐﺘﺔ ﻋﻦ ﺇﹺﺣﺴﺎﺱ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺣﺲ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﶈﺴﻮﺱ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ﻟﻠﺤﺎﺱ .ﻭﺍﳊﺰﻥ ﻭﺍﻷَﺫﻯ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﺗﻐﲑ ﺇﹺﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﲢﺪﺙ ﺑﻐﺘﺔ ﻋﻦ ﺇﹺﺣﺴﺎﺱ ﻏﲑ ﻃﺒﻴﻌﻲ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺘﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﺬ ﻫﻮ ﺍﶈﺴﻮﺳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗَﻔﻌﻞﹸ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ .ﻭﺍﳌﺆﺫﻳﺎﺕ ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻔﺴﺪﺍﺕ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﳊﺴﻴﺔ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺍﺕ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻟﺬﺓ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﻧﻔﻌﺎﻻ ﻻ ﻓﻌﻼ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﺬﻳﺬﺍ، ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻌﺘﺎﺩ ﻳﺼﲑ ﻛﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﺬﻳﺬ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﺍﺭﹰﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ .ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﺍﺭﹰﺍ ﻛﺜﲑﺓ،
ﻓﻬﻲ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ .ﻭﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﻜﺮﺍﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻩ ﻣﺆﺫﻳﺎ ﳏﺰﻧﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ :ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﺃﹶﻣﺮ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ﻓﻬﻮ ﻣﺆ ٍﺫ ﳏﺰﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺍﳉﺪ ﻭﺍﻟﺘﻌﺐ ﻣﺆﺫﻳﺎﺕ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺴﺮﹰﺍ ﻭﺑﺎﻟﻜﺮﻩ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻌﺘﺪﻫﺎ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﻓﻠﺬﻳﺬﺍﺕ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﺴﻞ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﱐ ﻭﳐﺎﻟﻔﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻟ ﻸَﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﻮﺩﻉ ﻭﺍﻟﻨﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ .ﻭﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﻠﺬﺓ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻫﻲ ﺗﺸﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ .ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻄﻘﻴﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻏﲑ ﻧﻄﻘﻴﺔ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﻐﲑ ﺍﻟﻨﻄﻘﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻬﻰ ﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﻭﻳّﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ .ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﻬﻧﺎ ﻣﺸﺘﻬﺎﺓ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﺎﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﺴﺪ ﻣﺜﻞ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﻟﻐﺬﺍ ِﺀ ﺍﳌﺴﻤﺎﺓ ﺟﻮﻋﺎ ،ﻭﺷﻬﻮﺓ ﺍﳌﺎ ِﺀ ﺍﳌﺴﻤﺎﺓ ﻋﻄﺸﺎ ،ﻭﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺑﻨﻮﻉ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻄﻌﻮﻡ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﺐ ﹺﺇﱃ ﺣﺲ ﺍﻟﻠﻤﺲ ﻭﺣﺲ ﺍﻟﺸﻢ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ ﻓﺈﹺﻬﻧﻤﺎ ﻳﺸﺘﻬﻴﺎﻥ ﻣﻊ ﻧﻄﻖ ﻣﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺗﻨﺸﺄ ﺷﻬﻮﺍﻬﺗﻤﺎ ﻣﻌﺮﺍﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﳌﻄﻌﻮﻡ ﻭﺍﳌﻨﻜﻮﺡ .ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﳊﺎﺳﺘﲔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻟﻠﻨﻄﻖ ﻣﻦ ﻏﲑﳘﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ؛ ﻭﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﳋﻄﻮﻁ ﻭﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ .ﻭﺍﻟﺴﻤﻊ ﺃﹶﺷﺪ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻟﻠﻨﻄﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻰ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻛﺜﲑﺍ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻯ ﻣﺎ ﲰﻊ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺸﺘﻬﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﺭﺃﹶﻯ .ﻷَﻥ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ ﺍﳊﺴﻲ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﳉﺴﻤﺎﱐ ﺃﹶﻛﺜﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﺨﻴﻞ ﻓﻬﻮ ﺣﺲ ﺿﻌﻴﻒ ،ﻳﻔﻌﻞ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﺇﹺﻣﺎ ﺫﻛﺮﺍﹰ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺗﺄﹶﻣﻴﻼ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻫﻮ َﻋ ِﺪ َﻡ ﺍﻟﺬﻛﺮَ ،ﻋ ِﺪ َﻡ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ ﻫﻮ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﳑﻜﻦ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻗﺪ ﺃﹶﺣﺴﺖ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻓﻤﱴ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ ﺿﺮﻭﺭﺓ .ﻭﹺﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺨﻴﻞ ﺣﺴﺎ ﻣﺎ ،ﻓﺒﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ ﻷَﻬﻧﻤﺎ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﺍﳊﺲ ،ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺍﺿﻄﺮﺍﺭﺍ ﰲ ﺍﳊﺲ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﶈﺴﻮﺳﺎﺕ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﰲ ﻣﺒﺎﺷﺮﻬﺗﺎ ﻭﺇﹺﺣﺴﺎﺳﻬﺎ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﰲ ﺫﻛﺮﻫﺎ؛ ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺲ ﳜﺘﺺ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ،ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ ﺑﺎﳌﺴﺘﺄﻧﻔﺔ .ﻭﺍﳌﺪﺭﻛﺎﺕ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻤﺎ ﻗﺮﺏ ﻋﻬﺪﻩ ﻳﻮﺟﺪ ﻏﲑ ﻟﺬﻳﺬ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺑﻌﺪ ﻋﻬﺪﻩ ﻭﺟﺪ ﻟﺬﻳﺬﺍ .ﻷَﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻛﺎﳌﻤﻠﻮﻝ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻳﺼﲑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻟﺒﻌﺪ ﻋﻬﺪﻩ ﺑﻪ ﻓﻴﺸﺒﻪ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ. ﻭﺫﻛﺮ ﺍﳌﺮﺀ ﺍﻟﻜﺪ ﻭﺍﻟﻨﺼﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺍﻧﻘﻀﻰ ﻭﲣﻠﺺ ﻣﻨﻪ ﻟﺬﻳﺬ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻜﺪﻭﺩ ﺍﳊﺮﻳﺺ ﻳﻠﺘﺬ ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻟﻜﺪ ﻭﺍﻟﺘﻌﺐ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﹶﳒﺢ ﺳﻌﻴﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﳒﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨ ﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻋﻠﺔ ﻟﻠﺬﺓ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﻠﺬﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻣﻞ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺳﺮﺕ ﺃﹶﻭ ﻧﻔﻌﺖ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻈﻦ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻣﻊ ﺟﻼﻟﺘﻬﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﻠﺤﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﺫﻯ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺎﳌﺆﻣﻼﺕ ﺍﻟﺬﻳﺬﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺍﻟﺴﻬﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻟﺬﻳﺬﺍ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻣﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﺎﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﳑﻜﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺃﹸﻭﻣﲑﻭﺵ ﻓﻴﻪ :ﺇﹺﻧﻪ ﺃﹶﺣﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﻄﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻞ .ﻭﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻻ ﺣﺎﺿﺮﺍ ،ﻭﻻ ﳑﺘﻨﻌﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻳﻐﻀﺐ ﺃﹶﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻪ ،ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺆْﻳَﺲ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻟﺮﺗﺒﺘﻪ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﹺﱃ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﱡﻮَﻕ ﻭﺍﳌﻠﻮﻙ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺟﺪﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻧﺴﺒﺔ .ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺗﻠﺰﻣﻬﺎ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﻫﻲ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺃﹶﻱ ﳏﺴﻮﺳﺔ ،ﺑﻞ ﻭﺗﻠﺰﻣﻬﺎ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﻫﻲ ﻣﺘﺨﻴﻠﺔ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻭﻥ ﻟﻠﺸﻲﺀِ ،ﺍﳌﺸﺘﻬﻰ ﻛﻴﻒ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮﻭﻧﻪ ،ﻗﺪ ﳚﺪﻭﻥ ﻟﻪ ﻟﺬﺓ ﻣﺎ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻵﻣﻠﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻔﺮﻭﺍ ﺑﺸﻲﺀ ﻗﺪ ﳚﺪﻭﻥ ﺑﻌﺾ ﻟﺬﺓ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻈﻔﺮ .ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﶈﻤﻮﻣﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳝﻨﻌﻬﻢ ﺍﻷَﻃﺒﺎ ُﺀ ﻣﻦ ﺷﺮﺏ ﺍﳌﺎﺀ ﻳﻠﺘﺬﻭﻥ ﺑﺘﺬﻛﺮ ﺷﺮﺑﻪ ،ﻭﺑﺎﻟﺮﺟﺎ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﱪﺃﻭﺍ ﻓﻴﺸﺮﺑﻮﻧﻪ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳَﺴﺌﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﲑ ﳍﻢ ﺃﹶﻭ ﻳﻜﺘﺒﻮﻥ
ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﻳﻠﺘﺬﻭﻥ ﺑﺎﻟﻄﻠﺐ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﺟﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﻟﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﺳﺄﹶﻟﻮﺍ ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﳍﻢ ﻓﻴﻠﺘﺬﻭﺍ ﺑﺈﹺﺣﺴﺎﺳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﳛﺒﻬﺎ ﺍﻟﻜﻞ ﳏﺒﺔ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻫﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﺣﺎﺿﺮﺍ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻩ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺘﺬﻛﺮﻩ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺘﺄﻣﻴﻠﻪ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻤﻮﻡ ﻭﺍﻷَﺣﺰﺍﻥ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻜﺮﻫﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﺍ ﺍﳌﻐﺘﻤﲔ ﻭﻻ ﳛﻀﺮﻭﻥ ﺍﳌﺂﰎ ﻭﺍﳌﻨﺎﺣﺎﺕ ﻷَﻬﻧﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﰲ ﺍﻷَﺣﺰﺍﻥ .ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻢ ﻭﻟﺬﺓ ﻣﻌﺎ .،ﻣﺜﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﺍﶈﺒﻮﺏ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺎﺋﺖ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻜﺮ ﻭﺫﻛﺮ ﹶﺃﻱّ ﺍﻣﺮﺉ ﻛﺎﻥ ﻭﹶﺃﻱّ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺍﳌﺮﺍﺛﻲ ﺗﺼﻴﺒﻬﻢ ﻟﺬﺓ ﻭﻏﻢ ﻣﻌﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﺃﹶﺟﺎﺩ ﺃﹸﻭﻣﲑﻭﺵ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﹺﺫ ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﳌﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﻋﻲ ﺑﺎﳌﺮﺛﻴﺔ ﺻﺮﺥ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﳍﺎ ﺻﺮﺧﺔ ﻓﺎﺟﻌﺔ ﻟﺬﻳﺬﺓ. ﻭﺍ َﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﺜﺄﺭ ﻳﺸﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳُﻌَﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﺜﺄﺭ ﻳﻠﺬ ﻭﳛﺰﻥ ﻣﻌﺎ ،ﻭﻳﺸﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﻓﻘﻂ .ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻠﺬﺍﺕ ﺃﹶﻻ ﻳﻨﺠﺢ ﺍﻟﻌﺪﻭ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻀﺐ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺎ ﻳﺆﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻳﻠﺘﺬ ﻭﻳﻐﺘﻢ ﻣﻌﺎ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻏﺘﻤﺎﻣﻪ ﻓﻤﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﺬﺍﺫﻩ ﻓﻤﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﻣﻴﻠﻪ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻟﻴﺲ ﶈﱯ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺍﳌﻜﻞ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻫﻲ ﺷﻮﻕ ﻣﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮﻑ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃ ،ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﺸﺮﻑ ﻳﺸﺘﻬﻴﻪ ﺍﻟﻜﻞ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳜﺘﻠﻔﻮﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷَﻗﻞ ﻭﺍﻷَﻛﺜﺮ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﺬﻳﺬﺓ، ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﺃﹶﻳﻀﺎ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺃﹶﻥ ﻳَﻨﺎﻝ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻠﺬﺓ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻬﺑﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺎﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻜﺮﺓ ﻭﺍﳌﺜﺎﻗﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ﻭﺍﻟﻨﺮﺩ ﻭﺍﳊﺬﻕ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﳌﺨﺮﺟﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﲢﺼﻴﻞ ﻣﻠﻜﺔ ﻣﺎ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﳌﺨﺮﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻔﲔ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺘﻪ ﺣﱴ ﻳﻌﺘﺎﺩﻩ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﺗﻠﺰﻣﻬﺎ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺰﻡ ﺍﳌﻠﻜﺔ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﺑﺄﹶﺧﺮﺓ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻠﺰﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻓﻘﻂ ﻛﺎﻟﺘﺄﹶﺩﺏ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ؛ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺘﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺼﻴﺪ ﻭﺍﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺒﺘﺪﺉ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﳊﺎﺫﻕ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪﻫﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ،ﻓﻴﻠﺘﺬ ﺑﺪﻳﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻠﺘﺬ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻟﺬﻳﺬﺓ .ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﺸﺎﻏﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻪ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻋﺘﺎﺩﻭﺍ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﻟﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﻢ ﻭﳘﻤﻬﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﻭﺍﳉﻼﻟﺔ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻡ ﳜﻴﻞ ﻟﻠﻤﻜﺮﻡ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﺎﺿﻞ ﺃﹶﻭ ﳑﻦ ﳚﺘﻬﺪ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﺻﺪﺭ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻡ ﳑﻦ ﺷﺄﹾﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﻗﻊ ﺑﺈﹺﻛﺮﺍﻣﻪ ﻟﻠﻤﻜﺮﻡ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻞ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﺎﺿﻞ .ﻭﺍﳊﻀﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﻜﺮﻣﲔ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﻮﺏ .ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺮﻩ ﻣﺎﻻ ﻳﺸﺎﻫﺪﻩ ﺍﻟﻐﻴﻮﺏ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻛﺮﻣﻮﺍ ﺃﹶﺣﺪﺍﹰ ،ﺧﻴﻞ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺍﳌﻜﺮﻡ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﻛﺮﻣﻮﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻋﺮﻓﻮﻫﺎ ﻓﻴﻪ .ﻭﺇﹺﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﻬﺑﺬﺍ ﻣﻦ ﺇﹺﻛﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﳌﻜﺮﻡ ،ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﻌﻴﻨﻪ .ﻭﺃﹶﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷَﺑﺎﻋﺪ .ﻭﺍﳌﻮﺟﻮﺩﻭﻥ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺮﻣﻮﻧﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺮﻣﻮﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ. ﻭﺇﹺﻛﺮﺍﻡ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﻮﻻ ِﺀ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺪﻕ ﻗﻮﳍﻢ ﰲ ﺫﻱ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺷﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﻦ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻨﺰﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻷَﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻭﻫﻢ ﺍﳉﻬﺎﻝ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻡ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﺘﻜﺮﻣﺔ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻷَﺣﺪ ﻭﻻ ﳛﻤﺪ ﺃﹶﺣﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﹺﻻ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﳌﻜﺎﻥ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻨﻪ. ﻭﺍﻷَﺣﺒﺎ ُﺀ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺍﺕ ،ﻷَﻥ ﺍﶈﺒﺔ ﻟﺬﻳﺬﺓ .ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﳛﺐ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺘﻠﺬﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﳋﻤﺮ ﺃﹶﺣﺪ ﻻ ﳛﺒﻬﺎ .ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃ ،ﺍﶈﺒﻮﺏ ﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺐ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻟﻜﻞ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻜﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺴﻮﻥ ﻭﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻥ .ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳏﺒﻮﺑﹰﺎ ﻣﻘﺮﺑﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺁﺧﺮ ،ﻟﺬﻳﺬ ﻋﻨﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﶈﺒﻮﺏ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ
ﳛﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﻋﻨﺪ ﻏﲑﻩ ،ﺃﹶﻱ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻐﲑ ،ﻟﺬﻳﺬ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻫﺬﻩ ﲑ ﺳﺒﻴﻠﹸﻪ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ .ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻠﺔ ،ﺃﹶﱐ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻟﻜﻞ .ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﺈﹺﺫﺍ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﲞ ﹴ ﺃﻥ ﺍﻟﺸ ْﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻀﻞ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻫﻮ ﻟﺬﻳﺬ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺼﺪﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻢ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﻤﻌﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﲑﻭﺍ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻒ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺘﻤﻠﻖ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﺬﻳﺬ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﺘﻤﻠﻖ ﳜﻴﻞ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺃﹶﻧﻪ ﳑﻦ ﳛﺒﻪ .ﻓﺎﳌﺘﻤﻠﻖ ﻫﻮ ﳏﺐ ﻣُﺮﺍﺀ ﺃﹶﻭ ﻣُﻌﻈﻢ ﻣُﺮﺍﺀ .ﻭﺗﻜﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻳﺴﺘﻠﺬ ،ﻷَﻧﻪ ﺑﺘﻜﺮﺭﻩ ﻳﺴﺘﻮﱄ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ .ﻭﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﻣﺴﺘﻠﺬ .ﻭﺍﻟﺘﺒﺪﻝ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﹺﱃ ﺣﺎﻝ ﻟﺬﻳﺬ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺑﻪ ﺇﹺﺣﺴﺎﺱ ﺷﻲﺀ ﺟﺪﻳﺪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺙ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻭﻗﺘﺎ ﺑﻌﺪ ﻭﻗﺖ ﻟﺬﻳﺬﺓ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﻭﺗﻐﲑ ﺍﻟﺪﻭﻝ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺙ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﻐﲑ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻫﻮ ﰲ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﺖ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﻨﻪ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ،ﻭﱂ ﻳﺒﻖ ﳍﺎ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪﻩ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻃﺎﻝ ﻭﺟﻮﺩﻩ ،ﻓﺘﻄﻠﺐ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﺮﻳﺢ ﺇﹺﱃ ﺷﻲﺀ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﺎ .ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺎﺩﺙ ﻛﻮﻧﻪ ﺃﹶﻗﻞ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﻦ ،ﻓﻬﻮ ﺃﹶﻟﺬ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﺬﻳﺬ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ .ﻭﺷﻬﻮﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﰲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻷَﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎ ﻣﻨﻪ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﻷَﻣﺮﺍﻥ ﻟﺬﻳﺬﻳﻦ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻤﺎ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻹِﺩﺭﺍﻙ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﲑ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ،ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﺬﻳﺬﺍ. ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺤﺴﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ .ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻠﺘﺬ ﺑﻪ ،ﻻ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﺑﻞ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺸﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﳊﺎﺻﻞ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﳛﺼﻞ ﻋﻨﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻴﻠﺘﺬ ﺑﻪ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻟﻐﲑﻩ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﺑﻪ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ. ﻭﺗﺄﹶﺩﻳﺐ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺎﺕ ﻟﺬﻳﺬ .ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻭﺳﺪ ﺍﳋﻠﺔ ﻟﺬﻳﺬ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻟﺬﻳﺬﺍ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺃﹶﻭ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎ ﻣﻨﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻭﺍﶈﺎﻛﺎﺓ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﺸﺒﻬﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ ﻟﺬﻳﺬﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺍﶈﺎﻛﺎﺓ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻭﺍﻟﻨﻘﺶ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﳏﺎﻛﺎﺓ ﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﺍﻷُﻭﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻻ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﲢﺎﻛﻲ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﱵ ﲢﺎﻛﻲ ﻬﺑﺎ ﺃﹸﻣﻮﺭﺍ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻴﺲ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻬﺑﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﳌﺸﺒﻬﺔ ﺣﺴﻨﺔ ﺃﹶﻭ ﻗﺒﻴﺤﺔ ،ﺑﻞ ﻭﻷَﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺎﻳﺴﺔ .ﻭﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻷَﺧﻔﻰ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﳌﺸﺒﻪ ﺑﺎﻷَﻇﻬﺮ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹸﻗﻴﻢ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻓﻔﻴﻪ ﻳﻀﺮﺏ ﻣﺎ ﻧﻮ ﻉٌ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺧﻴﺎﻝ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻳﺘﻨﺰﻝ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ،ﻭﺍﻟﺶ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪ ﲣﻴﻴﻠﻪ ﻭﺗﻔﻬﻴﻤﻪ ﻳﺘﻨﺰﻝ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ .ﻭﳍﺬﺍ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻟﺬﻳﺬﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳊﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﳌﻜﺎﺭﻩ ﻟﺬﻳﺬ ﺃﹶﻳﻀﺎ؛ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺍﶈﺎﻛﺎﺓ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻟﺬﻳﺬﻳﻦ ،ﻷَﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﺧﺬ ﺍﻟﻮﺻﻞ ﺍﻟﱵ ﺑﲔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ .ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺑﲔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻣﺘﺸﻮﻗﺔ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﺷﺒﺎﻩ ﻭﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻳﻠﺘﺬ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑﻪ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﺱ ﺑﺎﻟﻔﺮﺱ ،ﻭﺍﻟﻐﻼﻡ ﺑﺎﻟﻐﻼﻡ .ﻭﻣﻦ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺗﻨﺘﺰﻉ ﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺼﱯ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﺎﻟﺼﱯ ،ﻭﺍﻟﻠﺺ ﻳﺄﻟﻒ ﺍﻟﻠﺺ ،ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﻳﻘﺘﻨﺺ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﻊ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺒﻊ ،ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﻫﺬﺍ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﳌﺘﺼﻼﺕ ﻭﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻭﻣﺎ ﳚﺪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﰲ ﺷﺒﻴﻪ ﻫﻮ ﺃﹶﻣﺮ ﻣﺸﻬﻮﺭ .ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﳌﺘﺸﺎﻬﺑﲔ ﺗﺒﺎﻏﺾ ﺇﹺﻻ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ .ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺇﹺﺩﺭﺍﻙ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺷﻴﺌﲔ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ .ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﳛﺐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻔﻀﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﻀﺎ .ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻭُﺟﺪ ﻟﻪ ﺣﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻛﺜﺮ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺬﺍﺫﻩ ﻭﳏﺒﺘﻪ ﻟﻠﺸﺒﻴﻪ ﺃﹶﻛﺜﺮ .ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳛﺐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺎﻻﺗﻪ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻋﻨﺪﻩ ،ﺃﹶﻋﲏ
ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺃﹶﻗﻮﺍﻟﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻫﻢ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﺇﹺﳕﺎ ﳛﺒﻮﻥ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﺒﻨﲔ ﶈﺒﺔ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺒﻨﲔ ﺃﹶﺛﺮ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭﻫﻢ .ﻭﺳﺪ ﺍﳋﻠﺔ ﻟﺬﻳﺬ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ ،ﻷَﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ .ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻈﻦ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﺣﻜﻴﻢ ﻫﻮ ﻟﺬﻳﺬ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺣﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳏﺒﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻫﻲ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ .ﻭﻧﻔﻊ ﺍﻷَﻗﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﻫﺬ ﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻫﻮ ﻟﺬﻳﺬ ،ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺮﺗﺎﺽ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺎﻝ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻟﺬﻳﺬ ﻭﺷﺮﻳﻒ، ﻷَﻧﻪ ﳜﻴﻞ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺎﺯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺍﺭﺗﺎﺽ ﻬﺑﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺪﺡ ﺃﻭﻣﲑﻭﺵ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﻗﺴﻢ ﻬﻧﺎﺭﻩ ﺃﹶﻗﺴﺎﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻌﻼ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺑﻪ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺎﺯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﳌﺎ ﻗﺴﻢ ﻬﻧﺎﺭﻩ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷَﻗﺴﺎﻡ، ﻭﺃﹶﻧﻪ ﺭﺟﻞ ﻓﺎﺿﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺎﻡ ﻬﺑﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳌﻀﺤﻜﺎﺕ ﻟﺬﻳﺬﺓ ،ﻭﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﻄﺮﻓﺎﺕ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﰲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ .ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺩﻧﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﺭ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﻌﻤﻞ. ﻭﹺﺇﺫ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺆﺫﻳﺔ ﻭﺍﶈﺰﻧﺔ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺗﻠﻚ؛ ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻋﺮﻑ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﻟﻀﺪﻳﻦ ﻋﺮﻑ ﺍﻵﺧﺮ. ﻭﻹِﺫ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻠﻬﺎ ﳚﻮﺭ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻭﻬﺑﺎ ﳚﻮﺭ ﺍﳉﺎﺋﺮ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﲑ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻬﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﲢﺮﻛﻬﻢ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﺃﹶﻳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻫﻲ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﳉﻮﺭ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﳉﻮﺭ ﺣﲔ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﳑﺎ ﻳﺴﺘﻄﺎﻉ ﻭﻫﻮ ﳑﻜﻦ ﳍﻢ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﳚﻬﻞ ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﻳﻨﺴﻰ ﰲ ﻣﺪﺓ ﻳﺴﲑﺓ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳑﺎ ﳚﻬﻞ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﳑﺎ ﻻ ﳚﻬﻞ ﻭﻻ ﻳﻨﺴﻰ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﻻ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﰲ ﻓﻌﻠﻪ ﺷﺮ ﺃﹶﺻﻼ ﻻ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﻳﻌﲎ ﺑﻪ ﻷَﻧﻪ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺜﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺎﳍﺎ ﺑﺎﳉﻮﺭ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻟﻠﺠﺎﺋﺮ ﺃﹶﻭ ﳌﻦ ﻳﻌﲎ ﺑﻪ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺴﻴﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﹶﺧﺮﺓ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻡ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻠﻠﺤﻖ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻬﺑﺎ ﺷﺮ ﺃﹶﺻﻼ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻣﻠﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﳑﺎ ﳚﻬﻞ ﺃﹶﻭ ﻳﻨﺴﻰ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﻳﺴﲑ ،ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺧﺎﺻﺎ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ :ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﳍﻢ ﻓﻀﻞ ﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻫﻢ ،ﻭﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺄﹾﻣﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﳍﻢ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺟﺎﺭﻭﺍ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﻣﻦ ﻳﻌﻨﻮﻥ ﺑﻪ ،ﻭﻫﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺃﹶﺣﺪ ﺻﻨﻔﲔ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﺑﻔﻀﻞ ﻗﻮﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺻﻨﻒ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺭﻭﻳﺔ ﺣﱴ ﻳﻘﺪﺭ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻭﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻄﻮﻝ ﲡﺮﺑﺘﻪ ﻭﻣﺰﺍﻭﻟﺘﻪ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ .ﻭﺍﳉﺎﺋﺮﻭﻥ ﻳﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺃﹶﻣﺮﻫﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﺜﲑﻱ ﺍﻷَﺧﻮﺍﻥ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﻣﻴﺎﺳﲑ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﺩﺍﺧﻠﲔ ﰲ ﺍﻷَﻣﺮ ﻣﻌﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﻧﻔﻊ ﺃﹶﻭ ﻟﺬﺓ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﻛﺜﺮ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﺇﹺﺧﻮﺍﻥ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﺃﹶﻭ ﺧﺪﻡ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﺃﹶﻭ ﺃﹲﺟﺮﺍﺀ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﺃﹶﻭ ﺷﺮﻛﺎﺅﻫﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻨﻘﻄﻌﻮﻥ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳉﺎﺋﺮﻳﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﳍﻢ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻮﺭ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻄﻮﺍ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﻏﺮﻣﺎ .ﻭﻗﺪ ﻳﻌﺮﺽ ﳍﻢ ﺃﹶﻥ ﲡﻬﻞ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﻢ ﻭﺗﻨﺴﻰ ،ﺃﹶﻣﺎ ﺟﻬﻠﻬﺎ ﻓﻤﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﲔ ﳍﻢ، ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻧﺴﻴﺎﻬﻧﺎ ﻓﻤﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﺘﻈﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﺍﳉﺎﺋﺮ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳑﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺎﺋﺮﻭﻥ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﳚﻮﺭﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ﻟﻠﺤﻜﺎﻡ .ﺃﹶﻣﺎ ﻛﻮﻬﻧﻢ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﳚﻮﺭﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓ ﻸَﻣﺮﻳﻦ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻓﻴﺴﻬﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺟﺎﺭﻋﻠﻪ ﺃﹶﺭﺿﺎﻩ ﺑﺄﹶﺩﱏ ﺷﻲﺀ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﹺﱃ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻴﻖ ﻳﺘﻐﺎﺑﻦ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻛﻮﻥ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ﻓ ﻸَﻥ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻳﻘﻀﻮﻥ ﳌﻦ ﺃﹶﺣﺒﻮﺍ ﺑﺎﳌﻴﻞ ﻭﺍﳍﻮﻯ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻌﻔﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻡ ﺍﻟﺒﺘﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﺮﻣﻮﻩ ﺍﻟﻴﺴﲑ .ﻭﻫﻨﺎ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ
ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﺇﹺﱃ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﳉﻮﺭ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺎﳌﺮﺽ ﻭﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﻭﺍﳌﺮﻳﺾ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﳚﻮﺭ ﻷَﻬﻧﻢ ﻻ ﳛﺘﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﰲ ﺃﹶﺑﺪﺍﻬﻧﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻔﻘﲑ ﻓ ﻸَﻧﻪ ﱄ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺎ ﻳﻐﺮﻡ .ﻭﻓﻌﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻧﻴﺔ ﳜﻔﻴﻪ ﻭﻳﻮﻫﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲜﻮﺭ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﳉﺎﺋﺮ، ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﺨﺎﺗﻞ ﺃﹶﻭ ﺍﳍﺎﺯﻝ ،ﻏﺎﻟﻂ ،ﻓﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲜﻮﺭ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﹺﺈﻥ ﺃﹶﺣﺪﹰﺍ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻼﻧﻴﺔ ﻟﻘﻠﺔ ﻭﻗﻮﻋﻪ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﺑﺎﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﻋﺘﻴﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻹِﺧﻔﺎﺀ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﱂ ﻳﻌﺘﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﺃﹶﺣﺪ ﳛﺬﺭﻫﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻨﺎ ﳑﻦ ﻻ ﻗﺪﺭ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﻭﺍﻟﻮﻟﺪ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﺑﺄﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﻓﻴﻮﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﻬﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﻰ .ﻭﺭﲟﺎ ﺗﻐﺎﻓﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺗﻘﻊ ﻬﺑﻢ ﺣﱴ ﻻ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺒﺘﺪﺋﻮﻥ ﺑﺎﳉﻮﺭ ﺃﹶﺻﻼ .ﻭﳑﺎ ﻳﻌﲔ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﺧﻔﺎﺀ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻣﻜﻨﺔ ﺧﻔﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﲝﺎﻻﺕ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺷﺄﹾﻬﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﲣﻔﻰ ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻇﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ .ﻭﻗﺪ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﳚﻬﻠﻮﻥ ﻭﻻ ﳚﻬﻞ ﺟﻮﺭﻫﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﳚﻮﺭﻭﻥ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﻣﻌﻨﻴﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﳛﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺴﻮﻓﻮﺍ ﺍﳊﻖ ﺣﱴ ﳝﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﻃﻠﺒﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻟﻪ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﻭﻍ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺮﻡ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻤﺎﻃﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﳝﺎ ﺳﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳉﻮﺭ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﺍﳌﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺑﻴﻨﺔ ﺃﹶﻭ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺃﹶﻭ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺣﺎﺿﺮﺓ ،ﻭﺍﳌﻀﺎﺭ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ ﻋﻨﻪ ﺇﹺﻣﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﳎﻬﻮﻟﺔ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﻄﻴﺌﺔ ،ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﳉﻮﺭ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺍﳌﺘﻴﻘﻦ ﺑﻪ ﻟﻠﻀﺎﺭ ﺍﺠﻤﻟﻬﻮﻝ ﻭﻗﻮﻋﻪ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﻌﺎﺟﻞ ﳌﻜﺮﻭﻩ ﺁﺟﻞ ،ﻭﻻ ﺍﳌﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﳌﻜﺮﻭﻩ ﻳﺴﲑ .ﻭﳑﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻼ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻭﻳﺬﻛﺮ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﺬﻱ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﺛﺄﹾﺭﻩ ﰲ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﺑﻴﻪ ﻭﺃﻣﻪ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺛﺄﹾﺭ ﻋﻨﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻴﻘﺘﻞ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﹶﺳﺮﻫﺎ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﳍﻢ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﳝﺪﺡ ﺑﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ: ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺪﺍﺭﻱ ﻓﺎﻫﺪﻣﻮﻫﺎ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ...ﺗﺮﺍﺙ ﻛﺮﱘ ﻻ ﳜﺎﻑ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺒﺎ ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﻳﻈﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﻣﺮ ﻭﺍﳌﻨﻊ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﺧﺬ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﻭﻣﻨﻊ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳍﻤﻢ ﻭﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﻭﺍﳉﻮﺭ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﰲ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎ ُﺀ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﳋﻠﻖ ﻓﻘﺪ ﳛﺮﻛﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﺗﻮﻗﻊ ﻧﻔﻊ ﻳﺴﲑ ﳎﻬﻮﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻏﲑ ﻣﺘﻴﻘﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﻨﺎﻝ ،ﻭﻗﺪ ﳛﺮﻛﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﺧﻮﻑ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﻳﺴﲑ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﺍ ﲜﻮﺭﻫﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻮﻯ ﺃﹶﻻ ﳜﺴﺮﻭﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺴﲑﺍ ﻣﻦ ﻛﺜﲑ ﻣﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﳛﺮﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﻥ ﳚﻮﺭﻭﺍ ﻓﻴﺨﻄﺌﻮﺍ ﻏﺮﺿﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﻈﻔﺮﻭﺍ ﲟﺎ ﺭﺍﻣﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﻓﻴﺤﺮﻛﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﳚﻮﺭﻭﺍ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺓ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺘﺮﻱ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻬﺰﻣﲔ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻮﺩﻭﺍ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻠﺠﺎﺝ ﺑﻌﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻬﺰﻡ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﲢﺮﻛﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﰲ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ﻣﻊ ﺍﳊﺰﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﺧﺮﺓ ﺃﹶﻭ ﻳﺴﺘﻌﺠﻠﻮﻥ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺃﹶﻭﻻ ﻣﻊ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﳌﻀﺮﺓ ﻬﺑﻢ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ،ﻭﺃﹸﺧﺮ ﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪﻭﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﺎﻗﻮﻥ ﺇﹺﻟﻴﻪ. ﻭﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺮﻛﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺆﺫﻱ ﺍﻟﻀﺎﺭ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﳍﻢ ،ﻭﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻣﺘﺄﹶﺧﺮﺍ ﺃﹶﻭ ﺑﻌﺪ ﺯﻣﺎﻥ. ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﻓﻬﻢ ﺫﻭﻭ ﺍﻷَﺻﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻠﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﻫﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺇﹺﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﺎﻓﻊ ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺍﳌﺘﺄﹶﺧﺮﺓ ﱂ ﻳﻨﺎﻟﻮﻫﺎ ﲜﻮﺭﻫﻢ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻧﺎﻟﻮﻩ ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺍﳉﻮﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺠﻠﻮﻧﻪ ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﺫﻯ ،ﻓﻼ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﺻﻼ .ﻭﻗﺪ ﳛﺮﻙ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺪﻫﺎ ِﺀ ﻭﺍﳌﻜﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﺃﹶﻥ ﳜﺮﺟﻮﻩ ﰲ ﺻﻔﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﻮﺭ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻮﺟﻮﻩ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﺈﹺﻛﺮﺍﻩ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻃﺒﻴﻌﺔ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻦ ﺧﻄﺄ ﻭﺟﻬﻞ ﻻ ﻋﻦ ﺗﻌﻤﺪ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻟﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﲝﻴﺚ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺑﻞ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻨﻪ ﺷﻲﺀٌ ﰲ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻷَﺣﺪ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻏﲑ ﳏﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﳚﺎﺭ ﺇﹺﻻ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻭﺍﶈﺘﺎﺟﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻛﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀِ ،ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﺸﺮﻩ ﻛﺎﻷَﻏﻨﻴﺎ ِﺀ .ﻭﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﹶﻋﺬﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﺮﻩ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻬﻮﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺟﺪﺍ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻨﺠﺤﻮﻥ .ﻭﺫﻭ ﺍﻟﻠﺐ ﻭﺍﳊﺰﻡ ﺇﹺﺫﺍ ﻇﻔﺮ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻳُﺮﻯ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻭﻻ ﻳﺴﺮ ﺑﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﺮﺃﹾﻱ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﻓﻬﻢ ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﲟﺎ ﻳﻨﺎﻟﻮﻧﻪ ﺑﺎﳉﻮﺭ .ﻭﺍﳉﺎﺋﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﺨﻔﻴﺔ ﻟﻠﺠﻮﺭ ﻭﺍﳌﺴﻬﻠﺔ ﻟﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻇﻔﺮﻭﺍ ﲟﺎ ﺃﹶﻣﻠﻮﻩ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺻﺪﻗﺖ ﻇﻨﻮﻬﻧﻢ. ﻓﻬﺬﺍ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻬﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﺋﺮﻳﻦ ﻭﺗﺒﻌﺜﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﺮ ﻬﺑﻢ ﺍﳉﺎﺋﺮﻭﻥ ﻭﻫﻢ ﺍﳌﻈﻠﻮﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻤﻊ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﻬﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻬﺑﻢ ﻓﻼ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﻮﺭٌ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺴﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻬﺑﻢ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﺑﺴﺮﻋﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﳚﻬﻠﻮﻩ ،ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﹺﺇﺧﻮﺍﻥ ﳍﻢ ﺃﹶﻭ ﳍﻢ ﺇﹺﺧﻮﺍﻥ ﻓﻘﺮﺍﺀ .ﻭﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﲟﻦ ﻳﻘﻊ ﲟﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺎﻝ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳉﺎﺋﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻘﲑﺍ ﺃﹶﻭ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺸﺮﻩ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﻨﻴﺎ ﻗﺼﺪﻩ ﲨﻊ ﺍﳌﺎﻝ ﻓﻘﻂ ﺃﹶﻭ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺘﻨﻌﻴﻢ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺼﺪﻩ ﺇﹺﻧﻔﺎﻕ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ .ﻭﺍﳌﺴﻮﻓﻮﻥ ﺑﻄﻠﺐ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻳﻘﻊ ﻬﺑﻢ ﺍﳉﻮﺭ ﻛﺜﲑﺍ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﻭﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺟﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﳚﻬﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺠﻤﻴﻊ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﳝﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﺇﹺﻣﺎ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎﻟﻔﻘﺮ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺗﺴﻮﻳﻒ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺗﺄﹾﺧﲑﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻨﺠﺢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻠﺒﻮﻥ ﺃﹶﻗﺮﺑﺎﺀَﻫﻢ ﺣﲔ ﳚﻬﻠﻮﻥ ﺟﻮﺭﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ﺣﱴ ﻳﺪﺭﺱ ﻭﻳﻨﺴﻰ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﺘﻮَﻗﱠﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺘﺒﺎﻋﺪﻳﻦ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻮﻧﻮﻥ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺘﺬﻟﻮﻫﺎ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺷﺮﻫﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻲ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﳌﻮﺛﻮﻕ ﻬﺑﻢ ﺍﳌﻨﺼﻔﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﻄﻤﻊ ﰲ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﲡﻬﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻓﻼ ﻳﺘﺼﺪﻯ ﺃﹶﺣﺪ ﻟﻠﺠﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻟﻜﺴﻞ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﱐ ﻳﻄﻤﻊ ﰲ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳉﺎﻫﻠﻮﻥ ﲟﺎ ﻫﻮ ﺟﻮﺭ ﻭﻋﺪﻝ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﲟﺎ ﳛﻜﻢ ﺑﻪ ﺍﳊﺎﻛﻢ ،ﻷَﻥ ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﲟﺎ ﳛﻜﻢ ﺑﻪ ﺍﳊﻜﺎﻡ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﳊﻴﺎﺀُ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺻﺨﺐ ﻭﻻ ﻣﻐﺎﻟﻄﺔ ﰲ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻗﺪ ﻇﻠﻤﻬﻢ ﻧﺎﺱ ﻛﺜﲑﻭﻥ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﻠﻔﻮﻥ ﻗﺪ ﺫﻟﺖ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻭﺃﹶﻣﻦ ﺷﺮﻫﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﲣﺮﺝ ﳍﻢ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﻀﺮﻭﺍ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﺴﻼﻃﲔ ،ﺇﹺﺫ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﻗﺪﺭ ،ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻷَﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻣﻨﺤﻮﻥ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻳﺮﻭﻣﻮﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﻣﺮﺍﺭﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﻓﻼ ﻳﺄﹾﺧﺬﻭﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻷَﻥ ﻛﻼ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﻣﺰﺩﺭﻯ ﺑﻪ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻃﻼﻕ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻣﺎ .ﻷَﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣﺬﻣﻮﻣﻮﻥ ،ﻭﺍﳌﺬﻣﻮﻣﻮﻥ ﻻ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻷَﻧﻪ ﻻ ﻧﺎﺻﺮ ﳍﻢ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻷَﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻻ ﻳﻨﻔﺬﻭﻥ ﺇﹺﺭﺍﺩﺍﻬﺗﻢ ﻭﻻ ﺁﺭﺍﺀﻫﻢ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﳜﺎﻓﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﹾﺫﻧﻮﺍ ﺃﹶﻭ ﳝﻨﻌﻮﺍ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﳜﻠﻮﺍ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺃﹶﻭ ﻣﺴﺘﻬﺎﻧﺎ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﻣﻨﻔﻮﺭﺍ ﻋﻨﻪ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟﻘﻮﻡ ﺗﺮﺓ ﻗﺪﳝﺔ ﺃﹶﻭ ﺳﻮ ُﺀ ﺑﻼﺀ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﺟﺪﺍﺩﻫﻢ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺇﹺﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﻣﻬﻴﺌﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﳚﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺟﻮﺭﺍ ﹶﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻬﺗﺎﻭﻧﻮﺍ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻭ ﺑﺂﺑﺎﺋﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﲟﻦ ﻳﻌﻨﻮﻥ ﺑﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﺜﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﻳﺴﺘﺜﲑ ﺍﻟﻜﺜﲑ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﻗﺪ ﺗﺒﺪﻳﻪ ﺻﻐﺎﺭﻩ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﺗﺮﺓ ﻗﺪﳝﺔ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺗﻘﺪﻣﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﺗﺮﺓ ﻳﺴﲑﺓ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﻤﺎﻋﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻬﻼ ،ﻻ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻜﺮﻭﻩ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﺮﺓ ﻛﺒﲑﺓ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﺳﺘﻤﺎﻋﻪ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﺍﻟﺘﺮﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﹶﻋﺪﺍﺀ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﻢ
ﻭﺍﺳﺘﻤﺎﻋﻪ ﻣﻊ ﻬﺗﺎﻭﻥ ﻬﺑﻢ ﻭﺃﹶﻻ ﻳﺮﻯ ﳍﻢ ﻗﺪﺭ .ﻓﺎﳌﺴﺘﻤﻌﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻻ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻜﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﳝﺎﻟﺌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻳﺰﻳﺪﻭﺍ ﻓﻴﻪ .ﻭﻫﻨﺎ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﺑﺎﻟﻀﺮ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ،ﻻ ﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻟﻜﻦ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻠﺬﺍﺫ ﺑﺬﻟﻚ .ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﻫﻢ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎ ُﺀ :ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻴﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﻠﻠﺔ. ﻓﺈﹺﻥ ﺍ ِﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎ ِﺀ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﺍﻷَﳓﺎﺀ .ﻭﺍﳉﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻬﺑﺆﻻ ِﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳉﻮﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ .ﻭﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﳚﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎ ِﺀ ﻷَﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﹺﻫﺎﻧﺔ ﻭﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪ ﻳﻨﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺃﹶﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻠﻘﻮﻥ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﻭﻳﺼﻴﺒﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺮﺏ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻴّﻦ ﰲ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﻠﻌﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﺭﻭﺍ ﻛﺜﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻻ ﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻭﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻮﺭﺍﹰ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺃﹶﺣﺪٌ ﻣﻦ ﻗﺪ ﺗﻌﻮﺩ ﺷﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻧﻘﺼﻬﻢ ،ﻓﻴﺸﺠﻪ ﺃﹶﻭ ﳚﺮﺣﻪ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﺗﻮﺍ ﺃﹶﻣﺮﺍ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﻓﺎﺣﺸﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﻌﻤﺪ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻐﲑ ﻋﻤﺪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﺬﻳﺬ ﺣﺴﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺮﻯ ﻏﲑ ﺟﺎﺋﺮ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺮﻭﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺑﺄﹶﻓﻌﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻭ ﻫﻢ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺅﻫﻢ ﻭﻳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﻢ.ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﺗﻰ ﺳﻮﺀﹰﺍ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﻠﻘﻮﻥ ﲟﻦ ﻓﻌﻞ ﺳﻮﺀﹰﺍ ﺃﹶﻭ ﳝﺸﻮﻥ ﻣﻌﻪ .ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﻐﻀﻮﻥ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺟﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺘﺪﺋﻮﻥ ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻬﺑﻢ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻮﺭﺍﹰ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ :ﺍﻟﺒﺎﺩﺉ ﺃﹶﻇﻠﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺼﺪﻩ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ .ﻭﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﺎﺩﻓﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﳍﻼﻙ ﻗﺪ ﻳﺒﺎﺩﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺠﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻷَﻧﻪ ﳜﻔﻰ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻮﺭ .ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻼﻙ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﹶﻗﻮﻳﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻌﻬﻢ ﻓﺘﻈﺎﳌﻮﺍ ﳍﻢ ﻭﺗﻌﺎﻓﻮﻫﻢ ﻭﺃﹶﺑﻮﺍ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺫﻭﻫﻢ. ﻭﻳﻌﻠﻢ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻟﻮ ﱂ ﻳﺼﲑﻭﺍ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺑﺘﻈﺎﳌﻬﻢ ﻭﺗﻌﺎﻓﻴﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﺻﺎﺭﻬﺗﻢ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻹِﺷﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻼﻙ ﳌﺎ ﲡﺮﺃﹶﺕ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻷَﺧﲑﺓ ﺃﹶﻥ ﲡﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺽ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻜﺎﻩ ،ﰲ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻗﻮﻣﺎ ﺳﺒﻮﻫﻢ ﻏﺼﺒﺎ ﻭﺟﻮﺭﺍ ﻷَﻬﻧﻢ ﺻﺎﺩﻓﻮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﳍﻼﻙ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺁﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻇﻠﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﲑﻭﻫﻢ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﺍ ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻈﺎﳌﻮﺍ ﳍﻢ ﻭﻋﻔﻮﺍ ﻋﻨﻬﻢ ﺣﱴ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺃﹶﻣﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺒﻮﻫﻢ ﺟﻮﺭﺍ ﻭﻏﺼﺒﺎ. ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺣﺮﻛﺖ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻫﻢ ﺍﳌﻈﻠﻮﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﻬﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﺠﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻞ ﻭﺍ َﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻬﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﺍﳊﻘﲑﺓ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﺘﺮ ﻓﺘﺨﻔﻰ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺴﺪ ﺃﹶﻋﻴﺎﻬﻧﺎ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﻐﲑ ﺃﹶﺷﻜﺎﳍﺎ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻟﻮﺍﻬﻧﺎ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﻐﲑ ﺑﺎﳌﺰﺍﺝ ﻭﺍﳋﻠﻂ. ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻐﲑ ﺃﹶﺷﻜﺎﳍﺎ ﰲ ﺃﹶﻣﻜﻨﺔ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﺃﹶﺳﻬﻞ ﺇﹺﺧﻔﺎﺀ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺃﹶﻣﻜﻨﺔ ﺻﻐﺎﺭ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺇﹺﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻭﺃﹶﺳﻬﻞ ﻛﺎﻥ ﺇﹺﺧﻔﺎﺅﻩ ﺃﹶﺳﻬﻞ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﲣﻔﻰ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﺃﹶﺷﺒﺎﻫﻬﺎ ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ﻓﻴﺪﺧﻠﻬﺎ ﰲ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ﺃﹶﻭ ﻳﻐﲑﻫﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺸﺒﻬﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻋﻨﺪﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻛﺜﲑ ﳑﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻠﻢ ﻓﻴﻘﺘﲏ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻠﻢ ﺃﹶﻭ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﲑﻩ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﳌﻈﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻬﻮ ﳑﺎ ﳜﻔﻰ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀِ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺇﹺﻇﻬﺎﺭﻩ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﻭﻋﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﺠﻤﻟﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﺃﹶﻭﻻﺩﻫﻢ. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻬﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﻬﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳉﻮﺭ ،ﺇﹺﺫ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﺃﹶﻭ ﺍﻻﺳﺘﺘﺎﺭ .ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻠﻬﺎ ﳚﻮﺭ ﺍﳉﺎﺋﺮ ،ﻭﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻃﻤﻊ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻓﻴﻪ. ﻭﺑﻘﻲ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺒﲔ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻗﺪ ﺟﺎﺭ ،ﻭﻫﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﺒﲔ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻓﻌﻠﻮﻫﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﺟﺎﺭﻭﺍ ،ﻭﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻥ ﺟﻮﺭﺍ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﺪﻡ ﺃﹶﻭﻻ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻈﻠﻢ .ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺗﻜﻮﻥ ﳓﻮ ﺷﻴﺌﲔ ﻭﳘﺎ ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ،ﻭﺇﹺﻬﻧﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺘﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﻟﺪﻓﻊ ﻣﻀﺮﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻻﺟﺘﻼﺏ ﻣﻨﻔﻌﺔ. ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻮﺭ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﲜﻮﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻢ ﲨﻴﻊ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ .ﻭﻫﺬﺍﻥ ﺍﻟﺼﻨﻔﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻏﲑ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻜﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻄﺒﻌﻪ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻋﺪﻝ ﺃﹶﻭ ﺟﻮﺭ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﲔ ﻭﺍﺣ ٍﺪ ﻭﺍﺣ ٍﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﻭﻻ ﺗﻌﺎﻫﺪ. ﻭﻫﺬﻩ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻗﺪ ﺗﺴﻤﻰ ﻋﺎﻣﺔ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻟﻴﺲ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﱴ ﻭﺿﻌﺖ ﻭﻻ ﻣﻦ ﻭﺿﻌﻬﺎ .ﻭﻫﻲ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﺗﻀﺎﺩ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ .ﻓﻴﻘﻨﻊ ﻬﺑﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﻮﺭ ﲝﺴﺐ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲜﻮﺭ .ﻛﻤﺎ ﺣﻜﻰ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﳌﺎ ﺃﺧﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺩﻓﻦ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻓﻦ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺒﻠﺪﻩ ،ﺍﻋﺘﺬﺭ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺩﻓﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺩﻓﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﻻ ﻻ ﺟﻮﺭﺍ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻘﻮﻡ ﻗﻮﻡ ﻓﻬﻲ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻘﺘﻞ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻛﺎﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﺟﻮﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻮﻗﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻝ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﳓﻮ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﳓﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻨﻨﺎ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﺃﹶﻣﺮ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺃﹶﻻ ﻳﻔﻌﻞ ،ﻭﺳﻨﻨﺎ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺃﹶﻣﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﺒﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻈﻠﻢ ،ﺗﻨﺤﺼﺮ ﰲ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳓﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳓﻮ ﺍﳉﻤﻴﻊ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺰﱐ ﺃﹶﻭ ﻳﻀﺮﺏ ﻫﻮ ﻇﻠﻢ ﳓﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﳏﺪﻭﺩ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳝﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻈﻠﻢ ﻇﻠﻤﺎ ﻋﺎﻣﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺍﺳﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻔﻆ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﳑﺎ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﰲ ﺣﻔﻈﻪ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﲑ ﲜﻨﺪ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﲪﺎﻬﺗﻢ ﺇﹺﱃ ﻗﻮﻡ ﻏﺮﺑﺎﺀ ﻟﻠﻐﻠﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻣﻮﺍﳍﻢ ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ .ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻣﱴ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻠﻪ ،ﳊﻖ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻨﻪ ﺟﻮﺭ ﻋﺎﻡ ﻭﺿﺮﺭ ﺷﺎﻣﻞ .ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻈﻠﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﺎﻡ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﳓﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻈﻠﻢ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺼﻒ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻈﻼﻣﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻧﻔﻌﻞ ﻟﻪ ﲰﻰ ﻣﻈﻠﻮﻣﺎ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻈﻼﻣﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﳝﺲ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﻣﻦ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﲟﺸﻴﺌﺘﻪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳉﻮﺭ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻗﻴﻞ ،ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺇﹺﺿﺮﺍﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﺸﻴﺌﺔ .ﻓﺎﻟﻈﻼﻣﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻀﺮ ﺁﺧﺮ ﲟﺸﻴﺌﺔ ﺍﳉﺎﺋﺮ. ﻭﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﺇﹺﺣﺼﺎﺅﻫﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻭﺍﺟﺐ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ، ﻷَﻧﻪ ﳌﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺎﺕ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺗﺒﻴﻨﺖ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ؛ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﺬﻛﻮﺭﺓ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺬﻡ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻃﻮﻉ .ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺎﺕ -ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ -ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﳋﺎﺻﺔ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﰲ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻼ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻋﻦ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ؛ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﻋﻠﻢ ﺑﻼ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻩ؛ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺭﻭﻳﺔ؛ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ،ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﻓﺴﻴﻘﺎﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ .ﻭﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﺇﹺﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻈﻼﻣﺎﺕ ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺟﻮﺭ ﺃﹶﻭ ﺇﹺﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻇﻠﻤﺎ
ﻭﺟﻮﺭﹰﺍ ﺑﻞ ﻭﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳌﺘﻨﺼﻞ ﻭﺍﳌﻌﺘﺬﺭَ ،ﻷ ﻧﻪ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺍﳌﺸﺘﻜﻲ ﺑﻪ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺩﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﺤﺪ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺟﻮﺭﺍﹰ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺃﹶﺧﺬ ،ﻻ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺳﺮﻕ؛ ﻭﺑﺄﹶﻧﻪ ﺳﺐ ،ﻻ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺍﻓﺘﺮﻯ؛ ﻭﺑﺄﹶﻧﻪ ﻧﻜﺢ ،ﻻ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺯﱏ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺸﺎﻛﻲ ﻭﺍﳌﺘﻨﺼﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻭﻣﺎ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍ ُﺀ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﻢ؛ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺟﻮﺭ ﻭﻇﻠﻢ ،ﻭﺍﳌﺘﻨﺼﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲜﻮﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻉ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺃﹶﻧﻪ ﻇﺎﱂ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﻇﺎﱂ .ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﳌﻌﺬﺭﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺮﻭّﻳﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ. ﻭﻫﺎﻫﻨﺎ ﻇﻼﻣﺎﺕ ﺃﹶﲰﺎﺅﻫﺎ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻇﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﳍﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﱃ ﲢﺪﻳﺪﻫﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻭﺍﻟﺰﻧﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﺣﺪﹰﺍ ﻟﻴﺲ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺴﺮﻕ ﺃﹶﻭ ﻳﺰﱐ ﻏﲑ ﳐﺘﺎﺭ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ،ﱂ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭ .ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻨﺼﻞ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ .ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﻓﻼ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﻻ ﺑﺎﳉﻨﺲ ﻓﻘﻂ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺳﺐ ﻻ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺍﻓﺘﺮﻯ ،ﻭﻳﻘﻮﻝ :ﻷَﻥ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍ َﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻗﺬﻑ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﹶﻭ ﻗﺬﻑ ﺃﹶﺑﻮﻳﻪ ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻡ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﻳﺘﻔﺎﺿﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﻻ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻬﺑﺎ ﻋﺎﺭ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﻊ ﻣﻨﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﺨﻞ .ﻭﻫﺎﻫﻨﺎ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﺗﻀﻊ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﻠﺤﻘﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﺭ ﻋﻈﻴﻢ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺰﻧﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻏﻠﻈﺖ ﺍﻟﻔﺮﻳﺔ ﰲ ﺷﺮﻋﻨﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﺃﹶﺧﺬ ،ﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﺳﺮﻕ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺣﺮﺯ. ﻓﺼﻞ ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﻼﻣﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻈﻼﻣﺎﺕ ﻓﻴﻪ ﺳﻨﻦ ،ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﻦ .ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﻦ :ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺳﻨﻦ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻏﲑ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ .ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺗﺮﺳﻢ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳉﻮﺭ ،ﻭﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ .ﻓﺎﳋﲑ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻫﻲ ﺍ َﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺰﻳّﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﻏﲑ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﲪﺪﻩ ﻭﻣﺪﺣﻪ ﺃﹶﻭ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﻭﺭﻓﻌﺘﻪ ،ﻣﺜﻞ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎ ِﺀ ﻭﻣﻜﺎﻓﺄﹶﺓ ﺍﶈﺴﻨﲔ .ﻭﺍﻟﺸﺮ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﳊﻘﺘﻪ ﺍﳌﺬﻣﺔ ﺃﹶﺯﻳﺪ ،ﻭﺍﳍﻮﺍﻥ ﺃﹶﺯﻳﺪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺇﹺﱃ ﻏﲑ ﻬﻧﺎﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻛﻔﺮ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻹِﺳﺎﺀﺓ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎ ِﺀ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﻘﺪﺭ ﻻ ﻳﺰﺍﺩ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻨﻪ .ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻘﺪﺭﺓ ﻻ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻭﻻ ﰲ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ ﻭﻻ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ،ﱂ ﺗﻜﻦ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺷﺨﺺ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻓﺎﺣﺘﻴﺞ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ .ﻓﻮﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﺪﻝ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻭﺗﻔﻀﻞ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﲰﻲ ﺇﹺﺣﺴﺎﻧﺎ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﲰﻲ ﺣِﺴﺒﺔ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻘﺼﺎﻧﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﲰﻲ ﺻﻠﺤﺎ ﻭﺣﻠﻤﺎ ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻻ ،ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ .ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﻌﺮﺽ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻟﻠﻮﺍﺿﻌﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ .ﺃﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ :ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻫﻢ ﻏﻠﻄﻮﺍ ﻓﻮﺿﻌﻮﺍ ﲢﺪﻳﺪﺍ ﻛﻠﻴﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻜﻠﻰ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ :ﻓﻤﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﹶﺣﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻀﻊ ﺳﻨﻨﺎ ﻛﻠﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﲝﺴﺐ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﻭﲨﻴﻊ ﺍﻷَﻣﻜﻨﺔ ،ﻷَﻥ ﺫﻟﻚ ﻏﲑ ﻣﺘﻨﺎﻩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺗﺒﺪﻝ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻭﺍﻟﻀﺎﺭ .ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺍﳌﺎﻫﺮ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻀﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻛﺜﺮﻱ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻷَﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ .ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺍﺟﺘﻬﺪ ﺍﻟﻮﺍﺿﻊ ﰲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﺃﹶﻃﻮﻝ ﺯﻣﺎﻧﺎ ﻭﻟ ﻸَﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﹶﻓﻀﻞ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺒﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ﺃﹶﻻ
ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻘﺪﺭﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﻭﺩﺍﺋﻤﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻭﰲ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﺃﹶﻧﺖ ﺗﺘﺒﲔ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻞ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬﺍ. ﻭﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻔﻀﻼ ﺇﹺﺫﺍ ﳊﻖ ﺫﻟﻚ ﻣﺪﺡ ﺃﹶﻭ ﻛﺮﺍﻣﺔ .ﻭﺍﳊﻠﻢ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻔﻀﻞ ﰲ ﻧﻘﺼﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﺃﹶﻭ ﺭﻓﻌﻪ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺤﻖ ﺫﻟﻚ ﻣﺪﺡ ﹶﺃﻭ ﻛﺮﺍﻣﺔ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﻜﺎﻩ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻻ ﻳﺸﻴﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﺪﻩ ﺑﺎﳋﺎﰎ ﻭﺃﹶﻥ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻇﺎﱂ .ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﻔﺢ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ .ﻓﺎﻟﺼﻔﺢ ﺇﹺﺫﻥ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﺪﻝ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﺸﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﰲ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻴﺪ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﺎﺏ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﰲ ﺍﳌﻄﻌﻮﻣﺎﺕ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﳊﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﳊﻠﻢ ﻭﹶﺃﻱّ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﳊﻠﻢ ﻭﹶﺃﻱّ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻢ ﺍﳊﻠﻤﺎ ُﺀ ﻭﺃﹶﻳﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻠﻴﻤﺎ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﳚﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻔﺢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺿﺮﻭﺏ ﺍﻹِﺳﺎﺀﺓ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺻﻨﻔﺎ ﻭﺍﺣﺪﹰﺍ ﺑﻞ ﺃﹶﺻﻨﺎﻓﹰﺎ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻓﻠﻴﺲ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻮﻯ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳋﻄﺎ ِﺀ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻮ ﻭﺍﻟﻐﻠﻂ ،ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻐﻠﻂ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﳌﻜﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻹِﺳﺎﺀﺓ :ﻫﻲ ﻣﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ ﻭﻻ ﻋﻦ ﺷﺮﺍﺭﺓ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺭﺓ ،ﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﻞ. ﻭﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﳜﺎﻃِﺐ ﻣﻦ ﻳَﺴﺌﻞ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﻭﺟﺒﺖ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑ ﹶﺔ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔﹸ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ :ﺇﹺﺣﺪﺍﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﳉﺎﱐ :ﺇﹺﻧﻪ ،ﺃﹶﻳﻬﺎ ﺍﳌﻌﺎﻗﺐ ،ﳚﺐ ﺃﹶﻻ ﺗﻘﺘﺪﻱ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ ﻣﺎ ﺃﹶﻭﺟﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰّ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻟﻜﻦ ﲞﻠﻖ ﺍﻟﻮﺍﺿﻊ ﳍﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ. ﻭﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﹺﱃ ﻇﺎﻫﺮ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺇﹺﱃ ﻣﻘﺼﻮﺩﻩ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺿﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳚﺐ ﹶﺃﻥ ﻧﺘﻨﺰﻝ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﲏ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺣﻴﺚ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻨﻪ .ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﻁ ﻭﻧﺎﺩﺭﺍ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻜﺮﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﱐ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ .ﻭﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺣﺎﻟﻪ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ﺣﱴ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﺣﻮﺍﻟﻪ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻭﺃﹶﺣﻮﺍﻟﻪ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺷﺎﻓﻌﺔ ﻟﻪ .ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺑﺎﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﱐ ﺇﹺﱃ ﺍﺠﻤﻟﲏ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺑﺎﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﺠﻤﻟﲏ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﳛﺮﻛﻪ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺪﻭ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﳋﲑﺍﺕ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺃﹶﻥ ﳛﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﹶﱐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺠﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻧﺎﻟﻪ ﺟﻮﺭ ﻣﻦ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ،ﻓﻴﻜﺎﻓﺌﻪ ﺑﺎﻟﻌﺠﻠﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺘﻮﻗﻒ ،ﻓﻌﺴﻰ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺫﻟﻚ ﺧﲑ ﻳﻨﺎﻟﻪ .ﻭﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺴﺎﳏﺎ ﻳﻘﻨﻊ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻭﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﺼﺎ ِﺀ .ﻭﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻨﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ .ﻭﺍﳊﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ؛ ﻭﺍﳌﺘﻬﻮﺭﻭﻥ ﳋﺮَﻕ ﻳﻘﺮﻭﻥ ﻬﺑﺬﺍ ﺇﹺﺫ ﻳﺘﺸﺒﻬﻮﻥ ﺑﺎﳊﻠﻤﺎ ِﺀ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﻢ. ﻭﺫﻭﻭ ﺍ ﹶ ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ :ﻣﺎﻫﻮ ﺍﻟﺘﻔﻀﻞ ﻭﺍﳊﻠﻢ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ ،ﻭﻣﺎ ﺍﳊﺎﱂ ﻭﺍﻟﺼﺎﻓﺢ ،ﻭﻣﻦ ﺃﹶﻱ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺎﺕ ﻳﺴﺘﺪﻋﻰ ﺍﳊﻠﻢ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ .ﻭﻷَﻥ ﺍﺠﻤﻟﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻌﻈﻢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﻪ ﻭﺍﳉﺎﱐ ﻳﺼﻐﺮﻩ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻴﺴﲑ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻟﻠﻀﻌﻴﻒ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﲏ ﻟﻠﻔﻘﲑ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﻋﻈﻴﻤﺎ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﺸﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻴﺴﲑ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻀﺮﺭ .ﺃﹶﻣﺎ ﻋﻈﻢ
ﺍﻟﻀﺮﺭ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻓﻤﺜﻞ ﻣﻦ ﻳﺴﻠﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻗﻮﺗﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﲑﺍ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻠﻚ ﻏﲑﻩ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻈﻢ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻳﺴﲑﺍ ،ﻓﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﻲ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺃﹶﻥ ﺭﺟﻼ ﺧﺎﻥ ﺍﻟﺼﻨﺎﻉ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺎﳌﻘﺮﺑﻦ، ﻭﻫﻢ ﺍﳌﺨﺘﺼﻮﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﳏﺎﺭﻳﺐ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺍﳌﺨﺘﺼﺔ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ ﰲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﻓﻠﺲ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﳌﺨﺘﺺ ﺑﺒﻴﻮﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺈﹺﻥ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﻓﻠﺲ ﻫﻲ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﲑ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳉﻮﺭ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻭﺃﹶﺧﺬﻫﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﳌﻘﺪﺱ ﻟﻠﺼﻨﺎﻉ ﺍﳌﻘﺮﺑﲔ ﺷﺮ ﻋﻈﻴﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺃﹶﺧﻬﺎ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻫﺘﻚ ﺣﺮﻣﺔ ﺑﻴﺖ ﺍﷲ ﻭﺣﺮﻣﺔ ﻣﺎﻟﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻋﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﺣﺪٌ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﺗﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎ ،ﺑﻞ ﺑﻠﻎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﱪ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﳌﻀﺮﺓ ﰲ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﻷَﻓﻠﺲ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻇﻠﻢ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻈﺎﱂ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻊ ﺑﺒﻴﻮﺕ ﺍﷲ ﻭﺃﹶﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻔﺢ ﻭﻻ ﺣﻠﻢ ﻭﻻ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﳊﻠﻢ ﻟﻴﺲ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ،ﺑﻞ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﻳﻨﻔﺬ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻭﻻ ﺑﺪ ،ﺇﹺﻣﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﱐ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﳌﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﳌﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ،ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀُ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺇﹺﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺇﹺﻥ ﺯﺭﻩ ﻭﺳﺦ ﻗﺘﻞ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﹶﻥ ﳚﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﺧﺬ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺗﻌﺬﻳﺒﻪ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﹶﻳﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﻮﻥ ﻭﺍﻟﺼﺎﳊﻮﻥ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻳﻌﺬﺑﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻬﺑﺆﻻ ِﺀ ﻓﺨﺮﺍ ﳍﻢ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻳﺴﲑﺓ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﺮﻯ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﻣﻠﻮﻙ ﺍﳉﻮﺭ ﻳﻘﺼﺪﻭﻥ ﺇﹺﻫﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎ ُﺀ ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﺨﺮﺍ ﳍﻢ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﳌﻤﺎﺕ ،ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺽ ﳌﺎﻟﻚ ﻭﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎ ِﺀ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﻘﺘﻮﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﻌﺮﺽ ﳍﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺕ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻧﺎﻝ ﺃﹶﺻﺤﺎﺏ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﻬﺗﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﲔ ﳍﻢ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﹸﻭﺫﻱ ﻋﻠﻰ ﺷﻲ ِﺀ ﻳﻜﺮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷَﺫﻳﺔ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻣﺒﺘﺪﻋﺎ ﱂ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﹶﺣﺪ ﻏﲑﻩ ﻻ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﻻ ﺑﻌﺪﻩ .ﻭﳑﺎ ﻳﻌﻈﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺃﹶﻭﻝ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻓﺎﻗﺘﺪﻯ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﻌﺪﻩ ﻓﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﻗﺎﺑﻴﻞ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺇﹺﳊﺎﻕ ﺍﻟﻐﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﳋﺴﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻟﻮﻥ ﺇﹺﻳﺼﺎﻝ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺿﻌﻲ ﺍﻟﺴﻨﻦ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻹِﻟﻘﺎﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺴﺒﺎﻉ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻷُﻣﻢ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻈﻠ ُﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﺑﻘﺮﺍﺑﺘﻪ ﻭﺧﺎﺻﺘﻪ ﻷَﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺒﻐﻀﻬﻢ ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺭ ﻋﻨﻬﻢ .ﻭﺃﹶﺫﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﻭﺑﻐﻀﻬﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹺﻓﺮﺍﻁ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻐﺪﺭ ﺑﺎﻷَﻣﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﺠﻮﺭ ﰲ ﺍﻷَﳝﺎﻥ ﻭﻧﻘﺾ ﺍﻟﻌﻬﻮﺩ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷٌﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺘﺺ ﰲ ﺍ َﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻌﻘﻮﺑﺔ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻈﺎﳌﲔ ،ﺑﻞ ﻳﻔﻀﺤﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺀُﻭﺱ ﺍﻷَﺷﻬﺎﺩ ﻣﺜﻞ ﻋﻘﺎﺏ ﺷﻬﺪﺍ ِﺀ ﺍﻟﺰﻭﺭ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺎﻬﺑﻢ ﺩﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻀﺤﻮﺍ ﰲ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺗﺴﺨﻢ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺯﻳﺪ ﰲ ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﻖ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ .ﻭﹶﺃﻗﺒﺢ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳋﻴﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻐﺪﺭ ﳌﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﺣﺴﺎﻥ ﻟﻠﻐﺎﺩﺭ ﻭﺍﳋﺎﺋﻦ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﺋﻲ ﺑﺄﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﳋﲑ ،ﻭﻗﺼﺪﻩ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ .ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺗﻌﺪﻳﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻛﺄﹶﻬﻧﺎ ﺷﻲﺀ ﻳﻀﻄﺮ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﺍ ِﻹ ﻧﺴﺎﻥ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺷﻜﺮ ﺍﳌﻨﻌﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻲ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ .ﻭﺇﹺﻥ ﺗﻌﺪﻯ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻈﻠﻢ ﻇﻠﻤﺎ ﻣﺴﺘﺒﺸﻌﺎ ﻓﻬﻮ ﻇﻠﻢ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﺜﻞ ﻗﺘﻞ ﺍﻷَﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎ ِﺀ .ﻭﺍﻟﻐﺮﺍﻣﺔ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﺮﺍﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻗﻮﻯ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﰲ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺼﻐﲑ ،ﺇﹺﺫ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺿﺪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻭﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﻳﻌﺮﻑ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺿﺪﻩ. ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﻏﲑ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﺱ ﺧﻄﱯ ﺃﹶﺻﻼ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﻟﻴﻖ
ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻹِﺛﻨﲔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﲔ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﲬﺴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﺩ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﻨﻦ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ،ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ،ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﺍﻷَﳝﺎﻥ. ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ. ﻓﻠﻨﻘﻞ ﺃﹶﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻓﻨﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳَﻘﺼﺪ ﺗﺜﺒﻴﺘَﻪ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻌﺘﺬﺭ ﺃﹶﻥ ﳛﺘﺞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ، ﻭﻳﻘﻮﻳﻬﺎ ،ﻭﻳﺰﻳﻒ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ .ﻓﺄﹶﺣﺪ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮ ﳑﺎ ﺗﺰﻳﻒ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻫﻮ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳏﺴﻨﺎ ﻭﻻ ﺣﻠﻴﻤﺎ ﻭﻻ ﺻﻔﻮﺣﺎ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻮﺻﻒ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﺪﻯ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺒﲔ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻹِﻛﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻻ ﳝﺪﺡ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻦ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺳﺨﻴﺎ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺛﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺭﻭﻳﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻣﻔﺮﻭﻍ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍ ُﺀ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻫﺎ ﻓﻬﻮ ﻟﺬﻭﻱ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ﻭﺍﳋﻮﺍﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺛﺎﻟﺚ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺷﺎﻗﺔ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺼﺮ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﳏﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻫﻢ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺭﺍﺑﻊ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺃﹶﻧﻔﻊ ﻭﺃﹶﻓﻀﻞ ﻭﺃﹶﺯﻳﺪ ﰲ ﺍﳋﲑ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﶈﺪﻭﺩ ﻻ ﻳﻼﺋﻢ ﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻭﻻ ﰲ ﻛﻞ ﺣﲔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺪﺭ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍ ﻳﻼﺋﻢ ﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻭﰲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺧﺎﻣﺲ ﻭﻫﻮ :ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺃﹶﺑﺪﻳﺔ ﻏﲑ ﻣﺘﻐﲑﺓ ﻷَﻬﻧﺎ ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﺘﺒﺪﻟﺔ ﻭﻣﺘﻐﲑﺓ .ﻭﺣﻜﻰ ﻋﻦ ﺍﻣﺮﺃﹶﺓ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺍﻋﺘﺬﺭﺕ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﺩﻓﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺄﹶﻥ ﻗﺎﻟﺖ: ﱂ ﺃﹶﻛﻦ ﻷَﺩﻓﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﺪﺍ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺒﻴﺪ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺳﺎﺩﺱ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﻈﻨﻮﻧﺔ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﲑ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ :ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﻌﻞ ﻬﺑﺎ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﹶﻓﻌﺎﻻ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻟﺸﺨﺺ ﺷﺨﺺ ﻭﻭﻗﺖ ﻭﻗﺖ ،ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻫﻮ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﳌﺨﻠﺺ ﻟﻠﻔﻀﺔ ﻣﻦ ﺍﳋﺒﺚ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺃﹶﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻨﺘﲔ ﻣﻌﺎ ﺣﱴ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻟﻪ ﺍﳊﻖ ﰲ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻳﺘﻘﺮﺭ ﻟﺪﻳﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﱴ ﺣﻜﻢ ﰲ ﺷﻲﺀ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﺳﻨﺘﺎﻥ ﻣﺘﻀﺎﺩﺗﺎﻥ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺃﹶﺣﻴﺎﻧﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ،ﻭﻳﻄﺮﺣﻬﺎ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ؛ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﻳﺼﺢ ﺍﳉﻤﻊ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻴّﻦ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎ ِﺀ -ﻭﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪﻧﺎ -ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﱴ ﺃﹶﺷﻜﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺟﻪ ﺍﳉﻤﻊ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻭﻻ ﻳﻨﻔﺬ ﺇﹺﺣﺪﻯ ﺍﻟﺴﻨﺘﲔ ،ﺑﻞ ﻳﺮﺟﺊ ﺍﳊﻜﻢ ﺣﱴ ﻳﺘﺒﲔ ﻟﻪ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻨﺘﲔ ،ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ. ﻓﻬﺬﺍ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﺗﺜﺒﻴﺘﻪ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟ ﻸَﻣﺮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺗﺜﺒﻴﺘﻪ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻀﺎﺩﺓ ،ﻓﺄﹶﺣﺪ ﻣﺎ ﺗﺰﻳﻒ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ
ﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺘﺒﺪﻟﺔ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻭﻣﺘﺒﺪﻟﺔ ﺍﻷَﻭﻗﺎﺕ ،ﻓﻬﻲ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻏﲑ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩﺓ ،ﺑﻞ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻭﲢﺪﻳﺪ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻔﺮﻭﻍ ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻀﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﺘﻮﳘﺎ ﻭﻏﲑ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺑﻌﺪ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﺍﻓﻖ ﻟﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﺼﺮﺣﺎ ﺑﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻛﻮﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﺗﺰﻳﻒ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺣﻜﻤﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﺇﹺﱃ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﺇﹺﻟﻴﻚ ،ﻭﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺣﻜﻤﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﻭﻭﻗﺘﻪ .ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻟﻴﺲ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﹶﺣﺪ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳉﺰﺋﻲ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ،ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﳝﺘﺜﻞ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻳﻘﻮﻱ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ،ﻓﺎﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻭﺍﺟﺐ؛ ﻭﺇﹺﻻ ﻓﹶﺄﻱّ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺷﻲﺀ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻗﻮﻱ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻭﺍﺿﻌﻬﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﰲ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﺒﻬﻢ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺇﹺﱃ ﻣﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﻭﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻴﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﺍﱏ ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﰲ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﺗﺄﻭﻟﻪ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﻗﺒﻮﻝ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﺿﻊ ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﺑ ﻞ ﺍﳌﻀﺮﺓ ﰲ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺃﹶﺷﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﻀﺮﺓ ﰲ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻠﺤﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻀﺮﺓ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﳐﺎﻟﻔﺔ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻳﻠﺤﻖ ﻣﻨﻪ ﻫﻼﻙ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﹶﺳﺮﻫﺎ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺼﺒﻮﻥ ﺣﻜﺎﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﺪﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻻ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ. ﻓﺈﹺﻥ ﻛﻞ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻳﺴﺘﻮﻭﻥ ﰲ ﺇﹺﺩﺭﺍﻛﻬﺎ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻮﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﲤﺘﺜﻞ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﺇﹺﻻ ﻛﺎﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻋﺒﺜﺎ ﻭﺑﺎﻃﻼ. ﻓﻬﺬﺍ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ،ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻗﻮﻡ ﻗﺪ ﺳﻠﻔﻮﺍ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺣﺪﺙ ﻭﻣﻮﺟﻮﺩﻭﻥ .ﻭﻣﻦ ﺍﳊﺪﺙ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﳌﺸﻬﻮﺩ ﻟﻪ ﰲ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺟﻮﻩ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻓﻪ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﺸﻬﻮﺩ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﺍﻷَﺳﻼﻑ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﲔ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟﲔ ﻋﻨﺪ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻓﻀﻠﻬﻢ. ﻓﻬﺆﻻ ِﺀ ﺗﻘﺒﻞ ﺷﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﹶﺧﱪﻭﺍ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻋﺎﻳﻨﻮﻫﺎ ﺃﹶﻭ ﱂ ﳜﱪﻭﺍ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻷَﻧﻪ ﳛﻤﻞ ﹶﺃﻣﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺧﱪﻭﺍ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ .ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ :ﺇﹺﻣﺎ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺳﺎﻟﻔﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﱂ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﺔ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻢ ﺍﻷَﺳﻼﻑ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ َﻣ ْﻦ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻮﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻮﺍ ﻭﻗﻮﻣﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬﺍ .ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﺻﻨﻔﺎﻥ: ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺗﻜﻬﻨﻬﻢ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺃﹶﻭ ﺑﻐﲑ ﺻﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻷَﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﲤﻨﻊ ﺃﹶﻭ ﺗﺄﺫﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ: ﺻﻞ ﺭﲪﻚ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻗﺪ ﻗﺎﻝ :ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﺗﺰﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺮ .ﻭﺃﹶﺷﺒﺎﻩ ﻫﺬﺍ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﻭﻥ ﻓﺎﳌﻘﺒﻮﻟﻮﻥ ﻭﺍﳌﻌﻤﻮﻝ ﺑﺸﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻣﺘﺤﻨﻬﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﻣﻌﺎﺭﻓﻬﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺟﲑﺍﻬﻧﻢ ﺃﹶﻭ ﻗﺮﺍﺑﺘﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ ،ﻓﻮﺟﺪﻭﻫﺎ ﻣﻘﻴﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺒﻞ ﻬﺑﺎ ﺷﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ﻏﲑ ﻣﻨﺘﻘﻠﲔ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻷَﺳﻼﻑ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﻋﻤﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ ﺇﹺﻣﺎ ﻋﺪﺍﻟﺘﻬﻢ ﺇﹺﻥ ﺷﻬﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ
ﻣﺎﺿﻴﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺻﺤﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳌﻠﻜﺎﺕ ﳍﻢ ﺍﻟﱵ ﳜﱪﻭﻥ ﻬﺑﺎ ﻋﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ﰲ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﺔ .ﻭﳑﺎ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﰲ ﻗﺒﻮﻝ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺍﳊﺪﺙ ﺃﹶﻻ ﻳﺸﺎﺭﻛﻮﺍ ﺍﳌﺸﻬﻮﺩ ﻟﻪ ﰲ ﺧﲑ ﻳﺮﺟﻮﻩ ﻭﻻ ﺷﺮ ﻳﺘﻮﻗﻌﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺁﺑﺎﺀ ﻟﻠﻤﺸﻬﻮﺩ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺑﻨﺎﺀ ﺃﹶﻭ ﻗﺮﺍﺑﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺬﺑﻮﺍ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ،ﺭﲟﺎ ﻛﺬﺑﻮﺍ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺳﻼﻑ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻓﻴﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﻋﺪﻣﻮﺍ .ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺍﳊﺪﺙ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻘﺒﻞ ﺷﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﺷﻬﺪﻭﺍ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ، ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻘﺒﻞ ﺷﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻋﺪﻝ ﺃﹶﻭ ﺟﻮﺭ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺳﻼﻑ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺗﻘﺒﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺷﻬﺎﺩﻬﺗﻢ ،ﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺘﻬﻤﻮﻥ، ﻷَﻬﻧﻢ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﺸﺎﺭﻛﲔ ﻟﻠﺸﻬﻮﺩ ﻟﻪ؛ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻥ ﻗﻮﳍﻢ ﳛﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻒ. ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﻗﺪ ﺗﻘﻊ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻘﻊ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ،ﻓﺘﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺑﻘﺮﺍﺋﻦ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻔﻄﺎﻧﺔ ﻭﺍﳊﺬﻕ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻡ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ ﺃﹶﻻ ﻳﻐﻠﻂ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﻛﻼﺕ ﺍﳌﻤﻮﻫﺔ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻐﻠﻂ ﺍﻟﺼﲑﰲ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺔ ﺍﳌﻐﺸﻮﺷﺔ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻗﺪ ﺗﻮﻗﻒ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻣﻊ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﳍﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺷﻬﺎﺩﺓ ،ﺃﹶﻭ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﳍﺎ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﹶﻥ ﳛﻜﻢ ﺑﺎﻟﺸﻬﻮﺩ ﺃﹶﻭ ﳛﻜﻢ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺘﺮﻥ ﺑﺎﳌﺘﻜﻠﻤﲔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻫﻲ ﻏﲑ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻋﺪﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ. ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳌﺘﻨﺎﺯﻉ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺍﳌﺘﺨﺎﺻﻤﲔ .ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ :ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺗﻘﻮﻳﺘﻬﻢ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺗﻮﻫﻴﻨﻬﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺨﺎﺻﻤﲔ ﻓﻬﻲ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻭﲡﺮﻳﺢ ﺍﻵﺧﺮ .ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﺻﺪﻳﻖ ﺃﹶﻭ ﻋﺪﻭ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻭﺳﻂ ﺑﲔ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﻭﺍﳌﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻷَﺣﺪﳘﺎ ﻭﻻ ﻋﺪﻭﺍ ﻟﻶﺧﺮ .ﻭﻫﻨﺎ ﻓﺼﻮﻝ ﺃﹸﺧﺮ ﰲ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺳﻮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺳﻴﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. ﻓﻬﺬﺍ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ﺍ ﻟﱵ ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ .ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺃﹶﻣﺮﻳﻦ: ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﰲ ﲣﺴﻴﺲ ﺍﳌﻌﺘﺮﹺﻑ ﻬﺑﺎ ﻭﺫﻣﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺼﺪﻕ ﻬﺑﺎ ،ﻭﰲ ﻣﺪﺣﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﰲ ﻬﺑﺎ .ﻭﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﻭﺗﻜﺬﻳﺐ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻧﻜﺮﻫﺎ .ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ
ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺃﹶﻭ ﺷﻬﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﰲ ﺗﺒﻴﲔ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﻭﺗﺒﻴﲔ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨﺎﺻﻤﻮﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻛﻴﻒ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻭﳐﺎﻟﻔﺘﻪ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺍﳋﺼﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮﻁ ﻭﺍﺩﻋﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﺰﻣﻪ ،ﻓﻘﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺳﻨﺔ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻭﺟﺰﺋﻴﺔ ﻓﻴﺠﺐ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻨﻦ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺸﺮﻁ ،ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻟﻴﺲ ﲢﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻭﻻ ﺗﺮﺃﹶﺳﻪ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻁ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻭﺍﳋﺎﺹ ﳛﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ؛ ﻓﺈﹺﺫﻥ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺃﹶﺱ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻻ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺗﺮﺃﹶﺱ ﺍﻟﺸﺮﻁ .ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﻟﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻟﻠﺸﺮﻁ ،ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺎﻻﺻﻄﻼﺡ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺮﻁ ،ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﻮﺣﻲ ﻣﻦ ﺍﷲ.
ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲝﺴﺐ ﺷﺨﺺ ﺷﺨﺺ ﻭﻭﻗﺖ ﻭﻗﺖ .ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﻳﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ،ﺑﻄﻠﺖ ﺍﳌﺼﺎﱀ .ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺘﺰﻣﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻭﻋﻦ ﺭﻭﻳﺘﻪ .ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻓﻼ ﻳﻌﺬﺭ ﰲ ﺃﹶﻻ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪﻩ .ﺇﹺﱃ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺒﻪ ﻫﺬﻩ ﳑﺎ ﻳﻄﻮﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ ﺇﹺﻥ ﺭﱘ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺅﻫﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ. ﻓﻬﺬﺍ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺰﻳﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺇﹺﺫﺍ ﺭﺃﹶﻯ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺻﻮﺏ ﻭﺍﻷَﺻﻠﺢ ﺗﺰﻳﻴﻒ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻓﻬﻲ :ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ؛ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺃﹶﺷﺪ ﻣﺸﺎﻛﻠﺔ ﻭﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎﱀ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻭﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺃﹶﻋﻢ ﺻﻼﺣﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻁ .ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﹶﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﺍﳋﺎﺹ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﺘﺰﻣﻬﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﳐﺎﻟﻄﺔ ﻭﺧﺪﻳﻌﺔ ﲡﺮﻯ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻣﺎ ﺗﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻟﻴﺲ ﳝﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﳋﺪﻳﻌﺔ ،ﻓﺎﻟﺴﻨﻦ ﺃﹶﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﺣﺺ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻜﺎﺷﻒ ﻋﻨﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺤﺺ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺷﺘﺮﻃﺎﻩ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻤﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺘﻌﺎﻗﺪﻳﻦ .ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﻻ ﰲ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﺗﺮﻛﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻁ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﻋﺪﻝ ﺃﹶﺑﻄﻞ ﺍﻟﺸﺮﻁ. ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﺷﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻻ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻦ ﻗﺴﺮ ﻭﻻ ﻋﻦ ﻏﻠﻂ؛ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺘﺒﻊ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻦ ،ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﻧﻠﻔﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﺮﲟﺎ ﺃﹶﻟﻔﻨﺎﻩ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺰﻳﻔﻨﺎﻩ ﺑﺬﻟﻚ .ﻭﺇﹺﻥ ﺃﹶﻟﻔﻴﻨﺎﻩ ﰲ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺍﺣﺘﺠﺠﻨﺎ ﰲ ﺇﹺﺑﻄﺎﻟﻪ ﻬﺑﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺳﻨﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺃﹶﻭ ﺳﻨﺔ ﳌﺪﻳﻨﺔ ﺗﺮﺃﹶﺱ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ. ﻭﳑﺎ ﻳﺒﻄﻞ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﻘﻮﺩ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺘﺄﹶﺧﺮﺓ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﺍﻷَﻭﺍﺧﺮ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻭﺍﺋﻞ .ﻭﻗﺪ ﺗﻘﻀﻲ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺄﹶﺧﺮﺓ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،ﻭﺍﳌﺘﺄﹶﺧﺮﺓ ﻣﻐﻠﻄﺔ ﺧﺎﺩﻋﺔ. ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺬﻱ ﻳﺰﻳﻒ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺄﹶﻣﻞ ﺃﹶﻟﻔﺎﻇﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﲢﺮﻳﻔﻪ ،ﺣﺮﻓﻪ ﻭﺃﹶﺧﺮﺟﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻋﻠﺔ ﺍﳊﺎﻛﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺑﺼﺮ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﺘﺸﺎﻬﺑﺔ. ﻓﻬﺬﺍ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺑﺎﻟﻌﺬﺍﺏ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﻌﺬﺏ ،ﻭﻓﻴﻪ ﻟﻪ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻣﺎ ،ﻷَﻧﻪ ﳜﺎﻑ ﺇﹺﻥ ﻛﺬﺏ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﺎﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻭﳌﺎ ﲣﻴﻞ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﻪ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﺻﺪﻕ ﻣُﻜﺮﻩ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ) ﻻ( ﻳﻌﺴﺮ ﺇﹺﺩﺭﺍﻙ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻹِﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﲢﺖ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺰﻳﻒ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﻟﻠﺨﺼﻢ .ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﺗﺰﻳﻴﻔﻪ ﻭﻧﻘﻀﻪ ﻫﻮ ﺣﻖ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﻌﺬﺑﲔ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻩ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎﺫﺏ ﺃﹶﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼﺎﺩﻕ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﺫﺑﺎ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﺻﱪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻭﱂ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺍﳊﻖ ﻓﻘﺪ ﻳﺒﺎﺩﺭﻭﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﻟﻴﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ،ﻟﻴﺴﺘﺮﳛﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﺮﻳﻌﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺤﻜﺎﻡ ﺃﹶﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﻞ ﻳﻌﻮﺩﻭﻥ ﻓﻴﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻷُﺧﺮ .ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺼﺤﺔ ﺃﹶﺑﺪﺍﻬﻧﻢ ﻭﻋﺰﺓ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻳﺼﱪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺫﻯ ﺻﱪﹰﺍ ﺷﺪﻳﺪﹰﺍ ﻓﻼ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺑﺎﻟﺼﺎﺩﻕ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﺒﻨﺎ ُﺀ ﻭﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻓﻘﺪ ﻳﻘﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎﺫﺏ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻭﺍ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺷﻲﺀٌ ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻪ .ﻭﳌﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺩﺭﹶﺃ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹِﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﲢﺖ ﺍﻹِﻛﺮﺍﻩ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﳝﺎﻥ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﳝﺎﻥ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﳌﻜﺎﻥ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺎﻟﻒ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﳛﻠﻒ ﻟﻴﻌﻄﻰ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻳﺄﹾﺧﺬ ﺷﻴﺌﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﻮﻉ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻻ ﻳﻌﻄﻰ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻻ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﺷﻴﺌﺎ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻄﻰ ﻭﻻ ﻳﺄﹾﺧﺬ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﻭﻻ ﻳﻌﻄﻰ .ﻭﺣﻠﻒ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﻌﻄﻰ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺃﹸﺧﺮ ﺿﺎﺭﺓ ﺑﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﻣﺴﻚ ﻭﱂ ﻳﻌﻂ .ﻭﺍﻟﻴﻤﲔ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺎﻟﻒ ﺭﺟﻞ ﻓﺎﺟﺮ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻟﺰﻣﺖ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﳋﺼﻤﲔ ﻓﻨﻜﻞ، ﻓﻘﺪ ﻟﺰﻣﺘﻪ ﺍﳊﺠﺔ .ﻷَﻥ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﻴﻤﲔ ﺗَﺤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻕ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻋﺠﺰ ﺍﳌﺘﺤﺪّﻯ ،ﻓﻘﺪ ﻟﺰﻣﺘﻪ ﺍﳊﺠﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻴﻤﲔ ﻣﺘﺮﺩﺩﺍﹰ ﺑﲔ ﻣﻜﺮﻭﻫﲔ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﳑﺎ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻴﻤﲔ -ﺇﹺﺫﺍ ﺣﻠﻒ ﻛﺎﺫﺑﺎ -ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﷲ ﻭ ﺣﺮﻣﺎﺗﻪ؛ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻭ ﺍﻹِﻋﻄﺎﺀ ،ﻓﻬﻮ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﹶﻗﻞ ﺍﳌﻜﺮﻭﻫﲔ ﺿﺮﺭﺍ ﻋﻨﺪﻩ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﻠﻒ ،ﻭﻳﻜﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﻒ ﺑﻪ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻷَﳝﺎﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳُﺼﺪﻕ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻭﻳُﺮﻯ ﺃﹶﻧﻪ ﶈﻖ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﳛﻠﻒ .ﻟﻜﻦ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﳌﻜﺎﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﳛﻠﻒ ،ﻭﻟﻜﻦ ﳌﻜﺎﻥ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ،ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳑﻦ ﳛﻨﺚ ﻭﻻ ﻳﻔﺠﺮ ﺑﻐﲑ ﳝﲔ ،ﻓﻀﻼ ﻣﻊ ﺍﻟﻴﻤﲔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺑﺎﻟﻴﻤﲔ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ ﳓﻮ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻷَﻣﲔ ،ﻷَﻥ ﲢﺮﺝ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﳑﺎ ﻳﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻠﺐ ﺍﳌﺘﻬﻮﺭ ﺍﳌﺘﻮﻗﻲ ﺃﹶﻭ ﻳﺪﻋﻮﻩ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻠﺒﻪ ﻭﻳﺘﺤﺪﺍﻩ ﺑﺬﻟﻚ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺘﻮﻗﻲ ﻳﺘﺠﻨﺒﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺜﻘﺔ ﺍﻷَﻣﲔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﺃﹶﻥ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﺑﻐﲑ ﳝﲔ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺧﺼﻤﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﺍﻩ ﺛﻘﺔ ،ﺑﻞ ﻟﻴﺲ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﳛﻠﻒ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﳛﻜﻢ ﻓﻼﻥ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﰲ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻋﻨﺪﻫﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻷَﻣﲔ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹺﺗﻴﺎﻥ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﺣﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻄﻰ ﻭﻳﻜﺮﻡ ﺍﷲ ﻭﻻ ﳛﻠﻒ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﻟﻪ ﺃﹶﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻌﻄِﻰ ﻣﺎ ﻃﻮﻟﺐ ﺑﻪ .ﻓﹺﺈ ﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﻧﻜﺮ ﻭﺃﹶﻋﻄﻰ ،ﺃﹶﻭﻫﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﳏﻖ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﺃﹶﻋﻄﻰ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﺍﻟﻔﺎﺟﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻟﺰﻣﺘﻪ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﺠﺊ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳُﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻴﻤﲔ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻃﻮﻟﺐ ﺑﺎﻟﻴﻤﲔ ﻓﻠﻢ ﳛﻠﻒ ﻇﻦ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺬﺏ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻴﻒ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺧﺎﻟﻒ ﳝﻴﻨﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺆﻧﺐ ﳐﺎﻟﻒ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻭﻳﻌﺬﻝ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﳜﺎﻟﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻷَﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ،
ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻬﻮﺍﻫﺎ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﹶﺧﺬ ﻭﻳﻌﻄﻰ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﻭﻻ ﻳﻌﻄﻰ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﹶﺃﻥ ﻳﻌﻄﻰ ﻭﻻ ﻳﺄﹾﺧﺬ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﹾﺧﺬ ﻭﻻ ﻳﻌﻄﻰ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺣﻠﻒ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺭﺑﻌﺔ ،ﻓﻼ ﳜﻠﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﳌﺎ ﺣﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﳐﺎﻟﻔﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺟﺤﺪ ﺍﻟﻴﻤﲔ. ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﳐﺎﻟﻔﺎ ،ﻓﹺﺈﻥﱠ ﹶﺃ َﺣ َﺪ ﻣﺎ ﻳﺆﻧﺐ ﺑﻪ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﻴﻤﲔ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻫﻲ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ،ﻓﻤﱴ ﺧﺎﻟﻔﻬﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻃﻮﻋﺎ ﻭﺟﺤﺪﻫﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻇﻠﻢ؛ ﻷَﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻫﻮ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻃﻮﻋﺎ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻌﺘﺬﺭ ﻋﻦ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻓﻘﺪ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺃﹶﻥ ﳝﻴﻨﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺈﹺﻛﺮﺍﻩ ﺃﹶﻭ ﺑﻐﻠﻂ ﺃﹶﻭ ﺑﻐﻔﻠﺔ ،ﻭﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫ ﺣﻠﻒ ﱂ ﻳﻨﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺎﻟﻔﻪ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻧﻮﻯ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﲪﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﺠﺎﺝ ﻭﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﳋﺼﻢ ﻭﺿﻴﻖ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﺍﳊﺮﺝ، ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻬﻴﺆ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﻓﻴﻪ ﻟﺴﺒﻮﻕ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻭﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻭﺍﳌﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﻭﺇﹺﱃ ﺍﻹِﻧﻜﺎﺭ ﻭﺍﳉﺤﻮﺩ. ﻭﳑﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﺍﻷَﳝﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﹶﻥ ﺗﺜﺒﺘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﳝﺎﻧﻜﻢ ﻭﻻ ﲣﺎﻟﻔﻮﻫﺎ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻫﻮ ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ ﺃﹶﻟﺰﻣﻪ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﻃﻮﻋﺎ ﻭﻋﻦ ﻋﻠﻢ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻻ ﳜﺎﻟﻔﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﳛﻠﻔﻮﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳋﺪﻳﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺘﻬﻴﺆ ﻟﻠﺠﺤﻮﺩ ﻭﺍﳌﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻓﻼ ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﳝﺎﻬﻧﻢ ﺇﹺﱃ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺗﺸﺒﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﳑﺎ ﺗﻌﻈﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﻭﺗﻔﺨﻢ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻼ ﻗﻴﺎﺱ ،ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻧﻘﻀﺖ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﻤﻨﺘﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﻷُﻭﱃ. ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﳏﻤﺪ ﻭﺁﻟﻪ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻗﺎﻝ :ﺃﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻱ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﺫﻥ ﻭﺍﳌﻨﻊ ﻭﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻹِﻋﺘﺬﺍﺭ ﻭﺃﹶﻱ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺧﺬ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻷُﻭﱃ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺎﺕ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻭﺑﺎﻷَﻗﻴﺴﺔ ﻭﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﻧﺎﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ. ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻛﻢ ﻳﺮﺟﺢ ﺃﹶﺣﺪ ﻗﻮﱄ ﺍﳌﺘﺨﺎﻃﺒﲔ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﲑ ﻳﻘﻴﻨﻴﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﺣﺘﻴﺞ ﺇﹺﱃ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹸﻣﻮﺭﹰﺍ ﳑﻜﻨﺔ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺘﺸﺎﺟﺮ ﻭﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﻭﺍﳌﺒﻄﻠﺔ ،ﺑﻞ ﻭﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﲑﻩ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﻴﻞ ﰲ ﺍﻷَﺣﻜﺎﻡ.ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﳜﺘﻠﻒ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺑﻜﻼﻡ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﲝﻜﻢ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻋﺮﻑ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻱ ﺍﻣﺮﺉ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺻﺪﺍﻗﺘﻪ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﻋﺪﺍﻭﺗﻪ ،ﻭﻋﺮﻑ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﹶﻱ ﺍﻣﺮﺉ ﻫﻮ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ .ﺃﹶﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺑﺎﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻐﻨﺎ ُﺀ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﲝﺎﻝ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻓﺎﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﹶﺣﻜﺎﻡ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﺒﻮﻩ ﺃﹶﻭ ﹶﻗﹶﻠﻮْﻩ ﺣﻜﻤﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍﹰ ،ﻭﻻ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﻀﺎﺑﹰﺎ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﻏﻀﺎﺏ ﺃﹶﻭ ﺧﺎﺋﻔﲔ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﺧﺎﺋﻔﲔ ﻣﻨﻪ ،ﺑﻞ ﺗﻮﺟﺪ ﺃﹶﺣﻜﺎﻡ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﲣﺘﻠﻒ ﲝﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺍﳌﺒﻠﻎ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﳛﺒﻮﻥ ،ﻓﺈﹺﻣﺎ ﺃﹶﻻ ﳜﺴﺮﻭﻩ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﳜﺴﺮﻭﻩ ﺍﻟﻴﺴﲑ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﳌﻦ ﻳﺒﻐﻀﻮﻥ ﻓﺨﻼﻑ ﺫﻟﻚ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﹶﻥ ﳛﻜﻢ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﻫﻮ ﻣﻨﺸﺮﺡ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻪ ﻭﺑﲔ ﺃﹶﻥ ﳛﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﺿﻴﻖ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻣﻜﺘﺮﺙ ﺑﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳌﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﺼﺪﻗﲔ ﰲ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻠﻬﻢ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﻠﻞ ﺛﻼﺙ؛ ﻷَﻧﻪ ﻗﺪ ﻳُﺼﺪﻕ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺩﻭﻥ ﻗﻮﻝ ﻣﺜﺒﺖ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻫﻲ :ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻹِﻟﻒ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﻮﺣﺸﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﲑ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹺﻣﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﺟﻬﻠﻪ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﻣﺒﺎﻳﻨﺘﻪ ﻟﻪ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ .ﻭﺍﳌﺸﲑﻭﻥ ﻳﺼﲑﻭﻥ ﻏﲑ ﻣﺼﺪﻗﲔ ﻭﻣﻜﺬﺑﲔ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﹶﺃﺟﻞ ﻋﺪﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﻋﺪﻡ ﺑﻌﻀﻬﺎ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﺑﺮﺃﹾﻱ ﺻﻮﺍﺏ ﳌﻜﺎﻥ ﺟﻬﻠﻬﻢ ﻭﺧﻄﺎﺋﻬﻢ، ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﲟﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﻟﻀﻌﻒ ﺭﺃﹾﻳﻬﻢ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﺎﺭﻓﲔ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﳝﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺼﻮﺍﺏ ﺍﳋﺒﺚ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﺎﺭﻓﲔ ﺫﻭﻱ ﻓﻀﺎﺋﻞ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﺴﺘﻮﺣﺸﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﺃﹶﻣﻜﻨﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻷَﻓﻀﻞ ﻓﻼ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﺑﻪ .ﻭﻫﻮ ﺑﲔ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺳﻮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻼﻝ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺧﻠﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻣﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻣﺼﺪﻗﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻳﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺫﻟﻚ ﻓﻤﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﺕ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺪﻳﺢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﺫﻭ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﻭﻓﻀﻴﻠﺔ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﺘﺄﹶﻧﺲ ﻭﺻﺪﻳﻖ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺜﺒﺖ ﻬﺑﺎ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﲣﺘﻠﻒ ﺃﹶﺣﻜﺎﻡ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺰﻣﻬﺎ ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻷَﺫﻯ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ﻭﺍﳋﻮﻑ ﻭﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﰲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﺴﺘﻌﺪﻳﻦ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻘﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻏﺎﻟﺒﺎ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ :ﺇﹺﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ :ﺑﺄﹶﻳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻏﻀﻮﺑﺎ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﻐﻀﺐ ،ﻭ َﻣ ْﻦ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻭﻻ ﺑﺎﺟﺘﻤﺎﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻭﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻌﺾ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﻻ ﺑﺪ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻔﻌﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﰲ ﺍﻷَﺑﻮﺍﺏ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ، ﻭﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ،ﺣﻴﺚ ﺣﺪﺩﻧﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﺗﺜﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﰒ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻠﺘﺌﻢ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻀﺎﺭ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳉﻮﺭ .ﻭﺍﻻﺛﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﹾﺗﻠﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺧﻮﻃﺐ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﺇﹺﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻪ ﻭﲟﻦ ﻳﻘﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻣﻌﺪﻭﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﺍﻟﱵ ﻫﻢ ﻬﺑﺎ ﻣﻌﺪﻭﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﺍﻧﻔﻌﻠﻮﺍ ﻻ ﺃﹶﻥ ﲢﺮﻛﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﹺﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﺮﻛﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺻﻔﺖ ﻟﻪ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﻐﻀﺐ ﻭﺍﳌﺮﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮﺀ ﻣﻌﺪﺍ ﻷَﻥ ﻳﻐﻀﺐ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻏﻀﺐ .ﻟﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﳌﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳُﻐﻀِﺐ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺮﻛﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﻫﻮ ﺣﺰﻥ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺛﺮ ﻧﻔﺴﺎﱐ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﺷﻮﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﹺﱃ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺗﺮﻯ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﺑﺎﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﳌﺮ ِﺀ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﺃﹶﻭ ﲟﻦ ﻫﻮ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﻭﻣﺘﺼﻞ ﺑﻪ. ﻭﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺻﻐﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻷَﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﶈﺘﻘﺮ ﺑﻪ ﻛﺄﹶﻬﻧﺎ ﺗﺼﻐﺮ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺼﻐﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺣﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻓﺎﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺸﺎﺭ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﺱ ﻣﺸﺎﺭﻳﻦ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺸﺎﺭ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﺱ ﻣﺸﺎﺭﻳﻦ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺸﻲﺀ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻐﺎﺿﺐ ﺃﹶﻭ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﳑﻦ ﻫﻮ ﺑﺴﺒﺒﻪ. ﻭﻛﻞ ﻏﻀﺐ ﻓﻴﻠﺰﻣﻪ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﻳﺆﻣﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺘﻘﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻣﻞ ﺍﻟﺘﺬ ،ﻷَﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷَﻣﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺳﻴﻈﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﳌﻤﺘﻨﻊ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻮﻕ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺸﺮﻑ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﲟﺎ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻮﻕ ﺭﺗﺒﺘﻪ ﺟﺪﺍ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺩﻭﻧﻪ ﺟﺪﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺍﻟﻐﻀﺐ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻠﺞ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺷﻲﺀ ﺃﹶﺣﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺴﻞ ﻭﺍﻟﺸﻬﺪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﺸﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻣﻨﻪ ﻫﻮ ﺷﻲﺀ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﺪﺧﺎﻥ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ ﺍﻟﻐﻀﺒﺎﻥ ﻭﻻ ﻳﻔﻬﻢ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ :ﺇﹺﻧﻪ ﺃﹶﺣﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺴﻞ ،ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﲣﻴﻞ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻷَﻥ ﲣﻴﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﺸﻮﻕ ﻭﺗﺮﺩﺩﻩ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺬﻳﺬ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﻜﺮ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻌﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﻣﻘﺘﺮﻥ ﺑﺎﳌﺘﺸﻮﻕ ،ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻮﻕ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻘﻮﻯ ﺣﺼﻮﻝ ﺇﹺﻣﻜﺎﻧﻪ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻠﺘﺬ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻮﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ ﺑﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻻ ﻗﺪﺭ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺃﹶﻧﻴﻌﺘﲎ ﺑﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺘﲎ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﲑﺍ ﺃﹶﻭ ﳛﺘﺎﻝ ﰲ ﺩﻓﻌﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﺍ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳋﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﲨﻴﻌﺎ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻣﺴﺘﻮﺟﺒﺎﺕ ﻟﻠﻌﻨﺎﻳﺔ ﻬﺑﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻠﺨﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻣﺜﻞ ﺍﳋﻮﻑ ﻟﻠﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﹾﻣﻴﻞ ﻟﻠﺨﲑ ﻫﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻌﺘﲎ ﻬﺑﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﻧﻪ
ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻇﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺧﲑ ﻳﺮﲡﻰ ﻭﻻ ﺷﺮ ﻳﺘﻘﻰ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ،ﻓﻨﺰﺭ ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪﺍ. ﻭﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺻﻐﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﺛﻼﺛﺔ :ﺍﻹِﻫﺎﻧﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻄﱠﻨْﺰ ،ﻭﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ. ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺎﻥ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻪ ﺿﺪ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ،ﳏﺘﻘﺮ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻬﺎﻭﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺃﹶﻫﻼ ﻟﺸﻲﺀ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻨﺰ ﺑﻪ ﻫﻮ ﳏﺘﻘﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﻨﺰ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﻳﻌﻮﻕ ﻋﻦ ﺗﺸﻮﻗﻪ ﻭﺇﹺﺭﺍﺩﺗﻪ. ﻭﺍﻟﻄﻨﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﻨﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻩ ﺳﻮﻯ ﻣﻀﺮﺓ ﺍﳌﻄﻨﻮﺯ ﺑﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻄﻨﻮﺯ ﺑﻪ ﳏﺘﻘﺮﺍ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳَﺨﺎﻑ ﻣﻨﻪ ﺿﺮﺭﹰﺍ .ﻭﻟﻮ ﻇﻦ ﺫﻟﻚ ،ﳋﺎﻑ ﻓﻠﻢ ﳛﺘﻘﺮﻩ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻨﺰﻭﻥ ﻟﻴﻨﺎﻟﻮﺍ ﺑﺎﻟﻄﻨﺰ ﻣﻨﻔﻌﺔ َﻣﺎ ،ﻓﺄﹸﻭﻟﺌﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳُﺴَﻤﻮﺍ ﻣﺴﺘﻌﻄﻔﲔ ﻭﳏﺘﺎﻟﲔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺪﻋﺎﺑﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨﺬﻫﻢ ﺍﳌﻠﻮﻙ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﰲ ﺟﻨﺲ ﺍﶈﺘﺎﻟﲔ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ ﻫﻲ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ ﻟﻠﻤﺸﺘﻮﻡ ﻭﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺰﻳﻴﻒ ﻭﺍﻟﺒﻬﺮﺟﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﺫﻯ ﺍﳌﺸﺘﻮﻡ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﹺﺫﺍ ﺻﺮﺡ ﺑﻪ ﺧﺰﻱ ﺑﻪ ﺍﳌﺸﺘﻮﻡ .ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺇﹺﻻ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺘﻢ ﺑﻪ ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﻟﻠﻤﺸﺘﻮﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺘﻤﺎ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﳜﺰﻯ ﻣﻨﻪ ﺍﳌﺸﺘﻮﻡ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﳛﺼﻞ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻤﺸﺘﻮﻡ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻣﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﺘﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺍ َﻷﺩﺏ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭﺍﹰ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺘﻢ ﻣﻠﺬﺍﹰ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﺎﲤﲔ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺘﻮﻣﲔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻷَﻏﻨﻴﺎﺀُ ﻭﺍﻷَﺣﺪﺍﺙ ﺷﺘﺎﻣﲔ ﻭﻓﺤﺎﺷﲔ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻫﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸﺎﲤﲔ ﺑﻴّﻦ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ. ﻭﺇﹺﳕﺎ ﳛﺘﻘﺮ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﺃﹶﻫﻼ ﻟﺸﻲﺀ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺧﲑ ﻳﺮﺟﻰ ﻣﻨﻪ ،ﻭﻻ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺷﺮ ﻳﺘﻮﻗﻰ ﻣﻨﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﳍﻢ ﺣﻘﺎ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺍﳊﺴﺐ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻀﻞ ﺑﻪ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻐﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﲑ ،ﻭﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻲ ،ﻭﺫﻱ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﺅﻭﺱ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﻟﻠﺮﻳﺎﺳﺔ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺭﺋﻴﺴﺎ ،ﲨﻴﻊ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻣﻌﺪﻭﻥ ﻷَﻥ ﻳﻐﻀﺒﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﹶﺩﱏ ﺷﻲﺀ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻧﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ ﺇﹺﻥ ﺷﺪﺓ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﻃﺔ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺃﹶﺑﻨﺎ ِﺀ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻭ َﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺸﺄﹸﻭﺍ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﻓﻪ ﻭﱂ ﻳﻠﻘﻮﺍ ﻗﻂ ﺇﹺﻻ ﲟﺎ ﻳﺴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺇﹺﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳍﻢ ﻭﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ .ﻭﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻊ ﺷﺪﺓ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﻃﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎ َﺀ ﺗﻠﺰﻡ ﺷﺪﺓ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﻃﺔ ﻣﺜﻞ ﻓﺮﻁ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺃﹶﻻ ﻳﻘﻨﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﱐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﺇﹺﻻ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﹶﺃﻬﻧﻢ ﳝﺘﻌﻀﻮﻥ ﻟ ِﻌﻈﹶﻢ ﺷﺄﹾﻬﻧﻢ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ. ﻭﻣﻦ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺻﺎﺭ ﻬﺑﺎ ﻣﻌﺪﺍ ﻷَﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳑﻦ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻪ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﺑﻌﺎﺩﺓ ﻓﻼ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻮﺩﻩ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻭ ﲟﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻥ ﺗﺮﻛﻪ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻬﺑﻮﻯ ﻣﻨﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﺘﺮﻙ .ﻭﻗﺪ ﻳﻌﺪ ﺗﺮﻙ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﰲ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻐﻀﺐ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ. ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﺴﺘﻌﺪﻭﻥ ﻟﻠﻐﻀﺐ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﲣﻴﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﰲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ .ﻭﺍﳌﺴﺘﻌﺪﻭﻥ ﻷَﻥ ﻳُﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﻴﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﲑ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗَﺼﺪﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻲ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ. ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻱ ﺷﻲ ٍﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻏﻀﻮﺑﻮﻥ ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﺪﺩ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ .ﻓﻤﻦ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻏﻀﻮﺑﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﺸﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺷﻲﺀ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺗﺸﻮﻗﻪ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻣﻊ ﻏﻢ ﻭﺃﹶﺫﻯ ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﺴﺮﻉ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﹸﻓﻌِﻞ ﺑﺄﹶﺣﺪﻫﻢ ﺷﻲﺀ ﻣُﻮﺟﺐ ﻟﻠﻐﻀﺐ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻀﻴﻖ ﺻﺪﺭﻩ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ ﺫﻟﻚ .ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺗﺆﺫﻳﻬﻢ ،ﻓﻬﻢ ﻳﺸﺘﺎﻗﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺯﻭﺍﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺆﺫﻱ .ﻓﺈﹺﻥ
ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳝﺴﻬﻢ ﻓﻘﺮ ﺃﹶﻭ ﻣﺮﺽ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﺸﺘﻬﻮﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﺪﺭﻛﺔ ﺑﺎﻟﺜﺮﻭﺓ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺎﻝ ﳌﺎ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﰲ ﻧﻔﻮﺱ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﺃﺿﻨﻪ ﺳﺒﺐ َﻷﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺇﹺﻬﻧﻢ ﺷﻬﻮﺍﻧﻴﻮﻥ ،ﺑﻞ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺐ ﻷَﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺇﹺﻬﻧﻢ ﺿﺠﺮﻭﻥ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻐﻀﺐ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺘﻘﺮﻭﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻬﺑﻢ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﺟﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻴﺐ ﺍﻟﻌﻠﻴﻞ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺇﹺﺻﺎﺑﺘﻪ ﺇﹺﻳﺎﻩ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﺑﺎﳊﺎﺟﺔ ﺍﳌﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﺻﺎﺑﺖ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﰲ ﺣﺎﻝ ﻓﻘﺮﻩ .ﻭﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻥ ﺑﺎﳉﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ﻣﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻥ ﺑﺼﺪﻳﻖ ﺍﳌﺮ ِﺀ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻥ ﲟﺎ ﻳﺆﺫﻱ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﳛﺰﻧﻪ ﺃﹶﻭ ﲟﺎ ﻳﻠﺬﻩ ﻭﻳﺴﺮﻩ .ﻭﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺧﻔﻖ ﺃﹶﻣﻠﻪ ﻳﺴﺮﻉ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻷَﻧﻪ ﻗﺪ ﻇﻦ ﻇﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﺄﹶﺧﻔﻖ ﻇﻨﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﰲ ﺃﹶﻱ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻋﻮﺍﺭﺽ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﺭﺽ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﰲ ﺃﹶﻱ ﺳﻦ ،ﻭﺧﻠﻖ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﺷﺪ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﹰﺍ ﻟﻠﻐﻀﺐ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ،ﻭﲟﻦ ﻳﻬﺰﺃﻭﻥ ﻭﻣﻦ ﻳﻌﲑﻭﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷُﻣﻮﺭ. ﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻓﻤﺜﻞ ﻏﻀﺐ ﺃﹸﻭﱄ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﻟﻪ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍ ﻟﻌﻮﺍﺭﺽ ﻓﻤﺜﻞ ﻏﻀﺐ ﺍﳌﻐﺘﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺮﻭﺭﻳﻦ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍﳋﻠﻖ ﻓﻤﺜﻞ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺒﻨﺎ ِﺀ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻦ ﻓﻤﺜﻞ ﻏﻀﺐ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺸﺘﻢ ﻭﻳﺴﺘﻬﺎﻥ ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺎﳍﻢ ﰲ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﻢ ﻭﺃﹶﻗﻮﺍﳍﻢ ﻭﺣﺎﻻﻬﺗﻢ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺫﻟﻚ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﱪ ﺃﹶﻣﺮ ﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ ﻭﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﻭﺟﺪﺕ ﻻ ﺗﺘﻌﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﺑﺎﻟﻔﻀﻼ ِﺀ ﻭﺍﳊﻜﻤﺎ ِﺀ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﻣﺮ ﻭﺍﺟﺐ .ﻷَﻥ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﺑﺸﻲﺀ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻏﲑ ﻧﺎﻓﻌﺔ ،ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﺼﻞ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺐ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﳛﻔﻆ ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﺑﺘﻌﺐ ﻋﻈﻴﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﰲ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﻪ ﻗﻮﺓ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻨﻮﺍ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺘﻔﻌﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ. ﻷَﻬﻧﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻨﻔﻌﻮﺍ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻓﺄﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻻ ﻳﻨﻔﻌﻮﺍ ﻏﲑﻫﻢ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺭﺃﹶﻯ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﳍﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﻔﻌﺔ، ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻫﻠﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻨﻮﻬﻧﺎ ،ﺭﲟﺎ ﺍﺳﺘﻌﻄﻔﻮﻫﻢ ﻭﺍﺳﺘﺮﲪﻮﻫﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﻭﻗﺖ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ ﺇﹺﻟﻴﻪ ،ﻭﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﳑﺎ ﺳﻠﻒ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻬﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺘﻔﻌﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﳍﻢ ﻏﲑ ﻣﻔﺮﻁ ﻭﻻ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ .ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻔﺮﻃﺎ ﻇﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺴﺘﻬﺰﺋﻮﻥ ﻬﺑﻢ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻄﺎﻑ ﻭﺍﻟﺘﻮﺩﺩ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺴﻨﻮﻥ ،ﰒ ﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﺇﹺﺣﺴﺎﻬﻧﻢ؛ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻜﺎﻓﺌﻮﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ ﲟﺎ ﳚﺐ ﻟﺬﻟﻚ ﺍ ﻟﻔﻌﻞ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﻌﻪ ﺿﺪ ﻓﻌﻠﻪ؛ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﲝﺎﻝ ﺧﺴﻴﺴﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﺧﺴﻴﺲ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﻗﺪﺭﻩ ﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ؛ ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻛﻠﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻣﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﺎﻫﻨﺎ ﻗﻮﻡ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺄﹸﻣﻮﺭ ﺧﺴﻴﺴﺔ ﳍﻢ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﺧﺲ ﻣﻦ ﺍﳋﺴﻴﺴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﻯ ﳍﺎ ﺃﹶﺣﺪ ﻗﺪﺭﹰﺍ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻼﻡ ﺗﻌﻈﻢ ﺑﻪ ﺃﹶﺻﻼ ﻭﻻ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺃﹶﺣﺪ ﺑﺘﻌﻈﻴﻤﻬﺎ .ﻭﻟﻴﺲ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﳛﺘﻘﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻘﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﺃﹸﻣﻮﺭﹰﺍ ﳍﺎ ﻗﺪﺭٌ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀُ ﻗﺪ ﻳُﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﰲ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﻗﻮﻻ ﲨﻴﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﻣﻜﺮﻭﻩ ،ﺃﹶﻭ ﳝﺘﻌﻀﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺫﻛﺮﻭﺍ ﺑﺴﻮﺀ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﳛﺴﻨﻮﺍ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻣﺴﺘﻬﻢ ﺣﺎﺟﺔ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﺄﳌﻮﺍ ﲟﺎ ﻧﺰﻝ ﻬﺑﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ: ﻳﻮﺍﺳﻴﻚ ﺃﹶﻭ ﻳﺴﻠﻴﻚ ﺃﹶﻭ ﻳﺘﻔﺠﻊ. ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺭﲤﺎﺽ ﺑﺎﳌﻜﺮﻭﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻊ ﻬﺑﻢ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﻬﺑﻢ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﻭﺫﻱ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﲏ ﺑﻪ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻬﻢ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻭﻳﺴﻲﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻬﺎﻭﻥ ﲟﺎ ﺑﻠﻐﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻳﺸﺒﻬﻮﻥ ﺍﻷَﻋﺪﺍ َﺀ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻋﺪﺍ َﺀ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﳝﺘﻌﻀﻮﻥ ﻟﻠﻤﻜﺮﻭﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺰﻝ ﺑﻌﺪﻭﻫﻢ ﻭﻻ ﻳﺴﻮﺀﻫﻢ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻬﺑﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀُ ﻓﻴﻤﻀﻬﻢ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﺑﺈﹺﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ﻭﻳﺘﻔﺠﻌﻮﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﳚﺰﻋﻮﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﺑﺄﹸﻣﻮﺭ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﲬﺴﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﺗﻜﺮﻣﻪ ﺃﹶﻧﺖ ،ﻓﺈﹺﻧﻚ ﺗﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻬﺎﻭﻥ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻨﺪﻙ ﻣﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﹶﻻ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﳑﺎ ﲢﺐ ﺃﹶﻧﺖ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ .ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻬﺎﻭﻥ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻣﻨﻚ .ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﺃﹶﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﲢﺘﻘﺮﻫﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺸﺘﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﳋﻤﺴﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺮﻭﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻌﺎﻭﻧﻮﻬﻧﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻭﻻ ﻳﺆﺍﺯﺭﻭﻬﻧﻢ ،ﻓﻴﻐﻀﺒﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻣﺜﻞ ﻏﻀﺐ ﺍﻵﺑﺎ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺑﻨﺎﺀِ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻏﲑ ﻣﻌﺎﻭﻧﲔ ﳍﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﳉﻤﻴﻞ .ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﺑﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﳋﻤﺴﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻌﺮﺽ ﻛﺜﲑ ﺍ ﻟﻠﻨﺴﺎ ِﺀ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺃﹶﺳﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﻀﻌﻒ ﺗﺪﺑﲑﻫﻦ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻟ ﻸَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻋﻨﺪﻙ ﺣﻔﻈﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻛﺜﲑﺍ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻨﺴﻰ ﺍﲰﻪ ،ﻭﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻣﻦ ﻧﺴﻴﺎﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳍﻴﻨﺔ ﺍﳊﻔﻆ ﺍﻟﱵ ﻬﺗﻢ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻣﻐﻀﺒﺎ ﻷَﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﺳﺒﺒﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﳌﻨﺴﻲ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺘﺪﺋﻮﻥ ﺑﺎﻹِﺣﺴﺎﻥ ﻓﻼ ﻳﻜﺎﻓﺄﻭﻥ ،ﻗﺪ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻜﺎﻓﺌﻮﻬﻧﻢ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺰﻟﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ِﲡﺪﱡ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﺖ ﺗﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳛﺴﻦ ﺇﹺﱃ ﻏﲑﻙ ﻭﻻ ﳛﺴﻦ ﺇﹺﻟﻴﻚ ،ﻓﺈﹺﻧﻚ ﺗﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﻌﺪﻭﻥ ﻷَﻥ ﻳﻐﻀﺒﻮﺍ ﻭﻷَﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﻐﻀﺐ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺃﹶﺛﺒﺖ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﻗﺪ ﻏﻀﺐ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﺴﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﹶﻭ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻐﻀﺐ .ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﻐﻀﺐ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺛﺒﺘﺖ ﻟﺸﺨﺺ ﻣﺎ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻜﻦ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻋﻨﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻣﻌﺪﹰﺍ ﻷَﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻬﺑﺎ ،ﺳﻬﻞ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻨﻪ ﺃﹶﻭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻋﻨﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻀﻮﺑﺎ ﺳﻬﻞ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻟﻠﺮﺿﻰ ﺃﹶﻭ ﻟﺴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻨﻪ .ﻓﹺﺈَﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻟﻪ ﺿﺪﺍﻥ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻋﺪﻣﻪ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺿﺪﻩ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺿﻰ .ﻭﻟﻜﻦ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻣﻊ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻬﺑﺬﺍ ﻳﺄﹾﰐ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺴﻜﻨﺔ ﻟﻠﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻻﺭﺗﻴﺎﺽ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﺴﻜﻨﺎﺕ ﻟﻠﻐﻀﺐ
ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺿﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻫﻮ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺮ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﰲ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺄﹶﻳﺔ ﺣﺎﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻬﻞ ﺳﻜﻮﻥ ﻏﻀﺒﻬﻢ ،ﻭﺑﺄﹶﻳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻬﻞ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﺴﻜﻨﺔ ﻟﻠﻐﻀﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﹶﻭ ﻓﺘﻮﺭﻩ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﺳﺒﺒﻪ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﺸﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻄﻮْﻉ ،ﻓﻬﻮ ﺑﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻨﻼ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ -ﻭﺇﹺﻥ ﻬﺗﺎﻭﻧﻮﺍ ،ﻓﺒﻜﺮﻩ ،ﺃﹶﻭ ﺑﻐﲑ ﺭﻭﻳﺔ -ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ،ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﻏﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬﻢ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺳﺮﻳﻌﺎ .ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﻐﺎﺿﺐ ﺁﻻﻡ ﻭﻣﻜﺎﺭﻩ ﺗﻨﺴﻴﻪ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺑﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺐ ﻏﻀﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍﻟﺘﻌﻤﺪ ﻟﺬﻟﻚ .ﻭﻫﺬﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺪﻫﺎﺓ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ .ﻭﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻇﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭﺍ ﺑﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻮﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺣﺪ ﻻ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﻧﻪ ﳏﺘﻘﺮ ﻟﻨﻔﺴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻻ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺗﻮﺑﺔ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺇﹺﱃ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻹِﺟﻼﻝ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻣﺴﻜﻨﺎ ﻟﻠﻐﻀﺐ ﻷَﻧﻪ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ .ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﳑﺎ ﻳﻔﺘﺮ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﲟﺎ ﻓﻌﻞ ﻭﺍﻻﺭﲤﺎﺽ ﻟﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻴّﻦ ﻋﻨﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﳌﻌﺎﻗﺒﺎﺕ ﺍﶈﺴﻮﺳﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﺎ ﻗﺪ ﻧﻌﺎﻗﺐ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﺤﺪﻭﻥ ﻭﳛﺘﺠﻮﻥ ﻋﻦ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺮﻭﻥ ﻭﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻨﺎﺯﻟﺔ ﻬﺑﻢ ﻋﺪﻝ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻔﺘﺮ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﳉﺤﻮﺩ ﻟ ﻸَﻣﺮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﻗﺎﺣﺔ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﺼﻠﻒ .ﻭﺍﻟﻮَﻗﺎﺡ ﻣﺴﺘﻬﺰﻱﺀ ﻣﺴﺘﻬﲔ. ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳُﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﻗﺪﺭ ،ﻓﻴﺸﺘﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﺣﺪ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻹِﻗﺮﺍﺭ ﺫﻟﺔ ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﻨﻘﻴﺼﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻨﺰﻝ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻬﺑﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﻏﲑ ﺧﺎﺋﻔﲔ ﻭﻻ ﻣﺘﺬﻟﻠﲔ ﻟﻠﻐﺎﺿﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﳜﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻐﺎﺿﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻳﻔﺘﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺬﻟﻮﻥ ﻭﻳﺘﻮﺍﺿﻌﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﺏ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺗﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳉﻠﻮﺱ ﻭﺍﳌﺘﺪﻳﻦ ﻭﺗﻨﻬﺶ ﺍﳌﺴﺘﻌﺠﻠﲔ .ﻭﻗﺪ ﺗﺄﹾﰐ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻟﻴﺲ ﻳﻈﻦ ﺑﺎﳉﺤﻮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﻞ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﳊﻖ، ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻇﺎﻫﺮﹰﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﺃﹶﻭ ﺷﺄﹾﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺘﺮ ﻋﻨﻬﻢ ،ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻃﻴﺒﻮ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ،ﺳﻠﺴﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩ ،ﺣﺴﻨﻮ ﺍﳋﻠﻖ ﳛﺘﻤﻠﻮﻥ ،ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻤﻴﻬﻢ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻣﻔﺮﺍﺣﲔ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﶈﺘﺎﺝ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻳﻘﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﻟﻪ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺍﻟﻨﺎﺯﻟﺔ ﺑﻪ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻌﻔﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻭﻳﺘﻔﺎﺩﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻨﻬﻢ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﻓﻴﻬﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺸﺘﻤﻮﻥ ﹶﺃﺣﺪﺍ ﻭﻻ ﻳﻄﻨﺰﻭﻥ ﺑﻪ ﻭﻻ ﳛﺘﻘﺮﻭﻧﻪ .ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﹺﻥ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻓﻌﻠﻮﻩ ﰲ ﺍﻷَﻗﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﺇﹺﻥ ﻏﻀﺐ ،ﻓﻴﺴﻜﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻨﻬﻢ ﺳﺮﻳﻌﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﺴﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﺕ ﻗﺒﻞ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﻀﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳُﻬﺎﺑُﻮﻥ ﺃﹶﻭ ﻳَﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﻻ ﻳُﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﻮﺍ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ،ﻷَﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻀﺐ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻭﳜﺎﻓﻪ ﻣﻌﺎ ﰲ ﺣﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺎﳌﺮ ِﺀ ﰲ ﺣﺎﻝ ﻏﻀﺒﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈﹺﻣﺎ ﺃﹶﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻏﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻴﺴﲑ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﹶﺃ ﻧﻪ ﳛﺘﻘﺮﻩ ،ﻭﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﺎ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﺫﻯ ﻟﻠﻤﺤﺘﻘﺮ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﻟﺬﺓ ﺃﹶﻭ ﱂ ﺗﻜﻦ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻓﻬﻮ ﻟﺬﺓ ﻣﻊ ﺃﹶﺫﻯ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﰲ ﺣَﺪﻩ .ﻭﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﳑﺎ ﻓﻌﻞ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﲨﻴﻞ ،ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺃﹶﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻐﻀﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻏﻀﺐ ﻓﻴﺴﻜﻦ ﻏﻀﺒﻪ ﺳﺮﻳﻌﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺄﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﺆﺩﺏ ﻭﻳﻌﻠﻢ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﺜﻞ ﺍﻧﺘﻬﺎﺭ ﺍﳌﺘﻌﻠﻢ ،ﻭﻣﺜﻞ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺰﺡ ﰲ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺰﺡ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻠﻬﻮ ﰲ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻠﻬﻮ .ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳌﺰﺡ ﻭﺍﻟﻠﻬﻮ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺰﺍﺡ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺗﻄﻴﻴﺐ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﻤﺰﻭﺡ ﺑﻪ ،ﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳌﺎﺯﺡ ﻟﺬﺓ .ﻭﺍﻟﻠﻬﻮ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﺘﺬ ﺍﻟﻼﻫﻲ ﻻ ﺍﳌﻠﻬﻮ ﺑﻪ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﳝﺰﺡ ﺍﻷَﺧﻴﺎﺭ ﻭﻻ ﻳﻠﻬﻮﻥ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺘﺄﹾﻧﻴﺐ ﻭﺍﳌﻮﻋﻈﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺰﻻﺕ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﺭﺽ ﺍﻟﺮﺩﻳﺌﺔ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺳﺪ ﺍﳋﻠﺔ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﺍﶈﺘﻘﺮ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﶈﺘﺎﺝ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺳﺪ ﺧﻠﺘﻪ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻧﺰﺭﹰﺍ ﳏﺘﻘﺮﹰﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺃﹶﻭ ﺍﶈﺘﻘﺮ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﺃﹶﺫﻯ ﻟﻠﻤﺤﺘﻘﺮ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻟﺬﺓ ﻗﺒﻴﺤﺔ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﺭﺟﺎﺀ ﻭﺃﹶﻣﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻐﻀﺐ ﻣﻨﻪ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﺃﹶﺫﻯ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺩﺏ ﺑﻪ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﻟﺬﺓ ﻗﺒﻴﺤﺔ ﺍﳌﺰﺍﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳜﺮﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻔﺤﺶ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﺣﺴﻦ ﺭﺟﺎﺀ ﺳﺪ ﺍﳋﻠﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻃﺎﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﱂ ﻳﺘﻜﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌﻞ ﻳﻮﺟﺐ ﲡﺪﺩ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺴﻜﻦ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳑﺎ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﺜﺄﹾﺭ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻭﻻ ﻓﻤﻦ ﺍﳉﺎﱐ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﻓﻤﻤﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﳉﺎﱐ .ﻭﺭﲟﺎ ﱂ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﻟﺜﺄﹾﺭ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﱐ ﺍﻷَﻭﻝ ﺣﱴ ﻳﺄﹾﺧﺬﻩ ﳑﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﺮ ﺍﳉﺎﱐ ﺍﻷَﻭﻝ ﻛﻔﺆﺍ ﻟﻪ ،ﻭﺭﺃﹶﻯ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﻫﻮ ﻛﻔﺆ ﻟﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺭﲟﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﳉﺎﱐ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺃﹶﺧﺬ ﺍﻟﺜﺄﹾﺭ ﳑﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ .ﻭﻗﺪ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻟﻈﺎﱂ ﻭﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﺑﻞ ﳑﻦ ﺍﺗﻔﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺑﺎﳉﺎﻧﲔ، ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﺠﻤﻟﲏ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﻛﺄﹶﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﺃﹶﺩﺭﻛﻮﺍ ﺛﺄﹾﺭﻫﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻇﺎﳌﻮﻥ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻈﻠﻮﻣﲔ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻭ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻫﻲ ﻋﺪﻝ ،ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻣﻨﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﳌﻌﺎِﻗﺐ ﺃﹶﻭﻻ ﻓﻴﺒﲔ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﻌﺎﻗﹶﺐ ﻇﺎﱂ ،ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻌﺎﻗﺐ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﱂ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺃﹶﺫﻯ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﻗﹶﺐ. ﻭﻗﺪ ﻳﻨﻔﻖ ﰲ ﺃﹶﻓﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺍﻟﻌُﺘﺎﺓ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻇﺎﳌﻮﻥ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﻭﻳﺘﺬﻣﺮﻭﻥ، ﻭﹺﺇ ﹾﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺎﻟﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪﻝ ،ﻷَﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﺃﹶﺫﻯ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﻭﺍﻟﻀﻴﻢ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻬﺑﻢ ﻻ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﻌﺮﺽ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳉﻬﻞ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻌﺮﺽ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﱪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻀﺎﻣﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻭﳛﻘﺮﻭﻥ ﻟﻴﺲ ﻫﻲ ﳑﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﳍﻢ ﲢﻘﲑﺍ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﳜﺘﱪ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺴﻠﺐ ﻋﻨﻬﻢ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺴﺐ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻟﲑﻯ ﻛﻴﻒ ﺗﺄﹶﺛﺮﻫﻢ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳌﺴﻠﻮﺏ ﻋﻨﻪ ﺃﹶﻛﱪ ﻭﱂ ﻳﻐﻀﺐ ﻣﻨﻪ ،ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﻛﱪ ﻧﻔﺴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳌﻮﺿﻊ ﻫﺬﺍ ﳌﺎ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﻓﻼﻥ ﺃﹶﻥ ﳜﺘﱪ ﻛﱪ ﻧﻔﺲ ﻓﻼﻥ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﻜﱪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﹺﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﻣﻌﺪﻭﺩﹰﺍ ﰲ ﻓﺘﺎﺣﻲ ﺍﳌﺪﺍﺋﻦ ،ﻟﻴﻌﻠﻢ ﻫﻞ ﻳﻐﻀﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻡ ﻻ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺘﺄﹶﺫﻯ ﺑﺎﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﻐﺮ ﻗﺪﺭ ﺍﶈﺘﻘﺮ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﱪ ﻗﺪﺭ ﺍﶈﺘﻘﺮ ﺑﻪ .ﻭﺍﳌﺴﺘﻀﺎﻡ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺣﺪﻩ ﺇﹺﻧﻪ ﺃﹶﺫﻯ ﻣﻊ ﺷﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ .ﻭﺍﳍﺎﻟﻜﻮﻥ ﻻ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷَﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﺇﹺﱃ ﺷﺮ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺆﻣﻞ ﻓﻴﻬﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺃﹸﻭﻣﲑﻭﺵ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺗﺴﻜﲔ ﻏﻀﺐ ﻓﻼﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﻼﻥ ﻟﻨﺎﺱ ﻣﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺄﹶﻥ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ :ﺇﹺﻧﻪ ﺍﻵﻥ ﻣﻌﺎﻧﻖ ﻟ ﻸَﺭﺽ ﺍﻟﺒﻜﻤﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻔﺎﺭﻗﻬﺎ ﺃﹶﺑﺪﺍ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻷَﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺰﻝ ﺑﻪ ﻣﺼﻴﺒﺔ
ﺍﳌﻮﺕ ﻳﺮﺛﻰ ﻟﻪ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﺍﳌﺼﺎﺋﺐ .ﻭﳍﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻜﻔﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻷَﻣﻮﺍﺕ، ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﻬﺑﻢ ﳑﻦ ﻳﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻨﺎﻓﺲ ﰲ ﺩﻧﻴﺎ ،ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻣﻦ ﺷﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻜﻨﻮﺍ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﹶﻭ ﻳﻔﺘﺮﻭﻩ ﹶﺃﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﹾﺧﺬﻭﺍ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺴﻜﻨﺔ ﻟﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺟﺰﺋﻴﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ. ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻳﻔﺘﺮ ﻭﻳﺴﻜﻦ ﻋﻦ ﺳﺘﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﳌﺨﻮﻓﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳌﻔﺮﺍﺣﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﻻ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻧﺰﻝ ﻬﺑﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺸﻮﻗﻪ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺑﺎﺩﻭﺍ ﻭﻫﻠﻜﻮﺍ. ﻭﻫﺬﺍ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺿﺪﻩ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﶈﺒﺔ ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ َﻣ ْﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﺎﺩِﻗﻮﻥ ﻭﻳﺼﺎﺩَﻗﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻭﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﺼﺪﺍﻗﺔ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﹶﻭﻻ ﻓ ﺤُﺪﺕ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﳌﺼﺎﺩﻗﺔ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻳﻬﻮﻯ ﺍﳋﲑ ﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺫﺍﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺫﺍﺕ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻗﻮﺓ ﻭﻣَﻠﻜﺔ ﻳﻔﻌﻞ ﻬﺑﺎ ﺍﳋﲑ ﻟﻪ .ﻭﺍﳌﺼﺎﺩﻗﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺐ ﻭُﻳ ﺤَﺐ ﻣﻌﺎ .ﻭﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺇﹺﱃ ﺷﺮﻁ ﺛﺎﻟﺚ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻊ ﺃﹶﻧﻪ ﻳُﺤﺐ ﺍﳋﲑ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺫﺍﺕ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﳏﺒﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻟﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻨﺎ ﰲ ﺣﺪ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻓﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻠﺬ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ ،ﻭﻳﺸﺎﺭﻛﻪ ﰲ ﺍﳌﺆﺫﻳﺎﺕ ﻭﺍﶈﺰﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺰﻝ ﺑﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺫﺍﺗﻪ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺫﺍﺕ ﺻﺪﻳﻘﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﻓﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﻪ ﻭﻳﺴﺮ ﺑﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﺍ ِﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍ ِﺀ ﳏﺒﻮﺑﲔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﻋﺪﺍ ُﺀ ﻓﻬﻢ ﺑﻀﺪ ﻫﺆﻻﺀِ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺗﺆﺫﻳﻬﻢ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﻮﺍﺻﻠﺔ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻋﺪﺍﺋﻬﻢ ﻭﺗﻠﺬﻫﻢ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻬﺑﻢ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻳﻠﺰﻣﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﻓﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻮﻗﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﳏﺐ ﻭﺻﺪﻳﻖ ﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﳛﺰﻥ ﻟﻠﺸﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺼﺪﻳﻘﻪ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺴﺮ ﺑﺎﳋﲑ ﺍﻟﻮﺍﺻﻞ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻭﻣﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺘﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﻣﻀﺎﺩﺍ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﺎﺱ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﲔ ﺑﺈﹺﻧﺴﺎﻧﲔ ﻓﻴﻌﻴﻨﻪ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻭﻳﺴﻠﻤﻪ ﺍﻵﺧﺮ؛ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﻨﻪ ﺻﺪﻳﻖ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻠﻤﻪ ﻋﺪﻭ .ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﻮﻯ ﺍﳋﲑ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺫﺍﺕ ﺻﺪﻳﻘﻪ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻓﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺴﻨﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﺱ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﺇﹺﱃ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺑﺴﺒﺒﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﺣﺴﻨﻮﺍ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍ ِﻹﺣﺴﺎﻥ ﺃﹶﺣﺪ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﶈﺒﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺑﺂﺧﺮﻳﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭﹰﺍ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺫﻭﺍﺕ ﻛﻠﻔﺔ ﻭﻣﺸﻘﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﻧﺸﺎﻁ ﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻬﺑﻢ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺳﻮﺍﺀٌ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﺷﺎﻗﺎ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﺷﺎﻗﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻘﻂ، ﺑﺎﺷﺮﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﺒﺎﺷﺮﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺇﹺﻳﺼﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳉﺴﻴﻢ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﻬﻤﻮﻥ ﺑﺎﻹِﺣﺴﺎﻥ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ .ﻭﺻﺪﻳﻖ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﳏﺒﻮﺏ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺒﻮﻥ ﺍﶈﺒﻮﺑﲔ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺒﻬﻢ ﺍﶈﺒﻮﺑﻮﻥ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﺩﻭﻥ ﻭﻳﺒﻐﻀﻮﻥ َﻣ ْﻦ ﻳﺒﻐﺾ ﺍﳌﺮ َﺀ ﳏﺒﻮﺏ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪﻩ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﻐﻀﻬﻢ ﺍﳌﺒﻐﻀﻮﻥ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ .ﻭﲨﻴﻊ ﻫﺆﻻﺀِ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﶈﺒﻮﺑﲔ ،ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀُ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻷُﻭﻟﺌﻚ ﻫﻲ ﳍﻢ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻬﻮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﳍﻢ ﻫﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻷَﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﳍﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳛﺴﻨﻮﻥ ﹺﺇ ﻟﻴﻬﻢ ﻭﻳﻜﺮﻣﻮﻬﻧﻢ .ﻭﳌﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻜﺮﻡ ﺍﻷَﺳﺨﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳌﻜﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺼﻞ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﻬﺑﻢ .ﻭﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻞ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻲ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ .ﻭﺍﻟﻔﻀﻼ ُﺀ ﺍﻷَﺑﺮﺍﺭ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ُﻳﺴْﺪﻭﻥ ﺇﹺﱃ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﲝﺴﺐ ﺣﺎﻝ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﻭﺃﹶﻗﻞ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻜﻠﻔﻮﻥ ﺃﹶﺣﺪﹰﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻫﺆﻻﺀ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ،ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﺤﺎﻬﺑﻢ ،ﻳﻌﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻴﺸﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ ﺃﹶﺻﺤﺎﻬﺑﻢ ﳍﻢ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﻢ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻛﺪﻫﻢ ﺃﹶﺑﺪﺍﻬﻧﻢ .ﻭﺍﻷَﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ َﻣ ْﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻲ ٍﺀ ﺷﺮﻳﻒ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳌﻌﺎﺵ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﺳﻮﻗﻴﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﻻ ﳛﺘﺎﺟﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻷَﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﺤﻘﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﲔ .ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﻋﻔﺎﺀ ﻏﲑ ﻇﻼﻣﲔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻮﺽ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﻬﺑﻢ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺑﺎﻷَﺻﺪﻗﺎ ِﺀ ﺇﹺﻥ ﺍﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ. ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﻫﻢ ﺍﻷَﺧﻴﺎﺭ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﺮﻭﻥ ﻣﻜﺘﻔﲔ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺑﺄﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﻋﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﱴ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻬﺑﻢ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﺼﺪﻳﻘﻪ ﻣﻦ ﺇﹺﻳﺼﺎﻝ ﺍﳋﲑ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺧﻴّﺮﻫﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﻭﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﺍﳌﻨﺠﺤﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺍﳋﲑﺍﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻧﻴﻠﻬﺎ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﻷُﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺎﻟﻮﻫﺎ ،ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻄﻴﺒﻮ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺸﺮﻬﺗﻢ ﻭﻣﻼﺯﻣﺘﻬﻢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻛﻠﻪ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ ﻬﺑﻢ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﳝﻞ ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ ﻓﺈﹺﻥ ﲨﻴﻊ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﻷَﻥ ﺃﹶﺧﻼﻗﻬﻢ ﲨﻴﻠﺔ ﺳﻬﻠﺔ ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻮﲞﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻄﹺﺈ ﻭﺍﻹِﺳﺎﺀﺓ ﻭﻻ ﻳﺸﻐﺒﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺴﺮﻭﻥ ﻭﻻ ﳛﺮﺷﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺜﲑﻭﻥ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺸﺮ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺛﲑﻭﺍ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﲨﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﳌﺬﻣﻮﻣﺔ ﺻﺨﺎﺑﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺴﺘﻌﻠﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﻭﺑﺎﳊﺮﺩ ،ﻓﺎﻟﺼﺨﺎﺑﻮﻥ ﻫﻢ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳉﻔﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻬﺑﻢ ﺑﻘﻮﺓ ﺃﹶﺑﺪﺍﻬﻧﻢ ﹶﺃﻭ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲨﻌﻮﺍ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﻣﺴﺎﺭﻋﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺼﺨﺐ ﻭﺇﹺﱃ ﻋﺬﻝ ﺃﹶﻗﺎﺭﻬﺑﻢ ﻭﺟﲑﺍﻬﻧﻢ ﻭﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ -ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻣﻜﻨﻬﻢ -ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺬﻟﻮﻫﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻭﳘﻮﺍ ﺃﹶﻥ ﻋﺬﳍﻢ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳝﺪﺣﻮﻥ ﻗﺪ ﳛﺒﻮﻥ ﺍﳌﻤﺪﻭﺣﲔ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺎﺭﻛﻮﻫﻢ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﳌﻜﺎﻥ ﻣﺪﺣﻬﻢ ﺇﹺﻳﺎﻫﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺎﺩﺣﻮﻥ ﻓﻤﺤﺒﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻤﺪﻭﺣﲔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﺑﺄﹶﺷﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺄﹾﻣﻦ ﺍﳌﻤﺪﻭﺡ ﺃﹶﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻭﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺬﺑﺎ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻈﻔﻮﻥ ﻟﺒﺎﺳﻬﻢ ﻭﺃﹶﺯﻳﺎﺀﻫﻢ ﻃﻮﻝ ﺃﹶﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻣُﻜﺮﻣﻮﻥ ﻟﻠﻨﺎ ﺱ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻭﻏﲑ ﻣﺆﺫﻳﻦ ﳍﻢ ﺑﺎﳌﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﻘﺒﻴﺤﺔ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﲑﻭﻥ ﺑﺎﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﻻ ﻳﻌﺎﺗﺒﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﺎﻳﺎﺕ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻮﲞﻮﻥ، ﻭﺍﳌﻮﲞﻮﻥ ﻣﺒﻐﻀﻮﻥ؛ ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﺬﻧﻮﺏ ﺍﻹِﺳﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﷲ ﻭﺑﻴْﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ،ﻭﺑﺎﳉﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍﻹِﺳﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺇﹺﻧﺴﺎﻥ .ﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺼﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻐﻦ ﻭﻻ ﻳﻘﻴﻤُﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺬﻝ ﻭﺍﻟﻠﺠﺎﺝ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺮﺿﻮﻥ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻭﻳﺰﻭﻝ ﻏﻀﺒﻬﻢ ،ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻟﻠﻨﺎﺱ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻢ ﻷَﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ،ﺑﻞ ﻫﻢ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺑﺬﻟﻚ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺷﺮﻭﺭ ﺃﹶﻗﺎﺭﻬﺑﻢ ﻭﺟﲑﺍﻬﻧﻢ ﻭﺫﻭﻱ ﻣﻌﺎﺭﻓﻬﻢ َﻷﻬﻧﻢ ﺃﹶﺧﻴﺎﺭ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺷﺮ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺸﻐﺒﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﳚﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﳛﻘﺪﻭﻥ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﲞﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﺻﺨﺎﺑﻮﻥ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ ﺑﺎﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻟﻴﺲ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺮﺍﺅﻭﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺍ ﻟﺘﻌﺠﺐ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﹺﻻ ﺑﺸﻲ ٍﺀ ﻫﻮ ﻋﻨﺪﻩ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﻣﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺮﺣﻮﻥ ﺑﺎﳌﺮ ِﺀ ﻭﲟﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﳏﺒﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﻪ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻋﻦ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﺑﻴّﻦ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﺍﺋﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺡ .ﻭﺍﳌﻜﺮﹺﻣﻮﻥ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺮﻣﻮﻬﻧﻢ.
ﻭﺍﳌﻜﺮَﻣﻮﻥ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻜﺮﹺﻣﲔ ﳍﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺐ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺃﹶﻥ ﳛﺴﺪﻭﻩ ﺣﺴﺪﹰﺍ ﻻ ﻳَﺒﻠﻎ ﻬﺑﻢ ﺍﻻﻏﺘﻴﺎﻝ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻬﻮﻯ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﺪ ﺇﹺﻻ ﻭﻫﻮ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻒ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺎﺋﻠﻪ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻬﻮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﹶﻫﻼ ﻟﺬﻟﻚ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻋﻨﺪﻙ ﻓﺈﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺃﹶﻭ ﻬﺗﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺪﻳﻘﻪ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻚ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﻬﺑﻢ ﺍﳋﲑ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﺘﺒﻌﻮﺍ ﺍﳋﲑ ﺑﺸﺮ ﻫﻮ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻭﺃﹶﻓﻈﻊ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺎﻕ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺒﻮﻥ ﺍﻷَﻗﺎﺭﺏ ﻭﺍﻷَﺑﺎﻋﺪ ﺍﻷَﺣﻴﺎﺀ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺍﻷَﻣﻮﺍﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳑﻦ ﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﹶﻭ ﺻﻤﻴﻢ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﻣﻮﺍﺕ ﻻ ﳛﺒﻮﻥ ﺇﹺﻻ ﺑﺸﺮﻃﲔ: ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﻬﺗﻢ ﻗﺮﻳﺐ ﺍﻟ َﻌﻬْﺪ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺃﹶﻗﺮﺑﺎﺀ ﺃﹶﻭ ﻣﻌﺮﻭﻓﲔ .ﻓﻜﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﳛﺒﻬﻢ ﳌﻜﺎﻥ ﺻﺪﻕ ﳏﺒﺘﻬﻢ، ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺣﺐ ﺍﻷَﺟﻨﱯ ﻓﻬﻮ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﳛﺐ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺣﺐ ﺍﳌﻴﺖ ﻓﻬﻮ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﳛﺐ ﺍﳊﻲ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺒﻮﻥ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀﻫﻢ ﺟﺪﺍ ﺟﺪﺍ ﻭﻻ ﳜﺬﻟﻮﻬﻧﻢ ﳏﺒﻮﺑﻮﻥ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻢ ﺧﻴﺎﺭ ،ﻭﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳛﺐ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺑﺄﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﻭﺩﻫﻢ ﺭﻳﺎﺀ ﻭﻻ ﺗﺼﻨﻌﺎ ﻣﻮﺩﻭﺩﻭﻥ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﱪﻫﻢ ﺍﳌﺮﺀ ﲟﺴﺎﻭﺋﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻫﻢ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ﻟﻪ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﻌﻠﻬﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﺍﳌﺮ ُﺀ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺍﳊﻴﺎ ِﺀ ﻳﻮﺩ ﺍﳌﺮﺀ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺍﳊﻴﺎﺀِ ،ﻷَﻧﻪ ﻻ ﳜﺎﻓﻪ ﻭﻳﺜﻖ ﺑﻪ .ﻭﻗﺪ ﳛﺐ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺍﳌﺮ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳜﺎﻓﻪ ﻭﻳﺜﻖ ﺑﻪ ﻭﻳﺄﹾﻣﻨﻪ؛ ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳛﺐ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻓﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻷﻧﺲ ﻭﺍﻟﻮﺻﻠﺔ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﳑﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀُ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻼﺕ ﻟﻠﺼﺪﺍﻗﺔ ﻓﺎﻷَﻳﺎﺩﻱ ﻭﺍﳌﻨﻦ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺑﺎﳌﺮﺀ ﺍﳋﲑ ﺣﲔ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺮ ِﺀ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﱂ ﳜﱪ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ ﻻ ﳌﻜﺎﻥ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ. ﻓﻬﺬﺍ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﶈﺒﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻭﺍﻟﺒﻐﻀﺎ ُﺀ ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ﳍﺬﻩ ﻭﻫﻲ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺑﻌﻠﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻓﻬﻲ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻐﻴﻆ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﻌﺒﺚ ،ﻭﺍﻟﻨﻤﻴﻤﺔ؛ ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻌﺒﺚ ﺍﻻﺯﺩﺭﺍﺀ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﻳﺔ ﺍﳋﺒﻴﺜﺔ ﺑﲔ ﻧﻔﺴﲔ. ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﻌﺪ ﺍﻭﺓ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﻐﺎﺿﺐ ﺃﹶﻭ ﲟﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﺒﺒﻪ؛ ﻭﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﺒﻐﺾ ﺑﺎﳌﺒﻐﺾ ﻟﻪ ﺷﻴﺌﺎ .ﻓﺈﹺﻧﺎ ﻗﺪ ﻧﺒﻐﺾ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﳚﻨﻮﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﻴﺌﺎ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻇﻨﻨﺎ ﺑﺎﳌﺮ ِﺀ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺒﻐﻀﻪ ﺃﹶﺑﺪﺍ .ﻭﻓﺮﻕ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺷﺨﺎﺹ ﻣﺜﻞ ﺯﻳﺪ ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻗﻮﺍﻡ ﳏﺼﻮﺭﻳﻦ ﺑﺎﻟﻌﺪﺩ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﺠﻨﺲ ،ﻓﺈﹺﻧﺎ ﻧﺒﻐﺾ ﺍﻟﱪﺑﺮ ﻭﻳﺒﻐﻀﻮﻧﻨﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﺼﻨﻒ ﻓﺈﹺﻧﺎ ﻧﺒﻐﺾ ﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮﻡ ،ﻭﻗﺪ ﻳﺒﻐﻀﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﲨﻌﻮﻥ .ﻭﻓﺮﻕ ﺛﺎﻟﺚ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻗﺪ ﻳﺴﻜﻦ ﺑﻄﻮﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻐﺎﺿﺐ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻨﻪ؛ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻟﻴﺲ ﺗﺴﻜﻦ ﺑﻄﻮﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻣﺎ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﻌﺎﺩَﻯ ﺑﺎﳌﻌﺎﺩِﻯ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻣﻮﺩﺗﻪ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺗﺸﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺷﺮ ﳏﺪﻭﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﺑﺎﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﺸﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﺑﺎﳌﺒﻐﺾ ﺷﺮ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﺑﻪ ﺷﺮ ﺗﺸﻮﻕ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻊ ﺑﻪ ﺷﺮ ﺃﹶﻛﺜﺮ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻀﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﺑﺎﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺮ ﳏﺪﻭﺩ ﻳﺸﻔﻰ ﺑﻪ ﺻﺪﺭﻩ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻬﻮﻯ ﻫﺬﺍ ،ﺑﻞ ﺷﺮﹰﺍ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺷﺮﺍ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻧﺰﻝ ﺑﻪ .ﻓﺎﻟﺒﻐﻀﺔ ﲣﺎﻟﻒ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺆﺫﻳﺎﺕ ﻣﺒﻐﻀﺎﺕ ،ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺃﹶﺫﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﺒﻐﻀﺎﺕ ﺃﹶﻛﺜﺮ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳉﻮﺭ ﻭﺍﳉﻬﺎﻟﺔ. ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﳚﺪ ﺣﺰﻧﺎ ﻣﻊ ﻟﺬﺓ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺒﻐﺾ ﻓﻠﻴﺲ ﳚﺪ ﻟﺬﺓ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻗﺪ ﻳﺰﻭﻝ ﺑﺄﹶﻳﺴﺮ ﺷﻲﺀ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺄﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﺗﺰﻭﻝ ﺑﺬﻟﻚ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺰﻝ
ﺑﺎﳌﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﻣﺎ ﻓﻘﻂ .ﻣﻊ ﺃﹶﻻ ﻳﻨﻌﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺒﻐﺾ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻌﺪﻡ ﺍﳌﺒﻐﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﹶﺻﻼ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻗﺪ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﺜﺒﺖ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻬﻧﻢ ﺃﹶﻋﺪﺍﺀ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﳒﻌﻠﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻛﺬﻟﻚ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻋﺪﺍﺀ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻘﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ﺩﻋﻮﺍﻫﻢ ﰲ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻋﺪﻭ ﻭﺃﹶﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﺻﺪﻳﻖ ﺇﹺﺫﺍ ﺩﻓﻌﻨﺎ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ،ﲟﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻭﲟﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻔﺎﻋﻼﺕ ﳍﺎ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﻌﺪﻳﻦ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﻬﺑﺎ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﳉﻮﺭ، ﻷَﻥ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﳚﻮﺭ ﺍﳉﺎﺋﺮ ﻫﻲ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﰲ ﺯﻳﺪ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﺎﺭ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻋﺪﺍﻭﺓ. ﻓﻬﺬﺍ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳋﻮﻑ ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﳑﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﳑﺎﺫﺍ ﻳﻜﻮﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻔﺎﻋﻼﺕ ﻟﻪ ،ﻭ َﻣ ْﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﺎﻓﻮﻥ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺒﲔ ﺫﻟﻚ ﻫﺎﻫﻨﺎ ،ﺑﻌﺪ ﺃﹶﻥ ﳓﺪ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﺎ ﻫﻮ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﰲ ﺍﻷَﺑﻮﺍﺏ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ. ﻓﻠﻴﻜﻦ ﺍﳋﻮﻑ ﺣﺰﻧﺎ ﺃﹶﻭ ﺍﺧﺘﻼﻃﺎ ﻣﻦ ﲣﻴﻞ ﺷﺮ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺴﺪ ﺃﹶﻭ ﻳﺆﺫﻯ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳊﺰﻥ ﺍﻟﻐﻢ ﻭﺍﻷَﺫﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﺑﺎﻻﺧﺘﻼﻁ ﺍﺧﺘﻼﻝ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﳍﻼﻙ ،ﻭﺑﺎﻷَﺫﻳﺔ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﳍﻼﻙ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﺷﺘﺮﻁ ﰲ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻬﻠﻜﺎ ﺃﹶﻭ ﻣﺆﺫﻳﺎ ،ﻷَﻥ ﺇﹺﻣﻜﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻫﻲ ﺷﺮﻭﺭ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﳜﺎﻓﻬﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﻠﻮﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﻛﺴﻼﻥ؛ ﻭﻟﻴﺲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﺫﻯ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﻳﺴﲑﺍﹰ ،ﺑﻞ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻈﻴﻤﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﻻ ﳜﺎﻓﻪ ﺃﹶﺣﺪ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﳜﺎﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻮﻗﻌﺎ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﺑﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻮﻗﻌﺎ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺘﻮﻗﻊ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻟﻴﺲ ﳜﺎﻓﻪ ﺃﹶﺣﺪ ،ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﹶﻥ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﳝﻮﺕ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﳜﺎﻑ ﺍﳌﻮﺕ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺣﺪ ﺍﳋﻮﻑ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ،ﻓﺒﲔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺨﻮﻓﲔ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻥ ﳍﻢ ﻗﻮﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻓﺴﺎﺩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻹِﻫﻼﻙ ،ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﺩﺧﺎﻝ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﹺﱃ ﺣﺰﻥ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺫﻯ ﻋﻈﻴﻢ ﺇﹺﻣﺎ ﺟﺴﺪﻱ ﻣﺜﻞ ﺍﻷَﺳﻘﺎﻡ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻧﻔﺴﺎﱐ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺭ .ﻭﻛﻮْﻥ ﻣَﻦ ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺘﻪ ﳐﻮﻓﺎ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﻨﻔﺴﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﻗﺮﻳﺒﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﳋﻄﺮ ﺃﹶﻭ ﺍﳍﻮﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻗﺘﺮﺍﺏ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﰲ ﺍﳋﺎﺋﻒ ﻭﳛﺮﻛﻪ ﺇﹺﱃ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺘﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺀ ﻳﻬﻮﻯ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﻟﻪ ﻗﻮﺓ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺷﺮﻩ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﻬﻮ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﳐﻮﻑ .ﻭﺍﳊﹶﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻈﻠﻮﻡ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻈﻠﻮﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﻠﻮﻣﺎ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻬﺑﺬﻳﻦ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﻳﻬﻮﻯ ﺍﻟﻈﻠﻢ؛ ﻷَﻥ ﺍﻟﻈﻠﻮﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻈﻠﻢ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺇﹺﺭﺍﺩﺓ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻈﻠﻢ .ﻓﺎﻟﻈﻠﻮﻡ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﻣﺮﻳﺪ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻈﻠﻢ، ﻭﻫﻮﺍﻩ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﻟﻔﻌﻠﻪ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ .ﻓﺈﹺﺫﻥ ﺑﺎﺟﺘﻤﺎﻉ ﻫﺬﻳﻦ ﻟﻪ ،ﻳﻜﻮﻥ ﻇﻠﻤﻪ ﻗﺮﻳﺒﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﳌﻦ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻟﻪ ﻫﺬﺍﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻹِﺭﺍﺩﺓ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﳜﺎﻑ ﺃﹶﺣﺪ ﺷﺮ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀِ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺮﻳﺪﻳﻦ ﻟﻠﺸﺮ؛ ﻛﻤﺎ ﻻ ﳜﺎﻑ ﺍﻷَﻗﻮﻳﺎﺀ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﺮﻳﺪﻳﻦ ﻟﻠﺸﺮ .ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﳕﺎ ﳝﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺿﻌﻔﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺷﺮ ﻣﻬﻮﻝ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺘﻮﻗﻊ ﻗﺪ ﺣﺪﺙ ﺑﺈﹺﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻓﻬﻮ ﳜﺎﻑ ﺱ ﳍﻢ ﺧﺎﺋﻔﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻛﺜﺮ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺑﺄﹶﻬﻧﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻔﻈﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﺎ ُ
ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﳐﻮﻓﻮﻥ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺑﺎﻟﺼﻔﺢ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﳐﻮﻓﻮﻥ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﳑﻜﻨﺎ ﳍﻢ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﺮﺍﻕ ﳐﻮﻓﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺫﻭﻱ ﺍﻷَﻣﻮﺍﻝ ،ﻻ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻻ ﻣﺎﻝ ﻟﻪ. ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻷَﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻨﺎ ﺱ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻮﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﻈﻠﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻊ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻣﺮﺍﺭﺍﹰ ،ﻭﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺳﻴﻈﻠﻤﻮﻥ ،ﻫﻢ ﺧﺎﺋﻔﻮﻥ ﺃﹶﺑﺪﺍﹰ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﻳﺆﻣﻠﻮﻧﻪ ﻫﻢ ﺧﺎﺋﻔﻮﻥ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﳍﻢ ﻗﻮﺓ ،ﻓﻬﻢ ﳐﻮﻓﻮﻥ .ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺘﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﳐﻮﻑ ﺧﻄﺮ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ .ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻫﻢ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﳐﻮﻓﻮﻥ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻬﻮﻭﻥ ﺍﻹِﺿﺮﺍﺭ ﲟﻦ ﻳﻔﻀﻠﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﰲ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ .ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﺎﻓﻮﻬﻧﻢ ﺃﹶﻓﺎﺿﻠﻬﻢ ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﻓﻴﻬﻢ ﻫﻢ ﳐﻮﻓﻮﻥ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳑﻦ ﱂ ﻳﺰﻝ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﹶﻭ ﺣﺼﻠﺖ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺣﲔ ﻛﱪ ﻭﻋﻈﻢ ﻗﺪﺭﻩ .ﻭﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀُ ﺍﳌﻈﻠﻮﻣﲔ ﳐﻮﻓﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻈﺎﳌﲔ ﳍﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺀُ ﺍﻷَﻋﺪﺍ ِﺀ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳐﻮﻓﻮﻥ .ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﳐﻮﻑ .ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺫﻭﻯ ﺍﻷُﻧﺲ ﻭﺍﻻﻧﺒﺴﺎﻁ ﳐﻮﻓﲔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﳊﻘﺪ ،ﻷَﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﻨﺤﻞ ﻏﻀﺒﻬﻢ ﺳﺮﻳﻌﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﳌﺨﻮﻓﻮﻥ ﺫﻭﻭ ﺍﻷَﻧﺎﺓ ﰲ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﳊﻘﺪ ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻹِﺯﺭﺍ ِﺀ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺪﻫﺎﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻫﻞ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ ﻭﻫﻢ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺫﻭﻯ ﺍﻷُﻧﺲ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺫﻭﻯ ﺍﻷُﻧﺲ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﺣﺪﹰﺍ ﺩﻭﻬﻧﻢ ،ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻹِﺯﺭﺍ ِﺀ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺩﻭﻥ ﺃﹶﻗﺪﺍﺭﻫﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﲨﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺨﻮﻓﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﳐﻮﻓﺔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﳑﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻼﰱ ﻓﺴﺎﺩﻩ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻓﺴﺎﺩﻩ ﺇﹺﻓﺴﺎﺩﹰﺍ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻔﺴﺪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺎﻓﹶﺄ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻓﺴﺎﺩﻩ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻨﺰﻝ ﺑﻪ ﺍﻷَﺿﺪﺍﺩ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻜﺮﻭﻫﺔ ﻋﻨﺪﻩ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﳚﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﺎﺻﺮﺍﹰ ،ﻓﺨﻮﻓﻪ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﹶﺷﺪ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﺎﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳌﺨﻮﻓﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺙ ﺑﺂﺧﺮﻳﻦ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﺑﺄﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﳑﺎ ﳜﻴﻞ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ﺑﺎﳌﺮﺀِ ،ﻭﺫﻟﻚ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺰﻝ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﺸﺮ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺇﹺﳕﺎ ﳚﺰﻉ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺕ ﺇﹺﺫﺍ ﺭﺁﻩ ﻗﺪ ﻧﺰﻝ ﺑﺸﺎﺏ ﺁﺧﺮ ﻣﺜﻠﻪ ،ﻻ ﺇﹺﺫﺍ ﺭﺁﻩ ﻗﺪ ﻧﺰﻝ ﺑﺸﻴﺦ ﺃﹶﻭ ﺑﻜﻬﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺨﻮﻓﺔ ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﺷﺪ ﳐﺎﻓﺔ ﻭﺃﹶﻋﻈﻢ ﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﺄﹾﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﺇﹺﻻ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﹾﺗﻰ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺋﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻓﹶﺄﻣﺎ ﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻫﻲ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﳍﻢ ،ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺧﺎﺋﻔﲔ ﻓﻨﺤﻦ ﺍﻵﻥ ﳐﱪﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﳋﻮﻑ ﻫﻮ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﳌﺮﺀ ﺃﹶﻥ ﳝﺴﻪ ﺷﺮ ﻣﻔﺴﺪ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺑﻨﻔﺴﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﺷﺮ ﻓﻴﺨﺎﻑ ﺃﹶﺻﻼ، ﻭﻻ ﺇﹺﻥ ﻇﻦ ﺑﺎﻟﺸﺮﻭﺭ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻻ ﺗﻨﺎﻟﻪ ﳜﺎﻑ ﺃﹶﺻﻼ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﻻ ﳜﺎﻑ ﺃﹶﺻﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﺮ ﺃﹶﺻﻼ .ﻭﻻ ﳜﺎﻑ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻓﻴﻪ ﺷﺮ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺎﳋﻮﻑ ﺿﺮﻭﺭ ﹰﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺗﻨﺎﳍﻢ ﺷﺮﻭﺭ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﻨﺎﳍﻢ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮﻬﻧﻢ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﳊﻮﻕ ﺍﻟﺸﺮ ﳍﻢ ﻭﺗﺄﹾﺛﲑﻩ ﻓﻴﻬﻢ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳋﺎﺋﻔﻮﻥ ﻫﻢ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺒﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﺷﺮ ﻫﻢ ﺍﳌﺼﺤﺤﻮ ﺍﻷَﺑﺪﺍﻥ ،ﺍﳊﺴﻨﺔ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﺟﺪﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﹶﺃﻬﻧﻢ ﻬﺑﺎﺗﲔ ﺍﳊﺎﻟﺘﲔ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻛﺬﻟﻚ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻭﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻭﺣﺴﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﻬﺑﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﺘﺎﻣﲔ ﺟﺎﺋﺮﻳﻦ ﻣﺘﻬﻮﺭﻳﻦ .ﻭﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸﺪﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻳﻈﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﹶﺃ ﻧﻪ ﻣﺼﺤﺢ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻝ ﻣﻦ ﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻦ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺮﻳﻦ ﺃﹶﻳﻀﺎ :ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﻭﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷَﺻﺤﺎﺏ .ﻭﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻓﻴﻌﺮ ُ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﺃﹶﺷﻌﺮﻭﺍ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﻛﻞ ﺑﻼﺀ ،ﻓﻬﻢ ﺿﻌﻔﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳌﺘﻮﻗﻌﺔ ﻛﻀﻌﻒ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺰﻝ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ؛ ﻓﻬﺆﻻ ِﺀ ﻳﻮﺟﺪ ﳍﻢ ﺭﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﳋﻼﺹ ،ﻓﻬﻢ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﰲ ﺣﺼﻮﻟﻪ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﳛﺘﺎﺟﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻮﻑ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﺓ .ﻭﻟﻴﺲ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﺴﺘﺸﲑ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﳜﺎﻑ ،ﻭﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺎﻑ ﻭﻻ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﳋﻠﻮﺹ ﻣﻨﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ َﺣﺪﱠ ﺍﳋﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻒ ﺑﻪ ﺍﳋﺎﺋﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪ ﺑﻪ ﻛﻔﻪ ﻋﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﳋﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﺭﺟﺎ ُﺀ ﺍﳋﻠﻮﺹ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺨﻮﻑ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳋﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﳝﻜﻨﻪ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﳜﻴﻔﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﳑﻦ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﹶﻭ ﺗﺼﻴﺒﻬﻢ ﺍﳌﺼﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﺧﺼﻤﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﳍﻢ :ﺇﹺﻥ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻗﺪ ﻟﻘﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﺍﺋﻬﻢ ﻭﺃﹶﺷﺒﺎﻫﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﻧﻪ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﺗﻠﻘﻰ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺷﺮﻭﺭ ،ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻻ ﺗﻨﺎﻟﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺫﻟﻚ ،ﺃﹶﻭ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻈﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ. ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﳌﺴﺘﻌﺪﻭﻥ ﳍﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﳔﱪ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﳍﺎ ﻭﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎ ﻧﻮﺍ ﻬﺑﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪﻳﻦ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺷﺠﻌﺎﻧﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻷَﻣﻦ ﳘﺎ ﺿﺪ ﺍﳋﻮﻑ ،ﻭﳘﺎ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﻣﻊ ﲣﻴﻞ ﺃﹶﻭ ﺗﻮﻫﻢ ﻟﺮﺟﺎ ِﺀ ﺍﳋﻼﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ،ﻭﺗﻮﻫﻢ ﺍﳌﺨﻮﻓﺎﺕ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻔﻘﻮﺩﺓ ﺃﹶﻟﺒﺘﺔ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ .ﻭﺗﻮﻫﻢ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﺠﻌﺔ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﳑﺎ ﻳﺸﺠﻊ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳌﺸﺠﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﻘﻰ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺨﻮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ .ﰒ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﺮﺩﻉ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻓﻪ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻓﻪ ﻓﻴﻪ ﳑﺎ ﻳﺸﺠﻊ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺃﹶﻥ ﻟﻪ ﺃﹶﻋﻮﺍﻧﺎ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻗﻮﻣﺎ ﻋﻈﺎﻣﺎ ﳝﻨﻌﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳُﻨﺎﻝ ﺑﺸﺮ .ﻭﳑﺎ ﻳﺸﺠﻊ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﺆﻣﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻻ ﻇﺎﳌﺎ ﻓﻴﺨﺎﻑ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﹶﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ ،ﻭﻻ ﻣﻈﻠﻮﻣﺎ ﻓﻴﺨﺎﻑ ﺗﻜﺮﺭ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﳑﺎ ﻳﺆﻣﻨﻚ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﻧﺎﺱ ﺑﺄﹶﻋﻴﺎﻬﻧﻢ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻧﺰﺍﻉ ﻭﻻ ﳏﺎﻣﺎﺓ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺃﻟﺒﺘﺔ ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻇﻦ ﺑﻚ ﺃﹶﻥ ﻟﻚ ﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺔ ﺃﹶﻭ ﻟﻴﺲ ﻟﻚ ﻗﻮﺓ .ﻭﳑﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﹶﻭ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻋﻄﺎﺋﻪ ﺍﳌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﳑﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻑ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻭﳛﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻬﺑﺎ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﲨﻴﻌﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻧﻮ ﺍ ﻬﺑﺎ ﺷﺠﻌﺎﺀ ﻓﺄﹶﺣﺪﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺳﻴﺘﻼﻓﻮﻥ ﻭﻳﺼﻠﺤﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻬﺑﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻹِﻗﺪﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﻬﺑﻢ ﻭﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺄﹶﳌﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﻬﻠﻜﻮﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻬﺑﻢ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺃﹶﺷﻔﻮﺍ ﻣﺮﺍﺭﹰﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﲣﻠﺼﻮﺍ ﻣﻨﻪ، ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﳑﺎ ﻳﺸﺠﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺨﻮﻑ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻏﲑ ﺧﺎﺋﻔﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳌﺘﻮﻗﻌﺔ ﻭﻻ ﻣﻜﺘﺮﺛﲔ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺘﲔ :ﺇﹺﺣﺪﺍﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﱂ ﳚﺮﺑﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺨﻮﻑ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻏﲑ ﻋﺎﳌﲔ ﺑﻪ .ﻭﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﳎﺮﺑﲔ ﻟﻪ ﻋﺎﳌﲔ ﺑﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻴّﻦ ﳑﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻨﺪ ﺍﺭﲡﺎﺝ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﻫﻮﻟﻪ ﻟﻠﺮﺍﻛﺒﲔ ﻟﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﳚﺮﺑﻮﺍ ﺃﹶﻫﻮﺍﻝ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻳﻮﺟﺪﻭﻥ ﺷﺠﻌﺎﻧﺎ ﻓﻴﻪ ﳉﻬﻠﻬﻢ ﺑﻌﻮﺍﻗﺒﻪ، ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﲡﺮﺑﺔ ﺑﻪ ﻳﻮﺟﺪﻭﻥ ﺷﺠﻌﺎﻧﺎ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﳌﺎ ﺍﻃﺮﺩ ﳍﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻓﻴﻪ .ﻭﳑﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﺨﻮﻑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﲑ ﳐﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺷﺒﻴﻬﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻧﻈﲑﻩ ،ﺃﹶﻭ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺩﻭﻧﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺪﻭﻥ ﻭﻳﻌﺘﻤﺪ
ﺍﻷَﺭﻓﻊ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ: ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﺇﹺﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﹶﻋﺼﻔﺖ ﻗﺼﻔﺖ ...ﻋﻴﺪﺍﻥ ﳒﺪ ﻭﱂ ﻳﻌﺒﺄﻥ ﺑﺎﻟ َﺮﺗَﻢ. ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻄﺮﺩ ﻫﻮ ﺍﻷَﻭﻝ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎ ِﺀ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﲔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻠﻴﺲ ﳜﺎﻓﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺎﻭﻭﻬﻧﻢ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﲞﺎﺋﻔﲔ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳍﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﻔﻀﻠﻮﻬﻧﻢ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﺻﺢ ﳍﻢ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺷﺪﺓ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻭﻧﺼﺮﺓ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﻭﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﻋﺪﺓ ﺍﳊﺮﺏ ﺇﹺﻣﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ﺍﳋﻄﲑﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻷُﻣﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﳜﺘﻠﻒ .ﻭﳑﺎ ﻳﺸﺠﻊ ﻭﻳﺆﻣﻦ ﺃﹶﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻇﺎﳌﺎ ﻷَﺣﺪ ﺇﹺﻻ ﻟﻌﺪﻭﻩ ﻇﻠﻤﺎ ﳜﻴﻒ ﺑﻪ ﻋﺪﻭﻩ ﻓﻘﻂ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﺎﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ ﲨﻴﻠﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﲔ ﺍﷲ ﺁﻣﻨﻮﻥ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ ﲨﻴﻠﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎ ﺱ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺭﲟﺎ ﻳﺘﻮﺳﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺍﳊﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻌﺎﻣﻠﺔ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﲨﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﺻﺤﺎﺏ ﺍﻷَﻟﺴﻨﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺘﺴﻠﻄﲔ ﺑﺄﹶﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ،ﻛﺎﳋﻄﺒﺎ ِﺀ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀِ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﻼ ِﺀ ﻓﻬﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻏﲑ ﺧﺎﺋﻔﲔ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺁﻣﻨﲔ ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻﺀِ ،ﻓﺄﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺁﻣﻨﲔ ﻋﻨﺪ ﻏﲑﻫﻢ ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳑﺎ ﻳﺸﺠﻊ .ﻭﳑﺎ ﻳﺸﺠﻊ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﺒﻌﺚ ﻏﻀﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻈﻠﻮﻣﺎ ﻻ ﻇﺎﳌﺎ .ﻭﺍﳌﻈﻠﻮﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺸﺠﻊ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﻀﺐ ،ﻭﳌﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻧﺎﺻﺮٌ ﻟﻠﻤﻈﻠﻮﻣﲔ .ﻭﳑﺎ ﻳﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺮﺍ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻟﻘﻲ ،ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻘﺎﻭﻣﻪ ﻭﻳﺘﻼﰱ ﺇﹺﻓﺴﺎﺩﻩ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﳌﺸﺠﻌﺎﺕ ﻭﺍﳌﺨﻮﻓﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﻳﺔ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳊﻴﺎ ِﺀ ﻭﺍﳋﺠﻞ ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﹶﺃ ْﻭ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻰ ،ﻭﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﻴﺎ ِﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﹶﻱ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﺮﺽ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻳﻌﻠﻢ ﳑﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ .ﻓﻠﻴﻜﻦ ﺍﳋﺰﻱ ﺃﹶﻭ ﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎ ِﺀ ﺣﺰﻧﺎ ﺃﹶﻭ ﺍﺧﺘﻼﻃﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﲑ ﺍﳌﺮ َﺀ ﻏﲑ ﳏﻤﻮﺩ ،ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻮﻗﺎﺣﺔ ﻓﺎﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﻭﻗﻠﺔ ﺃﹶﱂ ﻭﺍﻛﺘﺮﺍﺙ ﲝﺪﻭﺙ ﻫﺬﻩ ﺑﹶﺄﻋﻴﻨﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﻴﺎ ُﺀ. ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺣﺪ ﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ،ﻓﺒﲔ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳑﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻳﻈﻦ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﻣﺴﺘﺒﺸﻌﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻌﲎ ﺑﻪ .ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻓﻬﻮ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺮﺩﺍﺀﺓ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻐﲑ ﻣﻨﻪ ﻣﻀﺮﺓ ،ﻣﺜﻞ ﺟﺤﺪ ﺍﻟﻮﺩﻳﻌﺔ ﻭﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﻈﻠﻢ؛ ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺮﺩﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻐﲑ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻣﻀﺮﺓ ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﺟﺒﻨﺎ ﻭﺧﻮﻓﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻘﺒﻴﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻌﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺎﺷﺮﻭﺍ ،ﻭﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺎﺷﺮﻭﺍ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺎﺷﺮﻭﺍ ﻫﻢ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﺫﻭﻭ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺌﺔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﻨﻴﻊ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ ﺍﻷَﻛﺘﺴﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳊﻘﲑﺓ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﺤﺔ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎ ِﺀ ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﺮﺯﺃ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﻛﲔ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﻮﺍﺕ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﺜﻞ :ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﺍﳌﻴﺖ ﺃﹶﻛﻔﺎﻧﻪ .ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﺢ ﺍﳌﻜﺴﺐ ﻭﺍﻟﻠﺆﻡ. ﻭﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﱵ ﻳُﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻮﺳﺮﺍ ﻭﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﺑﺸﻲﺀ .ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻧﺘﻔﻊ ﻓﻨﻔﻊ ﻳﺴﲑ .ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻳَﺴﺌﹶﻞ ﺍﳌﻘﻠﲔ ﻭﳛﺘﺎﺝ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺘﺴﻠﻒ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﺑﻪ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﻋﺪ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﺑﺸﻲﺀ ﻓﺘﻘﺎﺿﺎﻩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺳﺄﹶﻟﻪ ﻫﻮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻴﺪﻓﻌﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﻘﺎﺿﻲ ﻣﺎ ﻭﻋﺪﻩ .ﻭﻋﻜﺲ ﻫﺬﺍ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﺳُﺌﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﺎﺿﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻭﻋﺪﻩ ﺑﻪ ﻟﻴﺪﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ .ﻭﳑﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﳌﺮ َﺀ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻘﺘﺪﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎ ِﺀ ﺍﳊﻮﺍﺋﺞ ﻭﻻ ﳝﺪﺣﻪ ﰲ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﺑﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﺧﺎﺏ ﺭﺟﺎﺅﻩ ﺭﲟﺎ ﻗﻠﺐ ﰲ ﺫﻣﻪ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﳑﺎ ﻳُﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﻤﻠﻖ ﻭﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﺣﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﳌﺮﺀ ﺑﺄﹶﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻓﻴﻪ ،ﺃﹶﻭ ﳜﺮﺝ ﺍﳌﺴﺎﻭﺉ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﰲ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﺃﹶﻭ ﳚﺪ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺟﻌﹸﺎ ﺃﹶﻭ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻓﻴﻈﻬﺮ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺷﺪ ﺗﺄﹶﳌﺎ ﻣﻨﻪ ﻭﺃﹶﺷﺪ ﺣﺰﻧﺎ ،ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﻠﻖ .ﻭﳑﺎ ﻳُﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻪ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﺼﱪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺸﺪﺓ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻬﺑﻢ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻬﺑﻢ ،ﻭﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺘﺮﻓﲔ ﻭﺫﻭﻱ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳚﺰﻋﻮﻥ ﳌﻜﺎﻥ ﺳﻠﻄﺎﻬﻧﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﺩﱏ ﺷﻲﺀ ﻳﺼﻴﺒﻬﻢ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﻣﻜﺮﻭﻩ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣَﻦ ﺳﻮﻯ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﳑﻦ ﻫﻮ ﺃﹶﺿﻌﻒ ﻣﻨﻬﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳑﻦ ﳜﻴﻞ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﺑﻪ ﺿﻌﻔﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺬﻣﻮﻣﺔ ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﳋﻮﺭ ﻭﺍﳌﻬﺎﻧﺔ .ﻭﳑﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮﺀ ﻳﻌﲑ ﻭﻳﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺳﻮﺍﻩ ﲝﺴﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺴﺨﺎ ِﺀ ﺃﹶﻭ ﻋﻦ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﻋﻦ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﺷﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ .ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄﹶﺷﻴﺎﺀ ﲨﻴﻠﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﹺﱃ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﻏﲑﻩ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﳌﺨﺮﻗﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﺍﳌﺬﻣﻮﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﱂ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻷَﻥ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻭﻣﺴﺎﻭﺉ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﺃﹶﻓﻌﺎﻻ ﻭﻋﻼﻣﺎﺕ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﺒﻴﺢ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻗﺒﻴﺤﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻫﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﻗﺒﺎﺋﺢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﳐﺎﺯ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﳜﺰﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﳑﺎ ﻳﻌﲑ ﺑﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﺷﺒﺎﻫﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺃﹶﻓﻌﺎﻻ ﲨﻴﻠﺔ ﻭﻻ ﻳﺸﺮﻛﻬﻢ ﻫﻮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻛﺜﺮﻫﺎ.ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻷَﺷﺒﺎﻩ ﺍﳌﺘﺴﺎﻭﻳﻦ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ،ﻭﺍﻷَﺗﺮﺍﺏ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺫﻭﻱ ﺍﻷَﺳﻨﺎﻥ ﺍﳌﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﲡﻤﻌﻬﻢ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ :ﺇﹺﻣﺎ ﺣﻠﻒ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺻﺪﺍﻗﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﻘﺼﺪﻭﻬﻧﺎ؛ ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻮﻭﻥ ﰲ ﺷﻲ ٍﺀ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺃﹶﻫﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﹶﻭ ﻋﻤﻞ ﻭﺍﺣﺪ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻷَﻥ ﻣﺒﺎﻳﻨﺔ ﺍﳌﺮﺀ ﻣﻦ ﻳﺴﺎﻭﻳﻪ ﻭﳐﺎﻟﻔﺘﻪ ﻟﻪ ﻗﺒﻴﺢ ﻣﺴﺘﻨﻜﺮ ﺣﱴ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺯﻟﺔ ﻬﺑﻢ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﳍﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻨﻜﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻝ ﻣﺜﻼ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﻡ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻝ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀ ،ﻣﱴ ﱂ ﻳﺸﺎﺭﻛﻬﻢ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﺑﻪ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﲨﻴﻊ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﲨﻴﻊ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﳌﺨﺎﺯﻱ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺪﺩﻧﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﺸﻌﲔ ﻭﺍﳋﻮﺍﺭﻳﻦ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻬﻬﻢ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻫﻲ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ﻭﻗﺒﺢ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎ ِﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺨﺎﺯﻱ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺤﻖ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳑﺎ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ ﺃﹶﻭ ﻳﺬﻋﻦ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﺑﺄﹶﻱ ﻭﺟﻪ ﺍﺗﺼﻞ ،ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﳑﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺑﻪ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﻬﻮﻯ ﻬﺑﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻌﲑ ﺑﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﲨﻴﻊ ﺍﳍﺌﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﻧﺔ ﺍﻟﻘﺒﻴﺤﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﲢﻠﻖ ﳊﻴﺘﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺰﻳﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺰﻱ ﺍﳌﺮﺃﹶﺓ ،ﻭﻣﺜﻞ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎ ِﺀ ﻭﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ ﻭﺍﳍﻮﺍﻥ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﺤﺔ ﺍﻻﺷﺘﻬﺎﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﹶﻣﺮ ﻗﺒﻴﺢ ،ﻭﺑﺎﳍﻮﺍﻥ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺰﺩﺭﻯ ﺑﻪ ﻓﻴﻈﻠﻢ ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻻ ﻧﺎﺻﺮ ﻟﻪ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﻴﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻛﺒﻬﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﺼﱪﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﻭﺍﳉﺸﻊ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺒﺎﻟﻮﻥ ﺑﺄﹶﻱ ﻭﺟﻪ ﺍﻛﺘﺴﺒﻮﺍ ﺍﳌﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﹶﻭﺟﻪ ﺧﺴﺔ ﺍﳌﻜﺴﺐ .ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻭ ﺑﻐﲑ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﺑﻨﺴﺎ ِﺀ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﻭﻟﺪﻩ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﺭ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﺃﹶﻭ ﺑﻐﲑ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ .ﻭﳑﺎ ﻳُﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻪ ﺍﻻ ﻳﺄﹶﺧﺬ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺜﺄﺭﻩ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻬﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﺳﺘﺤﻴﻮﺍ ﻭﺧﺰﻭﺍ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﳋﺰﻱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ.
ﻷَﻥ ﺍﳋﺰﻱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﲣﻴﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻋﺪﻣﻪ .ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﳋﺰﻱ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﲣﻴﻞ ﻋﺪﻡ ﺍﳊﻤﺪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﳊﻤﺪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﻀﻼ ِﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻓﺒﲔ ﹶﺃ ﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳُﺴﺘﺤﻰ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﹾﱂ ﺑﻔﻘﺪ ﻣﺪﳛﻬﻢ .ﻭﺃﹶﺣﺪ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻣﻨﻚ ﻭﻳﺮﻭﻥ ﻟﻚ ﻓﻀﻼ ﻛﺒﲑﺍ؛ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻌﺠﺐ ﺃﹶﻧﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﺗﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻬﻢ؛ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﲢﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺮﻭﻣﻮﻙ ﺗﺴﺘﺤﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻨﻬﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺨﻒ ﲝﻤﺪﻫﻢ ﻓﻘﺪ ﳛﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺧﲑٌ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳋﻄﲑﺓ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳌﹸﻠﻚ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪﻩ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﳏﺘﺎﺟﲔ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﺟﺪﺍ ﺟﺪﺍ ،ﺃﹶﻭ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺭﺋﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻌﺠﺐ؛ ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﹶﺭﻓﻊ ﻗﺪﺭﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺠﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻜﺮﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻫﻢ ﺃﹶﺷﺒﺎﻫﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﺗﺮﺍﺑﻪ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻗﻮﻣﻪ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻪ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻫﻞ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﻇﻨﻮﻬﻧﻢ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍﻬﺗﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻣﻦ ِﻗﺒَﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺫﻭﻭ ﻟﺐ ﻭﻋﻘﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﻭﺫﻭﻱ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳛﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ًﺀ ﺍﻟﻘﺒﻴﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻟ ﻸَﺑﺼﺎﺭ ،ﻭﻓﻌﻠﻬﺎ ﻋﻼﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﳑﺎ ﳜﺰﻯ ﺍﳌﺮﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺍﳌﺜﻞ :ﺇﹺﳕﺎ ﺍﳋﺰﻱ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﺍﻟﻌﲔ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎ ُﺀ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﺣﻀﻮﺭ ﻭﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻣﻨﻪ ﲟﺮﺃﹶﻯ ﺍﻟﻌﲔ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻓﻬﻢ ﺻﻨﻒ ﻣﺬﻣﻮﻣﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻷَﻧﻪ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺼﺮﻭﻥ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﺈﹺﻣﺎ ﳛﻤﺪﻭﻥ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻳﺬﻣﻮﻥ .ﻭﲣﻴﻞ ﻋﺪﻡ ﺍﳊﻤﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳊﻴﺎ َﺀ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺮﺳﻞ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻭﻳﺘﺤﻔﻆ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺭﺃﻱ ﻳﻌﺒﺄ ﺑﻪ ﻭﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺧﻄﹶﺄ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺧﻄﹶﺄ ﻓﻴﻪ ،ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺪﺩﻭﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺧﻄﹶﺄ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﺒﺼﺮﻭﻧﻪ ﻇﻨﻪ .ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﺮﺳﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﺒﻮﺡ ﻬﺑﺎ ﻋﻨﺪ ﺧﻮﺍﺹ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻫﻢ ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺗﺴﺪﻳﺪﺍ ﻟﻪ ﻭﺗﻘﻮﳝﺎ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﳌﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺎﺫﻩ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀُ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﳌﺆﻭﻧﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﳑﻦ ﻋﺪﻯ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻮﺡ ﳍﻢ ﺑﻘﻮﻝ ﺃﹶﻭ ﻳﺴﺘﺮﺳﻞ ﲝﻀﺮﻬﺗﻢ ﰲ ﻓﻌﻞ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺬﻣﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ،ﺣﱴ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺑﺎﺡ ﺑﺸﻲ ٍﺀ ﻇﻨﻪ ،ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻇﻦ ،ﺃﹶﻋﺘﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺑﺎﺡ ﺑﻪ ﻗﺪ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻭﻓﻀﺤﻮﻩ ﰲ ﺫﻟﻚ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻇﻦ ،ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻈﻠﻮﻡ ﻻ ﻳﻔﺼﺢ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻗﻌﻪ ﺑﺎﻟﻈﺎﱂ ﺇﹺﻻ ﳍﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺒﺄ ﺑﺂﺭﺍﺋﻬﻢ ﻭﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﳜﺎﻑ ﺍﳋﻄﺄ ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎﺀ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﻔﻈﻮﻥ ﻣﺴﺎﻭﺉ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﻳﻨﻬﻮﻧﻪ ﻋﻦ ﺍﳋﻄﺄ ﻣﺴﺘﺤﻰ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﳑﻘﻮﺗﻮﻥ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻧﺘﺪﺑﻮﺍ ﻟﺒﺚ ﻣﺴﺎﻭﺉ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﻭﺧﻄﺌﻬﻢ ﻛﻔﻌﻞ ﺍﳌﺰﺩﺭﻳﻦ ﺍﳌﺴﺘﻬﺰﺋﲔ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳌﺰﺩﺭﻳﻦ ﺍﳌﺨﺴﺴﲔ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺑﺎﳌﺴﺘﻬﺰﺋﲔ ﺍﶈﺎﻛﲔ ﻟﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺎﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻻﺯﺩﺭﺍ ِﺀ ﺑﻪ ،ﻭﻫﺆﻻ ِﺀ ﳑﻘﻮﺗﻮﻥ ﻣﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﺍﺳﻢ ﺍﳊﺸﻤﺔ ﺃﹶﺣﻖ ﻬﺑﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ ﺍﳊﻴﺎﺀِ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﻴﺎ َﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﻦ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺧﲑﺍ، ﻭﺍﳊﺸﻤﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﳑﻦ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺷﺮﺍ .ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻴﺎ ُﺀ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮ ﳑﺰﻭﺟﺎ ﲞﻮﻑ .ﻭﳑﻦ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﳛﻘﺮﻭﻩ ﻗﻂ ﰲ ﺷﻲ ٍﺀ ﻷَﻧﻪ ﳛﺴﺐ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﳌﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ .ﻭﳑﻦ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻚ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﻘﻀﻴﺘﻬﺎ ﻟﻪ ،ﻷَﻧﻪ ﻋﻨﺪﻙ ﳑﻦ ﳝﺪﺣﻚ ﻭﻻ ﻳﺬﻣﻚ .ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻳﻀﺎ -ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ -ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﺤﺪﺛﻮﺍ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻓﻘﻂ ﻓﻬﻮ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻔﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﳐﺰﻯ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﻳﻄﻠﻌﻮﺍ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻲ ٍﺀ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ. ﻗﺎﻝ :ﰒ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﺕ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻬﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻳﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﻓﻘﻂ ،ﻟﻜﻦ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻧﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻬﺑﺎ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻬﺑﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﺃﹶﻭ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻬﺎ .ﻓﻬﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺮﺳﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻭﻳﻄﻠﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻣﺮﻩ .ﻭﻫﺆﻻﺀِ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﺧﻮﺍﻥ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﻭﻥ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﺮﺡ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﲨﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﻛﺬﻟﻚ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪﻭﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﺮﺡ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻌﻞ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ﻛﺎﻥ ﲨﻴﻼ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺑﺎﺩﻱ ﺍﻟﺮﺃﻱ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﻒ ﻬﺑﻢ ﻭﻳﺴﺘﺤﻘﺮﻫﻢ ،ﻷَﻧﻪ ﻻ ﻳﺒﺎﱄ ﺑﺎﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﺧﲑﺍ ﺃﹶﻭ ﺷﺮﺍ ﻭﻻ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺪﺡ ﺃﹶﻭ ﺫﻡ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻭﺍﻷَﻃﻔﺎﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺭﻓﻪ ﻭﻣﻦ ﺍﻷَﺑﺎﻋﺪ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﲜﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﻀﺮﺓ ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻓﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻗﺒﻴﺢ ،ﻭﳑﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻗﺒﻴﺢ. ﻓﻬﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﺟﺪ ﳍﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻛﺜﲑﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﻴﺎﺀَ ،ﻓﻤﻨﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﳌﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﺍﳌﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻧَﻪ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﱴ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺑﺎﺩﺭ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳋﺠﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺩﱏ ﺷﻲﺀ ﳐﺎﻓﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻘﺺ ﰲ ﻋﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ، ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﺴﺎﺭﻉ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳋﺠﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲ ٍﺀ ﻳﻌﻈﻢ ﻋﻨﺪﻩ ﻛﻞ ﺷﻲ ٍﺀ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺄﹶﺛﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺍﻟﻴﺴﲑ ﻭﳜﺎﻑ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻻ ﳜﺎﻑ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺮﻉ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺍﳊﻴﺎﺀُ ،ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﻮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﻨﺪ ﻏﲑﻫﻢ ﻣﺘﻌﺠﺒﺎ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﻳﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﻛﺜﲑﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺮﻉ ﺍﳊﻴﺎ ُﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﲟﺤﻤﻮﺩﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﻻ ﻣﺬﻣﻮﻣﲔ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﳜﺎﻓﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺎﺭﻉ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﺬﻡ .ﻭﻫﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﳏﻤﻮﺩﻭﻥ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ؛ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳊﻴﺎ َﺀ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﻦ ﻟﻴﺲ ﲟﺤﻤﻮﺩ ﺃﹶﺻﻼ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﹺﻟﻴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﳌﺎ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﻓﻼﻥ ﺃﹶﻥ ﺗﺸﺘﺪ ﺃﹶﻧﻔﺔ ﻓﻼﻥ ﻟﺮﺟﻠﲔ ﻣﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳋﺰﻱ ﻭﺍﻟﻌﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﱐ ﰲ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﺃﹶﻭﳘﻪ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﻗﻴﺎﻡ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﱂ ﳚْﺘﺮﺉ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺳﻴﺼﻞ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ، ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻓﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﺘﺸﺘﺪ ﺃﹶﻧﻔﺘﻪ ﰲ ﺍﶈﺎﻣﺎﺓ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻭﻭ ﺍﻷَﻧﻔﺔ ﻭﺍﳊﻤﻴﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻣﺘﻌﻀﻮﺍ ﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﰲ ﺿﻴﻢ ﺟﺮﻯ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻳﺘﺸﻮﻗﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻯ ﺍﻣﺘﻌﺎﺿﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻣﺘﻌﻀﻮﺍ ﳍﻢ ﺣﻴﺚ ﺟﺮﻯ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺫ ﻟﻚ ﺍﻟﻀﻴﻢ ﻭﺧﺎﺏ ﻇﻨﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﺃﹶﺟﺮﻯ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻴﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺿﻴﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺿﻴﻤﻮﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﺎ ﺃﹶﻋﺠﺐ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﳊﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷَﻧﻔﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺤﻘﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺗﻠﺤﻖ ﺁﺑﺎﺀﻫﻢ ﺃﹶﻭ ﺗﻠﺤﻖ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﻬﺑﻢ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺫﻛﺮﻧﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﻭﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻨﺴﺒﻮﻥ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﳌﻌﻠﻤﲔ ﳍﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺸﲑﻳﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺴﻮﺩﻳﻦ ﳍﻢ ﻭﻛﻞ
ﻣﻦ ﻳﺸﺒﻪ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﳑﻦ ﳛﺒﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻤﻮﻩ ﻓﻤﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻭﻭ ﺍﳊﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷَﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﻃﻦ ،ﻭﻻ ﻳﻐﻔﻠﻮﻥ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﺣﱴ )ﻻ( ﻳﻠﺤﻘﻬﻢ ﻋﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺗﻮﺍﻧﻴﻬﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻮﳘﻮﺍ ﺃﹶﻥ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻣﺘﻌﻀﻮﺍ ﳍﻢ ﻗﻴﺎﻡ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻭﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻳﺘﺮﺩﺩﻭﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﻓﻴﺘﻜﺮﺭ ﺍﳋﺰﻱ ﻭﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻮﺍﻧﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻭﻭﻗﻌﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﳌﺎ ﹶﻗﺪﱠﻡ ﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﻠﻮﻙ ﺍﻟﺘﱠ َﻐﻠﱡﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﻗﻮﻣﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﲨﻠﺘﻬﻢ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻗﺎﻝ ﳍﻢ ﺣﲔ ﺳﺘﺮﻭﺍ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﻭﺃﹶﺳﺘﺤﻴﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﳊﻘﻬﻢ ﰲ ﻗﺘﻠﻪ ﺻﱪﹰﺍ ! ﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﳚﺐ ﻟﻜﻢ ﺃﹶﻥ ﺗﻔﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ،ﻳﻌﲏ ﺳﺘﺮ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﻭﺍﳊﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻟﻮ ﻛﻨﺘﻢ ﻏﺪﺍ ﻭﺑﻌﺪ ﻏﺪ ﺗﺘﺮﺩﺩﻭﻥ ﺣﱴ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﹺﻟﻴﻜﻢ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮﻥ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺓ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻭﺃﹶﻧﺘﻢ ﻣﻔﻘﻮﺩﻭﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﻻ ﲣﺎﻓﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﺗﻨﻈﺮﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ،ﻓﻤﺎ ﳚﺐ ﻟﻜﻢ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﺤﻴﻮﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻬﺬﻩ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﳊﻴﺎ ِﺀ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺎﺣﺔ ﻓﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻧﺎ ﻧﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻴﺎ ِﺀ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩﻫﺎ ،ﻳﻌﲏ ﺃﹶﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺎﺣﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ﻟ ﻸَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻤﻨﺎﻫﺎ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﻴﺎﺀِ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳑﻦ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻭﻣِﻦ ﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﻴﺎﺀ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺇﹺﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻨﺔ ﻭﺷﻜﺮﻫﺎ ﻭﰲ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﻭﻛﻔﺮﻫﺎ ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻫﻮ ﳑﱳ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﻜﺮ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻨﻦٌ ،ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳝﺘﻨﻮﻥ، ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﳌﻨﺔ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻣﺒﻴﻨﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻨﻘﻮﻝ: ﺇﹺﻥ ﺍﳌﻨﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﺬﻱ ﺍﳌﻨﺔ ﺃﹶﻧﻪ ﳑﱳ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﺣﺪ ﺃﹶﻣﺮﻳﻦ :ﺇﹺﻣﺎ ﺧﺪﻣﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺻﻨﻴﻌﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺑﺎﳌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳉﺎﻩ .ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺑﺎﻟﺒﺪﻥ ﻭﺍﳌﺎﻝ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳉﺎﻩ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳋﺪﻣﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻣﻨﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﳑﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﳋﺪﻣﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻏﲑ ﺍﳌﺼﻄﻨﹺﻊ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻨﺔ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻻ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﻟﻔﺎﻋ ﹶﻞ ﳍﺎ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﻠﻬﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳌﺼﻄﻨَﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﺟﺴﻴﻤﺔ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﺴﲑﺓ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﲬﺴﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ ﺷﺪﺓ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ،ﺃﹶﻭ ﰲ ﻭﻗﺖ ﺿﻴﻖ ﻻ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﹰﺎ ﻣﺜﻞ ﻭﻗﺖ ﺍﳋﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻭﺣﺪﻩ ﺍﳌﺼﻄﻨﹺﻊ ﻓﻘﻂ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﳌﺼﻄﻨﻊ ﺍﻷَﻭﻝ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻣﻨﻪ ﺯﺍﺋﺪﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻊ ﻏﲑﻩ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺷﺪﺓ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺍﳌﺘﺸﻮﻗﺎﺕ ﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺎﺕ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀِ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺘﺪ ﺷﻮﻕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﺷﺘﻴﺎﻕ ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﳛﺰﻥ ﻓﻘﺪﻩ ﺃﹶﻭ ﻳﺆﺫﻱ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺸﺘﻬﻴﺎﺕ ﺍﳌﺘﺸﻮﻗﺔ ﻫﻲ ﻫﻜﺬﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﳛﺰﻥ ﻓﻘﺪﻫﺎ ﺃﹶﻭ ﻳﺆﺫﻱ .ﻭﺍﳌﺸﺘﻬﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺻﻨﻒ ﻣﺄﻟﻮﻑ ﻭﻣﺸﺘﻬﻰ ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺘﺸﻮﻗﺎﺕ ،ﻭﺻﻨﻒ ﻳﺸﺘﺎﻗﻬﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﺸﺘﻬﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺷﺪﺓ ﻭﻛﺮﺏ. ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﰲ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ﻳﺸﺘﻬﻲ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺰﻥ ﻳﺸﺘﻬﻰ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺍﳊﺰﻥ ﻋﻨﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﻌﻈﻢ ﺍﳌﻨﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺧﺼﺎﺻﺔ ﺃﹶﻭ ﻫﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﹶﻋﺪﺍﺋﻬﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺧﻔﻮﻫﻢ ﻭﺳﺘﺮﻭﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﳍﻢ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻟﻜﻦ ﺗﻌﻈﻢ ﻟﺸﺪﺓ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻭﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ. ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﺍﻟﻴﺴﲑﺓ ﺗﻌﻈﻢ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺎﻭﻭﻬﻧﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﰲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺃﹶﻭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀِ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﺣﻮﺍﳍﻢ ﺃﹶﺷﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺴﺘﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻣَﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﱳ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺑﺄﹶﻱ ﺷﻲ ٍﺀ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻨﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﱳ ،ﻭﺃﹶﻧﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻴﻞ ﺃﹶﻥ ﻧﺜﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ :ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﳜﱪﻭﻥ ﲟﺎ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ
ﻫﻢ ﳑﺘﻨﻮﻥ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﺻﻠﺘﻬﻢ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻭﻫﻢ ﰲ ﻏﻤﻮﻡ ﻭﻓﺎﻗﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻡ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﳑﺘﻨﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻄﻨﻊ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻭﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻭﻗﺎﺕ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻣﻨﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻳﻦ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻓﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﻨﺔ ﻭﺗﻮﺟﺐ ﺍﳉﺤﻮﺩ ﳍﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻮﺟﻮﻩ ﲦﺎﻧﻴﺔ: ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﳌﺼﻄﻨﹺﻊ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﻋﺎﺋﺪﺓ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﺿﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﺃﹶﻗﻞ ﳑﺎ ﳚﺐ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﲝﻴﺚ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻟﻴﺴﺖ ﲟﻨﺔ .ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﺑﺎﳌﺼﻄﻨَﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ،ﻻ ﺑﻘﺼﺪ .ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﺑﻜﺮﻩ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺭ .ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻗﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﹶﺓ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻴﻌﺔ ﺃﹸﺧﺮﻯ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻨَﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺼﻄﻨﹺﻊ .ﻭﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻗﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﺫﺍﻋﺘﻬﺎ ﻭﺍﳌﻦ ﻬﺑﺎ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺼﻄﻨﹺﻊ ﻛﻠﻒ ﺍﳌﺼﻄﻨَﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﹶﺃ ﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﻠﻮﻡ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﻨﻴﻌﺔ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﲝﺎﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ .ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﰲ ﻛﻔﺮ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻭﺟﺤﺪﻫﺎ ﻭﺍﻟﺘﻨﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﳌﺼﻄﻨَﻊ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﲟﻘﺪﺍﺭ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳚﺪ ﻓﻴﻪ ﻧﺎﺻﺮﹰﺍ ﻭﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺮّ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺔ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﻗﺼﺮﻭﺍ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ،ﻭﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷَﻋﺪﺍﺀِ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﻓﻌﻠﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻛﻒ ﺷﺮﻫﻢ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﲟﻦ ﺍﺳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺣﻘﺎ ﻣﺜﻠﻪ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺃﹶﻭﻟﺌﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﺍﺳﺘﻮﺟﺒﻮﺍ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﻲ ٍﺀ ﻭﺻﻞ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻫﻮ ﰲ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺷﺮ ﻭﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﺧﲑ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺄﹾﺩﻳﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪﻝ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﹶﺓ ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﺣﺪﺍ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺃﹶﻧﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻨ ﹰﺔ ﻷَﺣﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺇﹺﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻨﺔ ﻭﺟﺤﻮﺩﻫﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳍﻢ ،ﻭﻣَﻦ ﻳﻬﺘﻢ ،ﻭﲟﻦ ﻳﻬﺘﻢ ،ﻓﺈﹺﻧﺎ ﳐﱪﻭﻥ ﺫﻟﻚ .ﻓﻠﻴﻜﻦ ﺍﳍﻢ ﺣﺰﻧﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﺮ ﻣﻔﺴﺪ ﺃﹶﻭ ﳏﺰﻥ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﻴﺠﺎﺏ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﺃﹶﻥ ﳛﺪﺙ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺣﺪ ﳑﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺮﻳﺐ
ﺍﻟﺘﻮﻗﻊ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳌﻔﺴﺪﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻐﲑ ﺍﻟﺒﺪﻥ ،ﻭﺑﺎﶈﺰﻧﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻷَﺫﻯ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﱐ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺣﺪ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ، ﻓﻬﻮ ﺑﲔ ﺃﹶﻥ ﻏﲑ ﺍﳌﻬﺘﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﺻﻒ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻻ ﺑﻪ ﻭﻻ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﳑﻦ ﻫﻮ ﺑﺴﺒﺒﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﰲ ﺍﳊﺪ ﺃﹶﻭ ﺷﺒﻬﻪ ﺃﹶﻭ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻨﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺘﻬﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻧﺰﻭﻝ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻪ ﻣﻊ ﺭﺟﺎﺀ ﻟﻠﺨﻼﺹ ﻣﻨﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﻧﺰﻟﺖ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻄﺒﻮﺍ ،ﻭﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺳﻌﺪﺍﺀ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺳﻌﺪﺍﺀ ،ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻻ ﻳﻨﺎﳍﻢ ﺷﺮ .ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻳﻀﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺄﹾﳌﻮﻥ ﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﺑﺪﺍﻬﻧﻢ ﻭﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﻟﻘﻮﺍ ﺷﺮﻭﺭﺍ ﻓﺘﺨﻠﺼﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻣﺸﺎﻳﺦ ﻗﺪ ﻃﺎﻟﺖ ﻣﺰﺍﻭﻟﺘﻬﻢ ﻟﻠﺸﺮﻭﺭ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﺟﺮﺕ ﳍﻢ ﻓﺘﻄﻴﺐ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻛﻄﻴﺐ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﳌﻘﺒﻠﲔ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀِ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﳌﻜﺎﻥ ﺷﻬﺮﻬﺗﻢ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻨﻬﻢ ﳌﻜﺎﻥ ﻋﻠﻮ ﺃﹶﻗﺪﺍﺭﻫﻢ ﻭﺃﹶﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻌﻴﻨﻮﻥ ﳍﻢ .ﻭﻗﺪ ﻳﻌﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻦ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺄﹶﺩﺏ ﺑﺎﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻓﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ. ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻨﻮﻬﻧﻢ ﺣﺴﻨﺔ ﲨﻴﻠﺔ ﳌﻜﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﳍﻢ ﻭﺍﻷَﺑﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺑﺎﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﺗﺜﻜﻠﻬﻢ ﻭﻻ ﺃﹶﺣﺰﻧﺘﻬﻢ ﺍﻷَﻳﺎﻡ ﰲ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺮﺽ ﳍﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳌﺘﺼﻠﺔ ﻬﺑﺆﻻ ِﺀ ﺗﺼﲑ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺿﻌﻴﻒ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻬﺘﻤﺎ ﺑﺄﹶﺩﱏ ﺷﻲ ٍﺀ ﳜﺎﻓﻪ .ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ :ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺘﺮﻳﻬﻢ ﻭﺗﻮﺟﺪ
ﲑ ﺫﻭﻱ ﻓﻜﺮﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻮﻗﻊ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺷﺪﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻏ ُ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﹶﺧﻼﻗﻬﻢ ﺍﻟﺸﺘﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺘﻮﳘﻮﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻘﻊ ﻬﺑﻢ ﺷﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻨﻘﺺ ﻓﻄﺮﻫﻢ .ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﻫﻢ ﺧﺎﺋﻔﻮﻥ ﺟﺪﺍ ﺟﺪﺍ ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﻐﲑﻫﻢ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﻜﺮﻭﺑﲔ ﻣﻦ ﺍﳋﻮﻑ ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﺂﺧﺮﻳﻦ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻣﺸﻐﻮﻟﻮﻥ ﺑﺎﻷَﱂ ﺍﳋﺎﺹ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻬﺑﻢ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﺃﹶﻧﻪ ﺣﻘﲑ ﺧﺎﻣﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﻪ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﺃﹶﻫﻼ ﻟﻮﻗﻮﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻪ ﺷﺮ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ :ﻣﻦ ﻇﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﹶﺣﺪ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲨﻴﻌﺎ ﻣﺴﺘﻮﺟﺒﲔ ﻟﻠﺸﺮ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻬﺘﻢ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻔﻨﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﻭﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﹶﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺨﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ. ﻓﻬﺬﺍ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﰲ ﻭﺻﻒ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺘﻤﻮﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻱ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﳍﻢ ،ﻓﻤﻌﻠﻮﻡ ﳑﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺣﺪ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺴﺪﺍﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻐﲑﺍﺕ ﻟﻠﺒﺪﻥ ،ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﶈﺰﻧﺎﺕ ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻐﲑﺍﺕ ﻟﻠﻨﻔﺲ ،ﻓﻜﻠﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳊﺪ ﺑﺄﹶﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻔﺴﺪﺍﺕ ﺍﳌﺆﺩﻳﺎﺕ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﻮﺕ :ﹶﺃﻭﺟﺎﻉ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻭﺍﳉﻬﺪ ﻭﺍﻟﻜﱪ ﻭﺍﻟﺴﻘﻢ ﻭﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﻮﺕ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ﺃﹶﻭ ﻗﻠﺘﻬﻢ ،ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺳﻮ ِﺀ ﺍﳉﺪ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳌﻔﺴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻬﺗﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﻓﺎﻋﻼﺕ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ،ﺃﹶﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻬﺑﻢ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﺴﻘﻢ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﺢ ﺍﳌﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﻘﻌﻮﺩ ﻋﻦ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﺮﻑ .ﻭﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﲑ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﹶﻣﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﳋﲑ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﲑ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻣﺮ ﻛﺒﲑ :ﺇﹺﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﲑ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻳﺼﻴﺐ ﺧﲑﺍ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻟﺒﺘﺔ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﺼﲑ ﺇﹺﱃ ﺧﲑ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻮﺕ ﺍﻻﺳﺘﻤﺘﺎﻉ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳋﲑ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﰲ ﻭﻗﺖ ﺍﳍﺮﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻓﻬﺬﻩ ﲨﻠﺔ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﳍﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ َﲟ ْﻦ ﻳﻬﺘﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﲑ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻮﻗﻊ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﺮﺛﻰ ﻟﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻧﺰﻝ ﺑﻪ ﻭﻳﺮﺣﻢ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ .ﻓﺎﳌﻌﺎﺭﻑ ﻭﻣﻦ ﻫﻢ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺴﺒﺐ ،ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻬﺑﻢ ﻫﻮ ﺷﺮ ﻭﺍﻗﻊ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻭﺍﻟﻮﺍﻟﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻗﻴﻞ ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﳌﺎ ﺟُﻠﺪ ﺍﺑﻨﻪ ﻭﺃﹶﺷﻔﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺕ ﱂ ﺗﺪﻣﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﻭﻻ ﺣﺰﻥ. ﻭﳌﺎ ﺭﺃﹶﻯ ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻟﻪ ﻳَﺴﺌﻞ ﻣﻦ ﻓﺎﻗﺔ ﺟﺰﻉ ﻭﺍﻫﺘﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳍﻢ ﺑﺎﻟﻐﲑ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻮﻗﻊ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻪ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﻟﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺑﻪ ،ﻷَﻥ ﺗﻮﻗﻊ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻭ ﳑﻦ ﻳﺘﻨﺰﻝ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻭ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺷﺪﺓ ﻧﺰﻟﺖ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﺃﹶﻭ ﳜﺎﻑ ﻧﺰﻭﳍﺎ .ﻭﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﲣﻮﻑ ﻧﺰﻭﳍﺎ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﲟﻦ ﻫﻮ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺴﻼﺓ ﻋﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻐﲑﻩ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﻟﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻧﺰﻝ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻓﻼ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻳﺮﺣﻢ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻻ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻮﻗﻊ ﻧﺰﻭﻟﻪ ﱂ ﻳﻘﻞ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻧﻪ ﻣﻬﺘﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﺧﺎﺋﻒ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣِﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺘﻢ ﻬﺑﻢ ﳘﹰﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮ :ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﺷﺒﺎﻩ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺍﳍﻤﻢ ﻭﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﳌﺮﺍﺗﺐ ﻭﺍﻷَﺣﺴﺎﺏ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻬﺑﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﳜﺎﻓﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻬﻮ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﲣﻮﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﲑ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﲣﻴﻞ ﺃﹶﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳌﺘﺨﻴﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ ﺍﳍﻢ ﺇﹺﺫ ﺍ ﲣﻴﻠﺖ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ
ﻳﺘﺨﻴﻞ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﻨﲔ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻬﺘﻢ ﻬﺑﺎ ﻭﻻ ﲣﺎﻑ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﻓﺘﺘﻮﻗﻊ .ﻭﻻ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳌﻤﺘﻨﻌﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻻ ﲣﺎﻑ ﺃﹶﻟﺒﺘﺔ ﻭﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﻬﺑﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻬﺘﻢ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﻴﻠﻮﻥ ﺑﺄﹶﺻﻮﺍﻬﺗﻢ ﻭﻫﻴﺌﺎﻬﺗﻢ ﺍﶈﺴﻮﺳﺔ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻧﺰﻝ ﻬﺑﻢ ﺷﺮ ﺃﹶﻭ ﻗﺪ ﻗﺎﺭﺏ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻷَﻧﻪ ﲟﺎ ﳜﻴﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﳚﻌﻠﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﲝﻴﺚ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﻭﳚﻌﻠﻮﻧﻪ ﻧﺼﺐ ﺍﻟﻌﲔ ﺃﹶﻭ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻭﻗﻊ .ﻷَﻥ ﺍﳍﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﺍﻵﻥ ﺃﹶﻭ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﻗﺮﺏ ﻧﺰﻭﳍﺎ .ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﳋﺎﺋﻔﲔ ،ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﳍﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﺩﻟﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺪﺙ ﺃﹶﻭ ﻗﺎﺭﺏ ﺣﺪﻭﺛﻪ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻇﻨﻮﺍ ﺃﹶﻥ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻬﺮﺕ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﺎﻟﻜﻮﻥ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻦ ﻬﺑﻢ ﺍﳍﻼﻙ ﺃﹶﻓﺎﺿﻞ ،ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻼﻛﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻣﻜﻦ ﻣﺜﻞ ﺍﹶﻥ ﻳﻌﺘﺒﻄﻮﺍ ﺃﹶﻭ ﳝﻮﺗﻮﺍ ﺷﺒﺎﺑﺎ .ﻓﻬﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻫﻼﻙ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻬﺑﻼﻙ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﺷﺪﻳﺪﺓ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﻗﻌﺖ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺃﹶﻭ ﺩﻟﺖ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ،ﻇﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﻗﺮﻳﺐ ﺣﱴ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﻧﺼﺐ ﺍﻟﻌﲔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﳉﺰﻉ ﺍﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﻣﻀﺎﺩﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﺒﻄﻠﺔ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺍﳊﺰﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﺧﲑﺍ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﺌﻬﺎﻝ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﻧﻔﺎﺳﺔ .ﻷَﻥ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻫﻮ ﺍﳊﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻝ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﻵﺧﺮ ﻫﻮ ﺧﻠﻖ ﺷﺮﻳﻒ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻧﺎﻝ ﺧﲑﺍ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﺌﻬﺎﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﲑﻭﻥ ﺇﹺﱃ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﲑ ﺃﹶﻭ ﺷﺮ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳛﺰﻥ ﳍﻢ ﺟﺪﺍ ﺟﺪﺍ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﲑﻭﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻔﻀﻲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﳛﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﲑﻫﻢ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﻟﺬﻟﻚ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﲑﻭﻥ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﻏﲑ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﻣﻦ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺻﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﺳﺘﺌﻬﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺑﻐﲑ ﺍﺳﺘﺌﻬﺎﻝ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻮﺽ ﺃﹶﻣﺮﻫﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﷲ .ﻷَﻥ ﻣﺎ ﻧﺎﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﻃﺮﻗﻪ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ،ﻓﺴﺒﺒﻪ ﺍﳉﻮﺭ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﺎ ﻧﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻃﺮﻗﻪ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﺎ ﻧﻜﻞ ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﱃ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳊﺴﺪ ﺃﹶﺷﺪ ﻣﻀﺎﺩﺓ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳊﺰﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﹺﻧﻪ ﻳﺴﻤﻰ ﻧﻔﺎﺳﺔ .ﻭﻛﺄﹶﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﲔ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﳊﺴﺪ ،ﻷَﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﳊﺴﺪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﻏﺘﻤﺎﻡ ﲞﲑ ،ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﺍﻏﺘﻤﺎﻡ ﲞﲑ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﺍﻏﺘﻤﺎﻡ ﲞﲑ ﻧﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻏﺘﻤﺎﻡ ﲞﲑ ﻧﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﺍﳊﺴﺪ ﻫﻮ ﺍﻻﻏﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳋﲑ ﺃﹶﺻﺎﺑﻪ ﻣﺴﺘﺤﻘﻪ ﻭﺃﹶﺧﻄﺄﹶﻩ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻷَﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌْﺮﻯ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﺣﺪ ،ﻭﻻ ﻫﻮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻻﻏﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺻﺎﺏ ﺍﳌﺴﺘﺤﻖ ﻟﻮ ﱂ ﻳﺼﺒﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺳﻴﺼﻴﺒﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻻﻏﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺻﺎﺏ ﻏﲑﻩ ﻭﱂ ﻳﺼﺒﻪ ﻫﻮ ﺍﻏﺘﻤﺎﻡ ﻷَﻧﻪ ﱂ ﻳﻌﻂ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﲑ ﻭﱂ ﻳﺮﺯﻗﻪ. ﻭﺍﻻﻏﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺮﻣﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺇﹺﺻﺎﺑﺘﻪ ﻟﻐﲑﻩ ﻫﻮ ﺍﻏﺘﻤﺎﻡ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻧﺎﻟﺘﻪ ﺷﻘﺎﻭﺓ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺫﻟﻚ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎﳊﺴﺪ ﻫﻮ ﺍﻻﻏﺘﻤﺎﻡ ﲞﲑ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﺍﳌﺴﺘﺤﻖ ﻟﻪ ،ﻻ ﻷَﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﲑ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﻏﺘﻤﺎﻡ ﺑﻨﺰﻭﻝ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﲟﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﺍﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺰﻥ ﻟﻨﻴﻞ ﺍﳋﲑ ﻣَﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﻭﻣَﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﻗﺪ ﻳﺆﳌﻪ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﻭﻳﱪﺅﻩ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷَﱂ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﻬﺑﻢ ﺑﺄﹶﺳﻮﹺﺇ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻮﻥ ﺍﳋﲑ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﺁﺑﺎﺀﻫﻢ ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺪﻧﺴﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ،ﺇﹺﺫﺍ ﻭﻗﻌﺖ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳛﺰﻥ ﳍﻢ ،ﺑﻞ ﻳﻔﺮﺣﻮﻥ ﻬﺑﺬﺍ ﻭﻳﺮﻭﻧﻪ ﺧﲑﺍ ،ﻷَﻧﻪ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻧﺎﻝ ﺍﳋﲑ ﺍﳌﺴﺘﺄﻫﻠﻮﻥ ﻟﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ ﻋﺪﻝ .ﻭﳑﺎ ﻳﺴﺮ ﺑﻪ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﻭﺍﳊﻜﻤﺎ ُﺀ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﳋﲑ ﲟﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﻭﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﲟﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﺿﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻌﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﻤﺎ ِﺀ ﲨﻴﻠﲔ ،ﻓﻬﻤﺎ ﲨﻴﻌﺎ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺻﻨﻒ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎ ﺱ ،ﻭﻛﻼﳘﺎ ﻳﺸﺘﺎﻕ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻻﻏﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﻟﻪ ﺍﳌﺴﺘﺤﻖ ﻟﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻀﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﹸﻠﻖ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﺮﺡ ﻬﺑﺬﺍ ﻭﳛﺰﻥ ﻟﻪ ﻫﻮ ﺻﻨﻒ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻫﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ﻭﺍﳊﺴﺪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻭﻻ ﺑﺪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﳛﺰﻥ ﻟﻜﻮﻥ ﺷﻲﺀ ﻭﻭﺟﻮﺩﻩ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﻌﺪﻣﻪ ﻭﻓﺴﺎﺩﻩ.ﻭﻟﺬﻟﻚ َﻣ ْﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳛﺰﻥ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳋﲑ ﳌﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﳋﲑ ﳍﻢ ﻭﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﺮ. ﻭﺑﺎﻟﻌﻜﺲ .ﺃﹶﻋﲏ ﺃﺿﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺮﺣﻮﻥ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﳋﲑ ﳌﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ،ﻳﻐﺘﻤﻮﻥ ﺑﻌﺪﻣﻪ ﻭﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﺮ ﳌﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺃﹶﺳﻰ ﻭﺃﹶﺳﻔﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻭﳑﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻞ ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻞ، ﺗﺸﺘﺮﻙ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﻀﺎﺩ ﺍﳍﻢ .ﻭﻫﻲ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،ﻓﻬﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﲡﺘﻤﻊ ﰲ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﺼﻠﺢ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻧﻔﻲ ﺍﳍﻢ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺎﺳﺔ ﻗﺎﻝ :ﻭﳓﻦ ﺍﻵﻥ ﻗﺎﺋﻠﻮﻥ ﺃﹶﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺎﺳﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﳔﱪ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻳﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻔﺲ ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﺴﻮﻥ ،ﰒ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷٌﺧﺮ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﻧﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﺴﺪ ﻭﺍﻷَﺳﻒ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺰﻥ ﳊﺴﻦ ﺣﺎﻝ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﺎﺳﺔ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﳋﲑﺍﺕ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺣﺪ ﰲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﱪ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻹِﺭﺍﺩﺓ .ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻬﺘﻢ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺃﺿﺪﺍﺩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀﻝ ﻟﻪ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﺎﺳﺔ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﳑﺎ ﻗﺪ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻬﻧﺎ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻬﻧﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﻔﺲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺪﻳﺜﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺘﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﻄﺒﻊ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﻔﺲ ﰲ ﺍﻷَﻣﻮﺍﻝ ﺍﳌﻮﺭﻭﺛﺔ ،ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ ﺍﳌﺘﻘﺎﺩﻣﺔ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ؛ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﻔﺴﻮﻥ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ،ﻣﺜﻞ :ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﺤﺪﺙ ،ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ،ﻭﺍﳌﺎﻝ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ .ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻢ ﺃﹼﺷﺪ ﻏﻴﻈﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻐﻨﻮﻥ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﲎ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺘﻮﺍﺭﺛﺎ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ .ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺷﻴﺌﺎﻥ: ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﲑ ﺍﳊﺎﺩﺙ ﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﹶﺣﻖ ﺑﻪ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺭﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﺳﺘﺼﺤﺎﺏ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻟﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻣﺜﻼ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻀﻌﺔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﻔﺴﻮﻥ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﺘﻘﺎﺩﻣﺔ ﻷَﻬﻧﺎ ﳑﺎ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﻴﺪﺕ ،ﻭﻛﺄﹶﻬﻧﺎ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﳍﻢ .ﻭﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﳜﺘﻠﻒ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳜﺘﻠﻒ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ﻭﺍﳌﻘﺪﺍﺭ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺧﲑ ﻳﺸﺎﻛﻞ ﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﻻ ﺍﳌﻘﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺑﻞ ﻟﻜﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺧﲑ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻭﻣﻘﺎﺭ ﻣﻼﺋﻢ .ﻓﺈﹺﻥ ﲪﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﳍﻴﺌﺎﺕ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﻫﻲ ﺧﲑﺍﺕ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﲑ ﻻﺋﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﻙ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﻻﺋﻘﺔ ﺑﺄﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻹِﺳﺮﺍﻑ ﰲ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﻏﻨﺎﻫﻢ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﻗﺪﱘ ﻏﲎ ،ﻷَﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻐﲎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﺍﻟﻐﲎ ﻓﻜﺄﹶﻥ ﻏﻨﺎﻩ ﺷﻲ َﺀ ﺛﺎﺑﺖ ﻻ ﳜﺎﻑ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﺧﲑٌ ﻣﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﻠﻪ ﺃﹶﻏﺘﻢ ﻭﺣﺰﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻧﺎﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻘﺪﺍﺭ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻄﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﳌﻘﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻔﺮ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺑﺎﻟﻜﺒﲑ ﺇﹺﺫﺍ ﻧﺎﺯﻋﻪ ،ﻭﺍﳋﺴﻴﺲ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻒ ،ﻭﺍﳌﺴﻲ ُﺀ ﺑﺎﻟﻨﺎﺳﻚ .ﻭﺇﹺﻻ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺎﺳﻚ .ﻭﺇﹺﻻ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﺴﻲﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻔﺮ ﺑﺎﻟﻨﺎﺳﻚ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﺳﻚ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻲﺀ .ﻭﻣﻦ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺗﺘﺒﲔ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﺎﻟﻮﻬﻧﺎ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺫﻟﻚ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻭﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺴﺐ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺯﻟﺔ ﻬﺑﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﺪﺭ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﺲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺼﲑ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ .ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﺣﺪ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﹶﻥ ﺗﺼﲑ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻬﺎ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭ ﻣﻨﻬﻢ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺄﺳﻒ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﻨﺎﻓﺲ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺍﻷَﻓﺎﺿﻞ ﻻ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻔﺮﻭﺍ ﲟﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ﻭﻳﻈﻔﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻬﻧﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﻓﺴﻮﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﶈﺒﻮﻥ ﻟﻠﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻔﺮ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻬﺎ. ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻳﺄﺳﻒ ﻭﻳﻨﺎﻓﺲ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻫﻼ ﳍﺎ ﻭﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﻏﲑﻫﻢ ﺃﹶﻫﻼ ﳍﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﺎﺗﺘﻬﻢ ﻭﻧﺎﳍﺎ ﺍﻟﻐﲑ ،ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺮﻧﺎ ﻭﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻳﺄﹶﺳﻒ ﻭﻳﻨﺎﻓﺲ ﺍﳌﻨﺎﻓﺴﻮﻥ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻫﻢ ﺍﳌﻨﺎﻓﺴﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺘﻨﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺣﻴﻠﺔ ﰲ ﺍﺳﺘﺠﻼﺏ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻣﻨﺎﻓﺴﲔ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﻘﺘﻨﻌﲔ ﻟﻴﺲ ﻳﺮﻭﻥ ﹶﺃﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﺷﻴﺎ ُﺀ ﻫﻢ ﺃﹶﻭﱃ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ .ﻭﺇﹺﻥ ﺭﺃﹶﻯ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﺻﺤﺎﺏ ﺍﳊﻴﻠﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﻔﻮﻬﺗﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﳑﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﰲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﻗﻌﺖ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻭﳜﺰﻯ ﺟﺪﺍ ﺇﹺﺫﺍ ﻫﻮ ﱂ ﻳﻔﺮﺡ ﲟﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﱂ ﻳﻐﺘﻢ ﲟﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻐﻢ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﺕ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻤﺎﻝ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻨﻔﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺼﻢ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻧﺎﺱ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻮﻥ ﺍﳋﲑ ﻭﺃﹶﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﻇﻔﺮﻭﺍ ﻭﺃﹶﳒﺤﻮﺍ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻧﺎﺱ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﺄﻫﻠﲔ ﻓﻠﻢ ﻳﻈﻔﺮﻭﺍ ﻭﱂ ﻳﻨﺠﺤﻮﺍ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳚﺰﻉ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻞ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﺬﻟﻚ .ﻭﺑﺎﻟﻌﻜﺲ .ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻧﺎﺱ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻮﻥ ﺍﳋﲑ ﻓﻠﻢ ﻳﻈﻔﺮﻭﺍ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻬﺘﻢ ﻬﺑﻢ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳊﺴﺪ ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ َﻣ ْﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳَﺤﺴﺪﻭﻥ ،ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺤﺴﺪﻭﻥ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﻫﻮ ﺣﺰﻥ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﳒﺢ ﺍﻟﻐﲑ ﻭﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﺎﺳﺔ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻷَﻧﺎﺱ ﻳﺴﺘﺄﹶﻫﻠﻮﻬﻧﺎ ﻭﺗﻠﻴﻖ ﻬﺑﻢ .ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﺰﻥ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﺳﺪ ﻟﻴﺲ ﻷَﻧﻪ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﲑ ﻓﻘﻂ ،ﺃﹶﻭ ﻳﺰﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﶈﺴﻮﺩ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ،ﺑﻞ ﻷَﻥ ﻳﺰﻭﻝ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﺍﶈﺴﻮﺩ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺎﺳﺪ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﺴﺪ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﺷﺒﺎﻫﻪ ﻭﺃﹶﻣﺜﺎﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﺷﺒﺎﻫﻪ ﻭﺃﹶﻣﺜﺎﻟﻪ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻷَﺷﺒﺎﻩ ﺍﳌﻀﺎﺭﻋﲔ ﻟﻠﻤﺮﺀ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ﻭﰲ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﻭﰲ ﺍﻟﻘﻨﻴﺔ ﻭﰲ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﰲ ﺍﳌﺎﻝ .ﻓﻬﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺍﶈﺴﻮﺩﻭﻥ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳊﺴﺎﺩ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎﻓﻬﻮﺍ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﳛﺴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﱂ ﻳﻜﻤﻠﻮﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻧﺎﻟﻮﺍ ﻛﻞ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻭﻻ ﻓﺎﻬﺗﻢ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﺑﻞ ﻳﺴﲑ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺎﻋﻠﻮ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺫﻭﻱ ﺍﻷَﻗﺪﺍﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﺍﳌﻨﺠﺤﲔ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻹِﳒﺎﺡ ﺍﻟﺘﺎﻡ ،ﺣﺴﺎﺩﺍ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﻔﺘﻬﻢ ﺷﻲﺀ ﻭﺃﹶﻥ ﻛﻞ ﺷﻲ ٍﺀ ﳍﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺮﻓﻮﻥ ﺑﺸﻲ ٍﺀ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻭﻳﻜﺮﻣﻮﻥ ﺑﺴﺒﺒﻪ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ ﻭﺻﻼﺡ ﺍﳊﺎﻝ .ﻭﳏﺒﻮ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺃﹶﺷﺪ ﺣﺴﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﳛﺒﻮﻥ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺣﻜﻤﺎ ُﺀ ﳏﺒﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺮﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﺮﻡ ﻬﺑﺎ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀُ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳَﺤﺴﺪﻭﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺮﻣﻮﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﺇﹺﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﳛﺐ ﺃﹶﻥ ﳛﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﻲ ٍﺀ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳَﺤﺴﺪ ﻏﲑﻩ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺑﻌﻴﻨﻪ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳛﺒﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺮﻣﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺷﻲ ٍﺀ ﻣﺎ ﳛﺴﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺑﻌﻴﻨﻪ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺣﺴﺎﺩ َﻷﻥ ﻛﻞ ﺷﻲ ٍﺀ ﻋﻈﻢ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﳛﺴﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺻﻐﲑﺍ، ﺣﱴ ﺇﹺﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﳛﺴﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ. ﻓﻬﺆﻻ ِﺀ ﻫﻢ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﳊﺴﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﳛﺴﺪﻭﻥ :ﻓﻘﺪ ﳛﺴﺪﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﺍﳊﻤﺪ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺍﻟﺘﺸﻮﻑ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﰲ ﺍﳉﻼﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﻫﺔ ﺑﺎﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻌﺒﻴﺪ. ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﰲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﺠﺢ ﻛﺎﺋﻨﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺣﺴﺪ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺘﻬﻮﻬﻧﺎ ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﻢ .ﻭﻣﻦ ﺍﳊﺴﺎﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﺭﺟﺢ ﻣﻦ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺎﻝ ﻗﻠﻴﻼ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻘﺺ ﻣﻨﻪ ﻗﻠﻴﻼ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣَﻦ ﳛﺴﺪﻭﻥ .ﻓﻘﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﹺﻬﻧﻢ ﳛﺴﺪﻭﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻭﺍﳌﻜﺎﻥ، ﺴﻦُ ﺍﳊﺴﺪ .ﻭﺍﳊﺴﺪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺤِ ﻭﺍﳊﻤﺪ ﻭﺍﺠﻤﻟﺪ؛ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻗﻴﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﳌﻀﺎﺭﻋﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺗُ ْ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳍﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﹶﻭ ﻗﺮﻳﺐ ،ﺃﹶﻭ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﹶﻭ ﻗﺮ ﻳﺐ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﳛﺴﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺼﱯ ،ﻭﻻ ﳛﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻭﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻏﱪﻭﺍ .ﻭﻫﻠﻜﻮﺍ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﲔ ﻛﺜﲑﺓ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﳛﺴﺪ ﺍﻟﺒﻌﺪﺍﺀُ ﰲ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﻴﺎﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﻣﺜﻼ ﻻ ﳛﺴﺪﻭﻥ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺑﺄﹶﺻﻨﺎﻡ ﻫﺮﻗﻞ ﻣﻦ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻷَﻧﺪﻟﺲ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﳛﺴﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﻧﻘﺺ ﻣﻨﻪ ﺑﻜﺜﲑ ،ﻭﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﻛﻤﻞ ﻣﻨﻪ ﺑﻜﺜﲑ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﳛﺴﺪ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺎﳌﺘﻨﺎﺯﻋﲔ ﰲ ﺷﻲ ٍﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﶈﺒﲔ ﻟﺸﻲ ٍﺀ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﲔ ﻳﺸﺘﻬﻴﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ،ﻓﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﳛﺐ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﺣﺪ ﺑﻪ ﻭﻳﻨﻔﺮﺩ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺆﻻﺀِ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺎﻟﻔﺎﺧﺮ ﻭﺍﳌﻔﺎﺧﺮ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﺸﺘﻬﻮﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ،ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﳛﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺑﻪ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﳛﺴﺪ ﺍﻟﻔﺎﺧﺮ ﻟﻠﻤﻔﺎﺧﺮ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﻨﺎﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﻬﺑﺎ ﺷﺒﻴﻬﺎ ﻟﻪ .ﻭﺍﳊﺰﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺃﹶﻭﻻ ﻭﺍﻷَﺳﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﲤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺣﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﺍﳊﺴﺪ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﳍﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﲑﺍﺕ ،ﺃﹶﻭ ﻫﻲ ﻣﺰﻣﻌﺔ ﺃﹶﻥ ﺗﻮﺟﺪ ﳍﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﺃﹶﻭ ﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻷَﺳﻒ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﺳﺔ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳊﺴﺪ ،ﻷَﻥ ﺍﻷَﺳﻒ ﺇﹺﺫﺍ ﲤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﺎﺩ ﺣﺴﺪﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺃﹶﻛﺐ ﺭﺳﻨﺎ ﻓﻬﻮ ﳛﺴﺪ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﹶﺻﻐﺮ ﻣﻨﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻧﺎﻝ ﺍﻷَﺻﻐﺮ ﺧﲑﺍ ﱂ ﻳﻨﻠﻪ ﺍﻷَﻛﱪ ،ﺃﹶﻭ ﻧﺎﻝ ﺧﲑﺍ ﻣﺜﻠﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳛﺴﺪ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺘﺪﺑﲑ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﳌﻦ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﺑﺘﺪﺑﲑ ﺃﹶﻗﻞ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﺩﺭﻛﻮﺍ ﲜﻬﺪ ﻭﺇﹺﺑﻄﺎﺀ ﻭﻧﺼﺐ ﳛﺴﺪﻭﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﺩﺭﻛﻮﺍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﺳﺮﻋﺔ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻐﺒﻄﺔ ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻐﺒﻂ ﺍﻟﻐﺎﺑﻄﻮﻥ ﻭﳌﻦ ﻳﻐﺒﻄﻮﻥ ﻭﺑﺄﹶﻱ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﺎﺑﻄﻮﻥ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻐﺒﻂ ﻫﻲ ﺿﺪ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﳛﺰﻥ ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﳛﺴﺪ ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ َﻳ ْﻐﺒﹺﻂ ﻫﻮ ﺿﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺴِﺪ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻐﺒَﻂ ﺿﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺴﺪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﻫﻮ ﺍﻏﺘﻤﺎﻡ ﲞﲑ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ ،ﻓﺎﻟﻐﺒﻄﺔ ﻫﻲ ﻓﺮﺡ ﲞﲑ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻬﻴﺄ ﻟﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﺴﺘﻤﻴﻞ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺑﺄﹶﻥ ﻧﺼﲑﻫﻢ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺐ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﳌﺘﺤﺎﻛﻤﲔ ﻣﻨﻬﻢ ﺧﲑﺍ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺷﺮﺍ ،ﻣﺜ ﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﲑ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺫﺍ ﺇﹺﺷﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻭﺫﺍ ﺣﺴﺪ ﻟﻶﺧﺮ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﺳﻰ ﻭﺍﻷَﺳﻒ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺑﺄﹶﻳﺔ ﺣﺎﻝ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻷَﺳﻔﻮﻥ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﺳﻔﻮﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺄﺳﻔﻮﻥ ﻓﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺳﻰ ﻭﺍﻷَﺳﻒ ﻫﻮ
ﺣﺰﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻟﻔﻘﺪ ﺧﲑﺍﺕ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﻳﻬﻮﺍﻫﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﹶﻭ ﳌﻦ ﻫﻮ ﺑﺴﺒﺒﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﲝﺴﺐ ﻃﺒﻌﻪ ﺃﹶﻭ ﺟﻨﺴﻪ ﺃﹶﻭ ﺳﻠﻔﻪ ﳑﻦ ﻳﺴﺘﺄﻫﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﲑ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻟﻐﲑﻩ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻬﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻭﳛﺰﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﺒﻴّﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺳﻒ ﻭﺍﻷَﺳﻰ ﺧﲑ ،ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻻ ﻟﻠﺨﻴﺎﺭ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﺷﺮ ﻭﺧﺴﺮﺍﻥ ،ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻻ ﻟﻠﺸﺮﺍﺭ .ﻭﺫﻟﻚ ﻷَﻥ ﺍﻷَﺳﻰ ﻳﺼﲑ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﲝﻴﺚ ﻳﺼﲑ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﻷَﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻭﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻬﺎ ،ﻷَﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻻ ﻳﻌﺮﺽ ﺇﹺﻻ ﳌﻦ ﻳﺮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﻟﻠﺨﲑﺍﺕ ﻭﺃﹶﻫﻼ ﳍﺎ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎ ﻻﻗﺘﻨﺎ ِﺀ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳊﺴﺪ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺼﲑ ﺍﳌﺮﺀ ﲝﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻬﻴﺄ ﻷَﻥ ﻻ ﻳﻨﻴﻞ ﺃﹶﺣﺪﹰﺍ ﺧﲑﹰﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺳﻔﻮﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻭْﻥ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻫﻼ ﳋﲑﺍﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﳍﻢ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺃﹶﺣﺪ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻳﺴﲑﺓ ﺍﳋﲑ ،ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﺬﻣﻮﻣﺔ ،ﻭﻻ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﺮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻫﻼ ﳍﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻷَﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ﺟﻠﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﳋﻴﺎﺭ ،ﻛﺎﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ ،ﻳﺄﺳﻔﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺎﻬﺗﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﲑﺍﺕ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻳﺴﺎﺭ ﻳﺄﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺩﻭﻥ ﻳﺴﺎﺭ ﻳﺄﺳﻒ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ .ﻭﻗﺪ ﻳﺄﺳﻒ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺎﻬﺗﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﳑﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻐﲑﻫﻢ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻳﻌﺘﺮﻳﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻷَﻧﻪ ﳜﻴﻞ ﳍﻢ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺧﻴﺎﺭ ﺃﹶﻭ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺧﻴﺎﺭﺍﹰ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﳍﻢ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻪ ﺍﳋﻴﺎﺭ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﺎﺯ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺃﹶﺣﺪ ﻇﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﺧﻴّﺮ .ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﺄﻫﻠﻬﻤﺎ ﺍﻷَﺧﻴﺎﺭ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻇﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﺻﺎﺑﻪ ﺍﻷَﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺁﺑﺎﺅﻫﻢ ﺍﻷَﻭﻟﻮﻥ ﻭﺃﹶﻗﺎﺭﻬﺑﻢ ﻣﻜﺮﻣﲔ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮﻳﻬﻢ ﻛﺜﲑﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﲑﺍﺕ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺃﹶﻫﻠﻴﺔ ﻭﺃﹶﻬﻧﻢ ﳍﺎ ﻣﺴﺘﺤﻘﻮﻥ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷَﺳﻰ ﻭﺍﻷَﺳﻒ ﺃﹸﻣﻮﺭﺍ ﻣﻜﺮﻣﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ .ﻓﻮﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻧﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﹶﻭ ﺃﹸﻣﻮﺭﺍ ﻓﺎﺿﻠﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺧﲑﺍﺕ ﺑﺪﻧﻴﺔ ﺃﹶﻭ ﺧﲑﺍﺕ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﲨﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻐﲑ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺣُﺴﻦ ﻭﲨﺎﻝ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﺬﺓ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻜﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﻫﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﶈﺴﻨﲔ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻭﻫﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻭﺍﳋﻴﺎﺭ ﻭﻫﻢ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳊﺴﻦ ،ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺴﺘﻤﺘﻊ ،ﻭﻫﻢ ﺍﳌﻠﺬﻭﻥ ،ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺘﺎﻉ ﻬﺑﻢ ﻟﻨﻔﻮﺳﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﳌﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﻬﺑﻢ .ﻭﻟﻜﻮﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺄﹶﺳﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻐﲑ ﺧﲑ ﻣﺎ ﺇﹺﻣﺎ ﲨﻴﻞ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻧﺎﻓﻊ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﺬﻳﺬ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﺳﻒ ﰲ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺍﳉﻤﺎﻝ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺪ ﻣَﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺳﻰ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻭﻳﺄﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺣﺎﳍﻢ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺳﻰ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﳍﻢ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻜﺮﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻧﺎﻫﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﺄﺳﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺪﻫﺎ ﻷَﻥ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻣﻦ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﻢ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﺩ ﺍﳉﻴﻮﺵ ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺎﺕ ﻭﺃﹶﺣﻮﺍﳍﺎ ﺍﻟﱵ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﺣﺴﺎﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻨﺤﻮ ﳓﻮ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎ ِﺀ ﳑﻦ ﻟﻪ ﻣﻠﻜﺔ ﺭﻳﺎﺳﻴﺔ ﺃﹶﻭ ﺣﺎﻟﺔ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﺣﺴﺎﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﲑ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺳﻰ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﺩ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺜﻠﻬﻢ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺭﻓﻪ .ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎ ِﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﻭﳐﻠﺪﻭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺆﺭﺧﲔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ ﺑﺎﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ
ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻜﺘﺮﺛﻮﻥ ﺑﺎﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﲑﻫﻢ ،ﻭﻻ ﻳﻸﺳﻔﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻷَﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ :ﺇﹺﻣﺎ ﲨﻴﻊ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺆﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺪﻫﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻭﺃﹶﺟﻠﻬﺎ ﻗﺪﺭﺍﹰ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺄﺳﻒ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ؛ ﻷَﻥ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺿﺪ ﺍﻷَﺳﻒ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﺿﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺳﻒ .ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺳﻔﻮﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳌﻀﺎﺩﺓ ﻟﻠﺨﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻷَﺳﻒ .ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺒﲔ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺿﺪ ﺍﻷَﺳﻒ ،ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﻟﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﺃﹶﺣﺪ ﺑﺄﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻷَﺳﻔﲔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﻬﺑﻢ ﺫﻭﻭ ﺍﳉﹶﺪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ، ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﳍﻢ ﺍﳉﹶﺪ ﺧﻠﻮﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﳋﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﳍﻢ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺴﺘﺨﻔﻮﻥ ﺑﺄﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻭﻻ ﻳﻜﺘﺮﺛﻮﻥ ﺑﺄﹶﺣﻮﺍﳍﻢ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳋﻠﻘﻴﺎﺕ ﻗﺎﻝ :ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻋﺘﺮﻬﺗﻢ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﻬﺑﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻬﺑﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﻃﱠﹸﺄ ﻬﺑﺎ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮ ﻋﻨﻪ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ﰲ ﺟﻨﺲ ﺟﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻷُﻭﱃ. ﻭﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺧﻠﻖ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻷَﺧﻼﻕ .ﻓﺈﹺﻥ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺃﹶﻱ ﺧﻠﻖ ﻳﺘﺒﻊ ﺃﹶﻱ ﺣﺎﻝ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﳓﺮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﳔﺎﻃﺒﻪ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻭﳘﻨﺎﻩ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻛﱪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﺍﻟﺴﺨﺎﺀ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﺛﺒﺘﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺒﲑ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺣﺮﻛﻨﺎﻩ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺴﺨﺎ ِﺀ ﺑﺄﹶﻥ ﻧﺆﻟﻒ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻜﺬﺍ :ﺇﹺﻧﻪ ﻛﺒﲑ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﺍﻟﻜﺒﲑ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺨﻴﺎ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺨﻴﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﻫﺬﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﺪﻳﺪﻫﺎ ﻭﺃﹶﻱ ﺧﻠﻖ ﻳﺘﺒﻊ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﲬﺴﺔ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ: ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺍﳍﻤﻢ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻷَﺳﻨﺎﻥ .ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺍﳉﺪﻭﺩ .ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ :ﺍﻷَﻧﻔﺲ. ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺧﻠﻖ ﺧﺎﺹ ،ﻭﺑﺎﳍﻤﻢ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﳜﺘﺎﺭﻫﺎ ﻛﻞ ﺻﻨﻒ ﻭﻳﺆﺛﺮﻫﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺃﹶﻭ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﻟﺬﺓ ﻳﻨﻬﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﻫﺬﻩ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻷَﺳﻨﺎﻥ ﺳﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺳﻦ ﺍﻹِﻛﺘﻬﺎﻝ ﻭﺳﻦ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﻷَﺳﻨﺎﻥ ﺃﹶﺧﻼﻗﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻬﺑﺎ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳉﺪﻭﺩ ﳉﻠﹶﺪ ﺍﳌﻔﺮﻁ، ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﲢﺼﻞ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﺑﺪﻧﻪ ﻭﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺑﺪﻧﻪ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺍﳊﺴﺐ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﺫ ﻭﺍ ﹶ ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﺍﳌﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻗﺎﻝ :ﻓﺈﹺﻣﺎ ﺍﻷَﺣﺪﺍﺙ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﻭﺯﻭﺍ ﺍﺳﺒﻮﻋﲔ ﻣﻦ ﺳﻨﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﳓﻮ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷَﺳﺎﺑﻴﻊ ﻓﻤﻦ ﺃﹶﺧﻼﻗﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺸﺘﻬﻮﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻭﻫﻢ ﻣﺴﺎﺭﻋﻮﻥ ﲨﻮﺣﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺭﻛﻮﺏ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻮﻧﻪ ،ﻭﺃﹶﻏﻠﺐ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪﻧﻴﺔ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ .ﻭﻫﻢ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺳﺮﻳﻊ ﺗﻐﲑﻫﻢ ﻭﺗﻘﻠﺒﻬﻢ ﻳﺸﺘﻬﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻭﳝﻠﻮﻧﻪ ﺳﺮﻳﻌﺎ .ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺍﺷﺘﻬﺎﺋﻬﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺃﹶﻥ ﺁﺭﺍﺀَﻫﻢ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﱂ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﺛﺮﺍﺕ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ .ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺁﺭﺍﺅﻫﻢ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺑﺼﲑﺓ ﻭﻧﻈﺮ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻣﻊ ﺳﺮﻋﺔ ﺯﻭﺍﳍﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﻄﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻴﺐ ﺍﳌﺮﺿﻰ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻋﻄﺶ ﺳﺮﻳﻊ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﺷﺪﻳﺪ ﺟﺪﺍ .ﻭﻫﻢ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺳﺮﻳﻌﻮ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻣﻨﻘﺎﺩﻭﻥ ﻟﻪ ﺗﻘﻬﺮﻫﻢ ﺣﺪﺗﻪ ﻭﺳﻮﺭﺗﻪ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ
ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻠﻜﺮﺍﻣﺔ ﻻ ﻳﺼﱪﻭﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﺨﻒ ﻬﺑﻢ ﻣﺴﺘﺨﻒ ﻟﻜﻦ ﳝﺘﻌﻀﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻇﻨﻮﺍ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﻌﺎﺑﻮﻥ .ﻭﻫﻢ ﳏﺒﻮﻥ ﻟﻠﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺃﹶﺷﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻐﻠﺒﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ﺗﺸﺘﺎﻕ ﺍﻟﻔﺨﺎﻣﺔ؛ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺨﺎﻣﺔ .ﻭﻫﻢ ﻟﻠﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺃﹶﺷﺪ ﺣﺒﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﻤﺎﻝ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻻ ﳛﺒﻮﻥ ﺍﳌﺎﻝ ﻷَﻬﻧﻢ ﱂ ﳚﺮﺑﻮﺍ ﺍﻟﻔﺎﻗﺔ .ﻭﻫﻢ ﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻷَﻬﻧﻢ ﱂ ﻳﻨﺨﺪﻋﻮﺍ ﻛﺜﲑﺍ .ﻭﻫﻢ ﺣﺴﻦٌ ﻇﻨﻬﻢ ،ﻓﺴﻴ ﺢٌ ﺃﹶﻣﻠﻬﻢ ﳊﺮﺍﺭﺓ ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﺽ ﳌﻦ ﻳﺸﺮﺏ ﺍﳋﻤﺮ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳊﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺷﺮﻬﺑﺎ .ﰒ ﻻ ﳜﻮﺭﻭﻥ ﻭﻻ ﻳﻨﻜﻠﻮﻥ ،ﺑﻞ ﳛﻤﻠﻮﻥ ﺍﳌﺸﻘﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻬﻮﻭﻧﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻘﻮﺓ ﺣﺮﺍﺭﻬﺗﻢ .ﻭﻫﻢ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﺎﻷَﻣﻞ ،ﻷَﻥ ﺍﻷَﻣﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﻠﺰﻣﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ .ﻭﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻠﻐﻠﻤﺎﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻷَﻧﻪ ﰲ ﺃﹶﻭﻝ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺄﻣﻨﻮﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻭﻻ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ .ﻭﻫﻢ ﻳﺴﲑٌ ﺍﺧﺘﺪﺍﻋﻬﻢ ﻭﺍﻏﺘﺮﺍﺭﻫﻢ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻬﻧﻢ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺩﻟﻴﻞ ﺃﹶﻭ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺿﻌﻴﻒ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻏﻮﻟﻄﻮﺍ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺳﻬﻠﺖ ﻣﻐﺎﻟﻄﺘﻬﻢ .ﻭﻫﻢ ﻣﻊ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻞ ﺷﺠﻌﺎﻥ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﻏﻀﻮﺑﻮﻥ ﺣﺴﻦٌ ﺃﹶﻣﻠﻬﻢ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻷَﻣﻞ ﻓﻴﺤﺪﺙ ﳍﻢ ﺃﹶﻻ ﳚﺰﻋﻮﺍ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺮﺟﺎ ِﺀ ﰲ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺗﺸﺠﻌﻬﻢ ،ﻭﺃﹶﺣﺪ ﻣﺎ ﻳﺸﺠﻊ ﻫﻮ ﺗﺄﻣﻴﻞ ﺍﳋﲑ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻓﻴ ﺤﺪﺙ ﳍﻢ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﺪ ﳜﺎﻑ ﻓﻴﻐﻀﺐ .ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﻴﺎ َﺀ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷَﻬﻧﻢ ﱂ ﻳﺼﲑﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﳝﻴﺰﻭﺍ ﺑﲔ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻰ ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﻬﻢ ﻻﻬﺗﺎﻣﻬﻢ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﺘﺤﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺍﺧﻄﺄﹾﻭﺍ .ﻭﻫﻢ ﻳﺘﻤﺴﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﺟﺪﺍ ﻭﻳﺮﺍﻗﺒﻮﻬﻧﺎ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﱂ ﻳﻌﻤﻠﻮﺍ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﱴ ﻳﺘﺒﲔ ﳍﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪﻝ ﳑﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻝ. ﻭﻫﻢ ﻛﱪﺍﺀ ﺍﻷَﻧﻔﺲ .ﻭﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻔﺘﻘﺮﻭﻥ ﺃﹶﺑﺪﺍ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﱂ ﳚﺮﺑﻮﺍ ﺍﻟﻀﺮﺍ َﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ .ﻭﻳﺘﺸﻮﻗﻮﻥ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﻛﱪﺍ ِﺀ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺃﹶﻣﻠﻬﻢ. ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺧﻼﻗﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﺆﺛﺮﻭﻥ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺃﹶﺷﺪ ﻣﻦ ﺇﹺﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺆﺛﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﲨﻴﻼ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﺆﺛﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻟﻘﻠﺔ ﺗﻔﻜﺮﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ،ﻭﺇﹺﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺇﹺﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻠﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﻭﺇﹺﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻠﻔﻀﺎ ﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺇﹺﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻠﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ .ﻭﻫﻢ ﳏﺒﻮﻥ ﻷَﺻﺤﺎﻬﺑﻢ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻷَﻥ ﻣﻦ ﲤﺎﻡ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ -ﺇﹺﺫﺍ ﻭُﺟﺪﺍ - ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻹِﺧﻮﺍﻥ .ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻭﻻ ﰲ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎ ِﺀ .ﻭﺧﻄﺆﻫﻢ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻛﺜﲑ ،ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺆﺛﺮﻫﺎ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ .ﻭﺃﹶﻓﻌﺎﳍﻢ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﻭﻻ ﻣﻘﺪﺭﺓ ،ﻓﻴﺤﺒﻮﻥ ﺟﺪﺍ ﻭﻳﻐﻀﺒﻮﻥ ﺟﺪﺍ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻔﺮﻃﻮﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺴﻮ ِﺀ ﲤﻴﻴﺰﻫﻢ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﺑﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ .ﻭﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﹺﻏﺮﺍﻗﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .ﻭﻳﺮﻛﺒﻮﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﳎﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻴﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳉﺴﺎﺭﻬﺗﻢ ﻭﺇﹺﻓﺮﺍﻃﻬﻢ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ .ﻭﻫﻢ ﺭﲪﺎ ُﺀ ﻷﺿﻨﻬﻢ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﲨﻴﻌﺎ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺧﻴﺎﺭ ﺻﻠﺤﺎ ُﺀ .ﻭﻫﻢ ﻟﻘﻠﺔ ﺷﺮﻫﻢ ﻳﺒﻐﻀﻮﻥ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ .ﻭﻫﻢ ﳏﺒﻮﻥ ﻟﻠﻬﺰﻝ ﻭ ﺍﳌﺰﺡ .ﻭﺍﻧﺼﺮﺍﻓﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺳﺮﻳﻊ ،ﻷَﻥ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻻﻧﺼﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺮﻭﻳﺔ .ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ. ﰲ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲡﺎﻭﺯﻭﺍ ﺳﻦ ﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﻜﺴﺔ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻣﻦ ﳏﺒﺔ ﺍﳍﺰﻝ ﻭﺍﳌﺰﺍﺡ ﻭﺗﺸﻮﻕ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﺍﻻﳔﺪﺍﻉ؛ ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﺸﻜﺎﺳﺔ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻣﺜﻞ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﳉﺮﺃﹶﺓ ﻭﳏﺒﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻷَﻣﻞ ﻭﻛﱪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻋﻠﻰ ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﻋﺎﺷﻮﺍ ﺩﻫﺮﺍ ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻘﺼﺮ ﺃﹶﻣﻠﻬﻢ ،ﻭﺍﺧﺘﺪﻋﻮﺍ ﻛﺜﲑﺍ ﻭﺃﹶﺧﻄﺄﹸﻭﺍ ﻛﺜﲑﺍ ،ﻓﺴﺎﺀ ﻇﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻟﻮﻗﻮﻋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ ﺍﳋﺪﻉ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﺭﺏ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻬﺑﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﺷﺮﻭﺭﹰﺍ ﺃﹶﻭ ﻣﻔﻀﻴﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮ .ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺧﻼﻗﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺸﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﲔ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺠﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻌﻈﻤﻮﻧﻪ ،ﻷَﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻜﺮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻭﻫﻢ ﻣﻊ
ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻗﺪ ﺟﺮﺑﻮﺍ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻛﺄﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺷﻴﺌﺎ .ﻭﻻ ﻳﻜﺘﺮﺛﻮﻥ ﺑﺎﳊﻤﺪ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻷَﻥ ﻗﺼﺪﻫﻢ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ،ﻣﻊ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺷﻴﺌﺎ .ﻭﻣﻦ ﺷﻴﻤﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﳛﺰﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﺃﹶﻟﺒﺘﺔ ﻭﻻ ﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻞ ﻳﻘﺮﻧﻮﻥ ﺑﻜﻼﻣﻬﻢ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ )ﻋﺴﻰ( ﻭ) ﻟﻌﻞ( ،ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺧﻄﺄﻫﻢ ﻭﻟﻜﺜﺮﺓ ﻣﺎ ﺟﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﺇﹺﺧﻔﺎﻕ ﺁﻣﺎﳍﻢ .ﻭﻫﻢ ﺳﻴﺌﺔ ﺃﹶﺧﻼﻗﻬﻢ ﻟﺴﻮﺀ ﻇﻨﻬﻢ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ .ﻭﺳﻮﺀ ﻇﻨﻬﻢ ﻟﻘﻠﺔ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﻢ؛ ﻭﻗﻠﺔ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﻢ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﲡﺎﺭﻬﺑﻢ .ﻭﻣﻦ ﺷﻴﻤﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﳛﺒﻮﻥ ﺟﺪﺍ ﻭﻻ ﻳﺒﻐﻀﻮﻥ ﺟﺪﺍ ﻭﻻ ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻻ ﺑﺎﻟﻜﹸﺮﻩ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﺐ ﻭﺍﻟﺒﻐﺾ .ﻭ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﻭﺍﻟﺒﻐﻴﺾ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟﺪﻫﺎﺋﻬﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟ ﻸُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ ﻣﻦ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻋﺎﺷﻮﺍ ﺩﻫﺮﺍ ﻃﻮﻳﻼ ﻭﺍﺧﺘﺪﻋﻮﺍ ﻛﺜﲑﺍ ﻭﺃﹶﺧﻄﺄﹸﻭﺍ ﻛﺜﲑﺍ ﻭﺃﹶﺷﺒﺎﻩ ﺫﻟﻚ .ﻭﻫﻢ ﺻﻐﲑﺓﹲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻻ ﻳﺸﺘﺎﻗﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺷﻲﺀ ﺳﻮﻯ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﺎﺵ .ﻭﻫﻢ ﻏﲑ ﺫﻭﻱ ﻣﻨﺤﺔ ﻭﺗﻜﺮﻡ ،ﻷَﻥ ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﻢ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﲟﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭ ﳍﻢ ﺫﻟﻚ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎ َﺀ ﻋﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﻠﻒ ﻳﺴﲑ ،ﻓﻬﻢ ﳍﺬﻳﻦ ﺍﻟﺸﻴﺌﲔ ﲞﻼﺀ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻟﻮﻗﻮﻓﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻬﺑﻢ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻟﻀﻌﻒ ﺃﹶﺑﺪﺍﻬﻧﻢ ،ﻭﻟﻮﻗﻮﻓﻬﻢ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎ َﺀ ﻋﺴﲑ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﰲ ﺳﻦ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﻠﻒ ﻳﺴﲑ .ﻭﻫﻢ ﻳﺴﺒﻘﻮﻥ ،ﻓﻴﺨﱪﻭﻥ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﳌﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻮﺍﻗﺐ .ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺟﺒﻨﺎﺀ ﻭﻫﻢ ﰲ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﺣﺪﺍﺙ ﻷَﻬﻧﻢ ﺫﻭﻭ ﺑﺮﻭﺩﺓ ﰲ ﺃﹶﻣﺰﺟﺘﻬﻢ ﻭﻓﺘﻮﺭ ،ﻭﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ ﺫﻭﻭ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﻭﺗﻮﻗﺪ .ﻭﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﹺﱃ ﺍﳉﱭ ﻷَﻥ ﺍﳋﻮﻑ ﻭﺍﳉﱭ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﱪﺩ .ﻭﻫﻢ ﳏﺒﻮﻥ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺁﺧﺮ ﺃﹶﻋﻤﺎﺭﻫﻢ. ﻭﺣﺒﻬﻢ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻟﻴﺘﻤﺘﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻷَﻥ ﳛﻴﻮﻫﺎ ﻓﻘﻂ ،ﻷَﻥ ﺃﹶﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻗﺪ ﻋﺪﻣﻮﻫﺎ ،ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﹺﻻ ﺷﻬﻮﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳊﻮﺍﺱ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﻛﺜﲑﺓ .ﻷَﻥ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﳍﻢ ،ﻓﻴﺠﺘﻤﻊ ﳍﻢ ﻣﻊ ﻒ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ. ﺐ ﻓﻴﻪ ﺿﻌ ُ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺑﻪ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ .ﻭﻫﻢ ﳏﺒﻮﻥ ﻷَﺧﻴﺎﺭ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻭﻋﺪﻭﻝ ﺍﻟﺴﻼﻃﲔ ﻟﺼﻐﺮ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺴﺒ ُ ﻭﻋﺸﺮﻬﺗﻢ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﻗﺼﺪﻫﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﳓﻮ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻻ ﳓﻮ ﺍﳊﺴﻦ ،ﻷَﻬﻧﻢ ﳏﺒﻮﻥ ﻷَﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻭﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﲑ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻭﺍﳊﺴﻦ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﲑ ﻟﻠﻐﲑ .ﻭﻫﻢ ﻗﻠﻴﻞﹲ ﺣﻴﺎﺅﻫﻢ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻷَﻥ ﺇﹺﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻠﻨﺎﻓﻊ ﻫﻮ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺇﹺﻳﺜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻞ .ﻭﺍﳊﻴﺎ ُﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﳐﺎﻓﺔ ﻓﻮﺕ ﺍﳉﻤﻴﻞ .ﻭﺗﺄﻣﻴﻠﻬﻢ ﻳﺴﲑ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﲡﺎﺭﻬﺑﻢ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻳﺆﻭﻝ ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﱃ ﻣﺎ ﺷﺮﻩ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﲑﻩ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﳌﺎ ﺧﲑﻩ ﻣﺴﺎ ﹴﻭ ﻟﺸﺮﻩ .ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷَﻗﺴﺎﻡ ﻏﲑ ﻣﺘﺸﻮﻗﺔ. ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺧﲑ ﳏﺾ ،ﺃﹶﻭ ﺍﳋﲑ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻏﻠﺐ ،ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ،ﻭﳛﺘﺎﺝ -ﰲ ﺗﺮﻗﺐ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ -ﺇﹺﱃ ﺯﻣﺎﻥ ﻃﻮﻳﻞ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺃﹶﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻳﺴﲑ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻋﻴﺸﻬﻢ ﻭﻟﺬﻬﺗﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻻ ﺑﺎﻷَﻣﻞ ،ﺑﻀﺪ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﳌﺎ ﻣﻀﻰ .ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺃﹶﻋﻤﺎﺭﻫﻢ .ﻭﳍﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﻜﻬﻦ ﻭﺍﳊﺪﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ .ﻭﻏﻀﺒﻬﻢ ﺳﺮﻳﻊ ﺣﺪﻳﺪ ﻟﻘﻠﺔ ﺍﺣﺘﻤﺎﳍﻢ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺿﻌﻴﻒ ،ﻟﻀﻌﻒ ﺣﺮﺍﺭﻬﺗﻢ .ﻭﺷﻬﻮﺍﻬﺗﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺍﻧﻘﻄﻊ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺿﻌﻒ ،ﻓﻠﻴﺴﻮﺍ ﻣﺘﺤﺮﻛﲔ ﳓﻮ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ،ﻟﻜﻦ ﳓﻮ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺷﻬﻮﺍﻬﺗﻢ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻫﻢ ﺃﹶﻋﻔﺎﺀ ﺑﺎﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻻﺳﻢ .ﻭﻳﻘﻠﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻷَﻓﻀﻞ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻭُﻛﹾﺪﻫﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺇﹺﺷﺎﺭﻬﺗﻢ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﲢﺼﻞ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﳋﻠﻘﻖ ﺍﳉﻤﻴﻞ ،ﻻ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﻓﻊ .ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﳌﻜﺮ ﻭﺍﳋﺪﻳﻌﺔ ،ﻻ ﺑﺮﻛﻮﺏ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﺢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﺘﺎﺭ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ .ﻭﻫﻢ ﺭﲪﺎﺀ ﻟﻜﻦّ ﺭﲪﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺿﻌﻔﻬﻢ ﻭﲣﻴﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺮ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺷﻔﻘﻮﺍ ﻣﻨﻪ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺭﲪﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ .ﻭﻫﻢ ﺻﺎﺑﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ ،ﻏﲑ ﺳﺮﻳﻊ ﺗﻘﻠﺒﻬﻢ، ﻷَﻥ ﺍﻟﺼﱪ ﺿﺪ ﺍﳍﺰﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ ،ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺣﺐ ﺍﳍﺰﻝ ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺐ ﺍﳉﺪ ﻭﺍﻟﺼﱪ.ﳉﻤﻴﻞ ،ﻻ ﺑﺎﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﻓﻊ .ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﳌﻜﺮ ﻭﺍﳋﺪﻳﻌﺔ ،ﻻ ﺑﺮﻛﻮﺏ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﺢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﺘﺎﺭ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ .ﻭﻫﻢ ﺭﲪﺎﺀ ﻟﻜﻦّ ﺭﲪﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺿﻌﻔﻬﻢ ﻭﲣﻴﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺮ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺷﻔﻘﻮﺍ ﻣﻨﻪ ،ﻻ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ
ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺭﲪﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ .ﻭﻫﻢ ﺻﺎﺑﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﻡ ،ﻏﲑ ﺳﺮﻳﻊ ﺗﻘﻠﺒﻬﻢ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺼﱪ ﺿﺪ ﺍﳍﺰﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ ،ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺣﺐ ﺍﳍﺰﻝ ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺐ ﺍﳉﺪ ﻭﺍﻟﺼﱪ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺃﹶﺧﻼﻕ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﳌﺸﺎﻳﺦ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺳﻦ ﺍﻟﻜﻬﻮﻝ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﰲ ﻋﻨﻔﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﻤﺮ ،ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻜﻬﻮﻝ ،ﻓﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﺧﻼﻗﻬﻢ ﻭﺳﻂ ﺑﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ،ﻭﺃﹶﻬﻧﻢ ﳎﺎﻧﺒﻮﻥ ﻹِﻓﺮﺍﻁ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻫﻢ ﺃﹶﻋﺪﻝ ،ﻓﻠﻴﺴﻮﺍ ﲟﺘﻬﻮﺭﻳﻦ ﻭﻻ ﺟﺒﻨﺎﺀ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻘﺪﻣﲔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻭﲟﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻭﻻ ﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻭﻻ ﻳﻜﺬﺑﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺘﺼﻮﺭﻭﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﻬﻬﺎ، ﻭﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻄﺒﺎﻋﻬﺎ .ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻴﺸﻬﻢ ﻭﻻ ﻃﻠﺒﻬﻢ ﻣﻮﺟﻪ ﳓﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻻ ﳓﻮ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻓﻘﻂ ،ﻟﻜﻦ ﳓﻮ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ .ﻭﻻ ﻫﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻫﻞ ﺟﺪ ﳏﺾ ،ﻭﻻ ﳎﻮﻥ ﳏﺾ ،ﻟﻜﻦ ﺑﲔ ﺫﻟﻚ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ، ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﻋﻔﺎﺀ ﻣﻊ ﺷﺠﺎﻋﺔ .ﻭﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺷﺠﻌﺎﻥ ﺷﻬﻮﺍﻧﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺟﺒﻨﺎﺀ ﺃﹶﻋﻔﺎﺀ .ﻭﲨﻠﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﳛﺼﻞ ﳍﻢ ﺍﳉﺰ ُﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺧﻠﻖ ،ﺩﻭﻥ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﻀﺎﺭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻷَﻃﺮﺍﻑ ﺍﳌﺬﻣﻮﻣﺔ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﻟﻠﺸﻴﻮﺥ ﻭﻟﻠﺸﺒﺎﺏ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ. ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻫﻮ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ .ﻭﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻴﻠﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﹶﻭ ﺇﹺﱃ ﺍﳋﲑ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳌﺬﻣﻮﻡ ﺃﹶﻭ ﺍﶈﻤﻮﺩ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳜﺘﻠﻒ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻗﺮﺏ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻗﺮﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻬﻮﺭ ﺁﺛﺮ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻂ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺃﹸﺧﺮﻯ .ﻓﻘﺪ ﻳﺰﺍﺩ ﰲ ﺍﻟﺸﺮ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺣﺘﻴﺞ ﺇﹺﱃ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻣﻊ ﻗﻮﻡ ﻣﺎ ،ﻭﻳﺰﺍﺩ ﰲ ﺍﳋﲑ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺣﺘﻴﺞ ﺇﹺﱃ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻣﻊ ﻗﻮﻡ ﺁﺧﺮﻳﻦ. ﻭﺳﻦ ﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ﻫﻮ ﻣﻦ ﲬﺲ ﻭﺛﻼﺛﲔ ﺇﹺﱃ ﲬﺴﲔ ﺳﻨﺔ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺧُﻠﻖ ﺍﻷَﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻭﺍﻟﻜﻬﻮﻝ. ﻓﺼﻞ ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﱯ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﰎ ﻓﻌﻼ ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺭﺃﻯ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﺒﻖ ﻓﻴﻪ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﺤﺺ ﻭﻻ ﺗﺄﹶﻣﻞ ﻭﻻ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺇﹺﻻ ﻭﻗﺪ ﺃﹶﺗﻰ ﻬﺑﺎ ﻓﺘﺰﻳﻔﺖ ،ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﺎﺣﺺ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﻣﻌﺎﺭﺽ ﻟﻪ ﻏﲑ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻢ ﲟﻨﺎﻇﺮ ﻭﺣﺎﻛﻢ .ﺃﹶﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﻘﻨﻊ ﻭﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﻟﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻓﺘﻤﻴﻴﺰ ﺣﺠﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﺪﻥ .ﻟﻜﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺭﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺗﺎﻡ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ،ﻓﻮﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺣﺎﻛﻢ ﻭﻣﻨﺎﻇﺮ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﹶﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ. ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻫﻮ ﺃﹶﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﺑﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺎ ﹴﻭ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻰ ﻣﻨﻪ ﺑﺮﺩ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻟﻴﻞ .ﻭﺭﲟﺎ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺪﻥ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﺼﻮﻣﻴﺔ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺩﻭﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﻣﻠﺔ ﺍﻹِﺳﻼﻡ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻗﻮﻝ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻣﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻷَﳝﺎﻥ. ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﺼﺪﻕ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﺼﺪﻕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﳍﺎ ،ﻭﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ﻳﻨﺎﻇﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﺑﻄﺎﳍﻤﺎ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﺎﻡ.
ﻓﺼﻞ ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺺ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻷَﺭﺑﻊ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻌﺪﺓ ﻟﻨﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﻟﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﺒﻴﻨﺖ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ، ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ،ﻓﺎﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺼﲑ ﺇﹺﱃ ﺗﺒﻴﲔ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ .ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻄﻠﺐ ﺗﺜﺒﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﹶﺃﺭْﺑﻌﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺍﻷَﻭﻝ :ﻫﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﳑﻜﻦ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﻫﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﳑﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻭﻻ ﺑﺪ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ .ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻫﺬﺍ ﻭﺍﳌﻤﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻷَﺣﺪ ﺍﳌﻤﻜﻨﲔ ﻓﻀﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻛﺎﺋﻦ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﻴﻘﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ ﺇﹺﳕﺎ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻫﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ .ﻭﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻋﻠﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﳊﺲ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﺤﻘﻖ ﺫﻟﻚ. ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺗﺼﻐﲑﻩ ﻭﺗﻔﺨﻴﻤﻪ ﻭﲣﺴﻴﺴﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻣﺮٌ ﻋﺎﻡ ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺷﲑ ﺻﻐّﺮ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻣﺪﺣﻮﺍ ﺃﹶﻭ ﺫﻣﻮﺍ ﺃﹶﻭ ﺷﻜﻮﺍ ﺃﹶﻭ ﺍﻋﺘﺬﺭﻭﺍ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﰎ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ُﻋﻈﹼﻢ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺷﲑ ﺑﺎﻟﺘﺮﻙ ُ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ،ﻗﻠﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﻮﺍﺩ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﳌﺜﺎﻝ ،ﻭﺃﹶﺿﻔﻨﺎ ﺇﹺﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟ ﻸَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ،ﻓﺈﹺﻧﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﹶﺗﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻷُﻭﱃ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ ﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻮﺍﺩﻫﺎ .ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ ﳑﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳋﻄﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻮﺍﺩﻫﺎ. ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺭﺑﻌﺔ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻸَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺒﻌﺾ ﻭﺃﹶﻭﱃ ﺃﹶﻥ ﺗﻨﺴﺐ ﺇﹺﱃ ﺾ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺼﻐﲑ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﺧﺺ ﺑﺎﳋﺼﻮﻣﺎﺕ َﺑ ْﻌ ﹴ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﺎﻟﻜﺎﺋﻦ؛ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻛﻮﻧﻪ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﺸﻮﺭﻳﺔ. ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ،ﻓﻠﻨﻘﻞ ﰲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻨﻊ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﳑﻜﻦ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ،ﻭﻧﻌﲏ ﺑﺎﳌﻤﻜﻦ ﻭﻏﲑ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻟﻨﺎ ﻭﻣﺴﺘﻄﺎﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻏﲑ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻭﻻ ﻣﺴﺘﻄﺎﻉ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻻ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﰲ ﻃﺒﺎﺋﻊ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﳑﻜﻦ ،ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﲝﺴﺐ ﺍﻹِﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ .ﻓﻤﻨﻬﺎ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﻟﻪ ﺿﺪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺿﺪﻩ ﳑﻜﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﳑﻜﻦ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ؛ ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺢ ،ﻓﻘﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻘﻢ .ﻭﺍﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻹِﻣﻜﺎﻥ ﻟﻠﻤﺘﻀﺎﺩﻳﻦ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻣﻘﺪﻣﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺸﺒﻬﻪ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳑﻜﻦ. ﻭﺛﺎﻟﺜﺔ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﹶﺻﻌﺐ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﹶﻳﺴﺮ ﳑﻜﻦ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻭﺃﹶﺣﺴﻦ ﳑﻜﻨﺎ، ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ -ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ -ﳑﻜﻦ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ .ﻓﺈﹺﻥ ﺇﹺﺟﺎﺩﺓ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﹶﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻓﻘﻂ. ﻭﺭﺍﺑﻌﺔ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺅﻩ ﳑﻜﻦ ،ﻓﺂﺧﺮﻩ ﻭﲤﺎﻣﻪ ﳑﻜﻦ .ﻭﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ :ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻛﻮﻧﻪ
ﻣﺒﺪﺋﻪ ،ﻓﻤﺎ ﳝﻜﻦ ﻛﻮﻥ ﻣﺒﺪﺋﻪ ،ﳝﻜﻦ ﻛﻮﻧﻪ .ﻭﻗﺪ ﺑﲔ ﺍﺧﺘﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺪﻝ. ﻭﺧﺎﻣﺴﺔ :ﻭﻫﻲ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﲤﺎﻣﻪ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﻤﺒﺪﺅﻩ ﳑﻜﻦ؛ ﻭﻫﻮ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻪ. ﻭﺳﺎﺩﺳﺔ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺘﺄﹶﺧﺮ ﰲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻥ -ﻳﻌﲏ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻓﻘﻂ -ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺎﳌﺘﻘﺪﻡ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳑﻜﻦ؛ ﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻬﻼ ،ﻓﻘﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻼﻣﺎ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﻓﻘﻂ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻄﺒﻊ: ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﺮﺽ .ﻓﻬﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺇﹺﱃ ﻣﻘﺪﻣﺘﲔ ،ﰒ ﻗﺪ ﺗﻌﻜﺲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺎﺗﲔ ،ﻓﻴﺤﺪﺙ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﺭﺑﻊ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﰲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﳑﻜﻨﺎ ﻓﺎﳌﺘﺄﹶﺧﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳑﻜﻦ. ﻭﻣﻘﺪﻣﺔ ﺛﺎﻣﻨﺔ :ﻭﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﳏﺒﻮﺏ ﻭﻣﺸﺘﻬﻰ ،ﻓﻬﻮ ﳑﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ؛ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﺸﺘﺎﻕ ﺃﹶﺣﺪ - ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﻮﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺠﻤﻟﺮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ -ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﲟﻤﻜﻦ. ﻭﺗﺎﺳﻌﺔ :ﻭﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﳑﻜﻨﺔ ﻟﻨﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺃﹶﻥ ﻧﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ. ﻭﻋﺎﺷﺮﺓ:ﻭﻫﻲ ﺃﹶﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﹶﺃ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﺃﹶﻭ ﲝﻜﻤﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﳒﱪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺒﻴﺪﻧﺎ ﺃﹶﻭ ﻧﺘﺸﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ ﻓﻬﻲ ﳑﻜﻨﺔ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﻣﻠﻚ ﺍﻷَﺻﺪﻗﺎ ِﺀ ﳑﻜﻦ ،ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﻣﻠﻜﻨﺎ ﳑﻜﻦ. ﻭﺣﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﺟﺰﺍﺅﻩ ﳑﻜﻨﺔ ،ﻓﺎﻟﻜﻞ ﳑﻜﻦ. ﻭﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮﺓ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺎﻷَﺟﺰﺍ ُﺀ ﳑﻜﻨﺔ؛ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﳑﻜﻨﺔ ﻭﺗﺄﻟﻴﻔﻪ ﳑﻜﻦ. ﻭﺛﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮﺓ :ﻭﻫﻲ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺎﳉﻨﺲ ﳑﻜﻦ؛ ﻭﻋﻜﺴﻪ ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻨﺲ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺎﻟﻨﻮﻉ ﳑﻜﻦ؛ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺫﺍﺕ ﳎﺎﺩﻳﻒ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻓﻘﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺫﺍﺕ ﳎﺎﺩﻳﻒ ﺛﻼﺛﺔ؛ ﻭﻋﻜﺴﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﻣﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺫﺍﺕ ﺛﻼﺛﺔ ﳎﺎﺩﻳﻒ ،ﺃﹶﻣﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺫﺍﺕ ﳎﺎﺩﻳﻒ ﻛﺜﲑﺓ. ﻭﺧﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮﺓ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﳌﻀﺎﻓﲔ ﳑﻜﻨﺎ ،ﻓﺎﳌﻀﺎﻑ ﺍﻵﺧﺮ ﳑﻜﻦ ،ﻛﻤﺜﻞ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻨﺼﻒ. ﻭﺳﺎﺩﺳﺔ ﻋﺸﺮﺓ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻐﲑ ﺫﻱ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻓﻬﻮ ﻟﺬﻭﻱ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺃﹶﻣﻜﻦ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺮﺓ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ،ﻭﻣﺮﺓ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﻣﺮﺓ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﻣﺮﺓ ﺑﻼ ﺻﻨﺎﻋﺔ .ﻓﻬﺬﻩ ﻣﱴ ﻛﺎﻧﺖ ﳑﻜﻨﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﻛﺎﻥ ﺇﹺﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﹶﺃﺣْﺮﻯ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻷَﻣﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺑﻐﲑ ﺻﻨﺎﻋﺔ. ﻭﺳﺎﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮﺓ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﳑﻜﻨﺎ ﻟ ﻸَﻭﺿﻊ ﻭﺍﻷَﺧﺲ ﻭﺍﻷَﺣﻘﺮ ﻭﺍﻷَﻗﻞ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻓﻬﻮ ﻷَﺿﺪﺍﺩ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺃﹶﻣﻜﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﻘﺮﺍﻁ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰّ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻋﺠﺰ ﻋﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﳉﺎﻫﻞ؛ ﺃﹶﻭ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻘﺒﻴﺢ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺠﺰ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﺃﹶﺩﻛﻪ ﺯﻳُﻨ ْﻦ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻮﻗﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ﻓﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ :ﺃﹶﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﹶﺷﺪ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻓﻬﻮ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﻢ ﻗﻠﻴﻠﺔ؛ ﻭﺃﹶﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ،ﻓﺎﻷَﺟﺰﺍﺀ ﻏﲑ ﳑﻜﻨﺔ. ﻭﹶﺃﻣﱠﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻮﻗﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍ َﻷﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻜﺎﺩ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻉ ،ﺍﺛﻨﺘﲔ ﺑﺎﳉﻬﺔ .ﻓﻤﻨﻬﺎ: ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﹶﻗﻞ ﻬﺗﻴﺄ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﻷَﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻬﺗﻴﺄ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺛﺎﻥ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻘﺪﻣﻪ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻵﺧﺮ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ؛ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻧﺴﻲ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻤﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺣﻨﺚ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺣﻠﻒ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺛﺎﻟﺚ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﻥ ﻗﺪﺭ ﻭﻫﻮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ،ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﺷﻲﺀ
ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻳﻌﻮﻗﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻓﻌﻞ .ﻭﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻭﻏﻀﺐ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ .ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﳍﺬﻳﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺘﺸﻮﻕ ﻟﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻓﻌﻠﻪ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﻷَﻥ ﺍﻟﺘﺸﻮﻕ ﻳﻌﻢ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻭﺍﳍﻮﻯ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﻷَﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﺪﺭﻭﺍ ،ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺣﺪﺍﺙ ﻓﻠﻠﻨﻬﺎﻣﺔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﻓﻠﺸﻬﻮﻬﺗﻢ ﻟﻠﺨﲑ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻛﺎﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺭﺍﺑﻊ :ﻭﻫﻮ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻛﺜﲑﺍﹰ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺧﺎﻣﺲ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻨﻊ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﻞ ﺗﻘﺪﻣﺘﻪ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻮﻧﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻣﺖ ،ﺣَﺪَﺳْﻨَﺎ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﺳﺒﺎﺑﺎ ،ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻣﺎﺕ؛ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎ ُﺀ ﺑﺮﻗﺖ ،ﻓﻘﺪ ﺭﻋﺪﺕ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﺟﺮﺏ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻟﻴﻨﻈﺮ ﻫﻞ ﻳﺘﺄﹶﺗﻰ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﹶﻡ ﻻ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌْﻞ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺳﺎﺩﺱ ﻋﻜﺲ ﻫﺬﺍ ﻭﻫﻮ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﺘﺄﹶﺧﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺸﻲﺀ؛ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎ ُﺀ ﺭﻋﺪﺕ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺮﻗﺖ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﹶﻓ َﻌ ﹶﻞ ﺍﻵﻥ ،ﻓﻘﺪ ﺍﺑﺘﺪﹶﺃ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺒﻞ َﻳ ﹾﻔﻌَﻞ. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺄﹶﺧﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻭﺗﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ .ﻓﻤﺜﻞ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭﻱ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻧﺴﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻢ؛ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻷَﻛﺜﺮﻱ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎ ُﺀ ﺭﻋﺪﺕ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺮﻗﺖ. ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﻮﻗﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻓﻤﻦ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻮﻗﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻭﹶﺃ ﻧﻪ ﻣﺘﻮﻗﻊ ﻛﻮﻧﻪ ،ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺑﺄﹶﻋﻴﺎﻬﻧﺎ .ﻓﺄﹶﻭﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹶﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻣﻘﺪﻭﺭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﺸﺘﻬﻰ ،ﻓﺴﻴﻜﻮﻥ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳌﺸﺘﻬﻰ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺍﶈﺴﻮﺳﺎﺕ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻬﻮﺍﻫﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹸﻣﻮﺭﹰﺍ ﳏﺴﻮﺳﺔ ،ﻛﺎﳌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻣﻘﺪﻭﺭﹰﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﹶﺃ ْﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺪﻭﺭﹰﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﳐﺘﺎﺭﹰﺍ ﺑﻔﻜﺮ ﻭﺭﻭﻳﺔ ،ﻓﻬﻮ ﳑﻜﻦ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟ ﻸَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ،ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭ ،ﻓﻬﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﳍﺎ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﹶﻛﺜﺮﻳﺎ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻱ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﺮﻣﻲ ،ﻭﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻔﺘﺢ ﺍﻷَﺟﻔﺎﻥ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﺇﹺﻥ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﻣﺘﻬﻴﺌﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﻲﺀ ،ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺳﻴﻜﻮﻥ؛ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎ ُﺀ ﻏﺎﻣﺖ ﻓﺴﺘﻤﻄﺮ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺳﺘﻮﺟﺪ؛ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﺳﺎﺱ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺳﻴﻜﻮﻥ. ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻳﻮﻗﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻋﻈﻢ ﻭﺍﻷَﺻﻐﺮ ﻭﺍﻟﻜﺜﲑ ﻭﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻭﺍﻷَﻓﻀﻞ ﻭﺍﻷَﺧﺲ ﻓﻬﻲ ﺑﺄﹶﻋﻴﺎﻬﻧﺎ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﺕ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﻷَﻧﻔﻊ ﻭﺍﻵﺛﺮ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺟُﻌﻠﺖ ﺃﹶﻋﻢ ﻗﻠﻴﻼ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺘﺮﻗﻰ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺇﹺﱃ ﺑﺎﺏ ﺍﳋﲑ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳋﲑ ﺟﻨﺲ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻟﻠﻐﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻣﻦ ﺍﻷَﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ،ﻭﰲ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﺍﳊﺴﻦ ،ﻭﰲ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻤﻮﺍﺿﻊ ﺍﳌﻘﺎﻳﺴﺔ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻋﺎﻣﺔ ﺣﱴ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﱭ ﻓﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﺪﻝ .ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺇﹺﺫﺍ ﻃﻮﺑﻖ ﻬﺑﺎ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻜﹸﻠﻲ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﳛﺪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻭﻳﻮﺻﻒ ﲟﺎ ﳜﺼﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﻏﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﻻ ﰲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﳐﺎﻃﺒﺔ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺇﹺﱃ ﻣﻠﻜ ٍﺔ ﻭﺩﺭﺑﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﺎ ﻳﺘﻔﺎﺿﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﳋﻄﺒﺎ ُﺀ. ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻭﻻ ﳑﻜﻦ ،ﻭﰲ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ ،ﻭﰲ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺼﻐﲑ. ﻭﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﱂ ﻳﺴﺘﻮﻑ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻷُﻭﱃ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ
ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻭﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻠﻒ ،ﺟﻨﺴﺎﻥ :ﻣﺜﺎﻝ ﻭﺿﻤﲑ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﻬﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﲑ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ .ﻭﺳﻨﻘﻮﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ،ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻧﻮﻋﺎﻥ: ﻓﺄﹶﺣﺪﳘﺎ :ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﺄﹸﻣﻮﺭ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻭﺟﺪﺕ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺃﹶﻻ ﻳﻐﺘﺮ ﻓﻴﻤﻴﺰ ﺍﻟﻨﺼﺤﺎﺀ ﻣﻦ ﺣﺮﺳﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻟﻨﺼﺤﺎﺀِ ،ﻭﺇﹺﻻ ﺧﻴﻒ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻘﺘﻠﻮﻩ ،ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺽ ﻟﻠﻤﺘﻮﻛﻞ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ. ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻳﺼﻨﻊ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺻﻨﻌﺔ ﻭﳜﺘﺮﻋﻪ ﺍﺧﺘﺮﺍﻋﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺪﻣﺔ ،ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻃﻮﻳﻼ. ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﳊﻜﺎﻳﺎﺕ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺩﻣﻨﺔ ﻭﻛﻠﻴﻠﺔ ،ﻭﺭﲟﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻛﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺃﹶﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ .ﻭﺍﺳﻢ ﺍﳌﺜﻞ ﻭﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﳌﺨﺘﺮﻋﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ،ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﻮﺟﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺖ ﻧﺎﺳﻴﺎ ،ﻭﻗﻮﳍﻢ :ﺑﻠﻎ ﺍﳌﺎ ُﺀ ﺍﻟﺰﰉ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ، ﻭﻏﲑﻫﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻫﺎ ﰲ ﳐﺎﻃﺒﺘﻬﻢ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ :ﺫﻛﺮﺗﲏ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻭﻛﻨ ُ ﻫﻲ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺃﹶﻭ ﺍﺧﺘﺮﻋﻬﺎ ﺃﹶﻭﻝ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻬﺑﺎ ﻟﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﺜﺎﻻﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﻷُﻣﻮﺭ ﻛﺜﲑﺓ، ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻧﻄﻖ ﻬﺑﺎ ﻓﻘﻂ ﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ﻓﺤﻔﻆ ﺫﻟﻚ ﻭﺟﻌﻞ ﻣﺜﺎﻻ ﰲ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺫﻛﺮﺗﲏ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻭﻛﻨﺖ ﻧﺎﺳﻴﺎ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳊﻜﺎﻳﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﹶﻭﻝ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﺜﻞ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﺜﻞ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻘﻂ ﻗﻮﻝ ﺳﻘﺮﺍﻁ :ﺇﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺴﻠﻂ ﺃﹸﻧﺎﺱ ﺑﺎﻟﻘﺮﻋﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻗﺮﻋﺔﹰ ،ﺃﹶﻱ ﻳﻮﺿﻊ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﺎﻟﻘﺮﻋﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﺧﺘﺮﻋﻪ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺴﻠﻂ ﻧﺎﺱ ﺑﺎﻟﻘﺮﻋﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺑﺎﻟﻘﺮﻋﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻘﺮﻋﺔ ﺗﺼﻴﺐ ﺃﹶﻳﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﳑﻦ ﳛﺴﻦ ﺍﳌﻼﺣﺔ. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺨﺘﺮﻋﺔ ﻗﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻟﻘﻮﻣﻪ ﺣﲔ ﺃﹶﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻴﻤﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺃﹶﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ ﺣﺮﺳﹰﺎ ﻭﺟﻨﺪﺍ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﺘﻐﻠﺐ ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﻟﻴﻘﻬﺮ ﳍﻢ ﻋﺪﻭﻫﻢ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺃﹶﺷﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﺮ ﺃﹶﻋﺪﺍﺋﻬﻢ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻠﺐ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻳﺴﺘﻌﺒﺪﻫﻢ .ﻭﺿﺮﺏ ﳍﻢ ﻣﺜﺎﻻ ﺑﻔﺮﺱ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﱃ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻋﻰ ﻭﺗﻔﺮﺩ ﺑﻪ ،ﻓﺪﺧﻞ ﹸﺃﻳﱠﻞ ،ﻓﺄﹶﻓﺴﺪ ﺍﳌﺮﻋﻰ .ﻓﻠﻤﺎ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺍ ُﻷﻳﱠﻞ ،ﺳﺄﹶﻝ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻫﻞ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ :ﻧﻌﻢ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﻧﺖ ﻗﺒﻠﺖ ﺍﻟﻠﺠﺎﻡ ﻭﲪﻠﺘﲏ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻙ ﻭﰲ ﻳﺪﻱ ﻗﻀﻴﺐ .ﻓﻠﻤﺎ ﺃﹶﺫﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﺭﻛﺒﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺭ -ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﹶﻣﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﻣﻦ ﺍ ُﻷﻳﱠﻞ -ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻣﻠﻜﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺫﻟﹶﻠﻪ ﻭﺳﺨﺮﻩ .ﻗﺎﻝ ﻓﻬﻜﺬﺍ ﻓﺎﻧﻈﺮﻭﺍ ﻓﺈﹺﻧﻜﻢ ﺇﹺﻥ ﻗﺒﻠﺘﻢ ﺍﻟﻠﺠﺎﻡ ،ﺣﻴﺚ ﲡﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻜﻢ ﺍﳌﺘﻐﻠﺐ ﺃﹶﻣﲑﺍ ﻣﺴﺘﺒﺪﺍ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺃﹶﻗﻤﺘﻢ ﻟﻪ ﺍﳊﺮﺱ ﻭﺍﻷَﻋﻮﺍﻥ ،ﻋﺮﺽ ﻟﻜﻢ ﻣﻌﻪ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﻟﻠﻔﺮﺱ ﻣﻊ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ .ﻭﻛﺘﺎﺏ ﺩﻣﻨﺔ ﻭﻛﻠﻴﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ .ﻭﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻳﺴﻤﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷَﺧﺒﺎﺭ ﺍﳌﺨﺘﺮﻋﺔ ﻛﻼﻣﺎ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﻗﺖ ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﺘﻔﻬﻴﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺗﻠﺨﻴﺼﻪ ﺑﺎﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﺧﺬ ﺟﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﻟﻮﺍﺯﻣﻪ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﺧﺬ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﲨﻠﺔ ﻭﺩﻭﻥ ﺗﻔﺼﻴﻞ .ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺳﻬﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ،ﻷَﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﻌﺴﺮ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ، ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﻓﻴﺴﻬﻞ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﱴ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻟﻪ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﻭﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﻭﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻷَﻥ ﺑﺄﹶﺧﺬ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﻳﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻠﻲ .ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﻗﻨﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺘﻮﻗﻌﺎﺕ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ،ﻳﺸﺒﻬﻦ ﺍﳌﺎﺿﻴﺎﺕ .ﻓﺎﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺃﹶﻧﻔﻊ ﰲ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺃﹶﺳﻬﻞ ﻭﰲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳝﻜﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻠﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﻭﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺘﺞ ﻬﺑﺎ ﺭﲟﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻬﻧﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ،ﺃﹶﺷﺪ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﺎ.
ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻛﻢ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻋﺮﻑ ﻣﺎ ﻫﻮ ،ﻋﺮﻑ ﰲ ﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻭﻣﱴ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻭﻓﻴﻤﺎﺫﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻭﻣﺎ ﻣﻨﻔﻌﺘﻪ. ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻫﻮ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻛﻠﻴﺔ ،ﻻ ﺟﺰﺋﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ﻭﺍﺠﻤﻟﺘﻨﺒﺔ ،ﻻ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ؛ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺿﻤﲑ ،ﻭﻣﺒﺪﺃ ﻟﻀﻤﲑ ﺁﺧﺮ ،ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﳍﺎ ،ﻭﻻ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺟﺰﺀ ﺿﻤﲑ ،ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻋﻨﻬﺎ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺻﺮﺡ ﲟﻘﺪﻣﱵ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﳍﺎ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺿﻤﲑﺍ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺻﺮﺡ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻣﺒﺪﺃ ﻟﻀﻤﲑ ،ﻭﺻﺮﺡ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺿﻤﲑﹰﺍ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻻ ﲣﻠﻮ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﺒﺪﺃ ﺿﻤﲑ ﺃﹶﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺿﻤﲑ ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﲨﻊ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﻨﺘﺠﺔ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺟﺰﺀ ﺿﻤﲑ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻣﺒﺪﺃ. ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻗﻴﺎﺱ ﳏﺬﻭﻑ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺃﻳﺎ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻣﻊ ﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻤﲑ ﺍ ،ﻗﻮْﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻋﻨﺪﻱ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ -ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻠﻤﺎ ﻭﺫﺍ ﺻﻴﺖ -ﺇﹺﻥ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺣﻜﻤﺎﺀ ﻓﻀﻞ ﹶﺃ ْﻭ ﺑﻄﺎﻟﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺿﺎﻑ ﺇﹺﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺒﻄﻞ ﳌﻘﺎﺑﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺿﻤﲑﺍﹰ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﹺﻥ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺣﻜﻤﺎﺀ ﻓﻀﻞ ﺃﹶﻭ ﺑﻄﺎﻟﺔ ،ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﳊﺴﺎﺩﻫﻢ ﻭﺣﺴﺎﺩ ﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ﰲ ﺑﻄﺎﻟﺘﻬﻢ ﻣﻮﺿﻊ ﻗﻮﻝ، ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺤﻴﺢ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺤﺴﺎﺩ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻌﻠﻤﻬﻢ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺑﻄﺎﻟﺔ ﺃﹶﻻ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻬﻧﺎ .ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﺎﺕ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺃﻳﺎ. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻣﺒﺪﺃ ﺿﻤﲑ ﻭﺣﺬﻓﺖ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺃﻳﺎ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺻﺮﺡ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻤﲑﺍﹰ ،ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺷﻜﻰ ﻭﻟﺪﻩ ﻓﻘﺎﻝ :ﺇﹺﱐ ﻟﺴﺖ ﺃﹶﺭﻯ ﰲ ﺃﹶﻭﻻﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺧﲑﺍ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺭﺃﹶﻯ ﺃﹶﺧﱪ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺮﺍﻩ، ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻭﻟﺪﻩ ﻣﻦ ﺃﹶﻭﻟﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﹶﺃﻭﻻﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺧﲑ ،ﻓﻮﻟﺪﻩ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺧﲑ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺣﺬﻓﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻛﺎﻥ ﺭﺃﻳﺎ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺻﺮﺣﺖ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻛﺎﻥ ﺿﻤﲑﺍ. ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﻓﺄﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ :ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷَﻭﻝ :ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺑﺮﻫﺎﻥ :ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻠﻮﺡ ﻟﻠﺴﺎﻣﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻄﻖ ﺫﻭ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﻨﻴﻌﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﻻ ﻣﺸﻜﻮﻛﺎ ﻓﻴﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﱴ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﻘﻨﻌﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺭﺃﻱ ﻳﻠﻮﺡ ﻗﻴﺎﺳﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺃﹶﻭ ﻟ ﻸَﻛﺜﺮ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺭﺃﻱ ﻳﻠﻮﺡ ﻗﻴﺎﺳﻪ ﻟﻠﻌﻘﻼ ِﺀ ﻭﺍﻷَﻟﺒﺎ ِﺀ. ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﻣﻦ ﺍﻵﺭﺍ ِﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﺩﻑ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﻳﺸﺪ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺷﻨﻴﻌﺎ ﺃﹶﻭ ﻣﺸﻜﻮﻛﺎ ﻓﻴﻪ ﺧﻔﻴﺎ ﻏﲑ ﻇﺎﻫﺮ .ﻭﻫﺬﺍ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ :ﺃﹶﻥ ﻳﺮﺩﻑ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺠﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺑﻴﻨﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻏﲑ ﺑﻴﻨﺔ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃﹶﻥ ﻳﺮﺩﻑ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺟﺰﺀَﺍ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﻨﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﺑﻴﻨﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻏﲑ ﺑﻴﻨﺔ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺰﺀ ﻗﻴﺎﺱ ﻭﻻ ﻣﺮﺩﻓﺎ ﺑﻘﻴﺎﺱ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﳊﺠﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺧﲑ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺭﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺪﻥ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﻼ ِﺀ ﻭﻇﺎﻫﺮ ﺍﳊﺠﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻈﻬﺮ ﱄ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳏﺒﺎ َﻣ ْﻦ ﱂ ﳛﺐ ﺩﺍﺋﻤﺎ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺟﺰﺀ ﺿﻤﲑ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﺼﻔ ٍﺔ ﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ
ﻳﻬﻢ ﺑﻪ ﻭﻳﺮﺍﻩ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺪ ﺑﺎﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﻟﻪ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻻ ﳚﻌﻞ ﻏﻀﺒﻪ ﻏﲑ ﻣﻴﺖ ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻣﻴﺘﺎ. ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺒﺎﻥ ﳑﺎ ﻗﻴﻞ ﻛﻢ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﰲ ﺃﹶﻱ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻧﻮﻉ ﻧﻮﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﻊ ﻣَﻦ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺿﻤﲑ :ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﺍﳋﻮﺍﺹ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺿﻤﲑ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺭﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﺇﹺﱃ ﺿﻤﲑ ﻣﻨﺘﺞ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ .ﻭﺍﻵﺭﺍ ُﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻨﻴﻌﺔ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻛﻼﻡ ﻳﺰﻳﻞ ﺷُﻨﻌﺘﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻧﺎ ﻓﺈﹺﱐ -ﻟﻜﻲ ﻻ ﺃﹸﺣﺴﺪ ﺃﹶﻭ ﺃﹸﺩﻋﻰ ﺑﻄﺎﻻ ،ﺃﹶﺭﻯ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﺗﺄﹶﺩﺏ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻵﺭﺍ ُﺀ ﺧﻔﻴﺔ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻮﺿﺤﻬﺎ ﻭﻳﺒﻴﻨﻬﺎ،ﻭﺍﻵﺭﺍ ُﺀ ﻳﻠﺤﻘﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻣﻮﺯﺍ ﻭﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﺎﻩ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﻞ ﺍﳉﺎﺭﻱ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺷﺘﺎﻣﲔ ﻷَﻥ ﻻ ﺗﻜﺜﺮ ﺍﳋﻄﺎﻃﻴﻒ ﰲ ﺍﻷَﺭﺽ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﳋﻄﺎﻃﻴﻒ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻭﻳﻘﻌﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﺭﺽ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﲔ ،ﻓﻜﺄﹶﻧﻪ ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﺸﺘﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻷَﻥ ﻻ ﻳﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﺴﺎﻛﺘﻮﻥ ﻋﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﺼﲑﻭﻥ ﺷﺘﺎﻣﲔ ﻳﻄﲑﻭﻥ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻭﻳﺼﻴﺤﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﳋﻄﺎﻃﻴﻒ. ﻭﺻﻨﻌﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺮﺃﱙ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺮﺍﺋﻲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻨﺪﻱ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺭﺍﻩ ،ﹶﺃﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺣﺴﺐ ،ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﻣﻦ ﺍﻷَﺳﻨﺎﻥ ﺑﺎﻟﺸﻴﻮﺥ ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺮﺑﻮﺍ ﻭﺧﱪﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺣﺎﻟﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺴﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺻﻨﻌﺔ ﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﺠﻤﻟﺮﺑﲔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺗﻜﻠﻒ ﺍﳌﺮﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ،ﻓﻴﻤﺎ ﱂ ﳚﺮﺏ ﺟﻬﻞ ﻭﺳﻮ ُﺀ ﺃﹶﺩﺏ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺍﻵﺭﺍ ِﺀ ﻛﻠﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﲔ ﳐﺘﻠﻄﺔ ﺃﹶﻭﻫﺎﻣﻬﻢ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﺒﺬﻟﻮﻥ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺳﺮﻳﻌﺎ ،ﻭﺍﳌﺨﺘﻠﻄﺔ ﺃﹶﻭﻫﺎﻣﻬﻢ ﻳﺒﺬﻟﻮﻥ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺳﺮﻳﻌﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ،ﻭﻣﻘﺪﻣﺎﻬﺗﺎ ﻛﻠﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﳌﺸﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻛﻠﻴﺎ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﹶﺃﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﻪ ﺃﹶﻛﺜﺮﻳﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﳝﻜﻨﻪ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﻷَﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺃﹶﺧﺬﻩ ﻣﻬﻤﻼ ،ﻭﺃﹶﻭﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﻜﺮﺍﻩ .ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻠﺰﻡ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻓﺘﻮﻫﻢ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻛﻠﻴﺔ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻵﺭﺍ ِﺀ ﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞَ :ﻭِﻟ َﻲ ﺣﺎﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﱃ ﻗﺎﺭﻫﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻟﺬﻱ ﻋﻴﻨﲔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﻫﻲ ﰲ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ﺁﺭﺍﺀ ،ﻭﻫﻲ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺷﻬﺎﺩﺍﺕ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﺓ ﻟﻠﻜﻞ ﻭﺍﳌﻼﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺬ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﳌﻬﺎ ﻭﺗﺆﺫﻳﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻌﻈﻤﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺨﺴﺴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ :ﺍﻋﺮﻑ ﻗﺪﺭﻙ ،ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺦ ،ﻭﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ .ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ: ﻟﻴﺲ ﻳﺴﻮ ُﺀ ﻣﻨﻚ ﺷﻲﺀ ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﺧﻠﻘﻚ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ.ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻭﻗﻊ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﳌﻦ ﺃﹶﻏﻀﺐ ﺑﺄﹶﻥ ﻧﻘﻞ ﻋﻨﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ :ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻛﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻋﻠﻤﻲ .ﻓﺈﹺﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﺰﻳﻞ ﻏﻀﺒﻪ .ﻭﻫﻮ ﺃﹶﳒﺢ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ. ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻠﻘﻲ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﳒﻊ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻢ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻘﻴﺎﺕ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻴﻖ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳛﺐ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺒﻐﺾ ،ﻳﻌﲏ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﺐ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ،ﺑﻞ ﺑﺎﳊﺮﻱ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻐﺾ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﳛﺐ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﳜﺎﻃﺐ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﲝﺴﺐ ﳘﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﻣﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﻬﺑﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﳒﻊ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﺼﲑ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻔﻌﻞ .ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻯ ﺷﻴﺨﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻞ ﺻﱯ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻪ :ﻫﺬﺍ ﻏﲑ ﻻﺋﻖ ﺑﺎﳌﺸﺎﻳﺦ ،ﺑﻞ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﻬﺑﻢ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﳘﺔ ﺫﻙ ﺍﳋﻠﻖ ﲢﺮﻙ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﳜﺎﻃﺒﻪ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻠﻘﻲ ﳑﻦ ﻓﻴﻪ ﳘﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﻠﻖ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﺩﻑ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﻘﻨﻊ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳏﺒﺘﻪ
ﻳﺴﲑﺓ ﺑﻘﺪﺭ ﺑﻐﻀﺘﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﻮﻡ ،ﺑﻞ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﺋﻢ ﺍﶈﺒﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﻠﻐﺪﺍﺭ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻜﺎﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻗﺪ ﲨﻊ ﲢﺴﲔ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻪ ﻭﺗﻘﺒﻴﺢ ﺿﺪﻩ ﻣﻊ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﻘﻨﻊ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﺃﹶﻭ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻫﻜﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻨﺪﻱ ﲝﺴﻦ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﳛﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻳﺴﲑﺍ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺒﻐﺾ ،ﻷَﻧﻪ ﳛﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﶈﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳏﺒﺘﻪ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻐﺾ ﺍﻟﺸﺮ ﺑﻐﻀﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ ﲨﻊ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ :ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺃﻳﺎ ﻭﺿﻤﲑﺍ ﻭﺧﻠﻘﻴﺎ .ﺃﹶﻣﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﺭﺃﻳﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻨﺪﻱ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﻠﻘﻴﺎ ﻓﻸَﻧﻪ ﳛﺮﻙ ﺇﹺﱃ ﺧﻠﻖ ﺍﶈﺒﺔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻴﻪ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻀﺪَ ،ﻷ ﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻐﺾ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭ ﺑﻐﻀﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳛﺐ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺣﺒﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ .ﻭﺃﹶﳒﺢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻠﻘﻲ ﺇﹺﺫﺍ ﲨﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺎﻓﻊ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻌﺎﺭﻓﻬﻢ ﻭﻇﻨﻮﻬﻧﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳝﻜﻨﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﳛﺪﺩﻭﺍ ﰲ ﺃﹶﺫﻫﺎﻬﻧﻢ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻬﻧﺎ ﻣﻊ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ،ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺧﻮﻃﺒﻮﺍ ﺑﺎﻟﻜﻠﻲ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﺩﺭﻛﻮﻫﺎ ﻓﺮﺣﻮﺍ ﲟﺎ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﻭﺍ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ .ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﳏﺒﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻠﻔﻮﺍﺋﺪ .ﻓﻬﺬﺍ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﺎ ﳛﺮ ﻙ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺮﺃﻳﻲ. ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ﺃﹸﺧﺮﻯ ﹶﺃﻳﻀﺎ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻛﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻳﺆﺛﺮﻫﺎ ﻭﻳﻬﻮﺍﻫﺎ ﻭﺃﹸﻣﻮﺭ ﻻ ﻳﻬﻮﺍﻫﺎ ،ﻓﻤﱴ ﺧﻮﻃﺐ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻬﻮﺍﻩ ﺑﺎﻟﻜﻠﻲ ،ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﻬﻮﺍﻩ ،ﺳﺎﺭﻉ ﺇﹺﱃ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻓﻴﺘﻢ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ؛ ﻭﻟﻮ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﻪ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﱂ ﻳﻘﺒﻠﻪ ﻭﱂ ﻳﻘﻊ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻗﻨﺎﻉ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺟﲑﺍﻥ ﺳﻮﺀ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻭﻻﺩ ﻓﺴﺎﻕ ﻓﻘﺪ ﻳﻘﺒﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺃﹶﺷﺮ ﻣﻦ ﺍﳉﲑﺍﻥ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻷَﻭﻻﺩ. ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﻌﻪ ﻣﺎ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺣﺬﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﺘﺒﺖ ﻟﻪ ﻟﻈﻬﻮﺭﻩ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﳑﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﺗﻰ ﺑﻪ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﺠﻌﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﻘﻴﺎﺳﻪ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﻭﻳﻨﻘﺎﺩ ﻟﻪ. ﻭﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﻌﻪ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺧﻮﻃﺐ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﺭﲟﺎ ﺗﻠﻘﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﺩ ،ﻭﻳﺮﻯ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺒﻴﺢ ﺃﹶﻥ ﻳﺬﻋﻦ ﻟﻘﻮﻝ ﻏﲑﻩ ،ﻭﳌﺎ ﻃﺒﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺍﻟﻠﺠﺎﺝ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺧﻮﻃﺐ ﰲ ﻛﻠﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻣﻜﻦ ﺃﹶﻻ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻘﺒﻠﻪ ﺇﹺﺫ ﳜﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ. ﻭﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﹶﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺃﹶﻓﻀﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺧﻠﻘﻴﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺧﻠﻘﻴﺎ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ، ﻷَﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻗﻀﻴﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﰲ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﺗﺆﺛﺮ ﺃﹶﻭ ﲡﺘﻨﺐ. ﻭﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺠﻨﺒﻬﺎ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ .ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻠﻘﻴﺎ ﻟﻮ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﺩﻭﻥ ﻣﺎﺩﺗﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺩﻭﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ﻭﺍﺠﻤﻟﺘﻨﺒﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻘﻮﺩ ﺍﳌﺮﺀ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﺘ ﺨﻠﻖ ﲞﻠﻖ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﲞﻠﻖ ﻣﻦ ﻳﺆﺛﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻷُﻣﻮﺭ، ﻭﻫﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ،ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻛﻦ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﺍﳌﺸﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ،ﻳﻌﲏ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻛﻦ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﺍﻹِﺭﺍﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﳛﺐ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﹶﻭ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻌﺮﻑ ﻬﺑﺎ ﻭﻳﺸﻬﺮ. ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﻛﻢ ﺃﹶﻧﻮﺍﻋﻪ ﻭﺇﹺﻬﻧﺎ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ ﻭﻣِﻦ ﺃﹶﻱ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺃﻳﻲ ﻭﻣﺎ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺇﹺﱃ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﻭﺇﹺﻧﻪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﻠﻴﺎ ﻭﺑﺎﻷَﻛﺜﺮ ﻭﺇﹺﻧﻪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺃﹶﻣﺜﺎﻻ ﻭﻗﻴﻞ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﻣﻨﺎﻓﻌﻪ ﻭﰲ َﻣ ْﻦ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ. ﻭ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﰲ ﻣﻮﺍﺩ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ،ﻭﺑﺄﹶﻱ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ،ﰒ ﻳﻘﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﻗﻴﺎﺱ ﻣﺎ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻭﺑُﲔ ﺃﹶﻱ ﳓﻮ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ.
ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﺟﺪﺍ ﲞﻼﻑ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﺷﻬﺮ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻓﻀﻞ ،ﻭﻻ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻷٌﻣﻮﺭ ﺍﳋﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺑﻴﺎﻥ ،ﺑﻞ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻮﺳﻄﺎﺕ ﺑﲔ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﻳﻘﻊ ﻟﻪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻬﺑﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺗﻠﻚ ﻟﺸﻬﺮﻬﺗﺎ ﻓﻜﺄﹶﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻬﺑﺎ ﱂ ﻳﻔ ْﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺗﺒﻌﺪ ﺃﹶﺫﻫﺎﻥ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻋﻦ ﻗﺒﻮﳍﺎ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺃﹶﺩﺏ ﳍﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﻭﻳﺴﺮﻋﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﺄﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻷَﻬﻧﻢ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻘﻠﺔ ﺣﻨﻜﺘﻬﻢ ﻭﻳﻈﻨﻮﻥ ﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﺑﻴﱠﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ. ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺬﻣﻮﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻏﲑ ﺫﻭﻱ ﺍﳊﻨﻜﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺑﻴﺎﻥ ﻳﺴﲑ .ﻓﺬﻭﻭ ﺍﳊﻨﻜﺔ ﻳﺴﻜﺘﻮﻥ ﻋﻦ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭﻻ ﻳﺒﺎﺩﺭﻭﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻨﻊ ﺍﻷَﺣﺪﺍﺙ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻭﻳﺮﻭﻧﻪ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﳏﺼﻠﺔ ﺇﹺﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟﲔ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺭﺗﻀﻮﻫﻢ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺑﻴﻨﺔ ﻟﻜﻞ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟﲔ ﺃﹶﻭ ﻷَﻛﺜﺮﻫﻢ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﻞ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﺃﹶﻭ ﻷَﻛﺜﺮﻫﻢ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻟﻴﺲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ؛ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﳍﺎ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﰲ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻟﻴﺴﺖ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﻘﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ،ﻳﻌﲏ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﹶﺣﺎﻁ ﻋﻠﻤﺎ ﲜﻨﺲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﱂ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﻓﻴﻪ .ﻭﻛﻴﻒ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﹶﻥ ﻧﺸﲑ ﻋﻠﻰ ﺃﹸﻧﺎﺱ ﺑﺎﶈﺎﺭﺑﺔ ﻭﳓﻦ ﻻ ﻧﻌﺮﻑ ﺟﻨﺪﻫﻢ ﻣﺎ ﻫﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﺧﻴﻼ ﻫﻢ ﺃﹶﻡ َﺭﺟﱠﺎﻟﺔ ﺃﹶﻡ ﺃﹶﺻﺤﺎﺏ ﻗﺴﻲ ﺃﹶﻡ ﺭﻣﺎﺡ ﺃﹶﻡ ﺳﻴﻮﻑ ،ﻭﻻ ﻛﻢ ﻣﺒﻠﻎ ﻋﺪﺩﻫﻢ ،ﻭﻻ َﻣ ْﻦ ﺇﹺﺧﻮﺍﻬﻧﻢ ،ﻭﻻ َﻣ ْﻦ ﺃﹶﻋﺪﺍﺅﻫﻢ ،ﻭﻻ ﺃﹶﻳﺔ ﺣﺮﻭﺏ ﺣﺎﺭﺑﻮﺍ ﻭﻻ َﻣ ْﻦ ﺣﺎﺭﺑﻮﺍ ﻭﻛﻴﻒ ﺣﺎﺭﺑﻮﺍ ،ﻓﻨﻌﻠﻢ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺟﺮﺃﹶﻬﺗﻢ ﻭﺻﺪﻗﻬﻢ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ .ﺃﹶﻭ ﻛﻴﻒ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﳕﺪﺡ ﻗﻮﻣﹰﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﳍﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻜﺮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻷَﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﻤﺪﻭﺡ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻪ ﳑﺎ ﻫﻲ ﺣﺴﻨﺔ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﲨﻴﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﲨﻴﻠﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﱴ ﺃﹶﺧﱪﻧﺎ ﻋﻦ ﻏﲑﻧﺎ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﲑ ﺃﹶﻭ ﳝﺪﺡ ﺃﹶﻭ ﻳﺬﻡ ﺃﹶﻭ ﻳﺸﻜﻮ ﺃﹶﻭ ﳚﻴﺐ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﳔﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻓﻌﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺑﺄﹶﻋﻴﺎﻬﻧﺎ ﺍﻟﱵ ﻛﻨﺎ ﳓﻦ ﻧﻔﻌﻠﻬﺎ ﻟﻮ ﺗﻮﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺻﻒ ﻬﺑﺎ ﺑﺎﳊﺴﻦ ﻭﺍﻟﻘﺒﺢ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻮﺻﻒ ﻬﺑﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻭﺍﻟﻀﺮ ﰲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﺃﹶﻭ ﺑﺎﳉﻮﺭ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ .ﻭﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻠﺸﻲﺀِ ،ﻧﺼﻒ ﻏﲑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﳉﻮﺩﺓ ﻭﺍﻟﺮﺩﺍﺀﺓ ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺬﻡ ﻭﲤﺪﺡ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ: ﺇﹺﳕﺎ ﻧﺼﻒ ﺫﻭﻱ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﺑﺎﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺫﻭﻭ ﺧﲑ ﺃﹶﻭ ﺷﺮ ﻻ ﺑﺄﹶﻱ ﺷﻲﺀ ﺍﺗﻔﻖ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻳﻘﻨﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﻘﻮﻝ ﻗﻴﺎﺳﻲ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻲ ﺿﻌﻴﻔﺎ ﺃﹶﻭ ﻗﻮﻳﺎ. ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻳﻔﻀﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻪ ﺃﹶﻋﺮﻑ ،ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻭﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﺇﹺﺛﺒﺎﺗﻪ .ﻓﻬﻮ ﺑﲔ ﺃﹶﻥ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﺃﹶﻱ ﺷﻲﺀ ﺍﺗﻔﻖ ،ﻭﻻ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﺎﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ ﻭﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﺖ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻮﺍﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﳌﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺻﻨﻔﻲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ،ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ .ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻫﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ،ﺃﹶﻱ ﺻﺎﺩﻗﺔ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﺧﺺ
ﺑﺎﻟﺸﻲﺀِ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻗﻨﻊ ﳑﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭﺃﹶﻗﻞ ﺻﺪﻗﺎ .ﻭﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﻣﺎﺩﺡ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺣﻜﻴﻤﺎ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻢ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻭﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻤﺎ ِﺀ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺼﻪ ﻓﻤﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻤﻞ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﲤﻤﻬﺎ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺷﺮﻭﻁ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ. ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺴﺘﻨﺒﻂ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ .ﻭﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﺳﻄﻘﺴﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﺼﺎﺩﻑ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺻﻨﺎﻋﻲ ﲟﻌﺮﻓﺔ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ،ﻭﻫﻲ ﺃﹶﻭﻝ ﺷﻲﺀ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﺻﻔﺎﺕ ﻟﻠﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﳍﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﻳُﺘﻄﱠﺮﻕ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻒ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻫﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﺃﹶﺧﺺ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ .ﻭﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ ﺑﺎﻧﻘﺴﺎﻡ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ .ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﻣﺜﺒﺖ ﻭﻣﻮﺑﺦ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ .ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﺜﺒﺖ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﻌﺘﺮﻑ ﻬﺑﺎ .ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﳌﻮﺑﺦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺞ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﺠﻤﻟﺤﻮﺩﺓ ﺍﳌﺴﺘﻨﻜﺮﺍﺕ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﻛﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺎﻓﻊ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﺃﹶﻭﻝ ﻣﻦ ﺑﺎﺩﺭ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳌﺸﲑ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﳌﺸﲑ ﺷﻴﺌﺎ ﺗﺮ ﹸﻛ ُﻪ ﻣﺴﺘﻨﻜﺮ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻭﻓﻴﻨﺎ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﲝﺴﺐ ﻫﺬ ﻳﻦ ﺍﻟﻨﻮﻋﲔ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﺘﻴﺪﺓ ،ﻛﻨﺎ ﻗﺮﻳﺒﲔ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﲢﺼﻞ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺣﺪ ﺷﺮﻭﻃﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻃﺎﺋﻔﺔ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻟﻀﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ،ﻭﰲ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻭﰲ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳉﻮﺭ ،ﻭﰲ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ،ﻭﰲ ﺍﳋﻠﻘﻴﺎﺕ .ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺜﺒﺖ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻮﺑﺦ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﺬﻛﺮ ﺻﻨﻔﺎ ﺻﻨﻔﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺗﻪ ،ﰒ ﻧﺼﲑ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﻭﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺎﺕ ﻭ ِﻣ ْﻦ ﺃﹶﻳﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﺄﹶﺣﺪ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﺍﳌﺄﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻷَﺿﺪﺍﺩ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻫﻞ ﺿﺪ ﺍﶈﻤﻮﻝ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻀﺪ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻭﺟﺪ ،ﺣﻜﻤﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﶈﻤﻮﻝ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻪ .ﻭﺇﹺﻥ ﺃﹶﻟﻔﻴﻨﺎﻩ ﻣﺴﻠﻮﺑﺎ ﻋﻨﻪ ،ﺣﻜﻤﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﶈﻤﻮﻝ ﻣﺴﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻓﺎﻟﺸﺮﻩ ﺿﺎﺭ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳊﺮﺏ ﻫﻲ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ،ﻓﺎﻟﺴﻠﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﻠﺢ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﺪﻓﻌﻪ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺎﺭﻳﻒ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﺕ ﰲ ﻃﻮﺑﻴﻘﻰ؛ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﺋﺮ ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﺭﻳﻒ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﹶﺃﻭ ﻳﺴﻠﺐ ﻭﺍﺣﺪﺍ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﺧﲑﺍ ،ﻓﺎﻟﻌﻔﻴﻒ ﺧﻴّﺮ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺛﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﳌﻀﺎﻑ :ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺣﺴﻨﺎ ﻭﻋﺪﻻ ،ﻓﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺣﺴﻦ ﻭﻋﺪﻝ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﺣﺴﻨﺎ ،ﻓﺎﻻﺑﺘﻴﺎﻉ ﺣﺴﻦ .ﻭﻗﺪ ﻳﻐﻠﻂ ﰲ ﻫﺬﺍ ﻭﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪﻝ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﳌﻨﻔﻌﻞ ﻓﺒﻌﺪﻝ ﺍﻧﻔﻌﻞ ﺍﳌﻨﻔﻌﻞ ،ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ .ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎ ٍﻥ ﻣﺎ ﺑﺎﳌﻮﺕ ﻷَﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﺯﻳﺪﺍ ﻓﺠﻌﻞ ﻷَﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺘﻠﻮﻩ ،ﻓﻴﺠﻲ ُﺀ ﺁﺧﺮ ﻓﻴﻘﺘﻠﻪ ﳑﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺑﻮﱄ ،ﰒ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻞ ﺑﻪ ﻋﺪﻻ ،ﻓﻘﺘﻠﻲ ﻟﻪ ﻋﺪﻝ .ﻭﻫﻮ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻝ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﹶﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﻴﺌﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹶﺧﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﻫﻞ ﺃﹶﺧﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﲔ، ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﰲ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﻀﺎﻓﲔ ﻳﻠﺤﻘﻬﻤﺎ ﺷﻲﺀٌ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺧﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﻀﺎﻓﲔ ﻳﻠﺤﻘﻬﻤﺎ ﺷﻲﺀٌ ﳐﺘﻠﻒ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺧﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﲔ .ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻮﺿﻊ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺭﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﻞ ﻭﺍﻷَﻛﺜﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﺮﺏ ﺃﹶﺑﻮﻳﻪ ﻳﻀﺮﺏ ﺃﹶﻗﺎﺭﺑﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﺍ
ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ،ﻓﺎﻷَﻛﺜﺮ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺿﺮﻭﺭﺓ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺿﺮﺏ ﺍﻷَﺑﻮﻳﻦ ﺃﹶﻗﻞ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻣﻦ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﻓﻌﻜﺲ ﻫﺬﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻓﺎﻷَﻗﻞ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ،ﻓﺄﹶﺣﺮﻯ ﺃﻻ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻵﺑﺎﺀ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﻹِﺛﺒﺎﺕ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﻞ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍ َﻷﻛﺜﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﻗﻞ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﳋﻄﺎﺑﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻮﺟﺪ ﻗﻮﻝ ﻳﺸﻤﻠﻬﺎ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﺒﻜﻴﺖ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﲟﺎ ﻗﺪ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﹶﻭ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻓﺎﻋﻞ ﺃﹶﻭ ﺑﺄﹶﻣﺮ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻭﻻ ﻫﻮ ﻓﺎﻋﻠﻪ .ﻓﻤﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻠﻒ ﻣﻦ ﺳﺄﹶﻟﻚ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﺴﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺴﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺄﹶﻝ ﻏﲑﻙ ﺃﹶﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻟﻴﻈﻦ ﺑﻚ ﺃﹶﻧﻚ ﳑﻦ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻴﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻴﺐ ﺑﻪ ﻏﲑﻙ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻟﻚ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻪ ﻏﲑﻩ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺘﺠﻨﺒﻪ .ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﻨﺒﻪ ﻳﻌﻴﺐ ﺑﻪ ﻏﲑﻩ ﻓﻴﻈﻦ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻌﻜﺲ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻭﺟﺒﺖ ﻟﻐﲑﻙ ﺧﲑﺍ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻓﻴﻚ ﻟﻴﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﻴﻚ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ :ﺍﳌﺘﺠﲏ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺟﻨﺎﻳﺔ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺗﺘﺒﻊ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺣﱴ ﻳﺼﲑ ﺣﺠﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻧﻘﺼﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻂ ﺣﱴ ﻳﺼﲑ ﺣﺠﺔ .ﻭﳑﺎ ﻳﻮﺑﺦ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﺍﳌﺸﻜﻮ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹸﺳﻮﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ﰲ ﺍﻟﺸﺮ ﻻ ﳚﻌﻞ ﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﻮﺿﻊ ﺷﻜﺎﻳﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﺄﹶﺳﻲ ﰲ ﺍﳋﲑ ﻳﻮﺟﺐ ﻣﺪﺡ ﺑﻌﺾ ﺑﻌﻀﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺄﹶﺳﻲ ﰲ ﺍﻟﺸﺮ ﻳﺰﻳﻞ ﺫﻡ ﺑﻌﺾ ﺑﻌﻀﺎ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺃﹶﻣﺮ ﺍﺯﺩﺷﲑ ﺑﻦ ﺑﺎﺑﻚ ﺍﳌﻠﻚ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﻨﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﻮﺳﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻠﻬﻢ ﻭﻳﺮﻳﺢ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻭﻫﻮ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﻣﻌﲎ ﺍﳊﺪ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﺃﹶﻧﻪ ﺣﺪ ،ﺃﹶﻭ ﻣﻈﻨﻮﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﺣﺪ ،ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺣﺪﺍ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﹶﻭ ﺭﲰﺎ ﺃﹶﻭ ﺇﹺﺑﺪﺍﻝ ﺍﺳﻢ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﺳﻢ ﺃﹶﻭ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﲜﻨﺴﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ .ﻭﺃﹶﺧﺬ ﻣﺜﺎﻻﺕ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺃﹶﻣﺮ ﻗﺮﻳﺐ .ﻭﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺫﻛﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻣﺜﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻘﻮﻡ ﻣﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻪ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﺴﻢ ﺍﶈﻤﻮﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺧﺬ ﳎﻤﻼ ﻗﺪ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ، ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺃﹶﻧﻪ ﲝﺎﻝ ﻣﺎ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻗﺴﻢ ﻇﻬﺮ ﺃﹶﻧﻪ ﲞﻼﻑ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ .ﻛﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ َﻣ ْﻦ ﻇﻠﻢ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻈﻠﻢ ﻹِﺣﺪﻯ ﺛﻼﺙ: ﺇﹺﻣﺎ ﻟﺴﺒﺐ ﻛﺬﺍ ﺃﹶﻭ ﻛﺬﺍ ﺃﹶﻭ ﻛﺬﺍ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻹِﺛﻨﺎﻥ ﻓﻼ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻧﺎ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻠﻴﺲ ﺗﺰﻋﻤﻪ ﺃﹶﻧﺖ. ﻭﻣﻮﻗﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻒ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﻤﻪ ﺃﹶﻣﺮ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻓﻴﺸﻜﺮﻩ ﰲ ﺍﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﻣﻊ ﻭﻟﺪﻩ ﻭﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﻼﻥ ﻣﻊ ﻓﻼﻥ ،ﻭﻓﻼﻥ ﻣﻊ ﻓﻼﻥ. ﻭﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻬﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺁﺧﺮ ﺃﹶﻣﺮ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﹶﻭ ﳛﺚ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻭﻓﻼﻧﺎ ﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﳑﺎ ﳜﺎﻟﻒ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﻀﺮﻩ ﺫﻟﻚ ﺑﻞ ﳕﺖ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﺯﺍﺩ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻭﻓﻼﻧﺎ ﲤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺪﻭﺍﻡ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﻭﺍﺗﺼﺎﻝ ﻣﻠﻜﻪ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﳛﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﲝﻜﻢ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﻜﻢ ﺑﻪ َﻣ ْﻦ ﺳﻠﻒ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺷﺒﻴﻬﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺿﺪﻩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺿﺪ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺿﺪﻩ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻟﻜﻞ ﻭﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻌﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻛﺜﺮﻫﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﺩﺍﺋﻤﺎ ،ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﳛﻜﻢ ﺑﻪ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺃﹶﻭ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﺇﹺﻣﺎ ﺟﻠﻬﻢ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﻜﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﳛﻜﻤﻮﻥ ﺑﺎﳌﺘﻀﺎﺩﺍﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﻀﺪ ﺍﳊﻖ ﺃﹶﻭ ﺑﻀﺪ ﺍﳋﲑ ﺃﹶﻭ ﺑﻀﺪ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﻻ ﳛﻜﻤﻮﻥ ﺑﺎﳌﺘﻀﺎﺩﺍﺕ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﻀﺪ ﺍﳊﻖ ﺃﹶﻭ ﺑﻀﺪ ﺍﳋﲑ ﺃﹶﻭ ﺑﻀﺪ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺃﹶﻭ ﺑﻀﺪ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻛﺎﻹِﻟﻪ ﻭﺍﻷَﺑﻮﻳﻦ ﻭﺍﳌﻌﻠﻢ .ﻭﺍﳊﻜﻢ ﻣﻦ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ
ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﳌﻮﺕ ﺷﺮ ،ﻫﻜﺬﺍ ﺣﻜﻢ ﺍﷲ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲟﺎﺋﺖ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﺑﻮﻳﻦ ﻭﺍﳌﻌﻠﻢ ﻓﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺣﺘﺞ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺄﹶﻓﻌﺎﳍﻤﺎ ﻭﺃﹶﻗﻮﺍﳍﻤﺎ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﶈﻤﻮﻝ ﻭﻫﻮ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻟﻠﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﺜﻼﺙ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﰲ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ :ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻼﻥ ﳎﺮﺣﺎ ﻭﺃﹶﻱ ﲬﺮ ﺷﺮﻬﺑﺎ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻱ ﺯﱏ ﺃﹶﺗﺎﻩ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻱ ﻧﻔﺲ ﻗﺘﻠﻬﺎ ،ﻭﺃﹶﻱ ﻣﺎﻝ ﺃﹶﻛﻠﻪ ،ﻭﺃﹶﻱ ﺻﻼﺓ ﺗﺮﻛﻬﺎ ،ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ. ﻭﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻹِﺛﺒﺎﺕ :ﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻼﻥ ﻋﺪﻻ ﻭﺃﹶﻱ ﺻﻼﺓ ﻓﻮﻬﺗﺎ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻱ ﺯﻛﺎﺓ ﱂ ﻳﺆﺩﻫﺎ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻱ ﻣﻨﻜﺮ ﻋﺮﻑ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺗﺎﻩ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﰲ ﻃﻮﺑﻴﻘﻰ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺟﺰﺀﹰﺍ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻼﺯﻡ :ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺧﲑ ﻭﺷﺮ ﻭﻳﻠﺰﻣﻪ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻮﺍﺯﻡ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﺘﻌﻠﻢ ﺍﻷَﺩﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳏﺴﻮﺩﺍﹰ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻴﻤﺎ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺮ ِﺀ ﺃﹶﻻ ﻳﺘﺄﹶﺩﺏ ﻟﻜﻲ ﻻ ﳛﺴﺪ ،ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺄﹶﺩﺏ ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻴﻤﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳊﺚ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﻳﻦ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻴﲑ.ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳌﻤﻜﻨﺎﺕ ﻭﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀِ ،ﻭﻫﻮ ﻟﺬﻳﺬ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﻳﻦ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻵﺧﺮ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻠﺤﻖ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺪﻳﻦ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﺘﻘﺎﺑﻼﻥ ﺍﺛﻨﺎﻥ ،ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻌﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﺤﻖ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﻟﻀﺪﻳﻦ ﻓﻘﻂ .ﻓﺎﻷَﻭﻝ ﻫﻮ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻡ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﺄﹶﺩﺏ ﻭﻋﺪﻣﻪ ﻳﻠﺤﻖ ﻛﻞﱠ ﻭﺍﺣ ٍﺪ ﺖ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺧﲑٌ ﻭﺷﺮٌ ﻣﻌﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺤﻖ ﻛﻞﱠ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﹶﺣ ُﺪ ﺍﻟﺸﻴﺌﲔ ،ﻓﻤﺜﺎﻝ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﻧﻄﻘﺖُ ،ﻧﻄﻘ ُ ﺑﺎﳊﻖ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ .ﻓﺈﹺﻥ ﻧﻄﻘﺖ ﺑﺎﻟﻜﺬﺏ ﺃﹶﺑﻐﻀﲏ ﺍﷲ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻧﻄﻘﺖ ﺑﺎﳊﻖ ﺃﹶﺑﻐﻀﲏ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ .ﹶﺃﻭ ﺖ ﲝﻖ ﺃﹶﺣﺒﻚ ﺍﷲ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺑﺒﺎﻃﻞ ﺃﹶﺣﺒﻚ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻫﺬﺍ ﻳﻘﻮﻝ :ﺑﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺗﻜﻠﻤ َ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻷَﻭﻝ :ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻼﺯﻣﲔ ﻫﻨﺎﻙ ﻷَﺣﺪ ﺍﻟﻀﺪﻳﻦ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﻣﺘﻀﺎﺩﻳﻦ -ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳊﺴﺪ ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻏﲑ ﻣﺘﻀﺎﺩﻳﻦ ﻭﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﳚﺘﻤﻌﺎ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻭﺍﺣﺪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻼﺯﻣﺎﻥ ﻫﻨﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﳝﻜﻦ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻤﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﳏﺒﺔ ﺍﷲ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ،ﻭﳏﺒﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻲ ﺍﳉﻮﺭ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﺘﻤﺪ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﻳﻠﺤﻖ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﻟﻀﺪﻳﻦ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﲨﻴﻼ ﻭﻣﻌﺘﺮﻓﺎ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﺪ ﺍﻵﺧﺮ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻭﻣﻌﺘﺮﻓﺎ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺇﹺﺫﺍ ﲢﺮﻯ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ،ﺃﹶﻣﻜﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺿﺪﻩ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺐ ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﳊﻴﻠﺔ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﳛﺚ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﳋﻤﺮ :ﺇﹺﻬﻧﺎ ﺭﺟﺲ ﻭﺇﹺﻬﻧﺎ ﳏﺮﻣﺔ ﻭﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻵﺛﺎﻡ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﳉﻤﻴﻞ ﻣﻘﺮ ﺑﻪ. ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺁﺧﺮ :ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﻨﻔﻊ ﺍﳌﺮ َﺀ ﰲ ﺻﺤﺘﻪ ﻭﲡﻴﺪ ﺧﻠﻘﻪ ﻭﺫﻫﻨﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﲑ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻌﲔ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ،ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻷَﺿﺪﺍﺩ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻋﻜﺲ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻷَﺿﺪﺍﺩ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ،ﻭﻗﺪ ﻋﺬﻝ ﰲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﺑﻨﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻃﻮﻳﻼ ،ﻓﻘﺎﻝ ﳍﻢ :ﺇﹺﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﺪّﻭﻥ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺭﺟﺎﻻ ،ﻓﻘﺪ ﺃﹶﻭﺟﺒﺘﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻏﻠﻤﺎﻥ .ﻓﺈﹺﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ " " :ﺍﻟﻐﻼﻡ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺭﺟﻞﹲ " " ﻋﻜﺲ ﻗﻮﻟﻨﺎ " " :ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻘﺼﲑ ﻏﻼﻡٌ " " .ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻐﻼﻡ ﻣﺘﻘﺎﺑﻼﻥ ،ﻭﺍﻟﻘﺼﲑ ﻭﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻛﺬﻟﻚ. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ :ﺇﹺﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻻ ﲡﻌﻠﻮﻥ ﺯﻭﺍﺭﻛﻢ ﻣﻘﺼﲔ ﻭﻻ ﻣﺒﻌﺪﻳﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ،ﻓﻼ ﺗﻘﺮﺑﻮﺍ ﺍﻷَﻋﻔﺎﺀ ﻭﻻ ﺗﺰﻭﺭﻭﻫﻢ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﺪﺍﻥ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻼﻥ ﻳﻠﺰﻣﻬﻤﺎ ﺷﻲﺀٌ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻛﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﺳﻮﺍﺀٌ ﰲ ﺍﻹِﰒ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﺔ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻟﻪ ﳐﻠﻮﻕ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﳝﻮﺕ ،ﺃﹶﻭ ﻗﻮﻟﻪ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲟﺨﻠﻮﻕ ﻭﺇﹺﻧﻪ ﳝﻮﺕ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ﻫﻮ ﺃﹶﻣﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻟﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺈﹺﻟﻪ .ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟﻠﻤﺘﻘﺎﺑﻠﲔ ﻣﻌﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ .ﻛﻤﺎ
ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﺴﺌﻠﺔ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ :ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻔﻠﺴﻒ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﺘﻔﻠﺴﻒ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺑﺄﹶﻱ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ ﺃﹶﺟﺎﺏ ،ﻟﺰﻣﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻔﻠﺴﻒ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺗﺒﻜﻴﺖ ﺃﹶﻓﻼﻃﻮﻥ ﻷَﻓﺮﻭﻃﺎﻏﻮﺭﺵ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺳﻮﺍﺀٌ ﻋﺼﻴﺖ ﺍﷲ ﺃﹶﻭ ﻋﺼﻴﺖ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻧﺎﻓﻊ ﰲ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻫﻨﺎ ﺃﹶﺣﻮﺍﻻ ﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺗﻠﺤﻖ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﺧﺬﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺣﺪﻭﺩﺍ ﻭﺳﻄﻰ ﺃﹶﻣﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺿﺪﻩ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﳜﺎﻟﻒ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺍﺕ ﺑﺄﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻧﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻮﻑ ﻓﺈﹺﱐ ﻻ ﺃﹸﻗﺎﺗﻞ ﺑﻞ ﺃﹶﻫﺮﺏ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺑﺎﳍﺮﺏ ﺃﹶﲣﻠﺺ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻣﻨﺖ ﻗﺎﺗﻠﺖ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻮﻝ :ﺑﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﺧﻔﺖ ﻗﺎﺗﻠﺖ ،ﻓﺄﹶﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﺘﺎﻝ ﺃﹶﲣﻠﺺ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻣﻨﺖ ﱂ ﺃﹶﺣﺘﺞ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺰﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﺷﱴ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ،ﺍﺣﺘﻤﻠﺖ ﻏﺎﻳﺘﲔ ﳐﺘﻠﻔﺘﲔ ﺃﹶﻭ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻓﺈﹺﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺧﺬﻧﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺣﺪﻭﺩﺍ ﻭﺳﻄﻰ ،ﺃﹶﻣﻜﻨﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻨﻊ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺧﻼﻓﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﱂ ﻳﺆﺩﺏ ﻓﻼﻧﺎ ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺃﹶﻗﺘﻀﻰ ﺗﺄﹶﺩﻳﺒﻪ ،ﺑﻞ ﻷَﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﻗﺪﺍ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺩﻓﻌﻪ ﻟﻐﲑﻩ :ﺇﹺﳕﺎ ﺩﻓﻌﺖ ﻟﻚ ﻋﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻵﺧﺮ :ﺇﹺﳕﺎ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﻫﺒﺔ .ﻭﻫﻮ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﳜﺘﺼﻤﻮﻥ ﻭﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺸﲑﻭﻥ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻠﻬﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ،ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﻋﺪﻣﺖ .ﻓﻤﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﳑﻜﻨﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺳﻬﻼ ﻭﻛﺎﻥ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻟﻪ ﻭﻟﻸَﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺿﺎﺭﺍ ﻟ ﻸَﻋﺪﺍ ِﺀ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﺿﺎﺭ ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻓﺎﳌﺮﻏﺐ ﹶﺃﻭ ﺍﶈﺮﺽ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﻭﳓﻮﻫﺎ؛ ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺪ ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻒ ﻓﺄﹶﺿﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻳﺸﻜﻮ ﺍﻟﺸﺎﻛﻮﻥ ﻭﳚﻴﺐ ﺍﺠﻤﻟﻴﺒﻮﻥ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻏﺐ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺪ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺭﺳﻄﻮ ،ﺗﺆﺧﺬ ﺧﻄﺎﺑﺔ ﺭﺟﻠﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎ ِﺀ ﻣﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﺑﺎﳋﻄﺎﺑﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻈﻨﻮﻧﺔ ﺍﳌﻘﺒﻮﻟﺔ ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﻻ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﻭﻳﻘﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻣﻦ ﻗﺮﺏ ﻭﺑﺴﻬﻮﻟﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﲰﻌﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﺻﺪﻕ ﺑﻪ ﻭﻗﺒﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﲰﻌﻪ ،ﻗﺒﻠﻪ ﻟﺸﻬﺮﺗﻪ ﻭﻷَﻧﻪ ﳏﻤﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻷَﻭﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﻊ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ .ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﻈﻨﻮﻧﺔ ﺻﻨﻔﲔ :ﺻﻨﻒ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﻷَﻧﻪ ﻣﺸﻬﻮﺭ ،ﻭﺻﻨﻒ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺍﺕ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺇﹺﻣﺎ ﻳﻘﻴﲏ، ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺃﻱ .ﻓﻤﱴ ﻋﺮﻯ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﳑﺎ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﱂ ﻳَﻨْﺒَﻎ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎ ِﺀ :ﹺﺇﻥ ﺍﻟﺴﱡﻨﺔ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺳُﻨﺔ ﺗﻘﻮﻣﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﻤﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﻠﺢ ،ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﻣﺎﱀ ،ﻭﻛﻤﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺰﻳﺖ، ﻭﻓﻴﻪ ﺍﻟﺰﻳﺖ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﻣﻘﻨﻊ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻘﻊ ﺑﻪ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺯﻳﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﻤﻚ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﻠﺢ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺭﻳﺪ ﺑﻘﺎﺅﻩ ﲝﻔﻈﻪ ﻭﹶﺃﻥ ﳚﻌﻞ ﻟﻪ ﻃﻌﻤﺎ ﺁﺧﺮ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﺰﺍﺩ ﰲ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺭﻳﺪ ﺑﻘﺎﺅﻩ ﻭﺗﻐﻴﲑ ﻃﻌﻤﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﺰﻳﺖ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺇﹺﻻ ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻘﻨﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﳌﻠﺢ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﺰﻳﺖ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺰﻳﺖ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺦ
ﻓﻤﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﳋﲑﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﺬﻛﺮ ﻬﺑﺎ ﺍﳋﺼﻢ ﺑﺎﳌﺪﺡ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﺬﻡ ﳑﺎ ﻫﻮ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺘﺤﺪﺛﺎ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺟﺎﺭﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﻭﺃﹶﻓﻮﺍﻫﻬﻢ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺴﺘﻌﺪﻳﻦ ﻷَﻥ ﻳﻨﻄﻘﻮﺍ ﺑﻪ، ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻨﻄﻘﻮﺍ ﺑﻪ ﺑﻌﺪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﳋﺼﻮﻡ ﻭﺃﹶﻗﻮﺍﳍﻢ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ﻭﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ،ﻓﺴﻴﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﺗﻮﺑﻴﺦ ﺍﳋﺼﻮﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﻮﻬﻧﺎ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﻣﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :ﺇﹺﻧﻜﻢ ﻗﻮﻡ ﲢﺒﻮﻥ ﺣﺒﺎ ﳚﻤﻊ ﺍﻻﹶﺳﻢ ﻭﺍﳊﺪ ،ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻣﻮﺩﻬﺗﻢ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻭﺃﹶﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﻬﺑﻢ .ﻭﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﱂ ﻳﻌﻂ ﺃﹶﺣﺪٌ ﻣﻨﻜﻢ ﻗﻂ ﺷﻴﺌﺎ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻧﺎ ﻓﻘﺪ ﻭﻫﺒﺖ ﻟﻠﻜﺜﲑ ﻣﻨﻜﻢ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻠﻴﻜﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻪ ﺍﳌﺘﺨﺎﺻﻤﺎﻥ ﻣﻌﺎ ﳑﺎ ﻫﻮ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﺒﺎﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻮﺑﺦ ﻬﺑﺎ ﻭﻣﻦ ﺧﻴﺎﻻﻬﺗﺎ ﻭﺃﹶﺷﺒﺎﻩ ﺍﳋﺼﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻘﺪﺭ ﺍﳌﺸﻜﻮ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻴﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺍﺭﺗﻔﺎﻋﻪ ﻋﻨﻪ ﺣﱴ ﻳﺰﻭﻝ ﻗﺒ ﺢ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺑﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺍﳌﺸﻜﻮ ﺑﻪ ﺑﺄﹶﻥ ﺷﺒﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ،ﺃﹶﻭ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺷﺒﻴﻬﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺄﹶﺳﻲ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﺰﻉ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻋﻄﺎ ِﺀ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺰﻳﻞ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﻋﻨﻪ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﺔ ،ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﺼﺎﺩﺭﺓ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻮ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻘﻨﻊ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺷﻬﺮﺗﻪ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺮﻯ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻐﺎﻟﻄﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﹶﻭ ﺑﺘﺒﺪﻳﻠﻪ ،ﻻ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺄﺗﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺃﹶﻭ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲟﻮﺟﻮﺩ ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲟﻮﺟﻮﺩ ﺑﻞ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎ ِﺀ ﺣﻴﺚ ﻧﻔﺎﻩ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﺑﻠﺪﻩ ﻭﻧﺴﺒﻪ :ﺇﹺﻧﻪ ﰲ ﻧﺴﺒﻪ ﻭﺑﻠﺪﻩ ﻛﺬﺍ ،ﻷَﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﰲ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﻣﻌﺔ ﻫﻨﺎﻟﻚ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﺘﺐ ﺃﹶﲰﺎﺀُ ﺃﹶﻫﻞ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﺻﻮﺍﻣﻊ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ .ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﻧﺴﺐ ﻓﻼﻥ ﻛﺬﺍ ،ﻷَﻥ ﺑﻪ ﺗﻘﻊ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺦ :ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﻓﻌﻼ ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺇﹺﺑﻄﺎﻟﻪ ﻟﻪ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﺃﹶﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻫﻞ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﳌﺸﲑ ﺑﺎﻷَﻣﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺷﺎﺭ ﺑﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﳑﻜﻨﺎ ﻟﻪ ﻓﻌﻠﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺃﹶﺷﺎﺭ ﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﻟﻪ ﳑﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻮﺑﻴﺦ ﻟﻪ .ﻷَﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺷﺎﺭ ﺑﻪ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﲑﺍ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺃﹶﻭ ﺷﺮﺍ ﳚﺘﻨﺐ ،ﻓﻠﻴﺲ ﳜﺘﺎﺭ ﺃﹶﺣﺪ ﺗﺮﻙ ﻓﻌﻞ ﺍﳋﲑ ﺃﹶﻭ ﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮ ﻃﻮﻋﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻛﺎﺫﺏ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺸﲑ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﻫﻮ ﻳﻈﻨﻪ ﰲ ﺖ ﻣﺎ ﻳﺸﲑ ﺑﻪ ﺧﲑﺍ ،ﰒ ﻳﺘﺒﲔ ﻟﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲞﲑ ،ﻓﻼ ﻳﻔﻌﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺷﺎﺭ ﺑﻪ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺃﹶﻥ َﻳﺮْﻭﻯ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ ﻭﻗ ٍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻔﻌﻠﲔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻬﻤﺎ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻫﻞ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻪ -ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﻪ -ﺃﹶﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﻌﻪ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻮﺑﻴﺦ .ﻗﺎﻝ :ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻜﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻴﺖ ،ﻭﻳﺘﻘﺮﺏ ﺑﺎﻟﺼﺪﻗﺔ ﻋﻨﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺒﻜﺎ َﺀ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺗﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻭﻣﻮ ﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻞ ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ،ﻓﻴﻘﻴﻢ ﻣﻨﻪ ﺩﻟﻴﻼ -ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻣﻜﻦ -ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺑﻪ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﰲ ﻃﺒﺎﻉ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻭﺍﻗﻔﺎ ،ﻓﻴﻘﺎﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻟﺺ ،ﻷَﻧﻪ ﻭﺟﺪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻫﻮ :ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻟﺼﺎ ،ﱂ ﺃﹶﻛﻦ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﰲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺪﺍﺭ. ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺑﻪ ﺍﳌﻌﺘﺬﺭ ﺃﹶﻭ ﻳﺸﻜﻮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﻣﻮﺿﻊٌ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻣﻨﻪ ﺿﺪ ﺍﺳﺘﺪﻻﻟﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭ ،ﺍﺳﺘﺪﻝ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺷﻜﺎ ﻳﺔ ،ﺍﺳﺘﺪﻝ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ .ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺀ ﻳﻌﺮﺽ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺃﹶﻭ ﻧﻘﺺ ﺃﹶﻭ ﺇﹺﳘﺎﻝ ﺷﺮﻁ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻃﻪ .ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻬﻢ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺳﺮﻕ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻝ ﺍﺗﻔﻖ ﺃﹶﻥ ﻗﹸﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﻴﻪ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﱂ ﺃﹶﺳﺮﻕ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ ،ﻭﻻ ﻗﺘﻠﺖ ﺻﺎﺣﺒﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺗﺘﺄﹶﻛﺪ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ،
ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﹶﺧﻄﹶﺄ ﻭﺯﻝ ﰲ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﺟﺎﺏ ﻋﻦ ﻣﺎ ﱂ ﻳُﺴﺌﻞ ﻋﻨﻪ .ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺸﺎﻫﲑ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺆﻟﻒ ﺧﻄﺒﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌ ْﻮ ﺿِﻊ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﺷﺘﻘﺎﻕ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻨﻘﻞ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﺳﺘﻌﺎﺭﺓ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺟﻞ ﺍﲰﻪ ﺣﺪﻳﺪ ﺃﹶﻭ ﻣﻘﺎﺗﻞ ،ﻓﻴﺘﻔﻖ ﹶﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺪﻳﺪﺍ ﺃﹶﻭ ﻣﻘﺎﺗﻼ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﺃﹶﻧﺖ ﺣﺪﻳﺪٌ ،ﻳﺎ ﺣﺪﻳﺪ؛ ﻭﺃﹶﻧﺖ ﻣﻘﺎﺗﻞﹲ ،ﻳﺎﻣﻘﺎﺗﻞ .ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻨﻘﻞ ﺍﻻﺳﻢ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ،ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﺘﻐﻴﲑ ﻗﻠﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :ﺃﹶﻣﺘﻚ ﺁﻣﻨﺔ .ﻭﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻠﻮﻙ ﻟﺮﺟﻞ ﺷﺎﻋﺮ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﺑﻦ ﻓﺎﺗﻚ :ﺃﹶﻧﺖ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺗﻚ ﻓﻘﺎﻝ :ﺃﹶﻧﺎ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺑﻚ .ﻓﻬﺬﻩ ﲨﻠﺔ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺘﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺨﺎﺕ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ .ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺨﺎﺕ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺃﹶﳒﺢ ﻭﺃﹶﳒﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺘﺎﺕ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﲣﻴﻞ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺿﺪﻩ .ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺃﹶﰎ ﻭﺃﹶﻟﺬ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﻮﲞﺎﺕ ﻟﻘﺮﺏ ﺑﻴﺎﻬﻧﺎ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺃﹶﻟﻔﺎﻅ ﺃﹶﻗﻞ ،ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺃﹶﺳﻬﻞ ﺣﻔﻈﺎ ﻭﺃﹶﺳﺮﻉ ﺇﹺﺑﺎﻧﺔ ﻟﻠﺸﻲﺀ .ﻭﳘﺎ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﺘﻘﺎﺭﺑﺎﻥ ،ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻮﲞﺎﺕ ﺃﹶﺑﲔ ﻭﺃﹶﻇﻬﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﻛﻼﳘﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻻﻗﻨﺎﻉ ﺍﶈﺮﻙ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺑﺘﺪﹶﺃ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺑﺼﻨﻌﺘﻪ ﺃﹶﺣﺲ ﻫﻮ ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﺑﺎﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻣﻨﻪ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻘﻔﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﻟﺼﺪﺭ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻗﺪ ﻳﻔﺮﺡ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺣﺴﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ، ﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﲢﺼﻠﺖ ﻟ ﻺِﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻣﻜﻨﻪ ﺃﹶﺩ ﻳﺪﺭﻙ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺯﻣﺎ ٍﻥ ﻗﺼﲑ ﻓﻀ ﹰ ﺐ ﻛﺜﲑ. ﺐ ﻳﺴﲑ ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﰲ ﺯﻣﺎ ٍﻥ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﺗﻌ ﹴ ﻭﺗﻌ ﹴ ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺘﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﺍﳉﺪﻝ ،ﺻﻨﻔﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻫﻮ ﻗﻴﺎﺱ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﳑﻮﻩ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻳﻴﺴﻬﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻓﺈﹺﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺿﻤﲑٌ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺿﻤﲑ ﳑﻮﻩ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺃﹸﺣﺼﻴﺖ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺳﻮﻓﺴﻄﻴﻘﻲ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺹ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎﺋﻊ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﳜﺺ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺩﻭﻥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻴﺎﺱ ﳑﻮﻩ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻴﺎﺱ ﳑﻮﻩ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺿﻤﲑﺍ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ. ﻭﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﳌﻐﻠﻄﺔ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺃﹶﻟﻔﺎﻅ ﻭﻣﻌﺎﻥ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﻐﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻓﺄﹶﺣﺪ ﺃﹶﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻣﺎ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﳐﺘﻠﻔﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻫﻮ ﻣﺒﺪﺃ ﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻐﻠﻄﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﺎ ُﺀ ﻫﻮ ﺍﳌﺮﺟﻮ ،ﻓﺎﻟﺬﻫﺎﺏ ﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﻮﺏ ﺑﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻓﻌﻼ ،ﻓﺎﻟﺮﺟﺎ ُﺀ ﻓﻌﻞ ﻻ ﻣﻔﻌﻮﻝ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻟﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺣﺪﺙ ﻣﻨﻬﺎ ﺿﻤﲑ ﻣﻈﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺿﻤﲑﹰﺍ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﺍﻻﺳﻢ ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻪ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﻧﺴﺒﻪ ﻛﻠﱯ :ﻫﻮ ﻣﻦ ﻛﻠﺐ ،ﻭﺍﻟﻜﻠﺐ ﺧﺴﻴﺲ ،ﻓﻬﻮ ﺧﺴﻴﺲ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻏﻠﻂ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﺑﺢ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻔﺮﺩ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﻣﺆﻟﻔﺎ ،ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺆﻟﻒ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﻣﻔﺮﺩﺍ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ .ﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﻕ ﻣﻔﺮﺩﺍ ﻭﻳﻜﺬﺏ ﻣﺆﻟﻔﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﳌﻌﺠﻢ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﳌﻌﺠﻢ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﺍﻹِﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﳉﻤﻊ ،ﻋﺮﺽ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﰲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺭﻳﺚ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳌﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣ ٍﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺭﺛﲔ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﰲ ﺣﻈﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﺎﺩﻗﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﲨﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﲑ ﱂ ﻳﺼﺪﻕ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎﻝ ﻟﻪ ﻧﺼﻒ ﻭﺛﻠﺜﺎﻥ ،ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﻓﻬﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺔ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﳋﻄﺎﺑﺔ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳُﺼﲑ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﲝﻴﺚ ﻳﺸﺘﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻷَﻣﺮ ﺣﱴ ﻳﻘﻊ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ
ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺩﻋﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻊ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺪﻋﻲ ﻛﺎﺫﺏ ﰲ ﺩﻋﻮﺍﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﳌﺪﻋﻲ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺎﻷَﻭﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﳌﺪﻋﻲ ﺃﹶﻭ ﻳﻔﻌﻠﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻈﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺩﻋﻰ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻠﻖ ﻣﻨﻪ ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﺗﹶﺄ ٍﺫ ﻭﺿﺠﺮ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﳑﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﳌﺪﻋﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻮﻟﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻜﻲ ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻮﻡ ﻓﻴﻠﺘﻄﻢ ﻭﻳﻀﻊ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﻳﺬﻫﻞ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺃﹶﻭ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺣﱴ ﻳﺘﺸﺎﻏﻞ ﻓﻴﺴﻬﻮ ﻋﻤﺎ ﻳﻌﲏ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﻘﺪﺭﻩ ﻗﺪﺭﻩ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻋﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﲟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻼﺣﻖ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻓﻼﻥ ﺳﺎﺭﻕ ﻷَﻧﻪ ﺷﺮﻳﺮ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺼﺪﻕ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﺷﺮﻳﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﻌﻜﺲ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻣﻜﻞ ﺷﺮﻳﺮ ﺳﺎﺭﻕ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﳑﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﺇﹺﻥ ﺍﳉﺮﺫﺍﻥ ﺃﹶﻋﺎﻧﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻭﻧﺎ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﻗﺮﺿﺖ ﺃﹶﻭﺗﺎﺭ ﻗﺴﻴﻬﻢ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻠﺔ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﻋﻠﺔ ﻟﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺆﺧﺬ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺃﹶﻭ ﺑﻌﺪﻩ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻠﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﻴﻞ ﺇﹺﻥ ﺗﺪﺑﲑ ﺃﹶﺑﻦ ﺃﹶﰊ ﻋﺎﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺼﺪﻩ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﺎﻷَﻧﺪﻟﺲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺪﻩ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺧﺬ ﲝﺎﻝ ﻣﺎ ﻓﻴﺆﺧﺬ ﲝﺎﻝ ﺃﹸﺧﺮﻯ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻭ ﺣﺎﻝ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺧﺬ ﲝﺎﻝ ﻣﺎ ﻓﻴﺆﺧﺬ ﻣﻄﻠﻘﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻂ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺔ؛ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻣﻮﺍﺩﻩ ﲣﺘﻠﻒ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﺜﻼﺙ .ﻓﺎﻟﺘﻐﻠﻴﻂ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳉﺪﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺧﺬ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﲟﻄﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳑﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻄﻠﻘﺎ .ﻭﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻂ ﺑﻪ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﻌﺪﻭﻣﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﳌﻤﺘﻨﻌﺔ .ﻭﻣﻮﺍﺩﻩ ﰲ ﺍ ُﻷﻣﻮﺭ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﻷَﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻳﺼﺪﻕ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻭﻛﻠﻴﺎ ،ﻓﻴﻈﻦ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﻕ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺼﺪﻕ ﻛﻠﻴﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﺬﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﺜﻼﺙ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺯﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﻬﺑﺎ ﻛﺬﺏ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻤﻦ ﻫﻮ ﻋﺎﺩﻝ ﰲ ﺍﻷَﻣﻮﺍﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻋﺎﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻃﻼﻕ.ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﻇﻬﺮ ﺃﹶﻧﻪ ﻏﲑ ﻋﺎﺩﻝ ﰲ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ،ﺍﺷﺘﺮﻁ ﰲ ﺍﻷَﻣﻮﺍﻝ، ﻓﺘﺼﺢ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ،ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻛﺬﺏ ﺇﹺﻃﻼﻗﻬﺎ.ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻳﺼﺪﻕ ﲨﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺧﺬ ﲝﺎﻝ ﻣﺎ ،ﻭﻳﻜﺬﺏ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺧﺬ ﲝﺎﻝ ﺃﹸﺧﺮﻯ ،ﺃﹶﻣﻜﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﺧﺬ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻨﻊ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻼﺕ ﻣﻌﺎ ،ﻭﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ ﺧﻄﺒﻴﺔ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﹶﺻﺎﺏ ﺃﹶﻣﺮﺍ ﺃﹶﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺮﻳﺾ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻧﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺪ ﻭﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺍﺟﺐ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﺟﲏ ،ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺪ؛ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﻳﺾ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻳﺼﲑ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺍﳋﺴﺔ ﺧﺴﻴﺴﺎ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ،ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﺷﺮﻳﻒ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ .ﻭﻳﺸﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺳﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻲ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺑﺎﻹِﺿﺎﻓﺔ ﺇﹺﱃ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﻤﺎ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﻨﻊ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺟﻮﺩﹰﺍ ﺑﺈﹺﻃﻼﻕ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﲝﺎﻝ ﻣﺎ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﲝﺎﻝ ﻣﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻃﻼﻕ .ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﻤﻮﻫﺔ. ﻭﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ؛ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﳌﺒﺘﺪﺉ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ:
ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻨﻘﺾ ﺷﻜﻠﻪ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﺃﹶﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﻨﺘﺞ؛ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻘﺎﻭﻡ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﺨﺮﺟﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ؛ ﻷَﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﻈﻨﻮﻥ ﻳﻠﺤﻘﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ ،ﻓﻴﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺆﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﺿﻤﲑ ﻳﻨﺘﺞ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﻭﺿﻤﲑ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ .ﻭﻫﺬﺍ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﰲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﳉﺪﻝ ،ﲞﻼﻑ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻌﺎﻧﺪﺓ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺃﹶﺭﺑﻊ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﻃﻮﺑﻴﻘﻰ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻌﺎﻧﺪﺓ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﺰﻣﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻌﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻌﺎﻧﺪﺓ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﻄﻮﻳﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮﺓ .ﻭﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﺪﺓ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺼﺪ ﻣﻌﺎﻧﺪﺗﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻭﺍﳉﺰﺋﻲ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ .ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﺍﳌﻘﺒﻮﻝ ﺍﳊﻜﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺃﻳﻪ ﻣﻀﺎﺩﹰﺍ ﻟﻠﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ. ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻷَﻣﺮ ﻓﻤﺜﻞ ﹶﻟ ْﻮ ﻭ ﺿَﻊ ﻭﺍﺿﻊٌ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺮ ﻳﺎﺳﺔ ﺧﲑ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﺮﺀُﻭﺳﹰﺎ ﺧﲑ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺑﻄﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻗﺎﻝ :ﻛﻮﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻣﺮﺀُﻭﺳﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺍﳊﺎﺟﺔ ﺷﺮ ،ﻓﺎﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﺷﺮ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﺃﹶﺑﻄﻠﻬﺎ ﺑﺎﳉﺰﺀِ ،ﻗﺎﻝ: ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺧﲑﺍ .ﻓﻬﺬﺍﻥ ﳘﺎ ﺻﻨﻔﺎ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺇﹺﺑﻄﺎﻟﻪ. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺪ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳋﲑ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺴﻦ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﺧﻮﺍﻧﻪ ﺃﹶﲨﻌﲔ، ﻓﻴﻘﺎﻭﻡ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﹶﻟ ْﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﻘﺎ ،ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻲ ُﺀ ﺇﹺﱃ ﺇﹺﺧﻮﺍﻧﻪ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ. ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﻧﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﻟﻘﻲ ﺁﺧﺮ ﺑﺸﺮ ﻓﻬﻮ ﻳﺒﻐﻀﻪ ،ﻓﻴﻘﺎﻭﻡ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺎﺩﻕ ﻷَﻥ َﻣ ْﻦ ﻳﻠﻘﻰ ﺁﺧﺮ ﲞﲑ ﻗﺪ ﻻ ﳛﺒﻪ .ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﺇﹺﱃ ﻣﻦ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺷﺮﺍ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﶈﺒﺔ ﺇﹺﱃ ﻣﻦ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺧﲑﺍ .ﻭﻗﺪ ﲨﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﲔ :ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻀﺪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﶈﺒﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﺿﺪ ﺍﳋﲑ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﲝﺴﺐ ﺭﺃﹾﻱ ﺍﳊﺎﻛﻢ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﱵ ﺗﻀﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﳋﺎﺻﺔ؛ ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻷُﻣﻢ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳋﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﲣﺺ ﺃﹸﻣﺔ ﺃﹸﻣﺔ. ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻛﻴﻒ ﺗﻘﺎﻭﻡ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ،ﻓﻠﻨﻘﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺿﻤﲑ ﺿﻤﲑ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ .ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ :ﻓﻤﻨﻬﺎ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻣﻦ ﺍﶈﻤﻮﺩﺍﺕ ﰲ ﺃﹶﻱ ﺷﻜﻞ ﻛﺎﻥ ،ﻭﻳﺴﻤﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷَﻭﻝ ﺑﺎﻷَﺷﺒﻪ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺸﺒﻪ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷَﻭﻝ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺧﺺ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﲝﺴﺐ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺍﺿﻄﺮﺍﺭﻳﺔ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﻋﻼﻣﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺆﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺮﺳﻢ ﻭﻫﻮ ﻣﺆﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ .ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺆﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﶈﻤﻮﺩﺍﺕ ﰲ ﺍﻷَﺷﻜﺎﻝ ﺍﳌﻨﺘﺠﺔ ﱂ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻪ .ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻪ ﳏﻤﻮﺩﺓ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺄﺗﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﻷَﻛﺜﺮ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻣﺜﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﻴﺐ ﻟﻺِﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﺳﻦ ﺍﻻﻛﺘﻬﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﺜﻞ ﺍﺷﺘﺪﺍﺩ ﺍﳊﺮ ﻋﻨﺪ ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﻟﻌﺒﻮﺭ ،ﺃﹶﻣﻜﻦ ﻧﻘﻀﻪ ﻣﻦ ﺛﻼﺙ ﺟﻬﺎﺕ :ﺇﹺﺣﺪﺍﻫﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﲟﺤﻤﻮﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭﻱ ،ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭﻱ ،ﻓﻘﺪ
ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺬﺏ .ﻭﻫﺬﺍ ﻧﻘﺾ ﳑﻮﻩ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ؛ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﺎﻛﻢ ،ﺃﹶﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ، ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺭﻳﺔ ،ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﲟﺤﻤﻮﺩﺓ ،ﻓﻴﻌﺮﺽ ﻟﻠﺴﺎﻣﻊ ﺇﹺﺣﺪﻯ ﺣﺎﻟﺘﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﳛﻜﻢ ﺑﺸﻲﺀ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﺣﻜﻢ ،ﻓﻼ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﺔ .ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻷَﺻﻠﺢ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺯﻟﺔ. ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﻜﻢ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﺔ .ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﹶﻥ ﻧﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻗﻠﻲ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺴﺎﻭﹴ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺷﺎﻛﻴﺎ ﺇﹺﻥ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺎﻛﻢ :ﻫﺬﺍ ﻗﺘﻞ ﺯﻳﺪﺍ ،ﻷَﻧﻪ ﻭُﺟﺪ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﻭﺑﻴﺪﻩ ﺳﻴﻒ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﳋﺼﻢ :ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮﻳﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻭﺟﺪ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﻭﺑﻴﺪﻩ ﺳﻴﻒ ﻫﻮ ﻗﺎﺗﻞ .ﺃﹶﻭ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺃﹶﻛﺜﺮﻳﺎ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ،ﻷَﻥ َﻣ ْﻦ ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺘﻪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺗﻼ ،ﻭﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﺻﺮﺍ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻬﻮ ﻳﺒﻄﻞ ﺑﻮﺟﻬﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﻴﺎﺱ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻻ ﻛﻠﻴﺔ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﺈﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻫﻲ ﳏﺴﻮﺳﺔ .ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﺍﻟ ﹸﻜﺘﱠﺎﺏ ﺃﹶﺷﺮﺍﺭ؛ ﻷَﻥ ﺯﻳﺪﺍ ﻛﺎﺗﺐ ﻭﺯﻳﺪ ﺷﺮﻳﺮ .ﻓﺈﹺﻥ ﺑﺈﹺﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﺒﻄﻞ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ. ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﺍﳌﻀﺎﺩ ﻭﻻ ﺍﳌﻬﻤﻞ .ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻴﺔ ﻭﺃﹶﺑﻄﻠﺖ ﺑﺎﻟﻀﺪ ،ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﺑﻄﺎﻻ ﻟﻠﻜﺎﺫﺏ ﺑﺎﻟﻜﺎﺫﺏ ،ﻭﻟﻠﺸﻨﻴﻊ ﺑﺎﻟﺸﻨﻴﻊ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻄﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ ﺷﺮﻳﺮ ،ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻭﻻ ﻛﺎﺗﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﺷﺮﻳﺮ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻤﻠﺔ ﻭﺃﹶﺑﻄﻠﺖ ﺑﺎﳌﻬﻤﻞ ،ﻛﺎﻥ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺑﺎﻟﺼﺎﺩﻕ ﻭﺍﶈﻤﻮﺩ ﺑﺎﶈﻤﻮﺩ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺼﺪﻕ ﺃﹶﻥ ﺍﻟ ﹸﻜﺘﱠﺎﺏ ﺃﹶﺷﺮﺍﺭ ،ﻭﺍﻟ ﹸﻜﺘﱠﺎﺏ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺑﺄﹶﺷﺮﺍﺭ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻜﺬﺏ ﺃﹶﻥ ﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ ﺷﺮﻳﺮ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ ﻟﻴﺲ ﺑﺸﺮﻳﺮ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺑﺈﹺﻧﺘﺎﺝ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﻣﻘﺎﺑﻼ ﻟﻠﻤﺤﻤﻮﺩ ﺍﻷَﻭﻝ ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻛﺜﺮﻱ ،ﻛﺎﻥ ﺍﶈﻤﻮﺩ ﺍﻷَﻭﻝ ﺃﹶﻗﻠﻴﺎ .ﻓﺈﹺﺫﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﺮﻯ ﺍﳌﺒﻄﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺠﻪ ﻟﻠﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻭﻡ ﺇﹺﺑﻄﺎﳍﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮﻳﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻷَﻛﺜﺮ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺒﻄﻼ ﻷَﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﲢﻘﻘﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﶈﻤﻮﻝ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻷَﻛﺜﺮ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ،ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻩ ،ﻓﺈﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﳏﺪﻭﺩﺍ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﺒﻄﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻘﻴﺎﺱ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻷَﻭﻝ ﻓﻠﻴﺲ ﳝﻜﻦ ﺇﹺﺑﻄﺎﳍﺎ ﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺷﻜﻠﻬﺎ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻮﺍﺩﻫﺎ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺿﻤﲑ ﻣﺜﺒﺖ ﺿﺮﻭﺭﺓ. ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺗﻜﺒﲑ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺗﺼﻐﲑﻩ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺍﻃﺮﺍﺡ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺍﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﺒﻄﻠﺔ ﻭﺍﳌﺜﺒﺘﺔ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺨﺴﻴﺲ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﻋﻦ ﺿﻤﺎﺋﺮ ،ﻟﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻭﻳﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﺃﹶﻭ ﻳﻄﺮﺡ ﻭ ﻳﻜﺬﺏ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﺨﺴﻴﺲ ﻟﻴﺲ ﺇﹺﺛﺒﺎﺗﺎ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺇﹺﺑﻄﺎﻻ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻭﻻ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﺿﻤﲑﺍ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﻟﻠﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .ﻭﻫﺬﺍ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﻟﻠﻨﺘﻴﺠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﳌﻘﺪﻣﺎﻬﺗﺎ ﺍﳌﻨﺘﺠﺔ ﳍﺎ. ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺃﹶﻭ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﻫﻲ ﺗﺄﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. ﻭﺍﳌﺜﺒﺖ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻭﺍﳌﺒﻄﻞ ﻳﺴﺘﻌﻤﻼﻥ ﺟﻨﺴﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺻﻨﻔﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ :ﻗﻴﺎﺱ ﻣﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﻗﻴﺎﺱ ﻣﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﺻﻨﺎﺋﻊ ﺃﹸﺧﺮ .ﻭﻛﻼ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻛﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ. ﻭﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﰲ ﺃﹶﻱ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻜﻮﻥ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺑﻘﻴﺎﺱ ﻣﻌﻤﻮﻝ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ
ﻭﺇﹺﺑﻄﺎﳍﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻄﻖ. ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻧﻘﻀﻰ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ. ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺰﻣﻌﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻼﻣﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺠﻤﻟﺮﻯ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹸﻣﻮﺭ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺍﻹِﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻹِﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﱪ ﻬﺑﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﳑﺎ ﳚﺮﻱ ﳎﺮﺍﻫﺎ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻛﻢ ﺃﹶﺟﺰﺍ ُﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻭﳑﺎﺫﺍ ﻳﺄﺗﻠﻒ ﻛﻞ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﳌﻌﺎﱐ. ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺘﲔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺘﲔ ﻭﺑﲔ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻢ ﻭﺟﻪ ﺗﻜﻮﻥ ،ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﻜﻮﻥ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﻴﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ :ﺍﻟﻨﻮ ﻉ ﺍﻷَﻭﻝ :ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺗﻮﻃﺌﺔ ﺍﳊﻜﺎﻡ ﻭﺇﹺﻋﺪﺍﺩﻫﻢ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ. ﻭﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﹶﻗﻨﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﳌﻨﺎﻇﺮ. ﻭﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﺃﹶﻭﻻ ﰲ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺇﹺﳚﺎﺩ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻫﻲ ﺻﻨﻔﺎ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﺍﳌﺜﻞ. ﻭﱂ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﻋﺮﻑ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺴﺘﻨﺒﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ،ﻭﹺﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻠﻴﺔ ﺗﻌﻢ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﺍﻷَﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺃﹶﻏﺮﺍﺽ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﲣﺺ ﻏﺮﺿﺎ ﻏﺮﺿﺎ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﻗﻴﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻠﻬﺎ ﺗﺆﻟﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻫﻲ ﺛﻼﺛﺔ :ﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳉﺰﺀﻳﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﲔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﹶﻱ ﻣﻌﺎﻥ ﺍﺗﻔﻘﺖ ﻳﻘﻊ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ،ﻭﻻ ﺑﺄﹶﻱ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﺗﻔﻘﺖ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﺑﻞ ﲟﻌﺎﻥ ﳐﺼﻮﺻﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﱪ ﻬﺑﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﺟﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﹶﺄ ﻟﻔﺎﻅ ﳐﺼﻮﺻﺔ ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﺑﺄﹶﺣﻮﺍﻝ ﳐﺼﻮﺻﺔ ﰲ ﻏﺮﺽ ﻏﺮﺽ ﻣﻦ ﺃﹶﻏﺮﺍﺽ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺛﻼﺛﺔ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻷَﻣﻠﻚ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺟﻴﺪﺓ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ ﻭﺍﻹِﺑﺎﻧﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﱐ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﺍﳌﺴﻤﻮﻉ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻄﻰ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺭﻓﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﺧﺴﺔ. ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺄﹸﻣﺔ ﺃﹸﻣﺔ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﻷُﻣﻢ .ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺰﺀﹰﺍ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳌﻨﻄﻖ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺃﹸﻣﺔ ﺃﹸﻣﺔ ﻓﻤﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﳌﻨﺼﻮﺏ ﰲ ﺃﹸﻣﺔ ﺃﹸﻣﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﳉﺰ ِﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻛﻢ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ -ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺧﻄﺒﺔ -ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻭﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ،ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ،ﻭﳑﺎﺫﺍ ﺗﺆﻟﻒ ،ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺆﻟﻒ ،ﻓﺄﹶﻣﺮ ﺑﻴﱠﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ.
ﻭﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻣﻊ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻌﻮﻧﺔ ﰲ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ، ﻭﺇﹺﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻭﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻤﻮﻫﺎ :ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﲤﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﺇﹺﱃ ﺍﻹِﺻﻐﺎ ِﺀ ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻹِﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻮﺟﻪ ﻭﺗﻔﺮﻳﻎ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﳌﺎ ﻳﻮﺭﺩﻩ ،ﺃﹶﺳﺘﻌﲑ ﳍﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﺻﻮﺍﺕ ﻭﻧﻐﻢ .ﻭﺍﻷَﺷﻜﺎﻝ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﺑﺄﹶﺳﺮﻩ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﻷَﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻛﺎﻟﻴﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﺮﺃﺱ .ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ .ﻭﺍﻷَﺷﻜﺎﻝ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﺣﺪ ﺃﹶﻣﺮﻳﻦ :ﺇﹺﻣﺎ ﺗﻔﻬﻴﻢ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﲣﻴﻴﻠﻪ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺃﹶﺣﺪ ﺧﻄﺒﻪ " :ﺑﻌﺜﺖ ﺃﹶﻧﺎ ﻭﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻛﻬﺎﺗﲔ " ﻭﺃﹶﺷﺎﺭ ﺑﺈﹺﺻﺒﻌﻴﻪ ﻳﻘﺮﻬﻧﻤﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﲣﻴﻴﻞ ﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﺧﻠﻖ ﻣﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻣﺼﻔﺮ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻣﻨﻔﻌﻼ ﺑﺎﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﳋﻮﻑ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﳜﱪ ﺃﹶﻧﻪ ﺧﺎﺋﻒ ،ﺃﹶ ،ﺑﺘﻮﺀَﺩﺓ ﺗﻮﻫﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﺎﻗﻞ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﺨﱪ ﻋﻨﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﻮﺭﻩ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺍﳋﺎﺋﻒ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﻗﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺃﹶﻭ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﻠﻖ ﺣﱴ ﻳﺴﺘﻌﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﳓﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﳓﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻨﻪ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻨﻐﻢ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﻟﻮﺟﻮﻩ :ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﺟﻮﻩ: ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﳜﻴﻞ ﹶﺃًﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻠﻖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﳜﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﲪﺔ ﺭﻗﻖ ﺻﻮﺗﻪ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻡ ﳜﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻈﻢ ﺻﻮﺗﻪ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﺧﻼﻕ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻷَﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻮﺍﺕ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺻﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﻌﻠﻮﻥ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ .ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺼﺪﻩ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﳓﻮ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﺧﻠﻖ ﻣﺎ ،ﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻠﻖ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻨﻪ. ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺘﺺ ﻋﻦ ﳐﱪﻳﻦ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺼﻔﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻠﻖ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﹶﺃﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻀﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﱯ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻴﻘﺎﻝ ﺑﻌﺪ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻐﻢ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﰲ ﺃﹶﻭﺯﺍﻥ ﺃﹶﺷﻌﺎﺭ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻢ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﻌﺮﺏ .ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺰﻧﻮﻥ ﺃﹶﺑﻴﺎﻬﺗﻢ ﺑﺎﻟﻨﻐﻢ ﻭﺍﻟﻮﻗﻔﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺰﻧﻮﻬﻧﺎ ﺑﺎﻟﻮﻗﻔﺎﺕ ﻓﻘﻂ. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺃﹶﺷﻌﺎﺭﺍ ﰲ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺧﺘﻤﻪ ﻭﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﻮﻗﻒ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻏﻨﺎﺀ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻏﻨﺎﺅﻩ ﰲ ﺍﳌﺘﻠﻮﺓ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻢ ﻓﺮﲟﺎ ﺃﹶﻗﺎﻣﻮﻫﺎ ﰲ ﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ،ﻭﳛﺬﻓﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺭﺍﺩﺓ ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺭ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﻮﺯﻥ ،ﻭﺍﻹِﻟﺬﺍﺫ .ﻭﻫﺬﺍ ﱂ ﲡﺮ ﺑﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ .ﳍﺬﺍ ﺻﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀِ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺑﻮ ﻧﺼﺮ ،ﻏﲑ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﻻ ﻧﺎﻓﻊ .ﻭﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻧﺎﻓﻊ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺔ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﻘﻨﻌﺔ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺔ ﻟﺘﺤﺼﻞ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺐ ﻫﻲ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﲔ ﻋﻠﻲ ﻭﻣﻌﻮﻳﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ: ﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﲔ ﺟﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﻔﺮﺯﺩﻕ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ،ﻷَﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻭﺇﹺﺑﺪﺍﳍﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻴﻘﺎﻝ ﰲ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻪ ﻭﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﻧﺎﻓﻊ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﻭﻗﻮﻉ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﻈﻦ ،ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﻐﻢ ﰲ ﻃﻞ ﺍﶈﺎﻛﺎﺓ ﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﻛﺎﻥ ﺧﺮﻭﺟﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ.
ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﰲ ﺗﻮﺍﺑﻊ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ،ﻓﻠﻨﻘﻞ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﰎ ﺇﹺﺑﺎﻧﺔ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺃﹶﺟﻮﺩ ﺗﻔﻬﻴﻤﺎ ﳍﺎ ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﰲ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻀﻼﻝ ﻋﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺟﻬﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﰲ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻧﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻷَﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺃﹶﻳﺴﺮ ﻭﺃﹶﺳﻬﻞ ﻭﺃﹶﻭﺿﺢ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﺘﻮﺍﻃﺌﺔ ،ﻏﲑ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺃﹶﻭ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ، ﺃﹶﻥ ﺗﻘﺴﻢ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ،ﻭﻳﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻌﲎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺗﻪ ،ﻷَﻥ ﻟﻸَﻟﻔﺎﻅ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﰲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﻋﻦ ﺍ ﻟﱪﻫﺎﻥ ﻭﻗﻮﺗﻪ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻷُﺧﺮ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻠﻔﻰ ﳍﺎ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﰲ ﺇﹺﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺫﻟﻚ ﲣﺘﻠﻒ ،ﻓﺄﹶﻗﻠﻬﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺪﻝ ،ﰒ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺔ ،ﰒ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ .ﻓﻬﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﺎﻥ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﹺﱃ ﺫﻟﻚ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﺃﹶﻥ ﲢﺼﻰ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻛﺎﻧﺖ ﻬﺑﺎ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﺃﹶﰎ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﺎ ،ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺃﹶﰎ ﲣﻴﻴﻼ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ .ﺇﹺﳕﺎ ﻣﻨﻔﻌﺘﻪ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ .ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﹶﺃﰎﱠ ﻓﻌﻼ ﺃﹶﻋﻈﻢُ ﻧﻔﻌﺎ ﻭﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺻﻨﺎﻋﻴﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻃﺒﻴﻌﻲ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻷَﺻﻮﺍﺕ ﺗﻔﻌﻞ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺭﻓﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﺧﺴﺔ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﺯﺍﺋﺪﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻣﺜﻞ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﲣﻴﻞ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺍﳌﻌﲎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﺨﺎﻣﺘﻪ ﲣﻴﻞ ﻓﺨﺎﻣﺔ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺍﻟﻨﻐﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻳﻀﺎ .ﻭﺑﻴَﻦ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ .ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻘﺼﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﺣﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳍﻨﺪﺳﺔ ،ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﺪﺩ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﻗﻌﻮﺍ ﺃﹶﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺛﲑ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻷَﺻﻮﺍﺕ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻫﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀُ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻇﻬﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻣﻊ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺑﲔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﻣﻌﺎ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺍﲰﺎ ﺃﹶﻭ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﹶﻭ ﺣﺮﻓﺎ، ﺗﻨﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﹶﳓﺎ ِﺀ ﺩﻻﻻﻬﺗﺎ ﲦﺎﻧﻴﺔ ﺃﹶﻗﺴﺎﻡ :ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ؛ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻐﲑﺓ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺰﻳﻨﺔ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻐﻠﻄﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ. ﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻐﲑﺓ :ﻓﻬﻲ ﺃﹶﺷﻬﺮﻫﺎ ﻭﺃﹶﻛﺜﺮﻫﺎ ﻧﻔﻌﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻆﹲ ﻣﺎ ﻓﻴﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻔﻆﹲ ﺁﺧﺮ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ :ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻔﻆ ﺷﺒﻴﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻊ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻳﻀﺎﻑ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳊﺮﻑ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ، ﻭﻫﻮ ﺧﺎﺹ ﺟﺪﺍ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ. ﻭﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ :ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﳌﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﻣﻌﻪ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻳﺴﻤﻰ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺃﹶﻫﻞ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻌﺘﺰ: ﻳﺎ ﺩﺍﺭ ﺃﹶﻳﻦ ﻇﺒﺎﺅﻙ ﺍﻟﱡﻠﻌْﺲ ...ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﱄ ﰲ ﺇﹺﻧﺴﻬﺎ ﺃﹸﻧﺲ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﻬﺗﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺒﻬﻮﺍ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻈﺒﺎﺀِ ،ﻓﺮﲟﺎ ﺃﹶﺗﻮﺍ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻌﺘﺰ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺃﹶﺗﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻊ ﺣﺮﻑ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ .ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺻﻨﻔﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺴﻴﻂ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺮﻛﺐ .ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ
ﻫﺬﻳﻦ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺟﻪ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﺸﻬﻮﺭﺍ ﻣﻦ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﲑ ﺑﲔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﲑ ﺑﲔ ﻷَﺣﺪ ﺷﻴﺌﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻧﻪ ﻏﲑ ﺑﲔ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ ،ﺃﹶﻭ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻢ ،ﻣﺜﻞ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻫﺎ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺸﺒﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺜﲑ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﲑ ﺑﲔ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷُﻣﻢ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻣﺮﺉ ﺍﻟﻘﻴﺲ ﻳﺼﻒ ﲪﺎﺭ ﺍﻟﻮﺣﺶ: ﺲ ﻳﻬﻴﻞ ﻭﻳُﺬﺭﻯ ﺗُﺮﻬﺑﺎ ﻭﻳُﺜﲑﻩ ...ﺇﹺﺛﺎﺭﺓ ﻧﺒﱠﺎﺕ ﺍﳍﻮﺍﺟﺮ ﻣُﺨﻤ ﹺ ﻓﺈﹺﻥ ﻧﺒﺎﺕ ﺍﳍﻮﺍﺟﺮ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭ َﻣ ْﻦ ﻫﻮ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﳑﻦ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﱪﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﻓﻬﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ،ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳋﻄﺎﺑﺔ .ﻭﺃﹶﻧﺸﺪ ﺃﹶﺑﻮ ﻧﺼﺮ ﰲ ﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ، ﺍﳋﻔﻴﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ،ﺑﻴﺘﺎ ﻧﺴﺒﻪ ﻻﻣﺮﺉ ﺍﻟﻘﻴﺲ: ﺻﻤّﻰ ﺍﺑﻨ ﹶﺔ ﺍﳉﺒﻞ. ﺖ ﻣﻦ ﻭﺍﺋﻞ ﻭﻛﻨﺪﺓ ﻋﺪ ...ﻭﺍﻥ ﻭﻓﻬﻤﹰﺎ َ ﺑﺪﻟ ُ ﻗﺎﻝ :ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻓﻴﻪ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻛﺜﲑ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﻌﻞ " ﺍﺑﻨﺔ ﺍﳉﺒﻞ " ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ " ﺍﳊﺼﺎﺓ " ،ﻭﺟﻌﻞ ﻗﻮﻟﻪ " ﺻﻤﻰ " ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺻﻮﺕ ﺍﳊﺼﺎﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻳﺘﻘﺎﺭﺑﺎﻥ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺴﻴﻤﻪ ،ﹺﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺼﻮﺕ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﻔﺴﺎﺩ ﰲ ﺍﳊﺎﺳﺔ .ﻭﺟﻌﻞ ﻋﺪﻡ ﺻﻮﺕ ﺍﳊﺼﺎﺓ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﺑﺘﻼﻝ ﺍﻷَﺭﺽ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﺭﺽ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺑﺘﻠﺖ ﻭﻃﺮﺣﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﺼﺎﺓ ﱂ ﺗﺼﻮﺕ .ﻭﺟﻌﻞ ﺍﺑﺘﻼﻝ ﺍﻷَﺭﺽ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻧﺼﺒﺎﺏ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺭﺽ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﺑﺘﻼﻝ ﺍﻷَﺭﺽ ﻻﺣﻖ ﻣﻦ ﻟﻮﺍﺣﻖ ﺍﻧﺼﺒﺎﺏ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ .ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻧﺼﺒﺎﺏ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ،ﻷَﻥ ﺍﻧﺼﺒﺎﺏ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ .ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ .ﻓﻜﺄﹶﻧﻪ ﺃﹶﺭﺍﺩ :ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻣﺮ ﻋﻈﻴﻢ ،ﻓﺄﹶﺑﺪﻝ ﻣﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ :ﻭﻓﻬﻤﺎ ﺻﻤّﻰ ﺍﺑﻨﺔ ﺍﳉﺒﻞ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ ﺍﻟﻜﺜﲑ .ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ. ﻭﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄﹶﻫﻞ ﻟﺴﺎﻥ ﻣﺎ ،ﻭﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﻣﺒﺘﺬﻟﺔ ،ﺩﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﺖ ﳍﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺗﻮﺳﻂ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻏﲑ ﻣﺒﺘﺬﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﲨﻬﻮﺭﻫﻢ ،ﻭﻏﲑ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﳋﻮﺍﺹ ﻣﻨﻬﻢ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻓﻬﻲ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳐﺎﻃﺒﺔ ﺻﻨﻒ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺃﹾﻣﺔ ﻟﻔﻈﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﺔ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺻﻨﻒ ﺁﺧﺮ ﻣﻨﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳊﺠﺎﺯﻱ ﻟﻐﺔ ﲪﲑﻳﺔ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﳐﺎﻃﺒﺔ ﺃﹸﻣﺔ ﻣﺎ ﻟﻔﻈﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﹶﻟﻔﺎﻅ ﹶﺃﻫﻞ ﻟﺴﺎﻬﻧﻢ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺃﹸﻣﺔ ﺃﹸﺧﺮﻯ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺃﹶﻟﻔﺎﻅ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺃﹶﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺍﻷُﻣﻢ ﺍﺠﻤﻟﺎﻭﺭﺓ ﳍﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻧﻐﲑ ﺑﻨﻴﺘﻪ ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﻪ .ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﲑﻩ ﺗﻐﻴﲑﺍ ﻳﻘﺮﺏ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺑﻨﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﻟﺴﺎﻬﻧﻢ ﻟﻴﺴﻬﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴّﺠﻴﻞ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﻓﻠﻴﺴﺘﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺗﲔ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺰﻳﻨﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﻟﻔﺎﻅ ﺟﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﺃﹶﺟﺰﺍﺋﻬﺎ ﻧﻐﻤﺎ ﺣﱴ ﺻﺎﺭﺕ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻨﻐﻢ ﻣﺰﻳﻨﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﹺﻻ ﻗﻠﻴﻼ ﺷﺎﺫﺍ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ ﻋﺒﻘﺴﻲ ﰲ ﺍﳌﻨﺴﻮﺏ ﺇﹺﱃ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﻴﺲ، ﻭﻋﺒﺸﻤﻲ ،ﰲ ﺍﳌﻨﺴﻮﺏ ﺇﹺﱃ ﻋﺒﺪ ﴰﺲ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻐﻠﻄﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺴﺮ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻬﺑﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻌﺮﺽ ﻷَﺳﺒﺎﺏ :ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﺣﺮﻭﻓﺎ ﻳﻌﺴﺮ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻬﺑﺎ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻠﻴﻠﺔ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻌﺴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﺭﻛﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﱵ ﻳﻌﺴﺮ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻬﺑﺎ: ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﳐﺮﺝ ﺍﳊﺮﻑ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻧﻄﻖ ﺑﻪ ﻭﺣﺪﻩ ،ﻣﺜﻞ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﳊﻠﻖ؛ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﺮ ﳛﺪﺙ ﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﺮﻛﻴﺒﻪ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﳐﺎﺭﺟﻬﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﺍﻻﺩﻏﺎﻡ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﺘﻜﺮﺍﺭﻫﺎ
ﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ ﻗﺼﺼﺖ ﺃﹶﻇﻔﺎﺭﻱ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻳﺒﺪﻝ ﺇﹺﺣﺪﻯ ﺍﻟﺼﺎﺩﻳﻦ ﻳﺎﺀ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ .ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺗﻀﺎﺩ ﺍﳌﺨﺎﺭﺝ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻞ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﺳﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺯﻥ ﹸﻓﻌُﻞ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺮﺳﻞ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻻﻧﻘﻼﺑﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺾ ﺃﹶﻫﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﱵ ﻳﺼﻔﻬﺎ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺳﺒﺒﻬﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺨﺘﺮﻋﺔ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺟﻨﺲ ﻣﺎ ،ﳜﺘﺮﻋﻬﺎ ﺑﻌ ُ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﳊﺮﻭﻓﻬﻢ. ﻓﻬﺬﻩ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ،ﻭﻫﻲ ﻛﺎﳌﺎﺩﺓ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺃﹶﺧﺺ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﹶﺣﺼﺎﻫﺎ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ. ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺮﻫﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻱ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺃﹶﻳﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻨﻔﺎ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ،ﻭﺇﹺﱃ ﺃﹶﻱ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﰲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ،ﻭﰲ ﺃﹶﻱ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﻨﺘﺤﺮﻯ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻭﺟﺰ ﻣﺎ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﻭﺃﹶﲤﻪ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﻭﺟﻮﺩﺗﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﲑ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﻠﻢ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻣﺎ ﻋﺪﻯ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻣﺎ ﻋﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ،ﺗﻐﻴﲑﺍ ﻣﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔﹸ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻷَﻣ ﹴﺮ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﹶﺻﻼ ،ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﺎﻣﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻣﱴ ﺃﹶﻓﺎﺩ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﻌ ُﺪ ﻋﻨ ﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﺃﹶﻭ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺎﻡ .ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻐﲑﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻌﲎ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻐﻴﲑﺍ ﺑﺎﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻐﲑﺓ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺸﺮﻃﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺣﻘﲑﺓ ﻭﻫﻲ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺒﺘﺬﹶﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﺯﺍﺋﺪﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﲣﻴﻴﻠﻬﺎ ﻳﺴﲑﺍ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﱵ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺧﺴ ﹰﺔ ﻣﺎ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻓﺎﺳﺪﺍ. ﻭﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﹶﺃﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﳎﺎﻭﺯﺓ ﻟﻠﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﲝﺴﺐ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻓﻴﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﻻ ﲣﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﲎ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﳑﺎ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺗﺒﻴﻴﻨﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﲑ ﺑﲔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ. ﻓﺈﹺﺫﺍ ﲨﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻄﺘﲔ ﻛﺎﻥ ﺗﺎﻡ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳉﻤﻴﻞ .ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺍﳌﻐﲑ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﳌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻭﺍﻟﻮﺯﻥ ،ﻭﻛﻼﳘﺎ ﺗﻐﻴﲑ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﳏﻘﻘﺎ ،ﻭﻟﻴﺲ ﲣﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﲎ ﺯﺍﺋﺪﹰﺍ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺃﹶﻟﻴﻖ ﺑﺎﻟﱪﻫﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻐﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻣﱴ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﺗﺮﻛﻴﺒﺎ ﻣﻄﺎﺑﻘﺎ ﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺠﻤﻟﺮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺎﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎ ﻧﺖ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ،ﻬﺑﻴﺌﺔ ﻧﺒﻴﻠﺔ ﻏﲑ ﺣﻘﲑﺓ. ﻓﻬﺬﺍ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻓﻌﻞ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﳌﻐﲑﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﻱ. ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻐﲑﺓ ﺗﻌﻄﻲ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﻓﻴﻬﺎ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻷَﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻌ ﺠﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﻳﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﲣﺸﻊ ﳍﻢ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﻭﺭﻭﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﲰﺎﻉ .ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﳌﻦ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﳚﻴﺪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻠﻪ ﻏﺮﻳﺒﺎ .ﻭﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺗﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﺎﻷَﻗﻞ ﻭﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻓﻌﺔ ﻭﺍﳋﺴﺔ ،ﻟﺘﻔﺎﺿﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ .ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﺘﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﲣﻴﻴﻼ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻗﻞ ﻭﲟﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﻬﺑﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻴﺪ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﰲ
ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻳﺘﺎﻓﻀﻞ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﲝﺴﺐ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﳛﻜﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ ﳌﺎ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﺭﺃﹶﻯ ﺭﺟﻼ ﻗﺪ ﺳﺒﻘﻪ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ ،ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻣﺮ ﺃﹶﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﺃﹶﺣﺪ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﹶﻣﺎ ﲰﻌﺖ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀَ؟ ﻓﻘﺎﻝ :ﺑﻠﻰ ! ﻓﻘﺎﻝ :ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﲏ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻠﻰ .ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ :ﻓﻜﻴﻒ ﲡﺎﺳﺮﺕ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ :ﻭﻛﻴﻒ ﻻ ﺃﹶﲡﺎﺳﺮ ﻋﻠﻴﻚ؟ ! ﻭﻫﻞ ﺃﹶﻧﺖ ﰲ ﺃﹶﻭﻝ ﺃﹶﻣﺮﻙ ﺇﹺﻻ ﻧﻄﻔﺔ ﻣﺬﺭﺓ؟ ﻭﰲ ﺁﺧﺮ ﺃﹶﻣﺮﻙ ﺇﹺﻻ ﺟﻴﻔﺔ ﻗﺬﺭﺓ ،ﻭﺃﹶﻧﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﲔ ﻫﺬﻳﻦ ﲢﻤﻞ ﺍﻟﻌﺬﺭﺓ؟! ﻓﺨﻠﻰ ﻋﻨﻪ ،ﺇﹺﺫ ﺻﻐﺮﺕ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻨﺪﻩ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﻨﺼﻮﺭ .ﺯﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ ﻫﻲ ﺃﹶﻗﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﻘﲑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ :ﻭﻫﻞ ﺃﹶﻧﺖ ﺇﹺﻻ ﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻮﻙ ،ﺃﹶﻭ ﻫﻞ ﺃﹶﻧﺖ ﺇﹺﻻ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺃﹶﻭ ﻫﻞ ﺃﹶﻧﺖ ﺇﹺﻻ ﻋﺒﺪ ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﷲ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺘﻔﺎﺿﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻐﲑ .ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺸﺒﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺳﻄﻮﺗﻪ ﺇﹺﻻ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻐﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﻮﻝ ﳐﺴﺲ ﺟﺪﺍ. ﻗﺎﻝ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ :ﻭﺍﳋﻄﺒﺎ ُﺀ ﺭﲟﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻮﺍ ﺃﹶﺛﻨﺎ َﺀ ﺧﻄﺒﻬﻢ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ،ﻓﻴﺘﻮﻫﻢ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺑﺼﺮ ﺑﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﻭﺍﳋﻄﱯ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﳜﻠﻂ ﺳَﻘﹶﻤﻮﻧﻴﺎ ﺑﺸﺮﺍﺏ ﺍﻟﻮﺭﺩ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﺳﻬﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ،ﺃﹶﻭﻫﻢ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻹِﺳﻬﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺷﺮﺍﺏ ﺍﻟﻮﺭﺩ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻻ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻪ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﻮﺭﺩ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺭﲟﺎ ﹶﺃﻟﱠﻒ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩﺓ ﻗﻮﻻ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ ﻓﺄﹶﻭﻫﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﺷﻌﺮﻱ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺸﻌﺮﻱ ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﻭﺗﺒﲔ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺃﹶﻱ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﰲ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﰲ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﺎ ﻋﺪﻯ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﻤﻮﻡ ﻭﺧﺼﻮﺹ .ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺃﹶﻣﺎ ﺐ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ،ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻭﺍﳌﺮﻛﺒﺎﺕ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﺍﳋﻄﻴ ُ ﻣﻔﺮﻃﺎ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻋﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺃﹸﻣﺔ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻥ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻭﻣﻔﺮﻃﺎ ﻋﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﻗﻨﺎﻉ ﺍﳉﻤﻴﻊ .ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺎﻷَﻫﻠﻴﺔ. ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ :ﺍﻟﺘﻐﻴﲑُ ﲞﻼﻑ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﲞﻼﻑ ﺍﻷَﻣﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﻗﻨﺎﻉ ﺧﻮﺍﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ،ﺍﻟﻐﺮﺍﺑ ﹸﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮ .ﻭﺍﻻﺳﻢ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺃﹶﺧﺺ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻫﻠﻲ؛ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ، ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳚﻤﻊ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﺍﳉﻬﺎﺕ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ .ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻟﻔﺎﻅ ﻣﻐﲑﺓ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﺃﹶﻟﻔﺎﻅ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﻣﺸﺘﺮﻛﺔ .ﻭﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﻟﺴﻔﺴﻄﺔ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ .ﻭﺍﳋﻄﻴﺐ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻓﺼﺎﳊﺔ ﺟﺪﺍ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻭﻗﺪ ﺗﺼﻠﺢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ .ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻷَﺳﺒﺎﺏ ﺃﹶﺧﺼﻬﺎ ﺑﻪ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﻟﻠﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ: ﻭﻣﻨﺬ ﹶﺃﺗﻰ ﻣﻦ ﺩﻭﻬﻧﺎ ﺍﻟﻨﺄﻱ ﻭﺍﻟﺒﻌ ُﺪ ﻭﺍﳋﻄﻴﺐ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻟﻼﺳﺘﻈﻬﺎﺭ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻐﺎﻟﻄﺔ ﻭﺇﹺﻳﻬﺎﻡ ﺗﻜﺜﲑ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﺘﻜﺜﲑﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﳜﻴﻠﻪ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻨﺎ: ﺍﻟﺼﻬﺒﺎﺀ ،ﻭﺧﻨﺪﺭﻳﺲ ،ﻭﹶﻗ ْﺮﻗﹶﻒ ،ﻭﲪﻴﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﳋﻤﺮ ﻣﻌﺎﱐ ﳐﺘﻠﻔﺔ. ﻭﺭﲟﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﺇﹺﺭﺍﺩﺗﻪ ﺗﻜﺮﻳﺮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﳊﻔﻈﻪ ﻭﺗﺄﻛﻴﺪﻩ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺮﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﻠﻔﻆ ﻭﺍﺣﺪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﳝﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﳊﺴﻨﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻭﺃﹶﳝﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﺪﻡ ،ﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﳚﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﺿﺮﻭﺑﻪ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻔﻌﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﻧﻔﻊ ﺍﻟﻮﺯﻥ
ﻓﻴﻬﻤﺎ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﻪ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗَﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺯﻥ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﲑ. ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻳﻌﻄﻲ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺟﻮﺩﺓ ﺇﹺﻓﻬﺎﻡ ﻭﻏﺮﺍﺑﺔ ،ﻭﻟﺬﺓ .ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﺑﺪﺍﻝ ﻭﲤﺜﻴﻞ .ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻀﺎﻑ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ .ﻭﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ :ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺑﺪﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﺑﺪﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ .ﻭﺍﻟﻼﺯﻡ ﺛﻼﺛﺔ :ﺇﹺﻣﺎ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻘﺎﺭﻥ ﻟﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺘﺄﹶﺧﺮ ﻋﻨﻪ .ﻭﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﺇﹺﻣﺎ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻛﻠﻲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ .ﻭﺍﳌﻘﺎﺭﻥ :ﹺﺇﻣﺎ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻜﺎﻧﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻧﻮﺍﻋﻪ ﺍﻟﻘﺴﻴﻤﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻘﺎﺑﻼﺗﻪ ﺍﻷَﺭﺑﻌﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺿﺪﺍﺩ ﻭﺍﳌﻮﺟﺒﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﻟﺒﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﻡ ﻭﺍﳌﻠﻜﺔ ﻭﺍﳌﻀﺎﻓﲔ ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ .ﻭﺍﳌﺘﺄﹶﺧﺮ ﻫﻲ ﻟﻮﺍﺣﻖ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻭﺟﺰﺋﻲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ .ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺴﻴﻂ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺮﻛﺐ .ﻭﺍﳌﺮﻛﺐ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺪﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﺎ، ﻭﻳﺒﺪﻝ ﻣﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺷﺒﻴﻬﻪ ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻻﺯﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﻣﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ،ﰒ ﻳﺆﺧﺬ ﻋﺮﺽ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺑﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻼﺯﻡ ،ﻓﻴﻐﻤﺾ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﰲ ﺑﻴﺖ ﺍﻣﺮﺉ ﺍﻟﻘﻴﺲ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ﺻﻤﱠﻰ ﺍﺑﻨﺔ ﺍﳉﺒﻞ ،ﺇﹺﺫ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ .ﻭﻗﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ. ﻭﺇﹺﺫ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ﻓﻠﻨﺸﺮﻉ ﰲ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﻭﺍﻹِﺑﺪﺍﻻﺕ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻣﺸﺎﻛﻼ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻭﻳﻌﲏ ﺑﺎﳌﺸﺎﻛﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﳝﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﲑ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ ،ﻓﺎﳌﻨﺎﺳﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺋﻢ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﻈﻢ ﺃﹶﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺮﻕ ،ﻓﺎﳌﺸﺎﻛﻞ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﺣﺎﺭﺏ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﳛﻘﺮ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﺃﹶﺧﺬ .ﰒ ﻻ ﳜﻠﻮ ﺍﳋﻄﻴﺐ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﺎﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ،ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺸﺎﻛﻠﺘﻪ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ،ﺃﹶﻭ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﲑ ﻇﺎﻫﺮﺓ .ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻇﺎﻫﺮﺓ ،ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎﻹِﺗﻴﺎﻥ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺐ ﻭﺣﺪﻩ .ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ﺑﻴﻨﺔ ،ﻗﺮﻥ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻀﺪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﺗﻰ ﺑﻀﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﻭﺿﺪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﺑﺪﻻ ﻣﻨﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﻣﺸﺎﻛﻼﺕ ﺍﻷَﺿﺪﺍﺩ ﺃﹶﺿﺪﺍﺩ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﶈﺴﻮﺳﺎﺕ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ ﻏﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺸﺎﺏ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ .ﻓﻬﺎﺗﺎﻥ ﻭﺻﻴﺘﺎﻥ ﺍﺛﻨﺘﺎﻥ :ﺇﹺﺣﺪﺍﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺒﲔ ،ﻭﺍﻷُﺧﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﻟﺒﲔ ،ﺑﺄﹶﻥ ﻳﻘﺮﻥ ﺑﻪ ﺿﺪﻩ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻔﻴﺪﻩ ﻭﺿﻮﺣﺎ ﻭﻇﻬﻮﺭﺍ. ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﻣﺎ ﰲ ﺍﳉﻨﺲ ،ﻻ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﳛﺴّﻦ ،ﻓﻴﺠﻌﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺒﺢ ،ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﺧﺲ
ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﺩﺍﺧﻼﻥ ﲢﺖ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺴﺌﻠﺔ .ﻭﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﺃﹶﺧﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﻦ ﻫﻮ ﺩﻭﻥ ،ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﻭﻱ .ﻓﻤﱴ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﳓﺴﻦ ﺍﻟﺘﻀﺮﻉ ﲰﻴﻨﺎﻩ ﺷﻔﺎﻋﺔ ،ﻭﻣﱴ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﳔﺴﺲ ﺍﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﲰﻴﻨﺎﻫﺎ ﺗﻀﺮﻋﺎ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﲰﻴﻨﺎﻩ ﺑﺎﻷَﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﺼﻐﺮﻩ ﲰﻴﻨﺎﻩ ﺑﺎﻷَﺻﻐﺮ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﺳﺮﻕ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﻈﻢ ﺃﹶﻣﺮﻩ، ﻗﻠﻨﺎ :ﺇﹺﻧﻪ ﺣﺎﺭﺏ؛ ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺗﺼﻐﲑﻩ ،ﻗﻠﻨﺎ :ﺇﹺﻧﻪ ﺧﺎﻥ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻛﻠﻬﺎ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﲢﺖ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﳌﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﻋﻮﺽ ﻭﻻ ﺭﺿﻰ ﻣﻦ ﺫﻱ ﺍﳌﺎﻝ. ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺭﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻔﻬﻤﺎ ﻟﻠﺸﻲﺀِ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﻟﻨﻮﻉ .ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺃﹶﲰﺎﺀ ﳍﺎ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺃﹶﲰﺎﺀ ،ﰲ ﺃﹶﲰﺎﺋﻬﺎ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﰲ ﺗﻔﻬﻴﻤﻬﺎ .ﻭ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﳏﻘﻘﺎ ،ﻓﻴﻘﻞ ﲣﻴﻴﻠﻪ .ﻓﺮﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻧﻔﻊ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻓﻴﻪ ﺭﻣﺰﹰﺍ ﻣﺎ ﻭﺃﹶﺷﻜﺎﻻ. ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻻﺳﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﻠﻔﻆ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﺒﺸﻊ ﻭﻻ ﺛﻘﻴﻞ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻻ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﻪ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﻛﻨﺎﻳﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺄﹶﲰﺎ ِﺀ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﰲ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻷَﻣﺮ ﻣﺴﺘﺒﺸﻊ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻭﺟﻪ ،ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ :ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻠﻔﻆ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﺧﺺ ﻣﻨﻪ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻐﲑ ﻋﻨﻪ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﻓﺘﺠﻌﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻨﻪ ﺑﻠﻔﻆ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺑﲔ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﻣﻌﲎ ﺁﺧﺮ ﳑﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﺒﻴﺢ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻔﻮﺽ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺃﹶﻥ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﺍﳌﻨﻌﻜﺴﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﳊﻤﻞ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﳚﻌﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﺑﻴﻨﺎ ﺣﱴ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﲝﺬﺍ ِﺀ ﺍﻟﻌﲔ .ﻭﻳﻘﻞ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷَﻭﻝ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﺎﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻲﺀ ﻟﻪ ﺍﺳﻢ ﺧﺎﺹ ﺇﹺﻻ ﻭﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﻠﻔﻆ ﻋﺎﻡ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻓﻴﻘﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﺎﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻣﺸﻬﻮﺭ ،ﻭﻫﻲ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ .ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﲎ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺑﺎﻟﻀﺪ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻷَﻛﺜﺮ ﻭﺍﻷَﻗﻞ. ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻀﺪ ،ﻓﻤﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ " :ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺄﻛﻼﻥ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ " .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﻭﺍﻷَﻗﻞ ﻓﻤﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺒﻪ ﺑﺎﻷَﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻗﻞ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻷَﻗﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻛﺜﺮ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﲝﻀﺮﺓ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﹶﺯﻳﺪ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻣﻨﻪ ،ﻳﻨﺒﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺼﺎﻥ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ؛ ﺃﹶﻭ ﻳﺬﻡ ﺍﻷَﻧﻘﺺ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻣﻨﻪ ،ﻟﻴﻨﺒﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺼﺎﻥ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ .ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﺡ ﺇﹺﻧﺴﺎ ٍﻥ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻳﻀﹰﺎ ﺑﺎﳌﺬﻣﺔ ﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ. ﻭﺑﺎﻟﻌﻜﺲ .ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﺎﹰ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺮ ﺫﻳﻨﻚ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻧﲔ ﺃﹶﻬﻧﻤﺎ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺎﻥ ﰲ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟﺴﲑﺓ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺪ ﻓﻀﻴﻠﺔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ :ﻣﺎ ﺃﹸﻣﻲ ﺑﺰﺍﻧﻴﺔ ﻭﻻ ﺃﹶﰊ ﺑﺰﺍﻥ .ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺎﻟﺸﻲ ِﺀ ﻗﺒﻴﺤﺎ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻗﺪ ﻳﻐﲑ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﻴﺘﻔﺎﻭﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﰲ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﺍﻟﻘﺒﺢ ،ﲝﺴﺐ ﺗﻔﺎﻭﺕ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺷﺒﺎﻩ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﻒ ﻭﺍﺻﻒ ﺍﻣﺮﺃﹶﺓ ﳐﻀﻮﺑﺔ ﺍﻟﻴﺪ ﺑﺎﳊﻨﺎﺀِ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ :ﲪﺮﺍﺀ ﺍﻷَﻃﺮﺍﻑ ،ﺃﹶﻭ ﻗﺮﻣﺰﻳﺔ ﺍﻷَﻃﺮﺍﻑ ،ﺃﹶﻭ ﻭﺭﺩﻳﺔ ﺍﻷَﻃﺮﺍﻑ ،ﺃﹶﻭ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﻛﻒ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻛﺄﹶﻥ ﺑﻨﺎﻬﻧﺎ ...ﻣﻦ ﻓﻀﺔ ﻗﺪ ﻃﻮﻗﺖ ﻋﻨﺎﺑﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﻭﺭﺩﻳﺔ ﺍﻷَﻃﺮﺍﻑ ﺇﹺﺑﺪﺍﻝ ﺣﺴﻦ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﻋﻨﺎﺑﻴﺔ ﺍﻷَﻃﺮﺍﻑ .ﻭﻗﻮﻟﻨﺎ :ﲪﺮﺍﺀ ﺍﻷَﻃﺮﺍﻑ ﺃﹶﺧﺲ ﻣﻨﻪ .ﻭﺃﹶﻗﺒﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﻗﺮﻣﺰﻳﺔ ﺍﻷَﺻﺎﺑﻊ .ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎَ " :ﺩﻣّﻴﺔ ﺍﻷَﺻﺎﺑﻊ " ﻟﻜﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺠﻮﺍ ﺃﹶﻗﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻣﺪﺣﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻷَﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻭﻗﻊ ﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ ﻬﺑﺎ ﰲ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﺍﻟﺸﺮﻑ .ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎ ُﺀ ﺗﻜﻮﻥ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺄﹶﺣﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎ ِﺀ :ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺎﺷﺘﺒﺎﻩ ﺍﳌﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺍﻟﻠﻮﻥ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺟﻨﺎﺳﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﺎ ﻭﺍﺣﺪ .ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻭﻋﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ،ﺑﻞ ﳐﺘﺮﻋﺔ ﳜﺘﺮﻋﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﹶﻭ ﺍﳋﻄﻴﺐ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺩﻣﻨﺔ ﻭﻛﻠﻴﻠﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻉ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺼﻠﺖ ﺃﹶﳓﺎﺀ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻉ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﺍﻟﻘﺒﺢ ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ .ﻭﻗﺪ ﻳﻠﺤﻖ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﻰ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎ ِﺀ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﰲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺣﻜﺎﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻐﺎﻝ ﺇﹺﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺮﻭﺭﺓ ﺑﺎﻧﻀﻤﺎﻣﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺑﻨﺎﺕ ﺍﳋﻴﻞ ،ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺑﻨﺎﺕ ﺍﳊﻤﲑ .ﻗﺎﻝ :ﻓﺈﹺﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻐﺎﻝ :ﺑﻨﺎﺕ ﺍﳋﻴﻞ ،ﺗﺸﺮﻳﻒ ﳍﺎ ،ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ: ﺑﻨﺎﺕ ﺍﳊﻤﲑ ﲣﺴﻴﺲ ﳍﺎ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺗﻐﻴﲑ ﻳﻌﻄﻰ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻹِﻓﺮﺍﻁ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻐﲑ ﻭﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ،ﻭﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﻐﲑ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﺑﻘﺼﺪ ،ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺫﻫﺐ ﺫﻫﻴﺐ ،ﻭﰲ ﺛﻮﺏ ﺛﻮﻳﺐ ،ﻭﰲ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ،ﺃﹸﻧﻴﺴﻴﺎﻥ. ﻭﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﻏﲑ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﺃﹶﻭ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﰲ ﻏﲑ ﻣﻜﺎﻬﻧﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺮﺩﻱﺀ. ﻭﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺠﻨﺒﻬﺎ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ،ﻭﻫﻲ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺴﺮ ﺗﻔﻬﻢ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺃﹶﻭ
ﺍﻟﱵ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﺣﻮﺍﻻ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﱵ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ. ﻓﺄﹶﺣﺪ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﻣﺎ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺍﻷَﻣﺮ ﻣﻌﲎ ﻏﲑ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻭﻳﻌﺴﺮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺃﹶﻭ ﳜﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻋﺮﺿﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ .ﻭﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﻟﻴﺴﺖ ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﳐﺎﻃﺒﺔ ﺃﹸﻣﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻟﺴﺎﻬﻧﺎ، ﺑﻞ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺃﹸﻣﺔ ﺃﹸﺧﺮﻯ ﻏﺮ ﻳﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﳐﺎﻃﺒﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻷُﻣﺔ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺍﳌﻔﺮﻃﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﻟﺴﺎﻬﻧﺎ. ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻨﻘﻮﻟﺔ ،ﻣﺎ ﻻ ﳜﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻠﺖ ﺇﹺﻟﻴﻪ ،ﻟﻼﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﲢﺘﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﳜﻴﻞ ﻣﻨﻪ ﻋﺮﺽ ﺑﻌﻴﺪ ،ﺃﹶﻭ ﻣﺎ ﳜﻴﻞ ﻣﻨﻪ ﺯﻣﺎﻥ ﻏﲑ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﲎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﹶﲰﺎﺀ ﺑﺎﺭﺩﺓ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﳌﻨﻘﻮﻝ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﻠﱭ :ﺍﻷَﺑﻴﺾ ،ﻓﺈﹺﻥ " ﺍﻷَﺑﻴﺾ " ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ﺑﻴﺾ ،ﻓﻴﻌﺴﺮ ﻓﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﻞ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﺳﻢ ﺟﻨﺴﻪ .ﻭﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﳛﻜﻲ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﻌﺮﻕ " ﺭﻃﻮﺑﺔ " ﺑﺎﺳﻢ ﺟﻨﺴﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ " ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺍﳌﻨﻜﻮﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ " ،ﻭﻳﺴﻤﻰ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ " ﺍﻻﻛﺘﺌﺎﺏ " .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﻴﻞ ﺯﻣﺎﻧﺎ ﻏﲑ ﺯﻣﺎﻥ، ﻓﻤﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﰲ ﻏﲑ ﺯﻣﺎﻥ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷَﺻﻨﺎﻑ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ .ﻭﻫﻲ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻋﺮﺿﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ. ﻭﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﺍﳌﻨﻘﻮﻟﺔ ﺃﹶﻭﻝ ﺃﹶﻣﺮﻫﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﺮﻳﺒﺔ .ﻭﻫﻲ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﲤﺎﺩﻯ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻬﺑﺎ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ، ﻭﺻﻠﺤﺖ ﻟﻠﺨﻄﺎﺑﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﺷﺘﺪﺕ ﺷﻬﺮﻬﺗﺎ ،ﻋﺪﺕ ﰲ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ .ﻭﻫﻲ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﰲ ﺃﹶﺣﺪ ﻣﻮﺿﻌﲔ :ﺇﹺﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﻠﻔﻰ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﺳﻢ ،ﻓﻴﻨﻘﻞ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﺳﻢ ﺁﺧﺮ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ؛ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺗﻔﻬﻴﻤﻪ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،ﻭﳜﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﺣﺎﻻ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﺎﻣﻀﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺗﺒﺼﲑﻩ؛ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻤﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﻌﲎ .ﻭﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﳑﺎ ﻗﺼﺪ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﻭﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺍﳌﻤﺪﻭﺩﺓ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺮﻛﺒﺖ .ﻭﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷَﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺎﻝ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﺗﻮﻕ ﻭﺣﺬﺭ ،ﻣﺜﻞ ﺍﳊﺮﻭﺏ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﲰﺎ َﺀ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺗﻌﻄﻲ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺗﻔﺨﻴﻤﺎ ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﺎ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﺍﳌﻐﲑﺓ ﻓﺘﻠﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ ﺑﺎﻷَﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻬﻴﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﲜﻤﻴﻠﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺑﻌﻴﺪﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻗﺮﻳﺒﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻇﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﺧﻔﻴﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻣﻔﺮﻃﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻧﻘﺼﺎ ﻣﻔﺮﻃﺎ ،ﻭﹺﺇﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺧﺴﻴﺴﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺮﻛﺐ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ. ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ .ﻭﻟﻦ ﺗﻌﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﻔﻘﺪ ﺍﳋﻄﺐ ﻭﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ ﻣﺜﺎﻻ ُ ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻭﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻳﻘﺎﻡ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﳌﻤﺜﻞ ﺑﻪ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻳﺆﺗﻰ ﲝﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ .ﻭﺍﳌﺜﺎﻝ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳌﺜﺎﱄ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻣﺮﺍ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺑﺪﻟﻪ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻣﱴ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ.
ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﻰ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍ َﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻱ ،ﺫﺍ ﺍﻟﻜﺆﻭﺱ ،ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﳌﺮﻳﺦ ،ﺫﺍ ﺍﺠﻤﻟﹶﻦ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﺿﻨﻪ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻱ ﻛﻮﻛﺐ ﺍﻷُﻟﻔﺔ ﻭﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻳﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﻜﺆﻭﺱ ﻭﻫﻢ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ،ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﻭﺍ ﻟﺒﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ،ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ .ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﻳﺦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻛﻮﻛﺐ ﺍﳊﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺾ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻳﺪﻳﻬﻢ ﺍﺠﻤﻟﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺮﺳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺮﻭﺏ ،ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﻭﺍ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ .ﻓﻬﺬﺍﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﻥ ﺇﹺﺫﻥ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﻥ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻬﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﺑﻌﻴﺪﺓ ،ﻭﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﻳﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﻟﻨﻮﻉ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺑﻴﻮﺳﻒ .ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﻟﻨﻮﻉ ،ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﳉﻨﺲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ .ﻣﺜﻞ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﺮﺃﹶﺓ ﺍﳊﺴﻨﺎﺀ ﺑﺎﻟﻈﺒﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ،ﻓﺒﺎﳉﻨﺲ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻣﺜﻞ ﺗﺸﺒﻴﻬﻬﻢ ﺍﳌﺮﺃﹶﺓ ﺍﳊﺴﻨﺎﺀ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻦ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻻ ﺗﺮﺗﻘﻲ ﺇﹺﱃ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ -ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪﺍ -ﻓﻬﻮ ﺭﺩﻱﺀ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ .ﰒ ﻫﻮ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻸ ﻟﻔﺎﻅ ﻫﻲ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﳍﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻭ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻏﲑ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﻔﺖ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﻒ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻟ َ ﳐﻴﻠﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻬﻲ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﻧﺖ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﰎ ﺩﻻﻟﺔ ﻭﺃﹶﺑﲔ ﺇﹺﻓﺎﺩﺓ ﻭﺇﹺﻓﻬﺎﻣﺎ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺿﺪ ﻫﺬﻩ ،ﻓﻴﺸﲑ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺗﻠﻚ ،ﻭﲡﻨﺐ ﻫﺬﻩ. ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺃﹶﻭﻝ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺄﹶﺩﺏ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻮ ﺧﻄﻴﺐ ﺑﻠﺴﺎﻬﻧﻢ ﻭﻳﺘﻌﻠﻤﻪ ،ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﳐﺎﻃﺒﺘﻪ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﺟﺮﺕ ﺑﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺃﹶﻫﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ. ﻓﺄﹶﻭﻝ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻬﺑﺎ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﰎ ﺩﻻﻟﺔ ﻭﺇﹺﻓﺎﺩﺓ ﻟﻠﻤﻌﺎﱐ ﻭﺿﻊ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻭﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻫﻲ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺗﺘﺼﻞ ﺃﹶﺟﺰﺍﺅﻩ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ. ﻭﻗﺪ ﻋﺪﺩ ﺃﹶﺑﻮ ﻧﺼﺮ ﺃﹶﺻﻨﺎﻓﻬﺎ ﰲ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ .ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﰲ ﺃِﻭﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺇﹺﳚﺎﺏ ﻣﻌﲎ ﳌﻌﲎ ﻣﺜﻞ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻭﺍﺠﻤﻟﺎﺯﺍﺓ ،ﻭﻣﺜﻞ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﻚ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﰲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻮﺍﻭ ﻭﺍﻟﻔﺎﺀ ﻭﰒ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻭﺿﻊ ﰲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻫﻲ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻚ: ﺃﹶﻛﺮﻣﺖ ﺯﻳﺪﺍ ﳉﻮﺩﻩ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺃﹶﻓﺼﺢ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻘﻮﻝ :ﳉﻮﺩﻩ ﺃﹶﻛﺮﻣﺖ ﺯﻳﺪﺍ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻛﺮﻣﺖ ﳉﻮﺩﻩ ﺯﻳﺪﺍ .ﻭﺫﻟﻚ ﺑﲔ ﰲ ﻟﺴﺎﻬﻧﻢ .ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﹶﺃﻥ ﻳﺮﺗﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﹶﻓﺼﺢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ. ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﻟﻔﻆ ﺁﺧﺮ ﻏﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺮﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﻤﻰ ﺟﺰﺍﺀ ﻭﻗﻀﺎﺀ .ﻭﻣﻦ ﺷﺄﹶﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺘﺼﻞ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﻭﻣﻦ ﺷﺄﹶﻧﻪ ﰲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ .ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺣﺮﻑ ﺍﳉﺰﺍﺀ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﺷﺄﻬﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﻮﺿﻊ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍ .ﻣﺜﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍ ُﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺘﺄﹶﺧﺮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﻘﺘﺮﻥ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎﻁ ﻗﻮﻟﻚ :ﹶﺃﻣﺎ ﺯﻳﺪ ﻓﻤﻨﻄﻠﻖ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﻓﻘﺎﻋﺪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﳉﺰﺍﺀ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﳏﻠﻮﻻ ﺩﻭﻥ ﺭﻭﺍﺑﻂ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳚﺘﻨﺐ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻻ ﻳﺒﺎﻋﺪ ﺑﲔ ﺍﳉﺰﺍ ِﺀ ﻭﺑﲔ ﺍﺠﻤﻟﺎﺯﻯ ﺑﻪ ﺑﻜﻼﻡ ﻛﺜﲑ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﺃﹶﺛﻨﺎﺀ ﺫﻟﻚ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪﻩ ﺭﺑﺎﻁ ﺁﺧﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺘﻜﺮﺭ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺜﻞ ﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﻜﺴﻮﺭﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻧﻮﻋﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﻡ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﰐ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻫﻞ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ .ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺃﹶﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻷَﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺭﺑﺎﻁ ﺁﺧﺮ ﻟﻴﺲ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﻏﲑ ﻣﻔﻬﻮﻡ .ﻭﻗﺪ ﳛﺴﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻷَﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻳﺴﲑﺓ ﺭﺑﺎﻁ ﺁﺧﺮ ﻏﺮﻳﺐ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻧﺎ ﻓﻸﺟﻞ ﻛﺬﺍ ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﻸﺟﻞ ﻛﺬﺍ ﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ .ﻓﻴﺤﺴﻦ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻚ
ﻷَﺟﻞ ﻛﺬﺍ ﺑﲔ ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷُﻭﱃ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺇﹺﺣﺪﺍﳘﺎ ﺍﻷُﺧﺮﻯ .ﻭﻗﺪ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﰲ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻛﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﻔﻌﻞ ﻛﺬﺍ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﻔﻌﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ،ﻭﻷَﺟﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ.ﻭﻳﻌﺴﺮ ﺇﹺﻋﻄﺎﺀ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﹶﻳﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﰲ ﻣﻮﻉ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ .ﻭﺍﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﺮﻯ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﺃﹶﰎ ﺇﹺﺑﺎﻧﺔ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺼﻠﺢ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻳﺴﲑﺓ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺎﻋﺪ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﻭﺑﲔ ﺟﺰﺍﺋﻪ .ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺃﹸﻭﻝ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﻭﺻﻰ ﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺄﹶﺩﺑﺒﻠﺴﺎﻥ ﺃﹸﻣﺔ ﻣﺎ ﺣﱴ ﻳﻘﻮﻣﻪ. ﻭﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﺧﻰ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻼﻣﻪ ﺑﺎﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺍﻷَﻫﻠﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷَﻣﺮ ﺍﳌﻘﻮﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺘﻮﺍﻃﺌﺔ ،ﻻ ﺑﺎﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﶈﻴﻄﺔ. ﻭﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﺎﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺍﳌﺸﻜﻜﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻫﻢ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻭﺿﺪﻩ ﻭﺗﻀﻠﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺃﹶﺧﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻄﻘﻮﻥ ﺑﺄﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎﺀ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﺋﻬﻢ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻧﻄﻘﻮﺍ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ،ﻳﻘﻞ، ﻻﺣﺘﻤﺎﳍﺎ ﻣﻌﲎ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻋﺮﺽ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻠﻮﻙ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺎﻝ :ﺇﹺﺫﺍ ﻋﱪﺕ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺍﻟﻔﻼﱐ، ﺃﹶﺗﻠﻔﺖ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،ﻓﻈﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺑﻌﺾ ﺃﹶﻋﺪﺍﺋﻪ .ﻓﻠﻤﺎ ﻋﱪ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻇﻔﺮ ﺑﻪ ﻋﺪﻭﻩ ﻭﻫﻠﻚ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺗﻠﻒ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﻧﻔﺴﻪ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻧﻄﻘﻮﺍ ﺑﺎﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺍﻷَﻫﻠﻴﺔ -ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ -ﻭﺣﺪﺩﻭﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳋﻄﺄ ﻳﻌﺮﺽ ﳍﻢ ﻛﺜﲑﺍ. ﻭﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ :ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﺑﺄﹶﺷﻜﺎﻝ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺬﻛﺮ ﻭﺍﳌﺆﻧﺚ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺷﻜﻼ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺆﻧﺚ ،ﻭﻻ ﺷﻜﻼ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻧﻴﺚ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺬﻛﺮ .ﻭﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﻭﺍﻟﺘﺄﻧﻴﺚ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ،ﰒ ﻗﺪ ﻳﺘﺠﻮﺯ ﰲ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷَﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﻴﻌﱪ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﺷﻜﺎﳍﺎ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﻣﺆﻧﺜﺔ ﻭﻋﻦ ﺑﻌﻀﺎ ﺑﺎﻟﱵ ﺃﹶﺷﻜﺎﳍﺎ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﻣﺬﻛﺮﺓ .ﻭﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷَﻟﺴﻨﺔ ﻟﻴﺲ ﻳﻠﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻤﺬﻛﺮ ﻭﺍﳌﺆﻧﺚ ﺷﻜﻞ ﺧﺎﺹ ،ﻛﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﻲ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﺱ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ ﻭﺍﳊﺮﻭﻑ.ﻭﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷَﻟﺴﻨﺔ ﺃﹶﲰﺎﺀ ﻫﻲ ﻭﺳﻂ ﺑﲔ ﺍﳌﺬﻛﺮ ﻭﺍﳌﺆﻧﺚ، ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻜﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ .ﻭﳛﺘﺎﺝ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻬﻧﺎﻳﺎﻬﺗﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺑﺎﻷَﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﺓ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻘﻮﻡ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻌﺮﺑﺔ ﺑﺎﻹِﻋﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺮﺕ ﺑﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺃﹶﻫﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺮﺑﻮﺍ ﻬﻧﺎﻳﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﻭ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺼﻬﺎ. ﻭﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ :ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻹِﺛﻨﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺜﲑ .ﻭﻳﺘﺤﻔﻆ ﺑﺄﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﲑ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ ﻓﻤﺎ ﺩﻭﻬﻧﺎ ﻣﺜﻞ ﺻﻴﻐﺔ ﺃﹶﻓﻌﻞ ﰲ ﺍﳉﻤﻊ ،ﻛﻘﻮﻟﻚ ﲝﺮ ﻭﺃﹶﲝﺮ ﻭﺟﺒﻞ ﻭﺃﹶﺟﺒﻞ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﲑ ،ﻛﻘﻮﻟﻚ ﺟﺒﺎﻝ ﻭﲝﺎﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﺑﻨﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﳐﺘﻠﻔﺔ .ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﻔﻆ ﻬﺑﺎ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﺷﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻣﻮﺿﻌﻪ ،ﻭﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﻬﻧﺎﻳﺎﻬﺗﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ،ﺑﺎﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺮﺕ ﺑﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺃﹶﻫﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻹِﻋﺮﺍﺏ ﻋﻨﺪ ﳓﻮﻳﻲ ﺍﻟﻌﺮﺏ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻨﺪ ﳓﻮﻳﻲ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ. ﻭﻭﺻﻴﺔ ﺳﺎﺩﺳﺔ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﳑﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻋﻨﺪ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ؛ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺘﻠﻮ ﳑﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﻔﺴﲑﻩ .ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻟﻼﺗﺼﺎﻝ ﻭﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ .ﻭﺫﻟﻚ ﺷﻲﺀ ﱂ ﻳﻮﺿﻊ ﺑﻌﺪ ﰲ ﺧﻂ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ .ﻭﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺧﻄﻮﻁ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﻟﺴﻨﺔ .ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﺘﻠﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺴﺮ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻌﻘﺪ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﺪﺭﹰﺍ .ﻓﺈﹺﻥ ﻋﺪﻣﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﲨﻠﺔ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﺪﻡ ﻓﻬﻢ ﺍﺗﺼﺎﻟﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﻛﺜﺮﻬﺗﺎ ﺗﻮﺟﺐ ﻋﺪﻡ ﻓﻬﻢ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ. ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻧﻄﻖ ﻬﺑﺎ ﱂ ﻳﺪﺭ ﻫﻞ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺎﳉﺰ ِﺀ ﺍﻷَﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﻡ ﺑﺎﳉﺰ ِﺀ
ﺍﻷَﺧﲑ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﺪﳝﻮﻣﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺍﳊﻜﻴﻢ .ﻓﺈﹺﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺪﳝﻮﻣﺔ ﳛﺘﻤﻞ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﺪﳝﻮﻣﺔ ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺍﳊﻜﻴﻢ؛ ﻭﳛﺘﻤﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺪﳝﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳊﻜﻴﻢ ،ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺗﺎﻣﺎ ﻭﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺟﻮﺍﺏ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ: ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺑﺎﻟﺪﳝﻮﻣﺔ ،ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺧﱪ .ﻭﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻹِﺷﻜﺎﻝ ﻋﺪﻡ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﻭﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ. ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ :ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺗﻔﻖ ﺃﹶﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﺩﺍﺧﻠﲔ ﲢﺖ ﺟﻨﺴﲔ ،ﻓﺄﹶﺭﺩﻧﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﲟﺎ ﳜﺼﻪ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳒﻌﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺼﻪ .ﻭﺇﹺﻥ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﳒﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﲟﺎ ﻳﻌﻤﻬﻤﺎ. ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ :ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﻧﻌﱪ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﲟﺎ ﳜﺼﻪ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﹶﺑﺼﺮﻧﺎ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻗﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻗﻠﻨﺎ ﲰﻌﻨﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﳒﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﹶﺣﺴﺴﻨﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﻋﱪﻧﺎ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻓﻘﻂ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻹِﺣﺴﺎﺱ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺭﺩ ﻳﺌﺔ. ﻭﳑﺎ ﻳﻌﺴﺮ ﻓﻬﻢ ﺍﻷَﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻳُﻘﺼﺪ ﺍﻹِﺧﺒﺎﺭ ﻋﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﻳُﺪﺧﻞ ﺍﳌﺨﱪ ﺑﲔ ﺍﳋﱪ ﻭﺍﳌﺨﱪ ﻋﻨﻪ ﻛﻼﻣﹰﺎ ﻛﺜﲑﺍ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻚ: ﺇﹺﱐ ﻛﻨﺖ ﻣﺰﻣﻌﺎ ﺣﲔ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﻓﻜﺎﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﲝﺎﻝ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ .ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﱐ ﻛﻨﺖ ﻣﺰﻣﻌﺎ ﺣﲔ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺃﹶﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻓﹺﺈﺩﺧﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﳑﺎ ﻳﻌﺴﺮ ﺑﻪ ﺗﻔﻬﻢ ﺍﳌﻌﲎ .ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺗﻜﺜﲑ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻏﺰﺍﺭﺓ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻮ ﺃﹶﺗﻰ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺸﻮ ﺃﹶﺧﲑﺍﹰ ،ﻟﺘﺒﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﻀﻞ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺃﹶﻭﻫﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﺃﹶﻧﻪ ﳑﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻗﺼﺪﻩ ﺍﻹِﳚﺎﺯ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺸﻮ. ﻭﳑﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﰲ ﺟﻮﺩﺓ ﺗﻔﻬﻴﻢ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺗﻜﺜﲑ ﺍﻟﻘﻮﻝ -ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩﹰﺍ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ -ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺸﺎﺭﺣﺔ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺼﺪﻩ ﺍﻹِﳚﺎﺯ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺿﺪ ﺫﻟﻚ .ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻹِﺑﺪﺍﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺑﺪﺍﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻻﺳﻢ ،ﻭﺍﻻﺳﻢ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ ﻗﺒﻴﺤﺔ ،ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺪﻝ ﻣﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻻﺳﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺳﻢ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﻗﺒﺤﺎ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺪﻝ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺴﺎﻭﻱ ﻟﻪ .ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺑﺪﻝ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﳑﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﰲ ﺗﻜﺜﲑ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺒﺪﻟﺔ ﺑﺪﻝ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺃﹶﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳋﺰﺍﻳﺔ .ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺒﺪﻝ ﻗﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﻗﺼﲑﺍ ،ﻭﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﻮﻳﻼ .ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺒﺪﻟﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻗﺪ ﻳﺘ ﺠﻨﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀُ ،ﻭﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺇﹺﻃﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﺧﺘﺼﺎﺭﻩ .ﻓﻘﺪ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺻﻒ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻴﺠﻌﻞ ﺑﺪﻟﻪ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﻛﺜﲑﺓ؛ ﻭﻗﺪ ﻳﻘﺼﺪ ﻭﺻﻒ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ﻓﻴﺠﻌﻞ ﺑﺪﳍﺎ ﻗﻮﻻ ﻭﺍﺣﺪﺍ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺭ .ﻭﺭﲟﺎ ﺟﻌﻞ ﺑﺪﻝ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻻ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺍﻹِﻃﻨﺎﺏ. ﻭﳑﺎ ﻳﺼﲑ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﳐﺘﺼﺮﹰﺍ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﻏﲑ ﻣﺮﺑﻮﻁ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﺒﻌﺾ .ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﺮﺑﻮﻁ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺑﺘﺪﺉ ﺑﻪ ﺃﹶﺭﺩﻑ ﲟﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﺑﻞ ﳛﺘﺎﺝ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺭﺩﻑ ﺑﻪ ﻣﺘﻮﺳﻂ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺣﺬﻑ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻏﲑ ﻣﺮﺑﻮﻁ ﺣﱴ ﳜﻴﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷَﻭﻝ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﺜﺎﱐ .ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻦ ﳕﻂ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻔﺼﻮﻝ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﺮﺑﻮﻁ ﻟﻴﺲ ﻳﻌﺪﻡ ﻓﻴﻪ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻏﲑ ﻣﺮﺑﻮﻁ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻋﺪﻡ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﺻﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ .ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﺮﺑﻮﻁ ﺻﻨﻔﲔ :ﺻﻨﻒ ﻋﺪﻡ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﻭﺻﻨﻒ ﻋﺪﻡ ﺍﳌﺘﻮﺳﻄﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺑﲔ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ. ﻗﺎﻝ ﺃﹶﺑﻮ ﻧﺼﺮ :ﻭﻳﻜﺎﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﻄﺒﺎ ُﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﺮﺑﻮﻁ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻌﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻷَﲰﺎﺀُ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﶈﺼﻠﺔ ﻭﺍﻟﻜﻠﻢ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﶈﺼﻠﺔ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﺏ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀِ ،ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺇﹺﺭﺍﺩﺓ ﺇﹺﺧﻔﺎ ِﺀ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺳﺘﺮﻩ،
ﻭﻫﻲ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻄﺒﻴﺔ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻔﺮﻁ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﻻ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﳏﺼﻞ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺇﹺﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻡ ،ﱂ ﻳﺬﻡ ﺑﺸﻲﺀ ﳏﺼﻞ ﻭﻻ ﻣﺪﺡ ﺑﺸﻲﺀ ﳏﺼﻞ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺍﳌﻤﺪﻭﺡ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻀﺮ ﺑﻪ ﺍﳌﺬﻣﻮﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﺮﺭ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ﻭﻻ ﰲ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺎﺕ .ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﹺﻻ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﲨﻴﻠﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺄﹶﻟﻔﺎﻅ ﳐﻴﻠﺔ ،ﺧﻠﻘﻴﺔ ،ﻣﻮﺟﻬﺔ ﳓﻮ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﻘﻮﱄ ﺧﻠﻘﻴﺔ ﺃﹶﻱ ﺑﺄﹶﻟﻔﺎﻅ ﲢﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺍﳊﺚ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﻟﻔﺎﻇﺎ ﳛﺚ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ :ﺃﹶﻻ ﺭﺟﻞ ﻳﻔﻌﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ،ﻭﻫﻼ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﻘﻮﱄ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﳓﻮ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳋﻠﻖ ﺃﹶﻭ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺚ ﻋﻠﻴﻪ ﳑﺎ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ .ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﻘﻮﱄ ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ﺃﹶﻻ ﲣﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺃﹶﺧﻼﻗﺎ ﻫﻲ ﺃﹶﺭﻓﻊ ﺟﺪﺍ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻴﻘﻞ ﲣﻠﻘﻪ ﺃﹶﻭ ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻭﻻ ﺃﹶﺧﻼﻗﺎ ﻫﻲ ﺃﹶﺧﺲ ﻣﻨﻪ ﺟﺪﺍ ،ﺑﻞ ﲣﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﺧﻼﻗﺎ ﺗﻠﻴﻖ ﺑﻪ .ﻭﳑﺎ ﻳﺼﲑ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺧﺴﻴﺴﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻷَﻫﻠﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺑﺄﹸﻣﻮﺭ ﻣﻔﺼﻠﺔ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺰﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﻐﻢ ﻓﻘﻂ ﺃﹶﻭ ﺑﺴﺎﺋﺮ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺎﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﳐﻴﻠﺔ. ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺬﻛﹼﺮﺓ ﺑﺎﻟﻌﺎﺭ ﻭﺍﳌﻨﻘﺼﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﳏﺮﻛﺔ ﻟﻠﻐﻀﺐ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺑﺎﻵﻻﻡ ﻭﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﻗﻲ ﻭﺍﳊﺬﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺴﺮ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻭﺃﹶﻻ ﻳﻌﻄﻰ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﳌﺪﻳﺢ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﺪﺭﺟﺔ ﳓﻮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻣﺴﻬﻠﺔ ﻟﻪ ،ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﲟﺎ ﻳﻀﺎﺩ ﺍﳌﺪﻳﺢ ﻛﺎﻧﺖ ﳏﺮﻛﺔ ﻟﻠﻬﻢ ﻭﺍﳉﺰﻉ. ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﺩﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺄﹶﻟﻔﺎﻅ ﺩﺍﻟﺔ ﺑﺼﻴﻐﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ،ﻻ ﺑﺄﹶﻟﻔﺎﻅ ﻻ ﺗﺪﻝ ﺑﺼﻴﻐﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﻠﻖ ،ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍ َﻷﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺃﹶﺷﺪ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﺎ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻬﺑﺎ ،ﻷَﻧﻪ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﳛﺴﻦ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺍﳊﻖ .ﺇﹺﺫ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﳊﻖ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﳛﺴﻦ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺘﻐﻠﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﰲ ﻫﺬﺍ ،ﻭﻳﻀﻠﻠﻬﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻼﺣﻖ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻗﺪ ﻳﻨﻔﻌﻞ ﻋﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﻟﻪ ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﺜﻞ ﺍﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﻋﺪﺩﺕ ،ﻓﻜﻢ ﺑﺎﳊﺮﻱ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻔﻌﻞ ﺃﹶﻭ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﺑﺼﻴﻐﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﻠﻖ ﺃﹶﻭ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ. ﻭﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﳑﺎ ﻗﻴﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺗﺸﺎﻛﻞ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ ﻭﳘﺔ ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳉﻨﺲ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺍﳌﺮﺃﹶﺓ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﻲ ،ﻭﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳍﻤﺔ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻷُﻣﺔ ﺃﹸﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻢ ﰲ ﺣﻴﺎﻬﺗﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻡ، ﻭﺍﳌﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻡ ﺁﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﺍﻟﻠﻬﻮ ﻋﻨﺪ ﺁﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻔﺮﺽ ﻏﺎﻳﺔ ﻗﺼﻮﻯ .ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻭﺍﳌﻬﻦ ﳍﺎ ﺗﺄﹾﺛﲑ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺧﻠﻖ ﺧﻠﻖ ،ﻭﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﺤﺮﻯ ﺍﻟﻼﺣﻖ ﻟﻜﻞ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﻓﻴﺤﺜﻪ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻌﻤﺪ ﺫﻟﻚ ،ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﹶﺑﻠﻎ .ﻭﳑﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺼﺪﻩ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﳜﺎﻃﺐ ﺃﹶﻫﻞ ﻛﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﳜﺎﻃﺐ ﺍﳊﻜﻤﺎ َﺀ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀِ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﻮﻗﻊ ﻋﻈﻴﻢ ﰲ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ. ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻭﻣَﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻫﺬﺍ؟ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻫﺬﺍ .ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﻘﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎ َﺀ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺌﻞ ﻛﻴﻒ ﻭﺟﺐ ﺫﻟﻚ .ﻭﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﻣﺎ .ﻓﻴﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﻬﺑﺎ ،ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻳﻀﺎ.
ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻓﲑﻭّﻯ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﱵ ﻬﺑﺎ ﻳﻘﻨﻊ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ ﺃﹶﺑﲔ ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺬﻫﺐ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ. ﻭﻗﺪ ﺃﹶﻭﺻﻰ ﺍﳉﺪﱄ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﻃﻮﺑﻴﻘﻰ .ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﹶﺃﻥ ﳚﻌﻞ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻠﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺄﹶﻟﻔﺎﻅ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺣﱴ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺄﹶﻟﻔﺎﻅ ﻣﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﺃﹶﻭ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺃﹶﻭ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳜﻠﻂ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﺷﺪ ﲣﻴﻴﻼ ،ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺗﻰ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻲﺀ ﻏﺮﻳﺐ ،ﱂ ﻳﻔﺪ ﺫﻟﻚ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﻭﻻ ﺗﻌﺠﺒﺎ ﳛﺮﻙ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻗﺮﻥ ﺑﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﺗﻰ ﻬﺑﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﹶﺷﺒﻬﺖ ﺍﳌﺄﻟﻮﻑ .ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﲢﺮﻙ ﺍﻟﻨﻔﺲ. ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻭﺍﳌﻀﺎﻋﻔﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﹶﻭﻓﻖ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﲣﻴﻞ ﺃﹶﻣﺮﹰﺍ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻬﺑﺎ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻋﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺃﹶﻓﺎﺩﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﲎ ﺯﺍﺋﺪﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ﳓﻮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﲟﺎ ﺃﹶﻋﻄﺖ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﰲ ﻓﻌﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﺑﺎﺟﺘﻨﺎﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﳛﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺳﻴﻔﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻊ ﲢﺮﻳﻜﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﳋﻠﻖ ﺃﹶﻭ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﳛﺮﻙ ﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﺪﺭﺟﻬﻢ ﺇﹺﻣﺎ ﺇﹺﱃ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺣﺜﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﳌﺪﺡ ﺑﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ،ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ﺇﹺﱃ ﺍﶈﺒﺔ ﺑﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﻜﻔﻬﻢ ﻋﻨﻪ ﻭﺣﺜﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺟﺘﻨﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﺬﻡ ﺑﺎﳋﻠﻘﻴﺎﺕ ،ﺃﹶﻭ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺒﻐﻀﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎﺕ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﳛﺮﻙ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﳓﻮ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺫﻟﻚ ﳝﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﳌﺪﺡ ﳌﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ:ﻫﺬﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺫﻭﻭ ﺍﳍﻤﻢ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﻭﺍﻷَﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ. ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ :ﻭﺃﹶﻧﺖ ﺳﺘﻔﻌﻠﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﳘﺘﻚ ﻭﺷﺮﻓﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﺮﻛﻪ ﺑﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎ ﻟﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ :ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻭﻣﻮﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﺳﻴﻜﺘﺴﺐ ﺫﻟﻚ .ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺎﻟﺬﻣﻴﺎﺕ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺒﻐﻀﻴﺎﺕ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺍﻹِﻧﺒﺎﺀ ،ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻹِﻧﺒﺎﺀ ،ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﱪ ﻋﻨﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﳜﱪ ﻋﻨﻪ ﻭﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮﻥ .ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻳﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺟﺪﺍ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻨﺒﺎﺀ، ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﱪ ﲟﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻧﺒﺎﺀ ﻣﻊ ﻣﺰﺍﺡ ﺃﹶﻭ ﻫﺰﻝ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ .ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻭﻃﻮﳍﺎ ﻭﻗﺼﺮﻫﺎ ،ﻭﺃﹶﻋﻄﻰ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ،ﺷﺮﻉ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﲔ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ،ﻓﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﱯ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﲑ ﺫﻱ ﻭﺯﻥ ﻭﻻ ﻋﺪﺩ ،ﻳﻌﲏ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻏﲑ ﺫﻱ ﻭﺯﻥ ،ﺃﹶﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﲔ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﺭﺟﻞ ﺃﹶﺯﻣﻨﺔ ﳛﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﹺﻳﻘﺎﻉ ﻭﺯﱐ ،ﻭﻳﻌﲏ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻭﻻ ﻋﺪﺩ ،ﺃﹶﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻷَﺭﺟﻞ ﻭﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﲨﻊ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻔﺘﲔ .ﻭﺍﻷَﺯﻣﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﻭﺍﻷَﺭﺟﻞ ﺭﲟﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻜﻨﺎﺕ ﻭﻭﻗﻮﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺃﹶﻭﺯﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﻨﺎﺕ ﻭﻧﱪﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺃﹶﻭﺯﺍﻥ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷُﻣﻢ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻣﻘﻨﻌﺎ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ :ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻘﻊ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻗﺪ ﺩﺧﻠﺘﻪ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻭﺣﻴﻠﺔ ﺣﱴ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺇﹺﳕﺎ ﺃﹶﺗﻰ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺼﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﺘﻌﺠﻴﺐ ﻭﺍﻹِﻟﺬﺍﺫ ﻭﺍﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻓﻴﻘﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻏﻮﻟﻄﻮﺍ ﰲ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺑﻪ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﻮﺯﻭﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺑﺘﺪﹶﺃ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺼﺪﺭﻩ ،ﻓﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻋﺠﺰﻩ ﻟﻠﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﺍﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻧﻄﻖ ﺑﻪ ﺑﻌﺪ ،ﻓﻜﺄﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﺄﺕ ﺑﺸﻲ ٍﺀ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻗﺒﻞ ،ﻓﻴﻘﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﺇﹺﻗﻨﺎﻋﻪ .ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ :ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﻣﻮﺯﻭﻧﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﳚﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹِﻳﻘﺎﻉ ﻭﺍﻟﻌﺪﺩ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺃﹶﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺃﹶﺯﻣﻨﺔ ،ﻓﻴﻨﺘﻬﻲ ﻬﺑﺎ ﻛﻞ ﻟﻔﻈﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﺃﹶﻭ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﻴﺘﻬﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺴﺨﻴﻒ .ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺃﹶﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺃﹶﺣﻮﺍﻝ ﺗﻨﻬﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﺗﻔﺼﻠﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺴﻜﻨﺎﺕ ﺃﹶﻭ ﻧﱪﺍﺕ .ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻧﱪﺍﺕ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻢ ﺑﺎﻟﻨﱪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻮﻗﻔﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﻭﺍﻷَﺭﺟﻞ ﻭﺑﺎﻟﻌﺪﺩ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﳌﺼﺮﻉ ﺍﻷَﻭﻝ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺴﺎﻭﻳﺔ ﳊﺮﻭﻑ ﺍﳌﺼﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ .ﻭﻛﺄﹶﻥ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻮﺯﻭﻧﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﲟﻘﻨﻌﺔ ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻧﱪﺍﺕ -ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ .ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺴﺒﺒﲔ :ﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻓ ﻸَﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﺼﻮﻝ ﺯﻣﺎﻧﻴﺔ ﻋﺴﺮ ﻓﻬﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﱐ،ﻷَﻬﻧﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺭﺩﺕ ﻣﺸﺎﻓﻌﺔ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ،ﱂ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﱴ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﺧﺮ ،ﺷﺒﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﳌﻦ ﳛﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﺍﳊﺮﻛﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻏﲑ ﻟﺬﻳﺬ ﺍﳌﺴﻤﻮﻉ، ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻠﺘﺬ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺑﺎﻟﻨﱪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻮﻗﻔﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺑﲔ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﻟﺘﻘﺎﺭﻬﺑﺎ ﻓﻬﻲ ﳑﻠﻮﻟﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺇﹺﱃ ﺟﻨﺲ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﺇﹺﻻ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺴﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺃﹶﺟﺰﺍﺋﻪ ﻧﱪﺍﺕ ﻭﻭﻗﻔﺎﺕ ﻻ ﲣﺮﺝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﻓﻬﻤﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﺷﻚ ﳐﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺎﻋﺪ ﺑﲔ ﺃﹶﺟﺰﺍﺋﻬﺎ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮ .ﻭﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺇﹺﺑﻌﺎﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺇﹺﺑﻌﺎﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ،ﻭﹺﺇﻣﺎ ﰲ ﺇﹺﺑﻌﺎﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻷَﺭﺟﻞ ﻭﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺇﹺﺑﻌﺎﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﳊﺮﻭﻑ .ﻭﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺇﹺﺑﻌﺎﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻷَﺭﺟﻞ ﻭﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﲣﺺ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ .ﻭﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺇﹺﺑﻌﺎﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﲣﺺ ﺍﻷَﻏﺎﱐ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺺ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﰲ ﺇﹺﺑﻌﺎﺩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ. ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺻﻨﻔﺎﻥ :ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺼﺎﺭ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻃﻮﺍﻝ؛ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﻡ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻏﲑ ﺍﻟﺘﺎﻡ .ﻭﺍﻟﺘﺎﻡ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﺩﻝ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳊﺎﺯﻡ، ﻭﺍﻷَﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ،ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﲢﺘﻬﺎ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺛﻮﺍﻥ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳋﻄﺐ .ﻓﺎﻟﻨﱪﺍﺕ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﰲ ﺃﹶﺣﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻮﺍﺿﻊ: ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﺟﺰﺍ ُﺀ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺃﹶﻃﺮﺍﻑ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﻧﺼﺎﻓﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﳋﻄﺒﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ. ﻓﺎﻟﱵ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﺟﺪﺍ ﻭﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺗﻀﺎﺭﻉ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻮﺯﻭﻥ ﻟﻘﺮﺏ ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﻟﻠﻤﻘﺎﻃﻊ ﻭﺍﻷَﺭﺟﻞ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻮﻗﻰ ﻋﻨﺪ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﲑ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻣﱴ ﻭﻗﻌﺖ ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﻭﺍﻷَﺭﺟﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ؛ ﻭﻣﱴ ﻭﻗﻌﺖ ﺑﲔ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ ﻭﺯﻧﺎ ﺧﻄﺒﻴﺎ .ﻭﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻘﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺴﻜﻨﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻷُﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻜﻨﺎﺕ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﻭﺍﻷَﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺼﺪﻭﺍ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻮﺯﻭﻧﺎ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺼﺢ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺃﹶﻭ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺎﻭﻳﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎﻃﻊ ﻭﺍﻷَﺭﺟﻞ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﺟﺰﺍ ُﺀ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻴﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍ ﻧﻔﺼﺎﻝ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ .ﻭﻫﺬﺍ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﻡ ﺍﻷَﻭﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ ﻭﻫﻲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﰲ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻬﻴﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﻫﻮ ﻗﻠﻴﻞ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﻊ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺎﺕ
ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺄﹶﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻭﻫﺬﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﻮﻗﻒ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻋﻮﺽ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﻭﻗﻔﺎﺕ .ﻭﺍﻟﺼﻨﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺍﻷﻗﺎﻭﻳﻞ ﻭﰲ ﺧﺘﻤﻬﺎ ﻭﰲ ﺗﻮﺳﻄﻬﺎ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷُﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﺘﺪﺉ ﻓﻴﻬﺎ ﲟﻘﺎﻃﻊ ﳑﺪﻭﺩﺓ ﻭﺗﻨﺘﻬﻲ ﲟﻘﺎﻃﻊ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﺘﺪﺉ ﲟﻘﺼﻮﺭﺓ ﻭﺗﻨﺘﻬﻲ ﲟﻤﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﻠﻬﺎ ﳑﺪﻭﺩﺓ .ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﳑﺪﻭﺩﺓ ﺗﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻮﻗﻔﺎﺕ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﻗﻴﻤﺖ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻨﻐﻤﺎﺕ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﺭﺩﺍ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﺍﻟﻨﻐﻢ ﻗﻠﻴﻠﺔ .ﻭﺍﻟﻨﻐﻢ ﺇﹺﳕﺎ ﲢﺪﺙ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻊ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﺍﳌﻤﺪﻭﺩﺓ ﺃﹶﻭ ﻣﻊ ﺍﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﲤﺘﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻐﻢ ﻭﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻛﺎﳌﻴﻢ ﻭﺍﻟﻨﻮﻥ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﺍﳌﻘﺼﻮﺭﺓ ﻓﻘﺪ ﲤﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﺑﺎﻟﻨﻐﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﺍﳌﻤﺪﻭﺩﺓ ،ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺃﹶﻭﺳﺎﻁ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﻭﺍﺧﺮﻫﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﺍﳌﻘﺼﻮﺭﺓ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﻐﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺃﹶﻭﺳﺎﻁ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺃﹶﻭﺍﺧﺮ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﳚﻌﻠﻮﻥ ﺍﳌﻘﻄﻊ ﺍﳌﻘﺼﻮﺭ ﳑﺪﻭﺩﺍ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﺘﺤﺔ ﺃﹶﺭﺩﻓﻮﻫﺎ ﺑﺄﹶﻟﻒ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺿﻤﺔ ﺃﹶﺭﺩﻓﻮﻫﺎ ﺑﻮﺍﻭ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺴﺮﺓ ﺃﹶﺭﺩﻓﻮﻫﺎ ﺑﻴﺎﺀ. ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺎﺕ ﺍﻷَﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﻟﻘﻮﺍﰲ .ﻭﻗﺪ ﳝﺪﻭﻥ ﺍﳌﻘﺎﻃﻊ ﺍﳌﻘﺼﻮﺭﺓ ﰲ ﺃﹶﻭﺳﺎﻁ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﹺﱃ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓ ﰲ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﺟﻌﻠﺖ ﻓﺼﻮﳍﺎ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﹺﱃ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﳑﺪﻭﺩﺓ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ " ﻭﻳﻈﻨﻮﻥ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﻈﻨﻮﻧﺎ " .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﳝﺪﻭﻥ ﺍﳌﻘﻄﻊ ﺍﳌﻘﺼﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﻗﻒ ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﻐﻢ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﻔﺘﺢ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﱵ ﳜﺘﻢ ﻬﺑﺎ ﺗﻀﺎﺩ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﻜﺎﻩ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻔﺘﺢ ﻬﺑﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺘﺪﹸﺃ ﻓﻴﻬﺎ ﲝﺮﻑ ﻃﻮﻳﻞ ﺃﹶﻭ ﻣﻘﻄﻊ ﳑﺪﻭﺩ ،ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﻗﺼﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﱵ ﳜﺘﻢ ﻬﺑﺎ ﺿﺪ ﺫﻟﻚ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻳﺒﺘﺪﹸﺃ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓ ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﲟﻘﻄﻊ ﳑﺪﻭﺩ ﺃﹶﻭ ﺣﺮﻑ ﳑﺪﻭﺩ :ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﲟﻘﻄﻊ ﻣﻘﺼﻮﺭ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﺒﺘﻮﺭﺍ. ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ -ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻠﻲ -ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﳋﻂ ،ﺑﻞ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ،ﻭﻳﻨﻄﻖ ﻬﺑﺎ ﺣﱴ ﻳﺘﺒﲔ ﻬﻧﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻝ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻨﱪﺍﺕ ﻭﺑﺄﹶﻱ ﺣﺎﻝ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻧﻮﻉ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻧﻮ ﻉٌ ﻧﻮ ﻉٌ ﻣﻨﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻭﺍﺧﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺄﹶﻋﻴﺎﻬﻧﺎ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ - ﻣﻊ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺄﹶﻋﻴﺎﻬﻧﺎ -ﺃﹶﻭﺍﺧﺮﻫﺎ ﺣﺮﻭﻑ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺄﹶﻋﻴﺎﻬﻧﺎ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻔﻘﺮ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻠﻔﻆ ﻣﻜﺮﺭ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻣﻮﺻﻠﺔ ﲝﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﳌﻔﺼﻞ ﺑﺎﻟﺼﻴﻎ ﺍﳌﺘﻔﻘﺔ ﻗﻮﻝ ﺗﻌﺎﱃ " :ﻓﺎﺻﱪﻭﺍ ﺻﱪﺍ ﲨﻴﻼ .ﺇﹺﻬﻧﻢ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻭﻧﺮﺍﻩ ﻗﺮﻳﺒﺎ " .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﲨﻴﻼ ﻭﺑﻌﻴﺪﺍ ﻭﻗﺮﻳﺒﺎ ﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺷﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ .ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺜﲑ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ .ﻭﺃﹶﻛﺜﺮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻻ ﳜﻠﻮ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻨﻮﻋﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻔﻘﺮ ﻭﻏﲑ ﺍﳌﻔﻘﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻔﺼﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﻨﻘﻀﻲ ﻓﺼﻮﻟﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻧﻘﻀﺖ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﻗﺒﻞ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﳌﻌﲎ ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﻟﺬﻳﺬ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﻊ ،ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﻨﺎﻩ ﺑﻌﺪ ﺑﺘﻨﺎﻫﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ .ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﺸﻮﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ. ﻭﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺍﻧﻘﻀﺎﺋﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻓﻴﻘﻒ ﰲ ﻏﲑ ﻣﻮﺿﻊ ﻭﻗﻒ .ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻃﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺟﻌﻞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﻓﺼﻮﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﲝﺴﺐ ﻬﻧﺎﻳﺎﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﱂ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟ ﹸﻜﺮُﻭﺭ ﻭﺍﳌﻌﺎﻃﻒ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺁﺧﺮﻩ ﺑﻠﻔﻆ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﹶﻭ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ :ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺃﹶﻧﻔﻰ ﻟﻠﻘﺘﻞ .ﻭﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ " ﺍﳊﺎﻗﺔ ﻣﺎ ﺍﳊﺎﻗﺔ ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺩﺭﺍﻙ ﻣﺎ ﺍﳊﺎﻗﺔ " .ﻭﺍﻟﺘﻜﺮﻳﺮ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﱯ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﻃﻒ .ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﺍ ﻗﺪﺭ ﻣﻌﺘﺪﻝ ﻛﺎﻥ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﺳﻬﻞ ﺍﻟﻔﻬﻢ .ﺃﹶﻣﺎ
ﻟﺬﻳﺬ ،ﻓﻸَﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺳﻬﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ،ﻓﻸَﻧﻪ ﻳﺴﻬﻞ ﺣﻔﻈﻪ ﻟﺘﻜﺮﺭ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻷَﻥ ﻟﻪ ﻋﺪﺩﺍ ﻭﻭﺯﻧﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻮﺯﻭﻥ ﳛﻔﻈﻪ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻌﻄﻒ ﺃﹶﺳﻬﻞ ﻟﻠﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻜﻼﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻄﻮﻑ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﺑﺎﻧﺘﻬﺎ ِﺀ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻔﻮﺍﺻﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮُﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻔﺼﻞ ﻏﲑ ﻣﺘﺮﺍﺧﻴﺔ ﺟﺪﺍ ﻭﻻ ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ ،ﺑﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﲝﻴﺚ ﻳﺴﻬﻞ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ ﰲ ﻓﺼﻮﻟﻪ ﻭﺃﹶﻗﺴﺎﻣﻪ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻌﻄﻒ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺰ ُﺀ ﺍﻷَﺧﲑ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﻔﺮﺟﺎ ﻭﻻ ﻣﺘﺮﺍﺧﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﺰ ِﺀ ﺍﻷَﻭﻝ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺗﺎﻡ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﳛﺴﻦ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ ،ﺃﹶﻱ ﺍﻟﻮﻗﻒ ،ﰲ ﻓﺼﻮﻟﻪ ﻭﺃﹶﻗﺴﺎﻣﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﺼﻮﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺃﹶﻋﻄﺎﻓﻪ ﻻ ﻗﺼﺎﺭﺍ ﻭﻻ ﻃﻮﺍﻻ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﻓﺈﹺﻥ ﻗﺼﺮﻫﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻠﺴﻬﻮ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ؛ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ،ﻓ ﻸَﻥ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺘﺮﻙ ﺍﻹِﺻﻐﺎﺀ ﺇﹺﻟﻴﻬﻢ ﻭﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﳍﻢ ﺑﺘﺮﻙ ﺍﻹِﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻌﺪﻭﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﳝﺸﻮﻥ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺼﺤﺒﻮﻬﻧﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺎﺭﻗﻮﻫﻢ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﺮﺽ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﻃﻒ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﻮﺍﻻ ،ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳑﻠﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﺎﻃﻒ ﻃﻮﻳﻼ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻓﻼﻥ ﺷﺮﺍ ،ﻭﻟﻜ ْﻦ ﻓﻼﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻌﻞ ﻛﻴﺖ ﻭﻛﻴﺖ ﻭﻛﻴﺖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻓﻴﺒﺎﻋﺪ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﻄﻔﲔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺼﻮﻟﻪ ﻗﺼﺎﺭ ﺟﺪﺍ ﻓﻼ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻌﻄﻒ ﻭﻻ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻔﺼﻞ ﻷَﻥ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﳍﺎ ﻳﺴﻨﺨﻔﻮﻥ ﻬﺑﺎ ﻭﻳﺴﺘﻬﺰﺋﻮﻥ ﻬﺑﺎ ،ﻓﺘﻨﺒﻮ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﲰﺎﻋﻬﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﲝﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺃﹶﻗﺴﺎﻣﻪ ﺗﻀﺎﺩ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﻘﺎﻝ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﻌﻤﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ .ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺴﻮﻡ ﺇﹺﱃ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ ﺃﹶﻭ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻷُﻣﻮﺭ ﻣﺘﻀﺎﺩﺓ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻓﺄﹶﳒﺤﻮﺍ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳊﻤﻘﻰ ﻓﺄﹶﺧﻔﻘﻮﺍ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻟﻮﺍﺣﻖ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﻤﺸﺘﺎﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﺴﺐ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﻤﺸﺘﺎﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻠﻬﻮ ،ﻷَﻥ ﺍﻻﺷﺘﻴﺎﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﻫﻮ ﻻﺯﻡ ﻟﻠﻔﻘﺮ ،ﻭﺍﻻﺷﺘﻴﺎﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻠﻬﻮ ﻻﺯﻡ ﻟﻠﺜﺮﻭﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻟﺬﻳﺬ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻋﺮﻑ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺿﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺣﻴﺎﻝ ﺑﻌﺾ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻬﲔ ﺑﺬﺍﻬﺗﺎ ﻭﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﲟﻘﺎﻳﺴﺘﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻀﺪ .ﻭﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﲜﻬﺔ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺪﻻﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ .ﻓﻬﻲ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳉﻬﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻮﺻﻞ :ﺍﳌﺘﺪﺍﻓﻊ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﺟﺰﺍﺅﻩ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻌﻄﻮﻑ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺃﹶﻃﻮﻝ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺭ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﳛﻤﺪﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﹶﻃﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻷُﻭﱃ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻨﻪ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻀﺎﺭﻉ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﺟﺰﺍﺅﻩ ﺍﳌﻮﺻﻮﻟﺔ ﻣﺘﺸﺎﻬﺑﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﰲ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﻭﺍﺧﺮﻫﺎ .ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﰲ ﺃﹶﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﺑﺎﻷَﲰﺎﺀ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺣﺮﻛﺘﻪ ،ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺃﹶﳒﺪﺗﻪ ،ﻭﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ ،ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻟﻌﻤﺎﺩ ،ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻟﻨﺠﺎﺩ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﻀﺎﺭﻉ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﻘﺎﻃﻊ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳊﺮﻭﻑ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﺍﻟﻔِﻘﺮ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﺼﺎﺭﻳﻒ ﺍﻻﺳﻢ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺘﺸﺎﻬﺑﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺼﺮﻳﻒ ﳛﺘﻤﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺘﻔﻘﺔ ﺃﹶﺷﻜﺎﻝ ﺃﹶﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ،ﻭﳛﺘﻤﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﱵ ﺃﹶﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﳝﻜﺮ ﻭﺃﹶﻣﻜﺮ ،ﻭﻳﻜﻴﺪ ﻭﺃﹶﻛﻴﺪ. ﻭﻛﻼﳘﺎ ﳛﺪﺙ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﹺﻟﺬﺍﺫﺍ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻓﻜﺜﲑ ﺃﹶﻳﻀﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺭﺃﻳﻪ ﻣﺼﻴﺐ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﺼﻴﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫ ﻗﺪ ﺣﺪﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ،ﻳﻌﲏ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﻸَﻟﻔﺎﻅ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺮﻛﺒﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻣﻦ
ﺃﹶﻳﻦ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳊﺴﺎﻥ ﺍﳌﻨﺠﺤﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ .ﻓﺈﹺﻥ ﺷﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺣﺴﻨﺎ ﺟﻴﺪﺍ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﻣﺒﺪﹶﺃ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻴﺪﺓ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺃﹶﺣﺪ .ﻭﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ،ﻓﻬﻲ ﺩﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ .ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ ﻭﺍﻹِﻟﺬﺍﺫ ،ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ .ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺼﻠﺢ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﳎﻬﻮﻟﺔ ﻏﲑ ﺟﻴﺪﺓ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ .ﻭﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﳌﺒﺘﺬﻟﺔ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻴﺪﺓ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﻏﲑ ﻟﺬﻳﺬﺓ .ﻓﺈﹺﺫﻥ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺇﹺﺑﺪﺍﻝ ﻭﺗﻐﻴﲑ ﻳﺼﻠﺢ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻠﺢ ﳍﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﻣﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ ﻣﻊ ﺍﻹِﻟﺬﺍﺫ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻫﻮ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻫﻲ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺍﳋﲑﺍﺕ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻫﻮ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﳋﲑﺍﺕ .ﻓﻬﺬﺍ ﺗﻐﻴﲑ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﻔﻬﻢ ،ﻷَﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺲ .ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻓﺎﻋﻞ ﻟﻠﺨﲑﺍﺕ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻀﻤﲑ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻬﻴﻢ ﻭﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻔﻬﻴﻢ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﻌﻴﺪﻬﺗﺎ ﺃﹶﻗﻞ ﺇﹺﻟﺬﺍﺫ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻛﺎﺫﺑﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺷﺒﻴﻪ ﲟﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﰲ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﳌﺮﻛﺐ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻓﻜﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﺗﺘﺸﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﲟﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﻻ ﺗﻠﺘﺬ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﺮﺽ ﳍﺎ ﺃﹶﻻ ﺗﻠﺘﺬ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﺍﳌﺮﻛﺒﺔ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳊﺴﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﺍﳊﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮﺍﻥ ﲨﻴﻌﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﻔﻬﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳍﺬﺍ ﻻ ﻳﻨﺠﺢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﺟﺪﺍ ﺍﳌﻜﺸﻮﻓﺔ ﻟﻜﻞ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﻟﱵ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺃﹶﺣﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺤﺺ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳑﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﱂ ﻳﻔﻬﻢ ،ﺃﹶﻭ ﻋﺴﺮ ﺗﻔﻬﻤﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺘﻪ ،ﻭﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺎ ﻳﻀﻠﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻗﻠﻴﻼ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﳛﺼﻞ ﻓﻬﻤﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﹶﻣﻞ ﻳﺴﲑ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺒﲔ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺘﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻗﻴﺎﺱ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﲑ ﻟﺬﻳﺬ؛ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﺇﹺﻓﻬﺎﻡ ،ﻟﻜﻦ ﻏﲑ ﻟﺬﻳﺬ .ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﺍﳌﻨﺠﺤﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻭﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻨﺠﺤﺔ ﻫﻲ ﺍﳌﻐﲑﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ،ﺗﻐﻴﲑﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ .ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻧﺴﻤﻲ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺑﺎﺳﻢ ﺿﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺴﲔ ﻟﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﳊﺮﺏ ﺳﻠﻤﺎ .ﻭﻛﻤﺎ ﳚﺐ ﹶﺃﻥ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳚﺘﻨﺐ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻳﻌﺴﺮ ﻓﻬﻤﻪ ،ﻣﻊ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺃﹶﻥ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﻣﺸﺎﻫﺪٌ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ. ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺃﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﳌﺘﻮﻗﻌﺔ .ﻭﺍﻹِﻋﺘﻤﺎﺩ ﰲ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﻧﺼﺐ ﺍﻟﻌﲔ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺜﻼﺙ ﺃﹶﺷﻴﺎ ِﺀ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳊﺴﻦ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺿﻊ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ ﺣﺬﺍﺀﻩ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺻﻒ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻭﺍﳌﺘﺮﻗﺒﺔ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻭﺻﻒ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻹِﺗﻴﺎﻥ ﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻞ ،ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ " :ﻭﺑﺸﺮﻭﻩ ﺑﻐﻼﻡ ﻋﻠﻴﻢ .ﻓﺄﹶﻗﺒﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻣﺮﺃﹶﺗﻪ ﰲ ﺻﺮﺓ ﻓﺼﻜﺖ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻋﺠﻮﺯ ﻋﻘﻴﻢ " . ﻭﻭﺻﻒ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻛﺜﲑ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺒﻠﻐﺎ ِﺀ ﻭﺃﹶﺷﻌﺎﺭ ﺍﳌﻐﻠﻘﲔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ: ﺳﻘﻂ ﺍﻟﻨﺼﻴﻒ ﻭﱂ ﺗﺮﺩ ﺇﹺﺳﻘﺎﻃﻪ ...ﻓﺘﻨﺎﻭﻟﺘﻪ ﻭﺍﺗﻘﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻭﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺃﹶﰊ ﲤﺎﻡ: ﺃﹶﻋﻴﺪﻱ ﺍﻟﻨﻮﺡ ﻣﻌﻮ ﻟﺔ ﺃﹶﻋﻴﺪﻱ ...ﻭﺯﻳﺪﻱ ﻣﻦ ﻋﻮﻳﻠﻚ ﰒ ﺯﻳﺪﻱ
ﻭﻗﻮﻣﻲ ﺣﺎﺳﺮﺍ ﰲ ﺣﺎﺳﺮﺍﺕ ...ﺧﻮﺍﻣﺶ ﻟﻠﻨﺤﻮﺭ ﻭﻟﻠﺨﺪﻭﺩ ﻭﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﲨﻊ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ: ﺇﹺﺫﺍ ﻣﺎ ﻫﺒﻄﻦ ﺍﻷَﺭﺽ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻋﻮﺩﻫﺎ ...ﺑﻜﲔ ﻬﺑﺎ ﺣﱴ ﻳﻌﻴﺶ ﻫﺸﻴﻢ ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﳌﻨﺠﺤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻀﻞ ﻏﲑﻫﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺘﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻳﻌﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺚ ﺇﹺﱃ ﺭﺍﺑﻊ ،ﻓﺄﹸﺧﺬ ﺍﻷَﻭﻝ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﲰﻲ ﺑﺎﲰﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﻧﺴﺒﺘﻪ ﺇﹺﱃ ﺷﻲﺀ ﻧﺴﺒﺔ ﺛﺎﻟ ٍ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎ ِﺀ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﹸﺻﻴﺒﻮﺍ ﰲ ﺍﳊﺮﺏ ﺇﹺﻬﻧﻢ ﻓﻘﺪﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﹶﺃﻥﱠ ﺃﹶﺣﺪﹰﺍ ﺃﹶﺧﺮﺝ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ. ﻭﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺃﹶﰊ ﺍﻟﻄﻴﺐ: ﻣﻐﺎﱐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻃﻴﺒﺎ ﰲ ﺍﳌﻐﺎﱐ ...ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺫﻛﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻣﺜﻠﺔ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻳﻌﺴﺮ ﺗﻔﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻬﺑﺎ ﲝﺴﺐ ﻟﺴﺎﻧﻨﺎ ﻭﻋﺎﺩﺗﻨﺎ. ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺃﹶﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺧﻄﺒﻬﺎ .ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍ ﻟﱵ ﳜﺼﻬﺎ ﺃﹶﻫﻞ ﻟﺴﺎﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﻫﻲ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ :ﺇﹺﻥ ﺍﺠﻤﻟﺎﺯ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﻭﺗﺸﺒﻴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺨﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﳛﺘﺎﻝ ﺑﻜﻞ ﺟﻬﺔ ﻟﺘﻜﺜﲑ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷَﻭﺻﺎﻑ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻜﺜﲑ ﻭﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﻳُﺤﺴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻢ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﻋﻼﻡ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺢ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺏ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺢ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻭﺣﻰ ﻭﺃﹶﺳﺮﻉ ﻭﺩﻭﻥ ﺗﻜﻠﻒ ﻭﻣﺸﻘﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳊﺮﺏ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﻨﺠﺢ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﳍﺎ ﻭﺗﻜﻠﻒ ﺍﳌﺸﻘﺔ ﻭﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﺍﻷَﻣﻮﺍﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﻓﻜﻼﳘﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻋﻼﻡ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺢ ،ﻟﻜﻦ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻳﺴﺮ ﻭﺃﹶﻭﺣﻰ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﻧﺎ ﺃﹶﻥ ﳒﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻧﺼﺐ ﺍﻟﻌﲔ ﺃﹶﻥ ﻧﺒﲔ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻧﺬﻛﺮ ﺍﻷَﺷﻴﺎ َﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﻭﺩﻻﺋﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻧﺼﺐ ﺍﻟﻌﲔ ﻭﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﲣﻴﻞ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﳍﻤﺔ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ، ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﺃﹶﻓﻌﺎﻻ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺯﻫﺮﻱ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ،ﻭﺣﺎﲤﻲ ﺍﻟﻜﺮﻡ ،ﻭﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻮﺿﻊ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﳉﻴﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺻﻔﺖ ﻣﻐﲑﺓ ،ﺃﹶﻥ ﲡﻌﻞ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺻﻒ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﺎ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﺎ ﻏﲑ ﻣﺘﻨﻔﺴﺔ ،ﻣﺘﻨﻔﺴﺔ ﺣﱴ ﳜﻴﻞ ﰲ ﺃﹶﻓﻌﺎﳍﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﺍﳌﺘﻨﻔﺴﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﹸﻭﻣﲑﻭﺵ .ﻭﺫﻛﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﺎﻻﺕ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣِﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﳌﻌﺮﻱ: ﳊﹶﻠ َﻖ ﺍﻟﺪﱡﺧﺎﻻ َﺗ َﻮﻫﱠ َﻢ ﻛﻞﱠ ﺳﺎﹺﺑﻐَﺔ ﻏﺪﻳﺮﹰﺍ ...ﹶﻓ َﺮﻧﱠ َﻖ ﻳﺸﺮﺏ ﺍ ِ ﻭﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺃﹶﰊ ﺍﻟﻄﻴﺐ: ﺖ ﺑﻪ ﻫﺎﻣﺔ ...ﺑﺮﺍﻫﺎ ﻭﻏﻨﱠﺎﻙ ﰲ ﺍﻟﻜﺎﻫﻞ ﺇﹺﺫﺍ ﻣﺎ ﺿﺮﺑ َ ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺜﲑ ﰲ ﺃﹶﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻹِﺭﺍﺩﺓ ﻟﻐﲑ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻟﻠﻤﺘﻨﻔﺴﺔ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﰲ ﻏﲑ ﺍﳌﺘﻨﻔﺴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﰲ ﺗﺮﻙ ﺍﻻﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺣﺔِ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻓﻌﺎﻝ ﻳﺬﻡ ﻬﺑﺎ ،ﺇﹺﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻭﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﳊﺠﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ .ﻭﻫﻮ ﻋﻜﺲ ﺍ َﻷﻭﻝ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﰲ ﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﻨﺠﺤﺎﺕ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻏﲑ ﺍﳌﺘﻨﻔﺴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﳌﺘﻨﻔﺴﺔ ﺑﻐﲑ ﺍﳌﺘﻨﻔﺴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻔﻼﺣﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻷَﺳﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﺋﻂ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺍﳌﻘﺎﺗﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﺸﻮﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻨﻔﺬ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻟﻘﻲ ﻣﻦ ﻓﻼﻥ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﱪ ﻭﺣﻼﻭﺓ ﺍﻟﺸﻬﺪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻣﻌﲎ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺧﻠﻘﺎ ﻧﺴﺒﺘﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﳌﻜﺮﻭﻩ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﱪ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﺮﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻛﻞ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﻻ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﳎﻬﻮﻟﺔ ﻛﻞ ﺍﳉﻬﻞ ،ﺑﻞ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﲔ ﺫﻟﻚ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﻓﻌﺎ ﺟﺪﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﻮﺧﻰ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﻞ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻘﻊ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻐﻠﻮ ﻭﺍﻹِﻓﺮﺍﻁ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺑﺪﻳﻌﺎ ﺇﹺﻻ ﹺﺇ ﻧﻪ ﻛﺬﺏ ﺑﲔ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ :ﻫﻲ ﺿﺮﺓ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺃﹸﺧﺖ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﲨﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﻭﺃﹶﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻫﻮ ﻣﺬﻣﻮﻡ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻳﻌﲏ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻂ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻐﻠﻄﺔ ﻟﺬﻳﺬﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻟﺘﻐﻠﻴﻂ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻬﺑﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻮﺟﻬﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﻮﻻ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭ ،ﻓﻴﺴﺘﻌﲑ ﻟﻪ ﺍﲰﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻇﻬﺮ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻨﻜﺮ،ﻓﻴﻌﺮﺽ ﻟﻠﺴﺎﻣﻊ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻐﻠﻂ ﻓﻴﻐﻠﺐ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﻳﺄﰐ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺇﹺﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻠﻨﱯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ :ﺭﺍﻋﻨﺎ ،ﺗﻮﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﹶﺭﻋﻨﺎ ﺍﻟﺴﻤﻊ ،ﻭﻫﻲ ﺗﺮﻳﺪ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ،ﺣﱴ ﻬﻧﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ .ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﻠﻔﻈﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﻘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﻭﻣﻨﻜﺮﺓ ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﺻﺎﺩﻗﺔ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍ ِﺀ ﺃﹶﻭ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺃﹶﻇﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ .ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻋﻨﻪ ﲟﺎ ﲢﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻘﺼﺪﻩ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﰲ ﺛﻠﺐ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﳊﻜﻤﺔ :ﺇﹺﻥ ﺭﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎ ِﺀ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺮﻳﺎﺳﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻏﻠﻂ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻂ ﻟﺬﻳﺬﺍ ،ﻭﺇﹺﻥ ﺷﻌﺮ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﻛﺬﺑﺎ ،ﻛﺎﻥ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭﻩ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻭﻣﻘﻨﻌﺎ .ﻭﺇﹺﻥ ﺃﹶﺗﻰ ﺑﺎﻟﻜﺎﺫﺏ ﺑﻠﻔﻆ ﻏﲑ ﳏﺘﻤﻞ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻴﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻧﻜﺮ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭﻩ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻭﻻ ﻣﻘﻨﻌﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﺍﻷَﺣﻮﺍﻝ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﳌﻦ ﻳﻨﺎﻓﺮﻩ :ﻣﺎ ﺃﹶﰊ ﺑﺰﺍﻥ ﻭﻻ ﺃﹸﻣﻲ ﺑﺰﺍﻧﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﹶﻧﻪ ﻧﻔﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺛﺒﺘﻬﺎ ﳋﺼﻤﻪ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻭﺿﻊ ﺧﺼﻤﻪ ﺿﺪﻩ .ﻭﺛﻠﺐ ﺍﻟﻀﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺬﺍﺗﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﲟﺪﺡ ﺿﺪﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀُ ﰲ ﺇﹺﳚﺎﺏ ﺍﳊﺪ ﰲ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺮﻓﻮﻬﻧﺎ ﺑﺎﻟﻜﻨﺎﻳﺎﺕ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳑﺎ ﳚﺎﻧﺲ ﻫﺬﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﳌﺴﺘﺤﻴﻞ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﳝﻮﺕ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﳌﻮﺕ .ﻓﺈﹺﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﻔﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﳝﻮﺕ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺴﺘﻮﺟﺒﺎ ﻟﻠﻤﻮﺕ .ﻭﺫﻟﻚ ﻛﻼﻡ ﻣﺘﻘﺎﺑﻞ ﻭﻣﺘﻨﺎﻗﺾ .ﻟﻜﻦ ﳌﺎ ﻋﱪ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻞ ﻋﻦ ﻣﻌﲎ ﺣﻖ، ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻧﻪ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﳝﻮﺕ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﳛﺪﺙ ﺟﺮﻣﺎ ،ﻛﺎﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﹶﻟﺬ ﻣﻨﻪ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻜﻮْﻥ ﻫﺬﻩ ﺃﹶﻫﻠﻴﺔ ﻭﺗﻠﻚ ﻏﺮﻳﺒﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﳛﺴﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﻣﱴ ﻗﻴﻠﺖ ﺑﺈﹺﳚﺎﺯ ﻭﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺘﻔﻬﻴﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻪ ﹶﺃ ْﺣﺴَﻦ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻹِﳚﺎﺯ ﺃﹶﺳﺮﻉ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳚﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺮﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺣﱴ ﻻ ﳜﻔﻰ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻣﻦ ﻏﲑ
ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﲑ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ،ﺻﺎﺩﻗﺎ ﺟﺪﺍ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻛﺬﺏ ﺃﹶﺻﻼ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺑﺄﹶﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﹶﻥ ﳝﻮﺕ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﳌﻮﺕ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺃﹶﻟﺬ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﳕﻮﺕ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﳓﺪﺙ ﺟُﺮْﻣﺎﹰ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻣﺮﻳﻦ ﺍﺛﻨﲔ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺗﻜﺮﻳﺮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻹِﺗﻴﺎﻥ ﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻠﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﻔﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻞ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪ ﻓﻴﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﲟﻘﺎﺑﻞ ،ﻇﺎﻫﺮﹰﺍ ﺟﺪﺍ .ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻌﲎ ﻗﻮﻟﻪ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺮﺏ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺧﻔﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻓﻬﻮ ﻗﺒﻴﺢ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻋﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﰊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﻟﺘﻄﻴﻠﻲ ﺍﻷَﻧﺪﻟﺴﻲ ﻗﻮﻟﻪ: ﺃﹶﻣﺎ ﻭﺍﳍﻮﻯ ﻭﻫﻮ ﺇﹺﺣﺪﻯ ﺍﳌﻠﻞ ...ﻟﻘﺪ ﻣﺎﻝ ﻗﺪﻙ ﺣﱴ ﺍﻋﺘﺪﻝ َﺣﻜﹶﻰ ﻟﻨﺎ ﺑﻌﺾ ﺃﹶﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺩﻳﺐ ﺍﺑﻦ ﺳﺮﺍﺝ ﻋﺎﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻛﻠﻤﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺘﻤﺎﺩﻯ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ ،ﻋﻠﻤﺎ ﻣﻨﻪ ﺑﺄﹶﻥ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻮﺍ ِﺀ ﺍﻟﻘﺎﻣﺔ ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﳌﻜﺎﻥ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ .ﻭﺍﺑﻦ ﺳﺮﺍﺝ ﺇﹺﳕﺎ ﻋﺎﺑﻪ ﳋﻔﺎ ِﺀ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪﻩ ،ﻭﻗﻠﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻴﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﲰﺎ ِﺀ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻔﻨﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ،ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ،ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺑﻀﺮﺏ ﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ .ﻭﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﺃﹶﳒﺤﺖ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﳒﺤﺎ ﻛﺜﲑﺍ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳊﺴﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﲟﺘﻨﻔﺴﺔ ﻗﻮﳍﻢ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺱ " ﺻﺤﻔﺔ ﺍﳌﺮﻳﺦ " ،ﻭﰲ ﺍﻟﻘﻮﺱ ﺑﻼ ﻭﺗﺮ " ﺭﺑﺎﺏ ﺑﻼ ﺷﻌﺮ " .ﻫﺬﺍ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،ﺃﹶﻋﲏ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻹِﻃﻼﻕ ،ﻭﻫﻲ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﻓﻘﻂ ﻻ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺱ ﺇﹺﻧﻪ ﺻﺤﻔﺔ ﻭﰲ ﺍﻟﻘﻮﺱ ﺇﹺﻧﻪ ﺭﺑﺎﺏ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﳚﻤﻊ ﰲ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﻓﻌﻠﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﺸﺒﻪ ﻗﺮﺩﺍ ﻳﺰﻣﺮ ﺑﺄﻧﺒﻮﺏ .ﻭﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﳛﺴﻦ ﺟﺪﺍ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﺴﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺗﻐﻴﲑﺍ ﻭﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺓ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﳛﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻭﻣﺘﻜﻠﻔﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﳜﻄﺊ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍ ُﺀ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﺗﻮﺍ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﺴﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﺳﺎﻗﻴﻪ ﺟﻌﺪﺗﺎﻥ ﻛﺎﻟﻜﺮﻓﺲ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺿﺮﻭﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ .ﻭﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﻘﻮﻟﺔ ﲞﺼﻮﺹ ﻫﻲ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ، ﻓﻴﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﲑ ﹶﺃﻭ ﺷﺮ ،ﻳﺮﻳﺪ ﻣﺜﻞ ﺍﻷَﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﻀﺮﻭﺑﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺩﻣﻨﺔ ﻭﻛﻠﻴﻠﺔ ﻭﻣﺜﻞ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻛﺜﲑﺓ ﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺸﺒﻪ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﳍﻢ :ﺫﻛﺮﺗﲏ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻭﻛﻨﺖ ﻧﺎﺳﻴﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺳﺎﻭﻯ ﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺰﰉ؛ ﻭﺑﻠﻎ ﺍﳊﺰﺍﻡ ﺍﻟﻄﱡﺒﻴﲔ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻳﻦ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺍﳊﺴﺎ ﻭ َﻷﱙ ﻋﻠﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺴﺎﻧﺎ ﻓﻘﺪ ﺗﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﻫﻲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻔﺼﻴﺢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻹِﻏﺮﺍﺑﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺠﺢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻫﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ ،ﻳﺮﻳﺪ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻻ ﲝﺴﺐ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻘﺪﱘ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﲑ ﻭﺍﳊﺬﻑ ﻭﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﻹِﻏﺮﺍﺑﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺍﻹِﻓﺮﺍﻃﺎﺕ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﻭﺍﻟﻐﻠﻮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺗﺪﻝ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻈﺎﻇﺔ ﻭﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﳌﻔﺮﻁ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻭﻻ ﻟﻮ ﺃﹶﻋﻄﻴﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﻣﻞ ﺫﻫﺒﺎ ﺃﹶﻓﻌﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ،ﻭﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ :ﻭﻻ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﺗﻌﺪﻝ ﺣﺴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻛﺜﲑ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ
ﻭﺃﹶﺷﻌﺎﺭﻫﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻫﻲ ﺃﹶﺧﺺ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ. ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ،ﻓﻴﻘﺒﺢ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﻻ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻳﺔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺫﻟﻚ، ﻓﻨﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻥ ﻭﻛﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺒﻼﻏﻲ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻜﻠﻤﺎ ﻓﺄﹶﻥ ﳛﺴﻦ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻭﺍﻹِﺛﺒﺎﺕ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﳎﻴﺒﺎ ﻓﹶﺄﻻ ﻳﻀﻄﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻭﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﺷﺪ ﺗﺼﺤﻴﺤﺎ ﻭﲢﻘﻴﻘﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻟﻜﻮﻥ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﳐﻠﺪﺓ ﻭﺗﻠﻚ ﺗﻨﻘﻀﻲ ﺑﺎﻧﻘﻀﺎ ِﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺔ ﻭﺍﳌﺸﺎﺟﺮﺓ ﺃﹶﺣﻮﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻭﻫﻲ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﺧﺺ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﱄ ﻭ ﺍﳋﻠﻘﻲ .ﻷَﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻧﻮﻋﺎﻥ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻧﻔﻌﺎﻻ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺧﻠﻘﺎ ﻣﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻋﺘﺎﺩﻭﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﻬﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﻔﲔ ﲨﻴﻌﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﳋﻄﺒﺎﺀ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﺴﻤﻮﻋﺔ ﺗﻨﺴﻰ ﻭﻻ ﺗﺜﺒﺖ ﻓﻼ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﹺﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺗﺼﺤﻴﺤﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ .ﻭﻻﺧﺘﻼﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ ﻛﺎﻥ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﺠﻤﻟﻴﺪﻳﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻻ ﳚﻴﺪﻭﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻣﻦ ﺍﳋﻄﺒﺎ ِﺀ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﳚﻴﺪ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﻢ ﺣﺬﻕ ﺑﺎﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﺑﺄﹶﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺭﺣﻬﻢ .ﻭﺍﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﱂ ﻳﺰﺍﻭﻟﻮﺍ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﺼﻮﻣﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ﻟ ﻸَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻃﺮﺣﺖ ﻣﻨﻪ ،ﻇﻬﺮ ﺗﻜﻠﻢ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ﻬﺑﺎ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻛﺜﲑﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﳏﺬﻭﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﻭﻣﻜﺮﺭﺍ .ﻭﻫﺬﺍ ﻏﲑ ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ،ﻭﻫﻮ ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﺇﹺﺫﺍ ﺧﺎﻟﻄﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﻭﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻳﺘﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﻐﲑ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﳌﻮﻃﺊ ﻭﺍﳌﺴﺘﺪﺭﺝ .ﻭﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻸَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻦ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺃﹶﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﰲ ﻃﺒﺎﻋﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﻪ ،ﻷَﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﳛﺪﺙ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻭﺍﺳﺘﻌﻄﺎﻓﺎ ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻓﻜﺄﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻗﺴﺮﹰﺍ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﻻ ﺑﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ،ﻭﺃﹶﻻ ﺗﻘﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﶈﻠﻮﻟﺔ ﺑﻨﻐﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻫﻴﺌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻟﻘﻴﺘﻪ ،ﺃﹶﺭﺩﺗﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﳌﺮﺑﻮﻁ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﹶﻟﻔﺎﻇﻪ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻬﺑﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺯﻣﺎﻥ ﺳﻮﺍﺀ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻈﻦ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺜﲑ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺣﺬﻓﺖ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻛﺜﲑﺍ .ﻭﺫﻟﻚ ﻧﺎﻓﻊ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻜﺜﲑ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻭﺭﺩﺕ .ﺗﻜﻠﻤﺖ .ﺗﻀﺮﻋﺖ؛ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ :ﻭﺭﺩﺕ ﻓﺘﻜﻠﻤﺖ ﻭﺗﻀﺮﻋﺖ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺣﺬﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻭﻫﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﻛﺜﲑﺍ .ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺑﺘﻜﺮﻳﺮ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﺮﺍﺭﹰﺍ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺮﺭ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺃﹶﻭﻫﻢ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻫﻮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷَﲰﺎﺀ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ :ﺃﹶﻗﻮﻯ ﻭﺃﹶﻗﻔﺮ .ﻭﺫﻛﺮ ﺃﹶﻥ ﺃﹸﻭﻣﲑﻭﺵ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﳏﺬﻭﻑ ﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺕ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺔ ،ﻓﻘﺪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺪﻭﺭﻫﺎ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻟﺮﺳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﲰﻪ ﺍﻟﺰﻭﺍﻗﻮﻥ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ، ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﻟﻠﻐﺮﺽ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻲ .ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺧﺎﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﳋﻄﺒﺎﺀ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺫﺍﻙ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ ﰲ ﺧﻄﺐ ﺍﶈﺎﻓﻞ ﻭﺍﺠﻤﻟﺎﻣﻊ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺧﻄﺐ ﺍﻵﺣﺎﺩ ،ﻷَﻧﻪ
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻓﻬﺎﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﲝﺴﺐ ﺃﹶﻧﻘﺼﻬﻢ ﻓﻬﻤﺎ ،ﺣﱴ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﻜﻞ ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﻗﻨﺎﻉ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺑﺎﳌﻘﻨﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺩﻭﻥ ،ﲞﻼﻑ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﺇﹺﻗﻨﺎﻉ ﺍﳋﻮﺍﺹ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍ َﻷﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﺼﻮﻣﻴﺔ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﺷﺪ ﲢﻘﻴﻘﺎ ﻭﺗﺼﺤﻴﺤﺎ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺣﺎﻛﻢ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻋﻤﻞ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻳﺴﺮ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﺘﻜﻠﻒ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﺧﻠﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻗﺮﺏ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺃﹶﻫﻠﻴﺎ ﻏﲑ ﻏﺮﻳﺐ ،ﺃﹶﻱ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻏﲑ ﻣﻨﻜﺮ .ﻭﺃﹶﻳﻀﺎ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﺼﻮﻣﻴﺔ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﺔَ ،ﺑﻌُ َﺪ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﻋﻦ ﻏﺮﺿﻪ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﺼﻮﻡ ﺃﹶﻗﺮﺏ ﺇﹺﱃ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺠﺢ ﻓﻌﻞ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺃﹶﻧﻔﻊ ﻣﻦ ﻺ ﻭﺍﳉﻤﻊ ﺍﻟﻜﺜﲑ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻄﻠﺐ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺼﺤﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻋﻨﺪ ﻏﲑﻩ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻄﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌ ِ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳋﺎﺹ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﺮﺋﻴﺔ .،ﻳﻌﲏ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﲔ ﺃﹶﻳﺪﻱ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﻭﺍﻟﺴﺠﻼﺕ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﲣﺘﺺ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺇﹺﺟﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺮﺍﺀﻬﺗﺎ ﺳﻬﻠﺔ ﺟﻴﺪﺓ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻌﺘﺎﺹ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﳐﺘﻼ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮ ﺃﹶﻣﺮ ﻣُﻬ ﹴﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺃﹶﻭ ﻋﻬ ٍﺪ ﺃﹶﻭ ﺇﹺﻟﺰﺍﻡ ﺳﻨﺔ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺨﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻳﻌﻈﻢ ﻭﻳﺰﻳﻦ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﺠﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺍﻟﺒﻴﻌﺎﺕ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳏﻘﻘﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﳑﺎ ﳛﻘﺮﻫﺎ ﺃﹶﻭ ﳜﺴﺴﻬﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺴﺠﻼﺕ ﺃﹶﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ .ﻟﻜﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﲨﻴﻠﺔ ﻬﺑﻴﺔ .ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﹺﺿﻤﺎﺭﺍﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﳏﻘﻘﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳚﺐ ﺃﹶﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﺰﺓ ﻛﻞ ﺍﻹِﳚﺎﺯ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﱪ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺑﻞ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﳌﺘﻮﺳﻂ ﺃﹶﺑﺪﺍ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﳚﺐ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻋَﺮﻳﺎ ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻗﺮﺏ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﻭﺍﳉﻬﻞ ،ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﻨﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳉﻤﻴﻠﺔ ﺍﶈﻤﻮﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ. ﻗﺎﻝ :ﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍﻷَﻟﻔﺎﻅ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻭﰲ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻓﻘﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﻔﺎﻳﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻣﺮ ﻋﺎﻡ ﳉﻤﻴﻊ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﺍﳋﻄﺒﺔ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﲏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻫﻮ ﺃﹶﺟﺰﺍ ُﺀ ﺍﳋﻄﺐ ﻭﻧﻈﺎﻣﻬﺎ. ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﺍﳋﻄﺐ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﺟﺰﺍﺀُ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺇﹺﺛﻨﺎﻥ :ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻭﻫﻮ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﻜﻠﻢ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﹶﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺍﻹِﺛﺒﺎﺕ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻨﻔﻲ؛ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺜﺒﺖ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻨﺎﰲ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﺰ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﻓﻬﻮ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﺼﻮﻣﻲ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻱ ﻭﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻱ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ،ﻷَﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﻪ ﺍﳋﺼﻢ ،ﻻ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﱪﺍﱐ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻮﺟﻪ ﳓﻮ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳉﺰ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﺼﺪﺭ ،ﻭﺍﳉﺰ ُﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﳋﺎﲤﺔ ﻓﺄﹶﻛﺜﺮ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﹺﻟﻴﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻱ ،ﻷَﻧﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﲤﺜﻴﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻭﲢﺪﻳﺪﻩ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ ﻭﺍﻟﺘﺬﻛﺮﺓ ﺑﻪ ﺁﺧﺮﺍﹰ ،ﻓﻴﺘﺤﺼﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﲢﺼﻴﻼ ﺟﻴﺪﺍ .ﻭﺫﻟﻚ ﺷﻲﺀٌ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ﻟﻴﻘﺎﻳﺲ ﺑﲔ ﺍﳊﺠﺞ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﻟﻪ ﻭﺍﳌﺒﻄﻠﺔ ﻭﻟﺌﻼ ﻳﺬﻫﺐ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﹶﻳﻀﺎ
ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺗﻜﺮﺭ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺗﺸﻌﺒﻪ .ﻭﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﺼﻮﻣﻲ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺸﻌﺒﺎ ﳜﺎﻑ ﹶﺃﻻ ﻳﻨﻀﺒﻂ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻐﺮﺽ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻗﺼﲑﺍ ،ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻷَﻗﻞ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ،ﺃﹶﻭ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻴﺴﲑ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺟﺰﺍﺀ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﻓﺎﻷَﺟﺰﺍﺀ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭﻳﺔ ﳘﺎ ﺇﹺﺛﻨﺎﻥ :ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻟﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ. ﻭﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻰ ﺑﻪ ﺍﳋﺼﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳋﺎﲤﺔ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺗﻜﺜﺮ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ،ﻷَﻬﻧﺎ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﳜﱪﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺈﹺﲨﺎﻝ ﻭﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﺲ ﻷَﻥ ﻳﺜﺒﺘﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻭﻟﻴﻘﻮﻟﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻗﻮﻻ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﲟﺎ ﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻓﻴﻪ ﻓﻘﻴﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻋﺪﺩﺕ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ ﻛﺎﻧﺖ ﲬﺴﺔ :ﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ﺑﻌﺪ ﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳋﺎﲤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗُﺬﻛﹼﺮ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺑﺎﻟﻐﺮﺽ؛ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ﻗﺒﻞ ﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ،ﻭﻫﻲ ﺭﺳﻢ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻐﺮﺽ؛ ﻭﺭﺳﻢ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺜﺒﺖ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻨﺎﰲ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻮﺿﻊ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳋﻤﺴﺔ -ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﳐﺘﻠﻔﺔ -ﺃﹶﲰﺎﺀ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ،ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﻤﻲ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻷَﻭﻝ ﺻﺪﺭﺍﹰ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻐﺮﺽ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ،ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻭﺍﳋﺎﻣﺲ ﺍﳋﺎﲤﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺼﺪﺭ ﻫﻮ ﻣﺒﺪﹸﺃ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻔﺘﺢ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻧﺴﺒﺘﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻧﺴﺒﺔ ﻓﻮﺍﺗﺢ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻓﺎﲢﺔ ﺍﻟﺰﻣﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺰﻣﺮ ،ﻭﻣﺎ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻔﻮﺍﺗﺢ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻟﻸَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﰐ ﺑﻌﺪ ،ﻭﺗﺪﺭﳚﺎﺕ ﳌﺎ ﳚﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﺑﻌﺪ ﻭﺍﺣﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻓﺎﲢﺔ ﺍﻟﺰﻣﺮ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﻔﺎﲢﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻱ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰﻣﺮﻭﻥ ﺑﺎﻷَﻧﺎﺑﻴﺐ ،ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﹶﻥ ﳚﻴﺪﻭﺍ ﺍﻟﺰﻣﺮ، ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﺮﳕﻮﻥ ﺑﻪ ﺃﹶﻭﻻﹰ ،ﰒ ﺃﹶﻧﻪ ﺑﺄﹶﺧﺮﺓ ﻳﻀﻤﻮﻥ ﻭﳚﻤﻌﻮﻥ ﺍﻟﺰﻣﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﱵ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻱ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﳚﻴﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﻓﻴﻤﺎﺫﺍ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﰒ ﻳﺘﺪﺭﺝ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺇﹺﱃ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻳﻀﻢ ﻭﻳﺆﻟﻒ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﳒﺪ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺃﹶﲨﻌﲔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻟﻠﺼﺪﺭ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻀﺒﻂ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﳛﺪﺩﻩ ،ﺻﺪﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻔﻼﻥ ﺣﻴﺚ ﺍﺑﺘﺪﹶﺃ ﻓﻘﺎﻝ ﺣﲔ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺮﻉ ﰲ ﺫﻛﺮ ﺍﻣﺮﺃﹶﺓ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﺭﺟﻞ ﻣﺸﻬﻮﺭ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﳜﺘﺺ ﺑﺬﻛﺮ ﻓﻼﻧﺔ ﺩﻭﻥ ﻓﻼﻥ ،ﺑﻞ ﳘﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻫﺬﺍ ،ﱂ ﳝﻜﻨﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻭﻍ ﺃﹶﻭ ﳛﻴﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ،ﻓﻴﺄﰐ ﻛﻼﻣﻪ ﻛﻠﻪ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﺗُﻌﻤﻞ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﺸﻮﺭﻱ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺡ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻡ ،ﻛﻘﻮﻝ ﻓﻼﻥ ﰲ ﺃﹶﻭﻝ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻋﻰ ﻛﺬﺍ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻟﻔﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﺪ :ﺇﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺜﺮ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﲔ ﺍﳊﻜﻤﺎ ِﺀ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﺍﻟﱵ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ﻫﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﺈﹺﻛﺮﺍﻡ ﻗﻮﻡ ﻳﺒﺪﹸﺃ ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﺮﻡ ﺍﳋﻴﺎﺭ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﲑ ﺑﺬﻡ ﻗﻮﻡ ،ﺍﻓﺘﺘﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ :ﺇﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﻳﻨﺠﺤﻮﺍ ﻗﻂ ﻭﱂ ﻳﺼﻨﻌﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﳍﻢ ﺑﻪ ﺧﲑ ﺃﹶﻭ ﻓﻀﻴﻠﺔ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳋﺼﻮﻣﻴﺎﺕ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻻ ﺍﳋﺼﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻀﻄﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻛﺜﲑﺍ ،ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻋﺠﻴﺐ ،ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺻﻌﺐ ،ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺷﻐﺐ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﰲ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺧﻄﺒﺔ ﺍﻟﻌﻔﻮ :ﺍﻵﻥ ﺭﻣﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻫﺪﺭ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﺼﺪﻭﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ :ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﱵ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﺸﻮﺭﻱ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﻻ ﺩﻋﺎﺀ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ
ﺍﳋﺼﻮﻣﻲ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻮﺍﺷﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﹺﻣﺎ ﻏﺮﺍﺋﺐ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻫﻠﻴﺎﺕ ،ﻳﺮﻳﺪ -ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ -ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻔﺘﺢ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﺸﻬﻮﺭ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻔﺘﺢ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺎﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻷَﺧﺬ ﺑﺎﳊﺰﻡ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺃﹶﻭ ﰲ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺼﺪ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ :ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺴﻴﻞ ﺍﻟﺰﰉ ،ﻭﺟﺎﻭﺯ ﺍﳊﺰﺍﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﲔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﺼﻮﻣﻲ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﳍﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﻧﺒﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﻓﻴﻌﻠﻤﻮﺍ ﻓﻴﻤﺎﺫﺍ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ، ﻭﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺗﻌﻠﻖ ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻬﻤﻞ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﶈﺪﻭﺩ ،ﻓﻴﻀﻠﻠﻪ ﻭﻳﻐﻠﻄﻪ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺒﺪﺃ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﺒﻌﺎ ﳌﺒﺪﺋﻪ ﻭﻣﻨﺒﺌﺎ ﻭﻣﻨﺒﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﻓﻼﻥ ﳌﺎ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺃﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻼﻥ ﺑﺄﹶﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﺑﺘﺪﹶﺃ ﻓﻘﺎﻝ :ﺍﻧﺒﺌﻴﲏ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﺍﳌﻜﺎﺋﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺴﻢ ﺃﹸﻣﻮﺭ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺧﺮﺑﺖ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺮﺓ .ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺍﳌﺪﻳﺢ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀِ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻟﺼﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﺪ ﳍﺎ ﺍﺿﻄﺮﺍﺭﹰﺍ ﻭﻫﻮ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﲤﺎﻣﻬﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﱴ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻣﻨﻪ ﻭﻓﻴﻪ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻳﺴﲑﺍ ،ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻜﻼ َﻡ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺟﻮﻩٌ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻞ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻔﻨﺎﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻭﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻻ ﻋﺎﻣﺔ. ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﻣﻦ ﺍﳋﺼﻢ .ﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺧﺼﻤﻪ ،ﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻓﻤﺪﺡ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﻬﺎ ﻭﺗﻨﻘﺺ ﺧﺼﻤﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺫﻟﻚ ﲝﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻷَﻥ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﳉﻮﺍﺏ ﰲ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺎﻩ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺒﺊ ﺃﹶﻭﻝ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺮﺽ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﳚﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﺎﺩﺭ ﺇﹺﱃ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻳﻘﻄﻊ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ﻭﻻ ﻳﺘﻮﺍﱏ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﺆﺧﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺣﻴﻞ ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺟﺎﺕ ﻟﻠﺤﻜﺎﻡ ﺇﹺﱃ ﺁﺧﺮ ﻛﻼﻣﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺷﻜﺎﻳﺘﻪ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ،ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﺃﹶﺫﻛﺮ ﻟ ﻸَﻣﺮ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳊﻴﻞ ﺍﻟﱵ ﻳﺒﺪﺃ ﻬﺑﺎ ﳑﺎ ﻫﻲ ﳓﻮ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻓﻬﻲ ﺇﹺﳚﺎﺏ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﶈﺒﺔ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻤﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﹶﻧﻪ ﺫﻭ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﻣﻨﻪ ﺃﹶﻭ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻧﺴﺐ ،ﺃﹶﻭ ﺑﻀﺪ ﺫﻟﻚ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﻨﻔﻊ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﻘﺮﺍﺓ ﻭﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺭﲟﺎ ﺃﹶﺩﻯ ﺫﻟﻚ ﹺﺇﱃ ﺍﻟﻀﺤﻚ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﳑﻦ ﻳﺪﻋﻲ ﺫﻟﻚ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻴﻪ ﻏﲑ ﻣﻌﺮﻭﻑ .ﻭﳑﺎ ﻳﺴﺘﺪﺭﺝ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺑﺴﻄﻬﻢ ﻭﺇﹺﻳﻨﺎﺳﻬﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺒﺴﻂ ﻭﺍﻹِﻳﻨﺎﺱ ﳑﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺷﺮﻳﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻧﻔﻴﺲ .ﻭﳚﺐ ﻟﻠﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﹶﻧﻪ ﺧﲑ ﻭﻓﺎﺿﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﹶﺃﻭ ﺻﻠﺔ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﹶﻭ ﻋﺠﻴﺐ ﺍﳌﻨﻈﺮ .ﻓﺈﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﺍﺣﺪﹰﺍ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀِ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻻ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ،ﻭﻳﺜﺒﺖ -ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﳎﻴﺒﺎ -ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺩﻋﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺴﲑ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﻣﺆﺫٍ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﺎﻛﻴﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﺆ ِﺫ ﻭﻣﻜﺮﻭﻩ ﻋﻈﻴﻢ .ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﳓﻮ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳊﻴﻞ ﺍﳋﺎﺭﺟﺔ ﻭﺍﻟﺼﺪﻭﺭ .ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﺭﺃﺱ ﻛﻤﺎ ﻟﻠﺠﺴﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻋﺎﻡ ﳉﻤﻴﻊ ﺃﹶﺟﺰﺍ ِﺀ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﱯ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﻋﺎﳌﲔ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﻏﲑ ﺷﺎﻛﲔ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﳑﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺍﳍﻮﺍﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻜﺮﻳﻬﺔ ﺍﳌﺴﻤﻮﻉ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺗﺄﹶﻣﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﹶﺃﻭ ﺗﻔﻘﺪﻭﺍ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﱴ ﺃﹸﻗﺘﻞ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﻫﻮ ﱄ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻟﻜﻢ ،ﺃﹶﻭ ﺃﺧﱪﻛﻢ ﺧﱪﺍ ﱂ ﺗﺴﻤﻌﻮﺍ ﲟﺜﻠﻪ ﻗﻂ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺸﺪﺓ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ﺗﺴﺘﻘﺒﺢ ﺑﺪﺍﺀﺁﺕ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻌﺎﺭ ﻣﺜﻞ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﺡ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮﻭﺍﻥ ﻻﺳﺘﻔﺘﺎﺡ ﺟﺮﻳﺮ: ﺃﹶﺗﺼﺤﻮ ﺑﻞ ﻓﺆﺍﺩﻙ ﻏﲑ ﺻﺎﺡ. ﻭﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻘﺒﺢ ﺍﺳﺘﻔﺘﺎﺡ ﺃﹶﰊ ﺍﻟﻄﻴﺐ: ﺃﹶﻭﻩ ﺑﺪﻳﻞ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﱵ ﻭﺍﻫﺎ. ﻭﻗﻮﻟﻪ: ﻛﻔﻰ ﺑﻚ ﺩﺍﺀ ﺃﹶﻥ ﺗﺮﻯ ﺍﳌﻮﺕ ﺷﺎﻓﻴﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺜﲑ ﰲ ﺃﹶﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺧﻄﺒﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﺃﹶﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﳓﻮ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻓﺒﻴّﻦ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﳓﻮ ﺍﻷَﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺒﲔ ﻭﺍﺿﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺜﺮﻭﻥ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻭﺍﳊﻴﻞ ﺍﻟﱵ ﳓﻮ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺸﻌﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﹺﻣﺎ ﳉﻬﻠﻬﻢ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻟﻌﺪﻣﻬﻢ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﺃﹶﻭ ﻟ ﻸَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ ﺍﻟﺸﺮ ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻷَﻥ ﺗﻄﺮﻳﻘﻬﻢ ﻭﺗﺪﺭﳚﻬﻢ ﻟ ﻸُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻫﻮ ﺃﹶﻣﺜﻞ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻟﻴﺲ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺴﺌﻠﻮﻥ ﻋﻨﻪ، ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺴﺌﻠﻮﻥ ﻋﻨﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﹶﻳﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﻧﺲ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﺃﹶﻭ ﳛﺘﺎﻝ ﻷُﻧﺴﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻭﰲ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﹺﺟﺎﺩﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ ﺍﳌﺪﳛﻴﺔ ﳛﺘﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﹶﻥ ﳚﺘﻬﺪ ﰲ ﺇﹺﻳﻬﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﺗﺜﺒﻴﺘﻪ ﻭﻳﻮﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻇﻨﻪ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺍﳌﺮﺀ ﺇﹺﻣﺎ ﲝﻀﺮﺗﻪ ﺃﹶﻱ ﲟﺪﻳﻨﺘﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﲝﻀﺮﺓ ﺟﻨﺴﻪ ،ﺃﹶﻭ ﲝﻀﺮﺓ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺃﹶﺳﺮﻉ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﻣﺪﺣﻪ. ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﻘﺮﺍﻁ :ﻟﻴﺲ ﻳﻌﺴﺮ ﺃﹶﻥ ﻳُﻤﺪﺡ ﺃﹶﻫﻞ ﺃﹶﺛﻴﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻫﻞ ﺃﹶﺛﻴﻨﺎ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻌﺴﺮ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﻋﻨﺪ ﺃﹶﻫﻞ ﻟﻮﻗﻴﺎ ،ﻳﻌﲏ ﺃﹶﻋﺪﺍﺀﻫﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﺸﻮﺭﻱ ﻓﻬﻮ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﺼﻮﻣﻲ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﲑﺍ ﺇﹺﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﻛﻼﻡ ﻭﺗﺼﺪﻳﺮ، ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳏﺘﺎﺟﺎ ﺇﹺﱃ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﳘﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﺑﻪ ﻟﻴﺲ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻪ ﻭﻻ ﺻﻐﲑ ﺍ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻋﺎﻡ ﻭﻋﻈﻴﻢ ،ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﺑﻀﺪ ﻫﺬﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺧﺴﻴﺴﺎ ﻭﺻﻐﲑﺍ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﹺﻟﻴﻪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﳍﺎ ﻭﺍﻟﺘﻜﺒﲑ ﻭﺍﻟﺘﺼﻐﲑ ﳍﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻄﺒﻴﺔ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﺘﺰﻭﻳﻖ ﻭﺍﻟﺘﺰﻳﲔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﻤﻮﻫﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﺎ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﲝﺎﻟﺔ ﻣﺎ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ .ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻘﻊ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ﻬﺑﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﹸﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻜﻮ ﻬﺑﻢ ﺳﻮﺀ ﺍﳍﻤﺔ ﺃﹶﻭ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺴﲑﺓ .ﻭﺍﳌﺸﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﳚﻴﺐ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﹶﻧﻪ ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﻋﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﹶﺣﺪ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﳚﻴﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺸﺘﻜﻲ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻛﺎﻥ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﺃﹶﲨﻊ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﱂ ﻳﻜﻦ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻴﺲ ﺿﺮﺭﹰﺍ ﻭﻻ ﺟﻮﺭﺍﹰ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻟﻴﺲ
ﻗﺒﻴﺤﺎ ﺃﹶﻭ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺧﻄﺮ .ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﻭﳓﻮﻫﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺎﻛﺴﺔ ﻭﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﺸﺎﻛﺴﲔ ﻭﺍﳌﺘﻨﺎﺯﻋﲔ. ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﻳﻘﻊ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﺃﹶﻣﺎ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ ﻓﺄﹶﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺿﺮ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﱂ ﻳﻘﺼﺪ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﺗﻌﻤﺪﻩ ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻗﺼﺪ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻻ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺿﺮ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺎﻹِﻛﺮﺍﻩ ،ﻻ ﺑﺎﻟﻄﻮﻉ ﻭﻻ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻹِﺭﺍﺩﺓ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﻗﺪ ﺍﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﹶﻗْﺒ ﹸﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻣﺘﻬﻤﺎ ،ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﺑﺎﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﻻﻓﺘﺮﺍ ِﺀ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻫﻮ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﺑﻪ ﻏﲑ ﻣﻮﺛﻮﻕ ﻭﺃﹶﻥ ﻛﻼﻣﻪ ﻏﲑ ﻣﺼﺪﻕ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﺩﻋﻮﻯ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﻋﻲ ﺃﹶﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﱂ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻃﻨﻪ، ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﳌﻨﺎﻓﻖ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﻳﺪﻋﻰ ﰲ ﺫﻟﻚ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﳛﻨﺚ ﰲ ﳝﲔ ﻭﻳﺪﻋﻲ ﺃﹶﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻏﲑ ﻣﻮﺍﻓﻖ ﻟﺒﺎﻃﻨﻪ ،ﻭﺇﹺﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﳌﻨﺎﻓﻖ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﻣﺎ ﻗﺼﺪﻫﺎ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺧﺎﻣﺲ :ﻭﻫﻮ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﻋﻰ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻘﺼﺪﺍ ﺃﹶﻭ ﺣﻜﻤﺎ ﻏﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺯﻋﻤﻪ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺒﻠﻪ ﻳﻌﻤﻬﻤﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺪﻋﻲ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻗﺼﺪ ﺑﻪ ﻏﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺯﻋﻢ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺼﻒ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻭﻗﻮﻉ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ. ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻟﻠﺬﻱ ﳜﺠﻞ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻳﺬﻛﺮﻩ :ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﻗﻠﻴﻼ ﻭﻳﺬﻡ ﻛﺜﲑﺍ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ﻣﻌﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺬﻣﻮﻣﲔ ،ﺃﹶﻭ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻨﻪ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻛﺜﲑﺓ ﰒ ﻳﺬﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻓﺘﺮﻯ ﻬﺑﺎ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳊﺬﻕ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﻭﺍﻟﺪﱠﻫﻰْ ،ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﻳﻘﺼﺪﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﻀﺮﻭﺍ ﺑﺎﳋﻴﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺼﻔﻮﻫﻢ ﺑﺎﻷَﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ، ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳋﲑ ﻭﺍﻟﺸﺮ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﺮ ﳑﻜﻦ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺍﳋﲑ .ﻭﻟﻮ ﻭﺻﻔﻮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻓﻘﻂ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﻈﻦ ﻬﺑﻢ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﳌﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﺬﻱ ﳜﺠﻞ ﻭﻟﻠﺬﻱ ﻳﺘﻨﺼﻞ ﻣﻌﺎ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﻋﻠﻞ ﺷﱴ .ﻓﺎﻟﺬﻱ ﳜﺠﻞ ﻳﻮﺟﻬﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺸﺮ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﺼﻞ ﻣﻨﻪ ﻭﻳﻌﺘﺬﺭ ﻳﻮﺟﻬﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﳋﲑ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳉﺰ ِﺀ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻱ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ -ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻣﺎ ﻣﻮﺟﺰ ﻳﺘﻌﺠﻞ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﺘﺎﻡ -ﺃﹶﻻ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﻭﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻪ ﻣﻔﺮﺩﺍ ﻭﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻧﺴﻖ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺜﺒﻴﺘﻬﺎ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳋﺎﺭﺟﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺻﻨﺎﻋﻲ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ .ﻭﻷَﻥ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺘﺎﺕ ﲣﺘﻠﻒ :ﻓﻤﻨﻬﺎ
ﻣﺸﺘﺒﻚ ﻣﺘﺸﻌﺐ ،ﻛﺘﺜﺒﻴﺘﻚ ﰲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻟﻠﻤﺪﻭﺡ ،ﺃﹶﻭ ﻟﻠﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺃﹶﻭ ﺍﹶﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻪ ﻋﺪﺩ ﻣﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،ﹶﺃﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ﳑﺎ ﻳﻌﺴﺮ ﺣﻔﻈﻪ؛ ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﰲ ﻫﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻧﺴﻖ ﻭﳎﻤﻼ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺑﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺠﺎﻋﺎ ﺃﹶﻭ ﺣﻜﻴﻤﺎ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﺳﻜﺎ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺴﻴﻄﺎ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻷَﻭﻝ ﻓﻤﺸﺘﺒﻚ ﻭﻏﲑ ﺑﺴﻴﻂ .ﻭﻛﺄﹶﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﻟﻴﺲ ﳜﺎﻟﻒ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﰲ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﳜﺎﻟﻔﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﺍﳌﺮﻛﺐ ،ﺇﹺﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻪ ﺑﺴﻴﻄﺎ ﻻ ﻣﺮﻛﺒﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﺍﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺴﻴﻂ ﻣﻮﺟﺰ ﻻ ﻣﺮﻛﺐ ﻭﻻ ﻣﻨﺘﻈﻢ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﳑﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﻓﻴﻪ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺃﹶﻭ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﻣﺪﺣﻬﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ،ﻭﻫﻢ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻀﻠﻬﻢ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻣﻌﺮﻭﻑ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﺠﻤﻟﻬﻮﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺗﻔﺼﻴﻠﻬﺎ .ﻷَﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ .ﻓﺄﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﻌﻤﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺍﺠﻤﻟﻤﻞ ،ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﺍﳌﻔﺼﻞ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺍﺩ ﺇﹺﻧﺴﺎﻥ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﺃﹶﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ،ﻓﻠﻴﺲ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﻣﺪﺣﻬﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﺃﹶﻬﻧﻢ ﺃﹶﻓﺎﺿﻞ ﻗﺒﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﺸﺮﻉ ﰲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ .ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺟﺎﻫﻼ ﺑﺎﳌﻤﺪﻭﺡ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ؛ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﻣﻊ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻ ِﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻷَﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳌﺪﺡ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳋﺎﺭﺟﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻷَﻓﻌﺎﻝ .ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻠﻤﺪﺡ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﺑﺎﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻫﻮ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ،ﺑﻌﺪ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ :ﻭﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﳛﻖ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺧﻴﺎﺭٌ ،ﻭﺇﹺﻥ ﻣﻦ ﻧﺸﹶﺄ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﺸﺄ ﻓﺤﻘﻴﻖ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ .ﻭﺍﳌﺪﺡ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ،ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻷَﻓﻌﺎﻝ .ﻭﺍﳌﻔﻌﻮﻻﺕ ﻫﻲ ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ .ﻭﻗﺪ ﳝﺪﺡ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻪ ﻓﻌﻞ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻬﺗﻴﹶﺄ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺳﻌﻴﺪٌ ﺃﹶﻭ ﻣﻐﺒﻮﻁ ﹶﺃﻭ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﺎﺿﻞ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﺑﺎﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺇﹺﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﻴﺴﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ .ﻭﺍﳌﺪﺡ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻟﻴﺴﺘﺪﻝ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻐﺒﻄﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻣﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺪﻳﺢ ﻭﻟﻠﻤﺸﻮﺭﺓ ﲨﻴﻌﺎ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﻨﻘﻠﺐ ﻷَﺣﺪ ﺍﻟﻨﻮﻋﲔ ﺑﺘﻐﻴﲑ ﻳﺴﲑ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ .ﻓﻤﻦ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳝﺪﺡ ﻬﺑﺎ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌﻠﲔ ﲨﻴﻌﺎ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﰐ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﻭﺍﳊﺚ ﺇﹺﺫﺍ ﻏﲑﻩ ﺗﻐﻴﲑﺍ ﻳﺴﲑﺍ ﻭﺑﺪﻟﻪ ﺻﺎﺭ ﻣﺪﺣﺎ .ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳُﺘﻮﻫﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺎﳍﺎ ﺍﳌﺮ ُﺀ ﺑﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﳉﹶﺪ ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ،ﺑﻞ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺎﻝ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻛﺎﻥ ﻛﻼﻣﺎ ﻣﺸﻮﺭﻳﺎ ،ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻏﲑ ﻫﺬﺍ ﻭﻗﻴﻞ :ﺇﹺﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﻧﺎﻝ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺑﺴﻌﻴﻪ ﻭﺟﹺﺪﻩ ﻻ ﲜَﺪﻩ ،ﻛﺎﻥ ﻣﺪﺣﺎ .ﻓﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﺸﺎﺭ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ،ﺑﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺪﺡ .ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﺮﻛﺒﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﺡ ﻭﻣﺸﻮﺭﺓ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻣﻦ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺇﹺﱃ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ :ﺃﹶﻧﺖ ﺇﹺﳕﺎ ﻧﻠﺖ ﺍﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ﺑﺴﻌﻴﻚ ﻭﺟﹺﺪﻙ ،ﻓﻼ ﺗﺮﻛﻦ ﺇﹺﱃ ﻣﺎ ﻧﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﻭﺟﻮﺩﺓ ﲞﺖ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺧﻔﻴﻔﺎ ﻏﲑ ﻣﻄﻮﻝ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﲝﻴﺚ ﻳﺆﺫﻥ ﺩﻓﻌﺔ ﺑﺎﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺫﻥ ﺑﻪ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﺑﺈﹺﻏﻼﻁ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻠﲔ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻮﺳﻂ ﺑﲔ ﺫﻟﻚ ،ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﲟﻘﺎﻡ ﻣﻘﺎﻡ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ
ﺃﹶﻻ ﳚﻌﻞ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻃﻮﻳﻼ ،ﻭﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺣﺴﻨﺎ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳚﺐ ﺃﹶﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﻭﺟﻴﺰﺍ ﻗﺼﲑﺍ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺼﺪﺍ ﻣﻌﺘﺪﻻ .ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺇﹺﻧﺒﺎﺀ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺿﺮﺭ ﺃﹶﻭ ﻇﻠﻢ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﰒ ﻳﺘﻮﺧﻰ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﲟﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻻ ﳐﺎﻟﻔﺎ ﳍﺎ ﻭﻻ ﺃﹶﻋﻈﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﹶﻭ ﺃﹶﺻﻐﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﺃﹶﻥ ﳜﻠﻂ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺑﻌﺾ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻛﻼﻣﻪُ ﺃﹶﻗﻨﻊ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻜﺎﻡ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻠﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﰲ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﹶﺩﻋﻰ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﻗﻮﻋﻪ ،ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺿﺎﺭﺍ ،ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻇﻠﻤﺎ ،ﺃﹶﻭ ﰲ ﺃﹶﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﺎﺯﻉ ﺧﺼﻤﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﻗﺮ ﺑﻪ ،ﺇﹺﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻔﻌﺔ .ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺮ ﺃﹶﻧﻪ ﻓﻌﻞ ،ﻭﻟﻜﻦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻇﻠﻤﺎ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺠﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ،ﱂ ﳚﺐ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﻐﺮﻡ ،ﺃﹶﻭ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﺼﻔﺢ.
ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﺃﹶﻫﻠﻴﺎ ﺃﹶﻱ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻏﲑ ﻣﻨﻜﺮ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﹶﻥ ﳜﻠﻂ ﺑﻪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﲢﺮﻙ ﺍﳌﺮﺀ ﺇﹺﱃ ﺍﳋﻠﻖ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻭﲢﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﳋﲑ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻹِﺭﺍﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻻ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻷَﺧﻼﻕ ﻫﻲ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﳓﻮ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ،ﻻ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺕ. ﺏ ﺳﻘﺮﺍﻁ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﺬﻟﻚ ﱂ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﰲ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻤﻴﺔ ﺇﹺﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳَﺴﺘﻌﻤﻞﹸ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﺻﺤﺎ ُ ﻭﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﱠﻒ ﻣﻦ ﻻﺯﻣﺎﺕ ﺍﳋﻠﻖ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻟﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻭﺟﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﳋﻠﻖ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳋﺼﻢ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﺧﺼﻤﻪ ،ﻛﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ :ﺇﹺﻧﻪ ﻋﺠﻮﻝ ﻭﻏﲑ ﻣﺘﺜﺒﺖ ،ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﳝﺸﻲ ،ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻴﺶ ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﺮﺯﺍﻧﺔ ،ﻭﻫﻮ ﲞﻼﻑ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﻓﻼﻥ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺭﻭﻳﱠﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻷَﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﳜﺘﺎﺭ ﺃﹶﺑﺪﹰﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﹶﻓﻀﻞ ﺇﹺﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺼﺎﱀ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﳜﺘﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ، ﻭﺍﻟﺼﺎﱀ ﳜﺘﺎﺭ ﺍﳉﻤﻴﻞ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻨﻮﺟﺐ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ ﰲ ﻓﻼﻧﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﺐ ﺃﹶﺧﺎﻫﺎ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺒﻬﺎ ﺯﻭﺟَﻬﺎ ﻭﺑﻨﻴﻬﺎ ،ﻷَﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﻳﺴﺘﻌﺎﺩﻭﻥ ﺇﹺﻥ ﻓﻘﺪﻭﺍ ،ﻭﺍﻷَﺥ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﺎﺩ ﺇﹺﻥ ﻓﻘﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳚﺐ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷَﺧﺬ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﻩ ﻭﺃﹶﺗﻰ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺃﹶﻥ ﻳُﻮﺑﱠﺦ ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ :ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻔﻘﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﹶﻬﺑﻢ ﻬﺑﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳜﻠﻂ ﺍﳌﻘﺘﺺ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻻﺯﻣﺔ ﻭﻣﺸﺎﻛﻠﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﹶﻭ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺘﺼﻞ ﻬﺑﻢ .ﻭﺫﻟﻚ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ،ﻳﻌﲏ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﺮﲪﺔ ﳌﻦ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻴﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :ﺇﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻣﻌﲎ ﺯﺍﺋﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ ﰲ ﻓﻼﻧﺔ :ﺇﹺﻬﻧﺎ ﺇﹺﱃ ﺣﻴﺚ ﻣﺎ ﺭﻓﻌﺖ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﺑﻠﻐﺖ ،ﻳﺮﻳﺪ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ ،ﻣﻦ ﺇﹺﻣﻜﺎﻥ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﳍﺎ ﻭﺗﻴﺴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻮﺟﺪ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺷﻌﺮ ﺃﹸﻭﻣﲑﻭﺵ ،ﻛﻘﻮﻟﻪ ﰲ ﻓﻼﻧﺔ :ﺇﹺﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﺣﺒﺴﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﳊﺴﺎﻥ ،ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﺑﹰﺎ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻭﻋﺠﺒﺎ ﺑﻪ .ﻭﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺃﹶﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺧﻄﺒﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺃﹶﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻗﻮﻝ ﺃﹶﰊ ﲤﺎﻡ: ﺻﻮّﺭﺕ ﻧﻔﺴﻚ ﱂ ﺗَﺰﺩﻫﺎ ...ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻚ ﻣﻦ ﻛﺮﻡ ﺍﻟﻄﺒﺎﻉ ﻓﻠﻮ َ ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻧﻔﻌﺎﱄ ﺟﺪﺍ .ﻭﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺃﹶﰊ ﻧﻮﺍﺱ: ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﲟﺴﺘﻨﻜﺮ ...ﺃﹶﻥ ﳚﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﰲ ﻭﺍﺣﺪ ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﺃﹸﻧﺎﺱ ﻫﻢ ﺑﺄﹶﺣﻮﺍﻝ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻄﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻜﻔﻔﻮﻥ ﺍﻟﺪﻣﻊ ﺑﺄﹶﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﹶﻋﻴﻨﻬﻢ .ﻓﺈﹺﻬﻧﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹸﺑﺼﺮﻭﺍ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ،ﺃﹶﺷﻔﻖ ﳍﻢ ﻭﺗﻌﻄﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺻﺎﺭ ﺍﳋﺼﻢ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻳﻀﻠﻞ ﺍﳊﺎﻛﻢ .ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺘﻔﺎﻉ ﺍﳋﺼﻢ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻗﺪ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﻣﻊ ﺍﳉﺮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺑﻪ ﻣﻘﺮ ﻓﻀﻼ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻟﻪ ﻣﻨﻜﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻒ ﻋﻤﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﰲ ﺑﺪﺀ ﻛﻼﻣﻪ ،ﻭﺭﲟﺎ ﱂ ﳛﺘﺞ ﺇﹺﱃ ﺫﻟﻚ. ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻱ ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ﺃﹶﻟﺒﺘﺔ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﻭ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺍﻵﻥ .ﻭﺇﹺﳕﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﺒﲔ ﻬﺑﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ. ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺸﲑ ﺃﹶﻋﺮﻑ ﺑﺎﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ،ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﲝﺴﻦ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺄﺧَﺮﺓ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻓﺎﻷَﻣﺮ ﻓﻴﻪ ﲞﻼﻑ ﻫﺬﺍ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﺗﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﻭﺍﳊﺎﺿﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ .ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ
ﺍﻗﺘﺼﺎﺹ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺡ ﺇﹺﱃ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ .ﻭﻟﻜﻦ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ َﻳِﻌﺪُ ﺑﻪ ﳑﺎ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻮﻗﻮﻋﻪ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﺎﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﺍﻟﺬﻱ َﻳِﻌﺪُ ﺑﻮﻗﻮﻋﻪ ،ﰒ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻞ ﺗﺜﺒﻴﺘﻴﺔ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﺃﹶﻣﺮ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﱯ. ﻭﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺔ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﻗﻊ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،ﻫﻲ ﺃﹶﳓﺎﺀ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻛﺎﺋﻦ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﻣﺎﺭﻯ ﺍﳋﺼﻢ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﳚﺤﺪﻩ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻛﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺎﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺑﺎﳌﺜﺎﻝ .ﻭﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﻫﻮ ﰲ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﺿﺎﺭ ﺃﹶﻭ ﻟﻴﺲ ﺑﻀﺎﺭ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺍﳋﺼﻢ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻭﻧﺎﺯﻉ ﰲ ﺃﹶﻧﻪ ﺿﺎﺭ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺃﹶﻧﻪ ﻋﺪﻝ ﺃﹶﻭ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻭﺍﻗﻊ ﻭﺿﺎﺭ ﻭﻧﺎﺯﻉ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ ﺟﻮﺭﹰﺍ .ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺃﹶﻥ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺍﳋﺼﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﺿﺎﺭ ﻭﻏﲑ ﻋﺪﻝ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺪﻋﻲ ﺃﹶﻥ ﺧﺼﻤﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻴﻪ ﲟﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺟﻮﺭﻩ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻣﺜﻞ َﻣ ْﻦ ﻳﻘﺮ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﻏﻀﺐ ﺇﹺﻧﺴﺎﻧﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺰﻋﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﳕﺎ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻐﻀﺐ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﻨﺘﺼﻒ ﻣﻨﻪ. ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺄﹶﻧﻪ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﹺﱃ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻟﻌﺪﻝ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺍﳋﺼﻢ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﺿﺮﺭ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺧﺼﻤﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺒﲔ ﺃﹶﻥ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺃﹶﻥ ﺧﺼﻤﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺃﹶﻭ ﱂ ﻳﻜﻦ .ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﰲ ﻫﻞ ﻳﻄﻠﻖ ﳌﻦ ﺟﲑ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻥ ﳚﺮ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺟﲑ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﹺﱃ ﺍﳊﺎﻛﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﰲ ﻣﻠﺘﻨﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻫﻲ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻟﻠﺸﺎﻛﻲ ،ﺿﺎﺭﺓ ﻟﻠﻤﺠﻴﺐ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﺃﹶﻧﻪ ﺟﺎﺭ ﻭﺍﺩﻋﻰ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻴﻪ ﺧﺼﻤﻪ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺧﺮ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﰲ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﱂ ﻳﻜﻦ ،ﻓﻬﻲ ﻟﻠﻤﺠﻴﺐ ﺃﹶﻧﻔﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﺸﺎﻛﻲ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﲑﺍ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺜﺎﱄ ،ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺗﺒﻴﲔ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻓﻌﺎﻝ ﲨﻴﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﻓﻌﺔ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺃﹶﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﰲ ﺍﻷَﻗﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺃﹶﺭﺳﻄﻮ ﺑﺎﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﺇﹺﳕﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﻏﲑ ﻣﺼﺪﻕ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﺎ ﺃﹶﻭ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﻠﺔ ﲤﻨﻊ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺸﺎﺟﺮﻱ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﺒﲔ ﹺﺇﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮﻥ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻥ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻋﺪﻻ ﺃﹶﻭ ﻟﻴﺲ ﳑﺎ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ،ﺃﹶﻭ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻔﻘﺪ ﻛﺬﺏ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﻳﺎﺕ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﻧﻮﺍﻉ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻭﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﺑﺎﳉﺰﺀ ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺰ ُﺀ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷَﺟﺰﺍ ِﺀ .ﻭﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﺸﺎﻭﺭﺓ ﻭﺃﹶﻭﱃ ﻬﺑﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻓﻬﻲ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳋﺼﻮﻣﺔ ،ﻷَﻥ ﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﲟﺎ ﻫﻮ ﺁﺕ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﳚﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﺎﻟﱪﻫﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﳑﺎ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺜﺎﻝ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻲ َﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺃﹶﻭ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺜﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﺰﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀَ ،ﻷَﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ،ﻻﺯﻣﻪ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ،ﺃﹶﻱ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻻ ﳑﻜﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ .ﻭﹶﺃًﻣﺎ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﺔ ﻓﻼﺯﻣﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﺃﹶﺧﺺ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﲟﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﳜﻠﻂ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ،ﻭﺇﹺﻻ ﺃﹶﺿﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ .ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺆﺗﻰ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﺃﹶﻧﻪ ﻗﻴﺎﺳﻲ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ، ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺃﹸﻧﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻔﻠﺴﻔﲔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺭﺩﺕ ﺃﹶﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﻗﻮﻻ ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺎ ،ﻓﻼ ﺗﻌﻤﻠﻦ ﻣﻨﻪ ﺿﻤﲑﹰﺍ ﺗﺼﺪﻳﻘﻴﹰﺎ. ﻓﺈﹺﻧﻚ ﺇﹺﻥ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ،ﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﺗﺮﻓﻊ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪﺕ ﻓﻌﻠﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﲑ ﺑﺎﻃﻼ ،ﻷَﻧﻚ ﺗﺼﺪﻡ ﺑﻌﻀﻬﺎ
ﺑﺒﻌﺾ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺍﺟﺘﻤﻌﺎ ﻣﻌﺎ ،ﻓﺈﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺴﺪ ﺃﹶﺣﺪﳘﺎ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﻫﻨﻪ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﹶﻳﻀﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻠﻘﻲ ،ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﺎﻟﻀﻤﲑ ﻭﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻣﻌﻪ ،ﻷَﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﳑﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ :ﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻓﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺮﺃﹾﻳﻴﺔ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﻓﺎﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﻴﺔ .ﻓﻤﺜﺎﻝ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻚ ﻋﺎﺭﻑ ﻬﺑﺆﻻ ِﺀ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺼﺪﻗﻬﻢ .ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻈﻠﻮﻣﻮﻥ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻀﺠﺮ ﻬﺑﻢ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺃﹶﻥ ﻫﺬﺍ ﻋﺪﻝ ﺃﹶﻭ ﻧﺎﻓﻊ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺃﹶﺻﻌﺐُ ﻣﻦ ﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ،ﻣﻦ ﺃﹶﺟﻞ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ .ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺃﹶﻋﺮﻑ ﳑﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻜﻬﻦ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﺃﹶﺳﻬﻞ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ ﰲ ﻓﻼﻥ ﺃﹶﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻜﻬﻦ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﻜﻬﻦ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ ﺍﻟﻐﺾ ﻣﻨﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳌﺜﺎﱄ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻷُﻣﻮﺭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﳊﻜﻢ ﺟﺪﺍ ﻭﻳﺴﻬﻞ ﺑﻪ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲ ِﺀ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻪ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﳏﺎﻭﺭﺓ ﻛﺜﲑﺓ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀِ ،ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﳓﻮ ﺍﳋﺼﻢ ﻣﻦ ﲣﺴﻴﺴﻪ ،ﺃﹶﻭ ﳓﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ ،ﺃﹶﻭ ﰲ ﺗﺼﻴﲑ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺇﹺﱃ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ .ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﻳﺮﻭﻍ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﺃﹶﻭ ﳛﻴﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻳﺮﻳﺪ ﻷَﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺧﺺ ﺑﺎﳌﺸﻮﺭﺓ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺘﺸﻜﻚ ﰲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺄﺧﻮﺫﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﻣﻊ ﺍﳋﻄﺒﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﹶﻫﻞ ﺃﹶﺛﻴﻨﻴﺔ ،ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺬﻡ ﳍﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺫﻣﺎ ﻳﺴﲑﺍﹰ ،ﻳﺮﻳﺪ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺃﹶﺣﺴﺐ ،ﺑﺎﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﳍﺎ .ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺫﻡ ﻣﺎ ﻟﻠﻘﻮﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﳌﻨﺎﻓﺮﻳﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺪﺡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﱵ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﰲ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻠﻪ ﺍﳌﺪﺣﻴﺔ. ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺃﹶﺛﻨﺎﺋﻬﺎ ﻣﺪﺡ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺇﹺﻧﻪ ﻣَﻦ ﻣﺪَﺡ ﻓﻼﻧﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻌﻮﺯﻩ ﻣﻘﺎﻝ ﻭﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﻝ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻣﺪﺡ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ،ﻓﻜﻴﻒ ﰲ ﻣﺪﺡ ﺍﻹِﻟﻪ. ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺘﺜﺒﻴﱵ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﺪﺡ ﻛﺎﻥ ﺗﺜﺒﻴﺘﺎ ﻭﺧﻠﻘﻴﺎ ﻣﻌﺎ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺧﻠﻘﻲ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺑﻌﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺄﰐ ﺑﺎﻟﺘﺜﺒﻴﺖ :ﺇﹺﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﶈﻘﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻪ ﺇﹺﻻ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳌﻮﲞﺎﺕ ﻓﻬﻲ ﺃﹶﳒﺢ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﺒﺘﺎﺕ ،ﻳﻌﲏ ﺑﺎﳌﻮﲞﺎﺕ ،ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳋﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﻬﺑﺎ ﺍﳋﺼﻢ ،ﻭﺑﺎﳌﺜﺒﺘﺎﺕ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﻳﺄﰐ ﻬﺑﺎ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺇﹺﺑﻄﺎﻝ ﻗﻮﻝ ﺍﳋﺼﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺋﻪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺇﹺﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻮﲞﺎﺕ ﺃﹶﳒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻷَﻧﻪ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﹶﻥ ﺍﳌﻮﲞﺎﺕ ﺗﻔﻀﻞ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﺍﻷَﻗﻮﺍﻝ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ،ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻬﻧﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺗﺄﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ .ﻭﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ﺇﹺﺫﺍ ﻗﺮﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻛﺎﻥ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﻬﻪ ﳓﻮ ﺍﳋﺼﻮﻡ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﺳﻮﻯ ﻧﻮﻉ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻴﻪ ﲝﺴﺐ ﻗﻮﻝ ﺍﳋﺼﻢ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﺄﹾﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﺔ ﺃﹶﻭ ﺍﻟﱵ ﻗﻮﻬﺗﺎ ﻗﻮﺓ ﺍﳌﺘﻘﺎﺑﻠﺔ ،ﻭﺗﺴﻮﻕ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺦ .ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷَﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻘﺎ ﻳﻴﺲ ﺍﳌﺴﺘﻘﻴﻤﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﰲ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﻭﺍﳋﺼﻮﻣﺔ ﻣﻌﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﺍﺑﺘﺪﹶﺃ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺃﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﻗﻮﻟﻪ ﰒ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻹِﺑﻄﺎﻝ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﻟﻘﻮﻟﻪ .ﻫﺬﺍ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﻟﻪ ﻳﺴﲑﺓ ﺃﹶﻭ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ،ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺇﹺﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﲑﺓ ﺃﹶﻭ ﻗﻮﻳﺔ ﺍﻹِﻗﻨﺎﻉ ،ﻓﺈﹺﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﻠﻪ ﻫﻮ ﰲ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻓﻴﻨﻘﺾ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ .ﻓﺈﹺﺫﺍ ﺃﹶﻭﻫﻢ ﺑﻄﻼﻬﻧﺎ ،ﺃﹶﺗﻰ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺜﺒﻴﺘﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﻗﻮﻟﻪ ،ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ :ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻀﺪ ﻛﻼﻡ ﻗﺪ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﻏﲑﻩ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﻃﺊ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻳﻄﺮﻕ ﻟﻜﻼﻣﻪ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻐﲑ ﻛﻼﻣﺎ ﻣﻨﺠﺤﺎ ،ﺃﹶﻱ ﻣﻘﻨﻌﺎ .ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻮﺟﻮﻩ ،ﻣﺜﻞ
ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﳋﺼﻢ :ﺇﹺﻧﻚ ﻣﻌﲎ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺫﻭ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺇﹺﻧﻚ ﺗﺜﺒﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﹶﻥ ﺗﺜﺒﺘﻪ ،ﻭﺗﻘﻨﻊ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺃﹶﻧﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻧﺎﻓﻊ ﻟﻴﻌﺘﻘﺪ ﰲ ﻗﻮﻟﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﳏﻘﻖ ،ﻭﺇﹺﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻭﻻ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻖ ﻧﻔﺴﻪ .ﻭﺭﲟﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺫﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺫﻡ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ :ﺇﹺﻥ ﻛﻼﻣﻚ ﳏﻚ ﻭﺑﺎﻃﻞ ﻭﻛﻼﻡ ﺭﺟﻞ ﻻ ﺗﻮﺭﻉ ﻋﻨﺪﻩ. ﻭﻛﺄﹶﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﻫﻮ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﹺﱃ ﺫﻡ ﻛﻼﻡ ﺍﳋﺼﻢ ﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ .ﻭﺫﻡ ﺍﳋﺼﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﹶﻭ ﻛﻼﻣﻪ ﻫﻮ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺪﺡ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻛﻼﻣﻪ .ﻭﹺﺇﳕﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ؛ ﻭﺇﹺﻻ ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻐﲑ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺇﹺﱃ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳋﻠﻘﻴﺔ ﺃﹶﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﺷﺎﺭ ﺑﺎﻟﺼﻠﺢ ﻭﺍﳍﺪﻧﺔ :ﻷَﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﻘﻼ ِﺀ ﺃﹶﻥ ﻳﺼﲑﻭﺍ ﺇﹺﱃ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﻭﺍﳍﺪﻧﺔ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺃﹶﻗﻮﻯ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﻳﺄﰐ ﻬﺑﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺃﹶﳒﺢ ﻓﻬﻮ ﺃﹶﺣﺮﻯ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﻭﺃﹶﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﻣﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﻳﺄﰐ ﻬﺑﺎ ﰲ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﺃﹶﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﱵ ﻳﺄﰐ ﻬﺑﺎ ﺧﺼﻤﻪ ﰲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﻭﺍﻹِﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﳊﺮﺏ. ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﹶﻣﺎ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻓﺈﹺﳕﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺃﹶﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ :ﺇﹺﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺃﹶﻥ ﺕ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﻣﱴ ﺃﹶﺟﺎﺏ ﺑﻨﻌﻢ ﺃﹶﻭ ﻻ ﻟﺰﻣﻪ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺇﹺﻟﺰﺍﻣﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳُﺴﺄﹶﻝ ﺃﹶﻟﺴﺖ ﻗﺪ ﺃﹸ ِﺧ ﹾﺬ َ ﺑﻘﺮﺏ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﻭﺑﻴﺪﻙ ﺳﻴﻒ؟ ﻓﺈﹺﻥ ﻗﺎﻝ :ﻧﻌﻢ ،ﻗﻴﻞ :ﺃﹶﻧﺖ ﻗﺘﻠﺘﻪ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﻗﺎﻝ :ﻻ ،ﻗﻴﻞ :ﻓﺄﹶﻧﺖ ﻗﺘﻠﺘﻪ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻓﺮﺭﺕ. ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻠﻢ ﺇﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﱂ ﳚﺐ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺄﹶﻟﻪ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺷﻨﻴﻌﺎ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﺃﹶﻟﺴﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﹶﻥ ﺍﻹِﺗﺎﻭﺓ ﺟﻮﺭ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﻗﺎﻝ :ﻻ ،ﻛﺎﻥ ﺷﻨﻴﻌﺎ؛ ﻭﺇﹺﻥ ﻗﺎﻝ :ﻧﻌﻢ ،ﻗﻴﻞ ﻟﻪ :ﻭﺃﹶﻧﺖ ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻹِﺗﺎﻭﺓ ،ﻓﺄﹶﻧﺖ ﺟﺎﺋﺮ ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺄﹶﻟﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺼﺪﻕ ،ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺄﹶﻝ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳَﺴﺄﹶﻝ ﺳﺎﺋﻞ ﺲ ﻭﺍﺣﺪ؟ ﻓﺈﹺﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ :ﻧﻌﻢ ،ﻗﺎﻝ :ﻓﻌﻴﺴﻰ ﺇﹺﺫﻥ ﻟﻴﺲ ﺍﺑﻨﺎ ﷲ. ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ :ﺃﹶﻟﻴﺲ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻭ ﺍﻷَﺑﻨﺎﺀ ﻣﻦ ﺟﻨ ﹴ ﻓﺈﹺﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﹶﻥ ﲣﻔﻲ ﻟﻈﻬﻮﺭﻫﺎ ،ﻭﺑَﻌﺪ ﻻﺯﻣﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺧﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﺍﻷَﻛﺜﺮ ﺃﹶﻋﲏ ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﻋﻠﻰ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ. ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺟﺎﺏ ﺑﻀﺪ ﻣﺎ ﺳﺄﹶﻟﻪ ﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻟﺰﺍﻣﻪ ﺍﻟﺘﺸﻨﻴﻊ .ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻫﺬﺍ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺸﻨﻴﻊ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺿﺪ ﻣﺎ ﺳﺄﹶﻟﻪ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺇﹺﳕﺎ ﺃﹶﻟﺰﻣﻪ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻨﻴﻊ ﺑﻘﻴﺎﺱ. ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﳋﺎﻣﺲ :ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷَﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻳﻀﻄﺮﻩ ﺃﹶﻥ ﳚﻴﺐ ﺑﺎﳌﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﻣﻌﺎ ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﺘﻮﺑﻴﺦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﻮﻥ .ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻥ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺑﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳎﻴﺒﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻨﻌﻢ ﻭﺑﻼ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻳﺸﻐﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴﻮﻓﺴﻄﺎﺋﻴﻮﻥ. ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ :ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺄﹶﻝ ﺳﺆﺍﻻ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻌﺎﱐ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻳﺘﺸﻐﺐ ﺍﳉﻮﺍﺏ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﺇﹺﻥ ﺃﹶﺟﺎﺏ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪﻩ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻟﺰﻣﻪ ﺍﻷَﻣﺮ .ﻭﺇﹺﻥ ﺟﻌﻞ ﻳﻔﺼﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻭﳚﻴﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﲜﻮﺍﺏ ﺟﻮﺍﺏ ،ﺭﺃﹶﻯ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺔ ﻟﻀﻌﻔﻬﻢ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﺮﻳﺪ ﻭﺃﹶﻧﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺍﺿﻄﺮﺏ ﺟﻮﺍﺑﻪ ،ﺇﹺﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺇﹺﳕﺎ ﳚﻴﺐ ﺇﹺﺫﺍ ﺳﺄﹶﻝ ﲜﻮﺍﺏ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﺑﺄﹶﺟﻮﺑﺔ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻷَﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﻭﺗﺸﻮﻳﺶ ﰲ ﺍﳉﻮﺍﺏ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﺠﻤﻟﻴﺐ ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺃﹶﻥ ﻳﻨﻜﺮ ﺇﹺﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ،ﺇﹺﺫﺍ ﱂ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﹺﻧﻜﺎﺭ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺳﺌﻞ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻣﻜﻨﻪ ﺍﻹِﻧﻜﺎﺭ ،ﻓﻼ ﻳﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﶈﺘﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻋﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﺮﺍﺀ ﻭﻻ ﺃﹶﺧﺺ. ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻭﻡ ﺧﺼﻤﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﺴﻬﻞ
ﻋﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﺍﻷَﺷﻴﺎ ِﺀ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﻮﺑﻴﻘﻰ .ﻓﺈﹺﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺇﹺﻣﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻫﻲ ﳑﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻭﻳﻨﺘﻔﻊ ﻬﺑﺎ ﻭﺇﹺﻥ ﰎ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﹶﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﹶﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻨﺘﻴ ﺠﺔ ﻫﻲ ﻏﲑ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍﳋﺼﻢ ،ﻣﺜﻞ ﺃﹶﻧﻪ ﺇﹺﺫﺍ ﺃﹶﻧﺘﺞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﹶﻧﻪ ﺃﹶﺧﺬ ﺍﳌﺎﻝ ﻓﻴﻘﻮﻝ :ﻧﻌﻢ ﺃﹶﺧﺬﺗﻪ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﳊﻔﻆ ﻟﻪ ،ﻻ ﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﺼﺐ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻻ ﻳَﺴﺄﹶﻝ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻭﻻ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺇﹺﻻ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺟﺪﺍ، ﺑﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﺴﺄﹶﻝ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﲝﺎﻝ ﻭﺳﻂ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﻷَﻥ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳍﺰﺀ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﳍﺎ ﻏﻨﺎﺀ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ :ﺇﹺﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﻳﻔﺴﺪ ﺍﳉِﺪ ﺑﻀﺪﻩ ﺃﹶﻱ ﺍﳍﺰﻝ ،ﻭﻳﻔﺴﺪ ﺍﳍﺰﻝ ﺑﻀﺪﻩ ﺃﹶﻱ ﺑﺎﳉﺪ .ﻭﺫﻟﻚ ﺻﻮﺍﺏ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ .ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻛﻢ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﳍﺰﻝ .ﻭﻣﻦ ﺃﹶﻧﻮﺍﻉ ﺍﳍﺰﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﻜﺮﱘ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳍﺰﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﹶﻣﺮ ﺑﺎﻃﻦ ﻭﺗﻌﺮﻳﺾ ﻗﺒﻴﺢ ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﳍﺰﻝ ﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪﻩ ،ﻻ ﺃﹶﻧﻪ ﻋﺮّﺽ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺃﹶﻣﺮ ﻗﺒﻴﺢ .ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ :ﹺﺇﻥ ﺍﳌﺰﱠﺍﺡ ﻳﻮﺍﺟﻬﻚ ﺑﺎﳌﺰﺍﺡ ﻭﻳﺒﺪﻱ ﻟﻚ ﻣﺎ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺍﳌﻌﺮّﺽ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﺩﻋﻚ ﻭﻳﻮﳘﻚ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻭﻫﻮ ﻳﺬﻫﺐ ﰲ ﺍﳍﺰﻝ ﺇﹺﱃ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﻗﺒﻴﺢ .ﻓﺎﳌﺰﱠﺍﺡ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻜﺮﱘ ﻷَﻧﻪ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻦ ﺫﺍﺕ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺍﳌﻌﺮّﺽ ﺃﹶﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻠﺌﻴﻢ ﻷَﻧﻪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﳋﺐ ﻭﺍﳊﻘﺪ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﺎﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺘﻘﻮﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳋﻄﱯ ﻭﻳﺘﺮﻛﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﺃﹶﺭﺑﻌﺔ ﺃﹶﺷﻴﺎﺀ :ﺃﹶﺣﺪﻫﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﻣﻦ ﺧﺼﻤﻪ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ .ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻭﺗﺼﻐﲑﻩ.ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﳋﻠﻘﻴﺔ .ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺍﻷَﻗﺎﻭﻳﻞ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﳓﻮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺃﹶﺟﺰﺍﺀ ﺍﳋﻄﺎﺑﺔ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺍﻷَﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ. ﻗﺎﻝ :ﻭﳓﻦ ﻓﻘﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﱵ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ .ﻭﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﻓﻘﺪ ﻭﻓﻴﻨﺎ ﲜﻤﻴﻊ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﱵ ﻭﻋﺪﻧﺎ ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ ﰲ ﺃﹶﻭﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ .ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﳍﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﺃﹶﻣﺎ ﰲ ﺃﹶﻭﻝ ﺍﻷَﻣﺮ ﻓﻠﻜﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻏﲑ ﳎﻬﻮﻝ ،ﻛﺎﳊﺎﻝ ﰲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﳛﺴﻨﻮﺍ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﳛﻀﺮﻭﺍ ﺃﹶﻭ ﹰﻻ ﺍﻷَﻏﺮﺍﺽ ﻭﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﹶﻥ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ،ﰒ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺇﹺﻳﺎﻫﺎ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻭﺑﺄﺧﺮﺓ ﻓﻠﻜﻲ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﹶﻧﺎ ﻗﺪ ﻭﻓﻴﻨﺎ ﲟﺎ ﻛﻨﺎ ﻭﻋﺪﻧﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺒﻠﻎ ﺍﳋﺎﲤﺔ ﺍﻟﱵ ﲣﺺ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄﹶﻧﻪ ﻗﺪ ﻭﰱ ﲟﺎ ﺫﻛﺮ .ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺺ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﲔ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺍﳌﺜﺎﻻﺕ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﳉﻤﻠﺔ ﲝﻴﺚ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺑﺪﻻ ﻣﻨﻪ ،ﻭﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺿﺪﻫﺎ ﺿﺪﻩ. ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﱴ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﻷَﻣﺮﺍﻥ ﰲ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺃﹶﻋﺮﻑ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺑﺪﻟﻪ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﹶﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﳌﻤﺜﱠﻞ ،ﻭﺿﺪﻩ ﺃﹶﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﺿﺪ ﺍﳌﻤﺜﱠﻞ .ﻓﺈﹺﻧﻪ ﻣﱴ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻫﻜﺬﺍ ،ﻛﺎﻥ ﺇﹺﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻳﺜﺒﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﺇﹺﻣﺎ ﺃﹶﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺑﻪ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﹺﻣﺎ ﲟﺜﺎﻝ ﺁﺧﺮ ،ﻭﺇﹺﻣﺎ ﻷَﻧﻪ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﺃﹶﻋﲏ ﺃﹶﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﲟﺜﺎﻝ. ﻗﺎﻝ :ﻭﺃﹶﻣﺎ ﺧﻮﺍﰎ ﺍﳋﻄﺐ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﹶﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﳋﻄﺒﺔ ﻏﲑ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﻬﺑﺎ ﻭﻻ ﻣﺘﺼﻠﺔ ،ﲟﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﳓﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻒ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﰲ ﺍﳋﻄﺐ ﺍﳌﺸﺎﻭﺭﻳﺔ :ﻫﺬﺍ ﻗﻮﱄ ﻓﺎ ﲰﻌﻮﺍ ،ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺇﹺﻟﻴﻜﻢ ﻓﺎﺣﻜﻤﻮﺍ. ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻧﻘﻀﺖ ﻣﻌﺎﱐ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ .ﻭﻗﺪ ﳋﺼﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺄﹶﺩﻯ ﺇﹺﻟﻴﻨﺎ ﻓﻬﻤﻪ ﻭﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻇﻨﻨﺎ ﺃﹶﻧﻪ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﻭﻋﺴﻰ ﺍﷲ ﺃﹶﻥ ﳝﻦ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻍ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﻠﻔﺤﺺ ﻋﻦ ﻓﺺ ﺃﹶﻗﺎﻭﻳﻠﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷَﺷﻴﺎﺀ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﱂ ﻳﺼﻞ ﺇﹺﻟﻴﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﺡ ﳌﻦ ﻳﺮﺗﻀﻰ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺴﺮﻳﻦ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻣﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺑﻘﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﳉﻤﻌﺔ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﳏﺮﻡ ﻋﺎﻡ ﺃﹶﺣﺪ ﻭﺳﺒﻌﲔ ﻭﲬﺲ ﻣﺎﺋﺔ.
| ٢٠١٠ ISLAM ICBOOK.W Sجمي ع ا لح قو ق مت احة لج ميع ا لمسل م ين