العقد المفقود

Page 1

‫العدد ‪ ،1566‬سبتمبر ‪2011‬‬

‫‪57‬‬


TM1561_IBC_Ad.indd 63

21/02/2011 10:58


‫● الكلمة األخيرة‬

‫الذين قفزوا من برجي التجارة في ‪11/9‬‬ ‫في أواخر ‪ ،1948‬غادر سيد قطب ميناء اإلسكندرية إلى الواليات املتحدة مبتعثا من وزارة املعارف املصرية‪ ،‬وقد بعث خالل‬ ‫تلك الرحلة بثالث رسائل نشرتها مجلة «الرسالة» املصرية حتت عنوان «أميركا التي رأيت في ميزان القيم اإلنسانية»‪.‬‬ ‫يقول سيد‪« :‬إن الباحث في حياة الشعب األميركي ليقف في أول األمر حائرا أمام ظاهرة عجيبة‪ ،‬قد ال يراها في شعب من‬ ‫شعوب األرض جميعا‪ :‬شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو واالرتقاء‪ ،‬بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي‪،‬‬ ‫لم يفارق مدارج البشرية األولى»‪.‬‬ ‫عادل الطريفي‬ ‫بعد قرابة ‪ 5‬عقود‪ ،‬بعث تالميذ سيد قطب برسالته في السمو األخالقي‬ ‫إلى أميركا على هيئة طائرات انتحارية اصطدمت ببرجي التجارة في ‪11‬‬ ‫سبتمبر (أيلول) ‪ ،2001‬وقد كان الفتا أن خطاب أسامة بن الدن كان شديد‬ ‫الشبه مبا كان يقوله قطب عن التدني األخالقي ألميركا وضرورة التصدي‬ ‫لها بالقوة واالنتصار باإلسالم‪.‬‬ ‫ال شك أن ‪ 10‬أعوام من «احلرب على اإلرهاب» قد كلفت العالم الكثير؛‬ ‫حيث ُشنت حروب‪ ،‬وانهارت حكومات‪ ،‬وعصفت العمليات اإلجرامية‬ ‫(اإلرهابية) بعواصم كثيرة‪ ،‬وأُزهقت أرواح بريئة ال حصر لها‪ .‬لقد بدأ العقد‬ ‫األول من القرن الـ‪ 21‬بتصورات ورؤى مغلوطة بني أميركا ومجتمعات الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬وخالل تلك املدة حاول كل طرف أن يثبت وجهة نظره؛ فأميركا‬ ‫أحست بصدمة شديدة من أحداث سبتمبر‪ ،‬وسرعان ما استقر الرأي على‬ ‫أن الشرق األوسط وسكانه من العرب املسلمني يعانون مشكالت حقيقية‬ ‫أنتجت ذلك التفكير اإلرهابي؛ لذلك فإن احلل هو مزيج من تغيير احلكم أو‬ ‫إجباره على اإلصالح والتحرر من احلكم االستبدادي إلى الدميقراطية من‬ ‫جهة‪ ،‬وإصالح مناهج التعليم التي حتث على العنف والكراهية ضد اآلخر‬ ‫من جهة أخرى‪ .‬أما األكثرية في اجملتمعات العربية‪ ،‬فلم تكن ترى في‬ ‫أميركا إال دولة مستكبرة تستخدم قوتها ملناصرة إسرائيل‪ ،‬ولدعم األنظمة‬ ‫التي تخدمها‪ .‬بعد رحلة مضنية من الصراعات‪ ،‬جنحت أميركا‪ ،‬نسبيا‪ ،‬في‬ ‫نقل معركتها إلى أرض العدو‪ ،‬لكن الثمن اإلنساني واملادي كان كبيرا على‬ ‫اجلانبني‪.‬‬ ‫لقد خاضت أميركا حربني‪ ،‬إحداهما في أفغانستان؛ حيث لم تتمكن من‬ ‫بناء دولة‪ ،‬وما زالت جماعة طالبان ناشطة إرهابيا‪ ،‬وقد ابتنت لها فرعا‬ ‫في باكستان‪ .‬أما الثانية فهي جتربة الدميقراطية في العراق‪ ،‬فقد أبعدت‬ ‫ديكتاتورا بغيضا في شخص صدام حسني‪ ،‬لكن اآلليات الدميقراطية لم‬ ‫تنتج إال اقتتاال طائفيا انتهى إلى توسع نفوذ احلرس الثوري اإليراني ‪ -‬ال‬ ‫األميركي ‪ -‬في العراق‪ .‬أما في العالم العربي فبدأ البعض يدرك أن القوة‬ ‫األميركية ليست سرابا كما توهم‪ ،‬وأن األميركيني ليسوا بالضرورة أعداء‬ ‫أبديني‪ ،‬ويكفي للداللة على هذا التغيير أن ترى آثار االنتفاضات الشعبية‬ ‫التي جتتاح العالم العربي؛ حيث باتت املظاهرات تتهدد أنظمة عربية‬ ‫كانت‪ ،‬إلى وقت قريب‪ ،‬جمهوريات بوليسية عصية على القراءة والتحليل‪.‬‬ ‫لقد خالفت إدارة أوباما التوقعات‪ ،‬فتخلت عن بعض حلفائها‪ ،‬بل وذهبت‬ ‫إلى احلد الذي باتت تطالب فيه بعض الرؤساء بالرحيل استجابة ملطالب‬ ‫الشارع‪.‬‬ ‫في ليبيا‪ ،‬تصور محطات التلفزة األميركية عبد احلكيم بلحاج ‪ -‬أمير‬ ‫اجلماعة الليبية املقاتلة ‪ -‬وهو يقود الثوار إلى فتح طرابلس‪ ،‬وهو الشخص‬ ‫ذاته الذي كانت الواليات املتحدة قد اعتقلته في ماليزيا قبل أن تسلمه‬ ‫لليبيا‪ ،‬ليخرج من السجن بعد مراجعات قادها سيف اإلسالم القذافي‪.‬‬ ‫بلحاج خرج بعد سقوط طرابلس على شاشة قناة «فرانس ‪ »24‬ليشكر‬ ‫اجلهود الفرنسية في تسهيل احلملة على طرابلس‪ ،‬وليقول إنه ال ميانع‬ ‫في أن تقيم ليبيا عالقات طيبة مع كل من أوروبا وأميركا‪ .‬يا ترى هل‬ ‫تغير بلحاج‪ ،‬أم تغيرت أميركا؟ احلقيقة ‪ -‬وهي على كل حال نسبية ‪ -‬بني‬ ‫االثنني‪ .‬لقد تغيرت بعض األولويات والرؤى لدى كل طرف‪ ،‬ولكن ما زالت األطر‬ ‫الثقافية العامة لكل طرف على حالها‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫«الربيع العربي» أثر بشكل نسبي على قدرة آيديولوجيا وخطاب‬ ‫التنظيمات اإلرهابية على استقطاب الفئات الشابة‪ ،‬ولكن يجب أال ننسى‬ ‫أن األسباب الفكرية والظروف السياسية واالقتصادية التي أدت إلى ظهور‬ ‫تلك التنظيمات اإلرهابية ال يزال الكثير منها قائما‪ .‬لقد كانت صدمة ‪11‬‬ ‫سبتمبر قوية على اجلانبني؛ ألنها ملست اجلرح النرجسي عند كل منهما؛‬ ‫فأميركا بقوتها وتقدمها لم تستطع حسم املعركة مع انتحاريني تعاطفت‬ ‫معهم قطاعات واسعة من اجملتمعات العربية واإلسالمية ‪ -‬لبعض الوقت ‪-‬‬ ‫لشعورهم بالغضب جتاه أميركا‪ .‬أما العرب واملسلمون الذين ظلوا عاجزين‬ ‫ألكثر من ‪ 200‬عام عن فهم «ملاذا تقدم اآلخرون وتأخروا هم»‪ ،‬فقد وجد‬ ‫البعض منهم أن جواب احلركات اإلسالمية األصولية الديني لم يكن‬ ‫صحيحا‪ ،‬بل كلفهم ذلك فقد األرواح واملمتلكات‪ ،‬واحلياة الكرمية‪ .‬ولعل‬ ‫الدرس الكبير لعقد «اإلرهاب» هو أن الكثيرين على اجلانبني انتقلوا من‬ ‫حالة الصدمة واإلنكار إلى حالة التقبل والتأقلم؛ فاإلرهاب سيستمر ولن‬ ‫يزول؛ ألن اخلالفات احلضارية والدينية والسياسية ال تزول‪ ،‬لكن املطلوب هو‬ ‫أن يعمل كل طرف على تصحيح أخطائه؛ فأميركا يجب أن تتعلم أن القوة‬ ‫لها حدود ومسؤوليات‪ ،‬والعرب واملسلمون يجب أن يعوا أن التصحيح يبدأ‬ ‫من الداخل‪ ،‬وأن عليهم مراجعة أوضاعهم الدينية والفكرية والسياسية‬ ‫لتجاوز مشكالتهم‪.‬‬ ‫نشرت مجلة «صنداي تاميز» (‪ 4‬سبتمبر) حتقيقا مطوال حتت عنوان «في‬ ‫تذكر الذين قفزوا»‪ ،‬قالت فيه‪ :‬إن الكثيرين في أميركا ال يزالون حتى اآلن‬ ‫يرفضون احلديث عن أولئك الذين قفزوا من نوافذ مبنى التجارة الدولي بعد‬ ‫أن حاصرتهم النيران؛ فاملوضوع شائك أخالقيا ودينيا‪ ،‬ومؤذٍ على الصعيد‬ ‫الشخصي‪ ،‬لكن األدلة أثبتت‪ ،‬حتى اآلن‪ ،‬أن العشرات قرروا القفز على أن‬ ‫تأكلهم النيران‪ ،‬وقد قام عدد من الصحافيني بتوثيق تلك الصور وتكبيرها‪،‬‬ ‫حتى إن بعض ذوي الضحايا قد تعرفوا على مالبس أزواجهم الواقفني على‬ ‫النوافذ‪ ،‬وهناك صورة لشخصني وقد أمسكا بيدي بعضهما حلظة القفز‪ ،‬ال‬ ‫شك أن قصة أولئك الذين قفزوا محزنة للغاية‪ ،‬وهي أبرز صورة على قسوة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وهناك صور أخرى في العالم العربي واإلسالمي وأوروبا لضحايا‬ ‫أبرياء وجدوا أنفسهم بال خيار أمام عمليات إرهابية‪ .‬ترى‪ ،‬هل فكر سيد‬ ‫قطب‪ ،‬أو بن الدن‪ ،‬ومئات غيرهما من منظري العنف وكراهية اآلخر ومفتي‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬في أولئك الضحايا األبرياء الذين قفزوا من النوافذ إلى حتفهم‪ ،‬أو‬ ‫باآلالف الذين سقطوا حول العالم نتيجة لهذه احلرب؟ لقد برر املتطرفون‬ ‫واألصوليون أفعالهم الشنيعة حتت ذريعة أن األميركيني ساقطون أخالقيا‪،‬‬ ‫وأن قيمهم مادية دنيوية‪ ،‬ولكن لن تُصحح النظرة في العالم العربي‬ ‫واإلسالمي حتى يدرك العرب واملسلمون أن األميركيني وغيرهم من‬ ‫مواطني العالم لديهم قيم سامية ورفيعة كما لدى املسلمني والعرب‪،‬‬ ‫ولديهم نواقص كما لدى غيرهم؛ ألنهم بشر مثلهم‪ .‬لقد تخلف العرب‬ ‫واملسلمون ألنهم اعتقدوا أنهم أفضل من غيرهم أخالقيا وروحيا‪ ،‬ولن‬ ‫يتقدموا إال إذا تفهموا قيم وفكر وأخالق اآلخرين‪ ،‬واستفادوا منهم فكريا‬ ‫وحضاريا وروحيا‪ .‬إن الضحايا على اجلانبني بحاجة إلى حلظة خالص‪ ،‬ونسيان‬ ‫آالم تلك املرحلة‪ ،‬وإلى أن يتجاوزوا املاضي إلى املستقبل‪ .‬لقد ُسئل صامويل‬ ‫هنتنغتون ‪ -‬مؤلف كتاب «صراع احلضارات» ‪ -‬عن رأيه في أحداث ‪11‬‬ ‫سبتمبر‪ ،‬فأجاب‪« :‬من الواضح أن أسامة بن الدن يريد أن يكون هناك صدام‬ ‫للحضارات بني اإلسالم والغرب‪ .‬األولوية حلكومتنا هي محاولة منعه من‬ ‫أن يتحقق»‪.‬‬


‫متيزا‬ ‫في حلّة وتصميم جديدين وخدمات إعالمية أكثر تطورا وتغطية صحفية أكثر ّ‬ ‫انتقلت «اجمللة» الى موقعها اجلديد الذي عمل كل فريق التحرير بقسميه العربي‬ ‫واالجنليزي على أن يكون في املستوى املأمول ويحظى برضى القراء ويجعل «اجمللة»‬ ‫بالتالي من أكثر املواقع تصفحا في الوطن العربي وفي العالم‪ .‬يتميز املوقع اجلديد‬ ‫جمللة “اجمللة” باعتماده على عدة تقنيات حديثة ومالمح خاصة جتعل منه سهل‬ ‫التصفح ومواكبا آلخر التكنولوجيات في مجال االعالم االلكتروني‬

‫الرقمية‪ ،‬الكتب النصية‪ ،‬الفيديو‪،‬‬ ‫املوسيقى واأللعاب وجميع برامج آي‬ ‫فون‪.‬‬

‫الداعمة للموضوعات عبر صور بيانية‬ ‫وتفسرها‪.‬‬ ‫تدعم املعلومة‬ ‫ّ‬

‫تقنية وورد برس‬ ‫يعتبر “وورد برس” أسرع أنظمة‬ ‫النشر منوا في العالم و يعمل بشكل‬ ‫سريع و خفيف في التصفح و يصلح‬ ‫كذلك للمدونات الشخصية او مواقع‬ ‫البرامج او تطبيقات اجلواالت الذكية‬ ‫“اآليفون‪ ،‬االندرويد‪ …“ ،‬ويسر ّ “اجمللة”‬ ‫ان تكون من أول املواقع العربية التي‬ ‫تعمل بالكامل بهذا البرنامج‪.‬‬ ‫محركات البحث‬ ‫املوقع اجلديد يتمتع بالربط مع أكبر‬ ‫محركات البحث على الشبكة‬ ‫العنكبوتية العاملية مثل غوغل و ياهو‬ ‫و ألتافيستا و إم إس إن ميكروسوفت‬ ‫و بينغ و اليف سيرش‪ ،‬مما سيجعل‬ ‫عملية البحث عن مواضيع و مقاالت‬ ‫“اجمللة” أسرع انتشارا من ذي قبل‪.‬‬

‫مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫يتمتع موقع اجمللة اجلديد بخاصية‬ ‫الربط املباشر واالوتوماتيكي مبواقع‬ ‫التواصل االجتماعي مثل “فيس بوك”‬ ‫و “تويتر” و “يوتيوب” و “فليكر”‪،‬‬ ‫وبالتالي سيكون بوسع أعداد كبيرة‬ ‫من قرائنا متابعة أحدث ما ينشر على‬ ‫موقع “اجمللة” في نفس حلظة النشر‪.‬‬

‫متصفّح أكثر سرعة‬ ‫يتميز املوقع اجلديد في شكله اجلديد‬ ‫ّ‬ ‫بأنه أكثر سرعة في تنزيل املقاالت‬ ‫ويتيح للقارئ التعليق على املوضوعات‬ ‫املنشورة‪ .‬كما أصبح املوقع سهل‬ ‫االستخدام حيث سيتيح لفريق حترير‬ ‫“اجمللة” تنزيل الصور و “الغرافيكس”‬

‫موجز عن دولة ‪ -‬يوجد في املوقع‬ ‫خدمة “موجز عن دولة” وهي خريطة‬ ‫تفاعلية تقدم معلومات أساسية عن‬ ‫جميع الدول العربية باالضافة الى ايران‬ ‫وتركيا مع ربطها مبوضوعات املوقع ذات‬ ‫العالقة‪ .‬ويقوم فريق “اجمللة” بتحديث‬ ‫هذه املعلومات حسب ما تقتضيه‬ ‫تطورات األحداث في كل بلد‪.‬‬ ‫اجمللة آي باد ‪ -‬من أجل مخاطبة اجليل‬ ‫اجلديد من القراء مت ّ إتاحة “اجمللة” من‬ ‫خالل نظام “اآلي باد” لشركة “أبل”‬ ‫الذي يعمل بنظام تشغيل “آي أو أس”‬ ‫ويقوم بتشغيل عدة أنواع من الوسائط‬ ‫من ضمنها الصحف‪ ،‬اجملالت‪ ،‬الكتب‬

‫الغيمة االلكترونية ‪ -‬في موقع “اجمللة”‬ ‫اجلديد اعتمدنا ما يعرف بالغيمة‬ ‫أو السحابة االلكترونية التي تنقل‬ ‫املعلومات الرقمية كافة وتبرز الكلمات‬ ‫األكثر تداوال ملساعدة القارئ على معرفة‬ ‫املوضوعات املنشورة وأكثرها تداوال‬ ‫وقراءة وتصفحا ‪ .‬وهي تقنية حرصت‬ ‫“اجمللة” على توفيرها لتساعد القراء‬ ‫على سرعة التصفح ومتابعة أهم وأبرز‬ ‫املوضوعات املنشورة‪.‬‬

‫اجمللة موبايل ‪ -‬لقد مت تصميم املوقع‬ ‫اجلديد بحيث يتم اتاحة جل تطبيقات‬ ‫“االندرويد” و “اآلي فون” كما يوفر‬ ‫املوقع على خاصية الفيديو عبر أشهر‬ ‫موقع للتواصل االجتماعي في العالم اخملتص في‬ ‫حتميل الفيديو “يوتيوب”‪.‬‬

‫املدوّنات‬ ‫أنشأنا في موقعنا اجلديد قسما خاصا‬ ‫باملدوّنات ليكون فضاء حرا يكتب فيه‬ ‫عدد من أفضل وأشهر الكتاب واملراقبني‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬يقدمون من خالله‬ ‫آراءهم وحتليالتهم التي تعنى بالشأن‬ ‫العربي والدولي‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫قم بتنزيل رمز االستجابة السريعة‬ ‫واستعمل هاتفك الذكي للوصول الى خدماتنا‬

‫‪HH Saudi , Research & Marketing (UK) Limited , Arab Press House , 182-184 High Holborn , LONDON‬‬ ‫‪WC1V 7AP , Tel.: +44 (0)207 831 8181 , Fax: +(0)207 831 2310 , E-Mail: enquiries@majalla.com‬‬


‫تقرير‬ ‫● نقاد‬

‫تقرير املعهد الدميقراطي العراقي‪..‬‬ ‫حيرة وتخبط وغموض‬

‫صوت الناس‬

‫في الوقت الذي تستعد فيه القوات األميركية البالغ عددها ‪ 45‬ألفا‬ ‫ملغادرة العراق نهاية هذا العام‪ ،‬هناك العديد من التكهنات حول مدى‬ ‫استعداد السلطات األمنية العراقية وقدرتها على توفير األمن في البالد‬ ‫في غياب هذه القوات‪ .‬ويطرح «املعهد الدميقراطي الوطني» العراقي في‬ ‫تقرير له في هذا السياق‪ ،‬أسئلة حول مدى استعداد اجملتمع املدني في‬ ‫العراق للعمل على نحو مستقل‪ ،‬دون تدخل من السلطات‪ ،‬وهل مازال‬ ‫للدعم اخلارجي ضرورية في هذا اجملتمع؟‬

‫صوت اجملتمع املدني في العراق‬ ‫املعهد الدميقراطي الوطني‬ ‫يناير (كانون الثاني) ‪2011‬‬ ‫يتسم هذا التقرير باتساع مجال دراسته‪ ،‬حيث يحاول تقييم صوت اجملتمع املدني‬ ‫في العراق‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬هناك فجوة بني اجملتمع املدني الذي يحاول (املعهد الدميقراطي‬ ‫الوطني) تقصيه وحتليله والطريقة التي اعتمدها املعهد لكي يقوم بذلك‪.‬‬

‫العراقيون يطالبون بأبسط حقوقهم في بلد دمرته احلرب وأفسدته السياسة‬

‫كما أنه يبرز براعة «منظمات اجملتمع املدني» في التواصل مع احلركات الشعبية في‬ ‫العراق‪ ،‬ومدى النفوذ الذي تؤمن تلك املنظمات بأنها متتلكه‪ ،‬حيث قال نحو ‪ 40‬في املائة‬ ‫من الذين التقيناهم إن باستطاعتهم «تعزيز دور اجملتمع في اتخاذ القرار» وهذا يبعث‬ ‫على األمل‪ .‬ومن النتائج األخرى املثيرة لالهتمام أن نحو ‪ 90‬في املائة من الذين شاركوا‬ ‫كانوا يشعرون بأن املواطنني األميركيني يستطيعون االجتماع عالنية من دون خوف‪،‬‬ ‫رغم احلذر الذي يشوب ذلك في العديد من احلاالت‪ ،‬نظرا لوجود موضوعات محددة‬ ‫حترم مناقشتها كلية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ورمبا على نحو غير مفاجئ‪ ،‬ال يشعر سوى نصف‬ ‫«منظمات اجملتمع املدني الذين التقينا مبمثليها أن باستطاعتها دعم اآلراء املعارضة‬ ‫من دون خوف»‪.‬‬

‫ويعمل التقرير على حتليل واستقصاء ما أطلق عليه «منظمات اجملتمع املدني»‪ ،‬والتي‬ ‫وصفها بأنها «القاطرة الرئيسية لنشاط اجملتمع املدني في العراق»‪ ،‬إال أن التقرير يقر‬ ‫بأن «منظمات اجملتمع املدني» تنظر إلى نفسها كمدرب ومعلم للمجتمع املدني وليس‬ ‫كمعبر عن رغبات ذلك اجملتمع واحتياجاته‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن «منظمات اجملتمع املدني» تشعر بأنها قادرة على التأثير على‬ ‫اجملتمع املدني‪ ،‬فإن معظمها‪ ،‬وخاصة الشباب والنساء‪ ،‬يشعرون بأنهم أقل قدرة على‬ ‫وذكرت تسع من العشر منظمات التي التقيناها «أن بناء املهارات والتدريب وتعليم التأثير على احلكومة‪ .‬ويعد االفتقار إلى التواصل مع احلكومة‪ ،‬منطا متكررا في ذلك‬ ‫املواطنني هي أنشطتها الرئيسية»‪ .‬وفعليا‪ ،‬يرسم ذلك التقرير صورة ملنظمات مجتمع التقرير‪ ،‬ويعتقد التقرير أنه يستحق تخصيص اجلانب األكبر من التمويل اخلارجي له‬ ‫مدني هي في الواقع بعيدة عن اجملتمع املدني بقدر بعد الدولة عنه‪ ،‬وإن ذلك كان بقدر في املستقبل‪.‬‬ ‫أقل‪.‬‬ ‫إن عدم قدرة «منظمات اجملتمع املدني» على التأثير على احلكومة‪ ،‬يعد مشكلة ذات‬ ‫والغريب في هذا التقرير أنه وعلى الرغم من أنه قام بتعريف «منظمات اجملتمع املدني» بعدين‪ .‬فيذكر التقرير أن «منظمات اجملتمع املدني» في العراق تعاني من أزمة هوية في‬ ‫فإنه لم يقم بتعريف اجملتمع املدني نفسه‪ .‬فمن خالل عدم تعريف «اجملتمع املدني» إطار مساعيها لالستقالل عن البنى السياسية في الدولة‪ .‬ولكي يثق املواطنون بعمل‬ ‫كانت هناك حالة من الغموض لم تساعد على حتقيق أهداف ذلك التقرير‪ .‬ففي بعض «منظمات اجملتمع املدني»‪ ،‬فإن عليها أن تظل مستقلة وتلتزم احلياد السياسي‪ .‬ومع‬ ‫األوقات‪ ،‬مت وصف منظمات اجملتمع املدني بأنها جزء من «قطاع اجملتمع املدني» وهو ما ذلك‪ ،‬فإن احلفاظ على تلك املسافة من الهياكل احلكومية يعني أن «منظمات اجملتمع‬ ‫يتضمن عمليات «املنظمات غير احلكومية» التي تعمل حتت لواء اجملتمع املدني‪.‬‬ ‫املدني» ال تؤثر على السياسيني بنفس القدر الذي ترغب فيه‪ ،‬وهو ما يؤثر على أدائها‪.‬‬ ‫وتفتقر منظمات اجملتمع املدني ملمارسة ذلك النوع من النقد الذاتي في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫وفي أوقات أخرى‪ ،‬وصف «منظمات اجملتمع املدني» باعتبارها اجملتمع املدني بصفة‬ ‫عامة‪ .‬وعادة ما كان يترك التقرير القارئ حائرا‪ ،‬حول ما يقصده التقرير مبصطلحات ومن أهم نتائج التقرير أيضا حاجة املمولني اخلارجيني ملساعدة «منظمات اجملتمع‬ ‫مثل «اجملتمع األهلي»‪« ،‬اجملتمع املدني»‪« ،‬قطاع اجملتمع املدني»‪ ،‬فهل هي تشير إلى املدني» على تطوير أشكال للتقييم الداخلي‪ ،‬وهو ما تفتقر إليه في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫منظمات اجملتمع املدني‪ ،‬أم اجملتمع بصفة عامة أم كيانات أخرى غير محددة؟ ال ميكننا‬ ‫معرفة ذلك‪ .‬وليس هنالك ما يشير إلى ذلك في ثنايا هذا التقرير‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬استطاع التقرير حتقيق هدفه في إلقاء الضوء على املناخ الذي تعمل فيه‬ ‫جماعات اجملتمع املدني‪ ،‬كما قدم دليال على أنه يجب على األطراف اخلارجية االستمرار‬ ‫كما أن التقرير ال يخلو من عيوب‪ ،‬فأساسا تتضمن اللغة التي استخدمها التقرير شيئا في دعم تلك اجلماعات ماليا وتنظيميا‪ ،‬رغم أن التمويل الدولي للدولة العراقية سوف‬ ‫من الغموض يدفع للتساؤل عن السبب الذي حمله على هذا‪ ،‬خاصة أنه يعتمد على يبدأ في التقلص في ضوء استقرارها الظاهري‪ .‬وبعيدا عن احلاجة للدعم‪ ،‬يشير التقرير‬ ‫اإلحصاءات املستمدة من االستبيانات فهو يستخدم لغة مثل‪« :‬معظم» األعمال‪ ،‬إلى أن املمولني الدوليني رمبا يساعدون اجملتمع املدني الناشئ في العراق‪ ،‬من خالل‬ ‫«بعض» املنظمات‪« ،‬آخرون» يشعرون‪ ،‬يشير «عدد كبير»‪ ..‬إلخ‪ .‬وهو ما يدفعنا تسهيل التنمية التنظيمية ملنظمات اجملتمع املدني‪ ،‬وتطوير قطاع منظمات مجتمع‬ ‫للتساؤل حول سبب استخدامه للغة غامضة على الرغم من أنه يستطيع ذكر األرقام مدني أكثر مهنية وقدرة مالية‪ ،‬باإلضافة إلى املساعدة على وضع آليات تستطيع‬ ‫احلقيقية أو نسب اجمليبني على االستبيان‪ .‬وعلى الرغم من املشكالت املتعلقة بتعريف عبرها منظمات اجملتمع املدني واجملتمع املدني بشكل عام‪ ،‬الوصول للمعلومات املتعلقة‬ ‫بصناعة السياسة في احلكومة احمللية والوطنية‪.‬‬ ‫اجملتمع املدني‪ ،‬فإن التقرير يكشف عن قدر من املعلومات املبهرة‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫األستاذ احملبوب عبدالسالم‪ ،‬اإلسالمي القيادي الشاب‪ .‬بتدفق عاطفي‬ ‫فسجل‬ ‫واضح‪ ،‬ع ّبر عن عدم رضاه على التجربة اإلسالمية في السودان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مالحظاته عن تأخر العطاء الفكري في احلركة‪ ،‬مما جعل احلركة رهينة‬ ‫للسجاالت السياسية‪ ،‬ومنعها من تفصيل منهجها‪ ،‬وبرنامجها‬ ‫الفكري‪.‬‬ ‫أشار احملبوب في مراجعته إلى فساد جتربة احلكم‪ ،‬كما شنّع التجاوزات‬ ‫األخالقية التي قامت بها احلركة في احلكم‪ ،‬كما انتقد األجهزة األمنية‬ ‫وطغيانها على سلطة الدولة‪.‬‬ ‫أيضا على مراجعات د‪.‬غازي صالح الدِّين العتباني‪ ،‬املستشار‬ ‫مر ّ الكتاب ً‬ ‫الرئاسي‪ ،‬والقيادي اإلسالمي البارز‪ ،‬ع ّده من املنشغلني بجانب تبريري‪،‬‬ ‫حشد فيه نصوص الفقه التي تسند موقفه اإلسالموي‪ ،‬وقد وفّر غازي‬ ‫في مراجعاته ال َنقد احلقيقي‪ ،‬مما حدا بالكاتب أن يصف مراجعات‬ ‫العتباني باخلجولة‪.‬‬ ‫وتناول الكاتب مراجعات د‪.‬الطيب زين العابدين‪ ،‬وهو ِق َيادي منشق عن‬

‫السودانية‪ُ ،‬ه ِّمش ولم يحظ بدور قيادي حقيقي فيما‬ ‫احلركة اإلسالمية ُّ‬ ‫َك ارتباطه‬ ‫بعد‪ ،‬متيزت مراجعاته بقدر كبير من النقد‪ ،‬بخاصة بعد أن ف ّ‬ ‫متاما باحلركة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫السودان وأفغانستان‬ ‫ي ُ ِقر زين العابدين بأ ّن احلركات اإلسالمية في‬ ‫ُّ‬ ‫املشوه لإلسالم‪،‬‬ ‫أصابت الناس بخيبات أمل كبيرة جرّاء تطبيقها‬ ‫ّ‬ ‫صر على أن فشل التجربة األولى ال يعني نهاية‬ ‫واستغاللها له‪ ،‬ولكنه ي ُ ِ‬ ‫املطاف‪.‬‬ ‫أيضا مراجعات الدكتور حسن مكي‪ ،‬األكادميي اإلسالمي‬ ‫تناول الكتاب‬ ‫ً‬ ‫السوداني حيث أشار الكتاب إلى غرائبية منهجه‪ .‬تنقل بني املراجعات‬ ‫التي لم تكن لها خلفية توثيقية حقيقية‪ ،‬وأهم النصوص التي نقلها‬ ‫وعبر عن املراجعات الكبيرة ومرارة فشل التجربة‪ ،‬كانت للقيادي البارز‪،‬‬ ‫ياسني عمر اإلمام‪ ،‬الذي نقل عنه قوله "أخجل أن أحدِّث الناس عن‬ ‫اإلسالم في املسجد الذي يجاورني‪ ،‬بسبب الظلم والفساد الذي أراه‪...‬‬ ‫ال أستطيع أن أقول ألحفادي انضموا لإلخوان املسلمني‪ ،‬ألنهم يرون‬ ‫الظلم الواقع على أهلهم‪ ،‬فلذلك الواحد (املرء) بيخجل يدعو زول‬ ‫السودان أنا غايتو بخجل!"‪.‬‬ ‫(شخص) لإلسالم في ُّ‬ ‫في البدايات‪ :‬الهوية والتحديات‬ ‫السودانية لم يكن‬ ‫يعتبر الدكتور حيدر أن وجود احلركة اإلسالمية‬ ‫ُّ‬ ‫السوداني‪ ،‬بل كان والدة‬ ‫ضرورة‪ ،‬ولم ينتجه تطور طبيعي في التكوين ُّ‬ ‫قيصرية‪ ،‬فالتدين الصوفي الذي يعود إليه شباب اليوم‪ ،‬كان وال زال‬ ‫املالذ الذي يؤ ِّمن احلاجة الروحية للناس‪ ،‬ولم تنشأ احلركة اإلسالمية‬ ‫فعل للفكر الشيوعي والفكر القومي‪ ،‬في أوساط‬ ‫السودانية إال كرد‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫النخب الطالبية‪ ،‬بعي ًدا عن اجملتمع‪.‬‬

‫عمر البشير‬

‫حسن الترابي‬

‫السودان في خطر‪،‬‬ ‫زرعت احلركة‬ ‫وهما صدقته مفاده أن اإلسالم في ُّ‬ ‫ً‬ ‫واستوردت األفكار هربًا من هذا اخلطر‪ ،‬فكانت احلركة عالة في الفكر‬ ‫على املفكرين املصريني مثل (هيكل‪ ،‬البنا‪ ،‬قطب‪ ،‬الغزالي‪ ،‬القرضاوي)‬ ‫وغيرهم مثل (الندوي‪ ،‬واملودودي)‪ ،‬فلم تكن للحركة جذور محلية‪،‬‬ ‫السوداني صوفي‪ ،‬أو منكف على علم شرعي ال يخوض‬ ‫فغالب الفكر ُّ‬ ‫غمار السياسة‪ ،‬ورعً ا وزه ًدا‪ ،‬فلم يكن ليخدم التجربة الوليدة‪ ،‬لذلك‬ ‫س ُّد به حاجتها‬ ‫السودانية أول عهدها‪ ،‬ما ت َ ُ‬ ‫لم جتد احلركة اإلسالمية ُّ‬ ‫السوداني‪ ،‬فاستعانت بغيره‪ ،‬وتأخر نتاجها لعقدين‬ ‫الفكرية من املنتوج ُّ‬ ‫السودانية كان كراسة كتبها‬ ‫وأكثر‪ ،‬فأول انتاج للحركة اإلسالمية‬ ‫ُّ‬ ‫السوداني‪ ،‬وهو‬ ‫د‪.‬حسن الترابي في ‪ ،1967‬عن حل احلزب الشيوعي‬ ‫ُّ‬ ‫سن متأخر ج ًدا‪ ،‬فيما يقدره الكاتب‪.‬‬ ‫في النهايات ‪ :‬رمزية النموذج‪..‬فساد التطبيق‬ ‫الفصل الثالث من الكتاب كان عن أولويات احلركة‪ ،‬وكان في رأسها‬ ‫ينية‪ ،‬وبعدها تغذ ّى التيار‬ ‫تأسيس كيان‪ ،‬وحتديد هويته السياسية الدِّ ّ‬ ‫اإلسالموي بصناعة عدو متثل في الشيوعية‪ ،‬و تطرّق الكتاب للحديث‬ ‫عن التجديد الدِّيني‪ ،‬و تناول العالقة بني التجديد والعلمنة‪ ،‬ومر ّ على‬ ‫السوداني أُسسه ومراميه وعقباته التي واجهها‬ ‫املشروع اإلسالمي‬ ‫ُّ‬ ‫السوداني‬ ‫ويواجهها وسيواجهها‪ ،‬كما تناول موقف املشروع اإلسالموي ُّ‬ ‫السوداني يرى الدِّميقراطية‬ ‫من الدولة املدنية‪ ،‬وهو يرى أن املشروع‬ ‫ُّ‬ ‫مدخال ً للفتنة وللفرقة والشتات‪ ،‬والزال موقفه من التعددية مرتبكاً‪،‬‬ ‫وإميانه باملواطنة براغماتي‪ ،‬وأبدى الكاتب شكوكه في صدقية احترام‬ ‫املشروع حلقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫السياسِ ي ميلك البنية الرمزية‬ ‫وفي اخلامتة وصل الكتاب إلى أن اإلسالم ِّ‬ ‫البديلة فقط ولكنه عاجز عن أن ميأل املشروع الواقعي بهذه الرمزية‪،‬‬ ‫وبالرغم من كل هذه اخليبات والثمار املرة فال زال األمل في أن يقدم‬ ‫اإلسالميون نق ًدا للفكرة ال األشخاص‪.‬‬

‫حيدر إبراهيم علي‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫عبد الوهاب األفندي‬

‫في انتظار املراجعات‬ ‫بالرغم من وجهة نظر الكاتب الواضحة واملبدئية من التجربة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬إال أ ّن ذلك لم يُثقل على النقاط اجلوهرية للكتاب‪ ،‬فقد‬ ‫سجل املثالب الكبيرة‪ ،‬وأهدى العيوب الواضحة‪ ،‬وبينّ النقاط الرئيسة‬ ‫ّ‬ ‫السودانية‪،‬‬ ‫التي يحتاجها الباحث لينقب في املراجعات اإلسالمية‬ ‫ُّ‬ ‫السوداني الذي شهد انشطار‬ ‫ولم تخل كلماته من أسى يطغى على ُّ‬ ‫السودان وضياعه‪ ،‬بعد مشروع إسالموي سوداني‪ ،‬يرى د‪ .‬حيدر أنه لم‬ ‫ُّ‬ ‫يكسب ال ُّدن ْيا وخسر الدِّين!‬ ‫‪59‬‬


‫● نقاد‬

‫السودان‪ :‬كسب ال ُّدنْيا وخسارة الدِّين‬ ‫اإلسالميون في ُّ‬

‫مراجعات احلصاد املُر‬

‫ناسا عاديني‪ ،‬فقد خسروا أنفسهم ولم يكسبوا ال ُّدنْيا»‪ .‬هكذا‬ ‫«هم أقرب إلى نهايات أبطال روايات شكسبير التراجيدية‪ ،‬منهم إلى أن يكونوا أ ُ ً‬ ‫السودان ومراجعاتهم الناحبة الباكية‪ ،‬هذا في كتابه الصادر عن دار احلضارة في القاهرة‪ ،‬مراجعات‬ ‫يصف الدكتور حيدر إبراهيم علي اإلسالمويني في ُّ‬ ‫السودانيني‪ .‬كسب ال ُّدنْيا وخسارة الدِّين‪ ،‬يصف الدكتور هذه املراجعات بأنها أشبه ما تكون بالنحيب‪ ،‬حلركة متتعت بعقيدة االستعالء‪،‬‬ ‫اإلسالميني ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حتى عميت عن النقد الذاتي‪ ،‬ودخلها التعالي وعدم االحترام لآلخرين اخملتلفني عنهم فكريًا‪ ،‬حتى وقعت في حبائل التجربة‪ ،‬فعرفت أنها تَ ْغ ِرف مما‬ ‫يغرف منه الناس‪ ،‬وليس ملائها طهارة غير طهر الناس‪ ،‬ليس لها قداسة كما تخال‪ ،‬وليس لرجالها براءة في الزُبر!‬

‫السودانيني‪ .‬كسب ال ُّدن ْيا وخسارة الدِّين‬ ‫كتاب‪ :‬مراجعات اإلسالميني ُّ‬ ‫املؤلف‪ :‬الدكتور حيدر إبراهيم علي‬ ‫سنة النشر ‪ :‬مايو (أيار) ‪2011‬‬ ‫عدد الصفحات‪128 :‬‬ ‫دار احلضارة للنشر‪ -‬القاهرة‬ ‫في الفصل األول تناول الكتاب دوافع واجتاهات النقد واملراجعة في‬ ‫احلركات اإلسالمية‪ ،‬فعلى الرغم من حديث احلركة اإلسالمية عن‬ ‫مرجعية متعالية مسنودة إلى "املُقدس"‪ ،‬إال أ ّن الواقع أث ّر في نشأتها‪،‬‬ ‫ولكنها لم تواجه مشكالت حقيقية تستدعي النقد واملراجعة إال بعد‬ ‫التطبيق‪ ،‬وكان هذا أول الدوافع للنقد واملراجعة "دافع نقد املمارسة"‪،‬‬ ‫أما الدافع الثاني فقد كان املوقف من التكفير والعنف‪ ،‬وهو دافع قدمي‬ ‫وحاليا في العصر احلديث‬ ‫منذ عهد حسن البنا بعد انتشار االغتياالت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بعد تطور الفكر اجلهادي‪ ،‬أرّخ الكتاب لبداية املراجعات في التيارات‬ ‫اإلسالمية عامة‪ ،‬وتناول النموذج اإلخواني املصري‪ ،‬وأشار للمراجعات‬ ‫التونسية ومراجعات اجلماعة اإلسالمية‪ ،‬كان كل ذلك مقدمة سريعة‬ ‫السودانية‪.‬‬ ‫للمراجعات‬ ‫ُّ‬ ‫السودانية‪:‬‬ ‫املراجعات‬ ‫ُّ‬ ‫السودانية الفكري بالضعف‪ ،‬إذا ما‬ ‫اتسم كسب احلركة اإلسالمية‬ ‫ُّ‬ ‫السياسي‪ ،‬فكان يأتي الفعل أوال ثم محاوالت التبرير‬ ‫قُورِن بكسبها‬ ‫ّ‬ ‫له‪ ،‬حتى املفاصلة الشهيرة بني جناح الدكتور الترابي املؤمتر الشعبي‬ ‫وجناح اجلنرال عمر البشير املؤمتر الوطني‪ ،‬يرى الدكتور حيدر أنها لم‬ ‫حتدث بسبب خالف فكري حقيقي بل كان منشأها خالف تنظيمي‪.‬‬ ‫السودان بأن‬ ‫ّ‬ ‫فسر الكاتب عدم وجود مراجعات إسالمية جماعية في ُّ‬ ‫احلركة اإلسالمية حلت نفسها بعد استالمها للسلطة مباشرة‪،‬‬ ‫لذلك جاءت املراجعات فردية ولم يقم بها التنظيم‪.‬‬

‫عقب مصاحلتها لنظام جعفر منيري في ‪ 1977‬جاء على حساب املبادئ‪،‬‬ ‫قيم الكتاب مراجعة األفندي بأنها وقعت في فخ اإليديولوجيا‪ ،‬وأصحاب‬ ‫ّ‬ ‫اإليدولوجيا يخرجون من التنظيم ليضفوا على رؤاهم شيئا من احلياد‪،‬‬ ‫ولكنهم ال يخرجون منه حقً ا‪ ،‬فتبدو كثير من رؤاهم مليئة بالثغرات‪ ،‬و‬ ‫تظهر مراجعاتهم مرتبكة‪.‬‬

‫أيضا على مراجعة الدكتور التيجاني عبدالقادر‪ ،‬األكادميي‬ ‫مر ّ الكتاب‬ ‫ً‬ ‫مر ّ الكتاب على مراجعات أهم الشخصيات الفكرية اإلسالمية اإلسالمي املعروف‪ ،‬الذي كتب مراجعته حتت شعار "إن لم يكن لتصويب‬ ‫السودانية‪ ،‬بداي ًة من الدكتور عبدالوهاب األفندي‪ ،‬صاحب كتاب الثورة األخطاء فليكن ملنع تكرارها"‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫واإلصالح السياسي‪ .‬نقل الكتاب أن األفندي مأل مراجعاته بالتبريرات‪،‬‬ ‫فبرر اإلنقالب العسكري الذي قامت به اجلبهة اإلسالمية لالستيالء يُلقي التيجاني باللوم على ما يسميه "الفتنة" التي بدأت منذ أن‬ ‫على نظام احلكم في ‪ 30‬يونيو (حزيران) ‪ ،1989‬وأطلق عليه ثورة‪ ،‬تعارضت رؤية "د‪.‬الترابي" ورؤية البشير‪ ،‬يُفسر الدكتور حيدر اختيار‬ ‫ّ‬ ‫خارجيا ال يضع اللوم على‬ ‫ونظر له على هذا األساس‪ .‬وّثق الكاتب نقد األفندي للفقر الفكري التيجاني للفتنة شماع ًة‪ ،‬ألنها حتمل بُع ًدا‬ ‫ً‬ ‫اإلسالموي‬ ‫السوداني‪ ،‬مُمَثال ً له بطروحات حل مشكلة الدميقراطية عاتق الالعبني السياسني‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫السلطة‪ ،‬مشيرًا إلى‬ ‫والتمثيل الشعبي‪ ،‬والتعاطي معها بعد استالم ُّ‬ ‫أ ّن ما انتهى إليه اجتهادهم باختيار كيان حزبي فضفاض‪ِ ،‬مثل حزب وث ّق التيجاني النقالب العسكر على د‪.‬الترابي‪ ،‬ورأى أنه ُظ ِلم مرتني‪،‬‬ ‫املؤمتر الوطني‪ ،‬كان خيارًا يشوبه الكثير من العوار‪ ،‬كما ان َتقَ د األفندي مرة من اخلارج الذي لم يتفهم أطروحاته املعتدلة‪ ،‬ومرة أخرى من قبل‬ ‫الس ْ‬ ‫طوة القوية ألجهزة األمن على الدولة وحتول الدولة إلى دولة أمنية‪ ،‬تالميذه الذين باعوه‪ .‬من أهم مالحظات التيجاني إقراره بأن القبيلة‬ ‫َّ‬ ‫إلاّ أ ّن الدكتور حيدر اعتبر هذا النقد متأخرًا ج ًدا‪ ،‬خاصة أنه جاء بعد سطت على التنظيم‪ ،‬وهي مالحظة شدد عليها مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫سنني طوال‪.‬‬ ‫خيبة وألم‬ ‫في مراجعاته أقر ّ األفندي بأن منو احلركة اإلسالمية الكبير الذي أتى املراجعة الرئيسة الثالثة‪ ،‬كانت عنوان ًا للخيبة والشكية واأللم‪ ،‬كتبها‬ ‫‪58‬‬


6


‫● اختيار احملرر‬

‫املرأة و الرجل‪ ..‬معا من أجل التغيير‬

‫واملفارق أن النظام نفسه في ظل تنامي البارانويا وتقلص شعبيته‪،‬‬ ‫هو الذي دفع بقضية شرعيته‪ ،‬ففي الوقت الذي كان فيه العديد‬ ‫من اإلصالحيني ينظرون إلى بلدهم قبل ‪ 2009‬باعتبارها دميقراطية‬ ‫جزئية مع احتمالية أن يتم تطويرها من داخل النظام‪ ،‬فإنه من‬ ‫الصعب أن نتخيل أن جتذب اجلمهورية اإلسالمية الناخبني مرة أخرى‬ ‫ملرشحيها النتخابات ‪.2013‬‬ ‫جمهورية شمولية‬ ‫كان هناك دائما احتمال قائم بتحول اجلمهورية اإلسالمية إلى‬ ‫شمولية ولكن ذلك لم يتحقق على نحو شامل‪ ،‬فدستور ايران‬ ‫يحتوي بعد الثورة على مواد يبدو أنها حتتفي باملبادئ الدميقراطية مثل‬ ‫حرية التنظيم وحرية الصحافة وإن كان يتم إرجاعهما إلى اإلسالم‬ ‫وبالتالي يتم إرجاعهما إلى من يهيمن على اخلطاب الديني في‬ ‫إيران‪ ،‬وعلى الرغم من أن اإلصالحيني مثل الرئيس السابق واألكادميي‬ ‫اإلسالمي محمد خامتي قد حاوال أن يستخلصا من تلك التناقضات‬ ‫آفاق (الدميقراطية اإلسالمية)‪ ،‬فإنهما لم يكونا أقرب الزدواجية أوريل‬ ‫أكثر مما هما عليه اآلن‪.‬‬ ‫عندما التقيت إحدى الصديقات التي احتجزها املسؤولون األمنيون‬ ‫في ‪ 2009‬نظرا لصداقتها مع الصحافيني األجانب‪ ،‬أخبرتني أن‬ ‫احملقق – شاب يرتدي مالبس حديثة لم تكن تتخيل أنه يعمل للنظام‬ ‫ واجهها مبلف ضخم أعدته االستخبارات حولها‪( ،‬كانوا يعرفون‬‫أشياء ال ميكن أن يعرفوها إال عبر التنصت على الهواتف اجلوالة أو‬ ‫قراءة البريد اإللكتروني‪ ،‬وكانوا يعرفون أشياء حدثت بني ثالثة أو أربعة‬ ‫من أصدقائي املقربني‪ ،‬ال أحب التفكير في ذلك)‪.‬‬ ‫مت احتجازي لفترة قصيرة‪ ،‬واستجوابي‪ ،‬وتفتيشي في جامعة طهران‬ ‫‪56‬‬

‫خالل صالة اجلمعة جملرد أنني كنت أسير مع األجانب في شارع‬ ‫جانبي‪ ،‬وحينها ظهر شاب في أواخر العشرينيات يرتدي مالبس‬ ‫أنيقة ونظارات شمسية باهظة التكلفة فجأة وطلب بإجنليزية غير‬ ‫متمرسة أن أذهب أنا ورفيقتي اإليرانية إلى حرم اجلامعة لالستجواب‪،‬‬ ‫وعندما اتصلت رفيقتي مبنزلها إلخبار عائلتها مبا يحدث – نظرا ألن‬ ‫من يتم اعتقاله على ذلك النحو ميكن أن يختفي أليام طويلة في‬ ‫إيران ‪ -‬هدد باعتقالنا على الفور‪ ،‬إن إيران ‪ 2011‬ليس املكان الذي‬ ‫يزعج املرء نفسه بالسؤال (ولكن ملاذا؟)‪.‬‬ ‫توفر جبال العاصمة البراح ملن يرغبون في التسلق‪ ،‬وليس من‬ ‫املستغرب‪ ،‬خاصة في الليل‪ ،‬أن ترى سيدات غير محجبات يتسلقن‬ ‫اجلبال‪ ،‬أو بعض األفراد الذين ينزهون كالبهم املمنوع ظهورها في‬ ‫األماكن العامة‪ ،‬وفي ليلتي األخيرة في طهران‪ ،‬وفيما كنت أتسلق‬ ‫الطرق اجلبلية إلى داركه في شمال املدينة‪ ،‬ألقت مرافقتي بحجابها‬ ‫على كتفيها بعد ‪ 30‬دقيقة من السير‪ .‬وعندها اقترب رجل مسن‬ ‫منا وقال لها محذرا‪( :‬احذري يا ابنتي فبعضهم ينتظرون ذلك)‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك بأربعني دقيقة‪ ،‬وفي أعلى الطريق اجلبلي‪ ،‬كان شرطيان يقفان‬ ‫في الظل ينتظران فرض أخالقيات ‪ .1979‬وحتى ذلك اجلزء من املتنزه‬ ‫كان يبدو مسيجا وحتت السيطرة‪ ،‬فيبدو أن الطبيعة على األقل حتى‬ ‫اآلن قد مت قهرها‪.‬‬ ‫خاص بـ«اجمللة»‬ ‫رونالد إليوت براون – فورن بولسي ‪ 31‬أغسطس ‪2011‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•مت تغيير األسماء والتفاصيل الدقيقة حلماية هوية أصحابها‬ ‫•كتب املقال قبل سقوط طرابلس في أيدي الثورا وفرار القذافي‬


‫وحني سألتها ماذا عن مصر؟‪ .‬قالت (مصر مختلفة‪ ،‬فعندما خرج‬ ‫املصريون لم يعودوا للمنازل‪ ،‬وكان اجليش معهم‪ ،‬ولكن جيشنا‬ ‫لم يكن معنا‪ ،‬كما أن الرئيس السابق حسني مبارك تنحى قبل‬ ‫أن يتم قتل عدد كبير من الناس‪ ،‬ولكن انظر اآلن إلى سوريا‪ ،‬يسودها‬ ‫العنف‪ ،‬فهي أكثر عنفا من إيران‪ ،‬ولم نكن نعتقد أبدا أن األسد قد‬ ‫يفعل ذلك‪ ،‬وإذا ما كانت هناك ثورة في سوريا‪ ،‬فمن احملتمل أن يكون‬ ‫لها انعكاسات سلبية هنا ألن هناك روابط جتمع بني احلكومتني من‬ ‫العديد من النواحي كما أنهما يدعمان بعضهما البعض)‪.‬‬ ‫عنف الدولة‬ ‫وقد أصبح من السهل أن جند منتقدي النظام احلاكم الذين ينظرون‬ ‫إلى حمالت الدولة العنيفة باعتبارها أزمات مؤقتة بل ورمبا مظاهر‬ ‫احتضار السلطة غير الشرعية‪ ،‬ويشعر العديد من الناس أن شيئا ما‬ ‫سوف يحدث قريبا ليس ألنه ال يوجد بديل قريب واضح ولكن نظرا ألن‬ ‫الوضع الراهن ال ميكن أن يستمر‪.‬‬ ‫(ال تعتقد ألنك ال ترى الناس يتظاهرون في الشوارع أنه ال يحدث‬ ‫شيء)‪ ،‬ذلك ما قاله سوهراب‪ ،‬املهندس املتقاعد والسجني السياسي‬ ‫السابق‪ ،‬في الستينيات من عمره‪ ،‬عندما أخبرته أنني أعتقد أن حركة‬ ‫املعارضة في موقف ضعف‪ ،‬فاعترض قائال (متر إيران بفترة تغير‪ ،‬حيث‬ ‫تتطور األفكار والقيم على نحو سريع‪ ،‬وفي الوقت نفسه يفسد‬ ‫النظام‪ ،‬وميكننا أن نرى كل ذلك من حولنا)‪.‬‬ ‫وميكن ملس ذلك التغير للقيم الذي عبر عنه‪ ،‬فبعيدا عن انتشار‬ ‫العلمانية‪ ،‬تعد املواجهات مع إيران اإلسالمية في ‪ 2011‬مفاجئة‬ ‫ألي أحد نظرا ألن قيادات الدولة سريعة الغضب‪ ،‬آية اهلل اخلميني‪،‬‬ ‫وخامنئي‪ ،‬خلفه‪ ،‬ما زاال رموز تلك الدولة‪ ،‬فيجب أن يظل التفكير‬ ‫احلر الذي ينتشر بني اإليرانيني املسلمني السر األعظم للجمهورية‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫وعندما كنت أزور (حصن املوت) اجلبلي املنعزل في شمال إيران والذي‬ ‫كان يشتهر بأنه معقل أعضاء األقلية الشيعية‪ ،‬اإلسماعيلية‪،‬‬ ‫أخبرني أحد حراسه‪ ،‬وهو قروي محلي‪ ،‬أن بعض اإلسماعيليني زاروا‬ ‫مؤخرا املوقع‪( .‬ولكنك ال تستطيع االعتراف بأنك إسماعيلي في إيران‬ ‫وإال يتم قتلك)‪ ،‬ذلك ما قاله أحد الزوار من طهران مازحا‪ .‬فرد احلارس‬ ‫ملوحا بيده‪( :‬ما الفارق بيننا وبني اإلسماعيلية؟ فهم يؤمنون بوجود‬ ‫ستة أئمة ونحن نؤمن بوجود ‪ 12‬إماما‪ ،‬ولكن ما هو الشيء املهم‬ ‫الذي فعلناه باالثني عشر إماما وال يستطيعون هم حتقيقه باألئمة‬ ‫الستة؟) فتعالت الضحكات في كل مكان من حولنا‪.‬‬

‫بتحفظ (لقد نشأت هنا)‪ .‬فقال لها (هل تعرفني‪ ،‬لدي العديد من‬ ‫األصدقاء امللحدين)‪ .‬فردت بحذر‪( :‬ال ميكن أن يكون هنا ملحدون وإال‬ ‫سوف يقتلون!)‪ .‬فقال بإصرار كما لو أنه شعر باإلهانة‪( :‬ذلك ليس‬ ‫صحيحا!)‪.‬‬ ‫في إيران‪ ،‬تبدو فكرة إراقة الدماء نظرا لألمور املتعلقة بالدين فكرة‬ ‫مستبعدة بل ورمبا فكرة سخيفة‪ ،‬وفي إطار تقييم روح العصر‪ ،‬قال‬ ‫أحد الشباب العلمانيني في طهران باإلجنليزية‪( :‬ما زالت إيران دولة‬ ‫إسالمية للغاية ولكن لم يعد هناك من يحتد فيما يتعلق باألمور‬ ‫الدينية)‪.‬‬ ‫ولكن في ظل غياب ذوي الدوافع الدينية املستعدين لتحدي النظام‬ ‫على نحو مباشر‪ ،‬رمبا يكون اخليار الوحيد أمام إيران هو السعي وراء‬ ‫تغيير بطيء وإن كان مؤكدا‪ .‬ومن املزعج أن ترى أن املدى الذي تصل‬ ‫إليه أحالم اإليرانيني – خاصة املتعلمني من الطبقة الوسطى ‪ -‬يفوق‬ ‫ما ميتلكونه من وسائل إلحداث التغيير‪ .‬ويسعى العديدون لالنفصال‬ ‫عن مشروع اخلميني‪ ،‬إلى أن رعبهم من العنف يبعدهم عن اإلصالح‬ ‫الذي يبدو أنه متوقف حتى إشعار آخر‪ .‬فهم يعقدون آمالهم على‬ ‫القوى اخلارجية‪ ،‬مثل عقوبات األمم املتحدة‪ ،‬واألزمة االقتصادية‬ ‫املتعلقة بها والتي تزيد من املصاعب التي يواجهونها‪ .‬فقد أخبرني‬ ‫علي‪ ،‬مهندس في الثالثينيات من عمره (إن ذلك النظام سوف ينهار‬ ‫نظرا لألزمة االقتصادية‪ ،‬فالعقوبات لها آثار سلبية على الناس‬ ‫ولكنها أكثر أشكال الضغط قوة)‪ .‬وقالت مارجان مؤيدة لذلك‪( :‬إن‬ ‫الشيء الذي ميكنه القضاء على احلكومة هو االقتصاد وليس أي شيء‬ ‫آخر)‪ .‬فيما يضع آخرون اآلمال‪ ،‬دون االنحياز إلى جانب ما‪ ،‬على صراع‬ ‫القوة الواضح بني الرئيس أحمدي جناد واملرشد األعلى‪ ،‬وهو ما جتلى‬ ‫في ترك أحمدي جناد للعمل ملدة ‪ 11‬يوما في أبريل (نيسان) احتجاجا‬ ‫على اعتراض خامنئي على أحد تعييناته الوزارية باإلضافة إلى اعتقال‬ ‫احلكومة ألعضاء من دائرة أحمدي جناد لنشرهم السحر واالستعانة‬ ‫باجلن‪ ،‬وفي يوليو (متوز)‪ ،‬توقع العديدون احتمالية توجيه اتهامات‬ ‫ألحمدي جناد‪( .‬إنهم يقاتلون بعضهم البعض!) ذلك ما قالته إحدى‬ ‫صديقاتي اإليرانيات‪ ،‬طالبة تدرس علم النفس في العشرينيات من‬ ‫عمرها‪ ،‬بابتهاج وهي تشاهد ذلك الصراع الضروس كل مساء من‬ ‫خالل البث غير الشرعي لقناة (بي بي سي) الفارسية‪.‬‬

‫وعند مجمع كبير لألضرحة في مدينة شيراز اجلنوبية‪ ،‬في جانب‬ ‫مخصص لالستشارات الزوجية‪ ،‬اقتربت مني امرأة ذات صوت‬ ‫خفيض ترتدي الشادور وقالت بإجنليزية غير متمرسة‪ ،‬كما لو أنها‬ ‫حتفظ خطابا قد أعد سلفا (يعاني الرجال والنساء من العديد من‬ ‫املشكالت املالية في إيران نظرا ألن احلكومة جتعل دولتنا فقيرة وال‬ ‫تسمح باملساواة بني الرجال والنساء‪ ،‬وذلك ليس بسبب اإلسالم‪ ،‬فإذا‬ ‫ما قرأت القرآن‪ ،‬سوف ترى أنه مينح املرأة مكانة رفيعة‪ ،‬سامحني‬ ‫على إجنليزيتي ولكنهم إذا ما سمعوا ما أقوله سوف يقتلونني) وهي‬ ‫تشير بعيونها إلى بعض العاملني بالضريح‪.‬‬ ‫ولكن أحد األصدقاء قاطعها قائال(ال أعتقد أنهم سوف يقتلونك)‬ ‫خوفا من أن أتعامل مع كالمها بحرفية‪( ،‬ولكني أعتقد أنك سوف‬ ‫تتعرضني للمشاكل)‪.‬‬ ‫روح العصر‬ ‫وفي متحف طهران‪ ،‬والذي يقع مباشرة أمام السفارة األميركية‬ ‫ومنازل الرفات (اإلعجازية) لـ (شهداء) النظام الرسمي‪ ،‬أصر أمني‬ ‫املتحف على أن يعرض على مرافقتي اإليرانية معرضا يحتوي على‬ ‫بطاقة مدرسية يعتقد أن والد الطفل وقعها بعدما مات في احلرب‬ ‫اإليرانية – العراقية‪( .‬هل تؤمنني باملعجزات؟ قال أمني املتحف‬ ‫ملرافقتي‪ ،‬فتجنبت اإلجابة‪ .‬فقال (هل أنت مسلمة؟) فقالت‬ ‫‪2011‬‬ ‫سبتمبر‪2011‬‬ ‫‪ ،1567‬نوفمبر‬ ‫العدد ‪،1566‬‬

‫‪55‬‬


‫● اختيار احملرر‬

‫مهدي كروبي‬

‫من فرق الشرطة التي تتجول في مجموعات من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬أفرد وهم‬ ‫يحملون في الغالب هراوات في أيديهم‪ ،‬وكانت الطرق الرئيسية حتيط‬ ‫بها قوات الشرطة والقوات الثورية وقوات الباسيج املسلحة فيما بدا‬ ‫أنه قوات حكومية لكبح الشغب‪ ،‬وعندما كنت أجلس في أرضية‬ ‫املقعد اخللفي لسيارة أحد أصدقائي – حيث كان قد نصحني بأال‬ ‫يراني أحد على مقربة من املظاهرات ألنه ميكن اعتقالي نظرا لكوني‬ ‫أجنبيا – استطعت أن أرى العديد من الكيانات األمنية املتمثلة‬ ‫في صفوف من اجلنود في كبرى ميادين املدينة‪ :‬فاليسير‪ ،‬فردوسي‪،‬‬ ‫هافت تير‪ ،‬وكانت جماعات املعارضة قد أعلنت عن (مظاهرة صامتة)‬ ‫في ذلك اليوم ولكن على الرغم من أن املنابر اإلخبارية الكبرى قد‬ ‫حتدثت عن بعض الصدامات واالعتقاالت فإنني لم أمتكن من رؤية أي‬ ‫متظاهرين‪.‬‬ ‫ورمبا تكون احلركة اخلضراء قد استنزفت‪ ،‬ففي آخر املظاهرات الكبرى‬ ‫التي اجتاحت طهران – والتي اكتسبت زخما من حالة االبتهاج‬ ‫اإلقليمية املرتبطة بالربيع العربي ‪ -‬حدثت في ‪ 14‬فبراير (شباط)‪،‬‬ ‫والحقا وفي الشهر ذاته‪ ،‬قامت احلكومة بحبس مير حسني موسوي‬ ‫ومهدي كروبي‪ ،‬الرموز الشهيرة للحركة‪ ،‬باإلضافة إلى زوجاتهم‪،‬‬ ‫في منازلهم‪ ،‬ولم يسمع أحد عنهم منذ ذلك الوقت‪ ،‬وال توجد أي‬ ‫إشارات على أن هناك من هو على استعداد لكي يحل محلهم‪.‬‬ ‫إراقة الدماء‬ ‫وفي الوقت ذاته‪ ،‬شنت احلكومة هجوما على العديد من اجلبهات‪.‬‬ ‫وكانت تقوم بإعدام نحو سجينني في املتوسط يوميا في عام ‪2011‬‬ ‫بعضهم بتهمة (محاربة اهلل)‪ ،‬وهي عبارة املقصود بها معارضة‬ ‫النظام‪ ،‬وما زالت محاوالت النظام خللق إنترنت (حالل) خاضع‬ ‫للرقابة في إيران مستمرة‪ ،‬حتى أنه من املستحيل أن تفتح حسابك‬ ‫اخلاص على الـ(جي ميل) أو أي من مواقع األخبار اإلجنليزية دون‬ ‫االستعانة ببرنامج خاص‪ ،‬وقد قال رجل دين رجعي إنه (يجب إراقة‬ ‫الدماء) للحفاظ على الزي اإلسالمي للمرأة‪ ،‬وهناك خطط قائمة‬ ‫لفصل اجلنسني في اجلامعات‪.‬‬ ‫وقد سادت حالة من اإلحباط إن لم يكن اليأس بني الثوريني احملتملني‪،‬‬ ‫(احلركة اخلضراء؟ أجل! كان من املمكن أن تصبح حركة حمراء نظرا‬ ‫لقدر الدم املراق إذا ما استمرت! كان من املمكن أن تكون أسوأ من‬ ‫سوريا)‪ .‬ذلك ما قاله محارب قدمي بجيش الشاه أثناء تناولي الشاي‬ ‫معه‪ ،‬ثم قال ابنه علي‪ ،‬الذي يعتزم الزواج قريبا‪ ،‬في الثالثينيات من‬ ‫عمره‪ ،‬والذي استمتع بقذف احلجارة على قوات الشغب في ‪:2009‬‬ ‫(أعتقد أن العرب أكثر شجاعة من اإليرانيني‪ ،‬خاصة السوريني)‪.‬‬ ‫ثم قال‪( :‬في ‪ ،2009‬لم يعرف العديد من الناس ملاذا يحاربون‪ .‬لقد‬ ‫خرجوا للشوارع ألنهم راغبون في احلرية‪ .‬ولكن اإليرانيني كانوا قلقني‬ ‫على أمنهم‪ .‬فقد خافوا من الدماء والعنف)‪.‬‬ ‫وإذا ما كان اإليرانيون مترددين في اخملاطرة بحياتهم‪ ،‬فرمبا ألنهم لم‬ ‫‪54‬‬

‫حسني موسوي‬

‫يعودوا يشعرون بالراحة في استمداد دوافعهم األخالقية من الدين‪،‬‬ ‫فهناك توجه علماني يجتاح إيران خاصة بني الشباب‪ ،‬وعندما سألت‬ ‫علي عن عدد أصدقائه الذين كانوا يهتفون اهلل أكبر من على أسطح‬ ‫املنازل في إطار االحتجاجات التالية لالنتخابات في ‪ 2009‬وكانوا‬ ‫متدينني قال‪( :‬ال يوجد)‪.‬‬ ‫ولم يسع التيار األساسي للحركة اخلضراء إلى تغيير النظام الديني‬ ‫إليران‪ ،‬فقد سعى زعماء مثل موسوي وكروبي للتغيير من الداخل‪،‬‬ ‫لكن هناك عددا أكبر اآلن يفكر في احلاجة إلى تغيير راديكالي‪،‬‬ ‫فقد قالت ليلى‪ ،‬وهي أم لطفلني في أواخر اخلمسينيات من عمرها‬ ‫والتي شحذت كافة مهاراتها في املظاهرات ضد النظام البهلوي‬ ‫في السبعينيات والتي شاركت تقريبا في كل احتجاجات احلركة‬ ‫اخلضراء في أعقاب ‪ ،2009‬إن إخفاء معارضة احلكم الديني كانت‬ ‫من (النقاط العمياء) في حركة الدميقراطية اإليرانية‪ ،‬وعندما‬ ‫تضع حقوق اإلنسان على قائمة أولوياتك‪ ،‬تتراجع أشياء أخرى مثل‬ ‫مشكلة اخلميني‪ ،‬ووالية الفقيه)‪ ،‬في إشارة إلى املبدأ الذي وضعه‬ ‫اخلميني للحكومة اإلسالمية والذي يكون للقائد األعلى السلطة‬ ‫السياسية املطلقة‪ .‬وأضافت‪( :‬ولكن كان يجب علينا أن نتعامل‬ ‫مع تلك املشكالت أوال ألنك ال ميكن أن جتمع بني الدميقراطية ووالية‬ ‫الفقيه‪ .‬فوالية الفقيه طريق مغلق يجب فتحه)‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من أنه من الشائع أن تلقى والية الفقيه معارضة صارمة من قبل‬ ‫حركات املعارضة‪ ،‬فلم أسمع من قبل أي أحد يتحدث عن فعل ثوري‬ ‫ضد النظام‪.‬‬ ‫وهناك افتراض أساس بني أعضاء املعارضة اإليرانية بأن هناك ببساطة‬ ‫نوعني من األنظمة السيئة في الشرق األوسط‪ ،‬هي األنظمة املعرضة‬ ‫للضغوط من اجملتمع الدولي مثل تونس‪ ،‬ومصر أو امللكية البهلوية‬ ‫القدمية‪ ،‬واألنظمة البعيدة عن طائلة احملاسبة الدولية مثل ليبيا‬ ‫معمر القذافي‪ ،‬وسوريا بشار األسد‪ ،‬واجلمهورية اإلسالمية آلية اهلل‪،‬‬ ‫وعندما سألت ليلى عما إذا كان النظام اإليراني قادرا على ذلك النوع‬ ‫من العنف الذي تشنه األنظمة ضد املدنيني في ليبيا وسوريا‪ ،‬قالت‪:‬‬ ‫(لم يصل معظم اإليرانيني لتلك الدرجة من اليأس التي جتعلهم‬ ‫مستعدين للتضحية بحياتهم‪ ،‬ولكن إذا ما وصلت األمور إلى تلك‬ ‫املرحلة‪ ،‬سوف تفعل ذلك احلكومة‪ ،‬بالطبع‪ ،‬بل رمبا تقتل عددا أكبر‬ ‫مما خلفته تلك األنظمة)‪.‬‬ ‫ويبدو أن العنف يفلح في الشرق األوسط وأنه ميكن قمع الشعوب‪،‬‬ ‫وأن األقل شرا هم أول من يتعرضون لقمع السلطة‪ ،‬فتقول مارجان‪،‬‬ ‫طالبة التصميم في أواخر العشرينيات والتي صوتت لكروبي في‬ ‫‪( :2009‬أنا ضد املظاهرات ألنني أعتقد أنها بال جدوى‪ ،‬فهي ال تسفر‬ ‫سوى عن إصابة الناس‪ ،‬الشعب اإليراني خائف ومن حقه أن يخاف‪،‬‬ ‫فأحيانا يقول الناس حتى إذا مت سوف يحدث شيء طيب بعدها‪،‬‬ ‫ولكن ماذا إذا مت من أجل ال شيء؟ سأفضل في ذلك الوقت التغيير‬ ‫البطيء عن الثورة)‪.‬‬


‫تتمتع طهران مبساحات شاسعة من احلدائق املفتوحة التي تعج بالينابيع واملشاهد اخلضراء التي حتيط بالطريق السريع وعلى الرغم من مناخها‬ ‫اجلاف‪ ،‬فإن العاصمة اإليرانية تكسوها اخلضرة‪ ،‬وميكن للعني املتفائلة أن تنظر إلى طهران باعتبارها حديقة هائلة احلجم ولكن رمبا يراها املشككون‬ ‫كحديقة سجن كبيرة‪ ،‬فمن النادر أن تقود سيارتك ملدة ‪ 20‬دقيقة من دون أن ترى احلراس املسلحني على أبراج املراقبة للقواعد العسكرية ومراكز‬ ‫احلرس الثورية والفتات (ممنوع التصوير) املكتوبة بلغتني‪.‬‬

‫رونالد إليوت براون‬

‫ويحمل الرجال الذين يرتدون زيا رسميا أسلحة أوتوماتيكية وهم‬ ‫يتجولون بني املتنزهني الكثيرين في (بارك ملت)‪ ،‬اجملمع الترفيهي الذي‬ ‫يقع عند سهل جبال البرز‪ ،‬وكان املذيع الشهير بتلفزيون الدولة‪ ،‬سيدا‬ ‫فا سيما‪ ،‬وهو مصدر مهم للمعلومات العامة‪ ،‬يجلس على تل صخري‬ ‫خلف بوابة من السلك الشائك‪ ،‬حيث تنتصب جدران سجن إيفن – من‬ ‫بقايا نظام الشاه ‪ -‬عالية لكي يراها اجلميع‪ ،‬ونظرا ألن تلك كانت زيارتي‬ ‫األولى إليران منذ ‪ ،2008‬فقد شعرت بقشعريرة لهيمنة أجواء الدولة‬ ‫البوليسية إلى ذلك احلد‪ ،‬ولكن على املستوى اجلمالي‪ ،‬ما زالت طهران‬ ‫كما كانت متاما قبل ‪.2009‬‬ ‫الثورة اخلضراء‬ ‫وقد حدث صدع في احلياة االيرانية العامة بعد مرور عامني من‬ ‫االحتجاجات التي عمت البالد والتي أطلق عليها (الثورة اخلضراء)‪ ،‬فما‬ ‫زال باإلمكان رؤية طالء اللون األخضر على اجلدران املرتفعة للمباني‬ ‫السكنية واملكاتب ولكن على املستويات املنخفضة‪ ،‬وقد متكن فنانو‬ ‫اجلرافيك املوالون للحكومة من حتويل األخضر املعادي إلى مثلثات‬ ‫سوداء خرافية‪ ،‬كما متت تغطية الكتابات التي كانت تقول (املوت‬ ‫للديكتاتور) بكتابات مهددة تقول (املوت للخائن)‪.‬‬ ‫واختفت معظم النشاطات السياسية االعتيادية‪ ،‬فقد صار العديد‬ ‫من اإليرانيني يحملون إحساسا باألسف‪ ،‬ألن احلركة اخلضراء أخفقت‬ ‫في منحهم رأيا في املستقبل‪ ،‬وألن الدول العربية اجملاورة تبدو في سباق‬ ‫من حولهم لفتح آفاق جديدة‪.‬‬ ‫في عشية ‪ 12‬يونيو (حزيران) – الذكرى الثانية لالنتخابات الرئاسية‬ ‫‪ 2009‬التي من املرجح أن يكون املتشددون قد زوروها لصالح مرشحهم‬ ‫محمود أحمدي جناد ‪ -‬أخبرني سائق تاكسي ملتح في اخلمسينيات من‬ ‫العمر أنه رأى قوات أمنية تتجمع في كل أنحاء املدينة استعدادا لليوم‬ ‫التالي‪.‬‬ ‫فيقول‪( :‬إن الناس مرهقون‪ ،‬ولو لم يكن هناك من استشهدوا ومن‬ ‫يقبعون حاليا بالسجون‪ ،‬لكان اجلميع قد يأس اآلن)‪ ،‬وأضاف (إنه ال‬ ‫يوجد شيء أضر باإلسالم مثل تلك احلكومة املوجودة منذ ‪ 32‬عاما)‪.‬‬ ‫وقد اتهم املرشد األعلى إليران‪ ،‬آية اهلل علي خامنئي‪ ،‬بخيانة الشرعية‬ ‫(ذات الثقل) آلية اهلل روح اهلل اخلميني‪ ،‬وبعد ذلك بلحظات قال إنه‬ ‫يعتقد أن اخلميني‪ ،‬مؤسس جمهورية إيران اإلسالمية‪ ،‬وأول مرشد أعلى‬ ‫لها‪ ،‬قد شن حربا داخل العراق في الثمانينيات لكي يخلص نفسه من‬ ‫جيل من اإليرانيني الشباب الذين عارضوا سياساته ما بعد الثورية‪.‬‬ ‫ومتثل تلك التوجهات الوفية إلرث اخلميني – باإلضافة إلى امليل إلى‬ ‫النغماس في نظريات املؤامرة والتاريخ التكهني اخملالف للواقع – أهم‬ ‫خصائص التشوش السياسي الذي يحاول اإليرانيون الساخطون على‬ ‫الوضع الراهن عبره التكيف‪.‬‬

‫‪ 22‬عاما بعد وفاة اخلميني‪ ..‬االيرانيون يطمحون لتغيير طال انتظاره‬

‫‪2011‬‬ ‫سبتمبر‪2011‬‬ ‫‪ ،1566‬نوفمبر‬ ‫العدد ‪،1567‬‬ ‫العدد‬

‫ولم يكن حديث سائق التاكسي عن استعراض النظام لقوته يحمل أي‬ ‫فانتازيا‪ ،‬فقد كان الوجود األمني في طهران في مساء ‪ 12‬يونيو مبالغا‬ ‫فيه‪ ،‬وكانت األجواء في متنزهات املدينة متوترة في ظل وجود العديد‬

‫‪53‬‬


‫● اختيار احملرر‬

‫بينما يعمل الربيع العربي على تغيير العالم‪ ..‬االيرانيون في انتظار معجزة‬

‫مالحظات من الداخل‬

‫‪52‬‬


‫الثورة املصرية خلالد حافظ‬

‫كما كانت جدارية هالة القوصي التي مت عرضها في “سيتي هول” والتي تصور‬ ‫التغير احليوي في القاهرة‪ ،‬من الفعاليات املهمة أيضا‪ .‬كذلك قراءة لهشام مطر‬ ‫مبركز “ساوثبانك” جلانب من أحدث رواياته “حتليل اختفاء” والتي تعالج األثر‬ ‫النفسي النتهاكات حقوق اإلنسان على األفراد والعائالت التي جتبر على النفي‪،‬‬ ‫مركزا على منفى الليبيني في القاهرة‪.‬‬ ‫وكانت هناك سلسلة من الفعاليات حول فن العمارة تفحص البيئة املعمارية‬ ‫في العالم العربي والتي شهدت تغيرات سريعة في الفترة األخيرة في ظل وجود‬ ‫العديد من املتاحف اجلديدة واملدن والشركات واملراكز الثقافية حتت اإلنشاء‪ .‬وكانت‬ ‫محاضرة ‪ 12‬يوليو بعنوان “مساحة عامة‪ :‬الساحات العامة واحلضرية في العالم‬ ‫العربي”‪ ،‬والتي ألقت الضوء على املعماريني البارزين في الشرق األوسط‪ ،‬كما مت‬ ‫التطرق بعمق لتلك القضية في اجللسة النقاشية التي عقدت في ‪ 19‬يوليو حتت‬ ‫عنوان «التفكير املستقبلي‪ :‬جلسات نقاش حول مستقبل فن العمارة في العالم‬ ‫العربي»‪.‬‬ ‫كما كان من أهم الفعاليات املوسيقية في ذلك املهرجان عرض موسيقي مبركز‬ ‫“باربيكان” يعرض مالمح املوسيقى العربية كجزء من سلسلة مركز باربيكان‬ ‫للموسيقى العاملية‪ .‬وقد اشتمل ذلك العرض على موسيقيني مرموقني ومطربني‬ ‫وفالسفة‪ ،‬وهو ما جعل العرض مناسبة فريدة وثرية استقبلها اجلمهور بحماس‪.‬‬ ‫وقد لعب العديد من هؤالء العارضني أدوارا محورية في احتجاجات ميدان التحرير‬ ‫وعزفوا تضامنا مع الشعب املصري خالل االنتفاضة‪ ،‬مقدمني للشعب املصري‬ ‫الدعم واإللهام‪.‬‬ ‫وفي نفس األمسية‪ ،‬كان هناك حدث فريد بـ”كادوغان هول”‪ ،‬بعنوان “حفل‬ ‫موسيقي ألبناء مصر” أقيم لتمويل املشروعات التي تقيمها مؤسسة “انقذوا‬ ‫أطفال مصر” والتي تهدف إلى توفير الرعاية الصحية لألمهات واألطفال وزيادة‬ ‫الفرص التعليمية لألطفال املصريني‪ .‬لقد كانت “انقذوا أطفال مصر” تعمل في‬ ‫مصر منذ ‪ 1998‬وهي تركز حاليا على حماية األطفال من أضرار ممارسة العنف‬ ‫في املدارس والزواج املبكر‪ ،‬باإلضافة إلى محاولة تقدمي مساعدة إلى األطفال ذوي‬ ‫اإلعاقة‪.‬‬ ‫كما عزفت “أوركسترا الغرفة اإلجنليزية”موسيقى مللحنني مصريني هما حليم‬ ‫الضبع‪ ،‬وجمال عبد الرحيم‪ ،‬باإلضافة إلى قطع موسيقية لباخ وموتسارت وبيتهوفن‬ ‫في حفل جميل استقبله اجلمهور بحماس بالغ‪ .‬كما عرض امللحن البريطاني‬ ‫ديفيد هيث ألول مرة حلن “الهدية” ووصفه بأنه “نوع من قصائد احلب املهداة‬ ‫لشعوب الشرق األوسط من ملحن غربي بلغة متزج بني طبول شمال أفريقيا وإيقاع‬ ‫أكثر املوسيقيني الذين تأثرت بهم وهو جون كولترين”‪ .‬وقد حتدث هيث باهتمام حول‬ ‫ضرورة التسامح واالحترام املتبادل بني كافة الديانات واجلنسيات والثقافات متحدثا‬ ‫حول التأثير املهم ملشاركته في تأليف موسيقى أحد األفالم التسجيلية لـ”إتش‬ ‫بي أو” الذي أخرجه أحمد جمال‪ ،‬والذي كان بعنوان “الصحافي واجلهادي” والذي‬ ‫يدور حول الصحافي اليهودي دانييل بيرل الذي قطعت رأسه في باكستان في‬ ‫‪ 2002‬على يد أصوليني مسلمني‪.‬‬ ‫وعادة ما كانت الفعاليات جتذب جماهير عريضة للبرامج‪ ،‬حتى ان القاعات تكون‬ ‫مكتملة العدد‪ ،‬وذلك ما حدث في جلسة النقاش “الربيع العربي‪ :‬املنظور األدبي”‬ ‫الذي عقد في “سواس” حيث انضم ثالثة من الكتاب العرب جمعة بوكليب وخالد‬ ‫البري وغالية قباني إلى بريان ويتكر من “الغارديان” ملناقشة وضع األدب العربي‪،‬‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫شباك على العالم العربي في لندن‬

‫والتحديات املتعلقة بالرقابة‪ ،‬وانتشار األمية وآفاق نشر الثقافة األدبية في العالم‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫عصف فكري‬ ‫وساد احلوار قدر من الشجن حيث حتدث املشاركون حول التأثير املدمر لعقود من‬ ‫الدكتاتورية وانتهاك حرية التعبير في الكتابة والصحافة في العالم العربي‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى عدم توافر الفرص التعليمية في العالم العربي‪ ،‬وفقا ملا أشارت إليه‬ ‫سلسلة تقارير “تنمية اإلنسان العربي” التي تصدرها األمم املتحدة‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬لم حتظ فعاليات أخرى بنفس القدر من املشاركة وكانت هناك‬ ‫صعوبات تتعلق بالتنظيم‪ ،‬حيث تأخر البدء في البرنامج املوسيقي االفتتاحي الذي‬ ‫عقد في “ذا سكوب” بعنوان “ثورة موسيقية في العالم العربي” نظرا لوجود‬ ‫إعالنات متضاربة حول موعد البدء‪ .‬ولكن ذلك العرض متكن من جذب جمهور من‬ ‫تلك املنطقة احمليطة بنهر التيمز‪.‬‬ ‫لقد كان “شباك لندن” متنوعا ويعج باحليوية ويجمع في الوقت نفسه بني‬ ‫العروض الفنية وجلسات العصف الفكري ورصد التغيرات االجتماعية بطريقة‬ ‫مختلفة ومقنعة‪ .‬وتعد استضافة لندن ملثل ذلك املهرجان دليال على كونها مركزا‬ ‫للثقافة العاملية‪ ،‬وفضاء اللتقاء الشعوب من كافة أنحاء العالم للمشاركة في‬ ‫األنشطة اإلبداعية والتعبير عن الذات والعصف الفلسفي في جو من االنفتاح‬ ‫واالحترام املتبادل والتسامح مع اآلراء اخملتلفة‪.‬‬ ‫ولكي يترك “شباك لندن” تأثيرا أعمق‪ ،‬فإنه تعهد بعقد املزيد من الفعاليات‬ ‫واملعارض على غرار التي أقيمت في لندن في العالم العربي حتى يكون بإمكانه‬ ‫الوصول إلى قطاع أكبر من اجلماهير وزيادة تأثيره وتعزيز العالقات والتواصل التي‬ ‫أسسها «شباك لندن»‪.‬‬ ‫لقد كان املهرجان ناجحا‪ ،‬كما ساعد انفتاحه العميق في استكشاف نطاق‬ ‫واسع من املوضوعات املتعلقة بالعالم العربي على حيويته ومساهمته في احلياة‬ ‫الثقافية بلندن‪ .‬وسوف تستمر بعض املعارض مثل “من فيس بوك إلى ناسبوك”‬ ‫مبيدان صالون – الذي يستكشف اجملتمع املصري وثقافته ودور الشبكات االجتماعية‬ ‫في الثورة املصرية – طوال شهر سبتمبر (أيلول)‪ .‬إذن‪ ،‬ما زالت أمامك فرصة‬ ‫للمشاركة‪.‬‬ ‫نوام شيمل ‪ -‬باحث يعيش ويعمل في لندن‪ ،‬وهو ناشط في مجال حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫واحلريات العامة‪.‬‬ ‫‪51‬‬


‫● الفن‬

‫مهرجان “شباك” في لندن‪ ..‬رصد للتغيرات في العالم العربي‬

‫تناغم وانسجام‬ ‫استضاف عمدة لندن بوريس جونسون أخيرا‪ ،‬مهرجانا شامال للثقافة العربية يعد األول من نوعيه في بريطانيا‪ ،‬شارك فيه أكثر من ‪100‬‬ ‫فنان من جميع أنحاء العالم العربي قدموا خالله ‪ 70‬عرضا وزعت على ‪ 30‬مركزا فيها‪ .‬وقد متيز املهرجان باحليوية والتنوع‪ ،‬وكان (الربيع‬ ‫العربي) مهيمنا وملهما جلانب كبير من التعبير الفني في هذا املهرجان‪ ،‬الذي استضاف فنانني مرموقني وآخرين مغمورين وشعراء ومؤلفني‬ ‫وموسيقيني من الشرق األوسط‪ ،‬قدموا لسكان لندن رؤية عميقة على نسيج العالم العربي الثقافي والتغيرات اجلارية فيه‪.‬‬ ‫نوام شيمل‬ ‫وعلى الرغم من أنه كانت هناك فرص للتعبير اجلمالي‪ ،‬والفن من أجل الفن‪ ،‬ارتكز‬ ‫جانب كبير من املهرجان على الواقعية االجتماعية واألمور املتعلقة بالوعي والنقد‪،‬‬ ‫وهو ما أعطاه عمقا أخالقيا وثقافيا وأضاف له نضجا ومعنى‪.‬‬

‫على مدى نحو ثالثة أسابيع احتضنت لندن مهرجان (شباك‪ :‬نافذة على الثقافة‬ ‫العربية املعاصرة) الذي كان باقة متنوعة من وسائل التعبير الثقافي – في املسرح‬ ‫والشعر والرقص واملوسيقى‪ ،‬واألفالم والتصوير الفوتوغرافي والفنون املعمارية‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى العديد من احملاضرات واجللسات التفاعلية التي سمحت باستكشاف‬ ‫اجلماهير لعدد من القضايا التي يعاجلها الفن – من اإلشكاليات املتعلقة باحلرية‬ ‫والتغيير االجتماعي وعالقتهما بالربيع العربي في تونس ومصر وسوريا وليبيا وصوال‬ ‫إلى قضية الصحراء الغربية‪.‬‬

‫في العديد من معارض وفعاليات املهرجان‪ ،‬كانت اخملاوف الفنية تختلط باخملاوف‬ ‫االجتماعية‪ .‬فقد قدمت سلسلة رانيا مطر “فتاة وغرفتها” مبعارض الفسيفساء‪،‬‬ ‫نافذة ملونة ومحفزة على التأمل ألوضاع الفتاة واملرأة العربية في العصر الراهن‪.‬‬

‫لقد كان “شباك لندن” أول مهرجان شامل للثقافة العربية‪ ،‬حيث شارك فيه أكثر‬ ‫من ‪ 100‬فنان من جميع أنحاء العالم العربي‪ .‬وقد متيز املهرجان باحليوية والتنوع‪.‬‬ ‫وكان الربيع العربي حاضرا في التعبير الفني‪ ،‬حيث طغى على احلوارات والعروض‬ ‫في إطار حالة من احلماس والشغف والتمرد‪ .‬فقد كان احتفاال مبا مت حتقيقه بالفعل‬ ‫على املستويني السياسي والثقافي مع مخاوف حقيقية بشأن التأسيس على تلك‬ ‫النجاحات وحمايتها‪.‬‬

‫الهوية العربية‬ ‫وكان من أبرز فعاليات املهرجان برنامج حول الكوميديا في الشرق األوسط هو “ذرات‬ ‫صغيرة” ويدور حول اخملرج املغربي أحمد بوعناني‪ ،‬ومعرض فني يستكشف الهوية‬ ‫العربية بعنوان “حول أهمية الثقافة العربية املعاصرة”‪ ،‬باإلضافة إلى معرض حول‬ ‫الثورة املصرية والتغيرات االجتماعية التي ترتبت عليها حتت عنوان “من الفيس‬ ‫بوك‪ ،‬إلى ناسبوك”‪ ،‬باإلضافة إلى أمسية لقراءة الشعر املصري واخلليجي‪.‬‬

‫ثورة ‪ 25‬يناير لنتالي أيوب‬ ‫‪50‬‬


‫ويعملون كمهرجني ويتدلون من األراجيح جعلهم يفتحون أعينهم‪ .‬فقد تأثرت‬ ‫للغاية اجلماهير األوروبية بأدائنا‪ .‬حيث يساعدنا السيرك على اإلحساس باإلنسانية‬ ‫املشتركة بيننا‪ ،‬وعلى غرار البشر كافة‪ ،‬ميتلئ الفلسطينيون باألحالم واألمل ولكنهم‬ ‫ال يستطيعون حتقيقها»‪.‬‬ ‫وتعتمد مدرسة “سيرك فلسطني”‪ ،‬وهي منظمة غير ربحية وغير حكومية‪ ،‬على‬ ‫نوع من األداء الفني يطلق عليه السيرك املعاصر الذي يقوم الفنانون عبره برواية قصة‬ ‫أو نقل رسالة من خالل استخدام مهارات السيرك التقليدية باإلضافة إلى املهارات‬ ‫املسرحية‪ .‬ويعمل حاليا باملدرسة ثالثة مدربني‪ ،‬ومؤدون متخصصون في األكروبات‬ ‫واللعب بالكرات ولعبة املشي على العصي‪ ،‬والعجلة األملانية وأرجوحة البهلوان‪.‬‬ ‫وتنظم مشروعات عدة خالل العام مبا في ذلك دورة تدريبية مكثفة متتد ثالثة أسابيع‬ ‫للطالب املتقدمني خالل الصيف‪ .‬وقد مت تقدمي العروض األولى في الضفة الغربية‪ ،‬ثم‬ ‫تطوير نوادي السيرك األسبوعية من املبتدئني وحتى املستويات املتقدمة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫التعاون مع املصالح احمللية والدولية‪.‬‬ ‫«من خالل السيرك‪ ،‬ميكنني التعبير عما أرغب في قوله إلى أسرتي أو عائلتي”‪ ،‬ذلك‬ ‫ما قاله نور أبو الرب‪ ،‬الطالب بالسنة الثالثة مبدرسة “سيرك فلسطني”‪ .‬يشارك‬ ‫نور في العمل احلالي للسيرك الذي يحمل عنوان “أحالم للبيع”‪ ،‬والذي يروي قصة‬ ‫أربعة من الشباب من مدينة جنني بالضفة الغربية والذين يحلمون بأن يصبحوا‬ ‫العبي سيرك محترفني ولكن االنتقادات الواضحة والضغوط التي يتعرضون لها من‬ ‫عائالتهم وأوساط عملهم ومجتمعهم تقف ضد الفكرة‪ .‬وبحسب نور “يبدأ العرض‬ ‫بسياق كوميدي ويحاول أن يعكس الصراع بني املمثلني أنفسهم»‪.‬‬ ‫االنفتاح على العالم‬ ‫وتخدم مهمة املدرسة ثالثية األبعاد – تدريب فناني سيرك محترفني‪ ،‬ونشر فنون‬ ‫السيرك في فلسطني‪ ،‬وحتفيز وتطوير املهارات اإلبداعية والفكرية واجلسدية‬ ‫والعاطفية لدى الشباب الفلسطيني من خالل فنون السيرك – اعتقاد املؤسسني بأن‬ ‫السيرك لديه القوة للمساهمة في مستقبل أفضل للفلسطينيني‪.‬‬ ‫تقول هزار هازي‪ ،‬الطالبة املتخصصة في القفز البهلواني‪“ :‬السيرك لم يغيرني فقط‬ ‫على املستوى اجلسدي ولكنه ساعدني أيضا ألن أصبح أكثر اجتماعية وانفتاحا على‬ ‫العالم وما يحدث من حولي”‪ .‬وأضافت هزار أنها كطالبة بالسيرك‪ ،‬تعلمت أيضا‬ ‫االنضباط‪ ،‬وأن تكون محددة وأن تركز جهودها على املهام امللقاة على عاتقها‪ ،‬وهي‬ ‫املهارات التي طبقتها على مناح أخرى من حياتها‪ .‬ومن جميع النواحي‪ ،‬كانت مدرسة‬ ‫“سيرك فلسطني” ناجحة للغاية رغم العديد من العقبات التي واجهها الطالب‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫والعاملون‪ ،‬سواء كانت حتديات سياسية أو اجتماعية‪ ،‬وبالطبع حتديات عملية بخاصة‬ ‫احلاجة إلى متويل دائم‪.‬‬ ‫وطوال وجودها‪ ،‬اعتمدت املدرسة على كل من التمويل احمللي والدولي‪ ،‬كما أنها أيضا‬ ‫اعتمدت على دعم اجملتمع احمللي‪ .‬وأخيرا‪ ،‬عرضت الدكتورة هناء ناصر‪ ،‬مؤسس ورئيس‬ ‫سابق بجامعة بيرزيت على مدرسة “سيرك فلسطني” فرصا دائمة للتدريب بالقرية‬ ‫التاريخية التي يقع بها مقر اجلامعة والتي تقع على بعد ‪ 10‬كيلومترات شمال رام‬ ‫اهلل والتي تنوي املدرسة االنتقال إليها في يناير (كانون الثاني) ‪.2012‬‬ ‫وقد جاء العرض في وقت مهم جدا بالنسبة ملدرسة “سيرك فلسطني” حيث يحاول‬ ‫الفريق زيادة عدد األعضاء من ‪ 100‬إلى ‪ 200‬سنويا‪ .‬وقد أوضحت جيسيكا أنهم‬ ‫سوف يزيدون من الرقعة التي ميكنهم الوصول لها جغرافيا إلى عدة مناطق أخرى مبا‬ ‫في ذلك جنني واخلليل والقدس وبيرزيت وبيت حلم‪.‬‬ ‫هذا وقد قامت املدرسة أخيرا بتعيني أربعة مدربني جدد‪ ،‬حيث إن هدف املدرسة بعيد‬ ‫املدى هو تطوير برنامج سيرك مهني على مدار اليوم من سبتمبر (أيلول) ‪ 2014‬لكي‬ ‫يتم تزويد الطالب والعاملني مبستقبل أكثر أمنا في فنون السيرك‪.‬‬ ‫وكانت مدرسة “سيرك فلسطني” حتى اآلن غير قادرة على التقارب مع األطفال‬ ‫والشباب في قطاع غزة نظرا للقيود اإلسرائيلية على حركة الفريق والتي جتعل من‬ ‫املستحيل في هذا الوقت القيام بأي نوع من التبادل‪ .‬إال أن مجموعة صغيرة من‬ ‫شباب غزة قد أعربوا عن اهتمامهم مبحاولة إنتاج شيء يتعلق بالسيرك‪ .‬وقد قام‬ ‫فريق مدرسة “سيرك فلسطني” باستشارتهم مرارا وتكرارا عبر الهاتف والبريد‬ ‫اإللكتروني‪.‬‬ ‫وقد قالت جيسيكا لـ”اجمللة” إن «هناك طاقة هائلة وإمكانات في غزة‪ ..‬نعلم أن‬ ‫هناك العديد من الناس الذين يعيشون في غزة سوف يستمتعون بفكرة استغالل‬ ‫تلك الشحنة السلبية التي يخلفها احلصار في بيئة إيجابية وحيوية كالتي يوفرها‬ ‫السيرك»‪.‬‬ ‫جاكلني شون ‪ -‬صحافية أميركية تقيم حاليا في تونس‪ .‬أمضت جاكلني العشر‬ ‫سنوات األخيرة في دراسة التاريخ املعاصر وسياسة الشرق األوسط‪ .‬من نيويورك الى‬ ‫مصر الى فلسطني الى اململكة املتحدة‪ ،‬عملت «جاكي» في مجال العالقات العامة‬ ‫وأيضا كمراسلة ومحررة لعدد من الصحف‪.‬‬ ‫‪49‬‬


‫● الفن‬

‫مدرسة “سيرك فلسطني”‪ ..‬حتى تستمر احلياة‬

‫أحالم للبيع‬

‫وسط نقاط التفتيش العسكرية‪ ،‬وجدران اخلرسانة الشاهقة‪ ،‬واجلنود املدججني‪ ،‬واألسلحة احملشوة‪ ،‬تأتي فكرة جديدة لشادي زمرد‬ ‫الفلسطيني املولد وجيسيكا ديفليغري البلجيكية‪ :‬ماذا إذا جلبنا سيركا لفلسطني؟ الفكرة لم تكن مجرد مزاح ثقيل في بلد يعيش أهله‬ ‫حتت االحتالل‪ .‬فبعد خمسة أعوام‪ ،‬أصبحت الفكرة اجملنونة واقعا جميال وسط كثير من القبح الذي ميثله االحتالل واحلصار‪ .‬لم تكتسب‬ ‫مدرسة «سيرك فلسطني» فقط شعبية هائلة بني الفلسطينيني ولكن يعود الفضل إليها أيضا في إنشاء سيرك فلسطيني محترف يقدم‬ ‫عروضه في جميع أنحاء أوروبا‪.‬‬ ‫جاكلني شون‬ ‫باإلضافة إلى اجلمباز‪« :‬لقد مألت املدرسة وقت فراغنا وغيرت الطريقة التي نتعامل‬ ‫بها مع اآلخرين في مجتمعنا‪ .‬لقد شجعني السيرك على أن يصبح لدي طموحات‬ ‫للمستقبل الذي أحلم به»‪.‬‬

‫يعد عمل املهرج في فلسطني عمال جادا‪ .‬وهذا الفن الذي يعد طريقة ممتعة لقضاء‬ ‫الوقت ملن جتاوز الستة عشر عاما‪ ،‬لكنه عمل غير مالئم للنساء والفتيات‪ ،‬لم يكن‬ ‫يبدو فكرة جيدة في الوقت الذي مت تأسيسه فيه في أغسطس (آب) ‪.2006‬‬ ‫وقد دفعت األزمة االقتصادية والسياسية املترتبة على فوز حماس في االنتخابات‬ ‫التشريعية الفلسطينية‪ ،‬معظم الذين أعربوا عن رغبة في االنضمام إلى مدرسة‬ ‫“سيرك فلسطني”‪ ،‬والتي كانت فكرة لدى شادي زمرد املقدسي املولد وجيسيكا‬ ‫ديفليغري البلجيكية‪ ،‬إلى التراجع بعد أن عمدت أسرهم إلى تثبيط هممهم‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك بخمس سنوات‪ ،‬لم تكن مدرسة “سيرك فلسطني” قد اكتسبت فقط شعبية‪،‬‬ ‫ولكن الفضل أصبح يعود إليها في تأسيس سيرك فلسطيني محترف وبارع قدم‬ ‫عروضه في جميع أنحاء أوروبا‪.‬‬

‫هناك العديد من الصعوبات االقتصادية‪ ،‬حيث يؤثر سوء التغذية على نحو ‪10‬‬ ‫في املائة من األطفال األقل من خمس سنوات في فلسطني‪ ،‬وفقا ملنظمة “أنقذوا‬ ‫األطفال”‪ ،‬كما ساهمت التجارب الشخصية من التعرض لإلهانة ولالنتهاكات‬ ‫اجلسدية والنفسية‪ ،‬والدمار ومصادرة األموال واملمتلكات اخلاصة واالحتجاز القسري‬ ‫والقتل العمد من قبل جنود اجليش اإلسرائيلي واملستوطنني املتطرفني بال شك في‬ ‫مفاقمة وضع األطفال والشباب في فلسطني‪.‬‬

‫وقد عملت املدرسة التي نظر إليها تالميذها والعاملون بها باعتبارها أسرة ثانية –‬ ‫أحيانا األسرة الوحيدة – كمصدر لإللهام والتمكني ولتضامن الشباب الفلسطيني‬ ‫الذين تأثروا جميعا بعمق باالحتالل العسكري اإلسرائيلي الذي يستمر منذ ‪ 44‬عاما‬ ‫لألراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬

‫ففي ظل وجود نحو ‪ 1.9‬مليون فلسطيني حتت سن الثامنة عشرة ونحو مليون‬ ‫يعيشون في معسكرات الالجئني‪ ،‬يصبح على مدرسة “سيرك فلسطني” أن تبذل‬ ‫جهودا مضاعفة لكي تبدأ حتقيق أهدافها‪ .‬ومن اإلجنازات الضخمة ملدرسة “سيرك‬ ‫فلسطني” حتسني صورة فلسطني والفلسطينيني في عيون األجانب‪.‬‬

‫في حوار مع “اجمللة” قال أحمد أبو طالب‪ ،‬الذي يدرس فن قذف الكرات والتقاطها‬

‫«بالنسبة للعديد من الناس‪ ،‬فإن مشاهدة الشباب الفلسطيني وهم يرقصون‬

‫‪48‬‬


‫اصول امازيغية‪ ،‬ودخل مبكرا اخلضم النضالي من أجل القضية الوطنية‪ .‬التحق‬ ‫بعد نهاية دراسته الثانوية بصفوف جيش التحرير الوطني اجلزائري وهو في ‪ 19‬من‬ ‫عمره في ‪.1956‬‬ ‫تولى بو تفليقة ثالث فترات رئاسية الزالت مستمرة‪ .‬وقد شهدت فترة رئاسته‬ ‫األولى مشاكل سياسية وقانونية ومشاكل مع الصحافة وخرق حرياتها لصالح‬ ‫الصحفيني واحلقوقيني‪ ،‬وفضائح املال العام مع بنك اخلليفة وسياسة احملاباة في‬ ‫احلقائب الوزارية والصفقات الدولية املشبوهة وفي الفترة الثانية ركز على املصاحلة‬ ‫الوطنية وإعادة األمن والسلم واالستقراروقد أجريت تعديالت دستورية تتيح‬ ‫الترشح لفترة رئاسة ثالثة وهو ما جنح فيه بوتفليقة بعد ان انتخبه الشعب لفترة‬ ‫ثالثة بأغلبية جتاوزت ‪ 90‬في املائة‪ .‬وقد تعرض ألزمة صحية عام ‪ 2005‬أبقته في‬ ‫املستشفي الفرنسى ملدة طويلة بعيدا عن اجلزائر‪.‬‬ ‫كما تعرض حملاولة إغتيال عام ‪ 2007‬إثر اإلضطرابات التي تتجدد من وقت آلخر‬ ‫بسبب خالف الدولة مع اجلماعات املتشددة باجلزائر وهي تعد أخطر املشكالت‬ ‫الداخلية التي تهدد اإلستقرار اجلزائري‪.‬‬ ‫الربيع العربي‬ ‫مع انطالقة الثورات العربية أم ما أصبح يعرف بالربيع العربي بدأت احلكومة‬ ‫اجلزائرية عملية اصالح في مواجهة الغضب الشعبي املتنامي‪ .‬وقد جلأت احلكومة‬ ‫اجلزائرية الى استخدام عائدات الطاقة لرفع رواتب جميع املوظفني احلكوميني تقريبا‬ ‫ولزيادة الدعم للسلع الغذائية االساسية بعد أن شهدت اجلزائر في الشهور األولى‬ ‫من العام ‪ 2011‬موجة احتجاجات عنيفة مشابهة ملا عاشته تونس‪ .‬احتجاجات‬ ‫قام بها العاطلون عن العمل وسكان األحياء الفقيرة سرعان ما هدأت بعد اقدام‬ ‫احلكومة على تهدئة اخلواطر عبد مشاريع تنموية عمالقة‪.‬‬ ‫هذا وقد أقر البرملان اجلزائري مشروع قانون يخصص ‪ 100‬مليار دوالر أميركي‪ ،‬وهو‬ ‫مبلغ كبير وغير مسبوق من ميزانية العام ‪ ،2012‬بهدف مواجهة هذه االحتجاجات‬ ‫االجتماعية التي تتفجر بني احلني واآلخر في العاصمة واملدن الداخلية ويبدو أنها‬ ‫أصبحت ورقة سياسية بيد النظام واملعارضة على السواء‪.‬‬

‫حقائق أساسية‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•اجلمهورية اجلزائرية‬ ‫الدميقراطية الشعبية‬ ‫•نظام احلكم‪ :‬جمهوري‬ ‫•الرئيس‪ :‬عبد العزيز‬ ‫بو تفليقة ‬ ‫•العاصمة‪ :‬اجلزائر‬ ‫•اللغة الرسمية‪ :‬العربية‬ ‫•اللغات املتداولة‪ :‬العربية والبربرية والفرنسية‬ ‫•االستقالل عن فرنسا‪ 5 :‬يوليو ‪1962‬‬ ‫•املساحة‪ 2381741 :‬كلم‪ .2‬‬ ‫•السكان ‪ -‬توقع فبراير ‪36,600,000 : 2011‬‬ ‫•عرب وأمازيغ (بربر)‬ ‫•الناجت احمللي اإلجمالي‪:‬‬ ‫•(تعادل القدرة الشرائية) تقدير ‪ 2010‬‬ ‫•اإلجمالي‪ 241 :‬مليار دوالر أميركي‬ ‫•للفرد‪ 16.100 :‬دوالر أميركي‬ ‫•الناجت احمللي اإلجمالي‪:‬‬ ‫•(اسمي) ‪ -‬تقدير ‪2010‬‬ ‫•اإلجمالي‪ 159.669 :‬مليار دوالر أميركي‬ ‫•للفرد‪ 4,478 :‬دوالر أميركي‬ ‫•العملة‪ :‬دينار جزائري‬ ‫•االقتصاد‪:‬‬ ‫•النفط (احملروقات)‪ 60 :‬في املائة من امليزانية العامة و‪30‬‬ ‫في املائة من الناجت اإلجمالي احمللي و‪ 97‬في املائة من إجمالي‬ ‫الصادرات‬ ‫•املعادن‪ :‬احلديد والفحم واليورانيوم والزنك والرصاص والذهب‬ ‫واملعادن الثمينة كاألملاس‬

‫ولتخفيف الضغوط املطالبة بالتغيير السياسي ألغى الرئيس بوتفليقة حالة‬ ‫الطوارئ السارية منذ ‪ 19‬عاما ووعد باعطاء املعارضة مساحة في وسائل االعالم‬ ‫احلكومية وتشكيل جلنة للتوصية باالصالحات السياسية‪.‬‬ ‫وبالفعل مت اعطاء الضوء االخضر لرفع احتكار الدولة للقطاع السمعي البصري‬ ‫وعدم جترمي جنح الصحافة‪ ،‬اضافة الى اقرار قانون جديد لالحزاب‪.‬‬ ‫القانون اجلديد لالعالم يفتح القطاع السمعي البصري للمنافسة بعد ‪ 50‬سنة‬ ‫من احتكار احلكومة لهذا القطاع‪ .‬كما ينص القانون على انشاء هيئة لضبط عمل‬ ‫احملطات االذاعية والقنوات التفزيونية‪.‬‬ ‫وقال رئيس الوزراء اجلزائري احمد اويحيى ان قانون االعالم اجلديد سيسمح بانشاء‬ ‫محطات تلفزيونية واذاعية خاصة ليضع بالتالي حدا لقرابة نصف قرن من احتكار‬ ‫الدولة للقطاع السمعي البصري كما طالبت به املعارضة دوما‪ .‬وال ينص القانون‬ ‫اجلديد على اي عقوبة سالبة للحرية ويلغي كل عقوبات السجن التي نص عليها‬ ‫القانون الساري املفعول منذ ‪.1990‬‬ ‫واجلزائر مورد رئيس للغاز الوروبا وحليف للواليات املتحدة في مكافحة تنظيم‬ ‫القاعدة وقد هزتها اضطرابات واضرابات منذ بداية هذا العام للمطالبة بتحسني‬ ‫األجور وخفض األسعار‪.‬‬ ‫وكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وعد بهذه االصالحات وغيرها في نيسان‪ /‬ابريل‬ ‫لتهدئة الشعب ولصد رياح ربيع الثورات العربية‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪47‬‬


‫● موجز عن دولة‬

‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬ ‫اجلزائر بلد املليون شهيد هي أكبر بلد أفريقي وعربي من حيث املساحة‪ ،‬والعاشر‬ ‫عامليا بعد انفصال جنوب السودان عن السودان‪ ،‬تقع في شمال غربي القارة‬ ‫األفريقية‪ ،‬تطل شماال على البحر األبيض املتوسط ويحدها من ّ‬ ‫الشرق تونس‬ ‫وليبيا ومن اجلنوب مالي والنيجر ومن الغرب املغرب والصحراء الغربية وموريتانيا‪.‬‬ ‫وهي عضو في العديد من املنظمات العاملية منها جامعة الدول العربية واألمم‬ ‫املتحدة ومنظمة الوحدة األفريقية واالوبك‪ .‬في البداية جاءت تسمية “اجلزائر”‬ ‫على العاصمة حينما أطلق عليها بلكني بن زيري – مؤسس الدولة الزيرية على‬ ‫أنقاض املدينة الرومانية – جزائر بني مزغة لوجود ‪ 4‬جزرصغيرة أمام املدينة‪ .‬ثم جاء‬ ‫العثمانيون وأطلقوا اسم اجلزائر على البالد كافة باشتقاقه من اسم العاصمة‪.‬‬ ‫وقد تسببت املساحة الواسعة للجزائر إلى تعدد النزاعات احلدودية لتشابكها‬ ‫مع حدود دول عديدة وتغلبت على ذلك بإبرام إتفاقات ترسيم حدود مع جيرانها‬ ‫بدأت بتونس عام ‪ 1970‬وانتهت بالنيجر عام ‪ .1983‬نتيجة ملوقع اجلزائر اجلغرافي‬ ‫فإنها تقع ضمن املنطقة الزلزالية النشطة لوجود صدع بني الصفائح التكتونية‬ ‫اإلفريقية واألوراسية على الشريط الساحلي كله للجزائر ولألسف فإن منطقتني‬ ‫من املناطق األربع األكثر عرضة للزالزل تتمركز بهما السكان وأهم املدن واملنشآت‬ ‫اإلقتصادية ما يعني أن أي زلزال فيهما يسبب كارثة كبرى‪.‬‬ ‫اإلحتالل الفرنسي‬ ‫يزخر التاريخ اجلزائري باألحداث املتالحقة فقد استوطنها الرومان ضمن بالد‬ ‫املغرب العربي وحولوها إلى مخزن غذاء لروما‪ .‬وما بني عامي ‪ 534 - 529‬تعرضت‬ ‫لإلحتالل الوندالي حتى نشأت الدولة الرستمية على يد اإلمام عبد الرحمن بن‬ ‫رستم واستمرت ملدة ‪ 140‬سنة تالها دول وممالك عديدة من اإلدريسية واألغالبة‬ ‫والفاطمية والزيرية واحلميدية واملوحدية والزيانية‪ .‬بعد احتالل األسبان مليناء وهران‬ ‫عام ‪ 1504‬استنجد اجلزائريون بالعثمانيني فأصبحت اجلزائر والية عثمانية‪.‬‬ ‫إال أن أخطر ما تعرضت له اجلزائر كان اإلحتالل الفرنسي والذى بدأ نفوذه يتسرب‬ ‫للجزائر منذ أربعينات القرن السادس عشر عندما منحت امتيازات لفرنسا‬ ‫باصطياد املرجان في القالة وعنابة ومشاركة االسطول البحري اجلزائري في احلرب‬ ‫الفرنسية ضد إسبانيا‪ .‬وتغلغلت فرنسا في اجلزائر لدرجة أن القنصل الفرنسي‬ ‫كان يقول للجزائريني دائما “إذا تخاصمت مع الفرنسيني عليك أن تعقد السلم‬ ‫قبل املساء”‪.‬‬ ‫وقال أيضا “إن الفرنسي يستطيع أن يحضر طعامه في بيته بفرنسا ثم يأتي‬ ‫ليأكله ساخنا في اجلزائر”! وفي إطار السباق اإلستعماري بني فرنسا وإجنلترا على‬ ‫أفريقيا قامت فرنسا باحتالل اجلزائر في ‪ 5‬يوليو ‪ 1830‬واستمر حتى ‪.1962‬‬ ‫وهي فترة طويلة عانى خاللها اجلزائريون أبشع أنواع اإلستعمار اإلستيطانى حيث‬ ‫ارتكب الفرنسيون جرائم ضد اإلنسانية وأبيد خاللها مئات اآلالف من املدنيني‬ ‫اجلزائريني فسميت اجلزائر بلد املليون شهيد‪ .‬وبفضل تصميم الشعب اجلزائري‬ ‫على التحرير الذي عقد العزم عليه منذ عام ‪ 1954‬حصلت اجلزائر على استقاللها‬ ‫عام ‪. 1962‬‬

‫اقتصاد قوي‬ ‫يعد االقتصاد اجلزائري من أكبر اإلقتصادات في أفريقيا حيث يحتل اقتصاد اجلزائر‬ ‫املرتبة الثالثة فى افريقيا بعد جنوب افريقيا ومصر‪ .‬وهي غنية مبوارد الغاز والنفط‬ ‫ويحتالن املرتبة الـ ‪ 15‬والـ ‪ 7‬على التوالى فى العالم‪.‬‬ ‫ويلعب النفط والغاز دورا مسيطرا في االقتصاد الوطني‪ .‬وفي عام ‪ ،2007‬وصلت‬ ‫صادرات اجلزائر من موردي الطاقة هذين الى ‪ 59.3‬مليار دوالر امريكي‪ ،‬ليمثال اكثر‬ ‫من ‪ 90‬في املائة من اجمالي الصادرات‪ .‬ولكن تعتمد البالد بشدة على الواردات‬ ‫بالنسبة لالمدادات الغذائية والسلع االخرى‪ .‬متتلك اجلزائر ‪ 3.67‬مليون هكتار من‬ ‫الغابات وتنتج ‪ 0.2‬مليون متر مكعب من ألواح اخلشب سنويا‪ .‬وهي غنية مبوارد‬ ‫السياحة حيث اعتمد اليونسكو وضع سبعة من مواقعها الطبيعية والثقافية‬ ‫باعتبارها من مواقع التراث العاملي لليونيسكو‪ .‬ويوجد في البالد حاليا اكثر من‬ ‫‪ 170‬موقعا سياحيا‪.‬‬ ‫يبلغ الدخل القومي فيها حوالي ‪ 120‬مليار دوالر يشكل قطاع النفط واحملروقات‬ ‫أهم ركائز هذا اإلقتصاد‪ ،‬حيث ميثل حوالي ‪ 60‬في املائة من امليزانية العامة‪ ،‬و‪30‬‬ ‫في املائة من الناجت اإلجمالي احمللي و‪ 97‬في املائة من إجمالي الصادرات‪ .‬تطمح‬ ‫اجلزائر إلى التقليل من االعتماد على عوائد النفط بالتركيز على الفالحة للحد‬ ‫من استيراد املنتجات الزراعية كاحلبوب والبطاطا والفواكه خاصة وتنمية تصدير‬ ‫منتوجات أخرى كالتمر والتي تشتهر به‪.‬‬ ‫كما للجزائر ثروات طبيعية أخرى كاحلديد والفحم واليورانيوم والذهب حيث متتلك‬ ‫اجلزائر أعلى إحتياطات طاقة ومناجم في العالم تتركز في اجلنوب كما متتلك أيضا‬ ‫احتياطات كبيرة من اجلبس واحلجر اجليري والرمال والطني واإلسمنت في شمال‬ ‫البالد‪ .‬ويضاف لذلك القطاع الزراعي والصناعي والثروة السمكية واحليوانية التي‬ ‫تساهم في دعم الدخل القومي‪ .‬وقد بلغ الناجت احمللي اإلجمالي ‪ 160‬مليار دوالر‬ ‫تقريبا لعام ‪. 2010‬‬ ‫بالنسبة للسياسة اإلقتصادية في اجلزائر فقد شهدت حتوال من اإلشتراكية‬ ‫إلى الرأسمالية واقتصاد السوق منذ عام ‪ 1993‬واتخذت العديد من اإلجراءات‬ ‫اإلصالحية بعد التيقن من فشل النهج اإلشتراكي السابق أمال في جذب‬ ‫اإلستثمارات األجنبية‪ ،‬وخلق مناخ تنافسي داخل البلد وألغت الدولة احتكارها‬ ‫لالستيراد و شجعت على خصخصة القطاع الزراعي‪ .‬وحصلت اجلزائر على دعم من‬ ‫البنك الدولي أدى إلى إرتفاع املؤشرات اإلقتصادية في النصف الثاني من التسعينات‬ ‫من القرن العشرين‪ .‬والزالت البطالة تعد من األزمات الكبرى فرغم أن ترتيب اجلزائر‬ ‫عامليا من حيث الناجت احمللي اإلجمالي هو ‪ 51‬من أصل ‪ 195‬دولة شملها التصنيف‬ ‫اال أن نسبة البطالة فيها مرتفعة وتبلغ ‪ 17.7‬في املائة‪ .‬ويعد الدينار هو العملة‬ ‫الرسمية للجزائر ويعادل الدوالر ‪ 75‬دينار جزائري‪.‬‬ ‫تعددية حزبية‬ ‫يصنف النظام السياسي في اجلزائر بأنه جمهوري ذو طابع دميوقراطي‪ ،‬بدستور‪،‬‬ ‫وبعد سنوات طويلة من سيطرة احلزب الواحد وفي عام ‪ ،1990‬مت إقرار التعددية‬ ‫احلزبية حيث يوجد حاليا حوالى الـ‪ 40‬حزبا سياسيا في البالد‪ ،‬أكبرها وأكثرها‬ ‫تأثيرا هو حزب جبهة التحرير الوطني‪ .‬وتوجد بالدولة السلطات الثالثة التنفيذية‬ ‫والتشريعية والقضائية‪ .‬حيث يناط بالرئيس واجلهاز التنفيذي مهام العمل على‬ ‫تطبيق القوانني‪ ،‬التي يسنها البرملان اجلزائري‪ ،‬بينما يفصل القضاء في األحكام‬ ‫املدنية واجلزائية‪ .‬كما أن رئيس اجلمهورية هو القائد األعلى للقوات املسلحة‪ ،‬ينوب‬ ‫عن اجليش في مسائله الدولية املعقدة‪ ،‬مثل إبرام صفقات التسليح‪.‬‬ ‫في التسعينيات دخلت اجلزائر في دوامة من العنف واالرهاب بعد إن تدخل اجليش‬ ‫ليمنع احلزب السياسي اإلسالمي “اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ” من تولي السلطة‪،‬‬ ‫بعد أول انتخابات تعددية (شاركت فيها عدة أحزاب) تعرفها البالد‪ .‬قتل أكثر من‬ ‫‪ 200.000‬شخص‪ ،‬اغلب القتلى من املدنيني ـ تبنت عدة مجموعات مسلحة هذه‬ ‫العمليات (اجلماعة اإلسالمية املسلحة وغيرها‪.‬تولى الرئيس احلالي عبد العزيز‬ ‫بوتفليقة رئاسة اجلزائر منذ يناير ‪ 2005‬وهو من مواليد مدينة وجدة املغربية من‬

‫‪46‬‬



‫● حوارات‬

‫ووضعت خطة وأرسلت أمينها العام إلى سوريا حلل املشكلة ووقف‬ ‫العنف ولكن سوريا لم تتجاوب ال مع اجلامعة العربية وال مع الدول‬ ‫الصديقة‪.‬‬

‫ ال بد من تقدير األمور ملصلحة البلد واألمة العربية والشك أن إيران‬‫دولة فارسية لها أيديولوجياتها وأطماعها في اخلليج ونحن دولة عربية‬ ‫لنا أيديولوجياتنا ومصاحلنا العربية وأمامنا مثال صغير جدا يدل على‬ ‫تعنت املوقف اإليراني ففي موضوع مسمى اخلليج العربي وإطالق إيران‬ ‫عليه “الفارسي” ورفضها كلمة العربي اقترحنا تسميته باخلليج‬ ‫اإلسالمي فرفضت إيران وأصرت على كلمة الفارسي! ورغم ذلك فإنني‬ ‫أقول ال داعي أن نخلق من إيران عدوا‪.‬‬

‫اجمللة‪ :‬ولكن هل موقف اجلامعة كاف ويرتقي إلى مستوى ما يحدث في‬ ‫سوريا؟‬ ‫ موقف اجلامعة ميكن وصفه بأنه ‪ no comment‬على الرغم من أن‬‫موقف اجلامعة كان مختلفا وأكثر قوة مع ليبيا حينما وافقت على‬ ‫اجمللة‪ :‬إذن أليس هذا أحرى بنا إلقامة عالقات مع إيران طاملا ال نريد‬ ‫تدخل قوات الناتو‪.‬‬ ‫استعداءها؟‬ ‫ مازال االمر معلقا انتظارا النتخابات مجلس الشعب املصري حتى‬‫اجمللة‪ :‬هل يعني كالمك أنك ترى تدخل الناتو في سوريا كان مطلوبا؟‬ ‫ طبعا املسألة مختلفة ألن روسيا تساعد سوريا وال ميكن أن تعطي يقرر هذا االمر‪.‬‬‫صوتها في مجلس األمن للتدخل العسكري ضدها ومن ثم ال ميكن‬ ‫للناتو أن يفعل شيئا بدون موافقة جماعية لألعضاء الدائمني باجمللس‪ .‬اجمللة‪ :‬كنت ضابط مخابرات لفترة طويلة في فترة كانت املعلومات نادرة‬ ‫كما أن إيران تدعم سوريا ماديا وعسكريا ولوجستيا‪ ..‬إلخ‪ ،‬ومن ثم فهل اختلفت مهمة اخملابرات اليوم بعد سهولة احلصول على املعلومة؟‬ ‫فاملوقف في سوريا مختلف متاما ويصعب فيه تكرار السيناريو الليبي‪ - .‬طبعا اخملابرات هي قناة سرية للحصول على املعلومات وال شك أن‬ ‫‪ 95‬في املائة من املعلومات أصبحت موجودة في وسائل اإلعالم اخملتلفة‬ ‫اجمللة‪ :‬لو افترضنا جدال أنه لم تكن روسيا وال إيران تدعمان املوقف والنسبة الباقية هي التي جتمعها أجهزة اخملابرات ألن الوسائل العلنية‬ ‫السوري فهل تقبل بحسك اخملابراتي األمني أي تدخل عسكري في ظل تبني الظاهر فقط أما بواطن األمور والنيات اخلفية فال يعرفها إال رجال‬ ‫اخملابرات بطرقهم اخلاصة‪ ،‬وغالبا ال يعلم تلك النيات في العالم النامي‬ ‫وضع سوريا احلرج وحساسية موقفها؟‬ ‫ طبعا وضع سوريا حرج‪ ..‬وفي تقديري أنه حتى لو استخدم الناتو إال شخص أو إثنان‪.‬‬‫أسلحته ضدها فسيطول املوضوع كثيرا أكثر من ليبيا ألنه في حالة‬ ‫اجليش الليبي كان من يقوده أبناء القذافي وكانت هناك انقسامات اجمللة‪ :‬هل مازالت حروب اخملابرات مشتعلة كما كانت في املاضى أم هدأت‬ ‫داخل اجليش فانتقل بعضهم لصفوف الثوار إمنا التنظيم العلوي في حدتها؟‬ ‫ الشك أن حروب اخملابرات مستمرة ولن تتوقف أبدا والدليل أن أمريكا‬‫سوريا يجعل االمر أصعب‪.‬‬ ‫نفسها لم تنج من جتسس إسرائيل عليها رغم ما بينهما من عالقات‬ ‫خاصة‪ .‬إذن فاحلروب اخملابراتية لن تتوقف حتى في ظل مناخ السالم‪.‬‬ ‫العشائر والبترول‬ ‫اجمللة‪ :‬ماذا عن مراقبتك لألوضاع في ليبيا ؟‬ ‫ الواقع مقلق في ليبيا واملسألة لم حتسم بعد ألن استخدام الطيران اجمللة‪ :‬كلمة أخيرة تقولها للمشككني في نصر أكتوبر ‪ 1973‬ونحن‬‫فقط ال يحسم املعركة وال بد من القوات البرية وهذا صعب بحكم مقبلني على االحتفال بذكراه‪.‬‬ ‫ أقول لهم أن أي عمل عسكرى البد أن نعلم أوال التوجيه اإلستراتيجي‬‫الطبيعة الليبية اجلغرافية والقبلية‪.‬‬ ‫اخلاص به من القيادة العليا إلى القوات املسلحة حتى نحكم عليه إن‬ ‫كان نفذ أم ال وفي حالة حرب أكتوب حدث اآلتي‪ ..‬فقد فاجأنا الرئيس‬ ‫اجمللة‪ :‬هل يوجد خوف على ليبيا وجيرانها من سيطرة القاعدة؟‬ ‫ اخلوف األساسي من االختالف بني العشائر الليبية على آبار البترول السادات – وهو رجل حكيم كان ينظر أمامه دائما – بأن أصدر توجيه‬‫والتناحر على السلطة بخاصة وأنه ال يوجد جيش ليبي يحمي الناس عمليات إستراتيجيا للقوات املسلحة أثار دهشتنا ألن هذا التوجيه‬ ‫كان لدينا بالفعل لكنه أراد تسجيل مهمة القوات املسلحة بكل دقة‬ ‫في ظل تلك الثورة فالوضع ينذر بكارثة‪.‬‬ ‫واحتوى هذا التوجيه على اآلتى‪:‬‬ ‫اجمللة‪ :‬عاصرت فترة سقوط الشاه والثورة اإليرانية أثناء عملك‬ ‫أوال‪ ..‬كسر اجلمود احلالي للموقف السائد وكسر وقف إطالق النار اعتبارا‬ ‫الدبلوماسي بإيران‪ .‬ماذا تذكر عن تلك الفترة؟‬ ‫ كان األمريكان يضغطون على شاه إيران للتحول السريع من من يوم ‪ 6‬أكتوبر‪ .‬وأقول للمشككني حدث هذا أم لم يحدث؟‬‫الديكتاتورية للدميقراطية وكان الرئيس كارتر يتعجل األمر وأنا أعتقد‬ ‫أن التعجل في مثل هذا املوضوع يصبح كمن يعطي مريضا زجاجة ثانيا‪ ..‬حتقيق خسائر للعدو في قواته ومعداته وأسلحته‪ .‬وقد حدث هذا‬ ‫وشاهدنا جميعا جولدا مائير وهي تبكي وتستغيث بأمريكا ورأينا شكل‬ ‫الدواء كلها بدال من اجلرعات التدريجية فيموت املريض وهذا ما حدث‪.‬‬ ‫األسرى اإلسرائيليني‪.‬‬ ‫فقد كان السافاك “اخملابرات اإليرانية” ينسق مع اخملابرات األمريكية‬ ‫منذ قبل الثورة ملواجهة املد الشيوعي من دون أن يلتفتا إلى املد الديني ثالثا‪ ..‬حترير األرض احملتلة على مراحل “أي سيناء طبعا” أي لم يكن‬ ‫فكانت النتيجة تصاعده بشكل كبير وغير متوقع أعجز أمريكا عن األمر بالتحرير مرة واحدة وهو ما حدث بالفعل فتحررت سيناء باحلرب‬ ‫مقاومته والوقوف أمامه ولذلك عندما وقعت الثورة وخرج الشاه فوجئت واملعاهدات والتحكيم‪.‬‬ ‫أمريكا بسيطرة اخلميني وانقلبت العالقة بني البلدين‪.‬‬ ‫وحتى بالنسبة ملن يتشدقون بالثغرة فقد كان عرضها ‪ 7‬كيلومترات‬ ‫بينما كان خط املواجهة طوله ‪ 167‬كم ولألسف اختصروا األمر كله‬ ‫ال للتطرف‬ ‫اجمللة‪ :‬هل ميكن أن يحدث هذا املد الديني الذي حدث في إيران بعد الثورة في هذه املساحة الصغيرة على الرغم من أن إسرائيل لم حتقق أي‬ ‫هدف ال سياسي وال عسكري من الثغرة ألنها لم تدخل ال السويس وال‬ ‫ويتكرر في مصر سيما في ظل صعود جنم التيارات الدينية؟‬ ‫ ال هذا لن يحدث لسبب بسيط أن املصريني شعب متدين بطبعه اإلسماعيلية بفضل املقاومة الباسلة وأذكر ان السادات رفض إقتراحا‬‫ومعتدل في تدينه فأنا مثال شخص متدين معتدل أديت احلج عام برجوع بعض اجلنود من شرق القناة للتعامل مع املوقف وأمر ببقائهم‬ ‫‪ 1975‬واعتمرت أربع مرات وال أفوت فرضا وهكذا كل الشعب املصري مكانهم بعد العبور ووضعنا خطة طوقنا بها قوات الثغرة وكدنا نقضي‬ ‫الذى ال يقبل التطرف‪ .‬كما أننا في ظل الدميقراطية الميكن أن تسيطر عليهم لوال تدخل أمريكا وطلب كسينجر بوقف الضرب وقال إن أمريكا‬ ‫قوى ال يريدها الشعب وحتى تلك اجلماعات الدينية الذائع صيتها اآلن ترفض أن يهزم السالح الغربي بسالح شرقي‪.‬‬ ‫وبالتالى إذا كنا نفذنا كل التوجيه اإلستراتيجي فقد انتصرنا في احلرب‬ ‫فهي حتتاج الئتالف مع قوى أخرى ومن ثم فلن تنفرد باحلكم‪.‬‬ ‫وليس للمشككني أي حق في ما يزعمون‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬على ذكر إيران ألم يحن الوقت الستئناف العالقات املصرية اإليرانية‬ ‫بخاصة في ظل توتر األوضاع مع إسرائيل عمال مببدأ عدو العدو صديق؟ حوار‪ :‬صفاء عزب‬ ‫‪44‬‬


‫أنفقت في األحداث األخيرة فقط ‪ 181‬مليون جنيه من أجل إجهاض‬ ‫الثورة املصرية ولألسف الشديد سيعلن عن تورط دولة عربية في هذا اجمللة‪ :‬كم يستغرق ذلك من الزمن؟‬ ‫ ال شك أنه يحتاج لوقت طويل وأن يتم بالتدريج ونحن نعيش اآلن‬‫املوضوع‪.‬‬ ‫ويجب أن نعلم أن اجليش املصري هم مجموعة من الضباط الوطنيني املرحلة االنتقالية التي تتطلب منا وضع أيادينا معا حتى رئيس جديد‬ ‫الذين يسعون لتحقيق اإلنتقال السلمي للسلطة بشكل هادئ وآمن محددة فترة واليته وسلطاته‪.‬‬ ‫والتحول لدولة دميقراطية مدنية حديثة‪ .‬وهذا يتطلب ‪ 3‬قواعد أولها‬ ‫التطبيق الصحيح للدميقراطية والشفافية‪ ،‬فال بد أن يعرف الشعب كل اجمللة‪ :‬ما أهم شروط ومواصفات رئيس مصر القادم؟‬ ‫شيء باإلضافة حملاسبة من يخطئ وهذا ما يقوم به اجمللس العسكري ‪-‬أول رئيس مصري بعد الثورة ال بد وأن تكون لديه جذورعسكرية أي من‬ ‫القوات املسلحة حتى تكون عالقته باجليش قوية وقادرا على التعامل‬ ‫خالل الفترة االنتقالية‪.‬‬ ‫معه ولديه اإلنضباط واحلس األمني القومي‪ .‬وهذا اليعني أنني أطالب‬ ‫اجمللة‪ :‬تطبيقا لهذ الكالم فإن اجمللس العسكري ليس فوق احملاسبة ومن بعسكرة الدولة ألنه سيكون رئيس منتخب ولكن يفضل أن يكون ذا‬ ‫خلفية عسكرية من أجل التعامل مع تلك الفترة االنتقالية‪.‬‬ ‫حق املصريني محاسبته؟!‬ ‫ اجمللس العسكري ليس فوق احملاسبة ولكنه يدير وال يحكم وهو حريص‬‫احملكمة هي الفيصل‬ ‫على نقل السلطة بأسرع وقت ممكن وال بد أن نقف وراءه وندعمه‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬على ذكر الرئيس‪ ..‬ما رأيك في محاكمة مبارك؟‬ ‫اجمللة‪ :‬ما مييز الثورة املصرية عن باقي الثورات العربية؟‬ ‫ تتميز الثورة املصرية بأن جيشها وقف مع شعبها وناصر ثورتها ‪“ -‬بحزن شديد”… احلقيقة أنا أرى أن هذا الرجل قدم لوطنه الكثير‬‫بينما األمر مختلف مثال في ليبيا وسوريا التي وقفت اجليوش فيها ضد في فترة من الفترات وال يستحق منا هذه “البهدلة” في آخر أيامه‬ ‫ليحاكم أوالده ورجاله ال مانع ولكن ال بد أن يراعى تاريخه وعموما‬ ‫الشعب ولوال موقف اجليش املصري ما جنحت الثورة‪.‬‬ ‫احملكمة هي الفيصل لكنني أحزن عندما أقارن بني ما فعلناه مع امللك‬ ‫فاروق من تكرمي أثناء خروجه من مصر بعد ثورة يوليو وبني ما نفعله اآلن‬ ‫خارج اخلدمة‬ ‫اجمللة‪ :‬كيف ترى مستقبل الثورات العربية خاصة التي إستعانت بقوى برئيس مصري شارك في احلروب وقدم الكثير‪ .‬وأنا أحزن عندما أشعر‬ ‫أننا دائما جنرّح في رؤسائنا‪.‬‬ ‫خارجية إلسقاط النظام ؟‬ ‫ لألسف الشديد اجليوش العربية أصبحت خارج اخلدمة ففي العراق‬‫كان اجليش العراقي قويا وكان ميثل تهديدا من اجلبهة الشرقية ضد اجمللة‪ :‬هل أمن مصر القومي في خطر؟‬ ‫إسرائيل أما اآلن فلم يعد له وجود‪ .‬واجليش السوري مشغول بالثورة ‪-‬نحن نسير في الطريق السليم حتى اآلن ولكن أي جتاوزات حتدث ستؤثر‬ ‫وهذا ينهكه ويستنزفه كما أصبحت كل من السودان واليمن مفككتني على األمن القومي ألن االمن القومي ال يقتصر على البعد العسكري‬ ‫إلى دولتني وفي ليبيا لم يعد وجود للجيش واجليش الوحيد الباقي هو فقط بل يشمل أبعادا أخرى إقتصادية وسياسية وصحية فمثال لو‬ ‫اجليش املصري وال نريد أن نشغله كثيرا ليعود إلى ثكناته ويتفرغ للدفاع تعثرت البورصة املصرية فإن ذلك يضر باألمن القومي مبفهومه الشامل‬ ‫ونفس الشيء فإن املظاهرات واالعتصامات املتكررة التي تعطل عن‬ ‫عن البلد‪.‬‬ ‫العمل واالنتاج تضر باألمن القومي‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬وكيف نطمئن على مستقبل مصر؟‬ ‫ بوضع أسس جديدة للحكم ودستور جديد يحد من صالحية الرئيس اجمللة‪ :‬بحكم عملك كضابط إتصال بني اجليشني املصري والسوري في‬‫ويقوي من اإلجتاه الدميقراطي مع نظام إنتخابي سليم لتتحول إلى دولة حرب أكتوبر‪ .‬كيف تقيم املوقف السوري حاليا بعد تردي األوضاع هناك؟‬ ‫ األقدر على الرد حول هذا األمر هو اجلامعة العربية وقد أخذت موقفا‬‫دميقراطية مدنية حديثة‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪43‬‬


‫● حوارات‬

‫كما ساقه القدر أن يشهد ثورة اخلميني وحلظة سقوط الشاه حينما‬ ‫عمل في سفارة مصر بطهران وهو ما جعله يطلع على كثير من أسرار‬ ‫تلك الثورة وعالقة اخملابرات اإليرانية “السافاك” باخملابرات األمريكية‬ ‫ودورهما في تلك الفترة إلسقاط الشاه وهو ما كشف لنا عنه في هذا‬ ‫احلوار الذي شاءت األقدار أن يكون األخير الذي يجريه قبل أن توافيه املنية‬ ‫صباح ‪ 18‬سبتمبر ‪ 2011‬عن عمر ناهز ‪ 74‬عاما‪ .‬وفي ما يلي نص احلوار‪:‬‬ ‫اجمللة‪ :‬من واقع خبراتك الدبلوماسية واألمنية الطويلة ما تقييمك‬ ‫ألبعاد املوقف في ضوء أحداث السفارة اإلسرائيلية بالقاهرة ردا على‬ ‫استشهاد ستة مصريني على حدود مصر الشرقية؟‬ ‫ ال بد أن ننظر بسرعة للخلفية في العالقات املصرية اإلسرائيلية بعد‬‫حرب ‪ 1973‬فقد أراد السادات أن يفتح الطريق للسالم فتوجه للقدس‬ ‫في نوفمبر ‪ 1977‬وكانت رسالته واضحة للشعب اإلسرائيلي بأنه‬ ‫مستعد لتحقيق السالم وكان يقصد السالم العادل والشامل وليس‬ ‫السالم املنفرد وبخاصة القضية الفلسطينية التي هي جوهر الصراع‬ ‫العربي اإلسرائيلي ثم مت توقيع إتفاقية كامب ديفيد عام ‪ 1978‬وتالها‬ ‫توقيع معاهدة السالم وهي التي حتوي كل التفاصيل منها إنهاء حالة‬ ‫احلرب وإقامة عالقات سياسية ودبلوماسية وثقافية واقتصادية ووقعت‬ ‫مصر ‪ 22‬إتفاقية لتطبيع العالقات وعلى الرغم من أن مصر كانت أول‬ ‫من وقع على السالم مع إسرائيل لكنها كانت آخر من طبع ألننا ربطنا‬ ‫تقدم املسيرة السلمية مبدى التقدم في العالقات الثنائية واستمرت‬ ‫اجلهود املصرية في حتقيق السالم حتى قيام الثورة وكانت إسرائيل قلقة‬ ‫جدا منها خوفا من وصول حكم راديكالى إسالمي للسلطة وخوفا على‬ ‫إتفاق السالم وإتفاقية الغاز ولكن بيان اجمللس األعلى للقوات املسلحة‬ ‫أكد إحترام مصر ملعاهداتها كافة ومن ثم إحترام معاهدة السالم‪.‬‬

‫أما ما حدث من فساد فهو موجود أمام القضاء لتكون له الكلمة‬ ‫األخيرة فيه‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬ملاذا نستشعر أن مستوى التعامل الرسمي مع تلك املوضوعات‬ ‫احلساسة لم يرتق إلى درجة غليان الشارع املصري وهو ما فجر تلك‬ ‫األحداث؟‬ ‫ هناك فرق بني سقف الشارع والقيادة فالرأي العام املصري والعربي‬‫كله يكره إسرائيل وله احلق في ذلك نتيجة املمارسات اخلاطئة وعدم‬ ‫التقدم في املسيرة السلمية‪ .‬ولكن العالقات بني الدول ال تبنى على‬ ‫أساس احلب والكره بل على أساس املصالح واملبادئ كما أن القيادة تكون‬ ‫لديها رؤية أشمل لألمور ال تتوفر للعامة‪ .‬ومن ثم جتد الفارق كبيرا دائما‬ ‫بني ردود فعل الشارع والقيادة ليس في مصر فقط بل في كل مكان‪.‬‬ ‫رؤية شاملة‬ ‫اجمللة‪ :‬هذا يعنى توقع إستمرار حالة الغضب ؟‬ ‫ التقدير السليم للمواقف املعتمد على رؤية شاملة هو الذي يخدم‬‫املصالح والشك أنه في احلالة املصرية ال ميكن أن يكون الشارع أعلم من‬ ‫القيادة لذلك يجب أن نلقى بثقتنا وثقلنا للمجلس األعلى واحلكومة‬ ‫وأن نتركهما يعمالن ألنهما أقدر على تقدير املواقف وعلينا أن نركز‬ ‫على حتقيق األمن الداخلي وأن نحافظ على إلتزاماتنا الدولية من أجل‬ ‫سمعتنا في العالم‪.‬‬

‫اجمللة‪ :‬أستشعر من كالمك رضاءك عن اجمللس العسكري في مص أليس‬ ‫كذلك؟‬ ‫ بالطبع أنا راض عنه بنسبة ‪ 100‬في املائة وهو للعلم ال يريد أن‬‫يستمر في احلكم بل يريد أن يسلم احلكم إلى سلطة مدنية بعد‬ ‫إقامة إنتخابات تشريعية واالنتهاء من الدستور وانتخابات الرئاسة‬ ‫اجمللة‪ :‬لكن إسرائيل قتلت ضابطا وجنودا مصريني على حدودنا الشرقية ثم يقدم لنا كل ذلك على طبق من البالتني وليس الفضة ثم يعود‬ ‫ملعسكراته والبد أن نقف خلفه نؤيده وندعمه ولواله ما جنحت الثورة‬ ‫؟‬ ‫ األزمة بدأت ألمرين جوهريني أولهما تسلل مجموعات لداخل إسرائيل ألنه ساندها وحماها‪.‬‬‫وقتلت ‪ 6‬إسرائيليني وجرحت آخرين والنتيجة أن إسرائيل قامت بهجوم‬ ‫مضاد نتج عنه إختراق حلدودنا املصرية ملسافة كيلومترين وقتلت اجمللة‪ :‬ما رأيك فيمن ال يعجبهم هذا الكالم ويشعرون بعدم الرضا من‬ ‫اجمللس العسكري في مصر؟‬ ‫ضابطا وخمسة جنود‪.‬‬ ‫ أعتقد أن هناك من ال يريدون اخلير ملصر ويسعون إلى دق اإلسفني‬‫وهناك جلنة حتقيق مشتركة وننتظر نتيجة التحقيق وإذا ثبت إدانة بني شعبها وجيشها وقد مت الكشف أخيرا عن وجود عناصر خارجية‬ ‫إسرائيل سنطالب بثالثة أشياء هي إعتذار إسرائيل الرسمى وتقدمي‬ ‫املسؤولني عن اخلطأ اجلسيم للمحاكمة واملطالبة بتعويضات ألسر‬ ‫الشهداء والتعهد بعدم تكرار ما حدث‪.‬‬

‫السيرة الذاتية للسفير محمد بسيوني‬

‫وبالنسبة حلادث السفارة اإلسرائيلية فقد سيطرت أجهزة األمن املصرية‬ ‫على املوقف وكان بيان نتانياهو مؤكدا على حرصه على السالم مع مصر‪.‬‬ ‫وفي تقديرى فإن أي نظام حكم في مصر سيأتى لن يلغي معاهدة‬ ‫السالم طاملا أنها حققت لنا مكاسب فلماذا يلغيها ولو فكر في ذلك‬ ‫فال بد أن يفكر أيضا في اليوم التالى لهذا اإللغاء‪.‬‬ ‫األمن واالستقرار‬ ‫اجمللة‪ :‬لكن أال يقلقك مغادرة أعضاء البعثة اإلسرائيلية كافة القاهرة‬ ‫بعد هذا احلادث؟‬ ‫ كل دولة لها مطلق احلرية في بقاء أو عدم بقاء بعثاتها الدبلوماسية‬‫لكنني أعتقد أن إسرائيل حريصة جدا على السالم ألنها تعتبر املعاهدة‬ ‫ذخرا إستراتيجيا لتحقيق األمن واالستقرار في املنطقة وفي حالة إنهيار‬ ‫هذا الذخر ستنتقل مصر من دائرة السالم إلى دائرة العداء وهو ما حترص‬ ‫إسرائيل أال يحدث‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬هل حقا أنك تعارض وقف إتفاقية ضخ الغاز إلسرائيل؟‬ ‫ أوال معاهدة السالم وإتفاق الغاز ليس قرآنا و بالنسبة التفاقية‬‫السالم ميكن املطالبة بتعديالت في الترتيبات األمنية من دون املساس‬ ‫بالنص األصلي بشرط موافقة الطرفني‪ .‬وبالنسبة للغاز فلمعلوماتكم‬ ‫فإن إتفاقية الغاز وقعت عام ‪ 2005‬وبدأ الضخ عام ‪ 2008‬وفي عام‬ ‫‪ 2009‬طالبنا برفع األسعار بأثر رجعي ومت رفعها بالفعل رجعيا واآلن‬ ‫هناك مطالبة أخرى برفع األسعار وهذا يحق لنا أما وقف الضخ نهائيا‬ ‫فهذا يعد تناقضا مع بيان احمللس العسكري باحترام مصر تعهداتها‬ ‫الدولية املوقعة كافة والتي دخلت حيز التنفيذ ومنها إتفاقية الغاز‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫جمع السفير محمد بسيوني‪ ،‬الذي توفي صباح ‪ 18‬سبتمبر ‪ ،2011‬على مدار‬ ‫‪ 55‬سنة من العمل العام والوطنى بني كل الوظائف احلساسة في مصر بداية من‬ ‫العسكرية للمخابراتية للديبلوماسية ثم البرملانية كاآلتي‪:‬‬ ‫• تخرج في الكلية احلربية عام ‪ 1956‬وعمل في القوات املسلحة حتى عام ‪1980‬‬ ‫حيث نقل للعمل في وزارة اخلارجية‪.‬‬ ‫• شارك في حروب ‪ ،67 ،56‬حرب االستنزاف وحرب أكتوبر ‪.73‬‬ ‫• عمل في اخملابرات احلربية املصرية من سنة ‪ 1967‬إلى ‪.1980‬‬ ‫• عمل ضابط مخابرات للجبهة الشرقية التي تضم القوات العراقية والسورية‬ ‫واألردنية منذ عام ‪ 1968‬حتى عام ‪.1970‬‬ ‫• عمل خالل حرب االستنزاف في مكتب وزير احلربية حتى يونيو ‪.1971‬‬ ‫• عمل في حرب أكتوبر ‪ 73‬كضابط اتصال بني اجليشني املصري والسوري وبناء‬ ‫على ذلك مت منحه نوط الشجاعة من الدرجة األولى بدرجة فارس من الرئيس‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬ووسام ‪ 6‬تشرين من القائد العام للقوات املسلحة السورية‪.‬‬ ‫• عمل في السفارة املصرية في طهران خالل الثورة االسالمية بقيادة اخلميني‬ ‫وحضر اجلزء األخير من عصر الشاه وذلك حتى عام ‪ 1980‬موفدا من جامعة الدول‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫• عمل في السفارة املصرية بتل أبيب مع أول بعثة دبلوماسية ثم مت تعيينه سفيرا‬ ‫ملصر في إسرائيل منذ عام ‪ 1986‬وحتى ‪.2001‬‬ ‫• مت تعيينه مساعدا ً اول لوزير اخلارجية املصري عام ‪.2001‬‬ ‫• مت تعيينه عضوا في مجلس الشورى وتولى رئاسة جلنة الشؤون العربية‬ ‫واخلارجية واألمن القومي‪.‬‬ ‫• مت تعيينه عضوا في اجلمعية البرملانية األورومتوسطية وعضوا في البرملان‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫• عضو في اجمللس املصري للشؤون اخلارجية وعضو في اجلمعية املصرية األوروبية‪.‬‬


‫محمد بسيوني لـ«اجمللة»‪ :‬مبارك ال يستحق منّا هذه «البهدلة»‬

‫احلوار األخير‬

‫على عكس التوجه العام السائد في الشارع املصري أكد محمد بسيوني سفير مصر السابق في إسرائيل في آخر حوار له‬ ‫قبيل رحيله بساعات قليلة «للمجلة» أن مصر في الظرف الراهن بحاجة إلى رئيس ذي خلفية عسكرية حتى يكون قادرا‬ ‫على التعامل مع اجليش‪ .‬وأبدى الفقيد استياء وحزنا على ما يلقاه الرئيس املصري مبارك من سوء خامتة بعد ما قدمه للوطن‬ ‫في الفترة األولى من حياته‪ .‬كما قال أن اجليوش العربية أصبحت خارج اخلدمة وأن السيناريو الليبى إلسقاط القذافي ال ميكن‬ ‫تكراره في سوريا‪.‬‬ ‫صفاء عزب‬ ‫لم تنل سنوات الفقيد الطويلة في عالم الديبلوماسية وصوالته‬ ‫الشهيرة في كواليس املفاوضات الدولية ضمن مهام عمله اخلاصة‬ ‫واملتواصلة على مدار ‪ 55‬سنة من العطاء في مختلف امليادين الوطنية‬ ‫واحلساسة‪ ،‬من حسه االمني والعسكري كضابط مخابرات سابق‬ ‫ومقاتل في صفوف اجليش املصري نال شرف املشاركة في أربعة حروب‪،‬‬ ‫بل زادته حكمة وبصيرة بدقائق االمور التي قد ال يراها اآلخرون فهو ينظر‬ ‫دائما لألمور نظرة خاصة ويحللها مبعاييرمختلفة من دون أي تأثر بردود‬ ‫أفعال شعبية أو إنفعاالت عاطفية لذا كانت آراؤه حول إستمرار تصدير‬ ‫الغاز املصري إلسرائيل وحتذيره من عواقب الدعوة إلى إلغاء معاهدة‬ ‫السالم بني مصر وإسرائيل مثار جدل في الشارع املصري كما أن له رؤية‬ ‫خاصة في مواصفات الرئيس القادم ملصر‪.‬‬ ‫وقد أبدى بسيوني حتفظا من احلديث عن عودة العالقة بني مصر وإيران‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫بسبب األطماع الفارسية في منطقة اخلليج العربي وكشف عن‬ ‫الدور اجلديد الذي تلعبه أجهزة اخملابرات بعد إنتشار سبل احلصول على‬ ‫املعلومات مؤكدا على أن احلروب اخملابراتية ستظل مشتعلة حتى في‬ ‫ذروة السالم‪.‬‬ ‫وترتبط شهرة السفير محمد بسيوني كديبلوماسي بعمله الطويل‬ ‫ملدة ‪ 21‬سنة في السفارة املصرية بتل أبيب منها ‪ 18‬سنة سفيرا ملصر‬ ‫كما شغل مناصب عسكرية حيوية من أهمها عمله ضابط إتصال بني‬ ‫اجليشني املصري والسوري في حرب ‪ 1973‬وكان شاهدا على كثير من‬ ‫األحداث السياسية العربية وبخاصة كواليس املفاوضات االسرائيلية‬ ‫الفلسطينية سواء خالل عمله باخملابرات احلربية من ‪ 1967‬وحتى عام‬ ‫‪ 1980‬أو خالل إقامته الطويلة كسفير في إسرائيل‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫● حوارات‬

‫من جتمع الوحدة الوطنية؟ خصوصا وأن اللجنة املركزية للتجمع تضم‬ ‫لكن مت التوافق خالل حوار التوافق الوطني منذ شهرين على أن املهم‬ ‫‪ 25‬وجها‪ ،‬ليس منهم أي من ممثلي اجلمعيتني؟‬ ‫ لكل من األصالة واملنبر رؤية دينية‪ ،‬ورؤية سياسية مرتبطة بالرؤية أن يوافق البرملان على برنامج احلكومة‪ ،‬ولكننا نصر على التوافق على‬‫الدينية‪ ،‬تختلف عن األخرى‪ ،‬أما جتمع الوحدة الوطنية فهو يحمل رؤية األشخاص‪ ،‬حيث أن الكثير من الوزراء كان أداؤهم السياسي والوزراي‬ ‫وطنية يراعي اختالف األديان واملذاهب واألعراق‪ ،‬وال يستطيع التجمع سيئا‪.‬‬ ‫أن يقوم مقام اجلمعيتني فيما ال تستطيع اجلمعيتان أن تقوما مقام‬ ‫التجمع‪ ،‬سنجد ألنفسنا أرضية مشتركة للعمل مع بعضنا البعض أما عن التوافق مع املعارضة‪ ،‬فهو أمر غير ممكن ألنهم الزالوا ماضني‬ ‫في منهج املؤامرة‪ ،‬وال زالوا مصرين على األمور ذاتها التي أثاروها منذ‬ ‫رغم االختالفات في الرؤى‪.‬‬ ‫فبراير‪ ،‬ويهددون أمن اجملتمع والوطن ضد مصالح البحرينيني كافة ُسنة‬ ‫وقد أفرزت انتخابات الهيئة املركزية األولى أعضاءها‪ ،‬وبعد عام ستعقد وشيعة‪ ،‬فلم تظهر منهم أي بادرة تدل على الرغبة في التعايش مع‬ ‫انتخابات الستكمال الهيئة املركزية وأملنا كبير في أن يكون لهما متثيل اآلخرين‪ ،‬وقبول اآلخر‪.‬‬ ‫فيها‪ ،‬علما بأن واحدا من اجلمعيتني سيدخل قريبا بعد استقالة أحد‬ ‫أعضاء الهيئة املنتخبة ألنهم ميثلون األعضاء االحتياط الذين حازوا اجمللة‪ :‬مر أكثر من ثالثة أشهر على إنهاء حالة السالمة الوطنية‪ ،‬كيف‬ ‫ترى وضع البلد سياسيا وأمنيا؟‬ ‫أصوات متساوية‪ ،‬منهم أثنان من األصالة واثنان من املنبر االسالمي‪.‬‬ ‫ البلد في حالة جيدة‪ ،‬وما بدر عن حوار التوافق الوطني سيتم العمل‬‫اجمللة‪ :‬ما هي عالقتكم مع األقطاب السياسية املعارضة في الوقت على تطبيقه‪ ،‬واحلراك السياسي يسير على خير ما يرام‪ ،‬أما األمن‬ ‫فهو مستتب في أنحاء البحرين كافة‪ ،‬ما عدا القرى الشيعية التي‬ ‫احلالي؟‬ ‫ هناك بعض التواصل مع بعض األطراف كأفراد وليس كتجمعات‪ ،‬تشهد بعض األحداث األمنية ألن حزب اهلل البحريني يريد أن تبقى هذه‬‫بحكم الترابط الكبير بني أبناء البحرين‪ ،‬ولكننا لم نصل ملرحلة الفوضى ملآرب معينة‪ ،‬فهو يتحرك بتوجيهات لتحقيق خطة إيرانية‬ ‫التنسيق أو احلوار في ما بيننا‪ ،‬وهو أمر ال شك سيحدث وال مفر منه‪ ،‬على مستوى العالم العربي‪.‬‬ ‫ولكننا ال نعرف متى وكيف‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬كيف ساهم دخول قوات درع اجلزيرة اخلليجية إلى البحرين في‬ ‫اجمللة‪ :‬تتالقى مطالبكم مع بعض مطالب املعارضة‪ ،‬فهم طالبوا الوضع الداخلي؟‬ ‫بصالحيات أكبر للبرملان وحكومة منتخبة‪ ،‬فيما تطالبون أنتم بعرض ‪ -‬كان دخول قوات درع اجلزيرة رسالة سياسية فقط‪ ،‬فهو ليس بالقوة‬ ‫ثقة الوزراء على النواب قبل إقرارهم‪ ،‬وزيادة صالحيات اجمللس النيابي‪ ،‬العسكرية الكبرى‪ ،‬ولكنه أراد أن يوصل للداخل واخلارج أن الدول‬ ‫اخلليجية مع البحرين وضد اخملطط اإليراني‪ ،‬واليوم تولد قناعة لتطوير‬ ‫هل هناك أي مشاورات أو أرضية للعمل معا وتوحيد املطالب؟‬ ‫ لسنا مع احلكومة املنتخبة‪ ،‬ولكننا طرحنا مرئية حكومة توافقية‪ ،‬مجلس التعاون اخلليجي للوصول إلى كونفدرالية‪ ،‬للوقوف في وجه‬‫يوافق فيها اجمللس النيابي على األسماء التي يرشحها رئيس الوزراء من خطط لقلب نظام احلكم واحلرب األهلية والذين ال يهمهم استقرار‬ ‫الذي يعينه امللك هو والوزارات السيادية (الدفاع‪ ،‬الداخلية واخلارجية)‪ .‬البلد‪ ،‬فبالنسبة لهم الغاية تبرر الوسيلة‪.‬‬ ‫الدكتور عبداللطيف‬ ‫بن محمود آل محمود‬

‫اجمللة‪ :‬ما هو موقفكم من ايقاف وزارة الداخلية عددا من الضباط‬ ‫والعاملني في السلك األمني أخيرا‪ ،‬خصوصا وأن الشارع املوالي‪،‬‬ ‫استنكر هذه اخلطوة ويطالب بالعدول عنها؟‬ ‫ نحن مع تطبيق القانون على املدنيني والعسكريني‪ ،‬ومحاسبة‬‫األخطاء في األعمال العامة واخلاصة‪ ،‬فنحن نشكو من عدم تطبيق‬ ‫القانون‪ ،‬وما تقوم به وزارة الداخلية هو أمر مشرف وهو دليل على أن‬ ‫القانون فوق اجلميع‪.‬‬ ‫الوحدة والتسامح‬ ‫اجمللة‪ :‬دعا ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في نهاية أغسطس‪/‬‬ ‫آب املاضي إلى التسامح واالبتعاد عن العنف‪ ،‬ووحدة الكلمة وجمع‬ ‫الصفوف ونبذ الفرقة واخلالف‪ ،‬فما هو موقف التجمع من هذه الدعوة؟‬ ‫ الدعوة للتآلف والتعاون والتآزر هي دعوة ربانية‪ ،‬وما أطلقه جاللة‬‫امللك هي دعوة إنسانية‪ ،‬وأنا استغرب ممّن مسكوا منابر اهلل من‬ ‫املعارضني وأوغروا صدور أتباعهم بالضغينة والكره‪ ،‬بينما كنا نحن‬ ‫نعمل على عدم إثارة أي قضايا طائفية‪ ،‬فوجئنا بالروح العدائية من‬ ‫الشارع الشيعي في معظمه على الشارع السني‪.‬‬ ‫ولألسف فقد تبني أن هناك أسلوب تربية وتوجيه ومنهجية تخدم‬ ‫السنة‪ ،‬فصدم‬ ‫املؤامرة التي يعدون لها قائما على الكراهية ألهل‬ ‫ُ‬ ‫السني ما هو إال‬ ‫السني بهذه العدائية‪ ،‬وما حدث في الشارع ُ‬ ‫الشارع ُ‬ ‫ردة فعل‪.‬‬ ‫فمن هو املسؤول عما يحدث؟ فاللهجة الطائفية ال تزال موجودة‪ ،‬وما‬ ‫حدث من انشقاق في اجملتمع البحريني هو مأساة يؤسف لها‪ ،‬فما‬ ‫يحدث هي جرمية دينية وضد مبادئ اإلسالم‪.‬‬ ‫سنبذل جهدنا‪ ،‬فالبد أن يتغير السلوك ومناهج التربية وطريقة التوجيه‬ ‫في املآمت (احلسينيات) واملساجد ودور العلم‪ ،‬فما يحدث مسؤولية علينا‬ ‫جميعا العمل عليها من أجل األجيال احلالية واملستقبلية‪.‬‬ ‫حوار‪ :‬نزيهة سعيد‬

‫‪40‬‬


‫السنة كان معبرا عن الوحدة الوطنية‪ ،‬وساهم في حفظ‬ ‫أظهره أهل ُ‬ ‫البحرين‪ ،‬حيث كان حترك التجمع ملصلحة اجلميع‪ ،‬وطالب باخلير للعموم‬ ‫وليس لشريحة معينة‪ ،‬فنحن فوق الطائفية‪ ..‬ونحن وطنيون‪ ،‬دعونا‬ ‫لزيادة الرواتب ومحاربة الفساد للجميع وتطبيق القانون على اجلميع‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬هل قام جتمع الفاحت ضد جتمع احلركة االحتجاجية في دوار مجلس‬ ‫التعاون أو ما يطلق عليه دوار اللؤلؤة؟‬ ‫ لسنا ضد أي مواطن مهما اختلفت وجهة نظره‪ ،‬فنحن نتبنى‬‫نظرية األضالع السياسية الثالث الرئيسي‪( ،‬النظام‪ ،‬الطائفة السنية‪،‬‬ ‫الطائفة الشيعية)‪ ،‬كمكونات رئيسة قوية‪ ،‬ويجب أن يكون بينها‬ ‫توازن‪.‬‬ ‫السنة تعرضوا للعديد من الضغوط واإلهمال منذ خمسينات‬ ‫فأهل ُ‬ ‫القرن املاضي وحتى الوقت احلاضر‪ ،‬فمنذ أيام السيطرة االجنليزية على‬ ‫البحرين‪ ،‬كانوا يعملون (األجنليز) على تقوية بعض األطراف في اجملتمع‬ ‫ضد األخرى‪ ،‬فسمحوا للشيعة بالوصول إلى البحرين وإعطائهم‬ ‫السنة الذين كانوا األكثرية‪ ،‬والذين‬ ‫اجلنسية من أجل اضعاف أهل ُ‬ ‫طالبوا منذ العشرينات باإلصالح ومبجلس تأسيسي ومجلس استشاري‬ ‫حلاكم البحرين آنذاك الشيخ عيسى بن حمد آل خليفة‪.‬‬ ‫فاحلركة االحتجاجية في البحرين كانت بقيادة حزب اهلل البحريني‪،‬‬ ‫املدعوم من اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬والذي كان هدفه الوصول‬ ‫إلى سدة احلكم في اململكة‪ ،‬وهو ما وقف في وجهه جتمع الوحدة‬ ‫السنة‬ ‫الوطنية‪ ،‬فقد كان املتآمرون من الداخل واخلارج يعتقدون أن أهل ُ‬ ‫لن يتحركوا ولن يجدوا في الدولة إال طرفان‪ ،‬هم والنظام احلاكم‪ ،‬وكانوا‬ ‫السني كان متشرذما ومتفرقا‪ ،‬إال أنه قال‬ ‫محقني حيث أن الشارع ُ‬ ‫كلمته في جامع الفاحت ورفض ما يدعو إليه حزب اهلل البحريني‪ ،‬كما‬ ‫أن دخول قوات درع اجلزيرة اخلليجية ساهم في وقف مشروع املؤامرة‬

‫وارسل رسالة سياسية واضحة إليران لوقف التدخل في أي من دول‬ ‫اخلليج‪.‬‬ ‫فحزب اهلل البحريني عمل على الزيادة العددية في اجملاالت كافة للسيطرة‬ ‫السنة مستضعفون‪ ،‬ألنه لم‬ ‫على البلد‪ ،‬في الوقت الذي كان فيه أهل ُ‬ ‫يكن لهم من يدافع عنهم‪ ،‬بينما احلركة الشيعية كانت متمترسة في‬ ‫مجالسها العلمانية التي يُحسب لها حساب كبير‪ ،‬وتُقدم لها الكثير‬ ‫من التسهيالت مقابل التوافق مع نظام احلكم‪ ،‬وهي خطة اجنليزية‪،‬‬ ‫حيث أن نظام احلكم يظن أنه يجب أن يقدم للشيعة لينال رضاهم‪،‬‬ ‫إال أن الشيعة كانوا معتمدين مبدأ “خذ وطالب” بهدف الوصول إلى‬ ‫احلكم حتت شعار “بالعلم والولد سنحكم البلد»‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬تتهمون الشيعة بالسيطرة على البلد ونية السيطرة على‬ ‫احلكم بينما غالبية أعضاء البرملان والغالبية الوزارية هي من الطائفة‬ ‫السنية‪ ،‬فكيف تفسرون ذلك؟‬ ‫ُ‬ ‫ نعم عدد الوزراء والنواب ميكن أن يكون غالبية في العدد ولكن‬‫الوزارات اخلدمية (التعليم‪ ،‬الصحة‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬النفط) كانت حتت‬ ‫سيطرة الشيعة‪ ،‬في الباطن‪ ،‬أي أن كل كوادرها من الطائفة الشيعية‪،‬‬ ‫مسيطرون على مفاصل الدولة ضمن خطة سياسية عُ مل بها خالل‬ ‫األربعني عاما املاضية‪.‬‬ ‫فحزب اهلل هي منظمات تابعة إليران لها فروع في مملكة البحرين‬ ‫والكويت والعراق كما أن هناك خاليا نائمة في قطر ودولة اإلمارات‬ ‫العربية املتحدة‪.‬‬ ‫الترتيب السياسي‬ ‫اجمللة‪ :‬كانت جمعيتا األصالة اإلسالمية (السلفية) واملنبر اإلسالمي‬ ‫(األخوان املسلمون) ضمن الداعني لتجمع (الفاحت) األول‪ ،‬فأين هم اآلن‬

‫امللك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين يستقبل الدكتور عبداللطيف بن محمود آل محمود‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪39‬‬


‫● حوارات‬

‫عبد اللطيف آل محمود‪ :‬حزب اهلل ينفّذ مؤامرة في البحرين‬ ‫وله خاليا نائمة في قطر واإلمارات‬

‫الغاية تبرر الوسيلة‬

‫قبل أيام من االنتخابات التكميلية لشغر ‪ 18‬مقعدا كانت يحتلهم نواب كتلة الوفاق الشيعية‪ ،‬الذين استقالوا أخيرا‬ ‫أثناء األزمة السياسية في البحرين‪ ،‬التقت «اجمللة» رئيس جتمع الوحدة الوطنية – اجلمعية السياسية التي تأسست في‬ ‫البحرين حديثا – الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل محمود الذي دعا املواطنني البحرينيني الى املشاركة في االنتخابات من‬ ‫أجل فتح صفحة جديدة في البحرين‪ .‬كما اتهم آل محمود حزب اهلل البحريني بالعمل على تنفيذ مؤامرة ايرانية ومحاولة‬ ‫قلب نظام احلكم وأنه ومن ورائه طهران وراء االحتجاجات التي عاشتها البحرين أخيرا‪.‬‬ ‫نزيهة سعيد‬ ‫السنة في البحرين تعرضوا للعديد من الضغوط‬ ‫وقال آل محمود إن أهل ُ‬ ‫واإلهمال منذ خمسينات القرن املاضي وحتى الوقت احلاضر وإنه آن لهم‬ ‫أن تكون لهم كلمتهم‪ .‬وفي ما يلي نص احلوار‪:‬‬ ‫اجمللة‪ :‬ما هو موقف جتمع الوحدة الوطنية من االنتخابات التكميلية؟‬ ‫ تأتي هذه االنتخابات في وقت حرج ومهم للبحرين‪ ،‬ونحن نرى بأن‬‫أهمية هذه االنتخابات تكمن في ضرورة وصول املزيد من النساء‬ ‫للمجلس النيابي‪ ،‬وأن يكون لدى الناس حرية االختيار من دون أي‬ ‫ضغوط دينية واجتماعية ليكون خيارهم دميقراطيا‪.‬‬ ‫كنا نتمنى أن تعدل (الوفاق) عن قرارها باالستقالة من مجلس النواب‪،‬‬ ‫قبل أن يقبل مجلس النواب استقالتهم‪ ،‬كما كنا نتمنى أن تعدل عن‬ ‫مقاطعة االنتخابات‪ ،‬وبدال من ذلك املشاركة فيه ملا فيه من خير لها‬ ‫وللبحرين‪.‬‬ ‫اجمللة‪ :‬ما هو سبب عدم مشاركة التجمع بأي مترشح لالنتخابات‬ ‫التكميلية؟‬ ‫ ال يزال التجمع وليدا ولم تكتمل مؤسساته الداخلية‪ ،‬لذلك كان‬‫القرار بعدم املشاركة من قبل اللجنة العليا أثناء فترة التأسيس‬ ‫للحفاظ على اللحمة بني جميع األطراف املنتمية للتجمع على اختالف‬ ‫أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم‪ ،‬خصوصا وأن االنتخابات تعمل على متزيق‬ ‫األواصر االجتماعية بخاصة في هذه املرحلة التي نحتاج فيها إلى وحدة‬ ‫الصف‪ ،‬وبال شك سيكون للتجمع مرشحون في انتخابات ‪.2014‬‬ ‫اجمللة‪ :‬كيف ستوصلون صوتكم وآراءكم ما دمتم لم تشاركوا في‬ ‫اجمللس النيابي؟‬ ‫ سنتواصل مع اجلميع‪ ،‬احلكومة‪ ،‬ومجلسي الشورى والنواب إليصال‬‫كلمتنا واملطالبة باالصالحات‪ ،‬وسنعلن عن آرائنا ورؤانا في العلن بكل‬ ‫وسائل االتصال‪.‬‬ ‫السنّة‬ ‫صوت ُ‬ ‫اجمللة‪ :‬ما الهدف من وراء التجمع الذي دعيتم له في جامع الفاحت في‬ ‫وسط العاصمة البحرينية املنامة‪ ،‬في نهاية فبراير‪ /‬شباط املاضي‬ ‫والذي كان بذرة لتجمع الوحدة الوطنية؟‬ ‫ كان الهدف من هذه الدعوة هو اإلظهار للداخل واخلارج أن هناك‬‫طرفا آخر من أطراف اجملتمع وبخاصة من الطائفة السنية كان صوتها‬ ‫مغيبا في ما يحدث ويدور في البالد‪ ،‬والتي تود أن تقول إنها موجودة‬ ‫ويجب إدخالها ضمن املعادلة السياسية في البالد‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫ملسنا من خالل التجمع األول أن هناك شغفا من املشاركني فيه من‬ ‫البحرينيني من مختلف األديان والطوائف اخملتلفة‪ ،‬ومن ضمنهم شيعة‬ ‫حملنا مسؤولية أكبر وهي‬ ‫يريدون أن يكون لهم صوت ووجود‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫السنّة وأن يكون لهم‬ ‫هم هؤالء املواطنني جميعا مبن فيهم أهل ُ‬ ‫حمل ّ‬ ‫رأي في البالد‪.‬‬ ‫السني فقط‪ ،‬وإن كان هو املكون األساس‬ ‫التجمع اليوم ال ميلكه الشارع ُ‬ ‫للتجمع‪ ،‬ولكننا نرى أن كل من انضم له حق وله صوت‪ ،‬واملوقف الذي‬


‫اخلليجي لديها العديد من األسباب املتعلقة بامليزانية واألسباب السياسية‬ ‫والتاريخية التي جتعلها قلقة بشأن العجز التجاري الغذائي في املنطقة‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى أن االنخفاض احلاد أو املستمر في أسعار البترول بالتزامن مع‬ ‫االرتفاع املستمر في أسعار الغذاء ميكن أن يؤدي إلى انكماش للفوائض‬ ‫التجارية‪ ،‬وهو ما يؤثر سلبا على عائدات العمالت األجنبية وعائدات الدولة‬ ‫وخيارات االستثمار‪ .‬ومن هذا املنطلق تتحول الفوائض املالية والتجارية إلى‬ ‫ما يطلق عليه قصور مزمن‪.‬‬ ‫وعلى املستوى السياسي‪ ،‬وكما أظهر الربيع العربي بوضوح‪ ،‬ميكن أن يصبح‬ ‫ارتفاع أسعار الغذاء عامال محفزا حلركات التمرد التي ميكن أن تؤدي إلى‬ ‫تغيرات عنيفة وفورية لألنظمة‪ .‬ووفقا لتقرير نشرته حديثا «منظمة‬ ‫التعاون االقتصادي والتنمية»‪ ،‬بعنوان «الصدمات العاملية املستقبلية»‬ ‫فإن الربيع العربي بدأ كنتيجة حلرائق الغابات التي دمرت خمس محصول‬ ‫القمح الروسي في ‪ ،2010‬والفيضانات في أستراليا وكندا التي أسفرت‬ ‫عن ارتفاع في األسعار على مستوى العالم‪.‬‬ ‫وعلى املستوى التاريخي‪ ،‬ما زالت التهديدات الغربية بحظر جتارة الغذاء كرد‬ ‫فعل على القطع العربي للبترول في السبعينيات حية في ذاكرة حكومات‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي‪ .‬كما ساعد أيضا احلظر الغذائي الذي فرضته‬ ‫الواليات املتحدة على االحتاد السوفياتي واإلخفاقات املتكررة في تأسيس‬ ‫احتياطي غذائي دولي لدول اخلليج عن إدراك الطبيعة املسيسة ألسواق‬ ‫الغذاء العاملية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنها تنظر حاليا إلى اعتمادها على استيراد‬ ‫الغذاء باعتباره عجزا استراتيجيا يجب التعامل معه بكافة الوسائل‬ ‫املتاحة‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فخالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬سعت دول مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي لتعزيز معروضات الغذاء احمللي من خالل شراء أو تأجير أراض‬ ‫صاحلة للزراعة في عدد مختلف من الدول اآلسيوية واألفريقية ودول أميركا‬ ‫الالتينية‪ ،‬بغرض حتقيق «قدرة ثنائية على تعزيز إنتاجية الغذاء وتقليل‬ ‫فرص التعرض إلخفاقات السوق والقيود التي تفرض على الصادرات»‪.‬‬ ‫وباملثل‪ ،‬تستكشف احلكومات والشركات اخلاصة تقنيات جديدة ملساعدة‬ ‫املنطقة على تطوير إنتاجها الغذائي بتكلفة معقولة‪ .‬من بينها «برنامج‬ ‫قطر الوطني لألمن الغذائي»‪ ،‬ومبادرة «صندوق أبوظبي للتنمية» في‬ ‫األمن الغذائي‪.‬‬

‫احتجاجات عنيفة‪ .‬باإلضافة إلى أن حكومات مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫واجهت ارتفاع أسعار الغذاء من خالل رفع األجور في القطاع العام‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى برامج شبكات األمان االجتماعية التي متثلت في تقدمي‬ ‫دعم نقدي‪ .‬ولكن تلك السياسات خلقت مشكالت أكثر مما قدمت حلوال‪.‬‬ ‫ففي الواقع االجتماعي الذي متثل فيه الروابط األسرية والوالءات القبلية‬ ‫أهمية اجتماعية سياسية بالغة‪ ،‬من املرجح أن تزيد برامج تقدمي الدعم‬ ‫النقدي من الفساد الرسمي الذي سوف يفاقم األوضاع‪ .‬حيث تعد زيادة‬ ‫أجور القطاع العام استجابة غير محسوبة سوف تؤدي إلى زيادة الضغوط‬ ‫التضخمية وهو ما ميكن أن يزيد على نحو خطر من التوقعات الشعبية‬ ‫التي لن تستطيع احلكومة مواجهتها على املدى البعيد‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ثرواتهم الوطنية الهائلة‪ ،‬تواجه دول اخلليج أزمة غذائية‬ ‫محتملة في ظل استمرار ارتفاع أسعار الغذاء‪ .‬كما تواجه أسواق غذائية‬ ‫عاملية انكماشا أكثر نظرا لتقلص فوائض التصدير‪ ،‬وانخفاض اإلنتاج‬ ‫الغذائي احمللي‪ ،‬والنمو السكاني‪ .‬وخوفا من أال تتمكن في يوم ما من تزويد‬ ‫مواطنيها بالغذاء الكافي‪ ،‬زادت كافة تلك الدول الدعم احلكومي وحاولت‬ ‫مراكمة مخزون استراتيجي‪ ،‬باإلضافة إلى مساعي االستثمار في الزراعة‬ ‫باخلارج‪ .‬إال أن هناك حاجة التخاذ املزيد من التدابير وعلى الفور‪ .‬فهناك‬ ‫حاجة ماسة لتداول وتطبيق استراتيجية ثالثية األبعاد متكن الدول من‬ ‫التكيف الفوري مع تزايد االستهالك احمللي عبر التعليم وتنظيم األسرة‪.‬‬ ‫كما يجب تعزيز اإلنتاجية كذلك عبر االستثمارات متعددة األطراف‬ ‫واالستثمارات اإلقليمية في األبحاث والتنمية ونقل التكنولوجيا باإلضافة‬ ‫إلى تعزيز إدارة املوارد املائية‪.‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬هناك حاجة إلى تقليل فرص التعرض لتذبذبات السوق عبر األدوات‬ ‫املالية مثل العقود املستقبلية وتوفير بدائل باإلضافة إلى تأسيس كيانات‬ ‫مشتركة مع املزارعني احملليني بدال من االستحواذ على األراضي‪.‬‬ ‫نيما خورامي أسل ‪ -‬كاتب يقيم في بكني وباحث متخصص في السياسة‬ ‫وحتليل العوامل اجليواقتصادية والتطورات األمنية في منطقة الشرق‬ ‫األوسط وآسيا الباسيفيكية‪.‬‬

‫ويعتقد أن االستثمار في األراضي األجنبية سوف يقلل من قدر احلبوب التي‬ ‫حتتاج دول مجلس التعاون اخلليجي الستيرادها باألسعار العاملية‪ .‬باإلضافة‬ ‫إلى أن صادرات الغذاء من دول الطرف الثالث سوف متكن حكومات اخلليج‬ ‫من تقليل دور ما يطلق عليه بالوسطاء في جتارة الغذاء؛ وبالتالي جتنب‬ ‫املضاربات حول أسعار الغذاء العاملي‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬اشترطت الدول‬ ‫املضيفة ضخ رأس املال في قطاعاتها الزراعية واالستفادة من التقنيات‬ ‫الزراعية اجلديدة التي يأتي بها املستثمرون‪ .‬وتتضمن املزايا احملتملة للفقراء‬ ‫احملليني توفير عدد هائل من فرص العمل وتنمية البنية التحتية الريفية‪.‬‬ ‫ولكن‪« ،‬االستحواذ على األراضي»‪ ،‬وفقا للبنك الدولي والفيدرالية الدولية‬ ‫للمنتجني الزراعيني ال يساهم إال على نحو محدود في معاجلة اخملاوف‬ ‫املتعلقة باألمن الغذائي لدول مجلس التعاون اخلليجي‪.‬‬ ‫ارتفاع األسعار‬ ‫كما يتطلب االستثمار في دول الطرف الثالث‪ ،‬بخالف االعتماد على السوق‪،‬‬ ‫أن يأخذ املستثمر في اعتباره اخملاطر املناخية والسياسية للدولة املضيفة‬ ‫بدال من االختيار ببساطة الدولة التي ميكنها توفير الغذاء‪ .‬باإلضافة إلى‬ ‫أن ناصر محمد احلريري‪ ،‬رئيس شركة «حصاد» الغذائية القطرية يقول إن‬ ‫هناك أيضا قضايا تتعلق باخملاوف من عدم قدرة السكان املتضررين على‬ ‫الدفاع عن مصاحلهم باإلضافة إلى التأثير احملتمل على اإلنتاج الغذائي‬ ‫احمللي في الدول املستهدفة‪ ،‬أخذا في االعتبار أن معظم تلك الدول لديها‬ ‫مخاوفها املتعلقة باألمن الغذائي‪.‬‬ ‫بل إنه نظرا للمخاوف املتعلقة بتطبيق صفقات األراضي تلك‪ ،‬أثارت بعض‬ ‫املشروعات احتجاجات قوية من قبل املالك الصغار لألراضي في الدول‬ ‫املضيفة‪ .‬فعلى سبيل املثال كان على «مجموعة بن الدن» أن تتراجع‬ ‫عن مشروع بقيمة ‪ 4.3‬مليار دوالر لزراعة األرز في إندونيسيا نظرا الندالع‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪37‬‬


‫● ثروة األمم‬

‫األمن الغذائي اخلليجي في خطر‪ ..‬كل شيء متوفر اليوم لكن ماذا عن الغد؟‬

‫األمن الغذائي‪ ..‬قنبلة زمنية بدول مجلس التعاون اخلليجي‬

‫استثمار في املستقبل‬ ‫أصبح األمن الغذائي قضية حيوية بالنسبة للعديد من الدول حول العالم‪ .‬وخوفا من أن يأتي اليوم الذي ال يستطيعون‬ ‫فيه تزويد مواطنيهم مبا يكفي من الطعام‪ ،‬عملت دول مجلس التعاون اخلليجي على زيادة الدعم احلكومي‪ ،‬وتوفير مخزون‬ ‫استراتيجي واالستثمار في الزراعة في مناطق أخرى‪ .‬إال أن هناك املزيد الذي يجب عمله إذا ما كانت احلكومات ترغب في‬ ‫موازنة ناجحة بني مخاطر االستيراد والتكلفة الهائلة لزيادة اإلنتاج احمللي وبالتالي جتنب أزمة سياسية محتملة حول‬ ‫ندرة الغذاء‪.‬‬ ‫نيما خورامي أسل‬ ‫في العشرينيات من القرن املاضي‪ ،‬قال الروائي والناقد اإلجنليزي جورج أوريل‪:‬‬ ‫«رمبا نكتشف على املدى البعيد أن الطعام املعلب هو سالح أكثر فتكا‬ ‫من البنادق»‪ .‬وبالفعل‪ ،‬أصبح األمن الغذائي اليوم قضية حيوية بالنسبة‬ ‫للعديد من الدول في جميع أنحاء العالم‪ ،‬وليس مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫استثناء من ذلك‪ .‬فوفقا آلخر تقارير صندوق النقد الدولي «اآلفاق االقتصادية‬ ‫اإلقليمية»‪ ،‬سوف تشهد دول مجلس التعاون اخلليجي زيادة في معدالت‬ ‫التضخم بنسبة ‪ 5.3‬في املائة في ‪ 2011‬بعدما كانت تبلغ‪ 3.2‬في املائة‬ ‫العام املاضي‪ ،‬و«سيكون العامل األساسي للتضخم الكلي هو ارتفاع‬ ‫أسعار الغذاء»‪ .‬ثم يحذر التقرير من أن «ارتفاع الضغوط التضخمية»‬ ‫يقتضي أن تقوم حكومات مجلس التعاون اخلليجي بـ«مراقبة اآلثار الثانوية‬ ‫التي تعمل على حتويل التضخم الغذائي إلى تضخم غير غذائي»‪.‬‬

‫وباملثل‪ ،‬ليس هناك شك في أن مزاعم األمن الغذائي واحدة من أكثر‬ ‫التحديات التي تواجه منطقة اخلليج خالل العقود املقبلة‪ ،‬خاصة أن‬ ‫املنطقة تعتمد إلى حد بعيد على الصادرات الغذائية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يرتبط ذلك‬ ‫االعتماد بالعرض والطلب‪ .‬وسوف يزداد الطلب نظرا لعدة عوامل تتضمن‬ ‫الزيادة السكانية‪ ،‬وسرعة التطور املدني‪ ،‬وتغير أمناط االستهالك؛ نظرا ‪-‬‬ ‫من بني عدة أمور أخرى ‪ -‬الرتفاع مستوى الدخل‪ .‬وتتضمن العوامل اخلاصة‬ ‫بالعرض محدودية املوارد الطبيعية مبا في ذلك األرض واملياه‪ .‬وباإلضافة‬ ‫إلى ذلك هناك عامل التغير املناخي والذي سوف يؤثر سلبا على الوضع‬ ‫الهش لألمن الغذائي في املنطقة‪ .‬فسوف يكون لذلك العامل تأثير مباشر‬ ‫على اإلنتاج الزراعي وتوافر املياه فيما سوف تتضمن التأثيرات غير املباشرة‬ ‫ارتفاع أسعار البضائع املصدرة وتغير تكلفة الطاقة واملواد الزراعية‪ .‬وال‬ ‫حاجة للقول بأن االفتقار إلى االستثمار املالئم في األبحاث وقصور التعاون‬ ‫بني وزارات الزراعة ووزارات املياه والري يعد من العقبات الكبرى أمام زيادة‬ ‫اإلنتاجية الزراعية‪.‬‬

‫في الوقت نفسه‪ ،‬املعضلة احلقيقية في املنطقة‪ ،‬كما يوضحها وزير الزراعة‬ ‫السعودي‪ ،‬فهد بن عبد الرحمن بالغنيم‪ ،‬هي أن أي حترك نحو االكتفاء الذاتي‬ ‫سوف يزيد من تفاقم أزمة األمن الغذائي بالنسبة لألجيال القادمة‪ ،‬نظرا‬ ‫ألن االستثمارات املرتفعة في األراضي وإدارة موارد املياه املطلوبة لتحقيق عجز و انكماش‬ ‫ذلك الهدف سوف تقلل املوارد اخملصصة لقطاعات شديدة األهمية مثل لقد أبرز ارتفاع أسعار الغذاء والبترول في ‪ 2009 - 2007‬هشاشة األمن‬ ‫الغذائي في املنطقة‪ .‬وما زاد األوضاع سوءا‪ ،‬هو أن حكومات مجلس التعاون‬ ‫التعليم والصحة‪.‬‬ ‫‪36‬‬


TM1561_OBC_Ad.indd 64

21/02/2011 10:58


‫● الوضع البشري‬

‫لعبة احلرب‬

‫السيارات وهي تخضع للتفتيش‪ ،‬يعمل األطفال البالغون من العمر‬ ‫تسع سنوات في تنظيم املرور ملدة ست ساعات يوميا إلى جانب قوات‬ ‫الشرطة‪ .‬بينما يجمع آخرون القمامة في وحدات متنقلة‪ ،‬كل ذلك في‬ ‫محاولة مجتمعية لشغل وقت أطفال املدينة حتى عودة الدراسة‪.‬‬ ‫في القاهرة‪ ،‬قام أحمد في سرعة وثقة من فوق دلو مقلوب يستخدمه‬ ‫كمقعد‪ ،‬حيث كان يقيم مع أربعة من أصدقائه نقطة تفتيش على طول‬ ‫طريق مزدحم يبتعد عن ميدان التحرير ويؤدي إلى القاهرة القبطية‪ ،‬وهو‬ ‫شارع رئيسي تزداد فيه الكثافة املرورية في القاهرة‪ .‬يتجه أحمد نحو‬ ‫سيارة أجرة في ثقة‪ .‬وعندما وصل إليها نقر على النافذة ليلفت نظر‬ ‫الراكب‪.‬‬ ‫كان ذلك بعد فرض حظر التجول في منتصف شهر فبراير‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من أنه مت تفتيش السيارة قبل ذلك على بعد خمسني مترا إال أن أحمد‬ ‫ورفاقه وضعوا نقطة تفتيش خاصة بهم ويرغبون في تفتيش السيارة‬ ‫أيضا‪ .‬كان الراكبان أجنبيني‪ :‬كندي ونيجيري‪ .‬طلب أحمد منهما النزول‬ ‫من السيارة وفتش محتويات حقائبهما‪ .‬وانتظر السائق والراكبان في‬ ‫هدوء حتى ينتهي أحمد ورفاقه‪ ،‬إلى حد ما بسبب وجود نقطة تفتيش‬ ‫أخرى أكثر «رسمية»‪ ،‬بالقرب من املكان‪ ،‬ولكن السبب الغالب هو أن‬ ‫أحمد ورفاقه كانوا يحملون عصيا وعمدانا حديدية ثقيلة‪ .‬جدير بالذكر‬ ‫أن أعمار أحمد ورفاقه تتراوح ما بني ‪ 10‬إلى ‪ 13‬عاما‪.‬‬ ‫لم يدع أحمد الركاب يرحلون إال عندما جاء إليهم رجل في الثالثينيات‬ ‫من العمر من نقطة التفتيش التالية يحمل بندقية ليشاركهم في‬ ‫التفتيش‪ .‬عندما غادر الرجل األكبر سنا القادم من النقطة األخرى‪،‬‬ ‫عاد أحمد للجلوس‪ ،‬ليتناقش مع رفاقه حول آخر التطورات في فضول‬ ‫واهتمام‪ .‬تدوي أصوات طلقات نارية على بعد ولكنهم ال يلتفتون لها‬ ‫سوى بنظرة سريعة يلقيها أحد الرفاق حول املكان قبل أن يستكمل‬ ‫حديثه عن أحداث الليلة وخطة اليوم التالي‪.‬‬

‫طفل ليبي ميسك مسدسا‬ ‫‪34‬‬

‫مرمي ايشاني ‪ -‬صحفية إيرانية تعيش في لندن متخصصة في الشؤون‬ ‫الدولية وسياسات الشرق األوسط‪ .‬عملت كمراسلة لوكالة رويترز ولها‬ ‫كتابات عدة في نيويورك تاميز وول ستريت جورنل و ذي هافينغتون بوست‬ ‫ومجلة فورن بولسي‪.‬‬


‫وقف مصطفى يشاهد من كثب‪ ،‬بينما كان شقيقه عمرو يفكك أجزاء‬ ‫البندقية ويضعها على منضدة في مرآب والده في رأس النوف في ليبيا‪،‬‬ ‫والذي يعد مقرا لورشة إصالح ميكانيكية‪ .‬يقول عمرو‪« :‬يجب تنظيفها‬ ‫باستمرار‪ ،‬ألن األتربة تصل إلى أصغر األجزاء»‪ .‬تتحرك عينا مصطفى‬ ‫مع كل قطعة توضع على املنضدة‪ .‬يشعر ببعض االنبهار وبعض امللل‪،‬‬ ‫منذ أن مت تعليق الدراسة في منتصف شهر فبراير (شباط) املاضي في‬ ‫إجازة ألجل غير مسمى بسبب الثورة على الرئيس الليبي العقيد معمر‬ ‫القذافي‪ .‬في حني ميكث مصطفى في منزله أو يلعب مع أقرانه‪ ،‬يخرج‬ ‫شقيقه عمرو (‪ 19‬عاما) مع مجموعة من أصدقائه من احلي لدعم الثوار‬ ‫بالقيام بدوريات في بلدتهم‪.‬‬ ‫لم تكن والدتهما لتترك مصطفى البالغ من العمر ‪ 13‬عاما يخرج‬ ‫معهم‪ ،‬وأخذت تذكرني بذلك من غرفة املعيشة غير البعيدة عن ورشة‬ ‫امليكانيكا‪ .‬ولكن في فترات بعد الظهيرة الهادئة‪ ،‬عندما ال يكون لديه‬ ‫شيء ليفعله‪ ،‬يتبع مصطفى شقيقه حتى نقطة التفتيش الواقعة‬ ‫عند مدخل منطقة وسط البلدة‪ ،‬ويشاهد شقيقه ورفاقه وهم‬ ‫يفتشون السيارات التي تصل إلى ميناء نفط حيوي‪ .‬يقول مصطفى‬ ‫في أسى‪« :‬لست كبيرا مبا يكفي‪ ،‬ولكن يوما ما بإذن اهلل سأكون قادرا‬

‫على القتال من أجل مدينتي أيضا»‪.‬‬ ‫مشاركة مهمة‬ ‫قدم األطفال مشاركة مهمة في التطورات السياسية األخيرة في‬ ‫العالم العربي‪ .‬في ميدان التحرير في القاهرة‪ ،‬اشتهر نياز البالغ من‬ ‫العمر ثمانية أعوام بجلوسه على كتفي والده وقيادته للهتافات التي‬ ‫تطالب بإسقاط الرئيس املصري حسني مبارك‪ .‬اجتذب صوته القوي‬ ‫حشودا كبيرة‪ .‬وكان وجهه ملونا بأعالم بالده وكذلك وجوه األطفال‬ ‫مثله‪ ،‬حيث كان يشارك مع والديه وأقاربه في مخيم االعتصام‪ ،‬وأحيانا‬ ‫ما تستعني به وكاالت األنباء العاملية ليعبر عن األمل في ظهور نظام‬ ‫جديد ‪ -‬شاب ومتفائل‪.‬‬ ‫على جانب آخر‪ ،‬من املؤسف أن ابتسامات األطفال التي التقطت في‬ ‫صورهم املدرسية متأل اجلدران وامللصقات التي حتيي ذكرى وفاتهم في‬ ‫االشتباكات الدموية أيضا‪ .‬في سوريا‪ ،‬يوثق مقطع فيديو الطريقة التي‬ ‫مت بها استهداف األطفال مباشرة في محاوالت قمع االنتفاضة‪ .‬يوضح‬ ‫محمود وهو ناشط مصري أميركي على اإلنترنت يسافر حول املنطقة‬ ‫ملتابعة تطور وسائل اإلعالم الرقمية ودورها في الثورات‪« :‬مهاجمة‬ ‫األطفال هي الطريقة التي يجبر بها النظام األسر على التزام الصمت‬ ‫وإبقاء أحبائهم في املنازل»‪.‬‬ ‫ويؤكد محمود إن مقاطع الفيديو مثل تلك التي تصور جسد الطفل‬ ‫حمزة اخلطيب البالغ من العمر ‪ 13‬عاما بعد أن تعرض لعملية تعذيب‬ ‫وحشي‪ ،‬وكان قد اعتقل في االشتباكات التي وقعت في درعا في نهاية‬ ‫شهر أبريل (نيسان) ‪ -‬ليست مفاجئة في سوريا‪ .‬فقد تتابعت بعدها‬ ‫مقاطع فيديو مريعة الكثير منها ينقل صور أصدقاء الطفل الضحية‬ ‫حمزة‪ ،‬وجميعها حتمل عالمات التعذيب والتشويه‪ .‬واختارت األسر نشر‬ ‫ما يشعر السوريون بأن كثيرا من الناس يعرفونه‪ ،‬بأنه ال يتم دائما جتنب‬ ‫استهداف األطفال بسبب صغر سنهم‪.‬‬ ‫ال يعد وجود األطفال في مناطق القتال أمرا جديدا‪ .‬أسفرت حرب إيران‬ ‫والعراق عن قصص ألطفال يقال إنهم مت توثيقهم جميعا ثم إرسالهم‬ ‫إلى حقول األلغام إلخالء الطريق أمام فرق املشاة‪ ،‬مع وضع مفاتيح من‬ ‫البالستيك حول أعناقهم لكي تفتح لهم أبواب اجلنة بعد استشهادهم‪.‬‬ ‫ووردت تقارير قليلة حول وجود أطفال في الصفوف األمامية في الصراع‬ ‫الليبي‪.‬‬ ‫تبلغ أعمار بعض من أصغر املقاتلني في ليبيا ‪ 15‬عاما‪ ،‬وهو العمر الذي‬ ‫تقول والدة مصطفى إنها رمبا تفكر في السماح البنها فيه أن يخرج مع‬ ‫شقيقه في دوريات‪ .‬كما جتند إدارة الثوار في بنغازي من تزيد أعمارهم‬ ‫عن ‪ 18‬عاما من أجل التدريب‪ .‬ولكن في املناطق التي تزداد فيها شراسة‬ ‫القتال‪ ،‬رمبا يُطلب ممن هم في عمر مصطفى أن يذهبوا ملا هو أبعد من‬ ‫نقطة التفتيش‪ .‬في زلتان‪ ،‬نقلت وكالة «رويترز» أن هناك صبية يبلغون‬ ‫من العمر سبعة أعوام يساعدون في جمع األسلحة وتنظيفها في بعض‬ ‫األحيان‪.‬‬ ‫اليوم التالي‬ ‫في بن جواد‪ ،‬يسير ثائر صغير بالقرب من مقاتل أكبر سنا‪ ،‬عند نقطة‬ ‫تفتيش أخرى عند امتداد مهم لطريق في بلدة مصطفى يصل بني مينائي‬ ‫نفط‪ .‬ومثل مصطفى‪ ،‬ال يعرف الثائر الصغير الصورة الكاملة عن الصراع‬ ‫حيث يبلغ عمره ‪ 15‬عاما فقط‪ .‬وعلى الرغم من ابتعاده النسبي عن‬ ‫القتال فإنه يطلق النار من بندقيته في الهواء ويشير بعالمة النصر‪ ،‬وظل‬ ‫دائما بالقرب مني ومن معدات تصوير الفيديو‪ .‬وقف أمام الكاميرا التي‬ ‫أحملها وهتف‪« :‬اهلل أكبر»‪ ،‬مرارا وتكرارا‪ ،‬ثم توقف ليطلب مني أن أريه‬ ‫ما صورته‪ .‬وعلى حد علمه‪ ،‬يقف الثوار على بعد نحو ثالثة كيلومترات‬ ‫من موقعه‪ .‬وتستخدم مدرسته كمركز عالجي للمصابني وملن يعانون‬ ‫آثارا نفسية ناجتة عن حصار قوات القذافي لبلدات مثل بن جواد‪.‬‬

‫أطفال ليبيا‪ ..‬مستقبل بال كوابيس‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫وعندما ال يكونون في ساحة القتال‪ ،‬تتغير حياة األطفال بصورة كبيرة‬ ‫نتيجة االضطرابات العنيفة‪ .‬عند تقاطع الطرق حيث يشاهد مصطفى‬ ‫‪33‬‬


‫● الوضع البشري‬

‫الثمن الذي يدفعه الطفل العربي‪ ..‬هل العبء فوق االحتمال؟‬

‫أطفال الثورة‬

‫احتل األطفال مقدمة ومحور االنتفاضات في العالم العربي‪ ،‬ولكن لم يتم قياس حجم التأثير الواقع عليهم بسببها‪ .‬رمبا‬ ‫تستمر معهم أعمال العنف وعدم االستقرار الناجتة عن الثورات األخيرة في الشرق األوسط ما يجعل اجليل القادم يعاني من‬ ‫صدمة طويلة حتى بعد استقرار األوضاع‪.‬‬ ‫مرمي ايشاني‬

‫‪32‬‬


‫اعتراف من اجملتمع الدولي باجمللس االنتقالي بصفته احلاكم الشرعي للبالد‪،‬‬ ‫والثالثة مهمة إحياء االقتصاد الليبي‪.‬‬ ‫احترام آليات العدالة‬ ‫وبالتركيز على توحيد ليبيا‪ ،‬يُهيئ جبريل الساحة للبالد من أجل إقامة‬ ‫سالم دائم‪ ،‬وإدراكا منه بأن إراقة الدماء التي حدثت مؤخرا في ليبيا قد‬ ‫يكون لها تأثير طويل املدى على كيفية تعامل الليبيني في الشرق والغرب‬ ‫بعضهم مع بعض‪ ،‬دعا جبريل املقاتلني عدة مرات بأن يحترموا آليات‬ ‫العدالة‪ ،‬وأن يتجنبوا علميات القتل االنتقامية‪ .‬وأوردت صحيفة «تريبولي‬ ‫بوست» أن جبريل هدد باالستقالة في حالة «اندالع حرب داخلية في‬ ‫احلركة التي أطاحت بالنظام الديكتاتوري السابق»‪ .‬وحذر كذلك أثناء أول‬ ‫مؤمتر صحافي له من طرابلس من أن «هناك من يحاول البدء في لعبة‬ ‫سياسية قبل الوصول إلى إجماع مشترك بشأن القواعد»‪،‬‬ ‫«مبجرد أن تنتهي معركتنا‪ ،‬ميكن أن تبدأ اللعبة السياسية‪ ،‬التحدي‬ ‫األكبر ما زال أمامنا‪ .‬أنهينا املعركة‪ ،‬األولى ضد القذافي ونظامه‪ ،‬وهذه‬ ‫مهمة أجنزت‪ ،‬ولكن املعركة األصعب ستكون مع أنفسنا‪ ،‬كيف ميكننا أن‬ ‫نحقق املصاحلة‪ ،‬وأن نحقق األمن والسالم وأن نتفق على الدستور؟ يجب أال‬ ‫نهاجم بعضنا اآلخر أو أن يدفع أحدنا اآلخر بعيدا»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن جبريل تعهد بالتنحي مبجرد تشكيل حكومة جديدة‪،‬‬ ‫فإنه أكد في أكثر من مناسبة على قيادته جلهود تهدئة «املناوشات بني‬ ‫القيادة السياسية في احلكومة االنتقالية‪ ،‬التي كان مقرها في السابق‬ ‫شرق البالد‪ ،‬وامليليشيات اخملتلفة في غرب البالد التي سيطرت على‬ ‫طرابلس»‪ ،‬وذلك وفقا ملا أوردته «فاينانشال تاميز» في حتليل نشرته عن‬ ‫رئاسة وزراء جبريل‪.‬‬ ‫على اجلبهة الدبلوماسية‪ ،‬جنح جبريل في احلصول على االعتراف باجمللس‬ ‫االنتقالي من حلفاء مهمني مثل فرنسا وبريطانيا والواليات املتحدة‬ ‫واجلامعة العربية وغيرها الكثير‪.‬‬ ‫ضبط النفس‬ ‫وال ميكن املبالغة في أهمية احلصول على اعتراف دولي باجمللس الوطني‬ ‫االنتقالي‪ ،‬حيث إنه سمح لـ»الناتو» بدعم الثوار عسكريا في بداية احلرب‪،‬‬ ‫وبذلك سمح االعتراف بأن يحصل اجمللس على أموال مت جتميدها في السابق‪،‬‬ ‫تسمح تلك األموال للمجلس بأن يسدد رواتب العاملني في القطاع العام‪،‬‬ ‫مع البدء في مشاريع إعادة اإلعمار‪ ،‬ومن بينها تعزيز قطاع النفط‪.‬‬ ‫كما حقق جبريل تقدما كبيرا أيضا في طمأنة اجملتمع الدولي على قدرة‬ ‫ليبيا على إدارة مشاريعها االستثمارية التي تقدر قيمتها بـ‪ 170‬مليار‬ ‫دوالر‪.‬‬ ‫وأوضح لـ«فاينانشال تاميز» أن اللجنة التنفيذية للمجلس االنتقالي تلتزم‬ ‫باالحتفاظ بالفريق ذاته الذي يتولى اإلشراف على األرصدة املالية الليبية‬ ‫على األقل ملدة شهر أو اثنني‪ ،‬وصرح قائال‪« :‬ليس من احلكمة تعيني شخص‬ ‫جديد‪ ،‬ونحن نتفق حاليا على أن القيادة السابقة يجب أن تبقى فيما يتعلق‬ ‫باالستثمارات»‪.‬‬ ‫مبعنى آخر‪ ،‬يتميز أسلوب جبريل في اإلدارة بالعملية‪ ،‬ويشجع على ضبط‬ ‫النفس في السياسة الداخلية في البالد‪ ،‬معترفا بأن الفترة االنتقالية‬ ‫ستكون طريقا طويال بالنسبة لليبيا‪ ،‬وفي الوقت ذاته يعترف بأنه من‬ ‫أجل النجاح في إدارة املرحلة االنتقالية‪ ،‬سيحتاج إلى االحتفاظ بأعضاء‬ ‫احلكومة السابقني من أجل دعم استمرار السياسات التي كانت مفيدة‬ ‫في السابق‪ ،‬على الرغم من أنها في األغلب محدودة بقطاع النفط‬ ‫وصندوق استثمار البالد‪.‬‬ ‫وإذا استطاع جبريل تنفيذ سياساته البراغماتية‪ ،‬مع االحتفاظ بقيم‬ ‫الثورة‪ ،‬فمن املمكن أن تستطيع ليبيا جتنب مرحلة طويلة من عدم‬ ‫االستقرار السياسي‪.‬‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪31‬‬


‫● بروفايل‬

‫محمود جبريل‪ ..‬تكنوقراطي ليبي في بلد بال مؤسسات‬

‫اخليال واآليديولوجيا‬

‫محمود جبريل هو أحد األكادمييني والتكنوقراطيني الليبيني من الذين قادوا مرحلة الثورة املسلحة على نظام العقيد القذافي واإلطاحة به‪ .‬الرجل‬ ‫يؤهله للعب دور سياسي مهم في مرحلة ما بعد السالح‪ .‬جبريل من القالئل اجملمع‬ ‫لم يحمل سالحا لكنه قاد دبلوماسية الثوار باقتدار ما سوف ّ‬ ‫عليهم‪ ،‬غربيا بال شك‪ ،‬وأيضا في وطنه ليبيا‪ .‬مسؤول املكتب التنفيذي في اجمللس الوطني االنتقالي يتمتع أيضا بثقل قبلي حيث ينتمي إلى واحدة‬ ‫من كبريات القبائل أال وهي قبيلة بني وليد‪ ،‬ولكن قبيلته الفعلية هي في الواقع مدينة بنغازي التي ترعرع وعاش فيها‪ ..‬تلك املدينة التي شاء‬ ‫القدر أن تكون مهد انقالب القذافي املطاح به‪ ،‬وشرارة الثورة الشبابية التي أطاحت بالعقيد وجماهيريته‪.‬‬ ‫هناك بعض األسئلة املطروحة اآلن بعد أن انزاح كثير من اخلطر عن كاهل‬ ‫شعب عانى من بؤس احلياة وشقائها‪ ،‬في ظل نظام تسلطي استبدادي‬ ‫مثل‪ :‬هل يا ترى ستنجح تكنوقراطية الرجل القصيرة في مللمة هذا‬ ‫الشعث القائم اآلن داخل اجمللس االنتقالي الليبي وخارجه؟ وهل سيكون‬ ‫مبقدوره تشكيل احلكومة االنتقالية في هذا اجملتمع الذي ترسم معامله‬ ‫وهواه روح القبيلة‪ ،‬وتستفزه جغرافية تقسيمه املناطقي؟! يبدو أن األمر‬ ‫ليس هينا أو بسيطا‪ ،‬ليس فقط في ما يخص احلكومة وتشكيلها‪ ،‬فهي‬ ‫مؤقتة على كل حال‪ ،‬ولكن األمر األكثر صعوبة هو في إعادة إعمار هذا‬ ‫البلد‪ ،‬الذي يفتقد أصال للبنى التحتية‪ ،‬وحتى ما كان منها قائما دمرته‬ ‫احلرب‪.‬‬ ‫فمن أين ستبدأ هذه احلكومة‪ ،‬وما هي أولوياتها‪ ،‬وهل هناك حساسيات‬ ‫داخلية قد تخلقها سياسات هذه احلكومة؟! مبعنى كيف ستعالج‬ ‫احلكومة املؤقتة التركيز على مدن بعينها دون سواها بحكم أنها تضررت‬ ‫من احلرب؟ فهناك مناطق ومدن يقول أهلها إنهم لم يعرفوا معنى‬ ‫الرفاهية طيلة العهد املستبد املنهار‪.‬‬ ‫انتقاد الذع‬ ‫وتعرض جبريل إلى انتقاد الذع نتيجة احتفاظه مبنصب وزير اخلارجية إلى‬ ‫جانب رئاسة الوزراء‪ .‬فالناقدون له يقولون إن أعضاء اجمللس أكفاء مبا فيه‬ ‫الكفاية‪ ،‬وال داعي لالحتفاظ مبنصبني‪.‬‬ ‫وهذا ما أكده هو شخصيا في مقال له نشرته (نيويورك تاميز) عن زمالئه‬ ‫اعضاء اجمللس حيث قال‪ :‬لقد جاء جميع أعضاء اجمللس‪ ،‬وهم ‪ 31‬عضوا‪،‬‬ ‫منهم محامون وحقوقيون وضباط جيش سابقون ورجال أعمال‪ ،‬من‬ ‫مختلف أنحاء ليبيا‪ .‬وتعلم الكثيرون‪ ،‬مثلي‪ ،‬داخل الواليات املتحدة‪ .‬وفي‬ ‫مسيرتنا من أجل الدميقراطية‪ ،‬يقوي من عزمنا إمياننا بالسالم والعدالة‬ ‫واملساواة‪ ،‬فقد علمتنا أيام العقيد القذافي املظلمة أن اجملتمع الدميقراطي‬ ‫احلر القائم على نظام عدالة شفاف ونزيه هو الطريق الوحيد للمضي قدما‪.‬‬ ‫وسنعمل من أجل ضمان انتقال سلمي للسلطة عبر صناديق االقتراع ومن‬ ‫خالل مؤسسات قانونية‪ .‬وسيكون أساس دولتنا دستورا يكتبه الشعب‬ ‫الليبي ويقره عبر استفتاء عام‪.‬‬ ‫ولكن جبريل جدير مبواجهة التحدي‪ ،‬فعلى سبيل املثال يبدو أن دراسته‬ ‫كانت تعده سلفا من أجل العمل في السياسة االنتقالية‪ ،‬حيث تخرج‬ ‫عام ‪ 1975‬من جامعة القاهرة بدرجة البكالوريوس في االقتصاد والعلوم‬ ‫السياسية‪ ،‬واستكمل دراسته في جامعة بيتسبرغ فحصل على املاجستير‬ ‫والدكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬وركزت خلفيته األكادميية في األساس‬ ‫على التخطيط االستراتيجي وصناعة القرار‪ ،‬وهي اخلبرة التي ستفيده‬ ‫بالتأكيد في طريقه نحو إقامة مؤسسات‪ ،‬ألول مرة منذ وصول القذافي‬ ‫إلى احلكم‪ ،‬وقد كانت فلسفة «الكتاب األخضر» الذي ألفه القائد السابق‬ ‫جعلت منها مؤسسات جوفاء‪.‬‬ ‫جدير باالهتمام أن خبرة جبريل في التخطيط االستراتيجي لم تتقيد‬

‫‪30‬‬

‫بالبرج العاجي الذي يتسم به السلك األكادميي‪ ،‬فبني عامي ‪1987‬‬ ‫و‪ ،1988‬قاد جبريل فريقا مهمته صياغة دليل التدريب العربي املوحد‬ ‫صقلت خبرته في مجال‬ ‫وأدار عدة مؤمترات تدريبية في هذا اجملال‪ ،‬كما ُ‬ ‫اإلدارة عندما تولى مسؤولية البرامج التدريبية لإلدارة العليا في عدد من‬ ‫الدول في الشرق األوسط‪ ،‬منها‪ :‬البحرين‪ ،‬ومصر‪ ،‬واألردن‪ ،‬والكويت‪ ،‬وليبيا‪،‬‬ ‫واملغرب‪ ،‬والسعودية‪ ،‬وتونس‪ ،‬واإلمارات‪ ،‬وتركيا‪.‬‬ ‫ووفقا ملا قاله جبريل‪ ،‬فقد أُكره في النهاية على االنضمام إلى حكومة‬ ‫القذافي حيث أصبح مديرا للمجلس الوطني للتطوير االقتصادي منذ عام‬ ‫‪ 2007‬وحتى انشقاقه عن القذافي في عام ‪ ،2011‬وتوضح روايته التي‬ ‫يدعمها عدد من الوثائق التي كشف عنها موقع «ويكيليكس»‪ ،‬أنه في‬ ‫عام ‪ ،2007‬أرسل سيف اإلسالم‪ ،‬الذي كان من املفترض أن يكون وريث‬ ‫القذافي في احلكم ورمبا كان واحدا من املؤيدين القالئل في احلكومة لفكرة‬ ‫اإلصالحات السياسية واالقتصادية‪ ،‬طائرة خاصة لتقل جبريل من القاهرة‬ ‫التي كان يقيم بها في ذلك الوقت إلى ليبيا‪ ،‬ولدى وصوله عرض سيف‬ ‫اإلسالم على جبريل منصب وزير التخطيط القومي‪ ،‬وطلب منه أن يدعم‬ ‫جهوده من أجل إعادة هيكلة االقتصاد الليبي‪ ،‬ووفقا حلوار أجرته معه‬ ‫الـ«تلغراف»‪ ،‬فعلى الرغم من أن جبريل طلب مهلة عام لدراسة العرض‪،‬‬ ‫فإنه في اليوم التالي أعلن التلفزيون أنه تولى املنصب الوزاري‪.‬‬ ‫النظرية العاملية الثالثة‬ ‫في عام ‪ ،2009‬مت تعيني جبريل رئيسا للمجلس الوطني للتطوير االقتصادي‪،‬‬ ‫وشارك في عضوية ثالث من خمس جلان تنفيذية‪ :‬املوزانة‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬وتوزيع‬ ‫الثروات‪ .‬كما عني عضوا في جلنة صياغة الدستور اجلديد الذي كان ينوي‬ ‫سيف اإلسالم تقدميه قبل اإلطاحة بوالده‪.‬‬ ‫ولكن جراء تقييد يده ووضع كثير من إشارات االستفهام على مخططاته‬ ‫واصالحاته‪ ،‬تسرب إليه التذمر واالحباط من عدم تنفيذ توصياته‪ .‬إن‬ ‫كل ما كان يخطط له الرجل كان يصطدم مبا يسمى النظرية العاملية‬ ‫الثالثة‪ .‬لقد ضاق الرجل ذرعا بهذه العراقيل‪ ،‬ورأى أن كل محاولته وخطته‬ ‫كان العقيد نفسه يقف ضدها‪ ،‬وهو ما دعاه إلى االستقالة في أكثر من‬ ‫مناسبة‪ .‬إال أن النظام لم يقبل هذه االستقالة‪ .‬وملا حانت له الفرصة متكن‬ ‫في ما بعد من مغادرة البالد‬ ‫ولكن حتى في زمن ثورة الشباب هذه‪ ،‬انهالت االنتقادات عليه‪ ،‬من جانب‬ ‫بعض التيارات اإلسالمية املشاركة في هذه الثورة‪ .‬وكان في مقدمة هذه‬ ‫االنتقادات ما صرح به علنا الشيخ علي الصالبي الذي اتهم كثيرا من‬ ‫أعضاء اجمللس بالعلمانية ومبحاولة إقصاء اإلسالميني منه‪.‬‬ ‫كما اتهم اتهامات ال معنى بأنه ميلك أسهما في شركة عقارية معروفة‬ ‫في الواليات املتحدة تدعى أوميغن‪.‬‬ ‫ومنذ تعيني جبريل في اجمللس الوطني االنتقالي‪ ،‬توجهت جهوده نحو‬ ‫ثالث جبهات‪ ،‬األولى السعي إلى توحيد الليبيني‪ ،‬والثانية في احلصول على‬



‫● قصة الغالف‬

‫على الرغم من أن الرئيس أوباما وقادته العسكريني يقولون إنهم كسروا شوكة‬ ‫طالبان‪ ،‬فإن الوثائق السرية تكشف أن شعور املسؤولني األميركيني بعدم اجلدوى‬ ‫واالستسالم‪« :‬بغض النظر عن مدى فاعلية األداء العسكري‪ ،‬سيكون املسلحون‬ ‫مستعدين مللء أي فراغ في احلكم‪ ،‬وفي ظل انعدام الكفاءة السياسية‪ ،‬ستظل‬ ‫هناك حاجة إلى القيام بعملية أخرى من أجل حتقيق‪( ..‬النجاح الدائم في صد‬ ‫املسلحني)»‪ ،‬وفقا ملا ذكره إيكنبري في تقييم يعكس اخملاوف بشأن هجوم التحالف‬ ‫احلالي على إقليم قندهار اجلنوبي‪.‬‬ ‫وفي مفارقة‪ ،‬يشير حجم األدلة إلى أن السياسة الداخلية واآليديولوجية والقيود‬ ‫املؤسسية لعبت أيضا دورا كبيرا في قرار أوباما بتعزيز القوات في أفغانستان عام‬ ‫‪ .2009‬كانت رغبة أوباما في الوفاء بوعد حملته الرئاسية عامال رئيسيا‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى مراعاة رؤية اجليش بأن تخفيض عدد القوات يعني خسارة املكانة األميركية‪.‬‬ ‫يسعى أوباما في الوقت احلالي إلى إنهاء التعهد األميركي املكلف في أفغانستان‬ ‫– وهي بالفعل أطول مغامرة عسكرية في التاريخ األميركي – وهو التعهد الذي‬ ‫تراجع منذ مغامرة االحتاد السوفياتي املتهورة هناك‪ .‬لقد حتول األميركيون ضد احلرب‬ ‫بدافع االنتقام‪ ،‬ال سيما قاعدة أوباما الليبرالية‪ .‬ووصلت التكاليف السنوية للحرب‬ ‫األفغانية إلى ‪ 100‬مليار دوالر‪ ،‬وهو مبلغ هائل في دولة تواجه أزمة اقتصادية خطيرة‪.‬‬ ‫في أميركا جميع الشؤون السياسية محلية‪ .‬وجاء قرار أوباما بالبدء في سحب‬ ‫القوات األميركية ليبعث برسالة واضحة لقاعدته وللشعب األميركي عامة بأنه‬ ‫يستمع ألصواتهم‪ .‬في حني تعد حرب غير شعبية عبئا على رئيس مثل أوباما‬ ‫يسعى إلى فترة رئاسية ثانية‪.‬‬ ‫ما يخطط أوباما وجنراالته له هو االعتماد على غارات القوات اخلاصة للحفاظ على‬ ‫انعدام توازن طالبان وقتل وأسر قادتها امليدانيني وإضعاف قدراتها‪ .‬مت توزيع عمليات‬ ‫القوات اخلاصة على نطاق واسع كما أن أعدادها شهدت زيادة فلكية‪ ،‬لتصل إلى ‪300‬‬ ‫تقريبا في الشهر‪ .‬كما جترى عمليات الطائرات دون طيار في باكستان بصورة أكبر من‬ ‫أفغانستان‪ .‬وعلى الرغم من فاعليتها التقنية فإن هذه التكتيكات تثير جدال سياسيا‬ ‫وأخالقيا‪ ،‬حيث تتسبب هجمات الطائرات وغارات القوات اخلاصة في مقتل العديد من‬ ‫املدنيني وانتهاك حرمات املنازل وغرف النوم وتغريب الشعب ذاته الذي تسعى الواليات‬ ‫املتحدة إلى كسب وده‪ ،‬إنها سيف ذو حدين ضرره أكبر من نفعه على املدى البعيد‪.‬‬

‫أحد مكونات االستراتيجية األميركية األخرى هو االعتماد على أرباب احلرب وزعماء‬ ‫القبائل مبنع عودة طالبان وصعودها‪ .‬تعرقل هذه الطريقة السلطة املركزية‬ ‫ملؤسسات الدولة ووحدتها‪ .‬ومن الواضح أن الواليات املتحدة تخلت عن بناء الدولة‬ ‫في البالد التي مزقتها احلرب‪ ،‬في شهادة على محدودية القوة األميركية والتدخل‬ ‫األجنبي‪.‬‬ ‫تتطلب املصاحلة واالستقرار في أفغانستان تسوية سياسية شاملة للمنطقة‬ ‫تعالج املطالب املشروعة للمجتمعات القبلية واملشاعر اإلسالمية القومية‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى اخملاوف اجليواستراتيجية لدى باكستان وإيران والهند‪.‬‬ ‫ويوجد اتفاق أيضا بني املراقبني على أن إصالح النظام السياسي والقانوني وإدماج‬ ‫املنطقة القبلية في التيار الرئيسي وانتشال السكان من الفقر املدقع‪ ،‬أمور ذات‬ ‫أهمية بالغة من أجل حتقيق سالم دائم‪ .‬وحتى يستفيد التحالف الغربي من االقتصاد‬ ‫السياسي في املناطق القبلية ويحمي املدنيني‪ ،‬ستستمر طالبان في االستفادة من‬ ‫نقاط ضعف رجال قبائل البشتون وتفرض نظامها املتطرف‪.‬‬ ‫تؤدي التسوية التي يتم التفاوض عليها مع قبائل البشتون حتما إلى وصول طالبان‬ ‫إلى احلكم‪ ،‬ومن املرجح بشدة أن ينتج عنها إقصاء للمسلحني من املنطقة‪ ،‬وأيضا‬ ‫العناصر املتطرفة في طالبان‪.‬‬ ‫تقدم حالة العراق درسا مفيدا على وجه التحديد في هذا املوقف‪ .‬يكمن التحدي في‬ ‫منح قبائل البشتون فرصة مشاركة حقيقية في النظام السياسي واالقتصادي‪ ،‬من‬ ‫أجل كسب ودهم‪ .‬ومن املأمول أن إنهاء احلرب األميركية في أفغانستان سيسمح‬ ‫للجماعات واجملتمعات املتحاربة بالبدء في املهمة الصعبة بترتيب شؤونهم‬ ‫الداخلية‪ ،‬وهي املهمة املليئة باخملاطر واإلمكانات‪ .‬لقد جاء قرار الرئيس أوباما بالبدء‬ ‫في إعادة القوات إلى البالد وتوجيه االهتمام إلى املساعي الدبلوماسية واألفق‬ ‫السياسي خطوة في االجتاه الصحيح‪.‬‬ ‫فواز جرجس ‪ -‬أستاذ السياسة الشرق أوسطية والعالقات الدولية في كلية االقتصاد‬ ‫والعلوم السياسية بلندن‪.‬‬

‫ﻣﻮﻋﺪ ﺳﺤﺐ اﻟﻘﻮات اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﻣﻦ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ﺑﺎت وﺷﻴﻜﺎ‬

‫ﻳﺘﻌﺮض اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ ﻟﻀﻐﻮط ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻟﺘﴪﻳﻊ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺴﺤﺎب اﻷﻣرييك ﻣﻦ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن‪،‬‬ ‫وﺳﻂ ﻣﺨﺎوف ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺗﻄﻮرات وﻛﻠﻔﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ داﻣﺖ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات‪ .‬وﻣﻦ اﳌﻘﺮر ﺧﺮوج اﻟﺪﻓﻌﺔ اﻷوﱃ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد ﰲ متﻮز )ﻳﻮﻟﻴﻮ(‪ ،‬ﻣﻊ اﻧﺴﺤﺎب ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻮات اﳌﻘﺎﺗﻠﺔ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻌﺎم ‪2014‬‬ ‫ﻧﻴﺴﺎن )أﺑﺮﻳﻞ( ‪100.000 :2011‬‬ ‫اﻟﻘﻮات اﻷﻣريﻛﻴﺔ اﳌﻮﺟﻮدة ﰲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن‪2011 - 2001 ،‬‬ ‫ﺗﺸﻤﻞ ﻗﻮات ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة اﻟﻘﻮة اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة‬ ‫‪87.000‬‬ ‫ﻋﲆ إﺣﻼل اﻻﻣﻦ )اﻳﺴﺎف( وﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪامئﺔ‬ ‫ﻛﺎﻧﻮن اﻷول )دﻳﺴﻤﱪ( ‪ :2009‬أوﺑﺎﻣﺎ ﻳﻌﻠﻦ‬ ‫ﻋﻦ إرﺳﺎل ﻗﻮات إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻗﻮاﻣﻬﺎ ‪ 30.000‬ﺟﻨﺪي‬

‫ﻧﻴﺴﺎن )أﺑﺮﻳﻞ( ‪:2002‬‬

‫‪7.425‬‬

‫‪02 01‬‬

‫‪20.300 9.300‬‬ ‫‪03‬‬

‫اﳌﺼﺪر‪Brookings Institution :‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪04‬‬

‫‪23.300‬‬ ‫‪19.500‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪05‬‬

‫‪41.500‬‬ ‫‪32.500‬‬

‫‪24.100‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪07‬‬

‫‪09‬‬

‫‪11 10‬‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬


‫وميكن القول إن طالبان «جيش قروي» على اجلانب األفغاني‪.‬‬ ‫لقد جذبت احلرب عدة مئات من املسلحني اإلسالميني من كشمير والعالم العربي‬ ‫بل ومن وسط آسيا‪« .‬القاعدة» ليست العنصر الوحيد في هذا االئتالف‪ ،‬ال ميكن أن‬ ‫يحرك عمالء «القاعدة» البالغ عددهم من ‪ 20‬إلى ‪ 50‬شخصا في أفغانستان متردا‬ ‫قويا ناهيك عن قيادته‪ ،‬رغم جميع التكهنات بأن «القاعدة» قوة مضاعفة – فهي‬ ‫أشبه بتنظيم طفيلي يتغذى على غياب القانون وانعدام االستقرار‪.‬‬ ‫االنحدار الى اخللف‬ ‫ويتردد أن طالبان أوضحت أنها ال حتتاج إلى مقاتلني أجانب ألن لديها عددا كبيرا من‬ ‫اجملندين‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬على مدار األعوام الثالثة إلى األربعة املاضية‪ ،‬ضاعفت طالبان‬ ‫األفغانية أعدادها إلى أربعة أضعاف‪ ،‬فبعد أن كانت تضم ‪ 7،000‬عضو أصبح عدد‬ ‫أفرادها ‪ .25،000‬ووفقا الستخبارات أميركية‪ ،‬حشدت طالبان املزيد من األتباع من‬ ‫قبائل البشتون‪ ،‬التي تشكل أغلبية في أفغانستان‪ ،‬باإلضافة إلى جماعات عرقية‬ ‫أخرى في الشمال مثل األوزباكيني والطاجيك‪ ،‬الذين يرفضون أيضا وجود قوات‬ ‫أجنبية في بالدهم‪.‬‬ ‫ولكن وضع الرئيس أوباما إطارا لقراره بنشر ‪ 30،000‬جندي وقوات مارينز إضافية إلى‬ ‫أفغانستان في بداية عام ‪( 2010‬ليصل عدد القوات األميركية في أفغانستان إلى‬ ‫حوالي ‪ )100،000‬بصفته حاجة داخلية – حلماية الواليات املتحدة من «القاعدة»‪.‬‬ ‫ومثل احلرب في العراق‪ ،‬مت تصوير تعزيز القوات في أفغانستان وكأنه إرسال القوات‬ ‫حملاربة العدو بدال من أن يهاجمهم العدو في بالدهم‪ .‬ولكن كانت عملية التعزيز‬ ‫متعلقة بطالبان أكثر من تعلقها بـ«القاعدة» املنحسرة‪ ،‬وكان من املقرر أن تضعف‬ ‫من قوة طالبان‪ ،‬وتفصلها عن «القاعدة» وتفككها إلى أجزاء أسهل في التعامل‬ ‫معها لتيسير عملية التسوية السياسية‪.‬‬ ‫ولكن في خطبه أمام قواته في الداخل وفي أفغانستان‪ ،‬جمع أوباما بني طالبان‬ ‫و«القاعدة»‪.‬‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬في ربيع عام ‪ ،2010‬دافع أوباما عن قراره بتصعيد املعركة‪ ،‬مخبرا‬ ‫القوات األميركية بأن نصرهم الزما من أجل السالمة األميركية‪ .‬وصرح أوباما قائال‪:‬‬ ‫«إذا انحدرت املنطقة إلى اخللف‪ ،‬إذا استعادت طالبان السيطرة على البالد ميكن أن‬ ‫تعمل (القاعدة) وأن تفلت من العقاب‪ ،‬حينها ستصبح حياة املزيد من األميركيني‬ ‫معرضة للخطر»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من وجود صالت عملية قانوية بني طالبان في أفغانستان وبعض عمالء‬ ‫«القاعدة» الذين يقدمون لهم األفكار باإلضافة إلى التدريب على صنع قنابل توضع‬ ‫على جانب الطرق‪ ،‬فإن طالبان األفغانية أيضا تتبع طريقا نحو متييز ذاتها عن كل من‬ ‫«القاعدة» وطالبان الباكستانية‪ ،‬بيد أنه فعليا ال يتم اتباع اإلرشادات التي تصدر‬ ‫عن القيادة بصفة دائمة‪.‬‬ ‫يتسم املال عمر باعتدال أكبر من عناصر طالبان األخرى (وهي احلقيقة التي سيجد‬ ‫العديد من القراء من الصعب تصديقها)‪ ،‬مثل املال داداهلل املتوفي الذي كان منتميا‬ ‫إلى مجلس الكويتا شورى‪ ،‬وهو اجمللس الذي بدأ القيام بعمليات انتحارية في‬ ‫أفغانستان – وهي العمليات التي نفذتها شبكة حقاني‪.‬‬ ‫من املضلل إذن اجلمع بني «القاعدة»‪ ،‬التنظيم اجلهادي العاملي الذي ال يعرف حدودا‬ ‫ويشن حملة إرهابية حول العالم‪ ،‬وطالبان اجلماعة اإلسالمية القومية املسلحة‬ ‫احمللية التي تركز دائما على اجلبهة األفغانية‪.‬‬ ‫على الرغم من وجود عالقات بني اجلماعتني فإنهما تنظيمان منفصالن ومختلفان‬ ‫لديهما أتباع مختلفون وأهداف مختلفة‪ .‬كما لم تتهم السلطات األميركية‬ ‫مطلقا طالبان األفغانية بشن هجمات أو عمليات خارج أفغانستان‪.‬‬ ‫تتقارب بعض عناصر طالبان‪ ،‬مثل شبكة حقاني‪ ،‬من «القاعدة»‪ ،‬ولكن ظهر إجماع‬ ‫نسبي بني علماء طالبان بأنه إذا عادت طالبان بصورة أو أخرى إلى أفغانستان‪ ،‬فمن‬ ‫املرجح بشدة أن يطردوا «القاعدة» من البالد‪ .‬ال خطأ في ذلك‪ :‬ال يحب البشتون‬ ‫«القاعدة»‪ ،‬التي جلبت الكارثة على رأس طالبان عندما وفرت مأوى ملسلحي‬ ‫«القاعدة» في التسعينيات‪.‬‬ ‫وفقا ملا قاله دوغالس ساوندرز في «غلوب أند ميل» الكندية‪ ،‬يظل املال عمر «معارضا‬ ‫بشدة» لـ«القاعدة»‪ ،‬ويعتقد معظم القادة املتحالفني في أفغانستان الذين حتدثوا‬ ‫إلى ساوندرز أنه «من غير املرجح» أن تقيم «القاعدة» مركزا لها هناك حتى إذا‬ ‫سيطرت طالبان‪ .‬يقول ريتشارد باريت‪ ،‬املتخصص البارز في شؤون أفغانستان‪ ،‬عن‬ ‫طالبان‪« :‬إنهم ال يريدون أن تتسكع (القاعدة) في البالد»‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫تأكدت هذه النتيجة ضمنيا في تصريحات املال محمد أغا‪ ،‬رئيس املكتب السياسي‬ ‫لطالبان‪ ،‬في مقابلة مع صحيفة «احلياة» اللندنية‪ ،‬عندما قال‪« :‬يجب أن يعترف بنا‬ ‫العالم قبل أن نلتزم بفعل أي شيء»‪.‬‬ ‫سيستمر زواج املصلحة الراهن بني مقاتلي طالبان وعمالء «القاعدة» طاملا يخلط‬ ‫الغرب بني االثنني‪ ،‬ويشن حربا شاملة عليهما معا‪ .‬ولكن تعتبر حركة طالبان في‬ ‫أفغانستان «القاعدة» سيف دميوقليس‪ .‬وفقا ملقربني من طالبان‪ ،‬املفتاح هو أال‬ ‫يخلط الغرب بني طالبان والبشتون مع «القاعدة»‪ ،‬بل أن يحاول الفصل بينهما‪،‬‬ ‫كما فعل في العراق مع القبائل السنية في األنبار‪.‬‬ ‫إذا كان هناك شخص واحد يعرف طبيعة العالقات بني طالبان و«القاعدة» في‬ ‫املاضى واحلاضر فهو أبو وليد املصري‪ ،‬الشخصية األسطورية بني العرب األفغان‪ ،‬وأول‬ ‫أجنبي يقسم على الوالء للمال عمر في التسعينيات‪ .‬وفي مقابلة أجرتها معه عبر‬ ‫اإلنترنت «ذا أستراليان»‪ ،‬صرح املصري – الذي عمل عن قرب مع املال عمر وقادة آخرين‬ ‫في طالبان وكان مقربا من أسامة بن الدن وتنظيمه – إن اخلالفات بني «القاعدة»‬ ‫وطالبان اليوم أكبر مما كانت عليه قبل الغزو األميركي ألفغانستان في ‪.2001‬‬ ‫ويؤكد‪ :‬لم تعد طالبان ترحب بـ«القاعدة» التي طعنتها في ظهرها في أفغانستان‪.‬‬ ‫وفقا لتصريحات املصري‪ ،‬ستهدد عودة «القاعدة» إلى أفغانستان مستقبل حكم‬ ‫طالبان ألن «غالبية السكان ضد القاعدة»‪.‬‬ ‫كما يقدم مقتل بن الدن في باكستان سببا آخر لكي تنأى طالبان بنفسها عن‬ ‫«القاعدة»‪ ،‬على الرغم من أنه سيكون غير مج ٍد إعالن املال عمر وجماعته رسميا‬ ‫انفصالهم عن العرب األفغان‪ .‬ال ميكن أن ننكر أن مقتل بن الدن أهدى الرئيس‬ ‫األميركي رأسمال سياسي ثمني وسمح له بالبدء في عملية سحب القوات من‬ ‫ميدان القتال في أفغانستان‪ .‬أعلن أوباما أمام الشعب األميركي في خطاب مدته‬ ‫‪ 15‬دقيقة من القاعة الشرقية في البيت األبيض في يونيو (حزيران) املاضي‪« :‬نبدأ‬ ‫هذا االنسحاب من موضع قوة‪( .‬القاعدة) تعاني من ضغوط أكبر من أي فترة مرت‬ ‫بها منذ ‪.»11/9‬‬ ‫وصرح أوباما بأن احلملة العسكرية املكثفة أصابت الشبكة األصلية لـ«القاعدة»‬ ‫في املنطقة بالشلل‪ ،‬مسفرة عن مقتل قادتها أو هروبهم في احلدود الوعرة بني‬ ‫باكستان وأفغانستان‪.‬‬ ‫حل سياسي‬ ‫من خالل إعالنه عن سحب أعداد كبيرة من القوات األميركية من أفغانستان‪ ،‬اعترف‬ ‫الرئيس أوباما أخيرا بأن طالبان األفغانية ال ميكن هزميتها عسكريا وأن السبيل‬ ‫الوحيدة للخروج من ميدان القتال األفغاني هو حل سياسي تشترك فيه طالبان‪.‬‬ ‫على الرغم من اإلنكار والتأكيدات املستمرة الصادرة عن القادة األميركيني بأن التعزيز‬ ‫األميركي حتول ضد طالبان‪ ،‬أظهرت تقييمات مجتمع االستخبارات األميركي صورة‬ ‫كئيبة للحرب األفغانية‪ ،‬تتناقض مع ما صوره أوباما ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس‪.‬‬ ‫يعكس التحول اجلديد في االستراتيجية األميركية حقيقة صارخة وهي أنه‪ :‬ال يوجد‬ ‫حل عسكري للصراع املدني الدائر في أفغانستان‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن القادة العسكريني األميركيني يرسلون تقارير عن تقدم محدود في‬ ‫حملتهم ضد طالبان‪ ،‬قائلني إن هناك تغيرا في القوة لصالح حتالف قوات الناتو‪ ،‬ال‬ ‫سيما في إقليمي هلمند وقندهار‪ ،‬فإن استنتاجهم كان عدم إمكانية هزمية طالبان‬ ‫بل مجرد حتجيمها ومنعها من السيطرة على البالد‪.‬‬ ‫أحلقت قوات التحالف خسائر فادحة بطالبان‪ ،‬وخاصة على مستوى قياداتها‬ ‫املتوسطة واملساعدين امليدانيني‪ .‬وأسفرت غارات القوات األميركية اخلاصة التي‬ ‫كانت تشنها ليال عن مقتل عدد كبير من قادة طالبان‪.‬‬ ‫على اجلانب التكتيكي‪ ،‬انتصرت الواليات املتحدة في احلرب‪ .‬ولكن على اجلانب‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬تظل طالبان صعبة الهزمية‪ ،‬فهي مثل جيش مكون من القرويني‬ ‫يخوضون حربا غير متماثلة ويحتفظون بتأييد شعبي كبير داخل أفغانستان‪.‬‬ ‫تقدم املراسالت الدبلوماسية املسربة املتعلقة باألعوام األخيرة من االستراتيجية‬ ‫األميركية في أفغانستان صورة مظلمة للدولة التي مزقتها احلرب‪ ،‬كما يصورها‬ ‫املسؤولون األميركيون‪ .‬حتدث السفير األميركي كارل إيكنبري‪ ،‬الذي مت تغييره مؤخرا‪،‬‬ ‫مرارا وتكرارا عن صعوبة حتقيق جناح مستمر ضد املسلحني‪ ،‬وعن الفساد املتفشي‬ ‫على أعلى مستويات النظام األفغاني ووصف الرئيس حميد كرزاي بأنه غريب األطوار‬ ‫ويعاني البارانويا وغير جدير بالثقة‪.‬‬ ‫‪27‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫االنسحاب األميركي من أفغانستان‪ ..‬وعود مض ّللة‬

‫استراتيجية خاسرة‬

‫يبحث البروفسور فواز جرجس أخطاء السياسة األميركية في أفغانستان‪ ،‬مركزا بصفة خاصة على اخللط اخلاطئ بني طالبان و«القاعدة» وسوء فهم‬ ‫املشاعر احمللية‪ .‬كما يبحث الكاتب في االستراتيجيات األميركية احملتمل اتباعها في تنفيذ انسحاب القوات في أفغانستان‪.‬‬ ‫فواز جرجس‬ ‫في اخلطاب الذي تناول فيه سحب القوات األميركية من أفغانستان في يونيو‬ ‫(حزيران) املاضي‪ ،‬قال الرئيس أوباما إن الواليات املتحدة حققت إلى حد كبير أهدافها‬ ‫في أفغانستان‪« .‬عندما أعلنت تعزيز القوات في ويست بوينت ( بإرسال قوات‬ ‫إضافية من ‪ 30,000‬جندي إلى أفغانستان في ديسمبر عام ‪ ،)2009‬وضعنا أهدافا‬ ‫واضحة‪ :‬من أجل إعادة التركيز على (القاعدة) وصد قوة طالبان وتدريب القوات‬ ‫األفغانية على الدفاع عن بالدها‪ ..‬اليوم ميكنني أن أقول لكم إننا ننفذ هذا التعهد‪..‬‬ ‫نحن بصدد حتقيق أهدافنا»‪ .‬اعترف أوباما ضمنيا بأن الوعود التي اعتمدت عليها‬ ‫االستراتيجة األميركية في أفغانستان مضللة‪ ،‬ويتمثل ذلك حتديدا في اعتبار طالبان‬ ‫األفغانية و«القاعدة» كيانا واحدا‪ ،‬وأنه من املمكن هزمية طالبان األفغانية عسكريا‪،‬‬ ‫ومفهوم ضمني متعلق بعدم القدرة على االستغناء عن القوة األميركية في بناء‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫لنبدأ بالعالقة بني طالبان األفغانية و«القاعدة»‪ .‬أحد أهم دوافع تعزيز القوات‬ ‫األميركية كان رؤية السياسة اخلارجية التي يتبعها أوباما لطالبان عبر منظار‬

‫األميركيون يستعدون لالنسحاب‬ ‫من أفغانستان وحال البالد كحال‬ ‫علمها‪ ..‬دخلوها شبه موحدة‬ ‫وسيخرجون منها وهي ممزقة‬

‫«القاعدة» واحلرب العاملية على اإلرهاب‪ .‬ولكن من أهم أهداف حركة طالبان‬ ‫األفغانية هو اخلروج من قائمة املنظمات اإلرهابية‪ ،‬واحلصول على اعتراف دولي بها‬ ‫كقوة إسالمية وطنية شرعية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن عناصر طالبان اخلاضعة لقيادة سراج الدين حقاني في شرق‬ ‫أفغانستان لديها عالقات محدودة مع القاعدة‪ ،‬فإنه من الواضح أن حقاني ليست‬ ‫مهتمة بأجندة «القاعدة» الدولية وتعارض شن احلرب على الدولة الباكستانية‪ .‬إن‬ ‫شبكة حقاني منظمة متمردة مستقلة مقرها باكستان ويديرها موالي جالل الدين‬ ‫حقاني – إلى جانب ابنه سراج الدين‪ .‬مييل أعضاء شبكة حقاني إلى تنفيذ ما يطلبه‬ ‫منهم رعاتهم الباكستانيون وبالتالي يحصلون على مكافآتهم‪.‬‬ ‫مبعنى أن الصراع في أفغانستان أوسع نطاقا بكثير وأكثر تعقيدا من الكيان املسمى‬ ‫«القاعدة»‪ ،‬بل يتضمن ائتالفا مذهال من أفراد قبيلة البشتون وحركة إسالمية غير‬ ‫متحيزة ضد ما يعتبرونه (صوابا أو خطأ) تهديدا أجنبيا لهويتهم وأسلوب حياتهم‪.‬‬

‫اﻟﺠﻨﻮد اﻷﻣريﻛﻴني ﰲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن‬ ‫أﻋﻠﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ ﺟﺪوﻻً زﻣﻨﻴﺎً ﻻﻧﺴﺤﺎب‬ ‫‪ 10.000‬ﺟﻨﺪي أﻣرييك ﻣﻦ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﺎم‪،‬‬ ‫وﺟﺪوﻻً آﺧﺮ ﻟـ ‪ 23.000‬ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ أﻳﻠﻮل )ﺳﺒﺘﻤﱪ( ‪2012‬‬

‫‪100.000‬‬ ‫‪87.000‬‬

‫ﻛﻠﻔﺔ ﻧﴩ‬ ‫اﻟﻘﻮات اﻷﻣريﻛﻴﺔ‪:‬‬ ‫ﻣﻠﻴﺎران دوﻻر ﰲ اﻷﺳﺒﻮع‪.‬‬ ‫ﻋﺪد اﻟﻘﺘﲆ‪1.633 :‬‬ ‫ﻋﺪد اﻟﺠﺮﺣﻰ‪:‬‬ ‫‪62.000‬‬

‫‪11.200‬‬

‫‪:2012‬‬

‫‪67.000 32.500 19.500 5.200‬‬ ‫ﺟﻨﺪي‬

‫‪04 2002‬‬

‫اﳌﺼﺪر‪NATO ISAF :‬‬

‫‪26‬‬

‫‪06‬‬

‫‪08‬‬

‫‪10‬‬

‫‪12‬‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬


‫تخبرنا املساحة الشاسعة للسفارة األميركية في بغداد الكثير حول نوايا واشنطن في‬ ‫العراق‪ ،‬فهي واحدة من أكبر السفارات اتساعا على وجه البسيطة‪ ،‬حيث تتكون من‬ ‫‪ 21‬بناية حتتل مساحة أكبر بضعفني ونصف من حجم مدينة الفاتيكان‪ .‬ولكن عندما‬ ‫يتعلق األمر بالكفاءة الدبلوماسية‪ ،‬فإن املساحات الشاسعة ال حتسمه ‪ .‬إذ على الرغم‬ ‫من أن احلرب األميركية في العراق تكلفت ‪ 750‬مليار دوالر و‪ 4470‬قتيال‪ ،‬فإن هناك‬ ‫خطر من أن تتحول السفارة العمالقة إلى فيل أبيض‪ ،‬كدليل دائم على إخفاق مشروع‬ ‫الواليات املتحدة في البالد‪.‬‬ ‫في حوار لـ”اإليكونوميست” قال أحد املقاتلني األميركيني اخملضرمني في احلرب العراقية‪،‬‬ ‫البالغ عددهم ‪ 1.5‬مليون مقاتل‪ ،‬بحسرة‪“ :‬لم نحقق أي شيء مهم رغم التكلفة‬ ‫الباهظة من الدماء والثروات”‪ .‬فقد أصبح العراق دولة عرقية طائفية‪ ،‬نسخة أكبر‬ ‫من لبنان‪ ،‬غنية بالبترول‪ ،‬وفيها سكان ضجرون يبلغ عددهم ‪ 30‬مليونا‪ .‬كما تعاني‬ ‫دميقراطيتها املتعثرة من الفساد والعراقيل املستمرة‪ ،‬ففي عام ‪ 2010‬استغرق تشكيل‬ ‫احلكومة ‪ 249‬يوما‪ ،‬وعلى الرغم من أن جورج بوش وتوني بلير كانا يحاوالن اللجوء إلى‬ ‫التاريخ لتبرير مغامراتهما في العراق‪ ،‬فقد برزت حقيقة تلك التجربة الكارثية من‬ ‫خالل اخملاوف التي ظهرت في أثناء سقوط نظام القذافي‪ ،‬وما إذا كانت هناك استفادة‬ ‫من دروس التجربة العراقية‪ .‬فعندما مت االستيالء على مجمع القذافي في طرابلس‪ ،‬كان‬ ‫هناك عددا كبيرا من املقاالت التي تقارن ليبيا بالعراق‪ ،‬أبرزتها عناوين تتساءل‪“ :‬كيف‬ ‫ميكن للسلطات اجلديدة أن متنع والدة منوذج يعج بالفوضى‪ ،‬شبيه بالعراق”‪.‬‬ ‫مير العراق الذي كان قد تعرض لهجمات مستمرة‪ ،‬والذي لم يعد يلقى اهتمام وسائل‬ ‫اإلعالم الدولية‪ ،‬مبرحلة انتقالية حساسة‪ .‬وبناء على اتفاقية (وضع القوات)‪ ،‬يجب أن‬ ‫تغادر كافة القوات األميركية العراق بنهاية العام احلالي‪ .‬وعلى الرغم من أن هشاشة‬ ‫الوضع األمني قد أدت إلى استمرار اجلدل حول ما إذا كانت احلكومة العراقية ستطلب‬ ‫بقاء القوات األميركية أم ال‪ ،‬فإن وزير الدفاع األميركي ليون بانيتا قال موضحا‪“ :‬سواء‬ ‫على املستوى الدبلوماسي‪ ،‬أو العسكري‪ ،‬سيكون لدينا عالقة طويلة املدى بالعراق‪ ،‬فقد‬ ‫استثمرنا فيه الكثير من الدماء”‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن ثمة اتفاقية مستقبلية حول وجود القوات سوف حتدد مستقبل‬ ‫العالقات األميركية العراقية‪ ،‬فإن عجز واشنطن عن التأثير في سلوك حلفائها جتلى‬ ‫متاما في حالة سوريا‪ .‬ففي أغسطس (آب) املاضي‪ ،‬أعلنت إدارة أوباما‪ ،‬بالتنسيق مع‬ ‫أوروبا أن األسد فقد ما تبقى له من شرعية‪ ،‬وأن عليه أن يتنحى‪ .‬ثم سعت واشنطن‬ ‫لتنظيم عزل النظام في دمشق من خالل تصريح البيت األبيض الذي أكد بأن سوريا‬ ‫“لم يعد بإمكانها احلصول على املساعدة بسبب قمعها الوحشي وغير املبرر إال من‬ ‫إيران”‪.‬‬ ‫وفي رد فعل على ذلك التصريح‪ ،‬قال علي عبد الكرمي‪ ،‬سفير سوريا في لبنان لتلفزيون‬ ‫“املنار” التابع حلزب اهلل إن “سوريا ميكنها االكتفاء الذاتي كما أن لديها الكثير من‬ ‫األصدقاء”‪ .‬ويبدو أن أحد هؤالء األصدقاء هو العراق الذي يظهر أنه يسير حاليا في‬ ‫الطريق اخملالف ملا أرادته فعليا واشنطن من خالل تعزيزه للعالقات مع سوريا‪ .‬فقد‬ ‫استضاف رئيس الوزراء العراقي املالكي وفدا سوريًا من املسؤولني احلكوميني ورجال‬ ‫األعمال للموافقة على إنشاء خط غاز بني الدولتني‪ ،‬وبيع مشتقات النفط إلى سوريا‪.‬‬

‫كما أمر بإغالق معسكر األمم املتحدة لالجئني من سوريا في العراق‪.‬‬ ‫إن للمالكي تاريخا طويال ومتنوعا من العالقات مع سوريا‪ ،‬خاصة وأنه قضى ثالثة أعوام‬ ‫في املنفى السوري‪ ،‬في ظل نظام صدام حسني (‪ .)1982 – 1979‬وقد أوضح اخلبير‬ ‫العراقي جون كول أن قرار املالكي يحدده عامالن؛ أوال اخلوف من نشوء نظام سني متشدد‬ ‫في دمشق؛ وثانيا حقيقة أنه “يدين مبنصبه كرئيس للوزراء لتأييد إيران لتأسيس حتالف‬ ‫من الشيعة العراقيني‪ .‬إذن‪ ،‬رمبا هو يسدد دينا”‪.‬‬ ‫ومن األعمدة األخرى لتحالف املالكي الهش‪ ،‬هو مقتدى الصدر‪ ،‬الذي أصدر تصريحا‬ ‫خاصا يرفض من خالله املطالب الغربية باستقالة الرئيس السوري بشار األسد واصفا‬ ‫الزعيم احملاصر بأنه “أخ” وقف في وجه الواليات املتحدة‪ .‬كما قال املالكي إنه يتمنى أن‬ ‫يستجيب نظام األسد “إلى مطالب الشعب ويسرع في تنفيذ اإلجراءات اإلصالحية”‪،‬‬ ‫فيما حذر من أن “إسرائيل هي أول وأكبر املستفيدين من تلك العملية” (الربيع العربي)‪.‬‬ ‫وتعد تلك اللغة مشابهة إلى حد كبير للغة الرئيس اإليراني محمود أحمدي جناد الذي‬ ‫قال إن “احلكومة السورية والشعب يجب أن يتوخيا احلذر ويجريا اإلصالحات الضرورية‬ ‫بأنفسهما”‪.‬‬ ‫وتقليديا‪ ،‬كان محور إيران – سوريا – حزب اهلل هو أساس قوة إيران في املنطقة‪ .‬ولكن‬ ‫إزاحة صدام حسني املناهض إليران في ‪ ،2003‬وبزوغ التحالفات الشيعية السياسية‬ ‫في العراق‪ ،‬أديا إلى تعزيز انتشار النفوذ اإليراني‪ .‬كما أن امتداد النفوذ اإليراني إلى العراق‬ ‫قد أذن بصدام حقيقي مع األميركيني‪ .‬حيث إن ذلك النزاع اخلفيف قد اتسم باستخدام‬ ‫القنابل املوجهة ‪ EFPs‬التي يوفرها اإليرانيون في الهجمات على اجلنود األميركيني‬ ‫باإلضافة إلى هجمات قوية على املصالح األميركية‪ ،‬مبا في ذلك خطف ثالثة سائحني‬ ‫أميركيني في شمال العراق‪.‬‬ ‫وكانت هناك تقارير حول الدعم األميركي للعناصر املناهضة للنظام في جنوب إيران‬ ‫واستضافة اآلالف من أعضاء حركة املعارضة اإليرانية في معسكر أشرف في جنوب‬ ‫العراق‪ .‬كما صرح امليجور جنرال جيفري بوشنان‪ ،‬املتحدث العسكري األميركي في‬ ‫العراق بأن فيلق القدس التابع للحكومة اإليرانية “يقدم دعما مباشرا” للميليشيات‬ ‫الشيعية العراقية وأن هذه امليليشيات تعمل على إضعاف حكومة املالكي‪.‬‬ ‫بل وشهد شهر أغسطس استخداما نادرا للقوة اجلوية األميركية ضد ما وصفه‬ ‫املسؤولون األميركيون بأنه عناصر تدعمها إيران في جنوب البالد‪ .‬وبالتالي وعلى تلك‬ ‫اخللفية‪ ،‬يبرز السؤال‪ ،‬هل تستطيع واشنطن عزل سوريا عن جيرانها من خالل إقناع‬ ‫بغداد بتأييد أجندتها وليس أجندة طهران؟‬ ‫وفيما تستمر الواليات املتحدة وإيران في خوض حرب بالوكالة في العراق‪ ،‬يبدو أن نفوذ‬ ‫طهران في السياسات اخلارجية واالقتصادية لنظام املالكي املتعثر‪ ،‬أقوى من نفوذ‬ ‫واشنطن‪ ،‬وإذا نظرنا إلى اجلهود األميركية في العراق خالل السنوات الثمانية املاضية‪ ،‬فال‬ ‫ميكن وصفها إال كدليل على إخفاق الواليات املتحدة في صناعة األحداث في املنطقة‪.‬‬ ‫جيمس دينسلو ‪ -‬كاتب صحافي مختص في الشؤون األمنية وسياسات الشرق األوسط‬ ‫بكنغس كولدج لندن‪ ..‬يكتب بانتظام لصحيفة الغارديان البريطانية حول سوريا ولبنان‬ ‫والعراق‪.‬‬

‫* العراق اجلديد بعد االحتالل األميركي كما اجلدار في الصورة‪ ..‬انهيار ملؤسسات الدولة وتطاحن طائفي وعرقي ومستقبل غامض‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪25‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫املشروع األميركي لبناء الدولة في العراق‪ ..‬مجرّد أوهام‬

‫استثمار في الدماء‬

‫اإلخفاق األمريكي في العراق حتول إلى كابوس يهدد مستقبل الثورة الليبية‪ .‬في الوقت الذي مت فيه خلع نظام القذافي‪،‬‬ ‫حبس العالم أنفاسه أمال أال تتحول ليبيا إلى «عراق آخر»‪ .‬وتعد تلك اخملاوف دليال على اإلخفاق املؤسف للمشروع‬ ‫األميركي في عراق ما بعد صدام حسني‪ .‬فاليوم تعج الدولة باالنقسامات العرقية والطائفية كما أنها أصبحت ساحة‬ ‫حلرب بالوكالة بني إيران والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫جيمس دينسلو‬

‫اﻟﻮﺣﺪات اﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﺗﻐﺎدر اﻟﻌﺮاق‬

‫اﻟﻜﻠﻔﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻟﻠﺤﺮب ﰲ اﻟﻌﺮاق‬

‫ﻏﺎدرت آﺧﺮ وﺣﺪات ﻣﻦ اﻟﻘﻮات اﳌﻘﺎﺗﻠﺔ اﻷﻣريﻛﻴﺔ اﻟﻌﺮاق‪ ،‬ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺰو اﻟﺬي ﻗﺎدﺗﻪ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪.‬‬ ‫وﺳﻴﺒﻘﻰ ﻧﺤﻮ ‪ 50.000‬ﺟﻨﺪي ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم ‪ 2011‬ﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻘﻮات اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وﺣامﻳﺔ اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻷﻣريﻛﻴﺔ‬ ‫ﺗﴩﻳﻦ اﻷول )أﻛﺘﻮﺑﺮ(‪” :2007 ،‬اﻟﻄﻔﺮة“ ﰲ‬ ‫أذار )ﻣﺎرس(‪ :2003 ،‬اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺗﻐﺰو‬ ‫ﻋﺪد اﻟﺠﻨﻮد ﺗﺼﻞ ذروﺗﻬﺎ‪170.000 :‬‬ ‫اﻟﻌﺮاق‪ .‬ﻋﺪد اﻟﺠﻨﻮد‪192.000 :‬‬ ‫أﻳﺎر )ﻣﺎﻳﻮ(‪ :‬اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻮرج ﺑﻮش ﻳﻌﻠﻦ اﻧﺘﻬﺎء‬ ‫ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎين )ﻳﻨﺎﻳﺮ(‪ :2009 ،‬ﺑﺎراك‬ ‫اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ‪146.000 :‬‬ ‫أوﺑﺎﻣﺎ ﻳﺘﺴﻠﻢ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‬ ‫وﻳﺘﻌﻬﺪ ﺧﻔﺾ ﻋﺪد اﻟﺠﻨﻮد‬

‫‪1.000‬‬

‫آب )أﻏﺴﻄﺲ(‪ :2007 ،‬أﺳﻮأ ﻫﺠﻮم‬ ‫ﻓﺮدي إرﻫﺎيب واﻷﻛرث دﻣﻮﻳﺔ ﻣﻨﺬ‬ ‫ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻳﺴﻔﺮ ﻋﻦ ﻣﻘﺘﻞ ‪790‬‬ ‫ﻣﺪﻧﻴﺎ‪ .‬اﺗﻬﺎم ”اﻟﻘﺎﻋﺪة“ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬه‬

‫‪2.000‬‬

‫ﻛﺎﻧﻮن‬ ‫اﻷول‪.2006 ،‬‬

‫‪4.415‬‬

‫‪3.000‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪04‬‬

‫اﳌﺼﺪر‪ :‬وزارة اﻟﺪﻓﺎع‪icasualties.org ،‬‬

‫‪24‬‬

‫‪05‬‬

‫‪06‬‬

‫‪08‬‬

‫‪09‬‬

‫‪10‬‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬

‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪4.416 :‬‬ ‫ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‪ ،179 :‬آﺧﺮون‪139 :‬‬ ‫ﻗﻮات اﻟﻌﺪو‪:‬‬

‫‪30.000‬‬

‫‪145.000‬‬ ‫ﻋﲆ اﻷﻗﻞ‬

‫‪4.859‬‬

‫آب‬ ‫‪.2008‬‬

‫ﻗﺘﲆ ﻗﻮات اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ‪4.734 :‬‬

‫ﻳﻘﺪر ﻣﺠﻤﻮع‬ ‫ﻋﺪد اﻟﻘﺘﲆ ﺑـ‬

‫‪2.545‬‬

‫‪4.000‬‬

‫‪07‬‬

‫ﻋﺪد اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻣﻦ اﳌﺪﻧﻴني اﻟﻌﺮاﻗﻴني‬ ‫ﻗﺘﲆ ﻗﻮات اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ‬ ‫‪17.108‬‬ ‫‪16.564‬‬

‫‪*5.680‬‬

‫آذار‬ ‫)ﻣﺎرس( ‪.2008‬‬

‫ﺗﴩﻳﻦ‬ ‫اﻷول‪.2005 ،‬‬

‫ﻗﺘﲆ ﻗﻮات اﻷﻣﻦ‬

‫اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ‪8.373 :‬‬

‫آب )أﻏﺴﻄﺲ(‪،‬‬ ‫‪:2010‬‬ ‫‪56.000:‬‬

‫ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎين )ﻳﻨﺎﻳﺮ(‪ :2005 ،‬أول اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﻌﺮاق ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺰو‪159.000 :‬‬

‫أﻳﻠﻮل‬ ‫)ﺳﺒﺘﻤﱪ( ‪،2004‬‬ ‫ﻋﺪد ﻗﺘﲆ اﻟﺠﻨﻮد‬ ‫اﻷﻣريﻛﻴني‬

‫ﺗﻘﺪﻳﺮات ﻋﻦ اﻟﻜﻠﻔﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ ﻟﺤﺮب داﻣﺖ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات‪ ،‬ﰲ ﻇﻞ إﻋﻼن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ‬ ‫رﺳﻤﻴﺎً ﻋﻦ اﻧﺘﻬﺎء اﳌﻬﺎم اﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ اﻷﻣرييك ﰲ اﻟﻌﺮاق‬

‫‪2.091‬‬

‫‪1.830‬‬

‫‪2.604‬‬ ‫‪1.070‬‬

‫‪515‬‬

‫‪**1.839‬‬ ‫‪322‬‬

‫اﻟﺠﻴﺶ‬ ‫اﻟﻌﺮاﻗﻲ‪:‬‬

‫‪6.375 - 4.900‬‬ ‫اﳌﺪﻧﻴﻮن اﻟﻌﺮاﻗﻴﻮن‪106.348 - 97.461 :‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪08‬‬ ‫* ﻻ ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻣﻮﺛﻮﻗﺔ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻐﺰو ﰲ آذار )ﻣﺎرس( ‪ 2003‬إﱃ ﺷﺒﺎط )ﻓﱪاﻳﺮ( ‪.2005‬‬ ‫** أول مثﺎﻧﻴﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ‪ .2010‬ﻣﻘﺎﺗﲇ اﻟﻌﺪو ﻳﺸﻤﻠﻮن ﻋﻨﺎﴏ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة‬ ‫اﳌﺼﺪر‪ :‬وﻛﺎﻻت اﻷﻧﺒﺎء‪icasualties.org; iraqbodycount.net; StrategyWorld.com ،‬‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬


‫مكافحة اإلرهاب اجلديدة للجنراالت األميركيني باستغالل الفرص االستراتيجية التي‬ ‫ظهرت في العراق أثناء فترة حتول اجملتمعات السنية في العراق بعيدا عن اجلهاديني‪ ،‬حيث‬ ‫لم تهتم أفكارهم وسلوكهم باالختالف احمللي واجملتمعات احمللية كما كانت واشنطن‬ ‫تفعل‪ .‬استطاعت تلك الوسائل اجلديدة – مبصاحبة قوى جديدة وموارد جديدة – أن‬ ‫تستغل الفرص االستراتيجية التي قدمها التحول العام من الفكر اإلسالمي املتطرف‬ ‫الذي كان موجودا في ذلك الوقت‪ .‬ومنذ عام ‪ ،2006‬أدخلت تلك الوسائل احلديثة في‬ ‫العمل بصورة متزايدة في عملية صناعة السياسات واالستراتيجيات مع حتقيق نتائج‬ ‫إيجابية‪.‬‬ ‫قد يكون الدرس الفعلي املستفاد من األعوام العشرة املاضية ببساطة أن السياسة‬ ‫اخلارجية يجب أن تكون أقل طموحا‪ .‬وقد أوردت االستخبارات األميركية في تقريرها‬ ‫الذي يصدر كل أربع سنوات في نهاية عام ‪ 2008‬أنها ‪ -‬في فترة مقابلة "إدريس"‬ ‫واالتهامات احملبطة املوجهة إليه في باكستان ‪ -‬رأت أنه في غضون عقود قليلة لن‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫تستطيع الواليات املتحدة أن "متارس نفوذها"‪ .‬بل توقعت االستخبارات أنه من املرجح أن‬ ‫تواجه أميركا حتديات كوكب منقسم‪ ،‬تزداد فيه الصراعات حول املوارد النادرة‪ ،‬تعجز عن‬ ‫احتوائها مؤسسات دولية آيلة للسقوط‪.‬‬ ‫ولكن تنبأ التقرير السابق له‪ ،‬والذي نشر في ديسمبر (كانون األول) ‪ ،2004‬عندما أعيد‬ ‫انتخاب الرئيس بوش وكان يستعد لتنصيبه رئيسا لفترة ثانية‪ ،‬باستمرار الهيمنة‬ ‫األميركية لعدة سنوات مقبلة‪ ،‬مع الوضع في االعتبار تخلي معظم القوى العظمى‬ ‫عن فكرة حتقيق التوازن أمام الواليات املتحدة‪ .‬لذلك جاء االختالف في غضون األعوام‬ ‫التي تفصل بني ‪ 2004‬و‪ 2008‬صارخا‪ .‬إذا كانت تلك األعوام حققت نصرا‪ ،‬فال ميكن أن‬ ‫حتقق الواليات املتحدة والغرب عامة مزيدا من االنتصارات املشابهة‪.‬‬ ‫جيسون بيرك ‪ -‬يعمل حاليا مراسال لـ"الغارديان" لشؤون جنوب آسيا‪ ،‬وهو محلل لشؤون‬ ‫اجلماعات اإلسالمية املسلحة منذ ما يزيد عن ‪ 15‬عاما‬ ‫‪23‬‬


‫● قصة الغالف‬ ‫اكتساب أي شعبية محلية حقيقية‪ .‬وعلى الرغم من وقوع بعض حوادث العنف‬ ‫االستثنائية‪ ،‬ال توجد دالئل أن يستغل هؤالء املسلحون "الربيع العربي" للتمدد أو كسب‬ ‫نفوذ جديد بدأوا يفقدونه‪ .‬ويعد وجود تنظيم القاعدة في الشرق األقصى أقل بكثير‪.‬‬ ‫فقد حتول هؤالء املسلحون في الفلبني إلى الشبكات اإلجرامية‪ ،‬بعدما كانوا منضمني‬ ‫إلى شبكة اجلهاد العاملية‪ .‬كما تتسم إندونيسيا‪ ،‬أكبر دول العالم من حيث عدد السكان‬ ‫املسلمني‪ ،‬بالهدوء‪ ،‬في أعقاب مقتل أحد املسلحني البارزين بها وهو نور الدين توب في‬ ‫‪.2009‬‬ ‫األجندات‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬هناك بعض املشكالت في آسيا الوسطى‪ ،‬بخاصة في أوزبكستان‪ ،‬ولكن‬ ‫لم يكن أي منها ميثل خطورة كما كان احلال في التسعينيات‪ .‬كما يعد وجود تنظيم‬ ‫القاعدة في أفغانستان محدودا للغاية ‪ -‬رمبا ال يزيد عن ‪ 150‬فردا ليس بينهم سوى عدد‬ ‫محدود للغاية يبدي حماسة للعمليات الدولية ‪ -‬كما أن العالقة بني التنظيم وحركة‬ ‫طالبان عادة ما تتسم بالتعقيد والتوتر‪.‬‬ ‫وفي باكستان‪ ،‬على الرغم من كونها أكثر اقترابا من تنظيم القاعدة على املستوى‬ ‫التنظيمي واآليديولوجي‪ ،‬ما زالت جماعات مثل "عسكر طيبة" مستقلة تسعى‬ ‫لتحقيق أجندات محلية أو إقليمية حتى وإن كان خطابها اآلن يتحدث حول اجلهاد الدولي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من وجود صالت بني تنظيم القاعدة وحتالف اجلماعات املعروف باسم "طالبان‬ ‫باكستان" فإن تلك تعتبر حالة خاصة‪ ،‬كما أنه‪ ،‬بال شك‪ ،‬ال يوجد اندماج بينهما‪ .‬وفي‬ ‫النهاية‪ ،‬ما كان من قبل شبكة من الشبكات فإنه يسير في طريق التفكك والتشرذم‪.‬‬ ‫ولكن هناك حالتان استثنائيتان وهما اليمن‪ ،‬وشرق أفريقيا‪ .‬في شرق أفريقيا‪ ،‬هناك‬ ‫جماعات اآلن تدعي ارتباطها بتنظيم القاعدة ولكن من الصعب أن نعتبر حركة محدودة‬ ‫مثل "حركة الشباب" الصومالية إضافة استراتيجية للحملة العاملية إلعادة تأسيس‬ ‫اخلالفة اإلسالمية‪ .‬وبالفعل تظهر حتى القيادة العليا لتنظيم القاعدة قدرا من التردد‬ ‫في التواصل مع اجلماعات الصومالية‪ .‬وفي اليمن‪ ،‬هناك بالطبع تنظيم القاعدة في‬ ‫شبه اجلزيرة العربية ومتثل تلك اجملموعة التي ميتزج فيها املسلحون األجانب باملسلحني‬ ‫احملليني تهديدا كما ظهر من خالل الكثير من العمليات التي وقعت أخيرا‪ .‬ولكن ما زال‬ ‫من املستبعد متاما أن تصبح اليمن كما كانت أفغانستان في أواخر التسعينيات‪ ،‬خط‬ ‫إنتاج رئيسيا للمسلحني املدربني كما أن تنظيم القاعدة في شبه اجلزيرة مستقل إلى‬ ‫حد بعيد عن القيادة احلالية لتنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫وأخيرا‪ ،‬واألكثر أهمية‪ ،‬هو اآليديولوجيا‪ ،‬حيث يعد من اإلجنازات احلقيقية لتنظيم‬ ‫القاعدة أن ذلك التنظيم متكن من نشر مزيجه اخلاص من األفكار اإلسالمية احملافظة‬ ‫املتطرفة واإلسالم السياسي‪ ،‬والطرائق الثورية الراديكالية والسياسة العلمانية إلى‬ ‫جمهور عريض‪ .‬والنتيجة‪ ،‬كما يظهر في الواليات املتحدة على نحو خاص‪ ،‬مستوى‬ ‫ثابت ومستمر من التهديدات التي تأتي من األفراد أو اخلاليا الصغيرة املستقلة التي‬ ‫اجنذبت للعنف نظرا للكثير من األسباب‪ .‬إال أن الهدف الرئيس لتنظيم القاعدة ‪-‬‬ ‫حشد اجلماهير في العالم اإلسالمي وجعلها راديكالية في ما يتعلق بقضية اإلسالم‬

‫املتطرف ‪ -‬مني بالفشل‪ .‬وكما أثبت الربيع العربي‪ ،‬ما زال تنظيم القاعدة مهمشا على‬ ‫املستويات االجتماعية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واآليديولوجية‪ ،‬والثقافية‪ .‬وليس من املرجح أن يتغير‬ ‫ذلك في املستقبل القريب‪.‬‬ ‫ما يتبقى إذن هو مجرد تهديد وظاهرة فوضوية ومتباينة وغير متوقعة‪ .‬على وجه‬ ‫التحديد يأتي اخلطر من بقايا آيديولوجيا تنتشر بحرية ميكنها أن تسفر عن اندالع العنف‬ ‫حيثما تسمح عوامل أخرى أو تشجعها على ذلك‪ .‬رمبا يكون من بني تلك العوامل تدخل‬ ‫الدولة أو النشاط اإلجرامي أو مجموعة محددة من العناصر احمللية‪ .‬وال مفر من أن عاملا‬ ‫فوضويا يتسارع ظهوره أسفر عن صراع وجماعات مسلحة تشترك في تلك اخلصائص‪.‬‬ ‫ليس من الواضح ماذا يعني ذلك للسياسة األميركية‪ .‬رمبا يكون أحد املفاتيح هو دراسة‬ ‫الفترة املهمة من ‪ 2005‬إلى ‪ .2006‬ذكرت في ما سبق أن انهيار فرص "القاعدة" بدأت‬ ‫في فترة تسبق تلك التي يظنها البعض‪ .‬بالنسبة لي‪ ،‬كانت الفترة التي شهدت القلق‬ ‫الكبير وانتشار العنف ‪ -‬والتي شهدت أيضا ترقب واضعي استراتيجيات جهادية مثل‬ ‫أمين الظواهري وأبو مصعب السوري النتصارات كبرى ‪ -‬هي اللحظة الرئيسة التي بدأ‬ ‫فيها مد التطرف في االنحسار‪.‬‬ ‫وبالطبع يتضح نطاق هذا االنحسار اآلن بصورة أكبر مما كان عليه منذ خمسة أعوام‬ ‫عندما كان غبار الصراع ودخانه يحجبانه‪.‬‬ ‫االنحسار‬ ‫ومرة أخرى يجب علينا أن نلقي نظرة على العناصر الثالثة في "القاعدة" وكيفية أدائها‬ ‫في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫أوال األخبار التي نقلت عن مسؤولني أميركيني مشتركني في احلصول على املواد اخملبأة‬ ‫التي مت االستحواذ عليها من مجمع أبوت أباد‪ ،‬بأن تفجيرات لندن ‪ 2005‬وخطة تفجير‬ ‫الطائرة التي مت إحباطها في العام التالي كانت آخر اخملططات التي علم بها بن الدن عن‬ ‫قرب وكانت له درجة من السيطرة عليها‪ .‬وفي ما يبدو منذ ذلك التاريخ تقيد دور زعيم‬ ‫القاعدة بالتوجيه االستراتيجي العام‪ .‬وال يعني ذلك كما يقول البعض إن بن الدن كان‬ ‫مجرد قائد رمزي‪ .‬ولكنه يعني أنه‪ ،‬رغما عن إرادته‪ ،‬كانت هناك حدود ملعرفته بالتخطيط‬ ‫للهجمات وسيطرته عليها منذ مدة أبعد كثيرا من تلك التي يظنها البعض‪.‬‬ ‫املؤشر الثاني هو أنه على الرغم من تسارع وتيرة إنهاك رموز "القاعدة" في باكستان‬ ‫وغيرها من املناطق‪ ،‬فإن عملية تقلص صفوف املسلحني اإلسالميني النشطني بدأت‬ ‫في فترة سابقة‪ .‬كما متت عمليات اعتقال لشخصيات بارزة في عامي ‪ 2002‬و‪2003‬‬ ‫مثل أبى زبيدة وخالد شيخ محمد ورمزي بن شيبة‪ .‬ولكن كان احلدث الرئيس الذي يشير‬ ‫إلى درجة املصاعب التي تواجه "القاعدة" هو مقتل الزعيم املنتمي إلى اجلماعة أبو‬ ‫مصعب الزرقاوي في العراق في عام ‪ .2006‬كان ذلك نتيجة للعمل االستخباراتي الفعال‬ ‫للوكاالت األميركية والعراقية ووكاالت محلية أخرى‪ ،‬بل وأيضا نتيجة حلشد قوة حركة‬ ‫الصحوة السنية في محافظات غرب العراق حيث أجبرت الزرقاوي على اخلروج من مناطق‬ ‫آمنة نسبيا إلى مواقع أصبح فيها أكثر عرضة للقتل في شمال شرقي بغداد‪ .‬وبالطبع‬ ‫في العموم أدت حركة الصحوة إلى تهميش مؤثر للمتطرفني اجلهاديني الدوليني في‬ ‫العراق وإلى هزميتهم في ساحة رئيسة‪.‬‬ ‫ويشير عنصر ثالث رئيس أيضا بالدليل إلى أي مدى كانت قوة "القاعدة" منحسرة‬ ‫بالفعل في منتصف العقد األخير‪ ،‬كانت استطالعات الرأي التي توضح درجة تأييد بن‬ ‫الدن و"القاعدة" ومنهجهما بعيدة عن اإلجماع وشهدت انخفاضا سريعا في دول مثل‬ ‫مصر والسعودية واألردن وإندونيسيا وغيرها‪ .‬كما كان السخط املنتشر بني املؤيدين‬ ‫السابقني للزرقاوي بعد تفجيره للفنادق في عمان في نوفمبر (تشرين الثاني) عامال‬ ‫رئيسا في جمع معلومات سمحت لالستخبارات األردنية باختراق شبكاته‪ .‬وجدير‬ ‫باالهتمام أيضا أن األعوام من ‪ 2004‬إلى ‪ 2007‬شهدت ذروة تدفق املتطوعني من اململكة‬ ‫املتحدة في املناطق القبلية اخلاضعة للحكم الفيدرالي‪.‬‬ ‫كما ظهرات االستراتيجية األميركية وتكتيكات محاربة اإلرهاب حول العالم في تلك‬ ‫الفترة بصورة راديكالية أيضا‪ .‬وبذلك مت استغالل الفرص االستراتيجية التي وفرتها‬ ‫التغييرات التي مت توضيحها أعاله‪ .‬وكان مفتاح ذلك هو استيعاب فكرة أن احللول العاملية‬ ‫التي تعتمد على اآليديولوجيات العاملية حتما مصيرها الفشل‪.‬‬ ‫أكد دليل مكافحة اإلرهاب اجلديد الذي جمعه اجلنرال ديفيد بترايوس لتستعني به القوات‬ ‫التي مت تعزيزها في العراق على "الوعي الثقافي كمضاعف للقوة" وأهمية احترام قواعد‬ ‫السلوك احمللية‪ .‬وكان ذلك بعيدا للغاية عن اعتقاد قطاع كبير في املؤسسة السياسية‬ ‫األميركية التي يضمن بالنسبة لها انتشار القيم األميركية أو على األقل رأسمالية‬ ‫السوق احلرة والدميقراطية الليبرالية على الطريقة األميركية حتقيق األمن في القرن‬ ‫احلادي والعشرين‪ .‬يتفق مع هذا التأكيد اجلديد على اجملتمع احمللي في مقابل "اخلير‬ ‫العاملي" تأكيد متزايد في دوائر مكافحة اإلرهاب على اخلاص وليس العام‪.‬‬ ‫مت التخلي عن رسم صور جانبية لصالح حتليل دقيق لعملية التحول الراديكالي‪ .‬ومت إقصاء‬ ‫التصنيف الهرمي واالستعانة بدراسة الشبكات التي تؤكد على دور النظراء والشركاء‬ ‫في رحلة أي شخص إلى التحول الراديكالي العنيف‪ .‬في الوقت الذي سمحت فيه نظريات‬

‫‪22‬‬


‫قبل أن يغادروا منازلهم‪ ،‬كانوا قد شاهدوا مقاطع فيديو لتنظيم القاعدة على شبكة‬ ‫اإلنترنت تظهر فيها أفواج كبيرة من املقاتلني وهم يتدربون على القتال الضاري ونصب‬ ‫الشراك القاتلة‪ ،‬واالستلهام من اخلطب املثيرة ألسامة بن الدن‪.‬‬ ‫واآلن وبعدما أن قضوا أشهر عدة في جبهات القتال الساخنة في باكستان‪ ،‬وجدوا أنهم‬ ‫لم يفعلوا أي شيء أكثر من تدريبات بسيطة على األسلحة اخلفيفة وبعض التدريبات‬ ‫اجلسدية وتلقي التعليمات الدينية‪ .‬كما أنهم لم يقاتلوا أو يقابلوا "الشيخ" أو حتى‬ ‫يروا أحد املعسكرات الرئيسة‪ .‬فأخبروا أميرهم ‪ -‬أسترالي من أصل سوري ‪ -‬املسؤول عن‬ ‫رعايتهم‪ ،‬أنهم يشعرون بأنهم قد تعرضوا للخديعة‪" ..‬لقد ضللتنا مقاطع الفيديو"‪.‬‬ ‫لم يحاول ذلك القائد التبرير‪ ،‬بل أخبرهم‪ ،‬رمبا بصراحة مفاجئة‪ ،‬أن تلك املقاطع املؤثرة‬ ‫كانت محض "خدعة" لتحقيق هدفني في وقت واحد‪" ،‬إرهاب العدو‪ .‬وجذب أعضاء‬ ‫جدد"‪ .‬باختصار كانت تلك املقاطع مجرد "دعاية سياسية"‪ ،‬ذلك ما قاله عبد الرحمن‬ ‫هالل حسني امللقب بإدريس‪.‬‬ ‫تقودنا هذه الواقعة‪ ،‬التي تفسرها أسئلة املتطوعني‪ ،‬إلى السؤال الرئيس الذي كان دائما‬ ‫ما يتردد منذ ‪ ،2001‬بل وحتى قبل ذلك‪ :‬ما هي الطبيعة احلقيقية والقدرات احلقيقية‬ ‫لتنظيم القاعدة؟‬ ‫اختلفت اإلجابات وتغيرت بالتزامن مع تطور الظاهرة التي تصفها‪ ،‬وفي إطار تغير‬ ‫السياسات التي يتم وضعها ملواجهة التهديد‪.‬‬ ‫ومع حلول الذكرى العاشرة على هجمات احلادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪ ،‬رمبا يصبح من‬ ‫املمكن االستعانة على نحو ما باملنظور التاريخي على ظاهرة تنظيم القاعدة ودوره في‬ ‫االنتشار الواسع للجهاد اإلسالمي املعاصر‪.‬‬ ‫رمبا تظهر لنا هذه النظرة التاريخية أن موت أسامة بن الدن لم يكن بداية تطور جديد‬ ‫للمجموعة املتطرفة التي كان يتزعمها ولكنه كان نهاية لفترة طويلة من التداعي‪.‬‬ ‫يبدو أن التداعي بدأ في الوقت الذي بدأ فيه زعيم تنظيم القاعدة اإلقامة مع ثالث زوجات‬ ‫وعشرة أطفال في البيت الذي يتكون من ثالثة طوابق والذي يبدو أنه كان يقطنه حتى‬ ‫وفاته‪ .‬فقد أصاب الوهن العناصر الرئيسة الثالثة لتنظيم القاعدة‪ ،‬القيادة الكبرى‪،‬‬ ‫وشبكة األتباع‪ ،‬واآليديولوجيا بشكل عام‪.‬‬ ‫فمن الواضح أن التراجع قد بدأ إلى حد كبير في اللحظة التي بدا فيها أن التطرف قد بلغ‬ ‫مداه وذلك في الفترة ما بني ‪ 2004‬و‪ 2006‬حينما امتدت الهجمات العنيفة من أوروبا‬ ‫الغربية إلى أقصى الشرق وإلى حد ما في كل املناطق التي تقع بينهما‪.‬‬ ‫ولكن قبل االنتقال إلى تاريخ تنظيم القاعدة‪ ،‬يجب استقصاء احلاضر‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫االجتثاث‬ ‫أوال‪ :‬القيادة‪ .‬كانت القيادات العليا لتنظيم القاعدة تعاني من التداعي منذ بعض‬ ‫الوقت‪ .‬وقد متكن بن الدن من البقاء أكثر من رفاقه‪ .‬فيتذكر مسؤول استخباراتي بريطاني‬ ‫أنه في يوليو (متوز) ‪ 2009‬كان هناك نحو عشرة من القيادات الكبرى في التنظيم‪ .‬أما‬ ‫اآلن فلم يبق منهم سوى واحد هو أمين الظواهري‪.‬‬ ‫ووفقا لـ"نيويورك تاميز"‪ ،‬يقول املسؤولون األميركيون باالستخبارات إنه كان هناك نحو‬ ‫‪ 30‬قائدا بتنظيم القاعدة بباكستان وعلى طول احلدود األفغانية الباكستانية قبل‬ ‫عامني‪" ..‬وقد متكنا من اجتثاث ‪ 15‬منهم في امليدان العام املاضي"‪ ،‬ذلك ما أكده أحد‬ ‫املسؤولني للصحيفة وخمسة آخرون خالل العام احلالي‪.‬‬ ‫وليست "القاعدة" تنظيما كبيرا‪ .‬فمن بني نحو ‪ 200‬فرد يوجدون حاليا في املناطق‬ ‫القبلية الباكستانية‪ ،‬هناك أقل من ‪ 100‬يعدون من الكوادر الرئيسة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تعد‬ ‫اإلصابات الناجمة عن هجمات طائرات الدرون كبيرة جدا‪ .‬ولكن هناك بعض الكوادر التي‬ ‫تتمتع باملهارة ولديها القدرة على إدارة العالقات العامة ‪ -‬مثل أبو يحيى الليبي – وتلك‬ ‫التي حتسن التخفي مثل الليبي أيضا عطية عبد الرحمن – الذي اعلنت الواليات املتحد‬ ‫قبل أيام مقتله في قصف صاروخي‪.‬‬ ‫ولكن ال يوجد من يجمع بني اخلاصيتني – التخفي والعالقات العامة‪ -‬مثل بن الدن‪ .‬فعلى‬ ‫الرغم من أن أمين الظواهري‪ ،‬خليفة بن الدن‪ ،‬رمبا تكون لديه اخلبرة الكافية كما أنه يحظى‬ ‫باالحترام فإنه يفتقر إلى الكاريزما‪ ،‬واألهم من ذلك القدرة على جمع املسلحني من أنحاء‬ ‫العالم اإلسالمي كافة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك ما زال هناك تدفق النضمام األعضاء اجلدد إلى املناطق القبلية‬ ‫من أوروبا أو العالم العربي أو من غيرهما من املناطق ‪ -‬كانت هناك زيادة أخيرا في عدد‬ ‫األعضاء اجلدد من أملانيا ‪ -‬ولكن األرقام اإلجمالية أقل بكثير مما كانت عليه قبل سنوات‬ ‫عدة‪ .‬فال يوجد سوى عدد قليل من املنضمني اجلدد في العام الواحد‪ ،‬فقد انخفض عدد‬ ‫املسافرين من اململكة املتحدة‪ ،‬وفقا ملا يقوله املسؤولون باالستخبارات البريطانية‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أنهم ما زالت لديهم القدرة على إحداث أضرار جسيمة فإن تلك األضرار قد‬ ‫تقلصت إلى حد كبير‪.‬‬ ‫وبخالف القيادات‪ ،‬كانت هناك شبكات من الشبكات‪ ،‬أو األتباع‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬فليست هناك‬ ‫أخبار طيبة خلليفة بن الدن‪ .‬ففي العراق‪ ،‬يقتصر وجود تنظيم القاعدة احمللي إلى حد كبير‬ ‫على محافظة نينوى التي تقع في الشمال الغربي‪ ،‬كما أن للتنظيم وجودا أقل في بغداد‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن وجود التنظيم هناك ميثل خطرا على استقرار البالد ولكن ذلك التأثير‬ ‫ال ميتد إلى املنطقة ككل‪ ،‬ناهيك عن املستوى الدولي‪ .‬أما بالنسبة لشمال أفريقيا‬ ‫والساحل‪ ،‬فهناك وجود مبعثر لتنظيم القاعدة في املغرب العربي كما أنه فشل في‬ ‫‪21‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫القاعدة‪ ..‬وحرب أميركا على االرهاب‬

‫حتى النهاية‬ ‫في صيف ‪ ،2008‬كان هناك اجتماع غريب ومتوتّر في مناطق القبائل‬ ‫الباكستانية وذلك حني قرر ستة من أعضاء «القاعدة»‪ ،‬من املهاجرين من‬ ‫فرنسا وبلجيكا‪ ،‬مواجهة قائدهم في التنظيم‪.‬‬ ‫جيسون بيرك‬

‫عشر سنوات على هجمات‬ ‫نيويورك‪ ..‬واحلرب مستمرة‬ ‫‪20‬‬


‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪19‬‬


‫● قصة الغالف‬

‫العقد املفقود‬ ‫ككل عام من شهر سبتمبر‪ ،‬وفي نفس التوقيت وفي نفس املكان‪ ،‬وقف األميركيون‪ ،‬فرادى وجماعات‪ ،‬مواطنون عاديون وسياسيون‪ ،‬يستذكرون ما حدث قبل ‪10‬‬ ‫ألم بهم‪ .‬اجلرح لم يندمل بعد ويبدو أنه سيقى ينزف «ذكريات مؤملة» وأحزانا لسنوات قادمة‪ .‬لم يكن الكبرياء‬ ‫سنوات‪ .‬واهم من يعتقد أن األميركيني قد نسوا ما ّ‬ ‫األميركي من ضرب في ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬فكبرياء الشعوب ال متثله بنايات خرسانية حتى وان ناطحت السحاب أو طاولت السماء‪ ،‬ما ضرب عند أهالي نيويورك هو‬ ‫الشعور باألمن واالحساس باألمان‪ ،‬إلى حني‪ .‬وعند أهالي الضحايا هو أن يحرمك اجلنون والكراهية من رؤية من حتب‪ ،‬إلى األبد‪.‬‬ ‫‪ 10‬سنوات خاضت خاللها الواليات املتحدة األميركية حربني نظاميتني وحربا «خاصة جدا» على االرهاب «سرية وعلنية» ال تخضع ألي قوانني أو أعراف وال حتترم‬ ‫حدودا أو فضاءات‪.‬‬ ‫في الذكرى العاشرة لهجمات سبتمبر‪ ،‬لم يقف رقم الضحايا عند ‪ ،2753‬فمن فقد حياته بفعل االنتقام واالرهاب األعمى‪ ،‬ارهاب الدول وارهاب اجلماعات على حد‬ ‫سواء‪ ،‬هو عشرات أضعاف من استذكروا باالسم‪ ،‬واحدا تلو اآلخر‪ ،‬في احلادي عشر من سبتمبر ونكّست من أجلهم األعالم في «غرواند زيرو» وفي عموم الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬االنتقام األميركي‪ ،‬أو احلرب على االرهاب كما يقال‪ ،‬تسبب في مقتل أكثر من ‪ 6‬آالف جندي أميركي في العراق وأفغانستان‪ ،‬وآالف غيرهم من املتعاقدين و‬ ‫«املرتزقة» من حملة اجلنسية األميركية الذين ال حتصيهم بيانات وزارة الدفاع‪ ،‬أو رمبا ال تريد‪.‬‬ ‫وألن النفس البشرية واحدة في كل زمان ومكان‪ ،‬وألنه في العراق وفي أفغانستان هناك أيضا من العرب واملسلمني من يتوق لألمن واألمان وال يتمنى أن يفقد حبيبا‪،‬‬ ‫فال بد أن تنكّس األعالم لعشرات اآلالف من الضحايا الذين حصدت أرواحهم آلة االنتقام العمياء التي لم تفرّق بني بريء وظالم ومدني ومقاتل ومجاهد وارهابي‪ .‬علّ‬ ‫الذكرى العاشرة لهجمات سبتمبر هذا العام تذكر اجلميع‪ ،‬أن جميع األديان حترّم قتل النفس إال باحلق‪ ..‬وكالهما‪ ،‬من قتل اآلمنني بغير ذنب في نيويورك وواشنطن‬ ‫باسم اهلل‪ ،‬أو في بغداد أو كابول باسم الرب‪ ،‬على غير حق‪.‬‬ ‫وألن ذكر ‪ 11‬سبتمبر ال بد أن يرتبط مبن خطط ونفّذ وتباهى‪ ،‬فذكر تنظيم القاعدة ال مفر منه حتى وان كان من أعطى األوامر قد دفع الثمن وأصبح هو نفسه رقما‪.‬‬ ‫جيسون بيرك‪ ،‬اخلبير في شؤون اجلماعات االرهابية يرصد التطورات التي مرت بها القاعدة منذ «غزوة نيويورك املشؤومة» وما آل اليه التنظيم بعد اعالن «احلرب‬ ‫الكونية على االرهاب» وما سيؤول إليه بعد مقتل زعيمه أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫أما جيمس دينسلو‪ ،‬الكاتب اخملتص في الشؤون األمنية وسياسات الشرق األوسط بكنغس كولدج لندن فيعرض كيف حتول املشروع األميركي لبناء الدولة في‬ ‫العراق الى مجرّد أوهام حيث اصبح العراق اليوم دولة تعج باالنقسامات العرقية والطائفية كما أنها أصبحت ساحة حلرب بالوكالة بني إيران والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫من جهته يبحث فواز جرجس‪ ،‬أستاذ السياسة الشرق أوسطية والعالقات الدولية في كلية االقتصاد والعلوم السياسية بلندن‪ ،‬أخطاء السياسة األميركية في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬مركزا بصفة خاصة على اخللط اخلاطئ بني طالبان و«القاعدة» وسوء فهم املشاعر احمللية‪ ،‬كما يبحث الكاتب في االستراتيجيات األميركية احملتمل‬ ‫اتباعها في تنفيذ انسحاب القوات في أفغانستان‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫باالحداث السورية‪ ،‬اضافة الى تصعيد موقفها مع الدول الغربية فيما يتعلق‬ ‫مبوضوع امللف النووي ما دفع الرئيس الفرنسي نيكوال ساركوزي الى التلويح‬ ‫بامكانية القيام ضربة وقائية ضد املنشآت النووية االيرانية في حال استمرت‬ ‫باالصرار على طموحاتها النووية‪.‬‬ ‫ارباك دولي‬ ‫املوقف االيراني ينطلق من تعقيدات الوضع االقليمي‪ ،‬خصوصا احلالة‬ ‫السورية واالرباك الدولي في التعامل معها واخلوف من تدحرج نتائجها على‬ ‫الداخل السوري واخلارج االقليمي‪.‬‬ ‫الدعوة االيرانية للحكومة السورية بضرورة االستماع الى مطالب الشعب‬ ‫املشروعة‪ ،‬والتي القاها في منتصف الطريق موقف االمني العام حلزب اهلل‬ ‫احلليف اللبناني اليران السيد حسن نصراهلل بضرورة قيام السلطة السورية‬ ‫بإصالحات في النظام ترضي القاعدة الشعبية املعترضة وتساهم في جتديد‬ ‫النظام والسلطة‪ ،‬قد يكون ترجمة بصوت مرتفع خملاوف هذين الطرفني من‬ ‫انعاكسات تدهور الوضع السوري وخروج األسد من دائرة القرار في سوريا‬ ‫واملنطقة‪ .‬ما قد يضعهما امام حتديات متعددة لم تكن في حساباتهما‪ ،‬او‬ ‫قد يضعهما امام خيارات صعبة هما في غنى عنها وعن تبعاتها‪.‬‬ ‫وحتاول ايران من خالل املوقف االخير ممارسة نوع من الضغط على حلفيها‬ ‫األسد التخاذ خطوات عملية والتسريع في تنفيذ الوعود االصالحية التي‬ ‫اطلقها لتنفيس احتقان الشارع قليال وجلم التصعيد الدولي الذي يعمل‬ ‫على تضييق اخلناق على سوريا والنظام‪.‬‬ ‫وترى طهران ان التسريع في اخلطوات االصالحية في سوريا قد يساعد على‬ ‫تشكيل حكومة وحدة وطنية او وفاق وطني تشارك فيها املعارضة ويكون‬ ‫فيها حصة ملعارضة الداخل واخرى ملعارضة اخلارج‪.‬‬ ‫وانطالقا من هذا احلرص فإن دوائر القرار في حرس الثورة االسالمية وباشراف‬ ‫مباشر من مكتب مرشد النظام بدأت مساعي مبكرة لفتح حوار مع اطراف‬ ‫في املعارضة السورية مباشرة في شهر مايو (ايار) املاضي لتأمني هذا‬ ‫الهدف‪ ،‬وقد يكون اللقاء الذي كشف عنه مؤخرا بني جهات ايرانية واطراف‬ ‫في املعارضة السورية‪ ،‬وجرى في العاصمة الفرنسية باريس سوى حلقة او‬ ‫نقطة متقدمة من هذه احلوارات التي بدأت في وقت سابق بعيدا عن االعالن‪.‬‬ ‫التحرك باجتاه املعارضة من قبل ايران‪ ،‬قد يعني رسالة ايرانية للرئيس االسد‬ ‫بأنها لن تقف مكتوفة االيدي بانتظار سقوطه وعجزها عن تأمني مصاحلها‬ ‫مع البدائل‪ ،‬وقد يعني رسالة ايضا بأن على االسد التحرك سريعا لوقف‬ ‫التدهور‪ .‬وقد يعني ايضا اعترافا ايرانيا ضمنيا بان اجملتمع الدولي لن يتراجع‬ ‫عن خطواته التصعيدية ضد سوريا حتى يحقق على االقل احد هدفني؛‬ ‫االول انهاء النظام السوري واجمليء بنظام اكثر طواعية ويستجيب للمطالب‬ ‫الدولية بانهاء التحالف مع ايران ووقف الدعم حلزب اهلل وحركتي حماس‬ ‫واجلهاد االسالمي في فلسطني‪ ،‬وكف اليد عن التدخل في العراق‪ ،‬والثاني‬ ‫فرض تنازالت على االسد وجره لالعتراف باملعارضة شريكا في احلكم‪ ،‬وبالتالي‬ ‫احلد من نفوذه املطلق والتأسيس لرحيله بعد مرحلة انتقالية تشارك فيها‬ ‫املعارضة عبر عملية دميقراطية‪.‬‬

‫االقليمية‪ .‬وهي تسوية تقوم على مساعدة االطراف السورية‪ ،‬في النظام‬ ‫واملعارضة‪ ،‬على احلوار والتوصل إلى حل وسط يلتزم فيه النظام بتنفيذ‬ ‫االصالحات التي وعد فيها مقابل مشاركة املعارضة في السلطة في اطار‬ ‫حكومة وفاق او وحدة وطنية والعمل على تهدئة الشارع الشعبي بخطوات‬ ‫جدية ومقنعة‪.‬‬ ‫وعلى غرار السياسة التي اتبعتها طهران مع االحداث املصرية والتي ادت في‬ ‫نهايتها إلى رحيل الرئيس حسني مبارك – الذي لم تخف مساعيها للتخلص‬ ‫منه‪ -‬وتغيير سياسات النظام املصري جتاه إيران‪ .‬واعتبرت ان ما حدث في‬ ‫مصر الثورة وما سيحدث هو في مصلحتها‪ ،‬ألنه ساهم في التخلص من‬ ‫نظام متشدد في مواقفه املعادية لها إلى نظام على االقل ال يشهر العداء‬ ‫لها‪ ،‬وهذا بحد ذاته يعتبر اجنازا للسياسة االيرانية واستراتيجيتها التوسعية‬ ‫في املنطقة‪ .‬وهي في سوريا تسعى ألن تكون غير بعيدة عن أي تغيير قد‬ ‫يحدث في هذا البلد – في حال لم تستطع وقفه او منعه – وهي بالتالي‬ ‫تعمل على االقل ان تكون شريكة في أي معادلة جديدة انطالقا من مبدأ‬ ‫تخفيف اخلسائر او احلد منها‪.‬‬ ‫ان التوصل إلى تسوية مع اجملتمع الدولي حول الوضع في سوريا‪ ،‬يضمن‬ ‫لطهران بقاء األسد في السلطة مع مشاركة من املعارضة‪ ،‬وسيوفر لها‬ ‫وحللفائها في املرحلة القادمة واملدى املنظور ترتيب اوراقهم انطالقا من قراءة‬ ‫الواقع السوري اجلديد‪ ،‬وهي مرحلة قد تضمن اليران وحلفائها احلد او التقليل‬ ‫من اخلسائر املباشرة التي قد حتدث في حال ازيح االسد عن السلطة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يفسح لها اجملال لوضع خطط للتعامل مع املستجد السوري بناء على الواقع‬ ‫اجلديد‪.‬‬

‫يظهر ان اجملتمع الدولي بدأ يدرك ان امكانية اخراج األسد من السلطة من‬ ‫خالل التحركات واالحتجاجات التي استمرت اكثر من ستة اشهر‪ ،‬يبدو امرا‬ ‫مكلفا يقارب الصعوبة خصوصا في ظل تراجع امكانية التدخل العسكري‬ ‫املباشر الذي حتاول اطراف من املعارضة في اخلارج جر حلف الناتو اليه‪.‬‬ ‫العتبارات عدة لعل اهمها االستنزاف الذي حصل في ليبيا واالزمة االقتصادية‬ ‫املتفاقمة واملوقف الروسي املعارض بشدة ألي قرار بعقوبات ضد سوريا يصدر‬ ‫عن مجلس االمن الدولي حتى اآلن‪ ،‬اضافة إلى تعقيدات املوقف التركي الذي‬ ‫يشكل رأس احلربة االقليمية للناتو في املنطقة واملرشح ان يكون اجلهة التي‬ ‫تتولى القيام بالعملية العسكرية‪ ،‬بعيدا عن الناتو لكن بدعم منه وتكليف‬ ‫غير معلن‪.‬‬

‫والتوافق اإليراني الغربي االقليمي على تسوية في الوضع السوري في‬ ‫الشراكة بني النظام واملعارضة‪ ،‬سيوفر على جميع االطراف واملنطقة معهم‬ ‫االنزالق نحو املواجهة العسكرية التي قد تكون نتيجة اما حلرب يفتحها‬ ‫النظام السوري مع اسرائيل ويجبر فيها اطرافا حليفة له في املنطقة – أي‬ ‫حزب اهلل وايران والفلسطينيني – على الدخول إلى جانبه في هذه احلرب‪،‬‬ ‫واما قد تكون نتيجة لقرار يتخذه حلف الناتو بالتدخل العسكري املباشر في‬ ‫سوريا‪ ،‬وهو ما سيدفع إيران وحلفاءها هذه املرة إلى التدخل واملواجهة على‬ ‫اعتبار ان املستهدف بعد سوريا لن يكون سوى إيران وحزب اهلل في لبنان‪.‬‬

‫حل وسط‬ ‫من هنا فإن القيادة االيرانية يبدو انها استبعدت من اعتباراتها عودة االمور في‬ ‫سوريا إلى ما قبل ‪ 15‬مارس املاضي‪ ،‬لذلك فهي تضغط للتوصل مع اجملتمع‬ ‫الدولي إلى تسوية ترضي جميع االطراف الدولية وااليرانية والسورية وحتى‬

‫حسن فحص ‪ -‬كاتب وصحفي متخصص باألدب الفارسي‪ .‬عمل مراسال‬ ‫لعدد من الصحف اللبنانية واخلليجية واذاعة الشرق الباريسية من‬ ‫ايران‪ ،‬ثم مديرا ملكتب الفضائية اللبنانية وبعدها مديرا ملكتب جريدة‬ ‫احلياة ومديرا ملكتب قناة العربية في ايران‬

‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪17‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫للتفكير مبمارسة ضغوط عسكرية والتلويح بتدخل مباشر لقوات الناتو‬ ‫عبر حليفها التركي الذي يبدو في اآلونة األخيرة‪ ،‬كثير التردد في مسألة‬ ‫التدخل العسكري املباشر او حتى اللجوء الى فرض منطقة امنية عازلة‬ ‫على احلدود املشتركة‪ ،‬خوفا من خسارة القاعدة الشعبية التي حققها بني‬ ‫شعوب العالم االسالمي‪ ،‬اضافة الى تعقيدات اخرى ليس اقلها الضغوط‬ ‫السياسية واالقتصادية واالمنية التي متارسها طهران ضده‪ ،‬اضافة الى اعادة‬ ‫حساباته بعد الصدمة التي تلقاها من مجلس االمن في تقريره األخير عن‬ ‫احداث اسطول احلرية‪ ،‬ومحاولة فك احلصار عن قطاع غزة ورفض تل ابيب‬ ‫تقدمي االعتذار ألنقره عن االعتداء على سفينة مرمرة وسقوط قتلى وجرحى‬ ‫اتراك‪.‬‬ ‫فالتطورات التي شهدتها املناطق الكردية في تركيا مؤخرا‪ ،‬والعمليات‬ ‫العسكرية التي قام بها اجليش التركي ضد جتمعات لعناصر من حزب العمال‬ ‫الكردستاني‪ ،‬اضافة الى التحركات السياسية واالجتماعات الشعبية‬ ‫والبرملانية التي قام بها نواب اكراد في البرملان التركي في مناطقهم الكردية‪،‬‬ ‫اخرجت رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن رباطة جأشه‪ ،‬ودفعته‬ ‫لتهديد هؤالء النواب بإجراء عقابي مستخدما سيف اجليش الذي بالكاد‬ ‫استطاع تقليص هيمنته على احلياة السياسية التركية‪ ،‬واخرجه من دائرة‬ ‫التأثير املباشر‪ ،‬مشددا على ان اجليش سيتصدى ألي حترك انفصالي سياسي‬ ‫تقوم به األطراف السياسية الكردية‪ ،‬أو حترك تخريبي تقوم به جماعات حزب‬ ‫العمال الكردستاني‪.‬‬ ‫فك االرتباط‬ ‫االنتهاء مرحليا من الوضع الليبي واللجوء الى فرض مزيد من الضغوط‬ ‫الدولية ضد دمشق‪ ،‬دفعا طهران إلى توجيه رسالة امنية حتذيرية عبر تسيير‬ ‫هذه القطع البحرية في البحر األحمر في تكرار للرسالة التي حملتها هذه‬ ‫القطع بعيد سقوط النظام املصري‪ ،‬ومرورها في قناة السويس‪ ،‬وصوال الى‬ ‫مياه البحر االبيض املتوسط‪ ،‬وتأتي بعد حتذيرات صدرت عن املندوب الروسي‬ ‫الى االمم املتحدة من ان تدخل الناتو في سوريا وسقوط النظام السوري‪،‬‬ ‫سيمهدان الطريق امام الناتو لشن حرب ضد ايران بعد ذلك‪ .‬وهي رسالة‬ ‫سارعت اسرائيل الى ترجمة مضامينها بأن ارسلت زوارق عسكرية الى البحر‬ ‫االحمر ملراقبة التحركات االيرانية االستفزازية‪ .‬لكن الرسالة االيرانية هدفها‬ ‫ابعاد اي خطر قد ينتج من اي تغيير في تركيبة السلطة في سوريا‪ ،‬ويطال‬ ‫استقرار ايران ودورها االقليمي وموقف حلفائها في املنطقة‪ ،‬اضافة الى‬ ‫رسالة قد تكون اكثر وضوحا‪ ،‬وهي مقايضة االستقرار في سوريا باالستقرار‬ ‫في منطقة اخلليج ودوله التي ترى طهران انها ستواجه وضعا اكثر تعقيدا‬ ‫من الوضع السوري‪ ،‬في حال تعممت احلالة البحرينية على هذه الدول‪ .‬من‬ ‫هنا ميكن تفسير املوقف الصادر عن اخلارجية االيرانية الذي أكد أن “أمن‬ ‫السعودية من أمن إيران”‪ ،‬والذي يحمل بعدا آخر يعني بأن ضرب استقرار‬ ‫ايران سيدفع طهران للقيام بخطوات دفاعية قد تكون باملساعدة على ضرب‬ ‫االستقرار في دول اخلليج أو على االقل رفع الضغط عن اطراف داخل هذه‬ ‫الدول‪ ،‬واطالق يدها للتحرك والتخلي عن الهدنة التي اختارتها بناء على‬ ‫ظروف مرحلية مع هذه االنظمة‪.‬‬ ‫موقف القيادة االيرانية من الوضع السوري ليس خافيا على احد‪ ،‬فهي وقفت‬ ‫الى جانب الرئيس السوري في تصديه ملوجة االحتجاجات الشعبية والضغوط‬ ‫الدولية املطالبة بتقدمي تنازالت داخلية واقليمية اهمها التخلي عن حتالفه‬ ‫االستراتيجي مع ايران‪ ،‬وفك االرتباط مع حركات املقاومة في املنطقة خصوصا‬ ‫حزب اهلل في لبنان وحركتي حماس واجلهاد االسالمي في فلسطني‪.‬‬ ‫املوقف االيراني عبر عنه مرشد النظام آية اهلل علي خامنئي‪ ،‬عندما اعتبر ان‬ ‫ما تتعرض له سوريا من ضغوط دولية وعربية ليس سوى مؤامرة تستهدف‬ ‫استقرار سوريا وأمنها‪ ،‬بسبب موقفها الداعم للمقاومة‪ ،‬وان دوائر القرار‬ ‫الدولي تسعى لتعويض خسائرها بسبب الثورات العربية وإعادة التوازن الى‬ ‫املعادلة السياسية في املنطقة‪ ،‬بعد سقوط النظام املصري بقيادة الرئيس‬ ‫حسني مبارك احلليف الرئيس لها‪ .‬وبالتالي فإن الهدف النهائي لكل هذه‬ ‫الضغوط على دمشق‪ ،‬هو محاصرة ايران وحتجيم دورها االقليمي خصوصا‬ ‫في العراق وتأثيراتها على امللفات االخرى في لبنان وفلسطني وافغانستان‪،‬‬ ‫واملستوى املتقدم من عالقاتها مع القيادات املصرية اجلديدة‪.‬‬ ‫براغماتية ايرانية‬ ‫في مقابل هذا املوقف الذي يرقى الى حدود املوقف االستراتيجي املغلف‬ ‫‪16‬‬

‫بااليديولوجيا في احلديث عن استهداف خط املقاومة واملمانعة بوجه االطماع‬ ‫االسرائيلية واالميركية في املنطقة والعالم االسالمي‪ ،‬فإن البراغماتية‬ ‫االيرانية ال تقطع الطريق على التفكير مبداخل سياسية اخرى قد تساهم‬ ‫في تقليل اخلسائر ان لم تستطع وقفها او احلؤول دونها‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق يبدو ان دوائر القرار التابعة حلرس الثورة االيرانية وبإشراف من‬ ‫مكتب املرشد االيراني قد ادركت مبكرا ان تغييرا ما سيحدث في سوريا بعد‬ ‫موجة االعتراضات الشعبية التي بدأت في ‪ 15‬مارس (آذار) املاضي‪ .‬وان على‬ ‫طهران القيام بخطوات تضمن استمرار وجودها على الساحة وفي القرار‬ ‫السوري مهما تكن النتائج التي ستسفر عنها االحتجاجات‪.‬‬ ‫موقف القيادة االيرانية من االوضاع السورية باتهام التحركات الشعبية‬ ‫في هذا البلد بأنها مؤامرة غربية‪ ،‬وبالتحديد اميركية واسرائيلية تريد‬ ‫االنتقام من النظام السوري بسبب مواقفه االقليمية غير املنسجمة مع‬ ‫االرادة الغربية‪ ،‬خصوصا موقفه من املقاومة وعداءه السرائيل‪ .‬هذا املوقف‬ ‫سبب لها الكثير من احلرج في الداخل وفي اخلارج بني حلفائها واصدقائها‪.‬‬ ‫خصوصا جلهة التناقض في التعاطي مع االنتفاضة السورية والتحركات‬ ‫التي شهدتها بلدان عربية اخرى في تونس ومصر والبحرين واليمن‪ ،‬ووصفتها‬ ‫بأنها ثورات وانها متأثرة بروح الثورة االسالمية االيرانية وتستلهم مسارها‬ ‫التاريخي ضد الظلم واالستبداد‪.‬‬ ‫الذرائعية االيرانية في املوقف من االحداث السورية واضحة‪ ،‬ويصعب الدفاع‬ ‫عنها‪ ،‬وهي تنسحب ايضا على حلفاء ايران في املنطقة‪ .‬وال تقف عند حدود‬ ‫التفتيش عن اسباب ملا يقوم به النظام في دمشق من اعمال قمع وعنف ضد‬ ‫املتظاهرين واحملتجني‪ ،‬بل يصل الى حد الرمي بكل ثقلها البعاد امكانية خروج‬ ‫الرئيس السوري من دائرة القرار في هذا البلد‪ ،‬وما له من انعكاسات سلبية‬ ‫على كل املشروع االيراني‪.‬‬ ‫والقيادة االيرانية‪ ،‬وفي قراءة واقعية لتبعات سقوط النظام السوري‪ ،‬ال‬ ‫تستبعد ان تدخل املنطقة في حرب واسعة ال احد ميكنه تقدير حجمها‬ ‫والدائرة التي ستشملها‪ .‬اضافة الى امكانية نشوب حروب متنقلة داخلية‬ ‫في عدد من دول املنطقة قد تقود الى تقسيمها او تفتيتها‪.‬‬ ‫من هنا تأتي اللهجة املتشددة والتصعيدية التي اظهرتها طهران في الفترة‬ ‫االخيرة مع بعض االصدقاء القدامى واحلاليني في املنطقة املعنية مباشرة‬


‫جناد واألسد‪ ..‬أي مستقبل للعالقات االيرانية السورية‬

‫إيران ما بعد التغيير في سوريا‬

‫مرحلة جديدة‬

‫قد ال يكون القرار اإليراني بإرسال عدد من القطع البحرية احلربية إلى مياه البحر األحمر‪ ،‬والقيام بدوريات في مياهه مفاجئا‪ ،‬وبخاصة أنه يأتي بالتزامن‬ ‫مع عدد من التطورات االقليمية التي تؤشر على بدء مرحلة جديدة في املنطقة‪ .‬إن االنتهاء مرحليا من الوضع الليبي واللجوء الى فرض مزيد من‬ ‫الضغوط الدولية ضد دمشق‪ ،‬دفعا طهران إلى توجيه رسالة امنية حتذيرية عبر تسيير هذه القطع البحرية في البحر األحمر في تكرار للرسالة التي‬ ‫حملتها هذه القطع بعيد سقوط النظام املصري‪ ،‬ومرورها في قناة السويس‪ ،‬وصوال الى مياه البحر االبيض املتوسط‪.‬‬ ‫حسن فحص‬ ‫إن سقوط طرابلس العاصمة الليبية واالستيالء على معقل العقيد القذافي‬ ‫في باب العزيزية وهروبه من بيت الصمود‪ ،‬وتشرده بني املدن والصحراء الليبية‪،‬‬ ‫كل ذلك شكل عنوانا ملرحلة جديدة في ليبيا ال بد ان تكون لها انعكاساتها‬ ‫على املنطقة‪ .‬خصوصا وان قوات حلف الناتو استطاعت اخلروج من وضع‬ ‫حرج سببه طول امد احلرب التي كانت تخوضها ضد قوات القذافي وكتائبه‬ ‫األمنية على مساحة اجلغرافيا الليبية‪ .‬اضافة الى ان هذه القوات باتت قادرة‬ ‫على التحرك بحرية واالنتقال الى خطوات جديدة خارج ليبيا‪ ،‬لكن من دون‬ ‫ان تغادر حوض البحر األبيض املتوسط بعيدا حسب رغبة بعض االطراف في‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫هذه املنطقة‪ ،‬وبالتالي التفرغ لفرض معادالت جديدة في بؤر اقليمية تشهد‬ ‫توترا على خلفية حتركات شعبية واحتجاجية‪.‬‬ ‫اعادة حسابات‬ ‫وقد ساهم سقوط القذافي واالستيالء على طرابلس واحلراك الدبلوماسي‬ ‫الدولي والعربي في إتاحة الفرصة للدول التي تتصدر العملية العسكرية‬ ‫للناتو في ليبيا للتفرغ من جديد‪ ،‬وان تركز جهودها على الوضع السوري اما‬ ‫باجتاه فرض سلسلة من التنازالت واالصالحات على النظام ورئيسه‪ ،‬واما‬

‫‪15‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫لكن ما ينبغي أن يقال في هذا الصدد هو أننا أمام مشكلة كبيرة‪،‬‬ ‫أال وهي أنه بعد اإلطاحة باحلكومة السابقة‪ ،‬فإن الثوار يتولون‬ ‫مهمة تنصيب حكومة جديدة حتمل تفويضا شعبيا‪ .‬ولكن‬ ‫هذا التفويض ليس تفويضا شرعيا‪ .‬بل هو أمر واقع‪.‬‬ ‫ففي اجملتمعات الدميقراطية‪ ،‬يتحقق هذا من خالل‬ ‫انتخابات وطنية‪ ،‬يشارك فيها املواطنون‪ .‬ولكن‬ ‫هذه اإلجراءات التي تؤدي إلى االنتخابات تستغرق‬ ‫وقتا‪ ،‬إلعداد البنى التحتية الالزمة لها‪ .‬فيجب أن‬ ‫تؤسس األحزاب‪ ،‬وأن تسهل عملية إطالق احلمالت‬ ‫االنتخابية التنافسية‪ .‬ولكن ال ميكن إجراء‬ ‫انتخابات موثوق بها في إطار الوضع الدستوري‬ ‫احلالي في ليبيا‪ ،‬إذ تتطلب العملية صياغة دستور‬ ‫جديد‪ ،‬مبا فيه من قانون وضوابط لالنتخابات‪،‬‬ ‫وإجراء انتخابات حرة ونزيهة‪ ،‬وهذا هو ما يؤهل‬ ‫البالد للسالم واالستقرار‪.‬‬ ‫إن الليبيني العاديني‪ ،‬الذين أشعلت محنتهم‬ ‫ومتاعبهم الثورة‪ ،‬ينتظرون بفارغ الصبر وفي‬ ‫هذه الفترة االنتقالية‪ ،‬أن تشكل حكومة حتى‬ ‫ولو كانت مؤقتة‪ ،‬وحتى وإن كان قادتها غير‬ ‫منتخبني ألنهم يريدون أوال وقبل كل شيء‬ ‫إعادة احلياة إلى طبيعتها وتوفير احلد األدنى‬ ‫من اخلدمات‪ .‬وفي الوقت ذاته‪ ،‬يجب أن‬ ‫تتناول احلكومة املؤقتة احتياجات السكان‬

‫املتضريني‪ ،‬وأن تنزع سالح املقاتلني وتقيم قيادة موحدة‪ ،‬وتصلح البنية‬ ‫التحتية‪ ،‬وتعيد بناء األحياء‪ ،‬واملدن التي تضررت‪ ،‬وأن تعيد االقتصاد‬ ‫إلى العمل مجددا‪.‬‬ ‫لقد أعطت حرب العراق درسا للغرب بأن اإلطاحة‬ ‫باحلكومة ما هي إال مجرد بداية‪ ،‬وأن األكثر أهمية‬ ‫وصعوبة هو التخطيط للخطوة التالية‪.‬‬ ‫على أي حال‪ ،‬ماحدث مع القذافي األب‬ ‫سيكون من أهم األسئلة في املرحلة‬ ‫االنتقالية‪ .‬في العموم‪ ،‬ستكون تصفية‬ ‫احلساب مع املاضي‪ ،‬املاضي القصير جدا‬ ‫املتمثل في زمن الثوار واملاضي الطويل‬ ‫الذي كان القذافي يسوم فيه شعبه سوء‬ ‫العذاب‪.‬‬

‫توماس ألبرتس ‪ -‬كاتب صحافي من جنوب‬ ‫افريقيا مرشح لنيل الدكتوراه من كلية‬ ‫الدراسات الشرقية و األفريقية بلندن‪..‬‬ ‫قام بأبحاث عدة عن التطورات السياسية‬ ‫واالجتماعية في جنوب افريقيا بعد‬ ‫حقبة امليز العنصري‬

‫ن�ص وثيقة تنازل امللك حممد �إدري�س ال�سنو�سي‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على سيدنا محمد‬ ‫وآله وصحبه أجمعني‬ ‫أما بعد‬ ‫يا إخواني األعزاء رئيس وأعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب‪،‬‬ ‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬ ‫أقدم لكم هذا اخلطاب قائال‪:‬‬ ‫منذ أن قلدتني هذه األمة الكرمية الليبية ثقتها الغالية بتبوئي هذا املقام‬ ‫الذي شغلته بعد إعالن استقالل بالدنا العزيزة ليبيا‪.‬‬ ‫علي نحو بالدي وأهلها وقد ال يخلو عمل‬ ‫قمت مبا قدر اهلل لي مما أراه واجب‬ ‫ّ‬ ‫كل إنسان من التقصير‪ ،‬وعندما شعرت بالضعف قدمت استقالتي قبل اآلن‬ ‫ببعض سنوات‪ ،‬فرددمتوها وطوعا إلرادتكم سحبتها‪ ،‬وإني اآلن نسبة لتقدم‬ ‫سني وضعف جسدي أراني مضطرا أن أقول ثانية إني عاجز عن حمل هه‬ ‫األمانة الثقيلة‪ ،‬وال يخفى أنني بليت في سبيلها خمسة وخمسني سنة‬ ‫قبل االستقالل وبعده‪ ،‬قد أوهنت جلدي مداولة الشؤون وكما قال الشاعر‪:‬‬ ‫سأمت تكاليف احلياة ومن يعش ثمانني حوال ال أبا لك يسأم‬ ‫وقد مارست هذه القضية وعمري سبعة وعشرين سنة واآلن في الثانية‬ ‫والثمانني وهلل احلمد أتركها في حالة هي أحسن مما باشرت في بالئي بها‪،‬‬ ‫لولي العهد السيد احلسن الرضا املهدي السنوسي‪ ،‬البالغ من‬ ‫فأسلمها اآلن‬ ‫ّ‬ ‫العمر ‪ 43‬سنة‪ ،‬الذي يعتبر من اليوم (امللك احلسن رضا املهدي السنوسي‬ ‫األول) على أن يقوم بعبئها الثقيل أمام اهلل وأمام أهل هذه البالد الكرمية‬ ‫على نهج الشرعية اإلسالمية والدستور الليبي بالعدل واإلنصاف فاعتمدوه‬ ‫مثلي ما دام على طاعة اهلل ورسوله واالستقامة‪ ،‬وبعد اعتماده من مجلس‬ ‫األمة يحلف اليمني الدستورية أمام مجلس األمة قبل أن يباشر سلطاته‪.‬‬ ‫وإني إن شاء اهلل عقدت العزم األكيد على اجتناب السياسة بتاتا واهلل على‬ ‫ما أقوله وكيل‪.‬‬ ‫والذي أختتم به قولي‪ ،‬بأن أوصي اجلميع من أبناء وطني بتقوى اهلل في السر‬ ‫والعلن‪ ،‬وإنكم جميعا في أرغد عيش وأنعم النعم من اهلل تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫فاحذورا من أن يصدق عليكم قوله تعالى‪:‬‬ ‫«ضرب اهلل مثال قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان‬ ‫فكفرت بأنعم اهلل فأذاقها اهلل لباس اجلوع واخلوف مبا كانو يصنعون‪».‬‬ ‫‪14‬‬

‫فاهلل اهلل مما يغضب اهلل‪.‬‬ ‫وتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان وال تفرقوا‪.‬‬ ‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫لتأمرن باملعروف وتنهون عن املنكر أو ليسلطن اهلل عليكم شراركم فيدعوا‬ ‫خياركم فال يستجاب لهم‪.‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫محمد ادريس املهدي السنوسي‬ ‫اليونان في ‪ 21‬جماد األولى ‪ 1389‬هجري املوافق ‪ 4‬أغسطس ‪1969‬‬


‫فيها منذ ‪ 34‬عاما‪ .‬نظام اقتصادي وسياسي مفروض بالقوة على شعب‬ ‫بأكمله‪ ،‬وهم أوال يطمحون إلى أن تكون هناك سياسات اقتصادية تخلق‬ ‫فرص عمل محترمة ومستوى معيشة في املتناول‪ ،‬وسياسات اجتماعية تلبي‬ ‫احتياجاتهم في الصحة والتعليم‪ ،‬ومؤسسات إدارية فعالة‪ .‬ونظرا ألن تلك‬ ‫العوامل الرئيسية هي التي أثارت االنتفاضة‪ ،‬فمن احلكمة أن تعاجلها احلكومة‬ ‫املؤقتة التي ينبغي تشكيلها في أقرب وقت‪.‬‬ ‫من جانب آخر تتطلب تلبية هذه االحتياجات مزيجا من القيادة املنضبطة‬ ‫والصبر واإلصرار على إدارة املصالح وحتقيق اإلجماع‪ .‬ولكن في البداية‪ ،‬يجب أن‬ ‫تقدم التجمعات والدوائر السياسية املتعددة في ليبيا ممثلني وقادة في مستوى‬ ‫هذه التحديات‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التحديات الهائلة‪ ،‬ففي ليبيا املوارد الالزمة‪ ،‬لقيام دولة‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫عصرية‪ .‬فهي أوال‪ ،‬لديها تراث ثقافي كبير ومثقفون في الداخل واخلارج‪ .‬وال‬ ‫تفتقد ليبيا إلى املهارات الفنية أو الكفاءات‪ ،‬بل فيها ما يكفي لتحقيق دولة‬ ‫الرفاه‪ .‬كما أن ليبيا أيضا ثرية‪ ،‬وستستمر في ضخ النفط‪ .‬إن فرص االستقرار‬ ‫سانحة في هذا البلد وإمكانيات حتقيق مجتمع الرفاه كبيرة أيضا‪ .‬وسيتأكد‬ ‫هذا إذا متكنت احلكومة اجلديدة من تعزيز الوحدة االجتماعية‪.‬‬ ‫اخلطوة التالية‬ ‫يقال إن األكثر إزعاجا هو أن أربعة عقود من احلكم االستبدادي الفردي أقصت‬ ‫الليبيني عن ممارسة العمل السياسي‪ .‬وحرمتهم من حق تقرير مصيرهم‪.‬‬ ‫وهشمت النسيج االجتماعي‪ ،‬وكرست لثقافة سياسية من احملاباة واحملسوبية‪.‬‬ ‫فليبيا ال متلك تراثا دميقراطيا تعتمد عليه في املضي قدما‪ ،‬أو مؤسسات‬ ‫سياسية قادرة على التأقلم مع أهداف العملية االنتقالية‪ .‬لذلك يجب أن‬ ‫تنشأ تلك املؤسسات ويشرع في إقامتها‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫● شؤون سياسية‬

‫ليبيا ما بعد القذافي‪..‬‬ ‫بناء دولة أم تصفية حسابات؟‬

‫اخلطوة‬ ‫التالية‬

‫على الرغم من متكن الثوار في ليبيا من إزاحة نظام القذافي والسيطرة على‬ ‫سائر املدن‪ ،‬إال أن شيئا ما يدور خلف الكو‪-‬اليس قد يجر البالد إلى مرحلة‬ ‫أخرى من الفوضى وعدم االستقرار‪ ،‬بدأ الصراع بني رجاالت اجمللس االنتقالي‬ ‫الوطني ومكتبه التنفيذي يتصاعد يوما بعد يوم حتى قبل اإلطاحة بالقذافي‬ ‫ومع فشل كل اجلهود الرامية إلى تشكيل حكومة‪ ،‬أصبح السؤال هو‪ :‬هل‬ ‫ستصطدم ثورة الشباب بصخرة الصراع على السلطة والنفوذ‪ ..‬وتصفية‬ ‫احلسابات‪ ،‬وما هي اخلطوة القادمة في ليبيا ما بعد القذافي‪.‬‬ ‫توماس ألبرتس‬ ‫الواقع أن األمر لم يعد برمته يجري خلف الكواليس‪ ،‬وإمنا سمعنا وشاهدنا‬ ‫تصريحات علنية من أناس معينني يريدون حصة في احلكومة‪ .‬فهناك أطراف‬ ‫إسالمية تتهم أعضاء في املكتب التنفيذي بالعلمانية‪ ،‬وهي ال تكتفي‬ ‫باملطالبة بحصة في احلكومة‪ ،‬بل وتهاجم هذا التيار‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من سقوط ما كان يسمى (النظام اجلماهيري) وقائده في ليبيا‬ ‫وإعالن جناح الثورة الثالثة في الربيع العربي‪ ،‬ودخول ليبيا في عصر جديد‪،‬‬ ‫فإن هناك عقبات وحتديات جساما أمام اجمللس االنتقالي الوطني‪ ،‬الذي يشهد‬ ‫صراعا مريرا على السلطة ومواقع القرار بني أعضائه‪ .‬وقد تنذر هذه الصراعات‬ ‫بشيء ال حتمد عقباه‪ .‬فما نوع هذه التحديات واألزمات التي تواجه ليبيا ما‬ ‫بعد القذافي؟‬ ‫ال شك أن هناك حتديات وأزمات كبيرة في الطريق‪ .‬ستتوقف كيفية مواجهتها‬ ‫ومعاجلتها على احلكومة املؤقتة التي ينبغي أن تشكل في أسرع وقت‪ ،‬ومن‬ ‫دون وضع العراقيل خاصة وأنه زال كثير منها باعالن التحرير الشامل وقتل‬ ‫القذافي وانهيار نظامة‪ .‬إن تشكيل احلكومة معناه الشروع في توفير‬ ‫اخلدمات للناس‪ ،‬فإذا لم ينتبه اجمللس سريعا إلى ذلك‪ ،‬فإن البالد ال محالة‬ ‫منساقة إلى عالم الفوضى وعالم السلب والنهب وتشكيل العصابات‬ ‫املسلحة‪ .‬إن التحديات حسام والبد من معاجلة األمر وتداركه قبل فوات األوان‪.‬‬ ‫تلبية االحتياجات‬ ‫أول هذه التحديات وبعد ‪ 42‬عاما من احلكم االستبدادي‪ ،‬يجب إصالح النظام‬ ‫السياسي‪ .‬لقد كان مؤمتر الشعب العام الليبي‪ ،‬الذي تأسس من أجل تطبيق‬ ‫نظرية الدميقراطية املباشرة التي وضعها القذافي‪ ،‬مجرد أداة في يد القذافي‪،‬‬ ‫يختار من خالله الوزراء واملسؤولني الذين يريدهم ويرتاح لهم‪ .‬وهو لم يكن أداة‬ ‫فاعلة في يوم من األيام‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫أما السلطة القضائية‪ ،‬التي كان يعينها مؤمتر الشعب العام وتديرها وزارة‬ ‫العدل‪ ،‬فكانت تفتقد إلى الشرعية‪ .‬وبإيجاز فإنه ال يوجد سوى القليل من‬ ‫املؤسسات السياسية القائمة في ليبيا التي ميكن االحتفاظ بها‪ ،‬وسيكون‬ ‫قليل منها فقط مفيدا في هذه الفترة املؤقتة‪ .‬أيا كان الشكل أو الصورة التي‬ ‫سيخرج بها إصالح النظام السياسي‪ ،‬فال بد أن يأتي من الليبيني‪ ،‬وأن يتشكل‬ ‫وفقا الحتياجاتهم واهتماماتهم‪.‬‬ ‫لقد تبني طوال معظم فترة الصراع‪ ،‬أن هناك مشكلة في القيادة‪ ،‬فلم يكن‬ ‫واضحا أين تكمن السلطة والنفوذ في اجمللس االنتقالي‪ ،‬وهي نقطة زادها‬ ‫وضوحا مقتل القائد العسكري للثوار عبد الفتاح يونس في يوليو (متوز)‬ ‫املاضي‪ ،‬الذي قتل قتال شنيعا‪.‬‬ ‫إن ما يتوقعه الليبيون ويريدونه فعال‪ ،‬هو انهاء الفوضى التي كانت البالد ترسف‬


‫فقط في األعمال الدفاعية لتبرير االستعانة بها‪ ،‬وقد أسهمت الصعوبات املتمثلة‬ ‫في سيناريوهات الصراع شديدة التعقيد وغير املتوقعة في جعل اخلط الفاصل‬ ‫بني توفير احلماية والتورط في أعمال هجومية يختفي بسهولة‪ .‬تقدم الشركات‬ ‫األمنية والعسكرية اخلاصة مجموعة من اخلدمات‪ ،‬منها حماية الدبلوماسيني‬ ‫واملباني وتدريب قوات الشرطة والقوات السرية‪ ،‬إلى مجموعة متنوعة أيضا من‬ ‫العمالء من بينهم سفارات وشركات (منها اإلعالمية) ومنظمات غير حكومية‪.‬‬

‫الدولي في جامعة نيويورك – حتت عنوان الثمن العام لألمن اخلاص في أفغانستان ـ‬ ‫يشير إلى أن تلك املكاسب قصيرة املدى تأتي على حساب أهداف أخرى طويلة املدى‬ ‫متاثلها في األهمية على األقل‪ ،‬ويشير التقرير إلى أن متويل الشركات األمنية اخلاصة‬ ‫وهياكل السلطة البديلة يشتت األموال التي يجب أن تستثمر في تقوية الشرطة‬ ‫الوطنية األفغانية التي ستسهم في غرس “ثقة الشعب في األمن العام” وهو‬ ‫األمر املطلوب بشدة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن مصطلحي الشركات األمنية والشركات العسكرية يشير إلى‬ ‫اختالف نظري بني تركيز األولى على احلماية واألمن‪ ،‬والثانية على اجلوانب العسكرية‪،‬‬ ‫فإنه يبدو أن هناك تداخال متزايدا بني اخلدمات التي يؤديها كال النوعني من الشركات‪.‬‬

‫بعيدا عن فكرة احملاسبة القانونية والقضايا األخالقية التي تثيرها األرباح الطائلة‬ ‫التي جتنيها الصناعة ككل والتي تتغذى على انعدام األمن‪ ،‬هناك احتماالت‬ ‫أخرى تتطلب فرض رقابة على عمل تلك الشركات األمنية والعسكرية اخلاصة‪.‬‬ ‫إن التعاقد على خدمات شركات األمن اخلاصة يشجع العمالء اجلدد الذين يريدون‬ ‫حماية مصاحلهم – أيا كانت – في مناطق الصراع‪ ،‬فعلى سبيل املثال في حالة‬ ‫حكومة تواجه قرارا تقليديا معقدا فيما إذا كانت سترسل قوات جيشها النظامي‬ ‫إلى أي صراع يسمح باستبدال املرتزقة بالقوات النظامية‪ ،‬حيث ميكن أن تتجنب‬ ‫احلكومة هجوم الشعب عليها في الداخل إذا قتل جنودها‪ ،‬كما حدث على سبيل‬ ‫املثال مع إدارة كلينتون بعد مقتل ‪ 19‬أميركيا في معركة مقديشو‪.‬‬

‫عقود باملليارات‬ ‫كانت الشركة التي عرفت باسم “بالك ووتر” في السابق‪ ،‬وتقدر أرباحها بحوالي مليار‬ ‫دوالر من احلكومة األميركية في العقد املاضي‪ ،‬واحدة من بني ما يزيد عن ‪ 40‬شركة‬ ‫أمنية وعسكرية ما زالت تعمل في العراق‪ .‬وفي العام املاضي‪ ،‬وفقا للبيانات املتاحة‪،‬‬ ‫توجد ‪ 52‬شركة أمنية وعسكرية خاصة في أفغانستان و‪ 30‬ألف متعاقد أمني خاص‪،‬‬ ‫من بينهم نحو ‪ 19‬ألفا يعملون لصالح وزارة الدفاع األميركية‪ .‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫حصلت شركة “دين كروب”‪ ،‬إحدى الشركات الكبرى في هذا اجملال‪ ،‬على عقد ملدة‬ ‫ثالث سنوات بقيمة مليار دوالر ملساعدة الناتو على تدريب قوات الشرطة األفغانية‪.‬‬ ‫كما توجد أيضا شركات أمنية وعسكرية خاصة في الصومال حيث تدرب األجهزة‬ ‫األمنية في الصومال وحتمي السفن التجارية من القراصنة‪ .‬ولكن ترددت شائعات‬ ‫بأن “شارسني إنترناشيونال “(التي يدعمها إيريك برنس‪ ،‬مؤسس “بالك ووتر”)‬ ‫متورطة في أعمال قتالية ضد مسلحي حركة الشباب‪ ،‬باإلضافة إلى إعدادها‬ ‫لشن عمليات مستقبلية على قواعد القراصنة على األرض‪.‬‬ ‫وجند في بعض األحيان أن احلماية التي توفرها الشركات األمنية والعسكرية اخلاصة‬ ‫ألفراد السلك الدبلوماسي والعسكري وفرق إعادة اإلعمار تذكر كميزة لصالح‬ ‫الصناعة األمنية التي يقدمها القطاع اخلاص‪ ،‬لكن تقريرا صدر عن مركز التعاون‬

‫كما أن قوات املرتزقة على األقل تشكل وجودا أجنبيا أكثر تخفيا من فرق القوات‬ ‫النظامية التي حتمل أعالم بالدها على أكتافها‪ ،‬وهي فعليا ميكنها القيام باملهمات‬ ‫ذاتها تقريبا‪ .‬بعيدا عن هذه اجلوانب السياسية واالستراتيجية‪ ،‬هناك تساؤل حول‬ ‫ما إذا كانت تلك الشركات تساهم في نشر الصراع املسلح وخصخصته‪ .‬أي أن‬ ‫يدفع أحد األطراف بينما يقوم اآلخر باملهمة دون مساءلة‪ ،‬وال توجد محاسبة في‬ ‫حالة وقوع أخطاء‪ ،‬ويبدو أن أيام “احلرب” بصفتها “استمرارا للسياسة في صور‬ ‫أخرى”‪ ،‬كما وصفها كارل فون كالوزفيتز املؤرخ العسكري البروسي‪ ،‬قد انتهت‬ ‫منذ زمن بعيد‪ ،‬وبفضل الطلب املتزايد على خدمات الشركات األمنية والعسكرية‬ ‫اخلاصة على مدار العقدين املاضيني‪ ،‬يتزايد التعامل مع الصراعات املعقدة على أنها‬ ‫عمل جتاري غير خاضع للتنظيم‪.‬‬ ‫مانويل أمليدا ‪ -‬محرر مساهم‬

‫ﻛﺎﺑﻮل ﺗﺤﻈﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﴩﻛﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ‬

‫ﺣﻈﺮت أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن رﺳﻤﻴﺎً مثﺎين ﴍﻛﺎت أﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ أﺟﻨﺒﻴﺔ مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺧﺪﻣﺎت ‪Xe‬‬ ‫اﳌﺜرية ﻟﻠﺠﺪل‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﺳﺎﺑﻘﺎً ﺑﺈﺳﻢ ﴍﻛﺔ ”ﺑﻼك ووﺗﺮ“‪ .‬وﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ‬ ‫أﻧﺤﺎء أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ﻧﺤﻮ ‪ 16.400‬ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﳌﺴﻠﺤﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﴩﻛﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ )‪(PSCs‬‬ ‫اﻟﺠﻨﻮد اﻷﻣريﻛﻴﻮن اﳌﻘﺎوﻟﻮن اﻷﻣريﻛﻴﻮن‬ ‫ﰲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ‪112.090‬‬

‫‪79.100‬‬

‫أﻣريﻛﻴﻮن‬

‫‪16.081‬‬

‫اﻟﻌﻨﺎﴏ اﳌﺴﻠﺤﺔ ﰲ اﻟﴩﻛﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ‬

‫‪16.398‬‬

‫ﺟﻨﺴﻴﺎت أﺧﺮى‬

‫أﻣريﻛﻴﻮن‬

‫‪960‬‬

‫‪137‬‬

‫أﻓﻐﺎن‬

‫‪78.499‬‬

‫أﻓﻐﺎن‬

‫‪15.301‬‬

‫آﺧﺮون‬

‫‪17.512‬‬

‫اﳌﺼﺪر‪ :‬ﺧﺪﻣﺔ أﺑﺤﺎث اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس اﻷﻣرييك‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت‬ ‫ﺻﺎدرة ﰲ‬ ‫‪ 31‬آذار )ﻣﺎرس( ‪2010‬‬ ‫اﻟﺼﻮر‪ :‬أب‬

‫‪© GRAPHIC NEWS‬‬ ‫‪11‬‬


‫● احلرب والسالم‬

‫شركات األمن اخلاصة‪ ..‬الرقيب أو حسيب‬

‫خصخصة احلرب‬

‫سوق حرة للقتل‪ ..‬مرتزقة من كل اجلنسيات بال أسماء وال مالمح‬

‫بالك ووتر‪ ..‬سجل أسود‬

‫يثير النمو املطرد للطلب على الشركات األمنية والعسكرية اخلاصة في الشرق األوسط‪ ،‬أسئلة مزعجة حول القدرة على‬ ‫محاسبة موظفي تلك الشركات وتسويق األمن الذي يجني أرباحا وصلت إلى مليارات الدوالرات‪ ،‬وامليل املتنامي إلى نشر‬ ‫الصراعات املسلحة‪ .‬ففي الوقت الذي تتم فيه خصخصة احلرب على نحو متزايد‪ ،‬يبدو أن انتشار تلك الشركات وازديادها‬ ‫يستحقان رقابة دولية خاصة وصارمة‪.‬‬ ‫مانويل أمليدا‬ ‫في سبتمبر (أيلول) عام ‪ ،2007‬قتل ‪ 17‬عراقيا في ساحة النسور في بغداد على‬ ‫يد قوات من شركة بالك ووتر‪ ،‬وعلى الرغم من أن موظفي شركة األمن اخلاص‬ ‫ادعوا أنهم فتحوا النار ردا على كمني‪ ،‬فإن التحقيقات التي تلت احلادث كشفت‬ ‫أن العراقيني القتلى كانوا جميعا من املدنيني وليسوا مسلحني‪ ،‬وأن فرقة بالك ووتر‬ ‫أطلقت النار من دون أن تتعرض ألي عمل استفزازي ساعة وقوع اجملزرة‪.‬‬ ‫وقد صدر مرسوم عام ‪ 2004‬عن سلطة التحالف األميركية املؤقتة‪ ،‬مينع مقاضاة‬ ‫شركات األمن األجنبية في احملاكم العراقية‪ ،‬وبذلك عرضت القضية ضد موظفي‬ ‫بالك ووتر حاملي اجلنسية األميركية على محكمة فيدرالية أميركية‪ ،‬وفي فبراير‬ ‫(شباط)‪ ،‬بعد أن رفض قاض أميركي جميع االتهامات اجلنائية املوجهة إلى موظفي‬ ‫الشركة املتهمني بارتكاب اجملزرة‪ ،‬أمر العراق بطرد جميع املوظفني املتعاقدين مع‬ ‫بالك ووتر العاملية (التي كانت قد غيرت اسمها بالفعل إلى إكس سيرفيسز)‪.‬‬ ‫ولم تنته املعركة القضائية ضد موظفي بالك ووتر األميركيني املتورطني في حادثة‬ ‫ساحة النسور عام ‪ .2007‬فقد أعيد فتح القضية في أبريل (نيسان) في العام‬ ‫احلالي في محكمة استئناف أميركية في واشنطن العاصمة‪ ،‬وهو القرار الذي بررته‬ ‫احملكمة بالكشف عن أخطاء “نظامية” في احلكم الصادر في ديسمبر (كانون‬ ‫األول) عام ‪ 2009‬بنفي االتهامات‪.‬‬ ‫مرتزقة لاليجار‬ ‫رمبا تكون مأساة ساحة النسور أكثر الفصول قتامة – أو على األقل القصة التي‬ ‫‪10‬‬

‫القت أكبر قدر من التغطية اإلعالمية في األعوام األخيرة – في تورط شركات أمنية‬ ‫وعسكرية خاصة فيما يتعلق بالصراعات الدائرة في الشرق األوسط وأفريقيا‬ ‫وأميركا الالتينية‪ .‬ومع طبيعة اخملاطرة لعمل هذه الشركات‪ ،‬ال سيما في ظل األعداد‬ ‫الكبيرة من العاملني الذين يتم نشرهم حاليا في العراق وأفغانستان والصومال‪،‬‬ ‫الدول الثالث األكثر بروزا في هذا اجملال‪ ،‬تفيد تقارير بوقوع حوادث مشابهة تتورط‬ ‫فيها شركات أمنية وعسكرية‪ ،‬فمن بني الروايات املزعجة األخرى أن مسلحي شركة‬ ‫“أغيس” خلدمات الدفاع البريطانية قتلوا مدنيني في العراق عمدا بغرض الترفيه‪،‬‬ ‫كما وقعت مجرزة ملشردين على يد مجموعات مرتزقة من ليبيريا موالية لرئيس‬ ‫ساحل العاج السابق لوران غباغبو‪.‬‬ ‫ويتفق حجم زيادة نشاط الشركات األمنية والعسكرية اخلاصة مع غياب جهاز‬ ‫فعال للقانون الدولي‪ ،‬للتعامل مع قضايا من هذا النوع‪ ،‬ففي عام ‪ 2007‬ن ّبه تقرير‬ ‫صادر عن األمم املتحدة حول نشاط املرتزقة‪ ،‬جمعته مجموعة من خبراء حقوق‬ ‫اإلنسان املستقلني‪ ،‬إلى حقيقة أن معظم األفراد املتعاقدين املنتشرين في مناطق‬ ‫الصراعات املسلحة ال ميكن مساءلتهم إال أمام الشركات التي تتعاقد معهم‪،‬‬ ‫وكشف التقرير عن أن االتفاقية الدولية ملناهضة جتنيد واستخدام ومتويل وتدريب‬ ‫املرتزقة املطبقة منذ عام ‪ ،2001‬لم توقع عليها سوى ‪ 32‬دولة من الدول األعضاء‬ ‫في األمم املتحدة‪.‬‬ ‫في حني ال متيز املادة ‪ 47‬من البروتوكول اإلضافي في اتفاقية جنيف بني األعمال‬ ‫الدفاعية والهجومية في تعريف “املرتزقة”‪ ،‬ويتكرر االدعاء بأن هذه الشركات تتدخل‬


‫متوفرة الآن على‬

‫جملة العرب الدولية‬

‫املجلة‬ ‫تطبيقات املجلة‬ ‫تطبيقات‬


‫●● أقوال‬ ‫احملتويات‬

‫أقوال‬ ‫"قررنا مشاركة املرأة في‬ ‫مجلس الشورى عضواً‪،‬‬ ‫اعتبارا ً من الدورة القادمة‬ ‫وفق الضوابط الشرعية "‬

‫العاهل السعودي امللك عبداهلل‬ ‫بن عبد العزيز خالل افتتاحه العام‬ ‫الثالث من الدورة اخلامسة ألعمال‬ ‫مجلس الشورى‬

‫"الشكر ال يفي حق كل مواطن‬ ‫آثر على نفسه بأن ال يقف مكتوف‬ ‫األيدي جتاه األصوات النشاز التي تسعى لقلب‬ ‫احلقائق"‬ ‫رئيس وزراء البحرين األمير خليفة بن سلمان آل خليفة لدى استقباله‬ ‫عددا ً من املسؤولني‬

‫"عاجال أم آجال إذا اتخذ الناس قرارا‬ ‫مختلفا في سوريا فإن ذلك القرار‬ ‫سيلبى‪ ،‬فالشعب يريد احلرية مثلما‬ ‫حدث في مصر وتونس وليبيا"‬

‫رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة‬ ‫مع شبكة "سي أن أن" األميركية‬

‫"أكدنا للجميع اننا نريد ان نصل الى حقوقنا‬ ‫بالطرق السلمية وباملفاوضات ولكن ليس اي مفاوضات‬ ‫"لن نقبل اال أن تكون الشرعية أرضية وأن يوقفوا‬ ‫االستيطان بشكل كامل"‬ ‫الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد يومني من تقدميه طلبا‬ ‫للحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطني في االمم املتحدة‬

‫"لنتوجه جميعا نحو احلوار‬ ‫والتفاهم والتبادل السلمي‬ ‫للسلطة عبر صناديق‬ ‫االقتراع وانتخابات رئاسية‬ ‫مبكرة كما جاء في املبادرة‬ ‫اخلليجية "‬ ‫الرئيس اليمني علي عبد اهلل‬ ‫صالح في خطاب للشعب اليمني‬ ‫هو األول منذ عودته من السعودية‬

‫‪8‬‬

‫"تونس حتتاج إلى تضافر جهود‬ ‫كل األطراف املعنية من أجل‬ ‫إرساء منط منو اجتماعي‪ ،‬يقضي‬ ‫على البطالة والفقر واإلقصاء‬ ‫والتفاوت بني اجلهات "‬

‫رئيس احلكومة االنتقالية في تونس الباجي‬ ‫قائد السبسي في افتتاح أعمال الندوة‬ ‫الدولية حول العدالة االجتماعية ومقاومة‬ ‫اإلقصاء في زمن االنتقال الدميقراطي‬

‫"دخل كثيرون الى احللبة ظنا منهم ان‬ ‫املعركة انتهت وانه آن االوان لتقسيم الكعكة‬ ‫السياسية‪ .‬وجهة نظري ان الكعكة السياسية‬ ‫لم تخبز بعد ولم تدخل الفرن "‬ ‫رئيس املكتب التفيذي للمجلس الوطني االنتقالي في ليبيا‬ ‫محمود جبريل في مقابلة صحافية أجريت معه في نيويورك‬

‫"أنا مقتنع بأنه ال‬ ‫توجد طريق‬ ‫مختصرة‬ ‫إلنهاء نزاع‬ ‫قائم منذ‬ ‫عقود‪.‬‬ ‫السالم‬ ‫ال ميكن‬ ‫أن يأتي‬ ‫عبر بيانات‬ ‫وقرارات في‬ ‫األمم املتحدة‪،‬‬ ‫ولو كان األمر‬ ‫بهذه السهولة‬ ‫لكان أجنز على التو"‬

‫الرئيس األميركي باراك أوباما في خطاب أمام اجلمعية‬ ‫العامة لألمم املتحدة‬

‫"معاهدة كامب ديفيد للسالم ليست مقدسة‬ ‫ومفتوحة دائما للنقاش وميكن أن تتغير إذا كان‬ ‫ذلك يفيد املنطقة والسالم"‬ ‫رئيس الوزراء املصري عصام شرف خالملقابلة أجرتها معه قناة‬ ‫"التركية" التلفزيونية‬


‫‪32‬‬

‫‪52‬‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪7‬‬


‫● احملتوى‬

‫احملتوى‬ ‫أقوال‬

‫‪08‬‬

‫احلرب والسالم‬

‫‪10‬‬

‫ •خصخصة احلرب‬ ‫بقلم‪ :‬مانويل أمليدا‬

‫شؤون سياسية‬

‫ •اخلطوة التالية‬

‫‪12‬‬

‫بقلم‪ :‬توماس ألبرتس‬

‫ •مرحلة جديدة‬

‫بقلم‪ :‬حسن فحص‬

‫العقد املفقود‬

‫‪18‬‬

‫‪ 10‬سنوات من احلرب‬

‫بقلم‪ :‬جيسون بيرك‪ ،‬جيمس دينسلو‪ ،‬فواز جرجس‬

‫بروفايل‬ ‫الوضع البشري‬

‫ •أطفال الثورة‬

‫‪30‬‬ ‫‪32‬‬

‫بقلم‪ :‬مرمي ايشاني‬

‫ثروة األمم‬

‫‪36‬‬

‫ •استثمار في املستقبل‬ ‫بقلم‪ :‬نيما خورامي أسل‬

‫حوارات‬

‫‪38‬‬

‫ •عبد اللطيف آل محمود‪ :‬حزب اهلل ينفّذ مؤامرة في البحرين‬ ‫ •محمد بسيوني لـ«اجمللة» ‪ :‬مبارك ال يستحق منّا هذه‬ ‫«البهدلة»‬

‫اجلمهورية اجلزائرية‬

‫‪46‬‬

‫الفن‬

‫‪48‬‬

‫اختيار احملرر‬

‫‪52‬‬

‫النقاد‬

‫‪58‬‬

‫الكلمة األخيرة‬

‫‪62‬‬

‫‪6‬‬

‫‪10‬‬


‫الكتاب المساهمون‬ ‫في هذا العدد‬ ‫فواز جرجس‬ ‫أستاذ السياسة الشرق أوسطية والعالقات الدولية في كلية‬ ‫االقتصاد والعلوم السياسية بلندن‪ .‬وقد حصل على درجة‬ ‫الدكتوراه من جامعة أكسفورد وتلقى تعليمه في جامعات‬ ‫أكسفورد وهارفارد وكولومبيا‪ .‬وكان يعمل باحثا في برنستاون‬ ‫وأستاذا في كلية سارة لورنس في نيويورك‪ .‬ومن مؤلفات‬ ‫جرجس‪ :‬رحلة اجملاهدين‪ :‬داخل اجلهاد اإلسالمي عن دار نشر‬ ‫هاركورت ‪ .2007‬العدو البعيد‪ :‬ملاذا أصبح اجلهاد عامليا عن دار‬ ‫نشر جامعة كمبريدج‪ ،‬ويعكف حاليا على تأليف كتاب حتت‬ ‫عنوان موقت صناعة العالم العربي‪ :‬من ناصر إلى نصراهلل‪.‬‬ ‫ويكتب جرجس مقاالت وافتتاحيات في واشنطن بوست و‬ ‫نيويورك تاميز و فورين بوليسي و فورين آفيرز و لوس أجنليس تاميز وغيرها‪.‬‬

‫جيسون بيرك‬ ‫كاتب وصحافي‪ ،‬يعمل حاليا مراسال لـ"الغارديان" لشؤون‬ ‫جنوب آسيا‪ ،‬وهو محلل لشؤون اجلماعات اإلسالمية املسلحة‬ ‫منذ ما يزيد عن ‪ 15‬عاما‪ .‬من بني مؤلفاته السابقة وأكثرها‬ ‫مبيعا "القاعدة‪ :‬القصة احلقيقية لإلسالم الراديكالي"‬ ‫و"في الطريق إلى قندهار‪ ".‬وينشر أحدث أعماله "حروب‬ ‫‪ "11/9‬في شهر سبتمبر احلالي‪.‬‬

‫جيمس دينسلو‬ ‫كاتب صحافي مختص في الشؤون األمنية وسياسات‬ ‫الشرق األوسط بكنغس كولدج لندن‪ ..‬عمل كثيرا في البالد‬ ‫العربية وساهم بتقارير حول املنطقة نوقشت باملعهد امللكي‬ ‫للشؤون الدولية "شامت هاوس" بلندن كما كان له نشاط‬ ‫الفت مع منظمات غير حكومية دولية‪ .‬يكتب بانتظام‬ ‫لصحيفة الغارديان البريطانية حول سوريا ولبنان والعراق‪ .‬من‬ ‫مؤلفاته "أميركا والعراق" و "عراق من أقاليمه ‪ :‬حجر الزاوية‬ ‫لدميقراطية احتادية؟"‬

‫مانويل أمليدا‬ ‫محرر مساهم في «اجمللة»‪ ،‬كان في السابق كبير محرري‬ ‫النسخة اإلجنليزية من «اجمللة»‪ .‬وهو حاليا مرشح لنيل‬ ‫درجة الدكتوراه في قسم العالقات الدولية في كلية لندن‬ ‫لالقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬حيث يُدرس بها أيضا‪ .‬تضم‬ ‫مجاالت تخصصه الدول الفاشلة‪ ،‬والتنمية الدولية‪ ،‬والعنف‬ ‫السياسي‪ .‬ويعمل أمليدا حاليا على تأليف كتابه اجلديد‪،‬‬ ‫القائم على موضوع رسالة الدكتوراه‪ ،‬حتت عنوان موقت‪:‬‬ ‫«من البرابرة امللحدين إلى الدول الفاشلة‪ :‬تاريخ مشكلة‬ ‫الفوضى»‪.‬‬ ‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫‪5‬‬


‫● اإلفتتاحية‬

‫أسسها سنة ‪1987‬‬

‫األمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز‬

‫أسسها هشام ومحمد علي حافظ‬ ‫الرئيس التنفيذي‬ ‫الدكتور عزام الدخيل‬ ‫رئيس التحرير‬

‫عادل بن زيد الطريفي‬

‫مدير التحرير‬ ‫عزالدين سنيقرة‬ ‫التحرير‬ ‫عبد اجلليل الساعدي‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫جان سينجفيلد‬ ‫للمشاركة‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني ‪editorial@majalla.com‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪ 800‬كلمة‬

‫عزيزي القارئ‪،‬‬

‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى االتصال بـ‪subscriptions@majalla.com :‬‬ ‫لالشتراك في االلكترونية(كندل) بـ‪kindle@majalla.com :‬‬

‫قبل عشر سنوات‪ ،‬اهتز العالم‪ ،‬ومن قبله الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬لهول‬ ‫هجمات ‪ 11‬سبتمبر االرهابية التي راح ضحيتها اآلالف‪ .‬في ‪ ،2011‬أي بعد‬ ‫عقد كامل‪ ،‬ما زال العالم يعاني من مخلفات ذلك اليوم املشؤوم‪ .‬هو عقد‬ ‫مفقود‪ ،‬شهد اجتياح دولتني وحربا كونية على االرهاب‪ ،‬ال هوادة فيها‪.‬‬

‫اشتراكات‬

‫تنويه‬

‫اآلراء الواردة في اجمللة ال تعبر بالضرورة عن رأي إدارة التحرير‬

‫حقوق النشر محفوظة جمللة اجمللة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪ .‬وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫اجمللة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة‬ ‫إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون احلصول على تصريح مسبق من‬ ‫الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر اجمللة شهريا ً‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬

‫‪London Office Address‬‬ ‫‪HH Saudi Research & Marketing (UK) Limited‬‬ ‫‪Arab Press House 182-184 High Holborn,‬‬ ‫‪LONDON WC1V 7AP DDI: +44 (0)20 7539‬‬ ‫‪2335/2337, Tel.: +44 (0)20 7821 8181,‬‬ ‫‪Fax: +(0)20 7831 2310‬‬ ‫‪E-Mail: editorial@majalla.com‬‬

‫اإلعالن‬ ‫لإلعالن في النسخة الرقمية يرجي االتصال بـ‪:‬‬

‫‪Mr. Wael Al Fayez‬‬ ‫‪w.alfayez@alkhaleejiah.com‬‬ ‫‪Tel.: 0096614411444,‬‬ ‫‪F.: 0096614400996‬‬ ‫‪P.O.BOX 22304, Riyadh 11495, Saudi Arabia‬‬

‫‪4‬‬

‫التحرير‬ ‫"اجمللة" تفتح ملف حربي العراق وأفغانستان واحلرب على تنظيم القاعدة‬ ‫في محاولة لفهم ما حدث ويحدث منذ ‪ 2001‬وحتى ‪ .2011‬جيسون بيرك‪،‬‬ ‫اخلبير في شؤون اجلماعات االرهابية يرصد التطورات التي مرت بها القاعدة‬ ‫منذ "غزوة نيويورك املشؤومة" وما آل اليه التنظيم بعد اعالن "احلرب‬ ‫الكونية على االرهاب" وما سيؤول إليه بعد مقتل زعيمه أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫أما جيمس دينسلو‪ ،‬الكاتب اخملتص في الشؤون األمنية وسياسات الشرق‬ ‫األوسط بكنغس كولدج لندن فيعرض كيف حتول املشروع األميركي لبناء‬ ‫الدولة في العراق الى مجرّد أوهام حيث اصبح العراق اليوم دولة تعج‬ ‫باالنقسامات العرقية والطائفية كما أنها أصبحت ساحة حلرب بالوكالة‬ ‫بني إيران والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫من جهته يبحث فواز جرجس‪ ،‬أستاذ السياسة الشرق أوسطية والعالقات‬ ‫الدولية في كلية االقتصاد والعلوم السياسية بلندن‪ ،‬أخطاء السياسة‬ ‫األميركية في أفغانستان‪ ،‬مركزا بصفة خاصة على اخللط اخلاطئ بني‬ ‫طالبان و«القاعدة» وسوء فهم املشاعر احمللية‪ ،‬كما يبحث الكاتب في‬ ‫االستراتيجيات األميركية احملتمل اتباعها في تنفيذ انسحاب القوات في‬ ‫أفغانستان‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املوضوعات وغيرها الكثير على موقعنا‬ ‫اإللكتروني ‪ .majalla.com‬ونرحب دائما بآرائك وندعوك للتعليق على‬ ‫املوضوعات أو االتصال بنا إذا رغبت في التواصل معنا‪.‬‬

‫عادل الطريفي‬ ‫رئيس التحرير‬


TM1561_02-03_Ad.indd 2

21/02/2011 10:56


TM1561_02-03_Ad.indd 3

21/02/2011 10:56


‫العدد ‪ ،1567‬نوفمبر ‪2011‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫العقد املفقود‬

‫‪10‬‬

‫‪‬‬

‫سنوات‬ ‫من احلرب‬

‫‪‬‬

‫قم بتنزيل رمز‬ ‫االستجابة‬ ‫السريعة واستعمل‬ ‫هاتفك الذكي‬ ‫لتفحص الرمز‬

‫ثروة األمم‪:‬‬ ‫احلرب والسالم‪:‬‬ ‫استثمار في املستقبل‬ ‫خصخصة احلرب‬ ‫شركات األمن اخلاص‪ ..‬ال رقيب أو حسيب األمن الغذائي‪ ..‬قنبلة زمنية بدول مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫‪‬‬

‫‪11‬‬

‫‪9 770261 087119‬‬

‫حوارات‪:‬‬ ‫محمد بسيوني‪:‬‬ ‫مبارك ال يستحق منّا هذه "البهدلة"‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.