السعودية في مواجهة الإرهاب

Page 1



‫الكلمة الأخرية‬

‫بقلم‪ :‬ر�شيد اخل ُّيون‬

‫َّ‬ ‫الجن َّ‬ ‫ادرية (املوسم التاسع والعشرون)‪ ،‬على مواضيع عديدة‪ ،‬والتي ُعقدت ِمن (‪ 13‬فبراير‬ ‫ركزت ندوات مهرجان‬ ‫ِّ‬ ‫‪ِّ ،)2014‬‬ ‫بالرياض في قاعة امللك فيصل للمؤتمرات‪ ،‬ومنها يومان في اإلسالم السياسي والدولة الوطنية‪ ،‬تحدث فيها‬ ‫َّ‬ ‫العديد ِمن املهتمني بهذا الشان‪ ،‬وإذا ضاق الوقت على املشاركني‪ ،‬عوضه النقاش ِمن داخل القاعة‪ ،‬بني ضد ومع‪ ،‬وما‬ ‫فات املتحدث عوضه بالثالث أو األربع دقائق في ُّ‬ ‫الردود‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫لكن ما لفت نظري في تلك الندوات الخمس هو الخالف على تسمية «اإلسالم السياسي»‪ ،‬ولو دققت فيما طرح‬ ‫َّ‬ ‫مسمى‪ ،‬والعذر هو‬ ‫تجد هذه القضية أخذت نصف الحوار‪ .‬ما يراه غير اإلسالميني أنها تسمية مطابقة‪ ،‬اسم على‬ ‫َّ‬ ‫خلط ِّ‬ ‫والتصريح معروف‪ ،‬ردده َّ‬ ‫الدين ِّ‬ ‫السيد روح الله الخميني (ت ‪ )1989‬في‬ ‫بالسياسة‪ ،‬إلى درجة أنها غدت ِعبادة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بدايات الثورة اإليرانية‪ ،‬ثم ردده الشيخ يوسف القرضاوي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫كان ُعذر املصرين على هذه التسمية هو التفريق بني املسلم واإلسالمي‪ ،‬ولعل عنوان كتاب اإلمام أبي الحسن‬ ‫األشعري (ت ‪ 324‬هـ) يفيد في تأكيد ذلك‪ ،‬وهو «مقاالت اإلسالميني واختالف املصلني»‪ ،‬فبعد أن تنتهي ِمن قراءة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫كالميا على أساس‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬التي اختلفت‬ ‫الكتاب تجده تاريخ سياسة في سياسة‪ ،‬أي عرضا وافيا للحركات‬ ‫املوقف ِّ‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫على أن «اإلسالم ِّ‬ ‫السياسي» ال يعني تجزئة اإلسالم كدين‪ ،‬إنما ِمن حق غير العامل وغير املوظف للديانة في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫السياسة أن يميز نفسه عن الناشط دينيا في السياسة‪ ،‬فهو يؤمن ويتعبد صالة وصياما وزكاة‪ ،‬وما وجب عليه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِمن الدين‪ ،‬فما العذر في عدم تميزه عن السياسي أو الحزبي دينيا‪ ،‬أكان صاحب فعل دعوي تنظيمي أو فعل مسلح‬ ‫قر ِّ‬ ‫جهادي؟ فعندما ُت ُّ‬ ‫السياسة عبادة فمعنى هذا أن َمن ال يميل إلى ممارستها يكون شأنه شأن قاطع بقية العبادات‬ ‫املفروضة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫التسمية فيرون أنها تجزئة لإلسالم وتعدد مفتعل ال مبرر له‪ ،‬فإذا أ َّ‬ ‫قرت تسمية‬ ‫أما املصرون على عدم صحة‬ ‫«اإلسالم ِّ‬ ‫السياسي» فما املانع ِمن الحديث عن إسالم اجتماعي وإسالم جغرافي وإسالم عربي وإسالم أوروبي‬ ‫وإسالم أميركي إلى غير ذلك ِمن التسميات‪ .‬صحيح أن البعض يستخدم هذا التشطير لإلسالم‪ ،‬لكن ال يتعدى‬ ‫ذلك اللفظ‪ ،‬وإذا ظهرت سلسلة كتيبات تحت اسم اإلسالم وبعناوين مختلفة‪ ،‬موزعة على الجماعات‪ ،‬مثل‪« :‬إسالم‬ ‫املتكلمني» و«إسالم الفقهاء» و«إسالم آسيوي» و«إسالم الفالسفة» و«اإلسالم األسود» واإلسالم الشيعي»‬ ‫السني» و«اإلسالم الخارجي»‪َّ ،‬‬ ‫و«اإلسالم ُّ‬ ‫وربما السلسلة مستمرة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫فهذا ال يعطي العذر في عدم صحة تسمية «اإلسالم السياسي»‪.‬‬

‫َّ‬ ‫الجنادرية‪ ..‬تسمية اإلسالم السياسية!‬

‫فمثل تلك ِّ‬ ‫السلسلة جعلت الفرعيات رئيسات‪ ،‬وعندما تقرأ بعضها‬ ‫اختالف البيئات الجغرافية‬ ‫تجدها مجرد عناوين‪ ،‬موزعة على ُ‬ ‫واالجتماعية والحركية ال أكثر‪ ،‬تحت مظلة أممية اإلسالم‪ ،‬وبهذا قد ال‬ ‫السياسي فأمره آخر‪ ،‬هو فعل منفصل يحصر ِّ‬ ‫تنتهي هذه السلسلة بما ال ينتهي تعدد البيئات‪ .‬أما اإلسالم ِّ‬ ‫الدين‬ ‫حصرا قاسيا في بوتقة ِّ‬ ‫السياسة‪ ،‬حتى غدت األخيرة «عبادة»!‬ ‫َّ‬ ‫التسمية تعذروا بمنطق تلك َّ‬ ‫السلسلة «اإلسالم واحد ومتعدد»‪ ،‬وأضافوا لها‪،‬‬ ‫لهذا تجد ُاملعارضني‪ ،‬أو الكارهني‪ ،‬لهذه‬ ‫َّ‬ ‫الجنادرية ثم ركزوا على أمر آخر يشي باملؤامرة على اإلسالم‪ ،‬حسب منطقهم‪ ،‬وهو أن هذه‬ ‫وهذا ما طرح في ندوات‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫التسمية غربية األصل‪ ،‬وأتوا بأسماء من بثوها في الثمانينات‪ِ ،‬من القرن املاضي‪ ،‬أو أقدم ِمن ذلك‪ ،‬جاءت مع شدة‬ ‫ِّ‬ ‫العمل الحزبي الديني‪ ،‬وعلى وجه الخصوص إثر الجهاد بأفغانستان (‪ 1980‬وما بعدها)‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الديني وغير ِّ‬ ‫مع أن الفرق بني اإلسالمي واملسلم‪ ،‬هو ما بني الحزبي ِّ‬ ‫الديني‪ ،‬ولنا بأبي الحسن األشعري مثاال‪ ،‬فيكون‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫كل إسالمي مسلما وليس كل مسلم إسالميا‪ ،‬إال أن املدافعني يغمضون األبصار عن هذه الحقيقة‪ ،‬فأحالوها إلى‬ ‫أصل غربي كي توضع موضع املؤامرة على اإلسالم واملسلمني جميعا‪ ،‬ألنها تجزئ اإلسالم‪ ،‬والحقيقة أنها تعزل‬ ‫األحزاب ِّ‬ ‫الدينية عن البيئة التي تعمل فيها‪ .‬ولكي نكون منصفني ليس اإلسالميون فقط هم من طرحوا هذا املوضوع‬ ‫ِّ‬ ‫بل َمن كان يخدم مشروع اإلسالم ِّ‬ ‫السياسي في َّ‬ ‫الربيع العربي تصدر لهذا الدفاع‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ومن داخل قاعة الحوار‪ ،‬بأن الشيخ محمد رشيد رضا (ت ‪ ،)1935‬وهو أستاذ مؤسس‬ ‫لكن الرد يأتي سريعا‪ِ ،‬‬ ‫اإلخوان املسلمني حسن البنا (اغتيل ‪ )1949‬قد استخدم هذا املصطلح معبرا به عن الحكومات اإلسالمية (عمارة‪،‬‬ ‫اإلسالم السياسي والتعددية السياسية من منظور إسالمي ‪.)2003‬‬

‫هنا أحاول أن أوضح ما بني ِّ‬ ‫الدين والعمل ِّ‬ ‫تاريخي‪ ،‬كتب محمد بن‬ ‫السياسي‪ ،‬حتى قبل وجود هذا املصطلح بحدث‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫حضرت‬ ‫جرير الطبري (ت ‪ 310‬هـ) ُقائال‪« :‬حدثني علي بن ِإسماعيل بن صالح بن‬ ‫ميثم‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبو َ كعب‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫عيسى بن موسى) حني قتل محمد (النفس َّ‬ ‫الزكية َّ‬ ‫السنة ‪145‬هـ) فوضع رأسه بني يديه‪ ،‬فأقبل عليه أصحابه‪،‬‬ ‫(اِ‬ ‫َ‬ ‫تقولون في هذا؟! فوقعوا فيه‪ ،‬قال‪ :‬فأقبل عليهم قائد له‪ ،‬فقال‪ :‬كذبتم والله وقلتم باطال‪ِ ،‬ملا على هذا قتلناه‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬ما‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ولكنه خالف أمير املؤمنني‪ ،‬وشق عصا املسلمني‪َّ ،‬وإن كان لصواما قواما‪ .‬فسكت القوم» (تاريخ األمم وامللوك)‪ .‬هذا‬ ‫السياسي واإلسالم ِّ‬ ‫هو ما بني اإلسالم ِّ‬ ‫الدين‪ ،‬ولعل املعترضني سيسكتون‪!.‬‬ ‫‪66‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫وجوه جديدة‪ ..‬انقسامات قديمة‬ ‫عندما جاء محمود أحمدي نجاد خلفا لخاتمي في عام ‪،2005‬‬ ‫بدا وكأنه يبشر بالعودة إلى أيام الجمهورية اإلسالمية األولى‪.‬‬ ‫في الحقيقة‪ ،‬كان أحمدي نجاد وفصيله يمثلون أول الوجوه‪،‬‬ ‫الوحيدة‪ ،‬التي تظهر على الساحة السياسية اإليرانية في ذلك‬ ‫الوقت‪ .‬لم يتول املحافظون الشعوبيون الشباب الذين ينتمي إليهم‬ ‫نجاد منصبا سياسيا رفيعا قبل ذلك‪ .‬ولكنهم استفادوا من‬ ‫سخط الطبقات الدنيا التي تحملت ويالت الحرب في الثمانينات‬ ‫وكانت تشكل صفوف ميليشيا الباسيج‪ ،‬ولكنها شعرت أن‬ ‫حصتها من السلطة والثروة ال تتناسب مع حجم التضحيات‬ ‫التي قدمتها‪ .‬كانوا يطلقون على أنفسهم «األص��ول�ي�ين» نظرا‬ ‫ألنهم اعتقدوا أن أصول الثورة تأثرت باالبتداع السياسي وفساد‬ ‫النخبة‪ .‬وفي مفارقة‪ ،‬كما يشير أكسوورثي‪ ،‬أحيا األصوليون‬ ‫من جديد خطاب أكثر فصيل متطرف في الثمانينات – وهم‬ ‫من يطلق عليهم اآلن اإلصالحيني املعارضني ألحمدي نجاد‪.‬‬

‫جمهوريتهم اإلسالمية‪ ،‬ومع هذا النضج أعيد ترتيب التحالفات‬ ‫ع�ل��ى ن�ح��و ال يمكن ت�ف�س�ي��ره إذا اف �ت��رض امل ��رء أن االل �ت��زام��ات‬ ‫اآليديولوجية من السمات الشخصية الثابتة‪ .‬في أثناء التسعينات‪،‬‬ ‫أع��اد أكثر اليساريني اإلسالميني راديكالية في القرن السابق‬ ‫تشكيل ذات�ه��م ليصبحوا إصالحيني ليبراليني‪ ،‬يدافعون عن‬ ‫حرية التعبير والعمل املدني وسيادة القانون‪ .‬القت هذه األجندة‬ ‫شعبية هائلة‪ .‬وفي عام ‪ ،1997‬تولى اإلصالحيون حكم البالد‬ ‫بعد فوز انتخابي كاسح للرئيس محمد خاتمي‪.‬‬ ‫وبمجرد أن وص�ل��وا إل��ى السلطة أرخ��ى اإلص�لاح�ي��ون الرقابة‬ ‫وشجعوا على تنمية املنظمات املدنية‪ ،‬وتقاربوا مع العالم باقتراح‬ ‫إقامة «حوار بني الحضارات»‪ .‬ولكنهم واجهوا معارضة عنيدة‬ ‫من اليمني املتشدد في املؤسسة‪ .‬ووفقا ألكسوورثي‪ ،‬خشي‬ ‫املتشددون من أن استقالل إيران الذي تحقق بجهد بالغ سوف‬ ‫ينتقص منه االستيراد الثقافي الغربي وسوف ينحني أمام إرادة‬ ‫املتحدثني الدبلوماسيني الغربيني‪ .‬ولكن يتجاوز هذا التفسير‬ ‫بسرعة كبيرة دوافع أبسط‪ ،‬مثل مصالح نخبة خشيت من اإلرادة‬ ‫الشعبية وعزمت على حماية امتيازاتها‪.‬‬ ‫استغل املتشددون مواقعهم ذات األغلبية في املجالس الدينية‬ ‫والقضاء وجهاز االستخبارات ملعارضة تشريعات اإلصالحيني‪،‬‬ ‫وتكميم الصحف اإلصالحية‪ ،‬وحرمان املرشحني اإلصالحيني‬ ‫من املنافسة على املنصب‪ .‬وأطلقوا حملة اعتقاالت واغتياالت‬ ‫وتخويف ضد املثقفني والكتاب والنشطاء الطالبيني وغيرهم‪.‬‬ ‫كان يمكن لخاتمي أن يستخدم التأييد الشعبي الذي يحظى به‬ ‫في مواجهة املؤسسة املتشددة‪ ،‬ولكنه لم يكن من ذلك الطراز من‬ ‫الرجال‪ ،‬كذلك لم يكن املشروع اإلصالحي يميل إلى املواجهة‪.‬‬ ‫كانت م�ب��ادرة م��ن ال��داخ��ل ليس املقصود منها قلب النظام بل‬ ‫تحسينه‪ .‬ولم يكن هناك من هم أقل تسامحا مع إخفاقات خاتمي‬ ‫من الناخبني الذين أعطوه أصواتهم‪.‬‬

‫يقدم أكسوورثي حديثا شيقا ومفيدا عن أعوام أحمدي نجاد‬ ‫الثمانية في الرئاسة‪ ،‬بما فيها انتخابات عام ‪ 2009‬املشكوك في‬ ‫نزاهتها والتي أوصلته إلى فترة رئاسية ثانية وأخرجت أكبر‬ ‫حركة احتجاج في تاريخ الجمهورية اإلسالمية‪ .‬بدا أن التوترات‬ ‫التي تحقق ال�ت��وازن في إي��ران وصلت إل��ى مرحلة حرجة‪ .‬بعد‬ ‫أن وقعت الحركة الخضراء املعارضة بني خياري اإلص�لاح أو‬ ‫املواجهة‪ ،‬اختارت األول ولكنها أجبرت على الثاني‪ .‬ولكن عندما‬ ‫ُ‬ ‫خ ِّير النظام بني الدستور أو العنف‪ ،‬اختار العنف‪.‬‬ ‫يقول أك�س��وورث��ي‪« :‬ل��م تكن األزم��ة مجرد مواجهة ب�ين النظام‬ ‫وقطاع من الشعب؛ بل كانت أيضا أزمة داخل النظام ذاته‪ ،‬وما‬ ‫زال��ت بال ح��ل»‪ .‬كان يمكنه أن يكتب أيضا أنها كانت أزم��ة بني‬ ‫الشعب ذاته‪ .‬في ظل الحكم امللكي‪ ،‬اختل توازن التوترات الداخلية‬ ‫في إيران – بني وسائل الحياة الحديثة والتقليدية‪ ،‬والفلسفات‬ ‫السياسية الليبرالية واملستبدة‪ ،‬والعاملية واملحلية‪ ،‬والتفسيرات‬ ‫الواسعة والضيقة لإلسالم – مما شغل مساحة سلبية بالنسبة‬ ‫للمراقبني الغربيني‪ .‬كان ديوان الشاه محال لالجتماعات الخاصة‬ ‫والطموحات الشخصية في مقابل شبكة ثرية من االتصاالت‬ ‫تحظى بها الجمهورية اإلسالمية مع املجتمع الذي تحكمه‪ ،‬شبكة‬ ‫تميل إلى القتال والقمع‪ ،‬ولكنها تتسم بالديناميكية على الرغم‬ ‫من ذل��ك‪ .‬دخ��ل كتاب أكسوورثي مرحلة الطباعة قبل انتخاب‬ ‫الرئيس حسن روحاني‪ ،‬رجل الدين املحافظ الذي تعهد على أي‬ ‫حال بانفتاح املجتمع اإليراني وإعادة الصلة بني بالده واملجتمع‬ ‫ال��دول��ي‪ .‬يسعى روح��ان��ي إل��ى ال�ت�ق��ارب الدبلوماسي م��ع القوى‬ ‫الغربية بعد أن ظلت مبعدة ملدة طويلة‪.‬‬ ‫ولكن ربما تكون سلطته الداخلية‪ ،‬التي يبدي املراقبون من الخارج‬ ‫قليال من االهتمام بها‪ ،‬في النهاية هي الحاسمة‪ .‬يبدو أن أربع‬ ‫سنوات من عدم االعتراف بني قوة متشددة وحركة إصالح ُيطلق‬ ‫على أتباعها رسميا «مثيري الفتنة» حولت االنقسامات في إيران‬ ‫إلى عداء ال يمكن حله‪ .‬ولكن ما زال روحاني يملك فرصة لبث‬ ‫السالم بني املواطنني اإليرانيني‪ ،‬على األقل بتوفير منافذ قانونية‬ ‫للنقد والحوار واملعارضة‪ .‬في الوقت الحالي‪ ،‬كما كان في املاضي‪،‬‬ ‫تظل املصالحة الوطنية االختبار الحقيقي الذي يواجه حكام إيران‬ ‫الذين يحكمون مجتمعا منقسما بسبب اآليديولوجيا واختالف‬ ‫مفاهيم الهوية‪ ،‬عبر خطوط انقسام ليست دائما واضحة‪ .‬تكمن‬ ‫مهمة الرئيس الجديد األساسية وتحديه األكبر في مساحة بشرية‬ ‫حيوية تمتد في جميع أنحاء الداخل اإليراني <‬

‫‪,,‬‬

‫يقدم‬ ‫أكسوورثي‬ ‫حديثا شيقا‬ ‫ومفيدا عن‬ ‫أعوام أحمدي‬ ‫نجاد الثمانية‬ ‫بما فيها‬ ‫انتخابات ‪2009‬‬ ‫املشكوك في‬ ‫نزاهتها والتي‬ ‫أوصلته إلى‬ ‫فترة رئاسية‬ ‫ثانية‬

‫‪,,‬‬

‫* صحافية وتعمل مراسلة من إيران لنيويوركر و نيويورك تايمز‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪65‬‬


‫كتب‬

‫ما بني التبعية واملواطنة‬ ‫يظهر الخميني في كتاب أكسوورثي في صورة مختلفة تماما‪.‬‬ ‫بالنسبة ألكسوورثي‪ ،‬تصرف الخميني‪ ،‬بصفته أول مرشد أعلى‬ ‫للجمهورية اإلسالمية‪ ،‬بنزاهة مستقلة‪ ،‬وأحيانا ما كان يجفل‬ ‫من تطبيق العنف‪ .‬ويؤكد أكسوورثي على أن الخميني سعى إلى‬ ‫إنهاء الحرب اإليرانية العراقية عام ‪ ،1982‬بعد أن استعادت إيران‬ ‫األرض التي خسرتها قبل ذلك‪ ،‬وكان مترددا في املوافقة على رأي‬ ‫الحرس الثوري بأنه من األفضل غزو العراق والسعي إلى إسقاط‬ ‫صدام حسني‪ .‬ويعتقد أكسوورثي بأن هذا القرار كان سليما‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫أجبرت الثورة‬ ‫على وضع‬ ‫املجتمع‬ ‫اإليراني بما‬ ‫يحتويه من‬ ‫انقسامات‬ ‫وتعقيدات‬ ‫وطموحات‬ ‫ومحاذير‬ ‫تحت ضوء‬ ‫التفسير‬ ‫التاريخي‬

‫‪,,‬‬

‫تثير ه��ذه التأكيدات ال�ج��دل ف��ي ض��وء ال��دراس��ات األخ��رى التي‬ ‫تناولت هذه الفترة‪ ،‬في حني لم يقدم أكسوورثي ما يوثقها‪ .‬ولكن‬ ‫يظل الفصل الذي يتحدث فيه عن الحرب اإليرانية العراقية عمال‬ ‫بارعا في كتاب يتسم باإلنصاف والتثقيف‪.‬‬ ‫يعيد أكسوورثي تصوير ميدان املعركة من خ�لال مقتطفات‬ ‫م��ن رواي ��ات جنود إي��ران�ي�ين‪ .‬اتضح أن��ه م��ن املمكن فهم ه��ؤالء‬ ‫الشباب على نحو أقرب من الصورة املحمومة التي ربما أوحت‬ ‫لنا بها هذه الفترة‪ .‬يكتب أكسوورثي‪« :‬ال يجب أن نغفل حقيقة‬ ‫شجاعتهم ونضعها تحت تصنيف التطرف والشهادة حتى‬ ‫نستوعبها»‪ .‬لم يكن هؤالء الجنود اإليرانيون يختلفون كثيرا‬ ‫عن الجنود البريطانيني الذين حاربوا في الحرب العاملية األولى‪ ،‬إذ‬ ‫تمتعوا «بالشعور الوطني وااللتزام ذاته تجاه زمالئهم‪ ،‬وتشجعوا‬ ‫على التطوع بسبب الرغبة ذاتها في املغامرة‪ .‬وجرى استغاللهم‬ ‫بالطريقة ذاتها من قبل حكوماتهم وجنراالتهم‪ ،‬ألن الحكومات‬ ‫والجنراالت كانوا في حاجة إلى شباب وصبية ُسذج للمحاربة‬ ‫من أجلهم»‪.‬‬ ‫ط��وال فترة الثمانينات‪ ،‬وضعت الجمهورية اإلس�لام�ي��ة ذاتها‬ ‫في أتون الصراع على الصعيدين الخارجي والداخلي‪ .‬حصدت‬ ‫الحرب بني إيران والعراق أرواح مئات اآلالف من البشر قبل أن‬ ‫تصل إلى طريق مسدود في عام ‪.1988‬‬ ‫في الداخل‪ ،‬وجد الثوار الذين أطاحوا بالشاه أنفسهم منقسمني‬ ‫حول أساسيات النظام الجديد‪ :‬هل يتبنى الحكم الديني أو النظام‬ ‫الجمهوري‪ ،‬االشتراكية أو املركنتيلية‪ ،‬الحرية أو العدالة‪ .‬وعندما‬ ‫أت��م رج��ال الدين الراديكاليون ح��ول الخميني صفوفهم‪ ،‬واجه‬ ‫معارضو النظام الثوري الجديد كل شيء بدءا من فرق إطالق‬ ‫الرصاص إلى حرب الشوارع‪ ،‬ليصل األمر إلى ذروته في إعدام‬ ‫آالف من املعتقلني السياسيني في عام ‪ .1988‬أما املعارضة التي‬ ‫لم تتخلص منها الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬فقد جرت إخافتها حتى‬ ‫التزمت الصمت‪.‬‬ ‫ام�ت�لأت السجون التي بنيت ف��ي عهد ال�ش��اه ب��أع��داد تضاعف‬ ‫قدرتها االستيعابية‪ ،‬حتى إن املساجني في الزنزانة الواحدة‬ ‫كانوا يتبادلون النوبات من أجل النوم نظرا لعدم وجود مساحة‬ ‫كافية تسمح لهم جميعا بالنوم على األرض‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫توقف النظام الجديد عن اتباع وسائل التعذيب التي اعتبرت غير‬ ‫إسالمية‪ ،‬فإنه ابتدع وسائل جديدة‪ .‬وعندما توفي الخميني في‬ ‫عام ‪ ،1989‬كان النظام مستقرا نتيجة ملمارسة مستوى غير‬ ‫مسبوق من العنف في التاريخ اإليراني‪.‬‬ ‫لم تكتمل صالبة هذا النظام مطلقا‪ ،‬على الرغم من استبداده‬ ‫وشراسة األمن في املحيط الشعبي‪.‬‬ ‫احتفظت الجمهورية اإلسالمية بدرجة مدهشة من الحماسة‪.‬‬ ‫رج��ع ذل��ك إل��ى حد ما إل��ى العناصر الديمقراطية في الدستور‪،‬‬

‫‪64‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫نشطاء الحركة الخضراء‬ ‫املعارضة في ايران‬

‫والتي سمحت بوجود رئيس وبرملان ومجالس محلية منتخبني‪،‬‬ ‫وإن كانوا خاضعني ملجالس رج��ال الدين والسلطات الواسعة‬ ‫للمرشد األعلى‪ .‬ترجع هذه الحماسة أيضا إلى تعقيد وتعددية‬ ‫أدوات ال��دول��ة‪ .‬ك��ان��ت ه�ن��اك شبكة حزبية ال يمر ش��يء إال من‬ ‫خاللها‪ .‬وك��ان الناخبون يربطون أنفسهم بشخصيات بارزة‬ ‫وتيارات سياسية داخل النظام‪ .‬منحت الثورة امللكية للشعب‪،‬‬ ‫ليصبح عرضة للتبعية واملواطنة في وقت واحد‪.‬‬

‫استقرار متوتر‬ ‫إذا سافرت إلى إيران املعاصرة ستعرف أنها ما زالت‪ ،‬كما وصف‬ ‫بوكان عهد امللكية األخير‪« ،‬دولة مضطربة»‪ُ .‬ت ّ‬ ‫سرع الجمهورية‬ ‫اإلسالمية السير بطرق عديدة في االتجاهات ذاتها التي أسقطت‬ ‫امللكية‪ .‬ما زالت إيران الحالية أكثر حداثة وأكثر تمدنا وأكثر تطلبا‬ ‫للحقوق والحريات املدنية من إيران في السبعينات‪.‬‬ ‫توسع نظام ما بعد الثورة في توفير التعليم بدرجة كبيرة‪ .‬كان‬ ‫أحد األسباب هو الفصل بني الجنسني وفرض ارتداء الحجاب‪،‬‬ ‫حيث جذبت الحياة الجامعية العائالت األكثر تمسكا بالتقاليد‪.‬‬ ‫ويذكر أكسوورثي‪ ،‬أن سببا آخر يرجع إلى تقدير رجال الدين‬ ‫اإليرانيني للتعليم من أجل الصالح العام‪ .‬حقق التوسع في التعليم‪،‬‬ ‫إل��ى جانب التحسينات الكبيرة ف��ي البنية التحتية والخدمات‬ ‫االجتماعية في القرى‪ ،‬الكثير في سبيل تعزيز الحراك االجتماعي‬ ‫في إيران‪ .‬ولكن تمارس الطبقة الوسطى املتنامية ضغوطا على‬ ‫الدولة التي رعتها‪ ،‬والتي فشلت في توفير مساحة مستقرة لها‬ ‫في االقتصاد الذي يعتمد على النفط‪ .‬تأتي استجابة الجمهورية‬ ‫اإلسالمية لهذه الضغوط وغيرها متذبذبة‪ .‬وفي بعض األحيان‬ ‫يبدو أن الدستور ذاته يقدم إجابتني متعارضتني لكل مسألة؛‬ ‫مما يجعل التعصب لألفكار املتناقضة الدولة اإليرانية في حالة‬ ‫توتر دائمة‪ ،‬حتى أصبح التوتر يشكل نوعا ما من االستقرار‪.‬‬ ‫ك��ان ال �ث��وار اإلي��ران �ي��ون ش�ب��اب��ا ف��ي ع��ام ‪ .1979‬ون�ض�ج��وا مع‬


‫أكسوورثي‪ ،‬كان األميركيون يقيمون في التجمعات السكنية‬ ‫األميركية ويرسلون أبناءهم إلى م��دارس أميركية ويتسوقون‬ ‫من متاجر أميركية‪ .‬وتحول التقارب إلى حميمية ولم يتوقعوا‬ ‫مطلقا حدوث تحول تاريخي يمكن أن ينتهي بطردهم العنيف‪.‬‬ ‫خ��ارج بوابات القصر‪ ،‬كانت إي��ران تشهد انتفاضة اجتماعية‬ ‫جعلت مظاملها واضحة للعيان‪ .‬مأل مئات اآلالف من اإليرانيني‬ ‫القرويني املدن بعد أن شردهم تعديل ملكية األراضي‪ ،‬ليستقر‬ ‫الحال بكثير منهم في العشوائيات واألحياء الفقيرة‪ .‬وفيما بني‬ ‫عامي ‪ 1930‬و‪ ،1979‬قفز تعداد سكان طهران من نحو ‪300‬‬ ‫ألف إلى نحو خمسة ماليني نسمة (يقترب تعدادهم اليوم من‬ ‫‪ 14‬مليون نسمة)‪ ،‬وأصبح الشباب الفقراء من األسر التقليدية‬ ‫يعيشون جنبا إلى جنب مع أبناء وبنات العاصمة من الطبقة‬ ‫الوسطى الحديثة ومع األجانب من ذوي األلقاب‪.‬‬ ‫ظل تكوين إي��ران القديم – حيث يقبع ال�ب��ازار مركزا للتجارة‪،‬‬ ‫وتحولت املنازل املنخفضة إلى أفنية خاصة‪ ،‬وأصبح رجل الدين‬ ‫في الحي حكما أخالقيا – تحت وط��أة ضغوط املدينة الكبرى‬ ‫الناشئة واالقتصاد العاملي ومسيرة الشاه التي ال تتوقف من‬ ‫أجل تحقيق رؤيته للحداثة والتي اكتسبها في الخارج‪ .‬ظهرت‬ ‫تصدعات عميقة في مجتمع ليس في وئام مع ذاته ويعاني من‬ ‫اضطهاد من الغرب‪.‬‬ ‫شغلت مشاكل الحداثة واألصالة املثقفني اإليرانيني‪ .‬ذكر الكاتب‬ ‫جالل األحمد في كتابه «التسمم بالغرب» الذي صدر عام ‪1962‬‬ ‫قائال إن��ه إذا ك��ان ينبغي على املجتمع ال��زراع��ي اإلذع ��ان لآللة‬ ‫فيجب أن يملك اإليرانيون اآللة‪ .‬نقلت الطبقات املتعلمة في إيران‬ ‫أفكار ماركس ولينني وجان بول سارتر وفرانز فانون إلى حرم‬ ‫الجامعات‪ .‬ولعل علي شريعتي واحدا من أكبر املثقفني اإليرانيني‬ ‫تأثيرا في مرحلة ما قبل ال�ث��ورة‪ ،‬حيث أدخ��ل ه��ذه األفكار في‬

‫الخطاب الديني مما أعاد تصور املذهب الشيعي كعقيدة ثورية‬ ‫وطنية‪.‬‬ ‫كان آية الله روح الله الخميني‪ ،‬رجل الدين ذو الكاريزما الذي ُعرف‬ ‫بميوله الصوفية كما اشتهر بمعارضته ّالشرسة للشاه‪ ،‬أكثر‬ ‫رجعية‪ .‬برز الخميني ألول مرة عندما نظم صفوف املعارضة‬ ‫ضد قانون صدر عام ‪ 1963‬يمنح املرأة حق التصويت والترشح‬ ‫ملجالس املدينة‪ .‬بعد فترة ليست طويلة‪ ،‬ضغط الخميني على‬ ‫وتر يلقى سخطا شعبيا بحديثه الرنان ضد استسالم الشاه‬ ‫للنزوات األميركية‪ .‬في مطلع عام ‪ ،1943‬تصور الخميني وجود‬ ‫دول��ة إسالمية يحكمها رجل دين واع وال يحكمها تشريع إال‬ ‫كلمة الله‪ .‬ولكنها لم تكن فكرة تصلح للحشد الثوري‪ .‬ولكن بعد‬ ‫الثورة‪ ،‬فرض مساعدو الخميني نظريته عن حكم رجل الدين‬ ‫على الدستور الليبرالي‪ .‬كانت ه��ذه التسوية تنذر بالسوء‪ ،‬إذ‬ ‫جعلت هناك تضاربا في أساس الدولة الثورية ذاته‪.‬‬ ‫يصف ب��وك��ان الخميني ب��رج��ل دي��ن ص��وف��ي بداخله سياسي‬ ‫راديكالي حاد‪ .‬كان الخميني يبدي طموحا عنيفا‪ ،‬حتى إن رئيس‬ ‫«سافاك» قال ذات مرة إنه أخافه لدرجة أوقفت شعر رأسه‪ .‬في‬ ‫حضوره‪ ،‬كما يقول بوكان‪ ،‬يشعر املرء وكأن «شخصية ذات‬ ‫سلطة غامضة ظهرت‪ ،‬وفي ملحة واح��دة استطاع وضع نهاية‬ ‫للحداثة»‪ .‬لم يذعن الخميني القوي الذي ال يقبل التسويات أمام‬ ‫الكياسة أو اللباقة الدبلوماسية أو حتى تطلعات شعبه األكثر‬ ‫اعتداال‪ .‬يقول بوكان‪« :‬ب��دا (الخميني) وكأنه مسافر عالق في‬ ‫صالة أحد املطارات بسبب سوء الحالة الجوية‪ .‬بعد أن توقفنا‬ ‫في الغرب عن اإليمان بالفلسفة املدرسية منذ فترة بعيدة‪ ،‬ال‬ ‫يمكننا أن نفهم رجال قد يعلم الكثير جدا وفي الوقت ذات��ه ال‬ ‫يعلم إال القليل جدا‪ .‬تتجاوز كتاباته الصوفية عقولنا‪ ،‬بينما ال‬ ‫ترقى بياناته السياسية‪ ..‬إلى مستوى مالحظتنا»‪.‬‬

‫استبدال صورة الخميني‬ ‫بالشاه في قصر نيافاران‬ ‫طهران فبراير ‪1979‬‬

‫«إيران الثورية»‬ ‫تأليف مايكل‬ ‫أكسوورثي‬ ‫جامعة أكسفورد‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪ 528‬صفحة‬

‫غالف الكتاب‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪63‬‬


‫كتب‬

‫يوجد ما يثير االهتمام في قصة شاه إيران األخير محمد رضا بهلوي‪ .‬صعد االبن املدلل للحاكم الصارم محمد‬ ‫رضا‪ ،‬والذي تلقى تعليمه في الخارج‪ ،‬إلى العرش في عام ‪ 1941‬عندما كان عمره ‪ 21‬عاما‪ .‬كان سهل االنقياد يحيط‬ ‫به املتملقون واملخططون‪ ،‬وكان يدين بالفضل للقوى األجنبية‪،‬بعد أن أطاح به تقريبا رئيس وزرائه ذو الشعبية محمد‬ ‫مصدق في عام ‪ .1953‬استعاد عرشه في ظل دعم أميركي وديني سري‪ ،‬وجعلته هذه التجربة العصيبة يكتسب‬ ‫صالبة وعنفا‪.‬تصور محمد رضا انه زعيما قوميا يحبه شعبه‪ ،‬ولكنه في الحقيقة لم يكن قريبا منه؛ لكنه حقق النمو‬ ‫القتصاد إيران وجيشها‪ ،‬وأنهى حيازة األراضي اإلقطاعية‪ ،‬وسحق املعارضة من خالل جهاز استخباراته املعروف‬ ‫باسم سافاك‪ .‬أصبح «الصبي»‪ ،‬كما كان يطلق عليه في ديوان والده‪ ،‬رجال‪ ،‬حزينا‪ ،‬يتظاهر بالعظمة‪ ،‬وحيدا‪ ،‬يقف أمام‬ ‫قوى عظمى يدركها بالكاد‪ ،‬ناهيك عن احتوائها‪ .‬تثير قصة الشاه االهتمام مثل الروايات؛ حيث يقبع البطل املأساوي‬ ‫دون أصدقاء في قصره الفخم‪ ،‬عاجزا وعديم الخبرة‪ ،‬ينظر إلى الشبح الذي صنعه‪ .‬ولكن إذا كان عصر امللكية يصلح‬ ‫ألن يكون عمال أدبيا‪ ،‬فإن قصة الجمهورية اإلسالمية ما بعد الثورة في إيران تتطلب دراسات في علم االجتماع‪.‬‬

‫ما الذي كشفت عنه ثورة الخميني؟‬

‫إيران ‪ ..‬من الشاه إلى املرشد األعلى‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫لورا سيكور *‬ ‫«أيام الله ‪:‬‬ ‫الثورة اإليرانية‬ ‫وتبعاتها»‬ ‫تأليف جيمس بوكان‬ ‫سيمون وشوستر‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪ 432‬صفحة‬

‫عند قراءة التاريخ اإليراني بقلم الغربيني‪ ،‬من املستحيل‬ ‫أن تغفل عن هذا التحول الكبير في االهتمام‪ .‬من املؤكد‬ ‫أن األح ��ادي ��ث ع��ن إي� ��ران م��ا ق�ب��ل ال �ث��ورة ت�ض��ع ال�ش��اه‬ ‫وحاشيته ورع��ات��ه األج��ان��ب ف��ي املقدمة‪،‬ولكن أجبرت‬ ‫الثورة على وضع املجتمع اإليراني‪ ،‬بما يحتويه من انقسامات‬ ‫وتعقيدات وطموحات ومحاذير‪ ،‬تحت ضوء التفسير التاريخي‪.‬‬ ‫على الرغم من تقارب الغرب مع قصر بهلوي‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫غموض الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬فإن الغربيني ي��رون إي��ران اآلن‬ ‫بوضوح أكبر‪.‬‬ ‫ي�ق��دم ك�ت��اب��ان ج��دي��دان يمكن اعتبارهما مرجعني م��ن تأليف‬ ‫دارس�ي�ن بريطانيني أف�ض��ل ش��رح ل�ه��ذا الفصل التاريخي وما‬ ‫يتخلله من تفاصيل‪ .‬يتضمن كتاب جيمس بوكان «أيام الله»‪،‬‬ ‫الذي يعد بحثا في أع��وام حكم بهلوي مع تفاصيل مذهلة عن‬ ‫الثورة ذاتها وتصوير ماهر ومالحظات ذات قيمة أدبية‪ .‬يكتب‬ ‫ب��وك��ان‪ ،‬بثقة ول�ي��دة امل�ع��رف��ة القديمة‪ ،‬وت�ب��دو إي ��ران ال�ت��ي ي��روي‬ ‫تاريخها حية حاضرة‪.‬‬ ‫ولكن يغلب على تأريخه الحديث عن السقوط من أعلى وحتى‬ ‫عام ‪ ،1979‬عندما أجبرت الثورة الساسة القدامى على الرحيل‬ ‫عن املشهد‪ .‬يقدم كتاب مايكل أكسوورثي «إيران الثورية» الذي‬ ‫يتسم بالدقة والعقالنية‪ ،‬تاريخ البالد في ص��ورة منافسة بني‬ ‫الرؤى السياسية والقوى املجتمعية‪ .‬إيران في كتاب أكسوورثي‬ ‫أقل حيوية وأكثر تجردا من تلك التي يصورها بوكان‪ ،‬ولكن في‬ ‫مشهد آخر يحمل مزيدا من األبعاد‪.‬‬

‫غالف الكتاب‬

‫‪62‬‬

‫إذا ق��رأت الكتابني م�ع��ا‪ ،‬يمكنك أن تفهم أن ال�ث��ورة ش��يء آخر‬ ‫وليست انقطاعا تاريخيا‪ .‬س��وف تشعر أن��ه بالنظر إل��ى إي��ران‬ ‫قبل الثورة وبعدها‪ ،‬سيشعر املرء أنه ينظر من خالل مشكال‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫يعيد تكوين صورة جديدة من خالل العناصر ذاتها‪ .‬على الرغم‬ ‫من أن الثورة اإلسالمية أطاحت بالنظام السياسي في إيران‪ ،‬إال‬ ‫أنها لم تستبدل كيان الدولة‪ .‬إن التوترات والطاقات التي تحرك‬ ‫املجتمع اإليراني اليوم ليست جديدة‪ ،‬بل أصبحت أكثر وضوحا‪.‬‬

‫آخر شاه‬ ‫ك��ان محمد رض��ا بهلوي‪ ،‬كما ي�ص��وره ب��وك��ان‪ ،‬شخصية من‬ ‫الطبقة األرستقراطية‪ .‬أسس والده عائلة بهلوي الحاكمة من ال‬ ‫شيء‪ ،‬بعد أن استحوذ على السلطة عندما كان ضابط جيش ذي‬ ‫رتبة صغيرة‪ .‬جهز بهلوي األب القروي الصارم ولي عهده بجميع‬ ‫املظاهر واألخالقيات األوروبية التي تصور أنه يجب على ولي‬ ‫العهد أن يملكها‪ .‬عندما تولى محمد رضا السلطة‪ ،‬كان يعاني‬ ‫من العزلة في داخله‪ ،‬والتي حاول أن يشبعها من خالل نزواته‬ ‫النسائية‪ ،‬ومظاهر الرفاهية األوروبية‪ ،‬وهواية الطيران التي كانت‬ ‫تثير ذعر املسافرين معه‪ .‬في مطلع عام ‪ ،1947‬أعرب عن حسده‬ ‫الصريح للعالم الفرنسي هنري كوربني‪ ،‬ألن كوربني على األقل‬ ‫كانت له أعمال فلسفية وك��ان يأمل ان يكون مثله‪ .‬بدت الدولة‬ ‫اإليرانية في هذه الفترة امتدادا لشخصية محمد رضا املضطربة؛‬ ‫كانت تدور حول تظاهره وتحيزه وطموحاته ومخاوفه‪.‬‬ ‫كان الغربيون يعرفون محمد رضا جيدا‪ .‬كانوا زوارا في قصره‬ ‫ورعاة وشركاء يمكنهم قياس مزاجه امللكي‪ .‬كانوا أيضا فنيني‬ ‫ومستشارين ورج��ال أعمال ومعلمني‪ .‬فيما بني عامي ‪1970‬‬ ‫و‪ ،1979‬ارتفع ع��دد األميركيني املقيمني في إي��ران من أق��ل من‬ ‫ثمانية آالف إلى ‪ 50‬ألف شخص‪ ،‬كثير منهم كانوا يعلمون في‬ ‫مجال الدفاع‪ .‬اشترك األجانب مع السكان في الحياة في الشوارع‬ ‫املتوترة املزدحمة في العاصمة اإليرانية‪ ،‬بامتداد من شمال املدينة‬ ‫الثري وحتى جنوبها البائس‪ .‬ولكن في الغالب‪ ،‬حسب ما ذكره‬


‫كاملني على اكتساب درجة من التواضع تسمح لنا بالعيش في‬ ‫س�لام وانسجام م��ع رفاقنا م��ن البشر‪ .‬ل��م يكن ف��ي استطاعة‬ ‫مكيافيللي ت �ص��ور ن ��وع ال�ح�ي��اة ال�س�ي��اس�ي��ة ال �ت��ي ت �ط��ورت في‬ ‫املجتمعات الغربية بعد مائتي عام من حياته في طريق تحولها‬ ‫إلى الديمقراطية‪ .‬ولكنه تخيل ما سماه بـ «اإلمارات املدنية»‪.‬‬ ‫في كتاب «األمير»‪ ،‬خصص مكيافيللي الفصل التاسع كامال‬ ‫للحديث عن هذا األمر‪ .‬يقدم مكيافيللي تعريفا لهذا املوضوع‪،‬‬ ‫إذ يقول‪(« :‬عندما) يصبح املواطن أميرا بناء على رغبة أقرانه من‬ ‫املواطنني‪ ،‬وليس بالجريمة أو العنف الذي ال يحتمل‪ ،‬قد يسمى‬ ‫هذا النوع باإلمارة املدنية‪.‬‬ ‫وهو نوع ال يمكن الوصول إليه ال بحسن الطالع وال بالقدرات‪،‬‬ ‫ولكنه يعتمد فقط على مكر يسانده حسن الطالع»‪ .‬ال يشير‬ ‫مكيافيللي إلى كيفية التأكد من «رغبة أقرانه من املواطنني»‪.‬‬ ‫ومن املثير لالهتمام أن مكيافيللي يوضح أن «اإلمارة املدنية التي‬ ‫تأسست على دعم الشعب أكثر استقرارا من تلك التي تلقى دعما‬ ‫من الطبقة األرستقراطية»‪.‬‬

‫ُ َ ِّ‬ ‫املخلص واألمم‬ ‫لم يتوقف إسهام كتاب «األمير» في تشكيل السياسة في العالم‬ ‫الحديث على تنبؤه باملشاركة الديمقراطية وثقافته العلمانية‬ ‫والسعي إل��ى إيجاد أق��ل قاسم مشترك‪ .‬قبل أن يظهر مفهوم‬ ‫القومية ليسود الفكر األوروبي ‪ -‬ومن بعده الفكر العاملي ‪ -‬بـ‪300‬‬ ‫عام تقريبا‪ ،‬أدرك مكيافيللي أن األنماط اإلمبريالية التي جمعت‬ ‫بني مجتمعات متباينة طوال أكثر من ‪ 1500‬عام لم تعد ّ‬ ‫فعالة‪.‬‬ ‫وليس صعبا أن نعد مكيافيللي ج��دا‪ ،‬إن لم يكن أب��ا‪ ،‬للقومية‬ ‫الحديثة‪ .‬كتب مكيافيللي‪« :‬أح��ب وطني أكثر من روح��ي»‪ .‬في‬ ‫الواقع‪ ،‬عدت أجيال متعاقبة من اإليطاليني كتاب مكيافيللي إعالنا‬ ‫عن ع��ودة إيطاليا أمة موحدة‪ .‬ينتهي كتاب «األمير» بـ «دعوة»‬ ‫نفير لإليطاليني للتخلص من القمع األجنبي الذي يعيشون فيه‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫وليقيموا دولة مستقلة جديدة‪.‬‬ ‫على أي حال‪ ،‬ذكر مكيافيللي أربعة «مخلصني» فقط في التاريخ‪،‬‬ ‫وهم الرجال الذين حرروا بالدهم من االستعباد وأسسوا دوال‬ ‫ي��رى كثير م��ن ال �ق��راء أن ال�ف�ص��ل ال ��ذي ي�ت�ح��دث ع��ن «ال��دع��وة» جديدة‪ .‬ه��ؤالء األربعة هم‪ :‬موسى من بني إسرائيل‪ ،‬وكورش‬ ‫استطراد غير متناسق مع ما ورد في الكتاب‪ .‬تصل إلى القارئ‬ ‫من ِّالفرس‪ ،‬وثيسيوس من اإلغريق‪ ،‬ورومولوس من الرومان‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ط��وال الكتاب فكرة أن الحاكم املثالي ال يجب أن يكون رجال «املخلص» الذي يتحدث عنه مكيافيللي هو نبي مسلح يتولى‬ ‫استثنائيا‪ .‬كل ما يحتاج إليه من أجل تحقيق النجاح هو سالمة مهمة إلهية لتأسيس عالم جديد‪.‬‬ ‫الحس وضبط النفس والقدرة على فهم روح العصر واالستعداد يتصف ه��ذا ال�ن�ب��ي بالحكمة وال�ف�ص��اح��ة واإلن �س��ان �ي��ة‪ ،‬أي أن��ه‬ ‫لتغيير أقواله وسياساته لضمان استقرار وبقاء الدولة‪.‬‬ ‫استثنائي‪ .‬في أوبرا نابوكو‪ ،‬التي ترجع إلى عام ‪ ،1842‬استوحى‬ ‫�ردي أل�ح��ان ف��ا بنسييرو ال�خ��ال��دة م��ن ِّ فكرة مكيافيللي عن‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫ف� ُي� َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ولكن في فصل «الدعوة» يبحث مكيافيللي عن «مخلص»‪ ،‬أي «امل��خ��ل��ص»‪ .‬ول�ك��ن ل��م ت�ج��د إي�ط��ال�ي��ا ُم��خ��ل�ص��ا‪ ،‬ع�ل��ى ال��رغ��م من‬ ‫بطل استثنائي تحتاج إليه إيطاليا من أجل االتحاد والظهور من حصولها على االستقالل في عام ‪.1870‬‬ ‫جديد كدولة قومية مستقلة‪ ،‬بعد أن وقعت تحت وطأة قوى أكبر‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫مثل فرنسا وإسبانيا والنمسا وحتى سويسرا‪.‬‬ ‫بل حصلت على تحريف لنموذج «املخلص» في صورة الدوتشي‬ ‫الكوندوتييرو برلسكوني‪ .‬قد ال تستطيع‬ ‫موسوليني‪ ،‬ومؤخرا‬ ‫َ ِّ‬ ‫وبالتأكيد ال يخبرنا مكيافيللي عن موقع إيطاليا املثالية من جميع األمم أن يحكمها أمير ُ«مخلص» طوال الوقت‪ .‬بل يجب أن‬ ‫وجهة نظره‪ .‬بل يشير إل��ى روم��ا وتوسكاني ومملكة نابولي يعيش معظم البشر في ظل «أمير» عادي‪ ،‬أمال في أن يقرأ كتاب‬ ‫بصفتها مناطق تتكون منها إيطاليا التي يحلم بها‪ .‬ولكنه ال مكيافيللي ويتعلم بعضا من نصائحه <‬ ‫يشير إلى سافوي وصقلية وساردينيا وفينيتو ومناطق أخرى‪.‬‬ ‫اإلمبراطورية الرومانية التي كانت تمتد أراضيها في ثالث قارات‪.‬‬ ‫م��ن امل��ده��ش أن معرفة مكيافيللي ب��ال�ت��اري��خ ال��روم��ان��ي ليست‬ ‫دقيقة (فهو على سبيل املثال جعل اإلمبراطور كومودوس بعد‬ ‫سيفيروس)‪.‬‬

‫في الواقع‪ ،‬لم تكن إيطاليا دولة مستقلة مطلقا‪ ،‬بل كانت مجموعة‬ ‫من الدويالت املكونة من نحو عشرين مدينة أو وجدت ذاتها في‬

‫* كاتب ومحلل سياسي إيراني خبير في شؤون الشرق األوسط ‪.‬‬ ‫ويكتب بشكل منتظم في «دير شبيغل» األملانية و «الديلي تيلغراف»‬ ‫اإلنجليزية و«نيويورك تايمز» وجريدة «الشرق األوسط»‬

‫لوحة زيتية ملكيافيللي‬

‫‪,,‬‬

‫على مدار‬ ‫القرون املاضية‬ ‫دخل مصطلح‬ ‫«املكيافيللية»‬ ‫كل اللغات‬ ‫الرئيسة في‬ ‫العالم كمرادف‬ ‫ملعاني الدهاء‬ ‫وغياب املبادئ‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪61‬‬


‫ثقافة‬

‫مكيافيللي إلى «الجيوش الجيدة» و«القوانني الرشيدة» كعاملني‬ ‫الزمني لتحقيق االستقرار‪.‬‬ ‫وهذا بدوره يؤدي إلى اعترافه بضرورات أخرى‪ ،‬فال يمكن أن‬ ‫تكون هناك «ج�ي��وش ج�ي��دة» دون اقتصاد جيد يقدم املعدات‬ ‫ال�لازم��ة لتطبيق ال�ن�ظ��ام وال �ق��ان��ون‪ .‬وه��ل ت�ك��ون ه�ن��اك «ق��وان�ين‬ ‫رش�ي��دة» دون قبول طوعي م��ن أغلبية امل��واط�ن�ين؟ اإلج��اب��ة هي‬ ‫ال‪ .‬ولكن كيف يمكن تقييم هذا القبول؟ لم يتخيل مكيافيللي‬ ‫االنتخابات الديمقراطية في الصورة التي تطورت بعد أربعة قرون‬ ‫من تأليفه للكتاب‪ .‬ولكن ما فعله كان الحث على إجراء مشاورات‬ ‫منظمة وعن قرب يمكن من خاللها لألمير أن يعلم آراء رعيته‪.‬‬ ‫استخدم مكيافيللي مصطلحا مثيرا لالهتمام هو «ريسكونترو»‪،‬‬ ‫وه��و م ��رادف تقريبي ملصطلح «روح ال�ع�ص��ر»‪ .‬ف��ي أي عصر‬ ‫محدد‪ ،‬بغض النظر عن القوانني والتقاليد‪ ،‬هناك أشياء ال يتقبلها‬ ‫املجتمع‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬في كل مجتمع يأتي وقت يصبح فيه‬ ‫منع الفتيات من االلتحاق باملدارس غير مقبول‪.‬‬ ‫وهكذا سيكون «األم�ي��ر» ال��ذي يحاول ف��رض حظر على تعليم‬ ‫الفتيات في امل��دارس يسير عكس «روح العصر» مما يتسبب‬ ‫في تداعيات خطيرة على استقرار الدولة‪ .‬وفي الوقت ذات��ه‪ ،‬ال‬ ‫تعني حقيقة أن «األمير» قد يرغب في شيء ما بالضرورة أنه‬ ‫من املمكن أو الواجب القيام بهذا الشيء‪ .‬يتحرك «األمير» الناجح‬ ‫وفقا لعصره ولشعبه كما يحدد ذلك العصر‪ ،‬وليس بسرعة أقل‬ ‫أو أكبر منهما‪.‬‬

‫فالديمير بوتني‬

‫‪,,‬‬

‫كتاب «األمير»‬ ‫هو الكتاب‬ ‫املفضل لكل‬ ‫من الرئيس‬ ‫الروسي‬ ‫فالديمير بوتني‬ ‫ورئيس الوزراء‬ ‫الياباني‬ ‫شينزو أبي‬

‫‪,,‬‬

‫بعد أن ّ‬ ‫ميز بني اآليديولوجيا والحكم‪ ،‬شرع مكيافيللي في وصف‬ ‫انفصال الساحة السياسية عن الساحة الدينية‪ .‬ال يعني ذلك‬ ‫وجوب اعتبار مكيافيللي أب‪ ،‬أو حتى جد‪ ،‬العلمانية الحديثة‪،‬‬ ‫ففي زمنه‪ ،‬لم يكن مفهوم العلمانية موجودا‪ .‬ما فعله هو فهم أن‬ ‫وع�ل��ى ال��رغ��م م��ن أن ال�س�ي��اس��ة واألخ�ل��اق م �ج��االن منفصالن الدين مجال للمثل العليا‪ ،‬بينما تحتل السياسة مساحة واقعية‪.‬‬ ‫ومختلفان في نظرية مكيافيلي‪ ،‬فإن هذا ال يعني أن السياسة‬ ‫يجب أال تخضع للنقد األخالقي مثل أي جانب آخر في الحالة ي ��دور ال��دي��ن ح��ول ال�ي�ق�ين‪ ،‬بينما ت�ظ��ل ال�س�ي��اس��ة م�ج��اال للشك‬ ‫اإلنسانية‪ .‬في الحقيقة‪ ،‬زع��م عالم الالهوت اإلنجليزي السير ومراجعة األفكار والتحوالت والتسويات‪ .‬إذا جرى إدخال الدين‬ ‫توماس براون في القرن الثامن عشر أن «األمير» يؤسس علم في مستنقعات السياسة عاد بالسوء على االثنني‪ .‬في الدين‪،‬‬ ‫أخالق سياسي يجعل كل حاكم خاضعا ألحكام أخالقية دائمة‪ .‬يسعى اإلنسان إلى الكمال – ويظل الكمال بعيدا عن متناوله‬ ‫إلى األبد‪.‬‬

‫علم الحكم الرشيد‬

‫يتعامل مكيافيللي مع الحكم على أنه علم‪ ،‬دون أن يشير إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬لذا يمكن اعتباره أبا للمفهوم الحديث للسياسة كعلم وليس‬ ‫فنا‪ .‬وهكذا تصبح قواعد السياسة‪ ،‬مثل القواعد العلمية‪ ،‬ليست‬ ‫بأخالقية أو ال أخالقية‪.‬‬

‫ويصف مكيافيللي البشر بأنهم «ينكرون املعروف ويحبون‬ ‫املراوغة في الحديث‪ ،‬حريصون على تجنب الخطر وراغبون في‬ ‫الكسب‪ ،‬هم أعوانك ما داموا استفادوا منك‪ ،‬وهم يفدونك بالدم‬ ‫وبما يملكون وبحياتهم وولدهم‪ ،‬حني ال يكون هناك داع لذلك‪،‬‬ ‫ولكن حني تقترب األخطار ينقلبون عليك‪ ..‬إن البشر يترددون‬ ‫في اإلس��اءة ملن يحبون أقل من ترددهم في إي��ذاء من يهابون‪.‬‬ ‫وذلك ألن املحب مرتبط بسلسلة من االلتزامات التي تتفكك عندما‬ ‫تؤدي غرضها (وذلك بسبب خسة الناس)‪ .‬لكن املهابة تجعلهم‬ ‫يخافون من العقاب وهي طريقة ال تفشل مطلقا»‪.‬‬

‫على سبيل امل�ث��ال‪ ،‬في قانون الجاذبية‪ ،‬إذا ألقيت بطاغية من‬ ‫نافذة عالية سوف تعمل الجاذبية بالطريقة ذاتها كما لو ألقيت‬ ‫بجدة محبوبة‪ .‬املهمة الرئيسة التي يقدمها «األمير» هي ضمان‬ ‫الحفاظ على الدولة أي الحفاظ على القانون والنظام املطلوبني‬ ‫ليعيش الناس ويعملون في سالم وانسجام‪.‬‬ ‫يجد كثير من دارس��ي مكيافيللي في ه��ذه الفقرة املهمة أبرز‬ ‫مثال على سخريته‪.‬‬ ‫ونظرا ألن الفوضى هي العدو الرئيس‪ ،‬دائما ما يكون الحاكم ول�ك��ن بالنسبة مل��ن يعرفون ال�ت��اري��خ والحقائق السياسية في‬ ‫السيئ الذي يحقق السالم واالستقرار أفضل من الحاكم الجيد مجتمعاتنا في جميع أنحاء العالم‪ ،‬تبدو هذه الفقرة صادقة‪ .‬ربما‬ ‫الذي يقود سفينة الدولة إلى بحر الريبة والعواصف‪ .‬وفي ذلك تثير الفقرة االهتمام لسبب آخر‪ ،‬هو أنها تنزع أي تظاهر ربما‬ ‫يقول‪« :‬يجب أن يتعلم األمير أال يكون صالحا حني الضرورة»‪ .‬نشعر به بشأن تحقيق الكمال عندما نخلط بني الواقعي واملثالي‪.‬‬ ‫ول�ك��ن ك�ي��ف يحقق األم �ي��ر درج ��ة االس �ت �ق��رار امل�ط�ل��وب��ة؟ يشير يمكن أن يساعدنا االعتراف بأننا نمتلئ باألخطاء وأننا لسنا‬

‫‪60‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫صورة مثالية ملا يجب أن تكون عليه في املستقبل الدولة ليس في الغرب فقط بل وفي مناطق أخرى بعيدة مثل الصني‬ ‫«األمير» ُ‬ ‫«امل َ‬ ‫لهمة من الله»‪.‬‬ ‫اإليطالية‬ ‫واليابان وإيران‪.‬‬ ‫ول �ك��ن غ��اب��ت ع�ن��ه ف �ك��رة واح� ��دة م�ه�م��ة‪ .‬اإلل ��ه ال ��ذي ت �ح��دث عنه‬ ‫مانزوني كان عامليا بينما بالنسبة ملكيافيللي كان إيطاليا‪ .‬في‬ ‫حني أراد مانزوني أن يدخل عون الله في الصراع اإليطالي من‬ ‫أج��ل االستقالل‪ ،‬ك��ان مكيافيلي قانعا بمباركة إلهية ملا فعله‬ ‫اإليطاليون أنفسهم‪ .‬وكتب‪« :‬فالله ال يفعل لنا كل ما نريد حتى‬ ‫تصبح لدينا إرادة حرة وننجزه وبذلك ننال نصيبنا من املجد»‪.‬‬

‫تقدم معظم املعاجم تعريفا للمكيافيللية بأنها‪« :‬نظرية سياسية‬ ‫وض�ع�ه��ا م�ك�ي��اف�ي�ل�ل��ي؛ وع �ل��ى وج ��ه ال �خ �ص��وص؛ ه��ي رؤي ��ة أن‬ ‫السياسة ليست أخالقية وأن أي وسيلة مهما ك��ان��ت مجردة‬ ‫من املبادئ يمكن أن يوجد مبرر الستخدامها من أجل تحقيق‬ ‫النفوذ السياسي»‪.‬‬ ‫ولكن يعتمد هذا التعريف على قراءة سطحية للكتاب الذي ربما‬ ‫يختزل في بعض األحيان بال مبرر‪ ،‬نظرا لبساطته الخادعة‪ .‬يرى‬ ‫مكيافيللي أن السياسة ليست أخالقية‪ ،‬وليست عديمة األخالق‪.‬‬ ‫من وجهة نظره‪ ،‬السياسة هي فن إقامة دولة صلبة قادرة على‬ ‫ضمان أمن رعاياها و‪ /‬أو مواطنيها في إطار القانون‪.‬‬

‫من وجهة نظر حنا أرندت‪ ،‬كان مكيافيللي «األب الروحي للثورة‬ ‫وفي العشرينات من القرن العشرين‪ ،‬اعتبر‬ ‫باملعنى الحديث»‪ِّ َ ُ.‬‬ ‫ليف كامينيف‪ ،‬املنظر البلشفي‪ ،‬أن كتاب «األم�ي��ر» عبارة عن‬ ‫«دراس ��ة حيوانية للسلطة ف��ي مجتمعات م��ا قبل الشيوعية»‪.‬‬ ‫وادع��ى موسوليني أن «مكيافيللي» هو األب ال��روح��ي لحركته‬ ‫الفاشية‪ ،‬بينما أك��د أنطونيو غرامشي على وج��وب النظر إلى وفي ظل عدم قدرة أي شخص على الشعور باألمان دون التمتع‬ ‫كتاب مكيافيللي على أنه رمز للحزب الشيوعي‪.‬‬ ‫بالحريات األساسية‪ ،‬ال شك في أن السياسة التي يتحدث عنها‬ ‫مكيافيللي ليس املقصود منها خلق الطغيان‪.‬‬ ‫إذن هو كتاب القى قبول واهتمام أشخاص من مختلف األطياف‬ ‫اآليديولوجية‪ .‬اعتبره البعض مثل ماركس «غير علمي» بينما ف��ي سياسة مكيافيللي‪ ،‬يملك ال�ف��رد م��ن ال��رع�ي��ة أو املواطنني‬ ‫وصفه آخرون مثل ليو ستراوس بالكتاب «العلمي نظرا ألنه ينقل خيارا بأن يكون ذا أخالق أو بال أخالق‪ .‬في الواقع‪ ،‬ينسب إلى‬ ‫تعاليم عامة تعتمد على املنطق»‪.‬‬ ‫مكيافيللي أنه ينزع عن الدولة أي حق في تعريف‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫فرض‪ ،‬أي صورة من صور األخالق خارج قوانينها‪ .‬إنه يعتبر‬ ‫على أي��ة ح��ال‪ ،‬في مطلع ع��ام ‪ ،2014‬ما زال كتاب مكيافيللي السياسة وسيلة براغماتية م�ح��اي��دة لتنظيم ش��ؤون املجتمع‬ ‫الصغير يتصدر قائمة أفضل مبيعات الكتب في فئة «السياسة»‪ ،‬بطريقة تفيد أكبر عدد ممكن‪.‬‬

‫امرأة تنظر ملخطوطة نادرة مليكافيللي‬ ‫خالل املعرض الذي اقامته «املكتبة‬ ‫الوطنية» بمدينة فلورنسا نهاية العام‬ ‫املاضي بمناسبة مرور ‪ 500‬سنة على‬ ‫صدور كتاب «األمير» تحت عنوان‬ ‫«الطريق إلى األمير نيكوالس ميكافيلي»‬

‫‪,,‬‬

‫ذكر مكيافيللي‬ ‫ُ َ ِّ‬ ‫«مخلصني»‬ ‫أربعة‬ ‫فقط في التاريخ‬ ‫وهم الرجال الذين‬ ‫حرروا بالدهم‬ ‫من االستعباد‬ ‫وأسسوا دوال‬ ‫جديدة‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪59‬‬


‫ثقافة‬

‫على مدار ‪ 1500‬عام‪ ،‬وجد املهتمون بالبعد السياسي للوجود اإلنساني في أحد الكتب دليلهم األساسي‬ ‫في عالم معقد يفتنهم ويخيفهم في الوقت ذاته‪ .‬كان ذلك الكتاب هو «السياسة» الذي ألفه أرسطو‪ ،‬وقد‬ ‫كتبه في األصل لشرح املبادئ السياسية في اليونان القديمة‪ ،‬ولكنه القى قبوال في ثقافات أخرى عبر‬ ‫القرون والقارات‪.‬‬

‫مكيافيللي‪ :‬الكتاب الذي ّ‬ ‫غير وجه السياسة الحديثة‬

‫املستبد املستنري‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫أمير طاهري *‬

‫‪,,‬‬

‫يدور الدين‬ ‫حول اليقني‬ ‫بينما تظل‬ ‫السياسة‬ ‫مجاال للشك‬ ‫ومراجعة‬ ‫األفكار‬ ‫والتحوالت‬ ‫والتسويات‬ ‫إذا جرى إدخال‬ ‫الدين في‬ ‫مستنقعات‬ ‫السياسة عاد‬ ‫بالسوء على‬ ‫االثنني‬

‫‪,,‬‬

‫‪58‬‬

‫«األمير» هو الكتاب املفضل لكل من الرئيس الروسي فالديمير‬ ‫بوتني‪ ،‬ورئيس ال��وزراء الياباني شينزو أب��ه‪ .‬على م��دار القرون‬ ‫املاضية‪ ،‬دخل مصطلح «املكيافيللية» كل اللغات الرئيسة في‬ ‫العالم كمرادف ملعاني الدهاء وغياب املبادئ‪.‬‬

‫في أوروب��ا‪ ،‬أسفر كتاب أرسطو عن تكهنات وتجارب‬ ‫ح��ول قضية الحكم استمرت لقرون‪ .‬استخدم أنصار‬ ‫املدرسة الفلسفية‪ ،‬وأبرزهم القديس توما اإلكويني‪ ،‬هذا‬ ‫الكتاب كأساس للتوفيق بني املسيحية والفلسفة‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن هذا الكتاب لم يترجم بالكامل إلى اللغتني العربية والفارسية‪،‬‬ ‫أكبر لغتني في العالم اإلسالمي الكالسيكي‪ ،‬فإن األجزاء املترجمة كما تجاوز االهتمام بكتاب «األمير» الحدود اآليديولوجية‪.‬اعتبر‬ ‫كانت مصدر إلهام للعديد من الكتابات عن «سيرة امللوك» والحكم جان جاك روسو الكتاب مسودة لعقده االجتماعي‪.‬‬ ‫وت�ص��ور فولتير ودي��درو أن «األم�ي��ر» أول محاولة كبرى لنزع‬ ‫الرشيد عامة‪.‬‬ ‫القدسية عن السلطة السياسية‪ ،‬بينما رأى فيه ديفيد هيوم وآدم‬ ‫ولكن تحدث كتاب أرسطو املتميز عن الحكم املثالي في «أكثر سميث بيانا إنسانيا لنظام سياسي جديد‪.‬‬ ‫مجتمع سياسي مثالية» وهو ما وصفه املعلم األول باملجتمع‬ ‫ال��ذي تتولى فيه «الطبقة ال��وس�ط��ى ال�ح�ك��م‪ ،‬وت�ت�ف��وق ف��ي العدد ووجد املؤرخ اإلنجليزي توماس ماكوالي في «األمير» وصفة‬ ‫على الطبقتني األخريني»‪ .‬لم تتحقق هذه الفرضية إال في القرن لنظام حكم جمهوري ديمقراطي‪ ،‬فكتب‪« :‬اشتهر مكيافيللي‬ ‫العشرين عندما تمكنت الطبقات الوسطى من السلطة في عدد طوال حياته بأنه كان جمهوريا متحمسا‪ ..‬لدينا عدد قليل من‬ ‫من املجتمعات الغربية‪ .‬ولكن حتى في ذلك الحني‪ ،‬لم يستغرق الكتابات التي تبدي سموا في املشاعر وحماسا مخلصا وحارا‬ ‫األمر وقتا طويال حتى يتضح أن حكم الطبقة الوسطى‪ ،‬أو ما من أجل املصلحة العامة وواجبات وحقوق املواطنني مثلما كتب‬ ‫أطلق عليها ماركس البرجوازية‪ ،‬ال يقدم بالضرورة «أكثر مجتمع مكيافيللي»‪.‬‬ ‫سياسي مثالية»‪.‬‬ ‫استطاع اآلب��اء املؤسسون للواليات املتحدة‪ ،‬أول دولة تتأسس‬ ‫تناول أرسطو الحكم املثالي‪ ،‬ولكن تستدعي الحاجة دراسة ما كشركة مساهمة ذات دستور‪ ،‬تحقيق استفادة حكيمة‪ ،‬وإن‬ ‫هو واقعي‪ .‬وكانت هذه هي املهمة التي حملها على عاتقه موظف كانت جزئية‪ ،‬من أفكار مكيافيللي عن هيكل الحكومة ودور‬ ‫حكومي متقاعد ف��ي ع�‬ ‫�ام ‪ .1513‬ك��ان ه��ذا ال��رج��ل ه��و نيكولو املؤسسات السياسية‪ .‬اعتقد هيغل أن مكيافيللي كتب «األمير»‬ ‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫املتكرر‬ ‫النظام‬ ‫لتغيير‬ ‫نتيجة‬ ‫في‬ ‫ون‬ ‫مكيافيللي الذي اعتقل‬ ‫على سبيل ال��دع��وة إل��ى تكوين دول��ة ق��وي��ة إلق��ام��ة ال��وح��دة بني‬ ‫صورة‬ ‫في‬ ‫مكيافيللي‬ ‫مشروع‬ ‫خرج‬ ‫فلورنسا‪.‬‬ ‫شهدته مدينته‬ ‫الشعوب‪ .‬أما فيشته فقدم مكيافيللي كمدافع عن «األمم» حينما‬ ‫املائة‬ ‫على‬ ‫الطبعات‬ ‫معظم‬ ‫في‬ ‫صفحاته‬ ‫عدد‬ ‫تزيد‬ ‫كتاب صغير‬ ‫كانت أوروبا تنتقل من فكرة اإلمبراطورية إلى مفهوم األمة‪ .‬وفي‬ ‫عام‬ ‫في‬ ‫الحكام»‬ ‫�ن‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫«‬ ‫عنوان‬ ‫تحت‬ ‫�رة‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫ألول‬ ‫�در‬ ‫�‬ ‫ص‬ ‫فقط‪ ،‬وق��د‬ ‫عام ‪ ،1803‬أكد هيغل‪ ،‬الذي شعر بخيبة األمل في تحقيق الوحدة‬ ‫‪.1514-1513‬‬ ‫الوطنية األملانية‪ ،‬أن «صوت مكيافيللي يخفت دون تأثير»‪.‬‬ ‫يحتفل العالم اليوم بالذكرى الـ‪ 500‬لصدور كتاب مكيافيللي من‬

‫خالل ندوات عديدة تقيمها جامعات ومراكز بحثية في أكثر من املستبد اإلسالمي املستنير‬

‫‪ 50‬دولة‪ .‬وفي املئوية الخامسة لكتاب «األمير»‪ ،‬وهو االسم الذي‬ ‫اشتهر به الكتاب الصغير بعد أن ظهر على طبعته النهائية التي في القرن التاسع عشر‪ ،‬رأى اإلصالحيون اإلسالميون‪ ،‬ومن‬ ‫خرجت إلى النور في عام ‪ ،1532‬تتخذ مئات الكتب والكثير من بينهم ج�م��ال ال��دي��ن األف �غ��ان��ي‪ ،‬أن ك�ت��اب «األم �ي��ر» ي�ق��دم فكرة‬ ‫«املستبد املستنير» الذي‪ ،‬بحسب اعتقادهم‪ ،‬يحتاج إليه املسلمون‬ ‫املقاالت من هذا الكتاب مصدرا لإللهام‪.‬‬ ‫إلنقاذهم من الفقر والجهل واالنهيار‪.‬‬ ‫يفتخر الرئيس باراك أوباما بامتالكه نسخة من الكتاب‪ ،‬وكذلك‬ ‫يفعل ديكتاتور ك��وري��ا الشمالية كيم يونغ ل��ي‪ .‬كما أن كتاب واعتبر جوزيبي مانزوني‪ ،‬أحد مؤسسي القومية اإليطالية أن‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫االقتصاد الحر واملؤسسات الديمقراطية القوية والحوار والتجارة مع أصحاب‬ ‫الديانات والجماعات العرقية األخرى‪ .‬وبدوره حث غولن هذه الطبقة الرأسمالية‬ ‫الجديدة على االجتهاد والنجاح‪ ،‬ليس من أجل تحقيق مكسب شخصي بل‬ ‫لصالح املجتمع‪ .‬وذكرهم بأن النبي محمد أيضا كان تاجرا‪.‬‬

‫عارضت اضطهاد إردوغان للصحافيني واستخفافه بالحوار الديمقراطي‪.‬‬ ‫ووفقا للجنة حماية الصحافيني‪ ،‬يزيد عدد الصحافيني املسجونني في تركيا‬ ‫على مدار العامني املاضيني عن أي دولة أخرى في العالم (تأتي بعدها مباشرة‬ ‫إيران والصني)‪.‬‬

‫تالقي املصالح‬

‫تحدث أل��ب أص�لان دوغ��ان (أح��د املتعاطفني مع غولن وه��و رئيس «تحالف‬ ‫القيم املشتركة» ومقره نيويورك‪ ،‬وهي مؤسسة ال تستهدف الربح وتجمع‬ ‫تحت مظلتها جماعات أخرى تابعة لـ «الخدمة»)‪ ،‬عن «التخويف والتفتيش‬ ‫والغرامات» التي تواجه الناشرين في الوقت الحالي‪ .‬وأضاف قائال‪« :‬يواجه‬ ‫مالكو املؤسسات اإلعالمية تهديدات ألنشطتهم‪ .‬لم يقم أي شخص أو حزب‬ ‫في التاريخ التركي بإخضاع اإلعالم إلى هذه الدرجة من قبل»‪.‬‬

‫ليس غريبا أن تجد حركة غولن حليفا ممكنا في حزب العدالة والتنمية‪ .‬في‬ ‫عام ‪ ،2002‬تحدث إردوغان تحت راية حزب العدالة والتنمية مؤيدا ملزيد من‬ ‫الحريات الدينية واالقتصادية‪ .‬وكما فعل حزب العدالة والتنمية‪ ،‬اعتبرت حركة‬ ‫غولن الجيش والنخبة االقتصادية العلمانية القديمة عقبة أمام تلك الحريات‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن أنصار غولن لم يقدموا موافقة علنية مطلقا‪ ،‬فإنهم بدوا‬ ‫حريصني على العمل مع حزب العدالة والتنمية‪.‬‬ ‫بعد فوز إردوغ��ان‪ ،‬دعم حزب العدالة والتنمية (باإلضافة إلى مسؤولني في‬ ‫وزارة العدل يقال إنهم تابعون لحركة غولن) مجموعة من الدعاوى القضائية‬ ‫التي أدت بمئات من ضباط الجيش ورجال األعمال إلى السجون‪( .‬على الرغم‬ ‫من أخطاء عديدة وقعت فيها املحاكمات‪ ،‬فإن اللوم في األساس يقع على عاتق‬ ‫حزب العدالة والتنمية‪ ،‬الذي يملك بمفرده سلطة توجيه الدعاوى)‪.‬‬ ‫ول�ك��ن ل��م يستمر ال�ت�ح��ال��ف‪ .‬يتبنى ح��زب ال�ع��دال��ة والتنمية وأن �ص��ار غولن‬ ‫مفهومني مختلفني للهوية التركية وعالقتها باإلسالم‪ .‬ترجع جذور حزب‬ ‫العدالة والتنمية في تركيا إلى فكر الرؤية الوطنية‪ ،‬التي أطلقها في األصل‬ ‫رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان في إعالن «الرؤية الوطنية»‬ ‫الصادر عام ‪ .1969‬قال أربكان إن تركيا يجب أن تحول نظرها عن الغرب‬ ‫وتقيم اتحادا سياسيا واقتصاديا وعسكريا مع الدول اإلسالمية‪ .‬وفقا لهذه‬ ‫الرؤية‪ ،‬تحتل القوة الوطنية‪ ،‬ال سيما في الصراع مع الغرب‪ ،‬أولوية أكبر من‬ ‫وجود مجتمع مدني قوي‪.‬‬ ‫ويظل أربكان مصدر إلهام واضح لحزب العدالة والتنمية عامة‪ ،‬وإردوغ��ان‬ ‫خاصة‪ .‬عندما توفي أربكان في عام ‪ ،2011‬قطع إردوغان زيارته إلى أوروبا‬ ‫ليسرع عائدا من أج��ل حضور الجنازة التي ش��ارك فيها مئات اآلالف في‬ ‫إسطنبول‪ .‬كما تتبع أكبر جمعية إسالمية تركية نفوذا في أملانيا حركة‬ ‫ال��وح��دة الوطنية التي يشجعها إردوغ ��ان على مقاومة ال��ذوب��ان ف��ي الثقافة‬ ‫الغربية‪ ،‬وفقا لتعاليم أربكان‪.‬‬ ‫وكما هو متوقع‪ ،‬تصادمت الخدمة مع حزب العدالة والتنمية بسبب سياسات‬ ‫إردوغان الخارجية العدائية ومناوراته الداخلية غير الديمقراطية‪ .‬عندما حاولت‬ ‫إحدى منظمات املجتمع املدني التركية كسر الحصار اإلسرائيلي املفروض‬ ‫على غزة‪ ،‬واجهتها القوات البحرية اإلسرائيلية (مما أسفر عن مقتل تسعة‬ ‫أشخاص)‪ ،‬وكان رد إردوغان اتهام إسرائيل باإلرهاب وارتكاب جرائم إبادة‬ ‫جماعية‪ .‬وم��ن جانبه وص��ف غولن عدائية إردوغ ��ان بأنها «غير مثمرة»‪،‬‬ ‫وأضاف أنه كان يطلب إذن إسرائيل في أي وقت ترغب فيه جمعياته الخيرية‬ ‫مساعدة أهل غزة‪.‬‬ ‫تدور إحدى نقاط الخالف األخرى حول عالقات تركيا مع االتحاد األوروبي‪.‬‬ ‫شعر أنصار غولن‪ ،‬الذين كانوا يؤيدون بقوة إقامة عالقات وثيقة مع أوروبا‪،‬‬ ‫باإلحباط بسبب رفض إردوغان السعي إلى مباحثات أكثر جدية لالنضمام‬ ‫إلى االتحاد األوروبي‪ .‬وبني حني وآخر‪ ،‬كان إردوغان ينتهج سياسات – مثل‬ ‫إصدار تشريع يقيد الدخول إلى شبكة اإلنترنت والحد من استقالل جهات‬ ‫االدعاء – تهدف فيما يبدو إلى استعداء مسؤولي االتحاد األوروبي‪ .‬كما ساور‬ ‫أنصار غولن القلق بشأن دعم إردوغان لجماعة اإلخوان املسلمني في مصر‪.‬‬ ‫دائما ما تعتبر حرية الصحافة قضية مهمة بالنسبة لحركة غولن‪ ،‬لذلك‬

‫ال بد وأن رد إردوغان على االحتجاجات التي اندلعت في متنزه جيزي شكل‬ ‫مصدر إزعاج خاص لحركة غولن‪ .‬كانت املجموعة املتنوعة من املتظاهرين‪،‬‬ ‫الذين احتشدوا في البداية احتجاجا على تدمير متنزه في إسطنبول‪ ،‬نموذجا‬ ‫لتعددية املجتمع املدني التي يدافع عنها أنصار غولن‪ .‬قرر إردوغان أن يصدر‬ ‫أوام��ره للشرطة بتفريق املظاهرات بالقوة‪ ،‬مما أسفر عن مواجهات عنيفة‬ ‫استمرت لعدة أيام‪ .‬ألقى غولن باللوم على إردوغان بسبب عدم سماعه ملطالب‬ ‫املتظاهرين أوال‪.‬‬ ‫وي�ب��دو أن ه��ذا أق�ن��ع إردوغ� ��ان بشن ح��رب م�ب��اش��رة على ح��رك��ة غ��ول��ن‪ .‬في‬ ‫سبتمبر (أي�ل��ول)‪ ،‬أعلن إردوغ ��ان أن الحكومة تخطط لغلق جميع امل��دارس‬ ‫الخاصة التي ُتعد الطالب الختبارات‬ ‫القبول بالجامعات‪ :‬تدير حركة غولن‬ ‫نحو ‪ 20‬في املائة من ه��ذه امل��دارس‬ ‫ف��ي تركيا وتشكل م�ص��درا حيويا‬ ‫للدخل‪ ،‬باإلضافة إلى أنها واحدة من‬ ‫الوسائل الرئيسة لتقديم أفكار غولن‬ ‫إلى الشعب‪.‬‬ ‫وصل األمر بإردوغان وحزب العدالة‬ ‫وال�ت�ن�م�ي��ة إل ��ى وص ��ف ح��رك��ة غ��ول��ن‬ ‫ب��ال�ت��آم��ر ط�م�ع��ا ف��ي ال�س�ل�ط��ة‪ .‬ول�ك��ن‬ ‫ال ي��وج��د دل �ي��ل ق ��وي ع �ل��ى تخطيط‬ ‫منظم من أنصار غولن للوصول إلى السلطة‪ .‬ظلت الخدمة ملتزمة بتعاليمها‬ ‫بتخصيص م��وارد هائلة واهتمام بالغ ب��إدارة امل��دارس والجمعيات الخيرية‬ ‫والكيانات اإلعالمية في تركيا وفي الخارج‪.‬‬

‫ت�ؤكد جماعة غولن‬ ‫ب�صورة خا�صة على احلوار‬ ‫بني الأديان وخا�صة مع‬ ‫امل�سيحيني واليهود‬

‫لم تقم حركة غولن بمحاولة منظمة الختراق حزب العدالة والتنمية أو إدخال‬ ‫أعضائها في البرملان‪ .‬كما يندد أنصار غولن باستمرار بفساد حزب العدالة‬ ‫والتنمية ملا فيه من مخالفة ألخالق اإلسالم ومبادئ الخدمة‪ .‬وال يوجد سبب‬ ‫يدعو إلى عدم اتخاذ هذه االنتقادات بمقصدها الظاهري‪.‬‬ ‫أوض��ح غولن أنه سيرفض التخويف‪ ،‬ولكن يظل السؤال حول ما إذا كانت‬ ‫حركته سوف تتحمل الحملة الشعواء التي يشنها ضدها «العدالة والتنمية»؟‬ ‫من الواضح أن إردوغان عازم على تهميش حركة غولن‪ ،‬حتى على حساب‬ ‫ُ‬ ‫سيادة القانون في تركيا‪ .‬في األسبوع الحالي‪ ،‬أقر الرئيس عبد الله غل قانونا‬ ‫يسمح للهيئات الحكومية‪ ،‬دون قرار من املحكمة‪ ،‬بمنع الدخول على أي موقع‬ ‫إلكتروني‪.‬‬ ‫وف��ي الشهر املاضي‪ ،‬م��رر البرملان مشروع قانون يمنح للسلطة التنفيذية‬ ‫السيطرة الكاملة على القضاء‪ ،‬بسماحه للحكومة بتعيني وفصل املحققني‬ ‫وفقا لرغبتها‪ .‬سوف يلحق ضرر واضح بتركيا إذا جرى إسكات تعاليم غولن‬ ‫التي تحض على التسامح وحماية حقوق الفرد‪ .‬ولكن قد تكون خسارتها‬ ‫بالنسبة للثقافة اإلسالمية أكبر ضررا‬

‫فورن أفيرز‪ /‬مارس ‪ /‬آذار ‪57 - 2014‬‬


‫صحافة عالمية‬

‫ال يجب أن نتوقف عند افتقاد غولن إلى التهذيب السياسي‪ .‬يرى الغرب كال‬ ‫من غولن وإردوغان خصمني سياسيني‪ ،‬ولكن هناك ما هو أهم في صراعهما‬ ‫من الشؤون الدنيوية‪ .‬في حني قد يسرف إردوغان كثيرا في خطابه السياسي‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬يحاول غولن تقديم إسهامات ملموسة بصفته مفكرا إسالميا‪.‬‬ ‫ويسعى إلى تأسيس مدرسة إسالمية توفق بني الدين والديمقراطية الليبرالية‬ ‫والعقالنية العلمية والتعاون بني األديان واالقتصاد الحر‪ .‬وبغض النظر عمن‬ ‫سيكون املنتصر في معركة املستقبل السياسي في تركيا‪ ،‬من املهم الحفاظ‬ ‫على التراث الديني لغولن‪.‬‬

‫تنوير املساواة‬

‫ومقاه وم���دارس‪ .‬استفاد غولن‬ ‫مجموعات صغيرة؛ في مساجد ومسارح‬ ‫ٍ‬ ‫من شهرته املتزايدة في إقامة مراكز طالبية أو «منارات» تقدم دورات إعداد‬ ‫الختبارات القبول بالجامعات‪ .‬في ع��ام ‪ ،1979‬أس��س أصدقاء شخصيون‬ ‫لغولن دار نشر حتى يتمكن من تقديم مواد دراسية لتالميذه املتزايد عددهم‪.‬‬ ‫وج��رى إنشاء مدرسة يمنالر في أزم��ي��ر‪ ،‬وه��ي أول مدرسة ثانوية خاصة‬ ‫تقام على منهج غولن‪ ،‬في عام ‪ .1982‬وفي عام ‪ ،1983‬كانت له قاعدة وطنية‬ ‫واسعة من التابعني‪.‬‬ ‫يدير املتعاطفون مع غولن في الوقت الحالي أكثر من ‪ 1500‬مدرسة وجامعة‬ ‫في ‪ 120‬دولة‪ ،‬من بينها أفغانستان والنمسا والبوسنة وإندونيسيا واليابان‬ ‫واملكسيك وال��س��ودان وال��والي��ات املتحدة‪( .‬ت��وج��د ‪ 26‬م��درس��ة عامة مؤجرة‬ ‫يديرها أتباع غولن في تكساس بمفردها‪ ).‬تقدم حركة غولن ً‬ ‫منحا ال حصر‬ ‫لها للفقراء من أج��ل االلتحاق بمدارسها التي تغلب على دراستها العلوم‬ ‫والرياضيات‪ .‬يساهم أنصار غولن كمتطوعني أو ممولني لشبكة التعليم في‬ ‫الحركة‪ ،‬كنوع من املشاركة في األعمال الخيرية الدينية‪.‬‬

‫قال إردوغان مرارا إن غولن وجماعته الدينية‪ ،‬التي تعرف باسم «الخدمة»‪،‬‬ ‫يشكلون جزءا من مؤامرة سياسية‪ ،‬ووصفهم بـ «الدولة املوازية» املسؤولة عن‬ ‫إثارة سلسلة من التحقيقات في قضايا فساد ضد حكومته‪ .‬من املستحيل‬ ‫إثبات هذه االتهامات؛ حيث إن «الخدمة» ليس بها عضوية رسمية وال مقر‬ ‫وال تسلسل هرمي‪ ،‬مما يجعل من املستحيل معرفة ما إذا كان أنصار غولن‬ ‫موجودين بكثافة في هيئات إنفاذ القانون والقضاء‪ ،‬ناهيك عن التخطيط التعليم هو الحل‬ ‫للقيام بانقالب‪ .‬هناك العديد من املنظمات املدنية في تركيا املرتبطة علنا‬ ‫يأتي التزام غولن باعتبار التعليم الحل الرئيس للمشاكل التي تعاني منها‬ ‫بغولن‪ ،‬ولكنها وفقا لتعاليم غولن ال تتبنى وال ترفض أي حزب سياسي‪.‬‬ ‫معظم املجتمعات املسلمة كأفضل تعبير ملموس عن تعاليم غولن الدينية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن غولن دائما ما يقول إن املسلم املتدين يمكن أن يدخل اعتمد غولن على النصوص اإلسالمية من قرآن وحديث وسيرة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫عالم السياسة‪ ،‬فإنه حذر كثيرا من إلى التراث الثقافي التركي والعثماني من أجل تطوير نموذج مميز من علوم‬ ‫السماح باستخدام ال��دي��ن وسيلة الدين اإلسالمية الذي يدور محوره حول العمل املجتمعي وليس السياسي‪.‬‬ ‫ل��ل��ح��ص��ول ع��ل��ى ن��ف��وذ س��ي��اس��ي‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلط��ار‪ ،‬سار غولن على يرى هاكان يافوز عالم السياسة املقيم في يوتا ومؤلف كتاب «نحو تنوير‬ ‫درب سعيد النورسي‪ ،‬وه��و عالم إسالمي‪ :‬حركة غولن»‪ ،‬أربع خصائص في مشروع غولن‪ .‬أوال‪ ،‬يؤكد غولن‬ ‫ص��وف��ي ت��رك��ي ب����ارز‪ ،‬ك���ان ملهما على أن تقوى امل��ؤم��ن تقاس بأفعاله‪ ،‬وعلى وج��ه الخصوص ال��درج��ة التي‬ ‫ل�ل�إح���ي���اء اإلس��ل�ام����ي ف����ي أواخ�����ر يحاول بها تحسني حالة البشر‪ .‬ثانيا‪ ،‬يدفع غولن بأن اإلسالم يجب أن يكون‬ ‫عهد الدولة العثمانية ومن بعدها دينا يدعو إلى الحوار بني األديان‪ .‬ويعتقد أنه يجب على املسلمني السعي إلى‬ ‫جمهورية أتاتورك‪ .‬يقول النورسي تحقيق اإلجماع في مجتمعاتهم ويجب االهتمام باملشاركة املجتمعية والحوار‬ ‫في مؤلفه في تفسير القرآن املكون مع الجماعات األخرى‪( .‬تؤكد جماعة غولن بصورة خاصة على الحوار بني‬ ‫م���ن س��ت��ة آالف ص��ف��ح��ة وي��ح��م��ل األديان وخاصة مع املسيحيني واليهود)‪.‬‬ ‫اس���م «رس���ائ���ل ال���ن���ور» إن امل��ع��رف��ة‬ ‫الروحانية الصادقة متاحة لجميع املسلمني دون توجيه من «س��ي��د»‪ .‬وعد ثالثا‪ ،‬من تعاليم غولن حماية حقوق الفرد‪ .‬ويؤكد على أن العمل الديني يجب‬ ‫النورسي املادية عدوا لإلسالم‪ ،‬بيد أنه دافع أيضا عن تدريس العلوم الحديثة أن يكون تطوعيا‪ ،‬وهو أحد أسباب وصف أتباع غولن غالبا بـ «املتطوعني» ولذا‬ ‫في مدارس املسلمني‪.‬‬ ‫ال يمكن حصر إجمالي عددهم رسميا‪ .‬وأخيرا‪ ،‬تتبنى حركة غولن التفكير‬ ‫النقدي كأساس للمعرفة التي تعظم الله‪ ،‬وليس التفكير املناقض للوحي‪ .‬حسب‬ ‫تعاليم غولن‪ُ ،‬يعتبر العلم وسيلة املسلمني للوفاء بواجبهم الديني في تحسني‬ ‫االلتزام الداخلي‬ ‫الحالة االقتصادية ملجتمعاتهم‪.‬‬ ‫يتبنى غولن املنهج األساسي ذاته‪ .‬ولد غولن في شرق تركيا عام ‪ ،1941‬ونشأ‬ ‫على حفظ القرآن‪ .‬وفي الستينات بدأ في إدارة أحد املساجد باإلضافة إلى فيما يخص آراء غولن في السياسة‪ ،‬دائما ما تأتي تعاليمه في خدمة دعم‬ ‫مركز دراسي في مدينة أزمير‪ .‬تعمق غولن في مفهوم النورسي عن تقوية الديمقراطية والتسامح الثقافي‪ .‬عندما سئل في حوار مع صحيفة «نيويورك‬ ‫الضمير الديني أو االلتزام الداخلي‪ ،‬حتى إنه أكد على أهمية الخدمة العامة تايمز» عن موقفه من الحكومة التركية‪ ،‬أجاب غولن‪« :‬دائما ما أؤمن بسيادة‬ ‫كوسيلة يتبعها املسلمون لتعظيم الله والسيطرة على النزعات األنانية‪.‬‬ ‫القانون‪ ،‬وأؤمن بأهمية املشاركة في األفكار الجيدة مع مسؤولي الحكومة فيما‬ ‫يحقق مستقبال واعدا للبالد‪ .‬وبالتالي‪ ،‬بغض النظر عمن يكون في السلطة‪،‬‬ ‫تحمل ه��ذه التعاليم تناقضا ح��ادا مع اآلراء السياسية لجماعات إسالمية أحترم مسؤولي الدولة‪ ،‬وأحتفظ بدرجة معقولة من القرب منهم‪ ،‬وأحافظ على‬ ‫مثل اإلخوان املسلمني‪ ،‬التي تقدمت في الشرق األوسط في منتصف القرن موقف إيجابي تجاههم»‪ .‬كما يؤكد أيضا على أهمية وجود مجتمع مدني‬ ‫العشرين‪ .‬ترى جماعة اإلخوان أن تولي حكم الدولة وجعل الشريعة اإلسالمية قوي خارج سيطرة الدولة‪ .‬ويرى أن تركيا تحتاج إلى مؤسسات مثل املدارس‬ ‫أس��اس التشريع فرض ديني‪ ،‬وفي املقابل يدفع غولن بأن الدين يعاني من الخاصة واملشروعات الخاصة واألعمال التطوعية إذا كانت ترجو الحفاظ على‬ ‫التسييس‪ .‬في حني يشير اإلخوان إلى أن الجهاد بالضرورة صراع مسلح‪ ،‬ثقافتها الشاملة التقليدية‪.‬‬ ‫يؤكد غولن على أن الجهاد صراع أخالقي وروحاني‪.‬‬ ‫كان علم غولن الديني متماشيا مع الثورة الرأسمالية في تركيا‪ ،‬والتي أطلق‬ ‫في عام ‪ ،1970‬اعتقل غولن على يد حكومة عسكرية جديدة‪ ،‬وجرى إلغاء شرارتها التحرر االقتصادي في الثمانينات‪ .‬وكان رواد األعمال الجدد في‬ ‫تصريحه ب��ال��دع��وة‪ .‬ول��ك��ن ج���رى تسجيل وت��وزي��ع أح��ادي��ث��ه ال��خ��اص��ة أم��ام البالد من املسلمني املتدينني الذين اتخذوا من تعاليم غولن مبررا لتبنيهم‬

‫يتبنى حزب العدالة والتنمية‬ ‫و�أن�صار غولن مفهومني‬ ‫خمتلفني للهوية الرتكية‬ ‫وعالقتها بالإ�سالم‬

‫فورن أفيرز‪ /‬مارس ‪ /‬آذار ‪56 - 2014‬‬


‫فتح الله غولن يسعى إلى إصالح إسالمي‬

‫مارتن لوثر كينغ املسلم!‬

‫فتح الله غولن‬

‫بقلم‪ :‬فيكتور غايتان*‬

‫في مقطع فيديو نشر على موقعه اإللكتروني في ديسمبر (كانون األول) املاضي‪ ،‬دعا العالم املسلم التركي‬ ‫فتح الله غولن إلى لعن رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان‪ .‬وقال غولن‪ ،‬املنفي في الواليات املتحدة منذ‬ ‫عام ‪ ،1999‬في خطبة أذيعت عبر التلفزيون التركي‪« :‬هؤالء الذين ال يرون اللصوص ولكن يطاردون من يحاول‬ ‫ّ‬ ‫ويفرق شملهم»‪ .‬لقد تجاوز ذلك الحدود‬ ‫اإلمساك باللصوص‪ :‬أسأل الله أن يحرق بيوتهم ويدمر منازلهم‬ ‫العلمانية للخالف السياسي في تركيا‪.‬‬ ‫* مراسل دولي لـ«ناشيونال كاثوليك ريجستر»‬

‫فورن أفيرز‪ /‬مارس ‪ /‬آذار ‪55 - 2014‬‬


‫صحافة عالمية‬

‫على تعقيد جهود «القاعدة» لتغيير صورتها كما كان االرتباط بتنظيم داعش النافذين‪ .‬وعلى الرغم من قدرتها على تقديم مزايا عينية ألعضائها وهو‬ ‫ما سيمكنها من االستمرار في العمل بعض الوقت‪ ،‬فال يمكنها االستمرار‬ ‫كارثيا فيما يتعلق بمساعيها لتحقيق ذلك الهدف‪.‬‬ ‫دون دعم ديني‪.‬‬ ‫وبغياب «داعش»‪ ،‬تتزايد قدرة تنظيم القاعدة على مد نفوذه؛ حيث يستطيع‬ ‫التنظيم إثبات أنه يعي احتياجات ومتطلبات القاعدة التي يزعم أنه يخدمها فمن دونه‪ ،‬ال تستطيع الجماعة جذب انصار جدد ومن ثم سيصبح عليها‬ ‫وأنه يسعى للتعاون مع الجماعات األخرى التي تقاتل أعداء السنة بدال من االعتماد أكثر على الشباب غير املتعلم ذوي امليل للعنف وارتكاب الجريمة‪ .‬كما‬ ‫الهيمنة عليهم‪ .‬باإلضافة إلى أن التنظيم يحاول االيهام بانه لم يعد هو الجماعة ستجد الجماعة صعوبة في الحصول على التمويل من كبار املتبرعني خاصة‬ ‫الجهادية األكثر تطرفا ليتمكن من جذب بعض املؤيدين ملنحه دفعة ثانية‪.‬‬ ‫وأن هناك العديد من البدائل‪ .‬وإذا ما كان يمكننا االعتداد ب��دروس التاريخ‪،‬‬ ‫فمن املرجح أن تدفع تلك الضغوط املالية «داعش» إلى ارتكاب الجريمة وهو‬ ‫ما سيؤدي بدوره إلشعال الغضب الشعبي تجاه الجماعة‪.‬‬

‫عبرة الجزائر‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يمكن أن يخدم انفصال «داعش» و«القاعدة» مصالح «داعش»‬ ‫أيضا‪ ،‬فكما يقول ويل ماككانتس‪ ،‬زميل الباحثني بمركز سابان لسياسات‬ ‫الشرق األوس��ط‪ ،‬سوف يعزز االنفصال صورة «داع��ش» كقوة يعتد بها بل‬ ‫وحتى كأكثر الجماعات الجهادية نفوذا‪ ،‬وإن كان األكثر ترجيحا هو أن أداء‬ ‫«داعش» لن يكون جيدا تماما على املدى البعيد‪.‬‬ ‫فدون تبعية «داع��ش» لتنظيم القاعدة‪ ،‬سوف يصبح البغدادي في موقف ال‬ ‫يحسد عليه‪ ،‬فقد كانت جماعته تستفيد من الشرعية التي كانت تستمدها‬ ‫من عالقتها بتنظيم القاعدة من وجهة نظر«داعش» دون أن يكون عليها فعليا‬ ‫الخضوع ألوامر القيادة املركزية للتنظيم‪ .‬واألهم من ذلك هو أن رعاية تنظيم‬ ‫القاعدة لداعش كانت توفر لها غطاء‬ ‫وت�ع�م��ل ع�ل��ى ال �ح��د م��ن االن �ت �ق��ادات‬ ‫ال�ت��ي ي�ج��ري توجيهها ملمارستها‬ ‫الوحشية وللتجديد التديني ال��ذي‬ ‫ت� �ق ��وم ب� ��ه‪ .‬ول �ك �ن �ه��ا اآلن أص�ب�ح��ت‬ ‫ال� ��وج� ��ه امل� �ت� �ش ��دد ح� �ت ��ى ب��ال �ن �س �ب��ة‬ ‫لتنظيم القاعدة االرهابي‪ .‬وما لم تقم‬ ‫«داعش» بإجراء تغييرات راديكالية‬ ‫– وهو أمر مستبعد ‪ -‬سوف يتزايد‬ ‫مستوى االن �ت �ق��ادات ال�ت��ي تتعرض‬ ‫لها‪ .‬وبالفعل‪ ،‬لم يعد حول «داعش»‬ ‫سوى عدد محدود من الداعمني ذوي‬ ‫األهمية الذين يمكن أن يدافعوا عنها‬ ‫ويضفوا على أفعالها اإلطار الديني‪.‬‬ ‫وقد أفادت «داعش» من الشرعية التي كانت تنجم عن عالقتها بتنظيم القاعدة‬ ‫دون االضطرار إلى االلتزام فعليا بأوامر القيادة املركزية بالتنظيم‪.‬‬

‫يجب على الواليات املتحدة‬ ‫توفري الظروف التي ت�سهل‬ ‫ان�شقاق �أع�ضاء «داع�ش»‬ ‫وميكنها ا�ستخدام‬ ‫عمليات معلوماتية لتعزيز‬ ‫النزاعات الداخلية‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬من املحتمل أن تنهار «داعش» ذاتيا‪ .‬فبالفعل‪ ،‬تستمع قواعد‬ ‫الجماعة إلى الدعاوى املتكررة من كبار الجهاديني والتي تطالبهم باالنشقاق‬ ‫واالنضمام إل��ى الجماعات اإلسالمية األخ��رى في سوريا وربما تلقى تلك‬ ‫الدعوات آذانا صاغية لدى العديد من األعضاء ولكنهم سرعان ما سيكتشفون‬ ‫مدى خطورة محاولة تغيير والءاتهم‪ .‬ونظرا ألنها تعاني من جنون االضطهاد‬ ‫بالفعل‪ ،‬فربما تنظر «داع��ش» إلى األح��داث األخيرة كتأكيد للمؤامرات التي‬ ‫تحاك ضدها‪ ،‬وهو ما سيدفعها بالضرورة إلى زي��ادة مستوى وحشيتها‬ ‫وسوف تحرص على مراقبة أعضائها‪ .‬ولكي تردع محاوالت االنشقاق‪ ،‬من‬ ‫املرجح أن تعدم داعش من تعتقد أنهم خونة من أنصارها‪ .‬وسوف يختار‬ ‫بعض األعضاء مخالفة أوام��ر قادتهم وزمالئهم من املقاتلني وي�ب��دأون في‬ ‫تقديم املعلومات إلى الجماعات املتمردة األخرى‪ .‬وسوف تكون جبهة النصرة‬ ‫والجبهة اإلسالمية على استعداد لقبول ذلك‪.‬‬

‫عقد صداقة مع جبهة النصرة‬ ‫من جانبها‪ ،‬يجب على الواليات املتحدة توفير الظروف التي تسهل انشقاق‬ ‫أعضاء «داع��ش»‪ ،‬ويمكنها استخدام عمليات معلوماتية لتعزيز النزاعات‬ ‫الداخلية ودفعها إلى ممارسة قدر أكبر من القمع مما يدفع أعضاء «داعش» إلى‬ ‫البحث عن سبل االنفصال عنها‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬يمكنها مساعدة األعضاء‬ ‫الذين يرغبون في االنفصال عن الجماعة من خالل تشجيع حلفائها العرب‬ ‫على تأسيس بنية تحتية تتلقى املنشقني وتعيد تأهيلهم‪ .‬باإلضافة إلى أن‬ ‫الترويج لعمليات التطهير الداخلية سوف يحد من جاذبية الجبهة السورية في‬ ‫عيون املقاتلني األجانب‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬سوف تضطر «داعش» إلى قضاء وقت‬ ‫أطول في معالجة األمن الداخلي بدال من قضائه في التوسع وهو ما يمكن أن‬ ‫يساعد الواليات املتحدة على تحقيق أهدافها في العراق وسوريا خاصة الحد‬ ‫من نفوذ الجماعات املتطرفة‪ .‬وربما يساعد أفول نجم «داعش» السوريني على‬ ‫استعادة قدر كاف من النفوذ يمكنهم من إنهاء النزاع‪.‬‬

‫ومن العديد من الجوانب‪ ،‬يبدو أن «داعش» تسير على طريق تدمير الذات الذي‬ ‫سارت فيه الجماعة اإلسالمية املسلحة الجزائرية والذي أدى إلى أفولها قبل‬ ‫عقدين‪ .‬ففي الفترة بني ‪ 1992‬و‪ ،1998‬شنت الجماعة اإلسالمية املسلحة حملة‬ ‫شرسة لتأسيس دولة إسالمية بدال من الحكومة الجزائرية‪.‬‬ ‫وذهبت إلى مدى واسع من التطرف حتى إنها وصفت مسلمني تقاة بالهراطقة‬ ‫وقتلت العديد من األب��ري��اء بل وحتى أتباعها من الجهاديني وانتهى الحال‬ ‫بإضاعتها لفرصة التواجد بالساحة‪.‬‬ ‫بالنسبة للمجتمعات الجهادية‪ ،‬كان انهيار الجماعة اإلسالمية املسلحة يمثل‬ ‫عبرة ال يجب التغاضي عنها‪ .‬ولن يغفل منتقدو «داعش» عن أوجه التشابه‬ ‫بني الجماعة اإلسالمية املسلحة و«داعش» وهو ما سيجعل البغدادي يتخذ‬ ‫وضعية ال��دف��اع‪ :‬فعلى غ��رار الجماعة اإلسالمية املسلحة‪ ،‬تخضع «داع��ش» مما ال شك فيه أن انفصال تنظيم القاعدة عن «داعش» يعد خبرا طيبا‪ .‬وعلى‬ ‫لقيادة أشخاص ليس لهم سوى مصداقية دينية محدودة‪ .‬وعلى غرار الجماعة الرغم من أنها لن تجلب السالم إلى سوريا أو توقف العنف املستمر واملمتد‬ ‫اإلسالمية املسلحة‪ ،‬تفقد «داعش» باستمرار مؤيديها الرئيسني‪.‬‬ ‫إلى الدول املجاورة‪ ،‬فإنها سوف تضعف الجماعة املتمردة الوحشية والعنيدة‬ ‫في سوريا وسوف تثير جدال حادا داخل املجتمعات الجهادية حول الحاجة‬ ‫وعلى الرغم من أن داعش تهيمن على قدر هائل من األراض��ي‪ ،‬سوف تجد إلى الحد من العنف وتدفع بالشرق األوسط خطوة صغيرة بعيدا عن األزمة‬ ‫«داع ��ش» صعوبة بالغة ف��ي الحفاظ على ذل��ك النفوذ دون دع��م الجهاديني املحتدمة‬

‫وم��ن جهة أخ ��رى‪ ،‬يجب على ال��والي��ات املتحدة أن تخف م��ن ال �ش��روط التي‬ ‫تضعها للتعاون مع الجبهة اإلسالمية‪ ،‬بل وحتى التفكير في تواصل أعمق‬ ‫مع جبهة النصرة؛ حيث يعمل كالهما على إسقاط الرئيس السوري بشار‬ ‫األسد‪ ،‬وهو ما سوف يضع املزيد من الضغوط على «داعش» ويمكن الواليات‬ ‫املتحدة وبعض الجماعات اإلسالمية من التواصل من كثب وأن تفهم كل‬ ‫منهما رؤي��ة األخ��رى وتتفهم مخاوفها بل وحتى تقليل املعاناة اإلنسانية‬ ‫في سوريا‪ .‬وبالتأكيد سوف يكون لهذه العالقات أهمية عندما يتعلق األمر‬ ‫بإعادة إعمار البالد‪.‬‬

‫فورن أفيرز‪ /‬مارس ‪ /‬آذار ‪54 - 2014‬‬


‫بعد إعالن تنظيم القاعدة تبرؤه من داعش‪ ،‬أصبحت سمعة األخيرة على املحك‬ ‫وهو ما يمكن أن يكون له عواقب مدمرة‪ .‬وعلى الواليات املتحدة أن تستغل هذا‬ ‫الصدع في العالقة بني تنظيم القاعدة و«داعش» خالل األشهر املقبلة لتعزيز‬ ‫مصالحها في سوريا والعراق‪.‬‬ ‫لم تكن تلك الخطوة مفاجئة تماما؛ فعلى مر السنوات‪ ،‬كانت هناك العديد من‬ ‫اإلشارات إلى توتر العالقة بني القيادة املركزية لتنظيم القاعدة والجماعة التي‬ ‫تعد أكثر فروع التنظيم تمردا؛ حيث كان االندماج الذي حدث في ‪ 2004‬بني‬ ‫تنظيم القاعدة وجماعة التوحيد والجهاد التي يتزعمها أبو مصعب الزرقاوي‬ ‫(أصبح يطلق عليها القاعدة في العراق بعد االندماج‪ ،‬ثم تحول للدولة اإلسالمية‬ ‫في العراق في أعقاب مقتل الزرقاوي) نتاجا للمصالح املتبادلة أكثر من كونه‬ ‫نتاجا لآليديولوجيا املشتركة‪ .‬ومع ذلك ورغم التوتر املتزايد إثر التكتيكات‬ ‫الوحشية للجماعة العراقية وعدم احترامها‪ ،‬بل‪ ،‬وفي بعض األحيان‪ ،‬تمردها‬ ‫املباشر على سلطة التنظيم‪ ،‬كانت القيادة املركزية لتنظيم القاعدة االرهابي‬ ‫مترددة في إعالن التبرؤ منها‪.‬‬

‫جبهة النصرة‬ ‫ووصلت التوترات إلى ال��ذروة في أبريل (نيسان) ‪ ،2013‬عندما أعلن قائد‬ ‫الفصيل ال�ع��راق��ي‪ ،‬أب��و بكر ال�ب�غ��دادي‪ ،‬مشاركة فصيله ف��ي ال�ح��رب األهلية‬ ‫السورية زاع�م��ا قيادته للفرع ال�س��وري ال��ذي يحمل اس��م «جبهة النصرة»‪،‬‬ ‫ومؤكدا أن الفرعني العراقي والسوري سوف يعمالن معا تحت اسم الدولة‬ ‫اإلسالمية في العراق والشام (داعش)‪.‬‬ ‫وسرعان ما كذب أبو محمد الجوالني‪ ،‬زعيم جبهة النصرة‪ ،‬مزاعم البغدادي‬ ‫واضطر الظواهري‪ ،‬زعيم تنظيم القاعدة إلى التدخل؛ حيث أكد الظواهري‬ ‫التبعية املباشرة لجبهة النصرة لتنظيم القاعدة وليس لتنظيم داعش‪ .‬ودعا‬ ‫ك�لا الفصيلني إل��ى التركيز على مناطق عملهما‪ .‬وف��ي ال��وق��ت نفسه‪ ،‬أثنى‬ ‫على البغدادي نظرا ملشاركة «داعش» في الجهاد‪ .‬وأعلن أنه سيرسل املقاتل‬ ‫املخضرم أبو خالد السوري ليعمل كمبعوثه الشخصي لإلشراف على العالقة‬ ‫بني الفصيلني‪.‬‬ ‫ولكن البغدادي رفض قرار الظواهري وأعرب عالنية عن تحديه لقرار الزعيم‬ ‫الذي كان قد تعهد من قبل بالوالء له‪ .‬وكانت هذه أول مرة يعلن فيها قائد أحد‬ ‫الفصائل التابعة لتنظيم القاعدة عصيانه للقائد املركزي مما أثار العديد من‬ ‫الشكوك داخل املجتمعات الجهادية حول قوة الظواهري الذي خلف بن الدن‬ ‫في زعامة التنظيم قبل عامني فقط‪.‬‬ ‫وعلى املدى البعيد‪ ،‬ربما يتضح أن قرار التبرؤ من «داعش» كان قرارا مدروسًا‬ ‫من الظواهري خاصة فيما يتعلق بالدائرة األوسع للرأي العام اإلسالمي‪.‬‬

‫تحجيم «داعش»‬ ‫ففي األشهر التالية‪ ،‬عززت «داعش» هيمنتها على األراضي في شمال سوريا‬ ‫وتمكنت من االستحواذ على قدر كبير من املوارد وتمكنت من جذب املقاتلني‬ ‫األجانب باإلضافة إلى املنشقني عن جبهة النصرة‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬أثارت‬ ‫وحشيتها حالة من الغضب داخل معسكر املعارضة السورية‪ .‬وفي النهاية‪،‬‬ ‫وفي بداية شهر يناير (كانون الثاني) ‪ ،2014‬أثار تزايد نفوذ «داعش» حالة‬ ‫واسعة من الغضب داخل صفوف العديد من الجماعات العلمانية واإلسالمية‪،‬‬ ‫حتى إن املعارك اندلعت في بعض املناطق بني أعضاء جبهة النصرة و«داعش»‪.‬‬ ‫وفي تصريح لجوالني في ‪ 7‬يناير‪ ،‬انتقد الرجل عالنية «داع��ش»‪ ،‬ثم أعقبه‬ ‫انتقاد واضح من السوري‪ ،‬مبعوث الظواهري للجماعة‪.‬‬ ‫وفي إطار تصاعد النزاع‪ ،‬كان هناك أمل داخل العديد من الدوائر الجهادية بأن‬ ‫يتمكن الظواهري من تحجيم «داعش» ووقف العنف الداخلي املثير للحرج‪.‬‬

‫ولكن حتى في ظل تزايد مستويات التوتر‪ ،‬كان الظواهري بطيئا في معالجة‬ ‫النزاع‪ .‬وعندما تحدث أخيرا في ‪ 23‬يناير بعد ثالثة أسابيع من اندالع القتال‪،‬‬ ‫جاءت رسالته ضعيفة للغاية‪ .‬وعلى الرغم من تفسير بعض أجزاء تصريحه‬ ‫كتوبيخ للبغدادي‪ ،‬بدا الظواهري في مجمل التصريح مترددا‪ .‬ومن املحتمل‬ ‫أن يكون الظواهري قد حاول التدخل من خلف الكواليس‪ ،‬على أمل أن يمكن‬ ‫الجميع من حفظ ماء الوجه‪ .‬ولكن إذا كان الظواهري قد فعل ذلك فإن قراره‬ ‫الالحق بقطع العالقات بني «القاعدة» و«داع��ش» يشير بوضوح إلى إخفاق‬ ‫تلك املساعي‪.‬‬

‫سحر الهجوم‬ ‫قبل انفصال «داع��ش» عن «القاعدة»‪ ،‬كانت «داع��ش» هي أكثر أف��رع تنظيم‬ ‫القاعدة انتاجًا حيث كانت تهيمن على مساحات واسعة من األراض��ي في‬ ‫غرب العراق وشمال سوريا‪ .‬وبالتخلي عن الجماعة‪ ،‬اختار تنظيم القاعدة‬ ‫التخلي أيضا عن األف��رع األخ��رى في سوريا كما لم يعد له تنظيم تابع في‬ ‫العراق‪ ،‬وهو ما يأتي في وقت تصاعد املقاومة السنية لحكومة نوري املالكي‬ ‫وهيمنة «داعش» على املزيد من األراضي في املناطق السنية املهمة بالبالد بما‬ ‫في ذلك مدينتا الفلوجة والرمادي‪ .‬وعلى الرغم من أن الظواهري ربما يعلن‬ ‫عن االندماج مع إحدى الجماعات الجهادية العاملة في العراق‪ ،‬يظهر قراره‬ ‫بالتبرؤ من «داعش» أنه يؤمن بأن الضرر الذي كانت تسببه لتنظيمه ولسلطته‬ ‫الشخصية كان كبيرا؛ حتى إن التنظيم ليصبح أفضل حاال من دونها‪.‬‬ ‫ك �م��ا ي �ع �ك��س ال ��وق ��ت ال �ط��وي��ل ال ��ذي‬ ‫اس �ت �غ��رق��ه ال� �ظ ��واه ��ري ح �ت��ى يتخذ‬ ‫م��وق �ف��ا ت � ��ردده ال�ع�م�ي��ق ف��ي ال �ت��ورط‬ ‫في االقتتال الداخلي داخ��ل صفوف‬ ‫ال�ح��رك��ة ال�ج�ه��ادي��ة‪ .‬فبعد أع ��وام من‬ ‫التأكيد على ال��وح��دة وال�ت�ح��ذي��ر من‬ ‫التمرد والنزاعات‪ ،‬لم يكن الظواهري‬ ‫ل �ي �ت �ع��ام��ل ب��اس �ت �خ �ف��اف م ��ع خ �ط��وة‬ ‫ال� �ت ��ورط ف ��ي ال � �ن� ��زاع‪ ،‬ف �ك��ان ب�ح��اج��ة‬ ‫ألن يظهر أن��ه اتخذ كافة اإلج ��راءات‬ ‫الضرورية لتجنب االنقسام وتأسيس‬ ‫تأييد ل��ذل��ك االن�ف�ص��ال ب�ين القيادات‬ ‫الجهادية وصناع القرار‪.‬‬

‫انف�صال تنظيم القاعدة عن‬ ‫«داع�ش» يعد خربا طيبا وعلى‬ ‫الرغم من �أنها لن جتلب‬ ‫ال�سالم �إىل �سوريا �أو توقف‬ ‫العنف امل�ستمر واملمتد �إىل‬ ‫الدول املجاورة‬

‫وال يمكن التقليل من أهمية انتقاد أبو محمد املقدسي وأبو قتادة الفلسطيني‬ ‫للبغدادي بعد إعالنه الحصول على لقب الخليفة وإطالقه مصطلح الدولة على‬ ‫الجماعة نظرا ألهمية رأي القيادتني لزعيم القاعدة؛ حيث سهل ذلك االنتقاد‬ ‫ورف��ض «داع��ش» م�ب��ادرات ملصالحة م��ع بعض الجماعات اإلس�لام�ي��ة‪ ،‬على‬ ‫الظواهري التبرؤ من «داع��ش» وهو ما سيجعل وضعه أفضل ويمكنه من‬ ‫دحض االتهامات املتعلقة بالترويج للشقاق‪.‬‬ ‫وعلى املدى البعيد‪ ،‬ربما يتضح أن قرار الظواهري باالنفصال عن «داعش»‬ ‫كان قرارا مدروسا خاصة فيما يتعلق بالرأي اإلسالمي العام وذلك حيث إن‬ ‫األخطاء التي ارتكبت خالل العقد املاضي خاصة قتل آالف من املسلمني في‬ ‫عمليات عنف عشوائية كانت تؤثر على الدعم الذي كان التنظيم يسعى اليه‪.‬‬ ‫ووفرت التطورات املفاجئة للربيع العربي دفعة أخرى للجماعة حيث أصبح‬ ‫بإمكانها أن تحاول الفوز بعقول بعض املسلمني من خالل إظهار قدرتها على‬ ‫اإلدارة وتوفير األمن والخدمات االقتصادية‪.‬‬ ‫وحاولت جبهة النصرة في سوريا وكذلك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة‬ ‫في اليمن من تحقيق ذلك‪ .‬كما حاول فرع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا‬ ‫اتباع مسار مشابه في مالي وإن كان أقل فاعلية‪ .‬ولكن االنقسامات ساعدت‬

‫فورن أفيرز‪ /‬مارس ‪ /‬آذار ‪53 - 2014‬‬


‫صحافة عالمية‬

‫على واشنطن استغالل الصدع في العالقة بني القاعدة و«داعش» لتعزيز مصالحها‬

‫جماعات تدمري الذات‬

‫مقاتل من تنظيم داعش‬

‫بقلم‪ :‬باراك مندلسون *‬

‫في بداية شهر فبراير (شباط)‪ ،‬أعلنت القيادة املركزية لتنظيم القاعدة قطع العالقات مع «الدولة اإلسالمية في العراق‬ ‫والشام» واملعروفة اختصارا باسم «داعش» وهي من التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة في العراق وسوريا‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أن هذه الخطوة لها تأثير على سمعة تنظيم القاعدة‪ ،‬فإنها تخدم مصالح التنظيم على نحو أفضل من االستمرار‬ ‫في عالقة مع تنظيم أساء لزعيم التنظيم‪ ،‬أيمن الظواهري‪ ،‬وأضر بصورة الجماعة اإلرهابية‪.‬‬ ‫* أستاذ العلوم السياسية في كلية هيفرفورد وزميل الباحثني بمعهد أبحاث السياسة الخارجية‬

‫فورن أفيرز‪ /‬مارس ‪ /‬آذار ‪52 - 2014‬‬


‫على واشنطن استغالل الصدع في العالقة بني القاعدة و«داعش» لتعزيز مصالحها‬

‫جماعات تدمري الذات‬ ‫بقلم‪ :‬باراك مندلسون‬

‫فتح الله غولن يسعى إلى إصالح إسالمي‬

‫مارتن لوثر كينغ املسلم!‬ ‫بقلم‪ :‬فيكتور غايتان‬

‫فورن أفيرز‪ /‬مارس ‪ /‬آذار ‪51 - 2014‬‬


twitter

facebook google+

The Arab world has a rich history of scientific breakthroughs. Ensure you’re part of the scientific and medical community gaining access to the latest research in the region. From the latest news, in-depth features, expert commentaries and research highlights to regional jobs, event listings and alerts direct to your inbox – Nature Middle East is your free comprehensive portal keeping you at the centre of science in the Arabic speaking Middle East.

nature.com/nmiddleeast Sponsored by

Get the free mobile app at

Download the free app for your / gettag.mobi phone athttp:/ http://gettag.mobi


‫تعتبر عملية القبض على الفرقة التي تنتمي الى ما يسمى بـ"الحزب السائر على خط األمام" والذي تم االعداد‬ ‫ملؤامرتها مبكرا وتجهيزها بما تحتاجه أهم نجاح يمكن ان تحققه أجهزة أمنية في مثل هذه الظروف الصعبة التي‬ ‫وقعت فيها األحداث‪ .‬والذي يبني املدى الذي وصلت اليه أجهزة األمن في السعودية‪ .‬والظروف الصعبة التي رافقت‬ ‫عملية الكشف عن الفرقة التخريبية كانت تتمثل في التالي‪:‬‬

‫األمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي لـ"املجلة"‪:‬‬

‫رجال املباحث قادوا عملية ضبط املتآمرين‬ ‫أوال – ضخامة ع��دد الحجاج وال��ذي ف��اق عددهم عدد‬ ‫سكان مكة املكرمة نفسها وتجاوز املليون والنصف‪.‬‬ ‫خاصة وان جميعهم من الحجاج الذين يأتون في فترة‬ ‫واحدة ويغادرون في أوقات معلومة‪.‬‬ ‫ثانيا – ان الجهات املخططة واملمولة للمؤامرة استخدمت أفرادا‬ ‫يحملون الهوية الكويتية ويتمتعون بمزاياها مثل عبور الحدود‬ ‫ب��دون تأشيرات وح��ق التنقل ب��دون قيود والتي تعطي لجميع‬ ‫مواطني دول مجلس التعاون الخليجي‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫ثالثا – دق��ة التنظيم م��ن خ�لال م��ا اع�ت��رف ب��ه امل�ت��آم��رون وال��ذي‬ ‫تضمن تهريب املتفجرات مع مجموعة عن طريق البر وتدعمهم‬ ‫خبرة سابقة في هذا األسلوب وآخرين قدموا عن طريق الجو‪.‬‬ ‫رابعا – ان التخطيط شمل السفارة االيرانية في الكويت التي‬ ‫استخدمت كقاعدة تجمع وتنظيم‪ ،‬وث��م املدينة املنورة وأخيرا‬ ‫مكة املكرمة‪.‬‬

‫أطلعنا‬ ‫الكويتيني‬ ‫على ملف‬ ‫القضية‬

‫ويمكن القول بأن القبض على هذه املجموعة تمثل ضربة موفقة‬ ‫لألجهزة األمنية السعودية والتي استطاعت مرة أخرى افشال‬ ‫مخطط افساد موسم الحج وترويع الحجاج وهو الهدف الذي‬ ‫اعترف به املتآمرون‪.‬‬ ‫وقد أكد األمير نايف بن عبد العزيز وزي��ر الداخلية السعودي‬ ‫في حديث خاص أج��راه معه رئيس التحرير ان القبض عليهم‬ ‫األمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي‬ ‫لم يكن أبدا من باب الصدفة بل كما قال‪ :‬بتوفيق الله ثم بجهود‬ ‫رجال املباحث العامة في اململكة العربية السعودية‪ .‬وأكد األمير > وبحكم ان جميع املجرمني من الشيعة‪ ،‬هل تعتقدون ان هذا‬ ‫نايف ان دور رجال املباحث قاد منذ البداية الى الكشف عنهم‪ .‬قد يضع املسلمني الشيعة في خانة املتهمني؟‬ ‫ لم يدر هذا بذهننا أبدا‪.‬‬‫> هل تمكن احد من املتآمرين من الهرب؟‬ ‫> أشير من خالل اعترافات املجرمني بوجود دور ايراني في‬ ‫ لم يتمكن أحد منهم من الهرب‪.‬‬‫تدبير امل��ؤام��رة‪ ،‬فهل تعتقدون م��ن خ�لال م��ا ت��وف��ر لديكم من‬ ‫الكويتيني‬ ‫اطلعتم‬ ‫فهل‬ ‫كويتية‪،‬‬ ‫> بحكم ان هويات املجرمني هي‬ ‫معلومات ان ايران الدولة متورطة في العملية‪ ،‬ام انما دبرت من‬ ‫على ملف القضية؟‬ ‫قبل أجنحة متصارعة؟‬ ‫ نعم‪.‬‬‫ قد تكون الحكومة االيرانية أعلم منا بذلك‪.‬‬‫على‬ ‫القبض‬ ‫في‬ ‫اململكة‬ ‫مع‬ ‫التعاون‬ ‫عربية‬ ‫جهات‬ ‫�دت‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫> هل‬ ‫> اعترف بعض املتآمرين عن عالقة أشخاص آخرين بصورة‬ ‫املجرمني؟‬ ‫رئيسية في تدبير املؤامرة ‪ ،‬فهل هناك النية ملالحقتهم؟‬ ‫ ال ولم يطلب ذلك‪.‬‬‫‪ -‬كل ما يهم أمن اململكة يهمنا متابعته<‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪49‬‬


‫أرشيف‬

‫‪,,‬‬

‫حسن حسني‬ ‫الحسيني‪ :‬أوكل‬ ‫اليه قسم من‬ ‫التفجيرات‪،‬‬ ‫في حني أوكل‬ ‫القسم اآلخر الى‬ ‫علي كاظم‪ :‬وقد‬ ‫اعترف بقيامه‬ ‫بدوره وتنفيذ ما‬ ‫أوكل اليه‬

‫‪,,‬‬ ‫‪,,‬‬

‫هاني املسري‪:‬‬ ‫نقل املتفجرات‬ ‫من املدينة‬ ‫املنورة الى‬ ‫مكة املكرمة في‬ ‫الخامس من ذي‬ ‫الحجة‪ .‬وشارك‬ ‫في عملية تجهيز‬ ‫املتفجرات في‬ ‫املواقع‬

‫‪,,‬‬

‫‪48‬‬

‫حمد عبد الله احمد عباس دشتي‬

‫عبد الحسني كرم درويش ناصر‬

‫هاني حبيب طاهر املسري‬

‫هيثم عباس عباس غلوم حسني‬

‫بالحملة‪ ،‬وكنا نشعر بارتياح نفسي ونوع من االنبساط لقيامنا بهذه‬ ‫العملية بعد أن كنا نعيش في جو من االره��اق والتعب النفسي طيلة‬ ‫الفترة التي سبقت‪.‬‬

‫عبد الرسول‪.‬‬ ‫ويضيف‪ :‬لقد قام بتجهيز العبوات كل من منصور املحميد وعبد العزيز‬ ‫شمس‪..‬وبعد تجهيزها أخذها منصور املحميد ولكن ال أعرف بالضبط‬ ‫اين وضعها‪ ..‬وفي عصر يوم السابع من ذي الحجة استقلينا السيارة‬ ‫للتوجه الى مكان التفجير وركب معي منصور املحميد وعبد العزيز‬ ‫شمس وهاني املسري وحمد دشتي وعلي أحمد عباس ومحمود كاظم‬ ‫وانتقلنا الى منطقة الحرم‪.‬‬

‫االسم‪ :‬عبد الوهاب حسني علي بارون‬ ‫الجنسية‪ :‬كويتي (من أصل ايراني)‬ ‫العمر ‪ 22 :‬سنة‬ ‫املهنة‪ :‬مدرس في مدرسة الجفرة االبتدائية‬ ‫دوره في ا لعملية‪:‬‬

‫ويقول البارون انه أوق��ف سيارته بجانب مستشفى أجياد وبعد أن‬ ‫تحقق من وجهته نظر الى مجموعته فوجد عبد العزيز شمس وهاني‬ ‫املسري قريبني من االشارة ومعهما العبوة فتوجها الى املكان املحدد‬ ‫لوضعها ومشى هو وراءهما وبدا تنفيذ مهمته كمراقب‪.‬‬

‫ويستطرد قائال‪ :‬لقد كنا ننتظر رجوعنا الى الكويت الستالم الجائزة‬ ‫املالية واملعنوية التي كنا قد وعدنا بها من قبل ول��م نكن نتوقع في‬ ‫الحقيقة ان يتم القبض علينا من قبل السلطات السعودية‪.‬‬

‫كانت مجموعة عبد الوهاب بارون تتكون من أربعة أشخاص بما فيهم‬ ‫فجر يوم السفر ذهبنا للسفارة االيرانية وكان معنا منصور املحميد هو الذي تولى املراقبة وهاني املسري الذي وضع العبوة وعبد العزيز‬ ‫وعبد العزيز شمس حيث قابلنا املسؤولني االيرانيني محمد رضا شمس مساعد هاني وأحمد دشتي مراقب ثاني‪.‬‬ ‫وص��ادق رضا واستلمنا منهما املتفجرات التي كانت موضوعة في‬ ‫ثالثة أكياس وكانت عبارة عن مادة تي‪.‬ان‪.‬تي‪ .‬وقررنا انا وعبد العزيز أدوارهم يف انفجارات مكة املكرمة‬ ‫شمس أن نضع هذه املتفجرات تحت مقعد السيارة وان نتوجه بها الى‬ ‫حدود الكويت ومنها عبرنا الى الحدود السعودية‪ ..‬ووصلنا الى املدينة > حسن عبد الجليل حسني الحسيني‪ :‬أوكل اليه قسم من التفجيرات‪،‬‬ ‫في حني أوكل القسم اآلخر الى علي كاظم‪ :‬وقد اعترف بقيامه بدوره‬ ‫يوم ‪1989/6/23‬م وكان يوم جمعة الساعة العاشرة صباحا‪.‬‬ ‫وتنفيذ ما أوكل اليه‪.‬‬ ‫ويشير عبد الوهاب بارون الى أنه بعد وصولهم بقليل قام عبد العزيز > عادل محمد خليفة بهمن‪ :‬نقل املتفجرات من املدينة املنورة الى‬ ‫شمس بنقل املتفجرات م��ن السيارة وأخ��ذه��ا (عبد ال��وه��اب ب��ارون) مكة املكرمة في الخامس من شهر ذي الحجة‪ .‬كما اشترك في تجهيز‬ ‫ومنصور املحميد الى السكن حيث تم وضعها في املخزن بعد تعبئتها املتفجرات في املواقع‪.‬‬ ‫في أكياس وقال‪ :‬انه حدث اجتماع في املدينة املنورة لكنني لم أحضره > حمد عبد الله أحمد عباس دشتي‪ :‬كان مراقبا في مجموعة عبد‬ ‫ألنني سبقت الحملة الى مكة لتجهيز سكن الحملة هناك‪..‬وفي يوم الوهاب ب��ارون أثناء وضع العبوات الناسفة في مكة املكرمة‪ ،‬وساهم‬ ‫الخامس م��ن شهر ذي الحجة ‪ 1409‬ه�ـ وصلت املتفجرات ال��ى مكة في تجهيز املتفجرات‪.‬‬ ‫وقام بنقلها هاني املسري وع��ادل بهمن حيث استلمناها منهما انا > ع�ب��د ال�ح�س�ين ك��رم دروي ��ش ن��اص��ر‪ :‬ك��ان م�ش��رف��ا ع�ل��ى التغطية‬ ‫ومنصور املحميد وتم تخزينها في املخزن فوق السطوح مع أغراض ومساعدا لعلي كاظم‪ .‬وقد كان مسؤوال عن املوقع وهو ال��ذي أعطى‬ ‫الحملة والعفش الزائد ووضعناها صندوقا فوق صندوق لتكون ضمن اشارة األمان لعلي كاظم للبدء في وضع املتفجرات‪.‬‬ ‫أغراض الحملة لكي ال تظهر‪.‬‬ ‫> اسماعيل جعفر غلوم جعفر‪ :‬كان في مجموعة علي كاظم وتولى‬ ‫مسؤوليته في تركيب املتفجرات‪.‬‬ ‫وبعد عصر يوم السادس من ذي الحجة ‪ 1409‬هـ كنا انا ومنصور > هاني حبيب طاهر املسري‪ :‬نقل املتفجرات من املدينة املنورة الى‬ ‫املحميد وعبد العزيز شمس وحمد دشتي حيث قمنا بمسح املنطقة مكة املكرمة في الخامس من ذي الحجة‪ .‬وش��ارك في عملية تجهيز‬ ‫التي بجوار الحرم والتي س��وف نضع فيها املتفجرات‪..‬وفي صباح املتفجرات في املواقع‪.‬‬ ‫السابع م��ن ذي الحجة أخ��ذن��ا املتفجرات م��ن امل�خ��زن ونزلنا بها الى > هيثم عباس عباس غلوم حسني‪ :‬كان مراقبا وأعطى اشارة األمان‬ ‫غرفة لتجهيزها بحضوري انا ومنصور املحميد وعبد العزيز شمس لزميله علي كاظم قبل أن يصعد الى املوقع ويضغط زر األمان ويضع‬ ‫وعلي كاظم وحسن حسيني وع��ادل بهمن وهاني املسري وصالح العبوة املتفجرة <‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫املتفجرة واتجهت لذلك امل��وق��ع وفتحت الكيس وضغطت زر األم��ان‬ ‫ووضعت العبوة املتفجرة ثم عدت مرة ثانية الى السيارة واستقليناها‬ ‫جميعا الى مقر الحملة‪.‬‬ ‫ويتابع الجاني علي ك��اظ��م ق��ائ�لا‪ :‬بعد أن ع��دن��ا ال��ى مقر الحملة كنا‬ ‫فرحانني ومستأنسني على النهاية لهذه العملية‪ .‬وكنا نعتقد ان العملية‬ ‫تمت بسالم وبدون ان يقبض علينا‪ .‬ولم نكن نعتقد ان سلطات األمن‬ ‫السعودية تقبض علينا‪.‬‬ ‫االسم‪ :‬عبد العزيز حسني علي محمد شمس‬ ‫الجنسية‪ :‬كويتي (من أصل سعودي)‬ ‫العمر‪ 20 :‬عاما‬ ‫املهنة‪ :‬طالب في جامعة الكويت كلية الهندسة – قسم الهندسة الكهربائية‬ ‫دوره في العملية‪:‬‬

‫وعن الجريمة تحدث مجرم آخر قدم نفسه عبر التليفزيون السعودي‬ ‫بعد أن أقسم بالله العظيم ان يقول الحق وال شيء غير الحق‪.‬‬ ‫يقول عبد العزيز شمس‪ :‬في فجر يوم ‪1409/11/19‬هـ ذهبت أنا وكل‬ ‫من عبد الوهاب ب��ارون ومنصور املحميد الى مقر السفارة االيرانية‬ ‫بالكويت الستالم املواد املتفجرة من الشخصني االيرانيني محمد علي‬ ‫غنيم وصادق علي رضا حيث قابلناهما هناك واستلمنا منهما املواد‬ ‫التي هي من نوع "تي‪.‬ان‪.‬تي" وتوجهنا بعد ذلك الى مقر الحملة حيث‬ ‫قمت وبمعاونة عبد الوهاب بارون وبوجود منصور املحميد بتخبئة‬ ‫املواد املتفجرة في سيارة الهاف لوري اللون األبيض والتابعة للحملة‪.‬‬ ‫ويقول مضيفا‪ :‬لقد وضعت املتفجرات تحت مرتبة الراكب ووضعت‬ ‫البطاريات واألسالك تحت مرتبة السائق بينما وضعت الصواعق في‬ ‫وأوقفنا السيارة على مسافة الحرم‪ ،‬وأول ما نزلنا سلمني منصور صندوق حديدي عملته عند احدى الورش ووضعت الصندوق الحديدي‬ ‫املحميد عبوتني وق��ال انتظرني ريثما أوزع بقية العبوات التي بيدي في الشبك الحديدي في نفس السيارة‪.‬‬ ‫على باقي املجموعات‪.‬‬ ‫وعندما وصلنا املدينة املنورة قمت باخراج املواد املتفجرة وتسليمها‬ ‫وت��اب��ع‪ :‬وبالفعل ذه��ب منصور ووزع العبوات التي بيده بينما ظلت ملنصور املحميد الذي قام بتخبئتها في مسكن الحملة باملدينة املنورة‪.‬‬ ‫العبوتان معي‪..‬وعندما حضر منصور استلم مني العبوتني مرة ثانية وك��ان دوري هو مساعد فيث املجموعة الثانية التي نفذت التفجير‬ ‫واتجهنا الى املوقع األول قرب الحرم‪.‬‬ ‫عند الصبة االسمنتية القريبة من املسجد ال�ح��رام‪ .‬وك��ان املنفذ في‬ ‫هذه املجموعة هو هاني املسري واملراقبون كل من عبد الوهاب بارون‬ ‫وأكد علي كاظم انه كان في مجموعته كل من علي أحمد عباس ومحمود وحمد دشتي‪.‬‬ ‫كاظم حيث قاما بمسح املكان‪ ،‬فيما ذهب هو – أي علي كاظم – الى‬ ‫املكان باشارة من علي أحمد عباس وتفقد البايكة املوجودة في املوقع واعترف ان��ه ق��ام صباح ي��وم السابع من شهر ذي الحجة ع��ام ‪1409‬‬ ‫والتي كانوا ينوون وضع العبوة املتفجرة فيها‪.‬‬ ‫هـ بوجود كل من منصور املحميد وعبد الوهاب ب��ارون وعلي كاظم‬ ‫وصالح عبد الرسول وهاني املسري وحسن الحسيني وعادل بهمن‬ ‫وق��ال‪ :‬بعد أن تفقدت ذل��ك ع��دت ال��ى منصور املحميد واستلمت منه بعملية توصيل وربط األسالم الكهربائية والدوائر للمواد املتفجرة حيث‬ ‫املتفجرة وعدت الى املوقع وفتحت الكيس دون ان أظهر العبوة املتفجرة قام بتوصيل الصواعق بالبطاريات والبطاريات بساعة التوقيت فيما‬ ‫وضغطت زر األم��ان وبذلك أصبحت العبوة قابلة للتفجير‪ .‬وبعد أن ترك السلك األخير الذي يربط بني الساعة والصاعقة وقام بوضع كل‬ ‫أعطاه هيثم غلوم حسني اشارة األمان صعد علي كاظم الى املوقع وفتح عبوة في كيس على حدة‪.‬‬ ‫الكيس وضغط زر األمان ثم وضع العبوة املتفجرة وعاد الى سيارة‬ ‫املتسوبيشي التي كانت في موقف قريب من الحرم حيث ينتظره هناك في عصر ذلك اليوم قمت بربط السلك األخير الذي يصل بني الساعة‬ ‫حسني حبيب الذي كان يحرس العبوة الباقية التي كان قد أعطاها له والصاعقة‪..‬وقبل خروجنا لتنفيذ عملية التفجير ثم التأكد األخير على‬ ‫العبوة وسالمة الترتيبات للمواد املتفجرة ومن ثم توجهنا الى الحرم‬ ‫منصور املحميد ليتولى حراستها‪.‬‬ ‫املكي الشريف نحن مجموعة التفجير التي تريد تنفيذ العملية بجوار‬ ‫وأشار الى أنه عندما قدم الى املكان كان منصور املحميد وعبد الحسني الحرم املكي الشريف‪ ،‬مستغلني في ذلك ثالث سيارات تابعة للحملة‬ ‫كرم واسماعيل جعفر موجودين بالسيارة ومن ثم تحرك الجميع بما وهي الهاف لوري وامليتسوبيشي األسود وامليتسوبيشي الرصاصي‪.‬‬ ‫عندما نزلنا بجوار الحرم املكي – يقول عبد العزيز محمد شمس –‬ ‫فيهم علي كاظم الى موقع آخر يبعد قليال عن الحرم‪.‬‬ ‫توجهت أنا وهاني املسري وعبد الوهاب بارون وحمد دشتي الى املكان‬ ‫ويضيف علي كاظم فيقول‪ :‬لقد كنت أقود السيارة واتجهنا الى هناك املختار واملنتخب حيث قام كل شخص منا بأداء دوره وما كلف به وقام‬ ‫حيث نزل عبد الحسني كرم مع اسماعيل جعفر‪ ..‬وكان عبد الحسني هاني املسري بوضع العبوة في املكان املخصص لها‪.‬‬ ‫كرم مشرفا على التغطية كما يساعدني في هذه العملية‪ .‬وبالفعل بعد‬ ‫أن تأكد من املوقع وخلوه أعطاني اش��ارة األم��ان فنزلت ومعي العبوة وبعد أن انتهينا من عملية التفجير رجعنا الى مقر السكن الخاص‬

‫عبد العزيز حسني‬ ‫علي محمد شمس‬

‫‪,,‬‬

‫اعترافات‪:‬‬ ‫عندما وصلنا‬ ‫املدينة املنورة‬ ‫قمت باخراج‬ ‫املواد املتفجرة‬ ‫وتسليمها‬ ‫ملنصور املحميد‬ ‫الذي قام‬ ‫بتخبئتها في‬ ‫مسكن الحملة‬ ‫باملدينة‬

‫‪,,‬‬

‫عبد الوهاب حسني علي بارون‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪47‬‬


‫أرشيف‬

‫منصور حسن عبد الله املحميد‬ ‫كويتي الجنسية واألصل‬

‫‪,,‬‬

‫الجناة يؤكدون‪:‬‬ ‫ذهبنا الى مقر‬ ‫السفارة االيرانية‬ ‫في الكويت انا‬ ‫وعبد الوهاب‬ ‫بارون وعبد‬ ‫العزيز شمس‬ ‫لنستلم املواد‬ ‫املتفجرة من‬ ‫الباب الخلفي‬ ‫للسفارة‬

‫‪,,‬‬

‫رمزي ميكائيل‪.‬‬ ‫سادسا – بريطاني من أصل بنجالديشي ‪:‬‬ ‫خان اختر ذاكر خان‪.‬‬ ‫‪-11‬صالح عبد الرسول ياسني حاجيه – كويتي الجنسية من أصل‬ ‫ايراني‪.‬‬ ‫‪-12‬حمد عبد الله أحمد عباس دشتي – كويتي الجنسية من أصل‬ ‫ايراني‪.‬‬ ‫‪ -13‬هيثم عباس عباس غلوم حسني – كويتي الجنسية م��ن أصل‬ ‫ايراني‪.‬‬ ‫‪-14‬سيد أحمد سيد علي سيد عباس عبد الرسول – كويتي الجنسية‬ ‫واألصل‪.‬‬ ‫‪ -15‬يوسف عبد الله غلوم بن حسن – كويتي الجنسية واألصل‪.‬‬ ‫‪ -16‬علي احمد عباس باقر – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫‪ -17‬يحيى قمبر علي آل جعفر – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫‪ -18‬محمد عباس باقر – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫‪ -19‬محمود عبد الله حسني كاظم – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫‪ -20‬حسني حبيب عباس حسني – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫وجميع هؤالء جاؤوا مستترين تحت مسمى حملة حجاج باسم احدهم‬ ‫لحج عام ‪ 1409‬هـ (‪ )1989‬في أوقات مختلفة وبوسائل نقل متفرقة‪.‬‬

‫اعرتافات صادقوا عليها شرعا‬ ‫وبالتحقيق معهم اعترفوا وهم بكامل أهليتهم املعتبرة شرعا بأنهم‬ ‫قاموا بجلب املتفجرات معهم من الكويت كما كانوا قد تدربوا على‬ ‫طريقة تفجيرها في الكويت لتنفيذها في البلد التي حرمها الله يوم‬ ‫خلق السماوات واألرض فنفذوا جريمتهم وسفكوا ال��دم الحرام في‬ ‫البلد الحرام في الشهر الحرام وجرحوا ع��ددا من املسلمني وأخافوا‬ ‫الناس وبددوا األموال ونفذوا العمل االجرامي الخبيث بعد استعدادهم‬ ‫لذلك حيث عقدوا عدة اجتماعات سرية في بلدهم الكويت وفي مقر‬ ‫حملتهم في املدينة املنورة ومكة املكرمة للدراسة والتخطيط املسبق‬ ‫ومعرفة األدوار التي سينفذونها ألهداف بينوها في اعترافاتهم التي‬ ‫صادقوا عليها شرعا‪.‬‬ ‫وتتلخص في ترويع حجاج بيت الله اآلمنني وبث الذعر والخوف في‬ ‫قلوبهم وزع��زع��ة األم��ن في األم��اك��ن املقدسة واظ�ه��ار اململكة العربية‬ ‫السعودية بأنها عاجزة عن حماية بيت الله الحرام وذلك بتوجيهات‬ ‫من أناس ظلمة أعداء لهذه البالد ولكافة حجاج بيت الله وقد تعاونوا‬ ‫مع اولئك الظلمة على هذا الفجور واالرهاب في أقداس بقاع األرض‪.‬‬

‫عدوان على حرم الله‬

‫‪46‬‬

‫عقوبة تقطع دابر الشر وتزجر عن الفساد‪.‬‬ ‫فصيانة أمن الحرم وعقاب من ألحد فيه واجب على من واله الله أمر هذا‬ ‫البيت وقد أهلك الله جيشا بكامله ملا أراد انتهاك حرمه‪..‬كما أخبر نبيه‬ ‫صلى الله عليه وسلم ان الله يخسف بجيش بكامله يريد غزو الكعبة‪.‬‬

‫اعرتافات املشاركني يف اجلرمية‬ ‫االسم‪ :‬علي عبد الله حسني كاظم‬ ‫الجنسية‪ :‬كويتي (من أصل ايراني)‬ ‫العمر ‪ 22 :‬سنة‬ ‫املهنة ‪ :‬طالب في جامعة الكويت – املرحلة النهائية قسم اللغة االنجليزية‬ ‫دوره في العملية‪:‬‬

‫أكد علي كاظم انه كان هناك اجتماع لغرض املسح امليداني اشترك فيه‬ ‫وحيث ان ما قام به هؤالء من أفعال خطيرة لم تقصد بها اململكة العربية هو ومنصور املحميد عن طريق سيارات الحملة وقال‪ :‬لقد جهزنا على‬ ‫السعودية وشعبها فحسب وانما قصد بها العالم االسالمي كله ألنهم الطببيعة تلك املواقع القريبة من الحرم وشاهدناها على الطبيعة حيث‬ ‫اختاروا وقتا ومكانا يتوفر فيه من ابناء املسلمني من جميع أقطارهم حددنا ه��ذه املواقع وك��ان ذل��ك قبل يومني من التنفيذ اي ي��وم السبت‬ ‫املوافق للخامس من شهر ذي الحجة ‪ 1409‬هـ‪.‬‬ ‫ما ال يتوفر في غيره‪.‬‬ ‫وب�ع��د اع�ت��راف�ه��م بأفعالهم وم�ق��اص��ده��م ج��رى احالتهم ال��ى املحكمة‬ ‫الشرعية املكونة من عدد من القضاة فنظرت قضيتهم على أصول‬ ‫قضائية ثابتة وأعطت كل واحد منهم كامل حريته في الدفاع عن نفسه‬ ‫وابداء ما لديه عن كل ما ادعى به بحيث ينفي ما يريد نفيه وما لم يقم‬ ‫عليه دليل لدى االدعاء لم يثبته القضاء‪.‬‬

‫علي عبد الله حسني كاظم‬

‫اختار الفاعلون لوضع متفجراتهم‬ ‫منطقة مجاورة من الحرم املكي‬ ‫الشريف الذي يبدو الى يسار الصورة‬

‫وبعد ذلك أصدرت املحكمة بحقهم الحكم الشرعي املتضمن ان ما عمله‬ ‫املذكورون عدوان على حرم الله وحجاج بيته اآلمنني وانتهاك لقدسية‬ ‫املكان والزمان والحاد في الحرم وسفك للدم الذي حرمه الله مما يوجب‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫وفي يوم االثنني ‪ 7‬ذي الحجة ‪ 1409‬هـ الساعة الخامس صباحا كنا في‬ ‫غرفة بالدور األرضي من السكن ومعي منصور املحميد وتم تجهيز‬ ‫املتفجرات كما حضر معنا عبد العزيز شمس وعبد الوهاب بارون‬ ‫وعادل بهمن وهاين املسري وصالح عبد الرسول وحسن حسيني‪.‬‬ ‫في الساعة السابعة من مساء يوم االثنني السابع من شهر ذي الحجة‬ ‫‪ 1409‬هـ تحركت السيارات‪ ،‬سيارة الهاف لوري وسيارتا امليتسوبيشي‬ ‫السوداء والرصاصية تقل املجموعات بعدد يكفي لتنفيذ هذه العملية‪.‬‬ ‫ومضى يقول‪ :‬لقد كنت أنا موجودا في سيارة الهاف لوري مع منصور‬ ‫املحميد وعبد الوهاب بارون واتجهنا الى املواقع بغرض وضع املتفجرات‬ ‫فيها وتفجيرها‪..‬‬ ‫وطبعا ه��ذه املواقع كما ذك��رت قريبة من الحرم‪ .‬ووصلنا ال��ى هناك‪.‬‬


‫توزيع املجموعات كلها رجعنا الى مقر سكن الحملة في مكة وكان‬ ‫شعوري عاديا وكنت متوقعا بنسبة عشرة في املائة ان يلقى القبض‬ ‫علي‪.‬‬

‫تفاصيل انفجار‬ ‫قامت وزارة الداخلية السعودية بتقديم تفاصيل مدعمة بالصورة‬ ‫والوثائق وتسجيالت متكاملة العترافات املجرمني وج��اء في البيان‬ ‫الذي أصدرته وزارة الداخلية التالي‪:‬‬ ‫قال الله تعالى ممتنا على رسوله بحماية بيته الحرام‪.‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم "أل��م تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل ألم‬ ‫يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة‬ ‫من سجيل فجعلهم كعصف مأكول"‪.‬‬ ‫وقال سبحانه عن البيت العتيق "ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من‬ ‫عذاب أليم"‪.‬‬ ‫في حوالي الساعة العاشرة مساء يوم السابع من ذي الحجة عام ‪1409‬‬ ‫هـ وقعت عدة انفجارات بجوار الحرم الشريف بمكة املكرمة في وقت‬ ‫كانت حشود كثيرة من حجاج بيت الله داخل املسجد وبجواره ألداء‬ ‫مناسك حجهم ال��ذي تكبدوا من أجل أدائ��ه عناء السفر وتركوا املال‬ ‫والولد واثقني بما شرعه الله من األمن لهذا البيت ومن كان في حماه‪.‬‬ ‫وقد نتج عن هذا العمل االجرامي اآلثم وفاة أحد الحجاج الباكستانيني‬ ‫واص��اب��ة ستة عشر حاجا آخ��ري��ن م��ن جنسيات مختلفة باصابات‬ ‫متفاوتة بعضها خطير باالضافة ال��ى اض��رار مادية لحقت ببعض‬ ‫املباني املجاورة لبيت الله الحرام‪.‬‬ ‫وقد انتقلت قوات األمن في حينه الى مكان الحادث وباشرت كل جهة‬ ‫مسؤولياتها وج��رى تطويق أماكن التفجيرات التي وقعت بأسلوب‬ ‫حرصت فيه على توفير األمن والسالمة لحجاج بني الله الحرام باعتبار‬ ‫ان هذا األمر من أولويات واجباتها‪.‬‬ ‫وج��رى نقل املصابني ال��ى املستشفى السعافهم وب��اش��رت الجهات‬ ‫األمنية املختصة مسؤولياتها في البحث عن من كانوا وراء هذه الجريمة‬ ‫النكراء‪.‬‬ ‫وبعد سلسلة من التحقيقات األمنية ودراسة الظروف املحيطة بالحادث‬ ‫من جميع جوانبه دراسة متعمقة في ظل ظروف مكانية وزمانية لها‬ ‫وضع خاص من حيث الكثافة العددية للحجاج وتحركهم في تلك الليلة‬ ‫استعدادا للصعود الى منى وعرفات‪.‬‬ ‫وكان فضل الله كبيرا ورحمته لقاصدي بيته واسعة حيث مكن رجال‬ ‫املباحث العامة من القبض على من نفذوا هذه الجريمة‪ ..‬وبعد القبض‬ ‫عليهم دلوا على من شاركهم في جريمتهم‪.‬‬

‫املشرتكون يف اجلرمية‬ ‫وجميع من توفرت األدلة على اشرتاكهم‬ ‫يف اجلرمية من أبناء الشيعة هم‪:‬‬ ‫‪-1‬علي عبد الله حسني كاظم – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫‪-2‬منصور حسن عبد الله املحميد – كويتي الجنسية واألصل‪.‬‬ ‫‪-3‬عبد العزيز حسني علي محمد شمس – كويتي الجنسية من أصل‬ ‫سعودي‪.‬‬ ‫‪-4‬عبد الوهاب حسني علي بارون – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫‪-5‬هاني حبيب طاهر املسري – كويتي الجنسية واألصل‪.‬‬ ‫‪-6‬عادل محمد خليفة بهمن – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫‪-7‬ح�س��ن عبد الجليل حسني الحسيني – كويتي الجنسية م��ن أصل‬

‫سعودي‪.‬‬ ‫‪-8‬عبد الحسني كرم درويش ناصر – كويتي الجنسية من اصل ايراني‪.‬‬ ‫‪-9‬اسماعيل جعفر غلوم جعفر – كويتي الجنسية من اصل ايراني‪.‬‬ ‫‪-10‬عبد الله أسد عبد الله علي – كويتي الجنسية من أصل ايراني‪.‬‬ ‫أسماء املتوفى واملصابني في انفجاري مكة املكرمة‬ ‫تسبب حادث االنفجارين اللذين تعرضت لهما مكة املكرمة في وفاة‬ ‫شخص واحد باكستاني الجنسية اسمه طالب خان حاجي مال كما‬ ‫تسبب في اصابة ستة عشر شخصا هم‪:‬‬ ‫أوال – من اململكة العربية السعودي‪:‬‬ ‫‪-1‬محمد حمدان الزهراني‪.‬‬ ‫‪-2‬علي محمد عبد الله قحطاني‪.‬‬ ‫‪-3‬نوره عبد الرحمن‪.‬‬ ‫‪-4‬ثانية حسن حسني‪.‬‬ ‫ثانيا – من باكستان‪:‬‬ ‫‪-1‬عبد الرزاق ميان‪.‬‬ ‫‪-2‬شهاب سليم‬ ‫‪-3‬نوري سليمان‪.‬‬ ‫ثالثا – من بنجالديش‪:‬‬ ‫‪-1‬أبو الكالم عبد الحكيم‬ ‫‪-2‬بالل غالم نبي‪.‬‬ ‫‪-3‬نور االسالم عني الخان‪.‬‬ ‫‪-4‬معني الدين اسكندر علي‪.‬‬ ‫‪-5‬محمد منير الدين‪.‬‬ ‫رابعا – من مصر‪:‬‬ ‫‪-1‬رمضان فتحي الخولي‪.‬‬ ‫‪-2‬محمد محمد ابراهيم الجندي‪.‬‬ ‫خامسا – من تركيا‪:‬‬

‫غالف املجلة العدد‬ ‫(‪1989/10/3 )503‬‬

‫‪,,‬‬

‫أكد علي كاظم‬ ‫انه كان هناك‬ ‫اجتماع لغرض‬ ‫املسح امليداني‬ ‫اشترك فيه‬ ‫هو ومنصور‬ ‫املحميد عن‬ ‫طريق سيارات‬ ‫الحملة‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪45‬‬


‫أرشيف‬

‫نشرت املجلة في عددها (‪ )503‬الصادر ‪1989/10/3‬تفاصيل املؤامرة التي وقعت في الحرم املكي في حج سنة‬ ‫مساء‪ ،‬حيث حدث انفجارين األول في أحد الطرق املؤدية للحرم املكي واآلخر‬ ‫‪1409‬هـ ‪1989/‬م في الساعة العاشرة‬ ‫ٍ‬ ‫فوق الجسر املجاور للحرم املكي‪ ،‬ونتج عن ذلك وفاة شخص واحد وإصابة ستة عشر آخرين‪ ،‬ثم القت الشرطة‬ ‫السعودية القبض الجناة‪،‬الذي قاموا بتدبير التفجير الذي خطط له من داخل السفارة االيرانية في الكويت في يوم‬ ‫‪ 1989/6/22‬املوافق ‪ 19‬ذي القعدة ‪.1409‬‬

‫حادثة الحرم املكي الثانية‬

‫تفاصيل انفجار اليوم السابع من ذي احلجة‬ ‫املجلة‬ ‫العدد (‪)503‬‬ ‫‪1989/10/3‬‬ ‫لندن‪:‬‬ ‫مطر األحمدي‬ ‫جدة‪:‬‬ ‫وهيب غراب‬ ‫الصور من وكالة‬ ‫األنباء السعودية‬ ‫والتلفزيون السعودي‬

‫‪44‬‬

‫بعد أن أقسم بالله العظيم ان يقول الحق وال شيء غير الحق شمس وعبد الوهاب ب��ارون بوضعها تحت املقاعد األمامية للسائق‬ ‫واالشخاص الذين يجلسون بجواره خبؤوها تحت املقاعد‪.‬‬ ‫تحدث عن دوره في العملية االجرامية فقال‪:‬‬ ‫دوري هو دور املشرف العام‪..‬وبدات الفكرة في الكويت عندما‬ ‫استدعاني محمد باقر املهري رئيس الحزب في الكويت وقال لي انه ويستطرد املحميد قائال‪ :‬عندما وصلنا املدينة املنورة قمت انا وعبد‬ ‫لتحقيق رغبة املسؤولني في الحكومة االيرانية فقد طلب مني ان أقوم الوهاب بارون بتخزين املواد املتفجرة في مقر سكن الحملة وعقدنا‬ ‫اجتماعا تحضيريا أيضا للمشاركني لتعريفهم بيوم الحادث وتذكيرهم‬ ‫بتكوين خلية للقيام بعملية تفجيرات في مكة املكرمة‪.‬‬ ‫ويضيف قائال‪ :‬قال لي محمد باقر املهري ان الهدف من هذه العملية هو بالعملية وباننا سوف نقوم بعقد اجتماع عندما نصل الى مكة‪.‬‬ ‫زعزعة األمن في اململكة واظهارها بأنها غير قادرة على ادارة شؤون‬ ‫الحج وأيضا الثارة الرعب بني الحجاج‪.‬‬ ‫ويتابع فيقول‪ :‬عندما وصلنا الى مكة املكرمة قمنا بتخزين هذه املواد‬ ‫في مقر سكن الحملة أنا وعبد الوهاب بارون وعقدنا االجتماع األول‬ ‫يستمر منصور حسن عبد الله املحميد فيرد قائال‪ :‬طبعا بدأت تكوين حيث حددنا املجموعات ودور كل فرد في كل مجموعة من حيث املنفذ‬ ‫الخلية وهم األفراد املشاركون معي وهم علي كاظم وحسن الحسيني واملساعد واملراقبني‪.‬‬ ‫وهيثم عباس وأح�م��د ري��د علي وعبد الحسني ك��رم وحسني حبيب‬ ‫واسماعيل جعفر وصالح الدمنهول وعادل بهمن وعبد الله أسد ويحيى وفي يوم الرابع من ذي الحجة ‪ 1409‬هـ ذهبت انا وعلي كاظم ملسح‬ ‫قمبر ومحمد عباس ويوسف بن حسن وحمد عباس وعبد الوهاب املواقع وتحديدها وهي حول الحرم املكي وتم تحديد املواقع للمجموعات‬ ‫بارون وعبد العزيز شمس وهاني املسري وعلي أحمد باقر ومحمود املشاركة‪.‬‬ ‫وأش��ار ال��ى ان��ه في ي��وم السادس من ذي الحجة ‪ 1409‬هـ تم أخ��ذ كل‬ ‫كاظم‪.‬‬ ‫املجموعة امل�ش��ارك��ة وم��ن ث��م تعريفها ب��امل��واق��ع ال�ت��ي س��وف يقومون‬ ‫وأوضح املحميد أنهم انطلقوا بعد ذلك من األراضي الكويتية ومن ثم الى بأدوارهم فيها بحيث تعرف كل مجموعة املكان ويعرف كل شخص‬ ‫األراضي السعودية مؤكدا ان املكلفني بالسيارة وهما عبد العزيز شمس الدور‪ .‬وقال‪ :‬لقد كان هذا يوم البروفة‪.‬‬ ‫وعبد الوهاب بارون استطاعا ان يدخال بها الى األراضي السعودية‪.‬‬ ‫وأش��ار ال��ى أنهم ع�ق��دوا اجتماعات ف��ي الكويت ال�ه��دف منها تعريف ويمضي املحميد فيوضح كيف تم التخطيط لتنفيذ العملية االجرامية‬ ‫املشاركني بالعملية واملكان املحدد لها وقال‪ :‬لقد طلب مني محمد باقر فيقول‪ :‬طبعا عقدنا اجتماعا لتجهيز امل��واد وتم تجهيزها من حيث‬ ‫املهري ان أقوم باالتصال بشخصني ايرانيني كانا يدعيان انهما يعمالن التركيب والتفكيك‪ .‬ك��ان ه��ذا ف��ي صباح ي��وم السابع م��ن ذي الحجة‬ ‫في السفارة االيرانية وهما صادق علي رضا ومحمد رضا غالم على ‪ 1409‬ه�ـ ‪ .‬وقبل ان نخرج م��ن مقر السكن ق��ام عبد العزيز شمس‬ ‫بتوصيل نهائي للمتفجرات‪ .‬لقد خرجنا من مقر الحملة الى املواقع‬ ‫أساس ان يقوما بتزويدنا باملواد واملتفجرات‪.‬‬ ‫الساعة السادسة من صباح يوم السابع من ذي الحجة فيما كنت أحمل‬ ‫وأكد منصور حسن عبد الله املحميد ان الشخصني االيرانيني قاما األكياس التي كانت فيها املواد‪.‬‬ ‫بتدريبهم في منطقة الوفرة برا على املواد مشيرا الى انه تم في اللقاء‬ ‫األول التدريب النظري فيما تم في اللقاء الثاني التدريب العملي من حيث لقد كانت أربعة أكياس وضعتها في سيارتي الهاف لوري وكيس في‬ ‫امليتسوبيشي األسود وعبوة في امليتسوبيشي الرصاصي وذهبنا الى‬ ‫توصيل املواد وتركيبها‪.‬‬ ‫املواقع وأخذنا األماكن التي حددناها وذهبت كل مجموعة الى املوقع‬ ‫وي�ت��اب��ع ف�ي�ق��ول‪ :‬ف��ي ي��وم ‪ 1989/6/22‬م امل��واف��ق ‪ 19‬ذي الذي حول الحرم لتنفيذ املهام التي سيقوم بها؟‬ ‫القعدة ‪ 1409‬ذهبنا بعد صالة الفجر الى مقر السفارة االشراف على العملية كلها‬ ‫االيرانية في الكويت ان��ا وعبد ال��وه��اب ب��ارون وعبد العزيز‬ ‫شمس لنستلم املواد املتفجرة من الباب الخلفي للسفارة‪ ..‬وفعال ثم يصف املحميد دوره وشعوره وتوقعاته فيقول‪ :‬كان دوري االشراف‬ ‫استلمنا هذه املواد وذهبنا الى مقر الحملة حيث قام عبد العزيز العام على العملية كلها‪ .‬وأيضا كنت مساعدا لعلي كاظم‪ ..‬وعند انتهاء‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫وتحظى‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬بحرية تامة ملزاولة بعض األنشطة التجارية‪.‬‬ ‫أصبحت تحويالت املغتربني اليمنيني العاملني في السوق السعودية أحد‬ ‫أه��م مصادر الدخل القومي‪ ،‬وال��داع��م األكبر لالقتصاد اليمني‪ ،‬ووف��رت‬ ‫الغطاء النقدي للعملة املحلية التي كانت تتمتع باستقرار جيد أمام الدوالر‬ ‫وال�ع�م�لات األجنبية األخ ��رى‪ .‬أص ��درت ال�س�ع��ودي��ة‪ ،‬بعد ان�ض�م��ام اليمن‬ ‫ملعسكر العراق‪ ،‬قرارا يقضي بتطبيق أنظمة اإلقامة والعمل على جميع‬ ‫األجانب دون استثناء‪ ،‬بمن فيهم العمالة اليمنية التي أدركت أنها املستهدفة‬ ‫بذلك القرار السيادي‪ .‬مارست وسائل اإلعالم اليمنية ضغوطا مباشرة‬ ‫على املغتربني اليمنيني لحملهم على ال�ع��ودة‪ ،‬وه��و انعكاس لتوجهات‬ ‫النظام‪ .‬انسحبت العمالة اليمنية بشكل مفاجئ من السوق السعودية‪،‬‬ ‫عائدة إلى اليمن الذي كان مستقرا اقتصاديا وأمنيا وسياسيا‪ ،‬آنذاك‪.‬‬ ‫بعد عودة املغتربني بدأت املشكالت االقتصادية في الظهور‪ ،‬وفي مقدمها‬ ‫شح الفرص الوظيفية واالستثمارية والتجارية‪ ،‬ثم جاء دور االنخفاض‬ ‫الحاد للريال اليمني الذي تأثر كثيرا بسبب توقف تدفق العمالت األجنبية‬ ‫املتأتية من السعودية‪ ،‬ثم ظهرت مشكالت شح السلع ألسباب مرتبطة‬ ‫بعدم ق��درة الحكومة على تمويل واردات�ه��ا األساسية لنضوب مخزون‬ ‫النقد األجنبي‪ .‬أحدثت األزمة املالية خلال كبيرا في االقتصاد‪ ،‬وتسببت‬ ‫في مشكالت سياسية‪ ،‬وأمنية‪ ،‬واجتماعية‪ .‬أيقنت الحكومة اليمنية من‬ ‫خطئها االستراتيجي املدمر‪ ،‬وأدركت العمالة اليمنية فداحة قرارها املتسرع‬ ‫بالعودة‪ ،‬الذي اتخذته ألسباب عاطفية صرفة‪.‬‬ ‫األضرار الفادحة التي لحقت باالقتصاد اليمني جراء عودة املغتربني الذين‬ ‫كانوا يشكلون مصدرا رئيسا للدخل القومي‪ ،‬لحقت أيضا بدول عربية‬ ‫أخرى‪ ،‬وتسببت في تدمير اقتصاداتها من الداخل‪ ،‬وتعريضها ملشكالت‬ ‫سياسية وأمنية حادة‪ .‬حقبة التسعينات امليالدية تسببت في إنهاك الدول‬ ‫العربية اقتصاديا‪ ،‬وأحدثت مشكالت متراكمة ما زالت تداعياتها قائمة‬ ‫حتى اليوم‪.‬‬ ‫يشكل املغتربون مصدرا مهما لتدفقات النقد األجنبي‪ ،‬ويسهمون بشكل‬ ‫مباشر في دعم اقتصادات دولهم الفقيرة‪ ،‬وتنميتها‪ ،‬األمر الذي يفرض‬ ‫على الحكومات مراعاة مصالحها الوطنية في عالقاتها الدولية‪ ،‬وبما‬ ‫يضمن فتح مزيد من األسواق أمام عمالتها الباحثة عن فرص عمل كريمة‪.‬‬

‫تعاني بعض الدول العربية الغنية من شح كبير في األيدي العاملة الفنية‪،‬‬ ‫في الوقت الذي تواجه فيه دول أخرى تكدسا للعمالة الباحثة عن الفرص‪.‬‬ ‫أج��زم ب��أن العالقات االقتصادية الوثيقة بني ال��دول يمكن أن تسهم في‬ ‫معالجة ت�ل��ك املشكلة م��ن خ�ل�ال اس�ت�ث�م��ار ال�ع�م��ال��ة ف��ي تحقيق التنمية‬ ‫املزدوجة‪ ،‬شريطة أن تعي الحكومات والشعوب أهمية العالقات العمالية‬ ‫في دعم االقتصاد‪ ،‬خاصة ال��دول املحتاجة التي ُيفترض أن تكون أكثر‬ ‫حرصا على عالقاتها الجيدة واملتميزة م��ع ال��دول الغنية ال�ق��ادرة على‬ ‫استيعاب عدد أكبر من عمالتها املهاجرة‪.‬‬ ‫للتحويالت النقدية قوة مؤثرة في غالبية الدول النامية التي باتت تعتمد‬ ‫عليها بشكل رئيس في التنمية ودعم االقتصاد وتمويل الواردات‪ .‬فعلى‬ ‫سبيل املثال تسهم تحويالت املغتربني بشكل رئيس في مكافحة الفقر في‬ ‫بنغالديش التي تعاني من انفجار سكاني وندرة في فرص العمل‪ ،‬وتقلص‬ ‫في املساحة‪ .‬كما أنها تمثل ما يقرب من ‪ 50‬في املائة من مجمل الناتج‬ ‫املحلي في طاجيكستان‪ ،‬أما في الهند فهي تفوق بكثير دخل القطاعات‬ ‫التقنية وما تحققه تدفقات االستثمار األجنبي هناك‪.‬‬ ‫وبحسب تقرير البنك الدولي‪ ،‬نجد أن مصر كانت ضمن الدول التي تلقت‬ ‫ّ‬ ‫املسجلة رسميا عام ‪ ،2013‬بما يقرب من ‪20‬‬ ‫أكبر قدر من التحويالت‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬مما يعني أن تدفقات املغتربني تشكل املصدر الرئيس للنقد‬ ‫األجنبي في مصر‪ ،‬وهو أمر ينبغي إظهاره والتركيز عليه‪.‬‬ ‫تحويالت املغتربني املالية تشكل مصدرا رئيسا للدخل في الدول النامية‪،‬‬ ‫وتسهم بشكل مباشر في دعم اقتصاداتها‪ ،‬واستقرار عمالتها املحلية‪،‬‬ ‫وتوفير مخزون من النقد األجنبي الذي يعطي الحكومات قدرة أكبر على‬ ‫توفير الواردات الرئيسة‪ ،‬ودفع األجور والرواتب‪ ،‬وتنفيذ مشاريع تنموية‪،‬‬ ‫ودعم ميزان املدفوعات‪ ،‬إضافة إلى ما تحققه من زيادة في دخل األسر‬ ‫املتلقية لها‪ ،‬وبالتالي تحسني معيشتها وفرصها التعليمية‪ .‬قد تكون تلك‬ ‫التحويالت مؤثرة في الدول املصدرة لها‪ ،‬إال أن منفعتها في تنمية بعض‬ ‫ال��دول العربية واإلسالمية تفوق بكثير انعكاساتها السلبية املحدودة‬ ‫على الدول الغنية <‬

‫التحويالت النقدية للعاملني‬ ‫باململكة تلعب دورا كبيرا في‬ ‫اقتصاديات الدول الفقيرة‬

‫‪,,‬‬

‫تلقت مصر‬ ‫عام ‪ 2013‬ما‬ ‫يقرب من ‪20‬‬ ‫مليار دوالر‬ ‫مما يعني‬ ‫أن تدفقات‬ ‫املغتربني‬ ‫تشكل املصدر‬ ‫الرئيس للنقد‬ ‫األجنبي في‬ ‫الدولة املصرية‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪43‬‬


‫اقتصاد‬

‫احتلت السعودية املركز الثاني عامليا في حجم تحويالت العمالة‪ ،‬التي ربما تجاوزت ‪ 135‬مليار ريال‪ ،‬بحسب‬ ‫التقديرات املتحفظة‪ .‬اإلنفاق الحكومي التوسعي للثماني سنوات األخيرة أسهم بشكل كبير في زيادة حجم‬ ‫العمالة األجنبية‪ ،‬مما أدى بالتبعية إلى ارتفاع مجمل تحويالتها املالية‪ .‬تشير بيانات البنك الدولي الخاصة‬ ‫بالهجرة والتحويالت في العالم إلى أن تدفقات التحويالت املالية إلى البلدان النامية بلغت ‪ 414‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫بزيادة قدرها ‪ 6.3‬في املائة‪ ،‬ومرجحا تجاوز التحويالت النقدية ‪ 540‬مليار دوالر بحلول عام ‪.2016‬‬

‫التحويالت املالية للعمالة الوافدة في السعودية وأثرها على الدول النامية‬

‫تدفقات املغرتبني‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫فضل بن سعد البوعينني‬

‫‪,,‬‬

‫تحويالت‬ ‫املغتربني‬ ‫اليمنيني‬ ‫العاملني‬ ‫في السوق‬ ‫السعودية أحد‬ ‫أهم مصادر‬ ‫الدخل القومي‬ ‫والداعم األكبر‬ ‫لالقتصاد‬ ‫اليمني‬

‫‪,,‬‬

‫‪42‬‬

‫في الوقت الذي تعتمد فيه الدول الصناعية على اإلنتاج والتصدير‬ ‫كمصدر للتدفقات النقدية‪ ،‬نجد أن ال��دول النامية تعتمد على‬ ‫عمالتها املوجودة في أسواق الدول الغنية كمصدر رئيس للدخل‪،‬‬ ‫فالحصول على العمالت الصعبة لتمويل تكلفة وارداتها األساسية ليس‬ ‫باألمر َ‬ ‫اله نِّي‪ ،‬مع انعدام مصادر الدخل املهمة‪ ،‬مما يجعلها أكثر اعتمادا‬ ‫على تدفقات املغتربني التي تشكل لبعض تلك ال��دول‪ ،‬املصدر الرئيس‬ ‫للدخل‪.‬‬

‫بغض النظر عن شمولية البيانات الرسمية‪ ،‬من عدمها‪ ،‬تبقى التحويالت‬ ‫النقدية املرتبطة بالعمالة األجنبية مرتفعة جدا في السوق السعودية‪ ،‬وال‬ ‫خ�لاف على تأثيرها السلبي على االقتصاد‪ ،‬إال أن منفعتها التنموية‬ ‫يمكن أن تكون أكبر من سلبياتها‪ ،‬في حال استثمار العمالة األجنبية في‬ ‫تحقيق هدف التنمية املستدامة التي ال يمكن تحقيق قاعدتها الواسعة‬ ‫دون الحصول على عمالة متخصصة قادرة على تحقيق األهداف بكفاءة‬ ‫وفي فترة زمنية قصيرة‪.‬‬

‫يجري التركيز في السعودية‪ ،‬على حجم التحويالت النقدية‪ُ ،‬وينظر إليها‬ ‫كفاقد مالي مؤثر‪ ،‬وهو أمر منطقي‪ ،‬فتدوير األموال في االقتصاد‪ ،‬لتنمية‬ ‫قطاعات اإلنتاج‪ ،‬وتوسيع االستثمارات‪ ،‬أكثر نفعا وكفاءة من تسريبها‬ ‫للخارج‪ ،‬إال أن عوملة االقتصاد فرضت معايير جديدة لتقييم الكفاءة‪،‬‬ ‫إض��اف��ة إل��ى ال�ت��داخ�لات التجارية والتعقيدات املالية ال�ت��ي ل��م تعد تؤمن‬ ‫باالنغالق‪ ،‬مما أدى إلى تحول التدفقات النقدية الصادرة إلى أدوات مهمة‬ ‫لتحقيق التنمية املتبادلة‪ ،‬الداعمة لكفاءة االقتصادات العاملية‪ .‬فدعم التنمية‬ ‫في بلد ما‪ ،‬وتطوير اقتصاده قد يؤثران إيجابا على اقتصادات الدول‬ ‫املنتجة التي تبحث دائما عن أسواق جديدة وزيادة الطلب على منتجاتها‪.‬‬ ‫تعتمد تلك الفلسفة على املنفعة املتبادلة‪ ،‬التي تحقق الفائدة للجميع‪.‬‬

‫بعيدا عن اآلث��ار السلبية‪ ،‬أعتقد أن لتحويالت العمالة األجنبية العاملة‬ ‫في السوق السعودية‪ ،‬انعكاسات إيجابية على ال��دول النامية‪ ،‬العربية‬ ‫واإلسالمية منها على وجه الخصوص‪ .‬فمن حيث املبدأ تسهم تحويالت‬ ‫املغتربني في تنمية مجتمعاتهم‪ ،‬واقتصادات دولهم التي يمكن أن تكون‬ ‫في ّ‬ ‫أمس الحاجة لتدفقاتهم النقدية بالعمالت األجنبية‪ .‬يمكن أن تسهم‬ ‫تحويالت املغتربني في تحقيق هدفني رئيسني؛ األول تنمية األسر املرتبطة‬ ‫بأبنائها في الخارج‪ ،‬وزيادة دخلهم وتوفير الحياة الكريمة لهم‪ ،‬والثاني‬ ‫توفير عمالت صعبة للدول النامية التي تحتاجها بشكل كبير لتأمني‬ ‫متطلباتها وتحقيق التنمية ودعم االقتصاد‪ .‬فاألثر امل��زدوج لتحويالت‬ ‫املغتربني يجعلها أكثر انعكاسا على املجتمع واالقتصاد بشكل عام‪.‬‬ ‫املنفعة املتبادلة بني ال��دول امل�ص� ِّ�درة للعمالة واملستقبلة لها قد ال تكون‬ ‫واضحة للرأي العام الذي يخطئ كثيرا في تقديم العواطف على املصالح‪،‬‬ ‫مما قد يتسبب في قطع العالقات العمالية‪ ،‬وبالتالي التدفقات النقدية املهمة‪.‬‬ ‫أخطاء الرأي العام العاطفية يمكن تفهمها‪ ،‬إال أن أخطاء الحكومات ورجال‬ ‫الفكر واالقتصاد ال يمكن القبول بها البتة‪ ،‬ألنها تتسبب في ردود فعل‬ ‫مؤثرة قد تحمل الدول والشعوب خسائر فادحة‪.‬‬

‫البنوك املتحركة‬ ‫يبدو أن هناك ربطا مباشرا في السعودية بني حجم األج��ور املدفوعة‬ ‫للعمالة األجنبية‪ ،‬وحجم التحويالت النقدية‪ ،‬وهو ربط قد ال أتفق معه‬ ‫ألسباب مرتبطة بحجم التحويالت الحالية التي تفوق بكثير حجم ما‬ ‫يفترض أن تتقاضاه العمالة األجنبية ف��ي ال�س��وق السعودية! ه��ذا من‬ ‫جانب‪ ،‬ومن جانب آخر هناك عدد كبير من العمالة الوافدة ال تعتمد قنوات‬ ‫مواز‬ ‫التحويل الرسمية‪ ،‬لتنفيذ عملياتها النقدية‪ ،‬بل تعتمد نظام تحويل ٍ‬ ‫مرتبط باألفراد الجائلني الذين يقومون بإجراء تحويالت نقدية مباشرة من‬ ‫خالل تسلم األموال محليا وتسليمها في البلد األم‪ ،‬في مخالفة صريحة‬ ‫لألنظمة والقوانني‪ .‬هؤالء الوسطاء أشبه بـ«البنوك املتحركة» التي تبحث‬ ‫عن عمالئها في أماكن تجمعهم‪ .‬تتسبب «البنوك املتحركة» في تشويه‬ ‫بيانات التحويالت النقدية الرسمية‪ ،‬من جهتني؛ األولى‪ :‬أنها تقلل حجم‬ ‫التحويالت في البيانات الرسمية على أساس أن ما يقرب من ‪ 25‬في املائة‬ ‫من التحويالت الفعلية ال تمر من خالل املؤسسات املصرفية‪ ،‬وبالتالي ال‬ ‫تحتسب ضمن البيانات الرسمية‪ .‬والثاني أنها تؤثر في تحديد العالقة‬ ‫الفعلية بني حجم التحويالت ومجمل ما تتقاضاه العمالة الوافدة محليا‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫االحتالل العراقي للكويت‬ ‫عام ‪ 1990‬انقسمت الدول العربية حيال االحتالل العراقي للكويت‪ ،‬إلى‬ ‫معسكرين متضادين؛ وقف املعسكر األول بحزم أمام األطماع العراقية‪،‬‬ ‫في الوقت الذي سارع فيه املعسكر الثاني لتأييد العراق‪ .‬لم تحسب «دول‬ ‫الضد» مخاطر مواقفها السياسية املؤيدة‪ ،‬وانعكاساتها على اقتصاداتها‬ ‫التي كانت تعتمد في األساس على املعونات الخليجية‪ ،‬وتدفقات تحويالت‬ ‫املغتربني‪ .‬انعكست مواقف الدول العربية املؤيدة لالجتياح‪ ،‬بشكل مباشر‪،‬‬ ‫على مغتربيها العاملني في السعودية ودول الخليج األخرى‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬كانت العمالة اليمنية تتمتع باستثناءات خاصة تعفيها من بعض‬ ‫أنظمة اإلق��ام��ة والعمل املطبقة على الجنسيات األخ��رى ف��ي السعودية‪،‬‬


‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬

‫العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬

‫اشرتك اآلن‬ ‫واحصل على‬ ‫نسختك الورقية‬

‫شهرية سياسية‬

‫‪‬‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫اإبراهيم العثيمني‪ :‬خيارات التورط الأمريكي يف ال�سرق الأو�سط‬ ‫اأمري طاهري‪ :‬مكيافيللي‪..‬الكتاب الذي غري وجه ال�سيا�سة احلديثة‬ ‫اإيلي فواز‪ :‬حتديات م�سيحيي لبنان‪..‬حتالف بالإكراه!‬

‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬ ‫‪03‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪Issue 1593 - March 2014‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬


‫تقرير‬

‫الوقاية من املخدرات‬

‫‪,,‬‬

‫ستكون قمة‬ ‫دورة الجمعية‬ ‫العامة‬ ‫االستثنائية‬ ‫في ‪2016‬‬ ‫عن مكافحة‬ ‫املخدرات‬ ‫حدثا مهما‬ ‫وسوف تعمل‬ ‫كمعيار‬ ‫تستطيع‬ ‫عبره األجيال‬ ‫املستقبلية‬ ‫الحكم على‬ ‫مدى نجاح‬ ‫الحرب على‬ ‫املنتج املدمر‬

‫وفيما يتعلق بالطلب‪ ،‬هناك حاجة إلى وضع برامج شاملة للتعليم والوقاية‬ ‫من امل�خ��درات وال��دع��م املجتمعي‪ .‬فعلى سبيل املثال في أميركا الالتينية‪،‬‬ ‫كانت املكسيك وغيرها من دول أميركا الوسطى تبذل جهودا حثيثة لطرح‬ ‫رسائل بديلة فعالة وملهمة بدال من التي تطرحها عصابات املخدرات وهو‬ ‫ما خلق ثقافة شاملة تالقي قبوال بني قطاعات واسعة من الجماهير‪ ،‬خاصة‬ ‫الشباب‪ ،‬وتفيدهم‪ .‬وما زالت جرائم املخدرات تقابل بعقوبة اإلعدام في ‪33‬‬ ‫دولة حول العالم‪ .‬ففي إيران‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬أعدم أكثر من ‪ 500‬شخص‬ ‫نظرا لتورطهم في أعمال لها عالقة باالتجار في املخدرات في عام ‪2011‬‬ ‫وحده‪ .‬ومع ذلك فإن ذلك النوع من العقوبات املشددة لالتجار في املخدرات‬ ‫لم يثبت فعالية كما أنه لم يسفر سوى عن نقل املشكلة ملكان آخر‪ .‬ومن‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬ارتكزت السياسات األكثر تقدمية على تقليل األذى الناجم عن‬ ‫املخدرات نفسها بدال من تقليل حجم سوق املخدرات‪.‬‬

‫مؤيدا لسياسات الحد من الضرر فيما احتج العديد من الرؤساء السابقني‬ ‫بأن السياسة الحالية ملكافحة املخدرات تحتاج إلى اإلصالح‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن زعماء دول أميركا الالتينية كانوا فاعلني في إثارة الجدل حول القضية‪،‬‬ ‫أصبح السياق السياسي أكثر تعقيدا اليوم مما كان عليه في األعوام السابقة‪.‬‬ ‫كما أن هناك إجماعا واس��ع النطاق في املنطقة بأن الحرب على املخدرات‬ ‫قد فشلت وأن مشكلة املخدرات هي مشكلة صحية ومن ثم فإن امتالكها‬ ‫واستهالكها ال يجب أن يصبح مجرما‪ .‬على أية حال‪ ،‬ما زال هناك خالف‬ ‫حول كيفية السيطرة على مشكلة املخدرات وحول ما يجب أن يصبح عليه‬ ‫إنفاذ القانون في سوق يمكن تنظيمها‪.‬‬

‫وهناك العديد من العوامل األخ��رى التي يمكنها عرقلة التعاون بني الدول‬ ‫والتأثير على احتمالية توقيع االتفاقيات (خاصة‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬بني‬ ‫ال��والي��ات املتحدة واملكسيك) وال�ت��ي كشف عنها ف��ي التسريبات األخيرة‬ ‫إلدوارد س�ن��ودن املتعلقة بالنشاطات االس�ت�خ�ب��ارات�ي��ة األم�ي��رك�ي��ة واسعة‬ ‫النطاق والتي تضمنت استهداف الرسائل اإللكترونية للرؤساء املكسيكيني‬ ‫ففي البرتغال‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬ركز قانون إص�لاح السياسات املتعلقة‬ ‫السابقني واملرشحني الرئاسيني‪ .‬فعلى الرغم من أنه كان دائما هناك افتراض‬ ‫باملخدرات والصادر في عام ‪ 2001‬على عدم تجريم امتالك الكميات املحدودة‬ ‫بحدوث ذلك النوع من املمارسات‪ ،‬فإن الكشف عالنية عنه يثير قضايا تتعلق‬ ‫من املخدرات وهو ما قلل عدد الوفيات الناجمة عن املخدرات وعدد اإلصابات‬ ‫بالثقة وبمصداقية زعماء الحكومة املكسيكية بني دوائرهم االنتخابية‪.‬‬ ‫بمرض اإلي��دز وكذلك تقليل ع��دد ن��زالء السجون‪ .‬وف��ي ديسمبر (كانون‬ ‫األول) من العام املاضي‪ ،‬أصبحت أوروغ��واي أول دولة تنظم إنتاج وتوزيع‬ ‫وأخيرا‪ ،‬فإن الشيء الواضح واملؤكد هو أن التحديات املرتبطة بمكافحة‬ ‫وبيع املاريغوانا‪.‬‬ ‫كما تمثل سياسات الحد من املخدرات تحديا أيضا‪ ،‬حيث ما زالت السياسات ال�ت�ج��ارة غير الشرعية ل�ل�م�خ��درات م��ا زال��ت ق��ائ�م��ة‪ ،‬ب��ل وت�ت��زاي��د‪ ،‬إث��ر عدم‬ ‫الدولية ملكافحة امل�خ��درات تعتمد على جهود مكتب األم��م املتحدة املعني تعاون جميع الدول معا‪ .‬وبالتأكيد سوف تكون قمة دورة الجمعية العامة‬ ‫باملخدرات والجريمة والهيئة الدولية ملكافحة املخدرات؛ وهي هيئة مراقبة االستثنائية في ‪ 2016‬حدثا مهما وس��وف تعمل كمعيار تستطيع عبره‬ ‫مستقلة تعمل ع�ل��ى تطبيق م�ع��اه��دات األم��م امل�ت�ح��دة ملكافحة امل �خ��درات‪ ،‬األجيال املستقبلية الحكم على مدى نجاح الحرب على املخدرات<‬ ‫ويستهدف مكتب األمم املتحدة املعني باملخدرات والجريمة مساعدة الدول‬ ‫* خبيرة في التنمية الدولية تعمل مع حكومات ومنظمات مجتمع مدني في العالم‬ ‫األعضاء في األمم املتحدة على التعامل مع التجارة غير الشرعية للمخدرات‬ ‫العربي منذ ‪ 15‬عاما‪.‬تلقي محاضرات بأنتظام في املحافل الدولية بشأن قضايا مكافحة‬ ‫والجريمة واإلرهاب‪ .‬ولم يكن مكتب األمم املتحدة املعني باملخدرات والجريمة‬ ‫الفساد والحكم واإلصالح املؤسسي‬

‫ﺣﺠﻢ ﺗﺪﻓﻖ اﻟﻜﻮﻛﺎﻳﲔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫اﳌﻨﺘﺠﻮن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻮن ﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻜﻮﻛﺎﻳﲔ‬

‫أوروﺑﺎ‬

‫ﻃﺮق اﻟﺘﻬﺮﻳﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ‬

‫ﺣﺠﻢ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻜﻮﻛﺎﻳﲔ ﺑـ )اﻟﻄﻦ(‬

‫ﻛﻨﺪا ‪14‬‬

‫‪124‬‬

‫اﻟﻮﻻﻳﺎت‬ ‫اﳌﺘﺤﺪة‬

‫ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤﺮ‬ ‫اﻟﻜﺎرﻳﺒﻲ‬

‫‪,,‬‬

‫‪165‬‬

‫اﳌﻜﺴﻴﻚ ‪17‬‬

‫أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬ ‫اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬

‫اﻟﺒﺮازﻳﻞ‬

‫ﺟﺒﺎل‬ ‫اﻷﻧﺪﻳﺰ*‬

‫أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬ ‫اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ‬ ‫*ﺟﺒﺎل اﻷﻧﺪﻳﺰ ﻫﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺟﺒﻠﻴﺔ واﺳﻌﺔ‪،‬ﺗﻤﺘﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ دول ﻫﻲ اﻷرﺟﻨﺘﲔ واﻹﻛﻮادور وﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ وﺑﻴﺮو وﺗﺸﻴﻠﻲ وﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ وﻓﻨﺰوﻳﻼ‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫اﳌﺼﺪر ‪ :‬اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم‪ ،‬اﳌﺠﻠﺪ ‪) 68‬ص‪2012 – ( 10‬‬


‫الشهيرة‪ .‬كما أقر تقرير تشاسام هاوس بأن «سياسات مكافحة املخدرات‬ ‫أعمال عنف مرتبطة باملخدرات‬ ‫تجرم نشاطات املزارعني واملستهلكني وغيرهم من املعتدين الصغار الذين‬ ‫وفي بعض البلدان‪ ،‬تزيد قيمة التجارة غير الشرعية للمخدرات عن إجمالي كانوا في العديد من الحاالت يمارسون أيضا انتهاكات للحقوق األساسية‬ ‫الناتج املحلي للدولة‪ ،‬وهو ما ينطبق مثال على غينيا بيساو‪ ،‬ويعرقل اقتصاد لإلنسان»‪.‬‬ ‫البالد وحوكمتها وكذلك أمنها‪ ،‬حتى إنه جرى اغتيال رئيس الدولة ورئيس‬ ‫هيئة أرك��ان الجيش ف��ي أع�م��ال عنف مرتبطة ب��امل�خ��درات ف��ي ع��ام ‪ .2009‬تأثير إنتاج القات على االقتصاد اليمني‬ ‫وبالتالي فإنه في إطار ذلك الحجم الهائل لتجارة املخدرات وإخفاق الجهود‬ ‫التي كانت تسعى ملكافحتها ووجود شبكة من املصالح املشتركة والفساد ومن جهة أخرى‪ ،‬ليس من الصواب أن نعتقد أن العالم العربي محصن ضد‬ ‫أزمة املخدرات‪ ،‬بل على العكس فهناك العديد من التحديات الخاصة باملنطقة‬ ‫تزداد قوة‪ ،‬ال يبدو مستقبل جهود مكافحة تلك التجارة مشرقا للغاية‪.‬‬ ‫تحد قديم وما زال قائما وهو إنتاج القات واستهالكه في‬ ‫ففي ظل استمرار الطلب على املخدرات‪ ،‬ما زال التدفق العاملي للمخدرات العربية‪ .‬فهناك ٍ‬ ‫مرتفعا‪ .‬وباستمرار كان املتاجرون في املخدرات يغيرون من التكتيكات التي اليمن‪ .‬فبخالف املخدرات األخرى‪ ،‬يعد القات مقبوال اجتماعيا كما يستخدمه‬ ‫يتبعونها لكي تتواءم مع اإلجراءات األمنية الجديدة‪ ،‬حيث كانت التطورات في الرجال والنساء على حد سواء‪ .‬وهناك آراء متباينة تماما حول استخدام‬ ‫وسائل إنفاذ القانون دائما ما تقابلها وسائل مبتكرة من قبل املتاجرين في القات في اليمن‪ .‬فهناك بعض رجال الدين الذين يؤكدون أن القات يعد مادة‬ ‫املخدرات‪ ،‬بما في ذلك استخدام السفن الصغيرة بدال من الكبيرة‪ ،‬وهو ما تغير الحالة العقلية ومن ثم فإنها محرمة وفقا للشريعة اإلسالمية‪ .‬على‬ ‫حدث في غرب أفريقيا واستخدام الغواصات بدال من وسائل النقل السطحية أية حال‪ ،‬يمثل القات خطرا كارثيا بالنسبة لالقتصاد اليمني‪ ،‬حيث تحتاج‬ ‫في أميركا الالتينية واستخدام األنفاق تحت الحدود األميركية املكسيكية زراعة القات إلى كميات كبيرة من املياه في بلد يعاني من الجفاف وتعد املياه‬ ‫واستخدام األفراد لتهريب املخدرات دوليا واستخدام الوسائل التكنولوجية فيه سلعة ثمينة‪ ،‬كما تستخدم األراضي الخصبة لزراعة القات على حساب‬ ‫مثل القرصنة؛ كما يشهد شراء املخدرات من السوق السوداء ازدهارا أيضا‪ .‬زراعة العديد من املحاصيل املهمة األخرى‪.‬‬ ‫وقد دعت األمم املتحدة التي كانت دائما ما تتصدر الحرب على املخدرات لعقد‬ ‫واملفارقة أن تلك األرباح الناجمة عن االتجار في املخدرات يجري غسلها ثم جمعية خاصة بشأن املخدرات في عام ‪ 2016‬تحت عنوان «دورة الجمعية‬ ‫استثمارها في قطاعات األعمال املشروعة والبنوك‪ .‬وعند مرحلة ما‪ ،‬يصبح العامة االستثنائية ‪ .)2016 UNGASS( »2016‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ال توجد‬ ‫من املستحيل تعقب مصدر تلك األموال‪ .‬ففي عام ‪ 2012‬وافق بنك «إتش إس بيانات دقيقة حول حجم مشكلة استهالك املخدرات في العديد من البلدان‬ ‫بي سي» على دفع مبلغ ‪ 1.92‬مليار دوالر كتسوية في أعقاب االتهامات التي مما يجعل من الصعب الوصول لفهم واض��ح ملشكلة استهالك املخدرات‬ ‫تعرض لها بأنه مكن عصابات املخدرات املكسيكية من نقل األموال بطريقة خاصة في أفريقيا وبعض مناطق آسيا وجزر املحيط الهادي‪ .‬كما يعكس‬ ‫املدى الواسع للبيانات والتقديرات الغموض الذي يحيط بالبيانات العاملية‬ ‫غير شرعية عن طريق فروعه في الواليات املتحدة األميركية‪.‬‬ ‫امل�ت��واف��رة‪ .‬وإق ��رارا ب��أن النظام ال��دول��ي ملكافحة امل�خ��درات لم يشهد نجاحا‬ ‫وهناك العديد من العوامل التي تجعل من الصعب تتبع ومحاكمة أباطرة واسعا‪ ،‬ظهرت جهود جديدة ملحاولة إنتاج سياسات أكثر تقدمية والتي‬ ‫املخدرات‪ ،‬كما أن بعض هؤالء األباطرة (مثل خواكني جوزمان املكسيكي كانت تشهد نجاحا نسبيا‪.‬‬ ‫ال��ذي ك��ان ضمن قائمة مجلة «ف��ورب��س» ل�لأث��ري��اء خ�لال األع ��وام األرب�ع��ة كما أن السياسات التقليدية ملكافحة املخدرات وإن كانت حسنة النية فإنها‬ ‫املاضية) لديهم نفوذ أكبر من الشركات وتحميهم شبكة معقدة من املصالح عادة ما كانت تؤدي إلى عواقب سلبية‪ ،‬وهو ما أقر به مكتب األمم املتحدة‬ ‫املشتركة‪ .‬وعادة ما يكون رجال الشرطة متورطني أيضا ويتلقون حصة املعني باملخدرات والجريمة في تقريره حول املخدرات الصادر في ‪2008‬‬ ‫والذي أشار فيه إلى أنه كلما جرى فرض أساليب جديدة ملكافحة التجارة‬ ‫من تلك التجارة في مقابل «صمتهم»‪.‬‬ ‫وع��ادة ما تقتصر املحاكمات على الصغار حيث يسهل اصطيادهم كما وإنفاذ القانون‪ ،‬جرى خلق مسارات تجارية جديدة‪ .‬وهو ما يخلق بدوره‬ ‫أنهم ال يتمتعون بحماية أباطرة املخدرات الذين يعملون كعصابات املافيا مشكلة جديدة ويثير االضطرابات في الدول التي تعاني من املشكلة‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫مما ال شك فيه‬ ‫أن التعامل‬ ‫مع الجريمة‬ ‫املنظمة والفساد‬ ‫املرتبطني‬ ‫بالتجارة‬ ‫غير املشروعة‬ ‫للمخدرات أمر‬ ‫صعب للغاية‬ ‫نظرا لطبيعة‬ ‫تلك التجارة‬ ‫العابرة للحدود‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪39‬‬


‫تقرير‬

‫ال يعد مصطلح «الحرب على املخدرات» مصطلحا جديدا‪ ،‬بل إن تاريخه يعود إلى ما يزيد على ‪ 40‬سنة‪،‬‬ ‫عندما استخدم الرئيس األميركي ريتشارد نيكسون املصطلح للمرة األولى في عام ‪ ،1971‬مشيرا إلى إساءة‬ ‫استخدام العقاقير باعتبارها «العدو األول للشعب»‪ .‬إذن‪ ،‬ما مدى التقدم الذي جرى إحرازه منذ ذلك الوقت؟‬ ‫وما مدى نفع مثل ذلك املصطلح؟ عادة ما يستخدم مصطلح «الحرب على املخدرات» في إشارة إلى حملة‬ ‫تستهدف حظر تلك التجارة والتدخل العسكري في محاولة للحد منها‪ .‬وتتضمن تلك املساعي سلسلة من‬ ‫السياسات التي تستهدف إحباط إنتاج وتوزيع واستهالك ما تعرفه األمم املتحدة بأنه عقارات لها تأثير‬ ‫نفسي أو عقالني‪.‬‬

‫الجريمة املنظمة‪ :‬تحديات التعامل مع التجارة غير الشرعية‬

‫حرب اخملدرات‬

‫يجري شن الحرب ضد من يعملون باالتجار في املخدرات وضد‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫شبكاتهم الفاسدة والجريمة املنظمة وحلقات العنف املحتمل أن‬ ‫أروى حسن *‬ ‫تنجم عن تلك التجارة ومكافحة تهديد حياة الناس إثرها (سواء‬ ‫كان ذلك نتيجة الستخدام العنف املسلح أو االتجار أو كنتيجة الستهالك تلك‬ ‫املخدرات)‪ .‬في عام ‪ ،1998‬قررت جلسة خاصة للجمعية العامة لألمم املتحدة‬ ‫العمل على «الحد أو تقليل» اإلنتاج غير الشرعي للمخدرات واستهالكها‬ ‫بحلول عام ‪ ،2008‬وتبنت سلسلة من الخطط لتحقيق ذلك الهدف‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فبعد خمسني عاما من إعالن «اتفاقية األمم املتحدة الوحيدة للمخدرات»‪،‬‬ ‫ما زالت هناك حاجة ماسة إلجراء إصالحات رئيسة في السياسات املحلية‬ ‫والعاملية املتعلقة بمكافحة املخدرات‪ .‬لقد كان النظام الدولي ملكافحة املخدرات‬ ‫ﺣﺠﻢ اﻹﻧﻔﺎق اﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اخملﺪرات ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻌﺎم ‪2013‬‬ ‫غير فعال في تقليل حجم تلك السوق أو منع ظهور م�خ��درات جديدة أو‬ ‫مسارات جديدة لالتجار في املخدرات والتي يمكنها أن تثير االضطرابات‬ ‫في جميع أنحاء العالم‪.‬‬ ‫وبعد عشرة أعوام‪ ،‬ما زالت الدول األعضاء تعاني مما يبدو وكأنه مشكلة‬ ‫أبدية‪ .‬ففي يونيو (حزيران) ‪ ،2011‬أصدرت «اللجنة األميركية العاملية حول‬ ‫سياسات امل �خ��درات» تقريرا مهما ح��ول ال�ح��رب على امل �خ��درات أف��اد بأن‬ ‫«الحرب على املخدرات» قد أخفقت‪ ،‬الفتا إلى عواقب ذلك اإلخفاق على األفراد‬ ‫واملجتمعات حول العالم‪.‬‬

‫‪1.4‬‬ ‫ﻣﻠﻴﺎر‬ ‫دوﻻر‬

‫‪9.4‬‬

‫‪9.2‬‬

‫ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر‬

‫ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر‬

‫‪3.7‬‬

‫ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر‬

‫ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻻﺗﺠﺎر ﻓﻲ اﳌﺨﺪرات‬

‫ﻣﻨﻊ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ‬

‫ﻋﻼج اﻻدﻣﺎن‬

‫اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ اﻟﺘﺜﻘﻴﻔﻴﺔ‬

‫اﳌﺼﺪر‪ :‬اﳌﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﳌﻜﺎﻓﺤﺔ اﳌﺨﺪرات‪ :‬اﻟﺴﻨﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ ‪2013‬‬

‫‪http://www.whitehouse.gov‬‬

‫‪38‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫وعلى الرغم من أن ذلك ربما يبدو مفاجئا للعديدين‪ ،‬فإنه من املعلوم أن تجارة‬ ‫املخدرات هي ثالث أكبر سوق في العالم ال يسبقها سوى سوقي البترول‬ ‫والسالح‪ ،‬وفقا ملا أفاد به تقرير لتشاسام هاوس‪ .‬ويقدر «مكتب األمم املتحدة‬ ‫املعني باملخدرات والجريمة (‪ )UNODC‬أن حجم التجارة العاملية للمخدرات‬ ‫يعادل نحو ‪ 320‬مليار دوالر أميركي وأن تلك التجارة كانت مسؤولة عن‬ ‫نحو ‪ 200‬ألف حالة من الوفيات في عام ‪.2011‬‬ ‫وال يتضمن ذلك الرقم الوفيات املرتبطة باالتجار أو حاالت العنف املسلح‬ ‫الناجمة عن تلك التجارة والتي يصعب إحصاؤها نظرا لطبيعتها الخاصة‪.‬‬ ‫وتقدر حكومة املكسيك بأن أكثر من ‪ 70‬ألف شخص قد قتلوا في أعمال‬ ‫تتعلق باملخدرات في املكسيك منذ عام ‪ 2006‬باإلضافة إلى اختفاء نحو ‪25‬‬ ‫ألفا في الفترة نفسها وتعتقد الحكومة أن اختفاءهم يتصل بتلك التجارة‪.‬‬ ‫مما ال ش��ك فيه أن التعامل م��ع الجريمة املنظمة وال�ف�س��اد املرتبطني‬ ‫بالتجارة غير املشروعة للمخدرات أمر صعب للغاية‪ ،‬نظرا لطبيعة تلك‬ ‫التجارة العابرة للحدود‪ .‬ويرتبط بذلك مجموعة جديدة من التحديات –‬ ‫تتضمن التعاون بني الشرطة والنظام القضائي في العديد من البلدان‬ ‫امل�ت��ورط��ة ف��ي ال�ت�ج��ارة وغ �ي��اب امل�س��اع��دة ال�ق��ان��ون�ي��ة امل�ش�ت��رك��ة الفعالة‬ ‫– تتضمن االت�ف��اق ب�ين ال��دول املعنية ح��ول ت�ب��ادل املعلومات املتعلقة‬ ‫بالتحقيقات الجنائية‪ .‬باإلضافة إلى أن العديد من تلك البلدان ليست‬ ‫مؤهلة للتعامل مع املشكالت والتعقيدات الناجمة عن تلك التجارة غير‬ ‫الشرعية للمخدرات‪.‬‬


‫عن طبيعة املوضوعات االقتصادية التي يريد الوفد املصري مناقشتها ولم‬ ‫يكن عند جميل مطر ردا يشفي غليله فقال بوضوح‪" :‬نرجو أال يكون ضمن‬ ‫املوضوعات املطلوب مناقشتها موضوع القمح"‪.‬‬ ‫وكان الوزير – السفير السابق – الذي يرأس الوفد مصرا على فتح موضوع‬ ‫القمح مرات في املفاوضات حتى ضاق املفاوضون األرجنتينيون وعرضوا‬ ‫على الوفد التوسط لدى أي طرف ثالث في أمريكا الالتينية يكون لديه أو تقديم‬ ‫تسهيالت ائتمانية ملساعدة مصر‪ .‬وفي اليوم الذي قرر فيه السفير تقديم نفسه‬ ‫للمجتمع الديبلوماسي بحفل عشاء على شرف الوفد االقتصادي املصري‬ ‫حدثت الكارثة! وفوجئ جميل مطر بأنه مطلوب في الخارجية األرجنتينية‬ ‫على الفور ليتلقى بنفسه رسالة "بالغة األهمية"‪ ،‬وكانت الرسالة أن رئيس الوفد‬ ‫املصري طلب سرًا االجتماع ببعض ضباط الجيش املحالني لالستيداع وأبلغ‬ ‫عددا منهم رغبة حكومة الرئيس عبد الناصر أن يتدخلوا بأي شكل يرونه‬ ‫مناسبًا لدى "الحكومة املنتخبة" لتسهيل إجراءات صفقة القمح‪ ،‬كما أن جهات‬ ‫أمنية سجلت هذه اللقاءات ولقاء آخر جرى مع ضابط أو أكثر داخل معسكر‬ ‫متاخم للعاصمة وأن الضيف املصري ربما أملح إلى استخدام العنف من جانب‬ ‫العسكر إذا استدعى األمر وبخاصة أن األزمة االقتصادية كانت في أوجها وأن‬ ‫الرأي العام سيكون مؤيدا للتدخل العسكري في الحكم!‬ ‫وصدر قرار بطرد الوفد "رسميًا"‪.. ..‬واشترك الجميع في إسدال الستار!‬ ‫وفي ملف عالقات ناصر الخارجية أيضًا تحتل شهادة لم يكتب لها كثير‬ ‫من الذيوع أهمية كبيرة في إلقاء الضوء على الجانب املظلم ألسطورة الدور‬ ‫املصري في مساندة ثورة اليمن‪ ،‬فالعميد مهندس ألفي أنور عطا الله في كتابه‪:‬‬ ‫"حكايات لذيذة كانت محظورة النشر‪ :‬عبد الناصر ‪ – 62‬حرب اليمن وانهيار‬ ‫االقتصاد" يكشف – كشاهد حقيقة إلقاء الغطاء الذهبي للجنيه املصري على‬ ‫بعض القبائل من الطائرات لشراء حيادها في الحرب‪ ،‬ويحكي أيضًا كيف كرمه‬ ‫أحد قادة الثورة اليمنية بدعوته لحضور "محكمة ثورة"‪.‬‬ ‫ويحكي العميد ألفي كيف تم تداول القضية في دقائق معدودة ليصدر الحكم‬ ‫بطريقة هي األولى من نوعها‪ ،‬إذ تم الحكم على املتهمني وفقًا لرقم وقوف كل‬ ‫منهم في الصف‪ ،‬فكانت عقوبة أصحاب الرقم الفردي‪ ... 5 – 3 – 1 :‬هي اإلدام‬ ‫ً‬ ‫رميًا بالرصاص مثال‪ ،‬بني عقوبة أصحاب الرقم الزوجي‪ ... - 6 – 4 – 2 :‬هي‬ ‫السحل‪ ،‬ثم كانت قمة التكريم بدعوته لحضور السحل!! ومن العوامل املؤثرة‬ ‫بشكل ملموس في ارتفاع نغمة البحث عن "ناصر جديد" كخيار مستقبلي‬ ‫غياب الحقائق‪ ،‬وقد روى إعالمي مصري معروف كيف عاتبه قيادي فلسطيني‬ ‫كبير بعد حوار تلفزيوني معه ألنه سأله على الهواء عن االتفاق الذي وقعه عبد‬ ‫ً‬ ‫الناصر لتوطني الفلسطينيني في العريش‪ ،‬وأردف قائال‪" :‬أصدقاؤنا الناصريون‬ ‫يغضبون جدًا من ذكر هذه املعلومة"!‪.‬‬

‫بغياب الديموقراطية ف��ي تجربة عبد لناصر وتعتذر ع��ن انتهاكات حقوق‬ ‫اإلنسان في محاولة لبناء "ناصرية جديدة"‪ ،‬فإذا بالقسم األكبر من الخطاب‬ ‫الناصري يعود إلى الحديث عن التجربة بلغة جديدة ال تكاد تذكر املثالب‪ ،‬بل‬ ‫يرى البعض أن ما حدث خالل عام من حكم اإلخوان يمنح عبد الناصر صك‬ ‫براءة من كل ما كان الناصريون قد امتلكوا شجاعة االعتراف به!!‬ ‫ً‬ ‫وب��دال من إنصاف ضحايا الديكتاتور أصبح كثير من مروجي فكرة إعادة‬ ‫إنتاج التجربة الناصرية يمتدحون الديكتاتورية نفسها ويدبجون قصائد‬ ‫الهجاء في الديموقراطية التي تتحمل القسم األكبر من املسئولية عن خيبات‬ ‫والقصة ببساطة أن الشيوعيني واإلخوان في قطاع غزة تحالفوا ضد ناصر‬ ‫املستبدين!‬ ‫في ‪ 1954‬وتاليًا تمكنوا من سرقة اتفاق سري وقعه ضباط يوليو لتوطني‬ ‫الفلسطينيني في العريش وق��ام��وا بطباعته وتوزيعه في قطاع غ��زة ليحدث‬ ‫وإلى جانب البعد النفسي عند مستهلكي هذا الخطاب – وهو بعد مؤثر جدًا‬ ‫فضيحة سياسية كبيرة يراد لها وألمثالها أن تظل "تحت الطاولة"‪ ،‬وعندما‬ ‫– فإن "بطانة كل العصور"‪ ،‬وهي ظاهرة مصرية بامتياز‪ ،‬تنطلق كسيارة بال‬ ‫تغيب الحقائق والوثائق يتعلق الناس باألوهام‪ ،‬وبخاصة في األزمات‪.‬‬ ‫كوابح لتأكيد املقولة‪.‬‬ ‫وفي برقية أوردها محمد علي صالح في كتابه جاء أن ضباط يوليو‪" :‬ثانيًا‪:‬‬ ‫وقائد هذه العربة الطائشة وركابها يتملكهم شعور قوي بأن عودة إلى حالة‬ ‫يقفون وقفة كاملة مع الواليات‪ ،‬ويعارضون الشيوعية معارضة كاملة"‪ .‬ثالثًا‪:‬‬ ‫من الشمولية السياسية هو وح��ده ما يضمن لهم الحفاظ على مصالحهم‪.‬‬ ‫مشكلتهم األولى هي إقناع الشعب املصري بالصداقة مع أمريكا‪ ،‬وبأخطار‬ ‫ويبدو أثر هذه الحقيقة واضحًا في تحذيرات بعض األصوات العاقلة من أن‬ ‫الشيوعية‪ .‬راب�ع��ًا‪ :‬مقابل ذل��ك مستعدون لتقديم التزامات س��ري��ة"‪ ،‬و"تقديم‬ ‫املزايدين هم عبء حقيقي على املرشح الرئاسي املحتمل عبد الفتاح السيسي‬ ‫التزامات علنية في الوقت الحاضر سيدمر فرص تحقيق األهداف"! واألمثلة‬ ‫وأن ه��ؤالء امللكيني أكثر من امللك أصبحوا املصدر الرئيس للصورة القاتمة‬ ‫كثيرة جدًا على املسافة بني الحقيقة والصورة‪ ،‬وبخاصة في ظل غياب واضح‬ ‫ملستقبل مصر في ظل عهد ناصري جديد يبشرون به‪ ،‬بينما كثير منهم – في‬ ‫للقوانني املنظمة لتداول الوثائق الرسمية والسيطرة الكاسحة للمثقفني ذوي‬ ‫حقيقة األمر – ال يدركون الفرق بني التبشير والتنفير‪.‬ومعظم النار ومستصغر‬ ‫امليول اليسارية في اإلعالم والسياسة‪ ،‬ما يجعل املواقف املسبقة واالنحيازات‬ ‫الشرر رفيقان منذ قرون بعيدة!<‬ ‫السياسية أكثر تأثيرًا من الحقائق والوقائع‪.‬‬ ‫كشف‬ ‫أنه‬ ‫جديد"‬ ‫"ناصر‬ ‫إنتاج‬ ‫إعادة‬ ‫من الدالالت السلبية جدًا لهذا اإللحاح على‬ ‫* مؤلف وباحث مصري‪ ،‬كاتب مقال رأي في عديد من الصحف العربية‪ .‬صدر له أكثر من‬ ‫فخالل‬ ‫الحريات‪،‬‬ ‫قضايا‬ ‫تجاه‬ ‫وبخاصة‬ ‫عن ردة تاريخية في الخطاب الناصري‬ ‫‪ 30‬مؤلفًا في القاهرة وبيروت ودبي ومسقط‪ ،‬بينها روايتان وعدة دوواين ومسرحية‪.‬‬ ‫حاز على عدة جوائز في الشعر واملسرح والرواية داخل مصر وخارجها‬ ‫ما يقرب من عشرين عامًا مضت كانت هناك مواقف معلنة كثيرة تعترف‬

‫‪,,‬‬

‫غياب الحقائق‬ ‫‪ ..‬من أهم‬ ‫العوامل املؤثرة‬ ‫في ارتفاع‬ ‫نغمة البحث‬ ‫عن «ناصر‬ ‫جديد» كخيار‬ ‫مستقبلي‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪37‬‬


‫قضايا‬

‫يحفل الخطاب العام في مصر (السياسي واإلعالمي والتحليلي) بسيل ال ينقطع من األدبيات املكتوبة واملسموعة‬ ‫واملرئية تؤكد بيقني يبعث على الرعب أن الحل في استنساخ تجربة جمال عبد الناصر‪ :‬إما كمخرج من أزمة‪ ،‬أو‬ ‫كحل وحيد للمستقبل‪ .‬وقد انشغل كثيرون بالبحث عن أوجه التشابه واالختالف بني الزعيم الراحل واملرشح‬ ‫املحتمل الذي يبدو أوفر حظًا في االنتحابات الرئاسية املقبلة (وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي) وكأن مستقبل‬ ‫مصر أصبح مرهونًا بعامل وحيد هو تأكيد التشابه ‪ -‬بل ربما التطابق ‪ -‬بني الرجلني‪.‬‬

‫قراءة جديدة‪ :‬جمال عبد الناصر‪ ..‬مؤسس سياسة اإلقصاء‬

‫الوهم أمال‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫ممدوح الشيخ *‬

‫‪,,‬‬

‫يقول مؤلف‬ ‫«شخصية‬ ‫عبد الناصر‬ ‫في الوثائق‬ ‫األميركية‪:‬‬ ‫«هتفت لعبد‬ ‫الناصر ألنه‬ ‫كان «محرر‬ ‫العرب» وفي‬ ‫أميركا انتقدته‬ ‫ألنه كان‬ ‫ديكتاتورًا»‬

‫‪,,‬‬

‫تختلف حقيقة عبد الناصر اختالفًا كبيرًا ع��ن ص��ورت��ه‪ ،‬السياق‬ ‫التاريخي لتجربة الرجل داخليًا وإقليميًا ودوليًا ال يمكن استساخها‪،‬‬ ‫وأن إصدار حكم قاطع بأن قارب النجاة الوحيد ملصر هو إعادة إنتاج‬ ‫شخص أو مرحلة أو تجربة – وبخاصة تجربة جمال عبد الناصر – هو "تهليل‬ ‫سياسي" وال يمكن التعامل معه أبدًا كـ "تحليل سياسي"‪ .‬وبعض املتخصصني‬ ‫عندما تعاملوا مع شخصيات تاريخية مؤثرة – سياسيًا أو ثقافيًا أو اجتماعيًا‬ ‫– رأوا أن املوضوعية تقتضي تقسيم سيرتهم إلى مراحل‪ ،‬وثمة نماذج أخرى‬ ‫كثيرة‪ .‬وفيما يخص عبد الناصر فإن مسيرته في الحقيقة يمكن تقسيمها‬ ‫إلى مرحلتني أساسيتني‪" :‬ناصر األول" وتمتد حتى ‪" ،1956‬ناصر الثاني"‬ ‫وتمتد حتى النكسة التي هي – عند أي باحث منصف – نهاية عبد الناصر‬ ‫القرآن‬ ‫الحقيقية‪ ،‬حيث حكم مصر بعدها حتى وفاة على‬ ‫يشبه لمَْوصف َّ‬ ‫نحو َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫"فلما قض ْينا َع ْل ْي ِه ا ْ َو َت َ َما َدل ُه ْم‬ ‫الكريم ملوت نبي الله سليمان عليه السالم‪:‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ٰ َ ْ لاَّ َ َّ ُ لأْ َ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ض ْتأكل ِمنلمُْ َسأت ُه فل َّما خ َّر ت َب َّين ِت ال ِج ُّن أ ْن ل ْو كانوا‬ ‫عل َى مو ِت ْ ِه ِإ داب��ة ا ر‬ ‫َ ُ ِ َ‬ ‫َْ ُ َ َ‬ ‫ون الغ ْي َب َما ل ِبثوا ِفي ال َعذ ِاب ا ِهني"‪ .‬ومن املالمح املهمة للمرحلة األولى‬ ‫يعلم‬ ‫من تجربة عبد الناصر أنها تنسف املقولة األكثر ارتباطًا بالهالة التي أحاطت‬ ‫به وهي هالة مواجهته للغرب – وبخاصة أمريكا – وهو ما يتم استحضاره‬ ‫اليوم وتكريسه بإلحاح شديد‪ ،‬وطبعًا دون أدنى تدقيق!‬ ‫ً‬ ‫فمثال‪ ،‬مما أورده جيفري أرونسون في كتابه القيم‪" :‬أمريكا تخرج من الظل" أن‬ ‫السفير املصري في أمريكا قال ما يلي واصفًا العالقات املصرية األمريكية بعد‬ ‫يوليو ‪" :1952‬من األكيد أن مصر بحكم أيديولوجيتها إنما هي حليف طبيعي‬ ‫للدول الغربية الحرة‪ .‬وبالطبع فإننا من الناحية الفعلية نقع في أفريقيا كما أن‬ ‫النيل شريان الحياة ملصر يستمد مياهه من قلب القارة في إثيوبيا والسودان‪.‬‬ ‫إال أن ثقافتنا إنما تقوم على الحضارتني اإلغريقية‪ /‬الرومانية واليهودية‪/‬‬ ‫املسيحية‪ /‬اإلس�لام�ي��ة اللتني منحتانا مصلحة حقيقية ف��ي قضية الحرية‬ ‫والديموقراطية‪ ،‬فباعتبارنا أمة تؤمن بصورة راسخة بالله وامللكية الخاصة‬ ‫فإننا نعارض العقائد الشيوعية القائمة على اإللحاد واملادية الجماعية‪!".‬‬ ‫ومن الكتابات املهمة الصادرة حديثًا التي أرى أنها ضرورية في الجمع بني‬ ‫التقييم األخالقي والوطني لعبد الناصر‪ ،‬وكذلك أخذ التحول في شخصه في‬ ‫االعتبار كتاب مهم ص��در حديثًا للباحث السوداني محمد علي صالح هو‪:‬‬ ‫"شخصية عبد الناصر في الوثائق األمريكية‪ :‬ماذا كان سيكتب في مذكراته‬ ‫عن عالقته مع أمريكا"‪ .‬وهو في مفتتح الكتاب يقول عن عبد الناصر‪" :‬هتفت‬ ‫له ألنه كان "محرر العرب" وفي أمريكا انتقدته ألنه كان ديكتاتورًا"‪ .‬وهو بهذا‬ ‫وضع يده – إلى حد كبير – على ما افتتحت به هذا املقال‪ :‬أن االستبداد ال‬ ‫يمكن التسامح معه مقابل ما نعتبره وطنية‪.‬‬ ‫وفي كتابه املمتع "أول حكاية‪ :‬حكايتي مع الديبلوماسية" يحكي الكاتب املعروف‬

‫‪36‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫(الديبلوماسي السابق) جميل مطر قصة محاولة انقالب عسكري فاشل قام‬ ‫بها نظام عبد الناصر األرجنتني في الستينات في الوقت الذي كان خطابه هو‬ ‫شخصيًا وخطاب إعالمه ال يكاد ينشغل إال بمواجهة "اإلمبريالية األمريكية"‬ ‫فإذا به يتورط في محاولة لقلب نظام حكم رئيس منتخب! وأحداث السيرة تبدأ‬ ‫عام ‪ 1964‬بداية ساخنة من العاصمة األرجنتينية بيونس أيرس أهم محطة في‬ ‫ً‬ ‫رحلة جميل مطر الديبلوماسية وفي املحطة األولى نجد مطر منقوال من شيلي‬ ‫قبل أن يكمل مدته فيها بسبب رغبة رجال عبد الحكيم عامر في نقله من هناك‪،‬‬ ‫وعندما سأله السفير املصري عن سبب نقله لم يطلب منه تفسيرًا وهنا نجد‬ ‫أنفسنا أمام موقف من مواقف الكوميديا السوداء‪ ،‬فالزميل األقدم الذي قدم‬ ‫جميل مطر للسفير عاتبه بعد انتهاء مقابلته مع السفير ألنه انتقد "العسكر"‬ ‫أمامه مبررًا ذلك بأن العسكر "ال يسمحون ألحد منا بأن ينتقد أحدًا منهم"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبعد أسابيع كان السفير الذي استقبل مطر في األرجنتني يقيم حفال للتوديع‬ ‫لالنتقال لسفارة األخرى‪ .‬وبدأ الفصل األكثر إثارة‪ ،‬فبعد رحيل السفير أصبح‬ ‫هناك ثالثة ديبلوماسيني وموظف إداري عليهم القيام بعبء العمل دون سفير‬ ‫وكان نصيب مطر من املسئولية ملفات عديدة بينها امللف االقتصادي الذي‬ ‫وضعه مرة أخرى في وضع تصادمي مع السفير الذي رحل ألنه سرعان ما‬ ‫عاد مرة أخرى يحمل لقب "معالي الوزير" ورسالة من عبد الناصر للرئيس‬ ‫األرجنتيني أرتورو إيليا وتكليف بمهمة "إنقاذ مصر من الجوع"!‬ ‫وخلفية األزمة التي جاء الوزير ملعالجتها تتمثل في أن الرئيس األمريكي كيندي‬ ‫كان يحاول إقامة عالقات جيدة مع مصر وكان القمح من أهم ما يقدمه ملصر‬ ‫ضمن برنامج املعونة وباغتياله تولي الرئاسة نائبه ليندون جونسون وقرر‬ ‫تغيير السياسة األمريكية إزاء مصر فقرر في وقت مبكر من عام ‪ 1965‬وقف‬ ‫شحنات القمح ملصر وتزامن هذا مع أزم��ة كبيرة في القمح واللحوم وكانت‬ ‫األرجنتني من أكثر دول العالم إنتاجا لهما‪ .‬وبالتالي عاد السفير – بعد أن أصبح‬ ‫وزيرًا – ليتفاوض معه الحكومة األرجنتينية على إمداد مصر باحتياجاتها من‬ ‫السلعتني‪ .‬واملفارقة التي يصدم بها جميل مطر قارئه هي التالي‪ :‬الديبلوماسي‬ ‫الشاب بمجرد عمله في السفارة ركز على الجانب االقتصادي وكان الحدث‬ ‫االقتصادي األب��رز ال��ذي توقف عنده في مطلع العام ‪ 1965‬ما سمي وقتها‬ ‫"صفقة القرن" وعقدت بني األرجنتني والصني عام ‪ 1964‬وبمقتضاها تشتري‬ ‫الصني كل فائض القمح األرجنتيني لسنوات قادمة‪ .‬وكانت التقارير بشأن‬ ‫هذا املوضوع املهم تنقل لقاهرة باستمرار‪ .‬وذات يوم من ربيع ‪ 1965‬وصلت‬ ‫السفارة برقية تفيد بأن الوزير – الذي كان قبل قليل سفيرا في األرجنتني‬ ‫يصل بيونس أيرس في التوقيت الفالني على رأس وفد اقتصادي لعقد اتفاق‬ ‫الس�ت�ي��راد قمح م��ن األرج�ن�ت�ين‪ ،‬واتصلت إدارة ال�ش��رق األوس��ط بالخارجية‬ ‫األرجنتينية تطلب تحديد موعد عاجل ملديرها مع "املختص" في السفارة عن‬ ‫الشئون االقتصادية وكان هدف الديبلوماسي األرجنتيني معرفة معلومات‬


‫وكما تغيرت مصر‪ ،‬تغيرت املنطقة العربية بفعل الثروة النفطية‬ ‫وتغيرت موازين القوى االقتصادية والسياسية اإلقليمية‪ ،‬وتغيرت‬ ‫أدوار تركيا وإيران وإسرائيل‪.‬‬ ‫وع�ل��ى امل�س�ت��وى ال�ع��امل��ي‪ ،‬ح��دث��ت ت�غ�ي��رات ه��ائ�ل��ة‪ .‬ف��ي م��رح�ل��ة عبد‬ ‫ال �ن��اص��ر‪ ،‬ات �س �م��ت ال �ع�ل�اق��ات ال��دول �ي��ة ب �ح��ال��ة ال �ح��رب ال� �ب ��اردة بني‬ ‫املعسكرين الرأسمالي بقيادة الواليات املتحدة والشيوعي بقيادة‬ ‫االتحاد السوفياتي‪ ،‬ودارت بينهما مواجهات سياسية وآيديولوجية‬ ‫وأحيانا عسكرية‪ ،‬وسعى كل منهما إلى إضعاف اآلخر على نطاق‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫أم��ا اآلن‪ ،‬ف��إن العوملة والنظام الرأسمالي يظلالن ك��ل دول العالم؛‬ ‫بما في ذلك الدول ذات األهداف والسياسات الخارجية املختلفة مع‬ ‫بعضها البعض‪ ،‬فالصني وروسيا وأميركا واليابان تتبع جميعا‬ ‫املبادئ الرئيسة للنظام الرأسمالي ولقواعد النظام االقتصادي الدولي‬ ‫ومنظمة التجارة العاملية مما أدى إلى ارتباط مصالحهم وتداخلها‬ ‫وازدياد التأثيرات املتبادلة بني بعضها البعض‪ .‬وعلى سبيل املثال‬ ‫فإن الصني – رغم ما يبدو من خالفات سياسية مع واشنطن ‪ -‬هي‬ ‫أكبر مالك لسندات الحكومة األميركية‪ ،‬كما أن الشركات األميركية‬ ‫لديها استثمارات كبيرة داخل الصني‪.‬‬ ‫ونفس املالحظة صحيحة بالنسبة للعالقات األميركية الروسية‪،‬‬ ‫فرغم وج��ود خالفات عديدة بني البلدين‪ ،‬فقد تعاونا معا بشأن‬ ‫تدمير األسلحة الكيماوية في سوريا كما تعاونا بشأن اإلع��داد‬ ‫ملؤتمر جنيف‪ .2‬والنتيجة الهامة أن كل ه��ذه ال��دول هي ج��زء من‬ ‫نظام اقتصادي وتجاري ومالي عاملي واحد تتشابك فيه مصالحهم‬ ‫جميعا‪ ،‬وال مصلحة ألح��د منهم ف��ي تقويض أرك��ان ه��ذا النظام‬ ‫بل تسعى كل دول��ة إل��ى الحصول على أكبر استفادة من عوائده‬ ‫ومكاسبه‪.‬‬ ‫والخالصة‪ ،‬أنه ال الرجل هو الرجل‪ ،‬وال الظروف هي الظروف‪ ..‬فإلي‬ ‫ماذا يقودنا هذا التحليل؟‬ ‫يقودنا أوال إلى أن السيسي له شخصيته وظروفه وأنه ال يستطيع‬ ‫أن يكون صورة أو نسخة من عبد الناصر أو غيره‪ .‬ويترتب على‬ ‫ذلك أن الطريق الصحيح للسيسي هو أن يكون نفسه‪ ،‬وإن كان عليه‬ ‫أن يستفيد من خبرات الرؤساء املصريني السابقني جميعا‪ ،‬وأن‬ ‫يتعلم من إيجابياتهم وأيضا من سلبياتهم‪.‬‬

‫فيه رئيس الدولة باختصاصات واسعة دون وجود آليات للرقابة‬ ‫واملحاسبة‪ ،‬وجعل من شخص الرئيس محور نظام الحكم‪ ،‬وأساسه‬ ‫على حساب التضحية بدور املؤسسات األخرى كالوزارة والبرملان‪.‬‬ ‫وعاشت مصر فترات دون دستور ينظم أوضاعها مثل الفترة من‬ ‫‪ 1961‬إلى ‪.1964‬‬ ‫أضف إلى ذلك ممارسات التقييد واملنع ملؤسسات املجتمع املدني‪،‬‬ ‫وملكية الدولة للصحافة ولكل وسائل اإلعالم‪ ،‬واالعتقاالت السياسية‬ ‫دون توجيه تهم أو اإلحالة للمحاكمة‪ ،‬والتعذيب في املعتقالت‪.‬‬ ‫ويقودنا ثالثا إلى أن عنصر التشابه الرئيس بني الرجلني يكمن‬ ‫ف��ي تبنيهما لهدفني أس��اس�ي�ين‪ ،‬وه�م��ا‪ :‬ال�ح��رص على االستقالل‬ ‫الوطني ملصر وحرية قرارها الخارجي من ناحية‪ ،‬وتحقيق العدل‬ ‫االجتماعي وحسن توزيع ثمار التنمية بني الطبقات والفئات من‬ ‫ناحية أخرى‪.‬‬ ‫ولكن التشابه في األه��داف ال يعني اتباع نفس السبل والوسائل‪،‬‬ ‫وسوف يكون على السيسي – وفريق العمل معه – إيجاد السياسات‬ ‫املناسبة واملمكنة‪ ،‬فليس من املتصور مثال أن تقوم دولة تسعى إلى‬ ‫جذب االستثمار األجنبي فيها باتباع سياسة التأميم للمنشآت‬ ‫الخاصة أو التقييد على نشاط القطاع الخاص‪.‬‬

‫ويقودنا ثانيا إلى أن بعض جوانب نظام وسياسات عبد الناصر لم‬ ‫تعد مالئمة أو مناسبة أو حتى ممكنة اليوم‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬فإن‬ ‫عبد الناصر أقام نظامه السياسي على أساس منع تعدد األحزاب‬ ‫وعلى وجود تنظيم سياسي واحد (هيئة التحرير – االتحاد القومي‬ ‫– االتحاد االشتراكي العربي)‪ ،‬وهو أمر لم يعد ممكنا في مصر‬ ‫اليوم التي تشهد تعددية سياسية واجتماعية – ودون مبالغة –‬ ‫مفرطة وال حدود لها‪ .‬وأعتقد أن التعامل الصحيح مع هذه التعددية والحقيقة أن األهداف الكبرى للشعوب تبقى حية في ضمير األجيال‬ ‫املتتالية بقدر ما تعبر تلك األهداف عما يختلج في ضمائر الشعوب‬ ‫هو أحد التحديات الرئيسة التي تواجه الرئيس املصري املقبل‪.‬‬ ‫من آمال وتطلعات‪ ..‬تبقى جزءا من الثقافة الوطنية ومن املمارسات‬ ‫نفس الشيء صحيح في املجال االقتصادي‪ ،‬فقد أقام عبد الناصر السياسية وم��ن الحلم الجماعي للناس‪ .‬ولكن مع تغير الظروف‬ ‫نظامه على أساس امللكية العامة ألدوات اإلنتاج‪ ،‬والتخطيط القومي واألح ��وال‪ ،‬ال بد أن تتغير السياسات واألدوات وأساليب تحقيق‬ ‫الشامل‪ ،‬وتدخل الحكومة املباشر في إدارة األنشطة االقتصادية‪ .‬تلك األهداف‪.‬‬ ‫هذه السياسات لم يعد من الوارد اتباعها‪ ،‬وهي تتعارض مع قواعد‬ ‫النظام االقتصادي السائدة في كل دول العالم‪ ،‬والتي تقوم على ولعل املشير السيسي يقوم اآلن بقراءة تاريخ عبد الناصر لكي‬ ‫يستفيد من خبرته‪ ،‬واألرج��ح أنه يعرف جيدا أن التاريخ ال يكرر‬ ‫امللكية الخاصة وحرية السوق واملنافسة في الداخل والخارج‪.‬‬ ‫ن�ف�س��ه‪ ،‬وأن ن�ج��اح��ه ي�ن�ب��ع م��ن إدراك� ��ه ال�ص�ح�ي��ح ل�ل��واق��ع امل�ص��ري‬ ‫وق��ائ�م��ة امل�ح��اذي��ر ع��دي��دة‪ ،‬ف��إل��ي ج��ان��ب ت�ع��دد األح ��زاب والسياسة واإلقليمي والدولي الراهن واملختلف نوعيا عن عصر عبد الناصر‪،‬‬ ‫االقتصادية‪ ،‬فقد وض��ع عبد الناصر األس��اس لنظام حكم تمتع وأن يتعامل مع معطيات هذا الواقع بشكل مبدع وخالق <‬

‫بوتني والسيسي ‪2014‬‬

‫‪,,‬‬

‫إن عنصر‬ ‫التشابه بني‬ ‫ناصر والسيسي‬ ‫يكمن في‬ ‫تبنيهما لهدفني‬ ‫أساسيني‬ ‫وهما‪ :‬الحرص‬ ‫على االستقالل‬ ‫الوطني ملصر‬ ‫وحرية قرارها‬ ‫الخارجي‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪35‬‬


‫قضايا‬

‫وهكذا تتبلور عناصر التشابه بني عبد الناصر والسيسي؛ رجالن‬ ‫من القوات املسلحة‪ ،‬لهما أصول ريفية مباشرة (عبد الناصر من‬ ‫بني ُمر محافظة أسيوط والسيسي من طليا بمحافظة املنوفية)‪،‬‬ ‫كالهما ت��زوج مرة واح��دة وأنجب أربعة أبناء‪ ،‬ويتمتعان برصيد‬ ‫هائل من السمعة الطيبة والنزاهة األخالقية والشخصية‪ ،‬ويجسدان‬ ‫الشعور بالكرامة واإلرادة الوطنية املستقلة في مواجهة الخارج‪،‬‬ ‫ويهتمان بقضايا األغلبية من م��ح��دودي ال��دخ��ل‪ ،‬ويعطيان الثقة‬ ‫بقدرتهما على حسن إدارة أمور الدولة والوطن‪.‬‬ ‫وإلي هنا تنتهي املشابهة بني الرجلني‪ .‬ومن الخطأ البالغ في حق‬ ‫كليهما تصور أن السيسي يستطيع ‪ -‬أو حتى أنه سوف يحاول‬ ‫– ت��ك��رار أو استنساخ تجربة عبد ال��ن��اص��ر‪ ،‬فكل منهما ه��و ابن‬ ‫جيله وزمانه وظروفه‪ ،‬فالسيسي ليس عبد الناصر على املستوى‬ ‫الشخصي‪ ،‬والظروف التي تعيشها مصر اآلن مختلفة تماما عن‬ ‫تلك التي جاء في سياقها عبد الناصر‪.‬‬

‫بريجنيف وعبد الناصر ‪1966‬‬

‫‪,,‬‬

‫التشابه في‬ ‫األهداف ال‬ ‫يعني اتباع‬ ‫نفس السبل‬ ‫والوسائل‬ ‫وسوف يكون‬ ‫على السيسي‬ ‫ وفريق العمل‬‫معه ‪ -‬إيجاد‬ ‫السياسات‬ ‫املناسبة‬ ‫واملمكنة‬

‫‪,,‬‬

‫‪34‬‬

‫على املستوى الشخصي‪ ،‬كان لعبد الناصر خلفية سياسية متنوعة‬ ‫فانضم – وهو ما زال طالبا في مرحلة التعليم الثانوي ‪ -‬إلى حركة‬ ‫مصر الفتاة التي أنشأها أحمد حسني‪ ،‬وهناك صورة شهيرة له‬ ‫وسط مجموعة من شباب الحركة وهم يرتدون القمصان الخضر‬ ‫الشامل‪ ،‬وتشغيل كل خريجي الجامعات في الهيئات الحكومية‪ ،‬التي كانت رم��زا مميزا لها‪ ،‬وكانت له ص�لات ب��اإلخ��وان املسلمني‬ ‫وبيع منتجات القطاع العام بـ«أسعار اجتماعية» مدعومة تجعلها وبالشيوعيني‪ .‬وفي عام ‪ 1952‬كان ما زال يحمل رتبة البكباشي‬ ‫في متناول الجميع‪ ،‬وفرض تسعيرة جبرية على السلع التي ينتجها (مقدم) ولم يكن عمره قد تجاوز الرابعة والثالثني‪.‬‬ ‫القطاع الخاص‪ ،‬والتأكيد على دور الدولة ومسؤوليتها في مكافحة‬ ‫الفقر‪ ،‬وتوفير الخدمات األساسية للمواطنني‪ ،‬وإع�لاء قيم العدل من ناحية أخرى‪ ،‬فإن السيسي في العام الحالي يبلغ سن الستني‪،‬‬ ‫االجتماعي وتقريب الفوارق بني الطبقات‪.‬‬ ‫وتدرج منذ حصوله على بكالوريوس العلوم العسكرية عام ‪1977‬‬ ‫في مهام الجيش املتنوعة حتى حصوله على رتبة فريق أول في‬ ‫بالنسبة للسيسي جاءت تصريحاته لتؤكد على االرتباط الوثيق بني أغسطس (آب) ‪ 2013‬ث��م مشير ف��ي فبراير ‪ ،2014‬وه��و ضابط‬ ‫الشعب والجيش‪ ،‬وأنه جيش الشعب الذي ال ينفصل عن احتياجاته محترف بامتياز حرص على االستزادة في مجال العلوم العسكرية‪،‬‬ ‫وأولوياته‪ .‬وفي أحد أحاديثه ذكر أن الشعب يحتاج إلى من «يطبطب» فحصل على ماجستير من كلية القادة واألركان املصرية عام ‪،1987‬‬ ‫عليه‪ ،‬وهي كلمة مصرية دارج��ة تحمل معاني االهتمام والرعاية وماجستير أخرى من كلية القادة واألركان البريطانية عام ‪،1992‬‬ ‫والحماية‪ ،‬وهي املعاني التي يشير إليها التعبير املماثل في اللغة فزمالة كلية الحرب العليا املصرية عام ‪ ،2003‬ومثيلتها األميركية‬ ‫العربية وهو «ربت على كتفيه»‪.‬‬ ‫عام ‪.2006‬‬ ‫ومع أنه لم يتحدث كثيرا في هذا املوضوع بحكم التزامه بمنصبه‬ ‫العسكري وعدم الخوض في املوضوعات السياسية واالقتصادية‪ ،‬وباستثناء الفترة التي عمل فيها كرئيس لفرع املعلومات واألمن‬ ‫فإن الذين يعرفونه يقولون إنه مهموم بقضية العدالة االجتماعية بوزارة الدفاع وفي مرحلة الحقة مديرا للمخابرات الحربية‪ ،‬فإن كافة‬ ‫ولديه إحساس عال بالفقراء‪.‬‬ ‫مناصبه كانت ذات طابع ميداني قتالي‪.‬‬ ‫السبب الثالث أن الرجلني يتمتعان بقدرات هائلة في الوصول إلى ولم يكن للسيسي خبرة سياسية مباشرة باستثناء فترة تولي‬ ‫قلوب الناس ودغدغة مشاعرهم والتعبير عن مخاوفهم وأحالمهم املجلس األع��ل��ى للقوات املسلحة ش��ؤون مصر ف��ي أع��ق��اب تخلي‬ ‫ب��م��ا ي��ح��ق��ق ال���ت���واص���ل م��ع��ه��م وال��ت��أ ُث��ي��ر ع��ل��ي��ه��م وك��س��ب ت��أي��ي��ده��م الرئيس مبارك عن الحكم في فبراير ‪ 2011‬وذلك بحكم عضويته في‬ ‫ومحبتهم‪ ،‬وه��ذه الصفات هي ما تسمى بالكاريزما ‪ Charisma‬املجلس (كان أصغر األعضاء سنا) وشغله موقع مدير املخابرات‬ ‫ّ‬ ‫أو الشخصية التاريخية‪ُ .‬‬ ‫ويقصد بها تلك الشخصيات التي تتمتع الحربية‪ ،‬والتي كان لها دور مهم في هذه املرحلة‪ ،‬فقد مثلت أحد‬ ‫بصفات استثنائية‪.‬‬ ‫امل��ص��ادر الرئيسة للمعلومات ال��ت��ي ات��خ��ذ على أس��اس��ه��ا املجلس‬ ‫وف���ي أوق����ات األزم����ات ع���ادة م��ا يتطلع أغ��ل��ب ال��ن��اس إل���ى م��ث��ل ه��ذه قراراته‪.‬‬ ‫الشخصيات‪ ،‬ففي ه��ذه األوق����ات ال��ت��ي ت��س��ود فيها‬ ‫مشاعر عدم وخالفا لعبد الناصر الذي اقتصر سفره الخارجي على السودان‬ ‫ُ‬ ‫األمان ّ والخوف من املستقبل يتطلع الناس إلى الشخص «املنقذ» وف��ل��س��ط�ين ض��م��ن ت��ش��ك��ي�لات ع��س��ك��ري��ة‪ ،‬ف���إن ال��س��ي��س��ي أق����ام في‬ ‫ُ‬ ‫أو «املخلص» أو «البطل» الذي يطمئنهم ويحل مشاكلهم ويقودهم بريطانيا والواليات املتحدة إبان دراسته فيهما‪ ،‬كما أنه عمل كملحق‬ ‫إلى بر األمان‪.‬‬ ‫للدفاع في السفارة املصرية باململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫على املستوى العام‪ ،‬فإن كل الظروف مختلفة تماما‪.‬‬ ‫وهذا هو ما حدث مثال في أميركا بعد فترة من املكارثية السياسية‬ ‫والفكرية بانتخاب الجنرال إيزنهاور وهو القائد العام لقوات التحالف مصر في عام ‪ 1952‬كان عدد سكانها ‪ 18‬مليونا مقارنة بعدد ‪90‬‬ ‫ضد الفاشية‪ ،‬أو ما حدث في فرنسا بعد مرحلة من االضطراب مليونا اليوم‪ .‬في ‪ 1952‬كانت مصر دولة دائنة لبريطانيا وحاليا‬ ‫السياسي وعدم االستقرار الحكومي وتفاقم األوضاع في الجزائر ُمثقلة بديونها الخارجية والداخلية‪ .‬مصر في الخمسينات كانت‬ ‫ّ‬ ‫في عهد الجمهورية الرابعة بانتخاب الجنرال ديغول رمز املقاومة أغنى الدول العربية ومكنها ذلك من القيام بأدوار إقليمية ودولية لم‬ ‫تعد أدواتها متاحة لها اآلن‪.‬‬ ‫الفرنسية إبان الحرب العاملية الثانية‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫الخارجية نبيل فهمي إلى موسكو في فبراير (شباط) املاضي‪.‬‬ ‫وظهر التقارب املصري الروسي في مجال السالح عام ‪ 2014‬وكأنه‬ ‫إعادة لشريط األحداث التي عاشتها مصر في عام ‪ 1955‬وصفقة‬ ‫األسلحة السوفياتية والتي سميت وقتها بالتشيكية للتخفيف من‬ ‫حدة رد الفعل األميركي والغربي‪ .‬واملتابع للتعليقات الصحافية‬ ‫والتلفزيونية التي أعقبت هذه الزيارة يكتشف على الفور هذه الصلة‬ ‫بني الحدثني‪ ،‬فقد قارن كثير من املعلقني بني الحدثني باعتبار أن‬ ‫جوهرهما واحد وهو تنويع مصادر تسليح الجيش املصري‪ ،‬وإعالء‬ ‫للمصلحة الوطنية املصرية في مواجهة سياسة الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫وبثت البرامج التلفزيونية صورة عبد الناصر وهو يعلن قرار صفقة فهم عبد الناصر هذا املعنى مبكرا فصدر قانون اإلصالح‬ ‫األسلحة ثم قرار تأميم شركة القناة‪.‬‬ ‫الزراعي الذي وضع حدا أقصى مللكية األرض في التاسع من‬ ‫سبتمبر ‪ 1952‬أي بعد ستة أسابيع فقط من تولي الضباط‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬جاء تعليق السيسي على وزير الدفاع األميركي األح ��رار الحكم‪ ،‬وت�لا ذل��ك إع�ط��اء ه��دف التنمية االقتصادية‬ ‫الذي أشار في اتصال معه في نوفمبر املاضي باستعداد واشنطن واالجتماعية أولوية قومية وتبني سياسة التخطيط القومي‬ ‫لدعم الجيش املصري في حربه على اإلرهاب في‬ ‫سيناء‪ ،‬ورد السيسي بأن الجيش قادر على تطهير‬ ‫سيناء من اإلرهاب دون تدخل أي قوات أجنبية‪.‬‬ ‫ال �س �ب��ب ال �ث��ان��ي ي�ت�ع�ل��ق ب�ت�ب�ن��ي ه ��دف ت�ح�ق�ي��ق ال �ع��دل‬ ‫االجتماعي وتكافؤ الفرص بني الناس‪ ،‬وهو هدف أثير‬ ‫عموما لدى كل الشعوب وخصوصا في الطبقات الفقيرة‬ ‫ومحدودة الدخل التي تتطلع إلى مستوى معيشي أفضل‬ ‫وحياة كريمة تفي باحتياجاتهم األساسية‪.‬‬

‫جمال عبد الناصر‬ ‫وعبد الفتاح السيسي‬ ‫جسدا االرتباط‬ ‫الوثيق بني الشعب‬ ‫واجليش‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪33‬‬


‫قضايا‬

‫الذي يتجول في شوارع األحياء الشعبية بالقاهرة واملدن املصرية األخرى سوف يلفت انتباهه على الفور عشرات‬ ‫الصور وامللصقات التي تجمع بني املشير عبد الفتاح السيسي والرئيس جمال عبد الناصر املعلقة على واجهات‬ ‫املحالت التجارية ومع الباعة الجائلني‪ ..‬كما سوف يلحظ ظهور هذه الصور بكثرة في التظاهرات والفعاليات املؤيدة‬ ‫لثورة ‪ 30‬يونيو أو املدعمة لترشيح السيسي رئيسا للجمهورية‪ .‬فما الذي يربط بني هذين الرجلني خاصة وأن‬ ‫السيسي الذي ولد في عام ‪ 1954‬لم يكن قد تجاوز السادسة عشرة من عمره عند وفاة عبد الناصر في عام ‪1970‬؟‬ ‫وما الذي قام به أو أشار إليه السيسي وجعل املصريني يقومون بعقد هذه الصلة؟‬

‫هل يكرر السيسي تجربة عبد الناصر؟‬

‫كن أنت!‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫علي الدين هالل‬

‫‪,,‬‬

‫ظهر التقارب‬ ‫املصري‬ ‫الروسي‬ ‫في مجال‬ ‫السالح عام‬ ‫‪ 2014‬وكأنه‬ ‫إعادة لشريط‬ ‫األحداث التي‬ ‫عاشتها مصر‬ ‫في عام ‪1955‬‬

‫‪,,‬‬

‫‪32‬‬

‫هناك إجابات سهلة ومباشرة مثل قيام السيسي بزيارة‬ ‫قبر عبد الناصر في ذكرى وفاته في ‪ 28‬سبتمبر (أيلول)‬ ‫املاضي وظهوره مع األستاذ محمد حسنني هيكل وعبد‬ ‫الحكيم عبد الناصر في هذه املناسبة‪.‬‬ ‫ومنها إش��ادة األستاذ هيكل بالسيسي وب��دوره الجريء واملبادر‬ ‫واتخاذه ملواقف حاسمة حماية ملصر وشعبها أكثر من مرة‪ ،‬وما‬ ‫تردد إعالميا من أنه يشرف على إعداد برنامجه االنتخابي‪ .‬ومنها‬ ‫ترويج عدد من الصحافيني واإلعالميني لهذه العالقة‪ ،‬وإبراز عناصر‬ ‫التشابه بني الرجلني في البرامج الحوارية التلفزيونية‪.‬‬ ‫ولكن ذلك ال يفسر بمفرده هذا االنتشار الشعبي الواسع لالعتقاد‬ ‫بوجود صلة بني السيسي وعبد الناصر‪ .‬وأعتقد أننا يمكن تفسير ولعل معنى االستقالل الوطني كان من أكثر املعاني التي ارتبطت‬ ‫ذلك بثالثة أسباب‪..‬‬ ‫بعبد ال�ن��اص��ر وسعيه الس�ت�ق�لال ال �ق��رار امل�ص��ري وع��دم السماح‬ ‫للقوى الكبرى بالتدخل ف��ي ش��ؤون��ه‪ ،‬ول��م ي�ت��ردد ف��ي ال��دخ��ول في‬ ‫السبب األول‪ :‬ه��و ارت�ب��اط الرجلني بقيمة الكرامة وال�ع��زة الوطنية مواجهات سياسية لتحقيق هذا الهدف‪ .‬وتجدر اإلش��ارة هنا إلى‬ ‫واالستقالل الوطني وحرية اتخاذ القرار في السياسة الخارجية كتاب ص��در ف��ي الخمسينات باللغة اإلنجليزية لكاتب صحافي‬ ‫أميركي رأس مكتب مجلة «التايم» بالقاهرة كان عنوانه «ناصر‪:‬‬ ‫في مواجهة القوى الكبرى وخاصة الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫بالنسبة لعبد الناصر‪ ،‬فقد نهضت زعامته على الدفاع عن كرامة البحث عن الكرامة»‪.‬‬ ‫الوطن‪ ،‬واالستقالل املصري والعربي‪ ،‬ومكافحة النفوذ األجنبي‪،‬‬ ‫والدعوة لسياسة خارجية مستقلة عن الواليات املتحدة واالتحاد بالنسبة للسيسي‪ ،‬ك��ان ق� ��راره ب��االس�ت�ج��اب��ة مل �ظ��اه��رات الشعب‬ ‫السوفياتي على حد سواء وهي السياسة التي ُعرفت باسم الحياد املصري والتدخل إلنهاء حكم اإلخ��وان‪ ،‬رغم النصيحة الواضحة‬ ‫اإليجابي ثم في مرحلة الحقة باسم عدم االنحياز‪ ،‬وجوهرها أن لواشنطن بعدم اإلقدام على هذا األمر‪ ،‬سببا في التفاف املصريني‬ ‫السياسة الخارجية للدول الصغيرة واملتوسطة ينبغي أن تنبع من حوله باعتبار أن قراره هذا كان تمثيال الستقاللية القرار املصري‬ ‫داخلها وأن تخدم مصالحها وتحمي أمنها‪ ،‬وأال تكون مفروضة أو وع��دم االنصياع لرغبات أو إم�لاءات الواليات املتحدة‪ ،‬وحتى اآلن‬ ‫ُممالة عليها من الخارج بسبب العالقة أو التحالف مع دولة كبرى‪ .‬كلما انتقدت اإلدارة األميركية السيسي ازداد اصطفاف املصريني‬ ‫حوله وتأييدهم له‪.‬‬ ‫وهذا املعنى يخاطب شعورا عميقا لدى املصريني والعرب عموما‪.‬‬ ‫فلدى جمهرة العرب اإلحساس بعدم العدالة وبازدواجية املعايير التي ودع��م هذا الشعور أن واشنطن أوقفت توريد بعض قطع السالح‬ ‫تتبناها الدول الكبرى في تعاملها مع القضايا العربية‪ .‬وللداللة على املتقدم إلى مصر‪ ،‬وفي مواجهة ذلك جرى اتخاذ القرار باملفاوضات‬ ‫ذلك‪ ،‬فبينما حرصت واشنطن على إبالغ رئيس الوزراء اإلسرائيلي مع موسكو لشراء السالح الروسي‪ ،‬وقام مدير املخابرات الروسي‬ ‫نتنياهو مسبقا باملحادثة التليفونية التي سوف يجريها الرئيس ب��زي��ارة ملصر في أكتوبر ‪ 2013‬أعقبها زي��ارة وزي��ري الخارجية‬ ‫أوباما مع نظيره اإليراني حسن روحاني‪ ،‬فإنها لم تكلف نفسها وال��دف��اع ف��ي الشهر ال�ت��ال��ي‪ ،‬وراف��ق ذل��ك وص��ول ال�ط��راد العسكري‬ ‫الروسي «فارياج» إلى ميناء اإلسكندرية وهو أول سفينة عسكرية‬ ‫عناء نقل رسالة مماثلة إلى أي دولة عربية‪.‬‬ ‫وفي حالة عبد الناصر كان رفض أميركا وبريطانيا وفرنسا بيع روسية ت��زور مصر من ع��ام ‪ ،1992‬وج��رى التوقيع على صفقة‬ ‫السالح للجيش املصري في بداية خمسينات القرن املاضي سببا األسلحة – بتمويل عربي – في الزيارة التي قام بها السيسي ووزير‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫لتوجه القاهرة صوب موسكو في ‪ ،1955‬وتال ذلك اعتراف مصر‬ ‫الدبلوماسي بالصني الشعبية في يناير (كانون الثاني) ‪ ،1956‬ثم‬ ‫قيام البنك الدولي والدول الغربية الكبرى برفض تمويل بناء السد‬ ‫العالي وإعالنهم ذلك بشكل يشكك في سالمة االقتصاد املصري‬ ‫وقدرته على تحمل أعباء هذا املشروع الضخم‪ ،‬والذي رد عليه عبد‬ ‫الناصر بقرار تأميم شركة قناة السويس في يوليو (تموز)‪ ،‬وهو‬ ‫ما أدى إلى مواجهة سياسية ودبلوماسية بلغت ذروتها في شن‬ ‫العدوان الثالثي على مصر في ‪ 29‬أكتوبر (تشرين األول) من نفس‬ ‫العام‪ ،‬والقصة بعد ذلك معروفة للجميع‪.‬‬


‫(اإلخ ��وان) ل��م يكن أكثر م��ن تقرير لحقائق م��وج��ودة سلفا‪ ،‬ف �ـ(اإلخ��وان)‬ ‫محظورون‪ ،‬والقتال ممنوع على أي مواطن‪ ،‬فللدول جيشها‪ ،‬وهنا إشارة‬ ‫ألن من له فضل قوة أو عزم أو رغبة في أن يقاتل من أجل وطنه‪ ،‬فليس له‬ ‫أن ينضوي لجيش سوى جيش بلده‪ ،‬ألن البلدان تحتاج إلى الرجال األشداء‬ ‫للقتال‪ ،‬والغريب أن اململكة تحديدا خاضت خالل الفترة السابقة حروبا ضد‬ ‫الحوثيني في جنوبها‪ ،‬وضد غزو صدام وغيرها‪ ،‬ولكنا لم نسمع يوما من‬ ‫املحرضني صوتا‪ ،‬رغم أوامر (ولي األمر)‪ ،‬ولكن لـ(اإلخوان) املحرضني‪ ،‬ولي‬ ‫أمر مختلف! وهذا شيء انتهى أوان السكوت عنه‪.‬‬ ‫إن املرحلة املقبلة هي ترسيخ قيمة األوطان‪ ،‬واالنتماء لها وقيادتها‪ ،‬وتحريك‬ ‫عجلة التنمية‪ ،‬وليس فيها مكان ملزدوجي الوالء‪ ،‬واملتاجرين باملشاعر والقيم‪،‬‬ ‫فليستعد تجار الحروب بالبحث عن سذج آخرين»‪.‬‬ ‫أما الكاتب السعودي فهد سليمان الشقيران‪ ،‬فيقرأ الصيرورة التي أنتجت‬ ‫القرار على أنها تراكم تاريخي ضروري أفرز هذه اللحظة‪ ،‬مشيرا إلى أن‬ ‫الحسم في اللحظة السعودية اآلن أنها اكتسبت مناعة كافية ضد براغماتية‬ ‫اإلسالميني املتلونني‪ ،‬فيقول‪« :‬ربما كان األمر امللكي التاريخي قاسيا على‬ ‫البعض‪ ،‬ذلك أن اإلرث الكثير الذي خلفه خطاب اإلسالميني متشعب‪ ،‬وإن‬ ‫ك��ان��وا ق��د ن�س��وه فهناك م��ن سيتفرغ ل��ه لبحث وإخ ��راج م��ا ي��دم��غ براءتهم‬ ‫املؤقتة من خطاب هم عرابوه‪ .‬وطبيعة الخطاب الذي ينتمون إليه أنه مراوغ‬ ‫وزئبقي ومخاتل‪ ،‬يضعونه على شتى االحتماالت‪ ،‬وألن إرث أفغانستان‬ ‫والشيشان والبوسنة والهرسك وكوسوفو وس��واه��ا ق��دي��م‪ ،‬ف��إن الوقوف‬ ‫أمام مطبوع واحد ألحد رموزهم يمكنه أن يبني مستوى التنظير الواضح‬ ‫ملوضوعات الخروج والثورة والعصيان ونفي املشروعية عن األنظمة ومحاولة‬ ‫نقض مسائل فقهية بغية الوصول إلى مبتغاهم األساسي (الثورة) ومن ثم‬ ‫(إسقاط األنظمة)»‪ .‬يواصل الشقيران‪« :‬رؤاهم ال تتجاوز أرنبة أنوفهم لهذا‬ ‫دحضت مشاريعهم قبل استوائها‪ ،‬وحزنوا على صديقهم الطاغية املخلوع‬ ‫محمد مرسي»‪ .‬يضيف‪« :‬تابعت عرضا بعض حسابات املحرضني على‬ ‫العنف والثورة عموما‪ ،‬وعلى النفير إلى سوريا بشكل خاص‪ ،‬بعد األمر‬ ‫امللكي املتعلق بالتحريض‪ .‬وجدت بمضامني ما يكتبونه اضطرابا شخصيا‬ ‫وتخبطا فكريا‪ ،‬ذل��ك أن السلطان ي��زع الناس نحو الحق بما ال تستطيعه‬ ‫التعاليم واملواعظ‪ .‬والسلطان وظيفته أن يحمي املجتمع عبر محاسبة الفئات‬ ‫املخربة واألطراف العدوانية‪ .‬والدعاة هم مواطنون بالنهاية ولديهم بطاقات‬ ‫أحوال وأرقام مدنية ويجازون مثلهم مثل غيرهم‪ ،‬وجماهيريتهم أمام القانون‬ ‫ال قيمة لها‪ .‬وسبق أن تم الحكم عليهم بالسجن ونفذ الحكم وتخلى عنهم‬ ‫أتباعهم بل ونسوهم‪ .‬حني نتحدث عن التحريض فإننا ال نفتئت على أحد‬ ‫وإنما نراجع ما أنتجوه هم‪ ،‬وفي كتبهم ما يوضح هذا‪ .‬ثمة تنظير للتحريض‬ ‫وليس تحريضا فقط»‪.‬‬

‫من التيارات السعودية أو غير السعودية‪ .‬هو ق��رار عام لجميع املنضوين‬ ‫تحت تيار سياسي معني وله حزبية واضحة‪ ،‬بمعنى أنه حتى بعض األفكار‬ ‫القومية التي يحملها بعض املنضوين تحت الحركات العروبية ذات الحزبية‬ ‫السياسية يمكن أن يشمله ال�ق��رار؛ خاصة م��ا يضر أو يتقصد مصالح‬ ‫الدولة السعودية‪ ،‬وإذا ما عرفنا أن بعض القوميني العرب يمكن أن يناصر‬ ‫األح ��زاب اإلس�لام�ي��ة ف��ي بعض تحركاتها أو يؤيدها ف��ي جهادها كونها‬ ‫تتقاطع م��ع مفهوم النضالية السياسية ل��دى القومي العربي ف��إن القرار‬ ‫يمكن أن يشملهم»‪ .‬ولكنه ال يستسلم للتعميم‪ ،‬فيوجه خطابه بوضوح‪:‬‬ ‫«(اإلخوان) في الخليج كانوا أكثر القلقني من هذا القرار‪ ،‬ألسباب كثيرة لعل‬ ‫وقوف بعض رموزهم الدينية مع (إخوان مصر) أحدها‪ ،‬ومن املعروف أن‬ ‫املوقف السعودي ال يتقاطع مع املواقف اإلخوانية‪ ،‬بل كانت الدولة السعودية‬ ‫والدول الخليجية بعمومها على قلق من صعود اإلسالم السياسي كثيرا‪،‬‬ ‫ه��ذا سبب‪ ،‬وه�ن��اك سبب آخ��ر وه��و أن غالبية الشباب ال��ذي��ن ش��ارك��وا في‬ ‫أحداث سوريا‪ ،‬وانضووا تحت ألوية الجماعات الجهادية هناك‪ ،‬كان بسبب‬ ‫بعض املحرضني من رموز (اإلخوان)‪ ،‬وحصل جدل كبير ولغط اجتماعي‬ ‫وثقافي بسبب هؤالء املحرضني من على منابر املساجد‪ ،‬بل إن بعضهم من‬ ‫يرفض الشقيران أن يكون ثمة ربط بني ما يحدث في دول أخرى والقرار ذهب ليحرض على الجهاد من منابر (اإلخوان) في مصر إبان صعودهم‬ ‫السعودي‪ ،‬كباعث‪ ،‬فيقول‪« :‬الذي جرى في البلدان العربية يجب أن يكون السياسي لسدة الحكم»‪.‬‬ ‫مسؤولية تلك البلدان‪ ،‬وعلى أهل الخليج االنشغال ببلدانهم‪ ،‬فالذي جرى‬ ‫من حراك دمر الحرث والنسل‪ ،‬وآذى العالم وقتل األطفال والنساء‪ ،‬ثمة فرق‬ ‫املواطنة هي الواجب‬ ‫كبير بني التحريض والتغيير‪ ،‬بني الثورة وبني التصحيح»‪.‬‬ ‫قطب‬ ‫سيد‬ ‫وتراث‬ ‫ويقول الشقيران‪« :‬فكر (اإلخوان) مليء بأدبيات العنف‪،‬‬ ‫بعد ثالث سنوات من الفوضى في املنطقة‪ ،‬فإن نواة صلبة تتشكل‪ ،‬أساساها‬ ‫فإن‬ ‫لذلك‬ ‫رائجا‪،‬‬ ‫زال‬ ‫خير مثال‪ ،‬فهو شريك أساسي في إنتاج (القاعدة)‪ ،‬وما‬ ‫اإليمان بضرورة «الحفاظ» على الوطنية‪ ،‬وتشريع ق��رارات واضحة‪ ،‬ملنع‬ ‫مكان‬ ‫أي‬ ‫في‬ ‫أو‬ ‫الخليج‬ ‫إرهابية (اإلخوان) يعلمونها أنفسهم قبل غيرهم‪ ،‬في‬ ‫العبث بها‪ ،‬ألن االخ�ت��راق الفكري عبر الجماعات عابرة ال�ق��رار‪ ،‬واألجندة‬ ‫التأكيد‬ ‫ضرورة‬ ‫مع‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫آخر‪ ،‬يتبقى دراسة تبعات هذا التوصيف‪ ،‬والقدرة‬ ‫امل��زدوج��ة‪ ،‬وال��والءات املتعددة‪ ،‬والتجارة باسم «امل�ق��دس» الفضفاض الذي‬ ‫حساباتهم‪،‬‬ ‫مراجعة‬ ‫عليهم‬ ‫على أن املثقفني الذين يظنون املعركة مهولة‬ ‫تفصله الجماعات حسب مرادها‪ ،‬جعل كثيرا من البسطاء مطية في أيدي‬ ‫انكشف»‪.‬‬ ‫كما‬ ‫صفرية‬ ‫فالفكر واحد‪ ،‬واملمارسة واحدة‪ ،‬والتراجعات‬ ‫دول أجنبية‪ ،‬استطاعت دراس��ة الخيوط الفكرية الالزمة لتحريك «الدمى»‬

‫سوريا مزرعة التطرف‬ ‫الكاتب واألستاذ الجامعي شتيوي الغيثي قال في إفادته للمجلة‪« :‬لم يكن‬ ‫املوقف امللكي األخير يستثني أحدا من املشاركني في أي تحرك حزبي لتيار‬

‫املتعلقة بالتيارات اإلسالمية‪ ،‬ولتمرير أجندتهم‪ ،‬فكانت املراجعات كلها‬ ‫تصب في ضرورة العمل على اتجاهني‪ :‬مكافحة اإلرهاب والتطرف الديني‪،‬‬ ‫وتشجيع الوطنية وقيم الوالء<‬

‫شغب طالب االخوان في جامعة االزهر‬

‫‪,,‬‬

‫علي النعيمي‪:‬‬ ‫القرار امللكي‬ ‫الذي أبكى‬ ‫(اإلخوان) لم‬ ‫يكن أكثر من‬ ‫تقرير لحقائق‬ ‫موجودة سلفا‬ ‫فـ(اإلخوان)‬ ‫محظورون‬ ‫والقتال ممنوع‬ ‫على أي مواطن‬

‫‪,,‬‬

‫* كاتب مختص بالشأن السعودي‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪31‬‬


‫قصة الغالف‬

‫«جماعة اإلخوان املسلمني ما زالت كما كانت‪ ،‬ال تعرف إال العنف أداة لتحقيق أهدافها‪ ،‬منذ اغتيال رئيس‬ ‫الوزراء محمود فهمي النقراشي‪ ،‬وقتل القاضي الخازندار في أربعينات القرن املاضي‪ ،‬وحتى أحداث االتحادية‬ ‫في عام ‪ 2012‬وجرائم التعذيب في رابعة العدوية‪ ،‬ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر‪ ،‬واغتيال‬ ‫الرئيس أنور السادات»‪ ،‬هكذا وصف مجلس الوزراء املصري حال جماعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬وبناء عليه قرر‬ ‫في ديسمبر (كانون األول) ‪ 2013‬اعتبارها جماعة إرهابية‪.‬‬

‫هل يمكن اعتبار الجماعات املتطرفة املقربة من تيار اإلخوان إرهابية؟‬

‫القرار احلازم‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫حمد عمر*‬

‫‪,,‬‬

‫فهد‬ ‫الشقيران‪:‬‬ ‫فكر (اإلخوان)‬ ‫مليء بأدبيات‬ ‫العنف وتراث‬ ‫سيد قطب‬ ‫خير مثال‬ ‫فهو شريك‬ ‫أساسي‬ ‫في إنتاج‬ ‫(القاعدة) وما‬ ‫زال رائجا‬

‫‪,,‬‬

‫‪30‬‬

‫ف��ي ب��داي��ة ف�ب��راي��ر (ش �ب��اط) امل��اض��ي ص��در أم��ر م�ل�ك��ي س�ع��ودي‬ ‫يجري بموجبه معاقبة كل من يشارك في األعمال القتالية خارج‬ ‫السعودية‪ ،‬أو ينتمي إلى الجماعات الدينية أو الفكرية املتطرفة‪ ،‬أو‬ ‫املصنفة منظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا‪ .‬وشكل لجنة مهمتها‬ ‫إع��داد قائمة «يجري تحديثها سنويا» لتسمية ه��ذه التيارات والجماعات‬ ‫املحظورة‪.‬‬ ‫ل��م يكن األم��ر امللكي فيما يخص القتال ف��ي س��وري��ا مفاجئا‪ ،‬فهو إع�لان‬ ‫ملوقف بدهي معروف سلفا‪ ،‬فاألعمال القتالية املشروعة ألي مواطن هي‬ ‫عبر لواء «جيش» بالده‪.‬‬ ‫لكن التوصيف الجديد في األمر امللكي حمل التوضيح العقابي والتوجيه‬ ‫الحاسم واإلشارات املبطنة‪ ،‬ما ينبئ بمرحلة جديدة أشد حسما‪ ،‬كما يمكن‬ ‫أن يقال إن الجماعات أصال محظورة‪ ،‬ولكن الجديد هو األداة الحاسمة التي‬ ‫باستطاعتها أن تقص أجنحة املتالعبني على النظم السابقة‪ .‬فيمثل األمر‬ ‫امللكي عالمة فارقة في أسلوب املواجهة بني إرادة دول الخليج واإلره��اب‪،‬‬ ‫فهو إعالن رمزي ملنظومة من القضايا الحاسمة‪ ،‬كما أنه تصعيد مدروس‬ ‫وواض��ح في مواجهة خطر جماعات اإلس�لام السياسي‪ ،‬ويأتي في ظرف‬ ‫عربي دقيق تقود فيه اململكة زم��ام امل�ب��ادرة لخلق «م�ح��ور» عربي جديد‬ ‫لالعتدال‪ ،‬وبأي حال ال يمكن نفي صلة القرار بحزمة من التدابير التي اتخذت‬ ‫على الهامش في دول املحور الجديد ضد جماعة اإلخوان من ناحية وضد‬ ‫«القاعدة» من ناحية أخرى‪ .‬ودول الخليج يرتفع لديها الحس األمني بخطر‬ ‫الجماعتني‪ ،‬وتحاول تطوير قوانينها لتتعاطى مع خطريهما بما يتناسب‬ ‫وتحديات املرحلة‪ ،‬التي يتغير فيها كل شيء‪ .‬ويلحظ على الخطاب الرسمي‬ ‫السعودي خالل السنة املنصرمة‪ ،‬تبني لهجة صارمة تجاه اإلرهاب والتطرف‬ ‫الديني معا‪ ،‬سواء في الفعاليات الداخلية أو الخارجية‪.‬‬

‫«اإلخوان»‪ ..‬إرث من اإلرهاب‬ ‫قرأ كثيرون األمر امللكي السعودي من زاوية مصر التي تمادى االضطراب‬ ‫فيها‪ ،‬وتوالت الهجمات اإلرهابية التي يتهم «اإلخوان» بأنهم إما يقومون بها‬ ‫أو يحرضون عليها على أقل تقدير‪ ،‬فكان القرار املصري في مجلس الوزراء‬ ‫في أواخر ديسمبر ‪ 2013‬باعتبار جماعة اإلخوان املسلمني جماعة إرهابية‪،‬‬ ‫وانبنى القرار على س��رد تاريخي ج��اء فيه «جماعة اإلخ��وان املسلمني ما‬ ‫زالت كما كانت‪ ،‬ال تعرف إال العنف أداة لتحقيق أهدافها‪ ،‬منذ اغتيال رئيس‬ ‫ال��وزراء محمود فهمي النقراشي‪ ،‬وقتل القاضي الخازندار في أربعينات‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬وحتى أحداث االتحادية في عام ‪ ،2012‬وجرائم التعذيب في‬ ‫رابعة العدوية‪ ،‬مرورا بعمليات تصفية أعضاء الجماعة الخارجني عليها‪،‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الخمسينات من‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬واغتيال الشيخ الذهبي والرئيس الراحل أنور السادات في‬ ‫سبعينات وثمانينات القرن املاضي»‪ .‬إلى أن يصل للقرار «إعالن جماعة‬ ‫اإلخوان املسلمني جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيما إرهابيا في مفهوم نص‬ ‫املادة ‪ 86‬من قانون العقوبات بكل ما يترتب على ذلك من آثار (وكان األثر‬ ‫الثالث) إخطار الدول العربية املنضمة التفاقية مكافحة اإلرهاب لعام ‪1998‬م‬ ‫بهذا القرار»‪ُ .‬وبعيد هذا القرار بخمسة أيام في األول من يناير (كانون الثاني)‬ ‫أعلنت جامعة الدول العربية رسميا أنها أبلغت الدول العربية كافة بقرار مصر‬ ‫اعتبار جماعة اإلخوان املسلمني فيها «جماعة إرهابية»‪ ،‬مع إشارة للدول‬ ‫العربية املنضمة التفاقية مكافحة اإلرهاب لعام ‪ 1998‬بهذا القرار‪ .‬وترتب‬ ‫االتفاقية التزامات على الدول املصدقة‪ ،‬منها منع تمويل التنظيمات اإلرهابية‬ ‫وتسليم املطلوبني والتوقف عن دعم تلك الجماعات‪ ،‬الفتا إلى أن بالده تقوم‬ ‫حاليا بتقييم املوقف ودراسته من كل الجوانب ومتابعته‪.‬‬ ‫فهل يمكن أن يحمل التوصيف ال��رس�م��ي امل�ص��ري واألم ��ر امللكي رسالة‬ ‫لـ«اإلخوان»؟‬ ‫أحمد بان الكاتب والباحث بمركز النيل للدراسات االستراتيجية‪ ،‬قال‪« :‬أعتقد‬ ‫أن إدراك السعودية للمشروع األممي لجماعة اإلخوان واملخطط اإلقليمي الذي‬ ‫تطمح له‪ ،‬هو الذي سرع بالقرار امللكي‪ .‬إضافة إلى نشاط جماعة اإلخوان‬ ‫داخ��ل اململكة‪ ،‬والتخوف م��ن تنامي ظ��واه��ر اإلس�ل�ام السياسي بما يهدد‬ ‫وحدة اململكة ووحدة النظام السياسي فيها‪ ،‬وهذا ما دفع للتعاطي مع الطلب‬ ‫املصري‪ .‬كما أن هناك بوادر إدراك عام أن فكرة دعم مجموعات تنشط تحت‬ ‫عناوين جهادية سيعود بالفشل‪ ،‬وهو استثمار في الخطر»‪.‬‬ ‫علي النعيمي‪ ،‬كاتب وإعالمي إماراتي‪ ،‬قال‪« :‬إن القرار قطع ملا ظل (اإلخوان)‬ ‫يدلقونه على صفحات التواصل االجتماعي من حديث ممجوج‪ ،‬مثل أنهم‬ ‫ال يشكلون تنظيما‪ ،‬ويلمحون ملجرد تأثرهم بفكرة عابرة للقارات‪ ،‬فأتى‬ ‫هذا األمر ليضع اعتبارات مهمة ومؤثرة‪ ،‬ويؤسس لوطنية الفكر واملمارسة‬ ‫السياسية‪ ،‬ويضعها داخ��ل اإلط ��ار ال��وط�ن��ي وه��ذه ه��ي أه�م�ي�ت��ه»‪ .‬يواصل‬ ‫النعيمي‪« :‬كما استغل (اإلخوان) من قبل ما عرف بالجهاد األفغاني‪ ،‬فصنعوا‬ ‫منه قاعدتهم‪ ،‬وأنشأوا مقاتليهم‪ ،‬فإنهم اليوم يستغلون القضية السورية‪،‬‬ ‫فيغررون بشباب الخليج ويمألونهم حقدا على دولهم باسم الجهاد‪ .‬وأستدل‬ ‫بما جاء في لقاء اإلعالمي السعودي داود الشريان في برنامجه (الثامنة)‬ ‫في اتصال مع أم محمد بينت أن ابنها (املسفر) للقتال في سوريا‪ ،‬يلقن‬ ‫سوء األدب مع دولته‪ ،‬وأقتطف املقطع الذي يقول فيه زعيم عصابته لألم‪:‬‬ ‫(ال تحلمي أن يعود ابنك إلى جزيرة العرب)‪ ،‬فهو يستكثر حتى أن يذكر‬ ‫اسم وطنه‪ ،‬ويريد تغييره»‪ ،‬يواصل النعيمي قائال‪« :‬القرار امللكي الذي أبكى‬


‫القاعدة» حيث إن درجة والء تلك الجماعات للتنظيم الذي يقوده حاليا أيمن‬ ‫الظواهري تتفاوت إلى حد كبير‪ ،‬كما أن لكل منها أجندتها املحلية التي تعتمد‬ ‫على تكتيكات مختلفة‪ .‬ولكن وفي الوقت نفسه‪ ،‬تتعاون تلك الجماعات من‬ ‫وقت آلخر مع بعضها البعض كما تتبنى جميعها آيديولوجيا التنظيم ورؤيته‬ ‫العاملية‪ .‬ويبدو أن عدم القدرة على استيعاب هذه الفكرة األخيرة هو ما دفع‬ ‫العديدين في الغرب إلى تبني الرؤية املتفائلة املتعلقة بأفول تنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬وكما كان أوباما يكرر بحماس لسنوات طويلة‪ ،‬فإن تنظيم القاعدة‬ ‫في حالة تراجع‪ .‬ولكن ذلك صحيح فقط فيما يتعلق بـ«القاعدة القديمة»؛ تلك‬ ‫الجماعة املنظمة التي نفذت عمليات ‪ 9/11‬والتي تعرضت ألزم��ة كبرى إثر‬ ‫عدد ال يحصى من عمليات القوات الخاصة وهجمات الدرون في أفغانستان‬ ‫وباكستان‪ .‬ولكن سيكون من الحمق أن نتجاهل حقيقة أن «القاعدة الجديدة»‬ ‫هي لغم غير مركزي من الجماعات الحرة التي تتبنى آيديولوجيا «القاعدة»‬ ‫وترى نفسها كجزء من الحركة العاملية التي يبدو أيضا أن الظواهري ال يملك‬ ‫س��وى ق��در محدود من السيطرة عليها‪ .‬وف��ي ه��ذا السياق يمكننا القول إن‬ ‫تنظيم القاعدة في طريقه إلى األفول ولكن «القاعدية» في طريقها لالزدهار‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن البعض يرى أن انعدام القيادة املركزية هو أحد دالالت ضعف‬ ‫التنظيم‪ ،‬يبدو أن الجهاديني ال ينظرون لألمر على النحو نفسه‪ .‬ففي عام ‪،2000‬‬ ‫قال أبو مصعب السوري‪ ،‬الذي يعد أحد أهم املنظرين للحركة الجهادية خالل‬ ‫العشرين عاما املاضية إن تنظيم القاعدة ينظر إليه ككيان مؤقت حيث إن‬ ‫وجوده مؤقت بغرض خلق املزيد من الجماعات الجهادية املستقلة في جميع‬ ‫أنحاء العالم‪ ،‬مضيفا‪« :‬القاعدة ليس تنظيما‪ ،‬وليست جماعة ونحن ال نريدها‬ ‫كذلك‪ .‬القاعدة دعوة ومرجع ومنهج»‪.‬‬ ‫وعلى نحو ما‪ ،‬جرى تحقيق ذلك الهدف؛ حيث إن كل جماعة تعمل تحت مظلة‬ ‫«القاعدة» تتحرك محليا وتفكر عامليا وتركز معظم قواها على قتال األعداء‬ ‫املحليني ولكنها في الوقت نفسه تشن هجمات على املصالح الغربية وتتبنى‬ ‫فكرة إنشاء الدولة اإلسالمية العاملية‪ .‬ويبدو أن تأسيس الدولة‪ ،‬على األقل على‬ ‫املستوى املحلي‪ ،‬هو هدف كافة الجماعات املرتبطة بتنظيم القاعدة‪ .‬وفعليا‪،‬‬ ‫أشار الظواهري في كتابه الصادر في عام ‪ 2011‬تحت عنوان «فرسان تحت‬ ‫راي��ة النبي» إلى تأسيس الدولة باعتباره أكثر األه��داف االستراتيجية أهمية‬ ‫بالنسبة لتنظيم القاعدة‪ .‬وخالل السنوات القليلة املاضية في الصومال وشمال‬ ‫مالي‪ ،‬وفي مقاطعة أبني اليمنية‪ ،‬كلما سنحت فرصة نتيجة الفراغ السياسي‪،‬‬ ‫استحوذت الجماعات الجهادية على بعض املناطق وأعلنت على الفور تشكيل‬ ‫إمارة بها‪ .‬ولتحقيق ذلك الهدف‪ ،‬تحولت العديد من الجماعات التابعة لتنظيم‬ ‫القاعدة من كونها جماعات إرهابية تعمل عبر خاليا صغيرة تختبئ في‬ ‫الكهوف أو في املباني السكنية إلى ق��وات منظمة شبه عسكرية تشارك في‬ ‫التمرد‪ .‬وال��ي��وم‪ ،‬وبفضل عملية التحول تلك وضعف القوى التي تواجهها‪،‬‬ ‫تمكنت القوات الجهادية من السيطرة على مساحات من األراضي أكثر مما‬ ‫حدث في أي وقت سابق‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬يبدو أن كافة تلك الجماعات ترتكب الخطأ نفسه‪ ،‬ففور‬ ‫تمكنها من السيطرة على مساحة من األراضي‪ ،‬سرعان ما تفقد تلك الجماعات‬ ‫الدعم الذي كانت تحظى به في البداية من السكان املحليني نظرا لفرضها تطبيق‬ ‫تفسيرها املتشدد من الشريعة بالقبضة الحديدية‪ .‬وكان ذلك الخطأ‪ ،‬والذي‬ ‫جعل تنظيم القاعدة يفقد دعم القبائل السنية في األنبار في ‪ ،2006‬يتكرر‬ ‫مرارا وتكرارا‪ .‬وكان آخر تكرار لذلك الخطأ هو ما حدث في شمال سوريا حيث‬ ‫أدت األساليب الوحشية التي اتبعتها «الدولة اإلسالمية في العراق والشام» ليس‬ ‫فقط إلى إثارة غضب الشعب السوري لها بل حتى الجماعات األخرى التابعة‬ ‫لتنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة والظواهري نفسه‪.‬‬

‫أخطاء املاضي‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أثبت التاريخ أن الحركات الجهادية العاملية قادرة على التكيف‬ ‫والوعي بأخطاء املاضي‪ .‬فقد كشفت الوثائق التي كشف عنها بعد سقوط‬ ‫مدينة تمبكتو املالية العام املاضي أن قيادة تنظيم القاعدة في املغرب اإلسالمي‬ ‫كانت تجري تحليال استراتيجيا نقديا لألخطاء التي ارتكبتها في محاولتها‬

‫تأسيس دولة في مالي؛ حيث كتب زعيم التنظيم أبو مصعب عبد الودود حول‬ ‫الدولة اإلسالمية‪« :‬إن الطفل الحالي ما زال في األيام األولى يحبو ولم يقف بعد‬ ‫على قدميه‪ .‬فإذا ما أردنا لذلك املولود أن يقف على قدميه في هذا العالم الذي‬ ‫يعج باألعداء الذين يتحينون فرصة للقضاء عليه يجب أن نخفف أعباءه ونأخذ‬ ‫بيديه ونساعده وندعمه حتى يتمكن من الوقوف»‪ ،‬ثم سرعان ما تبنت الجماعة‬ ‫توجها أكثر حنكة فيما يتعلق بالحوكمة والشريعة‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن تنظيم القاعدة‬ ‫في شبه الجزيرة العربية كان يحاول منذ زمن بعيد تأسيس عالقات طيبة‬ ‫مع العديد من القبائل اليمنية خاصة عبر الزواج‪ .‬وفي ديسمبر (كانون األول)‬ ‫املاضي وفي محاولة واضحة لتحسني صورتها بعد العديد من الزالت‪ ،‬أعلنت‬ ‫الجماعة عن اعتذارها الرسمي عن مقتل املدنيني في الهجوم الذي شنته على‬ ‫املستشفى امللحق بوزارة الدفاع اليمنية‪.‬‬ ‫لقد أق��ر ال��غ��رب أخ��ي��را ب��أن تلك ال��ت��ط��ورات تعني أن تنظيم ال��ق��اع��دة ل��م ينهزم‬ ‫س��واء على املستوى اآليديولوجي أو العملياتي‪ ،‬بل إنه غير شكله فقط إلى‬ ‫صورة مختلفة وربما أكثر خطورة‪ .‬وأصبح من الواضح أن بعض الحركات‬ ‫التابعة للتنظيم تمثل خطرا وجوديا ملصالح الغرب وبعض حلفائه الرئيسني‬ ‫في العالم اإلسالمي‪ .‬كما أصبح من الواضح أن األمن القومي للغرب ما زال‬ ‫معرضا للخطر‪ ،‬سواء خطر األفراد الذين ال تربطهم صلة عملياتية بالجماعات‬ ‫التابعة لـ«القاعدة» ولكنهم يتبنون آيديولوجيتها (كما يتضح من حالة اإلخوة‬ ‫تسارنييف؛ املسؤولني عن العمليات التفجيرية بماراثون بوسطن) أو من األفراد‬ ‫الذين يعودون للغرب بعد القتال إلى جانب الجماعات الجهادية (وهو ما يمكن‬ ‫أن يحدث بالنسبة لنحو ألفي أوروبي يقاتلون حاليا في سوريا)‪.‬‬ ‫ولن تتحسن قدرة الغرب على التقييم الصحيح لوضع تنظيم القاعدة إال إذا‬ ‫قلل من االهتمام الذي يوليه لتكتيكات الجماعة وركز على املناحي اآليديولوجية‬ ‫للحركة‪ .‬وكما ق��ال ال��س��وري‪ ،‬ف��إن جوهر «ال��ق��اع��دة» ال يعتمد على األسلحة‬ ‫والتكتيكات العسكرية ولكنه يعتمد على اآليديولوجيا‪ .‬وكما قال مايك روجرز‪،‬‬ ‫رئيس لجنة االستخبارات األميركية بمجلس النواب األميركي واملنتقد الشرس‬ ‫ملقاربة إدارة أوباما تجاه اإلرهاب‪« :‬فإن هزيمة اآليديولوجيا تتطلب ما هو أكثر‬ ‫من الهجمات بالدرون»<‬

‫أيمن الظواهري‬

‫‪,,‬‬

‫تمكنت‬ ‫القوات‬ ‫الجهادية‬ ‫من السيطرة‬ ‫على مساحات‬ ‫من األراضي‬ ‫أكثر مما حدث‬ ‫في أي وقت‬ ‫سابق‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪29‬‬


‫قصة الغالف‬

‫يبدو أن حالة النكران التي كان من الواضح أنها تهيمن على تقييم معظم القادة األميركيني واألوروبيني لوضع‬ ‫تنظيم القاعدة خالل األعوام الثالثة املاضية قد انتهت؛ فقد أشار اثنان من كبار املسؤولني باالستخبارات‬ ‫األميركية خالل الشهر املاضي بوضوح أمام الكونغرس إلى أن التنظيم يشهد تحوال جذريا حيث تتزايد‬ ‫الجماعات التابعة له ويوسع نفوذه على الساحة العاملية‪ .‬وباملثل‪ ،‬تحدث رئيس املخابرات البريطانية الخارجية‬ ‫(إم آي ‪ ،)6‬جون سويرز‪ ،‬إلى البرملان البريطاني قائال‪« :‬علينا التعامل مع بزوغ تنظيم القاعدة وإنشائه ألفرع‬ ‫جديدة في عدد من البلدان الجديدة»‪ ،‬مضيفا‪« :‬ليس هناك أدنى شك أن الخطر يتزايد»‪.‬‬

‫املثلث العمالق‪ :‬امتداد جغرافي خطير للقوى املرتبطة بتنظيم القاعدة‬

‫وجه جديد لألرهاب‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫لورينزو فيدينو‬

‫‪,,‬‬

‫تنظيم‬ ‫القاعدة في‬ ‫شبه الجزيرة‬ ‫العربية كان‬ ‫يحاول منذ‬ ‫زمن بعيد‬ ‫تأسيس‬ ‫عالقات طيبة‬ ‫مع العديد من‬ ‫القبائل اليمنية‬ ‫خاصة عبر‬ ‫الزواج‬

‫‪,,‬‬

‫‪28‬‬

‫مما ال شك فيه أن هذه التقييمات مختلفة تماما عن النبرة التي كنا‬ ‫نستمع إليها قبل عام على كال جانبي األطلسي‪ ،‬فقد ظهر الخطاب‬ ‫الذي يروج إلى أفول نجم تنظيم القاعدة في العواصم الغربية في بداية‬ ‫عام ‪2011‬؛ حيث بثت الشهور األول��ى ملا يطلق عليه الربيع العربي األمل في‬ ‫نفوس املراقبني الغربيني وهم يشهدون آالف املتظاهرين في أنحاء العالم العربي‬ ‫يقاتلون من أجل الديمقراطية وال يتبنون شعارات «القاعدة» أو مثلها‪ .‬وكانوا‬ ‫يقولون إن رسالة «القاعدة» منيت أخيرا بالهزيمة‪ ،‬مؤكدين أن الديمقراطيات‬ ‫التي ستبزغ من رماد األنظمة الطغيانية ملبارك وبن علي والقذافي سوف تدفع‬ ‫العرب واملسلمني بعيدا عن قيم ذلك التنظيم‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى أن مقتل أسامة بن الدن في مايو (أيار) ‪ 2011‬عزز ذلك الخطاب‬ ‫الحالم؛ حيث نظر إلى الواقعة باعتبارها املسمار األخير الذي جرى دقه في‬ ‫نعش «ال�ق��اع��دة»‪ .‬ووف�ق��ا لهذا الخطاب‪ ،‬ل��م َ‬ ‫يمن التنظيم فقط بالهزيمة على‬ ‫املستوى اآليديولوجي عبر خ��روج جماهير املسلمني إل��ى امليادين للمطالبة‬ ‫السلمية بالديمقراطية‪ .‬ولكن التنظيم أصبح أيضا على املحك حيث لم يعد‬ ‫بإمكان قياداته تنفيذ أية هجمات مؤثرة‪ ،‬بل إنهم أصبحوا يختبئون لحماية‬ ‫أنفسهم‪ .‬وبناء عليه فإن الحرب على اإلرهاب (والذي أصبح ينظر إليه باعتباره‬ ‫مصطلحا بائدا وعتيق الطراز) يمكن استبداله بعمليات متفرقة محدودة النطاق‬ ‫تستهدف أفرادا أو جماعات محددة‪ .‬فقد كان الغرب الذي رزح تحت وطأة عقد‬ ‫كامل من املواجهات العسكرية والسياسية تواقا لتقليل خطر إرهاب «القاعدة»‬ ‫إلى املستوى الذي كان عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) والذي كان‬ ‫يقتصر على كونه إزعاجا ومسألة تتعلق بإنفاذ القانون ليس لها سوى أهمية‬ ‫ثانوية‪ .‬وتزعم أوباما‪ ،‬الذي كان دائما ما يعرب عن انتقاده الواضح لرد الفعل‬ ‫األميركي املبالغ فيه في أعقاب هجمات ‪ 9/11‬ويؤكد على رغبته في توجيه‬ ‫االهتمام إلى االقتصاد املحلي واألجندة االجتماعية‪ ،‬ذلك االتجاه‪ .‬وباملثل كان‬ ‫األوروبيون الذين تأثروا على نحو أكبر باألزمة املالية والتوترات الناجمة عن‬ ‫الحرب على اإلرهاب داخل جالياتهم املسلمة‪ ،‬تواقني لتقليل أهمية القضية‪.‬‬

‫القوى املرتبطة بـتنظيم «القاعدة»‬

‫‪ 2012‬على القنصلية األميركية في بنغازي والتي أسفرت عن مقتل السفير‬ ‫ستيفنز باعتبارها أعمال شغب عفوية ضد فيلم مسيء لإلسالم‪ .‬ولكن تلك‬ ‫الحالة من النكران لم تعد قابلة لالستمرار في ظل األخبار التي تتردد يوميا‬ ‫تعاف‪.‬‬ ‫من جميع أنحاء العالم والتي تؤكد أن تنظيم القاعدة في حالة ٍ‬ ‫والحقيقة هي أن تنظيم القاعدة يشهد ازده��ارا يمتد جغرافيا من السواحل‬ ‫األطلسية ألفريقيا ويمتد إلى كبرى مدن باكستان باإلضافة إلى بعض املناطق‬ ‫املتفرقة في الغرب‪.‬‬ ‫ورب�م��ا تكون أكبر املكاسب التي حققها التنظيم تلك التي كانت ف��ي القارة‬ ‫األفريقية‪ ،‬حيث تنشط الجماعات املرتبطة بـ«القاعدة» في املثلث العمالق الذي‬ ‫تحده من الشرق سيناء وتنزاينا وتحده نيجيريا وموريتانيا من الغرب‪ .‬فقد‬ ‫تمكنت العديد من الجماعات الجهادية من توسيع نشاطاتها في تلك الحدود‬ ‫الواسعة والغامضة التي ال تحظى بحماية أمنية‪ ،‬مستفيدة من االضطرابات‬ ‫السياسية والفقر واملوارد املحدودة للحكومات التي تهددها‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫هزيمتها على يد الجيش الفرنسي في مالي‪ ،‬ما زال تنظيم القاعدة في املغرب‬ ‫اإلسالمي وفروعه يجوب أنحاء الصحراء األفريقية محققا املكاسب من العديد‬ ‫من األنشطة غير القانونية ومدد األسلحة الليبية الذي سهل الحصول عليه‬ ‫بعد سقوط القذافي‪ .‬وقد أظهر هجوم يناير (كانون الثاني) ‪ 2013‬على مجمع‬ ‫البترول بأميناس بوضوح أنه حتى أقوى الدول باملنطقة وهي الجزائر يمكنها أن‬ ‫تتعرض لضربات حادة من التنظيم‪ .‬وباملثل‪ ،‬كانت الحكومة التونسية تخوض‬ ‫معركة شرسة ضد امليليشيات الجهادية العاملة في الجبال‪.‬‬ ‫وباالتجاه شرقا‪ ،‬نجد العديد من امليليشيات الجهادية التي تمارس نفوذا‬ ‫قويا في جميع أنحاء ليبيا خاصة في منطقة «درنة» وتمثل خطرا جديا على‬ ‫الحكومة الوطنية الهشة‪ .‬وتشير التطورات األخيرة إلى أن الجماعات الجهادية‬ ‫تعزز أنشطتها في مصر حيث لم تعد تهاجم فقط املنشآت الحكومية ولكن‬ ‫أنشطتها امتدت إلى السائحني في إع��ادة إنتاج لآلليات الكارثية التي كانت‬ ‫تمارسها في التسعينات من القرن املاضي‪ .‬وفي أفريقيا جنوب الصحراء‪،‬‬ ‫تمثل آليات التنظيم نفس القدر من الخطر‪ .‬فعلى الرغم من أن حركة الشباب‬ ‫لم تعد تسيطر على مقديشيو وقطاعات واسعة من البالد فإنها ما زالت قادرة‬ ‫على أن تمثل خطرا محدقا سواء داخل الصومال أو في الدول املجاورة (كما‬ ‫حدث في هجوم سبتمبر ‪ 2013‬على املركز التجاري «وستجيت» بنيروبي)‪.‬‬ ‫وفي نيجيريا‪ ،‬يبدو أن السلطات غير قادرة على السيطرة على «بوكو حرام»‬ ‫وعمليات القتل الواسعة التي تمارسها ضد املدنيني املسلمني واملسيحيني‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬حذر العديدون‪ ،‬بداية من وكاالت االستخبارات الغربية وصوال إلى‬ ‫القيادات العربية‪ ،‬من ذلك التفكير الحالم‪ ،‬وأثبتت أحداث العام ونصف العام‬ ‫املاضي أنهم كانوا محقني في تلك التحذيرات‪ .‬وم��ع ذل��ك‪ ،‬ح��اول املسؤولون‬ ‫األميركيون تصوير حقيقة أن ال�ق��وى املرتبطة ب�ـ«ال�ق��اع��دة» تستحوذ على القاعدة القديمة‬ ‫مساحات واسعة من األراضي في الصحراء الكبرى واليمن باعتبارها نكسات‬ ‫مؤقتة للربيع العربي‪ .‬كما حاولوا أيضا التقليل من شأن هجمات سبتمبر وليس من الصواب أن ننظر إلى كافة هذه الجماعات باعتبارها تابعة لـ«تنظيم‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫تأسيس دولة عراقية ديمقراطية وناجحة‪ .‬وكان التنظيم مسؤوال عن الكثير حركة املجاهدين‬

‫من الهجمات اإلرهابية العنيفة منذ عام ‪ 2007‬بما في ذلك عمليات تفجيرية‬ ‫وإط�لاق الصواريخ وعمليات قنص‪ .‬كما استهدفت كتائب ح��زب الله أيضا‬ ‫املنطقة الدولية في بغداد في ‪ 29‬نوفمبر ‪ 2008‬والتي أسفرت عن مقتل اثنني‬ ‫من العاملني باألمم املتحدة‪ .‬باإلضافة إلى أن كتائب حزب الله قد هددت حياة‬ ‫السياسيني العراقيني واملدنيني املؤيدين للعملية السياسية املشروعة في العراق‪.‬‬

‫حركة طالبان باكستان‬ ‫تكونت حركة طالبان باكستان من تحالف من الجماعات املسلحة في عام‬ ‫‪ 2007‬لتوحيد الجماعات التي تقاتل ضد الجيش الباكستاني في املناطق القبلية‬ ‫الخاضعة ل�لإدارة املركزية ومنطقة البشتون في باكستان‪ .‬وتسعى قيادات‬ ‫حركة طالبان باكستان إلى تسييد تفسيرات متشددة لتعليمات القرآن على‬ ‫باكستان وطرد قوات التحالف من أفغانستان‪ .‬وتحافظ حركة طالبان باكستان‬ ‫على عالقات وثيقة بقيادات تنظيم القاعدة بما في ذلك قائد العمليات السابق‬ ‫بتنظيم القاعدة في باكستان‪.‬‬ ‫وكان أول زعيم لحركة طالبان باكستان هو بيت الله محسود الذي قتل في‬ ‫انفجار في الخامس من أغسطس (آب) ‪ 2009‬ثم خلفه حكيم الله محسود‬ ‫الذي تعهد بنقل االنتحاريني إلى الواليات املتحدة‪ .‬ودائما ما كانت الحركة تهدد‬ ‫بمهاجمة قلب الواليات املتحدة‪ .‬وزعم املتحدث الرسمي باسم حركة طالبان‬ ‫باكستان مسؤولية الحركة عن عملية فاشلة لتفجير سيارة مفخخة بميدان‬ ‫التايمز بنيويورك في األول من مايو ‪ .2010‬وفي يونيو ‪ ،2011‬تعهد املتحدث‬ ‫الرسمي بالهجوم على الواليات املتحدة وأوروبا انتقاما من قتل الواليات املتحدة‬ ‫ألسامة بن الدن‪ .‬وأعلن قيادي بالحركة في أبريل ‪ 2012‬السماح بشن هجمات‬ ‫بالخارج وهدد بشن هجمات في اململكة املتحدة نظرا لتورطها في أفغانستان‪.‬‬

‫كانت حركة املجاهدين اإلرهابية الباكستانية حاضرة مرتني في تاريخ مشاركة‬ ‫البالد في اإلرهاب العابر للحدود‪ .‬وفي الفترة االنتقالية بني املرحلتني‪ ،‬كانت‬ ‫ال تزال حاضرة ولكن تحت اسم «حركة األنصار»‪ .‬وعلى الرغم من أن االسم‬ ‫األول كان ناجما عن إعادة تنظيم قامت بها وكالة االستخبارات الباكستانية‬ ‫داخل الكثير من الجماعات اإلرهابية التي ترعاها في جامو وكشمير‪ ،‬جاء‬ ‫التغيير الثاني لالسم إثر التصنيف األميركي للجماعة؛ حيث صنفت حركة‬ ‫األنصار كجماعة إرهابية في عام ‪ 1997‬في أعقاب تقارير بوجود صالت‬ ‫بينها وبني أسامة بن الدن وتنظيم القاعدة‪ .‬وسرعان ما تبنت الجماعة اسم‬ ‫«حركة املجاهدين» لتفادي تداعيات ذلك التصنيف‪ .‬وعلى الرغم من أنه من‬ ‫املعروف أن حركة املجاهدين هي نسخة جديدة من حركة األنصار‪ ،‬رفضت‬ ‫الواليات املتحدة تصنيف الجماعة كجماعة إرهابية‪ .‬ومع ذل��ك‪ ،‬ففي أعقاب‬ ‫هجمات ال�ح��ادي عشر م��ن سبتمبر ‪ ،2001‬أصبحت الجماعة تحت أنظار‬ ‫الحكومة األميركية نظرا لعالقتها الوثيقة بأسامة بن الدن وهو املتهم الرئيس‬ ‫في الهجمات اإلرهابية‪ .‬وفي ‪ 25‬سبتمبر‪ ،‬وقع الرئيس األميركي جورج بوش‬ ‫أمرا رسميا يحظر الجماعة‪.‬‬

‫اتحاد الجهاد اإلسالمي‬

‫نشأت حركة اتحاد الجهاد اإلسالمي كتنظيم متطرف منشق عن الحركة‬ ‫اإلسالمية في أوزبكستان في بداية األلفينات ويتمركز حاليا في املناطق القبلية‬ ‫التي تديرها الحكومة املركزية الباكستانية‪ .‬وشن اتحاد الجهاد اإلسالمي‬ ‫والذي يستهدف خلع الحكومة في أوزبكستان هجومني هناك في عامي ‪2004‬‬ ‫و‪ 2009‬كما أن لالتحاد نشاطات في أفغانستان حيث تعمل الجماعة إلى جانب‬ ‫شبكة حقاني التابعة لحركة طالبان‪.‬‬ ‫وكانت الجماعة قد تمكنت من تحقيق نجاح خاص في تجنيد املواطنني األملان‬ ‫عصبة األنصار‬ ‫واشتهرت على املستوى الدولي في أعقاب إحباط مؤامرة كان االتحاد يعتزم‬ ‫تنفيذها في عام ‪ 2007‬عبر خلية سورالند في هجوم على عدد من األهداف‬ ‫عصبة األنصار هي جماعة سنية متطرفة تتمركز في لبنان وتتكون أساسا في أملانيا‪ .‬وصنفت وزارة الخارجية األميركية االتحاد كتنظيم إرهابي أجنبي‬ ‫من الفلسطينيني وترتبط بصالت وثيقة بأسامة بن الدن‪ .‬وتتبع الجماعة في يونيو ‪.2005‬‬ ‫ترجمة متطرفة لإلسالم تبرر اقتراف العنف ضد األه��داف املدنية لتحقيق‬ ‫األهداف السياسية‪ .‬وتتضمن بعض هذه األهداف اإلطاحة بالحكومة اللبنانية جماعة أنصار التوحيد‬ ‫والتصدي ملا تعتقد أنه مساع مناهضة لإلسالم وموالية للغرب في البالد‪.‬‬ ‫وقد نفذت عصبة األنصار الكثير من الهجمات اإلرهابية في لبنان منذ نشأتها تأسست جماعة أنصار التوحيد اإلندونيسية املتطرفة على يد رجل‬ ‫في بداية التسعينات‪ .‬واغتالت الجماعة قيادات دينية لبنانية وفجرت املالهي الدين الراديكالي أبو بكر بشير واملعروف أيضا باسم أبو بكر باعشير‬ ‫الليلية واملسارح ومتاجر الخمور في منتصف التسعينات‪ .‬واشتهرت الجماعة في يوليو ‪ 2008‬والذي قدم تفسيرا مطلقا للشريعة اإلسالمية يستهدف‬ ‫في عام ‪ 2000‬بعدما شنت هجومني ضد أهداف لبنانية ودولية كما كانت طرفا تأسيس خ�لاف��ة ف��ي إن��دون�ي�س�ي��ا‪ .‬وق��د ص��رح��ت ق�ي��ادة جماعة أنصار‬ ‫في الصدامات التي وقعت في شمال لبنان في ديسمبر ‪ 1999‬ونفذت هجوما التوحيد بأن العنف مسموح به دينيا إذا ما جرى توجيهه ضد أعداء‬ ‫صاروخيا استهدف السفارة الروسية في بيروت في يناير ‪ .2000‬وما زال اإلسالم والكفار خاصة رجال القضاء والنيابة والشرطة اإلندونيسية‪.‬‬ ‫أبو محجن يقود عصبة األنصار رغم أنه صدر ضده حكم باإلعدام غيابيا وقد صنفت وزارة الخارجية األميركية جماعة أنصار التوحيد كتنظيم‬ ‫نظرا لتورطه في مقتل رجل دين مسلم في عام ‪.1994‬‬ ‫إرهابي أجنبي في عام ‪< 2012‬‬

‫أبرز التنظيمات املسلحة املقاتلة يف سوريا‬ ‫جبهة النصرة أله��ل ال�ش��ام‪ :‬منظمة تنتمي للفكر السلفي الجهادي‪،‬‬ ‫متفرعة من الدولة اإلسالمية في العراق التي تتبع لتنظيم القاعدة‪ ،‬تشكلت‬ ‫أواخر سنة ‪ 2011‬خالل األزمة السورية وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في‬ ‫غضون أشهر من أبرز الفصائل املسلحة‪ .‬صنفتها الواليات املتحدة األميركية‬ ‫في ديسمبر ‪ 2012‬كجماعة إرهابية‪ .‬يقدر عدد مقاتليها بستة آالف مقاتل‪.‬‬ ‫داعش‪( :‬الدولة اإلسالمية في العراق والشام)‪ ..‬تنظيم مسلح يتبنى الفكر‬ ‫السلفي الجهادي‪ ،‬ينتمي لتنظيم القاعدة‪ ،‬يهدف أعضاؤه إلى إعادة «الخالفة‬ ‫اإلسالمية وتطبيق الشريعة»‪ ،‬يمتد في العراق وسوريا‪ .‬زعيم هذا التنظيم هو‬ ‫«أبو بكر البغدادي»‪ .‬ويقدر عدد مقاتليها بخمسة آالف مقاتل‪.‬‬

‫الجبهة اإلسالمية السورية‪ :‬في يناير ‪ 2013‬تشكلت «الجبهة اإلسالمية‬ ‫السورية املوحدة»؛ من ‪ 11‬فصيال مسلحا في مدينة حلب‪ ،‬وفي نوفمبر ‪2013‬؛‬ ‫تحولت نحو إط��ار أوس��ع باسم «الجبهة اإلسالمية»‪ ،‬ويغلب على الفصائل‬ ‫التوجه اإلخواني ‪ -‬السلفي‪ .‬وتعلن بأن عدد مقاتليها نحو مائة ألف مقاتل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جيش اإلسالم‪ :‬في سبتمبر ‪ 2013‬تشكل «جيش اإلسالم» من اجتماع نحو‬ ‫خمسني فصيال إسالميا مسلحا يعملون في مدينة دمشق ومحيطها‪ ،‬من‬ ‫أبرزها‪ :‬لواء فتح الشام‪ ،‬ولواء توحيد الشام‪ ،‬ولواء األنصار‪ .‬توجه الفصائل‬ ‫سلفي‪ ..‬واشتهرت الفصائل قبل أن تتحد باستهداف مكتب األمن القومي‬ ‫في دمشق في يوليو ‪.2012‬‬

‫‪,,‬‬

‫تأسس تنظيم‬ ‫حزب الله في‬ ‫عام ‪1982‬‬ ‫كرد فعل‬ ‫على الغزو‬ ‫اإلسرائيلي‬ ‫للبنان‬ ‫ويسعى‬ ‫حزب الله‬ ‫وهو جماعة‬ ‫إرهابية‬ ‫تتمركز في‬ ‫لبنان إلى‬ ‫تمكني الشيعة‬ ‫عامليا‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪27‬‬


‫قصة الغالف‬

‫‪,,‬‬

‫حركة الجهاد‬ ‫اإلسالمي هي‬ ‫حركة إرهابية‬ ‫باكستانية‬ ‫ولديها فرع‬ ‫ببنغالديش‬ ‫وعلى الرغم‬ ‫من أنه‬ ‫ال توجد‬ ‫معلومات‬ ‫مؤكدة حول‬ ‫تاريخ نشأة‬ ‫الجماعة‬ ‫فإن جذورها‬ ‫تعود للحرب‬ ‫السوفياتية‬ ‫األفغانية‬

‫‪,,‬‬

‫إلسرائيل واألراضي الفلسطينية‪ .‬وقد تضمنت تلك العمليات تفجيرات إرهابية‬ ‫أنصار الشريعة في بنغازي ودرنة وتونس‬ ‫واسعة النطاق ضد أهداف مدنية إسرائيلية باإلضافة إلى هجمات باألسلحة‬ ‫تأسست كل من جماعة أنصار الشريعة في بنغازي ودرنة على نحو منفصل الخفيفة والعبوات الناسفة وإطالق الصواريخ على إسرائيل‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫بعد سقوط نظام القذافي وشاركت كلتاهما في هجمات إرهابية ضد أهداف أن الجماعة تلقت ق��درا من التأييد من البلدان والحركات األجنبية فإنها ما‬ ‫مدنية باإلضافة إلى الكثير من عمليات االغتيال ومحاوالت اغتيال مسؤولني زالت مستقلة‪.‬‬ ‫أمنيني وأطراف سياسية في شرق ليبيا‪ .‬وفي ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2012‬جرى شن‬ ‫هجمات ضد مجمع وملحق البعثة األميركية الخاصة في بنغازي بليبيا‪ .‬وما حركة الجهاد اإلسالمي‬ ‫زال أعضاء كال التنظيمني يمثالن خطرا بالنسبة للمصالح األميركية في ليبيا‪.‬‬ ‫ويعد أحمد أبو ختالة أحد القيادات البارزة بجماعة أنصار الشريعة ببنغازي حركة الجهاد اإلسالمي هي حركة إرهابية باكستانية ولديها فرع ببنغالديش‪.‬‬ ‫فيما يعد سفيان بن قمو هو قائد جماعة أنصار الشريعة في درن��ة‪ .‬ومن وعلى الرغم من أنه ال توجد معلومات مؤكدة حول تاريخ نشأة الجماعة فإن‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬تأسست جماعة أنصار الشريعة في تونس على يد سيف الله بن جذورها تعود للحرب السوفياتية األفغانية‪ .‬وكان قاري سيف الله اختر واثنان‬ ‫حسني في بداية ‪ 2011‬وشاركت في هجوم ‪ 14‬سبتمبر ‪ 2012‬ضد سفارة من مساعديه وهما موالنا إرشاد أحمد وموالنا عبد الصمد السيال‪ ،‬جميعهم‬ ‫الواليات املتحدة واملدرسة األميركية في تونس وهو ما وضع حياة أكثر من خ��رج من امل��دارس الدينية بباكستان‪ ،‬ضالعني في تأسيس جماعة أنصار‬ ‫مائة شخص أميركي بالسفارة على حافة الخطر‪ .‬وقد أعلنت الحكومة التونسية األفغانية خالل عام ‪ .1980‬وفي إطار مساعيها لالنفصال عن أفغانستان‪،‬‬ ‫جماعة أنصار الشريعة في تونس كمنظمة إرهابية ثم تورطت الجماعة في أطلقت الحركة على نفسها اسم «حركة الجهاد اإلسالمي أو هوجي» وغيرت‬ ‫هجمات ضد القوات األمنية التونسية واغتيال شخصيات سياسية تونسية استراتيجيتها حيث أصبحت تقتصر على القتال دفاعا عن قضية إخوانهم‬ ‫وعمليات تفجير انتحارية استهدفت املواقع التي يتردد عليها السائحون‪ .‬املسلمني في إقليم جامو وكشمير‪ .‬واستمرت حركة الجهاد في الوجود عقب‬ ‫وتمثل جماعة أنصار الشريعة في تونس والتي ترتبط آيديولوجيا بتنظيم انسحاب االتحاد السوفياتي من أفغانستان في عام ‪ 1989‬من خالل االندماج‬ ‫القاعدة والتنظيمات التابعة له بما في ذلك تنظيم القاعدة في بالد املغرب أكبر مع جماعة مسلحة باكستانية أخرى تدعى «حركة املجاهدين» ليشكلوا حركة‬ ‫األنصار والتي بدأت تشن هجمات إرهابية في إقليم جامو وكشمير‪ .‬ولكي‬ ‫تهديد للمصالح األميركية في تونس‪.‬‬ ‫تخفف من تداعيات تصنيف الواليات املتحدة لحركة األنصار كتنظيم إرهابي‬ ‫أجنبي في ‪ 1997‬أعادت تسمية نفسها بحركة املجاهدين في بعض املناطق‬ ‫جيش اإلسالم‬ ‫فيما تعرف وحدتها ببنغالديش والتي تأسست ع��ام ‪ 1992‬باسم «هوجي‬ ‫ي�ت��زع��م تنظيم ج�ي��ش اإلس �ل�ام‪ ،‬ال ��ذي ي��دي��ر عملياته ب�ق�ط��اع غ��زة واألراض ��ي بنغالديش بي» والتي عملت في سنوات تأسيسها األولى تحت مظلة حركة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ممتاز دغمش‪ .‬ويتبنى التنظيم آيديولوجيا سلفية من الجهاد الجهاد في بنغالديش بقيادة فضل الرحمن والذي كان أحد املوقعني على إعالن‬ ‫العاملي باإلضافة إلى النموذج التقليدي للمقاومة الفلسطينية املسلحة‪ .‬وكان ‪ 23‬فبراير ‪ 1998‬للحرب املقدسة تحت مظلة الجبهة اإلسالمية العاملية للجهاد‬ ‫تنظيم جيش اإلسالم يعمل من قبل مع حركة حماس ويحاول تنمية صالت ضد اليهود والصليبيني التي أسسها أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫مع تنظيم القاعدة‪ .‬وفي السابع من مايو (أي��ار)‪ ،‬أصدر التنظيم رسالة تأبني املصدر‪ :‬املوقع اإللكتروني لإلرهاب بجنوب آسيا‬ ‫ألسامة بني الدن عبر مؤسسة النور اإلعالمية التابعة له‪.‬‬

‫الجماعة اإلسالمية‬ ‫تسعى الجماعة اإلس�لام�ي��ة ال��رادي�ك��ال�ي��ة إل��ى إن�ش��اء ن�ظ��ام إس�لام��ي ب��دال من‬ ‫الحكومة املصرية العلمانية‪ .‬ووفقا لتقرير وزارة الخارجية األميركية حول‬ ‫مصر ف��ي ع��ام ‪ ،2007‬ف��إن ه��ذه الجماعة مسؤولة ع��ن مقتل ال�ع�ش��رات من‬ ‫السائحني األجانب في مصر خالل التسعينات من القرن املاضي‪ .‬وصنفت‬ ‫وزارة الخارجية اإلرهابية الجماعة اإلسالمية كتنظيم إرهابي في عام ‪.2001‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الجماعة لم تنفذ أي هجمات منذ أكثر من عقد كامل وعلى‬ ‫الرغم من أن قيادتها املصرية قد أعلنت نبذ العنف فإن بعض أعضاء أحد‬ ‫فصائلها األكثر تشددا زع��م وج��ود ص�لات بينه وب�ين تنظيم القاعدة‪ .‬وقد‬ ‫تعرض القائد الروحي للفصيل املتطرف من الجماعة‪ ،‬الشيخ عمر عبد الرحمن‬ ‫لإلدانة والسجن في الواليات املتحدة باعتباره مهندس هجمات مركز التجارة‬ ‫العاملي في ‪.1993‬‬

‫حركة حماس‬

‫احد عناصر‬ ‫القاعدة في‬ ‫اليمن‬

‫‪26‬‬

‫تشكلت حركة حماس في أواخر ‪ 1987‬ومع بداية االنتفاضة الفلسطينية األولى‪.‬‬ ‫وتعود جذورها إلى الفرع الفلسطيني من جماعة اإلخوان املسلمني وتحظى‬ ‫بقاعدة تأييد اجتماعية وسياسية واسعة داخل األراضي الفلسطينية‪ .‬ويدعو‬ ‫ميثاق الحركة إلى تأسيس دولة فلسطينية إسالمية محل إسرائيل ونبذ كافة‬ ‫االتفاقات التي ج��رى توقيعها بني منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل‪.‬‬ ‫ومؤخرا‪ ،‬أعربت حركة حماس رسميا عن استعدادها لقبول التوقف طويل‬ ‫املدى عن العمليات الهجومية إذا ما وافقت إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية‬ ‫وفقا لحدود ‪ 1967‬مع القدس كعاصمة لها‪ .‬وتتركز ق��وة حماس في قطاع‬ ‫غزة وبعض مناطق الضفة الغربية‪ ،‬ولدى حماس ذراع عسكرية يطلق عليها‬ ‫كتائب عز الدين القسام والتي بدأت منذ التسعينات في شن هجمات مناهضة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫حزب الله‬

‫تأسس تنظيم حزب الله في عام ‪ 1982‬كرد فعل على الغزو اإلسرائيلي للبنان‬ ‫ويسعى حزب الله وهو جماعة إرهابية تتمركز في لبنان إلى تمكني الشيعة‬ ‫عامليا‪ .‬كما يؤيد التنظيم الجماعات الفلسطينية في صراعها ضد إسرائيل‬ ‫ويوفر التدريب للمسلحني الشيعة الذين يهاجمون املصالح الغربية في العراق‪.‬‬ ‫كما أعلن األمني العام لحزب الله‪ ،‬حسن نصر الله‪ ،‬في مايو ‪ 2013‬تأييد حزب‬ ‫الله لنظام بشار األس��د عبر إرس��ال مقاتلني إل��ى س��وري��ا‪ .‬وصنف االتحاد‬ ‫األوروبي الجناح العسكري لحزب الله كتنظيم إرهابي في ‪ 22‬يوليو ‪ 2013‬في‬ ‫أعقاب إدانة أحد أعضاء التنظيم بقبرص وتفجير أوتوبيس يقل إسرائيليني‬ ‫في بلغاريا في يوليو ‪ 2012‬وتدخل التنظيم في سوريا‪.‬‬ ‫كما شن حزب الله الكثير من الهجمات اإلرهابية املناهضة للواليات املتحدة‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك حادث تفجير السفارة األميركية في بيروت في أبريل ‪ 1983‬وحادث‬ ‫اصطدام شاحنة تحمل املتفجرات بثكنات البحرية األميركية في بيروت في‬ ‫أكتوبر ‪ ،1983‬ثم تعرض موقع السفارة األميركية في بيروت في سبتمبر‬ ‫‪ 1984‬إلى عملية تفجير بسيارة مفخخة‪ ،‬باإلضافة إلى اختطاف طائرة «تي‬ ‫دبليو إي» (رحلة ‪ )847‬في عام ‪ 1985‬وتفجير أبراج الخبر في اململكة العربية‬ ‫السعودية في عام ‪ .1996‬وعلى الرغم من أن قيادة حزب الله تتمركز في لبنان‪،‬‬ ‫أسس التنظيم خاليا في جميع أنحاء العالم‪.‬‬

‫كتائب حزب الله‬ ‫ك�ت��ائ��ب ح��زب ال�ل��ه ه��ي ج�م��اع��ة شيعية رادي�ك��ال�ي��ة مناهضة ل�ل�غ��رب وتتبنى‬ ‫آيديولوجيا ج�ه��ادي��ة وش�ن��ت هجمات ض��د أه ��داف ع��راق�ي��ة وأم�ي��رك�ي��ة وضد‬ ‫مصالح التحالف الذي تقوده الواليات املتحدة في العراق‪ .‬وترتبط كتائب حزب‬ ‫الله بصالت آيديولوجية بحزب الله اللبناني كما أنها اشتهرت في عام ‪2007‬‬ ‫عندما شنت هجمات على ال�ق��وات األميركية وق��وات التحالف بهدف عرقلة‬


‫على استهداف املصالح األميركية والغربية في شبه الجزيرة العربية ولكنها‬ ‫أصبحت اآلن تتبنى استراتيجية عاملية‪ .‬ومؤخرا‪ ،‬انسحبت عناصر تنظيم‬ ‫القاعدة في شبه الجزيرة العربية من معاقلها بجنوب اليمن وذلك في يونيو‬ ‫‪ 2012‬عندما تمكنت القوات املسلحة اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور‬ ‫الهادي – وبمساعدة القبائل املحلية ‪ -‬من استعادة السيطرة على محافظتي‬ ‫أبني وشبوة واللتني كانتا تعمالن كمعقل لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة‬ ‫العربية منذ عام ‪.2011‬‬

‫تنظيم القاعدة في بالد املغرب اإلسالمي‬ ‫يتمركز تنظيم القاعدة في بالد املغرب اإلسالمي وهو جماعة جهادية سنية في‬ ‫الجزائر‪ .‬في البداية‪ ،‬نشأ التنظيم في عام ‪ 1998‬تحت اسم «الجماعة اإلسالمية‬ ‫للدعوة والقتال» وك��ان أحد فصائل الجماعة اإلسالمية املسلحة التي كانت‬ ‫أقوى وأكبر الجماعات اإلرهابية في الجزائر‪ .‬وبعد ذلك أعيدت تسمية الجماعة‬ ‫في يناير ‪ 2007‬بعدما انضمت الجماعة رسميا لتنظيم القاعدة في سبتمبر‬ ‫‪ .2006‬وكانت الجماعة اإلسالمية للدعوة والقتال تتضمن نحو ‪ 30‬ألف عضو‬ ‫في ذروة نشاطها ولكن جهود الحكومة الجزائرية في مكافحة اإلرهاب تمكنت‬ ‫من تخفيض صفوفها إلى نحو ‪ 1000‬عضو فقط‪.‬‬ ‫وف��ي أعقاب تحالفها الرسمي مع تنظيم القاعدة‪ ،‬وس��ع التنظيم من أهدافه‬ ‫وأعلن اعتزامه مهاجمة األهداف الغربية‪ .‬وفي أواخر عام ‪ 2006‬وبداية ‪،2007‬‬ ‫شن التنظيم الكثير من الهجمات باستخدام العبوات الناسفة ضد املواطنني‬ ‫األج��ان��ب العاملني ف��ي قطاع الطاقة‪ .‬وش��ن هجوما ف��ي ديسمبر ‪ 2007‬على‬ ‫مكاتب األمم املتحدة في الجزائر باستخدام سيارة مفخخة‪ ،‬وفي فبراير ‪2008‬‬ ‫شن هجوما على السفارة اإلسرائيلية في نواكشوط بموريتانيا باستخدام‬ ‫األسلحة الخفيفة‪.‬‬

‫حركة الشباب‬

‫تنظيم أنصار الدين والذين لم يقبلوا اإلذعان لقوانني التنظيم إلى اإليذاء البدني‬ ‫والتعذيب أو القتل‪.‬‬

‫نشأت حركة الشباب املجاهدين‪ ،‬والتي تعرف اختصارا باسم حركة الشباب‪ ،‬كتائب عبد الله عزام‬

‫كجناح عسكري للمجلس األعلى للمحاكم إلسالمية والذي هيمن على معظم‬ ‫جنوب الصومال في النصف الثاني من عام ‪ .2006‬وعلى الرغم من هزيمة‬ ‫الجماعة على يد القوات الصومالية واإلثيوبية في ‪ 2007‬استمرت حركة الشباب‬ ‫– جماعة عشائرية إرهابية – في أعمال العنف في جنوب ووسط الصومال‪.‬‬ ‫وتمكنت الجماعة م��ن البقاء وك��ان��ت ف��ي بعض األح�ي��ان تهيمن على مواقع‬ ‫استراتيجية ف��ي تلك األم��اك��ن عبر تجنيد عشائر محلية‪ ،‬أحيانا ب��اإلك��راه‪،‬‬ ‫واعتمادا على حرب العصابات واألعمال اإلرهابية ضد الحكومة الفيدرالية‬ ‫الصومالية وبعثة حفظ ال�س�لام التابعة ل�لات�ح��اد األف��ري�ق��ي «أم�ي�ص��وم» في‬ ‫الصومال ومنظمات اإلغاثة غير الحكومية‪ .‬وفي عام ‪ ،2013‬أدت الضغوط‬ ‫التي مارستها «أميصوم» والقوات اإلثيوبية‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬إلى الحد من هيمنة أنصار اإلسالم‬ ‫حركة الشباب خاصة في مقديشو وغيرها من املناطق املحورية في البالد كما‬ ‫تأسست جماعة أنصار اإلسالم وهي جماعة كردية مسلحة انفصالية تسعى‬ ‫عزز النزاع بني كبار قادتها من االنقسامات داخل الجماعة‪.‬‬ ‫إلى تحويل العراق إلى دولة إسالمية على يد املال كريكار املعروف باسم فرج‬ ‫أحمد نجم الدين في ديسمبر ‪ 2001‬بتأييد ودعم لوجيستي من تنظيم القاعدة‬ ‫أنصار الدين‬ ‫وأسامة بن الدن‪ .‬وترتبط الجماعة بعالقات بإيران وكانت وزارة الخارجية‬ ‫يعمل تنظيم أنصار الدين في مالي ويتعاون من كثب مع تنظيم القاعدة في األميركية قد طلبت من لجنة العقوبات التابعة ملجلس األم��ن في عام ‪2003‬‬ ‫املغرب العربي كما جرى تصنيفه جماعة إرهابية‪ .‬نشأ تنظيم أنصار الدين بوضع جماعة أنصار اإلسالم على قائمة الكيانات واألفراد املرتبطني بتنظيم‬ ‫في أواخر عام ‪ 2011‬بعدما أخفق زعيمه‪ ،‬إياد أغ غالي‪ ،‬في محاولة للهيمنة القاعدة وحركة طالبان أو أسامة بن الدن‪ ،‬وهي الخطوة التي تفرض على الدول‬ ‫على منظمة طوارقية علمانية نظرا لرؤاه املتطرفة‪ .‬وقد وضعت وزارة الخارجية األعضاء باألمم املتحدة تجميد أصول الجماعة‪ .‬وكانت الجماعة في البداية‬ ‫األميركية غالي على قوائم اإلره��اب بموجب األم��ر التنفيذي ‪ 13224‬في ‪ 26‬تعمل تحت اسم «جند اإلسالم» ولكنها تخلت بعد ذلك عن هذا االسم‪ .‬وما زالت‬ ‫فبراير ‪ .2013‬وقد حصل تنظيم أنصار الدين على دعم تنظيم القاعدة في الجماعة تعمل على استهداف األعضاء العلمانيني خاصة األكراد في االتحاد‬ ‫بالد املغرب منذ نشأته في أواخر عام ‪ 2011‬حيث تلقى دعمه في القتال ضد الوطني‪ .‬ومنذ بداية الحرب في العراق‪ ،‬اتهم املسؤولون األميركيون حركة أنصار‬ ‫القوات املالية والفرنسية خاصة خالل عملية االستيالء على مدن أجويلهوك اإلس�لام بتدريب ونشر االنتحاريني الذين يستهدفون ق��وات التحالف الذي‬ ‫وتيساليت وكيدال وغ��او وتبمكتو في الفترة بني يناير وأبريل ‪ .2012‬وفي تقوده الواليات املتحدة في العراق‪ .‬وقامت وزارة الخارجية األميركية بتصنيف‬ ‫الهجوم ال��ذي شنه تنظيم أنصار الدين في م��ارس (آذار) ‪ 2012‬على مدينة الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية في ‪ 22‬مارس ‪ ،2004‬وتعد الجماعة إحدى‬ ‫أجويلهوك‪ ،‬أعدم التنظيم ‪ 82‬جنديا ماليا واختطف ثالثني آخرين‪ .‬وقبل التدخل القوى الفاعلة في شمال ووسط العراق اليوم‪.‬‬ ‫الفرنسي في يناير ‪ ،2013‬تعرض املواطنون املاليون في املدن الخاضعة لهيمنة املصدر‪ :‬مجلس العالقات الخارجية‬ ‫تأسست كتائب عبد الله عزام التي يتزعمها صالح القرعاوي في عام ‪2009‬‬ ‫وهي منظمة مسلحة تتمركز في لبنان وشبه الجزيرة العربية صنفتها وزارة‬ ‫الخارجية األميركية كجماعة إرهابية‪ .‬نفذت كتائب عبد الله عزام هجوم يوليو‬ ‫(تموز) ‪ 2010‬على ناقلة البترول اليابانية «إم في ستار» في مضيق هرمز‪.‬‬ ‫ووفقا للتصريح الذي أطلق عبر اإلنترنت‪ ،‬زعمت كتائب عبد الله عزام أن هذا‬ ‫الهجوم نفذه فرعها بشبه الجزيرة العربية والذي يطلق على نفسه اسم «كتيبة‬ ‫يوسف العييري»‪.‬‬

‫لي هاملتون الرئيس املشارك ملشروع‬ ‫األمن القومي األميركي يتحدث خالل‬ ‫االفراج عن تقرير للمركز مستعرضا أهم‬ ‫التيارات الجهادية اإلرهابية والتهديدات‬ ‫التي يشكلها تنظيم القاعدة وفروعه‬ ‫(واشنطن ‪ -‬سبتمبر ‪)2013 -‬‬

‫‪,,‬‬

‫يتألف تنظيم‬ ‫القاعدة في‬ ‫شبه الجزيرة‬ ‫العربية من‬ ‫متطرفني سنة‬ ‫وكان مسؤوال‬ ‫عن عدد من‬ ‫الهجمات‬ ‫اإلرهابية‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪25‬‬


‫قصة الغالف‬

‫بمناسبة األمر امللكي القاضي بتجريم ومعاقبة السعوديني الذين يشاركون في أعمال قتالية خارج اململكة‪،‬‬ ‫أو ينتمون ويؤيدون جماعات وتيارات مصنفة ضمن الجماعات اإلرهابية‪ ،‬نستغل الفرصة في مجلة «املجلة»‬ ‫لتسليط الضوء على أهم األحزاب والتيارات والجماعات اإلرهابية سواء في الطرف السني أو الشيعي‪ ،‬التي‬ ‫تهدد السلم العاملي‪ ،‬وتسعى لزعزعة استقرار وأمن السعودية‪.‬‬

‫أبرز التيارات والجماعات اإلرهابية التي تستهدف السعودية‬

‫أحزاب العنف‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫املحرر السياسي‬

‫‪,,‬‬

‫نشأت حركة‬ ‫الشباب كجناح‬ ‫عسكري‬ ‫للمجلس‬ ‫األعلى للمحاكم‬ ‫اإلسالمية‬ ‫والذي هيمن‬ ‫على معظم‬ ‫جنوب‬ ‫الصومال في‬ ‫النصف الثاني‬ ‫من عام ‪2006‬‬

‫‪,,‬‬

‫‪24‬‬

‫لقد كانت قضية اإلرهاب من أهم شواغل الدول منذ أمد بعيد‪ ،‬ومع القاعدة والجماعات التابعة له الكثير من الهجمات في جميع أنحاء العالم بما‬ ‫ح��دوث طفرة في أعمال العنف واإلره��اب على نطاق واس��ع في كل في ذلك أوروبا وشمال أفريقيا وجنوب وجنوب شرقي آسيا والشرق األوسط‪.‬‬ ‫أرج��اء العالم أصبحت القضية أكثر إلحاحا ال سيما في الواليات‬ ‫املتحدة األميركية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) ‪ .2011‬وحاولت تنظيم القاعدة في العراق‬ ‫اإلدارة األميركية إيجاد طريقة للحد من التيارات املتطرفة والحركات السياسية‬ ‫التي توصف بـ«اإلسالموية» الجهادية‪ ،‬وأعلنت واشنطن «الحرب على اإلرهاب» أس ��س تنظيم ال �ق��اع��دة ف��ي ال �ع��راق ال ��ذي ي �ع��رف أي �ض��ا ب��اس��م «دول� ��ة ال �ع��راق‬ ‫بقيادة الرئيس السابق جورج دبليو بوش‪ .‬وفي مايو (أيار) عام ‪ 2010‬قررت اإلسالمية»‪ ،‬ومؤخرا أصبح يطلق عليه «الدولة اإلسالمية في العراق والشام»‬ ‫إدارة الرئيس باراك أوباما التخلي عن مصطلح «الحرب على اإلرهاب» وذلك في أبريل (نيسان) ‪ 2004‬على يد املتطرف أبو مصعب الزرقاوي والذي تعهد‬ ‫ضمن استراتيجيتها الجديدة لألمن القومي ونصت الوثيقة على أن الواليات في العام نفسه بوالء جماعته ألسامة بن الدن‪ .‬وقد استهدف تنظيم القاعدة‬ ‫املتحدة «ليست في حالة حرب عاملية على (اإلرهاب) أو على (اإلسالم)‪ ،‬بل هي في العراق قوات التحالف وكذلك املدنيون باالستعانة بتكتيكات مثل السيارات‬ ‫حرب على شبكة محددة هي تنظيم القاعدة» والجماعات والتنظيمات أو األفراد املفخخة واملفجرين االنتحاريني وقتل الرهائن عبر قطع رؤوسهم وغيرها من‬ ‫املرتبطة به‪ .‬وأصدر مكتب مكافحة اإلرهاب بوزارة الخارجية قائمة بالتنظيمات الوسائل في محاولة للضغط على الدول والشركات األجنبية ملغادرة العراق‬ ‫اإلرهابية األجنبية‪ .‬وفيما يلي تعريف بأبرز الجماعات التي صنفتها الواليات ودفع العراقيني للتوقف عن دعم الواليات املتحدة والحكومة العراقية وجذب‬ ‫املزيد من الكوادر إلى صفوفها‪.‬‬ ‫املتحدة األميركية ضمن قائمة اإلرهاب‪:‬‬

‫تنظيم القاعدة‬

‫تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية‬

‫أسس أسامة بن الدن تنظيم القاعدة في عام ‪ 1988‬من العرب الذين شاركوا‬ ‫في القتال في أفغانستان ضد االتحاد السوفياتي وكان الهدف املعلن للتنظيم‬ ‫هو تأسيس خالفة إسالمية تشمل العالم اإلسالمي كافة‪ .‬وسعيا لتحقيق‬ ‫ذلك الهدف‪ ،‬كان تنظيم القاعدة يستهدف توحيد املسلمني لقتال الغرب خاصة‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬واإلطاحة باألنظمة اإلسالمية التي اعتبرها التنظيم «كافرة»‬ ‫والتخلص من النفوذ الغربي في الدول اإلسالمية وهزيمة إسرائيل‪ .‬وأصدر‬ ‫التنظيم بيانا في فبراير (شباط) ‪ 1998‬يعلن فيه تأسيس «الجبهة اإلسالمية‬ ‫العاملية للجهاد ضد اليهود والصليبيني» ويدعو كافة املسلمني إلى قتل املواطنني‬ ‫األميركيني – سواء كانوا مدنيني أم عسكريني ‪ -‬باإلضافة إلى حلفائهم في‬ ‫كل مكان‪ ،‬ثم اندمجت الجماعة الحقا مع حركة الجهاد اإلسالمي املصرية في‬ ‫يونيو (حزيران) ‪.2001‬‬

‫يتألف تنظيم ال�ق��اع��دة ف��ي شبه ال�ج��زي��رة العربية م��ن متطرفني س�ن��ة‪ ،‬وك��ان‬ ‫مسؤوال عن عدد من الهجمات اإلرهابية‪ ،‬كان أشهرها تلك العملية التي استعان‬ ‫فيها التنظيم بعمر ف��اروق عبد املطلب‪ ،‬نيجيري املولد‪ ،‬ال��ذي ح��اول تفجير‬ ‫طائرة «نورث إير الين ‪ »253‬املتجهة من أمستردام بهولندا إلى ديترويت بوالية‬ ‫ميتشيغان في ‪ 25‬ديسمبر (كانون األول) ‪ – 2009‬وهي أول محاولة لشن‬ ‫هجوم داخل الواليات املتحدة ينفذه تنظيم تابع لـ«القاعدة» منذ هجمات ‪11‬‬ ‫سبتمبر ‪ ،2001‬تلته محاولة أخرى تضمنت إرسال طرود تحمل متفجرات‬ ‫إلى الواليات املتحدة في ‪ 27‬أكتوبر (تشرين األول) ‪ .2010‬كما شهد عام ‪2010‬‬ ‫ذاته نشأة مجلة «إنسباير» وهي مجلة تصدر تحت لواء تنظيم القاعدة في‬ ‫شبه الجزيرة العربية باللغة اإلنجليزية ثم تالها تأسيس التنظيم لوكالة أنباء‬ ‫«مدد» الصادرة باللغة العربية في ‪.2011‬‬

‫وفي ‪ 11‬سبتمبر (أيلول) ‪ ،2001‬اختطف ‪ 19‬مهاجما انتحاريا من تنظيم‬ ‫القاعدة أربع طائرات أميركية تجارية‪ ،‬اصطدمت اثنتان منها بمركز التجارة‬ ‫العاملي بمدينة نيويورك واصطدمت األخرى بمقر البنتاغون على مقربة من‬ ‫واشنطن العاصمة بينما سقطت الرابعة بأحد حقول شانكسفيل ببنسلفانيا‪.‬‬ ‫وقد أسفرت تلك العملية عن مقتل ‪ 3000‬شخص‪ .‬كما أدار تنظيم القاعدة قبل‬ ‫ذلك أيضا هجوم ‪ 12‬أكتوبر (تشرين األول) ‪ 2000‬على البارجة األميركية «يو‬ ‫إس إس كول» في ميناء عدن باليمن والذي أسفر عن مقتل ‪ 17‬بحارا أميركيا‬ ‫وإصابة ‪ 39‬آخرين كما نفذ التنظيم تفجيرات أغسطس ‪ 1998‬على السفارات‬ ‫األميركية في نيروبي بكينيا ودار السالم بتنزانيا وهو ما أسفر عن مقتل‬ ‫‪ 224‬شخصا وإصابة أكثر من ‪ 5000‬شخص‪ .‬ومنذ عام ‪ ،2002‬شن تنظيم‬

‫وكان أنور العولقي‪ ،‬الذي يحمل الجنسيتني األميركية واليمنية والذي كان يتمتع‬ ‫بشعبية واسعة باعتباره منظرا راديكاليا‪ ،‬واحدا من أهم أعضاء التنظيم ولكنه‬ ‫قتل في عملية تفجيرية في سبتمبر ‪ .2011‬وفي أغسطس ‪ ،2013‬أغلقت وزارة‬ ‫الخارجية األميركية مؤقتا الكثير من السفارات في أعقاب تهديد أصدره تنظيم‬ ‫القاعدة في شبه الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫نشأ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في يناير (كانون الثاني) في ‪2009‬‬ ‫في أعقاب إعالن إرهابيني يمنيني وسعوديني التوحد تحت مظلة مشتركة إيذانا‬ ‫باعتزام التنظيم العمل كمركز لإلرهاب اإلقليمي‪ .‬وكانت قيادة هذا التنظيم‬ ‫الجديد تتكون من أمير الجماعة وهو ناصر الوحيشي ونائبه الذي قتل اآلن‬ ‫وهو سعيد الشهري والعسكري قاسم الريمي‪ .‬وكانت الجماعة في البداية تركز‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫إلجهاض خالياهم النشطة والنائمة‪.‬‬ ‫ االحتواء اإلنساني بإعادة تأهيل املغرر بهم‪.‬‬‫ولعل أبرز ما تحقق في هذا السياق تراجع الكثير من املنظرين للفكر التكفيري‬ ‫املنحرف عن فتاواهم التي استندت عليها عناصر الفئة الضالة في القيام‬ ‫بأعمالها اإلجرامية وأك��دوا أن فتاواهم تلك خاطئة وتراجعوا عنها وأعلنوا‬ ‫توبتهم‪.‬‬ ‫وفي سياق الجهود العلمية والدولية‪ ،‬نظمت اململكة بالتزامن مع املؤتمر الدولي‬ ‫ملكافحة اإلرهاب حملة التضامن الوطني ملكافحة اإلرهاب في مختلف مناطق‬ ‫اململكة دامت أسبوعا كامال شاركت فيها جميع القطاعات التعليمية واألمنية‬ ‫وهدفت إلى زي��ادة الوعي العام في دعم التعاون بني أف��راد املجتمع السعودي‬ ‫للتصدي للعمليات اإلرهابية وتعزيز االنتماء للوطن والدفاع عنه ومكافحة الغلو‬ ‫والتطرف‪ .‬وأصدرت اململكة جملة من األنظمة والتعليمات واللوائح الستخدام‬ ‫شبكة اإلنترنت واالشتراك فيها بهدف مواجهة االعتداءات اإللكترونية واإلرهاب‬ ‫اإللكتروني إضافة إلى تنظيم الجهات املعنية دورات تدريبية كثيرة عن موضوع‬ ‫مكافحة ج��رائ��م الحاسب اآلل��ي لتنمية م�ع��ارف العاملني ف��ي مجال مكافحة‬ ‫الجرائم التي ترتكب عن طريق الحاسب اآللي وتحديد أنواعها‪.‬‬ ‫وألج��ل إع��ادة تنظيم جمع التبرعات لألعمال الخيرية التي قد تستغل لغير‬ ‫األعمال املشروعة قامت بإنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى اإلشراف والتنظيم‬ ‫على جميع األعمال اإلغاثية والخيرية بهدف تنظيم عمل تلك الهيئات حتى ال‬ ‫تذهب هذه األموال والتبرعات لجماعات إرهابية‪.‬‬

‫اإلره��اب وتمويله محاكمة عادلة بما في ذل��ك حقهم في الدفاع عن أنفسهم‬ ‫وتعويض من تثبت براءته منهم‪.‬‬ ‫(كانون األول) املاضي نظام‬ ‫كما أقر مجلس ال��وزراء السعودي في ديسمبر ُ‬ ‫«مكافحة اإلرهاب وتمويله»‪ ،‬وهو يعد نظاما إجرائيا أخذ فيه بمبدأ التوازن بني‬ ‫األخطار التي تؤول إليها تلك الجرائم‪ ،‬وحماية حقوق اإلنسان التي حفظتها‬ ‫وأكدت عليها الشريعة اإلسالمية‪ .‬وحدد النظام ‪ -‬بشكل دقيق ‪ -‬املراد بالجريمة‬ ‫اإلرهابية بأنها «كل فعل يقوم به الجاني تنفيذا ملشروع إجرامي ف��ردي أو‬ ‫جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر‪ُ ،‬يقصد به اإلخ�لال بالنظام العام‪ ،‬أو‬ ‫زعزعة أمن املجتمع واستقرار الدولة‪ ،‬أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر‪ ،‬أو‬ ‫تعطيل النظام األساسي للحكم أو بعض مواده‪ ،‬أو اإلساءة إلى سمعة الدولة أو‬ ‫مكانتها‪ ،‬أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية‪ ،‬أو محاولة‬ ‫إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما أو االمتناع عنه‪ ،‬أو التهديد بتنفيذ‬ ‫أعمال تؤدي إلى املقاصد املذكورة أو التحريض عليها»‪.‬‬

‫كما حدد النظام اإلج��راءات الالزمة والضمانات الواجبة عند التعامل مع كل‬ ‫من ُيشتبه في ارتكابه جريمة إرهابية أو تمويلها‪ ،‬ومن أبرز هذه اإلج��راءات‬ ‫والضمانات‪ ،‬تخويل وزي��ر الداخلية بإيقاف إج��راءات االتهام تجاه من بادر‬ ‫باإلبالغ عن إحدى الجرائم الواردة في النظام ‪ -‬قبل البدء في تنفيذها ‪ -‬وتعاون‬ ‫مع السلطات املختصة أثناء التحقيق للقبض على مرتكبيها أو على غيرهم‬ ‫ممن لهم صلة بجريمة مماثلة في النوع أو الخطورة‪ ،‬وخول النظام كذلك وزير‬ ‫كما يبرز املؤتمر الدولي ملكافحة اإلرهاب الذي دعت إليه اململكة وعقد بمدينة الداخلية باإلفراج عن املوقوف أو املحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة‪.‬‬ ‫الرياض أوائل شهر فبراير عام ‪2005‬م واحدا من الجهود الدائبة للمملكة في‬ ‫مكافحة هذه اآلفة العاملية في إطار دولي وجانب من جوانب عمل اململكة املستمر جهود السعودية الحثيثة في محاربة اإلرهاب‪ ،‬قادت األمم املتحدة في سبتمبر‬ ‫في محاربة اإلرهاب حيث ترى اململكة دائما أن القضاء على اإلرهاب لن يجري (أيلول) ‪ 2011‬إلى التوقيع على اتفاقية تأسيس «مركز األمم املتحدة ملكافحة‬ ‫اإلره��اب» بني السعودية ومنظمة األم��م املتحدة‪ ،‬بمساهمة من اململكة بمبلغ‬ ‫إال بتعاون دولي في استئصال جذوره ومعالجة أسبابه‪.‬‬ ‫وبذلت اململكة جهودها إلنجاح املؤتمر الدولي ملكافحة اإلره��اب إيمانا منها عشرة ماليني دوالر للتمويل في تأسيس املركز لتؤكد أن اإلرهاب ال دين له‬ ‫بأن املؤتمر يمثل عزم األسرة الدولية للقضاء على اإلره��اب‪ .‬وعلى مستوى وال يمثل الدين أو املجتمع الذي ينتمي إليه اإلرهابيون‪ .‬وأن اململكة من أوائل‬ ‫التشريع والقضاء‪ ،‬تم إنشاء محكمة خاصة للنظر في قضايا اإلرهاب تحت ال��دول تصديا ل�لإره��اب على مختلف الصعد محليا وإقليميا ودول�ي��ا قوال‬ ‫اس��م املحكمة الجزائية املتخصصة‪ ،‬كذلك استحداث دائ��رة مختصة بهيئة وعمال‪ ،‬فضال عن أنه تأكيد على اهتمام اململكة باملساهمة في الجهود الدولية‬ ‫التحقيق واإلدعاء العام تحت اسم «دائرة قضايا أمن الدولة» لتتولى التعامل ملكافحة اإلرهاب كظاهرة خطيرة تتعارض مع جميع القيم واملبادئ اإلنسانية‬ ‫مع مثل هذه القضايا وتوفير جميع الضمانات التي توفر للمتهمني في قضايا والشرائع السماوية <‬

‫عناصر جبهة النصرة‬ ‫في مدينة دير الزور السورية‬

‫‪,,‬‬

‫وصل الخطر إلى‬ ‫نسيج املجتمعات‬ ‫العربية ومنها‬ ‫السعودية‬ ‫واتخذ دعاة‬ ‫التطرف وأنصار‬ ‫الجماعات‬ ‫الدينية الدموية‬ ‫كـ«داعش»‬ ‫و«النصرة» من‬ ‫الساحة السورية‬ ‫مسرحا للتجنيد‬ ‫والتعبئة‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪23‬‬


‫قصة الغالف‬

‫عانت السعودية من اإلرهاب وجرائمه كثيرا‪ ،‬وكبدها ذلك خسائر من أرواح أبنائها وشبابها‪ ،‬لكنها واجهته‬ ‫بحزم وقوة‪ ،‬وصبر وإصرار فهزمته وانتصرت عليه‪ ،‬وأصبحت نموذجا يدرس وتجربة تحتذيها الدول في‬ ‫مكافحة اإلرهاب‪ .‬اتخذت السعودية في حربها الطويلة مع اإلرهاب‪ ،‬جهودا وخططا متوازية لم تقتصر على‬ ‫الجانب األمني فقط‪ ،‬بل ترافق معها مشاريع فكرية واجتماعية وتوعوية‪ ،‬ولجان مناصحة واحتواء ورعاية‬ ‫للمغرر بهم من ضحايا جماعات التطرف‪ ،‬كما سنت عددا من التشريعات القانونية‪ ،‬والقضائية التي تساهم‬ ‫في حماية املجتمع من آثار هذه الظاهرة وتقضي عليها‪.‬‬

‫حرب طويلة‪ ..‬جهود متوازية‪ ..‬وتجربة نجاح رائدة‬

‫السعودية يف مواجهة اإلرهاب‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫عبد الله الرشيد‬

‫‪,,‬‬

‫بذلت اململكة‬ ‫جهودها‬ ‫إلنجاح املؤتمر‬ ‫الدولي ملكافحة‬ ‫اإلرهاب‬ ‫إيمانا منها‬ ‫بأن املؤتمر‬ ‫يمثل عزم‬ ‫األسرة الدولية‬ ‫للقضاء على‬ ‫اإلرهاب‬

‫‪,,‬‬

‫‪22‬‬

‫خالل خطابه بمناسبة عيد الفطر‪ ،‬في أغسطس (آب) املاضي‪ ،‬أكد‬ ‫خادم الحرمني الشريفني ملك اململكة العربية السعودية‪ ،‬التزام اململكة‬ ‫بمكافحة اإلرهاب الدولي‪ ،‬داعيا األمة اإلسالمية «للصمود في وجه‬ ‫دعاة التحريض والتضليل والضالل الذين يسعون لتشويه سمعة اإلسالم»‪.‬‬ ‫وتأكيدا وإنفاذا لهذا العزم‪ ،‬قرر العاهل السعودي وفي أمر ملكي حازم ‪ -‬مطلع‬ ‫شهر فبراير (شباط) ‪ -‬تجريم كل من يشارك في األعمال القتالية خارج اململكة‬ ‫من السعوديني‪ ،‬وسن قوانني للمعاقبة بالسجن على من يثبت في حقه املشاركة‬ ‫مع التنظيمات اإلرهابية سواء بالعمل املباشر أو الدعم املادي أو املعنوي‪.‬‬ ‫يأتي هذا القرار بعد مرور أكثر من ثالث سنوات‪ ،‬وماليني القتلى والجرحى‬ ‫واملهجرين واملشردين واملفقودين السوريني‪ ،‬ومنذ بداية األزمة السوداء في‬ ‫سوريا‪ ،‬والسعودية تقرع أجراس الخطر‪ ،‬وتنبه العالم لخطر اإلهمال والتسويف‪،‬‬ ‫خوفا من تحول سوريا ملركز جاذب لإلرهابيني بسبب عجز العالم عن حل‬ ‫املشكلة‪ .‬لكن لم يصغ أحد‪.‬‬ ‫وص��ل الخطر إل��ى نسيج املجتمعات العربية ومنها السعودية‪ ،‬واتخذ دعاة‬ ‫التطرف وأنصار الجماعات الدينية الدموية كـ«داعش» و«النصرة» من الساحة‬ ‫السورية مسرحا للتجنيد والتعبئة‪ .‬هنا كان األمر امللكي السعودي األخير‪،‬‬ ‫حازما وحاسما في قطع الطريق على من يريد املتاجرة بعواطف السعوديني‬ ‫تجاه مأساة الشعب السوري‪ ،‬أو حرف قضية السوريني عن مسارها الوطني‬ ‫اإلنساني إلى مسار متطرف مغامر‪ ،‬يريد إشعال الحرب الدينية في كل مكان‪.‬‬ ‫خلف هؤالء املنضوين في جماعتي «داعش» و«النصرة» في سوريا‪ ،‬وأمثالهما‬ ‫في اليمن وأفغانستان والصحراء الكبرى وسيناء مصر‪ .‬خلف هؤالء عمق‬ ‫ممتد في املجتمعات من ممولني ومجندين ومروجني للدعاية‪.‬‬ ‫كان ال بد من مواجهة هؤالء‪ ،‬ليس بالتلميح في فتاوى علماء الدين املناهضني‬ ‫لهذه الجماعات فقط‪ ،‬ب��ل ك��ان ال ب��د ‪ -‬م��ع ه��ذا ‪ -‬م��ن وض��ع مسطرة قانونية‬ ‫واضحة‪ ،‬ورسم خط نّبي على األرض يعاقب من تعداه‪.‬‬ ‫األمر امللكي واضح وهو ينص على أنه يعاقب بالسجن مدة ال تقل عن ‪ 3‬سنوات‪،‬‬ ‫وال تزيد على ‪ 20‬سنة‪ ،‬كل من شارك ‪ -‬كائنا من كان ‪ -‬في القتال الخارجي‬ ‫أو انتمى للجماعات املتطرفة أو دعمها بالتمويل أو الدعاية أو ساهم معها‬ ‫بأي صفة‪ .‬وإذا كان الفاعل لهذا من القوات العسكرية فتكون العقوبة أغلظ‪.‬‬ ‫من أجل رسم خط فاصل للناس على األرض ّ‬ ‫وجه األمر امللكي بتشكيل لجنة‬ ‫حكومية تشترك فيها عدة وزارات مع االدعاء العام وديوان املظالم‪ ،‬تعد قائمة‪،‬‬ ‫يعتمدها النظر امللكي‪ ،‬تحدث دوريا بهذه التيارات والجماعات‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫السعودية هي صاحبة مبادرة املركز الدولي ملكافحة اإلرهاب‪ ،‬وهي صاحبة‬ ‫الجهود املؤثرة على مستوى العالم‪ ،‬من خالل التعاون األمني االستخباري‪،‬‬ ‫والسياسي‪ ،‬ملكافحة جماعات اإلرهاب الديني‪ ،‬بسبب الخوف على استقرار‬ ‫السعودية وبسبب الخوف على سمعة اإلس�لام أيضا وبسبب الخوف على‬ ‫االستقرار في اإلقليم والعالم‪ .‬السعودية حني تكافح اإلرهاب وجماعات التطرف‬ ‫داخليا وخارجيا‪ ،‬فهي تمثل نهجها وتتمثل ذاتها‪ ،‬وليست تناور بورقة اإلرهاب‬ ‫كما يفعل غيرها‪ .‬وألج��ل ذل��ك سنت السعودية إج ��راءات ومشاريع شاملة‬ ‫ملواجهة قوى التطرف على كافة املستويات املحلية واإلقليمية والعاملية‪ .‬فعلى‬ ‫املستوى املحلي حاربت اململكة اإلرهاب من خالل خطني متوازيني هما املعالجة‬ ‫األمنية واملعالجة الوقائية الفكرية‪ .‬في مستوى املعالجة األمنية سجلت السلطات‬ ‫األمنية إنجازات غير مسبوقة تمثلت في الضربات االستباقية وإفشال أكثر‬ ‫من ‪ 95‬في املائة من العمليات اإلرهابية‪ ،‬ثم اختراق الدائرة الثانية ألصحاب‬ ‫الفكر الضال وهم املتعاطفون واملمولون لإلرهاب الذين ال يقلون خطورة عن‬ ‫املنفذين للعمليات اإلرهابية فتم القبض على الكثير منهم‪.‬‬ ‫ولهذا يؤكد كثير من املراقبني أن تجربة اململكة في مكافحة اإلرهاب وكشف‬ ‫املخططات اإلرهابية قبل تنفيذها عكست تفوقا غير مسبوق يسجل للسعودية‬ ‫سبقت إليه دوال متقدمة كثيرة عانت من اإلرهاب عقودا طويلة‪.‬‬ ‫وفيما يتصل باملعالجة ال��وق��ائ�ي��ة شكلت وزارة ال��داخ�ل�ي��ة ال�س�ع��ودي��ة (لجنة‬ ‫املناصحة) وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة واملفكرين بهدف‬ ‫تصحيح املفاهيم الخاطئة واملغلوطة لدى املوقوفني‪ ،‬فكان إنشاء (مركز األمير‬ ‫محمد بن نايف للمناصحة والرعاية) الذي يهدف لكشف الشبهات وتوضيح‬ ‫املنزلقات الفكرية التي يتبناها أصحاب الفكر املنحرف الذي يقود إلى اإلرهاب‬ ‫من أجل إعادة املوقوفني إلى رشدهم وتصحيح مفاهيمهم من خالل االستعانة‬ ‫بعلماء الشريعة واملختصني في العلوم االجتماعية والنفسية واملثقفني ورجال‬ ‫األعمال وإتاحة الفرصة لهم ملقابلة هذه الفئة ومناقشتهم بكل حرية والرد على‬ ‫شبهاتهم وانتهاج أسلوب الحوار واإلقناع مع بعض أتباع هذا الفكر‪ ،‬وتغيير‬ ‫الكثير من القناعات السابقة لديهم وعرض هذه التراجعات عبر وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫وتشكلت املحاور الرئيسة التي انتهجتها اململكة في محاربة اإلره��اب على‬ ‫خمسة محاور مهمة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ تفنيد حججهم الفكرية‪.‬‬‫ محاصرة منافذ التبشير بأفكارهم‪.‬‬‫ تجفيف منابع تجنيدهم لألتباع وإغالق مصادرهم في التمويل‪.‬‬‫‪ -‬تفكيك شبكاتهم ال�ق��ائ�م��ة‪ ،‬م��ن خ�لال امل �ب��ادرة بعمليات نوعية استباقية‬


‫وختم بقرادوني املبادرة باقتراح اآللية اآلتية «عند االستحصال على‬ ‫املوافقة املبدئية من الرئيس إميل لحود‪ ،‬يلتقي إميل إميل لحود وكريم‬ ‫ب�ق��رادون��ي بالجنرال ع��ون ف��ي ب��اري��س ل��وض��ع ه��ذه امل �ب��ادرة موضوع‬ ‫التنفيذ»‪ .‬ويضيف بقرادوني «سلمت نص امل�ب��ادرة إل��ى اب��ن الرئيس‬ ‫لحود‪ ،‬ال��ذي حملها إل��ى دمشق وعرضها على صديقه ماهر األسد‬ ‫الذي استوضح املالبسات والخلفيات‪ ،‬واستمهل إلى حني عودة شقيقه‬ ‫بشار األس��د من الخارج‪ .‬وقبل أن يصل لحود إلى بيروت اتصل به‬ ‫ماهر األسد ليخبره بأن الرئيس بشار عاد لتوه ووافق على املبادرة‬ ‫ش��رط أن يكون ح��زب الله شريكا في العملية‪ ،‬وأن تحصل بإشراف‬ ‫مباشر من الرئيس لحود»‪.‬‬ ‫بقرادوني «دخلنا على عون في‬ ‫في ‪ 8‬أبريل (نيسان) ‪ ،2005‬يروي‬ ‫ّ‬ ‫الوقت املحدد‪ .‬بادره إميل لحود بالقول «بيسلم عليك الوالد»‪ .‬هز عون‬ ‫رأس��ه ول��م يقل شيئا (‪ )...‬ش��رح لحود االب��ن لعون تفاصيل املبادرة‬ ‫والخطوات التي تمت تسهيال لعودته‪ ،‬ونقل إليه حرص والده على أمنه‬ ‫وسالمته‪ ،‬واقترح عليه أن يختار مجموعة من الضباط والجنود الذين‬ ‫يرتاح لفصلهم على سبيل الحماية»‪ .‬أخرج عون من جيبه ورقة بمطالبه‬ ‫وسلمها لبقرادوني‪ ،‬وهي تتضمن معالجة الدعاوى واألحكام املتعلقة به‬ ‫وبكل من بيار رفول وحبيب فارس وفايز كرم‪ ،‬فطمأنه بقرادوني بأن‬ ‫«كل املواضيع الواردة فيها قابلة للمعالجة بتوجيهات رئيس الجمهورية‬ ‫ألن عودتك هي لدواعي املصلحة العليا»‪.‬‬ ‫اطمأن عون إلى أن املبادرة تسير على ما يرام‪ ،‬وقال للوفد ّ‬ ‫«حددت ‪7‬‬ ‫أيار تاريخا لعودتي»‪ .‬في هذه الظروف عاد عون‪ ،‬وأقنع املسيحيني بأن‬ ‫الفوضى القائمة في العراق وسوريا خصوصا مع وحشية الصور‬ ‫تطرف حزب الله أفضل لهم من اعتدال السنة‪.‬‬ ‫اآلتية من هناك‪ ،‬ليحذر املسيحيني من املصير الذي ينتظرهم في حال‬ ‫انتصرت تلك الحركات‪.‬‬ ‫النظام اللبناني ليس نظاما مثاليا‪ ،‬وهو بحاجة من دون شك إلى تطوير‪،‬‬ ‫ولكن يبقى لبنان بلدا ميثاقيا‪ ،‬حيث إن التعايش يكون في النفوس‬ ‫طبعا املزاج الشعبي املسيحي كان مهيأ لهذا الكالم‪ ،‬فهو املحبط نظرا‬ ‫قبل أن يكون في القوانني والدساتير‪ .‬هو ه��ذا االلتماس اليومي بني‬ ‫للظروف السياسية القاسية التي تعرض لها إب��ان عصر الوصاية‬ ‫أشخاص عاديني يعيشون ويعملون ويأكلون ويضحكون ويبكون‬ ‫السورية‪ ،‬وقبال مع الطائف الذي اعتبره اتفاقا أخذ من نفوذه وأعطاه‬ ‫معا‪ ،‬ويحترمون اختالفهم الديني‪ ،‬ويعيشونه بسالم‪ .‬يقول ميشال‬ ‫للطائفة السنية‪ .‬أض��ف أن نظرية االنفصال عن املحيط كانت دائما‬ ‫شيحة‪ ،‬أب��و ال��دس�ت��ور اللبناني‪ ،‬وأح��د امل��داف�ع�ين ع��ن فلسفته «طبعا‪،‬‬ ‫قائمة في بعض الوجدان املسيحيني‪ .‬في فترة النضال االستقاللية‬ ‫الحلم هو أن نرى اللبنانيني يتفقون كلهم فجأة‪ .‬لكن ذلك ال يمكن أن‬ ‫كانت النزعة تجنح نحو اإلبقاء على فرنسا قوة منتدبة‪ ،‬ثم إبان الحرب‬ ‫يكون إال حلما‪ .‬لن يقوى أحد على اجتراح أعجوبة توحيد اللبنانيني‬ ‫األهلية كان العامل الفلسطيني سببا لالنفصال عن املسلمني‪ ،‬أما اليوم‬ ‫في يوم واح��د‪ ،»...‬ليس «بالتنازالت السريعة والجسيمة‪ ،‬ولو متبادلة‬ ‫فالتطرف التكفيري هو الحجة األكثر رواجا عند محبي الفيدرالية أو‬ ‫يتوحد لبنان‪ ،‬كما ال يعيش إذا كانت كل طائفة تعيش وامل�ي��زان في‬ ‫التقسيم‪.‬‬ ‫يدها‪ ،‬تضع وزيرا قبالة وزير‪ ،‬وحاجبا قبالة حاجب‪ ،‬فتسوق لبنان إلى‬ ‫فهم عون أن هناك فرصة الستغالل الخوف املسيحي في ظل التحوالت حدود الحلول املستحيلة‪ .‬والعدالة إذا أكثرنا من موازنتها تنقلب ظلما‪،‬‬ ‫الكبرى في العالم العربي‪ .‬لكنه وبدل أن يتحالف مع القوى املعتدلة في ألنها تبعدنا عن مكسب الطائفية الوحيد‪ ،‬الذي تعلمناه عبر األجيال‪:‬‬ ‫املجتمع اللبناني فضل أن يتحالف مع حزب الله القوى األكثر تشددا في التسامح والتعايش»‪.‬‬

‫املجتمع اللبناني‪ .‬طبعا استدارة عون شرحها الحقا كريم بقرادوني‬ ‫في كتابه «صدمة وصمود‪ ..‬مبادرة لعودة ميشال عون»‪ ،‬التي أعدها‬ ‫ّ‬ ‫كريم بقرادوني وكانت تتضمن «أن يسهر رئيس الجمهورية بالتفاهم‬ ‫م��ع دمشق على إق�ف��ال ك��ل امللفات وال��دع��اوى القضائية املقامة ضد‬ ‫الجنرال ع��ون ورفيقيه الجنرالني عصام أب��و جمرا وإدغ ��ار معلوف‬ ‫وسائر الضباط املوالني‪ ،‬وسداد التعويضات املستحقة لهم‪ ،‬وحماية‬ ‫أمن الجنرال الشخصي حني عودته في لبنان»‪.‬‬ ‫في املقابل «يتعهد الجنرال عون الدفاع عن موقع رئاسة الجمهورية‪،‬‬ ‫والقبول بتأجيل االنتخابات النيابية إلى ما بعد إتمام االنسحاب الكامل‬ ‫للجيش السوري من لبنان‪ ،‬وإصدار قانون جديد لالنتخابات إفساحا‬ ‫في املجال لخوض انتخابات ح��رة ونزيهة في مناخات ديمقراطية‪،‬‬ ‫وتسوية مسألة س�لاح ح��زب الله بالحوار معه وم��ن دون اللجوء إلى‬ ‫استخدام القوة‪ ،‬وتأكيد ضرورة تحسني العالقات اللبنانية السورية‬ ‫املميزة»‪ ،‬وأن «يشارك عون في الحكومة شخصيا أو عبر من ينتدبه»‪.‬‬

‫ليس مستغربا أن ي�خ��اف املسيحيون‪ ،‬كما ب��اق��ي األق�ل�ي��ات‪ ،‬وكذلك‬ ‫املعتدلون في املجتمع اإلسالمي‪ ،‬من صعود التيارات املتشددة‪ ،‬ومن‬ ‫ظاهرة العنف والقتل على الهوية الدينية‪ ،‬من مصر إلى العراق إلى سوريا‬ ‫إلى لبنان‪ .‬من الطبيعي أن يخافوا من مجموعات تنتهك مقدساتهم‪،‬‬ ‫ولكن ال يمكن أن يكون الحل في االنفصال عن محيطهم إذا ما كان‬ ‫مضطربا‪ ،‬وال يمكن أن يكون الحل في تفضيل جماعات متشددة على‬ ‫أخرى‪ ،‬والتحالف مع واحدة ضد أخرى‪ ،‬تماما كما فعل ميشال عون‪،‬‬ ‫حيث تحالف مع تيار ال يقل خطورة عن التيارات املتشددة األخرى‬ ‫التي ينتقدها‪ ،‬إنما يكمن الحل في االلتصاق بالجماعات املعتدلة وما‬ ‫أكثرها‪ ،‬والعمل معها من أجل القضاء على ظاهرة التطرف واإلرهاب‪،‬‬ ‫والعمل على تمكني الديمقراطيني ونشر ثقافة حقوق اإلنسان وحرية‬ ‫التعبير واملساواة على أساس القيمة اإلنسانية‪.‬أليس هذا ما يحصل‬ ‫في تونس ت�ح��دي��دا؟‪ .‬املسيحيون اليوم في لبنان ليسوا بخير‪ ،‬وال‬ ‫مسيحيو املشرق العربي <‬

‫‪,,‬‬

‫مع الثورات‬ ‫العربية‬ ‫وصعود‬ ‫اإلسالم‬ ‫السياسي أعطى‬ ‫عون وفريقه‬ ‫ذريعة إضافية‬ ‫ليؤكد صوابية‬ ‫خياراته‬ ‫وتحالفاته‬ ‫مستغال‬ ‫الفوضى‬ ‫القائمة في‬ ‫العراق وسوريا‬

‫‪,,‬‬

‫أحمد‬ ‫األسير‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪21‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫كما ق��رر املسيحيون مقاطعة ال��دول��ة م��ن خ�لال اإلح�ج��ام ع��ن دخ��ول‬ ‫مؤسساتها‪ ،‬مما خلق أيضا خلال في التوزيع الطائفي لوظائف الدولة‪.‬‬

‫سوريا وإضعاف املسيحيني‬

‫‪,,‬‬

‫القادة‬ ‫الروحيون‬ ‫املسيحيون‬ ‫لم يكفوا‬ ‫عن املطالبة‬ ‫بانسحاب‬ ‫القوات‬ ‫السورية من‬ ‫لبنان‬ ‫وتطبيق اتفاق‬ ‫الطائف في‬ ‫عظاتهم أو‬ ‫في خطبهم‬ ‫ومواقفهم‬

‫‪,,‬‬

‫البطريرك‬ ‫بشارة‬ ‫بطرس‬ ‫الراعي‬

‫‪20‬‬

‫الوصاية السورية على لبنان والتي امتدت قرابة الخمسة عشر عاما‬ ‫أمعنت في إضعاف املسيحيني‪ .‬من خالل نفي أو سجن قيادتهم‪ ،‬أو من‬ ‫خالل توقيف والتضييق على الناشطني باألحزاب اللبنانية املناهضة‬ ‫لوجودهم‪ ،‬ال سيما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية‪ ،‬وغالبا من‬ ‫خالل الحد من حرية التعبير التي قدسوها‪.‬‬ ‫لكن القادة الروحيني املسيحيني لم يكفوا عن املطالبة بانسحاب القوات‬ ‫السورية من لبنان‪ ،‬وتطبيق اتفاق الطائف في عظاتهم أو في خطبهم‬ ‫ومواقفهم‪ .‬فدخول األميركيني إلى املنطقة عزز الشعور لدى اللبنانيني‬ ‫بأن تغييرا ما حاصال في املنطقة‪ .‬فازدادت املطالبة بانسحاب القوات‬ ‫السورية من لبنان‪ .‬وانضم إلى املسيحيني معظم الطوائف األخ��رى‪،‬‬ ‫وهو ما حصل بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام ‪ 2005‬على وقع‬ ‫املظاهرات الضخمة التي جمعت أكثر من مليون شخص من مختلف‬ ‫املناطق اللبنانية ومن مختلف االنتماءات السياسية والدينية في ساحة‬ ‫البرج مطالبني بالحرية والسيادة واالستقالل‪.‬‬ ‫وكان الصراع الشيعي السني بدأ يظهر إلى العلن في املنطقة خاصة‬ ‫بعد خلع الرئيس العراقي صدام حسني‪ .‬رويدا رويدا ستتوسع رقعة‬ ‫هذه املواجهة لتشمل كال من اليمن ولبنان والبحرين وسوريا‪.‬‬ ‫ث��ورة األرز تلك ك��ان من املفترض أن تكون تجسيدا لحلم اللبنانيني‬ ‫عامة واملسيحيني خصوصا‪ ،‬وسببا في توحد اللبنانيني على مختلف‬ ‫انتماءاتهم حول السيادة واالستقالل والحرية‪ .‬انسحاب السوريني من‬ ‫لبنان فتح اآلفاق أمام عودة زعمائهم من املنفى لتحرريهم من الوصاية‬ ‫كان يجب أن يكون فاتحة لعهد جديد‪.‬‬ ‫ولكن اتت انتخابات ‪ 2005‬النيابية‪ ،‬وكان املسيحيون يتوقون إلى أن‬ ‫يكون لهم قائد وزعيم يتساوى على األقل مع غيره من قادة الطوائف‬ ‫وزعمائها‪ ،‬فاستفاقوا على اتفاق رباعي بني األطراف املسلمة يرعى‬ ‫توزيع املقاعد النيابية‪ ،‬ويستثني عون العائد من املنفى‪.‬‬ ‫حقق عون نتائج فاقت توقعاته‪ ،‬واكتسح املقاعد املسيحية‪ ،‬وأصبح‬ ‫الزعيم األول عند املسيحيني‪ .‬وس��رع��ان م��ا ط��رأ تحول على خطابه‬ ‫السياسي‪ ،‬مستفيدا من حجم انتصاره في االنتخابات ومن النقذة‬ ‫املسيحية م��ن تحالف رب��اع��ي انتخابي إس�لام��ي‪ ،‬ض��م ك�لا م��ن تيار‬ ‫املستقبل وال�ح��زب التقدمي االش�ت��راك��ي وأم��ل وح��زب ال�ل��ه‪ ،‬ورأوا فيه‬ ‫م�ح��اول��ة الستتباعها‪ ،‬ول �ف��رض ممثليها عليهم ك�م��ا أي ��ام ال��وص��اي��ة‬ ‫السورية‪.‬‬

‫صورة ارشيفية لوزير الخارجية الفرنسي‬ ‫برنار كوشنير ونظيره االيطالي ماسيمو‬ ‫داليما وزعماء لبنان املتناحرين سياسيا‬ ‫من اليسار إلى اليمني ميشال عون وأمني‬ ‫الجميل‪ ,‬سعد الحريري ‪ ,‬سمير جعجع‪,‬‬ ‫مروان حمادة خالل اجتماع‬ ‫في مقر اقامة السفير الفرنسي‬ ‫في بيروت (أكتوبر ‪)2007‬‬

‫قاله بحق االثنني أيام املنفى املذهب الباريسي‪.‬‬ ‫من دون شك األسئلة كثيرة في شأن هذا التحالف بني متناقضني في‬ ‫الرؤية واألهداف واملبادئ‪ .‬ففي الوجدان الشعبي املسيحي حزب الله‬ ‫يناقض كل ما يؤمن به املسيحيون عموما وكل ما ناضلوا من أجله‬ ‫على مر القرون‪ .‬فاملسيحيون مثال ال يرون الغرب أو الواليات املتحدة‬ ‫كعدو‪ ،‬مثلما يراه حزب الله‪ ،‬ال بل كحليف‪.‬‬

‫ث��م كيف يمكن التوفيق ب�ين ت�ي��ار يمثله العماد ع��ون يعلن احترامه‬ ‫الدستور اللبناني شرعة للحكم‪ ،‬كما جاء في مبادئ التيار‪ ،‬مما يعني‬ ‫احترامه أن «الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة»‪ ،‬وبني حليف‬ ‫يؤمن بأن أوامر «الولي الفقيه» تعتبر في حكم القانون امللزم‪ ،‬بل هي‬ ‫مقدمة على كل قانون أو دستور في حال تعارضها معه‪ ،‬وأن الشرعية‬ ‫ال تأتي من الناس؟ كيف التوفيق بني تيار عون الذي يؤمن «بفصل‬ ‫املمارسة السياسية عن الدين‪ ،‬سعيا إلى الدولة العلمانية»‪ ،‬ومن يؤمن‬ ‫بأن سلطة الولي الفقيه تقوم «على أساس الشرعية اإللهية املباشرة‬ ‫وال تأتي من الناس»؟‬ ‫ّ‬ ‫الديمقراطية نظام حكم وأسلوب‬ ‫كيف يتعايش إيمان عون «بإرساء‬ ‫وبدل االنفتاح على جميع الفرقاء‪ ،‬ال سيما املطالبني بالحرية والسيادة ح �ي��اة»‪ ،‬م��ع نظرية ت�ق��وم أس��اس��ا على إل�غ��اء ال ��دور السياسي لألمة‪،‬‬ ‫واالستقالل‪ ،‬أعلن الجنرال عون العداء للطائفة السنية‪ ،‬وبدأ في التقارب وتتعامل مع فقيه ّ‬ ‫منصب من قبل الله‪ ،‬ال يمكن االعتراض على سياسته‬ ‫مع حزب الله‪ ،‬وصوال إلى ورقة تفاهم‪ ،‬وقعها وأمني عام حزب الله حسن وتأخذ تصرفاته صبغة مقدسة غير قابلة للمساس؟‬ ‫نصر الله في كنيسة مار مخايل في ضاحية بيروت الجنوبية‪ ،‬مباشرة‬ ‫نشر‬ ‫بعد يوم من تحول االحتجاجات من قبل متظاهرين غاضبني من‬ ‫ه��ذه األسئلة وغيرها لم تمنع ع��ون من االس�ت��دارة امل��دروس��ة‪ ،‬وجنح‬ ‫وسلم)‪،‬‬ ‫صحيفة دنماركية رسوما مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه‬ ‫خ�ط��اب��ه ال��داخ�ل��ي ن�ح��و ال�ك��راه�ي��ة الطائفية وال�ع�ن�ص��ري��ة‪ ،‬متهما تيار‬ ‫عشرات‬ ‫إلى فوضى أعادت مشاهد الحرب في لبنان‪ ،‬والتي أصيب فيها‬ ‫املستقبل بخراب البلد‪ ،‬والسرقة‪ .‬وأف��رد إعالمه لهذا األم��ر‪ ،‬وأص��در‬ ‫للتدمير‬ ‫في صدامات مع الشرطة‪ ،‬بينما تعرضت ممتلكات وسيارات‬ ‫كتابا بعنوان «اإلبراء املستحيل» يتهم فيه الحريرية السياسية بهدر‬ ‫واعتداءات في املنطقة الشرقية املسيحية في بيروت‪.‬‬ ‫املال العام‪.‬‬ ‫وهكذا انتقل عون ومعه قاعدة مسيحية كبيرة إلى الضفة األخ��رى‪،‬‬ ‫متكئا على الخوف املسيحي مجددا‪ .‬فشارك في محاصرة السراي اإلسالم السياسي‬ ‫الحكومي مع حلفائه الجدد‪ ،‬وبدأ رحلة التقرب من النظام السوري فزار‬ ‫الرئيس األسد في أكثر من مناسبة‪ ،‬وغطى ارتكابات سالح حزب الله ومع الثورات العربية وصعود اإلسالم السياسي أعطى عون وفريقه‬ ‫بحق السلم األهلي اللبناني كما في ‪ 7‬مايو (أيار)‪ ،‬وتراجع عن كل ما ذري�ع��ة إضافية ليؤكد على صوابية خ�ي��ارات��ه‪ ،‬وتحالفاته‪ ،‬واستغل‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫محيطهم‪ ،‬ع�ب��رت عنها الجبهة اللبنانية ال�ت��ي جمعت أب��رز األح��زاب‬ ‫املسيحية‪ ،‬باإلضافة إلى رج��ال فكر‪ ،‬كالدكتور ش��ارل مالك وامل��ؤرخ‬ ‫جواد بولس‪ ،‬أو املؤرخ فؤاد افرام البستاني‪ .‬في املقابل ظلت الكنيسة‬ ‫املارونية تؤمن بلبنان املوحد‪ ،‬وباندماج املسيحيني في محيطهم‪.‬‬

‫ّ‬ ‫مسيحيي لبنان ومسلميه على تحقيق الخطوة ذاتها في بلدان أخرى»‪.‬‬ ‫م��ن دون أدن��ى ش��ك ك��ان��ت ال�ح��رب األه�ل�ي��ة اللبنانية م��دم��رة للمجتمع‬ ‫املسيحي‪ .‬فهو إل��ى ج��ان��ب قتاله ض��د ال�ق��وى الفلسطينية ف��ي أول��ى‬ ‫مراحل الحرب ومن ثم القوات السورية‪ ،‬شهد تقاتال داخليا شرسا‪،‬‬ ‫وانتفاضات دموية متتالية‪ ،‬كانت آخرها حرب اإللغاء عام ‪ ،1989‬بني‬ ‫أل��وي��ة الجيش اللبناني تحت إم��رة ق��ائ��ده الجنرال ع��ون وق��ائ��د القوات‬ ‫اللبنانية سمير جعجع‪ ،‬والتي انتهت بدخول الجيش السوري املناطق‬ ‫املسيحية عام ‪ ،1991‬ونفي الجنرال عون‪ ،‬ومن بعدهما سجن سمير‬ ‫جعجع‪.‬‬

‫هذه النزعة لالنفصال عن املحيط اإلسالمي لم تكن أبدا وليدة الحرب‬ ‫األهلية اللبنانية التي اندلعت في ع��ام ‪ ،1975‬بل كانت حاضرة أيام‬ ‫الحركة االستقاللية اللبنانية منتصف ال�ق��رن امل��اض��ي‪ ،‬حيث بعض‬ ‫ال�ت�ي��ارات املسيحية ك��ان��ت تفضل ع��دم االن�ف�ص��ال ع��ن فرنسا‪« ،‬األم‬ ‫الحنون»‪ ،‬كما كان يعرف بها اللبنانيون‪ ،‬وتلك النزعة كانت حاضرة‬ ‫في أعوام الحرب األهلية أيضا في فكر الجماعات املسلحة املسيحية‪ ،‬مع اعتماد الطائف دستورا‪ ،‬بعد انتهاء الحرب األهلية اللبنانية عام‬ ‫وهي حاضرة اليوم أيضا في خضم التحوالت الكبرى للعالم العربي ‪ ،1991‬شعر املسيحيون بأنهم خ�س��روا ام�ت�ي��ازات لطاملا اعتبروها‬ ‫ضمانات لوجودهم‪ .‬لم يعد رئيس الجمهورية صاحب الصالحيات‬ ‫وصعود نجم الحركات اإلسالمية املتشددة‪.‬‬ ‫الواسعة ال بل املطلقة‪ ،‬بحسب دستور الطائف لم يعد يحق له التصويت‬ ‫في املقابل‪ ،‬كانت هناك رغبة في االندماج باملحيط‪ ،‬عبرت عنها الكنيسة داخل مجلس الوزراء بعد أن كان هو يعني رئيس الحكومة وهو يقيله‪.‬‬ ‫املارونية في كل املراحل الحساسة التي مر بها لبنان‪ .‬ودعوة الطوباوي أصبحت تلك الصالحيات موزعة على مجلس ال��وزراء مجتمعا‪ .‬أما‬ ‫يوحنا بولس الثاني ملسيحي لبنان‪ ،‬عام زيارته للبنان‪ ،‬ليست سوى تقسيم املقاعد النيابية‪ ،‬والتي كانت لصالح التفوق العددي املسيحي‪،‬‬ ‫دليل إضافي على تلك السياسة التي انتهجتها الكنيسة في التأكيد فعاد إلى املناصفة‪.‬‬ ‫على استقالل لبنان واندماجه بمحيطه في آن‪ ،‬على ما جاء في اإلرشاد‬ ‫الرسولي «رج��اء جديد للبنان»‪« :‬إن مصيرا واح��دا يربط املسيحيني قرر املسيحيون مقاطعة االنتخابات النيابية‪ ،‬عام ‪ ،1992‬وكانت األولى‬ ‫واملسلمني في لبنان وسائر بلدان املنطقة‪ ..‬بودي أن أشدد‪ ،‬بالنسبة بعد غياب البرملان عن الساحة السياسية قرابة ‪ 20‬سنة‪ .‬كان برملان‬ ‫إلى مسيحيي لبنان‪ ،‬على ضرورة املحافظة على عالقاتهم التضامنية ‪ 1992‬مفصليا لجهة ال �ق��رارات التي ك��ان عليه ات�خ��اذه��ا بعد جمود‬ ‫مع العالم العربي وتوطيدها‪ .‬وأدعوهم إلى اعتبار انضوائهم إلى الثقافة دستوري أصاب لبنان على مدى ‪ 20‬عاما‪.‬‬ ‫العربية‪ ،‬التي أسهموا فيها إسهاما كبيرا‪ ،‬موقعا مميزا‪ ،‬لكي ُيقيموا‪ ،‬هم وقعت على البرملان الجديد مهمات دستورية وقانونية مهمة أسهمت‬ ‫وسائر مسيحيي البلدان العربية‪ ،‬حوارا صادقا وعميقا مع املسلمني‪ .‬في ترسيم هيكلية الدولة‪ .‬مثل مرسوم التجنيس‪ ،‬مثال الصادر عام‬ ‫إن مسيحيي الشرق األوسط ومسلميه‪ ،‬وهم يعيشون في املنطقة ذاتها‪ 1994 ،‬والذي خلق خلال فادحا في التوازن الطبيعي الديموغرافي‪ ،‬حيث‬ ‫وقد عرفوا في تاريخهم أيام عز وأيام بؤس‪ ،‬مدعوون إلى أن يبنوا معا بلغ عدد املجنسني ‪ 202000‬توزعوا بنسبة ‪ 51071‬من املسيحيني‬ ‫مستقبل عيش مشترك وتعاون‪ ،‬يهدف إلى تطوير شعوبهم تطويرا و‪ 150929‬من املسلمني‪ ،‬مما لعب دورا مفصليا في إيصال إلى الندوة‬ ‫إنسانيا وأخالقيا‪ ،‬وعالوة على ذلك قد يساعد الحوار والتعاون بني النيابية الشخصيات املوالية لسوريا‪.‬‬

‫رئيس حزب القوات اللبنانية سمير‬ ‫جعجع وميشال عون رئيس كتلة‬ ‫التيار الوطني الحر ومحمد رعد‬ ‫رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في‬ ‫حديث مع األمني العام لحزب الله‬ ‫اللبناني حسن نصر الله‬ ‫(صورة ارشيفية ‪ -‬أبريل ‪)2006‬‬

‫‪,,‬‬

‫كانت الحرب‬ ‫األهلية‬ ‫اللبنانية‬ ‫مدمرة‬ ‫للمجتمع‬ ‫املسيحي‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪19‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫ال يختلف اثنان على أن من بني مسيحيي الشرق يبقى اللبنانيون األكثر تأثيرا وفعالية‪ .‬إذ كونوا على مر‬ ‫السنني شخصية سياسية وازنة في محيطهم‪ ،‬لعبت دورا بارزا في تحديد هوية لبنان الكبير‪ .‬وليس غريبا‬ ‫أن يجيب راهب إيراني آخر لبنانيا يسأله عن أحوال املسيحيني في بالد فارس‪« :‬إن كنتم أنتم املسيحيون‬ ‫في لبنان بخير فنحن بخير»‪.‬‬

‫تحديات مسيحيي لبنان‪ :‬سوريا وحزب الله‪ ..‬والتشدد السني‬

‫حتالف باإلكراه!‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫إيلي فواز‬

‫‪,,‬‬

‫الخالف‬ ‫الذي نشأ‬ ‫بني املسلمني‬ ‫واملسيحيني على‬ ‫خلفية استقالل‬ ‫لبنان عن سوريا‬ ‫من جهة أو عن‬ ‫دولة عربية‬ ‫موحدة من جهة‬ ‫أخرى سرعان‬ ‫ما تحول إلى‬ ‫ميثاق وطني‬ ‫بني الطائفتني‬ ‫املسيحية‬ ‫واملسلمة‬

‫‪,,‬‬

‫‪18‬‬

‫ف��ي امل �ش��رق ال�ع��رب��ي ال��دي��ن ه��و أك�ث��ر م��ن م�س��أل��ة شخصية‪،‬‬ ‫هو قاعدة للحياة تنظم جميع األنشطة االجتماعية وجميع‬ ‫العالقات ملكونات املجتمع مع السلطة‪ .‬هكذا كان مع نظام امللة‬ ‫العثماني‪ ،‬وهكذا استمر حتى يومنا هذا‪ .‬لذلك من املستحيل التأريخ‬ ‫للمسيحيني اللبنانيني من دون الكالم عن دور الكنيسة في رسم معالم‬ ‫شخصيتهم السياسية‪.‬‬ ‫أسباب عدة أسهمت في تكوين تلك الشخصية‪ ،‬أهمها يكمن في املنطقة‬ ‫الجغرافية التي سكنوها‪ ،‬أي في تلك الجبال والقمم التي غالبا ما صعب‬ ‫الوصول إليها‪ ،‬والتي يكاد بعضها يالمس البحر املنفتح على حضارات‬ ‫القارات الثالث‪ ،‬وحيث في كنفها مارسوا طقوسهم ومعتقداتهم الدينية‬ ‫بحرية‪.‬‬ ‫تلك الجغرافيا التي حمت معظم األقليات الذين لجأت لها جعلت الحاكم‬ ‫يسمح لسكانها بممارسة نوع من أنواع الحكم الذاتي‪ ،‬كاألعمال اإلدارية‬ ‫والقضائية وانتخاب ممثلني في املجالس اإلداري��ة العليا‪ ،‬مما أكسب‬ ‫الطوائف اللبنانية خبرة سياسية قيمة على مر القرون‪.‬‬ ‫من سمات تلك الشخصية املسيحية أيضا الجد باكرا في طلب التعليم‬ ‫العالي‪ ،‬فأقبلوا على تلقيه وتحصيله في روما أوال‪ ،‬في املدرسة املارونية‬ ‫ال�ت��ي تأسست ع��ام ‪ ،1584‬ث��م س�ع��وا ب��دوره��م إل��ى ن�ش��ره‪ ،‬م��ن خالل‬ ‫املؤسسات التي أنشأوها لهذه الغاية‪ ،‬وفي طليعتها مدرسة عني ورقة‬ ‫التي أسسوها في أواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬عام ‪ .1789‬كما أنشأوا‬ ‫أول مطبعة في الشرق عام ‪ 1610‬في دير مار أنطونيوس قزحيا في‬ ‫شمال لبنان‪.‬‬

‫التي عرفتها املنطقة ال سيما عند مطلع القرن العشرين‪ ،‬وبحنكتهم‬ ‫السياسية وعالقاتهم الخارجية استطاعوا التأقلم مع التغيرات الجذرية‬ ‫التي ط��رأت على املنطقة‪ .‬فتفكك اإلمبراطورية العثمانية بعد الحرب‬ ‫العاملية األولى‪ ،‬وتقاسم نفوذها بني الفرنسيني والبريطانيني كقوتني‬ ‫عظميني‪ ،‬جعال املنطقة تعيش على وق��ع ال�ف��وض��ى‪ .‬وك�ث��رت املطالب‬ ‫وتعددت النزعات لدى شعوب املنطقة‪ ..‬منها ما كانت ذات نزعة قومية‬ ‫(التوحد مع سوريا)‪ ،‬ومنها ما كانت ذات نزعة إسالمية (امللك فيصل‬ ‫األول بن الحسني)‪ ،‬ومنها ما كانت ذات توجه وطني (مسيحيو لبنان‪،‬‬ ‫علويو سوريا)‪.‬‬ ‫املسيحيون ظنوا الفرصة مواتية لتثبيت هذا الكيان الذي نشأ في الجبل‪،‬‬ ‫مما دفعهم إلى مطالبة القوى العظمى املجتمعة في فرساي باستقالل‬ ‫لبنان الكبير‪ .‬وبالفعل سنة ‪ 1919‬توجه البطريرك إلياس الحويك إلى‬ ‫مؤتمر الصلح مطالبا باستقالل لبنان‪ .‬وبالفعل في عام ‪ 1920‬أعلن‬ ‫الجنرال الفرنسي غ��ورو دول��ة «لبنان الكبير»‪ ،‬وبيروت عاصمة لها‪.‬‬ ‫وهكذا دخل لبنان واملنطقة عصر االنتداب‪ ،‬الذي أجازته عصبة األمم‬ ‫بحجة مساعدة وتمكني تلك الدول الناشئة‪.‬‬

‫الخالف الذي نشأ بني املسلمني واملسيحيني‪ ،‬على خلفية استقالل لبنان‬ ‫عن سوريا من جهة أو عن دولة عربية موحدة من جهة أخرى‪ ،‬سرعان‬ ‫ما تحول إلى ميثاق وطني بني الطائفتني املسيحية واملسلمة‪ ،‬والذي مهد‬ ‫لوالدة لبنان الكبير واستقالله عن فرنسا عام ‪.1943‬‬ ‫وامليثاق الوطني هو اتفاق غير مكتوب‪ ،‬وف��ق بني رف��ض املسيحيني‬ ‫االنضواء تحت مشاريع التوحيد سواء أكانت قومية أو عروبية‪ ،‬خوفا‬ ‫من ذوبان هويتهم في هذا املحيط اإلسالمي ورفض املسلمني االلتحاق‬ ‫وهم أسهموا بشكل أساسي في تكوين عصر النهضة العربي‪ ،‬من بالغرب‪ .‬هذا االتفاق أعطى املسيحيني بعض الضمانات في التوزيع‬ ‫خالل مفكريهم وكتابهم‪ ،‬وليس «املعلم» بطرس البستاني سوى املثال الطائفي في مؤسسات الدولة‪ ،‬ال سيما مجلس النواب‪ ،‬وصالحيات‬ ‫على تلك املساهمة‪ ،‬وهو الذي لقب بأبي التنوير العربي‪ ،‬حيث كان أول رئاسة الجمهورية‪ ،‬ومناصب الدولة من الفئة األولى‪.‬‬ ‫من إنشاء دائ��رة معارف‪ ،‬وأول من وض��ع معجما عربيا بالتسلسل‬ ‫األبجدي‪ ،‬وأول من نادى بتحرير املرأة وتعليمها في املشرق العربي‪ .‬ظلت األمور على هذا املنوال حتى انفجار الحرب األهلية عام ‪.1975‬‬ ‫وتداخلت في هذه الحرب األهلية عوامل كثيرة‪ ،‬منها العامل الفلسطيني‬ ‫ذو البعد اإلقليمي‪ ،‬ومنها العامل السوري ال��ذي يريد السيطرة على‬ ‫لبنان الكبير‬ ‫لبنان‪ ،‬ومنها البعد الداخلي ال��ذي ب��رز في مطالبة املسلمني بتطوير‬ ‫وجود املسيحيني في لبنان ارتبط دائما بقول غوتيه «في البدء كان النظام اللبناني‪ ،‬بحيث يحصلون على املناصفة في مؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫الفعل»‪ .‬وهكذا من صناعة الحرير إلى نشر الحرف إلى حرفة التعليم‬ ‫إلى مهنة التجارة واملصارف‪ ،‬انتقل املسيحيون من مجرد عدد إلى األم الحنون‬ ‫قيمة فعلية في شرقنا‪.‬‬ ‫استقبلوا غ��ازي��ا ل�ي��ودع��وا آخ��ر‪ ،‬وث�ب�ت��وا ف��ي وج��ه ال�ت�ح��والت الكبيرة ب��رزت خ�لال تلك الحرب نزعة قوية عند املسيحيني لالستقالل عن‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫سوريا) ضحية حزب الله الذي تصنفه واشنطن إرهابيا‪ ،‬ليؤكد التفكير‬ ‫األميركي أن الواليات املتحدة لم تعد ترى في حزب الله عدوا‪ ،‬بل ترى‬ ‫فيه في الغالب حليفا أو صديقا‪ ،‬حتى وإن بشكل غير رسمي‪ ،‬وعلى‬ ‫قاعدة «عدو عدوي صديقي»‪.‬‬ ‫التقارب األميركي مع ح��زب الله في لبنان وسوريا يأتي في وسط‬ ‫االنفراجات بني واشنطن وطهران في ملف األخيرة النووي‪ ،‬والتوصل‬ ‫إلى «اتفاقية إطار» مؤقتة في جنيف في ‪ 24‬نوفمبر (تشرين الثاني)‬ ‫املاضي‪ .‬كذلك نشرت وسائل إعالم أميركية وأوروبية وعربية مختلفة‬ ‫مقاالت أكدت فيها وجود قنوات حوار غير مباشر بني واشنطن والحزب‬ ‫اللبناني‪ ،‬وهو أمر القى نفيا ًّ‬ ‫تاما من الطرفني‪.‬‬

‫الرئيس األميركي وزوجته‬ ‫ميشيل أوباما خالل حفل‬ ‫استقبال الرئيس الفرنسي‬ ‫فرانسوا هوالند قبل العشاء‬ ‫الرسمي في البيت األبيض‬ ‫(واشنطن ‪ 11‬فبراير ‪)2014 -‬‬

‫لكن «ال دخ��ان من دون ن��ار»‪ ،‬حسب القول امل��أث��ور‪ ،‬فمع حلول العام‬ ‫الحالي‪ ،‬أط��ل سعد الحريري رئيس أكبر كتلة ف��ي «مجلس ال�ن��واب»‬ ‫اللبناني ورئيس الحكومة السابق امل�ن��اوئ لحزب الله واألس��د ليعلن‬ ‫قبوله الدخول في حكومة «وحدة وطنية» مع الحزب وحلفائه‪ ،‬بعدما‬ ‫رفض الحريري هذا األمر على مدى عشرة أشهر‪ ،‬مطالبا بانسحاب‬ ‫مقاتلي الحزب من سوريا كشرط لقبوله تأليف حكومة من هذا النوع‪.‬‬

‫ولكن رغم موافقة الحريري على تشكيل حكومة وحدة برئاسة النائب‬ ‫في كتلته تمام سالم‪ ،‬برزت عقبات وضعها حليف حزب الله النائب‬ ‫ميشال عون‪ .‬وقبل االعالن عن التشكيل الوزاري األخير‪ ،‬طار السفير‬ ‫األميركي في بيروت ديفيد هيل إلى السعودية فيما بدا أنه محاولة‬ ‫إلى أمني عام الحزب حسن نصر الله بالقول‪« :‬إذن نحن اآلن نتفق على أميركية لإلسراع في تشكيل حكومة لبنانية‪ ،‬وإن من دون انسحاب‬ ‫مقاتلي الحزب من سوريا‪ .‬لكن العرقلة هذه املرة يبدو أنها جاءت من‬ ‫أن على الدولة احتكار العنف يا أبو هادي؟»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫عرابي حزب الله‪ ،‬أي طهران واألسد‪ ،‬عن طريق عون‪.‬‬ ‫وقتذاك جاء التالقي في املواقف بني أميركا وحزب الله على دعم الجيش‬ ‫اللبناني‪ ،‬وف��ي حالة ال�ح��زب امل��ذك��ور ربما القتال إل��ى جانب الجيش يعتقد الكاتب والتر راسل ميد أن الدول اآلسيوية تقول اليوم عن الرئيس‬ ‫أو حتى توريطه في معركة مع رج��ل الدين أحمد األسير في مدينة أوباما ما كانت تقوله بالضبط عن الرئيس السابق جورج بوش‪ ،‬أنه‬ ‫صيدا الجنوبية‪ .‬واألسير كانت تحيطه مجموعة من عشرات املؤيدين‪« ،‬رغ��م ال�ت��زام أميركا اللفظي بآسيا‪ ،‬ابتلع ال�ش��رق األوس��ط السياسة‬ ‫بعضهم مع أسلحة خفيفة‪ ،‬ولكن الشيخ املذكور ومجموعته لم يرقيا الخارجية األميركية»‪ .‬وتأتي شكوى حلفاء أميركا في آسيا‪ ،‬رغم‬ ‫في الغالب إلى مستوى املجموعات املسلحة التي يمكنها أن تهدد أمن تكرار املسؤولني األميركيني ملقولة «االس�ت��دارة» من الشرق األوس��ط‬ ‫إلى الشرق األقصى‪« ،‬في وقت يدل على اتساع دور الصني وتزايد قوة‬ ‫اللبنانيني أو حكومتهم‪.‬‬ ‫الردود اليابانية على اعتقاد الدولتني أن واشنطن ليست مهتمة بشؤون‬ ‫واألهم أن وزارة الخارجية األميركية ال تضع األسير وال مجموعته على منطقتهم‪ ،‬وهو ما يعني أن األوضاع تصبح أكثر خطورة» في غياب‬ ‫الئحة التنظيمات املصنفة إرهابية‪ ،‬ما يعني أن أي مواجهة تخوضها قوة ناظمة للعالقات املتدهورة بني دول هذه املنطقة‪.‬‬ ‫القوى األمنية اللبنانية مع األسير هي من باب حفظ األم��ن‪ ،‬وأنها ال‬ ‫تدخل في إطار «الحرب على اإلرهاب»‪ ،‬وال تتطلب حتى مشاركة الجيش «هذه ليست مشكلة آسيا أو الشرق األوسط أو أي حي من العالم تشعر‬ ‫اللبناني في القتال‪.‬‬ ‫اإلدارة بأنها ترغب في االستدارة نحوه»‪ ،‬يكتب ميد‪ ،‬ويضيف‪« :‬إنها‬ ‫إال أن الحكومة األميركية لم تكترث لتفاصيل األسير‪ ،‬بل جددت دعمها مشكلة انفصال بني ما تقوله اإلدارة وبني ما تفعله‪ ،‬وهو ما يدفع الناس‬ ‫للجيش اللبناني‪ ،‬ووجدت نفسها في ذلك في موقع مطابق ملوقع حزب إلى السؤال‪ :‬هل تعني إدارة أوباما ما تقوله؟»‪.‬‬ ‫الله‪ ،‬فيما خلت البيانات والتصريحات األميركية من أي إشارة تطالب‬ ‫الجيش اللبناني بفرض سلطة الدولة على األرض اللبنانية كاملة‪ ،‬بما ويتابع الكاتب األميركي أن «كارثة الخطوط الحمر في سوريا»‪ ،‬أي أنه‬ ‫في ذل��ك املناطق التي يسيطر عليها ح��زب الله‪ ،‬ال��ذي تعده واشنطن عندما هدد أوباما األس��د بأن استخدام األسلحة الكيماوية سيكون‬ ‫بمثابة تخطي الخطوط الحمراء ويجبر أميركا على التدخل عسكريا‪،‬‬ ‫تنظيما إرهابيا‪.‬‬ ‫«مزق مصداقية اإلدارة حول العالم»‪ ،‬وهو ما يجعل الجميع عصبيني‪،‬‬ ‫التطابق ب�ين ال��والي��ات املتحدة وح��زب ال�ل��ه اللبناني ل��م ي��أت ف��ي إط��ار في حال كنا نستدير نحوهم أو ال‪ ،‬فكل ما تقوله اإلدارة اآلن يبدو‪،‬‬ ‫توافقهما على «الحرب على اإلرهاب» في لبنان فحسب‪ ،‬بل في سوريا ولألسف‪ ،‬وكأنه خط أحمر جديد في سوريا‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬إلى درجة أنه لم يدل أي مسؤول أميركي بتصريح يعد فيه أن‬ ‫وجود الحزب في سوريا‪ ،‬للقتال إلى جانب األسد‪ ،‬هو إرهاب‪ ،‬بل تدلي ويختم ميد أنه ال يمكن حل مشاكل إدارة أوباما للسياسة الخارجية‬ ‫التصريحات األميركية على اعتقاد واشنطن أن اإلره��اب في سوريا باالستدارة من منطقة إلى منطقة‪ ،‬فآسيا تحتاج إلى املزيد من االنتباه‬ ‫األميركي‪ ،‬وكذلك الشرق األوسط‪ ،‬وكذلك (كما بدا واضحا في أوكرانيا)‬ ‫مصدره املجموعات املناهضة لألسد وحزب الله فقط‪.‬‬ ‫أوروبا‪ ،‬إذ إن «ما تحتاجه إدارة أوباما فعال هي استدارة نحو العالم‪،‬‬ ‫ويأتي كذلك اعتبار أوباما‪ ،‬في مقالته مع الرئيس الفرنسي‪ ،‬أن لبنان واستدارة نحو سياسة خارجية جدية ومتناسقة تقول فيها ما تعنيه‬ ‫هو ضحية الحرب السورية‪ ،‬من دون أن يعد أن لبنان هو (قبل حرب وتعني ما تقوله» <‬

‫‪,,‬‬

‫حذر وزير األمن‬ ‫القومي األميركي‬ ‫من أن الصراع‬ ‫الدائر حاليا في‬ ‫سوريا يمثل‬ ‫تهديدا لألمن‬ ‫القومي األميركي‬ ‫مشيرا إلى عودة‬ ‫عدد من األميركيني‬ ‫الى الواليات‬ ‫املتحدة بعد‬ ‫انضمامهم الى‬ ‫صفوف املقاتلني‬ ‫في سوريا‬

‫‪,,‬‬

‫جيه‬ ‫جونسون‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪17‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫السورية تقدم مسرحا مالئما لإلرهابيني لالستقطاب‪ ،‬والتنظيم‪،‬‬ ‫والتدريب‪ ،‬والتسليح‪ ،‬وإقامة شبكات تمويل‪ .‬وأضاف هؤالء أنه عندما‬ ‫تنتهي ال�ح��رب ال�س��وري��ة‪ ،‬سيعود اإلره��اب�ي��ون إل��ى منازلهم‪ ،‬ولكنهم‬ ‫سيحتفظون ب�ت��دري�ب�ه��م وب�ع�لاق��ات�ه��م م��ع ال�ش�ب�ك��ات اإلره��اب �ي��ة‪ ،‬وق��د‬ ‫يستخدمون الخبرة التي اكتسبوها في سوريا لشن عمليات إرهابية‬ ‫في دول غربية‪ ،‬منها الواليات املتحدة‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫روبرت‬ ‫غيتس‪ :‬البيت‬ ‫األبيض‬ ‫و«مجلس‬ ‫األمن القومي»‬ ‫نجحا‬ ‫في حصر‬ ‫السياستني‬ ‫الخارجية‬ ‫والدفاعية‬ ‫األميركية في‬ ‫يدي الرئيس‬ ‫الحالي بشكل‬ ‫ال سابق له‬

‫‪,,‬‬

‫روبرت‬ ‫غيتس‬

‫‪16‬‬

‫في هذا السياق‪ ،‬قال وزير األمن القومي األميركي جيه جونسون إن‬ ‫مسؤولي االستخبارات األميركيني «يعرفون أشخاصا من أميركا‬ ‫الشمالية وأوروبا في طريقهم إلى سوريا حيث سيجدون أنفسهم تحت‬ ‫تأثير نفوذ راديكاليني متطرفني‪ ،‬وربما يعودون إلى بلدانهم فيما بعد‬ ‫(في الغرب) مع نية القيام بأذى»‪.‬‬ ‫وقال جونسون‪ ،‬في خطاب في مركز وودرو ويلسون في واشنطن‬ ‫في شهر فبراير (شباط) املاضي‪ ،‬إن «سوريا أصبحت شأنا مرتبطا‬ ‫باألمن القومي» للواليات املتحدة‪ ،‬وهو تصريح يشبه تصاريح مماثلة‬ ‫أدلى بها مسؤولون أميركيون كبار حول خوفهم من أن تتحول سوريا‬ ‫إلى ملتقى لإلرهابيني الذي يتلقون التدريب ثم يعودون إلى بلدانهم‪،‬‬ ‫مثل أميركا‪ ،‬فيهددون أمنها‪.‬‬

‫أوباما‪ :‬سوريا حرب اآلخرين األهلية‪...‬‬ ‫ولبنان تابع‬ ‫الحل في سوريا ولبنان‪ ،‬مرتبطا بتوصل السوريني إلى حل سياسي‬ ‫ال�ت�ض��ارب ف��ي آراء امل�س��ؤول�ين األميركيني ليس حديثا‪ ،‬فمنذ ان��دالع خالل «عملية جنيف»‪.‬‬ ‫الثورة السورية واملسؤولون هنا يقدمون مواقف ورؤى متضاربة‪،‬‬ ‫فتصريحات جونسون وأمثاله حول الخطر الذي تشكله الحرب السورية واستخدام كلمة «عملية» لوصف مؤتمر جنيف هو عادة درج عليها‬ ‫على األمن القومي األميركي هو رأي يتناقض تماما مع تصريحات املسؤولون األميركيون منذ مطلع ه��ذا العام‪ ،‬إلدراك�ه��م أن املؤتمر ال‬ ‫يمكنه التوصل إل��ى حلول قريبة‪ ،‬ولتبريرهم استمرار عملية القتل‬ ‫أوباما املتكررة‪ ،‬التي غالبا ما تكون مرتبكة ومتناقضة‪.‬‬ ‫املستمرة في سوريا فيما املجتمع الدولي يقف متفرجا بقولهم إن‬ ‫وبلغ االرتباك في رؤية ومفهوم أوباما تجاه سوريا ذروته ليل العاشر «االنتقال السياسي» في سوريا هو عملية تستغرق وقتا‪ ،‬وإنها لن‬ ‫من سبتمبر أثناء توجيهه خطابا إلى الشعب األميركي حول األزمة تجري بسرعة‪ ،‬ما يبرر املوقف الدولي املتفرج‪.‬‬ ‫السورية‪ .‬وقتذاك‪ ،‬قال أوباما لألميركيني‪« :‬الليلة‪ ،‬أريد أن أتحدث إليكم‬ ‫عن سوريا‪ ،‬وملاذا تهمنا»‪ .‬وبعدما سرد الرئيس األميركي تاريخ الثورة على أن ما يثير القلق في موقف أوباما‪ ،‬الذي يبدو أنه ألبسه لهوالند‬ ‫السورية‪ ،‬وق��ال إن قمع األس��د للمظاهرات السلمية حولها إلى حرب كذلك‪ ،‬هو اعتقاد الرئيس األميركي أن لبنان هو مجرد تابع لسوريا‪،‬‬ ‫أهلية‪ ،‬واتهم حكومة األسد بشن هجوم كيماوي أدى إلى مقتل أكثر وأن أي اهتزاز الستقراره هو بسبب الحرب السورية‪ .‬كما يشي قول‬ ‫من ألف سوري‪ ،‬ما خرق «مفهومنا لإلنسانية»‪ ،‬قال أيضا إن «ما حدث أوباما إن الحل الوحيد للتخلص من الديكتاتورية واإلرهاب في سوريا‬ ‫لهؤالء الناس (لهؤالء األطفال) ليس فقط اختراقا للقانون الدولي‪ ،‬بل هو عملية انتقالية سياسية بني السوريني باعتقاده أن اإلرهاب اليوم‬ ‫هو أيضا خطر على أمننا»‪ .‬ثم عاد ليصف الوضع في سوريا بأنه هو في سوريا فقط‪ ،‬مع العلم أن وزارة الخارجية األميركية تضع حزب‬ ‫«حرب اآلخرين األهلية» التي ال يمكن حلها باستخدام القوة األميركية‪ .‬الله اللبناني على قائمتها للتنظيمات اإلرهابية‪ ،‬وكذلك يفعل االتحاد‬ ‫األوروبي‪.‬‬ ‫في خطاب أوباما ذاك حول سوريا تناقض واضح‪ ،‬إذ هو من ناحية‬ ‫عدها «حرب اآلخرين األهلية» التي ال مصلحة لواشنطن في التدخل وهو ما يعني أنه إذا كانت سوريا ال تثير قلق أوباما‪ ،‬الذي يعتقد أن ال‬ ‫فيها‪ ،‬ومن ناحية أخرى عدها «تهديدا لألمن القومي» األميركي الذي دور لبالده للحل فيها‪ ،‬كذلك لن يثير لبنان قلق الرئيس األميركي‪ ،‬رغم‬ ‫يفرض اهتماما أميركيا‪ .‬وفي وسط التناقض في مواقفه‪ ،‬يقف أوباما وجود حزب الله‪ ،‬السابق الندالع الثورة السورية‪ ،‬والذي يواجه أعضاؤه‬ ‫متفرجا حتى اليوم‪.‬‬ ‫عددا من املحاكمات الدولية واملحلية في دول أوروبية وآسيوية بتهمة‬ ‫التفجير‪ ،‬كما في بلغاريا في عام ‪ ،2012‬أو التخطيط للقيام بعمليات‬ ‫على أن الرئيس األميركي جدد اعتقاده أن الحرب في سوريا هي «حرب إرهابية‪ ،‬كما في قبرص العام املاضي‪.‬‬ ‫اآلخرين» في مقالته املشتركة مع هوالند‪ ،‬التي جاء فيها‪« :‬وفيما تهدد‬ ‫ال�ح��رب ف��ي س��وري��ا استقرار املنطقة‪ ،‬بما فيها لبنان‪ ،‬على املجتمع‬ ‫الدولي أن يزيد من مجهوده للعناية بالشعب السوري‪ ،‬وتقوية املعارضة أميركا وحزب الله‪ :‬عدو عدوي صديقي‬ ‫ال�س��وري��ة املعتدلة‪ ،‬والعمل م��ن خ�لال عملية جنيف‪ 2‬باتجاه انتقال‬ ‫سياسي يمكنه أن يخلص الشعب السوري من الديكتاتورية واإلرهاب»‪ .‬في يونيو (حزيران) ‪ ،2013‬كتب آندرو أكسوم‪ ،‬مسؤول ملف لبنان‬ ‫إذن‪ ،‬ع��اد أوباما إل��ى مقولة أن الحرب في سوريا تهدد أم��ن املنطقة‪ ،‬السابق في مكتب وزير الدفاع األميركي‪ ،‬تغريدة جاء فيها‪« :‬أحب كيف‬ ‫ولبنان‪ ،‬فيما هو لم يعد أنها تهدد األمن القومي األميركي‪ .‬هكذا‪ ،‬يصبح يحث حزب الله اللبنانيني على دعم الجيش»‪ .‬وأضاف متوجها بسؤال‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫أميركا بشار األسد‪ ،‬إذ مضت خمسة أشهر على اندالع الثورة السورية «تجعل األسد يقرأ الكتابة على الحائط» ويدرك أن ال سبيل له للبقاء أو‬ ‫قبل أن يطلق الرئيس األميركي‪ ،‬في ‪ 17‬أغسطس ‪ ،2011‬تصريحا قال لحكم سوريا مجددا‪ ،‬وهيغل الذي يعارض الضربة العسكرية ويعتقد‬ ‫فيه إن «مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري‪ ،‬لكن الرئيس بشار أن أفضل الحلول هو التوصل إلى تسوية مع إيران تتضمن سوريا‪.‬‬ ‫األسد يقف في الطريق»؛ لذا «من أجل مصلحة الشعب السوري‪ ،‬حان‬ ‫الوقت للرئيس األسد أن يتنحى جانبا»‪.‬‬ ‫وفي إح��دى الجلسات‪ ،‬تفاقم النقاش بني كيري وهيغل إلى حد دفع‬ ‫أوباما إل��ى الطلب منهما ترتيب لقاء بينهما في اليوم التالي لتبريد‬ ‫قبل ذلك‪ ،‬وفيما كانت قوات األسد تطلق النار على املتظاهرين السوريني األجواء‪.‬‬ ‫السلميني وتقتل منهم وتعتقل وت �ع��ذب‪ ،‬ال�ت��زم��ت واش�ن�ط��ن الصمت‬ ‫باستثناء إص��دار وزارة الخزانة ثالثة ق ��رارات عقوبات مالية طالت‬ ‫تنظيم القاعدة وحزب الله اللبناني‬ ‫مقربني من األسد‪.‬‬ ‫على أن مطالبة أوباما األسد بالرحيل لم تتعد كونها موقفا خطابيا لم‬ ‫يجر رصد‬ ‫يقترن بأي سياسات معينة داخل العاصمة األميركية‪ ،‬فلم ِ‬ ‫أي أموال لدعم الثوار أو تدريبهم‪ ،‬وال جرى تخصيص شحنات أسلحة‬ ‫لتسليحهم‪ ،‬ورفض أوباما التهديد باستخدام القوة األميركية من أجل‬ ‫إجبار األسد على الرحيل‪ .‬على العكس‪ ،‬تمادت اإلدارة األميركية في‬ ‫حبس دعمها املادي عن الثوار‪ ،‬وأرسلت عاملني في استخباراتها إلى‬ ‫ال��دول الحليفة املجاورة لسوريا‪ ،‬وراح هؤالء العمالء يتفحصون كل‬ ‫عمليات التسليح التي قامت بها دول مؤيدة للثوار‪ ،‬وراح��وا يمنعون‬ ‫تزويد الثوار بأي أسلحة نوعية‪.‬‬ ‫وداخ��ل واشنطن‪ ،‬راح أوباما يعقد االجتماعات املتوالية لفريق األمن‬ ‫القومي‪ ،‬برئاسته‪ ،‬من أجل التباحث في تطورات الشأن السوري‪ .‬وألن‬ ‫أوباما حافظ على صمته وعدم اكتراثه‪ ،‬تحول النقاش بني أفراد فريقه‬ ‫إلى نقاش حامي الوطيس‪ ،‬خصوصا بني كيري‪ ،‬املؤيد لضربة أميركية‬

‫على أن الرأي األبرز الذي خرج من هذه االجتماعات إلى العلن كان رأي‬ ‫رئيس األركان الجنرال مارتن ديمبسي‪ ،‬الذي كرر سرا وعلنا اعتقاده‬ ‫أن ال مصلحة أميركية في استخدام القوة العسكرية في سوريا‪ .‬وكرر‬ ‫ديمبسي‪ ،‬أثناء لقاءات فريق األم��ن القومي‪ ،‬أن في سوريا حربا بني‬ ‫طرفني هم بمثابة إرهابيني وأعداء ألميركا‪ :‬تنظيم القاعدة وحزب الله‬ ‫اللبناني‪ ،‬وأنه كلما طالت املعركة بني هذين الطرفني‪ ،‬استنزفا قوتيهما‪،‬‬ ‫وكانت املواجهة في مصلحة واشنطن التي ليس لها مصلحة‪ ،‬في هذه‬ ‫الحالة‪ ،‬في التدخل ملصلحة أي منهما‪.‬‬ ‫وتبنى نظرية أن مصلحة أميركا في استمرار الحرب بني «القاعدة»‬ ‫وحزب الله عدد من أصحاب القرار والخبراء األميركيني‪ ،‬وخصوصا‬ ‫من أصدقاء إسرائيل‪.‬‬ ‫إال أن املسؤولني وال�خ�ب��راء األك�ث��ر حنكة ك��ان��وا ي��درك��ون أن استمرار‬ ‫املواجهة في سوريا لم يكن في مصلحة أميركا‪ ،‬وقال هؤالء إن الحرب‬

‫الرئيس أوباما يستمع الى حديث‬ ‫الرئيس الفرنسي هوالند‬ ‫في البيت األبيض‬

‫‪,,‬‬

‫ما تحتاجه إدارة‬ ‫أوباما فعال هي‬ ‫استدارة نحو‬ ‫العالم واستدارة‬ ‫نحو سياسة‬ ‫خارجية جدية‬ ‫ومتناسقة تقول‬ ‫فيها ما تعنيه‬ ‫وتعني ما تقوله‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪15‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫قدم أحد املغردين على موقع «تويتر» رابط املقالة املشتركة التي نشرها الرئيسان األميركي باراك أوباما‬ ‫والفرنسي فرنسوا هوالند في صحيفة «واشنطن بوست»‪ ،‬بمناسبة زيارة األخير العاصمة األميركية‪ ،‬وجاء‬ ‫فيها‪« :‬لقد مهد تهديدنا باستخدام القوة الطريق لخطة نزع أسلحة سوريا الكيماوية»‪ .‬وأضاف الرئيسان‪:‬‬ ‫«اآلن‪ ،‬على سوريا الوفاء بالتزاماتها»‪ .‬ما دفع املغرد املذكور إلى التعليق‪« :‬على سوريا الوفاء بالتزاماتها وإال‬ ‫فماذا؟ نذهب إلى جنيف ‪15‬؟»‪.‬‬

‫السياسة األميركية في سوريا ولبنان‪ ..‬كالم في كالم‬

‫هل يعي أوباما ما يقوله؟‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫حسني عبد الحسني‬

‫‪,,‬‬

‫تبنى نظرية أن‬ ‫مصلحة أميركا‬ ‫في استمرار‬ ‫الحرب بني‬ ‫«القاعدة»‬ ‫وحزب الله عدد‬ ‫من أصحاب‬ ‫القرار والخبراء‬ ‫األميركيني‬ ‫وخصوصا‬ ‫من أصدقاء‬ ‫إسرائيل‬

‫‪,,‬‬

‫‪14‬‬

‫التغريدة تختصر السياسة األميركية تجاه سوريا منذ اندالع‬ ‫الثورة املطالبة بإنهاء حكم الرئيس السوري بشار األسد في‬ ‫م��ارس (آذار) ‪ ،2011‬وه��ي سياسة متمحورة ح��ول الكالم‬ ‫والتصريحات‪ .‬بعضها ح��ازم‪ ،‬وبعضها اآلخ��ر غامض‪ ،‬وكلها قلما‬ ‫تقترن بأفعال أو رؤية عامة متناسقة أو متماسكة‪.‬‬ ‫وفي وقت لم يكن معروفا‪ ،‬في األشهر األول��ى للثورة‪ ،‬من يضع هذه‬ ‫السياسة‪ ،‬بدا جليا في وقت الحق أن أوباما نفسه هو املسؤول األول‬ ‫واألخير عنها‪ ،‬أو هذا هو الوصف الذي قدمه وزير دفاعه السابق روبرت‬ ‫غيتس‪ ،‬الذي قال في كتاب مذكراته الصادر حديثا إن البيت األبيض‪،‬‬ ‫و«م�ج�ل��س األم��ن ال�ق��وم��ي» خ�ص��وص��ا‪ ،‬نجح ف��ي حصر السياستني‬ ‫الخارجية والدفاعية األميركية في ي��دي الرئيس بشكل ال سابق له‪،‬‬ ‫وإن��ه منذ أن انخرط غيتس في عالم السياسة في أوائ��ل السبعينات‬ ‫وعمل في اإلدارات املتعاقبة‪ ،‬لم يسبق أن رأى مركزية في القرار كالتي‬ ‫عايشها تحت حكم الرئيس الحالي‪.‬‬

‫األميركية‪ ،‬ليبلغ األميركيني أنه ارت��أى أن يحيل قرار توجيه الضربة‬ ‫في سوريا إلى الكونغرس الذي يسيطر الحزب الجمهوري املعارض‬ ‫على غالبية مجلس املمثلني فيه‪ ،‬فيما يحتفظ حزب أوباما الديمقراطي‬ ‫بغالبية مجلس الشيوخ‪.‬‬ ‫وفيما اعتقد امل�ت��اب�ع��ون ف��ي ب��ادئ األم��ر أن أوب��ام��ا ات�خ��ذ ق ��راراه بعد‬ ‫استشارة زعماء الكونغرس من الحزبني وحصوله على موافقتهم‪،‬‬ ‫اتضح فيما بعد أن الرئيس األميركي لم يكن قد طلب مشورة أحد‪ ،‬وال‬ ‫حتى كبار أركان إدارته‪ ،‬إذ أشارت التسريبات الالحقة إلى أن أوباما‬ ‫اتخذ قراره منفردا وبالتشاور فقط مع رئيس موظفي البيت األبيض‬ ‫دينيس ماكدنو‪ ،‬ثم جمع في وق��ت الح��ق القياديني في «فريق األمن‬ ‫فعل م��ع وزي��ري‬ ‫ال�ق��وم��ي» ليعلمهم ب �ق��راره‪ ،‬ال ليستشيرهم‪ ،‬وك��ذل��ك ِّ‬ ‫خارجيته ودفاعه ج��ون كيري وتشاك هيغل اللذين ُبلغا الخبر من‬ ‫الرئيس عبر الهاتف‪.‬‬

‫عدم اكتراث أوباما بالشأن السوري‪ ،‬وال بنصائح كبار أركان إدارته‬ ‫حول ضرورة تسليح الثوار وتوجيه ضربة لقوات األسد‪ ،‬أكدته فيما‬ ‫أمثلة غيتس‬ ‫بعد صحيفة «نيويورك تايمز» في مقالة نشرتها في أكتوبر (تشرين‬ ‫األول) وشارك في كتابتها مايكل غ��وردون‪ ،‬وهو معروف بقربه من‬ ‫وي�ض��رب غيتس أمثلة متعددة على احتكار أوب��ام��ا الكامل ل�ق��رارات البيت األبيض‪ ،‬وجاء فيها أنه «حتى في الوقت الذي اكتسب فيه النقاش‬ ‫السياسة الخارجية األميركية بالقول إنه في موضوع تسليح املعارضة حول تسليح الثوار أهمية استثنائية‪ ،‬كان يندر أن يعبر السيد أوباما‬ ‫السورية‪ ،‬كان هو ووزيرة الخارجية السابقة هيالري كلينتون‪ ،‬ومدير عن آراء قوية أثناء اجتماعاته مع كبار موظفيه»‪.‬‬ ‫«وكالة االستخبارات املركزية» (سي آي إيه) السابق ليون بانيتا يؤيدون‬ ‫التسليح‪ ،‬لكن أوباما لم يكن يستمع إلى وزيري دفاعه وخارجيته ومدير ونقلت الصحيفة عن كبار املسؤولني الحاليني والسابقني قولهم إنه‬ ‫لطاملا كانت «لغة جسد أوباما في هذه االجتماعات معبرة؛ فهو كان‬ ‫استخباراته‪ ،‬بل كان يصر على عدم التسليح‪.‬‬ ‫يبدو غالبا غير صبور وغير منخرط أثناء استماعه للنقاش‪ ،‬وكان‬ ‫وفي سبتمبر (أيلول) املاضي‪ ،‬وفي حلقة حوارية في والية تكساس أحيانا يتناول جهازه البالكبيري أو يمضغ العلكة»‪.‬‬ ‫شارك فيها غيتس وبانيتا‪ ،‬قال الرجالن إنهما لو كانا في مركزيهما‬ ‫لكانا قدما نصيحة للرئيس بتوجيه ضربة لقوات األس��د‪ ،‬من دون‬ ‫الذهاب إلى الكونغرس طلبا ملوافقة استخدام القوة العسكرية‪ ،‬عقابا سوريا تهدد أمن أميركا‬ ‫لألسد على شنه هجوما باألسلحة الكيماوية في ضاحية دمشق في‬ ‫ف��ي ظ��ل احتكار أوب��ام��ا ق��رارات السياسة الخارجية‪ ،‬وف��ي ظ��ل غياب‬ ‫‪ 21‬أغسطس (آب) املاضي‪.‬‬ ‫حماسة أوب��ام��ا ت�ج��اه س��وري��ا ك��ان م��ن الطبيعي أن ت �ت��راوح سياسة‬ ‫سبتمبر ‪ 2013‬شهد أيضا استدارة أوباما الشهيرة على نفسه‪ ،‬فهو واشنطن تجاه األزمة السورية بني املرتبكة واملتضاربة‪ ،‬فعلى عكس‬ ‫بعدما ركن أربع سفن حربية مقاتلة قرب الشواطئ اللبنانية والسورية‪ ،‬ما حدث في مصر حيث لم يمر الكثير من الوقت قبل أن يتخلى أوباما‬ ‫خ��رج إل��ى العلن ف�ج��أة‪ ،‬وك��ان ي��وم سبت وه��و ال�ي��وم ال��ذي تفرض فيه عن حليف أميركا الرئيس األسبق حسني مبارك ويقول له إن مغادرته‬ ‫عطلة نهاية األسبوع شبه حظر على النشاط السياسي في العاصمة اليوم تعني األم��س‪ ،‬تأخر أوب��ام��ا كثيرا في اتخاذ موقف تجاه عدو‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


ASHARQ AL - AWSAT The Leading International Newspaper

‫ﺟﺮﻳــﺪة اﻟﻌــﺮب اﻟﺪوﻟﻴــﺔ‬

editorial@asharqalawsat.com

www.aawsat.com

Design: Qussay Al-Issa

‫معك أينما تكون‬

http://www.aawsat.com

‫للحصول على‬ :‫املعلومات املفصلة‬ http://kaywa.me/1clMh


‫شؤون سياسية‬

‫مجلس التعاون الخليجي األخيرة املنعقدة في الكويت‪ .‬إال أن هذا الترحيب‬ ‫يشوبه كثير من الشكوك مرده ليس االتفاق بحد ذاته وإنما الكيفية التي‬ ‫جرى التوصل من خاللها إلى هذا االتفاق‪.‬‬

‫روحاني ونجاد‬

‫‪,,‬‬

‫تعزيز املنظومة‬ ‫األمنية‬ ‫وتكريس‬ ‫سياسية الردع‬ ‫واإلسراع‬ ‫في التحول‬ ‫إلى االتحاد‬ ‫الخليجي من‬ ‫أبرز خيارات‬ ‫املرحلة ملواجهة‬ ‫النفوذ اإليراني‬

‫‪,,‬‬

‫‪12‬‬

‫الوضع الداخلي ليعاد سيناريو مظاهرات عام ‪( 2009‬الحركة الخضراء‬ ‫أو ما حدث عام ‪ 2012‬مما يسمى احتجاجات بازار طهران الكبير والتي‬ ‫كانت مباشرة بعد انهيار الريال اإليراني)‪.‬‬ ‫األم���ر ال��ث��ان��ي يتمثل ف��ي ع���ودة دور اإلص�لاح��ي�ين للمشهد السياسي‪،‬‬ ‫فالتيار اإلصالحي في إيران وخالل ثماني سنوات مضت‪ ،‬أي مع نهاية‬ ‫حكم الرئيس اإلصالحي محمد خاتمي خضع لعملية إقصاء وتهميش‬ ‫ممنهجة ومتعمدة من املشهد السياسي‪ ،‬وبالتالي جرى تجفيف منابعهم‬ ‫السياسية وذلك لتأكيد استمرار هيمنة املحافظني على القرار السياسي‬ ‫سواء في البرملان أو في الرئاسة أو في باقي أجهزة الدولة الرئيسة األخرى‪.‬‬ ‫وما زلنا نسمع بني الحني واآلخر عن إغالق املنظمات التي تقدم الدعم‬ ‫لإلصالحيني‪ ،‬والتضييق على الناشطني التابعني لهم‪ ،‬إضافة إلى منع كل‬ ‫ما ينشرونه من إصدارات‪ .‬وال يزال املرشحان اإلصالحيان مير حسني‬ ‫موسوي ومهدي كروبي اللذان خسرا االنتخابات في عام ‪ 2009‬تحت‬ ‫اإلقامة الجبرية في املنزل منذ أكثر من عامني‪.‬‬

‫الخليج وقرع األجراس على وقع ترانيم التوجس‬ ‫دول الخليج ال تمانع مطلقا في أي جهد يهدف إلى تحسني العالقات بني‬ ‫واشنطن وطهران‪ ،‬فاالستقرار والسالم في إقليم الخليج هو استقرار‬ ‫في منطقة الشرق األوسط والعالم ككل‪ .‬فتسوية األزمة النووية من خالل‬ ‫استجابة إيران للمطالبات الدولية بإخضاع برنامجها النووي للمراقبة‬ ‫والتفتيش يزيل أح��د أكبر بواعث القلق الخليجي لحيلولته دون وقوع‬ ‫حرب إقليمية بني إيران وإسرائيل والغرب تطيح بأمن الخليج وموارده‬ ‫االقتصادية‪ .‬ال سيما أن دول الخليج العربي األكثر تضررا في حال وقوع‬ ‫مثل هذه الحرب لقربها الجغرافي من املواقع النووية اإليرانية‪ .‬فمفاعل‬ ‫بوشهر على سبيل امل��ث��ال ال يبعد س��وى ‪ 240‬كيلومترا ع��ن شواطئ‬ ‫الخليج العربي مما قد يسبب مخاوف من حدوث تسرب إشعاعي في‬ ‫حال استهدافه مما قد يؤدي لنتائج كارثية‪ .‬إضافة إلى ذلك فإن امتالك‬ ‫إيران للسالح النووي سيخل بموازين القوة لغير صالح الدول الخليجية‬ ‫مما قد يشعل سباق التسلح النووي في املنطقة من خالل مبدأ املعاملة‬ ‫باملثل وخاصة دول الخليج‪ .‬كما أن رفع العقوبات االقتصادية الدولية عن‬ ‫إيران قد يعزز من التعاون االقتصادي مع دول الخليج في كافة املجاالت؛‬ ‫مما سيعود بالنفع على الجميع‪ .‬وتأمل دول الخليج في أن يسهم االتفاق‬ ‫املرحلي األخير الذي أبرم في جنيف بني إيران والدول الست أو ‪ 1+5‬في‬ ‫تحقيق األمن واالستقرار في املنطقة كما عبرت بذلك دول الخليج في قمة‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫ف��إن ما يزعج دول الخليج العربي أن يكون ه��ذا التقارب بني واشنطن‬ ‫وطهران على حساب مصالحها‪ .‬ففي ظل االنكفاء األميركي عن منطقة‬ ‫الشرق األوس��ط في سبيل إع��ادة إنتاج دوره��ا االستراتيجي بالتركيز‬ ‫على منطقة آسيا واملحيط الهادي كما تمت اإلشارة‪ ،‬تخشى دول الخليج‬ ‫أن يكون هذا االندفاع األميركي نحو إيران من منطلق املصالح األميركية‬ ‫الخاصة‪ ،‬دون مراعاة هواجس دول الخليج املشروعة‪ ،‬وإغفال إدخالها‬ ‫في صلب عملية إعادة صياغة الخريطة املستقبلية للمنطقة‪ .‬وبالتالي‬ ‫تكرر واشنطن مع طهران ما فعلته مع موسكو عندما اتفقتا على تسوية‬ ‫امللف الكيماوي في سوريا وأهملتا كافة عناصر ومكونات األزمة السورية‬ ‫األخرى‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬فإن مبعث القلق الخليجي من أن تختصر واشنطن‬ ‫األزمة مع طهران في امللف النووي واالنسحاب من أفغانستان‪ ،‬وإهمال‬ ‫قضايا تعاظم نفوذ إيران في الخليج والتسليم لها بذلك دون ضمانات‬ ‫ألمن دول مجلس التعاون الخليجي بما يعيد إيران إلى احتالل مكانتها‬ ‫السابقة في االستراتيجية األميركية باعتبارها الشرطي األميركي في‬ ‫الخليج‪ ،‬ما من شأنه إحداث تغيير استراتيجي في املنطقة واستطرادا‬ ‫تعزيز مكانة إي��ران بوصفها دولة إقليمية ذات نفوذ واسع في الشرق‬ ‫األوسط مما قد يجعلها تفرض شروطها على دول الخليج إزاء بعض‬ ‫املشكالت العالقة‪ ،‬كأزمة الجزر اإلماراتية‪ ،‬والدعم اإليراني لشيعة البحرين‬ ‫ً‬ ‫وتدريبا‪ ،‬والتجسس اإلي��ران��ي على دول‬ ‫والسعودية والكويت تسليحا‬ ‫الخليج‪ .‬ال سيما أن هناك أص��وات��ا داخ��ل النخب السياسية األميركية‬ ‫تتناغم وتتماشى مع استعادة دور إيران التقليدي في الخليج (كشرطي‬ ‫للخليج)‪ .‬ففي تقرير أعده كل من مستشار األمن القومي األسبق زبغينو‬ ‫بريجينسكي والرئيس األسبق لوكالة األمن القومي الجنرال ويليام أودوم‬ ‫تحت عنوان «مسار معقول بشأن إيران» (‪)A Sensible Path on Iran‬‬ ‫انتقدا فيه السياسة األميركية الحالية تجاه إي��ران التي تعتمد «العصا‬ ‫والجزرة» بأنها فاشلة واقترحا التفاوض مع إيران وإعادتها إلى دورها‬ ‫التقليدي التي كانت تمارسه قبل ‪ 1979‬على عهد الشاه السابق‪ ،‬أي دور‬ ‫«شرطي الخليج» فيما سمياه «السياسة الواقعية»‪.‬‬ ‫إال أن ثمة مجموعة من الخيارات املطروحة واملتاحة أم��ام دول مجلس‬ ‫ال��ت��ع��اون الخليجي للتعامل م��ع ه��ذه ال��ت��ح��والت واالن��ع��ك��اس��ات املحتملة‬ ‫للتقارب بني طهران وواشنطن بما يحفظ األمن واالستقرار في منطقة‬ ‫الخليج‪ ،‬ويراعي املصالح املشتركة لدول املجلس ويمكن عرضها كاآلتي‪:‬‬ ‫ تعزيز املنظومة األمنية وتكريس سياسية الردع‪ ،‬وذلك من خالل اإلسراع‬‫إلى التحول إلى االتحاد الخليجي؛ فإن ضعف بعض دول املجلس الدفاعية‬ ‫والردعية وضعف التنسيق فيما بينها باإلضافة إلى تعاظم التحديات‬ ‫السياسية واألمنية والعسكرية على املستويني اإلقليمي والدولي تجعل‬ ‫تطوير تجربة املجلس نحو صيغة اتحادية خيارا ض��روري��ا لكل دول‬ ‫املجلس‪.‬‬ ‫ تنويع التحالفات السياسية االستراتيجية‪ ،‬فلدى دول الخليج دوافع‬‫قوية تدفعها إلى بناء تحالفات إقليمية جديدة مع روسيا والصني والهند‬ ‫ملواجهة تحديات البيئة األمنية في هذه الفترة وكذلك إلعادة التوازن مع‬ ‫الواليات املتحدة األميركية في حال أي تصعيد يهدد مصالحها الحيوية‬ ‫باملنطقة أو يهدد أمنها واستقرارها‪.‬‬ ‫ إع��ادة التنسيق مع دول الربيع العربي‪ ،‬فتحقيق االستقرار في دول‬‫الربيع كمصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا ينعكس على استقرار‬ ‫دول الخليج بصفه خاصة واملنطقة بصفه ع��ام��ة‪ .‬ف��األم��ن ف��ي الخليج‬ ‫يرتبط ارتباطا عضويا باألمن العربي وهو جزء ال يتجزأ منه وامتداد له‪،‬‬ ‫فكلما زاد األمن واالستقرار في املنطقة انعكس إيجابا على أمن الخليج‬ ‫وموارده االقتصادية <‬


‫العودة للتفاوض على وثيقة طهران ‪2003‬‬ ‫وعليه‪ ،‬كان على الواليات املتحدة العودة إلى التفاوض من جديد على‬ ‫وثيقة طهران ‪ .2003‬فوفقا لتريتا بارسي رئيس املجلس الوطني اإليراني‬ ‫األميركي (‪ )NIAC‬في كتابه الذي صدر مؤخرا «لفة واحدة من النرد»‬ ‫(‪ )Single Role of the Dice‬يقول إنه بعد أقل من شهر على احتالل‬ ‫ب�غ��داد ‪ ،2003‬عرضت ط�ه��ران ح��ل خالفاتها م��ع ال��والي��ات املتحدة عن‬ ‫طريق السفير السويسري ف��ي ط�ه��ران ف��ي ذل��ك ال��وق��ت تيم غولديمان‪،‬‬ ‫الذي ترعى سفارته املصالح األميركية‪ ،‬تتعهد فيه بوقف الدعم عن كل‬ ‫من حماس والجهاد اإلسالمي الفلسطينيتني والضغط عليهما لوقف‬ ‫هجماتهما على إسرائيل إلى جانب دعمها لوقف تسليح حزب الله في‬ ‫لبنان والضغط عليه لنزع سالحه وتحويله إلى حزب سياسي محض‬ ‫واملوافقة على التفتيش الدولي الدقيق للبرنامج النووي اإليراني عالوة‬ ‫على املوافقة على مبادرة الجامعة العربية التي تدعو للسالم مع تل أبيب‬ ‫مقابل االنسحاب اإلسرائيلي الكامل إلى حدود ما قبل عام ‪ .1967‬مقابل‬ ‫االع�ت��راف بإيران كفاعل إقليمي في املنطقة ورفعها من قائمة محور‬ ‫الشر‪ .‬إال أن إدارة ب��وش رفضت ه��ذا العرض اإلي��ران��ي بغضب وعنفت‬ ‫الدبلوماسي السويسري الذي نقل العرض اإليراني إليها‪ .‬وبالتالي أعتقد‬ ‫أن إدارة أوباما أرادت العودة للتفاوض على وثيقة طهران ‪ 2003‬مع مراعاة‬ ‫التغيرات اإلقليمية والعاملية‪.‬‬

‫األزمة املالية وتغير مسار العالقة‬ ‫تواجه إدارة أوباما ً‬ ‫ً‬ ‫داخليا بالغ التعقيد‪ ،‬جراء األزمة املالية التي بدأت‬ ‫وضعا‬ ‫في ‪ 2008‬والتي تعتبر األسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنه‬ ‫‪ .1929‬وتوابع األزمة املالية الناتجة عن الخالف األخير الذي دار بني إدارة‬ ‫أوباما والكونغرس على املوازنة في أكتوبر (تشرين األول) ‪ 2013‬مما‬ ‫كاد أن يؤدي إلى انهيار االقتصاد األميركي‪ ،‬ويفقدها نفوذها السياسي‬ ‫على املستوى الدولي كما يرى كثير من املحللني االقتصاديني‪ .‬إن هذه‬ ‫األزمة التي مرت بها أميركا وكادت أن تصيب الحكومة الفيدرالية بالشلل‪،‬‬ ‫دفعتها إلى تحسني عالقاتها مع إيران لسد عجزها املالي‪.‬‬ ‫فقد ق��در مركز (‪ )IHS Global Insight‬العاملي املتخصص بدراسة‬

‫ومراقبة أداء االقتصاديات العاملية أن ال��والي��ات املتحدة خسرت ‪12.5‬‬ ‫مليون دوالر كل ساعة منذ بداية األزم��ة‪ ،‬أي ‪ 300‬مليون دوالر ً‬ ‫يوميا‪،‬‬ ‫وذل��ك منذ األول من أكتوبر ‪ ،2013‬أي منذ أغلقت الحكومة الفيدرالية‬ ‫األميركية بعض مكاتبها وأوقفت أنشطتها غير الرئيسة‪ ،‬وأعادت ‪800‬‬ ‫ألف موظف فيدرالي إلى منازلهم‪ .‬إضافة إلى ذلك فقد أعلن مكتب مراقبة‬ ‫األصول األجنبية التابع لوزارة الخزانة األميركية واملسؤول عن تطبيق‬ ‫العقوبات التجارية واالقتصادية املفروضة على إي��ران وسوريا أنه لن‬ ‫يستطيع القيام بكل مهامه نظرا لتخفيض عدد العاملني باملكتب بسبب‬ ‫عجز تمويل الحكومة األميركية بعد رف��ض الكونغرس تمرير موازنة‬ ‫العام املالي الجديد‪.‬‬

‫طهران وتبادل النخب مع واشنطن‬ ‫أما عن رغبة طهران بالتقارب مع واشنطن فتكمن في أمرين جوهريني‪،‬‬ ‫أوال‪ :‬الرغبة في فك العزلة السياسية وتخطي أزمة العقوبات االقتصادية‪،‬‬ ‫فالعقوبات املفروضة على إي��ران قبل عدة سنوات دفعتها للتقارب مع‬ ‫أميركا‪ ،‬باعتبار أن تخطي أزمة العقوبات االقتصادية وفك عزلة االقتصاد‬ ‫باتت حاجة إيرانية‪ .‬حيث تقدر خسائر إيران جراء الحصار املفروض‬ ‫على صادراتها النفطية بنحو ‪ 50-40‬مليار دوالر سنويا‪ .‬وبحسب وكالة‬ ‫الطاقة الدولية يظهر أن العقوبات الغربية املفروضة على القطاع النفطي‬ ‫اإليراني كلفت إيران ‪ 40‬مليار دوالر من عائدات تصدير النفط عام ‪.2012‬‬ ‫إضافة إلى ذلك تراجع العملة اإليرانية (الريال اإليراني) مقابل الدوالر‪.‬‬ ‫فمن ‪ 13‬ألف ريال للدوالر في عام ‪ 2011‬إلى ‪ 34‬ألف ريال للدوالر عام‬ ‫‪ 2012‬إلى ‪ 40‬ألف للدوالر عام ‪ 2013‬مما يعني فقدان الريال أكثر من ‪75‬‬ ‫في املائة من قيمته مقابل الدوالر‪ .‬كذلك ارتفاع نسبة التضخم الناجم عن‬ ‫العقوبات املصرفية والنفطية املفروضة على إيران‪ .‬فبحسب تقرير البنك‬ ‫العاملي احتلت إيران املرتبة الثالثة في ارتفاع نسبة التضخم خالل عام‬ ‫‪ 2012‬بعد روسيا البيضاء أو بيالروسيا وسوريا بنسبة ‪ 27.3‬في املائة‪.‬‬ ‫وكانت نسبة التضخم في إيران في عام ‪ 2011‬قد وصلت إلى ‪ 20.6‬في‬ ‫املائة و‪ 10.1‬في املائة في عام ‪ ،2010‬أما في عام ‪ 2009‬فكانت هذه النسبة‬ ‫‪ 13.5‬في املائة‪ ،‬وخالل عام ‪ 2008‬بلغ التضخم ‪ 25.5‬في املائة‪ .‬فإيران‬ ‫أرادت التقارب مع أميركا للتقليل من حالة االحتقان السياسي نتيجة‬ ‫العقوبات االقتصادية والتي ربما قد تجتمع لتزيد من احتمالية تفجر‬

‫املمثلة األعلى لالتحاد األوروبي‬ ‫للشؤون الخارجية والسياسة األمنية‬ ‫كاترين أشتون ووزير الخارجية‬ ‫اإليراني محمد جواد ظريف عقب‬ ‫االنتهاء من مؤتمر صحافي بعد غلق‬ ‫املحادثات النووية التي عقدت في‬ ‫مركز املؤتمرات الدولي في جنيف‬ ‫(‪ 10‬نوفمبر ‪)2013‬‬

‫‪,,‬‬

‫فقد الريال‬ ‫اإليراني أكثر‬ ‫من ‪ %75‬من‬ ‫قيمته مقابل‬ ‫الدوالر نتيجة‬ ‫للعقوبات‬ ‫املفروضة‬ ‫على االقتصاد‬ ‫اإليراني على‬ ‫مدى أربع‬ ‫سنوات‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪11‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫دول الخليج ال تمانع مطلقا في أي جهد يهدف إلى تحسني العالقات بني واشنطن وطهران‪ ،‬فاالستقرار والسالم‬ ‫في إقليم الخليج هو استقرار في منطقة الشرق األوسط والعالم ككل‪ .‬وتسوية األزمة النووية من خالل استجابة‬ ‫إيران للمطالبات الدولية بإخضاع برنامجها النووي للمراقبة والتفتيش‪ ،‬يزيل أحد أكبر بواعث القلق الخليجي‪،‬‬ ‫لحيلولته دون وقوع حرب إقليمية بني إيران وإسرائيل والغرب تطيح بأمن الخليج وموارده االقتصادية‪.‬‬

‫طهران وواشنطن ‪ ..‬خيارات التورط األميركي في الشرق األوسط‬

‫هواجس مشروعة‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫إبراهيم العثيمني‬

‫‪,,‬‬

‫دول الخليج ال‬ ‫تمانع مطلقًا في‬ ‫أي جهد يهدف‬ ‫إلى تحسني‬ ‫العالقات‬ ‫بني واشنطن‬ ‫وطهران‬ ‫فاالستقرار‬ ‫والسالم في‬ ‫إقليم الخليج‬ ‫هو استقرار في‬ ‫منطقة الشرق‬ ‫األوسط‬

‫‪,,‬‬

‫‪10‬‬

‫استراتيجية جديدة وذل��ك بتحول االهتمام من منطقة الشرق األوسط‬ ‫والتركيز على منطقة آسيا واملحيط الهادي في محاولة ملحاصرة صعود‬ ‫ال�ص�ين‪ .‬فاالقتصاد الصيني حسب كثير م��ن التقارير سيكون أكبر‬ ‫اقتصاد في العالم مما قد يهدد السيادة األميركية على االقتصاد الدولي‪.‬‬ ‫ففي حني لم يكن االقتصاد الصيني يتجاوز ستة في املائة من حجم‬ ‫االقتصاد األميركي في مطلع الستينات أصبح اآلن يتجاوز ‪ 50‬في املائة‬ ‫من حجم االقتصاد في الواليات املتحدة‪ ،‬األمر الذي قد يمثل تهديدا كبيرا‬ ‫في طبيعة النظام الدولي وإشارة إلى انتقال العالم متعدد األقطاب كما‬ ‫يرى كبار املحللني األميركيني أمثال فريد زكريا‪ .‬ففي مطلع ‪ 2012‬أعلن‬ ‫أوباما استراتيجيته الجديدة وذلك بنقل االهتمام األميركي إلى منطقة‬ ‫آسيا واملحيط الهادي‪.‬‬

‫قبل ع��دة أي��ام كنت أشاهد الفيلم األميركي «آرغ��و» (‪،)Argo‬‬ ‫وه��و فيلم يحاول تصوير ما دار وراء كواليس أزم��ة الرهائن‬ ‫األميركيني في إيران عام ‪1979‬م عندما احتل ناشطون إيرانيون‬ ‫ال�س�ف��ارة األميركية ف��ي ط�ه��ران عقب ث��ورة الخميني واح�ت�ج��زوا اثنني‬ ‫وخمسني موظفا أميركيا‪ ،‬لكن ستة منهم تمكنوا من الهرب واللجوء إلى‬ ‫منزل السفير الكندي‪ .‬والفيلم هو قصة واقعية مقتبسه من شهادة عميل‬ ‫املخابرات األميركية السابق توني منديز من كتابه «سيد التنكر‪ :‬حياتي‬ ‫السرية في سي آي إيه» (‪The Master of Disguise: My Secret Life‬‬ ‫‪ )in the CIA‬وكذلك من مقالة جوشوا بيارمان ‪Joshuah Bearman‬‬ ‫«الهروب العظيم» (‪ .)The Great Escape‬التي كتبها في ‪ 2007‬في مجلة‬ ‫«‪ »Wired‬مستندا إلى وثائق وكالة املخابرات املركزية األميركية التي‬ ‫رفعت السرية عنها‪ .‬ورغم أن قصة أزمة الرهائن األميركيني مشهورة‬ ‫وموثقة تاريخيا بكل تفاصيلها فإن الفيلم تمكن من سردها في قالب وهو ما أكدته وزيرة الخارجية األميركية السابقة هيالري كلينتون في‬ ‫مثير ّ‬ ‫مشوق وبمهارة حرفية عالية جعلته يرشح لجوائز األوسكار‪.‬‬ ‫مجلة «فورين بوليسي» في أن مستقبل السياسة األميركية سيتحدد‬ ‫في آسيا واملحيط الهادي‪ ،‬ال في أفغانستان والعراق‪ .‬وهو كذلك ما أكده‬ ‫كان هذا الفيلم يؤرخ ألحد فصول الصراع واملواجهة بني واشنطن وطهران وزير الدفاع األميركي السابق‪ ،‬ليون بانيتا بأن الواليات املتحدة تستعد‬ ‫التي بدأت بأزمة الرهائن‪‬،‬مرورا بحرب الخليج األولى (الحرب اإليرانية ‪ -‬بحلول عام ‪ 2020‬إلى إع��ادة نشر أكثر من ‪ 60‬في املائة من أسطولها‬ ‫العراقية) وانتهاء بأزمة امللف النووي اإليراني‪ .‬كل هذا في إطار الصراع البحري الحربي في منطقة آسيا واملحيط الهادي‪ .‬وتأتي جولة أوباما إلى‬ ‫على إقليم الخليج والهيمنة على الشرق األوسط‪ ،‬ولم يسهم تغير القيادات آسيا مباشرة بعد إعادة انتخابه إلى كل من تايالند وكمبوديا وميانمار‬ ‫في البلدين‪ ،‬على مدى العقود الثالثة‪ ،‬في إحداث أي تحول في هذا املسار مؤشرا على هذا التوجه االستراتيجي لدى إدارة أوباما‪.‬‬ ‫مما أسهم في عدم االستقرار في منطقة الشرق األوسط والعالم ككل‪.‬‬ ‫إال أن األح��داث األخيرة بداية من وص��ول الرئيس حسن روحاني وهو‬ ‫اإلصالحي واملعتدل إلى الرئاسة في إيران وانتهاجه لغة تصالحية مع إنهاء التورط األميركي في الشرق األوسط‬ ‫الغرب مرورا بلقاء وزير الخارجية األميركي جون كيري بنظيره اإليراني التركيز على منطقة آسيا واملحيط ال�ه��ادي يترتب عليه إنهاء التورط‬ ‫محمد جواد ظريف في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة األميركي في الشرق األوسط وعدم الدخول في أي حروب جديدة‪ .‬كان‬ ‫لألمم املتحدة وم��رورا أيضا باالتصال التاريخي وال��ذي هو األول منذ ذلك واضحا في كثير من القضايا ابتداء من االنسحاب األميركي من‬ ‫الثورة اإليرانية عام ‪ 1979‬بني الرئيسني‪ ،‬وانتهاء باتفاق جنيف‪ 2‬النووي العراق مرورا بإعالن أوباما االنسحاب التدريجي للقوات األميركية من‬ ‫الذي جرى التوصل إليه في جنيف في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) أفغانستان مع نهاية ‪ 2014‬وتحويل قيادة العمليات العسكرية إلى القوات‬ ‫‪ 2013‬بني إيران وال��دول الست أو ‪ 1+5‬بشأن البرنامج النووي اإليراني األمنية األفغانية وكذلك انتهاج أسلوب الدبلوماسية والقوة الناعمة فيما‬ ‫بعد ثالثة أسابيع من املفاوضات‪ ،‬أثارت تساؤالت عدة عن حقيقة هذه يختص بامللف ال�ن��ووي اإلي��ران��ي‪ .‬وانتهاء بامللف ال�س��وري ال��ذي انتهج‬ ‫التحركات الدبلوماسية بني واشنطن وطهران وم��ا تداعياته على دول فيه أوب��ام��ا منذ بداية ال�ث��ورة السورية مبدأ سياسة التدخل الناعم من‬ ‫الخليج؟‬‬‬‬‬ ‫خالل الضغط على النظام السوري وتقديم دعم للمعارضة دون التورط‬ ‫العسكري املباشر‪.‬‬ ‫وعليه لتسوية ملفات الشرق األوس��ط كان ال بد من التعامل مع إيران‪،‬‬ ‫أميركا واالتجاه نحو املحيط الهادئ‬ ‫فالتمدد والتغلغل اإليراني في كثير من هذه امللفات سواء بصورة مباشرة‬ ‫يكمن القول إن أهم أسباب التقارب األميركي مع إي��ران تكمن في عدة كما يحدث في سوريا وخاصة منذ الثورة أو في لبنان عبر حزب الله‬ ‫نقاط‪ ،‬من أهمها سعي اإلدارة األميركية إلى تحويل تركيزها نحو منطقة أو العراق خاصة بعد حرب ‪ 2003‬أو بصورة غير مباشرة عبر شبكات‬ ‫آسيا واملحيط الهادي‪ ،‬فأميركا منذ وصول أوباما إلى السلطة انتهجت التجسس في اليمن ودول الخليج‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫رائحة براغماتية‬ ‫ول��م تكتف طهران بذلك ول��م تقف هنا‪ ،‬بل باتت تطرق وبحذر ب��اب الخطوط‬ ‫ال�ح�م��راء ف��ي سياستها ال�خ��ارج�ي��ة‪ ،‬أي ال�ب��اب األم�ي��رك��ي واإلس��رائ�ي�ل��ي‪ .‬ففي‬ ‫فبراير أثناء املؤتمر الدولي لألمن بميونيخ‪ ،‬وصف ظريف املحرقة اليهودية‬ ‫«الهولوكوست» بـ«املأساة الوحشية التي يجب أال تتكرر»‪ ،‬وهي حسب املراقبني‬ ‫بادرة ال فقط حيال الجالية اليهودية التي يقدر عددها في إيران بثمانية آالف‪،‬‬ ‫بل حيال املوقف الغربي املتشائم تجاه نظرة طهران السلبية لليهود بشكل‬ ‫عام‪ .‬بل تطور األمر عن ذلك وبدأت التصريحات اإليرانية حول ضرورة زوال‬ ‫دول��ة إسرائيل تختفي م��ن الخطاب الحكومي‪ .‬وم��ع املحادثة التاريخية بني‬ ‫روحاني وب��اراك أوباما في سبتمبر ‪ 2013‬وتحسن العالقات‪ ،‬التقى ظريف‬ ‫نظيره األميركي جون كيري مرارا مذذاك وآخرها في ميونيخ‪ .‬كما أكد ظريف‬ ‫للتلفزيون الروسي أن سفارة أميركية يمكن أن تفتح يوما في طهران‪.‬‬ ‫لكن‪ ..‬في ظل مختلف تلك التصريحات والتطورات على األرض‪ ،‬يشتم البعض‬ ‫من مسألة التقارب اإلي��ران��ي األميركي وم��ن التغيير في السلوك السياسي‬ ‫لطهران‪ ،‬رائحة «البراغماتية»‪ .‬ما يعني أن ما يسمى بـ«الثوابت» اإليرانية في‬ ‫السياسة الخارجية لن تتغير‪ ،‬إنما األمر مجرد تغيير في التكتيكات‪ .‬وتتخوف‬ ‫دول خليجية من هذا الرأي‪.‬‬ ‫ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محللني قولهم إن «النظام في طهران‬ ‫يحافظ على خطوطه الحمر»‪ :‬يريد حيازة التكنولوجيا النووية املدنية ويرفض‬ ‫االعتراف بإسرائيل ويدعم النظام السوري حليفه االستراتيجي وصلته بحزب‬ ‫الله اللبناني الذي يحارب إسرائيل‪ .‬وقال مهدي فضائلي املحلل القريب من‬ ‫املحافظني اإليرانيني إن «أسس السياسة الخارجية اإليرانية ثابتة»‪ .‬وأضاف‬ ‫«يمكن للحكومة أن تغير التكتيك واملقاربة»‪ .‬وقال علي رضا نارد من مركز‬ ‫ران��د األميركي لألبحاث إن «لروحاني وظريف رؤي��ة مختلفة (في السياسة‬ ‫ال�خ��ارج�ي��ة) ع��ن ت�ل��ك ال�ت��ي انتهجها امل �س��ؤول��ون ال�س�ي��اس�ي��ون وال�ع�ق��ائ��دي��ون‬ ‫السابقون»‪ .‬وأضاف «لكن من غير الواضح ما إذا كان روحاني سيتمكن من‬ ‫إجراء التعديالت األساسية في املسائل التي تقلق الواليات املتحدة مثل الدعم‬ ‫اإليراني لحزب الله اللبناني ورفض طهران االعتراف بإسرائيل»‪ .‬ورأى أفشني‬ ‫إستوار من مركز ال��دراس��ات االستراتيجية األميركي أن للحكومة اإليرانية‬ ‫خطابني متباينني‪ .‬وق��ال «عندما يرفض ظريف إن�ك��ار املحرقة فهذا موجه‬ ‫للحكومات األجنبية والرأي العام لديها‪ .‬وعندما ينتقد إسرائيل والصهيونية‬ ‫عموما فلتهدئة املتشددين في النظام اإليراني»‪ .‬وأضاف أن التغيير «في اللهجة‬ ‫أكثر مما هو باملطلق حتى وإن كان هناك طلب أقوى للتعاون مع الغرب»‪.‬‬ ‫وق��ال دبلوماسي غربي معتمد ف��ي ط�ه��ران للوكالة الفرنسية إن «الحكومة‬ ‫اإليرانية أخذت زمام املفاوضات النووية لكنها ال تتخذ قرارات بشأن الخطوط‬ ‫العريضة للسياسة النووية التي يشرف عليها املرشد األعلى»‪ .‬وأض��اف أن‬ ‫«الحكومة ال تملك تفويضا واضحا» لسوريا وتؤكد أن ظريف ال يبحث أبدا‬ ‫النزاع السوري مع كيري‪ .‬وتابع أن «االعتراف بإسرائيل غير وارد ألن معاداة‬ ‫الصهيونية متأصلة في الجمهورية اإلسالمية»‪.‬‬

‫النهج السعودي إزاء إيران‬ ‫وفي انعكاس للتخوف السعودي تجاه تطورات مشهد السياسة الخارجية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬كتب األمير تركي الفيصل‪ ،‬املدير العام السابق للمخابرات العامة في‬ ‫السعودية‪ ،‬مقاال نشرته صحيفة «االقتصادية» السعودية في السادس من‬ ‫يناير املاضي بعنوان «هل تغيرت إيران منذ انتخاب روحاني رئيسا في يونيو‬ ‫‪2013‬؟»‪ ،‬طرح خالله تخوفني باعتبار أنهما «يؤرقان اململكة العربية السعودية‬ ‫بشأن الجمهورية اإلسالمية‪ :‬سعيها إلى امتالك األسلحة النووية‪ ،‬وتدخلها في‬ ‫شؤون جيرانها (البحرين والعراق وسوريا)»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ترحيب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في آخ��ر زي��ارة إلي��ران‬ ‫في فبراير بالتقدم الذي تحقق في شأن برنامجها النووي‪ ،‬لكنها أشارت إلى‬

‫أن «مواضيع كثيرة» ما زال��ت تحتاج إل��ى توضيح ح��ول احتمال وج��ود بعد‬ ‫عسكري‪ ،‬مؤكدة بأنها في بداية املرحلة األول��ى ملعالجة الجانب العسكري‪.‬‬ ‫وكانت طهران تعهدت للوكالة بأن تطبق بحلول ‪ 15‬مايو القادم «سبعة تدابير‬ ‫عملية» إلضفاء مزيد من الشفافية على برنامجها النووي‪ .‬وكان تقرير شديد‬ ‫اللهجة للوكالة أصدرته في نوفمبر ‪ 2011‬وقدمت خالله مجموعة من العناصر‬ ‫التي توضح أن إيران سعت إلى حيازة السالح النووي قبل ‪ .2003‬وقالت الوكالة‬ ‫إن «هذه التدابير السبعة هي املرحلة الثانية‪ .‬وبعد ‪ 15‬مايو (القادم) ستكون‬ ‫هناك تدابير جديدة»‪ .‬لكن املوقف السعودي‪ ،‬كما عبر عنه مقال األمير تركي‬ ‫الفيصل‪ ،‬يعكس خوف الرياض من عجز وكالة الطاقة الذرية عن معالجة النووي‬ ‫اإليراني العسكري‪ .‬يقول األمير تركي‪« :‬في مواجهة إيران املسلحة نوويا‪ ،‬لن‬ ‫تجد بلدان مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬بدا من وزن خياراتها‬ ‫بعناية ودقة وربما الحصول على قوة ردع نووي»‪ .‬وأضاف أن «حيازة إيران‬ ‫األسلحة النووية تفضي بالضرورة إلى مضاعفة التخوف الرئيس الثاني لدى‬ ‫اململكة العربية السعودية‪ :‬سياسة الحكومة اإليرانية في زعزعة استقرار البلدان‬ ‫املجاورة»‪ .‬وحول العراق أكد أنه أصبح «ملعبا للنفوذ اإليراني»‪ ،‬فيما قال بشأن‬ ‫تطورات األوض��اع في البحرين إن «املسؤولني اإليرانيني كثيرا ما يعلنون أن‬ ‫البحرين محافظة إيرانية‪ .‬ودعمت اململكة املفاوضات السلمية مع املحتجني في‬ ‫الشوارع‪ ،‬كما قدمت للبالد مساعدات اقتصادية كبيرة لتحسني الحياة هناك‪،‬‬ ‫لكننا لن نقبل أبدا باستيالء إيران عليها»‪ .‬وفيما يتعلق بسوريا قال بأنها‬ ‫«أشد قتامة‪ ،‬حيث بلغ الدعم اإليراني للرئيس بشار األسد منذ بداية الحرب‬ ‫األهلية في البالد حد العمل اإلجرامي الذي يستوجب محاكمة قادة إيران في‬ ‫املحكمة الجنائية الدولية»‪.‬‬ ‫إن الخشية السعودية من السياسات اإليرانية في املنطقة‪ ،‬هي خشية تتفق‬ ‫حولها معظم دول الخليج‪ ،‬لكنها تختلف معها في كيفية معالجتها‪ .‬فالرياض‬ ‫تسعى إل��ى «تغيير ج ��ذري» ف��ي ال�س�ل��وك اإلي��ران��ي فيما يتعلق بالتخوفني‬ ‫األساسيني‪ :‬السالح النووي‪ ،‬والتدخل في شؤون ال��دول العربية‪ .‬إذ ترى في‬ ‫هذا السلوك تهديدا ألمنها ومنافسة لنفوذها في املنطقة‪ ،‬بعكس دول الخليج‬ ‫األخرى التي تسعى إلى «التعايش» مع الجار اإليراني في ظل التخوفني‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫ال تبدو التصريحات اإليرانية‪ ،‬حتى تلك «العدائية» من بعض املسؤولني في‬ ‫ط�ه��ران‪ ،‬ه��ي التي تنشط ال��ري��اض للتحذير منها بقدر تخوفها م��ن التوافق‬ ‫األميركي اإليراني لالتفاق على جملة من القضايا واملسائل التي قد تسعى‬ ‫واشنطن وطهران لحلحلتها‪ ،‬على رأسها خطر الجماعات الدينية املتطرفة‬ ‫في العراق وسوريا ولبنان‪ ،‬ما يمهد الطريق ملزيد من التوافقات واالتفاقات‬ ‫األخ��رى في املستقبل والتي ستكون محصلتها تقوية النفوذ اإليراني على‬ ‫حساب النفوذ الخليجي <‬

‫وزير الخارجية األميركية جون‬ ‫كيري بعد االدالء بشهادته أمام‬ ‫لجنة العالقات الخارجية في مجلس‬ ‫النواب في كابيتول هيل في واشنطن‬ ‫العاصمة حيث أثار الشكوك حول نية‬ ‫ايران إلبرام اتفاق نهائي مع القوى‬ ‫الغربية بشأن تفكيك برنامجها‬ ‫النووي لكنه حث املشرعني األميركيني‬ ‫على عدم فرض عقوبات جديدة على‬ ‫طهران ‪( 10‬ديسمبر ‪)2013‬‬

‫‪,,‬‬

‫الوضع‬ ‫االقتصادي‬ ‫املزري لطهران‬ ‫سوف يجرها‬ ‫ملزيد من‬ ‫التنازالت‬ ‫األخرى التي‬ ‫من شأنها‬ ‫أن تحسن‬ ‫من األوضاع‬ ‫املعيشية‬ ‫املتردية‬

‫‪,,‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪09‬‬


‫شؤون سياسية‬

‫قال أمني عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني‪ ،‬في ختام القمة الخليجية التشاورية األخيرة في‬ ‫الرياض‪ ،‬في رده على سؤال صحافي بشأن موقف دول الخليج من الحوار اإليراني األميركي والتقارب بني‬ ‫الطرفني‪« :‬نحن نؤمن بالحوار‪ ..‬إال أننا نأمل أن أي حوار بني الدول يجب أال يكون على حساب مصالح دول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي»‪.‬لكن‪ ،‬هل بالفعل جاء هذا الحوار والتقارب على حساب املصالح الخليجية؟‬

‫ملاذا تقلق دول الخليج من التقارب اإليراني األميركي؟!‬

‫اخلطوط احلمراء‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫فاخر السلطان‬

‫‪,,‬‬

‫يرفض املوقف‬ ‫السعودي‬ ‫بشكل قاطع‬ ‫النهج اإليراني‬ ‫القائم على‬ ‫محاولة‬ ‫امتالك السالح‬ ‫النووي‬ ‫والتدخل في‬ ‫شؤون الدول‬ ‫العربية‬

‫‪,,‬‬

‫‪08‬‬

‫أن التنازالت النووية اإليرانية ستمهد الطريق لـ«جر» رجل طهران إلى مزيد من‬ ‫التنازالت فيما يخص األوراق القوية التي تمتلكها في سياستها الخارجية‪ ،‬عن‬ ‫طريق طرح محفزات استراتيجية تتعلق بدعم اقتصادها املزري‪ ،‬وعن طريق‬ ‫تقوية روابطها الجوارية السياسية ‪ -‬االقتصادية‪ .‬بيد أن تحقيق ذلك ال بد أن‬ ‫يسير جنبا إل��ى جنب معالجة ورقتني أساسيتني تمثالن ق��وة استراتيجية‬ ‫لطهران‪ ،‬هما النزاع اإلسرائيلي الفلسطيني‪ ،‬وحلحلة األوضاع في سوريا‪ .‬أما‬ ‫فيما يتعلق بالنفوذ اإليراني في لبنان والعراق واليمن والبحرين‪ ،‬فإنه سيتأثر‬ ‫بمعالجة الورقتني األساسيتني‪.‬‬

‫في ظل التحرك األميركي تجاه إيران‪ ،‬ملعالجة امللفات العالقة‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمتها امللف النووي‪ ،‬تتجاوز الهواجس الخليجية أي اتفاق حول‬ ‫هذا امللف‪ ،‬بل إنها تشدد على تغيير السلوك السياسي اإليراني في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وبالذات تدخلها في النقاط امللتهبة وشبه امللتهبة‪ ،‬نقاط مثل سوريا‬ ‫ولبنان والعراق واليمن‪ ،‬واألكثر أهمية بالنسبة لدول التعاون هو التدخل في‬ ‫الشؤون البحرينية‪.‬‬ ‫وحسب الكثير من املراقبني‪ ،‬فإن التقارب جاء وسط حالة من انعدام الثقة بني‬ ‫الطرفني اإليراني ‪ -‬الخليجي‪ ،‬وكذلك بني الطرفني األميركي ‪ -‬الخليجي على‬ ‫خلفية الحرب في سوريا‪ .‬بجملة أخ��رى‪ ،‬تم فتح املجال للتفاهم مع حليف‬ ‫دمشق (ط�ه��ران) على حساب ت��راج��ع دع��م الحل العسكري ال��ذي ك��ان محل وحسب بعض املراقبني فإن الورقة الخليجية ورقة ثمينة للدبلوماسية اإليرانية‬ ‫اهتمام الخليجيني بشأن سوريا‪.‬‬ ‫وللرئيس املعتدل حسن روحاني من أجل التأكيد على حسن نياته والوفاء‬ ‫بالتزاماته الدولية‪ .‬وكان مجلس التعاون الخليجي عبر في قمته األخيرة في‬ ‫إذن‪ ،‬يرتكز الهاجس الخليجي على ما يتجاوز امللف النووي إلى التوجس من الكويت عن ترحيبه باالتفاق النووي بني إيران والقوى الكبرى‪ .‬لحق ذلك زيارة‬ ‫اإلضرار باملصالح الخليجية‪ ،‬أو اإلضرار باملصالح العربية املؤثرة على املصالح مفاجئة قام بها وزير خارجية اإلمارات الشيخ عبد الله بن زايد إلى طهران‪،‬‬ ‫الخليجية‪ .‬وينبني هذا التوجس على إمكانية ظهور «مباحثات سرية» بني دافع خاللها عن فكرة إقامة شراكة بني إيران ودول الخليج على الرغم من النزاع‬ ‫واشنطن وطهران قد تفضي إلى تنازالت أميركية على حساب تلك املصالح‪ ،‬بني البلدين للسيطرة على الجزر الثالث أبو موسى وطنب الصغرى والكبرى‪.‬‬ ‫ثم برز بعد ذلك مؤشر إيراني الفت‪ ،‬ال فقط تجاه قبول طهران فتح صفحة‬ ‫على أن يكون قصب السبق في ذلك هو للمصالح األميركية ‪ -‬اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫جديدة في العالقات مع بعض دول الخليج‪ ،‬إنما أيضا تجاه فتح باب سيناريو‬ ‫التنازالت والتفاهمات التي من شأنها أن تدفع لوالدة إيران أخرى في املنطقة‪،‬‬ ‫زخم جديد لصورة الشرق األوسط الجديد‬ ‫بعبارة أخرى تجاه مصالح واشنطن وتل أبيب‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬ماذا عما أوردته صحيفة «هآرتس» من أن مالمح تحسن العالقات بني‬ ‫واشنطن وطهران قد تؤدي بالضرورة إلى تقارب خليجي إسرائيلي‪ ،‬وتأكيدها‬ ‫بأن الدول الخليجية تخشى من تضعيف الدور العربي في املنطقة؟ فالسياسة‬ ‫الدولية ال تعرف إال لغة املصالح‪ .‬لكن‪ ،‬كيف سيكون شكل هذه اللغة دون وجود‬ ‫ب��وادر حل للقضية الفلسطينية؟ إن ذلك سيبدو مدخال إلعطاء زخم جديد‬ ‫لصورة الشرق األوسط الجديد‪ ،‬غير مبني فحسب على ما يسمى بـ«ثورات‬ ‫الربيع»‪ ،‬بل على عالقات إقليمية جديدة تلعب إسرائيل خاللها دورا بارزا‪.‬‬ ‫يشير املراقبون‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬إلى أن مسألة التقارب‪ ،‬والتي سترفع في نهاية‬ ‫املطاف العقوبات والقيود عن النظام اإليراني‪ ،‬ستمنح طهران هامش مناورة‬ ‫إضافية ملواصلة السير في سياستها التنافسية‪ .‬غير أن تخوفا خليجيا كهذا‬ ‫يمكن تحييده ‪ -‬غربيا‪ ،‬وأميركيا ‪ -‬عن طريق سيناريو العالقات اإلقليمية‬ ‫الجديدة‪ ،‬أو من خالل سيناريو التفاهمات املبنية على االتفاق النووي‪.‬‬

‫فقد زار وزي��ر الخارجية اإليراني محمد ج��واد ظريف كال من الكويت‪ ،‬التي‬ ‫ترتبط بعالقات ثنائية جيدة مع طهران مما قد يساعد ذلك في أن تلعب دورا‬ ‫تقريبيا بني إيران ودول الخليج‪ ،‬ثم عمان‪ ،‬التي تتحدث بعض املعلومات عن‬ ‫استضافتها لقاءات أميركية ‪ -‬إيرانية ما أسهم في بلورة االتفاق النووي‪ ،‬ثم‬ ‫اإلمارات وقطر‪ ،‬اللتان ترتبطان بعالقات سياسية واقتصادية متينة مع طهران‪.‬‬ ‫واستثنى ظريف زي��ارة اململكة العربية السعودية والبحرين ألسباب تتعلق‬ ‫باألزمة الداخلية البحرينية وبتداعيات التدخل اإليراني في النزاع السوري‪.‬‬

‫وقال وزير الخارجية اإليراني إنه سيزور السعودية بهدف تحسني العالقات‬ ‫ب�ين ط�ه��ران وال��ري��اض‪ ،‬م��ؤك��دا أن تحسني العالقات م��ع دول الخليج يعد من‬ ‫أولويات وزارة الخارجية اإليرانية‪ .‬ولم يحدد ظريف موعدا لزيارة السعودية‪،‬‬ ‫واكتفى بالقول إنها ستتم في «فرصة مناسبة»‪ ،‬وأضاف أن عالقات الجمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية مع دول الخليج تتحسن يوما بعد يوم وسأسعى جاهدا‬ ‫للرقي بهذه العالقات إل��ى مستوى ع��ال‪ .‬ووص��ف مساعد وزارة الخارجية‬ ‫جر طهران نحو مزيد من التنازالت‬ ‫اإلي��ران�ي��ة للشؤون العربية واألفريقية حسني أمير ع�لاق��ات ط�ه��ران م��ع دول‬ ‫بجملة أخرى‪ ،‬يبدو الساسة األميركان بمعية نظرائهم األوروبيني وبتأييد من الخليج بأنها متنامية‪ ،‬موضحا أن زيارة ظريف إلى بعض دول الخليج مؤشر‬ ‫بعض األطراف الخليجية‪ ،‬خصوصا عمان واإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬يدركون الهتمام الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬بالتعاون الثنائي والجماعي اإلقليمي‪.‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫الكتــاب املســاهمـون يف هـذا العـدد‬ ‫علي الدين هالل‪ :‬وزير الشباب املصري‬ ‫(‪ )2004 -1999‬وأمني لجنة اإلعالم بالحزب الوطني‬ ‫الديمقراطي (‪ .)2011 - 2006‬مقرر لجنة العلوم‬ ‫السياسية باملجلس األعلى للثقافة ‪ .2011‬عميد‬ ‫كلية االقتصاد والعلوم السياسية (‪ .)1999 -1994‬له‬ ‫عشرات الكتب والبحوث املنشورة باللغتني العربية‬ ‫واإلنجليزية‪ .‬شارك في العديد من املؤتمرات العلمية‬ ‫والسياسية‪.‬‬ ‫إبراهيم العثيمني‪ :‬كاتب وباحث سياسي‬ ‫في شؤون الشرق األوسط‪ ،‬حصل على درجة‬ ‫الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة‬ ‫ً‬ ‫درهام البريطانية‪ ،‬يكتب مقاال أسبوعيًا في‬ ‫صحيفة اليوم السعودية‪.‬‬ ‫لورنزو فيدينو‪ :‬باحث وكاتب ايطالي‪ ،‬خبير‬ ‫أكاديمي وأمني متخصص في اإلسالم والعنف‬ ‫السياسي في أوروبا وشمال أميركا‪ .‬وهو يعمل‬ ‫حاليا باحثا في مركز الدراسات األمنية باملعهد‬ ‫الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ‪ .‬ألف عددا من‬ ‫الكتب وله العديد من املقاالت نشرت في كبريات‬ ‫الصحف األميركية واالوروبية‪.‬‬ ‫فضل بن سعد البوعينني‪ :‬كاتب واعالمي‬ ‫سعودي ومستشار اقتصادي مختص في االستثمار‬ ‫واألسواق املالية‪ .‬أمني عام الجمعية السعودية لكتاب‬ ‫الرأي‪ .‬خبرة عملية أكثر من ‪ 25‬عاما في القطاع‬ ‫املصرفي‪ .‬ماجستير في إدارة األعمال‪.‬‬ ‫فاخر السلطان‪ :‬باحث وكاتب كويتي‪ّ .‬‬ ‫تخرج في‬ ‫جامعة الكويت‪ ،‬تخصص علم االجتماع‪ .‬يترأس‬ ‫قسم األخبار العربية والدولية في جريدة «الوطن»‬ ‫الكويتية‪ ،‬وشغل وظيفة سكرتير التحرير في مجلة‬ ‫«نيوزويك» األميركية‪ ،‬النسخة العربية‪ُ .‬يعتبر أحد‬ ‫املساهمني في إنشاء مركز «تنوير» للثقافة‪.‬‬ ‫أروى حسن‪ :‬باحثة بريطانية من اصل عراقي‪،‬‬ ‫خبيرة في التنمية الدولية تعمل مع حكومات‬ ‫ومنظمات مجتمع مدني في العالم العربي منذ ‪15‬‬ ‫عاما‪ .‬حاصلة على درجة املاجستير من جامعة‬ ‫كامبريدج في انكلترا‪ .‬تلقي محاضرات بانتظام‬ ‫في املحافل الدولية بشأن قضايا مكافحة الفساد‪،‬‬ ‫والحكم‪ ،‬واإلصالح املؤسسي‪.‬‬ ‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫‪7‬‬


‫المحتوى‬

‫ملاذا تقلق دول الخليج‬ ‫من التقارب اإليراني األميركي؟!‬

‫اخلطوط احلمراء‬

‫هل يكرر‬ ‫السيسي تجربة‬ ‫عبد الناصر؟‬

‫كن أنت!‬

‫السياسة األميركية في سوريا‬ ‫ولبنان‪ ..‬كالم في كالم‬

‫هل يعي أوباما ما يقوله؟‬

‫التحويالت املالية للعمالة الوافدة‬ ‫في السعودية وأثرها على الدول النامية‬

‫تدفقات املغرتبني‬ ‫حرب طويلة‪..‬‬ ‫جهود متوازية‪..‬‬ ‫وتجربة نجاح‬ ‫رائدة‬

‫السعودية‬ ‫يف مواجهة‬ ‫اإلرهاب‬ ‫فتح الله غولن يسعى‬ ‫إلى إصالح إسالمي‬

‫مارتن لوثر كينغ املسلم!‬ ‫‪6‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


‫مجلة العرب الدولية‬ 1980 ‫تأسست في لندن عام‬

‫شهرية سياسية‬

www.majalla.com 

‫للحصول على‬ :‫املعلومات املفصلة‬




‫االفتتاحية‬

‫رساله المحرر‬ ‫عانت السعودية من اإلرهاب وجرائمه كثيرا‪ ،‬وكبدها ذلك خسائر من أرواح أبنائها وشبابها‪ ،‬لكنها واجهته بحزم وقوة‪،‬‬ ‫وصبر وإصرار فهزمته وانتصرت عليه‪ ،‬وأصبحت نموذجا يدرس وتجربة تحتذيها الدول في مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫اتخذت السعودية في حربها الطويلة مع اإلرهاب‪ ،‬جهودا وخططا متوازية‪ ،‬لم تقتصر على الجانب األمني فقط‪ ،‬بل ترافق‬ ‫معها مشاريع فكرية واجتماعية وتوعوية‪ ،‬ولجان مناصحة واحتواء ورعاية للمغرر بهم من ضحايا جماعات التطرف‪،‬‬ ‫كما سنت عددا من التشريعات القانونية والقضائية‪ ،‬التي تساهم في حماية املجتمع من آثار هذه الظاهرة وتقضي عليها‪.‬‬ ‫وكان آخرها القرار امللكي الصادر مطلع فبراير (شباط) املاضي‪ ،‬والقاضي بتجريم ومعاقبة كل من يشارك في األعمال‬ ‫القتالية خارج اململكة من السعوديني‪ ،‬أو يقدم الدعم املادي أو املعنوي للتيارات والجماعات واألحزاب املصنفة على قوائم‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫ومن أجل رسم خط فاصل للناس على األرض‪ ،‬وجه األمر امللكي بتشكيل لجنة حكومية تشترك فيها عدة وزارات مع‬ ‫االدعاء العام وديوان املظالم‪ ،‬تعد قائمة يعتمدها النظر امللكي‪ُ ،‬ت ّ‬ ‫حدث دوريا‪ ،‬بهذه التيارات والجماعات‪.‬‬ ‫وبهذه املناسبة تقدم مجلة «املجلة» ملفا يسلط الضوء بشكل مفصل على جهود السعودية املتنوعة والدائمة من أجل‬ ‫محاربة هذه اآلفة العاملية‪ ،‬كما تستعرض «املجلة» في موضوع خاص‪ ،‬تعريفا بأهم وأبرز الجماعات والتيارات اإلرهابية‬ ‫التي تستهدف أمن السعودية‪ ،‬واملنطقة‪.‬‬ ‫وفي ملف آخر‪ ،‬يتناول الكاتب السعودي إبراهيم العثيمني خيارات العالقة بني دول الخليج وإيران في ظل التقارب األميركي‪،‬‬ ‫مؤكدا أن «دول الخليج ال تمانع مطلقا في أي جهد يهدف إلى تحسني العالقات بني واشنطن وطهران‪ ،‬فاالستقرار والسالم‬ ‫في إقليم الخليج هو استقرار في منطقة الشرق األوسط والعالم ككل»‪ ،‬شارحا بعد ذلك الهواجس والقلق الخليجي القائم‪،‬‬ ‫الذي ال تقابله رسائل حسن نية من الطرف اإليراني‪.‬‬ ‫وفي موضوع آخر‪ ،‬يتساءل وزير الشباب املصري األسبق علي الدين هالل‪« :‬هل سيكرر السيسي في مصر تجربة جمال‬ ‫عبد الناصر»‪ ،‬قائال بكل اختصار‪« :‬كن أنت»‪ ،‬حيث إنه على السيسي ‪ -‬من وجهة نظره ‪ -‬أن يوجد األساليب واملشاريع‬ ‫املناسبة لقيادة املرحلة بشكل مبدع وخالق‪ ،‬دون استنساخ تجارب سابقة لها ظروفها الخاصة‪ ،‬مؤكدا أن أوجه الشبه بني‬ ‫السيسي وعبد الناصر تكمن في عاملني‪« :‬الحرص على االستقالل الوطني ملصر‪ ،‬وحرية القرار الخارجي»‪.‬‬ ‫وفي موضوع آخر‪ ،‬يتحدث الكاتب اللبناني إيلي فواز عن واقع مسيحيي لبنان في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها‬ ‫الساحة اللبنانية من انقسام وتوتر وشد وجذب‪ ،‬على صعيد الثورة السورية‪ ،‬أو املوقف من حزب الله‪ ،‬متتبعا خطوط‬ ‫العالقات واالتفاقيات الطائفية السياسية القائمة التي وصفها بـ«تحالف اإلكراه»‪.‬‬ ‫كما تقدم «املجلة» نخبة مترجمة ألهم املقاالت التي نشرتها مجلة «فورن أفيرز»‪ ،‬التي تتحدث عن جماعات «التدمير‬ ‫الذاتي»‪ ،‬وفرصة واشنطن في استغالل تصدع العالقة بني «داعش»‪ ،‬و«القاعدة»‪ ،‬إضافة إلى موضوع آخر يتناول العالقة‬ ‫بني املفكر التركي فتح الله غولن وجماعته من ناحية ورئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان من ناحية ثانية‪.‬‬ ‫ندعوك عزيزي القارئ لقراءة هذه املوضوعات وغيرها الكثير على موقعنا ‪ majalla.com‬ونرحب دائما بآرائك‪ ،‬وندعوك‬ ‫للتعليق على املوضوعات أو االتصال بنا إذا رغبت في التواصل معنا‪.‬‬

‫المحرر‬ ‫‪4‬‬

‫المجلة ‪ /‬العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬


ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē +y:a ` 3x3Na - M k 1fM Acting CEO of NASHR Co.

Omar A. Alshaikh ‫ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ‬

ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē +y:a ` 3x3Na - M k 1fM

^¤ 7yG* Ò* ^d<

‫اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē Acting CEO of ‫ﺳﻜﺮﺗﲑ‬ NASHR Co. Omar A. Alshaikh +y:a ` 3x3Na - M k 1fM

¥E¢ 6^G* £ }H

ǀżȤƾƪƵƴŽ Acting‫سكرتري‬ CEO of-NASHR ‫ م�صطفى الد�سوقي‬.‫ د‬:‫التحرير‬ ‫الر�شيد‬Co. ‫ عبد اهلل‬:‫مسؤول مكتب اخلليج‬

ΔϤϠϛ ϰϠϋ ΪϳΰΗ ϻ΃ ΐΠϳ ΕϻΎϘϤϟ΍ ϊϴϤΟ ΔχϮΤϠϣ HGLWRULDO#PDMDOOD FRP ϲϧϭήΘϜϟϹ΍ ΪϳήΒϟ΍ ϰϠϋ ΔϠγ΍ήϤϟ΍ ϰΟήϳ ˯΍έ΁ ϭ΃ ΕϻΎϘϣ ϝΎγέϹ Omar A. Alshaikh

‫للمشاركة‬ ȝƾżȚǍƄŵȚ

‫كلمة‬ 800 ‫ جميع المقاالت يجب أال تزيد على‬:‫ ملحوظة‬editorial@majalla.com ‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى المراسلة على البريد اإللكتروني‬ ZZZ LVVXX FRP PDMDOOD ΔϴϧϭήΘϜϟϻ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ VXEVFULSWLRQV#PDMDOOD FRP ˰Α ϝΎμΗϻ΍ ϰΟήϳ ˬΔϴϤϗήϟ΍ ΔόΒτϟ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ

‫اشتراكات‬ ϡΎψϧ ϱ΃ ϲϓ ΎϬϨϳΰΨΗ ϭ΃ ΎϬϨϣ ˯ΰΟ ϱ΃ ϭ΃ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϋΎΒσ ΓΩΎϋ· ϝ΍ϮΣϷ΍ Ϧϣ ϝΎΣ ϱ΄Α ίϮΠϳ ϻϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ΓΪΤΘϤϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϋ έΪμΗ ϲΘϟ΍ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϠΠϤϟ ΔχϮϔΤϣ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ www.issuu.com/majalla :‫ لالشتراك في االلكترونية‬subscriptions@majalla.com :‫ يرجى االتصال بـ‬،‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‬ ϲϘϠΘϟ ˱ΎϳήϬη ΔϠΠϤϟ΍ έΪμΗϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϣ ϖΒδϣ ΢ϳήμΗ ϰϠϋ ϝϮμΤϟ΍ ϥϭΩ ϪΑΎη Ύϣ ϭ΃ ΎϬϠϴΠδΗ ϭ΃ ΎϫήϳϮμΗ ϭ΃ Δϴϟ΁ ϭ΃ ΔϴϧϭήΘϜϟ· ΔϠϴγϭ ϱ΃ ϭ΃ ΓέϮλ ϱ΄Α ΎϬϠϘϧ ϭ΃ ϲϋΎΟήΘγ΍ ZZZ PDMDOOD FRP ΓέΎϳί ϰΟήϳ ˬϲϤϗήϟ΍ ϙ΍ήΘηϻ΍ Ε΍έΎδϔΘγ΍

‫ وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة المجلة أو أي جزء منها أو تخزينها في أي نظام‬.‫ التي تصدر عن الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (المملكة المتحدة) شركة محدودة‬2009 ‫حقوق النشر محفوظة لمجلة المجلة‬ ‫ لتلقي‬.ً‫ وتصدر المجلة شهريا‬.)‫استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه دون الحصول على تصريح مسبق من الشركة السعودية لألبحاث والتسويق (شركة محدودة‬ www.majalla.com ‫ يرجى زيارة‬،‫استفسارات االشتراك الرقمي‬

LVVXH

$XJXVW

Ώ΁ βτδϏ΃ ΩΪόϟ΍

++ 6DXGL 5HVHDUFK DQG 0DUNHWLQJ 8. /WG Issue 1593 - March 2014 $UDE 3UHVV +RXVH +LJK +ROERUQ /RQGRQ :& 9 $3 HH Saudi Research and Marketing (UK) Ltd 7HO )D[ Arab Press House, 184 High Holborn,

London WC1V 7AP Tel: +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310

ϰμμΨΘϟ΍ ϊσΎϘΗ ΔϜϣ ϖϳήσ Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ νΎϳήϟ΍ ΎϬϟ κΧήϣ 2014 ‫ آذار‬- ‫ مارس‬1593 ‫العدد‬

$ 0RQWKO\ 3ROLWLFDO 1HZV 0DJD]LQH ϥΪϨϟ ϒΗΎϫ νΎϳήϟ΍

ZZZ PDMDOOD FRP HQJ

‫ تقاطع التخصصى‬- ‫ طريق مكة‬- ‫ حي المؤتمرات‬- ‫الرياض‬

‫مرخص لها‬

A Monthly Political News Magazine +44 207 831 8181 :‫ لندن‬- 4419933 ‫ هاتف‬:‫الرياض‬

www.majalla.com/eng KT#DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ ˬZZZ DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ϝϭΪϟ΍ ϒϠΘΨϣ Ϧϣϭ ˬ ϥΪϨϟ ˬ βϳέΎΑ ˬ ϲΑΩ ˬ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϞΧ΍Ω Ϧϣ

hq@alkhaleejiah.com :‫ بريد إلكتروني‬،www.alkhaleejiah.com :‫موقع إلكتروني‬ +966 11 441 1444 : ‫ ومن مختلف الدول‬، +44 207 404 6950:‫ لندن‬، +331 537 764 00:‫ باريس‬،+9714 3 914440 :‫ دبي‬،920 000 417 : ‫من داخل المملكة‬

ϲϧϼϋϹ΍ ϞϴϛϮϟ΍ ‫الوكيل اإلعالني‬

ϲϧΎΠϣ ϒΗΎϫ ˬZZZ DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ LQIR#DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ

ΕΎϛ΍ήΘηϹ΍ Ϟϴϛϭ

800-2440076 :‫ هاتف مجاني‬،www.arabmediaco.com :‫ موقع إلكتروني‬، info@arabmediaco.com :‫بريد إلكتروني‬

‫وكيل اإلشتراكات‬

ˬ βϛΎϓ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ ΔϳΩϮόδϟ΍ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϲϓ ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ ZZZ VDXGLGLVWULEXWLRQ FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ،+966 11 2121774 :‫ فاكس‬+966 11 4419933 :‫ هاتف‬،11585 ‫ الرياض‬- 62116 ‫ب‬.‫ ص‬- ‫المؤتمرات‬ ‫وكيل التوزيع في المملكة العربية السعودية حي‬ www.saudidistribution.com :‫موقع إلكتروني‬

ZZZ KDODSULQWFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ βϛΎϓ ˬ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι

‫�شركات ن�شر‬ ‫شركات نشر‬

ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ

‫وكيل التوزيع‬

ΔϋΎΒτϟ΍ ΰϛήϣ

ΔϋϮϤΠϤϟ΍ ΕΎϛήη www.arabmediaco.com

Saudi Specialized Publishing ‫املتخصص‬ ‫السعودية للنشر‬ ‫ الشركة‬Company www.sspc.com.sa

áeÉ©dG äÉbÓ©dGh ¿ÓYEÓd á«é«∏ÿG

www.srpc.com 6DXGL 6SHFLDOL]HG 3XEOLVKLQJ &RPSDQ\

‫حقوق التوزيع لهذه المطبوعات محفوظة‬

»‫لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم‬

ΔχϮϔΤϣ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ϊϳίϮΘϟ΍ ϕϮϘΣ

©ϡϼϋϹ΍ ΕΎϣΪΨϟ ϥϮϴΒϳήΗª Δϛήθϟ 8002440014 ‫ يرجى اإلتصال على الهاتف المجاني‬،‫المعلومات‬ ‫للحصول على المزيد من‬

»‫حقوق النشر لهذه المطبوعات باللغة العربية مرخصة «المجلة‬



‫العدد ‪ 1593‬مارس ‪ -‬آذار ‪2014‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫‪‬‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫�إبراهيم العثيمني‪ :‬خيارات التورط الأمريكي يف ال�شرق الأو�سط‬ ‫�أمري طاهري‪ :‬مكيافيللي‪..‬الكتاب الذي غري وجه ال�سيا�سة احلديثة‬ ‫�إيلي فواز‪ :‬حتديات م�سيحيي لبنان‪ ..‬حتالف بالإكراه!‬

‫‪‬‬

‫للحصول على العدد‬ ‫اسـتخـدم هاتفــك‬ ‫ال ــذكي لـمــسح‬ ‫هـ ـ ــذا الـ ــرقـ ـ ـ ــم‬ ‫‪03‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪Issue 1593 - March 2014‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.