اليمن... اختبار الاتفاق

Page 1


110_AM.indd 111

02/05/2023 14:16


‫ا خير‬

‫الم لة‬

‫دو ال‬

‫‪110‬‬

‫ـ يف بنــاء الح ــا‬

‫انو دو ني أستا علم اللغة يف جامعة “لين‬

‫رسم نيكوال‬ ‫قدر الرجمة السقوط يف هاوية مفارقة اللغة‪،‬‬ ‫فاللغة هي السمة التي تجمع البشر وتف ّرقهم‬ ‫يف آن واحد‪ .‬يف نهاية القرن السابع عشر تساءل‬ ‫عالم اللغة األملاين”هومبلدت” ملاذا كل هذه‬ ‫اللغات ملاذا كل هذا التشتت ور ّد عىل هذا‬ ‫السؤال موضحا أنّ كل لغة تمثل جزءا من لغة‬ ‫كونية‪ ،‬وأضاف إىل ذلك فكرة سيتبناها “والر‬ ‫بنجامن” الحقا‪ ،‬وهي أننا قد نتخيل مجموع‬ ‫اللغات كأنه موشور متعدّ د الوجوه‪ ،‬يُظهر كل‬ ‫وجه منه العالم بلون مختلف‪ .‬كيف نجمع إذن‬ ‫بن اختاف اللغة وكونيتها يقول “هومبلدت”‬ ‫من خال الرجمة تلك املهمة املكتوب عليها‬ ‫بالفشل‪ ،‬لكنها رغم ذلك “املهمة األكرث‬ ‫ضرورية‪ ،‬ألنها تنقل ملن ال يعرف اللغة األجنبية‬ ‫تلك األشكال من الفن واإلنسانية التي قد تظل‬ ‫مجهولة لوال فعل الرجمة‪ ،‬والتي دائما تأيت يف‬ ‫مصلحة كل األمم ألنها تعزز القدرة التعبريية‬ ‫وتزيد من أهمية كل اللغات معا”‪.‬‬ ‫أ ن أن هذا ما تفعله الرجمة إنها تبدع‬ ‫املفاهيم‪ ،‬فاللقاء بن عوامل كثرية وأكوان‬

‫‪02/05/2023 14:16‬‬

‫ام و‬

‫” بروما‬

‫ار‬

‫معرفية كثرية يؤدي إىل إبداع أشياء جديدة غري‬ ‫متوقعة‪ .‬الرجمة إذن تفكري يف اللغة وفلسفة‬ ‫متجسدة تنري أجزاء من العالم ال حياة وال تاري‬ ‫ّ‬ ‫لها وال شعور بها إال بفعل الرجمة‪ .‬فالرجمة‬ ‫تعيد إبداع الثقافات وتشكيل الهويات‪ .‬وتاري‬ ‫الرجمة هو تاري تلك التحوالت والتغريات التي‬ ‫تؤدي دائما إىل إعادة التفكري يف العالم حولنا‪.‬‬ ‫تتعلق مسألة الرجمة إذن بهويتنا وبوجودنا‬ ‫يف العالم‪ ،‬ألنها آلية الدخول يف عاقة مع‬

‫تناق ال جمة عن أ كر‬ ‫العالقة م‬ ‫تحاول أن تخ‬ ‫ا خر لل مولية الت تسعى إىل‬ ‫رض الت ابه التا أو ا نكار التا‬ ‫لالختال ب الكا ن والكينونة‪،‬‬ ‫وال جمة لية مقاومة الرغ ة املغر ة‬ ‫يف محو التناق ات ب ال من إبرا ا‬

‫الواقع‪ .‬تناقض الرجمة عنف أيّ فكرة تحاول أن‬ ‫تخضع العاقة مع ا خر للشمولية التي تسع‬ ‫إىل فرض التشابه التام أو اإلنكار التام لاختاف‬ ‫بن الكائن والكينونة‪ ،‬والرجمة آلية مقاومة‬ ‫الرغبة املغرية يف محو التناقضات بدال من‬ ‫إبرازها‪ ،‬كما قال الفيلسوف األملاين “أدورنو”‪.‬‬ ‫الرجمة نموذج للمعرفة يتعارض مع كل‬ ‫تلك الفلسفات التي ترى أنّ الواقع مشتق من‬ ‫مبدأ ما‪ .‬هي املجال الذي يقف فيه املرء مع أو ضد‬ ‫األفكار الشمولية عن الواقع‪ ،‬تلك التي تحاول أن‬ ‫تختزل ا خر إىل الحدود التي نضعها له‪ .‬اللقاء‬ ‫مع ا خر يف سياق الرجمة يتمثل يف اللقاء بن‬ ‫اللغة املصدر واللغة الهدف‪ ،‬وبذلك هو مثل‬ ‫اللقاء بن األنا وا خر‪ .‬ولكن‪ ،‬يف فعل الرجمة‬ ‫تشك األنا يف ذاتها أمام ا خر وتستجيب لندائه‪.‬‬ ‫كان الفيلسوف الفرنيس “ليفينا ” أول من‬ ‫طرح موضوع اللقاء مع ا خر خارج أي منطق‬ ‫ثنايئ‪ ،‬من خال ما سماه “ اللقاء وجها لوجه”‪،‬‬ ‫حيث أصبح اللقاء شيئا ملموسا وأخذ شكل‬ ‫الوجه وجه يأيت من خارج أفقي املعريف ويقتحم‬ ‫عاملي بهذه الصيغة اإلنسانية املألوفة‪ .‬وجه يدعوين‬ ‫إىل أن أكون مسؤوال ويحدثني عن عمق معن‬ ‫ّ‬ ‫يتجىل يف صورة ذلك‬ ‫الغريية وعاقتي بها‪ .‬فا خر‬ ‫الوجه اإلنساين املألوف تماما يل واملختلف تماما‬ ‫عني‪ ،‬وبهذا يتجاوز لقايئ مع وجه ا خر كل‬ ‫األيديولوجيات واألفكار املجردة التي تعتر وجود‬ ‫املشرك اإلنساين أمرا بديهيا‪ .‬وجود الوجه يشهد‬ ‫بأن وجود ا خر غري ثابت‪ ،‬غري عائد إىل فكريت عن‬ ‫ا خر‪ ،‬لذلك يضع هويتي موضع الشك‪.‬‬ ‫هذه املفارقة التي تحكم عىل العاقة بن‬ ‫غريبن وتضعهما أحدهما أمام ا خر بكل‬ ‫تشابههما واختافهما‪ ،‬هذه العاقة هي ما‬ ‫يحدث يف كل ترجمة ويف كل لقاء‪“ .‬ليفينا ”‬ ‫يعر عن هذه الفكرة بوضوح عندما يكتب أن‬ ‫ا خر ليس غائبا وال مستوعبا‪ ،‬بل قريبا جارا‪.‬‬ ‫أرى أن هذا تعريف جيد لفعل الرجمة إنها‬ ‫عاقة جرية رغم املسافة الفاصلة‪ .‬يتجه ا خر‬ ‫نحوي من خال املسافة التي تفصلنا ويقف‬ ‫أمامي‪ ،‬وجهه يف وجهي‪ ،‬ووجهه هو برهان‬ ‫اختافنا القائم رغما عن قربنا‪.‬‬

‫‪110_AM.indd 110‬‬


106_AM.indd 109

02/05/2023 14:13


‫وار‬

‫فرضية تأثري الفن والفكر العربين اإلسامين عىل‬ ‫“الكوميديــا اإللهيــة” (وأيضــا اللحظــة الدقيقــة مــن‬ ‫إصدار الكتاب‪ ،‬عشية االحتفاالت بالذكرى املئوية‬ ‫السادسة لوفاة دانتي والتي كانت ستختم صورته‬ ‫كأقــى ضامــن لقيمــة األدب اإليطــايل يف العالــم)‪.‬‬ ‫قام ميغال آسن باالثيو نفسه بتوثيق ردود‬ ‫الفعل التي أثارها الكتاب‪ ،‬وضمّ نها يف مؤلفه “يف‬ ‫التاريـ وانتقــاد الجــدال”‪ ،‬وهــو مراجعــة للنقــد‬ ‫الســلبي واإليجا بــي للمختصــن بــأدب دانتــي‪،‬‬ ‫وكذلــك للمســتعربن واملؤرخــن واللغويــن‪ُ .‬نشــر‬ ‫الكتــاب يف عــام ‪ 1924‬وتابــع املؤلــف تحديثــه حتـ‬ ‫بدايــة األربعينــات‪ .‬بعــد خمســن عامــا عــىل وفــاة‬ ‫شـرت دار “براتيــكا” مؤلــف باالثيــو‬ ‫باالثيــو ‪ ،‬ن ـ‬ ‫يف الرجمــة املتقنــة لروبرتــو رو ّ تيســتا ويونــس‬ ‫توفيــق‪ ،‬ومنــذ ذلــك الحــن أعيــد طبــع الكتــاب‪،‬‬ ‫حتـ اإلصــدار الحــايل‪ ،‬الــذي تضمــن عشــرين ســنة‬ ‫من التحقيقات‪ ،‬ومن األبحاث املوازية التي أجرتها‬ ‫ماريــا كــوريت‪ ،‬ثــم املزيــد مــن الباحثــن الشــباب‪ ،‬مــن‬ ‫أندريــا تشــييل إىل لوتشــيانو غارغــان‪ .‬أصبــح واضحــا‬ ‫عـراج” ‪Liber‬‬ ‫مــن خــال الدراســات‪ ،‬أن “كتــاب امل ـ‬ ‫‪ de scala‬كان واســع االنتشــار يف الــدول الناطقــة‬ ‫بالاتينية‪ ،‬حت أنه ُذكرت نسخة منه يف جرد ملكتبة‬ ‫يف مدينة بولونيا‪ ،‬عاصمة مقاطعة إميليا رومانيا‪،‬‬ ‫أنجزهــا أحــد ا ـبـاء الدومينيــكان يف زمــن دانتــي‪.‬‬ ‫و عــن كتــاب باالثيــو ي ـقـول أومر تــو إيكــو‪،‬‬ ‫يف مقــال نشــر عــام ‪ 2014‬عــىل صفحــات مجلــة‬ ‫“السريســو” “يف عــام ‪ 1919‬نشــر ميغــال آســن‬ ‫ّ‬ ‫باالثيو كتابا (“علم األمور ُ‬ ‫األخروية اإلسامية يف‬ ‫الكوميديا اإللهية”) أحدث ضجة كبرية عىل الفور‪.‬‬ ‫إذ أنــه حــدّ د عــر مئــات الصفحــات أوجــه التشــابه‬ ‫املذهلة بن نص دانتي والنصوص املتعددة للتقاليد‬ ‫عـراج‬ ‫اإلســامية‪ ،‬وال ســيما النسـ املختلفــة مــن م ـ‬ ‫النبي محمد‪ .‬يف إيطاليا عىل وجه الخصوص‪ ،‬نشأ‬ ‫جدل بن مؤيدي هذا البحث واملدافعن عن أصالة‬ ‫دانتــي‪ .‬كنــا عــىل وشــك االحتفــال بالذكــرى املئويــة‬ ‫السادسة لوفاة أعظم الشعراء اإليطالين‪ ،‬وعاوة‬ ‫عــىل ذلــك‪ ،‬فقــد كان يُنظــر إىل العالــم اإلســامي‬ ‫بــازدراء يف منــا مــن الطموحــات االســتعمارية‬

‫الم لة‬

‫والتمدين كيف يمكن للمرء أن يعتقد أن العبقرية‬ ‫اإليطالية كانت مدينة لتقاليد أولئك املُعدمن “غري‬

‫األوروبين‪ ...‬لقد بات االعتقاد راسخا ا ن أن دانتي‬ ‫تأثــر بالعديــد مــن املصــادر اإلســامية”‪.‬‬ ‫الكتاب الذ أ ار الكثير من ال دا كان‬ ‫علم ا مور ا خروية ا سالمية ي‬ ‫الكوميديا ا لهية كي بدأ هذا العم‬ ‫ي ا صوات الكثير التي‬ ‫وما رأي‬ ‫ا يان‬ ‫انتقد بشد ي بع‬

‫حـرب الخليــج األوىل‪ّ ،‬‬ ‫نظــم‬ ‫يف عــام ‪ 1991‬وبعــد ـ‬ ‫الشاعر والروايئ اإليطايل جوزيبّي كونتي يف مدينة‬ ‫سان ريمو لقاء دوليا كبريا ومهما بعنوان “الفراشة‬ ‫واللهب” للتقريب بن ثقافات ضفتي البحر األبيض‬ ‫املتوسط‪ .‬دعيت كشاعر إللقاء قصيديت “ليلة القدر”‬ ‫باللغتن العربية واإليطالية‪.‬‬ ‫هنــاك تعرفــت إىل الروفســور كارلــو أوسّ ــوال‪،‬‬ ‫الناقد األدبي والعالم اللغوي‪ ،‬الذي ركز يف خطابه‬ ‫سـراء‪ ،‬وكتــب أســاتذة‬ ‫عــىل املقارنــة بــن كتــاب اإل ـ‬ ‫صوفين مثل ابن عربي والسنايئ الغزنوي وغريهما‬ ‫مــن جهــة‪ ،‬و“الكوميديــا اإللهيــة” مــن جهــة أخــرى‪.‬‬ ‫يف تلــك املنا ســبة طلــب منــي ترجمــة كتــاب‬ ‫باالثيــو ‪ ،‬فقبلــت التحــدي وطلبــت مــن روبرتــو‬ ‫رو ّ تيســتا مســاعديت يف ترجمــة النصــوص مــن‬ ‫اإلسبانية بينما اضطلعت برجمة النصوص العربية‬ ‫األصليــة التــي ضمّ نهــا املؤلــف كتابــه دون ترجمــة‪.‬‬ ‫شـره‪ ،‬حقــق الكتــاب‪ ،‬عــىل عكــس الجــدل‬ ‫بمجــرد ن ـ‬ ‫الــذي اندلــع يف الخمســينات والســتينات مــن القــرن‬ ‫املايض‪ ،‬نجاحا بن املختصن يف علوم التاري واألدب‬ ‫اإليطاليــن‪ ،‬املتحمســن لــألدب العربــي مثــل ماريــا‬ ‫كوريت وغريها من نقاد الجيل الجديد وصدرت منه‬ ‫العديــد مــن املطبوعــات وتناقلتــه دور نشــر ك ـثـرية‪.‬‬ ‫أدب المهاجرين‬ ‫من المسلم ب أن المهاجر‪ ،‬أيا كن‬ ‫جنسيت ‪ ،‬ينق قا ت مع ‪ ،‬وهو أمر‬ ‫لم يكتشف ا يطاليون سو م‬

‫ساع السع وراء املعر ة يف التغلب عىل‬ ‫ال حيم الت انت ت م عىل ص ر ‪ .‬تمكنت‬ ‫من مة األحكا املس قة وت او ج ران‬ ‫الخو ‪ ،‬وتحر ر عق من عبء أم اطور ة‬ ‫املا وأن أر بو و ما وراء الح ب السود‬ ‫‪02/05/2023 14:12‬‬

‫‪108‬‬ ‫الروايات ا ولى لكتاب أجانب‪ ،‬ي بداية‬ ‫التسعينات‪ ،‬مث أنا بائ الفيلة لبب‬ ‫خوما وأوريست بيفيتا‪ ،‬و وعد مد‬ ‫لسعيدو موسى با وأليساندرو ميكيليتي‪،‬‬ ‫و مهاجر لصال مثناني وماريو‬ ‫ر هذا ا دب‪ ،‬أ أدب‬ ‫ور ونا و‪ :‬كي‬ ‫المهاجرين ا يطالي‬

‫يف بدايــة روايتــي األوىل‪ ،‬كنــت أعتــر نفــيس كاتبــا‬ ‫جـرا يكتــب باللغــة اإليطاليــة‪ .‬كنــت مصنفــا مــن‬ ‫مها ـ‬ ‫بــن الكتــاب األجانــب عــىل الئحــة دار “بومبيــاين”‬ ‫للنشــر‪ .‬بمــرور الو قــت أ جــد أن تســمية “أدب‬ ‫املهاجريــن اإليطــايل” لــم تعــد مناســبة‪ ،‬ألن اللغــة‬ ‫إيل هي األرض‪ ،‬وكل من يكتب باستخدام‬ ‫بالنسبة ّ‬ ‫جـزء منهــا‪ ،‬واللغــة نفســها‬ ‫لغــة هــذه األرض‪ ،‬هــو ـ‬ ‫تصبح وطنه‪ .‬منذ الرواية األوىل وأنا أكتب مباشرة‬ ‫باللغــة اإليطاليــة ودون مســاعدة أحــد حيــث كنــت‬ ‫من األوائل القائل الذين يكتبون وينشرون دون‬ ‫مناصفــة مــع كاتــب إيطــايل‪.‬‬ ‫دار الحكمة‬ ‫دار الحكمة ‪ ،‬المركز الثقا ي الذ‬ ‫ي ورينو‪ ،‬ي ي عبي يغ‬ ‫أنش‬ ‫بالمهاجرين‪ ،‬ما ا يعني ل هذا االسم‪،‬‬ ‫والذ يشهد على العصر الذهبي العربي‬ ‫وا سالمي بشك عام‬

‫تأسست جمعية مركز دار الحكمة الثقايف اإليطايل‬ ‫العربــي يف عــام ‪ 1985‬عــىل أيــدي بعــض األســاتذة‬ ‫الذيــن يدرســون اللغــة العربيــة يف جامعــة تورينــو‪.‬‬ ‫لقــد اخرنــا االســم لنتذ ّكــر ونذ ّكــر ا خريــن بذلــك‬ ‫العصــر الرائــع الــذي ترجمــت فيــه النصــوص املهمــة‬ ‫إىل اللغة العربية بدقة يف مختر “بيت الحكمة” يف‬ ‫بغداد العباسية‪ .‬استأجرنا املقر‪ ،‬وهو منشأة بنيت‬ ‫يف الخمسينات من القرن املايض‪ ،‬من بلدية تورينو‬ ‫وقمنــا برميمــه عــام ‪ 2000‬وفــق مشــروع معمــاري‬ ‫مســتوح مــن الثقافتــن العربيــة واإليطاليــة‪.‬‬ ‫أصبــح املركــز‪ ،‬وهــو فريــد مــن نوعــه يف إيطاليــا‪،‬‬ ‫نقطــة الت ـقـاء بــن ثقافــات البحــر األبيــض املتوســط‪،‬‬ ‫ويقــدم خدمــات متنوعــة إىل املواطنــن اإليطاليــن‬ ‫واملهاجريــن عــىل حــدّ ســواء‪.‬‬ ‫كي‬

‫ص عال ت باللغة ا يطالية التي‬ ‫كتب بها مع م أعمال‬

‫عاقة انخراط وانتماء‪ ،‬دون إنكار لغتي األم‪ .‬إنها‬ ‫تسحرين وأحب استخدامها يف الكتابة ألنها توفر يل‬ ‫أدوات ومساحات مرنة مثل اللغة العربية‪ .‬اللغة‬ ‫اإليطالية غنية باألضداد واملرادفات واالستعارات‬ ‫كونها من أصل التيني‪.‬‬

‫‪106_AM.indd 108‬‬


‫‪107‬‬

‫الم لة‬

‫يون تو ي ‪ ،‬اتب وم جم و اعر عراق يقيم يف إيطاليا‪،‬‬ ‫استطا خالل عقود إقامته نا أن يحق ح ورا أدبيا مرموقا ال‬ ‫سيما ع ترجماته ورواياته الت تن ر با يطالية‪.‬‬ ‫ول يون تو ي يف املوص عا ‪ ،1957‬و و م ا يف األد‬ ‫والفلسفة من جامعة تور نو ا يطالية وحاص عىل ال تورا‬ ‫من جامعة جنو يف اللغات وال قا ات وتكنولوجيا املعلومات‬ ‫واالتصاالت‪ .‬يعي يف إيطاليا من ‪ 1979‬و ر حاليا عىل إدار‬ ‫املر ال قايف ا يطا العرب ‪“ ،‬دار الحكمة”‪ ،‬يف تور نو‪ ،‬و كتب‬ ‫يف صح “ال ستام ا” و“ال ر وبليكا” و“إل ماتينو”‪ ،‬وتوىل إدار‬ ‫سلسلة “أبادير الت ر ‪ ”ABADIR CULTURE‬املختصة ب قا ات‬ ‫أ ر قيا وال ر األوس لحسا دار “أنانكه” للن ر‪ ،‬و و أي ا‬ ‫ع و يف امل ل ا سالم يف إيطاليا وم ل حقو ا نسان يف‬ ‫مقاطعة ال ي مونت‪ .‬له م لفات ع باللغة ا يطالية‪ ،‬من بينها‬ ‫“ هور السي ال ابلية” ‪ ، 1994‬وروايته األوىل “الغر ة” ‪(2001‬‬ ‫الت أص رتها دار “بوم يا ” وحا ت جا “ ر نتسا ا ور”‬ ‫والع ي من ال وا األخر ‪ ،‬و“م ينة إرا ” ‪ ، 2002‬و“العرو‬ ‫املن و ” ‪ ، 2011‬و“ تا ساحة التحر ر” ‪ ، 2012‬وص رت له ق‬ ‫أ هر رواية “ال فة ما بع ال حيم”‪ ،‬الحا املرت ة ال انية يف‬ ‫“جا روبنسون” الت تن مها جر “ال ر وبليكا” ال ه ‪.‬‬

‫من الموص لى يطاليا‬ ‫ر لة ويلة بدأت عام ‪ ،1979‬عندما‬ ‫انتقل لى يطاليا للدراسة‪ ،‬م ر لة‬ ‫صية ويلة أخر‬ ‫أدبية و قا ية و‬ ‫ما الذ علمت يا هذ الت ربة و لى أ‬ ‫مد أ رت على يا بشك عام‬

‫كنت ال أزال طالبا يف السنة األوىل من املرحلة الثانوية‬ ‫يف مدرســة “الشــرقية” اإلعداديــة‪ ،‬وهــي مــن أقــدم‬ ‫املــدار يف مدينــة املوصــل‪ ،‬ربمــا األوىل (بنيــت عــام‬ ‫‪ 1905‬وكان العراق ال يزال تحت الهيمنة العثمانية)‪،‬‬ ‫عندما بدأت تنضج ملكتي األدبية وبدأت يف كتابة‬ ‫شـرت بعضــا منهــا‬ ‫صـرية‪ ،‬ون ـ‬ ‫القصائــد والقصــص الق ـ‬ ‫يف الصحــف واملجــات الوطنيــة‪ .‬إننــي أتحــدث عــن‬ ‫أعوام السبعينات السعيدة‪ 1975 ،‬عىل وجه الدقة‪،‬‬ ‫وكانت دفة الحكم آنذاك يف يد حزب البعث العربي‬ ‫االشرا الذي وصل إىل السلطة يف ‪ 17‬يوليو تموز‬ ‫‪ .1968‬وقــد ســمح التشــكيل العلمــاين للحكومــة‪،‬‬ ‫عىل الرغم من طابعها الديكتاتوري البحت‪ ،‬بتطور‬ ‫سـرعة وتحــرر املجتمــع عــىل مســتويات عــدة‪.‬‬ ‫البــاد ب ـ‬ ‫لقــد تــم الحفــا عــىل التعدديــة الدينيــة عــىل األقــل‪.‬‬ ‫كانت الثقافة تنمو عىل قدم وساق‪ ،‬واملسارح ودور‬ ‫السينما ودور النشر تنتشر بسرعة‪ ،‬حت إنه كانت‬ ‫سـرا وطنيــة فيلهارمونيــة‪ ،‬ومهرجانــات‬ ‫لدينــا أورك ـ‬

‫‪02/05/2023 14:12‬‬

‫للشعر ولألغنية‪ .‬كان ال ء املهم هو عدم االنخراط‬ ‫يف السياسة إال من طريق الحزب الحاكم والخضوع‬ ‫للرقابــة قبــل النشــر‪ .‬هــذه ا فــة‪ ،‬وهــي نموذجيــة‬ ‫يف األنظمــة الديكتاتوريــة‪ ،‬حــدّ ت بشــدة مــن حريــة‬ ‫املثقفن وإبداعاتهم‪.‬‬ ‫يف إيطاليــا‪ ،‬فتــح يل األدب العاملــي والفلســفة‬ ‫والتاريـ وغريهــا مــن العلــوم اإلنســانية‪ ،‬املكتوبــة‬ ‫بحريــة وموضوعيــة‪ ،‬آفاقــا هائلــة للمعرفــة والنمــو‬ ‫الشخ ‪ ،‬ومنحني الفن واملسرح واملوسيق الحب‬ ‫واألحــام‪ ،‬ممزوجــة بــدفء الشــمس اإليطاليــة‪.‬‬ ‫اكتشــفت آنــذاك أن الجمــال ســر الكــون‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫سـول عليــه الصــاة والســام‪ ،‬بقولــه “إن‬ ‫أكــده الر ـ‬ ‫الله جميل يُحب الجمال”‪ ،‬لكن ال أحد منا تقريبا‪،‬‬ ‫يبحــث عــن الجمــال اإللهــي يف خلقــه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التغلــب عــىل‬ ‫ســاعدين الســعي وراء املعرفــة يف‬ ‫الجحيم التي كانت تجثم عىل صدري‪ .‬فتمكنت من‬ ‫هزيمــة األحــكام املســبقة وتجــاوز جــدران الخــوف‪،‬‬ ‫وتحريــر عقــيل مــن عــبء إمراطوريــة املــايض وأن‬ ‫ضـوح مــا وراء الحجــب الســود‪.‬‬ ‫أرى بو ـ‬ ‫عندمــا رأيــت نــور الحقيقــة‪ ،‬لــم أغلــق عينــي ولــم‬ ‫أ ـتـرك نفــيس تنصــرف للغفلــة‪ ،‬لقــد مضيــت قدمــا‬ ‫ألسمح لنفيس بالوالدة من جديد يف فضاء املعرفة‬ ‫األبــدي‪ .‬كانــت معانــاة حقيقيــة أن أكــون بعيــدا‬ ‫عــن وطنــي‪ ،‬لكنهــا كانــت يف الوقــت نفســه طريقــة‬

‫وار‬

‫لفهــم ســبب اختيــارايت وتقييــم التواصــل مــع ا خــر‪.‬‬ ‫لقــد ســاعدين التعايــش مــع القيــم الجديــدة عــىل‬ ‫إعــادة اكتشــاف التقاليــد القديمــة لحضــاريت‪ ،‬دون‬ ‫أن تبقينــي أســري املــايض‪ ،‬بــل حـ ّررت عقــيل وروحــي‪.‬‬ ‫تعرفــت إىل عقيــديت وتعمّ قــت فيهــا بفضــل الحــوار‬ ‫والتقابــل مــع ا خريــن‪ ،‬وأيضــا للد ـفـاع عــن نفــيس‬ ‫ّ‬ ‫التعصــب والجهــل‪.‬‬ ‫مــن‬ ‫لذلــك يتطلــب األمــر ل ـقـاء متكافئــا بــن ثقافاتنــا‬ ‫وإعــادة تقييــم املــايض الكتشــاف الحاضــر وتحر ـيـره‬ ‫مــن شــبح ذلــك العــبء الــذي ان ـقـرض ا ن‪.‬‬ ‫ابن عربي‬ ‫بر أي ا من بين أعمال رجمة كتب‬ ‫مهمة من الترا العربي لى ا يطالية‪،‬‬ ‫مث رسائ ابن عربي كتاب الفناء‬ ‫ي المشاهد لمحيي الدين ابن عربي‪،‬‬ ‫بالتعاون م روبر و روسي يستا ما‬ ‫الصعوبات التي واجهتها ي رجمة هذا‬ ‫عاون م مترجم يطالي‪،‬‬ ‫الكتاب وكي‬ ‫أن خبير ي الثقا ة العربية‬ ‫أ تر‬

‫كان هنــاك العديــد مــن الصعوبــات‪ ،‬أوالهــا أن تكــون‬ ‫خـول‬ ‫قــادرا عــىل فهــم مصطلحــات ابــن عربــي‪ ،‬للد ـ‬ ‫يف ف ـكـره الفريــد والعميــق الــذي ال يتمكــن منــه ســوى‬ ‫القائل‪ .‬فدون قراءة معظم كتبه وشارحيه وترجماته‬ ‫إىل لغات أخرى‪ ،‬تكاد تستحيل ترجمته‪ .‬كان روبرتو‬ ‫رو ّ تيســتا أحــد طابــي يف اللغــة العربيــة الذيــن‬ ‫تمكنوا من استيعاب اللغة‪ ،‬ليس محادثة‪ ،‬بل قراءة‬ ‫فقــط‪ ،‬وبمســاعديت كمرجــم مــن اللغــة العربيــة‪،‬‬ ‫طـوّر النــص ووضعــه يف ّ‬ ‫حلــة أدبيــة جذابــة وموائمــة‪.‬‬ ‫دانتي وا سالم‬

‫مــن أشــهر األعمــال التــي ترجمهــا توفيــق‪ ،‬بالتعــاون‬ ‫مع املستعرب اإليطايل روبرتو رو ّ تيستا‪ ،‬كتاب‬ ‫“دانتــي واإلســام” (العنــوان األصــيل علــم األمــور‬ ‫ُ‬ ‫األخرويــة اإلســامية يف الكوميديــا اإللهيــة)‪ ،‬وهــو‬ ‫العمل الرئيس واألكرث شهرة للمستعرب اإلسباين‬ ‫ميغال آسن باالثيو (‪ ،)1944 - 1871‬الذي نشر‬ ‫عــام ‪ ،1919‬ولــم يُرجــم إىل اللغــة اإليطاليــة ســوى‬ ‫يف عــام ‪ ،1997‬بســبب اعراضــات األوســاط األدبيــة‬ ‫املختصــة بدراســات أدب دانتــي‪.‬‬ ‫كتــب الناقــد واألديــب وأســتاذ األدب املعاصــر يف‬ ‫“الكوليــج دو فرانــس” يف باريــس كارلــو أوسّ ــوال يف‬ ‫خـرية ال تنضــب مــن‬ ‫مقدمــة الكتــاب أنــه “يفيــض بذ ـ‬ ‫املصــادر والتشــابهات والتماثــات‪ ،‬وتتــم مقارنــة‬ ‫الر ية األخروية للكوميديا اإللهية لدانتي أليغيريي‬ ‫بشــكل منهجــي مــع عوا لــم أ خــرى موصو فــة يف‬ ‫األعمــال األدبيــة والدينيــة العربيــة”‪ .‬وقــد أثــار هــذا‬ ‫الكتــاب عنــد هــوره جــداال ك ـبـريا‪ ،‬وخاصــة بــن‬ ‫دار دانتــي اإليطاليــن‪ ،‬غــري املســتعدين لق ـبـول‬

‫‪106_AM.indd 107‬‬


‫وار‬

‫ال ا ـ وامل ـ‬ ‫لغ ــي ــي وطنــي‬

‫الم لة‬

‫و نـ‬

‫و ـ‬

‫‪106‬‬

‫ترجــم رســائل ابــن عربــي‬ ‫إىل اإليطاليــة‬ ‫ميالنو يوس وقا‬ ‫رسم أور انا ينو‬

‫‪02/05/2023 14:12‬‬

‫‪106_AM.indd 106‬‬


100_AM.indd 105

02/05/2023 14:10


‫صيات‬

‫الم لة‬

‫‪104‬‬

‫صوت طالل خامة من قصب األرض وطينها‬ ‫وتربتها املغموسة باملاء‪ ،‬يشء يصعب وصفه‬ ‫وال يمكن نسيانه‪ .‬حتى “راء” الكلمات عىل‬ ‫الرغم من خطأ مخارجها‪ ،‬تحولت إىل أيقونة يف‬ ‫الكلمات ويف أصوات من يرددون أغانيه‬ ‫مــع األمــري محمــد العبداللــه‬ ‫سـراج عمر‪،‬‬ ‫الفيصل واملوســيقار ـ‬ ‫حصــل التحــدي الكبــري الــذي رمــم‬ ‫جـراح الحضــور الســابق‪ ،‬وقــدم‬ ‫ـ‬ ‫طــال رائعتــه “مقاديــر” لتنجــح‬ ‫نجاحــا منقطــع النظــري وســط‬ ‫اســتقبال هائــل مــن الحضــور‪،‬‬ ‫وليخطــف هــو االضــواء كعادتــه‪،‬‬ ‫ويثبــت للنــا أنــه صــوت األرض‬ ‫قاطبــة‪ ،‬رحمــة اللــه عليــه ورحمــة‬ ‫سـراج عمــر ومحمــد‬ ‫اللــه عــىل ـ‬ ‫العبداللــه الفيصــل”‪.‬‬ ‫هــذه القصــة رواهــا أحــد املعلقــن‬ ‫مــع اختــاف بســيط وبعــض‬ ‫ّ‬ ‫التدخــات لـ ال يختـ ّـل األمــر‪،‬‬ ‫عــىل الرغــم مــن وجــود ســيناريو آخــر‬ ‫للحكايــة كلهــا‪.‬‬ ‫الكثــري مــن محبــي طــال مــداح‬ ‫“يــروون” قصصــا عنــه‪ ،‬قصصــا‬ ‫ألغنياتــه ولصداقاتــه وملوســيقاه‬ ‫وإلنســانيته ولبســاطته‪.‬‬ ‫للــذي يريــد أن يبحــث أو يســتمع‬ ‫أو ي ـقـرأ‪ ،‬ســيجد طــال متاحــا بــكل‬ ‫تفاصيلــه‪ ،‬لــذا فـ ن الكتابــة عنــه‬ ‫محفوفــة باألخطــار‪ ،‬خطــر الت ـكـرار‬ ‫وخطــر روايــة مــا لــم يحــدث‪،‬‬ ‫مجازفــة االســتماع إىل الروايــات‬ ‫الشــفهية التي تصدر من عاشــقيه‪.‬‬ ‫الخطــأ‪ ،‬إن ُ‬ ‫ارتكــب يف الكتابــة‪،‬‬ ‫غـريا وغــري‬ ‫حتـ وإن كان ص ـ‬ ‫متعمــد‪ ،‬ســيصبح خطــأ فادحــا ال‬ ‫يمكــن أن يمــر مــرور ال ـكـرام‪.‬‬ ‫لــم ـُتـرك ألبــي عبداللــه أي‬ ‫شــاردة تفلــت مــن قلــوب النــا ‪،‬‬ ‫فقــد تتبعــوه يف حياتــه كلهــا‪،‬‬ ‫حفظوهــا ودوّنوهــا واحتفظــوا‬ ‫سـرارها‪ ،‬وهــذه خاصيــة‬ ‫ببعــض أ ـ‬ ‫تم ّيــز بهــا بعــض “مراجــع” تاريـ‬ ‫طــال مــدّاح الفنيــة والشــخصية‪.‬‬ ‫أصبحت سرية أبو عبدالله “ملكية”‬ ‫خاصــة نــادرا مــا يفشــون بهــا أو‬

‫‪02/05/2023 14:10‬‬

‫سـرب منهــم قطعــة مــن حياتــه‬ ‫تت ـ‬ ‫وموسيقاه‪.‬‬ ‫املحظو ــون فقــط هــم مــن‬ ‫يســتمعون ولــو مــن قبيــل املصادفــة‬ ‫إىل روايــة شــفهية عــن أحــد مواقفــه‬ ‫أو إحــدى أغنياتــه النــادرة وقصتهــا‪.‬‬ ‫بعــد عــام ‪ 2000‬وهــو العــام‬ ‫الــذي لــم يكمــل فيــه طــال أغنيتــه‬ ‫األخرية عىل خشــبة املســرح‪،‬‬ ‫بــدأت حيــاة الراحــل تدخــل قائمــة‬ ‫األساطري‪.‬‬ ‫رحلتــه امتــدّ ت منــذ أوائــل‬ ‫الســتينات تقريبــا حــن غــادر الطائــف‬ ‫ليــزرع ورد األغنيــة الســعودية يف‬ ‫“وردك يــا زارع الــورد”‪ .‬ولــم تنتــه‬ ‫الرحلــة عنــد ذلــك الحــدّ ‪ ،‬حيــث تبنـ‬ ‫محبــوه ومرافقــوه عــىل مســتوى‬ ‫العالــم العربــي كلــه‪ ،‬جمــع الشــتات‬ ‫والروايــات والقصــص‪ ،‬بعضهــم كان‬

‫يهــوى ترديدهــا ونشــرها‪ ،‬وبعضهــم‬ ‫س ّرب منها‬ ‫سـره الخاص لي ـ‬ ‫اعترها ـ‬ ‫مــا ـيـراه ممكنــا دون أن يخــد‬ ‫احتفا ه لنفســه بحق هذا السـ ّر‪.‬‬ ‫عــىل الرغــم مــن أن طــال مــدّاح‬ ‫كان معلنــا للــكل‪.‬‬ ‫يف إحــدى الشــهادات التــي تلفــت‬ ‫االنتبــاه‪ ،‬مــا قالــه بليــغ حمــدي‬ ‫حن ســئل عن “صوت” طال‬ ‫“مفيهــو فهلــوة”‪.‬‬ ‫هــذا الوصــف املتفـ ّرد مــن حــار‬ ‫املوســيق العربيــة‪ ،‬دقيــق ومعـ ّـر‬ ‫وأخــاذ‪ ،‬كان ال يمكــن أن يصــدر عــن‬ ‫أي شــخص لــو لــم يقلــه بليــغ‪.‬‬ ‫صــوت طــال خامــة مــن قصــب‬ ‫األرض وطينهــا وتربتهــا املغموســة‬ ‫با ـملـاء‪ ،‬يشء يصعــب وصفــه وال‬ ‫يمكن نســيانه‪.‬‬ ‫حتـ “راء” الكلمــات عــىل الرغــم‬

‫مــن خطــأ مخارجهــا‪ ،‬تحولــت إىل‬ ‫أيقونــة يف الكلمــات ويف أصــوات مــن‬ ‫يــرددون أغانيــه‪.‬‬ ‫الشــغف العظيــم للغ ـنـاء‪ ،‬لــم‬ ‫يخالطــه زيــف النجوميــة وال ملعانهــا‪.‬‬ ‫حــن تســتمع إىل أحــد محبــي‬ ‫طــال يتحــدث‪ ،‬تشــعر أن كل أغنيــة‬ ‫غنيــت لــه بشــكل خــاص‪ ،‬وأنهــا‬ ‫تامســه هــو وتضــع يدهــا عــىل قلبــه‪.‬‬ ‫طــال ليــس الوحيــد الــذي غنـ‬ ‫بــكل ألــوان اململكــة وتراثهــا‪ ،‬لكنــه‬ ‫الوحيــد الــذي دخــل قلــب كل‬ ‫سـاكنيها بت ـنـوع ذائقاتهــم‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫إنــه مقيــا “ريخــر” الــذوق‬ ‫املحـ ّـيل عــىل أقــل تقديــر‪ ،‬فمــا دون‬ ‫‪ 9‬درجــات يف تقييــم ســماعك لــه‪،‬‬ ‫فذائقتــك محــل شـ ّ‬ ‫ـك وعليــك إعــادة‬ ‫حساباتك‪.‬‬ ‫هــذا التطــرف العنيــف صنعتــه‬ ‫شــخصية طال الفنية واإلنســانية‬ ‫حبــا بــه ولــه‪ ،‬وتقد ـيـرا مــن النــا ملــا‬ ‫قدمــه لهــم‪.‬‬ ‫نوافذهــم مفتوحــة لتاريخــه‪،‬‬ ‫شـرعة ملوســيقاه‪ ،‬قصائد‬ ‫أبوابهم م ـ‬ ‫شــعراء أغنيتــه خالــدة يف وجدانهــم‪.‬‬ ‫ال يوجد شــعر امرأة لم ُيسـ ّرح‬ ‫عــىل صــوت طــال‪ ،‬وال بحــة أب‬ ‫غائــب لــم تنبــت يف ذاكرتــه عشــبة‬ ‫مــن أغنيــة‪ ،‬وال أم ُتعــدّ وجبــة صبــاح‬ ‫دون أن تضــع ملــح أصابعهــا يف‬ ‫مقطــع ألغنيــة تحبهــا‪.‬‬ ‫ال فتاة وال شــاب عاصره أو لم‬ ‫صـره‪ ،‬لــم يرســل ملــن يحبــه “راء”‬ ‫يعا ـ‬ ‫مزيّنة بالقلب عر ســناب تشــات‬ ‫أو واتســاب أو رد يف توير أو غاف‬ ‫لصورة يف انســتغرام‪.‬‬ ‫طــال صــوت الحضــور يف‬ ‫حـرب‪،‬‬ ‫الغيــاب‪ ،‬صــوت الحــب يف ال ـ‬ ‫صــوت الوداعــة يف التوحــش‪،‬‬ ‫وصــوت الطمأنينــة يف مواجهــة‬ ‫التهـوّر يف اب ـتـاع الحيــاة‪.‬‬

‫‪100_AM.indd 104‬‬


‫‪103‬‬

‫صيات‬

‫الم لة‬

‫امل ــر الـ ي ا ـ ح ل ـ‬ ‫صـو ا‬ ‫ـ‬ ‫ج‬

‫حرصه عىل ال ا عن‬ ‫خصوصيته ق خ مة‬ ‫جليلة للغناء العرب عموما‬ ‫والسعود خصوصا‪ ،‬إ‬ ‫أ ا يه م اجا ج ي ا يمتل‬ ‫أدواته الخاصة وتقنياته‬ ‫املتماي ‪ ،‬و ختل عن‬ ‫امل اج املصر والل نا‬ ‫‪02/05/2023 14:10‬‬

‫عادل حو ان‬

‫“يا قمرنا يا قمرنا‬ ‫ليه تسيبنا يا قمرنا‬ ‫رحت تسهر يا قمر‪ ،‬وسبتنا عىل‬ ‫األرض ليه‪ ...‬يا قمرنا”‬ ‫‪ 1973‬كان طال مدّاح يقف‬ ‫عىل إحدى أعظم خشبات مسارح‬ ‫الغناء العربي‪ ،‬مصر‪ ،‬التي تقدّم‬ ‫عباقرتها وأصواتها للغناء يف العالم‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫يف تسجيل للحفل الغنايئ‪،‬‬ ‫تشري يد طال إىل الفرقة املوسيقية‬ ‫باإلعادة‪ .‬يعدّل نظارته الطبية‪.‬‬ ‫ينقطع عن الغناء ألن “كورال”‬ ‫األغنية أعاد مقطعا يف غري مكانه‪.‬‬ ‫يقول كلمة ويتوقف‪ ،‬ليتأكد من‬ ‫“الستاند” لكنه ال يُكمل‪ .‬حن‬ ‫يتأكد من أن الفرقة بكاملها ذهبت‬ ‫إىل مكان ال عودة منه‪ ،‬يخرج عن‬ ‫الجميع يف عامله الخاص ويذهب‬ ‫برفقة بيت النمريي‬ ‫يل يف محبتكم شهود أربع‬ ‫وشهود كل قضية إثنان‬ ‫يخرج ليعيد الفرقة بأكملها‬ ‫إىل در املقامات‪ .‬يخرج خروج‬ ‫ّ‬ ‫املعلم الذي يعرف مواقع القمر‪،‬‬ ‫“قمرنا”‪ ،‬وملعة النجوم ودورة‬ ‫أفاك املوسيق ‪ ،‬دون أن يخفي‬ ‫ابتسامته عن العازفن‪ ،‬ليعدّلوا‬ ‫من هندام آالتهم‪.‬‬ ‫كادت األغنية أن تتوقف‪ ،‬إىل‬ ‫أن اقرب من املايسرو وعازف‬ ‫القانون‪ ،‬الذي حاول أن يشرح‬ ‫لطال يف وسط األغنية األخطاء‬ ‫التي وقع فيها الجميع‪ ،‬ويلتفت‬ ‫بنوتته حاما سجاتها ليشرح ملن‬ ‫خلفه من العازفن‪.‬‬ ‫إال أن طال يُكمل الغناء‬ ‫“النجوم تحمل رسايل”‪ ،‬مشريا‬ ‫بيده إىل السموات‪.‬‬ ‫بعدما انته طال من‬ ‫“مواله” الثاين‪ ،‬اضطر لضبط‬ ‫اإليقاع والكورال بضرب كفيه‬

‫معا لتعرف الفرقة اإليقاع الذي‬ ‫سيبدأ به املذهب‪ ،‬وليصبح األستاذ‬ ‫واملايسرو واإليقاعات وبحة األوتار‬ ‫وهواء الناي‪.‬‬ ‫كتب أحد املعلقن عىل‬ ‫تسجيات األغنية يف “يوتيوب”‬ ‫هذه القصة عن األغنية‬ ‫“يف حفل صوت العرب‬ ‫العشرين تمت دعوة طال مدّاح‬ ‫ليشارك يف الحفل كأول خليجي‪،‬‬ ‫وكان طال سيقدم أغنية بكلمات‬ ‫وألحان سعودية‪ ،‬لكن بليغ حمدي‬ ‫قدّم لطال لحنا ألغنية “يا قمرنا”‪.‬‬ ‫وافق طال وتم عمل الروفات‬ ‫لكن بليغ عدّل اللحن يف اللحظات‬ ‫األخرية‪.‬‬ ‫لم يسعف الوقت طال وال‬ ‫الفرقة لعمل الروفات الكافية له‪،‬‬ ‫وحدثت “لخبطة” من الجانبن‪،‬‬ ‫لطال الذي حف اللحن السابق‬ ‫وتغري يف وقت قصري‪ ،‬وللفرقة التي‬ ‫لم تتمكن من اللحن بعد‪.‬‬ ‫ارتجل طال يف األغنية‬ ‫“موالن” لتايف عدم تناغم الفرقة‬ ‫معه‪ ،‬وتمكن من تدارك املوقف‪،‬‬ ‫أو بعضه عىل األقل‪ .‬انتهت الحفلة‬ ‫وعاد طال إىل السعودية وقوبل‬ ‫بهجوم لفشل األغنية‪.‬‬ ‫كان رأي طال مختلفا‪،‬‬ ‫فاالغنية نجحت يف مصر لكن‬ ‫اإلعام املحيل ضخم املوضوع‪.‬‬ ‫اعتزل طال النا واتفق األمري‬ ‫محمد العبد الله واألمري بدر بن‬ ‫عبد املحسن واملوسيقار سراج عمر‬ ‫عىل إقامة معسكر إعدادي لطال‬ ‫يف الحفلة املقبلة‪ ،‬وفعا تمت‬ ‫دعوة طال يف العام التايل عام‬ ‫‪ 1974‬يف حفل صوت العرب الـ‪21‬‬ ‫ليشارك مع العندليب عبد الحليم‬ ‫حاف يف حفل نادي الرسانة‬ ‫يف القاهرة أمام اكرث من ‪ 50‬ألف‬ ‫متفرج‪.‬‬

‫‪100_AM.indd 103‬‬


‫صيات‬

‫الم لة‬

‫‪102‬‬

‫المزا الغنائي السعود‬

‫كان طــال مــدّاح يصــر دائمــا عــىل تأكيــد انتمائــه الفنــي إىل املحل ّيــة‬ ‫وكان ي ـقـول “أنــا متمســك بأســلوبي املحــيل يف الغ ـنـاء ومــن يحــب‬ ‫إيل”‪.‬‬ ‫ذلــك فليســتمع ّ‬ ‫سـرية الراحــل التــي شــملت تعاونــا مــع أســاطن‬ ‫الافــت أن م ـ‬ ‫التلحــن العربــي مــن مثــل محمــد عبــد الوهــاب‪ ،‬وبليــغ حمــدي‬ ‫ومحمد املوجي‪ ،‬لم تكن العامة الفارقة يف مسريته‪ .‬يمكن القول‬ ‫إنّ تلك التجربة كانت فاشلة‪ ،‬عىل الرغم من املكانة الكبرية التي‬ ‫كل امللحنــن املصريّــن الكبــار‪ ،‬ذلــك ألن ّ‬ ‫يحتلهــا ّ‬ ‫كل ملحــن منهــم‬ ‫حرص عىل أن يج ّره إىل منطقته الخاصة التي ال تشبه شخصية‬ ‫مــدّاح الغنائ ّيــة وال تعـ ّـر عــن مشــروعه‪.‬‬ ‫مــا صـ ّرح بــه بلباقتــه التــي عــرف بهــا‪ ،‬عــن أســباب فشــل لحــن‬ ‫قصيدة عبد الوهاب “ماذا أقول” وردّها إىل كونه لم يشرف عليها‬ ‫بنفســه وتركهــا للموســيقار عبــود عبــد العــال الــذي لــم يمنحهــا‬ ‫ّ‬ ‫حقهــا بالكامــل‪ ،‬ال يعنــي ّأنــه لــم يكــن يعــي تمامــا أنّ ا ـملـزاج الــذي‬

‫صـا بــه عبــد الوهــاب هــذا اللحــن ال يناســب روحــه وال طريقتــه‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫يف تســجيل متوفــر عــىل “يوتيــوب” يضــم جلســة تجمــع عبــد‬ ‫الوهاب بمدّاح‪ ،‬نستمع إىل آهات انتشاء املوسيقار املصري الشهري‬ ‫بأغنية “أغراب” وال يكتفي بذلك بل يمنحه لقب “زرياب”‪.‬‬ ‫ذلك اإلعجاب دفع بحامل لقب “موسيقار األجيال” إىل محاولة‬ ‫ضمه إىل مدرسته التي يعتر أنها تجمعه بنجوم مثل عبد الحليم‬ ‫حاف ‪ ،‬ونجاة الصغرية‪ ،‬وفايزة أحمد‪ ،‬بعدما تيقن من تميزه‪،‬‬ ‫حرص أن يجعل منه صدى ألسلوبه وانعكاسا لطريقته ومشروعه‪.‬‬ ‫يســجّ ل لطــال املــداح أنــه عــرف كيــف ينجــو مــن الفـ املغــري‬ ‫حـرص عــىل أن ّ‬ ‫يوقــع‬ ‫الــذي كان قــد نصبــه لــه عبــد الوهــاب‪ ،‬حــن ـ‬ ‫معــه عقــد احتــكار يمنعــه بموجبــه مــن تســجيل أغــان لصالــح‬ ‫شـركته‪.‬‬ ‫شـركات غــري ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـوين ورفــض اإلقامــة‬ ‫خــرج مــدّاح مــن هــذا املــأزق الفنـ ّـي والقا ـن ّ‬ ‫تحــت ع ـبـاءة عبــد الوهــاب‪.‬‬ ‫ساهم هذا الخيار بقوة يف صنع هالته الخاصة التي بنيت عىل‬ ‫األغــاين املحل ّيــة‪ ،‬ســواء تلــك التــي لحّ نهــا بنفســه‪ ،‬أو التــي لحّ نهــا‬ ‫لــه ملحنــون ســعوديون‪ ،‬وأطلــق مرحلــة “ســعودة الغ ـنـاء” عــر‬ ‫تعاونــه مــع األمرييــن الشــاعرين محمــد العبــد اللــه الفيصــل وبــدر‬ ‫سـراج عمــر‪.‬‬ ‫بــن عبــد املحســن وامللحــن ـ‬ ‫تحت ال هذا املشروع خرجت إىل النور أغنيات شهرية مثل‬ ‫“مقادير”‪“ ،‬أغراب”‪“ ،‬ما أطولك يا ليل”‪“ ،‬غربة وليل”‪“ ،‬تعب‬ ‫الطريق”‪“ ،‬العشق”‪“ ،‬نام الطريق”‪“ ،‬املوعد الثاين”‪ ،‬كما برزت‬ ‫قدرات مدّاح التلحينيّة يف أغنيات مثل “زمان الصمت” و“وعد”‪.‬‬ ‫حرصه عىل الدفاع عن خصوصيّته قدّ م خدمة جليلة للغناء‬ ‫العربي عموما والسعودي خصوصا‪ ،‬إذ أشاع فيه مزاجا جديدا‬ ‫ّ‬ ‫يمتلــك أدواتــه الخاصــة وتقنياتــه املتما ـيـزة‪ ،‬ويختلــف عــن املزاجــن‬ ‫املصري واللبناين‪.‬‬ ‫غـريه‪،‬‬ ‫لقــد نجــا مــدّاح بذكائــه مــن أن يكــون مجــرد انعــكا ل ـ‬ ‫وصنــع بنفســه ولنفســه موقعــا خاصــا قــارع مــن خالــه ســلطات‬ ‫شـراكة والند ّيــة‪.‬‬ ‫الغ ـنـاء العربــي ووقــف اىل جانبهــا مــن موقــع ال ـ‬

‫الن م الش صي‬

‫النجم يف عاملنا ال يشبهنا يف يشء‪ .‬النجوم يجتهدون يف ّ‬ ‫كل لحظة‬ ‫يف إثبــات عيشــهم حيــاة أخــرى ال يمكــن أن نتخيّلهــا‪ ،‬ومنفصلــة‬ ‫بالكامل عن حياتنا‪.‬‬

‫‪02/05/2023 14:09‬‬

‫هـرة احتقــار الجمهــور‬ ‫راجــت تاليــا انطاقــا مــن هــذا البعــد ا ـ‬ ‫عـرب املشــهورين‬ ‫سـرية بعــض الفنانــن ال ـ‬ ‫وازدرائــه‪ .‬مــن يتابــع ـ‬ ‫ا ن‪ ،‬يعرث عىل مقاطع مصورة تظهر استخفافهم بجماهريهم‪،‬‬ ‫واستعائهم عليهم‪ ،‬وصوال إىل إهانتهم‪.‬‬ ‫نجــم أيامنــا هــذه حــن يحــاول أن يكــون طريفــا‪ ،‬ال يفعــل‬ ‫ذلــك بطريقــة تلقائ ّيــة‪ ،‬تق ّربــه مــن جمهــوره وتلغــي املســافات‬ ‫بينه وبينهم‪ ،‬بل يفعله كأنه جزء من العرض املتعايل نفسه‪.‬‬ ‫يسوّق له عىل ّأنه إضافة عىل ما يخرعه ويبيعه من بضاعة‪،‬‬ ‫وي ـفـرض عــىل الجمهــور اســتقباله انطاقــا مــن هــذا املعيــار الــذي‬ ‫يناقــض مفهــوم التواصــل والتحــاور‪.‬‬ ‫صار النجم الحايل سلطة أو ناطقا باسم سلطة‪ ،‬يف حن أنّ‬ ‫طال مدّاح كان يؤمن بأنّ ال سلطة تعلو عىل سلطة الجمهور‬ ‫ّ‬ ‫وبأنه وحده من يحدد مكانة أيّ فنان وحجمه‪.‬‬

‫كان طــال مــدّاح مــن طينــة أخــرى مــن الفنانــن‪ .‬خفــة لــه‬ ‫كانــت امتــدادا لشــخصيته التــي كانــت تتبلــور عــىل املســرح حيــث‬ ‫يلقــي النــكات ويتصــرف بتلقائ ّيــة شــديدة و ســمت ســلوكه‬ ‫والعــام‪.‬‬ ‫الشــخ‬

‫‪100_AM.indd 102‬‬


100_AM.indd 101

02/05/2023 14:09


‫صيات‬

‫الم لة‬

‫طــال مـ ّـداح‬ ‫الحدايث‬ ‫وصانــع ا ـملـزاج‬ ‫الســعودي‬ ‫يف الغنــاء‬ ‫العربــي‬ ‫ما سر طالل م ا ‪ ،‬وما خصوصيته يف امل ه الغنا‬ ‫العرب ‪ ،‬حتى بات يحت اليو ‪ ،‬يف بل وخارجه‪،‬‬ ‫مكانة رم ة ال ينا عه يها أح سوا ‪ .‬اد عالء‬ ‫ال ين وعادل حو ان يقر ن ا ر طالل م ا ‪.‬‬ ‫رسو‬

‫‪02/05/2023 14:09‬‬

‫نسمة محر‬

‫‪100‬‬

‫ب وت‬

‫اد عالء ال ين‬

‫صنــع طــال مــدّاح بشــخصيّته وكلمــات أغانيــه وطريقتــه الخاصــة‬ ‫يف األداء وموسيقاه وألحانه‪ ،‬مشهدا بصريا وغنائيا يحيل بكل‬ ‫تجلياتــه عــىل مجــال ســعودي خــاص‪ ،‬ونجــح يف تحقيــق األلفــة‬ ‫العرب ّيــة مــع لهجــة البــاد ومزاجهــا‪ ،‬كمــا يشــهد لــه أنــه استشــرف‬ ‫لحظــة التحديــث التــي تخــوض الســعوديّة مجاالتهــا يف املياديــن‬ ‫كافــة‪ ،‬وم ّهــد لهــا‪.‬‬

‫ور‬

‫يا ار الورد‬

‫أغنيــة طــال مــدّاح األوىل كانــت “شــفت القمــر يف املرايــا” وهــي‬ ‫مــن ألحانــه وكلمــات الشــاعر عبــد الرحمــن بــن ســعود‪ ،‬لكنهــا‬ ‫لــم تســجّ ل‪ .‬أمــا األغنيــة التــي أطلقتــه يف ف ـ‬ ‫ضـاء الغ ـنـاء الســعوديّ‬ ‫والعربـ ّـي فهــي “يــا زارع الــورد” مــن تلحينــه وكلمــات عبــد الكريــم‬ ‫خزام‪ ،‬وقد خرجت إىل النور عام ‪ 1959‬وسُ جّ لت لصالح اإلذاعة‬ ‫الســعوديّة عــام ‪.1961‬‬ ‫ّ‬ ‫تتجىل استثنائيّة هذه األغنية يف أنها األغنية العاطفيّة األوىل‬

‫التي تسجّ لها وتذيعها اإلذاعة السعوديّة التي كانت ال تبث سوى‬ ‫األناشيد الوطنيّة‪ .‬من هنا نجحت يف أن تكون حدثا‪ ،‬وخصوصا‬ ‫أن الجو آنذاك لم يكن يستسيغ هذا النوع من الغناء‪.‬‬ ‫الــرواج الكبــري الــذي القتــه هــذه األغنيــة ســعوديّا وعرب ّيــا شـ ّرع‬ ‫أبــواب التطويــر مــن زاويتــن‪ ،‬فن ّيــة واجتماع ّيــة‪.‬‬ ‫ففــي الزاويــة األوىل‪ ،‬لــم تخــرج األغنيــة يف تركيبهــا الفنــي عــن‬ ‫مألوف األذن السعوديّة‪ ،‬لك ّنها وسعته وطوّرته‪ ،‬عر تعدّ د البن‬ ‫املوسيقيّة واإليقاعات التي دخلت يف تركيبتها‪ ،‬فكانت أول أغنية‬ ‫“مكبلهة”‪ ،‬وهو مصطلح يصف األغنية املتعددة اللحن واإليقاعات‪.‬‬ ‫اجتماعيّا‪ ،‬إنّ تقبل الجمهور لهذا املزاج الجديد الكامن فيها‬ ‫ساهم يف تغيري وجهات النظر حول الغناء التي انتقلت تدريجيّا‬ ‫صـوال إىل مــا نشــهده اليــوم‬ ‫مــن التحفـ إىل الق ـبـول فالرحيــب و ـ‬ ‫من احتفاء عريض بمسرية مدّاح ليس بوصفه مطربا وموسيقيا‬ ‫عظيما وحسب‪ ،‬بل بوصفه أحد أركان الهويّة السعوديّة الفنية‬ ‫املعاصرة وأحد أبرز ص ّناع خصوصيّتها‪.‬‬ ‫مشاركته الوحيدة يف فيلم “شارع الضباب” إىل جانب صباح‬ ‫ورشيد عامة‪ ،‬أعطت شارة انطاق السينما السعوديّة‪.‬‬ ‫لم يح الفيلم بنجاح جماهريي‪ ،‬لكنه فتح العن عىل عاقة‬ ‫مختلفة وجديدة مع السينما‪ ،‬يمكن معاينة مامحها يف مشهد‬ ‫ّ‬ ‫ومثقفــة‬ ‫الســينما الســعوديّة الجديــدة التــي قدّ مــت تجــارب ذك ّيــة‬ ‫ّ‬ ‫معقــدة بساســة‬ ‫بصريّــا وجمال ّيــا‪ ،‬وقــادرة عــىل طــرح إشــكاليّات‬ ‫وبلغة سينمائيّة قادرة عىل إنتاج أدواتها الخاصة‪.‬‬

‫‪100_AM.indd 100‬‬


Mar DPS Hia - Maxx Royal.pdf

098_AM.indd 99

1

27/02/2023

11:36 AM

28/04/2023 13:12


098_AM.indd 98

28/04/2023 13:12


‫‪97‬‬

‫الم لة‬

‫أهم صادرات‬ ‫المغرب‬ ‫الصناعية‬ ‫عام ‪2022‬‬ ‫(مليار دوالر)‬

‫‪11‬‬

‫صناعات‬ ‫السيارات‬

‫‪8‬‬

‫الصناعات‬ ‫الغذائية‬

‫‪4.4‬‬

‫صناعة‬ ‫المالبس‬

‫طـرة‪،‬‬ ‫دوالر)‪ ،‬يف ثــاث جهــات هــي طنجــة‪ ،‬الربــاط وســا والقني ـ‬ ‫ضـاء الكــرى‪.‬‬ ‫والــدار البي ـ‬

‫المغرب مستفيد من العولمة‬

‫اعتــر املعهــد االيطــايل للدراســات السياســية الدوليــة ‪ ISPI‬أن‬ ‫املغرب من الدول القليلة يف املنطقة التي أستفادت من التوزيع‬ ‫الجغرايف للقيم العاملية (اإلمدادات الصناعية) منذ العام ‪2005‬‬ ‫بفضل الرهان عىل التسريع الصناعي وتنويع االقتصاد واالنفتاح‬ ‫عــىل التجــارب الخارجيــة املختلفــة‪ .‬وانتقلــت حصــة االند ـمـاج يف‬ ‫ساســل القيــم العامليــة (بحســب املعهــد االيطــايل) مــن ‪ 7,6‬يف املئــة‬ ‫اىل ‪ 47‬يف املئــة يف أقــل مــن ‪ 13‬ســنة (بــن عامــي ‪ 2005‬و ‪.)2018‬‬ ‫وتمكنــت الربــاط مــن جلــب اســتثمارات ضخمــة خــال العقديــن‬ ‫األخرييــن شــملت أكــر املزوديــن لألســواق العامليــة مــن الواليــات‬ ‫املتحدة والصن واليابان وكوريا الجنوبية واململكة املتحدة ودول‬ ‫االتحــاد األوروبــي‪ ،‬فرنســا وإيطاليــا وإســبانيا ‪.‬‬ ‫جـزاء الطا ـئـرات‬ ‫وقــال املعهــد االيطــايل إن صناعــة الســيارات وأ ـ‬ ‫غـرب يف املســتوى الصناعــي نفســه‬ ‫وأشــباه املوصــات‪ ،‬وضعــت امل ـ‬ ‫لــدول مثــل املكســيك ورومانيــا وروســيا وتركيــا والهنــد والرازيــل‪،‬‬ ‫غـرب بحكــم وجــوده عــىل البحــر‬ ‫سـراتيجي للم ـ‬ ‫مــع امتيــاز جيــو ا ـ‬ ‫املتوسط واملحيط االطليس‪ ،‬بن قاريت أوروبا وأفريقيا‪ ،‬واعتماده‬ ‫عىل تصنيع الفوسفات لتحسن اإلنتاج الزراعي يف أفريقيا‪ .‬كما‬ ‫صدر املغرب العام املايض بقيمة ملياري دوالر من مبيعات أجزاء‬ ‫الطائرات مثل “بوينغ” و“بومبارديه” و“أوروسبيس” و“سافران”‬ ‫و‪ EADS‬ويقال “ال توجد طائرة مدنية إال وفيها يشء من املغرب”‪.‬‬ ‫واســتعادت هذه الصناعة وهجها بعد أزمة كوفيد‪ 19 -‬التي‬ ‫كانت تهدد صناعة الطائرات‪ ،‬وكانت “بومبارديه” نقلت جزءا‬ ‫مــن وحــدات اإلن ـتـاج مــن بلفاســت يف إيرلنــدا الشــمالية إىل الــدار‬ ‫البيضاء ثم قامت ببيع حصصها إىل الشركة األمريكية “سبريت‬ ‫إيروسيستم” يف صفقة بلغت قيمتها ‪ 225‬مليون دوالر‪ .‬وتتزود‬ ‫العديــد مــن وحــدات تصنيــع الطا ـئـرات االمريكيــة والكنديــة مــن‬ ‫ضـاء‪.‬‬ ‫مصانــع الــدار البي ـ‬

‫خلفية سياسية للقصة‬

‫‪2.1‬‬

‫صناعات‬ ‫أجزاء‬ ‫الطائرات‬

‫‪1.8‬‬

‫الصناعات‬ ‫الكهربائية‬ ‫المصدر‪ :‬مكتب‬ ‫الصرف‪ ،‬يناير ‪/‬‬ ‫كانون الثاني ‪2023‬‬

‫‪02/05/2023 14:06‬‬

‫حـرب بحريــة بــن‬ ‫يف مطلــع صيــف عــام ‪،2002‬كادت أن تندلــع ـ‬ ‫اسبانيا واملغرب حول جزيرة ليىل‪ ،‬وهي صخرة جبلية غري مأهولة‬ ‫يف سواحل البحر األبيض املتوسط بن مدينة سبتة املحتلة شرقا‬ ‫ومدينة طنجة غربا‪.‬‬ ‫ضـاع إىل‬ ‫تدخلــت الواليــات املتحــدة بك ــل ثق ــلها إلع ــادة األو ـ‬ ‫مكانهــا الســابق خــال زيــارة ســريعة لكولــن بــاول وزيــر الخارجيــة‬ ‫آنــذاك‪ ،‬الــذي كان ال يريــد نزاعــا يف شــمال أفريقيــا‪ ،‬يف وقــت كان‬ ‫عـراق وحشــد‬ ‫ـب تفكــري اإلدارة األمريكيــة عــىل كيفيــة غــزو ال ـ‬ ‫ينصـ ّ‬ ‫التأييــد العربــي أو الحيــاد يف الحــد األدىن‪.‬‬ ‫فهمت حكومة ماريا أزنار املتطرفة التي سعت إىل التشويش‬ ‫عــىل مشــروع ب ـنـاء مي ـنـاء تجــاري شــرق مدينــة طنجــة عــىل البحــر‬ ‫املتوسط قبالة مضيق جبل طارق‪ ،‬أن واشنطن أقرب إىل الرباط‬ ‫يف املواقــف االقتصاديــة‪ ،‬وهــي إشــارة إىل دعــم تشــييد املي ـنـاء‬ ‫الضخم‪،‬الــذي كانــت تخطــط لــه الربــاط يف تلــك املنطقــة بدعــم‬ ‫مــن دول خليجيــة وخصوصــا الســعودية واإلمــارات والكويــت‪.‬‬ ‫بعد سنوات سيصبح ميناء طنجة املتوسط‪ ،‬الذي يقع داخل‬ ‫منطقة تجارية حرة مرتبطة بشبكة من السكك الحديد السريعة‪،‬‬

‫ا تصاد‬

‫املرفأ الدويل لتصدير السيارات من أفريقيا إىل أوروبا وإىل العالم‪،‬‬ ‫واألول يف البحر األبيض املتوسط‪ ،‬ويرتبط بأكرث من ‪ 180‬ميناء يف‬ ‫أكرث من ‪ 70‬دولة يف العالم‪ ،‬وقد تم تصنيفه يف املرتبة السادسة‬ ‫عامليا يف ترتيب املرافئ العاملية يف مجال النجاعة‪ ،‬التي حل فيها‬ ‫مي ـنـاء امللــك عبــد اللــه يف املرتبــة األوىل‪ ،‬بحســب تصنيــف “املؤشــر‬ ‫العاملي ألداء ميناء الحاويات ‪ ”2021‬بالتعاون بن البنك الدويل‬ ‫و“ستاندرد أند بورز ماركت انتليجانس”‪.‬‬

‫التشريعات والموارد البشرية‬ ‫والبنى التحتية‬

‫يبــدو أن ثاثــة عوامــل ســاعدت يف نهضــة صناعــة الســيارات يف‬ ‫املغرب‪ ،‬هي أوال البنية التحتية املتطورة‪ ،‬من املوائن إىل القطارات‬ ‫السريعة والطرق الحديثة يف الشمال والجنوب‪ ،‬وثانيا االستثمار‬ ‫يف املــوارد البشــرية‪ ،‬عــر فتــح مئــات مراكــز التدريــب والتأهيــل‬ ‫التقنــي والعلمــي يف تخصصــات مــا يعــرف باملهــن العامليــة أو مهــن‬ ‫املستقبل‪ ،‬وتشمل التدريب عىل تصنيع أجزاء العربات والطائرات‬ ‫واألقمار الصناعية والطاقات املتجددة والذكاء االصطناعي‪ .‬وقد‬ ‫ساعد التدريب التقني يف تطوير صناعة السيارات العاملية وأيضا‬ ‫تركيب الطائرات‪،‬حيث يوجد مئات املهندسن املغاربة املشرفن‬ ‫عىل هذه الصناعات يف جل الدول الكرى بحسب إحصاء لوزارة‬ ‫التعليم العايل‪.‬‬ ‫أمــا العامــل الثالــث فهــو الجانــب التشــريعي والقا ـنـوين‪ ،‬حيــث‬ ‫يمنح املغرب امتيازات جبائية للشركات العاملة يف مجال التصدير‬ ‫و“األوفشــورينغ” ال تتجــاوز يف األقــى حصــة ‪ 20‬يف املئــة مــن‬ ‫األرباح الصافية املعلنة‪ ،‬مع إمكان تحويل جزيئ أو كيل لألرباح‬ ‫غـرب وتوســيع االســتثمار باالعتمــاد عــىل تمويــات‬ ‫إىل خــارج امل ـ‬ ‫مصرفيــة محليــة أو أجنبيــة‪.‬‬ ‫صـرم قانونــا جديــدا‬ ‫وأقــر الرملــان املغربــي قبــل نهايــة العــام املن ـ‬ ‫بمثابة ميثاق االستثمار‪ ،‬هو الخامس منذ االستقال‪ ،‬ويتضمن‬ ‫جـراءات باعتمــاد‬ ‫تحف ـيـزات مهمــة للمســتثمرين وتبســيط اإل ـ‬ ‫التكنولوجيــا يف التعامــل مــع اإلدارات الحكوميــة‪ ،‬والســماح‬ ‫للبلديــات واملحافظــات بتقديــم تحف ـيـزات عينيــة للمســتثمرين‪،‬‬ ‫مثل األرض‪ ،‬إلقامة املشاريع‪ .‬وهو برنامج ضمن خطة النموذج‬ ‫التنمــوي الجديــد ملضاعفــة حصــة االســتثمار الخــاص‪ ،‬وزيــادة‬ ‫أعداد الشركات العاملة يف التصدير‪ ،‬وتنويع األسواق الخارجية‬ ‫شـراكات الدوليــة‪ ،‬وتطويــر ُ‬ ‫غـرب”‪.‬‬ ‫“صنــع يف امل ـ‬ ‫وال ـ‬ ‫ويحتل املغرب املرتبة الثانية يف الدول األكرث تصنيعا يف أفريقيا‬ ‫بحســب تصنيــف البنــك األفريقــي للتنميــة واالتحــاد األفريقــي يف‬ ‫تقرير “مؤشر التصنيع األفريقي ‪ .”2022‬بحسب التقرير‪ ،‬يمتلك‬ ‫غـرب اقــوى الوحــدات االقتصاديــة والصناعيــة يف القــارة‪ ،‬منــذ‬ ‫امل ـ‬ ‫العــام ‪ ،2010‬وذلــك بتشــجيع مــن الحكومــات التــي وضعــت‬ ‫الصناعــة ضمــن أولوياتهــا وال ســيما صناعــة الســيارات‪ ،‬بحســب‬ ‫الدراســىة نفســها‪.‬‬ ‫وتمثل الصناعات املختلفة قرابة ‪ 30‬يف املئة من الناتج املحيل‬ ‫غـرب إىل رفعهــا إىل ‪ 45‬يف املئــة خــال العقــد‬ ‫اإلجمــايل ويح ـتـاج امل ـ‬ ‫املقبل‪ ،‬وهو رهان ليس مستحيا لكنه ميلء بالتحديات‪ ،‬ومنها‬ ‫غـريات املناخيــة‬ ‫األزمــات االقتصاديــة وعــدم اليقــن الــدويل والت ـ‬ ‫التي ستدفع الصناعات املغربية إىل االعتماد املبكر عىل الطاقات‬ ‫الخضراء والتخلص من الكربون الذي سيكون املعيار األول لتقييم‬ ‫نجاح أي صناعة أو دخولها األسواق العاملية يف أفق ‪.2030‬‬

‫‪094_AM.indd 97‬‬


‫ا تصاد‬

‫عـرض الــدويل للســيارات يف باريــس‪ ،‬العــام املــايض‪ ،‬أن طرحــت‬ ‫امل ـ‬ ‫نموذجا أوليا من سيارة ذكية متعددة االستعماالت باسم ‪.HUV‬‬

‫مليون سيار سنويا‬

‫غـرب تطــورا ك ـبـريا يف الســنوات‬ ‫وتتوقــع صناعــة الســيارات يف امل ـ‬ ‫املقبلــة‪ ،‬مــن خــال تنفيــذ ثــاث خطــوات تشــمل أوال‪ ،‬زيــادة‬ ‫مســتوى االند ـمـاج املحــيل إىل ‪ 80‬يف املئــة مــن التصنيــع يف مقابــل‬ ‫‪ 65‬يف املئة حاليا‪ ،‬أي يتم تصنيع مكونات السيارات كلها محليا‪،‬‬ ‫طـاع‬ ‫حـركات‪ .‬ثانيــا‪ ،‬تحقيــق الحيــاد الكر ـبـوين يف الق ـ‬ ‫بمــا يف ذلــك امل ـ‬ ‫الصناعــي عــر اعتمــاد الطاقــات املتجــددة والهيدروجــن األخضــر‪.‬‬ ‫شـركات‬ ‫وثالثــا‪ ،‬زيــادة حجــم االســتثمارات الدوليــة واســتقطاب ـ‬ ‫مصنعــة للســيارات‪.‬‬ ‫غـرب إن ـتـاج مليــون ســيارة ســنويا يف عــام ‪.2023‬‬ ‫ويتوقــع امل ـ‬ ‫غـرب مــن الســيارات تجــاوزت ‪ 403‬آالف عربــة‬ ‫وكانــت مبيعــات امل ـ‬ ‫وزعــت يف أكــرث مــن ‪ 70‬دولــة عــام ‪ 2021‬وتــم تصنيفــه ضمــن الــ‪20‬‬ ‫بلدا األكرث تصنيعا وتصديرا للسيارات بحسب إحصاءات املنظمة‬ ‫الدوليــة ملصنعــي الســيارات (‪International Organization‬‬ ‫‪ )of Motor Vehicle Manufacturers – OICA‬لعام ‪.2021‬‬ ‫وكانــت الربــاط تحتــل املرتبــة ‪ 27‬عامليــا يف العــام ‪.2017‬‬

‫‪ 11‬مليار دوالر مبيعات ي ‪2022‬‬

‫بلغت صادرات املغرب يف عام ‪ 2022‬أكرث من ‪ 11‬مليار دوالر من‬ ‫مبيعات السيارات إىل ‪ 71‬دولة معظمها يف أوروبا وأفريقيا والشرق‬ ‫األوســط‪ ،‬وهــي تحتــل رأ قائمــة الــدول العربيــة واألفريقيــة يف‬ ‫إنتاج السيارات بنحو ‪ 700‬ألف عربة يف العام املنصرم‪ .‬كما صدر‬ ‫ما قيمته ‪ 21‬مليار درهم (نحو ‪ 2‬مليار دوالر) من مبيعات أجزاء‬ ‫الطائرات التجارية و‪ 1,9‬مليار دوالر من مبيعات أشباه املوصات‬ ‫والرقائق االلكرونية‪.‬‬ ‫وأفــادت وزارة الصناعــة والتجــارة أن حجــم إن ـتـاج الســيارات‬ ‫قــد يصــل إىل مليــون عربــة يف نهايــة عــام ‪ 2023‬وقــد يبلــغ مليونــن‬ ‫ســيارة مُ صــدرة عــام ‪ ،2030‬لكــن ذلــك يتوقــف أساســا عــىل تطــور‬ ‫شـرات االقتصاديــة‪ ،‬وخصوصــا‬ ‫األســواق الدوليــة‪ ،‬وتحســن املؤ ـ‬ ‫داخــل أســواق االتحــاد األوروبــي‪.‬‬ ‫وتمثــل مبيعــات الســيارات ربــع مج ـمـوع الصــادرات املغربيــة‪،‬‬ ‫نحو ‪ 15‬يف املئة من مجموع الواردات حسب تقرير مكتب الصرف‬ ‫املغربــي ‪ 2022‬املشــرف عــىل التجــارة الخارجيــة‪ .‬ويعمــل يف هــذه‬ ‫الصناعــات ربــع مليــون مــن املهندســن والفنيــن يف ثــاث مناطــق‬ ‫إن ـتـاج يف كل مــن طنجــة عــىل البحــر األبيــض املتوســط التــي تصنــع‬ ‫موديــات “داســيا ورينــو” ويعمــل فيهــا نصــف عــدد العمــال‪،‬‬ ‫طـرة عــىل املحيــط االطلــيس التــي‬ ‫ومصانــع “ســتيانتس” يف القني ـ‬ ‫تص ّنــع عامــات “بيجــو” و“ســيروين”‪ ،‬باالضافــة إىل مصانــع‬ ‫“صوماكا” يف الدار البيضاء‪ ،‬وهي األقدم من نوعها يف املغرب‪،‬‬ ‫وتعــود إىل مطلــع الســتينات مــن القــرن املــايض‪ .‬وكانــت تجمّ ــع‬ ‫موديــات “فيــات” و“ســيمكا” وغريهــا‪ .‬ثــم انتقلــت ملكيتهــا إىل‬ ‫عامة “رينو” الفرنسية بالكامل‪ ،‬خال فرة خصخصة الشركات‬ ‫العموميــة يف تســعينات القــرن املــايض‪.‬‬ ‫غـرب بــات مؤهــا‬ ‫وت ـقـول دراســة لــوزارة االقتصــاد واملاليــة إن امل ـ‬ ‫بعد أكرث من عقد من تجربة صناعة السيارات املنخفضة التكلفة‪،‬‬ ‫لانضمــام إىل نــادي الــدول األكــرث تصنيعــا يف مجــال العربــات‬ ‫حـول يف‬ ‫املختلفــة ذات القيمــة املضافــة العاليــة‪ .‬ويشــكل هــذا الت ـ‬

‫‪02/05/2023 14:06‬‬

‫الم لة‬

‫شـرطا للحفــا عــىل تنافســية عاليــة يف مجــال‬ ‫املجــال الصناعــي ـ‬ ‫صناعة عربات املستقبل التي تعمل بالكهرباء وتستجيب لحاجيات‬ ‫أجيال جديدة من املستخدمن يف احرام تام للبيئة وشروطها‪،‬‬ ‫ومتطلبات الحياة املرتبطة بالكامل بتكنولوجيا االتصاالت والذكاء‬ ‫االصطناعي أي سيارات ذكية بالكامل‪.‬‬ ‫غـرب كا مــن الهنــد والصــن يف مجــال تلقــي‬ ‫و يُنا فــس امل ـ‬ ‫االستثمارات املوجهة لتصنيع أجزاء السيارات املختلفة‪ .‬ويوجد‬ ‫شـركة عامليــة تعمــل يف مناطــق التســريع الصناعــي‬ ‫اكــرث مــن ‪ 180‬ـ‬ ‫الحرة املرتبطة بشبكة من السكة الحديد تصل اىل ميناء طنجة‬ ‫عىل البحر األبيض املتوسط والدار البيضاء عىل املحيط األطليس‪،‬‬ ‫لتزويد مصنعي السيارات أو تصدير أطراف السيارات إىل اسواق‬ ‫بعيــدة منهــا اليابــان واملانيــا وبريطانيــا وفرنســا والواليــات املتحــدة‬ ‫وغريهــا‪ .‬وبحســب وزارة الصناعــة والتجــارة تــكاد ال توجــد ســيارة‬ ‫غـرب‪.‬‬ ‫يف أوروبــا ليــس فيهــا يشء صنــع يف امل ـ‬ ‫غـرب‪،‬‬ ‫ومــن أبــرز مــزودي مصنعــي الســيارات العاملــة يف امل ـ‬ ‫“ديلفي” و“لري” األمريكيتان‪ ،‬و“هيغشمان” األملانية‪ ،‬و“يازا ”‬ ‫و“ ســوميتومو” اليابانيتــان‪ ،‬و“فاليــو” الفرنســية‪ ،‬و“مانيتــي‬ ‫مار يــيل” االيطاليــة وغري هــا‪ ،‬بحســب بيا نــات وزارة الصنا عــة‬ ‫والتجــارة عــام ‪.2022‬‬ ‫وأســتفاد املغرب من الحروب الروســية عىل أوكرانيا بانتقال‬ ‫غـرب‪ ،‬وخصوصــا‬ ‫شـركات تصنيــع الســيارات إىل امل ـ‬ ‫العديــد مــن ـ‬ ‫اليابانيــة واألمريكيــة‪ ،‬وأصبحــت ســيارة “تيســا” تعتمــد جزئيــا‬ ‫عىل اشباه املوصات (‪ )Semiconductors‬املصنعة يف املغرب‪.‬‬ ‫شـركة “ســوميتومو” اليابانيــة اســتثمارات جديــدة يف‬ ‫وأعلنــت ـ‬ ‫غـرب بقيمــة ‪ 2‬مليــار درهــم (‪ 190‬مليــون‬ ‫صناعــات الســيارات يف امل ـ‬

‫‪96‬‬

‫ق يص إنتا‬ ‫السيارات يف‬ ‫املغر إىل‬ ‫مليون عربة‬ ‫يف نهاية عا‬ ‫‪ 2023‬ومليون‬ ‫سيار مص ر‬ ‫عا ‪،2030‬‬ ‫لكن ل‬ ‫يتوق عىل‬ ‫تطور األسوا‬ ‫ال ولية‪،‬‬ ‫وتحسن‬ ‫امل رات‬ ‫االقتصادية‬ ‫العاملية‪.‬‬

‫‪094_AM.indd 96‬‬


‫‪95‬‬

‫‪02/05/2023 14:06‬‬

‫الم لة‬

‫ا تصاد‬

‫‪094_AM.indd 95‬‬


‫الم لة‬

‫ا تصاد‬

‫‪94‬‬

‫خـرية ســمعة تنافســية رائــدة يف‬ ‫غـرب يف الســنوات األ ـ‬ ‫اكتســب امل ـ‬ ‫صناعــة الســيارات وبلغــت عائــدات صادراتــه أكــرث مــن ‪ 11‬مليــار‬ ‫دوالر يف العام املنصرم‪ ،‬ويتوقع إنتاج مليون سيارة سنويا بدءا‬ ‫غـرب ينافــس كا مــن الهنــد والصــن‬ ‫مــن الســنة الجاريــة‪ .‬صــار امل ـ‬ ‫جـزاء الســيارات‬ ‫يف مجــال تلقــي االســتثمارات املوجهــة لتصنيــع أ ـ‬ ‫املختلفة‪ ،‬ويحتل املرتبة الثانية يف الدول األكرث تصنيعا يف أفريقيا‬ ‫بحســب تصنيــف البنــك األفريقــي للتنميــة واالتحــاد األفريقــي‪.‬‬ ‫ُتطــرح قريبــا يف األســواق املغربيــة أول ســيارة مــن صنــع محــيل‬ ‫بالكامــل تحمــل عامــة تجاريــة باســم “نيــو” (‪ ))NEO‬مــن صنــف‬ ‫‪ M2‬متوســطة الحجــم‪ ،‬يف إمكانهــا منافســة ســيارات “رينــو”‬ ‫و“بيجو” و“سيروين” الفرنسية‪ ،‬و“فيات” اإليطالية ومثياتها‬ ‫مــن العربــات املصنعــة يف آســيا‪ .‬وسـ ُتعرض بســعر مــن ‪ 15‬إىل ‪17‬‬ ‫ألــف دوالر أ ـمـري ‪ ،‬أي نحــو ‪ 170‬ألــف درهــم مغربــي‪.‬‬ ‫طـاء مزيــد مــن‬ ‫تتكتــم الجهــات املشــرفة عــىل املشــروع عــن إع ـ‬ ‫التفاصيل حول السيارة الجديدة‪ ،‬بما يف ذلك التصميم الخارجي‪،‬‬ ‫حفا ــا عــىل امللكيــة الفكريــة والصناعيــة مــن أي تقليــد أو قرصنــة‬ ‫يف الوقــت الراهــن‪ .‬وكشــفت مصــادر يف وزارة الصناعــة والتجــارة‬ ‫لـ“املجلة” أن السيارة املغربية ستكون مجهزة بمحركات من شركة‬ ‫“أوبــل” األملانيــة وهــي اجتــازت كل االختبــارات الفنيــة املطلوبــة‪،‬‬ ‫وتنتظــر الرخيــص لهــا مــن الســلطات الحكوميــة املختصــة‪.‬‬ ‫ويتزامــن طــرح هــذا ال ـنـوع مــن الســيارات املتوســطة الحجــم‬ ‫غـرب إىل إن ـتـاج ســيارات هجينــة‬ ‫مــع انتقــال صناعــة العربــات يف امل ـ‬ ‫وكهربائيــة بالكامــل‪ ،‬اســتجابة لألســواق األوروبيــة‪ ،‬التــي قــررت‬ ‫حـركات البنزيــن والديــزل يف أفــق ‪ .2035‬ويعتــر‬ ‫وقــف العمــل بم ـ‬ ‫غـرب املــزود الثــاين ألســواق االتحــاد األوروبــي بعــد الصــن مــن‬ ‫امل ـ‬ ‫العربات املنخفضة التكلفة‪ .‬وسبق لشركة ‪ NAMX‬املغربية خال‬

‫صة ن ا‬ ‫صناعة السيارات‬ ‫ي المغرب‬ ‫من املحر ات الحرار ة إىل العربات الكهربا ية الص يقة لل ي ة‬ ‫عا ات صادراته أ من ‪ 11‬مليار دوالر يف ‪ 2022‬و ت ه نحو إنتا مليون سيار سنو ا‬ ‫الربا‬

‫‪02/05/2023 14:06‬‬

‫محم ال رق‬

‫رسو‬

‫باربرا جي سون‬

‫‪094_AM.indd 94‬‬


‫‪93‬‬

‫ا تصاد‬

‫الم لة‬

‫ديون الواليات المتحد‬ ‫ال ارجية سب الدولة‬

‫سندات ال زانة‬ ‫(بمليارات الدوالرات(‬

‫‪867‬‬

‫الصين‬

‫‪655‬‬

‫‪1,076‬‬

‫اليابان‬

‫‪439‬‬

‫دو أخر‬

‫المملكة المتحد‬

‫‪32‬‬

‫‪354‬‬

‫البيرو‬

‫بل يكا‬

‫‪34‬‬

‫شيلي‬

‫‪329‬‬

‫لوكسمبور‬

‫‪37‬‬

‫يتنام‬

‫‪284‬‬

‫جزر الكايمان‬

‫‪37‬‬

‫اسبانيا‬

‫‪270‬‬

‫‪38‬‬

‫سويسرا‬

‫بولندا‬

‫‪255‬‬

‫يرلندا‬

‫‪39‬‬

‫يطاليا‬

‫‪226‬‬

‫‪40‬‬

‫ايوان‬

‫كولومبيا‬

‫‪224‬‬

‫‪41‬‬

‫الهند‬

‫العرا‬

‫‪221‬‬

‫‪42‬‬

‫السويد‬

‫هون كون‬

‫‪46‬‬

‫‪217‬‬

‫ايلند‬

‫البرا ي‬

‫‪46‬‬

‫‪215‬‬

‫الباهاما‬

‫كندا‬

‫‪48‬‬

‫‪189‬‬

‫اسرائي‬

‫رنسا‬

‫‪48‬‬

‫‪179‬‬

‫الفليبين‬

‫سنغا ور‬

‫‪49‬‬

‫‪120‬‬

‫الكوي‬

‫المملكة العربية السعودية‬

‫‪57‬‬

‫‪103‬‬

‫كوريا ال نوبية‬

‫‪101‬‬

‫ألمانيا‬

‫‪92‬‬

‫النرو‬

‫‪82‬‬

‫برمودا‬

‫‪67‬‬

‫هولندا‬

‫‪59‬‬

‫‪59‬‬

‫أستراليا‬

‫ا مارات العربية المتحد‬

‫المكسي‬

‫المصدر‪ :‬ي وا كابيتاليس‬

‫‪03/05/2023 10:11‬‬

‫‪ ،‬استنادا الى بيانات و ار ال زانة ا ميركية‬

‫‪086_AM.indd 93‬‬


‫ا تصاد‬

‫الم لة‬

‫نمو الدين ا ميركي‬ ‫من ي القيمة‬ ‫و صت من‬ ‫النا المحلي‬ ‫عتبر العوام‬ ‫الديمو را ية‬ ‫وار فا كالي‬ ‫الرعاية الصحية‬ ‫وعدم كفاية‬ ‫ا يرادات من‬ ‫العوام الرئيسية‬ ‫وراء نمو الدين‬ ‫ا ميركي‬

‫‪92‬‬

‫‪35%‬‬

‫‪34%‬‬ ‫‪33%‬‬ ‫‪34%‬‬

‫‪‘76‬‬

‫‪‘74‬‬

‫‪1972‬‬

‫‪‘78‬‬ ‫‪‘80‬‬

‫‪3.2‬‬

‫‪‘82‬‬

‫‪40%‬‬

‫‪32%‬‬

‫‪35%‬‬

‫‪3.0‬‬

‫‪2.9‬‬

‫‪3.4‬‬ ‫‪3.2‬‬

‫‪‘84‬‬

‫‪3.5‬‬

‫‪47%‬‬ ‫‪‘86‬‬

‫‪4.4‬‬

‫‪51%‬‬ ‫‪‘88‬‬

‫‪5.7‬‬

‫‪55%‬‬

‫‪6.5‬‬

‫‪‘90‬‬

‫‪7.2‬‬

‫‪63%‬‬

‫‪‘92‬‬

‫‪8.5‬‬

‫‪65%‬‬

‫‪‘94‬‬

‫‪9.3‬‬ ‫‪66%‬‬

‫‪‘96‬‬

‫‪62%‬‬

‫‪‘98‬‬

‫‪9.8‬‬ ‫‪10.0‬‬

‫ه‬

‫‪9.7‬‬ ‫‪‘00‬‬

‫‪56%‬‬

‫نمو الدين‬ ‫ا ميركي‬

‫‪10.2‬‬ ‫‪11.5‬‬

‫‪‘02‬‬

‫‪58%‬‬

‫(بتريليونات‬ ‫الدوالرات)‬

‫نسبة‬ ‫الدين‬ ‫ا ميركي‬ ‫من النا‬ ‫المحلي‬ ‫(نسبة م وية(‬

‫‪30.7‬‬ ‫‪12.4‬‬ ‫‪18.4‬‬

‫‪13.6‬‬

‫‪‘04‬‬

‫‪22.2 20.6‬‬

‫‪‘06‬‬

‫‪62%‬‬ ‫‪‘08‬‬

‫‪68%‬‬

‫‪‘10‬‬

‫‪91%‬‬

‫‪‘12‬‬ ‫‪‘14‬‬

‫‪100%‬‬

‫‪‘16‬‬ ‫‪‘18‬‬

‫‪106%‬‬ ‫المصدر‪ :‬مو‬

‫‪03/05/2023 10:11‬‬

‫‪25.3‬‬

‫‪61%‬‬

‫‪103%‬‬

‫يسكا دا ا التاب لو ار ال زانة ا ميركية‬

‫‪24.1‬‬

‫‪30.9‬‬

‫‪106%‬‬

‫‪‘20‬‬

‫‪128%‬‬

‫‪2022‬‬

‫‪124%‬‬

‫‪086_AM.indd 92‬‬


‫‪91‬‬

‫الم لة‬

‫ه يفقد الدوالر‬ ‫دور المرجعي‬ ‫يتمث ال طر الحقيقي ي‬ ‫استمرار ار فا مديونية‬ ‫الواليات المتحد و لفها عن‬ ‫السداد‪ ،‬ي ا تما أن يفقد‬ ‫الدوالر مستقبال دور العملة‬ ‫المرجعية عالميا عتبر الصين‬ ‫الدولة ا كثر أهلية‪ ،‬ي ن ر‬ ‫ال براء‪ ،‬لتحد الدور‬ ‫بع‬ ‫الرياد النقد واال تصاد‬ ‫للواليات المتحد ‪ ،‬علما أن‬ ‫الصين حت المركز الثاني‬ ‫من أكبر الدائنين الرئيسيين‬ ‫للواليات المتحد ‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ليس لديها مصلحة ي خسار‬ ‫يمة الدين ا ميركي‬ ‫ي اف الى ل ‪ ،‬أن الرياد‬ ‫النقدية لليوان الصيني مر بطة‬ ‫بشرو عد ‪ ،‬منها ن ا الصين‬ ‫ي سوي أ ونات وسندات‬ ‫خزانة صينية جا بة لالستثمار‬ ‫عالميا‪ ،‬وعدم أهليتها لذل‬ ‫ر عثر امامها‪ ،‬وهو‬ ‫يشك‬ ‫السبب نفس الذ كان وراء‬ ‫ي انطال ة اليورو‬ ‫االخفا‬ ‫كعملة دولية منا سة للدوالر‬ ‫ا ميركي ي الد والتسوية‬ ‫عالميا‬

‫براير ‪ /‬با ‪2013‬‬ ‫أ ر انون ال موا نة‪ ،‬ال‬ ‫أجور لعام ‪ ،2013‬و م‬ ‫علي العم بسق‬ ‫الدين للمر ا ولى‬ ‫تى ‪ 18‬مايو‪ /‬أيار ‪،2013‬‬ ‫دد عند مستو‬ ‫ي‬ ‫م مو الديون تى‬ ‫ل التاري‬

‫‪03/05/2023 10:11‬‬

‫ا رهابيون ا‬

‫ا تصاد‬

‫تصاديون‬

‫هنــاك مــن يلفــت إىل أن املعركــة السياســية‬ ‫الحالية بن املعسكرين الديموقراطي والجمهوري‬ ‫حـول رفــع ســقف الديــون الفيديراليــة لــن تمــر‬ ‫ـ‬ ‫بســام كمــا حصــل مــع ســابقاتها خــال الثاثــن‬ ‫ســنة املاضيــة‪ ،‬يف مقــدم ـهـؤالء اســتاذ االقتصــاد‬ ‫ـبـول كروغمــان الحائــز عــىل جا ـئـزة نوبــل لاقتصــاد‬ ‫لعــام ‪.2008‬‬ ‫فقد تخوف يف افتتاحية له يف “نيويورك تايمز”‬ ‫من مجموعات من أقى اليمن يطلق عليها اسم‬ ‫حـزب الجمهــوري‪،‬‬ ‫“كتلــة الحريــة” تســيطر عــىل ال ـ‬ ‫وكانــت وراء إيصــال مــكار إىل رئاســة مجلــس‬ ‫النواب بعدما أطلق لها وعودا بالتزام أهدافها يف‬ ‫تقليــص العديــد مــن النفقــات املاليــة‪ ،‬يف مقدمهــا‬ ‫نظام التأمن الصحي “أوباما كري”‪.‬‬ ‫وقد تخوف الروفسور كروغمان يف مقاله من‬ ‫أن تتعمد املجموعات الســابقة العرقلة “ملشــاهدة‬ ‫العالــم يحــرق يف ــل إدارة ديموقراطيــة”‪ .‬ودعــا‬ ‫ضـوع ملــن ســمّاهم بـ“اإلرهابيــن‬ ‫إىل عــدم الخ ـ‬ ‫االق ـت ـ ـصـ ــادين”‪ ،‬م ــن خ ـ ــال اع ـتـ ـم ــاد اج ـ ــراءات‬ ‫جـراء تقنــي‬ ‫اســتثنائية موقتــة لتجــاوز املــأزق‪ ،‬منهــا إ ـ‬ ‫تشريعي يقوم عىل استمالة عدد من الجمهورين‬ ‫العقاء لتمرير اتفاق رفع سقف الديون‪ ،‬أو سك‬ ‫استثنايئ لعملة باتينية من قبل الحكومة بقيمة‬ ‫إســمية تبلــغ تريليــون دوالر يشــريها االحتياطــي‬ ‫الفيديرايل من الخزانة‪ ،‬أو اعتماد حيل محاسبية‬ ‫يف العمليــات عــىل الســندات‪.‬‬ ‫يف املقابل يقدم املحلل االقتصادي لدى “موديز”‬ ‫مــارك زانــدي صــورة ســوداوية جــدا إذا لــم يتــم‬ ‫التوصل قبل بداية يونيو حزيران املقبل إىل اتفاق‬ ‫لرفع سقف الديون الفيديرالية‪ ،‬فاألمور يف نظره‬ ‫ستســري قدمــا اىل “أرمجــدون مــايل” (‪Financial‬‬ ‫‪ ،)Armageddon‬أي إىل نهايــة ماليــة للعالــم‪.‬‬

‫نو مبر ‪ /‬شرين الثاني ‪2015‬‬ ‫على بعد أسابي ليلة ق من اري‬ ‫أكس (‪ )X-Date‬وهو التاري الذ ال عود‬ ‫ي الحكومة الفيديرالية ادر على‬ ‫الو اء بالتزاما ها بالكام و ي الو‬ ‫المحدد‪ ،‬أ ر انون موا نة الحزبين لعام‬ ‫‪ ،2015‬والذ عل السق القانوني للدين‬ ‫‪ /‬ار ‪.2017‬‬ ‫تى ‪ 15‬مار‬

‫بالتــوازي مــع التحليــات الســابقة‪ ،‬يتحــدث‬ ‫آخرون عن “زلزال مايل” عنيف سيحصل يف مطلق‬ ‫األحــوال يف املســتقبل املنظــور وتصيــب ارتداداتــه‬ ‫العالم بأسره‪ ،‬وسيتأ من انهيار الرابط الصن‪-‬‬ ‫أ ـمـريكا (‪ ،)Chimerica‬وهــو تعبــري صاغــه املــؤر‬ ‫املايل نايل فرغيسن واالقتصادي موريتز شوالريك‬ ‫للداللة عىل العاقة الرابطية بن الصن التي تعتر‬ ‫أكر دائن للعالم‪ ،‬والواليات املتحدة األمريكية التي‬ ‫تصنف بأكر مدين فيه‪ .‬ذلك أن التشققات يف هذه‬ ‫العاقة ستتعمق يف حال التوقف عن سداد الديون‬ ‫األمريكيــة وســتدفع الصــن اىل تعزيــز موقعهــا يف‬ ‫مجموعة الـ“بريكس” (‪ )BRICS‬التي تضم إليها‪،‬‬ ‫روسيا والرازيل والهند وجنوب أفريقيا‪ ،‬بعد الغزو‬ ‫الرو ألوكرانيا والتهديد األمري يف شأن تايوان‬ ‫وتزويد روسيا باألسلحة‪.‬‬ ‫يقـ ّر البيــان التأســييس لهــذه املجموعــة عانيــة‬ ‫بالسعي إىل نظام عاملي ثنايئ القطب‪ ،‬وهي تجتهد‬ ‫للتوســع وضــم تجمعــات أخــرى اليهــا مثــل اتحــاد‬ ‫دول أ ـمـريكا الجنوبيــة (‪ ،)UNASUR‬ومبــادرة‬ ‫خليــج البنغــال للتعــاون التقنــي واالقتصــادي‬ ‫متعــدد القطا عــات (‪ )BIMSTEC‬ا لــذي يضــم‬ ‫دول خليــج البنغــال‪ .‬كمــا أنشــأت هــذه املجموعــة‬ ‫صنــدوق احتيــاط نقــدي لحمايــة عمــات أعضائهــا‬ ‫ضــد ضغــوط الســيولة العامليــة‪.‬‬ ‫وأطلقت املجموعة أخريا مشاورات إلنشاء نظام‬ ‫خــاص بهــا للتحويــات وأوامــر الدفــع ليكــون بديــا‬ ‫مــن نظــام الـ“ســويفت” (‪ ،)SWIFT‬مــا يؤشــر اىل‬ ‫صـول ز ـلـزال صن‪-‬أ ـمـريكا (‪)Chimerica‬‬ ‫ـقـرب ح ـ‬ ‫الكبري الذي لن تكون ارتداداته محصورة بانهيارات‬ ‫يف أســواق الســندات واألســهم والصــرف وخطــوط‬ ‫امدادات املنتجات والغذاء والنفط والغاز وغريها‪،‬‬ ‫بل توجد احتماالت كبرية جدا أن تتعداها اىل حرب‬ ‫“أرمجدون” حقيقي ال مايل فقط‪.‬‬

‫أ سطس ‪ /‬ب ‪2021‬‬ ‫ي ا و من أ سطس ‪/‬‬ ‫ب ‪ ،2021‬أ ار طور جائحة‬ ‫كو يد ‪ 19‬واالر فا ير‬ ‫المتو لتكالي ا ا ة‬ ‫الحكومية‪ ،‬وانعا‬ ‫اال تصاد ي مر لة ال قة‪،‬‬ ‫كوكا ي القدر على‬ ‫حديد اري أكس‬

‫يناير ‪ /‬كانون الثاني ‪2023‬‬ ‫ي ‪ 19‬يناير ‪ /‬كانون الثاني الما ي‬ ‫بلغ و ار ال زانة سق الدين البال‬ ‫‪ 31,4‬ريليون دوالر وا ذت دابير‬ ‫واجراءات استثنائية ونقدية سم‬ ‫لها بتموي التزامات الحكومة بالكام‬ ‫خال الصي أو تى أوائ خري‬ ‫السنة ال ارية‬

‫‪086_AM.indd 91‬‬


‫ا تصاد‬

‫الم لة‬

‫إىل خفــض التصنيــف االئتمــاين للبــاد مــن ‪AAA‬‬ ‫غـر وافــق يف‬ ‫إىل ‪ ،AA‬عــىل الرغــم مــن أن الكون ـ‬ ‫نهايــة املطــاف عــىل رفــع ســقف الديــن ولــم يحصــل‬ ‫تخلــف عــن الســداد‪.‬‬

‫من يحم السندات ا ميركية‬

‫خارجيــا‪ ،‬يهــدد ا ســتنفاد قــدرة الحكو مــة عــىل‬ ‫اال ـقـراض‪ ،‬بفقــدان الثقــة يف الصدقيــة املاليــة‬ ‫للوال يــات املتحــدة عامليــا‪ .‬كمــا يلقــي بالتمو يــل‬ ‫واملج ـهـول‪،‬‬ ‫واالقتصــاد العامليــن يف الفــو‬ ‫ظـرا للــدور الــذي يضطلــع بــه الــدوالر األ ـمـري‬ ‫ن ـ‬ ‫كعملــة احتيــاط عامليــة يف النظــام النقــدي واملــايل‬ ‫الــدويل‪ ،‬وأيضــا لــدور ســندات الخزانــة األمريكيــة‬ ‫صـول ويف نظــام تحويــل الســيولة‬ ‫يف تســعري األ ـ‬ ‫بالــدوالر‪ .‬فالجهــات التــي تحــوز تلــك الســندات‪،‬‬ ‫ســتكون أول املتأثريــن بشــكل مباشــر‪ ،‬إمــا بالتأخــر‬ ‫يف دفع املستحقات أو بالتخلف عن دفعها‪ ،‬وهي‬ ‫تتــوزع بــن مجموعتــن األوىل داخليــة‪ ،‬وتتكــون‬ ‫طـاع الخــاص بــن‬ ‫أساســا مــن مســتثمرين مــن الق ـ‬ ‫صناديق تقاعد خاصة وشركات تأمن ومستثمري‬ ‫تجزئة‪ ،‬وتحوز ‪ 31‬يف املئة من السندات اإلجمالية‪،‬‬ ‫تليها صناديق التقاعد العامة بنسبة ‪ 22‬يف املئة‪،‬‬ ‫فاالحتياطي الفيديرايل‪ ،‬وأخريا البنوك األمريكية‪.‬‬ ‫والثانيــة خارجيــة‪ ،‬وتحــوز ثــاين أكــر نســبة مــن‬ ‫الســندات اإلجماليــة عنــد ‪ 25‬يف املئــة وتعــود إىل‬ ‫طـاع الخــاص‬ ‫دول أجنبيــة ومســتثمرين مــن الق ـ‬ ‫مــن هــذه الــدول‪.‬‬ ‫شــهدت بنيــة حيــازة الــدول األجنبيــة لســندات‬ ‫الخزانة األمريكية تحوالت مهمة يف العقد األخري‪.‬‬ ‫فقد تخلت روسيا يف عام ‪ 2018‬عن جميع ما تحوزه‬ ‫من هذه السندات ومقداره نحو ‪ 100‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫مــن جهتهــا‪ ،‬خفضــت الصــن بشــكل هــاد ومنــذ‬ ‫عــام ‪ 2011‬حيازتهــا لديــون الحكومــة األمريكيــة إىل‬

‫أكتوبر ‪ /‬شرين ا و ‪1986‬‬ ‫صر صانعو السياسة‬ ‫رسميا لو ير ال زانة‬ ‫باست دام جراءات‬ ‫استثنائية لمن الحكومة‬ ‫الفيديرالية من او سق‬ ‫الدين‬

‫‪03/05/2023 10:11‬‬

‫أقل من تريليون دوالر ألسباب متنوعة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫وضع اليابان يف صدارة الئحة أكر دائني الواليات‬ ‫املتحــدة بمبلــغ يناهــز ‪ 1,13‬تريليــون دوالر‪ ،‬تليهــا‬ ‫اململكة املتحدة وبلجيكا ولوكسمبور ‪.‬‬ ‫عربيا‪ ،‬تتصدر اململكة العربية السعودية املرتبة‬ ‫األوىل يف حيازات ديون الخزانة األمريكية بمبلغ‬ ‫يــوازي ‪ 121,1‬مليــار دوالر وهــي األعــىل خليجيــا‪،‬‬ ‫تليهــا اإل مــارات العربيــة املتحــدة‪ ،‬فالكو يــت‪،‬‬ ‫فســلطنة عمــان‪ ،‬فقطــر‪ ،‬فالبحريــن‪ .‬ومــن خــارج‬ ‫مجلــس التعــاون لــدول الخليــج العربيــة يــأيت‬ ‫عـراق يف مقدمــة الــدول العربيــة يف التو يــف‬ ‫ال ـ‬ ‫يف ســندات الخزانــة االمريكيــة بمبلــغ يناهــز الـ ‪40‬‬ ‫مليــار دوالر‪.‬‬

‫اال ترا‬

‫لى ما ال نهاية‬

‫الســؤال الــذي يطــرح باســتمرار‪ ،‬هــل يمكــن‬ ‫للواليــات املتحــدة أن تذهــب باال ـقـراض ومراكمــة‬

‫أ سطس ‪ /‬ب‬ ‫‪1997‬‬ ‫كومي‬ ‫بعد ال‬ ‫وي ا مد‪ ،‬م ر‬ ‫سق الدين لى نحو‬ ‫‪ 6‬ريليونات دوالر‬ ‫ك زء من مشرو‬ ‫انون الموا نة‬ ‫المتوا نة لعام ‪1997‬‬

‫يونيو ‪ /‬زيران ‪2002‬‬ ‫العم بالموا نات‬ ‫و‬ ‫المتوا نة م عود‬ ‫صانعي السياسة لى‬ ‫ا نفا بالع ز ر‬ ‫سق الدين لى ‪6,4‬‬ ‫ريليونات دوالر‪ ،‬وهي أو‬ ‫ياد منذ عام ‪1997‬‬

‫‪90‬‬

‫الديــون إىل مــا ال نهايــة الجــواب هــو أن ســندات‬ ‫الخزانــة األمريكيــة تعتــر راهنــا ومبدئيــا واحــدة مــن‬ ‫أكرث االستثمارات أمانا يف العالم وليس هناك من‬ ‫خطــر لانهيــار يف املســتقبل املنظــور‪.‬‬ ‫سـرت الوال يــات املتحــدة يو مــا‬ ‫حتـ لــو خ ـ‬ ‫التسهيات الكبرية املتأتية من امليزة التي تتمتع‬ ‫بها يف االقراض‪ ،‬فسيظل لديها إمكان تفعيل‬ ‫رافعات مالية أخرى‪ ،‬مثل تسييل استثمارات‬ ‫عامة وزيادة عائدات الضرائب التي تبلغ اليوم‬ ‫‪ 20‬يف املئــة مــن ناتجهــا املحــيل اإلجمــايل وهــي‬ ‫نســبة متدنيــة قياســا لبعــض الــدول األوروبيــة‬ ‫(تبلــغ هــذه النســبة مثــا يف بلجيــكا ‪ 42,92‬يف‬ ‫املئــة)‪ .‬يمكــن لاحتياطــي الفيد ـيـرايل أيضــا‪ ،‬يف‬ ‫األوقــات املصرييــة‪ ،‬تجــاوز املح ّرمــات وتشــغيل‬ ‫ماكينة طباعة الدوالر لتمويل مدفوعات الديون‬ ‫العامة‪ ،‬علما أنه يحتل املرتبة الثانية من ضمن‬ ‫كبــار الدائنــن للخزانــة‪.‬‬ ‫يتمثــل اإلشــكال الحقيقــي يف أن يفقــد الــدوالر‬ ‫مســتقبا دور العملــة املرجعيــة عامليــا‪ ،‬والدولــة‬ ‫األكــرث أهليــة يف الوقــت الراهــن يف نظــر البعــض‬ ‫ألن تتحــدى الوضــع الريــادي النقــدي واالقتصــادي‬ ‫للواليات املتحدة هي الصن‪ .‬مع ذلك ف نها تحتل‬ ‫املركز الثاين ضمن أكر الدائنن الرئيسين للواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وبالتايل ليس لديها مصلحة حقيقية يف‬ ‫خســارة قيمــة الديــن األ ـمـري ‪.‬‬ ‫يضــاف إىل ذلــك‪ ،‬أن الريــادة النقديــة لليــوان‬ ‫الصينــي يرتبــط بأمــور عــدة‪ ،‬منهــا نجــاح الصــن يف‬ ‫تســويق أذونــات وســندات خزانــة صينيــة جاذبــة‬ ‫لا ســتثمار عامليــا‪ ،‬و عــدم أهليتهــا لذ لــك يشــكل‬ ‫حجــر ـعـرثة امــام الريــادة‪ ،‬وهــو الســبب األســا‬ ‫نفســه الــذي كان وراء االخفــاق يف انطاقــة اليــورو‬ ‫كعملــة دوليــة منافســة للــدوالر األ ـمـري يف الدفــع‬ ‫والتســوية عامليــا‪.‬‬

‫أ سطس ‪ /‬ب ‪2011‬‬ ‫ورئيس الواليات المتحد‬ ‫سن الكونغر‬ ‫انون مرا بة الموا نة لعام ‪ ،2011‬الذ سم‬ ‫بر سق الدين لى ‪ 16,4‬ريليون دوالر على‬ ‫التصني‬ ‫مر لتين أد هذا ا جراء لى خف‬ ‫االئتماني للواليات المتحد من ب ستاندرد‬ ‫ند بور من ‪ AAA‬لى ‪AA‬‬

‫‪086_AM.indd 90‬‬


‫‪89‬‬

‫الم لة‬

‫سق‬ ‫(‬

‫الدين ا ميركي‬ ‫)‬

‫‪31.40‬‬

‫يناير‪/‬كانون الثاني‬

‫‪31.40‬‬

‫ديسمبر‪/‬كانون ا و‬

‫)بتريليونات الدوالرت(‬

‫‪4.37‬‬

‫أبري ‪/‬نيسان‬

‫‪4.90‬‬

‫مار‬

‫‪5.50‬‬

‫ا تصاد‬

‫‪4.15‬‬

‫أبري ‪/‬نيسان‬

‫‪28.90‬‬

‫أكتوبر‪ /‬شرين ا و‬

‫أ سطس‪ /‬ب‬

‫‪ /‬ار‬

‫‪28.40‬‬

‫‪5.95‬‬

‫أ سطس‪ /‬ب‬

‫أ سطس‪ /‬ب‬

‫‪6.40‬‬

‫يونيو‪ /‬زيران‬

‫‪1993‬‬

‫‪‘97‬‬

‫مايو‪/‬أيار‬

‫‪8.18‬‬

‫‪‘04‬‬

‫نو مبر‬ ‫‪ /‬شرين الثاني‬

‫‪‘06‬‬

‫‪‘18‬‬

‫ر سق الدين‬ ‫مر خال ‪ 30‬عاما‬

‫‪20.50‬‬

‫‪‘17‬‬

‫سبتمبر‪/‬أيلو‬

‫‪‘15‬‬

‫‪‘07‬‬

‫‪8.97‬‬

‫براير‪ /‬با‬

‫‪‘19‬‬

‫‪‘02‬‬ ‫‪‘03‬‬

‫‪22.00‬‬

‫‪‘21‬‬

‫‪‘96‬‬

‫‪7.38‬‬

‫مار‬

‫‪‘23‬‬

‫‪‘14‬‬

‫‪ /‬ار‬ ‫‪‘08‬‬

‫‪19.80‬‬

‫‪‘13‬‬

‫‪9.82‬‬

‫‪‘09‬‬

‫سبتمبر‪/‬أيلو‬

‫‪‘10‬‬

‫نو مبر‪ /‬شرين الثاني‬

‫‪‘11‬‬

‫‪18.10‬‬

‫‪10.60‬‬

‫براير‪ /‬با‬

‫يوليو‪ /‬مو‬

‫‪17.20‬‬

‫‪11.30‬‬

‫أكتوبر‪ /‬شرين ا و‬

‫أكتوبر‪ /‬شرين ا و‬

‫‪12.10‬‬

‫براير‪ /‬با‬

‫‪12.40‬‬

‫ديسمبر‪/‬كانون ا و‬

‫أبري ‪ /‬نيسان ‪1979‬‬ ‫ر الكونغر‬ ‫سق الدين لت نيب‬ ‫الحكومة الفيديرالية‬ ‫الت ل عن السداد‬ ‫للمر ا ولى ي اري‬ ‫الواليات المتحد‬ ‫الحدي‬

‫‪03/05/2023 10:11‬‬

‫سبتمبر ‪ /‬أيلو ‪1979‬‬ ‫م بني اعد جيفارت‬ ‫)‪ )Gephardt‬من ب م لس‬ ‫النواب ا ميركي التي سم‬ ‫بر سق الدين لقائيا من‬ ‫دون الحاجة لى صوي عن‬ ‫ري مرير الموا نة‬

‫‪14.30‬‬

‫براير‪ /‬با‬

‫‪14.70‬‬

‫‪16.70‬‬

‫أ سطس‪ /‬ب‬

‫سبتمبر ‪ /‬أيلو ‪1982‬‬ ‫م سن انون رسمي‬ ‫لتحديد سق الدين‬ ‫الفيديرالي‬

‫براير‪ /‬با‬

‫المصدر‪ :‬مو‬

‫يو أ‬

‫ي‬

‫اكتس الحكومي‬

‫سبتمبر ‪ /‬أيلو ‪1985‬‬ ‫دخ مو و سق الدين‬ ‫سياسي و كيفية‬ ‫يم‬ ‫معال ة ا مر‪ ،‬ا ذت و ار‬ ‫ال زانة للمر ا ولى ما يسمى‬ ‫ب ا جراءات االستثنائية ‪،‬‬ ‫وهي مناورات محاسبية سم‬ ‫للحكومة بمواصلة الو اء‬ ‫بالتزاما ها الفيديرالية‬

‫‪086_AM.indd 89‬‬


‫ا تصاد‬

‫الم لة‬

‫دولة أخرى هي الدنمارك منذ عام ‪ 1993‬كمطلب‬ ‫دســتوري‪ ،‬فيمــا حــدد االتحــاد األوروبــي الســقف‬ ‫ضـاء عنــد ‪ 60‬يف‬ ‫األقــى للديــن لــدى الــدول األع ـ‬ ‫املئــة مــن الناتــج املحــيل اإلجمــايل وفقــا ملعاهــدة‬ ‫“ماسريخت”‪ ،‬بموجب “ميثاق االستقرار والنمو”‪.‬‬ ‫إن وضــع ســقف للديــون الفيديراليــة أمــر يريــح‬ ‫الخزانــة األمريكيــة‪ ،‬إذ يســمح لهــا ب صــدار ســندات‬ ‫الدين بسهولة وتحت السيطرة من دون أن تضطر‬ ‫للحصول عىل موافقة الكونغر يف كل مرة تكون‬ ‫هناك حاجة لاستدانة‪ .‬يف املقابل‪ ،‬هناك تسا ل‬ ‫عــن جــدوى هــذا الســقف‪ ،‬وانتقــاد لــه‪ ،‬بســبب‬ ‫طـرار إىل تعديلــه وزيادتــه باســتمرار‪.‬‬ ‫االض ـ‬ ‫صـول إىل الســقف املحــدد للديــون‬ ‫يف حــال الو ـ‬ ‫الفيديرالية وعدم دفع مستحقات عامة‪ ،‬ستكون‬ ‫الواليات املتحدة يف حال تخلف عن السداد‪ ،‬ويكمن‬ ‫جـراءات االســتثنائية‬ ‫الحــل الفــوري يف عــدد مــن اال ـ‬ ‫مــن أهمهــا االغــاق وخفــض مســتوى النفقــات‬ ‫والخدمــات العامــة‪ ،‬كمــا حصــل عنــد تســريح ‪800‬‬ ‫ألــف مو ــف حكومــي ملــدة خمســة أيــام إثــر رفــض‬ ‫موازنــة الرئيــس بيــل كلينتــون عــام ‪ ،1995‬وآخرهــا‬ ‫االغــاق الكبــري مــا بــن ‪ 22‬ديســمر كانــون األول‬ ‫‪ 2018‬و‪ 25‬يناير كانون الثاين ‪ 2019‬بسبب معارضة‬ ‫النواب زيادة النفقات املقرحة من الرئيس ترامب‬ ‫وأهمهــا مشــروع ب ـنـاء جــدار بــن بــاده واملكســيك‪.‬‬

‫صرا الديو‬ ‫وال مهوريين‬

‫بين الديمو را يين‬

‫ضـوع زيــادة ســقف الديــون الفيديراليــة‬ ‫يتطلــب مو ـ‬ ‫اتفاقا بن البيت األبيض واملعارضة يتكر بموافقة‬ ‫غـر عليــه‪ .‬ويكــون غالبــا مدعــاة إلطــاق‬ ‫الكون ـ‬ ‫صـراع د ـيـوك بــن الديموقراطيــن والجمهوريــن‬ ‫ـ‬ ‫ملحاولــة تســجيل املكاســب السياســية مــن خــال‬ ‫املســاومة واالب ـتـزاز‪.‬‬

‫أبر محطات سق‬ ‫الدين ا ميركي‬

‫أبري ‪ /‬نيسان ‪1917‬‬ ‫ب الحرب العالمية ا ولى‪ ،‬ا‬ ‫على ر ابة صارمة على‬ ‫الكونغر‬ ‫الفيديرالي أعطى انون‬ ‫اال ترا‬ ‫سندات الحرية الثاني لعام ‪ 1917‬و ار‬ ‫ال زانة مرونة أكبر ي دار الش ون‬ ‫المالية و صدار ديون جديد من دون‬ ‫يود‬

‫‪03/05/2023 10:10‬‬

‫‪88‬‬

‫غال ا ما يكون مو و اد سق‬ ‫ال يون الفي يرالية م عا طال‬ ‫صرا ديو ب ال يموقراطي‬ ‫وال مهور ملحاولة تس ي‬ ‫مكاسب سياسية باملساومة واالبت ا‬ ‫فرئيــس مجلــس النــواب الحــايل‪ ،‬الجمهــوري‬ ‫كيفن ماكار ‪ ،‬ذكر يف حملته االنتخابية أنه سيقف‬ ‫حائا أمام منح شيك عىل بياض إلنفاق الحكومة‬ ‫“ألن النفقــات خارجــة عــن الســيطرة‪ ،‬وال يوجــد‬ ‫شـراف‪ ...‬نحــن يف حاجــة إىل تغيــري الطريقــة التــي‬ ‫إ ـ‬ ‫تنفق فيها األموال بتهور يف هذا البلد”‪ .‬واستخدم‬ ‫الحقا مثال بطاقة االئتمان للحديث عن املوضوع‪،‬‬ ‫إذ قــال “إذا أعطيــت إبنــك بطاقــة ائتمــان ووصــل‬ ‫إىل الحــد األقــى لعمليــات الســحب املصــرح بهــا‪،‬‬ ‫فهــل تزيــد قدرتــه عــىل اال ـقـراض أم تطلــب منــه‬ ‫خفــض االنفــاق ”‪.‬‬ ‫موقــف مــكار هــذا ّ‬ ‫علــق عليــه االقتصاديــان‬ ‫ليو نــارد بور مــان ووليــام ج‪ .‬غيــل‪ ،‬مــن معهــد‬ ‫“بروكينغــز” بال ـقـول إنــه تشــبيه خاطــئ‪ .‬إذ أن مــا‬ ‫يتــم الد ـفـاع عنــه يف الواقــع هــو عــدم دفــع ثمــن مــا‬ ‫شـرا ه باســتخدام بطاقــة االئتمــان بتصريــح مــن‬ ‫تــم ـ‬ ‫األهــل‪ .‬لــذا إذا قــورن األمــر بســقف الديــن‪ ،‬فـ ن‬ ‫رفض رفعه يماثل عدم دفع املصروفات التي تمت‬ ‫املوافقــة عليهــا بالفعــل‪ .‬اذ ال يمكــن التصويــت عــىل‬ ‫زيــادة العجــز ثــم رفــض تمويلــه‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬رفض الرئيس جو بايدن يف خطابه‬ ‫غـر “احتجــاز‬ ‫عــن حا لــة االتحــاد أ مــام الكون ـ‬ ‫االقتصــاد كرهينــة” وأضــاف “إن مبــدأ رفــع ســقف‬ ‫الديــون أمــر غــري قابــل للتفــاوض”‪ ،‬داعيــا مــكار‬

‫يوليو ‪ /‬مو ‪1939‬‬ ‫م حديد السق ا و‬ ‫للديون الفيديرالية عند ‪45‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬ومنح و ار‬ ‫ال زانة سلطة القرار‬ ‫بش ن أدوات اال ترا‬ ‫التي ي ب است دامها‬

‫عــر “تويــر” إىل االجت ـمـاع بــه يف البيــت األبيــض‬ ‫ضـوع‪.‬‬ ‫والتحــاور يف املو ـ‬

‫االستدانة عقيد نا‬

‫داخليــا‪ ،‬ســتكون عواقــب عــدم االتفــاق عــىل زيــادة‬ ‫كافيــة لســقف الديــون الفيديراليــة قبــل ‪ 5‬يونيــو‬ ‫حز ـيـران املقبــل وخيمــة بحســب دا ـئـرة املوازنــة يف‬ ‫الكونغر ‪ .‬حيث سيتعن عىل الحكومة يف الداخل‬ ‫التوقــف عــن “العيــش” عــىل االئتمــان الــذي يعتــر‬ ‫رك ـيـزة أساســية يف التعامــل املــايل‪ ،‬ولربمــا يتبــدل‬ ‫شعار العملة األمريكية من “نثق بالله” (‪In God‬‬ ‫‪ )We Trust‬إىل “االستدانة عقيدتنا” (‪In Debt‬‬ ‫‪. )We Trust‬‬ ‫سيف تقصري الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها‬ ‫القانونيــة تجــاه مواطنيهــا اىل نضــوب املــال لــدى‬ ‫املاين منهم‪ ،‬خصوصا كبار السن الذين سيعلق‬ ‫تزويدهــم بشــيكات التقاعــد الخاصــة بهــم‪ ،‬ولــن‬ ‫يكون يف اإلمكان دفع رواتب الجنود‪ ،‬كما سيؤول‬ ‫خـرات‪ ،‬وانخفــاض يف‬ ‫إىل فقــدان للو ائــف واملد ـ‬ ‫سعر صرف الدوالر ويف أسعار األسهم يف مرحلة‬ ‫الحقــة‪ ،‬يف مقابــل ارت ـفـاع ثمــن الذهــب‪ ،‬مــا يهــدد‬ ‫حـول األمــور يف النهايــة‪ ،‬بحســب تعبــري وز ـيـرة‬ ‫بت ـ‬ ‫الخزانــة‪ ،‬جانيــت يالــن‪ ،‬إىل أزمــة ماليــة وركــود‬ ‫يتســببان بضــرر عميــق يف االقتصــاد األ ـمـري مــن‬ ‫الصعــب إصاحــه بســهولة‪.‬‬ ‫كذلــك‪ ،‬ســينجم عــن تأخــر الحكومــة عــن دفــع‬ ‫مســتحقاتها‪ ،‬زيــادة تكلفــة ديونهــا حتـ عــىل املــدى‬ ‫القصــري مــا يزيــد إدارة الديــن الفيد ـيـرايل تعقيــدا‪.‬‬ ‫وستدفع األمور يف اتجاه خفض التصنيف االئتماين‬ ‫للبــاد‪ .‬وقــد حصــل هــذا األمــر عــام ‪ 2011‬يف ــل‬ ‫إدارة الرئيــس بــاراك أوبامــا بعدمــا وصــل الخــاف‬ ‫حـول ـقـرار رفــع ســقف‬ ‫الســيا اىل حافــة الهاويــة ـ‬ ‫الدين‪ ،‬ما دفع وكالة التصنيف “ستاندرد أند بورز”‬

‫يونيو ‪ /‬زيران ‪1946‬‬ ‫لى ر‬ ‫عمد الكونغر‬ ‫سق الدين سنويا وا‬ ‫تر الحرب العالمية الثانية‬ ‫لتغطية جمي اال ترا ات‬ ‫التي ر تها الحرب‪ ،‬ي‬ ‫بل رو عند ‪ 300‬مليار‬ ‫لى ‪ 275‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬لي ف‬ ‫دوالر ي نهاية الحرب‬

‫أ سطس ‪ /‬ب ‪1954‬‬ ‫على‬ ‫الكونغر‬ ‫وا‬ ‫ياد مو تة لسق‬ ‫الدين بهدف موي‬ ‫الحرب الكورية‬

‫‪086_AM.indd 88‬‬


‫‪87‬‬

‫الم لة‬

‫‪%121‬‬

‫نسبة الديون الفيديرالية‬ ‫ا ميركية من النا المحلي‬ ‫االجمالي للبالد‪ ،‬وهي نسبة‬ ‫مر فعة جدا مقارنة بدو أخر‬

‫‪03/05/2023 10:10‬‬

‫‪1,13‬‬

‫ريليون دوالر‬ ‫صة اليابان من الديون‬ ‫الفيديرالية‪ ،‬متصدر الئحة أكبر‬ ‫دائني الواليات المتحد‬

‫ا تصاد‬

‫‪%25‬‬

‫من سندات ال زانة ا ميركية‬ ‫ا جمالية عود لى دو أجنبية‬ ‫ومستثمرين من القطا‬ ‫ي هذ الدو‬ ‫ال ا‬

‫‪086_AM.indd 87‬‬


‫ا تصاد‬

‫‪86‬‬

‫الم لة‬

‫لزال ما‬ ‫ن ر م ا‬ ‫ع ية معر ة ر‬

‫سق‬

‫ال ين الفي يرا والتسا الت عن مستق‬

‫ال والر‬

‫ن ور‬ ‫ب وت تو ي‬ ‫رسو دي مورا‬ ‫ديانا استيفانيا روبيو‬ ‫غرا ي‬

‫يرقب العالم معركة رفع سقف الدين الفيديرايل‬ ‫األ ـمـري يف يونيو حز ـيـران املقبــل‪ ،‬وتاليــا مصــري‬ ‫مؤشرات االقتصاد األمري الذي يكافح التضخم‬ ‫برفع مستميت للفوائد‪ ،‬يف وقت تتعا م التسا الت‬ ‫عن مدى قدرة الدوالر عىل االستمرار كأقوى عملة‬ ‫مهيمنــة عــىل اقتصــادات العالــم منــذ عقــود‪ ،‬وتأثــري‬ ‫كل ذلك عىل االقتصاد العاملي وعماته ومصارفه‬ ‫وشركاته‪ .‬إىل مت يمكن للواليات املتحدة األمريكية‬ ‫أن ت ـقـرض وتراكــم الديــون وتطبــع الــدوالرات إىل‬ ‫مــا ال نهايــة‬ ‫بلغ حجم الديون الفيديرالية األمريكية ‪31,45‬‬ ‫تريليون دوالر يف ‪ 19‬يناير كانون الثاين املايض‪ ،‬وهو‬ ‫السقف األقى املحدد القراض الحكومة األمريكية‬ ‫بموجب القانون ‪ 117-73‬تاري ‪ 16‬ديسمر كانون‬ ‫األول ‪ ،2021‬مــا يمثــل دينــا يقــدر بـ ‪ 94‬ألــف دوالر‬ ‫عىل كل أمري وما نسبته ‪ 121‬يف املئة من الناتج‬

‫‪03/05/2023 10:10‬‬

‫املحيل االجمايل للباد‪.‬‬ ‫هذا األمر يضع الواليات املتحدة األمريكية أمام‬ ‫واحد من االحتماالت الثاثة ا تية‬ ‫إمــا خفــض اإلنفــاق و أو رفــع الضرائــب‪ ،‬وإمــا‬ ‫التخلــف عــن الســداد‪ ،‬وإمــا رفــع أو تعليــق ســقف‬ ‫الدين أو مراجعة كيفية تعريف السقف لاستمرار‬ ‫يف برامج إنفاق محددة‪ .‬علما أن خيار رفع سقف‬ ‫الدين العام حصل سابقا ‪ 78‬مرة منذ عام ‪،1960‬‬ ‫‪ 49‬مرة تحت قيادة الجمهورين و‪ 29‬مرة يف ل‬ ‫إدارة الديموقراطين‪.‬‬

‫انون سق‬

‫الديون الفيديرالية‬

‫تــم تحديــد ســقف الديــون الفيديراليــة لل ـمـرة األوىل‬ ‫بموجب قانون سندات الحرية الثاين لعام ‪،1917‬‬ ‫والواليات املتحدة األمريكية ليســت الوحيدة التي‬ ‫تضع سقفا إلنفاقها الحكومي‪ ،‬فهذا األمر تعتمده‬

‫‪086_AM.indd 86‬‬


‫‪85‬‬

‫الم لة‬

‫حـول كيفيــة تطويــر ذكاء اصطناعــي آمــن‪ ،‬ذلــك‬ ‫أحــد أي دليــل ـ‬ ‫“أننــا ال نعــرف حتـ ماهيــة الــذكاء االصطناعــي‪ ،‬فمــن الصعــب‬ ‫جــدا معرفــة كيــف يمكــن التحكــم بــه”‪.‬‬ ‫الافت أن ماسك شارك يف تأسيس شركة الذكاء االصطناعي‬ ‫شـركة األم لـ “تشــات جــي‪ .‬بــي‪ .‬يت”‬ ‫“أوبــن إيــه‪ .‬آي” عــام ‪ ،2015‬ال ـ‬ ‫خـريا)‪ ،‬لجعــل‬ ‫شـركة أ ـ‬ ‫(غــري الربحيــة يف البدايــة قبــل تحويلهــا إىل ـ‬ ‫العالم يف مأمن من “الذكاء االصطناعي الخبيث”‪ .‬وهو الذي دافع‬ ‫يف أكرث من مناسبة عن الشركة مطلقا صفة الديموقراطية عىل‬ ‫أهدافها مررا تطويرها لتطبيقات تعتمد عىل الذكاء االصطناعي‬ ‫ال تكــون يف طبيعتهــا ح ـكـرا عــىل أحــد مــن النــا ‪ ،‬حيــث تكمــن‬ ‫الخطــورة يف حصــر التقنيــة يف يــد فئــة قليلــة ممــن يســتغلون‬ ‫القــدرات الخارقــة للــذكاء االصطناعــي ألهــداف تدمرييــة‪ .‬إال أن‬ ‫شـركة‬ ‫األمــر اختلــف ا ن بعــد مغــادرة ماســك مجلــس إدارة ال ـ‬ ‫شـركة وتوجهاتهــا منــذ ذلــك الحــن‪ ،‬ال‬ ‫عــام ‪ 2018‬إذ بــدأ ينتقــد ال ـ‬ ‫ســيما عاقتهــا مــع “مايكروســوفت”‪.‬‬

‫ا لة ي مواجهة البشر‬

‫يف عالم‬ ‫“ال ن ”‬ ‫واملال ال مكان‬ ‫لحسابات مص‬ ‫ال ر ة‪ ،‬ولي‬ ‫عىل ج ول‬ ‫أعمال ال ر ات‬ ‫أن تح األخال‬ ‫مح األربا ‪،‬‬ ‫للح ول دون‬ ‫ت م الكو ب‬ ‫من أج الرب‬ ‫السر ‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:55‬‬

‫يشرح ماسك أن البشر سيكونون “محمل التشغيل (‪boot-load-‬‬ ‫‪ )er‬البيولوجــي للــذكاء الرقمــي الفائــق”‪ .‬محمــل التشــغيل هــو‬ ‫برنامج صغري يطلق نظام التفعيل عند تشغيل جهاز الكمبيوتر‬ ‫ألول ـمـرة‪“ .‬ال يمكــن للمــادة تنظيــم نفســها يف شــريحة‪ ،‬ولكــن‬ ‫يمكنها تنظيم نفسها يف كيان بيولوجي يزداد تعقيدا ويمكنه يف‬ ‫شـاء الشــريحة‪ ”.‬يف قولــه هــذا تحذيــر مــن تمــادي البشــر‬ ‫النهايــة إن ـ‬ ‫يف االســتغراق يف التطــور الســريع والهائــل الــذي يشــهده الــذكاء‬ ‫االصطناعــي دون التفكــر يف مــا يمكــن أن تــؤول إليــه قــدرات هــذه‬ ‫التكنولوجيــا الذاتيــة مــن ســلوكيات قــد تنعكــس ســلبا عــىل البشــر‬ ‫لنحصــد شــر مــا اقرفــت أيديهــم‪ .‬فالقضيــة بالنســبة إليــه تتجــاوز‬ ‫دوافع حفنة من املديرين التنفيذين يف “وادي السيليكون”‪ ،‬من‬ ‫بينهــم مديــرو “غوغــل”‪ ،‬أكانــوا يتمتعــون بأخاقيــات األعمــال أم‬ ‫ال‪ ،‬فا الت لن تعكس شخصية من يصنعونها‪ ،‬بل سيكون لها‬ ‫كيانها الذايت‪ ،‬وال يمكن توقع إىل جانب من ستكون ا لة‪ ،‬فه‬ ‫بــا ضوابــط قــد تقــف ذات يــوم يف مواجهــة البشــر‪.‬‬ ‫شـركتي “ألفابيــت”‬ ‫كان غيــاب اســمي الرئيســن التنفيذيــن ل ـ‬ ‫و”مايكروسوفت”‪ ،‬سندار بيتشاي وساتيا ناديا عن الئحة موقعي‬ ‫الرسالة املفتوحة جليا‪ ،‬فاملهلة املطروحة للهدوء والروي ليست‬ ‫يف صالحهما تجاريا للحاق بالسباق املحموم الذي فرضه “تشات‬ ‫شـركتن اللتــن‬ ‫جــي‪ .‬بــي‪ .‬يت‪ ”.‬واملعركــة “الوجوديــة” بــدأت بــن ال ـ‬ ‫لهمــا ـبـاع طويــل يف االســتثمار يف أنظمــة الــذكاء االصطناعــي‪ .‬أكــرث‬ ‫شـركتن‪ ،‬إضافــة إىل‬ ‫مــا يثــري القلــق التوجــه الســائد لــدى هاتــن ال ـ‬ ‫“ميتــا” و“أمــازون”‪ ،‬لتقليــص فريــق أخاقيــات األعمــال لديهــم‬ ‫املخصص لتقييم القضايا األخاقية حول نشر الذكاء االصطناعي‪،‬‬ ‫بحسب صحيفة الـ “فاينناشال تايمز”‪.‬‬ ‫حـرك‬ ‫ال ينبغــي أن يكــون الســباق للســيطرة عــىل الســوق امل ـ‬ ‫الوحيد لسرعة نشر التكنولوجيا األكرث تأثريا عىل البشرية‪ .‬فكما‬ ‫شـركات الــدواء إطــاق أي منتــج جديــد قبــل إخضاعــه‬ ‫ال يمكــن ل ـ‬ ‫الختبارات دقيقة تمتد إىل سنوات وتؤكد سامته للمستخدم‪،‬‬ ‫كذلــك قــد ال يكــون مناســبا إطــاق أنظمــة ذكاء اصطناعــي تتمتــع‬ ‫بقوة “ ‪ ”GPT-4‬وأكر منها‪ ،‬قبل تقييم قدرة مختلف الثقافات‬ ‫والشــعوب والــدول عــىل اســتيعابها بأمــان‪.‬‬ ‫ولربمــا ماســك عــىل حــق يف انتقاداتــه لصنــوه بيــل غايتــس‪ ،‬فقــد‬

‫كنولوجيا‬

‫اتهمه بـ “قصر النظر” يف فهمه لألمر‪ ،‬وذلك بعد مطالعة لغايتس‬ ‫يف آذار مار املايض تحت عنوان “ لقد بدأ عصر الذكاء االصطناعي”‬ ‫دافع فيها عن الذكاء االصطناعي معترا إياه مكما أو داعما لدور‬ ‫البشــر وليــس الغيــا لــه‪ ،‬ال ســيما يف رفــع انتاجيــة العمــل أو إيجــاد‬ ‫ح ـلـول لتعزيــز ـفـرص التعليــم وتلقــي الرعايــة الصحيــة ومكافحــة‬ ‫تغــري املنــا ‪ .‬وعــىل الرغــم مــن تطرقــه إىل أخطــار هــذه التكنولوجيــا‪،‬‬ ‫إال أنه دعا إىل املوازنة بن املخاوف يف شأن الجوانب السلبية للذكاء‬ ‫االصطناعــي‪ ،‬وهــي واقعيــة ومفهومــة‪ ،‬وبــن قدرتــه عــىل تحســن‬ ‫حياة البشر‪ .‬فكما يحتاج العالم إىل أملع العقول للركيز عىل أكر‬ ‫تحدياته‪ ،‬سيحتاج كذلك أفضل أنظمة الذكاء االصطناعي للركيز‬ ‫عــىل معالجــة هــذه التحديــات‪ ،‬كمــا قــال غايتــس يف مطالعتــه التــي‬ ‫نشرها عىل موقعه الخاص “غايتس نوتس”‪.‬‬

‫العالم ي لح ة محورية‬

‫أما الرأي املحايد األبرز فكان لعالم الكومبيوتر الريطاين جيفري‬ ‫هينتون الذي اشتهر بـ “عراب الذكاء االصطناعي”‪ .‬فهو يف حن أكد‬ ‫يف مقابلة مع “ ‪ .‬أن‪ .‬بي‪ ” .‬أن العالم يف “لحظة محورية”‪،‬‬ ‫مع التقدم السريع للذكاء االصطناعي العام (‪ )AGI‬حيث قلص‬ ‫توقعاتــه لغــزو هــذه التكنولوجيــا العالــم مــن ‪ 50‬عامــا‪ ،‬كمــا كان‬ ‫يعتقــد منــذ وقــت قريــب‪ ،‬إىل ‪ 20‬عامــا أو أقــل‪ ،‬دعــا إىل التفكــري‬ ‫مليا يف عواقبه ا ن والتي قد تشمل قضية محاولته القضاء عىل‬ ‫البشرية‪ .‬إال أنه اعتر هذه القضية شأنا ثانويا يف مقابل حقيقة‬ ‫شـركات الاهثــة وراء الســلطة الحتــكار‬ ‫ســعي الحكومــات وال ـ‬ ‫شـركات‪،‬‬ ‫تكنولوجيــا الــذكاء االصطناعــي وهــي‪ ،‬الحكومــات وال ـ‬ ‫لن تتوقف عن تطوير هذه التكنولوجيا قبل أن تتوقف نظرياتها‬ ‫عن ذلك‪ .‬يف النتيجة‪ ،‬يبدو أن ماسك خسر جولته األوىل‪ ،‬وقد‬ ‫سـراتيجية‬ ‫جـزء مــن “ا ـ‬ ‫شــكك البعــض يف دعوتــه تلــك ووصفهــا ب ـ‬ ‫مبيعــات أكــر”‪ ،‬فهــل يخســر معركتــه الثانيــة مــع تنامــي الوعــي‬ ‫واإلقبــال عــىل تطويــر الــذكاء االصطناعــي أكــرث فأكــرث وإدخالــه يف‬ ‫شـركات الناشــئة واحتــدام‬ ‫كل املياديــن واالســتخدامات وتكاثــر ال ـ‬ ‫املنافســة بــن املســتثمرين املتعطشــن لــكل مــا هــو جديــد وواعــد‬

‫ي البزنس ال سابات لمصير البشرية‬

‫خـرية آذانــا صاغيــة عــىل األرجــح‪ ،‬ولــن‬ ‫لــن تلقـ رســالة ماســك األ ـ‬ ‫يتجــاوز تأثريهــا بــدء نقــا جــدي لتحديــد املخاطــر املرتقبــة‪ ،‬ويف‬ ‫شـركات “الحوكمــة الرقميــة” يف ــل‬ ‫أفضــل األحــوال ال ـتـزام ال ـ‬ ‫العواقــب غــري املنظــورة‪.‬‬ ‫أول رد فعل جدي جاء من إيطاليا يف إقدامها عىل حظر “تشات‬ ‫جــي‪ .‬بــي‪ .‬يت” لغيــاب الدافــع القا ـنـوين لجمــع البيانــات الشــخصية‬ ‫وتخزينهــا بحجــة “تدريــب خوارزميــات تشــات جــي‪ .‬بــي‪ .‬يت”‪ ،‬بمــا‬ ‫يتنافـ مــع قانــون الخصوصيــة يف االتحــاد األوروبــي‪ ،‬ويتوقــع‬ ‫حـركا مماثــا لــدول أخــرى يف االتحــاد األوروبــي قريبــا‪.‬‬ ‫أن نشــهد ت ـ‬ ‫ليس ختاما‪ ،‬ال شك يف أن الدعوات و“الرسائل الوجدانية”‪،‬‬ ‫أو الرهــان عــىل الدافــع األخاقــي اإلنســاين وحــده‪ ،‬لــن يقــف حائــا‬ ‫دون م شركات “الذكاء االصطناعي” قدما يف تطوير أعمالها‬ ‫ونشــرها وابتــكار منتجــات تــدر األربــاح الطائلــة عليهــا‪ .‬يف عالــم‬ ‫“البزنس” واملال ال مكان لحسابات مصري البشرية‪ ،‬وليس عىل‬ ‫جدول أعمال الشركات أن تحل األخاق محل األرباح‪ ،‬وهي لم‬ ‫تبد يوما ليونة تذكر‪ ،‬إال فيما ندر‪ ،‬للحؤول دون تدمري الكوكب‬ ‫من أجل الربح الســريع ومهما كلف الثمن‪.‬‬

‫‪082_AM.indd 85‬‬


‫كنولوجيا‬

‫أكبر هديد وجود للبشرية‬

‫ليســت ا ـملـرة األوىل التــي يحــذر فيهــا ماســك مــن تداعيــات املـ‬ ‫العشوايئ أو غري املسؤول يف تطوير الذكاء االصطناعي‪ ،‬وال سيما‬ ‫يف شــق “التعلــم الــذايت ل لــة”‪ ،‬ففــي عــام ‪ 2014‬تحــدث يف معهــد‬ ‫“ماساشوستس” للتكنولوجيا عن إمكان تحول الـ“‪ ”AI‬إىل “أكر‬ ‫تهديد وجودي للبشرية”‪ ،‬وكرر موقفه يف قمة الحكومات يف دبي‬ ‫يف فراير شباط املايض‪ ،‬وسبق له أن قاد حملة يف عام ‪ 2017‬توجه‬ ‫بها إىل حكومات الدول‪ ،‬وأيده فيها ألف من العلماء الكبار‪ ،‬ممن‬ ‫يدركون إمكانات الذكاء االصطناعي من أمثال عالم الفيزياء ستيفن‬ ‫هوكينغــز‪ ،‬الرئيــس التنفيــذي لـ“ديــب ماينــد تيكنولوجيــز” ديميــس‬ ‫هاســابيس‪ ،‬ووزنيــاك‪ ،‬الذيــن وقعــوا رســالة يف تلــك الســنة أيضــا‪،‬‬ ‫تدعــو إىل حظــر تطويــر األســلحة القائمــة عــىل الــذكاء االصطناعــي‬ ‫خوفا من سباق تسلح بهذه التقنية املتطورة ونشرها واستخدامها‪،‬‬ ‫أو إطــاق مــا يســم “الروبوتــات القاتلــة”‪ ،‬كمــا ســبق وشــاهدنا يف‬ ‫العديــد مــن أفــام الخيــال العلمــي‪ ،‬أو “األســلحة الذاتيــة” التــي‬ ‫يمكن أن تشعل حربا عاملية ثالثة‪ ،‬من تلقاء نفسها‪.‬‬ ‫خـراء الــذكاء االصطناعــي مــن كنــدا‬ ‫وقــد انضــم املئــات مــن ـ‬ ‫سـراليا إىل الحملــة يف وقــت الحــق لألســباب عينهــا‪ .‬وال ـيـزال‬ ‫وأ ـ‬ ‫حـول وجــوب حظــر هــذا‬ ‫الجــدل قائمــا بــن الــدول حتـ يومنــا هــذا ـ‬ ‫ال ـنـوع مــن األســلحة أو الســماح بهــا وفــق قواعــد صارمــة تحكــم‬ ‫اســتخدامها‪ .‬علمــا أن عــددا مــن املقرحــات لتنظيــم تكنولوجيــا‬ ‫الـ“‪ ”AI‬تم طرحها يف ا ونة األخرية يف الواليات املتحدة واململكة‬ ‫املتحدة واالتحاد األوروبي‪ ،‬التي قدمت سابقا أطرا أولية لحوكمة‬ ‫حـركا أمميــا‬ ‫التكنولوجيــا إىل جانــب الصــن وســنغافورة‪ .‬اال أن ت ـ‬ ‫سـرعة تقــدم الــذكاء‬ ‫جماعيــا قــد ال يكــون مجديــا أو متســقا مــع ـ‬ ‫االصطناعــي وقــد يبــدو كمــن ي ـلـوح برايــة ح ـمـراء لصــارو انطلــق‪،‬‬ ‫مما يفرض عىل كل دولة القيام بدورها الرقابي خطوة بخطوة‪.‬‬ ‫تلتقــي املخــاوف املعلنــة يف الرســالتن عنــد الســيطرة الســلبية‬ ‫للذكاء االصطناعي خصوصا يف ل عدم االستعداد الكايف لألخطار‬ ‫املحتملــة وكيفيــة تجنبهــا‪ ،‬مــن األخطــار الســيرانية والســلوكيات‬ ‫املتح ـيـزة‪ ،‬إىل ســيطرة الخوارزميــات عــىل ع ـقـول البشــر وتلقينهــم‬ ‫سـاح بيولوجــي‪،‬‬ ‫طـرية مثــل كيفيــة صنــع ـ‬ ‫معلومــات خاطئــة أو خ ـ‬ ‫إضافة إىل سرقة نصوصهم وفنونهم وأشعارهم‪ ،‬وكذلك و ائفهم‬ ‫بمئــات املايــن ربمــا‪ ،‬واألســوأ مــن ذلــك‪ ،‬إىل تدمــري وجودهــم‪.‬‬ ‫هل هذه املخاوف مررة الجواب هو نعم‪ ،‬فاملصالح األمنية‬ ‫والجيوسراتيجية واالقتصادية تتقدم عىل أي اعتبار‪ ،‬والشاهد‬ ‫حـرب البــاردة بــن الواليــات‬ ‫عــىل ذلــك الغــزو الــرو ألوكرانيــا وال ـ‬ ‫املتحدة والصن‪ ،‬والتي قد تتحول إىل ساخنة وتنفجر يف أي وقت‪.‬‬ ‫ال يخف أن أبحاث الـ “‪ ”AI‬حققت تقدما مذها خال العقد‬ ‫املايض‪ ،‬بعد “شتاء الذكاء االصطناعي” يف أواخر الثمانينات الذي‬ ‫أفـ إىل فشــل تجــاري واســع‪ .‬وكان أُحــرز هــذا التقــدم خصوصــا‬ ‫يف مجال التعلم ا يل وتطوير آالت تحمل وعدا عظيما ويمكنها‬ ‫شـراف البشــر‬ ‫تنفيــذ عمليــات معقــدة ذات قيمــة عاليــة جــدا مــع إ ـ‬ ‫أو تدخلهم أو من دونه وهو األخطر‪ .‬ساهمت العاصفة العاملية‬ ‫التــي أثارهــا “تشــات جــي‪ .‬بــي‪ .‬يت‪ ”.‬يف األشــهر الخمســة املنصرمــة‬ ‫حـوالت‬ ‫يف تجديــد ســباق التســلح التكنولوجــي‪ ،‬وقــد تنتــج منــه ت ـ‬ ‫ســريعة للــذكاء االصطناعــي تتطلــب فهمــا عميقــا وقــدرة عــىل‬ ‫اإلحاطة بزمام األمور بسرعة تتخط سرعة الذكاء االصطناعي‬ ‫الفائقــة‪ ،‬وبعــدا أخاقيــا حيويــا‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:55‬‬

‫‪84‬‬

‫الم لة‬

‫“التطور الفا والك لل اء االصطناع و أمر يف ح م‬ ‫و ا نات ا ية‪ .‬ال أعتق أن ل أح أ دلي حول‬ ‫يفية تطو ر اء اصطناع من‪ ،‬ل أننا ال نعر حتى‬ ‫ما يته‪ ،‬من الصعب ج ا معر ة ي يمكن التحكم به”‪.‬‬ ‫ب‬

‫د بر م و‬

‫ر‬

‫وب‬

‫ي‬

‫أخطر من كار ة نووية‬

‫ال شــك أن ماســك ليــس وحيــدا يف استشــعاره األخطــار املحدقــة‪،‬‬ ‫بل هناك مواقف أكرث تطرفا تثري الهلع من التقدم غري املدرو‬ ‫للــذكاء االصطناعــي‪ ،‬وقــد يكــون املوقــف األعنــف لبيــل غايتــس‪،‬‬ ‫شـركة “مايكروســوفت” الــذي قــال قبــل ســنوات إن الــذكاء‬ ‫مالــك ـ‬ ‫االصطناعــي “يحتمــل أن يكــون أكــرث خطــورة مــن كارثــة نوويــة”‪.‬‬ ‫من املستغرب من صاحب قول كهذا باألمس‪ ،‬أال يكون يف صف‬ ‫ماســك اليــوم‪ ،‬ويبــدو وكأنــه عــىل املقلــب ا خــر مــن االصطفــاف‬ ‫الحاصــل مــا بــن الــروي أو املـ قدمــا‪.‬‬ ‫سبقه يف ذلك ه ي كيسنجر‪ ،‬الذي عقد اجتماعا سريا‪ ،‬كما‬ ‫ذكرت مجلة “فانيتي فري”‪ ،‬مع خراء الذكاء االصطناعي الكبار‬ ‫يف نادي “بروك” الخاص يف مانهاتن عام ‪ ،2016‬ملناقشة التغيري‬ ‫املفاج ء أو الصدع الذي يمكن أن تتسبب به الروبوتات الذكية‬ ‫يف التاريـ (‪ )rupture in history‬وخطــورة اكتشــافها مســار‬ ‫بناء الحضارات‪ .‬أما بير ثيل‪ ،‬أحد أبرز ممويل شركة “أوبن إيه‪.‬‬ ‫آي”‪ ،‬فكان رأيه أن التطور الفائق والكيل للذكاء االصطناعي هو‬ ‫أمــر “يف حجــم هبــوط كائنــات فضائيــة”‪ ،‬وأنــه ال يعتقــد أن لــدى‬

‫‪082_AM.indd 84‬‬


‫‪83‬‬

‫الم لة‬

‫لــم يكــد يمـ أســبوعان عــىل إطــاق “أوبــن إيــه‪ .‬آي” النســخة األكــرث تطــورا مــن‬ ‫“تشات جي‪ .‬بي‪ .‬يت‪ )GPT-4( ”.‬مع كل ما تحمله من ميزات أشد إثارة مقارنة‬ ‫بالنسخة السابقة‪ ،‬حت ووجهت برسالة أثارت صخبا ومخاوف تحت عنوان‬ ‫“وقــف موقــت لتجــارب الــذكاء االصطناعــي العماقــة”‪ .‬ففــي كتــاب مف ـتـوح دعــا‬ ‫أكــرث مــن ألــف وثاثمئــة شــخصية بــارزة يف عالــم التكنولوجيــا واألعمــال‪ ،‬اىل‬ ‫تجميــد تطويــر أقــوى أنظمــة روبوتــات “الــذكاء االصطناعــي” ملــدة ســتة أشــهر‬ ‫ظـرا اىل الخطــر الــذي تشــكله هــذه األنظمــة ذات الــذكاء التنافــيس‬ ‫عــىل األقــل‪ ،‬ن ـ‬ ‫البشــري عــىل املجتمعــات واإلنســانية‪.‬‬ ‫أهمية الرسالة أن من أبرز موقعيها إيلون ماسك‪ ،‬مالك “توير” والرئيس‬ ‫التنفيذي لـشركة “تسا”‪ ،‬ستيف وزنياك أحد مؤسيس “أبل”‪ ،‬ستيوارت راسل‪،‬‬ ‫أســتاذ علــوم الكمبيوتــر يف جامعــة كاليفورنيــا‪ ،‬ـبـريكيل‪ ،‬وماكــس تيغمــارك‪،‬‬ ‫أســتاذ الفيز ـيـاء يف معهــد ماساشوســتس للتكنولوجيــا‪ ،‬وإيفــان شــارب‪ ،‬أحــد‬ ‫مؤســيس “بينرســت” وكثريين غريهم‪.‬‬

‫كنولوجيا‬

‫تمن هؤالء استغال املهلة املقرحة لوضع مجموعة قواعد وبروتوكوالت‬ ‫طـاع‪.‬‬ ‫شـركة ألدوات الــذكاء االصطناعــي ا منــة بمــا يبــدد املخــاوف وينظــم الق ـ‬ ‫م ـ‬ ‫وطالبــوا الحكومــات بــأن تكــون ســدا منيعــا يف حــال عــدم االســتجابة‪ ،‬إذ “يجــب‬ ‫أن يكــون لدينــا بعــض اللوائــح والضوابــط الرقابيــة” بحســب ماســك الــذي كان‬ ‫محقــا يف قولــه “لدينــا هيئــات تنظيميــة تشــرف عــىل الســامة العامــة للســيارات‬ ‫والطا ـئـرات واألدويــة”‪ ،‬فمــا املانــع أن يطــال ذلــك الــذكاء االصطناعــي‪.‬‬ ‫عندما يقلق ماسك من الذكاء االصطناعي (‪ )AI‬فهو ال يتحدث عن طائرات‬ ‫الـ”درون” التي تستخدم لتأمن خدمات الريد السريع أو التصوير أو غريه‪ ،‬وال‬ ‫عن تطبيقات التواصل االجتماعي التي شكلت أول ربط بن “‪ ”AI‬واإلنسانية‪،‬‬ ‫يف وقت نخســر تواصلنا االجتماعي الحقيقي شــيئا فشــيئا‪ ،‬كما أنه ال يتحدث‬ ‫عن الذكاء االصطناعي الذي يستخدم يف برامج عملية لتطوير آلياتها‪ .‬ما يحذر‬ ‫منه ماسك أبعد من ذلك بكثري‪ ،‬وهو عىل حق من حيث املبدأ‪ ،‬يف حال كانت‬ ‫نياته صافية وخلوا من أهداف تجارية مضمرة‪.‬‬

‫هستيريا‬ ‫الذكاء‬ ‫االصطناعي‬ ‫ما ب‬

‫تخو ات إيلون ماس واحتمال أن يكون “أ‬

‫خطور من ار ة نوو ة”‬

‫لن ن خال القصار‬ ‫رسو نا و راسك ا‬

‫‪02/05/2023 13:55‬‬

‫‪082_AM.indd 83‬‬


082_AM.indd 82

02/05/2023 13:55


080_AM.indd 81

28/04/2023 13:10


080_AM.indd 80

28/04/2023 13:10


‫‪79‬‬

‫يوميات‬

‫الم لة‬

‫‪2005‬‬

‫من نا ذ و المرب الليلي البيرو ي‬ ‫خطيبا ي شود‬ ‫سن نصر‬ ‫أ‬ ‫كرا سوريا‬ ‫اهر‬

‫صـوال إىل اإلفــا‬ ‫لاســتنزاف الســيا واالقتصــادي اللبنــاين‪ ،‬و ـ‬ ‫املايل اليوم‪ .‬ويف مرآة إعادة إعمار منطقتي مار مخايل والجميزة‬ ‫وتأهيلهمــا الســريع للحيــاة الليليــة يف بــريوت‪ ،‬بعــد انفجــار املرفــأ‬ ‫وتضررهمــا فيــه عــىل نحــو يفــوق بأشــواط تضــرر وســط بــريوت‪،‬‬ ‫يبدو ترك الوسط ملوته املأسوي عامة عىل ثأر حلف ميشال عون‬ ‫حـزب اللــه” مــن “الحريريــة” ومشــروعها اللبنــاين والعربــي يف‬ ‫و“ ـ‬ ‫لبنــان‪ .‬وهــو ثــأر لــم يكــن ثمنــه أقــل مــن ســقوط لبنــان يف “جهنــم”‬ ‫التــي بشــر بهــا عــون اللبنانيــن يف أث ـنـاء ثــورة ‪ 17‬أكتوبــر ‪،2019‬‬ ‫وبدايــات اإلفــا املــايل والســيا ‪.‬‬

‫صر المهانات المت دد‬

‫والخــاء املقفــر يف ســاحة الشــهداء يؤمــه يف الســاعة الثامنــة مــن‬ ‫صباح كل يوم حشد من طاب تأشريات السفر والهجرة‪ .‬يصطف‬ ‫الحشد أمام مبن األوبرا الرا الذي اتخذته شركة أمنية مجمعا‬ ‫ملكاتــب تحــت األرض‪ ،‬أوكلــت إليهــا ســفارات أوروبيــة عــدة تســلم‬ ‫طلبات التأشريات وتنظيمها‪.‬‬ ‫أما الحشود الهائلة التي تؤم قصر العدل يف منطقة املتحف‬ ‫الوطني‪ ،‬فتنتمي إىل فئات أهل املهانة الصامتة والك بة والضياع‬ ‫والصــر يف مــا يشــبه املعتقــات‪ .‬و ـهـؤالء مــن عامــة النــا وصغــار‬ ‫القضاة واملحامن ومو في القطاع الحكومي ومخل معامات‬ ‫شت ‪ .‬وهم يتكوّمون يف مكاتب مهرئة حول أكدا ضخمة من‬ ‫عـرثة واملهملــة‪ ،‬واألكــرث ا ـهـراء مــن املكاتــب‪.‬‬ ‫امللفــات واألوراق املب ـ‬ ‫وليس قصر العدل ومعاماته وحشوه إال نموذجا لدوائر اإلدارة‬ ‫الحكومية يف لبنان كله‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:52‬‬

‫بعد زياريت الثالثة قصر العدل لدفع غرامة ركن سياريت قرب‬ ‫ـيل إنجــاز املعاملــة رغــم ســاعات مــن‬ ‫رصيــف شــارع‪ ،‬اســتحال عـ ّ‬ ‫املذلــة واملهانــة‪ .‬أوكلــت إنجازهــا ألحــد املحامــن‪ .‬رويــت مشــاهدايت‬ ‫يف القصر وحشوده لصديق يف حال من استغراب ما رأيت وعدم‬ ‫تصديقــه‪ .‬كنــا نمـ كعادتنــا يف غــروب كل نهــار عــىل رصيــف‬ ‫شـاءات البنيــة التحتيــة لـ “حديقــة بــريوت البحريــة”‬ ‫فســيح مــن إن ـ‬ ‫التي توقف إنشا ها عىل طرف وسط بريوت البحري‪ ،‬غري بعيد‬ ‫مــن املرفــأ وركامــه وبقايــا صوامعــه الخرســانية املتصدّ عــة‪ .‬وأمــام‬ ‫أبصارنــا يف البعيــد‪ ،‬عــىل منحــدرات جبــل صنــن يف املـ الشــمايل‬ ‫وكســروان‪ ،‬كتــل مــن األبنيــة اإلســمنتية املشــيدة فوضويــا وعــىل‬ ‫عجــل‪ ،‬أث ـنـاء ه ّبــات ع ـمـران الحــروب والتهجــري إىل ديــار الص ـفـاء‬ ‫الطائفي‪ .‬وقال أحدنا ل خر إن لبنان كله أمعن أخريا يف تحوله‬ ‫معــازل بشــرية متباعــدة‪ ،‬بك ـمـاء صامتــة‪ ،‬ويســع ســكانها يف‬ ‫شـرنقون داخــل بيوتهــم‬ ‫النهــارات مكتئبــن شــاحبن‪ .‬ويف الليــل يت ـ‬ ‫يف تلــك الكتــل اإلســمنتية‪.‬‬ ‫وجوابا عىل وصفي املستغرب ما رأيت من ذل ومهانات يف‬ ‫قصر العدل‪ ،‬روى يل الصديق مشهدا من بريوت الستينات ال‬ ‫يقــل مهانــة ومذلــة‪ .‬وذلــك يوضــح يل أن اســتغرابي ليــس يف‬ ‫محله‪ .‬وإمعانا منه يف استعادة مشاهد الذل واملهانة‪ ،‬ذكرين‬ ‫بمشــهد رأينــاه معــا يف أمســية مــن العــام ‪ 2018‬بعــد إعــان فــوز‬ ‫حـزب اللــه” “املمانــع” يف االنتخابــات النيابيــة أرتــال‬ ‫معســكر “ ـ‬ ‫مــن فتيــان الدراجــات الناريــة يحتفلــون بــذاك الفــوز احتفــاال‬ ‫صاخبــا وعنيفــا‪ ،‬متقافزيــن عــن دراجاتهــم الناريــة‪ .‬بعضهــم‬ ‫ركــض نحــو تمثــال رفيــق الحريــري املنتصــب ـقـرب مــكان اغتيالــه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تسلق جمع منهم التمثال‪ ،‬وملا وصل أحدهم إىل أعاه امتط‬ ‫كتفيه مطلقا صرخات النصر‪ .‬استمر املشهد دقائق‪ ،‬فيما نحن‬ ‫صـراف‬ ‫نكتــم غيظنــا ومهانتنــا‪ ،‬جالســن يف الســيارة منتظريــن ان ـ‬ ‫حشــد الفتيــان الصاخــب‪ .‬ويف تلــك األمســية مشــينا عــىل رصيــف‬ ‫الكورنيــش دقائــق ك ـثـرية صامتــن‪ ،‬كأنمــا الكلمــات لــن ت ـقـول‬ ‫شــيئا وفقــدت أي معنـ ‪.‬‬

‫‪072_AM.indd 79‬‬


‫الم لة‬

‫يوميات‬

‫‪78‬‬

‫‪%19‬‬

‫دن نسبة المسيحيين ي لبنان‬ ‫بعدما كان أكثر من ‪ 30‬ي الم ة ي‬ ‫سعينات القرن الما ي‬

‫ما هاجرت إىل أمسردام التي تعمل فيها وتقيم‪ .‬ومؤديا العرض‬ ‫شــاب وشــابة لبنانيــان تلقيــا تدريبهمــا هنــاك‪ ،‬وبعــد تقديمهمــا‬ ‫عـرض يف أمســيتن‪ ،‬غــادرا مــع املدربــة بــريوت‪.‬‬ ‫ال ـ‬ ‫خـرين شــاب يقيــم يف ضاحيــة بــريوت الجنوبيــة أنــه أنهـ‬ ‫وأ ـ‬ ‫دراسة السينما يف معهد الفنون بالجامعة اللبنانية يف محلة فرن‬ ‫الشباك‪ ،‬وأن زماءه وزمياته العشرين الذين أنهوا مثله دراسة‬ ‫الســينما واملســرح يف املعهــد عينــه‪ ،‬لــم يبــق منهــم يف لبنــان ســوى‬ ‫هو واثنن يقيمان مثله يف الضاحية عينها‪ .‬أما ا خرون فهاجروا‬ ‫ملتابعة دراساتهم العليا يف أوروبا‪ ،‬أو للعمل يف الخليج‪ .‬وأخرين‬ ‫جـول والكتــوم أنــه يعيــش كغريــب يف بيئتــه‪ ،‬ومثلــه‬ ‫الشــاب الخ ـ‬ ‫شــقيقته التــي ســبقته يف التخــرج مــن معهــد الفنــون‪ .‬وغربتهمــا‬ ‫لم تسهل تواصلهما مع بيئة أخرى يف بريوت‪ ،‬يمكن أن ينضويا‬ ‫فيهــا لتنميــة خراتهمــا الفنيــة والعثــور عــىل عمــل‪.‬‬ ‫كان الشــاب محــد حا ـئـرا وحزينــا‪ ،‬وســألني مــاذا أنصحــه أن‬ ‫يفعــل‪ ،‬بعدمــا ذكــر أنــه ال يجيــد لغــة أجنبيــة‪ .‬تذ ـكـرت رغبتــي يف‬ ‫حـرت بمــاذا أجيبــه‪ ،‬قبــل اقراحــي عليــه أن يتعلــم‬ ‫املغــادرة‪ ،‬وا ـ‬ ‫لغــة أجنبيــة‪ .‬وكان مــدر يف الجامعــة األمريكيــة يف بــريوت‬ ‫أخرين أن أحاديث طابها وطالباتها الدائمة يف لقاءاتهم مدراها‬ ‫جـرة فــور إنهائهــم ــهن دراســاتهم الجامعيــة‪ .‬والشــابة‬ ‫الدائــم اله ـ‬ ‫صـرت طــوال عشــر ســنوات عــىل العمــل واإلقامــة‬ ‫الثاثينيــة التــي أ ـ‬ ‫يف بريوت بعد إنهائها دراستها يف الجامعة األمريكية‪ ،‬وتعميقها‬ ‫خـريا وقــررت الرحيــل إىل باريــس‬ ‫لســنتن يف لنــدن‪ ،‬استســلمت أ ـ‬ ‫والعمل واإلقامة هناك‪ ،‬قائلة لم يبق يف لبنان أحد من زمايئ‬ ‫وأصدقايئ يف السنوات املدرسية والجامعية من حيايت‪ .‬ولم تعد‬ ‫الحياة تطاق هنا يف بريوت التي أحبها‪ .‬أريد الحصول عىل جنسية‬ ‫أوروبيــة ألشــعر باألمــان‪ ،‬ثــم أعــود إىل بــريوت‪.‬‬ ‫جـرة أن نســبة املســيحين‬ ‫صـاءات جديــدة عــن اله ـ‬ ‫وحســب إح ـ‬ ‫مــن ســكان لبنــان ّ‬ ‫تدنــت إىل أقــل مــن ‪ 19‬يف املئــة‪ ،‬بعدمــا كانــت يف‬ ‫التســعينات أكــرث مــن ‪ 30‬يف املئــة‪ .‬وال يعنــي هــذا أن املســيحين‪،‬‬ ‫خصوصا األجيال الشابة‪ ،‬وحدهم من يهاجرون‪ .‬بل يعني أنهم‬

‫نمشي كال ال ا دين أصوا نا‬ ‫وكلما نا‪ ،‬أو نتكلم وال نسم أصوا نا‬ ‫وأ يانا أ عر أنني نائم‪ ،‬يما أنا‬ ‫مستيق وجالس و د هنا على‬ ‫الكنبة‪ ،‬رو أ حسس جسمي ووجهي‬

‫‪02/05/2023 13:52‬‬

‫أكرث إقباال عىل الهجرة من سواهم الذين يهاجرون بدورهم‪ .‬لكن‬ ‫قد يكون املسيحيون يف لبنان أشد من سواهم خوفا ديموغرافيا‬ ‫عىل تناقصهم وتاشيهم الديموغرايف‪.‬‬ ‫هل يمكن القول إن فئة من شبان لبنان تعيش بن خيارين‬ ‫الهجرة أو االنتحار‬

‫القفر و بر الحرير‬

‫يف مستهل قصيدة له وضع الشاعر اللبناين الراحل حسن عبدالله‬ ‫بيتا من الشعر العربي يُقال إنه يعود إىل العصر األموي‪ .‬يقول‬ ‫البيت “وقر حرب بمكان قفر وليس قرب قر حرب قرُ”‪ .‬املرور‬ ‫اليوم قرب ضريح رفيق الحريري ومرافقيه يف مقتلة ‪ 14‬فراير‬ ‫شباط ‪ ،2005‬يذ ّك ُر بهذا البيت الشعري القديم‪ .‬فمكان الضريح‬ ‫ناحية مقفرة من ساحة الشهداء يف وسط بريوت املقفر‪ ،‬بعدما‬ ‫سـوليدير” إعماره بعد الحرب‪،‬‬ ‫شـركة “ ـ‬ ‫أعاد مشــروع الحريري و ـ‬ ‫وصار عنوانا رئيسيا للحقبة السياسية الحريرية واستعادة لبنان‬ ‫وبريوت شيئا من دورهما العربي والدويل القديم‪.‬‬ ‫وسط بريوت الجديد مقفر‪ ،‬أقله منذ انفجار مرفئها‪ .‬وهو ل‬ ‫خـرية يف ذاك االنفجــار‪.‬‬ ‫يُحتضـ ُر ســنوات قبــل أن يلفـ أنفاســه األ ـ‬ ‫ساحة الشهداء مقفرة كذلك‪ .‬وهيهات أن يسمع أحد يف جنباتها‬ ‫أصداء صرخات من “ثورة األرز” يف ‪ 14‬مار آذار ‪ ،2005‬أو من‬ ‫ثورة ‪ 17‬فراير تشرين األول ‪ .2019‬والقفر الذي يسكن الساحة‬ ‫ووســط بــريوت كلــه ـيـرك الــه عــىل الثورتــن اللبنانيتــن ومبنـ‬ ‫املغرة‬ ‫صحيفة “النهار” الجديد‪ ،‬وصورة جران تويني العماقة ّ‬ ‫عىل واجهته الزجاجية املحطمة‪ ،‬وعىل تمثال سمري قصري تحت‬ ‫تلــك الشــجرة الدهريــة الضخمــة ـقـرب مبنـ الصحيفــة الصرحــي‬ ‫شــبه املهجــور‪ .‬وتوينــي وقصــري قتيــا ثــورة األرز التــي انطلقــت بعــد‬ ‫دفن الحريري يف ناحية من الساحة‪ .‬وشهدت تلك الثورة ذروتها‬ ‫حـزب اللــه” يف ‪ 8‬مــار‬ ‫يف ‪ 14‬مــار ‪ ،‬عقــب تظا ـهـرة جمهــور “ ـ‬ ‫لـ “شــكر ســوريا األســد” وترويــع مــن انتفضــوا واتهموهــا باغتيــال‬ ‫الحريــري‪ .‬ومــن نافــذة فــوق املربــع الليــيل البــريويت “بودابــار” يف‬ ‫ساحة رياض الصلح املقفرة بدورها اليوم‪ ،‬أطل حسن نصر الله‬ ‫خطيبا يف حشود تظاهرة “شكرا سوريا”‪ .‬وبعد حرب يوليو تموز‬ ‫‪ 2006‬خيّم جمهور ‪ 8‬آذار معسكرا يف ساحة رياض الصلح طوال‬ ‫ســنتن‪ ،‬أدتــا إىل تعطيــل الحيــاة ومعظــم النشــاطات يف وســط‬ ‫بــريوت الجديــد‪ ،‬وبدايــة احتضــاره‪ .‬ومحيــط مجلــس النــواب يف‬ ‫ســاحة النجمــة والشــوارع املتفرعــة منهــا ‪ -‬وهــي شــهدت النهضــة‬ ‫الرفيهيــة والســياحية الك ـبـرية ‪ -‬عســكرت فيهــا وأقفلتهــا كلهــا‬ ‫شـرطة مجلــس النــواب التابعــة لنبيــه بــري‪ ،‬وجعلتهــا أرض قفــر‬ ‫ـ‬ ‫وأشــباح‪ ،‬منــذ اغتيــال الحريــري وحتـ اليــوم‪.‬‬ ‫هــذا التأريـ املكثــف إلقفــار وســط بــريوت التــام بعــد انفجــار‬ ‫املرفــأ ‪ -‬ســوى يف جــزر هامشــية عــىل أطرافــه ‪ -‬يــكاد يكــون مــرآة‬

‫‪072_AM.indd 78‬‬


‫‪77‬‬

‫الم لة‬

‫ويعرفونهــا معرفــة تفصيليــة مزمنــة‪ ،‬فيتهيــأ يل ولهــم فجــأة أنهــا‬ ‫فقــدت معاملهــا ومامحهــا‪ .‬تراجعــت يف الزمــن‪ ،‬وصرنــا متقدمــن‬ ‫ســنن ك ـثـرية يف أعمارنــا يف غفلــة منــا‪ .‬وكالظــال نمـ فاقديــن‬ ‫أصواتنــا وكلماتنــا‪ ،‬أو نتكلــم وال نســمع أصواتنــا‪ .‬وأحيانــا أشــعر‬ ‫أننــي نائــم‪ ،‬فيمــا أنــا مســتيق وجالــس وحــدي هنــا عــىل الكنبــة‪،‬‬ ‫فــأروح أتحســس جســمي ووجهــي‪.‬‬ ‫ولشرح فكرته قال هذا الضياع الذي أسميه هذيانا أو عيشا‬ ‫يف املنامــات‪ ،‬يشــبه الفــو املاليــة وفــو األســعار التــي صــارت‬ ‫كلهــا بالــدوالر مــن دون أن يعلــم أحــد قيمتــه الحقيقيــة بالعملــة‬ ‫اللبنانيــة‪ .‬وهــذه لــم يعــد املصــرف املركــزي يطبــع منهــا ســوى أوراق‬ ‫املئة ألف لرية‪ ،‬ويرميها باألطنان يف األسواق النقدية‪ ،‬فيشريها‬ ‫النــا مــن الصرافــن يوميــا بدوالراتهــم املخ ّزنــة يف بيوتهــم‪ ،‬ثــم‬ ‫يبتاعون باللرية سلعهم وخدماتهم املسعّ رة كلها بالدوالر الطازج‬ ‫وصارت قيمة املئة ألف لرية تساوي تقريبا قيمة األلف لرية قبل‬ ‫ّ‬ ‫خـريا إىل‬ ‫وحلــق أ ـ‬ ‫اإلفــا ‪ ،‬حــن كان ســعر الــدوالر ‪ 1500‬ـلـرية‪،‬‬ ‫أكرث من نحو ‪ 100‬ألف لرية‪ .‬هذا فيما تتقاســم الســوق الســوداء‬ ‫واملصرف املركزي التاعب بسعر الدوالر الكثري األنواع واألسعار‬ ‫هنــاك دوالر الودائــع املصرفيــة مــا قبــل العــام ‪ ،2019‬واملحجــوزة‬ ‫ميتة تقريبا ويُســمح بســحب مبالغ زهيدة منها شــهريا‪ ،‬بعضها‬ ‫باللرية وبعضها بالدوالر الطازج‪ .‬وهناك رواتب املو فن الشهرية‬ ‫خـريا بــدوالر ســعره أدىن بكثــري‬ ‫بال ـلـرية‪ ،‬والتــي صــاروا يتقاضونهــا أ ـ‬ ‫من سعر الدوالر الطازج املتغري‪ .‬ودوالرات املو فن هذه يشرون‬ ‫شـراء احتياجاتهــم املســعرة بالــدوالر‬ ‫بهــا ـلـريات مــن الصرافــن ل ـ‬ ‫الطــازج الــذي تتغــري أســعاره صعــودا فلكيــا وهبوطــا ضئيــا يف‬

‫يوميات‬

‫عــىل الســلع املســتوردة‪،‬‬

‫خـريا الــدوالر الج ـمـر‬ ‫كل يــوم‪ .‬وهنــاك أ ـ‬ ‫والــذي تتغــري أســعاره كل مــدة‪.‬‬ ‫وختم الشاعر الصديق قائا لك أن تتخيل هذه املتاهة التي‬ ‫يعيش فيها النا الذين هيهات أن يعلموا قيمة العملة املحوّلة‬ ‫مرات من لرية إىل دوالر وبالعكس‪ ،‬يشروا حاجاتهم‪.‬‬

‫س‬

‫لالختفاءات‬

‫عىل جدران صالون بيت الصديق لوحات كثرية لفنانن تشكيلين‬ ‫محدثــن أعــرف كثرييــن منهــم‪ .‬لكــن تهيــأ يل أنهــم اختفــوا يف هــوة‬ ‫زمنية سحيقة‪ .‬حت أنني شعرت أن جلستنا وحديثنا يف الصالون‬ ‫يحدثــان يف تلــك الهــوة‪ .‬ربمــا بســبب ـقـول محــد إنــه نــادرا مــا‬ ‫يخــرج مــن بيتــه الــذي تخيلـ ُ‬ ‫ـت أن الزمــن واقــف أو متجمــد فيــه‪،‬‬ ‫كمــا يف بيتــي‪ .‬وهــذه حــال ـكـرثة مــن النــا يف عاقتهــم ببيوتهــم‬ ‫التــي تحولــت إىل معــازل‪ .‬وأنــا مــن زرت الصديــق بــا موعــد وبعــد‬ ‫انقطاع طويل عنه‪ ،‬زرته مصادفة عندما وجدتني قرب بيته‪ .‬حت‬ ‫إننــي ال أقــوى ا ن عــىل تذ ّكــر ملــاذا ومتـ مــررت يف ذلــك الشــارع‪.‬‬ ‫حــن خرجــت مــن بيتــه شــعرت بوحــدة موحشــة مضاعفــة‪،‬‬ ‫فتذكرت “السهرة األلبانية” ولم أعد أعرف إىل أين أذهب‪ .‬يئست‬ ‫عندمــا تخيلتنــي أصعــد درج البنايــة املعتــم إىل بيتــي يف طبقتهــا‬ ‫السادســة‪ .‬كانت وحشــتي أشــد شــحوبا من األضواء املنبعثة من‬ ‫تجهيزات الطاقة الشمسية املعلقة بأعمدة اإلنارة العامة‪ .‬تهيأ يل‬ ‫أن معظم البنايات أســفل منطقة األشــرفية البريوتية خالية من‬ ‫ســكانها‪ ،‬أو أنهم من املســنن‪ .‬وبعد أيام حضرت عرضا للرقص‬ ‫املعاصــر يف مســرح “مونــو” يف تلــك املنطقــة‪ .‬الشــارع الــذي يحمــل‬ ‫املسرح اسمه كان ومتفرعاته منطلق الحياة الليلية وصخبها يف‬ ‫بريوت التســعينات عقب توقف الحرب األهلية‪ ،‬وهجوم ســكان‬ ‫بــريوت عــىل الســهر بكثافــة لتعويــض مــا خســروه مــن أعمارهــم‬ ‫حـرب‪ .‬لكــن هــذه الشــوارع اليــوم مطفــأة ومق ـفـرة‬ ‫يف ـعـزالت ال ـ‬ ‫عـرض الراقــص تفــوق الخمســن‬ ‫تمامــا‪ .‬أعمــار حاضــري ات ال ـ‬ ‫جـاءت مــن بلــدة بعيــدة‬ ‫ســنة‪ .‬ا ـمـرأة أعرفهــا كانــت مــع ابنتيهــا‪ ،‬و ـ‬ ‫عـرض‪ .‬االبنتــان يف زيــارة خاطفــة لبــريوت وتعمــان بــن‬ ‫لحضــور ال ـ‬ ‫دبــي وأوروبــا‪ .‬التقيــت صديقــا آخــر يعمــل ويقيــم يف الكويــت‪ .‬قــال‬ ‫إنــه عابــر يف بــريوت لــ‪ 36‬ســاعة‪ ،‬ويغادرهــا إىل كاليفورنيــا لزيــارة‬ ‫جـرت املدينــة عقــب انفجــار مرفئهــا‪.‬‬ ‫سـرته التــي ه ـ‬ ‫أ ـ‬ ‫عابرون مسنون يشاهدون عرضا راقصا عابرا يف بريوت‪ .‬وأثناء‬ ‫عـرض الجميــل واألنيــق اشــتعلت رغبتــي يف مغــادرة‬ ‫حضــوري ال ـ‬ ‫عـرض مــن أصــل لبنــاين وتحمــل جنســية بلــد‬ ‫بــريوت‪ .‬مصممــة ال ـ‬ ‫أوروبــي تلقــت فيــه التدريــب عــىل الرقــص‪ .‬كانــت قــد عــادت إىل‬ ‫بريوت سنة ‪ ،2002‬وانشأت فيها مدرسة للرقص‪ .‬لكنها سرعان‬

‫ار ينا بما سمت جماعات منا وصاية‬ ‫خارجية علينا‪ ،‬وسمت أخر ا تالال ‪ ،‬تذرع‬ ‫ب جماعة أسس م تم رب دائمة سمت‬ ‫ي الشهداء و ساد‬ ‫مقاومة ‪ ،‬ويتسل‬ ‫على ا ياء‬ ‫الوجود و أ رف النا‬

‫‪02/05/2023 13:52‬‬

‫‪072_AM.indd 77‬‬


‫يوميات‬

‫‪76‬‬

‫الم لة‬

‫‪2008‬‬

‫االنحدار ما ب ا خير‪ ،‬عندما سيطر‬ ‫وما يسمى الممانعة بقو‬ ‫زب‬ ‫السال على مدينة بيروت‪ ،‬وكان رأ‬ ‫بيروت مسر ا أساسيا لتل السيطر‬

‫سـرطان‪ .‬تح ـتـاج إىل دواء باهـ الثمــن”‪.‬‬ ‫“مامــا مريضــة ـ‬ ‫تقــف الصبيــة وســط زحــام ســيارات خانــق‪ .‬ولفــو الزحــام‬ ‫شــوارعها الك ـثـرية يف بــريوت ســيارات هــادرة متح ـفـزة لانقضــاض‬ ‫عــىل أي مســاحة شــاغرة يف الشــارع‪ .‬أرتــال مــن دراجــات ناريــة‬ ‫جـرة بســائقيها بــن‬ ‫تنبثــق فجــأة يف أي مــكان ضيــق‪ ،‬طا ـئـرة مزم ـ‬ ‫ســيارات ومشــاة ال يبخلــون بشــتائمهم عــىل ســائقي الدراجــات‬ ‫الذيــن يمــدّ بعضهــم ألســنتهم جوابــا عــىل الشــاتمن املرتاعــن مــن‬ ‫أن تصدمهم الدراجات النارية املسرعة طائرة يف االتجاهات كلها‪.‬‬ ‫ويف هذه الشوارع يتهيأ لك أن املشاة وركاب السيارات وممتطي‬ ‫جـرة‪ ،‬هاربــون مــن ـهـول غامــض إىل مج ـهـول أشــد‬ ‫الدراجــات املزم ـ‬ ‫غموضا‪ .‬لكن الجميع يتنقلون بصر جمال عىل العطش‪ ،‬كأنما‬ ‫تلك اللحظات هي األخرية قبل الجنون أو الخاص من الجحيم‪.‬‬ ‫وللهدوء الشاحب يف بريوت شوارع تحاول مقاومة الشحوب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يقل فيها املشــاة وعبور الســيارات املصطفة بكثافة عىل جنباتها‪،‬‬ ‫وتلــك الك ـثـرية املركونــة تحــت األرض يف مرائــب البنايــات الفخمــة‪،‬‬ ‫بأعــداد تفــوق أعــداد ســكانها القليلــن‪ .‬و ـهـؤالء القلــة محصنــون‬ ‫يف بيوتهم املريحة عىل قناعة راسخة مزمنة بأن األماكن العامة‬ ‫يف الخــارج معاديــة ألســلوب حياتهــم الهادئــة املســتكينة‪ ،‬رغــم‬ ‫قلــق بعضهــم املكتــوم واملقيــم‪ .‬ربمــا يف انتظــار الرحيــل عــن البــاد‪.‬‬ ‫ويف مدينــة االختــاالت واملهانــات‪ ،‬الصــر والصمــت املزمنــن‬ ‫عليهــا‪ّ ،‬‬ ‫ينظــم ـهـؤالء حياتهــم يف كل بنايــة بوصفهــا كيانــا ســكنيا‬ ‫منعزال ومستقا‪ .‬وغالبا ما تكون رسائل هواتفهم املحمولة أداة‬ ‫تنظيمهــم األساســية‪ .‬وقــد ال يلتقــي ســكان هــذه البنايــات‪ ،‬ال يف‬ ‫مصاعدها وال يف مداخلها‪ ،‬إال مصادفة ونادرا‪ .‬وربما يتحاشون‬

‫‪02/05/2023 13:52‬‬

‫هذه اللقاءات‪ ،‬ال ل ء سوى انعدام حاجتهم إليها‪ .‬ففي املدينة‬ ‫التــي يقيمــون فيهــا ويعملــون‪ ،‬يتكبــد تصريــف شــؤون حياتهــم‬ ‫وخدماتهــم وحاجاتهــم اليوميــة جيــش مــن العمــال الصغــار‬ ‫الوســطاء مــن ناطــور البنايــة‪ ،‬إىل عاملــة التنظيفــات املنزليــة‪ ،‬إىل‬ ‫عمال الصيانة و“الدلفري” (التوصيل) من املطاعم واملخازن الكرى‬ ‫ومحــال الخضــار‪ ،‬إىل مخلـ املعامــات يف اإلدارات الحكوميــة‬ ‫الفوضويــة الخربــة منــذ دهــر يف لبنــان كلــه‪.‬‬ ‫والك بــة والشــحوب املخيمــان عــىل شــوارع وأح ـيـاء هــذه الفئــة‬ ‫من سكان البنايات الفخمة الحصينة‪ ،‬ال يحوالن دون خروجهم‬ ‫من معازلهم وارتيادهم مطاعم باهظة األسعار‪ ،‬وسهرهم فيها‬ ‫بانتظــام تقريبــا‪ .‬فهــم يتقاضــون مرتباتهــم ويحصلــون مداخيلهــم‬ ‫بالــدوالر الــذي أضفنــا إليــه صفــة “الطــازج” يف لبنــان املفلــس‪.‬‬ ‫إىل عشاء يف واحد من هذه املطاعم بمحلة مار مخايل للحياة‬ ‫الليليــة‪ ،‬دعانــا صديــق كويتــي ال ينقطــع عــن زيــارة بــريوت التــي‬ ‫يغلبــه حنينــه إىل حياتــه طالبــا يف جامعتهــا األمريكيــة يف بدايــات‬ ‫حروب لبنان األهلية‪ .‬كان املطعم خاليا تقريبا يف الثامنة مساء‪.‬‬ ‫وحدثنــا الصديــق عــن الغمــوض الــذي يكتنــف فهمــه طبيعــة حيــاة‬ ‫اللبنانيــن يف زمــن اإلفــا ‪ .‬وقــد زاد فهمــه وفهمنــا غموضــا يف‬ ‫شـرة‪ ،‬بعدمــا غـ ّ‬ ‫ـص املطعــم بالزبائــن مــن األعمــار‬ ‫الســاعة العا ـ‬ ‫كافــة‪ .‬ويف أمســية أخــرى‪ ،‬بعــد جولــة حزينــة موحشــة يف عتمــة‬ ‫رأ بــريوت وشــارع الح ـمـراء‪ ،‬ذهلـ ُ‬ ‫صـرت جمعــا غ ـفـريا‬ ‫ـت ملــا أب ـ‬ ‫عــىل مدخــل مطعــم افتتــح قبــل شــهور يف محلــة القنطــاري ـقـرب‬ ‫مبنـ محطــة تلفزيــون “املســتقبل” املقفــل واملهجــور منــذ أكــرث مــن‬ ‫ُ‬ ‫ننت‬ ‫‪ 3‬سنوات‪ ،‬بعدما ورثه سعد الحريري عن والده القتيل‪.‬‬ ‫أن الجمــع يتهيــأ اللتقــاط صــورة حفــل زفــاف‪ .‬وتضاعــف ذ ـهـويل ملــا‬ ‫ُ‬ ‫دخلت املطعم الفسيح ورأيت حشود زبائنه الدائمن من عائات‬ ‫بريوتية تقليدية محدثة‪ ،‬كأن بريوت هنا عىل حالها قبل اإلفا‬ ‫واالنهيــار االقتصــادي‪.‬‬

‫الحيا بمنط المنامات‬

‫وقال يل قبل أيام شاعر وصحايف لبناين عىل مشارف السبعن‪،‬‬ ‫يعمــل ويقيــم يف بــريوت منــذ عقــود ال أدري كيــف ومتـ وملــاذا‬ ‫يتهيأ يل يف لحظات خاطفة أن ما يحدث يف لبنان منذ ‪ 3‬سنوات‬ ‫يشــبه املنامــات‪ .‬وأوضــح مــا أعنيــه باملنامــات هنــا ليــس تشــبيها أو‬ ‫كناية أو مجازا أو استعارة‪ .‬بل أعني أن أهل هذه الباد يعيشون‬ ‫حياتهــم‪ ،‬يعملــون‪ ،‬يتكلمــون‪ ،‬ويصرفــون أوقاتهــم وشــؤونهم‬ ‫بمنطــق املنامــات‪ ،‬ويف مزيــج مــن التصديــق وعــدم التصديــق‪ ،‬ويف‬ ‫كامــل وعيهــم وشــبه منومــن‪.‬‬ ‫وأضاف أسمعهم يقولون كلمات وعبارات لكنها تنبر فجأة‬ ‫وتفقــد معناهــا أو تســقط يف هــوة معتمــة‪ .‬كأن أشــخاصا ســواهم‬ ‫يتكلمون فيهم أو عرهم‪ .‬أراهم يمشون يف شوارع بريوتية أعرفها‬

‫‪072_AM.indd 76‬‬


‫‪75‬‬

‫الم لة‬

‫مــن البــار وســريهم يف الشــوارع القريبــة املعتمــة الخاويــة‪ ،‬فقــال‬ ‫إنهــا “ســهرة ألبانيــة”‪ .‬وهــذا كنايــة عــن أنهــا كســهرات مطارديــن‬ ‫أو منبوذيــن يف بلــدان “الســتار الحديــدي” الشــيوعية التــي كانــت‬ ‫الحيــاة فيهــا تعيســة وتشــبه العيــش يف املعتقــات‪.‬‬ ‫والحــق أن يف هــذا التشــبيه يشء مــن مــا أصــاب منطقــة رأ‬ ‫بريوت‪ ،‬وخصوصا يف حياتها الليلية عتمة كأنما يف بلدة نائية‪.‬‬ ‫سـاء‪ .‬املفتوحــة منهــا‬ ‫مقــاه ومرابــع ومتاجــر مقفلــة مــا إن يحــل امل ـ‬ ‫شبه خالية‪ .‬شبان عراقيون يتجوّلون سائحن يف مجموعات عىل‬ ‫األرصفة املعتمة واملقفرة‪ .‬املقاهي التي ال تزال تفتح أبوابها تقدّ م‬ ‫ال اجيــل‪ .‬حتـ ذاك الــذي كان مقهـ “الهــور شــو” للنخبــة‬ ‫الثقافية والفنية يف الســتينات والســبعينات‪ ،‬يخلو إال من شــاب‬ ‫عراقي وحيد يجلس عىل كنبة خلف زجاج املقه مدخنا نرجيلة‬ ‫وينظــر يف الرصيــف الخــايل أمامــه‪ .‬وغالبــا ال أثــر ال ـمـرأة أو صبيــة‬ ‫يف الليــل عــىل رصيــف‪.‬‬ ‫لكــن املشــهد النهــاري يف الح ـمـراء ورأ بــريوت مختلــف عــن‬ ‫املشــهد الليــيل “األلبــاين”‪ ،‬ربمــا عــىل عكــس مــا غنــت ـمـرة نجــوى‬ ‫ـكـرم أن “الليــل يســر العيــوب”‪ .‬ففــي بــريوت اليــوم ضــوء النهــار‬ ‫هــو “سـ ّتار عيوبهــا”‪ .‬فنهــارات الســعي املحمــوم ‪ -‬رغــم أن النــا‬ ‫يركون انطباعا بأنهم مخدّرون شاحبون متوترون ومبتئسون ‪ -‬ال‬ ‫تفصح عن تلك العزالت الثقيلة التي يعيشونها ليا يف بيوتهم‪.‬‬ ‫ففــي الليــل تبــدو املدينــة يف مشــهدها اإلجمــايل شــبحية‪ ،‬ليــس يف‬ ‫شــوارعها ســوى تلــك األضــواء الكابيــة الشــحيحة التــي تخــرج مــن‬ ‫جـاج نوافــذ البيــوت يف العمــارات‪.‬‬ ‫خلــف ز ـ‬ ‫وتبــدو رأ بــريوت يف نهــارات ا حــاد هادئــة هــدوءا أليفــا‪.‬‬

‫يوميات‬

‫فا حاد ليست للسعي املضطرب املتوتر‪ ،‬بل لنزهات بطيئة تذ ّكر‬ ‫بــذاك التســكع القديــم‪ ،‬رغــم أنهــا نزهــات عــىل يشء مــن خ ـمـول‬ ‫ال يخلــو مــن لــذة فا ـتـرة‪ .‬أمــا األنشــطة الثقافيــة والفنيــة والســينما‬ ‫واملسرح فصارت من الذكريات املنسية‪ .‬وال يخلو األمر من عمل‬ ‫سـرحي ومعرض تشــكييل وأمســية ثقافية يف أوقات متباعدة‪،‬‬ ‫م ـ‬ ‫لكنهــا يف معظمهــا بــا أثــر‪.‬‬ ‫وتسمع البعض يف بريوت اليوم يشبّهونها بالقاهرة‪ .‬وهؤالء‬ ‫يقصــدون أن نمــط العيــش ومشــاهده وحركــة الحيــاة اليوميــة يف‬ ‫شوارع بريوت‪ ،‬وخصوصا يف شطرها الغربي‪ ،‬صارت تشبه تلك‬ ‫التي يف القاهرة باختاالتها وفوضاها وعتقها وألوانها الرمادية‪.‬‬ ‫لكن نزهة يوم أحد هاد يف رأ بريوت مرورا يف شارع الحمراء‪،‬‬ ‫قــد تذ ـكـرك بحــي املهندســن أو الزمالــك يف القا ـهـرة‪ .‬وقــد يكشــف‬ ‫هذا عن أن تشبيه بريوت اليوم بالقاهرة يعني أن مشاهد الحياة‬ ‫اليومية يف العاصمة اللبنانية صارت رمادية‪ ،‬وتنطوي عىل يشء‬ ‫شـونة ذكوريــة‪ ،‬وفقــدت تلــك األناقــة التــي كان يعبدهــا‬ ‫مــن خ ـ‬ ‫اللبنانيــون وتتأهــب اليــوم لاخت ـفـاء‪ ،‬بعدمــا كانــوا جعلوهــا مــن‬ ‫عوامــل تشــاوفهم باعتبارهــا مــن مصــادر “التميــز” اللبنــاين الــذي‬ ‫حطمــه مــا أصــاب بــريوت ولبنــان منــذ ‪ 3‬ســنوات‪.‬‬

‫وار وأ ياء للعزلة‬

‫ويف بريوت اليوم شوارع مهجورة إال من الك بة والذكريات املخزنة‪.‬‬ ‫وهناك مشاهد مؤملة يف شوارع أخرى‪ .‬وللعنف امللجوم شوارعه‬ ‫أيضا‪ ،‬فا تخلو من عراك هنا وشجار هناك‪ .‬وقد يتجدد ب طاق‬ ‫النــار ثأريــا‪ ،‬فيتفــرج عليــه يف الشــارع ســكانُ البنايــات مــن خلــف‬ ‫جـاج نوافــذ بيوتهــم‪ ،‬و ـيـراوون يف الســهرة وقائعــه‪ ،‬مســتمعن‬ ‫ز ـ‬ ‫شـرات أخبــار تلفزيونيــة تذيــع عليهــم وقائــع قاتمــة‪ .‬وقــد ن ـقـرأ‬ ‫إىل ن ـ‬ ‫أحيانا أخبار انتحارات هنا وهناك‪ .‬لكن األسبوع األول من مار‬ ‫آذار املايض ســجل ‪ 4‬انتحارات من بيئة طائفية واحدة (شــيعية)‪.‬‬ ‫وهم ق ّرروا املغادرة برصاصة يف الرأ ‪.‬‬ ‫وللبــؤ مشــاهده األليمــة يف ـكـرثة مــن شــوارع بــريوت عــىل‬ ‫ناصية يف كورنيش املزرعة تلمح امرأة أو صبية ّ‬ ‫تلفها ثياب سوداء‪،‬‬ ‫تحمــل بيدهــا الفتــة كرتونيــة مكتــوب عليهــا “مكســورة عــىل إيجــار‬ ‫بيــت‪ .‬يف ســبيل اللــه‪ .‬ســبعمائة ألــف” ـلـرية‪ .‬عــىل الكورنيــش عينــه‬ ‫الفتــة خشــبية معلقــة عــىل عمــود إنــارة‪ .‬يف أعاهــا ويف أســفلها‬ ‫ُكتبت عبارة “احذر األمر خطري”‪ .‬ويف وسطها عبارة بارزة “سب‬ ‫الله دمار”‪ ،‬يف إيحاء إىل أن هذا هو سبب اإلفا املدمر‪ .‬تتذكر‬ ‫أنك قبل أشهر رأيت غابة من الافتات املماثلة يف شوارع مدينة‬ ‫طرابلــس‪ .‬وتحــت جســر محطــة ال ـكـوال‪ ،‬غــري بعيــد مــن كورنيــش‬ ‫املزرعــة‪ ،‬تقــف صبيــة حاملــة الفتــة كرتونيــة ُكتبــت عليهــا عبــارة‬

‫‪02/05/2023 13:52‬‬

‫‪072_AM.indd 75‬‬


‫يوميات‬

‫الم لة‬

‫أ ـمـراء الحــروب وجماعاتهــم‪ ،‬وعــىل جيــش لجــب مــن مو فــن‬ ‫شــبه متبطلــن إال مــن كونهــم رعايــا ومنتفعــن‪ ،‬فيمــا كان جيــش‬ ‫“املقاومــة” الســري ومجتمعهــا الحربــي يفــكك أوصــال الدولــة‬ ‫واملجتمــع “املــدين” ويجعــل السياســة واالجت ـمـاع والحيــاة حربــا‬ ‫باردة أو ّ‬ ‫معلقة‪ ،‬ال تخلو من االغتياالت‪ ...‬إىل أن أصابنا إفا‬ ‫ّ‬ ‫خـرثة‪ ،‬منتظريــن‬ ‫يتنصــل الجميــع منــه ونعيشــه حربــا مت ـ‬ ‫ماحــق‬ ‫شـرة الحكايــة مــن أولهــا‪.‬‬ ‫مبا ـ‬ ‫ّ‬ ‫وياما صفقنا وبكينا ملا صارت بريوت مدينة خراب وك بة‪ ،‬حينما‬ ‫غن شاعر “بريوت نجمتنا‪ ،‬بريوت خيمتنا”‪ ،‬وأنشدتها سفريتنا‬ ‫إىل النجوم متسائلة “كيف صار طعمها طعم نار ورماد ”‪ .‬وها‬ ‫تقطعت أوصال األماكن واألوقات واالجتماع يف بريوت اإلفا‬ ‫الكبــري والفقــر‪ ،‬فتمـ ّزق نســيجها وإي ـقـاع الحيــاة اليوميــة فيهــا‪،‬‬ ‫وذهبــت بعيــدا يف االختنــاق والبكــم والعزلــة والشــحوب الــذي‬ ‫يكســو وجــوه ســكانها املتنقلــن مب ّنجــن أو مخدريــن ذاهلــن يف‬ ‫شــوارعها الكالحــة‪.‬‬

‫الحمراء ورأ‬

‫بيروت‬

‫ال يتوقــف الــكام اليــوم يف بــريوت عــن الحــال املزريــة التــي انحــدر‬ ‫إليها معلمان أساسيان يف املدينة منطقة رأ بريوت‪ ،‬وشارع‬ ‫الح ـمـراء الــذي يخرقهــا يف وســطها مــن مصــرف لبنــان شــرقا إىل‬ ‫منحدر الشارع املؤدي إىل املنارة عىل شاطئ البحر‪ .‬أما الجامعة‬ ‫األمريكية فيأيت ذكرها يف سياق إجماع عىل دورها التأسييس يف‬ ‫ّ‬ ‫تكــون رأ بــريوت منطقــة خليــط “كوزموبوليتــي” مدينــي لبنــاين‬

‫وعربي وأجنبي‪ ،‬منذ اختار املرسلون اإلنجيليون األمريكيون تلك‬ ‫التلــة البريوتيــة املشــرفة عــىل البحــر لتشــييد جامعتهــم الشــرق‬ ‫أوســطية عليهــا ســنة ‪.1866‬‬ ‫لكن الوجه “الكوزموبوليتي” الثقايف‪ ،‬االستعرايض واإلعامي‬ ‫والدعــايئ‪ ،‬بلــغ أوجــه يف رأ بــريوت ســتينات القــرن العشــرين‬ ‫والنصــف األول مــن ســبعيناته‪ ،‬عندمــا صــار شــارع الح ـمـراء يف‬ ‫موطــن الحداثــة البريوتيــة الجديــدة‪ ،‬عنوانهــا ومحجّ تهــا اللبنانيــة‬ ‫والعربيــة والشــرق أوســطية‪ .‬ويعــود ذلــك أقلــه إىل أســباب ثاثــة‬ ‫متزامنــة ومتداخلــة‬ ‫بعــد مئــة ســنة عــىل تأسيســها‪ ،‬بلغــت الجامعــة األمريكيــة أوج‬ ‫عـراق‬ ‫اســتقطابها أب ـنـاء نخــب عربيــة مــن فلســطن وســوريا وال ـ‬ ‫واألردن وبلدان الخليج العربية ‪ -‬بالتزامن مع الفورة النفطية‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫للتعلــم واإلقامــة يف رأ بــريوت‪ .‬وهــذا إىل جانــب أب ـنـاء نخــب‬ ‫لبنانية أنجلوفونية اللغة والثقافة‪ ،‬وســواهم من بلدان الشــرق‬ ‫األوسط واألجانب املنتمن إىل عشرات الجنسيات‪ ،‬وكان عددهم‬ ‫الســنوي باأللــوف‪.‬‬

‫ينح الم تم اللبناني لى منا‬ ‫وجماعات ومدن وأ ياء و ر متباعد ‪،‬‬ ‫ب مستقلة ومنعزلة‪ ،‬يت ب أهلها ي‬ ‫مين ا تياجا هم ال رورية بصم لم‬ ‫يب على ألسنتهم سو كلمات التذمر‬ ‫واالستنكار والشكو وا نين‬

‫‪02/05/2023 13:52‬‬

‫‪74‬‬

‫‪1866‬‬

‫اختار المبشرون ا ن يليون‬ ‫ا ميركيون التلة البيرو ية المشر ة‬ ‫على البحر لتشييد جامعتهم الشر‬ ‫أوسطية عليها‬ ‫ط ـفـرة الحداثــة الشــبابية‪ ،‬و هــور الطــاب بقــوة عــىل مســارح‬ ‫الحياة االجتماعية والسياسية والثقافية‪ ،‬عامليا وعربيا‪ ،‬خصوصا‬ ‫يف العاصمة اللبنانية بريوت‪.‬‬ ‫ضيق وسط بريوت املديني التقليدي القديم بمتطلبات وو ائف‬ ‫حداثة الستينات الشبابية التي انتقلت إىل شارع الحمراء يف رأ‬ ‫بريوت‪ ،‬حيث أُنشئت مقاهي الرصيف ومطاعم الوجبات السريعة‬ ‫ودور السينما ومرابع الرفيه والحياة الليلية الشبابية املحدثة‪،‬‬ ‫إضافة إىل مقار الصحف وبعض املنتديات الثقافية والفنية‪.‬‬ ‫هــذا كلــه انتهـ اليــوم واختفـ تمامــا‪ ،‬ولــم يبــق منــه ســوى‬ ‫الجامعــة األمريكيــة التــي يقتصــر طابهــا عــىل اللبنانيــن وحدهــم‬ ‫تقريبــا‪ .‬ولكــن ـكـرثة منهــم ت ـترّم مــن أقســاطها املرتفعــة “املدو ـلـرة”‬ ‫عىل إيقاع جنون أسعار الدوالر واالنهيار املايل‪ .‬أما معظم طابها‬ ‫جـرة فــور إنهائهــم دراســتهم فيهــا‪ .‬ولــذا بــدأت‬ ‫فعازمــون عــىل اله ـ‬ ‫الجامعــة األمريكيــة بتشــييد فــرع لهــا يف ـقـرص‪.‬‬ ‫بلغ تدهور أحوال رأ بريوت والحمراء الذروة يف السنوات‬ ‫الثاث األخرية‪ .‬لكنهما منذ بداية الحروب األهلية يف لبنان شهدا‬ ‫محطــات ك ـثـرية مــن الصعــود والهبــوط‪ .‬وكان االنحــدار مــا قبــل‬ ‫حـزب اللــه” ومــا يســم‬ ‫األخــري يف العــام ‪ ،2008‬عندمــا ســيطر “ ـ‬ ‫“املمانعة” بقوة الساح عىل مدينة بريوت‪ ،‬وكانت رأ بريوت‬ ‫سـرحا أساســيا لتلــك الســيطرة‪ .‬وبــن ســنوات ‪ 2011‬و‪،2015‬‬ ‫م ـ‬ ‫شهد شارع الحمراء انبعاثه النسبي األخري أثناء فرار أعداد كبرية‬ ‫مــن الشــبان ات الســورين إىل بــريوت يف خضــم الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫واتخاذهــم مقاهــي الح ـمـراء ومرابعــه الليليــة مكانــا للقاءاتهــم‬ ‫ونشاطاتهم يف انتظار هجراتهم إىل أوروبا‪ .‬وهذه الفئة السورية‬ ‫الشابة‪ ،‬املتعلمة والجامعية واملهنية املحدثة‪ ،‬اختفت اليوم إال‬ ‫يف مــا نــدر مــن بــريوت ولبنــان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫محرية اليوم مقاربة الكام اليومي الناعي‪ ،‬املتأ‬ ‫وقد تكون ّ‬ ‫والحزين‪ ،‬يف رثائه رأ بريوت والحمراء وحدهما‪ ،‬جراء الحال‬ ‫خـريا‪ .‬وليــس‬ ‫املزريــة التــي يُجمــع كثــريون عــىل انحدارهمــا إليهــا أ ـ‬ ‫حـرية إنــكار مــا أصابهمــا مــن ا ـهـراء وتحلــل قــد‬ ‫الباعــث عــىل ال ـ‬ ‫يتجــاوزان مــا أصــاب ســواهما مــن مناطــق بــريوت‪ .‬بــل مصدرهــا‬ ‫التشــكك يف الصــورة األيقونيــة الزاهيــة التــي تعــود إىل مــا تســميه‬ ‫األدبيــات اللبنانيــة “الزمــن الجميــل” يف نمــط العيــش والحيــاة‬ ‫الثقافية والفنية‪ ،‬عندما كانت الحمراء املسرح البريويت األشهر‬ ‫لــذاك الزمــن يف الســتينات‪ .‬وهــي الصــورة التــي تنطــوي عــىل حنــن‬ ‫رومنطيقي‪ ،‬ومنها ينبعث الرثاء املحموم للحمراء ورأ بريوت‬ ‫اليــوم‪ُ ،‬‬ ‫وتضفـ مأســوية مضاعفــة عــىل حاضرهمــا املأســوي‪.‬‬ ‫وبعــد ســهرة يف بــار فنــدق كان يضــج بالحيــاة يف مــايض رأ‬ ‫بريوت ا فل ‪ -‬وخا يف تلك السهرة إال من أصدقاء ثاثة شا وا‬ ‫طـاع طويــل يعــود إىل بدايــات تفـ‬ ‫اســتئناف لقاءاتهــم بعــد انق ـ‬ ‫و ـبـاء كورونــا وعزالتــه ‪ -‬وصــف أحدهــم الســهرة بعــد خروجهــم‬

‫‪072_AM.indd 74‬‬


072_AM.indd 73

02/05/2023 13:52


‫الم لة‬

‫يوميات‬

‫‪72‬‬

‫بيروت مدينة اليباب‬ ‫للمهانات‬ ‫س‬ ‫واالختفاء‬ ‫ال سنوات من االنهيارات املتتالية‬ ‫ب وت محم أب سمرا‬

‫ّ‬ ‫التحلل الذي أصاب الدولة اللبنانية يف سنوات إفاسها‬ ‫يتوسّ ع‬ ‫املــايل والســيا ‪ ،‬ويتزايــد تفشــيه يف نســيج الحيــاة والعاقــات‬ ‫االجتماعيــة العامــة والخاصــة‪ .‬ويف بــريوت لــم يبــق مشــهد مــن‬ ‫الحياة اليومية‪ ،‬صورها وكلماتها املتداولة‪ ،‬يف منأى عن االختناق‬ ‫واالهراء‪ ،‬فيما يفقد املجتمع اللبناين روابطه‪ ،‬ينحل إىل مناطق‬ ‫وجماعات ومدن وأحياء وقرى متباعدة‪ ،‬شبه مستقلة ومنعزلة‪،‬‬ ‫يتخبّط أهلها يف تأمن احتياجاتهم الضرورية بصمت لم يُبق عىل‬ ‫ألسنتهم سوى كلمات التذمر واالستنكار والشكوى واألنن من‬ ‫كل يشء‪ .‬حت أن االختناق العام الصامت يشري إىل أن املجتمع‬ ‫صــار معرضــا للتحلــل التــام والــزوال‪ .‬كأن مطرقــة بحجــم الســماء‬ ‫هوت عىل لبنان وأهله‪ ،‬لغتهم وذاكرتهم‪ ،‬فبدّ دتهم ومحقتهم‬ ‫ومــألت أفواههــم وعيونهــم بالرمــاد‪ ،‬وربمــا أكــرث مــن أيامهــم يف‬ ‫الحرب األهلية (‪.)1990 - 1975‬‬

‫رسو‬

‫إدواردو رامون‬

‫خـرية‪ ،‬قــد ال ـتـرأ مــن ع ـيـاء‬ ‫حـ ّـل ببــريوت يف ســنواتها الثــاث األ ـ‬ ‫وعجــز مضاعفــن مزمنــن‪.‬‬ ‫شـرتنا حروبنــا األهليــة‬ ‫قــد يعــود العجــز والع ـيـاء إىل وقــت مبا ـ‬ ‫املديــدة شــبه من ّومــن‪ ،‬وط ّينــا إياهــا مــن دون أن نــدري ملــاذا خضنــا‬ ‫يف الــدم واملذلــة‪ ،‬وطمرناههمــا بعفــو عــام عمــا مـ كأنــه لــم‬ ‫يكــن‪ .‬وغصبــا أو صاغريــن أو فرحــن ارتضينــا بمــا ســمّ ته جماعــات‬ ‫منــا “وصايــة” خارجيــة علينــا‪ ،‬وســمّ ته أخــرى “احتــاال” تــاه آخـ ُر‬ ‫حـرب دائمــة ســمّ ته‬ ‫مدمــر‪ ،‬فتذرعــت بــه جماعــة أسســت مجتمــع ـ‬ ‫“مقاومة”‪ ،‬ويتسلط فيه “الشهداء” و“سادة الوجود” و“أشرف‬ ‫النــا ” عــىل األح ـيـاء األقــل شــرفا‪ ،‬ألنهــم انصرفــوا إىل شــؤون‬ ‫شـرنا إزالــة الــردم وا ـلـركام ملشــروع‬ ‫الحيــاة الدنيــا‪ .‬ويف األث ـنـاء با ـ‬ ‫إعــادة الب ـنـاء واإلعمــار بكلمــات دعائيــة جو ـفـاء مبتذلــة‪ ،‬وبأرقــام‬ ‫فلكيــة مــن القــروض والديــون‪ .‬وهــذه وُزعــت هبــات وه ـبـاء عــىل‬

‫بالد الع ز والعياء‬

‫تحــت هــذه املطرقــة تعيــش بــريوت‪ ،‬ويعيــش ســكانها مهانــن‬ ‫موتوريــن‪ .‬وغالبــا مــا يختنقــون بمهاناتهــم وتوتراتهــم‪ .‬ويمكــن أن‬ ‫نلمح عامات ذلك املتباينة واملتفاوتة‪ ،‬نبصره عىل وجوه النا ‪،‬‬ ‫ونعيشه يف أي شارع من املدينة املتحللة بصمت‪ ،‬وأحيانا بعنف‬ ‫مفاجــئ‪ .‬واألرجــح أننــا كنــا‪ ،‬قبــل الســنوات الثــاث مــن القحــط‬ ‫والعزلــة‪ ،‬مســتغرقن يف الصمــت والعنــف هذيــن‪ ،‬أو بــكام‬ ‫ثرثــار قليــل اال ـكـراث بوقائــع حياتنــا‪ .‬أوليــس هــذا مــا يقولــه عجزنــا‬ ‫وعزوفنــا عــن وصــف مــا حـ ّـل بنــا اليــوم‪ ،‬كمــا عزفنــا عــن وصــف‬ ‫أحوالنــا يف حقــب ســابقة ومحاولتنــا أن نصــف‪ ،‬هنــا وا ن‪ ،‬مــا‬

‫‪02/05/2023 13:51‬‬

‫‪072_AM.indd 72‬‬


Apr DPS ALMAJALLAH - Maxx Royal.pdf

070_AM.indd 71

1

27/03/2023

2:17 PM

28/04/2023 13:09


070_AM.indd 70

28/04/2023 13:09


‫‪69‬‬

‫ت قى مسألة ق ول‬ ‫دول الكومنول‬ ‫املل ال ي ما‬ ‫ق لت وال ته‪ ،‬غ‬ ‫وا حة بع ما‬ ‫تحول الع ي‬ ‫من املستعمرات‬ ‫ال طانية السابقة‬ ‫إىل جمهور ات‬ ‫ق أن تتوىل امللكة‬ ‫الي ابي العر ‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:49‬‬

‫الم لة‬

‫ضـاء الرئيســين يف الكومنولــث الذيــن أعلنــوا‬ ‫األع ـ‬ ‫طموحهــم يف اإلطاحــة بامللــك مــن رئاســة الدولــة‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬فـ ن لــدى امللــك فلســفته الخاصــة‬ ‫حـول تغيــري العاقــة بــن األمــم‪ ،‬خاصــة يف خضــم‬ ‫ـ‬ ‫املحادثات حول أهمية وجود ملك أبيض يف األرايض‬ ‫الكاريبيــة الناشــئة‪ .‬وذهــب امللــك العــام املــايض إىل‬ ‫باربادو ليشهد انتقال السلطة بعد قرون من‬ ‫الحكــم الريطــاين‪ .‬وأطلعــت جامايــكا األمــري وليــام‬ ‫يف زيارته العام املايض برفقة أمرية ويلز حول نيتها‬ ‫أن تكون الدولة التي تيل باربادو يف اتخاذ تلك‬ ‫الخطوة‪ .‬كما أعلنت أنتيغوا وبربودا بعد أيام من‬ ‫وفاة امللكة أنها ستقطع أيضا عاقاتها مع بريطانيا‬ ‫يف غضون ثاث سنوات‪.‬‬ ‫ويف يوليو تمــوز مــن العــام املــايض‪ ،‬أخــر امللــك‬ ‫تشــارلز قــادة الكومنو لــث يف روا نــدا أن األ مــر‬ ‫ضـاء ليقــرروا مــا إذا كانــوا ســيبقون‬ ‫مــروك لألع ـ‬ ‫عىل امللك يف رئاسة الدولة‪ ،‬مضيفا أن مثل هذه‬ ‫الرتيبات يمكن أن تتغري بهدوء ودون ضغينة ‪.‬‬ ‫إنه مستعد بالفعل ملواجهة التغيريات املستقبلية‬ ‫دون نيــة ســيئة‪( .‬ومــن املثــري لاهتمــام‪ ،‬أن هنــاك‬ ‫دوال تســع بنشــاط لانضمــام إىل الكومنولــث‪،‬‬ ‫ضـاء‪ ،‬وهــم روانــدا وموزمبيــق‬ ‫آخرهــا أربعــة أع ـ‬ ‫والغابــون وتوغــو‪ ،‬ال يملكــون أيــة روابــط تاريخيــة‬ ‫مــع اإلمراطوريــة الريطانيــة‪ ،‬بــل إن آخــر اثنتــن‬ ‫منهــا كانتــا مســتعمرتن فرنســيتن يف الســابق)‪.‬‬ ‫و عــىل الر غــم مــن جميــع القضا يــا املحيطــة‬ ‫بالكومنولث‪ ،‬إال أن امللك تشارلز اختار زيارة دولتن‬ ‫مــن خــارج الكومنولــث يف أول زيــارات دولــة لــه‪.‬‬ ‫كانــت فرنســا خيــاره األول هــذا العــام وانعكاســا‬ ‫سـرة الكومنولــث‪.‬‬ ‫لحقيقــة أن اهتماماتــه تتجــاوز أ ـ‬ ‫إال أنه لم يذهب إىل هناك بناء عىل نصيحة بشأن‬ ‫االضطرابــات التــي تجــري يف البــاد بســبب ا ـقـراح‬ ‫الرئيس الفرنيس إيمانويل ماكرون خفض الســن‬ ‫الذي يمكن للعمال الفرنسين فيه الحصول عىل‬ ‫معاشــاتهم التقاعديــة‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬تحولت أول زيارة دولة للملك‬ ‫إىل خيــاره الثــاين‪ ،‬أملانيــا‪ .‬وتحــدث تشــارلز باللغــة‬ ‫األملانية خال مأدبة رسمية وقال إنه وامللكة تأثرا‬ ‫بعمــق بالرحيــب الحــار‪ ،‬وأشــاد باألمــة األملانيــة‬ ‫املتم ـيـزة للغا يــة‪ .‬وأ ضــاف أن البلد يــن ســيقفان‬ ‫متحديــن مــع أوكرانيــا‪.‬‬

‫سياسة‬

‫وعــىل الرغــم مــن كونــه يف ســن تقاعــد فيــه كثــري‬ ‫مــن رعايــاه أنفســهم‪ ،‬فقــد واصــل امللــك تشــارلز‬ ‫إ هار رغبته يف التكيف واالبتكار‪ .‬وقد أوضح منذ‬ ‫ـفـرة طويلــة أنــه يخطــط لتقليــص نظامــه امللـ ‪،‬‬ ‫سـرة كأب ـنـاء العــم وبنــات األخــت‬ ‫وتحويــل أ ـفـراد األ ـ‬ ‫وأب ـنـاء األ وحتـ األشــقاء إىل أشــخاص ثانويــن‪.‬‬ ‫حيــث ســيتألف النظــام امللـ الجديــد مــن ســبعة‬ ‫أعضاء رئيسين فقط‪ ،‬وجميعهم من كبار أفراد‬ ‫العائلة املالكة‪ ،‬امللك نفسه وزوجته امللكة‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل أمري وأمرية ويلز الجدد واألمرية امللكية وإيرل‬ ‫وكونتيســة ويســيكس‪ ،‬وهمــا ا ن دوق ودوقــة‬ ‫أد ـنـره الجــدد‪.‬‬ ‫إن تقليــل عــدد أ ـفـراد العائلــة املالكــة الذيــن‬ ‫يق ــومـ ــون بواجبـ ــات رس ـ ـم ــية يعنــي أيضـ ــا تقـ ــليل‬ ‫عــدد األ ش ـخـ ــاص الذ يــن يتـ ـ ــم تمويلهــم مــن‬ ‫خــال املنح ــة ال ـسـ ــيادية‪ -‬وهــي األمــوال الع ــامة‬ ‫امل ـس ــتخدمة لدعمهــم‪ .‬هــذا‪ ،‬إىل جـ ــانب حفــل‬ ‫التتويج‪ ،‬الذي لم تتجاوز مدته نصف مدة حفل‬ ‫تتويــج والدتــه‪ ،‬وهــو مــا يظهـ ــر أن امللــك تش ـ ــارلز‬ ‫قــد فهــم أزمــة غــاء املعي ـ ــشة الحاليــة يف اململكــة‬ ‫املتحــدة‪.‬‬ ‫ولطاملــا اهتــم امللــك بالت ـنـوع‪ ،‬إذ ضــم حفــل‬ ‫التتويج الخاص به موسيقين من أقليات عرقية‪.‬‬ ‫وقد تأخر تنظيم الحفل نفسه بسبب رغبة امللك‬ ‫يف إدراج أدوار ألشــخاص مــن ديانــات أخــرى غــري‬ ‫املســيحية‪ .‬ويف عــام ‪ ،2015‬قــال امللــك تشــارلز‬ ‫إنــه ســيحتف بلقــب امللــك التقليــدي املدافــع عــن‬ ‫اإليمان‪ ،‬لكنه رأى يف نفسه حاميا لجميع األديان‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من كون امللكة الراحلة تعتر مصدر‬ ‫سـرا وعانية‬ ‫إلهام للملك تشــارلز‪ ،‬إال أنه تحدث ـ‬ ‫عن رغبته يف بناء إرثه انطاقا من نجاحاتها‪ ،‬وهو‬ ‫محظــو بــأن يكــون ابنــه األكــر‪ ،‬أمــري ويلــز‪ ،‬إىل‬ ‫جانبــه‪ .‬وبصفتــه أحــد املقربــن املوثوقــن للملــك‪،‬‬ ‫ســتتاح لألمري وليام الفرصة للتعلم من والده‪.‬‬ ‫ويف الوقــت املناســب‪ ،‬ســتصبح تحديــات امللــك‬ ‫تشــارلز أيضــا تحديــات لألمــري وليــام‪ .‬ويتمتــع كل‬ ‫مــن األب واالبــن بفرصــة إلهــام بعضهمــا بعضــا‬ ‫والوصول معا إىل ر ية مشركة‪ ،‬وجعل العائلة‬ ‫املالكة املصغرة فعالة ومرنة‪ .‬ومن خال قيامهما‬ ‫بذلك‪ ،‬ف نهما يأمان يف ضمان استمرارية النظام‬ ‫امللـ ألجيــال عديــدة قادمــة‪.‬‬

‫‪066_AM.indd 69‬‬


‫سياسة‬

‫شـرم الشــي املصــري‪ ،‬حيــث قــام وقبــل انعقــاد‬ ‫ـ‬ ‫ظـرا‬ ‫املؤتمــر باســتضافة حفــل اســتقبال فقــط‪ .‬ون ـ‬ ‫لكــون قضيتــي تغــري املنــا والبيئــة همــا مــن أ ـقـرب‬ ‫القضايا إىل قلب امللك‪ ،‬ف نه كان يخطط لحضور‬ ‫القمة ملواصلة حملته الطويلة إلقناع قادة العالم‬ ‫حـراري‪.‬‬ ‫جـراءات ضــد االحتبــا ال ـ‬ ‫باتخــاذ إ ـ‬ ‫وقــال تشــارلز الثالــث يف خطابــه األول بصفتــه‬ ‫طـاع‬ ‫امللــك بالتأكيــد ســتتغري حيــايت مــع االض ـ‬ ‫بمســؤوليايت الجديــدة‪ .‬ولــن أتمكــن مــن تكريــس‬ ‫جل وقتي وطاقتي للجمعيات الخريية والقضايا‬ ‫التــي أهتــم بهــا اهتمامــا ك ـبـريا‪ ،‬ولكننــي أعلــم أن‬ ‫هــذا العمــل املهــم ســينتقل إىل أيــد أمينــة أخــرى ‪.‬‬ ‫ومــع أن وجــود امللكــة الراحلــة كان مصــدرا‬ ‫لاستقرار‪ ،‬إال أن املجتمعات التي يحكمها النظام‬ ‫امللـ الريطــاين يف كل مــن البلــدان األربعــة يف‬ ‫اململكة املتحدة والدول األربع عشرة اإلضافية يف‬ ‫غـريت ك ـثـريا عــىل مــدار حكمهــا‬ ‫الكومنولــث‪ -‬قــد ت ـ‬ ‫الــذي اســتمر ســبعن عامــا‪ .‬وســيتعن عــىل امللــك‬ ‫تشارلز اتخاذ خيارات جديدة تتعلق بمعن كونه‬ ‫صـرا‪ ،‬تمامــا كمــا فعلــت والدتــه بتكيفهــا‬ ‫ملــكا معا ـ‬ ‫سـرعة يف ســنوات مــا بعــد‬ ‫غـرية ب ـ‬ ‫مــع الظــروف املت ـ‬ ‫حـرب العامليــة الثانيــة‪ .‬هــذا يعنــي أن ـفـرة واليتــه‬ ‫ال ـ‬

‫‪02/05/2023 13:49‬‬

‫الم لة‬

‫عىل العر ستتحدد من خال كيفية استجابته‬ ‫للتو ـتـرات الجديــدة يف العاقــة بــن الــدول ذات‬ ‫الســيادة وشــعوبها‪.‬‬ ‫ال يخلــف ملــك بريطانيــا الجديــد‪ ،‬والــذي يعــد‬ ‫عـر (‪ 73‬عامــا)‪ ،‬أحــد‬ ‫أكــر ملــك يجلــس عــىل ال ـ‬ ‫أكرث العهود شهرة يف التاري فقط‪ ،‬بل يرث شعبا‬ ‫يكافــح أزمــة غــاء معيـ وحربــا يف أوكرانيــا أدت‬ ‫إىل مشكلة كارثية يف إمدادات الطاقة‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫تســا الت شــعبية مــن مختلــف األجيــال ومختلــف‬ ‫شـرة عــن أهميــة وجــود‬ ‫دول الكومنولــث األربــع ع ـ‬ ‫ملكيــة دســتورية يف العالــم الحديــث‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬سيكون االهتمام باألمور‬ ‫الداخليــة مــن أهــم أولويــات تشــارلز‪ .‬حيــث ابتليــت‬ ‫العائلة املالكة بصراع داخيل وفضائح يف السنوات‬ ‫خـرية‪ .‬إذ تســبب تــورط األمــري أنــدرو املزعــوم يف‬ ‫األ ـ‬ ‫فضيحــة اعتــداء جنــيس‪ ،‬اتهــم فيهــا بممار ســة‬ ‫الجنــس مــع فتــاة تبلــغ مــن العمــر ‪ 17‬عامــا فقــط‪،‬‬ ‫يف جلب العار عىل العائلة املالكة خال السنوات‬ ‫األخرية للملكة‪ .‬وعىل الرغم من قيام دوق يورك‬ ‫بنفــي هــذه االتهامــات إال أنــه اضطــر إىل دفــع مبلــغ‬ ‫‪ 12‬مليون جنيه إسرليني لفريجينيا جوفري بدال‬ ‫مــن مواجهــة محاكمــة مدنيــة يف نيويــورك‪ .‬كمــا‬

‫‪68‬‬

‫أنــه اضطــر إىل التخــيل عــن كافــة واجباتــه امللكيــة‬ ‫ومناصبــه العســكرية‪.‬‬ ‫واضطــر األ مــري هــاري أيضــا إىل التخــيل عــن‬ ‫مناصبــه العســكرية عندمــا اســتقال مــن منصبــه‬ ‫امللـ ‪ .‬ويبــدو أن الشــعور با ـملـرارة واال ـغـراب عــن‬ ‫بعــض أ ـفـراد العائلــة املالكــة بعــد نشــر الكتــاب‬ ‫االتهامي بعنوان االحتياطي قد دفع دوق ودوقة‬ ‫ساسكس‪ ،‬املتواجدان يف كاليفورنيا‪ ،‬للهجوم عىل‬ ‫أ ـفـراد العائلــة املالكــة يف العديــد مــن املقابــات مــع‬ ‫وســائل اإلعــام األمريكيــة بســبب طريقــة تعامــل‬ ‫أ ـفـراد العائلــة معهمــا‪.‬‬ ‫وتعتر دعوة األمري هاري لحضور حفل التتويج‬ ‫وبقاء زوجته يف منزلهما يف كاليفورنيا محاولة من‬ ‫امللك لتقديم غصن زيتون البنه الضال‪.‬‬ ‫يواجــه كيــان الكومنولــث اليــوم تهديــدا وجوديــا‬ ‫محتما‪ .‬فباعتبارها رئيسة للكومنولث‪ ،‬كانت امللكة‬ ‫الراحلة أيضا ملكة عىل جامايكا ونيوزيلندا وبابوا‪-‬‬ ‫غينيا الجديدة‪ -‬وكندا وتوفالو وأسراليا وأكرث من‬ ‫ســتة بلــدان أخــرى‪ .‬ويعتــر تعــداد الســكان يف هــذه‬ ‫الــدول مجتمعــة أكــر مــن تعــداد الســكان الذيــن‬ ‫يعيشون يف اململكة املتحدة‪ ،‬ويخضعون جميعهم‬ ‫اليوم لحكم امللك الجديد‪ ،‬الذي يواجه مزيجا من‬ ‫الحركات املناهضة للملكية والحركات الجمهورية‬ ‫التي كانت تسع لحشد التأييد‪.‬‬ ‫لــذا‪ ،‬تبقـ مسـ ــألة مــا إذا كانــت هــذه الــدول‬ ‫س ـ ــتقبل امللــك الجد يــد كمــا قبلــت والد تــه مــن‬ ‫حـول‬ ‫قبــل مســألة غــري واضحــة حتـ ا ن‪ .‬فقــد ت ـ‬ ‫الع ـ ــديد مــن املس ـ ــتعمرات الب ـ ــريطانية الـ ـ ـس ـ ــابقة‬ ‫إىل جمهـ ـ ــوريات قبـ ــل أن تت ــوىل امللك ـ ــة إليـ ــزابيث‬ ‫العـ ــر أو يف السـ ــنوات األوىل من حكمها‪ ،‬خ ــال‬ ‫حقبة اإلنهاء الس ــريع لاس ــتعمار يف الخمس ــينات‬ ‫والسـ ــتينات مــن القــرن املــايض‪ ،‬بمــا يف ذلــك الهن ــد‬ ‫وبا كـ ــستـ ــان وجميــع املس ــتع ـم ــرات الب ــريطانيـ ــة‬ ‫األفريقيةـ ـ وقــد ارتب ـ ــط النظ ـ ــام امللـ الريطـ ـ ــاين يف‬ ‫العديد من هذه األمـ ــاكن بأس ــوأ م ـظ ــاهر اإلجح ــاف‬ ‫يف اإلمـ ــراطورية‪.‬‬ ‫وتزايــدت الدعــوات يف العــام املــايض إلصــدار‬ ‫بيانــات اعتــذار ودفــع تعويضــات مــن قبــل النظــام‬ ‫املل لدوره التاريخي يف تجارة الرقيق عر املحيط‬ ‫سـراليا‪ ،‬التــي تولــت حكمهــا‬ ‫األطلــيس‪ .‬وكانــت أ ـ‬ ‫مؤخرا حكومة جديدة ذات توجه جمهوري‪ ،‬من‬

‫‪066_AM.indd 68‬‬


‫يعتر اضطرار امللك تشارلز الثالث‪ ،‬املتوج حديثا‪،‬‬ ‫لخافة الحكم املثايل واملطول لوالدته الراحلة امللكة‬ ‫إليزابيــث الثانيــة‪ ،‬التحــدي األكــر الــذي يواجهــه‪ .‬إذ‬ ‫إن األخطاء التي ارتكبتها امللكة خال حكمها الذي‬ ‫استمر سبعن عاما كانت نادرة للغاية‪ ،‬ولم يكن‬ ‫حزنهــا العميــق الــذي كانــت تشــعر بــه قبيــل وفاتهــا‬ ‫العام املايض متعلقا فقط بأمتها‪ ،‬بل كان متعلقا‬ ‫بالعالم الواسع‪ .‬وهذه خط سيصعب عىل امللك‬ ‫حـرص امللــك تشــارلز عــىل‬ ‫تشــارلز اتباعهــا‪ .‬وبينمــا ي ـ‬ ‫تمييز عهده عن عهد والدته‪ ،‬ف نه سيحتاج إىل أن‬ ‫يعمــل بحــذر‪ ،‬خاصــة يف املجــال الحســا املتعلــق‬ ‫بمراعاة الحياد السيا الصارم الذي يعد مطلبا‬ ‫دستوريا للملكية الريطانية‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:49‬‬

‫لقــد حر صــت والد تــه طــوال ـفـرة حكمهــا‬ ‫عــىل عــدم الكشــف عــن معتقداتهــا السياســية أو‬ ‫مشــاعرها الشــخصية‪ .‬وكانــت يف الوقــت ذاتــه‬ ‫األكــرث شــهرة وخصوصيــة يف بريطانيــا خــال ـفـرة‬ ‫حكمهــا‪ .‬فلــم تكــن اهتماماتهــا املعروفــة ورعهــا‪،‬‬ ‫ورعايتها للجمعيات الخريية املختلفة واهتمامها‬ ‫بكاب الكورغي وسباق الخيل‪ -‬أمورا مسيسة أو‬ ‫م ـثـرية للجــدل‪.‬‬ ‫أمــا ابنهــا فــكان يتمتــع بســمعة عامــة مختلفــة‬ ‫عـر ‪،‬‬ ‫تمامــا‪ .‬إذ كان امللــك تشــارلز‪ ،‬قبــل توليــه ال ـ‬ ‫يعــر عــن آرائــه بصراحــة يف مــا يتعلــق بالقضايــا‬ ‫حـول الهند ســة املعمار يــة والزرا عــة‬ ‫الخافيــة ـ‬ ‫والصحــة والبيئــة‪ -‬التــي كان بعضهــا مرتبطــا‬

‫باملناقشات السياسية والثقافية الجارية‪ .‬ويف عام‬ ‫‪ ،2015‬نشرت صحيفة الغارديان رسائل تظهر‬ ‫أن األمري تشارلز كان قد ضغط عىل حكومة توين‬ ‫شـرة بشــأن قضايا تهمه بشــكل شــخ ‪،‬‬ ‫بلري مبا ـ‬ ‫بمــا يف ذلــك قضايــا متعلقــة باهتمامــه بالطــب‬ ‫البديــل‪ .‬إن محاولــة امللــك تشــارلز أن يكــون أكــرث‬ ‫تدخــا مــن والدتــه يف املجــال الســيا قــد تدفــع‬ ‫النــا إىل النفــور منــه‪.‬‬ ‫إال أن تشــارلز‪ ،‬ومنــذ أن أصبــح ملــكا‪ ،‬أشــار‬ ‫إىل اســتعداده لتبنــي نهــج أكــرث دبلوماســية بمــا‬ ‫يتعلــق بواجباتــه امللكيــة‪ .‬وكان أول مؤشــر عــىل‬ ‫ذلــك هــو إعانــه عــدم حضــور قمــة التغـ ّـري املناخــي‬ ‫‪ ،Cop 27‬والتــي عقــدت العــام املــايض يف منتجــع‬

‫‪066_AM.indd 67‬‬


‫ــا لز‬ ‫امل ـ‬ ‫و حد ــا الع ــد ال د ــد‬

‫بينما يحر املل ت ارل عىل تميي عه عن عه وال ته‪ ،‬نه سيحتا إىل أن يعم بح ر‪ ،‬خاصة يف امل ال‬ ‫الحسا املتعل بمراعا الحياد السيا الصار ال يع مطل ا دستور ا للملكية ال طانية‪.‬‬ ‫لن ن‬

‫‪02/05/2023 13:48‬‬

‫ون وخل‬

‫رسو‬

‫ما يو ولن‬

‫‪066_AM.indd 66‬‬


‫‪65‬‬

‫الحكومــة أن االقتصــاد يف وضــع جيــد للغايــة‪ ،‬وأن‬ ‫أي آثار سلبية ناتجة عن الظروف العاملية والزلزال‪.‬‬ ‫وبينما تدرك املعارضة الصعوبات الناجمة عن هذه‬ ‫جـزء األكــر مــن اللــوم‬ ‫العوامــل‪ّ ،‬إال أنهــا تلقــي بال ـ‬ ‫عــىل السياســات الحكوميــة‪.‬‬ ‫األمن تم كبح أنشطة حزب العمال الكردستاين‬ ‫يف تركيــا إىل حــد كبــري‪ ،‬وقــد ُقتــل أو أســر عــدد مــن‬ ‫أعضائــه القياديــن‪ .‬لكــنّ املشــكلة ال ـتـزال قائمــة‪،‬‬ ‫ولهــا بُعديــن ســوري وعراقــي‪.‬‬ ‫عــودة الســورين وغريهــم هنــاك أكــرث مــن ‪4.5‬‬ ‫مليــون ســوري وأفغــاين يف تركيــا‪ .‬يــرى العديــد مــن‬ ‫األتراك أن الوقت قد حان لعودتهم إىل بلدانهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وتعتر هذه إحدى أهمّ القضايا بالنسبة للناخبن‪.‬‬ ‫السياسة الخارجية تحاول الحكومة إ هار أن‬ ‫تركيــا تبــيل بــاء حســنا يف العاقــات الدوليــة‪ .‬كانــت‬ ‫هنــاك بعــض النجاحــات املزعومــة‪ ،‬ولكــن بشــكل‬ ‫عام‪ ،‬األمور ليست إيجابية بالدرجة التي تصورّها‬ ‫الحكومة‪ .‬يمكن االستشهاد ببعض األمثلة هنا لم‬ ‫تتحرك جهود التقارب مع نظام الرئيس بشار األسد‬ ‫يف ســوريا بالطريقــة التــي تريدهــا الحكومــة‪ ،‬عــىل‬ ‫األقــل حتـ اليــوم‪ .‬العاقــات مــع االتحــاد األوروبــي‬ ‫مجمدة‪ .‬مرة أخرى‪ ،‬لم ُ‬ ‫يدع الرئيس األمري جو‬ ‫بايــدن تركيــا إىل القمــة مــن أجــل الديمقراطيــة ‪،‬‬ ‫طـراز‬ ‫كمــا لــم تتــم صفقــة بيــع الطا ـئـرات املقاتلــة مــن ـ‬ ‫‪ 16-F‬ومعــدات التحديــث‪ ،‬عــىل الرغــم مــن أن‬ ‫اإلدارة األمريكيــة ت ـقـول إنهــا تدعــم هــذه الصفقــة‪.‬‬ ‫لكنّ استطاعات حزب العدالة والتنمية تح‬ ‫حـزب‬ ‫قصــة مختلفــة‪ ،‬حيــث قــال نائــب رئيــس ال ـ‬ ‫حـزب‪،‬‬ ‫إنــه‪ ،‬وفقــا خــر اســتطاع أجرتــه فــرق ال ـ‬ ‫فـ ن أصــوات أردوغــان تبلــغ ‪ 53‬يف املئــة‪ ،‬بينمــا تبلــغ‬ ‫حـزب العدالــة والتنميــة ‪ 41‬يف املئــة‪،‬‬ ‫نســبة أصــوات ـ‬ ‫وهــي إىل ارت ـفـاع‪.‬‬ ‫عىل أي حال‪ ،‬ف ن وجهة النظر املوضوعية هي‬ ‫أن شعبية حزب العدالة والتنمية قد تراجعت‪.‬‬ ‫وتجــادل املعارضــة أيضــا بأنــه حتـ لــو خســر‬ ‫أردوغــان ف نــه لــن يتخــىل عــن الســلطة بســهولة‪،‬‬ ‫فلديــه ورفاقــه الكثــري ليخســروه‪ ،‬ومــن هنــا تــأيت‬ ‫مخــاوف املعارضــة مــن تزويــر االنتخابــات‪.‬‬

‫انت نا بع الن احات امل عومة‬ ‫يف العالقات الخارجية‪ ،‬ولكن ب ك عا ‪ ،‬األمور‬ ‫ليست إي ابية بال رجة الت تصور ا الحكومة‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:45‬‬

‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫ما ا بعد‬

‫حـول كل‬ ‫طـراف املتعارضــة ـ‬ ‫تركيــا يف ــل انقســامات عميقــة للغايــة بــن األ ـ‬ ‫قضيــة تقريبــا‪.‬‬ ‫االحتماالت الثاثة األكرث ترجيحا يف نهاية االنتخابات هي‬ ‫فوز أردوغان بالرئاسة واألغلبية يف الرملان‪.‬‬ ‫فوز أردوغان بالرئاسة وخسارته األغلبية يف الرملان‪.‬‬ ‫خسارة أردوغان الرئاسة واألغلبية يف الرملان‪.‬‬ ‫ينظــر كثــريون يف تركيــا وخارجهــا إىل أردوغــان عــىل أنــه اســتبدادي بشــكل‬ ‫متزايد‪ .‬وعىل الجانب السلبي‪ ،‬اتسمت فرة واليته‪ -‬خاصة يف السنوات القليلة‬ ‫املاضية‪ -‬باألزمات ومزاعم الفساد والظروف االقتصادية الصعبة‪ ،‬مع ذلك ال‬ ‫يزال لديه أنصاره املتشددون‪ .‬يبدو أن شعبيته تفوق شعبية حزبه‪ ،‬لكن عىل‬ ‫الرغــم مــن ذلــك‪ ،‬يبــدو أنهــا انخفضــت مقارنــة بالســابق‪.‬‬ ‫يشــري أردوغــان وأنصــاره إىل أن تركيــا يف طريقهــا إىل وثبــة ك ـبـرية‪ ،‬ويزعمــون‬ ‫أنهم وحدهم القادرون عىل إدارتها‪ .‬أطلق أردوغان حملته تحت شعار القرن‬ ‫ا ـلـر ‪ ،‬وقــدّ م برنامجــه االنتخابــي الــذي يتضمــن دســتورا مدنيــا جديــدا ومدنــا‬ ‫مقاومة للكوارث وإصاحات تعزز سيادة القانون وخفض التضخم ومواصلة‬ ‫تطوير السياسة الخارجية باالستناد اىل أسس اإلنسانية وما يمليه الضمري‪.‬‬ ‫عــىل الجهــة املقابلــة‪ ،‬يمـ تحالــف األمــة املعــارض ُقدمــا يف تعهــده ب عــادة‬ ‫ترســي العدالــة وإن ـهـاء الفســاد وتقويــم االقتصــاد وجعــل تركيــا جد ـيـرة بالثقــة‬ ‫ـمـرة أخــرى‪.‬‬ ‫لقــد أكــد كليشــدار أوغلــو أنــه يجــب ترميــم كل يشء‪ ،‬وأن إحــدى أولوياتــه‬ ‫صـاح ه ـيـاكل الدولــة التــي تضــررت مــن السياســات الحزبيــة‬ ‫القصــوى ســتكون إ ـ‬ ‫حـزب العدالــة والتنميــة‪.‬‬ ‫يف عهــد ـ‬ ‫الرابح يف االنتخابات‪ ،‬ستكون لديه قضايا كثرية للتعامل معها‪.‬‬

‫‪058_AM.indd 65‬‬


‫سياسة‬

‫‪64‬‬

‫الم لة‬

‫تعا الحكومة رو ا اقتصادية صع ة‪ ،‬مع ل الت خم السنو‬ ‫أن األرقا الفعلية تت او‬ ‫و ‪ 57.68‬يف امل ة‪ ،‬لكن من ه امل‬ ‫التصر حات الرسمية بك‬

‫وما ا عن نواب الرئيس‬

‫يف تركيــا‪ ،‬بخــاف الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬ال‬ ‫يرشح نواب الرئيس إىل االنتخابات‪ .‬يجوز للرئيس‬ ‫تعين نائب للرئيس أو أكرث‪ ،‬بعد انتخابه‪ .‬يف حالة‬ ‫شــغور منصــب الرئيــس ألي ســبب مــن األســباب‪،‬‬ ‫يجري انتخاب الرئيس يف غضون خمسة وأربعن‬ ‫يومــا‪ .‬وحتـ ذلــك الحــن‪ ،‬يمــار نائــب الرئيــس‬ ‫ســلطات الرئيــس‪.‬‬ ‫عندمــا ان ُتخــب أردوغــان رئيســا عــام ‪ ،2018‬قــام‬ ‫بتعين فؤاد أوكتاي‪ ،‬وكيل الوزارة السابق لرئاسة‬ ‫الوزراء‪ ،‬نائبا للرئيس‪ .‬هذه املرة ومن جديد‪ ،‬هوية‬ ‫وعدد نواب الرئيس الذين قد يعينهم أردوغان إذا‬ ‫فاز باالنتخابات غري معروفة‪.‬‬ ‫جـزءا‬ ‫إذا ان ُتخــب كمــال كليشــدار أوغلــو‪ ،‬فـ ن ـ‬ ‫من صفقة تحالف األمة هو أن يتوىل قادة األحزاب‬ ‫الخمسة األخرى يف التحالف‪ ،‬باإلضافة إىل ر ساء‬

‫بلديتي أنقرة وإسطنبول‪ ،‬مناصب نواب للرئيس‪.‬‬ ‫هــذا يعطــي انطباعــا بوجــود مجلــس إدارة تحــت‬ ‫قيــادة الرئيــس‪.‬‬

‫أهم الق‬

‫ايا االنت ابية‬

‫قــال أردو غــان لقــد وسّ ــعنا اقتصاد نــا وعزز نــا‬ ‫ديمقراطيتنا وألغينا الحظر وأعطينا الثقة بالنفس‬ ‫واملصداقيــة للسياســة الخارجيــة الركيــة ‪.‬‬ ‫لكــن ال يتفــق الجميــع عــىل ذلــك‪ ،‬إذ تجــادل‬ ‫املعارضــة بــأن تركيــا تراجعــت يف كل هــذه املجــاالت‬ ‫تحــت حكــم أردوغــان‪.‬‬ ‫هناك الكثري من القضايا عىل األجندة السياسية‪،‬‬ ‫ولكنّ القضايا التالية تتصدر القائمة‬ ‫ضـرب ز ـلـزال الســاد مــن‬ ‫التعــايف مــن الز ـلـزال ـ‬ ‫فراير شباط ‪ 11‬مقاطعة‪ ،‬محدثا خسائر وأضرارا‬ ‫بشــرية هائلــة‪ .‬رســميا‪ ،‬حتـ العاشــر مــن أبريــل‬

‫خر استطالعات الرأ االنت ابية ل ‪11‬‬ ‫ا صوات التي نالتها ا‬

‫متوس‬

‫ركة مت صصة ي مار‬

‫زاب‬

‫استطالعات ‪11‬‬

‫‪%1.1 % 0.9‬‬ ‫زب‬ ‫السعاد‬

‫زب‬ ‫النصر‬

‫‪%1.3 % 1.2‬‬

‫زب‬ ‫العما‬ ‫التركي‬

‫‪%5.3‬‬

‫حالفات أخر‬

‫‪% 11.9‬‬ ‫حال‬

‫‪%1.6‬‬

‫‪%1.6‬‬

‫زب‬ ‫زب‬ ‫زب الر ا‬ ‫الديمقرا ية المستقب‬ ‫ال ديد‬ ‫والتقدم‬

‫العم والحرية‬

‫‪%2.9‬‬

‫زب‬ ‫الو ن‬

‫نيسان‪ ،‬لقي ‪ .‬شخصا حتفهم‪ .‬وصرح وزير‬ ‫البيئة والتطوير الحضري أن ‪ .‬مبن تندرج‬ ‫ضـرار الشــديدة‬ ‫تحــت فئــة الهــدم العاجــل أو األ ـ‬ ‫أو األبنيــة املنهــارة ‪ُ ،‬‬ ‫وتبــذل حاليــا جهــود ضخمــة‬ ‫ل نعــا واإلعمــار وإعــادة التأهيــل‪ .‬الصعوبــات‬ ‫والتحديــات ك ـثـرية‪.‬‬ ‫االقتصــاد تعــاين الحكومــة روفــا اقتصاديــة‬ ‫صعبــة منــذ ـفـرة‪ .‬معــدل التضخــم الســنوي هــو‬ ‫‪ .‬يف املئــة‪ ،‬لكــن مــن شــبه املؤكــد أن األرقــام‬ ‫الفعلية تتجاوز التصريحات الرسمية بكثري‪ .‬معدل‬ ‫التضخــم ألســعار املــواد الغذائيــة هــو ‪ 7‬يف املئــة خــر‬ ‫عامن‪ ،‬يف حن أنه ينخفض عىل الصعيد العاملي‪.‬‬ ‫كما تبلغ نســبة البطالة ‪ .‬يف املئة‪ ،‬ونســبة الفرد‬ ‫مــن الدخــل القومــي يف حالــة جمــود منــذ ســنوات‪،‬‬ ‫فيما فقدت اللرية الركية قيمتها مقابل العمات‬ ‫األجنبية‪ ،‬وغالبية الشعب الر أكرث فقرا‪ .‬تدّ عي‬

‫‪%6.5‬‬

‫ركة ا ترا مار‬

‫‪2023‬‬

‫‪% 10.7‬‬

‫‪% 27.6‬‬

‫‪% 10.5‬‬

‫الحزب ال ير‬

‫زب العم‬ ‫القومي‬

‫حال‬

‫‪% 40.6‬‬ ‫ال مهور‬

‫زب‬ ‫الشعوب‬ ‫الديمقرا ي‬

‫زب الشعب ال مهور‬

‫‪2023‬‬

‫‪% 32.8‬‬

‫زب العدالة والتنمية‬

‫من ي‬

‫التحالفات‬ ‫‪% 42.2‬‬

‫حال‬

‫ا مة‬

‫المصدر‪ :‬يورونيو التركية‬

‫‪02/05/2023 13:45‬‬

‫‪058_AM.indd 64‬‬


‫‪63‬‬

‫‪(Ata İ‬‬ ‫ا‬ ‫‪ 4‬حال‬ ‫سنان أوغان‪.‬‬ ‫املرشح الرئا‬ ‫األحزاب السياسية يف التحالف‬ ‫حزب النصر و أحزاب صغرية يميني متطرف‪،‬‬ ‫جـرة‪ .‬وسيشــارك جميــع‬ ‫قومــي ـتـر ‪ ،‬مناهــض لله ـ‬ ‫املرشحن يف قوائم حزب النصر‪.‬‬

‫ا راف ات ا همية ال اصة‬ ‫وال د واالنشقا ات‬

‫الخري بعد انشقاقه عن حزب العمل‬ ‫تأسس الحزب ّ‬ ‫القومــي بقيــادة ـمـريال أكشــينار‪ ،‬وهــي الزعيمــة‬ ‫النســائية الوحيــدة يف الســاحة السياســية الركيــة‬ ‫الحاليــة‪.‬‬ ‫حـزب املســتقبل عــىل يــد أحمــد داود‬ ‫تأســس ـ‬ ‫أوغلــو‪ ،‬وزيــر الخارجيــة الســابق ورئيــس الــوزراء‪،‬‬ ‫حـزب العدالــة والتنميــة‪.‬‬ ‫الــذي انفصــل عــن ـ‬ ‫كما انشق عيل باباجان‪ ،‬وزير االقتصاد السابق‬ ‫حـزب العدالــة والتنميــة‬ ‫ونائــب رئيــس الــوزراء‪ ،‬عــن ـ‬ ‫وأنشأ حزب الديمقراطية والتقدم‪.‬‬ ‫تأسس حزب الوطن عىل يد محرم إينجه‪ ،‬الذي‬ ‫حـزب الشــعب الجمهــوري للرئاســة يف‬ ‫كان مرشــح ـ‬ ‫عــام ‪ 2018‬واســتقال يف وقــت الحــق بعــد خســارته‬ ‫أمام أردوغان‪.‬‬ ‫حزب الشعوب الديمقراطي‪ ،‬الذي يواجه قضية‬ ‫تتعلــق باإلرهــاب‪ ،‬ومــن أجــل تجنــب خطــر عــدم‬ ‫القدرة عىل املشاركة يف االنتخابات يف حالة الحظر‪،‬‬ ‫سيخوض االنتخابات كحزب آخر‪.‬‬ ‫حـزب الخضــر اليســاري‪ ،‬والــذي ُيســم أيضــا‬ ‫ـ‬ ‫حزب األكراد‪ ،‬بدعم تقديري من ‪ 9‬إىل ‪ 12‬يف املئة‪.‬‬ ‫حـزب الخضــر اليســاري‬ ‫ويُاحـ أن قاعــدة دعــم ـ‬ ‫ال تقتصــر عــىل األ ـكـراد وال يصــوت جميــع األ ـكـراد‬ ‫صـاح الديــن دمريطــا ‪،‬‬ ‫لصالحــه‪ .‬هــذا ويقبــع ـ‬ ‫حـزب والســيا ذو‬ ‫الرئيــس املشــارك الســابق لل ـ‬ ‫الشعبية العالية‪ ،‬يف السجن منذ نوفمر تشرين‬ ‫الثــاين ‪ 2016‬ألســباب تتعلــق باإلرهــاب ‪.‬‬ ‫حـزب العمــال ا ـلـر النجــم الصاعــد‬ ‫قــد يكــون ـ‬ ‫ضـاء يف الرملــان‬ ‫يف االنتخابــات‪ ،‬حيــث إن لديــه ‪ 4‬أع ـ‬ ‫الحــايل‪ ،‬وقــد ُثمّ نــت ديناميتــه حتـ مــن قبــل أولئــك‬ ‫الذين يختلفون معه آيديولوجيا‪ .‬وت ــشري استطاعات‬ ‫الرأي إىل أن معدل دعمه يبلغ نحو ‪ .‬يف املئة‪.‬‬ ‫ح ــزب النصــر‪ ،‬بقي ــادة أومــيت أوزدا ‪ ،‬هــو حزب‬ ‫يم ـي ــني م ـت ــطرف قـ ـ ــومي ـتـر ‪ ،‬وت ـس ـ ـتـن ــد أس ـ ـس ـ ــه‬ ‫عل ـ مناهض ــة الهج ــرة‪ .‬وي ــمثل األش ــخاص الذيــن‬ ‫يريــدون عــودة الـ ـس ــورين والجماعــات األخــرى‪،‬‬ ‫مثـ ــل األفغـ ــان‪ ،‬إىل بلدانهم‪ .‬وأصب ــح الحزب مركز‬ ‫جذب يف البداية‪ ،‬ولكن يبــدو أن ش ــعبيته انخفضت‬ ‫خـرية‪.‬‬ ‫يف ا ونــة األ ـ‬ ‫يقود حزب الرفاه الديني فاتح أربكان‪ ،‬وهو نجل‬ ‫حـزب نجــم‬ ‫الســيا املحافـ املشــهور ومؤســس ال ـ‬ ‫الدين أربكان‪ .‬وعندما طلب حزب العدالة والتنمية‬

‫‪02/05/2023 13:45‬‬

‫الم لة‬

‫رجب يب‬ ‫أردو ان‬ ‫( حال‬ ‫ال مهور)‬

‫رجب يب أردو ان‪:‬‬ ‫ولد عام ‪1954‬‬ ‫محا ‪ ،‬عبو‬ ‫عمد سطنبو‬ ‫من ‪ 1994‬لى ‪1998‬‬ ‫أ د الم سسين‬ ‫الرئيسيين لحزب‬ ‫العدالة والتنمية عام‬ ‫‪ 2001‬عيم الحزب‬ ‫منذ عام ‪ 2003‬كم‬ ‫البالد على مد‬ ‫السنوات العشرين‬ ‫الما ية ي منصب‬ ‫رئيس الو راء (‪2003‬‬ ‫‪ )2014‬و ي منصب‬ ‫الرئيس (‪2014‬‬ ‫‪)2023‬‬

‫محرم ين‬ ‫( زب البلد)‬

‫محرم ين ‪:‬‬ ‫من مواليد ‪1964‬‬ ‫ديمقرا ي ا تراكي‬ ‫يزياء ومدير‬ ‫مدر‬ ‫مدرسة غ‬ ‫منصب ع و ي‬ ‫البرلمان عن زب‬ ‫الشعب ال مهور‬ ‫تى استقالت ي عام‬ ‫‪ 2018‬وكان المر‬ ‫الرئاسي لحزب‬ ‫الشعب ال مهور‬ ‫ي انت ابات عام‬ ‫‪ 2018‬وجاء ي المر بة‬ ‫الثانية بعد أردو ان‬ ‫أسس زب الو ن‬ ‫عام ‪2021‬‬

‫سياسة‬

‫كما كليشدار‬ ‫أو لو‬ ‫( حال ا مة)‬

‫كما كليشدار‬ ‫أو لو‪ :‬ولد عام ‪1948‬‬ ‫ديمقرا ي ا تراكي‬ ‫كان مو فا كوميا‬ ‫ب دخول المعتر‬ ‫السياسي‪ ،‬ي‬ ‫غ منصب رئيس‬ ‫م سسة ال مان‬ ‫االجتماعي انت ب‬ ‫ع وا ي البرلمان‬ ‫عام ‪ 2002‬عيم زب‬ ‫الشعب ال مهور‬ ‫منذ عام ‪2010‬‬

‫سنان أو ان‬ ‫ا)‬ ‫( حال‬

‫سنان أو ان‪ :‬مواليد‬ ‫‪ 1967‬ومي أكاديمي‬ ‫استرا ي ي كان‬ ‫ع وا ي البرلمان‬ ‫عن زب العم‬ ‫زب‬ ‫القومي ر‬ ‫بسبب خال ات م‬ ‫ياد‬

‫من أربكان االنضمام إىل تحالف الشعب‪ ،‬كان رده‬ ‫الرسمي هو ال يمكننا أن نكون شركاء يف ‪ 20‬عاما‬ ‫من الخطيئة‪ .‬لقد وصل حزب العدالة والتنمية إىل‬ ‫نهايته ‪ .‬وعىل الرغم من هذا التصريح الواضح‪ّ ،‬إال‬ ‫أن أربكان بعد فرة وجيزة سحب ترشيحه للرئاسة‬ ‫وأعلن أن حزبه قرر ا ن دخول االنتخابات مع حزب‬ ‫العدالة والتنمية وتحالف الشعب‪.‬‬ ‫حـزب شــديد التديــن‬ ‫حـرة هــو ـ‬ ‫حـزب الدعــوة ال ـ‬ ‫ـ‬ ‫ومناهض للعلمانيةوالجمهورين بشكلعلني‪ .‬يقال‬ ‫حـزب اللــه ا ـلـر املســؤول‬ ‫ـ‬ ‫إنــه مرتبــط بمــا يســم‬ ‫عــن عــدد مــن االغتيــاالت السياســية ا يديولوجيــة‪.‬‬ ‫حـرة حاضــر يف املشــهد بشــكل‬ ‫حـزب الدعــوة ال ـ‬ ‫ـ‬ ‫أكــر يف جنــوب شــرقي تركيــا‪ ،‬وغالبيــة أعضائــه مــن‬ ‫األكراد املتدينن املتطرفن‪ .‬يف انتخابات ‪ 2018‬بلغ‬ ‫إجمــايل مــا حصــل عليــه مــن أصــوات ‪ .‬يف املئــة‪.‬‬

‫االنت ابات الرئاسية‬

‫مــدة واليــة الرئيــس هــي ‪ 5‬ســنوات ويجــوز انتخــاب‬ ‫املرشــح لفرتــن كحــد أقــى‪.‬‬ ‫يجري الرشيح عىل الرئاسة إما من قبل حزب‬ ‫تحالــف ســيا ‪ ،‬أو يخــوض الراغبــون الســباق‬ ‫االنتخابي كمرشحن مستقلن‪ .‬ويمكنألي شخص‬ ‫‪ .‬توقيع من الجمهور‬ ‫مؤهل قادر عىل جمع‬ ‫التقدم كمرشح مستقل‪.‬‬ ‫صـول‬ ‫إذا لــم يتمكــن أي مــن املرشــحن مــن الح ـ‬ ‫عــىل ‪ 50‬يف املئة صــوت واحــد ‪ ،‬فتجــرى الجولــة‬ ‫الثانيــة بعــد ‪ 14‬يومــا‪ ،‬يف ‪ 28‬مايــو‪ .‬مــع هــذا النظــام‬ ‫يكون كل صوت مهما‪ ،‬وجميع األحزاب السياسية‪،‬‬ ‫غـرية‪ ،‬تشـ ّـكل فارقــا‪.‬‬ ‫مهمــا كانــت ص ـ‬ ‫املنافس الرئييس ألردوغان هو كليشدار أوغلو‪،‬‬ ‫وهما شخصان وأسلوبان مختلفان‪ .‬أردوغان يتمتع‬ ‫بشــخصية كاريزميــة‪ ،‬وهــو مســتعد للقتــال دائمــا‬ ‫ويميل وجهات نظره عىل من حوله‪ ،‬فيما كليشدار‬ ‫أوغلــو متحــدث هــاد ويعطــي انطباعــا بأنــه زعيــم‬ ‫يميل إىل الحكم من خال التشاور‪.‬‬ ‫حـزب‬ ‫حـزب الشــعوب الديمقراطــي و ـ‬ ‫لــم يقــدم ـ‬ ‫العمــال ا ـلـر أيّ مرشــح‪ ،‬ومــن املتوقــع أن يدعمــا‬ ‫كمــال كليشــدار أوغلــو يف الســباق الرئــا ‪.‬‬ ‫يشــعر ناخبــو املعارضــة بالقلــق مــن أن يجــذب‬ ‫حـرم إينجــه بعــض األصــوات التــي توجــد حاجــة‬ ‫م ـ‬ ‫كبرية إليها من حزب الشعب الجمهوري‪ ،‬ويذهب‬ ‫البعض إىل حد االدعاء بأن أردوغان يقف وراء حزب‬ ‫إينجه وترشيحه لهذا السبب بالضبط‪ .‬يدعي إينجه‬ ‫أن نســبة دعمــه يف الجولــة األوىل تبلــغ نحــو ‪ 10‬يف‬ ‫املئــة‪ ،‬كمــا يدعــي أنــه املرشــح الوحيــد الــذي يمكنــه‬ ‫هزيمــة أردوغــان يف الجولــة الثانيــة‪.‬‬ ‫حـزب الشــعب‬ ‫إينجــه مســتاء إلهمالــه مــن قبــل ـ‬ ‫الجمهوري‪ ،‬ويبدو أنهجعل مناألمر قضية شخصية‪.‬‬ ‫يغري إينجه‬ ‫لكنّ كل يشء ممكن يف السياسة‪ ،‬وقد ّ‬ ‫موقفه يف اللحظة األخرية لصالح كليشدار أوغلو‪.‬‬

‫‪058_AM.indd 63‬‬


‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫‪62‬‬

‫التحالفات الكبر و و‬ ‫ا زاب السياسية عليها‬

‫ستدخل األحزاب السياسية التحالفات االنتخابية‬ ‫إما بقوائم املرشحن الخاصة بها (قوائم منفصلة)‬ ‫شـركة‬ ‫تحــت شــعارها الخــاص‪ ،‬وإمــا بقوائــم م ـ‬ ‫شـركة‪ .‬وتشــكل املعاقــل‬ ‫سـراتيجية م ـ‬ ‫جـزء مــن ا ـ‬ ‫ك ـ‬ ‫حـزاب السياســية وكذلــك املرشــحون‬ ‫التقليديــة لأل ـ‬ ‫عوامــل حاســمة يف االنتخابــات‪.‬‬ ‫حـزاب‬ ‫يف العاشــر مــن أبريل نيســان‪ ،‬قدمــت األ ـ‬ ‫السياســية قوائمهــا للمرشــحن إىل املجلــس األعــىل‬ ‫لانتخابــات‪ ،‬وكانــت عــىل الشــكل التــايل‬

‫‪İ‬‬ ‫و‬ ‫‪ 1‬حال ال‬ ‫رجب طيب أردوغان‪.‬‬ ‫املرشح الرئا‬ ‫األحزاب السياسية يف التحالف‬ ‫حزب العدالة والتنمية محاف قومي‪.‬‬ ‫حزب الوحدة الكرى قومي‪ -‬محاف ‪.‬‬ ‫حزب العمل القومي قومي مع نكهة محافظة‪.‬‬ ‫حزب الرفاه الجديد يمن ديني‪.‬‬ ‫حزب الدعوة الحرة (‪.(HüdaPar‬‬ ‫حزب اليسار الديمقراطي‪.‬‬ ‫وستدخل األحزاب األربعة األوىل كأحزاب مستقلة‬ ‫بقوائم خاصة لكل منها‪ ،‬أما حزب الدعوة الحرة (‪4‬‬ ‫مرشحن) وحزب اليسار الديمقراطي (‪ 3‬مرشحن)‬ ‫حـزب العدالــة والتنميــة‪ ،‬وقــد‬ ‫فســيدخان يف قائمــة ـ‬ ‫تم ترشيح قادة هذين الحزبن يف دوائر انتخابية يف‬ ‫إسطنبول‪ ،‬حيث يُتوقع فوزهما هناك‪.‬‬ ‫واملع ــرو‬

‫‪ 2‬حا لـ ا مـ‬ ‫ال حا لـ الســدا‬ ‫كمال كليشدار أوغلو‪.‬‬ ‫املرشح الرئا‬ ‫األحزاب السياسية يف التحالف‬ ‫حـزب الشــعب الجمهــوري يســاري وســطي‬ ‫ـ‬ ‫شـرا ‪.‬‬ ‫ديمقراطــي ا ـ‬ ‫الحزب الديمقراطي يميني وسطي‪.‬‬ ‫حزب الديمقراطية والتقدم ليرايل محاف ‪.‬‬ ‫حزب املستقبل يميني محاف ‪.‬‬ ‫الخري يميني وسطي قومي‪.‬‬ ‫الحزب‬ ‫ّ‬ ‫حزب السعادة ديني‪ ،‬محاف ‪.‬‬ ‫يف هذا التحالف الثاين‪ ،‬تحالف األمة‪ ،‬سيكون‬ ‫األمــر أكــرث تعقيــدا بعــض الـ ء‪ ،‬حيــث سيشــارك‬ ‫حـزب الشــعب‬ ‫حـزاب خــارج ـ‬ ‫‪ 77‬مرشــحا مــن ســتة أ ـ‬ ‫حـزب الشــعب الجمهــوري‪.‬‬ ‫الجمهــوري عــىل قوائــم ـ‬ ‫حـزب الديمقراطيــة والتقــدم (‪،)25‬‬ ‫التوزيــع هــو ـ‬ ‫حـزب املســتقبل (‪،)19‬‬ ‫حـزب الســعادة (‪ ،)24‬و ـ‬ ‫و ـ‬ ‫حـزب الديمقراطــي (‪ .)3‬كمــا جــرى إدراج نائــب‬ ‫وال ـ‬ ‫سابق من حزب الشعب الجمهوري استقال فيما‬ ‫ّ‬ ‫وشكل حزبه الخاص‪ ،‬حزب التغيري‪ ،‬يف قائمة‬ ‫بعد‬ ‫حـزب الشــعب الجمهــوري أيضــا‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫حـزب يف تحالــف األمــة‪،‬‬ ‫ســيدخل ثــاين أكــر ـ‬

‫‪02/05/2023 13:45‬‬

‫ــا با ـ‬

‫حـزب الخـ ّـري‪ ،‬االنتخابــات بقائمتــه املســتقلة‬ ‫وهــو ال ـ‬ ‫حـزب اتفقــوا عــىل التنســيق‬ ‫أيضــا‪ ،‬ولكــن قــادة ال ـ‬ ‫حـزب الشــعب الجمهــوري يف األماكــن التــي‬ ‫مــع ـ‬ ‫يمكنهــم فيهــا الفــوز باملزيــد إذا أضيفــت أصواتهــم‬ ‫بعضهــا إىل بعــض‪.‬‬ ‫ضمن هذهاالسراتيجية‪ ،‬لن يشاركحزب الشعب‬ ‫الجمهــوري يف الرشــح يف ‪ 7‬دوائــر انتخابيــة‪ ،‬بينمــا‬ ‫الخري عن الرشح يف ‪ 9‬دوائر‪ .‬عاوة‬ ‫سيمتنع الحزب ّ‬ ‫حـزب الخـ ّـري ‪ 5‬مرشــحن‬ ‫عــىل ذلــك‪ ،‬ســيكون لــدى ال ـ‬ ‫يشاركون يف قوائم حزب الشعب الجمهوري‪.‬‬ ‫‪ 3‬حال الع والحر‬ ‫ال يوجد مرشح رئا ‪.‬‬ ‫األحزاب السياسية يف التحالف‬ ‫حـزب‬ ‫حـزب الخضــر اليســاري (وهــو مصنــف ك ـ‬ ‫ـ‬ ‫كــردي‪ ،‬وسيشــارك يف االنتخابــات ليكــون بديــا‬ ‫حـزب الشــعوب الديمقراطــي يف حــال حظــر‬ ‫عــن ـ‬ ‫حـزب)‪.‬‬ ‫هــذا ال ـ‬ ‫حزب العمال الر اشرا ‪.‬‬ ‫‪ 4‬أحزاب يسارية اشراكية صغرية جدا‪.‬‬ ‫وسيشارك حزب العمال الر بقوائم خاصة‬ ‫يف ‪ 41‬دائرة انتخابية‪ ،‬بينما يشارك مرشحو حزب‬ ‫الشعوب الديمقراطي واألحزاب األربعة اليسارية‬ ‫الصغرية يف قوائم موحدة‪.‬‬

‫مثي المر حات‬ ‫النساء ي‬ ‫ا زاب الرئيسة‬ ‫حال ال مهور‪:‬‬ ‫• زب العدالة والتنمية‪:‬‬ ‫‪ 113‬من أص ‪ 600‬مر‬ ‫)‪ 18.83‬ي الم ة)‬ ‫• زب العم القومي‪90 :‬‬ ‫(‪14‬‬ ‫من أص ‪ 600‬مر‬ ‫ي الم ة)‬ ‫• زب السعاد ‪ 45 :‬من‬ ‫(‪ 7.5‬ي‬ ‫أص ‪ 600‬مر‬ ‫الم ة)‬ ‫حال ا مة‪:‬‬ ‫• زب الشعب ال مهور ‪:‬‬ ‫‪ 156‬من أص ‪ 582‬مر حا‬ ‫)‪ 26.80‬ي الم ة)‬ ‫• الحزب ال ير‪ 139 :‬من‬ ‫أص ‪ 536‬مر حا (‪25.9‬‬ ‫ي الم ة)‬ ‫حال العم والحرية‪:‬‬ ‫ر اليسار ‪:‬‬ ‫• زب ال‬ ‫‪ 193‬من أص ‪ 490‬مر حا‬ ‫)‪ 39.38‬ي الم ة)‬ ‫• زب العما التركي‪161 :‬‬ ‫من أص ‪ 398‬مر حا‬ ‫)‪ 40.45‬ي الم ة)‬

‫‪058_AM.indd 62‬‬


‫‪61‬‬

‫سياسة‬

‫الم لة‬

‫تأ ‪ 36‬ح با سياسيا للم ار ة يف االنتخابات‪ ،‬ولكن أربعة منها‬ ‫من قوا م األح ا األخر ‪ ،‬وبالتا لن ت هر‬ ‫ست ار‬ ‫سو أسماء و عارات ‪ 32‬ح با عىل بطاقات االق ا‬

‫دولة‪ .‬وهؤالء األتراك الذين يعيشــون يف الخارج‪،‬‬ ‫وغالبيتهــم يف أملانيــا‪ ،‬تليهــا أعــداد ك ـبـرية يف فرنســا‬ ‫واململكــة املتحــدة وهولنــدا والنمســا‪.‬‬ ‫و قــد تأ هــل ‪ 36‬حز بــا سيا ســيا للمشــاركة يف‬ ‫االنتخابــات‪ ،‬ولكــن أربعــة منهــا ستشــارك ضمــن‬ ‫حـزاب السياســية األخــرى‪ ،‬وبالتــايل فلــن‬ ‫قوائــم األ ـ‬ ‫تظهر سوى أسماء وشعارات ‪ 32‬حزبا عىل بطاقات‬ ‫اال ـقـراع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وتقســم البــاد إىل ‪ 87‬دا ـئـرة انتخابيــة‪ ،‬ولــكل‬

‫دائرة عدد معن من الرملانين يختلف حسب عدد‬ ‫ضـاء الرملــان هــو ‪ 600‬نائــب‪،‬‬ ‫الســكان‪ .‬ومج ـمـوع أع ـ‬ ‫بينهــم ‪ 98‬نائبــا يمثلــون دا ـئـرة إســطنبول‪.‬‬ ‫وألخذ فكرة عن تركيبة الرملان الحايل من نواب‬ ‫إسطنبول‪ ،‬يوجد حاليا ‪ 43‬نائبا من حزب العدالة‬ ‫والتنمية‪ ،‬و‪ 27‬من حزب الشعب الجمهوري‪ ،‬و‪11‬‬ ‫حـزب‬ ‫حـزب الشــعوب الديمقراطــي‪ ،‬و‪ 8‬مــن ال ـ‬ ‫مــن ـ‬ ‫الخري‪ ،‬و‪ 8‬من حزب العمل القومي‪ ،‬وعضو واحد‬ ‫ّ‬ ‫فقط من حزب العمال الر ‪.‬‬ ‫ُتستخدم طريقة هوندت يف حساب عدد أعضاء‬ ‫الرملان‪ .‬وسيُحدد حساب وتوزيع النواب يف الدوائر‬ ‫االنتخابيــة مــع األخــذ بعــن االعتبــار عــدد األصــوات‬ ‫حـزب داخــل التحالــف يف‬ ‫التــي حصــل عليهــا كل ـ‬ ‫تلك الدائرة االنتخابية‪ُ .‬تضاف األصوات التي جرى‬

‫اإلدالء بها يف الخارج بشكل متناسب مع األصوات‬ ‫التي تحصل عليها األحزاب يف جميع أنحاء الباد‪.‬‬ ‫وكانــت عتبــة االنتخابــات يف تركيــا ‪ 10‬يف املئــة‪،‬‬ ‫وهي نسبة عالية جدا يف حال مقارنتها مع التمثيل‬ ‫الديمقراطي العادل‪ .‬وقد ُخ ّفضت النسبة يف مار‬ ‫‪ 2022‬إىل ‪ 7‬يف املئة‪ ،‬وهو تحسن طفيف‪ ،‬ولكنها ال‬ ‫ـتـزال مرتفعــة مقارنــة بمتوســط ‪ 5‬يف املئــة يف جميــع‬ ‫ديمقراطيات العالم‪.‬‬ ‫كانت إحدى الحجج التي استخدمها أردوغان‬ ‫لصالــح تغيــري النظــام القديــم أنــه أنتــج حكومــات‬ ‫ائتافيــة اعتورهــا العديــد مــن العيــوب‪ .‬مــع النظــام‬ ‫الرئــا ‪ ،‬لــم تعــد االئتافــات موجــودة‪ ،‬بــل حلــت‬ ‫محلهــا تحالفــات ولكــن هــذا يعنــي أن االســم هــو‬ ‫مــا تغـ ّـري‪ ،‬أمّ ــا الجوهــر فــا ـيـزال كمــا هــو‪.‬‬ ‫وتنطبــق العتبــة االنتخابيــة ‪ 7‬يف املئــة عــىل‬ ‫حـزاب الفرديــة عــىل حــدّ‬ ‫التحالفــات السياســية واأل ـ‬ ‫ســواء‪ .‬فـ ذا تجــاوز العــدد اإلجمــايل لألصــوات يف‬ ‫حـزاب‬ ‫تحالــف مــا تلــك العتبــة‪ُ ،‬تعتــر جميــع األ ـ‬ ‫املكونــة لائتــاف فا ـئـزة‪.‬‬ ‫حـزاب السياســية املشــاركة‬ ‫وسنســرد قائمــة باأل ـ‬ ‫يف االنتخابات‪ ،‬ونبن حجمها وسياساتها وقدرتها‬ ‫حـزاب‬ ‫عــىل التأثــري يف مجــرى األحــداث (تسلســل األ ـ‬ ‫وفقــا لألبجديــة الركيــة)‬

‫زب العدالة والتنمية‬ ‫يقود‬ ‫زب يميني محا‬ ‫الرئيس أردو ان‬ ‫زب الو د الكبر‬ ‫(‬ ‫(‬ ‫زب ومي متطرف‪ ،‬محا‬ ‫زب الشعب ال مهور‬ ‫زب يسار وسطي‬ ‫ديمقرا ي ا تراكي‬ ‫الحزب الديمقرا ي‬ ‫زب يمين وسطي‬ ‫زب الديمقرا ية والتقدم‬ ‫زب ليبرالي محا‬ ‫زب المستقب‬ ‫زب يميني محا‬ ‫زب الشعوب الديمقرا ي‬ ‫زب يسار ‪ ،‬ويعتبر زبا ل كراد‬ ‫زب الدعو الحر‬ ‫زب ديد التدين‬ ‫الحزب ال ير‬ ‫زب من اليمين الوسطي‪ /‬ومي‬ ‫زب الو ن‬ ‫زب من اليسار الوسطي‬ ‫زب العم القومي‬ ‫زب ومي يتسم بالمحا‬

‫ة‬

‫زب السعاد‬ ‫زب محا ‪ /‬ديني‬ ‫زب العما التركي‬ ‫زب ا تراكي‬ ‫الحزب الو ني‬ ‫زب يسار أورو سيو‬ ‫زب الر ا ال ديد‬ ‫زب ديني‬ ‫زب البلد‬ ‫زب يميني متطرف ومي ركي‬ ‫لله ر‬ ‫مناه‬

‫‪02/05/2023 13:45‬‬

‫‪058_AM.indd 61‬‬


‫سياسة‬

‫‪60‬‬

‫الم لة‬

‫االنت ابات الرئاسية لسنة ‪2018‬‬

‫عدد ا صوات التي ص عليها ك من المر حين‬ ‫‪%0,9‬‬

‫‪%0,2‬‬

‫‪433,704‬‬

‫‪98,955‬‬

‫مي‬

‫دو و برين‬

‫وفقا للنظام الجديد‪ ،‬تجرى االنتخابات الرئاسية‬ ‫عــىل جولتــن‪ ،‬تقــام الثانيــة يف حــال لــم يتمكــن أي‬ ‫مرشــح مــن تجــاوز عتبــة ‪ 50‬يف املئــة واحــد ‪،‬‬ ‫ويتنافــس عندهــا املرشــحان اللــذان يحصــدان أعــىل‬ ‫األصــوات يف الجولــة األوىل‪.‬‬ ‫ويف عــام ‪ ،2018‬تر شــح ســتة أ شــخاص ملنصــب‬ ‫الرئاســة‪ ،‬وحصــل أردوغــان يف الجولــة األوىل عــىل‬ ‫‪ 52.59‬يف املئــة مــن األصــوات‪ ،‬ليصبــح أول رئيــس‬ ‫للنظــام الجديــد‪ ،‬دون اللجــوء إىل جولــة ثانيــة‪،‬‬ ‫حـرم إينجــه مــن‬ ‫بينمــا حصــل أ ـقـرب منافســيه‪ ،‬م ـ‬ ‫حـزب الشــعب الجمهــوري‪ ،‬عــىل ‪ 30.64‬يف املئــة‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫يوضح الجدول عدد األصوات التي حصل عليها‬ ‫جـرت‬ ‫كل مرشــح يف االنتخابــات الرئاســية التــي ـ‬ ‫ســنة ‪:2018‬‬

‫ميرا أكشينار‬

‫‪%52,6‬‬

‫‪%8,4‬‬

‫‪26,330,823‬‬

‫‪4,205,795‬‬

‫رجب يب‬ ‫أردو ان‬

‫صال الدين‬ ‫دمير ا‬

‫‪%30,6‬‬ ‫‪15,340,321‬‬

‫محرم ين‬

‫‪2019‬‬

‫االنت ابات النيابية لسنة ‪2018‬‬

‫ذهــب الناخبــون األ ـتـراك إىل صناديــق اال ـقـراع آخــر‬ ‫جـرت االنتخابــات‬ ‫ـمـرة يف مــار آذار ‪ 2019‬حــن ـ‬ ‫البلدية‪ .‬وكان لانتخابات تأثري سيا كبري‪ ،‬حيث‬ ‫شــكلت النتائــج ضربــة ك ـبـرية ألردوغــان‪ ،‬إذ خســر‬ ‫حـزب العدالــة والتنميــة بلديــات املــدن الكــرى يف‬ ‫ـ‬ ‫حـزب‬ ‫إســطنبول وأن ـقـرة وبولــو وأنطاليــا ملصلحــة ـ‬ ‫حـزب العدا لــة‬ ‫الشــعب الجمهــوري‪ .‬و قــد كان ـ‬ ‫والتنميــة مســيطرا عــىل بلديــات املــدن هــذه عــىل‬ ‫مدار األعوام العشرين املاضية‪ ،‬وأحيانا ملدة أطول‬ ‫مــن ذلــك‪ ،‬وإن كان تحــت الفتــات أخــرى‪.‬‬ ‫أ هرت االنتخابات البلدية نجمن صاعدين عىل‬ ‫املسرح السيا الر أكرم إمام أوغلو‪ ،‬عمدة‬ ‫حـزب الشــعب الجمهــوري)‪،‬‬ ‫إســطنبول الجديــد ( ـ‬ ‫حـزب‬ ‫ومنصــور يافــا ‪ ،‬عمــدة أن ـقـرة الجديــد ( ـ‬ ‫الشــعب الجمهــوري)‪.‬‬

‫االنت ابات البرلمانية المقبلة ي‬ ‫‪ 14‬مايو ‪2023‬‬

‫وفقــا للمجلــس األ عــىل لانتخا بــات‪ ،‬فـ ن‬ ‫‪ 60.904.499‬شخصا مؤهلون للتصويت يف صناديق‬ ‫ا ـقـراع يبلــغ عددهــا اإلجمــايل ‪ 190.736‬صندوقــا‪،‬‬ ‫وهناك ‪ 3.286.786‬ناخبا إضافيا مؤهلون للتصويت‬ ‫يف الخارج مُوزعون عىل ‪ 4.969‬صندوق اقراع يف ‪74‬‬

‫‪02/05/2023 13:44‬‬

‫‪%7,3‬‬

‫‪3,649,030‬‬

‫أو انت ابات رئاسية ي‬ ‫الن ام ال ديد ‪2018‬‬

‫االنت ابات البلدية ي مار‬

‫ر مال أو لو‬

‫عدد الناخبينالمس لين‬

‫‪59.367.469‬‬

‫‪%86.22‬‬

‫‪51.189.444‬‬ ‫عددالمقترعينالفعليين‬

‫‪%100‬‬

‫عددالبرلمانيين‬

‫الحزب ال ير‬

‫زب العم‬ ‫القومي‬

‫زب الشعوب‬ ‫الديمقرا ي‬

‫‪%11.70 %11.10 %9.96‬‬

‫‪4.993.479‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪5.565.331‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪5.867.302‬‬ ‫‪67‬‬

‫زب الشعب ال مهور‬

‫‪%22.65‬‬ ‫‪11.354.190‬‬ ‫‪146‬‬

‫زب العدالة والتنمية‬

‫‪%42.56‬‬ ‫‪21.338.693‬‬ ‫‪295‬‬

‫المصدر‪ :‬الم لس ا على لالنت ابات‬

‫‪058_AM.indd 60‬‬


‫الم لة‬

‫‪59‬‬

‫ر االنت ابات الرئاسية على‬ ‫جولتين‪ ،‬قام الثانية ي ا‬ ‫من او‬ ‫لم يتمكن أ مر‬ ‫عتبة ‪ 50‬ي الم ة وا د‬ ‫ويتنا س عندها المر حان‬ ‫اللذان يحصدان أعلى ا صوات‬ ‫ي ال ولة ا ولى‬

‫معر‬ ‫وم و ال‬ ‫الح‬

‫ر‬

‫و‬

‫الحا م أما انتخابات مص ة‬

‫أنقر عمر أونهون رسو إيوان وايت‬ ‫غرا ي ديانا استيفانيا روبيو‬

‫‪02/05/2023 13:44‬‬

‫ن را لتزامن‬ ‫انت ابات ‪ 2023‬م الذكر‬ ‫الم وية لت سيس ال مهورية‬ ‫التركية‪ ،‬ستكون مة يمة‬ ‫رمزية لمن يفو بها‬

‫سياسة‬

‫مد والية الرئيس ‪ 5‬سنوات‬ ‫لفتر ين‬ ‫وي و انت اب المر‬ ‫كحد أ صى وي ر التر ي‬ ‫زب‪/‬‬ ‫على الرئاسة ما من ب‬ ‫حال سياسي‪ ،‬أو ي و‬ ‫الرا بون السبا االنت ابي‬ ‫كمر حين مستقلين‬

‫منتصــف مايو أيــار ‪ ،2023‬موعــد االنتخابــات الرئاســية والرملانيــة‪ ،‬التــي ربمــا تكــون أهــم انتخابــات‬ ‫حـزاب عــام ‪.1946‬‬ ‫منــذ أول انتخابــات متعــددة األ ـ‬ ‫ونظرا لتزامن انتخابات ‪ 2023‬مع الذكرى املئوية لتأســيس الجمهورية الركية‪ ،‬فســتكون ثمّ ة‬ ‫قيمــة رمزيــة ملــن يفــوز بهــا‪.‬‬ ‫يتوىل حزب العدالة والتنمية السلطة منذ عام ‪ ،2002‬حيث حكم رجب طيب أردوغان بن عامي‬ ‫‪ 2003‬و‪ ،2014‬رئيســا للــوزراء‪ ،‬ثــم مــن ‪ 2014‬ولغايــة اليــوم بصفتــه رئيســا لركيــا‪ .‬وكان أردوغــان‪،‬‬ ‫خــال ـفـرة رئاســته للــوزراء‪ ،‬يجــادل بــأن املنظومــة السياســية الركيــة كانــت تبطــئ تقــدّ م البــاد‪،‬‬ ‫ودعــا إىل نظــام يمكنــه تســهيل تقــدم مــا ســماه تركيــا الجديــدة يف قــرن وصفــه بـ القــرن ا ـلـر ‪.‬‬ ‫جـاءت محاولــة االنقــاب عــام ‪ 2016‬لتقــدّ م ألردوغــان فرصــة للمـ قدمــا يف فكرتــه بتغيــري‬ ‫و ـ‬ ‫جـاءت نتيجتــه‬ ‫النظــام‪ .‬ويف أبريل نيســان ‪ ،2017‬جــرى اســتفتاء للتصويــت عــىل تعديــات الدســتور ـ‬ ‫حـزب العمــل القومــي يف تغيــري املنظومــة‪ .‬وقــد‬ ‫حـزب العدالــة والتنميــة وحليفــه ـ‬ ‫موافقــة لرغبــات ـ‬ ‫حصــل أردوغــان عــىل مــا يريــد بــ‪ 51.41) 25,157,463‬يف املئــة) صوتــوا بـ نعــم ‪ ،‬مقابــل ‪23,779,141‬‬ ‫)‪ 48.59‬يف املئــة) صوتــوا بـ ال ‪.‬‬ ‫ونتج عن التعديات الدستورية إلغاء منصب رئيس الوزراء‪ ،‬وحل محله نظام رئا ورئاسة‬ ‫تنفيذية‪ ،‬حيث يُنتخب الرئيس كل خمس سنوات‪.‬‬

‫‪058_AM.indd 59‬‬


1

10/10/22

12:20 PM

CAPTURE COLLECTIONS

Hia Akillis FP Sep 2022.pdf

A K I L L I S. C O M

058_AM.indd 58

02/05/2023 13:44


‫‪57‬‬

‫‪02/05/2023 13:39‬‬

‫الم لة‬

‫صور و صة‬

‫‪056_AM.indd 57‬‬


‫صور و صة‬

‫‪56‬‬

‫الم لة‬

‫ألــوان الخــوف‬ ‫والقلــق‬ ‫نانة سودانية تكتب وترسم‬ ‫الرا ن‬ ‫يف “امل لة” عن الو‬ ‫ن‬

‫ورسم و اء صال‬

‫الصراع عىل السلطة‬ ‫معاناة السودانين‬

‫منذ أربعة أعوام‪ ،‬يمر السودان بصراعات عىل الحكم والسلطة‪ ،‬وليس للمواطنن يد‬ ‫يف الحرب التي تحدث يف السودان حاليا‪ ،‬لكنهم أكرث املتضررين بقتلهم وتدمري منازلهم‬ ‫والنزوح من وطنهم والعيش يف رعب ورهبة مما قد يحدث تاليا‪ .‬وأستطيع أن أقول إن‬ ‫هذا ما يعيشه حت الذين هم خارج الدولة‪ ،‬قلقا عىل أهلهم وأحبائهم املوجودين يف‬ ‫الداخل‪.‬‬ ‫قدّ م الكثري من الفنانن أعماال تسلط الضوء عىل ما يجري حاليا يف السودان بسبب‬ ‫النزاع عىل السلطة‪ ،‬وعكس كثري من األعمال الخوف والقلق والدمار الذي حدث للبيوت‬ ‫ُ‬ ‫حاولت عكس وإيصال ما يحدث يف بلدي السودان‬ ‫يف مدينة الخرطوم‪ .‬يف هذه اللوحات‪،‬‬ ‫من نزاع وما خلفه ذلك من ضحايا ومشاعر قلق وعكس رغبتي التي أستطيع القول بأن‬ ‫هذه رغبة كل سوداين ا ن‪ .‬أن ينتهي هذا الوضع ونعيش يف سام‪.‬‬ ‫منذ بداية النزاع مررت بحالة من الخوف والحزن ونكران ملا يحدث من روع األحداث‬ ‫والدمار الذي حدث وإصابة املواطنن داخل بيوتهم والشوارع العامة‪ .‬يف بعض األحيان‬ ‫أشعر أنه حلم سيئ ال أكرث‪.‬‬ ‫الرسم ساعدين يف التعبري عن حزين ومدى رغبتي يف إحال السام يف السودان‪،‬‬ ‫وإيضاح أن هذه الحرب ليست حربنا وليس للمواطن الريء الذي يعيش يف خوف‬ ‫ويموت داخل منزله أي يد يف هذا الصراع‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:38‬‬

‫‪056_AM.indd 56‬‬


‫الم لة‬

‫‪55‬‬

‫سياسة‬

‫نا خطأ منه وقعت يه قو الحر ة والتغي ومن يم يف ر ها‬ ‫ح حاولت بناء يك ديمقراط باستخ ا أدوات قمعية‪.‬‬ ‫عهد التحالف بن “الجبهة القومية اإلســامية”‬ ‫والعسكر لـحواىل ‪ 30‬سنة‪ ،‬دورا كبريا يف تحويل‬ ‫عقيــدة القــوات املســلحة يف فهمهــا لعاقتهــا مــع‬ ‫جهــاز الدولــة مــن “الحمايــة” اىل “الوصايــة”‪،‬‬ ‫بحيــث أصبحــت تعتــر نفســها كيانــا فــوق جهــاز‬ ‫الدولة وليست جزءا منه تمتد شواهد ذلك من‬ ‫تصريحات الج ال الرهان وحت الشعور الطاغي‬ ‫لدى “الخراء االسراتيجين” الذي يعترون أن‬ ‫أي هراء يقولونه هو من جوامع الكلم التي ينبغي‬ ‫أن يقتنــع بهــا الجميــع‪.‬‬

‫سبا‬

‫مغانم‬

‫منــذ وقــت مبكــر‪ ،‬أدرك الوســطاء الدوليــون‪،‬‬ ‫التحول الذي حدث يف طبيعة وأهداف العملية‬ ‫السياســية وتحولهــا إىل ســباق مغانــم يهــدف إىل‬ ‫السلطة‪ ،‬ولذلك أصبحت وساطتهم تركز حول‬ ‫هــذه النقطــة‪.‬‬ ‫ولعل زلة اللسان أو اإلشارة املقصودة‪ ،‬التي‬ ‫وردت يف تقريــر املمثــل الخــاص لألمــن العــام‬ ‫فولكــر بريتــس األخــري ملجلــس األمــن‪ ،‬أن بعــض‬ ‫حـركات املوقعــة عــىل اتفــاق ســام جوبــا‬ ‫قــادة ال ـ‬ ‫تسع فقط لضمان مشاركتها يف السلطة‪ ،‬تصلح‬ ‫للتعميــم عــىل جميــع املشــاركن يف العمليــة‪ ،‬إذ‬ ‫إن بريتــس يعــرف تمامــا أن هــذه العمليــة‪ ،‬التــي‬ ‫أصبــح يلعــب فيهــا بمعيــة آخريــن دور املخــرج‪،‬‬

‫أصبح الغرض منها الوصول إىل معادلة لتقسيم‬ ‫حـول‬ ‫الســلطة وضمــان النفــوذ وليــس دعــم الت ـ‬ ‫الديمقراطــي‪.‬‬ ‫ولهــذا أصبــح الوســطاء الدوليــون ومو فوهــم‬ ‫يف أمــم متحــدة وســفراء واتحــاد أفريقــي وإيقــاد‬ ‫وغريهــا يــرددون بثقــة بعــض الدفوعــات الغريبــة‬ ‫وكأنهــا ثوابــت منطقيــة‪ ،‬مثــل عــدم ق ـبـول برهــان‬ ‫كقائد للجيش بخضوع الجيش إلدارة مدنية غري‬ ‫منتخبة‪ ،‬وهو يف ذلك يشكك يف شرعية هذه اإلدارة‬ ‫يف املقــام األول‪ ،‬فلمــاذا يشــارك فيهــا‪.‬‬ ‫ومــا هــو هــذا الوضــع الغريــب الــذي يتمتــع فيــه‬ ‫جيــش الدولــة باســتقال عــن الجهــاز التنفيــذي‬ ‫للدولة‪ ،‬شرعية االنتقال وحكومته هي من شرعية‬ ‫شـرعية‪ ،‬فاألوىل به‬ ‫الثورة‪ ،‬ومن ال يقبل بهذه ال ـ‬ ‫أن ال يشارك فيها‪ ،‬وثانية الغرائب أن حميديت ال‬ ‫يعرض عىل أن يكون جزءا من الجيش‪ ،‬لكنه ال‬ ‫يرغــب يف أن يخضــع أو يكــون تابعــا للقائــد العــام‬ ‫للجيــش وأنــه يفضــل التبعيــة ـلـرأ الدولــة‪ ،‬ذي‬ ‫املهام الشرفية‪ ،‬ناهيك عن أن ذلك يجعل القائد‬ ‫العام ليس قائدا وال عاما‪.‬‬ ‫لم يخرنا أي من هؤالء الخراء األممين عن‬ ‫كيــف يســتقيم هــذا الوضــع مــع الســعي إلن ـهـاء‬ ‫تعدد الجيو وحاميل الساح يف الدولة‪ ،‬وكل‬ ‫هــذه الغرائــب التــي يتــم التعامــل معهــا كأســانيد‬ ‫منطقية يف باد العجائب‪ ،‬مرتبطة بيقن هؤالء‬

‫الرئيس السوداين السابق‬ ‫عمر حسن البشري جنوب‬ ‫دارفور يف ‪ 28‬ابريل ‪.2015‬‬ ‫( اف ب)‬ ‫متظاهرون عىل حافلة‬ ‫يف الخرطوم يف ‪ 23‬ابريل‬ ‫‪ ( .2019‬أف ب )‬

‫‪03/05/2023 10:09‬‬

‫الوســطاء أن األمــر ال يعــدو مجــرد مســاومة عــىل‬ ‫مائــدة الســلطة وليــس ســعيا الســتعادة مســار‬ ‫االنتقــال بشــكل حقيقــي‪.‬‬ ‫ويف هذا أيضا يدخل النقا حول فرة دمج‬ ‫“الدعــم الســريع”‪ ،‬التــي يتحــدث البعــض عــن‬ ‫شـرة أعــوام‪ ،‬وبينمــا يدفــع آخــرون‬ ‫حاجتهــا لع ـ‬ ‫بحاجتهــا لعا مــن فقــط لتصبــح الو ســاطة يف‬ ‫إقناعهــم بالق ـبـول بحــل وســط يف خمســة أعــوام‪،‬‬ ‫دون أن يجيب أحد هؤالء الجهابذة عىل سؤال‬ ‫إىل مــاذا تســتند هــذه األرقــام‬ ‫إذ إن “قــوات الدعــم الســريع” ال تختلــف عــن‬ ‫الجيش يف يشء سوى تركيبها القبيل وهو األمر‬ ‫صـاح‪،‬‬ ‫الــذي ينبغــي أن ينتهــي يف أي عمليــة إ ـ‬ ‫ولكنهــا قــوات كا نــت تحــارب العــدو نفســه‪،‬‬ ‫وبالعقيــدة القتاليــة ذاتهــا‪ ،‬واألســلحة نفســها‬ ‫وكذلــك التدريــب‪ ،‬بــل إن عــددا مقــدرا وك ـبـريا مــن‬ ‫ضباطهــا هــم مــن الضبــاط الســابقن يف القــوات‬ ‫شـرات‬ ‫املســلحة‪ ،‬فلمــاذا يح ـتـاج دمجهــا إىل ع ـ‬ ‫حـول‬ ‫الســنن إذا لــم يكــن األمــر مجــرد مســاومة ـ‬ ‫اســتمرار النفــوذ الســيا لقائدهــا‬ ‫أصبــح املجتمــع الــدويل ووســطا ه يســعون‬ ‫صـول إىل اتفــاق‪ ،‬بــأي شــكل كان‪،‬‬ ‫إىل مجــرد الو ـ‬ ‫وأصبــح تركيــز بعــض ‪ -‬إن لــم يكــن غالبيــة ‪-‬‬ ‫املو فــن واملبعو ثــن االحتفــال بانت ـهـاء نا جــح‬ ‫للعملية السياسية‪ ،‬بغض النظر عما ستنتجه‪،‬‬ ‫وإذا مــا كانــت تخــدم أهــداف الثــورة واالســتقرار‬ ‫والديمقراطيــة أم ال‪.‬‬ ‫بطبيعــة الحــال‪ ،‬اســتغل اإلســاميون وبقايــا‬ ‫النظــام الســابق التو تــر و ســاهموا يف تأجيجــه‬ ‫غـرض مزيــد مــن الزعزعــة‬ ‫سياســيا وعســكريا ب ـ‬ ‫وعــدم االســتقرار يف مســار االنتقــال الســوداين‬ ‫واالنتقــام مــن فقدانهــم للحكــم‪ .‬باألحــرى فـ ن‬ ‫ك ـثـريا مــن األســانيد تؤيــد أنهــم كانــوا وراء إطــاق‬ ‫صـراع‪ ،‬ولكــن يظــل‬ ‫الرصاصــة األوىل يف هــذا ال ـ‬ ‫طموح الج الن نحو االنفراد بالحكم الشمويل‬ ‫حـرك األول لل ـنـزاع فيمــا بينهمــا‪.‬‬ ‫هــو امل ـ‬ ‫كا الطرفــن ‪ -‬الجيــش و “الدعــم الســريع”‪-‬‬ ‫شـركاء عــىل حــد الســواء يف انت ـهـاكات شــهدتها‬ ‫ـ‬ ‫البــاد وهــي انقــاب ‪ 25‬أكتوبــر ‪.2021‬‬ ‫والـ ـصـ ــراع ال ـحــال ــي بـيـنـه ـمـ ــا ه ــو م ـع ــركة ع ـل ـ‬ ‫غ ـنــائ ــم ومـص ــالح‪.‬‬

‫‪050_AM.indd 55‬‬


‫سياسة‬

‫وبــدال مــن إن ـهـاء االنقــاب وإعــادة االنتقــال‬ ‫املــدين الديمقراطــي إىل مســاره املرتبــط بأهــداف‬ ‫صـاح ضرور يــة‬ ‫الثــورة والتغيــري وعمليــات إ ـ‬ ‫ذات طابــع جــذري وتأســييس يف جهــاز الدولــة‬ ‫بشقيه املدين والعسكري‪ ،‬أصبح هدف العملية‬ ‫السياسية محاوالت حثيثة ورخيصة لألمانة‬ ‫للعودة إىل السلطة دون تمحيص فيما يحدث‬ ‫بعــد ذلــك‪.‬‬ ‫و تــم ا ســتخدام كل أدوات التضليــل‬ ‫والروباغاندا يف الرويج لهذه العودة باعتبارها‬ ‫انتصارا إلرادة شعبية‪ ،‬بينما اإلرادة الشعبية ال‬ ‫ـتـزال رغــم إرهاقهــا املتزايــد مــن الوضــع الحــايل‬ ‫تنظــر بكثــري مــن الشــك إىل مخرجــات هــذه‬ ‫عـرثة‪.‬‬ ‫العمليــة املت ـ‬ ‫كمــا أن تقلــب تحالفــات االنقابيــن مــع‬ ‫القــوى السياســية‪ ،‬وتحولهــا مــن ضفــة “الكتلــة‬ ‫الديمقراطية” إىل االنخراط مع املجلس املركزي‪،‬‬ ‫إىل جعل هذه العملية جزئية بشكل يهدد قدرة‬ ‫مخرجاتها عىل تحقيق أي اســتقرار‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫اســتعادة مســار االنتقــال‪.‬‬ ‫وأدى تحول العملية إىل مجرد ساحة لحصد‬ ‫مغانم سلطوية‪ ،‬إىل تحويل نقا القضايا إىل‬ ‫مســاومات “خــذ وهــات”‪ ،‬ال يتــم الركيــز فيهــا‬ ‫بشــكل كبــري عــىل األهــداف املتعلقــة باالنتقــال‬ ‫شـراء داء تســييس‬ ‫نفســه‪ ،‬وكمــا أدى إىل است ـ‬ ‫قضايا اإلصاح ومهام الفرة االنتقالية املختلفة‬ ‫بما جعلها فرصة ليحصد كل طرف من األطراف‬ ‫السياسية ما يستطيع من مكاسب‪ ،‬وألن دافع‬ ‫القوى املدنية املوقعة عىل االتفاق اإلطاري أصبح‬ ‫مجرد الرجوع إىل السلطة فقد كانت األكرث كرما‬ ‫يف منــح التنــازالت‪.‬‬

‫‪03/05/2023 10:09‬‬

‫الم لة‬

‫‪100‬‬

‫ال مقا‬ ‫وعد ميد ي ي‬ ‫مايو ‪ ،2014‬بت نيدهم‬ ‫د اعا عن الن ام‬ ‫أدا لبناء الديمقرا ية‬

‫والسؤال الذي يطرح نفسه ا ن هو ماذا يريد‬ ‫العســكر حصانــة مــن املحاســبات‪ ،‬فمنحوهــم‬ ‫طـاء مــن ال يملــك ملــن ال يســتحق‪،‬‬ ‫الحصانــة يف ع ـ‬ ‫وحاولــوا إخراجهــا عــر نقاشــات فوقيــة لقضيــة‬ ‫العدالــة االنتقاليــة بمناقشــة تجــارب كولومبيــا‬ ‫وجنوب أفريقيا‪ ،‬ولكن أغفلت مناقشة املسؤولية‬ ‫السياسية عن الجرائم التي تم ارتكابها‪ ،‬بما حول‬ ‫مخرجاتهــا إىل محــض تقنــن كامــل ل فــات مــن‬ ‫العقــاب‪ ،‬وتمــت تحليــة الصفقــة باملشــاركة يف‬ ‫تبييــض اســم وســمعة “قــوات الدعــم الســريع”‬ ‫وقائدها حميديت والتي بدأت بتسميته “شخصية‬ ‫العــام لحقــوق اإلنســان” يف الســودان واســتمرت‬ ‫يف إعــادة تقديمــه كحليــف للقــوى الديمقراطيــة‪.‬‬ ‫يذكــر أنــه ُعقــدت ورشــة معالجــة إشــكاالت‬ ‫اتفاق جوبا دون مشاركة أغلب املوقعن‪ ،‬ودون‬ ‫مناقشة حقيقية ملاهية هذه اإلشكاالت عىل أرض‬ ‫الواقــع‪ ،‬ولــم تخــرج ســوى بت ـكـرار الورشــة ـمـرة‬ ‫أخرى يف جوبا ودون توصيات ذات معن تعالج‬ ‫األزمة الحقيقية يف فرة االنتقال‪ ،‬وهو تعريفها‬ ‫كفرة إلنجاز مهام اإلصاح وإعادة البناء وليس‬ ‫صـراع عــىل الحكــم والســيطرة‪.‬‬ ‫ال ـ‬

‫‪54‬‬

‫ومضــت ور االتفــاق اإلطــاري (املبــدأي) يف‬ ‫منهج التسابق ذاته لانتهاء منها بأي شكل كان‪،‬‬ ‫انصرافا للركيز عىل الجائزة والهدف الرئيس من‬ ‫العملية‪ ،‬وهو غنيمة السلطة‪ ،‬لكن األمر انفجر‬ ‫خـرية‪ ،‬والتــي يربــع‬ ‫صـاح األمنــي األ ـ‬ ‫يف ورشــة اإل ـ‬ ‫الفاعلــون األساســيون (الجيــش وقــوات الدعــم‬ ‫السريع) يف مناقشتها عىل سدة السلطة بالفعل‪،‬‬ ‫ولذلــك ســع الطرفــان إىل الركيــز عــىل حصــد‬ ‫مكاســب سياســية طويلــة األمــد لــكل منهمــا عــىل‬ ‫حســاب ا خــر‪ ،‬بغــض النظــر عــن منطقيــة ذلــك‪.‬‬ ‫لكــن الخطــورة األكــر يف هــذه العمليــة أنهــا‬ ‫الســوداين‬ ‫مفصليــة تتعلــق بالتاريـ الســيا‬ ‫واستخدام الساح فيه‪ ،‬بما جعل صراع السياسة‬ ‫مرتبطا بالسطوة والنفوذ العسكري القادر عىل‬ ‫االنقاب عىل أي أسس متفق عليها ديمقراطيا‪،‬‬ ‫وجعــل الســودان يتصــدر قائمــة الــدول األفريقيــة‬ ‫التي شهدت أكر عدد من االنقابات ومحاوالت‬ ‫صـاح العســكري واألمنــي‬ ‫االنقــاب‪ ،‬فعمليــة اإل ـ‬ ‫ال تصلح ألن تكون مرتعا للمزايدات السياسية‪،‬‬ ‫ومفاهيم مثل خضوع األجهزة العسكرية للرقابة‬ ‫املدنية‪ ،‬ووحدة هياكل السيطرة والتحكم وقيادة‬ ‫القــوات املســلحة يف البــاد‪ ،‬وأســاليب ومناهــج‬ ‫التجنيــد والتدريــب والتســليح‪ ،‬ليســت مرتبطــة‬ ‫وال ينبغــي لهــا بالســعي لوجــود حليــف يملــك‬ ‫الساح والنفوذ العسكري لانحياز لفرض هذه‬ ‫األجنــدة أو تلــك‪ ،‬هــذا خطــأ منهجــي وقعــت فيــه‬ ‫“قــوى الحريــة والتغيــري” ومــن يمـ يف ركبهــا‬ ‫حــن تحــاول ب ـنـاء هيــكل ديمقراطــي باســتخدام‬ ‫أدوات قمعيــة‪ ،‬و قــد أُسســت “ قــوات الد عــم‬ ‫السريع” خال عهد البشري ك حدى أدوات القمع‬ ‫حـرب األهليــة‪ ،‬وهــذا أســا متجــذر ال يصلــح‬ ‫وال ـ‬ ‫معــه تحويلهــا بــن ليلــة وضحاهــا إىل أداة لب ـنـاء‬ ‫الديمقراطيــة وتمديــن الحيــاة السياســية‪ ،‬ذلــك‬ ‫ناهيــك عــن أن حميــديت وقواتــه لــم يو ـفـرا جهــدا‬ ‫يف االنخراط يف قضايا وشــؤون إقليمية ودولية‪،‬‬ ‫تكشف بوضوح عن طموحات قائدها يف استخدام‬ ‫هذه القوات كرافعة لطموحاته السياسية داخل‬ ‫وخــارج الســودان‪.‬‬ ‫وعــىل صعيــد آخــر‪ ،‬فـ ن الجيــش الســوداين‬ ‫مصــاب بــداء العمــل الســيا ‪ .‬ولعبــت ـفـرات‬ ‫الحكــم العســكري املطولــة يف البــاد‪ ،‬وآخرهــا يف‬

‫‪050_AM.indd 54‬‬


‫الم لة‬

‫‪53‬‬

‫سياسة‬

‫عناصر من “قوات الدعم‬ ‫السريع” يف الخرطوم يف‬ ‫‪ 19‬يونيو ‪( 2022‬ا ف ب)‬

‫اندلعت املظاهرات مرة أخرى بشكل واسع أجر‬ ‫املجلــس العســكري عــىل التفــاوض مــع املدنيــن‬ ‫واالتفاق عىل الوثيقة الدستورية وتكوين حكومة‬ ‫مدنية انتقالية بمجلس سيادة مدين عسكري‪.‬‬ ‫الحكو مــة عبداللــه حمــدوك يف‬ ‫ورأ‬ ‫أ غســطس آ ب ‪.2 0 1 9‬‬ ‫بينمــا كان العســكريون وعــىل رأســهم برهــان‬ ‫وحميديت يف مجلس السيادة الذي ترأسه برهان‬ ‫وعــن حميــديت نائبــا لــه‪ .‬وكان مــن املتفــق أن يتــم‬ ‫تســليم رئاســة مجلــس الســيادة يف الثلــث األخــري‬ ‫مــن ال ـفـرة االنتقاليــة لرئيــس مــدين‪ .‬ولكــن عنــد‬ ‫ا ـقـراب هــذا امليقــات‪ ،‬قــام العســكريون بانقابهــم‬ ‫شـراكة‪،‬‬ ‫يف ‪ 25‬أكتوبــر ‪ ،2021‬معلنــن فــض ال ـ‬ ‫وعمليا انتهاء عملية االنتقال املدين الديمقراطي‬ ‫يف الســودان‪.‬‬ ‫لــم تكــن ال ـفـرة االنتقاليــة التــي ســبقت هــذا‬ ‫االنقــاب سلســة‪ .‬حيــث تزايــد نفــوذ العســكرين‬ ‫جـراء ســعي كثــري مــن القــوى املدنيــة‬ ‫يف الحكــم ـ‬ ‫لاستعانة واالستقواء بهم يف مواجهة الحكومة‬ ‫املدنيــة غــري الحزبيــة يف املرحلــة األوىل‪.‬‬ ‫كما تزايد النفوذ االقتصادي واإلقليمي لـ“قوات‬ ‫الدعــم الســريع”‪ ،‬وتزايــدت اتصاالتــه الخارجيــة‬ ‫وصاته يف اإلقليم‪ ،‬وكذلك بن صات اقتصادية‬ ‫وعسكرية وطيدة مع “مجموعة فاغ ” الروسية‬ ‫التــي اســتعانت بــه لعملهــا يف منطقــة الســاحل‪،‬‬ ‫واستعانت بحميديت وقواته يف النفوذ الرو يف‬

‫‪03/05/2023 10:08‬‬

‫مايل والنيجر وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسط ‪،‬‬ ‫وليبيــا التــي دعــم فيهــا حميــديت بقواتــه الجـ ال‬ ‫خليفة حفر عام ‪.2019‬‬ ‫يف الداخل‪ ،‬ل العسكريون يضعون العراقيل‬ ‫أمــام الحكومــة املدنيــة‪ .‬واســتعانوا ببقايــا النظــام‬ ‫إلثارة النزعات القبلية واإلقليمية لتضييق الخناق‬ ‫عليها‪ .‬وصل ذلك إىل تشجيع مجموعات محلية‬ ‫عــىل إغــاق مي ـنـاء بورتســودان‪ ،‬املنفــذ البحــري‬ ‫الرئيــيس للبــاد‪ ،‬وتشــجيع تنظيمــات سياســية‬ ‫منشــقة عــن تحالــف “قــوى الحريــة والتغيــري”‬ ‫إلقامة اعتصام أمام القصر الجمهوري للمطالبة‬ ‫ب سقاط حكومة حمدوك يف التمهيد النقابهم‪.‬‬ ‫شكلت هذه املجموعات املنشقة الداعم السيا‬ ‫الرئييس النقاب ‪ 25‬أكتوبر‪،‬وهي ما عرفتالحقا‬ ‫بمجموعــة “الكتلــة الديمقراطيــة”‪ ،‬والتــي كانــت‬ ‫أغلب مكوناتها من مجموعة التنظيمات املوقعة‬ ‫عــىل اتفــاق ســام جوبــا يف أكتوبــر ‪.2020‬‬ ‫لكــن تحــت الرفــض الواســع لانقــاب وضغــط‬ ‫املجتمــع الــدويل إلن ـهـاء الحالــة‪ ،‬وافــق شــريكا‬ ‫االنقاب عىل االنخراط يف عملية استعادة مسار‬ ‫حـول املــدين الديمقراطــي‪.‬‬ ‫الت ـ‬

‫بيي‬

‫السمعة‬

‫حميــديت أكــرث يف ســعيه لتبييــض اســمه‬ ‫وم ـ‬ ‫أمام املجتمع الدويل يف تبني خطاب الديمقراطية‬ ‫والحقوق والتحالف مع املجموعات املوقعة عىل‬

‫االتفاق اإلطاري‪ .‬ونجح يف ضم عدد من حلفائه‬ ‫املدنيــن املقربــن لهــذه املجموعــة مثــل إبراهيــم‬ ‫املريغني‪ ،‬وزير االتصاالت يف عهد البشري‪ ،‬والذي‬ ‫تربطه عاقات نسب مباشرة بمدير مكتب البشري‬ ‫الســابق محمــد عثمــان الحســن‪ ،‬األب الروحــي لـ‬ ‫“قــوات الدعــم الســريع”‪ .‬وأثــر هــذا عــىل تقديــم‬ ‫تنازالت من بعض املكونات املدنية املرهقة واملتلهفة‬ ‫للعــودة للســلطة عــر هــذه العمليــة وتصفهــا بـ‬ ‫“اللعبــة الوحيــدة” بامليــدان‪.‬‬ ‫ولكــن مــا حــدث مــن تعــرث يف مســار العمليــة‬ ‫السياسية‪ ،‬كان عرضا للمرض األكر الذي أصاب‬ ‫ال ـفـرة االنتقاليــة منــذ بدايتهــا يف ‪ 2019‬وأدى إىل‬ ‫تعرثهــا حتـ انتهــت بانقــاب ‪ 25‬أكتوبــر ‪،2021‬‬ ‫صـاح يف أج ـهـزة‬ ‫وهــو الســعي إىل تســييس اإل ـ‬ ‫الدولة واالستفادة منها لتحقيق مكاسب لألطراف‬ ‫املختلفــة إىل أقــى حــد ممكــن‪.‬‬ ‫وعرقل هذا االستقطاب مهمة إصاح القطاع‬ ‫األمنــي والعســكري‪ ،‬منــذ البدايــة‪ ،‬إذ قاومــت‬ ‫املكونــات العســكرية‪ ،‬ســواء كانــت يف الجيــش أو‬ ‫“الدعم السريع”‪ ،‬هذه العملية منذ بدء الفرة‬ ‫جـراءات عمليــة للمـ‬ ‫االنتقاليــة‪ ،‬وعرقلــت أي إ ـ‬ ‫فيها قدما‪ ،‬وانحصر الخطاب والعمل السيا‬ ‫الرسمي حول إصاح القطاع األمني يف الرتيبات‬ ‫األمنيــة املتعلقــة باتفــاق ســام جوبــا‪ ،‬وكان عــدم‬ ‫بــدء وتقــدم هــذه العمليــة أحــد األســباب التــي‬ ‫مهــدت وأدت إىل انقــاب ‪ 25‬أكتوبــر‪.‬‬

‫‪050_AM.indd 53‬‬


‫سياسة‬

‫‪52‬‬

‫الم لة‬

‫يف ‪ 2019‬اختار “حمي ” ع الت خ ‪ ،‬بع أن ب ا وا حا لل مي أن موجة‬ ‫ون ا ا سالمي الحا م‪ ،‬أعتى من أ‬ ‫ال‬ ‫االحت اجات ال ع ية‬ ‫تصور‪ ،‬ولن تتوق ق الوصول إىل مراد ا ب سقا الطغا ‪.‬‬ ‫من هجمات كتائب جهاز األمن الذي كان يديره‬ ‫رجل النظام القوي حينها صاح عبدالله قو ‪.‬‬ ‫تدريجيا‪ ،‬أجرت حركة االنحياز املتزايد يف أوساط‬ ‫الضباط والجنود إىل مطالب املعتصمن‪ ،‬قيادة‬ ‫الجيش عىل اإلطاحة بالبشري يف ‪ 11‬أبريل ‪2019‬‬ ‫واحتجــازه يف منزلــه قبــل نقلــه إىل ســجن كوبــر‪.‬‬ ‫انحازت “قوات الدعم السريع”إىل هذا الحراك‬ ‫بعدم التدخل‪ .‬ومنذ وقت مبكر بعد اندالع الثورة‪،‬‬ ‫أمر البشري قائدها محمد حمدان دقلو (حميديت)‬ ‫ب حضار قواته إىل الخرطوم للتصدي لاحتجاجات‬ ‫وإخمادها كما فعلت يف سبتمر أيلول ‪.2013‬‬

‫ليس‬ ‫مايتي‬

‫وات ميد ي ب‬

‫وات‬

‫وكان مديــر مكتــب البشــري آنــذاك‪ ،‬محمــد عثمــان‬ ‫الحسن‪ ،‬أشرف عىل استخدام “الدعم السريع”‬ ‫يف إخماد االحتجاجات عام ‪ ،2013‬وهو ما نجحت‬ ‫فيه بقسوة بالغة وصلت إىل حد قتل نحو ‪200‬‬ ‫من املتظاهرين السلمين يف أقل من أسبوع واحد‪.‬‬ ‫ووصــف أحــد شــهود العيــان الحــدى منظمــات‬ ‫حقوق اإلنسان ما فعلته هذه “القوات” بالقول‬ ‫“وقفنا‪ ،‬لكنهم أطلقوا النار”‪.‬‬ ‫منــذ ذاك الحــن‪ ،‬أصبــح البشــري ي ـقـول عــن‬ ‫هــذه القــوات إنهــا “ليســت قــوات حميــديت بــل‬ ‫قــوات حمايتــي”‪ ،‬ولكــن حميــديت اختــار هــذه ا ـملـرة‬ ‫عــدم التدخــل‪ ،‬بعــد أن بــدا واضحــا للجميــع أن‬ ‫موجة االحتجاجات ضد البشري ونظام اإلسامين‬ ‫الحاكــم‪ ،‬أعتـ مــن أي تصــور‪ ،‬ولــن تتوقــف قبــل‬ ‫صـول إىل مرادهــا ب ســقاط الطغــاة‪.‬‬ ‫الو ـ‬ ‫وتستحق قصة إنشاء “الدعم السريع” نفسها‬ ‫التنــاول‪ .‬يف ‪ ،2013‬أنشــأ نظــام البشــري‪ ،‬الــذي كان‬ ‫يخــوض حربــا أهليــة يف مســاحة شاســعة‪ ،‬يف ـغـرب‬ ‫جـزء‬ ‫وجنــوب البــاد‪“ ،‬قــوات الدعــم الســريع”‪ ،‬ك ـ‬ ‫مــن جهــاز املخا ـبـرات واألمــن الوطنيــة‪ .‬لــم يكــن هــذا‬ ‫التأســيس خلقــا جديــدا‪ ،‬بــل إعــادة تأهيــل إحــدى‬ ‫ميليشيات “الجنجويد” التي كانت موجودة بالفعل‬ ‫تحــت قيــادة حميــديت‪ ،‬الــذي تــم منحــه رتبــة عميــد‪.‬‬ ‫كان حميــديت‪ ،‬قائــد هــذه القــوات‪ ،‬أحــد قــادة‬ ‫“الجنجويد” خال العقد األول من صراع دارفور‪.‬‬ ‫بل إنه تمرد لفرة ضد نظام البشري خال الصراع‪.‬‬ ‫كشف حميديت عن أسباب ذلك يف تقرير تلفزيوين‬

‫‪03/05/2023 10:08‬‬

‫مع “القناة الرابعة” اإلنجليزية نعمة الباقر عام‬ ‫‪ ،2008‬إذ تعلقــت تلــك األســباب بنزاعــات ماليــة‬ ‫وعوامل أخرى مرتبطة بمطالبه يف االعراف الرسمي‬ ‫والرتب العسكرية الرسمية لنفسه وميليشياته‪.‬‬ ‫حتـ ذ لــك الحــن كان حميــديت يصــر عــىل‬ ‫جـزءا مــن أي جهــاز رســمي وأنــه يقاتــل‬ ‫أنــه ليــس ـ‬ ‫يف دارفــور اســتجابة لطلــب شــخ مــن البشــري‬ ‫ب حضــار رجا لــه واالنضمــام إىل املعر كــة ضــد‬ ‫املتمرديــن‪ .‬فجــأة‪ ،‬تــم اإلعــان عــن الرجــل الــذي‬ ‫لم تكن لديه مهنة رسمية سابقة (كان حميديت‬ ‫يعمــل كتاجــر جمــال عــىل الحــدود الســودانية‪-‬‬ ‫التشادية) كما لم يكن له تدريب عسكري رسمي‬ ‫سابق كعميد يف صفوف جهاز األمن واملخابرات‬ ‫الوطنــي عــام ‪.2013‬‬

‫‪30‬‬

‫سنة‬ ‫حال العسكر و ال بهة‬ ‫القومية االسالمية‬ ‫ي السودان‬ ‫كان الفــارق الرئيــيس بــن حميــديت و قــادة‬ ‫طـراز القديــم أن حميــديت ال‬ ‫“الجنجويــد” مــن ال ـ‬ ‫يتمتــع بالو ضــع االجتما عــي للقيــادة القبليــة‪،‬‬ ‫وهــو مــا كان يحظـ بــه مــو هــال و ـغـريه مــن‬ ‫قادة “الجنجويد” السابقن‪ .‬يبني الرجل نفسه‬ ‫باســتخدام نفــوذه املــايل كرجــل أعمــال عصامــي‬ ‫ناجح وقادر عىل التجنيد السريع ملقاتلن أشداء‬ ‫شــديدي ا ـلـوالء لــه‪ .‬وأشــار حميــديت إىل ذلــك يف‬ ‫مـره الصحــايف يف مايو أ يــار ‪ ،2014‬ا لــذي‬ ‫مؤت ـ‬ ‫ذكــر فيــه قدرتــه عــىل تجنيــد ‪ 100‬ألــف مقاتــل‬ ‫للقتال من أجل النظام إذا لزم األمر‪ ،‬ألنه ليس‬ ‫لهؤالء املجندين مصادر دخل أخرى‪ .‬كان الواقع‬ ‫االقتصادي الذي خلقته الحرب التي اندلعت يف‬ ‫دارفــور منــذ ‪ ،2003‬عامــا جذابــا لانضمــام إىل‬ ‫صفوف حميديت‪ ،‬حن أصبح حمل الساح أحد‬ ‫وســائل كســب العيــش يف املنطقــة‪.‬‬

‫كان االختــاف الســابق م ـيـزة لحميــديت يف نظــر‬ ‫البشــري ونظامــه‪ .‬وكان يتــم النظــر إىل حميــديت‬ ‫عــىل أنــه متعطــش للوضــع االجتماعــي واال ـعـراف‬ ‫والقبول واالحرام التقليدي الذي تمنحه الرتبة‬ ‫العســكرية‪.‬‬ ‫كذلــك‪ ،‬لــم تكــن لديــه مصالــح قبليــة تقليديــة‬ ‫لحمايتهــا قــد تتقاطــع مــع معادلــة اإلســامين‬ ‫لتوازنات القوى يف املنطقة كما حدث مع مو‬ ‫هال‪ .‬وكان حميديت هو املرشح املثايل للو يفة‬ ‫طـراز األول ودون أي‬ ‫شـراء مــن ال ـ‬ ‫ســيف قابــل لل ـ‬ ‫حموالت‪ .‬وهكذا‪ ،‬عندما قرر جهاز األمن الوطني‬ ‫ـتـويل مهمــة محاربــة املتمرديــن بعــد اإلخفاقــات‬ ‫املســتمرة للقــوات املســلحة الســودانية‪ ،‬كان‬ ‫شـراء‪.‬‬ ‫حميــديت ورجالــه مســتعدين لل ـ‬

‫عشوائية الر ب العسكرية‬

‫نجحــت “قــوات الدعــم الســريع” بشــكل فاعــل يف‬ ‫إثبات نفسها بانتصارات متوالية‪ .‬وهو ما منحها‬ ‫نفوذا كبريا وأهمية لقيادة نظام البشري‪ ،‬لدرجة‬ ‫اعتقالــه ل ـفـرات طويلــة أصواتــا سياســية ارتفعــت‬ ‫بانتقــاد هــذا الكيــان املشــوه‪ ،‬والتنبيــه لخطــورة‬ ‫شـاء قــوات موازيــة لقــوات الجيــش‪.‬‬ ‫إن ـ‬ ‫كان أبــرز ـهـوالء املعتقلــن آخــر رئيــس وزراء‬ ‫منتخب الراحل اإلمام الصادق املهدي‪ ،‬ورئيس‬ ‫“حزب املؤتمر السوداين” سابقا إبراهيم الشي ‪،‬‬ ‫الذ يــن اعتقلهــم النظــام ل ـفـرة طويلــة و ســجل‬ ‫ضدهم تهما قضائية يف نيابة الجرائم املوجهة ضد‬ ‫الدولة بسبب انتقادهم لتكوين هذه القوات‪ .‬وعىل‬ ‫صعيــد مــواز‪ ،‬أثــار تزايــد نفــوذ “الدعــم الســريع”‬ ‫العســكري حفيظــة الجيــش‪ ،‬الــذي ا ـعـرض كثــري‬ ‫مــن الضبــاط يف صفوفــه عــىل طريقــة منــح الرتــب‬ ‫العســكرية عشــوائيا لهــذه القــوات‪ .‬وهــو مــا شــكل‬ ‫بو ـتـرية متزايــدة بــذرة الخــاف الحــايل‪.‬‬ ‫يف ‪ 3‬يونيــو ‪ ،2019‬شــاركت “قــوات الدعــم‬ ‫الســريع” يف معيــة قــوات تابعــة للمجلــس‬ ‫العسكري الذي تم تكوينه بعد إسقاط البشري يف‬ ‫فض االعتصام املنعقد أمام مباين القيادة العامة‬ ‫للجيــش‪ ،‬للمطالبــة بتســليم الحكــم لحكو مــة‬ ‫مدنيــة تمثــل قــوى الثــورة يف الســودان‪.‬‬ ‫شهد ذلك اليوم مجزرة دموية ال يزال يتذكرها‬ ‫الســودانيون بكثــري مــن األ ‪ .‬ولكــن عــىل أثرهــا‬

‫‪050_AM.indd 52‬‬


‫‪51‬‬

‫سياسة‬

‫الم لة‬

‫نا‬

‫وص السودا‬

‫ان وا حا من انفراد ال ال‬ ‫بالسلطة أن صرا النفو بينهما‬ ‫قاد ال محالة‬ ‫الخرطو‬

‫أم‬

‫ر الطيب‬

‫نسيان أمر ما صعود نحو باب‬ ‫الهاوية محمود دروي‬

‫تنطبق مقولة الشاعر محمود درويش التي تتصدر‬ ‫هذه الكتابة‪ ،‬عىل قصة كيف تصاعدت األوضاع‬ ‫سـرعة يف الســودان‪ ،‬وانزلقت يف دوامة الحرب‬ ‫ب ـ‬ ‫الطاحنــة التــي تــدور حاليــا يف الخرطــوم ومــدن‬ ‫ســودانية أخــرى‪ .‬ففــي ‪ 15‬أبريل نيســان ‪،2023‬‬ ‫وشهر رمضان يقرب من نهايته‪ ،‬اندلعت الحرب‬ ‫يف الســودان بــن القــوات املســلحة الســودانية‬ ‫و“قــوات الدعــم الســريع”‪.‬‬ ‫وكان ذلــك هــو املصــري الــذي ــل يحــذر منــه‬ ‫صـراع النفــوذ بــن‬ ‫كثــريون‪ .‬فقــد كان واضحــا أن ـ‬ ‫الرجلــن قــادم ال محالــة‪ ،‬منــذ ان ـفـراد الج الــن‬ ‫بالسلطة بعد اإلطاحة بحكومة الفرة االنتقالية‬ ‫ورئيسها دكتور عبدالله حمدوك يوم ‪ 25‬أكتوبر‬ ‫تشــرين األول ‪.2021‬‬ ‫من أجل فهم ما يحدث ا ن‪ ،‬نحتاج إىل النظر‬ ‫شـرات‬ ‫إىل الــوراء‪ .‬يف ‪ 6‬أبريــل ‪ ،2019‬تدافــع ع ـ‬ ‫ا الف مــن الســودانين والســودانيات‪ ،‬شــاهرين‬ ‫هتافهــم بمطالــب الحريــة والســام والعدالــة‪،‬‬ ‫وأعلنــوا اعتصامهــم حتـ إســقاط نظــام الرئيــس‬ ‫عمــر البشــري‪.‬‬ ‫حدث ذلك بعد أشهر من املظاهرات املستمرة‬ ‫التي بدأت يف ديسمر كانون األول ‪ 2018‬احتجاجا‬ ‫عىل النظام وتردي األوضاع يف الباد‪ ،‬والذي بلغ‬ ‫قمته بعد ثاثن عاما من حكم الفساد واالستبداد‬ ‫الذي دشنه انقاب “الجبهة القومية اإلسامية”‬ ‫(النسخة السودانية من تنظيم اإلخوان املسلمن)‬ ‫يف ‪ 30‬يونيو حزيران ‪.1989‬‬ ‫انحــاز عــدد مــن ضبــاط الجيــش املتمركزيــن‬ ‫يف القيــادة العامــة مثــل النقيــب حامــد عثمــان‪،‬‬ ‫وا ملــازم محمــد صد يــق‪ ،‬وخر جــوا بجنود هــم‬ ‫لحمايــة املدنيــن املعتصمــن يف محيــط قيادتهــم‬

‫‪03/05/2023 10:08‬‬

‫‪050_AM.indd 51‬‬


‫سياسة‬

‫الم لة‬

‫ال عود‬

‫‪03/05/2023 10:08‬‬

‫‪50‬‬

‫ال او‬

‫‪050_AM.indd 50‬‬


‫الم لة‬

‫‪49‬‬

‫سياسة‬

‫جندي سوداين من الجيش بقيادة عبد الفتاح الرهان‬

‫ال ــرا‬ ‫ال ـ‬

‫ـ‬

‫صــارت مناجــم الذهــب يف الســودان نقمــة بعدمــا‬ ‫كانت نعمة عىل الدولة‪ ،‬نتيجة الصراعات والتناحر‬ ‫عــىل الســلطة‪ .‬ويُعــدّ الســودان أحــد أهــم منتجــي‬ ‫املعدن النفيس يف القارة السمراء‪ ،‬والثالث عشر بن‬ ‫غـريت طبيعــة‬ ‫البلــدان املنتجــة للذهــب يف العالــم‪ .‬وت ـ‬ ‫الصراع الدائر حاليا يف السودان ليتحول إىل السعي‬ ‫للسيطرة عىل املعدن األصفر مهددا بنشوب حروب‬ ‫أهليــة يف البــاد‪.‬‬ ‫يأيت ذلك يف ل مطامع دولية للعبث بالسودان‬ ‫واالستياء عىل ثرواته من الذهب وغريه من املوارد‬ ‫صـرا أساســيا مــن‬ ‫الطبيعيــة‪ .‬ويُعتــر هــذا املعــدن عن ـ‬ ‫صادرات الباد‪.‬‬ ‫يُص ّنف السودان كواحد من أكرث االقتصادات فقرا‬ ‫يف العالــم‪ ،‬عــىل الرغــم مــن أنــه يعــوم عــىل بحــر مــن‬ ‫الــرثوات الطبيعيــة‪ ،‬وتصــل احتياطياتــه مــن الذهــب‬ ‫إىل ‪ 1550‬طنــا‪ ،‬وشــكلت صــادرات الذهــب أكــرث مــن‬ ‫‪ 45‬يف املئة من الصادرات اإلجمالية بقيمة ‪ 1,7‬مليار‬ ‫دوالر عــام ‪ 2021‬بحســب وزارة املعــادن الســودانية‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬تمتلك الباد احتياطيات من الفضة والنيكل‬ ‫والنحــا إىل جانــب النفــط‪ ،‬وتعــدّ م ـمـرا ألنابيــب‬ ‫تصديــر النفــط ا تيــة مــن جنــوب الســودان إىل مي ـنـاء‬ ‫بورتسودان‪.‬‬ ‫وتنتشر مناجم الذهب يف جبال شرق نهر النيل‬ ‫ويف محاذاة البحر األحمر وأعىل سلسلة جبال البحر‬ ‫األحمــر شــرقي الســودان‪ ،‬وأيضــا يف مناطــق جبــال‬ ‫النوبة ومنطقة كردفان ودارفور‪.‬‬

‫صارت مناجم الذهب ي السودان‬ ‫نقمة بعدما كان نعمة على‬ ‫الدولة‪ ،‬نتي ة الصراعات والتنا ر‬ ‫على السلطة‬

‫‪02/05/2023 13:30‬‬

‫والســاح يف د نــا نـ الر ــال‬ ‫لن ن حسا عيتا‬ ‫لــم يجــد عســكر الســودان وميليشــياته حــا للمعضــات التــي تواجــه بلدهــم غــري توجيــه مدافعهــم‬ ‫إىل صــدور مواطنيهــم وإىل بعضهــم البعــض‪ .‬األهــم مــن ـعـاج األزمــة الخانقــة التــي تعصــف باقتصــاد‬ ‫الســودان ومــن بقائــه يف صــدارة الــدول األفقــر يف العالــم واألكــرث تعرضــا لتبعــات التغــري املناخــي‪ ،‬يف‬ ‫نظر الرهان و حميديت أي منهما سيجلس عىل عر من دم ورماد البلد وسكانه ويف حال فاز‬ ‫الرهــان يف هــذه املذبحــة أو تغلــب عليــه حميــديت ‪ ،‬أو توصــل االثنــان إىل تســوية وتقاســم الســلطة‪،‬‬ ‫فما الذي سيقدمه الواحد منهما أو كاهما‪ ،‬للسودانين أية خطة ملعالجة البطالة والفقر والجوع‬ ‫وتخفيــض عــدد القابعــن تحــت خــط الفقــر ال يشء‪.‬‬ ‫هي السلطة من أجل السلطة‪ ،‬ولو عىل ركام بلد تحمّ ل الكثري من الحروب والصراعات واملغامرات‬ ‫السياسية‪ .‬فيذهب الضابط املهوو بالقوة وسفك الدماء‪ ،‬ليأيت أسوأ منه‪ ،‬يف دورة ال تنتهي من‬ ‫حـرب الحاليــة كل أمــل يف االنتقــال إىل حكــم مــدين‬ ‫الهبــوط إىل قيعــان العبــث والاجــدوى‪ .‬أنهــت ال ـ‬ ‫جـاءت جولــة االقتتــال الحاليــة ل ُتســقط أي ق ـنـاع‬ ‫ضـرب املحاولــة الديمقراطيــة يف انقــاب ‪ .2021‬و ـ‬ ‫بعــد ـ‬ ‫خـراط يف العمليــة السياســية للخــروج مــن األزمــة التــي‬ ‫عــن اد ـعـاءات العســكرين وامليليشــيات باالن ـ‬ ‫اصطنعهــا حكــم عمــر البشــري‪ ،‬وهــو عســكري مغامــر آخــر‪ ،‬تــورط مــع أنصــاره اإلســامين يف متاهــات‬ ‫مــا زالــت البــاد تعــاين منهــا‪.‬‬ ‫الحرب هي الطبيعة الكامنة لكل األنظمة العسكرية‪ .‬هكذا يقال‪ .‬وهكذا عا السودان منذ عقود‪.‬‬

‫‪046_AM.indd 49‬‬


‫سياسة‬

‫‪48‬‬

‫الم لة‬

‫معالم رب ال نرالين ي السودان‪ ،‬با وا حة‬ ‫نيات رئيس الم لس السياد عبدالفتا البرهان‪ ،‬ونائب‬ ‫و ذائ‬ ‫محمد مدان د لو ( ميد ي)‪ ،‬كتب بالرصا‬ ‫الدبابات و ارات الطائرات‬

‫‪- 2003‬‬ ‫‪2020‬‬

‫الحرب ي دار ور بين‬ ‫الحكومة السودانية‬ ‫وجماعات معار ة‬

‫‪2009‬‬

‫المحكمة ال نائية‬ ‫الدولية صدر مذكر‬ ‫و ي بح الرئيس‬ ‫عمر البشير‬

‫‪2011‬‬

‫جنوب السودان يعلن‬ ‫االستقال رسميا‬

‫‪2019‬‬

‫ال ي‬ ‫بالبشير‬

‫ر‬

‫ال الـ‬ ‫وال را‬ ‫ر‬ ‫ـ‬

‫عنصر من “قوات الدعم‬ ‫السريع” بقيادة محمد‬ ‫حمدان دقلو‬

‫‪02/05/2023 13:30‬‬

‫لن ن إبرا يم حمي‬

‫ــا‬

‫صـراع عــىل الســلطة‪ .‬الســودانيون‬ ‫حــدود املعركــة املحليــة وأهدافهــا‪ ،‬باتــت مرســومة إىل حــد كبــري‪ .‬ـ‬ ‫واملدنيون‪ ،‬يف ذيل الحسابات وغرف العمليات‪ .‬وباتوا يقفون وحدهم مع بدء عمليات إجاء األجانب‪.‬‬ ‫لكن ماذا عن سياق املعارك الخارجية والصراع عىل أفريقيا‬ ‫جـوالت الخارجيــة الافتــة التــي قــام بهــا حميــديت ‪ ،‬زيارتــه إىل موســكو نهايــة فراير شــباط‬ ‫مــن ال ـ‬ ‫العــام املــايض‪ ،‬بالتزامــن مــع إعــان روســيا الهجــوم عــىل أوكرانيــا يــوم ‪ 24‬فراير شــباط ‪ .2022‬هــذه‬ ‫خطوة رمزية‪ ،‬سبقها إعان اتفاق أويل عىل إقامة قاعدة عسكرية روسية يف بورتسودان‪ ،‬ثم تراجع‬ ‫حكومــة عبداللــه حمــدوك عنــه‪ .‬يضــاف إىل ذلــك‪ ،‬تقاريــر ك ـثـرية عــن عاقــة خاصــة وتعــاون يف أربــاح‬ ‫الذهب ومعارك عابرة للحدود األفريقية‪ ،‬بن حميديت وجيش فاغ ‪ ،‬ذراع روسيا يف حروب‬ ‫الظــل داخــل أفريقيــا‪ .‬ومثلمــا بــدا واضحــا أن أ ـمـريكا تعــارض قيــام قاعــدة عســكرية روســية يف ليبيــا‬ ‫سـراتيجيا لروســيا يف بورتســودان عــىل‬ ‫أو شــواطئ البحــر املتوســط‪ ،‬بــدا أن واشــنطن تعــارض وجــودا ا ـ‬ ‫سـراتيجي يف القــرن األفريقــي‪ ،‬الــذي يطــل عــىل بــاب املنــدب ويمــر‬ ‫مــوائن البحــر األحمــر وموطــئ قــدم ا ـ‬ ‫منــه ‪ 30‬يف املئــة مــن التجــارة العامليــة‪.‬‬ ‫“حرب الج الن انفجرت‪ .‬الرهان لديه حلفا ه اإلقليميون والدوليون‪ .‬و حميديت لديه شركا ه‬ ‫يف املنطقة والعالم‪ .‬العوامل موجودة يتحول الصراع إىل حرب وكالة بامتدادات إقليمية ودولية‪،‬‬ ‫ينحدر فيها القتال إىل حرب أهلية تتغذى من هويات صغرية وانقسامات وعصبيات ومناطقيات‪.‬‬

‫يطي‬

‫‪2020‬‬

‫السودان يو ا فا‬ ‫سالم م ال بهة‬ ‫الثورية السودانية‬

‫‪2023‬‬

‫الصرا بين البرهان‬ ‫و ميد ي‬

‫‪046_AM.indd 48‬‬


‫‪47‬‬

‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫صـرا العسـ ر‬ ‫ـ و ـ‬ ‫وم ــزا ال ــو‬

‫بن عوف الذ اس تقا من‬ ‫للفري عو‬ ‫منصب بع د أن ألق ى بيانا أعلن ي عز‬ ‫البش ير ي أبري ‪/‬نيسان ‪.2019‬‬ ‫و رج جذور عب د الفتا البرهان لى‬ ‫والية نهر الني الوا عة لى الش ما‬ ‫م ن العاصم ة ال ر وم‪ ،‬وولد ي عام‬ ‫‪ 1960‬ي ري ة ند و ي أس ر دينية تب‬ ‫الطريق ة ال تمي ة‪ ،‬وهي د الطر‬ ‫ي الس ودان‬ ‫الصو ية الكبر‬ ‫و ر البره ان ي الد عة ‪ 31‬ي‬ ‫ابطا ي وات‬ ‫الكلي ة الحربي ة‪ ،‬وعم‬ ‫المش ا ‪ ،‬و يرها من و دات ال ي‬ ‫ي رب دار ور‪ ،‬وكذل‬ ‫و ار‬ ‫المعار التي س بق انفصا جنوب‬ ‫الس ودان عن مال‬ ‫ويص مقرب ون من البرهان ائد‬ ‫الس وداني ب ن‬ ‫ال ي‬ ‫در ي المناصب‬ ‫‪،‬‬ ‫من ب‬ ‫القيادية داخ الم سس ة العس كرية‬ ‫وصع د الفري أو محمد مدان د لو‪،‬‬ ‫المعروف باس م ميد ي ‪ ،‬من بدايات‬ ‫متوا ع ة ليصب اني أ و رج ي‬ ‫الس ودان‪ ،‬كنائب رئيس م لس الس ياد‬ ‫االنتقال ي الحاكم‪ ،‬وكقائد لقوات ب‬

‫‪02/05/2023 13:30‬‬

‫عس كرية عرف باس م وات الدعم‬ ‫الس ري ‪ ،‬وك د أ رياء البالد‬ ‫ميد ي دورا بار ا ي‬ ‫وأد‬ ‫السياس ة الم طربة ي الس ودان على‬ ‫مد عش ر س نوات‪ ،‬ساعد خاللها ي‬ ‫ا ة بالرئيس عمر البش ير عام ‪،2019‬‬ ‫ا‬ ‫ربط ب عال ة و يقة ات‬ ‫وال ذ كان‬ ‫ي وم‪ ،‬و تهم ي ادات التيار المدني ب خماد‬ ‫ا ت اج ات الس ودانيين الطامحين لى‬ ‫الديمقرا ية‬ ‫وم ولي منص ب نائب رئيس م لس‬ ‫الس ياد ‪ ،‬ولى ميد ي عددا من أهم‬ ‫الحقائب الو ارية ي الس ودان بعد‬ ‫ا ة بالبشير‬ ‫ا‬ ‫ويس تمد ميد ي كثيرا من نفو‬ ‫من وات الدعم الس ري التابعة ل‬ ‫والت ي يمتل مقا لوها خبر ي روب‬ ‫الصح راء بمنطقة دار ور‪ ،‬لكنهم‬ ‫الن امي‬ ‫يفتق رون لى ان ب ا ال ي‬ ‫ير محدود‬ ‫ويق و مقرب ون ن مو‬ ‫ينح در ميد ي م ن بيلة الر يقات‬ ‫ات ا ص و العربي ة التي قطن ليم‬ ‫ار‬ ‫دار ور ونش ي أس ر امتهن‬ ‫ال ما وا ب‬

‫حـول إىل الديمقراطيــة بعــد‬ ‫سـرية الت ـ‬ ‫بــدأ الســودان م ـ‬ ‫احتجاجــات شــعبية أطاحــت يف أبريل نيســان عــام‬ ‫‪ 2019‬بحكم الرئيس عمر البشري الذي استمر لنحو‬ ‫ثاثــة عقــود‪.‬‬ ‫وبموجــب اتفــاق أُ ـبـرم يف أغســطس آب ‪،2019‬‬ ‫وافق الجيش عىل تقاسم السلطة مع مدنين ريثما‬ ‫تجــري االنتخابــات‪ ،‬لكــن ذلــك الرتيــب تعطــل فجــأة‬ ‫نتيجــة ســيطرة الجيــش عــىل الســلطة‪ ،‬وهــو مــا عــده‬ ‫السياسيون املدنيون انقابا عسكريا يف أكتوبر تشرين‬ ‫األول ‪ ،2021‬تســبب يف سلســلة مــن االحتجاجــات‬ ‫الحاشدة املطالبة بالديمقراطية يف أنحاء السودان‪.‬‬ ‫يمثــل الجيــش قــوة مســيطرة يف الســودان منــذ‬ ‫اســتقاله عــام ‪ 1956‬إذ خــاض حروبــا داخليــة وقــام‬ ‫بانقابات متكررة ولديه حيازات اقتصادية ضخمة‪.‬‬ ‫وخــال ال ـفـرة االنتقاليــة التــي بــدأت باإلطاحــة‬ ‫بعمر البشري وانتهت بـما سمي انقاب عام ‪، 2021‬‬ ‫حـزاب‬ ‫تعمقــت هــوة انعــدام الثقــة بــن الجيــش واأل ـ‬ ‫السياســية املدنيــة‪.‬‬ ‫شـرعيته مــن حر كــة‬ ‫وا ســتمد الجا نــب ا ملــدين ـ‬ ‫احتجاج صامدة ودعم من أطراف يف املجتمع الدويل‪.‬‬ ‫وحظي الجيش بدعم داخيل من فصائل متمردة‬ ‫استفادت من اتفاق السام يف ‪ 2020‬ومن املخضرمن‬ ‫يف حكومــة البشــري الذيــن عــادوا إىل الخدمــة املدنيــة‬ ‫بعد سيطرة الجيش عىل مقاليد الحكم‪.‬‬ ‫صـراع الراهــن هــو‬ ‫وأحــد األســباب الرئيســية لل ـ‬ ‫حـول آليــة دمــج قــوات الدعــم الســريع‬ ‫الخــاف ـ‬ ‫شــبه العســكرية يف الجيــش النظامــي‪.‬‬

‫‪046_AM.indd 47‬‬


‫سياسة‬

‫‪46‬‬

‫الم لة‬

‫نا و ا‬ ‫بع‬ ‫د ا‬ ‫يف السودا‬ ‫ال ر‬ ‫ا ام‬

‫ت اعيات إنسانية وسياسية واقتصادية خط‬ ‫الخرطو‬

‫وق ع الع يم‬

‫رسو‬

‫ثم ماذا بعد سؤال معلق يف سماء السودان امللبد‬ ‫بالدخــان األســود الناجــم عــن املعــارك التــي خلفــت‬ ‫مئــات القتــىل‪ ،‬وآالف الجرحـ ‪ ،‬واملبــاين املد ـمـرة‪،‬‬ ‫والخدمات املردية‪ ،‬واألوضاع اإلنسانية املأساوية‪،‬‬ ‫واملــوت الســايب بالطلقــات الطائشــة والقذائــف‬ ‫التي أخطأت أهدافها إىل بيوت النا ومساكنهم‪،‬‬ ‫والرعــب والهلــع والحــزن‪.‬‬ ‫السؤال أعاه ثم ماذا بعد ‪ -‬يصبح أكرث إلحاحا‬ ‫مع م كل ساعة من ساعات الحرب‪ ،‬وبعد كل‬ ‫يوم من أيامها الكريهة‪ ،‬وتتناسل منه سيناريوهات‬ ‫عديدة‪.‬‬ ‫تبدأ دائما يف حال انتصر الجيش السوداين بقيادة‬ ‫عبدالفتــاح الرهــان عــىل قــوات الدعــم الســريع‬ ‫بقيادة محمد حمدان دقلو (حميديت) يف أي طريق‬ ‫ستسري األمور وإذا حدث العكس وبسطت قوات‬ ‫الدعم السريع سيطرتها عىل املواقع االسراتيجية‬ ‫وتسيدت املشهد‪ .‬وهناك سيناريو ثالث‪ ،‬وهو االقامة‬ ‫حـرب ألشــهر‪ ،‬إن‬ ‫يف الجمــر‪ ،‬يف حــال اســتمرت ال ـ‬ ‫لــم يكــن لســنوات‪ ،‬ولــم ينتصــر أحــد‪ .‬أمــا الســيناريو‬ ‫األخري‪ ،‬فيتعلق بأن تنتهي الحرب عىل طاولة الحوار‬ ‫واملفاوضات وتعود العملية السياسية التي انقطعت‬ ‫بسبب الصراع العسكري املسلح‪.‬‬ ‫من املهم اإلشارة إىل نقطة جوهرية متسببة لحد‬ ‫بعيد يف حرية السودانين حول مصائر هذه املعارك‬ ‫حـرب لــم يقدمــوا للنــا‬ ‫الدا ـئـرة‪ ،‬وهــي أن قــادة ال ـ‬ ‫حـرب‬ ‫طروحــات وحججــا قويــة ومنطقيــة لقيــام ال ـ‬ ‫أصــا‪ ،‬حتـ تجعــل النهايــة مفهومــة ومتوقعــة‪،‬‬ ‫كما أن تصريحاتهم يف اإلعام زادت الحرب إبهاما‬ ‫وغموضــا وإحباطــا‪ .‬قائــد الدعــم الســريع قــال‬ ‫ليس لدينا مشكلة مع الجيش‪ ،‬ولكن مشكلتنا مع‬ ‫القيــادة ‪ .‬ويف بيانــات ك ـثـرية يدعــو الضبــاط والجنــود‬ ‫يف القوات املسلحة إىل االنضمام لـ الدعم السريع ‪.‬‬ ‫يف املقابــل‪ ،‬يجاريــه قــادة الجيــش حيــث قــال‬ ‫عضــو مجلــس الســيادة الفريــق أول شــمس الديــن‬

‫‪02/05/2023 13:30‬‬

‫للمواجهة‬

‫باربرا جي سون‬ ‫الكبــايش‪ ،‬وهــو القائــد الفعــيل للمعــارك ليــس‬ ‫لدينــا مشــكلة مــع قــوات الدعــم الســريع‪ ،‬مشــكلتنا‬ ‫مــع حميــديت وشــقيقه ‪.‬‬ ‫نعم مفهوم أن هذه التصريحات تندرج يف إطار‬ ‫الحرب النفسية للتأثري عىل الجنود وكسب تعاطف‬ ‫املجتمع‪ ،‬ولكنها لت هي الرواية املعتمدة للحرب‬ ‫عنــد كثــري مــن الســودانين‪ ،‬لــذا فـ ن نظرتهــم لهــا ال‬ ‫حـرب قيــادات تجعــل ســؤالهم عمــا‬ ‫تتعــدى كونهــا ـ‬ ‫يليها مشروعا وملحا‪.‬‬ ‫وهنــاك مخــاوف مــن اســتثمار انتصــار الجيــش‪،‬‬ ‫إذا حــدث‪ ،‬مــن قبــل قــادة النظــام الســابق‪ .‬وهــذا‬ ‫االســتثمار بــدأ يف وقــت مبكــر منــذ األســابيع التــي‬ ‫سبقت الحرب‪ ،‬عندما سعوا إىل ربط قوات الدعم‬ ‫الســريع وقائدهــا بالقــوى السياســية املوقعــة عــىل‬ ‫االتفاق اإلطاري وتحديدا الحرية والتغيري ‪ ،‬حت‬ ‫إذا انتصر الجيش يكون االنتصار عىل قوات الدعم‬ ‫الســريع وعــىل الحريــة والتغيــري يف الوقــت ذاتــه‪.‬‬ ‫ويف املقابــل‪ ،‬يقــود أنصــار النظــام الســابق حملــة‬ ‫صـرة شــعواء للجيــش الســوداين‪ ،‬بالحــق‬ ‫منا ـ‬ ‫وبالباطل‪ ،‬يف انتظار أن يرد لهم الجميل بعد انجاء‬ ‫املعركة بأن يكونوا بديا سياسيا لـ الحرية والتغيري ‪،‬‬ ‫شـرة‪ ،‬أو عــىل‬ ‫أو يعــود عناصرهــم إىل الســلطة مبا ـ‬ ‫األقل يقوم بتهيئة السماح لهم بتصفية حساباتهم‬ ‫مع القوى السياسية التي أطاحت بهم من الحكم‪.‬‬ ‫أمــا بالنســبة النتصــار حميــديت ‪ ،‬ف نــه ســيغريه‬ ‫للتوســع يف الط ـمـوح الســيا للحفــا عــىل ثروتــه‬ ‫التي تضعه يف مقدمة قائمة األثرياء يف السودان‪،‬‬ ‫ويحاف كذلك عىل تأثريه يف معظم الشأن السوداين‪.‬‬ ‫ولكن حال اســتمرت الحرب دون نصر حاســم‪،‬‬ ‫فـ ن هــذا يعنــي أن معانــاة الســودانين ســتطول‬ ‫وسيعيشون إفرازات هذه الحرب الكارثية التي بدأ‬ ‫شــبح تداعياتهــا ي ـلـوح يف األفــق مــن نــزوح‪ ،‬ونقــص‬ ‫شـرب والكهر ـبـاء‪ ،‬فضــا عــن املــوت تحــت‬ ‫يف ميــاه ال ـ‬ ‫أقــدام املتحاربــن‪.‬‬

‫البرهان المن‬ ‫و ميد ي الثر‬

‫ب‬

‫ب ز ن م الفري أو الركن عبد الفتا‬ ‫البرهان ي ‪ 25‬أكتوبر‪ /‬ش رين ا و‬ ‫‪ ،2021‬عندم ا ألقى بيان ا عبر التلفزيون‬ ‫الرس مي‪ ،‬مر ديا بز العس كرية‪ ،‬أعلن‬ ‫الس لطات‬ ‫ي الة الطوار بعد‬ ‫االنتقالي ة و و ي مس ولين مدنيين‪،‬‬ ‫وبينه م رئي س الو راء نذا عبد‬ ‫م دو ‪ ،‬و ال ة عدد كبير من أع اء‬ ‫الحكوم ة وا ع اء المدنيين ي م لس‬ ‫الس ياد المس و عن ياد المر لة‬ ‫ا ة بن ام عمر‬ ‫االنتقالي ة بع د ا‬ ‫البشير‬ ‫ا البرهان و ته ا ن يريد صحي‬ ‫بالبش ير‪ ،‬وهو‬ ‫الثور التي أ ا‬ ‫خرون‬ ‫م ا ر ب ب البع ‪ ،‬وعار‬ ‫واصفين ما د ب انقالب عس كر‬ ‫هد كثيرا من‬ ‫جديد ي الس ودان‪ ،‬الذ‬ ‫االنقالبات منذ اس تقالل عام ‪.1956‬‬ ‫وعين البرهان و يرا للد ا ورئيس ا‬ ‫للم ل س العس كر االنتقالي خلفا‬

‫‪046_AM.indd 46‬‬


KELLY SLATER LIMITED EDITION

044_AM.indd 45

28/04/2023 13:06


044_AM.indd 44

28/04/2023 13:05


‫‪43‬‬

‫الم لة‬

‫مقابلة‬

‫عالقتنا ق يمة م الرو‬ ‫ونتمنى بحكم عالقتهم م الحكومة‬ ‫أن يكونوا وسطاء وأن يفر وا الح‬ ‫و انوا وع وا بفرض الح يف سور ا‬ ‫لكن ل لم يحص ‪.‬‬ ‫ال ي الون يتصر ون بمنتهى ال اغماتية‬ ‫خصوصا يف عالقتهم م تر يا‪.‬‬ ‫ال اغماتية ال تلي بالرو‬ ‫ونتمنى أن يسا موا بالح‬ ‫السيا السور‬

‫‪02/05/2023 13:27‬‬

‫‪036_AM.indd 43‬‬


‫مقابلة‬

‫الم لة‬

‫الحوار م دمش‬ ‫وار بينكم وبين دمش‬ ‫ه هنا‬

‫كان هنــاك حــوار قبــل ـفـرة‪ ،‬وا ن ال حــوار‪ .‬نتمنـ أن تأخــذ الحكومــة الســورية‬ ‫عـرب ا خــرون‪ ،‬نأمــل أن‬ ‫مبادراتنــا يف االعتبــار وتبــدأ مشــوارا جديــدا‪ .‬االخــوان ال ـ‬ ‫يساهموا يف هذا األمر ويح ّرضوا الرئيس بشار األسد عىل مناقشة األمور للتوصل‬ ‫إىل حل معن‪ .‬ا ن ال حوار‪ .‬يف املايض القريب‪ ،‬قبل أشهر‪ ،‬كانت هناك لقاءات‬ ‫لكــن ذهنيــة النظــام ال ـتـزال هــي نفســها‪ ،‬وتتمثــل يف العــودة إىل مــا قبــل ‪.2011‬‬ ‫جـزء مــن ســوريا أوال‪ ،‬والثــورة الســورية قامــت لتطالــب بالديموقراطيــة‬ ‫نحــن ـ‬ ‫والحرية للشعب السوري‪ ،‬ونحن نلتزم الديموقراطية والحل السلمي‪ .‬املشروع‬ ‫األهــم هــو مشــروع اإلدارة الذاتيــة الديموقراطيــة‪ ،‬وهــو نمــوذج لســوريا املســتقبل‪.‬‬ ‫مــا ندعــو إليــه‪ ،‬تطالــب بــه مناطــق ســورية مختلفــة‪ .‬الــكل أصبــح يطالــب بــاإلدارات‬ ‫الذاتيــة التــي تقــوم ضمــن دولــة واحــدة وحكومــة مركزيــة وســلطات تابعــة‪ .‬تبقـ‬ ‫نقطــة واحــدة هــي أن املواطــن الســوري لــم يعــد يقبــل بــأي يشء إن لــم يكــن شــريكا‬ ‫معن بالقرارات السياسية‪.‬‬ ‫يف القرار السيا ‪ .‬لم يعد ممكنا أن يتفرد مجلس ّ‬ ‫حـرام إرادة الشــعب الســوري وقراراتــه‪.‬‬ ‫يجــب ا ـ‬ ‫ما ا عن مستقب‬

‫سد‬

‫“قســد” قدمت التضحيات ألجل الســيادة الســورية والحماية الســورية ربما أكرث‬ ‫صـراع عــىل املناطــق التــي حررتهــا “قســد” مــن‬ ‫مــن الجيــش الســوري‪ ،‬ولكــن هنــاك ـ‬ ‫اإلرهــاب ومــن تركيــا‪“ .‬قســد” أكــرث فاعليــة مــن الجيــش الســوري‪ ،‬فلمــاذا ال تكــون‬ ‫نــواة الجيــش الســوري املســتقبيل لســوريا الديموقراطيــة‪.‬‬ ‫رب ة الس ودان وليبب ا والع را يب دو أنها ع ز ت موا‬ ‫العربي ة ي ا ا عزي ز ودعم الس لطة المركزية‬

‫الحكومات‬

‫هنــا يكمــن الخطــأ‪ ،‬نحــن نعتــر أن هنــاك احتــكارا للســلطة‪ ،‬والجيــو العربيــة‪،‬‬ ‫يف ل القومية‪ ،‬تحمي السلطة والرثوات‪ ،‬وال تحمي الشعب‪ .‬الجيو تحمي‬ ‫السلطة ولم يحصل أن حمت الشعب‪ .‬رأينا يف سوريا عندما تعرضنا لتهديدات‪،‬‬ ‫حـزب البعــث‪.‬‬ ‫كيــف ـتـرك الجيــش املناطــق وتوجــه إىل دمشــق لحمايــة النظــام و ـ‬ ‫ليس هذا الجيش الذي نريده‪“ .‬قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) تريد حماية‬ ‫الشعب وليس حماية السلطة‪ .‬نرى نتيجة احتكارات السلطة يف السودان‪ ،‬حيث‬ ‫الشــعب مغلــوب عــىل أ ـمـره‪ ،‬غــري منظــم‪ ،‬ال يعــرف كيــف يتصــرف وليــس هنــاك‬ ‫ّ‬ ‫وتسلطت عىل الشعب‪ .‬حميديت (محمد حمدان دقلو)‬ ‫مؤسسات‪ .‬جاءت قوى‬ ‫و(عبد الفتاح) الرهان ال يتنازعان ملصلحة الشعب السوداين‪ .‬كل منهما يحتكر‬ ‫جـزءا مــن الســلطة والــرثوة ويحــاول الحفــا عليــه‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫إذا لم تأت السلطة املركزية من الشعب‪ ،‬وفق مؤشرات معينة‪ ،‬وإذا كانت ال‬ ‫تمثل الشعب‪ ،‬فستكون ّ‬ ‫علة عليه‪ .‬يجب مقاربة األمر حدسيا السلطة املركزية‬ ‫وجيش لحماية السلطة‪ ،‬غري الجيش الذي يحمي الشعب والدولة‪.‬‬ ‫الغطاء االميركي‬ ‫يبقى جانب مهم وهو العال ة م ا ميركيين رئيس ا ركان االميركي‬ ‫دم لك م‬ ‫ر س وريا‪ ،‬ه‬ ‫م ار ميلل ي كان موج ودا ي ما‬ ‫كي دات أن الوج ود االميركي ائم ومس تمر‬

‫جـاء مــن أجــل مســألة عســكرية والتقـ بأقرانــه مــن أجــل محاربــة‬ ‫رئيــس األركان ـ‬ ‫اإلرهــاب وليــس مــن أجــل أي مســألة أخــرى‪ .‬ونحــن كسياســين لــم نلتــق بــه ولــم‬ ‫نعــرف بزيارتــه إال بعــد مغادرتــه ســوريا‪.‬‬ ‫العاقــة هــي عاقــة مصلحــة بــن طرفــن‪ ،‬أ ـمـريكا لهــا مصلحتهــا ونحــن لنــا‬ ‫مصلحتنا‪ .‬املصلحة املشركة كانت محاربة اإلرهاب يف كوباين‪ .‬تدخل األمريكيون‬ ‫ووجدوا أننا نحارب اإلرهاب عن صدق‪ ،‬ألنها مسألة وجود بالنسبة إلينا‪ ،‬ووجدوا‬ ‫أننا القوة الفعالة‪ ،‬فقرروا التعاون معنا‪ ،‬وهذا التعاون ال يزال مستمرا‪.‬‬ ‫أ ـمـريكا حاولــت إيجــاد قــوة أخــرى صادقــة معهــا يف محاربــة اإلرهــاب يف الشــرق‬

‫‪02/05/2023 13:27‬‬

‫‪42‬‬

‫األوسط‪ ،‬وحاولت تشكيل كتائب تدريب زودتها األموال واألسلحة لكنها فشلت‬ ‫ضـاء عــىل اإلرهــاب والحفــا عــىل مصالحهــم يف الشــرق‬ ‫كلهــا‪ .‬إذا أرادوا فعــا الق ـ‬ ‫األوسط‪ ،‬فيجب أن يكون هناك عىل األقل شريك صادق يف ما يقوم به‪ .‬ما دمنا‬ ‫موجودين ونحارب اإلرهاب ف ن العاقة مع األمريكين مستمرة عىل هذا األسا ‪.‬‬ ‫أعتقد أن الشراكة تبق قائمة ما دام اإلرهاب موجودا وما دام “داعش” موجودا‬ ‫وما دام اإلرهابيون يهددوننا‪ ،‬والدول التي تدعم اإلرهاب‪ ،‬مثل تركيا وغريها‪،‬‬ ‫تستخدم اإلرهاب وال تزال تزود اإلرهابين األسلحة‪.‬‬ ‫بعض النا يردد أننا عماء للواليات املتحدة‪ .‬نحن لسنا عماء ألمريكا ولم‬ ‫نتلق يوما أوامر منها‪ .‬امريكا أتت اىل سوريا عندما اقتضت مصلحتها ذلك‪ ،‬ونحن‬ ‫مصلحتنــا تطلبــت التعــاون‪ .‬أعطــي مثــا واحــدا كان يجــب علينــا تحريــر الرقــة مــن‬ ‫“داعــش”‪ ،‬لــو قمنــا بذلــك منفرديــن مــن دون التحالــف الــدويل لتطلــب األمــر ربمــا‬ ‫خمس أو ست سنوات مع خسائر ال يمكن تحديدها‪ .‬عندما تعاونا مع التحالف‬ ‫ضـاء عــىل “داعــش” وتحريــر الرقــة‪ ،‬تــم ذلــك يف خمســة أشــهر‪ّ ،‬‬ ‫فوفرنــا‬ ‫الــدويل للق ـ‬ ‫الجهد واملال‪ .‬فلماذا ال نتعاون‬ ‫لــم نحــرر الرقــة مــن أجــل ا ـمـريكا أو التحالــف الــدويل‪ ،‬حررناهــا ألن الســيارات‬ ‫املفخخــة التــي كانــت تنفجــر يف كوبــاين والقامشــيل كانــت تــأيت مــن الرقــة‪.‬‬ ‫ه أن‬

‫ل من‬

‫عنة ي ال هر أو من خيانة أميركية‬

‫كل يشء ممكن حسب مصلحتهم‪ .‬ذهبوا من اجل أهداف معينة وعندما حققوا‬ ‫أهدافهــم أو حتـ حــن لــم يحققوهــا‪ ،‬غــادروا‪ .‬هــم فعلــوا ذلــك معنــا‪ ،‬يف رأ‬ ‫العــن ويف تــل أبيــض‪ ،‬نحــن لــم نطلــب منهــم حمايتنــا ولكــن حســب الوعــود التــي‬ ‫عرضوهــا‪ ،‬ذكــروا أنهــم موجــودون وســيحاربون‪ ،‬ويف الوقــت ذاتــه أعطــوا الضــوء‬ ‫األخضــر ألردوغــان ملهاجمتنــا‪ ،‬وفعــا قــام بذلــك‪ .‬نحــن قاومنــا‪ ،‬حتـ يف عفريــن‪.‬‬ ‫الرو والتحالف الدويل‪ ،‬ألم يكونا قادرين عىل منع تركيا من احتال عفرين‬ ‫توافقوا وفق مصالحهم‪ ،‬ونرى أن ذلك خطأ‪ ،‬لكننا ال نستطيع تصحيح ا خرين‪.‬‬ ‫بل نصحح ما نقدر عليه‪ .‬إذا اقتضت مصلحة امريكا مغادرة سوريا فا خيار لنا‬ ‫إال االعتماد عىل أنفسنا كما نحن ا ن نعتمد عىل أنفسنا ونأخذ تدابري‪.‬‬ ‫ه‬

‫سميها خيانة‬

‫الخيانــة تحصــل عندمــا يعطونــك وعــدا ويخلفــون الوعــد‪ .‬هــم لــم يعدونــا يومــا‬ ‫بالحمايــة‪ ،‬ويقولــون علنــا إننــا لــن نحميكــم ولــن ندافــع عنكــم ولــن نحــارب تركيــا‬ ‫من أجلكم‪ .‬لذلك اذا تطلبت مصلحتهم املغادرة فهم سيغادرون‪ .‬نحن نرى أن‬ ‫مصلحتهم تفرض عليهم البقاء يف الشرق األوسط واالستمرار يف محاربة اإلرهاب‬ ‫معنــا ألنهــم لــن يجــدوا أفضــل منــا‪.‬‬ ‫نيران وس ا تكا أميركي روس ي على‬ ‫انت م وا ع ون ي قا‬ ‫ال ف ة ا خر كي تمكن ون من دار العال ة‬

‫لدينــا عاقــة قديمــة مــع الــرو طبعــا وكنــا نتمنـ عــىل الــرو بحكــم عاقتهــم‬ ‫مع الحكومة السورية أن يكونوا وسطاء وأن يفرضوا الحل‪ .‬كانوا وعدوا بفرض‬ ‫الحل‪ ،‬لكن ذلك لم يحصل‪ .‬ربما ال يزالون يتصرفون بمنته الراغماتية خاصة‬ ‫يف عاقتهم مع تركيا‪ .‬هذه الراغماتية ال أعتقد أنها ستفيدهم ولن تعود بفائدة‬ ‫علينا‪ .‬هذه الراغماتية ال تليق بالرو بالنظر اليهم كقوة ودولة عظم ‪ .‬ونتمن‬ ‫أن يتمكنوا من املساهمة والضغط عىل النظام اليجاد الحل السيا ‪.‬‬ ‫ه أنتم بالفع وس‬

‫قا‬

‫نيران‬

‫لسنا وسط تقاطع نريان‪ ،‬لدينا قواعد مشركة مع التحالف الدويل ونحن ندافع‬ ‫عــن أنفســنا بــدل الد ـفـاع عنهــم إذا حــدث اعتــداء‪ .‬وقــع اعتــداء ا ـيـراين عــىل إحــدى‬ ‫القواعــد‪ ،‬إذا أرادوا التحــارب فليتحاربــوا بعيــدا عنــا‪ .‬االيرانيــون ليســوا موجوديــن‬ ‫عندنا بأي شكل من األشكال‪ ،‬هم موجودون لدى النظام‪ .‬لسنا يف تقاطع نريان‬ ‫لكن املنطقة ككل ملتهبة وعلينا التعامل مع هذا الواقع‪.‬‬

‫‪036_AM.indd 42‬‬


‫الم لة‬

‫‪41‬‬

‫منهم ضد تركيا‪ ،‬وهذا ما حدث‪ .‬يف سوريا حت ا ن ال يستطيع أحد أن يدّ عي‬ ‫سـاح‪ .‬ســوريا كانــت فقــط تســتطيع منــع ا خريــن مــن‬ ‫حـزب املــال أو ال ـ‬ ‫أنــه زوّد ال ـ‬ ‫مهاجمــة املواقــع الكرديــة‪ .‬تركــوا املجــال مفتوحــا لركيــا ملحاربــة األ ـكـراد‪ ،‬ومــن‬ ‫جهة أخرى كانوا يسهّلون الحصول عىل “ورقة مهمة” لعناصر من أجل عبور‬ ‫سـاح مــن لبنــان عــر الحــدود وتســهيل عبــور مجموعــات بــن لبنــان وســوريا‬ ‫ال ـ‬ ‫حـزب وســوريا‪.‬‬ ‫أيضــا‪ .‬تلــك كانــت العاقــة بــن ال ـ‬ ‫حـزب العمــال الكردســتاين”‪ .‬كان‬ ‫سـاح إىل “ ـ‬ ‫ســوريا لــم تقــدم ال املــال وال ال ـ‬ ‫هنــاك تنســيق ســيا بينهمــا حســبما تتطلــب املصلحــة الســورية ومصلحــة‬ ‫حـزب‪ .‬وذلــك للتوضيــح‪.‬‬ ‫ال ـ‬ ‫تركيــا معاديــة منــذ ذاك الوقــت‪ ،‬وعندمــا يتطــرق األمــر اىل املســألة الكرديــة‪،‬‬ ‫يخــرج األ ـتـراك عــن طوعهــم ويفقــدون صوابهــم ألنهــم يعرفــون أنــه إذا قــوي‬ ‫الكــردي فقــد يثــأر للمجــازر التــي ارتكبتهــا تركيــا يف حــق األ ـكـراد‪ ،‬مــن ‪ 1925‬حتـ‬ ‫اليــوم‪ .‬مئــات ا الف مــن الكــرد ذبحــوا‪ ،‬واأل ـكـراد يشــعرون بالحقــد وبأنهــم‬ ‫تعرضــوا للخيانــة‪.‬‬

‫عند مــا جــرى الحد يــث عــن ل ـقـاء بــن‬ ‫(الرئيســن) بشــار األ ســد ور جــب طيــب‬ ‫أردوغان وعن تقارب بن النظامن السوري‬ ‫وا ـلـر وصفنــاه بـ”ا لــزواج القســري”‪.‬‬ ‫العــداء بــن الطر فــن قد يــم‪ ،‬منــذ ضــمّ‬ ‫لــواء اســكندرون وحتـ مــن زمــن االنتــداب‬ ‫عـرض لهــا‬ ‫ك ـثـرية ت ـ‬ ‫الفرنــيس‪ .‬هنــاك مـ‬ ‫السوريون عىل يد الدولة الركية والفاشية‬ ‫الركية ولن ُتلغ بج ّرة قلم‪ .‬يف خصوص‬ ‫مسألة أوجان عندما وقعوا اتفاقية أضنة‬ ‫(يف ‪ )1998‬بن رئيس شعبة األمن السيا‬ ‫يف سوريا ورئيس املخابرات الركية‪ ،‬كانوا‬ ‫يريدون القضاء عىل كل يشء كردي ضمن‬ ‫سوريا‪ .‬ولذلك خوفهم من املسألة الكردية‬ ‫يتزايد‪“ .‬البعثيون” سياستهم معروفة وما‬ ‫كانــوا يمارســون ضــد الكــرد‪.‬‬ ‫الخا فــات بــن األ ـتـراك والســورين‬ ‫ك ـبـرية‪ ،‬لكــن يجمعهــم العــداء للكــرد‪ .‬ال‬ ‫أعــرف إن كانــوا ســيتوصلون إىل اتفــاق‪،‬‬ ‫لكنــي أرى أن الظــروف املوضوعيــة غــري متو ـفـرة والتوازنــات غــري متو ـفـرة‪ .‬ونحــن‬ ‫نعتــر أنفســنا ســورين ونريــد بعــض الحقــوق للشــعب الســوري بمــن فيــه‬ ‫الشــعب الكــردي‪ .‬ال عــداء مــع الدولــة الســورية واليــوم أعلنــت “االدارة الذاتيــة”‬ ‫برنامجها سوريون يدعون إىل بعض الديموقراطية ليتنفسوا‪ .‬لذلك إذا حدث‬ ‫أي تقارب بن األتراك والســورين‪ ،‬فســيكون عىل حســاب الكرد وعىل حســاب‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬وآنــذاك لــن يكــون أمامنــا إال املقاومــة فــا وســيلة أخــرى‪ .‬أنــا‬ ‫متوجــس طبعــا‪.‬‬ ‫م ا ه و مس تقب‬ ‫ودمش‬

‫االدار الذا ي ة‬

‫ا ص‬

‫التع اون بي ن انق ر‬

‫مــن الناحيــة العســكرية ليــس األمــر مــن مســؤوليايت‪ ،‬ولكــن بحكــم معرفتــي‬ ‫بشعبنا ف ن “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) تستطيع الدفاع عن نفسها‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬علينا أن نأخذ يف االعتبار أن هناك احتمال ‪ 1‬يف املئة للتعاون‬

‫‪02/05/2023 13:27‬‬

‫بن انقرة ودمشق‪ ،‬ويجب أن يكون لدينا قلق حت نقدر أن ندافع عن أنفسنا‪.‬‬ ‫أجد أن االحتمال ربما أقل من واحد يف املئة‪.‬‬ ‫ب‬ ‫هر مايو‪/‬أي ار هن ا انت اب ات ركي ة‪ ،‬ه تو‬ ‫خ ال‬ ‫االنت اب ات عملي ة عس كرية ركي ة ي ما س وريا أم تو‬ ‫فاهم ا س وريا ركي ا خ ال ه ذا الش هر‬

‫ل‬

‫ضـاع ضبابيــة وال يش واضحــا‪ .‬االجت ـمـاع دونــه عوائــق ك ـثـرية‪ .‬لــدي‬ ‫ال أعــرف‪ ،‬األو ـ‬ ‫رأي يف االنتخابــات التــي ســتجري‪ ،‬والنظــام ا ـلـر الحاكــم يف أضعــف حاالتــه‬ ‫من الناحية االقتصادية والسياسية والديبلوماسية‪ .‬االنهيار الحاصل يف تركيا‪،‬‬ ‫حـرب التــي تشــنها‬ ‫اقتصاديــا وديبلوماســيا وسياســيا‪ ،‬ســببه املســألة الكرديــة وال ـ‬ ‫تركيا عىل الشعب الكردي منذ ثماين سنوات‪ ،‬دمرت كل القرى يف كردستان‪،‬‬ ‫يف شمالها وغربها وجنوبها يف الجبال‪ .‬هذه الحرب دمرت تركيا‪ .‬أي بلد يدخل‬ ‫يف حرب يدفع الثمن‪ .‬هذا باإلضافة إىل املشكات التي تواجهها تركيا سياسيا‬ ‫ظـرا‬ ‫وديبلوماســيا مــن الناحيــة العامليــة ن ـ‬ ‫إىل خرقهــا حقــوق االنســان وعــدم التزامهــا‬ ‫أي مبــاد أخاقيــة أو انســانية أو اتفاقــات‬ ‫دولية‪ ،‬إىل درجة أن القرارات التي تتخذها‬ ‫محكمة حقوق االنسان األوروبية ال تطبق‬ ‫يف تركيــا‪.‬‬ ‫أردو غــان ضعيــف داخليــا وخارجيــا‬ ‫والجميــع ينتظــر رحيلــه‪ .‬لذلــك يمكــن أن‬ ‫يقــوم بــأي خــرق أو أي يشء‪ ،‬ومــن ضمــن‬ ‫ذلــك القيــام بعمليــة عســكرية يف ســوريا‪،‬‬ ‫لزيــادة شــعبيته‪ .‬أنــا ال أتوقــع ذلــك‪ ،‬ألن‬ ‫تركيا ال تستطيع االستمرار يف هذا الوضع‪،‬‬ ‫لكن عىل الرغم من كل يشء علينا أن نكون‬ ‫مســتعدين وجاهزيــن للد ـفـاع عــن أنفســنا‪.‬‬

‫لســنا و ـ‬ ‫اطــع ـن ا‬ ‫لد نــا وا ــد مــع‬ ‫ال حالـ ندا ــع‬ ‫ـ ن ســنا ـبـدل‬ ‫الد ــا ن ـ‬ ‫ا ــد ا ــداء‬

‫الزوا القسر‬ ‫ل ا ن م ن عاون ركي‬ ‫ه أن‬ ‫دكم‬ ‫سور‬

‫مقابلة‬

‫مة‬ ‫هر مايو‪/‬أي ار هن ا‬ ‫خ ال‬ ‫طبي عرب ي م‬ ‫عربي ة وهن ا‬ ‫دمش م ا ه و مو فك م م ن ه ذا‬ ‫التطبي م دمش‬

‫نحن لسنا منزعجن من العاقات السورية‬ ‫العربية ‪ -‬الكردية بل نرحب بها‪ .‬وعندما‬ ‫كنا ضمن “هيئة التنسيق الوطنية” (تكتل‬ ‫ســوري معــارض يف دمشــق) كنــا أول مــن‬ ‫دعا يف بداية الحرب السورية إىل مناقشة‬ ‫طـراف آخــرون‪.‬‬ ‫القضيــة الســورية يف الجامعــة العربيــة بــدل أن يتدخــل فيهــا أ ـ‬ ‫حـزب أول مــن دعــا إىل ذلــك وتوجهنــا إىل الجامعــة العربيــة ونحــن‬ ‫وربمــا كنــا ك ـ‬ ‫لســنا منزعجــن مــن التقــارب‪ .‬لكــن نجــد مــن الصعــب أن يــأيت العالــم العربــي‬ ‫التــي‬ ‫إلعــادة العاقــات مــع النظــام الســوري كأن شــيئا لــم يكــن‪ ،‬بعــد كل املـ‬ ‫حصلت وكل الخراب الذي جرى وسقوط مئات آالف الشهداء وتهجري املاين‪.‬‬ ‫نجــد هــذا األمــر صعبــا‪ ،‬وفيــه لــم يف حــق الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫نتمنـ عــىل األقــل لهــذه املصالحــة‪ ،‬أو التقــارب‪ ،‬أن ال يكونــا عــىل حســاب‬ ‫الشعب السوري‪ .‬فالنظام ال يزال عىل ذهنيته التي نعرفها والتي نتعامل معها‪،‬‬ ‫ال ـيـزال يريــد إعــادة ســوريا إىل مــا قبــل ‪ 2011‬وهــذا غــري ممكــن‪ .‬لذلــك أعتقــد أن‬ ‫موقف الدول العربية يجب أن يكون مشروطا ببعض القوانن الديموقراطية‬ ‫وعىل األقل احرام الشعب السوري واحرام مكونات سوريا بالحل السيا‬ ‫وال ـقـرارات األمميــة الصــادرة‪ 2254 ،‬و ـغـريه‪ ،‬وأعتقــد أن الــدول العربيــة ســتضع‬ ‫بعض الشــروط (الســتئناف العاقات مع النظام الســوري)‪.‬‬

‫‪036_AM.indd 41‬‬


‫صوير‪ :‬دلي سليمان‬

‫مقابلة‬

‫الم لة‬

‫‪40‬‬

‫‪02/05/2023 13:27‬‬

‫‪036_AM.indd 40‬‬


‫‪39‬‬

‫الم لة‬

‫مقابلة‬

‫الخيانة االم ية تحص‬ ‫عن ما يعطون وع ا و خلفون الوع ‪.‬‬ ‫م لم يع ونا يوما بالحماية‬ ‫ب يقولون علنا لن نحميكم‬ ‫ولن ن ا عنكم‬ ‫ولن نحار تر يا من أجلكم‪.‬‬ ‫ل ل ا ا تطل ت مصلحتهم املغادر‬ ‫هم سيغادرون من سور ا‬ ‫ونعتم عىل أنفسنا‬

‫‪02/05/2023 13:27‬‬

‫‪036_AM.indd 39‬‬


‫مقابلة‬

‫الم لة‬

‫أنكروا “الكردي” وأنكروا كردستان‪.‬‬ ‫الفقــري يناضــل مــن أجــل حريتــه‪ ،‬لكــن الكــردي هــو األكــرث معانــاة عــر تاريـ‬ ‫عـراق)‬ ‫الدولــة القوميــة وم ســيها الدولــة ومجازرهــا‪ ،‬مــن حلبجــة (يف شــمال ال ـ‬ ‫جـرة‪ .‬هنــاك ا ن‬ ‫وغريهــا‪ ،‬إىل آالف القــرى التــي تشــرد أهلهــا واضطــروا إىل اله ـ‬ ‫نحــو ثاثــة أو أربعــة مايــن كــردي يف أوروبــا‪ ،‬واأل ـكـراد منتشــرون يف كل ب ـقـاع‬ ‫العالم‪ ،‬وهم تركوا كردستان التي ُنهب فيها كل يشء‪ .‬الكردي مهجّ ر يف بلده‬ ‫وعار وجائع‪ ،‬لذا يضطر اىل الهجرة‪ .‬الكرد هم األكرث معاناة من التذابح ومن‬ ‫الدولــة القوميــة الفاشــية‪ ،‬لــذا هــم األكــرث بحثــا عــن الحريــة وعــن وســيلة عيــش‬ ‫كريمة مع جريانهم حت ال يُهانوا‪ .‬وجدوا أن األفضل أن يعيشوا معا كجريان‬ ‫ويتقاســموا رغيــف الخبــز بــدل أن يتقاتلــوا الحتــكار الســلطة والــرثوة‪ .‬وهــذا مــا‬ ‫بادرنــا بــه يف شــمال وشــرق ســوريا‪.‬‬ ‫ائد ملهم ومفكر‬ ‫ما هي عال ا كم م ا‬

‫اليم الكردية ا خر ب و‬

‫ما هي العال ة بزعيم‬

‫زب العما الكردستاني عبد‬

‫اعها الم تلفة‬

‫حـزاب األخــرى يف كردســتان هــي عاقــة أب ـنـاء وطــن واحــد وقوميــة‬ ‫عاقتنــا مــع األ ـ‬ ‫واحدة ودماء واحدة وتاري مشرك ولغة مشركة وثقافة مشركة‪ .‬لكن منذ‬ ‫جـزء يف كردســتان يســيطر عليــه “غريــب” يف‬ ‫بدايــة القــرن العشــرين أصبــح كل ـ‬ ‫سوريا البعثيون‪ ،‬الكماليون يف تركيا‪ ،‬صدام سابقا يف العراق‪ ،‬والشاه سابقا‬ ‫جـزء يبحــث عــن الحــل املنفــرد الــذي يناســبه‪ .‬يســتعملون الكــردي‬ ‫يف ا ـيـران‪ .‬كل ـ‬ ‫السوري ضد الكردي الر ‪ ،‬والكردي العراقي ضد الكردي االيراين‪ .‬أصبحوا‬ ‫يستغلون الكردي ضد األكراد ا خرين بحسب حاجاتهم‪ .‬فلنتفاهم عىل األقل‬ ‫يف ما بيننا‪ ،‬ل ال نكون موضع استغال‪ ،‬فا يحصل تقاتل بن األخوة‪.‬‬ ‫حـزب آخــر‪ ،‬بــل نتجنــب املواجهــة‪،‬‬ ‫هــذه الناحيــة مهمــة‪ ،‬ونحــن ال نتهــم أي ـ‬ ‫ونريــد أن نحافـ عــىل األخـوّة والصداقــة‪ ،‬ونتعاطــف ونتعــاون‪ ،‬وهــذا هــو األمــر‬ ‫جـزاء كردســتان‪.‬‬ ‫الســائد يف جميــع أ ـ‬ ‫اوجالن‬

‫هو مفكر وفيلسوف‪ ،‬خرج من قلب املعاناة الكردية‪ .‬إنه شخص عا مأساة‬ ‫الشــعب الكــردي يف كل خليــة مــن خايــاه‪ ،‬وتفاعــل معهــا منــذ نعومــة أ فــاره‪.‬‬ ‫إنسان ذ وحكيم وذو فكر‪ .‬خال عيد النوروز عام ‪ 1973‬راودته فكرة إنشاء‬ ‫حزب مع مجموعة مخلصن‪ ،‬فشكلوا “حزب العمال الكردستاين” سنة ‪.1978‬‬ ‫ثم انتشر الحزب وبدأ بالكفاح املسلح يف شمال كردستان يف ‪ ،1984‬وتوسع‪،‬‬ ‫والق شعبية جارفة يف جميع أجزاء كردستان‪ .‬لذلك هو قائد ملهم ومحرك‬ ‫للشعب الكردي الذي يفتخر بأن لديه شخصا بهذه املواصفات ويملك القدرة‬ ‫عىل قيادة مسرية الديموقراطية‪.‬‬ ‫عبداللــه قائــد ملهــم وليــس قائــدا ميدانيــا‪ ،‬يعطــي أفــكارا وفلســفة‪ ،‬وهنــاك‬ ‫حـزاب ك ـثـرية حتـ مــن املعارضــن وغــري املعارضــن‬ ‫مــن يقتنــع بأفــكاره‪ ،‬وثمــة أ ـ‬ ‫تتبنـ أفــكاره‪ ،‬وفلســفته أصبحــت عامليــة ولــم تعــد كرديــة فقــط‪.‬‬ ‫نحن يف “حزب االتحاد الديموقراطي” نعتره رائد الفكر لألمة الديموقراطية‬ ‫التي نصنعها ا ن‪.‬‬ ‫أوجالن يقيم ا ن ي معتق ركي‪ ،‬و تهم ركيا ودو أخر‬ ‫العما الكردستاني ب ن ن يم رهابي‬

‫زب‬

‫أُســر أوجــان بمؤا ـمـرة دوليــة (يف بدايــة ‪ 1999‬بعــد اخراجــه مــن ســوريا نهايــة‬ ‫‪ )1998‬اشركت فيها قوى عاملية يف مقدمها دول “الناتو” وخلية تابعة للحلف‪.‬‬ ‫عندمــا يكــون شــخص واحــد يف طا ـئـرة ُ‬ ‫وتغلــق كل املطــارات األوروبيــة يف وجهــه‬ ‫حتـ ال يتوجــه إىل املحكمــة الدوليــة يف هولنــدا‪ ،‬هــذه دالئــل تشــري إىل أن كل‬ ‫سـره وتســليمه إىل تركيــا‪ .‬تركيــا تلعــب دور‬ ‫قــوى حلــف األطلــيس وغريهــا وراء أ ـ‬ ‫حــار الســجن فقــط‪ .‬العزلــة املفروضــة عــىل أوجــان صــادرة مــن قــوى الهيمنــة‬ ‫العامليــة التــي تديــر ســجن إ ـمـرايل‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:26‬‬

‫‪38‬‬

‫“حزب العمال الكردستاين” لن يقف ضد مطالب الشعب الكردي يف شمال‬ ‫سـاح فعــل ذلــك بعدمــا سُ ــدّ ت يف وجهــه‬ ‫كردســتان وتركيــا‪ ،‬وعندمــا حمــل ال ـ‬ ‫جميــع األبــواب‪ ،‬السياســية والديبلوماســية وحتـ الثقافيــة‪ .‬شــعب محاصــر‬ ‫وماحــق ويســجن‪ ،‬ال بــد أن يبحــث عــن مجــال‪ ،‬لــذا توجــه بعــض الشــباب اىل‬ ‫الجبــال للد ـفـاع عــن أنفســهم‪ .‬قــد يكــون بعضهــم قتــل عمــاء يف صــف العــدو‬ ‫الــذي يحاربهــم يف بيتهــم‪ ،‬يف بدايــة هورهــم يف ‪.1985 - 1984‬‬ ‫تركيا عضو يف “الناتو”‪ ،‬الذي يمثل قوى الهيمنة العاملية‪ ،‬وهو تعاون مع‬ ‫تركيا تطلق صفة اإلرهاب عىل “حزب العمال الكردستاين”‪ ،‬عىل الرغم من‬ ‫حـزب لــم يقــم بــأي عمليــة ضــد األمريكيــن أو األوروبيــن‪ .‬الــدول األوروبيــة‬ ‫أن ال ـ‬ ‫تصف الحزب باإلرهاب تعاطفا مع تركيا‪ ،‬وليس ألي ســبب آخر‪ .‬فالحزب لم‬ ‫يقــم بــأي عمليــة إرهابيــة ضــد أي دولــة مــن الــدول أو ضــد فــرد مــن األ ـفـراد‪ ،‬لــم‬ ‫يهاجــم أبراجــا ولــم يقتــل جنــودا وال ـيـزال لديــه حتـ ا ن مراكــز تدريــب شــت يف‬ ‫جبال كردســتان‪ ،‬وهي لحماية الشــعب الكردي فقط‪.‬‬ ‫املؤامرة الدولية حيكت للقبض عىل أوجان‪ ،‬خال سنة ‪ 1998‬ألن التخطيط‬ ‫يغري‬ ‫كان إلقامة “مشروع الشرق األوسط الكبري”‪ .‬وجدوا أن الرجل يمكنه أن ّ‬ ‫املعادلــة ألنــه اســتطاع جمــع الصــوت الكــردي الــذي يضــم أكــرث مــن خمســن‬ ‫مليــون كــردي يف الشــرق األوســط‪ ،‬وأ ـهـره كقــوة‪ .‬لــم يكــن للكــرد مــكان يف‬ ‫“الشــرق األوســط الكبــري” الــذي كانــوا يعملــون عــىل إنشــائه‪ .‬ورأوا أن أوجــان‬ ‫بقوته وحزبه وب حيائه للشــعب الكردي ســيكون مؤثرا جدا يف املعادلة‪ ،‬وهذا‬ ‫مــا لــم يكــن يف الحســبان‪ ،‬لذلــك قــرروا “التخلــص” منــه‪ ،‬باعتقالــه وتســليمه‬ ‫إىل تركيــا‪ .‬أرادوا التخلــص مــن العقبــة التــي يمكــن أن تواجههــم يف مشــروعهم‬ ‫لـ”الشــرق األوســط الكبــري”‪.‬‬ ‫زب العم ا ودمش ‪ ،‬م‬ ‫كان هن ا عال ة ديم ة بي ن‬ ‫طع العال ة ا ن م ة وس ا ة روس ية بي ن دمش وأنق ر ‪،‬‬ ‫ل من ه ذا التعاون‬ ‫واجتماع ات أمني ة س ورية ركي ة ه أن‬

‫حـزب العمــال الكردســتاين” مــع النظــام الســوري ألن هنــاك أحداثــا‬ ‫تعــاون “ ـ‬ ‫تفرض نفسها عر التاري ‪ .‬أو هناك اهرة معينة تحاول اإلفادة منها والبناء‬ ‫ضـاع غــري‬ ‫حـزب العمــال الكردســتاين” عــام ‪ 1978‬كانــت األو ـ‬ ‫عليهــا‪ .‬عندمــا هــر “ ـ‬ ‫مســتقرة يف تركيــا وكانــت هنــاك توقعــات دائمــة بحــدوث انقــاب عســكري بــن‬ ‫يوم وآخر‪ .‬ثمة تجربة سابقة بالنسبة إىل اليسار الر عندما هر عام ‪1970‬‬ ‫كانــت لــه عاقــات مــع املنظمــات الفلســطينية‪ .‬يف ‪ 1980 1979‬مــع االنقــاب‬ ‫العسكري الذي حصل يف تركيا‪ ،‬أقام األكراد عاقات مع املنظمات الفلسطينية‪،‬‬ ‫حتـ أن بعــض الرفــاق حصلــوا عــىل هويــات فلســطينية اســتعلموها لانتقــال‬ ‫إىل لبنــان‪ .‬هــذا مــا حصــل وليــس عــر الدولــة الســورية‪ .‬وكانــوا وجوديــن ضمــن‬ ‫املنظمات الفلسطينية يف لبنان‪ ،‬وعندما حصل االجتياح االسرائييل عام ‪1982‬‬ ‫قاومــوه‪ .‬الفلســطينيون هربــوا إىل بــريوت وتعرضــت بــريوت لحصــار دام أربعــة‬ ‫أشــهر‪ .‬الوحيــدون الذيــن ناضلــوا وقاومــوا‪ .‬كانــوا مــن املوجوديــن وبينهــم الكــرد‬ ‫وجماعة “حزب العمال الكردستاين” ضمن املنظمات املقاومة‪ ،‬وكانت لديهم‬ ‫معســكرات يف الب ـقـاع‪ .‬وهــم دافعــوا‪.‬‬ ‫ه‬

‫ا‬

‫أوجالن االسرائيليين‬

‫سـرائيلين‪ .‬وســقط ‪ 13‬شــهيدا منهــم يف قلعــة الشــقيف‪.‬‬ ‫رفاقــه طبعــا قاتلــوا اال ـ‬ ‫سـرائيل عرفــت أن األ ـكـراد يقاومــون مــع الفلســطينين‪.‬‬ ‫هــم ماطلــوا وقاتلــوا وا ـ‬ ‫بعــد عودتهــم إىل املعســكر يف الب ـقـاع طالبهــم الجيــش الســوري‪ ،‬كمــا فعــل‬ ‫الفلســطينيون باملغــادرة‪ .‬األ ـكـراد رفضــوا مغــادرة املعســكر وقالــوا إن رفاقــا لنــا‬ ‫استشــهدوا يف لبنــان ونحــن باقــون هنــا ولــن تتمكنــوا مــن اجبارنــا عــىل املغــادرة‪.‬‬ ‫شـاء معســكر لهــم‪ .‬يف ذلــك‬ ‫طـاء األ ـكـراد منطقــة معينــة إلن ـ‬ ‫اتفقــوا عــىل إع ـ‬ ‫الوقت أسست سوريا بعد االجتياح عام ‪ 1984 - 1983‬عاقة مع “حزب العمل‬ ‫الكردستاين” كونه يضم مقاتلن ومحاربن‪ .‬سوريا أرادت انشاء صداقة ل فادة‬

‫‪036_AM.indd 38‬‬


‫‪37‬‬

‫الم لة‬

‫حـزب االتحــاد الديموقراطــي” الكــردي الســوري صالــح‬ ‫شـرك لـ” ـ‬ ‫دافــع الرئيــس امل ـ‬ ‫مسلم‪ ،‬عن زعيم “حزب العمال الكردستاين” عبدالله أوجان املوجود يف سجن‬ ‫تر منذ نقله من كينيا إىل تركيا بداية ‪ 1999‬بعد أشهر عىل إخراجه من سوريا‪.‬‬ ‫وقــال إن أوجــان “مفكــر وفيلســوف‪ ،‬خــرج مــن قلــب املعانــاة الكرديــة” وإنــه‬ ‫قاتل الجيش االسرائييل يف سهل البقاع اللبناين بعد االجتياح ‪ 1982‬مع مقاتلن‬ ‫فلسطينين‪ .‬وكشف “رفاقه طبعا قاتلوا االسرائيلين‪ ،‬وقتل ‪ 13‬منهم يف قلعة‬ ‫سـرائيل عرفــت أن األ ـكـراد يقاومــون مــع الفلســطينين‪.‬‬ ‫الشــقيف‪ .‬هــم قاتلــوا‪ ،‬وا ـ‬ ‫بعد عودتهم إىل املعسكر يف البقاع طالبهم الجيش السوري باملغادرة‪ .‬األكراد‬ ‫رفضوا مغادرة املعسكر”‪.‬‬ ‫عىل صعيد آخر‪ ،‬لم يبد مسلم قلقا من أي تعاون سوري تر ضد “قوات‬ ‫سوريا الديموقراطية” (قسد) و”اإلدارة الذاتية” التي تدير مناطق شمال سوريا‬ ‫وشــمالها الشــرقي‪ ،‬بدعــم مــن التحالــف بقيــادة ا ـمـريكا‪ .‬لكنــه أ ـعـرب عــن االرتيــاح‬ ‫مــن التقــارب العربــي مــع دمشــق‪ .‬وقــال “نحــن لســنا منزعجــن مــن العاقــات‬ ‫السورية العربية ‪ -‬الكردية بل نرحب بها‪ .‬نتمن عىل األقل لهذه املصالحة‪،‬‬ ‫أو التقارب‪ ،‬أن ال يكونا عىل حساب الشعب السوري”‪ .‬وأضاف “النظام يريد‬ ‫إعــادة ســوريا إىل مــا قبــل ‪ 2011‬وهــذا غــري ممكــن‪ .‬لذلــك أعتقــد أن موقــف الــدول‬ ‫العربيــة يجــب أن يكــون مشــروطا ببعــض القوانــن الديموقراطيــة وعــىل األقــل‬

‫صالـ مسـ‬ ‫و ــو ا لـ‬

‫مقابلة‬

‫احرام الشــعب الســوري واحرام مكوّنات ســوريا يف الحل الســيا والقرارات‬ ‫األممية الصادرة‪ ،‬القرار ‪ 2254‬وغريه‪ ،‬وأعتقد أن الدول العربية ستضع بعض‬ ‫الشــروط” عىل دمشــق‪.‬‬ ‫وســئل عــن الحــوار مــع دمشــق‪ ،‬فأجــاب “كان هنــاك حــوار قبــل ـفـرة وا ن‬ ‫ضـوع ويحثــوا‬ ‫عـرب ا خــرون‪ ،‬نأمــل أن يســاهموا يف هــذا املو ـ‬ ‫ال حــوار‪ .‬االخــوان ال ـ‬ ‫الرئيــس بشــار األســد عــىل مناقشــة األمــور للتوصــل إىل حــل معــن”‪ .‬وأضــاف أن‬ ‫“قوات قسد قدمت التضحيات ألجل السيادة والحماية السوريتن ربما أكرث‬ ‫مــن الجيــش الســوري‪ .‬فلمــاذا ال تكــون نــواة الجيــش الســوري املســتقبيل لســوريا‬ ‫الديموقراطية”‪.‬وعــن العاقــة مــع ا ـمـريكا‪ ،‬قــال “بعــض النــا يــردد أننــا عمــاء‬ ‫للواليــات املتحــدة‪ .‬نحــن لســنا عمــاء أل ـمـريكا ولــم نتلــق يومــا أوامــر منهــا‪ .‬أ ـمـريكا‬ ‫أتت إىل سوريا عندما اقتضت مصلحتها ذلك ونحن مصلحتنا تطلبت التعاون”‪.‬‬ ‫وقال إنه يف حال انسحاب أمريكا من سوريا‪ ،‬لن يسم ذلك “خيانة‪ .‬ألن الخيانة‬ ‫تحصل عندما يعطونك وعدا ويخلفون الوعد‪ .‬هم لم يعدونا يوما بالحماية‪،‬‬ ‫ويقولون علنا إننا لن نحميكم ولن ندافع عنكم ولن نحارب تركيا من أجلكم”‪.‬‬ ‫وعن روسيا‪ ،‬قال مسلم “لدينا عاقة قديمة معها طبعا‪ ،‬وكنا نتمن أن‬ ‫يكون الرو وسطاء وأن يفرضوا الحل بحكم عاقتهم مع الحكومة السورية”‪.‬‬ ‫وهنا نص الحديث الذي جرى عر الهاتف يف ‪ 18‬أبريل نيسان‬

‫لســنا‬ ‫عــود‬

‫ــاء ـم ا‬ ‫مــا ـ ‪2011‬‬

‫ر ي “االتحاد ال يمقراط ” الكرد قال ل “امل لة” إنه يرحب‬ ‫بتقار العر م دم ‪ ...‬وإن أوجالن “ يلسو ‪ ،‬وقاو اسرا ي يف ل نان”‬ ‫لن ن ابرا يم حمي‬

‫هن ا مب ادر سياس ية أ لقته ا ا دار الذا ي ة لح اال م ة‬ ‫ي ما و ما‬ ‫ر مس تقب ه ذ االدار‬ ‫الس ورية‪ ،‬كي‬ ‫ر س وريا‬

‫“اإلدارة الذاتية” نموذج للحل يف الشرق األوسط‪ ،‬حيث كانت هناك مشاكل‬ ‫وتعقيدات‪ .‬فالحرب العاملية األوىل بدأت من الشرق االوسط وال تزال النزاعات‬ ‫مســتمرة هنــاك‪ ،‬والدولــة القوميــة لــم ُتعــزز حتـ ا ن‪ .‬تقــدّ م “اإلدارة الذاتيــة”‬ ‫نموذجــا غريبــا عــن كيفيــة تعايــش الشــعوب‪ ،‬ونتمنـ أن ننجــح فيهــا فنثبــت‬ ‫األمور ونرســخها بحيث تنتشــر أخوّة الشــعوب ونصبح نموذجا ليس فقط لنا‬ ‫بــل لــكل ســوريا والشــرق األوســط‪.‬‬

‫صوير‪ :‬دلي سليمان‬

‫قصد انها نمو‬

‫‪02/05/2023 13:26‬‬

‫بدي من الدولة القومية‬

‫يف بدايــات القــرن العشــرين‪ ،‬كانــت هنــاك ثــاث امراطوريــات عامليــة تتحــارب يف‬ ‫ما بينها الفرنسية والريطانية والعثمانية‪ ،‬واألخرية ُعرفت بـ“الرجل املريض”‪.‬‬ ‫مــن هنــا انطلقــت الف ـكـرة مــا البديــل مــن “الرجــل املريــض” فــكان اال ـقـراح‪،‬‬ ‫لنؤسس دوال قومية ونضع فيها أعواننا إلدارة تلك الباد فنحصل عىل خرياتها‪.‬‬ ‫االنتدابــان الفرنــيس والريطــاين عــىل املنطقــة كان لتعليــم الشــعوب كيفيــة إدارة‬ ‫أمورهــم ثــم ّ‬ ‫نصبــوا أناســا ال يتعارضــون مــع مصالحهــم‪ .‬الــدول القوميــة كانــت‬ ‫لخدمــة قــوى الهيمنــة العامليــة‪.‬‬

‫احتكرت الدول القومية السلطة وتقاسمت الرثوات مع القوى الخارجية‪،‬‬ ‫فوقعت النزاعات بن تلك الدول‪ ،‬واستمرت حت بعد الحرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫ا ن تريــد الشــعوب أن تكــون لهــا كلمتهــا‪ ،‬وأن تكــون الســلطة نابعــة مــن‬ ‫الشعب‪ .‬أوروبا تنبّهت إىل هذا األمر‪ ،‬إذ أدركت بعد الحرب العاملية الثانية أن ال‬ ‫جدوى من الدولة القومية التي تفتحت بذورها مع الثورة الفرنسية وانتشرت‬ ‫يف كل أوروبا‪ ،‬وتسبب التنازع يف ما بن الدول إىل مقتل ماين البشر‪ .‬فكان‬ ‫ال بــدّ مــن التوصــل إىل حــل يقــوم عــىل ا ـعـراف كل دولــة بقوميتهــا وخصائصهــا‬ ‫وعىل انشاء االتحاد األوروبي ورفع الحدود بن الدول التي أصبحت تتنافس‬ ‫باألمــوال بــدل الد ـمـاء‪ .‬هــذا هــو التوجــه العاملــي‪ ،‬وأثبــت وعــي النــا أن القتــال‬ ‫غــري مفيــد ويدخــل يف خدمــة احتــكار الســلطة والــرثوة‪.‬‬ ‫لك ن العص ب ا ساس ي ل ا دار الذا ي ة ه و القومي ة الكردي ة‪،‬‬ ‫كي يمك ن التو ي بي ن ا مري ن‬

‫القوميــة الكرديــة عانــت ك ـثـريا‪ .‬كردســتان التاريخيــة كانــت فيهــا شــعوب ك ـثـرية‪.‬‬ ‫النا الذين عاشوا بن األكراد منهم من انصهر ضمن بوتقتهم عر التاري ‪،‬‬ ‫لكن عندما حان وقت تأسيس الدولة لم يعرفوا بكردستان وال بالوجود الكردي‪.‬‬ ‫هناك ‪ 4‬مناطق‪ ،‬والكل يحاول االستقواء عىل الكردي فيها السوري يريد‬ ‫تذويبه والسيطرة عليه‪ ،‬وهذا ما يفعله العراقي والر وااليراين‪ .‬جميعهم‬

‫‪036_AM.indd 37‬‬


036_AM.indd 36

02/05/2023 13:26


FPC Almajala - Boghossian.pdf

034_AM.indd 35

1

18/01/2023

3:15 PM

02/05/2023 13:23


‫قا ة‬

‫الم لة‬

‫صة الغالف‬

‫دبــاء امل‬

‫‪34‬‬

‫ـا‬

‫امل ري روا يمن ‪ ،‬عم محررا قا يا يف صح وم الت يمنية وعربية‬ ‫وله ع د من الروايات‬ ‫رسم بول راي ن‬

‫أص م قفون‬ ‫وأدباء يت ارون يف‬ ‫تم ي الطا فية‬ ‫وصنيعتها‬ ‫امليلي يات‪،‬‬ ‫و حاولون أن‬ ‫ي سسوا لها‬ ‫مرجعيات‬ ‫وأم ادا‪ ،‬ولو‬ ‫بالتلفي ‪ ،‬ما‬ ‫حص يف صنعاء‬ ‫أخ ا‬ ‫‪02/05/2023 13:24‬‬

‫إذا مجّ دت زعيم امليليشيات بقصيدة أو رواية أو حت‬ ‫ّ‬ ‫قصة قصرية فستلق جائزتك التي ال ُتقدّ ر بثمن‪ ،‬ليس‬ ‫يف جانبها املايل فقط ّ‬ ‫وإنما يف تك ّرم وسماحة هذا الزعيم‬ ‫شخصيا باستقبالك ومصافحتك‪ ،‬نعم مصافحتك‪،‬‬ ‫أمام أعن الكامريا‬ ‫ّإنه “املجد” الذي صار يهجس به أدباء عرب ممن‬ ‫اسراحوا يف حضن امليليشيات التي مألت حارات‬ ‫وشوارع دول عربية وصارت بديا للشعارات القومية‬ ‫والوطنية التي تغن بها أسافهم الشعراء الذين كانوا‬ ‫قد نوا أنهم خرجوا من تقاليد مدح القبيلة وتحفيزها‬ ‫يف مواجهة القبائل األخرى إىل ثقافة الوطن والوطنية‬ ‫والوحدة املُكللة باللغة الواحدة والدين الواحد والزعيم‬ ‫األوحد وهذا الزعيم األوحد هو من ترك لنا هذا اإلرث‬ ‫الثقيل ليس يف شعاراته املُجلجلة وإنما يف نقيضها‬ ‫املتمثل يف التمزق القومي والوطني وسيادة املذهبية‬ ‫والجهويّة‪ ،‬يتساوى يف ذلك العراق ولبنان وسوريا‬ ‫واليمن وليبيا والسودان وغريها‪ .‬لتتحوّل شعارات‬ ‫الوطن العربي األكر إىل هتافات القبيلة والجهة‬ ‫واملذهب وهي عصبيات ال ُتصان وال تنمو إال ب نشاء‬ ‫ّ‬ ‫مسلحة لها سطوتها عىل كل الحياة اليومية‬ ‫ميليشيات‬ ‫بما يف ذلك األدب والفن‪.‬‬ ‫أرسل يل شاعر صديق يطلب مني أن أنشر عىل‬ ‫صفحايت وحسابايت عىل التواصل االجتماعي إعانا لجائزة‬ ‫أدبية يف مختلف املجاالت تحمل اسم صانع ميليشيات‬ ‫شهري فقلت له من باب املزاح كم ستدفع فقال بجدية‬ ‫لك ما تريد واستغربت أن هذا الشخص‪ ،‬الذي ُ‬ ‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫ورحت إىل صفحاته عىل‬ ‫أ نه يعرفني‪ ،‬ال يعرفني‬ ‫التواصل االجتماعي ألجد ما ال أتوقعه من شاعر بقي‬ ‫ّ‬ ‫ينظر يف جلسة أدبية لقصيدة ما بعد الحداثة إىل ح ّد‬ ‫كادت تنشب معركة باأليدي بينه وبن شاعر عمودي‬ ‫لم أرد بعدها عىل رسائله واكتفيت بمنشور ضد‬ ‫ميليشيته ّ‬ ‫عله يفهم‪ ،‬لك ّنه لم يفهم‪ ،‬أو ربّما ن أنني‬ ‫قابل لاستقطاب‪ ،‬وصديقي هذا‪ ،‬ذ ّكرين بشاعر آخر‬ ‫ال شغل له إال تمجيد املذهب الديني الذي ينتمي إليه‬ ‫حت ّإنه عنون أحد دواوينه الشعرية باسم املؤسس‬ ‫األوّل للطائفة‪ ،‬ومع هذا كان معنا يف صنعاء ونحن‬ ‫نؤسس بيتا للشعر مع عبدالعزيز املقالح وآخرين إال‬ ‫أنه سرعان ما انقلب علينا واستحوذ عىل البيت بمفرده‬ ‫وحوّله إىل بيت ال يتجاوز اهتمامه شعراء حارته أو‬ ‫الشارع املجاور كحد أقى‬

‫ُ‬ ‫سألت الراحل املقالح يومها ما مصرينا وقد ُفصلنا‬ ‫بهذه الطريقة ابتسم لوصفنا بـ “املفصولن”‪ ،‬وهو الذي‬ ‫كان يحلم أن يكون البيت لجميع الشعراء العرب وليس‬ ‫لشعراء حي أو شارع كما صار عليه‪ ،‬فاقرح أن نصدر‬ ‫مجلة “غيمان” التي أبق لنا اسمها لريأ تحريرها‬ ‫همدان دمّاج ووضع اسمي عليها كمدير للتحرير‪.‬‬ ‫املهم أن صاحبنا اعتر البيت بيته وال مجال للنقا‬ ‫وحن بدأت امليليشيات التي يعترها مرجعيته بالزحف‬ ‫نحو صنعاء وساد الحوار حول تقاسم السلطة‪ُ ،‬‬ ‫كنت‬ ‫أعرف أنه لن يقبل أقل من منصب وزير ثقافة لشغفه‬ ‫الدائم بالسلطة ولهذا حن قابلته يف الشارع صدفة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سارعت بتهنئته بمنصب الوزير قبل أن تتشكل الحكومة‬ ‫فشكرين وراح يسرد يل أنه ذهب إىل حيث يقيم زعيم‬ ‫املرجعية بهدف موافقته عىل تعيينه يف هذا املنصب‪،‬‬ ‫إال أن الزعيم منع أبناء الطائفة‪ ،‬كما قال‪ ،‬من تويل‬ ‫أي منصب فحمدت هذا التوجه‪ ،‬ولكن ما إن م ّرت‬ ‫أشهر حت استحوذ أبناء الطائفة نفسها‪ ،‬بل أبناء‬ ‫قرية زعيمها وعائلته عىل كل املناصب‪ ،‬ولم يحصل‬ ‫صاحبنا عىل واحد منها‪ ،‬فهو بالرغم من شهادته العليا‬ ‫وطائفيته املشركة ال ينتمي للعائلة نفسها أو القرية‬ ‫وهكذا أصبح مثقفون وأدباء‪ ،‬من بغداد إىل‬ ‫صنعاء مرورا ببريوت ودمشق‪ ،‬يتبارون يف تمجيد‬ ‫الطائفية وصنيعتها امليليشيات‪ ،‬ويحاولون أن يؤسسوا‬ ‫لها مرجعيات وأمجادا‪ ،‬ولو بالتلفيق‪ ،‬كما حصل يف‬ ‫صنعاء أخريا‪ ،‬حيث أعلنوا أن هيئة الكتاب بصدد نشر‬ ‫كتاب للراحل عبدالله الردوين يحمل عنوان “عيل‬ ‫والحسن‪...‬انتصار إلرادة األمّ ة وجموع الفقراء”‪ ،‬وهي‬ ‫محاولة لتطييف الشاعر الشهري‪ ،‬الذي بقي طوال‬ ‫حياته ضمري ّ‬ ‫كل اليمنين‪.‬‬ ‫قبل خمسمائة سنة كان هناك شاعر فرنيس اسمه‬ ‫بيري دو رونسار‪ ،‬له مكانة كبرية وسط مجايليه‪ ،‬شهد‬ ‫صراعات بلده الدامية بن الكاثوليك والروتستانت‬ ‫ولم ينحز إىل أي طائفة منهما‪ ،‬ووجّ ه معظم كتاباته‬ ‫وأشعاره إىل النا يدعوهم فيها إىل ما يجمعهم‬ ‫وإىل تجاوز العصبيات والتفكري باملستقبل مشككا‬ ‫بمرجعياتهم التي ينطلقون منها وهو التشكيك‪ ،‬أو‬ ‫التسا ل نفسه‪ ،‬الذي كان قد سبقه إليه أبو العاء‬ ‫املع ّري بخمسمائة سنة حن أنصت إىل ضجيج الاذقية‬ ‫متسائا “ما الصحيح ”‪ .‬السؤال الذي أ ن أن عىل‬ ‫األدباء طرحه ا ن بدال من االنحيازات امليليشياوية‪.‬‬

‫‪034_AM.indd 34‬‬


‫‪33‬‬

‫نفسه مع مغادرة شركة “توتال” الفرنسية الباد‪.‬‬ ‫قــد تكــون صناعــة النفــط والغــاز يف اليمــن عــىل‬ ‫مفــرق طــرق بعــد إيقــاف تشــغيل مرافــق اإلن ـتـاج‬ ‫والتصديــر‪ ،‬وذلــك أن إعــادة التشــغيل ســتتطلب‬ ‫عودة االستثمارات وشركات النفط العاملية‪ ،‬ومن‬ ‫حـرب‪ ،‬قــد تضمــن‬ ‫جـزم بــأن أي نهايــة لل ـ‬ ‫الصعــب ال ـ‬ ‫عودة هذه الشركات‪ ،‬حيث ال تزال األخطار األمنية‬ ‫حـول مســتقبل‬ ‫عاليــة‪ ،‬وعامــات االســتفهام ك ـثـرية ـ‬ ‫االســتقرار الســيا ‪ .‬حتـ ا ن‪ ،‬لــم يتــم اســتغال‬ ‫سـراتيجية‬ ‫غـرايف لليمــن وأهميتــه اال ـ‬ ‫املو قــع الج ـ‬ ‫اقتصاديا‪ ،‬إذ لم يُستثمر قط يف بناء مرافق تخزين‬ ‫النفــط ومشــتقاته‪ ،‬أو مرافــق لتعبئــة وقــود ناقــات‬ ‫النفط والسفن التجارية التي تمر عر باب املندب‪.‬‬ ‫ال شك أن السام واالستقرار السيا يف اليمن‬ ‫سيدعمان اقتصاد الباد ومداخيل ممراته البحرية‬ ‫وموانئه‪ ،‬واالستفادة من موقعه عىل طول الطرق‬ ‫صـول إىل‬ ‫البحريــة الرئيســية‪ ،‬ممــا يتيــح ســهولة الو ـ‬ ‫األسواق يف آسيا واملحيط الهادي وأوروبا‪ .‬كما ستوفر‬ ‫املرحلة السلمية دعما ملوارد اليمن من النفط والغاز‬

‫الم لة‬

‫أن السال‬ ‫ال‬ ‫واالستقرار السيا‬ ‫يف اليمن سي عمان‬ ‫اقتصاد ال الد‬ ‫وم اخي ممراته‬ ‫ال حر ة وموان ه‪،‬‬ ‫واالستفاد من‬ ‫موقعه عىل طول‬ ‫الطر ال حر ة‬ ‫الر يسية‪.‬‬

‫سياسة‬

‫التي لم ُتستغل كما يجب حت ا ن عىل الرغم من‬ ‫أنها ُتشكل النسبة األكر من الناتج املحيل اإلجمايل‬ ‫غــري املطــور‪ ،‬وســتضع ح ـلـوال جذريــة ألزمــة الوقــود‬ ‫الخانقــة التــي ألقــت بظالهــا عــىل حيــاة املواطنــن‬ ‫وعطلت كثريا من وسائل النقل والخدمات‪ .‬ويرتقب‬ ‫سـرافق عمليــة‬ ‫أن توفــر املشــاريع االقتصاديــة التــي ـ‬ ‫السام الكثري من فرص العمل وأن تحد من البطالة‪.‬‬

‫استثمارات صينية‬

‫منذ عام ‪ ،1986‬استثمر كثري من الشركات العاملية‬ ‫طـاع النفــط والغــاز اليمنــي‪،‬‬ ‫مــن دول شــت يف ق ـ‬ ‫منها الواليات املتحدة وإندونيسيا والنمسا وفرنسا‬ ‫وكوريا الجنوبية واليابان‪ .‬أما الصن‪ ،‬فقد عزفت‬ ‫عن االستثمار يف القطاع‪ ،‬رغم أنها من مستوردي‬ ‫النفــط اليمنــي الخــام‪ ،‬ووجودهــا يف شــرق أفريقيــا‬ ‫واســتثماراتها الك ـبـرية هنــاك‪ .‬وال بــد مــن متابعــة‬ ‫مــا اذا كانــت وســاطة الصــن يف عــودة العاقــات‬ ‫الدبلوماسية السعودية ‪-‬اإليرانية‪j ،‬تيح حقبة‬ ‫جديــدة مــن االســتثمارات الصينيــة‪.‬‬

‫صورة أرشيفية لناقلة يف‬ ‫ميناء الحديدة يف ‪ 5‬أبريل‬ ‫‪ ( 2022‬أ ف ب )‬ ‫مقاتان من قوات‬ ‫الحكومة اليمنية يف بلدة‬ ‫مخ قرب البحر األحمر‬ ‫يف ‪ 9‬فراير ‪( 2017‬أ ف ب)‬

‫‪02/05/2023 13:21‬‬

‫‪032_AM.indd 33‬‬


‫سياسة‬

‫الم لة‬

‫السا‬ ‫يف ال ـ‬ ‫نعـ‬ ‫بــا املنــد‬

‫تأ ات إي ابية عىل أح أ م املمرات‬

‫دب‬

‫يص الفاي‬

‫صة الغالف‬

‫ســينعش اتفــاق الســام اليمنــي الحركــة البحريــة‬ ‫يف أحــد أهــم امل ـمـرات املائيــة العامليــة‪ ،‬مضيــق بــاب‬ ‫املنــدب‪ ،‬وهــو شــريان رئيــيس للحركــة االقتصاديــة‬ ‫والتجاريــة العامليــة‪ ،‬وســينعكس إيجابــا عــىل أمــن‬ ‫حركــة ناقــات النفــط والســفن التجاريــة بعــد أن‬ ‫سـراتيجية‬ ‫ا ســتهدفت اعتــداءات‪ ،‬األهميــة اال ـ‬ ‫للمضيــق الواقــع عــىل البحــر األحمــر‪ ،‬والــذي يبلــغ‬ ‫طوله ‪ 20‬كيلومرا فقط‪ ،‬حيث يلتقي البحر األحمر‬ ‫عـرب‪ ،‬ممــا يجعــل مئــات‬ ‫بخليــج عــدن يف بحــر ال ـ‬ ‫الســفن هدفــا ســها‪.‬‬ ‫وقــد شــكلت هــذه العمليــات تهديــدا صارخــا‬ ‫للماحــة البحريــة وألمــن الطاقــة العاملــي والتجــارة‬ ‫الدوليــة‪.‬‬ ‫تعنــي عــودة الســام إىل هــذا املمــر املــايئ الحيــوي‬ ‫عـرب‬ ‫الــذي يربــط البحــر األبيــض املتوســط ببحــر ال ـ‬ ‫واملحيط الهندي‪ ،‬وصول إمدادات الطاقة من النفط‬ ‫والغــاز واملشــتقات البروليــة إىل الســوق األوروبيــة‬ ‫وحوض املتوسط‪ ،‬حيث كانت الناقات تضطر يف‬ ‫جـاء‬ ‫األعــوام الســابقة ل بحــار عــن طريــق رأ الر ـ‬ ‫الصالح جنوب أفريقيا‪ ،‬بسبب التهديدات األمنية‬ ‫للماحــة والتجــارة الدوليــة‪ ،‬وقطــع مســافة طويلــة‬ ‫صـول إىل الســوق األوروبيــة‪ ،‬ممــا يعنــي‬ ‫جــدا للو ـ‬ ‫زيــادة ك ـبـرية يف اســتهاك الوقــود وكلفــة التأمــن‬ ‫مــن تلــك األخطــار‪.‬‬ ‫يُعد مضيق باب املندب رابع أكر املمرات املائية‪،‬‬ ‫بعد قناة السويس‪ ،‬من حيث عدد براميل النفط‬ ‫ومشتقاته التي تمر عره‪ ،‬والذي يصل إىل أكرث من‬ ‫‪ 6‬مايــن برميــل يوميــا‪ .‬كمــا يمــر ـعـره نحــو ‪ 10‬يف‬

‫‪02/05/2023 13:21‬‬

‫‪32‬‬

‫املئــة مــن الغــاز الطبيعــي املســال يف العالــم‪ ،‬حيــث‬ ‫إنه بوابة عبور السفن يف طريقها لقناة السويس‪.‬‬

‫ياء طا النف‬

‫والغا‬

‫تعــرف اليمــن بكونهــا أفقــر دول العالــم العربــي‪،‬‬ ‫يف وقــت تتمتــع فيــه باحتياطيــات تبلــغ نحــو ثاثــة‬ ‫مليارات برميل من النفط‪ ،‬و‪ 17‬تريليون قدم مكعب‬ ‫من الغاز‪ .‬وهذه احتياطيات متواضعة جدا مقارنة‬ ‫بدول الخليج العربي‪ ،‬يقابلها استهاك قليل جدا‬ ‫أيضا من النفط‪ ،‬ال يتخط ‪ 60‬ألف برميل يوميا‪،‬‬ ‫وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة األمريكية‪.‬‬ ‫انخفــض إن ـتـاج النفــط يف اليمــن بشــكل ملحــو‬ ‫منــذ أن بلــغ ذروتــه عــام ‪ 2001‬عنــد نحــو ‪ 440‬ألــف‬ ‫ظـرا إىل االنخفــاض الطبيعــي يف‬ ‫برميــل يوميــا‪ ،‬ن ـ‬ ‫الحقول القديمة يف الباد والهجمات املتكررة عىل‬ ‫البنيــة التحتيــة النفطيــة‪.‬‬ ‫يوجد نوعان من النفط الخام يف اليمن “نفط‬ ‫مأرب”‪ ،‬الذي وصلت ذروة إنتاجه إىل ‪ 62‬ألف برميل‬ ‫شـرة أعــوام‪ ،‬وكان يتــم تصد ـيـره عــر‬ ‫يوميــا قبــل ع ـ‬ ‫ميناء رأ عي الذي يقع شمال ميناء الحديدة‬ ‫عىل البحر األحمر‪ .‬والنوع الثاين هو “نفط مسيلة”‬ ‫الذي وصلت ذروة إنتاجه قبل عقد من الزمن إىل‬ ‫نحو ‪ 105‬آالف برميل يوميا‪ ،‬وكان يتم تصديره عر‬ ‫عـرب بال ـقـرب‬ ‫مي ـنـاء الشــحر الــذي يطــل عــىل بحــر ال ـ‬ ‫من الحدود العمانية اليمنية‪ .‬ويمثل “نفط مسيلة”‬ ‫أكرث من ‪ 80‬يف املئة من احتياطيات النفط يف اليمن‪.‬‬ ‫ال توجــد بيانــات حديثــة عــن إن ـتـاج النفــط الخــام‬ ‫يف اليمن‪ ،‬وما توافر من بيانات أخرية غري دقيقة‪،‬‬ ‫حيث تشري بعض األرقام إىل انخفاض إنتاج النفط‬ ‫اإلجمــايل يف اليمــن مــن ‪ 125‬ألــف برميــل يوميــا عــام‬ ‫‪ 2014‬إىل أدىن مستوى له عند نحو ‪ 20‬ألف برميل‬ ‫يوميا عام ‪ ،2016‬ليعود ويرتفع ببطء إىل نحو ‪40‬‬ ‫إىل ‪ 60‬ألــف برميــل يوميــا عــام ‪ .2019‬كمــا انخفــض‬ ‫إن ـتـاج الغــاز الطبيعــي مــن ‪ 328‬مليــار قــدم مكعــب‬ ‫عام ‪ 2014‬إىل ثاثة مليارات قدم مكعب عام ‪2018‬‬ ‫وفقا لبيانات وكالة “ستاندرد آند بورز غلوبال”‪.‬‬ ‫مــع انتشــار ســيطرة الحوثيــن يف البــاد‪ ،‬أصبــح‬ ‫طـاع الطاقــة‬ ‫املنــا الســيا أكــرث خطــورة‪ ،‬وتأثــر ق ـ‬ ‫شـركات األجنبيــة‬ ‫طـرت ال ـ‬ ‫بشــكل كبــري بعــد أن اض ـ‬ ‫العاملــة يف اليمــن إىل التخــيل عــن العمليــات‬ ‫التشــغيلية وإجــاء مو فيهــا‪ .‬وجــرى إغــاق كل‬ ‫عمليــات إن ـتـاج النفــط والغــاز تقريبــا يف البــاد بعــد‬ ‫الهجمــات املتكــررة التــي تعرضــت لهــا ح ـقـول النفــط‬ ‫وخطــوط األنابيــب ومرافــق التصديــر يف املــوائن‪ .‬كمــا‬ ‫أُغلقت مصفاة التكرير يف عدن البالغة طاقتها نحو‬ ‫‪ 150‬ألف برميل يوميا‪ ،‬بسبب تفاقم الصراع الدائر‬ ‫منذ عام ‪ ،2015‬مما أجر اليمن عىل استرياد كافة‬ ‫املنتجــات البروليــة املكــررة‪ .‬وكذلــك أُغلــق معمــل‬ ‫الغــاز الطبيعــي املســال الوحيــد يف اليمــن يف العــام‬

‫ناقلة نفط يمنية غرقت قبالة شاطئ عدن‬ ‫يف ‪ 26‬سبتمر ‪( 2019‬أ ف ب)‬

‫‪032_AM.indd 32‬‬


026_AM.indd 31

02/05/2023 13:17


‫سياسة‬

‫‪30‬‬

‫الم لة‬

‫هنا يصبح التسا ل مشروعا حول ما يمكن أن تكون‬ ‫عليــه خيــارات الســعودية يف حــال امت ـنـاع اإليرانيــن‬ ‫عــن ممارســة ضغــط حقيقــي وفعــال عــىل الحركــة‬ ‫املتحالفــة مــع ط ـهـران وهــل يــؤدي ذلــك إىل عــودة‬ ‫“الضربات العسكرية بالتوايل والتوازي حت العودة‬ ‫إىل طاولــة الحــوار‪ ،‬حيــث يبقـ الحــل والربــط بيــد‬ ‫النظــام اإل ـيـراين ”‪ .‬وهــل يمكــن أن يــؤدي اإلخفــاق‬ ‫يف إ ـلـزام القــوى اليمنيــة املؤ ـثـرة عــىل األرض بحــل‬ ‫ســيا لل ـنـزاع إىل انســحاب الســعودية مــن هــذا‬ ‫حـو‬ ‫امللــف برمتــه وحتـ لــو اســتولت جماعــة ال ـ‬ ‫عــىل املناطــق الشــمالية للبــاد بالكامــل ـُ‬ ‫وتـرك اليمــن‬ ‫وحده يتخبط يف صراعاته الداخلية لسنوات أخرى‬ ‫قادمــة‪ ،‬ســندخل يف صراعــات هجينــة ومتعــددة‪،‬‬ ‫مــا يضمــن للريــاض األمــن واملصالــح التــي ترجوهــا‬ ‫مــن اتفاقهــا مــع إ ـيـران‪ ،‬خاصــة مــع وجــود جــار‬ ‫طـرب‪ .‬وحتـ لــو توصلــت إىل اتفــاق‬ ‫منقســم ومض ـ‬ ‫جـزيئ مــع “الحوثيــن” ســواء بدعــم إ ـيـران أو‬ ‫أمنــي ـ‬ ‫مــن دونــه‪ ،‬فاســتقرار الســعودية مرتبــط باســتقرار‬ ‫جـزء مــن‬ ‫جارهــا الجنوبــي وليــس فقــط مــع ذلــك ال ـ‬ ‫حدودها الذي تسيطر عليه الحركة “الحوثية”‪.‬‬ ‫“حو ” خال تظاهرة يف صنعاء يف ‪ 24‬مار‬

‫ي ا جراءات وال‬

‫مانات‬

‫‪1‬‬ ‫عند االسترا ي ية‬ ‫ال بد من التو‬ ‫الهادئة التي م بها معال ة‬ ‫المل اليمني من خال مر لة‬ ‫الح والبناء التراكمي للثقة بين‬ ‫المتحاورين تمديد الهدنة الذ‬ ‫يشك المر لة ا ولى لال فا‬ ‫سيكون لمد عام هذ المر ‪،‬‬ ‫وبمواصفات ا فا ية سالم املة‬ ‫نتي ة ا صرار الدولي وا ليمي‬ ‫على عدم ش المفاو ات وليس‬ ‫ال النار‬ ‫م رد ا فا لو‬ ‫يتم خر بسهولة‪ ،‬وسيترا‬ ‫ا فا الهدنة ا ساسي م مال‬ ‫ا تصادية و نسانية دور و ر‬ ‫الحصار بشك كام وسحب ك‬ ‫القو ا جنبية ي اليمن و عاد‬ ‫الفت الكام للموان التي يسيطر‬ ‫عليها الحو يون ومطار صنعاء‪،‬‬ ‫ود روا ب مو في الحكومة‬ ‫من عائدات النف ‪ ،‬وجهود عاد‬ ‫جدو مني ل رو‬ ‫البناء‪ ،‬وو‬ ‫القوات ا جنبية من البالد‪ ،‬هذا ما م‬ ‫الكش عن على لسان المبعو‬ ‫ا ممي لى اليمن هانس روندبر ‪،‬‬ ‫ي جلسة أمام م لس ا من‪ ،‬يما‬ ‫رج مصادر أخر أن السعودية‬ ‫د حت ن مراسم التو ي على‬

‫‪02/05/2023 13:17‬‬

‫‪( 2023‬غيتي)‬

‫اال فا بين ممثلين للحكومة‬ ‫الشرعية وممثلين للحو يين‬ ‫و ت من المر لة الثانية تر‬ ‫لمد ‪ 3‬أ هر و دار‬ ‫فاو‬ ‫المر لة االنتقالية التي ستستمر‬ ‫و‬ ‫سنتين‪ ،‬يتم خاللها التفاو‬ ‫الح النهائي والشام والمستدام‬ ‫ل مة السياسية بين ك ا راف‬ ‫‪2‬‬ ‫ر م الن ا ات التي يحققها المسار‬ ‫الدبلوماسي‪ ،‬ال بد من التو‬ ‫عند الدور وا لزامات التي يمكن أن‬ ‫م‬ ‫قوم بها الل نة الثال ية التي‬ ‫الصين والتي من المقرر أن تم‬ ‫بشك دور لمتابعة نفيذ اال فا ‪،‬‬ ‫وه يستلزم ا مر مواكبة و عاونا‬ ‫الن ا‬ ‫دوليا لتهي ة كام ر‬ ‫لال فا المذكور‪ ،‬وه كفي الرعاية‬ ‫الصينية رساء واعد و فاهمات‬ ‫وعال ات دولية لها داعيا ها على‬ ‫ا من واالستقرار ا ليمي والدولي‬ ‫والمال ة الدولية ق ي الوا عية‬ ‫وجوب الح ور الدولي على‬ ‫مستويات ال ‪:‬‬ ‫أ المستو ا نساني‪ :‬كد جويس‬ ‫مسويا‪ ،‬مساعد ا مين العام‬ ‫ل مم المتحد للش ون ا نسانية‪،‬‬

‫عدد ال وعى ي اليمن‬ ‫قلي‬ ‫و راج م‬ ‫لى مليوني‬ ‫قييم ا من الغذائي من الدرجة‬ ‫ال امسة وهي ا على لى مستو‬ ‫ي ل‬ ‫الصفر‪ ،‬و عيد الف‬ ‫بشك كبير لى ال هود الد وبة‬ ‫للعاملين ي م ا ا ا ة‪ ،‬والدعم‬ ‫الس ي من المانحين‪ ،‬والهدنة‪ ،‬ال‬ ‫أنها شدد على أن اليمن ما ا‬ ‫يعتمد‬ ‫الة وار هائلة‪،‬‬ ‫يمث‬ ‫على‬ ‫أكثر من ‪ 17‬مليون‬ ‫المساعدات والحماية من وكاالت‬ ‫ا ا ة‪ ،‬ولكن ي كثير من ا يان‬ ‫ال متل الوكاالت ما حتاج‬ ‫لتو ير المساعد وهذا يقت ي‬ ‫ا مم‬ ‫العم بشك مت ا ر لح‬ ‫المتحد على دار المرا اليمنية‬ ‫و قديم ا مدادات المدنية من أج‬ ‫نب اندال أ مة نسانية أكثر‬ ‫خطور‬ ‫ب المستو ا مني‪ :‬بما يعني‬ ‫الت امن الدولي والمشاركة ي‬ ‫هريب ا سلحة‬ ‫مس ولية و‬ ‫لصال الميليشيات الحو ية وسائر‬ ‫الفاعلين ير الحكوميين ي‬ ‫المنطقة والعالم و ي هذا ا ار‬ ‫يمكن لل نة الثال ية استصدار رار‬ ‫من م لس ا من الدولي لتشكي‬ ‫ر‬

‫موارد‬ ‫و دولية و صي‬ ‫ا ية ل م و حلي المعلومات‬ ‫االست بارية قوم ب هود االعترا‬ ‫لشبكات هريب الت هيزات‬ ‫العسكرية ال سيما العالية القيمة‬ ‫منها كمكونات الصواري ومكونات‬ ‫الطائرات دون يار ي المنطقة‬ ‫الممتد من سوا اليمن وسلطنة‬ ‫عمان تى سوا الصوما وباب‬ ‫المندب‪ ،‬على أن كون وات خفر‬ ‫السوا الو نية ي ك من الدو‬ ‫المشا ة جزءا أساسيا منها‬ ‫ي مر لة ال قة‪ ،‬على أن واكب‬ ‫بتر يبات مما لة ي المطارات‬ ‫ومرا بة صارمة للمال ة ال وية‬ ‫ت المستو القانوني‪ :‬ويقت ي‬ ‫جهدا دوليا بد من المملكة‬ ‫العربية السعودية لحم م لس‬ ‫ا من على وسي نطا العقوبات‬ ‫عليها ي رار‬ ‫المنصو‬ ‫م لس ا من ر م ‪ 2216‬و ‪2266‬‬ ‫اللذين يح ران نق ا سلحة‬ ‫لى الحو يين والقوات الحليفة‬ ‫واستصدار ما يلزم لتعزيز القواعد‬ ‫وا ر القانونية الدولية التي ف ي‬ ‫لى ا ا دابير قيقية ت او‬ ‫ا دانة لكا ة الدو التي قوم بدعم‬ ‫ال ماعات ا رهابية‬

‫‪026_AM.indd 30‬‬


‫‪29‬‬

‫نقا‬

‫الم لة‬

‫القو وال‬

‫ع ‪:‬‬

‫‪1‬‬ ‫أن النه الذ ستتبع‬ ‫ال‬ ‫يران‪ ،‬سيشك اختبارا قيقيا‬ ‫لن ا هذا اال فا الدبلوماسي‬ ‫الذ سبقت التزامات ملموسة‬ ‫بش ن اليمن‪ ،‬سيكش عنها يما‬ ‫بعد‬ ‫ما يمكن البناء علي هو‬ ‫استشعار الر بة من أ راف النزا‬ ‫ي التوص لحلو سلمية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما أمكن راء مسبقا من صري‬ ‫يص بن‬ ‫و ير ال ارجية السعود‬ ‫ر ان‪ ،‬خال المنتد اال تصاد‬ ‫هر يناير‪/‬‬ ‫العالمي ي دا و‬ ‫كانون الثاني ‪ 2023‬بقول ن نهاء‬ ‫الحرب ي اليمن ي ب أن يتم عبر‬ ‫وا قي‪ ،‬وهو ما نعم علي‬ ‫اليا ‪ ،‬و شديد على أن الصرا‬ ‫ي اليمن لن ينتهي ال من خال‬ ‫سوية سياسية ‪ ،‬مشيرا لى‬ ‫عاد‬ ‫الحاجة ي اد سبي‬ ‫الهدنة ي اليمن‪ ،‬والعم على‬ ‫ال‬ ‫دائم‬ ‫حويلها لى و‬ ‫النار‬ ‫وي اف لى ل التحو ي‬ ‫ا ميركي من ا مة‬ ‫المو‬ ‫اليمنية من داعم د أ راف‬ ‫ي ا مة‬ ‫النزا ‪ ،‬لى دور الوسي‬ ‫في براير‪ /‬با ‪ ،2021‬أعلن‬ ‫الرئيس ا ميركي جو بايدن‪ ،‬عن‬ ‫الدعم ا ميركي للعمليات‬ ‫و‬ ‫ما‬ ‫العسكرية ي اليمن‪ ،‬وو‬ ‫يتعل بها من صفقات سل ‪،‬‬ ‫و عيين يم ليندركين مبعو ا‬ ‫لليمن‬ ‫ار لى ان ليندركين‬ ‫و در ا‬ ‫االيرانيين ي المبا ثات‬ ‫ا خير ي سلطنة عمان على‬ ‫أن ي هروا قا أنهم يحد ون‬ ‫حوال ي ابيا ي النزا ‪ ،‬بو‬ ‫هريب ا سلحة للحو يين وو‬ ‫االنتهاكات لقرارات م لس ا من‬ ‫الدولي ونقل صحيفة وو‬ ‫ستري جورنا عن مس ولين‬ ‫اميركيين ولهم‪ ،‬أن يران وا ق‬ ‫حنات ا سلحة‬ ‫رسا‬ ‫على و‬ ‫لى لفائها الحو يين ي اليمن ‪،‬‬ ‫ك زء من عاد العال ات م‬ ‫السعودية و نريد معر ة ما ا‬ ‫كان يران ستتمس بالصفقة‪،‬‬ ‫وهذا اختبار لها و ا و ف‬ ‫هران عن سلي الحو يين‪ ،‬قد‬ ‫غ بذل على جماعة الحو ي‬ ‫نهاء الصرا‬ ‫للتوص لى ا فا‬ ‫‪2‬‬ ‫االختالف ب الكلي ي مالم‬ ‫المشهد العسكر والسياسي‬ ‫ي‬ ‫للنزا ربما التوصي ا د‬ ‫الة‬ ‫هذ المر لة‪ ،‬هو أن يعي‬

‫‪02/05/2023 13:17‬‬

‫من الال رب والالسلم بعد تر‬ ‫من هدنة جر مديدها لعد‬ ‫أ هر‪ ،‬واستمرت بعد ا عالن عن‬ ‫عذر ديدها بداية أكتوبر‪ /‬شرين‬ ‫ا و الما ي‪ ،‬من خال هدوء‬ ‫المواجهات‬ ‫نسبي للت بع‬ ‫‪3‬‬ ‫على ال انب ا خر‪ ،‬قد ا تدت‬ ‫ب ة الحو يين على المنا‬ ‫ال ا عة لسيطر هم وس‬ ‫فا م معانا السكان و نامي‬ ‫والمقاومة‬ ‫مشاعر الر‬ ‫ل ملة ا جراءات ا منية والتدابير‬ ‫اال تصادية التي حاو الحركة‬ ‫ر ها باست دام سلطة ا مر‬ ‫الوا ل مان استمرار وجودها‪،‬‬ ‫ي ين ال زا الحركة ما ية‬ ‫ي نفيذ مشروعها المذهبي‪ ،‬من‬ ‫دون اكترا لالنتقادات المتزايد‬ ‫الموجهة ليها من الداخ وال ار‬ ‫ويقو الرئيس ا سب ل نوب‬ ‫اليمن‪ ،‬علي ناصر محمد‪ :‬يوجد‬ ‫أكثر من رئيس‪ ،‬وأكثر من كومة‪،‬‬ ‫وأكثر من م لس نواب‪ ،‬وأكثر من‬ ‫جي ‪ ،‬وأكثر من بن مركز ‪ ،‬وأكثر‬ ‫من نا لفزيونية حم نفس‬ ‫االسم‬

‫سياسة‬

‫ط قت‬ ‫السعودية‬ ‫اس اتي يتها‬ ‫للته ة‬ ‫م طهران‬ ‫خالل جوالت‬ ‫التفاوض‬ ‫ق االتفا‬ ‫عىل عود‬ ‫العالقات‬

‫‪4‬‬ ‫ن الحرب ي اليمن ليس‬ ‫ربا بالوكالة‪ ،‬وهنا أصو‬ ‫داخلية للصرا من أج السلطة‬ ‫السياسية والسيطر على الموارد‪،‬‬ ‫وما التحركات ا خير ل الحو يين‬ ‫ي مديرية ريب ي محا ة‬ ‫ي عز‪ ،‬سو‬ ‫م رب‪ ،‬وأخر‬ ‫محاولة من ال ماعة للسيطر‬ ‫على المحا ة النفطية‬ ‫صحي أن الحو يين يتلقون‬ ‫أسلحة و خائر من يران لكنهم ال‬ ‫يعتمدون ا تصاديا عليها‪ ،‬ب الف‬ ‫ي المنطقة‪،‬‬ ‫ميليشيات أخر‬ ‫ي يسيطر الحو يون على‬ ‫ا تصاد الشما الغربي للبالد‬ ‫ال عن بكات ير رسمية‬ ‫غ‬ ‫و ير انونية وبهذا‪ ،‬لن‬ ‫يران بشد على الحو يين‬ ‫لزامهم ب ا فا كما يمكن‬ ‫ي اد فاهم م‬ ‫للريا‬ ‫الحو يين يركز على أمن الحدود‬ ‫و ي هذا الم ا يقو المحل‬ ‫السياسي ا يراني سين رو‬ ‫واران ل بي بي سي ‪ :‬ه يمكن‬ ‫يران أن د الحو يين لى أمر‬ ‫ال‪ ،‬يران لن قوم‬ ‫ال يريدون‬ ‫بذل ‪ ،‬ولكن ا كان هنا أر ية‬ ‫قيقية لح ا مة‪ ،‬ن يران‬ ‫ستد با اه‬

‫موالون لـ “الحوثين”‬ ‫يف صنعاء يف ‪ 26‬مار‬ ‫‪( 2023‬غيتي)‬ ‫يمنيون يف أحد شوارع‬ ‫صنعاء يف ‪ 28‬مار‬ ‫‪( 2023‬غيتي)‬

‫عناصر القو‬ ‫عناصر ال ع‬

‫ي هذا اال فا وما‬

‫تعتــر ليونــورا أرديماجنــي أن قــدرة الصــن عــىل‬ ‫أن تكــون مر ـكـزا عــىل املســتوى االقتصــادي وعــىل‬ ‫مســافة سياســية متســاوية بــن الريــاض وط ـهـران‬ ‫هــي التــي ســمحت لبكــن برســم األمــل األخــري مــن‬ ‫االتفاقيــة‪ .‬ورأت أن الســعودين واإليرانيــن يثقــون‬ ‫بالصــن ألنهــم يعلمــون أن بكــن تعتمــد بشــكل‬ ‫كبــري عــىل خليــج مســتقر مــن أجــل طــرق الطاقــة‬ ‫والتجــارة البحريــة‪ .‬وتابعــت “يعتمــد الجميــع ا ن‬ ‫عــىل الخليــج‪ ،‬وهــو بالنســبة “لبكــن” البوابــة إىل‬ ‫األسواق األوروبية واألفريقية‪ ،‬كما أنه املحور الري‬ ‫حـزام والطريــق”‪.‬‬ ‫والبحــري ملبــادرة ال ـ‬ ‫لكن االتفاق كما يبدو أمني بامتياز‪ ،‬فما يمكن‬ ‫ماحظته يف سياق املحادثات السعودية‪ -‬اإليرانية‬ ‫وحتـ عنــد اإل عــان عــن ا ســتئنافها‪ ،‬انحســارها‬ ‫يف الجوانــب األمنيــة للدولتــن‪ ،‬وهــذا مــا يؤكــده‬ ‫التمثيــل األمنــي يف املحادثــات عــىل حســاب التمثيــل‬ ‫الدبلوما أو السيا أو االقتصادي‪ ،‬فقد وقع‬ ‫مــن الجانــب الســعودي مستشــار األمــن القومــي‪،‬‬ ‫مســاعد العيبــان‪ ،‬وكذلــك مــن الجانــب اإل ـيـراين‬ ‫أمن املجلس األعىل لألمن القومي‪ ،‬عيل شمخاين‪.‬‬ ‫وهنا ال بد من الوقوف أمام مجموعة من القضايا‬ ‫الهامة التي ال زال من املبكر اإلجابة عليها أو مجرد‬ ‫طرحهــا فهــل تقتصــر تلــك التهديــدات بالنســبة‬ ‫للمملكــة عــىل الهجمــات التــي تســتهدف أراضيهــا‬ ‫سواء التي تنطلق من اليمن أو من العراق أم إنها‬ ‫تشــمل كل مــا يمــت إىل األنشــطة العا ـبـرة للحــدود‬ ‫للميليشــيات املرتبطــة بط ـهـران والتــي تهــدد أمــن‬ ‫الخليج واملنطقة وهل هي‪ -‬بالنسبة إليران‪ -‬ضمان‬ ‫حياد السعودية إزاء أي تطورات إقليمية بينها وبن‬ ‫سـرائيل أم التأثــري يف االحتجاجــات الداخليــة التــي‬ ‫إ ـ‬ ‫ُتبث من الخارج وتلق مشاهدات وتفاعا واسعا‬ ‫يف الداخــل اإل ـيـراين ويف العالــم‬ ‫لقــد طبقــت اململكــة العربيــة الســعودية‬ ‫جـوالت‬ ‫سـراتيجيتها للتهدئــة مــع ط ـهـران خــال ـ‬ ‫ا ـ‬ ‫التفاوض التي سبقت االتفاق عىل عودة العاقات‬ ‫الدبلوماسية منذ العام ‪ ،2021‬وهي تبذل جهدا‬ ‫واضحا وتبدي انفتاحا مشهودا لوضع نهاية لهذه‬ ‫الحرب‪ ،‬لكن اإلشكالية تبق يف مدى التأثري الذي‬ ‫يمكــن أن تمارســه إ ـيـران عــىل حركــة “أنصــار اللــه”‬ ‫للقبول بتسوية سلمية للنزاع اليمني‪ ،‬فثمة من‬ ‫يســتبعد يف الجانــب اإل ـيـراين قيــام ط ـهـران بذلــك‬ ‫رغــم قــوة تأثريهــا عــىل “الحوثيــن”‪.‬‬ ‫ف يران هي املورد الرئييس لألسلحة والتدريب‬ ‫والرامج الدعائية للحوثين‪ ،‬وب مكانها أن تفعل‬ ‫الكثــري وينبغــي أن تفعــل الكثــري‪ ،‬لكنهــا لــم تعــرف‬ ‫ـمـرة واحــدة ب رســال أســلحة إىل الحوثيــن‪ ،‬غــري‬ ‫أنها قالت قبل عامن إنها تقدم “دعما استشاريا”‬ ‫ألنشطة الجماعة‪.‬‬

‫‪026_AM.indd 29‬‬


‫سياسة‬

‫ال يحتا الدور ا يراني‬ ‫ا ية بات‬ ‫أدلة‬ ‫زويد الحو يين‬ ‫با سلحة‬

‫الم لة‬

‫وال عمليات االعترا‬ ‫لشحنات أسلحة و خائر‬ ‫نفذ ها اميركا وبريطانيا‬ ‫و رنسا‬

‫‪28‬‬

‫سفينة ربية رنسية‬ ‫ي ‪ 15‬يناير‬ ‫أو ف‬ ‫سفينة يها ‪ 3‬االف بند ية‬ ‫و‪ 20‬صاروخا‬

‫هايل‪ ،‬النقاب عن أدلة جديدة عىل تسليم أسلحة‬ ‫إيرانية إىل “الحوثين” يف اليمن‪ .‬ففي مركز عسكري‬ ‫شـركة “أناكوســتيا بولينــغ” يف‬ ‫داخــل القاعــدة امل ـ‬ ‫واشــنطن العاصمــة‪ ،‬عرضــت هــايل ومســؤولون يف‬ ‫البنتاغــون قطعــا مــن صــارو وصــورا ملجموعــة مــن‬ ‫منظومــات أســلحة إيرانيــة الصنــع تــم اكتشــافها يف‬ ‫طـراز‬ ‫اليمــن‪ -‬فـ ىل جانــب الطا ـئـرات دون طيــار مــن ـ‬ ‫“قاصــف‪ ”1 -‬وصواريـ “طوفــان” املوجهــة املضــادة‬ ‫للدبابــات التــي يســتخدمها “الحوثيــون”‪ ،‬وتنطبــق‬ ‫عليها تماما مواصفات املنظومات اإليرانية الصنع‪،‬‬ ‫تركزت اإلحاطة اإلعامية عىل ساحن متقدمن‪،‬‬ ‫همــا صــارو “قيــام‪ ”1 -‬الباليســتي القصــري املــدى‪،‬‬ ‫طـراز‬ ‫جـرة و“املوجهــة عــن ُبعــد” مــن ـ‬ ‫والــزوارق املتف ـ‬ ‫“شــارك‪ ”33 -‬والتــي احتــوى ال ـقـرص الصلــب يف‬ ‫حاسوب أحد الزوارق عىل أكرث من ‪ 90‬مجموعة من‬ ‫اإلحداثيات للمواقع يف إيران واليمن والبحر األحمر‪.‬‬ ‫توالــت بعــد ذلــك عمليــات اال ـعـراض واملصــادرة‬ ‫لشحنات أسلحة وذخائر مختلفة يف املحيط الهندي‬ ‫والبحــر األحمــر ومضيــق بــاب املنــدب وخليــج عمــان‪،‬‬ ‫والتــي نفذتهــا دور يــات تابعــة للوال يــات املتحــدة‬ ‫وبريطانيا وفرنسا‪ ،‬وقد سُ جل يف العامن املنصرمن‬ ‫نشــاط ملحــو لط ـهـران بتقديــم الدعــم العســكري لـ‬ ‫“الحوثين”‪ .‬فقد أعلنت البحرية امللكية الريطانية أن‬ ‫“السفينة مونروز قد صادرت‪ ،‬يف مناسبتن خال‬ ‫عام ‪ ،2022‬أسلحة إيرانية يف زوارق يقودها مهربون‬ ‫يف املياه الدولية جنوب إيران‪ ،‬وكان من بن األسلحة‬ ‫حـركات لصواريـ‬ ‫املصــادرة صواريـ أرض‪-‬جــو وم ـ‬ ‫كروز الهجومية املوجهة‪ ،‬كما أوردت صحيفة “وول‬ ‫ســريت جورنــال”‪ ،‬نقــا عــن مســؤولن يف الجيــش‬ ‫الفرنــيس‪ ،‬أن ســفينة حربيــة فرنســية أوقفــت يف ‪15‬‬ ‫ينايــر كانــون الثــاين املــايض ســفينة تهريــب مشــتبها‬ ‫بهــا قبالــة الســاحل اليمنــي تنقــل أكــرث مــن ‪3000‬‬ ‫بندقية هجومية ونصف مليون طلقة و‪ 20‬صاروخا‬ ‫موجها مضادا للدبابات‪ .‬كما أعلنت القوات البحرية‬ ‫الريطانيــة واألمريكيــة يــوم ‪ 2‬مــار ‪ 2023‬ا ـعـراض‬ ‫شحنة أسلحة إيرانية عىل م قارب يف خليج عمان‪،‬‬ ‫هــي الســابعة خــال ثاثــة أشــهر كانــت يف طريقهــا‬ ‫إىل “الحوثيــن” يف اليمــن‪ ،‬احتــوت عــىل صواريـ‬ ‫موجهة مضادة للدبابات ومكونات صواري باليستية‬ ‫متوسطة املدى بما يمثل انتهاكا لقرار مجلس األمن‬ ‫الــدويل رقــم ‪ 2216‬والقانــون الــدويل‪.‬‬

‫‪02/05/2023 13:17‬‬

‫‪026_AM.indd 28‬‬


‫بو‬

‫الم لة‬

‫ز ال‬ ‫الحو‬ ‫س‬ ‫وا نطن أعلنت‬

‫أسلحة بع توقي االتفا ب‬

‫را‬

‫صة الغالف‬

‫‪27‬‬

‫سياسة‬

‫الر اض وطهران‬

‫عناصر‬

‫و يين خال عر‬

‫ي صنعاء ي ‪ 15‬سبتمبر ‪ ( 2022‬يتي)‬

‫ب وت خال حماد‬

‫‪02/05/2023 13:16‬‬

‫لــم تمــض أيــام قليلــة عــىل انت ـهـاء املباحثــات بــن‬ ‫وفدي كل من اململكة العربية السعودية‪ ،‬وايران‪،‬‬ ‫برعاية الصن وصدور البيان الثا املشرك يوم ‪10‬‬ ‫مار آذار ‪ 2023‬حت كان قائد القيادة الوسط‬ ‫األمريكية الج ال مايكل كوريا يؤكد يوم ‪ 16‬مار‬ ‫املايض ضبط خمس شحنات أسلحة إيرانية كانت‬ ‫يف طريقها إىل “الحوثين” يف اليمن‪ ،‬بالتزامن مع‬ ‫املشاورات بن الرياض وطهران‪.‬‬ ‫عـرض التعليــق عــىل‬ ‫جـاء حديــث كوريــا يف م ـ‬ ‫ـ‬ ‫االتفاق السعودي ‪ -‬اإليراين برعاية صينية‪ ،‬خال‬ ‫مؤتمــر صحــايف عقــده يف وزارة الد ـفـاع األمريكيــة‪،‬‬ ‫شـرته وســائل اعــام أمريكيــة‪.‬‬ ‫وفــق مــا ن ـ‬ ‫وبالرغم من متابعة الواليات املتحدة للمباحثات‬ ‫التي استمرت لثاث سنوات‪ ،‬فقد اعتر كوريا أن‬ ‫“إ ـيـران هــي العنصــر األســا لزعزعــة االســتقرار يف‬ ‫املنطقة (الشرق األوسط) وأن تنفيذها لاتفاق مع‬ ‫الســعودية موضــع شــك”‪ ،‬مضيفــا “بينمــا كانــت‬ ‫املناقشــات جاريــة‪ ،‬يف األيــام التســعن املاضيــة‪،‬‬ ‫قمنا بمنع خمس شــحنات أســلحة رئيســية قادمة‬ ‫مــن إ ـيـران إىل اليمــن”‪ ،‬مكــررا أن “االتفاقيــة يشء‬ ‫والتنفيــذ يشء آخــر”‪.‬‬ ‫وال تقتصر التوقعات املشككة يف نجاح االتفاق‬ ‫عىل الواليات املتحدة التي ال تستسيغ نجاح الصن‬ ‫يف تحقيق اخراق دبلوما يف عقر دار حلفائها‪،‬‬ ‫ولكن العديد من املراقبن والدبلوماسين املتابعن‬

‫لتعقيدات امليدان اليمني يشاركون الواليات املتحدة‬ ‫أســئلتها عــن االتفــاق‪ .‬ت ـقـول ليونــورا أرديماجنــي‪،‬‬ ‫الباحثــة املســاعدة يف املعهــد اإليطــايل للدراســات‬ ‫السيا ســية الدوليــة “إن االتفاقيــة املوقعــة بــن‬ ‫السعودية وإيران يف بكن يمكن أن تسمح بتمديد‬ ‫الهدنة‪ ،‬لكن التعقيدات الداخلية يف اليمن تعرقل‬ ‫مســار الســام”‪ ،‬مع ـتـرة أن الصــن ُتعــد “طرفــا‬ ‫سـرا” مثــل “نمــوذج ســلطنة عمــان” أكــرث مــن‬ ‫مي ـ‬ ‫كونهــا “طرفــا ضامنــا”‪ ،‬وأن “االتفــاق يجــب أن ال‬ ‫يؤجــج التوقعــات املفرطــة فيمــا يتعلــق باليمــن‪،‬‬ ‫وهو لن يكون قادرا عىل بناء السام بن الاعبن‬ ‫الداخليــن”‪.‬‬ ‫بــدوره‪ ،‬أ ـعـرب نائــب املندوبــة األمريكيــة الدائمــة‬ ‫لــدى األ مــم املتحــدة‪ ،‬الســفري األ ـمـري جيفــري‬ ‫ديلورينتيــس عــن أملــه يف أن ُيســهم االتفــاق‬ ‫السعودي‪ -‬اإليراين يف الجهود املبذولة “لتأمن حل‬ ‫صـراع يف اليمــن‪ ،‬ومعالجــة اســتمرار تدفــق‬ ‫دائــم لل ـ‬ ‫املســاعدات اإليرانيــة الفتاكــة للحوثيــن‪ ،‬وضمــان‬ ‫الدعــم اإل ـيـراين لعمليــة سياســية يمنيــة”‪ .‬ولــم يكــن‬ ‫الســفري قنــج شــوانج‪ ،‬نائــب منــدوب الصــن الدائــم‬ ‫لــدى األمــم املتحــدة‪ ،‬أكــرث تفــا ال‪ ،‬مع ـتـرا االتفاقيــة‬ ‫بمثابــة “أخبــار ســارة لعالــم اليــوم املــيلء بالشــكوك‬ ‫وعــدم االســتقرار‪ .‬وأضــاف يف كلمتــه أمــام مجلــس‬ ‫األمن الدويل “لقد أدخلت االتفاقية عنصرا إيجابيا‬ ‫يف مشــهد الســام واالســتقرار والتضامن والتعاون‬

‫يف املنطقــة‪ ،‬ونأمــل أن تخلــق أيضــا الظــروف التــي‬ ‫ُتفـ إىل تحســن الوضــع يف اليمــن”‪.‬‬

‫و‬ ‫اليران‬

‫سلي‬

‫الحو يين اختبار‬

‫واكبــت إ ـيـران ـنـزاع صعــدة والحــروب الســت التــي‬ ‫بــدأت يف يونيو حز ـيـران ‪ 2004‬بــن حكومــة عــيل‬ ‫عبــد اللــه صالــح مــن جهــة و “حركــة أنصــار اللــه”‬ ‫املعروفة باسم “الحوثين” واتهامها ب نشاء تنظيم‬ ‫مسلح داخل الباد والسعي إلعادة اإلمامة الزيدية‬ ‫وإسقاط الجمهورية اليمنية‪ ،‬مرورا بدخول جماعة‬ ‫عـاء يــوم ‪ 21‬ســبتمر‬ ‫“أنصــار اللــه” العاصمــة صن ـ‬ ‫أي ـلـول ‪ ،2014‬وإطــاق” التحالــف العربــي لدعــم‬ ‫الشرعية يف اليمن” من عشر دول تقوده السعودية‬ ‫آذار ‪ 2015‬وحتـ مرحلــة توقيــع‬ ‫يــوم ‪ 25‬مــار‬ ‫البيــان الثــا برعايــة صينيــة‪.‬‬ ‫ال يح ـتـاج الــدور اإل ـيـراين أدلــة إضافيــة إلثبــات‬ ‫تزويد “الحوثين” باألسلحة عىل أنواعها‪ ،‬والحقا‬ ‫سـرية‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫بالصواريـ البالســتية والطا ـئـرات امل ـ‬ ‫ساهم يف تحول الصراع عىل السلطة داخل اليمن‬ ‫إىل تهديــد إقليمــي لحــق ال ُبنـ التحتيــة االقتصاديــة‬ ‫لــدول الجــوار وهــدد اســتقرارها‪.‬‬ ‫تعــود بدايــات التقاريــر الدوليــة حيــال الــدور‬ ‫اإليراين إىل ‪ 14‬ديسمر كانون األول ‪ ،2017‬عندما‬ ‫كشفت السفرية األمريكية لدى األمم املتحدة‪ ،‬ني‬

‫‪026_AM.indd 27‬‬


026_AM.indd 26

02/05/2023 13:16


022_AM.indd 25

02/05/2023 13:13


‫سياسة‬

‫ومارستها عر شبكات املواالة لم تكن تقبل القسمة‬ ‫ألنها ليست محددة بقانون‪ ،‬بل هي سلطة رفية‬ ‫تعتمد عىل مهارة صاحب السلطة‪ ،‬لذا ال نستطيع‬ ‫شـراكة فيهــا‪.‬‬ ‫حتـ تخيــل الطريقــة املناســبة لل ـ‬ ‫إذن‪ ،‬الشرط األسا لبناء دولة سيادة القانون‬ ‫هو التخلص من التسلط الذي أسفرت عنه املركزية‬ ‫املفرطــة‪ ،‬واعتمــاد الامركزيــة العميقــة التــي تقــوم‬ ‫عىل مبدأ أن كل الصاحيات هي يف األصل للحكم‬ ‫املحيل يف كل محافظة‪ ،‬يفوض بعضا منها للسلطة‬ ‫املركز يــة‪ ،‬حســب الحا جــة‪ .‬وال يمكــن ا ســتمرار‬ ‫الامركزيــة السياســية واإلداريــة مــا لــم تصاحبهمــا‬ ‫المركزيــة ماليــة‪ ،‬وتضمــن الدســتور بنــدا يقــر بحــق‬ ‫املحافظــات يف مواردهــا املحليــة‪ ،‬عــىل أن تشــارك‬ ‫يف تمويــل الحكومــة املركزيــة بنســبة معينــة‪ .‬كمــا‬ ‫ال يمكــن للمحافظــات االحتفــا بهــذه الحقــوق إال‬ ‫إذا كان لديهــا مــن القــوة الخشــنة مــا يــردع الســلطة‬ ‫املركزيــة عــن الســعي إىل إعــادة تركيــز الســلطة ـمـرة‬ ‫أخــرى‪ ،‬وأعنــي بهــذا أن تكــون لــكل محافظــة قوتهــا‬ ‫األمنيــة الرادعــة‪.‬‬ ‫ال ـتـزال بعــض النخــب اليمنيــة تر فــض هــذه‬ ‫“الوصفــة”‪ ،‬وتــرى أن اســتعادة الدولــة ال تكــون‬ ‫إال بركيــز الســلطة‪ .‬وهــي بهــذا تراهــن عــىل “املســتبد‬ ‫العادل” الذي سيأيت عىل حصان أبيض‪ ،‬وتتجاهل‬ ‫أن معظم املستبدين كانوا من عينة الر ساء عيل‬

‫‪02/05/2023 13:13‬‬

‫الم لة‬

‫لن يعود اليمنيون إىل ديار م‬ ‫إال إ ا عادت دولتهم إىل مسار‬ ‫االستقرار والتنمية‪ ،‬بسياد القانون‬ ‫واح ا حقو املواطنة‪ ،‬وتو‬ ‫السلطة السياسية‪.‬‬ ‫عبدالله صالح‪ ،‬وصدام حسن‪ ،‬ومعمر القذايف‪،‬‬ ‫وبشار األسد‪ ،‬وأمثالهم‪ ،‬وأن السلطة املطلقة شر‬ ‫مطلق‪ .‬وال تدرك تلك النخب أن فشل الدولة اليمنية‬ ‫كان بســبب غيــاب الضوابــط التــي تعقلــن الســلطة‬ ‫املركزيــة وأهمهــا التوازنــات املســتقرة بــن الســلطات‬ ‫الثاث‪ ،‬وكذلك بن الدولة والشعب‪ ،‬وبن املركز‬ ‫واألطراف‪ .‬كما أن عدم تجذر تقاليد سيادة القانون‬ ‫يف الوعــي املجتمعــي جعــل الضوابــط الدســتورية‬ ‫والقانونية عىل السلطة مجرد ديكور ال أنياب لها‪.‬‬

‫التنمية‬

‫بعد ثماين سنوات من الحرب‪ ،‬وبعد مامح تفكك‬ ‫الدولة وتمزق جغرافيتها وانقسام مؤسساتها‪ ،‬لم‬ ‫يعد خيار املركزية ممكنا بأي حال من األحوال‪.‬‬ ‫إن وقف الحرب خطوة يف طريق السام‪ ،‬ولكن‬

‫‪24‬‬

‫الوصول إىل سام دائم لن يتم إال بتوافق اليمنين‬ ‫عىل صيغة شراكة تتيح لكل محافظة إدارة شؤونها‬ ‫بذاتهــا‪ ،‬وتكــون لهــا مواردهــا كمــا هــو الحــال يف‬ ‫النظم الفيدرالية‪.‬‬ ‫ولــن يكــون الســام دائمــا إال بتوفــر الشــروط‬ ‫الازمــة للتنميــة االقتصاديــة‪ .‬وأهــم تلــك الشــروط‬ ‫أن يجــد اليمــن “الوصفــة” املناســبة للخــروج مــن‬ ‫دوامــة التخلــف‪ .‬وأشــري هنــا إىل أن الــدول القليلــة‬ ‫التي خرجت من دوامة التخلف لم تعتمد “وصفة”‬ ‫واحدة‪ ،‬بل إن كل دولة وجدت “الوصفة” الخاصة‬ ‫بها‪ ،‬لكن معظم تلك الدول تشرك يف أحد مقومات‬ ‫“وصفــة التنميــة” الناجحــة‪ ،‬وهــو التخفيــف مــن‬ ‫اإلنفــاق العســكري واألمنــي إىل أدىن مســتوى‪،‬‬ ‫وتوجيه املوارد نحو االستثمار يف اإلنسان بالتعليم‬ ‫والخدمــات الصحيــة‬ ‫لــن يعــود اليمنيــون إىل ديارهــم إال إذا عــادت‬ ‫دولتهــم إىل مســار االســتقرار والتنميــة‪ ،‬ولــن تعــود‬ ‫حـرام حقــوق‬ ‫إىل ذلــك املســار إال بســيادة القانــون وا ـ‬ ‫املواطنة‪ ،‬ولن يتم ذلك إال بزوال االستبداد‪ ،‬وذلك‬ ‫يكــون بتوزيــع الســلطة السياســية عــىل املســتويات‬ ‫املختلفــة‪ ،‬بحيــث تتكــون توازنــات إيجابيــة تضمــن‬ ‫االســتقرار‪ ،‬وتمنــع هــور ذلــك الصنــف مــن القــادة‬ ‫ال جســين الذيــن يغامــرون بشــعوبهم لتحقيــق‬ ‫أمجادهــم الذاتيــة‪.‬‬

‫‪022_AM.indd 24‬‬


‫‪23‬‬

‫السالم المنشود‬

‫كثــري مــن النازحــن قــرروا الب ـقـاء يف بلــدان اللجــوء‪،‬‬ ‫لكــن مئــات ا الف ال يزالــون يتطلعــون للعــودة إذا‬ ‫تحقق السام‪ ،‬السؤال ا ن عن ماهية ذلك السام‬ ‫املنشود‬ ‫قامت الجمهورية اليمنية عام ‪ 1990‬عىل دستور‬ ‫يضمن املواطنة املتساوية وسيادة القانون والتمكن‬ ‫السيا عر التعددية الحزبية واالنتخابات‪ ،‬وكان‬ ‫حـرم مــن‬ ‫حــدا مع ـقـوال مــن تلــك القيــم يمــار وي ـ‬ ‫قبــل الســلطات املركزيــة رغــم التجــاوزات الجســيمة‬ ‫التــي كانــت النخــب ترتكبهــا‪ .‬إال أن تر ّكــز الســلطة‪،‬‬ ‫والفساد الناتج عن ذلك‪ ،‬كانا يقودان اليمن نحو‬ ‫هاويــة الفشــل االقتصــادي وخطــر تفــكك الدولــة‪،‬‬ ‫جـاءت االنتفاضــة الشــعبية يف ‪ 2011‬احتجاجــا‬ ‫ف ـ‬ ‫عىل تلك التجاوزات واملطالبة باإلصاحات الازمة‬ ‫لرسي حقوق املواطنة والحد من الفساد‪ ،‬وأدت‬ ‫إىل اســتقالة الرئيــس عــيل عبــد اللــه صالــح ونقــل‬ ‫السلطة وبدء مرحلة انتقالية عقد أثناءها “مؤتمر‬ ‫الحــوار الوطنــي” الــذي أقــر إصاحــات جذريــة كان‬ ‫أهمهــا الامركز يــة العميقــة التــي كا نــت ســتتيح‬ ‫للمجتمعــات املحليــة حــق إدارة شــؤونها بعيــدا عــن‬ ‫هيمنــة املركــز ونخبتــه املتهمــة بالفســاد‪.‬‬ ‫إال أن االنقســامات الحــادة أفشــلت املرحلــة‬ ‫االنتقاليــة‪ ،‬وتمكــن “الحوثيــون” بالتحا لــف مــع‬

‫‪02/05/2023 13:13‬‬

‫الم لة‬

‫الرئيــس األ ســبق مــن الســيطرة عــىل العاصمــة‬ ‫عـاء‪ ،‬وفرضــوا اإلقامــة الجريــة عــىل الرئيــس‬ ‫صن ـ‬ ‫االنتقــايل وحكومتــه‪ ،‬واســتطاع االنقابيــون بســط‬ ‫ســيطرتهم عــىل معظــم املحافظــات‪ ،‬وبــدأوا بجملــة‬ ‫من االستفزازات التي أدت إىل تدخل التحالف الذي‬ ‫تقــوده الســعودية‪.‬‬ ‫و قــد تبــن أن االنقابيــن لــن يلتز مــوا بالحــد‬ ‫األدىن من حقوق املواطنة وسيادة القانون وأعطوا‬ ‫مســؤوليهم ســلطة تقديريــة تمكنهــم مــن مصــادرة‬ ‫حرية أي مواطن وأماكه وحقوقه دون أن يكون له‬ ‫ملجــأ قا ـنـوين يعــود إليــه‪ ،‬أو كمــا قــال رئيــس املكتــب‬ ‫الســيا الراحــل يف “انصــار اللــه” صالــح الصمــاد‬ ‫“أصغــر مســؤول يف الحركــة يمكنــه أن يــودع أي‬ ‫مواطن يف السجن‪ ،‬وليس باستطاعة أكر مسؤول‬ ‫يف الحركــة إطــاق ذلــك املواطــن”‪.‬‬ ‫خلقــت تجــاوزات “الحوثيــن” بيئــة طــاردة‪،‬‬ ‫جـرة إىل الخــارج‬ ‫فحدثــت موجــة مــن النــزوح واله ـ‬ ‫كان عــىل رأســها املهنيــون ورجــال األعمــال والقــادة‬ ‫السياسيون والعسكريون والوجاهات االجتماعية‪.‬‬ ‫وخال السنوات األخرية عاد عدد قليل من النازحن‬ ‫الذين سلموا باألمر الواقع‪ ،‬إال أن الغالبية ما زالوا‬ ‫غــري قابلــن بالتســليم بســلطة “الحوثيــن” املطلقــة‪.‬‬ ‫حـرب ســيمكن الكثــري مــن‬ ‫ال شــك أن وقــف ال ـ‬ ‫العــودة إىل بيوتهــم‪ ،‬لكــن العــودة الجماعيــة لــن‬

‫سياسة‬

‫تتــم إال بتوفــر الحــد املق ـبـول مــن حقــوق املواطنــة‬ ‫وتوفر الضمانات القانونية ضد السلطة التعسفية‬ ‫ملســؤويل الدولــة‪ ،‬ولــن تتوفــر تلــك الضمانــات إال يف‬ ‫شـراكة فعليــة يف الســلطة‪.‬‬ ‫إطــار ـ‬

‫الشراكة ممكنة‬

‫شـراكة ممكنــة أم مســتحيلة يف ــل هيمنــة‬ ‫هــل ال ـ‬ ‫“الحوثيــن” عــىل مؤسســات الدولــة أي حديــث عــن‬ ‫عـاء‬ ‫طـراف املناوئــة لـ “الحوثيــن” إىل صن ـ‬ ‫عــودة األ ـ‬ ‫للمشــاركة يف الســلطة هــو خيــار صعــب بحكــم األمــر‬ ‫الواقع‪ ،‬إذ إن الجمهورية اليمنية منذ قامت لم تدرها‬ ‫املؤسسات الرسمية‪ ،‬بل كانت السلطة الحقيقية يف‬ ‫مؤسســات موازيــة وشــبكات مــواالة خاضعــة ـلـرأ‬ ‫الســلطة‪ ،‬بينمــا كانــت املؤسســات الرســمية مجــرد‬ ‫أدوات تنفيذية‪ ،‬وقد تبن لنا خال الفرة االنتقالية‬ ‫أن الســلطة ال تنتقــل بتســليم رئاســة الجمهوريــة أو‬ ‫الحكومة كما تم يف ‪ ،2011‬بل بالسيطرة عىل املفاصل‬ ‫الحقيقية للسلطة كما فعل “الحوثيون” عىل مدى‬ ‫سنوات توّجوها بقتل حليفهم الرئيس الراحل عيل‬ ‫عبداللــه صالــح‪ ،‬حســب اعتقــاد محللــن‪.‬‬ ‫ال يمكــن ضمــان املواطنــة املتســاوية بصيغــة‬ ‫شـراكة التــي‬ ‫حـو ”‪ ،‬وال بصيغــة صالــح‪ .‬أمــا ال ـ‬ ‫“ال ـ‬ ‫شهدناها يف الفرة االنتقالية فقد فشلتألن السلطة‬ ‫التــي تمر ـكـزت عــىل مــدى عقــود بيــد نخبــة العاصمــة‬

‫‪022_AM.indd 23‬‬


‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫صة الغالف‬

‫ال رو الح‬ ‫لعــود ال ن ـ‬ ‫باد ـ‬ ‫رور اعتماد الالمر‬ ‫عمان ع الغن ا ر ا‬ ‫رسو سيلينا ب را‬

‫‪02/05/2023 13:13‬‬

‫ة والتنمية وال را ة‬

‫‪22‬‬

‫من جملة ما أسفرت عنه حرب اليمن من الكوارث‬ ‫نــزوح مايــن اليمنيــن مــن بيوتهــم‪ ،‬ومنهــم مئــات‬ ‫ا الف مــن نخبــة املجتمــع مــن املهنيــن ورجــال‬ ‫األعمــال والقيــادات االجتماعيــة والسيا ســية‬ ‫والعسكرية‪ ،‬الذين نزحوا إىل دول الجوار والعالم‬ ‫عـاء‬ ‫األوســع‪ ،‬تاركــن املجــال للقــوة املســيطرة يف صن ـ‬ ‫(حركة أنصار الله الحوثية)‪ ،‬ل ُتحكم سيطرتها عىل‬ ‫الدولة ومؤسساتها‪ ،‬وتعيد تشكيل هوية املجتمع‬ ‫بلونهــا املذهبــي‪.‬‬ ‫و قــد نجحــت الحر كــة يف ـفـرض ســيطرتها‪،‬‬ ‫عـاء ا لــذي منــع‬ ‫مســتفيدة مــن إقفــال مطــار صن ـ‬ ‫عــودة تلــك القيــادات التــي كانــت ســتعيق مشــروع‬ ‫الحركــة الرئيــس وهــو ب ـنـاء نســختها الزيديــة مــن‬ ‫“دو لــة طالبــان”‪.‬‬ ‫اليــوم‪ ،‬بعــد أن أحكمــت الحركــة ســيطرتها عــىل‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬بما فيها جيش الدولة اليمنية‪،‬‬ ‫وأخضعــت املجتمــع لســلطتها البوليســية‪ ،‬لــم يعــد‬ ‫لكثــري مــن أولئــك النازحــن إال أن يرتبــوا أوضاعهــم‬ ‫يف الخــارج أو يعــودوا قابلــن بالنظــام الجديــد الــذي‬ ‫تنصــل‪ ،‬بال ـقـول أحيانــا وبالفعــل أكــرث األحيــان‪ ،‬مــن‬ ‫القيــم القانونيــة والدســتورية التــي قامــت عليهــا‬ ‫الوحدة‪ ،‬وعىل رأسها املواطنة املتساوية‪ ،‬فأصبحت‬ ‫التجــاوزات عــىل حقــوق املواطنــة التــي كنــا نأخذهــا‬ ‫عــىل العهــود الســابقة‪ ،‬سياســة دولــة وعرفــا ُي ّتبــع‪.‬‬

‫‪022_AM.indd 22‬‬


020_AM.indd 21

02/05/2023 13:10


‫سياسة‬

‫صة الغالف‬

‫الم لة‬

‫‪20‬‬

‫ا الد باح ة أوىل يف‬ ‫م ساء‬ ‫“مر صنعاء لل راسات االس اتي ية”‪.‬‬ ‫ن رت تاباتها وتحليالتها يف الع ي من‬ ‫وسا ا عال العربية واألجنية‬

‫ال يمكن معه تجاهلها أو التحايل عليها بمكونات جنوبية أخرى‬ ‫أكــرث اعتــداال‪ ،‬كمــا حــدث يف مؤتمــر الحــوار الوطنــي الســابق‪.‬‬ ‫أما “الحوثيون”‪ ،‬فبعد اتساع مناطق سيطرتهم من محافظة‬ ‫واحدة نائية لتشمل الجزء األكر مما كان يعرف باليمن الشمايل‬ ‫عـاء‪ ،‬صــارت‬ ‫قبــل الوحــدة العــام ‪ 1990‬بمــا فيهــا العاصمــة صن ـ‬ ‫ر يتهم للحكم أكرث وضوحا‪ ،‬خاصة بعد انفرادهم بالسلطة إثر‬ ‫اغتيال الرئيس األسبق عيل عبدالله صالح يف ديسمر كانون األول‬ ‫حـول ف ـكـرة “الواليــة” ومفهــوم‬ ‫‪ ،2017‬وهــي ر يــة دينيــة تتمحــور ـ‬ ‫“االختيــار اإللهــي” لشــخص تجــب طاعتــه‪ ،‬ويف هــذه الحالــة هــو‬ ‫عبد امللك الحو ‪ ،‬قائد الجماعة‪.‬‬ ‫بطبيعــة الحــال هــذا النمــط مــن الحكــم ال يمكنــه ق ـبـول الت ـنـوع‬ ‫وإدارة السلطة بمفاهيم تحرم وتقبل مفاهيم مثل الديمقراطية‬ ‫أو الفيدرالية‪ ،‬وبالتايل لم يعد هناك مجال ألي أرضية مشركة‬ ‫وســط بــن “الحوثيــن” وبقيــة املكونــات السياســية بمــا فيهــا‬ ‫الجنوبيــة التــي تطالــب باالنفصــال‪ ،‬وكان مــن املمكــن أن تكــون‬ ‫الفيدراليــة حــا وســطا أو مؤقتــا‪.‬‬ ‫ال تعــاين التســوية السياســية النهائيــة يف اليمــن فقــط‪ ،‬مــن‬ ‫ضعــف الثقــة بــن املكونــات املختلفــة‪ ،‬بــل أيضــا التبايــن الشاســع‬ ‫بــن التصــورات السياســية املطروحــة ممــا يضيــف لهــا إشــكالية‬ ‫غيــاب اإلرادة‪ .‬فــا وجــود لطــرف يمكنــه التنــازل عــن مشــروعه‬ ‫السيا بهدف مشاركة السلطة مع ا خرين‪ ،‬والحلول الوسط‬ ‫تبــدو متعــذرة‪ .‬فبالنســبة لبعــض املكونــات الجنوبيــة‪ ،‬يعنــي هــذا‬ ‫خسارتها لجمهورها‪ ،‬أما بالنسبة لـ“الحو ” فهي خسارة لجوهر‬ ‫فكرتــه ومنطلــق وجــوده‪.‬‬ ‫بينما نضجت كل الشــروط املوضوعية لوقف الحرب اليمنية‬ ‫عــىل املســتوى اإلقليمــي‪ ،‬وحســم الطرفــان الرئيســان عــىل هــذا‬ ‫حـرب اليمنيــة‬ ‫املســتوى ضــرورة طــي هــذه الصفحــة‪ ،‬ال تبــدو ال ـ‬ ‫بمســتواها املحــيل قابلــة للطــي قريبــا‪.‬‬ ‫صـول لتســوية سياســية‪ ،‬تكمــن مشــكلة‬ ‫إضافــة اىل تعــذر الو ـ‬ ‫أشــد خطــورة وهــي مناطــق النفــوذ لــكل جماعــة مســلحة‪ .‬فبينمــا‬ ‫توقفــت االشــتباكات املســلحة يف ســوريا وليبيــا بال ـتـزام كل طــرف‬ ‫صـراع كليــا‪ ،‬لكــن هــذه‬ ‫ملســاحة نفــوذه دون حــل ســيا ينهــي ال ـ‬ ‫املســألة ال تبــدو محســومة يف اليمــن‪.‬‬ ‫حـو ” يمتلــك قــوة مســلحة أكــر وأكــرث تنظيمــا مــن‬ ‫إذ أن “ال ـ‬ ‫طـريان الجــوي‬ ‫ـغـريه مــن الفصائــل اليمنيــة‪ .‬ومــع غيــاب عامــل ال ـ‬ ‫املرجح ملعسكر خصومه‪ ،‬يظل األمر مغريا لجماعة عقائدية مثل‬ ‫“الحوثين” للتمدد العسكري إىل بقية املناطق‪ .‬والطبيعة العقائدية‬ ‫للجماعة تمنحها الدافع التبشريي الذي تؤمن به كل الجماعات‬ ‫العقائدية التي تفرض ضرورة تطبيق نظرية حكمها عىل الجميع‬ ‫بغــض النظــر عــن أي حــدود أو اختافــات سياســية أو اجتماعيــة‪.‬‬ ‫الجنوب أيضا‪ ،‬توجد فيه بذور توتر مختلفة‪ ،‬فالفصيل األكرث‬ ‫حضــورا وهــو “املجلــس االنتقــايل” يتحــدث عــن الجنــوب ككتلــة‬ ‫سياســية موحــدة وهــذا ال ينطبــق عــىل واقــع الحــال‪ ،‬فالجنــوب‬ ‫تتقاسمه فصائل مسلحة مختلفة وقوى إقليمية متعددة تعزز‬ ‫من انقساماته املناطقية‪ .‬لذلك ال تبدو مناطق النفوذ يف الجنوب‬ ‫محسومة ونهائية‪ ،‬إذ أنها تنتظر جولة جديدة من القتال ترسمها‬ ‫بشكل يتناسب مع قوة الجماعات الجنوبية املختلفة‪.‬‬ ‫أخريا‪ ،‬فيما تبدو الخط متاحقة وسريعة نحو تسوية لوقف‬ ‫إطاق النار‪ ،‬فيما يتعلق بالبعد اإلقليمي للحرب‪ ،‬تظل الحروب‬ ‫املحلية غري محسومة وتنتظرها جوالت قتال إضافية‪.‬‬

‫الدولـ‬ ‫مسـ‬ ‫ودو ا ال ــال‬

‫ك ال ولة اليمنية املستق لية ال ي ال مح خال‬ ‫ب ك يستحي تصور توا حوله‬

‫بينما تتسارع الخط نحو وقف الحرب يف اليمن‪ ،‬ال تزال قضايا‬ ‫مهمــة عالقــة تقــف يف وجــه إمكانيــة عقــد تســوية سياســية شــاملة‬ ‫حـرب بمــا يضمــن الحــد األدىن مــن االســتقرار للبلــد‬ ‫ونهائيــة لل ـ‬ ‫حـرب كليــا‪ ،‬أبرزهــا شــكل الدولــة املســتقبلية الــذي ال‬ ‫ووقــف ال ـ‬ ‫ـيـزال محــل خــاف وتجــاذب بشــكل يــكاد يســتحيل تصــور توافــق‬ ‫حولهــا‪ .‬فعندمــا نتحــدث عــن شــكل الدولــة املســتقبلية‪ ،‬نواجــه‬ ‫حـول عاقــة الديــن بالدولــة‪ ،‬ووحــدة‬ ‫بعــض األســئلة املصرييــة ـ‬ ‫البلــد‪ ،‬وعاقــة الحكومــة املركزيــة ببقيــة املناطــق‪.‬‬ ‫مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد يف الفرة ما بن مار آذار‬ ‫‪ 2013‬ويناير كانون الثاين ‪ ،2014‬نوقشت فيه قضايا متعددة‪،‬‬ ‫بينها عاقة الدين بالدولة واإلقرار بالفيدرالية‪ ،‬لكن دون تحديد‬ ‫واضــح لعــدد األقاليــم التــي أ ـقـرت بســتة أقاليــم يف لجنــة شــكلها‬ ‫رئيــس الجمهوريــة يف وقــت الحــق بعــد املؤتمــر‪ ،‬وحســمت هــذه‬ ‫حـول الفيدراليــة يف أقــل مــن شــهر‪ ،‬لـ‬ ‫اللجنــة الخــاف الصعــب ـ‬ ‫تقر األقاليم الستة‪ ،‬وهو التصور الذي رفضته العديد من القوى‬ ‫حـراك الجنوبــي‬ ‫السياســية املهمــة‪ ،‬مثــل تيــارات مختلفــة مــن ال ـ‬ ‫والحزب االشرا ‪ ،‬وحزب املؤتمر الشعبي املنقسم بجزئه الخاص‬ ‫بالرئيس السابق (حينها) عيل عبد الله صالح‪ ،‬و “الحوثين”‪.‬‬ ‫وراء هذا املشهد الرسمي املنشغل بالفيدرالية‪ ،‬كانت دعوات‬ ‫االنفصال من بعض املكونات الجنوبية قوية رغم عدم مشاركتها‬ ‫املؤتمر‪ .‬أما “الحوثيون”‪ ،‬فكانوا يقدمون تصورات منفتحة حول‬ ‫املرأة وعلمانية الدولة يف مؤتمر الحوار الوطني‪ ،‬ويطبقون نقيضها‬ ‫يف محافظة صعدة التي كانت تحت سيطرتهم‪.‬‬ ‫حـرب‪ ،‬صــارت التصــورات املتعلقــة‬ ‫بعــد تطــور األمــور نحــو ال ـ‬ ‫بمســتقبل الدولــة أكــرث وضوحــا وتناقضــا وبــا مواربــة‪ ،‬فاملكونــات‬ ‫الجنوبية امليالة لفكرة االنفصال وتأسيس دولة جنوبية مستقلة‬ ‫صارت أكرث حضورا يف الســاحة الجنوبية وأقوى تســليحا بشــكل‬

‫‪02/05/2023 13:10‬‬

‫ال وجود لطر‬ ‫يمكنه التنا ل‬ ‫عن م روعه‬ ‫السيا به‬ ‫م ار ة السلطة‬ ‫م ا خر ن‪،‬‬ ‫والحلول الوس‬ ‫ت و متع ر ‪،‬‬ ‫النس ة‬ ‫ل ع املكونات‬ ‫ال نوبية ا‬ ‫يعن خسارتها‬ ‫ل مهور ا‪ ،‬أما‬ ‫الحو ه‬ ‫خسار ل و ر‬ ‫كرته ومنطل‬ ‫وجود ‪.‬‬

‫‪020_AM.indd 20‬‬


‫‪19‬‬

‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫بعد اطاقهم يف مطار‬ ‫صنعاء يف ‪ 17‬ابريل‬ ‫‪ ( 2023‬رويرز)‬

‫انطلقــت يــوم ‪ 14‬أبريل نيســان ‪ 2023‬عمليــة‬ ‫سـراح‬ ‫اســتمرت ثاثــة أيــام‪ ،‬وجــرى خالهــا إطــاق ـ‬ ‫‪ 878‬أسريا من كل األطراف‪ ،‬وتعد من حيث الكم‬ ‫والكيف واحدة من أكر عمليات تبادل األسرى يف‬ ‫األزمــة اليمنيــة‪.‬‬ ‫ي ـقـول ماجــد فضائــل وهــو وكيــل وزارة حقــوق‬ ‫اإلنســان اليمنيــة لـ”املجلــة” “تمــت الصفقــة بشــكل‬ ‫سلس‪ ،‬لم تحصل عراقيل باستثناء التأجيل ليوم‬ ‫واحــد ولســبب لوجســتي وترتيبــات فنيــة‪ ،‬لــم تكــن‬ ‫طـراف بــل كانــت بطلــب مــن الصليــب‬ ‫مــن أحــد األ ـ‬ ‫األحمر‪ ،‬وتم التأجيل ثاثة أيام‪ ،‬حت يتم التأكد‬ ‫مــن أن الطا ـئـرات يف مكانهــا‪ ،‬وكان هنــاك تعــاون‬ ‫مــن الجميــع”‪.‬‬ ‫وبســؤاله عــن مــدى ارتبــاط االتفــاق بالتهدئــة‬ ‫و عــودة العا قــات الســعودية‪ -‬اإليرانيــة‪ ،‬يشــري‬ ‫جـزءا مــن‬ ‫خـرية تعــد ـ‬ ‫فضائــل إىل أن الصفقــة األ ـ‬ ‫طـراف‪،‬‬ ‫سـريا مــن كل األ ـ‬ ‫صفقــة أكــر تضــم ‪ 2223‬أ ـ‬ ‫وجــرى االتفــاق حولهــا يف مــار آذار ‪ 2022‬يف‬ ‫شـرة عــر زووم وتمــت املوافقــة‬ ‫مفاوضــات غــري مبا ـ‬ ‫برســائل متبادلــة مــن الطرفــن‪.‬‬ ‫وكشــف فضا ئــل لـ”املجلــة” عــن ا ســتكمال‬ ‫اجتماعــات إلطــاق بقيــة األســرى الــ‪ 1345‬املتبقــن‬ ‫خــال جولــة قادمــة جــرى االتفــاق عــىل أن تكــون‬ ‫خــال ‪ 15‬مايو أيــار ‪.2023‬‬

‫وبان المشاك‬

‫طـرة مــن ليــايل العاصمــة الســويدية‬ ‫يف ليلــة ما ـ‬ ‫سـريا الفتــا للدبلو مــا‬ ‫ا ســتكهولم‪ ،‬أتذ كــر تف ـ‬ ‫األ ـمـري ماثيــو تولــر الســفري األ ـمـري األســبق لــدى‬ ‫اليمــن‪ ،‬إذ كان يــرى أن املشــاورات اليمنيــة عــام‬ ‫طـراف أو أحدهــا‬ ‫‪ 2016‬لــم تنجــح بســبب يقــن األ ـ‬ ‫بأنــه يســتطيع تحقيــق نصــر عســكري‪ ،‬كان ذلــك‬ ‫يف بدايــة ديســمر كانون األول ‪ .2018‬تغــري تولــر‪،‬‬ ‫وأعقبه أكرث من سفري‪ ،‬وصار لدى الواليات املتحدة‬ ‫مبعوث خاص إىل اليمن‪ ،‬ولم يتحقق أي تغري يف‬ ‫الخريطة اليمنية‪ ،‬رغم محاوالت الحوثين العبثية‬ ‫لاســتياء عــىل مــأرب‪.‬‬ ‫تعتقد األوساط اليمنية أن الجميع كان ينتظر‬ ‫غـريت‪ ،‬وأن‬ ‫الســام‪ .‬الفــرق هنــا أن املعطيــات ت ـ‬ ‫الضامنن بدأت أدوارهم تتغري‪ ،‬وباتت هناك رعاية‬ ‫لتوافقاتهــم‪ .‬الحكومــة والتحالــف كانــا يضغطــان‬

‫‪02/05/2023 13:04‬‬

‫عسكريا لدعم السام باتخاذ اسراتيجية الدفاع‪،‬‬ ‫حـزب‬ ‫وكان الحوثيــون يتلقــون وعــودا مــن إ ـيـران و ـ‬ ‫اللــه بالصــوم يف مــأرب‪ .‬لــم يتحقــق ذلــك‪ ،‬وعوضــا‬ ‫عــن الصــوم يف الجبهــات بــات ‪ 878‬يمنيــا يصومــون‬ ‫بــن أهليهــم هــذه ا ـملـرة‪.‬‬ ‫يعــود الدكتــور فــار البيــل ليذ ّكــر بــأن الســام‬ ‫الحقيقي يتمثل يف “نزع مسببات الصراع وأدواته‪،‬‬ ‫وخلــق تــوازن بــن القــوى معادلتــه التنافــس عــىل‬ ‫التنمية ومعالجة الواقع‪ ،‬وإعادة القرار للشعب‪،‬‬ ‫وتحييد القوة والو يفة والنفوذ والخطاب‪ ،‬وسرعة‬ ‫معالجــة األولويــات امللحــة”‪ .‬ويتابــع قائــا “إذا مــا‬ ‫هُ نــد الســام املقبــل عــىل هــذه الر يــة يمكــن أن‬ ‫نضمــن اســتقرارا طويــا لليمــن‪ ،‬ونشــهد توجهــا‬ ‫مختلفا نحو التنمية واإلعمار‪ ،‬عندها ستذوب كثري‬ ‫من املشكات السياسية التي هرت ا ن‪ ،‬واملشاريع‬ ‫املتعــددة التــي أنتجهــا انهيــار الدولــة باألســا ”‪.‬‬ ‫يضيف األكاديمي اليمني‪ ،‬قائا “أنا عىل يقن‬ ‫أن الشعب وحت األطراف عندما يلمسون مشروعا‬ ‫واضحــا وقويــا وعــادال لحضــور دولــة قويــة ُتعنـ‬ ‫بالنــا وحــل مشــكاتهم ســينخرطون وراء هــذا‬ ‫التوجه‪ ،‬وستذوب كل الظواهر التي نشأت بفعل‬ ‫املحاصصــة والتقاســم‪ ،‬والخــوف عــىل املســتقبل‬ ‫واالحتــكار واملصــري املج ـهـول”‪.‬‬

‫اتخ ت السعودية‬ ‫اعة‬ ‫خطو‬ ‫باختيار السال‬ ‫ودعمه‪ .‬س قت‬ ‫طريف الن ا بخل‬ ‫حال ته ة إقليمية‪،‬‬ ‫واستفادت يف املل‬ ‫اليمن من الت ار‬ ‫الع ي الت لم‬ ‫يها الح‬ ‫ي‬ ‫رصة‬ ‫السيا‬ ‫ليتنف ‪.‬‬ ‫‪016_AM.indd 19‬‬


‫سياسة‬

‫‪18‬‬

‫الم لة‬

‫لع أبر املعطيات الخارجية‪ ،‬ن ا “مفاتي الحلول” الت استح تها‬ ‫السعودية لفت أبوا الح بم ار ة الحكومة اليمنية‪ ،‬إ تعم‬ ‫السعودية عىل وساطة تف إىل ح سيا يمن ام برعاية أممية‪.‬‬ ‫تشــرين الثــاين بعدمــا تعرضــت الســعودية ملــا يربــو‬ ‫عــىل ‪ 1400‬درون مفخخــة وصواريـ باليســتية‪.‬‬ ‫ولعل أبرز املعطيات الخارجية‪ ،‬نجاح “مفاتيح‬ ‫الح ـلـول” التــي اســتحدثتها الســعودية لفتــح أبــواب‬ ‫الحــل بمبار كــة الحكو مــة اليمنيــة‪ ،‬إذ تعمــل‬ ‫السعودية عىل وساطة تف إىل حل سيا يمني‬ ‫شامل برعاية أممية‪ .‬يستند إىل املرجعيات الثاث‬ ‫(املبــادرة الخليجيــة وآليتهــا التنفيذيــة‪ ،‬ومخرجــات‬ ‫الحــوار الوطنــي اليمنــي الشــامل‪ ،‬و ـقـرار مجلــس‬ ‫األمــن ‪.(2216‬‬ ‫وتعتقــد ر شــا جر هــوم‪ ،‬و هــي عضــوة “هيئــة‬ ‫املصالحة والتشاور” املنبثقة عن إعان نقل السلطة‬ ‫إىل مجلس القيادة الرئا يف أبريل نيسان ‪،2022‬‬ ‫أن املرحلة االنتقالية قد تنجح إن توفرت “تطمينات‬ ‫وضمانــات”‪ .‬وت ـقـول “هنــاك حاجــة لتنفيــذ نظــام‬ ‫حوكمــة محــيل كا مــل الصاحيــات يعطــي أب ـنـاء‬ ‫وبنــات املناطــق الحــق يف قيــادة وتنميــة مناطقهــم‪،‬‬ ‫والبــدء بتنفيــذ العدالــة التصالحيــة التــي تهــدف إىل‬ ‫معالجة األضرار اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا بالركيز‬ ‫عىل جر الضرر وإعادة الحق وفتح باب الحوار بن‬ ‫املتضرريــن واملتضــررات ومــن انتهكــوا حقوقهــم بمــا‬ ‫صـراع”‪.‬‬ ‫يضمــن عــدم العــودة لــدورات ال ـ‬

‫صـراع‬ ‫صـراع‪ ،‬فبــذرة كل جولــة ـ‬ ‫طـراف ال ـ‬ ‫لخدمــة أ ـ‬ ‫سابق كانت ألن مشاريع السام تنظر إىل مستقبل‬ ‫املتصارعــن وتجــري أدواتــه عــىل مكاســبهم‪ ،‬ال عــىل‬ ‫مستقبل اليمنين العامة وحاجاتهم”‪ .‬والستدامة‬ ‫ذلك السام‪“ ،‬فا بد من نزع أدوات الصراع املادية‬ ‫واملعنوية جميعا‪ ،‬إذ ال يمكن أن يدوم سام وهناك‬ ‫ساح أو قوة مسلحة بيد أي طرف‪ ،‬كما ال تتحول‬ ‫الدولــة إىل التنميــة والو يفــة العامــة أو الــرثوة‬ ‫مختلــة‪ ،‬ويكتنزهــا طــرف دون آخــر”‪ ،‬وي ـقـول البيــل‬ ‫لـ”املجلة” إنه من الضروري خروج جميع األطراف‬ ‫من معادلة القسمة السياسية إىل معادلة الدولة‪،‬‬ ‫“أي أن تعــود الســلطة للشــعب‪ ،‬إذ ينبغــي ألي‬ ‫تسوية أن تكون مجرد فرة انتقالية تهيئ األرضية‬ ‫املائمة للتنافس عىل خدمة النا ‪ ،‬وخالها تنزع‬ ‫املكتسبات الذاتية لألطراف التي تصارع بها‪ ،‬حت‬ ‫إذا ما انتهت الفرة االنتقالية تعود هذه األطراف إىل‬

‫من القسمة لى الدولة‬

‫يذ ّكــر الدكتــور فــار البيــل الســيا واألكاديمــي‬ ‫اليمنــي‪ ،‬بــأن تاريـ اليمــن املعاصــر يزخــر بمراحــل‬ ‫صـراع كانــت ُتفـ إىل نقطــة البدايــة‪“ ،‬كمــا‬ ‫حــل لل ـ‬ ‫لــو أن كل التســويات واالتفاقــات لــم تكــن ســوى‬ ‫مجرد محطات تهدئة‪ ،‬ألنها لم تكن مؤطرة بحلول‬ ‫عميقة وشاملة تعالج املسألة من جذورها‪ ،‬وكما‬ ‫صـراع جديــد‪ ...‬وا ن‬ ‫لــو كانــت مجــرد ـفـرة تهيئــة ل ـ‬ ‫حـرب األكــرث ضــررا يف تاريـ اليمنيــن‬ ‫بعــد هــذه ال ـ‬ ‫ف نهم يحتاجون إىل ســام شــامل وعادل ينقذهم‬ ‫من دوامات الصراع املتتالية‪ ،‬تجفف معه كل بؤر‬ ‫صـراع املتوقعــة والخامــدة”‪.‬‬ ‫ال ـ‬ ‫صـراع اليمنــي‪ ،‬وينتقــل‬ ‫“لـ تنطفــئ جــذوة ال ـ‬ ‫اليمنيــون جميعــا إىل مســتقبل آمــن ينبغــي أن‬ ‫تبنـ دعائــم الســام القــادم عــىل صيغــة الدولــة‬ ‫الشــاملة والعادلــة التــي ال تقـ أحــدا”‪ ،‬حســب‬ ‫قول فار البيل‪ .‬ويضيف “لكنها معنية بالدرجة‬ ‫األوىل بحقوق الشعب وموجهة لخدمتهم وليس‬

‫‪02/05/2023 13:04‬‬

‫يف مأرب بعد االفراج عنهم يف ‪ 16‬ابريل‬ ‫‪ ( 2023‬رويرز)‬

‫النا دون امتيازات وعوامل قوة ونفوذ‪ ،‬فتطلب‬ ‫منهــم أن تعيدهــم إىل الســطة برامــج خدمتهــم‪،‬‬ ‫طـراف تحشــد النــا لخدمتهــا هــي”‪.‬‬ ‫ال أن تظــل األ ـ‬ ‫سألت “املجلة” رشا جرهوم عما يجدر فعله عىل‬ ‫الساحة السياسية‪ ،‬فأجابت بالقول “رفع الوعي‬ ‫ومســتوى التعليــم وب ـنـاء ثقافــة الســام والتســامح‬ ‫واحرام التنوع يف املناهج التعليمية‪ ،‬فالفقر ليس‬ ‫هو العامل الوحيد الذي يدفع للصراع وإنما وجود‬ ‫فئات الشباب املحروم من فرص التطور والنمو”‪.‬‬ ‫وتعتقــد عضــوة “هيئــة املصالحــة والتشــاور”‬ ‫اليمنية أنه “يجب أن تتوفر مساحة أساسية لحل‬ ‫قضيــة الجنــوب يف إطــار الســام الشــامل وتحديــد‬ ‫ماهيــة الرتيبــات السياســية واالقتصاديــة واألمنيــة‬ ‫والعســكرية التــي يجــب أن تتــم يف كافــة مراحــل‬ ‫السام والتي يجب أن تشمل عملية تحديد املصري‬ ‫بطريقــة ديمقراطيــة وســلمية”‪.‬‬ ‫ماذا يحتاج اليمن هذه املرة ل تنجح العملية‬ ‫السياسية وتنقله من الوضع الحايل لوضع أفضل‬ ‫ترى جرهوم أنه من املمكن أن تنجح يف اليمن “إذا‬ ‫شاركت القوى الوطنية مرحلة الحوار واملفاوضات‬ ‫حـول أهميــة‬ ‫السياســية بع ـقـول منفتحــة تتمركــز ـ‬ ‫تغليب مصلحة اإلنسان لتحقيق حياة كريمة‪ ،‬ومن‬ ‫املهم أيضا أن ال تصبح املرجعيات شروطا أو قيودا‬ ‫ألهميــة إيجــاد مســاحة للمرونــة‪ .‬أمــام التوافقــات‬ ‫التي يمكن أن تصل إليها وفود التفاوض مع أهمية‬ ‫وضع آلية للتشاور الواسع مع املجتمعات املحلية‬ ‫لضمان أن الحلول تعر عىل تطلعاتها‪ .‬وكل هذه‬ ‫سـاء‬ ‫املراحــل لــن تنجــح إذا اســتمر تجاهــل دور الن ـ‬ ‫ودعم مشاركتهن الرمزية فقط”‪.‬‬

‫ا سر ‪ :‬محاد ات مقبلة‬

‫املبعوث الخاص هانس غروندبر‬

‫يعتقــد كثــري مــن اليمنيــن أن نجــاح صفقــة األســرى‬ ‫ســاهم ك ـثـريا يف تقبــل ف ـكـرة كســر الجمــود الــذي‬ ‫طال أي محادثات تجريها الحكومة مع الحوثين‪.‬‬ ‫لــو لــم يــأت إعــان صفقــة األســرى واملعتقلــن‬ ‫اليمنيــن عقــب إعــان االتفــاق الســعودي‪ -‬اإل ـيـراين‪-‬‬ ‫الصينــي بعــودة العاقــات‪ ،‬ملــا كســب ذلــك الزخــم‬ ‫الذي استمده‪ .‬جاء اإلعان بعد “إعان بكن” بيوم‬ ‫واحــد‪ ،‬وراح الجميــع يربــط هــذه بتلــك‪ ،‬واألهــم أن‬ ‫الصفقــة تمــت “بساســة” وهــو مــا يؤكــده مســؤولو‬ ‫الحكومــة اليمنيــة‪.‬‬

‫‪016_AM.indd 18‬‬


‫‪17‬‬

‫سياسة‬

‫الم لة‬

‫مقاتل من قوات الحكومة اليمنية يف مأرب يف نوفمر ‪ ( 2021‬أ ف ب)‬

‫جاءت بعد االتفاق الذي أعقب رحلة ماراثونية من‬ ‫املشــاورات التــي عقــدت بتيســري مــن ســلطنة عمــان‬ ‫والعراق وبطلب من إيران أوال ثم أنجزت االتفاق‪،‬‬ ‫لكنها أسهمت بشكل مواز يف استمرار فتح أبواب‬ ‫الحــل اليمنــي‪.‬‬ ‫دفعــت الريــاض منــذ عــام ‪ 2018‬باتجــاه الســام‬ ‫يف اليمــن‪ .‬واصلــت دعــم املســار األممــي‪ ،‬وفتحــت‬ ‫قنــوات خلفيــة للتحــدث مــع الحوثيــن‪ ،‬وأطلقــت‬ ‫مبــادرة يف مــار آذار ‪ 2021‬للحــل الســيا يف‬ ‫شـرة مــع ط ـهـران‪.‬‬ ‫اليمــن‪ .‬وتحدثــت مبا ـ‬ ‫كانت الرغماتية السعودية ملهمة للحكومة‬ ‫ا لـ ــيمنيـ ــة و عـ ــامل تش ـ ـجـ ــيع للحـ ــوثي ــن ا لـ ــذي‬ ‫يفضلــون دائمــا ال ـقـول يف االجتماعــات املغلقــة‬

‫‪02/05/2023 13:03‬‬

‫“نحــن نثــق يف اململكــة”‪.‬‬ ‫نجحــت مشــاورات الر يــاض اليمنيــة‪ ،‬التــي‬ ‫انعقــدت تحــت مظلــة خليجيــة وحظيــت بد عــم‬ ‫إقليمي ودويل‪ ،‬إىل نقل السلطة ومعالجة املشاكل‬ ‫السياسية التي كانت تنخر جسد الشرعية وجميع‬ ‫مناه الحوثين‪ .‬وتشكل مجلس القيادة الرئا‬ ‫وترأســه الدكتــور رشــاد العليمــي بعضويــة ‪ 7‬نــواب‬ ‫مــن مختلــف املناطــق شــماال وجنوبــا‪ ،‬وبمختلــف‬ ‫قواهم سياسية كانت أو عسكرية‪ .‬وبات مناهضو‬ ‫الحوثيــن أكــرث تماســكا رغــم كل التحديــات التــي‬ ‫واجهت رئيس املجلس‪ ،‬الذي استطاع مستندا عىل‬ ‫“التوافق والشراكة” من إبقاء الفرقاء متماسكن‬ ‫طيلــة العــام املــايض‪.‬‬

‫عوام الح‬

‫يف اليمــن عــىل‬ ‫تعتمــد ما مــح الحــل الســيا‬ ‫معطيــات داخليــة وخارجيــة‪ .‬ويتصــدر املعطيــات‬ ‫الداخلية تيقن طريف النزاع من أنه ال حل عسكريا‬ ‫ممكن لألزمة‪ .‬بات جسد الاعبن األساسين مثخنا‬ ‫بالضغــوط الناجمــة عــن تكاليــف الوعــود الباهضــة‪.‬‬ ‫حــاول الحوثيــون احتــال مــأرب نحــو ‪ 18‬شــهرا‪.‬‬ ‫سـرت الجماعــة املدعومــة مــن إ ـيـران ا الف‬ ‫خ ـ‬ ‫مــن املقاتلــن بــا جــدوى‪ .‬الحكومــة اليمنيــة بدورهــا‬ ‫لــم تعلــن وال التحالــف الداعــم لهــا عــن أي عمليــة‬ ‫عســكرية منــذ نهايــة عــام ‪ 2018‬ويف أعقــاب “اتفــاق‬ ‫اســتكهولم”‪ .‬وال ـتـزم الحليفــان “الد ـفـاع ا ـلـرادع”‬ ‫سـراتيجية عســكرية طورهــا التحالــف يف نوفمــر‬ ‫ا ـ‬

‫‪016_AM.indd 17‬‬


‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫‪16‬‬

‫صة الغالف‬

‫مامـ الحـ‬ ‫السـ ا يف ال ـ‬

‫و ـفـرت التهدئــة والتوافقــات وميضــا‬ ‫يف عتمــة األزمــة القاتمــة‬ ‫لم ي ه اليمن من انقال الحو ي يف س تم أيلول ‪2014‬‬ ‫وحتى األسابي املا ية حاال مما ال من ال ه ة‪ .‬وعو ا عن‬ ‫امتالء ال ا ات بصور ال هات‪ ،‬انهمرت صور املصا حات‪،‬‬ ‫خالل أيا ‪ ،‬من دار الر اسة يف صنعاء‪ ،‬وتلق ال مي م ا‬ ‫ق الت األسر املفر عنهم وأح ان و هم‪ .‬لق و رت الته ة‬ ‫والتوا قات ومي ا يف عتمة األ مة القاتمة‪.‬‬ ‫لن ن ب ر القحطا‬

‫شهدت األيام األوىل من أبريل نيسان ‪ 2023‬مداوالت‬ ‫حـول مرحلــة انتقاليــة جــرى تدوينهــا يف مســودة‬ ‫ـ‬ ‫يصعــب الحكــم عليهــا‪ ،‬كونهــا لــم تصــدر بعــد‪،‬‬ ‫ومــا زالــت قيــد الدراســة والنقاشــات‪ ،‬وقــد تشــمل‬ ‫تعديات عديدة‪ .‬وطبقا ملا استوعبته “املجلة” عر‬ ‫اتصاالت مع مسؤولن وباحثن وبعض املطلعن‪،‬‬ ‫تت املسودة عىل أساسن‪ ،‬هما وقف النار‪ ،‬وبناء‬ ‫الثقة‪ .‬ورغم أنهما لم يردا بهذه الصيغة‪ ،‬لكن “من‬ ‫دون أي مــن األساســن ســيتبخر حلــم ب ـنـاء الســام‬ ‫اليمني مجددا”‪ ،‬وفق قول سيا يمني حذر من‬ ‫جـراءات‬ ‫عــودة الضبابيــة والتشــا م‪.‬ويتمثل أبــرز اإل ـ‬ ‫املبكرة يف وقف النار‪ ،‬وصرف الرواتب‪ ،‬وفتح الطرق‬ ‫الرية والبحرية والجوية اليمنية‪ ،‬وتشــكيل لجان‬

‫‪02/05/2023 13:03‬‬

‫فنية لدمج البنك املركزي‪ ،‬إىل جانب عملية إصاح‬ ‫اقتصادية بمساهمة سعودية‪.‬‬ ‫أ مــا “جو ـهـرة” املرحلــة االنتقاليــة‪ ،‬فســتكون‬ ‫شـرة‪ ،‬واإلجابــة عــىل أهــم ســؤال‬ ‫املفاوضــات املبا ـ‬ ‫يتخللها‪ ،‬وهو “كيف يرى اليمنيون شكل الدولة‬ ‫ومضمونهــا”‪.‬‬

‫نس‬

‫السالم‬

‫ا ســتغرق التمهيــد للســام اليمنــي‪ ،‬ك ـثـريا مــن‬ ‫الجهود والرحات املكوكية‪ ،‬وسيا من النقاشات‬ ‫والحوارات‪ ،‬وقليا من الخيبات التي رافقت كرى‬ ‫املناســبات التــي كانــت قريبــة جــدا مــن تحقيقــه‪.‬‬ ‫اتخــذت الســعودية خطــوة شــجاعة باختيــار‬

‫الســام ودعمــه‪ .‬ســبقت طــريف ال ـنـزاع بخلــق حــال‬ ‫تهدئــة إقليميــة‪ ،‬واســتفادت يف امللــف اليمنــي مــن‬ ‫التجارب العديدة التي لم يجد فيها الحل السيا‬ ‫فر صــة ليتنفــس‪ .‬اتجهــت اململكــة نحــو الخا نــق‬ ‫األســا ألي عمليــة سياســية يمنيــة‪.‬‬ ‫لــم تنتظــر الريــاض أن يراجــع الحوثيــون مثلمــا‬ ‫فعلــوا يف مشــاورات الكويــت عــام ‪ ،2016‬والتــي‬ ‫انتهت‪ -‬ب يعاز إيراين‪ -‬بعدم التوجه نحو السام‪،‬‬ ‫بــل اتجهــت قبــل أن ترســل وفــدا برئاســة ســفريها‬ ‫لدى اليمن إىل صنعاء محمد آل جابر نحو “نسج”‬ ‫العمليــة السياســية برعايــة صينيــة‪.‬‬ ‫توجــت الدبلوماســية الســعودية اتفــاق بكــن‬ ‫بدفع امللف اليمني نحو مرحلة جديدة‪ .‬صحيح أنها‬

‫‪016_AM.indd 16‬‬


‫‪15‬‬

‫الم لة‬

‫سـراتيجية‪ .‬تريــد ط ـهـران ســحب الصــن وإدخالهــا‬ ‫وهــذا مــن أهــم أهــداف إ ـيـران اال ـ‬ ‫جـزء مــن هــذه العمليــة‪ .‬التدريبــات البحريــة مــع الصــن‬ ‫يف شــؤون أمــن الخليــج ك ـ‬ ‫وروســيا أمثلــة عــىل هــذه العمليــة التــي تعتقــد ط ـهـران أنهــا يمكــن أن تســاهم يف‬ ‫تعزيــز وجــود الصــن وتحــد مــن قــدرات أ ـمـريكا يف املنطقــة‪ .‬وهــذا ليــس أ ـمـرا ســلبيا‬ ‫من وجهة النظر السعودية بل قد يجلب استقرارا أكرث للجزيرة العربية واليمن‪.‬‬ ‫صـرة اململكــة الجنوبيــة عــر حــدود طويلــة‬ ‫االســتقرار يف املنطقــة‪ ،‬خصوصــا خا ـ‬ ‫مع اليمن‪ ،‬هو األهم بالنسبة للسعودية‪ .‬لم تقم اململكة بالتوقيع عىل االتفاقية‬ ‫مــع إ ـيـران بــا أســباب وجيهــة وخطــة عمليــة تســتفيد منهــا اململكــة إنهــا تــدرك أن‬ ‫إن ـهـاء املعادلــة الصفريــة مــع إ ـيـران ســتكون لــه ارتــدادات إيجابيــة كثــري مــن هــذه‬ ‫االرتــدادات ربمــا ال يكــون أصــا ضمــن الحســاب اإل ـيـراين وقــد يخــرج عــن ســيطرتها‬ ‫ســواء يف اليمــن أو غــري اليمــن‪.‬‬ ‫بمعنـ أن الصفقــة مــع الســعودية يف نظــر ا ـيـران ستســاعدها عــىل ترســي‬ ‫مكاسبها عر اليمن وسوريا والعراق ولبنان‪ ،‬وهي النقاط الساخنة التي تمتلك‬ ‫فيها إيران نفوذا ذا تأثري كبري‪ .‬تحييد اململكة‪ ،‬من وجهة نظر إيرانية سيساعدها‪،‬‬ ‫عــىل األقــل‪ ،‬يف الحفــا عــىل الوضــع الراهــن يف هــذه األماكــن واإلب ـقـاء عــىل‬ ‫مصالحهــا وزيادتهــا‪ .‬مثــا اســتعادة العاقــات الدبلوماســية السعودية‪-‬الســورية‬ ‫تضــع األســا للــدول العربيــة األخــرى للتصالــح مــع دمشــق‪ .‬عــىل الرغــم مــن أن‬ ‫هــذه الديناميكيــات ســتفتح أيضــا البــاب أمــام الريــاض ملمارســة نفوذهــا يف هــذه‬ ‫األماكــن‪ ،‬إال أنهــا تلقائيــا ســتضيق الدعــم الضمنــي لجماعــات املعارضــة لألســد‪.‬‬ ‫باملثــل يمكــن أن يقــال عــن مواقــع أخــرى مــن ضمنهــا اليمــن‪ ،‬تعتقــد ط ـهـران أن‬ ‫شـركائها اإلقليميــن الرئيســين‬ ‫هــذه الديناميكيــة الجديــدة ستســاعد يف اســتقرار ـ‬ ‫سـرحب بهــا مبدئيــا‪ .‬إىل جانــب ذلــك‪ ،‬كمــا ثبــت يف حالــة‬ ‫عــىل املــدى الطويــل‪ ،‬ف ـ‬ ‫العراق فرغم الوجود األمري حافظت طهران عىل نفوذها‪ ،‬ويبدو أن اإليرانين‬ ‫خـول الســعودية الناعــم إىل ســوريا أو مناطــق ســيطرة أنصــار‬ ‫واثقــون مــن أن د ـ‬ ‫سـراتيجية‪ .‬لكــن هــذا‬ ‫عـرض مصالــح إ ـيـران للخطــر بطريقــة ا ـ‬ ‫اللــه يف اليمــن لــن ي ـ‬ ‫التصــور ليــس بالضــرورة دقيقــا كمــا يعتقــد اإليرانيــون‪ ،‬فانفتــاح هــذه األماكــن‬ ‫املغلقــة ســابقا عــىل الســعودين قــد يوفــر فرصــا غــري مســبوقة لتغيريهــا إيجابيــا‬ ‫مــن الداخــل والتأثــري عــىل توازناتهــا الهشــة أصــا والتــي لــم تصــل إىل مــا هــي عليــه‬ ‫ويقــوى فيهــا النفــوذ اإل ـيـراين إال بســبب انغاقهــا وعــدم انفتاحهــا عــىل خيــارات‬ ‫أخــرى غــري إ ـيـران‪ .‬وهــذه القــوى املرتبطــة مــع إ ـيـران ســواء يف اليمــن أو ـغـريه ليســوا‬ ‫نســيجا واحــدا بــل فيهــم مــن يعــي عواقــب األفعــال العدائيــة للجــوار الضــارة بهــم‬ ‫عىل املدى الطويل‪ ،‬كما أن فيهم عناصر متشــددة مرتبطة ارتباطا وثيقا ب يران‪.‬‬ ‫وعــىل كل حــال هــذا االنفتــاح الســعودي عــىل اليمــن بكافــة مكوناتــه‪ ،‬لــن يجعــل‬ ‫حــال اليمــن أســوأ ممــا هــو عليــه ســابقا‪.‬‬ ‫حـزاب أو حتـ األنظمــة املرتبطــة ب ـيـران والتــي تســتفيد‬ ‫حـركات أو األ ـ‬ ‫إن هــذه ال ـ‬ ‫مــن تفــوق إ ـيـران يف الطا ـئـرات دون طيــار والصواريـ عاليــة التقنيــة‪ ،‬وعــىل رأســها‬ ‫أنصــار اللــه ‪ ،‬تعلــم أن هــذا لــن يــدوم ل ـفـرة طويلــة وأن اململكــة تطــور تقنياتهــا‬ ‫الخاصــة بالصواريـ والطا ـئـرات دون طيــار بمســاعدة صينيــة وتعمــل مــع أ ـمـريكا‬ ‫صـول عــىل قــدرات د ـفـاع صاروخــي مضــادة للطا ـئـرات دون طيــار أكــرث ك ـفـاءة‪.‬‬ ‫للح ـ‬ ‫وبالتايل‪ ،‬فمن مصلحة الحركة الحوثية أن تتوصل إىل اتفاق مع اململكة ا ن‬ ‫وتفــاوض عــىل خريطــة طريــق منطقيــة ملســتقبل اليمــن‪ ،‬قبــل أن تنتهــي ميزتهــا‬ ‫النســبية يف الطا ـئـرات دون طيــار الرخيصــة والصواريـ منخفضــة التكلفــة والتــي‬ ‫خـرية املاضيــة‪.‬‬ ‫اســتخدمتها بكثافــة طيلــة الســنوات األ ـ‬

‫ستذهب المملكة بعيدا و صى مد ي‬ ‫ا أد‬ ‫مراعا ها لمحيطها الحيو بحي ن‬ ‫من القو الع مى لى ار التو رات‬ ‫االنحيا‬ ‫هران‪ ،‬لن كون المملكة ر ا ي هذا‬ ‫م‬ ‫االنحيا ‪ ،‬وهذ سياسة سعودية م تلفة جذريا‬

‫‪02/05/2023 12:59‬‬

‫سياسة‬

‫السفري السعودي محمد آل‬ ‫جابر ورئيس املجلس السيا‬ ‫لـ “الحوثين” مهدي املشاط يف‬ ‫صنعاء يف ‪ 9‬ابريل ‪( 2023‬غيتي)‬

‫خال مناورات صينية‬ ‫روسية ايرانية يف‬ ‫املحيط الهندي يف ‪15‬‬ ‫مار املايض‪( .‬غيتي)‬

‫لكن بالقطع ف ن مواصلة الرياض تحسن دفاعها الصاروخي وقدراتها املضادة‬ ‫للطائرات دون طيار من خال العمل مع الصن وأمريكا وأوروبا وشركاء آخرين‪،‬‬ ‫وســعيها أيضــا إىل اكتســاب التقنيــة العاليــة‪ ،‬وتعزيزهــا لصناعتهــا العســكرية‬ ‫املحلية‪ ،‬ستعتره إيران وشركا ها يف اليمن مقلقا ومهددا لهم‪ .‬ستنظر طهران إىل‬ ‫برامج التطوير العسكرية السعودية عىل أنها تهديد للتوازن الدفاعي الهجومي‬ ‫اإلقليمي ولذلك فمن املرجح‪ ،‬رغم االتفاق‪ ،‬أن تواصل الجهود إلطاق تدابري‬ ‫مضادة مناسبة خصوصا يف اليمن‪ .‬عىل الرغم من أن طهران قد توافق مرحليا‬ ‫عــىل الحــد مــن تجهيــز أنصــار اللــه بأنظمــة أســلحة هجوميــة جديــدة ومتطــورة‪،‬‬ ‫لكنها لن تتوقف عن دعمهم كركيزة ردع طاملا أن إيران تفتقر يف جيشها لبدائل‬ ‫سـرائييل إل ـيـران ثابــت ومســتمر ويف ازديــاد‪.‬‬ ‫نوعيــة‪ .‬وبمــا أن التهديــد األ ـمـري ‪ -‬اإل ـ‬ ‫فهــذا يعنــي أن ط ـهـران ســتواصل سياســة التحســن النوعــي للقــدرة العملياتيــة‬ ‫ملــا يســم محــور املقاومــة ‪ ،‬بمــا يف ذلــك تطويــر الروابــط العملياتيــة األفقيــة بــن‬ ‫الجماعات الشيعية املسلحة يف املنطقة من اليمن وحت الهال الخصيب ورفع‬ ‫قدرات التنسيق والتشغيل البيني لديها‪.‬‬ ‫ضـوع اليمــن‪ ،‬لكــن‬ ‫خاصــة ال ـقـول‪ ،‬االتفــاق الســعودي‪-‬اإليراين لــن يحــل مو ـ‬ ‫دور طهران‪ ،‬بكل التحفظات املذكورة آنفا‪ ،‬مهم‪ ،‬فهذه سببية ضرورية ولكنها‬ ‫غري كافية ‪ ،‬فالدور اإليراين ضروري ويجب أن يكون حاضرا لتحقيق نتيجة يف‬ ‫اليمن‪ ،‬لكن وجوده ليس كافيا للحصول عىل تلك النتيجة‪ ،‬فموضوع السام‬ ‫الشامل يف اليمن أكرث تعقيدا ويرتبط بالداخل اليمني أكرث من الخارج‪ ،‬ولهذا‬ ‫نقــا آخــر‪ ،‬لكــن مــا يهمنــا يف هــذه املقالــة هــو األعمــال العدائيــة مــن اليمــن تجــاه‬ ‫اململكــة‪ .‬هنالــك فرصــة تاريخيــة حاليــة‪ -‬عــىل األقــل عــىل املــدى القصــري‪ -‬فتحــت‬ ‫شـرعا لتغيــري الهيــكل األمنــي ملنطقــة الخليــج بطريقــة تخــدم أكــر دول‬ ‫البــاب م ـ‬ ‫شــبه الجز ـيـرة اململكــة واليمــن‪.‬‬

‫‪012_AM.indd 15‬‬


‫سياسة‬

‫‪14‬‬

‫الم لة‬

‫اال فا‬ ‫السعود‬ ‫ا يراني لن‬ ‫يغير طي‬ ‫هران على‬ ‫المد المن ور‬ ‫واعتمادها على‬ ‫لفاء يشكلون‬ ‫جسما وا دا‬ ‫و و عنيد ي‬ ‫عموم المنطقة‬ ‫ولن يقل‬ ‫من االنتشار‬ ‫ال غرا ي‬ ‫لشبكة لفاء‬ ‫يران ي‬ ‫المنطقة‬

‫سـراتيجية ثاثيــة أوال‪ ،‬تهدئــة األعمــال العدائيــة مــع إ ـيـران‪ .‬ثانيــا‪ ،‬اســتكمال‬ ‫با ـ‬ ‫الضمانــات األمنيــة الحاليــة التــي تمتلكهــا مــن الواليــات املتحــدة‪ .‬ثالثــا‪ ،‬اســتخدام‬ ‫سـراتيجية‬ ‫منافســة القــوى العظمـ لصالحهــا وتنويــع تحقيقهــا األمنــي‪ .‬هــذه اال ـ‬ ‫املتعــددة‪ ،‬مــع التفاعــل الدبلومــا مــع إ ـيـران الســتكمال الــردع بالدبلوماســية‬ ‫وجلــب ضامــن ســيا جديــد وهــي الصــن التــي تتمتــع بنفــوذ كبــري عــىل ط ـهـران‪،‬‬ ‫خاصــة بعــد أن أثبتــت فيهــا سياســة الواليــات املتحــدة أنهــا غــري كافيــة‪ ،‬و أو غــري‬ ‫فعالة‪ ،‬هذا كله سيوفر البيئة واألرضية املناسبة لتمكن املكونات اليمنية املختلفة‬ ‫للخروج من األزمة املدمرة الحالية‪.‬‬ ‫يبق السؤال قائما هل هذه االسراتيجية السعودية ستكون مقنعة إليران‬ ‫صـوال لحــل ســيا مــع إب ـقـاء عاقتهــا قائمــة مــع‬ ‫لتخفيــف التو ـتـرات يف اليمــن و ـ‬ ‫أنصــار اللــه ‪ ،‬ألنهــا لــن ت ـفـرط يف هــذه العاقــة طوعــا‬ ‫غـريات وتعلــم واقعــا وتســتوعب أن ال‬ ‫بالنســبة إل ـيـران‪ ،‬هــي تنظــر لهــذه الت ـ‬ ‫حـرب يف منطقــة الخليــج‪ .‬فقــد أدى فشــل سياســة‬ ‫مصلحــة للســعودية يف أي ـ‬ ‫الضغط األقى األمريكية عىل إيران‪ ،‬وتوجه طهران لزيادة تخصيب اليورانيوم‪،‬‬ ‫وتهديدات إسرائيل بقصف املنش ت النووية اإليرانية‪ ،‬إىل وضع املنطقة عىل شفا‬ ‫حـرب‪ .‬ال تريــد الســعودية أن تكــون طرفــا يف هــذا التصعيــد الــذي يقـوّض أمنهــا‬ ‫ـ‬ ‫ويؤخر مشروع تحولها االجتماعي واالقتصادي‪ .‬االنفتاح مع إيران يبعث برسالة‬ ‫شـرة مــع‬ ‫حـرب مبا ـ‬ ‫طـرة ب ـ‬ ‫واضحــة ل يرانيــن بــأن اململكــة ليســت مســتعدة للمخا ـ‬ ‫جارتها اللدودة مما يخفف الهواجس اإليرانية من أي مشاركة سعودية أو تعاون‬ ‫سـرائيل أو حت الواليات املتحدة الســتهداف ايران‪.‬‬ ‫ســواء كان هذا التعاون مع إ ـ‬

‫أولوية ومفار ة‬

‫ما يعني السعودية تجاه إيران هو الجماعات املوالية لها يف اليمن بشكل مباشر‬ ‫واألثر املدمر لهذا التدخل اإليراين يف اليمن ومحيطه باإلضافة إىل مسألة ليست‬ ‫منفصلــة عــن األوىل وهــي برنامــج الصواريـ التقليديــة املتقــدم لــدى إ ـيـران والــذي‬ ‫طـاع‪ .‬املفارقــة أن هاتــن األولويتــن للســعودية‬ ‫يصــل إىل أعوانهــا أيضــا بــا انق ـ‬

‫‪02/05/2023 12:59‬‬

‫جـزءا أساســيا مــن املحادثــات بــن الواليــات املتحــدة‬ ‫يف تعاملهــا مــع إ ـيـران ليســتا ـ‬ ‫شـركائها األوروبيــن مــع إ ـيـران‪ ،‬وهــذا ســبب آخــر وجيــه لعقــد صفقــة إقليميــة‬ ‫و ـ‬ ‫مع إيران‪ .‬وبينما تدرك السعودية تماما أن إيران لن تضع قيودا عىل برنامجها‬ ‫الصاروخي مهما واجهت من ضغوط‪ ،‬ف نها تعتقد أن تطبيع العاقات مع إيران‬ ‫هــو خيــار منطقــي ومســار بديــل قــد يســهم يف اســتقرار املنطقــة‪ ،‬خاصــة يف اليمــن‪.‬‬ ‫وهذا ليس مستبعدا‪ ،‬أعني محاولة استفادة إيران من مشروع اململكة وبرنامج‬ ‫تحولها االجتماعي واالقتصادي‪ .‬فهناك قناعة إيرانية‪ ،‬رغم الخافات عىل مستوى‬ ‫القيادة اإليرانية تجاه هذا امللف‪ ،‬إال أن إيران‪ ،‬بكل الضغوط الداخلية والدولية‬ ‫حـوالت يف اململكــة‬ ‫التــي تواجههــا‪ ،‬تــدرك أن هنــاك فرصــا لاســتفادة مــن هــذه الت ـ‬ ‫الــذي هــو مشــروط باســتقرار املنطقــة وال اســتقرار وال تنميــة دون هــدوء ومعادلــة‬ ‫ســام مقبولــة يف اليمــن‪ -‬عــىل ذلــك هنــاك مصلحــة متبادلــة ال يمكــن تحقيقهــا إال‬ ‫مــن خــال إقامــة عاقــات طبيعيــة بــن البلديــن‪ .‬وعليــه‪ ،‬ســتذهب اململكــة بعيــدا‬ ‫وألقــى مــدى يف مراعاتهــا ملحيطهــا الحيــوي بحيــث إنــه إذا أدى االنحيــاز ألي مــن‬ ‫القــوى العظمـ إىل إثــارة التو ـتـرات مــع ط ـهـران‪ ،‬فلــن تكــون اململكــة طرفــا يف هــذا‬ ‫االنحيــاز‪ ،‬وهــذه سياســة ســعودية مختلفــة جذريــا‪ .‬عــىل ســبيل املثــال‪ ،‬اختــارت‬ ‫سـراتيجي تجــاه أزمــة أوكرانيــا‪ ،‬ممــا ســاعدها عــىل‬ ‫اململكــة سياســة الغمــوض اال ـ‬ ‫حماية مصالحها من العواقب واالرتدادات السلبية للتوترات الروسية‪-‬الغربية‪.‬‬ ‫شـراكة‬ ‫عامــل آخــر قــد يكــون داعمــا الســتقرار أكــرث ديمومــة يف اليمــن‪ ،‬هــو ال ـ‬ ‫االقتصادية واألمنية واالسراتيجية السعودية‪-‬الصينية‪ .‬فبوساطة بكن‪ ،‬تحقق‬ ‫خـراق نحــو الســام ّ‬ ‫مكــن الريــاض وط ـهـران مــن عقــد صفقــة دبلوماســية مهمــة‪.‬‬ ‫ا ـ‬ ‫ظـرا ألنهــا تتمتــع بنفــوذ ســيا‬ ‫واملتوقــع تعا ــم دور الصــن يف هــذا املســار‪ ،‬ن ـ‬ ‫واقتصادي عىل إيران‪ ،‬ف نها تجعل إيران أكرث ميا للوفاء بالتزاماتها يف االتفاق‬ ‫مع اململكة‪ ،‬واليمن منطقة التزام رئيسة‪ ،‬خاصة وأن طهران تنظر إىل التدخل‬ ‫الصينــي يف قضايــا أمــن الخليــج عــىل أنــه فرصــة لطــرد أ ـمـريكا مــن األقليــم‪.‬‬ ‫طـراف دون وجــود‬ ‫وتعتقــد إ ـيـران أن زيــادة املبــادرات الدبلوماســية متعــددة األ ـ‬ ‫غربــي ستســهم يف نهايــة املطــاف يف إضعــاف البنيــة األمنيــة التــي تقودهــا أ ـمـريكا‪،‬‬

‫‪012_AM.indd 14‬‬


‫‪13‬‬

‫سياسة‬

‫الم لة‬

‫عام د يكون‬ ‫داعما الستقرار‬ ‫أكثر ديمومة‬ ‫ي اليمن‪،‬‬ ‫هو الشراكة‬ ‫السعودية‬ ‫الصينية‬ ‫بوسا ة بكين‪،‬‬ ‫حق اخترا‬ ‫نحو السالم مكن‬ ‫و هران‬ ‫الريا‬ ‫من عقد صفقة‬ ‫دبلوماسية‬ ‫مهمة‬

‫لخريطــة قواعدهــا العســكرية يف املنطقــة‪ .‬يعلــم هــذا يقينــا مــن اســتمع لهواجــس‬ ‫اإليرانيــن وقلقهــم يف الغــرف املغلقــة‪ .‬فقــد عمــدت إ ـيـران إىل تعزيــز قدراتهــا‬ ‫العســكرية‪ ،‬ليــس فقــط يف اليمــن‪ ،‬بــل أيضــا ـقـرب ســواحل الخليــج لتحســن‬ ‫فرصهــا يف أي مواجهــة مســتقبلية مــع دول شــبه الجز ـيـرة العربيــة وعــىل رأســها‬ ‫السعودية‪ .‬ال يتصور عىل املدى املنظور أن تتغري هذه االسراتيجية اإليرانية خاصة‬ ‫واملصالحة بن القوتن اإلقليميتن اللدودتن تخطو خطواتها األوىل‪ ،‬خطوات‬ ‫حثيثــة لكنهــا ال زالــت يف بدايتهــا‪ .‬بــل املتوقــع العكــس وهــو أن تتســابق الدولتــان‬ ‫عــىل تعزيــز قدراتهمــا وزيــادة أوراق القــوة‪ ،‬ليــس رغبــة يف التصعيــد للتصعيــد‬ ‫العــدواين‪ ،‬بــل تحســن كل منهمــا ملوقفهــا التفــاويض أمــام األخــرى‪.‬‬ ‫يف املجمــل‪ ،‬سيســتمر البلــدان يف سياســة الــردع واالحتــواء وإن كان بأشــكال‬ ‫مختلفــة الســعودية بنفوذهــا االقتصــادي بينمــا إ ـيـران بوكائهــا العســكرين‪،‬‬ ‫ومن أهمهم حو اليمن (أنصار الله)‪ .‬بالقطع ستساعد إعادة العاقات بن‬ ‫البلدين عىل تهدئة بؤرة التوتر يف اليمن مرحليا‪ ،‬لكن إعادة العاقة الدبلوماسية‬ ‫السعودية‪-‬اإليرانية لن تكون كافية لجلب السام لليمن‪ .‬ومن خال النظر إىل‬ ‫العاقــات بــن الواليــات املتحــدة وروســيا أو الواليــات املتحــدة والصــن‪ ،‬باإلمــكان‬ ‫فهم كيفية وجود عاقات دبلوماسية بن الدول مع بقاء اسراتيجية مشركة‬ ‫للــردع واالحتــواء يف مكانهــا وتوليــد التو ـتـرات يف الوقــت نفســه‪.‬‬ ‫يف الوقت نفســه‪ ،‬ال يمكن التقليل من أهمية الصفقة الســعودية‪ -‬اإليرانية‬ ‫صـول لتكامــل إقليمــي ينعكــس عــىل اليمــن‬ ‫يف ب ـنـاء الثقــة بــن البلديــن حتـ الو ـ‬ ‫حـول نحــو نظــام ســلمي وتعــاوين هــو عمليــة متدرجــة ســتكون‬ ‫و ـغـريه‪ .‬لكــن هــذا الت ـ‬

‫‪02/05/2023 12:59‬‬

‫إعــادة العاقــات‪ ،‬إحــدى مراحلهــا الرئيســة والحتميــة التــي ســيبن عليهــا هــذا‬ ‫النظــام األمنــي الحقــا‪ .‬األســئلة الرئيســة ا ن هــي مــا الجهــود التــي يجــب بذلهــا‬ ‫لجعل اإليجابية الحالية يف اليمن دائمة‪ ،‬وكيف يمكن تحصن اليمن مستقبا‬ ‫جـزء األســا مــن نجــاح هــذا األمــر يتعلــق باليمنيــن‬ ‫مــن االنتــكا والنكــوص ال ـ‬ ‫و أنصار الله وانعتاقهم من تحكم واستخدام إيران لهم‪ ،‬والجزء املهم ا خر‬ ‫يتعلــق بالتــوازن اإلقليمــي والتفاهمــات بــن الريــاض وط ـهـران‪.‬‬

‫التفا‬

‫والتكام‬

‫اتبعت الرياض وطهران دوافعهما الخاصة واملختلفة للتوصل إىل اتفاق بينهما‪.‬‬ ‫طـرة يف الوقــت‬ ‫هــذا التناقــض يف الدوافــع واألهــداف بــن البلديــن هــو فرصــة ومخا ـ‬ ‫نفسه فمن جهة‪ ،‬هو ريف ومعامايت ومصلحي بحت‪ ،‬وبالتايل هذا ينعكس‬ ‫عــىل هشاشــة املصالحــة حيــث يمكــن ألي طــرف أن ينعطــف عــن املســار ويراجــع‬ ‫عن املصالحة إذا تم تحقيق أهدافه الخاصة أو حت اليأ من عدم تحقيقها‪،‬‬ ‫كعودة التصعيد يف اليمن ملستوياته السابقة‪.‬‬ ‫لكــن يف املقابــل‪ ،‬وألن طبيعــة الصفقــة قائمــة عــىل مصالــح بحتــة فهــي تغلــب‬ ‫االحتماالت لجعل املصالحة حقيقية ومستدامة وذلك بتوسيع مجاالت االهتمام‬ ‫واملصالح املشركة‪ .‬فمن املنظور االسراتيجي للسعودية‪ ،‬تحول الصفقة الصراع‬ ‫بن البلدين إىل املجال االقتصادي بعيدا عن املنافسة األمنية‪ ،‬ألن األخرية ضارة‬ ‫ومكلفة ليس فقط للسعودية بل للجانب اإليراين أيضا‪ ،‬وبالتأكيد لليمن وفصائله‬ ‫املتعددة ككل بما فيهم من يتعاون مع إيران‪ .‬ويبدو أن الرياض قد أخذت قرارها‬

‫‪012_AM.indd 13‬‬


‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫‪12‬‬

‫صة الغالف‬

‫حد ــا‬ ‫ال ســو‬ ‫يف ال ـ‬ ‫ينه االتفا السعود‬ ‫يينا‬

‫ا الغنا‬

‫ا يرا الحر‬

‫رسم سي استيان تي و‬

‫االتفاق بن السعودية وإيران لن يحل موضوع اليمن‪ ،‬النفوذ فيه سيبق رصيدا‬ ‫حاسما لطهران يف زيادة وزن األعباء اللوجستية عىل اململكة والحفا عىل اليمن‬ ‫سـراتيجية اإليرانيــة‪ .‬ط ـهـران ســتواصل سياســة‬ ‫كأهــم نقــاط شــبكة االرتــكاز يف اال ـ‬ ‫التحســن النوعــي للقــدرة العملياتيــة ملــا يســم محــور املقاومــة ‪ ،‬بمــا يف ذلــك‬ ‫تطويــر الروابــط العملياتيــة األفقيــة بــن الجماعــات الشــيعية املســلحة يف املنطقــة‬ ‫من اليمن وحت الهال الخصيب ورفع قدرات التنسيق والتشغيل البيني لديها‪.‬‬ ‫لكــن الــدور اإل ـيـراين‪ ،‬رغــم كل التحفظــات ضــروري‪ ،‬وإن كان غــري كاف‬ ‫لتمكــن التقــدم نحــو الســام الشــامل يف اليمــن الــذي هــو أكــرث تعقيــدا ويرتبــط‬ ‫أيضــا يف معظمــه بالداخــل اليمنــي أكــرث مــن الخــارج‪.‬‬ ‫يف تغري فعيل‪ ،‬وربما ّ‬ ‫مثل اخراقا يف مســار الحرب املســتمرة منذ أكرث من ‪8‬‬ ‫عـاء‪ ،‬والتقـ بقيــادات أنصــار اللــه وعــىل‬ ‫خـرا صن ـ‬ ‫أعــوام‪ ،‬زار وفــد ســعودي مؤ ـ‬ ‫رأسهم رئيس ما يسم املجلس السيا األعىل مهدي املشاط‪ .‬قد تكون هذه‬ ‫الزيارة انطاقة جديدة لبدء مفاوضات إلنهاء الحرب والوصول باليمن لخريطة‬ ‫طريــق تخــرج اليمــن مــن أزمتــه‪ .‬لكــن الخشــية دائمــا مــن انتكاســة تعــود بالجميــع‬ ‫للمربع األول‪ ،‬قد تكون األرضية التي وفرها االتفاق السعودي‪ -‬اإليراين هي أهم‬ ‫مــا يمنــع هــذا النكــوص‪ .‬لكــن الســؤال هــل ســينهي االتفــاق الســعودي‪ -‬اإل ـيـراين‬ ‫أزمة اليمن وصراعاته املستمرة‬ ‫لن تكون اإلجابة عىل سؤال مثل هذا سهلة‪ ،‬فاملصالحة السعودية‪ -‬اإليرانية‬ ‫شـرة للســعودية‪،‬‬ ‫ســتخفض التصعيــد وقتيــا‪ ،‬عــىل األقــل التصعيــد املوجــه مبا ـ‬ ‫املسرية والصواري‬ ‫فليس من املتوقع أن يطلق أعوان إيران عىل اململكة الطائرات‬ ‫ّ‬

‫‪02/05/2023 12:59‬‬

‫الباليستية والقذائف القصرية واملتوسطة والصواري الجوالة املنخفضة التكاليف‪-‬‬ ‫عادة عشرات أو مئات ا الف من الدوالرات عىل األكرث‪ -‬فيما تعتزم إيران إعادة‬ ‫فتح بعثتها الدبلوماسية يف الرياض‪ ،‬إال أن الصفقة لن تغري التخطيط اإليراين‬ ‫عــىل املــدى املنظــور واعتمــاده عــىل حل ـفـاء يشــكلون جســما واحــدا وقــوة عنيــدة يف‬ ‫عموم املنطقة ولن يقلل من االنتشار الجغرايف لشبكة حلفاء إيران يف املنطقة‪.‬‬ ‫وال يمكــن تفســري محادثــات الســام يف اليمــن واإلشــارات اإليجابيــة املتعــددة‬ ‫القادمة من مناطق الصراع يف اليمن بأكرث من ضغط مؤقت من االيرانين عىل‬ ‫األفراد والجماعات املوالية لهم لتخفيف حدة التوترات يف املرحلة الحالية حت‬ ‫يقــف االتفــاق الســعودي اإل ـيـراين عــىل قدميــه‪ .‬فمــن الخطــورة بمــكان تفســري هــذه‬ ‫التهدئــة عــىل أنهــا رغبــة إيرانيــة يف التخــيل عــن أداة قوتهــا يف جنــوب شــبه الجز ـيـرة‬ ‫العربيــة‪ .‬وهــذا يعنــي أن الوضــع املعقــد يف اليمــن سيســتمر‪ .‬بالنســبة إل ـيـران‬ ‫سـراتيجيا‪ ،‬منخفــض التكاليــف‪ ،‬يضمــن لهــا القــدرة‬ ‫ســيبق هــذا البلــد م ـمـرا ا ـ‬ ‫صـول التشــغييل إىل أماكــن حيويــة مختلفــة مــن الجز ـيـرة العريبــة خــال‬ ‫عــىل الو ـ‬ ‫أي ـنـزاع محتمــل مســتقبا‪.‬‬ ‫يغفل أيضا كثري من املراقبين‪ ،‬من كلتا الجهتن‪ ،‬التحول الكبري الذي طرأ‬ ‫عىل طيف األعام الحمراء يف املخيلة االسراتيجية والعسكرية اإليرانية‪ ،‬فاململكة‬ ‫العربيــة الســعودية لــم تعــد كمــا كانــت يف العقليــة اإليرانيــة ســابقا‪ ،‬مجــرد تابــع‬ ‫للسياسة األمريكية يف املنطقة‪ ،‬يف االتفاق واالختاف‪ ،‬كما كان يظن اإليرانيون‪،‬‬ ‫واكتشفوا خطأه بعد االتفاق النووي يف ‪ ،2015‬بل باتت تشكل تهديدا عسكريا‬ ‫مؤ ـثـرا عــىل خيــارات ا ـيـران ســواء مــن ناحيــة تطويــر األســلحة اإليرانيــة أو خطتهــا‬

‫‪012_AM.indd 12‬‬


‫‪11‬‬

‫‪02/05/2023 12:56‬‬

‫الم لة‬

‫سياسة‬

‫‪010_AM.indd 11‬‬


‫سياسة‬

‫الم لة‬

‫‪10‬‬

‫صة الغالف‬

‫اليمن‪ ...‬اختبار االتفاق‬ ‫السعودي – اإليراين‬ ‫رسم سي استيان تي و‬

‫اليمن‪ ،‬هو بالفعل اختبار االتفاق السعودي اإليراين برعاية صينية‬ ‫آذار املايض‪.‬‬ ‫الذي أنجز يف مار‬ ‫نعرض تحديات التسوية يف اليمن الصفحة ‪ 12‬ونعرض مامح الحل‬ ‫السيا فيه الصفحة ‪ 16‬كما يتضمن موضوع الغاف‪ ،‬اقراحا‬ ‫ملستقبل الدولة اليمنية للخروج من دورات القتال الصفحة ‪20‬‬ ‫والشروط الحقيقية لعودة اليمنين من الخارج الصفحة ‪22‬‬ ‫الصن التي رعت االتفاق بن الرياض وطهران‪ ،‬هل توقف إيران عن‬ ‫تسليح “الحوثين” الصفحة ‪ 26‬مع تركيز عىل منعكسات سام اليمن‬ ‫عىل باب املندب ذي األهمية االسراتيجة للتجارة العاملية الصفحة ‪32‬‬ ‫ونختم بمقال نقدي بقلم الكاتب اليمني عيل املقري عن أدباء يمدحون‬ ‫امليليشيات يف اليمن وغريها الصفحة ‪34‬‬

‫‪02/05/2023 12:56‬‬

‫‪010_AM.indd 10‬‬


April FP Majllah Como.pdf

008_AM.indd 9

1

26/03/2023

10:34 AM

02/05/2023 12:54


‫المحرر‬

‫الم لة‬

‫ا‬

‫برا‬

‫‪8‬‬

‫ــا ال نــي وا ن‬

‫دي م ير التحر ر التنفي‬

‫ــا الســودا‬

‫رسم بول راي ن‬

‫نحاول تقف‬ ‫خطوات الص ‪،‬‬ ‫ع تسلي‬ ‫ال وء عىل‬ ‫دور ا املحتم‬ ‫يف مان الت ا‬ ‫إيران باالتفا م‬ ‫السعودية وع‬ ‫تسلي الحو ي ‪.‬‬ ‫‪02/05/2023 12:54‬‬

‫االتفاق السعودي اإليراين برعاية الصن‪ ،‬الستئناف‬ ‫العاقات الثنائية‪ ،‬ماض يف طريقه‪ ،‬وفق الخطوات‬ ‫املتفق عليها منذ إعانه يف بكن مار آذار املايض‪.‬‬ ‫ال شك أن هذا االتفاق كان محطة رئيسة سترك‬ ‫آثارها يف اإلقليم وما وراءه‪ .‬وسيكون اختبار االتفاق يف‬ ‫اليمن‪ ،‬الذي شهد يف أبريل نيسان خطوات عديدة‪،‬‬ ‫تضمنت لقاءات مع الحوثين يف صنعاء‪ ،‬لبحث استمرار‬ ‫التهدئة وتبادل أسرى وحل سيا شامل لليمن‪ ،‬عىل‬ ‫أن تستكمل الحقا‪.‬‬ ‫لهذه األسباب وغريها‪ ،‬يستحق هذا املوضوع‪ ،‬أن‬ ‫يكون قصة الغاف لعدد مايو أيار‪ ،‬حيث يجري تناوله‬ ‫من جميع الجوانب الداخلية والخارجية‪ ،‬وطرح األسئلة‬ ‫والتحديات وا فاق‪.‬‬ ‫يتضمن امللف‪ ،‬قراءة ملنعكسات التفاهم بن الرياض‬ ‫وطهران عىل تفاصيل التسوية اليمنية‪ ،‬مع رسم مامح‬ ‫هذا الحل‪ ،‬إضافة إىل التحديات املاثلة أمام تنفيذ التصور‬ ‫العتيد‪ .‬ويقدم‪ ،‬يف هذا امللف‪ ،‬ك ّتاب وباحثون يمنيون‪،‬‬ ‫آراءهم يف هيكلية الدولة املشتهاة يف اليمن‪ ،‬والعاقة‬ ‫بن العاصمة صنعاء والامركزية واملحليات‪ ،‬والشروط‬ ‫التي يجب توفرها للخروج من دورات القتال‪،‬‬ ‫يعود اليمنيون الذين اق ُتلعوا من بادهم بعد السيطرة‬ ‫الحوثية عىل الباد‪ ،‬إضافة إىل نص نقدي ضد “مثقفي‬ ‫امليليشيات” ومديح البندقية‪.‬‬ ‫يف امللف أيضا‪ ،‬محاولة لتقفي خطوات دور الوسيط‬ ‫الصيني‪ ،‬عر تسليط الضوء عىل دور بكن املحتمل يف‬ ‫ضمان التزام طهران بعدم تسليح الحوثين‪ .‬بمعن‬ ‫استغال التهدئة للم نحو السام اليمني والتهدئة‬ ‫اإلقليمية وليس االستعداد لجوالت جديدة واعتداءات‬ ‫مديدة‪ .‬أي ضمان أمن املنطقة وباب املندب‪ ،‬بدال من‬ ‫تهديد املمرات االسراتيجية للتجارة والطاقة املهمة لبكن‬ ‫واملنطقة والعالم‪.‬‬ ‫ويف خضم وضع اللمسات األخرية عىل عدد “املجلة”‬ ‫الجديد‪ ،‬انفجر الوضع السوداين‪ ،‬بطريقة مفاجئة‬ ‫تجاوزت اإلشارات التي كانت توحي بها “حرب الكلمات”‬ ‫بن الج الن‪ ،‬عبد الفتاح الرهان ومحمد حمدان دقلو‬ ‫(حميديت) يف األسابيع املاضية‪ .‬وكان ال بد من مواكبة‬ ‫هذا االنفجار بامتداداته الداخلية والخارجية ومبادرات‬ ‫إطفاء حرائقه ومداواة معاناته‪ ،‬حيث لعبت السعودية‬ ‫دورا طليعيا وقياديا يف إجاء مواطنيها وآالف الرعايا من‬ ‫عشرات الجنسيات العربية واألجنبية‪.‬‬ ‫نواكب يف مجلتنا “حرب الج الن”‪ ،‬بالعودة إىل‬

‫جذور الصراع بن حليفي األمس يف السودان‪ ،‬وكيفية‬ ‫“الصعود إىل الهاوية” ورصد املحطات واألنفاق التي‬ ‫مرت بها الباد لـ”الوصول إىل هنا”‪ ،‬إضافة إىل عرض‬ ‫أربعة سيناريوهات ملستقبل السودان‪ ،‬أحدها “اإلقامة‬ ‫عىل الجمر”‪ ،‬وتشظي النريان يف العروق السودانية‪.‬‬ ‫يف هذا الشهر‪ ،‬هناك ثاثة مواعيد مرمجة‬ ‫ومحطات مهمة استضافة السعودية للقمة‬ ‫العربية‪ ،‬واالنتخابات الركية‪ ،‬وحفل تتويج امللك‬ ‫الريطاين تشارلز‪ .‬نواكب هذه املناسبات بقراءة معمقة‬ ‫لسيناريوهات االنتخابات الركية التي تجري يف الذكرى‬ ‫املئوية لوالدة الجمهورية‪ ،‬واستشراف مستقبل بريطانيا‬ ‫ووضعها الداخيل والتحديات التي يواجهها امللك الجديد‬ ‫بعد تسلمه العر خلفا لوالدته يف العام املايض‪.‬‬ ‫نفتح صفحاتنا للقمة العربية التي تعقد يف مرحلة‬ ‫مهمة تتناول قضايا عربية وإقليمية كثرية‪ ،‬بينها عودة‬ ‫سوريا إىل “الحضن العربي”‪ ،‬ذلك أن وزير الخارجية‬ ‫السعودي األمري فيصل بن فرحان‪ ،‬زار دمشق والتق‬ ‫الرئيس بشار األسد الشهر املايض‪.‬‬ ‫املوقف من التقارب العربي ومستقبل سوريا‪ ،‬بن‬ ‫األسئلة التي أجاب عنها ‪ -‬يف حديثه إىل “املجلة” ‪ -‬رئيس‬ ‫حزب االتحاد الديمقراطي صالح مسلم‪ ،‬القيادي‬ ‫الكردي يف التكتل العسكري ‪ -‬السيا الذي يسيطر‬ ‫عىل شمال شرقي سوريا‪ .‬وقد رحب صالح مسلم‬ ‫بالتقارب العربي ‪ -‬وحذر من الر ‪ -‬مع دمشق‪ ،‬لكنه‬ ‫قال “ال يمكن عودة سوريا إىل ما قبل ‪ ،”2011‬أي سنة‬ ‫بدء االحتجاجات واألزمة يف الباد‪.‬‬ ‫يتضمن العدد أيضا‪ ،‬مواكبة للتطورات االقتصادية‬ ‫يف منطقتنا والعالم‪ ،‬خصوصا ما يتعلق بالتحديات‬ ‫املالية يف أمريكا ومساعي الصن لبناء تحالف اقتصادي‬ ‫دويل ينافسها‪ ،‬إضافة إىل محاسن الذكاء االصطناعي‬ ‫ومخاطره‪ ،‬واالخراق املغربي يف صناعة السيارات‪.‬‬ ‫الفنان الراحل طال مدّاح‪“ ،‬صوت األرض”‪،‬‬ ‫أو “صانع املزاج”‪ ،‬يحل بذكراه ضيفا عىل صفحات‬ ‫مجلتنا بسطور وكلمات تسلط الضوء عىل مسريته‬ ‫بعد احتفاء مستحق به‪.‬‬ ‫كما يتضمن العدد‪ ،‬زيارة مؤملة إىل سجات‬ ‫العاصمة اللبنانية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ورحلتها عىل درب‬ ‫النسيان‪ ،‬إضافة إىل مساهمة ومقابلة عن الدور‬ ‫الحضاري للرجمة‪.‬‬ ‫يف متناول القراء‪ ،‬العدد الشهري من “املجلة” بعد‬ ‫انطاقتها يف حلة جديدة ومنصات رقمية عديدة‪.‬‬

‫‪008_AM.indd 8‬‬


‫‪7‬‬

‫كتاب العدد‬

‫الم لة‬

‫ــا العــدد‬ ‫بد ال ح ا‬ ‫الم موعة السعودية‬ ‫ل بحا وا عالم‬

‫صحايف سعودي‬ ‫متخصص يف الشأن اليمني‬

‫أسسها سنة ‪1987‬‬ ‫ا مير أ مد بن سلمان بن عبدالعزيز‬

‫ر ون و‬

‫الرئيس التنفيذ‬ ‫جمانا را د الرا د‬

‫ّ‬ ‫الغنا‬ ‫ا‬ ‫أسسها سنة ‪1980‬‬ ‫هشام ومحمد علي ا‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫سان رب‬ ‫مدير التحرير التنفيذ‬ ‫براهيم ميد‬ ‫مدراء التحرير‬ ‫سام عيتاني‬ ‫خالد القصار‬ ‫سامر أبو هوا‬

‫خبري سعودي يف العلوم‬ ‫السياسية والعاقات الدولية‪،‬‬ ‫وزميل بحثي ومستشار اسراتيجي‬ ‫يف عدة مراكز تفكري أوروبية‬ ‫وأمريكية وبريطانية‬

‫سفري تر سابق‪ ،‬يكتب‬ ‫يف مراكز أبحاث ووسائل إعام‬ ‫تركية وأجنبية‬

‫امل ري‬ ‫روايئ يمني‪،‬عمل محررا ثقافيا‬ ‫يف صحف ومجات يمنية وعربية‬ ‫وله عدد من الروايات‬ ‫من أعماله باد القائد‬ ‫صدرت بالعام ‪2018‬‬

‫م د ر د ال‬

‫مح د بي‬

‫باحث وكاتب سوداين‬ ‫يكتب يف وسائل إعام عدة‪،‬‬ ‫ويقيم يف الخرطوم‬

‫روايئ وصحفي لبناين‬ ‫من مؤلفاته وداع لبنان‬ ‫و نساء با أثر‬

‫م ساء‬

‫ا الد‬

‫باحثة أوىل يف “مركز صنعاء‬ ‫للدراسات االسراتيجية”‪ .‬نشرت‬ ‫كتاباتها وتحلياتها يف العديد من‬ ‫وسائل اإلعام العربية واألجنبية‬

‫را‬

‫ادل و ا‬

‫مدير سم ا بدا‬ ‫سار لون‬

‫كاتب وناشر‬ ‫وإعامي سعودي‬ ‫‪:‬‬

‫رسم بو رايدن‬

‫الوكي ا عالني‬

‫‪03/05/2023 10:06‬‬

‫ال ا‬ ‫مستشار وكاتب‬ ‫يف شؤون الطاقة‬ ‫ومدير دراسات سابقا‬ ‫يف منظمة أوبك‬

‫ان و دو ني‬ ‫أستاذ علم اللغة يف جامعة‬ ‫بروما‬ ‫لينك كامبو‬ ‫له مؤلفات بينها عن املحادثة‬ ‫منظور متكامل للتحليل اللغوي‬

‫د الغني ا‬

‫ا‬

‫باحث أول يف‬ ‫مركز صنعاء للدراسات‬ ‫االسراتيجية ‪،‬‬ ‫وعمل مستشارا‬ ‫يف األمم املتحدة‬

‫‪006_AM.indd 7‬‬


‫المحتويات‬

‫‪6‬‬

‫الم لة‬

‫املح و ــا‬

‫‪10‬‬ ‫صة‬ ‫الغالف‬

‫اليمن‪....‬‬ ‫اختبار االتفاق‬ ‫السعودي اإليراين‬ ‫رسم دي ا وا تي‬

‫‪46‬‬ ‫أربعة‬ ‫سيناريوهات‬ ‫ي السودان‬

‫‪82‬‬ ‫هستيريا‬ ‫الذكاء‬ ‫االصطناعي‬

‫‪100‬‬ ‫ال مدا‬ ‫الحدا ي‬ ‫وصان المزا‬

‫يستعرض و ي د الع‬ ‫احتماالت املستقبل‬ ‫ويحذر من حرب طويلة‬

‫يعرض الد ال ا‬ ‫محاسن التطورات العلمية‬ ‫ومخاطرها‬

‫يستذكر ادي اء الد‬ ‫مسرية الفنان السعودي الراحل‬ ‫بعد اإلحتفاء به‬

‫‪8‬‬

‫االختبار اليمني‪...‬‬ ‫واالنفجار السوداين‬ ‫دي‬ ‫برا‬

‫‪26‬‬

‫هل ُتلزم الصن إيران‬ ‫بوقف تسليح “الحوثين”‬ ‫الد اد‬

‫‪56‬‬

‫ألوان الخوف‬ ‫والقلق‬ ‫و اء صاح‬

‫‪92‬‬

‫انفوغرافيك‬ ‫الدين‬ ‫االمري‬

‫‪12‬‬

‫تحديات التسوية‬ ‫يف اليمن‬ ‫ّ‬ ‫الغنا‬ ‫ا‬

‫‪32‬‬

‫سام اليمن‬ ‫يُنعش باب املندب‬ ‫ال ا‬

‫‪59‬‬

‫معركة تركية‬ ‫يف مئوية الجمهورية‬ ‫ر ون و‬

‫‪94‬‬

‫نجاح صناعة‬ ‫السيارات يف املغرب‬ ‫مح د ال ر ي‬

‫‪16‬‬

‫مامح الحل‬ ‫السيا يف اليمن‬ ‫بد ال ح ا‬

‫‪34‬‬

‫أدباء‬ ‫امليليشيات‬ ‫امل ري‬

‫‪66‬‬

‫امللك تشارلز‪...‬‬ ‫وتحديات العهد الجديد‬ ‫و و‬

‫‪103‬‬

‫طال مدّاح‬ ‫“صوت األرض”‬ ‫ادل و ا‬

‫‪20‬‬

‫مستقبل الدولة‬ ‫ودورات القتال‬ ‫ا الد‬ ‫م ساء‬

‫‪36‬‬

‫صالح مسلم سوريا‬ ‫لن تعود إىل ما قبل ‪2011‬‬ ‫دي‬ ‫برا‬

‫‪72‬‬

‫بريوت مدينة اليباب‪...‬‬ ‫وسجل املهانات‬ ‫مح د بي را‬

‫‪106‬‬

‫يونس توفيق‬ ‫لغتي هي وطني‬ ‫وا‬ ‫و‬

‫‪22‬‬

‫الشروط الحقيقية‬ ‫لعودة اليمنين‬ ‫د الغني ا ا‬

‫‪50‬‬

‫كيف وصل السودان‬ ‫إىل هنا‬ ‫م د ر د ال‬

‫‪86‬‬

‫زلزال مايل‬ ‫ينتظر أمريكا‬ ‫نو‬ ‫و‬

‫‪110‬‬

‫دور الرجمة‬ ‫يف بناء الحضارة‬ ‫انو دو ني‬

‫‪03/05/2023 10:05‬‬

‫‪006_AM.indd 6‬‬


004_AM.indd 5

28/04/2023 12:57


004_AM.indd 4

28/04/2023 12:57


April DPS Almajallah Arabian oud.pdf

002_AM.indd 3

1

22/03/2023

3:18 PM

28/04/2023 12:55


002_AM.indd 2

28/04/2023 12:55


‫العدد ‪ 1945‬مايو ‪ /‬أيار ‪2023‬‬ ‫‪majalla.com‬‬

‫اليمن…‬ ‫اختبار‬ ‫االتفاق‬

‫مالمح الحل السيايس‬ ‫وتحديات التفاهم‬ ‫السعودي – اإليراين‬

‫الصعود للهاوية‪ ...‬كيف‬ ‫وصل السودان إلى هنا؟‬

‫معركة انتخابية تركية‬ ‫في مئوية الجمهورية‬

‫صالح مسلم‪ :‬أكراد سوريا‬ ‫ليسوا عمالء ألميركا‬

‫بيروت‪...‬مدينة اليباب‬ ‫ٌ‬ ‫سجل للمهانات واالختفاء‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.