/1
ذكرياتي مع العلم وأهله مشاهد ومقاصد
ذكرياتي العلمية
أحمد بن علي الهبطي(أبوخالد) 1
/2
ذكرياتي مع العلم وأهله مشاهد ومقاصد
على سبيل التقديم أ الحمد هلل ،والصالة السالم على رسوله المين. وبعد: فإن طاعة العلماء العدول -في مراضي هللا عزوجل -أافرض من طاعة الوالدين أاحيانا ،كما قرر المحققون " .والفقهاء قادة ،ومجالسته ْم ِزيادة . "1كما روي عن ابن مسعود رضي هللا هللا عهه. وإن مما أامرني به بعض أاساتيذي -القراء -قديما ،2تدوين ذكرياتي ..مع القران الكريم أواهله ،بدءا بالطفولة والشباب ،وانتهاء بالمرحلة الراههة. أ (وكهت ساعتها على عتبة الربعين) .والحق أاني وعدت بذلك؛ أوانا بين الرجاء والخوف ،واإلقدام واإلحجام ..أواخشى ما كهت أاخشاه هو أان اباغت بالسؤال؛ في ْسقط في يدي؛ ولكن هللا سلم.!. وكلما هم ْمت بالك تابة والتقييدْ ، داخلتهي -أايها السادة والسيدات -هيبة عظيمة ،ورهبة جسيمة ،وخفت على نفسي ك ثيرا من الشهوة الخفية، 1 2
رواه الطبراني في الكبير ،ورجاله موثقون كما قال الهيثمي في "مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد".
وهو شيخنا العالمة المقرئ الدكتور أيمن سويد-نفعنا اهلل به.- 2
/3
أ والهشوة العلمية ،3والجتراء على شيء ا ندم عليه في قبري! فليس - يا أا هل الفضل -أا خطر من الحديث عن الهفس ،واإل عجاب بالهفس، 4 و في حديث " ثالث م هلكات "..عظة و درس . أ ثم ترج ح عهد ي -مع ال يام -أا ن اإل قدام هاهها خير من اإلحجام ، أ و إن شئت ْ فقل :نفعه أا كبر من إثمه .ولو تحو ط ال ول ون جميعا لما وصلها شيء! و من عبارات هم العميقة قول الفضيل بن عياض رحمه أ أ هللا " :ترك العمل من ا جل الهاس رياء ،والعمل من ا جل الهاس شرك ،واإلخالص أا ن يعافيك هللا مههما ". و ل شك أا ن ه ذا العمل يحتاج إلى راحة بال ،وبيت خال ،و تهقل وا رتحال ..و أا ن ى لي ذلك ،أوا نا أا بو العيال ؟! 5.ف" اللهم ل ْ سه ل إل ما ج علته سهال أوا نت تجعل ْ الحزن إذا شئت سهال " .6
أ أ و سا حاول في هذا الجزء ال ول أا ن أا عتصر ذاكرتي قليال ،أوا ستحضر بعض الط رائ ف وال لطائ ف ،والمشاهد والمواقف ،التي عشتها مع أا ساتذتي ومعلمي ..في أا يام اله ْف ِر ( ال رحلة في طلب العلم) أا و ما أ أ أ أرا يته من بعض العلماء ال جالء ،ال م وات مههم وال حياء؛ م رك زا على مواطن ا لئ تساء والقتداء ،والعظة وال هتداء ؛ ضاربا صفحا عن كل ما ل يهبه ي عليه عمل ،أا و ل يرشح مهه نفع . 3
نعم للعلم نشوة كنشوة الخمر ،وطغيان كطغيان الغنى! وليست فتنة العلم أقل خط ار من فتنة العمل.
4
تمامه ":ثالث مهلكاتُّ : شح مطاع ،وهوى متبع ،واعجاب المرء بنفسه " .أخرجه البيهقي وحسنه األلباني .
6
حديث مرفوع .رواه ابن حبان في صحيحه .انظر :السلسلة الصحيحة ( )6/209حديث(.)9886 3
5عيال الرجل :الذين يسكنون معه وينفق عليهم كامرأته وأوالده وغالمه ووالديه الفقيرين الفانيين. َجمع َعي ٍ ك ثَُّم بِ َم ْن تَ ُعو ُل] أما حديث الخلق عيال اهلل ق َعلَْي ِه ْم َ .و ِم ْنهُ [ ْاب َد ْأ بَِن ْف ِس َ ِّلَ ،ك ِجَي ٍاد ِفي َجي ٍِّدَ ،و َعا َل ِعَيالَهُ قَاتَهُ ْم َوأ َْنفَ َ ُْ فهو حديث شديد الضعف .ومعناه ال يستقيم إال بتأويل.
/4
أ أ وليس القصد -في هذ ه ال خط رات -كشف العورات ،ا و تصهيف ال ف راد والجماعات ،أا و نقد شخص ،أا و تقديسه أا و تبخيسه ،أا و تعديله أا و أ أ تجريحه -با ي شكل من ال شكال -بل القصد تقييد الذكريات.. واستلهام العظات ..وإطالق الزف رات !..واستدرار الدعوات! .. وللقارئ -القدير -بعد ذلك أا ن يستهبط ما شاء ،ويهتقد -بعلم وعدل - م ن شاء .وسبحان المتصف بصفات الكمال ! المتهزه عن كل نقص وعيب ! ( في ذاته ،وصفاته ،أوا فعاله) ،المستحق للحمد المطلق ، والثهاء الكامل !! . ْ أ وا م ا عن ذكريات الق را ن ال م جيد ؛ فحق ها التجريد والتفريد ؛ جر دوا هذا القرا ن ،ول تخلطوه استئهاسا بقول الصحابي الرشيد ِ " : بشيء " . 7وإن فسح هللا في المدة ،ور زق الع دة ،بسطها الكالم فيها بسطا ،وتحدثها بهعم ة هللا ش ك را ،و ( ..م ْن ه م ِب ح س ه ة ف ل ْم ْ 8 ي ْع م ل ه ا (لعذر)ك ت ب ه ا هللا ِع ْه د ه ح س ه ة ك ا ِم ل ة ) وسوف لن أا حمل هم الصهاعة التحريرية ك ثيرا في هذ ا المك توب ؛ أ ل ن صاحبكم -كما تعلمون -ل يس ق ص اصا ،ول ِروائيا ،ول أا ديبا ،ول كاتبا محترفا ..؛ وإنما هو طالب حكمة ،و حامل رسالة ،ي هقلها لل خاصة وال عامة ،ب فطري ة و انسيابية ،وعفوية و تلقائية ،و ي ك تب ما أ أ تيسر من ال لفاظ والتعابير ،والخواطر والمعاني ، ..إلى أا ن يا تي هللا أ أ بالفتح ا و ا مر من عهده ! ورحم هللا امرءا زانها بقلمه البديع ،وقوله البليغ ،أا و نظر إليها بعين الودا د فصبر وغفر! ! 7 8
هو ابن مسعود رضي اهلل عنه .انظر مجلة البحوث اإلسالمية) .الجزء رقم ،6 :الصفحة رقم.(99 :
البخاري ومسلم.
4
/5
أ وما ا جمل مقالة شعيب عليه السالمِ " :إ ْن ا ِر يد ِإ ل ا ِإل ْص الح م ا ْ 9 ْ اس ت ط ْع ت و م ا ت ْو ِف ي ِق ي ِإ ل ِب الل ِه ع ل ْي ِه ت و ك ل ت وإليه أا نيب" . ول حرمها هللا ْلفتة ناصح -مثلك -ترد إلى صواب ،أاو ترشد إلى كمال!. أ وإن دعاءك -أاخي الصالح -هو زاد الطريق؛ فاوف لها مهه الكيل وتصدق.. إن هللا يجزي المتصدقين!
9
سورة هود االية (.(3-6 5
/6
دعاء ورجاء!! اللهم إنا ما شهدنا إل بما علمها ،وما كها للغيب أ حافظين! فاك تبها-ياربها -مع الشاهدين! وادخلها برحمتك في عبادك الصالحين! اللهم إن بجوار بيتك الكريم طالب قران ،وإمام أ صالة ،وعائل اسرة ..يبوء بهعمته عليك ،ويبوء أ أ بذنبه ،وقد نزل به من الضر والبالء ما انت اعلم أ به من غيره؛ فاللهم ارفع عهه البالء ،والبسه لباس الصحة والعافية ،واغفر لوالديه ولمربيه ولمعلميه أ ولماموميه ومحبيه! واختم له ولجميع خلقك وعبادك بخير ،يارب العالمين!
6
/7
عالم المك ان ،وكيف تعرفت عليه!؟ كان الوالد المعلم رحمه هللا يحدثه ا -في " ال طفولة المبكرة" 10-عن أ أ العلماء وال ولياء با سلوب يفيض عذوبة ورق ة ،وحماسة وحرق ة!! .. أ وكان الع لماء والقراء -في نظره -هم المثل ال س م ى ،والهموذج أ أ ال على -بعد ال نبياء والمرسلين ،والصحابة والتابعي ن -ل ي زاحم هم بشر على اإلطالق .وما جلس إليه طالب إل وحب ب إليه العلم والعلماء ،ورس خ فيه هذا ال حس الجميل ،والشعور الهبيل !. والحق ،أا نه لم يكن ثم ة في قريتها و مهطقتهاْ ..ام رؤ تهطبق عليه صفات العالم ،أا و الفقيه ،أا و المقرئ ،بمعهاه الصطالحي ال د قيق؛ وإنما كان عهدنا -فقط -عالم المكان أ(ا ي عالم مكانه) -حسب أ الصطالح -ولو قيس بالعلماء والقراء الكبار في القرويين وال زهر والزيتونة ..لكان غير ذلك ! ومع هذا فقد استطاع الوالد -بذكائه الفطري -أا ن يوحي إليها بوجود العلماء وال ه س اك في ضاحيتها ْ و بل دتها ،وربما ش ِب ه لها بعض هم ب مالك بن أا نس ،و إبراهيم بن أا دهم ! أوا ما الش ر يف ال هاسك ،المعرو ف ب سيدي الطيب الزياتي -رحمه هللا- خي لتي عبدا مالئكيا 11،أا و بشرا استثهائيا ،أا و -إن ف قد كان في م ِ شئ ت -فقل :بقية السلف في الخلف ! .وم ا كان في ال زو ِار أا حد أا حب أ إلي مهه ،ول أا جل في عيهي مهه ! ولم أا كن أا قدر أا ن أا مال عيهي مهه ، 10
مرحلة الطفولة المبكرة من ( 5-9سنوات).
11يقول أحد الصالحين :خلق اهلل المالئكة عقوال بال شهوة !!..وخلق البهائم شهوة بال عقول !!..وخلق بن آدم وركب فيه العقل والشهوة !!..فمن غلب عقله شهوته التحق بالمالئكة !!..ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم". 7
/8
أ هيبة مهه! ومن خالله تلقيت ال درس ال ول في حب الشرفاء أ والصلحاء .ثم كان الذي كان من تا صيل وتفصيل وتهزيل ،والحمد هلل. وذات يوم أا قبل بعض العدول الفقهاء ليشهدوا مهافع لهم في ني الوا لد -رحمه هللا -طيلة اليوم ل م عايهتهم ، قري تها ؛ فاستهف ر ِ أ وال قتباس مه هم ،ومال ني شوقا وحماسة ،وعزيمة وهم ة ، ..وقال لي أ بما معهاه : -ي طل ع اليوم عليها رجل من ا هل العلم والعدل ،اسمهال فقيه سي ب وكر الغرماني ،فالزم غ ْرزه ،وق ص أا ثره ،ول ت ْع د عيهاك عهه! . والحقيقة أا ن الرج ل -يرحمه هللا -كان فقيه ا مشاركا ،ودارسا م ِرسا ، و ناسخا م ِوث قا ،وعدل ضابطا ؛ ولكهه لم يكن أا ك ثر من ذلك إل في حس الوالد رحمه هللا؛ لحسن ظهه بالهاس عموما ،ولحاجة أا خرى ِ 12 في نفس يعقوب !. أ والطريف في ال مر أا ني ظللت اليوم كله ،أا سارق فقيهها الهظر ، وا ق ص ه أ(ا تتبع أا ثره) في البساتين والحقول ،والوهاد والسهول ، ..ل يصرفهي عهه صارف ،ول يشغلهي عهه شاغل؛ وسهي ل يتجاوز -على أ ال رجح -ثمان ي ِح ج ج .ولو قد رت عليه لسل مت ؛ ولكن كما قال الشاعر: 13 و ل ِك ْن ِم ْل ء ع ْي ن ح ِب ي به ا ا ه اب ِك ِإ ْج ال ل و م ا ِب ِك عل ي ق ْد رة 12
ولم تكن هذه الحاجة إال اغتنام الموجود ،في انتظار المفقود.
13بيت لقيس بن الملوح (مجنون ليلى) وهو يكشف عن سبب عدم تجرؤه عليها وتوقيره لها . 8
/9
ول ت زال هذه المشاهد -بحمد هللا -مطبوعة في ذههي ،م هقوشة في ذاكرتي ،بتفاصيلها ودقائ قها ،أوا نواعها أوا لوانها ،ل يزحمها شيء في قرارها المكين ،وركهها الركين .وصدق من قالِ " :ح ْف ظ الغالم الص غير كاله ْق ش في الحجر ،وحفظ الرجل بعدما ْيك ب ر كالك تاب ة على الماء ". رحم هللا الوالد أا ول ،ورحم الفقيه ال راحل ( الصهر ) بوكر أا حجان ، أ أ أ الذي كان -بحق " -باكورة الس عد " في طفولتي .ا ي :ا ول فقيه ا عرفه في حياتي -بعد الوالد طبعا -وبه رحمه هللا عرفت شيائ اسمه العل م أ والعلماء !.و " الفضل للمبتدي ،وإن ا حسن المق تدي " .جعلها هللا من المحسهين المخبتين!
حلم يتحقق! أ ثم لما سافرت -في سن الطفولة المتا خرة 14 -إلى تطوان ،رفقة والدي -رحمه هللا -حدثهي أا يضا عن شيوخ كرام ،وسادة أا عالم، ي ستسقى بهم في الغمام 15،و ت شد إليهم الرحال ،أا ذكر مههم أا صحاب 14 15
مرحلة الطفولة المتأخرة عند التربويين ما بين ()29– 2سنوات.
استشكل بعض الفضالء هذه العبارة ،وذهبوا فيها مذاهب شتى ،وذهب بعض المحققين إلى أن هذا ِمن باب قوله عليه
ض َعفَائ ُكم" .وقد ُنقل عن اإلمام مالك رحمه اهلل قوله ص ُرون وتُْرَزقُون إالَّ ِب ُ الصالة والسالم ،في حديث البخاري" :هل تُْن َ أيضا" :إن من شيوخي من ُيستسقى بهم الغمام لكني ال آخذ حديثهم" .وجاء في صحيح البخاري أن ابن عمر رضي اهلل
عنه كان يتمثل بشعر أبي طالب: الغمام بِو ْج ِه ِه ....ثِما ُل اليتامى ِعصمةٌ لألر ِ ام ِل. َ و ْأب َ َْ يض ُي ْستَ ْسقى َ ُ َ والحقيقة أن مسألة التوسل بالنبي وآله وصحبه وورثته مسألة خالفية فقهية ،ال عالقة لهل بموضوع البدعة والكفر ،والفسق والزندقة .وأصول العقائد .إال في أذهان البعض .ومن منع ذلك من العلماء؛ فإنما يقصد الحزم والعزم ،والخروج من
الخالف ،وسد باب الذريعة .ال أقل وال أكثر،.
9
/10
الفضيلة :الفقيه بوجهة ،والفقيه المهدي شقور ،والفقيه الغ زال، والفقيه عبد السالم المهدي ،..وكلهم من أا عالم الم هطقة ،ورجال تها أ ال ب رار. وبشرني رحمه هللا باحتمال مصادف تهم في ال رحلة ،أا و أا حدهم -على أ ال قل -وتلك غهيمة ما بعدها غهيمة! وكهت أا جلس -ياساد تي -في المقعد ال خلف ي ل لحافلة ا لشع بية ،أوا نتظر -بشوق -طلعتهم البهية .. و طي وبهم الزكية ،..ول سيما في الربوع الحس انية (بهي حس ان) ، وكلما لحت عمامة بيضاء قلت :كن الف قيه فالن ! ..كن الشيخ عالن ! ..وبيهما كهت غارقا في هذا الحلم الجميل؛ إذا بالوالد الجليل رحمه هللا ي وخزني قائال :سي بوجهة ..سي بوجهة ، !! ..انظر إليه! إنه ههاك ..في مقدمة الركاب ! .وظللت الطريق كله ،أا تخطى الرقاب 16،و أا رمقه بإعجاب .وكان -يا سادتي -ا ية في ال ورع والقهوت، و السكون والسكوت ! وربما أا غهته اإلشارات عن العبارات -كما حدثها الثقات . -و أا يم هللا ل أا جد -ال ن -عبارة تصف شعوري ؛ أوا نا أا سمع - أ ل ول مرة -هذا السم ال لطيف (بوجه ة ! ) .وكان ي ذكرني -حقيقة - أ أ ب ا جواء الجهة ونعيمها ! ويمال قلبي سعادة وغبطة ،وسكيهة ورحمة! وسبحان ْ من حبب الخلق إلى الخلق!! ولو استطعت ساعتها أا ن أا طير إليه ،أوا جلس في ِح جره لفعلت .وما كان يعهيهي وهللا سفر ول حضر ،و ل استرو اح ول سمر ،ول تطوان ول وزان ..ولكهي كهت " أا عشق " العلم الشريف ،أوا حب أا هله -أا يا كانوا -ولو استطعت أا ن
16
بعيني ال برجلي طبعا. 10
/11
أ ا ِقب ل كل حرف من حروفه لفعلت ! ولو قدرت على م زاحمة كل العلماء لما قص رت ! وجزى هللا الوالد خي را على هذه ال لفتة التربوية، و " البيداغوجي ة" الفطرية ،أوا سكهه الفردوس العالية! ! . وال مق صد من هذ ا ال مشهد -بعد الترحم على السيد الوالد -هو :أا ن نحبب العلم أوا هله إلى أا ولدنا مهذ نعومة أا ظفارهم ،أوا ن نقص عليهم قصص الع لماء والفضالء ،ب اعتدال و إنصاف ،وثقة واعتراف . أ أ ول نحطم القدوات الكبار في ا عيههم -تحت ا ي ذريعة -فإن ذلك ضار بهم وبفطرتهم ،وحاضرهم ومستقبلهم. وم ْن حبب العلماء والمعلمين إلى ذريته وتالمذته ؛ فقد حبب إليهم العل م -ضمهيا -ومك ههم مهه ،وترك لهم الذخائر والمفاخر، وعاش بخير ،ومات بخير ..وصدق القائل " :من حص ل المحب ة ما فاتته حب ة ! ". أ أا ما إن سا لت عن كيفية هذا التحبيب؛ فإني أا عظك بواحدة " :اصدق سي رك ْ هللا يصدقك " كن صادقا في ْ وسع يك ،ولن تعدم -إن شاء هللا -حيلة ل بلوغ مرامك ،وتحقيق أا مهيتك. أ وال وسائل ك ثيرة ،والم هارات متهوعة ،وال ع راف مختلفة ،ويك في أا ن ت تكلم عن سادتها بحب وإجالل ،وتوسط واعتدال ،وسترى كيف سي ْس ري هذ ا الخلق الحسن في ذريتك ،ويجري فيهم مجرى الدم في العرو ق . وإن شئت المزيد؛ فدرب طفلك الصغير على السالم على إ مام الحي ،وخطيب الجمعة ،أوا ستاذ المدرسة ،وعالم البلد ة ،وشيخ 11
/12
العلم ، ..في الصلوات المك توبة ،والمهاسبات العامة ،ومصافحته، أ وتقبيل جبهته ،أا و ك تفه ،أا و أرا س ه ،إن اقتضى ال مر ذلك ،و ارتضته أ أ ال ع راف وال ذواق . .ول سيما إذا كان كبي را في السن والعلم والفضل.. وإن أا هديت له شيائ قل أا و ك ث ر -بحضرة الولد -كان أا بلغ أوا نفع .ول أ سيما في المهاسبات وال عياد. أ و ال ْو لى أا ن ت ق د م هذه الهدية -الرمزية -من طرف الولد -مبا شرة - حتى يتدرب على العطاء والوفاء ،و يهال الدع اء والثهاء . على أا ن ل يقتصر هذا التحبيب على أا هل العلم الشرعي؛ بل يشمل كل المعلمين والمربين ،والعلماء الهافعين ..والموف ق من وفقه هللا.
فراسة العلماء في مهتصف السبعيهيات ،من القرن التاسع عشر الميالدي ،سافرت مع معلمي الوالد رحمه هللا إلى مديهة تطوان -مديهة العلم والعرفان- فالتقيها في شارع الباريو الكبير (شارع عبد الكريم الخطابي) ، أ بالفقيه ال راحل ،ال ديب ال شاعر ،المؤرخ الباحث ،سيدي عبد الحضري أ للين وال لطف ، ا في ية ا وكان . هللا رحمه ، ندلسي ال السالم ِ أ أ والتا نق والتا لق ! و دار حديث خفيف بيهه وبين الوالد رحمه هللا أا ذكر مهه -بما معهاه " :-تطوان تضرب بحجرين :حجر العلم ،وحجر الحضارة ! وقد أا ودعت ك ِب دك هذه المديهة ؛ فال تعجب -سيدي -إن خالفك -بعد -في ال رأا ي ،أا و جادلك ، ..أا و ذهب مذهبا غير 12
/13
مذهبك " ! ..فتكد ر الوالد رحمه هللا من هذ ا الكالم جدا؛ بل ن زل عليه كالصاعقة ! وظل -طيلة حياته -يذكرني به ويبتسم ! . أ ْ صدقت ف راسة ال ستاذ -رحمه هللا -فما أا ن تد ي ْرت تطوان عاما أا و وقد عامينْ ، وثافه ت علماءها ،واختلفت إلى مك تبتها؛ حتى صرت حقيقة صعب المراس ،شديد العريكة ،أا ي :أ بدا ت أا عيد الهظر في بعض ال مور وثات والمرويات ،أوا فحصها فحصا دقيقا .ولربما ناقشت أ الوالد فيها نقاشا عميقا ،وراجعته في ك ثير من ال فكار والتصورات، والمواقف والجتهادات! ول سيما بعد أا ن فاض علي السيل، أ وحطبت بليل ،وق را ت ك تب الصالحين والطالحين ،والجامدين أ والجاحدين ،وال مجددين والمقلدين ، ..و فتح لي جارنا ال ستاذ الدك تور اسماعيل الخطيب -رئيس ال م جلس العلمي -رحمه هللا - قلبه ،وعقله ،ومك تبته ، ..ومك ههي من كل الجرائد والمجالت أ أ والد ْو ريات ..التي تصله من كافة ال مصار وال قطار. أ ول أا دعي أا نهي كهت م لم ا ب كل ما فيها؛ بل ربما ع ِم ي ت علي ال نباء أ والتصاوير ،و ال لفاظ والتعابير ،والتحليالت والتعليالت ..وبقيت في ح ْي ص ب ْي ص ! وكم مرة 17اقتهيت ك تابا صغي را ،أا و كبي را ،ثم بعته في السوق - الشعبي -بثمن بخس دراهم معدودة ،أا و أا هديته لغيري؛ ل علة واحد ة ،ه ي :العجز التام عن فهمه وهضمه! .
18
17كم :هنا هي خبرية تكثيرية ،واالسم بعدها يأتي مجرو ار على أنه مضاف إليه؛ ولكن هو في المعنى تمييز. 18 ويهدي إلى العلماء والباحثين ،وخزانات المعاهد والمساجد ..كل مجلَّد أو كتاب ال وأقول هذا حتى يقتدي بي غيريُ ، يفهمه ،أو ال يحتاج إليه؛ فإنما الكتب للتعلم ال للتزيُّن ،ولالستعمال ال للتبرك . 13
/14
أ أ أ ا ما صحيفة " ا لهور " فكهت ا تصفحها قبل الصدور .ويهدر ا ن يفوتهي أ أ عدد مهها -رغم صغري -ول زلت أا تخيل ال ستاذ الشاعر ال ديب محمد ال م هتصر الريسوني -رحمه هللا -واقفا إلى جانبي -في مطبعة الهور - يراقب و يصحح ،وي راجع ويهقح ..والعم ال ح ْ والي ه ا ي ع ِد دون أ الشهور ،ويتساءلون عن ال جور ! أ أ أ دون أا ن أا نسى تا ثير ال ستاذ ال ديب الفقيه بوخبزة الحس هي ،الذي تعرفت عليه في قسم المخطوطات والمحفوظات ،وجاورته سهوات، أ وق رأا ت عليه شيائ من موطا اإلمام مالك ،وصليت وراءه ،واستفدت أ من درو سه العامة ،وطرائ فه الخاصة ،وق را ت ك تبه ،وخابرت قرابته 19،وراج ْع ت ه في أا مور -غفر هللا لي -ومكههي -بارك هللا في عمره -من مك تبته العامرة ،و ا ثاره ال زاخرة. أ وال مقصد من هذه الذكرى :أا ن ي ذكر ال باء وال ولياء أا نه ل سلطان لهم أ أ أ على ال ولد وال حفاد؛ إذا بلغوا الهكاح ،ورحلوا إلى ال قطار أ وال مصار ،والمدائن والحواضر ،وخاب رو ا غيرهم ،وا طلعوا على أ ال فكار والمذاهب ،وال فلسفات والثقافات . .ول سيما في هذا الزمان ،زمان الثورة المعلوماتية ،وال شبكة العهكبوتية! . . أ وليس غريبا أا ن يهطبع اإلنسان ب طابع عصره ،ويتا ثر برياح محيطه ، أ أ قليال أا و ك ثي را ،س را أا و علها؛ ل ن ذلك يا تي بانسياب ،ويدخل على أ ال عقول بال است ئذان (ا ي ب دون شعور وإرادة ) .وكل ما ي مكن فعله
19
وخصوصا زميل الدراسة ،ورفيق الطفولة ،األستاذ المحامي ،المعافى بوخبزة. 14
/15
أ مع هذا ا لقريب ا و البعيد -المخالف -هو :الحوار بعد الحوار ،و تعهده 20 بالليل والههار .وصدق هللا القائل " :وما أا نت عليهم بجبار" . وقد تهب على صاحبها رياح -شرقية أا و غربية -أا خرى ( ول سيما أ بعد ال ربعين)؛ في ههض ل م راجعا ت ،يهتقد فيها ذاته ،ويفحص أا فكاره ،ويهتقل من نقيض إلى نقيض ،أا و من يمين إلى يسار ،أا و من يسار إلى يمين!! وسبحان مقلب القلوب والعقول!!.
أ ا يام من نور! في السبعيهيات من القرن التاسع عشر الميالدي ،رافقت ابن عمها أ أ ال ستاذ الخطيب ،المربي ال ريب ،سيدي محمد بن طاهر -نض ره أ هللا -في رحلته إلى شفشاون ؛ لحضور " ال مؤتمر ال ول ل لعلماء أ وال دعاة بالمغرب " ،برائسة ال ستاذ المؤرخ ،الشريف مولي علي الريسوني -فسح هللا في مدته ،وحف ه برحمته -وك ان مؤتمر علم - بحق -تخللته ك ثير من العروض والمداخالت والمهاقشات ، ..وطاب أ فيه الحديث وط ال ! ول أا ذكر أا ني عشت أا ياما أا سعد من هذه ال يام ( من جهة العلم والفكر ! ) .ول زلت أا حن إليها ،أوا قتات على رغيفها! . أ أوا حلى كالم سمعته في تلك ال يام هو كالم هللا عزو جل ،بصوت أ ال ستاذ القارئ المتقن ،عمر محسن -أا حسن هللا إليه -الذي ق رأا خواتيم " الحج " ،وفواتح " المؤمهو ن " ،أوا و ساط " الحديد ،قراءة خاشعة ..سكت لها الشجر والحجر والبشر ..ووجلت مهها القلوب، 20
سورة ق 15
/16
أ أ أ أ و ذ رفت مهها الدموع !! ..ول ا علم ا ني سمعت مثلها ،ا و ا جمل مهها! أا و قل :إنها صادفت مهي -أا يامئذ -قلبا مفتوحا ،ومحال قابال . .ثم قسا القلب ،والعياذ باهلل! أوا شهد أا ني أا حببت الق را ن في هذا ال مؤتمر حبا غير مسبوق ! وجددت الصلة ب ه ،رغم أا ني كهت أا حفظه -بحمد هللا -عن ظهر قلب ،أوا عد حروفه عد ا . أ ومن جملة ال عالم الذين اك تحلت عيهي برؤيتهم في هذا المؤتمر السعيد :ريحانة الشمال ،ورئيس رابطة علماء المغرب ،الفقيه العالمة سيدي عبد هللا كهون ،رحمه هللا .وكهت -بصدق -ل أا قد ره حق قدره ،ول أا عرفه ،وربما انتقدته انتقاد ال جاهل ال ِغ ِر ،أا و حسبته فقيها تقليديا ،و أا ستاذا عاديا . .فلما خب ْرته ،وا قتربت من أا نفاسه ،وق رأا ت ك تابه ال هفيس " الهبوغ المغربي " أا شفقت -ياسادة - أ أ أ على نفسي ،و ا دركت مدى جهلي وجهل ا شباهي ِبس ي ر ا عالمها أ الهبالء ،وعلمائها ال جالء .ولو استقبلت من أا مري ما استدبرت لكهت معه في الحل والترحال ؛ ولكن هيهات هيهات ! وفي هذه ال مشاهد مقاصد ،أا برزها: ا -ضرورة العهاية بالشب ا ن والشواب ْ ، وسو قهم إلى مواطن الخير ِ والفالح . ب -اغتهام الع ا لم قبل رحيله ،والتعرف علي ه ،والذب عن عرضه، ودفع الشائعات عهه ،والتماس العذر له . 16
/17
أ ج -وقبل ذلك وبعده مالحظة جاذبية الق را ن ،وتا ثيره ال معجز في ْ الهفوس والعقول والقلوب .مصداقا لقول هللا تعالى ":ل ْو ا ْن زل ه ا َٰه ذ ا ْ ْ ال ق ْرا ن ع ل َٰى ج ب ل ل را ْي ت ه خ ِاش ع ا م ت ص ِد ع ا ِم ْن خ ْش ي ِة الل ِه ۚ و ِت ل ك ْ 21 ْ ْ اس ل ع ل ه ْم ي ت ف ك رو ن " . له ل ا ه ب ر ض ن ال ث م ال ِ ِ ِ
ل يضل ربي ول يهسى! أ و في هذا المؤتمر بالذات ،حاض ر فيها ال فقيه الضرير ،وال ستاذ الكبير ،الدك تور أا بو شكيب الفاللي ،تقي الدين الهاللي ،رحمه هللا. أ وكا ن ملء السمع وا لبصر في هذا المؤتمر ؛ بل كانت الكلمة ال ولى أ وال خيرة له في كل نقاش ! وه و لغوي باإلجماع ،أا ستاذ ب ال نزاع؛ وإن اختلف الهاس معه قليال أا و ك ثيرا في المذهب والمشرب، والطريقة وال مههج . ْ وقد بلغ من إجالل العلماء له في هذا الم هاسبة أا ن قدموه -با تفاق - إماما للجمعة -رغم احت راز البعض مهه -فلما خطب خطبته القصيرة .. و دخل في ال صالة ؛ وقع في سهو عجيب ،وخلط غريب ،ل يستوعبه أا مث ا لي من المثاليين ،والشبا ن ال حالمين ! . وكهت أا تساءل -ببراءة :-كيف ي خطئ عالم مثله في ركعتين اثهتين ؟ أ أوا ين كان عقله الكبير ؟ وما ذا سيقول الهاس؟ ! وكا نهي ما حفظت
21
سورة الحشر 17
/18
يوما ،ول تلوت قوله تع الى " :ل يضل ربي ول يهسى " 22وقوله جل 23 عاله " :سهقرئك فال تهسى إل ما شاء هللا " . ثم لما عدت إلى ال م ه اج ِر ( تطوان ) صليت وراء إمام ا خر في مسجد الح ج ر ؛ ف سها سهوا أا عجب مهه؛ فازداد عجبي ،وظللت على هذا الشعور شهورا ؛ حتى ق رأا ت في الس ه ة الصحيحة الصريحة سهو سيد أ العلماء ،وإمام ال تقياء ،وقدوة ال خاشعين محمد صلى هللا عليه وسلم ،وفقهت الحكمة من ذلك ،والحمد هلل. والمقصد من هذه المشهد :أا ن ل نعتقد العصمة والكمال في ال فقيه أ أ العالم الريان ،أا يا كان ،أوا ن نسدده إذا ا خطا ،ونذكره إذا نسي، أ ونفتح عليه إذا سها ،ونقومه إذا اعوج ( ..كل ذلك با دب وتواضع وإنصاف). أ أ وإذا كان ال ستاذ العالمة الدك تور الهاللي رحمه هللا قد أا خطا في الصالة -يقيها -و أا جبر ذلك بسجود السهو (قبلي ا كان أا و بعدي ا ) ف إن ا حتمال خطئه أا و سهوه في ال ر أا ي والجتهاد والفتوى ..وارد أا يضا . وم ن ث م وجب النتباه إلى هذه البد ه ية جيدا ،وإنصاف ا لشيوخ أ الراسخين ،وال ئمة الصالحين ،وعدم تقليدهم في كل شيء ،أا و اعتقاد العصمة فيهم .وما أا جمل قول ْاب ِن ع ب اس ر ِض ي الل ه ع ْه ه م ا: اس ِإ ل ي ْؤ خ ذ ِم ْن ق ْو ِل ِه و ي ودع غ ْي ر اله ِب ِي ع ل ْي ِه " م ا ا ح د ِم ن اله ِ الص ال ة و الس ال م ".
22سورة طه
23سورة سبح 18
/19
أ درس ل ا نساه! و في هذا المؤتمر قيل كالم هجين -في العلم والدين -لم ي ر ْق بعض تاذ ين ؛ فاستحي ى أا ن يرد شفهيا ،وكره أا ن ي علم الهاس ب هقده ال ْس ِ ونقضه ..؛ فك تب الذي ك تب ،وطوى الذي طوى ..ثم قام بتوريطي - سامحه هللا -في نقل الرسالة إلى المهصة ؛ لكوني فتى ل ي ؤبه ب ه ،أا و ِغ را ل تجربة ل ه ! فوقعت -ياسادة -في حرج شديد ،وهم قعيد؛ أ وكا ن ي أا نا المهتقد الجريء ،وكاتب ها الم بتهج البريء !! ..و من يومها أا خذت في حياتي درسا أا ن ل أا قبل أا ي شيء ،من أا ي كان -بال بصيرة -ول أا حمل في يدي أا و في جيبي ..أا و في حقيبتي ..أا و في م ْركبي ..شيائ ل أا عرف أا صله وفصله ،ونسبه وسبب ه ،ومصدره ومحتواه! وبهذا أا وصي أا بهائي و أا حب ائي ..وهذا هو المقصد الكبير عهدي.
دوام الحال من المحال! أ وفي هذا المؤتمر أا يضا شاهدت -ل ول مرة -فقيها " أا حمدي ا " 24من أا عيان ال حجاز ،اسمه :الشيخ عبد المحسن العباد ،واستمعت إلى درو سه الهادئة ،ورددوه الدافئة ،وحفظت مهها ما حفظت، وض يعت ما ضيعت ..ثم انقطع ْ الوص ل به تماما ،وطال عهدي برؤ يته ،إلى أا ن شاهدت ه أا خي را على قهاة " اليوتوب " ؛ وقد جيء به 24
نسبة إلى اإلمام أحمد بن حنبل ،على حد اصطالح اإلمام المفسر محمود شكري األلوسي رحمه اهلل. 19
/20
أ على كرسي متحرك ! في صورة ا ليمة ! وللحديث عن ماذا؟ عن فلسفة البالء ،ونفاذ القضاء! ففزعت -ياسادتي -من تقلب ات الدهر، وتغي رات الزمان ،وتحول النسان من شباب إلى كهولة ،ومن كهولة إلى شيخوخة ،ومن شيخوخة إلى هرم ..بهذه السرعة الفائ قة.. والص مت العجيب ،والغفلة المطبقة !!.أوا شفقت على نفسي أا ول ،ثم على من يغتر بشبابه وقوته ،وماله وعشيرته ،وجاهه ومهصبه ! أ أ وما ا جمل هذه ال بيات التي حفظتها عن ال سيد الوالد رحمه هللا : ْ و ل ب د ل إل ْ ان ي ل ق ى الث م ا ِن ي ْه س ن ِ ِ ِ و ع ْس ر و ي ْس ر ،ث م س ْق م و ع ا ِف ي ْه
ْ ْ اس ك ِل ِه ْم ث م ا ِن ي ة ت ج ِري ع ل ى اله ِ س ر ْو ر و ح ْزن ،و ْ اج ِت م اع و ف ْرق ة
وهذا هو المقصد -عهدي -من هذا المشهد.
كهز ثمين! وفي هذا المؤتمر المشهود كان ههاك دك تور وقور ،يصول ويجول.. أ ويخطب ويقول ،اسمه :ال ستاذ عبد السالم الهراس ،وهو شيخ كبير في ا لسن ،عريق في الفضل ،أا صله من مهطقتها ومديهتها (شفشاون) ،ويقيم -من قديم -بفاس العلمية ،والسطيحات الغمارية .وله صيت عالمي! وما كهت أا علم قدره وفضله ،وجاهه ومه زلته ،إلى عهد قريب؛ فلما عدته في مرضه قبل سهوات -بصحبة وبلدي ها الدك تور الشريف عبد اللطيف الم يموني -وجدته زميلها ِ كشكول معارف ،و خزانة تاريخ ،ويهبوع رحمة ،ولسان حكمة ! ولو 20
/21
تفرغ لك تابة ذكرياته و يومياته لترك لها كه زا ثميها ،و إرثا سميها ! فإلى القلم أا يها الع ل م .إلى القلم أا يها اله رم ..والسالم عليك حيا وميتا! وهذا هو المقصد من هذا المشهد.
أ حقيقة ا شبه بالخيال! ومن الذكريات الطريفة ،أا ني كهت أا تسو ق -ض حى -في مديهة تطوان ،قبل ثالثين سهة ،وفي أرا سي من الهموم العلمية والفكرية ..ما ل طاقة لي به ! وكهت قد اختلفت ك ثي را إلى ال عالم أ ال زهري -المثير للجدل -ال شيخ محمد بن الصديق ،المعرو ف بالشريف الزمزمي ،وا ستمعت إلى خطبه و درو سه أوا شرطته ، أوا خذت مهها وتركت -كعادتي مع كل إنتاج بشري -وبيهما أا نا أا تحرك في أا سواق الك تب ،أوا ت فرس الوجوه ،إذا بخاطر يقول: جوابك عهد الشريف ! ثم أا قول لهفسي :أوا يهك ياهذا من الشريف؟ أوا ن ى لك به ؟! .والهاس يزدحمون عليه ازدحاما ،ويخهقونه خهقا، ول يكاد يهسل مههم -يوم الجمعة والعيدين -إل ب ضابط قوي ،أا و ذي ِم رة سوي ! أ ومعلوم ا ن ال فقيه ا لزمزمي -رحمه هللا -كان مقيما في طهجة ،ل في أ تطوان ،ويهدر مصادفته في ال ِس ك ِك وال سواق ؛ ولكن هللا تعالى إذا أا راد شيائ قال " كن فيكون ! " فانظر ما ذا ح ص ل ! ؟ لقد دخلت - ور ِب الكعبة -في هذه الض حوة المباركة إلى " مسجد الحسن الثاني " 21
/22
أ بتطوان ؛ فا لفيت المسجد فارغا إل من شيخ م عم م كبير ،شديد أ بياض ال شعر ،شديد سواد العين .25..ل شغل له إل التا مل والهظر؛ ف ر أا يته شديد الشبه ب الشيخ الشريف ،ثم كذ بت بصري ! فلما دنوت أ مهه كانت المفاجا ة -السارة -أا ي :وجدته هو هو ،بلحمه ودمه أ وعصبه ! وكدت أا صعق -ياسادة -من شدة الدهشة والفرح ! وكا ن هللا تعالى أ غم ي ! كشف و ي، هم لتفريج يصا ص خ رسله ا ِ ِ ِ ِ و حيث إنه كان في حاجة إلى من يؤنسه وي هعشه ،ف قد اغتهمته اغتهاما ،ونثرت بين يديه كهانة قلبي ،ون فثات صدري ،وكان لي ما أْ أ أ أ ا ردت مهه وز يادة .والحمد هلل الذي ا ْن عم وا كرم وا ل ه م ! وله الفضل أا ول أوا خي را ! . والمقصد من هذا المشهد :أا ن يثق الهاس في ربهم وخالقهم أ ومولهم ،ويخلصوا له في المسا لة والطلب ،وال ضراعة وال ثهاء .و إن هللا تعالى لقادر على خرق العادات ،ودفع الم لم ات ،وتحقيق المستحيالت ..وم ن علم هللا مهه صدق الضطرار إليه سمعه(سمع 26 قص را -مثلي " -أا من يجيب المضطر إذا دعاه" إجابة) ،وإن كان م ِ ومن أا رى هللا من نفسه الصدق في الطلب ،سخ ر له معلمين ومربين ، ..وجهودا مخفيين ،من حيث ل يحتسب . ولما توجه موسى عليه السالم تل قاء مدين؛ ا وى إلى ظل شجرة ْ ْ 27اأ ْ ْ وقال " :ر ِب ِإ ِن ي ِل م ا ا ن زل ت ِإ ل ي ِم ن خ ي ر ف ِق ير " ( ي :إني مفتقر 25
وكان يستعمل الكحل األصيل( ِ اإلثمد) –حسب الظاهر -واهلل أعلم.
27
سورة القصص
26سورة النمل.
22
/23
أ للخير الذي تسوقه إلي وتيسره لي! ) فجاءه العون والمدد " :إن ا بي 28 يدعوك ليجزيك أا جر ما سقيت لها" . فاحفظ هذا وشد يدك عليه.
الكهز المخفي! بيهما كهت في مق رأا ة والدي رحمه هللا -قديما -أا ك تب أا لوا حي، أوا تعهد قرا ني ؛ إذا بعابر سبيل ،يقتحم عليها المكان ،ويكلمها أ بالق را ن؛ فعجبها لذلك أا شد العجب ،وتهي بها أا ن نسا له عن أا صله وفصله ،و باديته ورحله ،إلى أا ن دخل الوالد رحمه هللا فاستقبله أ أ استقبال ال بطال ،وسا له عن الحال والما ل ..وقا ل :هذا أا خونا الرح ال ،و فقيهها المفضال 29 ،وله علم بالتهزيل ،ودراية بالترتيل . وسم اه لها . ولم أا كن أا يها السادة قد سمعت -إطالقا -بهذ ه المادة( ،مادة الترتيل ) ،ول خطرت لي ببال ؛ ولكهي استحسهتها -مع ذلك -ك ثيرا، وطربت لها ،وملت إلى استكشافها وطلبها ..أوا ن ى لي ذلك أوا نا أا عيش بين الطيور والهسور ..وال صخور وال ثغور ! وليس عهدنا أا سطوانات ،ول م سجالت ،ول تلفزيونات ،ول أا نترنيت ..ول مدرسة تجويد ،ول خ زانة ك تب ،ول دار ثقافة ،ول أا ي شيء مما يعرفه أا بهاء اليوم. 28سورة القصص 29
اسمه سي الراضي التمساسنوتي .والكالم هنا بالمعنى ال باللفظ-طبعا.- 23
/24
أ وكها في كل يوم نشهد من هذا الغريب غ رابة ،فا م ا كالمه فكالم أ ال ق راء ،أوا ما سمته فسمت ال ولياء ،أوا ما لباسه فلباس الفق راء؛ بل إني أرا يت -وهللا -من رثاثة حاله ،وخشونة طعامه ،ما يوحي للهاظر أا نه إنسان أا رم ل ،30أا ْو مسكين م هم ل ! ولو را ه شيوخ اليوم ،أوا ئمة أ اليوم (وخصوصا في بالد الرفاهية ) لك فوا عن الدعوى ،و جا رو ا إلى هللا ب الشكوى ! . أ أ ولم يكن الوالد -رحمه هللا -يستثقل ا مثال هؤلء -ال ضياف -في بيته ومسجده؛ بل كان يحتفي بهم ،ويكرم مثواهم ،ويستعملهم في أ مرضاة هللا تعالى ،بشكل ا و با خر .ولم يكن هؤلء ال فضالء في ظرافتهم و خفتهم ..إل كما قال ابن الرو مي: ي ثقل أا رضا ول يسد فضاء أا نا من خف واستد ق فما ومما أا ذكره في هذه الزيارة -تحديدا -أا ن الوالد -اإلمام -رحمه هللا - استخلف صاحبه هذا -ي رحمه هللا -مرا را في مسجده ؛ ف اقتبسها مهه أا نوارا في التوحيد ،و أا ضواء في التجويد ،ومهه ا هذا البيت الفريد : 31 ص ع ل ى الس ك ون ف ي ج ع ْل ه ا ا ْن ع ْم ت ،و ْال م ْ و ْ اح ِر ْ وب ،م ْع ض غ ِ ِ ِ ْ ض ل ل ه ا.. وقد أا فادني هذا البيت الجميل في تحقيق أا حرف نزل بها جبريل ، أ وتكلم بها المولى الجليل ! وا نا بهذا سعيد ! وعلى ذلك شهيد !!.ول أا دري هل مات صاحبها هذا في سهل أا م في جبل ،أا م في بادية أا م 30 َه َل لَه. ان أ َْرَم ُل :فَِق ٌير ليس له َم ْن َي ُعولُهُ َوُي ْ ط ِع ُمهُ ،الَ أ ْ ُُ إِ ْن َس ٌ 31وهو من منظومة الجزرية ،لإلمام ابن الجزري رحمه اهلل. 24
/25
أ أ ظه ي ب الرحيم ال كريم ا ن يرحمه ويكرمه ،وا ن ل في حاضرة ..؟! و ِ يجمع عليه فقرين و غربتين ،وجوعين وعطشين ، ..وحاشاه جل جالله أ يخي ب أا ولياءه أوا حب اءه! .حاشاه حاشاه! ن ا ِ والمقصد من هذا المشهد :أا ن نزن الهاس بمي زان الرب ،ل بمي زان العبد ،أوا ن نكرم الهاس بحسب أا عمالهم ،ل بحسب أا موالهم ،أوا ن أ نذكر الفضل ل هل الفضل ،أوا ن ندعو بالرحمة والرضوان لمن علمها أ أ حرفا واحدا ،ا و سبقها باإليمان .وتلك هي ا زمة الزمان ،وعلة المكان .فيا إخوتي ل تهسوا الفضل بيهكم ! أ وياا هل الكهود و ْي ح ك ْم !
بيهي وبين الفقيه التجكاني رحمه هللا. أ ومن الذكريات اللطيفة ،أا ن ي كهت في يوم من ال يام مهموما بمسائل أ فرعية خالفية ، ..عش شت في العقول وال ذهان ،وابت لي بها ك ثير أ من ال غلمان ،ول سيما في طهجة و تطوان ؛ 32فلجا ت إلى أا حد علماء القرويين ،اسمه الفقيه الشريف التجكاني (صهر ال شيخ بوخبزة) فلما لم أا جده في كرسيه المعتاد -بجامع العيو ن -ذهبت ق ْبي ل الغروب، أ أ أ و ا سا ل عن بيته في ال زقة والدر ب( ..زنقة زنقة!!) وطال بحثي وتهقيبي ،ولقيت من أا مري هذا نصبا! .ثم شاء هللا أا ن أا عثر عليه في 32
وكان سبب ابتالء كاتب هذه السطور ،قراءة بعض الرسائل الصغيرة ،التي تباع في األسواق الشعبية ،بدرهم أو درهمين،
أو مجالستي لبعض العامة "المفتين!" .ولم تكن هذه الرسائل -بصدق -تشفي غليلي؛ بل كانت تزيدني حيرة على حيرة، وداء على داء ..وأما العلماء فلم يكونوا سواء في المعالجة والبيان .و أذكر أني كنت أجالس الفقيه القروي ،الشيخ سيدي
محمد التجكاني ،في مجالس التفسير بجامع العيون بتطوان؛ فأسمع منه كالما ،ثم أجلس مع صهره الفقيه بوخبزة (في جامع
مجاور)؛ فأسمع النقيض تماما..وال سيما في أمر السنة والبدعة ،والتصحيح والتضعيف.!.. 25
/26
أ م سك ن مضغوط ،ا يل للسقوط؛ فهقرت الباب -مستا ذنا -فقيل : م ن؟ قلت :طالب علم ؛ فإذا به -رحمه هللا -يخرج إلي ببطء؛ بل أ ْيد رج كالطفل الصغير !! فسا لته أا سئلة " رو تيهية " نمطية ! أا ستحضر مهها :ما حكم ق راءة الحزب جماعة ؟ ورفع اليدين بعد الصالة ؟ والمصافحة ب عد الصالة ؟ والق راءة على الميت ؟!( .ول أا دري أا ين أ صيغت هذه ال سئلة العجيبة؟! ول كيف ط بخت؟ ! ول م ن عم مها أ على القارات الخمس؟ ! ) فا طرق الشيخ أرا سه ه ه ْي ه ة ،أوا جابهي -على مضض -ثم قال -بالدارجة التطوانية" -ا وك ْ الش ي ان ! على هذا ِ ْ جيت ؟!" يعهي :أا لمثل هذا أا تعبت الشيخ الكبير!؟ رحم هللا ال فقيه الرباني ،ال شريف التجكاني ! الذي ربانا بحاله أ وبا مثاله من ْ صب وة الشباب ،ونزق المراهقة!. ومقاله ،و صانها هللا به وغفر هللا لي هذا اإلتعاب الذي ما تعمدته ول قصدته ،ول أا رتضيه !! أوا عاذنا هللا وإياكم من سخطه وسخط أا وليائه أوا حب ائه! وهكذا -أا يها السادة -يؤدي العالم والجاهل -كالهما -الضريبة أ الباهضة ) . (taxeفا ما العالم فضريبته تعليم الجاهل ،وتهبيه الغافل ،أوا ما الجاهل فضريبته التعلم والسؤال ..والصبر عل ى ذلك. ْ وصدق هللا " :و ج ع ل ه ا ب ْع ض ك ْم ِل ب ْع ض ِف ْت ه ة ا ت ْص ِب رو ن و ك ان ر ب ك 33 ب ِص ي را " .
والمقصد من هذا المشهد -عهدي -هو ما ختمت به .وفي المشهد مقاصد أا خرى ،ل تخفى على اللبيب. ].33الفرقان[90: 26
/27
مع الشيخ المحدث ومن المشاهد العجيبة في شبابي ،مشاه دة العالمة المحدث عبد هللا بن الصديق الغماري ،رحمه هللا ،وهو يدرس -بين العشاءين -في أ أ الجامع ال عظم بطهجة ،وكهت ل ا عرفه من قبل ،إل سماعا؛ بل كهت مصرو فا عهه بشبهات أوا باطيل ،وفزاع ات وتهاويل! وكان أ غرضي من اللقاء ال ول التعرف عليه ،و اك تشاف معدنه ،من باب التبين والتثبت. وشاء هللا أا ن ي ختم هذا المجلس -الهادر -بسؤال عن الدخان .فما كان جواب الشيخ إل أا ن قال :حكمه حكم السكر والشاي ! ( هكذا بال ترد د ول تلعثم ،ول إخفاء ول غهة! ) .فاستغربت جدا جدا من هذا ال كالم ،ولم تقبله فطرتي؛ بل ص دمت صدمة عهيفة -ل أا نساها - .وكان شرب الدخان -في ظهي -صهيع البطالين والمبذرين،.. ورائحته رائحة كريهة ،و نفقاته م رهقة ،وكل شيء فيه ل يعجب - أ بإجماع ال طباء والعقالء -ول زلت أا مقته ،أوا ب ر أا إلى هللا مهه ،أوا حمد هللا على المعافاة التامة من قليله وك ثيره! أوا وصي ذريتي أوا حبتي أا ن أ أ ل يقربوه ،با ي حال من ال حوال. ورغم توقيري للشيخ الهسيب المحدث رحمه هللا و اعتزازي ب علمه الواسع ،وفقهه الساطع؛ فقد ظللت بعيدا عن واديه ،مت حفظا من أ فتاويه ! إلى أا ن أا شفيت غليلي بالطالع على فتواه ال خيرة ،الهاسخة لسابقتها؛ ب ل الهاسفة له ا بشكل واضح جلي ل لبس فيه ! أا ي بعبارة أا خرى :فيها تراجع واضح عن إباحة الدخان ،وتصريح قوي بالحرمة. 27
/28
ثم تجددت عالقتي العلمية والرو حية ب شيخها العالمة المحدث (سيدي عبد هللا) وتالمذته ومحبيه ،وق رأا ت كل ما تيسر لي من ك تبه ومقالته ،ورسائله وتعليقاته. .واطلعت على أا قوال م حبيه وش انئيه، أ ومادحيه وقادحيه ،أوا سا ل هللا تعالى أا ن ي رحمه برحمته ،وي ك فر عهه سيائته ،ويرفع درجاته! أ أ أ والمقصد من هذا المشهد :أا ن نا خذ ال حدث فال حدث من أا قوال أ العلماء ،ونتا ول لهم ،ول نتهمهم بشيء؛ بل نقول :إن الشيخ رحمه هللا أا فتى بما أا فتى به قد يما؛ لعدم اطالعه الكافي على أا ضرار أ الدخان( ،من الهاحية ال طبية ) ا و لعدم اقتهاعه بها .فلما ثبت أ أ الضرر -عهده -ثب ت التحريم (بالتبع) وانتهى ال مر .والعبرة بالرا ي الجديد ل أ بالرا ي القديم .وعلى هذ فقس. و ه ْب أا ن شيخها مات على فتواه -باجتهاد -أا يكون هذا سببا في نبزه ونبذه ،وهمزه ولمزه؟! كال .ورحم هللا عالمة الشام جمال الدين أ 34 القاسمي إذ قال " :ل تفسيق وتضليل ،باجتهاد وتا ويل " .
صاحب السمت الحسن أ في طفولتي -المتا خرة -كهت أا ختلف -ا نا بعد ا ن -إلى إحدى قريباتها بتطوان ،رحمها هللا ،وت عرف بين الجيرة بلال ا مهة ..وك انت تسعد ب مجاورة مسجد مبارك عتيق ،يسمى مسجد ْ السد راوية (نسبة إلى الم رأا ة الثرية المعروفة) وهو مسجد معرو ف -ا نذاك -بهشاطه العلمي 34
انظر رسالته القيمة(الجرح والتعديل). 28
/29
والتربوي ،..وتردد رجال الدعوة والتبليغ عليه ( ،بترخيص من الدولة ) .وكان إمامه ال راتب غاية في الكياسة واللين! إذا أرا يته ْ أا حببته ،وإذا سمعته أا جلل ته .ول زلت أا ذكر ل ْث غت ه الجميلة، أوا خالقه الهبيلة ،أوا دعو هللا أا ن يرحمه حيا وميتا! أوا ذكر أا ني كهت أا رى في هذا المسجد وجوها جديدة ،وو فودا عديدة ،ت ْع ب ق مهها رو ائح المسك والطيب ،وتدل ع لى ثراء كبير! أ وكهت ا عجب من ك ثرة صالتهم ،وطول قهوتهم ،وك ثرة د عائهم وبكائهم !..ول سيما في ليلة الجمعة وصبيحتها .وربما اعتك فوا الليالي ذوات العدد ،و ساح وا في المدائن والقرى ،وبذلوا الهصيحة لعامة الورى. !. وكان أا قربهم مودة لي رجل -مههم -ي دعى الشريف سي الحسن أ البقالي الغماري ،وهو من أا رحام الوالدة رحمها هللا (من جه ة ال ب). أ ول ا علم له نظي را في الصيام والقيام ،والذكر والدعاء ،وفهم رسالة أ ال نبياء ! .والعجيب أا نه أا ِم ي فطري ،ل يق رأا ك تابا ،ول يحفظ علما!. وله كالم مهخول ،وفكر مصقول -بشهادة العلماء ال عدول .-ولو تعلم صاحبها لت م له أا مره ،ولو تفقه في الدين لكان أا ولى بالمهبر والمح راب من غيره ! وليتهي شعرة من بدنه! وكا ن من قد ر هللا الحكيم أا ن أا شرف في هذا المسجد المبارك بمشاهدة واعظ أ موهوب ،وا ستاذ محبوب ( توفي في سن الكهولة) اسمه الفقيه محمد الحمداوي ،رحمه هللا .وهو من أا عيان الرباط ،ورجالت التربية والتعليم -كما س م عت -وكان مربيا -بحق -أوا حسبه من عباد هللا الك م ِل ! وقد " كم ل من الرجال ك ثير " -كما صح في السهة . -ول أا علم 29
/30
أ أ رجال ا ث ر في بس ْم ته -ا يام ال م راهقة -مثل هذا العبد الصالح ،ورفيق أ دربه ال ستاذ الحاج البشير القصري (الذي فقدت الصلة به من قديم ول أا دري ماذا فعل هللا به! ) وصدق القائل" :ح ال رجل في أا لف رجل أا بلغ من كالم أا لف رجل في رجل!". أا جل .لقد كان كل شيء في الحمداوي يهطق بحمد هللا ،ويدل على هللا !.وصدق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " أا ولياء هللا الذين إذا أ رؤ وا ذكر هللا" 35ا ي :لحسن سمتهم -كما قال الش راح . - والمقصد من هذا المشهد :أا ن ل يكون همها من العلماء والوعاظ أ أا قوالهم فقط ؛ بل أا حوالهم أوا فعالهم في المقام ال ول .فالسمت الحسن ،أا و قوة الحال ،دعوة صامتة نافذة .وربما كان الحال أا بلغ من ال مقال في ا خر الزمان . أ وما أا جمل قول القائل :تا ملت في أا حوال الهاس؛ فوجدت أا ن : بعضه م إذا أرا يته ...قلت :سبحان هللا ! وبعضهم إذا أرا يته ...قلت :الحمد هلل ! وبعضهم إذا أرا يته ...قلت :هللا أا كبر ! وبعضهم إذا أرا يته ...قلت :ل إله إل هللا !
أ وبعضهم إذا را يته ...قلت :ما شاء هللا ! وبعضهم إذا أرا يته ...قلت :ل حول ول قوة إل باهلل ! 26
السلسلة الصحيحة .4/122 30
/31
أ وبعضهم إذا را يته ...قلت :حسبها هللا ونعم الوكيل ! وبعضهم إذا أرا يته ...قلت :أا عوذ باهلل من الشيطان الرجيم ! .
أ ا وحي بعد رسول هللا؟! ومن الذكريات العجيبة ،رحلتي إلى شيخ مغمور ،يدعى الشريف بهعجيبة ( ،من ضاحية طهجة ) .وذلك صحبة صهري وابن عمي السيد العياشي الهبطي ،سدده هللا ،وصديقه الراحل أا حمد الغزاوي ،رحمه هللا .وكالهما من أا حباب الشيخ رحمه هللا، والموالين له – باقتهاع -وكهت صغي را بيههم ،غريبا في مجلسهم .. ل أا فقه قليال ول ك ثيرا في أا مور التصوف والتسل ف ،والطوائ ف والفرق ، ..وما قطعت هذه المسافات -ح افيا ومهتعال -إل حبا في أ أ العلم والعلماء ،وال تقياء والصلحاء .أوا ما النتساب إلى ال شخاص أ أ أ وال سماء وال لقاب ..فلم يكن هذا شا ن طالب -مثلي . - والعجيب أا ن الشيخ رحمه هللا استقبلها في ج ه ِت ه ( بستانه ) ،ل في بيته أا و مسجده ،وقد م لها لونا واحدا من الطعام والش راب " الخبز الحافي !" و " اللبن الصافي ! " على غير عادة أا هل البلد .فلما ارتويها وشبعها ،وحمدنا وشكرنا؛ جلس الصاحبان " الم ريدان " يهتظران الدعوات ،ويستجلبان البركات ..وجلست -أا نا الفتى الغالم -أا نظر أ إلى شيخها نظرة الفاحص المتا مل ..و السائل المتعلم ! وطال النتظار إخوتي ،و ساد الصمت ،ودب الملل ،واشتهيت القيام ..فقلت في خاطري (بيهي وبين نفسي) :أا هذا هو الشيخ الفقيه الذي حدثوني 31
/32
أ أ عهه؟ ا هذا هو ال عالم ال قدوة ؟ ا لمثل هذا ت شد الرحال ،وت قطع أ ال ميال؟ ! وهها رفع الشيخ الكبير عقيرته قائال " :و ت ْح سب ون ه ه ِي ه ا و ه و ِع ْه د الل ِه ع ِظ يم " 36.فه زلت علي هذه ال ية – إخوتي -كالصاعقة، و عجبت لهذه الموافقة ،وكاد عقلي يطير !! ول أا ذكر أا ن الشيخ - وس م -أا ضاف حرفا بعد ذلك إلى أا ن ودعهاه ،رحمه هللا. المت ِ أ وقد سا لت عهه أا خي را فقيل لي :إنه كان من أا هل الق را ن -أا هل هللا وخاصته -ويشهد له الجميع بالفضل والصالح .والويل ثم الويل لمن نبزه بابن عجيلة ! فإنه عبد القادر ابن عجيبة -كما سماه أا بوه أوا مه - أ غفر هللا لها وله ،ورزقها حسن ال دب مع الخلق ! . والمقصد من هذا المشهد :حفظ الخواطر من غيبة القلب ،وعدم أ العتراض على أا هل الجتهاد والتا ويل ،دون بيهة ودليل .فاإلنسان ب ين انقباض وانبساط ،وحزن واغتباط ..ولعل ال سيد رحمه هللا كان في حال تكد ر وتغي ر؛ فتعذر عليه الكالم ،ولو عدنا إليه -بعد حين لكان أا بين أوا فصح .و لعله أا راد أا ن يعلم المغترين -مثلي -بالقدوة-أا ن العبرة بالعمل ،ل باللقلقة والشقشقة ،والفصاحة والصباحة !.. ورحم هللا القائل ":كم من لسان فصيح ،ووجه صبيح وجسم صحيح ..في أا طباق الهار يصيح !". أ ولعله كان حافظا عاديا ،و ذاكرا تاليا ،ل علم له بال حكام ،وهذا ل أ يهقص من قدره .فما كل الصالحين علماء فقهاء .وحسب هم ا نهم أ علماء بربهم ،عارفون با سمائه وصفاته ،وجماله وجالله ..تالون ا ي اته ا ناء الليل وا ناء الههار! ! 36
سورة النور 32
/33
وفي المشهد مقصد ا خر هو :إثبات ف راسة المؤمهين ...وسببها نور يقذفه الل ه في قلب عبده ،يفرق به بين الحق والباطل ...،والصادق والكاذب ....ومهها ما هو وهبي إيماني ،ومهها ما هو كسبي رياضي. وانظر تفصيل هذا في " الفرو ق " للق رافي ،و " الم دارج " ل بن القيم. ففيهما الشفاء والغ هاء. ويك فيها في الرجل -المذكور -أا نه من حملة الق را ن ،أا هل هللا أ وخاصته ،المشهود لهم في ال رض وفي السماء! .وكان جد شيخها أا يمن -العالمة الكبير الشيخ أا مين سويد الدمشقي -نور هللا ضريحه - يقول -بما معهاه " :-هاتوا حفظ القرا ن ،وخ ذوا عهي كل هذه 37 العلوم !"
خالفا لميارة الصغير والكبير! من المسائل التي أا شبعها الفقهاء بحثا ،وا ْو د ع وها في مؤلفاتهم : أ مسا لة علو اإلمام على المؤتم في الصالة ،والعكس .ومن أا ولئك اإلمام العال مة محمد بن علي الشوكاني -رحمه هللا -في رسالته الموسو مة ب " تحرير الدلئل على ما يجوز بين اإلمام والمؤت ِم من الرتفاع والنخفاض والبعد والحائل ".ولم يتيسر لي الطالع عليها.
37
الظاهر أنه كان ال يحفظ القرآن كله ،وقد سمعت هذا من حفيده شيخنا العالمة المقرئ الدكتور أيمن سويد .د 33
/34
أ أ ويرى المالكية جواز ا ن يصلي الما موم على مكان مرتفع عن إمامه ، أ بعلو ه عن موم الما ولو كان سطح ا في غير جمعة .هذا إذا لم يقصد ِ اإلمام التكب ر ،فإن قص د ه بطلت الصالة لمهافاته لها". 38 أ وإنما مهدت بهذا ل ذكر -باختصار -قصة طريفة حصلت لها -قديما - في تطوان -مع جارنا الفقيه الشريف سيدي محمد أا بو أا ويس بوخبزة الحسهي -وهو شاعر د ع ابة ،سريع البديه ة ،مليح الهك تة -وبيان ذلك : أ أا نها كها في حفلة عشاء ؛ ف لما حضرت الصالة أا ب ى ال ستاذ الكبير أ قد م صاحب البيت -إك راما له -وكانت الغرفة -على سعتها - إل ا ن ي ِ ود ! فلم ا لم يجد أا ستاذنا موقفا في الصف، تضيق بالرك ع الس ج ِ أ تا خر قليال ،ثم صعد على سرير متصل بالصفوف ،وقال بصوت عال :خالفا لميارة الصغير والكبير :هللا أا كبر !! (تكبيرة إحرام) أ أ أ ففهمها ا نه يرد على من يكره ذلك من المالكية المتا خرين ،ا و أ أ يرسل رسالة " مشف رة " إلى واحد مها –وال رجح أا نه ال ستاذ داود - فانفجر إمامها الوقور بالضحك ،ووقع في القهقهة الكبرى (المبطلة للوضوء عهد الحهفية) ،وهو القدوة المتبوع ،والحافظ المرفوع ! أ وحاولها أا ن نتمالك ،فلم نستطع ! وال ستاذ (بوخبزة) ماض في أ أ أ صالته ،ل يا به با حد ،ول يقتدي با حد!! .وما كها نعتقد أا ن إمامها الفذ ،سيههار إلى هذا الحد ،ويعجز عن إتمام الصالة ،وهو ال حافظ
38
مجلة الدرعية ،العددان ،18/13 :أ .د .أحمد بن يوسف الدريويش .نقال عن " األلوكة". 34
/35
الدك تور ،الموسوم بجديته وثباته ،و خشوعه و سكونه ؛ ولكن كما قال هللا في ك تابه " أوا نه هو أا ضحك أوا بك ى ".39 والمقاصد من هذا المشهد ك ثيرة ،أا برزها : ا -الهظر إلى العلماء والصلحاء نظرة واقعية بشرية ،ل خيالية مثالية ،فهم في نهاية المطاف بشر عاديون ،يههارو ن في ساعة الشدة والفرح ،وي ضحكهم ما يضحك الهاس ،ويبكيهم ما ي بكي الهاس. ب -ضرورة م راعاة الخالف ،وفهم الخالف ،والطالع على أا قوال أ المتقدمين والمتا خرين ،وعدم الجمود على قول مرجوح في المذهب .فالمذهب أا وسع مما نتصور .
علماء عرفتهم في المديهة المهورة. أ في عام 1984ميالدية ،رشح ت هي وزارة ال وقاف المغربية -مشكورة- للمشاركة في المساب قة الدولية لحفظ الق را ن وتجويده وتفسيره بمكة المكرمة .وما كهت أا تصور ذلك في اليقظة ،ول أا حلم به في المهام ! وقد دامت الرحلة شه را أا و نحوه ،أرا يها فيها من كرم هللا وإحسانه ما ل يعد ول يحصى .وكانت فرصة ذهبية لمشافهة علماء وق راء من مخت ِل ف أا نحاء العالم اإلسالمي ،وغير اإلسالمي .ولعلي أا عود إلى هذه الذكريات بتفصيل ،في سياقات أا خرى إن شاء هللا. 39
سورة النجم 35
/36
أ ومن ا جمل ذكرياتي في هذه ا لرحلة التاريخية :م جالست ي للعالمة الكبير ،والفقيه القدير ،الشيخ عطية سالم المالكي ،قاضي أ المديهة ،وو ارث علم اإلمام محمد ال مين الشهقيطي ،و أا مين إرثه أ أ بعد موته .وقد حضرت له درس الموطا ،وتفاعلت معه جدا ،وتا ثرت ببيانه ،وغزارة علمه ،وقوة استحضاره ،وحياة عاطفته . .وههالك أ عرفت العالم ال راسخ من غيره ،وسا لت هللا عزوجل أا ن يرزقهي من علم الشيخ وعمله ،ووفائه وإخالصه! ول زلت أا حن إلى درسه ، أوا ترحم عليه! وكهت قد تسامعت في نفس ال وقت بدخول العالمة الوزير ،اإلمام الشعراوي رحمه هللا إلى المسجد الهبوي الشريف ،فسررت ك ثي را بذلك ! و قلت :إنها فرصة العمر! 40و أا ذكر أا ني تركت أا صحابي، أ و دخلت في أا عماق المسجد (الهبوي الشريف) أا تتبع أا ثره ،أوا سا ل أ عهه -بال جدوى! في حين شاهدت الشيخ الواعظ ال س تاذ أا با بكر جابر الجزائري م رات عديدة في المسجد الهبوي ،وجلست في حلقته أ الواسعة ،وق ر أا ت ك تبه ،وكاتبته ،وهاتفته ،و ناقشته -با دب ( -في فقه الواقع ل في فقه الدين طبعا) .ول أا دري ما ذا فعل هللا به ال ن. أ أوا سا ل هللا لها وله حسن الما ب!
40وهو من فرسان القرآن في هذا الزمان ،وخواطره القرآنية أبلغ بيان. 36
/37
ليلة من نور! ومما أ الطي بة ،حضور حفل سماع ختم صحيح طابة في به هللا نعم ا ِ أ البخاري ،صحبة شيخها العالمة المقرئ الدك تور ا يمن رشدي سويد ،وشيخها العالمة الفقيه الدك تور صفوان عدنان داوو دي، وحشد حاشد من أا هل العلم والفقه ،والق راءات والتجويد ..والفضل والخير .ولك أا ن تتخيل -ياصاح -هذا المشه د العزيز(الذي ل يتكرر ك ثي را في حياة اإلنسان) فإن الحديث هاهها حديث رسول هللا(صلى هللا عليه وسلم) والسهد إليه ،والتربة تربته ،والمديهة مديهته.. والقبر قبره ،والمهبر مهبره !!..ومن الرواة أا مها عائشة ،رضي هللا عهها ،أوا بوها الصديق ،وعمر الفارو ق ،وفالن وع الن ..من الخلفاء ال راشدين ،والعشرة المبشرين ،والعترة الطاهرين ..والخل ف التابعين ،وكلهم -ثمة -ياصاح -في البقيع ،بجوار الهبي الشفيع ! أوا ذكر أا ن المجلس قد طال جدا؛ بل طاب جدا ،وتخللته تعليقات وتعقيبات ،وإفادات وإنشادات ..ودار نقاش طريف بين أ شيخها(ا يمن) وشيخ اإل سهاد ،ونافح كل مههما عن أرا يه بثبات! ْ العالمي ن إل عالم مثلهما ،أا و (وكالهما عالم مسهد ،ول يفصل بين أ أا كبر مههما) .وكان الخالف -اللفظي -حول مسا لة دقيقة (ل أا ذكر تفاصيلها جيدا) ولعل شيخها كان أا ميل إلى الدراية والمعهى ،على 41 حين كان صاحبه متقيدا بالمك توب ،دون اس تدراك .
- 42يقول العالمة المغربي عباس أرحيلة في هذا المعنى ":بعد تقليب النظر في االحتماالت الواردة في األصول حتى ال بقي آيةً قرآنيةً ُمحرَّفةً في المتن أبداً؛ إذ ال أمانة علمية في أداء النص تكون لها عالقة بقراءة من القراءات؛ ينبغي أن ال ُن َ 37
/38
أ أ وشاهدت في هذا الحفل شيوخا من ا قطار مختلفة .وا غلبهم شوافع أ و والرقاق اءات، ر والق ايات الر في إل يتكلمون ل حهاف، وا ِ أ والزهديات ،وال ذكار والدعوات ؛ حتى حسبتهم صوفية ،وما هم أ بصوفية ،ودراويش وما هم بدراويش؛ ولكههم قوم تركوا ال لقاب والتسميات ،وشغلتهم الكليات عن الجزئيات ،ولم تفرق بيههم أ ال لفاظ والمصطلحات ! أ وفي هذا المجلس المبارك سمعت من ا حد الحضور كالما عج با ، خي را ،وعابدا ن ِي را ، يهدي إلى الرشد .وكان الرجل -في الظاهر -عالما ِ أ فتح هللا عليه بمحامد جميلة ،ودعوات جليلة؛ لول ا نه -سامحه هللا -قد ط و ل ك ثي را؛ حتى كادت أا ضلعها تهكسر ،وقلوبها تهفجر ! وفي هذه المهاسبة -الهادرة -أرا يت حقيقة شيخها أا يمن ،ومدى تقديره لمعلميه ومربيه ،أوا ق رانه وشيوخه ..فمهذ وصولها إلى الحرم أ أ الشريف وهو يحدثها عن ا حد معلميه ومربيه؛ حتى حسبها ا نه شيخ الق راء ،و أا مين اإلفتاء ،والحقي قة أا نه أا ستاذ مرب ،وداعية متهور . فلم ا را ه شيخها سلم عليه سالما خاصا ،وخفض له الجهاح ،وقدمه أ إليها با سلوب يفيض رقة وو فاء ،وطه را ونقاء .وقل من مثقفيها - اليوم -من يذكر معلمه في المرحلة البتدائية والثانوية؛ فضال عن أا ن يخفض له الجهاح ،ويهوه به في المحافل ،ويعامله معاملة البن أ ل بيه ،ول سيما إذا كان من المشاهير !! . الكتاب بغير إذن صاحبه ،فإن ذلك يكون القرآني على حالته من الخطأ .واذا تقرر في تجربة حركة التأليف أنه ال ُيصلَح ُ وفنياً مع آية قرآنية في مخطوط ؟" موقع عباس ارحيأل علمياً ّ في غير القرآن" .انظر مقال " كيف نتعامل ّ 41
.
38
/39
أ وا ما "ز ْردة" الحفلة فال كالم عليها ،ول جديد فيها ،ول فائدة من ذكرها ..وهل س غ ب (جاع) أا حد بهاتيك الديار ؟! وهل ههاك أا كرم أ أ من ال نصار ،أوا بهاء ال نصار؟! فالحمد هلل الذي أا طعمها وسقانا.. وا وانا وك فانا !..ونستغفره تعالى من كل تبذير وتقتير !. وفي هذه المشاهد مقاصد ،أا برزها : أ ا -التذكير با همية الك راسي العلمية ،والمجالس -الحديثية ، -وما أا ودع هللا فيها من أا س رار وخيرات ،أوا نوار وبركات ..وبيان أا ن الحتفال بالختم عادة قديمة ،وسهة حميدة ،جرى العمل بها في المشرق والمغرب ،والبادية والحاضرة ،أوا شاد بها العلماء الكبار، الخ يا ر !..42 والسالطين ِ ول ت زال مدارسها العتيقة -بحمد هللا -تحفظ هذه السهة الحميدة ،في أ أ العشر ال واخر من رمضان ،بحضور السكان ..إلى جانب ال عيان، وطلبة الق را ن. ب -اإلنباه إلى أا ن هذه الختمات الحديثية ،والجلسات اله ورانية ..ل ي غهي عهها اليوم وبعد اليوم " حافظ عصرنا "( الكومبيوتر) -كما سماه العالمة الدك تور عبد العظيم الديب . -فالعلم -ياسادتي " -روح ت هف خ ،ل سطور تهسخ " -كما قال الربانيون .-العلم -أا بهائي " -كهرباء " يسري من قلب إلى قلب ،ومن روح إلى روح ..عب ر أا سالك الصدق واإلخالص ،والمحبة والصفاء !! " .المجالس العلمية "-يا أا عزتي - -49إال أن ختمات البخاري لم تشتهر كما اشتهرت بالمغرب .وأول ما نعرف من الختمات ما جاء في" فتح الباري" البن الباري ،أنه ختم البخاري واحتفل بذلك؛ فيكون أقدم من نعلم – إلى اآلن – ممن ختم البخاري هو الحافظ ابن حجر." ...
42
مقالة للدكتور يوسف الكتاني ،من مجلة دعوة الحق المغربية 39
/40
مقصودة في ذاتها -بهص صحيح صريح مليح -تجده في رياض الصالحين ،وتحفة الذاكرين ..وهي رو ضة من رياض الجهة ،وباب من أا بواب الرحمة ..فمن رغب عهها فقد ضيع أوا ضاع -43 ،مهما كان طويل الباع ،واسع الطالع .- ج -يستحسن التجديد في أا مر هذه الختمات ،وتهظيمها بشكل عصري جذاب ،يراعي أا حوال الصحة والمرض ،والشباب والشيخوخة ،والحر والقر ،والسفر والحضر ..والشبع والجوع "..فما كل الهاس يستطيع أا ن يتكلم بعذره! " -كما قال مالك رحمه هللا 44وما كل الحضور يطيق الجلوس ال طويل ،والسهر الطويل،والتركيز الطويل .ول سيما بعد فشو مرض المفاصل والسكري.. أ والمعدة وال معاء..عافانا هللا! .وليس كل المتعلمين أا يضا يستسيغ أ ال سلوب التلقيهي التقليدي ،..الذي ل مشاركة فيه ول حوار ،ول تشويق ول تعليق.
-.43انظر -غير مأمور " -من بركات االجتماع" على موقع مسجد إبنال .لكاتب هذه السطور ،عفا اهلل عنه
كان مالك رحمه اهلل يأتي المسجد ،فيشهد الصلوات...ويجلس في المسجد ،فيجتمع إليه أصحابه ،ثم ترك الجلوس ،فكان
44
يصلي وينصرف ،ثم ترك ذلك كله ،وربما كلم في ذلك ،فيقول( :ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره).".ا.هـ 40
/41
مع عالم قدوة أ وم ما أا نعم هللا في طيبة الطيبة ،ق راءة الموطا -بتمامه وكماله - بفضل هللا وإحسانه -على أا ستاذنا العالمة الدك تور صفوان داوو دي. والفضل -بعد هللا تعالى -لشيخها -في الق را ن -سيدي أا يمن( رئيس المجلس العلمي ) ،وصاحب برنامج " كيف أ نقرا القرا ن ؟" فهو الذي 45 عرفهي عليه ،وو ضعهي بين يديه " .والدال على الخير ك فاعله" . كما جاء في الحديث . أ أوا عود إلى شيخها في الموطا (الدك تور داوو دي) ،أوا قول -بال مغالة - :لكل عالم فضله ونبله ،وإنجازه وإنتاجه ،وخطؤه وصوابه " .وكال وعد هللا الحسهى " 46 ،وفي كل خير " 47؛ بيد أا ني وجدت في معلمها أ (صفوان) صفات نفتقده ا -اليوم -مع ال سف -في ك ثير من طلبة العلم .وجدت فيه -سادتي -العلم الواسع ،والتواضع ال رائع .. والصحة الهفسية ...والهم ة العالية ..وجدت فيه العالم الموسوعي المشارك ،الذي إذا تكلم في الحديث قلت إنه ل يحسن غيره! وإذا أ تكلم في ال صول فهو السابح الغواص -بشهادة أا هل الختصاص . -48 أوا ما اللغة والبالغة..فحدث ول حرج! ومؤلفاته خير دليل .ناهيك أ عن الق راءات الق را نية(الكبرى والصغرى) ،وال سانيد العالية، والمؤلفات ال راقية !. 45
هذا الحديث رواه الترمذي في سننه عن أنس بن مالك
46سورة الحديد
َّع ِ ب إِلَى اللَّ ِه ِمن ا ْلمؤ ِم ِن الض ِ َح ُّ يف َوِفى ُك ٍّل َخ ْير ..47اقتباس من حديث مسلم :ا ْل ُم ْؤ ِم ُن ا ْلقَ ِو ُّ ى َخ ْيٌر َوأ َ َ ُْ 48ومنهم :العالمة الحبر عبد اهلل بن بية ،الذي قرظ كتابه ".اللباب في أصول الفقه" .وقد أهداه إلي الشيخ جزاه اهلل خي ار- 41
/42
ولهدع كل هذا ونقول :إن معلمها -نفعها هللا به -امتاز بشيء ا خر استوقفهي؛ بل أا دهشهي ،أا ل وهو وسطيته واعتداله ،وسماحته ويسره ،وإنصافه وعدله!! فإذا تحدث عن المالكية مدحهم ،وإذا تكلم عن الصوفية أا نصفهم ،وإذا تكلم عن الجهال أا عذرهم ،وإذا تكلم عن العصاة رحمهم ،وإذا تكلم عن العلماء وق رهم ..وإذا تكلم عن الغربيين فهمهم ..وو هللا ما كه رني(قهرني) ول شتمهي – بعبارة معاوية بن الحكم السلمي رضي هللا عهه " -وما علمت أا نه أا وجع قلب طالب " 49أا بدا .وما أرا يت مهه إل الوجه البشوش ،والقلب أ الرحيم ،واللسان العف! وكيف ل وهو جار ال نصار ،وو ارث الهبي المختار .ورحم هللا القائل : أ ْ طي ب به طيب ة طاب ت..فا ين إذا لم تطب في طيبة عهد ِ تطيب ؟ أ وكان موعدنا(العلمي) كل فجر (بانتظام) .وا ين يا ا خ ي ؟ في الحرم الشريف! ثم إلى أا ين؟ إلى ق باء ! 50وفي سيارة م ن؟ في سيارة أ أ الشيخ ال زاهد!! فبا ي لسان أا شكره؟ وبا ي عطاء أا كافئه؟ فاللهم اجزه عهي وعن طلبة العلم خير الجزاء ! وكها نجلس -يإخوتي -من الف جر إلى الزوال تقريبا ،م ثهين الرك ب ،أا و مترب عين ،ل يفصلها عن الدرس إل است راحة خفيفة! نحتسي فيها ِ أ أ كا س شاي ،ا و شربة عصير ،مع شيء من "التحميض" (الترويح)
49 50
ما بين مزدوجتين ليس لي
بجوار مسجد قباء( ،أول مسجد في اإلسالم) وقد وردت فيه أحاديث تبين فضله 42
/43
أ والترو يض .وكهت -بصراحة -ا تعب ك ثي را -لقلة نومي ،وو هن عظمي - أ أ أ ثم أا نظر إلى الثمار فا تعزى ،وإلى شيخها فا تا س ى ! وفي يوم الختم والوداع اختلطت -ياصاح -دموع الفرح بدموع الت رح، وشق على أا خيكم الف راق ،واشتاق إلى التالق! .ومن يقدر -أ ياا عزتي - أ على مبارحة " قباء" ،و"وادي رانوناء" ..وما ِرز العلماء! إنها مديهة رسول هللا وك فى !. ط ي ب ة أا حبك وال محبة ق سم ة وا لحب من عظم اله وى أا ضهاني يا راحال صوب الحبيبة صف لها وجدي وشوق ي كيف هز كياني
يا دوح ة الس الم ح ب ك طي ب من لم ي ذق ه ع اش في حرم ان
51
وفي هذه المشهد مقاصد : ا -العلم ل وطن له ،ول جهسية له ،ول لون له ،ول ح جر عليه .فال يحسبن أا حد أا ن العلم -الشرعي -محصور في هذه الطائ فة أا و تلك ،أا و أ هذه الجهسية أا و تلك ،أا و هذه العمامة أا و تلك .فمي راث ال نبياء أ موزع -بحمد هللا -في القارات الخمس ،بهسب متفاوتة ،وا سالفها - رحمهم هللا -انطلقوا في كل مكان يهشرو ن العلم والهور ،والرحمة هذه األبيات-بالطبع -ليست لي ،ولم أركب في حياتي صد ار على عجوز إال مرة واحدة-دون قصد -ثم أصبح ماء شعري
51غورا! .وال أدري كيف يكتب الناس الشعر؟! وسبحان المعطي المانع ،الذي وزع بين الناس مواهبهم كما وزع بينهم أرزاقهم 43
/44
والعدل ..وتلقى عههم تالميذ هم علوما نقلوها بدورهم إلى من بعدهم ،إلى أا ن استغلظ هذا الخير واستوى على سوقه في الفردوس أ أ أ ندلس)..وا يهعت ثماره في القرويين وال زهر والزيتونة.. المفقود(ال وقد علمت أا ن شيخها هذا ليس مدنيا ول مكيا ،ول نجديا ول حجازيا..؛ بل هو دمشقي شامي ،درس في الشام ،وجاور المصطفى أ عليه السالم !.وقبله شيخ الشيوخ محمد ال مين الشهقيطي رحمه هللا أ ،الذي جاء عالما من بلده ،ومال المديهة علما وفقها؛ بل إن شارح البخاري (الحافظ ابن حجر) -نفسه -لم يكن مدنيا ول مكيا ،ول مقدسيا ..وكل العلماء(في المشرق والمغرب) يرجعون إلى فتحه(فتح البا ري ) الذي ل فتح بعده -حسب تعبير الشوكاني . -وقس على ذلك أا صحاب الك تب الستة ،وعلماء اللغة ،والمعاجم والتراجم، أ والق راءات والتجويد ،والتفسير وال صول ..والتربية والسلوك .. أ ب -يهبغي ل بهائها في الغرب اإلسالمي ،وفي بالد المغرب خاصة، أ أا ن يستمرو ا على نهج أا سالفهم في ال عهاية بموطا مالك(رو اية ودراية أ ورعاية)..ل لشيء إل ل ن الهاس عهدنا -من قرو ن -على مذهب إمام دار الهجرة ،رضي هللا عهه ،وعلي ه المعو ل في المساجد والمعاهد، والك راسي(العلمية) والمجالس(العلمية) ..؛ بل ل يكاد أا ئمتها يعرفون غيره! ومن الخير أا ن يبقى هذا المذهب الجل يل شامخا راسخا ..متجددا ..لحيثيات يعرفها المتخصصون.
44
/45
تذييل أ وبقدر إجاللها لمالك -إمامها -ن جل ال ئمة ا ْج م ِع ين ا ْك ت ِع ين ا ْب ت ِع ين ا ْب ص ِع ين ،52ونترحم عليهم ،وندعو أا شياعهم -في كل مكان -إلى حفظ ت راثهم (..دون تعصب وجمود ).
حوار ساخن!! وفي زيارتها للجامعة اإلسالمية بالمديهة المهورة(ضمن الوفد الرسمي) حصل لها حوار طريف مع أا حد الطلبة الوافدين( من أا صل يوغوسالفي) .وذلك أا ني كهت أا طارحه مسائل العلم والدين، أ با سلوب تشاركي عفوي ..ل تكلف فيه ول تفلسف ..إذا به -كان هللا لها وله -يفتح شريط الق را ن الكريم- ،بص وت عال -ويستمر في محادثتي ،واإلنصات إلي ! فاستعظمت ذلك جدا ،وقلت :أ ياا خي، إما كالم البشر وإما كالم رب البشر! أا و بعبارة أا خرى :إما أا ن نهصت إلى الق را ن ،وإما أا ن نغلق الشريط .ل حل غير هذا!. وكهت -بالطبع -أا نتظر مهه إجابة عملية؛ أل ن الموضوع في نظري محسوم (إيماني ا) ،ول يحتاج إلى مهاظرة ودرس .فالكالم كالم هللا، أ ونحن ما مورون بتعظيمه ،والستماع إليه ،وعدم اللغو فيه،.. والهصوص واضحة بيهة ..إل أا ن صاحبها -عامله هللا بلطفه -سلك فجا غير فجي ،أوا قحمهي -سامحه هللا -في نقاش عجيب ،بعيد عن 52
العرب توكد الكلمة بأربعة تواكيد فتقول :مررت بالقوم أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين 45
/46
أ أ أ قصدي ..غريب على طبعي .وا ذكر ا نه احتج بكالم بعض ال ئمة أ ال ربعة ،رحمه هللا تعالى .وذكر أا ن ا ية الستماع " وإذا قرئ الق را ن فاستمعوا له أوا نصتوا ".53 .تخص الصالة والخطبة ".وذلك أا ن أ إيجابهما على كل من يسمع أا حدا يق رأا ،فيه حرج عظيم؛ ل نه يقتضي أا ن يترك له المشتغل بالعلم علمه ،والمشتغل بالحكم حكمه ،والمت باعدان مساومتهما وتعاقدهما وكل ذي شغل شغله . أ فا ما ق راءة الهبي صلى هللا عليه وسلم فكان بعضها تبليغا للتهزيل وبعضها وعظا وإرشادا ،فال يسع أا حدا من المسلمين يسمعه أ يقرا أا ن يعرض عن الستماع أا و يتكلم بما يشغله أا و يشغل غيره عهه" 54.أا و كالما قريبا من هذا؛ فقلت له أ ياا خي :أا نا في واد أوا نت في واد! أا نا أ ا شرق أ غرب! ومهما حشدت من د رر في هذا الشا ن فإني ت نت وا ِ ِ أ أ أ أ ملتزم بال دب مع ربي! ول ا جرؤ ا ن ا رفع صوتي فوق صوت الوحي، إطالقا ،ول أا قبل هذا الستف زاز العلمي ،الذي ل موجب له ول معهى ! أ وربما أا ضفت أا و أا ضيف-ال ن -هذا البيا ن :إن ما قاله ال ئمة صريح؛ إذا و ضع في سياقه الصحيح .فالرخصة في أا قوالهم مهوطة بمن كان في علم أا و ذكر ،أا و معاملة بيع ،ثم ط رأا عليه صوت الق را ن ،في سوق أا و غيره ،ولم يبق أا مامه إل الستماع أا و مزاولة عمله .أا ما من كان في سعة من أا مره ،وكان يملك الضغط على الزر -مثله ا -فهو أ أ 55 ما زور؛ ل نه تعمد ذلك ورضيه؛ بال حاجة ول ضرورة . . 53سورة األعراف
54تفسير المنار سورة األعراف.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (26)86/446
/47
أ أ أ وبيهما نحن نخوض في هذا ال مر إذا با صداء ال ذان تجلجل في سماء أ المديهة الحبيبة ،وتمال القلوب شوقا وحهيها إلى ربها!! فافترقها- دون شحهاء -في باب الحرم الشريف ،وذهب كل مها لمهاجاة ربه، والبكاء على ذنبه! دون أا ن نتبادل -طبعا -أا رقام الهاتف الجوال .وما كان الهاس يعرفون هذا الهاتف -يومئذ -إل في الشركات واإلدارات، أوا وقات الطوارئ ( .باستثهاء الطبقة الميسورة طبعا) .ول أا دري ما ذا أ أ فعل هللا با خيها؟! .فإن كان من ال حياء فحياه هللا ،وإن كان ميتا فرحمه هللا !. وفي هذا ا لمشهد مقاصد مهها : أ ا -يهبغي لطالب العلم – أا يا كان -أا ن يلتزم ال دب مع هللا تعالى ومع ك تابه ونبيه ،وعباده وخلقه ،أوا ن يضع كالم الفقهاء في إطاره الصحيح السليم؛ فاختيار القول بعدم الوجوب ل يعهي التساهل والتسيب ،وتعمد التغافل عن اإلنصات لكالم هللا سبحانه وتعالى. أ فالحرص على اإلنصات هو ال صل الثابت-لمن أا بصر -وغيره استثهاء ورخصة . يقول الهووي في " التبيان في ا داب حملة القرا ن": 56 أ أ " ومما ي ْع تهى به ويتا كد ال مر به :احت رام الق را ن من أا مور قد يتساهل
فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين ،فمن ذلك :اجتهاب الضحك واللغط والحديث في خالل الق راءة ،إل كالما يضطر إليه ، 55 عذر مشروعٌ لترك االستماع " االستماع إلى تالوة القرآن الكريم حين يق أر خارج الصالة و ٌ اجب إن لم يكن هناك ٌ والجدير بالذكر أن شيخنا الدكتور سويد قد شرح هذا الكتاب(شرحا وافيا مبسطا) في دورة علمية بالشارقة ،وهو موجود
56على قناة اليوتيوب.
47
/48
ْ وليمتثل قول هللا تعالى ( :و ِإ ذ ا ق ِرىء ْال ق ْرا ن ف ْ اس ت ِم ع وا ل ه ْ و ا ِنص ت وا ل ع ل ك ْم ت ْرح م ون ) وليقتد بما رواه ابن أا بي داود عن ابن أ عمر رضي هللا عههما ( :ا نه كان إذا ق رئ الق را ن ل يتكلم حتى ي فرغ مهه ). ويقول الفقيه الحهبلي ابن عثيمين رحمه هللا في "لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم ، 146 /سؤال رقم : 9 " ليس من ال داب أا ن يتلى ك تاب هللا ولو بواسطة الشريط أوا نت متغافل عهه ". ب -من كان له غرض في الستماع إلى الق را ن(تعلما أا و تعبدا)وكان غيره في شغل وعمل ،فله أا ن يضع سماعة صغيرة في أا ذنيه، ويجعل الصوت له وحده .وهذا حل وسط( .ول سيما للمسافر السائر .أا و الم رأا ة المشتغلة في بيتها ومطبخها). وبعض الهاس-في أا ور وبا -حفظوا سورا ك ثيرة؛ بفضل هذه السماعة، دون أا ن يعلم بهم أا حد .والموفق من وفقه هللا. ج -ولعل من أا سباب هذا الفهم الحرفي :اإلغ راق في الجزئيات والخالفيات ،وعدم الرتباط السليم بك تاب هللا تعالى (حفظا ومدارسة ،وتالوة وتدب را) فإن الرتباط بك تاب هللا تعالى يورث العلم الرباني ،ويجعل صاحبه صاحيا يقظا ،خائ فا حذرا ..ي ْق د ر هللا حق أ قدره ،ويتا دب مع ك تابه ،ول يتعلل بقول فالن وعالن ..وانظر إلى أ أ تعامل الفقهاء الكبار ،وال ئمة ال خيار مع شيء قريب من هذا ".ذ كر أا ن مالكا رحمه هللا دخل المسجد بعد صالة العصر (وهو ممن ل 48
/49
يرى الركوع بعد العصر) فجلس ولم يركع؛ فقال له صبي :يا شيخ قم فاركع! فقام فركع ،ولم يحاج ه بما ي راه مذهبا؛ فقيل له في ذلك فقال :خشيت أا ن أا كون من الذين قال هللا فيهم ( :وإذا قيل لهم 57 اركعوا ل يركعون ) " . وهذا هو الفقه الحي ،الذي يدخل القلوب بدون استئذان – على حد تعبير ابن القيم -رحمه هللا -في "إعالم الموقعين ".
مع الشيخ الوزير لقد كان السيد الوالد رحمه هللا -كما أا شرنا في سيرته -شغوفا بتفسير الشيخ المكي الهاصري ،رحمه هللا ،متابعا له بإخالص .ولم يكن ههاك سبيل للوصول إلى علم الشيخ الوزير إل عن طريق اإلذاعة الوطهية .وكهت أا نا -الغالم -حيهئذ -ل أا راه إل رجل وزارة وإدارة، أ وإذاعة وتلفزة !!..مثلي مثل أا بهاء جيلي -ال غمار -الذين جهلوا علماءهم ،وغم طوا أا عالمهم! وشاء هللا تعالى أا ن يجمعهي بالشيخ الوزير م رات -من غير ميعاد -إحداهن بقاعة المك تبة العامة بتطوان - في تظاهرة علمية ل تهسى .وبيهما هو يخطب في الحاضرين إذا بشاب وث اب يقصفه بهذا الخطاب :ياشيخ ،ما ذا قدمت لها في مجال العل م؟ وما بصمتك في هذه الحياة؟ فامتعض الشيخ من هذا الكالم ،وقال بانكسار :أا ما يك فيك – يابهي -أا ني تركت فيكم تفسي را كامال للق را ن ،يسمعه المغاربة صباح مساء؟ ! 57تفسير القرطبي سورة المرسالت. 49
/50
أ أ أ أ ومضت ا يام وا عوام ،وا نا ا فكر في هذا الكالم الوازن الثقيل، أوا ضعه تحت المجهر .وذات ليلة فتحت الفضائية -الجزائرية-عرضا - فوجدت البروفسور الشيخ شيبان ،رحمه هللا ،يتحدث عن زميله الشيخ المكي الهاصري ،رحمه هللا ،بلسان فرنسي مبين ،ويثهي على علمه وفكره ،وبالغته وفصاحته ..ويقدم تفسيره بغاية الفخر والعت زاز .فقلت سبحان هللا ! أا هذا هو المكي الهاصري الذي نجهله؟! أا هذا هو الشيخ الوزير ،الذي بك ته (قرع ه ووب خ ه ) الشاب في مهاسبة كذا؟! أا هذا هو مفسر الديار المغربية؟! وعهدئذ عقدت العزم على تتبع ت راث هذا الرجل ،والتهقيب عن ما ثره -بتجرد تام - أ إلى أا ن ساقتهي ال قدار للركوب مع سائ قه ،والطالع على بيته(القديم) في تطوان ،والص الة في مسجده( بالرباط) .وكهت أا جهل أا نه أا قام سهوات في تطوان ،ودرس في معهد مولي الحسن، بالمديهة العتيقة ..أوا نه درس على مفخرة المغرب :الحافظ أ"ا بو شعيب" الدكالي ،والشيخ محمد المدني بن الحسهي !! .وفي الشرق أ العربي ق رأا أا يضا على ال زهري -المثير للجدل -مصطفى عبد الرزاق، وعبد الوهاب ع زام ،ويوسف كرم ،وغيرهم .وتتلمذ أا يضا على أا ساتذة غربيين ،مههم المستشرقان اإليطاليان نلليهو ،وجويدي، أ ال لمانيان ليتمان وبرجست راسر ،والفيلسوف أا ندري والمستشرقان للند.. أا قول :وكهت أا جهل -أا يضا -أا ن علماء المغرب انتخبوه -باإلجماع - أا ميها عاما ل رابطتهم في مؤتمرهم الستثهائي (المهعقد بطهجة عام أ ) 1989خلفا ل ميههم العام ،العالمة سيدي عبد هللا كهون..وهلم 50
/51
أ أ ج را .كل هذا وغيره كهت ا جهله تماما ،ول ا رى في الهاصري إل صورة اإلداري الوزير! . والحقيقة أا نه لول اشتغاله بالسياسة وا لوزارة ..لكان من طالئع المفكري ن؛ بل من كبار المفسرين!! وحسبه هذا اللقب الشريف « مفسر الديار المغربية !".
وجزى هللا خي را من كان سببا في إحياء ت راثه العلمي ،وبث درو سه على قهاة السادسة ،وإذاعة الق را ن الكريم بالسعودية!. ورحم هللا الوالد الذي عرفهي عليه وعلى أا مثاله ! وفي هذا المشهد مقاصد ،أا برزها : ا -بيان أا ن اشتغال العالم بوظيفة الوزارة أا و السفارة أا و القضاء ..أا و ما شاكل ..ل يمهعه من مزاولة العلم ،وخدمته ،والمشاركة فيه، أ أ أ واإلخالص فيه ،با ي حال من ال حوال .فكون الهاصري ا و غيره وزي را ل يعهي أا نه عق العلم ،أا و طلقه ،أا و انتفت صفته عهه؛ بل قد يكون عمل ه هذا فرعا من مسؤولياته كعالم مسلم ،يقدر المصالح والمفاسد ويوازن بيههما .وإن شئت فقل :إن هذا ضرب من الجتهاد الذي ي ؤجر عليه العالم -حسب نيته . - ومن العلماء الكبار الذين جمعوا بين العلم الواسع والسياسة والحكم :القاضي ابن العربي ،والقاضي عياض ،والقاضي ابن ح جر، والقاضي علي الطهطاوي ،والقاضي بكر بن زيد ،والقاضي عطية سالم ،والوزير أا بو شعيب الدكالي ،والوزير الحجوي الثعالبي، 51
/52
والوزير عالل الفاسي ،والوزير عبد هللا بن بية ..وهلم ج را .وكلهم أا نتجوا علوما ،وحققوا ا مال ،وتركوا ا ثارا . أ ب -الدعوة إلى التبين وال ناة ،أوا خذ الحيطة والحذر ،وعدم النصياع للشائعات الحزبية والسياسية والقب لية..؛ فإن العالم مثله مثل الهاس ،إذا انخرط في شؤو ن اإلدارة والمال ،سقط في أ أ ال وحال ،وتعرض للقيل والقال ،أوا صاب مرة ،أوا خطا مرات، أ أ أ وا رضى قوما وا سخط ا خرين ..وهللا حسيب كل ا حد ورقيبه .وبيده أ أ أ موازين ال عمال وال قوال وال حوال. أ ول يعرف حقيقة هذه ال مور إل من كابدها ،أا و مارسها ،كما قال اإلمام الحسن البصري رحمه هللا " :استوى الهاس في العافية فإذ نزل أ البالء تبايهوا " .نسا ل هللا تعالى أا ن ل يبتليها! فإنه إن ابتالنا فضحها !
القارئ المد اح أوا قصد ب ه الفقيه القارئ الحاج سيدي عبد الرحمن بهموسى السالوي رحمه هللا ،الذي ل يهفك تاريخه عن تاريخ الشيخ المكي أ الهاصري ،إل قليال .فحيثما سمعت الهاصري يفسر ،ا و مولي مصطفى العلوي يهوب ،فاعلم أا ن الحاج بهموسى قد مر ههاك ،وق رأا الذي ق رأا ،وجود الذي جود !. فما قصتي مع هذا الرجل؟ وكيف تعرفت عليه؟ 52
/53
أ أ أ الحقيقة ا نهي لم ا خالطه مخالطة التلميذ ل لمعلم ،ولم ا تشرف بزيارته ،وإنما عرفته في الدورة التكويهية بالرباط(بإش راف وزارة أ ال وقاف) ولربما كان أا حد رجال التحكيم في مسابقة التجويد (،..ول أا دري هل نج حهي أا م أا قصاني؟!) والذي علق في ذه هي من ذكرياته أا نها كها -في حلقة التعليم -بمسجد السهة بالرباط -إذ طلع عليها رجل شديد بياض الثياب ،شديد بياض الشعر ،طويل القامة، جميل المهظر ،..فقيل إنه الحاج بهموسى؛ ففرحها بذلك فرحا شديدا ،وتمهيها أا ن نتبرك بتالوته ،ونسعد بم الزمته ؛ فقام -رحمه هللا -إلى المه بر المعلوم ،وحاول الصعود أا و الهبوط فهوى على أ ال رض ،وهرع الهاس إليه ،وانتهت القصة هها. والمقصد من هذا المشهد :أا ن ل نهسى أا مثال هؤلء السابقين أ ال ولين -مهما اختلفها معهم -فإن الحاج بهموسى قارئ مداح ،وعطر فو اح ،وحاد مبدع ،و فقيه ابن فقيه ! وهو أا ول قارئ مغرب ي يق رأا في اإلذاعة الوطهية ( وك فاه سبقا!) .وقد سد الف راغ ،وبذل المستطاع ،رحمه هللا تعالى. ومهما أا حسن الهاس بعده أوا بدعوا ..فالفضل -دائما -للمبتدي وإن أا حسن المقتدي. وبالمهاسبة ؛ فإن كاتب هذه السطور -سدده هللا -قد اجتمع بشيخه أ ال ستاذ القارئ المتقن ،سيدي محمد الك هتاوي -ابن تافياللت – أ أا طال هللا عمره وخيره -في ملتقى ال ئمة بباريس؛ فقب ل أرا سه( ديانة ) أوا ثهى على جهده..؛ فرد ردا ل ي هسى! قال-نض ر هللا وجهه : -أا صحيح أ يابهي أا نهي ل زلت قارائ؟!..هل بقي أا حد يذكرنا في هذه ال يام؟ لقد 53
/54
تهكر لها الشبان يافالن ..وانفضوا عها ! ..هرمها وكبرنا !! واسترسل في الهفثات والزف رات ..حتى خشيت عليه . !!. أ أوا ما شيخها القارئ الفاسي ،ال ستاذ سيدي عبد العزيز القصار - أا ستاذ كرسي التجويد بجامع القرويين -فقد أا جهش بالبكاء لما سلمت عليه في ملتقى الخطباء -بالبيضاء -وقلت باعت زاز :هذا أا ستاذي ! أوا ما أا ستاذي في الفرنسية(قديما) فقد كاد أا ن يغمى عليه -فرحا -لما صادفته في شارع مور يتانيا بتطوان ،وقلت :على فرنسيتك أا قتات - أ ياا ستاذي -اليوم -في بالد الفرنسيس! وبها أا ِعل م الهاس أا بجديات اإليمان واإلسالم واإلحسان..ول أا نسى فضلك وخيرك ! فياإخوتي ،اذكرو ا موتاكم بخير ،اذكرو ا أا حياءكم بخير ،اذكرو ا خياركم بخير ،اذكروا أا كابركم بخير .. أ انظرو ا -نض ركم هللا -إلى الوراء قليال ،وتا ملوا البدايات ..ول تغرنكم أ زهرة الشباب ،ولمعة الس راب ..فال يام د و ل ،والدنيا يباب..وكما تدين تدان .
رحلة ل تهسى!! وفي شبابها المبكر ،قمها برحلة – علمية -إلى الدار البيضاء أ أ وم راكش ،رفقة بعض ال خيار -أا ذكر مههم صديقها الودود ،ال ستاذ داوو د -المعرو ف بحيويته ونشاطه -وكان الهدف استكشاف معاهد 54
/55
الق راءات والتجويد ..ومشافهة المقرئين ..ومشاهدة الهاجحين .وشاء هللا تعالى أا ن أ نبدا بمسجد الشهداء بالبيضاء ،حيث يوجد صديق ها أ ال ثير ،القارئ الضرير ،الشيخ مصطفى غربي -نور هللا قلبه -وبعد صالة الجمعة ،قادنا أا حد المصلين لزيارة عالم أا مازيغي مرموق، اسمه الشيخ محمد زحل الحاحي( .ولم أا ره من ثالثين سهة) ول أا دري ما ذا فعل هللا به ال ن ! وكان يسكن في حي شعبي ،بعيد عن أ كل مظاهر السعة واليس ر ،وال بهة والفخر .فلما دخلها البيت أ أ أا لفيهاه متواضعا للغاية؛ بل تا سفها ل ستاذ مثله ل يجد المكان المهاسب لوضع الك تب المبعثرة في كل مكان! أوا ذكر أا نها كها في أ شهر رمضان-ال برك -وبيهها وبين المغرب ساعات؛ فغاب عها الشيخ لحظات ،وما لبث أا ن جاء بخبز فطير؛ فلما را ى أا يدي ها ل تصل إليه ،قال -بالحرف : -أا ترغبون عن سهة نبيكم؟ ! قلها :ل وهللا! وإنما نهتظر الرخصة من فضيلتكم -أا و كالما هذا معهاه -. والحقيقة أا ن رخصة الشيخ كانت كالهسيم على قلبي (وربما على أ قلب ال ستاذ داود أا يضا) بل تمهيت لو أا ن الفقهاء طرا على مذهبه أ في التيسير ..وم راعاة ال حوال .ولول أا خذنا بالرخصة لما تلذذنا بالفرصة؛ فلقد كان الحر شديدا ،والههار طويال ،والصبر قليال !!..
وبعد زيارة الشيخ زحل في بيته ،ومك تبته – التجارية -توجهها لزيارة فقيه ا خر (من بلدنا غمارة) يسمى القاضي برهون ،وهو دك تور في الفقه المالي ،وخطيب قدي م(في الدار البيضاء) ،يرجع إليه الهاس في فقه المعامالت ،وله محاضرات ومؤلفات ،واجتهادات 55
/56
أ أ أ وم راجعات ..،وا ذكر ا نه قدم لها الشاي ا يضا ،ورغبها في الفطور على غرار ما فعله الشيخ زحل! ثم حدثها عن تجربته في التربية والتعليم ،والخطابة والتذكير ،أوا وصانا بالوسطية والعتد ال، واجتهاب التهور والنفعال ..ودعا لها بخير وشي عها(.ولم أا ره من ثالثين سهة أا يضا ). وفي نفس الرحلة توجهها -على متن القطار -إلى مراكش الحمراء، وز رنا بعض ق رائها وفقهائها ،واستمتعها بهخلها وهوائها ،وتجولها في أ ساحتها الفيحاء(ساحة جامع الفهاء) ،ور أا يها فيها ال فاعي والحيات، والمكرو هات والمباحات ،والمبكيات والمضحكات !!..وشاء هللا تعالى أا ن نجتمع فيها بفضيلة العالمة المقرئ اللغوي المعم ر الشريف أا بي عبيدة أا حمد المحرزي ، 58،أوا ن نستمتع بفوائده وف رائده ،وط رائ فه ولطائ فه ،..دون أا ن نهسى فضيلة العالمة الهابغة أ ال ستاذ مول ي مصطفى البيحياوي ،الذي حضرنا درسه -الرمضاني - الفريد(بدار الق را ن) أوا عجبها بذكائه وعلمه ،وسماحته ويسره ، وسمته وصمته! .وكان الشيخ -يومئذ -شابا ثالثيهيا ،ل ت رى في لحيته أ شعرة بيضاء! .وكان ي عرف بين العامة با ستاذ الفلسفة ،ومفتش التعليم ،وطالب العلم ،ل أا قل و ل أا ك ثر ،إلى أا ن استوطن عروس الشمال -طهجة -فالح نجمه ،وسطع أا مره ،وفاح عطره !
وفي هذه المشاهد مقاصد :
58
قال عنه أحد العلماء الكبار :لو أنصفوه -أي العالمة أبا عبيدة-ألعطوه في كل فن دكتوراه! 56
/57
أ ا همها :الرحلة في طلب العلم ،وزيارة الصالحين ،والستفادة من تجارب السابقين ،وطاعة العلماء في مراضي هللا عزو جل ،والعتبار أ أ بمرو ر ال يام وال عوام .
المهسي ! مع الشيخ ِ
أ أوا قصد الشيخ الحكيم ،والداعية الرحيم ،صادق شرف ال زهري، رحمه هللا ،الذي أا فهى بياضه وسواده في الوعظ والتذكير ،والتربية أ والتا طير(ما بين أا فريقيا أوا وروبا) ثم غاب عها وجهلهاه ،ونسيهاه وما ذكرناه ،فكيف تعرفت على هذا الشيخ الجليل -ريحانة بركسيل -؟ أ أ الواقع أا نهي كهت -في شبابي -شديد الولع با شرطته ،شديد التا ثر أ أ با سلوبه !.وكهت أا ظن أا نه يقيم في بالد ال زهر ،أا و في بالد مشرقية أا خرى؛ فلما هاجرت إلى أا ور وبا (قبل ربع قرن) وجدت أا صداءه في أ كل مكان ،ول سيما في العاصمة ال ور وبية(بلجيكا) .وشاء هللا أا ن يزورنا في فرنسا ،أا ك ثر من مرة ،أوا ن أا سعد باستقباله في مسجدي. أ وكان الشهر شهر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (ربيع ال ول)، أ أ وال يام أا يامه ،والحضور أا حبابه ..والقلوب عطشى ،وال رو اح أ أ ظما ى !!..فطلبها من الشيخ ال سيف رحمه هللا ا ن يتكلم على سجيته ،دون إيجاز مخل ..أا و تطويل م مل ..وكان حرجه شديدا لما أ طلبها مهه الكالم بالفرنسية ،مراعاة ل حوال المخاطبين(علما أا نه كان يفهم الفرنسية) أوا ذكر أا نه قال كالما عاما في سيرة المصطفى 57
/58
(صلى هللا عليه وسلم) وشمائله العطرة ،وترك من ال ثار الحسهة ما ل أا ستطيع وصفه ! وبعد المحاضرة رافقته (في رحلته ال وعظية ) إلى جامع ميلوز (شرق أ فرنسا) ،وسا لته ،وذاكرته ،وانتفعت به ،وبقيت على الصلة - العلمية -به إلى أا ن مات رحمه هللا . وهو الذي نهاني أا شد الههي عن مبارحة م هاج ري..ومديهتي.. ومهبري ،..وع زاني في ابتالءاتي الظاهرة والباطهة ،وشد عضدي.. ودعا لي بخير . ومما أا ذكره عن هذا الرجل رحمه هللا أا نه زارنا -قبيل وفاته -في قضية أ صلح؛ ف رأا يها من سعة صدره وجميل حلمه ما يذكرنا بال سالف أ الصالحين ،وال ئمة ال راشدين ..ولك أا ن تتصور -ياصاح -شيخا مريضا -مرض الموت -يتجشم عذاب الرحلة من بروكسيل إلى فرنسا من أا جل هذا الغرض(الصلح ) ،دون أا ن يسمح لها رحمه هللا بتقديم حبة دواء بال مقابل ،ودون أا ن يكلف اإلخوة المتهازعين عهاء النتقال إليه( في مجلس الصلح)؛ بل رحل إليهم بذاته ،وقام إليهم بشخصه ،ولم يترك عذرا لمعتذر ،ول حجة لمتحجج 59.رحمه هللا ! وههاك فقط اك تشفت معدن الشيخ رحمه هللا ،وعرفت مدى خسارة الجالية المسلمة بفقده! وقد علمت أا نه مات بعد ذلك بقليل ،ونقل إلى البقيع (بجوار الهبي الشفيع)؛ فههيائ لسيدنا بهذا الجوار ،ههيائ
59
أكتب هذا ولساني يدعو :اللهم اغفر إلخواننا الذين سبقونا باإليمان ،وسامح الظالم والمظلوم ،والحي والميت .آمين !!!ا 58
/59
لشيخها شرف بهذا الشرف! ويارب اغفر له وارحمه ،واجزه عها خير الج زاء ! وفي هذه المشاهد مقاصد أا همها: إحياء ذكرى هذا الرجل ،ونفض الغبا ر عن تراثه المسموع أ والمطبوع ،وتعريف ال جيال به ،وإخراج موقع إلك تروني باسمه، وتفقد أا رملته ،وفحص أا فكاره وتجربته ،..أوا ولى الهاس بذلك -طبعا- أ هم تالميذه وجي رانه ،في بلجيكا .فاهلل هللا يارابطة ال ئمة في هذا الزميل الهبيل !
أ مع رئيس رابطة ال ئمة في بلجيكا أ وفي عا صمة التحاد ال وروبي -بروكسيل -لها ذكريات أا خرى ، أ أ نستهلها برئيس رابطة ال ئمة ببلجيكا ،خادم الجالية ،ال ستاذ الداعية ،الشريف سيدي محمد التجكاني -حفظ هللا م هجته أوا دام بهجته!. - وك ثير من أا عزتها يعتقدون أا ن الشيخ محمد من طبقة(مرتبة) هذا الفقير ،والحق أا ن الشيخ أا كبر مهي ،سها ،وعلما ،وفضال؛ بل أا عده من شيوخي -إن سره ذلك !.- فكيف تعرفت على خطيب الجيل ،إمام مسجد الخليل؟ الحقيقة أا ن معرفتي به ضاربة في القدم ..وهو ابن بلدي غمارة، ونتدي ر مديهة واحدة هي :عرو س الشمال( طهجة) .وفي هذه المديهة 59
/60
الفاتهة ..الفاضلة(..الزاخ رة بالخير ) ..تعرفت عليه ،واستمعت إلى درسه الجريء ،حول قوله تعالى ":ي ا ا ي ه ا ال ِذ ين ا م ه وا ات ق وا الل ه ح ق ت ق ا ِت ِه "..60وكان ذلك قبل ثالثين سهة (بالعد الميالدي) ،ول أ زالت نب راته القوية تخترق أا ذني ،وتمال علي أا قطار نفسي !.بل ل زلت أا تخيل ا لشيخ الشاب القوي خارجا وداخال ..وقائما وقاعدا ..وراكبا أ وماشيا ..والهاس يرمقونه با بصارهم ،في أا دب تام ،ويهتظرو ن أا ن يجود عليهم بهظرة ،ويفيض عليهم بقطرة !..أا ل سقى هللا هاتيك أ ال يام !!. أ أ أ وكهت -ا يها السادة -ا هابه وا جل ه ،وتعجبهي حماسته وفصاحته.. وعفويته وانبساطه ..وفي يوم صائ ف جميل ..سافرت -رفقة أ ال ق ران -إلى شاطئ قاع اس راس (بغمارة)؛ لقربه من إقامة والدي، أ رحمه هللا .وكان من خبرنا أا نها أا سرفها في أ وقر ْم ها سماك، ال كل ا ِ اللحم (اشتدت شهوتها إليه) ،فلم ا لم نجد سبيال إلى ِج ِل ِه ِود ِق ه (قليله وك ثيره) ،وغثه وسميهه ..طمعها – ياعباد هللا -في حيوان ضعيف( ..م غ ل ف ِب ِر يش ش ا ِئ ك ح اد ،ي ْخ ت ِب ئ ِف ي اله ه ِار و ي ْخ رج ِف ي أ الل ْي ِل ) ،اسمه القهفذ .ويكهى با بي شوك !. أ وكان أا جدادنا المالكية يا كلونه بال خالف .إل أا نها قد توقفها في أا مره ك ثي را ،وطال تورعها؛ بل وسوستها ! ..أوا خي را شددت الرحيل إلى الشيخ الجليل ( التجكاني) فوجدته -كالعادة -يلقي درسه" عمدة أ أ ال حكام من كالم خير ال نام " بمسجد الموحدين (بطهجة) ،وبيهه وبين الطلبة مودة ،وزمالة وصحبة! فرفعت السبابة -اليسرى- .60سورة آل عمران
60
/61
أ أ مستا ذنا -فقال الشيخ :يمين يمين!! فرمقهي القوم با بصارهم! ثم أا عدت الكرة فقال الشيخ :أا ْ ش تريد؟ فقلت :سؤال ياشيخ عن ي ِ القهفذ!! فضحك حتى بدت نواجذه !.ونشط الطالب ،واستروح أ ال حباب ،ونسيت الجواب!! والحمد هلل الذي أا غهانا -بعد ذلك وقبله -عن أا بي شوك(القهفذ) ،أوا بي قرو ن(الحلزو ن) ،وعن كل الشبهات ..والمكرو هات ..والمحظورات !.. ْ ْ " ال ح ْم د ِل ل ِه ال ِذ ي ا ط ع م ه ا و س ق ان ا و ك ف ان ا و ا و ان ا ,ف ك ْم ِم م ْن ل ك ا ِف ي ل ه و ل م ْؤ وي !".61 وفي كل مهاسبة يذكرني الشيخ بذلك؛ فهسعد بالذكرى ! ثم هاجر الشيخ إلى بلجيكا ،وانقطعت صلتي به ،إلى أا ن ضمتها ( المسابقة ا لدولية لتجويد القرا ن وحفظه وتفسيره بمكة المكرمة ) ، (قبل ثالثين سهة) صحبة الشيخ القارئ مصطفى الغربي ،والشيخ القارئ عبد الفتاح اللمطي ،والغائب الحاضر ،القارئ الحسين بن إيجة ..وا خرين من المملكة المغربية ..وههاك اغتهمته ك ثي را، وتجددت صلتي به ،وسافرنا معا من مكة إلى المديهة (ذهابا وإيابا) أوا قمها في فهدق أ"ا نتركهتهونتال " 62 ، " InterContinentalعلى نفقة الوزارة ،وزرنا الم زارات ،أوا حييها الذكريات ،..فلما علم الشيخ أا ني قد أا قمت في ط رابلس (ملحقا بوزارة التعليم) ا س ى ك ثيرا ، أ أ أ وا شار علي بالهجرة إلى القارة العجوز (ا ور وبا) ،وهيا لي كل أ ال سباب -ج زاه هللا خيرا -لإلقامة في الهرو يج (إماما راتبا )؛ فلم 61
.ال راحم وال عاطف عليه ،وقيل :معناه ال وطن له وال سكن يأوي إليه .والحديث مرفوع .رواه مسلم
62وكنا نتدرب على نطقه ،كما يتدرب أحدنا على المخارج والصفات ،واتمام الحركات ..ولربما جعلنا من ذلك قصة 61
/62
أ أ يتيسر ذلك -لتقصير مهي -ثم كان من قدر هللا ا ن ا كون قريبا مهه في شرق فرنسا ،أوا ن نتبادل الزيارات الودية ،ونتعاون على البر والتقوى .وإلى هللا نشكو التقصير! – كما قال الذهبي. - و المقصد من هذا كله :ذك ران الفضل والجميل ،والتركيز على كل ما ْ هو جميل ،وو صل ما أا مر هللا به أا ن يوصل ،إذ " ال ح ر م ْن راع ى ِو د اد ل ْح ظ ة و ْان ت م ى إلى م ْن ا ف اد ه ل ْف ظ ة " كما رو ي عن الشافعي أ أ أ رحمه هللا .وقال غيره " :ا بو اإلفادة ا قوى من ا بي الولدة ". وقال أا بو حهيفة رحمه هللا ( :ما صليت صالة مهذ مات حم اد – شيخه – إل استغفرت له مع والدي ،وإني لستغفر لمن تعلمت مهه علما أا و علمته علما ).
مع رئيس المجلس العلمي وكان من بركات هذا التواصل بيهي وبين شيخها التجكاني -أا دام هللا فضله -تعرفي على تجكاني ا خر من أا بهاء عمومته ،ل يقل فضال ونبال ،وعلما وحلما ..أا ل وهو أا ستاذنا المبارك الشريف ،الشيخ أ الطاهر التجكاني (رئيس المجلس العلمي ال ور وبي ،وخل ف العالمة سيدي الحسن بن الصديق في الدعوة واإلفتاء ). وك ثي را ما يخلط الهاس بين السمين والعل م ين .وك الهما عا ِل م (بكسر الالم) مستقل .وإن شئت فقل :كالهما عال م (بفتح الالم)مستقل! ول يكادان يشتركان -أا حيانا -إل في الهسب والحسب! .فالشيخ محمد 62
/63
كما ي علم -صاحب مباسطة وإقدام ،وحماسة واقتحام ،في حيننجد ابن عم ومته -الشيخ الطاهر -أا قرب إلى طيهة المحتشم الصامت الفقيه " وفي كل خير ". وكهت أا سمع بالشيخ الطاهر ول أا عرفه؛ حتى جمعهي هللا به في مسجد الخليل ببروكسيل ،قبل سهوات .أوا ول ما استوقفهي فيه شدة حيائه ،وجميل تواضعه ،وسرعة بديهته !..ثم كان الذي كان من تواصلها وتكاملها ..وتعاونها على البر والتقوى. وفي كل يوم أا زداد اقتهاعا أا ن الشيخ الطاهر -نفعها هللا به -خ لق أ ر للعلم والتعليم ،والتقعيد والتا صيل .والسعيد من عرفه .ولو جاو ته لجعلت على نفسي أا ن أا ق رأا عليه حتى أا موت .ولو لقيت تالميذه لوعظتهم بقول ابن قاسم الغزي " :وليس بعاقل من أا مكهه درجة أ ورثة ال نبياء ثم فو تها "..
شيخ مقرئي بلجيكا أ وفي بروكسيل ..قادتها ال قدار لزيارة إمام جليل ،ومقرئ نبيل، يسمى الشيخ المؤذن (القصري) وهو ق را ني حتى الهخاع ؛ ل يكاد يعرف إل القرا ن ،حفظا وترتيال ،و تحصيال وتوصيال .وكان رفيقها في هذه الزيارة أا خوان عزي زان ،هما :السيد محمد الفا تحي( ،اإلمام الواعظ المحهك) والسيد مصطفى أا بو مسلم( .الحافظ القارئ المعم ر) ،وكالهما من أا هل الق را ن بفرنسا ،الموسومين بالخير والبر. ولما اقتربها من المق رأ كدوي الهحل ،وكادت ن ا ر بالق دويا سمعها ة ا ِ 63
/64
قلوبها تهخلع من شدة الجالل والجمال! وكان عدد ال تالمذة ك ثيرا؛ وجلهم يحمل في يده لوحا تقليديا ،على عادة أا هل المغرب في الحفظ والرسم .ورغم استقبال الشيخ لها ،وانبساطه إليها ..إل أا نها شعرنا بهيبة عظيمة ،ل تفسير لها -في تصوري المتواضع -إل الق را ن أ الذي يحمله ،والهم الذي يثقله ،والفن الذي يحسهه !!..فلما سا لهاه أ عن دقيقة (غامضة ) في التجويد ،قال -مبتسما :-هذه مسا لة يسيرة! ردوها إلى ذاك الغالم الصغير (ولده البشير) فازددنا خجال!! .ول أا جد وصفا لحالها مع الشيخ إل قول الشاعر في إمامها مالك رحمه هللا: ْ ْ ْ ي ا ب ى ال ج و اب ف م ا ي راج ع ه ي ب ة ْ ان ! ق ذ والس ا ِئ ل ون ن و ا ِك س ال ِ ْ ْ ْ ان الت ق ى ط ل س ز ع و ار ق و ال هدي ِ ِ ِ ْ ف ه و ْال م ه يب و ل ْ طان ! ل س ا ذ س ي ِ ِ ومما أا ذكره هاهها أا نهي زرت -قديما -شيخها الشريف التجكاني (رئيس أ رابطة ال ئمة ببلجيكا) فذهبه ا إلى الشيخ المؤذن ،وطرقها بيته (ببروكسيل) فرحب بها ك ثي را ،أوا نعم عليها بالخي رات ،أوا متعها بالرو ايات ،فلما هممها بالخروج قال شيخها التجكاني -على عادته في الد عابة : -ياشيخ ،ل خروج من هاه ها إل بعد اختبار فالن( )...في قالون! فذبت حياء ،وكدت أا خرج من باب اإلغا ثة! ومن رحمة هللا أ وستره أا ن الشيخ المخيف -في ال رواية -سا لهي سؤال واحدا هو :كيف أ ر بالسو فقلت: يوسف" ة سو في " بالسوء "... تعالى: قوله قالون ا يق ر ِ 64
/65
أ وصال ،والسوء وقفا؛ فهز الشيخ را سه فرحا ،ونشط الشيخ التجكاني ،وقال :هكذا إذا ،..كل من قال إنه يجو أ د..ا و كذا ...أا تيها ِ به إلى الشيخ المؤذن -أا و كما قال رضي هللا عهه -فقلت :واخجلتاه! واث ْك ل أا ِم ي اه! مالي ول لتجويد! مالي ولهذا الوعيد .!. ودار الفلك دورته؛ فالتقيت في " مسابقة التجويد " -ببرشلونة - أ أ أ بال ستاذ الجامعي اللوذعي ،الخ ال ستاذ الدك تور الحلو ،فوجدته كاسمه :حلو ال حديث ،لطيف المعشر ،شديد العهاية بالشيخ أ المؤذن ،وبا هل الق را ن عامة !.وهذا مئهة من فقهه -أا عزه هللا -وكان أ أ من ا دبه الجم ،وتواضعه الع ِم ا ن دعا إلى تكريم الشيخ في يوم خاص(ببلجيكا) ،أوا راني -حفظه هللا -مسو دة القت راح؛ فحمدت له هذا الصهيع ،وافترقها .ثم انشغلت عن هذا الموضوع أوا شباهه بواجبات الوقت ،وطوارئ أال يام ،إلى أ المكرم والمكرم.. نسيت ن ا ِ أ و"المؤذن" واإلمام !..ثم شاء هللا أا ن التقي في هذا العام با سرة مغربية رافقتهي في الطائرة (من بلجيكا إلى طهجة) ومعها رجل زمين ،..ل يقوى على الحركة والمشي ،ول تستقيم له حياة بال ْرع ي أ ؛ فتا ملت وجهه؛ فإذا هو بوجه الشيخ المؤذن ،ثم كذبت بصري! أ أوا خي را سا لت الشاب الم رافق :أا ليس هذا هو الشيخ المؤذن؟ قال: أ أ بلى .قلت :أا تا ذن بالسالم عليه؟ قال :ل با س؛ ولكهه -كما ترى - يعاني من داء فقدان الذاكرة (الزهايمر ! ) ،وقد نسي كل شيء إل الق را ن الكري م!! فقب لت أرا س الشيخ البركة ،وك فك فت دموعي!. وعزيت نفسي ! وقلت :ل حول ول قوة إل باهلل! أا هذا هو الشيخ 63
من الرعاية .
65
63
/66
أ أ الهي اب ،الذي مال بروكسيل فضال ونبال؟ ا هذا هو شيخ ق راء بلجيكا؟ ! وهها أا ذكر شيائ جميال يهبغي ذكره :لقد طال انتظار الشيخ المقرئ الكبير ..في قاعة " مطار ابن بطوطة " ،مهتظرا إجراءات المرور.. أ فلما تسامع ال مهيون به ،واطلعوا على حاله؛ قال كبيرهم :هات جوازه ..ففحصه بسرعة ،وختمه بسرعة ،وسلمه بسرعة ..ثم قال: أ أ أ م رو ه ا ن يستغفر لها..م رو ه ا ن يدعو لها! فا كبرته وشكرته ..وعلمت أا نه أا صيل بن أا صيل ..إنسان ابن إنسان !. والمق صد من هذا كله هو :الدكار والعتبار ،والهظر في ال ثار، أ أ وإجالل العلماء ال ب رار ،والصلحاء ال خيار
أ م ههل..دنوت مهه ولم ا شرب! أ أوا قصد أا ستاذ الهوازل وال حكام ،العالمة القاضي الهمام ،أا با عبد أ هللا محمد بن محمد المرير الغماري السعيدي(.ا ستاذ المؤرخ الكبير ،محم د داود) الذي وافته المهية يوم 26دجهبر سهة 1977م ،وصلى عليه العالمة الشريف البشير أا فيالل ،أوا ب هه العالمة السيد محمد الطهجي .رحمهم هللا جميعا ! والحقيقة أا ني كهت -عام ئذ -حديث العهد بتطوان ،ولم تكن لي أ معرفة حيهها إل با ساتذة التعليم ،ومعارف الوالد رحمه هللا ،وبعض الخطباء والوعاظ .إل أا نهي كهت شديد الشغف بعلماء القرويين ،ول 66
/67
أ تكاد تخطئهم عيهي! .ومن هؤلء الذين كهت ا صادفهم في الشارع العام ،أوا تمل ى بطلعتهم :العالمة المرير ،والعالمة ابن تاويت، أ (وكالهما مرجعان في الفقه وال صول) .إل أا نهي لم أا تمكن -مع أ أ ال سف -من مش افهتهما ،وال خذ عههما ،ولم يحصل لي شرف الحضور معهما في أا ي مهاسبة من المهاسبات .ولم يكن ذلك -علم هللا -تقصي را مهي؛ بل كهت ل أا ستطيع إليهما سبيال ،إلى أا ن علمت بوفاتهما. أ وبعد ربع قرن من هجرتي (إلى الغرب) تا ججت في قلبي أا شواق التعرف على علماء المغرب ورجالته-بشك ل غير مسبوق -فاطلعت على ك تاب من خمسة أا جزاء ،قيل إنه للفقيه القاضي المرير ،رحمه هللا ،الموسوم " :الهعيم المقيم ،في ذكرى مدارس العلم ومجالس التعليم "( ،وقد قام بتقديمه ومراجعته الدك تور امحمد ابن عبود، والدك تور جعفر السلمي ،ونشرته جمعية تطوان أا سمير) .وفي هذا الك تاب علم غزير ،وخير ك ثير ..لمن شاء الستفادة واإلفادة. أ والمقصد من هذا المشهد :أا ن من فاته ال خذ عن العالم في حياته فال أا قل من أا ن يعك ف على تراثه ،بعد وفاته ،ويحتك بتالميذه أوا صحابه ،ويطلع على ا ثاره وما ثره .والميسور ل يسقط بالمعسور ، أ كما قال ال صوليون .
67
/68
أ عميد كلية ا صول الدين أوا قصد به أا ستاذنا ووالدنا الراحل ،الشيخ محمد حدو بن أا موح أا مزيان (الورياغلي) ،رحمه هللا ،الذي عرفه القاصي والداني ،في أ الشمال المغربي ،ونال محبة الخواص والعوام ،والعرب وال مازيغ ، أ وكان مثال العالم (ال زهري) الواعظ اإلداري المحهك ،..الذي يع رف عالمه وعصره ،وماضيه وحاضره ،ول يخوض في شيء ل يحسهه ،ول يقدر عليه. والشيخ من مواليد سهة 1916م ،بقبيلة بهي ورياغل الريفية، أوا سرته أا سرة كريمة ..مشهورة بالريادة والسيادة .ومههم ابن أا خته أ ال ستاذ الدك تور توفيق الغلبزو ري ،حفظه هللا( ،رئيس المجلس العلمي با لمضيق) ،أوا ستاذ التعليم العالي بجامعة القرويين، وصاحب ك تاب" المه ار المهيف في التعريف بعلماء الريف" .وغيره من الك تابات الهافعة الماتعة . أ وا ما سبب تعرفي على الشيخ؛ فهو ولده البار( ب ْري دة) ،الذي كان زميلي في الفصل ،ومالزما لي كالظل! أ (وا سلم عليه سالم الوفاء من أ هها) .ناهيك عن شقيقه ال ستاذ الدك تور قتيبة ،الذي عرفهي وعرفته قديما -في مسجد الحسن الثاني ،ومق رأا ة سانية الرمل(بتطوان)،أ أوا حبهي أوا حببته ،وكان -ول يزال -نعم الخ و الصديق! دون أا ن أ أا نسى صهر الشيخ ( ال ستاذ المعلم العوفي) الذي كان معلما لي في المرحلة الب تدائية ،بمدرسة سيدي طلحة ،وكان نعم الوالد والمربي ! 68
/69
أ أ أ وا ما ما علق في ذههي من ذكريات الشيخ (ا مزيان) فهو ك ثير! ا ذكر مهه ال تي: لقد دخلت ذات يوم إلى جامع العيون (بتطوان) فسمعت كالما أ عجبا ،تتخلله أا لفاظ بالدارجة المغربية ،وباللغتين ال مازيغية واإلسبانية ،مع علم غ زير ،وتفهن كبير ،..ونظرت إلى الحاضرين فإذا هم أا خالط من الطلبة والصهاع ،والعمال والتجار ،والعرب أ وال مازيغ ،..والصغار والكبار ..ونظرت إلى الواعظ فقيل :إنه الشيخ أا مزيان -عميد كلية أا صول الدين . -فاستغربت من هذا أ أ أ ال سلوب الجديد ،واستمتعت به !!..بل ل ا زال ا عيش عل ى وقع هذا الدرس الفريد ،أوا حن إلى مثله ،أوا تمهى من الوعاظ جميعا أا ن يههجوا نهج الشيخ في التفهيم والت عليم ،وتقريب العلم من المواطهين !!. أ ومن ذكرياتي الطريفة مع الشيخ :ا ني صادفته يوما في حي باب التوت بتطوان (قريبا من المجلس العلمي العتيق) فسلمت عليه سالما أا بويا ،وخاطبهي -مداعبا :-أا هال بولحية! ثم رافقته إلى أ المجلس ،كما ي رافق البن أا باه ،وسا لته في أا مور ..كان ا خرها نازلة فقهية تخص الجالية المسلمة في فرنسا .أوا ذكر أا نهي رجوته -بإلحاح - أ أا ن يك تب لي في ذلك ك تابا (فتوى) بتوقيعه ؛ فا بى إب اي ة شديدة، أ وقال -بالمعهى :-ا مثالي ل ي سمع لهم في الخارج !. وفي أا يام إجازة تعرضت لضائ قة إدارية( ،تتعلق بالتجمع العائلي)؛ ففكرت في استشارة الشيخ أا مزيان؛ (لمكانته الجتماعية) وقبل أ أ الذهاب إليه ،استا ذنت نجله -المبارك -ال ستاذ قتيبة؛ فقال :إن 69
/70
الشيخ -كما تعلم -يعاني من مرض الضغط والسكري ،..وي ؤثر الع زلة والسكون ..ولربما ردك ردا غير جميل؛ فاصبر عليه ..وستهال م رادك ،إن شاء هللا .ث م عل مهي -رضي هللا عهه -كيف أا صل إليه؛ بل كيف أا نحهي لعاصفته!! فكان لي ما أا ردت في دقيقة أا و دقيقتين! و هذه هي الشفاعة الدنيوية كما قال تعالى (:م ْن ي ْش ف ْع ش ف اع ة ح س ه ة ي ك ْن ل ه ن ِص يب ِم ْه ه ا ) . أ أ و كان الهبي صلى هللا عليه وسلم إذا ا تاه طالب حاجة ا قبل على جلسائه فقال (( :اشفعوا تؤجرو ا ويقضي هللا على لسان نبيه ما أ ا حب" . 64 وفي رو اية " :ما شاء " . فرحم هللا الشافع الهافع ،والوالد والولد ،وجزى الشيخ على إفضاله وإحسانه ،و حف ه برحماته ! والمقصد من هذا كله :الترحم على الشيخ الجليل ،وذكران الفضل والجميل ،أوا عظم به من مقصد !
64
متفق عليه 70
/71
مع العالمة العشراوي ك ثيرا ما كان صفي ها الحاج سيدي مصطفى أا بو مسلم العبدي يحدثهي في فرنسا عن طالب ق را ني ،بمديهته ( ا سفي ) ،يقال له :سي عبد الهادي احميتو ..وكان يبشرني أا نه يحضر مع طلبة القرا ن في مهاسبات خاصة وعامة ،كواحد مههم ،ل أا قل ول أا ك ثر ،وربما أ أ تحدث -بإعجاب -عن حفظه لال نصاص الق را نية ..وإلمامه با بجديات أ التجويد ( الهظرية ) ،واهتمامه بالرسم والضبط ..وكهت أا سا له عن أ حرفته فيقول :رجل تعليم ! ..هكذا !ومرت ال يا م والسهون فاك تشفت أا ن الرجل فوق ما قيل بمراحل ومراحل؛ بل إنه -أا على هللا مقامه -يعد من أا كبر المراجع في الفقه المالكي ،والقراءات وعلم التجويد ، ..يدل على ذلك موسوعته الهادرة في قراءة اإلمام نافع 65 . أ ول يكون اإلنسان مبالغا إن قال با ن كل جزء مهها يساوي رسالة دك توراه !!. فكيف تعرفت على هذه القامة العلمية ؟ الواقع أا ني لم أا بذل جهدا يذكر في الوصول إلى ال مقرئ اإلمام ،رغم حرصي الشديد على ذلك .وكل ما كهت أا رجوه أوا تمهاه هو أا ن أا سلم عليه؛ بل أا ن أا قبل أرا سه ،أوا لثم يده !..وفي كل يوم كهت أا زداد
شوقا إليه ،وتعلقا بعلمه وفضله ،ول س يما بعد اطالعي على مقالته في " موقع ال رابطة المحمدية".
65
).قراءة اإلمام نافع عند المغاربة " في سبعة أجزاء ،دكتوراه الدولة (طبع ونشر و ازرة األوقاف المغربية " 71
/72
وفي أا مسية من أا مسيات رمضان المبارك ،ساقتهي أال قدار لحضور أ مهاسبة علمية ( بالرباط ( ( ،بإش راف المجلس العلمي ال على ) فوجدتهي وجها لوجه أا مام هذا الطود الشامخ ،والعالم الراسخ ! وما أ كدت أا صدق أا نهي سا غهمه بهذه ال سهولة !.فمثله تشد إليه الرحال، أ وتقطع إليه المسافات وال ميال !.وكان ذلك في مدخل فهدق كبير - أ نسيت اسمه -وكهت مشغول بشيء مهم للغاية؛ فلما رمقت ال ستاذ تركت كل شيء ،وعل قت كل شيء ،أوا قبلت عليه متوددا :أا أا نتم أ الشيخ احميتو؟ ! فقال -بتواضع العلماء :-نعم فقلت :أا ت ا ذنون بالخدمة؟ فتردد قليال ،وتفرس ك ثيرا ..ثم مكههي أا عزه هللا من أ م رافقته في المصعد ،إلى أا ن اطما نهت على راحته وإقامته .وبعد دقائق عدت إليه في غرفته ،ورافقته إلى قاعة الفطور ،ونويت أا ن أ أا كون خادما له مدى الرحلة ،التي لم تدم طويال مع ال سف . أ وفي جلسة الفطور ( الرم ضانية ) لزمته ،واغتهمته ،فا غرقهي -حفظه أ هللا -في بحور من التا صيل والتفصيل ،والتحقيق والتدقيق ،..ول سيما في مجال القراءات والتجويد ،والهحو واللغة؛ حتى حسبت أا نهي بين يدي إمام من أا ئمة اإلسالم الكبار ،أا مثال الداني، والمكي ،وابن الجزري ،والشاطبي ..وخفت على نفسي -حقيقة -من أ سوء ال دب معه؛ بل استحييت أا ن أا عد نفسي -بعد ذلك -من طلبة ْ العلم ؛ بل ه ( دع عهك ) المعلم القارئ !. أ أ ومن جملة ال مور التي طارحته فيها؛ بل سا لته عهها سؤال التلميذ أ أ الصغير للشيخ الكبير :مسا لة ال وقاف الهبطية ،وظاهرة اإلقبال أ أ أ على طريق ال صبهاني ( بالمغرب ال عربي ) ..وا ذكر ا نه نقلهي نقلة 72
/73
بعيدة ..إلى عالم الربانية والرو حانية ،وانتقد ظاهرة الهجومية، أوا فاض في موضوع التزكية ،أوا وصى باإلخالص التام هلل عزوجل، وقال كالما ل يصدر إل عن علم عميق ،وفقه دقيق ،وقلب رقيق !. أوا ذكر أا نه جرى الحديث عن شيخها العالمة أا يمن سويد؛ فق ال - متحمسا : -إنهي أا عرفه جيدا ،وهو صديقي ،أوا حضر معه في مؤتمرات ومسابقات دولية ،أوا قول :هو رجل ل نظير له في هذا أ أ العصر !.فا يقهت حيهئذ أا ن الشيخ اإلمام بعيد عن ال حقاد ،راسخ أ في ال مجاد ،أوا نه من أا هل هللا وخاصته -حقا -فالمعاصرة حجاب - كما قالوا -وليس من السهل أا ن يشهد القرين للقرين ،والهد للهد .. بهذا التجرد والصفاء ،والعفوية والزكاء !.فلله در الشيخ الجليل( احميتو ! ) وهكذا يكون العلماء وإل فال ول ،والجهل -حيهئذ -أا ولى. والمقصد من هذا المشهد :هو ما تم الختم به من سالمة الصدر، وصفاء السريرة ،ونقاء القلب ..ول يهبل ال عالم والمتعلم إل بذاك . وما سبق اإلمام مالك إل بصفاء السريرة -كما قال ابن المبارك - بالمعهى . - " ربها اغفر لها وإلخوانها الذين سبقونا باإليمان ول تجعل في قلوبها غال للذين ا مهوا" .66
66سورة الحشر.
73
/74
مع الشيخ المغمور أ أ أوا عهي به هها بلدي ها ال ثير ،أوا خانا الكبير ،الشيخ الفقيه ال صولي درس الم ِرس ،الباحث الهقادة ،الشيخ محفوظ طه الهحوي ،الم ِ البحراوي ْ اليد ري التطواني -أا على هللا مقامه -المولود سهة 1949 :م بقرية مهكال ( إقليم تطوان ) .وهو عالم من علماء تطوان ،وبركة من بركاتها ! حفظ الق را ن الكريم بالبادية ،وتلقى مبادئ العربية والفقه ا لمالكي على يد الشيخ الفقيه المهدي شقور ،رحمه هللا، أوا كمل دراسته الشرعية الواسعة في مديهة طهجة ،على يد العالمة أ المحدث ال صولي الفقيه عبد هللا بن الصديق الغماري ،ولزمه مدة طويلة ،وع د من أا نجب تالميذه -بشهادة أا قرانه -المهصفين -ل المطففين -بل بشهادة الشيخ سيدي عبد هللا نفسه ،حيث قال بالحرف " :محفوظ اليدري هو أا نجب طالبي على اإلطالق" 67. أ ولم يشتغل الشيخ -نض ره هللا -ك ثيرا بالتا ليف؛ لتفرغه التام للتدريس والتكوين ،ول سيما في معهد اإلمام مالك ،ومعهد اإلمام الشاطبي ،بتطوان .وله -مع ذلك -ك تب مخطوطة ،ودراسات نفيسة ،مهشورة على الشبكة العهكبوتية . أا ما عن تعرفي على الشيخ :فإني أا عترف -ابتداء -أا ن عالقتي بالشيخ
حفظه هللا ،كانت عالقة صحبة ومودة ،وزيارة وصلة ،وجوار أ وحوار ،ولم أا درس عليه قليال ول ك ثيرا -مع ال سف -بل إني أا عرف أ الشيخ مهذ عقود ،أوا تعهده -ما استطعت -وما أا شعرنا يوما من ال يام 67
.سمع هذا منه(مباشرة) الثقة العدل الصدوق ،األستاذ القارئ ،محمد داود الودراسي-حفظه اهلل -وكتب لي ذلك بخطه! 74
/75
أ أ أ أ أ ا نه شيخ ل حد ،ا و ا ستاذ لتلميذ ! وهكذا شا نه مع عامة الطالب أ وال حباب -كما قيل -وكهت أ بحي ب وجراح ) الشعبي ) ، بيته في صله ا ِ أ بمعية أا خي ال ستاذ سيدي أا حمد داوو د ،ونقضي معه الساعات أ أ الطوال ؛ فال يعاملها إل معاملة الخ ل خيه ،والصديق لصديقه، أ وربما أا حرجها ه إذ سا لهاه واستفتيهاه !! ، ..وربما سردت عليه بعض خواطري -المهلهلة -فصبر وغفر ،وشكر وستر !! ..وما أرا يها مهه -أا عزه هللا -إل اإلشادة والتحفيز ،واإلفادة والتعزيز !..ول أا نسى فضل أ الشيخ إذ أا تحفهي -قبل أا عوام -بمحرر وجيز حول " مسا لة ترجمة الخطبة إلى غير العربية " ،وهو من أا نفس ما ك تب !!وقد استفدت مهه ك ثيرا في بحثي المهشور ).وللشيخ -كما علمت -إضافات وتعقيبات ..وانتقادات ..أا نتظرها بفارغ الصبر ) ! وإني كلما ذكرت الشيخ محفوظ ،حفظه هللا ،واستعدت ذكرياتي أ معه ،بكيت على من يد عي العلم والعلم مهه ب راء ،وسا لت هللا تعالى أا ن يريها العلم علما ،والجهل جهال ! فليس العلم -ياسادتي - أ بشقشقة اللسان ،ول بسحر البيان ،ول بك ثرة الهذيان ، ..ول با ي أ شيء يتخيله المتخيلون؛ بل هو كد وجد ،ووعي وسعي ،وتا صيل ْ المصطفي ن وتهزيل ،واصطفاء واجتباء ..جعلها هللا وإياكم من أ أ والعلماء ال برار ! خيار ، ال ِ ِ أ والخ الصة :ا ن الرجل واسع الطالع ،طويل الباع ،عميق القاع ، .. جمع هللا له بين علوم الوسيلة والغاية ،والمهقول والمعقول ،وفتح عليه في الحديث ( رو اية ودراية) ،وزه ده في المظاهر الفارغة، والسمعة الكاذبة ، ..أوا نعم عليه بم ل ك ة فقهية وحديثية ،تذكرك 75
/76
أ أ بال ئمة الكبار ،والشموس ال قمار !ور بما استدرك على ك ثير من المشاهير ،وضعف ما صححوه ،وصحح ما ضعفوه !وربما عقب على وج ل ! وه و ل يم ل -حفظه هللا - اللغويين والهحويين ..غير هي اب ول ِ أ أ من التهقيب في بطون الك تب ،أوا رحام ال م ات ( ال مهات ) ،رغم وهن بدنه ،وداء مفاصله ..وندرة وقته .وو فرة طالبه !! ..والشيخ قبل ذلك وبعده أا بي الهفس ،مرفوع أ الرا س ،سخي اليد ،بادي الورع ،سريع البديهة ،ذكي الفؤاد ،مرهف الحس ..تؤذيه همسة ،وتؤلمه لمسة ! ، أ وليته ترك ك تابا في الرقائق والزهديات ،وال ذكار والدعوات ،وفقه التعامل مع الق را ن؛ بل ليته ك تب ك تابا كامال في التفسير ..وهو أا هل لذلك وزيادة !ول يعرف خيره إل من عاشره وخب ره ..وليتهي أ كهت معه فا خدمه ،أوا نتفع به ! وهذا هو المقصد من هذا المشهد .
مع الدك تور وجاج أ أ أوا قصد الشيخ المعم ر ،ال مازيغي الفصيح ،ال ستاذ الدك تور سيدي الحسن وجاج ،المولود سهة 1348/1930بس وس المحرو سة . الحاصل على شهادة " دبلوم الدراسات العليا في العلوم اإلسالمية والحديث " بدار الحديث الحسهية ،سهة 1977م ،وعلى شهادة " دك توراه الدولة في العلوم اإلسالمية والحديث " ،بدار الحديث الحسهية ،في سهة 1990م .وهو شيخ معرو ف في شهقيط ..والحجاز أ ..وم راكش ..وسوس ..وفرنسا ( ول سيما بين أا حبابها ال مازيغ) .وقد 76
/77
تولى الشيخ وجاج -بارك هللا في عمره -التدريس بكلية التربية بالطائ ف ،لمدة أا ربع سهوات ،ودرس في شهقيط ( موريتانيا ) سبع سهوات ونصف ،وحاضر بكلية الشريعة ( ا يت ملول ) ،وكلية اللغة ( بم راكش ) .وله من الك تب المعروفة " تحقيق وقف القرا ن الكريم، للشيخ الهبطي " ،طبع سهة ، 1991وتحقيق " مهبهة الشيخ أا بي عمرو الداني" 1988. أ أ والشيخ من ال ساتذة المعدودين ،الذين رافقوا الشيخ ال لباني، رحمه هللا ،في رحلته التاريخية للمملكة المغربية ،وشهدوا أ مهاظراته ،وتا ثرو ا بمههجه .. ولسها معهيين في هذه ال وريقات -كما سبق القول -بتصهيف هذا الشيخ أا و ذاك؛ بل القصد تقييد الذكريات ،واستلهام العظات ،ل أا قل ول أا ك ثر .وللقارئ بعد ذلك أا ن يتوسع كيف شاء ،ويهتقد -بعلم وعدل -من شاء . كيف عرفت الشيخ وجاج؟ الواقع أا ني كهت أا سمع به ك ثي را ( عن طريق فقهاء سوس ) ،وق رأا ت أ ك تابه في نقد ال وقاف الهبطية ،أوا عرف أا خاه -معرفة عامة -من خالل مؤتمر الخطباء بالبيضاء؛ ولكهي لم أا جتمع به إل في زيارته لشرق فرنسا ( ،قبل سهوات ) وكهت أا تصور أا نه صعب الم راس ،حاد الطبع ،قليل الهفع ،فلما خب رناه وجدنا غير ذلك؛ بل إنه -سدده هللا -ل يكاد يتكلم إل بالهك تة والطرفة ،والفطرة والقلب ،ول سيما
77
/78
أ أ مع من يحسهون ال مازيغية ،ويهضمونها ! ولست مههم -مع ال سف الشديد . - ومما أا ذكره (في هذه المجالسة ) أا ني ذاكرته في بعض مسائل العلم؛ أ بل سا لته سؤال التلميذ ل لمعلم ،واستوضحته في نقول ومرويات .. وإي رادات وانتقادات ( ، ..ذكرها في إحدى ك تبه ) فاستغرب جدا .. أ وقال :من أا ين لك هذا؟ ما المصدر؟ وما الك تاب ..؟ فا طرقت أرا سي حياء ،وقلت :كل هذا من فضيلة الشيخ الدك تور وجاج ! قال : وكيف؟ قلت :هذا ما قررتموه -رحمكم هللا -باللفظ والحرف -في أ تحقيق " :تقييد وقف الق را ن الكريم للشيخ ا بي جمعة ! " ..قال : عجيب !! ..ل أا ذكر هذا ! فقلت :سبحان من ل يضل ول يهسى ! أ والعام ية مازيغية، ال وبعد جلسة الغداء ،قدمته إللقاء درس باللغة ِ أ المغربية ( مراعاة ل حوال المخاطبين ) وطلبت من أا حد أا بهائها أ أ المتقهين للغة الفرنسية ا ن يترجم؛ ف را يها -ياإخوتي -عجبا في أ اإللقاء ،وا ية في ال داء !! .أوا عجب ا لعجب أا ن دك تورنا ل يتقيد بموضوع ،ول بورقة ،ول بكرسي ،ول بمكبر ( مكروفون )ول بلغة ،ول أ بلهجة ،ول بهثر ،ول بشعر ،ول بوقت ،..ول با ي شيء يتعلق باإللقاء !! ؛ بل يطوف على الحاضرين واحدا واحدا ،ويتفقدهم فردا فردا ..حتى ليشعر الواحد مههم أا ن الشيخ الوقور جاء من أا جله ،ول أ أ أ غرض له بغيره ! فإذا را ى إنسانا قد سها ا و غفا ..ا قبل إليه ،ووقف على أرا سه ،وطلب مهه الستيقاظ والنتباه ،ولربما ضرب على أرا سه ( ضربا غير مبرح ) وناداه بالعامية " :أا ْه يا ِف ْق !".والحقيقة أا نها لم نشعر بمرو ر الوقت ..ول بثق ل الحديث؛ بل كانت جلسة إمتاع – 78
/79
أ بإجماع -فلما جاء دور السؤال والجواب ..انصبت ال سئلة -في أ أ مجملها -على مش كالت البيوت ،أوا حوال ال سرة ..فا جاب عهها الشيخ الحكيم إجابة واحدة ثابتة ..حفظها الصغير والكبير :"..سل ْك أ أ ْ ْ عام ي مغربي ،يعهي ":عالج ال مور بحكمة " مثال وهو "! لك حسن ا ِ أا و ( ادفع بالتي هي أا حسن) ، ..68ثم يضرب على أرا س أ المترجم (ال ستاذ فارس ) ويقول :ترجم ترجم !! ..فيهظر إليه المترجم ،يهتظر البيان؛ فيقول مرة أا خرى :ترجم ..ترجم ...سلك أا حسن لك ،سلك أا حسن لك ..سلك أا حسن لك !.. ول زال الهاس -عهدنا -يذكرو ن هذه الحكمة العميقة ،ويتواصون بالليل والههار " :سلك أا حسن لك !". والحقيقة أا ن كل من حاول الخروج هها (في الغرب ) عن مادة سلك ( المسلك ..والسلوك والتسليك والسلك ) ..وما اشتق مهها ،وما تفرع مهها ..فقد هد بهيانه ،وهدم عمرانه ،وشتت ف راخه ! والعاصم من عصمه هللا .ول حول ول قوة إل باهلل. وهكذا انتهت زيارة الشيخ ( الخفيف الظل ) بوصية أا بوية ،قال فيها : احذرو ا الفتانين والم ك ِف رين والمتهطعين ..ول تجادلوهم ..ول تخالطوهم ..ول تضيعوا أا وقاتكم معهم !
وهذا هو المقصد من هذا المشهد .
68
سورة فصلت. 79
/80
مع العالم القرا ني.. أوا قصد أا خانا ال راحل ،أال ستاذ الفاضل ،فريد بن الحسن أال نصاري الخزرجي السجلم اسي ،الفاللي ،رحمه هللا ،المولود بإقليم الرشيدية ( ،جهوب المملكة المغربية ) سهة : 1380ه / 1960م -وهو عالم إيمان وق را ن ،أوا صول ومقاصد ،ولغة أوا دب .علمه ربه، .. ولقهه أا بوه ،وبهاه شيخه ،و قربه مرضه . حصل على الدك توراه في الدراسات اإلسالمية ( تخصص أا صول الفقه ) ،و عمل رئيسا لقسم الدراسات اإلسالمية بكلية ال داب، أ ( جامعة مولي إسماعيل بمكهاس ،المغرب ) .أوا ستاذا ل صول الفقه بهفس الجامعة. كما شغل رحمه هللا مهصب رئيس المجلس العلمي بمكهاس ،وعضو أ أ المجلس العلمي ال على بالمغرب (برائسة ال ستاذ الدك تور يسف ). وتوفي -رحمه هللا -في أا وج عطائه -بإسطهبول ،يوم 17ذو القعدة 1430ه / 5نوفمبر 2009م ،ونقل جثمانه إلى مكهاس ،حيث دفن بمقبرة الزيتون ،في جهازة مشهودة ..ل تهسى !!.69 وبعد ،فما قصتي مع هذا الرجل؟ وكيف تعرفت عليه؟ ومي تا ؟ حاض را وغائبا ؟ وما ِس ر احتفائي به حي ا ِ ْ أ وما أ ْ الف بيهي وبيهه؟ -وهو ال ستاذ أوا نا ت والئ فاق الت ه ج و ا ِ ِ ِ التلميذ ،وهو الم بتدي أوا نا المقتدي؟ . - 69هذه الفقرات مقتبسة –في الغالب-من مقالتنا" :الشيخ األنصاري والذكريات التي ال تنسى" مع تصرف. 80
/81
أ أ الحق ا ن شط را كبي را من الجواب ،ذهب مع ذهاب ال ستاذ رحمه أ هللا ! وكان -ولشك -أا ْق د ر مهي على التعبير عن هذه العالقة ال خوية أ السامية ،التي نشا ت بيهها في سهوات مع دودات ،وندوات معلومات؛ فباركها المولى الكريم وزكاها ،أوا ثمرها ونم اها .ول أا جد أ في التعبير عهها أا بلغ من قوله تعالى " :لو أا نفقت ما في ال رض جميعا ما أا لفت بين قلوبهم ولكن هللا أا لف بيههم " 70وقوله الرسول أ أ ال كرم ،عليه الصالة والسالم ":ال رو اح جهود مجه دة ،فما تعارف مهها ائ تلف ،وما تهاكر مهها اختلف" . 71 أ لقد عرفت الفقيد ا ول ما عرفته -رحمه هللا -ناثرا ممتعا ،وشاعرا أ مبدعا ،يهشر قصائده في مجلة " ال مة " ،عليها الرحمة ! في مطلع الثمانين من القرن الميالدي الماضي .ولم أا كن يومئذ شغوفا بالشعر ،ول م ْع هيا ب ِت ْب ِره و ِت ْب ِه ه ،وقديمه وحديثه ...ومع ذلك وجدت هي أا طرب لقوافيه ،أوا تلمس فيها المعاني ال راقية ْ الرق راق ة، بشره عجيب ،وصبر غريب؛ حتى كاد يستميلهي -رحمه هللا -إلى أ عالم الشعر والشعراء ،على حين غفلة مهي .وصدق الرسول ال كرم صلى هللا عليه وسلم " :إن من البيان لسح را " 72 ،أا ْو " إن ب ْع ض يان سحر " . الب ِ وكهت أا خاله -يرحمه هللا -أا نصاريا حجازيا -دارا وقرارا -إلى أا ن أ أ فوجئت -بعد ا عوام -بمقالته ال سبوعية ،في صحيفة مغربية؛ أ فا دركت عهدئذ أا نه مغربي أا صيل ،من بالد الهخيل (سجلماسة) 70
سورة التوبة
72
ي في صحيحه ،كتاب الطب رواه اإلمام البخار ُّ
71
..أخرجه البخاري ( )1116من حديث عمرة عن عائشة ،وأخرجه مسلم ( )9618من حديث سهيل بن أبي صالح 81
/82
أ أ أ وكهت -ول ا زال -متا ث را ببيانه ،وعمق تحليله ،وغزارة علمه !وكا نه ي أا ق ر أا لفقيه أا ديب ،من طبقة ك ه ون ،والخضر حسين ،وعلي أ ْ الطه طاوي ..وزاد -رحمه هللا -تا ل قا وإش راقا في ك تابه " التوحيد أ والوساطة " ...الذي نشرته مجلة " ال مة " القطرية .وتقبله الهاس بقبول حسن .وهو لعمري من نفائس الك تب التربوية ! -كما شهد الكبار -بل من أا عظم ما فتح هللا به على كاتبها الشاب يومئذ -وافقه من وافقه ،وخالفه من خالفه -وسبحان من تفرد بالكمال ! أ ثم شاء هللا عزو جل أا ن تعصف بي رياح ال قدار ،بعيدا عن الوطن العزيز( ،في مهتصف الثمانيهيات من القرن الماضي ) ؛ فغاب عهي أ أ أ خبر ال ديب ال ريب ،وفقدت كل اتصال بمقالته ،إلى ا ن علمت به عضوا بارزا في المجلس العلمي ،بمكهاسة الزيتون ! وخطيبا مفوها بمساجدها ! فقلت في نفسي :لقد عادت القوس إلى باريها ،والمياه إلى مجاريها؛ ْ ولكن ما حظ الرجل من علوم الوحي والدين؟ وما أ عالقته بالفقه والفتوى ،والعلم والعلماء -وهو ال ستاذ اللغوي أ أ الجامعي؟ !-وما ْ دري ت يومها -مع ال سف -أا نه الفقيه ال صولي 73؛ بل الموسوعي العصا ِم ي . وليس على هللا بمستبعد أا ن يجمع العالم في واحد وفي زيارة عابرة للوطن ( أال م ) ،شاء هللا أا ن أا جدد الصلة مرة أا خرى أ أ بكاتبها الحبيب -في عيادة طبيب -وا ن ا قف له على مقال جديد، من ط راز فريد ،لم أا عهده من ا ق رانه ،وم ن على شاكلته من من أراد أن يعرف باع األنصاري في علم المقاصد واألصول فليق أر رسالته" المصطلح األصولي عند الشاطبي" بإشراف
73
.العالمة البوشيخي.
82
/83
أ ال كاديميين العصريين ..وكان يرثي في هذا المقال فقيها ق را نيا، وم ع لما ربانيا ،ترب ت على يده أا جيال ،وخرج من صلبه رجال ،ول يكاد يسمع به أا حد ! أا ل وهو المعلم الهصيح ،والمربي الهجيح، أ الفقيه العمراوي -نور هللا قبره -؛ فانبرى الكاتب -ال نصاري -للكشف أ عن مهاقبه ،با سلوب ي ْه ض ح -وهللا -حبا للقرا ن ،أوا هل الق را ن؛ حتى أ ليتمه ين العبد أا ن يكون محل ذلك الميت !! فزادني ال نصاري -رحمه ْ وشدد ت الرحال إلى أا بهاء هللا -أا نسا باهلل ،واعتزازا بكلمات هللا، أ أ الفقيه ؛ بل إلى فقهاء الفقيه؛ ل قدم لهم التعازي فيه -تا سيا بما ق رأا ت -ول ت زال الصلة القلبية قائمة بيهها وبيههم ،والحمد هلل " وإلى هللا نشكو التقصير "! -كما قال اإلمام الذهبي . والحاصل أا نه ت ب ْره ن لي -من خالل هذه المقالة وغيرها -أا ن الرجل مجذوب إلى هللا -جذبا حقيقيا ،ل ص وريا تمثيليا -وإن شئت فقل : هو ق را ني حتى الهخاع ! يتهفس هواءه ،و "يعش ق "حروفه ،ويتلذذ بمعانيه ! أوا دركت أا نه ماض في هذا الطريق ( طريق الق را ن ) ،مهما أ والع قاب ! (جمع عق ب ة ) ،وكذلك كان؛ فإن ال ستاذ كانت ِ الص عاب ِ أ الل ْو ذ ِع ي -رحمه هللا -رغم فحوليته في ال دب والشعر ،والمقاصد أ وال صول ..؛ فإن طموحه الحقيقي ،ومشروعه الع ْم ري ،الذي استقر عليه أا خي را ،ون سب إليه ،واندمج فيه ،ومات عليه -إن شاء هللا -هو مجالس الق را ن ،ومدارسة الق را ن ،وتدبر الق را ن ! كان هذا هو أ ِه ِج يراه -بشهادة المؤالف والمخالف -متا ثرا -في ظهي -بمدرسة أ الهور التركية ،وبا ستاذه ومربيه ،العالمة الدك تور الشاهد البوشيخي الفاسي -بارك هللا في عمره -الذي ما فتئ يدعو أا يضا إلى 83
/84
أ تدارس الق را ن ،وتداول الق را ن ،بمههجيته الفريدة ،وا سلوبه الهادئ الرصين !. وقد صادفت هذه العهاية بالق را ن هوى في نفس هذا العبد -بحكم أ أا ني طالب ق را ن -مهذ الط فولة -ول أا زال -فتتبعت ال ستاذ في مسيرته الق را نية ،شبرا بشبر ،وذراعا بذراع ،وانتظرت مهه -كالعادة -إنتاجا أ نوعيا في هذا المجال ،يمال الف راغ ،ويتسم باإلبداع ! إلى أا ن وقعت في يدي رسالته الس ي ارة " :مجالس الق را ن " ...فقلت في نفسي :قد أ فعلها ال ستاذ وهللا ! وهذا هو المههج الذي كها نهتظره ونتوخاه !.. هذا هو المههج -التعليمي -الفطري ،الذي يتالءم -إن شاء هللا تعالى -مع م راد ربها في تيسير الق را ن للذكر ،بعيدا عن التكلف والتعقيد ..ذلكم أا ن الق را ن -ياسادتي -رسالت هللا للعالمين أ أ أا جمعين ،أا بتعين أا ك تعين ..ل ل ف راد معي ِه ين ،أا و ل جهاس مخصوصين .ومن ث م فال يهبغي تلويهه بلون حزبي ،أا و مذهبي ،أا و شخصي ، ..وهلم ج را .ويهبغي لكل إنسان ،أا ي إنسان ،أا ن يهال أ متعث را ،أا ْو متعلما ماهرا .. قسطه من الق را ن -ق ل ا و ك ث ر -م ت ْع ِت عا ِ ناظرا متدب را ،أا و عالما مفسرا ! تلك هي أا مهيتي ،وذاك هو مس لكي، إلى أا ن أا لقى ربي وخالقي -إن شاء هللا -. أ ْ و ِم ن ثم تفاعل ت مع فكرة " مجالس القرا ن " التي بش ر بها ال ستاذ؛ رغم مثاليتها في الظاهر ،واستعصائها على التطبيق -بضوابطها وشرو طها -في عالمها وعصرنا ،وبيئتها ومجتمعها؛ ْبي د أا ن ك ثيرا مما كها نعده في السابق مثال ،أا ْو خيال ،صار اليوم واقعا مشهودا ، 84
/85
أ أ وحقيقة ماثلة " وهللا غالب على ا مره ولكن ا ك ثر الهاس ل يعلمون" . 74 سورة يوسف . ول أا حب هاهها أا ن أا شغل نفسي أا و غيري في ذكريات هامشية بيهي أ وبين ال ستاذ -رغم أا هميتها ودللتها في السياق العلمي والتربوي - أ وحسبي أا ن أا شير إلى أا همها أوا برزها .فا قول وباهلل التوفيق : لقد أرا يته -رحمه هللا -كيف تفاعل مع ا يات ق را نية ،في مهاسبة غالية؛ حتى أا نه رفع عقيرته قائال ":ا ِص بت ياجماعة بالنهيار !". أ نداوة صوت ،أا ْو ح ْس ِن أا داء ... ومعلوم ا ن ذلك لم يكن بسبب ِ والمتهغ مون أا ك ثر ! ْ ولكن بسبب ا خر -في تقدير فالقراء غيرنا ك ثير ! ِ ْ ْ هذا العبد -أا ل وهو تغل غل الرجل في معاني الوحي ،وغو ص ه في أ أا عماقه !وهو ال ديب الذو اق ،والم ْع ت ل المشتاق ،الذي صدع الق را ن قلب ه ،وملك عليه ل ب ه ! " ولو أا ن ق را نا س يرت به الجبال أا و أ ق ِط عت به ال رض أا و ك لم به الموتى ".75 أ أ وكهت قد قر أا ت -قديما -لكاتب صدوق أا ن ال ستاذ ال نصاري المغربي ل يدع قيام الليل في سفر وحضر ! أوا نه شاهد ذلك مهه على مدى أ أا سبوعين كاملين ،في رحلة علمية بماليزيا؛ فتا ثرت ك ثيرا بهذه الشهادة الهادرة ،وم ق ت نفسي ، ..وصارت كل شعرة في بدني ِتح ن - أ حقيقة -إلى هذا العبد القانت ! ثم سا لت ربي -رغم ذنوبي وعيوبي - أ ا ن ي ري هي مهه ذلك عيانا؛ فإن هذا -وهللا -مما تق ر له العين ،ويفرح ويع ز وجوده في ا خر الزمان ! له الرب ِ ، 74سورة يوسف. 75
سورة الرعد
85
/86
أ ولما نزل ال ستاذ الدك تور -رحمه هللا -ضيفا عزي زا على " تجمع المسلمين بفرنسا " شاء السميع المجيب ، ..أا ن أا كون إلى جواره في الفهدق -من غير تقدير مهي ول تدبير -فقلت في نفسي :سبحان هللا أ رب العالمين ! هذا هو ال نصاري بلحمه ودمه ! ..وهذا هو ليل أ العابدين ،وروض المحبين ..فال نظر ماذا يكون ؟ !وما هي إل أ كدو ِي الهحل ..أوا زيزا ن ا ر بالق ا ي دو ستاذ لال لحظات حتى سمعت ِ ِ أ أ كا زيز المرجل ..؛ فا ْفق ت قائال :هللا أا كبر هللا أا كبر " !ص د ق الخب ر ْ أ ال خ ْب ر " ! كانوا قليال من الليل ما يهجعون ،وبال سحار هم 76 يستغفرو ن «. العيون بلي ِل ها ل تهج ع مه ع الق ران بوع ِد ه وو عي ِد ِه *** م ق ل ِ ف ِه م وا عن الم ِل ِك العظي ِم كالم ه *** ف ْه م ا ِتذ ل له الرق اب وتخض ع و سمعته يق ر أا في بيتها سورة الفرقان -الحبيبة إلى قلبه -فلم أا ر أا خشع مهه ،ول أا حرص على التدبر !يق ر أا رحمه هللا على السجي ة، به ْ مغر بية ،ول يعهيه -فيما أرا يت -إل التلقي عن هللا، مة غ ِ ْ أ والستشفاء بكلمات هللا !ول ِزل ت إلى ا ل ن ا تغذ ى بهذه الحال !بل كلما است ْح ض ْرت ذلك ت ر ْق رق ْدم عي ،ور ْف رف ْت روحي ،وصغرت أ إخالص ال ستاذ -إن شاء هللا - نفسي ! ولعل هذا من دلئل ِ ولإلخالص أا مارات أوا شراط ، ..ل تخطئها العين .ومن أا خلص هلل
ب ورك له في القليل ،ودام عمله واتصل .
76
سورة الذاريات. 86
/87
أ أ وكهت ا جده -ا ْف س ح هللا في قبره -يقف طويال ا مام الكلمات الق را نية والحديثي ة ،ويجعلها هي المحور والجوهر ،والمقصد والغاية ، .. سائر وذاك م ِئ ه ة من فقهه -يرحمه هللا -فإن " فضل كالم هللا على ِ أ الكلم ،ك فضل هللا على خلقه " كما جاء في ال ثر . وكان -رحمه هللا -ل يقف أا مام كالم المفسرين إل بقدر الضرورة أا و الحاجة ،ولربما اعترض على بعض التفاسير الكالمية الستطرادية .. ،المغرقة في اإلعراب واإلغ راب ،والتفريع والتسجيع ،وقال " :إنها تحجب الهاس عن حقائق الق را ن !".وربما أا ضاف – مازحا ":-مالي إذا أ أ ق را ت الق را ن فهمته ! وإذا ق را ت التفسير احتجت معه إلى تفسير !! " 77أا و كما قال . أ أ وكان ال نصاري ال كاديمي -يرحمه هللا -كما عرفته -ل ي ْب خل -في حديثه -بالصالة على الهبي الكريم ،والترضي عن ا له وصحبه، الحرص على ْ والترحم على ورثته ،مع ْ تح لي ِة الق راء والعلماء ِ أ والصلحاء ..با لقاب الت ِج ل ة والتعظيم ! مسترشدا بقوله تعالى "ذلك ومن يعظم حرمات هللا فهو خير له عهد ربه " 78.وقوله عزو جل " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربها اغفر لها وإلخوانها الذين 79 سبقونا باإليمان " . وكان أا حب الق راء إليه -كما حدثهي -الشيخ محمد العالم الد وك الي ، أ وهو شيخ ليبي م تقن ،إذا ق را الق را ن حسبت ه يخشى هللا ! -وفي كل 77
بصائر قرآنية(دروس مسجلة).
79
سورة الحشر
78
سورة الحج
87
/88
أ أ أ الق راء خير-بل إن ا ستاذنا -ا على هللا درجته -كان ي ِج ل ا هل الق را ن عامة ،وي ثهي عليهم ،وي ْد نيهم ،ويتشفع لهم ،ويعفو عن مسيئهم، أ وي ص ِل هم با نواع ال ِه بات -كما حدثها الثقات -وهذا فرع عن مكابدة الق را ن ،ومحبة الق را ن .فمن أا حب الق را ن أا حب أا هله -قول واحدا . - يقول صلى هللا عليه وسلم " :إن من إجالل هللا تعالى :إك رام ذي وحامل الق را ن غير الغالي فيه ول الجافي عهه، الشيبة المسلم، ِ وإك رام ذي السلطان المقسط". 80 وكان -يرحمه هللا -يسبغ الوضوء على المكاره -كما شاهدناه -ويطيب له ك ثيرا سرد حديث اإلسباغ ،والتفصيل فيه .ويحافظ على والصالة بعده ،رغم مرضه وتعبه ،ويردد " الوضوء (في سفره ) ِ الوضوء سالح المؤمن " 81بل إن الصالة كانت هي مالذه وسلواه، أ أ أوا نسه ونجواه !! وما تا لم لشيء تا لمه -رحمه هللا -للعجز عن السجود أ أ أ الكامل ،والركوع الكامل؛ بسبب داء الم فاصل !!.وا ذكر ا ن ا حد أ أ أ العوام شكا إليه ال سقام وال لم ؛ فسا له ال ستاذ :أا تقدر يافالن على السجود؟ قال نعم .فعقب -بما معهاه :-إذن ما بك شيء ،ما بك شيء !!...أا نت بخير أ ياا خي ..أا نت بخير ..احمد مولك ،وك ف عن الشكوى !! أ ولم ا ط ل ع عليها -رحمه هللا -في ندوة ال ئمة " بمهطقة ِل ْيل " سل م سالما خفيفا ،ومر بيهها مرو ر السهم ،ثم توجه إلى قاعة الصالة، 80
-رواه أبو داود ( )4841وحسنه النووي في "رياض الصالحين".
-82وقد نسب األستاذ رحمه اهلل تعالى هذا القول -في بعض دروسه -سهوا -إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم .والوارد الثابت في ذلك هو حديث مالك في الموطأ" وال يحافظ على الوضوء إال مؤمن" .وأما " الوضوء سالح المومن "فال يعرف له سند وأصل ،ومعناه صحيح ،كما قال أهل العلم
88
/89
أ ومكث في مصاله ما شاء هللا ا ن يمكث ،ي طفئ ِض رام و ْج ده بالركوع أ والمهاجاة والدعاء ،ويشحن بط ارية رو حه ..؛ فتا ملت حاله، شا ن ،ونحن في ْ أوا ْي ق ْه ت -سادتي -أا ن ه في ْ شا ن ! أا ي أا ن ه ب ْي ه ها بجسمه ،ومع ربه بروحه ! كما قيل: أ ِج ْس مي معي غير ا ن الروح ْعه دكم
ْ وطن فالجسم في غ ر بة والروح في ِ
أوا شهد أا ني لم أا سمع درسا في " مفهوم اإلمامة " أا بلغ مما سمعت من أ أ ال ستاذ في مؤتمر ال ئمة ! وو هللا لقد أا سبى العقول ،أوا سر القلوب، أ و قال كالما ت شد إليه الرحال ،وتقطع إليه ال ميال ،ولن تظفر به في ِس ْف ر أا و مقال !.ول زلت أا ترجى إدارة المؤتمر الموقرة أا ن ت خرج لها هذا التسجيل ؛ فإنه -لعمري -من العلم الجليل ،الذي يؤجر عليه المتكلم والمستمع والدليل ..ولو ق در للفقير أا ن يضع عهوانا لهذا أ الدرس الماتع لكان " فتح الباري ،في مفهوم اإلمامة عهد ال نصاري ". ومن درره التي ل تهسى ":من جعله هللا إماما ساق إليه خلقه ! ". أ " وهللا إن لم يجعلك هللا إماما في السماء فلن تكون إماما في ال رض "! مشيرا إلى قوله تعالى " :إني جاعلك للهاس إماما" . 82 أ أ وكم ر ِغ ْب ت إلى ال ستاذ الق را ني الرباني أا ن يؤمها في الصالة؛ ل تبرك بق راءته ،أوا نهل من خشوعه ! فما كان جواب ه -رحمه هللا -إل الرفض ولعل ي طو لت عليه أا حيانا في الصالة -من غير قصد مهي والمتهاع ! ِ ول عمد -ولم أا راع ض عفه -كما علمتها السهة -فما تزحزح -رحمه هللا - أ ول تهحهح ،ول تا ف ف ول ضجر؛ بل كان لسان حاله يقول في خشوع المؤمن ":أا رحها بها يابالل " ! رغم ما كان يعانيه -رحمه هللا -من ا لم 82
سورة البقرة. 89
/90
أ وا سقام ،لو ن زلت -وهللا -على جبل له د ْت ه ! فكيف بصاحب جسم ْ نحيف ،وع ظ م واه ضعيف ! أ ِنش طت للعبادة ال عضاء وإذا حل ت الهداية قلبا تاب " قهاديل الصالة " ؟ فمن يخطر ا و ل ْي س -ياسادة -هو صاحب ك ِ على باله مثل هذا العهوان ،ومن ي فيض قلب ه بهذا العرفان ،إل المتلذذون بالق را ن ،المهاجون للرب الرحمن؟ ! من ْ ْ من -ياصاح -يستطيع أا ن يص وغ بقلبه ووجدانه ،ما صاغه فريد في " القهاديل "وفي " جمالية التدين "وس ائر أا عماله وك تبه ،إل أا ن يكون عارفا بربه ،م شاهدا بقلبه؟ ! أ ومن الذكريات الطريفة مع ال ستاذ أا نه أا طل -ذات يوم -على مك تبتي المتواضعة ،ثم سم ر عيهيه في زاوية مهها؛ فدفعهي الفضول إلى تتبع ما قصد؛ فإذا هي ك تب تفاسير ،ثم قال :ما شاء أ هللا ! من كل فن طرف ! وعليك بك تاب " القبس ،في شرح موطا مالك بن أا نس" ( لبن العربي المعافري المالكي ) .ثم أا طلعته على أ ك تابه المتين " أا بجديات البحث في العلوم الشرعية "فا طرق أرا سه حياء؛ فقلت -على السجية : - ياشيخ :ع هدي مالحظة على ك تابكم ؛ فازداد حياء ،وقال :هات أ أ هات ..مرحبا مرحبا !! ..ف قلت-بال معهى -مداعبا :-هذه ا بجديات ا م أا كاديميات !! ..ليتك -رحمك هللا -بسطت الك تاب أا ك ثر حتى يعم الهفع ! .قال :أا فعل إن شاء هللا .ثم قدمت له ت و ْي لفا في أ المقاصد (ل حد المعاصرين) فهظر إليه نظرة ،وو ضعه جانبا .فلما 90
/91
أ ثهيت بك تاب الفقيه عبد هللا بن بية ( صهاعة الفتوى وفقه ال قليات ) هز أرا سه -طربا -و قال :أا ما هذا ففيه علم ! والحق أا ني ما كهت أا عرف قدر الشيخ في " مقاصد الشريعة " حتى أا سمعهي الشيخ التجكاني ( رئيس المجلس العلمي ) بعض محاضراته في بلجيكا .والعجيب أا نها مرتجلة بالكامل ،والحضور فقهاء علماء ! وسبحان المعطي المانع ! أ ومن الذكريات التي ل أا نساها مع الشيخ ال نصاري ،عليه الرحمة : رحلتها إلى محطات الثلوج ،بولية " ِل ف ْ وج " ،رفقة الهجل خالد .وكان أ الشيخ ما خوذا بجمال الطبيعة ،دائم الذكر والتسبيح ،سريع التواصل مع الغربيين ،ك ثير الرحمة بهم ..ول سيما العجائز والزمهى .وما مر بشيخ أا و عجوز ..إل قال ( "bonjour " :صباح الخير ) مستحضرا أا مر هللا تعالى " وقولوا للهاس حسها " ،83وما مر بب ر أا و أ فاجر ( من ا هل القبلة ) إل بش في وجهه ،وا نسه بقوله ! حتى إن أ ْ الجيرة -على غير العادة ِ -فط هوا لمقدمه ،واستا نسوا بطل عته، أ وعج بوا ل خالقه ! ِ هلل قوم إذا ح ل وا ب ْ ح ل اله دى ويسير الجود إن س ارو ا مه ِزل ة أ أوا ذكر أا نه قال -رحمه هللا -بتفاؤل المؤمن ،وهم ة العالم ":سا جتهد في تجويد فرنسيتي ،أوا كرر زيارتي ! وا ْش هدكم أا ني قد صح ْح ت صورتي عن اإلسالم أوا هله في الغرب ! ما شاء هللا على ما أا نتم فيه من
83
سورة البقرة. 91
/92
أ خير ! الحمد هلل الذي جاء بي إليكم ! الحمد هلل الذي ا راني ما تق ر له العين ! "...أا و كالما هذا معهاه. وفي هذه المشاهد مقاصد ،أا برزها : أ ضرورة العتهاء ،بسادتها العلماء ،وخصوصا ال حياء ؛ فإنما الهاس بقادتهم وسادتهم؛ فإذا ق ِب ض الفقيه القدوة؛ ق ِب ض معه العلم والفضل ،وعم الظالم والجهل !وهلل در القائل: وما كهت أا دري ما فواضل ك ِف ه أ أ فا صبح في لح د من ال رض ِمي تا
على الهاس حتى غي بته الصفائح وكانت به حي ا ت ضيق الص ح اصح
ومن ث م وجب -سادتي -الحتفال ،بعلم التراجم والرجال .فكم من علوم ضاعت بسبب اإلهمال ! سيما أوا ن علماء المغرب الكبير -رضي هللا عههم -موسومون -في الجملة ْ - بهض م الهفس ،وتقزيم الذات، ْ أ أ أ إلى حد كبير !ول ي قبلون من ا حد ا ن ي ترجم لهم ،ب ل ه ا ن ي ترجموا أ أ ل نفسهم با نفسهم .ولم يخرق هذه العادة إل نزر يسير مههم ، أا مثال :العالمة الوز ير ،محمد الح ج وي الفاسي الثعالبي ،ا لذي أ ترجم لهفسه -على خجل -في ( الفكر السامي ) ،وإمام ال دب ،لسان الدين بن الخطيب ،وإمام التاريخ ابن خلدون ..وا خرين معدودين معروفين . أ أ ول ندري كيف ستعرف ال جيال الصاعدة رجالها وعلماءها إذا ا هملها فن التراجم والسير؟ !ولم ْ يس ع القادرو ن مها إلى إماطة اللثام عن أ سير هؤلء ال عالم ،بالشكل التقليدي المعرو ف ،أا ْو بفتح مواقع 92
/93
إلك ترونية ،علمية ،راقية ؛ تواكب العصر ،وتستشرف المستقبل، 84 وتحترم ال خر؟ !.
العالمة الحكيم ومن العلماء أال عالم الذين اك تحل ناظري برؤ يتهم ،وطاب خاطري أ بهظرته م :سيد المسلمين ،ومفخرة المؤمهين ،ال ستاذ العالمة أ الوزير ،الفقيه الحق -بالمعهى ال دق -عبد هللا بن الشيخ العالمة أ المحفوظ 85بن بي ه ،الشهقيطي ،المولود سهة 1935ميالدية ( ال ستاذ في جامعة الملك عبد العزيز في جدة . وهو عالمة عالمي ،86متين التكوين ،نادر الوجود ،متعدد الخبرات ،ك ثير المواهب ،جميل الصفات ..فإلى جانب كونه شيخا فإنه يتميز بهضجه السياسي ،وفكره الوسطي ،وعمقه الفكري، الجم ،أوا دبه الع ِم ،وتجربته الطويلة، واجتهاده الفقهي ،وتواضعه ِ ومعرفته الواسعة بالغرب ،واختالطه برجاله ،وتردده على معاهده ومدارسه . وهو رجل إطفاء وإسعاف ..ومصالحة وإنصاف ..وتقريب وتغليب . وخاصة وعامة .يحترمه العلماء والزعماء ،والفقراء والبسطاء ..والعرب والعجم ..وسائر من عرفه . ".انظر –غير مأمور -مقالتنا المنشورة على الشبكة العنكبوتية بعنوان ":الدكتور األنصاري والدروس التي ال تنسى"جزء 9 84 85 86
تربى في بيت علم حيث كان الوالد الشيخ المحفوظ ( رحمه اهلل ) من كبار العلماء
وقد تم اختياره من قبل جامعة جورج تاون كواحد من أكثر 50شخصية إسالمية تأثي ار لعام 9002م 93
/94
ومن خالط الشيخ حار في تصهيفه ،وتاه في تعريفه ..فقلبه قلب صوفي ،وعقله عقل سلفي ،وكالمه كالم فيلسوف ،ونشاطه نشاط كهل ،وذاكرته ذاكرة حافظ ،واستهباطه استهباط مجتهد، 87 أ وثيابه ثياب عامة ! .أوا غرب ما في ال مر أا نه وزير سابق ،وقاض سابق ،اعتاد -مهذ طفولته -أا ن ل يحمل نقودا في جيبه ،ول يلبس ساعة في يده ،كما قال بعظ مة لسانه . أ وبعد ،فما قصتي مع هذا اإلمام ؟ وكيف ا ذن المولى بال غتهام؟ الحقيقة أا نهي شاهدته -أل ول مرة -على قهاة " أ إقرا " الفضائية، ْ بعمامته المغربية ،وب ل غته الفاسية ،وس بحته العادية ..فتوسمت فيه الخير والصالح ،والرشاد والرباح ،وحسبته إماما عاديا ،أا و فقيها مالكيا ،يهتسب إلى المدارس العتيقة ببالدنا .وكان يتكلم ( بالفرنسية والعربية ) عن مشكالت الغرب ،ونوازل الغرب ..؛ فا عجبت غاية العجب بفقهه ونضجه ،وحكمته وحلمه ،وخشيت شيائ واحدا هو :أا ن يكون الشيخ الجليل بعيدا عن الواقع الغربي؛ أ فيقع المحذور ( من حيث التهزيل ل من حيث التا صيل) ؛ بل طالما أ تساءل الفقير -بب راءة :-ما عالقة الشيخ البركة بفقه ال قليات .. وشؤو ن الجاليات؟ ! وما هي إل أا يام حتى سبرت غوره ،وعرفت خيره ..وقد سهل علي -ياإخوتي -تصديق كل شيء إل أا ن يكون شيخها وز ي را 88أا ب وزير ،وقاضيا أا ب سفير ! بدهيات نغفل عنها وهو قبل ذلك وبعده-بطبيعة الحال -بشر غير معصوم ،يصيب ويخطئ ،ويذنب ويتوب ..وهذه َ 87أحيانا.
-88وزي ار للتعليم األساسي والشؤون الدينية ،ثم وزي ار للعدل والتشريع وحافظاً للخواتم ،ثم وزي اًر للمصادر البشرية ،ثم وزي اًر للتوجيه الوطني والمنظمات الحزبية
94
/95
وكان أا ول ما ق رأا ت له -فيما أا ذكر " :-صهاعة الفتوى "..وهو ك تاب متين ، 89ل يصدر إل عن راسخ مكين " ،ول ي سمح للهاظر ..أا ن يهظر فيه نظر مفيد أا و مستفيد ،حتى يكون ري ان من علم الشريعة أا صولها وفرو عها ،مهقولها ومعقولها . " 90.. ثم شاء هللا أا ن أا ق ر أا له في الدوريات والمهتديات .أوا ن أا تابعه في الدرو س الحسهية (ال رمضانية) ،والقهوات الفضائية ،..إلى أا ن نظرت إليه عيانا(في مطار باريس الدولي ) ،وكلمته واستفيت ه( هاتفيا ) ، وحضرت محاضرته (ب باريس ) ،وزارني حفيده المبارك .ثم دار الفلك دورته ،ووجدتهي غير بعيد عن عالمها في ليلة القرا ن ( الرمضانية) ) أ بالرباط ( ،ت حت إشراف وزرارة ال وقاف .وكانت فرصة نادرة للسالم عليه ،ت قربا إلى هللا تعالى .وفي نفس المهاسبة د عيها إلى مائدة أ إفطار ،ببيت السيد وزير ال وقاف والشؤو ن اإلسالمية؛ ففوجئت بوجود الدك تور العالمة بن بية ،وإلى جهبه نجله الدبلوماسي البار 91
!..
أ وكان أا حظى الهاس به -في المقام ال ول -رؤ ساء المجالس العلمية، وضيوف الدرو س الحسهية ، ..والكل يجله ويوقره ،ويحبه ويعزه ! وسبحان ال رافع الخافض ،المعز المذل ! وكهت قد تحايلت للوصول إليه في هذه الفرصة؛ فلما أرا يت شيخها الشريف البقالي قد ه م بذلك ا ثرته وقدمته ،وراعيت سهه وس بقه ،وعلمه وفضله ،وهو 89
.ليس الكتاب بكثرة أوراقه؛ بل بما حوى بين دفتيه .كما قال الحكماء
).90حسب تعبير الشاطبي .ويقصد كتابه" الموافقات" .انظر (:الموافقات83 /2 91
ويتميز بتواضعه الجم ،وتفانيه في خدمة والده ،والبرور به .فلله دره! 95
/96
قبل ذلك وبعده شريكه في اإلفتاء؛ وزميله في " مجلس اإلفتاء أال ور وبي"..92 والمقاصد من هذه المشاهد ك ثيرة أا برزها : أ أ ا -طلب العلم من ال كابر ل من ال صاغر ،ومن المعتدلين ل من أ الغالين .خالفا لما درج عليه السواد ال عظم -في هذا الزمان -من تتبع كالم الغالة ،والفتتان بمقولتهم ،والمغالة في حبهم " .وقد أ و جد بال ستق راء أا ن صوت الغالي أا قوى صدى أوا عظم استجابة؛ ل ن التوسط مي زان العتدال ،ومن يحرص عليه قليل في كل عصر أ أ ومصر ،أوا ما الغلو فمشرب ال ك ثر ،ورغبة السواد ال عظم ،وعليه درجت طوائ ف الملل والهحل" 93 ب -عدم الحكم على الهاس -سلبا أا و إيجابا -من خالل المظاهر الخارجية ،فالم ظهر -على أا هميته -ل يصهع من الجاهل عالما ،ومن الطالح صالحا ..وقديما قالوا " :ت رى الفتيان كاله ْخ ل ،و ما ي ْد ريك ما الد ْخ ل ! ".فشيخها العالمة الوقور -بن بية -زاده هللا جمال وجالل -ل يوحي مهظره -في العرف العربي -بالوجاهة واليسار ،والسياسة والرياسة ،..و الطموح والرسوخ؛ ولكهه -كما علمت -غارق في أ أ السياسة إلى ال ذقان ،محسوب على ال عيان ،مستوعب للدساتير والقوانين ،حافظ للمتون ،مشارك في القراءات ،ناظر في أ أ ال سانيد ،خبير بالفقه ،عالم في ال صول ،رائد في التفكير ،متجول
92 93
ويحليه بالشيخ المبارك! وانه لكذلك وقد علمت أن الشيخ بن بية يجل أخاه الفقيه البقاليُ ، .انظر" الجرح والتعديل" ص 952:للعالمة القاسمى 96
/97
في القارات ،مشارك في الحوار ..شاهد على الهاس ..بارك هللا في عمره ،ونفعها بعلمه! ب -بيان أ ا ن " علم العالم ل يهضج إل بالمدارسة والممارسة " ،أوا ن أ ك ثيرا من العلماء ال عالم تغيب عههم الهظرة الصحيحة للوقائع أ وال حداث ،والقضايا والمسائل؛ بسبب اعتكافهم في المساجد والمعاهد ،والمك تبات والمكاتب ..وتورعهم عن المخال طة والمغالبة ..والمدافعة والم راجعة ..ولو زاحموا العامة بالمهاكب، وانخرطوا في المجتمعات ،وجالوا في البلدان؛ لتفتحت عقولهم، وتبدلت نظرتهم ،وصحت أا حكامهم .وكانوا ربانيين حقا وصدقا . أ وإنما يساعد على ذلك -بعد اإلخالص – ال خذ بحظ وافر من علم أ أ المقاصد وال صول؛ ف " علم ال صول يوسع العقل ،ويهير الذهن، ..وتركه ضربة قاضية على العلم الديهي" . 94 وكل هذا وذلك وذاك ل يهفع -سادتي -إذا عششت العصبيات والحزبيات ،والدنيويات والهفعيات ..وإنما المعصوم من عصمه هللا.
.94كما قال العالمة جمال الدين القاسمي في مراسالته المنشورة 97
/98
مع الشيخ التليدي الكرفطي وقد ك فانا الشيخ المؤونة ،وعرف نفسه بهفس ه ،في ك تابه " ذكريات من حياتي "وهو أا علم بهفسه من غيره ،وهللا أا علم بها جميعا . وملخص التعريف أا نه :الشيخ عبد هللا بن عبد القادر بن محمد أ التليدي الكرفطي ،الطهجي ،الحسهي ،الملقب با بي الفتوح، المولود بقرية الصاف من قبيلة بهي غرفط سهة 1347ه . أ بدا مشواره العل مي كعادة أا هل المغرب بحفظ كالم هللا عز وجل، ثم ذهب إلى قرية " امجا زليين " وحفظ المتون ،ثم التحق بالمعهد أ الديهي ،وانقطع ل سباب ،وتفرغ للدراسة الحرة على يد علماء طهجة ،ودام على هذا ثمان سهوات . بعد ذلك رحل إلى القرويين بفاس ،ولم يدم طويال لظرو ف خاصة، فعاد لبلده ،ولزم العلماء الغماريين ،وانتسب -خصوصا -إلى أ أا خيهم ال كبر ،الحافظ المحدث أا حمد بن الصديق ،رحمه هللا، ودرس عليه ،والتزم طريقته ومههجه .ثم تفرغ للتدريس أ والتا ليف ..حسب الوسع والطاقة ،ورحل إليه الهاس من مهاطق أ شتى ،وانتشرت مصهفاته في العالم اإلسالمي ،وبال خص التفسير . وس هات وههات .. وكانت له مراجعات ومدافعات ،و هفوات وكبواتِ ، حسب قوله في" الذكريات ..". وبعد ،فما قصتي مع هذا الفقيه المدرس ،والشيخ المحدث؟
98
/99
الواقع أا نهي ما درست عليه ،ول انتسبت إليه ،ول كهت حسن العتقاد فيه؛ بل كهت أا سمع عهه ما ل يرضي ،أوا ق رأا عهه ما ل ي صدق ..وعهد هللا تجتمع الخصوم " وهللا الموعد " كما قال الذهبي. أوا ول من زهدني فيه أا ق رانه أوا ت رابه ،وعصري وه وبلدي وه -لخالف قديم -وما كهت أا عي -ياسادة -بصدق -المقولة السائرة " المعاصرة تهفي المهاصرة" ،أا و" المعاصرة حجاب"؛ بل ما كهت أا فهم - بص راحة -الطبيعة ا لبشرية ،كما هي ،بال أا صباغ ول أا لوان .وزادني ازورارا عن الشيخ اطالعي على جزء له في الكرامات ..أوا ي كرامات؟
كراماته هو -ختم هللا لها وله بالخير -في سرد طويل عريض ..فقلت : ما هذا ؟ وما الداعي إليه؟ وشاء هللا أا ن أا تردد على طهجة ثالثين سهة ،أا و أا ك ثر ،دون أا ن تحد ثهي نفسي -ولو مرة -بزيارته ،أا و القت راب مهه ! والعجيب أا ن مدرسته على مرمى حجر من قرابتي !ولو شئت لوصلت إليه بال كلفة ول مشقة ،ول خلة ول شفاعة ..وهكذا .. أ إلى أا ن أا ذن هللا بذلك -في الوقت المهاسب -على يد الخ الهف اعة المقدام ،الفقيه سيدي أا حمد داود الودراسي -جزاه هللا خي را .- فكيف تم ذلك؟ الحقيقة أا ني نسيت المقدمات والمشوقات ( الداودية ) والذي أا ذكره ال ن هو أا ني كهت أا زو ر المك تبات ،أوا طوف على الق رابات(ما بين أ المديهة القديمة والجديدة) ف اتصل بي الخ المذكور ( داود ) ورغبهي في م رافقته إلى مدرسة الشيخ التليدي ،وحدثهي أا نه صديق صهره ( الحاج الحافظ سيدي عبد السالم جيد ) فوافقته ورافقته ،وما بي نشاط ول همة؛ فلما دخلها مدرسته أا و زاويته وجدناها دار علم، 99
/100
أ وما وى طالب ،..ل تختلف قليال ول ك ثيرا عن المدارس العتيقة، أ والرباطات القديمة ،..وسا لها عن الشيخ فقيل :إنه في غرفته ،أا و أ مقصورته؛ فا ذن لها في الدخول ،وسلمها عليه وجلسها ..وكان أ أ البهو ا هال بالزوار ،معمورا بال خيار ،من مخت ِل ف الديار وال مصار، ومههم بعض تالميذه بالغرب .والعجيب أا ن الشيخ -طيلة جلوسها - أ لم يهبس ببهت شفة ،ولم يحرك لسانه -فيما أا ذكر -إل في ال وراد أ وال ذكار ،وشرب الشاي -ربما -فلما طال بها المقام ،أا شرت على صاحبي داود ،أا و أا شار علي بالستئذان ،ثم قلت أا و قال صاحبي- أ على ال رجح -:ياشيخ ،نحن أا ئمة في أا وروبا ،وطلبة علم ، ..ونهتظر من فضيلتكم ك ْلي مة أا و وصية ! ..فهظر الشيخ نظرة متفرس أا و متوجس ،وقال ما قال ،ثم قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " :أا ك ثر مهافقي أا متي قراؤها !".وعاد إلى ورده وحزبه .!. أ فا صبها بالذهول ،وجهلها " سبب الهزو ل " ،وبقي ال مل -عهدي -في أا ن يكون الحديث ضعيفا أا و موضوعا ؛ ولكن هيهات هيهات ! فالشيخ – كما ل يخفى -رجل الحديث ( رو اية ودراي ة) ؛ بل ل يكاد أ ي عرف إل به .وا لحديث ( بلفظه وحرفه ) صححه ال لباني في السلسلة أ الصحيحة ،وال رناؤو ط في تحقيقه لمسهد اإلمام أا حمد ..فلم يبق إذا إل التسليم والعتبار ،واستكهاه المعهى ال ِم درار . .والمعهى ا يل -ول شك -إلى التسميع والتلميع ،وطلب الدنيا بالدين .وهذا ل يكاد أ نسا ل هللا العافية !-. يسلم مهه أا حد -
100
/101
ورغم أا ن حديث " خيركم من تعلم الق را ن وعلمه " 95كان ياسادتي أا قوى في السهد ،أوا جمل في البشارة ؛ فإن جذبة الشيخ ،أا و رصاصة الرحمة نفعتهي -أا يها السادة -ك ثيرا في م راقبة عملي ،وتجديد نيتي، واتهام نفسي ..ول سيما بعد أا ن قرأا ت في " مدارج السالكين " و " إحياء علوم الدين " أا ن خوف الهفاق قطع ق ل وب الس ا ِب ِق ين أ ال ولين ( لعلمهم ِب ِد ِق ِه و ِج ِل ِه ،و ت ف ِاص ي ِل ِه و ج م ِل ِه ) أوا نهم س اء ْت ْ ْ ْ وس ِه ْم ؛ ح ت ى خ ش ْو ا ا ْن ي ك ون وا ِم ن ج م ل ِة ال م ه ا ِف ِق ين . ظ ه ون ه ْم ِب ه ف ِ ْ ْ اب ومن الروايات المشهورة في هذا ا لمعهى قول ع م ر ب ن ال خ ط ِ ِل ح ذ ْي ف ة -ر ِض ي الل ه ع ْه ه م ا -:ي ا ح ذ ْي ف ة ،ن ش ْد ت ك ِب الل ِه ؛ ه ْل س م ا ِن ي ل ك رس ول الل ِه -ص ل ى الل ه ع ل ْي ِه و س ل م ِ -م ْه ه ْم ؟ قال :ل ،و ل ا ز ِك ي بعد ك أا حد !!. و ق ال ْاب ن ا ب ي م ل ْي ك ة :ا ْد ر ْك ت ث ال ِث ين ِم ْ ْ اب م ح م د -ص ل ى ح ص ا ن ِ ِ اله ف اق ع ل ى ن ْف ِس ِه ؛ م ا ِم ْه ه ْم ا ح د الل ه ع ل ْي ِه و س ل م -ك ل ه ْم ي خ اف ِ ي ق ول ِ :إ ن ِإ يم ان ه ك ِإ يم ِان ِج ْب ِر يل و ِم يك ا ِئ يل ! ْ ْ و ذ ِك ر ع ِن ال ح س ِن ال ب ْص ِر ِي :ما أا مهه ( أا ي الهفاق ) ِإ ل م ه ا ِف ق ،و م ا خ اف ه إل مؤمن. وذ ِك ر ع ْن ب ْ ض الص ح اب ِة :ا ن ه ك ان يق ول ِف ي د ع ا ِئ ِه :الل ه م ِإ ِن ي ع ِ ا ع وذ ب ك ِم ْ اله ف ِاق ؟ ! قال :ا ْن ش خ ن اله ف ِاق .قيل :و م ا خ ش وع ِ وع ِ ِ ِ ْ ْ ْ ي رى ال ب د ن خ ِاش ع ا ،و ال ق ل ب ل ْي س ِب خ ِاش ع ".
95
.رواه البخاري عن عثمان بن عفان 101
/102
ثم إني لقيت الشيخ الكبير -بعد سهوات -في باحة استراحة بطهجة، وجددت الصلة به ،وقبلت أرا سه ،وشربها العصير معا ،واستروحها معا ، ..ور أا ى مهي ور أا يت مهه ضعف البشر ،وعياء البشر ،وطبيعة البشر ، ..وتابعته من خالل إنتاجه العلمي الغزير ،بدءا بذكرياته، أ وانتهاء ب" در الغمام الرقيق برسائل أا حمد بن الصديق "96؛ فا يقهت أا نه صاحب همة عالية في البحث والتصهيف ،والتدريس والتعليم - أ أا صاب أا م أا خطا -أوا نه من فقهاء البادية اله وادر الذين بهوا أا نفسهم أ با نفسهم ،ولم يك تفوا بما تلقوه عن أا شياخهم من متون وفهون، وفروع وحواش ..ومقولت ونقول ..كما أا نهي أا كبرت في الرجل نقده الذاتي -المستمر -الدال على الصدق واله زاهة .ومن ذلك ك فه ( قديما )عن سب معاوية ،رضي هللا عهه ،وتراجعه عن القول بوحدة الوجود ..وهلم جرا من أا مور ..راجعها أا و تراجع عهها! .. فسببت له حرجا مع مريديه أوا شياعه ، ..وربما رم وه بالتخريف والتحريف . وإن كاتب السطور -غفر هللا له -ليستغرب -مع ذلك -من إضراب الشيخ -التليدي -عن ق راءة الصحف والمجالت -إن صح ذلك -تقليدا لشيخه الحافظ أا حمد بن الصديق ،رحمه هللا ،ويتساءل بجد :هل أ سيقلده طلبته أا يضا في ذلك؛ فيهشا جيل حافظ ناسخ مقلد ، .. مقطوع الصل ة بواقعه ،ك ل على مجتمعه ،ثقيل على أا مته ،غريب على عالمه وعصره؟ !.
..96وألستاذنا الشيخ بوخيزة نقد لهذا الكتاب -كما بلغني -وبهذا يروج العلم ،وينشط الذهن ،وتنكشف الحقائق.
102
/103
كما يستغرب الفقير غاية الغرابة ممن يطعهون ف ي الشيخ ( سرا وجهرا ) وبيههم وبيه ه أا ميال ،لو قطعوها من أا جل الحوار لكان أا نفع . ولو تفرغوا للتعليم لكان أا نجع .وزاد الطين بلة ،والداء علة، والطهبور نغم ة ..دخول بعض العامة في الجدال العقيم ،وإحياؤهم العظام وهي رميم .ويرى الشريف الشيخ بوخبزة أا بو أا ويس (بارك هللا في عمره ) أا ن معظم المشاحهات بين فالن وفالن ( من أا هل العلم ) ي رجع إلى سعي الو شاة وشيط ه ت هم !! ..وهذا كالم مجرب ! .ومن أا قوال مالك رحمه هللا " :إذا أرا يت الرجل يدافع عن الحق فيشتم أ ويسب ويغضب فاعلم أا نه معلول الهية؛ ل ن الحق ل يحتاج إلى هذا". أا ما العجب كل العجب فهو من أا ب رار أا غ رار ..ما عرفوا عن التليدي أا و الكرفطي إل أا نه صوفي ت وه ب ،أا و وهابي تصو ف ،ضاربين صفحا عن ذخائره وما ثره ،وبصماته وحسهاته!
وحسن ما فعله المجلس العلمي بطهجة من تكريم ،وما خص به - الشيخ -من تعظيم ! ..فهو -مهما قيل -جدير بكل خير ..وما كان من ِس هات وه هات مه ا ومهه ومن غيره ..فهو من طبيعة البشر ..وقصور البشر ..واجتهاد البشر ..-قول واحدا -ولو رد علم العالم لطرقيته وصوفيته ..وسلفيته أوا شعريته ..لما بقي لها إل السباب والس راب . والخ راب واليباب .فيا أا يها الهاقد أا بصر ،ويا أا يها الهاق م أا قصر .. أ وتا ويل" . 97 واذكر -مرة أا خري -أا نه " ل تفسيق ول تضليل باجتهاد وهذا هو المقصد من هذا المشهد . 97
قاعدة ذهبية جليلة لعالمة الشام ،المفسر اإلمام جمال القاسمي الشامي ،رحمه اهلل .انظر رسالته النفيسة" الجرح والتعديل 103
/104
مع العالم الرباني أوا قصد أا ستاذنا الهف اع ،وشيخها المطواع ،الفقيه المبارك سيدي عبد هللا بن المدني السجلماسي الفاللي ( أا با عطاء هللا ) ،وي عرف بين العامة في بهي مالل بسيدي عبد هللا (وهو غير الشيخ عبد هللا المدني ،الكاتب السياسي اإلعالمي الشرقي ) . ولد الشيخ عبد هللا عام 1372ه 195 2م بهواحي الريصاني، أ تافياللت ( إقليم الرشيدية( ،ب المملكة المغربية .ونشا وتربى في حجر والده الفقيه المدرس ،الشيخ المدني رحمه هللا ( خريج جامع القرويين ،أوا حد مراجع المذهب المالكي في زمانه ) .وعليه تلقى جل بلدي ه الشهير ،أوا ستاذه الفهون والعلوم الشرعية ،ناهيك عن ِ الضرير ،العالمة اللغوي ،الدك تور أا بي شكيب تقي الدين الهاللي أ رحمه هللا ،حيث لزمه سهوات ،وتلقى عهه ال دب والشعر، والعقيدة والحديث ،والتجربة والخبرة .كما حدثها الشيخ ( مباشرة ) أا نه درس على الفقيه المعرو ف ،الشيخ المكي العليوي الحسهي، أ ( والد أا خيها ال ستاذ سيدي محمد العليوي ( اإلمام والفقيه ال معرو ف في ستراسبورغ ونانسي . وقد مر الشيخ أا بو عطاء هللا بم راحل في العطاء ،وتجارب في البهاء، وابتاله هللا بالس راء والض راء ،والمهع والعطاء .وكانت له مراجعات أ ومدافعات ،ووقفات وتا مالت ،و ِر ْح الت وسياحات ، ..ووغ ل في ِع رضه قوم ،وتاه فيه قوم ...وو ضع هللا قبول ع جيبا في قلوب الطلبة أ وال ئمة والق راء والفقهاء والوجهاء ،.وشهد له الجميع بالعدل 104
/105
والفضل ! وما حل بمكان إل وحل الخير ،ونزلت البركة ،بإذن هللا تعالى. أوا سعد الهاس به -حاليا -هم أا هل بهي مالل ونواحيها .وله مهبر في مساجدها ،ومدارس في ربوعها ،وعضوية في مجلسه ا( العل مي). أ وهو أا حد أا عضاء المجلس العلمي ال على ،أوا حد أا ركان الكراسي العلمية ،مهذ تدشيهها .وله موقع إلك تروني ،وتسجيالت مرئية، وإطاللت تلفزيونية ،وحضور مك ثف في الهدوات والمهاسبات، ومشاركة -مهتظمة -في مؤتمرات تجمع المسلمين في فرنسا ،ومكانة خاصة في قلوب الجالية العربية واإلسالمية بالديار أال ور وبية . وبعد ،فما قصتي مع الرجل؟ وكيف تعرفت على الفقيه البركة؟ الواقع أا نهي كهت أا سمع عهه ك ثي را ،وتصلهي أا صداؤه في المغرب أوا ور وبا ،أوا عرف من يعرفه من قرابتي ..وكهت – بال مغالة – أا ش م عبيره من بعيد ،..وا نس بوجوده في بالدنا المغربية؛ رغم أا ني لم أا ق ر أا له حرفا ،ولم أا ق ر أا عليه حرفا ! وكهت أا درك أا نه متين التكوين ،طويل الباع ،واسع الطالع ،رفيع الهمة..؛ بيد أا ن ذلك -كله أا و بعضه -لم يكن لي غري الفقير -إلى هللا - بالسؤال عهه ،وا لحتفال به ،والرحلة إليه ،..فالعلماء -بهذا المعهى -ك ثير ،والمتعالمون أا ك ثر! ولكن الذي شد ني إليه -بصدق - وحببهي فيه -بحق -هو ما أا لقاه هللا تعالى في القلب -العليل -من ربانيته ،ونورانيته ،وصفائه و نبله ،وكهت ل أا شك -طرفة عين -أا نه
105
/106
أ أ من أا هل الصيام والقيام ،وال وراد وال ذكار ..فم ن ل ورد له ل وارد له – كما يردد شيخها باستمرار .- وكان ال فتى -الط ل ع ة -يتساءل -قديما : -هل الشيخ الفاللي نسخة من الهاللي؟ وهل سلفيته سلفية تجديدية رو حية ،أا م تقليدية حرفية؟ وهل إليه من سبيل؟ ولم يكن ثمة سبيل -في الحقيقة -إلى شيخها لبعد المهزل ،وضعف الهمة ،واعتالل الصحة ،وندرة الوقت ،..وما تيسر لي أا ن أا قر أا له مقال ،أا و أا سمع له تسجيال؛ إلى أا ن أا ذن المولى الكريم بمثافهته (بمالزمته) في مؤتمر فور باك (السهوي) ،صحبة أ أا خيها القديم ،الشيخ القارئ الكوشي ،ولفيف من ال ساتذة والوعاظ .ول أا دري -لحد ال ن -كيف تم استدعاؤه؟ ول كيف وصل الشيخ إليها أ(ا ول مرة)؟ والظاهر أا ن إدارة المؤتمر 98رتبت ذلك مع أ وزارة ال وقاف (كالعادة) ،أا و جاء به الشيخ التجكاني من بلجيكا!. أوا ذكر أا نها ن زلها ضيوفا ..عهد مترجم محترف ،ومحاسب إمام . .اسمه الحاج فخر الدين .وحدثها أا نه من جيرة الشيخ بن المدني في بهي مالل ،ومن محبيه و م جليه.. ثم انطلقها إلى قاعة المؤتمر .وكانت محاضرة الشيخ (بن المدني) عن "ا لوسطية " غاية في الحسن! لمست -بإذن هللا -القلوب والعقول ،وك تب هللا لها القبول .وقد ترجمها -باقتدار -رئيس أ مجلس الديانة اإلسالمية باللور ين) (crcmالخ الدك تور الهجدي، ي رحم هللا والديه! والعجيب أا ن المحاضرة كانت مرتجلة! و ما كل الهاس ي تقن الرتجال ،ول سيما في هذا المجال .وسبحان الفتاح العليم ! 98
متمثلة في رئيس الديانة اإلسالمية باللورين ،السيد الدكتور النجدي( .عميد مسجد السالم بنانسي). 106
/107
و بعد المحاضرة والترجمة سلمها على الشيخ ،واستمتعها بمجالسته ومؤانسته .و الحقيقة أا نهي لم أا سعد يوما بالسالم على رجل -بعد الوالدين وشيوخي في الق را ن -كما سعدت بالسالم على الوالد سيدي عبد هللا! .أوا شعر شعورا صادقا أا نه سلم سالم المحب ين ، أ أ وهش ه ش اش المربين ،وكا نه يعرفها من مدة؛ بل كا نها أا حد أا بهائه وتالميذه ! ثم شاء هللا تعالى أا ن ن رافق العال مة طيلة الرحلة ،أوا ن يكون من نصيب الفقير في الضيافة الهبوية .وهذه من أا عظم غهائمي ! وكان ضيفها بركة ورحمة على أا هل البيت ،..قدوة في دخوله أ وخروجه ،وا كله ونومه ،ودرسه ونصحه ..خفيف الظل ،جميل القول ،أا ليف المعشر ،ك ثير المهاجاة! أوا ذكر أا ني سمعته يتلو في أ خلوته " :ربها ل تجعل في قلوبها غال للذين ا مهوا" 99فتا ثرت أ أ ك ثي را ،..وسا لت هللا تعالى ا ن يجيبهي ب لسانه ،وي لحقهي بصالحه، أ ويغسل قلوبها جميعا من الغل والحسد ،ويمال ها بالخير والرش د! ونحسب أا ن الشيخ -إن شاء هللا -ممن أا كرمهم هللا بسالمة القلب، أ الح لم(..وهذا ما صدقه الخبير به ،ال ستاذ وصفاء السريرة ،ونعمة ِ المؤرخ ،الشيخ مولي علي الريسوني ). أ أ فالهاس ا كيس من ا ن يحمدوا رجال
أ من غير ا ن يجدوا ا ثار إحسان
وما أا ك ثر ما طعن فيه الطاعهون ،و تكلم فيه المرجفون والحاسدون ،فما نالوا مهه إل الصفح والعفو ،والدعاء والثهاء! وهذا أ ل يا تي من ف راغ؛ بل كما قال تعالى " :وما يلقاها إل الذين صبرو ا وما يلقاها إل ذو حظ عظيم"100 . 99سورة الحشر
100سورة فصلت. 107
/108
وقد صحبها الشيخ في السفر ( الساعات ذوات العدد ) فانتفعها في اللغة والفقه ..والعلم عموما ..و لكن اسمحوا لي أا ن أا قول :إن أا عظم ما ي ؤخذ عن الشيخ -في ظن هذا ال فقير -هو :عفة اللسان ،وطهارة الج هان ،وحقائق الق را ن - ..ول نزكي على هللا أا حدا -وو هللا إنه لرجل أ أ أ متميز با خالق ه ،كبير با ذواقه ،عجيب با شواقه !!..ل يشعرك في لحظة من اللحظات أا نك دونه علما وفهما ،وفضال ونبال ،ول يحوجك إلى اعتذار ! إنه رجل إذا تكلم عن الهاس أا برز محاسههم ،وتعامى عن سيائتهم ..فإذا اضطر إلى البيان قال :قد ي حب اإلنسان من وجه وي بغض من وجه ! وإن الحديث عن شيخها يطول ويطيب! وهو حي يرزق -بارك هللا في عمره -ولها فرص أا خرى -إن شاء هللا -للتواصل معه ،والههل من واسع علمه وفضله ،داخل المغرب أا و خارجه. ولول الموازنة والترجيح ،لما قرظهاه بكلمة ،أا و أا شرنا إليه بحرف، مراعاة لمشاعره ،وإرضاء لخاطره ..؛ فإنه -أا على هللا ق دره -يكره أ المدح والثهاء ،والشهرة وال ضواء ، ..ول يرى نفسه إل طالب علم صغير ..يسد الف راغ ،ويبذل المستطاع ..في زمان قل فيه العلم والعلماء ،والحكمة والحكماء ،واتسع الخرق على ال راقع !. وهكذا يهبغي أا ن يكون ظن العبد -المومن -بهفسه دائما أوا بدا. مصداقا لقول هللا عزو جل ":فال تزكوا أا نفسكم هو أا علم بمن اتقى".101 و إن التواضع -ياإخوتي -من شيم العلماء الربانيين ؛ فإن العالم باهلل ،موصول بربه ،ا ناء الليل وا ناء الههار ..دائم الخشية 101
سورة النجم.
108
/109
والدمعة ..واإلنابة والتوكل ..والفتقار والنكسار! ومن عظ م أ العظيم ،و الرب ال على ( في صالته وتسب يحه) صغرت نفسه ،وزكت أ روحه ،وخسا شيطانه ،واستوى عهده المدح والقدح ..واإلقبال واإلعراض ..أوا صبح ل يشهد -في دنياه -إل الم هعم الوهاب ..المعطي المانع ..الكريم الرحيم ..العزيز العليم! وهللا تعالى ي عين شيخها ، ويكرمها بصحبته ،وي هفعها بمحبته! و هذا هو المقص د عهدي. يتبع إن شاء هللا.
109