الاقتصاد السلوكي وتطبيقاته عالميًا

Page 1


‫االقتصاد السلوكي‬ ‫عامليا‬ ‫وتطبيقاته ًّ‬

‫‪ 40‬جتربة سلوكية حول العامل | ‪ 8‬قطاعات متنوعة‬ ‫تأليف‬

‫د ‪ /‬أمحد حسن النجار‬ ‫خبري مالي واقتصادي‬

‫مستشار وزير املالية املصري «ساب ًقا»‬

‫تقديم‬

‫أ‪.‬د‪ /‬عادل محيد يعقوب‬ ‫مستشار جامعة امللك خالد‬

‫أستاذ االقتصاد بكلية األعمال‬ ‫الطبعة األوىل‬

‫‪ 1440‬هـ ‪ 2019 /‬م‬


‫ح‬

‫النجار‪ ،‬أحمد محمد حسن سليمان عبداهلل‪1440 ،‬هـ‬

‫فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية أثناء النشر‬

‫النجار‪ ،‬أحمد محمد حسن سليمان عبداهلل‬ ‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عالم ًّيا‪/ .‬‬

‫أحمد محمد حسن النجار ‪ -‬الرياض‪ 1440 ،‬هـ‪.‬‬

‫ص‪326‬؛ ‪24×17‬سم‬

‫ردمك‪978-603-8259-39-9 :‬‬

‫‪ -1‬االقتصاد‬

‫ديوي ‪330.1‬‬

‫‪ - 2‬االقتصاد السياسي‬

‫‪1440/5795‬‬

‫رقم اإليداع‪1440/5795 :‬‬ ‫ردمك‪978-603-8259-39-9 :‬‬

‫أ‪ .‬العنوان‬


‫﴿‪ ...‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ‬ ‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ‬ ‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﴾‪.‬‬ ‫[‏الطالق‏‪:‬‏ ‪3 -2‬‏]‏‬


‫إلى روح أمي الطاهرة‪..‬‬

‫لهم ًة وم ِ‬ ‫التي سأظل أراها إلى جانبي ُم ِ‬ ‫شجعةً‪ ،‬رغم الغياب‬ ‫ُ‬ ‫منذ‏سنوات بعيدة‏‪..‬‬

‫إلى أبي ‪( ..‬حفظه اهلل)‪..‬‬

‫وتقديرا لِفضله‪ ..‬فله الحق أن يسعد بثمرة جهد السنين‏‪.‬‬ ‫عرفانًا‬ ‫ً‬ ‫إلى زوجتي‪..‬‏‬

‫رفيقة عمري‪ ،‬وشريكة دربي‪ ..‬التي أعطت بال حساب‪،‬‬ ‫وأحبت بال‏رياء‪ ،‬وكانت لي اإللهام واألمل‪.‬‏‬ ‫إلى أبنائي وروح فؤادي‪..‬‏‬

‫أروى‪ ،‬صفي الرحمن‪ ،‬حمزة‪.‬‏‬


‫‪7‬‬

‫تقديم‬ ‫بقلم األستاذ الدكتور‪ /‬عادل محيد يعقوب‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم والحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على المبعوث‬

‫رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى‏آله وصحبه وسلم أجمعين‪.‬‏‬

‫فإنه ليسعدين ويشرفني أن أقدم لهذا الكتاب «االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عالم ًّيا»‬

‫‏والمبدع الدكتور أحمد محمد حسن النجار مستشار وزير‬ ‫للخبير االقتصادي الخلوق ُ‬

‫المالية المصري السابق‪ ،‬والذي تناول فيه واحدً ا من‏الموضوعات االقتصادية الحديثة‬ ‫تنظيرا وتطبي ًقا‪.‬‏‬ ‫والمثارة على الساحة العالمية اآلن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬والمكتبة‬ ‫بحق إضافة جديدة ومهمة للمكتبة العربية‬ ‫كما أنه يعد ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫بصفة خاصة‪ .‬فبرباعة ‏علمية‪ ،‬وبتميز معهود‪ ،‬سلط المؤلف الضوء على‬ ‫االقتصادية‬

‫توجها عالم ًّيا ‏على مستوى األفراد‬ ‫هذا االقتصاد (االقتصاد السلوكي)‪ ،‬الذي أصبح‬ ‫ً‬ ‫والمؤسسات والحكومات‪ ،‬كما أنه فتح الطريق على مصراعيه أمام االستفادة من تطبيق‬

‫كثيرا مع الفكر‬ ‫‏السلوك االقتصادي الرشيد بمفهومه الغربي الحديث‪ ،‬والذي يبدو أنه يتفق ً‬ ‫االقتصادي اإلسالمي‏القيمي‪ ،‬والذي يضبط سلوك المسلم بالرشد‪ ،‬وهو ما يعني تحكيم‬ ‫العقل مع التوفيق يف اتخاذ الرأي الصائب‪.‬‏‬

‫وقد غاص المؤلف وبأسلوب جذاب يف رحيق الحاالت التي تم فيها استخدام‬

‫التصورات السلوكية حتى بلغت‏الحاالت التي تم رصدها أكثر من أربعين حالة تنوعت‬ ‫ما بين الصحة والتعليم والسياسات العامة واالتصاالت ‏والطاقة وحماية المستهلك‬ ‫وسوق العمل واألعمال باإلضافة إلى الخدمات المالية والبنوك‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫‏وبرشاقة منقطعة النظير بين دول العالم‪ ،‬يبحث ويرصد تجارهبا‬ ‫كما تنقل الباحث‬

‫المختلفة يف التصورات السلوكية فمن الواليات ‏المتحدة األمريكية إلى بريطانيا‬


‫‪8‬‬

‫وألمانيا ثم يواصل المسيرة إلى إسبانيا وإيطاليا والدنمارك ليحط بعدها يف السويد‬

‫‏وايرلندا وتركيا ثم إلى جنوب إفريقيا وأوغندا وغانا‪ ،‬ثم يتجه يف رحلته األخيرة إلى‬ ‫قطر ونيوزلندا وأسرتاليا‏وشيلي‪.‬‬

‫ولم ينس الباحث يو ًما انتماءه العربي واإلسالمي الذي يعتز به‪ ،‬وحرصه الدائم‬

‫على أن يتم االستفادة من ‏هذا العلم وتطبيقاته المختلفة‪ ،‬فوضع روشتة كاملة‬

‫دعما للسياسات ‏االقتصادية وللرؤى‬ ‫للتدخالت السلوكية المقرتحة للبلدان العربية ً‬ ‫اإلصالحية المطبقة اآلن ومستقبلاً ‪.‬‏‬

‫وأخيرا أدعو اهلل سبحانه وتعالى أن يجزي األخ الحبيب الدكتور أحمد محمد‬ ‫ً‬

‫حسن النجار الخير كل الخير‪ ،‬وأن‏ينفع بعلمه‪ ،‬وأن يجعل ذلك يف ميزان حسناته‪.‬‏‬ ‫واهلل ولي التوفيق ‪،،،‬‬ ‫األستاذ الدكتور‪ /‬عادل محيد يعقوب‬ ‫مستشار جامعة امللك خالد‬ ‫وأستاذ االقتصاد بكلية األعمال‬

‫***‬


‫مقدمة‬

‫‪9‬‬

‫مقدمة الكتاب‬ ‫قرارا مثل إلزام المطاعم بإظهار السعرات الحرارية لكل‬ ‫لعل البعض قد ال يدرك أن ً‬ ‫ٍ‬ ‫معروضة للمشرتين هو يف حقيقته أحد تطبيقات االقتصاد السلوكي‪ .‬فاالقتصاد‬ ‫وجبة‬

‫السلوكي‪ ،‬الذي هو جزء من علم االقتصاد‪ ،‬يركز على دراسة ال ُبعد السلوكي لألفراد عند‬

‫تحديد اختياراهتم‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فإنه يسعى‪ ،‬يف كثير من الحاالت‪ ،‬إلى التدخل غير المباشر‬ ‫لتوجيه السلوك البشري نحو الخيارات األفضل‪ ،‬حيث يتم ذلك من خالل التحكم يف‬ ‫بيئة االختيار ذاهتا عرب مفهوم إعادة هندسة االختيار ‪ ،Choice Architecture‬والذي‬

‫َيعنى تصميم ُطرق مختلفة يمكن من خاللها عرض الخيارات األكثر رشادة على‬ ‫المستهلكين‪ ،‬وتأثير هذا العرض على عملية صنع القرار لدى المستهلك‪.‬‬

‫ففي ٍ‬ ‫كثير من األحيان ُتستَخدم أساليب االقتصاد السلوكي يف صياغة السياسات العامة‬

‫والتي تستند إلى السلوك الفعلي لألفراد وليس السلوك الذي تفرتضه النظرية االقتصادية‬

‫دائما يتسم بالرشادة‪.‬‬ ‫والذي يقول بأن سلوك المستهلك ً‬

‫حيث ينطلق المؤمنون بفكر االقتصاد السلوكي من التشكيك يف فرضية “الرشد‬

‫كثيرا من‬ ‫االقتصادي” التي افرتضتها النظرية االقتصادية التقليدية‪ ،‬ويقولون بأن ً‬ ‫القرارات التي قد يتخذها اإلنسان قد ال تحقق له أقصى إشباع كلي ممكن كما تدعي‬ ‫النظرية‪ ،‬ومثال على ذلك فإهنم يستشهدون بالتدخين وأكل الوجبات السريعة التي‬

‫تؤدي للسمنة‪ ،‬على أهنا جمي ًعا خيارات يتخذها الناس ولكنها تكون يف الغالب غير‬ ‫ٍ‬ ‫لسبب أو آلخر يبدو الناس غير قادرين‬ ‫رشيدة‪ ،‬ألهنا ال تقوم بتعظيم منفعتهم‪ ،‬ولكن‬ ‫ٍ‬ ‫خيارات أفضل منها‪.‬‬ ‫على اتخاذ‬ ‫ومن ثم‪ ،‬يسعى االقتصاد السلوكي إلى تحديد وتوضيح الطريقة التي يتخذ‬

‫هبا األفراد قراراهتم‪ ،‬فاالقتصاد السلوكي يأخذ يف االعتبار المعارف والمعلومات‬


‫‪10‬‬

‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫المستمدة من علم النفس وعلم االجتماع يف دراسة السلوك االقتصادي للبشر‪.‬‬ ‫زيادة على ذلك‪ ،‬فإن الباحثين يف هذا المجال يهتمون بدراسة الدوافع والعوامل‬

‫التي تحدد السلوكيات غير المنطقية والتحيزات التي لوحظت يف خلفيات اجتماعية‬ ‫واقتصادية مختلفة (مثل تحيز النفور من الخسارة((( وتحيز الثقة المفرطة((( وتحيز‬

‫المقارنات االجتماعية(((‪ ..‬وغيرها)‪ ،‬والتي تتجه بسلوك المستهلك بعيدً ا عن الرشادة‪.‬‬ ‫لقد قام العديد من منظري االقتصاد السلوكي بتمييز هذا الفرع من االقتصاد على أنه‬

‫فرع أو زاوية جديدة من علم االقتصاد‪ُ ،‬ق ِّو َم باستخدام أساليب وتقنيات تحليلية من علم‬ ‫النفس‪ ،‬وذلك لدراسة عمليات صنع القرار والسلوكيات االقتصادية‪ ،‬هبدف تنمية «القوة‬

‫التفسيرية والتنبؤية للنظرية االقتصادية»‪ ،‬من خالل تزويدها بدوافع نفسية أكثر معقولية‪.‬‬

‫فاستخدام أفكار وتطبيقات االقتصاد السلوكي يف تنظيم التفضيالت والقرارات‬

‫توجها عالم ًّيا وال يزال يتنامى بشكل مستمر‪ ،‬حيث نجحت دول‬ ‫الخاصة باألفراد أصبح‬ ‫ً‬ ‫مثل الواليات المتحدة وبريطانيا يف تنفيذ هذه السياسات بنجاح واضح‪ ،‬مما فتح الباب‬

‫واس ًعا أمام طريق جديد للتعامل مع السلوك االقتصادي ولتنظيم السياسات العامة‪.‬‬

‫من ثم يمكن القول بأنه إذا أدرك صانعو السياسات أن السلوك البشري (مع أخذ‬

‫عوامل أخرى يف االعتبار) يؤثر مباشرة على ما يحدث يف قضايا مثل الصحة والتعليم‬ ‫وااللتزام الضريبي وغيرهم الكثير‪ ،‬فسيصبح صانعو السياسات منفتحين بشكل متزايد‬

‫(( ( يعني تحيز النفور من الخسارة (‪ )Loss aversion bias‬بأن األفراد يميلون ألن يكونوا أكثر حساسية‬ ‫الحتمال الخسارة من إمكانية المكسب‪.‬‬ ‫((( يعني تحيز الثقة المفرطة (‪ )Overconfident effect‬بأن األفراد عادة ما يثقون بقدراهتم بشكل أكرب‬ ‫من الحقيقي‪ ،‬وأهنم يصفون قدراهتم يف الغالب بأهنا أعلى من المستوى المتوسط لباقي األفراد‪.‬‬ ‫((( يعني تحيز تأثير المقارنات االجتماعية (‪ )Social norms effect‬بأن األفراد عادة ما يتبعون‬ ‫تأثرا بالعرف والقيم االجتماعية السائدة‪.‬‬ ‫القرارات والخيارات التي يتخذها الغير ً‬


‫مقدمة‬

‫على تطبيق العلوم السلوكية بغية تصميم سياسات ذات نتائج أفضل‪.‬‬ ‫حيث يعمل االقتصاد السلوكي على إعادة صياغة السياسات العامة يف العديد من‬

‫المجاالت المهمة‪ ،‬وذلك إما عن طريق مساندة أدوات السياسة التقليدية مثل أدوات‬ ‫اإللزام الجربية مثل القوانين والغرامات والضرائب وغيرها‪ ،‬أو عن طريق اقرتاح‬

‫أساليب مبتكرة لحل التحديات التي تواجه تطبيق تلك السياسات‪.‬‬

‫ففي عام ‪2010‬م وتحت حكومة ديفيد ماكرون‪ ،‬أسست المملكة المتحدة أول‬

‫وحدة بصائر سلوكية‪ ،‬وتبعتها بلدان أخرى‪ ،‬بما يف ذلك الواليات المتحدة وأسرتاليا‬

‫وكندا وهولندا وألمانيا والدنمارك والنرويج وغيرهم‪ .‬ثم‪ ،‬وبعد فرتة وجيزة‪ ،‬بدأت‬ ‫دول مثل الهند وإندونيسيا وبيرو وسنغافورة والعديد من الدول األخرى يف استكشاف‬

‫تطبيق الرؤى السلوكية على سياساهتا وبرامجها‪ .‬كما أنشأت مؤسسات دولية مثل‬ ‫البنك الدولي ووكاالت األمم المتحدة ومنظمة التعاون االقتصادي والتنمية واالتحاد‬

‫األوروبي وحدات بصائر سلوكية لدعم برامجها‪ ،‬ليبلغ عدد وحدات الوكز ‪Nudge‬‬

‫حول العالم يف هناية عام ‪2018‬م ما يزيد عن ‪ 130‬وحدة‪.‬‬

‫أما على مستوى الدول العربية فقد بادرت ثالث دول عربية يف تأسيس وحدات‬

‫للوكز‪ ،‬بدأهتا قطر‪ ،‬ثم لبنان‪ ،‬ثم دولة الكويت يف أواخر عام ‪2018‬م‪ ،‬حيث قامت دولة‬ ‫الكويت بتأسيس المعمل الكويتي لتقييم السياسات‪ ،‬وذلك بدعم من برنامج األمم‬ ‫المتحدة اإلنمائي وتحت إشراف المجلس األعلى للتخطيط والتنمية‪.‬‬

‫وعلى ما سبق‪ ،‬يتحدد الهدف الرئيس من هذا الكتاب فيما يثيره العرض السابق من‬

‫تساؤل حول مدى إمكانية االستفادة من تطبيقات االقتصاد السلوكي حول العالم عرب‬ ‫تأسيس وحدات للبصائر السلوكية (وحدات الوكز ‪ )Nudge Units‬يف الدول العربية‬

‫واإلسالمية‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪12‬‬

‫ُيقسم الكتاب إلى ثالثة عشر اً‬ ‫ٍ‬ ‫بعرض لمفاهيم االقتصاد‬ ‫فصل‪ ،‬يبدأ الفصل األول‬

‫السلوكي وأهم أفكاره‪ ،‬وذلك من حيث استعراض ماهية االقتصاد السلوكي وعالقته‬ ‫بفرضية «الرشد االقتصادي»‪ ،‬ويليه عرض ألهم أفكار ريتشارد ثالر (أشهر مفكري‬ ‫االقتصاد السلوكي‪ ،‬والحائز على جائزة نوبل يف االقتصاد عام ‪2017‬م)‪ ،‬ثم عرض‬

‫للعالقة بين االقتصاد السلوكي وسياسة الوكز ‪.Nudge‬‬

‫يلى ذلك وىف الفصل الثاين عرض للنماذج الدولية المختلفة لتأسيس وحدات توجيه‬

‫البصائر السلوكية ومتطلبات وخطوات إنشائها (وحدات الوكز ‪ ،)Nudge Units‬حيث‬

‫يتم التفرقة ابتدا ًء بين مصطلح االقتصاد السلوكي ‪ Behavioral Economics‬ومصطلح‬ ‫البصائر السلوكية ‪ Behavioral Insights‬ومصطلح الوكز ‪ ،Nudging‬ثم يستعرض‬ ‫الفصل نماذج وحدات البصائر السلوكية حول العالم‪ ،‬والتي تدور بين ثالثة أشكال لهذه‬ ‫الوحدات هي‪ :‬وحدة توجيه مركزي‪ ،‬ووحدة انتشار‪ ،‬ووحدة انتشار مع توجيه مركزي‪،‬‬

‫كل منها يناسب ثقافة معينة وشكلاً تنظيم ًّيا معينًا من حيث الهياكل اإلدارية يف الجهة التي‬ ‫سيتم تأسيس الوحدة هبا‪ .‬ثم يختتم الفصل بعرض ألهم متطلبات وخطوات تأسيس‬ ‫وحدات البصائر السلوكية ومحددات هذا التأسيس‪.‬‬

‫يستعرض الفصل الثالث من الكتاب مجاالت تطبيق التصورات السلوكية وأين‬

‫ُتطبق التصورات السلوكية‪ ،‬ومن الذي يطبقها؟ ومتى؟ هل ينبغي أن يتم وضع معايير‬ ‫للتصورات السلوكية؟‬

‫ثم يعرض الفصل الرابع من الكتاب أمثلة دولية لوحدات توجيه البصائر السلوكية‬

‫(وحدات الوكز ‪ )Nudge Units‬واآلثار االقتصادية بعد إنشائها‪ ،‬حيث تم استعراض‬ ‫تجربة وحدة توجيه البصائر السلوكية يف كل من المملكة المتحدة كأول تجربة عالمية‬ ‫بدأت يف عام ‪ ،2010‬وتجربة وحدة توجيه البصائر السلوكية يف الواليات المتحدة‬


‫مقدمة‬

‫األمريكية‪ ،‬وتجربة وحدة توجيه البصائر السلوكية يف الدنمارك‪ .‬ثم يعرض الفصل‬

‫لحجم تجارب وحدات توجيه البصائر السلوكية عالم ًّيا وآثارها االقتصادية‪.‬‬

‫يتناول الكتاب بعد ذلك وىف الفصول من الخامس إلى الثاين عشر دراسة الحاالت‬

‫‪ Case Studies‬التي تتضمن بالتفصيل كيف يتم استخدام التصورات السلوكية يف الدول‬ ‫األعضاء أو الشريكة يف منظمة التعاون االقتصادي والتنمية ‪( OECD‬والتي تضم يف‬

‫عضويتها حال ًّيا ‪ 36‬دولة) كأداة للتأكد من أن األسواق تعمل بشك ٍل عادل‪ ،‬ولمساعدة‬ ‫المستهلكين على القيام باختيارات صحيحة‪ .‬حيث تستخدم دراسة الحاالت مجموعة‬ ‫من الطرق التجريبية‪ ،‬مثل التجارب العشوائية المنضبطة‪.‬‬

‫يعرض الكتاب ضمن محتوياته يف الفصول من الخامس إلى الثاين عشر ‪ 40‬تجربة‬

‫سلوكية يف الدول األعضاء أو الشريكة يف منظمة التعاون االقتصادي والتنمية ‪،OECD‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫قطاعات رئيسة هي‪ :‬الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬السياسات العامة (الخدمات‬ ‫لثمان‬ ‫شاملة‬ ‫الحكومية والضرائب)‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬الطاقة‪ ،‬حماية المستهلك‪ ،‬سوق العمل واألعمال‪،‬‬

‫الخدمات المالية والبنوك‪.‬‬

‫حيث تم استعراض التجارب وفق منهجية موحدة‪ ،‬تبدأ بعرض المعلومات األساسية‬ ‫ٍ‬ ‫عرض للطرق أو الوسائل المستخدمة‬ ‫المراد التدخل فيها‪ ،‬ثم‬ ‫للتجربة‪ ،‬ثم عرض المشكلة ُ‬

‫يف التدخل‪ ،‬وختا ًما يتم عرض النتائج التي تم التوصل إليها بعد إجراء التجربة وحجم‬ ‫التأثير الناتج عن التدخل‪.‬‬

‫يتناول الفصل الثالث عشر واألخير من الكتاب الحديث عن دور العلوم السلوكية‬

‫يف دعم السياسات الحكومية بالدول العربية‪ ،‬ويقدم الفصل أجندة مقرتحة للتدخالت‬

‫السلوكية يف الدول العربية‪ ،‬حيث بمقدور الدول العربية‪ ،‬من خالل تطبيق التدخالت‬

‫التحول‬ ‫السلوكية يف مواضعها الصحيحة‪ ،‬تحقيق األهداف الرئيسة الواردة يف خطط‬ ‫ُّ‬ ‫الوطنية الخاصة هبا بشكل ف َّعال‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪14‬‬

‫حيث يمكن تطبيق التدخالت السلوكية على عدة أهداف ضمن هذه الخطط‪.‬‬

‫ولتوضيح االستخدام الصحيح للتدخالت السلوكية ومزاياها‪ ،‬تم الرتكيز يف هذا‬

‫الفصل على األهداف الوطنية الثالث ذات اإلمكانية األعلى للتدخل السلوكي وهي‪:‬‬ ‫تحقيق االستدامة البيئية‪ ،‬والحفاظ على نمط حياة صحي‪ ،‬وزيادة المشاركة المدنية‪.‬‬ ‫وتتضح هذه األهداف من خالل أربع مبادرات وهي‪ :‬ترشيد استهالك المياه والكهرباء‪،‬‬ ‫والتشجيع على إعادة التدوير‪ ،‬والحد من البدانة‪ ،‬وفرض االمتثال الضريبي‪.‬‬

‫ ختا ًما‪:‬‬ ‫ومع ندرة الكتابات العربية يف االقتصاد السلوكي بشكل عام‪ ،‬ودراسة تجاربه‬

‫بشكلٍ خاص‪ ،‬أسال اهلل العلى القدير أن يتقبل هذا العمل‪ ،‬وأن يجعله من العلم الذي‬

‫نتفع به‪ ،‬وأن يمثل ما فيه إضافة للمكتبة العربية حول أحد الموضوعات األكثر حيوية‬ ‫ُي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫استهالك أكثر‬ ‫لصنع وترشيد السياسات‪ ،‬وتوجيه السلوك نحو‬ ‫عالميا يف الوقت الراهن ُ‬ ‫ًّ‬

‫رشادة وعقالنية‪ ،‬بما يرفع من مستوى الرفاهية االقتصادية لشعوب العالم‪ ،‬والتي أتطلع‬ ‫أن تكون شعوب أوطاننا العربية واإلسالمية من بينها يو ًما ما‪.‬‬ ‫واهلل الموفق والمستعان‪،،،‬‬

‫د ‪ /‬أمحد حسن النجار‬ ‫‪Email:‎Alnaggar567@gmail.com‬‬ ‫‪twitter:‎@Dr_Alnaggar‬‬ ‫‪WhatsApp:‎+1 (954) 604-5907‎/ 00966544862644‬‬

‫***‬


‫‪15‬‬

‫الفصل األول‬ ‫ماهية االقتصاد السلوكي وأهم أفكاره‬


16


‫الفصل األول [ماهية االقتصاد السلوكي وأهم أفكاره]‬

‫الفصل األول‬ ‫ماهية االقتصاد السلوكي وأهم أفكاره‬ ‫ أولاً ‪ :‬ماهية االقتصاد السلوكي وعالقته بفرضية «الرشد االقتصادي»‪:‬‬ ‫يعد كتاب الوكز ‪ Nudge‬من أشهر الكتب يف االقتصاد السلوكي‪ ،‬بل هو أحد المصادر‬

‫األساسية التي تشرح فكر االقتصاد السلوكي وكيف يختلف عن االقتصاد التقليدي‪ .‬يف‬

‫مقدمة الكتاب استشهد الكاتبان ريتشارد ثالر وسنستاين بالتدخين وأكل الوجبات السريعة‬

‫التي تؤدى للسمنة على أهنا جمي ًعا خيارات يتخذها الناس ولكنها تكون يف‬ ‫الغالب غير رشيدة‪ ،‬ألهنا ال تقوم بتعظيم منفعتهم‪ ،‬ولكن لسبب أو آلخر‬ ‫ٍ‬ ‫(((‬ ‫خيارات أفضل منها‪.‬‬ ‫يبدو الناس غير قادرين على اتخاذ‬ ‫ومن ثم يختلف نموذج صنع القرار يف االقتصاد السلوكي عن‬

‫المفرتض يف االقتصاد التقليدي‪ ،‬ففي حين أن‬ ‫نموذج صنع القرار ُ‬

‫النموذج العقالين – الذي يفرتضه االقتصاد التقليدي بتعظيم المنفعة‬ ‫(( ( يعد هذا الكتاب (الوكز‪ :‬تحسين القرارات حول الصحة والثروة والسعادة) للكاتبين (ريتشارد ثالر‪،‬‬ ‫وكاس بي سنستاين) أحد أهم المراجع األساسية يف فهم األفكار الرئيسة لالقتصاد السلوكي‪ ،‬وقد‬ ‫حصل مؤلفه الرئيس ريتشارد ثالر على جائزة نوبل يف االقتصاد لعام ‪2017‬م‪ .‬كان هذا الكتاب من‬ ‫ضمن الكتب األكثر مبي ًعا حول العالم عام ‪2009‬م‪ ،‬تركز أبحاث ثالر على كيفية تأثير بعض الصفات‬ ‫البشرية مثل العقالنية المحدودة‪ ،‬والتفضيالت االجتماعية‪ ،‬بشكل منهجي على القرارات الفردية‬ ‫وتوجهات السوق‪ ،‬كما ركز بحث ثالر يف ذلك الكتاب على الفرص الكثيرة التي تتوفر لدى الحكومات‬ ‫عرب االقتصاد السلوكي لتحسين سياساهتا العامة‪ .‬وبعد عامين على نشر هذا الكتاب‪ ،‬أنشأت الحكومة‬ ‫الربيطانية وحدة االقتصاد السلوكي بناء على توصيات ثالر‪ ،‬وتبعتها بإجراءات مشاهبة دول أخرى مثل‬ ‫الواليات المتحدة‪ .‬راجع‪:‬‬

‫‪Richard H. Thaler, and Cass R. Sunstein, Nudge: Improving Decisions About‬‬ ‫‪Health, Wealth, and Happiness, Penguin Publishing Group; February 2008.‬‬

‫‪17‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪18‬‬

‫ هو نموذج معياري لصنع القرار‪ .‬فإن االقتصاد السلوكي يشتمل على نظرية وصفية‬‫لعملية صنع القرار التي تصف كيف يتخذ الناس القرارات يف الواقع‪ ،‬مقابل الكيفية التي‬

‫ينبغي عليهم اتخاذها‪.‬‬

‫قام ثالر وسنستاين يف كتاهبما بتقسيم الناس إلى نوعين‪ :‬البشر واإليكون (‪Humans‬‬

‫‪ ،)and Econs‬حيث افرتضا أن الـ ‪ Econs‬يتصرفون كما توحي نماذج االقتصاد التقليدي‪،‬‬

‫حيث إهنم يتخذون خيارات عقالنية يف جميع األوقات‪ ،‬ولديهم قوة إرادة ال متناهية‪،‬‬

‫ودائما‬ ‫ويقومون بمعالجة جميع المعلومات الموجودة بحوزهتم ويتعلمون من أخطائهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ما تصب اختياراهتم يف صالح تعظيم منفعتهم‪ ،‬وال يدعون مجالاً (حتى لو‬

‫صغيرا جدًّ ا) للعاطفة‪ .‬أما النوع اآلخر فهناك البشر ‪ ،Humans‬والذين‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫هم عرضة الرتكاب أخطاء كثيرة يف قراراهتم‪ ،‬وغال ًبا ما تكون متوقعة‪:‬‬ ‫دائما‬ ‫فالبشر يتم إغراؤهم عرب وسائل اإلعالن أو غيرها‪ ،‬كما أهنم ال يقرؤون ً‬

‫كل شيء مذكور يف العقود التي يقومون بالتوقيع عليها باإلضافة إلى أهنم‬ ‫ٍ‬ ‫أحيان أخرى‪.‬‬ ‫يتعاطفون يف بعض األحيان ويماطلون يف‬

‫ومن ثم يعتقد متخصصو االقتصاد السلوكي بأننا جمي ًعا بشر ولسنا ‪.Econs‬‬

‫فمن خالل استخدام بعض المعلومات والمعارف من علم النفس والعلوم االجتماعية‬

‫األخرى يركز المهتمون باالقتصاد السلوكي على عملية صنع القرار نفسها‪ .‬كما أهنم‬ ‫بدأوا بتوثيق وتفسير العديد من االنحرافات عن النموذج العقالين التقليدي والتي‬

‫يمكن رؤيتها يف العالم الحقيقي‪.‬‬

‫حيث يمكن القول إن النظرية االقتصادية التقليدية ال هتتم فعل ًّيا بعملية صنع‬

‫نظرا لكوهنا تفرتض أن الناس ستقوم ببساطة بمطابقة تفضيالهتم بالمعلومات‬ ‫القرار ً‬ ‫المتاحة عن السعر والجودة وسيختارون بناء على ذلك أفضل خيار متاح لهم‪ ،‬وبما‬

‫يعظم منفعتهم‪.‬‬


‫الفصل الثاني [مناذج تأسيس وحدات البصائر السلوكية ومتطلبات إنشائها (وحدات الوكز‏‪Nudge Units‬‏)]‬

‫شكل رقم (‪ )1‬مناذج وحدات البصائر السلوكية‬

‫ (‪ )1‬منوذج التوجيه املركزي‪:‬‬ ‫يف نموذج التوجيه المركزي ‪ Central Steering‬يتم تكليف وحدة متخصصة‬

‫(المتَحكم‬ ‫(عادة ما تكون داخل الحكومة أو المؤسسة) بالقيام بتوجيه التطبيق الصارم ُ‬

‫فيه أو المسيطر عليه) للبصائر السلوكية‪ ،‬ويركز دورها على تطبيق البصائر السلوكية عرب‬

‫أيضا على تنسيق ودعم وتشجيع استخدامه بأسلوب‬ ‫البالد أو عرب المؤسسة كما تركز ً‬ ‫معين‪ ،‬وعرب عدة كيانات داعمة‪ ،‬ومنظمات غير ربحية‪ ،‬مع مراعاة البيئة األكاديمية‪.‬‬

‫ويمكن بيان نموذج التوجيه المركزي يف الشكل التالي رقم (‪.)2‬‬

‫‪37‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪38‬‬

‫شكل رقم (‪ :)2‬منوذج وحدة بصائر سلوكية ذات توجيه مركزي‬

‫إن أهم ما يميز هذا النموذج هو أنه يتيح للكيانات (الوحدات األخرى) البدء يف‬

‫إجراء دراسات سلوكية بوتيرة أسرع من المعتاد حيث تكون الموافقات الضرورية على‬ ‫المستوى المفاهيمي ‪ -‬الذي يتم التحرك ووضع الخطط يف ضوئه – مركزية‪ ،‬إضافة‬ ‫الم ِ‬ ‫فر َطة بشكل كبير‪ ،‬كما أن الدراسات والتوجيهات ترسل‬ ‫إلى انخفاض البيروقراطية ُ‬ ‫بسهولة أكرب‪ .‬ميزة أخرى لهذا النموذج هي قدرته على بناء قدرات الفريق بسرعة حيث‬ ‫إن األفراد العاملين يف الوحدة المركزية يتم تكريسهم إلجراء التجارب وتنفيذ الرؤى‬ ‫السلوكية مباشرة وبتوجيه مركزي ووفق خطة عمل واحدة‪.‬‬

‫ولكن يجب ذكر أن أي كيان مركزي ال يملك السيطرة على سلسلة القيم‬

‫(السلوكية) المدخلة بأكملها‪ .‬حيث إن ذلك سيتطلب االعتماد على الفاعلين اآلخرين‬

‫أيضا فيما بعد‪ .‬وبالتأكيد فإن هذا‬ ‫لتنفيذ التجارب السلوكية وربما لتطبيق السياسات ً‬ ‫انتشارا يف القطاع العام عن الخاص‪.‬‬ ‫األمر أكثر‬ ‫ً‬


‫الفصل الرابع [أمثلة دولية لوحدات توجيه البصائر السلوكية (وحدات الوكز‏‪Nudge Units‬‏) واآلثار‏االقتصادية بعد إنشائها]‬

‫» »(‪ )5‬املناهج املستخدمة لتغيري السلوك‪:‬‬ ‫هنجا تجريب ًّيا يف صناعة السياسة لذلك يمكن القول‪ :‬إنه يعتمد على‬ ‫يمتلك الفريق ً‬

‫إطار تجريبي قوي‪ .‬هناك تقرير أجراه فريق من الباحثين من ضمنهم هالربن كان بعنوان‬

‫«‪ –»MINDSPACE‬هذه الكلمة هي اختصار لـ ‪ 9‬عناصر رئيسة وهم‪:‬‬ ‫ ‬ ‫ *الرسول ‪.Messenger‬‬

‫* الحوافز ‪.Incentives‬‬

‫ ‬ ‫ *االستبصار ‪.Salience‬‬

‫* الربمجة ‪.Priming‬‬

‫ ‬ ‫ * العادات ‪.Norms‬‬ ‫ *التأثير ‪ .Affect‬‬

‫* إعدادات افرتاضية ‪. Defaults‬‬

‫ *االلتزامات ‪.Commitments‬‬ ‫ * األنا ‪.Ego‬‬

‫ُي َعد هذا التقرير من التقارير المهمة التي تقوم برتجمة العديد من‬

‫مبادئ علم النفس االجتماعي إلى سياسات مقرتحة‪ .‬هذا التقرير الذي نُشر يف عام‬

‫‪ 2009‬قام باإلشارة إلى طريقتين أساسيتين لتغيير السلوك‪:‬‬

‫ *األولى‪ ،‬هي اتباع النموذج المعريف أو المنطقي الذي تقوم عليه معظم‬ ‫التدخالت السياسية التقليدية‪ ،‬والقائم على تعديل وعي الناس‪.‬‬

‫ *وهناك الطريقة الثانية البديلة‪ ،‬وهي هتدف إلى التأثير على السلوك عرب الرتكيز‬ ‫على عمليات العقل التلقائية‪ ،‬وذلك من خالل تشكيل السياقات المختلفة‬

‫التي يتصرف العقل عن طريقها‪.‬‬

‫وكما يؤكد التقرير فإنه يركز على «تغيير السلوكيات دون تغيير العقول»‪ .‬بعد هذا‬

‫كله قام الفريق يف عام ‪ 2012‬بتبسيط رسالة اإلطار الذي يعملون به عن طريق نشر‬ ‫تقرير بعنوان ‪ – EAST‬وهو اختصار لــ‪:‬‬

‫‪69‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪70‬‬

‫ ‬ ‫ *سهل ‪.Easy‬‬

‫ ‬ ‫ *بسيط ‪. Simple‬‬

‫* جذاب ‪. Attractive‬‬

‫* وقته مناسب ‪.Timely‬‬

‫والذي يشرحون فيه كيفية عمل السياسات السلوكية وتطويرها‪.‬‬

‫ويقوم فريق البصائر السلوكية باستخدام «التجارب العشوائية المضبوطة» أو‬

‫)‪ Randomised Controlled Trials (RCTs‬لتقييم فعالية السياسات العامة‪ .‬هذه‬ ‫التجارب تمكن صناع السياسة من تقييم آثار السياسات من خالل مقارنة العينات‬ ‫المختلفة‪ .‬ويف عام ‪ 2012‬قام الفريق بنشر تقرير بعنوان “اخترب وتعلم‬ ‫وتكيف» لكي يكون الدليل أو المرجع األساسي لصانعي السياسات‬ ‫لكي يتمكنوا من تنفيذ التجارب بشكل صحيح‪.‬‬

‫ويقترح الفريق يف هذا التقرير اتباع الخطوات التالية يف كل مرحلة‬ ‫من هذه المراحل‪:‬‬

‫اخترب‬

‫تعلم‬

‫‪ ) 1‬القيام بتحديد اثنني أو أكثر من تدخالت السياسة العامة (أو التدخالت‬ ‫احلكومية) للمقارنة‪.‬‬ ‫‪ ) 2‬حتديد النتيجة املرجوة من تغيري السياسة العامة وكيف سيتم قياسها‪.‬‬ ‫‪ ) 3‬تقرير ما إذا كان االختبار العشوائي الذي سيتم إجراؤه سيتم على املستوى‬ ‫الفردي أو املؤسسي أو اجلغرايف‪.‬‬ ‫‪ ) 4‬حتديد حجم العينة‪.‬‬ ‫‪ ) 5‬القيام بشكل عشوائي بتعيني كل عينة إىل جمموعة التحكم أو املعاجلة‪.‬‬ ‫‪ ) 6‬تطبيق هذه السياسات العامة على العينة املختارة‪.‬‬ ‫‪ ) 7‬القيام بقياس النتائج وحتديد تأثري التدخالت السياسية‪.‬‬

‫‪ ) 8‬تعديل السياسات العامة على أساس النتائج اليت مت احلصول عليها مسب ًقا‪.‬‬ ‫تكيف ‪ ) 9‬العودة إىل النقطة ‪ 1‬ملعرفة ما الذي جنح وما الذي مل ينجح بشكل أفضل‪.‬‬


‫الفصل الرابع [أمثلة دولية لوحدات توجيه البصائر السلوكية (وحدات الوكز‏‪Nudge Units‬‏) واآلثار‏االقتصادية بعد إنشائها]‬

‫كما يمكن أن تقوم الوحدة بإجراء التجارب العملية لقياس تأثير التدخالت السلوكية‬ ‫على سلوك األفراد‪ ،‬مما يسمح باختبار أثر التدخالت المحتملة على مجموعات فرعية‬ ‫من السكان (كعينة) قبل تنفيذ تغييرات أوسع‪ ،‬مثل تطبيق سياسة معينة‪ ،‬وهو ما يوضح‬

‫مراحله الشكل التالي رقم (‪.)6‬‬

‫شكل رقم (‪ :)6‬منهجية تطبيق التجارب العملية لفهم سلوك األفراد‬

‫ ثان ًيا‪ :‬جتربة وحدة توجيه البصائر السلوكية يف الواليات املتحدة األمريكية‪:‬‬ ‫يف عام ‪ 2012‬اقرتح باري شوارتز (أستاذ علم النفس) أن تنشئ الحكومة‬

‫مجلسا للمستشارين النفسيين مما سيجلب البصائر السلوكية داخل البيت‬ ‫األمريكية‬ ‫ً‬

‫الم َك ِمل لمجلس المستشارين االقتصاديين الحالي‪.‬‬ ‫األبيض وسيكون بمثابة ُ‬

‫(((‬

‫‪(1) White House Office of Science and Technology Policy: Social and Behav‬‬‫‪ioral Sciences Initiative:‬‬ ‫‪http://www.whitehouse.gov/administration/eop/ostp/initiatives‬‬

‫‪71‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪72‬‬

‫بعد نجاح فريق البصائر السلوكية يف المملكة المتحدة وشعبية وحدة الوكز هناك‬

‫قام باراك أوباما (الرئيس السابق للواليات المتحدة األمريكية) بتكليف مايا َشن َكر‬

‫‪( Maya Shankar‬كانت تعمل كمستشارة العلوم االجتماعية والسلوكية يف مكتب‬

‫سياسات العلوم والتكنولوجيا) ببدء مشروع إنشاء وحدة مماثلة يف الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫» »(‪ )1‬أهداف تأسيس الوحدة‪:‬‬ ‫قام فريق العلوم االجتماعية والسلوكية بضم نخبة من علماء‬

‫االجتماع وخرباء السياسات حتى يجعل برامج وسياسات وعمليات‬

‫الحكومات واإلدارات المختلفة أكثر كفاءة ومتوافقة بشكل أكرب مع‬ ‫احتياجات المواطنين‪ .‬ويهدف الفريق إلى التشجيع على استخدام‬

‫السياسات (المبنية على األدلة) عرب الهيئات الفيدرالية‪/‬الحكومية‪.‬‬

‫أيضا بإظهار فعالية تأثير سياسات الوكز داخل‬ ‫كما يقوم الفريق ً‬

‫الربامج باستخدام أساليب ذكية وفعالة من حيث التكلفة‪ .‬جميع َم ْن يف الفريق يريد‬

‫تحسين جودة التقييم يف الحكومة الفيدرالية من خالل مساعدة الهيئات على استهداف‬ ‫الفرص التي يمكن فيها استخدام البصائر السلوكية وتوفير األدوات المنهجية لتقييم‬

‫تأثيرها بشكل صحيح‪ .‬كما تعمل على نشر المزيد من الوعي حول البصائر السلوكية‬ ‫بين القادة السياسيين وموظفي الخدمة المدنية‪.‬‬

‫» »(‪ )2‬اهليكل‪/‬النموذج الذي مت اختياره للوحدة‪:‬‬ ‫يمكن القول‪ :‬إن هيكل الوحدة هو الهيكل المبني على االنتشار مع التوجيه‬

‫المركزي‪ ،‬حيث ُيعد الفريق فر ًعا من فروع مكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا ولديه‬

‫سبعة أعضاء‪ .‬وتتمثل مهامهم الرئيسة يف‪:‬‬


‫‪201‬‬

‫الفصل الحادي عشر‬ ‫تطبيقات االقتصاد السلوكي‬ ‫يف قطاع محاية املستهلك‬


202


‫الفصل احلادي عشر [تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع محاية املستهلك]‬

‫الفصل احلادي عشر‬ ‫تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع محاية املستهلك‬ ‫التجربة رقم (‪)22‬‬

‫ختفيض حجم العبوة‬ ‫ (‪ )1‬املعلومات األساسية للتجربة‪:‬‬ ‫ *الدولة‪ :‬تركيا‬

‫ *القطاع‪ :‬حماية المستهلك‪.‬‬

‫ *المؤسسة‪ :‬هيئة حماية المستهلك والتجارة العادلة‪.‬‬ ‫ *بداية التدخل‪ :‬يناير ‪2015‬‬

‫ *نهاية التدخل‪ :‬أبريل ‪2015‬‬

‫ *الهدف‪/‬الغرض‪ :‬تقديم أسس نظرية لسياسة هيئة حماية‬

‫المستهلك والتجارة العادلة فيما يتعلق بتخفيض حجم العبوة‪.‬‬

‫ *المنهج المستخدم‪ :‬قيام قسم االقتصاد بمراجعة األبحاث‪.‬‬

‫ *التطبيق‪ :‬ساعدت هيئة حماية المستهلك والتجارة العادلة على دعم قرارات‬ ‫التنفيذ واإلجراءات القانونية‪.‬‬

‫ (‪ )2‬املشكلة املراد التدخل فيها‪:‬‬ ‫منذ بداية األلفية الثانية‪ ،‬بدأت الشركات يف جميع أنحاء العالم يف تقليل حجم‬

‫العبوة‪ .‬وبشكل أكثر تحديدً ا‪ ،‬تعمل الشركات على تقليل حجم المحتوى المعروض‬

‫يف المنتج مع الحفاظ على أسعارها ثابتة‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة فعالة يف األسعار‪.‬‬

‫‪203‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪204‬‬

‫ويف فرتة ما بعد عام ‪ 2008‬من تباطؤ للنمو االقتصادي‪ ،‬انتشرت ممارسة تقليل‬

‫حجم العبوة‪ ،‬حيث سعت الشركات إلى زيادة اإليرادات دون رفع األسعار‪ .‬وادعت‬

‫الشركات أن هذه الممارسة كانت ضرورية لتعويض ارتفاع أسعار المواد الخام‬ ‫والعمالة‪ ،‬وااللتزام باللوائح‪ ،‬ومعالجة المخاوف الصحية‪ ،‬والرد على تحسينات‬

‫المنتج التي أدت إلى زيادة تكاليف المواد‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬أظهر التحليل والمالحظة أن الشركات غال ًبا ما تستخدم تكتيكات مضللة‬ ‫عمدً ا عندما تقلل حجم العبوة إلخفاء آثار التغييرات عن المستهلك‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى التخفيضات النموذجية التي يمكن أن تقدمها الشركات‬

‫أيضا أن تعدل الحجم‬ ‫الرتفاع العبوة أو عرضها‪ ،‬كما يمكن للشركات ً‬ ‫وظهورا للمستهلكين‪.‬‬ ‫وضوحا‬ ‫والعمق‪ ،‬وهو ما يكون أقل‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬غال ًبا ما تقوم الشركات بتقليل حجم العبوات‬

‫الزجاجية عن طريق تغيير شكل القاع أو هيكل الزجاجة‪ ،‬بحيث ترتك‬

‫مساحة أقل يف الداخل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن الشركات تحافظ على الحجم األصلي للعبوة‬

‫ظاهر ًّيا‪ ،‬ولكن تقلل المحتوى‪.‬‬

‫يف مقابل ذلك نشرت هيئة حماية المستهلك والتجارة العادلة عدة إرشادات‪.‬‬

‫وتنص هذه اإلرشادات بشكل واضح على أن تقليل حجم العبوة هو عمل مضلل‪ ،‬وأنه‬ ‫يجب على الشركات والموردين توضيح أي تخفيضات من هذا القبيل على العبوة‪.‬‬

‫ويجب أن تتضمن هذه المواصفات وزن المنتج السابق والوزن الجديد والنسبة‬

‫المئوية للتخفيض‪.‬‬

‫وتدعم التصورات السلوكية الحديثة هذه اإلرشادات‪ .‬وقد أظهرت األبحاث‬

‫بوجود فجوة معلومات متأصلة‪ ،‬حيث ينظر المستهلكون إلى سعر المنتج عند اتخاذ‬


‫الفصل احلادي عشر [تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع محاية املستهلك]‬

‫نادرا ما ينظرون إلى وزن المنتج حيث يعتربونه ثابتًا‪ .‬ومن ثم‪،‬‬ ‫قرار الشراء‪ ،‬ولكن ً‬

‫يحدث تأثير الرتكيز‪ ،‬حيث يركز المستهلكون على السعر وليس الكمية‪.‬‬

‫لقد أجرى قسم االقتصاد التابع لهيئة حماية المستهلك والتجارة العادلة مراجعة‬

‫بحثية للكشف عن تصورات إضافية ودرس التدخالت التنظيمية المحتملة التي هتدف‬

‫إلى ضمان وصول المعلومات الصحيحة إلى المستهلكين‪.‬‬ ‫ (‪ )3‬الطرق أو الوسائل املستخدمة يف التدخل‪:‬‬

‫ذكرنا ساب ًقا أنه بسبب القيود المعرفية (مثل الوقت‪ ،‬والذاكرة‪،‬‬

‫دائما اختيار أفضل البدائل التي تزيد من‬ ‫إلخ)‪ ،‬ال يستطيع الناس ً‬ ‫فوائدهم‪ .‬ولذلك‪ ،‬يعملون طب ًقا لقواعد االختيار العقالين ضمن حدود‬

‫قيودهم المعرفية‪ .‬وتم تسمية هذه بالعقالنية المحدودة‪.‬‬

‫ومن التقنيات االستكشافية التي يستخدمها الناس «تأثير الرتكيز»‪.‬‬

‫شحيحا‪ ،‬فإن المستهلكين يواجهون صعوبات‬ ‫وألن االهتمام يعترب مور ًدا معرف ًّيا‬ ‫ً‬ ‫يف المقارنة بين العديد من الخصائص المختلفة لمنتج معين‪ .‬وتظهر األبحاث أن‬

‫المستهلكين يميلون إلى الرتكيز على خاصية معينة تسمى السمة البارزة للشيء الجيد‪.‬‬ ‫تركيزا مفر ًطا للسمة البارزة (عاد ًة ما تكون السعر‪ ،‬ولكن يف‬ ‫ويعطي المستهلك‬ ‫ً‬

‫بعض األحيان تكون الجودة أو الحجم‪ ،‬على حسب الظروف)‪ ،‬مقارنة بغيرها من‬ ‫الخصائص عند اتخاذ قرار الشراء‪ ،‬حيث يقوم المستهلك بتقييم السمة البارزة للمنتج‬ ‫فيما يتعلق بنقطة مرجعية‪.‬‬

‫وعندما تكون السمة البارزة هي السعر‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬فإن النقطة المرجعية‬

‫قد تكون سعر المنتجات الموازية ذات الخصائص المتشاهبة أو المتوسطة‪ ،‬أو بدلاً‬

‫‪205‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪206‬‬

‫من ذلك سعر المنتج نفسه يف الماضي أو يف المحالت التجارية األخرى‪ .‬وتظهر‬

‫الدراسات أن المستهلكين يتجنبون الشراء أو االستجابة بقوة عندما يواجهون زيادة‬

‫مفاجئة يف السعر مقارنة بالنقطة المرجعية‪.‬‬

‫وتؤدي المشكلة السلوكية ذات االهتمام المحدود والتي تجعل المستهلكين‬

‫يختاروا سمة بارزة إلى صعوبة مالحظة المستهلكين ألي تغييرات يف الكمية‪ .‬وحيث‬ ‫إن الحاجة إلى سد الفجوات يف معلومات الشركات والمستهلكين من المبادئ‬ ‫الرئيسة لتشريعات حماية المستهلك‪ ،‬فإنه يجب على المشرع التدخل‬

‫يف مثل هذه الحالة من اإلخفاق السلوكي‪ .‬ويجب أن يستند التدخل‬

‫إلى محتوى المعلومات وطريقة تقديمها لضمان حصول المستهلكين‬ ‫على جميع المعلومات الالزمة التخاذ قرارات مستنيرة‪.‬‬

‫وبعد مراجعة الخلفية النظرية‪ ،‬فإن قسم االقتصاد التابع لهيئة‬

‫حماية المستهلك والتجارة العادلة قام بمراجعة أربع دراسات تجريبية‬

‫تتعامل مع الجوانب التالية لرتكيز العميل على السعر والجودة‪ :‬رد فعل العميل‬ ‫المنطقي للزيادة يف السعر مقارنة برد فعله إلى تقليل الكمية‪ ،‬وتأثير السعر لكل وحدة‬ ‫قياس على وعي المستهلك‪ ،‬ووعي المستهلك بوزن المنتج‪ ،‬وحساسية المستهلكين‬ ‫لتغيير الكمية والسعر‪ ،‬مثل تغيير وزن اآليس كريم وسعره‪.‬‬

‫ (‪ )4‬النتائج وحجم التأثري‪:‬‬ ‫توصلت الدراسات األربع إلى ما يلي‪:‬‬ ‫يف ضوء تعقيد عملية التسويق والتسعير‪ ،‬يميل المستهلكون عادة إلى أن عدم‬

‫االهتمام بوزن المنتج‪ ،‬حتى عندما يشار إلى سعر كل وحدة‪ .‬وأظهرت الدراسات أن‬


‫الفصل احلادي عشر [تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع محاية املستهلك]‬

‫المستهلكين أكثر حساسية للتغيرات يف األسعار من التغيرات يف الكمية‪ .‬وال يستطيع‬

‫المستهلكون تقييم الخسارة االقتصادية التي يتلقوهنا من تخفيض المنتجات‪ ،‬خاص ًة‬

‫عندما تخفي الشركات التغييرات‪ .‬وحتى عندما يكون المستهلكون على دراية كاملة‬ ‫تحيزا تجاه متغير السعر‪.‬‬ ‫بحجم التعديالت‪ ،‬فإهنم يكونون يف حيرة ويظهرون ً‬

‫وتقدم التصورات السلوكية التي تم مراجعتها أسس نظرية لسياسة هيئة حماية‬

‫المستهلك والتجارة العادلة فيما يتعلق بتقليل حجم العبوة‪.‬‬

‫وأدى تطبيق هذه التصورات إلى دعم قرارات التنفيذ واإلجراءات‬

‫القانونية‪ .‬وفرضت هيئة حماية المستهلك والتجارة العادلة غرامتين‬

‫ماليتين على الشركات التي خالفت اإلرشادات المذكورة أعاله‪.‬‬

‫***‬

‫‪207‬‬


‫‪297‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬ ‫دور االقتصاد السلوكي‬ ‫يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية‬


298


‫الفصل الثالث عشر [دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية]‬

‫الفصل الثالث عشر‬ ‫دور االقتصاد السلوكي‬ ‫يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية‬ ‫ أولاً ‪ :‬كيف ميكن للتصورات السلوكية دعم رؤى الدول العربية حنو املستقبل‪:‬‬ ‫يمكن أن تساعد التصورات السلوكية الحكومات العربية على الوصول إلى‬

‫الكثير من أهدافها االجتماعية واالقتصادية والبيئية الواردة يف خطط‬ ‫التحول االقتصادي الوطنية‪ ،‬مثل رؤية المملكة العربية السعودية‬

‫‪ ،2030‬ورؤية مصر ‪ ،2030‬رؤية أبو ظبي ‪ ،2030‬وكويت جديدة‬ ‫‪ ،2035‬وغيرها من الرؤى‪.‬‬

‫حيث يقوم صناع القرار بمهمة طرح سياسات جديدة لتحقيق‬

‫هذه األهداف الطموحة‪ ،‬ولكنهم يف بعض الحاالت قد يصابون باإلحباط من عدم‬

‫قدرة الناس على فهمها أو رفضهم تأييدها‪ .‬وتستطيع التصورات السلوكية تزويد‬ ‫صناع السياسات بفهم أفضل ألسباب تصرف األفراد هبذه الطرق ومساعدهتم على‬

‫تصميم أدوات لتغير هذه السلوكيات‪ ،‬ومن ثم ضمان نجاح النماذج االقتصادية‬ ‫المستهدفة‪.‬‬

‫دائما‬ ‫فواقعيا لم تنجح وسائل السياسة التقليدية المستخدمة من قبل الحكومات ً‬ ‫ًّ‬

‫يف تغيير السلوكيات؛ ألن تصميم هذه الوسائل غال ًبا ما يكون مستمدًّ ا من النماذج‬ ‫االقتصادية القياسية التي تستخدم االفرتاضات النظرية حول كيفية استجابة الناس‪.‬‬

‫‪299‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪300‬‬

‫حيث تفرتض النماذج االقتصادية القياسية أن األفراد يقومون بخيارات عقالنية‬

‫تؤدي إلى أفضل النتائج‪ .‬ولكن الحقيقة‪ ،‬ويف كثير من األحيان‪ ،‬يتصرف الناس بطريقة‬ ‫غير عقالنية‪ ،‬فيمارسون عادات غير صحية‪ ،‬مثل التدخين أو تناول الوجبات السريعة‪،‬‬ ‫ويماطلون عند حلول المواعيد النهائية لدفع بعض االلتزامات‪ ،‬حتى عندما يكونون‬

‫على دراية بالنتائج السلبية لسلوكهم‪.‬‬

‫وترجع هذه االنحرافات عن السلوك العقالين إلى «التحيزات المعرفية»‪ .‬وقد‬ ‫ذكرنا أمثلة كثيرة منها يف الفصول السابقة من هذا الكتاب‪.‬‬

‫فمثلاً توضح لنا هذه التحيزات لماذا قد يتحمل شخص الدين‬

‫ٍ‬ ‫شيء ما على الفور بدلاً من توفير‬ ‫الناتج عن بطاقة االئتمان لشراء‬ ‫المال للقيام بالشراء‪ .‬حيث يضعف التحيز المعريف – غال ًبا ‪ -‬فعالية‬ ‫السياسات الجديدة‪ ،‬ويمنع التغيير‪ ،‬ويفاقم المشكالت القائمة‪ ،‬مثل‬

‫انتشار األمراض غير المعدية أو ارتفاع تكاليف الطاقة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إطالق‬ ‫برامج توعية للحد من اإلصابة بمرض السكري قد ال يقلل من معدالت السمنة يف‬

‫جزئيا إلى أن تثقيف األفراد حول نتائج مرض السكري‬ ‫إحدى الدول‪ .‬ويرجع هذا‬ ‫ًّ‬ ‫فقط‪ ،‬دون متابعة التدخالت السلوكية التي تمنع الناس من ممارسة عادات األكل غير‬

‫الصحية‪ ،‬لن ُيحدث التغير المطلوب‪.‬‬

‫فالحكومات كانت تركز بشكل تقليدي على المناهج العلمية واألكاديمية عند‬

‫تدريجيا من تقنيات التسويق الناجحة التي‬ ‫تصميم السياسة‪ ،‬ولكنهم اآلن يتعلمون‬ ‫ًّ‬ ‫يطبقها القطاع الخاص‪ ،‬وبدأ الكثير من صناع السياسات يعرتفون بفعالية الحلول‬

‫المبنية على التصورات السلوكية‪.‬‬


‫الفصل الثالث عشر [دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية]‬

‫ ثان ًيا‪ :‬األدوات السلوكية اليت ميكن استخدامها يف الدول العربية‪:‬‬ ‫نفرق بداية بين الطرق التقليدية لصناعة السياسات التي تشمل التحكم يف معدالت‬

‫الضرائب ورفع أو تقديم الدعم وتطبيق اللوائح والقوانين وغيرها‪ ،‬وبين صنع السياسات‬ ‫من خالل التدخالت والتجارب السلوكية كما يوضحها الشكل التالي رقم (‪.)7‬‬ ‫شكل رقم (‪)7‬‬

‫مقارنة بني الطرق التقليدية لصناعة السياسات والتجارب السلوكية‬

‫وقبل الحديث عن أدوات التدخالت السلوكية التي يمكن استخدامها يجب‬

‫التأكيد على ضرورة أن تكون هذه األدوات السلوكية شفافة وليست مضللة‪ ،‬ويسهل‬

‫إلغاؤها‪ ،‬وأن هتدف إلى تحسين رفاهية األفراد‪ .‬حيث تشمل األدوات األكثر شيو ًعا يف‬ ‫التدخالت السلوكية ما يلي‪:‬‬

‫‪301‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪302‬‬

‫‪ ) 1‬تأطري رسائل التواصل‪ :‬تعترب حمالت التواصل التي تستفيد من التصورات الثقافية‬ ‫والنفسية العميقة ركيزة أساسية لتمكين التغير المنشود على نحو ف َّعال‪.‬‬

‫‪ ) 2‬تعزيز الوعي اخلطابي‪ :‬الوعي الخطابي هو ما يستطيع الشخص قوله أو التعبير‬ ‫عنه شفه ًّيا‪ ،‬ومن شأن تصميم التدخالت يف المدارس (تحديث المناهج‬ ‫الدراسية‪ ،‬والدورات التدريبية‪ ،‬والرحالت الميدانية)‪ ،‬وشرائح المحتوى‬

‫الخاصة على القنوات اإلعالمية أن تقوم بتوعية الجماهير بشأن السلوكيات‬

‫المقصودة‪ ،‬أو المستهدفة‪.‬‬

‫‪ ) 3‬االستفادة من القدوات‪ :‬اختيار العالمات التجارية أو الشخصيات العامة‬ ‫(الرياضيين والفنانين والقادة السياسيين أو غيرهم) أو إيجاد شخصيات‬

‫خيالية نموذجية لتأييد سلوك منشود ُيمكن أن يشجع المزيد من األفراد‬ ‫على أن يحذو حذوهم‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن مقارنات األقران يمكن أن ُتحفز‬ ‫التغير بإثارة اإلحساس بالفخر أو الذنب‪.‬‬

‫‪ ) 4‬تعيني خيارات افرتاضية جديدة‪ :‬إن استخدام الملصقات بالمنزل لوضع النتيجة‬ ‫المرجوة كخيار افرتاضي (على سبيل المثال‪ ،‬وضع خطة لتوفير استهالك‬

‫الكهرباء المنزلية بمثابة الخيار االفرتاضي) يزيد من مشاركة األفراد دون‬ ‫تقييد حريتهم يف االختيار‪.‬‬

‫رصا للكسب‬ ‫‪ ) 5‬حتفيز األفراد من خالل حماكاة نظم األلعاب‪ :‬من شأن منح األفراد ُف ً‬ ‫عندما ينخرطون يف سلوك مرغوب‪ ،‬من خالل المسابقات على وسائل‬ ‫التواصل االجتماعي على سبيل المثال‪ ،‬أن ُيعزز من شعورهم بالكفاءة‬ ‫الذاتية أو ُيسهم يف الوصول للسلوك المستهدف اجتماع ًّيا‪.‬‬

‫‪ ) 6‬استخدام االستدالل‪ :‬إن إنشاء «اختصارات» ذهنية مثل الشعارات واألغاين‬ ‫واإلشارات البصرية وما إلى ذلك يمكن أن ُيسرع عملية صنع القرار لدى‬


‫الفصل الثالث عشر [دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية]‬

‫حل ُم ٍ‬ ‫األفراد و ُيساعدهم على تبني ّ‬ ‫رض قريب من السلوك المرغوب (على‬ ‫ِّ‬

‫سبيل المثال‪ ،‬يتذكر األفراد توصية «‪ 5‬حصص غذائية يف اليوم» لتناول كمية‬ ‫مناسبة من الفواكه والخضراوات)‪.‬‬

‫يجدر التأكيد يف هذه النقطة‪ ،‬أن التصورات السلوكية تكمل صناعة السياسة‬

‫القياسية من خالل تقديم وجهة نظر أكثر واقعية عن السلوك البشري والسماح بالتكيف‬ ‫يف جميع مراحل العملية‪.‬‬

‫ومن ثم فإنه ال يمكن استبدال أدوات التدخل السلوكي بأدوات‬

‫السياسة التقليدية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬لن تنجح عملية تشجيع اآلباء على‬ ‫القراءة ألبنائهم إن لم تتم بالشكل المناسب‪ ،‬وذلك يف حال عجز اآلباء‬

‫على شراء كتب ألبنائهم أو توصيلهم إلى مكتبة عامة‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬إذا أرادت الحكومة نجاح التدخالت السلوكية‪ ،‬فإنه يجب‬

‫عليها أن تطبق البنية التحتية الداعمة واستخدام أدوات السياسة القياسية‪،‬‬

‫باإلضافة إلى استخدام أداة السلوك الصحيحة أو مزيج من هذه األدوات‪ .‬فعلى سبيل‬

‫المثال‪ ،‬لن تنجح السياسة الرامية إلى تعزيز معدالت إعادة تدوير المخلفات‪ ،‬إذا لم تقم‬ ‫البلديات بتزويد مكبات النفايات بالبنية التحتية المناسبة إلدارة تلك المخلفات‪.‬‬

‫ أهمية االتصال‪:‬‬ ‫قبل أن نختم هذه النقطة البد من التأكيد على أهمية االتصال‪ ،‬حيث يعترب‬

‫االتصال األداة الرئيسة إلبالغ السياسة السلوكية‪ .‬وال يتمثل دور االتصال يف التعليم‬ ‫كمحفز للتغيير‪ .‬فاالتصال مطلوب ليس‬ ‫وزيادة الوعي فقط‪ ،‬ولكن ً‬ ‫أيضا يف العمل ُ‬ ‫فقط لمخاطبة عواطف الناس أو قيمهم أو إدراكهم للمعايير االجتماعية لجعل التغيير‬

‫أيضا على تغيير الحوافز والتحيزات والعادات‪.‬‬ ‫المطلوب مقبولاً ‪ ،‬بل يعمل ً‬

‫‪303‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪310‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يميل األفراد إلى فرز األوراق السليمة‪ ،‬والعلب‪ ،‬والزجاجات‪،‬‬

‫وما شابه ذلك إلعادة تدويرها‪ ،‬ولكنهم يفضلون رمي األشياء يف سلة النفايات عندما‬

‫تبدو بالغة التشوه‪ ،‬حتى لو كانت قابلة إلعادة التدوير‪ ،‬وهو ما يعرف باسم «االنحياز‬

‫للتخلص من األشياء المشوهة»‪.‬‬

‫كتجربة سلوكية ناجحة يف هذا اإلطار‪ ،‬أدرجت وكالة حماية البيئة الصينية يف عام‬

‫‪ 2016‬الرؤى المستمدة من العلوم السلوكية يف حملة تواصل لتحسن التخلص من‬ ‫النفايات يف صناديق إعادة التدوير الصحيحة‪.‬‬

‫وقبل إطالق هذه الحملة كانت الصين قد حاولت لمدة ‪ 20‬عا ًما‬

‫توعية الجمهور حول فرز النفايات القابلة إلعادة التدوير دون جدوى‪،‬‬ ‫ولكن الحملة قد حفزت شعور المواطنين الصينيين بضغط األقران‬

‫واالهتمام بالوضع االجتماعي لتحسين أداء فرز النفايات‪.‬‬

‫وقامت الوكالة بذلك عن طريق إعادة تسمية صناديق إعادة التدوير القياسية يف‬

‫شارع مطاعم مزدحم يف شنغهاي وربطها بمستويات الذكاء‪ ،‬فكلما زاد تعقيد فصل‬ ‫النفايات‪ ،‬كلما ارتفع معدل ذكاء الفرد‪ .‬وأصبح من دواعي فخر المواطنين أن يقدموا‬

‫صورة عامة عن أنفسهم بأهنم يتمتعون بمستويات ذكاء عالية‪ ،‬وأهنم يبذلون جهدً ا‬

‫واع ًيا الستخدام الصناديق األكثر تعقيدً ا يف فصل النفايات‪ .‬ففي يوم واحد‪ ،‬تم وضع‬

‫أكثر من ‪ %89‬من مجموع النفايات المجمعة يف هذه الصناديق يف المنفذ المحدد‬ ‫بشكل صحيح‪.‬‬


‫الفصل الثالث عشر [دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية]‬

‫ (‪ )3‬احلد من البدانة‪:‬‬ ‫يف ظل انتقال سكان الدول العربية وخاصة دول الخليج العربي إلى نمط حياة‬

‫يتسم بزيادة قلة الحركة‪ ،‬فإن معدالت البدانة واألمراض المزمنة األخرى آخذة يف‬

‫االزدياد‪ ،‬حيث أصبح السكان أكثر عرضة لإلفراط يف استهالك الوجبات السريعة غير‬ ‫الصحية ومحدودية النشاط البدين‪.‬‬

‫ووف ًقا لبيانات منظمة الصحة العالمية‪ ،‬فإن معدالت البدانة يف الدول الخليجية‬

‫من بين أعلى المعدالت يف العالم‪ ،‬حيث ُيظهر الشكل التالي رقم (‪)8‬‬ ‫أن نقص النشاط البدين وصل إلى مستويات مقلقة يف الدول الخليجية‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬وصلت هذه المستويات يف عام ‪ 2016‬إلى ‪ %38‬يف‬

‫الكويت‪ ،‬و‪ %41‬يف قطر‪ ،‬و‪ %34‬يف المملكة العربية السعودية‪ ،‬و‪ %35‬يف‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‪ .‬وسجلت سلطنة عمان النسبة األقل بـ ‪.%27‬‬

‫زيادة على ذلك‪ُ ،‬تسهم درجات الحرارة المرتفعة يف عدم ممارسة الرياضة‬ ‫من خال تقييد األفراد يف األماكن المغلقة‪.‬‬

‫‪311‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪312‬‬

‫شكل رقم (‪)8‬‬

‫متوسط معدل البدانة يف عام ‪2016‬‬

‫(النسبة املئوية للسكان فوق ‪ 18‬سنة) يف دول اخلليج العربي‬

‫مرة أخرى‪ ،‬قد يؤدي االنحياز المعريف إلى دفع األفراد إلى انتقاء خيارات‬

‫الوجبات غير الصحية أو التخلي عن أهداف فقدان الوزن‪ ،‬حيث ُيجرب «انحياز الخوف‬ ‫سليما‪.‬‬ ‫أمرا‬ ‫ً‬ ‫من الخسارة» األفراد على إكمال وجبة غذاء تم شراؤها ألهنم يرون ذلك ً‬

‫وقد يشعر العمالء يف سالسل متاجر الوجبات السريعة بأهنم مضطرون إلكمال‬

‫وجباهتم المتكاملة سوا ًء شبعوا أم ال‪ ،‬خاصة مع قيامهم بشراء خيار «الحجم الزائد»‬

‫(على سبيل المثال‪ ،‬بطاطس أو مياه غازية كبيرة)‪ .‬كما قد يشعرون دون وعي «بالنفور‬ ‫من الخسارة»‪ ،‬وهو الشعور بأن تناول جزء من وجباهتم فقط أو عدم االستفادة الكاملة‬ ‫من خيار «إعادة الملء»((( ُيقلل بطريقة أو بأخرى من استمتاعهم بوجباهتم‪.‬‬

‫(( ( خيار تتيحه بعض مطاعم الوجبات السريعة‪ ،‬بحيث يمكن للمرتددين إعادة مأل أكواهبم بالمشروبات‬ ‫الغازية طالما رغبوا يف ذلك‪ ،‬ودون أي قيود على عدد المرات‪.‬‬


‫الفصل الثالث عشر [دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية]‬

‫وهناك انحياز معريف آخر ُيقوض محاوالت األفراد النتقاء الخيارات الصحية‬

‫وهو «االنحياز للتفاؤل»(((‪ ،‬واالعتقاد غير الواقعي بأن كل شيء سيكون على ما يرام‬ ‫حتى فوات األوان‪ .‬وقد يمنع هذا االنحياز األفراد من الرغبة يف التغير يف المقام األول‪،‬‬

‫حتى لو تم شرح األخطار الصحية لإلفراط يف تناول الطعام غير الصحي لهم‪ ،‬أو قد‬ ‫يجعلهم يعتقدون أنه ليس هناك مانع من الغش يف حميتهم الغذائية وتناول الطعام الذي‬

‫يحتوي على سكريات ودهون مفرطة «من حين آلخر» حتى يصبح هذا األمر أكثر‬

‫آثارا ضارة‪.‬‬ ‫تواترا‬ ‫وتكرارا‪ُ ،‬‬ ‫ويحدث ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫إن ارتفاع معدالت األمراض المزمنة الناجمة عن البدانة واإلفراط‬

‫يف تناول الغذاء يفرض تكاليف مالية باهظة على أنظمة الرعاية الصحية‬

‫يف الدول الخليجية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬بلغت التكلفة المباشرة وغير‬

‫المباشرة لألمراض غير المعدية بما يشمل مرض السكري ما يقرب من‬ ‫‪ 68‬مليار دوالر أمريكي يف عام ‪.2017‬‬

‫وبمقدور دول الخليج خفض معدالت البدانة وتكاليف الرعاية الصحية المرتبطة‬

‫هبا إذا غرست عادات نمط الحياة الصحي يف أذهان مواطنيها‪ .‬و ُيعد التدخل السلوكي‬

‫مهما للحد من انتشار‬ ‫لتشجيع األفراد على ممارسة المزيد من األنشطة البدنية‬ ‫عنصرا ًّ‬ ‫ً‬ ‫البدانة‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬بدأ مجلس النهوض بالصحة يف سنغافورة حملة «التحدي‬

‫الوطني للخطوات» ‪ The National Steps Challenge campaign‬يف ديسمرب ‪.2015‬‬ ‫أيضا االنحياز إليجابيات االختيار «‪ :»Choice supportive bias‬يحدث هذا التحيز‬ ‫((( ويسمى ً‬ ‫عندما يختار الناس شي ًئا ما‪ ،‬ثم يميلون يف العادة إلى التفكير يف إيجابيات اختيارهم ويغضون الطرف‬

‫عن سلبياته‪ ،‬فمثلاً لو كنت تحب الكالب وتف ِّكر يف اقتناء واحد فإنك ستتغاضى عن بعض عيوبه‪،‬‬

‫كمقدرته على أن يقوم ب َع ّض الناس أحيانًا‪.‬‬

‫‪313‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪314‬‬

‫وكان الهدف من هذا التدخل هو تشجيع المهنيين العاملين الذين لديهم القليل من وقت‬

‫الفراغ على ا ِّتباع نمط حياة أكثر نشا ًطا من خالل مشي ‪ 10.000‬خطوة يوم ًّيا‪ ،‬وهو عدد‬

‫كان ُينظر إليه يف بادئ األمر على أنه شاق ومخيف‪.‬‬

‫وتسمح الحملة للمشاركين بتحميل تطبيق حساب الخطوات والدخول يف‬

‫سحب يف كل مرة يجمعون فيها ً‬ ‫نقاطا كافية نتيجة المشي لعدد معين من الخطوات‪.‬‬ ‫مؤثرا‪،‬‬ ‫وقد أصبح استغالل حب الشعب السنغافوري لوسائل التواصل االجتماعي‬ ‫ً‬ ‫حيث تم إعطاء المشاركين فرصة لجمع النقاط من خالل المشاركة‬

‫وجمع المزيد من النقاط من خالل تقاسم التطبيق والصور وأشرطة‬ ‫الفيديو عرب وسائل التواصل االجتماعي‪ .‬وسرعان ما تحولت الحملة‬

‫ٍ‬ ‫اتجاه اجتماعي‪ ،‬حيث شارك ‪ 126.000‬شخص يف هذه المبادرة‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫أي حوالي ‪ %8.8‬من السكان الراشدين غير النشطين‪.‬‬

‫وبإمكان الدول الخليجية ً‬ ‫أيضا خفض معدالت البدانة عن طريق غرس العادات‬

‫الغذائية الصحية من خالل المعلومات والتوجيهات‪ .‬واكتشف فريق برئاسة األستاذة‬

‫جانيت شوارتز وفريقها من جامعة ديوك أن تزويد األفراد بالمعلومات الصحيحة كان‬ ‫فعالة يف هذا الصدد‪.‬‬ ‫له تأثير ضئيل على عاداهتم الغذائية‪ ،‬ولكن التحفيزات كانت َّ‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬اتخذت سلطات دبي مبادرات معينة شملت تصورات مستمدة‬

‫من العلوم السلوكية لمعالجة مشكلة البدانة‪ .‬ففي الفرتة ما بين يوليو إلى سبتمرب ‪،2014‬‬ ‫أطلقت بلدية دبي مبادرة «طفلك ذهب» لتشجيع اآلباء على تربية أطفال أصحاء‪ ،‬حيث‬ ‫يحصل كل طفل مشارك على جرام ذهب عن كل كيلوجرام ينقصه من وزنه‪ ،‬يف حين‬

‫تحصل كل أسرة تضم طفل أو طفلين على ‪ 2‬جرام من الذهب‪.‬‬


‫الفصل الثالث عشر [دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية]‬

‫ (‪ )4‬فرض االمتثال الضرييب‪:‬‬ ‫تفرض كل الدول العربية ضرائب على مواطنيها سواء كانت ضرائب مباشرة على‬

‫الدخول أو غير مباشرة على السلع والخدمات‪ ،‬وحتى بلدان الخليج العربي التي كانت‬

‫اعتبارا من يناير‬ ‫عاد ًة ال ُتطبق الضرائب أو ُتطبقها بشكل محدود‪ ،‬قامت هي األخرى‬ ‫ً‬ ‫‪ 2018‬وىف بعض الدول الخليجية بفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة ‪ .%5‬وبالرغم‬ ‫من أنه ال يزال من المبكر بالنسبة للدول الخليجية تقييم أثر تطبيق الضرائب الجديدة‪،‬‬ ‫إال أنه قد يكون هناك مخاوف من عدم االلتزام بالكامل‪ ،‬خاصة إذا ما‬

‫اتجهت هذه الدول إلى زيادة المعدل عن ‪ ،%5‬أو فرضت أنوا ًعا أخرى‬ ‫كثيرا من الدول العربية‬ ‫من الضرائب‪ .‬ما يزيد من هذه المخاوف أن ً‬ ‫األخرى تعاين إشكالية عدم االمتثال الضريبي‪.‬‬ ‫حيث يمكن تفسير عدم االمتثال بما يسمى «االنحياز للوضع الراهن»‪،‬‬

‫فالشركات واألفراد يفضلون بقاء األمور على حالها بدلاً من التغيير‪.‬‬

‫أيضا إلى أن نسبة كبيرة من األفراد ُيشككون‬ ‫و ُتشير األبحاث التي أجرهتا دول أخرى ً‬ ‫يف مفهوم الضرائب و ُيسيئون تفسير كيفية إنفاق الحكومة للضرائب‪.‬‬

‫ويرجع ذلك إلى «االنحياز لحصر المشكلة يف الوقت الحاضر»‪ ،‬وهو ميل األفراد‬

‫إلى الرتكيز على المشكلة الفورية المتصورة أي االضطرار إلى دفع الضرائب‪ ،‬بدلاً من‬

‫الرتكيز على الصورة اإليجابية من حيث الفوائد التي يمكن أن ُتحققها الضرائب (مثل‬

‫تمويل الربامج االجتماعية)‪ .‬ويتمثل العنصر األساسي لتغيير هذه التصورات الخاطئة‬ ‫يف حمالت التواصل الف َّعالة والتدخالت السلوكية‪.‬‬

‫وقد واجهت كينيا مشكالت مماثلة فيما يتعلق باالمتثال الضريبي يف ظل تخوف‬

‫المواطنين بشكل خاص من عملية تقديم اإلقرارات الضريبية اإللكرتونية‪ .‬واستمر‬

‫‪315‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪316‬‬

‫األفراد يف تقديم اإلقرارات الضريبية الورقية شخص ًّيا بدلاً من نظام الضرائب اإللكرتونية‬

‫األكثر كفاءة وسهولة‪.‬‬

‫ومن خالل التحقيق يف أسباب استخدام عدد قليل جدًّ ا من األفراد لنظام الضرائب‬

‫اإللكرتونية‪ ،‬كشف علماء السلوكيات مجموعة من العوائق تشمل‪ :‬رأى المواطنين يف‬

‫أهنا عملية معقدة‪ ،‬وعدم امتالكهم ثقة كبيرة يف مهاراهتم المحاسبية‪ ،‬وكان من المعتاد‬ ‫كعرف اجتماعي االنتظار حتى اللحظة األخيرة لدفع الضرائب‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬صممت هيئة اإليرادات الكينية حملة توعية متكاملة يف‬

‫عام ‪ 2014‬استخدمت فيها اللغة العامية للتواصل مع دافعي الضرائب‬ ‫عرب قنوات مختلفة‪ ،‬وشجعتهم على إعادة النظر يف آرائهم وتوجهاهتم‪.‬‬

‫ويف الشهر الذي سبق الموعد النهائي لتقديم اإلقرارات الضريبية‪،‬‬

‫تنازليا إلعطاء األفراد اإلحساس بالحاجة الملحة‪.‬‬ ‫بدأت الحملة عدًّ ا‬ ‫ًّ‬

‫وكانت النتيجة زيادة بنسبة ‪ %312‬يف عدد المستخدمين المسجلين يف نظام الضرائب‬

‫اإللكرتوين‪ ،‬وتحصيل ضرائب بقيمة ‪ 9‬مليارات دوالر أمريكي للسنة المالية ‪-2014‬‬

‫شخصيا (مليوين‬ ‫‪ ،2015‬وطوابير انتظار أقصر بكثير لتقديم اإلقرارات الضريبية‬ ‫ًّ‬

‫شخص على األقل)‪.‬‬

‫ويف المملكة المتحدة‪ ،‬أجرى الفريق المعني بالتصورات المستمدة من العلوم‬

‫فعالة هتدف إلى زيادة االمتثال الضريبي والحد من التهرب الضريبي‪.‬‬ ‫السلوكية تجارب َّ‬

‫حيث عمل الفريق مع وكالة ترخيص السائقين والمركبات للحد من عدد‬

‫المركبات غير المرخصة على الطرق‪ ،‬ومن ثم ضياع مقابل الرتاخيص على الدولة‬

‫يمثل‬ ‫حيث بلغ عدد المركبات غير المرخصة ‪ 249‬ألف مركبة يف عام ‪2011‬م وهو ما ُ‬


‫الفصل الثالث عشر [دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية]‬

‫إيرادات مفقودة بقيمة ‪ 40‬مليون جنيه إسرتليني‪ .‬ومن خالل إدراج صور المركبات‬ ‫يف الخطابات الموجهة إلى دافعي الضرائب‪ ،‬تمكن الفريق من زيادة معدالت االمتثال‬

‫من ‪ %40‬إلى ‪.%49‬‬

‫***‬

‫‪317‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪318‬‬

‫توصيات الكتاب‬ ‫ فى ختام هذا الكتاب يوصى الكاتب مبا يلي‪:‬‬ ‫‪ ) 1‬دراسة التجارب الدولية يف مجال تطبيقات االقتصاد السلوكي‪ ،‬بما يسمح بنقل‬ ‫كثير من الخربات يف مجال التطبيق‪ ،‬مع ضرورة األخذ يف الحسبان مراعاة‬

‫البيئة والثقافة التي ستطبق فيها هذه التجارب‪ .‬مع توصية الجهات المختصة‬ ‫يف كل الدول العربية بإقامة ورش عمل متعددة مشرتكة مع وحدات بصائر‬ ‫سلوكية من دول مختلفة لتبادل الخربات ومناقشة أهم التحديات‪.‬‬

‫‪ ) 2‬يمكن استخدام الوكز السلوكي يف عدة مجاالت عامة كالتعليم والصحة‬ ‫وااللتزام الضريبي والزكوي وضبط اإلنفاق العام‪ ..‬وغيرها‪ ،‬كما يمكن‬ ‫استخدامها على مستوى القطاع الخاص على مستوى تحسين األداء‬

‫أيضا يف الجمعيات الخيرية‬ ‫وأنشطة التسويق وغيرها‪ ،‬كما يمكن استخدامها ً‬ ‫والمصارف والشركات والجامعات‪.‬‬

‫‪ ) 3‬يف حال توجه الدولة لتأسيس وحدة بصائر سلوكية (وحدة الوكز)‪ ،‬فالبد‬ ‫من اختيار النموذج المناسب لها من بين الثالث نماذج المتعارف عليها‬ ‫(وحدة توجيه مركزي‪ ،‬وحدة انتشار‪ ،‬وحدة انتشار مع توجيه مركزي)‪ ،‬وبما‬ ‫يتناسب مع حجم الدولة‪ ،‬والثقافة الشائعة هبا‪ ،‬والهياكل اإلدارية المستقرة‬

‫يف الجهة التي سيتم تأسيس الوحدة هبا‪.‬‬

‫‪ ) 4‬البد مراعاة خمسة عناصر أساسية مطلوبة كخطوات إلنشاء وحدات البصائر‬ ‫السلوكية (وحدة الوكز) يف أي دولة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫ *تحديد الرؤية واألهداف من تأسيس الوحدة‪.‬‬ ‫ *اختيار الهيكل المبدئي لها ومكوناته‪.‬‬


‫توصيات الكتاب‬

‫‪319‬‬

‫ *وضع إطار واضح للحوكمة داخل الوحدة‪.‬‬

‫ *وضع إطار وتصميم آللية التدخل السلوكي‪ ،‬وتحديد برنامج تحليل‬ ‫البيانات المستخدم‪.‬‬

‫ *إعداد دليل واضح للسياسات واإلجراءات‪.‬‬

‫‪ ) 5‬القيام بمزيد من األبحاث والكتابات يف قضايا االقتصاد السلوكي والوكز‪،‬‬ ‫حيث تخلو المكتبة العربية من كتب وبحوث متعمقة يف هذا المجال الجديد‪،‬‬

‫وكل المواد المتاحة عن االقتصاد السلوكي والوكز باللغات األجنبية فقط‪.‬‬

‫‪ ) 6‬القيام بمزيد من الدراسات التي هتدف إلى عمل مقارنة ومقاربة بين المفاهيم‬ ‫التي ينادى هبا االقتصاد السلوكي ومفاهيم االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬لبيان نقاط‬ ‫االتفاق واالختالف‪ ،‬وإلى أي مدى يمكن االستفادة من منظومة القيم‬ ‫اإلسالمية يف الـتأثير اإليجابي على السلوك االقتصادي‪.‬‬

‫***‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

320

‫قائمة بأهم املراجع‬ 1.

Richard H. Thaler, and Cass R. Sunstein, Nudge: Improving Decisions About Health, Wealth, and Happiness, Penguin Publishing Group; February 2008.

2.

Jill Luoto and Katherine Carmen, Behavioral Economics Guidelines with Applications for Health Interventions, Inter-American Development Bank, May 2014.

3.

Kahneman, Thinking: Fast and Slow, first ed. New York, United States: Farrar, Straus and Giroux, 2011.

4.

Mullainathan, S., and R.H. Thaler, Behavioral Economics, NBER Working Paper No. 7948, October, 2000. Cambridge, MA, United States: National Bureau of Economic Research. Available at: http:// www.nber.org/papers/w7948.

5.

Simon. H, Behavioural Model of Rational Choice, The Quarterly Journal of Economics Vol. 69, 1955.

6.

Khwaja et al., The Relationship Between Individual Expectations and Behaviour’s: Mortality Expectations and Smoking Decisions, Journal of Risk and Uncertainty 35, 2007.

7.

Kahneman, Knetsch and Thaler, Experimental Tests of the Endowment Effect and the Coase Theorem, Journal of Political Economy 98(6): 1990, P.1325. Available at: http://www.jstor.org/ stable/2937761.

8.

Samuelson, W., & Zeckhauser, R. J, Status quo bias in decision making, Journal of Risk and Uncertainty, 1988.

9.

Grynbaum, Grynbaum, Michael, New York’s Cabbies Like Credit Cards? Go Figure, New York Times, November 7, 2009.


321

‫قائمة بأهم املراجع‬ 10. Christine Jolls, and Richard Thaler, Behavioral Approach to Law and Economics – Cass Sunstein, Coase-Sando Institute for Law and Economics, 1998. 11. Sherzod Abdukadrlov, Nudge Theory in Action: Behavioral Design in Policy and Markets, Palgrave Advances in Behavioral Economics, 2016. 12. Joana Lourenço, Emanuele Ciriolo, Sara Almeida, and Xavier Troussard, Behavioral Insights Applied to Policy: Overview across 32 European Countries, European Commission Joint Research Centre, 2016. 13. OECD, Behavioural insights and public policy: Lessons from around the world, Paris, France: OECD Publishing, 2017. 14. Kahneman, D., Knetsch, J. L., & Thaler, R. H., Anomalies: The endowment effect, loss aversion, and status quo bias, Journal of Economic perspectives, 5(1), 1991. 15. Halpern, D., Inside the nudge unit: How small changes can make a big difference, Random House, 2016. 16. Boven, L., The ethics of nudge, Preference change, Springer, Dordrecht, 2009. 17. Emmerling, T., D.R.I.V.E.: A practical framework for applying behavioural science in strategy, The Behavioral Economics Guide 2018, London, UK: Behavioral Science Solutions, 2018. 18. Giulio del Balzo, Nudging in the UK, in the USA, in Denmark, in Italy: An International Comparison of Behavioural Insights Teams, Libera Universita Internazionale Degli Studi Sociali, 2015. 19. Alina Neatu, The Use of Behavioral Economics in Promoting Public Policy, Theoretical and Applied Economics, 2015.


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

322

20. Kim Ly and Dilip Soman, Nudging Around the World, Rotman School of Management, 2013. 21. David Halpern and Michael Sanders, Nudging by Government: Progress, Impact, and Lessons Learnt, Behavioral Science and Policy Association, 2016. 22. Strategy& WPP - Ideation Center insight, Triggering change in the GCC through behavioral insights: An innovative approach to effective policymaking, published for the World Government Summit, 2018. 23. UK’s Behavioral Insights Team (Often called Nudge, after Richard Thaler’s famous book): https://www.gov.uk/government/organisations/behavioural-insights-team 24. White House Office of Science and Technology Policy: Social and Behavioral Sciences Initiative: http://www.whitehouse.gov/administration/eop/ostp/initiatives 25. https://nudgelebanon.org 26. https://www.sfda.gov.sa/ar/food/news/Pages/f5-8-2018a1.aspx

***


‫حمتويات الكتاب‬

‫‪323‬‬

‫حمتويات الكتاب‬ ‫ إهداء‪5.......................................................................................................................................‬‬

‫ تقديم بقلم األستاذ الدكتور‪ /‬عادل محيد يعقوب ‪7...........................................................‬‬ ‫ مقدمة الكتاب ‪9.......................................................................................................................‬‬

‫ الفصل األول‪ :‬ماهية االقتصاد السلوكي وأهم أفكاره ‪15.......................................................‬‬

‫ الفصل الثاني‪ :‬مناذج تأسيس وحدات البصائر السلوكية ومتطلبات إنشائها (وحدات‬ ‫الوكز ‪31......................................................................................................)Nudge Units‬‬

‫ الفصل الثالث‪ :‬جماالت تطبيق التصورات السلوكية‪51.........................................................‬‬

‫ الفصل الرابع‪ :‬أمثلة دولية لوحدات توجيه البصائر السلوكية (وحدات الوكز ‪Nudge‬‬

‫‪ )Units‬واآلثار االقتصادية بعد إنشائها ‪63.........................................................................‬‬

‫ الفصل اخلامس‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف القطاع الصحي ‪83.................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)1‬زيادة مبيعات اخلضراوات الصحية (الدمنارك) ‪85..................................‬‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)2‬مبادرة املشي من أجل الصحة ‪89...............................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)3‬فحص مرض السكري خالل شهر رمضان ‪95................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)4‬غرف طعام أكثر ذكا ًء من أجل خيارات طعام أكثر صحة ‪100......................‬‬ ‫ الفصل السادس‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع التعليم والتوعية‪103...................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)5‬حتسني حمو أمية الكبار‪105........................................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)6‬مشروع بعد الدوام الدراسي ‪110................................................................‬‬ ‫ الفصل السابع‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف السياسات العامة (اخلدمات احلكومية‬ ‫والضرائب) ‪123............................................................................................................................‬‬


‫‪324‬‬

‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)7‬إنشاء نقطة وصول عامة إىل اخلدمات احلكومية‪125................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)8‬زيادة الثقة يف اخلدمات احلكومية‪129......................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)9‬عالمة أرضية لالستغالل األمثل خليارات اخلروج باملطار ‪132...................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)10‬حتسني جودة مجع الضرائب‪138................................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)11‬استخدام املعايري االجتماعية لتشجيع دفع الضرائب يف الوقت احملدد ‪142.............‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)12‬تعزيز دفع رسوم العمالة املنزلية يف املوعد احملدد ‪147............................‬‬ ‫ الفصل الثامن‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع االتصاالت ‪151..................................‬‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)13‬تغيري العمالء لشركات االتصاالت ‪153.....................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)14‬الطريقة األمثل لتقديم معلومات حول أسعار املكاملات ‪159.......................‬‬

‫ الفصل التاسع‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع الطاقة‪165.......................................‬‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)15‬بيانات استهالك أفضل الستخدام طاقة أكثر كفاءة‪167........................:‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)16‬اعتماد املستهلك للطاقة املتجددة‪171.....................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)17‬حوافز تغيري أمناط استهالك الكهرباء ‪175..............................................‬‬

‫ الفصل العاشر‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف سوق العمل واألعمال ‪179..........................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)18‬تقليل االعتماد على إعانات البطالة ‪181................................................‬‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)19‬تسهيل إنشاء املشروعات التجارية ‪185....................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)20‬آلية توجيه املشروعات الصغرية واملتوسطة احلجم‪189...........................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)21‬سهولة حتديث األعمال التجارية ‪194......................................................‬‬ ‫ الفصل احلادي عشر‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع محاية املستهلك‪201..............‬‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)22‬ختفيض حجم العبوة‪203..........................................................................‬‬


‫حمتويات الكتاب‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)23‬تقليل عمليات االحتيال املالي ‪208..........................................................‬‬ ‫وضوحا وبساطة وشفافية‪211....................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)24‬فواتري كهرباء أكثر ً‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)25‬محاية املستهلك من اإلعالنات املضللة‪215...............................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)26‬التسعري بالتنقيط يف التجارة اإللكرتونية ‪221.......................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)27‬التسجيل للحصول على خصم املياه لكبار السن ‪228................................‬‬ ‫ الفصل الثاني عشر‪ :‬تطبيقات االقتصاد السلوكي يف قطاع اخلدمات املالية والبنوك‪231.......‬‬

‫» »التجربة رقم (‪ :)28‬االستثمار يف األوراق املالية اهلجينة ‪233................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)29‬حتسني التواصل مع مديري الشركات عند التصفية ‪240..........................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)30‬مبادرات تعليم املستثمرين ‪244................................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)31‬تنظيم التمويل اجلماعي ‪251.................................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)32‬التوعية املالية لطالب املدارس ‪255..........................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)33‬احليلولة دون إفراط املقرتضني يف االستدانة ‪259.....................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)34‬الشفافية واختيارات القروض الشخصية ‪263...........................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)35‬تأثري امللخصات السنوية والتنبيهات النصية وتطبيقات اهلاتف احملمول‬

‫على السلوك املصريف للعميل ‪269...............................................................................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)36‬الرتويج للتأمينات االجتماعية (معاشات التقاعد) ‪275........................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)37‬صحائف املعلومات وإرشادات للمستثمرين ‪279........................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)38‬احلث على التبديل بني حسابات االدخار ‪284...........................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)39‬جتديد التأمني‪ :‬عدم دفع أموال مبالغ فيها ‪289......................................‬‬ ‫» »التجربة رقم (‪ :)40‬زيادة العطاء اخلريي ‪293...........................................................................‬‬

‫‪325‬‬


‫االقتصاد السلوكي وتطبيقاته عامليا‬

‫‪326‬‬

‫ الفصل الثالث عشر‪ :‬دور االقتصاد السلوكي يف دعم السياسات احلكومية بالدول العربية ‪297.......‬‬

‫ توصيات الكتاب‪318.....................................................................................................................‬‬ ‫ قائمة بأهم املراجع‪320...............................................................................................................‬‬

‫ حمتويات الكتاب ‪323...................................................................................................................‬‬

‫***‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.