نفحات المدينة مجلة إسلامية تعليمية تربوية لشهر رمضان 1442ه

Page 1


‫ﻣﺠﻠﺔ‬

‫ﻧﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ‬

‫ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺕ‬ ‫ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻮﺣﻲ‬

‫ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﷲ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ؟‬ ‫ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺷﺮﻭﻃﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ‬

‫ﻣﻦ‬ ‫ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ‬

‫ﻳﺼﺪﺭﻫﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﺗﺤﺖ ﺭﻋﺎﻳﺔ‬

‫ﺍﻟﻤﺸﺮﻑ‬

‫ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ‬

‫ﺃﺑﻮ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻧﻴﺲ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ‬

‫ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ‬ ‫ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻼﺀ ﺯﻳﺎﺕ‬

‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻃﺎﺭﻕ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪ‬

‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﻳﻤﻦ ﻳﺎﺳﺮ ﺑﻜﺎﺭ‬

‫ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﺎﺭﺱ ﻋﻤﺮﺍﻥ‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻬﺮﺑﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﻱ ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ‬

‫ﺃﺑﻮ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ‬ ‫ﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﺼﺤﻴﺢ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﺎﻥ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ‬ ‫ﺍﻟﺘﺰﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻱ ﺯﺑﻴﺮ ﺟﺎﻭﻳﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻱ‬ ‫ﺧﻮﺍﺟﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻭﻳﺲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻲ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ‬ ‫ﺍﻹﺧﺮﺍﺝ‬ ‫ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫‪٢‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪١٠‬‬

‫ﻧﺠﻮﻡ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻴﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ‬

‫‪١٢‬‬

‫ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺠﺐ‬ ‫ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ‬

‫ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﺸﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ‬

‫‪١٤‬‬

‫ﻭﺍﺣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ‬

‫ﻟﻚ ﻳﺎ ﻃﻴﺒﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻋﻬﻮﺩ‬

‫‪١٧‬‬

‫ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ‬

‫ﻛﻨﺰ ﺍﻟﻤﻮﻣﻦ‬

‫‪١٨‬‬

‫ﺣﻜﻢ ﻭﺃﻗﻮﺍﻝ‬

‫ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺫﻫﺒﻴﺔ‬

‫‪٢١‬‬

‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‬ ‫ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ‬

‫ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻔﻴﺪﺓ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺭﻣﻀﺎﻧﻚ ﻣﻘﺒﻮﻻً‬

‫‪٢٢‬‬

‫ﻳﺎ ﺑﺎﻏﻲ‬ ‫ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺃﻗﺒﻞ‬

‫ﻧﻔﺤﺎﺕ ﺭﻣﻀﺎﻥ‬

‫‪٢٤‬‬

‫ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ‬ ‫ﺗﺄﻣﻼﺕ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺷﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ‬

‫‪٢٦‬‬

‫ﺗﺄﻣﻼﺕ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ‬

‫‪٢٨‬‬

‫ﺑﻴﻦ‬

‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻪ‬

‫‪٣٠‬‬

‫ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻭﻭﻗﺎﺋﻊ ﺃﻫﻢ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ‬

‫‪٣٢‬‬

‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺮﺻﺔ ﻻ ﺗﺘﻜﺮﺭ‬

‫‪٣٤‬‬

‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻘﺎﺀﺍﺕ ﺭﻣﻀﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫‪٣٦‬‬

‫ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﻣﺮﻛﺰ‬


‫أسباب نزول القرآن الكريم‬ ‫ القرآن الكريم كالم هللا تعاىل المعجز‪ ،‬بدأ نزوله في رمضان‬ ‫يتشرف بإتيان‬ ‫جبريل عليه الســام‬ ‫المبارك‪ ،‬وكان‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الوحــي إىل الرســول الكريــم ﷺ‪ ،‬إال َّأن بعــض‬ ‫الداعية اإلسالمي‬ ‫اآليــات منه نزلت عليه ﷺ في ليلة المعراج‬ ‫بــدون واســطة‪ ،‬ولم ينــزل القــرآن الكريم‬ ‫الشيخ‬ ‫مــرة واحدة بل اســتغرق قرابــة ‪ 23‬عاماً‪،‬‬ ‫وإن معرفــة مقاصــد نزولــه ذات أهميــة‬ ‫َّ‬ ‫كبيــرة كما أن قراءتــه بطريقة صحيحة‬ ‫رئيس مجلس الشورى‬ ‫واالستماع إليه والنظر فيه عبادة ينال بها‬ ‫لمركز الدعوة اإلسالمية‬ ‫المؤمن األجر والثواب‪.‬‬ ‫إذن‪ :‬لماذا نزل القــرآن الكريم على‬ ‫ ‬ ‫رسول هللا ﷺ؟‬ ‫ أجاب القرآن الكريم عن هذا السؤال في مواقع‬ ‫متعددة‪ ،‬وذكر أهم أسباب نزول القرآن الكريم وهي‪:‬‬ ‫َ َ َ َ ٌ ََْ َْ ُ ُ َ َ ٌ ُ َ ّ ُ‬ ‫‪ .1‬المواعظ واإلنذار حيث قال‪﴿ :‬وهذا كِتاب أنزلاه مبارك مصدِق‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ َّ ْ ُ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫الِي َبي يَديهِ َولِ ُنذ َِر أم الق َرى َوم ْن ح ْول َها﴾ األنعام‪.92 :‬‬ ‫‪ .2‬ومنهــا الدعــوة إىل اتبــاع القــرآن والعمــل بمــا فيــه‬ ‫كما قــال هللا في القرآن العظيــم‪َ ﴿ :‬و َه َذا ك َِت ٌ‬ ‫اب َأن ْ َز ْلَاهُ ُم َب َ‬ ‫ار ٌك‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ ُ َ َ َّ ُ ُ َ ُ‬ ‫فاتب ِ ُعوهُ َواتقوا لعلك ْم ت ْرحونَ﴾ األنعام‪.155 :‬‬ ‫‪ .3‬ومــن مقاصد نزول القرآن الكريــم أيض ًا إخراج الناس من‬ ‫ظلمــات الكفــر إىل نور الهداية والرشــد حيث قــال‪﴿ :‬ك َِت ٌ‬ ‫اب‬

‫عمران العطاري‬

‫‪2‬‬

‫ا فتتــــــــــا حيــــــــــة‬

‫لماذا‬ ‫ّأنزل‬ ‫الله‬ ‫القرآن‬ ‫؟‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ــات إِل انلُّورِ بِإِذ ِن َر ّب ِ ِه ْم إِل‬ ‫أن َزلَاهُ إِلْك لِ ُخ ِرج انلَّاس م َِن الظل َم ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫اط الْ َعزيز ْ َ‬ ‫ال ِمي ِد﴾ إبراهيم‪.1 :‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫‪ .4‬ومنهــا دعوة الناس إىل التفكــر والتدبر في آيات هللا تعاىل‪:‬‬ ‫َ ٌ ََْ َْ ُ َْ َ‬ ‫ك ُم َب َ‬ ‫ار ٌك‬ ‫فقــد جاء فــي القــرآن الكريــم‪﴿ :‬كِتاب أنزلــاه إِل‬ ‫َ َ َّ ُ ُ ْ َ ْ‬ ‫َّ َّ‬ ‫ِلَدب ُروا آيَاتِهِ َو ِلَتذك َر أولو اللَابِ﴾ ص‪.29 :‬‬ ‫‪ .5‬ومــن أهم مقاصد نزول القرآن التشــريع ومعرفة األحكام‬ ‫َ​ََْ َْ َْ َ ّ‬ ‫اذل ِْك َر لِ ُبَ ّ َ‬ ‫ي‬ ‫إلصــاح أعمال الناس حيث قــال‪﴿ :‬وأنزلا إِلك‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫ل َِّلن ِ‬ ‫اس ما ن ّ ِزل إِلْ ِه ْم َولعل ُه ْم َيتفك ُرون﴾ النحل‪.44 :‬‬

‫مقاصد الكتب السماوية‬

‫ ذكر العالمة إسماعيل حقي رحمه هللا تعاىل مقاصد نزول‬ ‫الكتب السماوية بطريقة رائعة حيث قال‪:‬‬ ‫ واذكروا ما فيه وهو المقصود من الكتب اإللهية ألن العمدة‬


‫العمــل بمقتضاها ال تالوتها باللســان وترتيبهــا فإن ذلك نبذ‬ ‫لها‪ ،‬مثاله َّأن الســلطان إذا أرســل منشــور ًا إىل واحد من أمرائه‬ ‫فــي ممالكــه‪ ،‬وأمره فيــه أن يبنى لــه قصر ًا في تلــك الديار‪،‬‬ ‫فوصل الكتاب إليه وهو ال يبني ما أمر به لكنه يقرأ المنشــور‬ ‫كل يوم‪ ،‬فلو حضر السلطان ولم يجد القصر حاضر ًا‪ ،‬فالظاهر‬ ‫أنــه يســتحق العتاب بل العقــاب‪ ،‬فالقرآن إنمــا هو مثل ذلك‬ ‫المنشــور قــد أمر هللا فيــه عبيده أن يعمــروا أركان الدين من‬ ‫الصــوم والصالة وغيرهما فمجرد قــراءة القرآن بغير عمل ال‬ ‫يفيد‪ .‬روح البيان‪ ،‬البقرة‪ ،‬تحت اآلية‪64 :‬‬ ‫ ولكن أيها القارئ! ال تنس أن كالم إسماعيل حقي رحمه‬ ‫هللا تعاىل محمول على الترغيب في األعمال الصالحة والتخلق ‪ ‬القرآن الكريم يمنع ويحذر المســلمين من الزنا والبذاءة‬ ‫أيضا وتعاطي الخمر وعقوق الوالدين ولكن الكثير منهم ال يتحاشون‬ ‫باألخــاق العالية وإال فإن فضائل مجرد التــاوة كثيرة ً‬ ‫بال شك‪.‬‬ ‫الوقوع في كل أنواع الرذائل!‬ ‫ أيــن هم الذيــن يعرفون ما أحل هللا تعــاىل لهم وما حرم‬ ‫أين نحن من القرآن الكريم؟‬ ‫كل واحد منا إىل نفســه أيــن هو من مقاصد ويتجنبونــه؟ ويتخلقون أخالق رســولهم المصطفى ﷺ‪ ،‬أين‬ ‫ فلينظر ّ‬ ‫من ترتجف جوارحهم وتقشــعر جلودهم لسماع اآليات وترق‬ ‫القرآن الكريم؟‬ ‫قلوبهم خشية من هللا تعاىل!؟‬ ‫هل يلبي دعوته؟‬ ‫نعم لما كان المسلمون‬ ‫‪ ‬فقــد دعــا القرآن‬ ‫ ‬ ‫الشيخ عمران العطاري‬ ‫يتحلون بأخالق القرآن‬ ‫الكريــم إىل أداء الصالة‬ ‫رئيس مجلس الشورى لمركز الدعوة اإلسالمية‬ ‫الكريــم ويمتثلــون‬ ‫والزكاة ولكن كثير ًا من‬ ‫المســلمين ال يصلــون يعتبر من أكبر الشــخصيات اإلسالمية وهو داعية إسالمي وشخصية ذات كفاءة أوامــره وينتهــون عــن‬ ‫وال يؤدون الــزكاة‪ ،‬وكذا عالية‪ ،‬وفي سبيل القيام بواجب الد عوة إىل هللا تعاىل ونشر رسالة المركز الدعوية نواهيــه كانوا يحكمون‬ ‫ال يقــل عنهــم عــدد فقــد ســافر دوالً عديــد ًة فــي أوروبا و أفريقيا وآســيا و الشــرق األوســط على وجه العالــم كله مــع التقدم‬ ‫الذين ال يصومون شهر الخصــوص‪ ،‬وألقى فيها مئات المحاضرات‪ ،‬وهو ينصح الناس ويعظهم من خالل واالزدهــار‪ ،‬حتى قذف‬ ‫رمضــان ألجــل حيــل خطاباته الدعوية التي كان لها قوة األثر على حياة المســتمعين‪ ،‬فكلماته مثيرة هللا تعــاىل فــي قلــوب‬ ‫لإلعجاب لدرجة تؤثر في الســامعين‪ ،‬فتذرف من مواعظه العيون وترق لكلماته‬ ‫الكفار الرعب من شدة‬ ‫ليس لها أية أهمية!‬ ‫القلوب‪ ،‬وتحدث التغيير الملحوظ في حياة الســامعين وتغيير مجرى الحياة في‬ ‫تقواهم ال من األسلحة‬ ‫‪ ‬والقــرآن الكريــم‬ ‫ ‬ ‫سلوكهم‪ ،‬وقد متعه هللا بمؤهالت كثيرة بفضله تعاىل‪.‬‬ ‫والمــال‪ ،‬وعندمــا تركوا‬ ‫يمنــع أكل المــال‬ ‫بالباطل ولكن الناس اليوم يستولون على أموال اآلخرين كلما دينهم أصبح الذل والخزي من نصيبهم‪.‬‬ ‫ لو لم ننس الدرس القرآني لما اســتطاع أحد أن يخوفنا‪،‬‬ ‫سنحت لهم الفرصة لذلك!‬ ‫‪ ‬والقرآن يأمر نســاءنا باالستقرار في بيوتهن وعدم إظهار كان السلف الصالح أصحاب العز والكرامة بسبب امتثال أوامر‬ ‫مواطن الزينة ولكنهن اليوم يخرجن سافرات عاريات كاسيات القرآن وأما نحن فأصبحنا أذالء بترك دعوته‪ ،‬بل وصل األمر‬ ‫مائــات! بــل إن األمر أفظــع من ذلك عند بعض المســلمين إىل أكثر من ذلك شناعة أننا لو حاولنا إسداء النصح ألحد يرد‬ ‫بمــا يخيــب األمل‪ ،‬كقول بعضهــم ‪ :‬أنت تنصحنــا وال تعرف‬ ‫الذين يعتبرون الحجاب سبب التخلف واالنحطاط!‬

‫‪3‬‬


‫شــي ًئا غير بضع كلمــات! أو‪ :‬أما وجدت غيــري للنصيحة! إذا‬ ‫مصحفا مزخر ًفا في‬ ‫دخلت في بيت مسلم تجد في خزانته‬ ‫ً‬ ‫مغبرا لم يمسه أحد‬ ‫صندوق غالي الثمن أو تجده في رفوفها‬ ‫ً‬ ‫منــذ فتــرة طويلة‪ ،‬وكذا الحال نفســه في المحــات التجارية‬ ‫نضعه للبركة ال للقراءة أو االسترشــاد‪ ،‬وفي الحقيقة إن الغبار‬ ‫علــى المصحف ليــس إال عالمة على صدأ قلوبنا واســودادها‬ ‫من اآلثام‪.‬‬ ‫ نتائج عــدم لزوم أوامر القرآن الكريــم وخيمة جد ًا على‬ ‫العبد في الدنيا واآلخرة على حد سواء‪ ،‬ومن األضرار األخروية‬ ‫أن القرآن الكريم ال يشــفع لمن لم يلتزم به ويجعله في النار‬ ‫لقول رســول هللا ﷺ‪ :‬القرآن شافع مشفع‪ ،‬وماحل مصدق‪،‬‬ ‫مــن جعله أمامه قاده إىل الجنة‪ ،‬ومن جعله خلفه ســاقه‬ ‫إىل النار‪ .‬أخرجه الطبراني‪١٩٨ /١٠ .‬‬

‫ وعلــى الرغــم مــن كل التحديــات التي‬ ‫نواجهها فإن مركز الدعوة اإلســامية بحمد‬ ‫هللا تعــاىل تخطــى خطــوات مشــجعة نحــو‬ ‫صحوة األمة لتعود إىل المقاصد التي رســمها‬ ‫القــرآن الكريم‪ ،‬ومن أهم األعمــال الدعوية‬ ‫والعلمية التي قام بها المركز في هذا الشأن‪:‬‬ ‫‪ )1‬تأســيس جامعــات المدينــة للطــاب‬ ‫والطالبات‪.‬‬ ‫‪ )2‬إقامــة المعاهــد الشــرعية وأكاديميــة‬ ‫للعلوم اإلسالمية للدراسة عن بعد‪.‬‬ ‫‪ )3‬فتح مدارس لتعليــم القرآن على نطاق‬ ‫واسع في باكستان وخارجها‪.‬‬ ‫‪ )4‬عقد دورات أون الين‬ ‫‪ )5‬عقد االجتماعات اإلســامية والسفر في‬ ‫رحالت دعوية‪.‬‬ ‫‪ )6‬إطالق قنــاة مدني الفضائيــة في ثالث‬ ‫لغات‪.‬‬ ‫‪ )7‬إصدار مجلة دعوية شهرية‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ أحبتي! نحن أمة القرآن‪ ،‬يحاول مركز الدعوة اإلسالمية‬ ‫شــك َّأن‬ ‫كثيرا‪ ،‬ال َّ‬ ‫إعــادة األمة إىل هويتها بعد ما ابتعدت عنها ً‬ ‫هذا أمل مبارك يجب على كل فرد الســعي لنيله بإرادة قوية‪،‬‬ ‫وألتمس من الجميع أن يبدؤوا منذ اليوم بتع ّلم القرآن الكريم‬ ‫صحيح وقراءته بتــأن وتفكير عميق فــي محتوياته‬ ‫بشــكل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ومضامينه وامتثال أوامــره واجتناب نواهيه‪ ،‬وبهذه الطريقة‬ ‫نســتطيع الوصول إىل مقاصد القــرآن الكريم التي دعانا إليها‬ ‫الشرع الشريف‪،‬‬ ‫ أسأل هللا أن يوفقنا وإياكم لتعلم القرآن وقراءته والتفكر‬ ‫في آياته والتدبر في معانيه‪ .‬آمين بجاه النبي األمين ﷺ‪.‬‬ ‫‪‬‬


5


‫ِين َ‬ ‫آم ُنوا ُكت ِ َ‬ ‫قال هللا تعاىل في محكم تنزيله‪﴿ :‬يَا َأ ُّي َها َّال َ‬ ‫ب‬ ‫ ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ ّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َّ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫الصيــام كما كتِب ع الِين مِن قبل ِكم لعلكم تتقون﴾‬ ‫عليكم ِ‬ ‫سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪183‬‬

‫تعريف الصوم‬

‫من أسرار الصيام‬

‫وشروطه الباطنة‬ ‫فضيلة الشيخ المفتي محمد قاسم العطاري‬

‫من‬ ‫أنوار الوحي‬

‫ هو ا ِإلمساك عن شهوتي البطن والفرج أي‪ :‬عن الطعام‬ ‫والشراب والجماع من طلوع الفجر إىل غروب الشمس‪.‬‬

‫تاريخ الصيام‬ ‫ الصيــام عبادة قديمــة وتعد فرض ًا من هللا ‪-‬ســبحانه‬ ‫وتعــاىل‪ -‬علــى األمــم الســابقة منذ زمــن ســيدنا آدم عليه‬ ‫الســام إىل وقت نزول شــرعنا هذا على سيدنا محمد صلى‬ ‫مختلفا في‬ ‫هللا وعليه وسلم ولكن كان صيام األمم السابقة‬ ‫ً‬ ‫موقعه من شهور السنة وفي مدته وفي كيفيته وأحكامه‪.‬‬ ‫ وقد ُف ِرض صيام شــهر رمضان على أمة سيدنا محمدٍ‬ ‫صلى هللا عليه وســلم في الســنة الثانية للهجرة في العاشر‬ ‫من شهر شعبان‪،‬‬ ‫ ثــم ُذكر في نهاية اآلية التي نزلــت باألمر بالصيام َّأن‬ ‫مشقة‬ ‫مقصد القيام بهذه العبادة العظيمة هو التقوى وفيه ّ‬ ‫على النفس وذلك من خالل ضبطها وإمســاكها عن الطعام‬ ‫الش ِ‬ ‫ــهوات والحرام‪،‬‬ ‫بحضها على تــرك َّ‬ ‫الحــال ومجاهدتهــا ِّ‬ ‫فحبس النفس عن الشــهوات هو األمر األساسي الذي يمنع‬ ‫ْ‬ ‫العبد عن الذنوب والمعاصي‪.‬‬ ‫شــرعا‪ :‬اجتناب المعاصي التي تتسبب‬ ‫ ومعنى التقوى‬ ‫ً‬ ‫في العذاب اإللهي صغير ًة كانت أو كبيرة‪ ،‬فمن اقتصر أثناء‬ ‫صيامــه على كف شــهوة البطن فترك الطعــام دون مراعاة‬ ‫جزء من التقــوى وذلك ألن الجوع‬ ‫آداب الصيــام‪ ،‬تحقــق له ٌ‬ ‫يضبط النفس ويقلل شهواتها‪.‬‬ ‫أمــا إذا أراد أن ينــال مقصــده األصلــي علــى الوجه األتم‬ ‫ ‬ ‫صوما كام ًال‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ويحصل مقاصد الصيام وأسراره‪ ،‬فعليه أن يصوم ً‬ ‫والصــوم الكامل يتحقق بمراعاة اآلداب الظاهرة والباطنة على‬ ‫جميعها‪.‬‬ ‫ وقــد جــاءت اإلشــارة إىل اآلداب الباطنــة فــي األحاديــث‬ ‫الشــريفة حيث قال الحبيب المصطفى صلى هللا عليه وســلم‪:‬‬ ‫صائم ليس له‬ ‫قائــم ليس له من قيامهِ َّإل الســه ُر و ُر َّب‬ ‫ُر َّب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫والعطش‪ .‬أخرجه ابن ماجه ‪١٦٩٠:‬‬ ‫من صومهِ َّإل الجوعُ‬

‫‪6‬‬


‫يكف نفســه عن ألوان الطعام‪ ،‬وقد جرت العادة مع األســف بأن تدخر جميع‬ ‫ ومــن معاني هــذا الحديث أن البعض ّ‬ ‫األكل الحــال غير أنه ُيفطر بأكل لحــم أخيه فيغتابه مع األطعمــة لرمضان فيأكل فيه من األطعمــة ما ال يأكله في‬ ‫عدة أشهر‪.‬‬ ‫أن الغيبة حرام وكبيرة من كبائر الذنوب‪.‬‬ ‫يكف نفســه عن األكل والشــرب والجماع ولكنه ال ومعلــوم َّأن مقصود الصــوم الخواء وكســر الهوى لتقوى‬ ‫ وقــد ّ‬ ‫حرم هللا‪ ،‬كمشاهدة األفالم والمسلسالت النفــس على التقوى وإذا دفعت المعــدة من ضحوة نهار إىل‬ ‫يتجنب‬ ‫النظر إىل ما َّ‬ ‫َ‬ ‫يهتم العشــاء حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أطعمت من‬ ‫الفاضحة وإطالق النظر إىل ما حرم هللا في األسواق‪ ،‬وال ّ‬ ‫بحفظ اللســان عن الكالم المحرم كالســب والكذب واالفتراء اللــذات وأشــبعت زادت لذتها وتضاعفت قوتهــا وانبعث من‬ ‫والبهتــان وال يترك االســتماع إىل ما حرم هللا كاالســتماع إىل الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها‪.‬‬ ‫األغاني الماجنة والغيبة والنميمة‪،‬‬ ‫ فــروح الصــوم وســره تضعيف القــوى التي هي وســائل‬ ‫ وال يمتنــع عن األفعال المؤذيــة المحرمة كإيذاء الناس الشــيطان في العود إىل الشــرور ولن يحصل ذلك إال بالتقليل‬ ‫أو تعذيبهــم وضربهــم ولومهم وال يجتنب عــن الوقوع في وهــو أن يــأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم فأما‬ ‫الحــرام كالكذب فــي التجارة والغش والخداع‪ ،‬وال يســتطيع إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إىل ما كان يأكل ليال فلم ينتفع‬ ‫الرشــوة من بصومــه بل مــن اآلداب أال يكثــر النوم بالنهــار حتى يحس‬ ‫تنفيذ العمل أو أداء واجبه الوظيفي بدون أخذ ِّ‬ ‫قبــل الموظفيــن وهكذا يدخــل الحرام في كســبه فأولئك بالجوع والعطش ويستشــعر ضعف القــوة فيصفو عند ذلك‬ ‫الذيــن ليس لهم من صيامهم إال الجــوع والعطش ولو أنهم قلبــه ويســتديم فــي كل ليلة قدرا من الضعــف حتى يخف‬ ‫عليــه تهجده وأوراده فعســى الشــيطان أال يحــوم على قلبه‬ ‫أسقطوا الفرض ظاهر ًا‪.‬‬ ‫ وملخص ما قال علماء الشرع حول آداب الصيام الباطنة فينظر إىل ملكوت السماء‪.‬‬ ‫أن يحفظ العبد جوارحه كلها عن المعاصي والذنوب وفضول وليلــة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشــف فيها شــيء‬ ‫األعمال‪.‬‬ ‫مــن الملكــوت وهو المــراد بقوله تعــاىل إنا أنزلنــاه في ليلة‬ ‫القدر‪ ،‬ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخالة من الطعام‬ ‫ وهم يقولون آداب صيام الجوارح كالتالي‪:‬‬ ‫التوســع في النظر إىل كل فهو عنه محجــوب ومن أخلى معدته فال يكفيه ذلك لرفع‬ ‫‪ )1‬األول غــض البصر ّ‬ ‫وكفه عن ّ‬ ‫ما يذم أو يكره وإىل كل ما يشــغل القلب ويلهي عن ذكر الحجــاب ما لم يخل همته عــن غير هللا عز وجل وذلك هو‬ ‫األمر كله ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام‪.‬‬ ‫هللا عز وجل‪.‬‬ ‫ملخصا من إحياء علوم الدين ‪.235\1‬‬ ‫‪ )2‬حفظ اللســان عن الهذيــان والكذب والغيبــة والنميمة ‬ ‫ً‬ ‫والفحش والجفاء والخصومة والمراء‪.‬‬ ‫مضطربا بين الخوف‬ ‫معلقا‬ ‫‪ )6‬أن يكون قلبه بعد اإلفطار ً‬ ‫ً‬ ‫والرجــاء إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين‬ ‫‪ )3‬كف السمع عن اإلصغاء إىل كل محرم أو مكروه‪.‬‬ ‫أو يــرد عليه فهو من الممقوتين وليكن كذلك في آخر‬ ‫‪ )4‬كــف بقيــة الجــوارح عن اآلثــام مــن اليــد والرجل عن‬ ‫كل عبادة يفرغ منها‪ .‬إحياء علوم الدين ‪236 /1‬‬ ‫المكاره‪.‬‬ ‫مهــم ينبغي التنبه‬ ‫أمر‬ ‫ٌّ‬ ‫‪ )5‬أال يســتكثر مــن الطعام الحــال وقت اإلفطــار بحيث وإىل جانــب تلــك اآلداب هناك ٌ‬ ‫وعاء شر ًا إليــه أال وهــو نية الصــوم وذلك بــأن يراعي آدابــه الظاهرة‬ ‫يمتلئ جوفه إىل حد ْ‬ ‫التخمة‪ ،‬فما مأل ابن َ‬ ‫آدم ً‬ ‫والباطنــة وينال مقصده األســمى وهو التقــوى باإلضافة إىل‬ ‫بطن‪.‬‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫غدا ويستحضر نية نيل التقوى أثناء النهار‬ ‫ وكيــف يمكــن لإلنســان أن يســتفيد مــن الصــوم قهر نيته بأن يصوم ً‬ ‫أيضا ويراقب نفسه في جميع حركاته وسكناته‪.‬‬ ‫عــدو هللا وكســر الشــهوة إذا تــدارك الصائــم عنــد فطره ما‬ ‫ً‬ ‫فاتــه ضحــوة نهاره من الطعام وربما يزيــد عند اإلفطار في‬ ‫‪‬‬

‫‪7‬‬


‫من مشكاة النبوة‬

‫املفتي شفيق العطاري‬

‫ليلة القدر خير من ألف شهر‬ ‫ عن ســيدنا أنس بن مالــك رضي هللا تعاىل عنه قال‪:‬‬ ‫إن‬ ‫دخــل رمضان‪ ،‬فقال رســول هللا صلى هللا عليه وســلم‪َّ :‬‬ ‫شهر‪،‬‬ ‫هذا الشــهر قد حضركم‪ ،‬وفيه ليل ٌة خير من ألف ٍ‬ ‫حرم خيرها إال‬ ‫مــن ُح ِر َم َها فقــد ُح َ‬ ‫رم الخير كلــه‪ ،‬وال ُي َ‬ ‫محروم‪ .‬سنن ابن ماجه‪298/2 ،‬‬ ‫األحبــة الكرام! نجــد في هذا الحديث الشــريف‬ ‫ُّأيهــا‬ ‫ ‬ ‫َّ‬ ‫إشــارات واضح ٌة تدعو المؤمنين إیل تعظيم شــهر رمضان‬ ‫ٌ‬ ‫شــهر فيه ليلــة القدر جعــل هللا العمل فيها‬ ‫المبــارك‪ ،‬وهو‬ ‫ٌ‬ ‫شــهر‪ ،‬المفلح من نــال خيرها‬ ‫خيــرا مــن العمل في ألــف‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫خير هــذه ال َّليلة‬ ‫خيرها‪َ ،‬‬ ‫فمــن ُح ِر َم َ‬ ‫والمحــروم من ُحــرم َ‬ ‫الشقي المحروم حقيق ًة‪.‬‬ ‫المباركة العظيمة فهو‬ ‫ُّ‬

‫ما معنى خير ليلة القدر والمحروم منها؟‬

‫المل علــي القاري رحمــه هللا تعاىل في‬ ‫العلمــة َّ‬ ‫ قــال َّ‬ ‫شــرح قوله صلى هللا عليه وســلم‪َ :‬من ُحرمها أي‪ :‬خيرها‬

‫‪8‬‬

‫وتوفيق العبادة فيها ومنع عن القيام ببعضها‪،‬‬ ‫حظ له من السعادة‬ ‫ِإ َّل َم ْح ُرو ٌم أي‪ :‬كل ممنوع من الخير ال َّ‬ ‫ذوق له من العبادة‪ .‬مرقاة المفاتيح‪453/4 ،‬‬ ‫وال َ‬ ‫ ويقــول المفتــي أحمــد يار خــان النعيمــي رحمه هللا‬ ‫تعاىل‪ :‬من بات هذه الليلة المباركة في المعاصي والذنوب أو‬ ‫شرعي‪،‬‬ ‫يصل صالة العشاء والفجر مع الجماعة بال عذ ٍر‬ ‫لم‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫األيام‬ ‫فهــو يحرم خيرها وبركاتها وال ينال خيرها في بقية َّ‬ ‫درجات‪ ،‬وأقلها‪:‬‬ ‫والشــهور‪ ،‬والعبادة في ليلة القدر على ثالث‬ ‫ٍ‬ ‫يؤديهما فهو‬ ‫أداء صالة العشاء والفجر مع الجماعة‪ ،‬ومن لم ِّ‬ ‫المحروم حقيق ًة‪.‬‬ ‫قائــا‪َّ :‬إن العبــادة في هذه‬ ‫ وأضــاف رحمــه هللا تعاىل ً‬ ‫عظيم‪ ،‬ومن لم‬ ‫مشــق ٌة قليل ٌة وأجرها‬ ‫الليلة المباركة فيها‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫يستطع أن يبذل جهده في الطاعة والعبادة في هذه الليلة‬ ‫الشقي المحروم َحقيق ًة‪ .‬مرآة المناجيح‪139-138/3 ،‬‬ ‫العظيمة‪ ،‬فهو‬ ‫ّ‬


‫ّ‬ ‫أي ليلة تكون ليلة القدر؟‬ ‫ لقد وردت أحاديث كثيرة ترغب المســلم في تحري ليلة‬ ‫القدر في العشــر األواخر من شــهر رمضان المبــارك‪ ،‬واختلف‬ ‫المفسرون والمحدثون رحمهم هللا تعاىل في تعيين ليلة القدر‪،‬‬ ‫وأكثرهــم على أ َّنها ليلة الســابع والعشــرين من شــهر رمضان‬ ‫الكريم‪ ،‬لذا علينــا أن نغتنم هذه الفرصة العظيمة ونقضيها‬ ‫في طاعة موالنا سبحانه وتعاىل‪.‬‬ ‫ قال العالمة الحافظ ابن حجر العسقالني رحمه هللا تعاىل‪:‬‬ ‫فأجمعــوا (أي) أصحاب رســول هللا صلى هللا عليه وســلم على‬ ‫أنها في العشر األواخر‪ ،‬قال سيدنا عبد هللا بن عباس رضي هللا‬ ‫تعاىل عنه‪ :‬فقلت لسيدنا عمر بن الخطاب رضي هللا تعاىل عنه‬ ‫أظن أي ليلة هي‪ ،‬قال عمر بن الخطاب رضي هللا‬ ‫إني ألعلم أو ُّ‬ ‫أي ليلة هي؟ فقلت‪ :‬ســابعة تمضي أو سابعة تبقى‬ ‫تعاىل عنه‪ّ :‬‬ ‫من العشــر األواخر‪ ،‬فقال‪ :‬من أين علمت ذلك؟ قلت‪ :‬خلق هللا‬ ‫سبع سماوات وسبع أرضين‪ ،‬وسبعة أيام‪ ،‬والدهر يدور في سبع‪،‬‬ ‫واإلنســان خلق من ســبع‪ ،‬ويأكل من ســبع‪ ،‬ويسجد على سبع‬ ‫والطواف والجمار وأشياء ذكرها‪ .‬فتح الباري للعسقالني‪.227/5 ،‬‬ ‫طوبـــى لمـــن مـــرة فـــي العمـــر أدركهـــا‬ ‫مجتهـــدا‬ ‫ونـــال منهـــا الـــذي يبغيـــه‬ ‫َ‬ ‫قـــم فاغتنـــم ليلـــة تحيـــا النفـــوس بهـــا‬ ‫أبـــدا‬ ‫ومثلهـــا لـــم يكـــن فـــي فضلهـــا‬ ‫َ‬ ‫فليلـــة القـــدر خيـــر قـــال خالقنـــا‬ ‫شـــهدا‬ ‫مـــن ألـــف شـــهر هني ًئـــا مـــن لهـــا‬ ‫َ‬

‫من هو المحروم في ليلة القدر؟‬ ‫ ورد فــي الحديــث الشــريف‪ :‬يقول جبريــل عليه الصالة‬ ‫والسالم‪ :‬نظر هللا عز وجل إليهم (أي‪ :‬إىل المؤمنين) في هذه‬ ‫الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إال أربعة‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬من‬ ‫هم؟ قال‪ :‬رجــل مدمن خمر‪ ،‬وعاقٌّ لوالديه‪ ،‬وقاطع رحم‪،‬‬ ‫ومشاحن‪ .‬شعب اإليمان‪.336/3 ،‬‬ ‫ نســأل هللا ســبحانه وتعاىل أن يكرمنا ببركات ليلة القدر‪،‬‬ ‫وال يحرمنــا نورها وأجرها‪ ،‬وأن يوفقنا لعبادته وطاعته‪ ،‬آمين‬ ‫بجاه النبي األمين صلى هللا عليه وآله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪9‬‬


‫من العقائد اإلسالمية‬

‫معلومات مهمة عن‬

‫القرآن الكريم‬ ‫كامران أحمد املدين‬

‫ القرآن الكريم هو كتاب عظيم‪ ،‬من قرأ حر ًفا من في ســماء الدنيا‪ ،‬ثم نزل به جبريل عليه السالم على‬ ‫(مفرقا)‬ ‫نجومــا‬ ‫كتاب هللا فله به حســنة‪ ،‬والحســنة بعشر أمثالها‪ .‬سنن ســيدنا محمــد صلى هللا عليه وســلم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الترمذي‪417/4 ،‬‬ ‫حسب الحوادث والوقائع في مدى ثالث وعشرين سنة‪.‬‬ ‫ وهو آخر الكتب الســماوية التي أنزلها هللا سبحانه تفسير الخازن‪ ،‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.121/1 ،185 :‬‬ ‫وتعــاىل علــى خاتــم النبيين ســيدنا محمــد صلى هللا‬ ‫عليه وسلم‪.‬‬ ‫ وقد أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ‬ ‫في ليلة القدر من شهر رمضان‪ ،‬فوضع في بيت العزة‬

‫‪10‬‬


‫ أمــا ترتيب الســور الحالي فــي القرآن الكريــم فهو نفس‬ ‫الترتيب السور الموجود في اللوح المحفوظ‪.‬‬ ‫بليــغ‪ ،‬لو اتفقــت اإلنس والجن‬ ‫كالم‬ ‫ٌ‬ ‫ وال شــك َّأن القــرآن ٌ‬ ‫علــى محاولة اإلتيان بمثل هذا القرآن المعجز لم يســتطيعوا‬ ‫اإلتيــان بــه أو بمثله ولو بآيــة‪ ،‬حتى لو تعــاون جميعهم على‬ ‫ذلك‪ ،‬ولن يســتطيع أحد التحريف‪ ،‬أو التبديل‪ ،‬أو أدنى تغيير‬ ‫في هذا الكتاب العظيم‪ ،‬ومن ادعى وجود التحريف والتبديل‬ ‫في هذا الكتاب العظيم فهو كافر‪.‬‬ ‫تقسيم القرآن الكريم للتالوة‬ ‫ ‬ ‫ تم تقســيم القــرآن الكريم في عهد الرســالة النبوية إىل‬ ‫قسمين‪:‬‬ ‫(‪ )1‬حسب السور (‪ )2‬حسب األحزاب أي‪ :‬المنازل‪.‬‬ ‫ في البداية قســم القرآن الكريم إىل ســبعة أحزاب‪ ،‬وسار‬ ‫الصحابة الكرام رضي هللا عنهم على دربه في تقسيم القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬وذلك في تحديد أورادهم من القرآن العظيم في كل‬ ‫يوم؛ فيختمونه كل أسبوع ختمة‪.‬‬ ‫جــزءا‪ ،‬وهذه‬ ‫ ثم قســم كتــاب هللا عــز وجــل إىل ثالثين‬ ‫ً‬ ‫األجزاء مقســمة بنظام معين‪ ،‬والمقصود َّأن اإلنســان المؤمن‬ ‫الصــادق ال يخلــو يومه من القــرآن الكريم‪ ،‬وأن يكــون له ورد‬ ‫شهر واحدٍ ‪.‬‬ ‫منه في يومه وليلته حتى يختم ختم ًة كامل ًة في ٍ‬ ‫ملخصا‪.‬‬ ‫اإلتقان في علوم القرآن‪ ،193/1 ،‬وتفسير روح البيان‪،98/9 ،‬‬ ‫ً‬

‫من الذي نقط القرآن الكريم؟‬

‫بن أحمد الفراهيدي فوضع‬ ‫ضبطا أدق من ضبط أبي األسود‬ ‫ً‬ ‫الدؤلــي رحمهمــا هللا تعاىل‪ ،‬وأدخــل عليها عالمــات التوقيف‬ ‫والضبط‪.‬‬ ‫واختلفــت اآلراء في أول من أخذ بهــذا النقط؟ وأرجحها‬ ‫ ‬ ‫فــي ذلك ما ذهــب إىل أن أول من قام به هما‪ :‬نصر بن عاصم‬ ‫ويحيى بن يعمر؛ وذلك عندما أمر الخليفة األموي عبد الملك‬ ‫عالجا لمشكلة‬ ‫بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي أن يضع‬ ‫ً‬ ‫تفشي العجمى‪ ،‬وكثرة التصحيف‪ .‬المرجع السابق‬ ‫وأما وضع األعشار وعالمة األجزاء واألحزاب والركوع في‬ ‫ ‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬قيل‪ :‬إن الحجاج بن يوسف الثقفي فعل ذلك‪،‬‬ ‫مختصرا‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬بل أمر به المأمون العباسي‪ .‬تفسير القرطبي ‪،66/1 ،‬‬ ‫ً‬

‫عالمة الركوع في المصحف‬ ‫ الركوع عبارة عن عدة آيات تستحسن قراءتها في الركعة‬ ‫الواحدة‪ ،‬وســمي الركوع بسبب قراءة سيدنا عثمان بن عفان‬ ‫رضــي هللا تعــاىل عنه ما تيســر منه في صــاة التراويح وركع‬ ‫فقرر هذا المقدار للركوع‪،‬‬ ‫وقيــل‪ :‬المــراد أن القصــة أو المقطــع قد تم فاســتحب‬ ‫ ‬ ‫الركــوع عندها لمن كان يقــرأ الكتمال المعنــى‪ ،‬يقول بعض‬ ‫العلمــاء رحمهم هللا تعاىل‪ :‬المراد بعالمة (ع) اســم عمرو‪،‬‬

‫وقيل‪ :‬هو اســم سيدنا عثمان بن عفان رضي هللا تعاىل‬ ‫عنه ولكــن األصح‪ :‬هو حرف العين من الركوع‪ .‬تفســير‬ ‫النعيمي ‪.26/1‬‬

‫ عندما نزل القرآن الكريم على رسول هللا صلى هللا عليه نســأل هللا ســبحانه وتعــاىل أن يرزقنــا تالوتــه وتدبــره‪،‬‬ ‫وســلم لم تكن العــرب تعرف النقط والتشــكيل‪ ،‬حيث كانت والعمل بمقتضاه لنكون من السعداء في الدنيا واآلخرة‪ ،‬آمين‬ ‫اللغــة العربية في ذلك الوقت خالية من وجود نقط للحروف‪ ،‬بجاه النبي األمين صلى هللا عليه وآله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫كنقــط البــاء والتــاء والثــاء والجيــم والخــاء‪ ،‬ونقــط اإلعــراب‬ ‫إن كتابكـــم‬ ‫يـــا أمـــة القـــرآن َّ‬ ‫والحــركات‪ ،‬وهي النقط التي ترســم بتشــكيل أعلى وأســفل‬ ‫له ــو الش ــفاء وصح ــة األب ــدان‬ ‫الكلمات لضبطها كالفتحة والكسرة والشدة والضمة والتنوين‪.‬‬ ‫ وقد كتبت المصاحف منذ زمن ســيدنا عثمان بن عفان‬ ‫اقــرأ كتــاب هللا وافهــم حكمــه‬ ‫رضــي هللا عنــه وهــي خاليــة مــن النقــط والتشــكيل‪ ،‬وظل‬ ‫تــدرك عطــاء هللا فــي إحســان‬ ‫المصحــف الشــريف على هيئته حتى جاء أبو األســود الدؤلي‬ ‫‪‬‬ ‫فشــكل المصحف بالنقط‪ ،‬ثم جاء الخليل‬ ‫التابعي رحمه هللا‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪11‬‬


‫اسمه‬ ‫حذيفة بن اليمان ُح َس ْي ِل‪.‬‬

‫كنيته‬

‫أبو عبد هللا العبسي‪.‬‬

‫لقبه‬ ‫صاحب ِس ِّر رسول هللا ﷺ‪.‬‬ ‫مرقاة المفاتيح ‪.237/1‬‬

‫ن‬

‫عن‬ ‫حة‬ ‫ما‬ ‫ا‬ ‫لم سيدن الي‬ ‫ن‬

‫يف‬

‫ةب‬

‫حذ‬

‫ضي‬

‫هللا‬

‫عنه‬

‫ر‬

‫مختارات من كتاب‬

‫نفحات الصالة‬

‫لسماحة الشيخ المربي‬ ‫محمد إلياس العطار القادري‬ ‫حفظه هللا ورعاه‬ ‫‪12‬‬

‫اسم أبيه‬ ‫ــيل بالتصغيــر‪،‬‬ ‫ِحســل أو ُح َس ْ‬ ‫ولكنه اشتهر بلقبه‪ :‬اليمان‪.‬‬ ‫مرقاة المفاتيح ‪ ،237/1‬بتصرف قليل‪.‬‬

‫ هو صحابي ابن صحابي رضي هللا تعاىل عنهما‪.‬‬ ‫وإن‬ ‫ ومــا أعظــم شــأن الصحابــة‪ ،‬قــال رســول هللا ﷺ‪ :‬أال َّ‬ ‫أصحابي خياركم‪ ،‬فأكرموهم‪ .‬المعجم األوسط ‪.6405 ،6/5‬‬ ‫دما‪ ،‬فهــرب إىل المدينــة‪ ،‬وتز ّوج َّأم‬ ‫ أصــاب ســيدنا اليمان ً‬ ‫حذيفــة رضي هللا تعاىل عنهما‪ ،‬ف ُولد له بالمدينة‪ ،‬شــرح الزرقاني‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،557/4‬ولذلــك قــال حذيفــة بــن اليمــان رضــي هللا تعاىل‬ ‫عنهمــا‪ :‬خيرنــي رســول هللا ﷺ الهجــرة والنصــرة‬ ‫فاخترت النصرة‪ .‬المعجم الكبير ‪164/3‬‬ ‫ وكان ســيدنا حذيفة رضــي هللا عنه‬ ‫ســر رســول هللا ﷺ في‬ ‫صاحب ِّ‬ ‫المنافقيــن‪ ،‬لــم يعلمهم‬ ‫إال ســيدنا حذيفة‬ ‫رضــي هللا‬ ‫عنه ‪،‬‬


‫ــه رســول هللا ﷺ إياهــم‪ ،‬وكان ســيدنا عمر بــن الخطاب‬ ‫أعلم ُ‬ ‫َ‬ ‫رضي هللا عنه إذا مات ميت يسأل عن حذيفة رضي هللا عنه‪،‬‬ ‫فــإن حضر الصــاة عليه َص َّلــى عليه ســيدنا عمر رضي هللا‬ ‫عنــه‪ ،‬وإن لم يحضر ســيدنا حذيفة الصــاة عليه لم يحضر‬ ‫عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪ .‬أسد الغابة ‪،573/1‬‬ ‫مرة يقول ســيدنا حذيفة بــن اليمان رضي هللا‬ ‫ لــذا ذات ّ‬ ‫عنه‪ :‬وهللا ما ترك رسول هللا ﷺ من قائد فتنةٍ إىل أن تنقضي‬ ‫ســماه لنا‬ ‫ثــاث مائة‬ ‫الدنيــا‪ ،‬يبلــغ َمن معه‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫فصاعــدا‪ّ ،‬إل قد ّ‬ ‫باسمه‪ ،‬واسم أبيه‪ ،‬واسم قبيلته‪ .‬سنن أبي داود‪129/4 ،‬‬

‫مكانته البارزة‬ ‫ كان ســيدنا عمــر بــن الخطــاب رضي هللا عنــه إذا بعث‬ ‫ــم ُعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عامــا كتب في عهده‪َ :‬أ ِن ْاس َ‬ ‫فلما استعمل سيدنا حذيفة رضي هللا تعاىل عنه على المدائن‬ ‫ّ‬ ‫كتب في عهده‪ِ :‬أن اسمعوا له واطيعوا واعطوه ما سألكم‪.‬‬ ‫تاريخ مدينة دمشق‪ ،‬البن عساكر‪ ،‬حذيفة بن اليمان‪.286/12 ،‬‬ ‫ ‬

‫البساطة في طبيعة سيدنا حذيفة بن اليمان‬ ‫بعيدا عن‬ ‫ كان رضي هللا عنه بسيط الطبع عاش حياته ً‬ ‫التصنــع والتكلف‪ ،‬حكي أ ّنه خرج عنــد عمر رضي هللا تعاىل‬ ‫المدائن‬ ‫فلما قدم‬ ‫عنهمــا على حما ٍر موكف‪ ،‬وعلى الحمار زا ُده ّ‬ ‫َ‬ ‫أهل األرض والدهاقين وبيده رغيف وعرق من لحم‬ ‫استقبله ُ‬ ‫علــى حمار علــى إكاف‪ ،‬فقــرأ عهده عليهــم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ســلنا ما‬ ‫وع ْل َف ِح َما ِر ْي هــذا ما ُد ْم ُت‬ ‫شــئت قال‪ :‬أســألكم‬ ‫طعاما آكلــه َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫فيكم مرتين‪ .‬تاريخ مدينة دمشق‪ ،‬البن عساكر‪ ،‬حذيفة بن اليمان‪.286/12 ،‬‬ ‫ ولما بلغ ســيدنا عمر رضي هللا تعاىل عنه قدومه قعد له‬ ‫فــي الطريق لينظر كيــف حاله مما فارقه عليه؟ فلما رآه في‬ ‫تلــك الحال اعتنقه‪ ،‬وقال‪ :‬أنت أخي وأنا أخوك‪ .‬الزهد‪ ،‬ألحمد بن‬ ‫حنبل‪ ،‬أخبار معاذ بن جبل‪ ،‬ص ‪200‬‬

‫خشيته لله تعالى وخشوعه‬

‫ألحق بالله تعاىل‪ .‬صفة الصفوة‪.312/1 ،‬‬

‫ّ‬ ‫وفاته رضي الله تعالى عنه‬

‫جزعا‬ ‫ ‬ ‫َل َّما نزل بحذيفة رضي هللا تعاىل عنه الموت جزع ً‬ ‫شديدا‪ ،‬فقيل له‪ :‬ما يبكيك؟ قال‪ :‬ما أبكي‬ ‫بكاء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شديدا‪ ،‬وبكى ً‬ ‫أســفا علــى الدنيا بل الموت أحــب إلي ولكــن ال أدري على ما‬ ‫أقــدم على رضى أم على ســخط‪ .‬تاريخ مدينة دمشــق»‪ ،‬ابن عســاكر»‪،‬‬ ‫حذيفة بن اليمان‪.296/12 ،‬‬

‫ وكانــت وفــاة ســيدنا حذيفــة رضــي هللا عنه بعــد قتل‬ ‫يوما‪ ،‬في‬ ‫ســيدنا عثمــان بن عفــان رضي هللا عنــه بأربعيــن ً‬ ‫الثمان والعشــرين من‬ ‫محرم ســنة ســت وثالثين من الهجرة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫و ُدفن رضي هللا تعــاىل عنه بالمدائن‪ .‬بغية الطلب في تاريخ الحلب»‪،‬‬ ‫ملخصا‪.‬‬ ‫حذيفة بن اليمان‪ ،‬ص ‪،2175 ،5‬‬ ‫ً‬

‫رحــم هللا تعاىل حذيفة وغفر لنا به دون حســاب‪ ،‬آمين بجاه‬ ‫الصالة‬ ‫ كان حذيفــة بــن اليمــان رضــي هللا عنه يــؤدي َّ‬ ‫النبي األمين ﷺ‪.‬‬ ‫بخشــوع تــام‪ ،‬فبكى مــرة في صالتــه‪ ،‬فلما فــرغ التفت فإذا‬ ‫‪‬‬ ‫أحدا‪ ،‬وقال رضي هللا عنه‪:‬‬ ‫رجــل خلفه‪ ،‬فقــال‪ :‬ال تعلمن بهذا ً‬ ‫بابا فــا يدخل علــي أحد حتى‬ ‫وهللا لــوددت أن أغلــق علــي ً‬

‫‪13‬‬


‫هكذا يجب أن نكون‬

‫االستعداد‬

‫لشهر رمضان‬ ‫الشيخ عالء زيات‬

‫ الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على سيد المرسلين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫َّإن من أبرز نعم هللا تعاىل على أمة الحبيب محمد ﷺ أن أكرمها بشــهر رمضان المبارك‪ ،‬هذا الشــهر الفضيل الذي يعتبر‬ ‫ ‬ ‫موسما لتصفية القلوب واألرواح واألبدان من تعلقاتها الدنيوية‪ ،‬واالرتقاء بها لتصفو في تعلقها مع هللا سبحانه وتعاىل‪...‬‬ ‫ً‬ ‫وبما أن المؤمن الحق ابن وقته‪ ،‬فإنه يستعد الستقبال مواسم الطاعات ويخطط لها‪ ،‬كما يحرص على التخطيط ألمور دنياه‪،‬‬ ‫ومن هنا‪ ...‬كان لنا وقفة خاصة نتحدث فيها عن استقبال شهر رمضان المبارك‪:‬‬

‫أوال‪ :‬استعداد السلف الصالح لشهر رمضان‪:‬‬ ‫ خير ما نبدأ به‪ ..‬إطاللة على حال السلف الصالح رحمهم هللا تعاىل‪ ،‬وأقوالهم حول هذا الموضوع‪:‬‬ ‫ لقد كان الســلف الصالح رحمهم هللا يدعون هللا تعاىل ســتة أشــهر أن يبلغهم شهر رمضان‪ ،‬ثم يدعونه خمسة أشهر بعده‬ ‫حتى يتقبل منهم‪( .‬لطائف المعارف‪)148/1 ،‬‬ ‫ روي عن سيدنا أنس بن مالك رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬كان المسلمون إذا دخل شعبان انك ّبوا على المصاحف فقرؤوها‪،‬‬ ‫وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان‪( .‬لطائف المعارف‪)135/1 ،‬‬

‫‪14‬‬


‫واحتســابا‪ ،‬غفر له‬ ‫ يقــول عمــرو بن قيــس رحمــه هللا‪ :‬طوبى لمن ﷺ قال‪ :‬من صام رمضان إيمانًا‬ ‫ً‬ ‫ما تقدم من ذنبه (صحيح البخاري‪.)38( ،26/1 ،‬‬ ‫أصلح نفسه قبل رمضان‪.‬‬ ‫ وكان حبيــب بــن أبي ثابت رحمــه هللا إذا دخل وعنه رضي هللا عنه‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪ :‬الصلوات‬ ‫الخمس‪ ،‬والجمعة إىل الجمعة‪ ،‬ورمضان إىل رمضان‪،‬‬ ‫شعبان قال‪ :‬هذا شهر القراء‪.‬‬ ‫ وكان عمرو بن قيس المالئي رحمه هللا إذا دخل مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر‬ ‫(صحيح مسلم‪)233( ،118 ،‬‬ ‫وتفر غ لقراءة القرآن‪.‬‬ ‫شعبان أغلق حانوته‪ّ ،‬‬ ‫ وقال ســلمة بن كهيل رحمه هللا‪ :‬كان يقال شــهر وروى الترمذي وغيــره عن أبي هريرة رضي هللا‬ ‫أيضا عن النبي ﷺ قال‪ :‬رغم أنف رجل ذكرت‬ ‫عنــه ً‬ ‫شعبان شهر القراء‪.‬‬ ‫ وكان الحســن بن ســهيل رحمــه هللا يكثر فيهما عنده فلم يصل علي‪ ،‬ورغم أنف رجل دخل عليه‬ ‫مــن قراءة القرآن؛ ويقول‪« :‬رب جعلتني بين شــهرين رمضــان ثم انســلخ قبــل أن يغفر لــه‪ ،‬ورغم أنف‬ ‫رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخاله الجنة‪.‬‬ ‫عظيمين‪.‬‬ ‫(لطائف المعارف‪ )135/1 ،‬‬

‫(سنن الترمذي‪.)3556( ،320/5 ،‬‬

‫ً‬ ‫ ومــن هنا نذكر أنفســنا جميعا بضــرورة تجديد‬ ‫ثانيا‪ :‬رمضان شهر المغفرة‪:‬‬ ‫ إن شــهر رمضان المبــارك يعتبــر فرصة ذهبية التوبــة إىل هللا تعاىل‪ ،‬وإخالص النية فيها‪ ،‬حتى نغنم‬ ‫للمســلم التائــب‪ ،‬المقبــل على هللا تعاىل‪ ،‬فهو موســم المغفــرة مــن هللا تعاىل والعتــق من النار‪ ،‬إن شــاء هللا‬ ‫للمغفــرة وقبــول التوبــة‪ ،‬وقــد وردت أحاديــث عــن تعاىل‪...‬‬ ‫ً‬ ‫الحبيــب ﷺ تدل على مدى ســعة رحمــة هللا وعفوه ثالثا‪ :‬خطوات مهمة في استقبال رمضان‪:‬‬ ‫في هذا الشهر الفضيل‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ وبعــد هــذا‪ .........‬ال بــد مــن خطــوات عمليــة‬ ‫ ما روي عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬عن النبي يرســمها المؤمن ليســتقيم عليها قبل استقبال شهر‬ ‫‪15‬‬


‫رمضــان المبارك‪ ،‬هذه الخطوات ليســت من باب الحصر‪ ،‬إنما وأن يوفقنــا لالعتــكاف فيه على الوجه الــذي يحبه ويرضاه‪،‬‬ ‫كما يعتكف دعاة مركز الدعوة اإلســامية في المركز العالمي‬ ‫من باب النقاط الهامة‪:‬‬ ‫في باكستان إذ إنهم يعتكفون الشهر كله‪ ،‬مجتهدين في العلم‬ ‫خطوات مهمة في استقبال شهر رمضان‬ ‫‪ .1‬الدعــاء‪ :‬كان ﷺ إذا دخل رجب قال‪ :‬اللهم بارك لنا في والعبادة‪...‬‬ ‫ ‬ ‫رجب وشعبان وبلغنا رمضان‪.‬‬ ‫(المعجم األوسط‪)3939( ،85/3 ،‬‬

‫‪ . 2‬التخطيط لالســتفادة مــن رمضان‪ :‬كثير مــن الناس‬ ‫دقيقا‪ ،‬ولكن‬ ‫يخطــط ألمــور حياته الدنيويــة‬ ‫تخطيطــا ً‬ ‫ً‬ ‫القليــل منهم الذي يخطــط ألمور اآلخــرة‪ ،‬وهذا نتيجة‬ ‫غفلــة النــاس عــن مهمــة المؤمن في هــذه الحيــاة‪ ،‬لذا‬ ‫ينبغي على المؤمن تحري فضائل األزمان التي يعيشــها‪،‬‬ ‫والتخطيــط الســتغاللها في الطاعات والعبــادات‪ ،‬فيضع‬ ‫عمليــا الغتنام أيام وليالــي رمضان في‬ ‫برنامجا‬ ‫لنفســه‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫طاعة هللا تعاىل‪.‬‬ ‫‪ .3‬تعلــم أحــكام رمضان‪ :‬ينبغــي على المســلم أن يتعلم‬ ‫مســائل الصــوم وأحكامــه قبــل مجيئه‪ ،‬ليكــون صومه‬ ‫َ َْ ََْ ّ ْ ْ ُْ‬ ‫اسألوا أهل اذلِك ِر إِن كن ُت ْم‬ ‫مقبول عند هللا تعاىل‪﴿ :‬ف‬ ‫صحيحــا‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫َْ‬

‫خطوات مهمة في استقبال‬

‫شهر رمضان‬ ‫اﻟﺪﻋﺎء‬ ‫اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ‬

‫َ‬

‫ال تعل ُمون﴾ األنبياء ‪7:‬‬

‫‪ .4‬التوبة‪ :‬شهر رمضان شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى‬ ‫يتوب؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ ْ ُ َ َ َ َّ ُْ‬ ‫قــال هللا تعــاىل‪َ ﴿ :‬وت ُ‬ ‫وبوا إِل اللِ جِيعا أ ُّي َهــا المؤمِنون لعلكم‬ ‫ ‬ ‫ُْ ُ َ‬ ‫تفل ِحون﴾ النور‪.31 :‬‬ ‫‪ .5‬التهيئة النفسية والروحية له‪ :‬من خالل قراءة الكتب‬ ‫والرســائل‪ ،‬واالســتماع لدروس العلماء التي تبين فضائل‬ ‫الصوم وأحكامه حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه‪...‬‬ ‫ فعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬كان رسول ﷺ يبشر‬ ‫أصحابــه بقدوم شــهر رمضان فيقول‪ :‬جاءكم شــهر رمضان‪،‬‬ ‫شــهر مبارك كتــب هللا عليكــم صيامه فيه تفتــح أبواب‬ ‫الجنــة‪ ،‬وتغلق فيه أبواب الجحيم‪ ،‬وتغل فيه الشــياطين‪،‬‬ ‫وفيه ليلة خير من ألف شهر‪ ،‬من حرم خيرها فقد حرم‪.‬‬

‫ً‬

‫ﺗﻌﻠّﻢ‬ ‫أﺣﻜﺎم‬ ‫رﻣﻀﺎن‬

‫اﻟﺘﻮﺑﺔ‬ ‫اﻟﺘﻬﻴﺌﺔ‬ ‫اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‬ ‫واﻟﺮوﺣﻴﺔ‬

‫(سنن النسائي‪)2103/355 ،‬‬

‫ختاما‬ ‫اللهم أكرمنا كما أكرمتهم‪ ،‬وصلى هللا تعاىل على سيدنا محمد‬ ‫ نسأل هللا تعاىل أن يبارك لنا في شعبان‪ ،‬ويبلغنا رمضان‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫وأن يعيننــا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللســان‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪16‬‬


‫واحة الشعر‬

‫لك‬ ‫يا طيبة‬ ‫علينا‬ ‫عهود‬

‫الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني‬

‫لـــك يـــا طيبـــة علينـــا عهـــود‬ ‫ِ‬ ‫غـــض جديـــد‬ ‫ذكرهـــا فـــي القلـــوب‬ ‫ٌّ‬ ‫ولكـــن‬ ‫بالعيـــون‬ ‫رأينـــاك‬ ‫مـــا‬ ‫بقلـــوب فيهـــا الهـــوى ال يبيـــد‬ ‫ٍ‬ ‫علينـــا‬ ‫الغـــرام‬ ‫البيعـــة‬ ‫أخـــذ‬ ‫فريـــد‬ ‫فيـــك‬ ‫الجمـــال‬ ‫أن‬ ‫لـــك‬ ‫ّ‬ ‫بفضـــل فإنّ ـــي‬ ‫شـــاهدا‬ ‫مـــن يكـــن‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫شـــهيد‬ ‫والكمـــال‬ ‫بالفضـــل‬ ‫لـــك‬ ‫وفضـــا‬ ‫هـــا‬ ‫ً‬ ‫ســـدت كل البـــاد َأ ً‬ ‫تســـود‬ ‫الديـــار‬ ‫وبســـكّ انها‬ ‫فيـــك‬ ‫األنـــام‬ ‫خيـــر‬ ‫حـــل‬ ‫َّ‬ ‫وجـــاء النصـــر للديـــن منـــك والتأييـــد‬ ‫ليـــت شـــعري هـــل تقبلينـــي بشـــعري‬ ‫وأعيـــد‬ ‫منشـــدا‬ ‫أبديـــه‬ ‫فيـــك‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫هنـــاك‬ ‫المصطفـــى‬ ‫َأمـــدح‬ ‫كفاحـــا يجـــود لـــي فأجيـــد‬ ‫وأتلـــوه‬ ‫ً‬ ‫تســـاوى‬ ‫طـــ ًّرا‬ ‫العالميـــن‬ ‫ســـ ّيد‬ ‫ومســـود‬ ‫ســـيد‬ ‫عليـــاه‬ ‫تحـــت‬ ‫ٌ‬ ‫عبـــد‬ ‫فهـــو‬ ‫وحـــده‬ ‫هللا‬ ‫ســـاده‬ ‫عبيـــد‬ ‫األنـــام‬ ‫لـــه‬ ‫حقًّـــا‬ ‫هللا‬

‫لمحة موجزة عن اإلمام يوسف بن إسماعيل النبهاني‬ ‫تأليفا‬ ‫وفقيهــا‬ ‫وأديبــا‬ ‫وشــاعرا‬ ‫قاضيــا‬ ‫كان‬ ‫صوفيا‪ ،‬أكثر من مدائح رســول هللا محمــد ﷺ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إج ِز ْم ســنة‬ ‫ً‬ ‫ونقــا‪ ،‬نســبته إىل بنــي نبهــان من عــرب البادية بفلســطين‪ .‬ولد فــي قرية ْ‬ ‫‪ 1265‬هـــ‪ 1849/‬م‪ ،‬في شــمالي فلســطين‪ .‬بداي ًة تع َّلــم القرآن الكريم على يد والده الشــيخ‬ ‫إســماعيل النبهاني رحمه هللا‪ ،‬ثم ذهب إىل مصر لطلب العلم في الجامع األزهر الشــريف‬ ‫ســنة (‪1289-1283‬هـــ)‪ ،‬ثم عاد إىل بالد الشــام (‪1296‬هـــ)‪ ،‬فتنقل في أعمــال القضاء إىل أن‬ ‫أصبــح رئيــس محكمة الحقــوق (‪1305‬هـ)‪ ،‬توفــي رحمه هللا تعاىل في مدينــة بيروت في‬ ‫أوائــل شــهر رمضان ســنة ‪ 1350‬هـ‪ 1932 /‬م‪ ،‬ودفن في مقبرة الباشــورة‪ ،‬وقبــره ظاهر يزار‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫من الظلامت إىل النور‬

‫كنز املؤمن‬ ‫الشيخ أمين يارس بكار‬

‫ الطرق إىل رضا هللا تعاىل كثيرة متعددة‪ ،‬وقد‬ ‫والقربات‪ ،‬وذلك حتى تبقى‬ ‫َّ‬ ‫نو ع الشرع العبادات ُ‬ ‫ونشــاط‪ ،‬إذ ّأن مــن طبيعة‬ ‫ٍ‬ ‫النفــس فــي تجــددٍ‬ ‫النفس البشرية الملل من التكرار‪ ،‬فتخلو العبادة‬ ‫حينئــذ مــن معانــي المحبــة والشــوق للجليــل‬ ‫العظيم‪ ،‬وتصير مجرد ًة عن مقاصدها الســامية‬ ‫الكريمــة‪ ،‬ألجل ذلــك كان هذا التنــ ّو ع‪ ،‬ليتق ّلب‬ ‫العبــد فــي أوقاتــه بيــن الطاعــات واألنــوار كلما‬ ‫تعاقب الليل والنهار‪.‬‬ ‫ ولكــن أقصر هذه الطــرق وأحبهــا إليه جل‬ ‫ألن‬ ‫جاللــه هي ما تحققــت فيه منفعــة الخلق‪ّ ،‬‬ ‫الخلــق عيــال هللا وأحبهم إىل هللا تعــاىل أنفعهم‬ ‫عظيم‬ ‫أمر‬ ‫لعياله‪ ،‬فاإلحســان إىل الخلق‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫جميعــا ٌ‬ ‫تعبدنا هللا تعاىل به‪ ،‬وكذلك أيض ًا إحسان المؤمن‬ ‫ّ‬ ‫يعطيها حقها من‬ ‫لنفســه التي بين جنبيه بــأن‬ ‫َ‬ ‫يجنبهــا المعصية‬ ‫العبــادة والذكــر والطاعــة وأن ّ‬ ‫التي ال تحمد عقباها‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫ وال ينكــر عاقــل أن هذه الصفات كلهــا تتحقق في‬ ‫الصدقــة‪ ،‬تلك الطاعة التــي تجمع بين محبة هللا تعاىل‬ ‫ومد يد العون‬ ‫للعبد وجبر خواطر الناس وتفريج كربهم ِّ‬ ‫عســر‬ ‫لهــم‪ ،‬فكم مــن مهموم وكم مــن‬ ‫ٍ‬ ‫مدين وكم من ُم ٍ‬ ‫وغمــه‪ ،‬فهي‬ ‫كانــت هــذه العبــادة‬ ‫همه ّ‬ ‫ســببا فــي زوال ّ‬ ‫ً‬ ‫جراح الفقراء والمســاكين‪ ،‬وهي‬ ‫البلســم الذي ُتداوى به‬ ‫ُ‬ ‫السبب الذي ُيطفأ به غضب رب العالمين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وإن فوائد الصدقات ال تنحصر باألفراد‪ ،‬بل تتعدى‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫ذلــك إىل أن تكون بركــ ًة للمجتمعات وحصن ًا لها‪ ،‬ولنا أن‬ ‫نتخيل كيف سيكون حال المجتمع لو كان الغني يتفقد‬ ‫أقاربه وأحوالهم فيســأل عن أخيــه أو ابن عمه أو خاله‬ ‫مــن أو جرح لمشــاعر أحد منهــم‪ ،‬أو كيف‬ ‫الفقيــر دون ٍّ‬ ‫سيكون الحال لو كان الجار الغني يتفقد جيرانه ويعطف‬ ‫شــك َّأن هــذه األحوال‬ ‫عليهــم ويقضــي حاجاتهم‪ ،‬فال َّ‬ ‫واحــدا كالبنيــان المرصــوص‬ ‫صفــا‬ ‫تجعــل المجتمــع ًّ‬ ‫ً‬ ‫بعضا‪ ،‬ولذلك يقول عليه الصالة والســام‪:‬‬ ‫يشــد بعضه ً‬ ‫الساعي على األرملة والمسكين‪ ،‬كالمجاهد في سبيل‬ ‫هللا‪ .‬صحيح البخاري (‪.)٥٣٥٣‬‬ ‫ فالمجاهد في ســبيل هللا يســعى لنصرة المجتمع‬ ‫ويكف‬ ‫اإلســامي‪ ،‬وكذلــك مــن يتفقــد أحــوال النــاس‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫سببا في قوة المجتمع‬ ‫يكون‬ ‫بالحالل‬ ‫الحرام‬ ‫عن‬ ‫أيديهم‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫عملية‬ ‫ونصرته‪ ،‬ولكن ومع أن الفقير هو المســتفيد من‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقــي هــو‬ ‫الصدقــة فــي الظاهــر‪ ،‬إال أن المســتفيد‬ ‫َّ‬ ‫المتصدق‪ ،‬إذ أن الفقير الذي وصلت الصدقة إىل يده قد‬ ‫ّ‬ ‫دين‬ ‫يقضــي بها حاجة ّ‬ ‫هامة من حاجات الدنيا‪ ،‬كقضاء ٍ‬ ‫عونا‬ ‫أو شراء‬ ‫ٍ‬ ‫طعام أو كسوة ألوالده أو غير ذلك مما يكون ً‬ ‫له على شدائد الحياة‪،‬‬ ‫فإن مرابحه تكاد ال ُتحصى حقيقة‪،‬‬ ‫ وأما‬ ‫ّ‬ ‫المتصدق ّ‬ ‫فإن مالــه ال ينقص بالتصدق وإنما يزيد ويبارك له فيه‬ ‫ال‪( .‬صحيح مسلم‪)٢٥٨٨ :‬‬ ‫فإنه َما نَ ق َ‬ ‫َص ْت َص َد َق ٌة مِ ْن َم ٍ‬ ‫َّ َ َٰ‬ ‫َُۡ‬ ‫ت﴾‬ ‫وإن أجرها عند هللا عظيم ومضاعف‪﴿ ،‬وير ِب ٱلصدق ِ ۗ‬ ‫البقرة‪276 :‬‬

‫ وقــد ذكــر النبي صلى هللا عليه وســلم أن الســبعة‬ ‫الذيــن يظلهــم هللا تعــاىل في ظلــه يوم ال ظــل إال ظله‪:‬‬ ‫رجــل تصدق بصدقة فأخفاها حتى ال تعلم شــماله‬ ‫مــا تنفق يمينه‪ .‬صحيح البخــاري ‪ .١٤٢٣‬والصدقة وقاية من‬ ‫ــرةٍ ‪ .‬صحيح‬ ‫َّار َو َل ْو ِبشِ ِّ‬ ‫ــق َت ْم َ‬ ‫عــذاب هللا تعــاىل‪ :‬فَا َّتقُوا الن َ‬ ‫البخاري ‪.٧٥١٢‬‬

‫سبب من أسباب الشفاء الذي ال يكون إال بأمر‬ ‫ وهي ٌ‬ ‫هللا‪ ،‬ولذلــك قال الحبيــب الطبيــب ﷺ‪َ :‬دا ُووا َم ْر َضاك ُْم‬ ‫الص َد َقة‪ .‬أخرجه الطبراني (‪)١٠١٩٦( )١٥٧/١٠‬‬ ‫ِب َّ‬ ‫وغيــر ذلك ممــا ورد في كتاب هللا تعاىل وســنة نبيه ﷺ‬ ‫من الخير والبركات التي ينالها المتصدق‪.‬‬ ‫وإن جوهر الصدقة ال يتعلق بما يفيض عن حاجة‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنســان‪ ،‬بل إن تصدق المؤمن بما يحبه ويحتاجه من‬ ‫دليل علــى صدقه وإخالصه‪ ،‬فــا عبرة في‬ ‫خير ٍ‬ ‫مالــه ُ‬ ‫التخلــي عن شــي ٍء ال حاجة به أو بما بلــي ولم تعد فيه‬ ‫منفع ٌة أص ًال‪ ،‬وهذا ما فهمه الصحابة الكرام حين سمعوا‬ ‫ُ ُ ْ‬ ‫َ َ َ ُ ْ ۡ َّ َ َّ ُ ُ ْ‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫قوله تعاىل‪﴿ :‬لن تنالوا ٱل ِب ح ٰ‬ ‫ون َو َما تنفِقوا مِن‬ ‫ت تنفِقوا م َِّما تِب ۚ‬ ‫شءٖ فَإ َّن َّ َ‬ ‫ٱلل بهِۦ َعل ‪ٞ‬‬ ‫َ ۡ‬ ‫ِيم﴾ آل عمران‪92 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنصاري‬ ‫ فقــد كان أبــو طلحة رضــي هللا عنه أكثــر‬ ‫ٍّ‬ ‫«بيرحاء»‬ ‫بالمدينــة ماالً من نخل‪ ،‬وكان أحــب ماله إليه َ‬ ‫وكانت مستقبل المسجد‪ ،‬وكان رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫طيــب‪ ،‬فلما نزلت‬ ‫وســلم يدخ ُلها ويشــرب من ما ٍء فيها ِّ‬ ‫هــذه اآلية الكريمة قام أبــو طلحة رضي هللا تعاىل عنه‪،‬‬ ‫َ َ َ ُ ْ ۡ َّ َ َّ ُ ُ ْ‬ ‫فقال يا رســول هللا‪ ،‬إن هللا يقول‪﴿ :‬لن تنالوا ٱل ِب ح ٰ‬ ‫ت تنفِقوا‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫شءٖ فَإ َّن َّ َ‬ ‫ٱلل بهِۦ َعل ‪ٞ‬‬ ‫ون َو َما تُنفِ ُقوا ْ مِن َ ۡ‬ ‫ِيم﴾ آل عمران‪92 :‬‬ ‫م َِّما تِب ۚ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«بيرحاء» وإنها صدق ٌة لله أرجو‬ ‫ ‬ ‫إلي َ‬ ‫وإن أحــب مالي ّ‬ ‫فضعها يا رســول هللا حيث أراك‬ ‫برها وذخرها عند هللا‪َ ،‬‬ ‫بــخ ذلك‬ ‫هللا‪ ،‬فقــال رســول هللا صلــى هللا عليه وســلم‪ٍ :‬‬ ‫قلــت‪ ،‬وإني أرى أن تجعلها‬ ‫مال رابح‪ ،‬وقد ســمعت ما‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫فــي األقربين» فقــال أبو طلحة‪ :‬أفعل يا رســول هللا‪،‬‬ ‫فقســمها أبو طلحة في أقاربه وفــي بني عمه‪ .‬أخرجه‬ ‫البخاري (‪.)١٤٦١‬‬

‫‪19‬‬


‫ والصدقات تتفاوت أجورها عند الموىل عز وجل بحســب‬ ‫حالها وحال مستحقها‪ ،‬فصدقة السر التي ال يتبع صاحبها ما‬ ‫ثوابا من تلك التي تكون على‬ ‫أنفق ًّ‬ ‫منا وال أذى أعظم وأجزل ً‬ ‫العلن‪ ،‬أو مما يؤذي بها المتصدق ِ‬ ‫بالذل‬ ‫فيشعره‬ ‫آخذَ َها ِّ‬ ‫بمنه ُ‬ ‫ِّ‬ ‫أكبر مثوب ًة مما‬ ‫والهوان‪ ،‬والصدقة التي تغني آخذها من الفق ِر ُ‬ ‫طيبا‪.‬‬ ‫يكاد ال ُي َس ُّد به الرمق‪ ،‬وهللا سبحانه‬ ‫ٌ‬ ‫طيب ال يقبل إال ً‬ ‫ وصدقــة الرجل علــى أهل بلده خير مــن التصدق على‬ ‫حيه وجيرانه أفضل‪ ،‬واألقربون‬ ‫غيرهــم‪ ،‬وصدقته على أهل ّ‬ ‫أوىل بالمعــروف‪ ،‬فكلمــا كان آخــذ الصدقة أقــرب كان الثواب‬ ‫تنال بها األجر عند هللا هي‬ ‫أكثر صدقةٍ ُ‬ ‫واألجر أعظم‪ ،‬ولذلك ُ‬ ‫ما كان على العيال واألوالد‪،‬‬ ‫ وفــي هــذا المعنــى يقول النبــي ﷺ‪ :‬دينــار أنفقته في‬ ‫ســبيل هللا ودينار أنفقتــه في رقبة‪ ،‬ودينــار تصدقت به‬ ‫علــى مســكين‪ ،‬ودينار أنفقتــه على أهلــك‪ ،‬أعظمها أجرا‬ ‫الذي أنفقته على أهلك‪ .‬صحيح مسلم ‪.٩٩٥‬‬ ‫ فإن كل مــا ينفقه الرجل على زوجته وأوالده له به أجر‬ ‫أعظم الصدقات إن احتســب أجره عند هللا تعاىل ولم يسرف‬ ‫أو يبذر‪ .‬ومــن فضــل هللا تعاىل أن جعــل هللا ورســوله ما يقوم‬ ‫مقام صدقــات األثرياء الذيــن يملكون األمــوال للفقراء الذين‬ ‫مــال‪ ،‬فقد شــكى الفقراء إىل النبــي ﷺ أن أصحاب‬ ‫ال يملكــون ً‬ ‫الدثــور ذهبوا باألجور يتصدقون ويعتقون والفقراء ما عندهم‬ ‫شيء‪ ،‬فقال لهمﷺ‪ :‬أوليس قد جعل هللا لكم ما تصدقون؟ إن‬ ‫بكل تســبيحة صدقة‪ ،‬وكل تكبيرة صدقة‪ ،‬وكل تحميدة‬ ‫صدقة‪ ،‬وكل تهليلة صدقة‪ ،‬وأمر بالمعروف صدقة‪ ،‬ونهي‬ ‫عن منكر صدقة‪ ،‬وفي بضع أحدكم صدقة‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول‬ ‫هللا‪ ،‬أيأتي أحدنا شــهوته ويكون لــه فيها أجر؟ قال‪« :‬أرأيتم لو‬ ‫وضعهــا في حرام أكان عليه فيهــا وزر؟ فكذلك إذا وضعها في‬ ‫الحالل كان له أجر‪ .‬صحيح مسلم ‪.١٠٠٦‬‬ ‫ وتســتحب صدقــة التطوع في كل وقــت‪ ،‬بخالف الزكاة‬ ‫الواجبــة فإنهــا تجــب في وقتهــا وال يجــوز تأخيرهــا ألن في‬ ‫ذلــك مضرة على المجتمع بشــكل عام وعلى الفقراء بشــكل‬ ‫تطوعا حصــل له األجر‬ ‫خــاص‪ ،‬فبــأي وقت تصدق اإلنســان‬ ‫ً‬ ‫بذلــك‪ ،‬ولكن المؤمن حريــص على اغتنام األوقــات المباركة‬ ‫بشــتى أنواع القربات إذ يتضاعف فيها األجر وتحل البركات‪،‬‬

‫‪20‬‬

‫ولذلك كان رسول هللا ﷺأجود الناس‪ ،‬وكان أجود ما يكون في‬ ‫رمضان‪ .‬أخرجه البخاري ‪)6( ،10 /1‬‬ ‫موســم الطاعــات الــذي يتنافــس فيــه‬ ‫ فشــهر رمضــان‬ ‫ُ‬ ‫رب األرض والســماوات‪ ،‬و ُتندب‬ ‫المتنافســون لنيــل القرب من ّ‬ ‫وشرعت أيض ًا‬ ‫الصدقة في شهر رمضان على وجه الخصوص‪ُ ،‬‬ ‫بالصيــام والعبادة‪،‬‬ ‫فيــه صدقة الفطر؛ ِلنشــغال ّ‬ ‫النــاس فيه ّ‬ ‫وإلعانــة الفقيــر علــى اغتنــام وقته بمــا ينفعه يــوم القيامة‬ ‫بكفايته عما قد يشــغله من تأمين ما يلزمه ويلزم أهل بيته‬ ‫الضروريات‪،‬‬ ‫مــن الطعــام والشــراب والملبس وغيــر ذلك مــن‬ ‫ّ‬ ‫فينال بذلك أهل البذل والعطاء أضعاف أجورهم ومثل أجور‬ ‫الفقــراء المتفرغين للعبادة‪ ،‬ألنهم كانوا لهم عون ًا على الدنيا‪،‬‬ ‫وسببا في نيل األجر وحصول الطاعات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫در الشاعر إذ يقول ‪:‬‬ ‫ولله‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫نقصـــــان‬ ‫زيــــــاد ُة المـــــر ِء فـــي دنيـــاه‬ ‫ُ‬ ‫خســـران‬ ‫محـــض الخيـــر‬ ‫غيـــر‬ ‫وربحـــه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تســـتعب ْد قلوبهـــم‬ ‫ـــاس‬ ‫ـــن إىل َّ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫َأ ْح ِس ْ‬ ‫حســـــان‬ ‫اإلنســـان ِإ‬ ‫اســـتعبد‬ ‫فطالمـــا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مـــال‬ ‫بالمـــال‬ ‫جـــاد‬ ‫َمـــن‬ ‫النـــاس‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ــــــان‬ ‫والمــــال‬ ‫قاطبـــ ًة إليــــه‬ ‫لإلنـســــان َّ‬ ‫ِ‬ ‫فـت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ــــن إذا كان‬ ‫وم ْقـــدِ َر ٌة‬ ‫َأ ْح ِس ْ‬ ‫ٌ‬ ‫إمـــكان َ‬ ‫مـكــــان‬ ‫يـــدوم علـــى اإلنســــان ِإ‬ ‫فلـــن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ذخرا‬ ‫ فالعاقــل من يعمل حال حياته أعماالً تكون له ً‬

‫ونــورا يوم القيامة ومن ذلك الصدقة الجارية التي يســتمر‬ ‫ً‬ ‫أجرهــا علــى المؤمــن بعــد وفاته طالمــا كان عطــاء هذه‬ ‫باقيا‪ ،‬وهذا مــا قصده الحبيب المصطفىﷺ في‬ ‫الصدقة ً‬ ‫قوله‪ :‬إذا مات اإلنســان انقطع عنه عمله إال من ثالثة‪ :‬إال‬

‫مــن صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع بــه‪ ،‬أو ولد صالح يدعو‬ ‫له‪ .‬مسلم ‪.١٦٣١‬‬ ‫ ومجــاالت الصدقــة الجارية كثيــرة متعــددة فمنها بناء‬ ‫المساجد والمدارس وفرشها وتوزيع المصاحف وغرس األشجار‬ ‫وحفر اآلبار‪ ،‬والحمد لله الكريم إذ يقول‪َّ ﴿:‬من َذا َّٱلِي ُي ۡقر ُض َّ َ‬ ‫ٱلل‬ ‫ِ‬

‫َ ۡ ً َ َ ٗ َ ُ َ ٰ َ ُ َُ ٓ َ ۡ َ ٗ َ‬ ‫َ ٗ َ َّ ُ َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ‬ ‫ص ُط َ ۡ‬ ‫ِإَولهِ‬ ‫قرضا حســنا فيض ِعفهۥ لۥ أضعافا كثِــرة ۚ وٱلل يقبِض ويب ۜ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ت ۡرج ُعون﴾ البقرة‪ ،‬اآلية‪.245 :‬‬ ‫‪‬‬


‫حكم وأقوال‬

‫ ‬

‫كان ســيدنا أبو حازم رحمه هللا تعاىل يقول‪:‬‬ ‫اكتم من حسناتك كما تكتم من سيئاتك‪.‬‬ ‫تاريخ دمشق‪68/22 ،‬‬

‫كان سيدنا عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما يقول‪:‬‬ ‫إذا أمسيت فال تنتظر الصباح‪ ،‬وإذا أصبحت فال تنتظر‬ ‫المساء‪ ،‬وخذ من صحتك لمرضك‪ ،‬ومن حياتك لموتك‪.‬‬ ‫صحيح البخاري‪6416 ،223/4 ،‬‬

‫قال سيدنا أيوب السختياني رحمه هللا تعاىل‪:‬‬ ‫ال يستوي العبد ‪ -‬أو ال يسود العبد ‪ -‬حتى يكون فيه‬ ‫خصلتان‪ :‬اليأس مما في أيدي الناس‪ ،‬والتغافل عما‬ ‫يكون منهم‪.‬‬ ‫حلية األولياء‪2921 ،5/3 ،‬‬

‫قال سيدنا عون بن عبد هللا رحمه هللا تعاىل‪:‬‬ ‫قلــب التائــب بمنزلة الزجاجة‪ ،‬يؤثــر فيها جميع‬ ‫مــا أصابها‪ ،‬والموعظة إىل قلوبهم ســريعة‪ ،‬وهم إىل‬ ‫الرقة أقرب‪.‬‬

‫قال سيدنا عبد هللا بن المبارك رحمه هللا تعاىل‪:‬‬ ‫رب عمــل صغير تكثــره النية‪ ،‬ورب عمل كثير‬ ‫تصغره النية‪.‬‬ ‫سير أعالم النبالء‪616/7 ،‬‬

‫قال سيدنا علي رضي هللا تعاىل عنه‪:‬‬ ‫كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل‪ ،‬فإنه لن‬ ‫يقبل عمل إال مع التقوى‪ ،‬وكيف يقل عمل يتقبل؟‪.‬‬ ‫حلية األولياء‪117/1 ،‬‬

‫حلية األولياء‪279/4 ،‬‬

‫قال سيدنا الضحاك بن مزاحم رحمه هللا تعاىل‪:‬‬ ‫أول باب من العلم‪ :‬الصمت‪ ،‬والثاني‪ :‬استماعه‪ ،‬والثالث‪:‬‬ ‫العمل به‪ ،‬والرابع‪ :‬نشره وتعليمه‪.‬‬

‫قال سيدنا علي رضي هللا تعاىل عنه‪:‬‬ ‫الصبر من اإليمان بمنزلة الرأس من الجسد‪ ،‬وال إيمان‬ ‫لمن ال صبر له‪.‬‬ ‫حلية األولياء‪117/1 ،‬‬

‫الجامع ألخالق الراوي‪315/129 ،‬‬

‫قال سيدنا عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما‪:‬‬ ‫أرض الجنــة يرثها الذين يصلــون الصلوات الخمس‬ ‫في الجماعة‪.‬‬

‫قال سيدنا علي رضي هللا تعاىل عنه‪:‬‬ ‫إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى‪ ،‬وطول األمل‪ ،‬فأما اتباع‬ ‫الهوى فيصد عن الحق‪ ،‬وأما طول األمل فينسي اآلخرة‪.‬‬ ‫حلية األولياء‪117/1 ،‬‬

‫حسن التنبه‪209/3 ،‬‬

‫‪21‬‬


‫الطريق إىل النجاة‬

‫شهر رمضان أيام معدودات تجري على العباد جريانا سريعا والسعيد الفائز من عرف‬ ‫كيف يغرف من هذا النهر الذي يقذف بالخيرات والجواهر على العباد في لياليه وأيامه‬ ‫لذلك ضع لنفسك خطة يومية في معاملتك مع هللا في رمضان وحافظ على وقتك‬ ‫واجمع من تلك الجواهر والذخائر على حسب همتك وخطتك لتكون من المفلحين‪:‬‬ ‫السحور‬ ‫ ‬

‫«تسحروا فإن في السحور بركة‪ ،‬ولو جرعة ماء‪.‬‬

‫رواه البخاري ‪.)1923( ،633/1‬‬

‫صالة التهجد‬

‫عشــــــــــــــــــرة‬ ‫الشيخ طارق املحمد‬

‫ صــل صالة التهجد ولــو ركعتان‪ :‬فركعتــان في جوف‬ ‫الليل خير من الدنيا وما فيها‪.‬‬

‫االستغفار‬ ‫ اســتغفر هللا ‪ 70‬مــرة فأكثــر وذلك قبــل أذان الفجر‬ ‫لتكتــب من المســتغفرين باألســحار فالرحيــم جل وعال‬ ‫يقــول في هذا الوقت‪ :‬من ذا الذي يســتغفرني فأغفر له‪.‬‬ ‫أخرجه مسلم (‪.)٧٥٨‬‬

‫صالة الفجر جماعة‬

‫مفيدة‬ ‫أعمال‬ ‫ً‬

‫ليكون رمضانك مقبوال‬ ‫‪22‬‬

‫واجلس َّإما على مائدة‬ ‫صل صالة الفجر في جماعة‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫إن المالئكة لتضــع أجنحتها لطالب العلم رضا بما‬ ‫العلــم‪َّ :‬‬ ‫يطلب‪ .‬رواه الترمذي ‪ )3546( ،315/5‬أو مائدة الذكر ففي الحديث‪:‬‬ ‫من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر هللا حتى تطلع‬ ‫الشــمس‪ ،‬ثم صلى ركعتين كانت له كأجــر حجة وعمرة‪،‬‬ ‫تامة تامة تامة‪ .‬رواه الترمذي ‪.)586( ،100/2‬‬

‫صالة الضحى‬ ‫ صل صالة الضحى اثني عشرة ركعة‪« ،‬من صلى الضحى‬ ‫ثنتي عشــرة ركعة بنى هللا له قصرا من ذهب في الجنة‪.‬‬ ‫أخرجه الترمذي ‪.473‬‬


‫ال ترد واختر األوقات المرجوة لإلجابة فإن لله كل ليلة إجابات‬ ‫حسن الخلق‬ ‫ فــي نهــارك تــوج صيامك باألخــاق‪ ،‬ألن الصيــام بدون فال تضيعها يقول‪ :‬أنا الملك‪ ،‬من ذا الذي يدعوني فأســتجيب‬ ‫أخــاق ال فائدة منه‪ .‬ففي الحديث‪« :‬إذا أصبح أحدكم يوما له‪ ،‬من ذا الذي يسألني فأعطيه‪ ،‬فال يزال كذلك حتى يضيء‬ ‫الفجر‪ .‬ابن ماجة وغيره‪ .‬وإن أحد الصحابة قال‪ :‬يا رســول هللا‪،‬‬ ‫أي الليل أسمع؟ قال‪ :‬جوف الليل اآلخر‪ .‬أخرجه أبو داود (‪)١٢٧٧‬‬

‫واعلم!‬

‫أن ثمرة الصيام التقوى‬ ‫فمن حصلها في صيامه فقد حصل‬ ‫رضى هللا في مقصد الصيام‪.‬‬

‫صائما فال يرفث وال يجهل فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل‬ ‫ً‬ ‫إني صائم إني صائم‪ .‬رواه البخاري ومسلم‬

‫الصالة في الجماعة‬ ‫ صل صالة الجماعة‪ ،‬فصالة الفجر والعشــاء يعدالن قيام‬ ‫الليل «من صلى العشــاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة‪،‬‬ ‫ومن صلى العشــاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة‪ .‬رواه‬ ‫اإلمام مسلم وهما أثقل صالتين على المنافقين‪.‬‬

‫قراءة القرآن الكريم‬ ‫ حافظ على قراءة جــزء من القرآن الكريم وما أجمل أن‬ ‫يكون لك ثالثة أجزاء في اليوم أو خمســة أو عشــرة فلقد كان‬ ‫السلف يختمون القرآن مرات وكرات‪ ،‬فال تضيع وقتك بالهاتف‬ ‫واكتفي منه بحاجاتك واجعل صيامك عروج لروحك‪.‬‬

‫األذكار‬ ‫ اســتكثر في رمضــان من أربــع خصال لتنــال رضى هللا‬ ‫تعاىل وتتنور بها‪:‬‬ ‫ ال إله إال هللا‪.‬‬ ‫ االستغفار‪.‬‬ ‫ تسأل هللا الجنة‪.‬‬ ‫ تعوذ بالله من النار‪.‬‬

‫ُ ٓ ْ َ ٰ َ ۡ َ ّ َّ ّ ُ ۡ َ َ َّ َ ۡ ُ َ َّ َ ٰ َ ٰ ُ ۡ َ ُ ُ ۡ‬ ‫ت َوٱلۡرض أع َِّدت‬ ‫َو َســارِعوا إِل مغ ِفرة ٖ مِن ربِكم وجن ٍة عرضها ٱلسمو‬ ‫ۡ َّ َ‬ ‫ل ِل ُمت ِقني ‪( ١٣٣‬آل عمران‪)133 :‬‬

‫جـــدوا‬ ‫الليـــل‬ ‫رجـــال‬ ‫يـــا‬ ‫يـــرد‬ ‫ال‬ ‫داع‬ ‫رب‬ ‫إال‬ ‫الليـــل‬ ‫يقـــوم‬ ‫مـــا‬ ‫وجـــد‬ ‫عـــزم‬ ‫لـــه‬ ‫مـــن‬ ‫كصـــاة‬ ‫شـــيء‬ ‫ليـــس‬ ‫يعـــد‬ ‫للقبـــر‬ ‫الليـــل‬ ‫ واعلــم أن ثمرة الصيام التقــوى فمن حصلها في صيامه‬ ‫فقــد حصــل رضى هللا فــي مقصد الصيــام‪ .‬بهذه المســارعة‬ ‫وتطبيــق هذه الخصال العشــر التي من حافــظ عليها اقترب‬ ‫حالــه في رمضان كثيرا من حال الســلف الصالــح في كيفية‬ ‫عيشــهم مع هذا الشهر المبارك الذي قرأنا عنهم فيه األخبار‬ ‫العجيبة والهمم العالية فطوبى لمن ســار على نهجهم وســلك‬ ‫مســالكهم ونال رضى هللا‪ ،‬اللهم ألحقنا بهم آمين بجاه النبي‬ ‫األمين‪.‬‬ ‫ وهكــذا جعل هللا رمضان مضمارا لخلقه يســتبقون فيه‬ ‫لطاعته‪ ،‬فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا‪.‬‬ ‫ وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الدعاء‬ ‫ عليك بالدعاء لك وللمؤمنين وأنت صائم وخص والديك‬ ‫وشيخك في دعائك فهم أهل فضل عليك‪ ،‬فللصـائم دعـوة‬

‫‪23‬‬


‫يا باغي الخري أقبل‬

‫نفحات‬ ‫رمضان‬ ‫الشيخ عالء زيات‬

‫ الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على سيد المرسلين‪،‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫ أحبتــي في هللا‪ ..‬أنعم هللا تعاىل علينا بمحطة إيمانية نطهر‬ ‫فيها قلوبنا‪ ،‬ونغســل فيها أرواحنا‪ ،‬ونشــحن فيهــا إيماننا‪ ،‬ونرفع‬ ‫للعبــادة هممنا‪ ،‬إنها شــهر رمضان المبــارك‪ ،‬فطوبى لمن اجتهد‬ ‫فيه واغتنم‪...‬‬ ‫ لقــد كان الحبيــب صلــى هللا عليــه وســلم يبشــر‬ ‫أصحابــه رضــوان هللا عليهــم بهذا الشــهر الفضيل‪،‬‬ ‫ويشحذ هممهم الغتنامه‪.‬‬ ‫ فقــد روي عن عبادة بــن الصامت رضي هللا عنه‬ ‫يوما وحضر‬ ‫أن رســول هللا صلى هللا عليه وســلم قال ً‬ ‫رمضان‪ :‬أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم هللا فيه‬ ‫فينــزل الرحمــة ويحط الخطايا‪ ،‬ويســتجيب فيه‬ ‫الدعــاء ينظــر هللا تعاىل إىل تنافســكم فيــه ويباهي‬ ‫خيرا فإن الشقي‬ ‫بكم مالئكته‪ ،‬فأروا هللا من أنفســكم ً‬ ‫من حرم فيه رحمة هللا عز وجل‪ .‬رواه الطبراني‪.‬‬ ‫‪24‬‬


‫فضائل رمضان‬

‫ويستسهل فعلها‪ ،‬فالوقت وقت الطاعات‬ ‫والعبادات والقربات‪ ،‬من قراءة القرآن‪،‬‬ ‫والصلــوات والدعــوات‪ ،‬والصدقــات‬ ‫وإطعــام الطعــام مــن الصائميــن‬ ‫للفقراء‪ ،‬واالعتكاف‪ ،‬والعمرة وغيرها‬ ‫من أعمال البر والخير‪.‬‬ ‫ نعــم حــال العبــد الســهو‬ ‫والتقصيــر‪ ،‬قــال رســول هللا ﷺ‪:‬‬ ‫كل بنــي آدم خطــاء‪ ،‬وخيــر الخطائيــن‬ ‫التوابون‪ .‬رواه الترمذي والحاكم‪.‬‬ ‫إال أن المؤمن يسارع في التوبة واإلنابة إىل‬ ‫هللا تعاىل فور استشعاره ألي ذنب وقع فيه‪.‬‬ ‫ وإن أخطــر أبــواب المعاصــي إطــاق النظر‪،‬‬ ‫دون مراعاة لغضها عن محارم هللا‪ ،‬فالعينان قناتان‬ ‫تتســرب مــن خاللهمــا الشــهوات‪ ،‬إىل القلوب فتهيــج النفوس‬ ‫الضعيفة‪ ،‬وهللا ســبحانه تعاىل أمرنا في محكم تنزيله بغض‬ ‫الطرف فقال جل شأنه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِني َي ُغ ُّضوا ْ م ِۡن َأبۡ َصٰره ِۡم َو َي ۡح َف ُظــوا فُ ُر َ‬ ‫﴿قُل ّل ِۡل ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫وج ُه ۡ ۚم َذٰل َِك أ ۡز ٰ‬ ‫ك ل ُه ۡ ۚم‬ ‫ِ‬

‫‪ .1‬رمضان شــهر تكفيــر الذنوب‪ :‬جبل اإلنســان على الخطأ‬ ‫والنســيان؛ ومــا هــذا إال ليبقى منكســرا على بــاب مواله‬ ‫الكريم‪ ،‬ينال منــه المغفرة على التقصير والذنوب‪ ،‬ومن‬ ‫مواسم المغفرة والرحمات شهر رمضان المبارك‪،‬‬ ‫ روي عــن أبي هريرة رضي هللا عنــه‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪:‬‬ ‫مــن صام رمضان إيمانا واحتســابا‪ ،‬غفــر له ما تقدم‬ ‫من ذنبه‪ .‬أخرجه البخاري في صحيحه‬ ‫ وعنــه رضــي هللا عنــه‪ ،‬عــن النبــي ﷺ قــال‪ :‬الصلوات‬ ‫الخمــس‪ ،‬والجمعــة إىل الجمعــة‪ ،‬ورمضــان إىل رمضــان‪،‬‬ ‫مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائرأخرجه مسلم‬ ‫‪ .2‬رمضــان شــهر الجــود والكرم‪ :‬فــي الصحيحيــن عن ابن‬ ‫عبــاس رضــي هللا عنهمــا قــال‪" :‬كان النبــي ﷺ أجــود‬ ‫النــاس‪ ،‬وكان أجــود ما يكون في رمضــان حين يلقاه‬ ‫جبريل فيدارسه القرآن‪ ،‬وكان جبريل يلقاه كل ليلة‬ ‫من رمضان فيدارســه القرآن فلرســول هللا ﷺ حين‬ ‫يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة"‪.‬‬ ‫‪ .3‬رمضــان شــهر الجنان‪ :‬عــن أبي هريرة أن رســول هللا ﷺ‬ ‫قــال‪" :‬إذا جاء رمضــان‪ ،‬فتحت أبــواب الجنة‪ ،‬وغلقت‬ ‫َّ َّ َ َ ُ ۢ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ون ‪َ ٣٠‬وقُــل ّل ِۡل ُم ۡؤمِنَ‬ ‫ت َي ۡغ ُض ۡض َن م ِۡن َأبۡ َصٰرهِنَّ‬ ‫ٰ‬ ‫إِن ٱلل خبِري بِما يصنع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أبواب النار وصفدت الشياطين"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫َ​َ ۡ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫لمســلم‪" :‬فتحت أبواب الرحمة‪ ،‬وغلقت أبواب ويحفظن فروجهن﴾ سورة النور‪131/130.‬‬ ‫ وفي رواية‬ ‫ٍ‬ ‫ قيل لبعض الســلف‪ :‬بم يســتعان على غض البصر؟ قال‪:‬‬ ‫جهنم‪ ،‬وسلسلت الشياطين"‪.‬‬ ‫بعلمك أن نظر هللا إليك أسبق من نظرك إىل من نظرت إليه‪.‬‬ ‫حذار من المعصية في رمضان‬ ‫ إن مما ال شك فيه أن ارتكاب الذنوب والمعاصي في شهر‬ ‫رمضان أشــد منها في غيــره‪ ،‬وذلك أن رمضان شــهر فضيل‪،‬‬ ‫شــرفه هللا تعاىل على سائر الشهور‪ ،‬فهو شهر الصيام‪ ،‬نزل فيه‬ ‫القرآن‪ ،‬كما قال هللا سبحانه وتعاىل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َ ۡ ُ َ َ َ َ َّ ٓ ُ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ُ‬ ‫ٗ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫نزل فِيهِ ٱلق ۡر َءان هدى ل ِلن ِ‬ ‫ت م َِن‬ ‫ ‬ ‫اس وبيِنٰ ٖ‬ ‫﴿شــهر رمضان ٱلِي أ ِ‬ ‫ُۡ َ ٰ َ ُۡ ۡ َ‬ ‫ان ﴾‪ .‬البقرة ‪158‬‬ ‫ٱلهدى وٱلفرق ِ ۚ‬ ‫ وهو الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنة‪ ،‬وتغلق فيه أبواب‬ ‫النار‪ ،‬وتصفد فيه الشــياطين‪ ،‬وهو الشــهر الذي يدعو فيه داع‬ ‫كل ليلة‪" :‬يا باغي الخير أقبل‪ ،‬ويا باغي الشر أقصر"‪ .‬كما ورد‬ ‫عن الحبيب ﷺ في األحاديث الصحيحة‪.‬‬ ‫ فمــن القبيــح بالعبد بعــد ذلــك أن يقع فــي المعصية‪،‬‬

‫(إحياء علوم الدين‪)129/5 ،‬‬

‫ ولهذا ننصح الناس دائمــا بالصحبة الصالحة‪ ،‬وااللتحاق‬ ‫بمركــز الدعــوة اإلســامية إذ إن اإلخــوة الدعــاة يتعاونــون‬ ‫ويتواصون بطاعة هللا والبعد عن معاصيه‪ ،‬وغض البصر عن‬ ‫محارم هللا تعاىل‪ ،‬وااللتزام بسنة الحبيب المصطفى ﷺ‪.‬‬ ‫ نســأل هللا العظيــم رب العــرش العظيــم أن يعيننا على‬ ‫الصيــام والقيــام‪ ،‬وغض البصر وحفــظ اللســان‪ ،‬ويجعلنا من‬ ‫عتقاء شهر رمضان‪ ،‬وصلى هللا تعاىل على سيدنا محمد وعلى‬ ‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪25‬‬


‫ ‬

‫تأمالت تربوية‬

‫وشــبكات التواصل نفســها على‬ ‫وســائل اإلعالم‬ ‫لقــد فرضت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كافــة وســائط الحيــاة‪ ،‬حتــى صــارت إحــدى ضرور ُتهــا التي‬ ‫خرجت عن وظيفتها‬ ‫ولكنها مع ذلك‬ ‫يصعب‬ ‫ْ‬ ‫االستغناء عنها‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫اإليجابيــة فــي بعــض جوانبهــا إىل جوانب ســلبية لهــا أثرها‬ ‫أفقــا من االطالع على‬ ‫على الناشــئة واألجيــال‪ ،‬مما فتح لهم ً‬ ‫عما هم له محتاجون‬ ‫فص َر َف ُه ْم ّ‬ ‫مــا ليس لهم به من حاجــةٍ ‪َ ،‬‬ ‫ســببا في تشــتيت أذهانهــم وإثارة‬ ‫وبــه ملزمــون‪ ،‬فكان ذلك‬ ‫ً‬ ‫عواطفهــم ووقوعهم في االنحرافــات الموجهة باإلعالم وغير‬ ‫الموجهة‪.‬‬ ‫ ‬

‫ واأللعــاب اإللكترونيــة وغيرهــا‪ ،‬أفالم الكرتــون بتحديد‬ ‫استخدامات عروض أفالم الكرتون‪.‬‬ ‫(‪ )3‬برامــج التلفزيــون ومســرحيات األطفــال واســتخدامات‬ ‫عــروض المســرحيات وقنوات األناشــيد التــي تعمل بال‬ ‫توقف طيلة اليوم والليلة‪.‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫الشيخ‬ ‫الحبيب‬ ‫أبي بكر‬ ‫العدني‬ ‫ابن علي‬ ‫المشهور‬ ‫حفظه الله‬

‫(‪ )4‬الفيســبوك والتويتر‬ ‫وأشباهه‪ ،‬واســتخدام برامج‬ ‫شــبكات التواصــل‪ ،‬ومنهــا‬ ‫الوتسآب وأمثاله‪ ،‬بكافة آثارها‬ ‫السلبية‪.‬‬ ‫ هذه الوســائل هي المسؤولة‪،‬‬ ‫مســؤولية مباشــرة على تبديد‬ ‫بركــة األوقــات وإضعــاف همة‬ ‫البنيــن والبنــات فــي االلتــزام‬ ‫باألعمــال الصالحــة والطاعــات‪،‬‬ ‫وإضعــاف همــم الناشــئة فــي‬ ‫التعليم والتربية وفي كافة أنشطة‬ ‫الحياة العلمية واالجتماعية‪.‬‬ ‫ إضافــ ًة إىل وســائل أخــرى ســبقت‬ ‫أجهزة اإلعالم وهي إعادة صياغة المناهج التعليمية‬ ‫صياغ ًة موجه ًة بعقول وأفكار الساسة ا ْلمنتمين إىل العلمانية‬

‫ّ‬ ‫النماذج السلبية‬ ‫من‬ ‫وسائل اإلعالم‬

‫ولخطــورة األمــر‬ ‫نحدد‬ ‫فــي تربيــة الناشــئة ّ‬ ‫ترشــيد‬ ‫األمــور ا ّلتــي يجب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الناشئةِ فيها‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫(‪ )1‬الكمبيوتــر‪ ،‬وكيفيــة‬ ‫استخدامه‪.‬‬ ‫(‪ )2‬واآليبــاد‪ ،‬باســتخداماته‬ ‫وآثــاره النفســية والصحيــة‪،‬‬ ‫وأثرهــا الســلبي فــي القيــم‬ ‫واألخــاق والمبــادئ وما يشــوبها‬ ‫مــن شــوائب الهتــك واللغــة العاطفية‬ ‫المشــينة والحركات المثيرة‪ ،‬ويقاس على‬ ‫هذه األجهزة ما تبقى من الوسائل المشابهة‬

‫وشبكات التواصل‬

‫‪26‬‬


‫فــي الصدر أو الظهر أو مؤخر الجســم ســواء باللغــة العربية أو‬ ‫والليبرالية واإللحاد وغيرها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْال ُمعالجة ْال ُم َت َد ِّر َجة ّللن ِاشئة َ‬ ‫أي لغــة أجنبية‪ ،‬والمالبس الحاوية على صور النســاء ورســوم‬ ‫أمام الوسائل اإلعالمية‬ ‫ّ‬ ‫مربــي علــى ُحســن معالجة الناشــئ العواطف الجياشة كالقلوب والشفاه وما شابهها‪.‬‬ ‫أهــم مــا ُيســاعِ د ا ْل‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مربي إىل‬ ‫والناشــئة‬ ‫ُ‬ ‫حســن الترشــيد والتوجيه مــع متابعــة ا ْل ّ‬ ‫واألم أن يتكلفوا الْمشاهد َة لبعضها‬ ‫فعلى المربي واألب ّ‬ ‫واألم فــي األســرة‪ ،‬وتكــون ا ْلمتابعــة علــى صفة‬ ‫جانــب األب ّ‬ ‫مع األطفال‪ ،‬وحيثما ظهر الْموقف الْمدســوس ين ّبهه‬ ‫التوجيه ال ا ْلمنع ا ْلمباشر‪ ،‬والتوجيه يطبق بالطريقة التالية‪:‬‬

‫ً‬ ‫ّأول‪:‬‬

‫مقدمة عن األخالق الشــرعية‪ ،‬وما يجــب علينا فع ُله‪،‬‬ ‫وضــع ّ‬ ‫تركه‪ ،‬والثواب ا ْلمر ّتبــة على ذلك من خالل‬ ‫ومــا يجب علينــا ُ‬ ‫دراسة وسائل التلقي والترقي والتوقي‪.‬‬

‫ً‬ ‫ثانيا‪:‬‬

‫ رفع مســتوى اإلحســاس با ْلمســؤولية في الفــرد‪ ،‬بدليل‬ ‫ُول َع ْن َرعِ َّي ِتهِ ‪.‬صحيح البخاري‪،‬‬ ‫اع‪َ ،‬و ُكلُّكُ ْم َم ْسئ ٌ‬ ‫قوله ﷺ‪ُ :‬كلُّكُ ْم َر ٍ‬ ‫‪ .893 ،309/1‬ورعية الفرد جوارحه‪.‬‬

‫ً‬ ‫ثالثا‪:‬‬

‫لذلك‪.‬‬ ‫ضابــط‬ ‫وضع‬ ‫وأمــا شــبكات التواصل فيلــزم‬ ‫مكتوب‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مــع حامل الجــوال من األبنــاء والبنــات يحتوي على‬ ‫الشروط التالي‪:‬‬ ‫شــكرا لنعمة هللا الّذي أنعم به‬ ‫ِســتعم ِل الجها َز‬ ‫(‪ )1‬ا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫عليك باالستفادة وحسن التواصل‪.‬‬ ‫(‪ )2‬الجهــاز يجمع بين عنصــري الخير والشــر مثل‬ ‫العقل والقلب في اإلنسان‪ ،‬فالناش ُئ الخي ُر يبحث‬ ‫في الجهــاز عن الخير فيثاب‪ ،‬والناشــ ُئ الشــري ُر‬ ‫والشرير ُة يبحثان عن الش ّر فيؤثمان ويعاقبان‪.‬‬ ‫(‪ )3‬أتعهد بأن أســتخدم الجها َز فيمــا ينفعني فقط‪،‬‬ ‫خالفــت فأنــا‬ ‫وإن‬ ‫أســتحق العقوبــ َة ومصــادر َة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الجهاز‪.‬‬ ‫(‪ )4‬حمــل الجهاز مســؤولي ٌة بيــن الحامل لــه وقيم‬ ‫الديانــة‪ ،‬وبمقــدار توظيفــه فــي الْملهيــات‬ ‫والْمحرمات يبعد‬ ‫القلب عن هللا تعاىل وعن أدب‬ ‫َ‬ ‫الديانة‪.‬‬ ‫(‪ )5‬أســتغفر هللا تعــاىل مــن كل خطــ ٍأ يحصل مني‬ ‫في اســتخدام الجهاز‪ ،‬وأنوي أن ال أسخره ّإل فيما‬ ‫أحتاج إليه من عمل الخير‪.‬‬ ‫(‪ )6‬التوقيع أو االسم والشهود‪.‬‬

‫ــئ مــن االنشــغال الدائم‬ ‫ يمنــع‬ ‫واألم َّ‬ ‫واألب ُّ‬ ‫الن ِاش َ‬ ‫المربــي ُ‬ ‫ُّ‬ ‫بســلبيات األعالم وشــبكات التواصــل‪ :‬أل َّنها لم يســخرها هللا‬ ‫لذلــك‪ ،‬وإ َّنما ســخرها للنفع واإلفادة‪ ،‬ولكن الشــيطان وجنوده‬ ‫إيجابي فــي اإلعالم ال‬ ‫كل‬ ‫وألن َّ‬ ‫يســخرونها للفســاد واإلفســاد‪َّ ،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫إيجابية‬ ‫ولكن بعد علمهــم بأ َّنها‬ ‫ُي ْم َن ُع منه الناشــئ والناشــئة ْ‬ ‫ّ‬ ‫بعد المالحظة عليها‪.‬‬ ‫مثل قــد يكون المعروض بهــا فِ ْل ًما عن‬ ‫ فأفــام الكرتون ً‬ ‫ينبه الناشــ ُئ والناشــئ ُة من‬ ‫الحيوانــات في الغابة‪ ،‬فيجب ْأن ّ‬ ‫مخالفــة بعــض المقاطــع لــأدب القيــم كالحــوار العاطفــي‬ ‫مصحوبــا با ْلموســيقي وا ْلمناظر‬ ‫ا ْلمصطنــع بيــن الجنســين‬ ‫ً‬ ‫أيضا أفالم العنــف والدم وا ْلمغامرات‬ ‫واأللوان ا ْلمؤثــرة‪ ،‬ومثلها ً‬ ‫الخطيرة التي تبث الرعب والخوف‪.‬‬ ‫واألم في األســرة على‬ ‫ ‬ ‫وأهــم ما في األمر موافقة األب ّ‬ ‫ّ‬ ‫أحد‬ ‫ ومثلها أفالم الســحر وحكايــات الســحرة وتأثيرهم على توحيــد ا ْلمعالجــة وا ْلموقــف من الوســائل‪ ،‬فــإن اختلف ٌ‬ ‫تحويل الكائن إىل شــيء آخر‪ ،‬أو الصور والرســوم ا ْلممســوخة‪،‬‬ ‫ــع ْت شــق ُة الخــداع من األبنــاء والبنات‬ ‫منهمــا عن اآلخر َّ‬ ‫توس َ‬ ‫كتحويل اإلســفنج إىل كائن حي ّ‬ ‫يتلفظ بألفاظ مخالفة آلداب للوالدين واألسرة‪.‬‬ ‫اإلسالم أو تشكيالت الصلصال‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫ ومنهــا دعايات المعروضات الجريئــة كالمالبس الضيقة‬ ‫والعارية وشبه العارية للنساء والمالبس المحتوية على كتابات‬

‫‪27‬‬


‫من الظلامت إىل النور‬

‫ﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﯿﺮﯾﮥ اﻟﺒﺴﯿﻄﮥ ﻓﯽ ﺷﻬﺮ‬ ‫محمد إبراهيم الرتمذي‬

‫أيها اإلخوة الكرام!‬ ‫مــن المعروف أن شــهر رمضان الكريم هو شــهر الخير والكرم‬ ‫والجــود واإلحســان بيــن المســلمين‪ ،‬وهــم يغتنمــون هــذه‬ ‫اللحظات المباركة في التقرب إىل هللا تعاىل باألعمال الصالحة‪،‬‬ ‫ويتاجرون مع هللا تجارة رابحة؛ ألن الحســنة تضاعف فيه إىل‬ ‫سبعمائة ضعف‪ ،‬والفرض فيه يعادل أجر سبعين فرضا فيما‬ ‫ســواه‪ ،‬والنفل بأجر الفريضة‪ ،‬كما ورد في الحديث الشــريف‪:‬‬ ‫تقرب فيه‬ ‫قــال رســول هللا صلى هللا تعاىل عليه وســلم‪« :‬مــن ّ‬ ‫(أي‪ :‬فــي شــهر رمضــان) بخصلة مــن الخيــر‪ ،‬كان كمن أدى‬ ‫فريضــة فيمــا ســواه‪ ،‬ومــن أدى فيــه فريضــة كان كمن أدى‬ ‫سبعين فريضة فيما سواه‪ .‬صحيح ابن خزيمة‪191/3 ،‬‬ ‫أيهــا األحبة! هناك أعمال بســيطة في شــهر رمضان الكريم‬ ‫حين نقوم بها في هذا الشهر تعود علينا بالخير الوفير والنعم‬ ‫والعطاء الجزيل‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪28‬‬


‫ومخاط وبصاق وتــراب وحجر وقمامة ونحوها من كل‬ ‫االنبساط في النفقة‬ ‫قــال رســول هللا صلــى هللا تعاىل عليه وســلم‪« :‬انبســطوا في ما يقذره‪ .‬فيض القدير‪ ،‬للمناوي‬ ‫النفقــة في شــهر رمضان‪ ،‬فــإن النفقة فيــه كالنفقة في وأخيــرا نســأل هللا ســبحانه وتعــاىل أن يوفقنــا وإياكم‬ ‫للعمــل بهذه األعمــال البســيطة وســائر الطاعات وأن‬ ‫سبيل هللا‪ .‬موسوعة ابن أبي الدنيا‪،‬‬ ‫يغفر لنا بال حساب وال عذاب‪ ،‬آمين بجاه النبي األمين‬ ‫استغفار المالئكة للمؤمنين‬ ‫عن ســيدنا ســلمان الفارســي رضــي هللا تعاىل عنه قــال‪ :‬قال صلى هللا تعاىل عليه وآله وصحبه وسلم‬ ‫رســول هللا صلــى هللا تعــاىل عليه وســلم‪« :‬من فطــر صائما‬ ‫على طعام‪ ،‬وشــراب من حالل‪ ،‬صلــت عليه المالئكة‬ ‫في ســاعات شــهر رمضان‪ ،‬وصلى عليــه جبريل عليه‬ ‫السالم في ليلة القدر‪ .‬المعجم الكبير‬ ‫ســبحان هللا! مــا أعظــم هــذه الرحمــة! وما أجمــل هذا‬ ‫العطــاء مــن هللا ســبحانه وتعــاىل! أن مــن يفطــر صائما‬ ‫في شــهر رمضــان المبارك أي‪ :‬يطعمه ويســقيه ولو على‬ ‫مذقة لبن أو تمرة أو شــربة ماء فســتصلي عليه مالئكة‬ ‫الرحمن أي‪ :‬تســتغفر له في شــهر رمضــان كله‪ ،‬ويصلي‬ ‫عليه جبريل عليه الصالة والســام ليلة القدر‬

‫‪‬‬

‫ثواب إفطار المسلم ألخيه الصائم‬ ‫قــال رســول هللا صلــى هللا تعاىل عليه وســلم‪ :‬من أشــبع فيه‬ ‫صائما ســقاه هللا من حوضي شــربة ال يظمأ حتى يدخل‬ ‫الجنة‪ .‬صحيح ابن خزيمة‬

‫الدعاء عند اإلفطار‬ ‫قال رســول هللا صلــى هللا تعاىل عليه وســلم‪ :‬إن للصائم عند‬ ‫فطره لدعوة ما ترد‪ .‬سنن ابن ماجه‬

‫فضل ذكر الله تعالى‬ ‫قــال رســول هللا صلــى هللا تعاىل عليــه وســلم‪ :‬ذاكر هللا في‬ ‫رمضان يغفر له‪ ،‬وسائل هللا فيه ال يخيب‪ .‬المعجم األوسط‬

‫بيت في الجنة‬

‫قال رســول هللا صلى هللا تعاىل عليه وســلم‪« :‬من أخرج‬ ‫أذى مــن المســجد‪ ،‬بنى هللا له بيتا في الجنة» ‪ .‬ســنن‬ ‫ابــن ماجه قال العالمة عبد الرؤوف المناوي رحمه هللا‬ ‫تعاىل في شــرح قوله صلى هللا تعاىل عليه وســلم‪« :‬من‬ ‫أخرج أذى من المسجد» نجس أو طاهر كدم وزرق طير‬ ‫‪29‬‬


‫ ‬

‫فــضـل الــعـلم‬

‫وأهــميـتــه‬

‫العلمــاء ورثــ ُة‬ ‫وإن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫األنبياء‬ ‫وإن‬ ‫األنبياءِ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫دينارا وال‬ ‫لم ُي َو ِّرثــوا‬ ‫ً‬ ‫درهمــا‪ ،‬إ ّنمــا َو ّرثــوا‬ ‫ً‬ ‫العلــم‪ ،‬فمــن أخذه‬ ‫َ‬ ‫بحظ وافر‪.‬‬ ‫أخذ ٍّ‬

‫(سنن أبي داود‪)444/3 ،‬‬

‫ــب علينــا‬ ‫النقــل وغيرهــا و َل َص ُع َ‬ ‫العيش والتواصل مع من هم مثلنا‬ ‫من بني البشــر كما هو فــي واقعنا‬ ‫المعروف‪.‬‬ ‫‪ .4‬العلم ساعدنا على اكتشاف ما يحيط‬ ‫والمجرات‬ ‫بنا من الكواكب والنجوم‬ ‫ّ‬ ‫حيث لم نكن علــى دراية بها‪ ،‬وهو‬ ‫فســر لنا مظاهــر كونية عديدة‬ ‫ما ّ‬ ‫كانت بالنســبة لمن سبقونا مبهمة‬ ‫وخطيرة‪.‬‬ ‫نجاحا‬ ‫‪ .5‬يعتبــر العلم الذريعة األكثر‬ ‫ً‬

‫أهمية كبيرة‬ ‫العلــم نعمة عظيمة ولهــا ّ‬ ‫للبشــر ك ّلهــم‪ ،‬ومعلــوم أن المجتمعــات‬ ‫واألقوام تقاس بالعلم‪ ،‬العلم بحر عظيم‬ ‫عــد وال يحصى من‬ ‫يحتــوي علــى ما ال ُي ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫الــدرر الثمينــة‪ ،‬ولــم يخطئ من شــبهه‬ ‫ّ‬ ‫ِيــن ل َي ْعل ُمــون ۗ إِن َمــا َي َتذك ُر أولو‬ ‫َوال‬ ‫جــدا‪ ،‬ال أحد ْ َ ْ‬ ‫بذلــك فهــو مجــال وســيع ً‬ ‫اللَابِ﴾ الزمر‪.9 :‬‬ ‫يدرك نهايته‪ ،‬وهو غني بما يحتويه من‬ ‫أنوار ومعــارف تفوق في قيمتها الجواهر أهمية وجود العلم‬ ‫بني املعلم واملتعلم‬ ‫النفــوس‬ ‫والــدرر‪ ،‬فالعلم ينور العقــل ا ّلذي ال أحد ‪ .1‬يهــذَّ ب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫فيستقيم على بصيرة‬ ‫قدر‬ ‫يقدر ْأن يشــتريه بثمن‪ ،‬وألنه يرفع َ‬ ‫وعلم صحيح‪ ،‬و ُتصقل‬ ‫اإلنسان ويزيد من قيمته‪ ،‬ولذا يلزم على‬ ‫بالتفكيــر‬ ‫العقــول‬ ‫اإلنســان ْأن يســعى ويســهر ويتعــب من‬ ‫لألفضل‪ ،‬والعلم المحمود‬ ‫أجــل تحصيلــه دون كلل أو ملــل‪ ،‬وفي‬ ‫ْ‬ ‫عرف العبد بخالقه‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫هو‬ ‫هذه الســطور القليلة نبــذة عن «فضل‬ ‫ُ ّ‬ ‫ويقربــه منــه‪ ،‬بحيث ينظر‬ ‫العلم وأهميته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بــه إىل هــذا العالم الواســع وما‬ ‫رتب‬ ‫ـخاصا إىل ِ‬ ‫كــم يرفـ ُـع العلم أشـ ً‬ ‫يحتويــه مــن مظاهــر وعجائب‬ ‫أدب‬ ‫ويخفـ ُ‬ ‫ـض الجهــل أشــرافًا بــا ِ‬ ‫فيفسرها بدقة‪.‬‬ ‫كونية بديعة‬ ‫ّ‬ ‫فضل العلم‬ ‫المجتمع من األكاذيب‬ ‫العلم‬ ‫إرث األنبيــاء‪ ،‬والدليــل على ‪ .2‬يخلص ُ‬ ‫َ‬ ‫ العلــم ُ‬ ‫واإلضالل والخداع‪ ،‬ويكسبه طريقة‬ ‫ذلــك ما جاء في الحديث الشــريف الذي‬ ‫ناقــدة لمعرفــة الغثيــث والثمين‪،‬‬ ‫طريقا‬ ‫قال فيه رسول هللا ﷺ‪« :‬من سلك‬ ‫ً‬ ‫واالطالع على حقائق األمور‪.‬‬ ‫طريقا‬ ‫علما‪ ،‬ســلك هللاُ بــه‬ ‫ً‬ ‫يطلــب فيه ً‬ ‫ُ‬ ‫وتيسير‬ ‫الحياة‬ ‫ارتقاء‬ ‫أســاس‬ ‫العلم‬ ‫‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪3‬‬ ‫للقضاء على‬ ‫تضع‬ ‫طــر ِق َّ‬ ‫وإن المالئكــ َة َل ُ‬ ‫الجنــةِ ‪َّ ،‬‬ ‫من ُ‬ ‫األمور فيها على نح ٍو يكفل النجاح‪،‬‬ ‫الثالوث القاتل (الجهل‬ ‫رضا بما يصنع‪،‬‬ ‫لطالب‬ ‫أجنحتها‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫العلــم ً‬ ‫المخترعــات‬ ‫وجــدت‬ ‫مــا‬ ‫فلــواله‬ ‫والفقــر والمــرض)‪ ،‬إذ أنــه بالعلــم‬ ‫ِ‬ ‫السموات‪،‬‬ ‫يستغفر له َمن في‬ ‫العالم َل‬ ‫وإن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تمــت‬ ‫وال‬ ‫المفيــدة‬ ‫الحديثــة‬ ‫يمكن التخلص من الفقر والعطالة‪،‬‬ ‫جوف‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫ومــن فــي‬ ‫والحيتــان فــي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫االكتشافات النافعة كاإللكترونيات‬ ‫وبالعلــم يتــم التــداوي‪ ،‬وبالعلــم‬ ‫العالم على العابدِ‬ ‫كفضل‬ ‫فضل‬ ‫وإن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الماءِ‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وأدوات التواصــل وطــرق وســائل‬ ‫تستنير الحياة لإلنسان‪.‬‬ ‫الكواكب‪،‬‬ ‫القمــ ِر ليلــ َة البد ِر علــى ســائ ِر‬ ‫ِ‬ ‫تحث‬ ‫آيات ُّ‬ ‫ كذلــك ْ‬ ‫وردت في القرآن ٌ‬ ‫علــى العلــم والمعرفة‪ ،‬ومن ذلــك قوله‬ ‫ْ‬ ‫َُْ َ ّ ْ‬ ‫ب زِد ِن عِل ًما﴾‪.‬طه‪114 :‬‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬وقل ر ِ‬ ‫ُْ َْ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وقولــه تعاىل‪﴿ :‬قل هل يستوِي الِين يعلمون‬

‫‪30‬‬


‫الذي نصل به إىل ما نرغب‪.‬‬ ‫طرق طلب العلم‬ ‫طلب العلم فرض على كل مسلم‪ ،‬الثالث‪ :‬مرافق ُة أهل العلم وصحبة‬ ‫العلماء لالستفادة منهم وأخذ ما يفيدنا‪،‬‬ ‫منا أن يسعى لتحصيله‬ ‫فعلى كل ّ‬ ‫وخصوص ًا ما يلزمه في استمرار حياته فهناك األربطة اإلســامية تحت رعاية‬ ‫مركــز الدعوة اإلســامية التي تنتشــر‬ ‫بشكل أفضل وأنجح وال نجاح إال‬ ‫أهم‬ ‫بحمد هللا في دول ّ‬ ‫شــتى‪ ،‬وهي من ّ‬ ‫بالعلم‬ ‫مراكــز التعليــم الدينــي وتحصيــل‬ ‫العلــوم اإلســامية مــن خــال‬ ‫صحبة العلماء ومجالستهم‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬حضور المحاضرات‬ ‫العلميــة واالجتماعــات‬ ‫َ‬ ‫أيضــا‬ ‫ــة‬ ‫الروحاني‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ســبيل ســهل‬ ‫فهــي‬ ‫ٌ‬ ‫لتحصيــل العلــم‪،‬‬ ‫والحمد لله يتم عقد‬ ‫االجتماع األســبوعي‬ ‫والــدروس والحلقــات‬ ‫فــي المســاجد لهــذا‬ ‫أبو إبراهيم محمد أنيس اليماين‬ ‫الغــرض وغيــره وبرعاية‬ ‫مركــز الدعــوة اإلســامية‪،‬‬ ‫فمــن المهــم لنــا ْأن نشــارك فيها‬ ‫ونستفيد منها‪.‬‬ ‫ الخامــس‪ :‬االســتفاد َة مــن‬ ‫والعمل به‪ .‬التكنولوجيــا الحديثــة كاإلنترنــت‬ ‫وسائل طلب العلم وغيرها فــي تحصيل العلــم والمعرفة‪،‬‬ ‫األ ّول‪ :‬هــو‬ ‫الســفر‪ ،‬إذ هــو وعلــى األقــل علينــا أن نغتنــم واحــدة‬ ‫ُ‬ ‫مِ ــن ســبل تحصيــل العلــم من هــذه الطرق التي يجب أن ننتهجها‬ ‫والتخصص فيه‪ ،‬وبحمد هللا يحرص لتحقيــق الثقافــة والدرايــة لنــا كأفراد‪،‬‬ ‫مركز الدعوة اإلسالمية على نشر الدين لننفع أنفســنا ومجتمعاتنا أيضاً؛ فبنور‬ ‫وترويج العلم وتعليمه من خالل إرســال العلم الذي ينعكس على األفراد تترقى‬ ‫بقية‬ ‫قوافل دعوية تســافر في سبيل هللا في وتتحسن المجتمعات وتزدهر بين ّ‬ ‫أنحاء العالم‪.‬‬ ‫أقوام العالم‪.‬‬ ‫ الثاني‪ :‬القراءة وكثرة المطالعة فهي‬ ‫أخي القارئ!‬ ‫ُ‬ ‫مفتاح أبــواب العلوم كاف ًة‪ ،‬وهي الطريق هــذه بعض وســائل تحصيل العلم‬

‫التي يمكن أن يلزمها اإلنسان ليتعلم‪.‬‬ ‫ وهذه هي نبذة سريعة وموجزة عن‬ ‫والبد من التنويه‬ ‫فضــل العلم وأهميته‪ّ ،‬‬ ‫إىل أ ّنه ال يمكــن للعلم أن يبني َأ ْبنِ َية أو‬ ‫ْأن يطــ ّور الحضــارات والمجتمعات‪ ،‬دون‬ ‫طبق ما تع ّلمناه فع ًال‪ ،‬فالعلم ليس‬ ‫ْأن ُن ّ‬ ‫ثم‬ ‫كتابا ُيقــرأ مع فنجان قهــوة ُ‬ ‫للمتعة ّ‬ ‫ً‬ ‫ُينسى! بل هو للعمل والتطبيق‪،‬‬ ‫وأما المنهج فهو كما قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫اك ْب ُن ُم َز ِ‬ ‫اح ٍم رحمه هللا تعاىل‪:‬‬ ‫الض َّح ُ‬ ‫سيدنا َّ‬

‫اب ِم َن‬ ‫َأ َّو ُل َب ٍ‬ ‫الص ْم ُت‪،‬‬ ‫ا ْل ِع ْل ِم‪َّ :‬‬ ‫الث ِاني‪ْ :‬اس ِت َم ُاع ُه‪،‬‬ ‫َو َّ‬ ‫الثا ِل ُث‪ :‬ا ْل َع َم ُل‬ ‫َو َّ‬ ‫الرا ِب ُع‪َ :‬ن ْش ُر ُه‬ ‫ِب ِه‪َ ،‬و َّ‬ ‫يم ُه ‪.‬‬ ‫َو َت ْع ِل ُ‬ ‫الجامع ألخالق الراوي‪315 /129 ،‬‬

‫ ويتــ ّو ج هــذا العمــل باإلخــاص‬ ‫ليحظــى العالــم بعــد العمــل بالقبــول‬ ‫والرضــى عنــد ّربــه الــذي وهبــه العقل‬ ‫ليتعلــم‪ ،‬وأعطــاه القوة ليعمــل‪ ،‬وجعل‬ ‫فيه روح السعي والتنافس نحو األهداف‪،‬‬ ‫وال أعلى وأسمى من إرضاء هللا بما وهبه‬ ‫لعبده‪.‬‬ ‫نافعــا وعمــ ًا‬ ‫ ‬ ‫اللهــم ارزقنــا علمــ ًا ً‬ ‫كل داء‪ ،‬آمين والحمد‬ ‫متقب ًال وشفاء من ّ‬ ‫لله رب العالمين‬ ‫‪‬‬

‫‪31‬‬


‫أحداث ووقائع‬

‫هم أ‬ ‫أ� ّ‬ ‫الحداث‬ ‫الواردة في رمضان‬

‫الشيخ فارس عمران‬

‫ الحمد لله المنعم على عباده بنعمائه والصالة والســام على أشــرف رســله وأنبيائه ســيدنا وموالنا محمد‬ ‫وعلــى آلــه وأصحابه أجمعين ّأما بعد‪ :‬فلما كانت األحداث التي حدثــت في رمضان كثيرة ولها أهميتها وموقعها‬ ‫في تاريخنا اإلسالمي وكان من المستحسن االطالع عليها أحببنا أن نذكر أهم ما حدث في هذا الشهر المبارك‪.‬‬ ‫ إن من أعظم األحداث التي وقعت في رمضان هو نزول القرآن الكريم‬ ‫فيه‪ ،‬وأي شرف أعظم من هذا الشرف‪.‬‬ ‫ ‬

‫َّ َ ْ ْ‬ ‫َ َ َّ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫قال هللا تعاىل‪َ :‬ش ْ‬ ‫ــه ُر َر َمضان الِي أن ِزل فِيهِ الق ْرآن (البقرة‪ )185 :‬وقال‪ :‬إِنا أن َزلَاهُ ِف لْلةِ الق ْد ِر‬

‫نزول القرآن‬

‫(القدر‪ )1 :‬يقول اإلمام السيوطي رحمه هللا‪ :‬أنه نزل إىل سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة‪،‬‬ ‫ثم نزل بعد ذلك‬ ‫منجما في ثالثة وعشرين سنة وهو األصح واألشهر‪( .‬انظر اإلتقان في علوم‬ ‫ً‬ ‫القرآن ص ‪.)54‬‬

‫تشريع األذان‬

‫ وفــي رمضــان بــدأ العمل بشــعيرة األذان من الســنة األوىل للهجــرة‪ ،‬هذه‬ ‫الشــعيرة التي يتردد صداها في كل مكان معلنة أســمى معان التوحيد واإليمان‪.‬ورد‬ ‫اهتم النبي ﷺ للصالة‪ ،‬كيف يجمع النــاس لها؟‪ ...‬فانصرف عبد هللا بن‬ ‫فــي الحديــث‪ّ :‬‬ ‫لهم رسول هللا ﷺ‪ ،‬فأُري األذان في منامه‪ ...‬فقال له‪ :‬يا رسول‬ ‫زيد بن عبد ّربه وهو‬ ‫مهتم ّ‬ ‫ّ‬ ‫هللا! إ ّنــي لبيــن نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني األذان‪ ،‬فقال ﷺ‪ :‬يا بالل! قم فانظر ما‬ ‫ملتقطا ‪.)120 :1‬‬ ‫فأذن بالل‪( .‬سنن أبي داود‬ ‫يأمرك به عبد هللا بن زيد‪ ،‬فافعله‪ ،‬قال‪ّ :‬‬ ‫ً‬

‫ غــزوة بــدر الكبرى هي أحد أهم األحداث في تاريخنا اإلســامي على‬ ‫اإلطــاق‪ ،‬ومن المعارك الفاصلة في تاريخ هذه األمة‪ ،‬وفي الســنة الثانية من هجرة‬ ‫المصطفــى ﷺ حدثــت هــذه المعركة‪ ،‬فكانــت عالمة فارقــة في تاريخ المســلمين‪ ،‬إذ‬ ‫كانت أوىل المعارك التي خاضوها مع من ســاموهم ســوء العذاب وأخرجوهم من ديارهم‬ ‫وأوطانهم‪ ،‬ولقد تجلى في هذه المعركة من معاني التأييد اإللهي والنصر الرباني لعباده‬ ‫مكابر ويرد به كل معاندٍ ‪( .‬انظر سيرة ابن هشام ‪.)607/1‬‬ ‫لج ُم به كل‬ ‫ٍ‬ ‫المؤمنين ما ُي َ‬

‫‪32‬‬

‫غزوة بدر الكبرى‬


‫مشروعية الزكاة‬

‫وط ْعمة للمســكين في شــهر‬ ‫‏طهر ٌة للصائم‪ُ ،‬‬ ‫ُف ِرضــت زكاة الفطــر التي هي ُ‬ ‫رمضان المبارك‪ ،‬ففي الزكاة تترســخ معاني التكافل االجتماعي‪ ،‬إذ يعتاد بها الغني‬ ‫على اإلنفاق والعطاء والسخاء‪ ،‬واالهتمام بشؤون المسلمين ومساعدة الفقراء والمساكين‪،‬‬ ‫وقد شرعت في السنة الثانية من الهجرة‪ ،‬كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير رحمه هللا فقال‪:‬‬ ‫وفيها فرضت الزكاة ذات النصب‪ ،‬وفرضت زكاة الفطر‪( .‬انظر البداية والنهاية البن كثير ‪)57/2‬‬

‫وقــد جاء تشــريع صالة العيــد مع تشــريع زكاة الفطر في نفــس العام مع‬ ‫فرضية صيام شهر رمضان‪( .‬انظر «عيون األثر» البن سيد الناس (‪.)276 /1‬‬ ‫ العيد في األصل عادة من العادات‪ ،‬وقد جعله الشرع الشريف فرحة دينية كما قال‬ ‫ســيدنا أنس بن مالك رضي هللا عنه‪ :‬قدم رســول هللا صلى هللا عليه وسلم المدينة و لهم‬ ‫يومــان يلعبون فيهما فقال‪ :‬ما هــذان اليومان؟ قالوا‪ :‬يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية‬ ‫فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إن هللا قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم األضحى‬ ‫ويوم الفطر‪ .‬رواه أحمد وأبو داود والنسائي‬

‫زواج النبي ﷺ بزينب‬

‫مشروعية صالة العيد‬

‫الســيدة زينــب بنت خزيمة رضي هللا عنها كانت كريمة ســخية من أكثر‬ ‫وجودا‪ ،‬ففي شذرات الذهب البن العماد قال‪:‬‬ ‫أزواج النبي صلى هللا عليه وسلم سخاء‬ ‫ً‬ ‫(وفيها‪ -‬يعني السنة الثالثة‪ -‬دخل بزينب بنت خزيمة العامرية‪ ،‬أم المساكين‪ ،‬وعاشت‬ ‫عنده ثالثة أشهر ثم توفيت)‪ ،‬وكانت زينب بنت خزيمة رضي هللا عنها أجودهن؛ يعني‬ ‫أزواج النبي صلى هللا عليه وســلم وأبرهن باليتامى والمســاكين‪ ،‬حتى كانت تعرف بأم‬ ‫المساكين) شذرات الذهب ‪119/1‬‬

‫ وقعفتحمكةفيشهررمضانالمبارك‪،‬وذلكبعدماانتهكتقريشلعهدها‬ ‫جيشا من‬ ‫التي وقعته في صلح الحديبة فجهز سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ً‬ ‫عشرة آالف رجل لفتح مكة‪ ،‬فدخلوا مكة دون قتال‪ ،‬وتجلت في هذه الحادثة عظم رحمة‬ ‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فها هو يلتقي بقومه الذين كذبوه وآذوه وأخرجوه من ديارهم‪،‬‬ ‫منتصرا‪ ،‬دانت له العرب كلها‪ ،‬فما كان‬ ‫فاتحا‬ ‫وحوله كل أســباب القوة والمنعة فقد دخل ً‬ ‫ً‬ ‫منه إال أن قابل هؤالء بالرحمة والصفح‪( .‬انظر «سيرة ابن هشام» (‪.)412 /2‬‬

‫فتح مكة‬

‫ أحبتي! هكذا كان شهر رمضان‪ ،‬فهو شهر الرحمة والغفران وكذلك هو شهر الفتوحات واالنتصارات‪ ،‬فمن هنا‬ ‫عظيما بأنه ال يتم للمسلمين نصر إال بعودتهم إىل دينهم والتزامهم بسنة نبيهم صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬ ‫درسا‬ ‫ً‬ ‫نتعلم ً‬ ‫جميل وصلى هللا على سيدنا وموالنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫ردا‬ ‫ً‬ ‫نسأل هللا سبحانه وتعاىل أن يردنا إىل دينه ًّ‬

‫‪33‬‬


‫الرتبية الروحية‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫ الحمد لله رب العالمين وأفضل الصالة وأتم التسليم على سيدنا وموالنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد‪:‬‬ ‫ لمــا كان رضى هللا ســبحانه وتعاىل أشــرف الغايات التي يســعى إليها المؤمــن‪ ،‬كان ال بد لكل مؤمن أن يكون شــديد الحرص على‬ ‫ألن هللا ســبحانه وتعاىل قد جعل الخير كله في اتباع ســنة ســيد المرســلين وإمام المتقين صلى هللا عليه‬ ‫ســامة قلبه وصالح عمله‪َّ ،‬‬ ‫ُۡ‬ ‫ُ ۡ ۡ ُ ُ َّ ُ َ َ ۡ ۡ َ ُ ۡ ُ ُ َ ُ ۡ َ َّ ُ َ ُ‬ ‫ُ ُ ۡ ُ ُّ َ َّ َ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫ون يبِبكم ٱلل ويغفِر لكم ذنوبك ۚم وٱلل غفور رحِيم ‪( ٣١‬آل عمران‪.)31 :‬‬ ‫وسلم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬قل إِن كنتم تِبون ٱلل فٱتبِع ِ‬ ‫ ولما كان باب اتباع النبي صلى هللا عليه وسلم هو الباب الوحيد الموصل إىل هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬كان الشيطان شديد الحرص على‬ ‫ويزيــن لهم طرق النار‪َ ،‬تلك الطرق التيْ قد ُح َّف ْت‬ ‫ســبل الهدى‬ ‫وصدهم عن طريق رب العالمين‪ ،‬يقف لهم على‬ ‫الترصــد بالمؤمنين‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َّ َ ُ ْ َ َ َ‬ ‫يم ‪ُ ١٦‬ث َّم َلت َِي َّن ُهم ّمِن َب ْي أيْدِيه ْم َوم ِْن َخلفِه ْم َو َعنْ‬ ‫ك ال ْ ُم ْس َتقِ َ‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫اط‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫غ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫﴿ق‬ ‫الكاذبات‬ ‫واألمنيات‬ ‫بالشهوات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ُ َ َِْ ُ َ ِ‬ ‫ََْ ْ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تد أكثهم شاك ِ​ِرين﴾‪( .‬األعراف‪.)17-16 :‬‬ ‫أيمان ِ ِهم وعن شمائِل ِ ِهم ول ِ‬ ‫كل ذلك‬ ‫ لذا تجد كثيرا من الناس قد انحرفت بهم الجادة‪ ،‬وانقطعت بهم سبل الهدى‪ ،‬وانساقوا إىل طريق الغفلة واللهو‪ْ ،‬‬ ‫ولكن مع ِّ‬

‫إىل متـــى أنـــت باللـــذات مشـــغول‬ ‫وأنــت عــن كل مــا قدمــت مســؤول‬ ‫غدا‬ ‫فــي كل يــوم ت َُر ِّجــي أن تتــوب ً‬ ‫وعقــد عزمــك بالتســويف محلــول‬

‫الشيخ فارس عمران‬

‫‪34‬‬


‫فــإن قلوبهــم ما زالت تحــن إىل العهد القديم‪ ،‬عهــد القرب من هللا‬ ‫َّ‬ ‫ســبحانه وتعاىل‪ ،‬فكلما سمعوا آية‪ ،‬اشتاقت قلوبهم إىل الرجوع إىل‬ ‫جل وعال‪،‬‬ ‫وحرك الحنين أفئدتهم إىل الموىل ّ‬ ‫هللا ســبحانه وتعاىل‪َّ ،‬‬ ‫ولكن الشــياطين التي أحاطت بهم توســوس لهم بالشر وتمنيهم‬ ‫بالتسويف‪ ،‬فيقولون غد ًا نتوب‪.‬‬

‫رمضان فرصة ونفحة‬ ‫ ولمــا كانــت الشــياطين تحيــط بالعاصيــن وتمنعهــم مــن‬ ‫الرجــوع واإلنابة إىل أرحــم الراحمين‪ ،‬كان من رحمة هللا تعاىل أن‬ ‫جعل لعباده مواسم تتكاثر فيها الخيرات‪ ،‬وتتناثر فيها األعطيات‬ ‫والرحمات‪ ،‬وتفتح فيها أبواب السماوات‪،‬‬ ‫ يقــول النبي صلى هللا عليه وســلم (إن لربكــم عز وجل في‬ ‫أيــام دهركــم نفحات‪ ،‬فتعرضوا لها‪ ،‬لعــل أحدكم أن تصيبه منها‬ ‫أبدا) رواه الترمذي الحكيم فــي النوادر‪ ،‬والطبراني‬ ‫نفحة ال يشــقى بعدهــا ً‬ ‫في األوسط من حديث محمد بن َم ْس َلمة‪.‬‬

‫ ومــن أعظم هــذه المواســم التي تكثــر فيها هــذه النفحات‬ ‫موسم شــهر رمضان‪ ،‬فهو فرصة عظيمة للرجوع إىل هللا سبحانه‬ ‫وتعاىل‪ ،‬ففيه تكون دوافع الشهوات ضعيف ًة خامدة‪ ،‬وأبواب جهنم‬ ‫مؤصدة مغ َّلقة‪ ،‬وفيه تفتح أبواب الســماء‪ ،‬وفــوق كل ذلك ُت َص َّف ُد‬ ‫فيه الشياطين وتقيد باألغالل‪.‬‬ ‫ فكمــا جاء في الحديــث عن أبى هريرة رضــي هللا عنه عن‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬إذا كانت أول ليلة من رمضان‬ ‫صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها‬ ‫باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادى مناد يا باغي‬ ‫الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك في كل‬ ‫ليلة‪ .‬رواه أحمد‪ ،18817 -‬والترمذي ‪.682‬‬ ‫«وص ِّف َد ِت‬ ‫ قــال أبــو بكر ابن العربي رحمه هللا تعــاىل ‪ (:‬قوله‪ُ :‬‬ ‫الص َفــادِ ‪ ،‬وهي اآللة ا ّلتــي تصفد بها‬ ‫الشــياطين» يعني ّ‬ ‫ّ‬ ‫شــدت في ِّ‬ ‫الغ ُّل عند العرب)‬ ‫والر‬ ‫يد بتخفيف الفاء هو ُ‬ ‫جــان‪ّ .‬‬ ‫والتصفِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اليدان ِّ‬ ‫المسالك في شرح موطأ مالك (‪.)245 /4‬‬

‫كثير من الناس‪ ،‬لماذا نرى بعض الناس يقعون‬ ‫ وقد يتساءل‬ ‫ٌ‬ ‫في المعاصي في شــهر رمضان‪ ،‬أليس الشياطين مصفد ًة في هذا‬ ‫الشهر؟‬ ‫ولكن هناك أســباب ًا أخرى دفعتهم إىل الوقوع‬ ‫ فالجواب‪ :‬نعم َّ‬ ‫في هذه المعاصي‪.‬‬ ‫ قــال اإلمــام بــدر الدين العينــي رحمــه هللا‪ :‬ويقــال تصفيد‬ ‫الشــياطين عبــارة عن تعجيزهم عــن اإلغواء وتزيين الشــهوات‪،‬‬ ‫وصفدت بضم الصاد المهملة‪ ،‬وبالفاء المشددة المكسورة أي شدت‬ ‫ِّ‬ ‫باألصفــاد وهي األغالل‪ ،‬وهو بمعنى سلســلت‪ ،‬فــإن قلت‪ :‬قد تقع‬

‫كثيرا فلو سلسلت لم يقع شيء من‬ ‫الشــرور والمعاصي في رمضان ً‬ ‫قلت‪ :‬هذا في حــق الصائمين الذين حافظوا على شــروط‬ ‫ذلــك‪ُ .‬‬ ‫الصــوم‪ ،‬وراعــوا آدابــه‪ .‬وقيل‪ :‬المسلســل بعض الشــياطين‪ ،‬وهم‬ ‫المــردة ال كلهــم كما تقدم فــي بعض الروايــات‪ ،‬والمقصود تقليل‬ ‫الشرور فيه وهذا أمر محسوس؛ فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره‪.‬‬ ‫وقيــل‪ :‬ال يلــزم من تسلســلهم وتصفيدهم كلهم أن ال تقع شــرور‬ ‫أســبابا غير الشــياطين كالنفوس الخبيثة‪،‬‬ ‫وال معصية؛ ألن لذلك‬ ‫ً‬ ‫والعادات القبيحة‪( .‬عمدة القاري‪ ،‬لبدر الدين العيني‪.)27/8 ،‬‬ ‫ نعــم قد تقود النفــوس الخبيثــة والعادات القبيحــة‪ ،‬ورفقة‬ ‫شر وسوءِ‪ ،‬وربما تكون هذه األسباب أشد عمال وأبعد‬ ‫السوء‪ ،‬إىل كل ٍّ‬ ‫تأثيــر ًا فــي إبعاد النــاس عن هللا ســبحانه وتعاىل‪ ،‬ومــع ذلك فإن‬ ‫هذه النفوس وهذه العادات تضعف في رمضان‪ ،‬فإمســاك اإلنسان‬ ‫عن شــهوتي الفــرج والبطن طوال النهار‪ ،‬يضعف منابع الشــهوات‬ ‫ويسكن النفوس‪.‬‬ ‫ وكذلــك فــإن الصيــام يعيــن اإلنســان علــى تغييــر العادات‬ ‫الســيئة‪ ،‬فترى في كثير من بالد المســلمين وللــه الحمد والمنة‪،‬‬ ‫األســر َة الواحدة مجتمعة كلها على مائدة السحور‪ ،‬وكذلك يفعلون‬ ‫والنوم‬ ‫عــدم القيام لصالة الفجــر‪،‬‬ ‫علــى الفطور‪ ،‬فمــن اعتاد على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتى ارتفاع الشــمس‪ ،‬فإن عــادات رمضان تغلب غفلته‪ ،‬فلذا فإن‬ ‫التوجه إىل‬ ‫رمضــان فرصة للتغيير‪ ،‬فرصة للتغيير على مســتوى‬ ‫ّ‬ ‫هللا ســبحانه وتعــاىل‪ ،‬وكذلك فرصة للتغيير علــى صعيد العادات‬ ‫السيئة‪.‬‬ ‫ فينبغي على كل مسلم أن يحرص على اغتنام هذه الفرصة‬ ‫أشــد الحــرص‪ ،‬والمحروم حق ًا مــن حرم هذه البــركات‪ ،‬ومنع من‬ ‫طيات‪ ،‬ولم يســتفد من هذا الموســم العظيم في الرجوع‬ ‫هذه َ‬ ‫الع َّ‬ ‫إىل رب البريات سبحانه وتعاىل‪.‬‬ ‫ وفي الحديث‪( :‬صعد النبي صلى هللا عليه وسلم المنبر‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫آمين‪ ،‬آمين‪ ،‬آمين‪ ،‬فلما نزل ســئل عن ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬أتاني جبريل‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له‪ ،‬قل‪ :‬آمين‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫آميــن‪ ،‬ورغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك‪ ،‬قل‪ :‬آمين‪،‬‬ ‫فقلت‪ :‬آمين‪ ،‬ورغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يغفر له‪،‬‬ ‫قل‪ :‬آمين‪ ،‬فقلت‪ :‬آمين) أخرجه مسلم (‪.)2551‬‬ ‫ فعــود ًا أيهــا األحبــة إىل رحاب بــاب هللا ســبحانه وتعاىل‪ ،‬فهو‬ ‫أرحم الراحمين وأكرم األكرمين‪.‬‬ ‫نســأل هللا سبحانه أن يقبل توبتنا وأن يغسل حوبتنا وأن يحسن‬ ‫ختامنــا إنه ســميع قريب مجيب‪ ،‬وصلى هللا وســلم على ســيدنا‬ ‫وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪35‬‬


‫نشاطات مركز الدعوة اإلسالمية‬

‫ّ‬ ‫االعتكاف في رمضان سنة باقية‬

‫ الحمــد لله الواهب نعمه فض ًال منه على عباده‪ ،‬والصالة‬ ‫والسالم على خير رسله وأنبيائه‪ ،‬سيدنا محمد صلى هللا عليه‬ ‫وعلى آله وأصحابه‪ ،‬ورضي هللا عن سائر التابعين والصالحين‬ ‫وجميع أصفيائه‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫ فهذا هو شهر مضان قد أقبل ونفوس الطائعين المحبين‬ ‫تتشــ ّوق إليــه لتعيش زمن النفحات والتجليــات والخلوات في‬ ‫طاعة هللا تعاىل‪..‬‬ ‫يدخل عليه هذا‬ ‫ ‬ ‫وأجمل شيء في المسلم أن ْ‬ ‫الموسم‪ ،‬ويخرج منه بالربح والقبول‪ ،‬كما كان هو‬ ‫حال السلف رضي هللا عنهم‪ ،‬ومن‬ ‫لــم يدخل ســوق التجارة‬ ‫فيه لــم يعــرف قيمة‬ ‫األرباح منه‪.‬‬ ‫ ســوق المنافســة في‬ ‫يمتــد مــن‬ ‫رمضــان‬ ‫ّ‬ ‫الشرق إىل الغرب‪:‬‬ ‫ ومــن هــذا المنطلق‬ ‫النفيــس يقــوم مركــز‬ ‫الدعوة اإلســامية كل‬ ‫عــام بتهيــيء ســوق‬ ‫ٍ‬ ‫التنافــس الروحــي‬ ‫الشيخ طارق املحمد‬ ‫بيــن أهــل اإليمــان‬ ‫عمومــاً‪ ،‬فمــا إن يقبل‬ ‫شــهر رمضــان علــى‬ ‫المؤمنين جميع ًا حتى تتطلع‬ ‫نفــوس المحبيــن الســتقباله وإعــداد البرامج‬ ‫ـــان َم ْز َر َعـــ ُة العِ َبـــادِ‬ ‫َأ َتـــى َر َم َض ُ‬ ‫العباديــة والدعويــة علــى مســتوى الفــرد وعلــى‬ ‫الف َســـادِ‬ ‫ل َِت ْط ِهيـــ ِر ُ‬ ‫ـــوب مِ ـــن َ‬ ‫الق ُل ِ‬ ‫نشاط وهم ٌة‬ ‫مســتوى المدرســة الدينية ولكل مدرســةٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ِـــع ًال‬ ‫َفـــأ َِّد ُح ُق َ‬ ‫وق ُ‬ ‫ـــه قــــوالً وفـ ْ‬ ‫وطريق ٌة في ســلوك وســائل العبادات المقربة إىل هللا سبحانه‬ ‫ِلمعـــادِ‬ ‫َو َز َاد َك فا َّت ِخـــذْ ُه ل َ‬ ‫وتعاىل‪.‬‬ ‫ـــق َاها‬ ‫ـــوب َو َمـــا َس َ‬ ‫َف َم ْ‬ ‫ـــن َز َر َع ُ‬ ‫الح ُب َ‬ ‫عبادية في‬ ‫شيخ ومدرسته لهم برامج‬ ‫ وبال ٍ‬ ‫شــك فإن كل ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الح َصـــادِ‬ ‫َتـــأ ََّو َه نادِ مـــ ًا َيـــ ْو َم َ‬ ‫استقبال شهر رمضان الغتنامه واالحتفاء به فيما يرضي هللا‬ ‫(لطائف المعارف البن رجب‪ :‬ص‪)280‬‬ ‫أتحدث لكم عن بعض نشاطات مركز‬ ‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬وقبل أن ّ‬

‫لقاءات رمـضانية‬

‫يف‬ ‫مركز الدعوة اإلسالمية‬

‫‪36‬‬


‫عالمــي له برامجه‬ ‫الدعوة االســامية في رمضــان وهو مرك ٌز‬ ‫ٌ‬ ‫ونشاطاته الجميلة المتنوعة في شهر رمضان المبارك‪.‬‬ ‫ فإنني وكوني من مدرســةٍ شــاميةٍ تحاكي تلك المدرسة‬ ‫العريقة في بالد باكستان‪ ،‬ف ْلنعلم بناء على ذلك أن المشارب‬ ‫والمــدارس تتالقــى في الشــرق والغرب بنشــاطاتها وأســلوبها‬ ‫واحد عند‬ ‫وطريقــة دعوتها بل وحتى منهاجهــا‪ ..‬فالمقصود‬ ‫ٌ‬ ‫الجميع إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي‪ ،‬وهذا ما كانت‬ ‫تسير عليه مدرسة شيخنا في الشام الشيخ عبد القادر عيسى‬ ‫الحلبــي رحمه للــه تعاىل حيث كان يعمل على إحياء الســنن‬ ‫النبويــة في شــهر رمضان وغيره ويهتم بالنشــاطات الدعوية‬ ‫واإلســامية التي تقــ ّوي روابــط اإليمان في قلــوب المؤمنين‬ ‫وكوننا نتحدث عن شــهر رمضان والنشاطات التي تكون فيه‪،‬‬ ‫فإن الشيخ عبد القادر عيسى رحمه هللا تعاىل يعتبر أحد أهم‬ ‫سنة االعتكاف في شهر رمضان‬ ‫أحي ْوا ّ‬ ‫المشايخ والعلماء الذين َ‬ ‫عامة‪،‬‬ ‫على مســتوى ســوريا خاص ًة وبعض بالد الشــام ومدنها ّ‬ ‫مهمة‬ ‫بل إن كل من له نسبة لهذا الشيخ كانت ّ‬ ‫سنة االعتكاف ّ‬ ‫فيتهيأ لها ويحرص عليها ولو على االعتكاف‬ ‫عنده في رمضان‬ ‫ّ‬ ‫الجزئي من ليالي رمضان والعشر األخير منه خاصة‪.‬‬

‫الشيخ محمد إلياس العطار القادري‬ ‫رائد إحياء السنن النبوية في الشرق في العصر الحاضر‬ ‫ ال يمنعني حين أذكر نشــاط الشــيخ عبد القادر عيســى‬ ‫علمت عن الشيخ محمد‬ ‫السنة أن أقول ما‬ ‫ُ‬ ‫رحمه هللا في هذه ّ‬ ‫القادري حفظه هللا في كراتشــي وهو مؤســس‬ ‫العطار َ‬ ‫إليــاس ّ‬ ‫مركــز الدعوة االســامية قبــل أربعين عام ًا مــن اآلن أنه قد‬ ‫كثير من العلمــاء بل ربما حتى‬ ‫تفــ ّوق فــي هذا الجانب علــى ٍ‬ ‫على الشيخ عبد القادر عيسى في إحياء هذه السنة العظيمة‪،‬‬ ‫سنة االعتكاف في البالد) حيث استجاب له الكثير من‬ ‫(إحياء ّ‬ ‫أهل المحبة واإليمان في باكستان وبنجالديش والهند ونيبال‬ ‫وســريالنكا وفــي دول مــن أوربا وإفريقيــا وأمريكا وأســتراليا‬ ‫الســنة التــي كادت أن تندثر‬ ‫مــن أجل المحافظــة على هذه‬ ‫ّ‬ ‫الربانيون‪ ،‬ولعل نجاح الشــيخ محمد إلياس العطار‬ ‫لــوال هؤالء‬ ‫ّ‬ ‫القادري حفظه هللا في تشــويق الناس للمحافظة على نشاط‬ ‫أخص هــو طبيعة البالد‬ ‫رمضــان عمومــ ًا واالعتكاف بشــكل ّ‬ ‫المهيئــة إلقامــة العبــادات واالعتكافات بحريــةٍ دون عوائق؛‬

‫‪37‬‬


‫وهــذا من فضل هللا ســبحانه وتعــاىل على بالد باكســتان وما‬ ‫حولها‪ ،‬ومع أن هذا االعتكاف برز ُظهوره ونشاطه في باكستان‬ ‫امتد إىل مدن أخرى‬ ‫وفي مدينة كراتشــي خصوص ًا إال أنه قد ّ‬ ‫فــي العالــم من خالل فــروع مركز الدعوة االســامية امتداد ًا‬ ‫ظاهر ًا يعتكف فيه المئات واآلالف حسب البلد والمسجد‪.‬‬

‫والقيام وتجد نفسك في‬ ‫المعت َكف كأنك في روضة من رياض‬ ‫َ‬ ‫الجنــة؛ فإنّ ــك حيــن ترى حلقــات للعلم وأخــرى للقرآن‪،‬‬ ‫وحلقات للمنافســة في بعض الطاعــات‪ ،‬وحلقات عديدة‬ ‫يقــوم علــى كل حلقة مبلّــغ وداعية وطالــب علم‪ ،‬وحين‬ ‫ترى هذا النشــاط الجماعي الكبير تتهلّل سرور ًا بأن األمة‬

‫إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻻﻋﺘﻜﺎف اﻟﺠﺎﻤﻋﻲ ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺔ‬

‫اﻟﻌﺪد اﻹﺟﺎﻤﱄ‬

‫أﻫﺪاف‬

‫ﻋﺪد اﳌﺴﺎﺟﺪ‬

‫ﰲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن‬

‫ﺧﺎرج ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن‬

‫‪ 5650‬ﻣﺴﺎﺟﺪ‬

‫‪ 618‬ﻣﺴﺎﺟﺪ‬

‫ﻋﺪد اﳌﻌﺘﻜﻔﻦﻴ‬

‫‪142974‬‬

‫‪14350‬‬

‫ﻋﺪد اﳌﻌﺘﻜﻔﻦﻴ‬

‫‪157324‬‬

‫‪6268‬‬

‫إﺻﻼح اﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻹﻗﺒﺎل ﻋﲆ اﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎرك ﺗﻌﺎﱃ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ‬ ‫ﺣﻔﻆ اﻟﺼﻴﺎم ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻣﻦ ﺣﻈﻮظ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺸﻬﻮات‬ ‫اﻟﺘﺎﻤس ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر واﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻘﻴﺎﻣﻬﺎ وإﺣﻴﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة واﻟﺪﻋﺎء‬

‫مدة االعتكاف‬ ‫سنة مؤكدة في العشر األواخر وهي سنة كفاية‪،‬‬ ‫ االعتكاف ّ‬ ‫ســن لكامل شــهر الصيام‪ ،‬لكن مركز الدعوة االسالمية في‬ ‫و ُت ّ‬ ‫المقر الرئيســي وكثير من فروعه يكون االعتكاف فيها للشهر‬ ‫ّ‬ ‫كام ًال مع تنظيم برامج للعبــادة والتعليم والمذاكرة والصالة‬

‫‪38‬‬

‫ﻣﺴﺎﺟﺪ‬

‫وســتنجب خير ًا أكثر بإذن هللا تعاىل‪،‬‬ ‫تحمل الخير الكثير‬ ‫ِ‬ ‫وهكــذا يعتكف في تلك الفــروع والمراكز والمســاجد التابعة‬ ‫لمركــز الدعوة االســامية المئات من المحبين والمنتســبين‬ ‫للمركــز ويشــاركهم عامة المحبين من أهل اإليمان واإلســام‬ ‫اتباع ًا لســنة رسول هللا صلى هللا عليه وســلم وبأعداد غفيرة‬


‫جل وعال‪.‬‬ ‫لربه ّ‬ ‫ملفتة تدخل السرور على قلب المؤمن الطائع ّ‬

‫نظرة في عدد المعتكفين خالل‬ ‫بعض السنوات السابقة‬

‫ يتــم تنظيــم االعتــكاف الجماعــي تحت رعايــة مركز‬ ‫الدعوة اإلسالمية في كثير من نواحي باكستان والعالم‪ ،‬ففي‬ ‫عــام ألفين وتســعة عشــر (‪٢٠١٩‬م) تم االعتكاف في خمســة‬ ‫آالف وســت مئــة وخمســين (‪ )٥٦٥٠‬مســجد ًا فــي باكســتان‬ ‫فقــط‪ ،‬وكان عــدد المشــاركين فيها مئة واثنيــن وأربعين ألف ًا‬ ‫وتســع مئة وأربع ًا وسبعين (‪ )١٤٢٩٧٤‬شخصاً‪ ،‬بينما في خارج‬ ‫باكســتان فتم االعتكاف في ســت مئة وثمانية عشــر (‪)٦١٨‬‬ ‫مســجد ًا ومركــز ًا‪ ،‬وكان عدد المعتكفين فيها أربعة عشــر ألف ًا‬ ‫وثالث مئة وخمســين (‪ )١٤٣٥٠‬شــخصاً‪ ،‬ولألسف لم يتم عقد‬ ‫االعتــكاف فــي عام ألفين وعشــرين (‪٢٠٢٠‬م) بســبب جائحة‬ ‫كورونا إال في أماكن معدودة وبعدد قليل من األشخاص‪ ،‬وذلك‬ ‫للعشر األواخر من رمضان فقط‪ ،‬ولكن بحمد هللا تعاىل تتزايد‬ ‫هذه األعداد وتتضاعف كثير ًا عام ًا بعد عام بفضل التشــجيع‬ ‫الســنة التي يقطــف المعتكفون‬ ‫واإلقبــال علــى القيام بهــذه ُّ‬ ‫ثمارها وبركاتها وفوائدها ويعيشون نفحاتها عام ًا كام ًال‪.‬‬

‫خدمات المعتكفين‬ ‫ يقــدم مركــز الدعوة اإلســامية الخدمــات العديدة لهذه‬ ‫األعــداد الكبيــرة مــن المعتكفيــن خــال اعتكافهــم‪ ،‬فتــم‬ ‫المقر الرئيسي بالهواء لتخفيف شدة الحرارة المتزايدة‬ ‫تكييف‬ ‫ّ‬ ‫وحماية المعتكفين من تأثيــر الحرارة على صحتهم‪ ،‬إضافة‬ ‫يقدم الرعاية الصحية‬ ‫طبــي ّ‬ ‫إىل إنشــاء عيادة مؤقتة مع كادر ّ‬ ‫الفوريــة للمرضــى المعتكفين في المســجد‪ ،‬ولحفــظ النظام‬ ‫ّ‬ ‫واالنضباط بين المعتكفيــن وحماية حاجاتهم وأمنهم يقوم‬ ‫رجال قسم األمن والسالمة لمركز الدعوة اإلسالمية بمهامهم‬ ‫بشــكل متتابــع‪ ،‬كما يقــدم المركــز آلالف المعتكفين وجبة‬ ‫الســحور واإلفطــار بنموذج صحــي في ضوء إرشــادات فضيلة‬ ‫الشيخ حفظه هللا ووفق ًا ألصول الرعاية الصحية‪.‬‬

‫التعليم والتعلم‬ ‫ ير ّتــب المركز جدوالً خاص ًا الســتمرار نظام االعتكاف‬ ‫واالستفادة منه على أفضل الوجوه وأحسنها‪ ،‬إضافة لجدول‬

‫االعتكاف الذي يستمر من أول رمضان إىل نهايته‪ ،‬كما أنهم‬ ‫فــي الليالي الفردية يقومون بأداء صالة التســبيح‪ ،‬ويبدؤون‬ ‫بتنفيذ الجدول والنشاطات اليومية لشهر رمضان‬ ‫ابتداء من‬ ‫ً‬ ‫صالة التهجد ثم القيام إىل الســحور‪ ،‬ثم يشتغل المعتكفون‬ ‫بــاألذكار واألوراد إىل حيــن أداء صــاة الفجر‪ ،‬ثم يســتمعون‬ ‫بعدهــا لدرس إيمانــي من رئيــس مجلس الشــورى للمركز‬ ‫العطاري حفظــه هللا تعاىل‪ ،‬ويتابعون‬ ‫الشــيخ محمد عمران ّ‬ ‫يومهــم الرمضانــي منقطعيــن فيه عــن الدنيا لمدة‬ ‫شــهر‬ ‫ٍ‬ ‫أيام فقط وهي آخر‬ ‫عشــر‬ ‫كامــل‪ ،‬وبعضهم يعتكف عشــرة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫من رمضان‬ ‫لمظنة ليلة القدر فيها‪ ،‬وبعضهم يأتي لســاعات‬ ‫ّ‬ ‫يشــارك فيها جموع المعتكفين بعــض العبادات والصلوات‪،‬‬ ‫وقت واحدٍ لجميع المعتكفين في‬ ‫كما يهتم المركز بتوحيد ٍ‬ ‫سائر فروع مركز الدعوة اإلسالمية حيث يستمعون فيه لما‬ ‫يســمى بالمذاكــرة المدنية وهي عبارة عن أســئلة مختلفة‬ ‫تطــرح مــن قبــل المعتكفيــن الحاضريــن أو المشــاهدين‬ ‫لقناة مدني الفضائية فيجيب فضيلة الشــيخ محمد إلياس‬ ‫حفظــه هللا تعــاىل عليها بأســلوب علمي وبطريقــة تربوية‬ ‫نافعة ُيســتمع إليه بلهفةٍ وشــغف من عامة المعتكفين في‬ ‫تلك المســاجد‬ ‫والمعت َك َفات يســتمعون له عبــر قناة مدني‬ ‫َ‬ ‫ويوجههم كأنه معهم وكأنهم بين يديه‪.‬‬ ‫الفضائية الخاصة ّ‬ ‫نشــاط مــن‬ ‫ تلــك هــي نظــرة شــاملة وســريعة عــن‬ ‫ٍ‬ ‫نشاطات مركز الدعوة اإلسالمية في شهر رمضان المبارك‪،‬‬ ‫ومقصودنا من ذلك نشــر الخير وتبليغه للناس وتشويقهم‬ ‫إليه‪ ،‬والتبشــير بأن دين هللا تعاىل يســطع بنوره في قلوب‬ ‫أهــل اإليمــان واليقين ولــه مذاق خاص عندهم في شــهر‬ ‫جــل وعــا أن يكرمنا وإياكم‬ ‫رمضــان‬ ‫ّ‬ ‫المعظم‪ ،‬نســأل هللا َّ‬ ‫بالعفو والمغفرة والعتق من النار ببركة هذا الشــهر الكريم‬ ‫والقــرآن الذي أنزل فيه على قلب ســيدنا محمد صلى هللا‬ ‫عليه وآله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫ اللهــم آميــن بجــاه النبــي األميــن والحمــد للــه رب‬ ‫العالمين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪39‬‬


‫ﺗﺘﺮﻛﺰ ﺟﻬﻮد ﻫﺬه اﻟﺸﻌﺒﺔ ﻋﻠﻰ ا ﻋﻤﺎل اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‬ ‫واﻟﺪﻋﻮﻳﺔ ﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺪﻋﻮة ا ﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬‬ ‫وﺗﻀﻢ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﺪﻋﺎة‪ ،‬وﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ‬ ‫أﻗﺴﺎم ﻣﺘﻌﺪدة‪ ،‬ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺔ وإﺧﺮاج‬ ‫وﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻔﻴﺪﻳﻮﻫﺎت اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ واﻟﻜﺘﺐ واﻟﺮﺳﺎﺋﻞ‬

‫اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﻠﺒﻲ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت‬ ‫ً‬ ‫ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﻟﻠﺸﻌﺒﺔ‬ ‫ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وا ﻧﺘﺮﻧﺖ‪ ،‬وﻳﺼﺪر ﻣﻦ‬ ‫ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻻت واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ‬ ‫واﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺒﺤﻮث ا ﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ واﻟﺪﺑﻠﺠﺔ‬

‫ﻗﻨﺎة ﻣﺪﻧﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪Arabic Department of‬‬ ‫‪dawateislami‬‬

‫اﻟﻤﻮﻗﻊ ا ﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ‬

‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬ ‫وا ﻋﻼم‬

‫اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ واﻟﻤﻮﻧﺘﺎج‬

‫‪40‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.