كنيسة مارمرقس القبطية األرثوذكسية بمصر الجـديـدة
إلھي الحبيب... أسألك أن ال تدع الضيقة تبعدني عنك ،بل أعطني قوةً وصبراً أن أتحـملھا وأشــكرك عليھا وأن أخرج منھا أكثر قوة وإيمانا ً وحبا ً لك. وأن شــئت أن ال ترفـعھا عني ،فلتكن إرادتك الصالحـة ال إرادتي ألني واثق أنك تريد خيري.
مراجعة وتقديم:
القس /داود لمعـــــي إعداد :د /.ليليان ألفي
الكتـــــــــــــاب :تعزيات السماء. مراجعة وتقديم :القس /داود لمعي. إعــــــــــــــداد :د /.ليليان ألفي. النــــاشـــــــــر :كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة. الـطـبـعـــــــــة :األولى – فبراير 2010 المــطــبـعـــــة :دار نوبار للطباعة. رقم اإليداع بدار الكتب :
قداسة البابا شنودة الثالث بابا اإلسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
إھداء إلى كل نفس متألمة... إلى كل قلب جريح... إلى كل روح مثقلة بالھموم... إلى كل إنسان يجتاز أتون التجربة... أھدي ھذه التأمالت لعلھا تكون سبب عزاء لكل شخص ُمجرب...
يح ،أَبُو ال ﱠر ْأفَ ِة َوإِلهُ ُك ﱢل تَ ْع ِزيَ ٍة، " ُمبَا َر ٌك ﷲُ أَبُو َربﱢنَا يَ ُ سو َع ا ْل َم ِ س ِ ضيقَ ٍة ضيقَتِنَاَ ،حتﱠى نَ ْ ست َِطي َع أَنْ نُ َع ﱢز َ ي الﱠ ِذينَ ُھ ْم فِي ُك ﱢل ِ الﱠ ِذي يُ َع ﱢزينَا فِي ُك ﱢل ِ بِالتﱠ ْع ِزيَ ِة الﱠتِي نَتَ َع ﱠزى نَ ْحنُ بِ َھا ِمنَ ﷲِ". )2كو(4-3 :1 ال أج د م ن ھ و أفض ل م ن الخادم ة ال دكتورة /ليلي ان لتس جل لن ا ھ ذه الت أمالت العميق ة ...كم ن يكت ب م ن أت ون الن ار ...ويتمش ى مس تمتعا ً بش بيه ابن اآللھة ...فھي تتألم والزالت تتألم ...ولكنھا أيضا ً تتع زى والزال ت تتع زى... بتعزيات السماء... أش كر ﷲ عل ى ھ ذه الكلم ات الغني ة بالح ب والتس ليم والش كر من قلب جريح متألم ...ولكنه منتصر بنعمة ﷲ... أدع وك أيھ ا الق ارئ العزي ز لوجب ة ش ھية م ن األفك ار الروحي ة والمع اني الكتابية الغزيرة ...لتشبع وتمتلئ وتقت رب م ن فك ر المس يح وتس مع ھمس ات م ن صوته القدوس وسط األلم ...والحزن ...والظلم ...والوحدة ...والضيق الشديد... إلھن ا الطي ب يجع ل ھ ذه الكلم ات س بب تعزي ة حقيقي ة لك ل المج روحين... بص لوات ص احب الغبط ة والقداس ة الباب ا المعظ م األنب ا ش نودة الثال ث, الرب يحفظ لنا وعلينا حياته ورئاسة كھنوته سنين طويلة وأزمنة سالمة مديدة.
الق س /داود لمعي. المقدمة السماء
7
تعزيات
المقدمة ال تخل و الحي اة م ن آالم وض يقات ،نب دؤھا ب آالم المخ اض الممتزج ة بفرح ة والدة طفل وننھيھا بآالم وأحزان فراق الموت الممتزجة برجاء دخول م ن نحب ه إلى ملكوت السموات وبين آالم البداية والنھاية سلسلة من الضيقات والتجارب. ويرتعب الجميع إذا نظروا إلى الضيقة مجردة من وجود ﷲ ،ولھم كل الح ق ف ي ذل ك فالبش ر بطبيع تھم ض عاف ...ولك ن إذا تقب ل اإلنس ان الض يقة م ن ي د ﷲ على أنھا ضرورية لنموه الروحي فسوف يفرح بھا ويحتملھا بسرور. وھذا يذكرنا بما حدث في كنيستنا القبطية ف ي عص ر االستش ھاد ،فلق د ح اول الروم ان إب ادة المس يحيين لمح و المس يحية ولك ن عل ى ق در ع دد الش ھداء كان ت الكنيس ة تنم و بش دة وك أن دم اء الش ھداء ق د ص ارت ب ذاراً وأنبت ت آالف ا ً م ن المسيحيين ولم تنقرض الكنيسة بل انقرض مضطھدوھا.... الضيقات بكل بساطة ھي األبواب التي يحاول الشيطان الدخول ع ن طريقھ ا إلى أنفسنا عندما تكون في أشد حاالت الضعف. فمن منا لم يتضايق ولم يتألم ول م يت ذمر م ن الض يقات والمح ن الت ي يم ر بھ ا؟؟ من منا ال يضعف وال يتأفف م ن ج راء ھ ذه الض يقات الت ي يش عر أنھ ا تخنق ه؟؟ من منا أساسًا لم يمر بمثل ھذه الظروف؟؟ صدقوني يا أحبائي أن جميعنا -وبكل ثقة أقولھا -جميعنا مر ويم ر بض يقات يشعر أنه يصعب عليه احتمالھا .ولكن الرب يسمح بالتجربة وھو مت يقن أنھ ا ل ن تك ون أكث ر م ن احتمالن ا .ث م أن م ن يطل ب ال رب ف ي ض يقاته ف ال ب د أن ال رب سينصت إليه ....حتى لو كان ذلك في الھزيع الرابع. المقدمة السماء
8
تعزيات
الضيقات ھي إحدى الطرق التي يجب أن تقربنا م ن ال رب ،ول يس أن تبع دنا عنه ،وال يجب أن نصدق الكالم الذي يزرع ه داخلن ا إبل يس ب أن ال رب ق د تخل ى عنا ،كال يا أحبائي فھذا كذب وھراء ،الرب ل م ول ن يتخل ى ع ن أي إنس ان طل ب مساعدته ،لكن األھم ھو أن نطلب ونصلي ونسلم جميع أمورنا إليه ،ولن أص دق بأن الرب يتخلى عن أي إنسان يطلبه. وھكذا ن درك أن الض يقات ھ ي م دخل للبرك ات ،ف ال تت ذمر وال تعت رض ب ل تقبـﱠل كل شيء بشكر من يد ﷲ ،وث ق ف ي حص ولك عل ى البرك ة الت ي تص احب ك ل ض يقة فھم ا وجھ ان لعمل ة واح دة ...ولكنن ا ع ادة م ا ننس ى ھ ذا ف ي وس ط التجرب ة ونت ذمر ونب دأ ف ي الش كوى متس ائلين :لم اذا يس مح ﷲ بالتج ارب ألوالده؟ ....ومن ال ذي ق ال أن ﷲ يمن ع التج ارب ع ن أوالده ،وأكب ر دلي ل عل ى ذلك مئات القصص التي يمتلئ بھا الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة. وربم ا نتعج ب أن كثي راً م ن غي ر الم ؤمنين يعيش ون عيش ه ھانئ ة ب دون ض يقات .ولك ن ھ ذا دلي ل عل ى أن ال رب ق د ميزن ا ألن ه يحبن ا. ولتجع ل م ن الض يقات باب ا ً للتمجي د اإللھ ي والف رح ال داخلي وعن دھا س يدرك الشيطان أنه فشل في مھمته فشالً ذريعا ً. وم ن حق ك طبع ا ً أن تطل ب م ن ﷲ أن يرف ع عن ك التجرب ة ،ولكن ك س تكون أكثر نضجا ً إذا تقبلتھا بش كر طالب ا ً من ه أن يعطي ك ق وة الحتمالھ ا لتأخ ذ بركتھ ا، وقل له" :لست أصلي طالبا ً حمالً أخف بل كتفين أقوى". وھ ذا الكت اب م ا ھ و إال مجموع ة م ن النب ذات ق د كتب ت ف ي أوق ات متفرق ة لتعزي ة أن اس مت ألمين ,وق د ت م تجميعھ ا وتتض من ت أمالت ع ن التج ارب ولم اذا األلم؟ وبعض كلمات التعزية التي أرجو أن تكون بلسما ً لكل قلب جريح...
المقدمة السماء
9
تعزيات
المقدمة السماء
10
تعزيات
قالوا عن الضيقات +إن الفرح فى األلم ھو مقياس حرارة حب النفس للمسيح ..اإلنسان الحار يرحب باأللم ويفرح به ...والفاتر يھرب منه ويضيق به ذرعا ً... )البابا شنودة الثالث( +إن الضيقات ھى لغة ﷲ لمحبيه. +ان الضيقات ھي عمليات تجميل يجريھا الرب يسوع في نفوسنا. )ابونا بيشوي كامل( +إن المؤمن ال يمكن أن تتعبه التجربة أو الضيقات ...ذلك ألنه يؤمن بعمل اللـه وحفظه .ويؤمن أن اللـه يھتم به أثناء التجربة، أكثر من إھتمامه ھو بنفسه … إنه يؤمن بقوة اللـه الذي يتدخل في المشكلة.ويؤمن أن حكمة اللـه لديھا كثيرة ،مھما بدت األمور معقدة ) .البابا شنودة الثالث( +إذا سلمـت النفـس ذاتھـا للرب بكـل قوتھا يصلح ﷲ الصالح لھا ھذه األوضاع والعيوب واحده فواحدة لكي تحيد عنھا. )القديس أنبا أنطونيـوس الكبير( +ضع ﷲ بينك وبين الضيقة, فتختفى الضيقة ويبقى ﷲ المحب. )البابا شنودة الثالث(
حلول
الـتـجـــربـة تتعاقب فصول السنة ...ص يف فخري ف ث م ش تاء فربي ع ،وال يمك ن أن نتوق ع شتا ًء بدون عواصف أو أمطار ...ھكذا حياتنا البد وأن تمر بھا بعض العواصف في صورة تج ارب ...ولك ن الش تاء يعقب ه الربي ع ،فص ل البھج ة والف رح ،ھك ذا التجربة تعقبھا البركة والنمو الروحي للشخص ال ُمجرب. ُجرب: شعور الشخص الم َ تنزل التجربة بالشخص ك الزلزال الم دمر لم ن ك ان يق ف عل ى أرض يظنھ ا صلبة .فإذا بھا تميد تحت قدمي ه وتھت ز فتش ل تفكي ره وتجعل ه ح ائراً ع اجزاً ع ن تحديد رد الفعل المناسب.... فھذا شخص خرج من عيادة طبيب بتشخيص م رض قات ل قل ب حيات ه جحيم ا ً... وذاك آخر فقد أغلى األحباء وب ات ال يع رف كي ف ستمض ى ب ه س فينة الحي اة... وآخر غيره وجد نفسه متورطا ً في قضية التفت فيھ ا حب ال االتھ ام حول ه فص ار كعصفور في فخ ووجد نفسه وراء القضبان يتعامل مع األشرار وھو ال يعرف لماذا وكيف ومتى سينتھى ذل ك الك ابوس؟ وتمض ى األي ام بطيئ ة متثاقل ة دقائقھ ا سنون طويلة وساعاتھا قرون مديدة. معزون متعبون: وتتك اثر األس ئلة المحي رة وت نھش عق ـل ص احب التجرب ة .وكلم ا تفاقم ت األسئلة تقل احتماالت اإلجابة ،ويتطوع أھل الخير -وما أكثرھم -إلب داء ال رأي وتوض يح األس باب ،ھ ذا بالحض ور والزي ارة ،وذاك ب التليفون ،وك ل م نھم ل ه وجھة نظره ،ومعظمھ م يب دي رأي ه بمحب ة خالص ة وإن ك ان بع ض ھ ذه المحب ة ال يقل عن محبة الدب الذي قتل صاحبه.
التجربة
13
تعزيات السماء
ال يش رحون بالورق ة والقل م أس باب وبع ض المع زين يجلس ون ف ي ب رج ع ٍ الس قوط ف ي التجرب ة وكيفي ة النج اة منھ ا ،فتتن اثر أق اويلھم :الم ؤمن مص اب.... إن ه اختب ار اإليم ان م ن ﷲ لعب ده الم ؤمن .....قض ا أخ ف م ن قض ا ....مق در ومكتوب والمكتوب على الجبين الزم تشوفه العين ....والحذر ال يمن ع الق در..... من يدري؟ ربما لو لم تمر بھذه التجرب ة لم ررت بأص عب منھ ا .....ال تقل ق ف إن القديسين لن يتركوك ستحدث معك معجزة ألم تقرأ كتاب معجزات الق ديس ...... والقديسة .......سأحضر لك ھذه الكتب لك لت رى بعيني ك م اذا س يحدث وكي ف ستخرج م ن ھ ذه الورط ة أفض ل ح اال .....إن ك ل األش ياء تعم ل مع ا للخي ر ف ال تقلق فقط انتظر على الرجاء وستبصر بعينيك خالص ﷲ. بعض الكلمات يسكب العزاء والرج اء ف ي القل وب ،وبعض ھا اآلخ ر ق د يزي د األلم الذي ال يحتاج إلى زيادة وبعضھا بعيد عن الفكر المسيحي تماما ً. ويسدل الليل أستاره ويمضى كل إلى داره ،ويظل صاحب التجرب ة ح ائراً خ ائراً يبحث ع ن لحظ ات ن وم يھ رب فيھ ا م ن ك ابوس اليقظ ة ،ف إذا تحاي ل عل ى الن وم حتى يناله تنتابه كوابيس متكررة تح ذره م ن تناس ي الحقيق ة فيك ون كالمس تجير من النار بالرمضاء ،ولكن ه حتم ا يص حو عل ى ص وت يُذك ـ ﱢره بتجربت ه – وك أن ھذا الصوت يضن عليه بلحظات يبدأ بھا يومه ويتناسى فيھا كابوس التجربة.
التجربة
14
تعزيات السماء
ردود فعل اإلنسان تجاه التجربة وخ الل أي ام تب دأ ردود الفع ل تتبل ور فتتخ ذ إح دى الص ور التالي ة وق د تتخ ذ صورة ھي مزيج من بعضھا أو كلھا. -1التذمر والتم رد وإھم ال الحي اة الروحي ة :يق ول الش خص آ آ ه ....لق د ُ جنيت؟ لم يكن ﷲ أمينا ً معى لقد ت رك الس كين ت ذبحني سرت مع ﷲ طويال فماذا ووقف متفرجاً ،بل ربما كان ھ و الممس ك بالس كين والمح رك ل ه! كن ت أظ ن أن تبعيت ى ل ه ط وال ھ ذه الس نين كفيل ة أن تعفين ى م ن ك ف الق در العمي اء ...ولك ن ظن ونى كان ت أوھام ا ً تحطم ت عل ى ص خرة الواق ع ال ذي يخبرن ا أن المص ائب ال تميز بين صالح وط الح ...فم ا فائ دة الص الح إذاً م ا دام الش ر يط ول الجمي ع؟ سأعيش حياتى بالطول والعرض وأجتـني من ملذات الحياة ما كنت أتعف ف ع ن تجربته خوفا من غضب ﷲ! .....بل وقد ي تھم اإلنس ان ﷲ بإس اءة التص رف !!! ض ا إِلَ ى األَ ْر َملَ ِة الت ي أَنَ ا نَ ا ِز ٌل كما فع ل إيلي ا ف ي لحظ ة غض ب ح ين ق ال":أَأَ ْي ً سأْتَ بِإ ِ َماتَتِ َك ا ْبنَ َھا؟ )1مل(20 :17 ِع ْن َدھَا قَ ْد أَ َ -2التذلل واالنسحاق ...والنذور :ال بد أننى لم أكن أمينا ً مع ﷲ بما يك ـفي ف ال ش ك أن مزي داً م ن الص لوات الت ي أسترض ي بھ ا ﷲ ،وس جوداً يح نن قلب ه وعشوراً وصدقات ستجعله ينظر نحوي بعين العطف فيسرع إلى تلبية طلبتي. وإن ي أتعھ د بن ذور ك ذا وك ذا مت ى اس تجاب ال رب ل ي ....ف إذا انتھ ت المش كلة سريعا ً يعتقد الش خص أن ه حص ل عل ى الح ل بم ا قدم ه م ن أعم ال ،أو يش عر أن الن ذر ال ذي دفع ه ھ و ثم ن مقاب ل ح ل مش كلته! أم ا إذا ت أخرت االس تجابة فقد يتذمر ويتمرد. - 3شكر ﷲ على خالصه بغض النظر عن قسوة التجربة :نوع رائ ع ج داً م ن التعام ل م ع التجرب ة يقودن ا في ه حبق وق النب ي ال ذي عاص ر فت رة م ا قب ل الس بي حيث تدھورت األحوال جداً إنذاراً من الرب لشعبه .ووس ط ھ ذه الض يقات نط ق التجربة
15
تعزيات السماء
حبقوق بأكثر الكلمات المعزية عبر تاريخ البشرية "فَ َم َع أَنﱠهُ الَ يُ ْز ِھ ُر الت ينُ َ ،والَ َص نَ ُع طَ َعا ًم ا .يَ ْنقَ ِط ُع ب َع َم ُل ال ﱠز ْيتُونَ ِةَ ،وا ْل ُحقُ و ُل الَ ت ْ وم .يَ ْك ِذ ُ يَ ُكونُ َح ْم ٌل فِي ا ْل ُك ُر ِ ا ْل َغ نَ ُم ِم نَ ا ْل َح ِظي َر ِةَ ،والَ بَقَ َر فِ ي ا ْل َم َذا ِو ِد ،فَ إِنﱢي أَ ْب تَ ِھ ُج بِ ال ﱠر ﱢب َوأَ ْف َر ُح بِإِل ِه صي) ".حب(19 – 17: 3 َخالَ ِ لم اذا يب تھج ھ ذا النب ي!! ال ت ين وال عن ب وال زيت ون وال غ نم وال بق ر، ھل يدفن رأسه في الرمال ؟ ھل التدين يجعله ُمغـ َيـ ﱠب العقل وال يرى ما حوله من ھموم ومخاطر... ھل تشدد كأنه يرى ما ال يُرى ورأى خالص ﷲ ُمبھـِجا ً رغم كل شئ؟.... يشَ ،وإِنْ ُم ْتنَ ا فَلِل ﱠر ﱢب ھل صرخ مع بولس الرسول ألَنﱠنَا إِنْ ِع ْ شنَا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ِع ُ نَ ُم وتُ .فَ إِنْ ِع ْ ش نَا َوإِنْ ُم ْتنَ ا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ْح نُ ...وإن مرض نا وإن ش فينا وإن أس رنا وإن أطلقنا وإن ربحنا وإن خسرنا ....إلخ إلخ ....،فللرب نحن. ش ُئ لَنَ ا أَ ْكثَ َر فَ أ َ ْكثَ َر ثِقَ َل َم ْج ٍد أَبَ ِديًّا. ض يقَتِنَا ا ْل َو ْقتِيﱠ ةَ تُ ْن ِ أم رأى أَنﱠ ِخفﱠ ةَ ِ )2ك و (17: 4فرح ب بالتجرب ة ورأى فيھ ا طريق ا ً يب دأ ھن ا وينتھ ى على أعتاب األبدية. -4يتسامى فوق األل م وينطل ق معزي ا ً اآلخ رين :وھ ذ الن وع ھ و األروع على اإلطالق ،إذ ال يكتفي باالنتصار على حرب الش يطان الت ي يحرق ه بلھيبھ ا، ب ل يس تمد م ن ال رب ق وة ليع زي المج ربين مثل ه فتكتس ب كلمات ه مص داقية ال تحتمل الشك ألن يده في النار وليست في الماء ,مستمداً الق دوة م ن المص لوب يح ،أَبُو ال ﱠر ْأفَ ِة َوإِل هُ ُك ﱢل تَ ْع ِزيَ ٍة، الذي قيل عنه " ُمبَا َر ٌك ﷲُ أَبُو َربﱢنَا يَ ُ سو َع ا ْل َم ِ س ِ ض يقَ ٍة ض يقَتِنَاَ ،حتﱠ ى نَ ْ س ت َِطي َع أَنْ نُ َع ﱢز َ الذي يُ َع ﱢزينَ ا فِ ي ُك ﱢل ِ ي الﱠ ِذينَ ُھ ْم فِ ي ُك ﱢل ِ بِالتﱠ ْع ِزيَ ِة التي نَتَ َع ﱠزى نَ ْحنُ بِ َھا ِمنَ ﷲِ2) " .كو(4-3 : 1 لماذا ...يا ربي؟؟؟التجربة
16
تعزيات السماء
وبعي داً ع ن ردود الفع ل المختلف ة ھ ذه نع ود م رة أخ رى إل ى الموض وع الرئيسي عن الشخص المجرب الذي تتكالب عليه األسئلة المتكاثرة فتقرع رأس ه وتعكر ما يصفو من ثوان قليلة في يومه ،ولعل أكثرھا إلحاحا ً ھو :لمـــــــــــاذا؟ لم اذا أن ا بال ذات؟ ...ولم اذا اآلن بال ذات؟ ...وم اذا يري د ال رب أن يق ول ل ى؟ ھل ھو يعاقبني على خطيتي؟ ...وعل ى أي خطي ة بال ذات؟ ...إن خطاي اي ليس ت أكثر من الباقين بل لعلني أفضل من الكثيرين؟ ...فلماذا أعاقـ َب أنا وھم ال؟ ويكاد البعض يتوقف عن أى حركة إيجابية في حياته منتظراً ال رد عل ى ھ ذا السؤال ،ھ ذا ال رد ال ذي ل م يحص ل علي ه إنس ان بص ورة واض حة ،وحت ى ال ذين فھموا أو تصوروا أنھم فھموا .....،فھل كان ما فھموه صحيحا ً؟ كلنا يعرف أن يوسف خرج من السجن إلى الع رش .ولك ن ھ ل ك ان ھ ذا ھ و السبيل الوحيد لعرش مصر؟ ھل كوفئ على أمانته تجاه زوجة فوطيف ار أم عل ى أمانته في السجن ولماذ تأخرت المكافأة ھكذا؟ ..وماذا لو خارت قواه قبل النھاي ة السعيدة؟ ماذا لو كفر أو ج دف أو لع ن؟ إنن ا حت ى ونح ن نع رف النھاي ة الس عيدة ال نستطيع أن نمنع أنفسنا من مراجعة تفاصيلھا ونسأل أحقا ً كان ھذا ھ و الس بيل األفضل أو السبيل الوحيد لتحقيق إرادة ﷲ. أما عندما يصل بنا المقام لقصص أخرى أكثر ص عوبة فإنن ا نحت ار ھ ل ك ان الم وت عقاب ا ً ع ادالً البن ي ھ رون ألنھم ا ق دما ن اراً غريب ة! )ال(1 : 10 وھل كان الرجم عقابا ً مناسبا ً للرجل الذي خ رج ليقط ع الحط ب ي وم الس بت؟ )عدد .(32 : 15 لماذا لم يتدخل ﷲ إلنقاذ كھنة نوب من غدر شاول؟ )1صم .(19 : 22 وھل كان سقوط ُع ﱠزة صريعا ً عقابا ً مناسبا ً ألنه حاول أن ينقذ تابوت العھد من الوقوع على األرض يوم انشمصت الثيران؟ ) 2صم .(4 : 6 ولم يتدخل إلنقاذ نابوت اليزرعيلى من كيد إيزابل ) 1مل .(21 التجربة
17
تعزيات السماء
ھل يتناسب عقاب حنانيا وسفيرة مع جرمھما؟ )أع .(5 ولماذا انفتحت أبواب السجن ليخرج بط رس )أع (6 :12وھ و م ا ل م يح دث مع يوحنا المعمدان )مت .(11 : 14ويعقوب بن زبدي )أع .(2: 12 ألف لماذا ولم اذا؟؟؟ وال ذى يري د أن يجي ب بأمان ة عل ى أى س ؤال ف ال ب د أن يخ تم إجابت ه بأنھ ا مج رد وجھ ة نظ ر أو تأم ل ولكنھ ا ليس ت تفس يراً... ص ا ِء! ألَنْ َم نْ َع َرفَ فِ ْك َر ص َوطُ ُرقَ هُ َع ِن اال ْ ستِ ْق َ ف َم ا أَ ْب َع َد أَ ْح َكا َم هُ َع ِن ا ْلفَ ْح ِ شي ًرا؟ )رو(34-33 :11 ال ﱠر ﱢب؟ أَ ْو َمنْ َ صا َر لَهُ ُم ِ ويس مع ك ل م ن يم ر بتجرب ة ع ن أي وب وص بره ونق رأ كلن ا بداي ة الس فر وخاتمته ،ونتوه في تفاصيل ح وار أي وب م ع أص حابه .وق د أظھ ر الرج ل إيمان ا ً جباراً ،وصاح "ع ُْريَانًا َخ َر ْجتُ ِمنْ بَ ْط ِن أُ ﱢميَ ،وع ُْريَانً ا أَ ُع و ُد إِلَ ى ُھنَ اكَ .ال ﱠر ﱡب س ُم ال ﱠر ﱢب ُمبَا َر ًكا " )أي(21:1 أَ ْعطَى َوال ﱠر ﱡب أَ َخ َذ ،فَ ْليَ ُك ِن ا ْ ث م رد عل ى زوجت ه ب رد آخ ر ال يق ل ع ن س ابقه ق وة واقت داراً» :تَتَ َكلﱠ ِم ينَ َكالَ ًم ا ش ﱠر الَ نَ ْقبَ ُل؟«) .أي(10:2 ت! أَا ْل َخ ْي َر نَ ْقبَ ُل ِمنْ ِع ْن ِد ﷲَِ ،وال ﱠ َكإِ ْحدَى ا ْل َجا ِھالَ ِ وبعد فترة زادت التجارب وتنوعت وطال أمدھا وانھارت دفاعات المسكين وتھاوت حصونه وخارت قواه فقال بعد ھذا "لَ ْيتَهُ َھلَ َك ا ْليَ ْو ُم الذي ُولِدْتُ فِي ِه، َواللﱠ ْي ُل الذي قَا َل :قَ ْد ُحبِ َل ِب َر ُجل .لِيَ ُكنْ ذلِ َك ا ْليَ ْو ُم َ ظالَ ًما .الَ يَ ْعت َِن ِب ِه ﷲُ ِمنْ فَ ْوقَُ ،والَ يُ ْ ق َعلَ ْي ِه نَ َھا ٌر" )أي (4:3واجتمع ثالثة من أصحاب أيوب كل ش ِر ْ منھم يظن نفسه حكيم زمانه وفھيم أوانه ليجيبوا عن السؤال الذي حير ويحير البشرية ،لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ ...وأدلى كل منھم بآراء خاطئة ضاعفت من آالم أيوب وأخيراً تكلم رابعھم -أليھو -وھو أصغرھم فنطق بأكثر األقوال قربا ً إلى الحق فقال :إن ﷲ إنما يستخدم األلم والتجارب إلعادة تشكيل أيوب وتدريبه. وأخيراً ....وبعد طول انتظار ،بعد 37إصحاحا ً ،يتكلم ﷲ في ثالثة إصحاحات كاملة ...فيوبخ أصحاب أيوب الثالثة ويأمرھم أن يقدموا ذبائح التجربة
18
تعزيات السماء
ويطلبوا من أيوب ليصلي من أجلھم ،وال يعلق الرب على رأى أليھو ،ويرھف المستمع أذنيه ويفتش القارئ بعينيه بحثا ً عن جواب ﷲ ،لماذا األلم؟ ...فيبدأ ﷲ يتكلم عن فيض معرفته واتساع حكمته وسيادته على األرض وما فيھا وعلى طيور السماء ووحوش البرية وأسماك البحار ،ويعتقد القارئ أن ھذه مقدمة طويلة بعض الشئ يأتى بعدھا الجواب الشافي عن سر األلم ،ولكن ويا للعجب تنتھي كلمات ﷲ ولم نحصل على اإلجابة!! وھذه المرة لم يتذمر أيوب بل يبدو وكأنه فھم ما ال يفھمه إال من يجتاز في أتون التجربة فيقول» :قَ ْد َعلِ ْمتُ أَنﱠكَ ضا َء بِالَ َم ْع ِرفَ ٍة؟ تَ ْ َي ٍءَ ،والَ يَ ْع ُ س ُر َعلَ ْي َك أَ ْم ٌر .فَ َمنْ َذا الذي يُ ْخفِي ا ْلقَ َ ست َِطي ُع ُك ﱠل ش ْ س َم ِع اآلنَ َوأَنَا أَتَ َكلﱠ ُم. َول ِكنﱢي قَ ْد نَطَ ْقتُ بِ َما لَ ْم أَ ْف َھ ْم .بِ َع َجائِ َب فَ ْوقِي لَ ْم أَ ْع ِر ْف َھا .اِ ْ ض أَ ْ س ِم ْعتُ َع ْنكََ ،واآلنَ َرأَ ْت َك َع ْينِي .لِذلِ َك أَ ْرفُ ُ س ْم ِع األُ ُذ ِن قَ ْد َ سأَلُ َك فَتُ َعلﱢ ُمنِي .بِ َ ب َوال ﱠر َما ِد«) .أي.(6–2: 42 َوأَ ْن َد ُم فِي التﱡ َرا ِ وتم ر الق رون فيك رر بط رس أس ئلة مش ابھة في رد ال رب بص راحة س تَ ْف َھ ُم فِي َم ا بَ ْع ُد«) .ي و .(7 : 13 س تَ تَ ْعلَ ُم أَ ْن تَ اآلنَ َم ا أَنَ ا أَ ْ »ل َ ْ ص نَ ُعَ ،ول ِكنﱠ َك َ وھكذا نعود لنقطة البداية دون إجابة شافية. ولعل قارئ ھذه الكلمات يعتقد -مخطئا ً -أنني بصدد أن أعطي ه اإلجاب ة الت ي بح ث الت اريخ عنھ ا ول م ي زل يبح ث .ولك ن ب الطبع ك ال ،ك ل م ا أقول ه ل ك أيھ ا ال ُم َج ﱠرب أن ك أن ت اآلن م ع س معان القيروان ي تحم ل الص ليب إل ى ح ين ،وت ئن تحت ثقله إلى حين ،ويظن معظم من يرونك أنك أنت الجاني الذي سيُصلب بعد ح ين! ....لم اذا اخت ارك الجن ود؟ ...ولم اذا َسخ ـﱠ◌َ روك أن ت بال ذات؟ لس ت أدرى ...ولكن طوباك يا قيرواني فقد نلت كرامة لم ينلھ ا س واك .ول م تع رف البشرية عمالً أج دى عملت ه ط وال حيات ك س وى تل ك ال دقائق الت ي ش اركت فيھ ا رب المجد حمل ص ليبه ......واآلن ل و ع اد ال زمن لل وراء ي ا قيروان ي ھ ل كن ت
التجربة
19
تعزيات السماء
تس رع لحم ل الص ليب دون انتظ ار أم ر الجن ود؟ ھ ل كن ت تف رح ب ه أو تس عى إليه؟ أكاد أجزم أن اإلجابة نعم ...طبعا ً ! وبص راحة ش ديدة ف ال ب د لإلنس ان أن يُ َس لِم أن ه ق د ال يع رف أب داً إجاب ة ھ ذا الس ؤال ،وربم ا ....ربم ا نع رف بعض ا ً م ن إجابتھ ا ف ي األبدي ة ,أم ا ھن ا عل ى األرض فإن كل اإلجابات ما ھي إال مجرد اجتھادات .فب دالً م ن أن نجھ د أنفس نا بالغوص فيھا لنحول السؤال من "لماذا التجربة؟"إلى"كيف نحتمل التجربة؟" ردود فعل ﷲ تجاه التجربة رأينا في ما سبق الجزء المنظور من التجربة ال ذي يح اول أن يص ف م ا ھ و ش عور الش خص الواق ع تح ت ني ر التجرب ة وكي ف تعب ث ب ه األفك ار والمش اعر واآلن ننتقل إل ى الج زء غي ر المنظ ور م ن التجرب ة وال ذى تج ري أحداث ه خل ف الكواليس .وما كنا لنعرف شيئا ً عن ه ل وال أن ﷲ بنفس ه ھ و ال ذي ش رحه لن ا ف ي الكتاب المقدس بقدر ما يمكن أن تدرك أذھاننا المحدودة.
–1يشعر بنا ويتضايق لضيقنا : ص ُھ ْم .بِ َم َحبﱠتِ ِه َو َر ْأفَتِ ِه ُھ َو فَ ﱠك ُھ ْم ض ايَقََ ،و َم الَ ُك َح ْ ض َرتِ ِه َخلﱠ َ ضيقِ ِھ ْم تَ َ +في ُك ﱢل ِ َو َرفَ َع ُھ ْم َو َح َملَ ُھ ْم ُك ﱠل األَيﱠ ِام ا ْلقَ ِدي َم ِة ) .إش (9 :63وإن ي ألتوق ف ط ويال أم ام ھ ذه الكلم ات ...كي ف يتض ايق وھ و ال ذي ف ي س لطانه أن يحلھ ا بكلم ة م ن فم ه ق َوالَ أَ َح ٌد يَ ْف ت َُح كي ف يتض ايق لض يقنا وھ و ال ذي يَ ْف ت َُح َوالَ أَ َح ٌد يُ ْغلِ قَُ ،ويُ ْغلِ ُ ب ا ْل َملِ ِك فِي يَ ِد ال ﱠر ﱢب َك َج دَا ِو ِل ِميَ ا ٍهَ ،ح ْيثُ َم ا )رؤ (7 :3وھو الذي قيل عنه أن قَ ْل ُ شَا َء يُ ِميلُهُ ) .أم (1 : 21فلماذا يرضى بالضيق لنفسه ولنا ؟؟؟ ولكي نفھم اإلجابة دعونا نس أل أنفس نا :م ا ھ و ش عور أس تاذ الجامع ة واض ع امتح ان ال دكتوراه وھ و ي رى ابن ه وفل ذة كب ده يس ھر اللي الى أم ام الكت ب ويح رم نفسه من أبسط حقوق ه بحث ا ً ع ن النج اح والتف وق؟؟ ...ھ ل يعفي ه م ن االمتح ان التجربة
20
تعزيات السماء
ضيﱢع عليه فرصة نوال شھادة يستحقھا؟ ...ھ ل يعطي ه أس ئلة االمتح ان وي وفر وي ُ َ عليه تعب الم ذاكرة؟ ...أم يس ھر بجانب ه لك ى يجيب ه ع ن ك ل م ا يستعص ي علي ه فھم ه ف ي الم ذاكرة ...ويفص ل تمام ا ب ين أبوت ه ورغبت ه ف ي مس اعدة ابن ه وب ين كونه واضع االمتحان والعارف بكل أسئلته؟ أجب بأمانة وعندھا ستعرف ما ھ و بالضبط موقف أبينا السماوى ولماذا يتصرف ھكذا.
-2يحسب جرعة التجارب والعالج بدقة : سيَ ْج َع ُل َم َع َ +ول ِكنﱠ ﷲَ أَ ِمينٌ ،الﱠ ِذي الَ يَ َد ُع ُك ْم ت َُج ﱠربُونَ فَ ْو َ ق َما تَ ْ ست َِطي ُعونَ ،بَ ْل َ ست َِطي ُعوا أَنْ ت َْحتَ ِملُوا )1كو (13 :10إنه ليس ذلك ضا ا ْل َم ْنفَ َذ ،لِتَ ْ التﱠ ْج ِربَ ِة أَ ْي ً الطبيب المبتدئ الذي يجرب في مرضاه الجرعة المناسبة فتزيد حينا ً وتقل أحياناً ،وليس تلك الزوجة حديثة العھد بالطھي التي يحترق منھا الطعام أو يخرج نيئاً ،فاطمئن ألنك بين يدي الخالق الذي يعرف جيداً احتياجاتك وإمكانياتك .أنت لست بين يدي إنسان بل بين يدي القدير ....وتذكر أنه يجعل مع التجربة المنفذ ...لذا فعلى المجرب أال يكل من البحث عن ھذا المنفذ.
-3يشاركنا مشاركة من اجتاز التجربة قبلنا: +فِي َما ُھ َو قَ ْد تَأَلﱠ َم ُم َج ﱠربًا يَ ْق ِد ُر أَنْ يُ ِعينَ ا ْل ُم َج ﱠربِينَ ) ..عب(18 :2 ب فِ ي ُك ﱢل ض َعفَاتِنَا ،بَ ْل ُم َج ﱠر ٌ س لَنَ ا َرئِ ُ يس َك َھنَ ٍة َغ ْي ُر قَ ا ِد ٍر أَنْ يَ ْرثِ َي لِ َ +ألَنْ لَ ْي َ َي ٍء ِم ْثلُنَا ،بِالَ َخ ِطيﱠ ٍة) .عب(15 : 4 ش ْ ض) .لو( 44 :22 َ +و َ صا َر َع َرقُهُ َكقَط َرا ِ ت د ٍَم نَا ِزلَ ٍة َعلَى األَ ْر ِ أعتقد أنني لو ل م أك ن مس يحيا ً لتم ردت عل ى ﷲ م ع أول تجرب ة قاس ية أم ر بھ ا ولقل ت ل ه مت ذمراً" :أن ت ج الس ف ي س مائك ت نعم بتس ابيح المالئك ة وتس عد بمليارات من البشر يرفعون لك أيادي عابدة متضرعة ولكنك لم تذق لحظة طعم الظل م ،ول م تع رف م رارة الخيان ة ونك ران الجمي ل وتخل ى األص دقاء واألخ وة عنك ....لم تجرب الجوع والحرم ان م ن الم أوى ول م تع رف ش عور الھ ائم عل ى التجربة
21
تعزيات السماء
وجھ ه ل يس ل ه أي ن يس ند رأس ه ،ل م تع رف م رارة الفق ر والظل م واالس تھزاء والبصق وآالم السياط". كن ت س أقول ك ل ھ ذا وأكث ر ولك ن لك وني مس يحيا ً أتب ع إلھ ا ً اجت از ف ي أ ﱠم ر التج ارب واختب ر م رارة آالم ال يمك ن ألي آالم بش رية أن تض اھيھا ف إني ال أستطيع أن أفتح شفتي بحرف واحد من ھذه الكلمات القاسية. إن كل من يمر بتجربة ال يستنكف أن يطلب المعونة من كل من يعرفه مھم ا كب ر أو ص غر ش أنه ،فيج د قل ة م ن المخلص ين وجيش ا م ن المرتزق ة المنتفع ين الذين يعرفون جيداً كيف يستثمرون ضيقات اآلخرين الكتناز األموال. وعندئذ نتذكر ذاك كان يستطيع أن يطلب اثنى عشر جيشا ً من المالئكة ،أو حت ى س الﱠتِ ي يقبل دفاع بطرس عنه ولكنه تعفف قائالًْ » : س ْيفَ َك فِ ي ا ْل ِغ ْم ِد! ا ْل َك أْ ُ اج َع ْل َ اآلب أَالَ أَ ْ ش َربُ َھا؟«) .يو(11:18 أَ ْعطَانِي ُ
-4يعين وينجي: وب) .مز( 1 : 20 يق .لِيَ ْرفَ ْع َك ا ْ +لِيَ ْ ست َِج ْب لَ َك ال ﱠر ﱡب فِي يَ ْو ِم ال ﱢ س ُم إِل ِه يَ ْعقُ َ ض ِ يق أُ ْنقِ ْذ َك فَتُ َم ﱢج َدنِي« ) .مز( 15 : 50 َ +وا ْد ُعنِي فِي يَ ْو ِم ال ﱢ ض ِ سلِ ْمنِي ) .مز (18 : 118 ت لَ ْم يُ ْ +تَأْ ِديبًا أَ ﱠدبَنِي ال ﱠر ﱡبَ ،وإِلَى ا ْل َم ْو ِ 9 يق) ..مز(9: 9 قَ .م ْل َجأ ً فِي أَ ْز ِمنَ ِة ال ﱢ َ +ويَ ُكونُ ال ﱠر ﱡب َم ْل َجأ ً لِ ْل ُم ْن َ ض ِ س ِح ِ
صهُ )مز(6:34 ص َر َخَ ،وال ﱠر ﱡب ا ْ +ھ َذا ا ْل ِم ْ ضيقَاتِ ِه َخلﱠ َ س ِكينُ َ ستَ َم َعهَُ ،و ِمنْ ُك ﱢل ِ سو ِر َو ِجئْتُ بِ ُك ْم إِلَ ﱠي) .خر (4 : 19 َ +وأَنَا َح َم ْلتُ ُك ْم َعلَى أَ ْجنِ َح ِة النﱡ ُ وألن التعليق على كل من ھذه اآليات يستلزم كتابا ً ،فإننا نكتفى بالتعليق عل ى اآلي ة األخي رة منھ ا فق ط وھ ى قص ة تحك ى ع ن النس ور وكي ف تعل م أفراخھ ا الطيران فنحن نعلم أن النسر ھو أقوى الطيور ول ذا فھ و عن دما يطي ر ال يحت اج أن يرفرف سريعا ً بجناحيه بل يكفيه حرك ة بس يطة ولك ن قوي ة م ن جناحي ه لك ى
التجربة
22
تعزيات السماء
تحلق به في السماء .وكم داعبت خيال اإلنسان فكرة أن يستقر ف وق جن اح النس ر ليحلق به عاليا ً كما يفعل مع النسور الصغيرة. ولكن متى يفع ل النس ر ھ ذا م ع أفراخ ه الص غيرة؟؟ يفع ل ھ ذا عن دما يكب ر الص غار بع ض الش ئ ويري د أن يعلمھ م الطي ران والتحلي ق فيب دأ بوض ع بع ض األشواك في العش الدافئ ولكن النسر الصغير يفضل العش الذي يعرفه بأشواكه عن الطيران المجھ ول ومخ اطره .فيب دأ النس ر األب ف ي ھ ز الع ش الموض وع فوق جبل عال ...ومع اھت زاز الع ش يق ع الطي ر الص غير وي رى الفض اء الفس يح تحت ه شاس عا ً ،فيحل ق بأجنحت ه الض عيفة الت ي س رعان م ا تخ ور لض عفھا وقل ة خبرتھ ا ،فيب دأ رحل ة الس قوط المرع ب ويتخي ل نفس ه وھ و يھ وي محطم ا ً عل ى األرض ...ويتعجب من ھذا األب القاس ي ال ذي يرم ي ب ه إل ى التھلك ة دون ذن ب أو جريرة .وينظ ر إل ى أس فل ف ال ي رى إال الخط ر المح دق ب ه ويرف رف ق در م ا يس تطيع فيفش ل أكث ر مم ا ي نجح ...ك ل ھ ذا والنس ر األب يطي ر فوق ا ً من ه بأمت ار قليلة وعيناه مصوبتان نحوه وغريزته وخبرته تعطيه كل لحظة تقريراً عن حالة االبن المحبوب .حتى تأتي اللحظة الت ي يس تنفذ فيھ ا الص غير ك ل ق واه ويب دأ ف ي الس قوط ...فين زل النس ر األب مس رعا ً باس طا ً جناح ه الع ريض ليرتم ي الف رخ الصغير في ھذا الحضن الدافئ اآلمن ليعود ب ه إل ى عش ه ليمض ى يوم ا ً أو أيام ا ً لتبدأ بعدھا التجربة من جديد... ورغم كل ما يدور في ذھن الصغير عن قسوة ھذه الطريقة في تعلم الطيران إال أنه بعد أن يكبر ويصبح أبا ً ال يجد خيرا منھ ا لتعل يم ص غاره الطي ران ب نفس الطريقة التي كرھھا ولعنھا يوما ً ما !!
-5يعزي:
التجربة
23
تعزيات السماء
ض يقَ ٍة ضيقَتِنَاَ ،حتﱠى نَ ْ ست َِطي َع أَنْ نُ َع ﱢز َ ي الﱠ ِذينَ ُھ ْم فِ ي ُك ﱢل ِ +الﱠ ِذي يُ َع ﱢزينَا فِي ُك ﱢل ِ بِالتﱠ ْع ِزيَ ِة الﱠتِي نَتَ َع ﱠزى نَ ْحنُ بِ َھا ِمنَ ﷲِ2) ..كو( 4 : 1 ونحن ال نعرف غير طريقة واحدة نطل ب بھ ا الع زاء وھ ى ب الطبع أن يرف ع عنا التجربة ،أما ھو فله آالف الطرق ف ي التعزي ة وربم ا يك ون آخرھ ا ھ و رف ع التجرب ة ،عجي ب ھ و ذل ك اإلل ه ال ذي ي أتى ف ي الھزي ع الراب ع لرج ال أنھك تھم مكافحة الرياح واألمواج ليقول لھم "تَش ﱠَج ُعوا أَنَ ا ُھ و الَ ت ََخ افُوا" )م ت(27:14 ولس ان ح الھم يق ول طبع ا ً ل ن نخ اف ف ي اللحظ ة الت ي تھ دأ فيھ ا الري اح وتس كن األمواج ولكن ما قيمة كلمة تشجعوا اآلن ......إننا نريد عمالً ال كالما ً. ولك ن ال رب يري د أن يك ون س بب طم أنينتھم ھ و وج وده معھ م ول يس ھ دوء العاصفة فيعطيھم األھم ثم األقل أھمية. ومن العجب أن دانيال لم يبصر مالك ﷲ إال في جب األسود... والفتية الثالثة لم يروا ابن اإلله إال في األتون... والتالمي ذ ل م ي روا ال رب وھ و يس مو بجس ده ف وق ق انون الجاذبي ة إال وھ م ف يھدير العاصفة على وشك الغرق... وبنو إسرائيل لم يروا عمود السحاب إال وھم مھددون بالھالك في البرية... وغيرھم اآلالف من الشھداء والمعترفين الذين لم يروا المالئكة والقديسين ول ميختبروا فيض التعزيات إال وھم في غمرة التجربة. وأحد أعمال عدو الخير أثناء التجربة ھ و التش ويش عل ى أجھ زة االس تقبال ل دينا حت ى ال تش عر بتعزي ات ﷲ لن ا ،ل ذا يج ب أن يك ون ل دينا الح واس المدرب ة الت ي تستقبل فيض التعزي ات الت ي يرس لھا ﷲ لن ا م ن خ الل كلم ات الخ دام واألح داث المحيطة بنا.
-6يشفي ..ويحيي ..ويغـلب: التجربة
24
تعزيات السماء
ان) ..أي (18 : 5 ق َويَدَاهُ تَ ْ س َح ُ ب .يَ ْ ص ُ +ألَنﱠهُ ُھ َو يَ ْج َر ُح َويَ ْع ِ شفِيَ ِ ض ضيقَا ٍ +أَ ْنتَ الﱠ ِذي أَ َر ْيتَنَا ِ اق األَ ْر ِ ت َكثِي َرةً َو َر ِديئَ ةً ،تَ ُع و ُد فَت ُْحيِينَ اَ ،و ِم نْ أَ ْع َم ِ ُص ِع ُدنَا) .مز (20 : 71 تَ ُعو ُد فَت ْ إن ه مش ھد طبيع ي يتك رر ك ل يي وم ف ي غرف ة العملي ات فالجراح ة تب دأ بمش رط ودم اء وي رى الكثي رون ف ي ذل ك الج ﱠراح ج زاراً آدمي ا !! ولك ن المش ھد ينتھ ى بالج ﱠراح وھو يخيط الجرح بدقة وحنكة ويجفف كل قطرة دم ،ثم ي داوي ك ل أل م قد يعتري المريض بعد أن يكون قد استأصل المرض من جسده.
-7أحيانا ً يبدو وكأن ﷲ ال يتجاوب وال يتدخل : +قَ ْد ُر ِج َم نَابُوتُ َو َماتَ 1) .مل(14:21 يق؟) .مز(1:10 +يَا َر ﱡب ،لِ َما َذا تَقِفُ بَ ِعيدًا؟ لِ َما َذا ت َْختَفِي فِي أَ ْز ِمنَ ِة ال ﱢ ض ِ وس) .أع (59 :7 +فَ َكانُوا يَ ْر ُج ُمونَ ا ْ ستِفَانُ َ ف) .أع (2:12 وحنﱠا بِال ﱠ وب أَ َخا يُ َ َ◌ +قَتَ َل يَ ْعقُ َ س ْي ِ ﱡوس َوا ْل َح قﱡ، يم قَ ائِلِينَ َ »:حتﱠ ى َمتَ ى أَيﱡ َھ ا ال ﱠ س يﱢ ُد ا ْلقُ د ُ ص َر ُخوا بِ َ َ +و َ ص ْو ٍ ت ع َِظ ٍ ض؟«) .رؤ(10:6 ضي َوتَ ْنتَقِ ُم لِ ِد َمائِنَا ِمنَ ال ﱠ الَ تَ ْق ِ سا ِكنِينَ َعلَى األَ ْر ِ ولعل رد الفعل ھنا ھو األصعب على قل ب اآلب المح ب .وال أنس ى أب داً ي وم رافقت طفلتى إلى غرف ة العملي ات وب دأ طبي ب التخ دير يعب ث بإبرت ه ف ي جل دھا الرقي ق وھ ى تس تنجد ب ى بنظ رات الھل ع وص يحات االس تغاثة الص ادقة ولكنھ ا أيقنت لسبب ال تعلمه أني ال أتج اوب معھ ا ...ول م تس امحني لس نوات طويل ة.... حتى أدركت فيما بعد لماذا لم أنقذھا في ذلك اليوم.
-8يختار الوقت المناسب للحل: ضا َج َع َل األَبَ ِديﱠةَ فِي قَ ْلبِ ِھ ِم ،الﱠتِي بِالَھَا الَ يُ ْد ِر ُك سنًا فِي َو ْقتِ ِهَ ،وأَ ْي ً صنَ َع ا ْل ُك ﱠل َح َ َ + سانُ ا ْل َع َم َل الﱠ ِذي يَ ْع َملُهُ ﷲُ ِمنَ ا ْلبِدَايَ ِة إِلَى النﱢ َھايَ ِة) .جا (11: 3 اإل ْن َ ِ س َل ﷲُ ا ْبنَهُ َم ْولُودًا ِم ِن ا ْم َرأَ ٍة) .غل (4:4 ان ،أَ ْر َ َ +ول ِكنْ لَ ﱠما َجا َء ِم ْل ُء ال ﱠز َم ِ التجربة
25
تعزيات السماء
لم اذا ت أخر م لء الزم ان آالف الس نين ...وت أخر خ روج يوس ف م ن الس جن عدة سنوات ...وخروج بني إسرائيل من مصر مئات السنين؟ كلھا أسئلة تط رق عقولنا بشدة ،ولكنن ا ونح ن نعل م أن الي وم الواح د عن د ال رب ك ألف س نة واألل ف سنة كيوم إال أنه وإن تمھـ ﱠل ال ينسى ....وإن تأنـ ﱠى فإنه ال يتغافل.
-9قد يعطينا رداً ...ولكنه قد ال يكون شافيا ً لنا: َن ص َوطُ ُرقَهُ ع ِ َن ا ْلفَ ْح ِ ق ِغنَى ﷲِ َو ِح ْك َمتِ ِه َو ِع ْل ِم ِه! َما أَ ْب َع َد أَ ْح َكا َمهُ ع ِ +يَا لَ ُع ْم ِ شي ًرا؟ ) رو(34 -33: 11 اال ْ صا ِء! »ألَنْ َمنْ ع ََرفَ فِ ْك َر ال ﱠر ﱢب؟ أَ ْو َمنْ َ ستِ ْق َ صا َر لَهُ ُم ِ س تَ ْف َھ ُم فِي َم ا سو ُ ع َوقَا َل لَهُ :لَسْتَ تَ ْعلَ ُم أَ ْنتَ اآلنَ َما أَنَا أَ ْ اب يَ ُ صنَ ُعَ ،ول ِكنﱠ َك َ +أَ َج َ بَ ْع ُد ) يو ( 7 : 13 "+إنْ َج َريْتَ َم َع ا ْل ُمشَا ِة فَ أ َ ْت َعبُوكَ ،فَ َك ْي فَ تُبَ ا ِري ا ْل َخ ْي َل؟ َوإِنْ ُك ْن تَ ُم ْنبَ ِط ًح ا فِ ي سالَ ِم ،فَ َكيْفَ تَ ْع َم ُل فِي ِك ْب ِريَا ِء األُ ْردُنﱢ ؟" )إر(5 :12 ض ال ﱠ أَ ْر ِ كأّن ﷲ يعاتب إرميا النب ي ق ائالً ل ه :لم اذا ض عفت أم ام مقاوم ة األش رار؟أال تذكر كيف دعوتك ووعدتك إني أكون معك؟! فلماذا يتسرب اليأس إلى قلبك؟ انتظر لترى دوري ،وال تتعجل النتائج في حياتك ,إنك حتى اآلن قد "جريت مع المشاة فأتعبوك" ،لكنني أجعلك تبارى الخيل .أنت اآلن في أرض السالم نسبيًا، إنني أسندك حينما تدخل في األحزان الشديدة التي تجتاح األرض ككبرياء األردن ..ھذه معامالت ﷲ معنا ،ال يدفعنا دفعة واحدة لنباري الخيل ،بل يختبرنا أوالً بالحرى مع المشاة .ال يسمح لنا أن نلتقي بنھر األردن في حالة فيضانه لمواجھة تياراته ولججه ،بل أن ُنجرب أوالً في أرض السالم وسط أحبائنا.
-10يحمل العقاب بدالً منا: ش ْونَ فِ ي اظ ٌر أَ ْربَ َع ةَ ِر َج ال َم ْحلُ ولِينَ يَتَ َم ﱠ +أَ َج َ اب )نبوخذنصر( َوقَا َل» :ھَا أَنَا نَ ِ ض َر ٌرَ ،و َم ْن َ شبِيهٌ بِا ْب ِن اآللِ َھ ِة«) .دا ( 25 : 3 ابع َ س ِط النﱠا ِر َو َما بِ ِھ ْم َ َو َ ظ ُر ال ﱠر ِ يح ألَ ْجلِنَا)..رو(8:5 س ُ َ +ول ِكنﱠ ﷲَ بَيﱠنَ َم َحبﱠتَهُ لَنَا ،ألَنﱠهُ َونَ ْحنُ بَ ْع ُد ُخطَاةٌ َماتَ ا ْل َم ِ التجربة
26
تعزيات السماء
كثيراً ما يشعر ال ُم َج رﱠب أن ه يتحم ل عقاب ا ً قاس يا ً ....ولك ن إذا أخ ذنا بط رس ص لِب م نكس ال رأس ف ي ش يخوخته ...ولك ن آالم ه الرس ول كمث ال وھ و ال ذي ُ ال تق ارن ب آالم رب المج د ال ذي حم ل عل ى كاھل ه خطاي ا البش رية كلھ ا ف الرب يحمل عنا عقابنا ال ذي ال نس تطيع أن ندفع ه ،ول ذا نالح ظ أن نبوخ ذ نص ر رأى أربع ة يمش ون ف ي الن ار ثالث ة م نھم خرج وا أم ا الراب ع – اب ن ﷲ -فق د ظ ل في األتون!
-11يتدخل بالمعجزات : +أمثلة ال حصر لھا في الكتاب المقدس بعھديه. ولن نتوقف طويالعند ھذه النقطة -ليس شكا ً فيھا -ولك ن ألن كث رة الح ديث عنھا جعل الكثيرين يعتقدون أن ھ ذه ھ ي القاع دة الت ي يتعام ل بھ ا ﷲ م ع أبنائ ه فظنوا بالخطأ أن االستثناء )المعجزة( ھو القاعدة فإن اتض ح أن لل رب رأي ا ً آخ ر يشعر الشخص أن الرب قد خذله وفضـ ﱠل اآلخرين عليه !!
-12يجازي المضايقين : ضيقًا2) .تس (6 :1 +إِ ْذ ُھ َو عَا ِد ٌل ِع ْن َد ﷲِ أَنﱠ الﱠ ِذينَ يُ َ ضايِقُونَ ُك ْم يُ َجا ِزي ِھ ْم ِ وھنا نأتى لموق ف ش ائك ،فإلھن ا ال يس ر بم وت الخ اطئ مثلم ا يرج ع ويحي ا. وال يسر بموت شاول الطرسوسى بل بتحوله إلى بولس الكارز. ولكن ماذا لو رفض شاول؟ ماذا لو عاند الرؤيا السماوية وأص ر عل ى المك ابرة؟ إن كن ت ال ت دري فابح ث ع ن مص ير فرع ون وھام ان وھي رودس ودقل ديانوس وغيرھم لتعرف أن ﷲ وإن كان يتأنى إال أن أنات ه ال تعن ى حف ظ القض ية ولك ن تعنى انتظار الوقت المناسب للحكم بعد أن يھب المذنب فرص التوبة كاملة.
التجربة
27
تعزيات السماء
اختبارات من عمق المحنة ھ ذه اآلي ة طالم ا قرأتھ ا ولك ن بالتجرب ة وج دتھا تـ ُ ـقرأ ھك ذا يج
رح ..........................................................ويعص
ب،
يس
داه تش
فيان،
حق ....................................................وي
ف الزمن يم ر بطيئ ا ج دا عل ى الش خص ال ُم َج ﱠرب ،ال يمك ن قياس ه باألي ام أوالشھور ولكن له مقياسا ً خاصا ً .قد تكون الفمتو ثانية ھي أص دق وح دة تص لح لقياس الزمن بالنسبة للشخص المجرب!! في بداية التجربة كنت أشعر أني مثل شخص كان يجل س ف ي حج رة مض يئة وحوله عدة أجھزة كھربائية تعمل كلھا بكفاءة ....وفجأة انقطع التي ار الكھرب ائي فوجد نفسه في ظ الم دام س يتخ بط وتتعث ر خطوات ه وي تل ﱠمس أي ة نقط ة مض يئة تعينه على أن يبدأ مشواره ،فإن وجدھا تصبح كنزاً بالنسبة له. ففي البداية اعتبرت تجربتى ھي أسوأ ما يمكن أن يم ر ب ه إنس ان ،واكتنفتن ي مش اعر اإلحب اط والت ذمر ،وبع د قلي ل أدرك ت أنن ى أفض ل م ن غي ري كثي راً وأن تك اليف الع الج -الت ي ال ت ؤرقني كثي را -تش كل كابوس ا ً مخيف ا ً ألغلبي ة المرض ى فب دأت أش كر ﷲ عل ى نعمت ه الس خية ،وأص لي وأش ارك اآلخ رين في احتياجاتھم. وكثيراً ما كنت أتص ور أن المعج زة ھ ي الت ي تح دث ف ي لحظ ة خارق ة وإال لم ا اعتبرناھ ا معج زة ...ولكنن ي ف ي ھ ذه المحن ة اختب رت المعج زة الدائم ة. فكنت أقارن حالي في أول التجربة بحالي الي وم ،فأج د نفس ي أفض ل ح االً وأرى يد الرب تعمل وتتمم كل شيء. ولطالم ا ح اول إبل يس -وم ازال يح اول -أن يس رق من ي برك ة التجرب ة واالحتمال ،سواء بالتوتر والعصبية أو بالقلق والتذمر ،ولكن الرب كان يغمرن ي التجربة
28
تعزيات السماء
بشعور رائع ،فيشعرني أنه قد اختصني بھذا االمتحان ألن ه رآن ي م ؤھالً للنج اح فيه ،وأنني يجب أن أكون عند حس ن ظن ه فأب ذل قص ارى جھ دي وأواظ ب عل ى طلب المعونة اإللھية والرجاء الثابت. وأش عر حالي ا أنن ى أداة ف ي ي د ﷲ يس تخدمني ل يعظ ب ي اآلخ رين ،مص داقا يحَ ،ك أَنﱠ ﷲَ يَ ِع ظُ بِنَ ا )2ك و.(20:5 لكلمات ه :إِ ًذا نَ ْ س َعى َك ُ س فَ َرا َء َع ِن ا ْل َم ِ س ِ فيا لھذه البركة التي ال أستحقھا ،اجعلني يا رب أداة طيعة بين يديك. وفى ھذه المحنة رأيت أناسا ً كنت أظنھم بعيدين عني جداً فإذا بھم أق رب مم ا أتخيل ....وبقدر م ا عزان ي ھ ذا االكتش اف بق در م ا أحزنن ي نقيض ه مم ن كن ت أظن أنھم سيكونون بجواري دائما فخذلني تجاھلھم... وأن ا اآلن أت ذكر ك م المل ل والس أم ال ذي ك ان يص يبني م ن حي اتي الروتيني ة في األيام السالفة ....واآلن كم أشتاق لتلك الحياة الروتينية! من يھبنى نصف ي وم من تلك األيام التي كنت أظنھا مملة؟ التجربة طريق طوي ل وال ب د أن أمش يه بمف ردى وال يش اركني في ه إال ال رب يسوع .وق د تعلم ت أن أس ير في ه دون ت ذمر أو ت أفف ألن ھ ذا يزي د م ن وع ورة الطريق وصعوبته. واآلن مرت سنوات ...ورُفـِ َعت عني التجربة ...وأصلي كثيراً متسائالً: ھل ُرفِ َعت ألني رسبت في االمتحان ولم أحصل حتى على ثالثين من المائة؟ أم ألني ال أستحق ھذه البركة لشكواي وتذمري؟ ..أم اني لم أقدم كل ما عندي؟ ولكني في النھاية أثق ف ي رحمت ك ي ا رب وقبول ك لك ل ش يء حت ى ل و ك ان تعب ا ً بسيطا ً أو كوب ماء بارد أو كلمة طيبة ...على ھذا ألقي رجائي واتكالي.
التجربة
29
تعزيات السماء
" صــالة الحتمال الـتــجربـة " خير لي يا رب إني تذللت كي أتعلم فرائضك، لقد جاءت الساعة التي فيھا أحني رأسي تحت عصا تأديبك، فألتمس اآلن حنوك ورحمتك. وإذا كان البد من حلول التجارب في ھذه الحياة، فعلمني يا رب أن أقبلھا بشكر واحتمال بصبر جميل كي تكون دوا ًء شافيا ً لي. ى، ھا أنا بين يديك ،فاجرح واعصب وداو كلوم نفسي ،لكي تشفق عل ﱠ ِ ھناك إلى األبد كن معي كأب رؤوف أدبني برحمتك وحنوك كقاض عادل. وارحمني وال تعاقبني ٍ إني أعلم يا رب أن آالم الزمان الحاضر ال تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا. فھبني نعمتك لكي أرتضي بكل ما أتيتني به من محن وتجارب وأوجاع كعالمة حسنة لتأديبي. علمني أن أخضع لمشيئتك ...فليكن ھكذا كما رسمت عنايتك. من يقدر أن يمنع يدك أو يقول لك ماذا تفعل؟ فقط أعطني نعمتك وظللني تحت حمايتك ورعايتك .آمين.
التجربة
30
تعزيات السماء
لماذا يسمح ﷲ باآلالم؟ ق د يك ون ھ ذا الس ؤال م ن أكث ر األس ئلة ش يوعا ً وص عوبة :لم اذا يس مح ﷲ وھو مح ب لبش ر ال ذي يج د لذات ه معھ م -ورغ م ذل ك يس مح ب الحزن واألل م؟بالدمع والدم؟ بالمرض والموت ؟ لماذا يسحق الظلم األبري اء؟ وتل تھم الك وارث الصالح مع الطالح واألبرار مع األشرار؟ وتتك رر الحي رة م ع وداع ش اب اختطف ه الم وت ف ي حادث ة س يارة ،أو عاھ ة مس تديمة لش خص ص الح ،أو والدة طف ل ب ريء مع وق ب ال أم ل ف ي الش فاء، أو ظلم إلنسان بريء ،أو مرض مفاجىء مؤلم يعجز عن عالجه الطب ...إلخ. والواقع أننا لسنا مكان ﷲ لنعرف اإلجابة على ھذا السؤال .....بل إن كل من يتس اءل "لم اذا يفع ل ﷲ ك ذا أو ك ذا" فھ و ع ادة ل ن يج د إجاب ة ش افية وافي ة ع ن سؤاله .فما أبعد أحكامه عن الفحص ...ب ل حت ى ف ي أم ور ال دنيا ،ھن اك الكثي ر من القوانين العلمية نعرفھا وال نقدر أن نفسرھا فما بالكم بإرادة ﷲ!! وھ ذه المقدم ة ليس ت تھرب ا ً م ن اإلجاب ة ألن ب ولس الرس ول نفس ه يق ر ھ ذا الواقع فيقول " فَإِنﱠنَا نَ ْنظُ ُر اآلنَ فِي ِم ْرآ ٍة ،فِي لُ ْغ ٍز ،ل ِكنْ ِحينَئِ ٍذ َو ْج ًھا لِ َو ْج ٍه .اآلنَ سأ َ ْع ِرفُ َك َما ُع ِر ْفتُ 1) ".كو (12 :13 ض ا ْل َم ْع ِرفَ ِة ،ل ِكنْ ِحينَئِ ٍذ َ أَ ْع ِرفُ بَ ْع َ أي أن إجابة السؤال تحتاج إيمانا ً أكثر مما تحتاج فھما ً ,لذا قال أحدھم: "إنني أؤمن بالشمس حتى إذا غابت ،وأؤمن بالمحبة حتى إذا ندرت ،وأؤمن ص َمتَ !" ...فاإليمان ليس إلغاء العقل بل السمو فوق العقل. با حتى ولو َ وما نذكره ھنا ھو مجرد محاولة متواضعة لإلجابة على ھذا السؤال العسير ..قد ال تقنع عقل القارئ ولكنھا بالقطع تفتح لقلبه باب اإليمان الذي يستطيع أن يدرك به ما ال يدركه بالعيان. لماذا األلم؟ السماء
33
تعزيات
وبداية ..نرد على السؤال بسؤال آخر ..ھل األلم -الذي نكرھه جميعا ً -ش ر حقيقى ،أال توجد أى قيمة إنسانية لھذه اآلالم؟!! واإلجاب ة أن األل م ض رورة م ن ض رورات الحي اة البش رية ينبھن ا إل ى وج ودالمرض ويستحثنا للبحث عن عالج فوري ....وال انسى أبداً قصة ذلك الم ريض الذي أصيب بمرض في العصب الذي ينقل اإلحساس واأللم من العين إلى الم خ. وبع د فت رة – وف ي ي وم عاص ف مت رب – دخل ت ذرة رم ل ف ي عين ه المريض ة وھ و ال يش عر ب ألم ،وال ت دمع عين ه لتط رد ذل ك الجس م الغري ب ال ذي اس تمر أسبوعا ً يجرح عينه مع كل رمشة من جفنه ....حتى تقرح ت القرني ة واحم رت الع ين بش دة ،فب دأ رحل ة الع الج مت أخراً وأمض ى ش ھوراً ب ين ال دواء والعملي ات إلنقاذ ما يمكن إنقاذه ....يا ﷲ ...كم ھو عظيم ذلك األلم !!! والتعب أيضا ً نوع من األلم .ولكنه الزم للتفوق والتميز في الدراسة والعمل. والعقاب نوع من األلم ولكنه ضرورة للتربية والتقويم واإلدارة والقيادة. وآالم التجارب ...من الناحية الروحي ة ...أق وى داف ع للج وء ال ى ﷲ ..والتفكي رفي الحياة األخرى والسعي نحو أبدية سعيدة. ◄فق د يظ ل اإلنس ان بعي داً ع ن ﷲ ال ى أن يُج َرب ...فيش عر بعج زه وض عفه فيصرخ طالبا ً المعونة ...ال من إنسان ،ولكن ممن ھو أقوى وأقدر من الكل. ◄وبالنسبة لإلنسان التقي فاأللم يدفعه لمزيد من التقوى والصالة. ◄األلم ...عامة ...ھو أقوى محرك للتغيير ...والتغيير ھو سمة الحياة وأجمل ما فيھا ...وعادة ما يكون التغيير إلى األفضل. ◄واألل م ...يح ول اإلنس ان م ن أنانيت ه وس طحيته وطمع ه... إل ى الح ب والعم ق والعط اء ...ويض يف لإلنس ان الكثي ر م ن الفض ائل والمثاليات..الص
بر ..الحكم
ة ..الرج
اء ..اإلحس
اس ب
اآلخرين..
التدقيق مع النفس. لماذا األلم؟ السماء
34
تعزيات
كل أعمال الخير في ھذه الحياة ُولِ َدت من رحم األلم... فك ل الھيئ ات والمؤسس ات والمراك ز المنش غلة بالرحم ة ھ ي موجھ ة ال ى آالم المرضى والفقراء والمسنين والمعوقين وغيرھم من المعوزين. ث م أن األل م ...ف ي ھ ذه الحي اة األرض ية ...يس تدعي دائم ا التفكي ر ف ي حي اة أخرى بال ألم ،ويجعل قضية الحياة األبدية نصب العين والتأمل والرجاء. وأخيراً فإن ﷲ قد يستخدم الشخص المـ ُ َجرﱠب كعظ ة ودرس تعزي ة آلخ رين ال يعرفھم وال يستطيع الوصول إليھم فيكون خير سفير وخير عظة. +معنيان مختلفان للتجارب : تستخدم كلمة التجربة في الكتاب المقدس بمعنيين مختلفين .المعنى األول ھو االمتحان ويسمح به ﷲ للمؤمنين الذين يثق في قدرتھم على النجاح -كما حدث مع أبينا إبراھيم يوم ذبح إسحق -ويقول معلمنا يعقوب عن ھذا النوع من ح يَا إِ ْخ َوتِي ِحينَ َما تَقَ ُعونَ فِي ت ََجا ِر َب التجارب" :اِ ْح ِ سبُوهُ )اعتبروه( ُك ﱠل فَ َر ٍ ص ْب ُر ص ْب ًراَ .وأَ ﱠما ال ﱠ ش ُئ َ )امتحانات( ُمتَنَ ﱢو َع ٍة،عَالِ ِمينَ أَنﱠ ا ْمتِ َحانَ إِي َمانِ ُك ْم يُ ْن ِ َي ٍء.... فَ ْليَ ُكنْ لَهُ َع َم ٌل تَا ﱞم ،لِ َك ْي تَ ُكونُوا تَا ﱢمينَ َو َكا ِملِينَ َغ ْي َر نَاقِ ِ صينَ فِي ش ْ طُوبَى لِل ﱠر ُج ِل الﱠ ِذي يَ ْحتَ ِم ُل التﱠ ْج ِربَةَ ،ألَنﱠهُ إِ َذا تَ َز ﱠكى )نجح( يَنَا ُل »إِ ْكلِي َل ا ْل َحيَا ِة« الﱠ ِذي َو َع َد بِ ِه ال ﱠر ﱡب لِلﱠ ِذينَ يُ ِحبﱡونَهُ) . .يع 4 -2 : 1و (12:1 أما المعنى الثاني فھو اإلغراء بالخطية ويقوم به إبليس الذي ال يكل وال يمل من إغراء المؤمنين بمختلف أنواع الخطايا ،ويقول عنه معلمنا يعقوب: "الَ يَقُ ْل أَ َح ٌد إِ َذا ُج ﱢر َب )وقع في الغواية(» :إِنﱢي أُ َج ﱠر ُ ب ِمنْ قِبَ ِل ﷲِ« ،ألَنﱠ ﷲَ ب أَ َحدًا) .ال يغري أحداً بالخطية( َول ِكنﱠ ُك ﱠل ب ِبال ﱡ ش ُرو ِرَ ،و ُھ َو الَ يُ َج ﱢر ُ َغ ْي ُر ُم َج ﱠر ٍ ش ْھ َوةُ إِ َذا َحبِلَتْ تَلِ ُد ش ْھ َوتِ ِه .ثُ ﱠم ال ﱠ ب )يـُغ َوى( إِ َذا ا ْن َج َذ َب َوا ْن َخ َد َع ِمنْ َ اح ٍد يُ َج ﱠر ُ َو ِ َخ ِطيﱠةًَ ،وا ْل َخ ِطيﱠةُ إِ َذا َك َملَتْ تُ ْنتِ ُج َم ْوتًا) .يع (16-13 :1
لماذا األلم؟ السماء
35
تعزيات
التجربة من ﷲ ...عندما نقبلھا بإيمان وتواضع وصبر ورجاء ...تتح ول إل ى تزكية وإكليل وفرح أبدى. والتجربة من الشيطان ...نقع فيھا بش ھواتنا وإرادتن ا وعن اد قلوبن ا ...لتتس بب في مزيد من اآلالم كنتيجة حتمية للخطية ،وتكون عاقبتھا موتا ً أبديا ً. إذاً فالتج ارب )االمتحان ات( الت ي يس مح بھ ا ﷲ ق د ت أتي ألس باب كثي رة أشھرھا التنقية والترقية: للتنقية :أحيانا ً يج د ﷲ أن أوالده بھ م خطي ة تقي دھم وق د تض يع أب ديتھم ،فيلج أإلى التجارب ليخلصھم منھا ...وھكذا كانت التجارب المري رة الت ي م ر بھ ا داود النبي لتنقيه من الخطية التي لوثت طھارته ،والتجارب التي م ر بھ ا أي وب لتنقي ه من البر الذاتي الذي يھدد أبديته ،ھكذا يسمح ﷲ ألوالده بالتجارب ليخلصھم م ن قيود الخطية القاتلة للنفس. للترقي ة :ق د يس عى ﷲ أن يك افئ شخص ا ً بترقيت ه إل ى درج ة أعل ى فيبع ث ل هتجربة ،تشبه االمتحان الذي يجتازه الطالب لينتقل إلى ش ھادة أعل ى ....علم ا ً أن ﷲ ال يرس ل ھ ذا الن وع م ن التج ارب إال لم ن يث ق ف ي قدرت ه عل ى اجتي از االمتح ان ،كم ا فع ل م ع أبين ا إب راھيم ي وم طل ب من ه ذب ح إس حاق وم ع الم رأة الكنعانية يوم قال لھا ال يؤخذ خبز البنين ويطرح للكالب. ويدرك طلبة الدراسات العليا أنه شرف عظ يم أن ينص حھم أس اتذتھم ب دخول االمتحان مما يعني ثقته فيھم ..أم ا ال ذي ينص حونه بع دم دخ ول االمتح ان ف يفھم ضمنا ً أنه ما زال بعيداً عن المستوى الالئق للترقية! كما أننا ب آالم ھ ذه التج ارب نحمل الصليب مع الرب ،ونتع زى بكلم ات معلمن ا بط رس " :إِنْ ُك ْن تُ ْم تَتَ أَلﱠ ُمونَ يح َصبِ ُرونَ ،فَھ َذا فَ ْ عَا ِملِينَ ا ْل َخ ْي َر فَت ْ س َ ض ٌل ِع ْن َد ﷲِ ،ألَنﱠ ُك ْم لِھ َذا ُد ِعي تُ ْم .فَ إِنﱠ ا ْل َم ِ ض ا تَ أَلﱠ َم ألَ ْجلِنَ ا ،تَا ِر ًك ا لَنَ ا ِمثَ االً لِ َك ْي تَتﱠبِ ُع وا ُخطُ َواتِ ِه" )1ب ط.(22-21 :2 أَ ْي ً ت َكثِي َر ٍة يَ ْنبَ ِغي أَنْ نَد ُْخ َل َملَ ُكوتَ ﷲِ" )أع.(22:14 ضيقَا ٍ عالمين أننا "بِ ِ لماذا األلم؟ السماء
36
تعزيات
ش ُئ لَنَا أَ ْكثَ َر فَأ َ ْكثَ َر ثِقَ َل َم ْج ٍد أَبَ ِديًّا2) ".ك و.(17:4 ضيقَتِنَا ا ْل َو ْقتِيﱠةَ تُ ْن ِ وأن" ِخفﱠةَ ِ ستَ ْعلَنَ فِينَا" )رو.(18:8 اس بِا ْل َم ْج ِد ا ْل َعتِي ِد أَنْ يُ ْ اض ِر الَ تُقَ ُ ان ا ْل َح ِ وأن"آالَ َم ال ﱠز َم ِ +التجربة وآالمھا ..فرصة لقاء مع ﷲ : س ِم ْعتُ َع ْن كََ ،واآلنَ س ْم ِع األُ ُذ ِن قَ ْد َ ھكذا اعترف أيوب أخيرا )بعد التجربة( ":بِ َ َرأَ ْت َك َع ْينِي " )أى(5 :42 قد يشك الطفل في حب والديه ..أثناء تأديبھما له ..ولكن عندما يكبر يشكر والديه على تأديبھما له ويستخدم معظم ھذه الوسائل مع أبنائه. ونحن أيضا ً قد نحرم من رؤية ﷲ أعواما ً عديدة ثم نراه واضحا ً في أثناء يق أُ ْنقِ ْذ َك فَتُ َم ﱢج َدنِي" )مز(15 :50 التجارب واآلالمَ " ..وا ْد ُعنِي فِي يَ ْو ِم ال ﱢ ض ِ فيصير وقت الضيق ھو سبب مجد
وألوالده.
واألل م فرص ة للتمت ع بق وة ﷲ ف ي الض عف ...فح ين اش تكى ب ولس الرس ول وتض رع ث الث م رات أن يفارق ه األل م ...ج اءه ال رد الس ماوي الحك يم" :تَ ْكفِي َك ض َعفَاتِي، س ُرو ٍر أَ ْفت َِخ ُر بِا ْل َح ِر ﱢ نِ ْع َمتِي ،ألَنﱠ قُ ﱠوتِي فِي ال ﱠ ف تُ ْك َم ُل« .فَبِ ُك ﱢل ُ ي فِي َ ض ْع ِ س ﱡر يح ".ف أعلن ابتھاج ه وش كره ق ائالً "لِ ذلِ َك أُ َ لِ َك ْي ت َِح ﱠل َعلَ ﱠي قُ ﱠوةُ ا ْل َم ِ س ِ يح .ألَنﱢ ي ت َوال ﱠ ت َو ْ ت َوال ﱢ شتَائِ ِم َوال ﱠ بِال ﱠ ت ألَ ْج ِل ا ْل َم ِ ضيقَا ِ االض ِط َھادَا ِ ض ُرو َرا ِ ض َعفَا ِ س ِ ي 2) ".كو (10-9 :12 ض ِعيفٌ فَ ِحينَئِ ٍذ أَنَا قَ ِو ﱞ ِحينَ َما أَنَا َ ورغم كل ما شرحناه يظل السؤال يطرح نفسه بإلحاح :إذا كان يحبنا حقا ً فلماذا يسمح لنا باجتياز اآلالم؟! إن ﷲ قد يسمح لنا بالحزن ولكنه ال يتركنا حزانى ...بل يمد يده ويغمرنا بمراحمه وتعزياته التي قد تجعل اإلنسان يقبل األلم حتى يحصل على التعزيات الحلوة! ولنسمع ھذه القصة على لسان طفل ال يعرف الكذب حتى ندرك المعنى: "انزعج أبواي بشدة عندما أخبرھما الطبيب أنني أعاني من حمى روماتيزمية، وقال لھما كالما ً كثيراً لم يھمني منه سوى الحكم القاسي الذي أصدره بأنني لماذا األلم؟ السماء
37
تعزيات
يجب أن آخذ حقنة بنسلين كل شھر لعدة سنوات ....وآآآه منھا تلك الحقنة... ألمھا ال يطاق! ...وكان أبي دائم االنشغال كثير السفر ،ولكنه ھو الذي يقوم بھذه المھمة البغيضة أول كل شھر ،فيأخذ أجازة في ذلك اليوم المھيب ويمضيه كله معي ونذھب بعد الحقنة لمحل لعب األطفال ألشتري ما يروقني وأمضي كل اليوم ألعب مع أبي الذي أفتقده باقي أيام الشھر ....لست أدري ...ھل أحب تلك الحقنة أم أكرھھا ...أعتقد أنني بدأت أحبھا!!" عزيزي القارئ أكاد أسمعك تقول ":آسف ....لم أقتنع!" معك حق فأنا ال أسعى إلقناعك بل لفتح باب اإليمان .وصدقني أن ه ح ين يض طر ج راح م اھر أن يتعام ل م ع ورم خبي ث فإن ه ال يس تطيع أن يش رح ك ل تفاص يل الجراحة للمريض ،ولكنه يأخذ منه إقراراً بالتدخل وعمل الالزم أثناء العملية. فإذا كنا ال نفھم منھج عالج أجسادنا على األرض ،فكيف نفھم عالج أرواحنا؟ إن عدم الفھم الكام ل لس ر األل م ال يعن ي أن ه أم ر عش وائي ،أو أن ﷲ يتخ بط فيما يصنعه بال معنى ،ولكنه ببساطة يعني عدم قدرتنا على فھ م مش يئة ﷲ ال ذي ض ،ھ َك َذا َعلَ تْ طُ ُرقِ ي َع نْ ت ال ﱠ قال عن نفس ه "ألنﱠ هُ َك َم ا َعلَ ِ س َما َواتُ َع ِن األَ ْر ِ طُ ُرقِ ُك ْم َوأَ ْف َكا ِري عَنْ أَ ْف َكا ِر ُك ْم) ".إش .(9 :55 وإذا كان ﷲ لم يعطن ا إجاب ة ش افية وافي ة تش رح س ر األل م ...إال أن ه بص ليبه يعطي ما ھو أھم من اإلجابة ،يعطي العزاء والمشاركة والمعونة. فصليب المسيح حسب إيماننا ھو اختيار من ﷲ أن يتألم مع اإلنسان وعنه. وھو أصعب أنواع األلم الذي قبله ﷲ لكي يريه فرح قيامته ،ويرفع ه م ن حزن ه وألمه إلى الثقة في القيامة والنصرة والحياة األخرى. ومن جھة أخرى ،فإن إنكار وج ود ﷲ ...يجع ل قض ية األل م مخيف ة ب األكثر، حيث ال رجاء وال عزاء بل يأس مطلق قد يقود اإلنسان إلى االنتحار.
لماذا األلم؟ السماء
38
تعزيات
وھنا قد ينشأ سؤال آخر ..ماذا لو تسبب األلم في إلحاد اإلنسان والبع د ع ن ﷲ كنوع من االعتراض والحيرة أو اليأس أو التجديف ؟! يحدث ھذا أحيانا ً .فالتجارب القاسية تجعل اإلنس ان يت ذمر متم رداً رافض ا ً األم ر الواق ع وي تھم ﷲ بالقس وة .ولكن ه بع د قلي ل يتراج ع باحث ا ً ع ن الس ند والع زاء واإليمان في حضن ﷲ مما يھبه القدرة على الصبر واإلحتمال. ولك ن حت ى ل و اس تمر ال رفض فھ ذا ال يعن ى بالض رورة أن األل م أض ر باإلنس ان ب ل م ا أض ره ھ و اختي اره لموقف ه ،فال ذين يح اولون أن يحمل وا آالمھ م بدون ﷲ يسقطون تحت ثقلھا ،أم ا ال ذين ي أتون بأحم الھم الثقيل ة ال ى ﷲ ...ف إنھم الَ ،وأَنَ ا يجدون راحة لنفوسھم"تَ َع الَ ْوا ال ذي يَ ا َج ِمي َع ا ْل ُم ْت َعبِ ينَ َوالثﱠقِيلِ ي األَ ْح َم ِ يح ُك ْم". أُ ِر ُ )مت (29-28 :11
لماذا األلم؟ السماء
39
تعزيات
لماذا األلم؟ السماء
40
تعزيات
قالوا عن الضيقات فال
+إن الضيقة سميت ضيقة ألن القلب ضاق عن أن يتسع لھا .أما القلب الواسع يتضيق بشيء.حقا ً إن القلب الكبير يفرح بكل شيء ،ويشكر اللـه على كل شيء وال يتضايق أبــداً مــن شــيء،مھمــا كــانت األمــور. )البابا شنودة الثالث( +إذا أتت عليك تجربة فال تبحث عن سببھا...بل احتملھا بدون حزن. )القديس مرقس( +اإلنسان الروحي ال يتعب من الضيقات .وإنما يأخذ ما فيھا من فائدة روحية. ويفرح باألكاليل التي ينالھا باحتمال التجارب .ال تھزه التجربة. إنما في التجربة يختبر حياة االنتصار الروحي عليھا،ويختبر كيف أن اللـه يقوده في موكب نصرته) .البابا شنودة الثالث( +بمقدار الحزن والضيقة تكون التعزية ،ألن ﷲ ال يعطي موھبة كبيرة إال بتجربة كبيرة) .القديس مارإسحق السرياني(. +إذا شاء ﷲ أن يريح أبناءه الحقيقيين ال يرفع عنھم التجارب ...بل يعطيھم قوة ليصبروا عليھا) .القديس مارإسحق السرياني(. +الترجمة الروحية لكلمة ضيقات تعني بركات وأكاليل... وھذه ھي اللغة الروحية والذي يترجمھا غير ذلك يتعب. )قداسة البابا شنودة الثالث(
لماذا األلم؟ السماء
41
تعزيات
" معزون متعبون " بعد أن داھمت التج ارب أي وب زاره أص حابه فھ الھم م ا أص ابه م ن ك وارث وأم راض فظل وا ص امتين أس بوعا ً ك امالً ....وك ان ص متھم ھ و أفض ل تعزي ة استطاعوا أن يقدموھا له ،ألنھم عندما تكلموا تب اروا ف ي ش رح أس باب التج ارب الت ي أص ابته ،فأك د أليف از التيم اني أن "أي وب يت ألم نتيج ة خطاي اه" وبلدد الشوحي يقول "ليس فقط ألنه اخط أ ب ل ب األحرى ألن ه ي رفض االعت راف بخطاي اه" ويزاي د عل يھم ص وفر النعم اتي في دعي أن "خطي ة أي وب تس تحق المزيد من اآلالم !" فتسبب كالمھم في زيادة آالمه وانفجر فيھم قائال: غ؟ »قَ ْد َ س ِم ْعتُ َكثِي ًرا ِم ْث َل ھ َذاُ .م َع ﱡزونَ ُم ْت ِعبُونَ ُكلﱡ ُك ْم! َھ ْل ِمنْ نِ َھايَ ٍة لِ َكالَ ٍم فَا ِر ٍ أَ ْو َما َذا يُ َھيﱢ ُج َك َحتﱠى ت َُجا ِو َب؟ )لماذا تجاوبني بھذا الھياج( س ُر َد س يَ ،وأَنْ أَ ْ ض ا أَ ْ س ت َِطي ُع أَنْ أَتَ َكلﱠ َم ِم ْثلَ ُك ْم ،لَ ْو َكانَ تْ أَ ْنفُ ُ أَنَ ا أَ ْي ً س ُك ْم َم َك انَ نَ ْف ِ ش ﱢد ُد ُك ْم بِفَ ِم ي، س ي إِلَ ْي ُك ْم) .كناي ة ع ن الل وم( بَ ْل ُك ْن تُ أُ َ َعلَ ْي ُك ْم أَ ْق َواالً َوأُ ْن ِغ َ ض َر ْأ ِ س ُك ُك ْم) .أعزيكم( )أيوب (5-1 :16 )أشجعكم( َوتَ ْع ِزيَةُ َ شفَتَ ﱠي تُ ْم ِ وعندما ينفجر أبو الص ابرين ف ي أص حابه بھ ذه الكلم ات الت ي تقط ر م رارة فإننا ال ب د أن نتري ث كثي راً ل ئال نك ون م ثلھم وينطب ق علين ا ھ ذا الق ول الص ادق "مع زون متعب ون" ....وك ل م ن م ر بتجرب ة أليم ة ي ذكر جي داً كي ف تمن ى لو أن بعض المعزين لم يأتوا لزيارته أصالً ً◌. ومن أول الدروس المفيدة التي يتعلمھا طالب الط ب ھ و " :إن ل م تس تطع أن تفيد المريض ...فعلى األقل ال تضره!" ولذا فقبل أن ن ذھب لنش د أزر الم ريض والسجين واألرملة والثكلى التي فقدت ابنھا يجب أن نتعلم كيف نعزيھم. في البدء ن ود أن نؤك د أن الموض وع يحت اج للكثي ر م ن الحكم ة اإللھي ة الت ي نطلب من القدير أن يھبنا إياھا لئال نجلب على الحزين مزيداً من األتعاب. رسائل تعزية... السماء
43
تعزيات
وم ن ي ذھب للع زاء يج ب أن يك ون فطن ا ً حساس ا ً ...ف الحزين ق د تجرح ه الكلمات المحفوظة المك ررة ،وتجرح ه كلم ات التعزي ة المثالي ة الت ي ت أبى علي ه الح زن واألل م كأن ه ل يس بش راً .وتجرح ه بع ض كلم ات ال وعظ التقليدي ة خاص ة إذا انطوت على نغمة تبكيت ،أو صدرت من شخص لم يختبر مثل آالم ه فيش عر أن الم تكلم يتح دث م ن برج ه الع اجي وي ده ف ي الم اء الب ارد وال يستش عر بالن ار التي تكوي قلبه المكلوم. لذا فإن الـصمت الجليل كثيراً ما يكون أفضل من الكلمات الجوفاء ...ونظرة حب ومص افحة حميم ة تق ول ف ي بالغ ة م ا ق د يعج ز أفض ل لس ان أن يص وغه. ت َو ْقتٌ َولِلتﱠ َكلﱡ ِم َو ْقتٌ ) ".جا(7:3 لذا قال الحكيم "لِل ﱡ س ُكو ِ أخيراً -كم ا نص ح أي وب أص دقاءه -أرج و أن تض ع نفس ك دائم ا ً مك ان م ن تعزيه وتفكر في كل ظروفه ...ھل ھذا ھو الزم ان والمك ان المناس بين للزي ارة؟ ھل ھو منھك لكثرة الزوار؟ ...ھل يحتاج للراحة أكث ر مم ا يحت اج لكلم اتي؟ ... ھل أذھ ب ل ه إلثب ات حض وري وأداء الواج ب؟ أم ألن ل د ﱠ ي م ن الح ب الص ادق والكلمات المعزي ة م ا يج ب أن أوص له ....ھ ل م ررت بمث ل تجربت ه حت ى أفي ده بخبراتي؟ .....أم أعفاني ﷲ منھا حتى اآلن فألتزم بالصمت الجليل. وفي جمي ع األح وال واظ ب عل ى الص الة م ن أج ل م ن تعزي ه ووج ه عيني ه وقلبه نحو المصلوب لكي يطلب العزاء من ه .واطل ب ش فاعة أمن ا الع ذراء الت ي جاز في نفس ھا س يف وھ ي ت رى وحي دھا معلق ا ً عل ى الص ليب ،ل ذا فھ ي تع رف جيداً مرارة التجربة وتقدر أن تعزي كل نفس مكلومة. "حاول أن تتشبه بالقيرواني ...فتساعد اآلخرين في حمل أثقالھم ولو بكلمة طيبة أو كأس ماء بارد .وإن لم تستطع ....فعلى األقل ال تضاعف من أتعابھم وآالمھم". )قداسة البابا شنودة الثالث(
رسائل تعزية... السماء
44
تعزيات
" بكى يسـوع "
)يو(15 :11
كانت الحياة تمضي ھادئة ف ي بي ت عني ا ف ي ذل ك البي ت الودي ع ال ذي يتحل ى س كانه بفض ائل ش تى تجع ل ال رب يس وع بنفس ه تطي ب ل ه اإلقام ة في ه... ولك ن الح ال ل م ي دم ھك ذا ط ويالً ،فھ ا ھ و الح زن ق د خ يم بظالل ه الكئيب ة عل يھم بسبب مرض لع ازر .ول م يك ن أم ام األخت ين س وى اللج وء للس يد ال ذي تع ود أن يغمرھم بمحبته وحنانه فأرسلتا تستنجدان ب ه ،ولع ل إح داھما ق د س ألت األخ رى "ھل يستجيب السيد لعاطفت ه فيھ رع لش فاء لع ازر أم يس تجيب للمنط ق فيتحاش ى الحضور إلى تلك المنطقة حيث يتربص به أھلھا ليرجموه؟" ولك ن ال رب ل م يك ن يتص رف طبق ا ً للعاطف ة وال المنط ق ،ب ل طبق ا ً للحكم ة اإللھي ة الت ي تقض ي ب أن لك ل ش يء زمان ا ً ولك ل أم ر تح ت الس ماء وقت ا ً .فت أنى طويالً بينما شبح الموت يق رع بش دة وعي ون األخت ين ح ائرة ب ين النواف ذ تترق ب وصول المخلص وبين أخيھم المسجـﱠى على سرير المرض. وبع د قلي ل اق تحم الم وت حي اتھم وتحول ت التض رعات والرج اء إل ى آھ ات وبكاء ...وسقطت األختان ف ي ف خ الح زن .وأس فر األل م ع ن وجھ ه القب يح ال ذي ال ن راه عل ى حقيقت ه إال عن دما ي داھمنا شخص يا ً فن رى تفاص يله البغيض ة الت ي ال ندركھا عندما يداھم اآلخرين. وشعرت األختان أن ذلك الحجر الضخم الذي يسد باب القب ر إنم ا يج ثم عل ى صدريھما فال تزيحه التنھدات وال تذيب ه العب رات ،ول م تفل ح ك ل كلم ات التعزي ة في التخفيف عنھما .حتى تلك الكلمات التي سبق أن قالتھ ا األخت ان لآلخ رين ف ي مواقف مماثلة لم يكن لھا معنى أو طعم عندما ذكـﱠرھم اآلخرون بھا .
رسائل تعزية... السماء
45
تعزيات
وأخيراً وبعد فوات األوان )كما اعتقد الجميع( حض ر ال رب ...ويظھ ر جلي ا ً من حديث األختين " لو كنت ھا ھنا لم يمت أخي" أنھما فقدتا كل رجاء. ولكن ال رب يأخ ذھما وس ط حش د ض خم إل ى القب ر حي ث امتزج ت دم وع األھ ل واألصدقاء مع دموع المخلص ،ھؤالء يبكون على فراق الموت وھو يبكي عل ى الخطية التي أدخلت الموت إلى العالم. وبعد دقائق حدث ما لم يتوقع ه أش د الم ؤمنين تف اؤالً ،فق د خ رج المي ت م ن قب ره لتتحول األتراح إلى أفراح والنواح إلى تھليل وصياح. وعبر ك ل تل ك الق رون يظ ل تك رار تل ك المعج زة أم الً ش احبا ً ي راود -عل ى استحياء -كل من فقد عزيزاً لديه فيتساءل لماذا ال تتكرر المعجزة معي؟ بالطبع يحق لنا طلب المعجزة من القدير والصالة بلجاجة من أجل حدوثھا. ورغم كثرة المعجزات فإنھا تظل ھي االستثناء وليست القاعدة. واإلنسان الذي يربط إيمانه بحدوث المعجزة ....كثيراً ما يُحبَط ! وقد يصل به األمر إلى التذمر بل والخصومة مع ﷲ أو حتى إنكاره ! لذا فإننا يجب أن نثق أن من قدم ابنه الوحيد على عود الصليب ليس في حاجة إلى إثبات محبته بالمزيد من المعجزات .ولنتسلح بكلمات بولس شنَا َوإِنْ ُم ْتنَا يشَ ،وإِنْ ُم ْتنَا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ُموتُ .فَإِنْ ِع ْ الرسول":إِنْ ِع ْ شنَا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ِع ُ فَلِل ﱠر ﱢب نَ ْحنُ ) ".رو (8 :14وقياسا ً على ذلك نقول أيضا ً إن كنا مرضى أم أصحاء ...مظلومين أم مـُنصـَفين ...مـُضطـَھدين أم مكرمين ...فنحن دوما ً لك يا رب. وإذا ك ان ﷲ ق د ن ﱠج ى الفتي ة الثالث ة م ن أت ون الن ار لحكم ة يعلمھ ا ،إال أنن ا يجب أن نذكر أن كثيرين قد أسلموا أرواحھم الطاھرة وسط النيران مث ل الق ديس بوليكاربوس أسقف سميرنا الذي كان شيخا ً ھ َِرما ً ً◌ ولم يتدخل ﷲ لينقذه بمعج زة
رسائل تعزية... السماء
46
تعزيات
ھذا الشھيد الذي لم يجزع من النار بل شھد للرب قائالً" :إن ل ي 86عام ا ً أخ دم المسيح ولم يصنع بي سوءاً فكيف أخونه اآلن ؟!" ومھما كان سبب التجربة وصعوبتھا فقد تكون ھي أعظم فرصة نتالقى فيھ ا م ع ﷲ فعل ى ق در ط ول عش رة الفتي ة الثالث ة م ع ﷲ ،إال أنھ م ل م يتالمس وا مع ه وي روه وجھ ا ً لوج ه إال ھن اك ف ي األت ون! ...واآلن لنفت رض أنن ا نس أل ھ ؤالء الرج ال وأمث الھم" :ھ ل ت ودون ل و ل م تم روا بھ ذه التجرب ة أص الً؟" فيجيب ون: "كيف تريد أن تحرمنا عمرنا من أعظم لحظات العمر؟ فما العمر إال لحظ ة! ... وھي تلك التي قابلنا فيھا ابن ﷲ في وسط األتون". ھكذا إن كنت في وسط أتون التج ارب فث ق ف ي إلھ ك القائ ل» :الَ ت ََخ فْ ألَنﱢ ي اجتَ ْزتَ فِ ي ا ْل ِميَ ا ِه فَأَنَ ا َم َع كََ ،وفِ ي األَ ْن َھ ا ِر س ِمكَ .أنت لِ ي .إِ َذا ْ فَ َد ْيتُكََ .دع َْوتُ َك بِا ْ ب الَ يُ ْح ِرقُ كَ .ألَنﱢ ي أَنَ ا ال ﱠر ﱡب فَ الَ تَ ْغ ُم ُركَ .إِ َذا َم َ ش يْتَ فِ ي النﱠ ا ِر فَ الَ تُ ْل َذعَُ ،واللﱠ ِھي ُ ص َك«) .أش(3-1 :43 ﱡوس إِ ْ س َرائِي َلُ ،م َخلﱢ ُ إِل ُھ َك قُد ُ ونعود للعازر بعد قيامته المعجزية ،فنجده قد عاش أعواما ً أخرى ع انى فيھ ا الكثير من اضطھاد اليھود له ومحاولة قتله للتخلص من آثار المعجزة التي تثب ت الھوت السيد .وأخيرا رقد ثانية ليذھب إلى ذلك المكان المعﱠد له قبل إنشاء الع الم ليجد راحته الحقيقة ھناك ،تلك الراحة التي تأجلت سنين طويلة عقب المعجزة. ولعلنا لو خيﱠرناه ماذا ك ان يفض ل؟ ألج اب :ل ي اش تھاء أن أنطل ق ....،ولك ن أن أعود إلى الجسد ألزم من أجل تعزية أخوتي وإلثب ات الھ وت رب المج د وإتم ام الخدمة التي اؤتمنت عليھا.
رسائل تعزية... السماء
47
تعزيات
" وأعوض لكم"...
)يوئيل (25 :2
ماذا فقدت يا عزيزي؟ھل فقدت إنسانا ً عزيزاً؟ أم ماالً تعبت في كسبه كثيراً .أو مركزاً جاھدت حتى بلغته .أم زرعا ً بالدموع بذرته .أو بيتا ً بالجھد بنيته.
سلبَت منك رغم أمانتك .ماذا أو صحة ولـ ﱠت وتأبى أن تعود .أو حرية ُ
فقدت؟ مھما يكن يا عزيزي فأرجوك أن تتذكر في الحال ھذه األمور - : سنِينَ التي َن ال ﱢ إن لك في السماء إلھا ً معينا ً وقد وعد قائالًَ " :وأُع ﱢَو ُ ض لَ ُك ْم ع ِ س َم ال ﱠر ﱢب إِل ِھ ُك ُم الﱠ ِذي أَ َكلَ َھا ا ْل َج َرادُ .......،فَتَأْ ُكلُونَ أَ ْكالً َوتَ ْ سبﱢ ُحونَ ا ْ شبَ ُعونَ َوتُ َ ش ْعبِي إِلَى األَبَ ِد")يوئيل(26-25 :2 صنَ َع َم َع ُك ْم ع ََجبًا َوالَ يَ ْخ َزى َ َ إنه صادق في وعده ولن يعوضك أي عوض ،بل عوض الشبع بأسلوب غير مألوف أسلوب معجزي عجيب .....وھل كان يوسف يظن أو يفتكر أو يتمنى أن يعوضه ﷲ عن سنين السجن التي أكلھا الجراد بعرش مصر؟؟ نعم يا أخي ھذا اإلله العظيم معك .فانتظر وعده بالتسبيح والصالة ألن تنس أن ھذا اإلله ھو س ِم ال ﱠر ﱢب يَ ْن ُجو" )يوئيل (23:2وال " ُك ﱠل َمنْ يَ ْدعُو بِا ْ َ س ُمكَ) ".إش (16 : 63 أبوك "أَ ْنتَ يَا َر ﱡب أَبُونَاَ ،ولِيﱡنَا ُم ْن ُذ األَبَ ِد ا ْ فال تضيع الوقت في العويل والبكاء والعطف على الذات ...فعندما يُج َرح أصبعك فإنك ال تترك الدم ينزف ،بل تسرع لتضميد الجرح .وھكذا مھما كان ما فقدته فال تستسلم بل كن إيجابيا ً كي تشفى سريعا ً .وإذا أعيتك الحيل فاعمل مثل حنة والدة صموئيل التي سكبت مرارة نفسھا أمام ﷲ في الصالة .فھذا المنفذ ال يـُغلق أبداً مھما انسدت أمامنا سائر األبواب. أتذكر يوما ً كنت فيه مكتئبا ً بسبب البطالة واإلفالس ،فقادني ﷲ لزيارة شاب في مقتبل العمر يعاني فشالً كلويا ً منذ طفولته ويضطر إلى عمل غسيل كلوي رسائل تعزية... السماء
48
تعزيات
ثالث مرات أسبوعيا يتكلف أكثر من المرتب الذي أحلم به إن حصلت على عمل!! فقلت" :أشكرك يا رب على إفالسي النك جعلت في داخلي كليتين سليمتين لتذكرني أن بين أحشائي ثروة ال تقدر بمال أو ذھب!" ھذا عدا باقي أجھزة جسمي ...فالكمبيوتر الذي في رأسي ال يقل بالحساب البشري عن ماليين .والكاميرات التي في عيني كم تساوي؟ وأجھزة الكھرباء والتقنية التي أحملھا من يد ﷲ الغني جعلتني أخرج من زيارة ھذا األخ وأنا أقول لنفسي في إفالسي :إن لد ﱠ ي ثروات تجعلني أغنى إنسان على األرض!!! واذا لم تفلح معك ھذه األمور ،فتذكر أخيراً أنك ستخرج عريانا ً من ھذه الدنيا كما خرج كل إنسان دخلھا ...وحتي الذي لم تفقده لآلن ستفقده فيما بعد. فأنت مثل ثعلب صغير وجد ثقبا ً صغيراً في جدار الكرم فدخل منه بالكاد... وفي الكرم وجد مشتھاه فأكل وأكل حتى شبع وسمن...ولما أراد الخروج وجد أن جسمه ال يستطيع المرور من ذلك الثقب الصغير فاضطر أن يصوم حتى رجع جسمه لنفس الحجم الذي دخل به ..وحينئذ فقط استطاع الخروج! ھل تراني عاقالً إذا قلت لك مبروك ما فـ ُقـِد منك! فھذا يساعدك أن ترجع إلى عريسك وتخرج مباركا ً من ھذه الدنيا ليستقبلك ﷲ في أمجاده السمائية بكل مشتھاھا ...أقولھا بكل إصرار :مبروك ما فقد منك....
رسائل تعزية... السماء
49
تعزيات
" لئــال تكلـوا " " َف َت َف َّكرُوا فِي الَّذِي احْ َت َم َل م َِن ْال ُخ َطا ِة ُم َق َاو َم ًة لِ َن ْفسِ ِه م ِْث َل ھ ِذ ِه لِ َئالَّ َت ِكلُّوا َو َت ُخورُوا فِي ُنفُوسِ ُك ْم) ".عب (3 :12 ◄ يا لھا من راح ة عظم ى وتعزي ة قوي ة لك ل المت ألمين والمج ربين وي ا ل ه م ن اف لك ل قل ب كس ير أن يتأم ل حي اة ال رب يس وع كإنس ان ُج ﱢرب عل ى بلس م ش ٍ األرض ...إن ه بح ق رج ل أوج اع ومختب ر الح زن .احتم ل ك ل ذل ك ف ي طبيع ة إنسانية رقيقة وبمشاعر مرھفة الحس لم تتبلد بفعل الخطيئة نظيرنا. ◄ وعندما يستحضر المتألم ھذا الشخص العجي ب باإليم ان ويتأم ل كي ف ع اش وكم قاسى من آالم عندئذ تھون علي ه المص اعب والتج ارب ويس تطيع أن يص بر على كل شيء ويحتمل كل شيء ...ويشكرعلى كل شيء... ◄ آه أيھا األحباء ،كم مرة وجدنا أنفسنا "في أرض قفر وف ي خ الء مس توحش خ رب )ت ث...(10 :32ف ي القف ر العظ يم المخ وف مك ان الحي ات والعق ارب والعطش حيث ال م اء )ت ث ...(15 :8ف ي وادى البك اء)مز ...(6 :84ف ي أرض الغرب ة والمذل ة ...وف ي ي وم الغ يم والض باب )ح ز."(12 :34 ف ي ھ ذه األم اكن النائي ة وتح ت ھ ذه الظ روف القاس ية يت وفر المن اخ المالئ م للتدريب والمعامالت اإللھية. ي َو ُھنَ ا َك ت ا ْلفَ ﱠخ ا ِر ﱢ ◄ ولعلنا نذكر ما قاله الرب إلرميا ق ديما »قُ ِم ا ْن ِز ْل إِلَ ى بَ ْي ِ س ِم ُع َك َكالَ ِمي«) .إر (2 :18فھناك أشياء ال نستطيع أن نتعلمھا إال في ظ روف أُ ْ معينة حيث يكون ﷲ ھو المعلم األعظم لنا .ھناك ينفرد ﷲ بالنفس "ال َر ُ ب َو ْح َدهُ أجنَب ى" )ت ث (12 :32 س َم ْع هُ إلَ هٌ ْ اقتَ ا َده َولَ ْي َ رسائل تعزية... السماء
50
وھن اك تعزيات
يُ َج ﱠرد الم ؤمن م ن قوت ه الذاتي ة .وتـُصق ـ َل شخص يته الروحي ة ويتش كل الوع اء تحت أصابع الفخاري األعظم. ◄فى مدرسة ﷲ نعرف حقيقة ذواتنا ون تعلم المزي د ع ن ﷲ ونق ول م ع موس ى س ِم ْثل ﷲ" )تث(26 :23 الذي قال في ختام رحلة البرية "لَ ْي َ ◄إن الرب ال يكسر إال لكى يبارك ؟!! ھذا ما فعله مع الخمس خبزات ليشبع بھ ا اآلالف الكثي رة ....وھ و درس يتك رر عبر األجيال مع أسمى نوعيات المؤمنين...... لقد امتأل البيت م ن رائح ة الطي ب عن دما ُك ِس َرت الق ارورة ،ف إذا رأي ت شخص ا ً سرت في حياته... تفوح منه رائحة عطرة فاعلم يقينا ً أن قارورة ثمينة قد كـ ُ ِ
رسائل تعزية... السماء
51
تعزيات
" وسط العاصفة " "أَ ْن َت الَّذِي أَ َر ْي َت َنا ضِ ي َقا ٍ ِير ًة َو َردِي َئ ًةَ ،ت ُعو ُد َف ُت ْح ِيي َنا، ت َكث َ ص ِع ُد َنا" )مز(20:71 اق األَ ْر ِ ض َت ُعو ُد َف ُت ْ َومِنْ أَ ْع َم ِ نتمنى جميعا ً ان تبحر بنا سفينة الحياة في مي اه ھادئ ة ي دفعھا نس يم علي ل إل ى أن ترسو بنا على بر النجاة ...ولكن كثيراً م ا ت أتي الري اح بم ا ال تش تھي الس فن. فتعصف بھا رياح عاتية وتكتنفھا أمواج ھادرة ...وفي ھذه المحن قد نجد ال رب معن ا ف ي الس فينة ي أمر ال ريح فتس كت )ل و (25:8أو ق د نش عر وكأن ه يختف ي ف ي أزمنة الضيق نطلبه فيتباطأ ،وال يظھر إال في الھزيع الرابع )مت .(24:14 ورغم أنن ا نتمن ى ف ي ق رارة أنفس نا أال تتع رض حياتن ا لتل ك األخط ار إال أن ھذا ال يصنع منا مالحين مھرة بينما ﷲ يريد أوالده دائما ً أقوياء أشداء. لذلك نجده أحيانا ً يھدىء العاصفة .......وأحيانا ً يدعھا تثور ويھديء أبناءه! ◄فس واء ث ارت العاص فة أو ھ دأت فلنتأك د أن ك ل األم ور س وف تنتھ ى ف ي اآلخر لخيرنا ...ب ل إن ك ل و س ألت كثي راً م ن المج َربين" :ل و ع اد بك م الزم ان للوراء فھل كنتم تودون لو أعفاكم الرب من التجربة؟" فتكون اإلجابة":كال ال نريد ...ال يمكن أن نخسر خبرة التجربة وتعزياتھا !!" وإذا كن ت ال تص دقني فتع ا َل نراف ق بط رس وس ائر التالمي ذ ف ي ذل ك الي وم المجيد )مت ،14مر ، 6يو (6الذي وزعوا فيه بأيديھم الخب ز عل ى خمس ة آالف رجل ثم جمعوا ال ِك َسر في اثنت ي عش رة قف ة وتھلل وا إذ رأوا رغب ة الجم وع الت ي تري د أن تخط ف يس وع وتنص به ملك ا ً عل يھم ...ولكن ه ب الطبع رف ض وص رف الجم وع وألــــــــ ـزم التالمي ذ أن يركب وا الس فينة ليعب روا البحي رة ويترك وه ليصلي على أن يلحق بھم فيما بعد .وأطاعوا بعد ممانع ة ،وب دأت رحل تھم ھادئ ة لفترة وجيزة قبل أن تكشر األمواج عن أنيابھا وتغزو المي اه الس فينة ويخ يم ش بح رسائل تعزية... السماء
52
تعزيات
الم وت عل ى الص يادين البس طاء ال ذين ي ذكرون ك م ابتلع ت تل ك البحي رة زم ال ًء لھم ،ويذكرون أيضا ً كيف انتھر يسوع تلك األمواج فيم ا قب ل فارت دعت وس كنت في الحال )مت (27:8ولكنه لم يرافقھم تل ك الم رة ...ورغ م ق واھم الت ي خ ارت من نزح المياه إال أن الھواجس طاردتھم بعنف "لماذا ألزمنا وأصر على ذھابن ا دونه؟ ...ألم يكن يعلم ما ينتظرنا؟ أم كان يعلم وھ و ال ذي دب ر لن ا تل ك التجرب ة المريرة؟ ...وھل سيأتي لينقذنا ويفھمنا؟ .....أم تبتلعنا المياه قبل أن نفھم؟ وفي الھزيع الرابع قبي ل الفج ر بقلي ل ،ب دأ األم ل يتجس د ف ي ش خص الحبي ب ماشيا ً على الماء فھتفوا مستنجدين ،ولكن يا لخيبة األمل فھا ھو يري د أن يت ركھم ويتج اوزھم!! وارتف ع ص راخھم مس ترحمين ف أتتھم كلمات ه تطمئ نھم ش ﱠج ُعوا أَنَ ا ُھ َو .الَ ت ََخ افُوا« ولك ن م ا ج دوى الكلم ات واألم واج ھ ادرة »ثِقُ وا تَ َ والمي اه تق تحم الس فينة؟ وب دالً م ن أن يص عد إل يھم دع ا بط رس للن زول وس ط األمواج الثائرة ...ويا لھا من قفزة إيمان لتلميذ عجز أن يج د األم ان ف ي حض ن السفينة فتأتيه الدعوة أن يجده في حضن الرب ...ولكن أين؟ فوق األمواج!! ون زل ..ومش ى عل ى الم اء! وانتاب ه الش ﱠ ك وك اد يغ رق قب ل أن يم د ال رب ي ده ويصعد به لتھدأ الريح ويصمت الموج وتسكن المياه! واآلن أترك للقارئ أن يتخيل إجابة بطرس لو سألناه "أتود يا بطرس لو لم تمر أصالً بھذه الليلة العاصفة؟؟"
رسائل تعزية... السماء
53
تعزيات
" .....لكن "..... " ُم ْك َتئ ِِبينَ فِي ُكل ِّ َ ض ِايقِينَ )ال ننھار( .م َت َح ِّي ِرينَ )ال نجد ش ْيءٍ )تحاصرنا الصعوبات( لكِنْ َغ ْي َر ُم َت َ حالً مناسبا ً( ،لكِنْ َغ ْي َر َيائِسِ ينَ .
ض َط َھدِينَ ،لكِنْ َغ ْي َر َم ْت ُروكِينَ )ال يتخلى ﷲ عنا(، ُم ْ َم ْط ُروحِينَ )ملقى بنا على األرض( ،لكِنْ َغ ْي َر ھَالِكِينَ 2) ".كو(9:8-4
تكررت كلمة لكن في ھاتين اآليتين أربع مرات .وقفت فيھ ا ھ ذه الكلم ة ف ي كل مرة عند الشعرة الدقيقة التي تفصل بين صفتين متقاربتين لدرجة أنھكت ك ل من قام بترجمة الكتاب المقدس حتى يُحسن اختيار اللفظ المناسب الذي يعبر عنه الوحي اإللھي في اللغة األصلية .ألن إلھنا يعرف جي داً مت ي وأي ن وكي ف يض ع للتجربة خطا ً أحمر ال تتخطاه .فإلھنا ھو ذلك الفخارى األعظم ال ذي يع رف ك ل قطعة من الطين وما تحتاجه من نيران الفرن لتصير إنا ًء للكرامة حسب مشيئته. وعبر عشرات القرون لم تحترق منه آنية واحدة ألنھا تعرضت لنيران أكثر مم ا تحتملھا ،فثق أنك لن تكون أنت أول قطعة فخار تحترق منه !! وإذا جربنا أن نبحث عن كلمات االستدراك الفاص لة )لك ن ،أم ا ،ب ل( ف ي كتابن ا المق دس فسيدھش نا ك م تميزن ا ھ ذه الكلم ات العجيب ة وتعطينا ما ال يتمتع به سوى أبناء ﷲ وحدھم.
رسائل تعزية... السماء
54
تعزيات
بعض األقوال المأثورة +نحن المسيحيين مثل المسامير كلما قرعتنا بشدة، إزددنا عمقا فى الرب !! +نحن المسيحيين مثل األزھار كلما سحقتنا، إشتد شذانا !! +نحن المسيحيين مثل كرات المطاط كلما قسوت فى قذفنا إلى أسفل ,كان إرتدادنا الى أعلى أكثر علوا !! +إننا ال نحتاج إلى مزيد من االلتزام بل إلى مزيد من التسليم. +الصالة ھى أن تسلم كل كيانك ... وأن ال تريد أى شىء سوى إرادته. +تعتبر الصالة سالح حربي من ناحية... ومن ناحية أخرى الوسيط الذى يتم اإلنتفاع باألسلحة األخرى عن طريقه ...بدون الصالة نقف عاجزين فى صراعنا مع العدو.
رسائل تعزية... السماء
55
تعزيات
"طبيب القلوب المنكسرة" سلَنِي ألَ ْ س َحنِي أل ُ َب ِّ شف َِي ا ْل ُم ْن َكسِ ِري ساكِينَ ،أَ ْر َ ش َر ا ْل َم َ الر ِّب َعلَ َّي ،ألَ َّن ُه َم َ ح َّ " ُرو ُ ا ْلقُلُوبِ)"،لو (18 :4 ◄ال يعرف انكسار القلب حقا ً إال من مر في إحدى تل ك التج ارب المري رة الت ي تجعله في حاجة ملحة إلى تدخل الطبيب األعظم الذي له وحده القدرة على ش فاء القلوب المنكسرة. ◄وكثيراً ما يح اول اإلنس ان عبث ا ً أن ي داري أحزان ه بمظ اھر الف رح والض حك " ض ا فِ ي ولك ن س ليمان الحك يم يع رف الطب ع البش ري فيكش ف حقيقت ه ق ائال :أَ ْي ً
ب" )أم (13:14وھو ما عبر عنه الشاعر أيضا ً قائالً: ال ﱢ ب ا ْلقَ ْل ُ ض ِح ِك يَ ْكتَئِ ُ فالطــي ُر يرقصُ مذبوحا ً من األلم
التحسبوا رقصي ما بينكم فرحا ً
◄وألن ش فاء القل ب الكس ير أم ر عس ير ال يق وم ب ه إال ال رب الق دير ل ذا يص فه ص ي َع َد َد كات ب المزم ور" :يَ ْ بَ ،ويَ ْجبُ ُر َك ْ س َر ُھ ْم .يُ ْح ِ س ِري ا ْلقُلُ و ِ ش فِي ا ْل ُم ْن َك ِ س َما ٍء " )مز (4-3 :147وكأنه ي ربط ب ين ش فاء القل وب ب .يَ ْدعُو ُكلﱠ َھا بِأ َ ْ ا ْل َك َوا ِك ِ الكس يرة وإحص اء النج وم الكثي رة ،لك ون كليھم ا ق درة فري دة ال تت وفر سوى للرب وحده. ◄وقد تختلف اآلراء في من نلجأ إليه للمش ورة والنص ح عن د الم رض ،ھ ل ھ و الم ريض ال ذي ج رب الم رض وآالم ه؟ أم الطبي ب ال ذي درس ك ل ش يء عن ه وعالج عشرات المرضى بنج اح؟ إال أن جمي ع اآلراء تتف ق أن ه إذا ك ان الطبي ب قد مر بتجربة المرض قبالً فھو بال شك أقدر الناس على عالج اآلخرين. ◄وھذا ھو طبيبنا األعظم رجل األوجاع مختبر الحزن الذي اختبر جميع أنواع اآلالم النفس ية والجس دية" .ألَنّ هُ فِ ي َم ا ُھ َو قَ ْد تَ أَلﱠ َم ُم َج ﱠربً ا يَ ْق ِد ُر أَنْ يُ ِع ينَ رسائل تعزية... السماء
56
تعزيات
ا ْل ُم َج ﱠربِينَ " )ع ب (18:2ھ ذا ال ذي ج رب م رارة الغ در والخيان ة واإلنك ار... واحتم ل لط م العبي د ل ه وجل دات الس ياط واخت راق المس امير ليدي ه ورجلي ه. انتظر رقة فلم تك ن ومع زين فل م يج د ....ف أي آالم يم ر بھ ا إنس ان ويس تطيع أن يدعي أن الرب يسوع لم يمر بھا أو بما ھو أقسى منھا ..... .ورغ م ك ل ھ ذا ف إن أقسى ما يؤلمه اآلن ھو أن نقابل رغبته في شفائنا بالجحود واإلنكار ,يم د لن ا ي داً فنتراج ع ويق ف عل ى أول الطري ق ينتظ ر ع ودة الض ال فيط ول انتظ اره, وھكذا فإننا بقسوة قلوبنا نكسر قلب ذاك الذي أتى ليشفي القلوب الكسيرة!
رسائل تعزية... السماء
57
تعزيات
"بيت مبني على الصخر" حَ ،و َو َق َع ْت َعلى ذلِ َك ا ْل َب ْي ِ ت األَ ْن َھا ُر َو َھ َّب ِ اء ِ ت َفلَ ْم َي ْسقُ ْط ألَ َّن ُه الر َيا ُ ت ِّ " َف َن َزل َ ا ْل َم َط ُر َو َج َ الص ْخ ِر) ".مت(25:7 سا َعلَى َّ س ً َكانَ ُم َؤ َّ
ق د تص حو يوم ا ً لتج د أثب ث ثواب ت األرض ق د زال ت ...مدين ة ھيروش يما اختفت .....االتحاد السوڤيتي تفك ك ...س ور ب رلين تھ دم ...برج ي التج ارة ف ي نيوي ورك تحطم ا ....م دن كامل ة يمحوھ ا برك ان أو زل زال أو فيض ان ... أحباء وأعزاء نفقدھم بالجسد في لحظة قد تكون غير متوقعة. ولكن ھل يصحو أي من ا يوم ا ليج د ال رب يس وع غائب ا ً؟! ....حاش ا ....فھ ذا ھ و ص خر ال دھور ال ذي ت زول ك ل الممال ك ويبق ى ھ و ھ و أمس ا ً والي وم وإل ى األبد .يرافقنا كل األي ام ...ف ي أي ام الص حو والغ يم ،الخي ر والض يم ,ف ي الص حة والمرض ,في األت راح واألف راح ....ف ي النھ ار واللي ل ،ط ول الحي اة وفيم ا بع د الحياة .مھما تخلى عن ا األحب اء أوفق دناھم إال ھ و ،فھ و يلتص ق بن ا حت ى إذا كن ا في األتون. فيا لھفي على بيوت كثيرة بنيناھ ا وم ا زلن ا نبنيھ ا عل ى الرم ال وال ينتظرھ ا غير سوء المآل في غمضة عين تتغير من ح ال إل ى ح ال وال يبق ى س وى البي ت المشيد على الصخر ...ھذا فقط ال يـُـزال.
رسائل تعزية... السماء
58
تعزيات
"التعزيــــة" " ِع ْن َد َك ْث َر ِة ُھ ُمومِي فِي دَا ِخلِي َت ْع ِز َيا ُت َ ك ُتلَ ِّذ ُذ َن ْفسِ ي)"..مز (19 :94
كلمات تبدو بسيطة ولكنھا حيرت المفسرين فانقسموا فريقين: الفريق األول فسرھا :عندما تكثر الھموم في داخلي ،فإن تعزياتك تلذذ نفسي.. والفري ق الث اني فس رھا :عن دما تكث ر الھم وم ،ف إن تعزيات ك الت ي ف ي داخل يتلذذ نفسي ...والفارق بين المعنيين كبير.. ف الرأي األول يجع ل الھم وم داخ ل اإلنس ان والتعزي ات الخارجي ة تح اول أن تواس يه ....أم ا ال رأي الث اني فالتعزي ات ف ي داخ ل ال نفس ولھ ا رص يد كبي ر .. والھموم تحاول أن تقتحم النفس فتجد درعا ً من التعزيات يقاومھا ويمنعھا. وأنت عزيزي القاريء إلى أي الرأيين تميل؟ ومن رحمة ﷲ وعنايته أنه كثيراً ما يرسل التعزيات قبل الضيقات إشفاقا ً منه على ضعفنا ...فظھرت المالئكة للرعاة في بيت لحم لتفرحھم وتقويھم قبل أن يمد ھيرودس سيفه ليفتك بأطفالھم في مذبحة مريعة... وظھر الرب لبولس الرسول وكثير من الشھداء والمعترفين مرارا قبل المحاكمات واالضطھادات.
رسائل تعزية... السماء
59
تعزيات
"الذي يعزي المتضعين" ِسكِينٌ أَ َنا )مز (16 :25 ار َح ْمنِي ،ألَ ِّني َو ْحي ٌد َوم ْ ِ◌ا ْل َتف ِْت إِلَ َّي َو ْ
◄اعت اد ال رب ف ي حيات ه عل ى األرض أن يك ون وحي داً منف رداً متروك ا ً م ن الجمي ع ،يع اني م ن الوح دة واالنف راد وال يج د م ن يش اركه أفك اره واھتمامات ه، " ص فُو ٍر ُم ْنفَ ِر ٍد َعلَ ى ص ْرتُ َك ُع ْ مسراته وأحزانه .قيل عنه ف ي المزم ور َ س ِھدْتُ َو ِ ح" )م ز (7:102وقبي ل الص ليب ،وف ى وق ت ك ان يحت اج في ه إل ى ك ل ال ﱠ س ْط ِ
ش ﱡكونَ فِ ﱠى فِ ي ھ ِذ ِه اللﱠ ْيلَ ِة " التع اطف م ن أحبائ ه يق ول لتالمي ذه " ُكلﱡ ُك ْم تَ ُ ض ْربَتِيَ ،وأَقَ ا ِربِي )مت (31:26لتتم النبوءة "أ ِحبﱠ ائِي َوأَ ْ ص َحابِي يَقِفُ ونَ ت َُج اهَ َ َوقَفُوا بَ ِعيدًا) ".مز(11:38 ◄لقد اختبر بولس الرسول شيئا ً "من شركة آالمه" في ھ ذا المج ال حي ث ك ان اجي األَ ﱠو ِل متروكا ً في ظروف صعبة ولكنه اختبر فيھا قوة ﷲ فيقول "فِ ي ْ احتِ َج ِ ب َوقَ فَ س ْب َعلَ ْي ِھ ْمَ .ول ِك نﱠ ال ﱠر ﱠ لَ ْم يَ ْح ُ ض ْر أَ َح ٌد َم ِع ي ،بَ ِل ا ْل َج ِمي ُع تَ َر ُك ونِي .الَ يُ ْح َ َم ِعي َوقَ ﱠوانِي" )2تي(17-16 :4 ◄قد نزداد إحساسا ً باختبار الوحدة عندما يغيب عن ا أحباؤن ا .ولك ن عزاءن ا ھ و َب" )ت ك (16 -13 :28 رفق ة ﷲ لن ا " َو َھ ا أَنَ ا َم َع كََ ،وأَ ْحفَظُ َك َح ْيثُ َم ا تَ ْذھ ُ وھ ذا الوع د تك رر لموس ى " إِنﱢ ي أَ ُك ونُ َم َع َك " )خ ر (12 :3 سى أَ ُكونُ َم َعكَ .الَ أُ ْھ ِملُ َك َوالَ أَ ْت ُر ُك َك " )ي ش (5 :1 وليشوع " َك َما ُك ْنتُ َم َع ُمو َ ض ا ِء ال ﱠد ْھ ِر " ث م تك رر لن ا بص فة خاص ة" َو َھ ا أَنَ ا َم َع ُك ْم ُك ﱠل األَيﱠ ِام إِلَ ى ا ْنقِ َ )مت (20 :28
رسائل تعزية... السماء
60
تعزيات
"الرجــــــاء" الراقِدِينَ ،لِ َك ْي الَ َت ْح َز ُنوا َكا ْل َباقِينَ " ُث َّم الَ أ ُ ِري ُد أَنْ َت ْج َھلُوا أَ ُّي َھا اإلِ ْخ َوةُ مِنْ ِج َھ ِة َّ ھ ْم 1) ".تس (13 :4 الَّذِينَ الَ َر َجا َء لَ ُ
◄الحياة كرحلة طالت أم قصرت البد لھا م ن نھاي ة ...وكلن ا نرك ب ف ي القط ار الذي يقف من حين آلخر لينزل بعضا ً من ركابه فيتركونا ويودعونا. ◄ھل نزل من قطار الحياة بع ض أحبائن ا؟ ال ذين نح زن كثي راً ونت ألم لف راقھم. ولكن األھم ھو سالمة الوصول إلى مقصدھم ......ملكوت السموات. ◄ وألن الرب يعلم ضعفنا فھو لم يطلب من ا م ا ھ و ف وق الطاق ة ول م ينھَن ا ع ن الحزن بل حدد نوع الحزن المرفوض ..الحزن اليائس بال رجاء. إذاً فمن الطبيعي أن نحزن ونسكب الدمع المرير مـِراراً ولكن: نحزن .....ولكن ليس كالباقين الذين ال رجاء لھم. نح زن .....ح زن األب ال ذي يس لم ابنت ه لعريس ھا وقلب ه ينفط ر لمفارقتھ ا...ولكنه يفرح ألنھا ستھنأ في بيتھ ا الجدي د .وال يلب ث ح زن الف راق أن يتح ول إل ى س عادة واطمئن ان إذ يراھ ا كش جرة مثم رة .وي رى بنيھ ا مث ل غص ون الزيت ون الجدد حولھا .سعيدة مع عريسھا الذي يبذل نفسه من أجلھا. نحزن حزن األب الذي يھاجر ابنه إلى بالد أفضل ومس تقبل أرح ب ,وقب ل أنيجفف دموع الوداع تصله رسائل المھاجر أن ه ي نعم بحي اة ھنيئ ة فيس عد لس عادته ويبكت نفسه على مشاعر األنانية التي أرادت أن تحرمه من السفر. إذاً من الطبيعي ان نحزن ،ولكن من الضروري أال يكون حزننا مثل أھل العالم. ص بِالَ نَدَا َم ٍةَ ،وأَ ﱠم ا ُح ْزنُ "ألَنﱠ ا ْل ُح ْزنَ الﱠ ِذي بِ َح َ شيئَ ِة ﷲِ يُ ْن ِ ب َم ِ س ِ ش ُئ ت َْوبَةً لِ َخالَ ٍ ش ُئ َم ْوتًا 2) "..كو .(10 :7 ا ْل َعالَ ِم فَيُ ْن ِ رسائل تعزية... السماء
61
تعزيات
"كطفل كنت أفتكر" " لَ َّما ُك ْنتُ طِ ْفالً َكطِ ْفل ُك ْنتُ أَ َت َكلَّ ُمَ ،و َكطِ ْفل ُك ْنتُ أَ ْف َطنُ َ ،و َكطِ ْفل ُك ْنتُ أَ ْف َت ِك ُرَ .ولكِنْ لَ َّما صِ ْرتُ َر ُجالً أَ ْب َط ْلتُ َما لِل ِّط ْف ِل" )1كو(11:13
كثيراً ما نعجز عن إدراك كنه الوجود؟! فلماذا نوجد إذا كنا حتما ً سنموت ؟! ھل خلقنا ﷲ لكي نشقى على األرض؟! كلھا تساؤالت قد تدور في داخلنا من حين إلى حين .ولن ندرك الجواب إال إذا آمنا أن أجسادنا تفنى ولكن أرواحنا تظل خالدة ألنھا نفخة من ﷲ وستبقى عنده إلى األبد. إن شئت أن ترى المنخفضات فاصعد إلى قمم الجبال. وإن شئت أن تــــرى الجبـــــال فاصعد إلى السحـــــاب. وإن شئت أن تفھم السحــــــــــاب فأغمض عينيك وفكر. ھناك أمور كثيرة فوق إدراكنا ،ولكن كلما كبرنا نزداد فھما ً .فالطفل ال يفھم نظريات الھندسة ،وطالب ابتدائي يصعب عليه فھم طبيعة الكون بمجراته. ھكذا نحن في عالقتنا مع ﷲ نظل دائما ً صغاراً فيضطر ﷲ أن يعطينا لبنا ً ال طعاما ً ألننا ال نستطيع أن نصل إلى السحاب فكيف نصل إلى خالق السحاب؟ الحل :أغمض عينيك وص ﱢل وحينئذ تسكب كل ما عندك لدي ﷲ وھو سوف يكشف لك كل شيء في حينه... إن المؤمن يعيش كل األيام وكل الليالي ويستمتع فيھا بعشرة ﷲ ،أما غير المؤمن فال يعيش سوى ثوان معدودات ألن الحياة دون ﷲ عدم وندم. فما أضيق عيش من يرفع يده بين وجھه والعالم فال يري غير الخطوط في كفه، وما أشد شفقتي على من يدير ظھره للشمس فال يري سوى ظله على األرض.. ھذا ھو حال المسكين الذي يضع المشكلة بينه وبين ﷲ ثم يتساءل متعجبا ً "لماذا ال أرى ﷲ ؟!" ببساطة ألنك تنظر إلى المشكلة فتحجب ﷲ عنك. رسائل تعزية... السماء
62
تعزيات
ولكن من له رجاء يؤمن أن ھناك حالً لكل مشكلة ,كما أن ھناك مفتاحا ً لكل باب مغلق .وھكذا يفكر في ﷲ وينسى المشكلة .وحتى لو لم يستطع نسيانھا يكفيه أن ينظر إلى ﷲ واثقا ً أنه سوف يحلھا بطريقته وفي وقته. إن الخزاف يستطيع أن يصنع من الطين إنا ًء بديعاً ،ولكنه ال يستطيع أن يصنع شيئا ً من الرمل ألنه يتفكك ويأبى أن يطيع إرادة الخزاف .وھكذا نحن قد نرضى أن نكون طينا لينا ً مطيعا ً فيعمل فينا أو نأبى كالرمل فنكون خاسرين. والطين قد يتألم كثيراً قبل أن يصبح إنا ًء للكرامة ليوضع فيه خمر تشير إلى دم المسيح .وھكذا من يتألم تحت أصابع الخزاف يتأھل أن يمتلئ من حضور السيد المسيح شخصيا ً بداخله .لذا نقول للفخاري: " ھا أنا أخضع ذاتي دون عناد ألصابعك تشكل فيَّ . إن أتوجع فلن أتراجع فأنا أشتقت لعملك فيَّ ".
اح ِم ِه) ".مرا (32 : 3 "فَإِنﱠهُ َولَ ْو أَ ْح َزنَ يَ ْر َح ُم َح َ س َب َك ْث َر ِة َم َر ِ إن تأخرت التعزيات فانتظرھا ألنھا ستأتي حتما ً ....حتما ً ستأتي...
رسائل تعزية... السماء
63
تعزيات
" الھم ،والصالة،
والشكر "
صالَ ِة َوال ُّد َعاءِ َم َع ال ُّ ش ْيءٍ َ ،بلْ فِي ُكل ِّ َ "الَ َت ْھ َت ُّموا ِب َ ش ْك ِر ،لِ ُت ْعلَ ْم طِ ْل َبا ُت ُك ْم لَدَى ش ْيءٍ ِبال َّ وع )".في : 4 س َ يح َي ُ سالَ ُم ﷲِ الَّذِي َيفُوقُ ُكل َّ َع ْقلَ ،ي ْح َف ُظ قُلُو َب ُك ْم َوأَ ْف َك َ ِ.و َ ﷲ َ ار ُك ْم فِي ا ْل َمسِ ِ (7 ،6
كان صديقان يرتحالن عبر أحد الجبال الشاھقة ف ي سويس را ،وق رر أح دھما أن يبق ى ف ي الفن دق أس فل الجب ل بينم ا أخ ذ اآلخ ر " تليفري ك" إل ى قم ة الجب ل. وفي المس اء اجتاح ت المنطق ة عاص فة ش ديدة فأس رع الص ديق ال ذي ف ي الفن دق بإرسال برقية عاجلة إلى صديقه في قمة الجبل قائالً له "ھن ا عاص فة تھ در م ن حولن ا ف ي أس فل" وكان ت اإلجاب ة "اص عد للت و إل ى أعل ى ،ف نحن ھن ا ف وق مستوى العاصفة!" إن ھ ذه القص ة تمث ل م ا يري د الرس ول ب ولس أن يوض حه لن ا ف ي تل ك اآلي ة وھ و :كي ف نرتق ي ف وق مس توي األزم ات بالص الة وال دعاء م ع الش كر والت ي نلخصھا في: -1ال تھتموا بشيء) .المقصود أال نحمل الھم ،وليس أالنعتني بأمور حياتنا( -2صلوا ألجل كل شيء. -3اشكروا في كل شيء. ارفض القلق وال تدعه يمتلك كيانك ويخيم بظله الثقيل علي روحك. دعونا نزرع في قلوبنا فضيلة "الشكر" فھناك كثير من األم ور الت ي يج ب أن نش كر عليھ ا أبان ا الس ماوي ال ذي يع رف أن يم دنا باحتياجاتن ا بك ل حكم ة وفطنة .وتقديم الشكر يجب أن يكون مص حوبا ً بالص لوات والتض رعات فنكش ف له عن أسباب قلقنا ونخبره عن احتياجاتنا وطلباتنا. رسائل تعزية... السماء
64
تعزيات
وإن كان الرب في حكمت ه ق د يجيبن ا ح االً أو ي ؤخر اإلجاب ة .إال أنن ا س نتمتع دوم ا ً بس المه العجي ب ال ذي يحف ظ قلوبن ا وأفكارن ا تمام ا ً مث ل الحامي ة الحص ينة التي تحيط بالمدينة لحمايتھا .إن سالم ﷲ ال تستطيع أية قوة أن تعكر صفوه. وھذا ھو السلك الحديدي الذي يتحرك عليه التليفريك ليرفعنا من أسفل ال وادي إلى قمة الجبل فوق مستوى العواصف وأعاصير الحياة.
الوردة واألشواك المتفائل ينظر إلى الوردة وال يرى أشواكھا… والمتشائم يحدق باألشواك وال يرى الوردة.... الحياة رغم جمال ألوانھا ورائحتھا العطرة إال أنھا مليئة باألشواك فكيف يجتمع الجمال باألشواك؟! إنھا طبيعة الحياة فكل ما ھو جميل دائما ً نجده محاطا ً باألشواك.. والناس نوعان ،نوع ينبھر بالوردة الجميلة فيتغاضى عن أشواكھا أو ال يراھا أصالً .. ونوع آخر ينظر إلى األشواك فال يرى الجمال المحيط بھا...
رسائل تعزية... السماء
65
تعزيات
"الـسـالم" " َو ْل َي ْم ْ اء ِبقُ َّو ِة الر َج ِ الر َج ِ ان ،لِ َت ْز َدادُوا فِي َّ ور َو َ اء ُكل َّ ُ أل ُك ْم إِل ُه َّ سالَ ٍم فِي اإلِي َم ِ س ُر ٍ ُس )"..رو (13 :15 ُّ وح ا ْلقُد ِ الر ِ
◄ طريقن ا إل ى الملك وت ض يق ...وال ب د أن يم ر ف ي أح د منعطفات ه ب وادي األحزان ...ھذا الوادي المملوء بفخاخ اليأس والقنوط. ◄وما أكثر القلوب الكسيرة ...والنفوس المنحنية ...التي نقابلھا كل يوم ،وداخ ل كل منھا يكمن ح زن عمي ق عل ى وج وه م ن نس وا أن وادي األح زان م ا ھ و إال جزء صغير من الطريق وعليھم اجتيازه سريعا ً دون استسالم. ◄وألن ﷲ يعلم ضعف طبيعتنا البشرية وتأثير اليأس البشع علينا ،لذلك أعطان ا م ن يقوين ا ويعزين ا ويش د أزرن ا ف ي وس ط الص عاب ،أعطان ا روح ه الق دوس المعزي ليمألنا سالما ً ورجاًء... ◄إن ه يس مي نفس ه إل ه الرج اء وھ و حق ا ً ھك ذا ألن م ن يعرف ه ب الحق البد وأن تمتلىء حياته رج ا ًء ،ب ل أكث ر م ن ھ ذا يص بح ھ و نفس ه مص در ع زاء ورجاء لمن حوله ألن صورة إله السالم والرجاء قد انطبعت فيه. ◄عندما نتعب ويتسرب اليأس إلى حياتنا ،نتذكر دوما ً أن لنا إلھا ً ال مثيل له. فلنطلب منه بثقة أن ينزع اليأس من حياتنا ويمألھا سالما ً ورجا ًء... ◄ وكلم ا اكتنفن ا الح زن ،ي أتى الف رح -كثم ر لل روح الق دس -مس رعا ً بريش ته الس احرة ويعم ل جاھ داً حت ى يزي ل ك ل أث ر للح زن ف ال يتركن ا إال ونح ن نب دو كحزانى بينما نحن دائما فرحون.
رسائل تعزية... السماء
66
تعزيات
"الفرح الحقيقي" ضا :ا ْف َر ُحوا" ِينَ ،وأَقُول ُ أَ ْي ً " ِا ْف َر ُحوا فِي َّ الر ِّب ُكل َّ ح ٍ
)في(4:4
◄من ھو الذي جاء ففرحت كل األرض بمجيئه وتھللت كل المالئكة بقدومه؟! ◄من الذي جاء ليعزي كل النائحين ولكي يحول حزنھم فرحا ً ؟! ◄من الذي جاء لبعطي جماالً عوضا ً عن الرماد ودھن فرح عوضا ً عن النوح. ◄جاء فحول اليأس رجا ًء وعوضا ً عن الروح اليائسة أعطانا الفرح والتسبيح. ◄جاء فقلب الموازين ...وغير المفاھيم ...وصحح المقاييس... ◄جاء فأنار القلوب بوجوده ،فاختفى الحزن منھا وحل مكانه الفرح... ◄ج اء فجع ل التج ارب )االمتحان ات( س ببا ً للف رح ألنھ ا حتمي ة تس بق اللنج اح ح يَ ا إِ ْخ َوتِي ِحينَ َم ا تَقَ ُع ونَ فِ ي ت ََج ا ِر َب والتأھ ل للملك وت "اِ ْح ِ س بُوهُ ُك ﱠل فَ َر ٍ ص ْب ًرا) ".يع(3-2 :1 ش ُئ َ ُمتَنَ ﱢو َع ٍة،عَالِ ِمينَ أَنﱠ ا ْمتِ َحانَ إِي َمانِ ُك ْم يُ ْن ِ وھكذا يخيب ظن إبليس الذي يح اول اس تخدام الض يقات وجعلھ ا س ببا ً للي أس وزعزعة اإليمان فيحدث العكس إذ يراك تصلي وتمجد الرب حتى ف ي الض يق، ويتحول العلقم إلى حالوة تتذوقھا وتعيشھا مع الرب ھنا وفي األبدية.
رسائل تعزية... السماء
67
تعزيات
"ألن ﷲ أخذه" ار ًكا" )أي(21:1 ب ُم َب َ الر ِّ اس ُم َّ ب أَ َخ َذَ ،ف ْل َي ُك ِن ْ الر ُّ ب أَ ْع َطى َو َّ الر ُّ " َّ
من اقتلع ھذه الزھرة؟ سؤال نطق به البستاني بنب رة م ن الض يق .وھ و ي رى فخر زھ ور البس تان وق د اقتلع ت م ن ج ذرھا .ك ان البس تاني يراقبھ ا من ذ كان ت برعمة صغيرة إلى أن تفتحت .ولكنھا اختفت اآلن .فمن الذي تجاسر واقتلعھا؟ كان ت االجاب ة إن ه " الس يد " ..نع م إن ه المال ك الحقيق ي للبس تان وبينم ا ھ و يتج ول ف ي حديقت ه الحظھ ا وأعج ب بھ ا ول ذلك م د ي ده واقتلعھ ا ..ليزرعھ ا ف ي البس تان ال ذي ال ت ذبل أزھ اره وال تش يخ .إن تق ديره وإعجاب ه بھ ا جعل ه يقتنيھ ا لمسرة نفسه ....واقتنع البستاني وتعزى عن فقدان الوردة ب أن الس يد ك ان يراق ب عمله فلما استحسنه قطف تلك الوردة تعبيراً عن تقديره! فإذا اقتطف السيد زھرة مختارة من بستان حياتنا فال نتذمر ونتناسى أننا رغ م ط ول ال ِعش رة فلس نا إال وك الء عليھ ا .وأن المال ك الحقيق ي ل ه كام ل الحري ة ف ي س ُك ْم؟ ألَنﱠ ُك ْم قَ ِد التصرف .وذكرنا الرسول بولس بتلك الحقيقة " َوأَنﱠ ُك ْم لَ ْ س تُ ْم ألَ ْنفُ ِ شتُ ِريتُ ْم بِثَ َم ٍن 1) ".كو ،(19،20 :6إنه السيد ومع ه س ند الملكي ة .ل ذا نق ول م ع ا ْ س ُم ال ﱠر ﱢب ُمبَا َر ًكا") أي (21 : 1 أيوب "ال ﱠر ﱡب أَ ْعطَى َوال ﱠر ﱡب أَ َخ َذ ،فَ ْليَ ُك ِن ا ْ ويخبرنا اإلصحاح األخير من سفر أيوب أن الرب عوضه بالضعف عن كل ما فقد من ثروة أو ماشية ...إلخ ،أما األبناء فقد أعطاه ﷲ نف س الع دد ال ذي فق ده الض عف ب ل إثبات ا ً لھ ا، س بعة بن ين وث الث بن ات ...ول م يك ن ھ ذا كس راً لقاع دة ِ ألن المواشي ماتت وفـُقِدت .أما األبناء فقد رحلوا إلى عالم أفضل ،وھكذا أص بح لديه عشرين ابنا ً وابنة ،عشرة على األرض وعشرة في السماء. رسائل تعزية... السماء
68
تعزيات
أؤمن +قال أحدھم :إنني أؤمن بالشمس حتى لو لم تكن ساطعة، وأؤمن با حتى لو صمت ولم يتكلم. +من السھل أن نؤمن با عندما نرى المعجزات... ولكن ما أصعب أن نحتفظ بھذا اإليمان عندما تحيط بنا الضيقات... +إن اإليمان النظري يظھر فى المسرات... ولكن اإليمان العملي يتجلى وسط النكبات... ولكن ﷲ يطلب منا أن نثق فى غير المرئيات...
رسائل تعزية... السماء
69
تعزيات
"الثقة في الرب" " َفالَ َت ْط َر ُحوا ثِ َق َت ُك ُم التي لَ َھا ُم َج َ ازاةٌ َعظِ ي َم ٌة ) " .عب (35 : 10
ظ ل الفت ى يع اني م ن آالم الخ راج ال ذي ي ؤلم قدم ه من ذ أكث ر م ن أس بوع. وتكررت نصائح والده -الذي كان جراحا ً ماھراً -أن ھذا الخراج ال ب د م ن فتح ه وتنظيف الصديد بالكامل .وأن العالج المستعمل لن يؤدي إلى نتيجة وأن التأخير ف ي اس تعمال المش رط ي ؤدي إل ى تحم ل المزي د م ن األل م ال ذي ال يق اس مطلق ا ً باللحظات التي تستغرقھا الجراحة ،ورغم أن الفتى كان قد شاھد أباه مراراً وھو يجري مثل ھذه الجراحات لألقارب والمعارف إال أن األمر يختلف كثي راً عن دما يتعل ق األم ر ب ه ھ و شخص ياً ،واخ تلس نظ رة إل ى األدوات الجراحي ة فب دت ل ه كأنھا سيوف ورماح يستحيل أن يدعھا تعبث في جسده ... وفي تلك الليلة لم يزر النوم أجفانه من شدة األل م ،واس تيقظ وال ده فج راً عل ى صوت آھاته وبدأت جولة جديدة من النقاش حول حتمي ة الجراح ة وأل م المش رط ولم يكن للكالم الذي اعتاد األطباء أن يطمئنوا به المرضى أي أثر. ولكن األب الحك يم ق ال ل ه بثق ة " :ھ ل تعل م م ن سيمس ك بالمش رط؟ إن أب اك ي مازال ت تحت اج لمزي د م ن المح ب ھ و الممس ك ب ه ...ھ ل محبت ي ل ك وثقت ك ف ﱠ ال ِعش رة حت ى أثبتھ ا ل ك؟ وحت ى تت يقن أن ي اخت رت ل ك الح ل األص وب واألق ل ألما ً" وھنا انھارت مقاومة الفتى وعناده وس لم نفس ه ب ين ي دي أبي ه ،وبع د لحظ ة ألم من وخزة المشرط تدفق الصديد وشعر براحة كان قد نسيھا وش عر أن الجب ل الج اثم عل ى ص دره ق د ان زاح ,واخ تلس نظ رة أخ رى للمش رط الالم ع الح اد فرأى فيه بلسما شافيا ال سيفا ً قاتالً ,وبعد دقائق كان يـُقــَبـﱢل يدي أبيه قبلة تختل ف عن كل يوم
رسائل تعزية... السماء
70
تعزيات
" ھبة األلـم " َ ْ يح الَ أَنْ ُت ْؤ ِم ُنوا ِب ِه َف َق ْط َب ْل أَ ْيضًا " َق ْد وُ ھ َ ِب لَ ُك ْم ألجْ ِل المَسِ ِ ألَجْ لِهِ) ".في (29 : 1
أَنْ َت َتأَلَّمُوا
من السھل أن نفھم أن اإليمان بالمسيح ھبة ثمينة بل ھو أساس كل الھبات... فبه نخلص وننال الحياة االبدية وكل البركات الروحية في السماويات. لكن ربما يستغرب البعض من قول الرسول أن اآلالم ألجل المسيح ھ ي ھب ة ثمين ة أيض ا ً .ألن ه ش رف عظ يم وامتي از كبي ر أن نت ألم ألج ل خ اطر ال ذي أحبن ا وت ألم ألجلن ا .ول يس ذل ك فق ط ب ل اآلالم ألج ل المس يح تقت رن بف رح وتعزي ة ف ي الحاضر وبمجد وإكليل في المستقبل. ولك ن ل نالحظ أم راً ھام ا ً وھ و أن ھب ة اإليم ان بالمس يح يعطيھ ا ﷲ لن ا ب ال وحيﱠ ٍة فِ ي حدود ككل بركاته التي يعطيھ ا لن ا بغن ى .فلق د " بَا َر َكنَ ا بِ ُك ﱢل بَ َر َك ٍة ُر ِ يح " )أف (3 : 1أم ا ھب ة اآلالم فيعطيھ ا ﷲ لن ا بمق دار ال ﱠ ت فِ ي ا ْل َم ِ س َما ِويﱠا ِ س ِ س ي ًرا بِت ََج ا ِر َب مح دد يق ول عن ه بط رس الرس ول "إِنْ َك انَ يَ ِج ُ ب -ت ُْح َزنُ ونَ يَ ِ ُمتَنَ ﱢو َع ٍة" )اب ط .(6 :1وعب ارة "إن ك ان يج ب" تعن ي أن ﷲ ال يعط ي اآلالم إال علي قدر ما يلزم لفائدتنا الروحية. وھ ذا يش به م ا يفعل ه الص يدلي ال ذي يكت ب عل ي زجاج ة ال دواء الجرع ة المض بوطة م ع التح ذير " ال تتج اوز المق دار" .ويزن ه ب الملليجرام ل ئال ي أتي ب فِ ي بنتيجة عكسية وھو ما ال يسمح به إلھنا الحكيم كم ا نق رأ " َول ِك نﱠ ُك ﱠل تَأْ ِدي ٍ َنَ .وأَ ﱠما أَ ِخي ًرا فَيُ ْع ِطي الﱠ ِذينَ يَتَ َد ﱠربُونَ بِ ِه ثَ َم َر ا ْل َح ِ ح بَ ْل لِ ْل َحز ِ اض ِر الَ يُ َرى أَنﱠهُ لِ ْلفَ َر ِ سالَ ِم " )عب (11 : 12 بِ ّر لِل ﱠ رسائل تعزية... السماء
71
تعزيات
" الذي يحبه الرب " ن َي ْق َبل ُ ُه")عب(6 : 12 الر ُّ "ألَنَّ الَّذِي ُي ِح ُّب ُه َّ ب ُي َؤ ِّد ُب ُهَ ،و َي ْجلِ ُد ُكل َّ ا ْب ٍ
ال تخلو حياة إنسان من آالم التأديب ،إال أن البعض يكون نصيبھم منھ ا أكث ر من غيرھم .ولكنھا طالت أم قصرت ھي فترة يسيرة ...ال يُ ﱠس ر بھ ا ﷲ .ولكنھ ا قد تكون حتمية إلصالح ضعف فينا .فال تقلق وا أيھ ا االحب اء ألن الممس ك بزم ام األمور ھو ﷲ الذي يحبنا. وأحيانا ً نجد صعوبة بالغة في أن نأتي إلى ﷲ بأحزاننا! وقد يقول البعض كيف أفعل ذلك وھل سيشعر ﷲ بأحزاني ؟! نعم ﷲ يشعر بأحزاني بل ويرثي ل ي أيض ا ً ...ﷲ عل ى اس تعداد أن يق ف ج انبي بل ويزيل كل أحزاني. ال يوج د وض ع يمك ن أن يوج د في ه اإلنس ان إال ويس تطيع أن ي أتي إل ى ﷲ طالبا ً المعونة. وخ الل م رض أل يم أص ابني نل ت تعزي ة ال توص ف ش اعراً أن الس ماء ھ ي بيت ي وحض ن اآلب ھ و مك اني .ث م زاد الم رض وأعل ن الط ب عج زه فش عرت بمزيد من االنتماء إلى ﷲ الذي يعين. ال يوجد وقت للنفس التي تثق في ﷲ أحلى من وقت التجربة. وعندما ننظر إلى ال وراء س نجد الكثي ر لنش كر علي ه ألج ل تجاربن ا أكث ر م ن أي شيء آخر ......سيأتي وقت فيه تنتھي كل أحزاننا ولكن يظل ال رب ھ و الص ديق الذي يبقي لنا إلى األبد...........
رسائل تعزية... السماء
72
تعزيات
" اإلبتھاج بالرب " َ ِب َع َمل ُ َّ ص َن ُع الز ْي ُتو َنةَِ ،وا ْل ُحقُول ُ الَ َت ْ وم َ .ي ْكذ ُ " َف َم َع أ َّن ُه الَ ُي ْز ِھ ُر التينُ َ ،والَ َي ُكونُ َح ْمل ٌ فِي ا ْل ُك ُر ِ ح ِبإِل ِه َخالَصِ ي"!!!. ب َوأَ ْف َر ُ الر ِّ اودَِ ،فإِ ِّني أَ ْب َت ِھ ُج ِب َّ َط َعا ًماَ .ي ْن َقطِ ُع ا ْل َغ َن ُم مِنَ ا ْل َحظِ َ يرةَِ ،والَ َب َق َر فِي ا ْل َم َذ ِ )حب (18- 17 : 3
إن ﷲ يري د م ن الم ؤمنين أن يعرف وا أن ھ ذا الع الم بري ة تج ارب وآالم لك ي يفطمھ م عن ه بع د أن يكتش فوا بأنفس ھم ع الم يس تندون .فمھم ا كان ت الظ روف مؤلم ة فھ و يري دھم أن يفرح وا ب ه وفي ه وال يتكل وا عل ى مص در س واه .ومھم ا اش تدت الض غوط فھ و الملج أ والحم ى الوحي د للقل ب ،يقودن ا ف ي امتحان ات وتجارب ھو الذي يعرف لزومھ ا لن ا ،حينئ ذ ن درك معن ي العب ارة "فَ َر ًح ا أَ ْف َر ُح سي بِإِل ِھي" )إش (10 : 61وھو فرح ينبع من داخ ل القل ب ال بِال ﱠر ﱢب .تَ ْبتَ ِھ ُج نَ ْف ِ يتأثر بالضيقات ،ونابع م ن بھج ة الخ الص المع د لن ا .فھ ذا ھ و البي ت المؤس س على الصخر وھذا ھو الفرح الحقيقي الذي ال ينزعه أحد منا. أما الف رح الخ ارجي بم ا نحص ل علي ه م ن ي دي ال رب فھ و ف رح ھ ش كبي ت مبني على الرمال يتزعزع بل ويسقط مع أول تجربة. ك ل العطاي ا من ك خي ر ي ا حبي ب
حت ى اآلالم م ن ي ديك ل ي تطي ب
فلست أنظـر ما تعطـــيه يداك
بل أنظـر ثقــب يديك والصليب
رسائل تعزية... السماء
73
تعزيات
" مغزى
األلـــم "
" َولكِنْ لَ َنا َ ضل ُ ا ْلقُ َّو ِة ِ ِ الَ ِم َّنا2) ".كو(7:4 ان َخ َزفِ َّيةٍ،لِ َي ُكونَ َف ْ ھذا ا ْل َك ْن ُز فِي أَ َو ٍ
كانوا قديما ً يضعون كنز العمالت والحلي الذھبية ف ي آني ة خزفي ة ويخبئونھ ا إل ى ح ين الحاج ة إليھ ا ...وعندئ ذ ف ال م انع م ن كس ر تل ك اآلني ة الرخيص ة للحص ول عل ى الكن ز المخب وء داخلھ ا .ونح ن أيض ا يج ب أن نع رف أنن ا لس نا إال تلك األواني الخزفية التي يختارھا القدير ليخفي فيھا كنوزه. كذلك األيضا الثمار الشھية تح اط بقش ور .ق د تك ون ص لبة كالبن دق أو رقيق ة كالموز .ولكن في الحالتين فال بد من نزع القشرة عن الثمرة أوالً حتى نأكلھا. وھك ذا ف إن كثي راً م ن اآلالم ف ي حياتن ا ھ و نتيج ة ن زع القش رة أو تحط يم اآلني ة الخزفية حت ى يُخ رج ﷲ إل ى الن ور الكن وز أو الثم رة الت ي بال داخل .ل ذا ف إذا كن ا نري د أن نختب ر الحي اة األبدي ة فيج ب أن ن تخلص م ن القش ور األرض ية الت ي يستحيل أن ندخل إلى عرس الخروف وھي علينا .ف ال ب د م ن نزعھ ا واس تبدالھا بثي اب الع رس ،ألن م ن يح اول التس لل ب دون ثي اب الع رس س يُط َرد م ن ھن اك. ويكون نصيبه في النار المعدة إلبليس ومالئكته. ونزع قشرتنا األرضية وتحطيمھا ال بد أن يصاحبه بعض اآلالم التي نقبلھا بسرور ألننا نشتھي الحياة األبدية ونضحي بكل ما قد يحول دون دخولنا إلى عرس الخروف ،لذا ..وما دام األمر ھكذا ....فمرحبا ً بتلك اآلالم المحررة...
رسائل تعزية... السماء
74
تعزيات
القشور واللباب ما شربت كأس علقم إال وكانت ثمالتھا عسالً.. وما صعدت عقبة حرجة إال بلغت سھالً أخضر.. وما أضعت صديقا ً في ضباب السماء إال وجدته في جالء الفجر.. فالحياة ليست بسطحھا بل بخفاياھا ،وال المرئيات بقشورھا بل بلبابھا، وال الناس بوجوھھم بل بقلوبھم... فكم من قشور مرة تخفي في قلبھا ثماراً حلوة .... وقد نتساءل كيف يجتمع النقيضان؟ ...ولكنھا حكمة ﷲ! إذا كنا نريد أن نصل إلى الجزء الحلو فالبد وأن نعبر على الجزء المر أوالً. فھذا ھو جوھـر مسيحيتنا. فالصليب والقيامة وجھان لعملة واحدة وال يمكن أن نتمجد معه ما لم نتألم معه وھكذا نجد أن األلم يسبق المجد والجسد الممزق على الصليب يسبق الجسد الممجد والمرارة تسبق الحالوة ..والظلمة تسبق النور ..والليل يسبق الفجر.. ولكن البد في النھاية أن يشرق النور مبدداً كل ظالم.
رسائل تعزية... السماء
75
تعزيات
" الصورة الكاملة " س َب َّ اح ُك ُموا ُح ْك ًما َعا ِدالً" )يو(24:7 الظاھ ِِر َب ِل ْ "الَ َت ْح ُك ُموا َح َ
م ن يح دق ط ويالً ف ي الص ور الص غيرة القريب ة يتع ذر علي ه رؤي ة الص ور الكبيرة البعيدة ....وقد نفع ل ھ ذا كثي راً فنظ ل مح دقين لج زء أس ود ف ي الص ورة ونراه مظلما ً ومؤلما ً ونتساءل لماذا ھذا الجزء أسود؟! لماذا ھذا الحزن الذي يحيط بنا من كل ناحية؟! ولكن لو رفعن ا أعينن ا قل يالً وتأملن ا بقي ة الص ورة لوج دنا أن ھ ذا الج زء األس ود كان الزما ً حتى تكتمل الصورة وبدونه قد تصبح الصورة ناقصة وغير جميلة.. ھكذا حياتنا تبدو أمام ﷲ كلوحة يرسمھا ھو بي ده وق د ي رى أن لوحت ه تحت اج إلى قلي ل م ن الل ون األس ود -رغ م أن ه ق اتم وح زين -إال أن ه يظھ ر جم ال بقي ة األلوان ويحييھا ويظھر نضارتھا .ولذا فإن الرس ام األعظ م )ﷲ( ل ن يت أخر ع ن إضافة ھذا اللون حتى تكتمل اللوحة ،أما نحن فلننتظر حتى نري الصورة كامل ة وال نظل محدقين بالجزء األسود.. ونفس المعنى يعرفه أيضا ً كل من يشتغل بخيوط الكنف اه وي رى الص ورة م ن ظھرھ ا حت ى آخ ر وق ت ،في رى مجموع ة م ن الخي وط المعق دة المتش ابكة الت ي ال ت وحي بوج ود لمح ة فني ة ف ي ھ ذا العم ل .ولك ن بمج رد االنتھ اء منھ ا ورؤي ة الص ورة م ن وجھھ ا نتعج ب م ن الف ارق الكبي ر ب ين وجھ ي الص ورة ونتأسف على قصر النظر الذي يجعلنا نسرع بإصدار أحكام عاجلة خاطئة.
رسائل تعزية... السماء
76
تعزيات
" حياة التسليم " "سلمنـــا فصرنــا نـُحمــــل " )أع(15 :27
جميع االشياء تحدث في الوقت المناسب لحدوثھا .وفي ھذه الحقيقة األولية شيء من الطمأنينة.. قد تحدث لنا أشياء كثيرة في الحياة ،منھا المفرح ومنھا المؤلم وقد نقف أمامھا عاجزين .فالماضي ولـﱠى وال مجال لتغييره ،والمستقبل مجھول ال نعلم عنه شيئا ً ،وكل ما نملكه ھو الحاضر فقط .وفي استطاعتنا أن نجعله سعيداً أو تعيساً ،مبھجا ً أو مؤلما ً .فاذا عرفنا أن كل ما يحدث لنا ھو بسماح من ﷲ وقد حدث في الوقت الذي عينه ﷲ ،إذا تأكدنا أننا في يد ﷲ األمينة ولسنا لعبة في يد األقدار فسنطمئن ونكف عن القلق ألن قائداً ناجحا ً ھو الذي يقود حياتنا وھو قد خرج غالبا ً ولكي يغلب فھو لم يُھزم أبداً ھكذا نستطيع أن ندعوه لكي ينتصر في حياتنا وال يتركنا. فلماذا نخاف ونحن قد سلمنا حياتنا في يد قائدنا الظافر. ◄إذا دخ ل المس يح ب ين القل ب واآلالم تص بح اآلالم نعيم اً ،ألن الض يق حينئ ذ يقربن ا أكث ر إل ى المس يح .....أم ا إذا دخل ت اآلالم ب ين القل ب والمس يح فعن دھا يص بح األل م جحيم ا ً ال يط اق.....ثقوا أيھ ا األحب اء أن ﷲ ب الظروف المعاكس ة يعمل فينا ألجل مجده أكثر مما نعمل نحن في الظروف المواتية.
رسائل تعزية... السماء
77
تعزيات
"طريق األعالي" اب َوأَ ْك َر َب ال َّط ِريقَ الَّذِي ُي َؤدِّي إِلَى ا ْل َح َياةِ، ض َيقَ ا ْل َب َ " َما أَ ْ َو َقلِيلُونَ ُھ ُم الَّذِينَ َي ِجدُو َنهُ!" )مت(14:7
حق ا ً ق الوا أنن ا "ل ن نس تطيع بل وغ األع الى المني رة إال ع ن طري ق األعم اق المظلمة ".فال يوج د طري ق ممھ د س ريع عل ى ط ول الخ ط ،ف األمر ال يخل و م ن اختناق ات الم رور وض يق الطري ق ،ك ذلك بع ض المطب ات الطبيعي ة أو حت ى الص ناعية لتجب ر الس يارة عل ى الس ير ب بطء ب ين الح ين والح ين ،مم ا يض ايق الركاب .ولكنھم يعلمون أنھا قد صنعت عمداً من أجل حفظ سالمتھم. ھكذا طري ق حياتن ا ال يس ير مس تويا ً إل ى األب د ب ل تعترض ه بع ض المطب ات التي تستوقفنا قليالً ولكنھا ال تعوقنا عن تكملة المس يرة .فالس يارة إذا توقف ت عن د كل مطب تقابله فلن تصل أبداً إلى نھاية مشوارھا ولھذا نحن مط البون أن نك ون مث ل ھ ذه الس يارة ،ق د نھ دئ م ن س رعتنا قل يالً ولك ن ال نتوق ف ل ئال نفق د وقت ا ً ق د نن دم علي ه فيم ا بع د ،ب ل نس عي لألم ام م ؤمنين أن أمامن ا مش واراً ط ويالً علينا أن نستكمله. وبابنا الضيق قد يكون جھاداً روحيا ً أو خدمة الميل الثاني أو محبة األعداء وتحمل االضطھاد والظلم من أجل اسم المسيح ...وكلھا يلزمھا أن نضع كلمات الرب عن الباب الضيق نصب أعيننا حتى نظل فرحين خالل الطريق. اشتھرت المسيحية بكونھا ديانة الباب الضيق والطريق الكرب ...ألعل ﷲ يريد أن يضايق أوالده؟! حاشا ..ولكن ﷲ الكلي الحكمة له رأي مختلف من جھة الباب الضيق الذي يريدنا أن ندخل منه ،والطريق الكرب الذي يطلب منا المسير فيه لنصل في النھاية إلى الحياة األبدية...
رسائل تعزية... السماء
78
تعزيات
إلـى مـتـى؟ اء؟ ض ِ ب َت ْنسانِى؟ ..إلَى اال ْنقِ َ يار ُّ "إلَى َم َتى َ َو ْج َھك ع ِّنى؟"
رف ص ُ َح َّتى َم ّتى َت ْ
)مز(1:13
لع ل أح د األس ئلة الت ي تل ح بش دة عل ى الش خص الواق ع تح ت وط أة التجرب ة ھو ھذا السؤال المحير ....إلى متى؟ ...متى ترفع التجربة يا رب؟ ھل بعد دقائق مثل الفتية الثالثة في أتون النار؟ أم بعد ساعات مثل دانيال ....ومثل التالميذ الذين أتيت إليھم في الھزيع الرابع؟ أم أيام مثل إبراھيم الذي ذھب ليذبح ابنه وظل ثالثة أيام في تجربة عسيرة؟ أم سنوات طوال مثل يوسف في سجنه ،وأيوب في مرضه ،وداود في ھروبه؟ أم قرون أربعة مثل شعب إسرائيل في مصر ...قبل أن يصعد إليك صراخھم؟ أم مثل ب ولس الرس ول؟ ذاك ال ذي أتت ه إجابت ك واض حة ،ف أيقن أن ش وكة جس ده ستظل معه حتى آخر العمر لكن نعمتك الغنية ستكفيه وقوتك ستكمل في ضعفه. ونحن كبشر ض عفاء محص ورون داخ ل إط ار ال زمن .نص رخ إل ى ﷲ أثن اء التجربة ونقول له" :يا رب إن األلف سنة عندك كيوم واحد ولكن الدقيقة الواحدة في نار التجربة تمر علينا كأنھا قرون فمتى تنقضي التجربة يا رب؟" س لَ ُك ْم أَنْ وف ي االغل ب ال نحص ل عل ى إجاب ة ...أو تك ون اإلجاب ة ھ ي "لَ ْي َ تَ ْع ِرفُوا األَ ْز ِمنَةَ َواألَ ْوقَاتَ الﱠتِي َج َعلَ َھا س ْلطَانِ ِه" )أع(7:1 اآلب فِي ُ ُ وبعد زمن -يطول أو يقصر -تمضي التجرب ة بحلوھ ا ومرھ ا ،وننظ ر إل ى الوراء فنتعجب كيف ولماذا تذمرنا ھكذا متھمين الرب أنه قد نسينا؟ وكيف تغافلنا عن يده التي تسندنا وعنايته التي تظللنا؟ ...فھل نتعلم م ن أخطائن ا فال نكررھا؟ أم يعلو صوتنا بالشكوى مع كل تجربة جديدة ونسأل " :إلى متى؟" رسائل تعزية... السماء
79
تعزيات
في وسط األشواك ض َف ُروا إِ ْكلِيالً مِنْ َ علَى َر ْأسِ ِه" )مت(29:27 ض ُعوهُ َ ش ْوكٍ َو َو َ " َو َ ترنيمة جميلة ،طالما شاركت فيھا وسمعتھا .وفي كل مرة يستوقفني ھذا البيت: في وسط األشواك يا سيدي
عيناي تــراك يا سيدي
تضـــــــمــد جــــــــــــرحي
تجــــــــــــــدد فــرحـي
وأتساءل في حيرة عن مقصد الشاعر ...ھل يعني أنني أن ا الواق ع ف ي وس ط أشواك التجارب؟ فأرفع عيني نحو الرب حتى يضمد جرحي ويجدد فرحي. أم يقصد أن السيد ال رب ھ و المكل ل باألش واك فع الً ...وأنن ي أرف ع عين ي نح وه فيتناسى آالمه الرھيبة ويشفي بدمه جرحي ويجدد بدمعه فرحي؟ والمعنيان جميالن وكالھما حقيقي ولك ن المعن ى الث اني ال نج ده إال عن د مس يحنا الق دوس ،ذاك ال ذي أخذ م ا لن ا وأعطان ا م ا ل ه ...ك ان عقابن ا المس تحق أن تنب ت لن ا األرض ش وكا ً وحس كا ً ....فقـَب ـِل بإرادت ه أن يخل ع ع ن ھامت ه ت اج مل ك المل وك لتنغ رس أش واك األرض ف ي الجب ين المق دس ف ال ت ؤذي ق دمي أن ا الخ اطئ ... ماأعظم محبتك يا رب!
رسائل تعزية... السماء
80
تعزيات
" الملجأ في الضيق " " َﷲُ لَ َنا َم ْل َجأ ٌ َوقُوَّ ةٌَ .ع ْو ًنا فِي ال ِّ ت وُ ِج َد َشدِي ًدا" )مز (1 : 46 ض ْي َقا ِ
يش ير ھ ذا المزم ور الجمي ل إل ى البقي ة التقي ة ف ي موق ف عص يب للغاي ة. وذلك عندما اتحدت جيوش األمم للفتك بأورشليم وتدميرھا تمام ا ً )زك ،2 : 12 (14-12وفي ھذا الوقت العصيب صرخ اليھود األمناء " ﷲ لنا ملجأ وقوة" وليتنا نتعلم الدرس! فعن دما تض غط علين ا الظ روف وال نلم ح بارق ة أم ل ف ي النجاة ،وعن دما تحي ق بن ا الح وادث وك أن ي دأ خفي ة تس وقھا وتنس قھا لتوقعن ا ف ي قبضة اليأس ويبدو أنه ليس ثمة أمل ...عندئذ نرى م ن ھ و عل ى أھب ة االس تعداد لمعونتنا فھو ملجأنا ،وھو قوتنا. إن طرقه معنا قد تستعصي عل ى التفس ير ولك ن اإليم ان يتقب ل عمل ه ف ي ك ل الظروف واألحوال إلنه إله المحبة وعيناه ال تتحوالن عن البار. والبعض في مث ل تل ك الظ روف يبح ث ع ن الس لوى والتعزي ة ف ي المس رات األرضية واألف راح العالمي ة .ولك ن ك ل ھ ذه المس رات المزعوم ة ال تس تطيع أن تب دد األح زان .إذ ال يوج د س وى ص ديق واح د حقيق ي يق در أن يعزين ا ويمسح دمعنا. أال نض ع إذاً أي دينا الض عيفة ف ي ي ده الق ديرة؟ ونق ول ف ي ك ل الظ روف " نَ َع ْم أَيﱡ َھا س ﱠرةُ أَ َما َمكَ) " .مت (26 : 11 ُ ت ا ْل َم َ اآلب ،ألَنْ ھ َك َذا َ صا َر ِ
رسائل تعزية... السماء
81
تعزيات
" للسكوت وقت وللتكلم وقت" ص َم ُّ ت .الَ أَ ْف َت ُح َفمِي ،ألَ َّن َك أَ ْن َت َف َع ْل َت) ".مز .(9:39 " َ يعرف كل باحث أنه عقب كل حقيقة يكتبھا في بحثه يجب أن يسجل اسم قائلھا .وال تكتسب المعلومة مصداقيتھا من منطقيتھا بل من مصداقية قائلھا. وفي الحقيقة فإن كالم الكثيرمن العباقرة يبدو غير منطقي على اإلطالق. وما أكثر ما يختلف الباحثون حول بعض النقاط وتتناقض آراؤھم فيلجئون لواحد من أقطاب ھذا العلم ليدلي برأيه ،وتكون كلمته ھي الفيصل الذي يقطع الشك باليقين ويصمت كل رأي معارض احتراما ً لخبرة ومصداقية العالم الذي لم يسبق له أن نطق بغير الحق. وما أجدرنا أن نتعلم منھم؛ فنثق ثقة مطلقة ف ي إلھن ا وال نف تح فمن ا اعتراض ا ً وال تذمراً على ما يفعله القدير ،ليس عن قھر أو إذالل بل عن ثق ة وإج الل ل ذاك الذي يعرف جيداً ماذا يفعل.
رسائل تعزية... السماء
82
تعزيات
قالوا عن الضيقات +ال توجد ضيقة دائمة تستمر مدى الحياة لذلك في كل تجربة تمر بك قل: مصيرھا تنتھي ,سيأتي عليھا وقت وتعبر فيه بسالم. إنما خالل ھذا الوقت ينبغي أن تحتفظ بھدوئك وأعصابك ،فال تضعف والتنھار، والتفقد الثقة في معونة ﷲ وحفظه) .البابا شنودة الثالث( \ +كن مطمئنا ً جداً جداً وال تفكر فى االمر كثيراً بل دع االمر لمن بيدة االمر. +اليوجد شيء تحت السماء يقدر أن يكدرني أو يزعجني ألني محتمي في ذلك الحصن الحصين داخل الملجا األمين مطمئن في أحضان المراحم حائز على ينبوع من التعز ية... )من أقوال البابا كيرلس السادس( +الذين اختبروا الضيقة فقط ولم يختبروا المعونة اإللھية فھم قوم لم يفتحوا عيونھم جيدا لكى يبصروا ﷲ. )البابا شنودة الثالث( +تأكد أن بعد ھذه الضيقات سيعطى ﷲ النعمة ألن كل نعمة تتقدمھا محنة.. فسلم امورك له فھو صادق في وعده ) ال اھملك وال اتركك ,إن نسيت األم رضيعھا أنا ال أنساكم(.. متضايقين ولكن غير يائسين ملقين كل ھمكم عليه ألنه يھتم بكم... )من أقوال البابا كيرلس السادس(
رسائل تعزية... السماء
83
تعزيات
العمل اإللھي " َقدْ َف َع ْلتُ َ ،وأَ َنا أَ ْر َف ُعَ ،وأَ َنا أَ ْح ِمل ُ َوأ ُ َن ِّجي ) " .إش (4 : 46
إنھا آية صغيرة ل م تلف ت نظ ري م ن قب ل ولكن ي ح ين قرأتھ ا ب تمعن وج دت فيھا معنى رائعا ً عميقا ً ...فما أروع ﷲ وما أرق قلبه وھو يواس ي قلوبن ا المتألم ة قائالً" :نعم أن ا ال ذي فعل ت ..أن ا ال ذي س محت بھ ذا" ول م يق ل ھ ذا ويس كت ب ل يكمل "وأنا أرفع وأنا أحمل وأنجي" معلنا استعداده لتحمل نتائج كل ما يعمل. +فھو لم يسمح بدخول الفتية في األتون إال بعدما أرسل ابن اآللھة معھم. +ولم يسمح لدانيال بدخول الجب إال عندما أرسل مالكه ليسد أفواه األسود. +ولم يسمح للبحارة أن يلقوا يونان في البحر إال عندما أعد حوتا ً عظيما ً يبتلعه. +ولم يترك إرميا في جب الوحل إال عندما أعد العبد الحبشي ليخرجه. +ورغم أن السياف أطاح برأس يوحنا المعمدان إال أن ه قب ل ذل ك ك ان ق د ع زاه وقواه وشھد له أنه أعظم مواليد النساء. +ول م يت رك الحج ارة تنھ ال عل ى رأس اس طفانوس ش ھيده إال بع د أن رأى السموات مفتوحة وابن اإلنسان قائما ً عن يمين ﷲ. +وھك ذا ف ي ك ل م رة يفع ل ﷲ ش يئا ً م ع أوالده يك ون مس تعداً أن يرف ع... ويحم ل ...وينج ي ...س واء عل ى األرض أو ف ي الس ماء ،فلم اذا إذاً نحم ل الھ م ويمالً الحزن قلوبنا .فلنذھب إليه بثقة ونـ ُذكـ ﱢره بكالمه ولنقل له: ھا أنت قد فعلت ونحن في انتظار أن ترفع الحزن عنا… وأن تحمل المسئولية معنا… وأن تنجي من كل ضيق أنفسنا… ولنثق أن الذي وعد صادق وأمين وال يترك كلمة ال ينفذھا...
رسائل تعزية... السماء
84
تعزيات
" لماذا
يجرح؟؟ "
بَ .ي ْس َح ُق َو َيدَ اهُ َت ْ ان) ".أي(18:5 ح َو َي ْعصِ ُ " ألَ َّن ُه ھ َُو َي ْج َر ُ شفِ َي ِ
كانت الطبيبة حديثة التخرج سعيدة بالبالطو األبيض واللقب الجديد، وفي أول أيام عملھا في سنة االمتياز في قسم العظام تعجبت من كم الحوادث التي يستقبلھا المستشفى وعدد الكسور المطلوب تجبيسھا يومياً ،ولكن ما خفف عنھا ھو ذلك الطبيب األخصائي الذي يعلمھا كيف تمتص آالم المريض بابتسامة واثقة وكلمة طيبة وعالج سريع يُشعـِره بالتعاطف ،ورغم أنھا تأكدت أن ھذا التخصص لن يناسبھا ،إال أن فرحة المريض الذي يأتي ليفك الجبس فيجد كسوره قد التأمت كان كفيالً أن يخفف من وطأة ھذه المھمة الشاقة. وبعد مرور بضعة أيام أتت طفلة رائعة الجمال لم تستطع مظاھر الفقر البادية عليھا أن تداري جمال الطفولة البريئة في قسمات وجھھا .وكانت المسكينة تعاني من لين العظام الذي جعل ساقيھا مقوستين ،وبعد أن تشاور األخصائي مع والدي الطفلة استدعى الطبيبة لتفحصھا وسألھا "ھل تذكرين ما ھو عالج مثل تلك الحالة؟" وقبل أن تسترجع معلوماتھا كان الطبيب قد كسر بيديه القويتين عظمة الساق المعوجة ليعلو صراخ الطفلة من ھذا العنف الغادر. ولكن دموع الطفلة توقفت بعد لحظات بينما دموع الطبيبة ظلت تنھمر حتى وھي تضع الجبس على ساق الطفلة لتلتئم العظام في وضع مستقيم يعالج ما بھا من تقوس .....ومرت أسابيع وعادت الطفلة مع والديھا إلزالة الجبس وتھلل األھل فرحين ممتنين بنتيجة العالج ،وسألوا موعداً لعالج الساق األخرى!! وعندما حان اليوم الموعود غالبت الطبيبة دموعھا وكسرت الساق األخرى بيديھا الرقيقتين قبل أن تضعھا في الجبس لتلتئم في الوضع الصحيح. رسائل تعزية... السماء
85
تعزيات
" أين تسكب
نفسك؟ "
في األزمات نحتاج إل ى ص در متس ع يحت وي أحزانن ا وآذان ص اغية تنص ت ألنيننا ويد حانية تكفكف دمعنا .ولكن من ھو ھذا الصديق؟ البعض ال يجد صديقا ً سوى نفسه ليشكو لھا ھمه فيجتر أحزانه ليزيد شعوره سي َعلَ ﱠي")مز(4: 42 بالمرارة "ھ ِذ ِه )الدموع( أَ ْذ ُك ُرھَا فَأ َ ْ س ُك ُ ب نَ ْف ِ وف ي مراث ي إرمي ا ِ◌نق رأً ع ن األطف ال ال ذين م زق الج وع أحش اءھم أثن اء ان أُ ﱠم َھ اتِ ِھ ْم) ".م را (12:2لك ن حص ار أورش ليم "إذ تُ ْ ب نَ ْف ُ س َك ُ س ُھ ْم فِ ي أَ ْح َ ض ِ ماعساھا أن تفعل تلك األم المسكينة في زمن الجوع الذي اجتاح البالد. ونح ن أحيان ا ً م ا نستش عر دفء حض ن أح د األحب اء فنس تريح ل ه وتج يش نفوس نا بآالمھ ا فنس كبھا ف ي حض نه .لك ن م اذا عس اه يفع ل لن ا وھ و مج رد إن اء خزف ي تح ت اآلالم مثلن ا! وك م تك ون ص دمتنا قاس ية إذا تب رم م ن ش كوانا ....أو باح بأسرارنا لآلخرين حتى ولو بحسن نية. لك ن م ا أروع تص رف حن ة أم ص موئيل الت ي أس اء ع الي الك اھن الظ ن بھ ا ب وح...أَ ْ وظنھا سكرى ب الخمر فأجابت ه ف ي اتض اع " إِنﱢ ي ا ْم َرأَةٌ َح ِزينَ ةُ ﱡ س ُك ُ الر ِ س ي أَ َم ا َم ال ﱠر ﱢب" )1ص م (15:1فلق د ع ذبتھا آالم العق م ،وطحنتھ ا آالم الغ يط نَ ْف ِ من ضرتھا فبكت ولم تأكل ،ولم يكن حضن ألقان ه -رغ م محبت ه لھ ا -باالتس اع الذي يعزيھا أو بالقدرة التي تشفيھا فازدادت مرارة نفسھا. ولكنھا أخيراً عرفت المكان الصحيح ,فذھبت إلى الرب وھناك سكبت نفس ھا أمامه ,وأفرغت أحزانھا عنده .وما أروع النتيجة .....لق د قام ت وأكل ت وأش رق وجھھا ......ورزقھا ﷲ بواحد من خير من عرفھم التاريخ ....صموئيل النبي. وأنت أين تسكب نفسك في وقت حزنك لنفسك أم لآلخرين أم ؟ رسائل تعزية... السماء
86
تعزيات
لؤلؤ وماس
ليس اللؤلؤ سوي رأي البحر في الصدف...
وال الماس سوي رأي الزمن في الفحم...
ومن الذي يتخيل أن اللؤلؤ لم يكن سوى حبة رمل صغيرة دخلت إلى قوقعة فآلمت الكائن الساكن فيھا فأفرز تلك المادة البديعة حول حبة الرمل فيحول خشونتھا نعومة ...وبعد وقت فتحنا القوقعة لنجد فيھا تلك اللؤلؤة الجميلة غالية الثمن...
من يستطيع أن ينظر إلى الماس وال ينبھر بجماله
ولمعانه الذي يخطف األبصار ...ولكن من يتخيل أن ھذا الماس كان يوما ً قطعة فحم سوداء ال قيمة لھا ولكنھا دفنت في األرض قرونا ً عديدة وتحت ضغط كبير لتتحول إلى ماسة!! فالفحم والماس ما ھما إال ذرات من الكربون ولكن ما أكبر الفرق بينھما رغم إنھما من عنصر واحد ؟!
ھل تريد أن تكون ماسا ً أم فحماً؟!
إذا كنت تريد أن تكون ماسا ً فعليك أن تتحمل الوسيلة الوحيد ة لتحويل الفحم إلى ماس.
رسائل تعزية... السماء
87
تعزيات
"حرمان من الحياة أم سفينة للنجاة" ب َفأ َ َع َّد ُحو ًتا َعظِ ي ًما لِ َي ْب َتل َِع ُيو َنانَ " )يون (17:1 الر ُّ "وأَ َّما َّ َ لم يشك أحد من البحارة أن ذلك المذنب الذي وقع ت علي ه القرع ة ف ألقوه ف ي البحر س يلقى حتف ه ف ي الح ال .وإن ل م يغ رق فس تلتھمه األس ماك .ولع ل بعض ھم شاھد بنفسه ذلك الحوت الضخم وھو يبتلع يونان فتحولت توقعاتھم إلى يقين. أما يونان نفسه فتعجب أن ك ل تل ك المي اه التي ارات واللج ج الھ ادرة حول ه ل م تخمد أنفاسه ولم تحرمه من الحياة بل إن جوف الحوت صار سفينة للنجاة. أتراھا قصة حدثت مرة من ذ ق رون أم أن الت اريخ يعي د نفس ه م راراً وتك راراً !! فك م م ن تجرب ة نظ ن أنھ ا ستقض ي عل ى ص احبھا ف إذا بھ ا تنقل ه م ن الم وت الروحي واألدبي إلى الحياة في رضى ﷲ ومشيئته. إذا رأيت الحوت يفتح فم ه ليبتلع ك ف ال تج زع ...فق د يك ون ھ ذا ھ و الم الك المنقذ الذي أرسله ﷲ خصيصا ً لك !! ولكن رؤية األمور على ھذا النح و تحت اج إلى بصيرة روحية ال يملكھا إال الذين يسلكون باإليمان ال بالعي ان .....فم ا أكث ر الحقائق الروحية التي تدركھا الجفون المغلقة وتعجز عنھا العيون الشاخصة. فلننصت إلى كلمات الشاعر ميخائيل نعيمة معبراً عن ھذا المعنى: إذا
سـمــــــــــــــاؤُك
أغمـــــض
جـــفــــونك
واألرض
حــــــــــــــــولك
أغمـــــض
جـــفـــــونك
وإن
بـــُــليـــــــــت
يـــــــــومأ تبصر إذا
أغمـــــض وعنـــــــــدما
المـــــــــوت
يدنــــــو
أغمـــــض
رسائل تعزية... السماء
تحـــــــــت
في
نجــــــــوم بالثــــــــــــلوج
الثــــــــــــــــلوج
وقيـــــــــــــــــــــــــــــــل
بــــــــدا ٍء
جـــفـــــونك
الــــغــــيوم
توشـــــــــــحـــت
تبصر
تبصر
جــفــــــونك
تــــــحــــجــــبــــتْ خــلــــــــــف
بــــالــغـــــيـــــوم
الــــــــــداء
واللحـــــــــــــــــد
كل
دا ٌء
مروج عياء
الــــــــــدواء
يــــفــــــــــــــغر
فاه
في الـلـحــــــــــــــــــد مـھــــد الحــــــيـــاة
تبصـــــر
88
تعزيات
" تجارب اإليمـــان " َ ضا أَنْ يح الَ أَنْ ُت ْؤ ِم ُنوا ِب ِه َف َق ْطَ ،بلْ أَ ْي ً "ألَ َّن ُه َقدْ ُوھ َ ِب لَ ُك ْم أل ْج ِل ا ْل َمسِ ِ َت َتأَلَّ ُموا ألَ ْجلِهِ) ".في(29:1 ارت بط اإليم ان ف ي أذھانن ا باالنتص ارات والمعج زات .ولك ن الھب ة األعظ م لإليمان ھي مشاركة رب المجد في حمل صليبه ،وحتى أبطال اإليمان في العھ د القديم الذين رقدوا على رج اء القيام ة عاش وا نف س االختب ار أيض اً ،فيق ول ع نھم ب ولس الرس ول َو َ س. آخ ُرونَ ت ََج ﱠربُ وا فِ ي ُھ ُز ٍء َو َج ْل ٍد ،ثُ ﱠم فِ ي قُيُ و ٍد أَ ْي ً ض ا َو َح ْب ٍ ف ،طَ افُوا فِ ي ُجلُ و ِد َغ نَ ٍم َو ُجلُ و ِد ش ُرواُ ،ج ﱢربُ واَ ،م اتُوا قَ ْتالً بِال ﱠ س ْي ِ ُر ِج ُم وا ،نُ ِ س ت َِحقًّا لَ ُھ ْم .تَ ائِ ِھينَ فِ ي ِم ْعزَىُ ،م ْعتَا ِزينَ َم ْك ُروبِينَ ُم َذلﱢينَ َ ،و ُھ ْم لَ ْم يَ ُك ِن ا ْل َع الَ ُم ُم ْ ض) .عب(38-36 :11 ي َو ِجبَال َو َم َغايِ َر َو ُ بَ َرا ِر ﱠ وق األَ ْر ِ شق ُ ِ واآلالم ھي إكليل الش رف ال ذي يض عه ﷲ عل ي رأس قديس يه وأحبائ ه ال ذين وھب لھم أن يتألموا معه لكي يتمجدوا أيضا ً مع ه .وھك ذا اس تقبل تالمي ذ المس يح اآلالم بفرح .فيقال ع نھم بع دما جلِ دوا ألول م رة " َوأَ ﱠم ا ُھ ْم فَ َذ َھبُوا فَ ِر ِحينَ ِم نْ س ِم ِه" )أع(41:5 س تَأْ ِھلِينَ أَنْ يُ َھ انُوا ِم نْ أَ ْج ِل ا ْ س بُوا ُم ْ أَ َم ِام ا ْل َم ْج َم ِع ،ألَنﱠ ُھ ْم ُح ِ ون رى ب ولس وس يال مض روبين بالعص ي محبوس ين ف ي الس جن ال داخلي وأرجلھم مقي دة ف ي المقط رة .ولكنھم ا يص ليان ويس بحان ﷲ بف رح حقيق ي جع ل المس اجين اآلخ رين م ذھولين لدرج ة أنھ م ل م يھرب وا م ن الس جن حت ى بع دما تزعزعت أساساته وانفتحت أبوابه!! فليت كل مؤمن ُم َجرﱠب يتذكر أنه كريم في عيني ﷲ حتى إذا بدا محتق راً ف ي أعين العالم .وأنه إذا كان يحمل الص ليب الي وم فھ ذه ھ ي المقدم ة الطبيعي ة حت ى يشارك الرب في أفراح القيامة عن قريب. رسائل تعزية... السماء
89
تعزيات
"ال تھتموا " علَ ْيهِ ،ألَ َّن ُه ھ َُو َي ْع َتنِي ِب ُكم 1) ".بط(7:5 " ُم ْلقِينَ ُكل َّ َھ ِّم ُك ْم َ
ال تكتئب وتعول الھم بسبب الضيقة والتفكر فيھا كثيراً ،ألنك ف ي الغال ب ل ن تستطيع أن تمنعھا ولكن عليك أن تستعمل خمسة مفاتيح في وقت الضيق: -1مفتاح الصالة:
بالصالة والصوم نواجه كل مشاكلنا وتجاربنا وضيقاتنا " َوا ْد ُعنِي فِي يَ ْو ِم ق أُ ْنقِ ْذ َك فَتُ َم ﱢج َدنِي")مز ...(15:50تعودت الكنيسة أن تواجه الضيقة ال ﱢ ضي ِ بالصالة والصـوم )مثــل معجزة نقل جبل المقطم -بطرس وخروجه من السجن( ولذا تكرر قسمة الصوم الكبير ھذه الفكرة ....الصوم والصالة ھما اللذان عمل بھما .......موسى ...إيليا ..دانيال ...أھل نينوى .... الشھداء ....األبرار والصديقون.....إلخ -2مفتاح المواعيد:
تذكر وعود ﷲ وضع تحتھا خطوطا ً في كتابك المقدس وطالبه بتتميمھا: "ألَنﱢي أَنَا َم َعكََ ،والَ يَقَ ُع بِ َك أَ َح ٌد لِيُ ْؤ ِذيَكَ ) ".أع.(10:18 َب" )تك.(2 :15 " َوھَا أَنَا َم َعكَ َ ،وأَ ْحفَظُ َك َح ْيثُ َما ت َْذھ ُ يح ُك ْم)".مت(28 :11 الَ ،وأَنَا أُ ِر ُ "تَ َعالَ ْوا إِلَ ﱠي يَا َج ِمي َع ا ْل ُم ْت َعبِينَ َوالثﱠقِيلِي األَ ْح َم ِ -3مفتاح الثقة:
اعلم أن ﷲ قادر أن يغير كل شئ إلى أفضل وإلى العكس. س ُر َعلَ ْي َك أَ ْم ٌر " )أى (2:42 " قَ ْد َعلِ ْمتُ أَنﱠ َك تَ ْ َي ٍءَ ،والَ يَ ْع ُ ست َِطي ُع ُك ﱠل ش ْ ستَ َ ع لِ ْل ُم ْؤ ِم ِن " )مر .(23:9 طا ٌ َي ٍء ُم ْ " ُك ﱡل ش ْ
رسائل تعزية... السماء
90
تعزيات
ع«) ".مت .(26:19 ستَطَا ٌ َي ٍء ُم ْ " ِع ْن َد ﷲِ ُك ﱡل ش ْ ليكن لك اإليمان با القادر على كل شيء. -4مفتاح الرجاء:
اعلم أن باب ﷲ مفتوح أمامك على ال ـدوام ،مھم ا أغلق ت ب اقي األب ـواب " ◌َ ھ ا ست َِطي ُع أَ َح ٌد أَنْ يُ ْغلِقَهُ) "،رؤ .(8:3 ُوحا َوالَ يَ ْ أنا َ َذا قَ ْد َج َع ْلتُ أَ َما َم َك بَابًا َم ْفت ً ال تنظر إلى األبواب المغلقة ،ولكن أنظر إل ى المفت اح ال ذي ف ي ي د ﷲ .حت ى ل و ش ﱠج ْع قَ ْلبُ كَ، ش ﱠد ْد َو ْليَتَ َ ب .لِيَتَ َ تأخر ﷲ فى حل المشكلة فت ذكر وع ده" :ا ْنت َِظ ِر ال ﱠر ﱠ ب " )مز ..(14:27 َوا ْنت َِظ ِر ال ﱠر ﱠ -5مفتاح األبدية:
التطل ع إل ى األبدي ة يخف ف م ن وط أة الض يقة واآلالم ،ويرف ع قلوبن ا إل ى الكن ز ش ُئ لَنَ ا أَ ْكثَ َر فَ أ َ ْكثَ َر ثِقَ َل َم ْج ٍد أَبَ ِديًّا". ض يقَتِنَا ا ْل َو ْقتِيﱠ ةَ تُ ْن ِ الس ماوي" .ألَنﱠ ِخفﱠ ةَ ِ )2كو .(17:4ويجعلنا نتيقن أن ه حت ى ل و ل م نفھ م الح ل عل ى األرض فس نفھمه ص نَ َع ا ْل ُك ﱠل في السماء ،وھذا ھو السر الذي وصل إليه سليمان الحك يم إذ ق الَ " : ض ا َج َع َل األَبَ ِديﱠ ةَ فِ ي قَ ْل بِ ِھ ِم ،الﱠتِ ي بِالَ َھ ا )ب دونھا( الَ يُ ْد ِر ُك س نًا فِ ي َو ْقتِ ِهَ ،وأَ ْي ً َح َ سانُ ا ْل َع َم َل الﱠ ِذي يَ ْع َملُهُ ﷲُ ِمنَ ا ْلبِدَايَ ِة إِلَى النﱢ َھايَ ِة) ".جا(11:3 اإل ْن َ ِ
رسائل تعزية... السماء
91
تعزيات
" مدرسة ﷲ " " ھ َُو َذا ﷲُ َي َت َعالَى ِبقُدْ َرتِهَِ .منْ ِم ْثلُ ُه
ُم َعلِّ ًما؟")أي (22 :36
أن أسوأ ما يتذكره الطالب عن المدرسة ھو االمتحان ،ففترة االمتحانات ھ ي أكثر الفترات تعبا ً للطال ب وألس رته فالك ل يص اب بالش د العص بي وتـُعل ـَن حال ة الطوارئ في كل البيوت .ولكنھا فترة البد أن يجتازھا الطالب ،حت ى ينتق ل للع ام التالي .وسريعا ً ما تنتھي االمتحانات وتـُعلـَن النت ائج وت أتي فرح ة النج اح لتمح و كل أثر لتعب االمتحانات. فإن كان ھذا ھو الحال في مدارس البشر فما بالكم بمدرس ة ﷲ؟ إنھ ا مدرس ة فري دة م ن نوعھ ا تختل ف ع ن م دارس البش ر كثي راً ،ولكنھ ا ال تخل و م ن االمتحانات التي يجريھا ﷲ ألوالده لينقلھم من مس توى إل ى آخ ر حت ى يتخرج وا بجدارة ويكونوا مؤھلين للعرس األبدي في السماء. ◄ولمدرس ة ﷲ خص ائص عجيب ة ،فھ ي أض خم مدرس ة عل ى اإلط الق إذ أن تالميذھا بالملي ارات .ورغ م كث رتھم إال أن فيھ ا معلم ا ً واح داً فق ط ھ و ﷲ نفس ه. وب رغم الع دد الض خم إال أن ه ال يوج د تك دس ف ى فص ولھا ،فك ل تلمي ذ ل ه فص له الخاص به! ولكثرة وتنوع علومھا ال يحصل فيھا اثنان على نفس الشھادة! وما أعجب مناھجھا! فھي توضع طبقا ً لحالة كل تلميذ وحسب قصد المعلم. ◄فقد التح ق بھ ا ج دعون وھ و يع اني م ن ص غر ال نفس .فوض ع ل ه منھج ا ً كل ه تشجيعات ب دأ ب القول "ال رب مع ك ي ا جب ار الب أس" ...والتح ق بھ ا إرمي ا ال ذي يشعر بضآلته وصغر سنه فبدأ تعليمه بالقول "ال تقل إنى ولد"...
رسائل تعزية... السماء
92
تعزيات
◄ومن جانب أخر التحق بھا جبابرة بأس بالطبيعة كإيليا الذي كان قياديـا ً وسط الناس ،فوضع له منھجا ً عكس يا ً تمام ا ً يتض من اختب اءه بعي داً ع ن الن اس لتعول ه الغربان وتأويه أرملة أممية... ◄أما بطرس المقدام الواثق جداً في ذاته وفي قدرته عل ى النج اح ف ي أي مج ال فوضع له منھجا ً مكثفا ً يختبر فيه فشله .وأصبح درس الفش ل الق ادر عل ى تحط يم أي إنسان ھو وسيلة نجاح بطرس في مدرسة ﷲ... لقد جعله يختبر الفشل في صيد السمك رغم اتقانه له ...والفشل في أعز م ا يمل ك وھو محبته ووالؤه للسيد عندما أنكره أمام العبيد والجواري. ◄وكما تختلف مناھج التعليم البشري ولكنھا تتفق في وج ود امتح ان آخ ر الع ام ھكذا تختلف من اھج مدرس ة ﷲ إال أن القاس م المش ترك فيھ ا جميع ا ھ و الض يقة. وكلھ ا من اھج تس عى لتفري غ التلمي ذ م ن ذات ه ليك ون ك ل اعتم اده عل ى ﷲ وح ده الذي ال نقدر أن نفعل شيئا ً بدونه. وإذا كان التعليم ف ي م دارس البش ر ين تج أناس ا ً ن افعين للمجتم ع ،ف التعليم ف ى مدرسة ﷲ ھو وحده الذى ينتج إنسانا ً نافعا ً للسيد.
رسائل تعزية... السماء
93
تعزيات
" من يھرب من الضيقة " يھرب علمتني الحياة أنه على قدر ما تكون التجارب موض ع حي رة س تكون موض ع إعجاب وشكر عندما نتبين حكمة ﷲ. ال تتعج ب م ن ت دبير ﷲ لحياتن ا ،فھ و ض ابط الك ل وف ي نف س الوق ت ھ و مح ب البشر يدبر كل صغيرة وكبيرة في حياتنا. ال ذين ترك وا ك ل ش يء ف ي ي د ﷲ ،اعت ادوا أن ي روا ي د ﷲ ف ي ك ل ش يء. قد ال تفھم اآلن حكمت ه ف ي ترتي ب حيات ك ،لك ن تأك د إن ﷲ أش د حنان ا ً علي ك من نفسك ،فقط سلم له حياتك إن سلمت كل أم ورك
ف آمن إن ه ق ادر أن يظھ ر
عجائبه .ال بد أن تعلم أنك في يد ﷲ وحده ولس ت ف ي أي دب الن اس وال ف ي أي دي التجارب واألحداث وال في أيدي الشياطين. ﷲ ضابط للكل ال ينعس وال ينام ,ال تظن ه بعي داً ف ي مش اكلك إن ه يراق ب ك ل ش يء ويعم ل ألجل ك ال تتض ايق إن ت أخرت اس تجابة ﷲ ل ك ألن ه يخت ار الوق ت المناسب إلتمام طلباتك فھو يحبك أكثر مم ا تح ب نفس ك ...اتك ل علي ه وال تي أس واستمر في اإللحاح حتى يعطيك. اق رن دائم ا ً طلبات ك بص الة " ل تكن مش يئتك " وألن ه يحب ك يخت ار ل ك م ا يناسبك وقد يعمل عكس رغبتك لفترة ثم يستجيب لك ،واعلم أنه يفرح بص لواتك ويكافئك في السماء بأمجاد ليس لھا مثيل. كلما ازدادت الضيقة اقتربت من الحل ,عندما تزداد الض يقات علي ك وتخس ر الش يء تل و األخ ر ف ال تن زعج ألن ﷲ يع د م ن ھ ذه الخس ارة فوائ د كثي رة ل ك ال تراھا إال بعد حين ،فكل ما يمر بك ھو بسماح من ﷲ الذي يحبك ...فاعمل م ا تستطيعه للخروج من المشكلة حتى لو كان عمالً ص غيراً ،ف ا ينظ ر إل ى تعب ك رسائل تعزية... السماء
94
تعزيات
وينقذك .وكل كلمة معزية أو فرصة للراحة ھ ي منف ذ يرس له ﷲ ل ك لتخ رج م ن الض يقة ،ف ال تھمل ه و تستس لم للي أس فكلم ا ازدادت الض يقة اقترب ت م ن الح ل، فالمشاكل ھرمية وعندما تتعب جداَ وتصل إلى قمة المش كلة س يبدأ االنح دار إل ى أسفل لتحل المشكلة و تخرج من كل المتاعب.
حقل التجلد زرعت أوجاعي في حقل من التجلد فأنبتت أفراحا ً ال تخلو حياة من األوجاع ولكن تختلف طريقه تعاملنا مع الحياة وأوجاعھا.. +فمنا من يحزن على نفسه ويظل طول الوقت يرثي ذاته ويتساءل لماذا أنا بالذات؟! ألم يجد ﷲ غيري من البشر حتى تحل كل ھذه الكوارث على رأسي ؟! +وھناك من يواجه آالمه بشجاعة ويزرع أوجاعه في حقل من الصبر ومع الصبر نجد أن بذور األوجاع التي زرعناھا قد أنبتت أشجاراً ضخمة من األفراح والبھجة... +والصبر قادر أن يداوي جميع أنواع األلم فيحولھا فرحا ً وابتھاجا ً....
رسائل تعزية... السماء
95
تعزيات
"دعاء من جوف الھاوية" ص َر ْخ ُ " َد َع ْو ُ او َيةَِ ،ف َسمِعْ َ ت ت مِنْ ضِ يقِي الرَّ بَّ َ ،فاسْ َت َجا َبنِيَ . ت مِنْ َج ْوفِ ْال َھ ِ ص ْوتِي)".يون(1 :2 َ
إن كنت في ضيقة ,فتذكر حوت يونان... إن الحوت قد يبتلعك و لكنه ال يستطيع أن يؤذيك والبد أنه سيأتى الوقت الذي فيه يأمر الرب الحوت أن يقذفك الى البر. حتى أن كنت فى بطن الحوت فأنا معك. ..ال أھملك و ال أتركك فى جوف الحوت .فى جوف الحوت ركع يونان وصلى للرب صالة من اعظم الصلوات. حقا ان الضيقات ھى مدرسة للصالة. حاذر من ان تشكو كلما ابتلعك حوت .فالحيتان فى بحر ھذا العالم كثيرة. ال تجعل الضيقات واالحزان واالالم تبتلعك
مھما كان نوعھا ,ومھما كانت قوتھا ومھما شعرت بعجزك وضعفك تجاھھا حتى لو شعرت بأنه ال مخرج والكل قد تركك وحيداً ,وليس لك سند او معين وأن الحزن قد اعتصر قلبك ,وصغرت روحك فيك تنادي وليس مغيث ,تطلب وليس مستجيب فقط كل ماعليك ھو... أن تثبت قلبك وعينيك نحو مخلصك وفاديك.. نحو السيد المسيح ,حتى لو تاخر فى االستجابة رسائل تعزية... السماء
96
تعزيات
ليكن إيمانك به كامالً أنه سيخلصك فال تئن أو تتذمر من تاخره ألنك إن صبرت تأخذ نصرة وبركة عظيمة تذكر مونيكا ظلت 20عاما ً تبكي وتصلي بال انقطاع أو تذمر ونھاية صبرھا صار ابنھا اغسطينوس قديسا ً عظيما ً تذكر أيوب كيف صبر وتحمل كل الباليا وكانت إمراته واصدقائه معزيين متعبين ولكن فى النھايه صار أعظم مما كان عليه ثق في الذي أخرج يونان من جوف الحوت بعد ثالثه أيام سيخرجك حتما ً من جوف الضيقات ثق في الذي أخرج دانيال من جب األسود سيخرجك حتما ً من جوف اآلالم واألھوال ثق في الذي اخرج الفتيه الثالثه من أتون النار سيخرجك حتما من أتون التجارب واألحزان ماھوااليمان؟ "ھو الثقة بما يرجى واليقين بأمور الترى" )عب(1 :11 فثق بالرب الھك.
رسائل تعزية... السماء
97
تعزيات
"سيف جليات" س ْي َف ُه َو ْ اخ َت َر َط ُه ِمنْ غ ِْم ِد ِه َو َق َتلَ ُه ف َعلَى ا ْلفِل ِْسطِ ين ِِّي َوأَ َخ َذ َ ض َد ُاو ُد َو َو َق َ " َف َر َك َ س ُه1) ".صم(50:17 َو َق َط َع ِب ِه َر ْأ َ خفقت قلوب بني إسرائيل بشدة وھم يرون الفتى داود يتقدم بثقة نحو المارد جليات ،واطمأن الفلسطينيون ألن نتيجة ھذه المعركة محسومة لصالحھم. ورغم اختالف مشاعر الجيشين ،إال أننا لو سألناھم جميعا ً "أي رأس سيقطعھا سيف جليات اليوم؟" فستكون اإلجابة باإلجماع " :رأس داود" !! ولكن الحقيقة أن سيف جليات قد قطع رأس جليات في ذلك اليوم الفريد!! والضيقة ھي سيف جليات الموضوع في يد إبليس ليرھب به أبناء ﷲ ويجعلھم يعتقدون أنه سيقضي بھا على الشخص المجرﱠب ....ولكن كثيراً ما يكرر المؤمنون ما فعله داود قديما ً .فيتسلحون بحجارة ومقالع )صالة وصوم وأسرار الكنيسة( ينتصرون بھا على إبليس وتكون الضيقة السالح الذي يھزمون به إبليس وليس العكس! وبعد ستة قرون تكررت القصة بصورة مماثلة عندما أعد ھامان لمردخاي صليبا صلِب عليه ،لذا يجب أال ندع إبليس يتسلل ف ُ إلى أنفسنا مستغالً حاالت الضعف التي ال بد أن نواجھھا من حين آلخر .فيبث سموم أكاذيبه مدعيا ً أن الضيقة تعني تخلي ﷲ عنا ....ويا لحسرة من ينخدع مصدقا إبليس. رسائل تعزية... السماء
98
تعزيات
"الرفيق قبل الطريق " وج ُد َط ِر ٌ ان ُم ْس َتقِي َم ًةَ ،و َعاقِ َب ُت َھا يق َت ْظ َھ ُر ل ِِإل ْن َ " ُت َ س ِ ُط ُر ُق ا ْل َم ْوتِ) ".أم(12 :14 يتعجب كثيرون من س ذاجة وغب اء ال ذين يترك ون طريق ا ً واس عا ً رحب ا ً تس ير فيه األغلبية ليمشوا في طريق ضيق كرب ل م تخت ره س وى األقلي ة ... .ولھ م ف ي ذلك بعض العذر فھذا ضد المنطق البشري. ولكن دعنا نسأل ھذه األغلبية :أيھما أفضل؟ ھ ل ھ و ذاك الطري ق ال ذي يكتنف ه الض يق ،وتج د في ه خي ر رفي ق يص حبك إل ى الفردوس حيث يغمرك بحبه العميق ؟ أم ھ و الطري ق الس ھل الرحي ب حي ث ال تش عر أن ك غري ب وأب داً ال تحم ل الص ليب ...وف ي النھاي ة فالمص ير كئي ب ويص حبك إبل يس إل ى جھ نم م ن ن ار ولھيب ؟ ھ ل رأي تم مس افراً ال يھم ه أي ن ي ذھب ولكن ه فق ط يھ تم بالبح ث ع ن وس يلة مواصالت مريحة؟ ....إذا تعجبت وأسفت لھذا السائح الساذج الغافل فاحذر لئال تكون مثله!
رسائل تعزية... السماء
99
تعزيات
"لماذا تنجح طريق األشرار؟" سالَ َم َة األَ ْ ت مِنَ ا ْل ُم َت َك ِّب ِرينَ ،إِ ْذ َرأَ ْي ُ "ألَ ِّني ِغ ْر ُ ار" ت َ ش َر ِ )مز(3:73 ھذا السؤال يتكرر في كل جيل وربما مع كل شخص من األبرار إذ يرى نفسه في ضيق بينما األشرار ينعمون بالصحة والسالمة! ونفس السؤال طرحه إرميا على الرب فقال له: اص َم َك. أبَ ﱡر أَ ْنتَ يَا َر ﱡب )أنت أكثر براً( ِمنْ أَنْ أُ َخ ِ ش َرا ِر؟ ق األَ ْ ل ِكنْ أُ َكلﱢ ُم َك ِمنْ ِج َھ ِة أَ ْح َكا ِم َك )أريد أن أفھم حكمتك( لِ َما َذا تَ ْن َج ُح طَ ِري ُ صلُوا )ثبتت جذورھم في األرض(. اِ ْط َمأَنﱠ ُك ﱡل ا ْل َغا ِد ِرينَ َغ ْد ًرا! َغ َر ْ ستَ ُھ ْم فَأ َ ﱠ يب فِي فَ ِم ِھ ْم )يتكلمون عنك كثيراً( َوبَ ِعي ٌد ِمنْ نَ َم ْوا َوأَ ْث َم ُروا ثَ َم ًرا .أَ ْنتَ قَ ِر ٌ ُكالَ ُھ ْم).جمع كـُلية والمقصود القلب ....أي أنھم منافقون مراؤون( . ويرد الرب رداً عجيبا ً على إرميا فيقول له: إِنْ َج َريْتَ َم َع ا ْل ُمشَا ِة فَأ َ ْت َعبُوكَ ،فَ َكيْفَ تُبَا ِري ا ْل َخ ْي َل؟ )أن ت مث ل طف ل ص غير يا إرميا بحيث أنك تضطر إلى الجري لكي تالح ق رج الً يمش ي فكي ف تفك ر أن تسابق الخيل؟؟( سالَ ِم ،فَ َكيْفَ تَ ْع َم ُل فِي ِك ْب ِريَا ِء األُ ْردُنﱢ ؟ ض ال ﱠ وإن ُك ْنتَ ُم ْنبَ ِط ًحا ِفي أَ ْر ِ )وأنت مثل شخص يخاف وينبطح أرضاً ،حتى وھو في وضع آمن بعيداً عن أي خطر فماذا تفعل إذا تعرضت لفيضان نھر األردن؟؟( وفي كال اإلجابتين تشبيه ضمني يـُذكـﱢر اإلنسان أنه كثيراً ما يعجز عن فھم حكمة ﷲ في األمور اليسيرة فما له يتطلع إلى فھمھا في األمور العسيرة؟
رسائل تعزية... السماء
100
تعزيات
" آثار على الرمال
"
الر ْك َب َت ْي ِن ُتدَ لَّلُونَ . َع َلى األَ ْيدِي ُت ْح َملُونَ َو َعلَى ُّ ان ُت َع ِّزي ِه أ ُ ُّم ُه ھ َك َذا أ ُ َع ِّزي ُك ْم أَ َنا" )أش(13:12-66 َكإِ ْن َ س ٍ
لعل معظمنا قد قرأ ھذه القصة ...ولكننا ال نستطيع أن ننھي كتابنا ھذا دون أن نذكرھا ...وھي قصة الرجل الذي حلم بنفسه يسيرعلى شاطئ البحر برفقة الرب .ونظر خلفه ليرى فترات من حياته تلمع أمامه ومع كل فترة يرى آثار أقدام على الرمال ،فكان ھناك آثار أرجل شخصين ...فبدت الواحدة آثار قدميه، واألخرى آثار قدمي الرب وھو يسير بجانبه. ولدى فترات التجارب القاسية في حياته ،كانت ھناك آثار لقدمين فقط على الرمال مما أزعجه فأخذ يعاتب الرب "لقد وعدت أال تتركني أبداً فما بالك تختفي في اللحظات الصعبة من حياتي، وتتركني وحدي أتخبط وسط أمواج الحياة؟" فنظرالرب إليه بمحبة وحنان ،وأجابه "ابني العزيز الغالي ...إني أحبك جداً جداً ،وال أتخلى عنك أبدا ...فقد كنت معك دوما ً ،وعنما اشتدت التجارب وكثرت آالمك ...عندما كنت ترى آثار قدمين فقط على الرمال ،ألنك في تلك األوقات الصعبة لم يكن لديك قوة على السير وكانت قدماي فقط على الرمال ،ألنني كنت أحملك....
رسائل تعزية... السماء
101
تعزيات
قالوا عن الضيقات +إن اللـه يسمح بالضيقة ،ولكن بشرط أن يقف معنا فيھا .ولھذا يغني المرتل في المزمور :لوال أن الرب كان معنا ،حين قام الناس علينا ،البتلعونا ونحن أحياء، عند سخط غضبھم عليناُ ..مبارك الرب الذى لم يسلمنا فريسة ألسنانھم، نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصياديـن .الفـخ إنكسـر ونحـن نجونــا)مز .(124 )البابا شنودة الثالث( +إذا اعتقدت أنك تستطيع أن تسلك طريق الرب بدون تجارب فاعلم أنك تسير خارجه وبعيدا عنه وعلى غير خطى القديسين. +األحزان المرسلة إلينا ليست سوى عناية ﷲ بنا. )القديس مارإسحق السرياني( +اليجوز أن نقيس وجود ﷲ معنا بالراحة في العالم فالمشاكل والضيقات ليست عالمة التخلى .ﷲ يسمح بھا لنأخذ ما فيھا من بركة ومن اكاليل وخبرة في الحياه ولكى تزكيك وتصقلك. فإن أسعد أوقات اللص اليمين وھو مصلوب مع المسيح. +كن شديداً فى الضيقه التجعل الضيقة تحطمك.. إنما حطمھا أنت بايمانك .فإن وقعت الزجاجة على الصخرة التتحطم الصخرة ..إنما الزجاجة.. كن إذا صخرة.... )قداسة البابا شنودة(
رسائل تعزية... السماء
102
تعزيات
" صــالة تسليم للرب " يا رب في يدك كل شيء .أنت تفتح وال يقدر أحد أن يغلق. وإن أغلقت من يستطيع أن يفتح ؟ إن بنيت ال يقدر أحد أن يھدم، وإن سمحت بانقطاع المطر جف كل شيء. وإذا سمحت عنايتك بالخصب امتألت األرض ماء. وإن أرجعت كل شيء إلى العدم فمن يقدر أن يقاوم مشيئتك. أنت خالق كل شيء والمتسلط على كل شيء وفي يدك كل شيء، فمن نحن التراب والدود والعدم حتى نعترض على إرادتك. كل شيء تحت إرادتك وليس من يقاوم مشيئتك. من أنا يا رب إن لم ترشدني حكمتك ،وتؤيدني يدك ،وتضبطني يمينك، فقربني يا ﷲ إليك وعرفني ذاتك ألسلك أمامك بالحق واالستقامة حسب إرادتك من اآلن وإلى األبد .آمين.
رسائل تعزية... السماء
103
تعزيات
* إھداء…………5 ………….. * تقديم …………7 ………….. * المقدمة …………8 .……….. * التجربة ……………13 ...…. * لماذا األلم؟…………33 ……. * رسائل تعزية ………43 ……. -1معزون متعبون…43......... -2بكى يسوع 45 ................. -3وأعوض لكم 48 ............... -4لئال تكلوا 50 ................... -5وسط العاصفة 52 ............. -6لكــن 54 ........................ -7أقوال مأثورة 55............... -8طبيب القلوب 56 .............. -9بيت على الصخر 58 ......... -10التعزية 59 .................... -11الذي يعزي 60 ............... -12الرجاء 61..................... -13كطفل كنت افكر 62 ......... -14الھم والصالة والشكر 64 ... -15السالم 66 ..................... -16الفرح الحقيقي 67 ........... -17ألن ﷲ أخذه 68 ............. -18أؤمن 69 ...................... -19الثقة في الرب 70 ........... -20ھبة األلم 71 ..................
محتويات الكتاب السماء
-21الذي يحبه الرب 72 .............. -22اإلبتھاج بالرب 73 ............... -23مغزى األلم 74 ................... -24القشور واللباب 75 .............. -25الصورة الكاملة 76 .............. -26حياة التسليم 77 ................... -27طريق األعالي 78 ............... -28الملجأ في الضيق 81 ............ -29للسكوت وقت 82 ................ -30قالوا عن الضيقات83 ........... -31العمل اإللھي 84 ................. -32لماذا يجرح؟ 85 ................. -33أين تسكب نفسك؟ 86 ........... -34لؤلؤ وماس 87 ................... -35حرمان من الحياة 88 ............ -36تجارب اإليمان 89 ............... -37ال تھتموا 90 ....................... -38مدرسة ﷲ 92 ..................... -39من يھرب من الضيقة 94 ....... -40دعاء من جوف الھاوية 96 ..... -41سيف جليات 98 .................. -42الرفيق قبل الطريق 99.......... -43لماذا تنجح طريق األشرار100.. -44آثار على الرمال 101 ............ -45قالوا عن الضيقات 102 ......... -46صالة تسليم للرب 103 ..........
104
تعزيات