تعزيات السماء ليليان ألفي

Page 1

‫كنيسة مارمرقس‬ ‫القبطية األرثوذكسية‬ ‫بمصر الجـديـدة‬

‫إلھي الحبيب‪...‬‬ ‫أسألك أن ال تدع الضيقة تبعدني عنك‪ ،‬بل أعطني قوةً وصبراً‬ ‫أن أتحـملھا وأشــكرك عليھا وأن أخرج منھا أكثر قوة وإيمانا ً وحبا ً لك‪.‬‬ ‫وأن شــئت أن ال ترفـعھا عني‪ ،‬فلتكن إرادتك الصالحـة ال إرادتي‬ ‫ألني واثق أنك تريد خيري‪.‬‬

‫مراجعة وتقديم‪:‬‬

‫القس‪ /‬داود لمعـــــي‬ ‫إعداد‪ :‬د‪ /.‬ليليان ألفي‬


‫الكتـــــــــــــاب ‪ :‬تعزيات السماء‪.‬‬ ‫مراجعة وتقديم ‪ :‬القس‪ /‬داود لمعي‪.‬‬ ‫إعــــــــــــــداد ‪ :‬د ‪ /.‬ليليان ألفي‪.‬‬ ‫النــــاشـــــــــر ‪ :‬كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة‪.‬‬ ‫الـطـبـعـــــــــة ‪ :‬األولى – فبراير ‪2010‬‬ ‫المــطــبـعـــــة ‪ :‬دار نوبار للطباعة‪.‬‬ ‫رقم اإليداع بدار الكتب ‪:‬‬


‫قداسة البابا شنودة الثالث‬ ‫بابا اإلسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية‪.‬‬



‫‪‬‬ ‫إھداء‬ ‫إلى كل نفس متألمة‪...‬‬ ‫إلى كل قلب جريح‪...‬‬ ‫إلى كل روح مثقلة بالھموم‪...‬‬ ‫إلى كل إنسان يجتاز أتون التجربة‪...‬‬ ‫أھدي ھذه التأمالت لعلھا تكون‬ ‫سبب عزاء لكل شخص ُمجرب‪...‬‬



‫يح‪ ،‬أَبُو ال ﱠر ْأفَ ِة َوإِلهُ ُك ﱢل تَ ْع ِزيَ ٍة‪،‬‬ ‫" ُمبَا َر ٌك ﷲُ أَبُو َربﱢنَا يَ ُ‬ ‫سو َع ا ْل َم ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ضيقَ ٍة‬ ‫ضيقَتِنَا‪َ ،‬حتﱠى نَ ْ‬ ‫ست َِطي َع أَنْ نُ َع ﱢز َ‬ ‫ي الﱠ ِذينَ ُھ ْم فِي ُك ﱢل ِ‬ ‫الﱠ ِذي يُ َع ﱢزينَا فِي ُك ﱢل ِ‬ ‫بِالتﱠ ْع ِزيَ ِة الﱠتِي نَتَ َع ﱠزى نَ ْحنُ بِ َھا ِمنَ ﷲِ‪".‬‬ ‫)‪2‬كو‪(4-3 :1‬‬ ‫‪ ‬ال أج د م ن ھ و أفض ل م ن الخادم ة ال دكتورة ‪ /‬ليلي ان لتس جل لن ا‬ ‫ھ ذه الت أمالت العميق ة‪ ...‬كم ن يكت ب م ن أت ون الن ار‪ ...‬ويتمش ى مس تمتعا ً بش بيه‬ ‫ابن اآللھة‪ ...‬فھي تتألم والزالت تتألم‪ ...‬ولكنھا أيضا ً تتع زى والزال ت تتع زى‪...‬‬ ‫بتعزيات السماء‪...‬‬ ‫‪ ‬أش كر ﷲ عل ى ھ ذه الكلم ات الغني ة بالح ب والتس ليم والش كر‬ ‫من قلب جريح متألم ‪ ...‬ولكنه منتصر بنعمة ﷲ‪...‬‬ ‫‪ ‬أدع وك أيھ ا الق ارئ العزي ز لوجب ة ش ھية م ن األفك ار الروحي ة والمع اني‬ ‫الكتابية الغزيرة‪ ...‬لتشبع وتمتلئ وتقت رب م ن فك ر المس يح وتس مع ھمس ات م ن‬ ‫صوته القدوس وسط األلم‪ ...‬والحزن‪ ...‬والظلم‪ ...‬والوحدة‪ ...‬والضيق الشديد‪...‬‬ ‫‪ ‬إلھن ا الطي ب يجع ل ھ ذه الكلم ات س بب تعزي ة حقيقي ة لك ل المج روحين‪...‬‬ ‫بص لوات ص احب الغبط ة والقداس ة الباب ا المعظ م األنب ا ش نودة الثال ث‪,‬‬ ‫الرب يحفظ لنا وعلينا حياته ورئاسة كھنوته سنين طويلة وأزمنة سالمة مديدة‪.‬‬

‫الق س ‪ /‬داود‬ ‫لمعي‪.‬‬ ‫المقدمة‬ ‫السماء‬

‫‪ 7‬‬

‫تعزيات‬


‫المقدمة‬ ‫‪ ‬ال تخل و الحي اة م ن آالم وض يقات‪ ،‬نب دؤھا ب آالم المخ اض الممتزج ة بفرح ة‬ ‫والدة طفل وننھيھا بآالم وأحزان فراق الموت الممتزجة برجاء دخول م ن نحب ه‬ ‫إلى ملكوت السموات وبين آالم البداية والنھاية سلسلة من الضيقات والتجارب‪.‬‬ ‫‪ ‬ويرتعب الجميع إذا نظروا إلى الضيقة مجردة من وجود ﷲ‪ ،‬ولھم كل الح ق‬ ‫ف ي ذل ك فالبش ر بطبيع تھم ض عاف‪ ...‬ولك ن إذا تقب ل اإلنس ان الض يقة م ن ي د ﷲ‬ ‫على أنھا ضرورية لنموه الروحي فسوف يفرح بھا ويحتملھا بسرور‪.‬‬ ‫‪ ‬وھذا يذكرنا بما حدث في كنيستنا القبطية ف ي عص ر االستش ھاد‪ ،‬فلق د ح اول‬ ‫الروم ان إب ادة المس يحيين لمح و المس يحية ولك ن عل ى ق در ع دد الش ھداء كان ت‬ ‫الكنيس ة تنم و بش دة وك أن دم اء الش ھداء ق د ص ارت ب ذاراً وأنبت ت آالف ا ً م ن‬ ‫المسيحيين ولم تنقرض الكنيسة بل انقرض مضطھدوھا‪....‬‬ ‫‪ ‬الضيقات بكل بساطة ھي األبواب التي يحاول الشيطان الدخول ع ن طريقھ ا‬ ‫إلى أنفسنا عندما تكون في أشد حاالت الضعف‪.‬‬ ‫فمن منا لم يتضايق ولم يتألم ول م يت ذمر م ن الض يقات والمح ن الت ي يم ر بھ ا؟؟‬ ‫من منا ال يضعف وال يتأفف م ن ج راء ھ ذه الض يقات الت ي يش عر أنھ ا تخنق ه؟؟‬ ‫من منا أساسًا لم يمر بمثل ھذه الظروف؟؟‬ ‫‪ ‬صدقوني يا أحبائي أن جميعنا ‪ -‬وبكل ثقة أقولھا‪ -‬جميعنا مر ويم ر بض يقات‬ ‫يشعر أنه يصعب عليه احتمالھا‪ .‬ولكن الرب يسمح بالتجربة وھو مت يقن أنھ ا ل ن‬ ‫تك ون أكث ر م ن احتمالن ا‪ .‬ث م أن م ن يطل ب ال رب ف ي ض يقاته ف ال ب د أن ال رب‬ ‫سينصت إليه ‪ ....‬حتى لو كان ذلك في الھزيع الرابع‪.‬‬ ‫المقدمة‬ ‫السماء‬

‫‪ 8‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬الضيقات ھي إحدى الطرق التي يجب أن تقربنا م ن ال رب‪ ،‬ول يس أن تبع دنا‬ ‫عنه‪ ،‬وال يجب أن نصدق الكالم الذي يزرع ه داخلن ا إبل يس ب أن ال رب ق د تخل ى‬ ‫عنا‪ ،‬كال يا أحبائي فھذا كذب وھراء‪ ،‬الرب ل م ول ن يتخل ى ع ن أي إنس ان طل ب‬ ‫مساعدته‪ ،‬لكن األھم ھو أن نطلب ونصلي ونسلم جميع أمورنا إليه‪ ،‬ولن أص دق‬ ‫بأن الرب يتخلى عن أي إنسان يطلبه‪.‬‬ ‫‪ ‬وھكذا ن درك أن الض يقات ھ ي م دخل للبرك ات‪ ،‬ف ال تت ذمر وال تعت رض ب ل‬ ‫تقبـﱠل كل شيء بشكر من يد ﷲ‪ ،‬وث ق ف ي حص ولك عل ى البرك ة الت ي تص احب‬ ‫ك ل ض يقة فھم ا وجھ ان لعمل ة واح دة‪ ...‬ولكنن ا ع ادة م ا ننس ى ھ ذا ف ي وس ط‬ ‫التجرب ة ونت ذمر ونب دأ ف ي الش كوى متس ائلين‪ :‬لم اذا يس مح ﷲ بالتج ارب‬ ‫ألوالده؟‪ ....‬ومن ال ذي ق ال أن ﷲ يمن ع التج ارب ع ن أوالده‪ ،‬وأكب ر دلي ل عل ى‬ ‫ذلك مئات القصص التي يمتلئ بھا الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة‪.‬‬ ‫‪ ‬وربم ا نتعج ب أن كثي راً م ن غي ر الم ؤمنين يعيش ون عيش ه ھانئ ة ب دون‬ ‫ض يقات‪ .‬ولك ن ھ ذا دلي ل عل ى أن ال رب ق د ميزن ا ألن ه يحبن ا‪.‬‬ ‫ولتجع ل م ن الض يقات باب ا ً للتمجي د اإللھ ي والف رح ال داخلي وعن دھا س يدرك‬ ‫الشيطان أنه فشل في مھمته فشالً ذريعا ً‪.‬‬ ‫‪ ‬وم ن حق ك طبع ا ً أن تطل ب م ن ﷲ أن يرف ع عن ك التجرب ة‪ ،‬ولكن ك س تكون‬ ‫أكثر نضجا ً إذا تقبلتھا بش كر طالب ا ً من ه أن يعطي ك ق وة الحتمالھ ا لتأخ ذ بركتھ ا‪،‬‬ ‫وقل له‪" :‬لست أصلي طالبا ً حمالً أخف بل كتفين أقوى‪".‬‬ ‫‪ ‬وھ ذا الكت اب م ا ھ و إال مجموع ة م ن النب ذات ق د كتب ت ف ي أوق ات متفرق ة‬ ‫لتعزي ة أن اس مت ألمين‪ ,‬وق د ت م تجميعھ ا وتتض من ت أمالت ع ن التج ارب ولم اذا‬ ‫األلم؟ وبعض كلمات التعزية التي أرجو أن تكون بلسما ً لكل قلب جريح‪...‬‬

‫المقدمة‬ ‫السماء‬

‫‪ 9‬‬

‫تعزيات‬


‫المقدمة‬ ‫السماء‬

‫‪ 10‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫قالوا عن الضيقات‬ ‫‪ +‬إن الفرح فى األلم ھو مقياس حرارة حب النفس للمسيح‪ ..‬اإلنسان الحار يرحب‬ ‫باأللم ويفرح به‪ ...‬والفاتر يھرب منه ويضيق به ذرعا ً‪...‬‬ ‫)البابا شنودة الثالث(‬ ‫‪ +‬إن الضيقات ھى لغة ﷲ لمحبيه‪.‬‬ ‫‪ +‬ان الضيقات ھي عمليات تجميل يجريھا الرب يسوع في نفوسنا‪.‬‬ ‫)ابونا بيشوي كامل(‬ ‫‪ +‬إن المؤمن ال يمكن أن تتعبه التجربة أو الضيقات ‪ ...‬ذلك ألنه يؤمن‬ ‫بعمل اللـه وحفظه‪ .‬ويؤمن أن اللـه يھتم به أثناء التجربة‪،‬‬ ‫أكثر من إھتمامه ھو بنفسه …‬ ‫إنه يؤمن بقوة اللـه الذي يتدخل في المشكلة‪.‬ويؤمن أن حكمة اللـه لديھا‬ ‫كثيرة‪ ،‬مھما بدت األمور معقدة ‪) .‬البابا شنودة الثالث(‬ ‫‪ +‬إذا سلمـت النفـس ذاتھـا للرب بكـل قوتھا يصلح ﷲ الصالح لھا ھذه األوضاع‬ ‫والعيوب واحده فواحدة لكي تحيد عنھا‪.‬‬ ‫)القديس أنبا أنطونيـوس الكبير(‬ ‫‪ +‬ضع ﷲ بينك وبين الضيقة‪,‬‬ ‫فتختفى الضيقة ويبقى ﷲ المحب‪.‬‬ ‫)البابا شنودة الثالث(‬

‫حلول‬




‫الـتـجـــربـة‬ ‫‪ ‬تتعاقب فصول السنة‪ ...‬ص يف فخري ف ث م ش تاء فربي ع‪ ،‬وال يمك ن أن نتوق ع‬ ‫شتا ًء بدون عواصف أو أمطار‪ ...‬ھكذا حياتنا البد وأن تمر بھا بعض العواصف‬ ‫في صورة تج ارب‪ ...‬ولك ن الش تاء يعقب ه الربي ع‪ ،‬فص ل البھج ة والف رح‪ ،‬ھك ذا‬ ‫التجربة تعقبھا البركة والنمو الروحي للشخص ال ُمجرب‪.‬‬ ‫ُجرب‪:‬‬ ‫ شعور الشخص الم َ‬‫‪ ‬تنزل التجربة بالشخص ك الزلزال الم دمر لم ن ك ان يق ف عل ى أرض يظنھ ا‬ ‫صلبة‪ .‬فإذا بھا تميد تحت قدمي ه وتھت ز فتش ل تفكي ره وتجعل ه ح ائراً ع اجزاً ع ن‬ ‫تحديد رد الفعل المناسب‪....‬‬ ‫فھذا شخص خرج من عيادة طبيب بتشخيص م رض قات ل قل ب حيات ه جحيم ا ً‪...‬‬ ‫وذاك آخر فقد أغلى األحباء وب ات ال يع رف كي ف ستمض ى ب ه س فينة الحي اة‪...‬‬ ‫وآخر غيره وجد نفسه متورطا ً في قضية التفت فيھ ا حب ال االتھ ام حول ه فص ار‬ ‫كعصفور في فخ ووجد نفسه وراء القضبان يتعامل مع األشرار وھو ال يعرف‬ ‫لماذا وكيف ومتى سينتھى ذل ك الك ابوس؟ وتمض ى األي ام بطيئ ة متثاقل ة دقائقھ ا‬ ‫سنون طويلة وساعاتھا قرون مديدة‪.‬‬ ‫ معزون متعبون‪:‬‬‫‪ ‬وتتك اثر األس ئلة المحي رة وت نھش عق ـل ص احب التجرب ة‪ .‬وكلم ا تفاقم ت‬ ‫األسئلة تقل احتماالت اإلجابة‪ ،‬ويتطوع أھل الخير ‪ -‬وما أكثرھم ‪ -‬إلب داء ال رأي‬ ‫وتوض يح األس باب‪ ،‬ھ ذا بالحض ور والزي ارة‪ ،‬وذاك ب التليفون‪ ،‬وك ل م نھم ل ه‬ ‫وجھة نظره‪ ،‬ومعظمھ م يب دي رأي ه بمحب ة خالص ة وإن ك ان بع ض ھ ذه المحب ة‬ ‫ال يقل عن محبة الدب الذي قتل صاحبه‪.‬‬

‫التجربة‬

‫‪ 13 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫ال يش رحون بالورق ة والقل م أس باب‬ ‫‪ ‬وبع ض المع زين يجلس ون ف ي ب رج ع ٍ‬ ‫الس قوط ف ي التجرب ة وكيفي ة النج اة منھ ا‪ ،‬فتتن اثر أق اويلھم‪ :‬الم ؤمن مص اب‪....‬‬ ‫إن ه اختب ار اإليم ان م ن ﷲ لعب ده الم ؤمن‪ .....‬قض ا أخ ف م ن قض ا‪ ....‬مق در‬ ‫ومكتوب والمكتوب على الجبين الزم تشوفه العين‪ ....‬والحذر ال يمن ع الق در‪.....‬‬ ‫من يدري؟ ربما لو لم تمر بھذه التجرب ة لم ررت بأص عب منھ ا‪ .....‬ال تقل ق ف إن‬ ‫القديسين لن يتركوك ستحدث معك معجزة ألم تقرأ كتاب معجزات الق ديس ‪......‬‬ ‫والقديسة ‪ .......‬سأحضر لك ھذه الكتب لك لت رى بعيني ك م اذا س يحدث وكي ف‬ ‫ستخرج م ن ھ ذه الورط ة أفض ل ح اال‪ .....‬إن ك ل األش ياء تعم ل مع ا للخي ر ف ال‬ ‫تقلق فقط انتظر على الرجاء وستبصر بعينيك خالص ﷲ‪.‬‬ ‫‪ ‬بعض الكلمات يسكب العزاء والرج اء ف ي القل وب‪ ،‬وبعض ھا اآلخ ر ق د يزي د‬ ‫األلم الذي ال يحتاج إلى زيادة وبعضھا بعيد عن الفكر المسيحي تماما ً‪.‬‬ ‫ويسدل الليل أستاره ويمضى كل إلى داره‪ ،‬ويظل صاحب التجرب ة ح ائراً خ ائراً‬ ‫يبحث ع ن لحظ ات ن وم يھ رب فيھ ا م ن ك ابوس اليقظ ة‪ ،‬ف إذا تحاي ل عل ى الن وم‬ ‫حتى يناله تنتابه كوابيس متكررة تح ذره م ن تناس ي الحقيق ة فيك ون كالمس تجير‬ ‫من النار بالرمضاء‪ ،‬ولكن ه حتم ا يص حو عل ى ص وت يُذك ـ ﱢره بتجربت ه – وك أن‬ ‫ھذا الصوت يضن عليه بلحظات يبدأ بھا يومه ويتناسى فيھا كابوس التجربة‪.‬‬

‫التجربة‬

‫‪ 14 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫‪ ‬ردود فعل اإلنسان تجاه التجربة ‪‬‬ ‫‪ ‬وخ الل أي ام تب دأ ردود الفع ل تتبل ور فتتخ ذ إح دى الص ور التالي ة وق د تتخ ذ‬ ‫صورة ھي مزيج من بعضھا أو كلھا‪.‬‬ ‫‪ -1‬التذمر والتم رد وإھم ال الحي اة الروحي ة‪ :‬يق ول الش خص آ آ ه‪ ....‬لق د‬ ‫ُ‬ ‫جنيت؟ لم يكن ﷲ أمينا ً معى لقد ت رك الس كين ت ذبحني‬ ‫سرت مع ﷲ طويال فماذا‬ ‫ووقف متفرجاً‪ ،‬بل ربما كان ھ و الممس ك بالس كين والمح رك ل ه! كن ت أظ ن أن‬ ‫تبعيت ى ل ه ط وال ھ ذه الس نين كفيل ة أن تعفين ى م ن ك ف الق در العمي اء‪ ...‬ولك ن‬ ‫ظن ونى كان ت أوھام ا ً تحطم ت عل ى ص خرة الواق ع ال ذي يخبرن ا أن المص ائب‬ ‫ال تميز بين صالح وط الح‪ ...‬فم ا فائ دة الص الح إذاً م ا دام الش ر يط ول الجمي ع؟‬ ‫سأعيش حياتى بالطول والعرض وأجتـني من ملذات الحياة ما كنت أتعف ف ع ن‬ ‫تجربته خوفا من غضب ﷲ!‪ .....‬بل وقد ي تھم اإلنس ان ﷲ بإس اءة التص رف !!!‬ ‫ض ا إِلَ ى األَ ْر َملَ ِة الت ي أَنَ ا نَ ا ِز ٌل‬ ‫كما فع ل إيلي ا ف ي لحظ ة غض ب ح ين ق ال‪":‬أَأَ ْي ً‬ ‫سأْتَ بِإ ِ َماتَتِ َك ا ْبنَ َھا؟ )‪1‬مل‪(20 :17‬‬ ‫ِع ْن َدھَا قَ ْد أَ َ‬ ‫‪ -2‬التذلل واالنسحاق ‪ ...‬والنذور‪ :‬ال بد أننى لم أكن أمينا ً مع ﷲ بما يك ـفي‬ ‫ف ال ش ك أن مزي داً م ن الص لوات الت ي أسترض ي بھ ا ﷲ‪ ،‬وس جوداً يح نن قلب ه‬ ‫وعشوراً وصدقات ستجعله ينظر نحوي بعين العطف فيسرع إلى تلبية طلبتي‪.‬‬ ‫وإن ي أتعھ د بن ذور ك ذا وك ذا مت ى اس تجاب ال رب ل ي‪ ....‬ف إذا انتھ ت المش كلة‬ ‫سريعا ً يعتقد الش خص أن ه حص ل عل ى الح ل بم ا قدم ه م ن أعم ال‪ ،‬أو يش عر أن‬ ‫الن ذر ال ذي دفع ه ھ و ثم ن مقاب ل ح ل مش كلته! أم ا إذا ت أخرت االس تجابة‬ ‫فقد يتذمر ويتمرد‪.‬‬ ‫‪ - 3‬شكر ﷲ على خالصه بغض النظر عن قسوة التجربة ‪ :‬نوع رائ ع ج داً م ن‬ ‫التعام ل م ع التجرب ة يقودن ا في ه حبق وق النب ي ال ذي عاص ر فت رة م ا قب ل الس بي‬ ‫حيث تدھورت األحوال جداً إنذاراً من الرب لشعبه‪ .‬ووس ط ھ ذه الض يقات نط ق‬ ‫التجربة‬

‫‪ 15 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫حبقوق بأكثر الكلمات المعزية عبر تاريخ البشرية "فَ َم َع أَنﱠهُ الَ يُ ْز ِھ ُر الت ينُ ‪َ ،‬والَ‬ ‫َص نَ ُع طَ َعا ًم ا‪ .‬يَ ْنقَ ِط ُع‬ ‫ب َع َم ُل ال ﱠز ْيتُونَ ِة‪َ ،‬وا ْل ُحقُ و ُل الَ ت ْ‬ ‫وم‪ .‬يَ ْك ِذ ُ‬ ‫يَ ُكونُ َح ْم ٌل فِي ا ْل ُك ُر ِ‬ ‫ا ْل َغ نَ ُم ِم نَ ا ْل َح ِظي َر ِة‪َ ،‬والَ بَقَ َر فِ ي ا ْل َم َذا ِو ِد‪ ،‬فَ إِنﱢي أَ ْب تَ ِھ ُج بِ ال ﱠر ﱢب َوأَ ْف َر ُح بِإِل ِه‬ ‫صي‪) ".‬حب‪(19 – 17: 3‬‬ ‫َخالَ ِ‬ ‫لم اذا يب تھج ھ ذا النب ي!! ال ت ين وال عن ب وال زيت ون وال غ نم وال بق ر‪،‬‬ ‫‪ ‬ھل يدفن رأسه في الرمال ؟‬ ‫‪ ‬ھل التدين يجعله ُمغـ َيـ ﱠب العقل وال يرى ما حوله من ھموم ومخاطر‪...‬‬ ‫‪ ‬ھل تشدد كأنه يرى ما ال يُرى ورأى خالص ﷲ ُمبھـِجا ً رغم كل شئ؟‪....‬‬ ‫يش‪َ ،‬وإِنْ ُم ْتنَ ا فَلِل ﱠر ﱢب‬ ‫‪ ‬ھل صرخ مع بولس الرسول ألَنﱠنَا إِنْ ِع ْ‬ ‫شنَا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ِع ُ‬ ‫نَ ُم وتُ ‪ .‬فَ إِنْ ِع ْ‬ ‫ش نَا َوإِنْ ُم ْتنَ ا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ْح نُ ‪ ...‬وإن مرض نا وإن ش فينا وإن أس رنا‬ ‫وإن أطلقنا وإن ربحنا وإن خسرنا ‪....‬إلخ إلخ‪ ....،‬فللرب نحن‪.‬‬ ‫ش ُئ لَنَ ا أَ ْكثَ َر فَ أ َ ْكثَ َر ثِقَ َل َم ْج ٍد أَبَ ِديًّا‪.‬‬ ‫ض يقَتِنَا ا ْل َو ْقتِيﱠ ةَ تُ ْن ِ‬ ‫‪ ‬أم رأى أَنﱠ ِخفﱠ ةَ ِ‬ ‫)‪2‬ك و‪ (17: 4‬فرح ب بالتجرب ة ورأى فيھ ا طريق ا ً يب دأ ھن ا وينتھ ى‬ ‫على أعتاب األبدية‪.‬‬ ‫‪ -4‬يتسامى فوق األل م وينطل ق معزي ا ً اآلخ رين‪ :‬وھ ذ الن وع ھ و األروع‬ ‫على اإلطالق‪ ،‬إذ ال يكتفي باالنتصار على حرب الش يطان الت ي يحرق ه بلھيبھ ا‪،‬‬ ‫ب ل يس تمد م ن ال رب ق وة ليع زي المج ربين مثل ه فتكتس ب كلمات ه مص داقية‬ ‫ال تحتمل الشك ألن يده في النار وليست في الماء‪ ,‬مستمداً الق دوة م ن المص لوب‬ ‫يح‪ ،‬أَبُو ال ﱠر ْأفَ ِة َوإِل هُ ُك ﱢل تَ ْع ِزيَ ٍة‪،‬‬ ‫الذي قيل عنه " ُمبَا َر ٌك ﷲُ أَبُو َربﱢنَا يَ ُ‬ ‫سو َع ا ْل َم ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ض يقَ ٍة‬ ‫ض يقَتِنَا‪َ ،‬حتﱠ ى نَ ْ‬ ‫س ت َِطي َع أَنْ نُ َع ﱢز َ‬ ‫الذي يُ َع ﱢزينَ ا فِ ي ُك ﱢل ِ‬ ‫ي الﱠ ِذينَ ُھ ْم فِ ي ُك ﱢل ِ‬ ‫بِالتﱠ ْع ِزيَ ِة التي نَتَ َع ﱠزى نَ ْحنُ بِ َھا ِمنَ ﷲِ‪2) " .‬كو‪(4-3 : 1‬‬ ‫ لماذا‪ ...‬يا ربي؟؟؟‬‫التجربة‬

‫‪ 16 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫‪ ‬وبعي داً ع ن ردود الفع ل المختلف ة ھ ذه نع ود م رة أخ رى إل ى الموض وع‬ ‫الرئيسي عن الشخص المجرب الذي تتكالب عليه األسئلة المتكاثرة فتقرع رأس ه‬ ‫وتعكر ما يصفو من ثوان قليلة في يومه‪ ،‬ولعل أكثرھا إلحاحا ً ھو‪ :‬لمـــــــــــاذا؟‬ ‫لم اذا أن ا بال ذات؟‪ ...‬ولم اذا اآلن بال ذات؟‪ ...‬وم اذا يري د ال رب أن يق ول ل ى؟‬ ‫ھل ھو يعاقبني على خطيتي؟‪ ...‬وعل ى أي خطي ة بال ذات؟‪ ...‬إن خطاي اي ليس ت‬ ‫أكثر من الباقين بل لعلني أفضل من الكثيرين؟‪ ...‬فلماذا أعاقـ َب أنا وھم ال؟‬ ‫‪ ‬ويكاد البعض يتوقف عن أى حركة إيجابية في حياته منتظراً ال رد عل ى ھ ذا‬ ‫السؤال‪ ،‬ھ ذا ال رد ال ذي ل م يحص ل علي ه إنس ان بص ورة واض حة‪ ،‬وحت ى ال ذين‬ ‫فھموا أو تصوروا أنھم فھموا‪ .....،‬فھل كان ما فھموه صحيحا ً؟‬ ‫‪ ‬كلنا يعرف أن يوسف خرج من السجن إلى الع رش‪ .‬ولك ن ھ ل ك ان ھ ذا ھ و‬ ‫السبيل الوحيد لعرش مصر؟ ھل كوفئ على أمانته تجاه زوجة فوطيف ار أم عل ى‬ ‫أمانته في السجن ولماذ تأخرت المكافأة ھكذا؟‪ ..‬وماذا لو خارت قواه قبل النھاي ة‬ ‫السعيدة؟ ماذا لو كفر أو ج دف أو لع ن؟ إنن ا حت ى ونح ن نع رف النھاي ة الس عيدة‬ ‫ال نستطيع أن نمنع أنفسنا من مراجعة تفاصيلھا ونسأل أحقا ً كان ھذا ھ و الس بيل‬ ‫األفضل أو السبيل الوحيد لتحقيق إرادة ﷲ‪.‬‬ ‫‪ ‬أما عندما يصل بنا المقام لقصص أخرى أكثر ص عوبة فإنن ا نحت ار ھ ل ك ان‬ ‫الم وت عقاب ا ً ع ادالً البن ي ھ رون ألنھم ا ق دما ن اراً غريب ة! )ال‪(1 : 10‬‬ ‫‪ ‬وھل كان الرجم عقابا ً مناسبا ً للرجل الذي خ رج ليقط ع الحط ب ي وم الس بت؟‬ ‫)عدد ‪.(32 : 15‬‬ ‫‪ ‬لماذا لم يتدخل ﷲ إلنقاذ كھنة نوب من غدر شاول؟ )‪1‬صم ‪.(19 : 22‬‬ ‫‪ ‬وھل كان سقوط ُع ﱠزة صريعا ً عقابا ً مناسبا ً ألنه حاول أن ينقذ تابوت العھد‬ ‫من الوقوع على األرض يوم انشمصت الثيران؟ )‪ 2‬صم ‪.(4 : 6‬‬ ‫‪ ‬ولم يتدخل إلنقاذ نابوت اليزرعيلى من كيد إيزابل )‪ 1‬مل ‪.(21‬‬ ‫التجربة‬

‫‪ 17 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫‪ ‬ھل يتناسب عقاب حنانيا وسفيرة مع جرمھما؟ )أع ‪.(5‬‬ ‫‪ ‬ولماذا انفتحت أبواب السجن ليخرج بط رس )أع ‪ (6 :12‬وھ و م ا ل م يح دث‬ ‫مع يوحنا المعمدان )مت ‪ .(11 : 14‬ويعقوب بن زبدي )أع ‪.(2: 12‬‬ ‫‪ ‬ألف لماذا ولم اذا؟؟؟ وال ذى يري د أن يجي ب بأمان ة عل ى أى س ؤال ف ال ب د أن‬ ‫يخ تم إجابت ه بأنھ ا مج رد وجھ ة نظ ر أو تأم ل ولكنھ ا ليس ت تفس يراً‪...‬‬ ‫ص ا ِء! ألَنْ َم نْ َع َرفَ فِ ْك َر‬ ‫ص َوطُ ُرقَ هُ َع ِن اال ْ‬ ‫ستِ ْق َ‬ ‫ف َم ا أَ ْب َع َد أَ ْح َكا َم هُ َع ِن ا ْلفَ ْح ِ‬ ‫شي ًرا؟ )رو‪(34-33 :11‬‬ ‫ال ﱠر ﱢب؟ أَ ْو َمنْ َ‬ ‫صا َر لَهُ ُم ِ‬ ‫‪ ‬ويس مع ك ل م ن يم ر بتجرب ة ع ن أي وب وص بره ونق رأ كلن ا بداي ة الس فر‬ ‫وخاتمته‪ ،‬ونتوه في تفاصيل ح وار أي وب م ع أص حابه‪ .‬وق د أظھ ر الرج ل إيمان ا ً‬ ‫جباراً‪ ،‬وصاح "ع ُْريَانًا َخ َر ْجتُ ِمنْ بَ ْط ِن أُ ﱢمي‪َ ،‬وع ُْريَانً ا أَ ُع و ُد إِلَ ى ُھنَ اكَ‪ .‬ال ﱠر ﱡب‬ ‫س ُم ال ﱠر ﱢب ُمبَا َر ًكا " )أي‪(21:1‬‬ ‫أَ ْعطَى َوال ﱠر ﱡب أَ َخ َذ‪ ،‬فَ ْليَ ُك ِن ا ْ‬ ‫ث م رد عل ى زوجت ه ب رد آخ ر ال يق ل ع ن س ابقه ق وة واقت داراً‪» :‬تَتَ َكلﱠ ِم ينَ َكالَ ًم ا‬ ‫ش ﱠر الَ نَ ْقبَ ُل؟«‪) .‬أي‪(10:2‬‬ ‫ت! أَا ْل َخ ْي َر نَ ْقبَ ُل ِمنْ ِع ْن ِد ﷲِ‪َ ،‬وال ﱠ‬ ‫َكإِ ْحدَى ا ْل َجا ِھالَ ِ‬ ‫‪ ‬وبعد فترة زادت التجارب وتنوعت وطال أمدھا وانھارت دفاعات المسكين‬ ‫وتھاوت حصونه وخارت قواه فقال بعد ھذا "لَ ْيتَهُ َھلَ َك ا ْليَ ْو ُم الذي ُولِدْتُ فِي ِه‪،‬‬ ‫َواللﱠ ْي ُل الذي قَا َل‪ :‬قَ ْد ُحبِ َل ِب َر ُجل‪ .‬لِيَ ُكنْ ذلِ َك ا ْليَ ْو ُم َ‬ ‫ظالَ ًما‪ .‬الَ يَ ْعت َِن ِب ِه ﷲُ ِمنْ‬ ‫فَ ْوقُ‪َ ،‬والَ يُ ْ‬ ‫ق َعلَ ْي ِه نَ َھا ٌر" )أي‪ (4:3‬واجتمع ثالثة من أصحاب أيوب كل‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫منھم يظن نفسه حكيم زمانه وفھيم أوانه ليجيبوا عن السؤال الذي حير ويحير‬ ‫البشرية‪ ،‬لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟‪ ...‬وأدلى كل منھم بآراء خاطئة ضاعفت من آالم‬ ‫أيوب وأخيراً تكلم رابعھم ‪ -‬أليھو‪ -‬وھو أصغرھم فنطق بأكثر األقوال قربا ً إلى‬ ‫الحق فقال‪ :‬إن ﷲ إنما يستخدم األلم والتجارب إلعادة تشكيل أيوب وتدريبه‪.‬‬ ‫‪ ‬وأخيراً‪ ....‬وبعد طول انتظار‪ ،‬بعد ‪ 37‬إصحاحا ً‪ ،‬يتكلم ﷲ في ثالثة‬ ‫إصحاحات كاملة‪ ...‬فيوبخ أصحاب أيوب الثالثة ويأمرھم أن يقدموا ذبائح‬ ‫التجربة‬

‫‪ 18 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫ويطلبوا من أيوب ليصلي من أجلھم‪ ،‬وال يعلق الرب على رأى أليھو‪ ،‬ويرھف‬ ‫المستمع أذنيه ويفتش القارئ بعينيه بحثا ً عن جواب ﷲ‪ ،‬لماذا األلم؟‪ ...‬فيبدأ ﷲ‬ ‫يتكلم عن فيض معرفته واتساع حكمته وسيادته على األرض وما فيھا وعلى‬ ‫طيور السماء ووحوش البرية وأسماك البحار‪ ،‬ويعتقد القارئ أن ھذه مقدمة‬ ‫طويلة بعض الشئ يأتى بعدھا الجواب الشافي عن سر األلم‪ ،‬ولكن ويا للعجب‬ ‫تنتھي كلمات ﷲ ولم نحصل على اإلجابة!! وھذه المرة لم يتذمر أيوب بل يبدو‬ ‫وكأنه فھم ما ال يفھمه إال من يجتاز في أتون التجربة فيقول‪» :‬قَ ْد َعلِ ْمتُ أَنﱠكَ‬ ‫ضا َء بِالَ َم ْع ِرفَ ٍة؟‬ ‫تَ ْ‬ ‫َي ٍء‪َ ،‬والَ يَ ْع ُ‬ ‫س ُر َعلَ ْي َك أَ ْم ٌر‪ .‬فَ َمنْ َذا الذي يُ ْخفِي ا ْلقَ َ‬ ‫ست َِطي ُع ُك ﱠل ش ْ‬ ‫س َم ِع اآلنَ َوأَنَا أَتَ َكلﱠ ُم‪.‬‬ ‫َول ِكنﱢي قَ ْد نَطَ ْقتُ بِ َما لَ ْم أَ ْف َھ ْم‪ .‬بِ َع َجائِ َب فَ ْوقِي لَ ْم أَ ْع ِر ْف َھا‪ .‬اِ ْ‬ ‫ض‬ ‫أَ ْ‬ ‫س ِم ْعتُ َع ْنكَ‪َ ،‬واآلنَ َرأَ ْت َك َع ْينِي‪ .‬لِذلِ َك أَ ْرفُ ُ‬ ‫س ْم ِع األُ ُذ ِن قَ ْد َ‬ ‫سأَلُ َك فَتُ َعلﱢ ُمنِي‪ .‬بِ َ‬ ‫ب َوال ﱠر َما ِد«‪) .‬أي‪.(6–2: 42‬‬ ‫َوأَ ْن َد ُم فِي التﱡ َرا ِ‬ ‫‪ ‬وتم ر الق رون فيك رر بط رس أس ئلة مش ابھة في رد ال رب بص راحة‬ ‫س تَ ْف َھ ُم فِي َم ا بَ ْع ُد«‪) .‬ي و ‪.(7 : 13‬‬ ‫س تَ تَ ْعلَ ُم أَ ْن تَ اآلنَ َم ا أَنَ ا أَ ْ‬ ‫»ل َ ْ‬ ‫ص نَ ُع‪َ ،‬ول ِكنﱠ َك َ‬ ‫وھكذا نعود لنقطة البداية دون إجابة شافية‪.‬‬ ‫‪ ‬ولعل قارئ ھذه الكلمات يعتقد ‪ -‬مخطئا ً‪ -‬أنني بصدد أن أعطي ه اإلجاب ة الت ي‬ ‫بح ث الت اريخ عنھ ا ول م ي زل يبح ث‪ .‬ولك ن ب الطبع ك ال‪ ،‬ك ل م ا أقول ه ل ك أيھ ا‬ ‫ال ُم َج ﱠرب أن ك أن ت اآلن م ع س معان القيروان ي تحم ل الص ليب إل ى ح ين‪ ،‬وت ئن‬ ‫تحت ثقله إلى حين‪ ،‬ويظن معظم من يرونك أنك أنت الجاني الذي سيُصلب بعد‬ ‫ح ين!‪ ....‬لم اذا اخت ارك الجن ود؟ ‪ ...‬ولم اذا َسخ ـﱠ◌َ روك أن ت بال ذات؟ لس ت‬ ‫أدرى‪  ...‬ولكن طوباك يا قيرواني فقد نلت كرامة لم ينلھ ا س واك‪ .‬ول م تع رف‬ ‫البشرية عمالً أج دى عملت ه ط وال حيات ك س وى تل ك ال دقائق الت ي ش اركت فيھ ا‬ ‫رب المجد حمل ص ليبه‪ ......‬واآلن ل و ع اد ال زمن لل وراء ي ا قيروان ي ھ ل كن ت‬

‫التجربة‬

‫‪ 19 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫تس رع لحم ل الص ليب دون انتظ ار أم ر الجن ود؟ ھ ل كن ت تف رح ب ه أو تس عى‬ ‫إليه؟ أكاد أجزم أن اإلجابة نعم ‪ ...‬طبعا ً !‬ ‫‪ ‬وبص راحة ش ديدة ف ال ب د لإلنس ان أن يُ َس لِم أن ه ق د ال يع رف أب داً إجاب ة ھ ذا‬ ‫الس ؤال‪ ،‬وربم ا‪ ....‬ربم ا نع رف بعض ا ً م ن إجابتھ ا ف ي األبدي ة‪ ,‬أم ا ھن ا عل ى‬ ‫األرض فإن كل اإلجابات ما ھي إال مجرد اجتھادات‪ .‬فب دالً م ن أن نجھ د أنفس نا‬ ‫بالغوص فيھا لنحول السؤال من "لماذا التجربة؟"إلى"كيف نحتمل التجربة؟"‬ ‫‪ ‬ردود فعل ﷲ تجاه التجربة ‪‬‬ ‫‪ ‬رأينا في ما سبق الجزء المنظور من التجربة ال ذي يح اول أن يص ف م ا ھ و‬ ‫ش عور الش خص الواق ع تح ت ني ر التجرب ة وكي ف تعب ث ب ه األفك ار والمش اعر‬ ‫واآلن ننتقل إل ى الج زء غي ر المنظ ور م ن التجرب ة وال ذى تج ري أحداث ه خل ف‬ ‫الكواليس‪ .‬وما كنا لنعرف شيئا ً عن ه ل وال أن ﷲ بنفس ه ھ و ال ذي ش رحه لن ا ف ي‬ ‫الكتاب المقدس بقدر ما يمكن أن تدرك أذھاننا المحدودة‪.‬‬

‫‪ –1‬يشعر بنا ويتضايق لضيقنا ‪:‬‬ ‫ص ُھ ْم‪ .‬بِ َم َحبﱠتِ ِه َو َر ْأفَتِ ِه ُھ َو فَ ﱠك ُھ ْم‬ ‫ض ايَقَ‪َ ،‬و َم الَ ُك َح ْ‬ ‫ض َرتِ ِه َخلﱠ َ‬ ‫ضيقِ ِھ ْم تَ َ‬ ‫‪ +‬في ُك ﱢل ِ‬ ‫َو َرفَ َع ُھ ْم َو َح َملَ ُھ ْم ُك ﱠل األَيﱠ ِام ا ْلقَ ِدي َم ِة‪ ) .‬إش‪ (9 :63‬وإن ي ألتوق ف ط ويال أم ام‬ ‫ھ ذه الكلم ات‪ ...‬كي ف يتض ايق وھ و ال ذي ف ي س لطانه أن يحلھ ا بكلم ة م ن فم ه‬ ‫ق َوالَ أَ َح ٌد يَ ْف ت َُح‬ ‫كي ف يتض ايق لض يقنا وھ و ال ذي يَ ْف ت َُح َوالَ أَ َح ٌد يُ ْغلِ قُ‪َ ،‬ويُ ْغلِ ُ‬ ‫ب ا ْل َملِ ِك فِي يَ ِد ال ﱠر ﱢب َك َج دَا ِو ِل ِميَ ا ٍه‪َ ،‬ح ْيثُ َم ا‬ ‫)رؤ ‪ (7 :3‬وھو الذي قيل عنه أن قَ ْل ُ‬ ‫شَا َء يُ ِميلُهُ‪ ) .‬أم ‪ (1 : 21‬فلماذا يرضى بالضيق لنفسه ولنا ؟؟؟‬ ‫‪ ‬ولكي نفھم اإلجابة دعونا نس أل أنفس نا‪ :‬م ا ھ و ش عور أس تاذ الجامع ة واض ع‬ ‫امتح ان ال دكتوراه وھ و ي رى ابن ه وفل ذة كب ده يس ھر اللي الى أم ام الكت ب ويح رم‬ ‫نفسه من أبسط حقوق ه بحث ا ً ع ن النج اح والتف وق؟؟ ‪ ...‬ھ ل يعفي ه م ن االمتح ان‬ ‫التجربة‬

‫‪ 20 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫ضيﱢع عليه فرصة نوال شھادة يستحقھا؟‪ ...‬ھ ل يعطي ه أس ئلة االمتح ان وي وفر‬ ‫وي ُ َ‬ ‫عليه تعب الم ذاكرة؟‪ ...‬أم يس ھر بجانب ه لك ى يجيب ه ع ن ك ل م ا يستعص ي علي ه‬ ‫فھم ه ف ي الم ذاكرة‪ ...‬ويفص ل تمام ا ب ين أبوت ه ورغبت ه ف ي مس اعدة ابن ه وب ين‬ ‫كونه واضع االمتحان والعارف بكل أسئلته؟ أجب بأمانة وعندھا ستعرف ما ھ و‬ ‫بالضبط موقف أبينا السماوى ولماذا يتصرف ھكذا‪.‬‬

‫‪ -2‬يحسب جرعة التجارب والعالج بدقة ‪:‬‬ ‫سيَ ْج َع ُل َم َع‬ ‫‪َ +‬ول ِكنﱠ ﷲَ أَ ِمينٌ ‪ ،‬الﱠ ِذي الَ يَ َد ُع ُك ْم ت َُج ﱠربُونَ فَ ْو َ‬ ‫ق َما تَ ْ‬ ‫ست َِطي ُعونَ ‪ ،‬بَ ْل َ‬ ‫ست َِطي ُعوا أَنْ ت َْحتَ ِملُوا )‪1‬كو ‪ (13 :10‬إنه ليس ذلك‬ ‫ضا ا ْل َم ْنفَ َذ‪ ،‬لِتَ ْ‬ ‫التﱠ ْج ِربَ ِة أَ ْي ً‬ ‫الطبيب المبتدئ الذي يجرب في مرضاه الجرعة المناسبة فتزيد حينا ً وتقل‬ ‫أحياناً‪ ،‬وليس تلك الزوجة حديثة العھد بالطھي التي يحترق منھا الطعام‬ ‫أو يخرج نيئاً‪ ،‬فاطمئن ألنك بين يدي الخالق الذي يعرف جيداً احتياجاتك‬ ‫وإمكانياتك‪ .‬أنت لست بين يدي إنسان بل بين يدي القدير‪ ....‬وتذكر أنه يجعل مع‬ ‫التجربة المنفذ ‪ ...‬لذا فعلى المجرب أال يكل من البحث عن ھذا المنفذ‪.‬‬

‫‪ -3‬يشاركنا مشاركة من اجتاز التجربة قبلنا‪:‬‬ ‫‪ +‬فِي َما ُھ َو قَ ْد تَأَلﱠ َم ُم َج ﱠربًا يَ ْق ِد ُر أَنْ يُ ِعينَ ا ْل ُم َج ﱠربِينَ ‪) ..‬عب‪(18 :2‬‬ ‫ب فِ ي ُك ﱢل‬ ‫ض َعفَاتِنَا‪ ،‬بَ ْل ُم َج ﱠر ٌ‬ ‫س لَنَ ا َرئِ ُ‬ ‫يس َك َھنَ ٍة َغ ْي ُر قَ ا ِد ٍر أَنْ يَ ْرثِ َي لِ َ‬ ‫‪ +‬ألَنْ لَ ْي َ‬ ‫َي ٍء ِم ْثلُنَا‪ ،‬بِالَ َخ ِطيﱠ ٍة‪) .‬عب‪(15 : 4‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ض‪) .‬لو‪( 44 :22‬‬ ‫‪َ +‬و َ‬ ‫صا َر َع َرقُهُ َكقَط َرا ِ‬ ‫ت د ٍَم نَا ِزلَ ٍة َعلَى األَ ْر ِ‬ ‫أعتقد أنني لو ل م أك ن مس يحيا ً لتم ردت عل ى ﷲ م ع أول تجرب ة قاس ية أم ر بھ ا‬ ‫ولقل ت ل ه مت ذمراً‪" :‬أن ت ج الس ف ي س مائك ت نعم بتس ابيح المالئك ة وتس عد‬ ‫بمليارات من البشر يرفعون لك أيادي عابدة متضرعة ولكنك لم تذق لحظة طعم‬ ‫الظل م‪ ،‬ول م تع رف م رارة الخيان ة ونك ران الجمي ل وتخل ى األص دقاء واألخ وة‬ ‫عنك‪ ....‬لم تجرب الجوع والحرم ان م ن الم أوى ول م تع رف ش عور الھ ائم عل ى‬ ‫التجربة‬

‫‪ 21 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫وجھ ه ل يس ل ه أي ن يس ند رأس ه‪ ،‬ل م تع رف م رارة الفق ر والظل م واالس تھزاء‬ ‫والبصق وآالم السياط‪".‬‬ ‫‪ ‬كن ت س أقول ك ل ھ ذا وأكث ر ولك ن لك وني مس يحيا ً أتب ع إلھ ا ً اجت از ف ي أ ﱠم ر‬ ‫التج ارب واختب ر م رارة آالم ال يمك ن ألي آالم بش رية أن تض اھيھا ف إني‬ ‫ال أستطيع أن أفتح شفتي بحرف واحد من ھذه الكلمات القاسية‪.‬‬ ‫‪ ‬إن كل من يمر بتجربة ال يستنكف أن يطلب المعونة من كل من يعرفه مھم ا‬ ‫كب ر أو ص غر ش أنه‪ ،‬فيج د قل ة م ن المخلص ين وجيش ا م ن المرتزق ة المنتفع ين‬ ‫الذين يعرفون جيداً كيف يستثمرون ضيقات اآلخرين الكتناز األموال‪.‬‬ ‫وعندئذ نتذكر ذاك كان يستطيع أن يطلب اثنى عشر جيشا ً من المالئكة‪ ،‬أو حت ى‬ ‫س الﱠتِ ي‬ ‫يقبل دفاع بطرس عنه ولكنه تعفف قائالً‪ْ » :‬‬ ‫س ْيفَ َك فِ ي ا ْل ِغ ْم ِد! ا ْل َك أْ ُ‬ ‫اج َع ْل َ‬ ‫اآلب أَالَ أَ ْ‬ ‫ش َربُ َھا؟«‪) .‬يو‪(11:18‬‬ ‫أَ ْعطَانِي‬ ‫ُ‬

‫‪ -4‬يعين وينجي‪:‬‬ ‫وب‪) .‬مز‪( 1 : 20‬‬ ‫يق‪ .‬لِيَ ْرفَ ْع َك ا ْ‬ ‫‪ +‬لِيَ ْ‬ ‫ست َِج ْب لَ َك ال ﱠر ﱡب فِي يَ ْو ِم ال ﱢ‬ ‫س ُم إِل ِه يَ ْعقُ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫يق أُ ْنقِ ْذ َك فَتُ َم ﱢج َدنِي«‪ ) .‬مز‪( 15 : 50‬‬ ‫‪َ +‬وا ْد ُعنِي فِي يَ ْو ِم ال ﱢ‬ ‫ض ِ‬ ‫سلِ ْمنِي‪ ) .‬مز ‪(18 : 118‬‬ ‫ت لَ ْم يُ ْ‬ ‫‪ +‬تَأْ ِديبًا أَ ﱠدبَنِي ال ﱠر ﱡب‪َ ،‬وإِلَى ا ْل َم ْو ِ‬ ‫‪9‬‬ ‫يق‪) ..‬مز‪(9: 9‬‬ ‫ق‪َ .‬م ْل َجأ ً فِي أَ ْز ِمنَ ِة ال ﱢ‬ ‫‪َ +‬ويَ ُكونُ ال ﱠر ﱡب َم ْل َجأ ً لِ ْل ُم ْن َ‬ ‫ض ِ‬ ‫س ِح ِ‬

‫صهُ )مز‪(6:34‬‬ ‫ص َر َخ‪َ ،‬وال ﱠر ﱡب ا ْ‬ ‫‪ +‬ھ َذا ا ْل ِم ْ‬ ‫ضيقَاتِ ِه َخلﱠ َ‬ ‫س ِكينُ َ‬ ‫ستَ َم َعهُ‪َ ،‬و ِمنْ ُك ﱢل ِ‬ ‫سو ِر َو ِجئْتُ بِ ُك ْم إِلَ ﱠي‪) .‬خر ‪(4 : 19‬‬ ‫‪َ +‬وأَنَا َح َم ْلتُ ُك ْم َعلَى أَ ْجنِ َح ِة النﱡ ُ‬ ‫‪ ‬وألن التعليق على كل من ھذه اآليات يستلزم كتابا ً‪ ،‬فإننا نكتفى بالتعليق عل ى‬ ‫اآلي ة األخي رة منھ ا فق ط وھ ى قص ة تحك ى ع ن النس ور وكي ف تعل م أفراخھ ا‬ ‫الطيران فنحن نعلم أن النسر ھو أقوى الطيور ول ذا فھ و عن دما يطي ر ال يحت اج‬ ‫أن يرفرف سريعا ً بجناحيه بل يكفيه حرك ة بس يطة ولك ن قوي ة م ن جناحي ه لك ى‬

‫التجربة‬

‫‪ 22 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫تحلق به في السماء‪ .‬وكم داعبت خيال اإلنسان فكرة أن يستقر ف وق جن اح النس ر‬ ‫ليحلق به عاليا ً كما يفعل مع النسور الصغيرة‪.‬‬ ‫‪ ‬ولكن متى يفع ل النس ر ھ ذا م ع أفراخ ه الص غيرة؟؟ يفع ل ھ ذا عن دما يكب ر‬ ‫الص غار بع ض الش ئ ويري د أن يعلمھ م الطي ران والتحلي ق فيب دأ بوض ع بع ض‬ ‫األشواك في العش الدافئ ولكن النسر الصغير يفضل العش الذي يعرفه بأشواكه‬ ‫عن الطيران المجھ ول ومخ اطره‪ .‬فيب دأ النس ر األب ف ي ھ ز الع ش الموض وع‬ ‫فوق جبل عال‪ ...‬ومع اھت زاز الع ش يق ع الطي ر الص غير وي رى الفض اء الفس يح‬ ‫تحت ه شاس عا ً‪ ،‬فيحل ق بأجنحت ه الض عيفة الت ي س رعان م ا تخ ور لض عفھا وقل ة‬ ‫خبرتھ ا‪ ،‬فيب دأ رحل ة الس قوط المرع ب ويتخي ل نفس ه وھ و يھ وي محطم ا ً عل ى‬ ‫األرض‪ ...‬ويتعجب من ھذا األب القاس ي ال ذي يرم ي ب ه إل ى التھلك ة دون ذن ب‬ ‫أو جريرة‪ .‬وينظ ر إل ى أس فل ف ال ي رى إال الخط ر المح دق ب ه ويرف رف ق در م ا‬ ‫يس تطيع فيفش ل أكث ر مم ا ي نجح‪ ...‬ك ل ھ ذا والنس ر األب يطي ر فوق ا ً من ه بأمت ار‬ ‫قليلة وعيناه مصوبتان نحوه وغريزته وخبرته تعطيه كل لحظة تقريراً عن حالة‬ ‫االبن المحبوب‪ .‬حتى تأتي اللحظة الت ي يس تنفذ فيھ ا الص غير ك ل ق واه ويب دأ ف ي‬ ‫الس قوط ‪ ...‬فين زل النس ر األب مس رعا ً باس طا ً جناح ه الع ريض ليرتم ي الف رخ‬ ‫الصغير في ھذا الحضن الدافئ اآلمن ليعود ب ه إل ى عش ه ليمض ى يوم ا ً أو أيام ا ً‬ ‫لتبدأ بعدھا التجربة من جديد‪...‬‬ ‫‪ ‬ورغم كل ما يدور في ذھن الصغير عن قسوة ھذه الطريقة في تعلم الطيران‬ ‫إال أنه بعد أن يكبر ويصبح أبا ً ال يجد خيرا منھ ا لتعل يم ص غاره الطي ران ب نفس‬ ‫الطريقة التي كرھھا ولعنھا يوما ً ما !!‬

‫‪ -5‬يعزي‪:‬‬

‫التجربة‬

‫‪ 23 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫ض يقَ ٍة‬ ‫ضيقَتِنَا‪َ ،‬حتﱠى نَ ْ‬ ‫ست َِطي َع أَنْ نُ َع ﱢز َ‬ ‫ي الﱠ ِذينَ ُھ ْم فِ ي ُك ﱢل ِ‬ ‫‪ +‬الﱠ ِذي يُ َع ﱢزينَا فِي ُك ﱢل ِ‬ ‫بِالتﱠ ْع ِزيَ ِة الﱠتِي نَتَ َع ﱠزى نَ ْحنُ بِ َھا ِمنَ ﷲِ‪2) ..‬كو‪( 4 : 1‬‬ ‫‪ ‬ونحن ال نعرف غير طريقة واحدة نطل ب بھ ا الع زاء وھ ى ب الطبع أن يرف ع‬ ‫عنا التجربة‪ ،‬أما ھو فله آالف الطرق ف ي التعزي ة وربم ا يك ون آخرھ ا ھ و رف ع‬ ‫التجرب ة‪ ،‬عجي ب ھ و ذل ك اإلل ه ال ذي ي أتى ف ي الھزي ع الراب ع لرج ال أنھك تھم‬ ‫مكافحة الرياح واألمواج ليقول لھم "تَش ﱠَج ُعوا أَنَ ا ُھ و الَ ت َ​َخ افُوا" )م ت‪(27:14‬‬ ‫ولس ان ح الھم يق ول طبع ا ً ل ن نخ اف ف ي اللحظ ة الت ي تھ دأ فيھ ا الري اح وتس كن‬ ‫األمواج ولكن ما قيمة كلمة تشجعوا اآلن ‪ ......‬إننا نريد عمالً ال كالما ً‪.‬‬ ‫‪ ‬ولك ن ال رب يري د أن يك ون س بب طم أنينتھم ھ و وج وده معھ م ول يس ھ دوء‬ ‫العاصفة فيعطيھم األھم ثم األقل أھمية‪.‬‬ ‫ ومن العجب أن دانيال لم يبصر مالك ﷲ إال في جب األسود‪...‬‬‫ والفتية الثالثة لم يروا ابن اإلله إال في األتون‪...‬‬‫ والتالمي ذ ل م ي روا ال رب وھ و يس مو بجس ده ف وق ق انون الجاذبي ة إال وھ م ف ي‬‫ھدير العاصفة على وشك الغرق‪...‬‬ ‫ وبنو إسرائيل لم يروا عمود السحاب إال وھم مھددون بالھالك في البرية‪...‬‬‫ وغيرھم اآلالف من الشھداء والمعترفين الذين لم يروا المالئكة والقديسين ول م‬‫يختبروا فيض التعزيات إال وھم في غمرة التجربة‪.‬‬ ‫وأحد أعمال عدو الخير أثناء التجربة ھ و التش ويش عل ى أجھ زة االس تقبال ل دينا‬ ‫حت ى ال تش عر بتعزي ات ﷲ لن ا‪ ،‬ل ذا يج ب أن يك ون ل دينا الح واس المدرب ة الت ي‬ ‫تستقبل فيض التعزي ات الت ي يرس لھا ﷲ لن ا م ن خ الل كلم ات الخ دام واألح داث‬ ‫المحيطة بنا‪.‬‬

‫‪ -6‬يشفي ‪ ..‬ويحيي ‪ ..‬ويغـلب‪:‬‬ ‫التجربة‬

‫‪ 24 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫ان‪) ..‬أي ‪(18 : 5‬‬ ‫ق َويَدَاهُ تَ ْ‬ ‫س َح ُ‬ ‫ب‪ .‬يَ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫‪ +‬ألَنﱠهُ ُھ َو يَ ْج َر ُح َويَ ْع ِ‬ ‫شفِيَ ِ‬ ‫ض‬ ‫ضيقَا ٍ‬ ‫‪ +‬أَ ْنتَ الﱠ ِذي أَ َر ْيتَنَا ِ‬ ‫اق األَ ْر ِ‬ ‫ت َكثِي َرةً َو َر ِديئَ ةً‪ ،‬تَ ُع و ُد فَت ُْحيِينَ ا‪َ ،‬و ِم نْ أَ ْع َم ِ‬ ‫ُص ِع ُدنَا‪) .‬مز ‪(20 : 71‬‬ ‫تَ ُعو ُد فَت ْ‬ ‫إن ه مش ھد طبيع ي يتك رر ك ل يي وم ف ي غرف ة العملي ات فالجراح ة تب دأ بمش رط‬ ‫ودم اء وي رى الكثي رون ف ي ذل ك الج ﱠراح ج زاراً آدمي ا !! ولك ن المش ھد ينتھ ى‬ ‫بالج ﱠراح وھو يخيط الجرح بدقة وحنكة ويجفف كل قطرة دم‪ ،‬ثم ي داوي ك ل أل م‬ ‫قد يعتري المريض بعد أن يكون قد استأصل المرض من جسده‪.‬‬

‫‪ -7‬أحيانا ً يبدو وكأن ﷲ ال يتجاوب وال يتدخل ‪:‬‬ ‫‪ +‬قَ ْد ُر ِج َم نَابُوتُ َو َماتَ ‪1) .‬مل‪(14:21‬‬ ‫يق؟‪) .‬مز‪(1:10‬‬ ‫‪ +‬يَا َر ﱡب‪ ،‬لِ َما َذا تَقِفُ بَ ِعيدًا؟ لِ َما َذا ت َْختَفِي فِي أَ ْز ِمنَ ِة ال ﱢ‬ ‫ض ِ‬ ‫وس‪) .‬أع ‪(59 :7‬‬ ‫‪ +‬فَ َكانُوا يَ ْر ُج ُمونَ ا ْ‬ ‫ستِفَانُ َ‬ ‫ف‪) .‬أع ‪(2:12‬‬ ‫وحنﱠا بِال ﱠ‬ ‫وب أَ َخا يُ َ‬ ‫‪ َ◌ +‬قَتَ َل يَ ْعقُ َ‬ ‫س ْي ِ‬ ‫ﱡوس َوا ْل َح قﱡ‪،‬‬ ‫يم قَ ائِلِينَ ‪َ »:‬حتﱠ ى َمتَ ى أَيﱡ َھ ا ال ﱠ‬ ‫س يﱢ ُد ا ْلقُ د ُ‬ ‫ص َر ُخوا بِ َ‬ ‫‪َ +‬و َ‬ ‫ص ْو ٍ‬ ‫ت ع َِظ ٍ‬ ‫ض؟«‪) .‬رؤ‪(10:6‬‬ ‫ضي َوتَ ْنتَقِ ُم لِ ِد َمائِنَا ِمنَ ال ﱠ‬ ‫الَ تَ ْق ِ‬ ‫سا ِكنِينَ َعلَى األَ ْر ِ‬ ‫‪ ‬ولعل رد الفعل ھنا ھو األصعب على قل ب اآلب المح ب‪ .‬وال أنس ى أب داً ي وم‬ ‫رافقت طفلتى إلى غرف ة العملي ات وب دأ طبي ب التخ دير يعب ث بإبرت ه ف ي جل دھا‬ ‫الرقي ق وھ ى تس تنجد ب ى بنظ رات الھل ع وص يحات االس تغاثة الص ادقة ولكنھ ا‬ ‫أيقنت لسبب ال تعلمه أني ال أتج اوب معھ ا ‪ ...‬ول م تس امحني لس نوات طويل ة‪....‬‬ ‫حتى أدركت فيما بعد لماذا لم أنقذھا في ذلك اليوم‪.‬‬

‫‪ -8‬يختار الوقت المناسب للحل‪:‬‬ ‫ضا َج َع َل األَبَ ِديﱠةَ فِي قَ ْلبِ ِھ ِم‪ ،‬الﱠتِي بِالَھَا الَ يُ ْد ِر ُك‬ ‫سنًا فِي َو ْقتِ ِه‪َ ،‬وأَ ْي ً‬ ‫صنَ َع ا ْل ُك ﱠل َح َ‬ ‫‪َ +‬‬ ‫سانُ ا ْل َع َم َل الﱠ ِذي يَ ْع َملُهُ ﷲُ ِمنَ ا ْلبِدَايَ ِة إِلَى النﱢ َھايَ ِة‪) .‬جا ‪(11: 3‬‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫س َل ﷲُ ا ْبنَهُ َم ْولُودًا ِم ِن ا ْم َرأَ ٍة‪) .‬غل ‪(4:4‬‬ ‫ان‪ ،‬أَ ْر َ‬ ‫‪َ +‬ول ِكنْ لَ ﱠما َجا َء ِم ْل ُء ال ﱠز َم ِ‬ ‫التجربة‬

‫‪ 25 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫‪ ‬لم اذا ت أخر م لء الزم ان آالف الس نين‪ ...‬وت أخر خ روج يوس ف م ن الس جن‬ ‫عدة سنوات‪ ...‬وخروج بني إسرائيل من مصر مئات السنين؟ كلھا أسئلة تط رق‬ ‫عقولنا بشدة‪ ،‬ولكنن ا ونح ن نعل م أن الي وم الواح د عن د ال رب ك ألف س نة واألل ف‬ ‫سنة كيوم إال أنه وإن تمھـ ﱠل ال ينسى ‪ ....‬وإن تأنـ ﱠى فإنه ال يتغافل‪.‬‬

‫‪ -9‬قد يعطينا رداً ‪ ...‬ولكنه قد ال يكون شافيا ً لنا‪:‬‬ ‫َن‬ ‫ص َوطُ ُرقَهُ ع ِ‬ ‫َن ا ْلفَ ْح ِ‬ ‫ق ِغنَى ﷲِ َو ِح ْك َمتِ ِه َو ِع ْل ِم ِه! َما أَ ْب َع َد أَ ْح َكا َمهُ ع ِ‬ ‫‪+‬يَا لَ ُع ْم ِ‬ ‫شي ًرا؟ ) رو‪(34 -33: 11‬‬ ‫اال ْ‬ ‫صا ِء! »ألَنْ َمنْ ع َ​َرفَ فِ ْك َر ال ﱠر ﱢب؟ أَ ْو َمنْ َ‬ ‫ستِ ْق َ‬ ‫صا َر لَهُ ُم ِ‬ ‫س تَ ْف َھ ُم فِي َم ا‬ ‫سو ُ‬ ‫ع َوقَا َل لَهُ ‪ :‬لَسْتَ تَ ْعلَ ُم أَ ْنتَ اآلنَ َما أَنَا أَ ْ‬ ‫اب يَ ُ‬ ‫صنَ ُع‪َ ،‬ول ِكنﱠ َك َ‬ ‫‪ +‬أَ َج َ‬ ‫بَ ْع ُد ) يو ‪( 7 : 13‬‬ ‫‪"+‬إنْ َج َريْتَ َم َع ا ْل ُمشَا ِة فَ أ َ ْت َعبُوكَ‪ ،‬فَ َك ْي فَ تُبَ ا ِري ا ْل َخ ْي َل؟ َوإِنْ ُك ْن تَ ُم ْنبَ ِط ًح ا فِ ي‬ ‫سالَ ِم‪ ،‬فَ َكيْفَ تَ ْع َم ُل فِي ِك ْب ِريَا ِء األُ ْردُنﱢ ؟" )إر‪(5 :12‬‬ ‫ض ال ﱠ‬ ‫أَ ْر ِ‬ ‫‪ ‬كأّن ﷲ يعاتب إرميا النب ي ق ائالً ل ه‪ :‬لم اذا ض عفت أم ام مقاوم ة األش رار؟أال‬ ‫تذكر كيف دعوتك ووعدتك إني أكون معك؟! فلماذا يتسرب اليأس إلى قلبك؟‬ ‫انتظر لترى دوري‪ ،‬وال تتعجل النتائج في حياتك‪ ,‬إنك حتى اآلن قد "جريت مع‬ ‫المشاة فأتعبوك"‪ ،‬لكنني أجعلك تبارى الخيل‪ .‬أنت اآلن في أرض السالم نسبيًا‪،‬‬ ‫إنني أسندك حينما تدخل في األحزان الشديدة التي تجتاح األرض ككبرياء‬ ‫األردن‪ ..‬ھذه معامالت ﷲ معنا‪ ،‬ال يدفعنا دفعة واحدة لنباري الخيل‪ ،‬بل يختبرنا‬ ‫أوالً بالحرى مع المشاة‪ .‬ال يسمح لنا أن نلتقي بنھر األردن في حالة فيضانه‬ ‫لمواجھة تياراته ولججه‪ ،‬بل أن ُنجرب أوالً في أرض السالم وسط أحبائنا‪.‬‬

‫‪ -10‬يحمل العقاب بدالً منا‪:‬‬ ‫ش ْونَ فِ ي‬ ‫اظ ٌر أَ ْربَ َع ةَ ِر َج ال َم ْحلُ ولِينَ يَتَ َم ﱠ‬ ‫‪ +‬أَ َج َ‬ ‫اب )نبوخذنصر( َوقَا َل‪» :‬ھَا أَنَا نَ ِ‬ ‫ض َر ٌر‪َ ،‬و َم ْن َ‬ ‫شبِيهٌ بِا ْب ِن اآللِ َھ ِة«‪) .‬دا ‪( 25 : 3‬‬ ‫ابع َ‬ ‫س ِط النﱠا ِر َو َما بِ ِھ ْم َ‬ ‫َو َ‬ ‫ظ ُر ال ﱠر ِ‬ ‫يح ألَ ْجلِنَا‪)..‬رو‪(8:5‬‬ ‫س ُ‬ ‫‪َ +‬ول ِكنﱠ ﷲَ بَيﱠنَ َم َحبﱠتَهُ لَنَا‪ ،‬ألَنﱠهُ َونَ ْحنُ بَ ْع ُد ُخطَاةٌ َماتَ ا ْل َم ِ‬ ‫التجربة‬

‫‪ 26 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫‪ ‬كثيراً ما يشعر ال ُم َج رﱠب أن ه يتحم ل عقاب ا ً قاس يا ً ‪ ....‬ولك ن إذا أخ ذنا بط رس‬ ‫ص لِب م نكس ال رأس ف ي ش يخوخته ‪ ...‬ولك ن آالم ه‬ ‫الرس ول كمث ال وھ و ال ذي ُ‬ ‫ال تق ارن ب آالم رب المج د ال ذي حم ل عل ى كاھل ه خطاي ا البش رية كلھ ا ف الرب‬ ‫يحمل عنا عقابنا ال ذي ال نس تطيع أن ندفع ه‪ ،‬ول ذا نالح ظ أن نبوخ ذ نص ر رأى‬ ‫أربع ة يمش ون ف ي الن ار ثالث ة م نھم خرج وا أم ا الراب ع – اب ن ﷲ ‪ -‬فق د ظ ل‬ ‫في األتون!‬

‫‪ -11‬يتدخل بالمعجزات ‪:‬‬ ‫‪ +‬أمثلة ال حصر لھا في الكتاب المقدس بعھديه‪.‬‬ ‫‪ ‬ولن نتوقف طويالعند ھذه النقطة ‪ -‬ليس شكا ً فيھا ‪ -‬ولك ن ألن كث رة الح ديث‬ ‫عنھا جعل الكثيرين يعتقدون أن ھ ذه ھ ي القاع دة الت ي يتعام ل بھ ا ﷲ م ع أبنائ ه‬ ‫فظنوا بالخطأ أن االستثناء )المعجزة( ھو القاعدة فإن اتض ح أن لل رب رأي ا ً آخ ر‬ ‫يشعر الشخص أن الرب قد خذله وفضـ ﱠل اآلخرين عليه !!‬

‫‪ -12‬يجازي المضايقين ‪:‬‬ ‫ضيقًا‪2) .‬تس ‪(6 :1‬‬ ‫‪ +‬إِ ْذ ُھ َو عَا ِد ٌل ِع ْن َد ﷲِ أَنﱠ الﱠ ِذينَ يُ َ‬ ‫ضايِقُونَ ُك ْم يُ َجا ِزي ِھ ْم ِ‬ ‫‪ ‬وھنا نأتى لموق ف ش ائك‪ ،‬فإلھن ا ال يس ر بم وت الخ اطئ مثلم ا يرج ع ويحي ا‪.‬‬ ‫وال يسر بموت شاول الطرسوسى بل بتحوله إلى بولس الكارز‪.‬‬ ‫ولكن ماذا لو رفض شاول؟ ماذا لو عاند الرؤيا السماوية وأص ر عل ى المك ابرة؟‬ ‫إن كن ت ال ت دري فابح ث ع ن مص ير فرع ون وھام ان وھي رودس ودقل ديانوس‬ ‫وغيرھم لتعرف أن ﷲ وإن كان يتأنى إال أن أنات ه ال تعن ى حف ظ القض ية ولك ن‬ ‫تعنى انتظار الوقت المناسب للحكم بعد أن يھب المذنب فرص التوبة كاملة‪.‬‬

‫التجربة‬

‫‪ 27 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫اختبارات من عمق المحنة‬ ‫‪ ‬ھ ذه اآلي ة طالم ا قرأتھ ا ولك ن بالتجرب ة وج دتھا تـ ُ ـقرأ ھك ذا‬ ‫يج‬

‫رح ‪ ..........................................................‬ويعص‬

‫ب‪،‬‬

‫يس‬

‫داه تش‬

‫فيان‪،‬‬

‫حق‪ ....................................................‬وي‬

‫ف الزمن يم ر بطيئ ا ج دا عل ى الش خص ال ُم َج ﱠرب‪ ،‬ال يمك ن قياس ه باألي ام‬ ‫أوالشھور ولكن له مقياسا ً خاصا ً ‪ .‬قد تكون الفمتو ثانية ھي أص دق وح دة تص لح‬ ‫لقياس الزمن بالنسبة للشخص المجرب!!‬ ‫‪ ‬في بداية التجربة كنت أشعر أني مثل شخص كان يجل س ف ي حج رة مض يئة‬ ‫وحوله عدة أجھزة كھربائية تعمل كلھا بكفاءة ‪ ....‬وفجأة انقطع التي ار الكھرب ائي‬ ‫فوجد نفسه في ظ الم دام س يتخ بط وتتعث ر خطوات ه وي تل ﱠمس أي ة نقط ة مض يئة‬ ‫تعينه على أن يبدأ مشواره‪ ،‬فإن وجدھا تصبح كنزاً بالنسبة له‪.‬‬ ‫‪ ‬ففي البداية اعتبرت تجربتى ھي أسوأ ما يمكن أن يم ر ب ه إنس ان‪ ،‬واكتنفتن ي‬ ‫مش اعر اإلحب اط والت ذمر‪ ،‬وبع د قلي ل أدرك ت أنن ى أفض ل م ن غي ري كثي راً‬ ‫وأن تك اليف الع الج ‪ -‬الت ي ال ت ؤرقني كثي را‪ -‬تش كل كابوس ا ً مخيف ا ً ألغلبي ة‬ ‫المرض ى فب دأت أش كر ﷲ عل ى نعمت ه الس خية‪ ،‬وأص لي وأش ارك اآلخ رين‬ ‫في احتياجاتھم‪.‬‬ ‫‪ ‬وكثيراً ما كنت أتص ور أن المعج زة ھ ي الت ي تح دث ف ي لحظ ة خارق ة وإال‬ ‫لم ا اعتبرناھ ا معج زة ‪ ...‬ولكنن ي ف ي ھ ذه المحن ة اختب رت المعج زة الدائم ة‪.‬‬ ‫فكنت أقارن حالي في أول التجربة بحالي الي وم‪ ،‬فأج د نفس ي أفض ل ح االً وأرى‬ ‫يد الرب تعمل وتتمم كل شيء‪.‬‬ ‫‪ ‬ولطالم ا ح اول إبل يس ‪ -‬وم ازال يح اول ‪ -‬أن يس رق من ي برك ة التجرب ة‬ ‫واالحتمال‪ ،‬سواء بالتوتر والعصبية أو بالقلق والتذمر‪ ،‬ولكن الرب كان يغمرن ي‬ ‫التجربة‬

‫‪ 28 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫بشعور رائع‪ ،‬فيشعرني أنه قد اختصني بھذا االمتحان ألن ه رآن ي م ؤھالً للنج اح‬ ‫فيه‪ ،‬وأنني يجب أن أكون عند حس ن ظن ه فأب ذل قص ارى جھ دي وأواظ ب عل ى‬ ‫طلب المعونة اإللھية والرجاء الثابت‪.‬‬ ‫‪ ‬وأش عر حالي ا أنن ى أداة ف ي ي د ﷲ يس تخدمني ل يعظ ب ي اآلخ رين ‪ ،‬مص داقا‬ ‫يح‪َ ،‬ك أَنﱠ ﷲَ يَ ِع ظُ بِنَ ا )‪2‬ك و‪.(20:5‬‬ ‫لكلمات ه‪ :‬إِ ًذا نَ ْ‬ ‫س َعى َك ُ‬ ‫س فَ َرا َء َع ِن ا ْل َم ِ‬ ‫س ِ‬ ‫فيا لھذه البركة التي ال أستحقھا‪ ،‬اجعلني يا رب أداة طيعة بين يديك‪.‬‬ ‫‪ ‬وفى ھذه المحنة رأيت أناسا ً كنت أظنھم بعيدين عني جداً فإذا بھم أق رب مم ا‬ ‫أتخيل‪ ....‬وبقدر م ا عزان ي ھ ذا االكتش اف بق در م ا أحزنن ي نقيض ه مم ن كن ت‬ ‫أظن أنھم سيكونون بجواري دائما فخذلني تجاھلھم‪...‬‬ ‫‪ ‬وأن ا اآلن أت ذكر ك م المل ل والس أم ال ذي ك ان يص يبني م ن حي اتي الروتيني ة‬ ‫في األيام السالفة‪ ....‬واآلن كم أشتاق لتلك الحياة الروتينية! من يھبنى نصف ي وم‬ ‫من تلك األيام التي كنت أظنھا مملة؟‬ ‫‪ ‬التجربة طريق طوي ل وال ب د أن أمش يه بمف ردى وال يش اركني في ه إال ال رب‬ ‫يسوع‪ .‬وق د تعلم ت أن أس ير في ه دون ت ذمر أو ت أفف ألن ھ ذا يزي د م ن وع ورة‬ ‫الطريق وصعوبته‪.‬‬ ‫‪ ‬واآلن مرت سنوات ‪ ...‬ورُفـِ َعت عني التجربة ‪ ...‬وأصلي كثيراً متسائالً‪:‬‬ ‫ھل ُرفِ َعت ألني رسبت في االمتحان ولم أحصل حتى على ثالثين من المائة؟‬ ‫أم ألني ال أستحق ھذه البركة لشكواي وتذمري؟ ‪ ..‬أم اني لم أقدم كل ما عندي؟‬ ‫ولكني في النھاية أثق ف ي رحمت ك ي ا رب وقبول ك لك ل ش يء حت ى ل و ك ان تعب ا ً‬ ‫بسيطا ً أو كوب ماء بارد أو كلمة طيبة ‪ ...‬على ھذا ألقي رجائي واتكالي‪.‬‬

‫التجربة‬

‫‪ 29 ‬‬

‫تعزيات السماء‬


‫‪‬‬

‫" صــالة الحتمال الـتــجربـة "‬ ‫خير لي يا رب إني تذللت كي أتعلم فرائضك‪،‬‬ ‫لقد جاءت الساعة التي فيھا أحني رأسي تحت عصا تأديبك‪،‬‬ ‫فألتمس اآلن حنوك ورحمتك‪.‬‬ ‫وإذا كان البد من حلول التجارب في ھذه الحياة‪،‬‬ ‫فعلمني يا رب أن أقبلھا بشكر واحتمال بصبر جميل كي تكون دوا ًء شافيا ً لي‪.‬‬ ‫ى‪،‬‬ ‫ھا أنا بين يديك‪ ،‬فاجرح واعصب‬ ‫وداو كلوم نفسي‪ ،‬لكي تشفق عل ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ھناك إلى األبد كن معي كأب رؤوف أدبني برحمتك وحنوك‬ ‫كقاض عادل‪.‬‬ ‫وارحمني وال تعاقبني‬ ‫ٍ‬ ‫إني أعلم يا رب أن آالم الزمان الحاضر ال تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا‪.‬‬ ‫فھبني نعمتك لكي أرتضي بكل ما أتيتني به من محن وتجارب وأوجاع‬ ‫كعالمة حسنة لتأديبي‪.‬‬ ‫علمني أن أخضع لمشيئتك ‪ ...‬فليكن ھكذا كما رسمت عنايتك‪.‬‬ ‫من يقدر أن يمنع يدك أو يقول لك ماذا تفعل؟‬ ‫فقط أعطني نعمتك وظللني تحت حمايتك ورعايتك‪ .‬آمين‪.‬‬

‫التجربة‬

‫‪ 30 ‬‬

‫تعزيات السماء‬




‫لماذا يسمح ﷲ باآلالم؟‬ ‫‪ ‬ق د يك ون ھ ذا الس ؤال م ن أكث ر األس ئلة ش يوعا ً وص عوبة ‪ :‬لم اذا يس مح ﷲ‬ ‫ وھو مح ب لبش ر ال ذي يج د لذات ه معھ م ‪ -‬ورغ م ذل ك يس مح ب الحزن واألل م؟‬‫بالدمع والدم؟ بالمرض والموت ؟ لماذا يسحق الظلم األبري اء؟ وتل تھم الك وارث‬ ‫الصالح مع الطالح واألبرار مع األشرار؟‬ ‫‪ ‬وتتك رر الحي رة م ع وداع ش اب اختطف ه الم وت ف ي حادث ة س يارة‪ ،‬أو عاھ ة‬ ‫مس تديمة لش خص ص الح‪ ،‬أو والدة طف ل ب ريء مع وق ب ال أم ل ف ي الش فاء‪،‬‬ ‫أو ظلم إلنسان بريء‪ ،‬أو مرض مفاجىء مؤلم يعجز عن عالجه الطب‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫‪ ‬والواقع أننا لسنا مكان ﷲ لنعرف اإلجابة على ھذا السؤال‪ .....‬بل إن كل من‬ ‫يتس اءل "لم اذا يفع ل ﷲ ك ذا أو ك ذا" فھ و ع ادة ل ن يج د إجاب ة ش افية وافي ة ع ن‬ ‫سؤاله‪ .‬فما أبعد أحكامه عن الفحص ‪ ...‬ب ل حت ى ف ي أم ور ال دنيا‪ ،‬ھن اك الكثي ر‬ ‫من القوانين العلمية نعرفھا وال نقدر أن نفسرھا فما بالكم بإرادة ﷲ!!‬ ‫‪ ‬وھ ذه المقدم ة ليس ت تھرب ا ً م ن اإلجاب ة ألن ب ولس الرس ول نفس ه يق ر ھ ذا‬ ‫الواقع فيقول " فَإِنﱠنَا نَ ْنظُ ُر اآلنَ فِي ِم ْرآ ٍة‪ ،‬فِي لُ ْغ ٍز‪ ،‬ل ِكنْ ِحينَئِ ٍذ َو ْج ًھا لِ َو ْج ٍه‪ .‬اآلنَ‬ ‫سأ َ ْع ِرفُ َك َما ُع ِر ْفتُ ‪ 1) ".‬كو ‪(12 :13‬‬ ‫ض ا ْل َم ْع ِرفَ ِة‪ ،‬ل ِكنْ ِحينَئِ ٍذ َ‬ ‫أَ ْع ِرفُ بَ ْع َ‬ ‫أي أن إجابة السؤال تحتاج إيمانا ً أكثر مما تحتاج فھما ً‪ ,‬لذا قال أحدھم‪:‬‬ ‫"إنني أؤمن بالشمس حتى إذا غابت‪ ،‬وأؤمن بالمحبة حتى إذا ندرت‪ ،‬وأؤمن‬ ‫ص َمتَ !"‪ ...‬فاإليمان ليس إلغاء العقل بل السمو فوق العقل‪.‬‬ ‫با حتى ولو َ‬ ‫‪ ‬وما نذكره ھنا ھو مجرد محاولة متواضعة لإلجابة على ھذا السؤال‬ ‫العسير‪ ..‬قد ال تقنع عقل القارئ ولكنھا بالقطع تفتح لقلبه باب اإليمان الذي‬ ‫يستطيع أن يدرك به ما ال يدركه بالعيان‪.‬‬ ‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 33 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬وبداية‪ ..‬نرد على السؤال بسؤال آخر ‪ ..‬ھل األلم ‪ -‬الذي نكرھه جميعا ً ‪ -‬ش ر‬ ‫حقيقى‪ ،‬أال توجد أى قيمة إنسانية لھذه اآلالم؟!!‬ ‫ واإلجاب ة أن األل م ض رورة م ن ض رورات الحي اة البش رية ينبھن ا إل ى وج ود‬‫المرض ويستحثنا للبحث عن عالج فوري‪ ....‬وال انسى أبداً قصة ذلك الم ريض‬ ‫الذي أصيب بمرض في العصب الذي ينقل اإلحساس واأللم من العين إلى الم خ‪.‬‬ ‫وبع د فت رة – وف ي ي وم عاص ف مت رب – دخل ت ذرة رم ل ف ي عين ه المريض ة‬ ‫وھ و ال يش عر ب ألم‪ ،‬وال ت دمع عين ه لتط رد ذل ك الجس م الغري ب ال ذي اس تمر‬ ‫أسبوعا ً يجرح عينه مع كل رمشة من جفنه ‪ ....‬حتى تقرح ت القرني ة واحم رت‬ ‫الع ين بش دة‪ ،‬فب دأ رحل ة الع الج مت أخراً وأمض ى ش ھوراً ب ين ال دواء والعملي ات‬ ‫إلنقاذ ما يمكن إنقاذه ‪ ....‬يا ﷲ ‪ ...‬كم ھو عظيم ذلك األلم !!!‬ ‫ والتعب أيضا ً نوع من األلم‪ .‬ولكنه الزم للتفوق والتميز في الدراسة والعمل‪.‬‬‫ والعقاب نوع من األلم ولكنه ضرورة للتربية والتقويم واإلدارة والقيادة‪.‬‬‫ وآالم التجارب‪ ...‬من الناحية الروحي ة‪ ...‬أق وى داف ع للج وء ال ى ﷲ‪ ..‬والتفكي ر‬‫في الحياة األخرى والسعي نحو أبدية سعيدة‪.‬‬ ‫◄فق د يظ ل اإلنس ان بعي داً ع ن ﷲ ال ى أن يُج َرب‪ ...‬فيش عر بعج زه وض عفه‬ ‫فيصرخ طالبا ً المعونة‪ ...‬ال من إنسان‪ ،‬ولكن ممن ھو أقوى وأقدر من الكل‪.‬‬ ‫◄وبالنسبة لإلنسان التقي فاأللم يدفعه لمزيد من التقوى والصالة‪.‬‬ ‫◄األلم‪ ...‬عامة‪ ...‬ھو أقوى محرك للتغيير‪ ...‬والتغيير ھو سمة الحياة وأجمل‬ ‫ما فيھا‪ ...‬وعادة ما يكون التغيير إلى األفضل‪.‬‬ ‫◄واألل م‪ ...‬يح ول اإلنس ان م ن أنانيت ه وس طحيته وطمع ه‪...‬‬ ‫إل ى الح ب والعم ق والعط اء‪ ...‬ويض يف لإلنس ان الكثي ر م ن الفض ائل‬ ‫والمثاليات‪..‬الص‬

‫بر ‪ ..‬الحكم‬

‫ة‪ ..‬الرج‬

‫اء‪ ..‬اإلحس‬

‫اس ب‬

‫اآلخرين‪..‬‬

‫التدقيق مع النفس‪.‬‬ ‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 34 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬كل أعمال الخير في ھذه الحياة ُولِ َدت من رحم األلم‪...‬‬ ‫فك ل الھيئ ات والمؤسس ات والمراك ز المنش غلة بالرحم ة ھ ي موجھ ة ال ى آالم‬ ‫المرضى والفقراء والمسنين والمعوقين وغيرھم من المعوزين‪.‬‬ ‫‪ ‬ث م أن األل م‪ ...‬ف ي ھ ذه الحي اة األرض ية‪ ...‬يس تدعي دائم ا التفكي ر ف ي حي اة‬ ‫أخرى بال ألم‪ ،‬ويجعل قضية الحياة األبدية نصب العين والتأمل والرجاء‪.‬‬ ‫‪ ‬وأخيراً فإن ﷲ قد يستخدم الشخص المـ ُ َجرﱠب كعظ ة ودرس تعزي ة آلخ رين‬ ‫ال يعرفھم وال يستطيع الوصول إليھم فيكون خير سفير وخير عظة‪.‬‬ ‫‪ +‬معنيان مختلفان للتجارب ‪:‬‬ ‫‪ ‬تستخدم كلمة التجربة في الكتاب المقدس بمعنيين مختلفين‪ .‬المعنى األول ھو‬ ‫االمتحان ويسمح به ﷲ للمؤمنين الذين يثق في قدرتھم على النجاح ‪ -‬كما حدث‬ ‫مع أبينا إبراھيم يوم ذبح إسحق‪ -‬ويقول معلمنا يعقوب عن ھذا النوع من‬ ‫ح يَا إِ ْخ َوتِي ِحينَ َما تَقَ ُعونَ فِي ت َ​َجا ِر َب‬ ‫التجارب‪" :‬اِ ْح ِ‬ ‫سبُوهُ )اعتبروه( ُك ﱠل فَ َر ٍ‬ ‫ص ْب ُر‬ ‫ص ْب ًرا‪َ .‬وأَ ﱠما ال ﱠ‬ ‫ش ُئ َ‬ ‫)امتحانات( ُمتَنَ ﱢو َع ٍة‪،‬عَالِ ِمينَ أَنﱠ ا ْمتِ َحانَ إِي َمانِ ُك ْم يُ ْن ِ‬ ‫َي ٍء‪....‬‬ ‫فَ ْليَ ُكنْ لَهُ َع َم ٌل تَا ﱞم‪ ،‬لِ َك ْي تَ ُكونُوا تَا ﱢمينَ َو َكا ِملِينَ َغ ْي َر نَاقِ ِ‬ ‫صينَ فِي ش ْ‬ ‫طُوبَى لِل ﱠر ُج ِل الﱠ ِذي يَ ْحتَ ِم ُل التﱠ ْج ِربَةَ‪ ،‬ألَنﱠهُ إِ َذا تَ َز ﱠكى )نجح( يَنَا ُل »إِ ْكلِي َل ا ْل َحيَا ِة«‬ ‫الﱠ ِذي َو َع َد بِ ِه ال ﱠر ﱡب لِلﱠ ِذينَ يُ ِحبﱡونَهُ‪) . .‬يع‪ 4 -2 : 1‬و ‪(12:1‬‬ ‫‪ ‬أما المعنى الثاني فھو اإلغراء بالخطية ويقوم به إبليس الذي ال يكل وال يمل‬ ‫من إغراء المؤمنين بمختلف أنواع الخطايا‪ ،‬ويقول عنه معلمنا يعقوب‪:‬‬ ‫"الَ يَقُ ْل أَ َح ٌد إِ َذا ُج ﱢر َب )وقع في الغواية(‪» :‬إِنﱢي أُ َج ﱠر ُ‬ ‫ب ِمنْ قِبَ ِل ﷲِ«‪ ،‬ألَنﱠ ﷲَ‬ ‫ب أَ َحدًا‪) .‬ال يغري أحداً بالخطية( َول ِكنﱠ ُك ﱠل‬ ‫ب ِبال ﱡ‬ ‫ش ُرو ِر‪َ ،‬و ُھ َو الَ يُ َج ﱢر ُ‬ ‫َغ ْي ُر ُم َج ﱠر ٍ‬ ‫ش ْھ َوةُ إِ َذا َحبِلَتْ تَلِ ُد‬ ‫ش ْھ َوتِ ِه‪ .‬ثُ ﱠم ال ﱠ‬ ‫ب )يـُغ َوى( إِ َذا ا ْن َج َذ َب َوا ْن َخ َد َع ِمنْ َ‬ ‫اح ٍد يُ َج ﱠر ُ‬ ‫َو ِ‬ ‫َخ ِطيﱠةً‪َ ،‬وا ْل َخ ِطيﱠةُ إِ َذا َك َملَتْ تُ ْنتِ ُج َم ْوتًا‪) .‬يع ‪(16-13 :1‬‬

‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 35 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬التجربة من ﷲ‪ ...‬عندما نقبلھا بإيمان وتواضع وصبر ورجاء‪ ...‬تتح ول إل ى‬ ‫تزكية وإكليل وفرح أبدى‪.‬‬ ‫‪ ‬والتجربة من الشيطان‪ ...‬نقع فيھا بش ھواتنا وإرادتن ا وعن اد قلوبن ا‪ ...‬لتتس بب‬ ‫في مزيد من اآلالم كنتيجة حتمية للخطية‪ ،‬وتكون عاقبتھا موتا ً أبديا ً‪.‬‬ ‫‪ ‬إذاً فالتج ارب )االمتحان ات( الت ي يس مح بھ ا ﷲ ق د ت أتي ألس باب كثي رة‬ ‫أشھرھا التنقية والترقية‪:‬‬ ‫ للتنقية‪ :‬أحيانا ً يج د ﷲ أن أوالده بھ م خطي ة تقي دھم وق د تض يع أب ديتھم‪ ،‬فيلج أ‬‫إلى التجارب ليخلصھم منھا‪ ...‬وھكذا كانت التجارب المري رة الت ي م ر بھ ا داود‬ ‫النبي لتنقيه من الخطية التي لوثت طھارته‪ ،‬والتجارب التي م ر بھ ا أي وب لتنقي ه‬ ‫من البر الذاتي الذي يھدد أبديته‪ ،‬ھكذا يسمح ﷲ ألوالده بالتجارب ليخلصھم م ن‬ ‫قيود الخطية القاتلة للنفس‪.‬‬ ‫ للترقي ة‪ :‬ق د يس عى ﷲ أن يك افئ شخص ا ً بترقيت ه إل ى درج ة أعل ى فيبع ث ل ه‬‫تجربة‪ ،‬تشبه االمتحان الذي يجتازه الطالب لينتقل إلى ش ھادة أعل ى ‪ ....‬علم ا ً أن‬ ‫ﷲ ال يرس ل ھ ذا الن وع م ن التج ارب إال لم ن يث ق ف ي قدرت ه عل ى اجتي از‬ ‫االمتح ان‪ ،‬كم ا فع ل م ع أبين ا إب راھيم ي وم طل ب من ه ذب ح إس حاق وم ع الم رأة‬ ‫الكنعانية يوم قال لھا ال يؤخذ خبز البنين ويطرح للكالب‪.‬‬ ‫‪ ‬ويدرك طلبة الدراسات العليا أنه شرف عظ يم أن ينص حھم أس اتذتھم ب دخول‬ ‫االمتحان مما يعني ثقته فيھم ‪ ..‬أم ا ال ذي ينص حونه بع دم دخ ول االمتح ان ف يفھم‬ ‫ضمنا ً أنه ما زال بعيداً عن المستوى الالئق للترقية! كما أننا ب آالم ھ ذه التج ارب‬ ‫نحمل الصليب مع الرب‪ ،‬ونتع زى بكلم ات معلمن ا بط رس ‪" :‬إِنْ ُك ْن تُ ْم تَتَ أَلﱠ ُمونَ‬ ‫يح‬ ‫َصبِ ُرونَ ‪ ،‬فَھ َذا فَ ْ‬ ‫عَا ِملِينَ ا ْل َخ ْي َر فَت ْ‬ ‫س َ‬ ‫ض ٌل ِع ْن َد ﷲِ‪ ،‬ألَنﱠ ُك ْم لِھ َذا ُد ِعي تُ ْم‪ .‬فَ إِنﱠ ا ْل َم ِ‬ ‫ض ا تَ أَلﱠ َم ألَ ْجلِنَ ا‪ ،‬تَا ِر ًك ا لَنَ ا ِمثَ االً لِ َك ْي تَتﱠبِ ُع وا ُخطُ َواتِ ِه" )‪1‬ب ط‪.(22-21 :2‬‬ ‫أَ ْي ً‬ ‫ت َكثِي َر ٍة يَ ْنبَ ِغي أَنْ نَد ُْخ َل َملَ ُكوتَ ﷲِ" )أع‪.(22:14‬‬ ‫ضيقَا ٍ‬ ‫عالمين أننا "بِ ِ‬ ‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 36 ‬‬

‫تعزيات‬


‫ش ُئ لَنَا أَ ْكثَ َر فَأ َ ْكثَ َر ثِقَ َل َم ْج ٍد أَبَ ِديًّا‪2) ".‬ك و‪.(17:4‬‬ ‫ضيقَتِنَا ا ْل َو ْقتِيﱠةَ تُ ْن ِ‬ ‫وأن" ِخفﱠةَ ِ‬ ‫ستَ ْعلَنَ فِينَا" )رو‪.(18:8‬‬ ‫اس بِا ْل َم ْج ِد ا ْل َعتِي ِد أَنْ يُ ْ‬ ‫اض ِر الَ تُقَ ُ‬ ‫ان ا ْل َح ِ‬ ‫وأن"آالَ َم ال ﱠز َم ِ‬ ‫‪ +‬التجربة وآالمھا ‪..‬فرصة لقاء مع ﷲ ‪:‬‬ ‫س ِم ْعتُ َع ْن كَ‪َ ،‬واآلنَ‬ ‫س ْم ِع األُ ُذ ِن قَ ْد َ‬ ‫ھكذا اعترف أيوب أخيرا )بعد التجربة( ‪":‬بِ َ‬ ‫َرأَ ْت َك َع ْينِي " )أى‪(5 :42‬‬ ‫قد يشك الطفل في حب والديه‪ ..‬أثناء تأديبھما له‪ ..‬ولكن عندما يكبر يشكر والديه‬ ‫على تأديبھما له ويستخدم معظم ھذه الوسائل مع أبنائه‪.‬‬ ‫‪ ‬ونحن أيضا ً قد نحرم من رؤية ﷲ أعواما ً عديدة ثم نراه واضحا ً في أثناء‬ ‫يق أُ ْنقِ ْذ َك فَتُ َم ﱢج َدنِي" )مز‪(15 :50‬‬ ‫التجارب واآلالم‪َ " ..‬وا ْد ُعنِي فِي يَ ْو ِم ال ﱢ‬ ‫ض ِ‬ ‫فيصير وقت الضيق ھو سبب مجد‬

‫وألوالده‪.‬‬

‫‪ ‬واألل م فرص ة للتمت ع بق وة ﷲ ف ي الض عف‪ ...‬فح ين اش تكى ب ولس الرس ول‬ ‫وتض رع ث الث م رات أن يفارق ه األل م‪ ...‬ج اءه ال رد الس ماوي الحك يم‪" :‬تَ ْكفِي َك‬ ‫ض َعفَاتِي‪،‬‬ ‫س ُرو ٍر أَ ْفت َِخ ُر بِا ْل َح ِر ﱢ‬ ‫نِ ْع َمتِي‪ ،‬ألَنﱠ قُ ﱠوتِي فِي ال ﱠ‬ ‫ف تُ ْك َم ُل«‪ .‬فَبِ ُك ﱢل ُ‬ ‫ي فِي َ‬ ‫ض ْع ِ‬ ‫س ﱡر‬ ‫يح‪ ".‬ف أعلن ابتھاج ه وش كره ق ائالً "لِ ذلِ َك أُ َ‬ ‫لِ َك ْي ت َِح ﱠل َعلَ ﱠي قُ ﱠوةُ ا ْل َم ِ‬ ‫س ِ‬ ‫يح‪ .‬ألَنﱢ ي‬ ‫ت َوال ﱠ‬ ‫ت َو ْ‬ ‫ت َوال ﱢ‬ ‫شتَائِ ِم َوال ﱠ‬ ‫بِال ﱠ‬ ‫ت ألَ ْج ِل ا ْل َم ِ‬ ‫ضيقَا ِ‬ ‫االض ِط َھادَا ِ‬ ‫ض ُرو َرا ِ‬ ‫ض َعفَا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ي‪ 2) ".‬كو ‪(10-9 :12‬‬ ‫ض ِعيفٌ فَ ِحينَئِ ٍذ أَنَا قَ ِو ﱞ‬ ‫ِحينَ َما أَنَا َ‬ ‫‪ ‬ورغم كل ما شرحناه يظل السؤال يطرح نفسه بإلحاح‪ :‬إذا كان يحبنا حقا ً‬ ‫فلماذا يسمح لنا باجتياز اآلالم؟!‬ ‫إن ﷲ قد يسمح لنا بالحزن ولكنه ال يتركنا حزانى‪ ...‬بل يمد يده ويغمرنا‬ ‫بمراحمه وتعزياته التي قد تجعل اإلنسان يقبل األلم حتى يحصل على التعزيات‬ ‫الحلوة! ولنسمع ھذه القصة على لسان طفل ال يعرف الكذب حتى ندرك المعنى‪:‬‬ ‫"انزعج أبواي بشدة عندما أخبرھما الطبيب أنني أعاني من حمى روماتيزمية‪،‬‬ ‫وقال لھما كالما ً كثيراً لم يھمني منه سوى الحكم القاسي الذي أصدره بأنني‬ ‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 37 ‬‬

‫تعزيات‬


‫يجب أن آخذ حقنة بنسلين كل شھر لعدة سنوات ‪ ....‬وآآآه منھا تلك الحقنة‪...‬‬ ‫ألمھا ال يطاق! ‪ ...‬وكان أبي دائم االنشغال كثير السفر‪ ،‬ولكنه ھو الذي يقوم‬ ‫بھذه المھمة البغيضة أول كل شھر‪ ،‬فيأخذ أجازة في ذلك اليوم المھيب ويمضيه‬ ‫كله معي ونذھب بعد الحقنة لمحل لعب األطفال ألشتري ما يروقني وأمضي‬ ‫كل اليوم ألعب مع أبي الذي أفتقده باقي أيام الشھر ‪ ....‬لست أدري ‪ ...‬ھل أحب‬ ‫تلك الحقنة أم أكرھھا ‪ ...‬أعتقد أنني بدأت أحبھا!!"‬ ‫عزيزي القارئ أكاد أسمعك تقول ‪":‬آسف ‪ ....‬لم أقتنع!"‬ ‫معك حق فأنا ال أسعى إلقناعك بل لفتح باب اإليمان‪ .‬وصدقني أن ه ح ين يض طر‬ ‫ج راح م اھر أن يتعام ل م ع ورم خبي ث فإن ه ال يس تطيع أن يش رح ك ل تفاص يل‬ ‫الجراحة للمريض‪ ،‬ولكنه يأخذ منه إقراراً بالتدخل وعمل الالزم أثناء العملية‪.‬‬ ‫فإذا كنا ال نفھم منھج عالج أجسادنا على األرض‪ ،‬فكيف نفھم عالج أرواحنا؟‬ ‫‪ ‬إن عدم الفھم الكام ل لس ر األل م ال يعن ي أن ه أم ر عش وائي‪ ،‬أو أن ﷲ يتخ بط‬ ‫فيما يصنعه بال معنى‪ ،‬ولكنه ببساطة يعني عدم قدرتنا على فھ م مش يئة ﷲ ال ذي‬ ‫ض‪ ،‬ھ َك َذا َعلَ تْ طُ ُرقِ ي َع نْ‬ ‫ت ال ﱠ‬ ‫قال عن نفس ه "ألنﱠ هُ َك َم ا َعلَ ِ‬ ‫س َما َواتُ َع ِن األَ ْر ِ‬ ‫طُ ُرقِ ُك ْم َوأَ ْف َكا ِري عَنْ أَ ْف َكا ِر ُك ْم‪) ".‬إش ‪.(9 :55‬‬ ‫‪ ‬وإذا كان ﷲ لم يعطن ا إجاب ة ش افية وافي ة تش رح س ر األل م‪ ...‬إال أن ه بص ليبه‬ ‫يعطي ما ھو أھم من اإلجابة‪ ،‬يعطي العزاء والمشاركة والمعونة‪.‬‬ ‫فصليب المسيح حسب إيماننا ھو اختيار من ﷲ أن يتألم مع اإلنسان وعنه‪.‬‬ ‫وھو أصعب أنواع األلم الذي قبله ﷲ لكي يريه فرح قيامته‪ ،‬ويرفع ه م ن حزن ه‬ ‫وألمه إلى الثقة في القيامة والنصرة والحياة األخرى‪.‬‬ ‫‪ ‬ومن جھة أخرى‪ ،‬فإن إنكار وج ود ﷲ‪ ...‬يجع ل قض ية األل م مخيف ة ب األكثر‪،‬‬ ‫حيث ال رجاء وال عزاء بل يأس مطلق قد يقود اإلنسان إلى االنتحار‪.‬‬

‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 38 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬وھنا قد ينشأ سؤال آخر‪ ..‬ماذا لو تسبب األلم في إلحاد اإلنسان والبع د ع ن‬ ‫ﷲ كنوع من االعتراض والحيرة أو اليأس أو التجديف ؟!‬ ‫يحدث ھذا أحيانا ً‪ .‬فالتجارب القاسية تجعل اإلنس ان يت ذمر متم رداً رافض ا ً األم ر‬ ‫الواق ع وي تھم ﷲ بالقس وة‪ .‬ولكن ه بع د قلي ل يتراج ع باحث ا ً ع ن الس ند والع زاء‬ ‫واإليمان في حضن ﷲ مما يھبه القدرة على الصبر واإلحتمال‪.‬‬ ‫‪ ‬ولك ن حت ى ل و اس تمر ال رفض فھ ذا ال يعن ى بالض رورة أن األل م أض ر‬ ‫باإلنس ان ب ل م ا أض ره ھ و اختي اره لموقف ه‪ ،‬فال ذين يح اولون أن يحمل وا آالمھ م‬ ‫بدون ﷲ يسقطون تحت ثقلھا‪ ،‬أم ا ال ذين ي أتون بأحم الھم الثقيل ة ال ى ﷲ‪ ...‬ف إنھم‬ ‫ال‪َ ،‬وأَنَ ا‬ ‫يجدون راحة لنفوسھم"تَ َع الَ ْوا ال ذي يَ ا َج ِمي َع ا ْل ُم ْت َعبِ ينَ َوالثﱠقِيلِ ي األَ ْح َم ِ‬ ‫يح ُك ْم‪".‬‬ ‫أُ ِر ُ‬ ‫)مت ‪(29-28 :11‬‬

‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 39 ‬‬

‫تعزيات‬


‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 40 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫قالوا عن الضيقات‬ ‫فال‬

‫‪ +‬إن الضيقة سميت ضيقة ألن القلب ضاق عن أن يتسع لھا‪ .‬أما القلب الواسع‬ ‫يتضيق بشيء‪.‬حقا ً إن القلب الكبير يفرح بكل شيء‪ ،‬ويشكر اللـه‬ ‫على كل شيء وال يتضايق أبــداً مــن شــيء‪،‬مھمــا كــانت األمــور‪.‬‬ ‫)البابا شنودة الثالث(‬ ‫‪ +‬إذا أتت عليك تجربة فال تبحث عن سببھا‪...‬بل احتملھا بدون حزن‪.‬‬ ‫)القديس مرقس(‬ ‫‪ +‬اإلنسان الروحي ال يتعب من الضيقات‪ .‬وإنما يأخذ ما فيھا من فائدة روحية‪.‬‬ ‫ويفرح باألكاليل التي ينالھا باحتمال التجارب‪ .‬ال تھزه التجربة‪.‬‬ ‫إنما في التجربة يختبر حياة االنتصار الروحي عليھا‪،‬ويختبر كيف أن اللـه يقوده‬ ‫في موكب نصرته‪) .‬البابا شنودة الثالث(‬ ‫‪ +‬بمقدار الحزن والضيقة تكون التعزية‪ ،‬ألن ﷲ ال يعطي موھبة كبيرة‬ ‫إال بتجربة كبيرة‪) .‬القديس مارإسحق السرياني(‪.‬‬ ‫‪ +‬إذا شاء ﷲ أن يريح أبناءه الحقيقيين ال يرفع عنھم التجارب‪ ...‬بل يعطيھم‬ ‫قوة ليصبروا عليھا‪) .‬القديس مارإسحق السرياني(‪.‬‬ ‫‪ +‬الترجمة الروحية لكلمة ضيقات تعني بركات وأكاليل‪...‬‬ ‫وھذه ھي اللغة الروحية والذي يترجمھا غير ذلك يتعب‪.‬‬ ‫)قداسة البابا شنودة الثالث(‬

‫لماذا األلم؟‬ ‫السماء‬

‫‪ 41 ‬‬

‫تعزيات‬




‫" معزون متعبون "‬ ‫‪ ‬بعد أن داھمت التج ارب أي وب زاره أص حابه فھ الھم م ا أص ابه م ن ك وارث‬ ‫وأم راض فظل وا ص امتين أس بوعا ً ك امالً ‪ ....‬وك ان ص متھم ھ و أفض ل تعزي ة‬ ‫استطاعوا أن يقدموھا له‪ ،‬ألنھم عندما تكلموا تب اروا ف ي ش رح أس باب التج ارب‬ ‫الت ي أص ابته‪ ،‬فأك د أليف از التيم اني أن "أي وب يت ألم نتيج ة خطاي اه"‬ ‫وبلدد الشوحي يقول "ليس فقط ألنه اخط أ ب ل ب األحرى ألن ه ي رفض االعت راف‬ ‫بخطاي اه" ويزاي د عل يھم ص وفر النعم اتي في دعي أن "خطي ة أي وب تس تحق‬ ‫المزيد من اآلالم !" فتسبب كالمھم في زيادة آالمه وانفجر فيھم قائال‪:‬‬ ‫غ؟‬ ‫»قَ ْد َ‬ ‫س ِم ْعتُ َكثِي ًرا ِم ْث َل ھ َذا‪ُ .‬م َع ﱡزونَ ُم ْت ِعبُونَ ُكلﱡ ُك ْم! َھ ْل ِمنْ نِ َھايَ ٍة لِ َكالَ ٍم فَا ِر ٍ‬ ‫أَ ْو َما َذا يُ َھيﱢ ُج َك َحتﱠى ت َُجا ِو َب؟ )لماذا تجاوبني بھذا الھياج(‬ ‫س ُر َد‬ ‫س ي‪َ ،‬وأَنْ أَ ْ‬ ‫ض ا أَ ْ‬ ‫س ت َِطي ُع أَنْ أَتَ َكلﱠ َم ِم ْثلَ ُك ْم‪ ،‬لَ ْو َكانَ تْ أَ ْنفُ ُ‬ ‫أَنَ ا أَ ْي ً‬ ‫س ُك ْم َم َك انَ نَ ْف ِ‬ ‫ش ﱢد ُد ُك ْم بِفَ ِم ي‪،‬‬ ‫س ي إِلَ ْي ُك ْم‪) .‬كناي ة ع ن الل وم( بَ ْل ُك ْن تُ أُ َ‬ ‫َعلَ ْي ُك ْم أَ ْق َواالً َوأُ ْن ِغ َ‬ ‫ض َر ْأ ِ‬ ‫س ُك ُك ْم‪) .‬أعزيكم( )أيوب ‪(5-1 :16‬‬ ‫)أشجعكم( َوتَ ْع ِزيَةُ َ‬ ‫شفَتَ ﱠي تُ ْم ِ‬ ‫‪ ‬وعندما ينفجر أبو الص ابرين ف ي أص حابه بھ ذه الكلم ات الت ي تقط ر م رارة‬ ‫فإننا ال ب د أن نتري ث كثي راً ل ئال نك ون م ثلھم وينطب ق علين ا ھ ذا الق ول الص ادق‬ ‫"مع زون متعب ون" ‪ ....‬وك ل م ن م ر بتجرب ة أليم ة ي ذكر جي داً كي ف تمن ى‬ ‫لو أن بعض المعزين لم يأتوا لزيارته أصالً ً◌‪.‬‬ ‫‪ ‬ومن أول الدروس المفيدة التي يتعلمھا طالب الط ب ھ و ‪" :‬إن ل م تس تطع أن‬ ‫تفيد المريض ‪ ...‬فعلى األقل ال تضره!" ولذا فقبل أن ن ذھب لنش د أزر الم ريض‬ ‫والسجين واألرملة والثكلى التي فقدت ابنھا يجب أن نتعلم كيف نعزيھم‪.‬‬ ‫‪ ‬في البدء ن ود أن نؤك د أن الموض وع يحت اج للكثي ر م ن الحكم ة اإللھي ة الت ي‬ ‫نطلب من القدير أن يھبنا إياھا لئال نجلب على الحزين مزيداً من األتعاب‪.‬‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 43 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬وم ن ي ذھب للع زاء يج ب أن يك ون فطن ا ً حساس ا ً ‪ ...‬ف الحزين ق د تجرح ه‬ ‫الكلمات المحفوظة المك ررة‪ ،‬وتجرح ه كلم ات التعزي ة المثالي ة الت ي ت أبى علي ه‬ ‫الح زن واألل م كأن ه ل يس بش راً‪ .‬وتجرح ه بع ض كلم ات ال وعظ التقليدي ة خاص ة‬ ‫إذا انطوت على نغمة تبكيت‪ ،‬أو صدرت من شخص لم يختبر مثل آالم ه فيش عر‬ ‫أن الم تكلم يتح دث م ن برج ه الع اجي وي ده ف ي الم اء الب ارد وال يستش عر بالن ار‬ ‫التي تكوي قلبه المكلوم‪.‬‬ ‫‪ ‬لذا فإن الـصمت الجليل كثيراً ما يكون أفضل من الكلمات الجوفاء ‪ ...‬ونظرة‬ ‫حب ومص افحة حميم ة تق ول ف ي بالغ ة م ا ق د يعج ز أفض ل لس ان أن يص وغه‪.‬‬ ‫ت َو ْقتٌ َولِلتﱠ َكلﱡ ِم َو ْقتٌ ‪) ".‬جا‪(7:3‬‬ ‫لذا قال الحكيم "لِل ﱡ‬ ‫س ُكو ِ‬ ‫‪ ‬أخيراً ‪ -‬كم ا نص ح أي وب أص دقاءه ‪ -‬أرج و أن تض ع نفس ك دائم ا ً مك ان م ن‬ ‫تعزيه وتفكر في كل ظروفه ‪ ...‬ھل ھذا ھو الزم ان والمك ان المناس بين للزي ارة؟‬ ‫ھل ھو منھك لكثرة الزوار؟ ‪ ...‬ھل يحتاج للراحة أكث ر مم ا يحت اج لكلم اتي؟ ‪...‬‬ ‫ھل أذھ ب ل ه إلثب ات حض وري وأداء الواج ب؟ أم ألن ل د ﱠ‬ ‫ي م ن الح ب الص ادق‬ ‫والكلمات المعزي ة م ا يج ب أن أوص له‪ ....‬ھ ل م ررت بمث ل تجربت ه حت ى أفي ده‬ ‫بخبراتي؟ ‪ .....‬أم أعفاني ﷲ منھا حتى اآلن فألتزم بالصمت الجليل‪.‬‬ ‫‪ ‬وفي جمي ع األح وال واظ ب عل ى الص الة م ن أج ل م ن تعزي ه ووج ه عيني ه‬ ‫وقلبه نحو المصلوب لكي يطلب العزاء من ه‪ .‬واطل ب ش فاعة أمن ا الع ذراء الت ي‬ ‫جاز في نفس ھا س يف وھ ي ت رى وحي دھا معلق ا ً عل ى الص ليب‪ ،‬ل ذا فھ ي تع رف‬ ‫جيداً مرارة التجربة وتقدر أن تعزي كل نفس مكلومة‪.‬‬ ‫"حاول أن تتشبه بالقيرواني ‪ ...‬فتساعد اآلخرين في حمل أثقالھم ولو بكلمة‬ ‫طيبة أو كأس ماء بارد‪ .‬وإن لم تستطع ‪ ....‬فعلى األقل ال تضاعف من أتعابھم‬ ‫وآالمھم‪".‬‬ ‫)قداسة البابا شنودة الثالث(‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 44 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" بكى يسـوع "‬

‫)يو‪(15 :11‬‬

‫‪ ‬كانت الحياة تمضي ھادئة ف ي بي ت عني ا ف ي ذل ك البي ت الودي ع ال ذي يتحل ى‬ ‫س كانه بفض ائل ش تى تجع ل ال رب يس وع بنفس ه تطي ب ل ه اإلقام ة في ه‪...‬‬ ‫ولك ن الح ال ل م ي دم ھك ذا ط ويالً‪ ،‬فھ ا ھ و الح زن ق د خ يم بظالل ه الكئيب ة عل يھم‬ ‫بسبب مرض لع ازر‪ .‬ول م يك ن أم ام األخت ين س وى اللج وء للس يد ال ذي تع ود أن‬ ‫يغمرھم بمحبته وحنانه فأرسلتا تستنجدان ب ه‪ ،‬ولع ل إح داھما ق د س ألت األخ رى‬ ‫"ھل يستجيب السيد لعاطفت ه فيھ رع لش فاء لع ازر أم يس تجيب للمنط ق فيتحاش ى‬ ‫الحضور إلى تلك المنطقة حيث يتربص به أھلھا ليرجموه؟"‬ ‫‪ ‬ولك ن ال رب ل م يك ن يتص رف طبق ا ً للعاطف ة وال المنط ق‪ ،‬ب ل طبق ا ً للحكم ة‬ ‫اإللھي ة الت ي تقض ي ب أن لك ل ش يء زمان ا ً ولك ل أم ر تح ت الس ماء وقت ا ً‪ .‬فت أنى‬ ‫طويالً بينما شبح الموت يق رع بش دة وعي ون األخت ين ح ائرة ب ين النواف ذ تترق ب‬ ‫وصول المخلص وبين أخيھم المسجـﱠى على سرير المرض‪.‬‬ ‫‪ ‬وبع د قلي ل اق تحم الم وت حي اتھم وتحول ت التض رعات والرج اء إل ى آھ ات‬ ‫وبكاء ‪ ...‬وسقطت األختان ف ي ف خ الح زن‪ .‬وأس فر األل م ع ن وجھ ه القب يح ال ذي‬ ‫ال ن راه عل ى حقيقت ه إال عن دما ي داھمنا شخص يا ً فن رى تفاص يله البغيض ة الت ي‬ ‫ال ندركھا عندما يداھم اآلخرين‪.‬‬ ‫‪ ‬وشعرت األختان أن ذلك الحجر الضخم الذي يسد باب القب ر إنم ا يج ثم عل ى‬ ‫صدريھما فال تزيحه التنھدات وال تذيب ه العب رات‪ ،‬ول م تفل ح ك ل كلم ات التعزي ة‬ ‫في التخفيف عنھما‪ .‬حتى تلك الكلمات التي سبق أن قالتھ ا األخت ان لآلخ رين ف ي‬ ‫مواقف مماثلة لم يكن لھا معنى أو طعم عندما ذكـﱠرھم اآلخرون بھا ‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 45 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬وأخيراً وبعد فوات األوان )كما اعتقد الجميع( حض ر ال رب ‪ ...‬ويظھ ر جلي ا ً‬ ‫من حديث األختين " لو كنت ھا ھنا لم يمت أخي" أنھما فقدتا كل رجاء‪.‬‬ ‫ولكن ال رب يأخ ذھما وس ط حش د ض خم إل ى القب ر حي ث امتزج ت دم وع األھ ل‬ ‫واألصدقاء مع دموع المخلص‪ ،‬ھؤالء يبكون على فراق الموت وھو يبكي عل ى‬ ‫الخطية التي أدخلت الموت إلى العالم‪.‬‬ ‫وبعد دقائق حدث ما لم يتوقع ه أش د الم ؤمنين تف اؤالً‪ ،‬فق د خ رج المي ت م ن قب ره‬ ‫لتتحول األتراح إلى أفراح والنواح إلى تھليل وصياح‪.‬‬ ‫‪ ‬وعبر ك ل تل ك الق رون يظ ل تك رار تل ك المعج زة أم الً ش احبا ً ي راود ‪ -‬عل ى‬ ‫استحياء‪ -‬كل من فقد عزيزاً لديه فيتساءل لماذا ال تتكرر المعجزة معي؟‬ ‫بالطبع يحق لنا طلب المعجزة من القدير والصالة بلجاجة من أجل حدوثھا‪.‬‬ ‫ورغم كثرة المعجزات فإنھا تظل ھي االستثناء وليست القاعدة‪.‬‬ ‫واإلنسان الذي يربط إيمانه بحدوث المعجزة‪ ....‬كثيراً ما يُحبَط !‬ ‫وقد يصل به األمر إلى التذمر بل والخصومة مع ﷲ أو حتى إنكاره !‬ ‫‪ ‬لذا فإننا يجب أن نثق أن من قدم ابنه الوحيد على عود الصليب ليس في‬ ‫حاجة إلى إثبات محبته بالمزيد من المعجزات‪ .‬ولنتسلح بكلمات بولس‬ ‫شنَا َوإِنْ ُم ْتنَا‬ ‫يش‪َ ،‬وإِنْ ُم ْتنَا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ُموتُ ‪ .‬فَإِنْ ِع ْ‬ ‫الرسول‪":‬إِنْ ِع ْ‬ ‫شنَا فَلِل ﱠر ﱢب نَ ِع ُ‬ ‫فَلِل ﱠر ﱢب نَ ْحنُ ‪) ".‬رو‪ (8 :14‬وقياسا ً على ذلك نقول أيضا ً إن كنا مرضى أم‬ ‫أصحاء‪ ...‬مظلومين أم مـُنصـَفين‪ ...‬مـُضطـَھدين أم مكرمين‪ ...‬فنحن دوما ً‬ ‫لك يا رب‪.‬‬ ‫‪ ‬وإذا ك ان ﷲ ق د ن ﱠج ى الفتي ة الثالث ة م ن أت ون الن ار لحكم ة يعلمھ ا‪ ،‬إال أنن ا‬ ‫يجب أن نذكر أن كثيرين قد أسلموا أرواحھم الطاھرة وسط النيران مث ل الق ديس‬ ‫بوليكاربوس أسقف سميرنا الذي كان شيخا ً ھ َِرما ً ً◌ ولم يتدخل ﷲ لينقذه بمعج زة‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 46 ‬‬

‫تعزيات‬


‫ھذا الشھيد الذي لم يجزع من النار بل شھد للرب قائالً‪" :‬إن ل ي ‪ 86‬عام ا ً أخ دم‬ ‫المسيح ولم يصنع بي سوءاً فكيف أخونه اآلن ؟!"‬ ‫‪ ‬ومھما كان سبب التجربة وصعوبتھا فقد تكون ھي أعظم فرصة نتالقى فيھ ا‬ ‫م ع ﷲ فعل ى ق در ط ول عش رة الفتي ة الثالث ة م ع ﷲ‪ ،‬إال أنھ م ل م يتالمس وا مع ه‬ ‫وي روه وجھ ا ً لوج ه إال ھن اك ف ي األت ون! ‪ ...‬واآلن لنفت رض أنن ا نس أل ھ ؤالء‬ ‫الرج ال وأمث الھم‪" :‬ھ ل ت ودون ل و ل م تم روا بھ ذه التجرب ة أص الً؟" فيجيب ون‪:‬‬ ‫"كيف تريد أن تحرمنا عمرنا من أعظم لحظات العمر؟ فما العمر إال لحظ ة! ‪...‬‬ ‫وھي تلك التي قابلنا فيھا ابن ﷲ في وسط األتون‪".‬‬ ‫‪ ‬ھكذا إن كنت في وسط أتون التج ارب فث ق ف ي إلھ ك القائ ل‪» :‬الَ ت َ​َخ فْ ألَنﱢ ي‬ ‫اجتَ ْزتَ فِ ي ا ْل ِميَ ا ِه فَأَنَ ا َم َع كَ‪َ ،‬وفِ ي األَ ْن َھ ا ِر‬ ‫س ِمكَ‪ .‬أنت لِ ي‪ .‬إِ َذا ْ‬ ‫فَ َد ْيتُكَ‪َ .‬دع َْوتُ َك بِا ْ‬ ‫ب الَ يُ ْح ِرقُ كَ‪ .‬ألَنﱢ ي أَنَ ا ال ﱠر ﱡب‬ ‫فَ الَ تَ ْغ ُم ُركَ‪ .‬إِ َذا َم َ‬ ‫ش يْتَ فِ ي النﱠ ا ِر فَ الَ تُ ْل َذعُ‪َ ،‬واللﱠ ِھي ُ‬ ‫ص َك«‪) .‬أش‪(3-1 :43‬‬ ‫ﱡوس إِ ْ‬ ‫س َرائِي َل‪ُ ،‬م َخلﱢ ُ‬ ‫إِل ُھ َك قُد ُ‬ ‫‪ ‬ونعود للعازر بعد قيامته المعجزية‪ ،‬فنجده قد عاش أعواما ً أخرى ع انى فيھ ا‬ ‫الكثير من اضطھاد اليھود له ومحاولة قتله للتخلص من آثار المعجزة التي تثب ت‬ ‫الھوت السيد‪ .‬وأخيرا رقد ثانية ليذھب إلى ذلك المكان المعﱠد له قبل إنشاء الع الم‬ ‫ليجد راحته الحقيقة ھناك‪ ،‬تلك الراحة التي تأجلت سنين طويلة عقب المعجزة‪.‬‬ ‫ولعلنا لو خيﱠرناه ماذا ك ان يفض ل؟ ألج اب‪ :‬ل ي اش تھاء أن أنطل ق‪ ....،‬ولك ن أن‬ ‫أعود إلى الجسد ألزم من أجل تعزية أخوتي وإلثب ات الھ وت رب المج د وإتم ام‬ ‫الخدمة التي اؤتمنت عليھا‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 47 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" وأعوض لكم‪"...‬‬

‫)يوئيل ‪(25 :2‬‬

‫‪ ‬ماذا فقدت يا عزيزي؟ھل فقدت إنسانا ً عزيزاً؟ أم ماالً تعبت في كسبه‬ ‫كثيراً‪ .‬أو مركزاً جاھدت حتى بلغته‪ .‬أم زرعا ً بالدموع بذرته‪ .‬أو بيتا ً بالجھد‬ ‫بنيته‪.‬‬

‫سلبَت منك رغم أمانتك‪ .‬ماذا‬ ‫أو صحة ولـ ﱠت وتأبى أن تعود‪ .‬أو حرية ُ‬

‫فقدت؟‬ ‫‪ ‬مھما يكن يا عزيزي فأرجوك أن تتذكر في الحال ھذه األمور ‪- :‬‬ ‫سنِينَ التي‬ ‫َن ال ﱢ‬ ‫‪ ‬إن لك في السماء إلھا ً معينا ً وقد وعد قائالً‪َ " :‬وأُع ﱢَو ُ‬ ‫ض لَ ُك ْم ع ِ‬ ‫س َم ال ﱠر ﱢب إِل ِھ ُك ُم الﱠ ِذي‬ ‫أَ َكلَ َھا ا ْل َج َرادُ‪ .......،‬فَتَأْ ُكلُونَ أَ ْكالً َوتَ ْ‬ ‫سبﱢ ُحونَ ا ْ‬ ‫شبَ ُعونَ َوتُ َ‬ ‫ش ْعبِي إِلَى األَبَ ِد")يوئيل‪(26-25 :2‬‬ ‫صنَ َع َم َع ُك ْم ع َ​َجبًا َوالَ يَ ْخ َزى َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬إنه صادق في وعده ولن يعوضك أي عوض‪ ،‬بل عوض الشبع بأسلوب‬ ‫غير مألوف أسلوب معجزي عجيب‪ .....‬وھل كان يوسف يظن أو يفتكر أو‬ ‫يتمنى أن يعوضه ﷲ عن سنين السجن التي أكلھا الجراد بعرش مصر؟؟‬ ‫‪ ‬نعم يا أخي ھذا اإلله العظيم معك‪ .‬فانتظر وعده بالتسبيح والصالة ألن‬ ‫تنس أن ھذا اإلله ھو‬ ‫س ِم ال ﱠر ﱢب يَ ْن ُجو" )يوئيل‪ (23:2‬وال‬ ‫" ُك ﱠل َمنْ يَ ْدعُو بِا ْ‬ ‫َ‬ ‫س ُمكَ‪) ".‬إش ‪(16 : 63‬‬ ‫أبوك "أَ ْنتَ يَا َر ﱡب أَبُونَا‪َ ،‬ولِيﱡنَا ُم ْن ُذ األَبَ ِد ا ْ‬ ‫‪ ‬فال تضيع الوقت في العويل والبكاء والعطف على الذات‪ ...‬فعندما يُج َرح‬ ‫أصبعك فإنك ال تترك الدم ينزف‪ ،‬بل تسرع لتضميد الجرح‪ .‬وھكذا مھما كان ما‬ ‫فقدته فال تستسلم بل كن إيجابيا ً كي تشفى سريعا ً‪ .‬وإذا أعيتك الحيل فاعمل مثل‬ ‫حنة والدة صموئيل التي سكبت مرارة نفسھا أمام ﷲ في الصالة‪ .‬فھذا المنفذ ال‬ ‫يـُغلق أبداً مھما انسدت أمامنا سائر األبواب‪.‬‬ ‫‪ ‬أتذكر يوما ً كنت فيه مكتئبا ً بسبب البطالة واإلفالس‪ ،‬فقادني ﷲ لزيارة شاب‬ ‫في مقتبل العمر يعاني فشالً كلويا ً منذ طفولته ويضطر إلى عمل غسيل كلوي‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 48 ‬‬

‫تعزيات‬


‫ثالث مرات أسبوعيا يتكلف أكثر من المرتب الذي أحلم به إن حصلت على‬ ‫عمل!! فقلت‪" :‬أشكرك يا رب على إفالسي النك جعلت في داخلي كليتين‬ ‫سليمتين لتذكرني أن بين أحشائي ثروة ال تقدر بمال أو ذھب!"‬ ‫‪ ‬ھذا عدا باقي أجھزة جسمي‪ ...‬فالكمبيوتر الذي في رأسي ال يقل بالحساب‬ ‫البشري عن ماليين‪ .‬والكاميرات التي في عيني كم تساوي؟ وأجھزة الكھرباء‬ ‫والتقنية التي أحملھا من يد ﷲ الغني جعلتني أخرج من زيارة ھذا األخ وأنا‬ ‫أقول لنفسي في إفالسي‪ :‬إن لد ﱠ‬ ‫ي ثروات تجعلني أغنى إنسان على األرض!!!‬ ‫‪ ‬واذا لم تفلح معك ھذه األمور‪ ،‬فتذكر أخيراً أنك ستخرج عريانا ً من ھذه‬ ‫الدنيا كما خرج كل إنسان دخلھا‪ ...‬وحتي الذي لم تفقده لآلن ستفقده فيما بعد‪.‬‬ ‫فأنت مثل ثعلب صغير وجد ثقبا ً صغيراً في جدار الكرم فدخل منه بالكاد‪...‬‬ ‫وفي الكرم وجد مشتھاه فأكل وأكل حتى شبع وسمن‪...‬ولما أراد الخروج وجد‬ ‫أن جسمه ال يستطيع المرور من ذلك الثقب الصغير فاضطر أن يصوم حتى‬ ‫رجع جسمه لنفس الحجم الذي دخل به‪ ..‬وحينئذ فقط استطاع الخروج!‬ ‫‪ ‬ھل تراني عاقالً إذا قلت لك مبروك ما فـ ُقـِد منك!‬ ‫فھذا يساعدك أن ترجع إلى عريسك وتخرج مباركا ً من ھذه الدنيا ليستقبلك ﷲ‬ ‫في أمجاده السمائية بكل مشتھاھا‪ ...‬أقولھا بكل إصرار‪ :‬مبروك ما فقد منك‪....‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 49 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" لئــال تكلـوا "‬ ‫" َف َت َف َّكرُوا فِي الَّذِي احْ َت َم َل م َِن ْال ُخ َطا ِة ُم َق َاو َم ًة لِ َن ْفسِ ِه م ِْث َل ھ ِذ ِه لِ َئالَّ َت ِكلُّوا َو َت ُخورُوا‬ ‫فِي ُنفُوسِ ُك ْم‪) ".‬عب ‪(3 :12‬‬ ‫◄ يا لھا من راح ة عظم ى وتعزي ة قوي ة لك ل المت ألمين والمج ربين وي ا ل ه م ن‬ ‫اف لك ل قل ب كس ير أن يتأم ل حي اة ال رب يس وع كإنس ان ُج ﱢرب عل ى‬ ‫بلس م ش ٍ‬ ‫األرض‪ ...‬إن ه بح ق رج ل أوج اع ومختب ر الح زن‪ .‬احتم ل ك ل ذل ك ف ي طبيع ة‬ ‫إنسانية رقيقة وبمشاعر مرھفة الحس لم تتبلد بفعل الخطيئة نظيرنا‪.‬‬ ‫◄ وعندما يستحضر المتألم ھذا الشخص العجي ب باإليم ان ويتأم ل كي ف ع اش‬ ‫وكم قاسى من آالم عندئذ تھون علي ه المص اعب والتج ارب ويس تطيع أن يص بر‬ ‫على كل شيء ويحتمل كل شيء‪ ...‬ويشكرعلى كل شيء‪...‬‬ ‫◄ آه أيھا األحباء‪ ،‬كم مرة وجدنا أنفسنا "في أرض قفر وف ي خ الء مس توحش‬ ‫خ رب )ت ث‪...(10 :32‬ف ي القف ر العظ يم المخ وف مك ان الحي ات والعق ارب‬ ‫والعطش حيث ال م اء )ت ث‪ ...(15 :8‬ف ي وادى البك اء)مز‪ ...(6 :84‬ف ي أرض‬ ‫الغرب ة والمذل ة‪ ...‬وف ي ي وم الغ يم والض باب )ح ز‪."(12 :34‬‬ ‫ف ي ھ ذه األم اكن النائي ة وتح ت ھ ذه الظ روف القاس ية يت وفر المن اخ المالئ م‬ ‫للتدريب والمعامالت اإللھية‪.‬‬ ‫ي َو ُھنَ ا َك‬ ‫ت ا ْلفَ ﱠخ ا ِر ﱢ‬ ‫◄ ولعلنا نذكر ما قاله الرب إلرميا ق ديما »قُ ِم ا ْن ِز ْل إِلَ ى بَ ْي ِ‬ ‫س ِم ُع َك َكالَ ِمي«‪) .‬إر ‪ (2 :18‬فھناك أشياء ال نستطيع أن نتعلمھا إال في ظ روف‬ ‫أُ ْ‬ ‫معينة حيث يكون ﷲ ھو المعلم األعظم لنا‪ .‬ھناك ينفرد ﷲ بالنفس "ال َر ُ‬ ‫ب َو ْح َدهُ‬ ‫أجنَب ى" )ت ث ‪(12 :32‬‬ ‫س َم ْع هُ إلَ هٌ ْ‬ ‫اقتَ ا َده َولَ ْي َ‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 50 ‬‬

‫وھن اك‬ ‫تعزيات‬


‫يُ َج ﱠرد الم ؤمن م ن قوت ه الذاتي ة‪ .‬وتـُصق ـ َل شخص يته الروحي ة ويتش كل الوع اء‬ ‫تحت أصابع الفخاري األعظم‪.‬‬ ‫◄فى مدرسة ﷲ نعرف حقيقة ذواتنا ون تعلم المزي د ع ن ﷲ ونق ول م ع موس ى‬ ‫س ِم ْثل ﷲ" )تث‪(26 :23‬‬ ‫الذي قال في ختام رحلة البرية "لَ ْي َ‬ ‫◄إن الرب ال يكسر إال لكى يبارك ؟!!‬ ‫ھذا ما فعله مع الخمس خبزات ليشبع بھ ا اآلالف الكثي رة ‪ ....‬وھ و درس يتك رر‬ ‫عبر األجيال مع أسمى نوعيات المؤمنين‪......‬‬ ‫لقد امتأل البيت م ن رائح ة الطي ب عن دما ُك ِس َرت الق ارورة‪ ،‬ف إذا رأي ت شخص ا ً‬ ‫سرت في حياته‪...‬‬ ‫تفوح منه رائحة عطرة فاعلم يقينا ً أن قارورة ثمينة قد كـ ُ ِ‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 51 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" وسط العاصفة "‬ ‫"أَ ْن َت الَّذِي أَ َر ْي َت َنا ضِ ي َقا ٍ‬ ‫ِير ًة َو َردِي َئ ًة‪َ ،‬ت ُعو ُد َف ُت ْح ِيي َنا‪،‬‬ ‫ت َكث َ‬ ‫ص ِع ُد َنا" )مز‪(20:71‬‬ ‫اق األَ ْر ِ‬ ‫ض َت ُعو ُد َف ُت ْ‬ ‫َومِنْ أَ ْع َم ِ‬ ‫‪ ‬نتمنى جميعا ً ان تبحر بنا سفينة الحياة في مي اه ھادئ ة ي دفعھا نس يم علي ل إل ى‬ ‫أن ترسو بنا على بر النجاة‪ ...‬ولكن كثيراً م ا ت أتي الري اح بم ا ال تش تھي الس فن‪.‬‬ ‫فتعصف بھا رياح عاتية وتكتنفھا أمواج ھادرة ‪ ...‬وفي ھذه المحن قد نجد ال رب‬ ‫معن ا ف ي الس فينة ي أمر ال ريح فتس كت )ل و‪ (25:8‬أو ق د نش عر وكأن ه يختف ي ف ي‬ ‫أزمنة الضيق نطلبه فيتباطأ‪ ،‬وال يظھر إال في الھزيع الرابع )مت ‪.(24:14‬‬ ‫‪ ‬ورغم أنن ا نتمن ى ف ي ق رارة أنفس نا أال تتع رض حياتن ا لتل ك األخط ار إال أن‬ ‫ھذا ال يصنع منا مالحين مھرة بينما ﷲ يريد أوالده دائما ً أقوياء أشداء‪.‬‬ ‫لذلك نجده أحيانا ً يھدىء العاصفة ‪ .......‬وأحيانا ً يدعھا تثور ويھديء أبناءه!‬ ‫◄فس واء ث ارت العاص فة أو ھ دأت فلنتأك د أن ك ل األم ور س وف تنتھ ى ف ي‬ ‫اآلخر لخيرنا‪ ...‬ب ل إن ك ل و س ألت كثي راً م ن المج َربين‪" :‬ل و ع اد بك م الزم ان‬ ‫للوراء فھل كنتم تودون لو أعفاكم الرب من التجربة؟"‬ ‫فتكون اإلجابة‪":‬كال ال نريد ‪ ...‬ال يمكن أن نخسر خبرة التجربة وتعزياتھا !!"‬ ‫‪ ‬وإذا كن ت ال تص دقني فتع ا َل نراف ق بط رس وس ائر التالمي ذ ف ي ذل ك الي وم‬ ‫المجيد )مت ‪ ،14‬مر‪ ، 6‬يو‪ (6‬الذي وزعوا فيه بأيديھم الخب ز عل ى خمس ة آالف‬ ‫رجل ثم جمعوا ال ِك َسر في اثنت ي عش رة قف ة وتھلل وا إذ رأوا رغب ة الجم وع الت ي‬ ‫تري د أن تخط ف يس وع وتنص به ملك ا ً عل يھم ‪ ...‬ولكن ه ب الطبع رف ض وص رف‬ ‫الجم وع وألــــــــ ـزم التالمي ذ أن يركب وا الس فينة ليعب روا البحي رة ويترك وه‬ ‫ليصلي على أن يلحق بھم فيما بعد‪ .‬وأطاعوا بعد ممانع ة‪ ،‬وب دأت رحل تھم ھادئ ة‬ ‫لفترة وجيزة قبل أن تكشر األمواج عن أنيابھا وتغزو المي اه الس فينة ويخ يم ش بح‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 52 ‬‬

‫تعزيات‬


‫الم وت عل ى الص يادين البس طاء ال ذين ي ذكرون ك م ابتلع ت تل ك البحي رة زم ال ًء‬ ‫لھم‪ ،‬ويذكرون أيضا ً كيف انتھر يسوع تلك األمواج فيم ا قب ل فارت دعت وس كنت‬ ‫في الحال )مت‪ (27:8‬ولكنه لم يرافقھم تل ك الم رة ‪ ...‬ورغ م ق واھم الت ي خ ارت‬ ‫من نزح المياه إال أن الھواجس طاردتھم بعنف "لماذا ألزمنا وأصر على ذھابن ا‬ ‫دونه؟‪ ...‬ألم يكن يعلم ما ينتظرنا؟ أم كان يعلم وھ و ال ذي دب ر لن ا تل ك التجرب ة‬ ‫المريرة؟‪ ...‬وھل سيأتي لينقذنا ويفھمنا؟‪ .....‬أم تبتلعنا المياه قبل أن نفھم؟‬ ‫‪ ‬وفي الھزيع الرابع قبي ل الفج ر بقلي ل‪ ،‬ب دأ األم ل يتجس د ف ي ش خص الحبي ب‬ ‫ماشيا ً على الماء فھتفوا مستنجدين‪ ،‬ولكن يا لخيبة األمل فھا ھو يري د أن يت ركھم‬ ‫ويتج اوزھم!! وارتف ع ص راخھم مس ترحمين ف أتتھم كلمات ه تطمئ نھم‬ ‫ش ﱠج ُعوا أَنَ ا ُھ َو‪ .‬الَ ت َ​َخ افُوا« ولك ن م ا ج دوى الكلم ات واألم واج ھ ادرة‬ ‫»ثِقُ وا تَ َ‬ ‫والمي اه تق تحم الس فينة؟ وب دالً م ن أن يص عد إل يھم دع ا بط رس للن زول وس ط‬ ‫األمواج الثائرة ‪ ...‬ويا لھا من قفزة إيمان لتلميذ عجز أن يج د األم ان ف ي حض ن‬ ‫السفينة فتأتيه الدعوة أن يجده في حضن الرب ‪ ...‬ولكن أين؟ فوق األمواج!!‬ ‫ون زل ‪ ..‬ومش ى عل ى الم اء! وانتاب ه الش ﱠ‬ ‫ك وك اد يغ رق قب ل أن يم د ال رب ي ده‬ ‫ويصعد به لتھدأ الريح ويصمت الموج وتسكن المياه!‬ ‫واآلن أترك للقارئ أن يتخيل إجابة بطرس لو سألناه‬ ‫"أتود يا بطرس لو لم تمر أصالً بھذه الليلة العاصفة؟؟"‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 53 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"‪ .....‬لكن ‪".....‬‬ ‫" ُم ْك َتئ ِ​ِبينَ فِي ُكل ِّ َ‬ ‫ض ِايقِينَ )ال ننھار(‪ .‬م َت َح ِّي ِرينَ )ال نجد‬ ‫ش ْيءٍ )تحاصرنا الصعوبات( لكِنْ َغ ْي َر ُم َت َ‬ ‫حالً مناسبا ً(‪ ،‬لكِنْ َغ ْي َر َيائِسِ ينَ ‪.‬‬

‫ض َط َھدِينَ ‪ ،‬لكِنْ َغ ْي َر َم ْت ُروكِينَ )ال يتخلى ﷲ عنا(‪،‬‬ ‫ُم ْ‬ ‫َم ْط ُروحِينَ )ملقى بنا على األرض(‪ ،‬لكِنْ َغ ْي َر ھَالِكِينَ ‪2) ".‬كو‪(9:8-4‬‬

‫‪ ‬تكررت كلمة لكن في ھاتين اآليتين أربع مرات‪ .‬وقفت فيھ ا ھ ذه الكلم ة ف ي‬ ‫كل مرة عند الشعرة الدقيقة التي تفصل بين صفتين متقاربتين لدرجة أنھكت ك ل‬ ‫من قام بترجمة الكتاب المقدس حتى يُحسن اختيار اللفظ المناسب الذي يعبر عنه‬ ‫الوحي اإللھي في اللغة األصلية‪ .‬ألن إلھنا يعرف جي داً مت ي وأي ن وكي ف يض ع‬ ‫للتجربة خطا ً أحمر ال تتخطاه‪ .‬فإلھنا ھو ذلك الفخارى األعظم ال ذي يع رف ك ل‬ ‫قطعة من الطين وما تحتاجه من نيران الفرن لتصير إنا ًء للكرامة حسب مشيئته‪.‬‬ ‫وعبر عشرات القرون لم تحترق منه آنية واحدة ألنھا تعرضت لنيران أكثر مم ا‬ ‫تحتملھا‪ ،‬فثق أنك لن تكون أنت أول قطعة فخار تحترق منه !!‬ ‫‪ ‬وإذا جربنا أن نبحث عن كلمات االستدراك‬ ‫الفاص لة )لك ن‪ ،‬أم ا‪ ،‬ب ل( ف ي كتابن ا المق دس‬ ‫فسيدھش نا ك م تميزن ا ھ ذه الكلم ات العجيب ة‬ ‫وتعطينا ما ال يتمتع به سوى أبناء ﷲ وحدھم‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 54 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫بعض األقوال المأثورة‬ ‫‪ +‬نحن المسيحيين مثل المسامير كلما قرعتنا بشدة‪،‬‬ ‫إزددنا عمقا فى الرب !!‬ ‫‪ +‬نحن المسيحيين مثل األزھار كلما سحقتنا‪،‬‬ ‫إشتد شذانا !!‬ ‫‪ +‬نحن المسيحيين مثل كرات المطاط كلما قسوت فى قذفنا‬ ‫إلى أسفل‪ ,‬كان إرتدادنا الى أعلى أكثر علوا !!‬ ‫‪ +‬إننا ال نحتاج إلى مزيد من االلتزام بل إلى مزيد من التسليم‪.‬‬ ‫‪ +‬الصالة ھى أن تسلم كل كيانك ‪...‬‬ ‫وأن ال تريد أى شىء سوى إرادته‪.‬‬ ‫‪ +‬تعتبر الصالة سالح حربي من ناحية‪...‬‬ ‫ومن ناحية أخرى الوسيط الذى يتم اإلنتفاع باألسلحة األخرى‬ ‫عن طريقه‪ ...‬بدون الصالة نقف عاجزين فى صراعنا مع العدو‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 55 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"طبيب القلوب المنكسرة"‬ ‫سلَنِي ألَ ْ‬ ‫س َحنِي أل ُ َب ِّ‬ ‫شف َِي ا ْل ُم ْن َكسِ ِري‬ ‫ساكِينَ ‪ ،‬أَ ْر َ‬ ‫ش َر ا ْل َم َ‬ ‫الر ِّب َعلَ َّي‪ ،‬ألَ َّن ُه َم َ‬ ‫ح َّ‬ ‫" ُرو ُ‬ ‫ا ْلقُلُوبِ‪)"،‬لو ‪(18 :4‬‬ ‫◄ال يعرف انكسار القلب حقا ً إال من مر في إحدى تل ك التج ارب المري رة الت ي‬ ‫تجعله في حاجة ملحة إلى تدخل الطبيب األعظم الذي له وحده القدرة على ش فاء‬ ‫القلوب المنكسرة‪.‬‬ ‫◄وكثيراً ما يح اول اإلنس ان عبث ا ً أن ي داري أحزان ه بمظ اھر الف رح والض حك‬ ‫"‬ ‫ض ا فِ ي‬ ‫ولك ن س ليمان الحك يم يع رف الطب ع البش ري فيكش ف حقيقت ه ق ائال ‪ :‬أَ ْي ً‬

‫ب" )أم‪ (13:14‬وھو ما عبر عنه الشاعر أيضا ً قائالً‪:‬‬ ‫ال ﱢ‬ ‫ب ا ْلقَ ْل ُ‬ ‫ض ِح ِك يَ ْكتَئِ ُ‬ ‫فالطــي ُر يرقصُ مذبوحا ً من األلم‬

‫التحسبوا رقصي ما بينكم فرحا ً‬

‫◄وألن ش فاء القل ب الكس ير أم ر عس ير ال يق وم ب ه إال ال رب الق دير ل ذا يص فه‬ ‫ص ي َع َد َد‬ ‫كات ب المزم ور‪" :‬يَ ْ‬ ‫ب‪َ ،‬ويَ ْجبُ ُر َك ْ‬ ‫س َر ُھ ْم‪ .‬يُ ْح ِ‬ ‫س ِري ا ْلقُلُ و ِ‬ ‫ش فِي ا ْل ُم ْن َك ِ‬ ‫س َما ٍء " )مز ‪ (4-3 :147‬وكأنه ي ربط ب ين ش فاء القل وب‬ ‫ب‪ .‬يَ ْدعُو ُكلﱠ َھا بِأ َ ْ‬ ‫ا ْل َك َوا ِك ِ‬ ‫الكس يرة وإحص اء النج وم الكثي رة‪ ،‬لك ون كليھم ا ق درة فري دة ال تت وفر‬ ‫سوى للرب وحده‪.‬‬ ‫◄وقد تختلف اآلراء في من نلجأ إليه للمش ورة والنص ح عن د الم رض‪ ،‬ھ ل ھ و‬ ‫الم ريض ال ذي ج رب الم رض وآالم ه؟ أم الطبي ب ال ذي درس ك ل ش يء عن ه‬ ‫وعالج عشرات المرضى بنج اح؟ إال أن جمي ع اآلراء تتف ق أن ه إذا ك ان الطبي ب‬ ‫قد مر بتجربة المرض قبالً فھو بال شك أقدر الناس على عالج اآلخرين‪.‬‬ ‫◄وھذا ھو طبيبنا األعظم رجل األوجاع مختبر الحزن الذي اختبر جميع أنواع‬ ‫اآلالم النفس ية والجس دية‪" .‬ألَنّ هُ فِ ي َم ا ُھ َو قَ ْد تَ أَلﱠ َم ُم َج ﱠربً ا يَ ْق ِد ُر أَنْ يُ ِع ينَ‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 56 ‬‬

‫تعزيات‬


‫ا ْل ُم َج ﱠربِينَ " )ع ب‪ (18:2‬ھ ذا ال ذي ج رب م رارة الغ در والخيان ة واإلنك ار‪...‬‬ ‫واحتم ل لط م العبي د ل ه وجل دات الس ياط واخت راق المس امير ليدي ه ورجلي ه‪.‬‬ ‫انتظر رقة فلم تك ن ومع زين فل م يج د ‪ ....‬ف أي آالم يم ر بھ ا إنس ان ويس تطيع أن‬ ‫يدعي أن الرب يسوع لم يمر بھا أو بما ھو أقسى منھا‪ ..... .‬ورغ م ك ل ھ ذا ف إن‬ ‫أقسى ما يؤلمه اآلن ھو أن نقابل رغبته في شفائنا بالجحود واإلنكار‪ ,‬يم د لن ا ي داً‬ ‫فنتراج ع ويق ف عل ى أول الطري ق ينتظ ر ع ودة الض ال فيط ول انتظ اره‪,‬‬ ‫وھكذا فإننا بقسوة قلوبنا نكسر قلب ذاك الذي أتى ليشفي القلوب الكسيرة!‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 57 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"بيت مبني على الصخر"‬ ‫ح‪َ ،‬و َو َق َع ْت َعلى ذلِ َك ا ْل َب ْي ِ‬ ‫ت األَ ْن َھا ُر َو َھ َّب ِ‬ ‫اء ِ‬ ‫ت َفلَ ْم َي ْسقُ ْط ألَ َّن ُه‬ ‫الر َيا ُ‬ ‫ت ِّ‬ ‫" َف َن َزل َ ا ْل َم َط ُر َو َج َ‬ ‫الص ْخ ِر‪) ".‬مت‪(25:7‬‬ ‫سا َعلَى َّ‬ ‫س ً‬ ‫َكانَ ُم َؤ َّ‬

‫‪ ‬ق د تص حو يوم ا ً لتج د أثب ث ثواب ت األرض ق د زال ت ‪ ...‬مدين ة ھيروش يما‬ ‫اختفت ‪ .....‬االتحاد السوڤيتي تفك ك ‪ ...‬س ور ب رلين تھ دم ‪ ...‬برج ي التج ارة ف ي‬ ‫نيوي ورك تحطم ا ‪ ....‬م دن كامل ة يمحوھ ا برك ان أو زل زال أو فيض ان ‪...‬‬ ‫أحباء وأعزاء نفقدھم بالجسد في لحظة قد تكون غير متوقعة‪.‬‬ ‫‪ ‬ولكن ھل يصحو أي من ا يوم ا ليج د ال رب يس وع غائب ا ً؟! ‪ ....‬حاش ا‪ ....‬فھ ذا‬ ‫ھ و ص خر ال دھور ال ذي ت زول ك ل الممال ك ويبق ى ھ و ھ و أمس ا ً والي وم وإل ى‬ ‫األبد‪ .‬يرافقنا كل األي ام‪ ...‬ف ي أي ام الص حو والغ يم‪ ،‬الخي ر والض يم‪ ,‬ف ي الص حة‬ ‫والمرض‪ ,‬في األت راح واألف راح ‪ ....‬ف ي النھ ار واللي ل‪ ،‬ط ول الحي اة وفيم ا بع د‬ ‫الحياة‪ .‬مھما تخلى عن ا األحب اء أوفق دناھم إال ھ و‪ ،‬فھ و يلتص ق بن ا حت ى إذا كن ا‬ ‫في األتون‪.‬‬ ‫‪ ‬فيا لھفي على بيوت كثيرة بنيناھ ا وم ا زلن ا نبنيھ ا عل ى الرم ال وال ينتظرھ ا‬ ‫غير سوء المآل في غمضة عين تتغير من ح ال إل ى ح ال وال يبق ى س وى البي ت‬ ‫المشيد على الصخر ‪ ...‬ھذا فقط ال يـُـزال‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 58 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"التعزيــــة"‬ ‫" ِع ْن َد َك ْث َر ِة ُھ ُمومِي فِي دَا ِخلِي َت ْع ِز َيا ُت َ‬ ‫ك ُتلَ ِّذ ُذ َن ْفسِ ي‪)"..‬مز ‪(19 :94‬‬

‫‪ ‬كلمات تبدو بسيطة ولكنھا حيرت المفسرين فانقسموا فريقين‪:‬‬ ‫ الفريق األول فسرھا‪ :‬عندما تكثر الھموم في داخلي‪ ،‬فإن تعزياتك تلذذ نفسي‪..‬‬‫ والفري ق الث اني فس رھا‪ :‬عن دما تكث ر الھم وم‪ ،‬ف إن تعزيات ك الت ي ف ي داخل ي‬‫تلذذ نفسي‪ ...‬والفارق بين المعنيين كبير‪..‬‬ ‫ف الرأي األول يجع ل الھم وم داخ ل اإلنس ان والتعزي ات الخارجي ة تح اول أن‬ ‫تواس يه‪ ....‬أم ا ال رأي الث اني فالتعزي ات ف ي داخ ل ال نفس ولھ ا رص يد كبي ر ‪..‬‬ ‫والھموم تحاول أن تقتحم النفس فتجد درعا ً من التعزيات يقاومھا ويمنعھا‪.‬‬ ‫وأنت عزيزي القاريء إلى أي الرأيين تميل؟‬ ‫‪ ‬ومن رحمة ﷲ وعنايته أنه كثيراً ما يرسل التعزيات قبل الضيقات إشفاقا ً‬ ‫منه على ضعفنا‪ ...‬فظھرت المالئكة للرعاة في بيت لحم لتفرحھم وتقويھم‬ ‫قبل أن يمد ھيرودس سيفه ليفتك بأطفالھم في مذبحة مريعة‪...‬‬ ‫وظھر الرب لبولس الرسول وكثير من الشھداء والمعترفين مرارا قبل‬ ‫المحاكمات واالضطھادات‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 59 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"الذي يعزي المتضعين"‬ ‫ِسكِينٌ أَ َنا )مز ‪(16 :25‬‬ ‫ار َح ْمنِي‪ ،‬ألَ ِّني َو ْحي ٌد َوم ْ‬ ‫ِ◌ا ْل َتف ِْت إِلَ َّي َو ْ‬

‫◄اعت اد ال رب ف ي حيات ه عل ى األرض أن يك ون وحي داً منف رداً متروك ا ً م ن‬ ‫الجمي ع‪ ،‬يع اني م ن الوح دة واالنف راد وال يج د م ن يش اركه أفك اره واھتمامات ه‪،‬‬ ‫"‬ ‫ص فُو ٍر ُم ْنفَ ِر ٍد َعلَ ى‬ ‫ص ْرتُ َك ُع ْ‬ ‫مسراته وأحزانه‪ .‬قيل عنه ف ي المزم ور َ‬ ‫س ِھدْتُ َو ِ‬ ‫ح" )م ز‪ (7:102‬وقبي ل الص ليب‪ ،‬وف ى وق ت ك ان يحت اج في ه إل ى ك ل‬ ‫ال ﱠ‬ ‫س ْط ِ‬

‫ش ﱡكونَ فِ ﱠى فِ ي ھ ِذ ِه اللﱠ ْيلَ ِة "‬ ‫التع اطف م ن أحبائ ه يق ول لتالمي ذه " ُكلﱡ ُك ْم تَ ُ‬ ‫ض ْربَتِي‪َ ،‬وأَقَ ا ِربِي‬ ‫)مت‪ (31:26‬لتتم النبوءة "أ ِحبﱠ ائِي َوأَ ْ‬ ‫ص َحابِي يَقِفُ ونَ ت َُج اهَ َ‬ ‫َوقَفُوا بَ ِعيدًا‪) ".‬مز‪(11:38‬‬ ‫◄لقد اختبر بولس الرسول شيئا ً "من شركة آالمه" في ھ ذا المج ال حي ث ك ان‬ ‫اجي األَ ﱠو ِل‬ ‫متروكا ً في ظروف صعبة ولكنه اختبر فيھا قوة ﷲ فيقول "فِ ي ْ‬ ‫احتِ َج ِ‬ ‫ب َوقَ فَ‬ ‫س ْب َعلَ ْي ِھ ْم‪َ .‬ول ِك نﱠ ال ﱠر ﱠ‬ ‫لَ ْم يَ ْح ُ‬ ‫ض ْر أَ َح ٌد َم ِع ي‪ ،‬بَ ِل ا ْل َج ِمي ُع تَ َر ُك ونِي‪ .‬الَ يُ ْح َ‬ ‫َم ِعي َوقَ ﱠوانِي" )‪2‬تي‪(17-16 :4‬‬ ‫◄قد نزداد إحساسا ً باختبار الوحدة عندما يغيب عن ا أحباؤن ا‪ .‬ولك ن عزاءن ا ھ و‬ ‫َب" )ت ك ‪(16 -13 :28‬‬ ‫رفق ة ﷲ لن ا " َو َھ ا أَنَ ا َم َع كَ‪َ ،‬وأَ ْحفَظُ َك َح ْيثُ َم ا تَ ْذھ ُ‬ ‫وھ ذا الوع د تك رر لموس ى " إِنﱢ ي أَ ُك ونُ َم َع َك " )خ ر ‪(12 :3‬‬ ‫سى أَ ُكونُ َم َعكَ‪ .‬الَ أُ ْھ ِملُ َك َوالَ أَ ْت ُر ُك َك " )ي ش ‪(5 :1‬‬ ‫وليشوع " َك َما ُك ْنتُ َم َع ُمو َ‬ ‫ض ا ِء ال ﱠد ْھ ِر "‬ ‫ث م تك رر لن ا بص فة خاص ة" َو َھ ا أَنَ ا َم َع ُك ْم ُك ﱠل األَيﱠ ِام إِلَ ى ا ْنقِ َ‬ ‫)مت ‪(20 :28‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 60 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"الرجــــــاء"‬ ‫الراقِدِينَ ‪ ،‬لِ َك ْي الَ َت ْح َز ُنوا َكا ْل َباقِينَ‬ ‫" ُث َّم الَ أ ُ ِري ُد أَنْ َت ْج َھلُوا أَ ُّي َھا اإلِ ْخ َوةُ مِنْ ِج َھ ِة َّ‬ ‫ھ ْم‪ 1) ".‬تس ‪(13 :4‬‬ ‫الَّذِينَ الَ َر َجا َء لَ ُ‬

‫◄الحياة كرحلة طالت أم قصرت البد لھا م ن نھاي ة‪ ...‬وكلن ا نرك ب ف ي القط ار‬ ‫الذي يقف من حين آلخر لينزل بعضا ً من ركابه فيتركونا ويودعونا‪.‬‬ ‫◄ھل نزل من قطار الحياة بع ض أحبائن ا؟ ال ذين نح زن كثي راً ونت ألم لف راقھم‪.‬‬ ‫ولكن األھم ھو سالمة الوصول إلى مقصدھم ‪ ......‬ملكوت السموات‪.‬‬ ‫◄ وألن الرب يعلم ضعفنا فھو لم يطلب من ا م ا ھ و ف وق الطاق ة ول م ينھَن ا ع ن‬ ‫الحزن بل حدد نوع الحزن المرفوض ‪ ..‬الحزن اليائس بال رجاء‪.‬‬ ‫إذاً فمن الطبيعي أن نحزن ونسكب الدمع المرير مـِراراً ولكن‪:‬‬ ‫ نحزن ‪ .....‬ولكن ليس كالباقين الذين ال رجاء لھم‪.‬‬‫ نح زن ‪ .....‬ح زن األب ال ذي يس لم ابنت ه لعريس ھا وقلب ه ينفط ر لمفارقتھ ا‪...‬‬‫ولكنه يفرح ألنھا ستھنأ في بيتھ ا الجدي د‪ .‬وال يلب ث ح زن الف راق أن يتح ول إل ى‬ ‫س عادة واطمئن ان إذ يراھ ا كش جرة مثم رة‪ .‬وي رى بنيھ ا مث ل غص ون الزيت ون‬ ‫الجدد حولھا‪ .‬سعيدة مع عريسھا الذي يبذل نفسه من أجلھا‪.‬‬ ‫ نحزن حزن األب الذي يھاجر ابنه إلى بالد أفضل ومس تقبل أرح ب‪ ,‬وقب ل أن‬‫يجفف دموع الوداع تصله رسائل المھاجر أن ه ي نعم بحي اة ھنيئ ة فيس عد لس عادته‬ ‫ويبكت نفسه على مشاعر األنانية التي أرادت أن تحرمه من السفر‪.‬‬ ‫إذاً من الطبيعي ان نحزن‪ ،‬ولكن من الضروري أال يكون حزننا مثل أھل العالم‪.‬‬ ‫ص بِالَ نَدَا َم ٍة‪َ ،‬وأَ ﱠم ا ُح ْزنُ‬ ‫"ألَنﱠ ا ْل ُح ْزنَ الﱠ ِذي بِ َح َ‬ ‫شيئَ ِة ﷲِ يُ ْن ِ‬ ‫ب َم ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ش ُئ ت َْوبَةً لِ َخالَ ٍ‬ ‫ش ُئ َم ْوتًا‪ 2) "..‬كو ‪.(10 :7‬‬ ‫ا ْل َعالَ ِم فَيُ ْن ِ‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 61 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"كطفل كنت أفتكر"‬ ‫" لَ َّما ُك ْنتُ طِ ْفالً َكطِ ْفل ُك ْنتُ أَ َت َكلَّ ُم‪َ ،‬و َكطِ ْفل ُك ْنتُ أَ ْف َطنُ ‪َ ،‬و َكطِ ْفل ُك ْنتُ أَ ْف َت ِك ُر‪َ .‬ولكِنْ لَ َّما صِ ْرتُ َر ُجالً‬ ‫أَ ْب َط ْلتُ َما لِل ِّط ْف ِل" )‪1‬كو‪(11:13‬‬

‫‪ ‬كثيراً ما نعجز عن إدراك كنه الوجود؟! فلماذا نوجد إذا كنا حتما ً سنموت ؟!‬ ‫ھل خلقنا ﷲ لكي نشقى على األرض؟! كلھا تساؤالت قد تدور في داخلنا‬ ‫من حين إلى حين‪ .‬ولن ندرك الجواب إال إذا آمنا أن أجسادنا تفنى ولكن أرواحنا‬ ‫تظل خالدة ألنھا نفخة من ﷲ وستبقى عنده إلى األبد‪.‬‬ ‫‪ ‬إن شئت أن ترى المنخفضات فاصعد إلى قمم الجبال‪.‬‬ ‫وإن شئت أن تــــرى الجبـــــال فاصعد إلى السحـــــاب‪.‬‬ ‫وإن شئت أن تفھم السحــــــــــاب فأغمض عينيك وفكر‪.‬‬ ‫‪ ‬ھناك أمور كثيرة فوق إدراكنا‪ ،‬ولكن كلما كبرنا نزداد فھما ً‪ .‬فالطفل ال يفھم‬ ‫نظريات الھندسة‪ ،‬وطالب ابتدائي يصعب عليه فھم طبيعة الكون بمجراته‪.‬‬ ‫ھكذا نحن في عالقتنا مع ﷲ نظل دائما ً صغاراً فيضطر ﷲ أن يعطينا لبنا ً‬ ‫ال طعاما ً ألننا ال نستطيع أن نصل إلى السحاب فكيف نصل إلى خالق السحاب؟‬ ‫‪ ‬الحل ‪ :‬أغمض عينيك وص ﱢل وحينئذ تسكب كل ما عندك لدي ﷲ وھو سوف‬ ‫يكشف لك كل شيء في حينه‪...‬‬ ‫‪ ‬إن المؤمن يعيش كل األيام وكل الليالي ويستمتع فيھا بعشرة ﷲ‪ ،‬أما غير‬ ‫المؤمن فال يعيش سوى ثوان معدودات ألن الحياة دون ﷲ عدم وندم‪.‬‬ ‫فما أضيق عيش من يرفع يده بين وجھه والعالم فال يري غير الخطوط في كفه‪،‬‬ ‫وما أشد شفقتي على من يدير ظھره للشمس فال يري سوى ظله على األرض‪..‬‬ ‫‪ ‬ھذا ھو حال المسكين الذي يضع المشكلة بينه وبين ﷲ ثم يتساءل متعجبا ً‬ ‫"لماذا ال أرى ﷲ ؟!" ببساطة ألنك تنظر إلى المشكلة فتحجب ﷲ عنك‪.‬‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 62 ‬‬

‫تعزيات‬


‫ولكن من له رجاء يؤمن أن ھناك حالً لكل مشكلة‪ ,‬كما أن ھناك مفتاحا ً لكل باب‬ ‫مغلق‪ .‬وھكذا يفكر في ﷲ وينسى المشكلة‪ .‬وحتى لو لم يستطع نسيانھا يكفيه أن‬ ‫ينظر إلى ﷲ واثقا ً أنه سوف يحلھا بطريقته وفي وقته‪.‬‬ ‫‪ ‬إن الخزاف يستطيع أن يصنع من الطين إنا ًء بديعاً‪ ،‬ولكنه ال يستطيع أن‬ ‫يصنع شيئا ً من الرمل ألنه يتفكك ويأبى أن يطيع إرادة الخزاف‪ .‬وھكذا نحن قد‬ ‫نرضى أن نكون طينا لينا ً مطيعا ً فيعمل فينا أو نأبى كالرمل فنكون خاسرين‪.‬‬ ‫‪ ‬والطين قد يتألم كثيراً قبل أن يصبح إنا ًء للكرامة ليوضع فيه خمر تشير إلى‬ ‫دم المسيح‪ .‬وھكذا من يتألم تحت أصابع الخزاف يتأھل أن يمتلئ من حضور‬ ‫السيد المسيح شخصيا ً بداخله‪ .‬لذا نقول للفخاري‪:‬‬ ‫" ھا أنا أخضع ذاتي دون عناد ألصابعك تشكل فيَّ ‪.‬‬ ‫إن أتوجع فلن أتراجع فأنا أشتقت لعملك فيَّ ‪".‬‬

‫اح ِم ِه‪) ".‬مرا ‪(32 : 3‬‬ ‫"فَإِنﱠهُ َولَ ْو أَ ْح َزنَ يَ ْر َح ُم َح َ‬ ‫س َب َك ْث َر ِة َم َر ِ‬ ‫إن تأخرت التعزيات فانتظرھا ألنھا ستأتي حتما ً ‪ ....‬حتما ً ستأتي‪...‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 63 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" الھم‪ ،‬والصالة‪،‬‬

‫والشكر "‬

‫صالَ ِة َوال ُّد َعاءِ َم َع ال ُّ‬ ‫ش ْيءٍ ‪َ ،‬بلْ فِي ُكل ِّ َ‬ ‫"الَ َت ْھ َت ُّموا ِب َ‬ ‫ش ْك ِر‪ ،‬لِ ُت ْعلَ ْم طِ ْل َبا ُت ُك ْم لَدَى‬ ‫ش ْيءٍ ِبال َّ‬ ‫وع‪ )".‬في ‪: 4‬‬ ‫س َ‬ ‫يح َي ُ‬ ‫سالَ ُم ﷲِ الَّذِي َيفُوقُ ُكل َّ َع ْقل‪َ ،‬ي ْح َف ُظ قُلُو َب ُك ْم َوأَ ْف َك َ‬ ‫ِ‪.‬و َ‬ ‫ﷲ َ‬ ‫ار ُك ْم فِي ا ْل َمسِ ِ‬ ‫‪(7 ،6‬‬

‫‪ ‬كان صديقان يرتحالن عبر أحد الجبال الشاھقة ف ي سويس را‪ ،‬وق رر أح دھما‬ ‫أن يبق ى ف ي الفن دق أس فل الجب ل بينم ا أخ ذ اآلخ ر " تليفري ك" إل ى قم ة الجب ل‪.‬‬ ‫وفي المس اء اجتاح ت المنطق ة عاص فة ش ديدة فأس رع الص ديق ال ذي ف ي الفن دق‬ ‫بإرسال برقية عاجلة إلى صديقه في قمة الجبل قائالً له "ھن ا عاص فة تھ در م ن‬ ‫حولن ا ف ي أس فل" وكان ت اإلجاب ة "اص عد للت و إل ى أعل ى‪ ،‬ف نحن ھن ا ف وق‬ ‫مستوى العاصفة!"‬ ‫‪ ‬إن ھ ذه القص ة تمث ل م ا يري د الرس ول ب ولس أن يوض حه لن ا ف ي تل ك اآلي ة‬ ‫وھ و‪ :‬كي ف نرتق ي ف وق مس توي األزم ات بالص الة وال دعاء م ع الش كر والت ي‬ ‫نلخصھا في‪:‬‬ ‫‪-1‬ال تھتموا بشيء‪) .‬المقصود أال نحمل الھم‪ ،‬وليس أالنعتني بأمور حياتنا(‬ ‫‪ -2‬صلوا ألجل كل شيء‪.‬‬ ‫‪ -3‬اشكروا في كل شيء‪.‬‬ ‫‪ ‬ارفض القلق وال تدعه يمتلك كيانك ويخيم بظله الثقيل علي روحك‪.‬‬ ‫‪ ‬دعونا نزرع في قلوبنا فضيلة "الشكر" فھناك كثير من األم ور الت ي يج ب‬ ‫أن نش كر عليھ ا أبان ا الس ماوي ال ذي يع رف أن يم دنا باحتياجاتن ا بك ل حكم ة‬ ‫وفطنة‪ .‬وتقديم الشكر يجب أن يكون مص حوبا ً بالص لوات والتض رعات فنكش ف‬ ‫له عن أسباب قلقنا ونخبره عن احتياجاتنا وطلباتنا‪.‬‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 64 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪ ‬وإن كان الرب في حكمت ه ق د يجيبن ا ح االً أو ي ؤخر اإلجاب ة‪ .‬إال أنن ا س نتمتع‬ ‫دوم ا ً بس المه العجي ب ال ذي يحف ظ قلوبن ا وأفكارن ا تمام ا ً مث ل الحامي ة الحص ينة‬ ‫التي تحيط بالمدينة لحمايتھا‪ .‬إن سالم ﷲ ال تستطيع أية قوة أن تعكر صفوه‪.‬‬ ‫وھذا ھو السلك الحديدي الذي يتحرك عليه التليفريك ليرفعنا من أسفل ال وادي‬ ‫إلى قمة الجبل فوق مستوى العواصف وأعاصير الحياة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫الوردة واألشواك‬ ‫‪ ‬المتفائل ينظر إلى الوردة وال يرى أشواكھا…‬ ‫والمتشائم يحدق باألشواك وال يرى الوردة‪....‬‬ ‫الحياة رغم جمال ألوانھا ورائحتھا العطرة إال أنھا مليئة‬ ‫باألشواك فكيف يجتمع الجمال باألشواك؟!‬ ‫‪ ‬إنھا طبيعة الحياة فكل ما ھو جميل دائما ً‬ ‫نجده محاطا ً باألشواك‪..‬‬ ‫والناس نوعان‪ ،‬نوع ينبھر بالوردة الجميلة فيتغاضى‬ ‫عن أشواكھا أو ال يراھا أصالً ‪..‬‬ ‫ونوع آخر ينظر إلى األشواك‬ ‫فال يرى الجمال المحيط بھا‪...‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 65 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"الـسـالم"‬ ‫" َو ْل َي ْم ْ‬ ‫اء ِبقُ َّو ِة‬ ‫الر َج ِ‬ ‫الر َج ِ‬ ‫ان‪ ،‬لِ َت ْز َدادُوا فِي َّ‬ ‫ور َو َ‬ ‫اء ُكل َّ ُ‬ ‫أل ُك ْم إِل ُه َّ‬ ‫سالَ ٍم فِي اإلِي َم ِ‬ ‫س ُر ٍ‬ ‫ُس‪ )"..‬رو ‪(13 :15‬‬ ‫ُّ‬ ‫وح ا ْلقُد ِ‬ ‫الر ِ‬

‫◄ طريقن ا إل ى الملك وت ض يق ‪ ...‬وال ب د أن يم ر ف ي أح د منعطفات ه ب وادي‬ ‫األحزان ‪ ...‬ھذا الوادي المملوء بفخاخ اليأس والقنوط‪.‬‬ ‫◄وما أكثر القلوب الكسيرة‪ ...‬والنفوس المنحنية‪ ...‬التي نقابلھا كل يوم‪ ،‬وداخ ل‬ ‫كل منھا يكمن ح زن عمي ق عل ى وج وه م ن نس وا أن وادي األح زان م ا ھ و إال‬ ‫جزء صغير من الطريق وعليھم اجتيازه سريعا ً دون استسالم‪.‬‬ ‫◄وألن ﷲ يعلم ضعف طبيعتنا البشرية وتأثير اليأس البشع علينا‪ ،‬لذلك أعطان ا‬ ‫م ن يقوين ا ويعزين ا ويش د أزرن ا ف ي وس ط الص عاب‪ ،‬أعطان ا روح ه الق دوس‬ ‫المعزي ليمألنا سالما ً ورجاًء‪...‬‬ ‫◄إن ه يس مي نفس ه إل ه الرج اء وھ و حق ا ً ھك ذا ألن م ن يعرف ه ب الحق‬ ‫البد وأن تمتلىء حياته رج ا ًء‪ ،‬ب ل أكث ر م ن ھ ذا يص بح ھ و نفس ه مص در ع زاء‬ ‫ورجاء لمن حوله ألن صورة إله السالم والرجاء قد انطبعت فيه‪.‬‬ ‫◄عندما نتعب ويتسرب اليأس إلى حياتنا‪ ،‬نتذكر دوما ً أن لنا إلھا ً ال مثيل له‪.‬‬ ‫فلنطلب منه بثقة أن ينزع اليأس من حياتنا ويمألھا سالما ً ورجا ًء‪...‬‬ ‫◄ وكلم ا اكتنفن ا الح زن‪ ،‬ي أتى الف رح ‪ -‬كثم ر لل روح الق دس‪ -‬مس رعا ً بريش ته‬ ‫الس احرة ويعم ل جاھ داً حت ى يزي ل ك ل أث ر للح زن ف ال يتركن ا إال ونح ن نب دو‬ ‫كحزانى بينما نحن دائما فرحون‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 66 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"الفرح الحقيقي"‬ ‫ضا‪ :‬ا ْف َر ُحوا"‬ ‫ِين‪َ ،‬وأَقُول ُ أَ ْي ً‬ ‫" ِا ْف َر ُحوا فِي َّ‬ ‫الر ِّب ُكل َّ ح ٍ‬

‫)في‪(4:4‬‬

‫◄من ھو الذي جاء ففرحت كل األرض بمجيئه وتھللت كل المالئكة بقدومه؟!‬ ‫◄من الذي جاء ليعزي كل النائحين ولكي يحول حزنھم فرحا ً ؟!‬ ‫◄من الذي جاء لبعطي جماالً عوضا ً عن الرماد ودھن فرح عوضا ً عن النوح‪.‬‬ ‫◄جاء فحول اليأس رجا ًء وعوضا ً عن الروح اليائسة أعطانا الفرح والتسبيح‪.‬‬ ‫◄جاء فقلب الموازين‪ ...‬وغير المفاھيم‪ ...‬وصحح المقاييس‪...‬‬ ‫◄جاء فأنار القلوب بوجوده‪ ،‬فاختفى الحزن منھا وحل مكانه الفرح‪...‬‬ ‫◄ج اء فجع ل التج ارب )االمتحان ات( س ببا ً للف رح ألنھ ا حتمي ة تس بق اللنج اح‬ ‫ح يَ ا إِ ْخ َوتِي ِحينَ َم ا تَقَ ُع ونَ فِ ي ت َ​َج ا ِر َب‬ ‫والتأھ ل للملك وت "اِ ْح ِ‬ ‫س بُوهُ ُك ﱠل فَ َر ٍ‬ ‫ص ْب ًرا‪) ".‬يع‪(3-2 :1‬‬ ‫ش ُئ َ‬ ‫ُمتَنَ ﱢو َع ٍة‪،‬عَالِ ِمينَ أَنﱠ ا ْمتِ َحانَ إِي َمانِ ُك ْم يُ ْن ِ‬ ‫‪ ‬وھكذا يخيب ظن إبليس الذي يح اول اس تخدام الض يقات وجعلھ ا س ببا ً للي أس‬ ‫وزعزعة اإليمان فيحدث العكس إذ يراك تصلي وتمجد الرب حتى ف ي الض يق‪،‬‬ ‫ويتحول العلقم إلى حالوة تتذوقھا وتعيشھا مع الرب ھنا وفي األبدية‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 67 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"ألن ﷲ أخذه"‬ ‫ار ًكا" )أي‪(21:1‬‬ ‫ب ُم َب َ‬ ‫الر ِّ‬ ‫اس ُم َّ‬ ‫ب أَ َخ َذ‪َ ،‬ف ْل َي ُك ِن ْ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ب أَ ْع َطى َو َّ‬ ‫الر ُّ‬ ‫" َّ‬

‫‪ ‬من اقتلع ھذه الزھرة؟ سؤال نطق به البستاني بنب رة م ن الض يق‪ .‬وھ و ي رى‬ ‫فخر زھ ور البس تان وق د اقتلع ت م ن ج ذرھا‪ .‬ك ان البس تاني يراقبھ ا من ذ كان ت‬ ‫برعمة صغيرة إلى أن تفتحت‪ .‬ولكنھا اختفت اآلن‪ .‬فمن الذي تجاسر واقتلعھا؟‬ ‫‪ ‬كان ت االجاب ة إن ه " الس يد "‪ ..‬نع م إن ه المال ك الحقيق ي للبس تان وبينم ا ھ و‬ ‫يتج ول ف ي حديقت ه الحظھ ا وأعج ب بھ ا ول ذلك م د ي ده واقتلعھ ا‪ ..‬ليزرعھ ا ف ي‬ ‫البس تان ال ذي ال ت ذبل أزھ اره وال تش يخ‪ .‬إن تق ديره وإعجاب ه بھ ا جعل ه يقتنيھ ا‬ ‫لمسرة نفسه‪ ....‬واقتنع البستاني وتعزى عن فقدان الوردة ب أن الس يد ك ان يراق ب‬ ‫عمله فلما استحسنه قطف تلك الوردة تعبيراً عن تقديره!‬ ‫‪‬فإذا اقتطف السيد زھرة مختارة من بستان حياتنا فال نتذمر ونتناسى أننا رغ م‬ ‫ط ول ال ِعش رة فلس نا إال وك الء عليھ ا‪ .‬وأن المال ك الحقيق ي ل ه كام ل الحري ة ف ي‬ ‫س ُك ْم؟ ألَنﱠ ُك ْم قَ ِد‬ ‫التصرف‪ .‬وذكرنا الرسول بولس بتلك الحقيقة " َوأَنﱠ ُك ْم لَ ْ‬ ‫س تُ ْم ألَ ْنفُ ِ‬ ‫شتُ ِريتُ ْم بِثَ َم ٍن‪ 1) ".‬كو‪ ،(19،20 :6‬إنه السيد ومع ه س ند الملكي ة‪ .‬ل ذا نق ول م ع‬ ‫ا ْ‬ ‫س ُم ال ﱠر ﱢب ُمبَا َر ًكا") أي ‪(21 : 1‬‬ ‫أيوب "ال ﱠر ﱡب أَ ْعطَى َوال ﱠر ﱡب أَ َخ َذ‪ ،‬فَ ْليَ ُك ِن ا ْ‬ ‫‪ ‬ويخبرنا اإلصحاح األخير من سفر أيوب أن الرب عوضه بالضعف عن كل‬ ‫ما فقد من ثروة أو ماشية ‪ ...‬إلخ‪ ،‬أما األبناء فقد أعطاه ﷲ نف س الع دد ال ذي فق ده‬ ‫الض عف ب ل إثبات ا ً لھ ا‪،‬‬ ‫س بعة بن ين وث الث بن ات‪ ...‬ول م يك ن ھ ذا كس راً لقاع دة ِ‬ ‫ألن المواشي ماتت وفـُقِدت‪ .‬أما األبناء فقد رحلوا إلى عالم أفضل‪ ،‬وھكذا أص بح‬ ‫لديه عشرين ابنا ً وابنة‪ ،‬عشرة على األرض وعشرة في السماء‪.‬‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 68 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫أؤمن‬ ‫‪ +‬قال أحدھم‪ :‬إنني أؤمن بالشمس حتى لو لم تكن ساطعة‪،‬‬ ‫وأؤمن با حتى لو صمت ولم يتكلم‪.‬‬ ‫‪ +‬من السھل أن نؤمن با عندما نرى المعجزات‪...‬‬ ‫ولكن ما أصعب أن نحتفظ بھذا اإليمان‬ ‫عندما تحيط بنا الضيقات‪...‬‬ ‫‪ +‬إن اإليمان النظري يظھر فى المسرات‪...‬‬ ‫ولكن اإليمان العملي يتجلى وسط النكبات‪...‬‬ ‫ولكن ﷲ يطلب منا أن نثق فى غير المرئيات‪...‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 69 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"الثقة في الرب"‬ ‫" َفالَ َت ْط َر ُحوا ثِ َق َت ُك ُم التي لَ َھا ُم َج َ‬ ‫ازاةٌ َعظِ ي َم ٌة‪ ) " .‬عب ‪(35 : 10‬‬

‫‪ ‬ظ ل الفت ى يع اني م ن آالم الخ راج ال ذي ي ؤلم قدم ه من ذ أكث ر م ن أس بوع‪.‬‬ ‫وتكررت نصائح والده ‪-‬الذي كان جراحا ً ماھراً‪ -‬أن ھذا الخراج ال ب د م ن فتح ه‬ ‫وتنظيف الصديد بالكامل‪ .‬وأن العالج المستعمل لن يؤدي إلى نتيجة وأن التأخير‬ ‫ف ي اس تعمال المش رط ي ؤدي إل ى تحم ل المزي د م ن األل م ال ذي ال يق اس مطلق ا ً‬ ‫باللحظات التي تستغرقھا الجراحة‪ ،‬ورغم أن الفتى كان قد شاھد أباه مراراً وھو‬ ‫يجري مثل ھذه الجراحات لألقارب والمعارف إال أن األمر يختلف كثي راً عن دما‬ ‫يتعل ق األم ر ب ه ھ و شخص ياً‪ ،‬واخ تلس نظ رة إل ى األدوات الجراحي ة فب دت ل ه‬ ‫كأنھا سيوف ورماح يستحيل أن يدعھا تعبث في جسده ‪...‬‬ ‫‪ ‬وفي تلك الليلة لم يزر النوم أجفانه من شدة األل م‪ ،‬واس تيقظ وال ده فج راً عل ى‬ ‫صوت آھاته وبدأت جولة جديدة من النقاش حول حتمي ة الجراح ة وأل م المش رط‬ ‫ولم يكن للكالم الذي اعتاد األطباء أن يطمئنوا به المرضى أي أثر‪.‬‬ ‫‪ ‬ولكن األب الحك يم ق ال ل ه بثق ة ‪" :‬ھ ل تعل م م ن سيمس ك بالمش رط؟ إن أب اك‬ ‫ي مازال ت تحت اج لمزي د م ن‬ ‫المح ب ھ و الممس ك ب ه‪ ...‬ھ ل محبت ي ل ك وثقت ك ف ﱠ‬ ‫ال ِعش رة حت ى أثبتھ ا ل ك؟ وحت ى تت يقن أن ي اخت رت ل ك الح ل األص وب واألق ل‬ ‫ألما ً" وھنا انھارت مقاومة الفتى وعناده وس لم نفس ه ب ين ي دي أبي ه‪ ،‬وبع د لحظ ة‬ ‫ألم من وخزة المشرط تدفق الصديد وشعر براحة كان قد نسيھا وش عر أن الجب ل‬ ‫الج اثم عل ى ص دره ق د ان زاح‪ ,‬واخ تلس نظ رة أخ رى للمش رط الالم ع الح اد‬ ‫فرأى فيه بلسما شافيا ال سيفا ً قاتالً‪ ,‬وبعد دقائق كان يـُقــَبـﱢل يدي أبيه قبلة تختل ف‬ ‫عن كل يوم‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 70 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" ھبة األلـم "‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يح الَ أَنْ ُت ْؤ ِم ُنوا ِب ِه َف َق ْط َب ْل أَ ْيضًا‬ ‫" َق ْد وُ ھ َ‬ ‫ِب لَ ُك ْم ألجْ ِل المَسِ ِ‬ ‫ألَجْ لِهِ‪) ".‬في ‪(29 : 1‬‬

‫أَنْ َت َتأَلَّمُوا‬

‫‪ ‬من السھل أن نفھم أن اإليمان بالمسيح ھبة ثمينة بل ھو أساس كل الھبات‪...‬‬ ‫فبه نخلص وننال الحياة االبدية وكل البركات الروحية في السماويات‪.‬‬ ‫‪ ‬لكن ربما يستغرب البعض من قول الرسول أن اآلالم ألجل المسيح ھ ي ھب ة‬ ‫ثمين ة أيض ا ً‪ .‬ألن ه ش رف عظ يم وامتي از كبي ر أن نت ألم ألج ل خ اطر ال ذي أحبن ا‬ ‫وت ألم ألجلن ا‪ .‬ول يس ذل ك فق ط ب ل اآلالم ألج ل المس يح تقت رن بف رح وتعزي ة ف ي‬ ‫الحاضر وبمجد وإكليل في المستقبل‪.‬‬ ‫‪ ‬ولك ن ل نالحظ أم راً ھام ا ً وھ و أن ھب ة اإليم ان بالمس يح يعطيھ ا ﷲ لن ا ب ال‬ ‫وحيﱠ ٍة فِ ي‬ ‫حدود ككل بركاته التي يعطيھ ا لن ا بغن ى‪ .‬فلق د " بَا َر َكنَ ا بِ ُك ﱢل بَ َر َك ٍة ُر ِ‬ ‫يح " )أف ‪ (3 : 1‬أم ا ھب ة اآلالم فيعطيھ ا ﷲ لن ا بمق دار‬ ‫ال ﱠ‬ ‫ت فِ ي ا ْل َم ِ‬ ‫س َما ِويﱠا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫س ي ًرا بِت َ​َج ا ِر َب‬ ‫مح دد يق ول عن ه بط رس الرس ول "إِنْ َك انَ يَ ِج ُ‬ ‫ب ‪ -‬ت ُْح َزنُ ونَ يَ ِ‬ ‫ُمتَنَ ﱢو َع ٍة" )اب ط ‪ .(6 :1‬وعب ارة "إن ك ان يج ب" تعن ي أن ﷲ ال يعط ي اآلالم‬ ‫إال علي قدر ما يلزم لفائدتنا الروحية‪.‬‬ ‫‪ ‬وھ ذا يش به م ا يفعل ه الص يدلي ال ذي يكت ب عل ي زجاج ة ال دواء الجرع ة‬ ‫المض بوطة م ع التح ذير " ال تتج اوز المق دار"‪ .‬ويزن ه ب الملليجرام ل ئال ي أتي‬ ‫ب فِ ي‬ ‫بنتيجة عكسية وھو ما ال يسمح به إلھنا الحكيم كم ا نق رأ " َول ِك نﱠ ُك ﱠل تَأْ ِدي ٍ‬ ‫َن‪َ .‬وأَ ﱠما أَ ِخي ًرا فَيُ ْع ِطي الﱠ ِذينَ يَتَ َد ﱠربُونَ بِ ِه ثَ َم َر‬ ‫ا ْل َح ِ‬ ‫ح بَ ْل لِ ْل َحز ِ‬ ‫اض ِر الَ يُ َرى أَنﱠهُ لِ ْلفَ َر ِ‬ ‫سالَ ِم " )عب ‪(11 : 12‬‬ ‫بِ ّر لِل ﱠ‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 71 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" الذي يحبه الرب "‬ ‫ن َي ْق َبل ُ ُه")عب‪(6 : 12‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫"ألَنَّ الَّذِي ُي ِح ُّب ُه َّ‬ ‫ب ُي َؤ ِّد ُب ُه‪َ ،‬و َي ْجلِ ُد ُكل َّ ا ْب ٍ‬

‫‪ ‬ال تخلو حياة إنسان من آالم التأديب‪ ،‬إال أن البعض يكون نصيبھم منھ ا أكث ر‬ ‫من غيرھم‪ .‬ولكنھا طالت أم قصرت ھي فترة يسيرة ‪ ...‬ال يُ ﱠس ر بھ ا ﷲ‪ .‬ولكنھ ا‬ ‫قد تكون حتمية إلصالح ضعف فينا‪ .‬فال تقلق وا أيھ ا االحب اء ألن الممس ك بزم ام‬ ‫األمور ھو ﷲ الذي يحبنا‪.‬‬ ‫‪ ‬وأحيانا ً نجد صعوبة بالغة في أن نأتي إلى ﷲ بأحزاننا!‬ ‫وقد يقول البعض كيف أفعل ذلك وھل سيشعر ﷲ بأحزاني ؟!‬ ‫نعم ﷲ يشعر بأحزاني بل ويرثي ل ي أيض ا ً‪ ...‬ﷲ عل ى اس تعداد أن يق ف ج انبي‬ ‫بل ويزيل كل أحزاني‪.‬‬ ‫‪ ‬ال يوج د وض ع يمك ن أن يوج د في ه اإلنس ان إال ويس تطيع أن ي أتي إل ى ﷲ‬ ‫طالبا ً المعونة‪.‬‬ ‫‪ ‬وخ الل م رض أل يم أص ابني نل ت تعزي ة ال توص ف ش اعراً أن الس ماء ھ ي‬ ‫بيت ي وحض ن اآلب ھ و مك اني‪ .‬ث م زاد الم رض وأعل ن الط ب عج زه فش عرت‬ ‫بمزيد من االنتماء إلى ﷲ الذي يعين‪.‬‬ ‫‪ ‬ال يوجد وقت للنفس التي تثق في ﷲ أحلى من وقت التجربة‪.‬‬ ‫وعندما ننظر إلى ال وراء س نجد الكثي ر لنش كر علي ه ألج ل تجاربن ا أكث ر م ن أي‬ ‫شيء آخر‪ ......‬سيأتي وقت فيه تنتھي كل أحزاننا ولكن يظل ال رب ھ و الص ديق‬ ‫الذي يبقي لنا إلى األبد‪...........‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 72 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" اإلبتھاج بالرب "‬ ‫َ‬ ‫ِب َع َمل ُ َّ‬ ‫ص َن ُع‬ ‫الز ْي ُتو َنةِ‪َ ،‬وا ْل ُحقُول ُ الَ َت ْ‬ ‫وم ‪َ .‬ي ْكذ ُ‬ ‫" َف َم َع أ َّن ُه الَ ُي ْز ِھ ُر التينُ ‪َ ،‬والَ َي ُكونُ َح ْمل ٌ فِي ا ْل ُك ُر ِ‬ ‫ح ِبإِل ِه َخالَصِ ي‪"!!!.‬‬ ‫ب َوأَ ْف َر ُ‬ ‫الر ِّ‬ ‫اودِ‪َ ،‬فإِ ِّني أَ ْب َت ِھ ُج ِب َّ‬ ‫َط َعا ًما‪َ .‬ي ْن َقطِ ُع ا ْل َغ َن ُم مِنَ ا ْل َحظِ َ‬ ‫يرةِ‪َ ،‬والَ َب َق َر فِي ا ْل َم َذ ِ‬ ‫)حب ‪(18- 17 : 3‬‬

‫‪ ‬إن ﷲ يري د م ن الم ؤمنين أن يعرف وا أن ھ ذا الع الم بري ة تج ارب وآالم لك ي‬ ‫يفطمھ م عن ه بع د أن يكتش فوا بأنفس ھم ع الم يس تندون‪ .‬فمھم ا كان ت الظ روف‬ ‫مؤلم ة فھ و يري دھم أن يفرح وا ب ه وفي ه وال يتكل وا عل ى مص در س واه‪ .‬ومھم ا‬ ‫اش تدت الض غوط فھ و الملج أ والحم ى الوحي د للقل ب‪ ،‬يقودن ا ف ي امتحان ات‬ ‫وتجارب ھو الذي يعرف لزومھ ا لن ا‪ ،‬حينئ ذ ن درك معن ي العب ارة "فَ َر ًح ا أَ ْف َر ُح‬ ‫سي بِإِل ِھي" )إش ‪ (10 : 61‬وھو فرح ينبع من داخ ل القل ب ال‬ ‫بِال ﱠر ﱢب‪ .‬تَ ْبتَ ِھ ُج نَ ْف ِ‬ ‫يتأثر بالضيقات‪ ،‬ونابع م ن بھج ة الخ الص المع د لن ا‪ .‬فھ ذا ھ و البي ت المؤس س‬ ‫على الصخر وھذا ھو الفرح الحقيقي الذي ال ينزعه أحد منا‪.‬‬ ‫‪ ‬أما الف رح الخ ارجي بم ا نحص ل علي ه م ن ي دي ال رب فھ و ف رح ھ ش كبي ت‬ ‫مبني على الرمال يتزعزع بل ويسقط مع أول تجربة‪.‬‬ ‫ك ل العطاي ا من ك خي ر ي ا حبي ب‬

‫حت ى اآلالم م ن ي ديك ل ي تطي ب‬

‫فلست أنظـر ما تعطـــيه يداك‬

‫بل أنظـر ثقــب يديك والصليب‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 73 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" مغزى‬

‫األلـــم "‬

‫" َولكِنْ لَ َنا َ‬ ‫ضل ُ ا ْلقُ َّو ِة ِ ِ الَ ِم َّنا‪2) ".‬كو‪(7:4‬‬ ‫ان َخ َزفِ َّيةٍ‪،‬لِ َي ُكونَ َف ْ‬ ‫ھذا ا ْل َك ْن ُز فِي أَ َو ٍ‬

‫‪ ‬كانوا قديما ً يضعون كنز العمالت والحلي الذھبية ف ي آني ة خزفي ة ويخبئونھ ا‬ ‫إل ى ح ين الحاج ة إليھ ا ‪ ...‬وعندئ ذ ف ال م انع م ن كس ر تل ك اآلني ة الرخيص ة‬ ‫للحص ول عل ى الكن ز المخب وء داخلھ ا‪ .‬ونح ن أيض ا يج ب أن نع رف أنن ا لس نا‬ ‫إال تلك األواني الخزفية التي يختارھا القدير ليخفي فيھا كنوزه‪.‬‬ ‫‪ ‬كذلك األيضا الثمار الشھية تح اط بقش ور‪ .‬ق د تك ون ص لبة كالبن دق أو رقيق ة‬ ‫كالموز‪ .‬ولكن في الحالتين فال بد من نزع القشرة عن الثمرة أوالً حتى نأكلھا‪.‬‬ ‫وھك ذا ف إن كثي راً م ن اآلالم ف ي حياتن ا ھ و نتيج ة ن زع القش رة أو تحط يم اآلني ة‬ ‫الخزفية حت ى يُخ رج ﷲ إل ى الن ور الكن وز أو الثم رة الت ي بال داخل‪ .‬ل ذا ف إذا كن ا‬ ‫نري د أن نختب ر الحي اة األبدي ة فيج ب أن ن تخلص م ن القش ور األرض ية الت ي‬ ‫يستحيل أن ندخل إلى عرس الخروف وھي علينا‪ .‬ف ال ب د م ن نزعھ ا واس تبدالھا‬ ‫بثي اب الع رس‪ ،‬ألن م ن يح اول التس لل ب دون ثي اب الع رس س يُط َرد م ن ھن اك‪.‬‬ ‫ويكون نصيبه في النار المعدة إلبليس ومالئكته‪.‬‬ ‫‪ ‬ونزع قشرتنا األرضية وتحطيمھا ال بد أن يصاحبه بعض اآلالم التي نقبلھا‬ ‫بسرور ألننا نشتھي الحياة األبدية ونضحي بكل ما قد يحول دون دخولنا إلى‬ ‫عرس الخروف‪ ،‬لذا ‪ ..‬وما دام األمر ھكذا ‪ ....‬فمرحبا ً بتلك اآلالم المحررة‪...‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 74 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫القشور واللباب‬ ‫‪ ‬ما شربت كأس علقم إال وكانت ثمالتھا عسالً‪..‬‬ ‫‪ ‬وما صعدت عقبة حرجة إال بلغت سھالً أخضر‪..‬‬ ‫‪ ‬وما أضعت صديقا ً في ضباب السماء إال وجدته في جالء الفجر‪..‬‬ ‫فالحياة ليست بسطحھا بل بخفاياھا‪ ،‬وال المرئيات بقشورھا بل بلبابھا‪،‬‬ ‫وال الناس بوجوھھم بل بقلوبھم‪...‬‬ ‫‪ ‬فكم من قشور مرة تخفي في قلبھا ثماراً حلوة ‪....‬‬ ‫وقد نتساءل كيف يجتمع النقيضان؟‪ ...‬ولكنھا حكمة ﷲ!‬ ‫‪ ‬إذا كنا نريد أن نصل إلى الجزء الحلو‬ ‫فالبد وأن نعبر على الجزء المر أوالً‪.‬‬ ‫فھذا ھو جوھـر مسيحيتنا‪.‬‬ ‫فالصليب والقيامة وجھان لعملة واحدة‬ ‫وال يمكن أن نتمجد معه ما لم نتألم معه‬ ‫وھكذا نجد أن األلم يسبق المجد‬ ‫والجسد الممزق على الصليب يسبق الجسد الممجد‬ ‫والمرارة تسبق الحالوة‪ ..‬والظلمة تسبق النور‪ ..‬والليل يسبق الفجر‪..‬‬ ‫ولكن البد في النھاية أن يشرق النور مبدداً كل ظالم‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 75 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" الصورة الكاملة "‬ ‫س َب َّ‬ ‫اح ُك ُموا ُح ْك ًما َعا ِدالً" )يو‪(24:7‬‬ ‫الظاھ ِ​ِر َب ِل ْ‬ ‫"الَ َت ْح ُك ُموا َح َ‬

‫‪ ‬م ن يح دق ط ويالً ف ي الص ور الص غيرة القريب ة يتع ذر علي ه رؤي ة الص ور‬ ‫الكبيرة البعيدة‪ ....‬وقد نفع ل ھ ذا كثي راً فنظ ل مح دقين لج زء أس ود ف ي الص ورة‬ ‫ونراه مظلما ً ومؤلما ً ونتساءل لماذا ھذا الجزء أسود؟!‬ ‫‪ ‬لماذا ھذا الحزن الذي يحيط بنا من كل ناحية؟!‬ ‫ولكن لو رفعن ا أعينن ا قل يالً وتأملن ا بقي ة الص ورة لوج دنا أن ھ ذا الج زء األس ود‬ ‫كان الزما ً حتى تكتمل الصورة وبدونه قد تصبح الصورة ناقصة وغير جميلة‪..‬‬ ‫‪ ‬ھكذا حياتنا تبدو أمام ﷲ كلوحة يرسمھا ھو بي ده وق د ي رى أن لوحت ه تحت اج‬ ‫إلى قلي ل م ن الل ون األس ود ‪ -‬رغ م أن ه ق اتم وح زين ‪ -‬إال أن ه يظھ ر جم ال بقي ة‬ ‫األلوان ويحييھا ويظھر نضارتھا‪ .‬ولذا فإن الرس ام األعظ م )ﷲ( ل ن يت أخر ع ن‬ ‫إضافة ھذا اللون حتى تكتمل اللوحة‪ ،‬أما نحن فلننتظر حتى نري الصورة كامل ة‬ ‫وال نظل محدقين بالجزء األسود‪..‬‬ ‫‪ ‬ونفس المعنى يعرفه أيضا ً كل من يشتغل بخيوط الكنف اه وي رى الص ورة م ن‬ ‫ظھرھ ا حت ى آخ ر وق ت‪ ،‬في رى مجموع ة م ن الخي وط المعق دة المتش ابكة‬ ‫الت ي ال ت وحي بوج ود لمح ة فني ة ف ي ھ ذا العم ل‪ .‬ولك ن بمج رد االنتھ اء منھ ا‬ ‫ورؤي ة الص ورة م ن وجھھ ا نتعج ب م ن الف ارق الكبي ر ب ين وجھ ي الص ورة‬ ‫ونتأسف على قصر النظر الذي يجعلنا نسرع بإصدار أحكام عاجلة خاطئة‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 76 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" حياة التسليم "‬ ‫"سلمنـــا فصرنــا نـُحمــــل " )أع‪(15 :27‬‬

‫‪ ‬جميع االشياء تحدث في الوقت المناسب لحدوثھا‪ .‬وفي ھذه الحقيقة األولية‬ ‫شيء من الطمأنينة‪..‬‬ ‫‪ ‬قد تحدث لنا أشياء كثيرة في الحياة‪ ،‬منھا المفرح ومنھا المؤلم وقد نقف‬ ‫أمامھا عاجزين‪ .‬فالماضي ولـﱠى وال مجال لتغييره‪ ،‬والمستقبل مجھول ال نعلم‬ ‫عنه شيئا ً‪ ،‬وكل ما نملكه ھو الحاضر فقط‪ .‬وفي استطاعتنا أن نجعله سعيداً‬ ‫أو تعيساً‪ ،‬مبھجا ً أو مؤلما ً‪ .‬فاذا عرفنا أن كل ما يحدث لنا ھو بسماح من ﷲ‬ ‫وقد حدث في الوقت الذي عينه ﷲ‪ ،‬إذا تأكدنا أننا في يد ﷲ األمينة ولسنا لعبة‬ ‫في يد األقدار فسنطمئن ونكف عن القلق ألن قائداً ناجحا ً ھو الذي يقود حياتنا‬ ‫وھو قد خرج غالبا ً ولكي يغلب فھو لم يُھزم أبداً ھكذا نستطيع أن ندعوه لكي‬ ‫ينتصر في حياتنا وال يتركنا‪.‬‬ ‫‪ ‬فلماذا نخاف ونحن قد سلمنا حياتنا في يد قائدنا الظافر‪.‬‬ ‫◄إذا دخ ل المس يح ب ين القل ب واآلالم تص بح اآلالم نعيم اً‪ ،‬ألن الض يق حينئ ذ‬ ‫يقربن ا أكث ر إل ى المس يح‪ .....‬أم ا إذا دخل ت اآلالم ب ين القل ب والمس يح فعن دھا‬ ‫يص بح األل م جحيم ا ً ال يط اق‪.....‬ثقوا أيھ ا األحب اء أن ﷲ ب الظروف المعاكس ة‬ ‫يعمل فينا ألجل مجده أكثر مما نعمل نحن في الظروف المواتية‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 77 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"طريق األعالي"‬ ‫اب َوأَ ْك َر َب ال َّط ِريقَ الَّذِي ُي َؤدِّي إِلَى ا ْل َح َياةِ‪،‬‬ ‫ض َيقَ ا ْل َب َ‬ ‫" َما أَ ْ‬ ‫َو َقلِيلُونَ ُھ ُم الَّذِينَ َي ِجدُو َنهُ!" )مت‪(14:7‬‬

‫‪ ‬حق ا ً ق الوا أنن ا "ل ن نس تطيع بل وغ األع الى المني رة إال ع ن طري ق األعم اق‬ ‫المظلمة‪ ".‬فال يوج د طري ق ممھ د س ريع عل ى ط ول الخ ط‪ ،‬ف األمر ال يخل و م ن‬ ‫اختناق ات الم رور وض يق الطري ق‪ ،‬ك ذلك بع ض المطب ات الطبيعي ة أو حت ى‬ ‫الص ناعية لتجب ر الس يارة عل ى الس ير ب بطء ب ين الح ين والح ين‪ ،‬مم ا يض ايق‬ ‫الركاب‪ .‬ولكنھم يعلمون أنھا قد صنعت عمداً من أجل حفظ سالمتھم‪.‬‬ ‫‪ ‬ھكذا طري ق حياتن ا ال يس ير مس تويا ً إل ى األب د ب ل تعترض ه بع ض المطب ات‬ ‫التي تستوقفنا قليالً ولكنھا ال تعوقنا عن تكملة المس يرة‪ .‬فالس يارة إذا توقف ت عن د‬ ‫كل مطب تقابله فلن تصل أبداً إلى نھاية مشوارھا ولھذا نحن مط البون أن نك ون‬ ‫مث ل ھ ذه الس يارة‪ ،‬ق د نھ دئ م ن س رعتنا قل يالً ولك ن ال نتوق ف ل ئال نفق د وقت ا ً‬ ‫ق د نن دم علي ه فيم ا بع د‪ ،‬ب ل نس عي لألم ام م ؤمنين أن أمامن ا مش واراً ط ويالً‬ ‫علينا أن نستكمله‪.‬‬ ‫‪ ‬وبابنا الضيق قد يكون جھاداً روحيا ً أو خدمة الميل الثاني أو محبة األعداء‬ ‫وتحمل االضطھاد والظلم من أجل اسم المسيح‪ ...‬وكلھا يلزمھا أن نضع كلمات‬ ‫الرب عن الباب الضيق نصب أعيننا حتى نظل فرحين خالل الطريق‪.‬‬ ‫اشتھرت المسيحية بكونھا ديانة الباب الضيق والطريق الكرب‪ ...‬ألعل ﷲ يريد‬ ‫أن يضايق أوالده؟! حاشا ‪..‬ولكن ﷲ الكلي الحكمة له رأي مختلف من جھة‬ ‫الباب الضيق الذي يريدنا أن ندخل منه‪ ،‬والطريق الكرب الذي يطلب منا‬ ‫المسير فيه لنصل في النھاية إلى الحياة األبدية‪...‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 78 ‬‬

‫تعزيات‬


‫إلـى مـتـى؟‬ ‫اء؟‬ ‫ض ِ‬ ‫ب َت ْنسانِى؟‪ ..‬إلَى اال ْنقِ َ‬ ‫يار ُّ‬ ‫"إلَى َم َتى َ‬ ‫َو ْج َھك ع ِّنى؟"‬

‫رف‬ ‫ص ُ‬ ‫َح َّتى َم ّتى َت ْ‬

‫)مز‪(1:13‬‬

‫‪ ‬لع ل أح د األس ئلة الت ي تل ح بش دة عل ى الش خص الواق ع تح ت وط أة التجرب ة‬ ‫ھو ھذا السؤال المحير ‪ ....‬إلى متى؟ ‪ ...‬متى ترفع التجربة يا رب؟‬ ‫ھل بعد دقائق مثل الفتية الثالثة في أتون النار؟‬ ‫أم بعد ساعات مثل دانيال ‪ ....‬ومثل التالميذ الذين أتيت إليھم في الھزيع الرابع؟‬ ‫أم أيام مثل إبراھيم الذي ذھب ليذبح ابنه وظل ثالثة أيام في تجربة عسيرة؟‬ ‫أم سنوات طوال مثل يوسف في سجنه‪ ،‬وأيوب في مرضه‪ ،‬وداود في ھروبه؟‬ ‫أم قرون أربعة مثل شعب إسرائيل في مصر ‪ ...‬قبل أن يصعد إليك صراخھم؟‬ ‫أم مثل ب ولس الرس ول؟ ذاك ال ذي أتت ه إجابت ك واض حة‪ ،‬ف أيقن أن ش وكة جس ده‬ ‫ستظل معه حتى آخر العمر لكن نعمتك الغنية ستكفيه وقوتك ستكمل في ضعفه‪.‬‬ ‫‪ ‬ونحن كبشر ض عفاء محص ورون داخ ل إط ار ال زمن‪ .‬نص رخ إل ى ﷲ أثن اء‬ ‫التجربة ونقول له‪" :‬يا رب إن األلف سنة عندك كيوم واحد ولكن الدقيقة الواحدة‬ ‫في نار التجربة تمر علينا كأنھا قرون فمتى تنقضي التجربة يا رب؟"‬ ‫س لَ ُك ْم أَنْ‬ ‫وف ي االغل ب ال نحص ل عل ى إجاب ة ‪ ...‬أو تك ون اإلجاب ة ھ ي "لَ ْي َ‬ ‫تَ ْع ِرفُوا األَ ْز ِمنَةَ َواألَ ْوقَاتَ الﱠتِي َج َعلَ َھا‬ ‫س ْلطَانِ ِه" )أع‪(7:1‬‬ ‫اآلب فِي ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬وبعد زمن ‪ -‬يطول أو يقصر‪ -‬تمضي التجرب ة بحلوھ ا ومرھ ا ‪ ،‬وننظ ر إل ى‬ ‫الوراء فنتعجب كيف ولماذا تذمرنا ھكذا متھمين الرب أنه قد نسينا؟‬ ‫وكيف تغافلنا عن يده التي تسندنا وعنايته التي تظللنا؟ ‪ ...‬فھل نتعلم م ن أخطائن ا‬ ‫فال نكررھا؟ أم يعلو صوتنا بالشكوى مع كل تجربة جديدة ونسأل ‪" :‬إلى متى؟"‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 79 ‬‬

‫تعزيات‬


‫في وسط األشواك‬ ‫ض َف ُروا إِ ْكلِيالً مِنْ َ‬ ‫علَى َر ْأسِ ِه" )مت‪(29:27‬‬ ‫ض ُعوهُ َ‬ ‫ش ْوكٍ َو َو َ‬ ‫" َو َ‬ ‫ترنيمة جميلة‪ ،‬طالما شاركت فيھا وسمعتھا‪ .‬وفي كل مرة يستوقفني ھذا البيت‪:‬‬ ‫في وسط األشواك يا سيدي‬

‫عيناي تــراك يا سيدي‬

‫تضـــــــمــد جــــــــــــرحي‬

‫تجــــــــــــــدد فــرحـي‬

‫‪ ‬وأتساءل في حيرة عن مقصد الشاعر ‪ ...‬ھل يعني أنني أن ا الواق ع ف ي وس ط‬ ‫أشواك التجارب؟ فأرفع عيني نحو الرب حتى يضمد جرحي ويجدد فرحي‪.‬‬ ‫أم يقصد أن السيد ال رب ھ و المكل ل باألش واك فع الً ‪ ...‬وأنن ي أرف ع عين ي نح وه‬ ‫فيتناسى آالمه الرھيبة ويشفي بدمه جرحي ويجدد بدمعه فرحي؟‬ ‫والمعنيان جميالن وكالھما حقيقي‬ ‫ولك ن المعن ى الث اني ال نج ده إال‬ ‫عن د مس يحنا الق دوس‪ ،‬ذاك ال ذي‬ ‫أخذ م ا لن ا وأعطان ا م ا ل ه ‪ ...‬ك ان‬ ‫عقابن ا المس تحق أن تنب ت لن ا‬ ‫األرض ش وكا ً وحس كا ً ‪ ....‬فقـَب ـِل‬ ‫بإرادت ه أن يخل ع ع ن ھامت ه ت اج‬ ‫مل ك المل وك لتنغ رس أش واك‬ ‫األرض ف ي الجب ين المق دس ف ال‬ ‫ت ؤذي ق دمي أن ا الخ اطئ ‪...‬‬ ‫ماأعظم محبتك يا رب!‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 80 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" الملجأ في الضيق "‬ ‫" َﷲُ لَ َنا َم ْل َجأ ٌ َوقُوَّ ةٌ‪َ .‬ع ْو ًنا فِي ال ِّ‬ ‫ت وُ ِج َد َشدِي ًدا" )مز ‪(1 : 46‬‬ ‫ض ْي َقا ِ‬

‫‪ ‬يش ير ھ ذا المزم ور الجمي ل إل ى البقي ة التقي ة ف ي موق ف عص يب للغاي ة‪.‬‬ ‫وذلك عندما اتحدت جيوش األمم للفتك بأورشليم وتدميرھا تمام ا ً )زك ‪،2 : 12‬‬ ‫‪ (14-12‬وفي ھذا الوقت العصيب صرخ اليھود األمناء " ﷲ لنا ملجأ وقوة"‬ ‫‪ ‬وليتنا نتعلم الدرس! فعن دما تض غط علين ا الظ روف وال نلم ح بارق ة أم ل ف ي‬ ‫النجاة‪ ،‬وعن دما تحي ق بن ا الح وادث وك أن ي دأ خفي ة تس وقھا وتنس قھا لتوقعن ا ف ي‬ ‫قبضة اليأس ويبدو أنه ليس ثمة أمل‪ ...‬عندئذ نرى م ن ھ و عل ى أھب ة االس تعداد‬ ‫لمعونتنا فھو ملجأنا‪ ،‬وھو قوتنا‪.‬‬ ‫‪ ‬إن طرقه معنا قد تستعصي عل ى التفس ير ولك ن اإليم ان يتقب ل عمل ه ف ي ك ل‬ ‫الظروف واألحوال إلنه إله المحبة وعيناه ال تتحوالن عن البار‪.‬‬ ‫‪ ‬والبعض في مث ل تل ك الظ روف يبح ث ع ن الس لوى والتعزي ة ف ي المس رات‬ ‫األرضية واألف راح العالمي ة‪ .‬ولك ن ك ل ھ ذه المس رات المزعوم ة ال تس تطيع أن‬ ‫تب دد األح زان‪ .‬إذ ال يوج د س وى ص ديق واح د حقيق ي يق در أن يعزين ا‬ ‫ويمسح دمعنا‪.‬‬ ‫‪ ‬أال نض ع إذاً أي دينا الض عيفة ف ي ي ده الق ديرة؟ ونق ول ف ي ك ل الظ روف‬ ‫" نَ َع ْم أَيﱡ َھا‬ ‫س ﱠرةُ أَ َما َمكَ‪) " .‬مت ‪(26 : 11‬‬ ‫ُ‬ ‫ت ا ْل َم َ‬ ‫اآلب‪ ،‬ألَنْ ھ َك َذا َ‬ ‫صا َر ِ‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 81 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" للسكوت وقت وللتكلم وقت"‬ ‫ص َم ُّ‬ ‫ت‪ .‬الَ أَ ْف َت ُح َفمِي‪ ،‬ألَ َّن َك أَ ْن َت َف َع ْل َت‪) ".‬مز ‪.(9:39‬‬ ‫" َ‬ ‫‪ ‬يعرف كل باحث أنه عقب كل حقيقة يكتبھا في بحثه يجب أن يسجل اسم‬ ‫قائلھا‪ .‬وال تكتسب المعلومة مصداقيتھا من منطقيتھا بل من مصداقية قائلھا‪.‬‬ ‫وفي الحقيقة فإن كالم الكثيرمن العباقرة يبدو غير منطقي على اإلطالق‪.‬‬ ‫‪ ‬وما أكثر ما يختلف الباحثون حول بعض النقاط وتتناقض آراؤھم فيلجئون‬ ‫لواحد من أقطاب ھذا العلم ليدلي برأيه‪ ،‬وتكون كلمته ھي الفيصل الذي يقطع‬ ‫الشك باليقين ويصمت كل رأي معارض احتراما ً لخبرة ومصداقية العالم الذي‬ ‫لم يسبق له أن نطق بغير الحق‪.‬‬ ‫‪ ‬وما أجدرنا أن نتعلم منھم؛ فنثق ثقة مطلقة ف ي إلھن ا وال نف تح فمن ا اعتراض ا ً‬ ‫وال تذمراً على ما يفعله القدير‪ ،‬ليس عن قھر أو إذالل بل عن ثق ة وإج الل ل ذاك‬ ‫الذي يعرف جيداً ماذا يفعل‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 82 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫قالوا عن الضيقات‬ ‫‪ +‬ال توجد ضيقة دائمة تستمر مدى الحياة لذلك في كل تجربة تمر بك قل‪:‬‬ ‫مصيرھا تنتھي‪ ,‬سيأتي عليھا وقت وتعبر فيه بسالم‪.‬‬ ‫إنما خالل ھذا الوقت ينبغي أن تحتفظ بھدوئك وأعصابك‪ ،‬فال تضعف والتنھار‪،‬‬ ‫والتفقد الثقة في معونة ﷲ وحفظه‪) .‬البابا شنودة الثالث(‬ ‫\‬ ‫‪ +‬كن مطمئنا ً جداً جداً وال تفكر فى االمر كثيراً بل دع االمر لمن بيدة االمر‪.‬‬ ‫‪ +‬اليوجد شيء تحت السماء يقدر أن يكدرني أو يزعجني‬ ‫ألني محتمي في ذلك الحصن الحصين داخل الملجا األمين‬ ‫مطمئن في أحضان المراحم حائز على ينبوع من التعز ية‪...‬‬ ‫)من أقوال البابا كيرلس السادس(‬ ‫‪ +‬الذين اختبروا الضيقة فقط ولم يختبروا المعونة اإللھية فھم قوم لم يفتحوا‬ ‫عيونھم جيدا لكى يبصروا ﷲ‪.‬‬ ‫)البابا شنودة الثالث(‬ ‫‪ +‬تأكد أن بعد ھذه الضيقات سيعطى ﷲ النعمة ألن كل نعمة تتقدمھا محنة‪..‬‬ ‫فسلم امورك له فھو صادق في وعده‬ ‫) ال اھملك وال اتركك‪ ,‬إن نسيت األم رضيعھا أنا ال أنساكم(‪..‬‬ ‫متضايقين ولكن غير يائسين ملقين كل ھمكم عليه‬ ‫ألنه يھتم بكم‪...‬‬ ‫)من أقوال البابا كيرلس السادس(‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 83 ‬‬

‫تعزيات‬


‫العمل اإللھي‬ ‫" َقدْ َف َع ْلتُ ‪َ ،‬وأَ َنا أَ ْر َف ُع‪َ ،‬وأَ َنا أَ ْح ِمل ُ َوأ ُ َن ِّجي‪ ) " .‬إش ‪(4 : 46‬‬

‫‪ ‬إنھا آية صغيرة ل م تلف ت نظ ري م ن قب ل ولكن ي ح ين قرأتھ ا ب تمعن وج دت‬ ‫فيھا معنى رائعا ً عميقا ً‪ ...‬فما أروع ﷲ وما أرق قلبه وھو يواس ي قلوبن ا المتألم ة‬ ‫قائالً‪" :‬نعم أن ا ال ذي فعل ت ‪ ..‬أن ا ال ذي س محت بھ ذا" ول م يق ل ھ ذا ويس كت ب ل‬ ‫يكمل "وأنا أرفع وأنا أحمل وأنجي" معلنا استعداده لتحمل نتائج كل ما يعمل‪.‬‬ ‫‪ +‬فھو لم يسمح بدخول الفتية في األتون إال بعدما أرسل ابن اآللھة معھم‪.‬‬ ‫‪ +‬ولم يسمح لدانيال بدخول الجب إال عندما أرسل مالكه ليسد أفواه األسود‪.‬‬ ‫‪ +‬ولم يسمح للبحارة أن يلقوا يونان في البحر إال عندما أعد حوتا ً عظيما ً يبتلعه‪.‬‬ ‫‪ +‬ولم يترك إرميا في جب الوحل إال عندما أعد العبد الحبشي ليخرجه‪.‬‬ ‫‪ +‬ورغم أن السياف أطاح برأس يوحنا المعمدان إال أن ه قب ل ذل ك ك ان ق د ع زاه‬ ‫وقواه وشھد له أنه أعظم مواليد النساء‪.‬‬ ‫‪ +‬ول م يت رك الحج ارة تنھ ال عل ى رأس اس طفانوس ش ھيده إال بع د أن رأى‬ ‫السموات مفتوحة وابن اإلنسان قائما ً عن يمين ﷲ‪.‬‬ ‫‪ +‬وھك ذا ف ي ك ل م رة يفع ل ﷲ ش يئا ً م ع أوالده يك ون مس تعداً أن يرف ع‪...‬‬ ‫ويحم ل‪ ...‬وينج ي ‪ ...‬س واء عل ى األرض أو ف ي الس ماء‪ ،‬فلم اذا إذاً نحم ل الھ م‬ ‫ويمالً الحزن قلوبنا‪ .‬فلنذھب إليه بثقة ونـ ُذكـ ﱢره بكالمه ولنقل له‪:‬‬ ‫ھا أنت قد فعلت ونحن في انتظار أن ترفع الحزن عنا…‬ ‫وأن تحمل المسئولية معنا… وأن تنجي من كل ضيق أنفسنا…‬ ‫ولنثق أن الذي وعد صادق وأمين وال يترك كلمة ال ينفذھا‪...‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 84 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" لماذا‬

‫يجرح؟؟ "‬

‫ب‪َ .‬ي ْس َح ُق َو َيدَ اهُ َت ْ‬ ‫ان‪) ".‬أي‪(18:5‬‬ ‫ح َو َي ْعصِ ُ‬ ‫" ألَ َّن ُه ھ َُو َي ْج َر ُ‬ ‫شفِ َي ِ‬

‫‪ ‬كانت الطبيبة حديثة التخرج سعيدة بالبالطو األبيض واللقب الجديد‪،‬‬ ‫وفي أول أيام عملھا في سنة االمتياز في قسم العظام تعجبت من كم الحوادث‬ ‫التي يستقبلھا المستشفى وعدد الكسور المطلوب تجبيسھا يومياً‪ ،‬ولكن ما خفف‬ ‫عنھا ھو ذلك الطبيب األخصائي الذي يعلمھا كيف تمتص آالم المريض‬ ‫بابتسامة واثقة وكلمة طيبة وعالج سريع يُشعـِره بالتعاطف‪ ،‬ورغم أنھا تأكدت‬ ‫أن ھذا التخصص لن يناسبھا‪ ،‬إال أن فرحة المريض الذي يأتي ليفك الجبس‬ ‫فيجد كسوره قد التأمت كان كفيالً أن يخفف من وطأة ھذه المھمة الشاقة‪.‬‬ ‫‪ ‬وبعد مرور بضعة أيام أتت طفلة رائعة الجمال لم تستطع مظاھر الفقر‬ ‫البادية عليھا أن تداري جمال الطفولة البريئة في قسمات وجھھا‪ .‬وكانت‬ ‫المسكينة تعاني من لين العظام الذي جعل ساقيھا مقوستين‪ ،‬وبعد أن تشاور‬ ‫األخصائي مع والدي الطفلة استدعى الطبيبة لتفحصھا وسألھا "ھل تذكرين ما‬ ‫ھو عالج مثل تلك الحالة؟" وقبل أن تسترجع معلوماتھا كان الطبيب قد كسر‬ ‫بيديه القويتين عظمة الساق المعوجة ليعلو صراخ الطفلة من ھذا العنف الغادر‪.‬‬ ‫ولكن دموع الطفلة توقفت بعد لحظات بينما دموع الطبيبة ظلت تنھمر حتى‬ ‫وھي تضع الجبس على ساق الطفلة لتلتئم العظام في وضع مستقيم يعالج ما بھا‬ ‫من تقوس ‪ .....‬ومرت أسابيع وعادت الطفلة مع والديھا إلزالة الجبس وتھلل‬ ‫األھل فرحين ممتنين بنتيجة العالج‪ ،‬وسألوا موعداً لعالج الساق األخرى!!‬ ‫وعندما حان اليوم الموعود غالبت الطبيبة دموعھا وكسرت الساق األخرى‬ ‫بيديھا الرقيقتين قبل أن تضعھا في الجبس لتلتئم في الوضع الصحيح‪.‬‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 85 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" أين تسكب‬

‫نفسك؟ "‬

‫‪ ‬في األزمات نحتاج إل ى ص در متس ع يحت وي أحزانن ا وآذان ص اغية تنص ت‬ ‫ألنيننا ويد حانية تكفكف دمعنا‪ .‬ولكن من ھو ھذا الصديق؟‬ ‫‪ ‬البعض ال يجد صديقا ً سوى نفسه ليشكو لھا ھمه فيجتر أحزانه ليزيد شعوره‬ ‫سي َعلَ ﱠي")مز‪(4: 42‬‬ ‫بالمرارة "ھ ِذ ِه )الدموع( أَ ْذ ُك ُرھَا فَأ َ ْ‬ ‫س ُك ُ‬ ‫ب نَ ْف ِ‬ ‫‪ ‬وف ي مراث ي إرمي ا ِ◌نق رأً ع ن األطف ال ال ذين م زق الج وع أحش اءھم أثن اء‬ ‫ان أُ ﱠم َھ اتِ ِھ ْم‪) ".‬م را‪ (12:2‬لك ن‬ ‫حص ار أورش ليم "إذ تُ ْ‬ ‫ب نَ ْف ُ‬ ‫س َك ُ‬ ‫س ُھ ْم فِ ي أَ ْح َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ماعساھا أن تفعل تلك األم المسكينة في زمن الجوع الذي اجتاح البالد‪.‬‬ ‫‪ ‬ونح ن أحيان ا ً م ا نستش عر دفء حض ن أح د األحب اء فنس تريح ل ه وتج يش‬ ‫نفوس نا بآالمھ ا فنس كبھا ف ي حض نه‪ .‬لك ن م اذا عس اه يفع ل لن ا وھ و مج رد إن اء‬ ‫خزف ي تح ت اآلالم مثلن ا! وك م تك ون ص دمتنا قاس ية إذا تب رم م ن ش كوانا‪ ....‬أو‬ ‫باح بأسرارنا لآلخرين حتى ولو بحسن نية‪.‬‬ ‫‪ ‬لك ن م ا أروع تص رف حن ة أم ص موئيل الت ي أس اء ع الي الك اھن الظ ن بھ ا‬ ‫ب‬ ‫وح‪...‬أَ ْ‬ ‫وظنھا سكرى ب الخمر فأجابت ه ف ي اتض اع " إِنﱢ ي ا ْم َرأَةٌ َح ِزينَ ةُ ﱡ‬ ‫س ُك ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫س ي أَ َم ا َم ال ﱠر ﱢب" )‪1‬ص م‪ (15:1‬فلق د ع ذبتھا آالم العق م‪ ،‬وطحنتھ ا آالم الغ يط‬ ‫نَ ْف ِ‬ ‫من ضرتھا فبكت ولم تأكل‪ ،‬ولم يكن حضن ألقان ه ‪ -‬رغ م محبت ه لھ ا ‪ -‬باالتس اع‬ ‫الذي يعزيھا أو بالقدرة التي تشفيھا فازدادت مرارة نفسھا‪.‬‬ ‫‪ ‬ولكنھا أخيراً عرفت المكان الصحيح‪ ,‬فذھبت إلى الرب وھناك سكبت نفس ھا‬ ‫أمامه‪ ,‬وأفرغت أحزانھا عنده‪ .‬وما أروع النتيجة ‪ .....‬لق د قام ت وأكل ت وأش رق‬ ‫وجھھا ‪ ......‬ورزقھا ﷲ بواحد من خير من عرفھم التاريخ ‪ ....‬صموئيل النبي‪.‬‬ ‫وأنت أين تسكب نفسك في وقت حزنك لنفسك أم لآلخرين أم ؟‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 86 ‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫لؤلؤ وماس‬

‫‪‬‬

‫ليس اللؤلؤ سوي رأي البحر في الصدف‪...‬‬

‫‪‬‬

‫وال الماس سوي رأي الزمن في الفحم‪...‬‬

‫ومن الذي يتخيل أن اللؤلؤ لم يكن سوى حبة رمل صغيرة دخلت إلى قوقعة‬ ‫فآلمت الكائن الساكن فيھا فأفرز تلك المادة البديعة حول حبة الرمل‬ ‫فيحول خشونتھا نعومة ‪ ...‬وبعد وقت فتحنا القوقعة لنجد فيھا‬ ‫تلك اللؤلؤة الجميلة غالية الثمن‪...‬‬ ‫‪‬‬

‫من يستطيع أن ينظر إلى الماس وال ينبھر بجماله‬

‫ولمعانه الذي يخطف األبصار‪ ...‬ولكن من يتخيل أن ھذا الماس‬ ‫كان يوما ً قطعة فحم سوداء ال قيمة لھا ولكنھا دفنت في األرض‬ ‫قرونا ً عديدة وتحت ضغط كبير لتتحول إلى ماسة!!‬ ‫فالفحم والماس ما ھما إال ذرات من الكربون ولكن ما أكبر الفرق بينھما‬ ‫رغم إنھما من عنصر واحد ؟!‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ھل تريد أن تكون ماسا ً أم فحماً؟!‬

‫إذا كنت تريد أن تكون ماسا ً فعليك أن تتحمل الوسيلة الوحيد ة‬ ‫لتحويل الفحم إلى ماس‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 87 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"حرمان من الحياة أم سفينة للنجاة"‬ ‫ب َفأ َ َع َّد ُحو ًتا َعظِ ي ًما لِ َي ْب َتل َِع ُيو َنانَ " )يون ‪(17:1‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫"وأَ َّما َّ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬لم يشك أحد من البحارة أن ذلك المذنب الذي وقع ت علي ه القرع ة ف ألقوه ف ي‬ ‫البحر س يلقى حتف ه ف ي الح ال‪ .‬وإن ل م يغ رق فس تلتھمه األس ماك‪ .‬ولع ل بعض ھم‬ ‫شاھد بنفسه ذلك الحوت الضخم وھو يبتلع يونان فتحولت توقعاتھم إلى يقين‪.‬‬ ‫‪ ‬أما يونان نفسه فتعجب أن ك ل تل ك المي اه التي ارات واللج ج الھ ادرة حول ه ل م‬ ‫تخمد أنفاسه ولم تحرمه من الحياة بل إن جوف الحوت صار سفينة للنجاة‪.‬‬ ‫‪ ‬أتراھا قصة حدثت مرة من ذ ق رون أم أن الت اريخ يعي د نفس ه م راراً وتك راراً‬ ‫!!‬ ‫فك م م ن تجرب ة نظ ن أنھ ا ستقض ي عل ى ص احبھا ف إذا بھ ا تنقل ه م ن الم وت‬ ‫الروحي واألدبي إلى الحياة في رضى ﷲ ومشيئته‪.‬‬ ‫‪ ‬إذا رأيت الحوت يفتح فم ه ليبتلع ك ف ال تج زع ‪ ...‬فق د يك ون ھ ذا ھ و الم الك‬ ‫المنقذ الذي أرسله ﷲ خصيصا ً لك !! ولكن رؤية األمور على ھذا النح و تحت اج‬ ‫إلى بصيرة روحية ال يملكھا إال الذين يسلكون باإليمان ال بالعي ان ‪ .....‬فم ا أكث ر‬ ‫الحقائق الروحية التي تدركھا الجفون المغلقة وتعجز عنھا العيون الشاخصة‪.‬‬ ‫فلننصت إلى كلمات الشاعر ميخائيل نعيمة معبراً عن ھذا المعنى‪:‬‬ ‫إذا‬

‫سـمــــــــــــــاؤُك‬

‫أغمـــــض‬

‫جـــفــــونك‬

‫واألرض‬

‫حــــــــــــــــولك‬

‫أغمـــــض‬

‫جـــفـــــونك‬

‫وإن‬

‫بـــُــليـــــــــت‬

‫يـــــــــومأ‬ ‫تبصر‬ ‫إذا‬

‫أغمـــــض‬ ‫وعنـــــــــدما‬

‫المـــــــــوت‬

‫يدنــــــو‬

‫أغمـــــض‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫تحـــــــــت‬

‫في‬

‫نجــــــــوم‬ ‫بالثــــــــــــلوج‬

‫الثــــــــــــــــلوج‬

‫وقيـــــــــــــــــــــــــــــــل‬

‫بــــــــدا ٍء‬

‫جـــفـــــونك‬

‫الــــغــــيوم‬

‫توشـــــــــــحـــت‬

‫تبصر‬

‫تبصر‬

‫جــفــــــونك‬

‫تــــــحــــجــــبــــتْ‬ ‫خــلــــــــــف‬

‫بــــالــغـــــيـــــوم‬

‫الــــــــــداء‬

‫واللحـــــــــــــــــد‬

‫كل‬

‫دا ٌء‬

‫مروج‬ ‫عياء‬

‫الــــــــــدواء‬

‫يــــفــــــــــــــغر‬

‫فاه‬

‫في الـلـحــــــــــــــــــد مـھــــد الحــــــيـــاة‬

‫تبصـــــر‬

‫‪ 88 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" تجارب اإليمـــان "‬ ‫َ‬ ‫ضا أَنْ‬ ‫يح الَ أَنْ ُت ْؤ ِم ُنوا ِب ِه َف َق ْط‪َ ،‬بلْ أَ ْي ً‬ ‫"ألَ َّن ُه َقدْ ُوھ َ‬ ‫ِب لَ ُك ْم أل ْج ِل ا ْل َمسِ ِ‬ ‫َت َتأَلَّ ُموا ألَ ْجلِهِ‪) ".‬في‪(29:1‬‬ ‫‪ ‬ارت بط اإليم ان ف ي أذھانن ا باالنتص ارات والمعج زات‪ .‬ولك ن الھب ة األعظ م‬ ‫لإليمان ھي مشاركة رب المجد في حمل صليبه‪ ،‬وحتى أبطال اإليمان في العھ د‬ ‫القديم الذين رقدوا على رج اء القيام ة عاش وا نف س االختب ار أيض اً‪ ،‬فيق ول ع نھم‬ ‫ب ولس الرس ول َو َ‬ ‫س‪.‬‬ ‫آخ ُرونَ ت َ​َج ﱠربُ وا فِ ي ُھ ُز ٍء َو َج ْل ٍد‪ ،‬ثُ ﱠم فِ ي قُيُ و ٍد أَ ْي ً‬ ‫ض ا َو َح ْب ٍ‬ ‫ف‪ ،‬طَ افُوا فِ ي ُجلُ و ِد َغ نَ ٍم َو ُجلُ و ِد‬ ‫ش ُروا‪ُ ،‬ج ﱢربُ وا‪َ ،‬م اتُوا قَ ْتالً بِال ﱠ‬ ‫س ْي ِ‬ ‫ُر ِج ُم وا‪ ،‬نُ ِ‬ ‫س ت َِحقًّا لَ ُھ ْم‪ .‬تَ ائِ ِھينَ فِ ي‬ ‫ِم ْعزَى‪ُ ،‬م ْعتَا ِزينَ َم ْك ُروبِينَ ُم َذلﱢينَ ‪َ ،‬و ُھ ْم لَ ْم يَ ُك ِن ا ْل َع الَ ُم ُم ْ‬ ‫ض‪) .‬عب‪(38-36 :11‬‬ ‫ي َو ِجبَال َو َم َغايِ َر َو ُ‬ ‫بَ َرا ِر ﱠ‬ ‫وق األَ ْر ِ‬ ‫شق ُ ِ‬ ‫‪ ‬واآلالم ھي إكليل الش رف ال ذي يض عه ﷲ عل ي رأس قديس يه وأحبائ ه ال ذين‬ ‫وھب لھم أن يتألموا معه لكي يتمجدوا أيضا ً مع ه‪ .‬وھك ذا اس تقبل تالمي ذ المس يح‬ ‫اآلالم بفرح‪ .‬فيقال ع نھم بع دما جلِ دوا ألول م رة " َوأَ ﱠم ا ُھ ْم فَ َذ َھبُوا فَ ِر ِحينَ ِم نْ‬ ‫س ِم ِه" )أع‪(41:5‬‬ ‫س تَأْ ِھلِينَ أَنْ يُ َھ انُوا ِم نْ أَ ْج ِل ا ْ‬ ‫س بُوا ُم ْ‬ ‫أَ َم ِام ا ْل َم ْج َم ِع‪ ،‬ألَنﱠ ُھ ْم ُح ِ‬ ‫‪ ‬ون رى ب ولس وس يال مض روبين بالعص ي محبوس ين ف ي الس جن ال داخلي‬ ‫وأرجلھم مقي دة ف ي المقط رة‪ .‬ولكنھم ا يص ليان ويس بحان ﷲ بف رح حقيق ي جع ل‬ ‫المس اجين اآلخ رين م ذھولين لدرج ة أنھ م ل م يھرب وا م ن الس جن حت ى بع دما‬ ‫تزعزعت أساساته وانفتحت أبوابه!!‬ ‫‪ ‬فليت كل مؤمن ُم َجرﱠب يتذكر أنه كريم في عيني ﷲ حتى إذا بدا محتق راً ف ي‬ ‫أعين العالم‪ .‬وأنه إذا كان يحمل الص ليب الي وم فھ ذه ھ ي المقدم ة الطبيعي ة حت ى‬ ‫يشارك الرب في أفراح القيامة عن قريب‪.‬‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 89 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"ال تھتموا "‬ ‫علَ ْيهِ‪ ،‬ألَ َّن ُه ھ َُو َي ْع َتنِي ِب ُكم‪ 1) ".‬بط‪(7:5‬‬ ‫" ُم ْلقِينَ ُكل َّ َھ ِّم ُك ْم َ‬

‫‪ ‬ال تكتئب وتعول الھم بسبب الضيقة والتفكر فيھا كثيراً‪ ،‬ألنك ف ي الغال ب ل ن‬ ‫تستطيع أن تمنعھا ولكن عليك أن تستعمل خمسة مفاتيح في وقت الضيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬مفتاح الصالة‪:‬‬

‫بالصالة والصوم نواجه كل مشاكلنا وتجاربنا وضيقاتنا " َوا ْد ُعنِي فِي يَ ْو ِم‬ ‫ق أُ ْنقِ ْذ َك فَتُ َم ﱢج َدنِي")مز‪ ...(15:50‬تعودت الكنيسة أن تواجه الضيقة‬ ‫ال ﱢ‬ ‫ضي ِ‬ ‫بالصالة والصـوم )مثــل معجزة نقل جبل المقطم ‪ -‬بطرس وخروجه من‬ ‫السجن( ولذا تكرر قسمة الصوم الكبير ھذه الفكرة‪ ....‬الصوم والصالة‬ ‫ھما اللذان عمل بھما ‪ .......‬موسى ‪ ...‬إيليا ‪ ..‬دانيال ‪ ...‬أھل نينوى ‪....‬‬ ‫الشھداء ‪....‬األبرار والصديقون‪.....‬إلخ‬ ‫‪ -2‬مفتاح المواعيد‪:‬‬

‫تذكر وعود ﷲ وضع تحتھا خطوطا ً في كتابك المقدس وطالبه بتتميمھا‪:‬‬ ‫"ألَنﱢي أَنَا َم َعكَ‪َ ،‬والَ يَقَ ُع بِ َك أَ َح ٌد لِيُ ْؤ ِذيَكَ ‪) ".‬أع‪.(10:18‬‬ ‫َب" )تك‪.(2 :15‬‬ ‫" َوھَا أَنَا َم َعكَ ‪َ ،‬وأَ ْحفَظُ َك َح ْيثُ َما ت َْذھ ُ‬ ‫يح ُك ْم‪)".‬مت‪(28 :11‬‬ ‫ال‪َ ،‬وأَنَا أُ ِر ُ‬ ‫"تَ َعالَ ْوا إِلَ ﱠي يَا َج ِمي َع ا ْل ُم ْت َعبِينَ َوالثﱠقِيلِي األَ ْح َم ِ‬ ‫‪ -3‬مفتاح الثقة‪:‬‬

‫اعلم أن ﷲ قادر أن يغير كل شئ إلى أفضل وإلى العكس‪.‬‬ ‫س ُر َعلَ ْي َك أَ ْم ٌر " )أى ‪(2:42‬‬ ‫" قَ ْد َعلِ ْمتُ أَنﱠ َك تَ ْ‬ ‫َي ٍء‪َ ،‬والَ يَ ْع ُ‬ ‫ست َِطي ُع ُك ﱠل ش ْ‬ ‫ستَ َ‬ ‫ع لِ ْل ُم ْؤ ِم ِن " )مر ‪.(23:9‬‬ ‫طا ٌ‬ ‫َي ٍء ُم ْ‬ ‫" ُك ﱡل ش ْ‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 90 ‬‬

‫تعزيات‬


‫ع«‪) ".‬مت ‪.(26:19‬‬ ‫ستَطَا ٌ‬ ‫َي ٍء ُم ْ‬ ‫" ِع ْن َد ﷲِ ُك ﱡل ش ْ‬ ‫ليكن لك اإليمان با القادر على كل شيء‪.‬‬ ‫‪ -4‬مفتاح الرجاء‪:‬‬

‫اعلم أن باب ﷲ مفتوح أمامك على ال ـدوام‪ ،‬مھم ا أغلق ت ب اقي األب ـواب " ◌َ ھ ا‬ ‫ست َِطي ُع أَ َح ٌد أَنْ يُ ْغلِقَهُ‪) "،‬رؤ ‪.(8:3‬‬ ‫ُوحا َوالَ يَ ْ‬ ‫أنا َ َذا قَ ْد َج َع ْلتُ أَ َما َم َك بَابًا َم ْفت ً‬ ‫ال تنظر إلى األبواب المغلقة‪ ،‬ولكن أنظر إل ى المفت اح ال ذي ف ي ي د ﷲ‪ .‬حت ى ل و‬ ‫ش ﱠج ْع قَ ْلبُ كَ‪،‬‬ ‫ش ﱠد ْد َو ْليَتَ َ‬ ‫ب‪ .‬لِيَتَ َ‬ ‫تأخر ﷲ فى حل المشكلة فت ذكر وع ده‪" :‬ا ْنت َِظ ِر ال ﱠر ﱠ‬ ‫ب " )مز ‪..(14:27‬‬ ‫َوا ْنت َِظ ِر ال ﱠر ﱠ‬ ‫‪ -5‬مفتاح األبدية‪:‬‬

‫التطل ع إل ى األبدي ة يخف ف م ن وط أة الض يقة واآلالم‪ ،‬ويرف ع قلوبن ا إل ى الكن ز‬ ‫ش ُئ لَنَ ا أَ ْكثَ َر فَ أ َ ْكثَ َر ثِقَ َل َم ْج ٍد أَبَ ِديًّا‪".‬‬ ‫ض يقَتِنَا ا ْل َو ْقتِيﱠ ةَ تُ ْن ِ‬ ‫الس ماوي‪" .‬ألَنﱠ ِخفﱠ ةَ ِ‬ ‫)‪2‬كو ‪ .(17:4‬ويجعلنا نتيقن أن ه حت ى ل و ل م نفھ م الح ل عل ى األرض فس نفھمه‬ ‫ص نَ َع ا ْل ُك ﱠل‬ ‫في السماء‪ ،‬وھذا ھو السر الذي وصل إليه سليمان الحك يم إذ ق ال‪َ " :‬‬ ‫ض ا َج َع َل األَبَ ِديﱠ ةَ فِ ي قَ ْل بِ ِھ ِم‪ ،‬الﱠتِ ي بِالَ َھ ا )ب دونھا( الَ يُ ْد ِر ُك‬ ‫س نًا فِ ي َو ْقتِ ِه‪َ ،‬وأَ ْي ً‬ ‫َح َ‬ ‫سانُ ا ْل َع َم َل الﱠ ِذي يَ ْع َملُهُ ﷲُ ِمنَ ا ْلبِدَايَ ِة إِلَى النﱢ َھايَ ِة‪) ".‬جا‪(11:3‬‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ِ‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 91 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" مدرسة ﷲ "‬ ‫" ھ َُو َذا ﷲُ َي َت َعالَى ِبقُدْ َرتِهِ‪َ .‬منْ ِم ْثلُ ُه‬

‫ُم َعلِّ ًما؟")أي ‪(22 :36‬‬

‫‪ ‬أن أسوأ ما يتذكره الطالب عن المدرسة ھو االمتحان‪ ،‬ففترة االمتحانات ھ ي‬ ‫أكثر الفترات تعبا ً للطال ب وألس رته فالك ل يص اب بالش د العص بي وتـُعل ـَن حال ة‬ ‫الطوارئ في كل البيوت‪ .‬ولكنھا فترة البد أن يجتازھا الطالب‪ ،‬حت ى ينتق ل للع ام‬ ‫التالي‪ .‬وسريعا ً ما تنتھي االمتحانات وتـُعلـَن النت ائج وت أتي فرح ة النج اح لتمح و‬ ‫كل أثر لتعب االمتحانات‪.‬‬ ‫‪ ‬فإن كان ھذا ھو الحال في مدارس البشر فما بالكم بمدرس ة ﷲ؟ إنھ ا مدرس ة‬ ‫فري دة م ن نوعھ ا تختل ف ع ن م دارس البش ر كثي راً‪ ،‬ولكنھ ا ال تخل و م ن‬ ‫االمتحانات التي يجريھا ﷲ ألوالده لينقلھم من مس توى إل ى آخ ر حت ى يتخرج وا‬ ‫بجدارة ويكونوا مؤھلين للعرس األبدي في السماء‪.‬‬ ‫◄ولمدرس ة ﷲ خص ائص عجيب ة‪ ،‬فھ ي أض خم مدرس ة عل ى اإلط الق إذ أن‬ ‫تالميذھا بالملي ارات‪ .‬ورغ م كث رتھم إال أن فيھ ا معلم ا ً واح داً فق ط ھ و ﷲ نفس ه‪.‬‬ ‫وب رغم الع دد الض خم إال أن ه ال يوج د تك دس ف ى فص ولھا‪ ،‬فك ل تلمي ذ ل ه فص له‬ ‫الخاص به! ولكثرة وتنوع علومھا ال يحصل فيھا اثنان على نفس الشھادة!‬ ‫وما أعجب مناھجھا! فھي توضع طبقا ً لحالة كل تلميذ وحسب قصد المعلم‪.‬‬ ‫◄فقد التح ق بھ ا ج دعون وھ و يع اني م ن ص غر ال نفس‪ .‬فوض ع ل ه منھج ا ً كل ه‬ ‫تشجيعات ب دأ ب القول "ال رب مع ك ي ا جب ار الب أس"‪ ...‬والتح ق بھ ا إرمي ا ال ذي‬ ‫يشعر بضآلته وصغر سنه فبدأ تعليمه بالقول "ال تقل إنى ولد"‪...‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 92 ‬‬

‫تعزيات‬


‫◄ومن جانب أخر التحق بھا جبابرة بأس بالطبيعة كإيليا الذي كان قياديـا ً وسط‬ ‫الناس‪ ،‬فوضع له منھجا ً عكس يا ً تمام ا ً يتض من اختب اءه بعي داً ع ن الن اس لتعول ه‬ ‫الغربان وتأويه أرملة أممية‪...‬‬ ‫◄أما بطرس المقدام الواثق جداً في ذاته وفي قدرته عل ى النج اح ف ي أي مج ال‬ ‫فوضع له منھجا ً مكثفا ً يختبر فيه فشله‪ .‬وأصبح درس الفش ل الق ادر عل ى تحط يم‬ ‫أي إنسان ھو وسيلة نجاح بطرس في مدرسة ﷲ‪...‬‬ ‫لقد جعله يختبر الفشل في صيد السمك رغم اتقانه له‪ ...‬والفشل في أعز م ا يمل ك‬ ‫وھو محبته ووالؤه للسيد عندما أنكره أمام العبيد والجواري‪.‬‬ ‫◄وكما تختلف مناھج التعليم البشري ولكنھا تتفق في وج ود امتح ان آخ ر الع ام‬ ‫ھكذا تختلف من اھج مدرس ة ﷲ إال أن القاس م المش ترك فيھ ا جميع ا ھ و الض يقة‪.‬‬ ‫وكلھ ا من اھج تس عى لتفري غ التلمي ذ م ن ذات ه ليك ون ك ل اعتم اده عل ى ﷲ وح ده‬ ‫الذي ال نقدر أن نفعل شيئا ً بدونه‪.‬‬ ‫‪ ‬وإذا كان التعليم ف ي م دارس البش ر ين تج أناس ا ً ن افعين للمجتم ع‪ ،‬ف التعليم ف ى‬ ‫مدرسة ﷲ ھو وحده الذى ينتج إنسانا ً نافعا ً للسيد‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 93 ‬‬

‫تعزيات‬


‫" من يھرب من الضيقة " يھرب‬ ‫‪ ‬علمتني الحياة أنه على قدر ما تكون التجارب موض ع حي رة س تكون موض ع‬ ‫إعجاب وشكر عندما نتبين حكمة ﷲ‪.‬‬ ‫ال تتعج ب م ن ت دبير ﷲ لحياتن ا‪ ،‬فھ و ض ابط الك ل وف ي نف س الوق ت ھ و مح ب‬ ‫البشر يدبر كل صغيرة وكبيرة في حياتنا‪.‬‬ ‫ال ذين ترك وا ك ل ش يء ف ي ي د ﷲ ‪ ،‬اعت ادوا أن ي روا ي د ﷲ ف ي ك ل ش يء‪.‬‬ ‫‪ ‬قد ال تفھم اآلن حكمت ه ف ي ترتي ب حيات ك‪ ،‬لك ن تأك د إن ﷲ أش د حنان ا ً علي ك‬ ‫من نفسك ‪ ،‬فقط سلم له حياتك إن سلمت كل أم ورك‬

‫ف آمن إن ه ق ادر أن يظھ ر‬

‫عجائبه‪ .‬ال بد أن تعلم أنك في يد ﷲ وحده ولس ت ف ي أي دب الن اس وال ف ي أي دي‬ ‫التجارب واألحداث وال في أيدي الشياطين‪.‬‬ ‫‪ ‬ﷲ ضابط للكل ال ينعس وال ينام‪ ,‬ال تظن ه بعي داً ف ي مش اكلك إن ه يراق ب ك ل‬ ‫ش يء ويعم ل ألجل ك ال تتض ايق إن ت أخرت اس تجابة ﷲ ل ك ألن ه يخت ار الوق ت‬ ‫المناسب إلتمام طلباتك فھو يحبك أكثر مم ا تح ب نفس ك‪ ...‬اتك ل علي ه وال تي أس‬ ‫واستمر في اإللحاح حتى يعطيك‪.‬‬ ‫‪ ‬اق رن دائم ا ً طلبات ك بص الة " ل تكن مش يئتك " وألن ه يحب ك يخت ار ل ك م ا‬ ‫يناسبك وقد يعمل عكس رغبتك لفترة ثم يستجيب لك‪ ،‬واعلم أنه يفرح بص لواتك‬ ‫ويكافئك في السماء بأمجاد ليس لھا مثيل‪.‬‬ ‫‪ ‬كلما ازدادت الضيقة اقتربت من الحل‪ ,‬عندما تزداد الض يقات علي ك وتخس ر‬ ‫الش يء تل و األخ ر ف ال تن زعج ألن ﷲ يع د م ن ھ ذه الخس ارة فوائ د كثي رة ل ك‬ ‫ال تراھا إال بعد حين‪ ،‬فكل ما يمر بك ھو بسماح من ﷲ الذي يحبك‪ ...‬فاعمل م ا‬ ‫تستطيعه للخروج من المشكلة حتى لو كان عمالً ص غيراً‪ ،‬ف ا ينظ ر إل ى تعب ك‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 94 ‬‬

‫تعزيات‬


‫وينقذك‪ .‬وكل كلمة معزية أو فرصة للراحة ھ ي منف ذ يرس له ﷲ ل ك لتخ رج م ن‬ ‫الض يقة‪ ،‬ف ال تھمل ه و تستس لم للي أس فكلم ا ازدادت الض يقة اقترب ت م ن الح ل‪،‬‬ ‫فالمشاكل ھرمية وعندما تتعب جداَ وتصل إلى قمة المش كلة س يبدأ االنح دار إل ى‬ ‫أسفل لتحل المشكلة و تخرج من كل المتاعب‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫حقل التجلد‬ ‫‪ ‬زرعت أوجاعي في حقل من التجلد فأنبتت أفراحا ً‬ ‫ال تخلو حياة من األوجاع ولكن تختلف طريقه تعاملنا‬ ‫مع الحياة وأوجاعھا‪..‬‬ ‫‪ +‬فمنا من يحزن على نفسه ويظل طول الوقت يرثي ذاته‬ ‫ويتساءل لماذا أنا بالذات؟! ألم يجد ﷲ غيري من البشر‬ ‫حتى تحل كل ھذه الكوارث على رأسي ؟!‬ ‫‪ +‬وھناك من يواجه آالمه بشجاعة ويزرع أوجاعه‬ ‫في حقل من الصبر ومع الصبر نجد أن بذور األوجاع التي‬ ‫زرعناھا قد أنبتت أشجاراً ضخمة من األفراح والبھجة‪...‬‬ ‫‪ +‬والصبر قادر أن يداوي جميع أنواع األلم‬ ‫فيحولھا فرحا ً وابتھاجا ً‪....‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 95 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"دعاء من جوف الھاوية"‬ ‫ص َر ْخ ُ‬ ‫" َد َع ْو ُ‬ ‫او َيةِ‪َ ،‬ف َسمِعْ َ‬ ‫ت‬ ‫ت مِنْ ضِ يقِي الرَّ بَّ ‪َ ،‬فاسْ َت َجا َبنِي‪َ .‬‬ ‫ت مِنْ َج ْوفِ ْال َھ ِ‬ ‫ص ْوتِي‪)".‬يون‪(1 :2‬‬ ‫َ‬

‫إن كنت في ضيقة‪ ,‬فتذكر حوت يونان‪...‬‬ ‫إن الحوت قد يبتلعك و لكنه ال يستطيع أن يؤذيك والبد أنه سيأتى الوقت الذي‬ ‫فيه يأمر الرب الحوت أن يقذفك الى البر‪.‬‬ ‫‪ ‬حتى أن كنت فى بطن الحوت فأنا معك‪. ..‬ال أھملك و ال أتركك فى جوف‬ ‫الحوت‪ .‬فى جوف الحوت ركع يونان وصلى للرب صالة من اعظم الصلوات‪.‬‬ ‫حقا ان الضيقات ھى مدرسة للصالة‪.‬‬ ‫حاذر من ان تشكو كلما ابتلعك حوت‪ .‬فالحيتان فى بحر ھذا العالم كثيرة‪.‬‬ ‫ال تجعل الضيقات واالحزان واالالم تبتلعك‬

‫مھما كان نوعھا‪ ,‬ومھما كانت قوتھا‬ ‫ومھما شعرت بعجزك وضعفك تجاھھا‬ ‫حتى لو شعرت بأنه ال مخرج‬ ‫والكل قد تركك وحيداً‪ ,‬وليس لك سند او معين‬ ‫وأن الحزن قد اعتصر قلبك‪ ,‬وصغرت روحك فيك‬ ‫تنادي وليس مغيث‪ ,‬تطلب وليس مستجيب‬ ‫فقط كل ماعليك ھو‪...‬‬ ‫أن تثبت قلبك وعينيك نحو مخلصك وفاديك‪..‬‬ ‫نحو السيد المسيح‪ ,‬حتى لو تاخر فى االستجابة‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 96 ‬‬

‫تعزيات‬


‫ليكن إيمانك به كامالً أنه سيخلصك‬ ‫فال تئن أو تتذمر من تاخره‬ ‫ألنك إن صبرت تأخذ نصرة وبركة عظيمة‬ ‫تذكر مونيكا ظلت ‪ 20‬عاما ً تبكي وتصلي بال انقطاع أو تذمر‬ ‫ونھاية صبرھا صار ابنھا اغسطينوس قديسا ً عظيما ً‬ ‫تذكر أيوب كيف صبر وتحمل كل الباليا‬ ‫وكانت إمراته واصدقائه معزيين متعبين‬ ‫ولكن فى النھايه صار أعظم مما كان عليه‬ ‫ثق في الذي أخرج يونان من جوف الحوت بعد ثالثه أيام‬ ‫سيخرجك حتما ً من جوف الضيقات‬ ‫ثق في الذي أخرج دانيال من جب األسود‬ ‫سيخرجك حتما ً من جوف اآلالم واألھوال‬ ‫ثق في الذي اخرج الفتيه الثالثه من أتون النار‬ ‫سيخرجك حتما من أتون التجارب واألحزان‬ ‫ماھوااليمان؟‬ ‫"ھو الثقة بما يرجى واليقين بأمور الترى" )عب‪(1 :11‬‬ ‫فثق بالرب الھك‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 97 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"سيف جليات"‬ ‫س ْي َف ُه َو ْ‬ ‫اخ َت َر َط ُه ِمنْ غ ِْم ِد ِه َو َق َتلَ ُه‬ ‫ف َعلَى ا ْلفِل ِْسطِ ين ِِّي َوأَ َخ َذ َ‬ ‫ض َد ُاو ُد َو َو َق َ‬ ‫" َف َر َك َ‬ ‫س ُه‪1) ".‬صم‪(50:17‬‬ ‫َو َق َط َع ِب ِه َر ْأ َ‬ ‫‪ ‬خفقت قلوب بني إسرائيل بشدة وھم يرون الفتى داود يتقدم بثقة نحو المارد‬ ‫جليات‪ ،‬واطمأن الفلسطينيون ألن نتيجة ھذه المعركة محسومة لصالحھم‪.‬‬ ‫ورغم اختالف مشاعر الجيشين‪ ،‬إال أننا لو سألناھم جميعا ً "أي رأس سيقطعھا‬ ‫سيف جليات اليوم؟" فستكون اإلجابة باإلجماع ‪" :‬رأس داود" !!‬ ‫‪ ‬ولكن الحقيقة أن سيف جليات قد قطع رأس جليات في ذلك اليوم الفريد!!‬ ‫والضيقة ھي سيف جليات الموضوع في يد إبليس ليرھب به أبناء ﷲ ويجعلھم‬ ‫يعتقدون أنه سيقضي بھا على الشخص المجرﱠب ‪ ....‬ولكن كثيراً ما يكرر‬ ‫المؤمنون ما فعله داود قديما ً‪ .‬فيتسلحون بحجارة ومقالع )صالة وصوم وأسرار‬ ‫الكنيسة( ينتصرون بھا على إبليس وتكون الضيقة السالح الذي يھزمون به‬ ‫إبليس وليس العكس!‬ ‫‪ ‬وبعد ستة قرون تكررت القصة بصورة‬ ‫مماثلة عندما أعد ھامان لمردخاي صليبا‬ ‫صلِب عليه‪ ،‬لذا يجب أال ندع إبليس يتسلل‬ ‫ف ُ‬ ‫إلى أنفسنا مستغالً حاالت الضعف التي ال بد‬ ‫أن نواجھھا من حين آلخر‪ .‬فيبث سموم‬ ‫أكاذيبه مدعيا ً أن الضيقة تعني تخلي ﷲ‬ ‫عنا ‪ ....‬ويا لحسرة من ينخدع مصدقا إبليس‪.‬‬ ‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 98 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"الرفيق قبل الطريق "‬ ‫وج ُد َط ِر ٌ‬ ‫ان ُم ْس َتقِي َم ًة‪َ ،‬و َعاقِ َب ُت َھا‬ ‫يق َت ْظ َھ ُر ل ِ​ِإل ْن َ‬ ‫" ُت َ‬ ‫س ِ‬ ‫ُط ُر ُق ا ْل َم ْوتِ‪) ".‬أم‪(12 :14‬‬ ‫‪ ‬يتعجب كثيرون من س ذاجة وغب اء ال ذين يترك ون طريق ا ً واس عا ً رحب ا ً تس ير‬ ‫فيه األغلبية ليمشوا في طريق ضيق كرب ل م تخت ره س وى األقلي ة‪ ... .‬ولھ م ف ي‬ ‫ذلك بعض العذر فھذا ضد المنطق البشري‪.‬‬ ‫‪ ‬ولكن دعنا نسأل ھذه األغلبية ‪ :‬أيھما أفضل؟‬ ‫ھ ل ھ و ذاك الطري ق ال ذي يكتنف ه الض يق‪ ،‬وتج د في ه خي ر رفي ق يص حبك إل ى‬ ‫الفردوس حيث يغمرك بحبه العميق ؟‬ ‫أم ھ و الطري ق الس ھل الرحي ب حي ث ال تش عر أن ك غري ب وأب داً ال تحم ل‬ ‫الص ليب ‪ ...‬وف ي النھاي ة فالمص ير كئي ب ويص حبك إبل يس إل ى جھ نم م ن ن ار‬ ‫ولھيب ؟‬ ‫‪ ‬ھ ل رأي تم مس افراً ال يھم ه أي ن ي ذھب ولكن ه فق ط يھ تم بالبح ث ع ن وس يلة‬ ‫مواصالت مريحة؟ ‪ ....‬إذا تعجبت وأسفت لھذا السائح الساذج الغافل فاحذر لئال‬ ‫تكون مثله!‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 99 ‬‬

‫تعزيات‬


‫"لماذا تنجح طريق األشرار؟"‬ ‫سالَ َم َة األَ ْ‬ ‫ت مِنَ ا ْل ُم َت َك ِّب ِرينَ ‪ ،‬إِ ْذ َرأَ ْي ُ‬ ‫"ألَ ِّني ِغ ْر ُ‬ ‫ار"‬ ‫ت َ‬ ‫ش َر ِ‬ ‫)مز‪(3:73‬‬ ‫‪ ‬ھذا السؤال يتكرر في كل جيل وربما مع كل شخص من األبرار إذ يرى‬ ‫نفسه في ضيق بينما األشرار ينعمون بالصحة والسالمة!‬ ‫ونفس السؤال طرحه إرميا على الرب فقال له‪:‬‬ ‫اص َم َك‪.‬‬ ‫أبَ ﱡر أَ ْنتَ يَا َر ﱡب )أنت أكثر براً( ِمنْ أَنْ أُ َخ ِ‬ ‫ش َرا ِر؟‬ ‫ق األَ ْ‬ ‫ل ِكنْ أُ َكلﱢ ُم َك ِمنْ ِج َھ ِة أَ ْح َكا ِم َك )أريد أن أفھم حكمتك( لِ َما َذا تَ ْن َج ُح طَ ِري ُ‬ ‫صلُوا )ثبتت جذورھم في األرض(‪.‬‬ ‫اِ ْط َمأَنﱠ ُك ﱡل ا ْل َغا ِد ِرينَ َغ ْد ًرا! َغ َر ْ‬ ‫ستَ ُھ ْم فَأ َ ﱠ‬ ‫يب فِي فَ ِم ِھ ْم )يتكلمون عنك كثيراً( َوبَ ِعي ٌد ِمنْ‬ ‫نَ َم ْوا َوأَ ْث َم ُروا ثَ َم ًرا‪ .‬أَ ْنتَ قَ ِر ٌ‬ ‫ُكالَ ُھ ْم‪).‬جمع كـُلية والمقصود القلب‪ ....‬أي أنھم منافقون مراؤون( ‪.‬‬ ‫ويرد الرب رداً عجيبا ً على إرميا فيقول له‪:‬‬ ‫‪ ‬إِنْ َج َريْتَ َم َع ا ْل ُمشَا ِة فَأ َ ْت َعبُوكَ‪ ،‬فَ َكيْفَ تُبَا ِري ا ْل َخ ْي َل؟ )أن ت مث ل طف ل ص غير‬ ‫يا إرميا بحيث أنك تضطر إلى الجري لكي تالح ق رج الً يمش ي فكي ف تفك ر أن‬ ‫تسابق الخيل؟؟(‬ ‫سالَ ِم‪ ،‬فَ َكيْفَ تَ ْع َم ُل فِي ِك ْب ِريَا ِء األُ ْردُنﱢ ؟‬ ‫ض ال ﱠ‬ ‫‪ ‬وإن ُك ْنتَ ُم ْنبَ ِط ًحا ِفي أَ ْر ِ‬ ‫)وأنت مثل شخص يخاف وينبطح أرضاً‪ ،‬حتى وھو في وضع آمن بعيداً عن‬ ‫أي خطر فماذا تفعل إذا تعرضت لفيضان نھر األردن؟؟(‬ ‫وفي كال اإلجابتين تشبيه ضمني يـُذكـﱢر اإلنسان أنه كثيراً ما يعجز عن فھم‬ ‫حكمة ﷲ في األمور اليسيرة فما له يتطلع إلى فھمھا في األمور العسيرة؟‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 100‬‬

‫تعزيات‬


‫" آثار على الرمال‬

‫"‬

‫الر ْك َب َت ْي ِن ُتدَ لَّلُونَ ‪.‬‬ ‫َع َلى األَ ْيدِي ُت ْح َملُونَ َو َعلَى ُّ‬ ‫ان ُت َع ِّزي ِه أ ُ ُّم ُه ھ َك َذا أ ُ َع ِّزي ُك ْم أَ َنا" )أش‪(13:12-66‬‬ ‫َكإِ ْن َ‬ ‫س ٍ‬

‫‪ ‬لعل معظمنا قد قرأ ھذه القصة ‪ ...‬ولكننا ال نستطيع أن ننھي كتابنا ھذا دون‬ ‫أن نذكرھا ‪ ...‬وھي قصة الرجل الذي حلم بنفسه يسيرعلى شاطئ البحر برفقة‬ ‫الرب‪ .‬ونظر خلفه ليرى فترات من حياته تلمع أمامه ومع كل فترة يرى آثار‬ ‫أقدام على الرمال‪ ،‬فكان ھناك آثار أرجل شخصين‪ ...‬فبدت الواحدة آثار قدميه‪،‬‬ ‫واألخرى آثار قدمي الرب وھو يسير بجانبه‪.‬‬ ‫ولدى فترات التجارب القاسية في حياته‪ ،‬كانت‬ ‫ھناك آثار لقدمين فقط على الرمال مما أزعجه‬ ‫‪ ‬فأخذ يعاتب الرب "لقد وعدت أال تتركني أبداً‬ ‫فما بالك تختفي في اللحظات الصعبة من حياتي‪،‬‬ ‫وتتركني وحدي أتخبط وسط أمواج الحياة؟"‬ ‫فنظرالرب إليه بمحبة وحنان‪ ،‬وأجابه "ابني‬ ‫العزيز الغالي‪ ...‬إني أحبك جداً جداً‪ ،‬وال أتخلى‬ ‫عنك أبدا‪ ...‬فقد كنت معك دوما ً‪ ،‬وعنما اشتدت‬ ‫التجارب وكثرت آالمك‪ ...‬عندما كنت ترى آثار‬ ‫قدمين فقط على الرمال‪ ،‬ألنك في تلك األوقات‬ ‫الصعبة لم يكن لديك قوة على السير وكانت‬ ‫قدماي فقط على الرمال‪ ،‬ألنني كنت أحملك‪....‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 101‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫قالوا عن الضيقات‬ ‫‪ +‬إن اللـه يسمح بالضيقة‪ ،‬ولكن بشرط أن يقف معنا فيھا‪ .‬ولھذا يغني المرتل‬ ‫في المزمور‪ :‬لوال أن الرب كان معنا‪ ،‬حين قام الناس علينا‪ ،‬البتلعونا ونحن أحياء‪،‬‬ ‫عند سخط غضبھم علينا‪ُ ..‬مبارك الرب الذى لم يسلمنا فريسة ألسنانھم‪،‬‬ ‫نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصياديـن‪ .‬الفـخ إنكسـر ونحـن نجونــا)مز ‪.(124‬‬ ‫)البابا شنودة الثالث(‬ ‫‪ +‬إذا اعتقدت أنك تستطيع أن تسلك طريق الرب بدون تجارب فاعلم أنك تسير‬ ‫خارجه وبعيدا عنه وعلى غير خطى القديسين‪.‬‬ ‫‪ +‬األحزان المرسلة إلينا ليست سوى عناية ﷲ بنا‪.‬‬ ‫)القديس مارإسحق السرياني(‬ ‫‪ +‬اليجوز أن نقيس وجود ﷲ معنا بالراحة في العالم فالمشاكل والضيقات‬ ‫ليست عالمة التخلى‪ .‬ﷲ يسمح بھا لنأخذ ما فيھا من بركة ومن اكاليل‬ ‫وخبرة في الحياه ولكى تزكيك وتصقلك‪.‬‬ ‫فإن أسعد أوقات اللص اليمين وھو مصلوب مع المسيح‪.‬‬ ‫‪ +‬كن شديداً فى الضيقه التجعل الضيقة تحطمك‪..‬‬ ‫إنما حطمھا أنت بايمانك‪ .‬فإن وقعت الزجاجة على الصخرة‬ ‫التتحطم الصخرة‪ ..‬إنما الزجاجة‪..‬‬ ‫كن إذا صخرة‪....‬‬ ‫)قداسة البابا شنودة(‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 102‬‬

‫تعزيات‬


‫‪‬‬ ‫" صــالة تسليم للرب "‬ ‫يا رب في يدك كل شيء‪ .‬أنت تفتح وال يقدر أحد أن يغلق‪.‬‬ ‫وإن أغلقت من يستطيع أن يفتح ؟‬ ‫إن بنيت ال يقدر أحد أن يھدم‪،‬‬ ‫وإن سمحت بانقطاع المطر جف كل شيء‪.‬‬ ‫وإذا سمحت عنايتك بالخصب امتألت األرض ماء‪.‬‬ ‫وإن أرجعت كل شيء إلى العدم فمن يقدر أن يقاوم مشيئتك‪.‬‬ ‫أنت خالق كل شيء والمتسلط على كل شيء وفي يدك كل شيء‪،‬‬ ‫فمن نحن التراب والدود والعدم حتى نعترض على إرادتك‪.‬‬ ‫كل شيء تحت إرادتك وليس من يقاوم مشيئتك‪.‬‬ ‫من أنا يا رب إن لم ترشدني حكمتك‪ ،‬وتؤيدني يدك‪ ،‬وتضبطني يمينك‪،‬‬ ‫فقربني يا ﷲ إليك وعرفني ذاتك ألسلك أمامك بالحق واالستقامة‬ ‫حسب إرادتك من اآلن وإلى األبد‪ .‬آمين‪.‬‬

‫رسائل تعزية‪...‬‬ ‫السماء‬

‫‪ 103‬‬

‫تعزيات‬


‫* إھداء…………‪5 …………..‬‬ ‫* تقديم …………‪7 …………..‬‬ ‫* المقدمة …………‪8 .………..‬‬ ‫* التجربة ……………‪13 ...….‬‬ ‫* لماذا األلم؟…………‪33 …….‬‬ ‫* رسائل تعزية ………‪43 …….‬‬ ‫‪ -1‬معزون متعبون…‪43.........‬‬ ‫‪ -2‬بكى يسوع ‪45 .................‬‬ ‫‪ -3‬وأعوض لكم ‪48 ...............‬‬ ‫‪ -4‬لئال تكلوا ‪50 ...................‬‬ ‫‪ -5‬وسط العاصفة ‪52 .............‬‬ ‫‪ -6‬لكــن ‪54 ........................‬‬ ‫‪ -7‬أقوال مأثورة ‪55...............‬‬ ‫‪ -8‬طبيب القلوب ‪56 ..............‬‬ ‫‪ -9‬بيت على الصخر ‪58 .........‬‬ ‫‪ -10‬التعزية ‪59 ....................‬‬ ‫‪ -11‬الذي يعزي ‪60 ...............‬‬ ‫‪ -12‬الرجاء ‪61.....................‬‬ ‫‪ -13‬كطفل كنت افكر ‪62 .........‬‬ ‫‪ -14‬الھم والصالة والشكر ‪64 ...‬‬ ‫‪ -15‬السالم ‪66 .....................‬‬ ‫‪ -16‬الفرح الحقيقي ‪67 ...........‬‬ ‫‪ -17‬ألن ﷲ أخذه ‪68 .............‬‬ ‫‪ -18‬أؤمن ‪69 ......................‬‬ ‫‪ -19‬الثقة في الرب ‪70 ...........‬‬ ‫‪ -20‬ھبة األلم ‪71 ..................‬‬

‫محتويات الكتاب‬ ‫السماء‬

‫‪ -21‬الذي يحبه الرب ‪72 ..............‬‬ ‫‪ -22‬اإلبتھاج بالرب ‪73 ...............‬‬ ‫‪ -23‬مغزى األلم ‪74 ...................‬‬ ‫‪ -24‬القشور واللباب ‪75 ..............‬‬ ‫‪ -25‬الصورة الكاملة ‪76 ..............‬‬ ‫‪ -26‬حياة التسليم ‪77 ...................‬‬ ‫‪ -27‬طريق األعالي ‪78 ...............‬‬ ‫‪ -28‬الملجأ في الضيق ‪81 ............‬‬ ‫‪ -29‬للسكوت وقت ‪82 ................‬‬ ‫‪ -30‬قالوا عن الضيقات‪83 ...........‬‬ ‫‪ -31‬العمل اإللھي ‪84 .................‬‬ ‫‪ -32‬لماذا يجرح؟ ‪85 .................‬‬ ‫‪ -33‬أين تسكب نفسك؟ ‪86 ...........‬‬ ‫‪ -34‬لؤلؤ وماس ‪87 ...................‬‬ ‫‪ -35‬حرمان من الحياة ‪88 ............‬‬ ‫‪ -36‬تجارب اإليمان ‪89 ...............‬‬ ‫‪ -37‬ال تھتموا ‪90 .......................‬‬ ‫‪ -38‬مدرسة ﷲ ‪92 .....................‬‬ ‫‪ -39‬من يھرب من الضيقة ‪94 .......‬‬ ‫‪ -40‬دعاء من جوف الھاوية ‪96 .....‬‬ ‫‪ -41‬سيف جليات ‪98 ..................‬‬ ‫‪ -42‬الرفيق قبل الطريق ‪99..........‬‬ ‫‪ -43‬لماذا تنجح طريق األشرار‪100..‬‬ ‫‪ -44‬آثار على الرمال ‪101 ............‬‬ ‫‪ -45‬قالوا عن الضيقات ‪102 .........‬‬ ‫‪ -46‬صالة تسليم للرب ‪103 ..........‬‬

‫‪ 104‬‬

‫تعزيات‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.