ﺗﻔﺴﻴﺮ رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻴﻠﺒﻲ اﻟﻘﺲ اﻧﻄﻮﻧﻴﻮس ﻓﻜﺮي ﻛﻨﻴﺴﺔ اﻟﺴﻴﺪة اﻟﻌﺬراء ﺑﺎﻟﻔﺠﺎﻟﺔ اﻻﺻﺪار اﻟﺜﺎﻧﻲ 2012
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي -جدول رسالة فيلبي رقم اإلصحاح مقدمة
رقم اإلصحاح فيلبي 1
رقم اإلصحاح فيلبي 2
رقم اإلصحاح فيلبي 3
رقم اإلصحاح فيلبي 4
1
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (المقدمة)
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (المقدمة)
عودة للجدول
تنقسم بالد اليونان إلى مقاطعتين رئيسيتين هما :إخائية فى الجنوب وأشهر مدنها كورنثوس وأثينا ،ومقاطعة
مكدونية فى الشمال وأشهر مدنها فيليبى وتسالونيكى .ولقد ضم فيلبس المكدونى فيليبى إلى مملكته سنة 653
وحصنها ودعاها بإسمه .وفيلبس المكدونى هو أبو اإلسكندر األكبر. ووسعها ق.م ّ ّ وفيليبى تشمل مناجم ذهب .وهى طريق رئيسى بين أوروبا وآسيا .ولموقعها الجغرافى صارت مدينة تجارية هامة ولقد سقطت تحت يد الرومان سنة 831ق.م وأصبحت فيما بعد كولونية (أع .)81 :83أى مستعمرة لها إمتيازات خاصة تحت حكم الرومان .ولقد أسكن أغسطس قيصر جنوده المنتصرين فيها مكافأة لهم .وكان
سكانها يتمتعون بكل حقوق وامتيازات المواطن الروماني كسكان روما تماماً .وال يدفع أهلها ضرائب ،مما جعلهم
يعتبرونها جزًء من روما (وهذا معنى كولونية) .ولذلك كان أهل فيليبى يفتخرون بهذا الوضع ولسبب رعويتهم الرومانية المتميزة .بل كانوا يلبسون أزياء رومانية ،حتى صارت فيليبى صورة مصغرة لروما .وقبل إيمان فيليبى
إنتشر فيها السحر والعرافة والعبادات الوثنية ،أى أن الشيطان كان مسيط اًر على أهل المدينة.
زارها بولس الرسول سنة 51م حيث أسس أول كنيسة فى أوروبا بعد أن ظهر له فى رؤيا رجل مكدونى يطلب
إليه قائالً "أعبر إلينا وأعنا" (أع .)6:83فآمن على يديه كثيرون منهم ليديا ،وكانت ليديا أول من آمنت فى فيليبى .وفيها ُس ِجن الرسوالن بولس وسيال حيث أخرجهما الرب فكر از للسجان وأهل بيته وكانا بولس وسيال قد
ُسجنا بسبب ثورة حدثت حينما أخرج بولس الشياطين من العرافة فغضب أسيادها النقطاع أرباحهم .وهم قبضوا على بولس وسيال ظناً منهم أنهما يهوديان ،ثم أدركوا أنهما رومانيان .وكان ليس من السهل القبض على
الرومان إالّ بحسب القانون الرومانى ،لذلك إذ عرفوا أنهما رومانيان أطلقوا سراحهما. تاريخ كتابتها:
ُيرجح أنه نحو سنة 36م قرب نهاية أسر بولس األول فى روما ،حيث كان يتوقع سرعة اإلفراج عنه (،86:8 .)12،16 :1( + )15ورسائل األسر األول هى أفسس وكولوسى وفيليبى وفليمون. غرض الرسالة: لما سمع أهل فيليبى أن بولس مسجون ومريض أرسلوا له أبفرودتس بالعطايا والهدايا .ولكن أبفرودتس مرض أثناء خدمته لبولس فى روما .واذ مرض أبفرودتس وقارب الموت ،سمع بذلك أهل فيليبى وحزنوا، فحزن الرسول على حزنهم وأرسل لهم يطمئنهم على أبفرودتس وأرسله لهم ليطمئنوا .وأرسل لهم أيضاً يشكرهم
على عطاياهم ومحبتهم ( .)81،83،81 :2 + 15:1وهو يشيد بهم لتبرعاتهم (1كو :1 + 6،1 :88
.)2،6ولنرى مشاعر الحب العجيبة فى محبة الكل للكل .وبولس لم يقبل مساعدة مالية سوى من أهل فيليبى
وذلك لشعوره بمحبتهم الحقيقية ومشاعرهم الطيبة ،أما هو عن نفسه فنعرف أنه قد تعلم أن يكون قنوعاً
2
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (المقدمة)
ومقتنعاً بما عنده حتى لو كان قليالً .بل أن أهل فيليبى تبرعوا بالكثير ألورشليم (1كو )5-8 :1حيث ترى
إشارة بولس الرسول لكرم كنائس مكدونية.
وردت كلمة الحب فى هذه الرسالة 88مرة ،وهى خالية من التوبيخ أو النقد ،بل نرى فيها عواطف حارة
نحو أبناء لهم مكانتهم الخاصة فى قلب الرسول ،إذ ذهب إليهم برؤيا ،وكانوا أول كنيسة يؤسسها فى أوروبا. ونرى فى الرسالة إهتمام الرسول برعيته المحبوبة .ومحبته الخاصة لهم وفرحته بهم إذ كانوا كنيسة قوية.
وبالرغم من أسر الرسول وسجنه فالرسالة تنضح بنغمة الفرح ،لقد تعلم الرسول أن يفرح بالرب كل حين .لقد حبسه العالم فى سجن ولكن ال يستطيع أحد أن يمنع تعزيات اهلل عنه ،بالرغم من السالسل والضرب
واإلهانات وهذا ما حدث مع الرسل (أع .)28:5وهذا هو معنى اإلنتصار فى المسيحية .فاالنتصار ليس في
الخروج من التجربة أو إنتهاء األلم أو الظروف المكدرة بل فى إستمرار الفرح والتعزيات حتى فى وسط
التجربة.
مثال :الثالثة فتية فى أتون النار .فاهلل لم يطفىء النار بل جاء وسطهم وحول النار إلى جنة يسيرون فيها.
وهذه هى طريقة اهلل .فهو ال يخرجنا من التجربة بل يعطينا التعزية وسط التجربة "شماله تحت رأسى ويمينه
تعانقنى" (نش .)3:1بل نرى أنه وال حتى الموت صار من األمور المقاومة لنا ،فالموت سيقودنا للسماء،
فإن كنا نحيا فى السماء من اآلن كعربون لما سوف نأخذه بعد ذلك "سيرتنا فى السماوات" (فى .)11:6فإننا
بالتأكيد سنشتهى أن نذهب فعالً إلى السماء (فى .)16:8المسيحية جعلتنا نحيا فى السماويات اآلن كعربون
(أف .)3:1وجعلت الموت شهوة .هذه هي الغلبة على الموت ،وهذا هو اإلنتصار فى المسيحية على األلم، أى الفرح الذى ال ينزعه أحد منا (يو .)11:83مهما كانت الظروف مكدرة .نحن نعيش منتظرين بشوق
مجىء المخلص .ولقد وردت كلمة الفرح فى هذه الرسالة 83مرة ،لذلك فهى رسالة حب وفرح .حب من ار ٍع أمين لرعيته ،وحب من الرعية لراعيها ،وحب بين أفراد الرعية بعضهم لبعض ،ودعوة للحب الحقيقى بينهم
ونبذ الذات ،ليستمر هذا الحب ويستمر هذا الفرح وسط الضيقات ،وتستمر التعزيات اإللهية وسط طريق
األلم .عموماً فال فرح بدون محبة وال محبة بدون فرح .فالفرح ناشىء عن المحبة ،وثمار الروح "محبة ،فرح،
سالم( "...غل )11:5وهذه هى الحالة الفردوسية األولى فى جنة عدن (عدن تعنى فرح) إذ كان آدم يحب اهلل ويحب حواء قبل الخطية .واهلل بعد فدائه لنا تركنا في العالم المملوء باأللم ولكنه قادر أن يمأل قلوب أوالده
بالفرح والسالم والتعزية (يو .)11:83
يبدو أن البعض من المتهودين والمتفلسفين (غالباً من الغنوسيين) كرزوا بالمسيح أثناء سجن الرسول بغرض سىء ،أالّ وهو إغاظة بولس الرسول ،ولكى يتعرض لضيقات أكثر ،فجاءت نغمة الرسالة ،وحدانية الروح والفرح .والرسول انتهز الفرصة ليعطيهم بعض التعاليم ضد ما سمعوه من أفكار فلسفية ومن متهودين
من الذين كرزوا إلغاظته.
3
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (المقدمة)
اهلل قادر أن يخرج من الجافى حالوة .فنجد أن الرسول استغل فرصة سجنه وبشر كثيرين من الجنود،
بل ومن بيت قيصر .وهنا نجد الرسول ُيطمئن أهل فيليبى على إستمرار خدمته وسط آالمه وسجنه ،وأن كلمة اهلل ال تُقيد.
كان للنساء عملهن وخدمتهن فى الكنيسة ،ويبدو أن إختالفاً فى الفكر دب بينهن ( .)1:2لذلك أكثر
الرسول من كلمة "جميعكم" ،مع التشديد على الوحدانية وحثهم على نكران الذات والتواضع ،وطلب الصلح
بين سيدتين خادمتين هما أفودية وسنتيخى ،ويبدو أنهما كانا لهما مرك اًز هاماً فى كنيسة فيليبى .ولكن يبدو
أنه لم يكن فى كنيسة فيليبى خالفات تُذكر سوى خالف هاتين السيدتين. نالحظ أن حالة أهل فيليبى كانت جيدة ،فلم يكن هناك ٍ داع ألن يوبخهم على شىء ،وال نرى فيها تعليماً مرتباً كما فى رسالة رومية مثالً ،لذلك فهى تتضمن ما يختص باختبارات القديسين وهم فى حالة مر ِ ضية هلل. ُْ الرسول هنا كان يرسل ألصدقاء فحدثهم عن أخباره وأخبار نجاح خدمته. كان عدد اليهود الذين أقاموا فى فيليبى قليالً جداً ،ولم يكن هناك مجمع لليهود .بل كان النسوة يجتمعن على شاطىء النهر للعبادة .لذلك كان تعصب اليهود فى فيليبى ال ُيذكر .وكان هناك مذبح إلله وثنى على جبل قرب المدينة .ويبدو أن اجتماع اليهود عند هذا النهر كان ينضم إليه بعض الوثنيين ،فليديا الوثنية كانت
حاضرة لخطاب بولس فى هذا االجتماع وآمنت .وربما تكون ليديا قد تهودت ،قبل أن تؤمن بالمسيح على
يدى بولس.
َ عي َر الوثنيون المؤمنين فى فيليبى بأنهم عبدوا إنساناً ُح ِك َم عليه بالموت صلباً ،وهذه الميتة هى أحقر ميتة عند الرومان واليونان ،لذلك فالرسول يوضح لهم فضل معرفة المسيح المصلوب .وربما بدأ الوثنيون ب لكم أن تتألموا" (فى .)16:8 يتهمون المسيحيين بإنشاء دين محرم جديد ،فيقول لهم الرسول ُ"وِه َ كتب لهم الرسول يذكرهم بأنهم إن كانوا يفتخرون برعويتهم الرومانية ،فعليهم باألولى أن يفتخروا برعويتهم السماوية.
حمل أبفرودتس هذه الرسالة ألهل فيليبى لكى يطمإنوا على صحته.
ينظر الرسول على كنيسة فيليبى وهم بدونه ،كمعلم ومصلح ألخطائهم ومشجع لهم ليعلمهم أن يلقوا برجائهم على الرب وحده.
4
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
عودة للجدول
يع ا ْل ِقد ِ ُ 1بولُ ُ ِ ين ِفي ين ِفي ا ْل َم ِس ِ يح ،إِلَى َج ِم ِ ع ا ْل َم ِس ِ سو َ سو َ ع ،الَِّذ َ ِّيس َ يح َي ُ س َع ْب َدا َي ُ يموثَ ُاو ُ س َوت ُ امس ٍةِ 2 :نعم ٌة لَ ُكم وسالَم ِم َن ِ وَ ِ يح". ع ا ْل َم ِس ِ الر ِّ اهلل أَِبي َنا َو َّ سو َ ب َي ُ ش َم َ َ َْ ْ َ َ ٌ
األيات ("-:)2-1 ِفيلِ ِّبي ،مع أَس ِ اقفَ ٍة ََ َ بولس :بعد إيمان بولس اختار اسمه اليونانى (أما شاول فهو اسمه العبرى) .وبولس يعنى الصغير ،وربما يكون
هذا لتواضعه أنه إختار اسم الصغير (أف ،)1:6أو إعالناً عن حياته الجديدة فى المسيح يسوع فلقد إستخدم
إسماً جديداً ،وربما ألنه صار رسوالً لألمم فقد استخدم اإلسم اليونانى .والرسول هنا لم يصرح بلقبه الرسمى
كرسول للمسيح كما فعل فى معظم رسائله ،فأهل فيليبى أصدقاء له ال َي ُشكون فيه وال فى رسوليته وهكذا فعل فى رسالته ألهل تسالونيكى .وتيموثاوس :هو مساعد بولس فى ك ارزته ألهل فيليبى ،وتيموثاوس معروف عندهم، ولكن كاتب الرسالة هو بولس فقط ،فهو يستخدم ضمير المفرد المتكلم بعد ذلك ،أما تيموثاوس فهو يرسل سالمه
فقط .ومن تواضع بولس أن يذكر اسم إبنه معهُ على قدم المساواة .عبدا :فالمسيح اشتراهما بدمه ،والمسيح حين يشترى أحداً فإنه يحرره ويطلقه ح اًر ،بل يعتبره ابناً ،ولذلك اختار حتى أقرباء المسيح بالجسد (يعقوب ويهوذا)
أما لقب عبد للمسيح (يع( + )8:8يه ،)8ولم يقوال إخوة يسوع بالجسد فهم يعلمون أن العبودية للمسيح تحررّ ، العبودية للشيطان ففيها مذلة وهوان .العبودية هلل تحرر والدليل أن اهلل يترك الماليين تنكره وتهين إسمه .بينما
العبودية ألي شهوة تذل.
جميع القديسين فى المسيح :قديس أى أفرز نفسه عن كل ما للعالم وصار للرب يسوع عبداً مستعداً دائماً لطاعة أوامر سيده ،خصص تفكيره وكل طاقاته له .ونحن إذ نشعر بمحبة المسيح نستعبد أنفسنا له ،لمحبته .فى
المسيح :تعبير خاص ببولس الرسول يشير لالتحاد بالمسيح والثبات فيه (باإليمان والمعمودية .)...ونالحظ أنه ال قداسة إال في المسيح يسوع.
أساقفة :كان لقب أسقف يطلق على القسوس (وقيل عن الرسل قسوس (8بط )8:5وهذه مترجمة شيوخ) .ولقب قسوس ُيطلق على األساقفة (أع .)11 ،82:11شمامسة :مع القسوس يساعدون األسقف. نعمة وسالم :نعمة" :خاريس" وهى التحية اليونانية بمعنى :أرجو أن تحصل على نعمة غنية تناسب حاجتك،
فالنعمة هى عطية حسنة مجانية .وسالم :هى التحية عند اليهود .والمعنى أن يحل السالم على السامع كعطية
إلهية.
ت علينا بسبب تجسد المسيح وفدائه .وأعظم البركات التى والنعمة فى المسيحية هى إشارة لكل البركات التى َحل ْ حصلنا عليها هو الروح القدس ،ومن ثماره السالم .وبولس تعود على استعمال هذه التحية ليشير أن المسيح للجميع (يهوداً ويونانيين أى أمم) .وفى المسيح وحده ننال النعمة من اآلب كهبة مجانية لخالصنا والتى بها نقتنى السالم كدليل للعمل الخالصى فينا أى المصالحة.
5
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
من اهلل أبينا والرب يسوع :اآلب واإلبن فى مساواة جوهرية يمنحان النعمة والسالم .واآلب هو العامل األول لخالصنا بمحبته ،واالبن الكلمة عامل فى خالصنا بتجسده .واهلل هو أبينا (يو )81:8ونصلي له قائلين أبانا. 3 ش ُك ُر إِل ِهي ِع ْن َد ُك ِّل ِذ ْك ِري إِ َّيا ُك ْم " آية ( " -:)3أَ ْ إلهى :الرسول يبدأ كل رسائله بتقديم الشكر هلل (وهذا منهج الكنيسة التى تبدأ كل صلواتها بصالة الشكر) .وهنا
يشكر اهلل على ثبات إيمان ومحبة أهل فيليبى هلل ،وهذه المحبة قد ظهرت فى عطاياهم وشعورهم بإحتياجات
اآلخرين ،وهو يشكر اهلل على نجاح خدمته فى فيليبى وهذه هى ثمارها .وقوله إلهى هو شعور حلو ،فبولس يشعر بعالقة خاصة مع اهلل .هو يحسب أن اهلل إلهه هو ،كما قال "الذى أحبنى وأسلم ذاته ألجلى" (غل
.)11:1وهذا كقول عروس النشيد "أنا لحبيبى وحبيبى لى" .ومن أعطى نفسه هلل يشعر وكأن اهلل أيضاً صار
لهُ .والحظ قول بطرس (أع " )3:6ولكن الذى لى فإياه أعطيك بإسم يسوع المسيح الناصرى قم وامشى".
ِ5 ِ ِ اإل ْن ِج ِ ش َارَك ِت ُك ْم ِفي ِ يل ِم ْن س َب ِب ُم َ أل ْ َج ِل َجميع ُك ْم ِبفََر ٍح ،ل َ عمالً ِ يح" . سوعَ ا ْل َم ِس ِ صال ًحا ُي َك ِّم ُل إِلَى َي ْوِم َي ُ ََ َ
ِ ِ ِ ِ 4 ِّما الطَّ ْل َب َة األيات (َ "-:)6-4دائ ًما في ُك ِّل أ َْدع َيتيُ ،مقَد ً َن الَِّذي ْابتَ َدأَ ِفي ُك ْم اآلنَ 6 .و ِاثقًا ِبه َذا َع ْي ِن ِه أ َّ أ ََّو ِل َي ْوٍم إِلَى َ في كل أدعيتي :بولس يصلي كل حين فهو الذي قال صلوا بال انقطاع وهذا يعطى للنفس سالماً وفرحاً .فإشراك اهلل في مشاكلي أفضل من تفكيري منفرداً في حلها .فتفكيري منفرداً يصيبني باليأس .أما تفكيري بروح الصالة واشراك اهلل مثالً أقول :يارب حل مشكلتي ،أنا واثق أنك في محبتك لن تتركنى ،اللهم التفت إلى معونتي .وبهذا
فقط نمتلئ من الرجاء وسالم اهلل الذي يفوق كل عقل وتنسكب التعزيات اإللهية خالل الصالة أي صلتك باهلل.
فرح ور ٍ بفرح :هى رسالة الفرح ،وهو ِ اض عن حالتهم اإليمانية .هو فرح بالرغم من آالمه وسجنه ،فالفرح الروحى ال يستطيع أحد أن ينزعه.
مشاركتكم فى اإلنجيل :أى مساهمتهم فى احتياجات الك ارزة باإلنجيل سواء بالمال أو بالشهادة لإلنجيل فى حياتهم أو بك ارزتهم بال خوف .هى شركة متبادلة فى عمل واحد لهدف واحد وهو تقدم اإلنجيل .فكلمة شريك هنا باليونانية هى العصا التى تربط رقبتى ثورين يجران نورج .فأهل فيليبى ارتبطوا باإلنجيل وارتبطوا ببولس الذي
بشرهم باإلنجيل وشاركوه قيوده إذ أرسلوا إليه من يخدمه ،وشاركوه فى المحاماة عن اإلنجيل ،وشاركوه فى نفقات
المعيشة.
من أول يوم إلى اآلن :من يوم إهتدوا للمسيحية حتى وقت كتابة هذه الرسالة ،أى حوالى عشر سنوات .ابتدأ
صالحا :باإليمان والمعمودية أصبحوا خليقة جديدة ،واهلل سيكمل معهم هذا العمل بإحتمالهم لألالم فيكم عمالً ً ليشتركوا مع المسيح فى صليبه ويتكملوا فيليقوا بحياة القيامة .واهلل ليس عنده تغيير أو ظل دوران ،فإذا إبتدأ عمالً فهو سيكمله ،واهلل إذاً سيكمل معهم طريق القداسة واألعمال الصالحة .ويوم خلق اهلل آدم فهو عمل عمالً
صالحاً ،فهو قد خلق آدم ليحيا فى مجد ،ولما فقد آدم المجد تجسد المسيح ليكمل العمل الذى بدأه.
6
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
وأن إلهنا إله جبار لن يترك أوالده بسهولة في يد إبليس ،ولكن إن تركه أوالده بحريتهم مثل ديماس ( 1تي،)8:2
و تركوه بالرغم من محاوالت اهلل إرجاعهم ،حينئذ يهلكون وهذا يتضح من (في.)86،81:6
يوم يسوع المسيح :يوم المجىء الثانى للمسيح الذى سيأتى فيه للدينونة .والحظ أنه يقول "يسوع المسيح" إذا أراد اإلشارة إلى أنه ابن اإلنسان الذى تجسد ومات وقام وسيأتى فى مجده .ويقول "المسيح يسوع" ( ،)8:8إذا أراد
الفعالة ،والحظ أن خادم بال صالة يدعو فيها اإلشارة له كاألقنوم الثانى .أدعيتى :بالصالة نستمد من اهلل نعمته ّ شيئا فى خدمته. اهلل ،لن يحقق ً تأمل :ابتدأ ..يكمل :اهلل ال يبدأ عمالً بدون قصد ،بل هو إن بدأ العمل البد وسيكمله .واهلل دعانا ،لذلك فهو سيكمل معنا .لو نظرنا لقوة العدو نيأس ،ولكن إن نظرنا لعمل الرب نتشجع ونتعزى ونسير فوق المياه الهائجة
(مت .)66-11:82فبطرس حين نظر للمسيح سار فوق الماء الهائج ،ولما نظر للريح الشديدة غرق. يع ُكم ،أل َِّني ح ِ ِ ِ ِ ِ ِ ق لِي أ ْ ِ األيات (َ 7 "-:)8-7ك َما َي ِح ُّ افظُ ُك ْم ِفي َق ْل ِبيِ ،في ُوثُ ِقيَ ،وِفي َ َن أَفْتَك َر ه َذا م ْن ج َهة َجم ْ 8 ش ِ يت ِه ،أَ ْنتُم الَِّذ َ ِ يل وتَثِْب ِ ا ْلمحام ِ ش َرَك ِائي ِفي ِّ اة َع ِن ِ اق إِلَى ف أَ ْ الن ْع َم ِة .فَِإ َّن اهللَ َ يع ُك ْم ُ اه ٌد لِي َك ْي َ شتَ ُ ين َجم ُ اإل ْن ِج ِ َ َُ َ ُ َح َ ِ ج ِم ِ يح" . سوعَ ا ْل َم ِس ِ يع ُك ْم ِفي أ ْ َ شاء َي ُ كما يحق لى أن أفتكر :يحق لى أن أفرح بكم ،وأثق أن اهلل سيكمل معكم ،هذا تعبير عن محبته لهم وثقته فيهم، وثقته فى عمل اهلل معهم .حافظكم فى قلبى هو يحملهم فى قلبه ،أى يذكرهم ويفكر فيهم ويصلى ألجلهم ،ويفرح بأخبارهم المطمئنة ،وينشغل وينزعج إذا سمع عن هراطقة يزعجونهم ،ولم تشغله آالمه وقيوده واهتمامه بالك ارزة
فى بيت قيصر عن أن يذكرهم ويصلى ألجلهم ويهتم بهم ،هو أحب أهل فيليبى كنفسه .وفى المحاماة عن
اإلنجيل وتثبيته :اهلل يحفظ إنجيله ،وبولس يحامى عنه (وهكذا نحن) بأن يعلن اإليمان الصحيح ويرد على كل
الهراطقة ليثبت التعاليم واإليمان الصحيح :وتثبيته .وكل هذا لم يشغله عنهم.
شركائى فى النعمة :المسيح مات وقام ألجلنا جميعاً ،ونحن شركاء فى كل ما تم الحصول عليه ،وشركاء فى
حلول الروح القدس علينا جميعاً .حقاً ليس ألهل فيليبى نفس مواهب بولس ،لكن الكل شريك فى نعمة الخالص بفداء المسيح وفى حلول الروح القدس عليه .لكن لكل واحد مواهبه بحسب العمل المطلوب منه.
فى أحشاء يسوع :األحشاء هى القلب والكبد .وقد عرفها القدماء أنها مركز العواطف واإلحساس ،وقوله أحشاء يسوع ،أى أنه يحمل لهم محبة المسيح واشتياقه لخالصهم ،وألن المسيح يحيا فى بولس صارت أعضاء
وعواطف وفكر بولس هي أعضاء وعواطف وفكر يستعملهم المسيح فصارت أعضاء بولس آالت بر (رو:3 ،)86وصارت محبة بولس لهم هى نفسها محبة المسيح لهم ،ألم يقل الرسول إن له "فكر المسيح" (8كو.)83:1 وهكذا هنا نرى أن الرسول له نفس اشتياقات المسيح ومحبته نحو أهل فيليبى ،و قوله في أحشاء يسوع أي أنها
ليست عواطف بشرية.
وهذه المحبة التي يضعها المسيح في قلوبنا بالروح القدس (رو( + )5:5غال )11 :5هى غير العواطف
الطبيعية البشرية .فالعواطف البشرية لها عيوب:
7
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
.8يمكن أن نحب إنسان أكثر من إنسان آخر.
.1هذه المحبة البشرية قد تتحول إلى كراهية وكم من القضايا في المحاكم بين أخوة وأقارب. .6بل يمكن أن تكون العواطف البشرية سبباً في التصادم مع اهلل لو سمح اهلل بأى تجربة لمن نحبه.
.2أما المحبة التي يضعها اهلل في القلب فهي محبة هلل أوالً وهذه المحبة تكون أكثر من محبتنا ألي إنسان
،ومحبة لكل إنسان حتى أعدائنا وهذه المحبة تسبب فرحاً يمأل القلب. األيات (9 "-:)11-9وه َذا أُصلِّ ِ ضا أَ ْكثََر فَأَ ْكثََر ِفي ا ْل َم ْع ِرفَ ِة َوِفي ُك ِّل فَ ْهٍمَ 11 ،حتَّى تُ َم ِّي ُزوا يه :أ ْ َن تَْزَد َ اد َم َحبَّتُ ُك ْم أ َْي ً َ َ 11 ِ يح ،مملُوِئ َ ِ األُمور ا ْلمتَ َخالِفَ َة ،لِ َكي تَ ُكوُنوا م ْخلِ ِ ين َوِبالَ َعثَْرٍة إِلَى َي ْوِم ا ْل َم ِس ِ سوعَ ص َ ين م ْن ثَ َم ِر ا ْل ِبِّر الَّذي ِب َي ُ َْ ُ ُ َ ُ ْ يح لِم ْج ِد ِ ِ اهلل َو َح ْم ِد ِ". ا ْل َمس ِ َ حينما اختبر بولس هذه المحبة التي يعطيها اهلل طلب أن يمأل اهلل شعب فيلبى من هذه المحبة. أن تزداد محبتكم ..فى المعرفة :بولس الذي اختبر المحبة التي يضعها المسيح في قلبه يصلي لكل أهل فيلبي
أن يمتلئوا من هذه المحبة .محبة بولس لهم ترجمها إلى صلوات من أجل أن تزداد محبتهم وتنمو ،فيكون لهم
خالص لنفوسهم .فالمحبة هى تمام الناموس وتمام اإلنجيل ،وهى هلل أوالً ولكل إنسان حتى األعداء ،هى عالمة حلول روح اهلل القدوس فينا (غل ( + )11:5رو )5:5وبدون محبة ال خالص إذ أننا سنكون فاقدين لصورة اهلل.
وهناك إرتباط جوهرى بين المحبة والمعرفة .فكلما زادت المحبة زادت المعرفة (أف83:6ـ .)86وهذه مثل رجل غنى له قصر عظيم ،فأنت لن تدرك عظمة هذا القصر ،وال أفكار وخطط هذا الرجل العظيم ما لم تدخل إلى
قصره ،وهذا لن يحدث إالّ لو دخلت فى عالقة محبة مع هذا الرجل ،حينئذ يدعوك إلى قصره فتعرف عنه أشياء
عجيبة ،هكذا إذا دخلنا فى عالقة حب مع اهلل سيعطينا أن نعرف أمجاده بل أعماقه (8كو .)81-6:1وأيضاً كلما زادت معرفتنا باهلل تزداد محبتنا له .وهذا يأتى بمعرفة كلمة اهلل فى اإلنجيل ،وبالصالة يكشف لنا الروح
القدس عن من هو المسيح (يو .)82:83وكلما اكتشفنا من هو المسيح نزداد حباً له ..وهكذا كلما إزداد الحب
إزدادت المعرفة ،وهكذا إذ دخل إبراهيم فى حالة حب مع اهلل قال اهلل :كيف أخفى عن عبدى إبراهيم ما أنا
فاعله .وكلما إزدادت المعرفة إزداد الحب .لماذا؟ اإلجابة :لحالوة شخص اهلل فكلما نكتشف شخص اهلل وحالوته
نحبه باألكثر وهذه حلقة ال تنتهى بل هذه هى الحياة األبدية (يو .)6 :82إذاً كلما إزداد الحب إزدادت المعرفة
وكلما إزدادت المعرفة إزداد الفرح ،وكلما إزدادت المعرفة وازداد الحب إزداد اإليمان والثقة فى اهلل .فإذ عرفنا
قوته وقدراته ،وأنه لمحبته يوجه كل هذه القدرات لنا نزداد إيماناً به .وهذه هى أول طريقة لزيادة اإليمان.
والطريقة الثانية أشار إليها القديس بولس الرسول فى (كو " .)2:1موطدين فى اإليمان ..متفاضلين فيه بالشكر”
فمن يحيا شاك اًر اهلل فى ضيقاته يرى يد اهلل ويعرفه فيزداد إيمانه.
وفى كل فهم :المعرفة هى المعرفة المجردة .والفهم هو فى تطبيق ما عرفناه فيصبح اإلنجيل إنجيل معاش. فالفداء معرفة ولكن الفهم كيف أعيش هذا الكالم كيف أنفذ وصايا من أحبنى وأقبل صليبه وبهذا تزداد معرفة المسيح وبالتالى يزداد الحب له ،وتبعاً لذلك يزداد اإليمان به ،فال نهتز وال ننهار أمام التجارب مهما كانت شديدة وعاتية ،وهذا معنى مثل البيت المبنى على الصخر الذى ال ينهار من العواصف والرياح واألنهار (مت
8
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
.) 12-12:2والمقصود أن من ينفذ التعاليم وال تظل تعاليم المسيح مجرد تعاليم نظرية (معرفة) بالنسبة له بل تتحول إلى حياة ،سيعرف المسيح وتزداد المحبة وبالتالى اإليمان ،فال يشك وقت التجربة.
حتى تميزوا األمور المتخالفة :من يمتلىء معرفة ومحبة سيميز األمور المتخالفة وفى ترجمة أخرى " لكى تستحسنوا ما هو أفضل " فالمسيحية ليست ديانة الحرام والحالل بل اختيار األحسن من الحسن .هى إنسان قد
تذوق ،ومن تذوق سيكون له القدرة على التمييز ليس بين ما هو باطل وما هو خير ،بل ما هو األحسن فى
األمور المعروضة علينا .عموماً زيادة المحبة تعطى إستنارة فيكون لإلنسان تمييز األمور المختلفة .وهذا يحدث
لمن له النظرة البسيطة "فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون ني اًر" (مت .)11:3والعين البسيطة هى التى تبحث فقط عن مجد اهلل ،تطلب فقط أن تعرف اهلل وتعرف كل شىء عنه ،فتعرفه ،فتحبه ،فتعطيه المجد .فيحل
المسيح نور العالم في هذا اإلنسان فيصبح ني اًر. م ِخ ِ ين :معناها فى اليونانية ُم ْختََبرين فى نور الشمس الكامل َوُو ِج ْدتُ ْم أنقياء بال عثرة إلى يوم المسيح :أى لص ْ ُ ثمر البر الذى بيسوع المسيح :بر القديسين ال حتى يأتى المسيح للدينونة .بال عثرة :ال تعثروا أحداً. يحصلوا عليه بالناموس وال بالطبيعة ولكن بالثبات فى المسيح واالتحاد به ،لنصير كغصن فى كرمة ،والغصن
ال يأتى بثمر إن لم يثبت فى الكرمة (يو .)2:85والثبات فى المسيح يأتى باإليمان والمعمودية وحياة التوبة
والجهاد وذلك لالمتالء بالروح القدس الذى يثبتنا فى المسيح فنثمر (1كو .)18:8ونالحظ أن البر هو المسيح،
وال بر سوى بحياة المسيح فينا (غل( + )11:1فى( + )18:8رو .)81:5ولماذا ال يحيا المسيح فينا؟ ببساطة ألننا لم نقبل الصلب مع المسيح" .مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا في".
لمجد اهلل وحمد :الحياة فى المسيح لها ثمرها الذى سيظهر فى حياتنا وهذا سيؤدى إلى مجد اهلل حين يرى الناس أعمالنا الصالحة فيمجدوا أبانا الذى فى السموات (مت .)83:5 12 اإل ْن ِج ِ وري قَ ْد آلَ ْت أَ ْكثََر إِلَى تَقَدُِّم ِ ُّها ِ ُم ِ يلَ 13 ،حتَّى ِإ َّن اإل ْخ َوةُ أ َّ يد أ ْ األيات ( "-:)14-12ثُ َّم أ ُِر ُ َن تَ ْعلَ ُموا أَي َ َن أ ُ اقي األَم ِ ار ا ْل ِوالَي ِة وِفي ب ِ وثُ ِقي صار ْت ظَ ِ َج َم َعَ 14 .وأَ ْكثَُر ِ يح ِفي ُك ِّل َد ِ ون ِفي اه َرةً ِفي ا ْل َم ِس ِ اإل ْخ َوِةَ ،و ُه ْم َو ِاثقُ َ اك ِن أ ْ َ َ َ ُ ََ َ ون أَ ْكثَر علَى التَّ َكلُِّم ِبا ْل َكلِم ِة ِبالَ َخو ٍ الر ِّ ِ ف" . َّ ب ِب ُوثُقيَ ،ي ْجتَ ِرُئ َ َ َ ْ َ تقدم اإلنجيل :هى كلمة يونانية تعنى مجموعة متقدمة للجيش تقوم بتقطيع خشب األشجار فى الغابات لتسهيل
مرور الجيش ،فبولس بخدمته يمهد الطريق إلنتشار كلمة اهلل .أمورى :أحوالى فى فترة سجنى ،وهى حوالى سنتين ،وما قبلها من غرق السفينة والمشاكل التى صادفها فى رحلته ،واآلن يده مربوطة بيد حارس .آلت :كان
الظن أن السجن سيكون عائقاً عن الك ارزة ولكن حدث العكس .فاهلل قادر أن ُيخرج من الجافى حالوة .والحظ أن الخدمة هى خدمة اهلل ،وبولس وبطرس وغيرهم أدوات فى يد اهلل .بل أن اإلستشهاد كان سبباً فى نمو الكنيسة األولى وثقى صارت ظاهرة :ظهرت براءتى من أى جريمة منسوبة إلى ،وعلموا أن وثقه سببها محبته للمسيح
الذى كان يبشر به وليس لذنب جناه ،صاروا ال يرونه سجيناً عادياً ،ولم يخطئوا فهم قيوده ،أى فهموا أنه ليس
مجرماً يستحق هذه القيود .دار الوالية :الكلمة تعنى ثكنة العسكر ،أو جنود الحرس اإلمبراطورى أو البالط
9
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
اإلمبراطورى ،ومكانهم فى مبنى ملحق بالقصر .وهنا يطمئن الرسول أهل فيليبى أن السالسل لم تمنع الك ارزة ،بل
هو نشر الك ارزة عن طريق الجنود المربوطين معه بالسالسل ،إذ شرح لهم سبب سالسله وهو محبته للمسيح، وبشرهم بالمسيح ،أو هم سمعوا كالم بولس مع من يزورونه من أصدقائه فعرفوا المسيح ،بل نشروا هذه الدعوة
ليس فى دار الوالية فقط بل فى خارجها = فى باقى األماكن أجمع .بل أن أكثر اإلخوة إذ رأوا شجاعة بولس تشجعوا وازدادت ثقتهم فى الرب وكرزوا بال خوف ،واحتملوا اآلالم فى سبيل هذا .والمسيحية انتشرت فى رومية
عموماً عن طريق مؤمنين عرفوا المسيح ثم جالوا يكرزون بالكلمة .الرسول هنا يرد على تساؤل و َش ْك قد يصيب أهل فيليبى أو غيرهم ،وهو كيف أن هذا الرسول العظيم يسمح اهلل بسجنه مع أن تعاليمه صحيحة؟! والرد أن
اهلل قادر أن ُيحول كل األمور لتعمل معاً للخير .فال ننظر إلى المشاكل على أنها معوقات ،بل إذا سمح بها الرب فهى ستعود بالخير .فالرسول بولس أخطأ فى ذهابه إلى أورشليم بعد إنذارات الروح القدس له أنه َسُيقَي ْد. فس ِج َن .غير أنه لم يضيع وقته فى الندم على ما فات بل إمتد ولكنه من فرط غيرته ومحبته أصر على الذهاب ُ بنظره إلى قدام وبدأ يكرز وهو فى السجن ولم يندم على األربع سنين التى ضاعت فى األسر (سنتين فى
فلسطين وسنتين فى حبس دار الوالية فى رومية) .ولكن اهلل يحول األمور للخير .فما كان ممكناً لبولس أن يصل إلى قصر قيصر سوى بهذه الوسيلة أى سجنه.
واثقون فى الرب بوثقى :لقد أروا أن وثقى لم تكن عائقاً يمنعنى من الفرح أو الك ارزة فتشجعوا فباألولى يكرزون وهم أحرار بال قيود .علينا أال نخاف إذا هبت رياح معاكسة ،وال أن نحكم بحسب الظاهر أن العمل سيتوقف،
ومجد اهلل لن يظهر.
16 هؤالَ ِء َع ْن ِبا ْل َم ِس ِ يحَ ،وأ َّ س َّرٍة .فَ ُ َما قَ ْوٌم فَ َع ْن َم َ ُولئ َك ع ْن محب ٍ ضيقًا17 .وأ ِ إِلَى وثُ ِقي ِ ين َّةَ ،عالِ ِم َ َ ََ َ ُ
15 َما قَوم فَع ْن ح ٍ ِ ون ص ٍام َي ْك ِرُز َ سد َوخ َ األيات ( "-:)17-15أ َّ ْ ٌ َ َ َ ين أ ََّنهم ي ِ يح الَ َع ْن إِ ْخالَ ٍ ون ون ِبا ْل َم ِس ِ صَ ، تَ َح ُّز ٍب ُي َن ُ ضيفُ َ اد َ ظ ِّان َ ُ ْ ُ اإل ْن ِج ِ ضوعٌ لِ ِح َم َاي ِة ِ يل" . أ َِّني َم ْو ُ عن حسد وخصام = كان هؤالء من المتهودين (يهود آمنوا بالمسيح لكنهم يرون أن األممى عليه أن يلتزم
بالناموس أوالً قبل أن يصبح مسيحياً).
وهؤالء المتهودين غاظهم إهمال بولس للطقوس الناموسية ،ولم يهدأ بولس فى الهجوم عليهم وعلى معتقداتهم، وظل يعمل على تصحيح تعاليمهم .واآلن فبولس مسجون ،وكان أن قام هؤالء عن غيرة ومنافسة تحركهم دوافع
ويظهرون غيرة شديدة فى ك ارزتهم لعلهم يبلغون صيتاً حسناً وسمعة طيبة أفضل من بولس .هؤالء غير نقيةُ ، يعملون لمنفعتهم الخاصة وتمجيد ذواتهم ال ألجل مجد المسيح .وهم يظنوا أن نجاحهم فى الك ارزة سيضعف وهو فى سجنه ،وفي توقفه عن الك ارزة التى يعانى منها فعالً .لذلك مكانة بولس ويضيف إلى ضيقاته ضيقا ً فهم ال أجر لهم. تحزب = جاءت فى اليونانية أنهم يعملون لمنفعتهم الخاصة ،وتشير للتنافس.
10
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
عن مسرة = هؤالء كانوا يكرزون برضا وسرور لمجد المسيح وحتى يجعلوا بولس مسرو اًر .عن محبة = هلل
عين لهذه الخدمة ،هم علموا أن اهلل عيننى لهذا، ولبولس .عالمين إنى موضوع لحماية اإلنجيل = موضوع أى ُم ّ أى أن أدافع كجند ى وأحامى عن اإلنجيل من اليهود والمتهودين والوثنيين والشيطان ،وذلك بأن أعلن الحق أمام هجوم الهراطقة على اإليمان الصحيح.
18 ٍ يحَ ،وِبه َذا أََنا ادى ِبا ْل َم ِس ِ ان ِب ِعلَّ ٍة أ َْم ِب َح ّ ق ُي َن َ اء َك َ س َو ٌ األيات ( "-:)21-18فَ َما َذا؟ َغ ْي َر أ ََّن ُه َعلَى ُك ِّل َو ْجه َ 19 َن ه َذا َي ُؤو ُل لِي إِلَى َخالَ ٍ ع ا ْل َم ِسي ِح، َعلَ ُم أ َّ ص ِبطَ ْل َب ِت ُك ْم َو ُم َؤ َازَرِة ُر ِ سو َ ضا .أل َِّني أ ْ سأَف َْر ُح أ َْي ً وح َي ُ أَف َْر ُحَ .ب ْل َ 21 اه َرٍة َك َما ِفي ُك ِّل ِح ٍ ب ا ْن ِتظَ ِ اآلنَ ،يتَ َعظَّ ُم اري َو َر َج ِائي أ َِّني الَ أ ْ ُخ َزى ِفي َ ش ْي ٍءَ ،ب ْل ِب ُك ِّل ُم َج َ ينَ ،كذلِ َك َ سَ َح َ ان ِبحي ٍ ا ْلم ِسيح ِفي ج ِ اة أ َْم ِب َم ْو ٍت" . اء َك َ َ َ َ ُ س َو ٌ سديَ ، َ َ سواء كان بعلة أم بحق = سواء كانت دوافعهم للك ارزة عن تحزب ورغبة فى تمجيد ذواتهم ،أم بإخالص ورغبة
فى مجد المسيح.
بهذا أنا أفرح = هم ظنوا أننى سأتضايق من ك ارزتهم وشهرتهم ،إال أنهم مخطئين ،فأنا أفرح بأن الك ارزة تنتشر. بل هو يفرح لوجوده فى السجن الذى حرك كثيرين للك ارزة مهما كانت دوافعهم .بولس فرح بإنتشار إسم المسيح، وهو واثق أن اهلل إ ستخدم القليل الذى لدى هؤالء ليبدأ معهم ،ثم إذا كان اهلل قد بدأ فهو سيكمل وسيصحح لهم
معلوماتهم ويكمل إيمانهم ،لذلك ال يجب أن ننزعج لوجود طوائف كثيرة بل نسعى أن نكمل نقائصهم. يؤول لخالص = الخالص له عمل هنا على األرض وحياة أبدية فى السماء.
.8من يسمع هؤالء المغرضين لن يعرف دوافعهم ،ومن يؤمن بك ارزتهم يخلص. .1كل ألم فى حياة بولس ألجل المسيح سيؤول ذلك إلى رصيد له فى السماء (لو.)86:18
.6كلما ازدادت ضيقات بولس من هؤالء المضايقين يرتمى باألكثر فى أحضان المسيح فتزداد تعزياته. .2عمل بولس هو إنتشار اإلنجيل ،واهلل أبقى حياته إلى هذه اللحظة لهذا السبب ،فكلما إنتشر اإلنجيل فهو يفرح ألن هدف وجوده قد تحقق .لو تحقق هدف وجوده يخلص فى الحياة األبدية.
بهذا أفرح = بولس يفرح: .8بسجنه.
.1بك ارزة من يكرز بمحبة.
.6بك ارزة من يكرز عن تحزب ويتسبب فى زيادة آالمه.
فكل هذا سيؤول لمجد المسيح .وهذا الفرح وهذا الخالص يكون لى بطلبتكم= صلواتكم عنى +مؤازرة روح
يسوع .والروح القدس من ثماره الفرح .وهو يحل علينا باستحقاقات عمل يسوع المسيح .ونالحظ أن الخالص لكل واحد يكون بـ: أ .اإليمان بالك ارزة.
ب .صلوات الشخص نفسه.
11
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
ت .عمل الروح القدس فيه.
حسب انتظارى = كلمة إنتظار تعنى اإلنتظار بإشتياق كبير لدرجة محاولة الوقوف على أطراف األصابع ورفع الرأس ،مثلما قال الرب يسوع (لو .)81:18فبولس يسهر ويجاهد ويطلب شيئاً واحداً وال يطلب سواه ،وهو انتظار مشفوع بالرجاء فى ذلك الشىء .وما هو هذا الشىء الذى ينتظره بال يأس بل بكل رجاء؟ أن يتعظم
المسيح فى جسده وأن يظل يكرز بالمسيح ،فهو ليس مثل المتحزبين يطلب مجد نفسه بل مجد المسيح .يتعظم
المسيح = المسيح لن ُيزيد من عظمته أحد ،لكن المعنى أن تظهر عظمة المسيح للناس فى جسد بولس ،كيف ؟ بحياة أم بموت = هو يشتهى أن يتمجد اسم المسيح به سواء بحياته أو حتى باستشهاده .ومازال بولس بعد موته
وحتى اآلن ُيكرز برسائله لمدة 1111سنة ،وفى كل مكان .هو اشتهى أن يظل يكرز كل حياته باسم المسيح وأن يشهد له بإستشهاده ،فالشهادة باإلستشهاد تظهر مجد المسيح ،الذى يموت الشهيد وال ينكر إسمه حباً فيه. واهلل أعطى لبولس أن يشهد له فى حياته وبعد إستشهاده واإلستشهاد ك ارزة ،فحينما يرى غير المؤمن ،أن
المؤمنين تكون حياتهم رخ يصة عندهم من أجل المسيح الذى آمنوا به وأحبوه سيتساءلون عمن هو المسيح هذا وربما آمنوا به .راجع (نش .)8:3 + 83-81:5 + 6:5 + 1:5
بطلبتكم = الحظ هنا طلبة بولس عنهم وطلباتهم عنه ،وهذه هى الشفاعة .وماذا يمنع أن تكون الشفاعة بين الكنيسة المجاهدة والكنيسة المنتصرة؟! ِ ِ آية (21 " -:)21أل َّ ِ ت ُه َو ِرْب ٌح" . يح َوا ْل َم ْو ُ َن ل َي ا ْل َح َياةَ ه َي ا ْل َمس ُ لى الحياة هى المسيح = هذه مثل " المسيح يحيا فى” (غل .)11:1ومن يحيا فيه المسيح يستخدم المسيح أعضاءه كأآلت بر وهذه ال تحصل إال بصلب الذات “مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا فى”، فكلما جاهد اإلنسان فى إماتة ذاته وعاش لمن مات ألجله ،ولم يعش متمتعاً بملذات العالم ،يمتلىء باألكثر من
حياة المسيح ويتحقق له المزيد من الشركة مع الرب .وهذا معنى قول السيد “من َو َج َد حياته يضيعها .ومن أضاع حياته من أجلى يجدها” (مت .)66:11ولكن كثيرون بالنسبة لهم الحياة هى فى الملذات الحسية والشهوات والمال ...ومثل هؤالء يرتعبون من الموت الذى يعتبرونه كمال الحزن ،إذ أنه يفصلهم عن الملذات
التى يفهمونها ،وال يرون فى الموت سوى مظهره الخارجى مثل النتانة والقبور.
والموت هو ربح = الموت هو كمال إماتة الذات .وبالتالى فالمزيد من الشركة مع المسيح يتحقق بموت الجسد. فالخطية هى التى تفصلنى عن هذه الشركة التامة مع المسيح ،وبعد الوت ال خطية .ولذلك صرخ بولس قائالً
“ويحى أنا اإلنسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت” (رو .)12:2ولذلك فهو يعتبر الموت هنا ربحاً. ألن فى األبدية تتحقق الراحة والفرح والمجد وشركة القديسين وكمال الشركة مع المسيح .ولكن يستحيل أن
يشتهى الموت بفرح إالّ من تذوق العربون ،عربون الفرح والشركة مع المسيح هنا على األرض.
12
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
والحظ أن الرسول يعلن وجهة نظره فى الموت ،فهو من المحتمل أن يتعرض للموت بعد سجنه هذا ومحاكمته.
وهذه اآلية أوردها الرسول بعد اآلية السابقة ليشرح أنه يريد أن يتمجد اهلل فيه سواء بحياته أم مماته ،والمسيح
يتمجد فى لو كان هو حياتى ،أحيا به وأشهد له فى حياتى حتى آخر لحظة ،والموت هو ربح فهو راحة وفرح.
واذا كان موتى بإستشهاد على إسم المسيح فهو أيضاً فيه تمجيد السم المسيح ،فماذا أختار لو خيرونى ...الحياة
أم الموت؟!
ِ ِ ِ 22 س ِد آية (َ " -:)22ولك ْن إِ ْن َكا َنت ا ْل َح َياةُ في ا ْل َج َ هى لى ثمر عملى = تعبير يونانى معناه أن األمر
ت أ َْد ِري!" ِه َي لِي ثَ َم ُر َع َملِي ،فَ َما َذا أ ْ سُ َختَ ُار؟ لَ ْ يستحق االعتبار.
الحظ أنه فى آية 11كان كل ما يطلبه الرسول أن يتعظم المسيح فى جسده فهو يريد أن يقول إنه إن كانت المعلنة فى اآلن بينما أعيش فى الجسد كعربون للحياة بالمسيح فى األبدية ،هى لى ثمر جهادى وبذل الحياة ُ ذاتى ..أى هى خدمة ألوالد اهلل حتى يعرفوا اهلل ،ويتمجد اهلل فيهم .وحياتى هى أعمال صالحة أمجد بها اهلل ، وثمر متكاثر لحساب المسيح .فماذا أختار ،الحياة التى يتمجد بها اهلل من هذا الثمر المتكاثر أم الموت واإلستشهاد الذى يمجد اهلل؟ إن جهاد الرسول وأتعابه وصبره وك ارزته باسم المسيح وانتشار ملكوت المسيح
بواسطته هو ثمرة حياته (أو حياة المسيح فيه) .إذاً كلما عاش كلما كان له ثمار ،وكانت حياته وعمله يمجدان
اسم المسيح .والموت هو ربح أكبر له فبه يستريح من أتعابه ويبدأ طريق الفرح والراحة والمجد ...إذاً أيهما يختار؟! الحياة هى له تمتع بالمسيح وخدمة المسيح الذى يحبه ،والموت هو الوصول للمسيح وأمجاده.
األيات (23 "-:)26-23فَِإ ِّني م ْحصور ِم ْن اال ثْ َن ْي ِن :لِي ا ْ ِ ْض ُل ون َم َع ا ْل َم ِس ِ يحَ ،ذ َ اء أ ْ َن أَ ْنطَلِ َ ق َوأَ ُك َ اك أَف َ شت َه ٌ َ ُ ٌ َ 25 ث وأ َْبقَى مع ج ِم ِ ِ ِجدًّا24 .و ِ َج ِل لك ْن أ ْ َجلِ ُك ْم .فَِإ ْذ أََنا َو ِاث ٌ يع ُك ْم أل ْ ق ِبه َذا أ ْ س ِد أَْل َزُم ِم ْن أ ْ ََ َ َعلَ ُم أ َِّني أ َْم ُك ُ َ َن أ َْبقَى في ا ْل َج َ َ 26 ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ تَقَد ِ ُّم ُك ْم َوفََرح ُك ْم في ِ ض ِ يم ِ ضا ع ْن َد ُك ْم". اد افْت َخ ُارُك ْم في ا ْل َمس ِ ع ف َّيِ ،ب َواس َ سو َ ان ،ل َك ْي َي ْزَد َ وري أ َْي ً طة ُح ُ يح َي ُ اإل َ محصور بين االثنين = هو رأى أن كال الطريقين صالح وله مميزاته ،وهو ال يستطيع أن يختار أيهما .هل يختار حياته على األرض التى بها يربح نفوساً للمسيح أو حياته فى الفردوس حيث الراحة ..وقوله محصور بين
االثنين إشارة ألن كال الخيارين يتنازعان داخله .فكال الطريقين صالح ومبارك أمامه .ولكنه فض َل فى النهاية ما يراه اهلل صالحاً .وطالما هو حى ،إذاً فاهلل يريد منه الثمر المتكاثر فى حياته .فبولس يعلم أن اهلل “خلقنا ألعمال
صالحة سبق فأعدها لكى نسلك فيها” (اف ، )81 :1وحينما ننهى األعمال التى يريدنا اهلل أن ننهيها ينقلنا إلى
الراحة كما قال لدانيال (دا .)86:81
ألزم ألجلكم = اهلل الذى خلقنى يعلم وحده متى أنهى األعمال التى خلقنى من أجلها .وبولس هنا يقول ألهل فيليبى ..طالما أنا حى ،إذاً فاهلل يرى أن بقائى الزم ألجلكم ،ألثمر فيكم ،فهذا هو العمل الذى خلقنى اهلل ألجله.
بولس هنا ُي َسلم أمره بالكامل هلل ليختار له اهلل الصالح.
13
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
فى سفر أعمال الرسل ( )1،8 :81نجد هيرودس يقتل يعقوب بالسيف .ثم فى (أع )82-6:81نجد هيرودس
يريد قتل بطرس ولكن مالكاً ينقذه ...فلماذا لم يرسل اهلل مالكاً لينقذ يعقوب؟ السبب ببساطة أن لسان حال
يعقوب فى سجنه كان يقول “لى إشتهاء أن أنطلق” ،وكان يعقوب قد أنهى أعماله التى خلقه اهلل ليعملها ،فسمح
اهلل لهيرودس أن يقتله ،سيف هيرودس كان األداة التى ينتقل بها يعقوب إلى فرح سيده ،إلى حيث الراحة .وكان
لسان حال بطرس فى السجن يقول “لى إشتهاء أن أنطلق” ،،ولكن بطرس كان أمامه أعمال أخرى ،إذاً لن يكون
لهيرودس سلطان عليه ألنه لم ُيعط هذا السلطان من فوق (يو .)88:86إذاً فمالك يذهب لينقذ بطرس من يد هيرودس ،ليكمل بطرس األعمال التى خلقه اهلل ألجلها. وبهذا المفهوم يقول بولس هنا إن الرب يرى أنه مازال أمامى أعماالً ألعملها .أنطلق = يقصد الموت أى الخروج
من هذا الجسد .والكلمة اليونانية تعنى “فك الخيمة” أو “حل ربط السفينة” إستعداً لإلقالع أو إطالق السجين بعد فترة سجنه .والجسد فى نظر بولس خيمة والموت هو حل هذه الخيمة (1كو .)8:5والموت هو إقالع إلى الوطن
السمائى .وهو انطالق من سجن هذا الجسد الذى يحرمنى من رؤية اهلل والقديسين وأمجاد السماء.
أل كون مع المسيح = إذاً وجوده فى الجسد كأنه غربة عن اهلل ،فالمسيح فى كل مكان لكن بسبب الخطية الساكنة فى أجسادنا (رو )81 ، 82 : 2فالجسد أصبح ُمعوق عن رؤية المسيح .وبالموت تنتهى حالة الغربة ونرى المسيح إذ ال خطية حينئذ.
تقدمكم وفرحكم فى اإليمان = إذاً وجوده فى الجسد نافع فى تقدمهم وفرحهم .وكلما زاد إيمانهم ونما يزداد
فرحهم .خصوصاً حين ُيطلق سراح بولس فسيختفى حزنهم = بواسطة حضورى عندكم .ولكن قوله أيضاً يعنى أن افتخارهم وفرحهم ببولس مستمر حتى لو لم ُيطلق سراحه ،فك ارزته وعمله ورسائله لهم مستمرة حتى وهو فى
السجن .هم خافوا من حبسه لئال تتعطل الك ارزة ،ولكنهم أروا اآلن أن الك ارزة لم تتعطل ،فعليهم أن يفتخروا
فى = هم يفتخرون حقاً ببولس لكن كل افتخار هو فى المسيح يسوع الذى ننال منه ويبتهجوا فى المسيح يسوعَّ . كل الهبات الروحية ،وهو الذى يعمل فى بولس فكرز لهم ،وكرز فى السجن ،وعمل فى الملوك فأطلقوه ،ويعمل
فى أهل فيليبى ليفرحوا .وفى آيات 13،15نشعر أن بولس شعر بأنهم سوف يطلقون سراحه ولن يموت. 27 ت و أر َْيتُ ُكم ،أَو ُك ْن ُ ِ ق ِإل ْن ِج ِ شوا َك َما َي ِح ُّ ورُك ْم يل ا ْل َم ِس ِ آية ( " -:)27فَقَ ْط ِعي ُ ت َغائ ًبا أ ْ يحَ ،حتَّى إِ َذا ِج ْئ ُ َ َ ْ ْ ُم َ َس َمعُ أ ُ ين معا ِب َن ْف ٍ ِ ٍ ِِ ون ِفي ر ٍ ِ ٍ يم ِ ان أ ََّن ُك ْم تَثْ ُبتُ َ وح َواحدُ ،م َجاهد َ َ ً ُ س َواح َدة ِإل َ
اإل ْن ِج ِ ِ يل" ،
واآلن ماذا أطلب منكم ..أن تعيشوا كما يحق إلنجيل المسيح = أى بما يتفق مع وصايا اإلنجيل .ونحن يجب
أن نعيش بحسب اإلنجيل داخلياً وخارجياً أى ننفذ وصايا اإلنجيل قلبياً فى الخفاء ،وأيضاً أمام الناس .إنجيل =
لم يكن هناك أناجيل ،ولكن المقصود التعاليم التى علمها لهم بولس الرسول .فبولس يريدهم أن يكونوا إنجيالً
معاشاً مقروءاً من جميع الناس (1كو.)1:6
14
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
عيشوا = هى مشتقة من كلمة وطن أو مدينة .لذلك يمكن ترجمة اآلية “ لتكن وطنيتكم المسيحية كما يليق باإلنجيل ،هو معنى يشير لتأدية المرء واجبه كمواطن .وكما قلنا فى المقدمة أن شعب فيليبى يفتخر بكون فيليبى
كولونية أى أن شعبها له مميزات شعب روما نفسها .وهنا بولس يرفع أنظارهم أنهم مواطنين سمائيين لهم امتيازات سماوية وعل يهم واجبات أن يحيوا كما يحق إلنجيل المسيح .يريد الرسول أن يقول أنه ال يشرفكم أن تكونوا مواطنين رومان فهؤالء وثنيون ،ولكن الذى يشرفكم أنكم مواطنون سماويون.
ونرى بولس هنا يهتم بوحدتهم = روح واحد ..بنفس واحدة .وتثبتون على هذا ،ال يكونوا كإبليس الذى لم يثبت يوحدنا فى محبة (يو .)22:1وهذا يؤول إلعالء اإليمان باإلنجيل ونشر اإليمان به .وهذا عمل الروح القدس ،أن َ بفكر واحد وقلب واحد ،أماّ عدو الخير فعمله زرع الخصومات والشقاق .وما يهدم هذه الوحدة والشركة الواجب إظهارها للجميع ،الكبرياء والتحزب واألنانية .والمطلوب التشبه بالمسيح الذى أخلى ذاته ،وبالكنيسة األولى التى
كانت قلباً واحداً ونفساً واحدة (أع.)61:2
فقط = ما قلته لكم عن الموت والحياة ،له وقته الذى سوف يختاره ويحدده المسيح ،ولكن ما أطلبه منكم اآلن،
وما يجب أن تفعلوه طالما أنتم أحياء عيشوا كما يحق إلنجيل ..مجاهدين = ضد إبليس والخطية (أف.)81:3
وللحفاظ على “اإليمان المسلم مرة للقديسين” (يه .)6وللثبات فى الكنيسة الواحدة بدون شقاقات. َما لَ ُك ْم َفلِ ْل َخالَ ِ شي ٍء ِم َن ا ْل ُمقَ ِ آية (َ 28 " -:)28غ ْي َر ُم َخ َّوِف َ ِ ص، ين ،األ َْم ُر الَِّذي ُه َو لَ ُه ْم َب ِّي َن ٌة لِ ْل َهالَ ِكَ ،وأ َّ او ِم َ ين ب َ ْ وذلِ َك ِم َن ِ اهلل". َ
ال تخافوا ممن يضطهدكم ويقاوم رسالتكم = غير مخوفين = والكلمة تُستخدم أصالً للخيول الجافلة التى تعود مضطربة إذا وجدت ما يخيفها .ولماذا ال نخاف؟ النعمة اإللهية قادرة أن تحفظ أوالد اهلل ،ويد اهلل القوية تحفظهم،
وتدين من يضطهدهم وتهلكه“ .من يمسكم يمس حدقة عينه” (زك .)1:1أولم تنهزم اإلمبراطورية الرومانية أمام المسيحية .وهناك سؤال إذا كان اهلل يحفظ أوالده ،فلماذا مات واستشهد الكثيرين بيد أعداء المسيح؟ اإلجابة
بسيطة وراجع شرح آيات 13-16من هذا اإلصحاح ،ونضيف عليها ما قاله السيد المسيح لبيالطس “ لم يكن
لك على سلطان البتة إن لم تكن قد أعطيت من فوق” (يو .)88:86والمعنى أن من إستشهد ،كان ذلك بسماح من اهلل ،ألنه قد أنهى أعماله ،وذهب للراحة فى إنتظار المجد .وعادة يشعر المضطهدين لشعب اهلل بقوة تعمل
مع شعب اهلل (خر .)81:8ولكن من الذى يشعر بقوة اهلل التى تسانده فى هذا الوقت أى وقت اإلضطهاد؟ هو من قرر بإيمان أن يثبت .والحظ أن من إضطهد الكنيسة أوالً كانوا اليهود وجاء بعدهم الوثنيون.
األمر الذى هو لهم بي ّنة للهالك = النعمة اإللهية قادرة أن تحفظكم ثابتين إن قررتم أن تثبتوا .وسوف تختبرون
قوة اهلل التى ستساندكم وتحفظكم ثابتين وان ثبتم فسيكون هذا دليل واعالن قوى عن أن اهلل حفظكم ،ويد اهلل
القوية التى تحفظكم هى نفسها ستدين من يضطهدكم وتهلكه ،وهى نفسها التى ستُ َكمل معكم حتى الخالص النهائى = وأماّ لكم فللخالص .وثباتكم أمامهم سيخيفهم ،فثباتكم هذا بسبب عمل قوة اهلل فيكم .وهذه القوة هى
15
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح األول)
التى ترعبهم (خر = )81:8تكون لهم بينة للهالك .وهذا الثبات هو ما أسماه الرسول مجاهدين فى آية .12 فالجهاد هو ق اررنا بالثبات بالرغم من اآلالم .والقوة التى يعطيها اهلل التى تثبتنا هى النعمة التى تحفظنا ثابتين.
29 َجِل ِه31 .إِ ْذ َج ِل ا ْل َم ِس ِ ضا أ ْ يح الَ أ ْ َن تَتَأَلَّ ُموا أل ْ َن تُ ْؤ ِم ُنوا ِب ِه فَقَ ْطَ ،ب ْل أ َْي ً ب لَ ُك ْم أل ْ األيات ( "-:)31-29أل ََّن ُه قَ ْد ُو ِه َ ون ِف َّي". لَ ُك ُم ا ْل ِج َه ُ س َم ُع َ اد َع ْي ُن ُه الَِّذي َأر َْيتُ ُموُ ِف َّيَ ،و َ اآلن تَ ْ ألنه = عائدة على ما قبلها .والمعنى أنه البد وأن نواجه آالم ونحن فى هذه الحياة (1تى .)81:6ولكن
المسيحية غيرت النظرة إلى األلم فهو لم يعد عقاباً ،إنما شركة حب مع المسيح المتألم ،ثم هى شركة مجد معه.
وهى اختبار عزاء حقيقى من اهلل للمتألمين .فربما يندر أن نختبر يد اهلل فى أيام صحتنا وفرحنا ،لكن يمكننا إذا عشنا حياة الشكر وسط األلم أن نعاين اهلل ونختبر تعزيات وأفراح ال يختبرها اإلنسان العادى غير المتألم ،لذلك
يقول الرسول ُوهب لكم ..أن تتألموا = حينما تزداد المحبة يتمنى المحب أن يتألم بدالً من حبيبه (كشعور أم ترى إبنها متألماً) .ولقد أعطى ل نا أن نشعر بهذه المشاعر ،أن نتألم ألجل المسيح = بالنيابة عنه .نرى المسيح
وهو على الصليب ،أو وهو مازال متألماً لآلن من أجل الخطاة والمستهترين ورافضى اإليمان والذين مازالوا
مستعبدين للشيطان ..ونقول فى حب ،نريد أن نحمل عنك يا حبيب بعضاً مما تحمله من ألم .واهلل وهب لنا
هذا ..أن نشترك مع ابنه فى آالمه كشركة حب مع إبنه .واهلل فى محبته يعطى لشركاء األلم أن يكونوا شركاء
مجد (رو .)82:1وذلك فى السماء ،أماّ هنا على األرض فيعطيهم تعزيات عجيبة كما أعطى للثالثة الفتية. صار احتمال األلم بفرح وشكر خير وسيلة إلعالن محبتنا للرب .وصارت التعزيات التى يعطيها اهلل وسط األلم
هى عربون المجد العتيد أن ُيستعلن فينا .وبولس اختبر هذا األلم وهذه التعزيات ،فهو قد ُسجن عندهم فى فيليبى ورأوه فى وسط آالمه فَ ِرحاً متعزياً ،ورأوه مجاهداً ضد الشيطان وتابعيه غير مخوف منهم = إذ لكم الجهاد عينه
فى = فهو اآلن مسجون فى روما .فبولس هنا يقدم نفسه نموذجاً لما قاله عن فى .واآلن تسمعون ّ الذى رأيتمو ّ اآلالم التى يقابلها أوالد اهلل .عموماً فالعالم يكره المسيح ومن يتبع المسيح ،وهذا ليس جديداً ،أو يدعو لإلندهاش. وأهل فيليبى غالباً تحملوا نوعاً من االضطهاد والرسول يشجعهم على االحتمال.
وهب لكم ..ال أن تؤمنوا فقط .فاإليمان بالمسيح هو هبة ونعمة من اهلل مجانية .فاإليمان هو الطريق الوحيد
لغفران الخطية ،وللحياة األبدية (يو+ 6 ،1:83يو.)13 ،15:88
بل أيضاً أن تتألموا ألجله .فاآلالم هي لكي نكف عن الخطايا (8بط )8:2وحينما يهلك الجسد تخلص الروح في يوم الرب (8كو )5:5وحينما يفني إنساننا الخارج يتجدد الداخل يوماً فيوماً (1كو . )83:2والمسيح الذي هو
الطريق (يو .)3:82والذي سبقنا للسماء ليعد لنا مكاناً يعرف كيف يصل بنا للسماء ،إن ثبتنا فيه .وهو يعرف أننا ورثنا الخطية والتمرد من آدم "بالخطية ولدتني أمي" " +الخطية الساكنة في" (رو )11:2فالصليب صار
وسيلة للتجديد .فكيف ال نعتبر األلم هبة من اهلل .واأللم هو طريقنا للسماء .وبنفس الفكر يقول القديس يعقوب
"إحسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع .)1:8وبنفس الفكر يقول داود النبي في
المزمور"جربني يا رب وامتحني .صف كليتي وقلبي" (مز.)1:13
16
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
عودة للجدول
1 وح .إِ ْن الر ِ ان َو ْعظٌ َما ِفي ا ْل َم ِس ِ ش ِرَك ٌة َما ِفي ُّ سلِ َي ٌة َما لِ ْل َم َح َّب ِة .إِ ْن َكا َن ْت َ آية ( " -:)1فَِإ ْن َك َ يح .إِ ْن َكا َن ْت تَ ْ اء َو َأْرفَ ٌة" ، َح َ َكا َن ْت أ ْ ش ٌ
فإن كان وعظ ما فى المسيح :قوله فإن تعنى عالقة هذه اآلية بما سبق فى اآليات السابقة .فكلمة وعظ تُترجم تشجيع أو حض أو مناشدة أو مواساة .إذاً هى تشجيع اآلخرين وتقويتهم فى شدائدهم .والرسول يرى أن الطريقة
المثلى للتشجيع والتعزية بأن تكون كلمات الوعظ هى فى المسيح ،أى بتوجيه نظر المتألم بأنه شريك المسيح فى ُ آالمه ،وسيكون شريكاً له فى مجده .وتوجيه نظر المتألم ال أن يرفض األلم بل أن يطلب التعزية وسط األلم ،أن يطلب من المسيح أن يشترك معه ،وأن يشعر المتألم بهذه الشركة فيتعزى .فالمسيح وحده ،وروحه القدوس
المعزى قادران على تعزية المتألم .واذا كنا نحن كبشر قادرين أن نشجع بعضنا البعض فى الضيقات ،فباألولى فإن المسيح يقدر أن يساندنا ويرسل لنا روحه المعزى .والوعظ الذى فى المسيح هو الذى يعزى القلب .وياحبذا
لو كان الواعظ ثابتاً فى المسيح ،والمسيح يحيا فيه مثل بولس الذى قال "أما نحن فلنا فكر المسيح"
(8كو .) 83:1ففى هذه الحالة ستكون كلمات الواعظ هى كلمات المسيح وقادرة على التشجيع "مثل فمى تكون" (إر.)86:85
تسلية فى المحبة = كلمة تسلية هى comfortأى راحة وتعزية للقلب الحزين (كو .)88:2وهذا العمل أساسه المحبة للمتألم وليس تأدية واجب ،وال شىء يعطى عزاء للمتألم قدر شعوره بمحبة إنسان يقف جانبه بمحبة.
شركة فى الروح :الشركة تتم بصورة رائعة لو خضع الكل للروح القدس ،وهو الذى يجمعنا إلى واحد ،ويكون هدفنا واحد هو مجد المسيح.
إن كانت أحشاء ورأفة :األحشاء هى القلب والكبد ،وهما مصدر العواطف كما فهم القدماء .وهم استخدموا كلمة أحشاء كما نستخدم اآلن كلمة قلب للتعبير عن المشاعر .والمقصود أن يكون لنا القلب الحانى الشفوق .ما
أخذناه من المسيح علينا أن نعطيه لبعضنا البعض ،فكما أحبنا المسيح بشفقة ورأفة علينا أن نكون هكذا مع اآلخرين .بل إن الروح القدس يغير طبيعتنا فنتشبه بالمسيح فى محبته. 2 ش ْي ًئا و ِ سوِ ِ ِ ِ ِ ِ اح ًدا"، اح َد ٍةُ ،م ْفتَ ِك ِر َ ين َ َ آية ( " -:)2فَتَ ِّم ُموا فَ َرحي َحتَّى تَ ْفتَك ُروا ف ْك ًار َواح ًدا َولَ ُك ْم َم َح َّب ٌة َواح َدةٌ ِب َن ْف ٍ َ هى آية الوحدة فى كل شىء .فتمموا فرحى :أى أنا أفرح بكم اآلن ولكن اجعلوا هذا الفرح كامالً بأن تتحدوا برأى
واحد وفكر واحد ومحبة واحدة ،أى تحبون اآلخرين واآلخرون يحبونكم وكلكم تحبون اهلل .أى المحبة تسود.
فك ارً واحداً :قد تختلف األفكار ،ولكن إن كان هناك امتالء من الروح ستجد األفكار متشابهة ومتقاربة بل تتكامل
،هذا إن لم يكن هناك األنا .وعلينا جميعاً أن نفكر فى مجد المسيح "فالحاجة إلى واحد" (لو .)21:81والخصام واالنشقاق عكس الفكر الواحد.
17
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
محبة واحدة :الكل فى محبة وغير منقسمين لمجموعات ،كل مجموعة تحب بعضها وال تحب المجموعة األخرى.
بنفس واحدة :النفس هى مركز العواطف واألحاسيس .وعندما يكون لنا الفكر الواحد والمحبة الواحدة سيكون لنا
المشاعر الواحدة .والمعنى االنسجام معاً أى روح الفريق الواحد.
مفتكرين شيئاً واحداً :ولكنه سبق وقال فك اًر واحداً والمعنى هنا أى أفكاركم متشابهة وهذه ال تكون إال فيمن يمألهم الروح القدس ،واذا تناقشوا حول موضوع سريعاً ما يتفقوا على فكر واحد يشير به الروح القدس.
3 اض ٍع ،ح ِ ْض َل ِم ْن أَ ْنفُ ِس ِه ْم" . آية ( " -:)3الَ َ ض ُك ُم ا ْل َب ْع َ اس ِب َ ض أَف َ ين َب ْع ُ ش ْي ًئا ِبتَ َح ُّز ٍب أ َْو ِب ُع ْج ٍبَ ،ب ْل ِبتََو ُ َ ال شيئاً بتحزب أو بعجب :أسباب االنقسامات هى روح التحزب أى التعصب لشخص ما ،وهذا يؤدى للكراهية،
أو العمل لمجد الذات وللمنفعة الشخصية واإلعجاب بالذات ورؤية اإلنسان نفسه أفضل من اآلخرين مما يجعله
يطلب مرك اًز أكبر أو يفرض رأيه .من المؤكد أن بولس الرسول يعالج هنا الشقاقات التى بلغت أخبارها له
(فى.)1:2
ُع ْج ْب :اإلنسان يعجب بذاته أو بالمواهب التى اعطاها له اهلل. حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم :هذه قد تُترجم هكذا "فليحسب كل واحد اآلخر أفضل منه" .وبحسب الترجمة األولى نفهم أنه علينا أن نعطى اآلخرين تقدي اًر أكبر مما يستحقون ،وكرامة تفوق مراكزهم .وهذا بهدف
تشجيعهم .والحظ كيف تعامل المسيح مع السامرية .أما بحسب الترجمة الثانية ،فكيف أحسب اآلخر أفضل منى وأنا أعلم أننى أفضل منه علماً مثال ،كيف يحسب الع ِ الم أن الجاهل أفضل منه ،أو كيف يحسب من هو صالح، َ الخاطىء أفضل منه؟ اإلجابة هى بالتواضع والطريق هو: .8كل واحد يفكر فى خطاياه الشخصية وال يفكر فى خطايا اآلخر.
.1كل واحد يفكر فى دينونة اهلل وال يهتم بنظرة الناس وحكمهم (8كو .)6:2 .6نظرة اإلنسان أنه أفضل هى من قبيل التخمين ،وهذا ال يصح أن نسير بحسبه .فال أحد يعلم حقيقة داخل اإلنسان سوى اهلل.
.2كل شىء صالح فى هو من اهلل فلماذا أنسبه لنفسى (8كو ( + )2:2يع.)82:8
.5كل ميزة فى هى وزنة ،وكلما زادت وزناتى ،على أالّ اعتبر هذا سبباً لالفتخار ،بل أطلب الرحمة ألنه كلما زادت وزناتى سيطالبنى اهلل بوزنات أكثر .فاهلل أعطانى هذه الميزات ألتاجر بها وأربح
لحسابه.
.3من يشعر فى نفسه أنه األحسن فليتضع وينكر ذاته كما عمل المسيح (يو.)85:86 .2الحقيقة اننى فى ذاتى لست شيئاً ،بل تراب وكلى نجاسة .أما قيمتى الحقيقية ليست فيما أملك من مال أو علم ،فهذا عطية من اهلل.أما القيمة الحقيقية لكل انسان هى في المسيح الساكن فينا .وفى هذا فما الفرق بينى وبين أى إنسان آخر.
18
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
اح ٍد إِلَى ما ُهو لِ َن ْف ِس ِه ،ب ْل ُك ُّل و ِ آية (4 " -:)4الَ تَ ْنظُروا ُك ُّل و ِ ضا". اح ٍد إِلَى َما ُه َو َ آلخ ِر َ ين أ َْي ً َ َ َ َ َ ُ ال تهتموا فقط بمصالحكم الشخصية ،بل ليهتم كل واحد بما لآلخرين .ليضع كل واحد نفسه مكان اآلخر ،ويهتم
كل واحد بأن يخدم اآلخر المحتاج.
5 ضا" : آية (َ " -:)5ف ْل َي ُك ْن ِفي ُك ْم ه َذا ا ْل ِف ْك ُر الَِّذي ِفي ا ْل َم ِس ِ سو َ ع أ َْي ً يح َي ُ الفكر الذى فى المسيح يسوع هو أنه أنكر ذاته وأخلى ذاته فى تجسده ألجلنا ،فإذا سلك كل واحد هذا المسلك
حدثت الوحدة ،ومن ينكر نفسه فحاالً يجد نفسه فى حالة تواضع .والتواضع فيه حل لكل الخالفات على كل المستويات (الكنيسة /المجتمع /البيت).../
وبعد هذه اآلية يضع بولس الرسول أنشودة رائعة تحمل فكره عن تجسد المسيح ،ولم يقلها بغرض إثبات عقيدة
معينة بل قالها كدرس فى االتضاع فال يوجد صورة لإلتضاع أروع من صورة إتضاع المسيح فى تجسده ،ولكن كل كلمة وكل حرف فى هذه األنشودة يشير لعقيدة التجسد والفداء .لذلك نفهم أن العقيدة والروحيات واألخالقيات
كل ال يتجزأ .فالعقائد هى حياة يحياها المسيحى وليست نظريات جامدة فمن عقيدة التجسد نرى محبة اهلل
وتواضعه ونحاول أن نحيا بنفس األسلوب.
ون مع ِادالًِ ِ ِ ِ آية (6 " -:)6الَِّذي إِ ْذ َك َ ِ هلل". س ًة أ ْ َن َي ُك َ ُ َ ورِة اهلل ،لَ ْم َي ْحس ْب ُخ ْل َ ان في ُ ص َ خلسة :هى كلمة نادرة جداً فى اليونانية .ووردت مرة واحدة فى الكتاب المقدس ،ومرة واحدة فى الكتابات
اليونانية .ولها أكثر من ترجمة:
.8بمعنى الخطف أو السلب .robbery .1بمعنى التشبث أو التلهف.
ولقد اعتمدت بعض الترجمات المعنى األول ،والبعض اعتمد المعنى الثانى.
كان :تعنى فى اليونانية يوجد أو يستمر ،فيسوع هو اهلل فى الجوهر قبل التجسد وبعده .الكلمة تشير لشخص اإلنسان الذى ينفرد به وهو ال يتغير وال يتبدل مهما تغير شكل هذا اإلنسان ،فشخصه هو شخصه ال يتغير.
فى صورة اهلل :صورة (مورفى باليونانية) جاءت بمعنى شكل ،وتعنى الصورة الجوهرية لشىء وال تتغير قط.
فمثالً الصورة الجوهرية لإلنسان هى اإلنسانية .صورة هنا هى التعبير عن الكيان الذى يعنى جوهر الطبيعة أو
الطبيعة الجوهرية ،وليس الشكل وال المظهر بل الصفات األساسية هلل التى تستعلنه ،هو صورة اهلل غير
المنظور (كو1( + )85:8كو( + )2:2عب .)6:8إذن المسيح هو صورة اهلل وقائم من البدء لذلك يقول المسيح
" أنا واآلب واحد" .ويقول " من رآنى فقد رأى اآلب" .واذا كانت كلمة "صورة" المستخدمة هنا تعنى عدم تغير
جوهر الشخصية بتغير الشكل الخارجى ،فالمعنى يصير واضحاً أن جوهر ألوهية المسيح لم ُيصب بأى تغيير بسبب التجسد ..هو اهلل ظهر فى الجسد.
19
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
خلسة :إذا إعتمدنا الترجمة األولى وهى (الخطف والسلب) كما فى العربية يكون المعنى أن المسيح فى جوهره واحد مع اآلب ،ولذا لم يكن فى احتياج ألن يختلس لنفسه المساواة باهلل ،فهو اهلل .واذا اعتمدنا الترجمة الثانية
كما فعلت ترجمة (جيروزاليم بيبل) اإلنجليزية .يكون المعنى أن المسيح بالرغم من كونه أصالً في صورة اهلل ،إال
أنه لم ينظر لمساواته مع اهلل على أنها ربح أو غنيمة يتشبث بها ،ولكنه أخلى ذاته آخذاً صورة عبد (1كو:1 .) 6وهذه الترجمة متمشية مع كالم بولس الرسول بأن ال نتمسك بما لنا من حقوق بل نتخلى عنها كما عمل المسيح .وهذه الترجمة الثانية تترجم اآلية هكذا "إذ كان فى صورة اهلل لم يحسب مساواته هلل ربحاً يتمسك به.
معادالً هلل :تفيد معنى المساواة.
ٍ ِ آية (ِ 7 " -:)7 ص ِائ ار ِفي ِش ْب ِه َّ الن ِ اس" . لك َّن ُه أ ْ س ُه ،آخ ًذا ُ َخلَى َن ْف َ ورةَ َع ْبدً َ ، ص َ أخلى ذاته :المسيح بتجسده حجب مجد الهوته الكائن فيه عن الظهور .وكلمة أخلى باليونانية تعنى أفرغ اإلناء مما يحتويه .إذاً المعنى أن المسيح أفرغ إناءهُ البشرى من كل ما لالهوت من مجد كائن فيه أقنومياً ،وصار فى صورة عبد ليتمكن العبيد (نحن البشر) من أن يقتربوا إليه ويروه ويتعاملوا معه (تث )86-85:81فيرفعهم إليه. ويتمم فى جسده عمل الفداء العجيب ،فلو ظهر بمجده ما كان الشيطان أو رئيس كهنة اليهود أو بيالطس أى كل من حركهم الشيطان ،قادرين أن يقتربوا منه ليصلبوه .هو أخلى ذاته ليعطيهم فرصة أن يصلبوه
(8كو .) 1:1هذا اإلخالء لم يتناول طبيعته كإله ،بل هو أضاف صورة العبد على ألوهيته ،لذلك خرج من جنبه
دم وماء إشارة التحاد الهوته بجسده الذى انفصلت عنه الروح مع إستمرار إتحاد الهوته بروحه أيضاً التى ذهبت
للجحيم ثم للفردوس.
صورة عبد :أخذ صورتنا فيما عدا الخطية .فالخطية هى مرض أضيف على البشر والزمهم .لكن الخطية لم تكن جزءاً أساسياً فى طبيعة اإلنسان حين خلقه اهلل.
8 ِ ِ الصلِ ِ سٍ يب". ت َّ ت َم ْو َ اع َحتَّى ا ْل َم ْو َ س ُه َوأَطَ َ انَ ،و َ ض َع َن ْف َ آية (َ " -:)8وِا ْذ ُو ِج َد في ا ْل َه ْي َئة َكِإ ْن َ كإنسان :حرف الكاف يعنى أنه صار فى صورة إنسان (بإنسانية كاملة) ولكنه ليس مثل كل إنسان:
.8هو بال خطية.
.1حل فيه كل ملء الالهوت.
فى الهيئة :هيئة باليونانية (سكيما) بمعنى المظهر الخارجى أو الصورة الخارجية ،وهى التى يمكن أن تتغير وتتبدل .وهذه عكس كلمة صورة التى وردت فى آية ( 3مورفى) التى تشير لثبات الوضع .والرسول يقصد أن يقول أن صورة العبد التى أخذها المسيح كانت صورة وقتية حتى يتمم الفداء .ولكن هذا قد تم دون أى تغيير فى
جوهر الهوته ،وهذا ما جعل الرسول يستخدم كلمتين يونانيتين صورة (مورفى) وهى ثابتة ،وهيئة (سكيما) وهى شىء وقتى.
20
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
وضع نفسه :تشير لوضاعة طبيعتنا إذا قورنت بمجد طبيعة اهلل .ونالحظ أن الشيطان يفعل عكس ما فعل المسيح ،فالشيطان متكبر أراد أن يتساوى باهلل ،وكان هذا اختالساً ،بل جعل البشر يعبدونه فى صورة األصنام،
واعتبر هذا ربحاً أو غنيمة يتشبث بها ويقتنصها ،أما المسيح فأخلى ذاته ولم يعتبر مساواته هلل غنيمة يقتنصها
بل أخلى ذاته من مجده لصالح اإلنسان.
موت الصليب :لم يتجسد ويخلى نفسه فقط بل أطاع حتى الموت ،موت الصليب بكل ما فيه من مهانة ،وألم مرعب ،فهو للمجرمين وللقتلة وللصوص .والصليب ملعون أو كان ملعوناً (تث .)16 ،11:1والفيلسوف
الرومانى شيشرون يقول "ليبعد اسم الصليب ال عن أجساد المواطنين الرومانيين فحسب بل أيضاً عن أفكارهم وعيونهم وآذانهم".
َّ ِ ِ 9 األيات ( "-:)11-9لذل َك َرف َع ُه اهللُ السم ِ ِ اء َو َم ْن َعلَى األ َْر ِ ض َو َم ْن في َّ َ
ق َع َ اس ًما فَ ْو َ ضاَ ،وأ ْ أ َْي ً طا ُ ْ 11 ت األ َْر ِ ف ضَ ،وَي ْعتَ ِر َ تَ ْح َ
ُك ِّل اسٍم 11لِ َكي تَ ْجثُو ِب ِ ع سو َ َ ْ ْ اسم َي ُ ْ ِ ِ سٍ يح ُه َو ان أ َّ سو َ ع ا ْل َمس َ َن َي ُ ُك ُّل ل َ
ُك ُّل ُرْك َب ٍة ِم َّم ْن ب لِم ْج ِد ِ اهلل َر ٌّ َ
ِ اآلب". َرفَّ َعه اهلل :هذه تُقال عن الناسوت (فالالهوت لم يفقد مجده أبداً) ففى مقابل إتضاعه وطاعته َرفعه اهلل ناسوتياً. ونالحظ أن المسيح له سلطان أن يضع ذاته وأن يأخذها (يو .)81 ،82:81ونفهم اآلية أن الالهوت الواحد مثلث األقانيم أعطى للناسوت أن يرتفع ويتمجد .وكما نقول فى قانون اإليمان "صعد إلى السموات وجلس عن
يمين أبيه" ،فالجلوس عن يمين اآلب تعنى أن ناسوت المسيح صار له مجد اآلب .وهذه اآلية موجهة لكل منا،
فمن يتضع كالمسيح يرفعه اهلل ويمجده.
اسماً فوق كل اسم :إسماً جاءت معرفة بـ "الـ" فى اليونانية .وهذا إشارة لالسم المتفرد يهوه .واالسم ُيظهر حياة الشخص .فلقد أظهر اهلل من هو المسيح الذى كان متضعاً وأنه هو هو يهوه العظيم ،لقد صار للناسوت الذى أخذه المسيح اسم يهوه العظيم الذى كان له قبل إخالئه لذاته ،بعد أن جلس عن يمين اآلب وتمجد بناسوته
وصار لهُ بناسوته كل ما لآلب من مجد .اسم يسوع :يهوه يخلص ،لقد صار اسم يسوع قوة ترهب الشياطين، وصار قوة لنا (لذلك يوصى األباء باستخدام صالة يسوع ،فإسم يسوع له قوة جبارة) .ولقد صار إسم يسوع
موضوع تسبيحنا.
باسم يسوع :يسوع هو إسمه فى حالة إخالء ذاته .والسجود صار لإلله المتجسد الذى إتخذ إسم يسوع ،بل صار
السمائيين يسجدون ليسوع الذى صار له مجد أبيه ومجد الهوته = تجثو له كل ركبة :هذه قيلت عن يهوه
العظيم (إش .)16:25وقيلت هنا عن يسوع .فيسوع هو هو يهوه العظيم.
ممن فى السماء ومن على األرض :يقدمون له العبادة فى حب وعرفان بالجميل.
من تحت األرض :بارتفاعه وضع أعدائه تحت قدميه ،هذا خضوع الكسرة والمذلة .هؤالء هم من يقولون للجبال غطينا (رؤ.)83:3
21
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
ويعترف :أى االعتراف علناً عن قصد تمجيد المسيح وشكره فهو صاحب حق وجميل .والكل سيعترف به أنه هو يهوه العظيم الذى ينبغى له السجود والعبادة.
لمجد اهلل اآلب :المجد الذى صار لربنا يسوع ال ينفصل عن مجد اهلل اآلب .هو َمج َد اهلل اآلب بصليبه ،و َمج َده فى قيامته .وكل هذا كان ألجلنا .ولكى نمجد نحن اآلب على محبته وأعماله. َحب ِ األيات (12 "-:)13-12إِ ًذا يا أ ِ ض ِ ط ْعتُ ْم ُك َّل ِح ٍ اآلن ِباأل َْولَى ِجدًّا َّائيَ ،ك َما أَ َ وري فَقَ ْطَ ،ب ِل َ س َك َما ِفي ُح ُ َ ين ،لَ ْي َ 13 َن اهلل ُهو ا ْلع ِ ٍ ٍ ِ ِ س َّرِة" . يدوا َوأ ْ ام ُل ِفي ُك ْم أ ْ َن تُ ِر ُ َن تَ ْع َملُوا ِم ْن أ ْ َج ِل ا ْل َم َ ص ُك ْم ِب َخ ْوف َو ِر ْع َدة ،أل َّ َ َ َ في غ َيا ِبي ،تَ ِّم ُموا َخالَ َ
أطعتم :قال لهم إن اهلل َرفع المسيح بسبب طاعته فعليهم بالطاعة .ليباركهم اهلل على األرض وفى السماء. ليس كما فى حضورى :هو كأب يعلم أطفاله المشى وحدهم حتى فى غيابه دون االتكال عليه .والمقصود أن تتعلموا الطاعة هلل ولوصاياه حتى فى غيابى .فاهلل ينظر تصرفاتهم كل حين.
تمموا خالصكم :قوله تمموا تشير أن لإلنسان المؤمن دو اًر فى خالص نفسه وهذا نسميه بالجهاد .المسيح كان كطبيب أعد الدواء ،ونحن كمرضى علينا أن نتناوله بانتظام ونمتنع عن كل ما منعنا عنه الطبيب .ومن يطيع
ويؤهل يتمم خالصه .خالص المسيح كان كامالً .ولكن المعنى أن من يجاهد خاضعاً للروح القدس تتم تنقيته ُ
لقبول الخالص الذى يعنى تمام اتحادنا بالرب يسوع .خالص المسيح كان كامالً ونؤمن بهذا .ولكن علينا الجهاد طالما نحن فى الجسد ،كما نؤمن أن المسيح قادر أن يشبع الجائع لكن علينا أن نطعمه .والجهاد هو أن نخضع
لمشيئة الروح القدس بالصلوات واماتة الشهوات .هو جهاد ضد الذات (كو.)5-8:6
بخوف ورعدة :هو خوف من أن نغضب اهلل ونرتد عنه ،وهو خوف ناشئ عن معرفتنا بضعفنا وبقوة العدو ،فهو ونحزن قلب اهلل علينا .والرعدة هى القلق المتزايد على خالص نفوسنا ،ولكن خوفنا من خداع الحية لنا فنسقط ُ ليس رعدة اليائس من خالص نفسه .خوفنا ورعدتنا ممتزجان برجاء فى الخالص وثقة فى المعونة اإللهية .أماّ من يشعر بقوته فهو سيسقط سريعاً .خوفنا ورعدتنا مقصود بهما أن يؤديا لالحتراس الشديد لئال نخسر خالصنا،
مثل من يخاف عند عبوره الطريق ،هذا يسمى خوف ّبناء ،هذا يكسب حياته بسبب حذره ،أماّ المندفع فيسقط تحت عجالت السيارات .وهكذا من يخاف من الرسوب ،سيذاكر قبل االمتحان فينجح ،أما من ال يخاف من النتيجة لن يجاهد فى مذاكرته فيرسب .إذاً هناك خوف مطلوب يدفع اإلنسان للتقدم وألن يحافظ على حياته. ولكن هناك خوف مرضى يتسبب فى رسوب الطالب مهما ذاكر بسبب رعبه وهذا يناظر الشك فى محبة اهلل،
أو تصور أن اهلل منتقم والبد سيهلكه حتى لو تاب عن خطيته (هذا النوع يشك فى الغفران) وهذا النوع يدفع
اإلنسان للصدام مع اهلل ،وهذا النوع من الخوف تطرحه المحبة خارجاً (8يو .)81:2إذاً الخوف المطلوب هو
الذى يجعلنا ننشغل بالدرجة األولى بخالص نفوسنا وهو الذى ُيلهمنا العمل ألجل خالص نفوسنا .فنحفظ الوصايا ولنا رجاء فى الخالص.
ألن اهلل هو العامل فيكم أن تريدوا :سبق فى آية 81وتحدث عن مسئولية اإلنسان تجاه خالصه ،وهنا يشجعهم أن العمل ليس عملهم وحدهم بل اهلل يشترك معهم فى مهمة خالص أنفسهم ،فلو قال بولس " تمموا خالصكم
22
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
بخوف ورعدة" وسكت على هذا لصار األمر مرعباً فماذا نعمل ونحن فى ضعفنا هذا؟ هنا يتحدث عن اإلمكانيات اإللهية المعطاة لإلنسان لكى يخلص ،فاهلل هو الذى يعمل فى اإلنسان فيحرك إرادته تجاه خالص
نفسه وأيضاً يعضده فى كل عمل يقوم به إلتمام الهدف المنشود وهو خالص نفسه .واهلل يحرك اإلرادة ويعطى
المعونة لنعمل على خالص أنفسنا .وهل معنى هذا أن اهلل يعطى إرادة لمن ال إرادة له؟ قطعاً ال .ولنسمع قول
السيد المسيح " كم مرة أردت ...ولم تريدوا .هوذا بيتكم ُيترك لكم خراباً" (مت .)61 ،62:16لكن اهلل يحفز وينشط إرادة من يغصب نفسه (رؤ( + )11:6نش .)2:5أليست حياة المسيح فينا (في )18:8وهو بحياته فينا يقودنا ويقود أعضاءنا لتكون أالت بر (رو.)86:3
هنا نرى المسيح يقرع الباب ويثير عواطف اإلنسان نحوه حتى نفتح له ،ومن يفتح ويتجاوب يعطيه المسيح أكثر
فيكون له ملكوت السموات (مت .)81:88والروح القدس يبكت ويقنع المؤمن على ترك الخطية وعلى عمل البر، ويحاول أن يوفق إرادة المؤمن مع إرادة اهلل ،ويحفز إرادة الذى يغصب نفسه .وأن تعملوا :هو الذى يعطى
المعونة فى كل عمل صالح نقوم به ،إذ هو يشترك معنا فى كل عمل صالح ،بل بدونه ال نقدر أن نعمل شيئاً
(يو .)5:85وكون أن اهلل هو العامل فى شعبه وفينا فهذا يعطينا التشجيع لنعمل كل ما فى طاقاتنا ليتم خالصنا معتمدين على اهلل وليس على أنفسنا .ونكرر ،اهلل ال يجبر إنسان وال يرغمه على تغيير إرادته ،بل عمل اهلل
يكون بإقناع المؤمن وانارة عقله (إر .)2:11إذاً تمام الخالص هو عمل مشترك بيننا وبين الروح القدس .وهذا الكالم يعطى اطمئنان ألهل فيليبى أنه لو اختفى بولس أو الرسل كلهم بالموت أو االستشهاد فإن اهلل هو العامل
فى شعبه.
من أجل المسرة :فمسرة اهلل هى خالص اإلنسان فهو يريد أن الجميع يخلصون (8تى .)2:1لذلك فهو يعمل فينا
أن نريد وأن نعمل. ِ14 طاء ،أَوالَ ًداِ ِ شي ٍء ِبالَ َدم َدم ٍة والَ مج َ ٍ ِ 15 َّ هلل ِبالَ ْ َ َ َُ سَ َ ْ ادلَة ،ل َك ْي تَ ُكوُنوا ِبالَ لَ ْوٍمَ ،وُب َ األيات ( "-:)15-14اف َْعلُوا ُكل َ ْ ع ْي ٍب ِفي وس ِط ِجيل مع َّو ٍج وم ْلتَ ٍو ،تُ ِ ون َب ْي َن ُه ْم َكأَ ْن َو ٍ ار ِفي ا ْل َعالَِم". ضُ يئ َ َ َ َ َُ َ ُ دمدمة :الكلمة تشير للتذمر كما يتذمر العبد على سيده ،وكما تذمر اليهود على اهلل فى البرية .والتذمر ينشأ من م اررة القلب وعدم الصبر فى معاشرتنا لبعضنا البعض ،ولعدم المحبة وضيق القلب أو عدم إحتمال أحكام اهلل.
ولذلك عودتنا الكنيسة على الشكر دائماً حتى نتحاشى التذمر الذى يقسى القلب أمام اهلل وما يدفع اإلنسان
للتذمر عدم ثقته أن ما يسمح به اهلل هو للخير ،وأن كل ما يسمح به اهلل هو طريقنا للسماء أو هو إلعدادنا
للسماء.
مجادلة :مناقشات فى كبرياء وتمسك بالرأى ومناقشات فى شك بين طرفين وهذا يؤدى قطعاً للنزاع .بال لوم:
ليس فيهم ما يستحق التوبيخ والنقد ،وليس فيهم خطأ أو عيب ما .ونحن لن نكون بال لوم أمام اهلل إالّ لو كنا فى
المسيح (كو.)11:8
23
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
بسطاء :البسيط هو من ينظر هلل فقط وال يخلط البر والشر فى حياته ،ال ُيظهر غير ما يبطن ،ويبتعد عن المكر والدهاء .والكلمة تشير إلى أن المادة تكون نقية غير مخلوطة بشوائب أى غير مغشوشة .ويشير المعنى
ألن المؤمن يجب أن يكون برىء وصادق ذو نية صادقة وبواعث نظيفة ونقية .وتترجم single heartedأى
القلب له إتجاه واحد= "يا إبنى اعطنى قلبك" .معوج :تعنى االبتعاد عن الحق .ملتو :تشويه الحقائق بإلتواء ومكر .تضيئون :الضوء يشير للقداسة المستمدة من الرب يسوع .كأنوار :هناك كلمتين فى العبرية أنوار وتشير لألجسام المضيئة من نفسها كالشمس ونيرات وهى كلمة تشير للكواكب التى تستمد نورها من الشمس ،كالقمر
وبولس استخدم كلمة نيرات ،فنحن نور العالم (مت .)82:5نستمد نورنا من المسيح شمس البر (مال )1:2وهو
النور الحقيقى (يو .)81:1والمقصود أن أوالد اهلل يكونون نو اًر للعالم ،ينيروا الطريق لكل العالم الذى ال يعرف
اهلل .لكى تكونوا ..أوالداً هلل أى ليظهر أنكم أوالد اهلل ،فأوالد اهلل يجب أن يتشبهوا باهلل (أف .)8:5والوالدة من اهلل تأتى بالمعمودية وتستمر باإليمان الثابت والجهاد بأعمال صالحة يراها الناس ويمجدوا أبانا الذى فى السموات.
16 ين ِب َكلِم ِة ا ْلحي ِ اة الف ِْت َخ ِ اري ِفي َي ْوِم األيات (ُ "-:)18-16متَ َم ِّ س ِك َ ََ َ ت أَ ْن ِ ِ ِ ِ 17 ضا َعلَى َذ ِب َ ِ ِ يم ِان ُك ْم َو ِخ ْد َم ِت ِه، ب أ َْي ً سك ُ َباطالً .لك َّنني َوِا ْن ُك ْن ُ َ يحة إ َ س ُر ِ ضا َواف َْر ُحوا َم ِعي". ور َ ين أ َْي ً ُكوُنوا أَ ْنتُ ْم َم ْ
يحِ ،بأ َِّني لَم أَسع ب ِ ت ا ْل َم ِس ِ اطالً َوالَ تَِع ْب ُ ْ َْ َ ينَ 18 .وِبه َذا َع ْي ِن ِه َج َم ِع َ ُس ُّر َوأَف َْر ُح َم َع ُك ْم أ ْ أَ
متمسكين :أصل الكلمة يخبر ،إذاً المقصود إعالن كلمة الحياة :أى اإلنجيل ،بالشهادة لكلمة الحياة فى حياتهم وأقوالهم وبهذا نخبر اآلخرين بالمسيح .ونحن نعلن ونخبر الناس باإلنجيل بأن نحيا وفق تعاليمه.
إلفتخارى :تكونوا لفخرى ومجدى وعلة مكافأتى فى األبدية.
سعيت :كلمة تصف الذى يجرى فى ميدان السباق للحصول على جائزة.
انسكب :كل اآلالم التى صادفها خالل ك ارزته ،بل هو مسجون حالياً وربما تكون نهايته االستشهاد ،لقد كانت حياته كالسكيب الذى كان الكهنة فى العهد القديم يسكبونه على الذبائح قبل إحراقها على المذبح (خر + 21:16
عد )82 ،2:11 +5 ،2:85والتصوير هنا أن أهل فيليبى بآالمهم وقبولهم لآلالم بفرح ،هم ذبيحة مقدمة هلل:
ذبيحة إيمانكم :وبولس ككاهن يسكب حياته على ذبيحة إيمانهم (وهذا ما حدث له على يد نيرون بعد ذلك ،فهو كان يتنبأ بنهايته) .والسكيب الذى كان الكهنة يسكبونه على الذبائح كان خم اًر .والخمر رمز للفرح .والمعنى أن سكيب بولس لنفسه ،أى قبوله لأللم واستعداده للشهادة .كان ككاهن يسكب الخمر على ذبيحة أهل فيليبى ليفرح اهلل ،وهو هنا يفعل ما فعله المسيح حين سكب نفسه (إش .)81:56ومن ناحية أخرى فبولس يفرح بأن يسكب
نفسه وبأن يقدموا هم للعالم كلمة الحياة.
فخدمتهم ستفرحهم وتفرحه ،وسيفرحهم خالصهم وايمانهم وخدمتهم وشهادتهم هلل ،وسيفرحون أيضاً بمحبة بولس
لهم .وخدمته :كلمة خدمة هنا هى "ليتورجيا" ،أى الخدمة الكهنوتية .فبولس ككاهن يقدم نفسه سكيب على ذبيحة إيمانهم .وفكرة أن المؤمنين ذبيحة يقدمها هو ككاهن قالها من قبل فى (رو.)83:85
24
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
افرحوا معى :باإلنجليزية هنئونى بأننى استشهد وانسكب سكيباً .وفى هذا تطبيق عملى لما سبق وقاله أن األلم هو هبة من اهلل ألجل المسيح (فى )16:8وهكذا عاش بولس الرسول " من أجلك ُنمات كل النهار .قد ُحسبنا مثل غنم للذبح" (رو .)63:1وهذا ما يفرحه أن يتألم ألجل المسيح الذى أحبه ،بل هو يتشبه به ويشترك معه فى
صليبه .وعلى أهل فيليبى أن يفرحوا إذا شابهوه وشابهوا المسيح ،واشتركوا مع المسيح فى صليبه ،أى ليتحملوا
أالمهم بفرح.
19 ِ َن أُر ِس َل إِلَ ْي ُكم س ِريعا ِتيموثَاو ِ ت الر ِّ آية (َ " -:)19علَى أ َِّني أ َْر ُجو ِفي َّ يب َن ْف ِسي إِ َذا َع َرْف ُ سو َ س ل َك ْي تَط َ ْ َ ً ُ ُ َ ب َي ُ ع أْ ْ َح َوالَ ُك ْم" . أْ
أرجو :فكل األمور تحت سلطان اهلل ،وهو الذى يوجه الكل .وهو يريد أن يرسل تيموثاوس ليطمئن أهل فيليبى
عليه ،ثم يطمئن بولس على أخبار أهل فيليبى .فى الرب يسوع :كان لبولس حياة المسيح (فى .)18:8وبالتالى
فكر المسيح (8كو .)83:1وذلك نتيجة طبيعية التحاده بالمسيح ،فهو عضو فى جسد المسيح فكل فكر وكل عمل له صادر من المسيح كمركز اإلرادة ،فهو يحب فى المسيح ويفتخر فى الرب يسوع ويعمل ويرجو فى
المسيح .فال خالص لنا إالّ بثباتنا فى الرب يسوع .والحظ أنه إن لم يكن ثابتاً فى الرب يسوع فهو سيرجو شيئاً
خاطئاً مثل األموال أو الماديات ولكن ثباته فى الرب يسوع جعله يرجو ما يساعدهم على خالص نفوسهم ،فهذه هى ارادة اهلل
( 8تى . ) 2 :1
21 21 َن لَ ْيس لِي أَح ٌد َ ِ َح َوالِ ُك ْم ِبِإ ْخالَ ٍ ون َما ص ،إِِذ ا ْل َج ِميعُ َي ْطلُ ُب َ ير َن ْف ِسي َي ْهتَ ُّم ِبأ ْ َ األيات ( "-:)22-21أل ْ َ آخ ُر َنظ ُ 22 ِ ِ اإل ْن ِج ِ ون أَنَّ ُه َك َولٍَد معَ أ ٍ َج ِل ِ يل. ع ا ْل َم ِس ِ يحَ .وأ َّ َما ْ سو َ اخ ِت َب ُارُ فَأَ ْنتُ ْم تَ ْع ِرفُ َ َب َخ َد َم َم ِعي أل ْ ُه َو ألَ ْنفُس ِه ْم الَ َما ُه َو ل َي ُ َ
"
مع احتياج بولس فى سجنه لتيموثاوس ،إالّ أنه لمحبته ألهل فيليبى سيرسله لهم .فليس فى روما من هو نظير
تيموثاوس ،فهو إنسان ُيعتمد عليه .وهو يحبهم مثل بولس :نظير نفسى :فهو يفكر كما أفكر أنا بولس ،ويرى ما أراه من حق إلهى .اختبار :تشير الكلمة إلى الكيفية التى واجه بها تيموثاوس ما إمتحن به ،وحاز على
موافقتهم جميعاً على شخصه ،كيف كان متضعاً متفانياً محباً فى خدمته .فأنتم تعرفون :فى اليونانية المعرفة
الناشئة عن إختبار ،فأهل فيليبى قد عايشوا تيموثاوس .الجميع يطلبون ما ألنفسهم :مع زيادة االضطهاد إرتخت أيدى الكثيرين وظهر فتور الكثيرين .وقل إخالصهم للرب يسوع. 24 23 ضا س ِ آتي إِلَ ْي ُك ْم الر ِّ ق ِب َّ األيات ( "-:)24-23ه َذا أ َْر ُجو أ ْ َح َوالِي َحاالًَ .وأ َِث ُ َن أ ُْر ِسلَ ُه أ ََّو َل َما أ ََرى أ ْ ب أ َِّني أََنا أ َْي ً َ يعا". س ِر ً َ
أول ما أرى أحوالى :أى عندما ُيعلن قرار القضاء فى أمرى إماّ بالسجن أو اإلستشهاد أو اإلفراج .فهو اآلن الذى يخدمنى فال أستغنى عنه ،ولكن إذا أُف ِرج عنى أو إذا استشهدت سيأتى حامالً لكم األخبار.
25
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
أثق بالرب :هو كان شاع اًر باإلفراج عنه .وهذا ما حدث فعالً إذ أطلق نيرون سراحه هذه المرة. َخي ،وا ْلع ِ َن أُر ِس َل إِلَ ْي ُكم أَب ْفروِدتُس أ ِ لك ِّني ح ِس ْب ُ ِ آية (25 " -:)25و ِ ام َل َم ِعيَ ،وا ْل ُمتَ َج ِّن َد َم ِعي، َ َ َ َ َ ت م َن الّالَ ِزِم أ ْ ْ ْ َُ ِ ِ اج ِتي" . سولَ ُك ْمَ ،وا ْل َخاد َم ل َح َ َو َر ُ
حسبت من الالزم :فأنا أعرف مشاعركم نحوه خاصة بعد سماعكم أخبار مرضه .وأبفرودتس جاء لبولس حامالً هدية أهل فيليبى ولكى يخدم بولس فى سجنه .ثم مرض أبفرودتس وكان رقيق المشاعر ،لذلك نجده قد حزن لما
عرف أن أخبار مرضه وصلت ألهل فيليبى .أخى = فى المعمودية .العامل معى :فى الخدمة والك ارزة .المجند
معى :ضد قوات الظلمة .ونرى محبة بولس وأنه يفضل اآلخرين على نفسه (آية )2فمع احتياجه ألبفرودتس سيرسله ألهل فيليبى.
ِ ِ ان م ْ ِ ِ26 يضا". س ِم ْعتُ ْم أَنَّ ُه َك َ ان َم ِر ً وما ،أل ََّن ُك ْم َ شتَاقًا إلَى َجميع ُك ْم َو َم ْغ ُم ً آية ( " -:)26إ ْذ َك َ ُ كان غم أبفرودتس شديداً إذ كان بعيداً عنهم فى مرضه ،وكان غمه ألنه تصور حزنهم عليه مما زاد من اشتياقه لهم .لذلك كان البد لبولس أن يرسله لهم فيفرحوا به وفرحهم هذا يقلل من أالم بولس.
ونرى أن بولس بالرغم من كل مواهبه فى الشفاء (أع )81:86لم يستطع شفاء أبفرودتس .فشفاء المريض
بمعجزة ال يتم إالّ لو كان لحساب مجد اهلل وايمان الناس .بل أن اهلل يستخدم األمراض للتأديب والشفاء الروحى. وهكذا بولس لم يستطع شفاء تروفيمس (1تى .)11:2وتيموثاوس كان مريضاً ولم يستطع شفاءه (8تى.)16:5
وبولس نفسه كان له شوكة فى الجسد (1كو .)2:81ولم يستطع شفاء نفسه.
اهلل يستخدم الشفاء بمعجزة فى بعض األحيان ،ويستخدم المرض ،وكالهما الشفاء والمرض أدوات فى يد اهلل
لشفاء النفس وإلعداد اإلنسان للسماء .المرض كان عقوبة للخطية فلم يكن هناك أمراض قبل سقوط آدم ولكن
كما نقول فى القداس الغريغورى " حولت لى العقوبة خالصاً" فاهلل َحو َل المرض فصار وسيلة للخالص فكما يقول معلمنا بطرس أن من تألم فى الجسد كف عن الخطية8( ،بط .)8:2بل أن األلم صار طريق الكمال
(عب .)81:1أما معجزات الشفاء فاهلل يستخدمها لمن تساعده على نمو إيمانه أو لمن ال يريد اهلل موته اآلن ويريد أن يعطيه اهلل حياة أخرى .اهلل هو صانع اإلنسان وهو الذى يعرف ضعفاته وما الذى يصلحها ليدخل إلى
السماء.
27 ِ ِ ِ ض قَ ِر ِ ضا لِ َئالَّ األيات ( "-:)31-27فَِإ َّن ُه َم ِر َ َّاي أ َْي ً ً س إِيَّا ُ َو ْح َد ُ َب ْل إِي َ يبا م َن ا ْل َم ْوت ،لك َّن اهللَ َرح َم ُهَ .ولَ ْي َ 28 ي ُك َ ِ ون أََنا أَ َق َّل ُح ْزًنا. ضا َوأَ ُك ُ س ْر َع ٍةَ ،حتَّى إِ َذا َأر َْيتُ ُموُ تَ ْف َر ُح َ ون أ َْي ً َ س ْلتُ ُه إِلَ ْي ُك ْم ِبأ َْوفَ ِر ُ ون لي ُح ْز ٌن َعلَى ُح ْز ٍن .فَأ َْر َ 31 29 ت ،م َخ ِ اط ًار َج ِل َع َم ِل ا ْل َم ِس ِ فَاق َْبلُوُ ِفي ا َّلر ِّ ب ِب ُك ِّل فََر ٍحَ ،وْل َي ُك ْن ِم ْثلُ ُه ُم َك َّرًما ِع ْن َد ُك ْم .أل ََّن ُه ِم ْن أ ْ يح قَ َار َ ب ا ْل َم ْو َ ُ ِِ ِ ان ِخ ْد َم ِت ُك ْم لِي " ص َ ِب َن ْفسه ،ل َك ْي َي ْج ُب َر ُن ْق َ
26
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثاني)
مخاط ارً :الكلمة المستخدمة تحمل معنى المقامرة ،أى غامر بحياته فى تهور ألجل خدمتى وأنا سجين .ربما كانت هناك خطورة من الجنود أو هو استمر يخدم بولس الرسول بينما هو مريض وكان محتاجاً للراحة.
يجبر نقصان خدمتكم لى :أى يقوم بخدمتى نيابة عنكم ،ويتمم ما لم تستطيعوه أنتم بسبب بعد المسافة بين ّ فيليبى وروما .وليس لتقصير منهم.
مكرماً عندكم :إذ ربما يلوموا أبفرودتس أنه ترك بولس فى سجنه وتخلى عن خدمته لذلك يقول لهم عن خدمته ويطلب منهم أن يقبلوه فى الرب .فهو من محبته عرض نفسه ألخطار جمة.
حزن على حزن :حزنى على موته بعد حزنى على مرضه .هذه هى محبة بولس للجميع ،ألهل فيليبى ولتلميذه. فالمسيحية ال تلغى المشاعر اإلنسانية ،بل هذا ما طالب به الرسول فى آية " 8إن كان أحشاء رأفة.
27
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
عودة للجدول
ِِ الر ِّ ِ آية (1 " -:)1أ ِ ُم ِ َما لَ ُك ْم فَ ِه َي َخ ًا ير َيا إِ ْخ َوِتي اف َْر ُحوا ِفي َّ س ْت َعلَ َّي ثَ ِقيلَ ًةَ ،وأ َّ ور إِلَ ْي ُك ْم لَ ْي َ ب .كتَ َاب ُة هذ األ ُ ُم َؤ ِّم َن ٌة" . أخي ارً :األصل اليونانى " أما بالنسبة لما بقى من الكالم" أى أن الجزء السابق أو الحديث السابق قد انتهى وسيبدأ حديث فى موضوع جديد هو تعاليم المتهودين الذين يعل ِِمون بضرورة الختان ،وباقى الطقوس اليهودية كأمر
ضرورى للخالص .والرسول ال يعتبر أن تحذيراته فى هذا الخصوص هى ثقيلة عليه أو تسبب له ضيقاً ألنها
تُؤم ْن من يسمعها من االنزالق فى الخطأ .وهى ليست ثقيلة عليه لثقته فيهم ومعرفته ألخبارهم .وهذا عكس ما قاله فى رسالته لغال طية ولكورنثوس ،حين قال" من حزن كثير وم اررة قلب كتبت لكم" ،وهى ليست ثقيلة ألنه مسرور بهم .وقوله إنها ليست ثقيلة ألنه طالما نبههم إلى خطورتها وهو معهم فى فيليبى ولكنه مضطر اآلن أن
يكتب لهم لخطورة األمر .إفرحوا :الفرح يعطى قوة (نح .)81:1أماّ الفشل والغم فال يليقا بأوالد اهلل ،ألن إبليس
يصطاد مثل هذه النفوس المغمومة: .8ليشككها فى محبة اهلل.
.1ليغريها بأن تتعزى بخطايا العالم وملذاته. ولنرى كيف أن بولس وسيال كانا يسبحان فى السجن .لو كتب بولس لهم عن الفرح وهو ال يعانى من السجن لما
صدقوه وهم فى آالمهم وهناك اضطهاد واق ع عليهم ،لكنه يكتب لهم كمختبر .والفرح هو لمن يثبت فى الرب (فى ،)2:2بل ال يمكن أن يجتمع األلم والفرح إالّ فى الرب ،فالرب وحده هو القادر أن يحول الضيق الداخلى الناشئ من األلم إلى فرح داخلى .هذه الرسالة هى رسالة الفرح لذلك يذكرهم بالفرح الذى يريد الرب أن يعطيه
لهم ،وفى هذا تحذير أن من يرتد وراء اآلخرين سيفقد هذا الفرح.
إفرحوا :هنا بولس يعطى أم اًر بأن نفرح والمقصود أن إكتشفوا أن اهلل قادر أن يعطيكم الفرح من خالل العالقة
الشخصية فى المخدع واكتشاف شخص اهلل الذى يعطى الفرح الحقيقى الذى ينتصر على أى ألم .من إكتشف هذا الفرح ال تهزمه تجربة وال يصاب باكتئاب أو حزن .ومن لم يكتشف طريق الفرح هذا ،إن أصابته تجربة
مؤلمة ،يصطدم مع اهلل ويكتئب بل هناك من يرفضون التعزية والفرح .وكيف يعطى اهلل تعزية وفرح لمن ال يريد
ومن هم هكذا يصبحون صيداً سهالً إلبليس والمسيح يحزن جداً على هؤالء المكتئبين ،بعد كل ما صنعه من
فداء وأنه جعلهم أبناء اهلل وأعد لهم مكاناً فى السماء وأن كل األمور لخيرهم ليصلوا إلى هذا المكان المعد ،فلماذا
يكتئبون؟ السبب هو الشك فى محبة المسيح لهم وأن ما يسمح به هو للخير .ومن يحيا فى فرح يحيا فى صحة
جسدية ونفسية ويحيا فى قوة.
2 ِ ب .ا ْنظُُروا فَ َعلَ َة َّ الشِّر .ا ْنظُُروا ا ْلقَ ْط َع" . آية ( " -:)2اُْنظُُروا ا ْلكالَ َ
28
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
انظروا :معناه إحذروا واحترسوا وافتحوا عيونكم.
الكالب = هناك كلمتين بمعنى كالب:
.8الكالب المدلّلة وهذه تكون مدلّلة فى البيوت .واستخدم رب المجد هذه الكلمة فى حديثه مع المرأة الكنعانية (مت.)13:85
.1الكالب الجربانة الضالة التى تجرى فى الشوارع ُم ْه َملَ ْة .وهذه هى الكلمة المستخدمة هنا .وهذه الكلمة استخدمها اليهود واليونانيين ككلمة توبيخ ،ويقصد بها الرسول توبيخ المعلمين الكذبة من المتهودين ،الذين تمسكوا بالتعاليم اليهود ية وحرموا أنفسهم من الشبع بالنعمة فى إنجيل الخالص ،وهؤالء أرادوا اعتبار
المسيحية طائفة يهودية ،وعلموا بأن األمم لكى يصيروا مسيحيين عليهم أن يدخلوا من باب اليهودية أوالً. وأسماهم الرسول كالباً:
.8فهم نبحوا ضد بولس عندما قاومهم ،ككالب مسعورة (راجع سفر األعمال) ،بل نبحوا ضد كل من َعلم تعليماً صحيحاً .وشبههم بالكالب فى محاولتهم عض ومهاجمة خدام المسيح الحقيقيين .وهكذا وصف
المسيح هيرودس بالثعلب.
.1هم ينهشون جسم المسيح (الكنيسة) ليخطفوا ما يستطيعون اختطافه من المؤمنين.
.6الكلب رمز للنجاسة فى العهد القديم (تث .)81:16ألنه يأكل من الزبالة والقذارة .ولذلك أطلق اليهود على األمم لفظ كالب لوثنيتهم ونجاستهم التى يحيون فيها ،وبهذا فهم منفصلين عن شعب اهلل وعن اهلل.
ودارت األيام وها هو بولس كممثل لكنيسة األمم يرد لهم اإلسم فهم أولى به بسبب إنفصالهم اآلن عن
الكنيسة شعب اهلل وعن ال نعمة .وال سبيل للطهارة من النجاسة اال بدم المسيح ،وهم رافضين االيمان بالمسيح ،ولذلك فنجاستهم باقية .ولذلك قال عنهم الرسول انهم كالب .
.2الكلب منتقم ينهش من الخلف ،وهذا ما يفعلونه باضطهادهم لخدام المسيح.
فعلة الشر :هم المتهودين الذين يريدون إفساد التعليم الصحيح وخطف أوالد اهلل ،هم ضد اإلنجيل ويشوهون تعاليمه ويضللون المؤمنين عن الحق اإللهى الصحيح.
القطع :معنى الكلمة الذين يقطعون أجزاء من أجسادهم ،وهى إشارة ألنهم يعلمون بالختان الجسدى كطريق للخالص بدالً من الختان الروحى الذى هو من صميم عمل النعمة فى العهد الجديد .ونادى به أنبياء العهد
القديم (ال( + )28:13تث( + )3:61+ 83:81إر .)81:3والكلمة قد تشير إلى أن هؤالء بتعاليمهم المنحرفة قد قطعوا أنفسهم من شركة جسد الكنيسة. 3 ِ س ِد" . وحَ ،وَن ْفتَ ِخ ُر ِفي ا ْل َم ِس ِ الر ِ ين َن ْع ُب ُد اهللَ ِب ُّ سو َ ان ،الَِّذ َ آية ( " -:)3أل ََّن َنا َن ْح ُن ا ْل ِختَ َ عَ ،والَ َنتَّك ُل َعلَى ا ْل َج َ يح َي ُ ألننا نحن الختان = لماذا هم كالب؟ لماذا هم قطع؟ ألنهم قطعوا أنفسهم عنا نحن كنيسة المسيح المختونين
روحياً أى ختان القلب بالروح (رو .)86:1 +16:1فالقلب يحب األقارب مثالً ولكنه يحب الخطية أيضاً ،ولكن الروح القدس يعين من يميت أعمال الجسد ،فمن يقف ميتاً أمام الخطية يعينه الروح القدس وبولس هنا يقول
29
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
أيهما له قيمة أكبر :أن يقطع إنساناً جزء من جسده بيد إنسان أو أن الروح القدس يميت حب الخطية من
داخلى.
نحن نعبد اهلل بالروح :العبادة بالروح (رو )6:8هى التى أشار إليها السيد المسيح للسامرية (يو.)12،16:2 وهذه العبادة بالروح يشترك فيها كل من آمن بالمسيح من اليهود واألمم الذين صاروا من شعب اهلل.
هناك عبادة بالجسد أى ما كان يمارسه اليهود .يصوم ويصلى ويطالب اهلل باألجر (ومازال هناك من المسيحيين
من يفكر كاليهود فيقول أنا صمت وصليت فلماذا يسمح اهلل لى بهذه التجربة) وهناك من يدخل فى منافسات من يصوم مدة أطول ليطالب بثمن أكبر .هذا ما يسمى البر الذاتى.
وهناك عبادة نفسانية أى من يصلى إذا ُوجد جو مشجع كاجتماع صالة .أى طالما ُو ِج َدت قوة دفع يصلى ،واذا لم توجد ال يصلى .مثل هؤالء يصلون القداس ثم ال يصلون فى مخادعهم ألنهم صلوا في القداس.
أما العبادة بالروح هى أن يقودنى الروح
ولكن هناك سؤال هل الصوم عبادة بالروح أم الجسد مع أن الصوم يقوم به الجسد وهكذا المطانيات هل هى
بالجسد أم بالروح .هناك صوم ومطانيات بالروح وصوم ومطانيات بالجسد .الصوم بالروح هو أن الروح القدس يخاطب الروح اإلنسانية ويقنعها بما يمليه عليها الروح القدس .والجسد ينقاد لما أماله الروح القدس على الروح اإلنسانية (وهكذا فى المطانيات) وهنا نجد أن الروح القدس أقنع اإلنسان بهذه العبادة بأن يبكته على خطاياه
ويقنعه باالنسحاق (يصوم ويصلى ويسجد) .أو الروح القدس يذكر اإلنسان بأن المسيح صلب من أجله ويقنعه
قائالً أال تترك أكل تحبه ألجل المسيح .هنا يصوم اإلنسان ويصلى وينسحق عن اقتناع دون طلب ثمن من اهلل. هنا لو أتت تجربة على اإلنسان ينسحق باألكثر ويقول هذه بسبب خطاياى ،أنا أستحق .هذه العبادة بالروح
تجعلنى أقترب بسهولة من اهلل لذلك حصلت المرأة الخاطئة على الخالص ولم يحصل عليه الفريسى المتكبر.
أما العبادة بالجسد فهى نوع من إحساس اإلنسان بأنه يداين اهلل بعبادته .ولكن من يداين اهلل سريعاً ما يدين اهلل
مثل الفريسى الذى قال عن المسيح " لو كان هذا نبياً."..
هذه العبادة بالجسد هى ما أسماه بولس البر الذى بالناموس أى العبادة الجسدية ولكن هناك البر الذى بالمسيح.
وهنا المسيح هو الذى فعل كل شئ .أما البر الذى بالناموس ففيه أننى أنا الذى أفعل كل شئ.
ولكن هل معنى أن المسيح هو الذى فعل كل شىء أننى ال عمل لى وال جهاد لى؟
حل هذه المعادلة كان فى قول المسيح " :إذا فعلتم كل البر فقولوا أننا عبيد بطالون" ،ومن يضع فى نفسه أنه
عبد بطال كيف يدين اهلل إن أتت عليه تجربة ويقول لماذا سمحت يارب بكذا أو كذا ....هو سيقول ألجل
خطيتى.
المسيح تمم الخالص ولكن حتى أستفيد بهذا الخالص.
.8أتمم خالصى بخوف ورعدة فى جهاد مستمر. .1أقول دائماً إننى عبد باطل.
لذلك ينقسم المؤمنين إلى فئتين:
30
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
.8المجموعة األولى تشعر بخيرات اهلل عليها وأن خيراته هى بال حدود وتنسب األالم لخطاياها .هذه الفئة هى من تعبد اهلل بالروح.
.1المجموعة الثانية تنسب الخير لذكائها وتنسب األالم والشرور هلل وهذه الفئة هى من تعبد بالجسد.
الفئة األولى تنسحق أمام اهلل ،فيتعامل معها الروح وتعبد اهلل بالروح والفئة الثانية كبريائها أعماها فما عادت
تعرف كيف تسمع صوت اهلل وما عادت تستطيع أن ترى يد اهلل.
* المنسحق يفتح الروح القدس عينيه على محبة اهلل الذى نقشنى على كفه ،الذى يحملنى على يده ويدللنى على
ركبتيه فيقبل منه كل األمور فى محبة واثقاً فى محبته( .إش .)81:33
* والحظ أن بولس الرسول مع كل خدماته يقول " :بعد ما كرزت آلخرين ال أصير أنا نفسى مرفوضاً" .هو فى
داخل نفسه يشعر أنه عبد بطال ،ويقول عن نفسه أنه أول الخطاة ،والكنيسة تعلمنا أن نصلى دائماً كخطاة ال نستحق شىء قائلين يارب ارحم .أما المتكبر الذى يثق فى نفسه وأعماله إن أتت عليه تجربة تجده يلوم اهلل،
ويقول لماذا يارب. العبادة بالروح: ماذا يأخذ من يعبد بالروح؟
.8الروح يشفع فيه أى يجعله مقبوالً أمام الرب (رو .)13:1فالمسيح يشفع فينا شفاعة كفارية أمام اآلب أى يغطينا بدمه فنصير مقبولين أمام اآلب .فبدون دم المسيح نفتضح وتظهر خطايانا فال نكون مقبولين أمام
اآلب.
شفاء جسدياً ،كما طلب .1فماذا تعنى شفاعة الروح القدس؟ قد يطلب اإلنسان طلباً ال يرضى عنه اهلل ،مثالً ً بولس ،ويصر هذا اإلنسان على طلبه فيكون معانداً إلرادة اهلل .وهنا يتدخل الروح القدس مع من يعبد بالروح ويقنعه أن هذا ضد إرادة اهلل ،ويستجيب ويصرخ "لتكن مشيئتك" ويصير بهذا مقبوالً لدى اآلب .وهذا ما
حدث مع بولس إذ سمع أن شفاءه سيكون سبباً فى هالكه إذ سيرتفع من فرط اإلعالنات (1كو )88فلم
يطلب مرة أخرى.
نعبر بها عن حبنا .6الروح القدس ُيصور لنا من هو المسيح وكيف أحبنا حباً متناهياً .وقد ال نجد كلمات ّ للمسيح وشكرنا له فنصرخ بأنات للتعبير عن حالتنا هذه. ( .2رو .)13:1إذ ال نجد كلمات تعبر عما فى القلب .يذكرنا الروح القدس بكم صنع بنا اهلل وحفظنا وستر ويصور لنا هذه المواقف وكم كنا معرضين ألخطار عظيمة لوال معونة اهلل .وهنا تخرج عبارة علينا وأعاننا ُ
"أشكرك" من القلب وليس من الفم.
ُ .5يصور لنا الروح القدس عظم خطيتنا وكم من إهانات وجهناها إلى اهلل فنصرخ من القلب "إرحمنا" وليس من الفم.
31
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
.3الروح القدس ُيصور لنا أمجاد السماء (8كو8 + 81-6:1كو .)81:86وكيف أن هذا سيكون مكاننا فنسبح اهلل من القلب على عظيم محبته ونشكره ونشتهى السماء.
.2الروح القدس يضع كالماً على أفواه من يعبد بالروح (هو )6 ،1:82ولكن هذا يستلزم أن نسكت بعض الوقت أثناء الصالة وأن ننسحق أمام اهلل وأن نتغصب فنطيل صلواتنا نتكلم قليالً ونسكت كثي اًر لنسمع.
.1لذلك نصلى دائماً أن نمتلىء من الروح ونقول "روحك القدوس جدده فى أحشائنا" أى إمألنا من الروح واجعله يعمل فينا وال ينطفىء .فتكون لنا هذه العبادة الروحية .والروح نفسه ال ينطفىء فإلهنا نار آكلة
(عب ) 16:81ولكن اإلنسان الجسدانى ال يعود يسمع صوته مثال من يطفىء صوت الراديو ال يعود يسمع صوته مع أن الموجات الصوتية موجودة فى كل مكان ومتاحة. نفتخر فى المسيح :شعب اهلل يفتخرون فى المسيح يسوع ،وليس بأعمال الجسد مثل الختان الجسدى أو البنوة إلبراهيم .وكلمة نفتخر فى أصلها اليونانى تحمل معنى فكر الفرح والمجد .فالعبادة بالروح تقود للفرح .لذلك فى العهد الجديد لم نسمع عن شخص قوى جسدياً وال عن امرأة جميلة كما كنا نسمع كثي اًر فى العهد القديم ألن القوة والجمال صا ار في العهد الجديد فى شخص المسيح فقط .لقد صار المسيح هو فرحنا ومجدنا وابتهاجنا وفخرنا
وقوتنا وجمالنا.
ال نتكل على الجسد :فى المفهوم المسيحى ،الخالص عمل يفوق إمكانيات البشر ويقوم به اهلل ألجل اإلنسان. أماّ اليهود فهم يتصورون أن الخالص هو عمل طبيعى يقوم به اإلنسان تجاه اهلل لذلك فهم يتكلمون عن أعمال بشرية مثل الختان أو سائر الفروض الناموسية كوسائل للتبرير .والمقصود تجنبوا أفكار المعلمين الكذبة ،فنحن نعبد اهلل بأرواحنا الخاضعة لعمل الروح القدس ،ونفتخر بالمسيح يسوع الذى يمنحنا البر والقداسة ،ولسنا مثلهم
نعتمد فى تبريرنا على عمل يعملونه فى الجسد كبر ذاتى لهم .ومن يعبد اهلل بالروح فى فرح سيفهم أن اهلل هو الذى يعمل كل شئ .وهو لذلك ال يعتمد على نفسه فى شىء بل على اهلل .فمن يعتمد على ذاته يحاول أن
يرضى ذاته فى عبادته فيتكبر .أما من يثق فى أن اهلل هو الذى يعمل كل شئ يشعر بضآلته فينسحق ،وهذا هو
المدخل الصحيح للتعامل مع اهلل ،وهذا ما شعر به بولس الرسول نفسه فقال جاهدت الجهاد الحسن ألنه مخلوق ليعمل (أف .)81:1ولكن فى داخله يشعر إنه أول الخطاة ويقول " أنا أصغر جميع القديسين" (أف .)1:6حقاً اهلل عمل كل شئ للخالص لكن على اإلنسان أن يجاهد واذا فعل كل البر يقول عن نفسه أنه عبد بطال ويقول
عن نفسه أنه "أول الخطاة" مع بولس .لذلك المسيحى ال يفتخر بنفسه فهو يشعر أنه ال شئ بل يفتخر بالمسيح
ويقول عن نفسه أنه عبد بطال هذه حقيقة أوالً .وثانياً فيها حماية من الكبرياء .وثالثاً أننا ال نعتمد على عملنا بل
على قوة عمل المسيح.
آخر أ ْ ِ ِ َن لِي أ ْ ِ س ِد فَأََنا ِباألَ ْولَى" . آية (َ 4 " -:)4م َع أ َّ ضا .إِ ْن َ س ِد أ َْي ً َن َيتَّك َل َعلَى ا ْل َج َ َن أَتَّك َل َعلَى ا ْل َج َ ظ َّن َواح ٌد َ ُ
32
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
إن كان أحد من المتهودين يثق فى نفسه بما له من مميزات مترتبة على وضعه كيهودى ،وعلى ما له من
أعمال بشرية .فأنا أفوقه فى هذه المميزات.
إن ظن :ظن فى أصلها اليونانى تشير لمن يقارن نفسه باآلخرين ،فيرى فى نفسه مميزات ال يراها فى اآلخرين. وهكذا المتهودين يظنون أنفسهم بسبب يهوديتهم أنهم أفضل من األمم. يلِ ،م ْن ِس ْب ِط ِب ْني ِ ون ِفي ا ْليوِم الثَّ ِ ام ِنِ ،م ْن ِج ْن ِ آية (ِ 5 " -:)5م ْن ِج َه ِة ا ْل ِختَ ِ ينِ ،ع ْب َرِان ٌّي ِم َن س َرِائ َ ام َ ان َم ْختُ ٌ َ س إِ ْ َْ وس فَِّر ِ ا ْل ِع ْبرِان ِّي َ ِ ِ ِ َّ ام ِ يس ٌّي" . َ ين .م ْن ج َهة الن ُ
الختان :عالمة شعب اهلل فى العهد القديم .إذاً بولس من بيت يهودى وليس دخيالً على اليهودية .فى اليوم
الثامن :كان الدخالء (األمم الذين آمنوا باليهودية وأرادوا االنضمام لدين اليهود) يختتنون وهم كبار سناً ،أى يوم دخولهم لليهودية .إذاً بولس كان يهودى المنبت وليس دخيالً.
من جنس إسرائيل :لم يختلط باألمم ،أى من جنس نقى .وارث لبركة إبراهيم واسحق ويعقوب .من سبط
بنيامين :كانت ميزة سبط بنيامين أنه مع سبط يهوذا مولودين فى األرض المقدسة ،وهو ابن راحيل المحبوبة
وليس ابن جارية .والحظ أن يوسف أيضاً كان ابن راحيل المحبوبة ولكن سبطى افرايم ومنسى ضاعا مع المملكة الشمالية.وكان من سبط بنيامين ،أول ملك على إسرائيل .وظلوا مالزمين ليهوذا بعد انقسام المملكة ،وعادوا معهم
بعد السبى .عبرانى :أى يتكلم العبرانية مع أنه ُوِل َد فى بالد أجنبية ،وهذه ميزة له ،فاليهود فى الشتات كانوا ومخصص هلل ،يحفظ أبسط وأدق تفاصيل الناموس بكل يتكلمون اليونانية وأهملوا العبرانية .فريسى :أى ُمفرز ُ حرص .وعند اليهود كان الفريسيين هم األعظم فى األحزاب ،فكانوا مثل الحاصلين على الدكتوراه فى الناموس،
وكانوا حوالى ستة آالف شخص أيام المسيح .وقيل عنهم" :كل من يذهب للسماء البد أن يكون فريسياً" .ولكن
المسيح كان يهاجمهم لكبريائهم.
6 ضطَ ِه ُد ا ْل َك ِن ِ ِ ِ ِ َِّ ِ َّ ام ِ وس ِبالَ لَ ْوٍم". آية (ِ " -:)6م ْن ِج َه ِة ا ْل َغ ْي َرِة ُم ْ َ يسة .م ْن ج َهة ا ْل ِبِّر الذي في الن ُ هو عرف اليهودية فى أضيق مذاهبها وأكثرها تعصباً ،كان غيو اًر على يهوديته ال يطيق أن يرى أحد خارج
حظيرتها .لذلك حرص على أن يالشى الكنيسة الوليدة .وكان هذا تديناً مريضاً ألنه مرتبط بالقتل .كان كمن يدافع عن اهلل .والحق أن اهلل هو الذى يدافع عنا.
بال لوم :كان مدققاً فى إيفاء كل مطالب الناموس بال إهمال ُيالم عليه فى وصايا أو فرائض اآلباء .ومشكلة هذا الشعور أن اإلنسان الذى يشعر أنه بال لوم لن يبحث عن الكمال .والحظ أن بولس المسيحى قال الخطاة الذين
أولهم أنا.
آيات :3،5تشرح معنى البر الذى بالجسد ،هنا نجد بولس يفتخر بمواصفات معينة جسدية ،ويفتخر بنفسه. آية (ِ 7 " -:)7 س َارةً" . َج ِل ا ْل َم ِس ِ لك ْن َما َك َ ان ِلي ِرْب ًحا ،فَه َذا قَ ْد َح ِس ْبتُ ُه ِم ْن أ ْ يح َخ َ
33
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
كل هذه االمتيازات السابقة التى كانت لى قبل المسيح ،وتعتبر مكاسب كبيرة من وجهة نظر أى يهودى ،رأيتها
اآلن كخسارة إذا قورنت بما أخذته من هبات فى المسيح .وهى خسارة ألنها لم تفدنى شيئاً فى عالقتى بالمسيح، بل كانت حاج اًز بينى وبينه .البر الذى بالناموس كان السبب فى أننى لم أعرف المسيح إذ كان أمامى ،
واضطهدت ت ابعيه من المسيحيين ،لذلك يكون برى هذا هو السبب فى هالكى ألننى لم أعرف المسيح .فبولس
بعد أن عرف المسيح اكتشف أن بر الجسد صار عائقاً عن بر المسيح ،فالبر الناموسى هو نوع من الربح لإلنسان بحيث أنه كلما حصل عليه بسلوكه كان له فضل فيه على اآلخرين .ولكن اإلحساس بالبر الذاتى
واإلحساس بالفضل على اآلخرين يبعدنا عن البر بالمسيح بل فيه كبرياء ،والكبرياء يسبب االبتعاد واالنفصال
عن اهلل .عموماً كل من يحسب نفسه با اًر لن يبحث عن المسيح ليبرره ،وما دام اإلنسان يحسب نفسه بال لوم فلماذا السعى وراء الكمال .بل كان الناموس الذى كنت متمسكاً به سبب لعنة على ،فالناموس يلعن ويحكم بالموت على كل من يخطئ حتى فى خطية واحدة ،ومن هو الذى ال يخطئ .وحتى اآلن فهناك من يظن أن
طريقاً ما فيه ربح ولكنه فيه خسارة ،مثل من ينكر اإليمان .أما من يستشهد فإن العالم يظن أنه قد خسر حياته، وهو قد ربح الملكوت (مر .)65:1بولس كيهودى كان يظل يفكر فى نسبه وما يفتخر به من أعماله فيدخله
الكبرياء أما بولس كمسيحى يقول أنه ال يفكر فى الماضى مهما وصل من درجات أو مهما عمل من خدمة بل
يظل ينظر للسماء ولدرجات أعلى (آية .)86
ِ ِ آية (8 " -:)8ب ْل إِ ِّني أ ْ ِ َجلِ ِه ب ُك َّل َ سو َ َج ِل فَ ْ ع َرِّبي ،الَِّذي ِم ْن أ ْ س َارةً ِم ْن أ ْ ش ْي ٍء أ َْي ً َحس ُ َ ض ِل َم ْع ِرفَة ا ْل َمسي ِح َي ُ ضا َخ َ ِ ِ اء ،وأََنا أ ْ ِ ت ُك َّل األَ ْ ِ يح"، َخ ِس ْر ُ َحس ُب َها ُنفَ َاي ًة ل َك ْي أ َْرَب َح ا ْل َمس َ ش َي َ بولس بعد أن رأى المسيح فى طريقه إلى دمشق ،ثم عرفه بعد ذلك من خبرته فى حياته فى المسيح ،وعرف أن
المسيح هو يهوه اإلله القوى الذى أحب خاصته إلى المنتهى .فألجل المسيح الذى تذوق بولس محبته ،خسر وضعه كفريسى مقرب للقيادات الدينية وقائد يهودى بارز ،بل خسر أصدقاءه ومعارفه اليهود .وامتد بولس بنظره
فوجد أن ليس فقط مركزه كيهودى ،بل كل ما فى العالم ما هو إالّ نفاية بجانب معرفة يسوع المسيح ،وأن كل
شئ فى العالم إن كان سيحرمه من المسيح ،أو بالمقارنة مع معرفة المسيح ،ما هو إالّ نفاية.
معرفة المسيح :هناك فرق بين أن أعرف المسيح وأن أعرف عن المسيح .فأعرف المسيح تشير لمعرفة اختبارية اقتناها بولس من خالل حياة الشركة مع المسيح .ومعرفة المسيح هذه هى الحياة األبدية (يو .)6:82وهذه المعرفة تمأل القلب فرحاً وسالماً ومحبة (راجع مت.)23:86
فضل معرفة المسيح :حين تُقارن معرفة المسيح هذه بأى شىء آخر فهى من المؤكد ستكون أفضل بما ال ُيقاس .بل إذا لم أعرف المسيح فسيكون كل ما عرفته أو وصلت إليه فى العالم ما هو إالّ خسارة وعديم النفع.
فمعرفة المسيح تعنى الفرح والسالم هنا إذ نعرف بين يدى من نحن ،وتعنى المجد فى السماء .أليست إذاً كل األشياء التى تلهينا عن معرفة المسيح ما هى إالّ خسارة .والمسيح هو وحده الحق "أنا هو الطريق والحق والحياة" أما العالم فهو باطل كل األباطيل أى ضياع وبال جدوى.
34
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
معرفة المسيح:
معرفة المسيح هى األفضل (آية .)1
أوجد فيه (آية )6أى ثابت فى المسيح. ألعرفه (آية.)81
المسيح الرأس
آدم الرأس
أوجد فيه :مثل غصن فى كرمة .هنا فى جسد المسيح ،ودم المسيح يسرى فى كل الجسد وكل من هو ثابت فى المسيح سيكون له ثمار (يو.)85
أعرفه :فالن عرف زوجته (تك )8:2أى عاشرها وصا ار جسداً واحداً ،إذاً كلمة أعرفه تعنى صرنا واحداً مع المسيح.
فالن عرف زوجته وأنجبا فالن وفالن (تك )8:2إذاً هى معرفة مثمرة واتحادنا بالمسيح يعطى ثمر بر. ال أحد يعرف من هو االبن إال اآلب ومن هو اآلب إالّ االبن (لو)11:81 أنا واآلب واحد (يو)61:81
أنا فى اآلب واآلب فى (يو)81:82 وهذه اآليات تشير لوحدة اآلب واالبن وأن المعرفة تعنى الوحدة .فكون أن اآلب يعرف االبن واالبن يعرف اآلب
فهذا يعنى الوحدة ،وهذا يظهر من اآليتين األخيرتين.
وكلمة أعرف المسيح إذاً تعنى أننى أصبحت واحداً مع المسيح وسيكون لى ثمر هو ثمر البر الذى بالمسيح ألن
حياة المسيح ستكون فى.
وقارن مع اآليات (يو11:82ـ )16فالمسيح صيرنا واحداً فيه.
فلو قلنا أن فالن عرف زوجته فهذا يعنى أنهما صا ار جسداً واحداً .فهذا يشير أيضاً إلى أن من يعرف اهلل يصير
معه روحاً واحداً (8كو .)82 :3
ومن يصير روحاً واحداً مع اهلل يكون كشجرة مغروسة على مجاري المياه فمجاري المياه هي إشارة للروح القدس
(يو .)66 – 62 :2
وهذا البر الذى بالمسيح يكون باإليمان كمدخل ألننا ننتمى لجسد المسيح ونصير فى المسيح باإليمان ثم
المعمودية .والطريق لكى أتحد بالمسيح هو الموت عن العالم .ونالحظ أنه إذا عرفت المسيح أستطيع أن أترك
35
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
العالم جزئياً واذا حدث هذا أعرف المسيح أكثر وحينئذ أفرح به فأتخلى باألكثر عن العالم ،وهكذا إلى أن يصبح العالم كله بالنسبة لى نفاية .ولكن حتى نعرف المسيح فالثمن هو ترك العالم والموت عن العالم .والمعرفة هنا
هى معرفة إختبارية ول يست العقالنية النظرية ،ومن ال يعرف المسيح معرفة إختبارية يسهل خداعه وبهذا قد ينكر
المسيح .وكلما عرفت المسيح يزداد إتحادى به والثبات فيه.
يو18:82
المسيح يطلب أن نكون واحداً ،نحيا فى وحدة
يو16:82
أنا فيهم وأنت فى ليكونوا مكملين إلى واحد.
يو18:82
ليكونوا واحداً فينا .هنا يطلب المسيح لنكون واحداً مع اهلل.
هذه الوحدة خسرناها بالخطية ،والمسيح أتى ليعيد هذه الوحدة .لذلك
كانت هذه اآليات آخر آيات قبل الصليب مباشرة والسيد يقول "إثبتوا فى وأنا فيكم" وذلك بتحاشى الخطية وااللتصاق به فنعرفه عقلياً أوالً ثم
طفرة كبيرة فى المعرفة لكنها تظل تنمو وإلى األبد
بالموت عن العالم تزداد المعرفة اإلختبارية ويزداد الفرح وذلك ألن
المسيح شخص ممتع واذا عرفناه سنحبه ألنه ُيحب وبسبب هذا الحب ومن تذوقه ،ترك الرهبان العالم وذهبوا للبرية ليتوحدوا مع اهلل فيستمتعوا
بحبه دون عائق.والمعرفة تزداد هنا على األرض وتزداد أيضاً فى
السماء وكلما ازدادت المعرفة يزداد الفرح ويزداد الثبات أما من يرى الخطية لذيذة يريد أن يقتنصها فهو غصن جاف وورق خريفى أى تجربة تكون كريح تسقطه( .الريح الخفيفة هى التجارب البسيطة) أما من عرف المسيح
فيكون كمن بنى بيته على الصخر .هذا لمن يعرف ويعمل (مت )12-12:2فما العمل الذى أعمله ألعرف
المسيح وأبنى بيتى على الصخر.
.8عشرة المسيح فى المخدع.
.1الموت عن الخطية والعالم. .6تنفيذ الوصايا. أما من إنغمس فى محبة العالم تاركاً عشرة المسيح فلن يعرفه لذلك قال يعقوب محبة العالم عداوة هلل( .يع .)2:2
لذلك فى آية ()81:6نسمع عن مؤمنين صاروا أعداء صليب المسيح هؤالء لم يحاربوا المسيح لكنه يقول عنهم
فى آية ( ) 86:6إنهم إلههم بطنهم ألن كل من يفكر فقط فى شهوات وملذات الدنيا فهذه عداوة هلل ألنه بهذا لم يبحث عن متعة معرفة المسيح وال صار المسيح إلهاً يشبعه.
أعداء الصليب :ما هو الصليب؟ هو األلم
36
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
فكيف يق بل االستشهاد من يرفض صوم األربعاء والجمعة .من يقبل الصليب هو صديق الصليب ولكن من ال
يريد حمله فهو عدو له .هل مستعد أن تموت أوالً عن لذات الطعام فى الصوم أو تحبس نفسك فى صلوات
طويلة.
من ال يريد إضاعة وقت فى الصالة هلل كيف يقول أنا أقبل الصليب؟ من يغصب نفسه ويموت عن لذات العالم
يتذوق حالوة عشرة اهلل وحينئذ يدرك أن العالم نفاية بجانب معرفة المسيح .أماّ من يعرف اهلل فى الكنيسة بطريقة
ظاهرية سيأخذ بقدر ما أعطى.
ألعرفه :معرفة /تلذذ /ثبات /وحدة /ثمار بر.
وقوة قيامته :بالمعمودية ُولد والدة جديدة. بها صار ثابتاً فى المسيح ،وصارت فيه بذرة حياة.
شركة آالمه :حينما أرى آالم الحبيب أشتهى األلم معه كأم ترى أالم ابنها فتقول " يا ريتنى كنت أنا" هذا بسبب الحب فمن أحب المسيح يشتهى أن يتألم معه .والمسيح تألم مرة على الصليب ولكنه مازال يتألم بسبب الخطاة
والذين ينكرون اسمه.
متشبهاً بموته :عن الخطية وعن العالم. 9 يح ،ا ْل ِب ُّر الَِّذي ِم َن ِ ِ ِ النام ِ ِ َِّ ِ س لِي ِبِّري الَِّذي ِم َن َّ يم ِ اهلل ان ا ْل َم ِس ِ آية (َ " -:)9وأ َ ُوج َد فيهَ ،ولَ ْي َ وسَ ،بل الذي ِبإ َ ُ ِب ِ يم ِ ان" . اإل َ
وأوجد فيه :أوجد فى المسيح أى متحداً به اآلن والى األبد ،عضواً فى جسده وغصناً فى الكرمة .وهذا سر الفرح والسالم هنا ،وهذا هو الطريق الوحيد ألمجاد السماء .وثباتى فى الكرمة أى المسيح هو الوسيلة الوحيدة لكى
أتبرر ،ويرى الناس بر المسيح فى الذى يثمره الروح القدس كهبة مجانية نتيجة إليمانى بالمسيح ،فاإليمان بالمسيح هو المدخل لكل هذه البركات = باإليمان ...ليس لى برى الذى من الناموس :هذا البر هو ما أصنعه
أنا أى تنفيذى ألوامر الناموس ،أصنعه أنا من ذاتى .وهذا ثبت أن أحداً لم يستطع أن يتبرر به (أع + )81:85
(غل .)83:1فلو كان الناموس يبرر ما كان هناك دا ٍع للمسيح (غال .)18:1كل من قيل عنه با اًر قبل المسيح كان:
.8بطريقة نسبية أى هو بار بالمقارنة لمن حوله.
.1كان بر الناموس طريقاً ليتقابل البار بالمسيح فيعرفه كما حدث مع التالميذ فتبعوه .أما البر الذى بالمسيح فيهيئنا لنتقابل مع اآلب فى المجد ،ويقبلنا اآلب ألننا فى إبنه.
.6لنقارن بين البر الذى يصنعه اهلل :البر الذى من اهلل باإليمان .والبر الذى أصنعه أنا بذاتى (باإللتزام بالناموس) .فالفارق بينهما هو الفارق بين السماء واألرض .البر الذى بالمسيح يعطينى السماء ميراثاً .والبر الذى من ذاتى يعطينى أن أتفوق على من هم مثلى على األرض ،ويكون ميراثى أرضياً .وهذا هو حال
العهد القديم .والسؤال للمتهودين ...ماذا تطلبون ...أب اًر يصنعه اهلل أم ب اًر ذاتياً تصنعونه أنتم ؟!
37
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث) 11 ِ ش ِّب ًها ِب َم ْوِت ِه" ، ش ِرَك َة آالَ ِم ِهُ ،متَ َ ام ِت ِهَ ،و َ آية ( " -:)11أل ْ َع ِرفَ ُهَ ،وقُ َّوةَ ق َي َ ِ ب كل شىء خسارة ألجل هذه المعرفة ،وبإيمانه بالمسيح أصبح يوجد فى المسيح ألعرفه :هو سبق وقال إنه َحس َ ِ ب كل ما فى العالم ،ما تحت يده وما ال (اآلية السابقة) .وصارت له حياة البر ،البر الذى من اهلل .ولذلك َحس َ يملكه ،كل شىء حسبه نفاية .لذلك انفتحت عيناه وصار يعرف كل يوم عن المسيح أكثر .لقد عرف بولس
الرسول شيئاً عن المسيح فى طريقه لدمشق ،وما عرفه جعله يترك مركزه اليهودى ،وهنا بدأت اختباراته عن
المسيح تزداد ،وظل يعرف كل يوم شيئاً جديداً عن المسيح ،وكلما عرف أكثر أحبه أكثر .ومع زيادة المعرفة
احتقر أمجاد العالم باألكثر .وأدرك أن كل ما كان يعتبره مكسباً ما كان سوى خسارة عطلته عن المسيح ،وما هو
إالّ نفاية بجانب محبة المسيح ومجد المسيح.
لقد كانت خسارته لكل المميزات السابق ذكرها هى الطريق الوحيد لمعرفة الرب يسوع ،ليس فقط لكى يخلص بل
ليعرف الرب معرفة حقيقية ،يعرف حبه وحنانه وقوة اقتداره ،ومجده ،وتواضعه ،ووداعته وعذوبته ،هى معرفة
اختبارية ألن المعرفة العقلية فقط هى معرفة شيطانية .أما من يعرف الرب ويختبره سيحب الرب ويطيعه ويتشبث
به ويخدمه .ونالحظ أن معرفة اهلل تزداد يوماً عن يوم هنا على األرض وهناك فى السماء. .8المعرفة على األرض تزداد يوماً عن يوم.
.1انتقالنا إلى أمجاد السماء يجعل معرفتنا تزداد جداً.
.6معرفتنا فى السماء أيضاً ستزداد يوماً عن يوم ،وبالتالى تزداد أفراحنا إذ نعرف عن الرب أكثر ونحبه باألكثر وهذه هى الحياة األبدية (يو .)6:82
وقوة قيامته :لقد اختبر الرسول قوة عمل المسيح فيه من خالل كل ما واجهه من مواقف الحياة ،ولقد تالمس واختبر قوة المسيح التى أقامت المسيح من األموات ،ورأى أن هذه القوة نفسها عملت لحسابه ،إذ أقامته من موت الخطية .واختبر قوة القيامة هذه التى انتشلت األمم من وثنيتهم ليصيروا قديسين.
وشركة آالمه :حين تذوق الرسول محبة المسيح ،واختبر قوته الموجهة نحوه ونحو كل العالم ،صار يشتهى أن ِ ب نفسه كغنم سيقت يتألم ألجل حبيبه المسيح ،فمن تذوق حب المسيح ،يسهل عليه قبول األلم .وبولس َحس َ للذبح .إ ختبر بولس أكثر من ذلك أن المسيح لم يتركه فى آالمه وحده ،بل كان يعطيه تعزية بقدر اآلالم التى يتعرض لها (1كو .)81-6:8بل اختبر بولس أن األالم التى سمح بها اهلل كانت لتنقيته وحفظه من الكبرياء
(1كو .)81-2:81واألجمل من كل هذا أنه شعر بشركة ورفقة المسيح بجانبه وسط أالمه .وهذه وحدها شهوة
ب لنا أن قلب من يحب محبة حقيقية .وشركاء األلم شركاء المجد (رو .)82:1هنا قال كلمته العجيبة ،إنه "و ِه َ نتألم ألجله" (فى .)16:8وذلك حتى نتذوق التعزيات ،وباآلالم نكمل (عب .)81:1وهذه وحدها شهوة قلب من يحب محبة حقيقية .وشركاء األلم شركاء المجد (رو.)82:1
متشبهاً بموته :قمة الحب للمسيح أن نموت فعالً ألجله ،وهذا تم مع الشهداء ،وهذا كان موقف الرسول الذى
كان مستعداً للموت ألجل المسيح فى أى لحظة (رو1( + )63:1كو .)88:2ولكن بالنسبة لنا فنحن لن نموت
38
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
فعالً لكى نتشبه بالمسيح ولكن نموت عن الخطية (رو( + )88:3كو .)5:6ونموت عن العالم وكافة األمور األرضية .ونصلب أهوائنا وشهواتنا (غل .)12:5ولكن إن حدث وطُلِب منا إنكار اإليمان فأهال باإلستشهاد . وترتيب األحداث بالنسبة للمسيح كان :األلم معرفة المسيح
ثم الموت
قوة قيامته
ثم القيامة
الموت
شركة آالمه
القيامة
(آية )11
المعرفة االختبارية القيامة
من الحب
-1موت عن القيامة العامة
فنحتقر وتغيير
كامل لقبول
األلم -2لو وصل فى مجد أبدى
لذة موت
وتذوق
عشرته
للحياة
العالم.
الخطية للمسيح يدفع الخطية ألجله
من
األموات
فى األمر
فرح لنشترك لإلستشهاد
معه الجدول يشير لترتيب األحداث بحسب اآليات 88 ، 81 ألعرفه
وقوة قيامته
وقارن مع طريق المسيح
وشركة أالمه
أالم....موت......قيامة
متشبها بموته ..قيامة األموات.
وقد يبدو أن الترتيب بالنسبة لنا معكوساً عما للمسيح ولكن لنتأمل ألعرفه
وقوة قيامته
بهذا أتحد بالمسيح
فالمعرفة إتحاد وثبات فى حياة المسيح.
شركة آالمه
الموت
القيامة
يصير لى نفس طريق المسيح
واذا حدث اإلتحاد مع المسيح آية (11 " -:)11لَعلِّي أ َْبلُغُ إِلَى ِقيام ِة األَمو ِ ات" . َْ َ ََ لعلى: .8هذه تشير إلتضاعه فهو يكمل خالصه بخوف ورعدة غير واثق فى نفسه ،فهو القائل "من يظن أنه قائم فلينظر أن ال يسقط" (8كو .)81:81
.1وتشير لصعوبة الطريق إلى هذه القيامة ،وصعوبة الجهاد المطلوب ،والحيطة والحذر المطلوبين،
فهو القائل" :أقمع جسدى وأستعبده ..حتى ال أصير مرفوضاً" (8كو " .)12:6ويكمل خالصه بخوف ورعدة" (فى .)81:1
.6فيها شهوة للمجد البهى بعد القيامة الذى رأى لمحة منه فى طريقه إلى دمشق .والقيامة فى هذه اآلية تتكلم عن القيامة العامة فى اليوم األخير. 39
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
12 ِ ِ صر ُ ِ ِ يح س أ َِّني قَ ْد ِن ْل ُ َجلِ ِه أ َْد َرَك ِني أ َْي ً َس َعى لَ َعلِّي أ ُْد ِر ُك الَِّذي أل ْ ضا ا ْل َمس ُ ت َكامالًَ ،ولك ِّني أ ْ آية ( " -:)12لَ ْي َ ت أ َْو ْ سوعُ" . َي ُ
لكنى أسعى :معنى الكلمة كمن يجرى فى سباق ،وهو تعبير واضح عن حياة الجهاد .ومعنى اآلية ..أنا لم أبلغ كمال المعرفة بالرب يسوع ،فهذا لن يتحقق ال هنا وال فى السماء ،بل هى حياة تنمو فيها المعرفة هنا وهناك. ولكننى أمسكت بالطريق ،وأنمو فى هذه المعرفة كل يوم بقدر ما أسعى كى أحقق الهدف الذى ألجله افتقدنى
الرب يسوع فى طريقى إلى دمشق .وكلما أعمل على إماتة ذاتى حاسباً كل األشياء نفاية ،وأشترك فى آالم الرب أزداد معرفة وأمتلىء بحياة المسيح فى.
أدركنى أيضاً :اهلل أدركنا لكى يحضرنا إلى السماء ،لكى نحصل على كمال بركتنا .وأدركنى أى وصل إلى، وتعامل مع قلبى ،ألعرفه وأحبه وأثق فيه فأسلم له قلبى فيمتلكنى ،وبهذا يضمن كمال خالصى ،وبأن ال يمتلكنى غيره فيستعبدنى فأهلك.
واهلل بفدائه وارسال روحه القدس ،الذى يبكت ويعزى ويعل ِِم أدركنا .لكن اهلل له طرق مختلفة تختلف بحسب احتياج الشخص وباختالف حالته ،يجذب بها كل نفس إليه ،فمع السامرية يذهب إليها ويحاورها ليعرفها ذاته، ومع االبن الضال ي ِ رس ْل له الرب مجاعة ليقارن بين حاله فى المجاعة والشبع فى بيت أبيه ،ومع ُمقعد بيت ُ حسدا يذهب إليه ليشفيه ،وهكذا… ومع بولس الرسول يظهر له فى طريقه إلى دمشق .ك ٌل له طريقة خاصة يستعملها اهلل بحكمته التى ال تُدرك .أدركنى :هى تعبير عن المعاملة الخاصة للمسيح مع كل نفس. 13 ش ْي ًئا و ِ ِ ت أْ ِ ُّها ِ اح ًدا :إِ ْذ أََنا ب َن ْف ِسي أ َِّني قَ ْد أ َْد َرْك ُ سُ َحس ُ اإل ْخ َوةُ ،أََنا لَ ْ األيات ( "-:)14-13أَي َ تَ .ولك ِّني أَف َْع ُل َ َ 14 َج ِل جعالَ ِة َد ْعوِة ِ ِ َس َعى َن ْح َو ا ْل َغ َر ِ اهلل ا ْل ُع ْل َيا ِفي ا ْل َم ِسي ِح َّام ،أ ْ َ ض أل ْ َ َ سى َما ُه َو َو َر ُ أَ ْن َ اء َوأ َْمتَ ُّد إلَى َما ُه َو قُد ُ ع". سو َ َي ُ
أحسب :الكلمة فى أصلها اليونانى معناها النظرة الفاحصة للماضى ،فى نقاش هادىء مع النفس للخروج بنتيجه .ولقد ظن كالً من الفريسيين والغنوسيين أنهم وصلوا لدرجة الكمال ،هؤالء ببرهم الناموسى ،وأولئك بمعرفتهم الفلسفية ،وهذا ضد التواضع ،فكلما شعروا أنهم وصلوا لدرجة معينة من البر إنتفخوا .والكبرياء فيه
إنفصال عن اهلل لذلك يقول بولس فى حكمة "أنسى ما هو وراء” :ال يفكر أبداً إلى ما وصل إليه ...فهو لم يصل بعد للسماء وال للكمال .والكلمة اليونانية "أنسى" تشير لتمام النسيان .هو كمتسابق يركض نحو الجعالة ،إن
التفت إلى الوراء يضيع وقته وقد يخسر السباق .وروحياً من ينظر للوراء يهلك كإمرأة لوط "من يضع يده على المحراث ال يعود ينظر إلى الخلف" .فمن يضع يده على المحراث وينظر للخلف يتعوج طريقه.
دعوة اهلل العليا :دعوة اهلل لنا هى عليا ألنها تأتى من السماء وهدفها أن نتجه للسماء .معنى كالم الرسول ،أننى بنظرة هادئة لماضى حياتى أرى أننى لم أصل بعد للمستوى الذى ال أحتاج فيه إلى مزيد من الجهاد ومزيد من
النمو ومزيد من المعرفة ومزيد من الحب ،وأشعر أننى فى احتياج للكثير كى أتمم الهدف الذى قصده لى الرب.
40
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
لذلك أنا أنسى كل ما حصلت عليه (أو وصلت إليه) فى الماضى سواء كان مكاسب أم سلبيات ،حتى ال
يعوقنى شىء عن الجهاد اإليجابى لمزيد من النمو فى معرفة الرب.
وتذكر الشر أيضاً يهلك .لذلك تصلى الكنيسة "طهرنا من كل دنس ..ومن تذكار الشر الملبس الموت" .فتذكار
الشر القديم إماّ أنه:
.8يجعلنا نشتهيه مرة أخرى أو، .1نسقط فى اليأس.
ولكن داود يقول " :خطيتى أمامى فى كل حين" ولكن هذه تعنى أن نذكر خطيتنا: .8لنتضع وال ننتفخ.
.1لنذكر رحمة اهلل الذى غفر لنا فنشكره شك اًر بانسحاق.
ولنذكر دائماً أعمال اهلل معنا وقبوله لنا لنشكره على محبته.
مع أن بولس وصل لمعرفة عالية جداً جعلته يحسب كل األشياء نفاية إالّ أنه لو شعر أنه وصل لشىء وصار
شيئاً سيمنعه هذا عن السعى للكمال بل سيدفعه للكبرياء والسقوط .بل يظل اإلنسان يسعى أى كمن يركض فى
سباق بال توقف.....
ناسيا الماضى بإيجابياته فال ينتفخ ،وبسلبياته فال ييأس طالبا رحمة اهلل .
اإليجابيات (كل ما وصل إليه من معرفة). السلبيات (الخطايا السابقة).
الجعالة :هى الجائزة التى ينالها المتسابق أو المتصارع ،وهذه فى المسابقات العالمية ،وأما لنا فجائزتنا هى الملكوت ،هى اإلكليل األبدى (8كو .)15:6هى المسيح نفسه ،وهكذا قال الرسول "لكى أربح المسيح" (آية .)1 وفى مسابقات العالم واحد فقط من بين المتسابقين يأخذ الجائزة .أماّ روحياً فكل من يجاهد سيكلل(8كو -12:6
.)12
أمتد :كما يرمى المتسابق بنفسه فى الميدان ليحصل على المكافأة (الجعالة) هكذا يركز الرسول كل فكره وجهده لكى يرضى اهلل ،يرمى بنفسه فى خدمته وجهاده معتمداً على نعمة اهلل. ِ ِِ األيات (َ 15 "-:)16-15ف ْلي ْفتَ ِكر ه َذا ج ِميع ا ْل َك ِ ضا. ين ِمنَّاَ ،وِا ِن افْتَ َك ْرتُ ْم َ املِ َ س ُي ْعلِ ُن لَ ُك ْم ه َذا أ َْي ً َ ُ ش ْي ًئا ِبخالَفه فَاهللُ َ َ ْ 16 س ِب ذلِ َك ا ْلقَا ُن ِ ون َع ْي ِن ِهَ ،وَن ْفتَ ِك ْر ذلِ َك َع ْي َن ُه". َوأ َّ َما َما قَ ْد أ َْد َرْك َنا َُ ،ف ْل َن ْ سلُ ْك ِب َح َ
الكاملين :الكمال نسبى ،والمقصود الناضجين روحياً الذين لهم نفس الفكر الذى له ،والذى ذكره فى آيات ( .)82،86أى الذين يسعون للكمال العمر كله معتمدين على نعمة اهلل وليس برهم الذاتى .ومن تواضع الرسول
وضع نفسه معهم فقال الكاملين منا .هؤالء الكاملين يشعرون أنه مازال ينتظرهم الكثير .وحتى لو افتكر أحد أنه
قد بلغ إلى أعلى مستوى فاهلل سيعلن له الحقيقة إن طلبها وأراد معرفتها ،وهذا هو عمل الروح الذى يبكت ويعلم
لكل من افتكر شيئاً.
41
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
بخالفه :لكل من ضل وانشغل بالعالم ،أو ظن نفسه قد ارتفع فى مستواه فيكف عن الجهاد .عمل الروح أن يكشف لهؤالء ضالل فكرهم .وبولس واثق أن هذا سيحدث ألهل فيليبى ألنه واثق فى محبتهم واخالصهم ،فاهلل
إذاً لن يتركهم جهالء .وأما نحن ففى أعلى مستوى نصل إليه يجب أن يكون لنا هذا الفكر الذى أشرنا إليه.
فلنسلك بحسب القانون عينه :لنواصل سيرنا فى نفس الطريق أى الجهاد الذى بدأنا به عالقتنا بالرب حتى ننتهى إلى الجعالة العليا التى أرادها لنا الرب .أما ما قد أدركنا :علينا أالّ نقف مهما كان ما أدركناه من نمو
روحى بل نواصل السير والجهاد فى طريق الكمال الذى ال نهاية له ولنذكر قول السيد المسيح " :كونوا كاملين
كما ان أباكم الذى فى السموات هو كامل".
17 اإل ْخوةُ ،والَ ِحظُوا الَِّذ َ ِ ون ه َك َذا َك َما َن ْح ُن ِع ْن َد ُك ْم قُ ْد َوةٌ" . ير َ آية (ُ " -:)17كوُنوا ُمتَ َمثِِّل َ ين ِبي َم ًعا أَي َ ُّها ِ َ َ ين َيس ُ .8بولس هنا يضع نفسه أمامهم كإنجيل ُمعاش فلم يكن هناك أناجيل مكتوبة.
.1وبولس يطلب أن يتمثلوا به ألنه هو يتمثل بالمسيح (8تس 8( + )3:8كو .)8:88فكأنهم إذا تمثلوا ببولس فهم يتمثلون بالمسيح.
.6بل يطلب منهم بولس أن يتمثلوا بمن هم قدوة كتيموثاوس وأبفرودتس :الذين يسيرون هكذا. والمعنى أيضاً تمثلوا بمن يتمثل بالمسيح ،وليكونوا لكم قدوة .لذلك تق أر لنا الكنيسة فى كل قداس
السنكسار لنتمثل بهؤالء القديسين.
ضا ب ِ ير َ ِ َن َك ِث ِ اء األيات (18 "-:)19-18أل َّ ون ِم َّم ْن ُك ْن ُ ت أَ ْذ ُك ُرُه ْم لَ ُك ْم ِم َرًاراَ ،و َ ير َ اك ًياَ ،و ُه ْم أ ْ اآلن أَ ْذ ُك ُرُه ْم أ َْي ً َ َع َد ُ ين َيس ُ 19 صلِ ِ ون ِفي يب ا ْل َم ِس ِ ين َي ْفتَ ِك ُر َ له ُه ْم َب ْط ُن ُه ْم َو َم ْج ُد ُه ْم ِفي ِخ ْزِي ِهِم ،الَِّذ َ ين ِن َه َايتُ ُه ُم ا ْل َهالَ ُك ،الَِّذ َ يح ،الَِّذ َ ين إِ ُ َ ضي ِ األَر ِ َّات". ْ هنا يشير لمن ارتدوا عن الطريق الصحيح وتأثروا بالفلسفات العالمية اإلباحية ،وهؤالء اعتبروا أن الجسد مصدر
للشرور ،لذلك فالخطية مهما كانت لن تزيده ش اًر فوق شره ،وبالتالى ال ضرر من خطيتهم ،إذاً فليطلقوا العنان لشهواتهم .وقالوا إن النعمة فيها متسع لجميع الخطايا (رو5:6ـ .)1هؤالء ال يسعون لجعالة دعوة اهلل العليا ،بل
إلرضاء شهوات بطونهم (أكل وشرب وجنس) .لذلك هم أعداء صليب المسيح :فهم يؤمنون بالصليب نظرياً لكنهم يرفضون حمله وترك شهواتهم ،يرفضون صلب الجسد مع األهواء والشهوات (غل .)12:5فالصليب رمز
للتحمل والتضحية بالذات.هؤالء ال يستطيعون تقبل الصليب ألن المسيح بصليبه أراد لنا التحرر من مطالب الجسد األرضية ،وأعطانا بصليبه أن نعيش وفق الروح الساكن فينا ويملك اهلل على كل القلب .هؤالء صارت
بطونهم آلهتهم :أى يعملون إلرضائها وتلبية مطالبها ورغباتها ،وال يرفضون لبطونهم طلب .فهم عندهم أن أقصى درجات السعادة هو إشباع الشهوات الجسدية.
مجدهم فى خزيهم :صار مجدهم وافتخارهم بأمور هذا العالم وارضاء شهواتهم ،وهم افتخروا بكسرهم للقوانين األدبية والخلقية والتشريعية وصار تفكيرهم منحطاً ومنصباً فى كل ما يربطهم بأرض الشقاء ،ولم يعد لهم أى
42
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
تطلع للسماء ،فشرورهم منعت عنهم معرفة الملكوت الذى أراد الرب أن يؤسسه بالصليب .وكان افتخارهم هذا
خزياً لهم .هذه اآليات رد على من يقول أن من آمن قد ضمن الخالص ،فهاهم أناس قد آمنوا ثم إرتدوا فهلكوا. ِ ِ 21 يرتََنا َن ْح ُن ِه َي األيات ( "-:)21-21فَإ َّن س َ ِ 21 ِ اض ِع َنا س ُي َغ ِّي ُر َ س ِد تََو ُ ا ْل َمس ُ ش ْك َل َج َ يح ،الَّذي َ ي ْخ ِ ش ْي ٍء". ض َع لِ َن ْف ِس ِه ُك َّل َ ُ
السماو ِ ِ ات ،الَِّتي ِم ْن َها في َّ َ َ س ِد لِ َي ُك َ ورِة َج َ ون َعلَى ُ ص َ
ِ الر ُّ صا ُه َو َّ سوعُ أ َْي ً ب َي ُ ضا َن ْنتَظ ُر ُم َخلِّ ً م ْج ِد ِِ ،بحس ِب عم ِل ِ َن اع ِت ِه أ ْ استطَ َ ْ َ َ ََ َ
سيرتنا :المقصود فى النص اليونانى مواطنتنا ،هى من نفس أصل كلمة "عيشوا" (فى .)12:8فمواطنو فيليبى كانوا ُيعاملون كالرومان ،ولهم نفس مزايا الرومان من أهل روما ،وهذا كان يدفعهم لالفتخار ،لذلك يستخدم الرسول هذه الكلمة ليثير فيهم االهتمام باألكثر بمواطنتهم السماوية. نحن مواطنين سماويين ألن رأسنا المسيح سماوى وأبونا سماوى وأعطانا أن نحيا فى السماويات فهو "أقامنا معه
وأجلسنا معهُ فى السماويات" (أف .)3:1إذاً فلنسلك كمواطنين سماويين فنحن ننتظر( :فى أصلها اليونانى تعنى التوقع بشوق شديد) نحن ننتظر مجىء مخلصنا الرب يسوع مرة ثانية من السماء .إذاً فما يدفعنا ألن نسلك
كسمائيين أن ربنا سيأتى قريباً من السماء حينئذ سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده.
وكلمة تواضعنا ال تعنى التواضع ،بل الوضيع Lowly Bodyوتُترجم أيضاً Vile Bodyبمعنى (تافه /فاسد / حقير /جدير باالزدراء .)..وهو صار وضيعاً بسبب الخطية .ونالحظ أن موسى حين رأى شيئاً بسيطاً من مجد اهلل وهو مختبىء فى الجبل لمع وجهه ،فكم كان لمعان ومجد وجه آدم حين كان فى الجنة وكان يتكلم مع اهلل
دائماً .هكذا خلقنا اهلل فى مجد وقد خسرنا هذا المجد بالخطية .والمسيح افتدانا ليردنا إلى صورة مجده ،لذلك قال" :المجد الذى أعطيتنى ..أعطيتهم" (يو .)11:82هذا ما قاله معلمنا يوحنا " :إذا أ ِ ُظهَر ذاك نكون مثله ألننا سنراه كما هو" (8يو .)1:6لقد صار جسدنا حقي اًر تضربه األمراض وخاضعاً لآلالم واألهواء ،وكل هذا سيتغير إلى جسد ُممجد على غرار جسد المسيح الذى قام به من الموت .وفق قوته اإللهية التى بها يعمل فينا، ليقودنا للخضوع الكامل له فنعيش فى مجده .وبعد أن كان جسدنا للهوان سيصير ممجد ونورانى (8كو
.)51-21:85بحسب عمل استطاعته أن ُيخضع لنفسه كل شئ :إن قوة السيد المسيح غير محدودة ،وقد ظهرت تماماً فى قيامته وصعوده ُممجداً .وبنفس هذه القوة هو قادر أن يغير أجساد المؤمنين إلى أجساد ُممجدة
مثل جسده ،هذه القوة صارت ُموجهة لنا نحن البشر ،وبهذه القوة هو قادر أن يجعل كل المخلوقات تخضع للمسيح حتى الطبيعة نفسها .وهنا نقارن بين نهاية أجساد القديسين فى مجد ونهاية الشهوانيين الذين نهايتهم
الهالك ( .)86:6مخلصاً = أى ينقلنا من هذه الصورة المزرية التى نحن عليها إلى صورة المجد .يفتكرون فى األرضيات (اية = )86ال يفكرون فى السمائيات ،كل همهم فى التفكير فى األرضيات .ونحن من المؤكد
سنفكر فى األرضيات فنحن نعيش فى العالم ونأكل ونشرب ولكن علينا أن نفكر فى المكان الذى سنذهب إليه
ونهتم به باألولى فهو مكاننا األبدى.
المجد والصليب
43
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
الصليب والمجد هما وجهان لعملة واحدة فحين يقول الكتاب "ألن يسوع لم يكن قد مجد بعد" (يو )66:2فهو يقصد بقوله مج َد هنا أى ِ ب أو يمكن فهمها أنه لم يكن قد جلس عن يمين اآلب .والسبب أن هناك إتجاهين صل َ ُ ُ يسلك فيهما اإلنسان .فهو: .8إماّ ينظر للسماء رافضاً شهوات األرض ومجدها وهذا هو الصليب ،كما يقول بولس الرسول "حاشا لى أن أفتخر إالّ بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به قد صلب العالم لى وأنا للعالم" (غل.)82:3 ولكن من ينظر للسماء فهو طالب مجد اهلل وسيمجده اهلل.
.1واماّ ينظر لشهوات العالم كما فعل ديماس الذى قال عنه بولس الرسول
" ديماس تركنى إذ أحب
العالم الحاضر" (1تى )81:2والعالم هو باطل األباطيل (عكس المجد).
المجد :أول مرة يذكر فيها كلمة المجد فى الكتاب المقدس كانت بحسب مفهوم البشر ،فقد قال بنى البان عن يعقوب حينما زادت ثروته من الغنم "مما ألبينا صنع كل هذا المجد" (تك )8:68ومازال حتى اآلن هناك من يفهم أن المجد هو فى كنوز ومراكز هذه الدنيا .وظل اهلل يرتقى بالفكر البشرى ليفهموا أن المجد ليس فى
الماديات بل فى وجود اهلل وسطنا ،فالمجد هو شىء خاص باهلل وليس باإلنسان" .أكون لها سور نار من حولها
وأكون مجداً فى وسطها" (زك .)5:1فالمجد هو الحالة التى فيها اهلل .ونحن لن نفهم حقاً ما هى حقيقة هذا المجد ،هل هو نور؟ هل هو عظمة؟ هذا "ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان"
(8كو )6:1ونحن اآلن فى مجد مستتر وذلك لوجود المسيح فى وسطنا (مت )11:11وسيأتى وقت يستعلن هذا المجد فى الدهر اآلتى (رو.)81:1
الصليب :يعنى األلم وقبول األلم ،ورفض هذا العالم وشهواته .وهذا ما فعله المسيح .فلقد: .8رفض أى شىء من هذا العالم حينما عرض إبليس هذا عليه (مت1:2ـ )81وانتهى برفض حياته وصلب على الصليب وأسلم الروح (ما بدأه المسيح برفض شهوات العالم أنهاه برفضه الحياة كلها)
وهذا هو نفس ما قاله بولس هنا أعرفه ...وشركه أالمه متشبهاً بموته (فى.)81:6
.1هو لمحبته قبل الصليب ألجلنا وكل من أحبه يقبل الصليب ألجله.
.6األلم لم يعد عقوبة للمجرم فالمسيح كان بريئاً بال خطية ،لذلك صار األلم شركة حب مع المسيح وحمل للصليب وراءه وتلمذة له ومن يحمل صليبه يصير تلميذاً للمسيح.
الصليب والمجد متطابقان من يسعى وراء العالم الباطل وشهواته يصير باطالً مثله ،ومن يرفض العالم الباطل يصير فى مجد ،فالصليب وهو رفض العالم والحياة الحاضرة هو الصورة األخرى إلختياره المجد .لذلك فالمسيح حين أطاع حتى الموت موت الصليب رفعه اهلل( ...فى .)6 ،1:1واإلنسان مخير بين العالم وشهواته وملذاته وخطاياه وبين رفض
العالم واختيار معرفة المسيح.
44
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
.8فإن من طلب معرفة المسيح ،إكتشف لذته وتوحد به وأحبه وعاش فى فرح هو عربون الفرح األبدى ،وعاش فى مجد مستتر إنتظا اًر إلعالن هذا المجد ،وعاش فى تعزية يعطيها اهلل لمن إختار طريق األلم والصليب، حتى نحتمل أالم هذا العالم .ومهما طالت مدة هذا العالم بأالمه ،فالمسيح ينظر إلينا مشجعاً ويقول لقد
إقتربت أيام الراحة وال فرح والمجد ...أما قدرتم أن تسهروا معى ساعة واحدة إن من عرف المسيح وأحبه سيحتقر العالم وما فيه وسيعتبره نفاية.
.1وان طلب شهوات وملذات هذا العالم ،فهو يذهب للعالم بشهواته رافضاً تعزيات اهلل فهو قد أحب العالم. ومحبة العالم هى عداوة هلل (يع .)2:2ألننى ألجأ للعالم كإله أخر يكون مصد اًر لفرحى ولذتى وأسعى له كمن
يرضيه رافضاً طريق المسيح للتعزية وهو طريق الصليب كطريق للتعزية والفرح اإللهى إستعداداً للفرح والمجد األبدى لذلك يكون من إختار أن تكون بطنه هى إلهه فهو بهذا يكون قد ترك اهلل كإله له ،فهو بهذا يعادى
صليب المسيح أى طريق المسيح الذى بدأ بالصليب وانتهى بالجلوس عن يمين اآلب هو بهذا إختار له إلهاً
آخر وبهذا يعادى اهلل وطريقه الذى هو الصليب والمجد الحقيقى ،واختار إلهاً باطالً عوضاً عن اهلل وبهذا نفهم أيضاً اآلية (فى" )16:8وهب لكم ..أن تتألموا ألجله" فاأللم هو شركة مع المسيح فى صليبه وفى
مجده (رو )82:1ومن عرف المسيح وأحبه واتحد به يشتهى أن يتألم معه فالمحب يشتهى أن يتألم مع من أحبه ،ولكن من جهه أخرى فمن إختار طريق األلم يكافئه اهلل بأن يمجده.
فاأللم والمجد وجهان لعمله واحدة .ومن رفض األلم فهو يرفض المجد اإللهى فى هذه الحياة كشىء مستتر ،وفى
ب لكم أن تتحدوا بالمسيح المتألم المصلوب ب لكم أن تتألموا يعنى أنه ُوِه ُ الحياة األخرى بالعيان .فيكون معنى ُوِه ُ ب لكم أن تتمجدوا ،وتكتشفوا عذوبته وتعزياته ومحبته ،وتعرفوه وتشتهوا أن تشاركوه ألمه ،وأيضاً بهذا فلقد ُوِه ُ
معه.
فشركة اآلالم والصليب إذاً هى شركة حب وتعزية على األرض وشركة مجد فى السماء ،ومن يرفض هذا
الطريق ويسير وراء شهواته فلقد سار وراء إله آخر يظن أنه يشبعه ويفرحه ولكنه إله باطل ،وبهذا لن يكسب بل
أنه سيعادى اهلل وصليبه بمسلكه هذا.
طريق السماء
إن من عرف المسيح وأحبه يعتبر العالم نفاية والعكس من
ونهايته المجد
يجرى وراء العالم فهو لم يعرف المسيح وال أحبه وال إختبره
لذلك يرفض صليبه ويرفض األلم معه .المجد صار للمسيح
بالجسد ونحن جسده ،لذلك سيصير لنا نفس المجد لذلك
يصلى المسيح فى صالته الشفاعية األخيرة قائالً:
"مجدنى أنت أيها اآلب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم" (يو )5:82ثم يقول" :وأنا قد أعطيتهم
المجد الذى أعطيتنى" (يو )11:82فمن يرفض طريق
المسيح ويجرى وراء شهواته لينال لذة وقتية فهو يترك طريق
األرض ألم
هذا الطريق فيه رفض
للعالم = الصليب واأللم
وتعزية ثم
مجد السماء فى السماء
إختيار العالم =
ترك طريق اهلل = عداء اهلل
على األرض لذة حسية
طريق العالم وشهواته ونهايته الهالك
http://coptic-treasures.com
45
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الثالث)
المجد ويترك كل تدبير اهلل له الذى أعده له ليحيا فى المجد أبدياً وهذا عداوة هلل ولصليبه .واإلنسان حر فى أن يسلك فى أى اتجاه وهذا ملخص األيات (فى )18-82:6وفيها يطلب الرسول أن نسلك فى طريق السماء
ليكون نصيبنا المجد وليس الهالك .والمجد هو رفض الخطية والعالم وهذا ما عمله المسيح فتمجد وكل من يسلك
هذا الطريق يتمجد .وكل من يسلك فى طريق العالم رافضاً الطريق الذى أعده له اهلل ،ساعياً وراء لذاته ،ساعياً وراء العالم فهو يبحث عن إله آخر وبهذا يعادى اهلل وصليبه .فرفض العالم وملذاته هو الصليب (غل.)82:3
46
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الرابع)
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الرابع)
عودة للجدول
1 ِ وري وِا ْكِل ِ ِ َّاء". الر ِّ يلي ،اثْ ُبتُوا ه َك َذا ِفي َّ َّاء َوا ْل ُم ْ شتَ َ ب أَي َ ُّها األَحب ُ س ُر ِ َ اق إِلَ ْي ِه ْمَ ،يا ُ آية ( " -:)1إِ ًذا َيا إِ ْخ َوِتي األَحب َ إ ًذا ...اثبتوا :قوله "إ ًذا" يعنى أن هذه اآلية عائدة على ما قبلها ،والمعنى أنه مادام يا إخوتى أنتم منتظرون مجىء
الرب إذاً اثبتوا فى الرب :اثبتوا فيما أنتم فيه كمواطنين سماويين ،والتزموا بكل ما توجبه عليكم هذه المواطنة
السماوية ،وال ترتدوا لمحبة لذات وشهوات العالم .وقوله "اثبتوا فى الرب" يعنى ،أن الرب الذى نحن متحدون به هو المعد .يا سرورىِ :ذكرهم ُيدخل السرور لقلبه لطهارة سيرتهم وطاعتهم الذى سيقودنا فى معركة منتصرة لهذا المجد ُ وكرمهم ومحبتهم .بل هم إكليلى :كان الفائز فى السباق ُيلبسونه إكليل زهور .وكان المتسابق يظل يجاهد العام كله فى تدريبات شاقة وهو يحلم بأن يلبس هذا اإلكليل .وحينما يحصل عليه يفتخر به .والرسول يجاهد كل عمره
لخالصهم ،ويفتخر بإيمانهم ،وسيكلل بسببهم فى األبدية.
2 َن تَ ْفتَ ِك ار ِف ْك ار و ِ ودي َة وأَ ْطلُب إِلَى ِس ْن ِت ِ ب" . الر ِّ اح ًدا ِفي َّ يخي أ ْ ب إِلَى أَفُ ِ َ َ ُ آية ( " -:)2أَ ْطلُ ُ َ ً َ يطلب الرسول من كلتيهما أن تتنازل عن ما بينهما من خالف ويتوافقا فى فكر واحد ،فال يحرما نفسيهما من الشركة
ومه َد له (فى .)1-8:1+ 61-12:8والخالف بينهما يعطل عمل الك ارزة وعمل الروح والفرح فى الرب .وهذا سبق َ القدس .ويبدو أن هاتين المرأتين كان لهما مرك اًز هاماً فى الكنيسة .وكان النساء أول من آَمن فى فيليبى وربما كانت
إفودية وسنتيخى عند النهر حيث تُقام الصالة (أع .)86:83ثم صارتا خادمات وكارزات أو خادمات للمحتاجين. وخصام هاتين الخادمتين يسبب شقاقاً وتحزباً فى الكنيسة فتتأثر الكنيسة ككل.
3 يكي ا ْلم ْخلِص ،س ِ ش ِر ِ اإل ْن ِج ِ اه َدتَا َم ِعي ِفي ِ ضاَ ،يا َ اع ْد َهاتَ ْي ِن اللَّتَ ْي ِن َج َ َسأَلُ َك أَ ْن َ ت أ َْي ً يلَ ،معَ آية (َ " -:)3ن َع ْم أ ْ ُ َ َ اؤ ُهم ِفي ِس ْف ِر ا ْلحي ِ اقي ا ْلع ِ ضا وب ِ ِ اة" . ين َم ِعي ،الَِّذ َ املِ َ ََ س أ َْي ً َ َ ين أ ْ َ يم ْن ُد َ َس َم ُ ْ أَ ْكل َ
شريكى :الكلمة تشير الشتراك ثورين فى محراث ،وهذا الشريك المخلص إذاً كان قد احتمل مع بولس نير الخدمة واحتمال الضيقات والمصاعب .وشاركه فى الخدمة أيضاً إكليمنضس وافودية وسنتيخى ،وحتى ال ينسى باقى الذين تعبوا معه قال "وباقى العاملين معى" .وما هو نصيب من يعمل فى كرم الرب؟ أسماؤهم فى سفر الحياة .والضيقات
التى إحتملوها كانت بسبب االضطهاد الذى حدث فى فيليبى وفى كل مكان .جاهدتا معى فى اإلنجيل :والرسول
يشجعهما بقوله هذا ،فيذكر لهما ماضيهما ومحبتهما هلل لينسوا خالفاتهن .ولكن من هو هذا الشريك الذى يشير إليه
الرسول؟ قيلت آراء كثيرة :
.8هو شخص مشهور فى فيليبى له مركز قيادى وهم يعرفونه وكان معاوناً لبولس وقيل ربما سيال أو لوقا أو أسقف فيليبى أو أبفرودتس.
47
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الرابع)
.1قيل إن كلمة شريكى باليونانية هى "سيزيجيوس" ،فقالوا أنه شخص اسمه سيزيجيوس ،ووصفه الرسول بأنه مخلص.
.6قال القديس يوحنا فم الذهب إنه زوج إفودية أو سنتيخى.
والرسول يطلب من إكليمنضس ومن الشريك هذا مساعدته فى عمل الصلح بين المرأتين. 4 ب ُك َّل ِح ٍ ضا :اف َْر ُحوا" . الر ِّ آية (ِ " -:)4اف َْر ُحوا ِفي َّ ينَ ،وأَقُو ُل أ َْي ً إفرحوا فى الرب :فال فرح حقيقى إالّ بالثبات فى المسيح ،ومن هو ثابت فى المسيح يمأله الروح القدس فرحاً فالفرح
ثمرة من ثمار الروح القدس .واهلل يريدنا ان نفرح ،فهو خلق االنسان فى جنة عدن ،وعدن كلمة عبرية معناها فرح
وبهجة .
يدعو الرسول أهل فيليبى للفرح الدائم ،كثمرة طبيعية التحادهم بالرب :إفرحوا فى الرب .ومن ثمار الروح القدس
منا (يو ،)11:83مهما الفرح .والفرح الذى يعطيه لنا الرب ال يتأثر بأى ظروف خارجية ،وال يستطيع أحد أن ينزعه ّ كانت اآلالم المحيطة بنا ،كما سبح بولس فَرحاً فى سجنه فى فيليبى ،أماّ أفراح العالم فسريعاً ما تزول .ويصل
اإلنسان لهذا الفرح سريعاً إذا بدأ يحزن على خطاياه ،ويقدم توبة ،فالخطية تسبب عدم الثبات فى الرب.
5 يع َّ الن ِ يب". اس .اَ َّلر ُّ آية ( " -:)5لِ َي ُك ْن ِح ْل ُم ُك ْم َم ْع ُروفًا ِع ْن َد َج ِم ِ ب قَ ِر ٌ حلمكم :المعنى باليونانية (كونوا بال غضب /ال تكونوا قساة /تحملوا بالصبر إساءات الغير /التساهل مع اآلخرين
فى الحقوق الشخصية كما فعل إبراهيم مع لوط) .وهذه الصفات ال تتوافر إالّ لمن استطاع أن يفرح بالرب ،والفرح نابع من المحبة التى هى من ثمار اإلمتالء من الروح القدس .والمحبة والفرح يعطيان إتساع قلب واحتمال وضبط
للنفس وتسامح ووداعة ولطف.
الرب قريب" :ماران أثا" (8كو .)11:83هى كلمة الصبر التى كان يرددها المسيحيون األوائل إلعالن فرحهم بقرب مجىء المسيح .وهكذا علينا دائماً أن نتوقع قرب مجيئه بفرح واشتياق ولهفة .والحظ التسلسل الرائع فى كلمات
الرسول ففى آية ( )8قال اثبتوا فى الرب وفى آية ( )2قال افرحوا فى الرب فال فرح حقيقى بدون ثبات فى الرب .وهنا
يتكلم عن التساهل فى الحقوق وهذا يكون سهالً وممكناً لمن يعيش فى فرح وينتظر الرب باشتياق .فالذى ينشغل
بمجىء الرب يتساهل فى حقوقه الشخصية.
6 الش ْك ِر ،لِتُعلَم ِط ْلباتُ ُكم لَ َدى ِ الصالَ ِة والدُّع ِ اء َم َع ُّ اهلل. ش ْي ٍء ِب َّ ش ْي ٍءَ ،ب ْل ِفي ُك ِّل َ األيات ( "-:)7-6الَ تَ ْهتَ ُّموا ِب َ َ َ ْ ْ َ ْ 7وسالَم ِ ع". وب ُك ْم َوأَ ْف َك َارُك ْم ِفي ا ْل َم ِس ِ سو َ اهلل الَِّذي َيفُ ُ وق ُك َّل َع ْقلَ ،ي ْحفَظُ ُقلُ َ يح َي ُ َ َ ُ ال تهتموا بشىء :ال تقلقوا وال ترتبكوا وال تضطربوا أمام هموم الحياة .والحظ أنه لم يقل ال تفكروا فى ترتيب أموركم
التى فى الغد ،بل قال ال تحملوا هم هذه األمور (مت8( + )15:3كو .)61:2بل بالصالة :فالصالة تمأل القلب
سالماً ،فإذ نسمع صوت اهلل فى قلوبنا نهدأ .وهناك طريقتين للتفكير حينما تواجهنا مشكلة محيرة ،األولى :ان نفكر
48
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الرابع)
ونعمل العقل وحده للتوصل الى حل ،واذا كانت المشكلة كبيرة نصل لليأس .والثانية :هى ان نشرك معنا اهلل فى التفكير ...مثالً يرفع االنسان قلبه هلل ويقول انت لن تتركنى وحدى يا رب فى هذه الضيقة ....ألست انا إبنك ...أنا
أثق أنك تحبنى ولن تتخلى عنى ....فإذا فعلت يمأل اهلل قلبك تعزية.
والصالة تعنى التسبيح ...أماّ الدعاء :فهو توسل الشخص فى تقديم طلباته ،وهذا يشمل طلب غفران الخطية .مع
الشكر :فالشاكر يزيده اهلل نعمة فوق نعمة ،فحينما نرجع هلل بالشكر على عطية من عطاياه ،يزيدنا اهلل من عطايا نعمته (شفاء العشرة البرص (لو )86-88:82فالذى عاد شاك اًر حصل على الخالص ،بعد أن كان قد حصل على الشفاء الجسدى) .بهذا يرسم الرسول خطة نتبعها فى صلواتنا أثناء أى ضيقة .فيجب أن تشمل الصالة هذه
العناصر( :التسبيح والتمجيد هلل +الطلب من أجل حل المشكلة +الشكر المستمر حتى وسط الضيقة) .والشكر هو عنصر مرافق هام لكل صالة ،بل نحن نبدأ به أى صالة فى كنيستنا.
سالم اهلل الذى يفوق كل عقل :كثي اًر ما تصادفنا ضيقات أو مشاكل ال نجد لها حالً بعقولنا ،أو يصادفنا مكدر يهدد
سالمنا وال نجد له حالً ،ونصرخ هلل فيعطينا سالماً يتغلب على القلق والخوف وحيرة العقل التى نعانى منها ،فسالم اهلل يفوق ويتفوق على حيرة عقولنا العاجزة ،فيغمر السالم عقولنا وقلوبنا بطريقة تفوق أفهامنا .فمع أن الشىء المحير
المكدر مازال باقياً ،نجد أنفسنا وقد ارتفعنا فوقه ولم يعد يقدر أن يكدرنا الذى طلبنا إزالته مازال باقياً ،أو المشكلة أو ُ أو يفقدنا سالمنا .وهذا ما َعبر عنه الرسول بصورة أخرى حين قال "مكتئبين فى كل شىء لكن غير متضايقين، متحيرين لكن غير يائسين" (1كو .)1:2والفرح فى الرب (آية )2وسالم اهلل الذى يفوق كل عقل (آية )2هما عطايا من اهلل لنحيا فى نصرة وسط أحزان وضيقات هذا العالم .فالنصرة فى المسيحية هى ان نحيا فى فرح وسالم بالرغم من المشاكل الخارجية وليست هى فى نزع الضيقة الخارجية وهذا ما كان يعنيه السيد المسيح بقوله "والينزع أحد
فرحكم منكم" (يو.)11:83
سالم اهلل الذى يفوق كل عقل which surpasses all understanding :بحسب ترجمة ()NKJV والمعنى ان لدى اهلل حلوال لمشكلتنا )8تفوق تصورنا وافهامنا )1تعطى سالما يسود العقل ،يتغلب على الحيرة
التى فيه .
يحفظ :كلمة لها طابع عسكرى فى اليونانية وتعنى ُي ْح ِك ْم حراسة شىء ما .إذاً صلوا وال تقلقوا وسالم اهلل الذى ال ُيعبر عنه وال يمكن للعقل البشرى أن يدركه أو يمنحه ،سالم اهلل هذا سوف ُيحكم حراسة قلوبكم وأفكاركم فى المسيح .أى سوف يمنع القلق أن يتسرب لها وسيمنع أى محاوالت من إبليس لزرع الهم واليأس.
ُّها ِ اإل ْخ َوةُ ُك ُّل َما ُه َو َحقُ ،ك ُّل َما ُه َو َجلِي ٌل، األيات (8 "-:)9-8أَ ِخ ًا ير أَي َ صيتُ ُه حس ٌن ،إِ ْن َكا َن ْت فَ ِ ُهو م ِسٌّرُ ،ك ُّل ما ِ ان َم ْد ٌح ،فَ ِفي ضيلَ ٌة َوِا ْن َك َ َ َ َ َ ُ ون َم َع ُك ْم". له َّ س ِم ْعتُ ُموَُ ،و َأر َْيتُ ُموُ ِف َّي ،فَه َذا اف َْعلُواَ ،وِا ُ السالَِم َي ُك ُ َو َ
ُك ُّل ما ُهو ع ِاد ٌلُ ،ك ُّل ما ُهو طَ ِ اهٌرُ ،ك ُّل َما َ َ َ َ َ 9 ِِ ِ سلَّ ْمتُ ُموُ، هذ افْتَك ُرواَ .و َما تَ َعلَّ ْمتُ ُموَُ ،وتَ َ
علينا أن ال نكف فقط عن السيئات بل نمتلىء باإليجابيات وعمل الخير ،فإن كنا قد حسبنا العالم نفاية وتركنا
السيئات ،فعلينا أن ننشغل بشىء ما وليكن ما ننشغل به حسن ،نحن ذاهبون للسماء فلننشغل بما للسماء.
49
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الرابع)
أخير :تعنى خالصة األمر كله .كل ما هو حق :عليكم أن تنشغل أفكاركم بما هو حق فى نظر اهلل .والحق عكس ًا الباطل .الباطل هو العالم بكل ما فيه من ملذات ودرجات عظيمة ،وأموال ،ومراكز ...هذا قيل عنه باطل األباطيل. أما الحق فهو المسيح ،الذى قال عن نفسه "أنا هو الطريق والحق والحياة" .الحق هو اهلل ،وهو السماء واألبدية .هذا
ما قال عنه الرسول "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق" (كو .)8:6أما من يهتم بالعالم فهو يهتم بالباطل.
وقيل عن إبليس "رئيس هذا العالم" وهو "الكذاب وأبو الكذاب" .وقوله كل ما هو ...يشير ألن ال ينقسم قلبنا بين الحق
والباطل "التعرجوا بين الفرقتين" .كل ما هو جليل :أى موقر ومستحق االعتبار .عادل :إستقامة التصرف فيما يليق باآلخرين .طاهر :تشمل األفكار الطاهرة والسلوك الطاهرُ .ك ُّل َما ُه َو ُم ِسٌّر :المقصود كل ما يسر اهلل ،ويبعث السرور فى قلوب الناس .صيته حسن :أن يشتهر عنكم األمانة مثالً ،تكون سمعتكم حسنة .إن كانت فضيلة :ضرورة التفكير فى كل ما هو فضيلة واالهتمام بأن تكون فينا كل الفضائل ،وأن نرفض كل ما هو رذيلة .مدح :أى ليمدح
الناس أعمالكم وهذه مثل "ليرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات" .وقد تعنى ليمدح كل واحد اآلخر ليشجعه .عموماً نحن ال نتسول المدح من الناس ،بل نسعى ألن تكون تصرفاتنا تمجد اهلل (8كو .)5:2
ما تعلمتمو : ...راجع (فى .)82:6ونرى هنا أهمية التقليد والتعليم الشفهى الذى نقل لنا طرق ممارسة األسرار.
إله السالم :يمأل القلب بالسالم ويسحق الشيطان (رو .)11:83
11 اؤ ُكم ِبي الَِّذي ُك ْنتُم تَعتَُنوَن ُه ،و ِ ضا م َّرةً ْ ِ لك ْن لَ ْم الر ِّ ت ِب َّ آية ( " -:)11ثُ َّم إِ ِّني فَ ِر ْح ُ ب ِجدًّا أل ََّن ُك ُم َ ْ ْ َ اعت َن ُ ْ اآلن قَ ْد أ َْزَه َر أ َْي ً َ ص ٌة" . تَ ُك ْن لَ ُك ْم فُ ْر َ
فرحت بالرب :هو يفرح بالرب كما علمهم (فى .)2:2وليس بالعطايا التى أرسلوها .هو يفرح بالرب الذى وضع المحبة فى قلوبهم فأرسلوا عطاياهم .أزهر :هى كلمة تشير للشجرة اليابسة التى أفرخت .أى أفرخت شجرة محبتكم لى،
فإعتنيتم بى ووفرتم احتياجاتى .فهم لم يرسلوا له أى شىء فى سجنه حتى أرسلوا مع أبفرودتس. ُم ْكتَ ِف ًيا ِب َما َن أَ ْ ش َب َع َوأ ْ
ِ ِ 12 َن أََنا ف َع ِر ُ ف أْ يه .أ ْ َن أَستَ ْف ِ ض َل َجو َ أُ عَ ،وأ ْ ْ
11 ون اح ِت َي ٍ ت أْ اج ،فَِإ ِّني قَ ْد تَ َعلَّ ْم ُ َن أَ ُك َ س أ َِّني أَقُو ُل ِم ْن ِج َه ِة ْ األيات ( "-:)13-11لَ ْي َ شي ِ َن أَستَ ْف ِ أَتَّ ِ َن ش ْي ٍء َوِفي َج ِم ِ ض َلِ .في ُك ِّل َ َع ِر ُ ت أْ اء قَ ْد تَ َد َّرْب ُ ف أ َْي ً ض َع َوأ ْ يع األَ ْ َ ضا أ ْ ْ 13 يح الَِّذي يقَ ِّو ِ يني" . ش ْي ٍء ِفي ا ْل َم ِس ِ َستَ ِطيعُ ُك َّل َ َوأ ْ ُ ص .أ ْ َن أَ ْنقُ َ ليس ..من جهة احتياج :هو كان محتاج فعالً لعطاياهم ،ليأكل وليدفع أجرة المنزل الذى أستأجره فى روما (أع
.)61:11ولكنه يرفض أن تكون خدمته سبباً فى مكاسب مادية له.
ويضاف لذلك أن كثرة أسفاره ،وكثرة آالمه كانوا له قد تعلمت :لقد حصل على طبيعة جديدة بعد أن صار مسيحياًُ . كمدرسة خاصة.
قانعا بما عندى ،بأقل قدر من المأكل والملبس .أعرف أن أتضع :أى أعيش فى أقل مستوى للمعيشة .أن ً مكتفياً : أستفضل :أى أستبقى فوق كفايتى من كل ما كان لى مهما كان قليالً .وما يفضل يعطيه للمحتاج .فكلمة أستفضل: أفيض على اآلخرين ،وربما كانت هناك فترات وفرة وغنى مادى فى حياته ،ولكنه فى غناه لم يستكبر ،وفى فقره لم
50
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الرابع)
يتذمر ،فاهلل رفعه فوق هذا وذاك .فى كل شئ :فى كل الظروف التى واجهتنى .تدربت أن أشبع وأجوع :الحياة عموما تحتاج إلى تدريب وجهاد .وهو إذا جاع يقبل الجوع من يدى الرب ويحاول أن يستفيد به ،واذا شبع الروحية ً يشكر .ولكن هناك من فى ضيقه يتذمر ،وفى أفراحه ينسى اهلل .ولكن بولس تعلم أن يحيا فى المسيح على أى حال، ولذلك كان المسيح يقويه فى كل شىء على كل حال .ومعنى كالم بولس ألهل فيليبى أن فرحه لم يكن ألنه فى
احتياج للمعونة بل بمحبتهم التى ظهرت فى عطاياهم .لقد تعلم أن يعيش بالقليل وهو فى حالة رضى بالرب ،ومهما
كا ن له من ضعف بشرى ففى المسيح كان يجد كفايته وال يحتاج مع المسيح ألى شىء آخر :أستطيع كل شىء فى
المسيح الذى يقوينى :فى المسيح اى الننى ثابت فيه وهو له امكانيات النهائية ،وبهذه االمكانيات يمكننى ان افعل اي شئ .ولم يزل المسيح مصدر قوة لنا فى كل شىء (فى حياتنا الروحية والمادية) كما كان لبولس .وهذه اآلية رد على قول المسيح بدونى ال تقدرون أن تفعلوا شيئاً (يو ،5:85وراجع 1كو .)81 ،6 :81ولكن علينا أن نعرف أن ما سيتحقق ونستطيع عمله هو ما يوافق إرادة اهلل ولمجده.
15 شتَرْكتُم ِفي ِ األيات (َ 14 "-:)16-14غ ْير أ ََّن ُكم فَع ْلتُم ح ِِ ُّون أ ََّن ُه ِفي ُّها ا ْل ِفيلِ ِّبي َ ضا تَ ْعلَ ُم َ ضيقَ ِتيَ .وأَ ْنتُ ْم أ َْي ً ون أَي َ َ ْ َ ْ َ َ س ًنا إذ ا ْ َ ْ 16 اب ا ْلعطَ ِ ِ ِ ِ شِ ِ ِ اإل ْن ِج ِ اء ِة ِ اء َواألَ ْخ ِذ إِالَّ أَ ْنتُ ْم َو ْح َد ُك ْم .فَِإ َّن ُك ْم ت ِم ْن َم ِك ُدوِن َّي َة ،لَ ْم تُ َ يل،لَ َّما َخ َر ْج ُ س ِ َ يس ٌة َواح َدةٌ في ح َ ارْكني َكن َ َب َد َ ِ ِفي تَسالُوِن ِ اج ِتي". يكي أ َْي ً س ْلتُ ْم إِلَ َّي َم َّرةً َو َم َّرتَ ْي ِن ل َح َ ضا أ َْر َ َ إذ قال إنه غير محتاج لشىء وانه مستكفى ،وحتى ال يفهم أهل فيليبى أن الرسول يحط من قدر ما قدموه له ،يقول
إن كل ما عملتموه لى فهو حسن .إذ أنكم شاركتمونى فى ضيقتى فى سجنى ،ليس بعطاياكم فقط بل بمحبتكم
بدأت الك ارزة بينكم ومشاعركم .لقد شعرت فى محبتكم أن ضيقتى هى ضيقة لكم .وهذا ليس بالجديد عليكم فأنتم منذ ُ باإلنجيل وحتى خروجى من مكدونية (كانت آخر مدينة زارها هناك هى بيرية منذ 81سنوات) ،لم تشاركنى كنيسة
واحدة ك ما شاركتمونى ،وباألخص فى مشاعركم بأنكم مدينون لى بالكثير ،مقابل ما أخذتموه منى فى رعايتكم وك ارزتكم وتنمية إيمانكم ،وأرسلتم لمساعدتى وأنا فى تسالونيكى وهى مدينة ذات ثراء كبير .إالّ أنتم وحدكم :لم يقبل
الرسول سوى منهم لثقته فى محبتهم له .العطاء واألخذ :بولس أعطاهم روحيات وأخذ منهم ماديات .وهم أخذوا روحيات وأعطوه ماديات. 17 ِ ِِ ب ا ْلع ِط َّي َةَ ،ب ْل أَ ْطلُ ُ َّ سا ِب ُك ْم". ب الث َم َر ا ْل ُمتَ َكاث َر لح َ س أ َِّني أَ ْطلُ ُ َ آية ( " -:)17لَ ْي َ ال ُيفهم من حديثى هذا أننى أجتهد فى طلب عطايا أكثر منكم ،بل أطلب لكم الثمر المتكاثر فى البر ،أى الثمر
الروحى المتكاثر فى أعمال المحبة ويزداد رصيدكم من أعمال البر واإلحسان ،واهلل ال ينسى تعب المحبة.
ْت إِ ْذ قَ ِب ْل ُ ِ ض ْل ُ ِ ت ُك َّل َ ٍ ِ ِ 18 اء الَِّتي س األَ ْ امتَأل ُ استَ ْوفَ ْي ُ استَ ْف َ ش ْيء َو ْ األيات (َ "-:)21-18ولك ِّني قَد ْ ش َي َ ت م ْن أ ََب ْف ُروِدتُ َ ت .قَد ْ ِ 19 ِم ْن ِع ْن ِد ُكمَ ،ن ِسيم رِائح ٍة طَ ِّيب ٍةَ ،ذ ِبيح ًة م ْقبولَ ًة مر ِ اح ِت َي ِ س ِب ِغ َنا ُ ِفي ا ْل َم ْج ِد ضيَّ ًة ِع ْن َد اهلل .فَ َي ْمألُ إِل ِهي ُك َّل ْ َ َ ُ َ َ َ َ اج ُك ْم ِب َح َ َْ ْ 21 ينِ . هلل وأَِبي َنا ا ْلم ْج ُد إِلَى َد ْه ِر الد ِ ِ ين". ِفي ا ْل َم ِس ِ سو َ آم َ َّاه ِر َ عَ .و َ يح َي ُ َ
51
http://coptic-treasures.com
رسالة بولس الرسول إلي أهل فيلبي (اإلصحاح الرابع)
استفضلت :تقدماتكم جعلتنى أستوفى كل حاجاتى بل زادت عن حاجتى .ذبيحة مقبولة نسيم رائحة طيبة :هذه كلمات تستخدم مع ذبائح العهد القديم (تك ( + )18:1ال .)6:8فهو اعتبر العطايا ذبيحة حب (عب.)83:86 والرائحة الطيبة هى رائحة المحبة التى قدموا بها عطاياهم .فيمأل إلهى :قوله إلهى يشير إلحساسه بأن اهلل إله خاص
له " أنا لحبيبى وحبيبى لى" (نش .)83:1،6:3وهذا اإلحساس يقوى العالقة بينى وبين اهلل .بولس إختبر العالقة الخاصة بين اهلل وبينه وعرف محبة اهلل وحنانه.
بحسب غنا :إذاً فعطايا اهلل لنا بغير حدود ألن غناه بغير حدود.
وهلل وأبينا :هو اهلل وهو أبينا .وما أجمل أن نعرف أن اهلل هو أبونا. 22 اإل ْخوةُ الَِّذ َ ِ َعلَى ُك ِّل ِقد ٍ سلِّ ُم َعلَ ْي ُك ْم ِّيس ِفي ا ْل َم ِس ِ سو َ ين َمعيُ .ي َ سلِّ ُم َعلَ ْي ُك ُم ِ َ عُ .ي َ يح َي ُ يع ُكمِ . ِ ِ ِ 23 ِ ِ ين". ع ا ْل َم ِس ِ سو َ آم َ ص َر .ن ْع َم ُة َرِّب َنا َي ُ م ْن َب ْيت قَ ْي َ يح َم َع َجم ْ
21 سلِّ ُموا األيات (َ "-:)23-21 ِ ج ِميع ا ْل ِقد ِ ين َّما الَِّذ َ ِّيس َ َ ُ ين َوالَ سي َ السيما الذين من بيت قيصر :كان الرسول قد قاد بعض الجنود وموظفى القصر لإليمان ،وربما بعض من عائلة
قيصر .فكان الجنود الذين يحرسونه يسمعونه وينقلون األخبار لآلخرين فيأتون إليه .ويسمعونه فيؤمنوا.
52
http://coptic-treasures.com