يشوع والقيادة الروحية أبونا داود لمعى

Page 1

‫كنيست مارمرقس القبطيت‬ ‫األرثوذكسيت ـ بمصر الجديدة‬

‫يشوع‬ ‫والقيادة الروحية‬

‫أبونا‪ /‬داود لمعى‬


‫مقدمة‬ ‫نحتاج اليوم إلى قادة‪ ..‬قادة روحيين‪ ..‬فالراعى قائد‪ ..‬والكاهن قائد‪..‬‬ ‫والخادم قائد‪ ..‬واألب فى أسرته قائد‪.‬‬ ‫والقيادة‪ ..‬فن وعلم‪ ..‬ولكن هناك فرق كبير بين القائد فى الحياة العملية‪..‬‬ ‫الذى يحقق األهداف مع الفريق التابع له‪ ..‬والقائد فى الكنيسة واألسرة المسيحية‬ ‫الذى يحقق إرادة هللا فى خالص نفسه و َمن معه‪ ..‬ويتقدم باألجيال من مجد إلى‬ ‫مجد حسب قيادة الروح القدس‪.‬‬ ‫والقيادة الروحية‪ ..‬أحد أجمل الموضوعات التى يقدمها الكتاب المقدس‪..‬‬ ‫ممثلة أساسا ً فى ربنا يسوع المسيح ـ له المجد ـ القائد األعظم واألفضل دائماً‪..‬‬ ‫الذى قدم للبشرية ليس فقط المثل األعلى والقدوة‪ ..‬بل أيضا ً إمكانيات الخالص‬ ‫والوصول للحياة األبدية‪.‬‬ ‫أما يشوع‪ ..‬تلميذ موسى النبى‪ ..‬فيمثل أحد القادة الروحيين فى العهد‬ ‫القديم الذى تسلم قيادة شعب غليظ الرقبة‪ ..‬فى برية صعبة‪ ..‬ليصل بهم إلى‬ ‫كنعان ويقسم لهم األراضى‪ ..‬ويحل مشاكلهم الصعبة‪ ..‬ويثبتهم فى الشريعة التى‬ ‫تسلمها موسى‪ ..‬وينتصر لهم فى حروب عديدة بقيادة ماهرة حازمة وحكيمة‪.‬‬ ‫وهذا البحث البسيط ليس تفسيرا ً لسفر يشوع‪ ..‬أو تأمالت فى آيات‬ ‫السفر بقدر ما هو بحثا ً فى جوانب القيادة الروحية رجوعا ً إلى شخصية يشوع‬ ‫كمثل أساسى‪ ..‬فى النجاح فى قيادة شعب هللا‪.‬‬ ‫وهذا الكتيب‪ ..‬أظنه مفيدا ً لكل َمن له مسئولية القيادة‪ ..‬ويسعى لتبعية‬ ‫ربنا يسوع المسيح‪ ..‬وقد قدمنا فيه الصفات الشخصية الخاصة بالقائد‪..‬‬ ‫والمهارات الالزمة لتحقيق األهداف‪ ..‬ونمو الفريق‪ ..‬واستمرار وإمتداد العمل‬ ‫واإلنجازات للتأثير على المجتمع والعالم كله‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫نطلب من هللا‪ ..‬الذى يعطينا من روحه القدوس‪ ..‬أن يجعلنا حسب‬ ‫إرادته قادة روحيين‪ ..‬نتمم قصده‪ ..‬ونسعى لرضاه‪ ..‬ونقدم ألوالدنا مثالً حيا ً‬ ‫يحتذون به‪.‬‬ ‫بصلوات كل األنبياء والرسل والشهداء واألبرار الذى إنضم إليهم أبونا‬ ‫المحبوب القديس البابا شنودة الثالث بعد رحلة مجيدة من الحب واأللم والخدمة‬ ‫واألمانة‪ ...‬والذى أعانهم يعيننا‪.‬‬ ‫نشكر هللا على هدية السماء لنا‪ ..‬قداسة البابا المعظم األنبا تواضروس‬ ‫الثانى الذى أنعم به هللا علينا يوم ‪ 81‬نوفمبر من هذه السنة المباركة‪ ..‬الرب‬ ‫يحفظ لنا وعلينا حياته ورئاسة كهنوته سنين كثيرة وأزمنة سالمة مديدة‪.‬‬ ‫صلوا من أجلى‪..‬‬ ‫أبونا‪ /‬داود ملعى‬

‫‪5‬‬


‫الباب األول‬

‫الصفات الشخصية‬ ‫للقائد الروحى‬

‫‪7‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫أوالً‪ ..‬تلميذ موسى‬ ‫سى أَكُو ُن َمعَكَ ‪.‬‬ ‫سا ٌن فًِ َو ْج ِهكَ كُ َّل أٌََّ ِام َحٌَاتِكَ ‪َ .‬ك َما كُ ْنتُ َم َع ُمو َ‬ ‫ِف إِ ْن َ‬ ‫"الَ ٌَق ُ‬ ‫س ُم ِل َهذَا ال َّ‬ ‫ض الَّتًِ َحلَ ْفتُ‬ ‫شدَّ ْد َوت َ َ‬ ‫الَ أ ُ ْهمِ لُكَ َوال َ أَتْ ُركُكَ ‪ .‬ت َ َ‬ ‫ش َّج ْع‪ ,‬ألَنَّكَ أ َ ْنتَ ت َ ْق ِ‬ ‫ب األ َ ْر َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ب كُ ِ ّل الش َِّرٌعَ ِة‬ ‫شدِّداً‪َ ,‬وت َ َ‬ ‫آلبَائِ ِه ْم أَنْ أُعْطِ ٌَ ُه ْم‪ِ .‬إنَّ َما كُنْ ُمت َ َ‬ ‫ش َّج ْع ِجدّا ً ِلتَت َ َحفَّ َظ ِل ْلعَ َم ِل َح َ‬ ‫س َ‬ ‫َب‪".‬‬ ‫ع ْبدِي‪ .‬ال َ تَمِ ْل َ‬ ‫سى َ‬ ‫ع ْن َها ٌَمِ ٌنا ً َوال َ ِ‬ ‫الَّتًِ أ َ َم َركَ بِ َها ُمو َ‬ ‫ش َماال ً ِلت ُ ْف ِل َح َح ٌْث ُ َما ت َ ْذه ُ‬ ‫(ٌش ‪ 5 : 1‬ـ ‪)7‬‬

‫قد ننسى كثٌرا من األحداث التى مرت بها حٌاة ٌشوع‪ ..‬ولكننا ال ننسى‬ ‫أبدا أنه تلمٌذ موسى‪..‬‬ ‫إلتصق ٌشوع بموسى‪ ..‬فلم ٌفارقه من سنة الخروج إلى سنة نهاٌة عمر‬ ‫موسى وصعوده للجبل‪ ..‬الذى لم ٌنزل منه‪ ..‬أربعٌن سنة فى البرٌة‪ ..‬لم ٌفارق‬ ‫فٌها ٌشوع سٌده وأبٌه الروحى موسى‪ ..‬وهكذا امتأل بروحه وصار قابدا عظٌما‬ ‫بعده‪.‬‬ ‫كما رأٌنا السٌد المسٌح ٌختار تالمٌذه وٌلصقهم بنفسه فٌصٌرون قادة‬ ‫للكنٌسة فى العهد الجدٌد‪ٌ ..‬متلبون بروحه‪ ..‬وٌسٌرون على خطاه فٌتذكرون‬ ‫كالمه ومواقفه ونظراته وأعماله‪ ..‬فٌرسلهم المسٌح إلى العالم كارزٌن ومبشرٌن‬ ‫وقدٌسٌن ٌصنعون هم أٌضا تالمٌذ بنفس الطرٌقة "فَا ْذ َهبُوا َوت َ ْلمِ ذُوا جَمِ ٌ َع األ ُ َم ِم‬ ‫الروحِ ا ْلقُد ُِس" (مت ‪.)19 : 88‬‬ ‫َو َ‬ ‫ع ِ ّمد ُوهُ ْم بِا ْ‬ ‫س ِم اآل ِ‬ ‫ب َوا ِال ْب ِن َو ُّ‬ ‫وكما رأٌنا بولس الرسول ٌترك وراءه قادة عظام من تالمٌذه أمثال‬ ‫ٌِرتًِ‪،‬‬ ‫تٌموثاوس الرسول‪ ..‬نجده ٌوصٌه قابال‪َ " ..‬وأ َ َّما ا ْنتَ فَقَ ْد ت َ ِب ْعتَ ت َ ْعلٌِمِ ً‪َ ،‬وس َ‬

‫ص ْب ِري‪َ ،‬وا ْ‬ ‫ضطِ َهادَاتًِ‪َ ،‬وآالَمِ ً‪ ،‬مِ ثْ َل َما‬ ‫َوقَ ْ‬ ‫صدِي‪َ ،‬وإٌِ َمانًِ‪َ ،‬وأَنَاتًِ‪َ ،‬و َم َحبَّتًِ‪َ ،‬و َ‬ ‫ست َِرةَ‪ .‬اٌَّةَ ا ْ‬ ‫ٌع ا ْنقَذَنًِ‬ ‫ضطِ َهادَا ٍ‬ ‫ت ْ‬ ‫ا َ‬ ‫صابَنًِ فًِ ا ْن َطا ِكٌَةَ َوإٌِقُو ِنٌَّةَ َو ِل ْ‬ ‫احت َ َم ْلتُ ! َومِ نَ ا ْلجَمِ ِ‬ ‫ب‪8( ".‬تً ‪.)11 ، 11 : 3‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫َّ‬ ‫علَى َما ت َ َعلَّ ْمتَ َوأ َ ٌْقَ ْنتَ ‪ ،‬ع َِارفا ً مِ َّمنْ ت َ َعلَّ ْمتَ ‪8( ".‬تى ‪: 3‬‬ ‫" َوأ َ َّما ا ْنتَ فَاثْبُتْ َ‬

‫‪ ..)11‬كان ٌشوع تلمٌذا نجٌبا‪ ..‬وظل أمٌنا مطٌعا لسٌده موسى النبى‪..‬وأحب‬ ‫‪8‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ٌشوع موسى من كل قلبه‪ ..‬فأحب هللا من خالله‪ ..‬وتبدأ أولى قصصه مع موسى‬ ‫سى ِلٌَشُوعَ‪:‬‬ ‫فى سفر الخروج (خر ‪ 8 : 17‬ـ ‪ ..)13‬وأتى عمالٌق‪" ..‬فَقَا َل ُمو َ‬

‫ٌِق‪َ .‬و َ‬ ‫«ا ْنتَخِ ْب َل َنا ِر َجاالً َو ْ‬ ‫هللا‬ ‫صا ِ‬ ‫ع َلى َرأْ ِس التَّلَّ ِة َو َ‬ ‫ِف أ َ َنا َ‬ ‫اخ ُرجْ َح ِار ْب َ‬ ‫ع َمال َ‬ ‫ع َ‬ ‫غدا ً أَق ُ‬ ‫ٌِق‪( ".‬خر ‪.)11 ، 9 : 17‬‬ ‫ب َ‬ ‫ع َمال َ‬ ‫فًِ ٌَدِي»‪ .‬فَفَعَ َل ٌَشُوعُ َك َما قَا َل لَه ُ ُمو َ‬ ‫سى ِلٌُ َح ِار َ‬

‫ورأى ٌشوع أنه انتصر بصلوات أبٌه وبطاعته‪ ..‬رأى قوة ٌدى موسى‬ ‫المرفوعتٌن فى الصالة كما رأى سابقا قوة العصا صانعة العجابب‪ ..‬وتعلم‬ ‫ٌشوع الدرس‪ ..‬أن النصرة من عند الرب وأن الصالة هى سر الغلبة‪ ..‬وهكذا‬ ‫دخل ٌشوع حروب أكثر بعد نٌاحة موسى النبى‪ ..‬ولكنه ظل أمٌنا للدرس واعٌا‬ ‫لما إستلمه فلم ٌكف عن الصالة قبل وأثناء كل معركة‪.‬‬ ‫حٌن تسلم موسى لوحى العهد‪ ..‬كان الشعب خابفا من اإلقتراب من‬ ‫سى‪:‬‬ ‫ب ِل ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫الجبل المقدس‪ ..‬أ َّما ٌشوع فلم ٌكن إال قرٌبا من موسى " َوقَا َل َّ‬

‫ار ِة َوالش َِّرٌ َع ِة َوا ْل َو ِصٌَّ ِة الَّتًِ‬ ‫«ا ْ‬ ‫ً ِإلَى ا ْل َج َب ِل َوكُنْ هُنَاكَ َفأُعْطِ ٌَكَ لَ ْو َحً ِ ا ْلحِ َج َ‬ ‫ص َع ْد ِإلَ َّ‬ ‫هللا‪َ .‬وأ َ َّما‬ ‫سى ِإلَى َجبَ ِل ِ‬ ‫سى َوٌَشُوعُ َخا ِد ُمهُ‪َ .‬و َ‬ ‫ص ِعدَ ُمو َ‬ ‫َكت َ ْبت ُ َها ِلت َ ْعلٌِمِ ِه ْم»‪ .‬فَقَا َم ُمو َ‬ ‫شٌُو ُ‬ ‫اج ِلسُوا لَنَا َه ُهنَا َحتَّى نَ ْر ِج َع إِلَ ٌْكُ ْم‪َ .‬وه َُوذَا هَا ُرو ُن َو ُحو ُر َمعَكُ ْم‪.‬‬ ‫ال ُّ‬ ‫خ فَقَا َل لَ ُه ُم‪ْ :‬‬ ‫فَ َمنْ كَانَ صَاحِ َب دَع َْوى فَ ْلٌَتَقَدَّ ْم إِلَ ٌْ ِه َما»‪( ".‬خر ‪ 18 : 81‬ـ ‪ ..)11‬وتعلم ٌشوع‬

‫قٌمة الجبل‪ ..‬والخلوة‪ ..‬والصعود‪ ..‬والصالة الدابمة‪ ..‬والخضوع اإللهى‪ ،‬كما‬ ‫تعلم من موسى‪ ..‬تفوٌض السلطة إلى َمن ٌلٌه أثناء غٌابه‪.‬‬ ‫ولما نزل موسى من الجبل‪ ..‬كان ٌشوع منتظرا له على الجبل‪ ..‬ولم‬ ‫ٌدرى أن الشعب قد إنحرف وصنع عجال ذهبٌا‪( ..‬خر ‪ 15 : 38‬ـ ‪ ..)18‬وظن‬ ‫ٌشوع أن الشعب منشغل بالحرب‪ ..‬ولم ٌدرك ما ادركه أبوه الروحى موسى‪..‬‬ ‫وما سمعه من هللا على الجبل عن إنحراف الشعب وزٌغانه‪.‬‬ ‫ورأى ٌشوع موسى‪ ..‬كما لم ٌراه من قبل‪ ..‬رآه غاضبا ثابرا‪..‬‬ ‫مًِ‬ ‫الر ْق َ‬ ‫ب ِإلَى ا ْل َم َحلَّ ِة أَنَّه ُ أ َ ْب َ‬ ‫صارخا‪ ..‬قوٌا‪َ " .‬وكَانَ ِع ْندَ َما ا ْقت َ​َر َ‬ ‫ص َر ا ْلع ِْج َل َو َّ‬ ‫ص‪ .‬فَ َح َ‬

‫َ‬ ‫سفَ ِل ا ْل َجبَ ِل‪ .‬ث ُ َّم أ َ َخذَ ا ْلع ِْج َل‬ ‫سى َو َط َر َح اللَّ ْو َح ٌْ ِن مِ نْ ٌَدَ ٌْ ِه َو َكسَّ َرهُ َما فًِ أ َ ْ‬ ‫َب ُمو َ‬ ‫غض ُ‬ ‫سقَى‬ ‫ار نَاعِما ً َوذَ َّراهُ َ‬ ‫صنَعُوا َوأ َ ْح َرقَه ُ بِالنَّ ِار َو َط َحنَه ُ َحتَّى َ‬ ‫الَّذِي َ‬ ‫علَى َو ْج ِه ا ْل َماءِ َو َ‬ ‫ص َ‬ ‫ب‪:‬‬ ‫سى قَا َل لِل َّ‬ ‫َبنًِ ِإ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل‪( ".‬خر ‪َ " ..)81 ، 19 : 38‬وكَانَ فًِ ا ْلغَ ِد أَنَّ ُمو َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫‪9‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ب لَ َعلًِّ أ ُ َك ِفّ ُر َخطِ ٌَّتَكُ ْم»‪( ".‬خر‬ ‫«أ َ ْنت ُ ْم قَ ْد أ َ ْخ َطأْت ُ ْم َخطِ ٌَّةً عَظِ ٌ َمةً‪ .‬فَأ َ ْ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫صعَد ُ اآلنَ ِإلَى َّ‬ ‫‪ ..)31 : 38‬ورأى ٌشوع موسى سٌده‪ ..‬كم ٌحب شعبه وٌشفع فٌه‪ ..‬وٌؤدبه‪..‬‬

‫وٌقف وسٌطا بٌن هللا والشعب‪ ..‬وتعلم ٌشوع الدرس‪ ..‬والمسبولٌة واألمانة‪.‬‬ ‫سطِ كَ‬ ‫وإستمر غضب هللا على الشعب‪ ..‬فقال لموسى "فَ ِإنًِّ ال َ أ َ ْ‬ ‫صعَد ُ فًِ َو َ‬ ‫ب ال َّرقَبَةُ ِ​ِ ِلئَالَّ أ ُ ْفنٌَِكَ فًِ ال َّ‬ ‫ٌق" (خر ‪.)3 : 33‬‬ ‫ألَنَّكَ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ش ْع ٌ‬ ‫ص ْل ُ‬ ‫ط ِر ِ‬ ‫ج ا ْل َم َحلَّ ِة بَعٌِدا ً ع َِن ا ْل َم َحلَّ ِة َودَعَاهَا‬ ‫صبَ َها لَه ُ َخ ِار َ‬ ‫سى ا ْل َخ ٌْ َمةَ َونَ َ‬ ‫" َوأ َ َخذَ ُمو َ‬ ‫ج‬ ‫ج إِلَى َخ ٌْ َم ِة ا ِال ْجتِ َماعِ الَّتًِ َخ ِار َ‬ ‫ب ٌَ ْخ ُر ُ‬ ‫الر َّ‬ ‫« َخ ٌْ َمةَ ا ِال ْجتِ َماعِ»‪ .‬فَكَانَ كُ ُّل َمنْ ٌَ ْطلُ ُ‬ ‫ب َّ‬ ‫ا ْل َم َحلَّ ِة" (خر ‪ ..)7 : 33‬وكان موسى ٌخرج لٌقابل هللا فى خٌمة اإلجتماع بعٌدا‬

‫عن الشعب‪ ..‬ولكن ٌشوع ال ٌفارقه‪ٌ ..‬خرج وراءه راكضا‪ ..‬ملتصقا به‪..‬‬ ‫سى ِإلَى‬ ‫الر ُج ُل صَاحِ بَهُ‪َ .‬و ِإذَا َر َج َع ُمو َ‬ ‫ب ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫سى َو ْجها ً ل َِو ْج ٍه َك َما ٌُ َك ِلّ ُم َّ‬ ‫" َوٌُ َك ِلّ ُم َّ‬ ‫ح مِ نْ دَاخِ ِل ا ْل َخ ٌْ َمةِ‪( ".‬خر ‪: 33‬‬ ‫ا ْل َم َحلَّ ِة كَانَ َخا ِد ُمه ُ ٌَشُوعُ ْب ُن نُونَ ا ْلغُالَ ُم ال َ ٌَ ْب َر ُ‬ ‫‪.)11‬‬

‫ذكرٌات‪ ..‬ذكرٌات‪ ..‬حٌَّة ال تنتهى‪ ..‬شكلت ذهن ٌشوع الشاب‪ ..‬طوال‬ ‫أربعٌن سنة لم ٌكن ٌتمنى فٌها لحظة أن ٌنفرد بالقٌادة‪ ..‬كان سعٌدا ومستمتعا‬ ‫بالتلمذة‪ ..‬كان مطٌعا خاضعا لمعلمه‪ ..‬غٌورا علٌه من كل قلبه‪ ..‬وحٌن حاول‬ ‫البعض ادعاء النبوة وأخذ مكان موسى‪ ..‬إنزعج ٌشوع جدا على كرامة أبٌه‪..‬‬ ‫ب كَانُوا أ َ ْنبٌَِا َء إِذَا َجعَل‬ ‫فأجابه موسى‪" ..‬هَل تَغَا ُر أ َ ْنتَ لًِ؟ ٌَا لٌْتَ كُل َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫الر ُّب ُرو َحه ُ عَل ٌْ ِه ْم!" (عد ‪.)89 : 11‬‬ ‫َّ‬ ‫ودارت األٌام‪ ..‬وانتهت األربعون سنة‪ ..‬وبارك موسى الشعب وكتب‬ ‫سى فًِ‬ ‫ب ِل ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫سفر التثنٌة خاتما لكتب التوراة‪ ..‬وسمع األمر اإللهى " َوقَال َّ‬

‫وآب الذِي‬ ‫صعَ ْد إِلى َجبَ ِل َ‬ ‫نَ ْف ِس ذَ ِلكَ الٌَ ْو ِم‪« .:‬اِ ْ‬ ‫عبَ ِارٌ َم َهذَا َجبَ ِل نَبُو الذِي فًِ أ َ ْر ِ‬ ‫ض ُم َ‬ ‫س َرائٌِل ُملكاً‪َ .‬و ُمتْ فًِ ال َجبَ ِل‬ ‫قُبَالةَ أ َ ِرٌ َحا َوا ْنظُ ْر أ َ ْر َ‬ ‫ض َك ْن َعانَ التًِ أَنَا أُعْطِ ٌ َها ِلبَنًِ إِ ْ‬ ‫ُور َو ُ‬ ‫صعَد ُ إِل ٌْ ِه َوا ْن َ‬ ‫ض َّم إِلى‬ ‫الذِي ت َ ْ‬ ‫ض َّم إِلى قَ ْومِ كَ َك َما َماتَ هَا ُرو ُن أ َ ُخوكَ فًِ َجبَ ِل ه ٍ‬ ‫قَ ْومِ ِه‪( ".‬تث ‪ 18 : 38‬ـ ‪.)51‬‬

‫وصعد موسى إلى جبل نبو‪ ..‬ورأى كنعان المستقبل التى خرج من‬ ‫س ْمتُ‬ ‫ًِ األ َ ْر ُ‬ ‫ض التًِ أ َ ْق َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫مصر بغرض الوصول إلٌها " َوقَال له ُ َّ‬ ‫ب‪َ « :‬ه ِذ ِه ه َ‬ ‫‪11‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫س ِلكَ أُعْطِ ٌ َها‪ .‬قَ ْد أ َ َر ٌْت ُكَ إٌَِّاهَا بِعَ ٌْنَ ٌْكَ َول ِكنَّكَ إِلى‬ ‫س َحا َ‬ ‫وب قَائِالً‪ِ :‬لنَ ْ‬ ‫ِ ِ​ِل ْب َراهٌِ َم َوإِ ْ‬ ‫ق َوٌَ ْعق ُ َ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫سى َ‬ ‫ب فًِ أ َ ْر ِ‬ ‫وآب َح َ‬ ‫هُنَاكَ ال ت َ ْعب ُ ُر»‪ .‬فَ َماتَ هُنَاكَ ُمو َ‬ ‫ب قَ ْو ِل ال َّر ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ض ُم َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع ْبد ُ َّ‬ ‫سا ٌن قَ ْب َرهُ إِلى َهذَا‬ ‫وآب ُمقَابِل بَ ٌْ ِ‬ ‫الج َواءِ فًِ أ َ ْر ِ‬ ‫ف إِ ْن َ‬ ‫ور‪َ .‬ول ْم ٌَ ْع ِر ْ‬ ‫ض ُم َ‬ ‫ت فَغ ُ َ‬ ‫َودَفَنَهُ فًِ ِ‬ ‫الٌَ ْو ِم‪( ".‬تث ‪ 1 : 31‬ـ ‪ ..)6‬وكتب ٌشوع تلٌمذه‪ ..‬آخر إصحاح من سفر التثنٌة‬ ‫ح‬ ‫امتَأل َ ُرو َ‬ ‫ون كَانَ قَ ِد ْ‬ ‫ُمودعا أبٌه‪ ..‬و ُمفتخرا بأنه تلمٌذ موسى " َوٌَشُوعُ ْب ُن نُ ٍ‬ ‫حِ ْك َم ٍة ِإ ْذ َو َ‬ ‫ب‬ ‫س َرائٌِل َوعَمِ لُوا َك َما أ َ ْو َ‬ ‫سمِ َع له ُ َبنُو ِإ ْ‬ ‫سى عَل ٌْ ِه ٌَدَ ٌْ ِه فَ َ‬ ‫ض َع ُمو َ‬ ‫صى ال َّر ُّ‬ ‫ب َو ْجها ً ل َِو ْج ٍه‪".‬‬ ‫ً فًِ إِ ْ‬ ‫س َرائٌِل مِ ثْ ُل ُمو َ‬ ‫ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫سى الذِي ع َ​َرفَه ُ َّ‬ ‫سى‪َ .‬ول ْم ٌَقُ ْم بَ ْعد ُ نَبِ ٌّ‬ ‫(تث ‪.)11 ، 9 : 31‬‬

‫هناك من القادة الروحٌ​ٌن‪َ ..‬من لم ٌشبع من التلمذة‪ ..‬قٌل ٌوما‪" ..‬قل لى‬ ‫َمن عل َمك‪ ..‬و َمن صرت أنت له تلمٌذا‪ ..‬أقول لك َمن أنت وماذا ستكون!"‪.‬‬ ‫هناك َم َ​َن ٌتعجل أن ٌكون خادما‪ ..‬أو كاهنا‪ ..‬أو راعٌا‪ ..‬هناك َمن‬ ‫ٌشتهى الخدمة بغرض القٌادة‪ ..‬بٌنما القٌادة هى أصعب ما فى الخدمة وأكثر‬ ‫مسبولٌاتها ثقال وحسابا‪.‬‬ ‫أ َّما َمن ٌشبع بالتلمذة على اإلنجٌل‪ ..‬على الكنٌسة بطقسها وعقابدها‬ ‫وتارٌخها‪ ..‬فٌتتلمذ على فكر اآلباء وقوانٌن المجامع‪ ..‬وقصص القدٌسٌن‪َ ..‬من‬ ‫ٌتتلمذ على اآلباء المعاصرٌن ومنهجهم وتعلٌمهم‪َ ..‬من ٌحب برٌة مصر‬ ‫بتارٌخها وجدٌتها وحرارتها الروحٌة‪ ..‬هو بالحقٌقة المؤهل أن ٌختاره هللا‬ ‫لٌكون قابدا‪ ..‬أٌَّا كان درجته أو رتبته‪.‬‬ ‫التلمذة تحتاج إلى خضوع ومثابرة‪ ..‬إلتزام وأمانة‪ ..‬حب وصدق للمعلم‬ ‫والمنهج‪ ..‬إنكار ذات وتفانى‪ ..‬بهذه كلها صار ٌشوع ٌشوعا‪ ..‬وبهذه ٌصٌر كل‬ ‫واحد فٌنا قابدا له رسالته الروحٌة‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫أخرياً‪..‬‬ ‫‪ ‬إذا رأٌنا داود قابدا عظٌما‪ ..‬فلنتذكر تلمذته لصموبٌل النبى‪.‬‬ ‫‪ ‬وإذا رأٌنا اسحق قابدا لرعاة األغنام‪ ..‬فلنتذكر تلمذته على أبٌه‪ ..‬أبونا‬ ‫إبراهٌم‪.‬‬ ‫‪ ‬وإذا رأٌنا سلٌمان قابدا تارٌخٌا‪ ..‬مدبرا حكٌما‪ ..‬فلنتذكر أنه اإلبن المحبوب‬ ‫لداود‪.‬‬ ‫‪ ‬وإذا رأٌنا عزرا الكاتب قابدا ُملهما‪ ..‬فلنتذكر أنه تتبع ُخطى َمن سبقه‬ ‫زربابل‪.‬‬ ‫‪ ‬وإذا رأٌنا أثناسٌوس الرسولى قابدا مشهودا له‪ ..‬فلنتذكر أنه تلمٌذ البابا‬ ‫ألكسندروس واألنبا أنطونٌوس‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ثانياً‪ ..‬رجل صالة‬ ‫تعلم ٌشوع الصالة‪ ..‬من موسى‪ ..‬وأحب الصالة‪ ..‬وأدرك قٌمتها‬ ‫وعظمتها فى حل المشاكل‪ ..‬فى إستجالء رأى هللا‪ ..‬وفى النصرة على كل‬ ‫الحروب الشٌطانٌة‪.‬‬ ‫رأى ٌشوع ٌوما كٌف سقط ابنى هارون الكاهن‪ ..‬ألنهما إستهانا بالعبادة‬ ‫وقدما بخورا غرٌبة لم تكن من قبل هللا‪ ..‬وٌظن أنهما كانا مخمورٌن‪ ..‬ماتا‬ ‫الكاهنان الشابان فى أول خدمتهما ألنهما لم ٌعرفا كرامة المذبح وكرامة الصالة‬ ‫َاب َوأ َ ِبٌ ُهو كُ ٌّل مِ ْن ُه َما مِ ْج َم َرتَهُ َو َجعَالَ فٌِ ِه َما نَارا ً َو َو َ‬ ‫علَ ٌْ َها‬ ‫ضعَا َ‬ ‫" َوأ َ َخذَ ا ْبنَا هَا ُرونَ َناد ُ‬ ‫ب نَارا ً َ‬ ‫ب‬ ‫غ ِرٌبَةً لَ ْم ٌَأ ْ ُم ْرهُ َما بِ َها‪ .‬فَ َخ َر َجتْ نَا ٌر مِ نْ ِع ْن ِد ال َّر ّ ِ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫بَ ُخورا ً َوقَ َّربَا أ َ َما َم َّ‬ ‫ب قَا ِئالً‪ :‬فًِ‬ ‫ب‪ .‬فَقَا َل ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫سى ِل َها ُرونَ ‪َ « :‬هذَا َما ت َ َكلَّ َم ِب ِه َّ‬ ‫َوأ َ َكلَتْ ُه َما فَ َمات َا أ َ َما َم َّ‬ ‫سى‬ ‫ٌع ال َّ‬ ‫ب أَت َ َم َّجد ُ»‪ .‬فَ َ‬ ‫ص َمتَ هَا ُرونُ‪ .‬فَدَعَا ُمو َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ا ْلقَ ِرٌبٌِنَ مِ نًِّ أَتَقَد ُ‬ ‫َّس َوأ َ َما َم جَمِ ِ‬ ‫ارفَعَا أ َ َخ َو ٌْكُ َما مِ نْ‬ ‫صافَانَ ا ْبنَ ًْ ع ِ ُّزٌئٌِ َل َ‬ ‫مِ ٌشَائٌِ َل َوأ َ ْل َ‬ ‫ع ِ ّم هَا ُرونَ َوقَا َل لَ ُه َما‪« :‬تَقَدَّ َما ْ‬ ‫قُد َِّام ا ْلقُد ِْس إِلَى َخ ِارجِ ا ْل َم َحلَّ ِة»‪( ".‬ال ‪ 1 : 11‬ـ ‪.)1‬‬

‫وقضى ٌشوع أٌاما ولٌالى فى الجبل إذ كان مالصقا ألبٌه الروحى‪..‬‬ ‫ً ِإلَى ا ْل َج َب ِل َوكُنْ هُنَاكَ‬ ‫سى‪« :‬ا ْ‬ ‫ب ِل ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫رجل الصالة موسى‪َ " ..‬وقَا َل َّ‬ ‫ص َع ْد ِإلَ َّ‬

‫سى‬ ‫ار ِة َوالش َِّرٌعَ ِة َوا ْل َو ِصٌَّ ِة الَّتًِ َكت َ ْبت ُ َها ِلت َ ْعلٌِمِ ِه ْم»‪َ -.‬ف َقا َم ُمو َ‬ ‫فَأُعْطِ ٌَكَ لَ ْو َحً ِ ا ْلحِ َج َ‬ ‫شٌُو ُ‬ ‫اج ِلسُوا لَنَا‬ ‫سى إِلَى َجبَ ِل هللاِ‪َ .‬وأ َ َّما ال ُّ‬ ‫خ فَقَا َل لَ ُه ُم‪ْ « :‬‬ ‫َوٌَشُوعُ َخا ِد ُمهُ‪َ .‬و َ‬ ‫ص ِعدَ ُمو َ‬ ‫ب دَع َْوى فَ ْل ٌَتَقَدَّ ْم‬ ‫َه ُهنَا َحتَّى نَ ْر ِج َع ِإلَ ٌْكُ ْم‪َ .‬وه َُوذَا هَا ُرو ُن َو ُحو ُر َم َعكُ ْم‪ .‬فَ َمنْ كَانَ صَاحِ َ‬ ‫سى ِإلَى ا ْل َج َب ِل فَغَ َّ‬ ‫اب ا ْل َج َب َل‪( ".‬خر ‪ 18 : 81‬ـ ‪.)15‬‬ ‫ِإلَ ٌْ ِه َما»‪ .‬فَ َ‬ ‫طى ال َّ‬ ‫ص ِعدَ ُمو َ‬ ‫س َح ُ‬

‫نجح ٌشوع فى تولى القٌادة بعد موسى‪ ..‬لكنه بإحساس المحتاج‬ ‫والضعٌف‪ ..‬احتمى طوال حٌاته فى الصالة‪ ..‬فنراه ٌصلى وٌدفع شعبه للصالة‬ ‫ب ٌَ ْع َم ُل َ‬ ‫سطِ كُ ْم‬ ‫فى كل خطوة‪َ " ..‬وقَا َل ٌَشُوعُ لِل َّ‬ ‫غدا ً فًِ َو َ‬ ‫الر َّ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ب‪« :‬تَقَدَّسُوا ألَنَّ َّ‬

‫ب»‪ .‬فَ َح َملُوا‬ ‫احمِ لُوا ت َابُوتَ ا ْل َع ْه ِد َوا ْعبُ ُروا أ َ َما َم ال َّ‬ ‫َ‬ ‫ِب» َو َقا َل ٌَشُوعُ ِل ْل َك َهنَةِ‪ْ « :‬‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ع َجائ َ‬ ‫ب‪ٌ( ".‬ش ‪.)6 ، 5 : 3‬‬ ‫سا ُروا أ َ َما َم ال َّ‬ ‫ت َابُوتَ ا ْل َع ْه ِد َو َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫‪13‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ت‬ ‫وبالصالة تمتع ٌشوع بالصوت اإللهى‪ ..‬وقٌادة هللا له " َوكَانَ بَ ْعدَ َم ْو ِ‬ ‫ع ْبدِي قَ ْد‬ ‫سى َ‬ ‫سى َ‬ ‫ب قَا َل ِلٌَشُو َ‬ ‫سى‪ُ « .:‬مو َ‬ ‫ون َخاد ِ​ِم ُمو َ‬ ‫ُمو َ‬ ‫الر َّ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ب أَنَّ َّ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬ ‫ع ْب ِن ن ُ ٍ‬ ‫ض الَّتًِ أَنَا ُم ْعطٌِ َها‬ ‫َماتَ ‪ .‬فَاآلنَ قُ ُم ِ​ِ ا ْعبُ ْر َهذَا األ ُ ْردُنَّ أ َ ْنتَ َوكُ ُّل َهذَا ال َّ‬ ‫ب ِإلَى األ َ ْر ِ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ٌ( ".‬ش ‪.)8 ، 1 : 1‬‬ ‫ِلبَنًِ إِ ْ‬ ‫وبالصالة هاب الشعب ٌشوع كما كانوا ٌهابون موسى سٌده "فًِ ذَ ِلكَ‬ ‫ع َّ‬ ‫سى كُ َّل أٌََّ ِام‬ ‫ا ْلٌَ ْو ِم َ‬ ‫ب ٌَشُو َ‬ ‫ع فًِ أ َ ْعٌُ ِن جَمِ ٌعِ ِإ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ ,‬فَ َهابُوهُ َك َما هَابُوا ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ظ َم َّ‬ ‫َحٌَاتِهِ‪ٌ( ".‬ش ‪.)11 : 1‬‬

‫وبسبب الصالة كان كل عمل ٌحدث ٌنسبه ٌشوع بتلقابٌة هلل وحده‪..‬‬ ‫عبَ ْرت ُ ْم‪َ ,‬ك َما‬ ‫س مِ ٌَا َه األ ُ ْرد ُ ِّن مِ نْ أ َ َمامِ كُ ْم َحتَّى َ‬ ‫الر َّ‬ ‫فٌقول للشعب "أل َنَّ َّ‬ ‫ب ِإلَ َهكُ ْم قَ ْد ٌَبَّ َ‬

‫ب‬ ‫سهُ مِ نْ أ َ َمامِ نَا َحتَّى َ‬ ‫س ٍ‬ ‫وف الَّذِي ٌَبَّ َ‬ ‫ب ِإلَ ُهكُ ْم بِبَ ْح ِر ُ‬ ‫الر ُّ‬ ‫عبَ ْرنَا‪ِ .‬لت َ ْع َل َم جَمِ ٌ ُع شُعُو ِ‬ ‫َف َع َل َّ‬ ‫ب إِلَ َهكُ ْم كُ َّل األٌََّ ِام»" (ٌش ‪، 83 : 1‬‬ ‫األ َ ْر ِ‬ ‫الر َّ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ب أَنَّ َها قَ ِوٌَّةٌ‪ِ ,‬ل َك ًْ ت َ َخافُوا َّ‬ ‫ض ٌَدَ َّ‬ ‫‪.)81‬‬

‫وكان ٌشوع ٌمٌل للخلوة والهدوء كسٌده‪ ..‬وإذ كان مترددا أمام أسوار‬ ‫أرٌحا العمالقة‪ ..‬كان ٌحتاج لمعونة إلهٌة واضحة فتمتع برؤٌا المسٌح كربٌس‬ ‫جند الرب‪ ..‬وسمع كالما مشجعا منه‪ ..‬ووعدا بالنصرة بل وحدد له المسٌح ـ له‬ ‫المجد ـ كٌفٌة دخول أرٌحا وسقوط أسوارها‪َ " ..‬و َحد َ​َث لَ َّما كَانَ ٌَشُوعُ ِع ْندَ أ َ ِرٌ َحا‬

‫ع ٌْنَ ٌْ ِه َونَ َ‬ ‫أَنَّهُ َرفَ َع َ‬ ‫ار ٌَشُوعُ‬ ‫ظ َر‪َ ,‬وإِذَا بِ َر ُج ٍل َواق ٍ‬ ‫س ٌْفُهُ َم ْ‬ ‫سلُو ٌل بٌَِ ِدهِ‪ .‬فَ َ‬ ‫ِف قُبَالَتَهُ‪َ ,‬و َ‬ ‫س َ‬ ‫ب‪ .‬اآلنَ‬ ‫ِإلَ ٌْ ِه َو َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ٌِس ُج ْن ِد َّ‬ ‫سأَلَهُ‪َ « :‬ه ْل لَنَا أ َ ْنتَ أ َ ْو أل َ ْعدَا ِئنَا؟»‪ .‬فَقَا َل‪َ « :‬كالَّ‪َ ,‬ب ْل أَنَا َرئ ُ‬ ‫سقَ َ‬ ‫س ٌِّدِي‬ ‫ط ٌَشُوعُ َ‬ ‫علَى َو ْج ِه ِه إِلَى األ َ ْر ِ‬ ‫س َجدَ‪َ ,‬وقَا َل لَهُ‪« :‬بِ َماذَا ٌُ َك ِلّ ُم َ‬ ‫ض َو َ‬ ‫أَتٌَْتُ »‪ .‬فَ َ‬ ‫ب ِلٌَشُوعَ‪ْ « :‬‬ ‫اخلَ ْع نَ ْعلَكَ مِ نْ ِر ْج ِلكَ ‪ ,‬ألَنَّ ا ْل َمكَانَ الَّذِي‬ ‫َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ٌِس ُج ْن ِد َّ‬ ‫ع ْبدَهُ؟»‪ .‬فَقَا َل َرئ ُ‬ ‫َّس»‪ .‬فَفَعَ َل ٌَشُوعُ َكذَ ِلكَ ‪ٌ( ".‬ش ‪ 13 : 5‬ـ ‪.)15‬‬ ‫ِف َ‬ ‫أ َ ْنتَ َواق ٌ‬ ‫علَ ٌْ ِه ه َُو ُمقَد ٌ‬ ‫ب َم َع ٌَشُوعَ‪,‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫وبالصالة‪ ..‬قٌل عن ٌشوع ما قٌل عن موسى‪َ " ..‬وكَانَ َّ‬ ‫ض" (ٌش ‪.)87 : 6‬‬ ‫ٌع األ َ ْر ِ‬ ‫َوكَانَ َخبَ ُرهُ فًِ جَمِ ِ‬

‫ولما حدثت خٌانة فى الشعب‪ ..‬وأخذ غخان بن كرمى‪ ..‬من الحرام‪..‬‬ ‫وإنهزم جٌش ٌشوع ألول مرة‪ ..‬لم ٌكن أمام ٌشوع إال الصالة الحارة بإنكسار‬ ‫ودموع (ٌش ‪ 6 : 7‬ـ ‪ ..)11‬وجاء الحل سرٌعا‪ ..‬وصارت هذه الحادثة تأدٌبا‬ ‫‪11‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫للشعب وإنذارا بعدم كسر الوصٌة وفرصة لمزٌد من اإللتزام والخضوع لكل ما‬ ‫ٌقوله ٌشوع‪.‬‬ ‫وبعد إنتصار ٌشوع على عاى‪ ..‬لم ٌنسى ٌشوع أن ٌقدم الشكر هلل‬ ‫ع ْبد ُ‬ ‫سى َ‬ ‫ب إِلَ ِه إِ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل فًِ َجبَ ِل عٌِبَا َل‪َ ,‬ك َما أ َ َم َر ُمو َ‬ ‫ِلر ّ ِ‬ ‫"حِ ٌنَئِ ٍذ بَنَى ٌَشُوعُ َم ْذبَحا ً ل َّ‬ ‫ار ٍة صَحِ ٌ َح ٍة لَ ْم‬ ‫ُوب فًِ ِ‬ ‫ب بَنًِ إِ ْ‬ ‫س ْف ِر ت َْو َرا ِة ُمو َ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ ,‬ك َما ه َُو َم ْكت ٌ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫سى‪َ .‬م ْذبَ َح حِ َج َ‬ ‫سالَ َم ٍة‪ٌ( ".‬ش‬ ‫علَ ٌْ ِه ُم ْح َرقَا ٍ‬ ‫ص َعد ُوا َ‬ ‫ٌَ ْرفَ ْع أ َ َحد ٌ َ‬ ‫علَ ٌْ َها َحدٌِداً‪َ ,‬وأ َ ْ‬ ‫ب‪َ ,‬وذَبَ ُحوا ذَبَائِ َح َ‬ ‫ِلر ّ ِ‬ ‫ت ل َّ‬ ‫‪.)31 ، 31 : 8‬‬

‫وفى المرة الوحٌدة التى لم ٌصلى فٌها ٌشوع كعادته لٌسأل هللا المشورة‬ ‫تروى‪..‬‬ ‫والقرار‪ ..‬اتخذ قرارا خاطبا مع رجاله‪ ..‬إذ قبل طلب أهل جبعون دون ّ‬ ‫ع َوقَا َل لَ ُه ْم‪ِ « :‬ل َماذَا َخدَ ْعت ُ ُمونَا‬ ‫وظنهم ٌسكنون بعٌدا عن كنعان‪" ..‬فَدَعَاهُ ْم ٌَشُو ُ‬

‫سطِ نَا؟‪َ .‬فاآلنَ َم ْلعُونُونَ أ َ ْنت ُ ْم‪ .‬فَالَ‬ ‫قَائِ ِلٌنَ ‪ :‬نَ ْح ُن بَ ِعٌد ُونَ َ‬ ‫سا ِكنُونَ فًِ َو َ‬ ‫ع ْنكُ ْم ِجدّاً‪َ ,‬وأ َ ْنت ُ ْم َ‬ ‫ت إِلَ ِهً»‪ .‬فَأ َ َجابُوا ٌَشُوعَ‪:‬‬ ‫ستَقُو ا ْل َماءِ ِلبَ ٌْ ِ‬ ‫ب َو ُم ْ‬ ‫ٌَ ْنقَطِ ُع مِ ْنكُ ُم ا ْلعَبٌِد ُ َو ُم ْحتَطِ بُو ا ْل َح َط ِ‬ ‫ض‪َ ,‬وٌُبٌِدَ‬ ‫سى َ‬ ‫«أ ُ ْخ ِب َر َ‬ ‫ع ْبدَهُ أَنْ ٌُعْطِ ٌَكُ ْم كُ َّل األ َ ْر ِ‬ ‫ب ِإلَ ُهكَ ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ع ِبٌد ُكَ ِب َما أ َ َم َر ِب ِه َّ‬ ‫سنَا مِ نْ قِبَ ِلكُ ْم‪ ,‬فَفَعَ ْلنَا َهذَا األ َ ْم َر‪.‬‬ ‫ض مِ نْ أ َ َمامِ كُ ْم‪ .‬فَخِ ْفنَا ِجدّا ً َ‬ ‫علَى أ َ ْنفُ ِ‬ ‫َّان األ َ ْر ِ‬ ‫جَمِ ٌ َع سُك ِ‬ ‫ع ٌْنَ ٌْكَ أَنْ ت َ ْع َم َل»‪ٌ( ".‬ش ‪88 : 9‬‬ ‫ق فًِ َ‬ ‫صا ِل ٌ‬ ‫ح َو َح ٌّ‬ ‫َواآلنَ نَ ْح ُن بٌَِدِكَ ‪ ,‬فَا ْفعَ ْل بِنَا َما ه َُو َ‬ ‫ـ ‪.)85‬‬

‫وبصالة ٌشوع‪ ..‬حدث ما لم ٌحدث فى التارٌخ مرة أخرى‪ ..‬ولم ٌحدث‬ ‫حتى فى أٌام موسى النبى‪ ..‬أن وقفت الشمس ودام القمر‪ ..‬فى مكانهما لٌعطٌا‬ ‫ب‪ْ ٌَ ,‬و َم‬ ‫لر َّ‬ ‫ٌشوع وشعبه فرصة إنهاء المعركة فى النور‪" ..‬حِ ٌنَئِ ٍذ قَا َل ٌَشُوعُ ِل َّ‬

‫س د ُومًِ‬ ‫ون إِ ْ‬ ‫ور ٌٌِّنَ أ َ َما َم بَنًِ إِ ْ‬ ‫أَ ْ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ب األ َ ُم ِ‬ ‫سلَ َم َّ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ٌَ« :‬ا ش َْم ُ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ ,‬أ َ َما َم عٌُ ُ ِ‬ ‫ف ا ْلقَ َم ُر َحتَّى ا ْنتَقَ َم‬ ‫علَى َوادِي أٌََّلُونَ »‪ .‬فَدَا َم ِ‬ ‫علَى ِج ْبعُونَ ‪َ ,‬و ٌَا قَ َم ُر َ‬ ‫َ‬ ‫س َو َوقَ َ‬ ‫ت الش َّْم ُ‬ ‫س ْف ِر ٌَاش َ​َر؟ فَ َوقَفَ ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫س َماءِ‬ ‫س َهذَا َم ْكت ُوبا ً فًِ ِ‬ ‫س فًِ َكبِ ِد ال َّ‬ ‫ش ْع ُ‬ ‫ت الش َّْم ُ‬ ‫ب مِ نْ أ َ ْعدَائِهِ‪ .‬أَلَ ٌْ َ‬ ‫سمِ َع فٌِ ِه‬ ‫ب نَ ْح َو ٌَ ْو ٍم كَامِ ٍل‪َ .‬ولَ ْم ٌَكُنْ مِ ثْ ُل ذَ ِلكَ ا ْلٌَ ْو ِم قَ ْبلَه ُ َوال َ بَ ْعدَهُ َ‬ ‫َولَ ْم ت َ ْع َج ْل ِل ْلغُ ُرو ِ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ٌ( ".‬ش ‪ 18 : 11‬ـ ‪.)11‬‬ ‫ب َ‬ ‫ب َ‬ ‫عنْ ِإ ْ‬ ‫ص ْوتَ ِإ ْن َ‬ ‫ان‪ .‬أل َنَّ ال َّر َّ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ار َ‬ ‫َّ‬ ‫ب َح َ‬ ‫س ٍ‬ ‫فكانت إستجابة هللا لٌشوع تؤكد دالته وقوة صالته‪" ..‬طِ ْلبَةُ ا ْلبَا ِّر ت َ ْقت َ ِد ُر‬

‫َكثٌِرا ً فًِ فِ ْع ِل َها" (ٌع ‪.)16 : 5‬‬ ‫‪15‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫وكانت وصٌة ٌشوع لشعبه فى نهاٌة حٌاته‪ ..‬هى ملخص لمنهجه‬ ‫ب َوا ْعبُد ُوهُ بِ َك َما ٍل َوأ َ َمانَ ٍة‪َ ,‬وا ْن ِزعُوا اآل ِل َهةَ‬ ‫الروحى الذى عاش به "فَاآلنَ ْ‬ ‫الر َّ‬ ‫اخشُوا َّ‬ ‫الر َّب‪ٌ( ".‬ش ‪..)11 : 81‬‬ ‫الَّذٌِنَ َ‬ ‫عبَدَهُ ْم آبَا ُؤكُ ْم فًِ عِ َِ ْب ِر النَّ ْه ِر َوفًِ مِ ْ‬ ‫ص َر‪َ ,‬وا ْعبُد ُوا َّ‬ ‫ب‬ ‫وكان ٌشوع قدوة صالحة للشعب‪ ..‬فهتف الشعب "فَقَا َل ال َّ‬ ‫ب ِلٌَشُو َ‬ ‫الر َّ‬ ‫ش ْع ُ‬ ‫ع‪َّ « :‬‬

‫س َم ُع»‪َ .‬و َق َ‬ ‫ب فًِ ذَ ِلكَ ا ْل ٌَ ْو ِم َو َجعَ َل لَ ُه ْم‬ ‫ع ْهدا ً لِل َّ‬ ‫ط َع ٌَشُوعُ َ‬ ‫ِإ َل َه َنا َن ْعبُد ُ َو ِل َ‬ ‫ص ْو ِت ِه َن ْ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫شكٌِ َم‪ٌ( ".‬ش ‪.)85 ، 81 : 81‬‬ ‫فَ ِرٌضَةً َو ُحكْما ً فًِ َ‬

‫القٌادة الروحٌة‪ ..‬لٌست إذا قوة الشخصٌة وال حكمة األٌام وال خبرة‬ ‫المشاكل وال الكتب والعلوم‪ ..‬إنما هى أوال العالقة بالمذبح والخشوع فى‬ ‫المخدع‪ ..‬هى قوة الصالة والصلة باهلل‪ ..‬هى سرعة اللجوء لقٌادة الروح القدس‬ ‫فى كل موضوع‪.‬‬ ‫القائد الروحى‪ ..‬ال ٌنسى وسط مسبولٌاته ومشغولٌاته‪ ..‬أن األولوٌة‬ ‫األولى هى الصالة‪ ..‬والعبادة‪ ..‬وكلما زادت المسبولٌة زادت الصالة‪ ..‬وكلما‬ ‫كثرت المشاكل كلما إلتهبت القلوب بالتضرع والصراخ وطلب الحكمة والمعونة‬ ‫والسالم‪.‬‬ ‫القائد الروحى‪ ..‬قد ٌقع فى أخطاء ومشاكل‪ ..‬وقد ٌصطدم بأمور ال‬ ‫خبرة له فٌها‪ ..‬وقد ٌُحارب من الداخل والخارج‪ ..‬وفى هذه جمٌعها‪ٌ ..‬تسلح‬ ‫بالصالة‪ ..‬بالمزامٌر‪ ..‬وصالة ٌسوع‪ ..‬بالمٌطانٌات‪ ..‬والتضرعات‪ ..‬بالقداسات‬ ‫والتسابٌح‪ ..‬لٌظل دابما ُمنقادا لروح هللا‪ ..‬فٌصٌر قابدا لشعب هللا‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ثالثاً‪ ..‬شجاع ال خياف‬ ‫الشجاعة‪ ..‬هى ثمرة طبٌعٌة للحٌاة مع هللا‪ ..‬فمهما كانت شخصٌة‬ ‫اإلنسان ومخاوفه‪ ..‬فهى تختفى وراء وعود هللا ومساندته‪ ..‬وعطاٌاه الداخلٌة‬ ‫والخارجٌة‪.‬‬ ‫كان موسى النبى‪ ..‬خابفا فى بداٌة دعوته لقٌادة الشعب‪ ..‬وٌوما فٌوما‬ ‫زالت المخاوف وظهرت الشجاعة‪ ..‬الشجاعة أمام فرعون‪ ..‬أمام الشعب‪ ..‬أمام‬ ‫عمالٌق‪ ..‬أمام المشاكل‪ ..‬أمام المجهول‪ ..‬وكان ٌشوع ٌرى هذه الشجاعة وٌأخذ‬ ‫منها زادا لمستقبله‪.‬‬ ‫بدأ ٌشوع خدمته خابفا‪ ..‬خابفا مما ٌنتظره فى قٌادة شعب عنٌد غلٌظ‬ ‫الرقبة قد ال ٌثق فٌه كما وثق فى معلمه موسى‪ ..‬وخابفا من األردن وأرٌحا‬ ‫وشعوب كنعان المشهورة بالقسوة والعنف والجٌوش الجرارة‪ ..‬وخابفا باألحرى‬ ‫أن ٌأخذ مكانة موسى النبى‪ ..‬الذى إنتهت حٌاته جلٌال عظٌما‪ ..‬صدٌقا هلل‪ ..‬فمن‬ ‫أٌن له أن ٌصبح قابدا بعده؟‪ ..‬وكم تكون المقارنة ظالمة له‪ ..‬ولٌست فى‬ ‫صالحه!‬ ‫ولهذا ٌبدأ سفر ٌشوع برسالة تشجٌع من السماء متكررة ومل َّحة‪..‬‬ ‫سى أَكُو ُن َم َعكَ ‪ .‬ال َ‬ ‫سا ٌن فًِ َو ْج ِهكَ كُ َّل أٌََّ ِام َح ٌَاتِكَ ‪َ .‬ك َما كُ ْنتُ َم َع ُمو َ‬ ‫ِف ِإ ْن َ‬ ‫‪" ‬الَ ٌَق ُ‬ ‫أ ُ ْهمِ لُكَ َوال َ أَتْ ُركُكَ ‪ٌ( ".‬ش ‪)5 : 1‬‬ ‫ض الَّتًِ َحلَ ْفتُ آلبَائِ ِه ْم أَنْ‬ ‫س ُم ِل َهذَا ال َّ‬ ‫شدَّ ْد َوت َ َ‬ ‫‪" ‬ت َ َ‬ ‫ش َّج ْع‪ ,‬ألَنَّكَ أ َ ْنتَ ت َ ْق ِ‬ ‫ب األ َ ْر َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫أُعْطِ ٌَ ُه ْم‪ٌ( ".‬ش ‪)6 : 1‬‬

‫ب كُ ِ ّل الش َِّرٌعَ ِة الَّتًِ أَ َم َركَ‬ ‫شد ِّداً‪َ ,‬وت َ َ‬ ‫‪" ‬إِنَّ َما ك ُْن ُمتَ َ‬ ‫ش َّج ْع ِجدّا ً ِلتَتَ َحفَّ َظ ِل ْلعَ َم ِل َح َ‬ ‫س َ‬ ‫َب‪ٌ( ".‬ش ‪1‬‬ ‫ع ْبدِي‪ .‬الَ ت َِم ْل َ‬ ‫سى َ‬ ‫ع ْن َها ٌَ ِمٌنا ً َوالَ ِ‬ ‫بِ َها ُمو َ‬ ‫ش َماالً ِلت ُ ْف ِل َح َح ٌْث ُ َما تَ ْذه ُ‬ ‫‪)7 :‬‬ ‫ب إِلَ َهكَ َمعَكَ َح ٌْث ُ َما‬ ‫شدَّ ْد َوت َ َ‬ ‫‪" ‬أ َ َما أ َ َم ْرت ُكَ ؟ ت َ َ‬ ‫ش َّج ْع! الَ ت َْره َْب َوال َ ت َْرتَع ْ‬ ‫الر َّ‬ ‫ِب أل َ َّن َّ‬ ‫َب»‪ٌ( ".‬ش ‪)9 : 1‬‬ ‫ت َ ْذه ُ‬ ‫‪17‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ومن أجل قلق ٌشوع وضعفه الظاهرى أوال‪ ..‬جاءه تشجٌع آخر من‬ ‫ب كُ ِ ّل‬ ‫تابعٌه "فَأ َ َجابُوا ٌَشُوعَ‪« :‬كُ َّل َما أ َ َم ْرتَنَا بِ ِه نَ ْع َملُهُ‪َ ,‬و َح ٌْث ُ َما ت ُْر ِ‬ ‫َب‪َ .‬ح َ‬ ‫س ْلنَا نَ ْذه ْ‬ ‫س َ‬ ‫سى‪ .‬كُ ُّل‬ ‫سى نَ ْ‬ ‫ب ِإلَ ُهكَ ٌَكُو ُن َم َعكَ َك َما كَانَ َم َع ُمو َ‬ ‫سمِ ْعنَا ِل ُمو َ‬ ‫َما َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫س َم ُع لَكَ ‪ِ .‬إنَّ َما َّ‬ ‫شدِّداً‬ ‫س َم ُع َكالَ َمكَ فًِ كُ ِ ّل َما تَأ ْ ُم ُرهُ بِ ِه ٌُ ْقت َ ُل‪ِ .‬إنَّ َما كُنْ ُمت َ َ‬ ‫ان ٌَ ْع َ‬ ‫صى قَ ْولَكَ َوالَ ٌَ ْ‬ ‫ِإ ْن َ‬ ‫س ٍ‬ ‫ش َّج ْع»" (ٌش ‪ 16 : 1‬ـ ‪.)18‬‬ ‫َوت َ َ‬

‫وهنا ندرك‪ ..‬أن القابد الروحى لٌست شجاعته من ذاته وإنجازاته‪..‬‬ ‫ولٌست بالضرورة صفة طبٌعٌة غرٌزٌة فٌه‪ ..‬إنما هى نتاج وعود هللا‪ ..‬ثمرة‬ ‫ف ألَنًِّ‬ ‫اإلٌمان والرجاء‪ ..‬والتشجٌع ٌولد شجاعة‪ ..‬ولهذا ٌكرر هللا لنا‪" ..‬ال َ ت َ َخ ْ‬ ‫َمعَكَ " (تك ‪( ، )81 : 86‬تث ‪( ، )1 : 81‬تث ‪ٌ( ، )8 ، 31‬ش ‪8( ، )1 : 8‬صم ‪: 9‬‬ ‫‪1( ، )7‬أخ ‪( ، )81 : 88‬أش ‪( ، )11 : 11‬أش ‪( ، )5 : 13‬أر ‪( ، )8 : 1‬أر ‪: 16‬‬ ‫‪( ، )88‬أع ‪ ..)81 : 87‬مرات كثٌرة‪.‬‬

‫وظهرت شجاعة ٌشوع فى إتخاذ القرارات‪ ..‬وكثٌر من القادة بسبب‬ ‫التردد وعدم الشجاعة ٌتهربون من القرارات أو ٌتأخرون فٌها فٌتسببون فى‬ ‫عثرات أو خسابر كبٌرة ل َمن ٌتبعهم‪ ..‬ولكن ٌشوع إتخذ قرارات عظٌمة بقوة‬ ‫وشجاعة فابقة مسنودا بالصالة على إرادة هللا‪ ..‬محموال على ذكرٌات تلمذته‬ ‫لموسى النبى‪ ..‬فإتخذ قرار بعبور األردن وكان هذا مستحٌال‪ ..‬وإتخذ قرار‬ ‫بحصار أرٌحا وإختراقها‪ ..‬وإتخذ قرار بتحرٌم أهل عاى والقرى الوثنٌة‬ ‫المجاورة حتى بعد الهزٌمة األولى‪ ..‬وقرارات عدة بالدخول إلى حروب مع‬ ‫شلٌِ َم َو َم ِلكُ‬ ‫سةُ‪َ :‬م ِلكُ أُو ُر َ‬ ‫ملوك األمورٌ​ٌن الخمسة "فَ ْ‬ ‫ورٌٌِّنَ ا ْل َخ ْم َ‬ ‫اجت َ َم َع ُملُوكُ األ َ ُم ِ‬

‫ش ِه ْم‬ ‫ص ِعد ُوا ُه ْم َوكُ ُّل ُجٌُو ِ‬ ‫ٌش َو َم ِلكُ ع َْجلُونَ ‪َ ,‬و َ‬ ‫َح ْب ُرونَ َو َم ِلكُ ٌَ ْر ُموتَ َو َم ِلكُ لَخِ َ‬ ‫اربُوهَا‪ٌ( ".‬ش ‪ ..)5 : 11‬ثم إلى ملوك أكثر وأكبر من‬ ‫َونَ َزلُوا َ‬ ‫علَى ِج ْبعُونَ َو َح َ‬ ‫اب َملِكِ َماد ُونَ َوإِلَى َملِكِ‬ ‫سمِ َع ٌَابٌِ ُن َم ِلكُ َحا ُ‬ ‫ور‪ ,‬أ َ ْر َ‬ ‫األولٌن "فَلَ َّما َ‬ ‫س َل إِلَى ٌُوبَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ش َما ِل فًِ ا ْل َجبَ ِل‪َ ,‬وفًِ ا ْلعَ َربَ ِة‬ ‫َاف‪َ .,‬وإِلَى ا ْل ُملُوكِ الَّذٌِنَ إِلَى ال ِ ّ‬ ‫ش ِْم ُرونَ َوإِلَى َملِكِ أ َ ْكش َ‬ ‫ُور َغ ْربا ً‪ٌ( ".‬ش ‪ ..)8 ، 1 : 11‬وفى‬ ‫س ْه ِل َوفًِ ُم ْرت َفَ َعا ِ‬ ‫ً ِكنَّ ُروتَ َوفًِ ال َّ‬ ‫تد َ‬ ‫َجنُوبِ َّ‬ ‫ب ِلٌَشُوعَ‪« :‬ال َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫كل مرة نسمع الصوت اإللهى سر الشجاعة الحقٌقى "فَقَا َل َّ‬ ‫ت َ َخ ْف ُه ْم ألَنًِّ َ‬ ‫ِب َخ ٌْلَ ُه ْم‬ ‫غدا ً فًِ مِ ثْ ِل َهذَا ا ْل َو ْق ِ‬ ‫ت أ َ ْدفَعُ ُه ْم جَمِ ٌعا ً قَتْلَى أ َ َما َم إِ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ ,‬فَتُعَ ْرق ُ‬ ‫ق َم ْر َك َبا ِت ِه ْم ِبالنَّ ِار»‪ٌ( ".‬ش ‪.)6 : 11‬‬ ‫َوت ُْح ِر ُ‬ ‫‪18‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫الشجاعة فى القابد الروحى‪ ..‬لٌست فقط فى إتخاذ قرارات كبٌرة‪ ..‬دابما‬ ‫أٌضا فى التصدى ألخطاء الشعب كما حدث فى حادثة خٌانة عخان بن كرمى‪.‬‬ ‫وتظهر الشجاعة فى تح ّمل المسبولٌة‪ ..‬فى حالة الهزٌمة أو الخطأ‪ ..‬كما‬ ‫تظهر الشجاعة فى الدخول لمجاالت ال سابق للقابد الدخول فٌها وال ٌعلم كٌف‬ ‫تنتهى‪ ..‬وإنما هى تتمٌم لمشٌبة هللا‪ ..‬الشجاعة فى مواجهة المشاكل‪ ..‬الشجاعة‬ ‫فى حساب المخطبٌن‪ ..‬الشجاعة فى التمسّك بالوصٌة حتى لو كان هناك‬ ‫معارضٌن‪.‬‬ ‫كان ٌشوع شجاعا‪ ..‬ألنه رجل صالة‪ ..‬كان شجاعا ألنه تلمٌذ موسى‪..‬‬ ‫كان شجاعا ألنه أصغى جٌدا لوعود وتشجٌع هللا‪ ..‬كان شجاعا ألنه صار‬ ‫محبوبا من شعبه وتابعٌه‪ ..‬صار شجاعا ألن هللا عمل معه وبارك خطاه فإزداد‬ ‫شجاعة وثقة بنفسه‪.‬‬ ‫وثقة القابد بنفسه قد تكون صفة جٌدة وأحٌانا صفة سٌبة‪ ..‬فإن إنحرفت‬ ‫لنوع من الكبرٌاء تظهر على القابد عالمات اإلعتداد بالنفس وعدم اإلصغاء إلى‬ ‫نصٌحة أحد والجرأة الزابدة غٌر المحسوبة فى الدخول فى أمور غٌر مدروسة‬ ‫ٌصاحبها عدم الحرص على الصالة والتلمذة‪.‬‬ ‫ٌتصور أنه ال ٌخطا وٌقع فى مقارنة مرٌضة ب َمن‬ ‫والقابد المغرور‪ ..‬قد‬ ‫ّ‬ ‫وٌتصور أنه الوحٌد الذى ٌعرف الحقٌقة والصواب‪.‬‬ ‫سبقوه وأم م َمن حوله‬ ‫َّ‬ ‫أ َّما الثقة بالنفس فى القابد الروحى‪ ..‬فهى ولٌدة اإلتضاع واإلٌمان كما‬ ‫رأٌنا فى موسى النبى وداود النبى وبولس الرسول وغٌرهم‪ ..‬تجعل القابد‬ ‫متماسكا فى المشاكل‪ ..‬قوٌا فى القرارات‪ ..‬مقداما وشجاعا مع الناس المعاندٌن‬ ‫والمقاومٌن‪ ..‬وٌظل أٌضا ودٌعا بشوشا مستمعا جٌدا‪ ..‬خاضعا إلرادة هللا ورأى‬ ‫الكنٌسة والمسبولٌن األعلى منه درجة‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫رابعاً‪ ..‬ملتصق بالوصية‬ ‫كل قابد البد أن ٌتبع دستورا‪ ..‬ومٌثاقا وال ٌحٌد عنه‪ ..‬قد ٌكون هو‬ ‫خالصة ما درسه‪ ..‬أو ما نشأ علٌه وباألكثر ما ٌعتقد وٌؤمن به‪ ..‬وهذا المجموع‬ ‫من المبادئ الذى ٌُحرك القابد من داخله هو الذى ٌنبأ بمستقبل قٌادته ومستوى‬ ‫نجاحاته وإنجازاته وتأثٌره‪.‬‬ ‫القابد الروحى‪ ..‬لٌس له دستور إال وصٌة الكتاب وتعالٌم المسٌح‬ ‫والكنٌسة‪ ..‬ال ٌحٌد عنها‪ٌ ..‬سترجعها وٌراجعها كل ٌوم‪ ..‬ومع كل قرار تكون‬ ‫هذه الوصاٌا خلفٌة كل توجٌهاته وإختٌاراته‪ ..‬أنها التفسٌر الوحٌد لسلوكه‬ ‫وطرٌقة قٌادته‪.‬‬ ‫هكذا كان األمر اإللهى فى الشرٌعة لكل من ٌقود شعب هللا‪َ " ..‬و ِع ْندَ َما‬ ‫ب مِ نْ ِع ْن ِد‬ ‫ًِ ِ َم ْمل َكتِ ِه ٌَ ْكت ُ​ُب ِلنَ ْف ِ‬ ‫س ِه نُ ْ‬ ‫س َخةً مِ نْ َه ِذ ِه الش َِّرٌعَ ِة فًِ ِكت َا ٍ‬ ‫ٌَ ْجل ُ‬ ‫ِس عَلى ك ُْرس ّ‬ ‫ب ِإل َههُ‬ ‫ًِ ال َّر َّ‬ ‫ال َك َهنَ ِة الال ِو ٌٌِّنَ ‪ .‬فَتَكُو ُن َمعَهُ َوٌَ ْق َرأ ُ فٌِ َها كُل أٌََّ ِام َحٌَاتِ ِه ِلٌَتَعَل َم أَنْ ٌَتَّق َ‬ ‫ِض ِلٌَ ْع َمل بِ َها‪ِ .‬لئ َال ٌَ ْرت َ ِف َع قَلبُهُ عَلى‬ ‫َوٌَ ْحفَ َظ جَمِ ٌ َع َك ِل َما ِ‬ ‫ت َه ِذ ِه الش َِّرٌعَ ِة َو َه ِذ ِه الفَ َرائ َ‬ ‫ش َماالً‪ِ .‬ل َك ًْ ٌُطِ ٌل األٌََّا َم عَلى َم ْمل َك ِت ِه ه َُو‬ ‫الو ِصٌَّ ِة ٌَمِ ٌنا ً أ َ ْو ِ‬ ‫ِإ ْخ َو ِت ِه َو ِلئ َال ٌَحِ ٌدَ ع َِن َ‬ ‫س َرائٌِل»" (تث ‪ 18 : 17‬ـ ‪ ..)81‬وعندما ٌجلس على كرسى‬ ‫سطِ ِإ ْ‬ ‫َو َبنُوهُ فًِ َو َ‬

‫مملكة ٌكتب لنفسه‪ ..‬وٌقرأ فٌها كل أٌام حٌاته‪ ..‬لبال ٌحٌد عن الوصٌة‪.‬‬ ‫أما ٌشوع‪ ..‬فمنذ تولى قٌادة الشعب تكررت علٌه هذه الوصٌة من هللا‪..‬‬ ‫ش َّج ْع ِجدّا ً‬ ‫شدِّداً‪َ ,‬وت َ َ‬ ‫كما أكدها قبل رحٌل أباه الروحى موسى النبى‪" ..‬إِنَّ َما كُنْ ُمت َ َ‬

‫ع ْن َها ٌَمِ ٌنا ً‬ ‫ع ْبدِي‪ .‬ال َ تَمِ ْل َ‬ ‫سى َ‬ ‫ب كُ ِ ّل الش َِّرٌ َع ِة الَّتًِ أ َ َم َركَ ِب َها ُمو َ‬ ‫ِلتَت َ َحفَّ َظ ِل ْل َع َم ِل َح َ‬ ‫س َ‬ ‫ج فٌِ ِه‬ ‫س ْف ُر َه ِذ ِه الش َِّرٌعَ ِة مِ نْ فَمِ كَ ‪ ,‬بَ ْل ت َ ْل َه ُ‬ ‫َب‪ .‬ال َ ٌَ ْب َرحْ ِ‬ ‫َوالَ ِ‬ ‫ش َماالً ِلت ُ ْف ِل َح َح ٌْث ُ َما ت َ ْذه ُ‬ ‫نَ َهارا ً َولَ ٌْالً‪ِ ,‬لتَت َ َحفَّ َ‬ ‫ح َط ِرٌقَكَ‬ ‫ص ِل ُ‬ ‫ُوب فٌِهِ‪ .‬ألَنَّكَ حِ ٌنَئِ ٍذ ت ُ ْ‬ ‫ظ ِل ْلعَ َم ِل َح َ‬ ‫ب كُ ِ ّل َما ه َُو َم ْكت ٌ‬ ‫س َ‬ ‫سى َونَ َ‬ ‫ت َهذَا النَّشٌِ ِد فًِ‬ ‫ٌع َك ِل َما ِ‬ ‫ط َ‬ ‫َوحِ ٌنَ ِئ ٍذ ت ُ ْف ِلحُ‪ٌ( ".‬ش ‪ 7 : 1‬ـ ‪" ..)8‬فَأَت َى ُمو َ‬ ‫ق ِبجَمِ ِ‬ ‫ب ه َُو َوٌَشُوعُ ْب ُن نُونَ ‪َ .‬ول َّما فَ َر َ‬ ‫س َرائٌِل‬ ‫سامِ ِع ال َّ‬ ‫ٌع ِإ ْ‬ ‫غ ُمو َ‬ ‫َم َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫سى مِ نْ ُم َخا َطبَ ِة جَمِ ِ‬ ‫ش َهد ُ عَل ٌْكُ ْم‬ ‫ت التًِ أَنَا أ َ ْ‬ ‫بِكُ ِ ّل َه ِذ ِه ال َك ِل َماتِ‪ .‬قَال ل ُه ْم‪َ « :‬و ِ ّج ُهوا قُلُوبَكُ ْم إِلى جَمِ ٌعِ ال َك ِل َما ِ‬ ‫‪81‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ت َه ِذ ِه الت َّ ْو َرا ِة‪".‬‬ ‫صوا أَنْ ٌَ ْع َملُوا بِجَمِ ٌعِ َك ِل َما ِ‬ ‫صوا بِ َها أ َ ْوالدَكُ ْم ِلٌَ ْح ِر ُ‬ ‫بِ َها الٌَ ْو َم ِل َك ًْ ت ُو ُ‬ ‫(تث ‪ 11 : 38‬ـ ‪.)16‬‬

‫الوصٌة‪ ..‬الشرٌعة‪ ..‬األحكام‪ ..‬إرادة هللا‪ ..‬هذا ما ٌمأل عقل ٌشوع البار‪..‬‬ ‫وما ٌحركه فى كل خطوة‪ ..‬وٌظهر هذا فى بداٌة قراراته "ث ُ َّم قَا َل ٌَشُوعُ‬

‫سى‬ ‫ف ِ‬ ‫ِلرأُوبَ ٌْنٌٌِِّنَ َوا ْل َجا ِد ٌٌِّنَ َونِ ْ‬ ‫سبْطِ َمنَ َّ‬ ‫سى‪« .:‬ا ْذكُ ُروا ا ْل َكالَ َم الَّذِي أ َ َم َركُ ْم بِ ِه ُمو َ‬ ‫ص َ‬ ‫ل َّ‬ ‫ض‪ٌ( ".‬ش ‪، 18 : 1‬‬ ‫َ‬ ‫ب ِإلَ ُهكُ ْم قَ ْد أ َ َرا َحكُ ْم َوأ َ ْع َطاكُ ْم َه ِذ ِه األ َ ْر َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ب قَائِالً‪َّ :‬‬ ‫ع ْبد ُ َّ‬ ‫‪ ..)13‬فكانت هناك قضٌة السبطٌن والنصف سبط الذٌن اختاروا السكنى فى‬

‫عبر األردن‪ ..‬فلم ٌكن من ٌشوع إال أن ٌرجع إلى قرار موسى السابق لٌؤكده‪..‬‬ ‫الذى كان حسب إرادة هللا وإرشاده‪" ..‬فَأ َ َجابُوا ٌَشُوعَ‪« :‬كُ َّل َما أ َ َم ْرتَنَا بِ ِه نَ ْع َملُهُ‪,‬‬

‫ب إِلَ ُهكَ ٌَكُو ُن‬ ‫َو َح ٌْث ُ َما ت ُْر ِ‬ ‫سى نَ ْ‬ ‫سمِ ْعنَا ِل ُمو َ‬ ‫ب كُ ِ ّل َما َ‬ ‫َب‪َ .‬ح َ‬ ‫س ْلنَا نَ ْذه ْ‬ ‫الر ُّ‬ ‫س َ‬ ‫س َم ُع لَكَ ‪ .‬إِنَّ َما َّ‬ ‫ان ٌَ ْع َ‬ ‫صى قَ ْولَكَ َوال َ ٌَ ْ‬ ‫س َم ُع َكالَ َمكَ فًِ كُ ِ ّل َما تَأ ْ ُم ُرهُ‬ ‫سى‪ .‬كُ ُّل ِإ ْن َ‬ ‫َم َعكَ َك َما كَانَ َم َع ُمو َ‬ ‫س ٍ‬ ‫ش َّج ْع»" (ٌش ‪ 16 : 1‬ـ ‪.)18‬‬ ‫شدِّدا ً َوت َ َ‬ ‫ِب ِه ٌُ ْقت َ ُل‪ِ .‬إنَّ َما كُنْ ُمت َ َ‬

‫وبحكمة تعامل هذا القابد بجدٌة مع أولى أزماته فى توزٌع األرض‬ ‫وسار على نهج أبٌه وحسب الوصٌة‪ ..‬وأصر أن ٌظل الشعب متماسكا‪ ..‬وٌعبر‬ ‫األردن بكل الرجال واألبطال المتجهزٌن‪ ..‬وٌتركون نساءهم وأطفالهم إلى أن‬ ‫ٌعودوا إلٌهم بعد أن ٌسكن بقٌة األسباط فى كنعان‪.‬‬ ‫وتوالت األزمات‪ ..‬وفى كل مرة نجد ٌشوع ٌتبع الوصٌة اإللهٌة‬ ‫بحرص شدٌد‪ ..‬وبعد عبور األردن بشكل معجزى صار أمر هللا لٌشوع "فًِ‬ ‫ان‪َ ,‬وعُ ْد فَ ْ‬ ‫اخت ُنْ بَنًِ‬ ‫ذَ ِلكَ ا ْل َو ْق ِ‬ ‫صنَ ْع ِلنَ ْف ِ‬ ‫ب ِلٌَشُوعَ‪« :‬ا ْ‬ ‫سكَا ِكٌنَ مِ نْ َ‬ ‫سكَ َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ت قَا َل َّ‬ ‫ص َّو ٍ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫س َرائٌِ َل فًِ ت َ ِ ّل ا ْلقُلَ ِ‬ ‫سكَا ِكٌنَ مِ نْ َ‬ ‫س َرائٌِ َل ثَانٌَِةً»‪ .‬فَ َ‬ ‫ان َو َخت َنَ َبنًِ ِإ ْ‬ ‫ِإ ْ‬ ‫صنَ َع ٌَشُوعُ َ‬ ‫ص َّو ٍ‬ ‫ُور ِ​ِ‪,‬‬ ‫ع إٌَِّاهُ ْم‪ :‬أَنَّ جَمِ ٌعِ ال َّ‬ ‫ب َختْ ِن ٌَشُو َ‬ ‫ب ا ْل َخ ِار ِجٌنَ مِ نْ مِ ْ‬ ‫َو َهذَا ه َُو َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫سبَ ُ‬ ‫ص َر‪ ,‬الذُّك َ‬ ‫علَى ال َّ‬ ‫ص َر‪ .‬أل َ َّن َجمٌِ َع‬ ‫ب‪َ ,‬مات ُوا فًِ ا ْلبَ ِّرٌَّ ِة َ‬ ‫وج ِه ْم مِ نْ مِ ْ‬ ‫جَمِ ٌ َع ِ​ِ ِر َجا ِل ا ْل َح ْر ِ‬ ‫ٌق بِ ُخ ُر ِ‬ ‫ط ِر ِ‬ ‫علَى‬ ‫ب الَّذٌِنَ ُو ِلد ُوا فًِ ا ْلقَ ْف ِر َ‬ ‫ب الَّذٌِنَ َخ َر ُجوا كَانُوا َم ْخت ُونٌِنَ ‪َ .‬وأ َ َّما جَمِ ٌ ُع ال َّ‬ ‫ال َّ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫ص َر فَلَ ْم ٌُ ْختَنُوا‪ٌ( ".‬ش ‪ 8 : 5‬ـ ‪.)5‬‬ ‫وج ِه ْم مِ نْ مِ ْ‬ ‫ٌق ِب ُخ ُر ِ‬ ‫ط ِر ِ‬

‫وبسبب هذا الخضوع المثالى للوصٌة‪ ..‬تراءى الرب لٌشوع على شكل‬ ‫ب ِل ٌَشُوعَ‪ْ « :‬‬ ‫اخلَ ْع نَ ْعلَكَ مِ نْ ِر ْج ِلكَ ‪ ,‬أل َ َّن‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ٌِس ُج ْن ِد َّ‬ ‫ربٌس الجند اإللهى "فَقَا َل َرئ ُ‬ ‫‪81‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫َّس»‪ .‬فَفَعَ َل ٌَشُوعُ َكذَ ِلكَ " (ٌش ‪..)15 : 5‬‬ ‫ِف َ‬ ‫ا ْل َمكَانَ الَّذِي أ َ ْنتَ َواق ٌ‬ ‫علَ ٌْ ِه ه َُو ُمقَد ٌ‬ ‫لٌكون هو قابده األعلى فى المعركة الفاصلة‪ ..‬أرٌحا‪.‬‬ ‫وأطاع ٌشوع بدقة شدٌدة طقس الدوران حول أسوار أرٌحا كما وصفه‬ ‫المسٌح‪ ..‬وأوصى ٌشوع شعبه الوصٌة المشهورة المكررة الحاسمة " َوأ َ َّما أ َ ْنت ُ ْم‬

‫س َرائٌِ َل‬ ‫فَ ْ‬ ‫احت َِر ُزوا مِ نَ ا ْل َح َر ِام ِلئَال َّ ت ُ َح َّر ُموا َوتَأ ْ ُخذُوا مِ نَ ا ْل َح َر ِام َوت َْجعَلُوا َم َحلَّةَ إِ ْ‬ ‫ُم َح َّر َمةً َوت ُ َك ِّد ُروهَا‪ٌ( ".‬ش ‪.)18 : 6‬‬

‫وبعد هزٌمة عاي‪ ..‬قد َّم ٌشوع توبة صادقة كما تسَّلم من أبٌه موسى‪..‬‬ ‫ونفذ الشرٌعة بدقة وتم إعدام عخان بن كرمً على خطٌته الموجبة الموت‪..‬‬ ‫ب إِلَ ِه‬ ‫ِلر ّ ِ‬ ‫وانتصر ٌشوع على عاي فى الجولة التالٌة‪" ..‬حِ ٌنَئِ ٍذ بَنَى ٌَشُوعُ َم ْذبَحا ً ل َّ‬

‫ُوب‬ ‫سى َ‬ ‫ب بَنًِ ِإ ْ‬ ‫ِإ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل فًِ َج َب ِل عٌِ َبا َل‪َ .,‬ك َما أ َ َم َر ُمو َ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ ,‬ك َما ه َُو َم ْكت ٌ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع ْبد ُ َّ‬ ‫صعَد ُوا‬ ‫ار ٍة صَحِ ٌ َح ٍة لَ ْم ٌَ ْرفَ ْع أ َ َحد ٌ َ‬ ‫فًِ ِ‬ ‫علَ ٌْ َها َحدٌِداً‪َ ,‬وأ َ ْ‬ ‫س ْف ِر ت َْو َرا ِة ُمو َ‬ ‫سى‪َ .‬م ْذبَ َح حِ َج َ‬ ‫س َخةَ ت َْو َرا ِة‬ ‫سالَ َم ٍة‪َ .‬و َكت َ​َب هُنَاكَ َ‬ ‫علَ ٌْ ِه ُم ْح َرقَا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ار ِة نُ ْ‬ ‫ب‪َ ,‬وذَبَ ُحوا ذَبَائِ َح َ‬ ‫ِلر ّ ِ‬ ‫ت ل َّ‬ ‫علَى ا ْلحِ َج َ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ٌ( ".‬ش ‪ 31 : 8‬ـ ‪ ..)38‬بمجرد إنتهاء هذه‬ ‫سى الَّتًِ َكتَبَ َها أ َ َما َم بَنًِ إِ ْ‬ ‫ُمو َ‬

‫الجولة‪ ..‬عاد ٌشوع إلى الشرٌعة وصنع المذبح حسب الوصٌة‪ ..‬وكتب نسخة‬ ‫جدٌدة من التوراة‪ ..‬وال شك أن عملٌة النسخ تجعل اإلنسان أكثر حفظا ودراٌة‬ ‫بتفاصٌل وصٌة الرب‪.‬‬ ‫ولم ٌكتفى ٌشوع بنسخ الشرٌعة ولكنه أراد تحفٌظها لكل الشعب‪ ،‬فما‬ ‫كان منه إال أن أوقف خطة دخول كنعان وتوزٌع األراضى‪ ،‬وجعل حفظ‬ ‫س َرائٌِ َل َوشٌُُو ُخ ُه ْم‪َ ,‬وا ْلعُ َرفَا ُء َوقُضَات ُ ُه ْم‪َ ,‬وقَفُوا‬ ‫الشرٌعة أهم أولوٌاته " َوجَمِ ٌ ُع إِ ْ‬

‫ب‪.‬‬ ‫ت مِ نْ هُنَا َومِ نْ هُنَاكَ ُم َقا ِب َل ا ْل َك َهنَ ِة الالَّ ِو ٌٌِّنَ حَامِ لًِ ت َابُو ِ‬ ‫ِب التَّابُو ِ‬ ‫ت َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫َجان َ‬ ‫ع ْه ِد َّ‬ ‫صفُ ُه ْم ِإلَى ِج َه ِة َجبَ ِل عٌِبَا َل‪,‬‬ ‫صفُ ُه ْم ِإلَى ِج َه ِة َجبَ ِل ِج ِر ِ ّزٌ َم‪َ ,‬ونِ ْ‬ ‫ًِ‪ .‬نِ ْ‬ ‫ا ْلغَ ِر ُ‬ ‫ٌب َك َما ا ْل َو َطن ُّ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ .‬وبَ ْعدَ ذَ ِلكَ قَ َرأ َ جَمِ ٌ َع َكالَ ِم‬ ‫سى َ‬ ‫ب أ َ َّوالً ِلبَ َر َك ِة َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫َك َما أ َ َم َر ُمو َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع ْبد ُ َّ‬ ‫س ْف ِر الت َّ ْو َرا ِة‪ .‬لَ ْم تَكُنْ َك ِل َمة ٌ مِ نْ كُ ِ ّل َما‬ ‫ب كُ ِ ّل َما كُت َِب فًِ ِ‬ ‫الت َّ ْو َرا ِة‪ :‬ا ْل َب َركَةَ َواللَّ ْعنَةَ‪َ ,‬ح َ‬ ‫س َ‬ ‫ب‬ ‫سى لَ ْم ٌَ ْق َرأْهَا ٌَشُوعُ قُدَّا َم كُ ِ ّل َج َما َ‬ ‫ع ِة إِ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل َوال ِنّ َ‬ ‫أ َ َم َر بِ ِه ُمو َ‬ ‫ساءِ َواأل َ ْطفَا ِل َوا ْلغَ ِرٌ ِ‬ ‫سطِ ِه ْم" (ٌش ‪ 33 : 8‬ـ ‪.)35‬‬ ‫ال َّ‬ ‫سائ ِ​ِر فًِ َو َ‬ ‫‪88‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫ومع إنتصارات ٌشوع المتكررة على ملوك كنعان وجٌوشها الجرارة‬ ‫ومع كثرة الغنابم وإغراءاتها إال أن ٌشوع ظل متحفظا للوصٌة جدا‪..‬‬ ‫ق َم ْر َكبَاتِ ِه ْم بِالنَّ ِار‪".‬‬ ‫ب َخ ٌْلَ ُه ْم َوأ َ ْح َر َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ب‪ .‬ع َْرقَ َ‬ ‫‪" ‬فَفَعَ َل ٌَشُوعُ بِ ِه ْم َك َما قَا َل لَه ُ َّ‬ ‫(ٌش ‪.)9 : 11‬‬ ‫ف‪.‬‬ ‫س ٌْ ِ‬ ‫‪" ‬فَأ َ َخذَ ٌَشُوعُ كُ َّل ُمد ُِن أُولَئِكَ ا ْل ُملُوكِ َوجَمِ ٌ َع ُملُو ِك َها َوض َ​َربَ ُه ْم بِ َح ِّد ال َّ‬ ‫ب‪ٌ( ".‬ش ‪)18 : 11‬‬ ‫سى َ‬ ‫َح َّر َم ُه ْم َك َما أ َ َم َر ُمو َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع ْبد ُ َّ‬ ‫سى ٌَشُوعَ‪َ ,‬و َه َكذَا فَعَ َل ٌَشُوعُ‪ .‬لَ ْم‬ ‫سى َ‬ ‫ع ْبدَهُ َه َكذَا أ َ َم َر ُمو َ‬ ‫ب ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫‪َ " ‬ك َما أ َ َم َر َّ‬ ‫سى‪ٌ( ".‬ش ‪)15 : 11‬‬ ‫ٌُهْمِ ْل َ‬ ‫ب ُمو َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ش ٌْئا ً مِ نْ كُ ِ ّل َما أ َ َم َر بِ ِه َّ‬

‫قد ٌقع القابد فى التركٌز على وصٌة وإهمال وصٌة أخرى‪ ..‬وقد ٌستبٌح‬ ‫القابد تخطً وصٌة معٌنة لغرض فى نفسه‪ ..‬وهذا ٌجعله ٌفقد رضا هللا وبركته‬ ‫وٌنحرف َمن ورابه كثٌرون عن الخطة اإللهٌة‪.‬‬ ‫أ َّما ٌشوع فلم ٌهمل شٌبا من كل ما أمر به الرب موسى‪ ..‬ولهذا ٌتكرر‬ ‫سى" (ٌش ‪.)15 : 11‬‬ ‫ب ُمو َ‬ ‫هذا التعبٌر مرارا‪َ " ..‬ك َما أ َ َم َر ال َّر ُّ‬ ‫شاول الملك‪ ..‬بدأ حٌاته قابدا خاضعا لصموبٌل النبى‪ ..‬متواضعا ال ٌنتقم‬ ‫لنفسه‪ ..‬ثم حاد عن الوصٌة‪ ..‬ولم ٌعد ٌهتم بالشرٌعة ورفض تحرٌم الغنابم‬ ‫مدعٌا أنه ٌوفر من الغنم والغنابم لتقدٌم ذبابح هلل‪ ..‬وتجاوز الوصٌة حٌن قد َّم‬ ‫الذبٌحة دون أن ٌنتظر صموبٌل النبى وكسر الوصٌة بشدة حٌن قتل رجال هللا‬ ‫الكهنة فى نوب‪ ،‬وأخٌرا تجاوز الشرٌعة فى اللجوء للعرافة والتعامل مع‬ ‫الشٌاطٌن‪ .‬وهلك شاول‪ ..‬وسقط قابدا‪ ..‬كان ٌُظن أنه سٌكون الملك األول‬ ‫واألمثل لشعب هللا‪ ..‬ألنه لم ٌلتصق بالوصٌة‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫خامساً‪ ..‬متواضع جيد نعمة‬ ‫من أهم صفات القابد الروحى‪ ..‬التواضع‪ ..‬الذى ٌجعله ٌجد نعمة فى‬ ‫عٌنى هللا والناس‪.‬‬ ‫قد تكون من أهم صفات القابد العالمى اإلعتزاز بالنفس أو العند‬ ‫والتصلف‪ ..‬هكذا عاش كثٌر من القادة المشهورٌن أمثال هتلر وموسولٌنى‪..‬‬ ‫وبسبب كبرٌابهم هلك مالٌ​ٌن من أتباعهم وأعدابهم وكانوا وباال على البشر‬ ‫والتارٌخ‪.‬‬ ‫َاث ْ‬ ‫‪َ " ‬كذَ ِلكَ أٌَُّ َها األ َ ْحد ُ‬ ‫اض ِعٌنَ بَ ْع ُ‬ ‫اخ َ‬ ‫ض‪،‬‬ ‫ضعُوا لِل ُّ‬ ‫ضكُ ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫شٌُوخِ‪َ ،‬وكُونُوا جَمِ ٌعا ً َخ ِ‬ ‫اضعُونَ فٌَُعْطِ ٌ ِه ْم‬ ‫هللا ٌُقَا ِو ُم ا ْل ُم ْ‬ ‫َوت َ َ‬ ‫ست َ ْكبِ ِرٌنَ ‪َ ،‬وأ َ َّما ا ْل ُمت َ​َو ِ‬ ‫ُع‪ ،‬ألَنَّ َ‬ ‫س ْر َبلُوا ِبالت َّ َواض ِ‬ ‫نِ ْع َمةً‪ .‬فَت َ​َوا َ‬ ‫هللا ا ْلقَ ِوٌَّ ِة ِل َك ًْ ٌَ ْرفَعَكُ ْم فًِ حِ ٌنِهِ‪ُ .،‬م ْل ِقٌنَ كُ َّل َه ِ ّمكُ ْم‬ ‫ضعُوا ت َْحتَ ٌَ ِد ِ‬ ‫علَ ٌْ ِه ألَنَّه ُ ه َُو ٌَ ْعتَنًِ بِكُ ْم‪1( ".‬بط ‪.)5 : 5‬‬ ‫َ‬

‫والقٌادة ذاتها قد تعطل التواضع‪ ..‬ألن القابد ٌجد كثٌرون َمن حوله‬ ‫ٌتبعونه وٌأتمرون بأمره‪ ..‬بل ٌمدحونه وٌمجدون أعماله‪ ..‬وآخرون ٌبالغون فى‬ ‫تقدٌر إنجازاته وٌعاملونه وكأنه ال ٌخطأ‪..‬فقد ٌبدأ القابد متواضعا وٌنتهى‬ ‫متكبرا‪ ..‬وٌكون سقوطه عظٌما‪.‬‬ ‫أ َّما ٌشوع‪ ..‬فبدأ متواضعا وعاش متواضعا وإنتهى متواضعا‪ ،‬بدأ ٌشوع‬ ‫خاضعا هلل فى كل شا تابعا لوصٌة أبٌه موسى صغٌرا فى عٌنى نفسه مهما‬ ‫كبر فى عٌنى الناس‪.‬‬ ‫الخضوع أولى عالمات التواضع‪ ..‬فالمتواضع ٌُسارع بالسؤال وبصدق‬ ‫ٌطلب اإلرشاد والتوجٌه‪ ..‬وٌقف أمام وصٌة الكتاب المقدسة حانٌا رأسه ُمعلنا‬ ‫إستعداده للطاعة مهما كلفه األمر‪.‬‬ ‫ومع إنجازات ٌشوع الخارقة‪ ..‬عبور األردن‪ ..‬سقوط أسوار أرٌحا‪..‬‬ ‫إنتصاراته على شعوب أقوى منه‪ ..‬وعلى واحد وثالثون ملكا فى أرض كنعان‬ ‫تكتلوا علٌه وقاوموه ولم ٌنجح منهم أحد فى الوقوف أمامه‪ ..‬إال أنه ظل كما بدأ‬ ‫‪81‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫هللا أَنَا َما أَنَا َونِ ْع َمتُه ُ‬ ‫ساجدا خاشعا خاضعا‪ ..‬ودٌعا‪ٌ ..‬درك جٌدا‪َ " ..‬ولَ ِكنْ بِنِ ْع َم ِة ِ‬ ‫هللا‬ ‫ا ْل ُم ْع َطاة ُ لًِ لَ ْم تَكُنْ بَاطِ لَةً بَ ْل أَنَا ت َ ِعبْتُ أ َ ْكث َ َر مِ ْن ُه ْم جَمِ ٌ ِع ِه ْم‪َ .‬ولَ ِكنْ الَ أَنَا بَ ْل نِ ْع َمةُ ِ‬ ‫الَّتًِ َمعًِ" (‪1‬كو ‪.)11 : 15‬‬

‫ومع كل جولة جدٌدة من حٌاته تمسَّك ٌشوع بالوصٌة والصالة مثل‬ ‫األكل والشرب‪ ..‬والمتواضع ٌُدرك إحتٌاجه الشدٌد لقراءة الكتاب المقدس‬ ‫وللصالة الحارة ومهما كبر فى حٌاته وخدمته‪ ..‬وهكذا أنهى حٌاته بشعاره‬ ‫الر َّب" (ٌش ‪.)15 : 81‬‬ ‫المتواضع‪َ " ..‬وأ َ َّما أَنَا َوبَ ٌْتًِ فَنَ ْعبُد ُ َّ‬ ‫ومع إتضاع ٌشوع‪ ..‬لم ٌنكر حق كل َمن له حق‪ ..‬وٌعطى الكرامة ل َمن‬ ‫ٌستحقها‪ ..‬فحٌن أتاه كالب بن ٌفنة شرٌكه القدٌم فى تجسس األرض وطلب‬ ‫مكافأة خاصة‪ ..‬أعطاه جبل حبرون لنفسه وعابلته‪" ..‬فَاآلنَ أَعْطِ نًِ َهذَا ا ْل َجبَ َل‬

‫سمِ ْعتَ فًِ ذَ ِلكَ ا ْلٌَ ْو ِم أَنَّ ا ْلعَنَاقِ ٌٌِّنَ‬ ‫الَّذِي ت َ َكلَّ َم َ‬ ‫ب فًِ ذَ ِلكَ ا ْلٌَ ْو ِم‪ .‬ألَنَّكَ أ َ ْنتَ َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ع ْنهُ َّ‬ ‫ار َكه ُ‬ ‫هُنَاكَ ‪َ ,‬وا ْل ُمد ُ ُن عَظِ ٌ َمةٌ ُم َح َّ‬ ‫ب َمعًِ فَأ َ ْط ُردَهُ ْم َك َما ت َ َكلَّ َم ال َّر ُّ‬ ‫الر َّ‬ ‫صنَةٌ‪ .‬لَ َع َّل َّ‬ ‫ب»‪ .‬فَ َب َ‬ ‫ٌَشُوعُ‪َ ,‬وأ َ ْع َطى َح ْب ُرونَ ِلكَال َِب ْب ِن ٌَفُنَّةَ ُم ْلكاً‪ٌ( ".‬ش ‪.)13 ، 18 : 11‬‬

‫فالقابد المتواضع ال ٌنكر فضل َمن ٌتعب وٌكافا بسخاء كل َمن له دور‬ ‫وإجتهاد‪ ..‬وٌنسب اإلنجازات للفرٌق العامل معه وال ٌأخذ لنفسه كرامة أو‬ ‫مدٌحا َ​َ ال ٌستحقه‪ ..‬وال ٌنزعج إن ظهر آخرون محبوبون ناجحون بل‬ ‫منافسون‪.‬‬ ‫كما أن المتواضع ٌتسم بإٌمان عمٌق‪ ..‬وثقة حقٌقٌة فى وعود هللا ومعٌّته‬ ‫وحكمته‪ ..‬وكلما أزاد القابد تواضعا‪ ..‬إزدادت ثقته فى هللا وبالتالى ثقته فى نفسه‬ ‫وفى َمن معه وحوله‪.‬‬ ‫وكلما إزداد القابد تواضعا كلما نسب كل نجاح إللهه والنعمة التى‬ ‫تسانده والفرٌق العامل معه وال ٌنسى عجزه وضعفه وخطٌته‪ ،‬وقد ٌكون من‬ ‫المناسب فى إعداد القابد الروحى أن ٌنهزم أوال مرة أو أكثر‪ ..‬كما حدث لٌشوع‬ ‫بن نون فى عاي‪ ..‬فهذه الهزٌمة التى مررته صارت له حصنا ضد الكبرٌاء‬ ‫واإلفتخار‪ ..‬فلم ٌنسى طوال حٌاته أنه هُزم من قرٌة صغٌرة وخسر عشرات‬ ‫من جنوده بسبب الحرام الذى لم ٌنتبه لوجوده‪ ،‬لقد زادته هذه الهزٌمة تواضعا‬ ‫‪85‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫وحرصا على الوصٌة وصراخا قبل كل مرحلة ومهمة وإحساسا باإلحتٌاج‬ ‫الشدٌد لنعمة هللا‪ ..‬فحفظته آلخر حٌاته من الكبرٌاء والتعالى‪.‬‬ ‫وال ننسى أن سلٌمان القابد والملك الذى لم ٌأتى أحد فى تارٌخ العهد‬ ‫القدٌم فى مثل حكمته‪ ..‬بدأ متواضعا معترفا بصغره وعجزه طالبا بلجاجة‬ ‫الحكمة والتمٌ​ٌز‪ ..‬وبعد سنوات من النجاح واإلنجازات العظٌمة نسى نعمة هللا‬ ‫س ِه ْم‬ ‫ورأى الحكمة فى نفسه ونسى قول الكتاب " َو ٌْ ٌل ِل ْل ُح َك َماءِ فًِ أ َ ْعٌُ ِن أ َ ْنفُ ِ‬ ‫َوا ْلفُ َه َماءِ ِع ْندَ ذَ َواتِ ِه ْم" (اش ‪ ..)81 : 5‬وسقط فى خطاٌا كثٌرة وكبٌرة كاد ٌهلك‬ ‫بسببها لوال رجوعه إلتضاعه وإعترافه بعجزه فى آخر حٌاته‪..‬‬ ‫شبَ ُع مِ نَ النَّ َظ ِر‬ ‫سا ُن أَنْ ٌُ ْخبِ َر بِا ْلكُ ِ ّل‪ .‬ا ْلعَ ٌْ ُن ال َ ت َ ْ‬ ‫‪" ‬كُ ُّل ا ْل َكالَ ِم ٌَ ْق ُ‬ ‫ص ُر‪ .‬ال َ ٌَ ْ‬ ‫اِل ْن َ‬ ‫ستَطِ ٌ ُع ِ‬ ‫س ْمعِ" (جا ‪.)8 : 1‬‬ ‫ئ مِ نَ ال َّ‬ ‫َواألُذ ُ ُن ال َ ت َْمت َ ِل ُ‬ ‫ع َم ٍل َو ْقتا ً‬ ‫ٌر‪ .‬أل َ َّن ِلكُ ِ ّل أ َ ْم ٍر َو ِلكُ ِ ّل َ‬ ‫ق َوال ِ ّ‬ ‫صدٌِّ َ‬ ‫اَّلل ُ ٌَدٌِ ُن ال ِ ّ‬ ‫‪" ‬فَقُ ْلتُ فًِ قَ ْلبًِ‪َّ « :‬‬ ‫ش ِّر َ‬ ‫هُنَاكَ »" (جا ‪.)17 : 3‬‬ ‫الروحِ" (جا ‪.)8 : 7‬‬ ‫الروحِ َخ ٌْ ٌر مِ نْ ت َ َكبُّ ِر ُّ‬ ‫‪" ‬نِ َها ٌَة ُ أ َ ْم ٍر َخ ٌْ ٌر مِ نْ َبدَا ٌَتِهِ‪ .‬طُو ُل ُّ‬ ‫‪«" ‬بَاطِ ُل األَبَاطِ ٌ ِل» قَا َل ا ْلجَامِ َعةُ‪« :‬ا ْلكُ ُّل بَاطِ ٌل»" (جا ‪.)8 : 18‬‬

‫‪86‬‬


‫الصفات الشخصٌة للقابد الروحى‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫الباب الثانى‬

‫مهارات‬ ‫القائد الروحى‬ ‫‪Skills‬‬

‫‪92‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫أوالً‪ ..‬صاحب رؤية واضحة‬

‫‪Clear vision‬‬

‫تقدر قٌمة القابد ونجاحه‪ ..‬بقدر وضوح رإٌته‪ ..‬وقدٌما ً قال الحكٌم‪..‬‬ ‫ب أ َ َّما َحا ِفظُ الشَّ ِرٌعَ ِة فَطُوبَاه ُ" (ام ‪ ..)ٔ1 : ٕ2‬والرإٌة‬ ‫" ِببلَ ُرإْ ٌَا ٌَ ْج َم ُح الشَّ ْع ُ‬ ‫تعنى ببساطة الحلم (‪ ..)Dream‬قد ٌكون حلم القابد أن ٌجلس على الكرسى‬ ‫وٌتسلط فتكون فترة قٌادته أضعؾ أو أسوأ م َمن قبله كما حدث مع كثٌر من‬ ‫ملوك شعب إسرابٌل‪ ..‬وقد ٌكون حلم القابد أو رإٌته هو فقط أن ٌعبر مشكلة‬ ‫معٌنة أو ٌتفاداها ولٌس له رإٌة أكبر من هذا‪ ..‬وقد ال تحدث المشكلة أو تنتهى‬ ‫ولكن هذا القابد لم ٌضٌؾ لشعبه كثٌراً‪.‬‬ ‫وألن ربنا ٌسوع المسٌح هو المثل األعلى فى كل فضٌلة‪ ..‬فهو القابد‬ ‫األعظم واألكمل عبر التارٌخ كله‪ ..‬فتجد هذه الصفة واضحة تماما ً فى منهجه‪..‬‬ ‫فكان ٌعلم تماما ً وٌُعلن بوضوح هدؾ مجٌبه‪..‬‬ ‫‪" ‬أ َ َّما أَنَا فَقَ ْد أَتٌَْتُ ِلتَكُونَ لَ ُه ْم َحٌَاة ٌ َو ِلٌَكُونَ لَ ُه ْم أ َ ْف َ‬ ‫ض ُل" (ٌو ٓٔ ‪.)ٔٓ :‬‬ ‫ص ْوتًِ" (ٌو‬ ‫‪ِ " ‬ل َهذَا قَ ْد أَتٌَْتُ إِلَى ا ْلعَالَ ِم أل َ ْ‬ ‫س َم ُع َ‬ ‫ق ٌَ ْ‬ ‫ق‪ .‬كُ ُّل َمنْ ه َُو مِ نَ ا ْل َح ّ ِ‬ ‫ش َهدَ ِل ْل َح ّ ِ‬ ‫‪.)ٖ3: ٔ1‬‬ ‫‪" ‬حِ ٌنَ كُ ْنتُ َمعَ ُه ْم فًِ ا ْلعَالَ ِم كُ ْنتُ‬ ‫َولَ ْم ٌَ ْه ِلكْ مِ ْن ُه ْم أ َ َحد ٌ ِإال َّ ا ْب ُن ا ْلهالَكِ‬

‫أ َ ْحفَظُ ُه ْم فًِ اسْمِ كَ ‪ .‬الَّذٌِنَ أ َ ْع َط ٌْتَنًِ َح ِف ْظت ُ ُه ْم‬ ‫َاب" (ٌو ‪.)ٕٔ : ٔ3‬‬ ‫ِل ٌَ ِت َّم ا ْل ِكت ُ‬

‫وهكذا أظهر ربنا ٌسوع المسٌح أنه ال ٌفارقه أبدا ً هدؾ مجٌبه‪ ..‬وهذه‬ ‫هى الرإٌة الثاقبة‪ ..‬من أجل هذه الساعة قد أتٌت‪ ..‬جاء من أجل خبلصنا‪..‬‬ ‫لٌفدٌنا وٌُحٌ​ٌنا‪ ..‬جاء لٌعلمنا وٌرشدنا‪ ..‬جاء لٌُصعدنا معه وٌُعطٌنا الحٌاة‬ ‫األبدٌة‪ ..‬جاء لٌُعلن الحق وٌُنٌر العالم المظلم حتى ال ٌهلك كل َمن ٌإمن به‪.‬‬ ‫هنا ٌظهر الفرق واضحا ً بٌن دور القابد ودور المدبر‪ ..‬فلٌس كل مدبر‬ ‫ناجح هو بالضرورة قابد ناجح‪ ..‬فالمدٌر هو الشخص التنفٌذى الذى ترسم له‬ ‫الخطوط واضحة وعلٌه أن ٌنفذ بدقة ما أوكل إلٌه من مهمة‪.‬‬ ‫ٖٓ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫أ َّما ٌشوع فكان مدبرا ً ناجحا ً حٌن كان تابعا ً للقابد العظٌم موسى النبى‪..‬‬ ‫فؤوكل إلٌه مؤمورٌة التجسس لدخول أرض كنعان قبل وصول الشعب كنعان‬ ‫بعشرات السنوات‪ ..‬وأتم ٌشوع المهمة بنجاح وظهرت بوادر القٌادة ولٌس‬ ‫اإلدارة فقط علٌه حٌن رجع من مهمته له رإٌة واضحة وحلم متكامل ورجاء‬ ‫س َرائٌِل َوقَال ل ُه َما كُ ُّل‬ ‫سى َوعَلى هَا ُرونَ جَمِ ٌ ُع بَنًِ ِإ ْ‬ ‫ثابت‪َ " .‬وتَذَ َّم َر عَلى ُمو َ‬

‫ص َر أ َ ْو ل ٌْتَنَا ُمتْنَا فًِ َهذَا القَ ْف ِر!‪َ .‬و ِل َماذَا أَت َى بِ َنا‬ ‫ال َج َما َ‬ ‫ض مِ ْ‬ ‫عةِ‪« :‬ل ٌْتَنَا ُمتْنَا فًِ أ َ ْر ِ‬ ‫سا ُإنَا َوأ َ ْطفَالُنَا َ‬ ‫س َخ ٌْرا ً لنَا‬ ‫س ٌْ ِ‬ ‫ض ِلنَ ْ‬ ‫ب ِإلى َه ِذ ِه األ َ ْر ِ‬ ‫سق ُ َط ِبال َّ‬ ‫ف؟ ت َِصٌ ُر ِن َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫َّ‬ ‫غنٌِ َمةً‪ .‬أَل ٌْ َ‬ ‫ص َر؟»‪ .‬فَقَال بَ ْع ُ‬ ‫ص َر»‪.‬‬ ‫ض‪« :‬نُقٌِ ُم َرئٌِسا ً َونَ ْر ِج ُع ِإلى مِ ْ‬ ‫أَنْ نَ ْر ِج َع ِإلى مِ ْ‬ ‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫سى َوهَا ُرو ُن عَلى َو ْج َه ٌْ ِه َما أ َ َما َم كُ ِ ّل َم ْعش َِر َج َما َ‬ ‫س َرائٌِل‪َ .‬وٌَشُوعُ‬ ‫ع ِة بَنًِ إِ ْ‬ ‫سقَ َط ُمو َ‬ ‫فَ َ‬ ‫ع ِة‬ ‫ض َم َّزقَا ثِ ٌَا َب ُه َما‪َ .‬وقَاال ِلكُ ِ ّل َج َما َ‬ ‫سوا األ َ ْر َ‬ ‫ِب ْب ُن ٌَفُنَّةَ مِ نَ الذٌِنَ ت َ َج َّ‬ ‫س ُ‬ ‫ْب ُن نُونَ َوكَال ُ‬ ‫ب‬ ‫س َرائٌِل‪« :‬األ َ ْر ُ‬ ‫بَنًِ إِ ْ‬ ‫ض التًِ َم َر ْرنَا فٌِ َها ِلنَت َ َج َّ‬ ‫س َ‬ ‫س َها َج ٌِّدَة ٌ ِجدّا ً ِجدّاً‪ .‬إِنْ سُ َّر بِنَا ال َّر ُّ‬ ‫سالً‪ .‬إِنَّ َما ال تَت َ َم َّرد ُوا عَلى‬ ‫ٌِض لبَنا ً َو َ‬ ‫ض َوٌُعْطِ ٌنَا إٌَِّاهَا أ َ ْرضا ً تَف ُ‬ ‫ٌُدْخِ لنَا إِلى َه ِذ ِه األ َ ْر ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ب َم َعنَا‪ .‬ال‬ ‫ض ألَنَّ ُه ْم ُخ ْب ُزنَا‪ .‬قَ ْد َزال َ‬ ‫ب َوال ت َ َخافُوا مِ نْ َ‬ ‫ب األ َ ْر ِ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع ْن ُه ْم ظِ لُّ ُه ْم َو َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ت َ َخافوهُ ْم»‪( ".‬عد ٗٔ ‪ ٕ :‬ـ ‪.)2‬‬

‫وحٌن قاد ٌشوع الجٌش فى حرب عمالٌق (خر ‪ )ٔ3‬تحت قٌادة موسى‬ ‫النبى‪ ..‬كانت المهمة ناجحة ولكنها كانت جولة أولى فى بداٌة تكوٌنه كقابد‬ ‫عظٌم لشعب كبٌر ولٌس قابدا ً حربٌا ً فقط أو سٌاسٌا ً إنما قابدا ً روحٌاً‪ٌ ..‬رى‬ ‫بوضوح المستقبل كما ٌراه هللا‪ ..‬أو كما ٌعلن له هللا إرادته وٌسعى بكل كٌانه‬ ‫لتحوٌل هذه الرإٌة إلى حقٌقة عبر السنٌن‪.‬‬ ‫ض‬ ‫س ُم ِل َهذَا ال َّ‬ ‫شدَّ ْد َوت َ َ‬ ‫كانت الرإٌة واضحة "ت َ َ‬ ‫ش َّج ْع‪ ,‬ألَنَّكَ أ َ ْنتَ ت َ ْق ِ‬ ‫ب األ َ ْر َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫الَّتًِ َحلَ ْفتُ آلبَائِ ِه ْم أَنْ أُعْطِ ٌَ ُه ْم‪ٌ( ".‬ش ٔ ‪ ..)ٙ :‬لم تكن فقط الوصول إلى كنعان‬

‫أو عبور األردن أو حتى النصرة على الشعوب الوثنٌة وتحرٌمها‪ ..‬إنما كانت‬ ‫باألولى اإلحتفاظ بالقٌم الروحٌة لهذا الشعب المختار والخضوع هلل أثناء‬ ‫المسٌرة كلها حتى بعد إمتبلك األرض وتقسٌمها والسكنى فٌها‪.‬‬ ‫لهذا رأٌنا ٌشوع ال ٌقؾ عند إنتصار‪ ..‬أو هزٌمة‪ ..‬وال ٌتراجع للوراء‪..‬‬ ‫وال ٌفقد الهدؾ األسمى وسط المشؽولٌات‪ ..‬وال ٌخضع إللحاح الشعب أو‬ ‫ٖٔ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫رؼباته‪ ..‬وكما كان موسى النبى قابدا ً صاحب رإٌة وهدؾ اسمى‪ ..‬كان لٌشوع‬ ‫نفس الرإٌة والهدؾ فؤكمل زمان ؼربته بنجاح وحقق إرادة هللا الصالحة‬ ‫المرضٌة الكاملة فى حٌاته‪.‬‬ ‫ومع نهاٌة حٌاته‪ٌ ..‬تضح أن حلمه الكبٌر ال ٌنتهى حتى بنهاٌة أٌامه‬ ‫على األرض‪ ..‬فها هو ٌفعل كما فعل موسى‪ ..‬فى وداعه لشعبه فٌإكد علٌهم‬ ‫الخضوع هلل والتمسّك بالشرٌعة ونزع اآللهه الؽرٌبة ووحدانٌة القلب لؤلسباط‬ ‫جمٌعها "فَاآلنَ ْ‬ ‫عبَدَهُ ْم‬ ‫ب َوا ْعبُد ُوهُ بِ َك َما ٍل َوأ َ َمانَ ٍة‪َ ,‬وا ْن ِزعُوا اآل ِل َهةَ الَّذٌِنَ َ‬ ‫الر َّ‬ ‫اخشُوا َّ‬ ‫الر َّب‪ٌ( ".‬ش ٕٗ ‪.)ٔٗ :‬‬ ‫آبَا ُإكُ ْم فًِ عِ َ​َ ْب ِر النَّ ْه ِر َوفًِ مِ ْ‬ ‫ص َر‪َ ,‬وا ْعبُد ُوا َّ‬ ‫وبسبب ؼٌاب القابد ـ بعد موت ٌشوع ـ رجع الشعب ٌزٌػ عن عبادة‬ ‫هللا وإمتؤلت األسباط بعبادة األوثان وأتى زمن القضاة المملوء فساداً‪ ..‬فؤرسل‬ ‫هللا لهم قادة (قضاة) لٌعٌدوا الشعب إلى مساره الروحى الذى بداه موسى النبى‬ ‫وأكمله ٌشوع بنجاح‪.‬‬ ‫وقد نرى بعض القادة الذٌن أتوا بعد ٌشوع ٌفتقرون إلى الرإٌة الثاقبة‬ ‫والهدؾ الواضح‪ ..‬فها هو شمشون قابدا ً وقاضٌا ً ولكنه ٌفتقد الهدؾ‪ ..‬فتتبلعب‬ ‫به الشهوات والؽرابز إلى أن ٌتوب أخٌرا ً وٌعود إلى هدؾ وجوده وٌختم حٌاته‬ ‫بإٌمان ورجاء ناجح‪.‬‬ ‫وأٌضا ً جدعون الذى قاد الشعب فى عدة جوالت ناجحة لم ٌكن واضحا ً‬ ‫فى هدفه فى نهاٌة حٌاته‪ ..‬فسمح أٌضا ً بإنحراؾ الشعب ورابه ألن الرإٌة لم‬ ‫ع ْف َرة َ‪َ .‬وزَ نَى‬ ‫صنَ َع ِج ْدعُو ُن ِم ْن َها أَفُودا ً َو َجعَلَه ُ ِفً َم ِدٌنَ ِت ِه ِفً َ‬ ‫تكن واضحة‪" ..‬فَ َ‬ ‫ون َوبَ ٌْ ِت ِه فَ ّخاً‪( ".‬قض ‪.)ٕ3 : 1‬‬ ‫َان ذَ ِل َك ِل ِج ْدعُ َ‬ ‫َاك‪ ,‬فَك َ‬ ‫كُ ُّل ِإ ْس َرا ِبٌ َل َو َرا َءه ُ هُن َ‬ ‫وإن كنا بصدد التركٌز على القابد الروحى‪ ..‬فالرإٌة واحدة ولكن‬ ‫المهمة مختلفة من قابد لقابد‪ ..‬الرإٌة الكبٌرة هى خبلص النفوس‪ ..‬خبلص كل‬ ‫َمن ٌقودهم القابد‪ ..‬بل زٌادة القطٌع لٌحوي العالم كله‪ ..‬والشبكة للصٌاد تحمل‬ ‫ش َبكَةَ ِإلَى‬ ‫ب ال َّ‬ ‫كل السمك دون أن تتقطع الشبكة "فَ َ‬ ‫س َو َجذَ َ‬ ‫ص ِعدَ س ِْم َعا ُن بُ ْط ُر ُ‬ ‫ٕٖ‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫شبَكَةُ"‬ ‫ق ال َّ‬ ‫س َمكا ً َكبٌِرا ً مِ ئ َةً َوثالَثا ً َو َخ ْم ِ‬ ‫األ َ ْر ِ‬ ‫ض ُم ْمت َ ِلئ َةً َ‬ ‫سٌنَ ‪َ .‬و َم ْع َه ِذ ِه ا ْل َكثْ َر ِة لَ ْم تَت َ َخ َّر ِ‬ ‫(ٌو ٕٔ ‪.)ٔ​ٔ :‬‬

‫أما مهمة كل قابد فتختلؾ حسب رسالته المدعو لها‪ ..‬فصار بولس القابد‬ ‫العظٌم الروحانى‪ ..‬رسوالً لؤلمم‪ ..‬كارزا ً وكاتبا ً فى العهد الجدٌد‪ ..‬وصار‬ ‫بطرس الرسول‪ ..‬رسوالً للختان أى للٌهود‪ ..‬ونرى أثناسٌوس الرسولى حامٌا ً‬ ‫لئلٌمان‪ ..‬مدافعا ً ومفسرا ً وراعٌا ً لئلٌمان األرثوذكسى وناشرا ً له عبر األجٌال‪..‬‬ ‫ونرى البابا كٌرلس الخامس أب اإلصبلح صاحب مهمة التطوٌر‪ ..‬والتعلٌم‬ ‫المستنٌر فى الكنٌسة القبطٌة‪ ..‬وتبله كثٌرون‪.‬‬ ‫كل هإالء القادة العظام توفرت لهم الرإٌة الواضحة والحلم الكبٌر‪..‬‬ ‫خبلص النفوس عن طرٌق اإلٌمان المستقٌم من داخل الكنٌسة الواحدة الوحٌدة‬ ‫المقدسة الجامعة الرسولٌة‪ ..‬أ َّما رسالة كل واحد فإختلفت حسب مشاكل المرحلة‬ ‫وتحدٌاتها والظروؾ المحٌطة واإلمكانٌات المتاحة وخطة هللا الكاملة‪.‬‬

‫ونكن كيف تتك َّ‬ ‫ىن انرؤية ندي كم قائد؟!‬ ‫إنها نتاج العمق الروحى‪ ..‬والوعى بإرادة هللا‪" ..‬الَّ ِذي ٌ ُ ِرٌد ُ أ َ َّن َج ِمٌ َع‬ ‫ون" (ٔتً ٕ ‪ ..)ٗ :‬إنها ثمرة قٌادة‬ ‫ق ٌ ُ ْق ِبل ُ َ‬ ‫ص َ‬ ‫اس ٌَ ْخل ُ ُ‬ ‫النَّ ِ‬ ‫ون َوإلَى َم ْع ِرفَ ِة ْال َح ِّ‬ ‫الروح القدس للنفس المختارة للقٌادة‪ ..‬وإلحاح الوصٌة‪..‬‬ ‫اإل ْن ِجٌ ِل ِل ْل َخلٌِقَ ِة كُ ِلّ َها" (مر ‪)ٔ٘ : ٔٙ‬‬ ‫‪" ‬ا ْذ َهبُوا إِلَى ا ْلعَالَ ِم أ َ ْج َم َع َواك ِْر ُزوا بِ ِ‬ ‫علَى َجبَ ٍل" (مت ٘ ‪)ٔٗ :‬‬ ‫‪" ‬أ َ ْنت ُ ْم نُو ُر ا ْلعَالَ ِم‪ .‬ال َ ٌ ُ ْم ِك ُن أَنْ ت ُْخفَى َمدٌِنَةٌ َم ْوضُوعَة ٌ َ‬ ‫ش ًْ ٍء ِإال َّ ألَنْ‬ ‫ح بَ ْعد ُ ِل َ‬ ‫صلُ ُ‬ ‫سدَ ا ْلمِ ْل ُ‬ ‫‪" ‬أ َ ْنت ُ ْم مِ ْل ُ‬ ‫ح فَ ِب َماذَا ٌُ َملَّحُ؟ ال َ ٌَ ْ‬ ‫ح األ َ ْر ِ‬ ‫ض َولَ ِكنْ ِإنْ فَ َ‬ ‫اس" (مت ٘ ‪)ٖٔ :‬‬ ‫ٌُ ْط َر َ‬ ‫َاس مِ نَ النَّ ِ‬ ‫ح َخ ِارجا ً َوٌُد َ‬ ‫سنَةَ َوٌُ َم ِ ّجد ُوا أَبَاكُ ُم الَّذِي‬ ‫‪" ‬فَ ْلٌُ ِض ْئ نُو ُركُ ْم َه َكذَا قُدَّا َم النَّ ِ‬ ‫اس ِل َك ًْ ٌَ َر ْوا أ َ ْع َمالَكُ ُم ا ْل َح َ‬ ‫ت" (مت ٘ ‪)ٔٙ :‬‬ ‫اوا ِ‬ ‫فًِ ال َّ‬ ‫س َم َ‬

‫ٖ​ٖ‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫ًِ َوأَنَا فٌِكَ ِلٌَكُونُوا هُ ْم أ َ ٌْضا ً َواحِ دا ً‬ ‫‪ِ ‬لٌَكُونَ ا ْلجَمِ ٌ ُع َواحِ دا ً َك َما أَنَّكَ أ َ ْنتَ أٌَُّ َها‬ ‫ُ‬ ‫اآلب ف َّ‬ ‫س ْلت َنًِ" (ٌو ‪)ٕٔ : ٔ3‬‬ ‫فٌِنَا ِلٌُإْ مِ نَ ا ْلعَالَ ُم أَنَّكَ أ َ ْر َ‬

‫بهذه الرسابل الروحٌة تتشكل الرإٌة وتكتمل وتنمو داخل قلب كل قابد‪.‬‬

‫ٖٗ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫ثانياً‪ :‬مدبّر‪ ..‬وخمطط جيد ‪Good Manager & Planner‬‬ ‫البد للقابد الروحى أن ٌتحلـَّى بصفة التدبٌر‪ ..‬كما ذكر القدٌس بولس‪..‬‬

‫ور" (رو ٕٔ‬ ‫اء ا ْل ُمدَبِّ ُر فَ ِب ْ‬ ‫س َخ ٍ‬ ‫الراحِ ُم َف ِب ُ‬ ‫"أ َ ِم ا ْل َوا ِعظُ فَفًِ ا ْل َوعْظِ ا ْل ُمعْطِ ً فَ ِب َ‬ ‫اجتِ َها ٍد َّ‬ ‫س ُر ٍ‬ ‫ٌِرتِ ِه ْم فَت َ َمثَّلُوا‬ ‫‪" ..)1 :‬ا ُ ْذكُ ُروا ُم ْر ِ‬ ‫شدٌِكُ ُم الَّذٌِنَ َكلَّ ُموكُ ْم ِب َك ِل َم ِة هللاِ‪ .‬ا ْنظُ ُروا ِإلَى نِ َهاٌَ ِة س َ‬ ‫شٌُو ُ‬ ‫سبُوا ا ْهالً ِلك َ​َرا َم ٍة‬ ‫ِب ِإٌ َمانِ ِه ْم" (عب ٖٔ ‪" ..)3 :‬أ َ َّما ال ُّ‬ ‫سنا ً فَ ْلٌُ ْح َ‬ ‫خ ا ْل ُمدَبِّ ُرونَ َح َ‬ ‫ُمضَا َعفَ ٍة‪َ ،‬والَ ِسٌَّ َما الَّذٌِنَ ٌَتْعَبُونَ فًِ ا ْل َك ِل َم ِة َوالت َّ ْعل ِ​ٌِم" (ٔتً ٘ ‪..)ٔ3 :‬‬

‫والتدبٌر فى الكنٌسة ٌجمع بٌن اإلدارة الحكٌمة واألبوة الحانٌة المإدبة‪..‬‬ ‫فبلبد للقابد أن ٌكون أبا ً روحٌا ً ل َمن ٌتبعه ومدٌرا ً أو مدبرا ً ألحوالهم ومشاكلهم‬ ‫وجهادهم ونموهم‪ ..‬ومدبرا ً لكل المشارٌع أو األنشطة أو المهام التى تحقق‬ ‫الهدؾ‪ ..‬وهذا التدبٌر ٌستلزم دابما ً العمل بخطة ُمحكمة ُمنظمة ألن " َو ْل ٌَكُنْ ُك ُّل‬ ‫ب" (ٔكو ٗٔ ‪.)ٗٓ :‬‬ ‫َ‬ ‫ش ًْ ٍء ِب ِل ٌَاقَ ٍة َو ِب َح َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب ت َْرتٌِ ٍ‬ ‫وقد ٌمثل ؼٌاب الخطة أحد أهم أسباب فشل قادة كثٌرٌن ومشارٌع‬ ‫كثٌرة‪ ..‬حتى أن ربنا ٌسوع ـ له المجد ـ قال مثلها " َو َمنْ مِ ْنكُ ْم َوه َُو ٌ ُ ِرٌد ُ أَنْ ٌَ ْبن ًَِ‬ ‫ِب النَّفَقَةَ َه ْل ِع ْندَهُ َما ٌَ ْل َز ُم ِل َك َما ِلهِ؟" (لو ٗٔ ‪.)ٕ1 :‬‬ ‫ِس أ َ َّوالً َوٌَ ْحس ُ‬ ‫بُ ْرجا ً ال َ ٌَ ْجل ُ‬ ‫والتدبٌر والتخطٌط ال ٌفترقان عادة‪ ..‬وقد ٌساعد القابد مجموعة‬ ‫متخصصة فى اإلدارة (التدبٌر)‪ ..‬وفى التخطٌط (وضع خطة للعمل)‪ ..‬لكنه البد‬ ‫أن ٌإمن بهذا الجانب فى قٌادته وصوالً إلى الهدؾ األسمى وتحقٌقا ً للرإٌة‪..‬‬ ‫وٌظل ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ مثبلً أعلى فى التدبٌر والتخطٌط حتى فى‬ ‫أبسط األمور‪ ..‬ففى إرسالٌة التبلمٌذ‪ ..‬وضع لهم خطة العمل واضحة‪ ..‬أرسلهم‬ ‫أثنٌن أثنٌن‪ ..‬وحدد لهم القرى‪ ..‬وأعطاهم التوصٌات البلزمة‪ ..‬وما ٌفعلوه‪ ..‬وما‬ ‫ال ٌفعلوه‪ ..‬وأوصاهم بالرجوع إلٌه‪ ..‬وحدد لهم الهدؾ بشكل واضح محدد‬ ‫مناسب واقعى وله زمن محدد كما ٌقرأها العلم الٌوم‪.‬‬

‫ٖ٘‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫‪ٖٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫وفى معجزة الخمس خبزات والسمكتٌن‪ ..‬أرسلهم أوالً لٌجعلوا الجموع‬ ‫خمسٌن خمسٌن‪ ..‬مبة مبة‪ ..‬وهكذا تم حصر العدد واكتشفوا أنهم خمسة آالؾ‬ ‫رجل ؼٌر النساء واألطفال‪ ..‬وهو هدؾ محدد وواقعى‪ ..‬ثم أرسلهم ثانٌا ً‬ ‫لٌوزعوا األكل مع الجمٌع بنظام‪ ..‬وهى جولة أخرى بهدؾ محدد وواقعى‪..‬‬ ‫ومن المنطقى أن كل تلمٌذ أصبح مسبول عن المجموعات التى جمعها واتكبها‪..‬‬ ‫ثم أرسلهم ثالثة لٌجمعوا الكسر‪ ..‬وتمت أٌضا ً بنظام‪ ..‬كل على مكان‬ ‫المجموعات التى خدمها‪ ..‬حتى تج َّمع أثنى عشر قفة‪ ..‬وهكذا ظهر التدبٌر‬ ‫والنظام بإحكام شدٌد بالرؼم من بساطة هذا الشعب وصعوبة الموقؾ بسبب‬ ‫الجوع وعدم تناسب المكان للنظام حٌث أنهم على جبل‪.‬‬ ‫ولكن كل شا ٌنجح ببركة ربنا وأٌضا ً بالتدبٌر والنظام وتوزٌع األدوار‬ ‫ووعى الفرٌق بكل تفاصٌل المهمة واإلجابة على األسبلة المنطقٌة‪ ..‬من ٌقوم‬ ‫بالعمل؟ كٌؾ؟ متى؟ أٌن؟ كم التكلفة؟ ول َمن ٌرجع حٌن ٌحتاج اإلرشاد؟‬ ‫نعود إلى ٌشوع‪ ..‬القابد الهمام‪ ..‬والمدبر الواعى‪ ..‬الذى تسَّلم عن أبٌه‬ ‫الروحى أٌضا ً حكمة التدبٌر‪ ..‬وموسى النبى نفسه تسَّلم هذه عن حمٌه ٌثرون‪..‬‬ ‫وربما ٌحمل هذا التدبٌر أقدم تشكٌل إدارى محكم عرفه التارٌخ‪" ..‬فَقَا َل َح ُمو‬

‫ب الَّذِي َمعَكَ‬ ‫صا ِن ٌع‪ِ .‬إنَّكَ ت َ ِك ُّل أ َ ْنتَ َو َهذَا ال َّ‬ ‫س َج ٌِّدا ً األ َ ْم ُر الَّذِي أ َ ْنتَ َ‬ ‫ُمو َ‬ ‫ش ْع ُ‬ ‫سى لَهُ‪« :‬لَ ٌْ َ‬ ‫ص ْوتًِ‬ ‫ستَطِ ٌ ُع أَنْ ت َ ْ‬ ‫س َم ْع ِل َ‬ ‫صنَعَه ُ َو ْحدَكَ ‪ .‬اَآلنَ ا ْ‬ ‫جَمِ ٌعا ً أل َ َّن األ َ ْم َر أ َ ْع َظ ُم مِ ْنكَ ‪ .‬ال َ ت َ ْ‬ ‫ي إِلَى هللاِ‪.‬‬ ‫ب أ َ َما َم ِ‬ ‫ص َحكَ ‪ .‬فَ ْلٌَك ُِن هللا ُ َمعَكَ ‪ .‬كُنْ أ َ ْنتَ لِل َّ‬ ‫فَؤ َ ْن َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫هللا َوقَ ِّد ْم أ َ ْنتَ الدَّعَا ِو َ‬ ‫ع ِّر ْف ُه ُم ال َّ‬ ‫سلُكُونَهُ َوا ْل َع َم َل الَّذِي ٌَ ْع َملُونَهُ‪.‬‬ ‫ِض َوالش َ​َّرائِ َع َو َ‬ ‫َو َ‬ ‫ط ِر َ‬ ‫علّ ِْم ُه ُم ا ْلفَ َرائ َ‬ ‫ٌق الَّذِي ٌَ ْ‬ ‫الرش َْوةَ َوتُقٌِ ُم ُه ْم‬ ‫ٌع ال َّ‬ ‫هللا أ ُ َمنَا َء ُم ْبغ ِ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ِضٌنَ َّ‬ ‫ب ذَ ِوي قُد َْر ٍة َخائِ ِفٌنَ َ‬ ‫َوأ َ ْنتَ ت َ ْنظُ ُر مِ نْ جَمِ ِ‬ ‫عش َ​َراتٍ‪ .‬فٌََ ْقضُونَ‬ ‫سا َء َ‬ ‫سا َء مِ ئ َا ٍ‬ ‫َ‬ ‫سا َء َخ َما ِ‬ ‫سا َء أُلُ ٍ‬ ‫سٌنَ َو ُر َإ َ‬ ‫ت َو ُر َإ َ‬ ‫وف َو ُر َإ َ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم ُر َإ َ‬ ‫ٌر ِة ٌَ ِجٌئ ُونَ ِب َها ِإلَ ٌْكَ ‪َ .‬وكُ َّل الدَّعَا ِوي‬ ‫لِل َّ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ٌن‪َ .‬وٌَكُو ُن أَنَّ كُ َّل الدَّعَا ِوي ا ْل َك ِب َ‬ ‫ب كُ َّل حِ ٍ‬ ‫سكَ فَ ُه ْم ٌَ ْحمِ لُونَ َمعَكَ ‪ .‬إِنْ فَعَ ْلتَ َهذَا األ َ ْم َر‬ ‫ِف َ‬ ‫عنْ نَ ْف ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫ٌِر ِة ٌَ ْقضُونَ هُ ْم فٌِ َها‪َ .‬و َخفّ ْ‬ ‫صغ َ‬ ‫سالَ ِم»" (خر‬ ‫ستَطِ ٌ ُع ا ْل ِق ٌَا َم‪َ .‬وكُ ُّل َهذَا ال َّ‬ ‫َوأ َ ْو َ‬ ‫صاكَ هللا ُ ت َ ْ‬ ‫ب أ َ ٌْضا ً ٌَؤْتًِ ِإلَى َم َكا ِن ِه ِبال َّ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫‪ ٔ3 : ٔ1‬ـ ٖٕ)‪.‬‬

‫‪ٖ3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫ومن نتابج هذا التدبٌر‪ ..‬تفرغ موسى للصبلة وتسّلم الشرٌعة وتعلٌم‬ ‫الشرٌعة للشعب‪ ..‬وتكوٌن قٌادات جدٌدة مدربة واعٌة‪ ..‬وأٌضا ً سرعة البت فى‬ ‫المشاكل‪ ..‬وعدم التؤجٌل‪ ..‬وإستثمار كل الطاقات المتاحة‪ ..‬وأٌضا ً التركٌز فى‬ ‫وضح خطة المستقبل ومسٌرة الخروج للوصول إلى كنعان‪ ..‬أو التصدر‬ ‫للمشاكل الكبٌرة‪.‬‬ ‫وهكذا سار ٌشوع على نفس النهج‪ ..‬فنجده فى كل مهمة‪ ..‬مدبرا ً‬ ‫ومخططاً‪ ..‬ففى مرحلة عبور األردن‪ ..‬جمع ٌشوع القٌادات والعرفاء‪ ..‬وشرح‬ ‫لهم خطة العبور‪ ..‬وتم توزٌع األسباط بترتٌب واضح‪ ..‬وتحدٌد األدوار‪ ..‬حتى‬ ‫عبر هذا الشعب الذى ٌقرب من أثنٌن ملٌون نسمة بنظام قد ال ٌتوفر اآلن فى‬ ‫مجتمعات كثٌرة وأعداد أقل‪.‬‬ ‫ب قَائِ ِلٌنَ ‪:‬‬ ‫سطِ ا ْل َم َحلَّ ِة َوأْ ُم ُروا ال َّ‬ ‫‪" ‬فَؤ َ َم َر ٌَشُوعُ ع َُرفَا َء ال َّ‬ ‫ب‪ُ «.:‬جو ُزوا فًِ َو َ‬ ‫ش ْع َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫سكُ ْم َزاداً‪ ,‬ألَنَّكُ ْم َب ْعدَ ثَالَث َ ِة أٌََّ ٍام ت َ ْعب ُ ُرونَ األ ُ ْردُنَّ َهذَا ِلت َ ْد ُخلُوا فَت َْمت َ ِلكُوا‬ ‫َه ٌِّئ ُوا أل َ ْنفُ ِ‬ ‫ب إِلَ ُهكُ ْم ِلت َ ْمت َ ِلكُوهَا»‪ٌ( ".‬ش ٔ ‪.)ٔ​ٔ ، ٔٓ :‬‬ ‫األ َ ْر َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ض الَّتًِ ٌُعْطِ ٌكُ ُم َّ‬ ‫ب‪:‬‬ ‫سطِ ا ْل َم َحلَّةِ‪َ .‬وأ َ َم ُروا ال َّ‬ ‫‪َ " ‬وكَانَ بَ ْعدَ ثَالَث َ ِة أٌََّ ٍام أَنَّ ا ْلعُ َرفَا َء َجا ُزوا فًِ َو َ‬ ‫ش ْع َ‬ ‫ارتَحِ لُوا‬ ‫« ِع ْندَ َما ت َ ُرونَ ت َابُوتَ َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ب إِلَ ِهكُ ْم َوا ْل َك َهنَةَ الالَّ ِوٌٌِّنَ حَامِ ِلٌنَ إٌَِّاهُ‪ ,‬فَ ْ‬ ‫ع ْه ِد َّ‬ ‫مِ نْ أ َ َما ِكنِكُ ْم َوسٌِ ُروا َو َرا َءهُ‪َ .‬ولَ ِكنْ ٌَكُو ُن َب ٌْنَكُ ْم َوبَ ٌْنَه ُ َم َ ٌ‬ ‫سافَة نَ ْح ُو أ َ ْلفَ ًْ ذ َِراعٍ‬ ‫اس‪ .‬ال َ ت َ ْق ُربُوا مِ ْنه ُ ِل َك ًْ ت َ ْع ِرفُوا ال َّ‬ ‫ق الَّذِي تَسٌِ ُرونَ فٌِهِ‪ .‬ألَنَّكُ ْم لَ ْم ت َ ْعب ُ ُروا‬ ‫ط ِرٌ َ‬ ‫بِا ْل ِقٌَ ِ‬ ‫َهذَا ال َّ‬ ‫ق مِ نْ قَ ْب ُل»" (ٌش ٖ ‪ ٕ :‬ـ ٗ)‪.‬‬ ‫ط ِرٌ َ‬ ‫سطِ األ ُ ْرد ُِّن َراسِخِ ٌنَ ‪,‬‬ ‫ف ا ْل َك َهنَة ُ حَامِ لُو ت َابُو ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ت َ‬ ‫س ِة فًِ َو َ‬ ‫علَى ا ْلٌَابِ َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫‪" ‬فَ َوقَ َ‬ ‫ع ْه ِد َّ‬ ‫ور‬ ‫س ِة َحتَّى ا ْنت َ َهى جَمِ ٌ ُع ال َّ‬ ‫س َرائٌِ َل عَا ِب ُرونَ َ‬ ‫َوجَمِ ٌ ُع ِإ ْ‬ ‫علَى ا ْل ٌَا ِب َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ب مِ نْ عُب ُ ِ‬ ‫األ ُ ْرد ُِّن" (ٌش ٖ ‪.)ٔ3 :‬‬

‫وتكرر األمر فى مهمة أصعب‪ ..‬وهى الدوران سبعة أٌام حول أسوار‬ ‫أرٌحا بنظام محكم‪ ..‬وتحدٌد مٌعاد األبواق لؤلنطبلق‪ ..‬وتحدٌد األدوار بعناٌة‬ ‫لكل قٌادات األسباط وقٌادات الكهنة والمرنمٌن وتم األمر بإحكام شدٌد فكانت‬ ‫ب‪َ .‬ح ْو َل ا ْل َمدٌِنَ ِة َم َّرةً‬ ‫مرحلة التخطٌط‪" ..‬تَد ُو ُرونَ دَائ َِرةَ ا ْل َمدٌِنَةِ‪ ,‬جَمِ ٌ ُع ِر َجا ِل ا ْل َح ْر ِ‬ ‫س ْبعَةَ أ َ َما َم‬ ‫َواحِ دَةً‪َ .‬ه َكذَا ت َ ْفعَلُونَ ِ‬ ‫ق ا ْل ُهت ِ‬ ‫س ْبعَة ُ َك َهنَ ٍة ٌَ ْحمِ لُونَ أ َ ْب َوا َ‬ ‫َاف ال َّ‬ ‫ستَّةَ أٌََّ ٍام‪َ .‬و َ‬ ‫‪ٖ1‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫س ْب َع َم َّراتٍ‪َ ,‬وا ْل َك َهنَة ُ ٌَض ِْربُونَ‬ ‫التَّابُوتِ‪َ .‬وفًِ ا ْلٌَ ْو ِم ال َّ‬ ‫سابِ ِع تَد ُو ُرونَ دَائ َِرةَ ا ْل َمدٌِنَ ِة َ‬ ‫وق‪ ,‬أَنَّ‬ ‫ص ْو ِ‬ ‫ت قَ ْر ِن ا ْل ُهت ِ‬ ‫ستِ َما ِعكُ ْم َ‬ ‫اق‪َ .‬وٌَكُو ُن ِع ْندَ ا ْمتِدَا ِد َ‬ ‫َاف ِع ْندَ ا ْ‬ ‫ص ْوتَ ا ْلبُ ِ‬ ‫بِاأل َ ْب َو ِ‬ ‫ب كُ ُّل‬ ‫ص َعد ُ ال َّ‬ ‫جَمِ ٌ َع ال َّ‬ ‫سقُطُ سُو ُر ا ْل َمدٌِنَ ِة فًِ َمكَانِهِ‪َ ,‬و ٌَ ْ‬ ‫ِف هُت َافا ً عَظِ ٌماً‪ ,‬فَ ٌَ ْ‬ ‫ش ْع ُ‬ ‫ب ٌَ ْهت ُ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫َر ُج ٍل َم َع َو ْج ِه ِه»‪ٌ( ".‬ش ‪ ٖ : ٙ‬ـ ٘)‪ ..‬ثم مرحلة التنفٌذ‪َ " ..‬وكَانَ فًِ ا ْلٌَ ْو ِم ال َّ‬ ‫سا ِبعِ‬ ‫س ْب َع َم َّراتٍ‪ .‬فًِ‬ ‫أَنَّ ُه ْم بَكَّ ُروا ِع ْندَ طُلُوعِ ا ْلفَ ْج ِر َودَا ُروا دَائ َِرةَ ا ْل َمدٌِنَ ِة َ‬ ‫علَى َهذَا ا ْلمِ ْن َوا ِل َ‬ ‫ب‬ ‫س ْب َع َم َّراتٍ‪َ .‬وكَانَ فًِ ا ْل َم َّر ِة ال َّ‬ ‫ذَ ِلكَ ا ْلٌَ ْو ِم فَقَ ْط دَا ُروا دَائ َِرةَ ا ْل َمدٌِنَ ِة َ‬ ‫سابِعَ ِة ِع ْندَ َما ض َ​َر َ‬ ‫ب قَ ْد أ َ ْع َطاكُ ُم ا ْل َمدٌِنَةَ‪".‬‬ ‫ع قَا َل لِل َّ‬ ‫اق أ َ َّن ٌَشُو َ‬ ‫الر َّ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ب‪« :‬ا ْهتِفُوا‪ ,‬ألَنَّ َّ‬ ‫ا ْل َك َهنَةُ ِباأل َ ْب َو ِ‬ ‫(ٌش ‪.)ٔٙ ، ٔ٘ : ٙ‬‬

‫وٌتضح من سفر ٌشوع حقٌقة هامة‪ ..‬أن مرحلة التخطٌط قد تكون‬ ‫أطول من مرحلة التنفٌذ‪ ..‬ومع التخطٌط الجٌد‪ ..‬تكون الدارسة المستفٌضة‪..‬‬ ‫تكون دراسة المشكلة من كل الجوانب‪ ..‬ودراسة اإلمكانٌات المتاحة‪ ..‬البشرٌة‬ ‫والمادٌة‪ ..‬والعبلقات وؼٌرها‪ ..‬وإختٌار أفضل الحلول والبدابل‪ ..‬وشرح الخطة‬ ‫لكل المشاركٌن والمستفٌدٌن منها‪ ..‬ثم تؤتى مرحلة التنفٌذ‪.‬‬ ‫ففى قصة عبور األردن‪ ..‬كان التنفٌذ فى ٌوم واحد أما التخطٌط فلٌس‬ ‫أقل من ثبلثة أٌام‪ ،‬وفى قصة سقوط أسوار أرٌحا‪ ..‬كان التنفٌذ فى سبعة أٌام‬ ‫وقد ٌكون التخطٌط فى أسابٌع كثٌرة‪.‬‬ ‫ونبلحظ أٌضا ً أن التدبٌر والتخطٌط هما أٌضا ً ثمرة من ثمار الصبلة‬ ‫واإلتضاع والتلمذة واإلستماع لآلخرٌن ومشاركة كل المسبولٌن والمعنٌ​ٌن‬ ‫لتحقٌق المهمة المطلوبة داخل إطار الرإٌة الشاملة‪.‬‬

‫‪ٖ2‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫ثالجاً‪ ..‬يؤمو بالتفويض ‪Believe in delegation‬‬ ‫التفوٌض أحد أهم عناصر نجاح القابد‪ ..‬وباألخص القابد الروحى‪..‬‬ ‫والتفوٌض ٌعنى ببساطة نقل السلطة إلى أحد المساعدٌن إلتمام المهمة‪..‬‬ ‫وبالتفوٌض ٌشترك عدد أكبر فى تنفٌذ أى مهمة وبالصبلحٌات والسلطات‬ ‫الموكولة إلٌهم من القابد لتحقٌق الهدؾ المتفق علٌه‪.‬‬ ‫تفوض‬ ‫والتفوٌض ال ٌعنى تهرب القابد من المسبولٌة‪ ..‬فالمسبولٌة ال َّ‬ ‫فٌظل القابد مسبوالً عن تابعٌه وأعضاء فرٌقه وٌتح َّمل معهم مسبولٌة الخطؤ‪.‬‬ ‫ومفهوم الوكالة الذى تكلم فٌه المسٌح كثٌرا ً هو ببساطة ما ٌسمٌه علم‬ ‫علَى‬ ‫س ٌِّدُهُ َ‬ ‫القٌادة واإلدارة بالتفوٌض‪" ..‬فَ َمنْ ه َُو ا ْل َوكٌِ ُل األَمِ ٌ ُن ا ْل َحكٌِ ُم الَّذِي ٌُقٌِ ُمهُ َ‬ ‫َخدَمِ ِه ِلٌُعْطِ ٌَ ُه ُم ا ْلعُلُوفَةَ فًِ حِ ٌنِ َها؟" (لو ٕٔ ‪ ..)ٕٗ :‬وٌتكرر مفهوم الوكالة أٌضا ً‬ ‫مثل الوزنات‪ ..‬وأٌضا ً مثل وكٌل الظلم‪..‬‬ ‫سا ُن َك ُخد َِّام‬ ‫وأٌضا ً ٌذكر القدٌس بولس الرسول " َه َكذَا فَ ْلٌَ ْح ِ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫س ْبنَا ِ‬ ‫سا ُن أَمِ ٌناً‪ٔ( ".‬كو ٗ‬ ‫س َرائ ِ​ِر ِ‬ ‫هللا ث ُ َّم ٌُ ْ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ا ْل َمسٌِحِ َو ُو َكالَءِ َ‬ ‫سؤ َ ُل فًِ ا ْل ُو َكالَءِ ِل َك ًْ ٌُو َجدَ ِ‬ ‫‪ ..)ٔ :‬وإختٌار المسٌح لتبلمٌذه ثم إرسالهم للخدمة أجمل مثل فى التارٌخ لفكرة‬ ‫ٌن‬ ‫علَى جَمِ ٌعِ ال َّ‬ ‫عش َ​َر َوأ َ ْع َطاهُ ْم ق ُ َّوةً َوسُ ْل َطانا ً َ‬ ‫التفوٌض " َودَعَا تَالَمِ ٌذَهُ ا ِالثْنَ ًْ َ‬ ‫شٌَاطِ ِ‬ ‫شفُوا ا ْل َم ْرضَى‪( ".‬لو ‪، ٔ : 2‬‬ ‫هللا َو ٌَ ْ‬ ‫سلَ ُه ْم ِل ٌَك ِْر ُزوا ِب َملَكُو ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫َو ِ‬ ‫شفَاءِ أ َ ْم َر ٍ‬ ‫اض‪َ .‬وأ َ ْر َ‬ ‫سلَ ُه ُم‬ ‫وفوض آخرٌن " َو َب ْعدَ ذَ ِلكَ َ‬ ‫س ْب ِعٌنَ آ َخ ِرٌنَ أ َ ٌْضا ً َوأ َ ْر َ‬ ‫ب َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫عٌَّنَ َّ‬ ‫ٕ)‪ ..‬ثم عاد َّ‬ ‫اثْنَ ٌْ ِن اثْنَ ٌْ ِن أ َ َما َم َو ْج ِه ِه إِلَى كُ ِ ّل َمدٌِنَ ٍة َو َم ْو ِضعٍ َح ٌْ ُ‬ ‫ًِ‪( ".‬لو‬ ‫ث كَانَ ه َُو ُم ْزمِ عا ً أَنْ ٌَؤْت َ‬ ‫ٓٔ ‪.)ٔ :‬‬ ‫ب‬ ‫ثم عاد وقال لهم " ِإنَّ ا ْل َح َ‬ ‫صادَ َكثٌِ ٌر َولَ ِكنَّ ا ْلفَ َعلَ َة قَلٌِلُونَ ‪ .‬فَا ْطلُبُوا مِ نْ َر ّ ِ‬ ‫صا ِد ِه" (لو ٓٔ ‪ ..)ٕ :‬لٌفهموا أن هذا المبدأ مستمر‬ ‫صا ِد أَنْ ٌُ ْر ِ‬ ‫س َل فَ َعلَةً ِإلَى َح َ‬ ‫ا ْل َح َ‬

‫وهو أساس اإلنتشار‪ ..‬فالقابد الحقٌقى هو َمن ٌلد قادة‪ ..‬وال ٌُولد القابد إال حٌن‬ ‫ٌمارس القٌادة بالتفوٌض وٌكون له سلطة حقٌقٌة وصبلحٌات ؼٌر مطلقة‬ ‫ٓٗ‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫شٌَاطِ ٌ ُن‬ ‫ب َحتَّى ال َّ‬ ‫ومرجعٌة واضحة‪ ..‬وهكذا "فَ َر َج َع ال َّ‬ ‫س ْبعُونَ ِبفَ َرحٍ قَائِ ِلٌنَ ‪ٌَ« :‬ا َر ُّ‬ ‫ت َْخ َ‬ ‫ض ُع لَنَا ِباسْمِ كَ »" (لو ٓٔ ‪.)ٔ3 :‬‬

‫الحل‬ ‫والتفوٌض هو أساس سر الكهنوت‪ ..‬فالكاهن الذى أخذ سلطان ِ‬ ‫والربط‪ ..‬سلطان مؽفرة الخطاٌا‪ ..‬سلطان ممارسة األسرار‪ ..‬هو ٌقوم بعمل‬ ‫المسٌح نفسه‪ ..‬ربٌس الكهنة األعظم‪ ..‬بتفوٌض منه من خبلل التسلسل‬ ‫الرسولى‪ ..‬وهكذا دامت الكنٌسة ونمت وإنتشرت وتظل تنتشر‪ ..‬وهكذا صعد‬ ‫المسٌح للسماء القابد األعظم‪ ..‬ولم تنتهى رسالته بإنتهابه بل زادت جدا ً ألنه‬ ‫ترك قٌادات خلفه أعطاهم من روحه‪ ..‬ومن سلطانه‪ ..‬وكان لهم قدوة كاملة‪..‬‬ ‫وحدد لهم األهداؾ والمبادئ‪ ..‬ودربهم بالتلمذة خبلل سنٌن خدمته‪ ..‬ولم ٌتركهم‬ ‫حسب وعده "هَا أَنَا َم َعكُ ْم كُ َّل األٌََّ ِام ِإلَى ا ْن ِق َ‬ ‫ضاءِ الدَّ ْه ِر" (مت ‪.)ٕٓ : ٕ1‬‬ ‫كثٌر من القادة‪ ..‬ال ٌثقون فٌ َمن حولهم‪ ..‬فبل ٌؤتمنوهم على أى مهمة‪..‬‬ ‫وال ٌتركونهم ٌحاولون‪ ..‬وٌقارن القابد دابما ً أدابه بؤداء َمن حوله‪ ..‬فٌرى نفسه‬ ‫ٌفوض السلطة ألحد وتبقى المفاتٌح كلها فى ٌدٌه‪ ..‬وٌنسى هذا القابد‬ ‫متمٌزا ً فبل ّ‬ ‫أنه ٌتقدم فى األٌام وٌعجز فى األداء‪ ..‬وٌضطر أن ٌترك مكانه ل َمن لم ٌمارس‬ ‫القٌادة وٌفتقد للخبرة‪.‬‬ ‫فالقابد الذى ال ٌإمن بالتفوٌض‪ٌ ..‬قؾ نموه كقابد‪ ..‬وتقل إنجازاته مع‬ ‫األٌام‪ ..‬وهو ال ٌخلق قادة مبدعٌن‪ ..‬وإنما ٌترك أفرادا ً تابعٌن‪ ..‬متى اختفى‬ ‫القابد إنهارت مملكته تماما ً وتبدد كل َمن حوله‪ ..‬أ ّما القابد الناجح فبسبب تدبٌره‬ ‫وإٌمانه بالتفوٌض‪ ..‬متى اختفى هذا القابد‪ ..‬ال ٌشعر بؽٌابه أحد‪ ..‬وٌستمر العمل‬ ‫ودربهم ومكـَّنهم ثم ترك لهم المهمة‪.‬‬ ‫وٌنمو ألنه علمهم ّ‬ ‫أ ّما ٌشوع‪ ..‬فكان ٌإمن بالتفوٌض‪ ..‬فنراه ٌرسل جاسوسٌن إلى أرٌحا‬ ‫وال ٌذهب بنفسه‪ ..‬وكما أرسله موسى النبى قدٌما ً ضمن األثنى عشر جاسوسا ً‬ ‫ووثق موسى النبى فى رأٌه وراى كالب بن ٌفنة (عد ٗٔ)‪ ..‬أعطى ٌشوع هذٌن‬ ‫الجاسوسٌن السلطة أن ٌذهبا وٌتجسسا أرٌحا وٌؤخذا القرار المناسب‪ ..‬وقد‬ ‫كان‪ ..‬فنجد أنهما إختببا عند راحاب الزانٌة‪ ..‬ووعداها بالحماٌة عند سقوط‬ ‫ٔٗ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫أسوار أرٌحا‪ ..‬وحٌن عادا وأخبرا ٌشوع بكل شا‪ ..‬احترم ٌشوع وعدهما‬ ‫وحافظ على كلمتهما وتم تنفٌذ ما تعهدا به‪.‬‬ ‫وقرب نهاٌة حٌاة ٌشوع‪ ..‬حدث موقؾ شابك كاد ٌتحول إلى حرب‬ ‫داخلٌة بٌن األسباط‪ ..‬حٌن صنع سبط جاد وسبط رأوبٌن ونصؾ سبط منسى‪..‬‬ ‫الذٌن ٌسكنون عبر األردن‪ ..‬صنعوا مذبحا ً مشابه لمذبح الرب فى شٌلوه وكان‬ ‫الؽرض طٌباً‪ ..‬حتى ٌحفظوا لؤلجٌال إرتباطهم ببقٌة األسباط فبل ٌؤتى الٌوم‬ ‫الذى ٌرفض بقٌة األسباط (التسعة والنصؾ) إنتمابهم إلٌهم‪ ..‬ؼٌر أن الشعب‬ ‫أساء فهمهم وظنـّوا أنهم بصدد عبادة األوثان وتهٌؤوا للحرب‪ ..‬فما كان من‬ ‫فوض فٌنحاس بن ألعازار بن هارون لدراسة المشكلة وحلها‪..‬‬ ‫ٌشوع إال أن َّ‬ ‫وكان إختٌارا ً موفقاً‪ ..‬إذ كان رجبلً حكٌما ً مشهودا ً له من الجمٌع‪ ..‬أرسله مع‬ ‫عشرة رإساء من األسباط‪ ..‬ونجح فٌنحاس فى حقن الدماء إذ تف ّهم الموقؾ‬ ‫ورجع لٌشوع القابد األعلى الذى بارك قراره وإنتهت األزمة بسبلم "ث ُ َّم َر َج َع‬ ‫اس ْب ُن أ َ ِلعَ َ‬ ‫ض‬ ‫سا ُء مِ نْ ِع ْن ِد بَنًِ َرأُوبَ ٌْنَ َوبَنًِ َجادَ مِ نْ أ َ ْر ِ‬ ‫الر َإ َ‬ ‫ار الكَاه ِ​ِن َو ُّ‬ ‫از َ‬ ‫فٌِنَ َح ُ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم َخبَراً‪ .‬فَ َحسُنَ األ َ ْم ُر فًِ أ َ ْعٌ ُ ِن‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ ,‬و َرد ُّوا َ‬ ‫ض َك ْنعَانَ إِلَى بَنًِ إِ ْ‬ ‫ِج ْلعَادَ إِلَى أ َ ْر ِ‬ ‫ب‬ ‫اّلل‪َ ,‬ولَ ْم ٌَ ْفت َ ِك ُروا ِبال ُّ‬ ‫اركَ َبنُو إِ ْ‬ ‫َبنًِ ِإ ْ‬ ‫ب َوت َْخ ِرٌ ِ‬ ‫صعُو ِد ِإلَ ٌْ ِه ْم ِل ْل َح ْر ِ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ ,‬و َب َ‬ ‫س َرائٌِ َل ّ َ‬ ‫سا ِكنٌِنَ ِب َها" (ٌش ٕ​ٕ ‪.)ٖ​ٖ ، ٖٕ :‬‬ ‫األ َ ْر ِ‬ ‫ض الَّتًِ كَانَ بَنُو َرأُوبَ ٌْنَ َوبَنُو َجادَ َ‬

‫وبسبب قٌادة ٌشوع الروحٌة وإٌمانه بالتفوٌض وإستقامة حٌاته كمثل‬ ‫ب كُ َّل أٌََّ ِام ٌَشُوعَ‪َ ,‬وكُ َّل أٌََّ ِام ال ُّ‬ ‫أعلى ل َمن حوله‪ ..‬قٌل عنه " َو َ‬ ‫عبَدَ إِ ْ‬ ‫الر َّ‬ ‫س َرائٌِ ُل َّ‬ ‫شٌُوخِ‬

‫س َرائٌِ َل"‬ ‫ع والَّذٌِنَ ع َ​َرفُوا كُ َّل َ‬ ‫الَّذٌِنَ َطالَتْ أٌََّا ُم ُه ْم َب ْعدَ ٌَشُو َ‬ ‫ب الَّذِي عَمِ لَه ُ ِإل ْ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع َم ِل َّ‬ ‫(ٌش ٕٗ ‪ ..)ٖٔ :‬وهكذا استمر تؤثٌر ٌشوع لسنوات طوٌلة بعد إنتقاله مإكدا ً‬

‫حقٌقة أن القابد الروحى ال ٌموت‪ ..‬وفكره ال ٌموت‪ ..‬وعمله ال ٌنتهى بل ٌثمر‬ ‫وٌنتشر حتى بعد أٌامه‪.‬‬

‫ٕٗ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫رابعاً‪ ..‬يُحصو إختيار معاونيه‬

‫‪Best choices‬‬

‫كم من قادة فقدوا مصداقٌتهم وحب تابعٌهم بسبب معاونٌهم وناببٌهم‬ ‫و َمن ٌتكلم بلسانهم‪.‬‬ ‫وكم من قادة زادت قدرتهم ومكاسبهم وتعاظمت إنجازاتهم بسبب‬ ‫معاونٌهم والفرٌق العامل معهم‪.‬‬ ‫فاإلختٌار المناسب للشخص المناسب فى المكان المناسب فى التوقٌت‬ ‫المناسب ٌترتب علٌه مكاسب كثٌرة للقابد وللمشروع القابم علٌه وللهدؾ‬ ‫األخٌر‪ ..‬وقد ٌتعجل البعض مدعٌا ً أنه لٌس هناك من هو مناسب‪ ..‬وننسى أن‬ ‫ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ إختار تبلمٌذه من الصٌادٌن البسطاء والعشارٌن‬ ‫الخطاة‪ ..‬ولكنه قادهم أوالً إلى تؽٌ​ٌر حقٌقى فى حٌاتهم فصاروا له تبلمٌذ أمناء‬ ‫حكماء وصاروا أنوار الكنٌسة إلى آخر الدهور‪.‬‬ ‫ٌتقرب منه‪ ..‬أو ٌتعجل القابد فٌختار حسب‬ ‫قد ٌخطؤ القابد فى إختٌار َمن َّ‬ ‫الظاهر‪ ..‬وهنا نذكر حٌن ذهب صموبٌل النبى لٌمسح ملكا ً عوض شاول‪ ..‬من‬ ‫ى الكبار‪ ..‬وظن أنهم األفضل‪ ..‬جاءه صوت‬ ‫ى‪ ..‬ووقؾ أمامه أوالد ٌس َّ‬ ‫بٌت ٌس َّ‬ ‫ص ُموئٌِ َل‪« :‬ال َ ت َ ْنظُ ْر إِلَى َم ْن َظ ِر ِه َوطُو ِل قَا َمتِ ِه ألَنًِّ قَ ْد‬ ‫ب ِل َ‬ ‫الحكمة اإللهٌة "فَقَا َل ال َّر ُّ‬

‫ب فَ ِإنَّه ُ‬ ‫َرفَ ْ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫سانَ ٌَ ْنظُ ُر ِإلَى ا ْل َع ٌْنَ ٌْ ِن‪َ ,‬وأ َ َّما َّ‬ ‫ضتُهُ‪ .‬ألَنَّه ُ لَ ٌْ َ‬ ‫سانُ‪ .‬ألَنَّ ْ ِ‬ ‫س َك َما ٌَ ْنظُ ُر ْ ِ‬ ‫ب»" (ٔصم ‪.)3 : ٔٙ‬‬ ‫ٌَ ْنظُ ُر ِإلَى ا ْلقَ ْل ِ‬

‫وقد ٌخطؤ القابد فى اإلختٌار فٌركز على صفة واحدة متناسٌا ً صفات‬ ‫أخرى هامة مثل القدرة على التوافق مع فرٌق العمل‪ ..‬خضوع الشخص‬ ‫للكنٌسة‪ ..‬والبه‪ ..‬خبراته‪ ..‬قوة شخصٌته‪ ..‬أمانته وإلتزامه‪ ..‬قبول اآلخرٌن له‪..‬‬ ‫وأهم من كل هذا قوة وصدق عبلقته باهلل‪.‬‬ ‫وقد ال ٌجٌد القابد الروحى إختٌار معاونٌه‪ ..‬فى هذه الحالة البد أن‬ ‫ٌتؤنى‪ ..‬وٌُصلى بحرارة‪ ..‬وٌختبر المرشحٌن إن أمكن فى مهام بسٌطة‪..‬‬ ‫ٖٗ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫وٌستمع لرأى اآلخرٌن فٌهم‪ ..‬وٌحاول دراسة شخصٌاتهم وخلفٌاتهم وظروفهم‪..‬‬ ‫دون أن ٌنسى قدرة هللا على تؽٌ​ٌر الطباع وتؽطٌة العٌوب‪.‬‬ ‫حٌن إختار السٌد المسٌح تبلمٌذه قضى اللٌل كله فى الصبلة " َوفًِ تِ ْلكَ‬ ‫صالَ ِة ِ َّ​ّللِ‪َ .‬ولَ َّما كَانَ النَّ َها ُر دَعَا‬ ‫ًِ‪َ .‬وقَضَى اللَّ ٌْ َل كُلَّهُ فًِ ال َّ‬ ‫األٌََّ ِام َخ َر َج ِإلَى ا ْل َج َب ِل ِلٌُ َ‬ ‫صلّ َ‬ ‫سالً»" (لو ‪..)ٖٔ ، ٕٔ : ٙ‬‬ ‫تَالَمِ ٌذَهُ َوإختار مِ ْن ُه ُم اثْنَ ًْ َ‬ ‫س َّماهُ ْم أ َ ٌْضا ً « ُر ُ‬ ‫عش َ​َر الَّذٌِنَ َ‬

‫ولم ٌكن هذا بداٌة معرفته بهإالء التبلمٌذ‪ ..‬فنرى مثبلً أنه دخل بٌت سمعان‬ ‫بطرس وشفى حماته وصنع معجزات من بٌته (لو ٗ)‪ ..‬ودخل سفٌنته‪ ..‬ومعه‬ ‫إلى العمق ودعاه بعد صٌد السمك الكثٌر لٌكون صٌادا ً للناس‪ ..‬وتبعه بطرس‬ ‫(لو ٘)‪ ..‬كل هذا قبل أن ٌسمٌه رسوالً وٌحسبه من األثنى عشر‪.‬‬ ‫أ ّما ٌشوع‪ ..‬فكان حكٌما ً أٌضا ً فى إختٌار مساعدٌه‪ ..‬ولجؤ ٌشوع للشعب‬ ‫عش َ​َر‬ ‫ب اثْنَ ًْ َ‬ ‫لٌنتخبوا من ٌمثلهم‪ ..‬وحدث هذا أكثر من مرة "ا ْنتَخِ بُوا مِ نَ ال َّ‬ ‫ش ْع ِ‬

‫سطِ األ ُ ْرد ُِّن‬ ‫َر ُجالً‪َ .‬ر ُجالً َواحِ دا ً مِ نْ كُ ِ ّل ِ‬ ‫‪.‬وأْ ُم ُروهُ ْم قَائِ ِلٌنَ ‪ْ :‬‬ ‫احمِ لُوا مِ نْ هُنَا مِ نْ َو َ‬ ‫س ْب ٍط َ‬ ‫ع ِبّ ُروهَا َم َعكُ ْم َو َ‬ ‫ضعُوهَا فًِ‬ ‫عش َ​َر َح َجراً‪َ ,‬و َ‬ ‫س َخةً اثْنَ ًْ َ‬ ‫ِف أ َ ْر ُج ِل ا ْل َك َهنَ ِة َرا ِ‬ ‫مِ نْ َم ْوق ِ‬ ‫ت الَّذِي ت َ ِبٌت ُونَ فٌِ ِه اللَّ ٌْلَةَ" (ٌش ٗ ‪ ..)ٖ ، ٕ :‬ثم عٌنهم ٌشوع وهذا ٌعنى أنه‬ ‫ا ْل َم ِبٌ ِ‬

‫البد أن ٌقبل هذا اإلنتخاب وٌعطى السلطة واإلشهار بتعٌ​ٌن هإالء المنتخبٌن‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ ,‬ر ُجالً َواحِ دا ً مِ نْ كُ ِ ّل‬ ‫عش َ​َر َر ُجالً الَّذٌِنَ َ‬ ‫"فَدَعَا ٌَشُوعُ ا ِالثْنَ ًْ َ‬ ‫عٌَّنَ ُه ْم مِ نْ بَنًِ إِ ْ‬ ‫ِس ْب ٍط " (ٌش ٗ ‪.)ٗ :‬‬

‫ومرة أخرى فى الحرب الثانٌة مع عاي‪ ..‬عاد وإنتخب رجال الحرب‬ ‫ف‬ ‫ب لِل ُّ‬ ‫ب ٌَشُوعُ ثَالَثٌِنَ أ َ ْل َ‬ ‫صعُو ِد إِلَى عَايٍ‪َ .‬وا ْنت َ َخ َ‬ ‫"فَقَا َم ٌَشُوعُ َوجَمِ ٌ ُع ِر َجا ِل ا ْل َح ْر ِ‬ ‫سلَ ُه ْم لَ ٌْالً" (ٌش ‪.)ٖ : 1‬‬ ‫َر ُج ٍل َجبَابِ َرةَ ا ْلبَؤ ْ ِس َوأ َ ْر َ‬

‫كما شارك ألعازار الكاهن ٌشوع بن نون كل مراحل تقسٌم األرض‬ ‫فٌؤخذ ربٌس الكهنة البار (ألعازار) مكانه الطبٌعى فٌكون شاهدا ً على القرعة‬ ‫بٌن األسباط‪ ..‬أ ّما إختٌاره لفٌنحاس بن ألعازار مع ممثلى األسباط فكان إختٌارا ً‬ ‫موفقا ً شارك فى حل أزمة شدٌدة كادت تعصؾ بوحدة الشعب‪.‬‬

‫ٗ​ٗ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫وقد ال ٌخلو األمر من إختٌار ؼٌر موفق‪ ..‬أو ٌكون اإلختٌار سلٌماً‪ ..‬ثم‬ ‫ٌنحرؾ هذا المختار‪ ..‬مثلما حدث مع ٌهوذا الذى كان محسوبا ً من ضمن األثنى‬ ‫عشر‪ ..‬أو الشماس نٌقوالوس الذى صار هرطوقٌا ً مبتدعاً‪ ..‬أو حتى شاول‬ ‫الملك الذى إنتهى نهاٌة سٌبة‪ ..‬أو ما قٌل عن دٌماس أحد تبلمٌذ بولس الرسول‬ ‫سالُونٌِكًِ" (ٕتً ٗ ‪:‬‬ ‫َب الَى ت َ َ‬ ‫ب ا ْلعَالَ َم ا ْل َح ِ‬ ‫اس قَ ْد ت َ​َر َكنًِ ا ْذ ا َح َّ‬ ‫اض َر َوذَه َ‬ ‫"ألَنَّ دٌِ َم َ‬ ‫ٓٔ)‪ ..‬فبل ٌنزعج القابد كثٌرا ً إنما ٌكمل المسٌرة محاوالً إلى النهاٌة إصبلح هذا‬

‫الخام أو المسبول‪ ..‬وأٌضا ً تجنب المشاكل وعبلجها التى قد تسبب فٌها‪.‬‬ ‫وقد ٌتعجل القابد فبل ٌقد ّر إمكانٌات البعض وال ٌعتبرهم مستحقٌن‬ ‫َار بَ ْرنَابَا‬ ‫لئلختٌار‪ ..‬فقد ظ َّن بولس الرسول أوالً أن مرقس ال ٌصلح للخدمة "فَؤَش َ‬

‫س ُن أَنَّ الَّذِي‬ ‫ست َْح ِ‬ ‫س فَكَانَ ٌَ ْ‬ ‫س‪َ .‬وأ َ َّما بُولُ ُ‬ ‫أَنْ ٌَؤ ْ ُخذَا َمعَ ُه َما أ َ ٌْضا ً ٌُو َحنَّا الَّذِي ٌُ ْدعَى َم ْرق ُ َ‬ ‫َب َم َع ُه َما ِل ْل َع َم ِل الَ ٌَؤ ْ ُخذَا ِن ِه َمعَ ُه َما" (أع ٘ٔ ‪، ٖ3 :‬‬ ‫ارقَ ُه َما مِ نْ بَ ْمفٌِ ِلٌَّةَ َولَ ْم ٌَ ْذه ْ‬ ‫فَ َ‬ ‫‪ ..)ٖ1‬وإنما كان لبرنابا رإٌة أعمق ونظرة فاحصة أكثر‪ ..‬وتبنى برنابا القدٌس‬

‫مرقس الشاب الذى صار كارزا ً لمصر وأفرٌقٌا وكاتبا ً ألول بشارة فى اإلنجٌل‪.‬‬ ‫س َوأ َ ْح ِض ْرهُ َمعَكَ ألَنَّهُ نَافِ ٌع لًِ‬ ‫وعاد بولس ٌشهد له أخٌرا ً " ُخ ْذ َم ْرقُ َ‬ ‫ِل ْلخِ ْد َم ِة" (ٕتً ٗ ‪ ..)ٔ​ٔ :‬وقد أحسن بولس الرسول اإلختٌار فى حالة تٌموثاوس‬ ‫س ا ْب ُن ا ْم َرأ َ ٍة‬ ‫"ث ُ َّم َو َ‬ ‫ست َِرةَ َو ِإذَا ِت ْلمِ ٌذ ٌ كَانَ هُنَاكَ ا ْ‬ ‫ص َل ِإلَى د َْر َبةَ َو ِل ْ‬ ‫س ُمهُ تٌِ ُموث َ ُ‬ ‫او ُ‬ ‫ست َِرةَ‬ ‫ًِ‪َ .‬وكَانَ َم ْ‬ ‫اإل ْخ َو ِة الَّذٌِنَ فًِ ِل ْ‬ ‫ش ُهودا ً لَه ُ مِ نَ ِ‬ ‫ٌَ ُهو ِدٌَّ ٍة ُمإْ مِ نَ ٍة َولَ ِكنَّ أَبَاهُ ٌُونَان ٌّ‬ ‫َوإٌِقُونٌَِةَ" (أع ‪.)ٕ ، ٔ : ٔٙ‬‬

‫٘ٗ‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫خامصاً‪ ..‬ناجح فى التواصل‬

‫‪successful Communication‬‬

‫قد ٌكون القابد عمٌقا ً فى تفكٌره‪ ..‬ثاقب الرإٌة‪ ..‬حكٌما ً فى إختٌاراته‪..‬‬ ‫ٌإمن بالتفوٌض‪ ..‬ولكنه ٌعجز أن ٌتواصل مع فرٌقه أو تابعٌه أو رعٌته‪ ..‬وال‬ ‫ٌستطٌع أن ٌنقل ما فى قلبه وعقله إلى قلوبهم وعقولهم‪.‬‬ ‫والتواصل‪ ..‬فن الحٌاة‪ ..‬التواصل هو أساس الصبلت والعبلقات‪..‬‬ ‫فالصبلة تواصل مع هللا بكل الطرق‪ ..‬بالسجود وبالترنٌم‪ ..‬بالخلوة وبالقراءة‪..‬‬ ‫بصبلة ٌسوع وبالتؤمل‪ ..‬والعبلقات اإلنسانٌة كلها تُبنى على التواصل‪ ..‬فنجاح‬ ‫الزوجٌن مرتبط بنجاح التواصل فٌما بٌنهما‪ ..‬ونجاح األبوة واألمومة فى‬ ‫التربٌة والتنشؤة والتكوٌن مرتبط بدرجة التواصل مع األوالد‪ ..‬ونجاح أى‬ ‫صاحب عمل فى تواصله مع َمن معه ومع عمبلبه ومدٌرٌه‪.‬‬ ‫والقابد الروحى البد أن ٌحسن التواصل‪ ..‬بالكبلم‪ ..‬بالنظرات‪..‬‬ ‫باللمسات النقٌة‪ ..‬باإلبتسامة‪ ..‬باإلستماع الجٌد‪ ..‬بالهداٌا‪ ..‬باإلهتمام‪ ..‬بالتقدٌر‪..‬‬ ‫بالتشجٌع‪ ..‬بالكتابة أحٌاناً‪.‬‬ ‫والتواصل فى حٌاة ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ ٌستحق أن تكتب فٌه‬ ‫عشرات الكتب‪ ..‬ألن ربنا ٌسوع لم ٌكن منعزالً عن الجموع بالرؼم من محبته‬ ‫للخلوة والصبلة والجبل‪ ..‬بل ان ربنا ٌسوع أعطى أولوٌة للتواصل مع تبلمٌذه‬ ‫فكان ٌختلى بهم بعٌدا ً عن الجموع ٌسمعهم وٌناقشهم‪ ..‬ومرة سؤلهم " َمنْ ٌَقُو ُل‬ ‫اس ِإنًِّ أَنَا؟" (مر ‪ ..)ٕ3 : 1‬ومرة أخرى " ِب َماذَا كُ ْنت ُ ْم تَتَكَالَ ُمونَ فًِ َما َب ٌْنَكُ ْم‬ ‫النَّ ُ‬ ‫فًِ ال َّ‬ ‫ان‬ ‫ٌق؟" (مر ‪ ..)ٖ​ٖ : 2‬ومع تلمٌذى عمواس " َما َهذَا ا ْل َكالَ ُم الَّذِي تَت َ َط َ‬ ‫ار َح ِ‬ ‫ط ِر ِ‬ ‫ب"‬ ‫ِب ِه َوأ َ ْنت ُ َما َما ِ‬ ‫ان عَا ِب َ‬ ‫س ٌْ ِن؟" (لو ٕٗ ‪ ..)ٔ3 :‬ومع السامرٌة "أَعْطِ ٌنًِ ألَش َْر َ‬ ‫ش ٌَ ِ‬ ‫(ٌو ٗ ‪ ..)3 :‬ومع المخلع "أَت ُِرٌد ُ أَنْ ت َ ْب َرأَ؟" (ٌو ٘ ‪ ..)ٙ :‬وكل هذه اللقاءات‬ ‫تحولت إلى أحادٌث طوٌلة بسبب حكمة ربنا ٌسوع المسٌح فى فتح باب الحدٌث‬ ‫وتقدٌم فكره إلى فكر َمن حوله‪ ..‬واإلستماع الجٌد لما ٌدور داخلهم‪.‬‬ ‫‪ٗٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫ولم ٌقؾ فن التواصل عند المسٌح على الحوارات واللقاءات والعظات‬ ‫واألمثلة والتواجد والمشاركة‪ ..‬بل أٌضا ً مع األطفال كان هناك نوع خاص من‬ ‫ضنَ ُه ْم َو َو َ‬ ‫احت َ َ‬ ‫ار َك ُه ْم" (مر ٓٔ ‪.)ٔٙ :‬‬ ‫ض َع ٌَدَ ٌْ ِه َ‬ ‫التواصل‪" ..‬فَ ْ‬ ‫علَ ٌْ ِه ْم َوبَ َ‬ ‫وفى لٌلة صلٌبه قضى المسٌح ساعات طوٌلة فى حوارات كثٌرة بدأها‬ ‫بؽسٌل األرجل وختمها بصبلته الوداعٌة‪ ..‬ثم طلب منهم السهر معه فى‬ ‫س َه ُروا‬ ‫امكُثُوا َه ُهنَا َوا ْ‬ ‫جثٌمانى‪ ..‬وأعترؾ أمامهم "نَ ْفسًِ َح ِزٌنَة ٌ ِجدّا ً َحتَّى ا ْل َم ْوتِ‪ْ .‬‬ ‫َمعًِ" (مت ‪ ..)ٖ1 : ٕٙ‬كل هذا‪ ..‬جعل العبلقة بٌن المسٌح وتبلمٌذه أقوى ما‬ ‫ٌمكن‪.‬‬ ‫أ ّما ٌشوع فكان ناجحا ً أٌضا ً فى التواصل‪ ..‬فهو أوالً رجل صبلة كما‬ ‫ذكرنا‪ٌ ..‬تقن اإلتصال باهلل‪ ..‬وهو أٌضا ً رجل شعبى لم ٌؽب عن عٌون شعبه‪..‬‬ ‫لم ٌختفى من أمامهم فى األزمات‪ ..‬كان تواجده شبه دابم‪ ..‬وحضوره فعّال‪..‬‬ ‫ونرى سلسلة من حواراته مع شعبه‪ ..‬مع العرفاء‪ ..‬مع الجاسوسٌن‪ ..‬مع عخان‬ ‫بن كرمً‪ ..‬مع الجبعونٌ​ٌن‪ ..‬مع الملوك األعداء‪ ..‬مع كالب بن ٌفنة وطلبه جبل‬ ‫حبرون‪ ..‬مع بنات صلفحاد (ٌش ‪ ..)ٔ3‬مع الشعب فى نهاٌة حٌاته‪.‬‬ ‫كل هذه الحوارات بما فٌها من إستماع جٌد وطول أناة وقبول الرأى‬ ‫اآلخر والحكمة فى عرض أى قرار وشرح أى خطة وعدم اإلستبثار بالقرار‬ ‫جعل ٌشوع محبوبا ً من كل شعبه‪ ..‬قوٌا ً فى نظرهم‪ ..‬وحكٌما ً وناجحاً‪.‬‬ ‫الحوار والتواصل‪ٌ ..‬جعل الناس تتقارب‪ ..‬وهذا التقارب ٌحمى الجموع‬ ‫من مشاكل كثٌرة‪ ..‬وٌترك رصٌد من الحب ٌتصدى ألى مشاكل قد تحدث‪..‬‬ ‫كما أن الحوار والتواصل ٌجعل العقل منفتحا ً وناضجاً‪ ..‬ف ٌَعً أمور جدٌدة‬ ‫وٌستنٌر وٌتعلم وٌنمو فٌصٌر األداء أفضل والقرار أكثر حكمة‪.‬‬ ‫هناك من القادة َمن ال ٌسمع ألحد ؼٌر صوت نفسه‪ ..‬وهناك َمن ٌسمع‬ ‫وكؤنه ال ٌسمع‪ ..‬بل ٌتجاهل ما سمعه تماماً‪ ..‬وهناك َمن ٌسمع لٌستعد للرد‬ ‫لٌثبت أنه على حق‪ ..‬وكؤنه أٌضا ً لم ٌسمع‪.‬‬ ‫‪ٗ3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫وهناك القابد الجاؾ الذى ال ٌشجع وال ٌبتسم وال ٌراعى الظروؾ وال‬ ‫ٌقبل األعذار وال ٌحترم ضعفات َمن حوله وٌتجاهل إحتٌاجاتهم وإعتراضاتهم‬ ‫وٌسخر من تفكٌرهم‪ ..‬مثل هذا القابد البد أن ٌنتهى وحده وقد فقد رعٌته وفقد‬ ‫هدفه‪.‬‬ ‫وإٌمانا ً بالتواصل لم ٌكتؾ ٌشوع أن ٌستذكر وحده الوصاٌا‪ ..‬وال حتى‬ ‫أصر أن جمٌع الشعب‬ ‫أن ٌتؤكد من وعى الكهنة والرإساء بالشرٌعة‪ ..‬ولكنه‬ ‫َّ‬ ‫ٌعرؾ تماما ً حق هللا ووصاٌاه‪ ..‬وباألخص بعد خٌانة ؼخان بن كرمى‪ ..‬ربما‬ ‫إعتقد ٌشوع أن الشعب لم ٌكن حرٌصا ً كما ٌجب على وصٌة تحرٌم الؽنابم‪..‬‬ ‫سى الَّتًِ َكت َ َب َها أ َ َما َم‬ ‫فما كان منه إال أن " َو َكت َ​َب هُنَاكَ َ‬ ‫ار ِة نُ ْ‬ ‫س َخةَ ت َْو َرا ِة ُمو َ‬ ‫علَى ا ْلحِ َج َ‬ ‫ت‬ ‫ِب التَّابُو ِ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ .‬وجَمِ ٌ ُع ِإ ْ‬ ‫بَنًِ ِإ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل َوشٌُُو ُخ ُه ْم‪َ ,‬وا ْلعُ َر َفا ُء َوقُضَات ُ ُه ْم‪َ ,‬و َقفُوا َجان َ‬ ‫ٌب َك َما‬ ‫مِ نْ هُنَا َومِ نْ هُنَاكَ ُمقَابِ َل ا ْل َك َهنَ ِة الالَّ ِو ٌٌِّنَ حَامِ لًِ ت َابُو ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ب‪ .‬ا ْلغَ ِر ُ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع ْه ِد َّ‬ ‫صفُ ُه ْم ِإلَى ِج َه ِة َج َب ِل عٌِ َبا َل‪َ ,‬ك َما أ َ َم َر‬ ‫صفُ ُه ْم ِإلَى ِج َه ِة َج َب ِل ِج ِر ِ ّزٌ َم‪َ ,‬و ِن ْ‬ ‫ًِ‪ِ .‬ن ْ‬ ‫ا ْل َو َطن ُّ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ .‬وبَ ْعدَ ذَ ِلكَ قَ َرأ َ جَمِ ٌ َع َكالَ ِم الت َّ ْو َرا ِة‪:‬‬ ‫سى َ‬ ‫ب أ َ َّوالً ِلبَ َر َك ِة َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫ُمو َ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ع ْبد ُ َّ‬ ‫س ْف ِر الت َّ ْو َرا ِة‪ .‬لَ ْم تَكُنْ َك ِل َمة ٌ مِ نْ كُ ِ ّل َما أ َ َم َر بِ ِه‬ ‫ِب فًِ ِ‬ ‫ا ْلبَ َركَةَ َواللَّ ْعنَةَ‪َ ,‬ح َ‬ ‫ب كُ ِ ّل َما كُت َ‬ ‫س َ‬ ‫سائِ ِر‬ ‫سى لَ ْم ٌَ ْق َرأْهَا ٌَشُوعُ قُدَّا َم كُ ِ ّل َج َما َ‬ ‫ع ِة ِإ ْ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫س َرائٌِ َل َوالنِّ َ‬ ‫ُمو َ‬ ‫ساءِ َواأل َ ْطفَا ِل َوا ْلغَ ِرٌ ِ‬ ‫سطِ ِه ْم" (ٌش ‪ ٖٕ : 1‬ـ ٖ٘)‪.‬‬ ‫فًِ َو َ‬

‫وبهذه الطرٌقة التى ربما تكررت مرارا ً كثٌرة لم نسمع أن مشكلة عاي‬ ‫وخٌانة ؼخان تكررت مرة أخرى‪ ..‬وصار كل الشعب حرٌصا ً أمٌنا ً وواعٌا ً‬ ‫بسبب التواصل والتعلٌم للكل‪.‬‬

‫‪ٗ1‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫شادشاً‪ ..‬يتقو ترتيب األولويات وتوزيع الوقت‬ ‫‪Setting Priorities & Time Management‬‬ ‫لكى تدرك كفاءة أى قابد‪ ..‬أنظر إلى قدرته على توزٌع وقته على حسب‬ ‫أولوٌاته‪ ..‬وأنظر ما هى أولوٌاته التى تحقق هدفه؟!‬ ‫ونجد فى تارٌخ العهد القدٌم أمثلة كثٌرة لقادة إنشؽلوا عن الهدؾ وكانت‬ ‫أولوٌاتهم بعٌدة عن إرادة هللا‪ ..‬فإستهلكت الوقت والجهد‪ ..‬فهوذا الملك أبٌَّا ملك‬ ‫ٌهوذا بعد مساندة هللا له فى حربه مع ملك إسرابٌل الذى عبد األوثان‪ٌ ..‬نقلب‬ ‫عش َ​َرةَ‬ ‫س ِه أ َ ْربَ َع َ‬ ‫إلى رجل ال ٌشؽله إال الزوجات واألوالد " َوت َ َ‬ ‫شدَّدَ أَبٌَِّا َوات َّ َخذَ ِلنَ ْف ِ‬ ‫ْام َرأَةً َو َولَدَ اثْنَ ٌْ ِن َو ِعش ِْرٌنَ ا ْبنا ً َوسِتَّ َعش َ​َرةَ بِ ْنتا ً‪ٕ( ".‬أخ ٖٔ ‪ ..)ٕٔ :‬بٌنما نرى‬ ‫ابنه الملك آسا وضع فى أولوٌاته أن ٌنزع الرجاسات من شعبه وأن ٌنشر‬ ‫ع‬ ‫شدَّدَ َونَ َز َ‬ ‫ً ِ تَ َ‬ ‫سمِ َع آ َ‬ ‫التعلٌم المستقٌم "فَلَ َّما َ‬ ‫سا َهذَا ا ْل َكالَ َم َونُب ُ َّوةَ عُودٌِدَ النَّبِ ّ‬

‫ض ٌَ ُهوذَا َوبِ ْنٌَامِ ٌنَ َومِ نَ ا ْل ُمد ُِن الَّتًِ أ َ َخذَهَا مِ نْ َج َب ِل أ َ ْف َرا ٌِ َم‬ ‫سا ِ‬ ‫ت مِ نْ كُ ِ ّل أ َ ْر ِ‬ ‫الر َجا َ‬ ‫َّ‬ ‫ب‪ٕ( ".‬أخ ٘ٔ ‪.)1 :‬‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫اق َّ‬ ‫َو َجدَّدَ َم ْذبَ َح َّ‬ ‫ب الَّذِي أ َ َما َم ِر َو ِ‬

‫لكن آسا الذى بدأ قابدا ً روحٌا ً إنقلب أخٌرا ً إلى إنسان ٌتكل على ذراع‬ ‫بشر ووضع أولوٌاته رضا الناس ولٌس رضا هللا وإستند على ملك آرام‪ ..‬وحٌن‬ ‫وبّخه رجل هللا حنانى الرابى‪ ..‬ؼضب آسا علٌه ووضعه فى السجن‪ ..‬ولهذا‬ ‫س ْف ِر ا ْل ُملُوكِ ِلٌَ ُهوذَا‬ ‫ٌرة ُ َم ْكت ُوبَةٌ فًِ ِ‬ ‫كتب الوحى المقدس " َوأ ُ ُمو ُر آ َ‬ ‫سا األُولَى َواألَخِ َ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ٕ( ".‬أخ ‪.)ٔ​ٔ : ٔٙ‬‬ ‫َوإِ ْ‬ ‫وإلهنا الصالح ربنا ٌسوع كان قابدا ً ُمدققا ً فى توزٌع الوقت‪ ..‬إذ كانت‬ ‫أولوٌاته واضحة‪ ..‬حتى أنه أحٌانا ً كان ٌترك تبلمٌذه على ؼٌر رؼبتهم لٌنفرد‬ ‫سكون ببقابه معهم مدة أطول‪ ..‬إعتذر لهم‬ ‫فى الجبل لٌُصلى‪ ..‬وحٌن أتاه قوم ٌتم ّ‬ ‫بؤن له برنامجا ً آخر‪ ..‬وأولوٌات أخرى‪ ..‬وهى أن ٌؽطى كل قرى الجلٌل " َولَ َّما‬ ‫َب ِإلَى ا ْلقُ َرى ا ْل ُم َجا ِو َر ِة‬ ‫َو َجد ُوهُ قَالُوا لَهُ‪ِ « :‬إنَّ ا ْلجَمِ ٌ َع ٌَ ْطلُبُونَكَ »‪ .‬فَقَا َل لَ ُه ْم‪ِ « :‬لنَ ْذه ْ‬ ‫‪ٗ2‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫ألَك ِْر َز هُنَاكَ أ َ ٌْضا ً ألَنًِّ ِل َهذَا َخ َر ْجتُ »‪ .‬فَكَانَ ٌَك ِْر ُز فًِ َمجَامِ ِع ِه ْم فًِ كُ ِ ّل ا ْل َجلٌِ ِل‬ ‫شٌَاطِ ٌنَ ‪( ".‬مرٔ ‪ ٖ3 :‬ـ ‪.)ٖ2‬‬ ‫ج ال َّ‬ ‫َوٌُ ْخ ِر ُ‬

‫وتظهر أولوٌات ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ حٌن أرسل تبلمٌذه‬ ‫لٌبتاعوا طعاما ً لٌنفرد بالحدٌث مع المرأة السامرٌة‪ ..‬ولم ٌكن األكل والشرب‬ ‫أولوٌة له‪ ..‬حتى قال له تبلمٌذه "قَا َل لَ ُه ْم ٌَسُوعُ‪َ « :‬ط َعامِ ً أَنْ أ َ ْع َم َل َمشٌِئ َةَ الَّذِي‬ ‫سلَنًِ َوأُت َ ِ ّم َم َع َملَهُ" (ٌو ٗ ‪ ..)ٖٗ :‬كما ٌُظهر قٌمة الوقت فى حٌاة ربنا ٌسوع‬ ‫أ َ ْر َ‬ ‫صلًِّ‬ ‫ص ْبحِ بَاكِرا ً ِجدّا ً قَا َم َو َخ َر َ‬ ‫المسٌح " َوفًِ ال ُّ‬ ‫ج َو َمضَى ِإلَى َم ْو ِضعٍ َخالَ ٍء َوكَانَ ٌُ َ‬ ‫ًِ‪َ .‬وقَضَى اللَّ ٌْ َل كُلَّه ُ‬ ‫هُنَاكَ " (مر ٔ ‪َ " ..)ٖ٘ :‬وفًِ تِ ْلكَ األٌََّ ِام َخ َر َ‬ ‫ج ِإلَى ا ْل َجبَ ِل ِلٌُ َ‬ ‫صلّ َ‬ ‫ّلل" (لو ‪.)ٕٔ : ٙ‬‬ ‫صالَ ِة ِ َّ ِ‬ ‫فًِ ال َّ‬ ‫وأدار ربنا ٌسوع سنوات خدمته بحكمة بالؽة إتسعت لمبات من العظات‬ ‫والكرازة وأٌضا ً تلمذة التبلمٌذ وشفاء المرضى ولم ٌترك فرصة إال وكان ٌُعلم‬ ‫س َماءِ أ َ ْوكَا ٌر‬ ‫ور ال َّ‬ ‫وٌجول ٌصنع خٌراً‪ ..‬حتى قال عن نفسه "لِلثَّعَا ِل ِ‬ ‫ب أ َ ْو ِج َرة ٌ َو ِلطٌُُ ِ‬ ‫سهُ" (مت ‪.)ٕٓ : 1‬‬ ‫س لَه ُ أ َ ٌْنَ ٌُ ْ‬ ‫س ِند ُ َرأْ َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ان فَلَ ٌْ َ‬ ‫َوأ َ َّما ا ْب ُن ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ونعود إلى ٌشوع‪ ..‬فنجده أٌضا ً ٌفتدى الوقت‪ ..‬وٌسابق األٌام لٌتمم‬ ‫مهمته فى توزٌع األراضى على األسباط وإستقرار كل سبط وكان هذا ٌستلزم‬ ‫تنظٌؾ كل األراضى من الوثنٌن واألوثان‪ ..‬وتثبٌت اإلٌمان بتحفٌظ الشرٌعة‪..‬‬ ‫وإنتخاب القٌادات المسبولة وتدرٌبها لقٌادة الشعوب المتفرقة حسب الوصٌة‪..‬‬ ‫حتى وقؾ ٌشوع فى نهاٌة أٌامه ٌنظر إلى ورابه ُمتعجبا ً من عمل هللا معه‪..‬‬ ‫ٌِر ٍة‪ ,‬بَ ْعدَ َما‬ ‫وكٌؾ سمح العمر بهذه اإلنجازات والبركات فقال " َوكَانَ غ َّ‬ ‫ِب أٌََّ ٍام َكث َ‬

‫ع شَا َ‬ ‫خ‪ .‬تَقَدَّ َم فًِ األٌََّ ِام‪ .‬فَدَعَا‬ ‫س َرائٌِ َل مِ نْ أ َ ْعدَائِ ِه ْم َح َوالَ ٌْ ِه ْم‪ ,‬أَنَّ ٌَشُو َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫الر ُّ‬ ‫أ َ َرا َح َّ‬ ‫سا َءهُ َوقُضَاتَه ُ َوع َُرفَا َءهُ َوقَا َل لَ ُه ْم‪« :‬أَنَا قَ ْد‬ ‫ٌَشُوعُ جَمِ ٌ َع إِ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل َوشٌُُو َخه ُ َو ُر َإ َ‬ ‫ب ِإلَ ُهكُ ْم ِبجَمِ ٌعِ أُولَئِكَ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ش ِْختُ ‪ .‬تَقَدَّ ْمتُ فًِ األٌََّ ِام‪َ .‬وأ َ ْنت ُ ْم قَ ْد َرأ َ ٌْت ُ ْم كُ َّل َما عَمِ َل َّ‬ ‫س ْمتُ لَكُ ْم‬ ‫ب َ‬ ‫ال ُّ‬ ‫ع ْنكُ ْم‪ .‬ا ُ ْنظُ ُروا‪ .‬قَ ْد قَ َ‬ ‫الر َّ‬ ‫ب إِلَ َهكُ ْم ه َُو ا ْل ُم َح ِار ُ‬ ‫شعُو ِ‬ ‫ب مِ نْ أ َ ْج ِلكُ ْم‪ ,‬أل َ َّن َّ‬ ‫ب‬ ‫ٌع ال ُّ‬ ‫ع ِة َه ُإالَءِ ال ُّ‬ ‫ِبا ْلقُ ْر َ‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫وب ا ْلبَا ِقٌنَ ُم ْلكا ً َح َ‬ ‫شعُو ِ‬ ‫س َ‬ ‫شعُ َ‬ ‫سبَاطِ كُ ْم‪ ,‬مِ نَ األ ُ ْرد ُِّن َوجَمِ ِ‬ ‫الَّتًِ قَ َر ْ‬ ‫ب الش َّْم ِس‪ٌ( ".‬ش ٖٕ ‪ ٔ :‬ـ ٗ)‪ ..‬وٌإكد‬ ‫ٌم نَ ْح َو غُ ُرو ِ‬ ‫ضت ُ َها‪َ ,‬وا ْل َب ْح ِر ا ْل َعظِ ِ‬ ‫ِب فًِ َ‬ ‫ض‬ ‫ٌق األ َ ْر ِ‬ ‫لهم كٌؾ كانت أولوٌاته حفظ كلمة هللا‪َ " ..‬وهَا أَنَا ا ْل ٌَ ْو َم ذَاه ٌ‬ ‫ط ِر ِ‬ ‫ٓ٘‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫سقُ ْط َك ِل َمةٌ َواحِ دَة ٌ مِ نْ جَمِ ٌعِ ا ْل َكالَ ِم‬ ‫كُ ِلّ َها‪َ .‬وت َ ْعلَ ُمونَ بِكُ ِ ّل قُلُوبِكُ ْم َوكُ ِ ّل أ َ ْنفُ ِ‬ ‫سكُ ْم أَنَّه ُ لَ ْم ت َ ْ‬ ‫سقُ ْط مِ ْنهُ َك ِل َمة ٌ َواحِ دَةٌ‪ٌ( ".‬ش‬ ‫ب َ‬ ‫ال َّ‬ ‫ع ْنكُ ُم‪ .‬ا ْلكُ ُّل َ‬ ‫ار لَكُ ْم‪ .‬لَ ْم ت َ ْ‬ ‫الر ُّ‬ ‫صالِحِ الَّذِي ت َ َكلَّ َم بِ ِه َّ‬ ‫ص َ‬ ‫ٖٕ ‪.)ٔٗ :‬‬ ‫ومرة أخرى ٌهتم ٌشوع بتوصٌة شعبه قبل رحٌله " َو َكت َ​َب ٌَشُوعُ َهذَا‬ ‫صبَهُ هُنَاكَ ت َْحتَ ا ْلبَلُّو َط ِة الَّتًِ‬ ‫ا ْل َكالَ َم فًِ ِ‬ ‫اّللِ‪َ .‬وأ َ َخذَ َح َجرا ً َكبٌِرا ً َونَ َ‬ ‫س ْف ِر ش َِرٌعَ ِة َّ‬ ‫ب‪ِ « :‬إنَّ َهذَا ا ْل َح َج َر ٌَكُو ُن شَاهِدا ً‬ ‫ٌع ال َّ‬ ‫عِ َ​َ ُ‬ ‫َ ْندَ َم ْقد ِ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ِس َّ‬ ‫ب‪ .,‬ث ُ َّم قَا َل ٌَشُوعُ ِلجَمِ ِ‬ ‫علَ ٌْكُ ْم ِلئَالَّ ت َْج َحد ُوا‬ ‫ب الَّذِي َكلَّ َمنَا بِهِ‪ ,‬فٌََكُو ُن شَاهِدا ً َ‬ ‫َ‬ ‫علَ ٌْنَا‪ ,‬ألَنَّه ُ قَ ْد َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫سمِ َع كُ َّل َكالَ ِم َّ‬ ‫إِلَ َهكُ ْم»‪ٌ( ".‬ش ٕٗ ‪.)ٕ3 ، ٕٙ :‬‬

‫نرى قٌمة الوقت فى كل القادة الروحٌ​ٌن المشهورٌن‪ ..‬فها هوذا بولس‬ ‫ٌقول‪..‬‬ ‫عنْ َ‬ ‫ب‬ ‫س َ‬ ‫‪ِ " ‬إذا ً أَنَا أ َ ْرك ُ‬ ‫ب َكؤَنًِّ الَ أَض ِْر ُ‬ ‫َار ُ‬ ‫ٌِن‪َ .‬ه َكذَا أُض ِ‬ ‫ُض َه َكذَا َكؤَنَّهُ لَ ٌْ َ‬ ‫غ ٌْ ِر ٌَق ٍ‬ ‫ا ْل َه َوا َء" (ٔكو ‪.)ٕٙ : 2‬‬ ‫ش ٌْئا ً َواحِ داً‪ِ :‬إ ْذ‬ ‫ِب نَ ْفسًِ أَنًِّ قَ ْد أَد َْر ْكتُ ‪َ .‬ولَ ِكنًِّ أ َ ْف َع ُل َ‬ ‫اإل ْخ َوةُ‪ ،‬أَنَا لَ ْ‬ ‫ستُ أ َ ْحس ُ‬ ‫‪" ‬أٌَُّ َها ِ‬ ‫ض أل َ ْج ِل َجعَالَ ِة‬ ‫سعَى نَ ْح َو ا ْلغَ َر ِ‬ ‫سى َما ه َُو َو َرا ُء َوأ َ ْمتَدُّ إِلَى َما ه َُو قُدَّا ُم‪ .‬أ َ ْ‬ ‫أَنَا أ َ ْن َ‬ ‫ع" (فً ٖ ‪.)ٔٗ ، ٖٔ :‬‬ ‫دَع َْو ِة ِ‬ ‫سو َ‬ ‫هللا ا ْلعُ ْل ٌَا فًِ ا ْل َمسٌِحِ ٌَ ُ‬

‫القابد الروحى دابما ً شعاره‪..‬‬ ‫ع ْنت ُكَ ‪ .‬ه َُوذَا اآلنَ َو ْقتٌ َم ْقبُو ٌل‪.‬‬ ‫ص أَ َ‬ ‫‪" ‬فًِ َو ْق ٍ‬ ‫سمِ ْعت ُكَ ‪َ ،‬وفًِ ٌَ ْو ِم َخالَ ٍ‬ ‫ت َم ْقبُو ٍل َ‬ ‫ص" (ٕكو ‪.)ٕ : ٙ‬‬ ‫ه َُوذَا اآلنَ ٌَ ْو ُم َخالَ ٍ‬ ‫ٌرة ٌ" (اؾ ٘ ‪.)ٔٙ :‬‬ ‫‪ُ " ‬م ْفتَدٌِنَ ا ْل َو ْقتَ ألَنَّ األٌََّا َم ش ِّ​ِر َ‬

‫ٔ٘‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫شابعأً‪ ..‬قادر على التحفيس‬

‫‪Motivating & Inspiring‬‬

‫القابد الروحى‪ ..‬هو شعلة نار‪ٌ ..‬ؤخذ منها كل َمن حولها‪ ..‬فتستنٌر‬ ‫المسكونة كلها‪ ..‬إنه شعلة حب هلل والناس‪ ..‬نار ؼٌرة ضد الشر والشهادة‬ ‫للحق‪ ..‬نور سراج‪ ..‬كما قال المسٌح عن القابد الروحى العظٌم ٌوحنا المعمدان‬ ‫ساعَةً" (ٌو٘ ‪.)ٖ٘ :‬‬ ‫س َِرا َ‬ ‫"كَانَ ه َُو ال ّ‬ ‫ور ِه َ‬ ‫ٌِر َوأ َ ْنت ُ ْم أ َ َر ْدت ُ ْم أَنْ ت َ ْبت َ ِه ُجوا ِبن ُ ِ‬ ‫ج ا ْل ُموقَدَ ا ْل ُمن َ‬

‫إن القابد الؽٌور على شعبه‪ ..‬تنتقل ؼٌرته إلى قلوب َمن حوله‪ ..‬ولهذا‬ ‫ض فَ َماذَا أ ُ ِرٌد ُ لَ ِو ا ْ‬ ‫ض َط َر َمتْ ؟" (لو ٕٔ ‪:‬‬ ‫ًِ نَارا ً َ‬ ‫علَى األ َ ْر ِ‬ ‫قال المسٌح " ِجئْتُ أل ُ ْلق َ‬ ‫‪ ..)ٗ2‬لهذا سكب المسٌح روحه ٌوم الخمسٌن على شكل ألسنة نار منقسمة على‬ ‫رأس كل واحد منهم‪ ..‬وهذه النار نراها تمتد طول صفحات كتاب سفر األعمال‬ ‫حتى تصل إلى أقصى األرض‪.‬‬ ‫والتحفٌز هو سبلح القابد فى تحرٌك شعبه نحو الهدؾ‪ ..‬وكلما إستطاع‬ ‫القابد التؤثٌر على رعٌته إٌجابٌا ً وإقناعهم عقلٌا ً وقلبٌا ً بالرسالة كلما سهل‬ ‫خضوعهم له‪ ..‬وكلما تحرك الموكب لؤلمام بسهولة‪.‬‬ ‫فنذكر داود القابد الروحى حٌن إحتفل بدخول التابوت إلى أورشلٌم لم‬ ‫ٌرسل المرنمٌن وحدهم وإنما تقدمهم ورتـَّب لهم الموكب وأعد المزامٌر‬ ‫الخاصة لئلحتفال والذبابح ببل عدد‪ ..‬وبهذا تح َّمس وراءه آالؾ المرنمٌن وكل‬ ‫الشعب وكان ٌوما ً عظٌماً‪.‬‬ ‫ور‬ ‫ًِ سُ َ‬ ‫ونذكر نحمٌا القابد الروحى الذى صرخ فى شعبه " َهلُ َّم فَنَ ْبن َ‬ ‫شلٌِ َم َوال َ نَكُو ُن بَ ْعد ُ عَارا ً" (نح ٕ ‪ ،)ٔ3 :‬وفى زمن قٌاسى تم بناء هذا السور‬ ‫أُو ُر َ‬

‫الضخم فى إثنٌن وخمسٌن ٌوما ً‪ ..‬ونذكر باألولى ربنا ٌسوع المسٌح الذى قضى‬ ‫أربعٌن ٌوما ً ٌظهر لتبلمٌذه بعد قٌامته ٌحدثهم عن أسرار ملكوته وٌحفزهم‬ ‫ٌن‬ ‫س َ‬ ‫ارتَفَ َع ِإلَى ال َّ‬ ‫الر َّ‬ ‫ب َب ْعدَ َما َكلَّ َم ُه ُم ْ‬ ‫للكرازة والخدمة "ث ُ َّم ِإنَّ َّ‬ ‫س َماءِ َو َجلَ َ‬ ‫عنْ ٌَمِ ِ‬ ‫ت‬ ‫ب ٌَ ْع َم ُل َمعَ ُه ْم َوٌُث َ ِبّتُ ا ْل َكالَ َم ِباآلٌَا ِ‬ ‫َّ‬ ‫الر ُّ‬ ‫َان َو َّ‬ ‫اّللِ‪َ .‬وأ َ َّما هُ ْم فَ َخ َر ُجوا َوك َ​َر ُزوا فًِ كُ ِ ّل َمك ٍ‬ ‫ٕ٘‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫التَّا ِب َعةِ‪ .‬آمِ ٌنَ " (مر ‪ ..)ٕٓ ، ٔ2 : ٔٙ‬وهكذا إنتشر النور بسرعة النار التى تؤكل‬ ‫الهشٌم فى الٌهودٌة والسامرة وإلى أقصى األرض‪.‬‬ ‫وربنا ٌسوع جعل من الخطاة لٌس فقط تاببٌن بل قدٌسٌن ورسل‪ ..‬كل‬ ‫هذا بسبب تشجٌعه وتحفٌزه المستمر‪.‬‬ ‫وفى صناعة القادة البد للقابد أن ٌكون مشجعا ً بكل الطرق بدون مبالؽة‬ ‫أو محاباة‪ ..‬وظهر هذا واضحا ً فى حٌاة ٌشوع فكان دابما ً محفزا ً لشعبه‬ ‫ومعاونٌه‪.‬‬ ‫ففى عبور األردن‪ ..‬وكان الموقؾ عسٌراً‪ ..‬وكثٌر من الٌهود ولدوا فى‬ ‫صحراء سٌناء ولم ٌروا بؤعٌنهم المعجزات المشابهة التى حدثت من أربعٌن‬ ‫سنة على ٌد موسى النبى‪ ..‬ولم ٌتخٌَّل أحد منهم كٌؾ نعبر نهر األردن وهو‬ ‫سوا أل َ َّن‬ ‫مملتا من جمٌع شطوطه‪ ..‬إلى أن صرخ فٌهم ٌشوع بملء الثقة "تَقَدَّ ُ‬ ‫ب ٌَ ْع َم ُل َ‬ ‫ِب" (ٌش ٖ ‪ ..)٘ :‬ثم قال ٌشوع " ِب َهذَا ت َ ْعلَ ُمونَ أ َ َّن‬ ‫سطِ كُ ْم َ‬ ‫غدا ً فًِ َو َ‬ ‫الر َّ‬ ‫ع َجائ َ‬ ‫َّ‬

‫سطِ كُ ْم‪َ ,‬و َط ْردا ً ٌَ ْط ُرد ُ مِ نْ أ َ َمامِ كُ ُم ا ْل َك ْنعَانِ ٌٌِّنَ َوا ْلحِ ِث ٌٌِّّنَ َوا ْلحِ ّ ِوٌٌِّنَ‬ ‫ً فًِ َو َ‬ ‫اّلل ا ْل َح َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ض‬ ‫س ٌٌِّنَ ‪ .‬ه َُوذَا ت َابُوتُ َ‬ ‫ور ٌٌِّنَ َوا ْلٌَبُو ِ‬ ‫َوا ْلف ِ​ِر ِ ّزٌٌِّنَ َوا ْل ِج ْر َجا ِ‬ ‫س ٌِّ ِد كُ ِ ّل األ َ ْر ِ‬ ‫ع ْه ِد َ‬ ‫ش ٌٌِّنَ َواأل َ ُم ِ‬ ‫عَابِ ٌر أ َ َما َمكُ ْم فًِ األ ُ ْرد ُ ِّن‪ٌ( ".‬ش ٖ ‪ ..)ٔ​ٔ ، ٔٓ :‬ووعدهم ٌشوع لٌس فقط بعبور‬

‫األردن بل بطرد كل الممالك الوثنٌة من كنعان‪ ..‬ألنه تشدد كؤنه ٌرى ما ال ٌُرى‬

‫صبَ َها ٌَشُوعُ فًِ ا ْل ِج ْل َجا ِل‪َ .‬وقَا َل ِلبَنًِ‬ ‫" َوا ِالثْنَا َ‬ ‫عش َ​َر َح َجرا ً الَّتًِ أ َ َخذُوهَا مِ نَ األ ُ ْرد ُِّن نَ َ‬ ‫سؤ َ َل بَنُوكُ ْم َ‬ ‫ارةُ؟‪ .‬ت ُ ْع ِل ُمونَ بَنٌِكُ ْم‬ ‫إِ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل‪« :‬إِذَا َ‬ ‫غدا ً آبَا َءهُ ْم قَائِ ِلٌنَ ‪َ :‬ما َه ِذ ِه ا ْلحِ َج َ‬ ‫س مِ ٌَا َه األ ُ ْرد ُ ِّن‬ ‫س ِة َ‬ ‫قَا ِئ ِلٌنَ ‪َ :‬‬ ‫عبَ َر إِ ْ‬ ‫علَى ا ْل ٌَا ِب َ‬ ‫س َرائٌِ ُل َهذَا األ ُ ْرد ُنَّ‪ .‬ألَنَّ ال َّر َّ‬ ‫ب ِإلَ َهكُ ْم قَ ْد ٌَبَّ َ‬ ‫سهُ مِ نْ أ َ َمامِ نَا َحتَّى‬ ‫مِ نْ أ َ َمامِ كُ ْم َحتَّى َ‬ ‫ب ِإلَ ُهكُ ْم ِببَ ْح ِر سُ ٍ‬ ‫وف الَّذِي ٌَبَّ َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫عبَ ْرت ُ ْم‪َ ,‬ك َما فَعَ َل َّ‬ ‫ب إِلَ َهكُ ْم كُ َّل‬ ‫َ‬ ‫ب األ َ ْر ِ‬ ‫الر َّ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫عبَ ْرنَا‪ِ .‬لت َ ْعلَ َم جَمِ ٌ ُع شُعُو ِ‬ ‫ب أَنَّ َها قَ ِوٌَّةٌ‪ِ ,‬ل َك ًْ ت َ َخافُوا َّ‬ ‫ض ٌَدَ َّ‬ ‫األٌََّ ِام»" (ٌش ٗ ‪ ٕٓ :‬ـ ٕٗ)‪.‬‬

‫وخرج ٌشوع بنفسه فى الحرب الثانٌة مع عاي ومؤل جٌشه حماسا ً‬ ‫ب إِلَى ا ْل َمدٌِنَةِ‪َ .‬وٌَكُو ُن حِ ٌنَ َما‬ ‫وؼٌرة " َوأ َ َّما أَنَا َوجَمِ ٌ ُع ال َّ‬ ‫ب الَّذِي َمعًِ فَنَ ْقت َِر ُ‬ ‫ش ْع ِ‬ ‫ب قُدَّا َم ُه ْم‪ .,‬فٌََ ْخ ُر ُجونَ َو َرا َءنَا َحتَّى نَ ْج ِذبَ ُه ْم‬ ‫ٌَ ْخ ُر ُجونَ ِل ِلقَائِنَا َك َما فًِ األ َ َّو ِل أَنَّنَا نَ ْه ُر ُ‬ ‫ب قُدَّا َم ُه ْم‪َ .‬وأ َ ْنت ُ ْم‬ ‫ع َِن ا ْل َمدٌِنَةِ‪ .‬ألَنَّ ُه ْم ٌَقُولُونَ ِإنَّ ُه ْم ه َِاربُونَ أ َ َما َمنَا َك َما فًِ األ َ َّو ِل‪ .‬فَنَ ْه ُر ُ‬ ‫ٖ٘‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫ب إِلَ ُهكُ ْم بٌَِ ِدكُ ْم‪َ .‬وٌَكُو ُن ِع ْندَ أ َ ْخ ِذكُ ُم‬ ‫الر ُّ‬ ‫تَقُو ُمونَ مِ نَ ا ْل َم ْك َم ِن َوت َْم ِلكُونَ ا ْل َمدٌِنَةَ‪َ ,‬وٌَ ْدفَعُ َها َّ‬ ‫ص ٌْتُكُ ْم»‪".‬‬ ‫ب ت َ ْفعَلُونَ ‪ .‬ا ْنظُ ُروا‪ .‬قَ ْد أ َ ْو َ‬ ‫ا ْل َمدٌِنَةَ أَنَّكُ ْم تُض ِْر ُمونَ ا ْل َمدٌِنَةَ بِالنَّ ِار‪َ .‬كقَ ْو ِل ال َّر ّ ِ‬ ‫(ٌش ‪ ٘ : 1‬ـ ‪ ..)1‬فبإشتراكه بنفسه ووعده لهم أنهم سٌملكون المدٌنة وٌحرمونها‬

‫تماما ً حسب قول الرب إمتؤل الجٌش ؼٌرة وكانت النصرة عظٌمة‪.‬‬ ‫وحٌن إستجاب الرب لطلب ٌشوع العجٌب أن تبقى الشمس وٌبقى القمر‬ ‫ب‪ْ ٌَ ,‬و َم‬ ‫ِلر َّ‬ ‫لٌضٌبا علٌهم حتى ٌكملوا حربهم مع األمورٌ​ٌن "حِ ٌنَئِ ٍذ قَا َل ٌَشُوعُ ل َّ‬

‫س د ُومًِ‬ ‫ون إِ ْ‬ ‫ور ٌٌِّنَ أ َ َما َم بَنًِ إِ ْ‬ ‫أَ ْ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ب األ َ ُم ِ‬ ‫سلَ َم َّ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ٌَ« :‬ا ش َْم ُ‬ ‫س َرائٌِ َل‪ ,‬أ َ َما َم عٌُ ُ ِ‬ ‫ف ا ْلقَ َم ُر َحتَّى ا ْنتَقَ َم‬ ‫علَى َوادِي أٌََّلُونَ »‪ .‬فَدَا َم ِ‬ ‫علَى ِج ْبعُونَ ‪َ ,‬و ٌَا قَ َم ُر َ‬ ‫َ‬ ‫س َو َوقَ َ‬ ‫ت الش َّْم ُ‬ ‫س ْف ِر ٌَاش َ​َر؟ فَ َوقَفَ ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫س َماءِ‬ ‫س َهذَا َم ْكت ُوبا ً فًِ ِ‬ ‫س فًِ َكبِ ِد ال َّ‬ ‫ش ْع ُ‬ ‫ت الش َّْم ُ‬ ‫ب مِ نْ أ َ ْعدَائِهِ‪ .‬أَلَ ٌْ َ‬ ‫ب نَ ْح َو ٌَ ْو ٍم كَامِ ٍل‪ٌ( ".‬ش ٓٔ ‪ ٕٔ :‬ـ ٖٔ)‪ ..‬كان هذا حافزا ً لكل‬ ‫َولَ ْم ت َ ْع َج ْل ِل ْلغُ ُرو ِ‬

‫جٌشه أن ٌإمنوا باإلنتصار ألن الطبٌعة كلها تحارب معهم بسبب شفاعة أبٌهم‬ ‫وقابدهم ٌشوع‪.‬‬ ‫ولم ٌكؾ ٌشوع عن تشجٌع شعبه‪ ..‬حٌن إنتصر على الملوك الوثنٌن إذ‬ ‫ب ِبجَمِ ٌعِ أ َ ْعدَائِكُ ُم‬ ‫شدَّد ُوا َوت َ َ‬ ‫قال "الَ ت َ َخافُوا َوالَ ت َْرت َ ِعبُوا‪ .‬ت َ َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ش َّجعُوا‪ .‬ألَنَّه ُ َه َكذَا ٌَ ْفعَ ُل َّ‬ ‫الَّذٌِنَ ت ُ َح ِاربُونَ ُه ْم»" (ٌش ٓٔ ‪.)ٕٗ :‬‬

‫ولما رأى ٌشوع أن بعض األسباط متؤخرٌن فى إستبلم أراضٌهم َّ‬ ‫حفزهم‬ ‫اط‪ .‬فَقَا َل‬ ‫س َرائٌِ َل مِ َّمنْ لَ ْم ٌَ ْق ِ‬ ‫س َب ٍ‬ ‫س ْب َعةُ أ َ ْ‬ ‫ًِ مِ نْ بَنًِ ِإ ْ‬ ‫س ُموا نَ ِصٌبَ ُه ْم‪َ ,‬‬ ‫وشجعهم قاببلً " َو َبق َ‬

‫ض الَّتًِ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ « :‬حتَّى َمت َى أ َ ْنت ُ ْم ُمت َ​َرا ُخونَ ع َِن الدُّ ُخو ِل ِال ْمتِالَكِ األ َ ْر ِ‬ ‫ٌَشُوعُ ِلبَنًِ ِإ ْ‬ ‫سلَ ُه ْم فٌََقُو ُموا‬ ‫س ْب ٍط فَؤ ُ ْر ِ‬ ‫ب إِلَهُ آبَائِكُ ْم؟‪ .‬هَات ُوا ثَالَثَةَ ِر َجا ٍل مِ نْ كُ ِ ّل ِ‬ ‫الر ُّ‬ ‫أ َ ْع َطاكُ ْم إٌَِّاهَا َّ‬ ‫س ْبعَ ِة‬ ‫ً‪َ .‬و ْلٌَ ْق ِ‬ ‫َو ٌَسٌِ ُروا فًِ األ َ ْر ِ‬ ‫س ُموهَا ِإلَى َ‬ ‫ض َو ٌَ ْكتُبُوهَا ِب َح َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب أ َ ْن ِص َب ِت ِه ْم‪ ,‬ث ُ َّم ٌَؤْت ُوا ِإلَ َّ‬ ‫علَى ت ُ ُخمِ ِه ْم مِ نَ‬ ‫ف َ‬ ‫س ٍام‪ ,‬فٌَُقٌِ ُم ٌَ ُهوذَا َ‬ ‫أ َ ْق َ‬ ‫ب‪َ ,‬وٌُقٌِ ُم بٌَْتُ ٌُوسُ َ‬ ‫علَى ت ُ ُخمِ ِه مِ نَ ا ْل َجنُو ِ‬ ‫ً هُنَا فَؤ ُ ْلقًِ لَكُ ْم ق ُ ْرعَةً َه ُهنَا‬ ‫ال ِ ّ‬ ‫ش َما ِل‪َ .‬وأ َ ْنت ُ ْم ت َ ْكتُبُونَ األ َ ْر َ‬ ‫س ْبعَةَ أ َ ْق َ‬ ‫ض َ‬ ‫س ٍام‪ ,‬ث ُ َّم تَؤْت ُونَ إِلَ َّ‬ ‫ب إِلَ ِهنَا‪ٌ( ".‬ش ‪ ٕ : ٔ1‬ـ ‪.)ٙ‬‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫أ َ َما َم َّ‬

‫ومع نهاٌة أٌامه لم ٌكـُؾ عن تشجٌعهم وتحفٌزهم أن ٌثبتوا فى العهد‬ ‫وٌتحفظـّوا ألنفسهم من عبادة األوثان وٌتمسَّكوا بالشرٌعة من كل قلوبهم‪..‬‬ ‫وبسبب هذه الؽٌرة ظل الشعب أمٌنا ً للعهد سنوات طوٌلة حتى بعد موت ٌشوع‪.‬‬ ‫ٗ٘‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫وانتحفيز وانتشجيع نه أشكال كثيرة فً حياة‬ ‫انقائد‪ ..‬منها‪..‬‬ ‫‪ ‬إظهار الثقة فى كل عضو من الفرٌق والتفوٌض السلٌم‪.‬‬ ‫‪ ‬التواجد والمشاركة فى كل خدمة أو نشاط‪.‬‬ ‫‪ ‬التؤكٌد على معونة هللا ورضاه‪.‬‬ ‫‪ ‬تذكرة العاملٌن بوعود هللا ومكافآته‪.‬‬ ‫‪ ‬النظر برجاء إلى النتابج المتوقعة والتؤثٌرات البعٌدة‪.‬‬ ‫‪ ‬وضع حوافز ومكافآت تشجٌعٌة لٌست بالضرورة مادٌة فقد تكون هداٌا‬ ‫تقدٌرٌة أو شهادات‪.‬‬ ‫‪ ‬تذكرة الفرٌق بعمل هللا سابقاً‪ ..‬وباإلنجازات السابقة‪.‬‬ ‫‪ ‬عدم التركٌز على العٌوب أو الضعفات أو المشاكل أو الماضى‪ ..‬بل العمل‬ ‫بتركٌز على المستقبل بهمة ونشاط‪.‬‬ ‫‪ ‬إظهار حب القابد وإفتخاره ب َمن معه والتؤكٌد على روح الفرٌق والمحبة بٌن‬ ‫الجمٌع‪.‬‬ ‫والبد هنا أن نذكر ان بعض القادة ٌظنون أن التوبٌخ واللوم الدابم‬ ‫واإلنتهار هو السبلح األساسى لنمو الفرٌق‪ ..‬بٌنما فى الحقٌقة أن هذه الطرق‬ ‫ؼالبا ً ما تفشل فى القٌادة الروحٌة إن لم تكن بحكمة عالٌة وحب خالص‬ ‫وبحساب شدٌد لببل ٌقع الفرٌق فى صؽر النفس‪ ..‬واألفضل دابما ً هو مزج‬ ‫التشجٌع بشا قلٌل من التوجٌه وبقدر أقل من التوبٌخ إن لزم األمر‪.‬‬ ‫ونختم هذا الفصل بكلمة قوٌة كافٌة أن تحرك كل القلوب‪ ..‬حٌن صرخ‬ ‫ع ْنكُ ْم َك َما‬ ‫ب َ‬ ‫الر َّ‬ ‫ب ِإلَ َهكُ ْم ه َُو ا ْل ُم َح ِار ُ‬ ‫فٌهم ٌشوع " َر ُج ٌل َواحِ د ٌ مِ ْنكُ ْم ٌَ ْط ُرد ُ أ َ ْلفاً‪ ,‬أل َ َّن َّ‬ ‫َكلَّ َمكُ ْم‪ٌ( ".‬ش ٖٕ ‪.)ٔٓ :‬‬ ‫٘​٘‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫‪٘ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫ثامهاً‪ ..‬جاد ومُلتسم‬

‫‪Committed‬‬

‫من سمات القابد الروحى‪ ..‬اإللتزام والجد ٌّة‪ ..‬ومن الطبٌعى أن تنتقل‬ ‫هذه الصفات من القابد لشعبه‪ ..‬وهذا ٌُمثل أحد عوامل النجاح واإلنجاز‪.‬‬ ‫قد ٌكون القابد زكٌاً‪ ..‬ذا شخصٌة قوٌة‪ ..‬مرتب الفكر‪ ..‬صاحب رإٌة‬ ‫واضحة‪ ..‬ولكن إن إفتقر إلى الجدٌة واإللتزام سرعان ما تتب ّخر أحبلمه‪ ..‬وتقل‬ ‫كفاءته وٌفقد ثقة َمن حوله‪ ..‬واإللتزام والجدٌة ٌظهران فى نواحى الحٌاة‬ ‫المختلفة‪ ..‬فى اإللتزام بالكلمة بالوعد‪ ..‬فى جد ٌّة العمل‪ ..‬فى عدم الشكوى من‬ ‫التعب‪ ..‬فى دقة المواعٌد‪ ..‬فى الجد ٌّة مع النفس باألخص فى الجهاد الروحى‪..‬‬ ‫فى األمانة تجاه أهل بٌته‪ ..‬فما نسمعه ونقرأه عن أخطاء القادة العالمٌ​ٌن ٌمثل‬ ‫أهم أسباب إنهٌارهم وضٌاع َمن ورابهم‪.‬‬ ‫فالقابد الروحى ال ٌطلب من تابعٌه إال ما ٌُطالب به نفسه أوالً‪ ..‬وقد‬ ‫ٌُطالب نفسه بؤكثر مما ٌطالبهم‪ ..‬وقد ٌكون مترفقا ً مع َمن حوله لكن متشددا ً مع‬ ‫نفسه‪ ..‬القابد الروحى بشوشا ً هادبا ً لطٌفا ً لكنه لٌس خفٌفا ً بمعنى أنه ال ٌنسى‬ ‫نفسه فى ضحك مبتذل أو وقت ضابع أو عبلقات فارؼة أو ترفٌه مفسد‪.‬‬ ‫وقابدنا األعظم ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ أجمل مثال فى الجد ٌّة‬ ‫واإللتزام‪ ..‬فنعرؾ عنه أنه ال ٌقول إال ما ٌعلم حتى كتب عنه لوقا الطبٌب‬ ‫سوعُ ٌَ ْف َعلُهُ َوٌُ َع ِلّ ُم بِ ِه" (اع ٔ ‪ ..)ٔ :‬وبهذا أوصى السٌد المسٌح‬ ‫ٌع َما ا ْبتَدَأ َ ٌَ ُ‬ ‫"جَمِ ِ‬ ‫صغَ َر‬ ‫ص ْغ َرى َو َ‬ ‫اس َه َكذَا ٌُ ْدعَى أ َ ْ‬ ‫صا ٌَا ال ُّ‬ ‫ض ِإ ْحدَى َه ِذ ِه ا ْل َو َ‬ ‫الجمٌع‪" ..‬فَ َمنْ نَقَ َ‬ ‫علَّ َم النَّ َ‬ ‫ت‬ ‫علَّ َم فَ َهذَا ٌُ ْدعَى عَظِ ٌما ً فًِ َملَكُو ِ‬ ‫فًِ َملَكُو ِ‬ ‫اواتِ‪َ .‬وأ َ َّما َمنْ عَمِ َل َو َ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ت" (مت ٘ ‪.)ٔ2 :‬‬ ‫اوا ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫س َم َ‬

‫الجد ٌّة تظهر فى حٌاة السٌد المسٌح‪ ..‬أنه لم ٌكن ٌجد لنفسه راحة‬ ‫كافٌة‪ ..‬فكان ٌستٌقظ مبكرا ً‪ ..‬وٌسهر كثٌرا ً لٌُصلى‪ ..‬وٌقضى الٌوم من قرٌة‬ ‫لقرٌة ٌجول ٌصنع خٌراً‪ ..‬كان ٌضطر أحٌانا ً أن ٌنام فى السفٌنة حتى قال عن‬ ‫‪٘3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫سنِد ُ‬ ‫س لَهُ أ َ ٌْنَ ٌُ ْ‬ ‫ور ال َّ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫نفسه "لِلث َّ َعا ِل ِ‬ ‫ب أ َ ْو ِج َرة ٌ َو ِلطٌُُ ِ‬ ‫ان فَلَ ٌْ َ‬ ‫س َماءِ أ َ ْوكَا ٌر َوأ َ َّما ا ْب ُن ِ‬ ‫س ِ‬ ‫سهُ" (لو ‪.)٘1 : 2‬‬ ‫َرأْ َ‬

‫واإللتزام والجد ٌّة هما تعبٌر عن األمانة بكل أشكالها‪ ..‬لهذا ذكر ربنا‬ ‫علَى َخدَمِ ِه ِلٌُعْطِ ٌَ ُه ُم‬ ‫س ٌِّدُهُ َ‬ ‫ٌسوع المسٌح "فَ َمنْ ه َُو ا ْل َوكٌِ ُل األَمِ ٌ ُن ا ْل َحكٌِ ُم الَّذِي ٌُقٌِ ُمه ُ َ‬

‫س ٌِّدُهُ ٌَ ِجدُهُ ٌَ ْف َع ُل َه َكذَا!‪( ".‬لو ٕٔ‬ ‫ا ْلعُلُوفَةَ فًِ حِ ٌنِ َها؟ طُوبَى ِلذَ ِلكَ ا ْل َع ْب ِد الَّذِي ِإذَا َجا َء َ‬ ‫ح األَمِ ٌنُ‪.‬‬ ‫صا ِل ُ‬ ‫‪ ..)ٖٗ ، ٕٗ :‬وقال فى مثل العبٌد والوزنات "نِ ِع َّما أٌَُّ َها ا ْل َع ْبد ُ ال َّ‬ ‫س ٌِّدِكَ " (مت ٕ٘ ‪.)ٕٖ :‬‬ ‫كُ ْنتَ أَمِ ٌنا ً فًِ ا ْلقَلٌِ ِل فَؤُقٌِ ُمكَ َ‬ ‫ٌِر‪ .‬ا ْد ُخ ْل ِإلَى فَ َرحِ َ‬ ‫علَى ا ْل َكث ِ‬

‫أ ّما ٌشوع فقد رأى فى معلمه موسى النبى مثبلً حٌا ً فى األمانة واإللتزام‬ ‫والجد ٌّة‪ ..‬فلم ٌكن موسى ٌبحث لنفسه عن راحة‪ ..‬وكان إحساسه الدابم‬ ‫بالمسبولٌة عن شعبه ٌدفعه دفعا ً لئللتزام أوالً فى حٌاته بكل وصاٌا هللا ومطالبة‬ ‫الشعب بها بإصرار‪.‬‬ ‫لم ٌتقاعس ٌشوع عن رسالته الصعبة فى أن ٌعبر األردن وٌطرد‬ ‫الممالك الوثنٌة ثم ٌقسّم األرض‪ ..‬لم ٌإجل‪ ..‬ولم ٌختصر من رسالته شٌبا ً من‬ ‫األهداؾ‪ ..‬بل عاش حٌاته مجاهدا ً ومن تحدى إلى تحدى‪ ..‬كان شعبه عنٌدا ً لكنه‬ ‫لم ٌشتكى منه وكانت الحروب كثٌرة لكنه إستمر فٌها حسب خطة هللا وإرشاده‪..‬‬ ‫وهى تمثل لنا فى العهد الجدٌد رسالة أمانة وجد ٌّة تجاه الشهوات واإلؼراءات‬ ‫تجاه الكسل والنوم والرفاهٌة والمجد الباطل‪.‬‬ ‫كان ٌشوع على رأس جٌشه دابماً‪ ..‬وهنا نذكر أن قابدا ً عظٌما ً حٌن‬ ‫تخاذل عن دوره ولم ٌخرج لٌقود شعبه‪ ..‬سقط‪ ..‬وهو داود النبى‪ ..‬ودفع ثمن‬ ‫عدم جدٌته كثٌراً‪ ..‬ولكنه قدم توبة صادقة ولم ٌكسل مرة أخرى أو ٌتخاذل عن‬ ‫مسبولٌته‪.‬‬ ‫وحٌن أعطى ٌشوع كلمة وعد للجبعونٌ​ٌن‪ ..‬لم ٌتراجع عنها بالرؼم أنها‬ ‫لم تكن حكمة منه أنه ٌعدهم بدون أن ٌسؤل هللا كعادته‪ ..‬لكنه إلتزم بما وعد‪..‬‬ ‫ى‬ ‫وعاش الجبعونٌ​ٌن ٌحترمون الشعب ولم ٌقل ٌشوع فى قلبه بما أنهم كذبوا عل َّ‬ ‫وخدعونى ٌحق لى أال ألتزم بكلمتى وأنتقم منهم‪ ..‬لكنه ظل أمٌنا ً لوعده‪..‬‬ ‫‪٘1‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫وبسبب إلتزامه بهذا الوعد‪ ..‬تخلص ٌشوع من ممالك وثنٌة كثٌرة من خبلل‬ ‫محاولتهم اإلعتداء على جبعون‪ ..‬فتصدى لهم وكانت إرادة هللا أن ٌكون هذا‬ ‫الوعد سببا ً لتطهٌر كنعان من شٌاطٌن كثٌرة‪.‬‬ ‫لم ٌكن آدم‪ ..‬القابد األول فى تارٌخ البشرٌة‪ ..‬جادا ً فى تنفٌذ الوصٌة‬ ‫فتسبب بسبب تهاونه مع حواء فى كارثة للبشرٌة‪.‬‬ ‫بٌنما كان نوح جادا ً وأمٌنا ً فى بناء الفلك حتى استمر العمل أكثر من مبة‬ ‫سنة بؽٌر تهاون‪ ..‬فإستحق أن ٌكون مخلصا ً ألهل بٌته ورمزا ً للمسٌح‪.‬‬ ‫كان ٌوسؾ العفٌؾ جادا ً وملتزماً‪ ..‬فنجح فى كل مراحل حٌاته‪ ..‬نجح‬ ‫فى بٌت فوطٌفار كعبد‪ ..‬ونجح فى السجن كسجٌن‪ ..‬ونجح فى مصر كوزٌر‪..‬‬ ‫اجحا ً" (تك ‪.)ٕ : ٖ2‬‬ ‫الر ُّ‬ ‫ب َم َع ٌُوسُ َ‬ ‫ألن الرب كان معه‪َ " ..‬وكَانَ َّ‬ ‫ف فَكَانَ َر ُجالً نَ ِ‬ ‫قد ٌصٌب القابد الروحى شٌبا ً من الفتور‪ ..‬وٌإثر هذا على جد ٌّته‬ ‫وإلتزامه‪ ..‬وقد ٌنسى أن هذا ٌإثر بالضرورة على َمن ورابه‪ ..‬لهذا ٌجب على‬ ‫ِّس أَنَا ذَاتًِ‬ ‫كل قابد ورحى أن ٌتشبه بالمسٌح له المجد فى قوله " َوأل َ ْج ِل ِه ْم أُقَد ُ‬ ‫ق" (ٌو ‪.)ٔ2 : ٔ3‬‬ ‫ِلٌَكُونُوا هُ ْم أ َ ٌْضا ً ُمقَدَّ ِ‬ ‫سٌنَ فًِ ا ْل َح ّ ِ‬ ‫كانت أستٌر جادة وملتزمة فى صلواتها وأصوامها وخضوعها‬ ‫لمردخاى‪ ..‬فإستحقت أن تشارك فى خبلص شعبها‪ ..‬وكانت راعوث جادة‬ ‫وملتزمة بدورها الجدٌد كإبنة لحماتها نُعمة‪ ..‬وخرجت لتعمل حتى تجد قوتها‬ ‫وقوت حماتها‪ ..‬فإستحقت أن تصٌر جدة للمسٌح‪.‬‬ ‫كان صموبٌل النبى قابدا ً عظٌما ً لشعبه‪ ..‬ألنه لم ٌكؾ عن الصبلة‬ ‫صالَ ِة مِ نْ أ َ ْج ِلكُ ْم‪ ,‬بَ ْل‬ ‫ُف ع َِن ال َّ‬ ‫ب فَؤَك َّ‬ ‫ألجلهم‪َ " ..‬وأ َ َّما أَنَا فَ َحاشَا لًِ أَنْ أ ُ ْخطِ َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫ئ ِإلَى َّ‬ ‫ع ِلّ ُمكُ ُم ال َّ‬ ‫ستَقٌِ َم" (ٔصم ٕٔ ‪ ..)ٕٖ :‬ولم ٌكؾ عن إفتقادهم من‬ ‫أُ َ‬ ‫ق ال َّ‬ ‫ط ِرٌ َ‬ ‫صا ِل َح ا ْل ُم ْ‬ ‫قرٌة لقرٌة كل سنة‪ ..‬ولم ٌكؾ عن تعلٌمهم وتسلٌمهم الشرٌعة حتى صار فى‬ ‫عهده مدارس لئلنبٌاء وتبلمٌذ روحٌ​ٌن ببل عدد‪.‬‬

‫‪٘2‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫الر َجا ُل‪ :‬ال َ‬ ‫كان دانٌال مثاالً لؤلمانة والجد ٌّة حتى قٌل عنه "فَ َقا َل َه ُإالَءِ ِّ‬ ‫نَ ِجد ُ َعلَى دَانٌِآ َل َهذَا ِعلَّةً ِإال َّ أَنْ نَ ِجدَهَا مِ نْ ِج َه ِة ش َِرٌعَ ِة ِإلَ ِههِ‪( ".‬دا ‪ ..)٘ : ٙ‬وبسبب‬

‫أمانته خلص من جب األسود وصار سبب كرازة للعالم أجمع‪.‬‬ ‫س َه ُروا ُمتَذَ ّك ِ​ِرٌنَ‬ ‫كان بولس قابدا ً روحٌا ً عظٌماً‪ ..‬إذ قال عن نفسه " ِلذَ ِلكَ ا ْ‬ ‫أَنًِّ ثَالَ َث ِسنٌِنَ لَ ٌْالً َونَ َهارا ً لَ ْم أ َ ْفت ُْر َعنْ أَنْ أ ُ ْنذ َِر بِد ُ ُموعٍ كُ َّل َواحِ ٍد‪( ".‬أع ٕٓ ‪..)ٖٔ :‬‬ ‫شدَائِدَ‪،‬‬ ‫ص ْب ٍر َكث ٌٍِر‪ ،‬فًِ َ‬ ‫وقال أٌضا ً "بَ ْل فًِ كُ ِ ّل َ‬ ‫سنَا َك ُخد َِّام هللاِ‪ ،‬فًِ َ‬ ‫ش ًْ ٍء نُ ْظ ِه ُر أ َ ْنفُ َ‬ ‫فًِ َ‬ ‫لر ُج ُل‬ ‫وراتٍ‪ ،‬فًِ ِضٌقَا ٍ‬ ‫ت" (ٕكو ‪ ..)ٗ : ٙ‬ولنتذكر أخٌرا ً حكمة الكتاب "ا َ َّ‬ ‫ض ُر َ‬ ‫علَى‬ ‫األَمِ ٌ ُن َكثٌِ ُر ا ْلبَ َركَا ِ‬ ‫اي َ‬ ‫ست َ ْع ِج ُل إِلَى ا ْل ِغنَى ال َ ٌ ُ ْب َرأ ُ" (ام ‪َ " ..)ٕٓ : ٕ1‬‬ ‫ت َوا ْل ُم ْ‬ ‫ع ٌْنَ َ‬ ‫سا ِلكُ َط ِرٌقا ً كَامِ الً ه َُو ٌَ ْخ ِد ُمنًِ" (مز ٔٓٔ ‪.)ٙ :‬‬ ‫أ ُ َمنَاءِ األ َ ْر ِ‬ ‫س ُه ْم َمعًِ‪ .‬ال َّ‬ ‫ض ِل َك ًْ أ ُ ْج ِل َ‬

‫ٓ‪ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫تاشعاً‪ ..‬يواجه املشاكل‬

‫‪Facing Problems‬‬

‫ٌتعرض لمشاكل‪ ..‬وهناك من القادة َمن ٌهرب من‬ ‫البد لكل قابد أن‬ ‫َّ‬ ‫المشاكل‪ ..‬وهناك من ٌتجاهلها‪ ..‬وٌؽض النظر عنها‪ ..‬وهناك من ٌضعؾ‬ ‫أمامها فٌضطرب وٌنزعج‪ ..‬وهناك َمن ٌتدخل فٌها بدون حكمة فتزداد المشاكل‬ ‫وتتعقد‪ ..‬وهناك َمن ٌصنعها بنفسه‪ ..‬وهناك َمن ٌنكر وجودها تماما ً وٌعطٌها‬ ‫أسماء مزٌفة بدون مصارحة‪.‬‬ ‫بتروى‪ ..‬بحكمة‪..‬‬ ‫أ َما القابد الروحى فٌقؾ لٌواجه المشكلة بكل حزم‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫بروح الصبلة‪ ..‬بمصارحة وشفافٌة‪ ..‬بالرجوع للمبادئ الروحٌة والوصٌة‬ ‫اإللهٌة‪.‬‬ ‫ومع كل هدؾ عظٌم البد أن تكون هناك عراقٌل وباألخص فى هدفنا‬ ‫األسمى خبلص نفوسنا واآلخرٌن‪ ..‬البد أن تتضاعؾ المعوقات والتجارب التى‬ ‫ٌتفنن عدو الخٌر فى وضعها‪.‬‬ ‫وقد تكون هناك مشاكل خارجٌة مثل قلة المادٌات‪ ..‬زٌادة اإلحتٌاجات‪..‬‬ ‫وجود مضاٌقٌن وأعداء‪ ..‬معطبلت خارجٌة من الظروؾ المحٌطة‪ ..‬واألصعب‬ ‫عادة ً هى المشاكل الداخلٌة وعدم وضوح الهدؾ‪ ..‬عدم إتفاق الفرٌق‪ ..‬فقدان‬ ‫السبلم واإلٌمان‪ ..‬إنحرافات وتنازالت روحٌة‪ ..‬خصام وإنشقاق وأحزاب‪.‬‬ ‫القابد الروحى‪ٌ ..‬توقع المشاكل وٌنتظرها وال ٌتع ّجب منها‪ ..‬ولكنه‬ ‫ٌركض نحو إلهه لٌلقى علٌه ثم ٌجلس لٌدرس وٌبحث وٌسمع وٌنصت وٌصلى‬ ‫وٌفكر وٌسؤل وٌسترشد وٌنتظر التدخل اإللهى برجاء وسبلم‪.‬‬ ‫ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ كان دابما ً ٌتصد َّى للمشاكل الخارجٌة‬ ‫والداخلٌة‪ ..‬فٌن جاعت الجموع إعتبر نفسه مسبوالً عنهم وصنع لهم معجزة‬ ‫الخمس خبزات‪ ..‬وحٌن رفض السامرٌون دخوله مدٌنتهم "فَا ْلتَفَتَ َوا ْنت َ َه َرهُ َما‬ ‫ان مِ نْ أ َ ّي ِ ُروحٍ أ َ ْنت ُ َما!" (لو ‪ ..)٘​٘ : 2‬لم ٌنزعج ولم ٌؽضب‬ ‫َوقَا َل‪« :‬لَ ْ‬ ‫ست ُ َما ت َ ْعلَ َم ِ‬ ‫وتحول إلى مدٌنة أخرى ُمعطٌا ً مثبلً لتبلمٌذه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ٔ‪ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫س لَ ُه ْم َخ ْم ٌر" (ٌو ٕ ‪ ..)ٖ :‬وبشفاعة‬ ‫كانت أولى معجزاته مشكلة "لَ ٌْ َ‬ ‫القدٌسة العذراء مرٌم تد َّخل لٌحل األزمة وٌترك لنا درسا ً فى طاعة اإلٌمان‬ ‫"قَالَتْ أ ُ ُّمه ُ ِل ْل ُخد َِّام‪َ « :‬م ْه َما قَا َل لَكُ ْم فَا ْفعَلُوهُ»" (ٌو ٕ ‪.)٘ :‬‬ ‫تسرب‬ ‫أ ّما عن المشاكل الداخلٌة‪ ..‬فكان ربنا ٌسوع حازما ً حكٌما ً‪ ..‬حٌن َّ‬ ‫فكر " َمنْ ه َُو أ َ ْع َظ ُم" (مر ‪ )ٖٗ : 2‬إلى قلب تبلمٌذه‪ ..‬إستدعاهم ووضع لهم‬ ‫المنهج الروحى فى التفكٌر والبحث عن المتكؤ األخٌر‪ ..‬وتكرر الموقؾ مرة‬ ‫أخرى حٌن طالبته أم ابنى زبدى بمكانة خاصة لولدٌها ؼٌر مدركة حقٌقة ما‬ ‫تطلب‪ ..‬وحٌن تآمر علٌه الٌهود كثٌرا ً هرب منهم حتى جاءت الساعة فقضى‬ ‫اللٌل كله فى الصبلة لٌدخل إلى صلٌب مجده حسب إرادته‪.‬‬ ‫أ ّما ٌشوع فكان أٌضا ً قابدا ً روحٌاً‪ٌ ..‬تصدى للمشاكل وال ٌهرب منها‪..‬‬ ‫وكانت واحدة من المشاكل الصعبة هى قرٌة عاي‪ ..‬وللوهلة األولى تمنَّى ٌشوع‬ ‫سلم المسبولٌة لكنه سرعان ما تمالك‬ ‫لو لم ٌكن قد عبر األردن أو لم ٌكن قد ت َّ‬ ‫نفسه وصلـَّى بحرارة وإستمع لصوت هللا الذى حدد له السبب وأرشده فى‬ ‫العبلج وكان حازما ً فى التعامل مع ؼخان وبٌته بسبب الشر الذى جلبه على‬ ‫شعبه‪ ،‬وكانت المشكلة الثانٌة هى كٌؾ ٌدخل حربا ً سرٌعة مع نفسى الجٌش‬ ‫الذى هزمه جٌش عاي‪ ..‬لكنه بحكمة من هللا وإرشاد‪ ..‬نظم صفوفه وبث‬ ‫الحماس فى شعبه وأعطاهم رجاءا ً وخرج أمامهم وإنتصر الشعب وانتهت‬ ‫المشكلة بل صارت سببا ً لمزٌد من ثقة الشعب فٌه‪ ..‬وخوؾ األعداء منه‪.‬‬ ‫وكانت مشكلة إجتماع ملوك الوثنٌن علٌه‪ ..‬ولكنه تمسَّك بوعد هللا‬ ‫وتشجٌعه‪ ..‬واسترجع ذكرٌاته مع موسى النبى وعمالٌق ومع شعب األمورٌ​ٌن‬ ‫وشعب باشان‪ ..‬ودخل المعركة وإنتصر وكانت مشكلة الجبعونٌ​ٌن وأخطؤ ٌشوع‬ ‫سؤَلُوا‪ٌ( ".‬ش ‪ ..)ٔٗ : 2‬ولكنه عاد وأصلح خطؤه‬ ‫ب لَ ْم ٌَ ْ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫أوالً ألنه "َمِ نْ فَ ِم َّ‬ ‫باإللتزام بوعده‪ ..‬ودخل الحرب مدافعا ً عنهم ونصره هللا‪.‬‬ ‫وكانت مشكلة عدم اإلتفاق فى توزٌع األرض‪ ..‬فلجؤ ٌشوع إلى القرعة‬ ‫وإستعان بالعازار بن هرون الكاهن المحبوب وإستطاع أن ٌقسّم األرض على‬ ‫ٕ‪ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫األسباط دون إعتراض أو خبلؾ بالرؼم من ؼبلظة قلوبهم المعروفة‪ ..‬وكانت‬ ‫مشكلة بنات صلفحاد (ٌش ‪ ٔ : ٔ3‬ـ ٖٔ)‪ ..‬إذ لم ٌكن هناك رجال فى العابلة‬ ‫وكانت األرض تحق للرجل فقط وأسرته‪ ..‬فلجؤ إلى المشورة اإللهٌة ووضع‬ ‫حكما ً عادالً‪.‬‬ ‫وكانت مشكلة المذبح الذى عمله سبط رأوبٌن وسبط جاد ونصؾ سبط‬ ‫منسى بعد عودتهم من توزٌع األرض على أخوتهم‪ ..‬فؤرسل لجنة مكونة من‬ ‫مندوبٌن منتخبٌن عن بقٌة األسباط ٌرأسها فٌنحاس بن ألعازار‪ ..‬واستمر هو فى‬ ‫الصبلة وإنتهت المشكلة بسبلم ولم تحدث الحرب التى كانت على وشك‬ ‫الحدوث‪.‬‬ ‫ٌا لٌت عالى الكاهن إذ رأى فسادا ً فى أوالده تصدى لهذه المشكلة‬ ‫مبكراً‪ ..‬فما كان أوالده هلكوا ولما إنتهت حٌاته هذه النهاٌة الحزٌنة‪.‬‬ ‫ٌا لٌت داود النبى تعامل مع مشكلة آمنون بحزم وعاقب ابنه على‬ ‫تجاوزه ولما ترك الؽٌرة تؤكل قلب أبشالوم وتهلكه‪.‬‬ ‫ٌا لٌت مبلك كنٌسة ثٌاتٌرا تصدى للتعالٌم الؽرٌبة ولم ٌسٌب المرأة‬ ‫إٌزابل (رمز الشر) تعلم تعلٌما ً فاسدا ً لما أخذ هذا التوبٌخ من هللا ولما فقد أحد‬ ‫من شعبه‪.‬‬ ‫حٌن حدثت مشكلة بٌن األرامل العبرانٌات والٌونانٌات فى الكنٌسة‬ ‫األولى (أع ‪ ..)ٙ‬تصدى التبلمٌذ لها بإهتمام وعالجوها بحكمة فلم ٌتركوا‬ ‫رسالتهم‪ ..‬خدمة الكلمة والصبلة‪ ..‬وحددوا من ٌقوم بالتعامل مع المشكلة‬ ‫وتركوا الشعب ٌختار وٌنتخب وحددوا لهم المسبولٌة‪ ..‬وكانت النتٌجة أن‬ ‫المشكلة إنتهت بسرعة بل إزداد عدد المإمنٌن وظهرت مواهب القدٌس‬ ‫إسطفانوس وبدأ نظام الشمامسة فى الكنٌسة‪.‬‬ ‫إذا تركت المشاكل تتفاقم قد ٌصعب عبلجها‪ ..‬وإذا تـ ُركت المشاكل‬ ‫بدون عبلج قد تتؤصل المفاهٌم الخاطبة وقد ٌصعب إقتبلعها‪ ..‬وإذا تركت‬ ‫المشاكل ٌفقد القطٌع الثقة فى راعٌه وٌخسر القابد كثٌرا ً وقد ٌخسر نفسه‪.‬‬ ‫ٖ‪ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫تصدى القدٌس بولس الرسول لمشكلة الحزبٌة فى الكنٌسة األولى‪..‬‬ ‫وباألخص كنٌسة كورنثوس‪ ..‬فؤرسل الرسالة األولى موضحا ً المفاهٌم الروحٌة‬ ‫وموبخا ً المخطبٌن بشدة‪ ..‬وواضعا ً المبادئ الروحٌة للحل‪ ..‬إنتهت المشكلة‬ ‫بنجاح‪.‬‬ ‫تصدت الكنٌسة كلها مجتمعة فى الرسل وعلى رأسهم القدٌس ٌعقوب‬ ‫التهود‪ ..‬ونوقشت المشكلة من كل الجوانب وإستمعت الكنٌسة لآلراء‪..‬‬ ‫لمشكلة‬ ‫ّ‬ ‫وكان هناك صبلة كثٌرة ورجوع إلى تعلٌم الكتاب‪ ..‬وإتفق الجمٌع على صٌؽة‬ ‫واحدة للحل‪ ..‬وخرج المجمع األول المسٌحى بقرارات واضحة (أع ٘ٔ)‪..‬‬ ‫وإنتهت المشكلة إلى حد كبٌر‪.‬‬ ‫واجه مردخاى مشكلة مإامرة هامان إلعدام الٌهود بالصبلة‪ ..‬وتوجٌه‬ ‫أستٌر بحزم‪ ..‬وأنقذ هللا شعبها بسبب مردخاى وأستٌر‪.‬‬ ‫القابد الروحى حٌن ٌواجه المشكلة ٌبدأ أوالً بالصبلة الحارة‪ ..‬وحده أو‬ ‫مع معاونٌه‪ ..‬وٌطلب مشٌبة هللا بإلحاح من خبلل الكتاب المقدس ومرشدٌه‪..‬‬ ‫تروى قلٌبلً إن‬ ‫وٌدرس بإمعان كل جوانب المشكلة وكل الحلول المتاحة‪ ..‬وٌ َّ‬ ‫كان الوقت ٌسمح بهذا‪ ..‬وٌتؤكد أن الحلول خالٌة من األؼراض الشخصٌة أو‬ ‫القرارات المنفعلة‪ ..‬ثم ٌؤخذ القرار أو القرارات بقوة وجرأة وببل تراجع‬ ‫وٌتح َّمل المسبولٌة كاملة مطمبنا ً أنه فى ٌد هللا المسبول عنه وعن شعبه‪.‬‬

‫ٗ‪ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫عاشراً‪ ..‬يتعلم مو أخطائه‬

‫‪Learn from his mistakes‬‬

‫لٌس هناك َمن ال ٌخطا سوى ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ والقابد‬ ‫الروحى قد ٌخطا لكنه سرٌعا ً ما ٌتعلم من أخطابه فبل ٌكررها‪ ..‬بل وٌعرؾ‬ ‫نقاط ضعفه وٌُجاهد فٌها أو ٌستعٌن بؤحد مساعدٌه لعله ٌؽطٌها وٌكملها‪ ..‬واثقا ً‬ ‫فى وعد هللا أن "«ت َ ْك ِفٌكَ نِ ْع َمتًِ‪ ،‬أل َ َّن ق ُ َّوتًِ فًِ ال ُّ‬ ‫ور أ َ ْفتَخِ ُر‬ ‫ض ْع ِ‬ ‫ف ت ُ ْك َم ُل»‪ .‬فَ ِبكُ ِ ّل ُ‬ ‫س ُر ٍ‬ ‫ي ِ فًِ َ‬ ‫ً قُ َّوة ُ ا ْل َمسٌِحِ" (ٕكو ٕٔ ‪.)2 :‬‬ ‫ض َعفَاتًِ‪ِ ،‬ل َك ًْ تَحِ َّل َ‬ ‫علَ َّ‬ ‫ِبا ْل َح ِر ّ‬ ‫ولهذا فالقٌادة الروحٌة هى رحلة العمر كله‪ ..‬لٌست مرحلة ٌصل إلٌها‬ ‫القابد وٌتوقؾ‪ ..‬إنما هى عملٌة نمو مستمر من مجد إلى مجد مقتربا ً من شبه‬ ‫المسٌح القابد األمثل واألعظم‪.‬‬ ‫والقابد فى العالم قد ال ٌعترؾ بؤخطابه وال ٌرٌد أن ٌراها وال ٌسمح‬ ‫ألحد بؤن ٌنتقده أو ٌنبهه‪ ..‬أ ّما القابد الروحى فٌحب أن ٌعرؾ أخطاءه‪ ..‬وٌحب‬ ‫من ٌنقده بحب "لٌإدبنى الصدٌق برحمة وٌوبخنى‪ .‬أما زٌت الخاطئ فال ٌدهن‬ ‫ست َ ْه ِزئا ً ِلئَالَّ‬ ‫رأسى‪ ،‬ألن صالتى أٌضا ً بمسرة‪( ".‬مز ٓٗٔ ‪ ٘ :‬باألجبٌة)‪" ..‬الَ ت َُو ِبّ ْخ ُم ْ‬ ‫ٌُ ْب ِغضَكَ ‪َ .‬و ِبّ ْخ َحكٌِما ً فٌَُحِ بَّكَ " (ام ‪.)1 : 2‬‬ ‫وإذا عاتبه أو نبهه أحد مساعدٌه‪ ..‬ال ٌُسارع بالدفاع عن نفسه بل ٌتؤنى‬ ‫لٌحكم على نفسه‪ ..‬وقد ٌعتذر وقد ٌطلب اإلرشاد م َمن ٌنقده‪ ..‬فهو ٌعرؾ جٌدا ً‬ ‫أنه لٌس كامبلً‪ ..‬وٌعرؾ خطورة أن تبقى عٌوبه وأخطاءه أو تتضخم مع األٌام‪.‬‬ ‫تعلم موسى النبى من أخطابه‪ٌ ..‬وما ً فى الماضى وبدافع طٌب قتل إنسانا ً‬ ‫لكى ٌصنع صلحاً‪ ..‬وبعد سنوات طوٌلة صار حلٌما ً جداً‪ ..‬ونادرا ً ما ٌؽضب‪.‬‬ ‫ومع ُحلمه الشدٌد مع عناد شعبه الؽلٌظ الرقبة‪ ..‬سقط موسى النبى‬ ‫مرات أخرى‪ ..‬مرة فى تذ ّمر وشكوى‪ ..‬مرة كسر لوحى العهد‪ ..‬مرة ضرب‬ ‫الصخرة مرتٌن بؽضب‪ ..‬ولكنها كانت مرات قلٌلة على خدمة طوٌلة مع شعب‬ ‫قاسى القلب ٌسمع وال ٌفهم وٌرى وكؤنه ما رأى‪.‬‬ ‫٘‪ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫ونما ٌشوع بن نون تحت قٌادة معلمه وأبٌه الروحى لٌرى القابد‬ ‫المتواضع وهو ٌعترؾ بخطبه وٌتعلم من أخطابه‪.‬‬ ‫وتسلم ٌشوع القٌادة‪ ..‬ووقعت خسارة كبٌرة فى قرٌة عاي‪ ..‬وأحس‬ ‫ٌشوع بالذنب ألنه لم ٌنبه على الشعب بشدة وصٌة التحرٌم‪ ..‬وتعلم ٌشوع من‬ ‫خطبه‪ ..‬وبعد اإلنتصار على عاي‪ ..‬ظل ٌشوع طوال حٌاته ٌكرر على شعبه‬ ‫احذروا من األوثان‪ ..‬اهربوا من الشر‪ ..‬تمسّكوا بالوصٌة‪ ..‬ال تتهاونوا‪.‬‬ ‫ووقع ٌشوع فى خطؤ آخر‪ ..‬حٌن أعطى وعدا ً للجبعونٌ​ٌن دون أن ٌسؤل‬ ‫من فم الرب‪ ..‬وتع َّجل القرار بمنطقه البشرى وحكمته اإلنسانٌة‪ ..‬وكان قرارا ً‬ ‫خاطباً‪ ..‬وإكتشؾ الخداع وتعلم ٌشوع الدرس‪ ..‬وظل بقٌة حٌاته ٌلجؤ هلل فى كل‬ ‫صؽٌرة وكل كبٌرة لٌسؤل القرار من فم الرب‪.‬‬ ‫وال ننسى أن ٌشوع كان ٌتـَّسم بالخوؾ كنقطة ضعؾ واضحة من‬ ‫البداٌة حتى أن السفر ٌتكرر فٌه تعبٌرات "ال تخؾ‪ ..‬تشدد‪ ..‬تشجع"‪ ..‬ولكن مع‬ ‫هذا القابد الذى كان ٌرى نفسه ال ٌصلح للقٌادة وكان مرتعبا ً من المسبولٌة‪..‬‬ ‫تم َّجد هللا وعمل به عجابب ولكنه ظل فى كل جولة جدٌدة ٌنتظر الوعد القدٌم‪..‬‬ ‫مجدداً‪" ..‬ال تخؾ ألنى معك"‪.‬‬ ‫وفى تارٌخ الكتاب هناك الكثٌرون م َمن تعلموا من أخطابهم‪ ..‬فها هو‬ ‫مرقس الرسول ال ٌهرب وٌخاؾ مرة أخرى‪ ..‬وها هو ٌعقوب أبو األسباط ال‬ ‫ٌكذب بعدما رأى المسٌح وصارعه مطالبا ً البركة والتؽٌ​ٌر‪ ..‬وها هو ٌونان‬ ‫ٌطٌع بعد عناد وتجبُّر‪ ..‬وها هو أٌوب ٌعترؾ بضعفه وجهله بعد اعتراض‬ ‫وشكوى وتطاول‪ ..‬وها هو بطرس الرسول ٌتوقؾ عن نظرته األولى لما هو‬ ‫نجس أو دنس‪.‬‬ ‫فالقابد الروحى ٌنضج بالتعلم لٌس فقط على اآلخرٌن أو الكنٌسة أو‬ ‫الخبرات‪ ..‬بل باألكثر بالتعلم من أخطابه‪ ..‬كٌؾ ٌتفاداها وٌقاومها وال ٌقع فٌها‪..‬‬ ‫وهو بهذا ٌتعلم أن ٌكون شفوقا ً على فرٌقه مدركا ً أنه كما هو ٌخطا هم أٌضا ً‬ ‫‪ٙ​ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫ٌخطبون‪ ..‬وكما ٌتعلم من أخطابه ربما تعلموا من أخطابهم‪ ..‬وكما ٌحتاج إلى‬ ‫التوجٌه والرعاٌة هم أٌضا ً ٌحتاجون منه إلى التوجٌه والرعاٌة‪.‬‬ ‫أ ّما إن وجدت نقطة ضعؾ مزمنة‪ ..‬أو شوكة فى الجسد ببل عبلج‪..‬‬ ‫فعلٌه أن ٌقبلها بشكر واثقا ً أنها لن تعطل هللا عن عمله من خبلله‪ ..‬وهى فرصة‬ ‫آلخرٌن أن ٌعوضوا تقصٌره بسببها أو ٌكملوا ضعفه‪ ..‬وهى حماٌة له من مجد‬ ‫اإلفتخار وعبادة الذات‪ ..‬فهو لن ٌكؾ عن الصبلة من أجل ضعفه ولكن ٌقبل‬ ‫نفسه بضعفه وٌركز باألولى على نعمة هللا العاملة فٌه بإٌمان ورجاء‪.‬‬

‫‪ٙ3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ٙ1‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫احلادى عشر‪ ..‬قوى وحازم (ٌستطٌع المواجهة والتؤدٌب)‬

‫‪Strong Willed & Decisive‬‬ ‫كثٌر من القادة الروحٌ​ٌن ٌتمٌَّزون بالطٌبة والوداعة‪ ..‬ولكن تنقصهم‬ ‫أحٌانا ً الشد ّة البلزمة والحزم الذى ٌحفظ المسٌرة وٌمنع التجاوزات من اإلزدٌاد‬ ‫والمنهج من التدهور‪.‬‬ ‫قد ٌخاؾ القابد الروحى من أن ٌكون شدٌدا ً لببل ٌعثر‪ ..‬أو ٌخاؾ نفسٌا ً‬ ‫من الناس لببل ٌؽضبوا علٌه أو ٌرفضوه‪ ..‬أو ٌخاؾ من ضمٌره بتشكك من أن‬ ‫ٌظلم أو ٌقسو‪ ..‬ولكن فى كل هذه الحاالت البد له أن ٌتعلم أن ٌكون حازما ً‬ ‫وشدٌدا ً متى لزمت الشد ّة‪.‬‬ ‫وهنا نعود إلى قابدنا األعظم ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ الذى قال‬

‫ب فَت َِجد ُوا َرا َحةً‬ ‫ٌِري َ‬ ‫علَ ٌْكُ ْم َوتَعَلَّ ُموا مِ نًِّ ألَنًِّ َودٌِ ٌع َو ُمت َ​َو ِ‬ ‫اض ُع ا ْلقَ ْل ِ‬ ‫"ا ِْحمِ لُوا ن ِ‬ ‫ِلنُفُو ِسكُ ْم" (مت ٔ​ٔ ‪ ..)ٕ2 :‬ولكن هذا لم ٌمنع موقفه الحازم فى الهٌكل‪ ..‬حٌن‬ ‫ُوب أَنَّ بَ ٌْتًِ بٌَْتُ ال َّ‬ ‫صالَ ِة‪َ .‬وأ َ ْنت ُ ْم َجعَ ْلت ُ ُموه ُ‬ ‫رأى التجاوزات واإلهانات صرخ " َم ْكت ٌ‬ ‫وص" (لو ‪َ " ..)ٗٙ : ٔ2‬ولَ ْم ٌَدَ ْع أ َ َحدا ً ٌَ ْجت َا ُز ا ْل َه ٌْ َك َل بِ َمت َاعٍ" (مر ٔ​ٔ ‪:‬‬ ‫ارةَ لُ ُ‬ ‫ص ٍ‬ ‫َمغَ َ‬ ‫‪.)ٔٙ‬‬

‫وفى مواجهة مع الٌهود لم ٌخؾ‬ ‫ت أَبٌِكُ ْم ت ُِرٌد ُونَ أَنْ‬ ‫ش َه َوا ِ‬ ‫َو َ‬ ‫ق‪.‬‬ ‫س فٌِ ِه َح ٌّ‬ ‫ق ألَنَّهُ لَ ٌْ َ‬ ‫ا ْل َح ّ ِ‬ ‫ب" (ٌو ‪.)ٗ​ٗ : 1‬‬ ‫ا ْل َكذَّا ِ‬

‫ت َ ْع َملُوا‪ .‬ذَاكَ كَانَ‬ ‫ب‬ ‫َمت َى ت َ َكلَّ َم ِبا ْل َك ِذ ِ‬

‫أن ٌقول "أ َ ْنت ُ ْم‬ ‫اس مِ نَ‬ ‫قَتَّاالً لِلنَّ ِ‬ ‫فَ ِإنَّ َما ٌَت َ َكلَّ ُم مِ َّما‬

‫ٌِس‬ ‫مِ نْ أ َ ٍ‬ ‫ب ه َُو ِإ ْبل ُ‬ ‫ا ْلبَدْءِ َولَ ْم ٌَثْبُتْ فًِ‬ ‫اب َوأَبُو‬ ‫لَه ُ ألَنَّه ُ َكذَّ ٌ‬

‫وحٌن أتاه من ٌهدده بقوله " ْ‬ ‫ُس ٌ ُ ِرٌد ُ أَنْ‬ ‫اخ ُرجْ َوا ْذه ْ‬ ‫َب مِ نْ َه ُهنَا ألَنَّ هٌِ ُرود َ‬ ‫شٌَاطِ ٌنَ‬ ‫ج َ‬ ‫ب‪ :‬هَا أَنَا أ ُ ْخ ِر ُ‬ ‫امضُوا َوقُولُوا ِل َهذَا الث َّ ْعلَ ِ‬ ‫ٌَ ْقتُلَكَ " (لو ٖٔ ‪ ..)ٖٔ :‬فؤجابهم " ْ‬ ‫شفًِ ا ْلٌَ ْو َم َو َ‬ ‫ث أ ُ َك َّم ُل" (لو ٖٔ ‪.)ٖٕ :‬‬ ‫غدا ً َوفًِ ا ْلٌَ ْو ِم الثَّا ِل ِ‬ ‫َوأ َ ْ‬

‫مطول بكلمات‬ ‫وفى نهاٌة خدمته وب َّخ الكتبة والفرٌسٌ​ٌن فى خطاب‬ ‫َّ‬ ‫شدٌدة صارخة‬ ‫‪ٙ2‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫سٌُّونَ ا ْل ُم َراإُونَ ألَنَّكُ ْم ت ُ ْغ ِلقُونَ َملَكُوتَ‬ ‫‪" ‬لَ ِكنْ َو ٌْ ٌل لَكُ ْم أٌَُّ َها ا ْل َكتَبَةُ َوا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫اس فَالَ ت َ ْد ُخلُونَ أ َ ْنت ُ ْم َوال َ تَدَعُونَ الدَّاخِ ِلٌنَ ٌَ ْد ُخلُونَ ! َو ٌْ ٌل لَكُ ْم‬ ‫اوا ِ‬ ‫ت قُدَّا َم النَّ ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫س َم َ‬ ‫سٌُّونَ ا ْل ُم َراإُونَ ألَنَّكُ ْم تَؤْكُلُونَ بٌُُوتَ األ َ َرامِ ِل و ِل ِعلَّ ٍة تُطِ ٌلُونَ‬ ‫أٌَُّ َها ا ْل َكتَبَةُ َوا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫سٌُّونَ‬ ‫صلَ َواتِكُ ْم‪ِ .‬لذَ ِلكَ تَؤ ْ ُخذُونَ دَ ٌْنُونَةً أ َ ْع َظ َم‪َ .‬و ٌْ ٌل لَكُ ْم أٌَُّ َها ا ْل َكتَبَة ُ َوا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫َ‬ ‫ص َل‬ ‫سبُوا دَخِ ٌالً َواحِ دا ً َو َمت َى َح َ‬ ‫ا ْل ُم َراإُونَ ألَنَّكُ ْم تَطُوفُونَ ا ْلبَ ْح َر َوا ْلبَ َّر ِلت َ ْك َ‬ ‫صنَعُونَه ُ ا ْبنا ً ِل َج َهنَّ َم أ َ ْكث َ َر مِ ْنكُ ْم ُمضَاعَفاً!‪َ .‬و ٌْ ٌل لَكُ ْم أٌَُّ َها ا ْلقَادَة ُ ا ْلعُ ْمٌَا ُن ا ْلقَائِلُونَ ‪:‬‬ ‫تَ ْ‬ ‫ب ا ْل َه ٌْ َك ِل ٌَ ْلت َِز ُم!‪ .‬أٌَُّ َها‬ ‫س بِ َ‬ ‫ف بِذَ َه ِ‬ ‫ش ًْ ٍء َولَ ِكنْ َمنْ َحلَ َ‬ ‫َمنْ َحلَ َ‬ ‫ف بِا ْل َه ٌْ َك ِل فَلَ ٌْ َ‬ ‫ف‬ ‫َب؟‪َ .‬و َمنْ َحلَ َ‬ ‫ِّس الذَّه َ‬ ‫ا ْل ُج َّها ُل َوا ْلعُ ْم ٌَا ُن أٌَُّ َما أ َ ْع َظ ُم‪ :‬أَلذَّه ُ‬ ‫َب أ َ ِم ا ْل َه ٌْ َك ُل الَّذِي ٌُقَد ُ‬ ‫ان الَّذِي َ‬ ‫س ِب َ‬ ‫علَ ٌْ ِه ٌَ ْلت َِز ُم!‪ .‬أٌَُّ َها ا ْل ُج َّهالُ‬ ‫ش ًْ ٍء َولَ ِكنْ َمنْ َحلَ َ‬ ‫ِبا ْل َم ْذبَحِ فَلَ ٌْ َ‬ ‫ف ِبا ْلقُ ْربَ ِ‬ ‫ف‬ ‫َوا ْلعُ ْمٌَا ُن أٌَُّ َما أ َ ْع َظ ُم‪ :‬أ َ ْلقُ ْربَا ُن أ َ ِم ا ْل َم ْذبَ ُ‬ ‫ِّس ا ْلقُ ْربَانَ ؟‪ .‬فَ ِإنَّ َمنْ َحلَ َ‬ ‫ح الَّذِي ٌُقَد ُ‬ ‫ِن‬ ‫ف بِ ِه َو ِبكُ ِ ّل َما َ‬ ‫ف بِ ِه َو ِبال َّ‬ ‫ف ِبا ْل َه ٌْ َك ِل فَقَ ْد َحلَ َ‬ ‫علَ ٌْهِ‪َ .‬و َمنْ َحلَ َ‬ ‫ِبا ْل َم ْذ َبحِ فَقَ ْد َحلَ َ‬ ‫ساك ِ‬ ‫علَ ٌْ ِه!‪َ .‬و ٌْ ٌل لَكُ ْم أٌَُّ َها‬ ‫ِس َ‬ ‫ف بِعَ ْر ِش َّ ِ‬ ‫اّلل َوبِا ْل َجال ِ‬ ‫ف بِال َّ‬ ‫س َماءِ فَقَ ْد َحلَ َ‬ ‫فٌِهِ‪َ .‬و َمنْ َحلَ َ‬ ‫شبِ َّ‬ ‫ث َوا ْل َك ُّمونَ َوت َ​َر ْكت ُ ْم‬ ‫ش ُرونَ النَّ ْعنَ َع َوال ِ ّ‬ ‫سٌُّونَ ا ْل ُم َراإُونَ ألَنَّكُ ْم تُعَ ِ ّ‬ ‫ا ْل َكتَبَةُ َوا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫اإلٌ َمانَ ‪ .‬كَانَ ٌَ ْنبَغًِ أَنْ ت َ ْع َملُوا َه ِذ ِه َوالَ تَتْ ُركُوا‬ ‫وس‪ :‬ا ْل َح َّ‬ ‫أَثْقَ َل النَّا ُم ِ‬ ‫ق َو َّ‬ ‫الر ْح َمةَ َو ِ‬ ‫صفُّونَ ع َِن ا ْلبَعُو َ‬ ‫ض ِة َوٌَ ْبلَعُونَ ا ْل َج َم َل!‪َ .‬و ٌْ ٌل لَكُ ْم‬ ‫تِ ْلكَ ‪ .‬أٌَُّ َها ا ْلقَادَة ُ ا ْلعُ ْمٌَا ُن الَّذٌِنَ ٌُ َ‬ ‫ص ْحفَ ِة َوهُ َما‬ ‫أٌَُّ َها ا ْل َكت َ َبة ُ َوا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫سٌُّونَ ا ْل ُم َراإُونَ ألَنَّكُ ْم تُنَقُّونَ َخ ِار َج ا ْل َكؤ ْ ِس َوال َّ‬ ‫وآن ْ‬ ‫ق أ َ َّوالً دَاخِ َل ا ْل َكؤ ْ ِس‬ ‫اختِ َطافا ً َودَع َ‬ ‫مِ نْ دَاخِ ٍل َم ْملُ ِ‬ ‫َارةً!‪ .‬أٌَُّ َها ا ْلفَ ِّرٌس ُّ‬ ‫ًِ األ َ ْع َمى نَ ّ ِ‬ ‫سٌُّونَ‬ ‫ص ْحفَ ِة ِل َك ًْ ٌَكُونَ َخ ِار ُج ُه َما أ َ ٌْضا ً نَ ِقٌّاً‪َ .‬و ٌْ ٌل لَكُ ْم أٌَُّ َها ا ْل َكتَبَةُ َوا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫َوال َّ‬ ‫ًِ مِ نْ دَاخِ ٍل‬ ‫ا ْل ُم َراإُونَ ألَنَّكُ ْم ت ُ ْ‬ ‫ش ِب ُهونَ قُبُورا ً ُم َبٌَّضَةً ت َ ْظ َه ُر مِ نْ َخ ِارجٍ جَمِ ٌلَةً َوه َ‬ ‫اس‬ ‫َم ْملُو َءة ٌ ِع َظا َم أ َ ْم َوا ٍ‬ ‫س ٍة‪َ .‬ه َكذَا أ َ ْنت ُ ْم أ َ ٌْضاً‪ :‬مِ نْ َخ ِارجٍ ت َ ْظ َه ُرونَ لِلنَّ ِ‬ ‫ت َوكُ َّل نَ َجا َ‬ ‫ش ُحونُونَ ِرٌَا ًء َوإِثْماً!‪َ .‬و ٌْ ٌل لَكُ ْم أٌَُّ َها ا ْل َكتَبَة ُ‬ ‫أ َ ْب َرارا ً َولَ ِكنَّكُ ْم مِ نْ دَاخِ ٍل َم ْ‬ ‫صدٌِّ ِقٌنَ ‪".‬‬ ‫َوا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫ور األ َ ْنبٌَِاءِ َوت َُزٌِّنُونَ َمدَافِنَ ال ِ ّ‬ ‫سٌُّونَ ا ْل ُم َراإُونَ ألَنَّكُ ْم ت َ ْبنُونَ قُبُ َ‬ ‫(مت ٖٕ ‪ ٖٔ :‬ـ ‪)ٕ2‬‬ ‫وإنتهر مرة تبلمٌذه بشد ّة حٌن تشككوا وإنشؽلوا باألكل "فَفَ َّك ُروا قَائِ ِلٌنَ‬ ‫بَ ْع ُ‬ ‫س‬ ‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫س ِع ْندَنَا ُخ ْب ٌز»‪ .‬فَعَ ِل َم ٌَسُوعُ َوقَا َل لَ ُه ْم‪ِ « :‬ل َماذَا تُفَ ِ ّك ُرونَ أَنْ لَ ٌْ َ‬ ‫ض‪« :‬لَ ٌْ َ‬ ‫شعُ ُرونَ بَ ْعد ُ َوال َ ت َ ْف َه ُمونَ ؟ أ َ َحتَّى اآلنَ قُلُوبُكُ ْم َ‬ ‫غلٌِ َظةٌ؟‪ .‬أَلَكُ ْم أ َ ْعٌُ ٌن َوال َ‬ ‫ِع ْندَكُ ْم ُخ ْب ٌز؟ أَال َ ت َ ْ‬ ‫سةَ‬ ‫ت ُ ْب ِص ُرونَ َولَكُ ْم آذَا ٌن َوالَ ت َ ْ‬ ‫س َمعُونَ َوالَ ت َ ْذكُ ُرونَ ؟‪.‬حِ ٌنَ َك َّ‬ ‫س ْرتُ األ َ ْر ِغفَةَ ا ْل َخ ْم َ‬ ‫عش َْرةَ»‪َ «.‬وحِ ٌنَ‬ ‫سرا ً َرفَ ْعت ُ ْم؟» قَالُوا لَهُ‪« :‬اثْنَت َ ًْ َ‬ ‫س ِة اآلالَ ِ‬ ‫ف َك ْم قُفَّةً َم ْملُ َّوةً ِك َ‬ ‫ِل ْل َخ ْم َ‬ ‫ٓ‪3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫س ْبعَةً»‪ .‬فَقَا َل لَ ُه ْم‪:‬‬ ‫س ْبعَ ِة ِلأل َ ْربَعَ ِة اآلال َ ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫س ٍر َم ْملُ ّوا ً َرفَ ْعت ُ ْم؟» قَالُوا‪َ « :‬‬ ‫س َّل ِك َ‬ ‫ف َك ْم َ‬ ‫ف الَ ت َ ْف َه ُمونَ ؟»‪( ".‬مر ‪ ٔٙ : 1‬ـ ٕٔ)‪.‬‬ ‫« َك ٌْ َ‬

‫فبل ٌظن أحد أن المسٌح الرقٌق الطٌب‪ ..‬لم ٌكن حازما ً وشدٌدا ً فى وقت‬ ‫س ِإلَ ٌْ ِه َوا ْبتَدَأ َ ٌَ ْنت َ ِه ُرهُ قَائِالً‪َ « :‬حاشَاكَ‬ ‫آخر‪ ..‬حتى مع أقرب تبلمٌذه‪" ..‬فَؤ َ َخذَهُ بُ ْط ُر ُ‬

‫َب َ‬ ‫ش ٌْ َطانُ‪ .‬أ َ ْنتَ‬ ‫عنًِّ ٌَا َ‬ ‫س‪« :‬ا ْذه ْ‬ ‫ٌَا َر ُّ‬ ‫ب! الَ ٌَكُو ُن لَكَ َهذَا!»‪ .‬فَا ْلتَفَتَ َوقَا َل ِلبُ ْط ُر َ‬ ‫اس»‪( ".‬مت ‪.)ٕٖ ، ٕ​ٕ : ٔٙ‬‬ ‫َم ْعث َ َرة ٌ لًِ ألَنَّكَ ال َ ت َ ْهت َ ُّم بِ َما ِ َّ ِ‬ ‫ّلل لَ ِكنْ بِ َما لِلنَّ ِ‬

‫وبٌنما إمتؤلت تعالٌم السٌد المسٌح بالرحمة والحب والتشجٌع والرجاء‪..‬‬ ‫س‬ ‫لم تخلو من التخوٌؾ والتحذٌر "الَ ت َ َخافُوا مِ نَ الَّذٌِنَ ٌَ ْقتُلُونَ ا ْل َج َ‬ ‫سدَ َو َب ْعدَ ذَ ِلكَ لَ ٌْ َ‬

‫لَ ُه ْم َما ٌَ ْفعَلُونَ أ َ ْكث َ َر‪ .‬بَ ْل أ ُ ِرٌكُ ْم مِ َّمنْ ت َ َخافُونَ ‪َ :‬خافُوا مِ نَ الَّذِي بَ ْعدَ َما ٌَ ْقت ُ ُل لَهُ سُ ْل َطا ٌن‬ ‫ًِ فًِ َج َهنَّ َم‪ .‬نَعَ ْم أَقُو ُل لَكُ ْم‪ :‬مِ نْ َهذَا َخافُوا!‪( ".‬لو ٕٔ ‪.)٘ ، ٗ :‬‬ ‫أَنْ ٌُ ْلق َ‬ ‫وفى حدٌثه عن العثرات كان حازما ً جدا ً " َف ِإنْ أ َ ْعث َ َرتْكَ ٌَد ُكَ أ َ ْو ِر ْجلُكَ‬ ‫ج أ َ ْو أ َ ْق َط َع مِ نْ أَنْ ت ُ ْلقَى فًِ النَّ ِار‬ ‫فَا ْق َط ْع َها َوأ َ ْل ِق َها َ‬ ‫ع ْنكَ ‪َ .‬خ ٌْ ٌر لَكَ أَنْ ت َ ْد ُخ َل ا ْل َحٌَاةَ أَع َْر َ‬ ‫َان أ َ ْو ِر ْجالَ ِن" (مت ‪.)1 : ٔ1‬‬ ‫األَبَ ِدٌَّ ِة َولَكَ ٌَد ِ‬

‫ورأٌنا أٌضا ً ٌوحنا المعمدان القابد الروحى التارٌخى الذى سبق السٌد‬ ‫س‬ ‫المسٌح لٌعد له الطرٌق‪ ..‬كم كان شدٌدا ً حازما ً حٌن قال " َواآلنَ قَ ْد ُو ِض َع ِ‬ ‫ت ا ْلفَؤ ْ ُ‬

‫صنَ ُع ث َ َمرا ً َجٌِّدا ً ت ُ ْق َ‬ ‫ط ُع َوت ُ ْلقَى فًِ النَّ ِار" (لو ٖ ‪:‬‬ ‫ص ِل ال َّ‬ ‫َ‬ ‫ش َج ِر َفكُ ُّل َ‬ ‫ش َج َر ٍة الَ ت َ ْ‬ ‫علَى أ َ ْ‬ ‫ف‬ ‫‪ ..)2‬وفى توبٌخه للفرٌسٌ​ٌن والكهنة الٌهود "أٌَُّ َها ا ْل َحٌَّاتُ أ َ ْوالَدَ األَفَاعًِ َك ٌْ َ‬ ‫ت َ ْه ُربُونَ مِ نْ دَ ٌْنُونَ ِة َج َهنَّ َم؟" (مت ٖٕ ‪.)ٖ​ٖ :‬‬

‫أ ّما ٌشوع بن نون فكان حازماً‪ ..‬والبعض ٌرى فى حزمه قسوة‪..‬‬ ‫والبعض قد ٌتشكك من حاالت اإلعدام المتكررة فى سفر ٌشوع‪ ..‬عخان بن‬ ‫كرمى وعابلته‪ ..‬ملوك الوثنٌ​ٌن‪ ..‬وٌظن أن هذا ٌخلو من الرحمة ناسٌن قول‬ ‫علَى ا ْل ُحك ِْم"‬ ‫الر ْح َمة ُ ت َ ْفتَخِ ُر َ‬ ‫الكتاب "ألَنَّ ا ْل ُح ْك َم ه َُو بِالَ َر ْح َم ٍة ِل َمنْ لَ ْم ٌَ ْع َم ْل َر ْح َمةً‪َ ،‬و َّ‬ ‫(ٌع ٕ ‪.)ٖٔ :‬‬ ‫وفى حزمه كان دابما ً ٌخضع لوصٌة هللا‪ ..‬فبل ٌقسو أو ٌنفعل أو ٌتخذ‬ ‫ب‬ ‫ِلر ّ ِ‬ ‫قرارا ً شخصٌاً‪ ..‬حتى أنه خاطب عخان أوالً بقوله "ٌَا ا ْبنًِ‪ ,‬أَعْطِ اآلنَ َم ْجدا ً ل َّ‬ ‫ٔ‪3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫عنًِّ»" (ٌش ‪: 3‬‬ ‫ف َ‬ ‫ف لَه ُ َوأ َ ْخبِ ْرنًِ اآلنَ َماذَا عَمِ ْلتَ ‪ .‬ال َ ت ُْخ ِ‬ ‫إِلَ ِه إِ ْ‬ ‫س َرائٌِ َل‪َ ,‬وا ْعت َِر ْ‬ ‫‪ .. )ٔ2‬ولكن البد أن نتذكر أن عخان وأسرته تسببوا بجرٌمتهم فى قتل ستة‬

‫وثبلثون رجبلً برٌباً‪ ..‬واألكثر أنهم بهذا فتحوا باب واسع لوصول الشٌطان إلى‬ ‫معسكر المإمنٌن‪.‬‬ ‫وبهذا الشكل نرى حنانٌا وسفٌرا‪ٌ ..‬سقطان فى العهد الجدٌد بحزم‬ ‫شدٌد‪ ..‬دٌنونة وعقابا ً لكذبهم ورٌابهم ومحبتهم للمال لٌكونوا مثبلً لؤلجٌال‪.‬‬ ‫أ ّما إبادة وتحرٌم الشعوب الوثنٌ​ٌن بنسابهم وأطفالهم فبلبد أن نتذكر لٌس‬ ‫فقط أنها إرادة هللا الدٌان العادل‪ ..‬وإنما أٌضا ً حالة هذه الشعوب من الفساد حتى‬ ‫أنهم ٌقتلون وٌقدمون أوالدهم ذبابح للشٌطان (األوثان) "ألَنَّ ُه ْم لَ َّما ع َ​َرفُوا هللاَ لَ ْم‬ ‫شكُ ُروهُ َك ِإلَ ٍه بَ ْل حَمِ قُوا فًِ أ َ ْفك َِار ِه ْم َوأ َ ْظلَ َم قَ ْلبُ ُه ُم ا ْلغَبِ ًُّ" (رو ٔ ‪.)ٕٔ :‬‬ ‫ٌُ َم ِ ّجد ُوهُ أ َ ْو ٌَ ْ‬ ‫وقد تركهم هللا مبات السنٌن لعلهم ٌإمنون بالفطرة وٌكفرون بالشهوة‪..‬‬ ‫لكنهم تمادوا فى قباحاتهم حتى صاروا أقل من الحٌوانات التى تعرؾ قلٌبلً من‬ ‫الرحمة وتخضع للقوانٌن الطبٌعٌة والؽرابز‪ ..‬كتب فٌهم القدٌس ٌهوذا " َولَ ِكنَّ‬

‫علَى َما ال َ ٌَ ْعلَ ُمونَ ‪َ .‬وأ َ َّما َما ٌَ ْف َه ُمونَهُ بِال َّ‬ ‫ت َ‬ ‫غ ٌْ ِر‬ ‫طبٌِعَةِ‪ ،‬كَا ْل َحٌَ َوانَا ِ‬ ‫َه ُإالَءِ ٌَ ْفت َ ُرونَ َ‬ ‫النَّاطِ قَةِ‪ ،‬فَفًِ ذَ ِلكَ ٌَ ْفسُد ُونَ ‪ٌ( ".‬ه ٔ ‪.)ٕٔ :‬‬

‫وكان ٌشوع بن نون قاطعا ً فى قراراته‪ ..‬فلم ٌترك أحدا ً ٌإثر سلبا ً على‬ ‫قراراته المستمدة من خضوعه هلل‪ ..‬فعبور األردن فى مٌعاده ومعركة أرٌحا‬ ‫كما خطط لها هللا‪ ..‬وتحرٌم الؽنابم وإبادة األوثان والوثنٌ​ٌن‪ ..‬وتقسٌم األراضى‪..‬‬ ‫كلها كانت تتسم بالشدة والحزم‪ ..‬فلم ٌترك ٌشوع السبطٌن ونصؾ السبط‬ ‫ٌستقروا فى أرضهم بل أمر بمشاركة رجالهم دخول كنعان إلى أن ٌستقر الكل‪..‬‬ ‫وخضع الكل له ألنه كان حازما ً وروحانٌاً‪ ..‬ولٌس له ؼرض ولٌس فٌه تسلط‬ ‫وال ٌقوده أحد إال وصٌة هللا وروح هللا‪.‬‬ ‫بمثل هذا المنهج رأٌنا بولس الرسول الذى تسبقه دموعه أحٌانا ً وهو‬ ‫ٌنذر كل واحد (أع ٕٓ ‪ ٔ3 :‬ـ ‪ٌ ..)ٖ1‬حكم بحرمان خاطا كورنثوس ومنعه من‬

‫ٕ‪3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫ٌلوث الكنٌسة (ٔكو ٘ ‪ ٖ :‬ـ‬ ‫شركة الكنٌسة وعزله عن مجتمع المإمنٌن كٌبل ّ‬ ‫ٖٔ)‪.‬‬

‫وتراه حازما ً مع أهل كورنثوس موبخا ً بشدة وقوفهم أمام القضاء المدنى‬ ‫علَى آ َخ َر أَنْ ٌُ َحا َك َم ِع ْندَ‬ ‫س ُر مِ ْنكُ ْم أ َ َحد ٌ لَهُ دَع َْوى َ‬ ‫وعدم احتكامهم للكنٌسة "أٌََت َ َجا َ‬

‫ال َّ‬ ‫س ٌَدٌِنُونَ ا ْل َعالَ َم؟ فَ ِإنْ‬ ‫ست ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ أَنَّ ا ْل ِقدٌِّ ِ‬ ‫س ِع ْندَ ا ْل ِقدٌِّ ِ‬ ‫سٌنَ ؟‪.‬أَلَ ْ‬ ‫سٌنَ َ‬ ‫ظالِمِ ٌنَ َولَ ٌْ َ‬ ‫كَانَ ا ْلعَالَ ُم ٌُدَا ُن بِكُ ْم أَفَؤ َ ْنت ُ ْم َ‬ ‫ست ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ أَنَّنَا‬ ‫ستَؤ ْ ِه ِلٌنَ ِل ْل َم َحاك ِ​ِم ال ُّ‬ ‫ص ْغ َرى؟‪ .‬أَلَ ْ‬ ‫غ ٌْ ُر ُم ْ‬ ‫ور َه ِذ ِه ا ْل َحٌَا ِة‬ ‫َ‬ ‫ور َه ِذ ِه ا ْل َحٌَا ِة!‪ .‬فَ ِإنْ كَانَ لَ ُك ْم َم َحا ِك ُم فًِ أ ُ ُم ِ‬ ‫سنَدٌِ ُن َمالَئِكَةً؟ فَبِاأل َ ْولَى أ ُ ُم َ‬ ‫س َب ٌْنَكُ ْم َحكٌِ ٌم َوال َ‬ ‫سوا ا ْل ُم ْحتَقَ ِرٌنَ فًِ ا ْل َكنٌِ َ‬ ‫فَؤ َ ْج ِل ُ‬ ‫س ِة قُضَاةً!‪ِ .‬لت َْخ ِجٌ ِلكُ ْم أَقُو ُل‪ .‬أ َ َه َكذَا لَ ٌْ َ‬ ‫خ َوذَ ِلكَ ِع ْندَ َ‬ ‫خ ٌُ َحا ِك ُم األ َ َ‬ ‫ً بَ ٌْنَ إِ ْخ َوتِهِ؟‪ .‬لَ ِكنَّ األ َ َ‬ ‫غ ٌْ ِر ا ْل ُمإْ مِ نٌِنَ ‪".‬‬ ‫َواحِ د ٌ ٌَ ْق ِد ُر أَنْ ٌَ ْق ِض َ‬ ‫(ٔكو ‪ ٔ : ٙ‬ـ ‪.)ٙ‬‬ ‫كما نراه حازما ً فى رسالة ؼبلطٌة ٌقول "أٌَُّ َها ا ْلغَالَطِ ٌُّونَ األ َ ْغ ِبٌَا ُء‪َ ،‬منْ‬ ‫ح بَ ٌْنَكُ ْم‬ ‫س َم ٌَسُوعُ ا ْل َمسٌِ ُ‬ ‫ق؟ أ َ ْنت ُ ُم الَّذٌِنَ أ َ َما َم عٌُُونِكُ ْم قَ ْد ُر ِ‬ ‫َرقَاكُ ْم َحتَّى الَ ت ُ ْذ ِعنُوا ِل ْل َح ّ ِ‬ ‫صلُوباً!‪( ".‬ؼبل ٖ ‪.)ٔ :‬‬ ‫َم ْ‬

‫ونرى ٌوحنا الحبٌب أشهر التبلمٌذ رقة ووداعة‪ٌ ..‬وصى فى رسالته‬ ‫ٌِم‪ ،‬فَالَ ت َ ْقبَلُوهُ فًِ ا ْلبَ ٌْتِ‪َ ،‬وال َ تَقُولُوا‬ ‫الثانٌة " ِإنْ كَانَ أ َ َحد ٌ ٌَؤْتٌِكُ ْم َوالَ ٌَ ِجً ُء ِب َهذَا الت َّ ْعل ِ‬ ‫سالَ ٌم‪ٌ ٕ ( ".‬و ٔ ‪.)ٔٓ :‬‬ ‫لَهُ َ‬

‫إذا ً ٌنبؽى أن ٌكون القابد الروحى شدٌدا ً حازما ً حٌن تجب الشد ّة‬ ‫والتؤدٌب‪ ..‬وٌظل قلبه رقٌقا ً ودٌعؤ ً باكٌا ً على المخطا‪ ..‬لعله ٌتوب فٌفرح به‪..‬‬ ‫ناظرا ً إلى قطٌعه لببل ٌفسد‪.‬‬

‫ٖ‪3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫الجانى عشر‪ ..‬كرمياً وشخيّاً‬

‫‪Generosity‬‬

‫ٌظن بعض القادة أن الشد ّة والحزم‪ ..‬والجدٌة والعسكرٌة‪ ..‬تضمن لهم‬ ‫خضوع َمن حولهم وإنتمابهم ناسٌن أن الحب هو القوة األعظم فى هذا الوجود‪..‬‬ ‫وأن القٌادة بالحب هى المثل الذى قدمه ربنا ٌسوع للبشرٌة ومازال األكثر‬ ‫نجاحا ً فى كل المستوٌات والمجاالت‪.‬‬ ‫ومن صفات الحب‪ ..‬الكرم والسخاء‪ ..‬وكما ٌجب أن ٌكون القابد مشجعا ً‬ ‫متؤنٌا ً مترفقا ً مسامحاً‪ ..‬ومإدبا ً وقوٌا ً وحازماً‪ٌ ..‬جب أن ٌكون أٌضا ً سخٌا ً‬ ‫ٌجزل العطاء ل َمن حوله‪ ..‬وال أقصد فقط المكافآت المادٌة أو الهداٌا وإنما أقصد‬ ‫كل جوانب السخاء‪.‬‬ ‫ربنا ٌسوع المسٌح ـ له المجد ـ كان وٌظل إلى األبد كرٌما ً سخٌاً‪ ..‬حتى‬ ‫أنه ٌعطى الوعد "أ َ ْعطُوا ت ُ ْع َط ْوا َك ٌْالً َج ٌِّدا ً ُملَبَّدا ً َم ْه ُزوزا ً فَائِضا ً ٌُ ْعطُونَ فًِ‬ ‫أ َ ْحضَانِكُ ْم‪ .‬ألَنَّه ُ ِبنَ ْف ِس ا ْل َك ٌْ ِل الَّذِي ِب ِه تَكٌِلُونَ ٌُكَا ُل لَكُ ْم" (لو ‪ ..)ٖ1 : ٙ‬ففى معجزة‬ ‫س ِر‪:‬‬ ‫الخمس خبزات كان سخٌا ً "فَؤ َ َك َل ْال َج ِمٌ ُع َو َ‬ ‫ش ِبعُوا‪ .‬ث ُ َّم َرفَعُوا َما فَ َ‬ ‫ض َل ِمنَ ْال ِك َ‬ ‫اثْنَت ًَْ َع ْش َرة َ قُفَّةً َم ْملُوءة ً" (مت ٗٔ ‪.)ٕٓ :‬‬ ‫وفى استعداده للعطاء‪ ..‬قرر أن ٌذهب لبٌت القابد المبة متخطٌا ً القواعد‬ ‫ستَحِ قّا ً أَنْ ت َ ْد ُخ َل‬ ‫ستُ ُم ْ‬ ‫س ٌِّد ُ لَ ْ‬ ‫الٌهودٌة حتى أرسل له هذا الممى المإمن قاببلً "ٌَا َ‬ ‫س ْقفًِ لَ ِكنْ ق ُ ْل َك ِل َمةً فَقَ ْط فٌََ ْب َرأ َ غُالَمِ ً" (مت ‪.)1 : 1‬‬ ‫ت َْحتَ َ‬ ‫وفى سخابه ٌعطى ؼفرانا ً للمفلوج الذى ٌنشد الشفاء فقط‪ ..‬وبصرا ً‬ ‫لؤلعمى الذى ٌشتهى النظر‪ ..‬وحرٌة لمجنون الجدرٌ​ٌن من الشٌاطٌن‪ ..‬وحبا ً‬ ‫ق‬ ‫لكل المحرومٌن من الحب‪ ..‬وأمانا ً لكل المعذبٌن من الخوؾ‪" ..‬فَ ِإنَّه ُ ٌُش ِْر ُ‬ ‫صالِحِ ٌنَ َوٌ ُ ْمطِ ُر َعلَى األ َ ْب َر ِار َوال َّظالِمِ ٌنَ " (مت ٘ ‪.)ٗ٘ :‬‬ ‫سه ُ َ‬ ‫علَى األَش َْر ِار َوال َّ‬ ‫ش َْم َ‬ ‫فى كرمه وسخابه ٌعطٌنا مثل اإلبن الضال‪ ..‬وٌظهر فٌه كؤب كرٌم‬ ‫ً أ َ ْنتَ َمعًِ فًِ‬ ‫ٌعطى األصؽر ما ٌطلبه (نصٌبه من المال)‪ ..‬وٌقول لألكبر "ٌَا بُنَ َّ‬ ‫ٌن َوكُ ُّل َما لًِ فَ ُه َو لَكَ " (لو ٘ٔ ‪.)ٖٔ :‬‬ ‫كُ ِ ّل حِ ٍ‬ ‫ٗ‪3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬ ‫س أ َ َحد ٌ ت َ​َركَ بَ ٌْتا ً أ َ ْو ِإ ْخ َوةً أ َ ْو‬ ‫وفى وعده لمن ٌتبعه "ا ْل َح َّ‬ ‫ق أَقُو ُل لَكُ ْم لَ ٌْ َ‬ ‫اإل ْن ِجٌ ِل‪ .‬إِال َّ َوٌَؤ ْ ُخذ ُ‬ ‫أ َ َخ َوا ٍ‬ ‫ت أ َ ْو أَبا ً أ َ ْو أ ُ ّما ً أ َ ِو ا ْم َرأَةً أ َ ْو أ َ ْوالَدا ً أ َ ْو ُحقُوال ً أل َ ْجلًِ َوأل َ ْج ِل ِ‬ ‫ف اآلنَ فًِ َهذَا َّ‬ ‫ت َوأ َ ْوالَدا ً َو ُحقُوال ً َم َع‬ ‫ت َوأ ُ َّم َها ٍ‬ ‫ان بٌُُوتا ً َوإِ ْخ َوةً َوأ َ َخ َوا ٍ‬ ‫مِ ئ َةَ ِض ْع ٍ‬ ‫الز َم ِ‬ ‫ا ْ‬ ‫ت َوفًِ الدَّ ْه ِر اآلتًِ ا ْل َح ٌَاةَ األ َ َب ِدٌَّةَ‪( ".‬مر ٓٔ ‪.)ٖٓ ، ٕ2 :‬‬ ‫ضطِ َهادَا ٍ‬ ‫ًِ‬ ‫وفى سخابه ٌشركنا حتى فى مجده وٌُصلى قاببلً "أَنَا فٌِ ِه ْم َوأ َ ْنتَ ف َّ‬ ‫س ْلتَنًِ َوأ َ ْحبَ ْبت َ ُه ْم َك َما أ َ ْحبَ ْبتَنًِ‪.‬أٌَُّ َها‬ ‫ِلٌَكُونُوا ُم َك َّم ِلٌنَ إِلَى َواحِ ٍد َو ِلٌَ ْعلَ َم ا ْلعَالَ ُم أَنَّكَ أ َ ْر َ‬ ‫اآلب أ ُ ِرٌد ُ أَنَّ َه ُإالَءِ الَّذٌِنَ أ َ ْع َط ٌْتَنًِ ٌَكُونُونَ َمعًِ َح ٌْ ُ‬ ‫ث أَكُو ُن أَنَا ِل ٌَ ْنظُ ُروا َم ْج ِدي‬ ‫ُ‬ ‫الَّذِي أ َ ْع َط ٌْتَنًِ ألَنَّكَ أ َ ْحبَ ْبتَنًِ قَ ْب َل ِإ ْنشَاءِ ا ْلعَالَ ِم" (ٌو ‪.)ٕٗ ، ٕٖ : ٔ3‬‬

‫هكذا القابد الروحى كرٌما ً فى تشجٌعه وفى ترحٌبه‪ ..‬سخٌا ً فى مكافآته‬ ‫وتعلٌقاته‪ ..‬جزٌبلً فى إحساناته وعطاٌاه‪ ..‬ال ٌرى قٌمة للمادة أو المال بقدر ما‬ ‫ٌرى قٌمة كل نفس وباألخص فرٌقه ومساعدٌه و َمن ٌعمل معه‪.‬‬ ‫أ ّما ٌشوع فتمٌزا ً أٌضا ً بالكرم والسخاء‪ ..‬ولم ٌطلب لنفسه ماالً أو عظمة‬ ‫أو مكانة على حساب َمن حوله‪ ..‬وكان ٌلتزم بالمتكؤ األخٌر حتى فى إستبلمه‬ ‫سمت لهم األراضى‪ ..‬وحٌن طالبه كالب بن ٌفنة‬ ‫أرضه بعد ما سكن األسباط وق ّ‬ ‫ب‬ ‫بجبل حبرون لم ٌتورع مطلقا ً أن ٌحقق له حلمه " َواآلنَ فَ َها قَ ِد ا ْ‬ ‫ًِ ال َّر ُّ‬ ‫ست َْح ٌَان َ‬

‫سى ِب َهذَا ا ْل َكالَ ِم حِ ٌنَ‬ ‫ب ُمو َ‬ ‫س َواأل َ ْربَ ِعٌنَ َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫سنَةً‪ ,‬مِ نْ حِ ٌنَ َكلَّ َم َّ‬ ‫َك َما ت َ َكلَّ َم َه ِذ ِه ا ْل َخ ْم َ‬ ‫سنَةً‪ .‬فَلَ ْم أ َ َز ِل ا ْلٌَ ْو َم‬ ‫ار إِ ْ‬ ‫س َرائٌِ ُل فًِ ا ْلقَ ْف ِر‪َ .‬واآلنَ فَ َها أَنَا ا ْلٌَ ْو َم ا ْب ُن َخ ْم ٍس َوث َ َمانٌِنَ َ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ب‬ ‫ُمت َ َ‬ ‫سلَنًِ ُمو َ‬ ‫شدِّدا ً َك َما فًِ ٌَ ْو َم أ َ ْر َ‬ ‫سى‪َ .‬ك َما كَانَتْ قُ َّوتًِ حِ ٌنَئِ ٍذ َه َكذَا قُ َّوتًِ اآلنَ ِل ْل َح ْر ِ‬ ‫ب فًِ ذَ ِلكَ ا ْلٌَ ْو ِم‪.‬‬ ‫َو ِل ْل ُخ ُروجِ َولِلدُّ ُخو ِل‪ .‬فَاآلنَ أَعْطِ نًِ َهذَا ا ْل َجبَ َل الَّذِي ت َ َكلَّ َم َ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ع ْنه ُ َّ‬ ‫صنَةٌ‪ .‬لَعَ َّل‬ ‫سمِ ْعتَ فًِ ذَ ِلكَ ا ْلٌَ ْو ِم أَنَّ ا ْلعَنَاقِ ٌٌِّنَ هُنَاكَ ‪َ ,‬وا ْل ُمد ُ ُن عَظِ ٌ َمةٌ ُم َح َّ‬ ‫ألَنَّكَ أ َ ْنتَ َ‬ ‫ِب ْب ِن ٌَفُنَّةَ‬ ‫الر ُّ‬ ‫الر َّ‬ ‫ار َكهُ ٌَشُوعُ‪َ ,‬وأ َ ْع َطى َح ْب ُرونَ ِلكَال َ‬ ‫ب َمعًِ فَؤ َ ْط ُردَهُ ْم َك َما ت َ َكلَّ َم َّ‬ ‫َّ‬ ‫ب»‪ .‬فَبَ َ‬ ‫ُم ْلكاً‪ٌ( ".‬ش ٗٔ ‪ ٔٓ :‬ـ ٖٔ)‪.‬‬

‫وحٌن وقفت الشمس والقمر بطلبه ودالته‪ ..‬لم ٌكسب لنفسه شٌبا ً إنما‬ ‫ربح لشعبه وفرح لهم بتقسٌم الؽنابم " َوكُ ُّل َ‬ ‫غنٌِ َم ِة تِ ْلكَ ا ْل ُمد ُِن َوا ْلبَ َهائِ َم نَ َهبَ َها بَنُو‬

‫ف َحتَّى أَبَاد ُوهُ ْم‪ .‬لَ ْم ٌُ ْبقُوا‬ ‫س َرائٌِ َل أل َ ْنفُ ِ‬ ‫س ٌْ ِ‬ ‫ِإ ْ‬ ‫الر َجا ُل فَض َ​َربُوهُ ْم جَمِ ٌعا ً ِب َح ِّد ال َّ‬ ‫س ِه ْم‪َ .‬وأ َ َّما ِّ‬ ‫س َمةً‪ٌ( ".‬ش ٔ​ٔ ‪.)ٔٗ :‬‬ ‫نَ َ‬ ‫٘‪3‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫وكما كان الرب سخٌا ً مع ٌشوع كان ٌشوع سخٌا ً مع شعبه‪ ..‬لهذا‬ ‫اء" (رو ٕٔ ‪ ..)1 :‬هناك أٌضا ً السخاء فى‬ ‫س َخ ٍ‬ ‫ٌوصٌنا الكتاب "ا ْل ُم ْعطًِ فَ ِب َ‬ ‫ش ٌْئا ً مِ نَ ا ْلفَ َوائِ ِد ِإال َّ‬ ‫ف لَ ْم أ ُ َإ ِ ّخ ْر َ‬ ‫التعلٌم‪ ..‬فقد رأٌنا بولس الرسول ٌقول " َك ٌْ َ‬ ‫ت" (أع ٕٓ ‪.)ٕٓ :‬‬ ‫علَّ ْمتُكُ ْم بِ ِه َج ْهرا ً َوفًِ كُ ِ ّل بَ ٌْ ٍ‬ ‫َوأ َ ْخبَ ْرتُكُ ْم َو َ‬ ‫رأٌنا هذا السخاء والؽنى فى التعلٌم‪ ..‬فى قٌادات روحٌة عظٌمة مثل‬ ‫القدٌس أثناسٌوس الرسولى وكٌرلس الكبٌر والبابا شنودة الثالث‪ ..‬ورأٌنا هذا‬ ‫الكرم فى داود النبى وهو ٌرد كل ما كان ٌملكه شاول إلى ابنه مفٌبوشث (ٕصم‬ ‫‪ 2 : 2‬ـ ٖٔ)‪ ..‬ؼافرا ً لشاول كل ما صنع له وذاكرا ً صداقته لٌوناثان‪ ..‬وكانت‬ ‫ممتلكات شاول كثٌرة جدا ً لكن داود لم ٌنظر إلٌها‪.‬‬ ‫ورأٌنا هذا الكرم فى هداٌا سلٌمان لملكة التٌمن‪ ..‬بل أٌضا ً العاملٌن معه‬ ‫فى بناء الهٌكل حتى كانوا ٌعملون أربعة أشهر فى السنة وٌؤخذون راحة ثمانٌة‬ ‫ش ْهرا ً فًِ لُ ْبنَانَ‬ ‫ف فًِ ال َّ‬ ‫سلَ ُه ْم إِلَى لُ ْبنَانَ َ‬ ‫ش ْه ِر بِالنَّ ْوبَةِ‪ٌَ .‬كُونُونَ َ‬ ‫عش َْرةَ آال َ ٍ‬ ‫أشهر "فَؤ َ ْر َ‬ ‫ٌِرا ُم َعلَى التَّسْخِ ٌِر‪ٔ( ".‬مل ٘ ‪ )ٔٗ :‬وأٌضا ً‬ ‫َو َ‬ ‫ش ْه َر ٌْ ِن فًِ بٌُُوتِ ِه ْم‪َ .‬وكَانَ أَد ُون َ‬

‫ار ِة َو َج َع َل األ َ ْر َز كَا ْل ُج َّم ٌْ ِز الَّذِي‬ ‫َب فًِ أُو ُر َ‬ ‫" َو َج َع َل ا ْل َم ِلكُ ا ْل ِفض َ​َّة َوالذَّه َ‬ ‫شلٌِ َم مِ ثْ َل ا ْلحِ َج َ‬ ‫س ْه ِل فًِ ا ْل َكثْ َر ِة‪ ٕ( ".‬أخ ٔ ‪.)ٔ٘ :‬‬ ‫فًِ ال َّ‬

‫‪3ٙ‬‬


‫مهارات القابد الروحى‬

‫رشالة أخرية‪..‬‬ ‫حٌن نتكلم عن القٌادة الروحٌة‪ ..‬نتكلم عن المسٌح نفسه ألنه قابدنا‬ ‫ان َو ُم َك ِ ّم ِل ِه ٌَسُوعَ‪ ،‬الَّذِي مِ نْ أ َ ْج ِل‬ ‫وربٌس خبلصنا "نَاظِ ِرٌنَ إِلَى َرئ ِ‬ ‫ٌِس ِ‬ ‫اإلٌ َم ِ‬

‫ٌن ع َْر ِش‬ ‫ور ا ْل َم ْوضُوعِ أ َ َما َمه ُ ْ‬ ‫احت َ َم َل ال َّ‬ ‫ٌِب ُم ْ‬ ‫ال ُّ‬ ‫صل َ‬ ‫س ُر ِ‬ ‫ست َ ِهٌنا ً ِبا ْلخِ ْزيِ‪ ،‬فَ َجلَ َ‬ ‫س فًِ ٌَمِ ِ‬ ‫هللا" (عب ٕٔ ‪ ..)ٕ :‬وبالتالى نجد أن كل الفضابل الروحٌة تلٌق بالقابد‬ ‫ِ‬

‫الروحى‪ ..‬فالصبر والهدوء والحكمة والبساطة والنقاوة وطول األناة واإلٌمان‬ ‫تدرس بقدر ما‬ ‫والتعفؾ‪ ..‬وهكذا نعود كما بدأنا لنإكد أن القٌادة الروحٌة ال َّ‬ ‫تسَّلم‪ ..‬وال ٌحصل علٌها اإلنسان بالمعرفة النظرٌة بل بالتقوى الحقٌقٌة‪ ..‬وكل‬ ‫قابد روحى ٌنظر إلى المسٌح كل حٌن‪ ..‬البد أن ٌلمع وجهه بنعمة المسٌح‬ ‫وٌتشبه به‪ ..‬وٌعمل بروحه من أجل خبلص شعبه‪.‬‬ ‫امس الحاجة إلى والدة قادة روحٌ​ٌن‬ ‫ونحن اآلن فى الكنٌسة القبطٌة فى‬ ‫ّ‬ ‫مثل رجال الكتاب المقدس ورجال التارٌخ الكنسى الذى أضافوا جماالً لكنٌستنا‬ ‫وفخرا ً لتارٌخنا‪ ..‬وهذا ٌحتاج منا على مستوى األسرة ومدارس األحد‬ ‫وإجتماعات الشباب وعظات الشعب وكل األنشطة أن ننهض بهذه األفكار‪..‬‬ ‫وأن نركز فى تربٌة أوالدنا على إكتسابهم هذه الصفات الروحٌة‪ ..‬فبل ٌنجرفوا‬ ‫وراء تٌار العالم بل ٌقودوا العالم بكل َمن فٌه إلى حضن المسٌح‪ ..‬نرٌد شبابا ً‬ ‫قوٌا ً ودٌعا ً حكٌما ً هادفا ً واعٌا ً مإثرا ً فى كل مجاالت الحٌاة‪.‬‬ ‫هذه رسالتنا نحن الرعاة والخدام‪ ..‬تجاه الجٌل القادم‪ ..‬فالعالم الٌوم وكما‬ ‫كان دابماً‪ ..‬فى صراع القوة‪ ..‬قوة الشر والفساد تجاه قوة الحق والبر‪ ..‬ولكننا‬ ‫ِب‬ ‫نإمن أن الذى فٌنا أقوى من الذى فى العالم‪" ..‬ألَنَّ كُ َّل َمنْ ُو ِلدَ مِ نَ ِ‬ ‫هللا ٌَ ْغل ُ‬ ‫ِب ا ْلعَالَ َم‪ :‬إٌِ َمانُنَا" (ٌٔو ٘ ‪.)ٗ :‬‬ ‫ًِ ا ْلغَلَبَةُ الَّتًِ ت َ ْغل ُ‬ ‫ا ْلعَالَ َم‪َ .‬و َه ِذ ِه ه َ‬ ‫الرب قادر أن ٌجعل هذه الكلمات البسٌطة سبب لتقدم ونمو الكثٌرٌن فى‬ ‫التشبه بالمسٌح واإلمتبلء بروحه لقٌادة الكنٌسة والعالم إلى الملكوت األبدى‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫الـفـهــرس‬ ‫رقم‬ ‫الموضوع‬ ‫الصفحة‬ ‫مــقـــــدمــــة ‪4 ......................................................‬‬ ‫‪ ‬الباب األول‪ ..‬الصفات الشخصية للقائد الروحى ‪7 .....................‬‬ ‫‪1‬ـ تلميذ موسى ‪8 .........................................................‬‬ ‫‪2‬ـ رجل صالة ‪13 .........................................................‬‬ ‫‪3‬ـ شجاع ال يخاف ‪17 .....................................................‬‬ ‫‪4‬ـ ملتصق بالوصية‪22 ....................................................‬‬ ‫‪5‬ـ متواضع يجد نعمة‪24 ..................................................‬‬ ‫‪ ‬الباب الثانى‪ ..‬مهارات القائد الروحى ‪29 ..............................‬‬ ‫‪1‬ـ صاحب رؤية واضحة ‪32 ............................................‬‬ ‫‪2‬ـ ُمدبر ومخطط جيد ‪35 .................................................‬‬ ‫‪3‬ـ يُؤمن بالتفويض‪42 .....................................................‬‬ ‫‪4‬ـ يُحسن إختيار معاونيه‪43 ..............................................‬‬ ‫‪5‬ـ ناجح فى التواصل‪46 ..................................................‬‬ ‫‪6‬ـ يتقن ترتيب األولويات وتوزيع الوقت ‪49 ...........................‬‬ ‫‪7‬ـ قادر على التحفيز‪52 ...................................................‬‬ ‫‪8‬ـ جاد وملتزم ‪......................................................‬‬

‫‪57‬‬

‫‪9‬ـ يواجه المشاكل ‪61 ...................................................‬‬ ‫‪12‬ـ يتعلم من أخطائه ‪65 ...............................................‬‬

‫‪11‬ـ قوى وحازم ‪68 .....................................................‬‬ ‫‪12‬ـ كريما ً وسخيا ً ‪73 .....................................................‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪ ‬رسالة أخيرة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.