تفسير رسالة يوحنا الاولي القس انطونيوس فكري كنيسة العذراء الفجالة

Page 1

‫ﺗﻔﺴﻴﺮ‬ ‫رﺳﺎﻟﺔ ﻳﻮﺣﻨﺎ اﻻوﻟﻲ‬ ‫اﻟﻘﺲ اﻧﻄﻮﻧﻴﻮس ﻓﻜﺮي‬ ‫ﻛﻨﻴﺴﺔ اﻟﺴﻴﺪة اﻟﻌﺬراء ﺑﺎﻟﻔﺠﺎﻟﺔ‬ ‫اﻻﺻﺪار اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪2012‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي ‪ -‬جدول رسالة يوحنا األولي‬ ‫رقم اإلصحاح‬

‫رقم اإلصحاح‬

‫رقم اإلصحاح‬

‫رقم اإلصحاح‬

‫رقم اإلصحاح‬

‫رقم اإلصحاح‬

‫مقدمة‬

‫يوحنا األولي ‪1‬‬

‫يوحنا األولي ‪2‬‬

‫يوحنا األولي ‪3‬‬

‫يوحنا األولي ‪4‬‬

‫يوحنا األولي ‪5‬‬

‫رقم اإلصحاح‬ ‫المحبة عند‬ ‫يوحنا الحبيب‬

‫‪1‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫عودة للجدول‬

‫نسبت الكنيسة األولى الرسائل الثالث إلى يوحنا الحبيب تلميذ الرب يسوع ونالحظ أنه ‪:‬‬

‫‪ .1‬بداية إنجيل يوحنا "فى البدء كان‪ " ...‬وبداية الرسالة األولى "الذى كان من البدء" فتعبير "فى البدء" هو‬ ‫خاص بيوحنا‪.‬‬

‫‪ .2‬الكلمة السائدة فى الثالث رسائل هى كلمة المحبة‪.‬‬

‫يوحنا الرسول الحبيب‬

‫ولد فى بيت صيدا فى الجليل‪ .‬أبوه زبدى وأمه سالومى أخت العذراء مريم‪ .‬وهذا نفهمه من مقارنة (مر‪: 11‬‬ ‫‪ )04‬مع (يو ‪ )21 : 11‬مع (مت ‪ )15 : 22‬فالنساء اللواتى إجتمعن حول الصليب كانوا‪.‬‬ ‫‪ .1‬مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسى وأم إبنى زبدى (مت ‪.)15 : 22‬‬

‫‪ .2‬مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسى وسالومة (مر ‪.)04 : 11‬‬ ‫‪ .3‬أمه وأخت أمه‪ ،‬مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية (يو ‪.)21 : 11‬‬

‫بالمقارنة نجد أن مريم زوجة كلوبا هى أم يعقوب الصغير ويوسى ونجد أن أم ابنى زبدى هى سالومة أخت‬ ‫العذراء مريم أم السيد المسيح‪ .‬وابنى زبدى هما يعقوب ويوحنا كاتب الرسالة‪ .‬ولكن يوحنا لم يذكر إسم أمه ال فى‬ ‫إنجيله وال فى رسائله تواضعاً منه واخفاء لذاته‪.‬‬

‫وكان يوحنا يعمل صياداً للسمك‪ .‬وتتلمذ أوالً ليوحنا المعمدان‪ .‬وبعد أن شهد المعمدان أمام يوحنا وأندراوس أن‬ ‫يسوع هو المسيح حمل اهلل تبعا المسيح (يو ‪ .)01 ،04 ،32 ،31 : 1‬وهنا أيضاً كان يوحنا أحد التلميذين لكنه‬

‫لم يذكر إسمه‪.‬‬

‫والمسيح أطلق على يوحنا وأخيه يعقوب الكبير إسم إبنى الرعد لشدة عزيمتهما وغيرتهما الشديدة وقوة إيمانهما‪.‬‬

‫وهما إبنى زبدى‪.‬‬

‫قيل أن يوحنا كان أصغر جميع الرسل‪ ،‬وكان عمره نحو ‪ 34‬عاماً حين تبع المسيح وأقام بتوالً حياته كلها‪ .‬وكان‬ ‫الرب يسوع يحبه محبة خاصة عبر عنها يوحنا بقوله عن نفسه فى إنجيله "التلميذ الذى كان يسوع يحبه"‪ .‬ولقد‬

‫حضر يوحنا مع المسيح فى التجلى وصالة البستان وفى إقامة إبنة يايرس‪ .‬واتكأ على صدر المسيح فى العشاء‬ ‫السرى وسأل المسيح عمن يسلمه‪.‬‬

‫جاءت أم يوحنا ويعقوب لتسأل المسيح أن يجلس ولديها عن يمينه وعن يساره‪ ،‬إذ ظنت أن المسيح سيكون له‬

‫ملكوتاً أرضياً‪.‬‬

‫ظهرت محبة يوحنا فى أنه تبع المسيح إلى دار قيافا ثم إلى الصليب‪ .‬وعلى الصليب قال السيد ليوحنا عن‬ ‫العذراء "هذه أمك" وقال للعذراء عن يوحنا "هذا إبنك" ليرعاها يوحنا‪ .‬ومن هنا نرى أنه لو كان للعذراء أوالد‬

‫آخرين كما يقول البعض لم يكن المسيح ليتركها ليوحنا‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫بعد قيامة المسيح كان يوحنا والرسل يصيدون سمكاً على بحيرة طبرية‪ ،‬وظهر لهم السيد المسيح فعرفه يوحنا قبل‬

‫الجميع‪ ،‬ومن هنا نفهم أن المحبة الكبيرة للمسيح تفتح األعين لمعرفته‪.‬‬

‫بعد حلول الروح القدس على التالميذ ذهب يوحنا مع بطرس للهيكل وأقاما مقعداً‪ .‬وبسبب هذه المعجزة حبسهما‬

‫اليهود ثم أطلقوهما‪.‬‬

‫ذهب مع بطرس إلى السامرة لوضع اليد على من قام فيلبس بتعميدهم من الذين آمنوا على يديه (أع ‪،10 : 8‬‬

‫‪.)11‬‬

‫بشر يوحنا فى آسيا الصغرى (تركيا) وبالذات فى أفسس وقال البعض أنه أخذ معه مريم العذراء إلى هناك‪.‬‬

‫ويقال أنه ذهب إلى أفسس سنة ‪55‬م‬

‫فى إضطهاد دوميتيانوس للكنيسة ألقاه فى زيت مغلى فأخرجه الرب سالماً‪ .‬فنفاه دوميتيانوس إلى جزيرة بطمس‬ ‫[هى جزيرة جرداء ليس بها طعام‪ ،‬بل وحوش‪ ،‬والذهاب لها فى البحر مغامرة‪ .‬وكأن النفى إليها شبه حكم‬

‫بالموت إما غرقاً أو جوعاً أو بالوحوش أو بقطاع الطرق] وأقام يوحنا فى هذه الجزيرة سنتين [رأى فيها الرؤيا‬ ‫المعروفة الواردة بسفر الرؤيا] إلى أن مات دوميتيانوس فرجع يوحنا إلى أفسس حوالى سنة ‪12‬م‪ .‬وبعد رجوعه‬

‫كتب إنجيله والرسائل الثالث‪.‬‬

‫لما طعن فى السن كانوا يحملونه إلى إجتماعات المؤمنين ليعظهم فكان يكرر هذه الكلمات "يا أوالدى فليحب‬

‫بعضكم بعضاً فإن هذه هى وصية اهلل إن عملتم بموجبها فهذا يكفى"‪.‬‬

‫ويحكى عنه أنه كان له تلميذاً صار زعيم عصابة لصوص‪ ،‬فلما عاد سأل عنه‪ ،‬واذ علم ما آل إليه أمره‪ ،‬ذهب‬

‫وراءه فى الجبال بالرغم من كبر سنه‪ ،‬وبالرغم من خطورة التعرض للصوص‪ .‬وعاد به تائباً‪.‬‬

‫ويحكى عنه أنه دخل حماماً عاماً ليستحم فوجد كيرنثوس الهرطوقى داخل الحمام فخرج سريعاً محذ اًر من إنهيار‬ ‫الحمام بسبب وجود هذا الهرطوقى بداخله‪ .‬ومن هنا نرى تشدد هذا التلميذ المملوء محبة ضد الهراطقة‪ ،‬وهذا‬

‫يتضح من (‪ 2‬يو ‪.)14‬‬

‫يوحنا هو التلميذ الوحيد الذى مات ميتة طبيعية‪ ،‬فباقى التالميذ اإلثنى عشر إستشهدوا‪ .‬وكان موته فى سن أكبر‬

‫من ‪ 144‬سنة‪ .‬وقبره فى أفسس‪.‬‬

‫الرسالة‬

‫كتبت فى أفسس فى أواخر القرن األول بعد خراب أورشليم‪ ،‬أى بعد إنتهاء اإلضطهاد اليهودى‪ ،‬لذلك لم يشر‬

‫إليه‪ .‬ولكن كانت قد إنتشرت بعض البدع والهرطقات‪ ،‬فإضطر الرسول أن يكتب هذه الرسالة للرد عليها‪.‬‬

‫لم يذكر الرسول لمن وجه هذه الرسالة‪ ،‬وبهذا إعتبرت أنها موجهة للكنيسة كلها‪ ،‬أى الكنيسة الجامعة‪ .‬ولذلك‬

‫حسبت من رسائل الكاثوليكون أى الرسائل المرسلة لكل الكنيسة الجامعة‪.‬‬

‫والحظ تكرار قوله يا أوالدى ويا أيها األوالد‪ ،‬فيوحنا يشعر بمسئولية رعوية أبوية تجاه من يق أر الرسالة‪ ،‬وهو يوجه‬

‫الرسالة ألوالده المحبوبين‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫هو يكتب ليحمى أوالده من إنحرافات العقيدة وانحرافات السلوك‪ ،‬خصوصاً بعد ظهور المعلمين الكذبة أمثال‬

‫كيرنثوس والغنوسيين‪ .‬وفى (‪ )11 : 2‬نفهم أن هؤالء الهراطقة إنشقوا على الكنيسة وتركوها‪ .‬ويمكن تلخيص هذه‬ ‫الهرطقات فى اآلتى‪:‬‬

‫الهرطقات التى قاومها يوحنا الرسول‬

‫‪ .1‬الدوسيتيين ‪ -:‬هذه الهرطقة أنكرت التجسد‪ .‬وكلمة دوسيتيين جاءت من اللفظ اليونانى "دوكين" أى "يظهر"‬ ‫فهم فى رأيهم أن المسيح ظهر فى صورة جسد‪ ،‬لكنه لم يتجسد‪ ،‬أى هو كان خياالً ال حقيقة‪ ،‬وبالتالى فهو لم‬

‫يتألم حقيقة‪ ،‬ويرد عليهم مثالً فى (‪1‬يو ‪ 1 + 3 – 1 : 0‬يو ‪ .)1 : 1‬وأساس هذه البدعة قائم على وجود‬

‫إلهين‪ ،‬إله للخير واله للشر‪ .‬إله الخير هو خالق الروح‪ ،‬واله الشر هو موجد المادة‪ ،‬ألن المادة فى نظرهم‬

‫هى شر‪ ،‬واهلل ال يمكن أن يخلق ش اًر‪ .‬وعلى هذا األساس ال يمكن للرب أن يأخذ جسداً حقيقياً ألن الجسد‬

‫شر‪ ،‬إذاً فهو كان له جسد خيالى أو غازى‪ ،‬ولقد تراءى للناس كأنه جاع وعطش وأكل وشرب وصلب‬ ‫ومات‪ .‬لذلك إهتمت الكنيسة األولى بأن تشرح أن الجسد والمادة صالحان ألن اهلل خلقهما أما اإلنسان بشره‬

‫فهو يفسدهما‪.‬‬

‫وهذا الفكر الهرطوقى يهدم أهم بركات التجسد‪ ،‬وهى ما عبرت عنه الكنيسة فى التسبحة "أخذ الذى لنا‬

‫وأعطانا الذى له" فالتج سد فيه نوع من المبادلة‪ ،‬المسيح أخذ جسدنا وأعطانا حياته ومجده وقداسته‪ .‬لقد إتحد‬ ‫اإللهى باإلنسانى ليتحد اإلنسانى باإللهى‪ ،‬فالتجسد إختزل المسافة الواسعة بين اهلل واإلنسان‪ ،‬أخذ اهلل جسدنا‬

‫ليعطينا من حياته ويصير شريكاً لنا فى كل عمل صالح‪ .‬هذا الفكر يشوه محبة الرب لنا‪ ،‬الذى أحبنا‬ ‫وشابهنا فى كل شىء ما خال الخطية وحدها‪ .‬ومن صار يشبهه هنا على األرض (غل ‪ )11 : 0‬سيشبهه‬

‫هناك فى السماء (‪ 1‬يو ‪.)2 : 3‬‬

‫‪ .2‬الغنوسيين ‪ -:‬هؤالء يتصورون إمكانية الخالص بالمعرفة العقلية حيث كلمة "غنوس" هى الكلمة اإلنجليزية‬ ‫"‪ ."KNOW‬وكأن التأمل العقلى‪ ،‬والعقل‪ ،‬قادران على خالص اإلنسان‪ .‬ولو كان هذا صحيحاً فما الداعى‬ ‫للتجسد والفداء‪ ،‬وما الداعى لمعونة نعمة المسيح مادمنا سنخلص بقدرتنا الذاتية‪ .‬إذاً ال ضرورة لعمل اهلل فينا‬

‫بحسب فهم هؤالء‪.‬‬

‫وهؤالء الغنوسيين إهتموا بالمعرفة كطريق للخالص‪ ،‬وذهبوا إلى حد القول بأن السلوك ليس له شأن كبير‪.‬‬

‫لذلك فيوحنا يوضح بأن السلوك له أهمية بالغة (‪ 1‬يو ‪ .)14 – 8 : 3‬ونالحظ أنه يتكلم عن فريقين ‪-:‬‬

‫أولهما أوالد اهلل ويسميهم السالكين فى النور وثانيهما أوالد إبليس ويسميهم السالكين فى الظلمة‪.‬‬

‫‪ .3‬األبيونيون ‪ -:‬هم شيعة تحط من قدر السيد المسيح ومنهم كيرنثوس عدو القديس يوحنا‪ .‬ومعنى إسمهم‬ ‫الفقراء من اليهود‪ .‬ويوحنا يسمى هؤالء الذين يحطون من قدر المسيح أضداد للمسيح (‪1‬يو‪ )18:2‬ويقول‬

‫عن المسيح أنه " إبن اهلل " (‪ 1‬يو ‪.)11 : 0‬‬

‫‪4‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫هدف الرسالة‬ ‫‪ .1‬إن المسيح تجسد وبدمه طهرنا من كل خطية‪ ،‬وأعطانا طبيعة جديدة هى طبيعة المحبة‪ ،‬لذلك أكثر القديس‬

‫يوحنا من ذكر كلمة المحبة‪ .‬والمحبة هى طبيعة جديدة بها ال نحب العالم‪ ،‬بل نحب اهلل واإلخوة‪ .‬إذاً أثر‬

‫التجسد يظهر فى تغيير طبيعتنا وسلوكنا‪ .‬هو بهذا يرد على الهراطقة رداً عملياً‪ .‬فهم ينكرون أن المسيح أخذ‬

‫له جسداً حقيقياً‪ ،‬والرسول يقول بل أخذ جسداً حقيقياً به إشترك فى طبيعتنا‪ ،‬وأشركنا فى طبيعته التى هى‬ ‫المحبة‪ .‬فموضوع التجسد قبل أن يكون موضوعاً للنقاش والجدال والهرطقات والرد عليها‪ ،‬هو حياة نحياها‪.‬‬ ‫وبهذا يكون لنا روح اإلفراز التى بها نرفض هرطقات هؤالء الهراطقة‪ ،‬وكون التجسد هو سبب الطبيعة‬ ‫الجديدة التى نحيا بها منتصرين على الخطية‪ ،‬فهذا هو معنى قول بولس الرسول "عظيم هو سر التقوى اهلل‬

‫ظهر فى الجسد" (‪ 1‬تى ‪.)15 : 3‬‬

‫صفات حياة أوالد اهلل وحياة اوالد ابليس‬ ‫أوالد إبليس ‪11 : 3‬‬

‫من يترك الخطية ويقدم توبة يكون سالكا ً فى‬ ‫النور ( ‪ 1‬يو ‪) 7 : 1‬‬

‫‪ +‬حياة أبدية ‪2 : 1‬‬

‫‪ +‬بغضة ‪11 ، 9 : 2‬‬

‫شركة مع اآلب واإلبن وشركة‬

‫‪ +‬ليست فيهم محبة اآلب ‪2‬‬

‫‪11 :‬‬

‫‪ +‬لهم شهوة الجسد والعيون‬

‫وتعظم المعيشة ‪11 : 2‬‬

‫وكل هذا يمضى‬

‫من يحب العالم فيترك اهلل ويذهب للعالم‬ ‫يكون سالكاً فى الظلمة ( ‪ 2‬تى ‪) 11: 1‬‬ ‫‪ 1‬يو ‪6 : 1 + 11 : 2‬‬

‫المسيح‬

‫‪ +‬محبة هلل ولإلخوة ‪11 : 2‬‬

‫‪+‬خطاياهم تغفر ‪12 : 2‬‬ ‫‪ +‬ال يخجلوا عند مجيئه ‪: 2‬‬

‫‪ +‬يبقون فى الموت ‪11 : 3‬‬

‫‪22‬‬ ‫بالخطية ننحرف عن وضعنا الحقيقى‬ ‫كأوالد هلل ونخرج من مكاننا‬

‫بل يعود ويتوب‬

‫‪+‬يسلكون فى النور ‪7 : 1‬‬

‫‪ +‬أقوياء ‪11 : 2‬‬

‫‪ +‬يفعلون الخطية ‪2 : 3‬‬

‫وال يستمر فى حياة الخطية‬

‫مع اإلخوة ‪3 : 1‬‬

‫‪ +‬فرح كامل ‪4 : 1‬‬

‫‪ +‬ينكرون أن يسوع هو‬

‫اإلبن إذا أخطأ يشعر بغربة‬

‫أوالد اهلل ‪1 : 3‬‬

‫‪ +‬يكونون مثله ‪2 : 3‬‬ ‫‪ +‬ال يخطئون ‪9 : 3‬‬

‫بالتوبة واإلعتراف‬

‫نعود لبنوتنا‬ ‫وذلك‬

‫يستمر حتى حصولنا على‬

‫التبنى فداء األجساد‬

‫بالخطية نخرج من كوننا أوالد‬ ‫هللا وبالتوبة نعود‬

‫‪5‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫‪ .2‬بالتجسد صرنا أوالد اهلل فإن سلكنا فى النور سيكون فرحنا كامالً‪ .‬والسلوك فى النور يعنى أننا نحاول بقدر‬

‫إستطاعتنا أن نسلك بال خطية‪ ،‬وان أخطأنا سريعا ما نتوب ‪ ،‬واهلل يعطى قوة لنا ليعيننا (رو ‪ )25 : 8‬نظ اًر‬ ‫لضعف بشريتنا‪ .‬وألننا مازلنا فى الجسد فنحن معرضين ألن نخطىء‪.‬‬

‫‪ .3‬قبل المسيح وفدائه لم يكن هناك حل لمشكلة الخطايا‪ .‬فدم ثيران وكباش ال تستطيع أن تنزع الخطية (عب‬ ‫‪ .)11 : 14‬وأما فداء المسيح فأعطانا دماً يطهرنا من كل خطية (‪1‬يو ‪ .)2 : 1‬وطالما نحن فى هذا‬ ‫الجسد الضعيف فنحن البد وسنخطىء‪ .‬وأصبح كل المطلوب منا أن نتوب ونعترف فتغفر لنا خطايانا‪ .‬لذلك‬

‫نالحظ أنه فى آية (‪ )8‬فى اإلصحاح األ ول والتى يتحدث فيها عن أننا البد وأن نخطىء طالما كنا فى هذا‬

‫الجسد‪ .‬يأتى بعدها مباشرة فى آية (‪ )1‬وسيلة غفران الخطية وهى اإلعتراف‪.‬‬

‫‪ .0‬فى (‪ 1‬يو ‪ ) 1 : 3‬يقول الرسول أن المولود من اهلل ال يخطىء‪ ،‬بل ال يستطيع أن يخطىء‪ .‬وفى (‪ 1‬يو ‪1‬‬ ‫‪ )8 :‬يقول إن قلنا "أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا"‪ .‬وفى (‪ 1‬يو ‪ )14 : 1‬يقول "إن قلنا‬

‫أننا لم نخطىء نجعله كاذباً" فهل هناك تضاد ؟! أبداً‪ .‬وهذا يمكن تصوره حالً لهذه المشكلة فى الرسم‬

‫المرفق عاليه‪ .‬وفيه نجد مواصفات أوالد اهلل وهؤالء ال يخطئون‪ .‬ولكن نظ اًر لوجودنا فى الجسد‪ ،‬فنحن‬ ‫نخطىء‪ ،‬ولكن ما أن نخطىء يبكتنا الروح القدس فنشعر بغربة ووحشة وسريعاً ما نقدم توبة واعتراف فتغفر‬ ‫الخطية ونعود لمكاننا كأوالد اهلل‪ .‬ويستمر دخولنا وخروجنا هذا إلى أن نحصل على الجسد الممجد بعد‬

‫القيامة‪ .‬وهذا ما أطلق عليه بولس الرسول "التبنى فداء األجساد" (رو ‪ .)23 : 8‬فنحن ولدنا من اهلل‬ ‫بالمعمودية‪ ،‬ولكن مازال الجسد فينا عنصر ضعف يعرضنا للخطية‪ ،‬لذلك نقول أن البنوة التى حصلنا عليها‬

‫بالمعمودية اآلن‪ ،‬بل كل ما حصلنا عليه من نتائج للفداء ما هو إال عربون‪ .‬وفى السماء نحصل على الكل‪.‬‬

‫فحين نحصل على الجسد الممجد فى السماء ال نعود نخطىء ولن نستطيع أن نخطىء لألبد‪ .‬أما اآلن‬

‫فنحن معرضين ألن نخطىء‪ ،‬ودم يسوع يطهرنا من كل خطية‪ .‬إذاً بالتوبة واإلعتراف ال نفقد بنوتنا هلل‪ .‬لذلك‬ ‫يقال عن التوبة أنها معمودية ثانية‪ .‬أما فى السماء فالتبنى الكامل الذى نصير فيه بال خطية وال نحتاج‬

‫لتوبة أو إعتراف‪ ......‬فنحن لن نخطىء أبداً‪ ،‬إذ سنتخلص من هذه الطبيعة المعرضة للسقوط‪.‬‬

‫‪ .1‬نفهم أن اهلل نور ومحبة من كلمات الرسالة‪ ،‬وأن على كل من أراد أن يكون له بركات الشركة مع اهلل الذى‬

‫هو نور أن يسلك فى النور ويترك طريق الخطية أى طريق الظلمة‪ ،‬ويحفظ الوصايا ويحتقر العالم ويقاوم‬

‫الشيطان وأعوانه‪ .‬ومن يشترك مع اهلل ويصير إبناً له يقتدى به ويتسم بالصفات عينها أى النور والمحبة‪،‬‬

‫ويكون سلوكه فى النور وفى المحبة‪ .‬فاإليمان ليس كالماً وال مظاهر وال عواطف‪ ،‬اإليمان لن يكون سليماً‬ ‫إال إذا كان يرافقه سلوك‪ .‬فمن غير الممكن أن يؤمن المسيحى بشىء ويسلك بعكسه ويظل مسيحياً‪.‬‬

‫‪ .5‬معرفة المسيح والثبات فيه ‪ -:‬بالمعمودية نتحد بالمسيح (رو ‪ )1 : 5‬ومن خالل الثبات فيه نعرفه (فى ‪3‬‬ ‫‪" )14 ،1 :‬وأوجد فيه (ثبات)‪ ...‬ألعرفه" فمعرفتنا بالمسيح ليست معرفة من الخارج كما نعرف البشر‪ ،‬بل‬ ‫هى معرفة من خالل الثبات فيه‪ .‬وثبات المسيح فينا كان بأن أعطانا حياته‪ ...‬زرع فينا حياته (‪ 1‬يو ‪: 3‬‬

‫‪6‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫‪" ) 1‬ألن زرعه يثبت فيه" لكن علينا أن نسلك فى النور وبمحبة وطهارة ونحفظ الوصايا ليستمر هذا الثبات‬ ‫وتستمر هذه المعرفة‪ .‬بل أن ثباتنا فى المسيح يعطينا أن تكون لنا أفكاره (‪ 1‬كو ‪ )15 : 2‬وتكون أعضاؤنا‬

‫أعضاؤه (‪ 1‬كو ‪.)11 : 5‬‬

‫‪ .2‬هناك تعبيرات تعبر عن االتحاد بالمسيح هى المعرفة والمحبة ( برجاء مراجعة تفسير اآلية يو ‪)1 : 11‬‬ ‫‪ .‬واإلتحاد بالمسيح يعنى أيضا الثبات فيه ‪.‬‬

‫‪ .8‬وحتى نثبت فى المسيح ينبغى ان نكون فى توافق معه ‪ ،‬فهو قدوس ‪ ،‬طاهر ‪ ،‬نقى وهو المحبة ‪ .‬فمن يريد‬ ‫ان يثبت ف يه عليه ان يسلك فى القداسة والنور والمحبة والطهارة ‪ .‬وحينما تتوافق إرادة انسان مع إرادة‬

‫المسيح تتولد قوة جبارة داخل هذا االنسان تعينه على تنفيذ القرار الذى إتخذه ‪ ،‬وهذه القوة هى النعمة التى‬

‫حصلنا عليها من عمل الروح القدس فينا ‪ .‬لذلك سأل المسيح مريض بيت حسدا " أتريد ان تب أر " وهذا‬ ‫السؤال ما زال موجها لكل منا ‪ ،‬ومن يريد فعال وتكون هذه شهوة قلبه ويجاهد ألجلها ‪ ،‬هذا يجد قوة جبارة‬

‫قادرة على ان تحميه من السقوط ‪ ،‬وعن هذه القوة قال السيد المسيح " بدونى ال تقدرون ان تفعلوا شيئا "‬

‫وقال بولس الرسول " بالنعمة انتم مخلصون " وبنفس الفكر قال السيد المسيح أن " نيره هين وحمله خفيف‬

‫" فهو حقيقة من يحمل هذا الحمل ‪ .‬وكلما إزداد إتحاد المؤمن بالمسيح وازدادت النعمة بجهاده تزداد النعمة‬ ‫أى القوة التى تساعده وتحميه من الخطية إلى الدرجة التى قال عنها القديس يوحنا " كل من هو مولود من‬

‫اهلل ‪...‬ال يستطيع ان يخطئ "‪.‬‬

‫والعكس صحيح فالذى يطلب الخطية ويسعى لها تتوافق إرادته مع‬

‫الشيطان ‪ ،‬ومثل هذا سيجد قوة جبارة تدفعه للخطية ‪ ،‬بل يتشبه بابليس ويصير إبناً له (‪1‬يو‪. )14 – 2‬‬ ‫وعلي مستوى الظواهر الطبيعية فحينما يحدث توافق بين شيئين تنتج قوة جبارة عن هذا التوافق ‪.‬‬

‫‪ .1‬ومع هذا فطالما نحن ما زلنا فى الجسد فسيكون لنا سقطات وهفوات ‪ ،‬ولكن الموضوع مستويات ‪ ،‬فالمبتدئ‬ ‫له خطايا يرتكبها وينفذها بالفعل ‪ ،‬وحينما ينمو تصير الخطايا مجرد شهوات ولكن بال تنفيذ ‪ ،‬ومع النمو فى‬

‫النعمة تتوقف الخطايا فال تتعدى بعض األفكار ‪ .‬ولكن حينما نتخلص من هذا الجسد وننطلق للسماء ‪،‬‬ ‫فهناك ال خطية وال شهوات وال أفكار بل بنوة كاملة ‪ ،‬هناك ال يستطيع الجسد وال يمكنه أن يفكر فى خطأ‬

‫فسيتخلص إبن اهلل من الجسد الشهوانى الترابى تماماً ‪ .‬لذلك يقول بولس الرسول " ويحى أنا اإلنسان الشقى‬

‫‪ .‬من ينقذنى من جسد هذا الموت " (رو‪. )20 : 2‬‬

‫‪.14‬‬

‫بالتجسد صرنا أوالد اهلل فإن سلكنا فى النور سيكون فرحنا كامالً‪ .‬والسلوك فى النور يعنى أننا نحاول‬

‫بقدر إستطاعتنا أن نسلك بال خطية‪ ،‬وان أخطأنا سريعا ما نتوب ‪ ،‬واهلل يعطى قوة لنا ليعيننا (رو ‪)25 : 8‬‬

‫نظ اًر لضعف بشريتنا‪ .‬وألننا مازلنا فى الجسد فنحن معرضين ألن نخطىء‪.‬‬

‫‪.11‬‬

‫قبل المسيح وفدائه لم يكن هناك حل لمشكلة الخطايا‪ .‬فدم ثيران وكباش ال تستطيع أن تنزع الخطية‬

‫(عب ‪ .)11 : 14‬وأما فداء المسيح فأعطانا دماً يطهرنا من كل خطية (‪1‬يو ‪ .)2 : 1‬وطالما نحن فى هذا‬ ‫الجسد الضعيف فنحن البد وسنخطىء‪ .‬وأصبح كل المطلوب منا أن نتوب ونعترف فتغفر لنا خطايانا‪ .‬لذلك‬

‫‪7‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫نالحظ أنه فى أية (‪ )8‬فى اإلصحاح األول والتى يتحدث فيها عن أننا البد وأن نخطىء طالما كنا فى هذا‬

‫الجسد‪ .‬يأتى بعدها مباشرة فى أية (‪ )1‬وسيلة غفران الخطية وهى اإلعتراف‪.‬‬ ‫‪.12‬‬

‫فى (‪ 1‬يو ‪ )1 : 3‬يقول الرسول أن المولود من اهلل ال يخطىء‪ ،‬بل ال يستطيع أن يخطىء‪ .‬وفى (‪ 1‬يو‬

‫‪ )8 : 1‬يقول إن قلنا "أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا"‪ .‬وفى (‪ 1‬يو ‪ )14 : 1‬يقول "إن قلنا‬

‫أننا لم نخطىء نجعله كاذباً" فهل هناك تضاد ؟! أبداً‪ .‬وهذا يمكن تصوره حالً لهذه المشكلة فى الرسم‬

‫المرفق‪ .‬وفيه نجد مواصفات أوالد اهلل وهؤالء ال يخطئون‪ .‬ولكن نظ اًر لوجودنا فى الجسد‪ ،‬فنحن نخطىء‪،‬‬ ‫ولكن ما أن نخطىء يبكتنا الروح القدس فنشعر بغربة ووحشة وسريعاً ما نقدم توبة واعتراف فتغفر الخطية‬ ‫ونعود لمكاننا كأوالد اهلل‪ .‬ويستمر دخولنا وخروجنا هذا إلى أن نحصل على الجسد الممجد بعد القيامة‪ .‬وهذا‬

‫ما أطلق عليه بولس الرسول "التبنى فداء األجساد" (رو ‪ .)23 : 8‬فنحن ولدنا من اهلل بالمعمودية‪ ،‬ولكن‬ ‫مازال الجسد فينا عنصر ضعف يعرضنا للخطية‪ ،‬لذلك نقول أن البنوة التى حصلنا عليها بالمعمودية اآلن‪،‬‬

‫بل كل ما حصلنا عليه من نتائج للفداء ما هو إال عربون‪ .‬وفى السماء نحصل على الكل‪ .‬فحين نحصل‬ ‫على الجسد الممجد فى السماء ال نعود نخطىء ولن نستطيع أن نخطىء لألبد‪ .‬أما اآلن فنحن معرضين‬

‫ألن نخطىء‪ ،‬ودم يسوع يطهرنا من كل خطية‪ .‬إذاً بالتوبة واإلعتراف ال نفقد بنوتنا هلل‪ .‬لذلك يقال عن التوبة‬

‫أنها معمودية ثانية‪ .‬أما فى السماء فالتبنى الكامل الذى نصير فيه بال خطية وال نحتاج لتوبة أو‬ ‫إعتراف‪ ......‬فنحن لن نخطىء أبداً‪ ،‬إذ سنتخلص من هذه الطبيعة المعرضة للسقوط‪.‬‬

‫‪.13‬‬

‫نفهم أن اهلل نور ومحبة من كلمات الرسالة‪ ،‬وأن على كل من أراد أن يكون له بركات الشركة مع اهلل‬

‫الذى هو نور أن يسلك فى النور ويترك طريق الخطية أى طريق الظلمة‪ ،‬ويحفظ الوصايا ويحتقر العالم‬ ‫ويقاوم الشيطان وأعوانه‪ .‬ومن يشترك مع اهلل ويصير إبناً له يقتدى به ويتسم بالصفات عينها أى النور‬

‫والمحبة‪ ،‬ويكون سلوكه فى النور وفى المحبة‪ .‬فاإليمان ليس كالماً وال مظاهر وال عواطف‪ ،‬اإليمان لن‬

‫يكون سليماً إال إذا كان يرافقه سلوك‪ .‬فمن غير الممكن أن يؤمن المسيحى بشىء ويسلك بعكسه ويظل‬

‫مسيحياً‪.‬‬

‫‪.10‬‬

‫معرفة المسيح والثبات فيه ‪ -:‬بالمعمودية نتحد بالمسيح (رو ‪ )1 : 5‬ومن خالل الثبات فيه نعرفه (فى‬

‫‪" )14 ،1 : 3‬وأوجد فيه (ثبات)‪ ...‬ألعرفه" فمعرفتنا بالمسيح ليست معرفة من الخارج كما نعرف البشر‪ ،‬بل‬ ‫هى معرفة من خالل الثبات فيه‪ .‬وثبات المسيح فينا كان بأن أعطانا حياته‪ ...‬زرع فينا حياته (‪ 1‬يو ‪: 3‬‬

‫‪" ) 1‬ألن زرعه يثبت فيه" لكن علينا أن نسلك فى النور وبمحبة وطهارة ونحفظ الوصايا ليستمر هذا الثبات‬ ‫وتستمر هذه المعرفة‪ .‬بل أن ثباتنا فى المسيح يعطينا أن تكون لنا أفكاره (‪ 1‬كو ‪ )15 : 2‬وتكون أعضاؤنا‬

‫أعضاؤه (‪ 1‬كو ‪.)11 : 5‬‬

‫‪.11‬‬

‫هناك تعبيرات تعبر عن االتحاد بالمسيح هى المعرفة والمحبة ( برجاء مراجعة تفسير االية يو ‪: 11‬‬

‫‪ . )1‬واالتحاد بالمسيح يعنى أيضا الثبات فيه ‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (المقدمة)‬

‫‪.15‬‬

‫وحتى نثبت فى المسيح ينبغى ان نكون فى توافق معه ‪ ،‬فهو قدوس ‪ ،‬طاهر ‪ ،‬نقى وهو المحبة ‪ .‬فمن‬

‫يريد ان يثبت فيه عليه ان يسلك فى القداسة والنور والمحبة والطهارة ‪ .‬وحينما تتوافق إرادة انسان مع إرادة‬

‫المسيح تتولد قوة جبارة داخل هذا االنسان تعينه على تنفيذ القرار الذى إتخذه ‪ ،‬وهذه القوة هى النعمة التى‬

‫حصلنا عليها من عمل الروح القدس فينا ‪ .‬لذلك سأل المسيح مريض بيت حسدا " اتريد ان تب أر " وهذا‬ ‫السؤال ما زال موجها لكل منا ‪ ،‬ومن يريد فعال وتكون هذه شهوة قلبه ويجاهد ألجلها ‪ ،‬هذا يجد قوة جبارة‬

‫قادرة على ان تحميه من السقوط ‪ ،‬وعن هذه القوة قال السيد المسيح " بدونى ال تقدرون ان تفعلوا شيئا "‬

‫وقال بولس الرسول " بالنعمة انتم مخلصون " وبنفس الفكر قال السيد المسيح ان " نيره هين وحمله خفيف‬

‫" فهو حقيقة من يحمل هذا الحمل ‪ .‬وكلما إزداد إتحاد المؤمن بالمسيح وازدادت النعمة بجهاده تزداد النعمة‬ ‫أى القوة التى تسا عده وتحميه من الخطية إلى الدرجة التى قال عنها القديس يوحنا " كل من هو مولود من‬

‫اهلل ‪...‬ال يستطيع ان يخطئ "‪.‬‬

‫والعكس صحيح فالذى يطلب الخطية ويسعى لها تتوافق إرادته مع‬

‫الشيطان ‪ ،‬ومثل هذا سيجد قوة جبارة تدفعه للخطية ‪ ،‬بل يتشبه بابليس ويصير ابنا له (‪1‬يو‪. )14 – 2‬‬ ‫وعلي مستوى الظواهر الطبيعية فحينما يحدث توافق بين شيئين تنتج قوة جبارة عن هذا التوافق ‪.‬‬

‫مكان كتابة الرسالة‬

‫يوحنا كتب الرسالة من أفسس بعد عودته من نفيه فى جزيرة بطمس‪ .‬وهدفها ببساطة تحقيق حياة الفرح الكامل‬

‫لمن ينفذ ما جاء فيها‪ ،‬وبالذات حياة المحبة هلل ولإلخوة‪ .‬فالمحبة قادرة أن تشعل حياة الناس مرة أخرى دائماً‬ ‫حتى إن دخل الفتور لحياتهم‪ .‬فحين يشعر اإلنسان أنه محبوب من اهلل‪ ،‬ويمتلىء قلبه بالتالى حباً هلل‪ ،‬فهذه‬

‫المحبة كافية أن تخرجه من حالة الفتور واإلعتياد للحياة الروحية الروتينية‪.‬‬

‫فاإلنسان معرض لإلنجذاب لمحبة العالم واذا دخل فيه الفتور ويجد أن وصايا المسيحية تطلب منه عدم محبة‬ ‫العالم‪ ،‬يدخل فيه شعور بالكبت والحرمان وأن اهلل يحرمه من محبة وملذات الدنيا‪ ،‬أما من يحب اهلل فيسهل عليه‬

‫ترك أى شىء‪ ،‬هو لن يشعر بقيمة أى شىء بجانب محبة اهلل‪.‬‬

‫لذلك يقول الرسول "وصاياه ليست ثقيلة" (‪ 1‬يو ‪ )3 : 1‬فمن الذى يشعر أن وصاياه ليست ثقيلة ؟ فقط من‬ ‫تبادل المحبة مع اهلل‪ .‬أما لو شعر المسيحى أنه محروم مما يتمتع به اآلخرون فهو إنسان معقد ومكبوت‬

‫ومحروم أو ال يجد فرصة للخطية‪ ...‬بإختصار هو خالى من المحبة‪.‬‬

‫والطريق لزيادة المحبة تجاه اهلل يصفها الرسول بقوله " انظروا أية محبة أعطانا اآلب‪ 1( ...‬يو ‪ )1 : 3‬وأنظروا‬

‫هنا تعنى "أنظر بتأمل وافحص األمر" فالتأمل فى محبة اهلل وكيف جعلنا أوالداً له تلهب القلب بمحبته‪ ،‬فثمن هذا‬

‫كان دم إبنه ‪.‬‬

‫هناك ثالثة كذابين فى نظر الرسول ‪-:‬‬ ‫‪ .1‬من يقول أن له شركة معه ويسلك فى الظلمة‬

‫‪5:1‬‬

‫‪ .2‬من قال عرفته وال يحفظ وصاياه‬

‫‪0:2‬‬

‫‪ .3‬إن قال أحد إنى أحب اهلل وأبغض أخاه‬

‫‪24 : 3‬‬

‫‪9‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫عودة للجدول‬

‫ِ ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬اَلَِّذي َك َ ِ‬ ‫ستْ ُه أ َْي ِدي َنا‪ِ ،‬م ْن ِج َه ِة‬ ‫س ِم ْع َناهُ‪ ،‬الَِّذي َأر َْي َناهُ ِب ُع ُيوِن َنا‪ ،‬الَِّذي َ‬ ‫ش َ‬ ‫اه ْد َناهُ‪َ ،‬ولَ َم َ‬ ‫ان م َن ا ْل َب ْدء‪ ،‬الَّذي َ‬ ‫َكلِم ِة ا ْلحي ِ‬ ‫اة‪" .‬‬ ‫َ َ​َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ان ِم َن ا ْل َب ْد ِء = أى األزلى‪ ،‬الكائن قبل كل الموجودات ‪.‬‬ ‫اَلَِّذي َك َ‬ ‫ِ‬ ‫س ِم ْع َناهُ …‪ = .‬أى تجسد‪ ،‬اهلل األزلى غير الزمنى صار زمنياً‪ ،‬وبعد أن كان غير منظو اًر صار منظو اًر‬ ‫الَّذي َ‬ ‫وتالمسنا معه‪ .‬وهذه هى نفس بداية إنجيل يوحنا "والكلمة صار جسداً" (يو‪.)10 :1‬‬ ‫ستْ ُه أ َْي ِدي َنا‪...‬‬ ‫س ِم ْع َناهُ‪َ ...‬أر َْي َناهُ‪َ ...‬‬ ‫ش َ‬ ‫اه ْد َناهُ‪َ ...‬ولَ َم َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬معرفة يوحنا إختبارية معاشة فهو عاش مع المسيح ثالث سنين ونصف‪.‬‬

‫‪ ‬المعرفة هنا متدرجة فالرؤيا أقوى من السمع والمشاهدة أقوى من الرؤية فالمشاهدة هى نظرة تأملية أى قضاء‬ ‫وقت فى التأمل أما الرؤية فهى نظرة سريعة‪ .‬أما التالمس فهو أقوى من المشاهدة‪.‬‬

‫‪ ‬هل هذه الخبرة قاصرة على يوحنا تلميذ المسيح الذى عايشه سنوات على األرض؟ ال فالروح القدس يعطينا‬ ‫نفس الشئ دون أن نرى المسيح بالجسد (يو‪ .)15-13 :15‬وهذا نحصل عليه باإليمان‪ ،‬الروح القدس‬

‫يعطينا أن نتالمس مع حقيقة محبته وغفرانه فنقترب اليه بدموعنا كالمرأة الخاطئة نطلب المغفرة‪ .‬ويعطينا‬

‫الروح أن نحبه إذ نتالمس مع صفاته‪ ،‬نستمتع به ونشتاق إليه‪ ،‬ونشعر بمجده كما لو كنا رأيناه‪ ،‬بل أفضل‪،‬‬

‫فطوبى لمن آمن ولم يرى‪ ،‬بل هناك من رأوه بالجسد ولم يدركوه‪ ،‬فصلبوه‪ ،‬أما الروح فيعطينا أن نعرفه‬

‫حقيقة‪ ،‬وفى معرفته حياة (يو‪.)3 :12‬‬

‫ستْ ُه أ َْي ِدي َنا ليرد على الهراطقة الذين قالوا أن جسد‬ ‫‪ ‬يقصد يوحنا بهذا أن المسيح تجسد حقيقة وبالذات بقوله لَ َم َ‬ ‫المسيح كان جسداً خيالياً (هرطقة الدوسيتيين) وهؤالء الهراطقة قالوا أن الذى من البدء أى اهلل األزلى لم يكن‬ ‫هو يسوع الذى عرفناه‪ .‬ورد يوحنا هنا يعنى أن جسد المسيح كان جسداً حقيقياً‪.‬‬

‫‪ ‬وهل نحن قادرين ان نلمسه نحن أيضا وقد صعد الى السماء؟ ‪ )1‬نحن نتناول جسده فنلمسه ‪ )2‬ليس كل‬ ‫من لمس جسد المسيح وهو على االرض بجسده قد تالمس معه وحصل على بركة هذا التالمس ‪ ،‬فاليهود‬

‫وعساكر الرومان لمسوا جسده وهم يصلبونه ‪ ،‬أما المرأة نازفة الدم إذ تالمست معه بإيمان شفيت (مت‪: 1‬‬

‫‪ )3 .)22 – 24‬المرأة لمسته إذ عرفت من هو ‪ ،‬والروح القدس الذى فينا يعطينا ان نعرفه وكأننا تالمسنا‬

‫معه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫اة = قوله من جهة يعنى أن ما أقوله عن ‪1‬اَلَِّذي َك َ ِ‬ ‫‪ِ ‬م ْن ِجه ِة َكلِم ِة ا ْلحي ِ‬ ‫س ِم ْع َناهُ‪ . . .‬هذا‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ان م َن ا ْل َب ْدء‪ ،‬الَّذي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقوله عن المسيح َكل َمة ا ْل َح َياة‪ .‬هو الكلمة وهو الحى‪ ،‬هو كلمة اهلل الحى بل هو الحياة‪ ،‬أى الذى يعطى‬ ‫حياة للخليقة ويجدد الخليقة التى فسدت وماتت‪ ،‬فأتى ليعطيها حياة " لى الحياة هى المسيح " (فى‪)21 :1‬‬

‫المسيح هو الكلمة (يو‪ .)1 :1‬وهو الحياة (يو‪ .)0 :1‬هو كلمة اهلل الحى الذى كان مع اآلب والروح منذ‬ ‫‪10‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫األزل‪ .‬وهو كلمة الحياة ألنه ينبوع الحياة لكل بشر‪ .‬أتى لتكون لنا حياة روحية وأبدية على األخص‪ .‬ويوحنا‬ ‫حين سمع و تالمس مع المسيح أدرك أنه أتى ليعطى البشر حياة‪ .‬ونحن اآلن ندرك هذا بالروح القدس‪.‬‬

‫والمسيح تجسد لندرك نحن هذه الحقيقة وتكون لنا هذه الحياة‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫اة األَب ِدي ِ‬ ‫شه ُد وُن ْخ ِبرُكم ِبا ْلحي ِ‬ ‫َّة الَِّتي َكا َن ْت ِع ْن َد ِ‬ ‫اآلب َوأُ ْظ ِه َر ْت لَ َنا‪" .‬‬ ‫َ‬ ‫آية (‪ " -:)2‬فَِإ َّن ا ْل َح َياةَ أُ ْظ ِه َر ْت‪َ ،‬وقَ ْد َأر َْي َنا َوَن ْ َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫ا ْل َح َياةَ أُ ْظ ِه َر ْت = المسيح الحياة ظهر فى الجسد ورأيناه ونشهد لكم‪ .‬هو قال عن نفسه أنا هو القيامة والحياة‬ ‫(يو‪ .)21 :11‬والمسيح تجسد حتى نتمتع بالحياة التى أظهرها‪ ،‬الحياة التى تجلت بش اًر ‪ ،‬وهذا نراه فى شفاء‬

‫األصَّم األعقد (مر‪ )31 – 32 : 2‬حين تفل السيد ولمس لسان األصَّم بلعابه فنطق ‪ ،‬والمعنى أن جسده يعطى‬ ‫حياة‪ .‬اإلبن أخذ له جسداً لنستطيع أن نراه وندركه أنه حياة لنفوسنا ومخلصاً لنا من موتنا الروحى‪ .‬لقد أماتت‬

‫الخطية النفس البشرية إذ حجبتها عن اهلل مصدر حياتها‪ ،‬فجاء اإلبن متجسداً واهباً لنا حياة أفضل هنا‪ +‬الحياة‬

‫األبدية (إذ هو حى لألبد) بعد ان جعلنا من لحمه ومن عظامه (أف‪.)34 :1‬‬ ‫اة األَب ِدي ِ‬ ‫وُن ْخ ِبرُكم ِبا ْلحي ِ‬ ‫َّة = هى أبدية ألن الحياة التى حصلنا عليها هى المسيح األبدى الذى ال يموت‪ .‬ولكن‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ​َ‬ ‫الحياة األبدية ال تبدأ هناك فى السماء بعد القيامة‪ ،‬بل تبدأ هنا على األرض‪ .‬فبالمعمودية نتحد بالمسيح الحى‬ ‫الذى ال يموت ‪ .‬وبالعشرة مع المسيح اآلن‪ ،‬نتذوق عربون الحياة التى فوق من فرح وسالم‪ .‬أما الحياة قبل‬

‫المسيح‪ ،‬فأحسن تعبير عنها هو ما قاله بولس الرسول "كنت عائشاً قبالً" (رو‪ )1 :2‬قال هذا عن الحياة بدون‬ ‫الناموس‪ ،‬وبال شك تنطبق على الحياة بدون المسيح وتعنى فى اللغة العامية " أهى عيشة والسالم" فبدون‬

‫المسيح ال فرح حقيقى وال سالم حقيقى‪ .‬هذه الحياة كانت عند اآلب‪ .‬فاهلل أعطانا حياته األبدية‪ ،‬فاهلل هو الحياة‬

‫األبدية‪ ،‬والمسيح إ ستعلن لنا هذه الحياة األبدية فى جسد قيامته‪ .‬نحن الذين كنا غير مستحقين للمجد األرضى‬

‫صار لنا المجد السماوى‪ .‬وقوله الحياة أظهرت أى أعلنت بمنتهى الوضوح‪ .‬اهلل كان فى تخطيطه أن يعطيها‬

‫لإلنسان ‪ ،‬اهلل يخلق حياة ول يس موت ‪ ،‬وخلق آدم ليحيا لألبد‪ ،‬وآدم إختطف لنفسه قضية الموت ‪ .‬وها نحن‬ ‫أدركنا هذا فى المسيح الذى أعلن هذا بل أعطانا حياته‪ ،‬فنحيا بها حياة أبدية ‪ .‬فالحياة بدون المسيح هى حياة‬

‫يصيبها الملل‪ ،‬لذلك يخترع الناس خطايا‪ ،‬وحتى الخطايا بعد وقت تفقد بريقها وتصبح مملة‪ .‬أما الحياة مع‬ ‫المسيح فلها طعم آخر‪ ،‬بل حتى األلم مع المسيح له طعم آخر‪ ،‬فالشركة مع المسيح لها لذتها سواء فى أفراح أو‬ ‫أالم‪ .‬وبينما أوالد اهلل فى فرح بحياتهم مع المسيح حتى فى أالمهم فإن أوالد العالم فى ضيق وملل حتى وسط‬

‫ملذاتهم‪.‬‬

‫ش َه ُد َوُن ْخ ِب ُرُك ْم = يوحنا رأى المسيح وعايشه بالجسد ورآه متجلياً على الجبل ومعه موسى وايليا‪ ،‬ورأى‬ ‫َوقَ ْد َأر َْي َنا َوَن ْ‬ ‫المسيح قائماً من بين األموات‪ .‬وسمع من المسيح أن من يؤمن به ستكون له حياة أبدية‪ ،‬فهو جعلنا أعضاء‬ ‫جسده القائم من األموات‪ ،‬فمن يثبت فى المسيح سيقوم معه ويكون له مجد فى السماء‪ ،‬وما رآه يوحنا وشاهده‬

‫يخبر الكل به ‪ ،‬لنطلب نحن أيضاً هذه الحياة األبدية ونجاهد ألجلها ‪ ،‬هذه الحياة التى تبدأ بالفرح الكامل هنا‬

‫(أية ‪ )0‬وبالمجد الحقيقى فى السماء‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫‪ِ 3‬‬ ‫ش ِرَك ٌة َم َع َنا‪َ .‬وأ َّ‬ ‫َما َ‬ ‫ضا َ‬ ‫س ِم ْع َناهُ ُن ْخ ِب ُرُك ْم ِب ِه‪ ،‬لِ َك ْي َي ُك َ‬ ‫ون لَ ُك ْم أ َْي ً‬ ‫ش ِرَكتَُنا َن ْح ُن فَ ِه َي َمعَ‬ ‫آية (‪ " -:)3‬الَّذي َأر َْي َناهُ َو َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح‪" .‬‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫اآلب َو َم َع ْابنه َي ُ‬ ‫‪ِ 3‬‬ ‫س ِم ْع َناهُ = أى المسيح وما أتى به من حياة لنا ‪ ،‬نخبركم به فكل من اختبر حياة المسيح األبدية‬ ‫الَّذي َأر َْي َناهُ َو َ‬ ‫يود لو أخبر بها كل إنسان ليختبر كل إنسان الحياة األبدية ويعيشها‪ .‬وهذا هو موضوع رسالة يوحنا‪ .‬لكن نالحظ‬ ‫ِ‬ ‫س ِم ْع َناهُ‪ ...‬والسبب أن فى‬ ‫أن فى آية ‪ 1‬قال الذى سمعناه الذى رأيناه‪ ...‬ويقول هنا بترتيب معاكس الَّذي َأر َْي َناهُ َو َ‬ ‫آية‪ 1‬يعبر عن خبراته الشخصية المتزايدة المتنامية فى معرفة المسيح‪ ،‬أما فى هذه اآلية فهو يقصد أنه بعد أن‬ ‫إختبر المسيح = الَِّذي َأر َْي َناهُ صار لكل ما سمعه من المسيح طعماً جديداً يود أن يقوله لكل إنسان‪.‬‬ ‫وال يستطيع خادم أن يخدم دون ان يكون قد إختبر هذا السمع = و ِ‬ ‫سم ْع َناهُ‬ ‫َ َ‬ ‫فيخبر الخادم الناس بما سمعه = ُن ْخ ِب ُرُك ْم ِب ِه‪.‬‬ ‫و ما لم يكن له خبرة خاصة فى معرفة المسيح = َأر َْي َناهُ‪.‬‬ ‫هنا نرى أن الحياة المعاشة تتحول إلى شهادة وك ارزة‪.‬‬ ‫ش ِرَك ٌة المقصود بها ألفة ‪ /‬صداقة ‪ /‬مودة ‪ /‬محبة ‪ /‬شركة فى هدف واحد‬ ‫ش ِرَك ٌة َم َع َنا = َ‬ ‫ضا َ‬ ‫لِ َك ْي َي ُك َ‬ ‫ون لَ ُك ْم أ َْي ً‬ ‫وعلى أن تكون بمحبة ‪ /‬مجموعة من الناس تملك شيئاً واحداً والكنيسة هى مجموعة من الناس هم أعضاء فى‬ ‫جسد المسيح الواحد‪ .‬لنا شركة جميعاً فى جسد المسيح ‪.‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ش ِرَكتَُنا َن ْح ُن فَ ِهي معَ ِ‬ ‫يح = هو يدعوهم لكى تكون لهم شركة مع يوحنا‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫َوأ َّ‬ ‫َما َ‬ ‫سو َ‬ ‫اآلب َو َم َع ْابنه َي ُ‬ ‫َ َ‬ ‫وكنيسته‪ .‬ويقول لهم أنه هو يوحنا وكنيسته ‪ ،‬شركتهم هى مع اآلب واإلبن‪ .‬ونالحظ أنه يدعوهم لهذه الشركة مع‬

‫اآلب واإلبن ومع الكنيسة أيضاً‪ .‬وكل من آمن واعتمد صار ثابتاً فى اإلبن وبالتالى صار إبناً لآلب‪ .‬وبذلك‬ ‫فنحن فى شركة إتحاد مع اإلبن وفى شركة بنوة لآلب‪ .‬ونحن فى اإلبن ‪ ،‬واإلبن فى اآلب ‪ ،‬وبهذا نصير فى‬

‫اآلب كما فى اإلبن (يه ‪ .)1‬ويوحنا يكتب لنا ولكل من يق أر رسالته لكى يكون لنا معه هذه الشركة مع اآلب‬ ‫واإلبن‪ .‬ونشترك معه فى رؤية المسيح وسماع صوته وهذا يكون لنا باإليمان‪ ،‬وبعمل الروح القدس فينا الذى‬

‫يشهد لإلبن فنراه وندركه مثل يوحنا الذى رآه وسمعه‪ .‬وقوله شركة يشير إلى أننا ال يمكن أن نتمتع بثمار هذه‬

‫الشركة أى الفرح الكامل (كما سيأتى فى آية ‪ )0‬إال من خالل الكنيسة‪ .‬ففى الكنيسة نولد من الماء والروح‪،‬‬ ‫وفيها نعترف‪ ،‬وفيها نصلى القداس ونحصل على شركة جسد المسيح فى التناول‪.‬‬

‫والحظ أنه يذكر شركة معنا قبل قوله شركة اآلب واإلبن‪ ،‬ألنه لن يكون لنا شركة مع اآلب وابنه إن لم تكن لنا‬ ‫شركة بعضنا مع بعض فى محبة راجع تفسير (يو‪ .)1 : 11‬وراجع آخر فصل فى تفسير هذه الرسالة بعد‬

‫تفسير االصحاح الخامس ‪ ،‬وتحت عنوان (أهمية المحبة عند القديس يوحنا) ونالحظ أنه لنا شركة مع الروح‬

‫القدس (‪2‬كو‪ )10 :13‬ولكنه ال يذكرها هنا فلماذا‪.‬‬

‫‪ .1‬التركيز هنا على الهرطقات التى تنكر الهوت المسيح أو ناسوته‪ ،‬فهو يتكلم عن المسيح وال يتكلم عن‬ ‫الروح القدس‪ ،‬فالهرطقات التى شككت فى الروح القدس جاءت بعد هذا بمئات السنين‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫‪ .2‬اى شركة لها طرفين‪ ،‬اإلنسان واهلل‪ ،‬والروح القدس هو الذى يحقق الشركة بيننا وبين اهلل‪ ،‬والروح القدس‬

‫فينا هو يثبتنا فى المسيح وينقلنا المسيح لحضن اآلب فاإلبن هو فى حضن اآلب (يو‪.)18 : 1‬‬ ‫والرسول هنا يتكلم عن شركة بيننا وبين اآلب واإلبن ‪ ،‬ولم يشير لوسيلة هذه الشركة أى الروح القدس‬

‫فهذا ليس مكانه هنا ‪.‬‬

‫ون فَرح ُكم َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪َ 1" -:)1‬وَن ْكتُ ُ ِ‬ ‫امالً‪" .‬‬ ‫ب إلَ ْي ُك ْم ه َذا ل َك ْي َي ُك َ َ ُ ْ‬ ‫ون فَرح ُكم َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫امالً = أى حتى ال يوجد داخلكم أى شبهة حزن‪ .‬وواضح أنه لكى يتم هذا‪ ،‬فالمحبة بين‬ ‫ل َك ْي َي ُك َ َ ُ ْ‬

‫الجميع‪ ،‬الشركة بيننا وبين اهلل وبين اهلل وبيننا‪ ،‬يجب أن تتم‪ .‬وأى خصام مع أحد‪ ،‬لن يكون الفرح كامالً بسبب‬ ‫هذا‪ .‬والخطية تضيع ثباتنا فى اإلبن فال تكون لنا شركة معه وال مع اآلب‪ .‬ومن يعرف المسيح بطريقة صحيحة‬

‫(فالمعرفة هى من خالل ثباتنا فى المسيح‪ .‬راجع نقطة ‪ 2 -1‬فى المقدمة) أى من يعطيه الروح القدس رؤية‬

‫حقيقية للمسيح سيكون فرحه كامالً‪ .‬والحظ أننا فى السماء سنراه كما هو (‪1‬يو‪ )2 :3‬لذلك ففى السماء سيكون‬

‫فرحنا كامالً‪.‬‬

‫إذاً شروط الفرح الكامل‪:‬‬

‫‪ .1‬الشركة أى المحبة بيننا بعضنا البعض‪.‬‬

‫‪ .2‬الشركة مع اهلل والثبات فيه وهذا شرطه السلوك بال خطية‪ .‬والحظ أن الرسول قال فرحكم ولم يقل فرحنا‪.‬‬ ‫ففرحة الرسول تكمل حين يراهم وقد آمنوا وفرحوا بالمسيح‪ ،‬وهكذا كل خادم أمين‪.‬‬

‫‪ .3‬أن نشرك اهلل معنا فى كل كبيرة وصغيرة فى حياتنا‪ ،‬وهذا يكون بالصالة وأن نشعر أنه شريك لنا فى كل‬ ‫شئ وبدونه ال نقدر أن نفعل شئ (يو‪ )1 :11‬فهناك طريقتان لمواجهة المشاكل‪.‬‬

‫أ‪ .‬أن نفكر بمفردنا فى الحل فنكتئب إذ ال حل‪.‬‬

‫ب‪ .‬نصلى ونشرك اهلل فنفرح ‪ ،‬فمن يرفع قلبه هلل فى ثقة ناشئة عن دالة البنوة ‪ ،‬سيسمع من اهلل ال تخف يا‬ ‫إبنى أنا معك‬

‫فينتهى اإلكتئاب والحزن حتى قبل حل المشكلة ‪ ،‬وبهذا نتعزى‪.‬‬

‫آية (‪1" -:)1‬ه َذا ُهو ا ْل َخبر الَِّذي س ِمع َناه ِم ْن ُه وُن ْخ ِبرُكم ِب ِه‪ :‬إِ َّن اهلل ُنور ولَ ْيس ِف ِ‬ ‫يه ظُ ْل َم ٌة ا ْل َبتَّ َة‪" .‬‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ ٌ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َُ‬ ‫هناك شركة مع اهلل فالبد أن نعرف‪:‬‬ ‫‪ .1‬من هو الذى ندخل معه فى شركة‪ ،‬ماهى طبيعته‪.‬‬

‫‪ .2‬ماهى الشروط الواجبة التى يتطلبها الدخول معه فى شركة‪.‬‬ ‫فأول إعالن عن إِ َّن اهلل ُنور ولَ ْي ِ ِ‬ ‫َ ٌ َ َ‬ ‫س فيه ظُ ْل َم ٌة ا ْل َبتَّ َة‪ .‬والحظ فالكالم ليس مكر اًر ‪ ،‬فقول يوحنا ان اهلل إِ َّن اهللَ‬ ‫لَ ْي ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور فالنور نسبى فهناك مكان به نور ولكن هناك مكان أقل‬ ‫َ‬ ‫س فيه ظُ ْل َم ٌة ا ْل َبتَّ َة ليس تك ار ار لقوله إ َّن اهللَ ُن ٌ‬ ‫إستضاءة إذ به بعض اإلظالم‪ ،‬كحجرة بها لمبة واحدة وحجرة بها ‪ 144‬لمبة‪.‬‬

‫إل ُنور = إشارة للصالح الكامل والجمال الكامل والمعرفة الكاملة فالنور يسقط على كل شئ ويظهره فال يختفى‬ ‫منه شئ‪ ،‬لذلك قيل عن اهلل أنه فاحص القلوب والكلى إذ هو يعرف كل شئ‪ .‬وطالما كل شئ مكشوف‬ ‫‪13‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫فالتصرف سيكون سليماً ‪ .‬لذلك فالنور يشير للحكمة الكاملة‪ .‬وكما أن الشمس هى نور للعين البشرية ‪ ،‬هكذا‬ ‫نور اهلل بالنسبة للعين الروحية‪ ،‬فمن يقترب من اهلل يقترب من النور ويدخل النور حياته فيضئ كيانه فيدرك اهلل‬

‫ويعرفه ‪ ،‬ويعرف إرادته فتكون ق ارراته سليمة‪ .‬وتكون له حياة أبدية‪ .‬وكما قال داود بنورك يارب نعاين النور‬

‫(مز‪ )1 :35‬فنحن بالروح القدس نعاين المسيح ونعرفه‪ ،‬وبالروح القدس النور نفهم كالم الكتاب المقدس‪ ،‬وبالروح‬ ‫القدس نعرف محبة اآلب‪ .‬وبالمسيح النور الحقيقى نحصل على الروح القدس ويحل فينا‪ .‬وبالروح القدس نعرف‬ ‫الحق‪ .‬وبالمسيح النور عرفنا اآلب ورأيناه‪ .‬فالمسيح هو النور المولود من نور "نور من نور" النور ال شئ مبهم‬

‫أو مخفى عليه‪ ،‬والمسيح قال "أنا هو نور العالم" والنور إشارة للقداسة والطهارة‪.‬‬

‫ظُ ْل َم ٌة = اما الظلمة فتشير للخطية ‪-:‬‬ ‫‪ .1‬فالظلمة حرمان من النور والخطية حرمان من النعمة‪.‬‬

‫‪ .2‬السير فى الظلمة يعرض السائر لإلنزالق والسقوط والتعثر‪ ،‬والخطاة عميان عن طريق الخالص كثيرو‬ ‫الزلل والسقوط‪.‬‬

‫‪ .3‬الخطاة كالخفاش يكرهون النور فهو يكشف أعمالهم السيئة (يو‪.)24 ،11 :3‬‬ ‫‪ .0‬الخطية تعمى بصيرة صاحبها فتقوده إلى جهنم‪.‬‬

‫‪ .1‬الشيطان يدفع للخطية لذلك أسماه المسيح سلطان الظلمة‪.‬‬ ‫‪ .5‬فى الظالم الروحى ال يرى الخاطئ اهلل وال يعرفه وال يرى الحق وال يدركه وال يرى نفسه وبالتالى لن‬

‫يدرك أنه خاطئ لذلك يتكبر‪ .‬وهذا عكس حالة بولس الرسول تماماً حين إمتأل قلبه نو ار فقال " الخطاة‬ ‫الذين أولهم أنا "‬

‫ونحن من ذواتنا ظلمة لكن من يقترب إلى اهلل يستنير ومن يتمسك به يصير نو اًر "إقتربوا إليه واستنيروا ووجوهكم‬

‫ال تخزى" (مز‪ )1 :30‬فالمكان الذى فيه ظلمة تنتشر فيه الحشرات والقاذورات (رمز الخطية) ومع النور تهرب‬ ‫هذه الحشرات‪ .‬فالنور يعطى للناس إرشاداً وبدونه يتخبط الناس‪.‬‬

‫والظلمة قد تكون هى الجهل بسبب عدم المعرفة‪ ،‬إذ بدون نور كل شئ غامض أما النور فهناك الحكمة إذ كل‬

‫شئ مكشوف وواضح‪ .‬واآلن إجابة السؤال األول ‪ -:‬ماهى طبيعة اهلل ؟ اهلل نور وكامل الجمال والحكمة‪.‬‬ ‫والسؤال ‪ -:‬ماهى شروط الشركة معه؟ السلوك فى النور‪ .‬ومن يفعل سيكون فرحه كامالً‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َنا َن ْع َم ُل ا ْل َحقَّ‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)1‬إِ ْن ُق ْل َنا‪ :‬إِ َّن لَ َنا َ‬ ‫سلَ ْك َنا في الظُّ ْل َمة‪َ ،‬ن ْكذ ُ‬ ‫ب َولَ ْ‬ ‫ش ِرَك ًة َم َع ُه َو َ‬ ‫هذا الكالم يرد به على الغنوسيين الذين يهتمون بالمعرفة وال يهتمون بالسلوك االخالقى‪ ،‬بل يحرضون على‬

‫اإلنحالل بدعوى أن الجسد شر ولن يضيره شئ من السلوك فى الخطية‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ش ِرَك ًة َم َع ُه = فالتجسد أعطانا شركة مع اهلل فقد صرنا شركاء الطبيعة اإللهية (‪2‬بط‪ )0 :1‬وأثر‬ ‫إِ ْن ُق ْل َنا‪ :‬إِ َّن لَ َنا َ‬ ‫ذلك يظهر فى أن تصير لنا طبيعة جديدة كلها محبة وطهارة فنحن نشترك مع اهلل فى محبته وطهارته وقداسته‪،‬‬

‫ونصير خليقة جديدة (‪2‬كو‪ )12 :1‬أى تتغير طبيعتنا القديمة ويظهر هذا فى حياتنا وسلوكنا اليومى‪ .‬فمن يؤمن‬

‫‪14‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫بالمسيح ويعتمد به (رو‪ )1 :5‬تصير له حياة المسيح (فى‪ + 21 :1‬غل‪ . )24 :2‬وبهذا يعيش اإلنسان فى‬

‫الحق وال يحتمل الباطل‪ .‬تتغير طبيعته ليصير نو اًر‪ .‬فالحق ليس معرفة فكرية بل حياة يحياها اإلنسان من واقع‬ ‫حياة المسيح فيه‪ ،‬وهذه لها قوة وفعل محرك‪ .‬ولكن علينا أن نجاهد ونبعد عنا كل ظلمة ونحيا كمائتين عن‬

‫فى" (غل‪ . )24 :2‬فالبداية أن أصلب نفسى مع‬ ‫الخطية " مع المسيح صلبت فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا َّ‬ ‫المسيح‪ ،‬بأن أبتعد عن كل شر وخطية‪ ،‬بل شبه شر فال شركة للنور مع الظلمة (‪2‬كو‪ .)10 :5‬وان حدث‬ ‫وسقطنا فلنتب سريعاً و نعترف ودم يسوع المسيح يطهرنا (‪.)1( ،)2‬‬ ‫ش ِرَك ًة َم َع ُه = كلمة شركة فى اليونانية تشير إلمتالك مجموعة من الناس لشئ واحد‪ .‬والشركة المسيحية تعنى‬ ‫َ‬ ‫اإلسهام فى الحياة المشتركة فى المسيح بواسطة الروح القدس‪ ،‬الذى يجمعنا كأعضاء في جسد واحد هو جسد‬

‫المسيح ‪،‬وهذه الشركة تربط المؤمنين معاً وتربطهم باهلل‪ .‬ولو هناك من يرفض الشركة مع أخيه فكيف يكون هذا‬ ‫حق أو نور‪ ،‬كيف تتخاصم اليد مع الرجل أو العين‪ ،‬ويكون الجسد سليماً‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب = من يرفض السلوك فى النور ال تكون له شركة مع اهلل وهكذا من ال يريد الشركة مع‬ ‫سلَ ْك َنا في الظُّ ْل َمة َن ْكذ ُ‬ ‫َو َ‬ ‫إخوته (أى يحمل كراهية لهم فى قلبه)‪ .‬مثل هؤالء يكونون مخادعين غير سالكين فى الحق أى كاذبين‪ ،‬فكيف‬ ‫نكون فى شركة معه أى نوره فينا ونسلك فى الظلمة ‪ .‬المسيح نور ومحبة ‪ ،‬ويتحد بمن هو مثله سالك فى النور‬

‫والمحبة‪ ،‬وبالتالى فلن يكون هناك شركة بين المسيح وبين من يسلك فى الظلمة أو الكراهية‪.‬‬

‫ش ِرَك ٌة بع ِ‬ ‫ور َكما ُه َو ِفي ُّ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫ض َنا َمعَ َب ْع ٍ‬ ‫الن ِ‬ ‫يح‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫ور‪َ ،‬فلَ َنا َ‬ ‫سو َ‬ ‫َْ‬ ‫ض‪َ ،‬وَد ُم َي ُ‬ ‫إِ ْن َ‬ ‫سلَ ْك َنا في الن ِ َ‬ ‫َخ ِطي ٍ‬ ‫َّة‪" .‬‬

‫آية (‪7" -:)7‬و ِ‬ ‫لك ْن‬ ‫َ‬ ‫ْاب ِن ِه ُيطَ ِّه ُرَنا ِم ْن ُك ِّل‬ ‫‪ِ 7‬‬ ‫سلَ ْك َنا ِفي ُّ‬ ‫الن ِ‬ ‫ش ِرَك ٌة = السلوك فى النور أى بال خطية يجعلنا نثبت فى المسيح (راجع‬ ‫ور‪َ . . .‬فلَ َنا َ‬ ‫َولك ْن إِ ْن َ‬ ‫تفسير آية يو ‪ ، )14 : 11‬والشركة شركة بيننا وبين كل اخوتنا فى جسد المسيح ‪ ،‬والمسيح هو رأس هذا الجسد‬ ‫ط ِّهره المسيح بدمه ِم ْن ُك ِّل َخ ِطي ٍ‬ ‫َّة‪.‬‬ ‫‪ .‬ومن هو ثابت فى جسد المسيح ُي َ ُ‬ ‫ويحسب كامال وبال لوم فى المسيح ( اف ‪ + 0 :1‬كو ‪ . ) 28 : 1‬ولنرى تسلسل اآلية‪.‬‬

‫ش ِرَك ٌة مع االخوة فى جسد المسيح ‪....‬والثابت فى جسد المسيح ‪،‬‬ ‫السلوك فى النور بطاعة الوصية‪....‬يقود إلى َ‬ ‫ُيطَ ِّه ُره دم المسيح من كل خطية فهو فى المسيح مغطى بالدم = له كفارة = ‪.cover‬‬ ‫فاهلل خلق آدم فى وحدة مع زوجته وأوالده وكان هذا مدعاة للحب بين أفراد األسرة‪ .‬ولكن ما إن دخلت الخطية‬

‫حتى كره اإلخوة بعضهم وقام قايين بقتل هابيل‪ .‬فصورة المحبة والوحدة هذه اعادها المسيح بجسده (يو ‪: 12‬‬

‫‪ .)21‬وصورة الوحدة والمحبة هى ارادة اهلل منذ البدء‪.‬‬ ‫َكما ُه َو ِفي ُّ‬ ‫الن ِ‬ ‫ور = فاهلل نور وساكن فى النور (دا‪.)22 :2‬‬ ‫َ‬ ‫ش ِرَك ٌة بع ِ‬ ‫ض َنا َم َع َب ْع ٍ‬ ‫ض = إن من يسلك بالصالح وبال خطية يكون خليقة جديدة‪ ،‬يكون قد إتحد بالمسيح‬ ‫َفلَ َنا َ‬ ‫َْ‬

‫وصار عضواً فى جسده ‪ .‬وكل المؤمنين أعضاء فى جسد المسيح‪ ،‬هم فى شركة فى جسد المسيح‪ .‬إذن عالمة‬ ‫السلوك فى النور هى أن تكون لنا شركة محبة بعضنا البعض فى جسد الكنيسة الواحد‪ .‬فهل يتخاصم أعضاء‬

‫‪15‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫الجسد الواحد‪ ،‬لو خاصمت العين اليد ستتركها تحترق وال تخبرها بأن ماتراه نا اًر‪ ،‬بل قد يحترق الجسد كله‪.‬‬ ‫وطالما نحن أعضاء فى جسد المسيح الواحد ونسلك فى محبة وفى نور أى ثابتين فيه ‪ ،‬فدم يسوع المسيح‬

‫يطهرنا من كل خطية‪ .‬ولقد وضع الرسول شركتنا مع بعضنا البعض أى وحدتنا اإليمانية المملوءة حباً ككنيسة‬

‫واحدة‪ ،‬قبل أن يقول أن دم يسوع يطهرنا‪ ،‬ألنه ال يستطيع إنساناً أن يتمتع بالتطهير بدم المسيح إن كان قلبه‬ ‫مملوء كراهية ورافض للشركة مع اإلخوة ‪ ،‬فهذا ال يمكنه ان يثبت فى جسد المسيح ‪ .‬وسيكون منعزالً عن شركة‬

‫الكنيسة الواحدة التى هي جسد المسيح‪( .‬مت‪ )11 :5‬إن لم تغفروا‪ ...‬اليغفر لكم‪(.‬راجع الملحق األخير بعد‬ ‫نهاية تفسير االصحاح الخامس) فالمسيح ال يتحد بنا إن لم نحب اإلخوة حتى األعداء الذين يكرهوننا‪.‬‬

‫والحظ أن كلمة دم تشير ‪-:‬‬

‫‪ .1‬أن للمسيح جسدأ حقيقياً وليس خيالياً‪.‬‬ ‫‪ .2‬لحقيقة أالم المسيح وموته‪.‬‬

‫‪ .3‬للتكفير‪ ،‬فهو يغفر ويستر ويقدس ويغسل‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ا ْل َح ُّ‬ ‫ق ِفي َنا‪" .‬‬ ‫س َنا َولَ ْي َ‬ ‫س لَ َنا َخط َّي ٌة ُنض ُّل أَ ْنفُ َ‬ ‫آية (‪ " -:)2‬إِ ْن ُق ْل َنا‪ :‬إِ َّن ُه لَ ْي َ‬ ‫من يسلك فى النور يرى عيوبه وخطاياه فلن يستطيع إنكارها‪ .‬وطالما نحن فى الجسد فلنا ضعفاتنا وسقطاتنا‪،‬‬

‫والمسيح يقول "الصديق يسقط ويقوم سبع مرات فى اليوم" وبولس يقول عن نفسه الخطاة الذين أولهم أنا‪ .‬فمن‬ ‫يقول أنه بال خطية فهو ال يعيش فى النور وال يسلك فى النور‪ ،‬فوجود النور فى مكان يكشف وجود القاذورات‬

‫التى فيه ‪ .‬لكن من هو فى الظلمة يعيش فى ضالل ويعيش فيه روح الضالل‪ .‬أما من سكن فيه الروح القدس‪،‬‬ ‫روح الحق ينير له ويرشده للخطايا الموجودة فيه‪ .‬وتكون عالمة أننا يسكن فينا الروح القدس أننا نشعر بخطايانا‬

‫ونراها ونمقت أنفسنا (حز ‪ .)31 :35 +03 :24‬هذا يكون كمن أنار غرفة قذرة وبها حشرات فهو سيشمئز منها‬

‫‪.‬‬

‫ويعرف المؤمن حين يكشف له الروح خطاياه أنه ضعيف فيطلب المعونة‪ ،‬ويعرف أنه خاطئ فيطلب المغفرة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س َنا = من يقول أنه بال خطية فهو ‪ -1‬إما يكذب ‪ -2‬أو أعمى‪ .‬فالحقيقة أنه ال يوجد من هو‬ ‫ُنض ُّل أَ ْنفُ َ‬ ‫بال خطية‪ .‬والمريض الذى يقول أنه سليم ‪ ،‬فال يذهب للطبيب فهو يضل نفسه وسيموت ‪ .‬ولكن إذا إنفتحت‬ ‫أعيننا ورأينا كم نحن خطاة فلنتب ونعترف ودم يسوع يطهرنا من كل خطية‪ .‬واإلعتراف هو إتضاع أمام اهلل‪.‬‬

‫والخجل مطلوب‪ ،‬فإذا كنا نخجل من إنسان مثلنا‪ ،‬فهذا يدعونا ألن نفكر أن الخجل البد أن يكون من اهلل‪.‬‬

‫اعتَرْف َنا ِب َخطَايا َنا فَهو أ ِ‬ ‫‪ِ9‬‬ ‫ين َو َع ِاد ٌل‪َ ،‬حتَّى َي ْغ ِف َر لَ َنا َخطَ َايا َنا َوُيطَ ِّه َرَنا ِم ْن ُك ِّل إِثٍْم‪" .‬‬ ‫َم ٌ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫آية (‪ " -:)9‬إ ِن ْ َ‬ ‫اهلل يعرف ضعفاتنا لذلك وضع لنا الحل لمغفرة خطايانا وهو التوبة واإلعتراف لتطهيرنا من خطايانا‪ .‬ونالحظ أن‬

‫فعل يطهرنا فى آية ‪ 2‬جاء بصيغة اإلستمرار‪ ،‬فالمسيح لم يطهرنا مرة واحدة فقط بل عمله فى التطهير‬

‫والتقديس مستمر‪ ،‬فهو يغفر لنا ماضينا ويطهر حاضرنا ويقدس مستقبلنا فى المسيح‪ .‬وهناك من يسأل هل هناك‬

‫داع لإلعتراف أمام كاهن ؟‬

‫‪16‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح األول)‬

‫‪ .1‬هل يمكن أن ينطق الرب بكالم لغو حينما أعطى التالميذ سلطان الحل (يو‪ + 23 ،22 :24‬مت‪.)18 :18‬‬ ‫‪ .2‬يخبرنا سفر األعمال أن الذين آمنوا كانوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم (أع‪ .)18 :11‬وهذا ما قاله معلمنا‬ ‫يعقوب (يع‪.)15 :1‬‬

‫‪ .3‬اهلل وهب الحياة للعازر‪ ،‬ولكن طلب من تالميذه حل األربطة‪ .‬أفلم يكن من أقام من األموات قاد اًر على حل‬ ‫األربطة‪ ،‬ولكن كان رب المجد يؤسس نظاماً للكنيسة‪.‬‬

‫‪ .0‬تقابل شاول مع الرب مباشرة‪ ،‬ولكن الرب حوله إلى حنانيا‪.‬‬ ‫‪ .1‬عاشت الكنيسة منذ بدايتها تؤمن بالسر وتمارسه‪.‬‬

‫فلماذا إذن ننكر سر اإلعتراف‪ ،‬هل بسبب الكبرياء ؟ إذن لنتخل عنه ‪.‬‬

‫أم بسبب الخجل ؟ فإذا كنا نخجل من كاهن ضعيف خاطئ مثلنا‪ ،‬فماذا سنفعل أمام اهلل القدوس الذى بال‬

‫خطية‪ .‬إن الخجل مطلوب حتى نفهم كم سنخجل أمام اهلل‪ .‬ولنفهم أن الكاهن هو خادم السر ولكن المسيح هو‬

‫الغافر ‪ ،‬والكاهن يعلن هذا الغفران‪.‬‬ ‫اهلل أ ِ‬ ‫ين َو َع ِاد ٌل = عادل فهو حمل خطايانا على الصليب وأمين فهو يغفر لمن يعترف بخطاياه فهو يسامح‬ ‫َم ٌ‬ ‫المعترف على أساس الثمن المدفوع أى دمه‪ .‬الشرط أن يعترف الخاطئ وال يعمل كآدم وحواء‪ ،‬إذ حاوال تبرير‬ ‫أنفسهما‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ْت ِفي َنا‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)11‬إِ ْن ُق ْل َنا‪ :‬إِ َّن َنا لَ ْم ُن ْخط ْ‬ ‫ئ َن ْج َع ْل ُه َكاذ ًبا‪َ ،‬و َكل َمتُ ُه لَ ْي َ‬ ‫َن ْج َع ْل ُه َك ِاذ ًبا = فالنبوات كلها تنطق بأن الجميع زاغو وفسدوا (جا‪ +24 :2‬مز‪ )3 ،2 :10‬وغيرها كثير‪ .‬ومن‬

‫كلمات الرب يسوع " واغفر لنا ذنوبنا " إذاً من المؤكد أنه لنا ذنوب وخطايا ونحتاج لتطهير‪ .‬وهذا التطهير هو‬

‫ثمرة لسر التجسد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س ْت ِفي َنا = كلمة اهلل هى الحق‪ ،‬ولو كان الحق فينا‪ ،‬وكلمة اهلل ثابته فينا‪ ،‬تكون كلمة اهلل التى فينا‬ ‫َكل َمتُ ُه لَ ْي َ‬ ‫تديننا وتظهر الخطأ الذى فينا‪ .‬فكلمة اهلل نور يكشف عيوبنا‪.‬‬

‫من يقول انه بال خطية فهو ينكر انه بسبب الخطية إنفصل اهلل عن اإلنسان فمات االنسان‪ ،‬وكان الفداء من‬

‫أجل ان يعيد اهلل لنا الحياة ‪ .‬هو ينكر إحت ياجنا الدائم للمسيح لنتطهر من خطايانا‪ .‬وكأن مثل هذا االنسان ينكر‬ ‫كل ما ذكره الكتاب المقدس‪.‬‬

‫ومن هو االنسان الذى يقول هذا إال من دخله الكبرياء ‪ ،‬مثل هذا اليرى أنه خاطئ ‪ ....‬فلماذا ؟‬

‫اهلل يسكن عند المنسحق والمتواضع القلب ( إش‪ .)11 : 12‬وبالتالى فالروح القدس ال يسكن فى المتكبر‪ .‬والروح‬ ‫القدس هو روح التعليم والنصح والتبكيت (يو‪2 + 25 : 10‬تى‪ + 2 : 1‬يو‪ )8 : 15‬وهو بالتالى ينير الطريق‬ ‫لمن يسكن عنده ‪ .‬لذلك فالمتكبر المحروم من سكنى الروح القدس فيه يكون محروما من هذه اإلستنارة فيقوده‬

‫روح الضالل‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫عودة للجدول‬

‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش ِفيعٌ ِع ْن َد ِ‬ ‫يح‬ ‫ب إِلَ ْي ُك ْم ه َذا لِ َك ْي الَ تُ ْخ ِط ُئوا‪َ .‬وِا ْن أ ْ‬ ‫َح ٌد َفلَ َنا َ‬ ‫سوعُ ا ْل َمس ُ‬ ‫َخطَأَ أ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬يا أ َْوالَدي‪ ،‬أَ ْكتُ ُ‬ ‫اآلب‪َ ،‬ي ُ‬ ‫ا ْل َبار‪" .‬‬ ‫‪َ 1‬يا أ َْوالَِدي = تعنى فى أصلها اللغوى ‪ LITTLE CHILDREN‬أى يا أوالدى الصغار‪ .‬هى صيغة التصغير‬

‫الدالة على التحبب‪ .‬وهكذا كان المسيح يقول للتالميذ يو ‪ .23 : 13‬فيوحنا هنا يكتب كأب مهتم بأوالده بل‬

‫يدللهم‪.‬‬

‫ب إِلَ ْي ُك ْم ه َذا لِ َك ْي الَ تُ ْخ ِط ُئوا = فى اإلصحاح األول قال لهم أن "دم يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية" ‪: 1‬‬ ‫أَ ْكتُ ُ‬ ‫‪ .2‬وهنا يقول ال تعتبروا هذا تصريحاً بالخطية‪ .‬إذاً ال تستسهلوا الخطية‪ ،‬وان أخطأ أحد فعليه أن ال يستمر‬ ‫طويالً بل يقوم فو اًر‪ ،‬بتوبة واعتراف‪ .‬فالرسول هنا يحذر من إساءة إستخدام عقيدة الخالص بدم المسيح أى‬ ‫لنخطىء مادام دم المسيح سيكفر ويغفر‪ .‬ال بل يجب أن نجاهد حتى ال نخطىء‪ ...‬ولكن من يستطيع أن ال‬

‫يتعثر فى هذه الحياة ؟! هنا يطمئننا حتى ال نيأس بأن المسيح شفيع لنا عند اآلب‪.‬‬ ‫ش ِفيعٌ = جاءت الكلمة فى اليونانية باراكليت وهى لها معنيان‪:‬‬ ‫َ‬ ‫‪ .1‬وسيط أو محام‪.‬‬

‫‪ .2‬معزى‪ .‬فإذا جاءت عن المسيح تترجم وسيط أو شفيع واذا جاءت عن الروح القدس تترجم معزى‪.‬‬

‫سوعُ = أى مخلص أتى فى محبته لكى يقدسنا ويبررنا ويخلصنا‪.‬‬ ‫َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫يح = أى ممسوح ألجل خالصنا‪.‬‬ ‫ا ْل َمس ُ‬

‫ا ْل َبار = فلو لم يكن با اًر كيف يموت عن آخرين‪ ،‬لو كانت له خطية كان قد مات عن نفسه وليس عنا‪ .‬إن اآلب‬ ‫ينظر لنا فى شخص إبنه البار‪ ،‬وطالما نحن ثابتين فيه يرانا أب ار اًر بال لوم بل نحسب كاملين (أف ‪ + 0 :1‬كو‬ ‫فى‪ "...‬ونحن نكون ثابتين فيه إن لم نخطىء أو لو قدمنا توبة سريعة‬ ‫‪ .)28 :1‬ولذلك يقول لنا المسيح "إثبتوا َّ‬ ‫حينما نخطىء‪ .‬حينئذ المسيح يشفع فينا وتغفر خطيتنا‪ .‬والخالص ليس معناه فقط أن الدم يغفر‪ ،‬بل أن المسيح‬

‫يعطى قوة نسلك بها فهو ليس وسيط سلبى‪ ،‬لذلك يقول "بدونى ال تقدرون أن تفعلوا شيئاً"(‪ 1‬يو ‪ )1 : 11‬وبولس‬

‫يقول " أستطيع كل شىء فى المسيح الذى يقوينى " (فى ‪)13 : 0‬‬ ‫ش ِفيعٌ = الحظ أن يوحنا وضع نفسه معنا‪ ،‬فال يوجد من ال يخطئ‪ .‬وشفاعة المسيح كانت كفارية اى‬ ‫َفلَ َنا َ‬ ‫يغطينا بدمه ‪ ،‬فيرى اآلب الدم ويغفر‪ ،‬ونصير مقبولين أمامه ‪ .‬لذلك قال الرب وجسده مغطى بالدم على‬

‫الصليب " يا أبتاه إغفر‪ "..‬فجسده هو كنيسته ‪.‬‬

‫ونالحظ أنه فى ‪ 3 : 1‬الرسول يقول نخبركم به لكى يكون لكم شركة معنا ‪ .‬وفى ‪ 0 : 1‬يكتب لكى يكون‬

‫فرحكم كامالً‪ .‬وهنا فى ‪ 1 : 2‬يكتب حتى ال نخطىء‪.‬‬

‫ومن هذا نفهم أن الخطية تمزق الشركة وتقضى على الفرح‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬ ‫‪2‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫س لِ َخ َ‬ ‫ط َايا َنا فَقَ ْط‪َ ،‬ب ْل لِ َخطَ َايا ُك ِّل ا ْل َعالَِم أ َْي ً‬ ‫آية (‪َ " -:)2‬و ُه َو َكف َارةٌ ل َخطَ َايا َنا‪ .‬لَ ْي َ‬

‫‪2‬‬ ‫ط َايا َنا = هو قد م نفسه ذبيحة كفارية فداء عنا ليغطى خطايانا (كفارة تعنى غطاء)‪ .‬وبهذا يعطينا‬ ‫َو ُه َو َكفَّ َارةٌ لِ َخ َ‬ ‫مصالحة مع اهلل‪ ،‬ألن اهلل ال يعود يرى خطايانا بل يرى دم إبنه الذى يغطينا‪.‬‬ ‫َب ْل لِ َخطَ َايا ُك ِّل ا ْل َعالَِم = كل من يقبل إليه ال يخرجه خارجاً‪ ،‬فهو حمل اهلل الذى يرفع خطية العالم (يو ‪.)21 : 1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ِ‬ ‫ال‪« :‬قَ ْد َع َرفْتُ ُه» َو ُه َو الَ َي ْحفَظُ‬ ‫ص َاياهُ‪َ .‬م ْن قَ َ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)1-3‬وِبه َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫ف أَنَّ َنا قَ ْد َع َرْف َناهُ‪ :‬إِ ْن َحف ْظ َنا َو َ‬ ‫ق ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ا ْل َح ُّ‬ ‫يه‪" .‬‬ ‫ص َاياهُ‪ ،‬فَ ُه َو َكاذ ٌ‬ ‫ب َولَ ْي َ‬ ‫َو َ‬ ‫‪3‬‬ ‫ف أ ََّن َنا قَ ْد َع َرْف َناهُ = المعرفة ليست هى المعرفة السطحية‪ ،‬كما يعرف إنسان إنساناً آخر‪ ،‬بل هى‬ ‫َوِبه َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫اإلتحاد بالمسيح‪ ،‬وأنه يعطينا حياته‪ ،‬واذا إتحدنا به تصبح معرفتنا به معرفة من خالل اإلتحاد وهى أقوى بما ال‬

‫يقاس من المعرفة الخارجية‪ .‬وبهذا نعرفه حقيقة ومن يعرفه بالتأكيد سيحبه‪ ،‬وعالمة الحب األكيدة طاعة‬

‫وصاياه‪ .‬ولهذا قال المسيح " ان حفظتم وصاياى تثبتون فى محبتى ‪ ،‬كما إنى أنا قد حفظت وصايا أبى وأثبت‬

‫فى محبته" راجع تفسير اآلية (يو‪ )14 :11‬والقول أن اآلب يحب اإلبن واإلبن يحب اآلب فهذا تعبير عن‬ ‫الوحدة بينهما ‪ ،‬بلغة الحب الذى هو طبيعة اهلل فاهلل محبة ‪ .‬ومعنى أن المسيح اإلبن يحفظ وصايا أبيه اآلب‬

‫فهذا معناه تطابق المشيئة بسبب الوحدة بينهما ‪ .‬وبالنسبة لنا فكل من يحفظ الوصية يثبت فى المسيح ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص َاياهُ‬ ‫من يعرفه سيعرف أن المسيح قدم له كل شىء وهنا سيعرف أن دوره أن يحفظ وصاياه = إِ ْن َحف ْظ َنا َو َ‬ ‫وقارن مع (يو ‪.)23 ،21 ،11 : 10‬‬ ‫وتشديد الرسول على حفظ الوصايا فيه رد على الغنوسيين‪.‬‬

‫إن من يرى الوصية صعبة هو لم يحب‪ .‬فالعيب ليس فى صعوبة الوصية بل فى عجز القلب عن أن يحب‪.‬‬

‫لذلك فيوحنا الذى أحب المسيح يقول "وصاياه ليست ثقيلة" (‪1‬يو‪.)3:1‬‬

‫ولكى نحب اهلل علينا أن نمتلىء من الروح القدس الذى يسكب محبة اهلل فى قلوبنا (رو‪ .)1:1‬والروح القدس‬

‫يعطَى لمن يسأل (لو‪ )13:11‬إذاً علينا أن نجاهد فى الصالة والتسبيح (أف‪.)21-18 :1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ف أ ََّن َنا ِف ِ‬ ‫ظ َكلِمتَ ُه‪ ،‬فَحقًّا ِفي ه َذا قَ ْد تَ َك َّملَ ْت مح َّب ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه‪" :‬‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬وأ َّ‬ ‫اهلل‪ِ .‬به َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َما َم ْن َحف َ َ‬ ‫تَ َك َّملَ ْت محبَّ ُة ِ‬ ‫اهلل = هل محبة اهلل ناقصة لكى تكمل ؟ قطعاً ال فإن محبة اهلل كاملة‪ .‬لكن ينقص أن يكون هناك‬ ‫َ​َ‬

‫من يتقبلها ويكون مستعداً لذلك‪ .‬فمحطة إرسال التليفزيون تقوم بإرسال إشارات على موجات السلكية بصورة‬ ‫ممتازة‪ ،‬ولكن لكى يكمل العمل‪ ،‬البد من وجود جهاز تليفزيون فى حالة جيدة إلستقبال هذه الموجات وتحويلها‬

‫إلى صورة‪.‬‬

‫ومن هو الذى يستطيع أن تكمل محبة اهلل فيه؟ من حفظ كلمته‬

‫لماذا؟ ألن حفظ الوصية يزيد ثباتنا فيه‪،‬‬

‫وعدم حفظ الوصية هو ظلمة‪ ،‬وال شركة للنور مع الظلمة‪ .‬ومن يزداد ثباته فى المسيح سيعرفه باألكثر‬ ‫وسيكتشف محبته‪ ،‬وتكمل فيه محبة اهلل (كجهاز تليفزيون ستظهر فيه صورة اهلل‪ ،‬واهلل محبة)‪ .‬وكلما إكتشفنا‬

‫‪19‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫محبة اهلل تزداد رغبتنا فى حفظ وصاياه‪ ،‬وكلما حفظنا وصاياه نثبت فيه فتكمل فينا المحبة‪ ،‬فنزداد رغبة فى حفظ‬

‫وصاياه‪ ...‬وهكذا إلى أن تكمل فينا محبة اهلل‪ .‬وبهذا نعرف أننا فيه بأن المحبة تنمو والرغبة فى حفظ الوصايا‬ ‫تزداد‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ال‪ :‬إِنَّ ُه ثَا ِب ٌ ِ ِ ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬م ْن قَ َ‬ ‫سلَ َك َذ َ‬ ‫سلُ ُك ُه َو أ َْي ً‬ ‫اك ه َك َذا َي ْ‬ ‫ت فيه َي ْن َبغي أَنَّ ُه َك َما َ‬ ‫‪1‬‬ ‫ت ِف ِ‬ ‫يه = أى صارت له حياة المسيح‪ ،‬وله شركة ثابتة فيه‬ ‫َم ْن قَ َ‬ ‫ال إِ َّن ُه ثَا ِب ٌ‬ ‫ِ‬ ‫سلَ َك = كما سلك المسيح الذى أطاع حتى الموت‪ ،‬موت الصليب‪ ،‬وفى حياته أكمل كل بر‪،‬‬ ‫َي ْن َبغي أ ََّن ُه َك َما َ‬

‫وأطاع الناموس‪ ،‬وكان بال خطية (مت‪( + )11:3‬غل‪ .)0:0‬فالمسيح ال يثبت إال فيمن هو فى توافق معه ‪.‬‬

‫ضا = علينا اإلقتداء بالمسيح‪ ،‬أى لنسأل أنفسنا دائماً‪ ،‬ماذا كان المسيح يفعل لو كان مكانى‪.‬‬ ‫سلُ ُك ُه َو أ َْي ً‬ ‫ه َك َذا َي ْ‬ ‫ولوتغصبت وسلكت كما سلك المسيح أزداد ثباتاً فيه‪ ،‬وهنا سيعطينى المسيح قوة لطاعة الوصية (يو‪ .)0:11‬إذاً‬ ‫لنغصب أنفسنا أن نطيع الوصايا ونحب اآلخرين ونغفر لمن أساء إلينا‪ ،‬وال نحب العالم وما فيه من شهوات‪...‬‬

‫فنثبت فى المسيح‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت أَ ْكتُب إِلَ ْي ُكم و ِ‬ ‫ُّها ِ‬ ‫يم ًة َكا َن ْت ِع ْن َد ُك ْم ِم َن ا ْل َب ْد ِء‪.‬‬ ‫ص َّي ًة َج ِد َ‬ ‫سُ‬ ‫ُ‬ ‫اإل ْخ َوةُ‪ ،‬لَ ْ‬ ‫اآليات (‪ " -:)2-7‬أَي َ‬ ‫ْ َ‬ ‫يدةً‪َ ،‬ب ْل َوصيَّ ًة قَد َ‬ ‫ِ ‪2‬‬ ‫يدةً أَ ْكتُب إِلَ ْي ُكم‪ ،‬ما ُهو حق ِف ِ‬ ‫ضا و ِ‬ ‫ص َّي ُة ا ْلقَِديم ُة ِهي ا ْل َكلِم ُة الَِّتي س ِمعتُم َ ِ‬ ‫ا ْلو ِ‬ ‫يه‬ ‫ص َّي ًة َج ِد َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫وها م َن ا ْل َب ْدء‪ .‬أ َْي ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يق َّي َ ِ‬ ‫النور ا ْلح ِق ِ‬ ‫يء‪" .‬‬ ‫َوِفي ُك ْم‪ :‬أ َّ‬ ‫َن الظُّ ْل َم َة قَ ْد َم َ‬ ‫ض ْت‪َ ،‬و ُّ َ َ‬ ‫اآلن ُيض ُ‬

‫يوحنا هنا لم يفصح عن الوصية القديمة والجديدة فى وقت واحد ولكننا نفهم أنها وصية المحبة (‪1‬يو‪.)21:0‬‬

‫فهى قديمة إذ أن اإلنسان يدركها منذ القديم‪ ،‬فالكتاب يتلخص فى حب الرب إلهك‪ . . .‬وحب قريبك (لو‪:14‬‬ ‫‪ .)22 ،28‬وهى جديدة لألسباب اآلتية‪-:‬‬

‫‪ .1‬هذه المحبة هلل غير ممكنة إال بالروح القدس الذى يسكب محبة اهلل فى قلوبنا (رو‪ .)1:1‬وكان رد‬ ‫المسيح على الناموسى الذى قام ليجربه "إفعل هذا فتحيا" كنوع من التحدى بمعنى "وأنت ناموسى‬ ‫حافظ للناموس لم تستطع ولن تستطيع أن تنفذ هذا‪ .‬فهذا ال يتم تنفيذه إال بالروح القدس‪ ،‬والذى من‬

‫ثماره المحبة هلل ولإلخوة‪ ،‬بل حتى لألعداء‪.‬‬

‫‪ .2‬هى محبة باذلة على شكل محبة المسيح "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما‬ ‫أحببتكم" (يو‪ .)30:13‬إذاً المحبة إكتسبت فى العهد الجديد أبعاداً جديدة وصلت ألن المسيح بذل‬

‫نفسه عن الخطاة‪ .‬إذاً المحبة ليست عواطف وانفعاالت بل بذل حتى لألعداء الذين يكرهوننا‪.‬‬ ‫وها ِم َن ا ْل َب ْد ِء = فهذا تعليم موسى (تث‪.)1:5‬‬ ‫س ِم ْعتُ ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ما ُهو حق ِف ِ‬ ‫يه َوِفي ُك ْم = الحب هو الحق الذى في المسيح ‪ ،‬أما البغضة فهى باطل‪ .‬الحب والنور والحق هى‬ ‫َ َ َ‬ ‫طبيعة اهلل‪ ،‬هى صفاته‪ .‬والحظ قوله ِف ِ‬ ‫يه َوِفي ُك ْم = هذه مثل قوله "إلهى والهكم‪ " ...‬الحق الذى فيه هو طبيعته‬

‫‪20‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫والحب الذى فيه هو طبيعته‪ ،‬لكن الحق والحب فينا هما عطية منه على قدر ما نتقبل ان نأخذ ‪ .‬وهذا إذا‬

‫جاهدنا أن نقتدى به يعطيها لنا‪ .‬هما عطايا الروح القدس‪.‬‬ ‫يق َّي َ ِ‬ ‫النور ا ْلح ِق ِ‬ ‫وِ‬ ‫يء‪ .‬هذا سبب أن الوصية‬ ‫ب إِلَ ْي ُك ْم ‪ ......‬أ َّ‬ ‫ص َّي ًة َج ِد َ‬ ‫َن الظُّ ْل َم َة قَ ْد َم َ‬ ‫ض ْت‪َ ،‬و ُّ َ َ‬ ‫يدةً أَ ْكتُ ُ‬ ‫اآلن ُيض ُ‬ ‫َ‬ ‫جديدة‪ ،‬أن صارت لنا إمكانيات جديدة‪ ،‬فالمسيح النور صار يضىء اآلن فى قلوبنا‪ ،‬وأعطانا حياته‪ ،‬وأعطانا أن‬

‫نكون خليقة جديدة (‪2‬كو‪ ،)12:1‬ونكون نو اًر للعالم وأن يتصور هو فينا (غل‪ .)11:0‬وكل هذا لم يكن ممكناً‬

‫قبل المسيح‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫ال‪ :‬إِنَّ ُه ِفي ُّ‬ ‫الن ِ‬ ‫اآلن ِفي الظُّ ْل َم ِة‪" .‬‬ ‫ض أَ‬ ‫آية (‪َ " -:)9‬م ْن قَ َ‬ ‫ور َو ُه َو ُي ْب ِغ ُ‬ ‫َخاهُ‪ ،‬فَ ُه َو إِلَى َ‬ ‫فى هذه األية يكشف الرسول صراحة عن الوصية الجديدة التى يبشر بها‪ ،‬أال وهى المحبة‪ .‬من قال أنه فى‬

‫النور = أى متحد بالمسيح‪ ،‬وفى المسيح ‪ ،‬ويرى الطريق بنور المسيح‪ ،‬فالمسيح نور‪.‬‬ ‫َخاهُ = هذا ال يمكن‪ ،‬فكما أن المسيح نور‪ ،‬فهو أيضاً محبة بالطبيعة‪ .‬والبغضة ظلمة‪ ،‬فكيف يكون‬ ‫ض أَ‬ ‫َو ُه َو ُي ْب ِغ ُ‬ ‫فى داخل إنسان نور وظلمة معاً‪ .‬نحن دعينا ليكون لنا شركة مع المسيح هى شركة فى طبيعته اإللهية‪ ،‬وطبيعته‬ ‫اإللهية هى المحبة‪ ،‬فاهلل محبة (‪1‬يو‪ )8:0‬وبالتالى تدخل المحبة لحياتنا وتكون بالضرورة صفة للمسيحى‪.‬‬

‫ور ولَ ْيس ِف ِ‬ ‫ت ِفي ُّ‬ ‫يه َعثَْرةٌ‪" .‬‬ ‫ُي ِح ُّ‬ ‫ب أَ‬ ‫َخاهُ َيثْ ُب ُ‬ ‫الن ِ َ َ‬ ‫ِفي النُّ ِ‬ ‫ور = أى فى المسيح اهلل‪ .‬ومن يثبت فى المسيح النور‪ ،‬يضىء له المسيح فال يتعثر‬

‫آية (‪َ 11" -:)11‬م ْن‬ ‫ت‬ ‫َم ْن ُي ِح ُّ‬ ‫ب أَ‬ ‫َخاهُ َيثُْب ُ‬ ‫فى طريقه وال يعثر أحداً‪ .‬يضىء له طريق اإليمان فال يتعثر فى هرطقة‪ ،‬يضىء له طريق الطهارة فيكره الخطية‬ ‫= لَ ْيس ِف ِ‬ ‫يه َعثَْرةٌ وقوله ليس فيه عثرة تعنى ‪-:‬‬ ‫َ‬ ‫‪ .1‬ال يتعثر الشخص نفسه فى طريقه‪ ،‬فالنور يوضح له الطريق فال يتعثر ‪ .‬وتكون أحكامه صحيحة‪،‬‬ ‫وينمو روحياً‪.‬‬

‫‪ .2‬ال يكون عثرة ألحد‪ .‬فمن يتكلم عن المحبة وال يحياها يعثر الناس‪ .‬وهذا ما سبق الرسول وقاله‬ ‫فى(‪ .)5 ،1: 1‬وما أضافه هنا هو أن المحبة هى شرط أن نثبت فى النور‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫َخاه فَهو ِفي الظُّ ْلم ِة‪ ،‬وِفي الظُّ ْلم ِة يسلُ ُك‪ ،‬والَ يعلَم أ َْي َن يم ِ‬ ‫َن الظُّ ْل َم َة‬ ‫ضي‪ ،‬أل َّ‬ ‫آية (‪َ " -:)11‬وأ َّ‬ ‫َما َم ْن ُي ْب ِغ ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ض أ َ ُ َُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫َع َم ْت َع ْي َن ْي ِه‪" .‬‬ ‫أْ‬

‫هنا نرى الرب اط بين المحبة والنور‪ ،‬فاهلل محبة واهلل نور‪ ،‬وال شركة للنور مع الظلمة‪ .‬والمكان الخالى من المحبة‬

‫هو خالى من اهلل‪ ،‬واهلل نور‪ .‬إذاً هذا المكان ظلمة‪ .‬ومن إمتأل قلبه بغضة ال يسكن فيه اهلل‪ ،‬وبالتالى ال يسكن‬

‫فيه النور فتظلم عينيه ويتعثر فى كل شىء‪ .‬إذاً لنتجنب الظلمة علينا أن نحب إخوتنا‪ ،‬حتى من يسيئون إلينا‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫َج ِل‬ ‫ُّها األ َْوالَ ُد‪ ،‬ألَنَّ ُه قَ ْد ُغ ِف َر ْت لَ ُك ُم ا ْل َخ َ‬ ‫ط َايا ِم ْن أ ْ‬ ‫اآليات (‪ " -:)11-12‬أَ ْكتُ ُ‬ ‫ب إِلَ ْي ُك ْم أَي َ‬

‫‪21‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬ ‫ِ ِ ‪13‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اث‪ ،‬أل ََّن ُك ْم‬ ‫َح َد ُ‬ ‫ُّها األ ْ‬ ‫اء‪ ،‬أل ََّن ُك ْم قَ ْد َع َرفْتُ ُم الَّذي م َن ا ْل َب ْدء‪ .‬أَ ْكتُ ُ‬ ‫ُّها َ‬ ‫اسمه‪ .‬أَ ْكتُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب إِلَ ْي ُك ْم أَي َ‬ ‫ب إِلَ ْي ُك ْم أَي َ‬ ‫اآلب ُ‬ ‫‪11‬‬ ‫ِّ‬ ‫اء‪ ،‬أل ََّن ُك ْم قَ ْد َع َرفْتُ ُم‬ ‫اآلب‪َ .‬كتَ ْب ُ‬ ‫ُّها َ‬ ‫ُّها األ َْوالَ ُد‪ ،‬أل ََّن ُك ْم قَ ْد َع َرفْتُ ُم َ‬ ‫ير‪ .‬أَ ْكتُ ُ‬ ‫ت إِلَ ْي ُك ْم أَي َ‬ ‫ب إِلَ ْي ُك ْم أَي َ‬ ‫اآلب ُ‬ ‫الشِّر َ‬ ‫ْوياء‪ ،‬و َكلِم ُة ِ‬ ‫َح َد ُ َّ‬ ‫اهلل ثَا ِبتَ ٌة ِفي ُك ْم‪َ ،‬وقَ ْد َغلَ ْبتُ ُم ِّ‬ ‫ير‪" .‬‬ ‫ا ْل َب ْد ِء‪َ .‬كتَ ْب ُ‬ ‫ُّها األ ْ‬ ‫ت إِلَ ْي ُك ْم أَي َ‬ ‫الشِّر َ‬ ‫اث‪ ،‬ألَن ُك ْم أَق ِ َ ُ َ َ‬ ‫يكتب الرسول هنا لثالث فئات‬

‫‪ .1‬األ َْوالَ ُد ‪LITTLE CHILDREN -:‬‬ ‫اء ‪FATHERS -:‬‬ ‫‪َ .2‬‬ ‫اآلب ُ‬

‫اث ‪YOUNG MEN -:‬‬ ‫َح َد ُ‬ ‫‪ .3‬األ ْ‬ ‫ويمكن فهم الثالث مراحل روحياً‪.‬‬

‫قَ ْد َغلَ ْبتُ ُم‬ ‫الَِّذي ِم َن‬

‫أى صغيرى السن‬ ‫أى كبار السن‬ ‫أى الشباب‬

‫‪ .1‬األ َْوالَ ُد ‪ -:‬المبتدئين روحياً أو حديثى اإليمان‪ ،‬صاروا أوالداً هلل بالمعمودية‪ .‬وبالمعمودية تغفر‬ ‫الخطايا‪ .‬ولكن اصحاب السن الصغير أو حديثى اإليمان هم معرضين للخطأ كثي اًر فيكلمهم عن‬ ‫غفران الخطايا‪ ،‬وهذه تكون بالتوبة‪.‬‬

‫اء ‪ -:‬هم من لهم عمق ورجولة روحية‪ ،‬متقدمين فى اإليمان‪ ،‬هؤالء يكلمهم عن معرفة المسيح‪،‬‬ ‫‪َ .2‬‬ ‫اآلب ُ‬ ‫أى خبرة اإلتحاد بالمسيح‪ ،‬وحياة المسيح فيهم‪ .‬فالمعرفة حياة (يو‪.)2:12‬‬

‫اث ‪ -:‬هم دخلوا اإليمان ولهم بعض الخبرات‪ .‬واختبروا القوة التى يعطيها لهم اهلل وبها يغلبون‬ ‫َح َد ُ‬ ‫‪ .3‬األ ْ‬ ‫الشر والشرير‪ .‬هم ليسوا بضعفاء إذ هم مازالوا أحداث‪ .‬بل اهلل يعطيهم قوة تتناسب مع إغراءات‬

‫الشر التى يتعرضون لها‪ .‬وهم أقوياء لشبابهم‪.‬‬

‫إذاً هنا نرى ‪ 3‬هبات‬ ‫‪ .1‬غفران‪.‬‬ ‫‪ .2‬معرفة‪.‬‬

‫‪ .3‬غلبة بقوة‪.‬‬ ‫وليس معنى هذا التقسيم أن األباء لم يغلبوا الشرير‪ ،‬أو هم ليسوا أقوياء لكن هم أقوياء‬

‫وغلبوا الشرير ولكنهم أكثر معرفة‪ ،‬فكلما دخلنا للعمق تزداد معرفتنا باهلل أى إتحادنا به وثباتنا فيه وادراكنا لحياة‬

‫المسيح التى صارت فينا‪ .‬فهو أى الرسول يكلم كل فئة بما يناسبها‪.‬‬

‫ونالحظ أن الرسول يكتب مرة بصيغة الماضى ومرة بصيغة الحاضر فمرة نجده يقول أكتب‪ .‬ومرة نجده يقول‬

‫كتبت‪ .‬وهذا ألن ‪-:‬‬

‫‪ .1‬هبات اهلل مستمرة "يسوع المسيح هو هو أمس واليوم والى األبد"‪.‬‬ ‫‪ .2‬طالما اهلل يعطى دائماً فهذا حق لنا‪ ،‬علينا أن نطالب به دائماً‪.‬‬

‫‪ ‬األ َْوالَ ُد قَ ْد = ُغ ِف َر ْت لَ ُك ُم ا ْل َخطَ َايا = األوالد كثيرو الخطايا‪ ،‬فهو يطمئنهم أن هناك غفران لخطاياهم الكثيرة‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫اس ِم ِه = أى أن الغفران مبنى على دم المسيح‪ .‬فإسمه هو يسوع أى المخلص‪ .‬واالسم يشير‬ ‫ِم ْن أ ْ‬ ‫َج ِل ْ‬ ‫لقدرات الشخص ‪ ،‬ودم المسيح يطهرنا من كل خطية ‪ .‬والخطايا تغفر بالمعمودية أوالً ثم بالتوبة‪ .‬والتوبة‬

‫تعطى أن نعرف محبة اآلب الغافرة التى شعر بها اإلبن الضال فى أحضان أبيه لذلك قال لهم = أل ََّن ُك ْم قَ ْد‬ ‫اآلب‪ .‬هم عرفوه إذ شعروا بمحبته الغافرة‪.‬‬ ‫َع َرفْتُ ُم َ‬ ‫اء = فى المرتين قال نفس الشىء أل ََّن ُك ْم قَ ْد َع َرفْتُ ُم الَِّذي ِم َن ا ْل َب ْد ِء = وهذا ألن المعرفة تنمو‪ ،‬أى أن‬ ‫‪َ ‬‬ ‫اآلب ُ‬ ‫اإلتحاد مع المسيح يزداد‪ ،‬والثبات فيه يزداد‪.‬‬ ‫اث = اهلل أعطاهم قوة يغلبون بها الشرير‪ .‬لكن هذه القوة ليسوا هم مصدرها‪.‬‬ ‫َح َد ُ‬ ‫‪ ‬األ ْ‬ ‫بل سر القوة = و َكلِم ُة ِ‬ ‫اهلل ثَا ِبتَ ٌة ِفي ُك ْم‪.‬‬ ‫َ َ‬

‫‪11‬‬ ‫ب أَح ٌد ا ْلعالَم َفلَ ْيس ْت ِف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه َم َحبَّ ُة اآلب‪" .‬‬ ‫آية (‪ " -:)11‬الَ تُ ِح ُّبوا ا ْل َعالَ َم َوالَ األَ ْ‬ ‫اء الَّتي في ا ْل َعالَم‪ .‬إِ ْن أ َ‬ ‫َ‬ ‫ش َي َ‬ ‫َح َّ َ َ َ‬ ‫الَ تُ ِح ُّبوا ا ْل َعالَ َم = ليس المقصود أن ال نحب الناس فهذا ضد ما ينادى به الكتاب المقدس‬

‫وليس المقصود أن ال نحب الطبيعة الجميلة التى نسبح اهلل عليها لكن المقصود ‪-:‬‬ ‫‪ .1‬العالم الشرير الذى يخلو من اهلل ‪ ،‬بعثراته وشهواته الخاطئة ‪.‬‬

‫‪ .2‬أن ال نحب أحداً أكثر من اهلل "من أحب أباً أو أماً أكثر منى فال يستحقنى‪( ...‬مت‪.)32:14‬‬ ‫اء الَِّتي ِفي ا ْل َعالَِم = اهلل خلق العالم واألشياء التى فيه لنستعملها فمن يتعلق باألشياء التى فى العالم‪،‬‬ ‫َوالَ األَ ْ‬ ‫ش َي َ‬ ‫ويخلو قلبه من محبة اهلل يكون كزوجة تتعلق بهدايا زوجها وال تحبه هو لشخصه‪.‬‬

‫إذن المطلوب أن ال يجعل المرء قلبه على األمور الزمنية‪ ،‬وال يتعلق بما هو فان وباطل تاركاً اهلل‪ .‬اهلل خلق‬ ‫العالم لنستعمله ال لنعبده ويكون هو هدفنا‪ ،‬نحزن إن خسرناه وننتفخ لو حصلنا على الكثير منه‪ .‬من يحب العالم‬

‫هكذا لن يكون فى قلبه متسع لكى يحب اهلل‪ ،‬لذلك قيل أن محبة العالم عداوة هلل (يع‪ .)0:0‬بل ال يستطيع إنسان‬ ‫ِ ِ‬ ‫يه م َحبَّ ُة ِ‬ ‫اآلب‪.‬‬ ‫َح َّ‬ ‫ب أَ‬ ‫أن يحب الحق (اهلل) والباطل (العالم) معاً = إِ ْن أ َ‬ ‫َح ٌد ا ْل َعالَ َم َفلَ ْي َ‬ ‫س ْت ف َ‬ ‫بل اهلل يقول "يا إبنى إعطنى قلبك" ومن يستطيع أن يفعل ويحب اهلل من كل قلبه سيمأل الفرح قلبه‪ .‬أما الذى‬ ‫قلبه منقسم بين محبة اهلل ومحبة العالم فلن يعرف الفرح‪ .‬بل إن محبة العالم تدفع الناس للصراع حتى يحصلوا‬ ‫على أكبر نصيب منه‪ .‬أما من يحب اهلل فلن يسقط فى هذا الصراع‪ ،‬بل ستكون له القناعة إذ هو شبعان باهلل‬

‫(فى‪ .)12 ،11: 0‬علينا أن نشعر أن اهلل يعطينا أفضل شىء يوصلنا للسماء‪.‬‬

‫وفضالً عن أن محبة العالم ستشغلنا عن محبة اهلل‪ ،‬فإننا نرى فى اآلية القادمة لماذا ال يجب أن نحب العالم‪.‬‬

‫ون‪ ،‬وتَعظُّم ا ْلم ِعي َ ِ‬ ‫س ِم َن ِ‬ ‫اآلب َب ْل ِم َن‬ ‫آية (‪11" -:)11‬أل َّ‬ ‫س ِد‪َ ،‬و َ‬ ‫َن ُك َّل َما ِفي ا ْل َعالَِم‪َ :‬‬ ‫شة‪ ،‬لَ ْي َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْل َج َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْل ُع ُي ِ َ َ َ َ‬ ‫ا ْل َعالَِم‪" .‬‬ ‫س ِد = شهوة الجنس واألكل‪ .‬هذا إنسان ال تحركه سوى حواسه وغرائزه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْل َج َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْل ُع ُي ِ‬ ‫ون = كل ما تراه العيون تشتهيه‪ ،‬حب إقتناء وحسد الغير‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪23‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫ش ِة = عدم قناعة اإلنسان بوضعه‪ ،‬دائماً يطلب الرفاهية الزائدة ويطلب مديح‬ ‫تَ َعظُّ َم ا ْل َم ِعي َ‬ ‫الناس والشهرة‪.‬‬

‫ولقد جرب عدو الخير السيد المسيح فى هذه األمور الثالثة‪.‬‬

‫س ِد = إرضاء الرغبة الجسدية واشباعها = تحويل الحجارة إلى خبز‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْل َج َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْل ُع ُي ِ‬ ‫ون = أراه كل ممالك العالم ومجدها ليشتهيها‪.‬‬ ‫َ‬

‫ش ِة = شهوة ما ليس فى إستطاعة البشر كعمل المعجزات = إطرح نفسك فال يصطدم بحجر رجلك =‬ ‫تَ َعظُّ َم ا ْل َم ِعي َ‬ ‫هذه معجزة باهرة حينما يراها الناس البد وأنهم سوف يؤمنون‪ ،‬لكن المسيح رفض واختار الصليب‪.‬‬

‫وبنفس األسلوب جرب عدو الخير أبوينا األولين آدم وحواء‪.‬‬

‫س ِد = رأت حواء الشجرة جيدة لألكل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْل َج َ‬ ‫ش ْه َوةَ ا ْلنظر = رأت حواء الشجرة بهجة للنظر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ش ِة = أرادت األكل من الشجرة لتصبح كاهلل عارفة الخير والشر‪.‬‬ ‫تَ َعظُّ َم ا ْل َم ِعي َ‬ ‫مرة أخرى‪ . . .‬اهلل خلق العالم لنستعمله‪ ،‬واهلل ال يحزن وال يغضب إن أكلنا وشربنا ولبسنا مما أعطاه لنا‪ ،‬ولكن‬ ‫اهلل ال يريد لنا أن ننشغل عنه بما أعطاه لنا‪ ،‬اهلل ال يريد أن نفرغ قلوبنا من محبته لنحب ما أعطاه لنا‪.‬‬

‫المسيح صار زمنياً (دخل فى الجسد) ليجعلنا نحن الزمنيين‪ ،‬أبديين‪ . . .‬فلماذا نصر أن نبقى زمنيين (أى‬

‫متعلقين بالعالم)‪.‬‬

‫فلنستعمل العالم شاكرين اهلل على عطيته قانعين بما أعطاه وقسمه لنا‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫يئ َة ِ‬ ‫شهوتُ ُه‪ ،‬وأ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت إِلَى األ َ​َب ِد‪.‬‬ ‫ص َنعُ َم ِش َ‬ ‫اهلل فَ َيثْ ُب ُ‬ ‫َما الَّذي َي ْ‬ ‫َ‬ ‫آية (‪َ " -:)17‬وا ْل َعالَ ُم َي ْمضي َو َ ْ َ‬ ‫ا ْلعالَم يم ِ‬ ‫ضي = فكل شىء مصيره الفناء‪ ،‬فلماذا نتمسك بهذا الفانى‪.‬‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫يئ َة ِ‬ ‫أ َّ ِ‬ ‫اهلل = أى يحب اهلل ويعطى كل قلبه هلل ‪ ،‬ويطيع اهلل الذى أحبه‬ ‫ص َنعُ َم ِش َ‬ ‫َما الَّذي َي ْ‬ ‫ت إِلَى األ َ​َب ِد = راجع تفسير آيات ‪ 5- 1‬من هذا االصحاح لترى ان الثبات فى المسيح شرطه حفظ الوصية‬ ‫فَ َيثْ ُب ُ‬

‫‪ ،‬ومن يفعل يثبت فى اهلل ويجد لذته فى اهلل لألبد ‪ ،‬ويثبت فى المسيح أى يثبت فى حياة أبدية‪ .‬كأن الرسول‬

‫يوجه سؤاالً لنا‪.‬هل تريد أن تصبح أبدياً أم أن تظل زمنيا‪ ،‬هل تريد ان تجد لذتك فى اهلل الحى أم العالم الفانى ‪.‬‬ ‫والحظ أن الرسول لم يقل وأما الذى يحب اهلل فيثبت‪ .‬ألن من يحب اهلل سيصنع مشيئته (يو‪.)23 ، 21: 10‬‬

‫‪12‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخيرةُ‪ .‬و َكما س ِمعتُم أ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اد‬ ‫آية (‪ " -:)12‬أ َُّي َها األ َْوالَ ُد ِه َي َّ‬ ‫َض َد ٌ‬ ‫اآلن أ ْ‬ ‫ص َار َ‬ ‫الس َ‬ ‫َن ض َّد ا ْل َمسي ِح َيأْتي‪ ،‬قَ ْد َ‬ ‫اع ُة األ َ َ َ َ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫لِ ْلم ِس ِ ِ‬ ‫يرةُ‪" .‬‬ ‫ون‪ِ .‬م ْن ُه َنا َن ْعلَ ُم أ ََّن َها َّ‬ ‫ير َ‬ ‫الس َ‬ ‫اع ُة األَخ َ‬ ‫يح َكث ُ‬ ‫َ‬

‫ُّها األ َْوالَ ُد = لقد ولدتم فى الكنيسة على أساس إيمان سليم فال تتركوه‪.‬‬ ‫أَي َ‬ ‫ِ‬ ‫يرةُ = قد تعنى‪-:‬‬ ‫ِه َي َّ‬ ‫الس َ‬ ‫اع ُة األَخ َ‬ ‫‪ .1‬التدبير األخير فى حياة البشرية‪ ،‬أو التدبير الذى سوف يستمر لنهاية الدهور‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫التدبير األول = الخليقة‪.‬‬

‫التدبير الثانى = الناموس‪.‬‬

‫التدبير الثالث = األنبياء‪.‬‬

‫التدبير األخير = الخالص بالمسيح‪.‬‬

‫‪ .2‬أن أيامنا نحن قد إقتربت فال نترك اإليمان المسلم لنا‪.‬‬ ‫‪ .3‬قوله ساعة أى تبقى وقت قليل‪.‬‬

‫وفى التدبير األخير ومع إقتراب أيام النهاية وحتى مجىء المسيح الثانى سيظهر أضداد للمسيح يشككون فى‬ ‫العقيدة الصحيحة وهم مخادعين‪ ،‬كذابين‪ ،‬مقاومين للمسيح وكنيسته‪ ،‬يثيرون بدع مهلكة‪ .‬وهذا راجع إلزدياد‬ ‫محاوالت الشيطان لتحطيم الكنيسة‪ .‬وهذا ما نراه فى الغرب اآلن‪ ،‬فى مئات الطوائف الموجودة‪ .‬ومن هذه‬

‫الطوائف من ينكر ألوهية المسيح أو دوره كمخلص للبشرية‪ ،‬بل هناك من عبدوا الشيطان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يح = عرف الرسل من المسيح أنه فى نهاية األيام سيأتى هذا الضد للمسيح‪،‬‬ ‫ض َّد ا ْل َم ِس ِ‬ ‫وستنتشر الضالالت‪ ،‬وربما إذ شعر يوحنا بزيادة الهرطقات أيامه شعر أنها الساعة األخيرة‪ .‬وبنفس المفهوم تكلم‬ ‫بولس الرسول فى (‪2‬تس‪ ) 2‬وأسماه إنسان الخطية‪ .‬ولكن ضد المسيح هو لقب عام قد يطلق على كل من يقاوم‬

‫سي َّدعى أنه المسيح‪ ،‬رافضاً اإليمان بالمسيح الحقيقى‪.‬‬ ‫اإليمان بالمسيح آخذاً شكل المسيح ولكن فى كذب‪ ،‬أى َ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 19‬‬ ‫سوا‬ ‫آية (‪ " -:)19‬م َّنا َخ َر ُجوا‪ ،‬لك َّن ُه ْم لَ ْم َي ُكوُنوا م َّنا‪ ،‬ألَنَّ ُه ْم لَ ْو َكا ُنوا م َّنا لَ َبقُوا َم َع َنا‪ .‬لك ْن ل ُي ْظ َه ُروا أَنَّ ُه ْم لَ ْي ُ‬ ‫ِ‬ ‫يع ُه ْم ِم َّنا‪" .‬‬ ‫َجم ُ‬ ‫هم كانوا فى الكنيسة‪ ،‬لكن قلبهم كان فى مكان آخر‪ ،‬وجاء وقت لم يحتملوا فيه أن يستمروا فى الكنيسة‪ ،‬فخرجوا‬

‫ساعين وراء شهوات قلوبهم وكبريائهم‪ ،‬هؤالء الهراطقة قال عنهم القديس أغسطينوس أنهم كانوا كالدمل فى‬ ‫الجسد‪ ،‬ولن يتعافى الجسد إال إذا خرج هذا الدمل منه‪ .‬هم إعتمدوا وكان لهم شركة فى الكنيسة ولكنهم كانوا‬ ‫كيهوذا‪ ،‬ألجل شهواتهم الخاصة إنشقوا على الكنيسة‪ .‬أما الذين خرجوا من الكنيسة لفترة وعادوا تائبين فهم منا‬

‫أى من جسد الكنيسة‪.‬‬

‫مثال لهؤالء المنحرفين‪ ...‬ديماس‪ ...‬ترك بولس إذ أحب العالم الحاضر‪ .‬هذا كان موجوداً لفترة مع بولس لكن‬

‫كان حب العالم يمأل قلبه‪.‬‬ ‫َكا ُنوا ِم َّنا = معمدين وعائشين فى الكنيسة ثابتين فى المسيح‪.‬‬ ‫لَ ْم َي ُكوُنوا ِم َّنا = كانوا فى خداع قلبهم فى مكان آخر‪ ،‬لم يكونوا ثابتين فى المسيح‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫س َح ٌة ِم َن ا ْلقُد ِ‬ ‫ش ْي ٍء‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)21‬وأ َّ‬ ‫ون ُك َّل َ‬ ‫ُّوس َوتَ ْعلَ ُم َ‬ ‫َما أَ ْنتُ ْم َفلَ ُك ْم َم ْ‬ ‫س َح ٌة ِم َن ا ْلقُد ِ‬ ‫ُّوس = يقصد الروح القدس الذى يحل فى المؤمنين بمسحة الميرون‪ .‬والروح القدس يعلمنا‬ ‫َفلَ ُك ْم َم ْ‬

‫ويذكرنا بكل ما قاله السيد المسيح (يو‪ .)25:10‬فهو نور ينير لنا فنرفض أى هرطقة‪ ،‬وهو يعلمنا حقيقة التجسد‬

‫‪25‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫فال نتشكك‪ .‬ويعطينا أن نحب المسيح‪ ،‬فحتى لو خرجنا عن محبته يحركنا الروح بالتوبة فنتوب ونرجع‪ .‬وبهذا‬

‫نثبت فى المسيح ونرفض كل بدعة غريبة عن الكنيسة‪ .‬أما الهراطقة فألن لهم شهواتهم الخاصة وارادتهم‬ ‫المختلفة عن إرادة اهلل‪ ،‬فهم أحزنوا الروح وأطفأوه لعنادهم ومقاومتهم لصوت الروح وذلك بسبب كبريائهم‪ ،‬فما‬

‫عادوا يسمعون صوته‪.‬‬

‫والسؤال لنا‪ ...‬هل نعطى أنفسنا فرصة لسماع صوت الروح القدس‪ ،‬وهذا يحتاج للصالة والدراسة والجلوس بهدوء‬

‫للتأمل فى الكتاب المقدس‪ .‬ويحتاج أيضا لإلمتالء من الروح القدس‪....‬‬

‫وهذا يتطلب أن‬

‫‪ )1‬نجاهد رافضين كل شر وشبه شر ‪ ،‬فالسعى وراء الشر هو مقاومة للروح القدس وهذه المقاومة تحزن الروح‬

‫وتطفأه‬

‫‪ )2‬الصالة والتسبيح (أف‪)21 – 18 : 1‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ِ‬ ‫س ِم َن ا ْل َحقِّ‪" .‬‬ ‫ون ا ْل َحقَّ‪َ ،‬ب ْل أل ََّن ُك ْم تَ ْعلَ ُموَن ُه‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫ستُ ْم تَ ْعلَ ُم َ‬ ‫آية (‪ " -:)21‬لَ ْم أَ ْكتُ ْب إِلَ ْي ُك ْم أل ََّن ُك ْم لَ ْ‬ ‫َن ُك َّل َكذ ٍب لَ ْي َ‬ ‫َب ْل أل ََّن ُك ْم تَ ْعلَ ُموَن ُه = الرسول يقول انه ال يتهمهم بأنهم ال يعرفون الحق ‪ ،‬بل هم يعرفونه ‪ ،‬ولكن مع إزدياد‬

‫الهرطقات يقول لهم " اننى أعود واؤكد ما تعلمتموه سابقا واؤكده لكم ‪ .‬فانا أكتب لكى تثبتوا فى الحق الذى‬

‫تعلمونه " ‪ .‬ونحن ال نحتاج إلى تعاليم جديدة من خارج كنيستنا ‪ ،‬بل لعمل الروح القدس الذى يذكرنا بالحق‪.‬‬ ‫ويهبنا التمييز الذى به نرفض الكذب ونقبل الحق فقط‪.‬‬ ‫ُك َّل َك ِذ ٍب = هو ما ينادى به أضداد المسيح ‪،‬‬

‫ق = ليس من عند اهلل‪.‬‬ ‫س ِم َن ا ْل َح ِّ‬ ‫لَ ْي َ‬

‫ع ُهو ا ْلم ِسيح؟ ه َذا ُهو ِ‬ ‫َّ‬ ‫يح‪ ،‬الَِّذي‬ ‫اب‪ ،‬إِالَّ الَِّذي ُي ْن ِك ُر أ َّ‬ ‫ض ُّد ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ َ َ ُ‬ ‫ا ْل َكذ ُ‬ ‫َ‬ ‫َن َي ُ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫ضا‪َ ،‬و َم ْن َي ْعتَ ِر ُ‬ ‫اآلب أ َْي ً‬ ‫ف ِب ْ‬ ‫اآلب أ َْي ً‬ ‫ْ‬ ‫االب ِن َفلَ ُه ُ‬ ‫س لَ ُه ُ‬ ‫االب َن لَ ْي َ‬

‫اآليات (‪َ 22" -:)23-22‬م ْن ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫االب َن‪ُ 23 .‬ك ُّل َم ْن ُي ْن ِك ُر‬ ‫اآلب َو ْ‬ ‫ُي ْنك ُر َ‬ ‫الرسول يهاجم هرطقات القرن األول التى أنكرت حقيقة التجسد‪ .‬هنا نرى الرسول يتكلم عن الكذاب وهو إبليس‬

‫(يو‪ .)00:8‬وابليس يريد أن يلغى التجسد فهو سر التقوى وبدونه ال خالص(‪1‬تى‪.)15:3‬‬ ‫َّ‬ ‫اب = هو إبليس‪ .‬وهذا فى مقابل الحق الذى هو المسيح ومن يخضع إلبليس الكذاب يردد كذبه‪.‬‬ ‫َم ْن ُه َو ا ْل َكذ ُ‬ ‫ومن يثبت فى المسيح يعرف الحق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يح = هذا هو الحق أن المسيح هو المخلص‪ ،‬هو اهلل الذى تأنس ليخلصنا‪ .‬الذى ينكر اآلب‬ ‫سو َ‬ ‫ع ُه َو ا ْل َمس ُ‬ ‫َي ُ‬ ‫واإلبن = أى من ينكر أن اهلل اآلب أرسل إبنه الوحيد ليخلص البشرية = ه َذا ُهو ِ‬ ‫يح‪.‬‬ ‫ض ُّد ا ْل َم ِس ِ‬ ‫َ‬ ‫ضا = فنحن حصلنا على البنوة لآلب عن طريق إتحادنا بإبنه يسوع المسيح‪،‬‬ ‫اآلب أ َْي ً‬ ‫ُك ُّل َم ْن ُي ْن ِك ُر ْ‬ ‫س لَ ُه ُ‬ ‫االب َن لَ ْي َ‬ ‫فمن ينكر اإلبن لن يتحد به ويفقد البنوة لآلب‪.‬‬ ‫(راجع يو‪ + 23:11‬يو‪ + 14 ،1 ،2 :10‬مت‪ + 22:11‬يو‪ .)11:8‬ومن يعرف اإلبن ويحبه فلسوف يعرف‬

‫اآلب ‪ ،‬فاإلبن هو صورة اآلب ‪ .‬ومن عرف اإلبن وأحبه ‪ ،‬فهذا ألنه كان يعرف اهلل بطريقة صحيحة ‪ ،‬ولذلك‬

‫‪26‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫آمن التالميذ البسطاء بالمسيح إذ كانوا فى بساطة قلوبهم قد أحبوا اهلل غير طالبين مجد أنفسهم مثل الكتبة‬

‫والفريسيين ‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫َما أَ ْنتُم فَما س ِمعتُموه ِم َن ا ْلب ْد ِء َف ْليثْب ْت إِ ًذا ِفي ُكم‪ .‬إِ ْن ثَب َ ِ‬ ‫س ِم ْعتُ ُموهُ ِم َن ا ْل َب ْد ِء‪ ،‬فَأَ ْنتُ ْم‬ ‫آية (‪ " -:)21‬أ َّ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ت في ُك ْم َما َ‬ ‫ْ‬ ‫االب ِن َوِفي ِ‬ ‫اآلب‪" .‬‬ ‫ضا تَثْ ُبتُ َ‬ ‫ون ِفي ْ‬ ‫أ َْي ً‬

‫َما أَ ْنتُ ْم = الذين لم تنشقوا عن الكنيسة‪.‬‬ ‫أ َّ‬ ‫س ِم ْعتُ ُموهُ ِم َن ا ْل َب ْد ِء = أى رسالة اإلنجيل الذى سمعتموه جيالً بعد جيل (يه‪. )3‬‬ ‫فَ َما َ‬ ‫َف ْل َيثْ ُب ْت إِ ًذا ِفي ُك ْم = أى يتأصل فى أعماقكم‪ .‬وعلينا ان نصر أن ال نغير فى إيماننا حرف واحد‪.‬‬ ‫إِ ْن ثَب َ ِ‬ ‫س ِم ْعتُ ُموهُ = وهو الحق اإللهى بخصوص التجسد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ت في ُك ْم َما َ‬ ‫االب ِن َوِفي ِ‬ ‫اآلب ولكن من الذى يثبت‬ ‫وأن اآلب أرسل إبنه متأنساً ليتحد بنا ويعطينا البنوة لآلب = تَثْ ُبتُ َ‬ ‫ون ِفي ْ‬

‫فيه ما سمعه؟ هو م ن يتعلم من الروح القدس وال يعاند‪ .‬وهو من يواظب على الصالة ودراسة الكتاب فى هدوء‬ ‫فيسمع من الروح القدس ويتعلم‪ .‬وهو من ال يرفض تعاليم الكنيسة فى كبرياء‪ .‬فكل الهرطقات نشأت بسبب‬

‫كبرياء الهراطقة ‪.‬‬ ‫آية (‪َ 21" -:)21‬وه َذا ُه َو ا ْل َو ْع ُد الَِّذي َو َع َد َنا ُه َو ِب ِه‪ :‬ا ْل َح َياةُ األ َ​َب ِد َّي ُة‪" .‬‬ ‫من يثبت فى اإلبن تكون له حياة اإلبن وهى حياة أبدية‪ ،‬وهذا هو وعده (يو‪)21:11‬‬ ‫"من آمن بى ولو مات فسيحيا‪ ...‬أنا هو القيامة والحياة"‪.‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ين ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضلُّوَن ُك ْم‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)21‬كتَ ْب ُ‬ ‫ت إِلَ ْي ُك ْم ه َذا َع ِن الَّذ َ ُ‬ ‫أكتب هذا إليكم حتى ال تنخدعوا بضالالت أضداد المسيح‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫ِ‬ ‫َخذْتُم َ ِ‬ ‫َِّ‬ ‫َح ٌد‪َ ،‬ب ْل َك َما‬ ‫آية (‪َ " -:)27‬وأ َّ‬ ‫اج َة ِب ُك ْم إِلَى ْ‬ ‫أن ُي َعلِّ َم ُك ْم أ َ‬ ‫وها م ْن ُه ثَا ِبتَ ٌة في ُك ْم‪َ ،‬والَ َح َ‬ ‫َما أَ ْنتُ ْم فَا ْل َم ْ‬ ‫س َح ُة التي أ َ ُ‬ ‫ون ِف ِ‬ ‫هذ ِه ا ْلمسح ُة ع ْي ُنها ع ْن ُك ِّل َ ٍ‬ ‫تُعلِّم ُكم ِ‬ ‫يه‪" .‬‬ ‫س ْت َك ِذ ًبا‪َ .‬ك َما َعلَّ َمتْ ُك ْم تَثُْبتُ َ‬ ‫َ َْ َ َ َ‬ ‫ش ْيء‪َ ،‬و ِه َي َحق َولَ ْي َ‬ ‫َ ُ ْ‬

‫كما قلنا فالروح القدس يعلم (يو‪ )25:10‬ويعطى إستنارة‪.‬‬

‫َح ٌد = لو فهمنا اآلية بطريقة خاطئة‪ ،‬إذاً فما الداعى أن يوحنا الرسول يكتب‬ ‫اج َة ِب ُك ْم إِلَى أ ْ‬ ‫َن ُي َعلِّ َم ُك ْم أ َ‬ ‫َوالَ َح َ‬ ‫رسالته ويعلمهم‪ ،‬أما كان الروح القدس قادر على هذا‪ .‬هذه اآلية ال تعنى عدم حاجتنا للتعليم‪ ،‬فنحن نحتاج لمن‬ ‫يعلمنا‪ .‬لذلك وضع اهلل فى الكنيسة معلمين (أف‪.)11:0‬‬

‫فال يوجد إنسان مملوء من الروح ومعصوم من الخطأ‪ .‬وكالم الخدام األرثوذكسيين الحقيقيين الذين ال يشوهوا‬

‫اإليمان يكون عملهم هو جذب إنتباه السامع‪ .‬والروح القدس الذى يعطى كلمة للمتكلم هو يعمل فى قلب السامع‬

‫ليفهم‪ ،‬ولكن إن لم يكن السامع لديه الروح القدس فعبثاً ينادى المعلم‪ .‬التعليم الخارجى كالبستانى يروى األشجار‬

‫‪27‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثاني)‬

‫والذى ينمى هو اهلل‪ ،‬أى المسحة التى نأخذها‪ .‬والروح القدس أيضاً يعطى للسامع أن يميز‪ ،‬هل هذا التعليم من‬

‫اهلل أم ال‪.‬‬

‫َو ِه َي َحق = أى المسحة هى حق‪ ،‬أى أن عمل الروح القدس فينا هو عمل حقيقى‪.‬‬ ‫ون ِف ِ‬ ‫يه = إذا أراد المؤمن حقيقة أن يسمع صوت الروح فى داخله فسوف يسمعه‪ .‬وان كنا فى‬ ‫َك َما َعلَّ َمتْ ُك ْم تَثْ ُبتُ َ‬ ‫شك فلنصل ونطلب والروح الذى فينا سيخبرنا بالحق‪ ،‬والكتاب المقدس يحوى التعليم الحق ‪ ،‬وتعليم األباء‬ ‫المرتشدين بالروح حق ‪ ،‬وعندئذ علينا أن نطيع صوت الروح ‪.‬‬ ‫ون ِف ِ‬ ‫يه = فمن ال يعاند صوت الروح القدس‪ ،‬ويكون له إيمان صحيح بالمسيح سيثبت فى‬ ‫َك َما َعلَّ َمتْ ُك ْم تَثْ ُبتُ َ‬ ‫المسيح‪ .‬أما الهراطقة فال يثبتون فيه‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫ون لَ َنا ِثقَ ٌة‪ ،‬والَ َن ْخج ُل ِم ْن ُه ِفي م ِج ِ‬ ‫اآلن أَيُّها األَوالَ ُد‪ ،‬اثْبتُوا ِف ِ‬ ‫يئ ِه‪" .‬‬ ‫يه‪َ ،‬حتَّى إِ َذا أُ ْظ ِه َر َي ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)22‬و َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إذ يثبت أوالد اهلل فى كالمه وايمانه سيفرحون بمجيئه‪ ،‬بل يتشوقون إليه "آمين تعال أيها الرب يسوع" ليفرحوا معه‬

‫لألبد‪ .‬أما غير الثابتين فسيقولون للجبال غطينا‪.‬‬

‫إِ َذا أُ ْظ ِه َر = إذا = تفيد عدم معرفة موعد ظهوره‪ .‬إذاً البد من اإلستعداد الدائم‪.‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ود ِم ْن ُه‪" .‬‬ ‫اعلَ ُموا أ َّ‬ ‫ص َنعُ ا ْل ِب َّر َم ْولُ ٌ‬ ‫آية (‪ " -:)29‬إِ ْن َعلِ ْمتُ ْم أ ََّن ُه َب ٌّار ُه َو‪ ،‬فَ ْ‬ ‫َن ُك َّل َم ْن َي ْ‬ ‫ود ِم ْن ُه = تكلم فى اآلية السابقة عن عدم الخجل من المسيح عند ظهوره‪ .‬وهنا يعطينا‬ ‫ص َنعُ ا ْل ِب َّر َم ْولُ ٌ‬ ‫ُك َّل َم ْن َي ْ‬

‫العالمة التى تجعلنا ال نخجل عند ظهوره‪ ،‬وهى أن نصنع البر مثله‪ .‬ولنفهم أن المؤمنين الذين إعتمدوا ليسوا‬

‫مجرد أناس عاديين يحاولون أن يحيوا على نحو أفضل‪ ،‬ولكنهم صاروا خليقة جديدة‪ ،‬أوالداً هلل (‪2‬كو‪.)12:1‬‬

‫ضرب‪ ،‬ومن‬ ‫ولنفهم أن البر الكامل لن يوجد هنا على األرض‪ ،‬فنحن مازلنا فى الميدان نحارب‪َ ،‬نضرب ون َ‬ ‫ينتصر هو من يعتمد فى صراعه على قوة اهلل‪ .‬ونالحظ أن المسيح أعطى لنا قوة لنسلك فى البر‪ ،‬بل أعطى‬

‫لكل من إعتمد حياته ل يحيا بها فى بر ‪ ،‬حياة المسيح البار تسكن فيه ‪ ،‬ويستخدم أعضاءه كآالت بر ‪ ،‬فيصنع‬

‫البر‪ .‬وهكذا فألن المسيح بار وهو أعطى حياته للكثيرين‪ ،‬فهو يبرر الكثيرين‪ .‬والمسيح أعطانا الروح القدس‬

‫الذى يبكتنا إن فعلنا خطية وأيضاً إن لم نفعل البر‪ .‬فالمولود من اهلل البار يتشبه به ويكون با اًر‪ ،‬با اًر نسبياً على‬

‫األرض‪ ،‬فالبر الكامل فى السماء‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫عودة للجدول‬

‫فى هذا اإلصحاح يتكلم عن عائلتين روحيتين يحيون فى هذا العالم‪ ،‬عائلة تنتسب هلل‪ ،‬وعائلة تنتسب إلبليس‬

‫(يو‪ . ) 02 – 35 : 8‬وكل منا إما هو إبن هلل أو إبن إلبليس‪ ،‬وال يجب أن نعرج بين الفرقتين‪ ،‬ومن يسلك بما‬ ‫على‬ ‫يليق بأوالد اهلل فهو إبن اهلل حقاً ‪ ،‬والعكس فمن يعمل اعمال ابليس فهو ابن إلبليس‪ .‬لذلك ففى كل موقف َّ‬ ‫أن أقف وأتساءل‪ . .‬هل يليق هذا التصرف بى كإبن هلل ؟ وماذا كان تصرف المسيح لو كان مكانى؟ وأتصرف‬

‫كما لو كان المسيح مكانى‪.‬‬

‫َعطَا َنا اآلب حتَّى ُن ْدعى أَوالَ َد ِ‬ ‫آية (‪1" -:)1‬اُْنظُروا أ ََّي َة محب ٍ‬ ‫َج ِل ه َذا الَ َي ْع ِرفُ َنا ا ْل َعالَ ُم‪ ،‬ألَ َّن ُه الَ َي ْع ِرفُ ُه‪.‬‬ ‫اهلل! ِم ْن أ ْ‬ ‫َّة أ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫"‬

‫من اآلية السابقة (‪ )21 :2‬رأينا أن أوالد اهلل يصنعون البر‪ .‬ولكن كيف نصنع البر‪ .‬هنا نسمع الرد‪ . . .‬اُْنظُ​ُروا‬ ‫أ ََّي َة محب ٍ‬ ‫َّة‪ = . . .‬وكلمة أنظروا تعنى تأملوا بعمق فى هذه المحبة التى أحبنا بها اهلل‪ ،‬وهذا يزيد محبتنا له‪ ،‬ومن‬ ‫َ​َ‬ ‫تزداد محبته هلل ينفذ وصاياه فيصنع البر‪ .‬والتأمل بعمق فى محبة اهلل يحتاج للعشرة مع اهلل (كما شرحه الرسول‬ ‫فى آية ‪ ) 1 :1‬هى خبرة معاشة مع المسيح تصل لدرجة التالمس ‪ .‬هذه العشرة مع اهلل مطلوب منا ان ننمو‬ ‫فيها فيكون لدينا اإلمكانية لنمتلئ بالروح فنسمع صوته يخبرنا عن المسيح ومحبته فنحبه ‪ ،‬ومن يحبه سيحفظ‬

‫وصاياه ويثبت فيه كإبن هلل ‪.‬‬ ‫حتَّى ُن ْدعى أَوالَ َد ِ‬ ‫اهلل = (يو‪ )12 :1‬هنا نرى بركات التجسد فقد صرنا أوالداً هلل‪ ،‬ولدنا منه بكلمته الحية وبفعل‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫روحه القدوس فى المعمودية أى بالميالد الثانى‪ ،‬وأوالد اهلل بالحق هم الذين يعملون مايرضيه‪ ،‬أما األشرار فال‬

‫ينتفعون من اإلسم شيئاً‪.‬‬ ‫َج ِل ه َذا الَ َي ْع ِرفُ َنا ا ْل َعالَ ُم‪ ،‬أل ََّنهُ الَ َي ْع ِرفُ ُه = وعلينا ان ال نتصور اننا لو التزمنا بتنفيذ الوصايا أننا سنكون‬ ‫ِم ْن أ ْ‬ ‫محل إ عجاب العالم بنا ‪ .‬العالم ال يتصور وال يفهم هذه الكرامة وهذا المجد المعد لنا كأوالد اهلل‪ ،‬وكما لم يعرف‬ ‫العالم المس يح حين جاء بل صلبوه‪ ،‬هكذا ال يعرف أوالد اهلل ويطاردهم وال يقبلهم‪ ،‬إذ هم فى طبيعتهم الغريبة عن‬ ‫الشر غرباء عن طبيعة أوالد العالم‪ .‬فمحبة أوالد العالم لإلثم تجعلهم ال يقبلون النور الذى فى أوالد اهلل والذى‬

‫يفضح شرهم (يو‪.)21 -18 :11‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ون‪ .‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون‬ ‫لك ْن َن ْعلَ ُم أ ََّن ُه إِ َذا أُ ْظ ِه َر َن ُك ُ‬ ‫َّاء‪َ ،‬‬ ‫آية (‪ " -:)2‬أَي َ‬ ‫س َن ُك ُ َ‬ ‫اآلن َن ْح ُن أ َْوالَ ُد اهلل‪َ ،‬ولَ ْم ُي ْظ َه ْر َب ْع ُد َما َذا َ‬ ‫ُّها األَحب ُ‬ ‫ِ‬ ‫س َن َراهُ َك َما ُه َو‪" .‬‬ ‫م ْثلَ ُه‪ ،‬أل ََّن َنا َ‬

‫هنا بركة أخرى للتجسد‪ ،‬أننا سنرى اهلل حين نخلع جسدنا الترابى ونلبس جسد القيامة الروحانى‪ ،‬حين يغير اهلل‬

‫شكل جسد تواضعنا إلى صورة جسد مجده (فى‪ )21 :3‬حين نرى اهلل وجهاً لوجه ونعرفه (‪1‬كو‪ .)12:13‬ألَنَّ َنا‬ ‫‪29‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫س َن َراهُ َك َما ُه َو = مجد أجسادنا الممجدة لن يكون راجعا لنا ‪ ،‬فالمجد هو طبيعة اهلل نفسه ‪ .‬لكن اهلل ينعكس مجده‬ ‫َ‬ ‫س َن َراهُ‬ ‫علينا فيصير لنا جسداً ممجداً‪ ،‬وينعكس نوره علينا فيكون لنا جسداً نورانياً‪ .‬وذلك كما يقول الرسول أل ََّن َنا َ‬ ‫َك َما ُه َو ‪ .‬هذا يقوله الرسول بعد أن حدثنا عن أن العالم سيبغضنا‪ .‬ولكن لماذا نهتم ببغضة العالم وقد أحبنا اهلل‬ ‫وأعطانا كل هذا المجد‪ .‬ونحن اآلن نحصل على عربون هذا المجد بواسطة الروح القدس الذى فينا‪ ،‬الذى يعطينا‬

‫أن نرى األمجاد ونرى اهلل‪ ،‬ولكن كما فى لغز‪ ،‬كما فى مرآة (‪1‬كو‪1 + 14 ،1 :2‬كو‪ + 12 :13‬يو‪-13 :15‬‬

‫‪ ) 15‬فالروح يعطينا الرؤية الحقيقية للمسيح وهى أهم من الرؤية بالجسد‪ .‬والحظ أن من ينجح فى أن يكون‬ ‫صورة المسيح على األرض (غل‪ )11 :0‬سيكون له صورة المسيح فى مجده‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫ط ِ‬ ‫اهٌر‪" .‬‬ ‫س ُه َك َما ُه َو َ‬ ‫اء ِب ِه‪ُ ،‬ي َ‬ ‫آية (‪َ " -:)3‬و ُك ُّل َم ْن ِع ْن َدهُ ه َذا َّ‬ ‫ط ِّه ُر َن ْف َ‬ ‫الر َج ُ‬ ‫اء ِب ِه = يجاهد بقدر إمكانه حتى ال يضيع منه هذا المجد‪.‬‬ ‫ُك ُّل َم ْن ِع ْن َدهُ ه َذا َّ‬ ‫الر َج ُ‬

‫س ُه = فطوبى ألنقياء القلب ألنهم يعاينون اهلل = ألََّن َنا َس َن َراه َك َما ه َو (أية ‪ .)2‬وقوله يطهر نفسه يؤكد‬ ‫ُيطَ ِّه ُر َن ْف َ‬ ‫مساهمتنا نحن فى السلوك ‪ .‬حقاً فاهلل يعين‪ ،‬ولكنه يعين من يجاهد‪.‬‬ ‫َكما ُهو طَ ِ‬ ‫اهٌر = الموضوع نسبى‪ ،‬فلن نكون فى طهارة اهلل‪ ،‬لكن هناك مثل أعلى يجب أن نحاول الوصول إليه‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫هذه مثل "كونوا كاملين كما أن أباكم الذى هو فى السموات هو كامل"‪ .‬وهنا المسيح فى طهارته هو مثلنا األعلى‬

‫فلنقتدى به‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ضا‪َ .‬وا ْل َخ ِط َّي ُة ِه َي التَّ َعدِّي‪" .‬‬ ‫ِّي أ َْي ً‬ ‫آية (‪ُ " -:)1‬ك ُّل َم ْن َي ْف َع ُل ا ْل َخط َّي َة َي ْف َع ُل التَّ َعد َ‬ ‫الخطية هى أن يخطئ اإلنسان سواء عن جهل أو عن معرفة‪ .‬وبعد الناموس صار من يخطئ َّ‬ ‫يتعدى على‬

‫وصايا اهلل وناموسه‪ .‬ومن يخطئ اآلن يتعدى على ناموس اهلل وعلى صوت الروح القدس داخله‪ .‬وقطعا فالتعدى‬

‫عقوبته أصعب كثي ار فهو تحدى هلل ‪ .‬وهذا الكالم موجه للغنوسيين حتى ال يستهين أحد بالخطية‪ .‬ونقول ثانية أنه‬

‫طالما كنا فى الجسد فسوف نخطئ‪ ،‬ولو قلنا أننا ال نخطئ نضل أنفسنا (‪ .)14 ،8 :1‬لكن أوالد اهلل يجاهدون‬ ‫بقدر إمكانهم حتى اليخطئوا‪ ،‬وان أخطأوا يشعرون بغربة عن حياتهم كأوالد هلل‪ ،‬ويعودون بسرعة تائبين معترفين‬

‫وال يستمروا فى الخطية مستغرقين فيها‪ .‬وعالقة هذه اآلية بالسابقة أن الخطية تحرمنا من رؤية اهلل‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫طايا َنا‪ ،‬ولَ ْيس ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه َخ ِط َّي ٌة‪" .‬‬ ‫ون أ َّ‬ ‫َن َذ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬وتَ ْعلَ ُم َ‬ ‫اك أُ ْظ ِه َر ل َك ْي َي ْرفَ َع َخ َ َ َ َ‬ ‫اك = هو المسيح‪.‬‬ ‫َذ َ‬

‫أُ ْظ ِه َر = لكى نثبت فيه فال نخطئ‪.‬‬ ‫لِ َك ْي َي ْرفَ َع َخطَ َايا َنا = ليس فقط يغفرها بل ليقاوم الخطية التى ينشرها إبليس ويضعها فى القلب‪ ،‬وال يترك منها‬

‫شيئاً فى القلب‪ .‬فمن بركات التجسد أن اهلل يحولنا إلى صورته فى القداسة والبر‪ ،‬فهو يكره الخطية والشر =‬ ‫ولَ ْيس ِف ِ‬ ‫يه َخ ِطيَّ ٌة‬ ‫َ َ‬

‫‪30‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫فإبليس يجاهد لكى يجعلنا نخطئ والمسيح يعمل فينا حتى ال نخطئ‪.‬‬ ‫صره والَ عرفَ ُه‪7 .‬أَيُّها األَوالَ ُد‪ ،‬الَ ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات (‪ُ 1" -:)9-1‬ك ُّل م ْن يثْب ُ ِ ِ‬ ‫ضلَّ ُك ْم‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ت فيه الَ ُي ْخطئُ‪ُ .‬ك ُّل َم ْن ُي ْخطئُ لَ ْم ُي ْب ْ ُ َ َ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫اك ب ٌّار‪ .‬م ْن ي ْفع ُل ا ْل َخ ِط َّي َة فَهو ِم ْن إِ ْبلِيس‪ ،‬أل َّ ِ‬ ‫يس ِم َن ا ْل َب ْد ِء‬ ‫َح ٌد‪َ :‬م ْن َي ْف َع ُل ا ْل ِب َّر فَ ُه َو َب ٌّار‪َ ،‬ك َما أ َّ‬ ‫َن َذ َ َ‬ ‫أَ‬ ‫َن إِ ْبل َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫‪9‬‬ ‫ود ِم َن ِ‬ ‫َعم َ ِ‬ ‫َج ِل ه َذا أُ ْظ ِهر ْاب ُن ِ‬ ‫َن‬ ‫اهلل الَ َي ْف َع ُل َخ ِطيَّ ًة‪ ،‬أل َّ‬ ‫يس‪ُ .‬ك ُّل َم ْن ُه َو َم ْولُ ٌ‬ ‫اهلل لِ َك ْي َي ْنقُ َ‬ ‫ُي ْخ ِطئُ‪ .‬أل ْ‬ ‫ال إِ ْبل َ‬ ‫َ‬ ‫ض أَْ‬ ‫ود ِم َن ا ِ‬ ‫يه‪ ،‬والَ يستَ ِطيع أ ْ ِ‬ ‫َزرع ُه يثْب ُ ِ ِ‬ ‫هلل‪" .‬‬ ‫ئ ألَنَّ ُه َم ْولُ ٌ‬ ‫َْ َُ‬ ‫تف َ َْ ُ‬ ‫َن ُي ْخط َ‬ ‫ت ِف ِ‬ ‫يه = الزرع اإللهى هو اإلنسان الجديد الذى أعطاه اهلل لنا‪ ،‬والذى هو على صورة المسيح‪ ،‬وهذا‬ ‫َزْر َع ُه َيثْ ُب ُ‬ ‫نحصل عليه بالمعمودية إذ يموت اإلنسان العتيق ونقوم فى جدة الحياة‪ ،‬أى حياة جديدة وخليقة جديدة (‪2‬كو‪:1‬‬

‫‪ + 12‬رو‪ .)2 -2 :5‬وهذا يكون بأن المسيح يعطينا حياته "لى الحياة هى المسيح" وهذه الحياة تجعلنا نثبت فيه‬

‫(‪1‬بط‪ .)23 :1‬ولكن بالخطية يقل هذا الثبات فال شركة للنور مع الظلمة (‪2‬كو‪ )15 -10 :5‬وهذه الطبيعة‬ ‫الجديدة تثبت فيمن يحصل عليها ويحافظ عليها ‪ ،‬وهذا يعنى أن هناك قوة إلهية فاعلة داخل المؤمن تعمل معه‬

‫وت عينه إن أراد وجاهد ألجلها ( النعمة ) ‪ .‬هذه هبة اهلل المستمرة لشعبه حتى ال يخطئ‪ .‬وماذا يعطينى اهلل حتى‬

‫ال أخطئ ؟‬

‫‪ .1‬المسيح أعطانى حياته‪ ،‬ويقول " بدونى ال تقدرون أن تفعلوا شيئاً (يو‪ .)1 :11‬أى هو يعطى قوة‪ ،‬إذ هو‬ ‫فى‪ .‬لكن هو اليقيد حريتى ‪.‬‬ ‫ثابت َّ‬

‫‪ .2‬اهلل وهبنا الروح القدس يسكن فينا وهو‪:‬‬

‫أ‪ .‬يبكت إن أخطأنا (يو‪ .)8 :15‬وذلك باإلقناع (إر‪)2 :24‬‬

‫ب‪ .‬يعطى معونة ويعين ضعفاتنا (رو‪.)25 :8‬‬

‫ت‪ .‬يمألنا محبة (غل‪ + 22 :1‬رو‪ )1 :1‬ومن يحب ال يستطيع أن يخطئ فى حق من يحبه‪ ،‬وال يقبل‬ ‫لمحبته أن يحزن قلب اهلل (يو‪. ) 23 : 10‬‬

‫‪ .3‬إبن اهلل أظهر لينقض أعمال إبليس أى الخطية‪ .‬وهذا معنى قول بولس الرسول " دان الخطية فى الجسد‬ ‫" (رو‪ ) 3 :8‬والمسيح بدأ خدمته بصراع مع إبليس فى الجبل وأنهاه بصراعه معه على الصليب‪ .‬وهو‬ ‫خرج غالباً ولكى يغلب لحسابنا (رؤ‪.)2 :5‬‬

‫الرسول هنا يشدد على من يسمعه بأن يتحاشى الخطية‪،‬‬

‫أوالً ‪ -:‬بعد كل هذا الذى أخذه‪.‬‬

‫وثانياً ‪ -:‬فهذا ال يليق به كإبن هلل‪.‬‬

‫وقوله زرع يشير للنمو‪ ،‬فكل زرع ينمو‪ ،‬وانساننا الداخلى ينمو بجهادنا فى الصالة ودراسة الكتاب المقدس‪،‬‬ ‫والقداسات والتناول وعدم مقاومة صوت الروح القدس حين يبكت ‪ .‬ولنراجع قول السيد المسيح " ليس بالخبز‬

‫وحده يحيا ا إلنسان بل بكل كلمة تخرج من فم اهلل فكلمة اهلل تحيى وتنمى اإلنسان الداخلى‪ .‬وثمار هذا الزرع‬ ‫الذى زرع فينا أن تكون أعضائنا آالت بر‪ ،‬ونكون نور للعالم‪ ،‬وبأعمالنا نمجد اهلل‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫وهنا يرد على الغنوسيين‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫اك َب ٌّار = فإذا كنا قد أخذنا حياته كزرع ثابت فينا‪ ،‬فكما هو‬ ‫َح ٌد‪َ :‬م ْن َي ْف َع ُل ا ْل ِب َّر فَ ُه َو َب ٌّار‪َ ،‬ك َما أ َّ‬ ‫َن َذ َ‬ ‫الَ ُيضلَّ ُك ْم أ َ‬ ‫بار فالبد بالضرورة أن نحيا فى بر‪.‬‬ ‫ولكن ليس معنى هذا موت اإلنسان العتيق موتاً نهائياً‪ ،‬بل اهلل أعطانا اإلمكانيات وعلينا نحن أن نجاهد‪ ،‬فاهلل لم‬ ‫يلغ حريتنا‪ .‬وعلينا نحن أن نحسب أنفسنا أمواتاً أمام الخطية‪ ،‬وفى هذه الحالة نشعر بمعونة الروح القدس بأن‬

‫يجعلنا نحيا ونشعر بأن انساننا العتيق قد مات فعالً "بالروح تميتون أعمال الجسد" (رو‪ + 13 :8‬رو‪+11 :5‬‬

‫كو‪ .)1 :3‬ولكن طالما نحن فى الجسد فنحن معرضين للسقوط‪" ،‬فالصديق يسقط فى اليوم سبع مرات ويقوم"‬ ‫كما يقول السيد المسيح‪ ،‬وبولس يعترف بأنه أول الخطاة‪ .‬ويوحنا نفسه يذكر هذا (‪1‬يو‪ .)14 ،8 :1‬ولكن أوالد‬

‫اهلل إن سقطوا يقومون سريعاً كما يقول السيد المسيح‪ ،‬ويقدمون توبة لذاك الذى أحبوه‪.‬‬

‫عموماً لن نمتنع تماماً عن الخطية إال بعد أن نخلع هذا الجسد ونلبس الجسد الممجد‪ ،‬وهذا ما أطلق عليه بولس‬ ‫الرسول التبنى فداء األجساد (رو‪ )23 :8‬إذ بهذا نصير أوالد اهلل الذين ال يخطئون‪ .‬من هنا كانت شهوة بولس‬ ‫الرسول أن ينقذه اهلل من هذا الجسد المائت‪ ،‬أى يخلع هذا الجسد فيتخلص من اإلنسان العتيق (رو‪،24 :2‬‬

‫‪.)20‬‬

‫واآلن نفهم اآليات السابقة كل من يثبت فيه ال يخطئ‬ ‫‪9‬‬ ‫ود ِم َن ِ‬ ‫اهلل الَ َي ْف َع ُل َخ ِطيَّ ًة = أنه بالمعمودية يعطينا اهلل إمكانيات جبارة جديدة هى النعمة أي‬ ‫ُك ُّل َم ْن ُه َو َم ْولُ ٌ‬ ‫عمل الروح القدس فينا حتى ال نخطئ‪ ،‬فالجسد العتيق يموت ويقوم إنسان جديد‪ .‬ولكن نظ اًر لضعف طبيعتنا‬

‫البشرية نخطئ أحياناً‪ .‬وهذا لن ينتهى إال بحصولنا على البنوة الكاملة التى بها ال نستطيع أن نخطئ حين نلبس‬

‫األجساد الممجدة‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫يه الَ ي ْخ ِطئ‪ُ ...‬ك ُّل م ْن ي ْخ ِطئ لَم ي ْب ِ‬ ‫ت ِف ِ‬ ‫ص ْرهُ َوالَ َع َرفَ ُه = هنا نرى عالقة واضحة بين المعرفة‬ ‫ُك ُّل َم ْن َيثْ ُب ُ‬ ‫َ ُ ُ ْ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫والثبات‪ .‬فالمعرفة تعنى‪ .. .‬إتحاد مع المسيح به يكون لنا ثبات فيه‪ ،‬وحياة ‪ .‬وقوله كل من يخطئ لم يعرفه أى‬

‫هو غير ثابت تماما‪ ،‬وهذه الحياة التى يعطيها المسيح لمن يتحد به لذلك يطلب منا ان نثبت فيه‪ .‬ويعطينا جسده‬

‫نأكله ليعيد لنا الحياة والثبات فيه عندما نخطئ ‪ .‬فهو يعطى غفرانا للخطايا وحياة أبدية ‪.‬‬

‫ت = أن هذه الحياة التى نحصل عليها بالمعمودية هى شئ عرضى أى يمكن أن تثبت فينا‬ ‫ولكن الحظ قوله َيثْ ُب ُ‬ ‫هذه الحياة‪ ،‬ويمكن أن نفقدها بإص اررنا على حياة الخطية‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يس = أى أن إبليس هو الذى يحرض على ذلك ‪ .‬هذه تفهم على من تأصلت‬ ‫َم ْن َي ْف َع ُل ا ْل َخط َّي َة فَ ُه َو م ْن إِ ْبل َ‬ ‫الخطية فيه وصارت عادة عنده‪ ،‬ويرفض التوبة وبعناد واصرار على الخطية فإبليس هو قوة تعمل ضد إرادة اهلل‪.‬‬

‫ولكن اوالد اهلل إذ يخطئوا سريعا ما يقدمون توبة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يس ِم َن ا ْل َب ْد ِء ُي ْخ ِطئُ = أى منذ يوم سقوطه بدأ الشر ‪ ،‬ثم دخل الشر للعالم بحسد إبليس‪.‬‬ ‫إِ ْبل َ‬ ‫أما إبن اهلل فهو يسقط فى الشر على خالف طبيعته‪ ،‬أى أن طبيعة الخطية ال تتواءم مع أوالد اهلل‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫لو فهمنا األيات السابقة على أن أوالد اهلل ال يخطئون أبداً‪ ،‬وان فعلوا أى خطية لصاروا أوالداً إلبليس‪ ،‬فهذا يدفع‬

‫لليأس‪ ،‬وأيضاً يتعارض مع بقية أيات الكتاب المقدس بل مع ما قاله الرسول نفسه فى هذه الرسالة (‪)14 ،8 :1‬‬

‫ونكرر أن إبن اهلل قد يخطئ ولكن باب التوبة واإلعتراف مفتوح دائماً للعودة كأبناء لألحضان اإللهية كما عاد‬

‫اإلبن الضال (‪1‬يو‪ .)1 :1‬ولو كان أوالد اهلل ال يخطئون أبداً فلماذا طلب السيد المسيح أن نصلى قائلين"‬ ‫أبانا الذى فى السموات‪ ...‬واغفر لنا ذنوبنا‪.‬‬

‫إذاً نحن أبناء ولكن يمكن أن نتعرض للسقوط‪ .‬ولكننا فو اًر نطلب الغفران ولكن لنفهم أن الخليقة الجديدة التى‬ ‫حصلنا عليها تعنى أن الخطية لم يعد لها سلطان علينا (رو‪ .)10 :5‬أى صار ألوالد اهلل بإنسانهم الجديد أن‬

‫يدوسوا على الخطية وشوكتها‪ ،‬ويحيا إبن اهلل بالرب يسوع المحب سالكاً فى الروح‪ .‬ولكن متى نخطئ نكون قد‬

‫الي أرجع إليكم" زك ‪ . 1:3‬وينتهى تماماً‬ ‫إنحرفنا عن وضعنا الحقيقى كأبناء‪ .‬وبالتوبة نصحح وضعنا "إرجعوا َّ‬ ‫إمكانية إنحرافنا عن وضعنا الحقيقى كأبناء حين نحصل على الجسد الممجد‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫ون وأَوالَ ُد إِ ْبلِيس‪ُ :‬ك ُّل م ْن الَ ي ْفع ُل ا ْل ِب َّر َفلَ ْيس ِم َن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫اهلل‪َ ،‬و َك َذا َم ْن الَ ُي ِح ُّ‬ ‫آية (‪ِ " -:)11‬به َذا أ َْوالَ ُد اهلل ظَاه ُر َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َخاهُ‪" .‬‬ ‫أَ‬

‫ِ‬ ‫يس = إبن إبليس أى من يقتدى بإبليس ويتشبه به كما يقال عنا أننا أوالد إبراهيم ألننا نتشبه بإيمان‬ ‫أ َْوالَ ُد إِ ْبل َ‬ ‫إبراهيم ‪ .‬وفى آية ‪ 8‬سمعنا أن إبليس من البدء يخطئ‪ ،‬أى أن إبليس من بدء خلقته يخطئ‪ .‬وقد قرر أن ال‬

‫يخضع هلل‪ ،‬ومن بداية اإلنسان‪ ،‬وابليس يحاربه ليتشبه به فيصير إبناً إلبليس (يو‪ .)00 :8‬عوضاً عن أن يكون‬

‫إبناً هلل‪ .‬وفى آية ‪ 8‬نسمع أيضاً "من أجل هذا أظهر إبن اهلل لكى ينقض أعمال إبليس"‪ .‬ومن هنا نرى قوة الحق‬ ‫ودخوله للعالم بالمسيح‪ ...‬وما هى عالمات أوالد إبليس ؟‬

‫كل من ال يفعل البر ‪ +‬من ال يحب أخاه‬

‫فاهلل بار واهلل محبة‪ ،‬لذلك يطبع سماته فى أوالده أى البر والحب‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫آية (‪11" -:)11‬أل َّ‬ ‫َن ُي ِح َّ‬ ‫س ِم ْعتُ ُموهُ ِم َن ا ْل َب ْد ِء‪ :‬أ ْ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫َن ه َذا ُه َو ا ْل َخ َب ُر الَّذي َ‬ ‫أبناء اهلل عالمتهم وجود المحبة فى قلوبهم‪ ،‬وأبناء إبليس عالمتهم هى وجود البغضة فى قلوبهم‪.‬‬

‫ه َذا ُه َو ا ْل َخ َب ُر = هذه هى الرسالة التى جاءت لنا من الذى أحبنا (يو‪.)31 :13‬‬

‫‪12‬‬ ‫ِ‬ ‫الشِّر ِ‬ ‫ين ِم َن ِّ‬ ‫يرةً‪َ ،‬وأَ ْع َما َل‬ ‫َخاهُ‪َ .‬ولِ َما َذا َذ َب َح ُه؟ أل َّ‬ ‫ير َوَذ َب َح أ َ‬ ‫ان قَا ِي ُ‬ ‫س َك َما َك َ‬ ‫َن أ ْ‬ ‫آية (‪ " -:)12‬لَ ْي َ‬ ‫َع َمالَ ُه َكا َن ْت شِّر َ‬ ‫َخ ِ‬ ‫أِ‬ ‫يه َب َّارةٌ‪" .‬‬

‫من بركات التجسد أن المسيح يسكن قلوبنا ويفتحها على إخوتنا فال نكون مثل قايين‪ ،‬بل نحب بالعمل‪ .‬ومن‬

‫بركات التجسد أيضا سكنى الروح القدس فينا والذى من ثماره المحبة (غل‪ . )22 : 1‬وقايين لم تكن فيه صورة‬

‫اهلل أى البر والمحبة‪ ،‬وبهذا صار يشبه العالم الذى يبغض دائماً أوالد اهلل‪ ،‬فأبغض قايين هابيل إذ كان هابيل‬ ‫‪33‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫با اًر‪ ،‬وهكذا أبغض العالم المسيح فصلبه وألن قايين كان شري اًر وليس على صورة اهلل لم يقبل اهلل قرابينه‪ .‬كان‬

‫قلب قايين مملوءاً بغضة وكراهية وحسداً ألخيه البار فلم يقبل اهلل قرابينه‪.‬‬

‫ملحوظة ‪ -:‬كثي اًر ما نظن أن سبب الضيق الذى فى قلوبنا والكراهية التى فى قلوبنا هو اآلخر‪ ،‬وأن سبب شقائنا‬ ‫هو اآلخر‪ ،‬ولو تخلصنا من اآلخر إلسترحنا‪ ،‬وهكذا ظن قايين أنه لو تخلص من هابيل إلستراح وإلنتهت‬

‫مشاكله‪ .‬ولكن لنعلم أن المشكلة هى فينا‪ ،‬فى قلبنا الخالى من المحبة‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫ض ُك ْم‪" .‬‬ ‫َّبوا َيا إِ ْخ َوِتي إِ ْن َك َ‬ ‫ان ا ْل َعالَ ُم ُي ْب ِغ ُ‬ ‫آية (‪ " -:)13‬الَ تَتَ َعج ُ‬ ‫العالم هنا هم من يعشقون العالم وشهواته وال يحبون اهلل‪ .‬فمن تعلق بالعالم ال تكون له روح الحب الحقيقى وال‬

‫يطيق اهلل وال أوالده‪ .‬فالناس تحب الظلمة وال تريد أن تأتى للنور‪ ،‬وهم ال يحبون أوالد اهلل ألن الطهارة والمحبة‬

‫التى فى أوالد اهلل توبخهم‪.‬عموما كيف يحب من ال يسكن فيه الروح القدس ‪.‬‬

‫آية (‪َ 11" -:)11‬ن ْح ُن َنعلَم أ ََّن َنا قَِد ا ْنتَ َق ْل َنا ِم َن ا ْلمو ِت إِلَى ا ْلحي ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ق ِفي‬ ‫اإل ْخ َوةَ‪َ .‬م ْن الَ ُي ِح َّ‬ ‫اة‪ ،‬أل ََّن َنا ُن ِح ُّ‬ ‫ب أَ َخاهُ َي ْب َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َْ‬ ‫ُْ‬ ‫ا ْل َم ْو ِت‪" .‬‬ ‫اهلل محبة واهلل حياة واهلل نور‪ .‬فإن كنا قد صرنا أوالداً هلل نصير ثابتين في المحبة أي فى اهلل‪ ،‬وبهذا يعطينا اهلل‬ ‫حياة‪ .‬ومن هو ثابت فى اهلل ستكون له صورته أى المحبة هلل وللناس حتى أعدائه‪ .‬ومن ال يؤمن باهلل وال ولد‬

‫منه فهو ميت‪ .‬ومن ولد من اهلل صار حياً وعالمة ذلك وجود الحب فى قلب هذا االنسان‪ .‬لذلك فقايين بسبب‬ ‫بغضته ألخيه إنتقل من الحياة إلى الموت‪ .‬فالذى مات حقيقة هو قايين وليس هابيل‪ .‬راجع الملحق األخير بعد‬

‫االصحاح الخامس ‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫َن ُك َّل قَ ِات ِل َن ْف ٍ‬ ‫َخاهُ فَ ُه َو قَ ِات ُل َن ْف ٍ‬ ‫س لَ ُه َح َياةٌ أ َ​َب ِد َّي ٌة ثَا ِبتَ ٌة‬ ‫ون أ َّ‬ ‫ض أَ‬ ‫آية (‪ُ " -:)11‬ك ُّل َم ْن ُي ْب ِغ ُ‬ ‫س‪َ ،‬وأَ ْنتُ ْم تَ ْعلَ ُم َ‬ ‫س لَ ْي َ‬ ‫ِف ِ‬ ‫يه‪" .‬‬ ‫َخاهُ فَ ُه َو قَ ِات ُل َن ْف ٍ‬ ‫س = إن كانت البغضة هى موت فكل من وجد فى قلبه بغضة فهو ميت أى‬ ‫ض أَ‬ ‫ُك ُّل َم ْن ُي ْب ِغ ُ‬ ‫أنه قتل نفسه‪ ،‬أى حكم على نفسه بالموت‪ .‬وهذا نفهمه من مقارنة أيات (‪ .)11 ،10‬وطالما بقيت البغضة داخل‬ ‫س لَ ْيس لَ ُه حياةٌ أَب ِد َّي ٌة ثَا ِبتَ ٌة ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه‪.‬‬ ‫َ​َ َ‬ ‫نفس إنسان فهو ميت = ُك َّل قَات ِل َن ْف ٍ َ‬ ‫ففى وصايا العهد القديم كل قاتل يقتل (تك‪ .)5 :1‬وحكم اهلل عليه بالقتل يعنى ضمنا خسارته لحياته األبدية‪.‬‬

‫وبالتالى فمن يبغض فألنه قاتل نفس كما قلنا فهو يخسر حياته األبدية‪.‬‬ ‫وس َنا ألَ ْج ِل‬ ‫آية (‪ِ 11" -:)11‬به َذا قَ ْد َع َرْف َنا ا ْل َم َح َّب َة‪ :‬أ َّ‬ ‫َن َذ َ‬ ‫َجلِ َنا‪ ،‬فَ َن ْح ُن َي ْن َب ِغي لَ َنا أ ْ‬ ‫َن َن َ‬ ‫س ُه أل ْ‬ ‫اك َو َ‬ ‫ض َع ُنفُ َ‬ ‫ض َع َن ْف َ‬ ‫ِ‬ ‫اإل ْخ َوِة‪" .‬‬

‫‪34‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫فليكن المسيح فى محبته الباذلة قدوة لنا وهذا هو تعليمه (يو ‪ .)13 ،12 :11‬أن ذاك = يوحنا فى محبته‬ ‫للمسيح يسوع‪ ،‬يشغل يسوع كل فكره‪ .‬وفى كتاباته يتصور أن الكل مثله‪ ،‬فال حاجه له للتعريف به‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ت َم َحبَّ ُة‬ ‫اجا‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ش ُة ا ْل َعالَِم‪َ ،‬وَن َ‬ ‫آية (‪َ " -:)17‬وأ َّ‬ ‫ظ َر أ َ‬ ‫َح َ‬ ‫ان لَ ُه َم ِعي َ‬ ‫اءهُ َع ْن ُه‪ ،‬فَ َك ْي َ‬ ‫ف تَثُْب ُ‬ ‫َغلَ َ‬ ‫َما َم ْن َك َ‬ ‫ق أْ‬ ‫َخاهُ ُم ْحتَ ً‬ ‫ش َ‬ ‫اهلل ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه؟"‬

‫اءهُ = األحشاء هى الجزء الذى إعتقدوا قديماً أنه خاص بالعواطف والمشاعر‪ .‬والمعنى أن ليس فى قلبه‬ ‫َح َ‬ ‫أْ‬ ‫ش َ‬ ‫شفقه وحنان‪ ،‬فمثل هذا ال تثبت فيه محبة اهلل‪ .‬فلو كانت محبة‬ ‫اهلل ثابته فيه لكان قد إمتأل حباً وشفقة وحنان متشبهاً فى ذلك بالرب يسوع (يو‪)1 : 11‬‬ ‫ِ‬ ‫سِ‬ ‫ان‪َ ،‬ب ْل ِبا ْل َع َم ِل َوا ْل َحقِّ! "‬ ‫آية (‪َ 12" -:)12‬يا أ َْوالَِدي‪ ،‬الَ ُن ِح َّ‬ ‫ب ِبا ْل َكالَم َوالَ ِباللِّ َ‬ ‫إذاً المطلوب هو المحبة العملية‪ ،‬أى المحبة التى تظهر فى أعمال وخدمة (يع‪ .)15 ،11: 2‬ونالحظ أن‬

‫المطلوب هو الحب الحقيقى وليس السعى وراء المجد الباطل‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫َّام ُه‪" .‬‬ ‫ف أ ََّن َنا ِم َن ا ْل َح ِّ‬ ‫آية (‪َ " -:)19‬وِبه َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫س ِّك ُن ُقلُ َ‬ ‫ق َوُن َ‬ ‫وب َنا قُد َ‬ ‫ق = بهذا نعرف أننا ثابتون فى الرب يسوع الحق ‪.‬‬ ‫ف أ ََّن َنا ِم َن ا ْل َح ِّ‬ ‫به َذا َن ْع ِر ُ‬

‫َّام ُه = نقنع قلوبنا أن تطمئ ن‪ .‬والقلب هنا هو الضمير‪ .‬ومتى نطمئن ؟ إن كان لنا محبة عملية‬ ‫س ِّك ُن ُقلُ َ‬ ‫َوُن َ‬ ‫وب َنا قُد َ‬ ‫باذلة وليس بمجرد كلمات‪ .‬وهذه المحبة ال تأتى إن لم نتذوق محبة المسيح أوالً ثم نعطى اآلخرين مما أعطاه لنا‬

‫المسيح‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫ش ْي ٍء‪.‬‬ ‫َع َ‬ ‫ظ ُم ِم ْن ُقلُوِب َنا‪َ ،‬وَي ْعلَ ُم ُك َّل َ‬ ‫وب َنا فَاهللُ أ ْ‬ ‫آية (‪ " -:)21‬أل ََّن ُه إِ ْن الَ َمتْ َنا ُقلُ ُ‬ ‫قد يصاب إنسان باليأس حينما يسمع ما سبق ويتساءل فى وسوسة هل أنا أحب الناس حقيقة أم ال‪ .‬وهل إنتقلت‬

‫من الموت إلى الحياة أم مازلت فى الموت‪ .‬فكيف نهدئ قلوبنا إن نخستنا قلوبنا ؟‬

‫هنا نرى حنان يوحنا ومحبته للناس‪ .‬نرى حنانه فى هذه اآلية التى لها تفسيران ‪-:‬‬ ‫‪ .1‬إن كان قلبنا يؤنبنا هكذا‪ ،‬فكم بالحرى اهلل الذى هو أعظم من قلوبنا‪ ،‬وهو أقدس منا‪ ،‬ويعلم كل شئ‪،‬‬ ‫وأكثر مما تدركه قلوبنا‪ .‬فإن المك قلبك فماذا عن لوم اهلل‪ .‬فمن المؤكد أن لومه أعظم‪ .‬وقطعاً ليس هذا‬

‫هو المعنى المقصود‪ ،‬فهذا يزيد المخاوف والوسوسة‪.‬‬

‫‪ .2‬حكم الضمير ليس معصوماً من الخطأ وال هو نهائى‪ ،‬فنحن يجب أن نعلم أن مراحم اهلل أعظم من‬ ‫تقصيرنا وهو يفرح حتى بأشواقنا‪ ،‬وهو يرثى لنا ويتحنن علينا ويقبل ما نقدمه‪ .‬ونقول فى أوشية القرابين‬

‫" والذين يريدون أن يقدموا هلل وليس لهم " فما يفرح اهلل إتجاه القلب فاللص اليمين ضبط إتجاه قلبه فكان‬ ‫أفضل من قيافا الذى قدم أالف الذبائح‪ .‬يوحنا هنا يسكن الضمائر الموسوسة المتعبة‪ ،‬ويقول إن اهلل‬

‫‪35‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫أعظم من أن يحكم علينا بعمل واحد أو إثنين‪ ،‬بل هو ينظر إلتجاه القلب‪ .‬واذ نجد أن محبة اهلل منغرسة‬

‫فى قلوبنا فهذه عالمة أننا غير مرفوضين‪ ،‬فال نهتم بهواجسنا‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫َحبَّاء‪ ،‬إِ ْن لَم تَلُم َنا ُقلُوب َنا‪َ ،‬فلَ َنا ِثقَ ٌة ِم ْن َن ْح ِو ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫ُ‬ ‫آية (‪ " -:)21‬أَي َ‬ ‫ُّها األ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫هناك من ال تلومهم قلوبهم ألن ضمائرهم ميتة من كثرة اإلثم‪ ،‬مثل هؤالء قد أطفأوا الروح القدس‪ .‬وهذه اآلية ال‬

‫تنطبق على هؤالء‪ .‬بل إن هذه اآلية تنطبق على المسيحى الحقيقى الذى يرفع قلبه هلل كقاض ليعرف رأى اهلل‬

‫فيه‪ .‬يرتمى أمامه معترفاً بأنه خاطئ وال شئ‪ ،‬غير مهتم بمديح الناس أو هجومهم عليه‪ ،‬يطلب من اهلل الذى‬ ‫وحده يستطيع أن يكشف ويعطى للقلب سالم وطمأنينة لمن هو على الطريق الصحيح‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫ال ا ْلمر ِ‬ ‫سأَْل َنا َن َنا ُل ِم ْن ُه‪ ،‬ألَنَّ‬ ‫ام ُه‪" .‬‬ ‫َم‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫َع‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫اه‬ ‫اي‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫آية (‪َ َ " -:)22‬‬ ‫مهما سألنا ننال منه = هذه قالها السيد المسيح (مت ‪ .)8 :2‬وهذه اآلية لها عالقة باآلية السابقة‪ ،‬والرباط‬

‫بينهما هو الثقة‪ .‬فمن له ثقة فى اهلل يسأل واهلل يعطيه‪ .‬وهذا ما قاله السيد المسيح "كل ما تطلبونه حينما تصلون‬

‫فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم" (مر‪ .)20 :11‬وهناك شرط أخر إلستجابة الصالة (راجع ‪1‬يو‪ .)10 :1‬ونجد فى‬ ‫ِ‬ ‫ام ُه‪ .‬وفى األية التالية‬ ‫َع َم َ‬ ‫ص َاياهُ‪َ ،‬وَن ْع َم ُل األ ْ‬ ‫هذه األية شرطاً أخر إلستجابة الصالة = َن ْحفَظُ َو َ‬ ‫َم َ‬ ‫ال ا ْل َم ْرض َّي َة أ َ‬ ‫يحدد ماهى األعمال المرضية أمامه‪.‬‬ ‫َن ُن ْؤ ِم َن ِب ِ ِ ِ‬ ‫هذ ِه ِهي و ِ‬ ‫آية (‪23" -:)23‬و ِ‬ ‫َعطَا َنا‬ ‫يح‪َ ،‬وُن ِح َّ‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫صيَّتُ ُه‪ :‬أ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫ضا َك َما أ ْ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫ْ‬ ‫اسم ْابنه َي ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫وِ‬ ‫صيَّ ًة‪" .‬‬ ‫َ‬ ‫اسِم ْاب ِن ِه = نقبله فادياً ومخلصاً‪ .‬وهذه اآلية تشير ألهمية العقيدة التى نعتقدها فى المسيح بجانب‬ ‫ُن ْؤ ِم َن ِب ْ‬

‫أعمالنا‪.‬‬ ‫ضا = يوحنا يرى أن أعظم وصية هى المحبة‪ ،‬فاهلل أعطى فى الناموس وصايا كثيرة‪ ،‬لكن أعظم‬ ‫ُن ِح َّ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫ما فيها أن نحب اآلخرين‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫يه و ُهو ِف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫طا َنا‪" .‬‬ ‫الر ِ‬ ‫آية (‪َ " -:)21‬و َم ْن َي ْحفَ ْ‬ ‫َع َ‬ ‫ت ِفي َنا‪ِ :‬م َن ُّ‬ ‫يه‪َ .‬وِبه َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫ف أ ََّن ُه َيثُْب ُ‬ ‫وح الَِّذي أ ْ‬ ‫ص َاياهُ َيثْ ُب ْت ف َ َ‬ ‫ظ َو َ‬ ‫ظ‬ ‫لم ْن َي ْحفَ ْ‬ ‫قال السيد المسيح " إثبتوا َّ‬ ‫فى وأنا فيكم (يو‪ .)0 :11‬وهنا يشرح يوحنا كيف يتم هذا الثبات هو َ‬

‫ص َاياهُ = فال شركة للنور مع الظلمة (‪2‬كو‪ .)10 :5‬وهذه اآلية مثل ماقال السيد "إن أحبنى أحد يحفظ كالمى‬ ‫َو َ‬ ‫ف‬ ‫ويحبه أبى واليه نأتى وعنده نصنع منزالً" (يو‪ .)23 :10‬وكيف نعرف أننا ثابتين فيه وهو فينا = َوِبه َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫َعطَا َنا = فالروح يمأل من هو ثابت فى المسيح‪ ،‬ومن يمأله الروح يعطيه‬ ‫الر ِ‬ ‫ت ِفي َنا‪ِ :‬م َن ُّ‬ ‫أ ََّن ُه َيثْ ُب ُ‬ ‫وح الَِّذي أ ْ‬ ‫الشعور بالبنوة هلل‪ ،‬فهو يشهد ألرواحنا أننا أوالد اهلل (رو‪ )15 :8‬فنسلم له حياتنا دون تذمر على مشيئته‪ .‬وان‬

‫‪36‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الثالث)‬

‫كنا أوالد فسنحب أبونا السماوى ونحب كل انسان حتى من يعادوننا ‪ .‬وأول ثمار الروح محبة ثم فرح وسالم‪...‬‬

‫هذه الثمار هى للمملوء من الروح‪ ...‬ولمن هو ثابت فى المسيح‪.‬‬

‫وهذه اآلية هى مدخل لإلصحاح الرابع الذى يحدثنا عن الروح القدس‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫عودة للجدول‬

‫نرى فى هذا اإلصحاح موقفنا من الهراطقة ومن اإلخوة‪ .‬فعلينا بكل تدقيق أن نرفض الهراطقة‪ ،‬والرسول له تعليم‬

‫متشدد جداً فى هذا الموضوع (‪2‬يو‪ .)11 ،14‬ولكن بالنسبه لإلخوة علينا أن نعاملهم بكل حب‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫وح‪ ،‬ب ِل امتَ ِح ُنوا األَرواح‪َ :‬ه ْل ِهي ِم َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء َك َذ َب ًة َك ِث ِ‬ ‫ين‬ ‫اهلل؟ أل َّ‬ ‫ير َ‬ ‫َْ َ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أَي َ‬ ‫َن أَ ْن ِب َي َ‬ ‫َّاء‪ ،‬الَ تُ َ‬ ‫ُّها األَحب ُ‬ ‫ص ِّدقُوا ُك َّل ُر ٍ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫قَ ْد َخ َر ُجوا إِلَى ا ْل َعالَِم‪" .‬‬ ‫وح = أى التعليم الذى يقول كل معلم أن مصدره روح اهلل القدوس‪ .‬فالمعلمين الكذبة مصدرهم‬ ‫ص ِّدقُوا ُك َّل ُر ٍ‬ ‫الَ تُ َ‬

‫أرواح شريرة مخادعة‪.‬‬

‫والرسول هنا يطلب أن ال نسير وراء كل عاطفة أو محبة بشرية لشخص أو إعجاب بشخص‪ ،‬أو إنفعال وراء‬

‫شخص‪ ،‬فقد يقودنا هذا للسير وراء هرطقة‪ ،‬فليس كل ما نسمعه صحيحاً‪.‬‬ ‫ونالحظ أن الغنوسيين إدعوا أن تعاليمهم بوحى إلهى‪ .‬وهم َّإدعوا وغيرهم وهم كاذبين أن الروح القدس يرشدهم‬

‫اء َك َذ َب ًة‪.‬‬ ‫لما يقولونه من تعاليم كاذبة = أل َّ‬ ‫َن أَ ْن ِب َي َ‬ ‫هؤالء سبق الرسول وقال عنهم أنهم تركوا الكنيسة (‪.)11:2‬‬ ‫ِ‬ ‫اح = أى نمتحن الكالم الذى نسمعه ونقارن بما قاله الرب وقاله رسل الرب (الكلمة المكتوبة) وبما‬ ‫امتَح ُنوا األ َْرَو َ‬ ‫ْ‬ ‫تعلمه الكنيسة‪ .‬أضف لهذا أن لنا مسحة من القدوس (‪1‬يو‪ .)24:2‬وهذا ما يسميه بولس الرسول قارنين‬ ‫الروحيات بالروحيات (‪1‬كو‪ .)13:2‬وراجع أيضاً (‪1‬كو‪ + 3:12‬مت‪2 + 0 ،1: 20‬كو‪ .)0-2: 11‬علينا‬ ‫كمؤمنين أن ال ننخدع بخداعات فلسفية أو كبرياء الفلسفة البشرية‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫يح أ ََّن ُه قَ ْد ج ِ‬ ‫ون روح ِ‬ ‫س ِد فَ ُه َو ِم َن‬ ‫سوعَ ا ْل َم ِس ِ‬ ‫اهلل‪ُ :‬ك ُّل ُر ٍ‬ ‫وح َي ْعتَ ِر ُ‬ ‫اآليات (‪ِ " -:)3-2‬به َذا تَ ْع ِرفُ َ ُ َ‬ ‫اء في ا ْل َج َ‬ ‫َ َ‬ ‫ف ِب َي ُ‬ ‫ِ ‪3‬‬ ‫اهلل‪ .‬وه َذا ُهو روح ِ‬ ‫يح أ ََّن ُه قَ ْد جاء ِفي ا ْلجس ِد‪َ ،‬فلَ ْيس ِم َن ِ‬ ‫ض ِّد ا ْل َم ِسي ِح‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫اهلل‪َ ،‬و ُك ُّل ُرو ٍح الَ َي ْعتَ ِر ُ‬ ‫سو َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ف ِب َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫اآلن ُه َو ِفي ا ْل َعالَِم‪.‬‬ ‫س ِم ْعتُ ْم أ ََّن ُه َيأ ِْتي‪َ ،‬و َ‬ ‫الَّذي َ‬ ‫الروح القدس هو الذى يشهد لنا أن المسيح هو اهلل المتجسد لخالصنا‪ .‬ونالحظ أن القديس يوحنا هنا يتحدث عن‬

‫هرطقة معينة هى إنكار التجسد‪ .‬ولكننا اآلن أمام عشرات بل مئات الهرطقات فلنحذر‪ ،‬كل هذه الهرطقات هى‬

‫ضد اهلل‪ .‬قد َّ‬ ‫يد عى كل من هؤالء أن الروح القدس أوحى له بما يقول‪ .‬ولكن هل ينقسم الروح القدس على نفسه‪.‬‬

‫بل الروح القدس يعطى الفكر الواحد (فى‪ + 2:2‬أف‪ .)1-3 :0‬فالمنشقين ليس لهم روح الوحدة بل اإلنشقاق‪.‬‬ ‫وما أهمية التجسد حتى ان كل من ينكره فهو هرطوقى ؟‬

‫التجسد هو بركة لنا ‪-:‬‬

‫‪ .1‬المسيح قدس الجسد البشرى‪ .‬وبجسدنا البشرى دخل السماء‪ ،‬فصار لنا أن ندخل نحن أيضاً للسماء‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫‪ .2‬بدون جسد بشرى كيف كان المسيح سيموت عنا فالالهوت ال يموت ‪ ،‬فالذى كان البد ويموت عنا‬ ‫هو إنسان له جسد قابل للموت ‪ .‬مشابه لنا فى كل شىء وبدون خطية‪ .‬والمسيح مات لنموت معه‬

‫بطبيعة آدم الساقطة ‪ ،‬والمسيح قام لنقوم معه بخليقة جديدة ويزرع فينا حياته المقامة من األموات (‬

‫رو‪2 + 10 – 1 : 5‬كو‪. )12 : 1‬‬

‫‪ .3‬المسيح صار لنا مثاالً يمكن أن نتتبعه‪ ،‬وهو ليس خياالً ال أستطيع أن أحيا حياته‪.‬‬

‫‪ .0‬بإتحاد الالهوت بالناسوت صار لنا أن نقيم عالقة مع اهلل‪ ،‬لكن إن كانت المادة ش اًر كما قالوا فاهلل‬ ‫كان ال يمكن أن يقترب منى‪ ،‬إذاً بالتالى فال معنى للتناول مثالً‪ .‬بل كيف نتناول جسد خيالى وليس‬

‫حقيقى فيكون لنا حياة والرب يقول ان " جسده مأكل حق ودمه مشرب حق " أى حقيقيين (يو‪: 5‬‬

‫‪. )18 – 11‬‬

‫‪ .1‬فكرهم الهرطوقى هذا يحرمنا من بركات كثيرة‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعظَ ُم ِم َن الَِّذي ِفي ا ْل َعالَِم‪" .‬‬ ‫وه ْم أل َّ‬ ‫ُّها األ َْوالَ ُد‪َ ،‬وقَ ْد َغلَ ْبتُ ُم ُ‬ ‫َن الَِّذي ِفي ُك ْم أ ْ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬أَ ْنتُ ْم م َن اهلل أَي َ‬ ‫هنا الرسول يشجعهم حتى ال يضطربوا أمام هذه الهرطقات ‪.‬‬ ‫َن الَِّذي ِفي ُك ْم = أى الروح القدس‬ ‫أل َّ‬ ‫ظ ُم ِم َن الَِّذي ِفي ا ْل َعالَِم = أى الشيطان والضالل والشر (قارن مع يع‪ .)5 : 0‬وهذا ما فعله المسيح أنه‬ ‫َع َ‬ ‫أْ‬

‫يطمئننا جميعاً أنه غلب العالم (يو‪)33:15‬‬

‫وه ْم = إذاً ال نخاف بل سننتصر‪ .‬لذلك فاآلن ومع إزدياد الهرطقات ال نخاف فالروح القدس فى كنيسته‬ ‫َغلَ ْبتُ ُم ُ‬ ‫يحفظها‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫َج ِل ذلِ َك يتَ َكلَّم َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َمعُ لَ ُه ْم‪" .‬‬ ‫آية (‪ُ " -:)1‬ه ْم ِم َن ا ْل َعالَِم‪ِ .‬م ْن أ ْ‬ ‫ون م َن ا ْل َعالَم‪َ ،‬وا ْل َعالَ ُم َي ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُه ْم ِم َن ا ْل َعالَِم = أى المعلمين الكذبة‪ ،‬وهم من العالم ألن لهم دوافع غير سليمة مثل المكاسب المادية والسياسية‬

‫واإلعتداد بالذات‪.‬‬ ‫ون ِم َن ا ْل َعالَِم = أى من خارج الكنيسة فهم منشقون عنها‪.‬‬ ‫َيتَ َكلَّ ُم َ‬ ‫س َمعُ لَ ُه ْم = فأهدافهم متطابقة مع رغائب أهل العالم‪ ،‬ولنالحظ أن الشيطان يميل قلوبهم ألنه يريد‬ ‫َوا ْل َعالَ ُم َي ْ‬

‫إنشقاق الكنيسة‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ِ‬ ‫ف اهلل يسمع لَ َنا‪ ،‬وم ْن لَ ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح‬ ‫س َمعُ لَ َنا‪ِ .‬م ْن ه َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫ف ُر َ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬ن ْح ُن م َن اهلل‪ .‬فَ َم ْن َي ْع ِر ُ َ َ ْ َ ُ‬ ‫س م َن اهلل الَ َي ْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫الضالَ ِل‪" .‬‬ ‫وح َّ‬ ‫ا ْل َح ِّ‬ ‫ق َوُر َ‬

‫‪39‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫يضع الرسول اإلستماع للرسل = لَ َنا كحد فاصل بين روح الحق وروح الضالل‪ ،‬وكلمة لنا تعنى التالميذ والرسل‬

‫الذين أرسلهم المسيح لينشروا اإليمان فى األرض‪ .‬هم الذين سلموا اإليمان للكنيسة خلفاء الرسل إيماناً نقياً‪ .‬هذه‬

‫اآلية تساوى ما قاله بولس الرسول أن الكنيسة مبنية على أساس الرسل (أف‪.)24:2‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ب فَقَ ْد ولِ َد ِم َن ِ‬ ‫َن ا ْلمح َّب َة ِهي ِم َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل‬ ‫اهلل‪َ ،‬و ُك ُّل َم ْن ُي ِح ُّ‬ ‫َّاء‪ ،‬لِ ُن ِح َّ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫ضا‪ ،‬أل َّ َ َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)2-7‬أَي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّها األَحب ُ‬ ‫َ‬ ‫‪2‬‬ ‫ب لَم يع ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن اهللَ َم َحبَّ ٌة‪" .‬‬ ‫ف اهللَ‪ ،‬أل َّ‬ ‫َوَي ْع ِر ُ‬ ‫ف اهللَ‪َ .‬و َم ْن الَ ُيح ُّ ْ َ ْ‬ ‫َن ا ْلمح َّب َة ِهي ِم َن ِ‬ ‫‪7‬أَيُّها األ ِ‬ ‫اهلل = الرسول كان يتكلم عن الهراطقة وهرطقاتهم‪ ،‬فما الذى جعله ينتقل‬ ‫َّ‬ ‫أل‬ ‫‪...‬‬ ‫َّاء‬ ‫ب‬ ‫َح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إلى موضوع المحبة فجأة ؟ ‪-:‬‬

‫‪ .1‬الموضوع األساسى للرسالة هو المحبة‪ ،‬وقد شعر الرسول أنه تركه فترة طويلة فعاد إليه‪.‬‬

‫‪ .2‬نفهم من األيات السابقة أن المملوء من الروح هو الذى يكتشف ضالل هؤالء الهراطقة‪ .‬وما هى‬ ‫عالمة إمتالئنا بالروح‪...‬الدليل هو المحبة‪ .‬فمن يجد فى نفسه أنه مملوء محبة فهو مملوء بالروح‪.‬‬

‫إذاً هو قادر على إكتشاف الهرطقات بالروح القدس الذى فيه ‪ .‬وهو يستطيع بسهولة أن يميز الحق‬ ‫من الضالل‪ .‬أما من هو بال محبة فهو بال روح ومثل هذا سينخدع‪.‬‬

‫والحظ أن الرسول يقول لنحب بعضنا بعضاً ولم يقل لنحاول أن نحب‪ .‬وذلك ألن المحبة تنسكب من الروح‪.‬‬ ‫ونحن قد حل فينا الروح القدس‪ ،‬وبذلك فنحن لنا إمكانية الحب (رو‪.)1:1‬‬

‫والحظ قوله اهلل محبة‪ .‬ولم يقل اهلل يحب أو اهلل محب فهذه صفة‬

‫أما قوله اهلل محبة فهذا يعنى أن جوهر اهلل هو المحبة‪ .‬هو ينبوع محبة‪ ،‬وال‬

‫مصدر للمحبة سوى اهلل ‪ .‬واآلب‬

‫تفيض منه محبة إلى اإلبن المحبوب أوالً (أف‪)5:1‬‬

‫وذلك عن طريق روح المحبة‪ ،‬أى الروح القدس‪.‬‬ ‫وبالمعمودية نولد من اهلل ونتحد بالمسيح‬

‫روح‬ ‫المحبة‬

‫اآلب‬ ‫ينبوع‬ ‫الحب‬

‫وبهذا ينسكب فينا روح المحبة المنسكب فى اإلبن‪.‬‬ ‫ب فَقَ ْد ولِ َد ِم َن ِ‬ ‫ف اهللَ = ويعرف اهلل تعنى أنه متحد باهلل وله حياة اهلل أى له‬ ‫لذلك يقول َو ُك ُّل َم ْن ُي ِح ُّ‬ ‫اهلل َوَي ْع ِر ُ‬ ‫ُ‬ ‫المحبة‪ .‬والذى ال يحب هو رافض لعطايا اهلل وال يريد أن يثبت فيه أى يعرفه‪ .‬إن لم توجد فينا المحبة نكون قد‬ ‫غيرنا الخاتم الذى به نتشكل بشكل اهلل‪ .‬والحظ أن المحبة تأتى من اهلل‪ ،‬وأن المحبة تقودنا هلل‪ .‬فمن يتقبل المحبة‬

‫من اهلل يقترب إليه‪ .‬إذاً هى دائرة لو دخل فيها اإلنسان يقترب هلل أكثر وأكثر‪.‬‬

‫آية (‪ِ 9" -:)9‬به َذا أُ ْظ ِهر ْت مح َّب ُة ِ‬ ‫يد إِلَى ا ْل َعالَِم ِل َك ْي َن ْح َيا ِب ِه‪" .‬‬ ‫اهلل ِفي َنا‪ :‬أ َّ‬ ‫س َل ْاب َن ُه ا ْل َو ِح َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َن اهللَ قَ ْد أ َْر َ‬ ‫أُ ْظ ِهر ْت محبَّ ُة ِ‬ ‫اهلل ِفي َنا = بالروح القدس المنسكب من اهلل (رو‪ .)1:1‬والحظ أنه لم يقل لنا بل فينا‪ ،‬فالمحبة‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ليست شيئاً أراه بل هى محسوسة داخلى‪.‬‬ ‫ا ْظ ِه َر ْت =‬

‫‪40‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫‪ .1‬كانت موجودة أزلياً‪.‬‬

‫‪ .2‬أعلنت وظهرت بصورة مرئية فى تجسد المسيح‪ .‬فاهلل يحبنا منذ األزل ولم يحبنا فجأة‪.‬‬ ‫وكيف إنسكب الروح فينا فظهرت محبة اهلل فينا؟‬ ‫س َل ْاب َن ُه لِ َك ْي َن ْح َيا ِب ِه = الروح إنسكب فينا بإستحقاقات دم المسيح المبذول عنا‪ .‬وكان الفداء والروح‬ ‫أ َّ‬ ‫اهلل قَ ْد أ َْر َ‬ ‫َن َ‬ ‫القدس الذى حل علينا سبب حياة لنا‪ ،‬بأن عدنا إلى صورة اهلل التى خلقنا عليها‪ ،‬وصورة اهلل هى المحبة‪ ،‬فاهلل‬ ‫محبة‪.‬‬

‫فى" (غل‪" .)24:2‬والمسيح هو القيامة والحياة"‬ ‫َن ْح َيا ِب ِه = فالمسيح صار حياتنا "أحيا ال أنا بل المسيح يحيا َّ‬ ‫لذلك قال السيد المسيح "أتيت لتكون لهم حياة ويكون لهم أفضل" فالحياة بدون المسيح غير محتملة بل قد تدفع‬ ‫الكثيرين لإلنتحار‪ ،‬أما بالمسيح فهى سالم وفرح‪.‬‬

‫ِ‬ ‫‪ِ 11‬‬ ‫س َل ْاب َن ُه َكفَّ َارةً لِ َخطَ َايا َنا‪.‬‬ ‫س أ ََّن َنا َن ْح ُن أ ْ‬ ‫َح َب ْب َنا اهللَ‪َ ،‬ب ْل أَنَّ ُه ُه َو أ َ‬ ‫َح َّب َنا‪َ ،‬وأ َْر َ‬ ‫آية (‪ " -:)11‬في ه َذا ه َي ا ْل َم َحبَّ ُة‪ :‬لَ ْي َ‬ ‫"‬ ‫نحن لم نبدأ بمحبة اهلل‪ ،‬بل اهلل هو الذى بدأ بإعالن محبته بإرساله إلبنه‪ .‬هو أحبنا بالرغم من خطايانا وعداوتنا‬

‫له‪ ،‬أحبنا دون إستحقاق منا‪ .‬ألن طبيعته هى المحبة‪ .‬وفى‬ ‫محبته لم يستح حتى بالصليب‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫َن ُي ِح َّ‬ ‫ضا أ ْ‬ ‫َّاء‪ ،‬إِ ْن َك َ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫َح َّب َنا ه َك َذا‪َ ،‬ي ْن َب ِغي لَ َنا أ َْي ً‬ ‫ان اهللُ قَ ْد أ َ‬ ‫آية (‪ " -:)11‬أَي َ‬ ‫ُّها األَحب ُ‬ ‫إن كان اهلل قد أحبنا ونحن غير مستحقين‪ ،‬وأعطانا روح المحبة كهبة منه لنا‪ ،‬فنحن اآلن ملزمين‬

‫أن نحب‬

‫اآلخرين ‪-:‬‬

‫‪ .1‬اهلل فى طبيعته التى هى المحبة لن يحتمل رائحة الكراهية فينا‪ ،‬فمن يحيا فى الكراهية لن يسكن اهلل‬ ‫عنده‪ .‬وان نحب اإلخوة فهذا شرط لكي نحيا (راجع الملحق بعد اصحاح ‪. ) 1‬‬

‫‪ .2‬نحن نحيا اآلن كمسيحيين بحياة المسيح فينا‪ ،‬ويقودنا الروح القدس الذى يعطينا المحبة‪ ،‬فمن يرفض‬ ‫أن يحيا فى محبة فهو يقاوم الروح القدس ويرفض حياة المسيح فيه ويريد أن يحيا مثل حياة العالم‪.‬‬

‫‪ .3‬اهلل أحبنا ونحن غير مستحقين وغفر لنا‪ ،‬فلنرد الجميل ونحب إخوتنا ونغفر لهم ‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ت ِفي َنا‪َ ،‬و َم َحبَّتُ ُه قَ ْد تَ َك َّملَ ْت ِفي َنا‪" .‬‬ ‫َح َّ‬ ‫ضا‪ ،‬فَاهللُ َيثْ ُب ُ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫َح ٌد قَطُّ‪ .‬إِ ْن أ َ‬ ‫آية (‪ " -:)12‬اَهللُ لَ ْم َي ْنظُ ْرهُ أ َ‬ ‫ضا‪.‬‬ ‫َح َّ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫َح ٌد قَطُّ = فكيف نحب من لم نره‪ ...‬إِ ْن أ َ‬ ‫اَهللُ لَ ْم َي ْنظُ ْرهُ أ َ‬

‫المحبة هلل ال تنشأ عن رؤيته بالجسد ولكن هى مشاعر يضعها الروح القدس فى قلوبنا‪ .‬لكن هذه المشاعر ال‬

‫تنمو وبالتالى تزداد محبتنا هلل إن لم نحب إخوتنا‪ .‬فأ ن نحب اهلل فهذا يعنى اننا نثبت فيه ‪ ،‬واهلل ال يتحد ويثبت‬

‫فى الكراهية ‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫إن المشاعر تجاه اهلل تكمل فينا لو أحببنا اآلخرين‪ .‬فالقلب المحب يستطيع أن يعاين اهلل‪.‬‬ ‫ت ِفي َنا = هذا ما نبه له الرسول من قبل (‪1‬يو‪ )20:3‬إن من يحفظ وصايا اهلل يثبت‬ ‫َح َّ‬ ‫ض َيثْ ُب ُ‬ ‫ض َنا َب ْع ً‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫إِ ْن أ َ‬ ‫المسيح فيه وهو في المسيح ‪ ،‬وأهم وصية‪ ،‬بل ملخص كل‬ ‫الوصايا هى وصية المحبة‪.‬‬ ‫َو َم َحبَّتُ ُه قَ ْد تَ َك َّملَ ْت ِفي َنا = أى عمل محبته بلغ غايته فينا‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫َعطَا َنا ِم ْن ر ِ‬ ‫ت ِف ِ‬ ‫وح ِه‪" .‬‬ ‫آية (‪ِ " -:)13‬به َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫ف أ ََّن َنا َنثْ ُب ُ‬ ‫يه َو ُه َو ِفي َنا‪ :‬أ ََّن ُه قَ ْد أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫كيف نعلم أننا ثابتون فيه‪ ،‬إذا سكن فينا الروح القدس‪ ،‬وهذا إن سكن فينا تكون له ثماره وأولها المحبة‪ .‬فإبحث‬

‫فى نفسك‪ . .‬هل لك محبة هلل وللناس‪ .‬فى هذه الحالة فالروح القدس ساكن فيك وبالتالى أنت ثابت فى المسيح‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫صا لِ ْل َعالَِم‪" .‬‬ ‫ش َه ُد أ َّ‬ ‫آية (‪َ " -:)11‬وَن ْح ُن قَ ْد َنظَ ْرَنا َوَن ْ‬ ‫س َل ْ‬ ‫َن َ‬ ‫االب َن ُم َخلِّ ً‬ ‫اآلب قَ ْد أ َْر َ‬ ‫وَن ْح ُن قَ ْد َنظَ ْرَنا = يوحنا رأى المسيح وسمعه ولمسه لذلك يقول نشهد ولكن نظرة يوحنا لم تكن نظرة جسدية فقط‬

‫‪ .‬فكثيرين أروا المسيح وسمعوه ثم صلبوه‪ .‬ولكن نظرة يوحنا كانت نظرة عميقة بالروح القدس‪ ،‬فعرف حقيقة‬

‫المسيح‪ .‬ونحن بالروح القدس صار بامكاننا أن يكون لنا هذه النظرة اإليمانية‪.‬فنعرفه‬ ‫صا لِ ْل َعالَِم =‬ ‫ُم َخلِّ ً‬ ‫‪ .1‬من الدينونة‪.‬‬ ‫‪ .2‬من الخطية ومن مخاوفنا وشهواتنا وعنادنا‪.‬‬

‫‪ .3‬واهبا لمن يريد حياة جديدة وخليقة جديدة قادرة ان تسلك فى البر ‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫يه و ُهو ِفي ِ‬ ‫اهلل‪ ،‬فَاهلل يثْب ُ ِ ِ‬ ‫ع ُهو ْاب ُن ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫ف أ َّ‬ ‫اعتَ​َر َ‬ ‫آية (‪َ " -:)11‬م ِن ْ‬ ‫َُُ‬ ‫تف َ َ‬ ‫سو َ َ‬ ‫َن َي ُ‬ ‫هنا نرى شرطاً آخر أو برهاناً آخر للثبات فى المسيح‪ ،‬أال وهو اإلعتراف فى حب وبمجاهرة وأمام الكل‪ ،‬بل أمام‬

‫المخاطر والضيقات‪ .‬هنا حب يصل إلى حد اإلستشهاد ألجل المسيح الذى أحببناه‪ .‬فاإليمان والحب ليس‬ ‫مكانهما القلب فقط ‪ ،‬بل اإليمان بدون أعمال ميت ‪ .‬فكيف نقول أننا نحب المسيح ونحن نخشى اإلضطهاد‬

‫(رو‪ ، )31-31 :8‬أو ونحن ننكره امام الناس ‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫َّة‪ ،‬يثْب ْت ِفي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اهلل‬ ‫ص َّد ْق َنا ا ْل َم َحبَّ َة الَّتيِ هلل في َنا‪ .‬اَهللُ َم َحبَّ ٌة‪َ ،‬و َم ْن َيثُْب ْت في ا ْل َم َحب َ ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)11‬وَن ْح ُن قَ ْد َع َرْف َنا َو َ‬ ‫واهلل ِف ِ‬ ‫يه‪" .‬‬ ‫َ ُ‬

‫هنا نرى يوحنا يتكلم عن معرفة إختبارية‪ .‬وهذا يعطيه لنا الروح القدس‪.‬‬

‫ص َّد ْق َنا‬ ‫عرْف َنا َ‬ ‫َ‬ ‫فالحب مأل قلبه وتذوق حالوة الحب‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫َن ْح ُن قَ ْد َع َرْف َنا = والمعرفة حياة (يو‪ .)3:12‬فالمحبة عالمة الحياة‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ون لَ َنا ِثقَ ٌة ِفي َي ْوِم الد ِ‬ ‫ِّين‪ ،‬أل ََّن ُه َك َما ُه َو ِفي ه َذا ا ْل َعالَِم‪ ،‬ه َك َذا‬ ‫آية (‪ِ " -:)17‬به َذا تَ َك َّملَ ِت ا ْل َم َح َّب ُة ِفي َنا‪ :‬أ ْ‬ ‫َن َي ُك َ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫َن ْح ُن أ َْي ً‬ ‫ا ْل َم َح َّب ُة تَ َك َّملَ ِت = المحبة تنمو‪ ،‬وهذا معنى النمو فى النعمة‪ .‬إن محبة المسيح كاملة‪ ،‬لكن ينقصها من يتقبلها‬ ‫ويتذوقها أى يقبل أن يحيا فيها ويجاهد ألجلها‪ .‬ومن يفعل سيشعر بالمحبة تمأل قلبه‪ ،‬بل تزداد يوماً فيوم‪ ،‬فتكمل‬

‫ون لَ َنا‬ ‫ومتى نعرف أن المحبة صارت كاملة فينا؟ اإلجابة هو أن نشتهى يوم الدين‪ ،‬نشتهى لقاء الرب = أ ْ‬ ‫َن َي ُك َ‬ ‫ِثقَ ٌة ِفي َي ْوِم الد ِ‬ ‫ِّين = كما قال بولس الرسول "لى إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح" (فى‪ .)23:1‬أى يكون لنا‬ ‫ثقة ورجاء فى األمجاد األبدية المعدة لنا‪ ،‬ثقة فى اهلل الذى يحبنا وليست ثقة فى أنفسنا‪ .‬وكلما تذوقنا محبة اهلل ‪،‬‬

‫نشعر بمحبته ونحبه ‪ ،‬ومن تبادل هذه المحبة مع اهلل يزداد رجاءه ‪ ،‬وهذا ما قاله بولس الرسول ان " الرجاء ال‬ ‫يخزى ألن محبة اهلل قد انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس" (رو‪ .)1:1‬فعلينا أن نكمل أيام غربتنا طالبين رحمة‬ ‫اهلل‪ ،‬ولكن فى رجاء وثقة فى محبة اهلل ورحمته‪ .‬ومن يبدأ بالمخافة والرهبة من يوم الرب والدينونة فيترك خطيته‬ ‫ويدخل فى عشرة مع اهلل ‪ ،‬ومع الوقت يستعذب محبة اهلل ‪ ،‬فال يعود يخاف من الدينونة بل يخاف أن يغضب‬

‫اهلل الذى أحبه ‪ ،‬ويخشى أن يخسر المكان المعد له‪ ،‬وأن يخسر حالوة المحبة هلل التى تذوقها ‪ .‬فيتمم خالصه‬ ‫بخوف ورعدة‪ .‬وكلما تقدم اإلنسان فى عالقته مع اهلل يشتهى لقاءه‪ .‬وحتى ال ننسى يكرر الرسول أن الشرط لهذا‬

‫هو محبة إخوتنا كما أحبنا المسيح‪.‬‬ ‫أل ََّن ُه َك َما ُه َو ِفي ه َذا ا ْل َعالَِم = كما يحب اهلل العالم بالرغم من شروره وأرسل المسيح ‪.‬‬ ‫ضا = هكذا ينبغى أن نسلك وأن نحب اهلل ونحب إخوتنا حتى إن كانوا يكرهوننا ‪.‬‬ ‫ه َك َذا َن ْح ُن أ َْي ً‬

‫المقصود أن نتشابه مع اهلل فى المحبة مع الفارق‪ ،‬فالموضوع نسبى ولكنه صار ممكنا بالروح القدس الذى يسكن‬

‫فينا إذا أردنا وحاولنا وتغصبنا ‪ .‬ومحبتنا لإلخوة بل وحتى األعداء هذه هى التى تعطينا الثقة والرجاء واشتهاء أن‬ ‫نكون مع المسيح ‪ ،‬ونشتهى يوم مجيئه ‪.‬‬

‫آية (‪-:)12‬‬

‫َّة‪ ،‬ب ِل ا ْلمح َّب ُة ا ْل َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫"‪12‬الَ َخو َ ِ‬ ‫ف إِلَى َخ ِ‬ ‫َما‬ ‫ار ٍج أل َّ‬ ‫اب‪َ .‬وأ َّ‬ ‫َن ا ْل َخ ْو َ‬ ‫املَ ُة تَ ْط َر ُح ا ْل َخ ْو َ‬ ‫ف لَ ُه َع َذ ٌ‬ ‫ف في ا ْل َم َحب َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫يتَ َك َّم ْل ِفي ا ْلمحب ِ‬ ‫َّة‪" .‬‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬

‫اف َفلَ ْم‬ ‫َم ْن َخ َ‬ ‫فال القديس أنطونيوس لتالميذه "أنا ال أخاف اهلل" فلما قالوا هذا القول صعب يا أبانا‪ ،‬قال ألنى أحبه‪ .‬والمحبة‬

‫الكاملة تطرح الخوف إلى خارج‪.‬‬

‫ونالحظ أن الكالم هنا فى آية ‪ 18‬مرتبط بآية ‪ 12‬التى تكلمت عن يوم الدين‪ .‬ونالحظ أن اإلنسان الطبيعى ال‬

‫يوجد عنده ال خوف من اهلل وال محبة هلل‪[ .‬اإلنسان الطبيعى هو البعيد تماماً عن اهلل‪ ،‬أى الذى لم تتعامل معه‬ ‫النعمة]‪ .‬وحينما يستيقظ هذا اإلنسان على حالته القاسية يبدأ بأن يكون عنده خوف بال محبة‪ ،‬ثم ينضج فتختلط‬

‫مشاعر الخوف والمحبة‪ .‬وكلما تكمل المحبة يخرج الخوف‪ .‬الخوف الذى يقصده الرسول هنا هو الخوف من‬

‫‪43‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫العقاب فى جهنم‪ ،‬وهذا هو خوف المبتدئين‪ ،‬أما األبرار فهم يخافون اهلل إذ يهابونه‪ ،‬بل المالئكة تهاب اهلل‪.‬‬ ‫الخوف المقدس هو أننا نخاف أن نسىء هلل المحب‪ .‬ومن يحب اهلل حقيقة لن يعود يخاف ممن يحبه وقد شعر‬

‫بمحبته ولن يخاف حتى من األعداء فى هذا العالم وال من مصادمات الحياة واحتماالت المجهول‪ ،‬ألنه سيترك‬

‫كل هذا للمسيح ويسلك فى سالم وشركة مع المسيح‪ .‬ولقد عبَّر بولس الرسول عن هذا فقال " والرجاء ال يخزي‬

‫ألن محبة اهلل قد إنسكبت فى قلوبنا‪( "..‬رو‪. )1 : 1‬‬

‫اب = الخوف من عقاب جهنم والدينونة‪ ،‬وهذا ال يتفق مع أفراح المحبة‪ ،‬فمحبة اهلل تمأل‬ ‫أل َّ‬ ‫َن ا ْل َخ ْو َ‬ ‫ف لَ ُه َع َذ ٌ‬ ‫القلب فرحاً وسالماً‪.‬‬

‫وحقاً من يحب اهلل لن يشعر بهذا الخوف الذى له عذاب‪ ،‬بل سيكون عنده خوف مقدس‪ ،‬يجعله يخاف أن يعمل‬

‫الخطأ لئال يحزن قلب اهلل فينفصل عنه فالنفس الخالية تماماً من الخوف هى نفس مستهترة‪ ،‬لم تنفتح أعينها‬ ‫على اهلل‪ ،‬لذلك يقول بولس الرسول "تمموا خالصكم بخوف ورعدة" (فى ‪ )12:2‬ويقول داود النبى "خوف الرب‬

‫نقى ثابت إلى األبد" (مز‪ .)1:11‬وهذا النوع من الخوف ليس له عذاب‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫َح َّب َنا أ ََّوالً‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)19‬ن ْح ُن ُن ِحب ُ‬ ‫ُّه أل ََّن ُه ُه َو أ َ‬ ‫َح َّب َنا أ ََّوالً = وفى ترجمات أخرى "نحن نحب ألنه‪ " . . .‬أى نحن نحب اهلل واإلخوة ألن‬ ‫َن ْح ُن ُن ِحب ُ‬ ‫ُّه ألَنَّ ُه ُه َو أ َ‬ ‫اهلل سبق وأحبنا أوالً‪ ،‬بل ونحن بعد فى خطايانا‪ ،‬فأى فضل لنا‪ . .‬علينا أن نرد له هذه المحبة له وألوالده‪ .‬هو‬

‫بدأ وأحبنا وفدانا فصار لنا خليقة جديدة قادرة على المحبة للجميع ‪ ،‬وأعطانا حياته نحيا بها فى محبة له‬

‫ولآلخرين‪ ،‬ومن يبدأ يشعر بمحبته يسهل عليه حب اآلخرين‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال أَح ٌد‪«:‬إِ ِّني أ ِ‬ ‫ص َرهُ‪،‬‬ ‫ب‪ .‬أل َّ‬ ‫َن َم ْن الَ ُي ِح ُّ‬ ‫ُح ُّ‬ ‫ب أَ‬ ‫ض أَ‬ ‫ب اهللَ» َوأ َْب َغ َ‬ ‫َخاهُ‪ ،‬فَ ُه َو َكاذ ٌ‬ ‫آية (‪ " -:)21‬إِ ْن قَ َ َ‬ ‫َخاهُ الَّذي أ َْب َ‬ ‫ب اهلل الَِّذي لَم ي ْب ِ‬ ‫ف ي ْق ِدر أ ْ ِ‬ ‫ص ْرهُ؟"‬ ‫ْ ُ‬ ‫َن ُيح َّ َ‬ ‫َك ْي َ َ ُ‬

‫محبة اإلخوة هى الدليل الصادق على محبتنا هلل‪ ،‬فيستحيل أن نقتنى محبة اهلل ونحن ال نحب إخوتنا الذين نراهم‬

‫فتتحرك أحشاءنا بالمحبة لهم‪ .‬فالتعلق بالشىء المنظور أقوى وأسهل من التعلق والمحبة بالشىء غير المنظور‪.‬‬

‫المحبة الناتجة عن الخليقة الجديدة تكون بالروح القدس فهذه المحبة هى من ثماره فى هذه الخليقة الجديدة ‪.‬‬ ‫وهذه المحبة هى طبيعة جديدة يستحيل معها ان نحب أحداً ونكره اآلخر ‪ ،‬أو أن نحب اهلل ونكره إنسان ‪ .‬هذا‬

‫الحب المنقسم ينتمى للخليقة األولى التى لم تتجدد ‪.‬‬

‫هذ ِه ا ْلو ِ‬ ‫آية (‪21" -:)21‬ولَ َنا ِ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫صيَّ ُة ِم ْن ُه‪ :‬أ َّ‬ ‫ب اهللَ ُي ِح ُّ‬ ‫َن َم ْن ُي ِح ُّ‬ ‫ب أَ‬ ‫َخاهُ أ َْي ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هذ ِه ا ْلو ِ‬ ‫ولَ َنا ِ‬ ‫ص َّي ُة ِم ْن ُه =‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(تث‪)1:5‬‬ ‫تحب الرب إلهك من كل قلبك‪...‬‬ ‫تحب قريبك كنفسك‪.‬‬

‫(ال‪)18:11‬‬

‫‪44‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الرابع)‬

‫تحب الرب إلهك من كل قلبك‪ ...‬وقريبك مثل نفسك‪ .‬فقال له بالصواب أجبت‪ .‬إفعل هذا فتحيا‬ ‫(لو‪)28-21 :14‬‬

‫إن أحبنى أحد يحفظ كالمى‪( .‬يو‪)23:10‬‬

‫والسيد المسيح إعتبر أن الوصية العظمى فى الناموس"تحب الرب إلهك من كل قلبك‪ ...‬وتحب قريبك كنفسك"‪.‬‬

‫(مت‪)04-31 :22‬‬

‫أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا‪( .‬يو‪)30 ،31 :13‬‬

‫إذاً الناموس يوصينا بأن نحب اهلل ونحب القريب‪ ،‬والسيد المسيح إعتبر أن هاتين الوصيتين هما األعظم‪ ،‬وهما‬

‫ملخص الناموس‪ .‬والسيد أوصى بأن نحب بعضنا بعضاً‪ .‬إذاً وصية المحبة هى وصيته‪ .‬وهو أيضاً قال إن من‬

‫يحبه يحفظ وصاياه‪ .‬إذاً نستنتج مما قاله الرسول هنا أن محبة اهلل ومحبة القريب هما شئ واحد ‪ ،‬وأن من يحب‬

‫اهلل ال بد حتما أن يحب أخاه أيضاً ‪ ،‬نستنتج إذاً من هذا أن محبة القريب هى أساس الوصايا‪ .‬وال يكفى حفظ‬ ‫كل الوصايا دون حفظ هذه الوصية‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫عودة للجدول‬

‫ع ُهو ا ْلم ِسيح فَقَ ْد ولِ َد ِم َن ِ‬ ‫آية (‪ُ 1" -:)1‬ك ُّل َم ْن ُي ْؤ ِم ُن أ َّ‬ ‫ب ا ْل َوالِ َد ُي ِح ُّ‬ ‫اهلل‪َ .‬و ُك ُّل َم ْن ُي ِح ُّ‬ ‫ود ِم ْنهُ‬ ‫ب ا ْل َم ْولُ َ‬ ‫سو َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َن َي ُ‬ ‫ضا‪" .‬‬ ‫أ َْي ً‬ ‫ُك ُّل َم ْن ُي ْؤ ِم ُن = ما الذى جعل الرسول ينتقل من الكالم عن المحبة إلى الكالم عن اإليمان ؟ الرسول يريد أن‬ ‫يشرح أن المحبة ليست شيئاً يتمتع به اإلنسان الطبيعى (غير المسيحى الذى لم تتعامل معه النعمة) بل هى‬ ‫عطية الروح القدس للمؤمن المعمد‪ .‬هى طبيعة مكتسبة بها نحب اهلل والناس حتى األعداء‪ .‬وحب األعداء هذا‬

‫ليس ممكناً لإلنسان العادى الطبيعى‪ ...‬فقط هذا للمؤمن‪ .‬المحبة التى يتكلم عنها الرسول ليست مشاعر إنسان‬ ‫تجاه إنسان يحبه‪ ،‬بل هى طبيعة جديدة وخليقة جديدة‪ ،‬يحيا بها المؤمن وبها يحب كل إنسان‪.‬‬

‫ولماذا ذكر الرسول اإليمان فقط دون أن يذكر المعمودية‪ ،‬هل اإليمان وحده دون معمودية يكفى لنحصل على‬

‫هذه الطبيعة الجديدة ؟‬

‫قطعاً ال‪ .‬والرسول لن يناقض نفسه فهو الذى ذكر أن الوالدة الثانية تكون من الماء والروح (يو‪ )1 :3‬وهو ذكر‬

‫موضوع المعمودية هنا فى آية (‪ .)8( ،)5‬ولكن المقصود أن اإليمان هو المدخل لهذه الطبيعة الجديدة‪ .‬إذاً‬

‫اإليمان الذى يتكلم عنه الرسول هنا هو إيمان حى عامل بالمحبة (غل‪.)5 :1‬‬ ‫ِ‬ ‫يح = أن يسوع هو إبن اهلل الذى تجسد ليفدينا ويعطينا حياة جديدة ويعطينا التبنى‪.‬‬ ‫أ َّ‬ ‫سوعَ ُه َو ا ْل َمس ُ‬ ‫َن َي ُ‬ ‫فَقَ ْد ولِ َد ِم َن ِ‬ ‫اهلل = كما قلنا فالوالدة من اهلل تستلزم اإليمان أوالً ثم المعمودية التى بها تغفر خطايانا وننال التبنى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وعالمة أننا صرنا أوالد هلل‪ ،‬أننا نحب اهلل أبونا‪ .‬وطالما هو أبونا كلنا‪ ،‬فالبد أن نحب إخوتنا المولودين مثلنا منه‬ ‫ضا‪.‬‬ ‫ب ا ْل َوالِ َد ُي ِح ُّ‬ ‫= َو ُك ُّل َم ْن ُي ِح ُّ‬ ‫ب ا ْل َم ْولُ َ‬ ‫ود ِم ْن ُه أ َْي ً‬ ‫وبهذا فإن هذه األية هى إمتداد لآل ية األخيرة من اإلصحاح السابق التى فيها ينص الرسول على أن من يحب‬

‫اهلل يحب أخاه أيضاً‪ .‬وارتباط اإليمان بالمحبة نراه فى أن عالمة اإليمان الحى هى المحبة‪ .‬أما من يقول أنا‬ ‫مؤمن وهو اليحب إخوته فإيمانه ميت‪ ،‬كإيمان الشياطين (يع‪.)11 :2‬‬

‫‪2‬‬ ‫ِ‬ ‫ب أَوالَ َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َاياهُ‪" .‬‬ ‫آية (‪ِ " -:)2‬به َذا َن ْع ِر ُ‬ ‫اهلل‪ :‬إِ َذا أ ْ‬ ‫ف أ ََّن َنا ُنح ُّ ْ‬ ‫َح َب ْب َنا اهللَ َو َحف ْظ َنا َو َ‬ ‫سبق وقال أن عالمة محبتنا هلل هى محبتنا لإلخوة (‪1‬يو‪ )21 ،24 :0‬وهو يقول أن عالمة محبتنا ألوالد اهلل‬

‫هى محبتنا هلل‪ ،‬فما المعنى؟‬

‫قد ينخدع اإلنسان المؤمن ويتصور أنه يحب الناس‪ ،‬ولكن تكون محبته نفسانية جسدانية أو لمنفعة ما‪ ،‬أو ألنه‬

‫ال تكون هناك ظروف ومحكات تختبرهذه المحبة‪ ،‬أى ال توجد مشاكل من النوع الذى يجلب الكراهية‪ ،‬فيظن‬ ‫اإلنسان نفسه أنه مملوء محبة‪ .‬لذلك يحدثنا معلمنا يوحنا هنا عن المحبة الحقيقية وعالمتها أننا نحب اهلل‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫فالروح القدس يسكب محبة اهلل فينا أوالً ثم اإلخوة‪ .‬ولكن كيف نعلم أننا نحب اهلل؟ يجيب الرسول َو َح ِف ْظ َنا‬

‫ص َاياهُ‪ .‬فحفظ الوصايا عالمة محبة اهلل (يو‪ .)23 ،21 :10‬وأهم وصية هى المحبة‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫هذ ِه ِهي مح َّب ُة ِ‬ ‫آية (‪3" -:)3‬فَِإ َّن ِ‬ ‫س ْت ثَ ِقيلَ ًة‪" .‬‬ ‫َن َن ْحفَ َ‬ ‫اهلل‪ :‬أ ْ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ص َاياهُ لَ ْي َ‬ ‫ص َاياهُ‪َ .‬و َو َ‬ ‫ظ َو َ‬ ‫س ْت ثَ ِقيلَ ًة = لماذا ؟‬ ‫ص َاياهُ لَ ْي َ‬ ‫َو َ‬

‫‪ .1‬إن كنا نحب اهلل سنجد وصاياه سهلة‪ ،‬فالمحبة تستسهل األمور الصعبة بل سننفذ الوصايا بدون‬ ‫كبت‪ .‬فعالمة المحبة هى الطاعة الكاملة لوصايا من تحبه‪ ،‬بل أن تسعى ألن تجعله مسرو اًر‬

‫وفى‪ ،‬هو يحمل معى مهما كان األمر‬ ‫بى َّ‬ ‫‪ .2‬اهلل ال يأمر بشئ إن لم يعطى قوة على التنفيذ‪ ،‬فهو يعمل َّ‬ ‫صعب‪ .‬هذه مثل "إحملوا نيرى فهو هين" (مت‪ .)21:11‬ولشرح هذا‪ ...‬أننا نكون قادرين على حمل‬ ‫إنسان ثقيل بسهولة فى الماء‪ ،‬فالماء يرفع معنا دون أن نعانى من ثقل الشخص المحمول‪ ،‬ومن ال‬

‫يعرف ما يفعله الماء يظن أننا نقوم بعمل إعجازى إذ نحمل هذا الشخص الثقيل‪ ،‬وهكذا كل من هو‬

‫خارج اإليمان يظن أن المؤمن الملتزم بوصايا اهلل أنه يعمل عمالً عجيباً بينما أن اهلل هو الذى يعمل‬ ‫ويعطى المعونة‪ ،‬بل أن من ولد من اهلل حقاً يجد لذته وسعادته فى تنفيذ الوصايا‪ .‬وصايا اهلل ثقيلة‬

‫فعالً على طبيعة اإلنسان القديمة ‪..‬مثل محبة األعداء والطهارة وعدم إشتهاء ما فى العالم‪ ...‬وهكذا‬ ‫اعتبرها تالميذ المسيح أع‪ 14 :11‬ولكن لنسمع قول بولس الرسول "أستطيع كل شئ فى المسيح‬

‫الذى يقوينى" (فى‪ )13:0‬وهذا إستجابة لقول السيد المسيح "بدونى ال تقدرون أن تفعلوا شيئاً"‬

‫(يو‪.)1:11‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يما ُن َنا‪" .‬‬ ‫آية (‪1" -:)1‬أل َّ‬ ‫ب ا ْل َعالَ َم‪َ .‬وهذه ه َي ا ْل َغلَ َب ُة الَّتي تَ ْغل ُ‬ ‫َن ُك َّل َم ْن ُولِ َد م َن اهلل َي ْغل ُ‬ ‫ب ا ْل َعالَ َم‪ :‬إ َ‬ ‫كيف نغلب العالم ؟‬

‫‪ُ .1‬ك َّل َم ْن ُولِ َد = من ولد من اهلل‪ ،‬صار إبناً هلل‪ .‬فيحب أبوه ويثق فيه‪ ،‬يثق فى أن كل ما يقوله هو‬ ‫لمصلحته وفائدته‪ ،‬ويهرب من شهوات العالم التى تجذب اإلنسان الطبيعى‪ .‬وهكذا فعل أوالد يوناداب‬ ‫(بيت الركابيين) راجع (إر ‪.)31‬‬

‫‪ .2‬من يؤمن ويعتمد يحيا المسيح فيه (غل‪ + 24 :2‬فى‪ .)21 :1‬والمسيح الذى فينا قال ثقوا أنا قد‬

‫غلبت العالم (يو‪ .)33 :15‬وراجع (‪1‬يو‪1 + 1 :3‬كو‪ .)12 :11‬فالمسيح الذى فينا يعطينا قوة‬

‫نغلب بها‪.‬‬

‫‪ .3‬من أحب اهلل إكتشف اللؤلؤة الكثيرة الثمن (مت‪ )05 :13‬فإحتقر باقى الآللئ أى العالم بما فيه‬ ‫(فى‪ .)8 ،2 :3‬ومن إحتقر شهوات العالم يغلب‪ .‬والروح القدس يسكب محبة اهلل فينا (رو‪.)1 :1‬‬ ‫فمن يجاهد ليمتلئ يغلب ‪.‬‬

‫‪ .0‬راجع أية (‪ )3‬لترى كيف أن وصايا اهلل ليست ثقيلة‪ .‬عندئذ سنغلب شهوات العالم التى تجذبنا‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫‪1‬‬ ‫ع ُهو ْاب ُن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل؟"‬ ‫ب ا ْل َعالَ َم‪ ،‬إِالَّ الَِّذي ُي ْؤ ِم ُن أ َّ‬ ‫آية (‪َ " -:)1‬م ْن ُه َو الَّذي َي ْغل ُ‬ ‫سو َ َ‬ ‫َن َي ُ‬

‫لقد إنتصرت الطبيعة البشرية فى يسوع المسيح‪ ،‬ومن يؤمن تكون له النصرة‪ .‬ولكن ما هو اإليمان المطلوب فى‬ ‫المسيح لكى ننتصر؟‬ ‫يسوعَ ُهو ْاب ُن ِ‬ ‫اهلل = هذه تساوى عظيم هو سر التقوى اهلل ظهر فى الجسد (‪1‬تى‪ )15:3‬أى اإليمان بسر‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫التجسد‪ .‬أن اهلل دخل إلى العالم وأعطانى حياته أحيا بها وهذه هى التى تجعلنى أغلب‪ .‬وهو عاش كإنسان مثلى‬

‫واختبر ضعفاتى‪ ،‬فيستطيع أن يعيننى ويسندنى‪ .‬ولكن االيمان ليس ايماناً نظريا ‪ ،‬بل قبوال للموت مع المسيح‬ ‫المصلوب ‪ ،‬فنقوم معه وتكون لنا حياته التى بها نغلب ‪ .‬وهذا يبدأ بالمعمودية التى هى موت مع المسيح وقيامة‬

‫‪ ،‬وحتى نظل ثابتين فى حياة المسيح علينا أن نتخذ ق ار ار بالموت عن الخطية ‪ ،‬والروح الذى يسكن فينا بالميرون‬ ‫يعيننا ‪ .‬وااليمان هو المدخل لذلك‪ .‬وااليمان العملى هو السلوك فى طريق المسيح الذى بدأ بالصليب فالموت‬

‫فالقيامة ‪.....‬فالمجد‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫اء فَقَ ْط‪ ،‬ب ْل ِبا ْلم ِ‬ ‫اء وَدٍم‪ ،‬يسوعُ ا ْلم ِسيح‪ .‬الَ ِبا ْلم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وح ُه َو الَِّذي‬ ‫اء َوالدَِّم‪َ .‬و ُّ‬ ‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫آية (‪ " -:)1‬ه َذا ُه َو الَّذي أَتَى ِب َم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وح ُه َو ا ْل َحقُّ‪" .‬‬ ‫ش َه ُد‪ ،‬أل َّ‬ ‫َن ُّ‬ ‫َي ْ‬ ‫الر َ‬

‫فى اآل ية السابقة حدثنا الرسول عن امكانية ان نغلب العالم عن طريق التجسد‪ .‬وهنا يحدثنا عن كيفية اإلستفادة‬

‫من سر التجسد‪ ...‬أى بالمعمودية ‪ ،‬كطريق نموت به عن خطايا العالم ونقوم بحياة جديدة‪.‬‬ ‫‪1‬ه َذا ُه َو الَِّذي أَتَى = أى المسيح‪.‬‬ ‫ِبم ٍ‬ ‫اء َوَدٍم = أى ليس بماء فقط مثل يوحنا المعمدان الذى كان يعمد للتوبة ‪ ،‬وكان النزول فى الماء هو رمز‬ ‫َ‬ ‫للتوبة ‪ .‬لكن المسيح أتى بماء ودم‪ .‬لقد أعطى يوحنا أهمية كبيرة لخروج الدم والماء من جنب المسيح لذلك‬

‫كررها فى إنجيله وفى رسالته‪ ،‬فهو الوحيد الذى رأى الماء والدم من جنب المسيح‪ .‬وخروج الماء والدم من جنب‬

‫المسيح إشارة لخروج الكنيسة من جنبه بصفتها حواء الجديدة‪ .‬وكان المسيح على الصليب فى موته مرمو اًز له‬

‫بآدم النائم (أف‪ + 3:1‬تك‪ .)32:2‬وعمل المعمودية كان مرمو اًز له فى العهد القديم بالتطهير بالماء والدم‬

‫ماء عادياً بل ماء‬ ‫(ال‪ .)2-0:10‬والجديد فى العهد الجديد هو عمل الروح القدس فى الماء‪ ،‬فالمعمودية ليست ً‬ ‫يعمل فيه الروح القدس بإستحقاقات الدم‪ ،‬فيولد المعمد من الماء والروح والدة جديدة وخليقة جديدة قادرة أن تغلب‬ ‫العالم وال يكون للخطية سلطان عليها (رو‪ .)10:5‬والخليقة الجديدة هى الموضوع الذى يتكلم فيه الرسول‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫يح = أى بالمعمودية‪.‬‬ ‫سوعُ ا ْل َمس ُ‬ ‫الخليقة الجديدة التى تغلب العالم‪ .‬وهذه الخليقة تكون ِب َماء َوَدم‪َ ،‬ي ُ‬ ‫ش َه ُد = المعمودية هى بالماء والروح (يو‪ .)1:3‬ولكن ذكر الماء والدم‪ ،‬يقصد به الرسول‬ ‫َو ُّ‬ ‫وح ُه َو الَِّذي َي ْ‬ ‫الر ُ‬

‫الموت والحياة اللذان حدثا لجسد المسيح على الصليب ‪ .‬وترك الروح ليذكره هنا‪ ،‬فالروح فى سر المعمودية‬ ‫يعطينا بطريقة سرية ان نموت بالطبيعة العتيقة مع المسيح المصلوب ونقوم معه في حياة جديدة ‪ .‬والروح يشهد‬

‫فى داخلنا لعمل المسيح‪ ،‬ولحياة المسيح الجديدة فينا‪ ،‬وعمله الخالصى‪ ،‬وللبنوة التى حصلنا عليها بإتحادنا‬

‫‪48‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫بالمسيح فى المعمودية "أرسل اهلل روح إبنه إلى قلوبكم صارخاً يا آبا اآلب " (غل‪ .)5:0‬فالروح لن يحل فينا‬ ‫ويصرخ يا آبا اآلب ويشهد للبنوة التى صارت لنا‪ ،‬مالم يكن قد عمل فى الماء لنولد بخليقة جديدة ونصير أبناء‬

‫هلل فعالً‪ .‬وبهذه الطبيعة الجديدة نغلب العالم وشهواته (آيات‪ .)0 ،1‬الطبيعة الجديدة لها امكانيات أن تموت عن‬ ‫العالم بخطاياه وتحيا فى المسيح ‪ ،‬وبهذا تغلب العالم ‪ ،‬هذا إن أراد المعمد وقرر أن يعتبر نفسه قد مات مع‬

‫المسيح فيقبل الموت معه ‪ ،‬حينئذ يختبر القوة العاملة فيه والتى بها يغلب‪ .‬والروح القدس الذى فينا هو روح‬

‫الحق ويشهد للحق (يو‪)10 ،13:15‬‬

‫وح ُه َو ا ْل َح ُّ‬ ‫ق = والروح يشهد للمسيح وعمله ويعطينا أن نحبه وأن نختاره فهو الحق ونرفض العالم‬ ‫أل َّ‬ ‫َن ُّ‬ ‫الر َ‬ ‫الباطل‪ ،‬وهذه هى غلبة العالم‪ .‬وكون أن العالم باطل األباطيل نجده فى (جا‪ .)2:1‬والروح يعطينا أن نميز بين‬

‫الحق والباطل ويبكتنا لو إنحرفنا عن الحق ‪ .‬ويساعدنا أن نختار الحق لنغلب فهو يعين ضعفاتنا ( رو‪)25 :8‬‬

‫‪ .‬ويعطينا أيضا القوة لنختار ونستمر فى طريق الموت عن العالم فنحيا مع المسيح‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫ون ِفي َّ ِ‬ ‫هؤالَ ِء الثَّالَ ثَ ُة ُه ْم‬ ‫اآلب‪َ ،‬وا ْل َكلِ َم ُة‪َ ،‬و ُّ‬ ‫ين َي ْ‬ ‫س‪َ .‬و ُ‬ ‫ش َه ُد َ‬ ‫آية (‪ " -:)7‬فَِإ َّن الَِّذ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫الس َماء ُه ْم ثَالَ ثَ ٌة‪ُ :‬‬ ‫وح ا ْلقُ ُد ُ‬ ‫وِ‬ ‫اح ٌد‪" .‬‬ ‫َ‬

‫الثالوث فى السماء يشهد بهذه الحياة الجديدة والطريق لها لنغلب العالم فال نهلك ‪ .‬ليس الروح القدس فقط هو‬

‫فاآلب‬ ‫الذى يشهد للمسيح وعمله فينا‪ ،‬بل إن الثالوث القدوس يشهد لتجسد اإلبن وعمله الخالصى لإلنسان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫شهد لإلبن فى يوم المعمودية وفى يوم التجلى وفى الهيكل أمام الكثيرين (مت‪ + 12:3‬مت‪ + 1:12‬لو‪+ 31:1‬‬

‫يو‪ .) 34-28:12‬لكن يوم معمودية المسيح كانت شهادة اآلب وفرحته ايضا هى اعالن انه بالمسيح وفدائه‬ ‫وبهذه المعمودية التى بها يؤسس المسيح سر المعمودية لنا‪ ،‬نعود كأبناء لآلب‪ .‬ويوم التجلى كانت شهادة اآلب‬

‫هى " له اسمعوا" فمن ترونه اآلن هو إبن اهلل وكالمه ووصاياه هى للحياة ‪ .‬ومن يسمع أقوال إبنه المسيح يحيا‬

‫( تث‪.)11 ، 18 : 18‬‬

‫واإلبن شهد لنفسه بأقواله وتعاليمه ومعجزاته وقبوله للصليب وموته وقيامته (رو‪ )0:1‬وصعوده أمام أعين‬ ‫تالميذه‪ .‬وبهذا كان المسيح يشهد لنا ويرسم لنا طريق الخالص‪ ،‬فكل من يقبل الموت مثله صالبا جسده ‪،‬‬

‫األهواء مع الشهوات يقوم مع المسيح من موت الخطية اآلن فيحيا ويمتلئ بالروح ويكون له ثمار الروح ( غل ‪1‬‬

‫‪ .) 20 – 22 :‬وكل وصية قالها المسيح هى للحياة‪ .‬ولنذكر قول السيد المسيح " أتيت لتكون لهم حياة ويكون‬ ‫لهم أفضل"‪.‬‬

‫والروح القدس شهد له فى النبوات التى أوحى بها ألنبياء العهد القديم‪ ،‬وبحلوله على هيئة حمامة‪ .‬إشارة لعمله‬

‫فينا‪ ،‬وأنه يعمل فى األسرار و يبكت ويعين حتى يضمن ثباتنا فى المسيح اإلبن‪ .‬وكما يعود الحمام دائما إلى‬ ‫بيته ‪ ،‬فعمل الروح معنا ان يعيدنا للثبات فى المسيح اإلبن الذى يحملنا إلى حضن اآلب ‪ ،‬وهيئة الحمامة كانت‬

‫شهادة لعمل الروح‪ .‬والروح يشهد للمسيح داخلنا (‪ . )10:15‬ويشهد لطريق المسيح وهو الموت عن العالم‬ ‫والخطية ‪ ،‬فإن أخطأنا يبكت وان أردنا وطلبنا يعين‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫ُهم و ِ‬ ‫اح ٌد = فنحن نؤمن بإله واحد مثلث األقانيم‪ .‬خلقنا ويجدد خلقتنا فى خليقة جديدة لها امكانية الخالص‪.‬‬ ‫ْ َ‬ ‫‪2‬‬ ‫الروح‪ ،‬وا ْلماء‪ ،‬والدَّم‪ .‬والثَّالَ ثَ ُة ُهم ِفي ا ْلو ِ‬ ‫ون ِفي األ َْر ِ‬ ‫اح ِد‪" .‬‬ ‫ين َي ْ‬ ‫ش َه ُد َ‬ ‫آية (‪َ " -:)2‬والَِّذ َ‬ ‫َ‬ ‫ض ُه ْم ثَالَ ثَ ٌة‪َ ُ َ ُ َ َ ُ ُّ :‬‬ ‫ْ‬ ‫ون ِفي األ َْر ِ‬ ‫ض = اآلن بعد انتهاء عمل الفداء ‪ .‬فاآلن الروح القدس ال يحل بشكل منظور (حمامة‬ ‫ين َي ْ‬ ‫ش َه ُد َ‬ ‫الَِّذ َ‬

‫أو ألسنة نار)‪ .‬واآلب ال يتكلم ليشهد للمسيح من السماء‪ .‬واإلبن ال نراه بأعيننا الجسدية‪ .‬ولكن عمل اهلل‬ ‫َّم‪َ .‬والثَّالَ ثَ ُة‬ ‫الخالصى والذى يبدأ فى حياة المؤمن بالمعمودية مشهوداً له بالمعمودية‪ .‬وهى ا ُّلر ُ‬ ‫وح‪َ ،‬وا ْل َم ُ‬ ‫اء‪َ ،‬والد ُ‬ ‫ُهم ِفي ا ْلو ِ‬ ‫اح ِد = الواحد هو جسد المسيح الذى تدفق منه الماء والدم‪ ،‬والروح القدس حل على جسد المسيح‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫لحساب الكنيسة كلها يوم عماد المسيح من المعمدان‪ .‬والروح اآلن يعمل فى ماء المعمودية‪ ،‬وذلك بقوة دم‬

‫المسيح‪ ،‬فتلد المعمودية أبناء هلل‪ ،‬خليقة جديدة‪ ،‬وكل من شعر بقوة هذه الخليقة الجديدة وامكانياتها يدرك عمل‬ ‫المسيح الخالصى‪ ،‬هذه القوة التى تعطيها المعمودية ألوالد اهلل تشهد على أن المسيح هو مخلص العالم بدمه ‪،‬‬

‫وتشهد للطريق الذى حدده اهلل للحياة األبدية = وهو الموت عن العالم كى نحيا هلل بحياة المسيح‪ .‬والمعمودية ال‬

‫معنى لها بدون وجود أحد الثالثة عناصر (الماء والدم والروح)‪ .‬والوالدة من الماء والروح نص عليها السيد‬

‫المسيح فى (يو‪.)1:3‬‬

‫َّم = هو الثمن الذى دفعه المسيح لكى يقدم لنا الفداء " ألنكم افتديتم‪...‬بدم كريم " (‪1‬بط‪.)11 ، 18: 1‬‬ ‫الد ُ‬ ‫وح= هما إشارة للمعمودية التى هى الوسيلة التى بها ننال استحقاقات هذا الدم‪ .‬فبالمعمودية نولد‬ ‫الماء و ُّ‬ ‫الر ُ‬ ‫والدة ثانية من الماء والروح‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫ادةُ ِ‬ ‫َن ِ‬ ‫ادةُ ِ‬ ‫ادةَ َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫ش ِه َد ِب َها َع ِن‬ ‫َعظَ ُم‪ ،‬أل َّ‬ ‫اهلل الَِّتي قَ ْد َ‬ ‫هذ ِه ِه َي َ‬ ‫اس‪ ،‬فَ َ‬ ‫آية (‪ " -:)9‬إِ ْن ُك َّنا َن ْق َب ُل َ‬ ‫ش َه َ‬ ‫ش َه َ‬ ‫ش َه َ‬ ‫اهلل أ ْ‬ ‫ْاب ِن ِه‪" .‬‬

‫ادةَ َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫اس = كثيرون شهدوا لعمل المعمودية العجيب في حياتهم ‪ .‬وكثيرون شهدوا للمسيح إبتداء من‬ ‫َن ْق َب ُل َ‬ ‫ش َه َ‬ ‫نثنائيل (يو‪ )01:1‬وحتى لونجينوس الجندى (مر‪.)31:11‬‬ ‫ادةُ ِ‬ ‫َعظَ ُم = شهادة الثالوث عن عمل المسيح‪ ،‬أن المسيح أتى ليعطينى حياة هى اعظم (موضوع هذا‬ ‫فَ َ‬ ‫ش َه َ‬ ‫اهلل أ ْ‬ ‫اإلصحاح)‪ .‬وشهادة الروح داخلنا هى اقوى من كل كالم الناس‪ ،‬وفى هذا يقول بولس الرسول " ليس أحد يقدر‬ ‫ان يقول يسوع رب إال بالروح القدس " (‪1‬كو‪ . )3 : 12‬والمعمودية نفسها هى شهادة من اهلل لطريق الخالص‬

‫وهو الموت مع المسيح والقيامة معه‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫الشه َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِّق اهللَ‪ ،‬فَقَ ْد َج َعلَ ُه َك ِاذ ًبا‪ ،‬أل ََّن ُه لَ ْم‬ ‫صد ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)11‬م ْن ُي ْؤ ِم ُن ِب ْاب ِن اهلل فَع ْن َدهُ َّ َ‬ ‫ادةُ في َن ْفسه‪َ .‬م ْن الَ ُي َ‬ ‫ُي ْؤ ِم ْن ِب َّ‬ ‫ش ِه َد ِب َها اهللُ َع ِن ْاب ِن ِه‪" .‬‬ ‫اد ِة الَِّتي قَ ْد َ‬ ‫الش َه َ‬ ‫م ْن ي ْؤ ِم ُن ِب ْاب ِن ِ‬ ‫اهلل = شهادة اهلل االعظم هذه نشعر بها داخلنا ‪ .‬فالمؤمن هو إنسان معمد‪ ،‬حل فيه الروح القدس‬ ‫َ ُ‬ ‫بالميرون‪ ،‬وصار مسكناً للروح‪ ،‬والروح يشهد فى داخله للمسيح شهادة عملية إختبارية‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫ِّق اهللَ = من يقاوم شهادة اهلل فى داخله أى صوت الروح القدس‪ ،‬ومن ال يصدق الكتب المقدسة‬ ‫صد ُ‬ ‫َم ْن الَ ُي َ‬ ‫الموحى بها من اهلل‪ ،‬ومن يقاوم اإليمان المسلم مرة للقديسين (يه‪ )3‬والمودع فى الكنيسة‪ ،‬يجعل اهلل كاذباً‪.‬‬ ‫طا َنا حياةً أَب ِد َّي ًة‪ ،‬و ِ‬ ‫آية (‪11" -:)11‬و ِ‬ ‫هذ ِه ِهي َّ‬ ‫هذ ِه ا ْل َح َياةُ ِه َي ِفي ْاب ِن ِه‪" .‬‬ ‫ادةُ‪ :‬أ َّ‬ ‫الش َه َ‬ ‫َن اهللَ أ ْ‬ ‫َع َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه ِهي َّ‬ ‫ادةُ= الشهادة التى كان يتكلم عنها فى االيات (‪ )14 – 5‬فاهلل يشهد إلبنه ليس ألن إبنه يحتاج‬ ‫الش َه َ‬ ‫َ‬

‫لهذه الشهادة‪ ،‬بل لنا نحن‪ ،‬إذ أن اإلبن كان هدف تجسده أن نؤمن به فيكون لنا حياة ابدية‪" .‬وهذه هى الحياة‬

‫األبدية أن يعرفوك أنت اإلله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته"‪( .‬يو‪ + 3:12‬يو‪ .)11:3‬وهذه الحياة‬

‫كلها غلبة على العالم‪.‬‬ ‫وِ‬ ‫هذ ِه ا ْل َح َياةُ ِه َي ِفي ْاب ِن ِه = هذه الحياة التى أعطاها لنا اهلل تسرى فينا‪:‬‬ ‫َ‬ ‫‪ .1‬باإليمان‪ .‬ليس االيمان النظرى بل بقبول السلوك كما سلك المسيح فى حياته بالجسد ‪.‬‬ ‫‪ .2‬بالمعمودية (دم‪ +‬ماء ‪ +‬روح)‪.‬‬

‫‪ .3‬بقبول الموت الذى حدث لنا فى المعمودية ‪ ،‬ونستمر نحيا كأموات أمام الخطية فحينئذ تكون لنا‬ ‫حياة المسيح (رو‪2 + 10 –1 : 5‬كو‪ .)14 : 0‬فحياة المسيح األبدية تتحد مع جسد مائت عن‬ ‫الخطية ‪ .‬والحظ أن حياة المسيح األبدية إتحدت بجسده المائت فى القبر ‪ ،‬والمعنى أننا كلما مارسنا‬

‫حياة اإلماتة أمام شهوات العالم ‪ ،‬كلما ثبتت حياة المسيح فينا ‪ .‬وان أخطأنا نتوب سريعا فنحيا‬

‫(‪1‬يو‪ + 1 : 1‬أف‪.)10 : 1‬‬

‫‪ .0‬بالتناول من جسد الرب لنثبت فيه " من يأكلنى يحيا بى "‪.‬‬

‫والحياة األبدية ليس معناها أن نحيا لألبد‪ ،‬فاألشرار والشياطين سيوجدون أيضاً لألبد‪ ،‬ولكن فى الظلمة الخارجية‬ ‫فى عذاب جهنم‪ .‬ولكن المقصود بالحياة األبدية هى أن تكون لنا حياة اهلل ذاته‪ ،‬نحيا بها‪ .‬وهى حياة كلها قوة‬

‫وغلبة ومجد ونور وفرح وسالم ومحبة وطهارة وهى تبدأ من اآلن‪ .‬وما نحصل عليه اآلن هو عربون المجد‬

‫والفرح ‪....‬هناك فى السماء‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫ِ‬ ‫س ْت لَ ُه ا ْل َح َياةُ‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)12‬م ْن لَ ُه ْ‬ ‫س لَهُ ْاب ُن اهلل َفلَ ْي َ‬ ‫االب ُن َفلَ ُه ا ْل َح َياةُ‪َ ،‬و َم ْن لَ ْي َ‬

‫االب ُن َفلَ ُه ا ْل َح َياةُ = هذه الحياة األبدية هى حياة اإلبن فينا "لى الحياة هى المسيح" (فى‪" +)21:1‬المسيح‬ ‫َم ْن لَ ُه ْ‬ ‫فى" (غل‪ .)24:2‬ومن له اإلبن أى من يثبت فى اإلبن ويملك اإلبن عليه‪ ،‬يكون اإلبن هو حياته‪ .‬واإلتحاد‬ ‫يحيا َّ‬ ‫فى وأنا فيكم" (يو‪ )0:11‬وذلك بأن نسلك فى‬ ‫باإلبن بدأ بالمعمودية‪ .‬وعلينا أن نحرص على هذا الثبات "إثبتوا َّ‬ ‫نفس طريق المسيح أي موت وحياة‪ .‬وهذه الحياة هى حياة أبدية ألن المسيح الذى يحيا فينا هو أبدى‪ ،‬لذلك‬

‫ستكون نهاية هذه الحياة مجد أبدى هناك‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬ ‫‪13‬‬ ‫ين ِباسِم ْاب ِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن لَ ُك ْم َح َياةً أ َ​َب ِد َّي ًة‪َ ،‬ولِ َك ْي تُ ْؤ ِمنُوا‬ ‫اهلل‪ِ ،‬ل َك ْي تَ ْعلَ ُموا أ َّ‬ ‫آية (‪َ " -:)13‬كتَ ْب ُ‬ ‫ت ه َذا إِلَ ْي ُك ْم‪ ،‬أَ ْنتُ ُم ا ْل ُم ْؤ ِمن َ ْ‬ ‫ِباسِم ْاب ِن ِ‬ ‫اهلل‪" .‬‬ ‫ْ‬ ‫تُ ْؤ ِم ُنوا ِباسِم ْاب ِن ا ِ‬ ‫هلل = اإلسم يعبر عن الشخصية‪ ،‬فإسم إبن اهلل هو تعبير عن كامل شخصيته وجبروته‬ ‫ْ‬ ‫ومحبته التى وصلت للفداء‪ .‬وراجع (أع‪" )12:0‬ليس بأحد غيره الخالص‪ ،‬ألن ليس إسم آخر تحت السماء قد‬

‫أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص" وراجع ايضاً (يو‪ )35:3‬والحظ قوله أنتم المؤمنين ثم يقول لهم أن‬ ‫تؤمنوا‪ .‬لذلك فقوله تؤمنوا تعنى تثقوا فى قدرته على ان فدائه قادر ان يعطينا الغلبة فنخلص‪ .‬وهذا يتفق مع آية‬

‫(‪ .)10‬لذللك قال مخلصنا " بدونى ال تقدرون ان تفعلوا شيئا " يو‪1 :11‬‬

‫ش ْي ًئا حسب م ِش َ ِ ِ‬ ‫آية (‪11" -:)11‬و ِ‬ ‫س َمعُ لَ َنا‪" .‬‬ ‫هذ ِه ِه َي الثِّقَ ُة الَِّتي لَ َنا ِع ْن َدهُ‪ :‬أ ََّن ُه إِ ْن َ‬ ‫يئته َي ْ‬ ‫َ‬ ‫طلَ ْب َنا َ َ َ َ َ‬ ‫طلب فى اآلية السابقة أن يكون لنا ثقة فى اهلل‪ ،‬وهنا نجد دالالت هذه الثقة‪ .‬أنه إن طلبنا شيئاً يستجيب لنا =‬ ‫وِ‬ ‫هذ ِه ِه َي الثِّقَ ُة الَِّتي لَ َنا ِع ْن َدهُ = الثقة ناشئة من شهادة الروح داخلنا اننا اوالد اهلل المحبوبين منه حتى أنه بذل‬ ‫َ‬ ‫ابنه عنا‪ .‬ومن هذه الثقة نصلى واثقين أنه البد وأن يستجيب إن كان الطلب ليس فيه ضرر لنا‪.‬‬ ‫و هناك شروط لإلستجابة أى إلستجابة الصالة وهى أن تكون‪-:‬‬ ‫يئ ِت ِه = الصالة ليست أداة إلقناع اهلل بأن يغير تفكيره‪ ،‬بل هى طريقة لتغيير فكر من يصلى بأن‬ ‫ب َم ِش َ‬ ‫سَ‬ ‫‪َ .1‬ح َ‬ ‫يقبل ما يسمح به اهلل ‪ .‬بل من يصلى متجاوباً مع روح اهلل‪ ،‬يعلمه الروح القدس ماذا يطلب‪ ،‬أى أن الصالة‬

‫هى إستكشاف لمشيئة اهلل‪ .‬فاإلنسان قد يبدأ الصالة بإصرار على الحصول على شئ معين قائالً‪ ...‬أريد‬ ‫يارب كذا وكذا‪ ...‬ولو خضع لصوت الروح القدس داخله‪ ،‬الذى يقنعه ربما بأن هذا الشئ ليس فى صالحه‪،‬‬

‫نجد هذا الشخص ينهى صالته قائالً " لتكن مشيئتك" "وليكن ليس حسب إرادتى بل حسب إرادتك"‪ ،‬وهكذا‬ ‫صلَّى المسيح فى بستان جثسيمانى‪ .‬فالروح القدس يعطى للذى يصلى بطريقة صحيحة أن يسلم إرادته كامالً‬ ‫هلل‪ ،‬بل أن تتفق إرادته مع إرادة اهلل‪ ،‬فيطلب بحسب مشيئة اهلل‪ .‬وهذا نسميه شفاعة الروح القدس (رو‪،25:8‬‬

‫‪ )22‬فإذا كنت مسلماً األمر تماماً هلل‪ ،‬فأنا مقبول أمام اهلل‪ ،‬أما لوكنت فى حالة تذمر‪ ،‬فأنا غير مقبول أمام‬ ‫اهلل‪ ،‬وهذا مايقوم به الروح القدس أنه يقنعنى فى الصالة أن أسلم األمر بالكامل هلل (أر‪ .)2:24‬وقد نصلى‬ ‫ضد مصلحتنا‪ ،‬ولذلك ال يستجيب اهلل‪ ،‬كما صلى بولس الرسول ثالث مرات ليشفى واهلل لم يستجب ألنه‬

‫خاف عليه من الكبرياء وبالتالى من الضياع (‪2‬كو‪ .)1-2:12‬وهذا رأيناه فى مزامير داود النبى‪ ،‬الذى كان‬ ‫فى بعض األحيان يبدأ المزمور بالشكوى ‪ ،‬ولكنه ينهى المزمور بالشكر والتسبيح إذ إستمع لصوت الروح‬

‫القدس الذى يعطيه اإلطمئنان فيسبح " إلى متى يا رب تنسانى ‪....‬يبتهج قلبي‪( "..‬مزمور ‪.)13‬‬

‫ومشيئة اهلل هى خالص نفوسنا‪ ،‬فكل من يطلب طلباً به يخلص يعطيه له اهلل‪ .‬ونالحظ أن السيد المسيح‬

‫علمنا فى الصالة الربانية أن نقول " لتكن مشيئتك "‪ .‬ولكن لألسف يكون لسان حالنا كثي اًر ونحن نصليها أن‬ ‫يكون فى قلوبنا‪ ...‬لتكن مشيئتك إن كانت حسب مشيئتنا‪ ،‬لذلك نشتكى إن لم يستجب اهلل ونتذمر ونقول "اهلل‬

‫ال يسمعنا‪ .‬لذلك يقول بولس الرسول" لسنا نعلم ما نصلى ألجله كما ينبغى (رو‪ .)25:8‬ولكن الروح يعطينا‬

‫‪52‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫إقناع (= يشفع فينا) بما نطلبه وبما يتفق مع مشيئة اهلل‪ .‬ويمكن أن نقول أن اهلل يستجيب دائماً‪ ،‬ونقولها بثقة‬

‫ولكن هناك ‪ 3‬حاالت لهذه اإلستجابة‪:‬‬

‫أ‪ .‬أن يستجيب فو اًر‪.‬‬

‫ب‪ .‬أن يستجيب بعد فترة أى فى ملء الزمان حينما يكون الزمان مناسباً والظروف مناسبة‪.‬‬ ‫ت‪ .‬أن ال يستجيب إن كان الطلب ضد خالص نفوسنا‪ .‬أو فيه ضرر لنا‪.‬‬

‫‪ .2‬من شروط إستجابة الصالة أن تكون بإيمان (مر‪ .)20:11‬فال يقبل أن أطلب شيئاً من اهلل وأنا أشك أن‬ ‫اهلل قادر على اإلستجابة أو أكون فى حالة شك فى محبته‪ ،‬وأنه فى محبته البد وسيستجيب‪.‬‬

‫‪ .3‬أن تكون الصالة بإسم يسوع (يو‪ )10:10‬لذلك ننهى الصالة الربانية قائلين "بالمسيح يسوع ربنا"‪ .‬وهذه‬ ‫تعنى الثقة فى قدرات المسيح الالنهائية وقوة عمله الخالصى إذ أعاد لنا دالة البنوة لآلب ‪.‬‬

‫‪ .0‬أن نكون ثابتين فى المسيح (يو‪ )2:11‬وذلك بحفظ وصاياه (‪1‬يو‪ .)23 ،22:3‬وهذا يعنى أن صالة‬ ‫األشرار غير مقبولة أمام اهلل ‪ ،‬فمن يحيا فى شره فهو ليس ثابتا فى المسيح فال شركة للنور مع الظلمة‬

‫(‪2‬كو‪. )10 : 5‬‬

‫‪ .1‬أن نغفر لمن يسئ إلينا (مر‪.)21:11‬‬

‫‪ .5‬أن ال نطلب طلبة ال تتفق مع إسم المسيح‪ ،‬أى تكون الغاية من الصالة إشباع شهواتنا‬ ‫ورغباتنا(يع‪.)3:0‬‬

‫‪ .2‬بل كلما يرتقى إنسان فى عالقته مع اهلل ال يطلب سوى مجد اهلل‪ ،‬وال يطلب ما لنفسه بقدر ما يطلب عن‬ ‫اآلخرين‪( .‬يع‪.)15:1‬‬

‫‪11‬‬ ‫َن لَ َنا الطِّلِب ِ‬ ‫اها ِم ْن ُه‪" .‬‬ ‫س َمعُ لَ َنا‪َ ،‬ن ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫ات الَِّتي َ‬ ‫آية (‪َ " -:)11‬وِا ْن ُك َّنا َن ْع َل ُم أ ََّن ُه َم ْه َما َ‬ ‫طلَ ْب َن َ‬ ‫َ‬ ‫طلَ ْب َنا َي ْ‬ ‫من يصلى لدرجة أنه يصلى بحسب مشيئة اهلل‪ ،‬أى خاضعاً تماماً لصوت الروح القدس داخله‪ .‬البد أن تكون له‬

‫هذه الثقة أن اهلل سيستجيب‪ .‬هذه الثقة هى بدالة البنين‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫َخاه ي ْخ ِطئ َخ ِط َّي ًة لَ ْيس ْت لِ ْلمو ِت‪ ،‬ي ْطلُب‪ ،‬فَيع ِط ِ‬ ‫س‬ ‫ين ُي ْخ ِط ُئ َ‬ ‫يه َح َياةً ِللَِّذ َ‬ ‫آية (‪ " -:)11‬إِ ْن َأرَى أ َ‬ ‫َ ُ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ون لَ ْي َ‬ ‫َ‬ ‫َح ٌد أ َ ُ ُ ُ‬ ‫َج ِل ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب‪" .‬‬ ‫هذ ِه أَقُو ُل أ ْ‬ ‫س أل ْ‬ ‫َن ُي ْطلَ َ‬ ‫ل ْل َم ْوت‪ .‬تُ َ‬ ‫وج ُد َخط َّي ٌة ل ْل َم ْوت‪ .‬لَ ْي َ‬ ‫َخ ِط َّي ٌة لِ ْل َم ْو ِت = الموضوع ليس فى نوعية الخطية‪ ،‬بل فى العناد واإلصرار على إرتكاب الخطية‪ .‬فحتى خطايا‬ ‫الزنا أو القتل لها غفران لو إستجاب اإلنسان للروح القدس ولم يقاوم وقدم توبة‪ .‬واهلل ال يتدخل فى حرية أحد بل‬

‫هو يحاول أن يقنعه أن يترك الخطية‪ ،‬ولكن إن رفض وعاند يتركه‪ .‬فحرية اإلنسان هى التى تحدد هل الخطية‬

‫للموت أم ال‪.‬‬

‫واإلنسان حينما يفعل الخطية ألول مرة يبكته الروح القدس‪ ،‬ولكن إن قاوم وعاند يعتاد عليها وال يسمع لصوت‬

‫الروح القدس‪ ،‬بل يبدأ يتلذذ بالخطية بل يفتخر بها (وهذا مايمكن أن نسميه التجديف على الروح القدس)‪ .‬فالقلب‬

‫‪53‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫قد تقسى تماماً رافضاً التوبة أو اإلستجابة للروح القدس‪ .‬ولمثل هذا اإلنسان‪ ،‬مهما صلينا فال فائدة فهو لن‬

‫يتوب‪ .‬هذه إذاً خطية للموت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س ْت لِ ْل َم ْو ِت = أى خطايا الضعف البشرى نظ اًر لوجودنا فى الجسد‪ .‬لكنه يجاهد ويريد أن يتغير‬ ‫ُي ْخطئُ خطية لَ ْي َ‬ ‫ويرضى اهلل‪ .‬هذا نطلب له الغفران ونصلى له‪ .‬ولعل هذا إشارة لسر التوبة واإلعتراف وصالة التحليل التى‬ ‫يصليها الكاهن على رأس المعترف‪.‬‬ ‫ي ْطلُب فَيع ِط ِ‬ ‫يه َح َياةً = أى غفران يؤدى للحياة األبدية‪.‬‬ ‫َ ُ ُْ‬ ‫ونفهم من كلمات الرسول أن خطايا الموت هى‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلصرار على إنكار المسيح والهرطقة وافساد المؤمنين‪.‬‬

‫‪ .2‬المصرون على خطايا الكراهية والبغضة‪ .‬وخطايا إنكار المسيح ورفضه أشار لها بولس الرسول فى‬ ‫(عب‪ ، )5‬فهؤالء الذين أنكروا المسيح هم األرض المعرضة للحريق‪ .‬هؤالء ال تستطيع لهم الكنيسة أن‬ ‫تفعل أى شئ بل تتركهم وال تصلى ألجلهم‪ .‬ال تصلى لغفران خطاياهم‪ ،‬بل تصلى لهدايتهم وابعاد أذيتهم‬

‫عن الكنيسة‪.‬‬

‫ونرى أن قساوة القلب ومهاجمة ومقاومة الكنيسة هى خطايا موت لذلك لم يصلى بولس الرسول إلسكندر‬

‫النحاس‪2( ،‬تى‪ .)11 ،10:0‬والسيد المسيح ل م يصلى عن كل العالم بل من أعطاهم له اآلب أى المؤمنين‬ ‫(يو‪ )1:12‬والكنيسة ال تصلى عن المنتحرين ألنهم أصروا على يأسهم حتى النهاية‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫س ْت لِ ْل َم ْو ِت‪" .‬‬ ‫آية (‪ُ " -:)17‬ك ُّل إِثْم ُه َو َخط َّي ٌة‪َ ،‬وتُ َ‬ ‫وج ُد َخطيَّ ٌة لَ ْي َ‬ ‫كلمة إِثٍْم فى اليونانية تعنى إعتداء اإلنسان على حق الغير (إذا اإلثم هو تعدى على حق من حقوق اهلل أو‬

‫حقوق أى إنسان)‪.‬‬ ‫وكلمة َخ ِطيَّ ٌة = تعنى مخالفة إرادة اهلل ووصاياه‪ .‬هى أن أفعل ما أريده أنا وليس ما يريده اهلل ‪.‬‬ ‫وأصل الكلمة َخ ِطيَّ ٌة = فى اليونانية " من يخطئ الهدف وال يصيبه " ‪ .‬ومن يصيب الهدف فله مكافأة ‪ ،‬ومن‬ ‫يفشل فى إصابة الهدف فال مكافأة له ‪.‬‬

‫فهدفنا هو الحياة األبدية فى مجد اهلل ‪ ،‬لكن من يخالف إرادة اهلل يفقد حياته األبدية‪ .‬فكل إعتداء على حق‬

‫الغير هو خطية ألنها تخالف إرادة اهلل‪ .‬وكل إنحراف عن المحبة الكاملة هلل ولإلخوة هو خطية‪ .‬وهذا ما عبَّر‬ ‫عنه بولس الرسول " الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد اهلل " (رو‪ . )23 : 3‬ويصبح المعنى أن كل خطأ يفقدنى‬

‫الحياو األبدية‪.‬‬

‫ِ‬ ‫اهلل الَ ي ْخ ِطئ‪ ،‬ب ِل ا ْلمولُ ُ ِ‬ ‫َن ُك َّل م ْن ولِ َد ِم َن ِ‬ ‫س ُه‪َ ،‬و ِّ‬ ‫س ُه‪" .‬‬ ‫آية (‪َ 12" -:)12‬ن ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫ير الَ َي َم ُّ‬ ‫ُ ُ َ َْ‬ ‫ود م َن اهلل َي ْحفَظُ َن ْف َ‬ ‫َ ُ‬ ‫الشِّر ُ‬ ‫ُك َّل م ْن ولِ َد ِم َن ِ‬ ‫اهلل الَ ُي ْخ ِطئُ = سبق شرحها فى إصحاح (‪ )3‬وفى المقدمة‪ .‬لكن الرسول يقول هذا هنا بعد أية‬ ‫َ ُ‬ ‫(‪ ) 15‬ليكون المعنى أن كل من ولد من اهلل لن يكون قاسى القلب معاند رافض للتوبة وبهذا يخطئ خطية‬

‫‪54‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫للموت‪ ،‬لكن من هو إبن هلل إن سقط يقوم سريعاً ويتوب‪ .‬ولكن الرسول يطلب من أوالد اهلل أن كل واحد َي ْحفَظُ‬ ‫س ُه‪َ ،‬و ِّ‬ ‫س ُه = أى ال يستطيع أن يجرى معه إتصاالً من أى نوع‪ .‬وراجع قصة القديسة يوستينة فى‬ ‫ير الَ َي َم ُّ‬ ‫َن ْف َ‬ ‫الشِّر ُ‬ ‫تاريخ الكنيسة‪ ،‬فهذه القديسة حاول الشياطين التى كان يرسلها الكاهن الوثنى أن تدخل بيتها لغوايتها‪ ،‬فلم تستطع‬ ‫الشياطين دخول بيتها ألنها كانت تصلى‪ .‬فمن هو ثابت فى أبيه ال يقدر عليه الشيطان‪ ،‬ولكن فى اللحظة التى‬

‫فيها ينسى بنوته هلل وينحرف قليال عن أبيه يسقط‪ .‬لذلك يطلب الرسول هنا من كل مولود من اهلل أن يحفظ نفسه‬

‫أى يحاول أن يظل دائماً ملتصقاً باهلل‪ .‬ولنذكر سقطة داود‪.‬‬

‫ويكون معنى اآل ية ‪ :‬كل من ولد من اهلل ال يخطئ (خطية للموت)‪ .‬بل المولود من اهلل يحفظ نفسه (يجاهد)‬ ‫والشرير ال يمسه (فالذى فينا كأوالد هلل أعظم)‪ .‬هذه اآلية أتت هنا بعد أن قال أن هناك خطية للموت حتى ال‬

‫يرتعب السامعين‪ ،‬فهو هنا يعطى طمأنينة أن كل من يريد الثبات ويجاهد‪ ،‬ال سلطان للشيطان عليه ولن يمسه‪.‬‬ ‫هذه الطمأنينة لمن تحرك قلبه وخاف‪ ،‬أما القلب القاسى فلن يحركه تخويف ولن يطمئنه كالم الرسول هنا‪.‬‬ ‫اهلل‪ ،‬وا ْلعالَم ُكلَّ ُه قَ ْد و ِ‬ ‫آية (‪َ 19" -:)19‬نعلَم أ ََّن َنا َن ْح ُن ِم َن ِ‬ ‫الشِّر ِ‬ ‫ض َع ِفي ِّ‬ ‫ير‪" .‬‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َن ْح ُن ِم َن ِ‬ ‫اهلل = مولودين منه‪.‬‬

‫وا ْل َعالَ َم ُكلَّ ُه = المقصود بكلمة العام ليس كل الناس بل الذين أحبوا العالم وتعلقوا به‪.‬‬ ‫قَ ْد و ِ‬ ‫الشِّر ِ‬ ‫ض َع ِفي ِّ‬ ‫ير = أى تحت سلطان الشيطان الشرير‪.‬‬ ‫ُ‬

‫فكما يعيش أوالد اهلل فى دائرة قوة اهلل فتحفظهم‪ ،‬يعيش أوالد العالم فى دائرة قوة الشرير واغرائه‪ .‬فالشيطان يزيف‬

‫كل ما هو حق ويغوى أتباعه ويضللهم فيسقطوا فيستعبدهم‪ .‬وكيف يضلل الشيطان أتباعه؟ بأن يصور لهم العالم‬ ‫والخطية أنها متعة ولذة وهدف يسعون وراءه ‪ ،‬ويخفى عنهم األالم والحزن نتيجة للخطية‪ .‬والعالم ملئ بالخطايا‪.‬‬

‫ِ​ِ‬ ‫ف ا ْلحقَّ‪ .‬وَن ْح ُن ِفي ا ْلح ِّ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪َ 21" -:)21‬وَن ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫َع َ‬ ‫سوعَ‬ ‫اء َوأ ْ‬ ‫َ‬ ‫يرةً ل َن ْع ِر َ َ‬ ‫ق في ْابنه َي ُ‬ ‫َ‬ ‫َن ْاب َن اهلل قَ ْد َج َ‬ ‫طا َنا َب َ‬ ‫يح‪ .‬ه َذا ُه َو ِ‬ ‫له ا ْل َح ُّ‬ ‫ق َوا ْل َح َياةُ األ َ​َب ِد َّي ُة‪" .‬‬ ‫ا ْل َم ِس ِ‬ ‫اإل ُ‬ ‫فى اآلية السابقة رأينا العالم قد وضع فى الشرير‪ ،‬والشيطان يضلل الناس‪ ،‬ولكن ما موقفنا نحن أوالد اهلل =‬ ‫ِ‬ ‫ف ا ْل َح َّ‬ ‫ق= اهلل أعطى أوالده بصيرة بها يدركون تفاهة العالم (جا‪ + 2:1‬فى‪ .)8:3‬وأيضاً‬ ‫يرةً لِ َن ْع ِر َ‬ ‫أْ‬ ‫َعطَا َنا َبص َ‬ ‫يعطيهم بصيرة فتنفتح عيونهم ويدركون األمجاد المعدة لهم فى السماويات (‪1‬كو‪ .)12 -1:2‬ومن هذه األيات‬

‫األخيرة من كورنثوس نفهم أن هذه البصيرة تكون بالروح القدس المعطى لنا‪ .‬والحق فى هذه اآلية فى مقابل‬ ‫العالم فى آية (‪ .)11‬فالعالم هو الباطل (جا‪ .)2:1‬ونحن تكون لنا هذه البصيرة إن ثبتنا فى المسيح = َن ْح ُن ِفي‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫يح = فالمسيح هو الحق (يو‪ .)5:10‬وثباتنا فى‬ ‫ا ْل َح ِّ‬ ‫ع ا ْل َم ِس ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ق (ندرك الحق ونميز بينه وبين الباطل) في ْابنه َي ُ‬ ‫المسيح يمألنا من الروح القدس‪ ،‬روح الحق‪ ،‬والذى يرشد للحق (يو‪ .)13:15‬فثباتنا فى المسيح هو ثبات لنا فى‬ ‫الحق‪ .‬وثباتنا فى المسيح يأتى عن طريق حفظ وصاياه‪ .‬يعطينا اإلمتالء من الروح الذى يفتح بصيرتنا فنعرف‬

‫المسيح وعمله ومحبته وما أعطاه لنا‪ ،‬وما أعده لنا فى السماء‪ ،‬وهذا يجعلنا نحتقر العالم الباطل‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (اإلصحاح الخامس)‬

‫ه َذا ُه َو ِ‬ ‫له ا ْل َح ُّ‬ ‫ق َوا ْل َح َياةُ األ َ​َب ِد َّي ُة = بدأ الرسول رسالته بأن المسيح هو كلمة الحياة وبظهوره أظهرت الحياة‬ ‫اإل ُ‬ ‫(‪1‬يو‪ .)2 ،1:1‬وهنا يسميه الحياة األبدية‪ .‬وبهذا تتفق بداية الرسالة ونهايتها‪ .‬وبهذا يلخص الرسول رسالته فى‬ ‫أن إبن اهلل قد أتى إلى العالم وأعطانا معرفة اإلله الحق الذى ال يعرفه عبدة األوثان وال الهراطقة‪ .‬وأعطانا أن‬

‫نكون فيه باإليمان‪ .‬ومن يؤمن به تكون له حياة أبدية‪ ،‬ويحيا فى محبة‪ ،‬ويغلب العالم فال ينجذب لشهواته‪.‬‬

‫فالمؤمن يفتح اهلل بصيرته فيعرف أن الرب يسوع هو كل الحق ويشبع به مؤمناً أنه مصدر حياته‪ ،‬فيثبت فيه بأن‬ ‫يطيع وصاياه وال يريد أن يفارقه‪ .‬تعرفون الحق والحق يحرركم ( يو ‪) 32 :8‬‬

‫‪21‬‬ ‫احفَظُوا أَ ْنفُس ُكم ِم َن األَص َن ِام‪ِ .‬‬ ‫ين‪" .‬‬ ‫آم َ‬ ‫ُّها األ َْوالَ ُد ْ‬ ‫ْ‬ ‫آية (‪ " -:)21‬أَي َ‬ ‫َ ْ‬ ‫احفَظُوا أَ ْنفُس ُكم ِم َن األ ِ‬ ‫ُّها األ َْوالَ ُد = أى ال يليق كأوالد هلل أن تتعلقوا باألصنام فأوالد اهلل ال يعطون‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َص َنام‪ .‬اي َ‬ ‫َ ْ‬

‫قلوبهم ألحد سوى اهلل الذى فداهم وأعطاهم حياة أبدية‪ .‬وقوله إحفظوا أنفسكم يعنى ال تقبلوا شيئاً أو أحداً يحتل‬

‫مكان اهلل فى قلوبكم‪.‬‬

‫ولكن ماهى األصنام؟ قد تكون األوثان التى عبدها قديماً عباد األوثان‪ .‬ولكن تكرار بولس الرسول أن الطمع‬

‫عبادة أوثان (أف‪ + 1:1‬كو‪ )1:3‬تجعلنا نمتد فى فهمنا لألصنام بأنها تكون الطمع أو شهوة الزنا أو الملذات‬

‫المختلفة والمال والذات وهذا ما يسميه القديس يوحنا‪ ...‬العالم‪ ، )12 – 11 : 2 + 11 : 1( ...‬وهذا ما قال‬ ‫عنه القديس يعقوب محبة العالم عداوة هلل (يع‪ . )0 : 0‬أى يجب أن ال نضع شيئاً فى قلوبنا غير اهلل‪ ،‬ويكون‬

‫اهلل فقط هو كل شئ فى حياتى‪.‬‬

‫فاألصنام عموماً هى أدوات عبادة الشيطان‪ .‬والشيطان عرض على السيد المسيح كل ما فى العالم من ممالك‬ ‫على أن يسجد له‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫رسالة يوحنا األولي‬ ‫(أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫عودة للجدول‬

‫أوالً ‪ - :‬أهمية المحبة عند القديس يوحنا الحبيب بل وفى المسيحية‬ ‫المحبة هى طبيعة اهلل‪ ،‬فاهلل محبة‪:‬‬

‫اهلل من محبته قيل عنه‪" :‬ليس ألحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه ألجل أحبائه‪( ".‬يو‪ )13:11‬وهو بذل‬ ‫نفسه عنا مأكالً حقاً ومشرباً حقاً ليعطينا حياته‪.‬‬ ‫ولقد خلق آدم على صورته‪ ،‬لذلك كان آدم مملوءاً محبة ألن اهلل محبة ‪ ،‬وكانت محبة آدم كلها هلل ال يجد لذته اال في‬ ‫اهلل ألنه على صورة اهلل ‪ ،‬واهلل يقول لذاتى مع بنى آدم (أم ‪ )34 :8‬وبسبب هذه المحبة فى قلب آدم هلل ‪ ،‬ومحبة اهلل‬

‫وعدن كلمة عبرية تعنى فرح وبهجة‪ .‬فآدم عاش فى فرح بسبب هذه المحبة المتبادلة‬ ‫عد ْن ْ‬ ‫آلدم كان فى جنة إسمها ْ‬ ‫عدن‪ ،‬والمعنى أنه حين إهتزت وقلًّت محبة آدم هلل فقد‬ ‫مع اهلل ‪ .‬ولما سقط آدم قيل أن الرب اإلله أخرجه من جنة ْ‬ ‫الفرح ودخل الحزن إلى العالم‪ ،‬وكان أ ن آدم هو الذى إختبأ من اهلل بسبب سقوطه ‪ ،‬فبدأت المحبة تفتر وتقل ‪ .‬ومن‬ ‫هذا نفهم أن الفرح ناشىء عن محبة اهلل‪ ،‬هذا هو الفرح الحقيقى أما العالم فال يعطى فرح بل يعطى ملذات‪ .‬يخطىء‬

‫اإلنسان ويسميها فرح‪.‬‬

‫الفرق بين الفرح الحقيقى واللذة‪:‬‬ ‫‪ .1‬اللذة مؤقتة والخطية كنور البرق‪ ،‬أما الفرح فدائم كنور الشمس‪.‬‬

‫‪ .2‬اللذة ال يمكن أن تنتصر على األلم الخارجى أما الفرح فهو ينتصر‪ ،‬لذلك أقدم الشهداء على الموت فى فرح‬ ‫غير خائفين من الموت بسبب الفرح الذي فى داخلهم‪ ،‬والفرح الذى يعطيه اهلل ال يقدر حزن أو ضيق فى‬ ‫العالم أن ينزعه منا‪ ،‬وهذا هو وعد السيد المسيح (يو‪ )22:15‬وبسبب هذا قال الكتاب "تحب الرب إلهك من‬

‫كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك‪( ".‬تث‪ )1:5‬واهلل طلب هذا ليضمن لنا الفرح وليس ألنه محتاج‬ ‫لمحبة أحد‪.‬‬

‫‪ .3‬اللذة هى عطية الجسد بينما الفرح هو عطية من اهلل ‪.‬‬ ‫ولما فقد اإلنسان الجنة فقد الفرح‪ ،‬فكان الفداء وانسكاب الروح القدس على المعمدين‪ ،‬والروح يسكب محبة اهلل فى‬

‫قلوبنا (رو‪ .)1:1‬وبالتالى يعيد الفرح فنستعيد الحالة الفردوسية األولى لذلك نجد أن ثمار الروح القدس هى محبة ‪..‬‬

‫فرح ‪ ..‬والترتيب ليس عشوائى بل كما رأينا فالفرح ناشىء عن المحبة‪ ،‬ولكن لنالحظ أن الفرح ليس إفتعاالً‪ ،‬نحن ال‬ ‫نصنع الفرح بل هو عطية من اهلل‪ .‬فالسيد المسيح يقول‪" :‬اآلن عندكم حزن (فالعالم ملىء بالضيقات‪ ،‬والحزن الذى‬

‫‪57‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫بحسب قلب اهلل هو أن نحزن على خطايانا) ولكن أراكم فتفرح قلوبكم (هو يحول أحزاننا إلى فرح وتعزيات)‪".‬‬ ‫(يو‪)22:15‬‬

‫ولكن يثار سؤال هام‪...‬‬ ‫إذا كان اهلل هو مصدر كل محبة فى العالم فلماذا يوصى اهلل بالمحبة‪ .‬لماذا هى وصية بينما هى عطية؟!‬

‫لماذا وصايا مثل‪ :‬تحب الرب إلهك‪ ..‬وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً‪( ..‬يو‪ ..)30:13‬أحبوا‬

‫أعدائكم (مت ‪ .)00 :1‬لماذا الوصية وهو الذى يعطى المحبة؟‬ ‫يوجد نوعان من المحبة‪:‬‬

‫عرضة ألن تضيع‪ .‬يقول "إن نسيت‬ ‫‪ .1‬محبة طبيعية‪ :‬كمحبة األم إلبنها والزوج لزوجته‪ ..‬إلخ‪ .‬و هذه المحبة م َّ‬ ‫األم رضيعها" (أش‪ )11:01‬إذاً من الممكن أن تتغير المحبة الطبيعية بل وتضيع‪ .‬وهذه تنتمى لإلنسان‬ ‫العتيق‪ .‬لذلك فهى ليست مبر اًر لدخول إنسان للسماء‪ .‬فالسيد يقول‪" :‬ألنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأى أجر‬

‫لكم ‪.‬أليس العشارون أيضاً يفعلون ذلك‪(".‬مت‪)05:1‬‬

‫‪ .2‬محبة هى عطية من اهلل‪ :‬وهذه تنتمى للخليقة الجديدة‪ .‬هذه التى قيل عنها "إن كان أحد فى المسيح فهو‬ ‫خليقة جديدة‪2( ".‬كو‪ )12:1‬وهذه الخليقة الجديدة هى ثمار الفداء وعمل الروح القدس‪" .‬بل بمقتضى رحمته‬

‫خلصنا بغسل الميالد الثانى وتجديد الروح القدس الذى سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا‪( .‬تى ‪:3‬‬

‫‪ )5 ،1‬ولذلك فمن ثمار الروح القدس المحبة‪( ..‬غال ‪ .)22:1‬وهذه الخليقة هى التى تخلص "ألنه فى‬

‫المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئاً وال الغرلة بل الخليقة الجديدة‪( ".‬غال‪ )11:5‬وهذه الخليقة ت َخلص‬ ‫ألنها فى المسيح‪ ،‬ثابتة فى المسيح (يو‪ )0:11‬والمسيح حياة (يو‪ )21:11‬وعالمة الثبات فى المسيح أن‬

‫تكون لنا محبة‪ ،‬فاهلل محبة (‪1‬يو‪ .)15:0‬وثمار هذه المحبة حياة أبدية‪ ،‬فالمسيح أيضاً الذى نثبت فيه هو‬

‫حياة‪ .‬وعالمة أن لنا هذا النوع من المحبة أن نحب حتى أعدائنا‪ .‬لذلك فوصية "أحبوا أعدائكم‪( ".‬مت‪)00:1‬‬

‫هى ليست فى إمكانية البشر الذين مازال لهم الطبيعة القديمة العتيقة‪ ،‬بل لمن لهم الخليقة الجديدة‪ .‬لذلك يقول‬

‫يوحنا فى رسالته األولى "نحن نعلم أننا قد إنتقلنا من الموت (اإلنسان العتيق) إلى الحياة (الخليقة الجديدة)‬

‫يبق فى الموت‪ .‬كل من يبغض أخاه‬ ‫ألننا نحب األخوة‪ .‬من ال يحب أخاه (مازال فى حالة اإلنسان العتيق) َ‬ ‫فهو قاتل نفس‪( ".‬نفسه هو) (‪1‬يو ‪.)11 ،10 :3‬‬

‫وراجع قول السيد المسيح‪" :‬كما أحبنى اآلب كذلك أحببتكم أنا‪ .‬إثبتوا فى محبتى‪(".‬يو‪)1:11‬‬

‫‪58‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫كما أحبنى اآلب‬ ‫اآلب واإلبن ليسا شخصين منفصلين كل منهما يحب اآلخر وحينما يقال اآلب يحب اإلبن (يو‪ )24:1‬أو أن اإلبن‬

‫يحب اآلب (يو‪ )31:13‬فهذا ليس إنفصال بل هذا تعبير عن الوحدة بينهما ولكن بلغة المحبة التى هى طبيعة اهلل‪.‬‬

‫فى" (يو‪( + )14:10‬يو‪ .)38:14‬والمعنى أنهما واحد بالمحبة‪.‬‬ ‫وهذه مثل "أنا فى اآلب واآلب َّ‬ ‫كذلك أحببتكم أنا‬

‫فى بالمحبة‪ .‬واإلبن يحبنا إلى المنتهى‬ ‫فى بالمحبة هكذا أثبت فيكم وتثبتون َّ‬ ‫كذلك = كما أنا فى اآلب واآلب َّ‬

‫(يو‪ .)1:13‬ومن له طبيعة المحبة أى صارت له الطبيعة الجديدة فهو يثبت فى المسيح بالمحبة ويثبت فيه المسيح‬

‫بالمحبة فتكون له حياة أبدية وينتقل من الموت إلى الحياة‪ .‬أضف لهذا ما قاله السيد المسيح عمن يحفظ الوصايا "إن‬

‫حفظتم وصاياى تثبتون فى محبتى كما إنى أنا حفظت وصايا أبى وأثبت فى محبته" (يو‪)14:11‬‬

‫فحفظ الوصايا هو عالمة المحبة (يو‪ .)23:10‬ولذلك فالمسيح يحفظ وصايا اآلب ألنه يحب اآلب كما سبق وقلنا‪.‬‬ ‫أو أن األدق أن نقول أن معنى أن المسيح يحفظ وصايا اآلب أنه واحد مع اآلب بالمحبة ‪ ،‬وبالتالى فإرادة اآلب هى‬

‫نفسها إرادة اإلبن أ يضا ‪ .‬فوصايا اآلب هى نفسها ما ينفذه اإلبن فهما واحد لكن اآلب يريد واإلبن ينفذ‪ .‬وبالنسبة لنا‬ ‫نفهم ان هناك شرطين اساسيين لنثبت فى المسيح فتكون لنا حياة‪-:‬‬ ‫‪ )1‬ان نثبت فى المحبة‬

‫‪ )2‬ان نحفظ الوصايا‬

‫إثبتوا فى محبتى‬ ‫لقد صارت لنا طب يعة المحبة كثمرة طبيعية لحصولنا على الخليقة الجديدة‪ ،‬لكن حتى نحافظ على هذه المحبة (وهى‬ ‫نعمة أى عطية مجانية أخذناها كثمرة للفداء من الروح القدس) ينبغى لنا أن نجاهد ‪ ،‬والجهاد هو التغصب على عمل‬

‫الصالح (مت‪. )12:11‬‬

‫مثال‪" :‬أحبوا أعداءكم‪ ،‬باركوا العنيكم‪ ،‬أحسنوا إلى مبغضيكم‪ ،‬صلوا ألجل الذين يسيئون إليكم"(مت‪)11:1‬‬

‫أحبوا أعداءكم = هذه نعمة أى عطية مجانية من اهلل‪ ،‬كثمرة من ثمار الروح القدس الذى سكن فينا وجدد طبيعتنا بعد‬ ‫الفداء‪ .‬وهذه المحبة هى عالمة الخليقة الجديدة التى لها حياة أبدية‪.‬‬ ‫ولكن كل نعمة تحتاج ألن نجاهد حت ى نحافظ عليها أو نكتسبها وهذا ما قاله اآلباء أن النعمة هى عطية مجانية‬

‫لكنها ال تعطى إالا لمن يستحقها ‪.‬‬

‫فما هو الجهاد المطلوب حتى نحافظ على هذه المحبة؟‬

‫‪ )1‬باركوا العنيكم = أى إ ْغصبوا أنفسكم أن تتكلموا حسناً على أعدائكم الذين يلعنوكم‪" .‬باركوا وال تلعنوا"‬ ‫(رو‪ )10:12‬أى تكلموا حسناً حتى على من يكرهونكم‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫‪ )2‬أحسنوا إلى مبغضيكم = أى إغصبوا أنفسكم على أن تقدموا خدمات ألعدائكم (الذين يعادونكم ويبغضونكم ‪،‬‬ ‫بين محبته‬ ‫ألننا نحن ال نبغض أحد) وال تقولوا أنهم ال يستحقون‪ ،‬تشبهوا بمسيحكم الذى قيل عنه‪" :‬ولكن اهلل َّ‬

‫بعد خطاة مات المسيح ألجلنا" (رو‪)8:1‬‬ ‫لنا ألنه ونحن ُ‬ ‫‪ )3‬صلوا ألجل الذين يسيئون إليكم = أى إغصبوا أنفسكم أن تصلوا لهم طالبين لهم الخير‪.‬‬

‫وان جاهدتم هكذا تنسكب النعمة فيكم وتجدون أنفسكم غير قادرين أن تكرهوا أعدائكم وال أى أحد‪.‬‬

‫مثال آخر كيف نحب اهلل؟‬

‫لقد رأينا أنه بالتغصب أى الجهاد يعطينا اهلل محبة القريب‪ .‬فكيف نحب اهلل؟ الروح القدس هو الذى يسكب محبة اهلل‬

‫فى قلوبنا (رو‪)1:1‬‬

‫إذاً لكي نمتلئ من المحبة علينا أن نمتلئ بالروح‪ ،‬ولكي نمتلئ بالروح علينا أن نجاهد‪.‬‬ ‫ولماذا الجهاد؟‬ ‫يقول السيد لمالك كنيسة أفسس (رؤ‪" )1 ،0 :2‬عندي عليك أنك تركت محبتك األولى‪ .‬فأذكر من أين سقطت وتب‬ ‫واعمل األعمال األولى واالا فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك ‪."..‬‬

‫فإن كان اهلل قد أعطاه المحبة ألنه هو وحده مصدر المحبة‪ ،‬فلماذا يعاقبه ألن محبته صارت أقل؟‬

‫اإلجابة الوحيدة أنه قَصَّر في جهاده وتكاسل‪.‬‬ ‫وكيف نمتلىء من الروح القدس؟ وما هو اإلمتالء؟‬

‫اإلمتالء ببساطة هو أن ال ينقسم القلب بين محبة اهلل وأى محبة أخرى ولذلك طلب اهلل "يا إبنى إعطنى قلبك"‬

‫(أم‪.)25:23‬‬

‫وكلما إزدادت محبة اهلل فى القلب إزداد الفرح الحقيقى‪ ،‬لذلك يطلب الكتاب أن نحب اهلل من كل القلب حتى نمتلىء‬

‫فرحاً‪.‬‬ ‫إذاً كيف نمتلىء من الروح القدس؟‬

‫يقول السيد المسيح " ُيعطى الروح القدس للذين يسألونه" (لو‪)13:11‬‬ ‫ويقول بولس الرسول إمتلئوا بالروح‪ ..‬كيف؟ مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغانى روحية مترنمين ومرتلين‬

‫فى قلوبكم للرب‪ ..‬شاكرين‪ ..‬خاضعين‪( ..‬أف‪ .)21-18:1‬أى أن الجهاد المطلوب بأن نبدأ بالتغصب فى تسبيح اهلل‬

‫وفى اللجاجة فى طلب اإلمتالء بالروح القدس (لو‪ .)8-1:18‬ومن يطلب يستجيب له اهلل يبدأ اإلمتالء فيبدأ الحب‬

‫ومن ثم يبدأ الفرح ومن ثم يصبح التسبيح ليس بالتغصب ولكن تعبي اًر عن حالة الفرح الداخلى‪ ،‬وهذا هو الوضع فى‬

‫السماء فلغة السماء هى التسبيح ولكن ليس كواجب أو فرض أو تغصب ولكن تعبي اًر عن حالة الفرح والمجد التى‬

‫‪60‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫سنكون فيها وهذا ما نتذوق عربونه هنا ‪ ،‬وكل هذا ينتمى إلى الطبيعة أو الخليقة الجديدة التى يخلقها فينا الروح‬

‫القدس‪.‬‬

‫عالمات المحبة كما حددها السيد المسيح لبطرس (راجع يو‪ 21‬وشرح اإلصحاح)‬ ‫‪ )1‬إرعى غنمى = خدمة شعب اهلل عالمة محبتنا للمسيح‪.‬‬

‫‪ )2‬إقبل الصليب الذى أسمح به = فكل ما يسمح به المسيح هو لخالص نفسى‪ ،‬وهو الذى يقودنى فى طريق‬ ‫السماء‪ ،‬فهل أعرف أنا طريق السماء لكى أصل لها‪ .‬إذاً لماذا التذمر واإلعتراض على أحكام اهلل‪.‬‬

‫‪ )3‬ال تقارن ما يحدث لك مع اآلخرين = فكل إنسان مختلف عن اآلخر‪ ،‬والمسيح يعرف كفاحص القلوب‬ ‫والكلى كيف يشفى طبيعتنا الساقطة المريضة لنصل للسماء‪ ،‬فلماذا تقارن نفسك مع غيرك وأنت لست هو‪،‬‬ ‫وهو ليس أنت‪( .‬بطرس ليس مثل يوحنا)‬ ‫فى‬ ‫اهلل محبة‪.‬إثبتوا َّ‬ ‫إذا أصاب إنسان عادى تجربة شديدة‪ ،‬جرت العادة أن يصرخ مشتكياً فى جهل "لماذا تفعل بى هذا يا رب" وهذا خطأ‬

‫كبير‪:‬‬

‫‪ )1‬إذا قلنا للمسيح لماذا {أنت} تفعل بى {أنا} هذا‪ .‬فأنا قد فصلت نفسى عن المسيح بينما أن المسيح ثابت‬

‫فى‪ ،‬بل أنا جسده "ألننا أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه" (أف‪ )34:1‬وأعضاءنا هى أعضاءه‬ ‫َّ‬ ‫(‪1‬كو‪ .) 11:5‬لذلك فمن يقول هذا فقد حكم على نفسه بالموت إذ فصل نفسه عن المسيح بينما بولس‬ ‫الرسول يقول"لى الحياة هى المسيح" (فى‪(+)21:1‬غال‪.)24:2‬‬

‫‪ )2‬إذا شككت فى محبة إنسان يحبنى فعالً ‪ ،‬فإنه يعتبر هذا جرح كبير سببته له ‪ .‬فما بالك ونحن نشكك فى‬ ‫محبة اهلل تجاهنا بينما اهلل محبة‪.‬‬

‫‪ )3‬إذا قلت لماذا يا رب تفعل ذلك‪ ،‬فأنا أنسب له الخطأ‪ .‬واهلل كلى الحكمة ال يخطىء بل كصانع الخيرات فإن‬ ‫كل ما يسمح به هو لخالص نفوسنا‪ ،‬وهذا معنى "كل األشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون اهلل" (رو‪)28:8‬‬

‫‪‬‬

‫ال تحبوا العالم وال األشياء التى فى العالم‪ .‬إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة اآلب‪ .‬ألن كل ما فى العالم‬

‫‪‬‬

‫محبة العالم عداوة هلل ‪( ..‬يع‪)0:0‬‬

‫شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من اآلب بل من العالم ‪ .‬والعالم يمضى وشهوته (‪1‬يو‪)12-11:2‬‬ ‫‪‬‬

‫تحب الرب إلهك من كل قلبك‪( ..‬تث‪)1:5‬‬ ‫لماذا محبة العالم عداوة هلل ؟ هل اهلل يكره العالم؟!‬

‫قطعاً ال‪ .‬فاهلل هو الذى خلق العالم ووجده حسن جداً (تك‪ ،)31:1‬فالطبيعة خليقة اهلل وهى تسبحه بمعنى أنها تشهد‬ ‫بأنه خالق حلو قدير (رو‪)24:1‬‬

‫‪61‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫بل الكتاب أيضاً يهاجم الجسد (غال‪( + )21-15:1‬رو‪ )2:8‬فهل اهلل يكره الجسد؟ قطعاً ال‪ .‬فاهلل هو الذى خلق‬

‫الجسد‪ .‬بل أن إبنه تجسد آخذاً جسداً كجسدنا‪" ..‬اهلل ظهر فى الجسد" (‪1‬تى‪ )15:3‬ولكن حتى نفهم هذا القول فليس‬

‫المقصود بالعالم الطبيعة التى خلقها اهلل وليس المقصود بالجسد أعضاء جسدنا ‪ ..‬والحظ‪ ..‬حينما سقط آدم وحواء‬

‫قال الكتاب مباشرة "فإنفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانين" (تك‪ )2:3‬بعد أن كانا حال براءتهما األولى "عريانين‬ ‫وهما ال يخجالن" (تك‪ .)21:2‬فما معنى أنهما علما أنهما عريانين؟ ببساطة شديدة فهذا معنى مهذب كعادة الكتاب‬

‫المقدس للتعبير عن إنشغال آدم وحواء بشهوة األجساد عن حب اهلل‪ .‬لذلك يحذر يوحنا فى هذه الرسالة "كل ما فى‬

‫العالم شهوة الجسد‪ "..‬بل تسلل لإلنسان بعد ذلك محبة المال والذات والمراكز والمناصب والعظمة وتعظم المعيشة ‪..‬‬ ‫وهذا ما يسميه الكتاب العالم ‪.‬‬

‫شغل الناس عن محبة اهلل‪ .‬لم تعد الشهوة مقدسة أى مخصصة هلل‪ ،‬ففقد اإلنسان الفرح‪ ،‬وعاش فى الحزن‬ ‫وكل هذا َ‬ ‫لذلك إعتبر الكتاب أن محبة العالم هى عداوة هلل فهى شغلت اإلنسان عن اهلل‪ ،‬وعاش اإلنسان فى حزن وهذا ضد‬ ‫إرادة اهلل‪ .‬لذلك يطلب الكتاب أن نحب اهلل لنفرح‪ .‬الخطأ أن العالم تحول بدالً من أن يكون وسيلة فأصبح هدفاً بينما‬

‫أن الهدف يجب أن يكون اهلل نفسه (رو‪ )35:11‬أما المقصود بالجسد فهو شهوات الجسد الخاطئة التى تميل‬ ‫للشر(غال‪( + )21-15:1‬كو‪)1:3‬‬

‫ولنالحظ أن ما يكون هدفاً لي فهو يستعبدني‪ ،‬لذلك فلو كان هدف أحد هو شهوته أو محبته للمال فإن هذا يستعبده‬

‫ويصير له سيداً (مت‪ .)20 :5‬واهلل يريدنا أن نفرح وال نستعبد‪ .‬أما لو كان اهلل هو هدف إنسان فهو يحرره بالحقيقة‪.‬‬ ‫لذلك فمن يستعبده العالم بشهواته أو بأمواله‪ ..‬إلخ‪ ،‬يصبح العالم منافساً هلل‪ ،‬لذلك فمحبة العالم عداوة هلل‪.‬‬

‫المحبة واألنا‬ ‫خدم ويبذل نفسه غاسالً أرجل تالميذه وباذالً جسده‬ ‫رأينا في محبة المسيح محبة باذلة أخلى فيها ذاته وأتى َليخدم ال لي َ‬ ‫مأكالً حقاً‪ .‬لذلك فالمحبة المطلوبة هي على نفس النمط‪ ،‬أي نترك األنا ونبذل أنفسنا طالبين ما هو هلل ال ما يرضى‬ ‫شهواتنا وما يرضى األنا‪ .‬وفي ضوء هذا نفهم اآليات اآلتية‪:‬‬

‫"من أحب أباً أو أماً أكثر مني فال يستحقني" (مت‪،)32 :14‬‬

‫إلى وال يبغض أباه وأمه ‪ ..‬حتى نفسه ‪( "..‬لو ‪.)25 :10‬‬ ‫"إن كان أحد يأتي ّ‬ ‫فهل اهلل يطلب منا أن نبغض آبائنا أو أنفسنا؟! قطعاً ال فهذا ضد‪:‬‬ ‫‪ )1‬وصية أكرم أباك وأمك ‪( "..‬خر‪.)12 :24‬‬ ‫‪ )2‬فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضاً للكنيسة‪( "..‬أف‪.)34-28 :1‬‬

‫‪ )3‬الجسد وزنة ومن يهمل في صحة جسده يخسر وزنة وقد يؤدي به هذا إلى أن يلقى في الظلمة الخارجية‬ ‫(مت‪.)34 :21‬‬

‫‪62‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫ولكن المقصود هو‪:‬‬

‫‪ )1‬كلمة "يبغض" قد تترجم في العبرية "يحب أقل"‪ .‬وقارن تك(‪" )34 :21‬وأحب أيضاً راحيل أكثر من ليئة" مع‬ ‫(تك ‪ " )31 :21‬ورأى الرب أن ليئة مكروهة‪ "..‬وأيضاً (تث‪" )11 :21‬إذا كان لرجل إمرأتان إحداهما‬ ‫محبوبة واألخرى مكروهة‪"..‬‬

‫‪ )2‬من يحب نفسه أو شخص آخر مثل أبيه أو أمه ‪ ..‬وحدث مكروه له أو لهذا الشخص وتقل محبته هلل أو‬ ‫يتصادم مع اهلل فيخسر فرحه والتعزيات السماوية التي يعطيها اهلل للمتألم (نش‪1 + 5 :2‬كو‪ )13 :14‬بل قد‬

‫يخسر حياته األبدية‪ ،‬إذ انه ما عاد يرضي اهلل بإيمانه الضعيف أو المعدوم‪ ،‬والكتاب يقول "بدون إيمان ال‬ ‫يمكن إرضاؤه" (عب‪ .)5 :11‬واإليمان ليس هو إيمان بأن اهلل موجود‪ ،‬فالشياطين تؤمن بهذا وتقشعر (يع‪:2‬‬

‫‪ ،) 11‬ولكن اإليمان الذي يفرح قلب اهلل هو إيماننا بأنه صانع خيرات‪ ،‬وأن ما نعترض عليه هو للخير حتى‬

‫وان لم نفهم (يو‪" )12 :13‬فكل األشياء تعمل معاً للخير ‪( "..‬رو‪ .)28 :8‬واهلل غير ملزم بتقديم تفسير لكل‬ ‫عمل يعمله‪ ،‬فاإليمان هو الثقة بما يرجى واإليقان بأمور ال ترى (عب‪.)1 :11‬‬

‫‪ )3‬مشكلة أن نحب أنفسنا أو من لنا أكثر من اهلل هي "األنا"‪ .‬وهذه األنا هي سبب أي خطية‪ .‬فالخطية تحدث‬ ‫حينما أسعى وراء ما أريده أنا وليس ما يريده اهلل‪ .‬أما من يسعى وراء ما يريده اهلل فقط ‪ ،‬فهذا ما يشير إليه‬ ‫الكتاب بما يسمى البساطة والتى تعنى باإلنجليزية ‪ Single Hearted‬أي من له هدف واحد بقلبه‪ .‬فمن‬ ‫يسعى وراء األنا يتقوقع حول نفسه ويغتم ويفقد فرحه ووعيه بالسماء‪ ،‬وهذا ما حدث مع زكريا الكاهن البار إذ‬

‫تقوقع حول نفسه وحول مشكلته‪ ،‬وأنه ال ينجب‪ ،‬وأحب نفسه أكثر من اهلل‪ ،‬فإنفصل عن اهلل وفقد اإلحساس‬ ‫الروحي‪ ،‬وحينما كلمه المالك بكلمات كتابية واضحة عن الخالص المنتظر بالمسيح وأنه سيولد له من يمهد‬

‫الطريق للمسيح المخلص لم يفهم (راجع تفسير لوقا اإلصحاح األول)‪ .‬وكانت هذه سقطة آدم الذي بحث عن‬

‫(ع ْدن = فرح)‪ .‬وهذا معنى‬ ‫نفسه وكيف يصير مثل اهلل باإلنفصال عن اهلل‪ ،‬سقط آدم ومات وخسر الفرح َ‬ ‫طرده من الجنة‪.‬‬ ‫والعكس‪ ،‬فمن يسعى وراء اهلل ويكون هدفه اهلل فقط‪:‬‬ ‫‪ )1‬يلتصق باهلل‪ ،‬ومن يلتصق باهلل تاركاً األنا يصير معه روٌح واحد (‪1‬كو ‪.)12 :5‬‬ ‫‪ )2‬من يكون هدفه اهلل فقط وليس األنا ينسحق ويتواضع فيسكن اهلل عنده (أش‪.)11 :12‬‬

‫‪ )3‬مثل هذا ينعكس نور اهلل عليه فيصير مني اًر "إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون ني اًر" (مت‪.)22 :5‬‬ ‫ومن له العين البسيطة هو الذي له هدف واحد هو اهلل‪ .‬لذلك يشير الحمام في الكتاب المقدس للبساطة‪ ،‬إذ‬

‫أن الحمام الزاجل دائماً له إتجاه واحد‪ .‬والحمام دائماً له اتجاه واحد إلى بيته‪ .‬ولذلك كان للروح القدس شكل‬ ‫الحمامة يوم المعمودية إذ هو يوجهنا إلى إتجاه واحد هو المسيح‪ ،‬إذ "يأخذ مما له ويخبرنا" (يو‪.)10 :15‬‬

‫ومن يعل اّمه الروح القدس من هو المسيح يحب المسيح‪ ،‬ومن يحب المسيح يكون جسده كله ني اًر‪ ،‬ويظهر‬

‫‪63‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫الفرح على وجهه فيظهر نوره‪ .‬أما من له محبة العالم أو من يتصادم مع اهلل ألجل نفسه أو ألجل خسارة أي‬

‫شيء في العالم أو لخسارة لحقت أحد أحبائه يكون في ظلمة ويعادي اهلل (مت‪ )23 :5‬لذلك فمحبة العالم‬ ‫ختاماً‬

‫عداوة هلل‪.‬‬

‫المحبة ليست فضيلة إختيارية بل هى عالمة اإلنتقال من الموت إلى الحياة‪ ،‬عالمة الخليقة الجديدة‪.‬‬

‫المحبة فى العهد القديم كانت بالتغصب ‪ ،‬والمحبة فى العهد الجديد هى عطية من اهلل ينبغى أن نجاهد لنحافظ‬

‫عليها فنخلص ‪ ،‬لذلك قال السيد أن المحبة هى وصية قديمة (كانت بالتغصب) هى تغصب وأعمال من الخارج ‪،‬‬

‫والقلب ال يستطيع ان يحب ‪ .‬ولكنها صارت جديدة كعطية من الروح القدس (يو‪1(+)30:13‬يو‪ )2:2‬هنا نجد التغيير‬

‫داخلى والحب فى القلب كما هو ظاهر فى الخارج ‪ .‬والناموس كله يتلخص فى هذه الكلمة‪ :‬محبة اهلل ومحبة‬

‫اآلخرين (مت‪)31-35:22‬‬

‫هى قديمة ألنها وصية الناموس لكنها كانت تحتاج للجهاد الشخصى وهى بالتغصب والقلب فارغ من المحبة ‪ ،‬فلم‬

‫يكن هناك نعمة ‪ .‬وهى جديدة ألنها ثمرة من الروح‪ ،‬وبذلك فهى تجديد وتغيير فى الداخل ‪ .‬وهى نعمة أى عطية‬

‫مجانية‪ .‬ولكن كل نعمة تحتاج إلى جهاد للحصول عليها وجهاد للحفاظ عليها ‪ .‬ولذلك فالسيد قال أنها وصية جديدة‬ ‫ولم يقل لقد أعطيتكم نعمة المحبة‪.‬‬ ‫ولهذا كان تركيز القديس يوحنا اإلنجيلى فى رسائله على هذه الوصية‪ ..‬وصية المحبة‪ ..‬بل هى وصية الكتاب‬

‫المقدس كله‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬خط الرسالة العام‬ ‫االصحاح االول‬

‫ابن اهلل الكلمة = الذى كان من البدء ‪ ،‬تجسد = الذى رأيناه وسمعناه ‪ .‬هو من يخبرنا يوحنا انه تجسد ليعيد لنا‬ ‫الحياة التى فقدناها ‪ .‬فالمسيح الذى هو الحياة حينما ظهر بالجسد على االرض ظهرت لنا الحياة التى أرادها اهلل لنا‬ ‫منذ البدء ‪ .‬وصار لنا نصيب فى هذه الحياة حينما نتحد بالمسيح الحياة ‪ ،‬والقديس يوحنا يدعونا لتكون لنا شركة معه‬

‫فى هذه الحياة األبدية ‪ .‬ولكن هناك شروط ليتم هذا االتحاد ونثبت فيه ‪-:‬‬ ‫‪ )1‬أن تكون لنا شركة بعضنا لبعض ‪ ،‬أى نسلك فى محبة ‪.‬‬ ‫‪ )2‬أن نسلك فى النور أى نطيع وصايا اهلل ‪.‬‬

‫هذه الشروط هى شروط اإلتحاد بالمسيح ‪ .‬وهذا اإل تحاد بيننا وبين المسيح هو على نفس نمط االتحاد بين المسيح‬ ‫اإلبن واآلب ‪ ،‬فاآلب واإلبن واحد بالمحبة ( يرجى مراجعة االيات يو ‪. )14 ،1 : 11‬‬

‫‪64‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫وباإلضافة لحصولنا على الحياة األبدية كنتيجة لإلتحاد بالمسيح سيكون لنا حياة الفرح ‪ ،‬وغفران الخطايا إن إعترفنا‬

‫بها ‪.‬‬

‫االصحاح الثانى‬

‫االيات ‪-: 2 ، 1‬‬ ‫هل بعد كل ما عمله المسيح ألجلنا نعود ونخطئ فنخسر الحياة ‪ .‬ولكن من قرر أن يسلك فى البر وال يخطئ ‪ ،‬ثم‬

‫أخطأ عن ضعف وسريعا ما قدم توبة واعترف بخطيته نادما عليها ‪ ،‬فمثل هذا يكفر عنه دم المسيح ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 1 – 3‬‬

‫المعرفة والحب والوحدة مع اهلل هى مترادفات (يرجى مراجعة تفسير يو‪ ، )1 : 11‬ومن يحب اهلل فهو ثابت فيه‬ ‫وعرفه فأحبه ‪ .‬ونحن نتحد به لو صارت لنا طبيعة المحبة‪ ،‬وهذه يسكبها الروح لمن يسأل (رو‪ . )1 : 1‬ومن يشابه‬

‫اهلل فى محبته تصير له نفس مشيئة اهلل فال يخطئ ‪ ،‬وكلما إزداد هذا الثبات فهو ال يستطيع ان يخطئ ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 11 – 7‬‬

‫الوصية األهم عند المسيح لنا هى ‪...‬المحبة هلل ولالخرين ‪ ،‬وهى ليست وصية إختيارية ألن من ليس له محبة يموت‬

‫‪ .‬فبالمحبة نتحد بالمسيح ‪ .‬والروح القدس يعطى اإلمكانيات لمن يجاهد ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 11 – 12‬‬

‫أكتب‪...‬أكتب‪...‬أيها األوالد‪....‬تكرار أكتب ‪،‬ألننا ال ندرك معنى الغفران بدون معرفة حب اآلب‪.‬‬ ‫أكتب‪...‬كتبت‪...‬أيها األباء‪ .....‬مع النمو يزداد الثبات فى المسيح‪.‬‬

‫أكتب‪...‬كتبت‪...‬أيها األحداث‪ ..‬مع النمو تزداد القوة فى مقاومة ابليس والخطية‪.‬‬ ‫االيات ‪-: 17 – 11‬‬ ‫من ينظر هلل ويتأمل فى أعمال محبته يزداد حبا هلل وبالتالى ثباتا فى المسيح ‪ .‬ولكن ما يوقف نمو المحبة وبالتالى‬

‫الثبات هو أ ن نعود ونرتد وننظر للعالم ونشتهيه فننخدع وننجذب اليه فنبتعد عن اهلل كما إنخدعت حواء إذ رأت‬ ‫الشجرة شهية للنظر ‪ .‬والقديس يوحنا ينبه هنا أالا نفعل ذلك‪.‬‬ ‫االيات ‪-: 19 – 12‬‬ ‫المسيح يريدنا ان نثبت فيه وننمو للخالص ‪ .‬ولكن عدو الخير (إبليس) يقاوم هذا فيقيم أضداد للمسيح ليخدع اوالد‬

‫اهلل ‪ .‬وهذا يكون إما بأن يجذبهم الى محبة العالم او بأن يشككهم فى المسيح ليفسد ايمانهم وعقيدتهم التى يشوهها‬

‫الهراطقة ‪.‬‬

‫والقديس يوحنا األب المحب ألوالده ينبههم هنا ليكونوا حذرين من هذا ومن ذاك ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 29 – 21‬‬

‫‪65‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫الروح القدس الذى يسكن فينا يكشف لنا كل خداع ‪ ،‬وهذا يجعل أهم جهاد لنا هو بأن نمتلئ من الروح القدس (‬

‫بالهروب من كل طريق للخطية ونجاهد فى الصالة والتسابيح) ‪ .‬ومعنى كلمات القديس يوحنا هنا أن نجاهد حتى‬ ‫نظل ممتلئين فال يخدعنا ابليس ‪ .‬والروح أيضا يعين ضعفاتنا (رو ‪ . )25 : 8‬إبليس له قوة على الخداع ‪ ،‬لكن‬

‫الروح القدس يعطى لمن يسأل نعمة أعظم قادرة ان تنير عينيه وتحفظه (يع‪ )5 : 0‬فلماذا الخوف من ابليس ‪" ،‬‬

‫إسألوا تُ ْعطَ ْوا‪( "....‬مت‪. )2 : 2‬‬ ‫االصحاح الثالث‬

‫االيات ‪-: 1 – 1‬‬ ‫منا ان نسلك فى البر ‪ .‬وهنا يشرح لنا ما يشجعنا على ترك الخطية‬ ‫فى اآلية السابقة (‪ )21 : 2‬طلب القديس يوحنا ا‬ ‫واإللتصاق باهلل عاملين البر ( والبداية دائما تكون بالتغصب مت‪ .)12 : 11‬ويكون هذا بأن نتأمل فى محبة اهلل‬ ‫وعطاياه وكيف جعلنا أوالدا له ‪ ،‬وفى المجد المعد لنا فى السماء ‪ ،‬إذ يكون لنا صورة إبنه ‪ .‬وكان كل هذا بأن قدم‬

‫المسيح لنا الفداء ليرفع خطايانا ويعطينا القوة لنسلك فى البر ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 12 – 1‬‬

‫القديس يوحنا توقع أن يسمع من البعض أعذا ار يبررون بها أنهم يخطئون إذ لهم طبيعة بشرية ضعيفة ‪ .‬وهو يجيب‬ ‫عليهم بأنه ال معنى لهذه األعذار فنحن لنا قوة جبارة ( النعمة ) فالمسيح بفدائه أعطانا حياته والروح القدس يسكن‬ ‫فينا وهو يعيننا (رو‪ . ) 25 : 8‬ولكن هذه القوة هى لمن يثبت فى المسيح فيمتلئ بالروح ‪ .‬وكيف نثبت فى المسيح‬ ‫وتكون لنا هذه القوة الجبارة التى تحفظنا من ضعفاتنا وتعطينا معونة ؟ هذا يكون إذا حدث التوافق بين إرادة اهلل‬

‫وارادتنا ‪ ،‬وألن اهلل محبة فالقديس يوحنا يطلب منا أ ن نثبت فى المحبة فنثبت فى المسيح فنمتلئ بالروح فنشعر بهذه‬

‫القوة الجبارة ‪ ،‬وكلما إزدادت هذه القوة اليستطيع المؤمن ان يخطئ ‪ .‬وهذا ما قاله السيد المسيح لليهود " كم مرة أردت‬

‫‪....‬ولكنكم لم تريدوا " (مت ‪ ، )31 – 32 : 23‬وبنفس المفهوم يسأل مريض بيت حسدا " أتريد ان تب أر " ‪ .‬لكن من‬ ‫يخطئ عن ضعف فباب التوبة مفتوح ‪.‬‬

‫اآلية ‪-: 13‬‬

‫العالم يبغض أوالد اهلل فهم ليسوا على شاكلته بل على شاكلة إبليس عدو اهلل ‪.‬‬ ‫اآليات ‪-: 12 – 11‬‬ ‫هى دعوة لنتشبه بالمسيح فى المحبة العملية الباذلة فنثبت فيه فنحيا ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 21 - 19‬‬

‫من يحيا حياة المحبة الباذلة فهو إبن اهلل حقا وليطمئن قلبه ‪ .‬بل ليكن له ثقة ودالة فى طلبه من أبيه السماوى الذى‬ ‫يستجيب لطلبات أوالده ‪ .‬ولكن هذا بشرط ان نحفظ وصاياه ‪ ،‬فمن يحب اهلل يحفظ وصاياه ‪ .‬وأهم وصايا اهلل هى‬

‫‪66‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫االيمان بالمسيح والمحبة وأ ن نعمل أعمال مرضية أمامه ‪ .‬وبهذا نثبت فيه ‪ .‬والروح القدس يمألنا فنسمع صوته‬

‫بوضوح أننا أوالد اهلل فتطمئن قلوبنا ‪ .‬بل يجعلنا نصرخ من القلب فى دالة هلل قائلين‬ ‫االصحاح الرابع‬

‫" يا آبا اآلب " (غل‪. )5 : 0‬‬

‫االيات ‪-: 1 – 1‬‬ ‫عدو الخير ال يكف عن الحرب ضد الكنيسة وضدنا ‪ ،‬وهنا نراه يقود الهراطقة لشن حرب تشكيك‪ .‬ويعلمون تعاليم‬ ‫منحرفة مدعين أنها بالروح القدس ‪ .‬وهؤالء إما هم من خارج الكنيسة أو من المنشقين عنها ويعمل فيهم إبليس الذى‬

‫هو ضد المسيح ‪ .‬لكن لماذا الخوف ‪ ،‬فالروح القدس فينا يعلمنا ويذكرنا بكل تعاليم المسيح وهو يكشف خداعاتهم ‪.‬‬

‫والروح القدس يعطى نعمة أعظم من إبليس المخادع العامل فى هؤالء (يع‪. )5 : 0‬‬

‫االيات ‪-: 2 – 7‬‬

‫المحبة هى أداة كشف هرطقات الهراطقة ‪ ،‬فالمحبة هى الطريق الوحيد للثبات فى المسيح وبالتالى اإلمتالء من‬ ‫الروح القدس ‪ ،‬والروح القدس هو الذى ينير عيوننا ويرشدنا للضالل الذى فى الهرطقات فال ننخدع بها بل نرفضها‪.‬‬

‫االيات ‪-: 11 – 9‬‬

‫هذه المحبة التى يطلبها اهلل منا ليست مستحيلة ‪ ،‬بل هى عطية من اهلل الذى أحبنا أوال وكان أن أرسل لنا إبنه فى‬

‫الجسد وقد م لنا الفداء ‪ ،‬وكانت هذه المحبة التى فينا هلل وللقريب هى بركة من بركات سر التجسد وهى من ثمار‬ ‫الروح القدس الذى فينا ‪ .‬لذلك هى مستحيلة على االنسان الطبيعى وليست على الخليقة الجديدة التى فى المسيح ‪.‬‬

‫االية ‪-: 11‬‬

‫بالتغصب والجهاد يمألنا الروح القدس بالمحبة ‪.‬‬

‫االية ‪-: 12‬‬

‫وبهذا نثبت فى اهلل ‪.‬‬

‫االية ‪- : 13‬‬

‫وعالمة اننا ثابتين فى اهلل ان توجد هذه المحبة داخلنا ‪ ،‬أعطاها لنا الروح ولم نقاومه ‪.‬‬ ‫االيات ‪-: 11 – 11‬‬ ‫يوحنا بالروح الذى فيه عرف المسيح وأحبه وصار يشهد له‪ .‬وهذا متاح لكل منا ‪ ،‬فلماذا نرفض ولماذا ال نغصب‬ ‫انفسنا وبهذا نقاوم عمل الروح القدس فينا ‪.‬‬

‫االية ‪-: 17‬‬

‫المحبة تنمو وعالمة نضجها ان نشتهى لقاء المسيح فى السماء ‪ .‬والطريق لهذا هو أن نتشبه بالمسيح الذى أحب‬

‫العالم ‪.‬‬

‫االية ‪-: 12‬‬ ‫ما الذى يجعلنا نشتهى لقاء المسيح غير خائفين ؟ اننا تذوقنا محبته وأحببناه (رو‪)1 : 1‬‬

‫‪67‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫االيات ‪-: 21 – 19‬‬ ‫اهلل أحبنا أوال فقدم لنا الفداء ‪ ،‬وأرسل لنا الروح القدس الذى مألنا محبة هلل وللقريب (حتى ألعدائنا الذين يوجهون‬ ‫ضدنا كراهيتهم) ومن ال يحب فهو لم يستفد من الفداء وال من سكنى الروح القدس فيه ‪ ،‬وال حصل على الخليقة‬

‫الجديدة ‪ .‬إذاً فلنجاهد بأن نغصب أنفسنا لنحب اهلل وكل الناس ‪ ،‬فهذه وصية اهلل ‪.‬‬ ‫االصحاح الخامس‬

‫االية ‪-: 1‬‬

‫المؤمن الحقيقى والمعمد هو مولود من اهلل بطبيعة جديدة قادرة ان تحب اهلل والناس ‪ ،‬فإذا كانت لنا هذه الطبيعة‬ ‫الجديدة التى لها هذه االمكانيات فى المحبة فما عذرنا فى أننا ما زلنا نكره ‪ .‬هذا الحب للجميع هو عطية من اهلل ‪،‬‬

‫وليس لالنسان الطبيعى ( الذى لم يتجدد بالروح القدس ) ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 1 – 2‬‬

‫هناك محبة طبيعية تنتمى لالنسان الطبيعى وعواطف طبيعية ليست هى التى تقود للخالص ( مت ‪) 08 – 03 : 1‬‬

‫‪ .‬ولكن هناك محبة ناتجة عن الخليقة الجديدة للمؤمن المعمد والمملوء بالروح ‪ ،‬هى بشبه محبة المسيح ‪ ،‬فكما أحب‬

‫المسيح العالم وبذل ذاته عنه والعالم غارق فى خطاياه ‪ ،‬هكذا المحبة التى تنتمى للخليقة الجديدة هى محبة للجميع‬

‫حتى لمن يعادينا ‪ .‬وأيضا فهذا المؤمن تكون له القوة على حفظ الوصايا وبهذه القوة يغلب العالم ‪ .‬والمؤمن = هو‬

‫من آمن بأن المسيح هو إبن اهلل ‪ ،‬واعتمد فمات مع المسيح وقام بحياة جديدة وله قوة ان يقدم جسده ذبيحة حية ‪،‬‬ ‫يصلب جسده ‪ ....‬األهواء مع الشهوات (غل‪ . )20 : 1‬فااليمان ليس هو االيمان النظرى ( هو ليس ديانتى المدونة‬

‫فى البطاقة الشخصية ) بل هو السلوك فى طريق المسيح الذى آمنت به(راجع رو‪ . )10 – 1 : 5‬مثل هذا المؤمن‬

‫يمتلئ بالروح ويسمع صوت الروح القدس شاهداً له بالبنوة هلل فيصرخ فى حب وفى دالة " يا آبا اآلب " ( غل ‪5 : 0‬‬

‫)‪.‬‬

‫االية ‪-: 1‬‬ ‫يسوع الذى نؤمن به قدم لنا فداء ومات على الصليب وقام وصعد ليرسل لنا الروح القدس ويجدد طبيعتنا ويعطينا‬

‫خليقة جديدة قادرة أ ن تنفذ الوصايا وتموت مع المسيح عن العالم وشهواته ‪ ،‬وتحب اآلخرين حتى األعداء ‪ .‬ونحن‬ ‫بالروح القدس الذى فينا قادرين ان نختار االيمان بالمسيح ونتبعه فى طريقه ‪ ،‬وان نسلك بالحق ‪ ،‬ألن الروح القدس‬

‫يشهد لكل ما هو حق داخلنا ‪.‬‬

‫االية ‪-: 7‬‬

‫وليس الروح الذى فينا هو فقط الذى يشهد للمسيح ولطريق الخالص بل الثالوث يشهد أيضا ‪.‬‬

‫االية ‪-: 2‬‬

‫هذه عن الوالدة الجديدة بالمعمودية (روح وماء ودم) وبها نحصل على الخليقة الجديدة‪ ،‬بأن تموت فينا العتيقة ونقوم‬ ‫بالجديدة ‪ ،‬ويسكن فينا الروح الذى يعطينا قوة لنستمر فى الطريق بأن نقدم أجسادنا ذبيحة حية (رو‪ )1 : 12‬ونسلك‬

‫‪68‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


‫رسالة يوحنا األولي (أهمية المحبة عند القديس يوحنا وخط الرسالة)‬

‫فى بر ونصل لصورة المسيح (غل‪ )11 : 0‬فتكون لنا حياة أبدية ‪ .‬والمعمودية هى شهادة حية على الطريق الذى‬

‫رسمه اهلل للخالص أى الموت بالخليقة الجديدة والقيام بأخرى جديدة ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 11 – 9‬‬

‫كل هذه الشهادات وككل عمل اهلل فى قصة الفداء هو ألن اهلل يحبنا ويريد ان تكون لنا حياة أبدية‪.‬‬

‫االية ‪-: 12‬‬

‫يريد الرسول ان يقول بإختصار أ ن الحياة أظهرت وحصلنا على خليقة جديدة والروح يشهد للحق فى قلوبنا والسماء‬

‫تشهد ‪......‬إذاً ليس لنا عذر فى أن ال نتجاوب مع إرادة اهلل فى خالصنا ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 11 – 13‬‬

‫من يختار الثبات فى المسيح تكون له حياة أبدية‪ ،‬وتستجاب طلباته‪ ،‬وتكون له قوة إسم اهلل تسانده‪.‬‬

‫االيات ‪-: 17 ، 11‬‬

‫إذ لنا ثقة فى أن اهلل يستجيب طلباتنا ‪ ،‬إذاً لنستغلها فى أن نطلب من أجل اآلخرين الذين هم فى طريق الخطية‬

‫ليقودهم اهلل للتوبة ‪ .‬وهذا يتفق مع مشيئة اهلل فى أن تكون لنا هذه المحبة وأنه يريد أن جميع الناس يخلصون ‪.‬‬

‫االية ‪-: 12‬‬

‫اهلل يعطى معونة تحفظنا من الشر ‪ ،‬لكن علينا نحن أن نحفظ انفسنا من الشر ونهرب منه ‪ ،‬ولنحذر من طرقه ‪ .‬وان‬

‫ضعفنا وسقطنا نتوب سريعا ‪.‬‬

‫االية ‪-: 19‬‬

‫لماذا نهرب من العالم ؟ هذا ألنه خاضع للشيطان ويغرى على السقوط ‪ .‬الشيطان كان فى قوته كأسد مخيف وجاء‬ ‫المسيح ليربطه ويضعه فى قفص ‪ .‬فمن يذهب إليه داخل القفص يقتله ‪.‬‬

‫االيات ‪-: 21 ، 21‬‬

‫اهلل أعطانا بالروح القدس الذى يعلم ويبكت ويرشد للحق ‪ ،‬أن ندرك الفرق بين الحق والباطل الذى فى العالم ‪ .‬ثم‬ ‫يوصينا الرسول بأن نهرب من األصنام وخداعات الشياطين أى ملذات العالم‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫‪http://coptic-treasures.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.