سلسلة من التراث الخالد لمعلم الاجيال ج02 داخل الابواب المرشوشة بالدم البابا شنودة الثالث

Page 1


‫من الرتاث اخلالد ملعلم الأجيال‬

‫‪2‬‬

‫داخل الأبواب املر�شو�شة بالدم‬


‫من الرتاث اخلالد ملعلم الأجيال‬ ‫الكتاب الثاين‪ :‬داخل الأبواب املر�شو�شة بالدم‬ ‫النا�رش‪ :‬املكتبة القبطية امل�سيحية الأرثوذك�سية على االنرتنت‬ ‫‪http://copticlibrary.blogspot.com‬‬ ‫تاريخ الن�رش‪ :‬مار�س ‪2012‬م‬


‫مثلث الرحمات‬ ‫قدا�سة البابا �شنوده الثالث‬ ‫بابا اال�سكندرية وبطريرك الكرازة املرق�سية ال ‪117‬‬



‫هذه ال�سل�سلة‬ ‫تقدم املكتبة القبطية املسيحية األرثوذكسية ىلع االنرتنت‬ ‫ً‬ ‫لقرائها األعزاء يف هذه السلسلة بعضا من الرتاث اخلادل ملعلم‬ ‫األجيال وذهيب فم القرن العرشين واحلادي والعرشين مثلث‬ ‫الرمحات قداسة ابلابا شنوده اثلالث‪ .‬اذلي أثرى حياتنا‪ ،‬وحياة‬ ‫املاليني من حمبيه عرب األجيال بأقواهل وتعايلمه وحياته‪ ،‬فاكن‬ ‫مصباح منري‪ ،‬بل شمس ساطعة أضاءت بقوة اعملنا اذلي‬ ‫حيتاج دوما إىل قدوة صاحلة تسري ىلع هدى السيد املسيح‬ ‫وتتبع خطواته يف احلب وابلذل واالتضاع‪.‬‬ ‫وكتابنا اثلاين يف هذه السلسلة بعنوان «داخل األبواب‬ ‫املرشوشة بادلم» عن مقال نرشه األستاذ نظري جيد (ابلابا‬ ‫شنوده اثلالث) يف جملة مدارس األحد عدد مارس ‪1953‬م‪.‬‬ ‫نصيل إىل الرب أن ينيح روحه الطاهرة يف ملكوت‬ ‫السموات وأن يمتعنا بربكه صالته عنا‪.‬‬ ‫املكتبة القبطية امل�سيحية الأرثوذك�سية على االنرتنت ‪ -‬مار�س ‪2012‬م‬

‫‪5‬‬



‫داخل الأبواب املر�شو�شة بالدم‬ ‫هل نفهم من قصة خروف الفصح اليت حدثت وتكررت‬ ‫ً‬ ‫منذ ‪ 3500‬سنة كثريا من تعايلم املسيحية اليت نعرفها ايلوم؟‬ ‫هل حتدثنا هذه القصة عن الفداء والكنيسة يف قداستها‬

‫ووحدتها‪ ،‬والقداس اإلليه ورسي اتلوبة واالعرتاف؟‬

‫وهل تعطي فكرة عن خالص األمم إىل جوار شعب‬

‫إرسائيل؟‬

‫ً‬ ‫وهل تعطينا جوابا أرثوذكسيا يف مسألة «اإليمان‬

‫واألعمال»؟‬

‫وهل ترشح ترتيب أسبوع اآلالم وفكرة عن مجعة‬

‫الصلبوت؟‬

‫ً‬

‫وهل تتلكم أيضا عن العماد كأول األرسار؟‬ ‫لك هذا جنيب عنه يف هذا املقال‪..‬‬ ‫‪7‬‬


‫داخل األبواب املرشوشة بالدم‬

‫خروف الف�صح ورموزه لل�سيد امل�سيح‬ ‫قصة الفصح‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫رْ َ َ‬ ‫َ لَ َّ َ َّ ُّ ُ ىَ َ َ ُ َ‬ ‫ص قائِال‪« :‬هذا‬ ‫ارون فيِ أ ْر ِض ِم‬ ‫وكم الرب موس وه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َّ ْ ُ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫ك ْم َرأْ َس الش ُ‬ ‫ك ْم أ َّول ُش ُهور َّ‬ ‫السنَ ِة‪.‬‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫‪.‬‬ ‫ور‬ ‫ه‬ ‫الشهر يكون ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫لَ ِّ َ كلُ َّ جمَ َ َ رْ َ َ َ َينْ‬ ‫َ‬ ‫اش ِم ْن هذا الشه ِر‬ ‫كما‬ ‫اع ِة ِإسا ِئيل قائِل ِ ‪ :‬فيِ الع رِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫كلُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫َ َ ً‬ ‫َ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫يأخذون لهم و ِ‬ ‫وت اآلباءِ‪ ،‬شاة لِلبي ِ‬ ‫ب بي ِ‬ ‫اح ٍد شاة حِبس ِ‬ ‫َ ْ اَ َ لبْ َ ْ ُ َ ً َ ْ َ ْ َ ُ َ ُ ْ ً َ َ ْ ُ ُ َُ‬ ‫وإِن كن ا يت ص ِغريا عن أن يكون كفوا لِشا ٍة‪ ،‬يأخذ هو‬ ‫كلُ ُّ‬ ‫علَىَ‬ ‫َ َ ُّ ُ‬ ‫ار ُه الْ َقر ُ‬ ‫يب ِم ْن بَيْته بَ َ‬ ‫َو َج ُ‬ ‫اح ٍد‬ ‫وس‪.‬‬ ‫ب عد ِد‬ ‫س‬ ‫انلف ِ‬ ‫َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫حِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ ً‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ تحَْ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ َ ً‬ ‫يحة‬ ‫ب أك ِل ِه ِسبُون لِلشا ِة‪ .‬تكون لك ْم شاة َص ِح‬ ‫َح َس‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ً ْ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ ُ َ لخْ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ان أ ْو ِم َن ال َم َوا ِع ِز‪َ .‬و َيكون‬ ‫ذكرا ابن سن ٍة‪ ،‬تأخذونه ِمن ا ِرف ِ‬ ‫ْ َ ُ ْ تحَْ َ لحْ ْ لىَ ليْ َ ْ َّ َ َشرَ َ ْ َ‬ ‫َّْ‬ ‫ِمن هذا الشه ِر‪.‬‬ ‫ِعندكم ت ا ِف ِظ ِإ ا ومِ الرابِع ع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ َ ْ حَ ُ ُ كلُ ُّ جمُْ ُ جمَ َ َ رْ َ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫سا ِئيل فيِ ال َع ِش َّي ِة‪َ .‬و َيأخذون ِم َن‬ ‫ور اع ِة ِإ‬ ‫ثم يذبه‬ ‫ه ِ‬ ‫لبْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫علَىَ‬ ‫جَْ َ ُ‬ ‫َ َ َينْ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ادلمِ َوي َعلونه‬ ‫القائِمت ِ والعتب ِة العليا فيِ ا ُي ِ‬ ‫وت التيِ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َّ ْ َ ْ َ‬ ‫ك اللَّيْلَ َة َم ْشو ًّيا ب َّ‬ ‫ار َم َع‬ ‫انل‬ ‫يأكلونه ِفيها‪ .‬ويأكلون اللحم تِل‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫‪8‬‬


‫خروف الفصح ورموزه للسيد املسيح‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫علَىَ َ ْ َ‬ ‫ْ ُ ُ َُ َ َْ ُ ُ ُْ‬ ‫اب ُم َّر ٍة يَأكلونه‪ .‬ال تأكلوا ِمنه نِيئًا أ ْو َط ِبيخا‬ ‫ش‬ ‫ري‪ .‬أع‬ ‫ف ِط‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ َ ْ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ُ ً‬ ‫َ‬ ‫وخا بال ْ َماءِ‪ ،‬بَ ْل َم ْشو ًّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ار ِع ِه وجوفِ ِه‪.‬‬ ‫ك‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫‪.‬‬ ‫ار‬ ‫انل‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫مطب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َلبْ‬ ‫ْ ُ لىَ‬ ‫َ َ ُُْ‬ ‫ْ ُ لىَ َّ َ تحُْ ُ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫اح ‪ِ ،‬رقونه‬ ‫اح‪ .‬وا يِاق ِمنه ِإ الصب ِ‬ ‫وال تبقوا ِمنه ِإ الصب ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ ُ ُ َُ ْ َ ُ ُ ْ َ ْ ُ ٌَ َ ْ َُ ُ‬ ‫كمْ‬ ‫ب َّ‬ ‫ار‪ .‬وهكذا تأكلونه‪ :‬أحقاؤكم مشدودة‪ ،‬وأح ِذيت‬ ‫انل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ ُ ْ َ ُّ ُ‬ ‫ك ْم أَيدْ‬ ‫يك ْم‪َ .‬وتَأ ْ ُكلُونَ ُه ب َع َ‬ ‫جلَ ٍة‪ُ .‬هوَ‬ ‫فيِ أرج ِلكم‪ ،‬و ِع ِصي‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ رْ‬ ‫ْ ٌ َّ ِّ َ نيِّ َ ْ‬ ‫ص هذه الليْ‬ ‫جتَ ُ‬ ‫از أ ْر ِض ِم رْ َ‬ ‫ض ُب‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫فِصح لِلرب‪ .‬فإِ أ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيِ‬ ‫ِ‬ ‫كلُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫رْ‬ ‫انلاس َوالبْ َ َهائم‪َ .‬وأَ ْصنَ ُع أَحْكاَ ماً‬ ‫كر أَ ْر ِض ِم َ‬ ‫ص ِم َن َّ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫بِ ٍ فيِ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ ِّ َ ْ رْ ِّ َ َ َ َّ ُّ َ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫ك ُم َّ‬ ‫ادل ُم َعال َمة‬ ‫صيني‪ .‬أنا الرب‪ .‬ويكون ل‬ ‫بِكل آلِه ِة ال ِم‬ ‫َّ ِ َ ْ ُ ْ َ َ َ​َ‬ ‫َّ َ َ َ ْبرُ ُ َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫علَىَ لبْ ُ‬ ‫وت التيِ أنتم ِفيها‪ ،‬فأرى ادلم وأع عنكم‪ ،‬فال‬ ‫ا ُي ِ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ْ ُ ْ رَْ َ ٌ ْ َ َ‬ ‫الك ح َ‬ ‫ني أَ رْض ُب أَ ْر َض ِم رْ َ‬ ‫ص‪.‬‬ ‫يكون عليكم ضبة لِله‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ُ ُ َ ُ ْ َ‬ ‫اَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لرب‪ِّ.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هذا اليْ َ ْو ُم تَذك ًرا فت َعيِّدونه ِعيدا ل ِ َّ‬ ‫ويكون لكم‬ ‫فيِ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ ُ َ ِّ ُ َ ُ َ َ ً َ َ َّ ً‬ ‫أجيا ِلكم تعيدونه ف ِريضة أب ِدية‪( .‬سفر اخلروج ‪.)14 - 1 :12‬‬ ‫‪JJJ‬‬ ‫‪9‬‬


‫داخل األبواب املرشوشة بالدم‬

‫إن خروف الفصح رمز واضح ليسوع املسيح إذ يقول‬ ‫ً‬ ‫القديس بولس برصاحة «ألن فصحنا أيضا املسيح قد ذبح‬

‫ألجلنا» (‪ 1‬كو ‪ .)7 :5‬ولنستعرض األمر من ناحية اعمة ومن‬

‫بعض انلوايح اتلفصيلية‪.‬‬

‫اخلالص يف الدم وحده‬ ‫اكنت هناك رضبة‪ ،‬املهلك سيمر بسيفه يلقتل األبكار‪،‬‬

‫املوت سيدخل لك بيت‪ .‬وأمام هذا لكه يقف ادلم‪ ،‬فعندما‬ ‫يرى املهلك ادلم يعرب عنهم‪ .‬كأن خالصهم يف ادلم‪ ،‬ويف ادلم‬

‫وحده‪ .‬ال جتديهم نقاوة خاصة‪ ،‬وال قوة ذاتية‪ ،‬وال قوة جيش‪،‬‬ ‫وال أي يشء يف الوجود‪ ،‬غري ادلم‪« .‬بدون سفك دم ال حتدث‬

‫مغفرة»‪ .‬هذا ادلم هو اذلي سينقذهم من املوت‪ ،‬وقد اكن‪ .‬أما‬ ‫املرصيون اذلين لم جيعلوا ادلم عالمة ىلع أعتابهم‪ ،‬فقد زار‬ ‫املوت بيوتهم سواء يف ذلك فرعون اجلالس ىلع كرسيه أو آية‬ ‫جارية خلف الرىح «واكن رصاخ عظيم يف لك أرض مرص لم‬ ‫‪10‬‬


‫خروف الفصح ورموزه للسيد املسيح‬

‫يكن مثله وال يكون مثله‪»...‬‬ ‫مبدأ الفداء‬ ‫أ‪ -‬ولكن أي دم يسفك؟ سوف ال يموت أحد من بين‬

‫إرسائيل‪ .‬ولكن هناك من يموت عنهم‪ ،‬خروف الفصح‪.‬‬ ‫هنا ‪ -‬إىل جوار ادلم ‪ -‬يظهر مبدأ آخر وهو الفدية‪ .‬الفداء‬ ‫هو موت اكئن ليس عن نفسه وإنما عن آخرين‪ .‬أكان بنو‬ ‫ارسائيل حيسون وهم يذحبون خروف الفصح أن اخلروف‬

‫يموت عنهم‪ ،‬وإن لم يمت فهناك املهلك وسيفه؟ البد أنهم‬ ‫اختربوا هذا اإلحساس وخاصة أن اهلل لم يرد أن ترتكهم هذه‬

‫اذلكرى أبدا‪ ،‬فجعل خروف الفصح فريضة دهرية عليهم‬

‫يكررونها لك سنة ويتذكرون‪ ...‬اكن اإلرسائييل يعرف أن‬ ‫ً‬ ‫واحدا من االثنني جيب أن يموت‪ .‬إما هو وإما اخلروف‪ .‬فإن‬ ‫لم يذبح اخلروف سيدخل املوت إىل بيته بسيف املهلك‪ .‬وإن‬

‫مات اخلروف عنه فسيحيا‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫داخل األبواب املرشوشة بالدم‬

‫ً‬ ‫ب ‪ -‬وليك يزداد األمر رسوخا يف أذهانهم اكن يذبح هذا‬ ‫ً‬ ‫احليوان الربيء‪ .‬لو اكن اذلي يموت عنهم واحدا منهم‪ .‬ربما‬

‫اكن ابلعض يظن أن هذا الواحد يموت من أجل خطاياه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ولكنهم يف هذه الفدية يرون حيوانا بريئا لم يفعل خطية‬

‫يموت من أجلهم‪ ،‬وللتشديد ىلع هذه انلقطة اشرتط اهلل‬ ‫ً‬ ‫يف خروف الفصح أن يكون اخلروف «صحيحا» بال عيب‬ ‫(خروج ‪ .)15 :12‬وكخروف فهو من احليوانات الطاهرة‪ .‬اكنت‬ ‫ً‬ ‫لك هذه رموزا إىل الفادي احلقييق اذلي بال خطيئة وحده‪،‬‬ ‫تساعدهم فيما بعد عندما حيدثهم اشعياء عن «الشاة اليت‬

‫تساق إىل اذلبح» وعندما حيدثهم يوحنا يف رؤياه عن اخلروف‬ ‫املذبوح‪ .‬أو عندما يرصخ فيهم املعمدان «هذا هو محل اهلل‬

‫اذلي حيمل خطايا العالم»‪.‬‬

‫الكنيسة اجملتمعة حول الذبيحة املقدسة‬ ‫ً‬ ‫واكنوا جيتمعون معا حول اخلروف املذبوح‪ ،‬يأكلون‬ ‫‪12‬‬


‫خروف الفصح ورموزه للسيد املسيح‬

‫ً‬ ‫منه‪ .‬فاخلروف لم يكن فقط سببا يف ختليصهم بدمه‪ ،‬وإنما‬ ‫ً‬ ‫أيضا يف اجتماعهم للتغذي منه‪ .‬هنا ترتسم أمام اإلرسائييل‬ ‫صورة للكنيسة املفدية بدم اخلروف‪ ،‬املجتمعة للتغذي منه‪.‬‬

‫أما املسييح فرتتسم أمامه صورة القداس اإلليه‪ ..‬اجتماع‬

‫املؤمنني حول اخلروف أعطانا صورة عن تكوين الكنيسة‪،‬‬ ‫ولكن ماذا عن األكل منه‪ .‬يف األكل منه غذاء وتقوية‪ .‬هذا‬

‫من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى أن اخلروف لم يعد بعد ىلع‬

‫مذبح‪ ،‬وإنما فينا‪ ،‬سكن فينا وتثبت فينا‪ ،‬وأصبحنا حنن وهو‬ ‫ً‬ ‫واحدا «من يأكل جسدي ويرشب ديم‪ ،‬يثبت يف وأنا فيه‪.»..‬‬ ‫وما هو القداس؟ أليس هو اجتماع املفديني بادلم‪ ،‬حول‬ ‫اذلبيحة املقدسة اليت أنقذتهم من املوت‪ ،‬يلتغذوا بها وينالوا‬

‫احلياة‪ ..‬هكذا اكن املجتمعون حول الفصح‪..‬‬ ‫الوالدة اجلديدة‬

‫وخبروف الفصح بدأ تاريخ جديد يف حياة بين إرسائيل‬ ‫‪13‬‬


‫داخل األبواب املرشوشة بالدم‬

‫فقال الرب «هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور‪ .‬هو لكم‬

‫أول شهور السنة» (خر ‪ .)2 :12‬اننا بدم اخلروف املرشوش ىلع‬

‫أبوابنا‪ ،‬وباألكل منه نبدأ حياة جديدة مع اهلل‪ .‬لك اتلاريخ‬ ‫املايض بلين إرسائيل بدأ يتحول‪ .‬أصبحوا ال يؤرخون بالنسبة‬

‫إىل آبائهم‪ ،‬وال بالنسبة إىل فراعنتهم كما اكن احلال يف مرص‪،‬‬ ‫وإنما بالنسبة خلروف الفصح‪ ،‬ألنه يمثل نقطة اتلحول يف‬

‫حياتهم‪ .‬فاكن هذا مبدأ حياة جديدة مقدسة بادلم‪ .‬بالنسبة‬ ‫إيلك كمسييح أيرمز هذا إىل السنة امليالدية‪ ،‬إىل يوم‬

‫عمادك‪...‬؟‬

‫لك هذه أفاكر اعمة يمكن أن يفهمها حىت البسطاء‪،‬‬

‫ولكن خروف الفصح اكن حيمل تفاصيل دقيقة تثبت‬ ‫باألكرث إشارته إىل السيد املسيح‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬ملء الزمان‪:‬‬ ‫«تأخذونه من اخلرفان أو املواعز‪ .‬ويكون عندكم حتت‬ ‫‪14‬‬


‫خروف الفصح ورموزه للسيد املسيح‬

‫احلفظ إىل ايلوم الرابع عرش من هذا الشهر»‪ .‬اكن االرسائييل‬

‫خيتار اخلروف‪ ،‬ويعرف أنه سيذبح‪ ،‬وأنه يمثل الفدية‪ ،‬وأنه‬ ‫سيأكل منه‪ .‬ولكنه مع ذلك ال يتعجل الوقت‪ ،‬بل يظل منتظرا‬

‫ً‬

‫املوعد‪ ،‬إىل أن يأيت ملء الزمان فيذبح اخلروف‪ .‬والرمز واضح‬

‫يف ذلك إىل املسيح اذلبيحة الكفارية املعروفة يف علم اهلل‬

‫السابق‪ ،‬واليت ظلت حتت احلفظ حىت جاء ملء الزمان‪...‬‬

‫وهذا انلظام نراه يف أسبوع اآلالم‪ .‬بعد انتهاء قداس أحد‬

‫السعف يبدأ أسبوع اآلالم‪ ،‬خروف الفصح حتت احلفظ‪ ...‬إىل‬ ‫يوم الفداء‪.‬‬

‫ب ‪ -‬آالم املسيح‪:‬‬ ‫ً‬

‫«ويأكلون اللحم يف تلك الليلة مشويا بانلار مع فطري»‬

‫«‪ ...‬مشويا بانلار رأسه مع أكارعه وجوفه»‪ .‬اكن البد للخروف‬ ‫أن جيتاز انلار‪ ،‬وانلار هنا رمز للغضب اإلليه‪ ،‬أو قل إنها‬

‫ترمز إىل أن العدل اإلليه قد أخذ حقه‪ .‬كنا معرضني مجيعا‬ ‫‪15‬‬

‫ً‬


‫داخل األبواب املرشوشة بالدم‬

‫هلذه انلار‪ ،‬ولكن نشكر اهلل أن خروف الفصح قد جازها‬ ‫عنا‪ .‬وانلار بالنسبة للمسيح اكنت يف آالم الصليب من جهة‪،‬‬

‫ويف الغضب اإلليه من جهة أخرى «إليه إليه ملاذا تركتين»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وخروف الفصح قد أنشوى باتلمام‪ ،‬مجلة وتفصيال‪ :‬رأسه‬ ‫مركز اإلدراك فيه‪ ،‬وأكارعه وجوفه أي خارجه وداخله‪ .‬أتت‬

‫انلار فيه ىلع لك يشء‪ ،‬وهكذا السيد املسيح يف آالمه انلفسية‬ ‫واجلسدية‪.‬‬

‫ج ‪ -‬مع فطري‬ ‫والفطري يرمز إىل انلقاوة‪ ،‬بينما يرمز اخلمري إىل الرش‪.‬‬

‫وذللك يقول معلمنا بولس الرسول «إذا نلعيد ليس خبمرية‬

‫عتيقة‪ ،‬وال خبمرية الرش واخلبث‪ ،‬بل بفطري اإلخالص واحلق»‬ ‫ً‬ ‫(‪1‬كو ‪ .)8 :5‬ولم يكن األمر مقترصا ىلع أكل الفطري مع‬ ‫الفصح‪ ،‬وإنما اكن يعقب هذه الويلمة اإلهلية عيد يسىم عيد‬ ‫ً‬ ‫الفطري يستمر ‪ 7‬أيام يزنع فيه اخلمري تماما من إرسائيل‪ .‬ويف‬ ‫‪16‬‬


‫خروف الفصح ورموزه للسيد املسيح‬

‫ً‬ ‫ذلك يقول اهلل «ويكون لكم هذا ايلوم تذاكرا فتعيدونه‬ ‫ً‬ ‫عيدا للرب‪ .‬يف أجيالكم تعيدونه فريضة أبدية‪ .‬سبعة أيام‬ ‫ً‬ ‫تأكلون فطريا‪ .‬ايلوم األول تعزلون اخلمري من بيوتكم‪ .‬فإن‬ ‫ً‬ ‫لك من أكل مخريا من ايلوم األول إىل ايلوم السابع تقطع تلك‬ ‫انلفس من إرسائيل‪ ..‬يف الشهر األول يف ايلوم الرابع عرش من‬ ‫ً‬ ‫الشهر مساء تأكلون فطريا إىل ايلوم احلادي والعرشين من‬ ‫الشهر مساء‪ .‬سبعة أيام ال يوجد مخري يف بيوتكم فإن لك‬ ‫ً‬ ‫من أكل خمتمرا تقطع تلك انلفس من مجاعة ارسائيل‪ ...‬ال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تأكلوا شيئا خمتمرا‪ ،‬يف مجيع مساكنكم تأكلون فطريا» (خر‬ ‫‪.)21 - 14 :12‬‬ ‫إن دم اخلروف اذلي طهرهم من اخلطية‪ ،‬واألكل منه‬ ‫اذلي ثبتهم فيه‪ .‬لك ذلك استلزم حياة قداسة اكملة طول‬ ‫احلياة‪ ،‬يشري إيلها عدد الكمال ‪( 7‬سبعة أيام)‪ .‬يف هذا إشارة‬ ‫إىل الكنيسة املقدسة اخلايلة من اخلمري‪ ،‬اليت قدسها اهلل‬ ‫‪17‬‬


‫داخل األبواب املرشوشة بالدم‬

‫بدمه‪ .‬هذه الكنيسة ينبيغ أن تعزل اخلبيث من وسطها‪ ،‬تزنع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اخلمري من بيوتها‪ ،‬وال تأكل شيئا خمتمرا‪ ،‬ولك من أكل مخريا‬ ‫يقطع من مجاعة املقدسني‪ .‬هنا نرى االنفصال عن الرش‬

‫رضورة الزمة‪ .‬ال يكيف فقط أن أقبل دم اخلروف عالمة ىلع‬ ‫ً‬ ‫ابليت من اخلارج‪ ،‬وإنما أيضا أنزع اخلمري من ادلاخل‪ .‬أنفهم‬ ‫من هذا إشارة إىل اإليمان مع األعمال‪ .‬بال شك‪ .‬أنتدرج منه‬

‫كمسيحيني ونقول أن اتلناول من جسد اهلل ودمه (من حلم‬ ‫ً‬ ‫الفصح) يستلزم أوال اتلوبة واالعرتاف (نزع اخلمري)‪ ،‬حىت‬

‫ال يتناول إال القديسون اذلين يأكلون الفصح مع فطري‪ .‬إنك‬ ‫ً‬ ‫ال تستطيع أن تتناول من جسد الرب ودمه‪ ،‬ومن اخلطية معا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ينبيغ أن تزنع اخلمري أوال فتتوب ثم تتناول‪.‬‬ ‫على أعشاب مرة تأكلونه‬ ‫اكن اإلرسائييل فرح القلب ألنه جنا من سيف املهلك‬

‫ووجد فدية واحتىم بادلم املرشوش ىلع ابلاب‪ .‬ولكنه اكن‬ ‫‪18‬‬

‫ً‬


‫خروف الفصح ورموزه للسيد املسيح‬

‫يأكل من الفصح وهو حيس بمرارة‪ .‬لعلها اكنت ترجعه نفسيا‬

‫إىل اثلمن اذلي دفع من أجله‪ .‬وإىل أي يشء يرمز هذا‪ .‬نرجع‬ ‫بأنفسنا إىل تذاكرنا صلب املسيح يف يوم اجلمعة من أسبوع‬ ‫اآلالم‪ .‬ال شك أن املؤمنني فرحون نلواهلم اخلالص بصلب‬ ‫املسيح‪ ،‬ولكنك ترى الكنيسة ملتحفة بالسواد‪ ،‬وتسمع منها‬ ‫األحلان احلزينة‪ ،‬وتشرتك يف اتلذلل والسجود (املطانوات)‪..‬‬ ‫وتسأل ما هذا؟ إنها األعشاب املرة اليت يؤلك عليها الفصح‪،‬‬

‫تذاكر الصلب واآلالم‪ ..‬تذاكر األشواك واملسامري واجلدلات‬

‫واإلهانات‪ .‬تذاكر اثلمن اذلي دفعه املصلوب ألجلنا «وهو‬ ‫حمتقر وخمذول من انلاس‪ ...‬جمروح ألجل معاصينا‪ ،‬مسحوق‬

‫ألجل آثامنا‪ ،‬لكنا كغنم ضللنا‪ ،‬ملنا لك واحد إىل طريقه‪،‬‬

‫والرب وضع عليه إثم مجيعنا‪( »...‬إشعياء ‪.)53‬‬ ‫حياة الغربة على األرض‬

‫«وهكذا تأكلونه‪ ،‬أحقاؤكم مشدودة‪ ،‬وأحذيتكم يف‬ ‫‪19‬‬

‫ً‬


‫داخل األبواب املرشوشة بالدم‬

‫أرجلكم‪ ،‬وعصيكم يف أيديكم‪ ،‬وتأكلونه بعجلة» هكذا‬ ‫ً‬ ‫تناول اإلرسائييل الفصح ألول مرة‪ .‬اكن مستعدا للرحيل‬ ‫واهلرب من أرض العبودية إىل احلرية اليت يريدها هل اهلل‪.‬‬

‫وقد أراد اهلل أن يثبت هذه الصورة يف ذهن اإلرسائيليني‬ ‫باستمرار‪ ،‬صورة الغريب املسافر اهلارب من أرض العبودية‪،‬‬

‫حىت يتذكروا خالص اهلل هلم‪ .‬وإن كنا نرى أكل الفصح إشارة‬ ‫إىل اتلناول من جسد اهلل ودمه فعلينا أن تكون نلا هذه‬ ‫الصورة‪ ،‬فنتناول ونلا شعور الغريب اذلي أزمع اهلرب من‬

‫أرض العبودية إىل أرض املوعد‪ .‬مستعدين للسفر باستمرار‪.‬‬ ‫هل خيلص غري اإلسرائيليني؟‬

‫«لك ابن غريب ال يأكل منه» «وأما لك أغلف فال يأكل‬

‫منه» ألن غري املقدس بادلم‪ ،‬ال يشرتك يف أكل الفصح‪ .‬اإليمان‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ ،‬ثم تأيت براكت األرسار اإلهلية‪ .‬ومع ذلك ال يمنع الغرباء‬ ‫ً‬ ‫نهائيا من هذه انلعمة‪ ،‬وإنما داعهم أوال أن يدخلوا من ابلاب‬ ‫‪20‬‬


‫خروف الفصح ورموزه للسيد املسيح‬

‫ً‬ ‫فقال «وإذا نزل عندك نزيل وصنع فصحا للرب فليختنت منه‬

‫لك ذكر ثم يتقدم يلصنعه فيكون كمولود األرض‪ .‬وأما لك‬ ‫أغلف فال يأكل منه» (خر ‪ .)48 :12‬وهكذا عن العبيد «لك‬

‫عبد رجل مبتاع بفضة ختتتنه ثم يأكل منه»‪ .‬لقد اكن اخلتان‬ ‫إشارة إىل املعمودية ويه أول األرسار ال يمكن ممارسة أي‬ ‫رس إال بعد املعمودية‪.‬‬ ‫وحدة الكنيسة‬ ‫«يف بيت واحد يؤلك»‪ .‬ال خترج من اللحم من بيت إىل‬

‫اخلارج‪ .‬وعظما ال تكرسوا منه‪ ،‬اليؤلك الفصح إال داخل‬ ‫ابليوت املرشوشة بادلم‪ .‬أي ألعضاء الكنيسة فقط‪ .‬وعظم‬ ‫ً‬ ‫منه ال يكرس‪ .‬وقد تم هذا فعال مع املسيح‪ ،‬إشارة إىل وحدة‬ ‫الكنيسة‪ .‬حنن أعضاء املسيح‪ ،‬كنيسة واحدة ال تنفك‪ ،‬املسيح‬

‫هو رأسها‪ .‬وعظمة منها ال تنكرس‪ .‬الكرس عيب‪ .‬واكن رشط‬ ‫خروف الفصح أن يكون بال عيب‪.‬‬ ‫‪21‬‬


‫املكتبة القبطية امل�سيحية الأرثوذك�سية على الأنرتنت‬ ‫‪http://copticlibrary.blogspot.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.