المنطق في حوارات المسيح أبونا داود لمعى

Page 1

‫كنيست مارمرقس القبطيت‬ ‫األرثوذكسيت ـ بمصر‬ ‫الجديدة‬

‫املنطق فى‬ ‫حوارات املسيح‬

‫أبونا‪ /‬داود لمعى‬


‫تنهمر األسئلة كسيل جارف‪ ..‬عبر ألفي سنة من‬ ‫اإليمان المسيحى‪ .‬بعضها على سبيل اإلستفسار وكثير‬ ‫منها على سبيل التشكيك أو اإلستنكار‪.‬‬ ‫واليوم‪ ..‬كثرت أسئلة المتشككين الذين‬ ‫يصطادون الكلمات واأللفاظ من اإلنجيل‪ ..‬ويفصلونها‬ ‫عن معناها أو حقيقة مغزاها ويجعلونها منار الشك‬ ‫والتضليل‪.‬‬ ‫هذا الكتاب ليس محاولة لتغطية آالف من‬ ‫األسئلة التشكيكية‪ ،‬وإنما هو محاولة لتحليل بعض‬ ‫اجابات السيد المسيح ـ له المجد ـ على مثيل هذه األسئلة‬ ‫أثناء رحلة حياته على األرض‪.‬‬ ‫والغرض من الكتاب أن نتعلم فن اإلجابة‪..‬‬ ‫نَت َ َكلَّ ُم بِحِ ْك َم ٍة بَ ْينَ ا ْلكَامِ ِلينَ َولَك ِْن بِحِ ْك َم ٍة‬ ‫الدَّ ْه ِر َوالَ مِ ْن عُ َظ َماءِ َهذَا الدَّ ْه ِر الَّذِينَ‬

‫بحكمة‪" ..‬لَ ِكنَّنَا‬ ‫ستْ مِ ْن َهذَا‬ ‫لَ ْي َ‬ ‫يُ ْب َطلُونَ " (‪1‬كو ‪ ..)6 : 2‬فيكون لنا السيد المسيح معلما ً‬

‫ومرشدا ً فى فحص كل سؤال قبل إجابته‪ ..‬ثم تحديد اتجاه‬

‫‪6‬‬


‫اإلجابة وجوهر الموضوع والخروج من المنطق‬ ‫المغلوط إلى المنطق السليم لفهم األمور‪.‬‬ ‫لعل هذه الدارسة تكون سببا ً فى نمو مهارة كثير‬ ‫من خدام الكلمة‪ ..‬بل كل المسيحيين‪ ..‬فى الدفاع عن‬ ‫ب‬ ‫اوبَ ِة كُ ِ ّل َم ْن يَ ْ‬ ‫إيمانهم " ُم ْ‬ ‫سأَلُكُ ْم ع َْن َ‬ ‫سبَ ِ‬ ‫ست َ ِعدِّينَ دَائِما ً ِل ُم َج َ‬ ‫ف" (‪1‬بط ‪.)11 : 3‬‬ ‫الرجَاءِ الَّذِي فِيكُ ْم ِب َودَا َ‬ ‫ع ٍة َو َخ ْو ٍ‬ ‫َّ‬ ‫الرب يحفظ لنا وعلينا حياة أبينا المكرم قداسة‬ ‫البابا تواضروس الثانى‪.‬‬ ‫صلوا من أجلى‪..‬‬ ‫أبونا‪ /‬داود ملعى‬

‫‪7‬‬


8


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫‪9‬‬


‫ــــــــ لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(مر ‪ 0 : 2‬ـ ‪.)00‬‬

‫‪‬‬ ‫(مر‪)5 : 2‬‬

‫‪‬‬ ‫كان الكاهن اليهودى بحسب الشريعة اليهودية‬ ‫يكفـر عن خطية التائب ويحق له أن يعلمه أن خطاياه قد‬ ‫غـفرت‪.‬‬ ‫" َوجَمِ ي َع شَحْ مِ ِه َي ْن ِزعُهُ َك َما يُ ْن َزعُ شَحْ ُم الضَّأْ ِن ع َْن‬ ‫علَى َوقَائِ ِد‬ ‫علَى ا ْل َم ْذبَحِ َ‬ ‫سالَ َم ِة َويُوقِدُهُ ا ْلكَا ِه ُن َ‬ ‫ذَبِي َح ِة ال َّ‬ ‫ع ْنهُ ا ْلكَا ِه ُن مِ ْن َخطِ يَّتِ ِه الَّتِي أ َ ْخ َطأ َ‬ ‫ب‪َ .‬ويُ َكفّ ُِر َ‬ ‫الر ّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ع ْنه" (ال ‪)55 : 4‬‬ ‫ح َ‬ ‫ص َف ُ‬ ‫فَيُ ْ‬

‫وهكذا فإن سلطان الغفران أعطى لكهنة العهد‬ ‫القديم حسب الشريعة‪ ..‬كما أعطى لرسل وكهنة العهد‬ ‫الجديد " َم ْن َ‬ ‫س ْكت ُ ْم َخ َطا َياهُ‬ ‫غفَ ْرت ُ ْم َخ َطا َياهُ ت ُ ْغفَ ُر لَهُ َو َم ْن أ َ ْم َ‬ ‫أ ُ ْم ِسكَتْ " (يو ‪.)25 : 21‬‬ ‫‪01‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫إستنتاجا‪ ..‬غير دقيق‪ ..‬ألنه لعله يأخذ صفة‬ ‫كهنوتية‪ ..‬بل وهناك إحتماال آخر ـ األبعد عن ذهنهم ـ‬ ‫وهو الحقيقة المعلنة أنه هو هو هللا المتجسد‪ ..‬فليس‬ ‫مجدفا على هللا‪ ..‬بل هو هللا متجسدا‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ومع هذا‪ ..‬أجاب المسيح ـ له المجد ـ "فَ ِل ْل َو ْق ِ‬ ‫س ِه ْم فَ َقا َل لَ ُه ْم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫شعَ َر يَسُوعُ ِب ُروحِ ِه أَنَّ ُه ْم يُفَ ّك ُِرونَ َه َكذَا فِي أ َ ْنفُ ِ‬ ‫س ُر‪ :‬أ َ ْن يُقَا َل‬ ‫« ِل َماذَا تُفَ ِ ّك ُرونَ ِب َهذَا فِي قُلُو ِبكُ ْم؟‪ .‬أَيُّ َما أَ ْي َ‬ ‫يركَ‬ ‫ورة ٌ لَكَ َخ َطايَاكَ أَ ْم أ َ ْن يُ َقا َل‪ :‬قُ ْم َواحْ مِ ْل َ‬ ‫س ِر َ‬ ‫ِل ْل َم ْفلُوجِ َم ْغفُ َ‬ ‫علَى‬ ‫س ْل َطانا ً َ‬ ‫ان ُ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫َو ْ‬ ‫َي ت َ ْعلَ ُموا أَ َّن ِال ْب ِن ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ام ِش؟‪َ .‬ولَك ِْن ِلك ْ‬ ‫ض أ َ ْن َي ْغف َِر ا ْل َخ َطا َيا» ‪ -‬قَا َل ِل ْل َم ْفلُوجِ‪َ «:‬لكَ أَقُو ُل قُ ْم‬ ‫األ َ ْر ِ‬ ‫َب إِلَى بَ ْي ِتكَ »" (مر ‪ 8 : 2‬ـ ‪.)00‬‬ ‫يركَ َوا ْذه ْ‬ ‫َواحْ مِ ْل َ‬ ‫س ِر َ‬

‫السؤال منطقى‪ ..‬لماذا؟‪ ..‬قفز تفكير هؤالء إلى‬ ‫اتهام المسيح بالتجديف؟‬ ‫‪0‬ـ ألنهم ال يحبون المسيح‪ ..‬ألنه مختلف عنهم فى‬ ‫التعليم‪ ،‬ويجدونه منافسا لهم‪ ..‬وأغلبهم من الكتبة‬ ‫المتكبرين الذين يقدسون الحرف‪.‬‬ ‫‪00‬‬


‫ــــــــ لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪2‬ـ ألنهم اعتادوا أن يتهموا كل َمن يخالفهم المنهج تهما‬ ‫مرعبة مثل التجديف‪ ..‬كى ال يتجاسر أحد ويعلـم‬ ‫بما ال يعلمون‪.‬‬ ‫‪5‬ـ ألنهم ال يفهمون فكر هللا ومحبته للخطاة‪ ..‬وشوقه‬ ‫للغفران‪ ..‬كما أنهم ال يفهمون حقيقة التجسد‪.‬‬ ‫‪4‬ـ ألن الغفران ارتبط فى ذهنهم الحرفى بمجموعة‬ ‫ممارسات وفرائض حرفية كانت رمزا لذبيحة‬ ‫المسيح الكفارية‪ ..‬وهم ال يريدون أن يقبلوا هذه‬ ‫اإلشارات الرمزية بسبب قساوة قلوبهم‪.‬‬

‫مع كل تهكـم أو تشكيك أو سخرية األفضل أن‬ ‫تسأل أوال‪" ..‬لماذا؟!!"‬ ‫ألن إجابة هذا السؤال تعطى استيضاحا لحقيقة‬ ‫هامة مختفية وهى الدوافع التى تختفى وراء الرفض أو‬ ‫التشكيك‪.‬‬ ‫‪02‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫مثالً‪:‬‬ ‫كل َمن يتهكـم على صورة هللا ـ المحب البشر ـ‬ ‫ويرفضها تماما‪ ..‬ويسخر من أبوة هللا‪ ..‬متحججا بحجج‬ ‫واهية‪ ..‬أال تسأل أوال‪" ..‬لماذا؟!!"‬ ‫لعلك تجد فى ماضيه خبرة سيئة على صورة‬ ‫مشوهة ألبوه‪ ..‬قاسية مدمرة‪ ..‬جعلته يكره هذه الصورة‬ ‫ويقاومها‪ ..‬بينما فى المعتاد ال يكره أحد أن يكون له أبا‬ ‫محبا مسئوال عنه‪.‬‬

‫هذا هو السؤال الثانى الذى طرحه الرب يسوع‬ ‫ـ له المجد ـ وهنا فن اإلجابة عن السؤال بسؤال‪.‬‬ ‫لم يتعجل المسيح باإلجابة قائال "أنا هو هللا‬ ‫المتجسد ويحق لى أن أقول مغفورة لك خطاياك"‪ ..‬ولكن‬ ‫لئال يظن البعض أن المسيح يتكلم فى غيبيات ألنه ال‬ ‫يستطيع أحد أن يرى الغفران بشكل ملموس أو منظور‪.‬‬ ‫س ُر‪ :‬أ َ ْن يُقَا َل‬ ‫ولهذا سأل المسيح سؤاله المنطقى‪" :‬أَيُّ َما أ َ ْي َ‬

‫يركَ‬ ‫ورة ٌ لَكَ َخ َطا َياكَ أَ ْم أ َ ْن يُ َقا َل‪ :‬قُ ْم َواحْ مِ ْل َ‬ ‫س ِر َ‬ ‫ِل ْل َم ْفلُوجِ َم ْغفُ َ‬ ‫َو ْام ِش؟‪( ".‬مر ‪.)9 : 2‬‬

‫‪05‬‬


‫ــــــــ لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ألن المسيح أراد قبل أن يعلن سلطانه على‬ ‫الغفران أن يشرح أنه لم يقل هذا استسهاال‪ ..‬إذ ليس أحد‬ ‫يرى الغفران بالعين‪.‬‬ ‫وأراد بسؤاله أن يعلن أنه يعرف جيدا أن الجميع‬ ‫كانوا ينتظرون منه أن يقول للمفلوج "قم واحمل سريرك‬ ‫وامش"‪ ..‬ولكنه أراد أن يشرح أن هناك قوتان أو‬ ‫عطيتان‪ ..‬عطية الشفاء و عطية الغفران‪.‬‬ ‫‪ ‬عطية الشفاء‪ ..‬منظورة ولكنها ال تكلف المسيح‬ ‫إال أمرا ‪ ...‬كلمة‪.‬‬ ‫‪ ‬عطية الغفران‪ ..‬غير منظورة ولكنها تكلف‬ ‫المسيح فدا ًء ‪ ...‬حياة‪.‬‬ ‫ربما يجيب البعض على سؤال المسيح "أيما‬ ‫أيسر؟ ‪ ...‬مغفورة لك خطاياك"‪ ..‬ولكن َمن يفكر مليا‬ ‫سيقول بالعكس‪ ..‬الشفاء أسهل‪ ..‬وهكذا أكمل المسيح‬ ‫ع َلى‬ ‫ان سُ ْل َطانا ً َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫حديثه "لَك ِْن ِل َك ْي ت َ ْعلَ ُموا أَ َّن ِال ْب ِن ِ‬ ‫س ِ‬

‫ض أَ ْن يَ ْغف َِر ا ْل َخ َطايَا» قَا َل ِل ْل َم ْفلُوجِ‪« :‬لَكَ أَقُو ُل قُ ْم‬ ‫األ َ ْر ِ‬ ‫يركَ َوا ْذه َْب ِإلَى َب ْي ِتكَ »‪( ".‬مر ‪ 01 : 2‬ـ ‪.)00‬‬ ‫َواحْ مِ ْل َ‬ ‫س ِر َ‬

‫‪04‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫أراد المسيح أن يثبت الغفران غير المنظور‬ ‫بالشفاء المنظور لئال يظن البعض أنه يتكلم كالما فى‬ ‫الهواء‪ ..‬بشفائه للمفلوج أثبت أن ما قاله عن الغفران هو‬ ‫حقيقى أيضا‪.‬‬ ‫إذا‪ ..‬استدل المسيح بمعجزة منظورة عن أعظم‬ ‫معجزة غير منظورة وهى شفاء البشرية من الخطية‪.‬‬ ‫وهكذا أعلن السيد المسيح أنه كإله متجسد‪ ..‬لم‬ ‫يأتى ليشفى أمراضنا الجسدية فقط‪ ..‬وإنما جاء ليشفى‬ ‫من موت الخطية بغفران حقيقى‪.‬‬ ‫هنا نرى فى إجابة المسيح عدة نقاط هامة‪:‬‬ ‫‪ ‬لم يكتفى المسيح ـ له المجد ـ بالدفاع عن نفسه‬ ‫تجاه تهمة التجديف‪ ..‬وإنما أعلن أسرارا وشرح‬ ‫مشيئته‪.‬‬ ‫‪ ‬لم ينزعج السيد المسيح من دعوى التجديف ولم‬ ‫يضطرب بل واجه الموقف بهدوء وحكمة‬ ‫وتحليل ومنطق‪.‬‬

‫‪05‬‬


‫ــــــــ لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ ‬أعلن السيد المسيح ما وراء السؤال (للكتبة)‪..‬‬ ‫من خبث ودهاء كما أعلن فى إجابته أنه يعرف‬ ‫خفايا القلوب‪.‬‬ ‫‪ ‬استخدم السيد المسيح أسلوب السؤال المضاد‬ ‫لتحليل الموقف قبل الوصول إلى اإلجابة‪ ..‬وهنا‬ ‫استخدم سؤالين‪" :‬لماذا تفكرون؟" و "أيما‬ ‫أيسر؟"‪.‬‬ ‫‪ ‬قاد المسيح ـ له المجد ـ الجموع إلى استنتاج ما‬ ‫يريد أن يعلنه عن الهوته‪ ..‬عطية الغفران‪..‬‬ ‫عطية الشفاء‪.‬‬ ‫اَّلل قَائِ ِلينَ ‪َ « :‬ما‬ ‫ولهذا قيل "بُ ِهتَ ا ْلجَمِ ي ُع َو َم َّجد ُوا َّ َ‬ ‫َرأ َ ْي َنا مِ ثْ َل َهذَا قَ ُّط!»" (مر ‪.)02 : 2‬‬

‫حين يصرح أحدهم قائال ‪ ..‬بما أن هللا صانع‬ ‫الخيرات‪ ..‬كان البد أال يكون هناك ألم فى الحياة‪ ..‬وبما‬ ‫أن األلم فى الحياة حقيقة واقعة‪ ..‬إذا َ​َ‪ ..‬إما هللا غير‬ ‫موجود أو أنه صانع شرور؟!!‬ ‫‪06‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫قد تجيب على هذا السؤال بطرق مختلفة‪..‬‬ ‫مثال‪..‬‬ ‫بالسؤال المضاد‪..‬‬ ‫ـ هل األلم هو شر دائم؟!‬ ‫ـ أال يمكن أن يكون األلم خيرا؟!‬ ‫أو سؤال آخر‪..‬‬ ‫ـ األلم حقيقة واقعة لكن هل هللا هو المتسبب‬ ‫المباشر فى األلم؟!‬ ‫ـ أليس األلم أحيانا نتاج تصرفات وقرارات‬ ‫البشر؟!‬ ‫أو سؤال ثالث‪..‬‬ ‫ـ هل انتهت القصة فقط بأن هللا سمح إلنسان أن‬ ‫يتألم بالرغم من أنه صانع الخيرات؟!‬ ‫ـ أليس هناك احتمال أن تكون هناك حياة أخرى‬ ‫تنتظره خالية من األلم وكافية لتعويضه‬ ‫مضاعفا عن كل اآلالم التى اجتازها؟!‬ ‫‪01‬‬


‫ــــــــ ﻟﻤﺎذا ﺗﻼﻣﯿﺬك ﻻ ﯾﺼﻮﻣﻮن؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﳌﺎﺫﺍ ﺗﻼﻣﻴﺬﻙ ﻻ ﻳﺼﻮﻣﻮﻥ؟‬ ‫"ﻭ‪‬ﻛﹶﺎﻥﹶ ﺗ‪‬ﻼﹶﻣ‪‬ﻴﺬﹸ ﻳ‪‬ﻮﺣ‪‬ﻨ‪‬ﺎ ﻭ‪‬ﺍﻟﹾﻔﹶﺮ‪‬ﻳﺴِﻴ‪‬ﲔ‪ ‬ﻳ‪‬ﺼ‪‬ﻮﻣ‪‬ﻮﻥﹶ‬ ‫ﻓﹶﺠ‪‬ﺎﺀُﻭﺍ ﻭ‪‬ﻗﹶﺎﻟﹸﻮﺍ ﻟﹶﻪ‪» :‬ﻟ‪‬ﻤ‪‬ﺎﺫﹶﺍ ﻳ‪‬ﺼ‪‬ﻮﻡ‪ ‬ﺗ‪‬ﻼﹶﻣ‪‬ﻴﺬﹸ ﻳ‪‬ﻮﺣ‪‬ﻨ‪‬ﺎ‬ ‫ﻭ‪‬ﺍﻟﹾﻔﹶﺮ‪‬ﻳﺴِﻴ‪‬ﲔ‪ ‬ﻭ‪‬ﺃﹶﻣ‪‬ﺎ ﺗ‪‬ﻼﹶﻣ‪‬ﻴﺬﹸﻙ‪ ‬ﻓﹶﻼﹶ ﻳ‪‬ﺼ‪‬ﻮﻣ‪‬ﻮﻥﹶ؟«‪ .‬ﻓﹶﻘﹶﺎﻝﹶ ﻟﹶﻬ‪‬ﻢ‪‬‬ ‫ﻳ‪‬ﺴ‪‬ﻮﻉ‪» :‬ﻫ‪‬ﻞﹾ ﻳ‪‬ﺴ‪‬ﺘ‪‬ﻄ‪‬ﻴﻊ‪ ‬ﺑ‪‬ﻨ‪‬ﻮ ﺍﻟﹾﻌ‪‬ﺮ‪‬ﺱﹺ ﺃﹶﻥﹾ ﻳ‪‬ﺼ‪‬ﻮﻣ‪‬ﻮﺍ ﻭ‪‬ﺍﻟﹾﻌ‪‬ﺮﹺﻳﺲ‪‬‬ ‫ﻣ‪‬ﻌ‪‬ﻬ‪‬ﻢ‪‬؟ ﻣ‪‬ﺎ ﺩ‪‬ﺍﻡ‪ ‬ﺍﻟﹾﻌ‪‬ﺮﹺﻳﺲ‪ ‬ﻣ‪‬ﻌ‪‬ﻬ‪‬ﻢ‪ ‬ﻻﹶ ﻳ‪‬ﺴ‪‬ﺘ‪‬ﻄ‪‬ﻴﻌ‪‬ﻮﻥﹶ ﺃﹶﻥﹾ‬ ‫ﻳ‪‬ﺼ‪‬ﻮﻣ‪‬ﻮﺍ‪ .‬ﻭ‪‬ﻟﹶﻜ‪‬ﻦ‪ ‬ﺳ‪‬ﺘ‪‬ﺄﹾﺗ‪‬ﻲ ﺃﹶﻳ‪‬ﺎﻡ‪ ‬ﺣ‪‬ﲔ‪ ‬ﻳ‪‬ﺮ‪‬ﻓﹶﻊ‪ ‬ﺍﻟﹾﻌ‪‬ﺮﹺﻳﺲ‪ ‬ﻋ‪‬ﻨ‪‬ﻬ‪‬ﻢ‪‬‬ ‫ﻓﹶﺤ‪‬ﻴﻨ‪‬ﺌ‪‬ﺬ‪ ‬ﻳ‪‬ﺼ‪‬ﻮﻣ‪‬ﻮﻥﹶ ﻓ‪‬ﻲ ﺗ‪‬ﻠﹾﻚ‪ ‬ﺍﻷَﻳ‪‬ﺎﻡﹺ‪ .‬ﻟﹶﻴ‪‬ﺲ‪ ‬ﺃﹶﺣ‪‬ﺪ‪ ‬ﻳ‪‬ﺨ‪‬ﻴﻂﹸ‬ ‫ﺭ‪‬ﻗﹾﻌ‪‬ﺔﹰ ﻣ‪‬ﻦ‪ ‬ﻗ‪‬ﻄﹾﻌ‪‬ﺔ‪ ‬ﺟ‪‬ﺪ‪‬ﻳﺪ‪‬ﺓ‪ ‬ﻋ‪‬ﻠﹶﻰ ﺛﹶﻮ‪‬ﺏﹴ ﻋ‪‬ﺘ‪‬ﻴﻖﹴ ﻭ‪‬ﺇﹺﻻﱠ ﻓﹶﺎﻟﹾﻤ‪‬ﻞﹾﺀُ‬ ‫ﺍﻟﹾﺠ‪‬ﺪ‪‬ﻳﺪ‪ ‬ﻳ‪‬ﺄﹾﺧ‪‬ﺬﹸ ﻣ‪‬ﻦ‪ ‬ﺍﻟﹾﻌ‪‬ﺘ‪‬ﻴﻖﹺ ﻓﹶﻴ‪‬ﺼ‪‬ﲑ‪ ‬ﺍﻟﹾﺨ‪‬ﺮ‪‬ﻕ‪ ‬ﺃﹶﺭ‪‬ﺩ‪‬ﺃﹶ‪ .‬ﻭ‪‬ﻟﹶﻴ‪‬ﺲ‪ ‬ﺃﹶﺣ‪‬ﺪ‪‬‬ ‫ﻳ‪‬ﺠ‪‬ﻌ‪‬ﻞﹸ ﺧ‪‬ﻤ‪‬ﺮﺍﹰ ﺟ‪‬ﺪ‪‬ﻳﺪ‪‬ﺓﹰ ﻓ‪‬ﻲ ﺯﹺﻗﹶﺎﻕﹴ ﻋ‪‬ﺘ‪‬ﻴﻘﹶﺔ‪ ‬ﻟ‪‬ﺌﹶﻼﱠ ﺗ‪‬ﺸ‪‬ﻖ‪ ‬ﺍﻟﹾﺨ‪‬ﻤ‪‬ﺮ‪‬‬ ‫ﺍﻟﹾﺠ‪‬ﺪ‪‬ﻳﺪ‪‬ﺓﹸ ﺍﻟﺰ‪‬ﻗﹶﺎﻕ‪ ‬ﻓﹶﺎﻟﹾﺨ‪‬ﻤ‪‬ﺮ‪ ‬ﺗ‪‬ﻨ‪‬ﺼ‪‬ﺐ‪ ‬ﻭ‪‬ﺍﻟﺰ‪‬ﻗﹶﺎﻕ‪ ‬ﺗ‪‬ﺘ‪‬ﻠﹶﻒ‪ .‬ﺑ‪‬ﻞﹾ‬ ‫ﻳ‪‬ﺠ‪‬ﻌ‪‬ﻠﹸﻮﻥﹶ ﺧ‪‬ﻤ‪‬ﺮﺍﹰ ﺟ‪‬ﺪ‪‬ﻳﺪ‪‬ﺓﹰ ﻓ‪‬ﻲ ﺯﹺﻗﹶﺎﻕﹴ ﺟ‪‬ﺪ‪‬ﻳﺪ‪‬ﺓ‪".«‬‬ ‫)ﻣﺮ ‪ ١٨ : ٢‬ـ ‪(٢٢‬‬

‫‪‬‬

‫ﲟﺎ ﺃﻥ‪ ..‬ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻳﻮﺣﻨﺎ‬ ‫ﺗﻼﻣﻴﺬ ﺍﻟﻔﺮﻳﺴﻴﲔ‬

‫‪١٨‬‬

‫ﻳﺼﻮﻣﻮﻥ‬ ‫ﻳﺼﻮﻣﻮﻥ‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اﻟﻤﻨﻄﻖ ﻓﻰ ﺣﻮارات اﻟﻤﺴﯿﺢ ــــــــ‬

‫‪‬‬

‫ﺇﺫﺍﹰ‪ ..‬ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻼﻣﻴﺬ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻳﺼﻮﻣﻮﻥ؟!‬ ‫ﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻨﻄﻖ ﺳﻠﻴﻢ؟!‬

‫ھﻞ ﻣﺜﻼً‪ ..‬ﺑﻤﺎ أن ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﺗﺄﻛﻞ اﻵن )ﺳﺎﻋﺔ‬ ‫اﻟﻐﺪاء(‪ ..‬إذاً ﻻﺑﺪ ﻟﻚ أن ﺗﺄﻛﻞ؟ !‪ ..‬ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة‪.‬‬ ‫ھﻨﺎك ﺗﻄﺒﯿﻘﺎت ﻛﺜﯿﺮة ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ‬ ‫اﻟﻤﻐﻠﻮﻃﺔ‪ ..‬ﻛﺄن ﯾُﻘﺎل "ﺑﻤﺎ أن اﻟﺸﻤﺲ ﺗﺸﺮق ﻛﻞ ﯾﻮم‬ ‫ﺻﺒﺎﺣﺎً‪ ..‬إذاً ﻻﺑﺪ أن ﺗﺸﺮق ﻏﺪاً"‪ ..‬ﻓﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن‬ ‫اﻟﻐﺪ ﻓﯿﮫ ﻏﯿﻮم‪ ..‬وﺗﺘﺄﺧﺮ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻰ اﻟﻈﮭﻮر‪.‬‬ ‫أو ﯾُﻘﺎل "ﺑﻤﺎ أن اﷲ ﯾﺼﻨﻊ اﻟﺨﯿﺮ داﺋﻤﺎً‪ ..‬إذاً ﻻﺑﺪ‬ ‫أﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺷﺮ"‪ ..‬ﻓﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﷲ ﯾﺼﻨﻊ اﻟﺨﯿﺮ داﺋﻤﺎً‪..‬‬ ‫ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﯾﺼﻨﻊ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺸﺮ‪ ..‬وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة أن ﯾﻤﻨﻊ‬ ‫اﷲ اﻹﻧﺴﺎن أو اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻋﻦ اﻟﺸﺮ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﺑﻤﺎ أن اﻟﻤﺴﯿﺢ ﯾﺄﻛﻞ وﯾﺸﺮب‪ ..‬إذاً ھﻮ إﻧﺴﺎن‬ ‫ﻓﻘﻂ‪ ..‬وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﯾﺄﻛﻞ وﯾﺸﺮب ﻷﻧﮫ إﻧﺴﺎن‬ ‫وﻟﻜﻨﮫ ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ إﻧﺴﺎن‪ ..‬ﻷﻧﮫ أﯾﻀﺎً اﻹﻟﮫ‬ ‫اﻟﺤﻘﯿﻘﻰ‪ ..‬وﻟﮫ ﺳﻠﻄﺎن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺊ‪.‬‬

‫‪١٩‬‬


‫ــــــــ ﻟﻤﺎذا ﺗﻼﻣﯿﺬك ﻻ ﯾﺼﻮﻣﻮن؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ ‬ﺑﻤﺎ أن اﻟﻤﺴﯿﺢ ﯾﻨﺎم وﯾﺘﺄﻟﻢ‪ ..‬إذًا ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻜﻮن‬ ‫إﻟﮫ‪ ..‬وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﯾﻨﺎم وﯾﺘﺄﻟﻢ ﺑﺤﻜﻢ ﻧﺎﺳﻮﺗﮫ‬ ‫)إﻧﺴﺎﻧﯿﺘﮫ( وﻟﻜﻦ ھﺬا ﻻ ﯾﻤﻨﻊ اﺳﺘﻤﺮار ﻻھﻮﺗﮫ‬ ‫ﻓﯿﮫ‪ ..‬وﻣﻦ ﺟﮭﺔ ﻻھﻮﺗﮫ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج ﻟﻠﻨﻮم وﻻ ﯾﺸﻌﺮ‬ ‫ﺑﺎﻷﻟﻢ‪ ..‬وﺑﺤﻜﻢ ﺑﺸﺮﯾﺘﮫ ﯾﻨﺎم وﯾﺘﺄﻟﻢ‪.‬‬ ‫ﻟﻢ ﯾﻀﻄﺮب اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﺬى‬ ‫ﯾﺒﺪو اﺳﺘﻨﻜﺎرﯾﺎً وﻣﻨﻄﻘﯿﺎً‪ ..‬ﻷﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة أن ﯾﺼﻨﻊ‬ ‫اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻣﺜﻞ ﯾﻮﺣﻨﺎ واﻟﻔﺮﯾﺴﯿﯿﻦ إﻻ إذا ﻛﺎن ﺗﺎﺑﻌﺎً ﻟﮭﻢ‪ ..‬أﻣﱠﺎ‬ ‫إذا ﻛﺎن إﻟﮭﮭﻢ ﻓﻤﻦ ﺣﻘﮫ أن ﯾﺒﺪأ ﻧﻈﺎﻣﺎً ﺟﺪﯾﺪاً وﻓﻜﺮاً ﺟﺪﯾﺪاً‪.‬‬ ‫واﻧﺘﻘﻞ اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ إﻟﻰ ﺟﻮھﺮ اﻟﻤﻮﺿﻮع‪..‬‬ ‫ﻟﻤﺎذا اﻟﺼﻮم؟ وﺳﺄل ﺳﺆاﻻً اﺳﺘﻔﺴﺎرﯾﺎً ﻟﯿﺒﺪأ ﺑﮫ اﺟﺎﺑﺘﮫ‬ ‫وﯾﻮﺿﺢ ﻓﻜﺮه اﻟﺠﺪﯾﺪ "ھَﻞْ ﯾَﺴْﺘَﻄِﯿﻊُ ﺑَﻨُﻮ اﻟْﻌُﺮْسِ أَنْ‬ ‫ﯾَﺼُﻮﻣُﻮا وَاﻟْﻌَﺮِﯾﺲُ ﻣَﻌَﮭُﻢْ؟ ﻣَﺎ دَامَ اﻟْﻌَﺮِﯾﺲُ ﻣَﻌَﮭُﻢْ ﻻَ‬ ‫ﯾَﺴْﺘَﻄِﯿﻌُﻮنَ أَنْ ﯾَﺼُﻮﻣُﻮا" )ﻣﺮ ‪ .(١٩ : ٢‬أﻧﺘﻢ ﺗﻘﻮﻟﻮن ﺗﻼﻣﯿﺬ‬

‫ﯾﻮﺣﻨﺎ‪ ..‬ﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﻔﺮﯾﺴﯿﯿﻦ ﻛﻤﺮﺟﻊ‪ ..‬وأﻧﺎ أﺧﺬﻛﻢ إﻟﻰ‬ ‫ﻣﺮﺟﻊ آﺧﺮ ﻓﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ‪ ..‬اﻟﻌﺮس‪ ..‬ھﻞ ھﻨﺎك‬ ‫ﺻﻮم أﺛﻨﺎء اﻹﺣﺘﻔﺎل ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻌﺮﯾﺲ؟‪ ..‬أﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮن ﻟﻤﺎذا‬ ‫ﻻ ﯾﺼﻮم أﺻﺤﺎب اﻟﻌﺮس ﻓﻰ أﺛﻨﺎء اﻹﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻌﺮﯾﺲ؟!!‬ ‫‪٢٠‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اﻟﻤﻨﻄﻖ ﻓﻰ ﺣﻮارات اﻟﻤﺴﯿﺢ ــــــــ‬ ‫اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﯿﺔ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ أﺟﺎﺑﮭﺎ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﺑﻨﻔﺴﮫ‬ ‫"ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮا أن ﯾﺼﻮﻣﻮا"‪ ..‬وﻛﺄن اﻟﻤﺴﯿﺢ وﺿﻊ‬ ‫)ﻣﻮدﯾﻼً( ﺟﺪﯾﺪاً ﻟﻠﺼﻮم‪ ..‬ﻟﯿﺲ ﯾﻮﺣﻨﺎ وﻻ اﻟﻔﺮﯾﺴﯿﯿﻦ وﻟﻜﻦ‬ ‫ﻧﻈﺎم اﻹﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻌﺮﯾﺲ‪.‬‬ ‫اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﯿﺔ ھﻨﺎ‪..‬‬ ‫أﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﯾﻮﺣﻨﺎ‪ ..‬وﻟﺴﺖ اﻟﻔﺮﯾﺴﯿﯿﻦ‪ ..‬وﻟﺴﺖ‬ ‫ﻣﻮﺳﻰ‪ ..‬أﻧﺎ إﻟﮫ اﻟﻜﻞ‪ ..‬أﻧﺎ ﻋﺮﯾﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ‪ ..‬أﻧﺎ ﻣﺸﺘﮭﻰ‬ ‫اﻷﻣﻢ‪ ..‬أﻧﺎ ﻣﻨﺘﻈﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ..‬أﻧﺎ ﻓﺮح اﻷﺟﯿﺎل‪ ..‬ﻟﯿﺲ اﻵن‬ ‫ﯾﻜﻮن اﻟﺼﻮم‪ ..‬دﻋﻮھﻢ ﯾﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻰ ﻛﻌﺮﯾﺲ‪ ..‬وﻣﺘﻰ‬ ‫ﺻﻌﺪت ﻟﻠﺴﻤﺎء ﯾﺼﻮﻣﻮن ﺷﻮﻗﺎً ﻟﻠﺼﻌﻮد ﻣﻌﻰ‪ ..‬وﻣﺘﻰ‬ ‫ﺻﻌﺪت ﻟﻠﺼﻠﯿﺐ ﯾﺼﻮﻣﻮن ﺷﻮﻗﺎً ﻟﻠﺼﻠﯿﺐ ﻣﻌﻰ‪ ..‬وﻣﺘﻰ‬ ‫ارﺗﻔﻌﺖ ﻋﻦ اﻷرﺿﯿﺎت ﯾﺼﻮﻣﻮن ﺷﻮﻗﺎً ﻟﻺرﺗﻔﺎع ﻣﺜﻠﻰ‪.‬‬ ‫ﺳﺆال اﻟﯿﮭﻮد ﯾﺄﺧﺬ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻓﻰ اﺗﺠﺎه ﻣﺤﺪد‪ ..‬ھﻞ‬ ‫أﻧﺖ ﺳﺘﺘﺒﻊ ﻧﻈﺎم اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﻤﻌﺘﺎد ﻟﻜﻞ اﻟﻤﺘﺪﯾﻨﯿﻦ؟‪.‬‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻓﻠﻢ ﯾﺴﯿﺮ ﻓﻰ ھﺬا اﻹﺗﺠﺎه ﺑﻞ ﻗﺎدھﻢ‬ ‫إﻟﻰ اﺗﺠﺎه آﺧﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ‪..‬‬ ‫ﻣﻦ ﺑﺪاﯾﺔ ﺑﻌﯿﺪة ﻋﻦ أذھﺎﻧﮭﻢ ھﻰ‪:‬‬ ‫‪٢١‬‬


‫ــــــــ ﻟﻤﺎذا ﺗﻼﻣﯿﺬك ﻻ ﯾﺼﻮﻣﻮن؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪" ‬ﻣﻦ أﻧﺎ؟"‪ ..‬اﻟﻤﺴﯿﺢ‪ ..‬اﻟﻌﺮﯾﺲ‪ ..‬اﻹﻟﮫ اﻟﻤﺘﺠﺴﺪ‪.‬‬ ‫‪" ‬ﻟﻤﺎذا ﺟﺌﺖ؟"‪ ..‬ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻼص اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ‪..‬‬ ‫اﻟﻌﺮوس‪.‬‬ ‫‪" ‬ﻣﺎ ھﻰ اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ"‪ ..‬ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺐ ﺳﻤﺎوى ﺑﯿﻦ‬ ‫اﻟﻌﺮﯾﺲ واﻟﻌﺮوس‪.‬‬ ‫‪" ‬ﻣﺎ ﺗﻌﺒﯿﺮ ھﺬا اﻟﺤﺐ"‪ ..‬ﺻﻮﻣﺎً ﺟﺪﯾﺪاً روﺣﺎﻧﯿﺎً‪.‬‬ ‫وھﻨﺎ أﻋﻄﻰ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻣﺜﻼً ﻟﺘﻘﺮﯾﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‬ ‫اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ‪ ..‬ﻣﺜﻞ اﻟﺮﻗﻌﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة واﻟﺜﻮب اﻟﻘﺪﯾﻢ‪ ..‬أو اﻟﺨﻤﺮ‬ ‫اﻟﺠﺪﯾﺪ واﻟﺰﻗﺎق اﻟﻌﺘﯿﻖ‪.‬‬ ‫اﻟﺮﻗﻌﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة‪ ..‬اﻟﺨﻤﺮ اﻟﺠﺪﯾﺪ‪ ..‬ھﻰ اﻟﺼﻮم ﻓﻰ‬ ‫ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻤﺴﯿﺤﻰ‪ ..‬اﻟﺤﺐ اﻟﺬى ﯾﺮﺑﻂ اﻟﻌﺮوس )اﻟﻜﻨﯿﺴﺔ(‬ ‫ﺑﻌﺮﯾﺴﮭﺎ‪.‬‬ ‫أﻣﺎ اﻟﺜﻮب اﻟﻘﺪﯾﻢ واﻟﺰﻗﺎق اﻟﻌﺘﯿﻖ‪ ..‬ﻓﮭﻰ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ‬ ‫ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺪاء‪ ..‬ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﺮف ﻋﺮﯾﺴﮭﺎ‪ ..‬وﻟﻦ ﺗﺤﺘﻤﻞ ھﺬا‬ ‫اﻟﺼﻮم اﻟﺮوﺣﺎﻧﻰ إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺼﯿﺮ ﺧﻠﯿﻘﺔ ﺟﺪﯾﺪة روﺣﺎﻧﯿﺔ‬ ‫"ﯾَﺠْﻌَﻠُﻮنَ ﺧَﻤْﺮاً ﺟَﺪِﯾﺪَةً ﻓِﻲ زِﻗَﺎقٍ ﺟَﺪِﯾﺪَةٍ" )ﻣﺮ ‪.(٢٢ : ٢‬‬

‫‪٢٢‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫(مر ‪ 32 : 3‬ـ ‪.)32‬‬

‫لماذا ٌفعلون فى السبت ما ال ٌحل؟!‪...‬‬ ‫سؤال استنكارى تهكمى‪ ..‬وكأنه يثبت على‬ ‫المسيح وتالميذه جريمة ال تغتفر‪.‬‬ ‫هناك مواقف وحوارات كثيرة للسيد المسيح‬ ‫حول موضوع كسر وصية السبت‪ ..‬ولكن هنا فى هذا‬ ‫الموقف لم يناقش السيد المسيح ما يحل وما ال يحل؟‪..‬‬ ‫وإال سيدخل فى تفاصيل حرفية بعيدة عن جوهر‬ ‫‪32‬‬


‫ــــــــ لماذا يفعلون فى السبت ما ال يحل؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الموضوع‪ ..‬تفاصيل ما قالته الشريعة‪ ..‬وما أضافه‬ ‫مي بتقليد الناس‪.‬‬ ‫معلمو اليهود عبر السنين فيما ُ‬ ‫س َ‬ ‫إنما ناقش السيد المسيح ما هو أعمق وأهم‪..‬‬ ‫وضعت‬ ‫جوهر السبت؟‪ ..‬ما هو معنى السبت؟‪ ..‬لماذا ِ‬ ‫وصية السبت؟‬ ‫بل خرج السيد المسيح بالموضوع عن حدود‬ ‫السبت إلى ما هو أهم وأكبر‪ ..‬وهو أحكام العهد القديم‬ ‫وشرائعه كلها‪ ..‬وأعطى مثالً (مر ‪ 32 : 3‬ـ ‪.)32‬‬ ‫وبهذا المثل خرج السيد المسيح أوالً عن‬ ‫حساسية موضوع السبت‪ ،‬ووضع مثالً موثقا ً مقبوالً من‬ ‫الجميع أن داود لم يعتبر خاطئا ً بأكله خبز التقدمة (‪1‬صم‬ ‫‪ 1 : 31‬ـ ‪ ..)6‬وأصبح السؤال المنطقى اآلن‪..‬‬ ‫َمن األهم؟‪ ..‬السبت أم اإلنسان؟‬ ‫ولكنه كعادته رد السؤال بسؤال!‬ ‫والمفهوم الحرفى بالمفهوم الروحى!‬

‫‪32‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫هل اإلنسان خـُلق ليحفظ السبت أم أن السبت‬ ‫ُوجد ليحفظ اإلنسان؟!! واإلجابة مباشرة سهلة ومنطقية‬

‫ت"‬ ‫س ْب ِ‬ ‫سا ُن ألَجْ ِل ال َّ‬ ‫"ال َّ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ان الَ ِ‬ ‫سبْتُ ِإنَّ َما ُج ِع َل ألَجْ ِل ِ‬ ‫س ِ‬

‫(مر ‪.)32 : 3‬‬ ‫وأضاف السيد المسيح تلميحا ً آخر أكثر أهمية‪..‬‬ ‫أن الذى وضع شريعة السبت قديما ً هو اآلن يحررها من‬ ‫الحرف‪ ..‬ألنه هو رب الشريعة‪ ..‬هو رب السبت‪.‬‬ ‫أى أن المسيح ال يخضع للسبت إنما شريعة‬ ‫ب‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ان ه َُو َر ُّ‬ ‫السبت تخضع للمسيح واضعها " ِإذا ً ا ْب ُن ِ‬ ‫س ِ‬

‫ت أَ ٌْضا ً" (مر ‪.)32 : 3‬‬ ‫س ْب ِ‬ ‫ال َّ‬

‫جميع التساؤالت التى يغلب عليها الطابع‬ ‫الحرفى الضيق البد من مناقشة جوهر الموضوع‬ ‫وأصله‪ ..‬وحرية السيد المسيح رب الكل فى أن يكمل‬ ‫المعنى حسب مشيئته وفكره‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫ــــــــ لماذا يفعلون فى السبت ما ال يحل؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(مر ‪ 1 : 2‬ـ ‪.)2‬‬

‫هى دعوة جريئة ال لتغطية أى مشكلة عقالنية‪..‬‬ ‫بل لمواجهتها جهراً‪.‬‬ ‫واختلف سؤال السيد المسيح عن سؤالهم‬ ‫اإلستطالعى‪ ..‬هل يشفين فى السبت؟!‪ ..‬فسأل المسيح‬ ‫فى المقابل (مر ‪ ..)2 : 2‬هل يحل‪ ..‬فعل الخير؟!‪ ..‬أم فعل‬ ‫الشر؟!‪ ..‬وكأن المسيح أعلن أنه البد أن يكون هناك‬ ‫عمالً ما فى أى يوم‪ ..‬إما عمالً للخير أم للشر‪..‬‬ ‫والسكوت عن الخير هو شر فى ذاته‪ ..‬فسكتوا!!‬ ‫‪36‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫ب ِإل ِهكَ ال ت َ ْع َمل فٌِ ِه‬ ‫ألن النص يقول "فَ َ‬ ‫ِلر ّ ِ‬ ‫سبْتٌ ل َّ‬

‫َع َملً" (تث ‪ ..)12 : 2‬ولكن التطبيق يقول البد أن تعمل‬ ‫سهُ‪.‬‬ ‫س ْب ِ‬ ‫عمالً ما‪ ..‬أما للخير أو للشر "ا ُ ْذك ُْر ٌَ ْو َم ال َّ‬ ‫ت ِلتُقَ ِّد َ‬ ‫سابِ ُع فَفٌِ ِه‬ ‫صنَ ُع جَمِ ٌ َع َ‬ ‫ستَّةَ أٌََّ ٍام ت َ ْع َم ُل َوت َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ع َم ِلكَ ‪َ .‬وأ َ َّما ا ْلٌَ ْو ُم ال َّ‬ ‫ع َملً َما أ َ ْنتَ َوا ْبنُكَ َوا ْب َنت ُكَ‬ ‫صنَ ْع َ‬ ‫ب ِإلَ ِهكَ ‪ .‬الَ ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِلر ّ ِ‬ ‫سبْتٌ ل َّ‬ ‫ع ْبد ُكَ َوأ َ َمت ُكَ َو َب ِهٌ َمت ُكَ َونَ ِزٌلُكَ الَّذِي دَاخِ َل أ َ ْب َوا ِبكَ ‪( ".‬خر‬ ‫َو َ‬

‫‪ 2 : 32‬ـ ‪.)12‬‬ ‫عقلهم البديهى المنطقى يقول‪ ..‬عمل الخير لن‬ ‫يغضب هللا‪ ..‬هل لن يأكلون ولن يشربون!‪ ..‬لن‬ ‫يتنفسون!‬ ‫المسيح ـ له المجد ـ جعلهم فقط يفكرون بحرية‬ ‫وبمنطق إنسانى طبيعى‪ ،‬ولكنهم عجزوا عن التفكير‪.‬‬ ‫وإن فكروا عجزوا عن اإلعالن ع َّما فى قلوبهم "فَنَ َ‬ ‫ظ َر‬ ‫َح ْولَهُ ِإلَ ٌْ ِه ْم ِبغَ َ‬ ‫ب َح ِزٌنا ً َعلَى ِغلَ َظ ِة قُلُو ِب ِه ْم" (مر ‪.)2 : 2‬‬ ‫ض ٍ‬

‫‪32‬‬


‫ــــــــ لماذا يفعلون فى السبت ما ال يحل؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪1‬ـ استخدم السيد المسيح قصة داود وأكل خبز التقدمة‬ ‫كدليل على عدم التشبث بالحرف‪.‬‬ ‫‪3‬ـ تساءل عن عالقة اإلنسان بالسبت؟ و َمن األهم؟‪..‬‬ ‫اإلنسان أم السبت؟‬ ‫‪2‬ـ أعلن السيد المسيح أنه هو رب السبت‪.‬‬ ‫‪2‬ـ وضع السيد المسيح الجميع أمام اختيارين ال ثالث‬ ‫لهما‪ ..‬عمل الخير‪ /‬الشر‪ ..‬فى السبت‪ ..‬ومع هذا‬ ‫َاو ُروا‬ ‫سٌُّونَ ِل ْل َو ْق ِ‬ ‫ت َم َع ا ْل ِهٌ ُرود ُ ِ‬ ‫"فَ َخ َر َج ا ْلفَ ِّرٌ ِ‬ ‫س ٌٌِّنَ َوتَش َ‬ ‫َعلَ ٌْ ِه ِلك ًَْ ٌُ ْه ِلكُوهُ‪( ".‬مر ‪.)6 : 2‬‬

‫‪32‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫(مر ٖ ‪ ٕٔ :‬ـ ٕ​ٕ)‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫عادة بإلتزامه بالمعتاد أو خروجه عن المعتاد‪..‬‬ ‫فالسيد المسيح فى عيون أقربائه مختل؟!! وفى عيون‬ ‫المتدينين (الكتبة) هو رئيس شياطين؟!!‬ ‫لكن‪ ..‬هل يتصرف تصرفات المجانين!‪ ..‬هل‬ ‫يؤذى أحدا!‪ ..‬هل كالمه غير معقول!‪ ..‬هل الجميع‬ ‫ينفرون منه؟!‬ ‫‪ٕ2‬‬


‫ــــــــ إنه مختل! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وما المنطق وراء الحكم على المسيح‪ ..‬أنه‬ ‫بعلزبول‪ ..‬أو معه رئيس شياطين؟‪ ..‬هل يتقن الشر‪ ..‬هل‬ ‫يؤذى الناس‪ ..‬هل ينشر الفساد فى األرض؟!‬

‫ش ْي َ‬ ‫طا ٌن أ َ ْن‬ ‫ْف يَ ْق ِد ُر َ‬ ‫أوالً‪" ...‬فَدَ َ‬ ‫عاهُ ْم َوقَا َل لَ ُه ْم بِأ َ ْمثَا ٍل‪َ « :‬كي َ‬ ‫ش ْي َ‬ ‫س َم ْ‬ ‫علَى ذَا ِت َها‬ ‫يُ ْخ ِر َج َ‬ ‫ت َم ْملَكَة ٌ َ‬ ‫طانا؟‪َ .‬و ِإ ِن ا ْنقَ َ‬ ‫س َم بَ ْيتٌ‬ ‫الَ ت َ ْق ِد ُر ِت ْل َك ْال َم ْملَ َكة ُ أ َ ْن تَثْب ُ َ‬ ‫ت‪َ .‬و ِإ ِن ا ْنقَ َ‬ ‫ت‪".‬‬ ‫علَى ذَاتِ ِه الَ يَ ْق ِد ُر ذَ ِل َك ْالبَيْتُ أ َ ْن يَثْبُ َ‬ ‫َ‬ ‫(مر ٖ ‪ ٕٖ :‬ـ ‪)ٕ2‬‬

‫اخراج الشياطين ‪ ..‬إما بقوة إلهية‬ ‫‪ ..‬أو بقوة شيطانية‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ٖٓ‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫ثانياً‪ ...‬ما غرض الشيطان؟ إال أن يسيطر ويتملك البشر‬ ‫ب‬ ‫"الَ َي ْست َِطي ُع أ َ َحد ٌ أ َ ْن َي ْد ُخ َل َبي َ‬ ‫ي ٍ َو َي ْن َه َ‬ ‫ْت قَ ِو ّ‬ ‫ب‬ ‫ي أ َ َّوال َو ِحينَ ِئ ٍذ يَ ْن َه ُ‬ ‫أ َ ْم ِتعَتَه ُ ِإ ْن لَ ْم يَ ْربِ ِط ْالقَ ِو َّ‬ ‫بَ ْيتَه ُ‪( ".‬مر ٖ ‪.)ٕ2 :‬‬ ‫اخراج الشيطان ال يتفق مع خطة الشيطان فى‬ ‫السيطرة على البشر‪ ..‬إنما يتفق مع إرادة هللا فى تحرير‬ ‫البشر‪.‬‬ ‫واإلنسان أضعف من الشيطان القوى‪ ..‬إذا البد‬ ‫م َمن هو أقوى من الشيطان‪ ،‬فليس إال المسيح اإلله‬ ‫القادر أن يهزمه ويطرده‪.‬‬ ‫ثالثاً‪َ ...‬من األقوى؟‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ٖٔ‬


‫ــــــــ إنه مختل! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عندما يسارع أحدهم ويتهمنا بالجنون أو التخلف‬ ‫أو السادية أو التطرف‪..‬‬ ‫ال تنزعج‪ ..‬إسأل‪ ..‬لماذا؟‬ ‫ثم أثبت أن غير المسيحية هو فى الحقيقة‬ ‫األقرب لهذه التهم جميعها‪ ..‬أما المسيحية ففيها التعقل‬ ‫واإلعتدال وتجديد البشرية ومحبة اإلنسان‪.‬‬ ‫كأن يقول إنسان‪ ..‬المسيحية هى سبب الكوارث‬ ‫كلها!!‪ ..‬فمن السهل أن تثبت أن المسيحية وراء‬ ‫الحضارة الحديثة وحقوق اإلنسان والعمل الخيرى فى‬ ‫العالم‪ ..‬ومن السهل أيضا أن تثبت أن الشيوعية أو‬ ‫الفاشية أو الماركسية أو كل ما هو ضد المسيحية يستبيح‬ ‫القتل واإلغتصاب وتدمير البشرية من أجل المادة أو‬ ‫المصلحة‪.‬‬

‫ٕٖ‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫‪33‬‬


‫ــــــــ لماذا ال يسلك تالميذك حسب تقليد الشيوخ؟ ـــــــــــــــــــــــ‬

‫(مر ‪ 1 : 7‬ـ ‪)13‬‬

‫لم يكن أكل الخبز بأيد غير مغسولة‪ ..‬خطية‪..‬‬ ‫أو كسر وصية فى الشريعة اليهودية‪ ..‬ولكن اإلجتهادات‬ ‫واإلضافات التى سُميت تقليد الشيوخ هى التى أوصت‬ ‫بهذا‪ ..‬واعتبُر هذا التقليد شريعة أخرى أكثر إلزاما ً‬ ‫وأهمية من نصوص الشريعة فى العهد القديم‪.‬‬ ‫ترك المسيح تالميذه يأكلون بدون غسيل‬ ‫أيديهم‪ ..‬وهكذا فتح مجاالً للحوار والجدل حول هذه‬ ‫الوصية‪ ..‬بل حول كل تقليد الشيوخ‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫‪1‬ـ جوهر الموضوع‪:‬‬ ‫لم ينشغل السيد المسيح بقضية الغسيل ذاتها‪ ..‬بل‬ ‫كعادته انتقل بالموضوع إلى المستوى األعلى واألهم‪..‬‬ ‫وهو تقليد الشيوخ‪ ..‬أو وصايا الناس‪ ..‬فى مقارنة مع‬ ‫وصايا هللا‪.‬‬ ‫‪2‬ـ عتاب من األنبٌاء‪:‬‬ ‫سنا ً تَنَبَّأ َ‬ ‫اإلستدالل بالنبوة يعطى ُ‬ ‫حجة وقوة " َح َ‬ ‫ب‬ ‫ُوب‪َ :‬هذَا ال َّ‬ ‫ش ْع ٌَا ُء َ‬ ‫ِإ َ‬ ‫ش ْع ُ‬ ‫ع ْنكُ ْم أَ ْنت ُ ُم ا ْل ُم َرا ِئٌنَ َك َما ه َُو َم ْكت ٌ‬ ‫عنًِّ بَعٌِداً‪َ .‬وبَاطِ الً‬ ‫شفَتَ ٌْ ِه َوأ َ َّما قَ ْلبُهُ فَ ُم ْبت َ ِعد ٌ َ‬ ‫ٌُك ِْر ُمنًِ بِ َ‬ ‫اس‪( ".‬مر ‪6 : 7‬‬ ‫ًِ َو َ‬ ‫صاٌَا النَّ ِ‬ ‫ٌَ ْعبُد ُو َننًِ َوهُ ْم ٌُ َع ِلّ ُمونَ تَعَالٌِ َم ه َ‬

‫ـ ‪.)7‬‬ ‫ثم شرح النبوة وانطباقها تماما ً على ما يحدث‬

‫اس‪َ :‬‬ ‫س َل‬ ‫"ألَنَّكُ ْم ت َ​َر ْكت ُ ْم َو ِصٌَّةَ َّ ِ‬ ‫غ ْ‬ ‫سكُونَ بِت َ ْقلٌِ ِد النَّ ِ‬ ‫اَّلل َوتَتَ َم َّ‬ ‫ٌِرةً مِ ثْ َل َه ِذ ِه ت َ ْف َعلُونَ "‬ ‫ٌق َوا ْلكُؤ ِ‬ ‫ُوس َوأ ُ ُمورا ً أ ُ َخ َر َكث َ‬ ‫األ َ َب ِار ِ‬ ‫(مر ‪.)8 : 7‬‬

‫‪33‬‬


‫ــــــــ لماذا ال يسلك تالميذك حسب تقليد الشيوخ؟ ـــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ -3‬تشخٌص الوضع الحالى بإسمه الحقٌقى‪:‬‬ ‫سناً! َرفَ ْ‬ ‫اَّلل ِلتَحْ فَظُوا ت َ ْقلٌِدَكُ ْم" (مر ‪7‬‬ ‫ضت ُ ْم َو ِصٌَّةَ َّ ِ‬ ‫" َح َ‬

‫‪ ..)9 :‬إذا ً هى ليست مشكلة غسيل األيدى‪ ..‬بل هى‬ ‫رفض وصايا هللا من أجل اإللتزام بوصايا الناس‪ ..‬وهنا‬ ‫بدأ السيد المسيح يعطى أمثلة أخرى لهذه التجاوزات‪.‬‬ ‫‪ -4‬أمثلة أخرى‪:‬‬ ‫شتِ ُم أَبا ً أ َ ْو‬ ‫سى قَا َل‪ :‬أَك ِْر ْم أ َ َباكَ َوأ ُ َّمكَ َو َم ْن ٌَ ْ‬ ‫"أل َ َّن ُمو َ‬ ‫سا ٌن أل َ ِبٌ ِه أ َ ْو‬ ‫أ ُ ّما ً َف ْلٌَ ُمتْ َم ْوتاً‪َ .‬وأ َ َّما أَ ْنت ُ ْم فَتَقُولُونَ ‪ِ :‬إ ْن قَا َل ِإ ْن َ‬ ‫أ ُ ِ ّمهِ‪ :‬قُ ْربَا ٌن أ َ ْي َه ِدٌَّةٌ ه َُو الَّذِي ت َ ْنت َ ِف ُع بِ ِه مِ نًِّ‪َ .‬فالَ تَدَعُو َنهُ‬ ‫ش ٌْئا ً أل َ ِبٌ ِه أَ ْو أ ُ ِ ّمهِ‪( ".‬مر ‪ 11 : 7‬ـ ‪..)11‬‬ ‫فًِ َما َب ْعد ُ ٌَ ْف َع ُل َ‬

‫بمعنى أن تركيز وصايا الناس على الهدية والقربان لغى‬ ‫وصية هللا باإلكرام والرعاية واإلحترام‪ ..‬ولم يتحرك‬ ‫لليهود ساكنا ً دفاعا ً عن وصايا هللا‪ ..‬وإنما يثورون بشدة‬ ‫من أجل وصايا الناس‪.‬‬ ‫‪ -5‬إعالن المتهم الحقٌقى والتهمة الحقٌقٌة‪:‬‬ ‫سلَّ ْمت ُ ُموهُ‪َ .‬وأ ُ ُموراً‬ ‫" ُمبْطِ ِلٌنَ َكالَ َم َّ ِ‬ ‫اَّلل ِبت َ ْقلٌِ ِدكُ ُم الَّذِي َ‬ ‫ٌِرةً مِ ثْ َل َه ِذ ِه ت َ ْفعَلُونَ " (مر ‪ ..)13 : 7‬ليس التالميذ هم‬ ‫َكث َ‬

‫‪36‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫المخطئون بل اليهود‪ ..‬وليس غسيل األيدى هو التهمة‬ ‫الحقيقية‪ ..‬بل تغيير وتبديل وصايا هللا هى التهمة‬ ‫الحقيقية‪ ..‬فإن لم يكن التسليم اآلبائى حسب الشريعة‬ ‫(التقليد) حافظا ً للكلمة اإللهية‪ ..‬فإنما هو وسيلة لتعطيل‬ ‫إرادة هللا‪.‬‬ ‫‪ -6‬مراجعة المفاهٌم الجوهرٌة (مفهوم النجاسة‬ ‫والطهارة)‪:‬‬ ‫س َمعُوا مِ نًِّ كُلُّكُ ْم‬ ‫"ث ُ َّم دَعَا كُ َّل ا ْل َج ْم ِع َوقَا َل لَ ُه ُم‪« :‬ا ْ‬ ‫ان ِإذَا دَ َخ َل فٌِ ِه ٌَ ْق ِد ُر‬ ‫س َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫َوا ْف َه ُموا‪ .‬لَ ٌْ َ‬ ‫ش ًْ ٌء مِ ْن َخ ِارجِ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫س‬ ‫سهُ لَ ِك َّن األ َ ْ‬ ‫ش ٌَا َء الَّتًِ ت َْخ ُر ُ‬ ‫أ َ ْن ٌُنَ ِ ّج َ‬ ‫ًِ الَّتًِ تُنَ ِ ّج ُ‬ ‫ج مِ ْنهُ ه َ‬ ‫سانَ " (مر ‪ 13 : 7‬ـ ‪ .)16‬األكل بأيدى مغسولة أو غير‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ِ‬

‫مغسولة ال يقدر أن ينجس اإلنسان ألنه يهضم سريعا ً‬ ‫سانَ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ويخرج إلى خارج "أ َ َما ت َ ْف َه ُمونَ أَ َّن كُ َّل َما ٌَ ْد ُخ ُل ِ‬

‫سهُ‪ .‬ألَنَّهُ‬ ‫مِ ْن َخ ِارجٍ الَ ٌَ ْق ِد ُر أ َ ْن ٌُنَ ِ ّج َ‬ ‫ج إِلَى ا ْل َخالَءِ َوذَ ِلكَ‬ ‫ف ث ُ َّم ٌَ ْخ ُر ُ‬ ‫ا ْل َج ْو ِ‬

‫الَ ٌَ ْد ُخ ُل إِلَى قَ ْلبِ ِه بَ ْل إِلَى‬ ‫ٌُ َط ِ ّه ُر كُ َّل األ َ ْ‬ ‫ط ِع َم ِة" (مر‬

‫‪ 18 : 7‬ـ ‪ ..)19‬أما الذى يخرج من اإلنسان (من قلبه‬ ‫ج مِ نَ‬ ‫وفكره ولسانه) هو الذى ينجسه "إِ َّن الَّذِي ٌَ ْخ ُر ُ‬

‫ب‬ ‫س ا ِإل ْن َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫سانَ ‪ .‬ألَنَّهُ مِ نَ الدَّاخِ ِل مِ ْن قُلُو ِ‬ ‫ان ذَ ِلكَ ٌُنَ ِ ّج ُ‬ ‫ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ق قتْ ٌل‪ .‬س ِْرقة ط َم ٌع‬ ‫ج األفكَا ُر ال ّ‬ ‫اس ت َخ ُر ُ‬ ‫س ٌ‬ ‫نى فِ ْ‬ ‫الن ِ‬ ‫ش ِّ​ِر َ‬ ‫ٌرة‪ِ :‬ز ً‬

‫‪37‬‬


‫ــــــــ لماذا ال يسلك تالميذك حسب تقليد الشيوخ؟ ـــــــــــــــــــــــ‬ ‫ُخ ْب ٌ‬ ‫ٌِف ِك ْب ِر ٌَا ُء َج ْه ٌل‪ .‬جَمِ ٌ ُع‬ ‫ارةٌ َ‬ ‫ث َمك ٌْر َ‬ ‫ٌرة ٌ تَجْ د ٌ‬ ‫ع ٌْ ٌن ش ِّ​ِر َ‬ ‫ع َه َ‬ ‫سانَ " (مر ‪: 7‬‬ ‫َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫ور ت َْخ ُر ُ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ش ُر ِ‬ ‫ج مِ نَ الدَّاخِ ِل َوتُنَ ِ ّج ُ‬ ‫س ِ‬ ‫‪ 11‬ـ ‪.)13‬‬

‫‪1‬ـ الرجوع إلى جوهر الموضوع حسب الشريعة‪.‬‬ ‫‪1‬ـ اإلستشهاد بالنبوات للرد على اإلتهام‪.‬‬ ‫‪ -3‬تشخيص المشكلة (وصايا الناس)‪ ..‬بالمسمى الحقيقى‬ ‫لها‪.‬‬ ‫‪ -3‬ذكر أمثلة أخرى لهذه التجاوزات‪.‬‬ ‫‪ -3‬إعالن المتهم الحقيقى (الشيوخ) والتهمة الحقيقية‬ ‫(إبطال وصية هللا)‪.‬‬ ‫‪6‬ـ مراجعة لمفاهيم الطهارة والنجاسة‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫(مر ‪ 2 : 01‬ـ ‪)02‬‬

‫‪93‬‬


‫ــــــــ هل يحل للرجل أن يطلق امرأته؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫من الواضح أن السيد المسيح فى كل تعاليمه‬ ‫كرم الزواج ورفض الطالق‪ ..‬بينما سمح العهد القديم‬ ‫َّ‬ ‫بالطالق‪ ..‬ولهذا كانوا يجربوه لعله يقول ما هو ضد‬ ‫الشريعة (موسى) فيمسك عليه الخطأ‪.‬‬

‫لماذا سأل المسيح هذا السؤال؟‬ ‫لمراجعة النص‪ ..‬وظروف كتابته‪ ..‬ومعناه‪.‬‬ ‫فاألفضل دائما ً مراجعة أى نص بدقة‪ ..‬لئال‬ ‫يكون الحوار بعيدا ً عن الحقيقة التى قصدها الكتاب‪..‬‬ ‫وجاءت اإلجابة دقيقة لتبدأ بكلمة‪" ..‬أذن (أعطى إذنا ً)"‬ ‫(مر ‪.)0 : 01‬‬

‫او ِة قُلُوبِكُ ْم َكت َ​َب لَكُ ْم َه ِذ ِه ا ْل َو ِصيَّةَ"‬ ‫"مِ ْن أَجْ ِل قَ َ‬ ‫س َ‬

‫(مر ‪ ..)5 : 01‬هذه الحقيقة تسرى على وصايا كثيرة‪..‬‬ ‫ألن الوصية هى إرادة إلهية‪ ..‬ولكنها تعمل بيد بشرية‪.‬‬ ‫‪01‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫البد من اعتبار األثنين‪ ..‬ماذا يريد هللا؟ وماذا‬ ‫يستطيع اإلنسان؟ ويمكن تطبيق هذا على وصايا مثل‬ ‫عين بعين وسن بسن‪ ..‬فاهلل يريد التسامح وعدم العداوة‬ ‫وعدم اإلنتقام للنفس ولكن ليس أقل من الرد بنفس‬ ‫الدرجة‪ ..‬من أجل قساوة قلب المستمع‪.‬‬ ‫فالبشرية وقت إعالن الشريعة لم تكن لتحتمل‬ ‫مثالية "أحبوا أعدائكم"‪ ..‬أو "ال تغضب باطالً"‪ ..‬أو "من‬ ‫نظر إلى إمرأة ليشتهيها"‪ ..‬فمن جانب‪ ..‬إرادة هللا تهدف‬ ‫لقداسة اإلنسان وكماله‪ ..‬ولكن من جانب آخر‪ ..‬هللا‬ ‫يدرك ضعف اإلنسان وعجزه الشديد قبل الفداء‪.‬‬ ‫نعود مرة أخرى لقضية الطالق‪ ..‬وقدسية‬ ‫الزواج‪ ..‬ودفاع السيد المسيح عن الزواج‪..‬‬ ‫رجع السيد المسيح إلى أصل قضية الخلق ليؤكد‬ ‫أن إرادة هللا من البداية واضحة ال تتغير‪ ..‬أن يكون‬ ‫سا بَ ْعد ُ اثْنَ ْي ِن َب ْل‬ ‫الزواج بيد هللا‪ ..‬وزوجة واحدة‪" ..‬إِذا ً لَ ْي َ‬ ‫سا ٌن" (مت ‪.)6 : 03‬‬ ‫سد ٌ َواحِ د ٌ‪ .‬فالَّذِي َج َمعَهُ َّ‬ ‫اَّللُ الَ يُفَ ِّرقُهُ إِ ْن َ‬ ‫َج َ‬ ‫وأوضح السيد المسيح أن الطالق سمح به بسبب‬ ‫قساوة قلب اليهود‪ ..‬تجنبا ً ألخطاء أكبر ولكن ال يعبر‬ ‫عن إرادة هللا‪.‬‬ ‫‪00‬‬


‫ــــــــ هل يحل للرجل أن يطلق امرأته؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أكد السيد المسيح أن َمن يطلق إمرأته ويتزوج‬ ‫بأخرى هى بمثابة خطية زنا‪ ،‬وتأكيدا ً لهذا المعنى يقول‬ ‫مالخى النبى "ألَنَّهُ يَك َْرهُ ال َّ‬ ‫س َرائِي َل"‬ ‫طالَ َ‬ ‫ب ِإلَهُ إِ ْ‬ ‫الر ُّ‬ ‫ق قَا َل َّ‬ ‫(مال ‪.)06 : 2‬‬

‫‪02‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسٌح ــــــــ‬

‫(مر ٓٔ ‪ ٔ1 :‬ـ ٖٕ)‬

‫ٖٗ‬


‫ــــــــ أٌها المعلم الصالح ماذا أعمل ألرث الحٌاة األبدٌة؟ ــــــــــــــ‬

‫ٔـ هناك حٌاة أبدٌة‪.‬‬ ‫ٕـ لإلنسان دور (عمل) للوصول للحٌاة األبدٌة‪.‬‬ ‫ٖـ المسٌح هو المعلم الصالح‪.‬‬ ‫ٗـ المسٌح ٌعرف اإلجابة الحقٌقٌة‪.‬‬ ‫وألن هذه اإلفتراضات كلها سلٌمة‪ ..‬ولكن‬ ‫ٌنقصها جوهر اإلجابة‪ ..‬وهى اإلٌمان بالمسٌح كلل‬ ‫متجسد ولٌس كمعلم صالح فقط‪ .‬رد السٌد المسٌح على‬ ‫صالِحا ً‬ ‫س أ َ َحد ٌ َ‬ ‫السؤال بسؤال‪ِ " ..‬ل َماذَا تَ ْدعُونًِ َ‬ ‫صالِحاً؟ َل ٌْ َ‬ ‫اّللُ" (مر ٓٔ ‪.)ٔ1 :‬‬ ‫إال َّ َواحِ د ٌ َوه َُو َّ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ٗ​ٗ‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسٌح ــــــــ‬

‫اء ِإال َّ الَّ ِذي نَزَ َل ِمنَ‬ ‫ص ِعدَ ِإلَى ال َّ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ْس أ َ َحد ٌ َ‬ ‫‪َ " ‬ولٌَ َ‬ ‫اء" (ٌو ٖ ‪:‬‬ ‫ان الَّ ِذي ه َُو ِفً ال َّ‬ ‫ال َّ‬ ‫س َم ِ‬ ‫س َم ِ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫اء ا ْب ُن ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ٖٔ)‪.‬‬ ‫احد ٌ»‬ ‫‪ " ‬أَنَا َو ُ‬ ‫اآلب َو ِ‬

‫(ٌو ٓٔ ‪.)ٖٓ :‬‬

‫‪َ " ‬وكُ ُّل َما ه َُو ِلً فَ ُه َو لَ َك َو َما ه َُو لَ َك فَ ُه َو ِلً َوأَنَا‬ ‫ُم َم َّجد ٌ ِفٌ ِه ْم" (ٌو ‪.)ٔٓ : ٔ1‬‬ ‫َطٌَّ ٍة؟ فَل ِ ْن كُ ْنتُ أَقُو ُل‬ ‫علَى خ ِ‬ ‫‪َ " ‬م ْن ِم ْنكُ ْم ٌ ُ َب ِ ّكت ُ ِنً َ‬ ‫ست ُ ْم تُؤْ ِمنُونَ ِبً؟" (ٌو ‪.)ٗٙ : 1‬‬ ‫ْال َح َّق فَ ِل َماذَا لَ ْ‬ ‫ثم ٌستمر الحوار دون أن ٌنتظر المسٌح اإلجابة‬ ‫على سؤال ‪ ..‬ألنها منطقٌة ولكن قد ٌكون من العسٌر‬ ‫اإلعالن عنها‪ ..‬أنت هو هللا بالحقٌقة‪.‬‬ ‫٘ٗ‬


‫ــــــــ أٌها المعلم الصالح ماذا أعمل ألرث الحٌاة األبدٌة؟ ــــــــــــــ‬ ‫أك َّمل السٌد المسٌح إجابت للشاب‪" ..‬أنت تعرف‬ ‫الوصاٌا"‪ ..‬وكأن بهذه اإلجابة ٌكمل إجابة سؤال "ماذا‬ ‫أعمل ألرث الحٌاة األبدٌة"‪ ..‬بعد اإلٌمان بالمسٌح كلل ‪..‬‬ ‫تحتاج إلى طاعة الوصٌة كطرٌق للحٌاة األبدٌة‪ .‬وذكر‬ ‫السٌد المسٌح بعض هذه الوصاٌا "الَ ت َْز ِن‪ .‬الَ ت َ ْقتُلْ‪ .‬الَ‬ ‫ش َه ْد ِب ُّ‬ ‫ِب‪ .‬أَك ِْر ْم أَبَاكَ َوأ ُ َّمكَ " (مر ٓٔ‬ ‫س ِرقْ ‪ .‬الَ ت َ ْ‬ ‫ور‪ .‬الَ تَ ْ‬ ‫تَ ْ‬ ‫سل ْ‬ ‫الز ِ‬

‫‪ ..)ٔ1 :‬وهنا أكمل الشاب الغنى حدٌث بسؤال جدٌد " ٌَا‬ ‫ُمعَ ِلّ ُم َه ِذ ِه ُكلُّ َها َح ِف ْظت ُ َها ُم ْنذ ُ َحدَاثَتًِ" (مر ٓٔ ‪" ..)ٕٓ :‬فَ َماذَا‬ ‫ٌُ ْع ِو ُزنًِ َب ْعد ُ؟" (مت ‪.)ٕٓ : ٔ1‬‬

‫وهذا السؤال ٌفترض أن اإلجابة بحفظ هذه‬ ‫الوصاٌا فى العالقات اإلنسانٌة لٌست كافٌة وحدها‬ ‫لدخول الحٌاة األبدٌة‪ ..‬وكأن هذا الشاب النقى أحس‬ ‫بفطرت أن مازال ٌحتاج إلى أكثر من هذا‪ْ ٌُ" ..‬ع ِوزُكَ‬

‫َب بِ ْع كُ َّل َما لَكَ َوأَعْطِ ا ْلفُقَ َرا َء فٌََكُونَ لَكَ‬ ‫َ‬ ‫ش ًْ ٌء َواحِ د ٌ‪ .‬ا ْذه ْ‬ ‫ٌِب" (مر ٓٔ ‪.)ٕٔ :‬‬ ‫س َماءِ َوت َ َعا َل اتْبَ ْعنًِ حَامِ الً ال َّ‬ ‫َك ْن ٌز فًِ ال َّ‬ ‫صل َ‬

‫وأصبحت هذه النقطة الثالثة فى هذا السؤال‬ ‫الخطٌر نقطة شاملة جامعة كل وصاٌا العهد الجدٌد‪..‬‬ ‫وكل مبادئ القداسة والنمو الروحى‪ ..‬وفتحت الباب‬

‫‪ٗٙ‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسٌح ــــــــ‬ ‫لجهاد ال ٌنتهى أمام اإلنسان للوصول إلى قٌاس قامة‬ ‫ملء المسٌح أو التشب بالمسٌح الكامل‪.‬‬ ‫ولم ٌترك السٌد المسٌح هذا الموضوع ٌنتهى‬ ‫عن هذا الحد‪ ..‬ألن بذهاب الشاب الغنى حزٌنا ً تراءى‬ ‫أن ال خالص ل أو كأن خرج عن هذا الطرٌق الذى‬ ‫بدأه‪ ..‬أو كأن ال ٌصلح للحٌاة األبدٌة‪ ..‬وهنا أضاف‬ ‫السٌد المسٌح تفسٌرا ً لعراقٌل دخول الحٌاة األبدٌة " َما‬

‫اّلل‪َ .‬فت َ َحٌَّ َر التَّالَمِ ٌذ ُ‬ ‫س َر د ُ ُخو َل ذَ ِوي األ َ ْم َوا ِل ِإ َلى َملَكُو ِ‬ ‫ت َّ ِ‬ ‫أ َ ْع َ‬ ‫س َر د ُ ُخو َل‬ ‫ًِ َما أَ ْع َ‬ ‫مِ ْن َكالَمِ هِ‪ .‬فَقَا َل ٌَسُوعُ أ َ ٌْضاً‪ٌَ« :‬ا بَن َّ‬ ‫ب‬ ‫علَى األ َ ْم َوا ِل ِإلَى َملَكُو ِ‬ ‫ت َّ ِ‬ ‫ا ْل ُمت َّ ِك ِلٌنَ َ‬ ‫اّلل ‪ُ .!.‬م ُرو ُر َم َم ٍل مِ ْن ث َ ْق ِ‬ ‫س ُر مِ ْن أَ ْن ٌَ ْد ُخ َل َ‬ ‫اّللِ ‪( ".»!.‬مر ٓٔ ‪:‬‬ ‫ًِ ِإلَى َملَكُو ِ‬ ‫ت َّ‬ ‫ِإ ْب َر ٍة أ َ ٌْ َ‬ ‫غن ٌّ‬

‫ٖٕ ـ ٕ٘)‪.‬‬ ‫قالها السٌد المسٌح بالطرٌقة التى تستدعى‬ ‫التعجب والتساؤل والحٌرة‪ ..‬لكى ما ٌكون ل فرصة‬ ‫س َر د ُ ُخو َل‬ ‫ًِ َما أ َ ْع َ‬ ‫التوضٌح والتفسٌر والتعقٌب "ٌَا بَن َّ‬ ‫اّللِ ‪( "!.‬مر ٓٔ ‪.)ٕٗ :‬‬ ‫علَى األ َ ْم َوا ِل إِلَى َملَكُو ِ‬ ‫ا ْل ُمت َّ ِك ِلٌنَ َ‬ ‫ت َّ‬ ‫سط السٌد المسٌح المفاهٌم‬ ‫وكعادة السٌد المسٌح ب َّ‬ ‫س ُر‬ ‫ب إِ ْب َر ٍة أ َ ٌْ َ‬ ‫باإلمثال الدارجة المعتادة " ُم ُرو ُر َم َم ٍل مِ ْن ث َ ْق ِ‬ ‫مِ ْن أ َ ْن ٌَ ْد ُخ َل َ‬ ‫اّللِ ‪( "!.‬مر ٓٔ ‪ ..)ٕ٘ :‬وٌقصد‬ ‫ًِ ِإلَى َملَكُو ِ‬ ‫ت َّ‬ ‫غن ٌّ‬ ‫‪ٗ1‬‬


‫ــــــــ أٌها المعلم الصالح ماذا أعمل ألرث الحٌاة األبدٌة؟ ــــــــــــــ‬ ‫بها دخول الجمل من باب فى سور أورشلٌم ٌسمى ثقب‬ ‫إبرة‪ ..‬ال ٌسمح للجمل المحمل باألمتعة بالدخول إلى بعد‬ ‫إنزال ما علٌ من متاع‪ ..‬ووضع على األرض (باركا ً)‬ ‫على ركبتٌ ودفع لألمام‪ ..‬وكلها عالمات على ترك‬ ‫محبة المال واإلتضاع والجهاد الالزم للدخول من الباب‬ ‫الضٌق‪ ..‬لكن لم ٌقطع أمل هذا الشاب فى أن قد ٌنجح‬ ‫اس‬ ‫ٌوما ً فى أن ٌحب المسٌح أكثر من أموال " ِع ْندَ النَّ ِ‬

‫َ‬ ‫ست َ َطاعٌ‬ ‫اّلل أل َ َّن كُ َّل َ‬ ‫س ِع ْندَ َّ ِ‬ ‫ش ًْءٍ ُم ْ‬ ‫غ ٌْ ُر ُم ْ‬ ‫ست َ َطاعٍ َولَك ِْن لَ ٌْ َ‬ ‫اّلل" (مر ٓٔ ‪.)ٕ1 :‬‬ ‫ِع ْندَ َّ ِ‬

‫إذاً‪ ..‬تد َّرج هذا الحوار المنطقى فى ثالث‬ ‫مراحل‪:‬‬ ‫ٔـ إعالن الهوت المسٌح (صالح المطلق)‪.‬‬ ‫ٕـ التركٌز على وصاٌا العهد القدٌم‪.‬‬ ‫ٖـ الكمال فى الترك وتبعٌة المسٌح‪.‬‬

‫‪ٗ1‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسٌح ــــــــ‬

‫‪ ‬أن تناقش السائل من مضمون سؤال ‪..‬‬

‫"لماذا تدعونى صالحاً؟"‬ ‫‪ ‬أو نتفق على تعرٌف الكلمات المستخدمة‬

‫"ما معنى الصالح المطلق؟"‪.‬‬ ‫‪ ‬وأٌضا ً نبدأ اإلجابة بما ٌعلم السائل أو ٌتوقع ‪..‬‬

‫"أنت تعرف الوصاٌا"‪.‬‬ ‫‪ ‬وأٌضا ً أن نرتقى بالحوار إلى ما ال ٌعرف أو‬ ‫ٌتوقع السائل‬

‫"ٌعوزك شئ واحد"‪.‬‬

‫‪ٗ1‬‬


‫ــــــــ نريد أن تفعل لنا كل ما طلبناه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(مر ‪ 50 : 05‬ـ ‪)05‬‬

‫هذه صورة مبسطة ألغلب طلبات البشر فى‬ ‫صلواتهم‪ ..‬حتى المؤمنين بالمسيح قد تكون طلباتهم‬ ‫بنفس هذا المعنى‪ ..‬أنهم يريدون ما يرونه مناسباً‪ ..‬أو أن‬ ‫‪05‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫هللا يحقق لهم طموحاتهم حسبما يرون‪ ..‬ولكن المسيح‬ ‫ِس َواحِ د ٌ ع َْن يَمِ ينِكَ‬ ‫يسأل فى المقابل "أَعْطِ نَا أ َ ْن نَجْ ل َ‬ ‫س ِاركَ فِي َمجْ دِكَ " (مر ‪ ..)53 : 05‬ولكن هل‬ ‫َواآل َخ ُر ع َْن يَ َ‬ ‫ان" (مر‬ ‫يدركان حقيقة ما يطلبان "لَ ْ‬ ‫ان َما ت َ ْطلُبَ ِ‬ ‫ست ُ َما ت َ ْعلَ َم ِ‬ ‫‪.)53 : 05‬‬ ‫هنا موقف متكرر يحدث مع كثيرين منا‪ ..‬هل‬ ‫تعلم حقا ً ما تطلب؟!‪ ..‬قد نطلب راحة فى هذا الزمان‬ ‫وقد تكون الراحة سببا ً لخسارة الحياة األبدية‪ ..‬قد نطلب‬ ‫كرامة فى هذا الزمان وتكون وباالً علينا وسببا ً لضياع‬ ‫نفوسنا‪ ..‬قد نطلب نجاحا ً اليوم نراه مناسبا ً وطبيعيا ً‬ ‫ويكون سببا ً فى مشاكل وهموم وأحزان روحية ال طائل‬ ‫لها‪ ..‬حقاً‪ ..‬أننا كثيرا ً ال نعلم ما نطلبه أو ما نصلى‬ ‫ألجله‪ ..‬هل هو لنا أم علينا!!‬ ‫ان أَ ْن‬ ‫وف َّ‬ ‫سر السيد المسيح إجابته بقوله "أَت َ ْ‬ ‫ستَطِ يعَ ِ‬ ‫ص ْبغَ ِة الَّتِي‬ ‫س الَّتِي أَش َْربُ َها أَ َنا َوأ َ ْن ت َ ْ‬ ‫ص َط ِبغَا ِبال ِ ّ‬ ‫تَش َْربَا ا ْلكَأْ َ‬ ‫ص َطبِ ُغ بِ َها أَنَا؟" (مر ‪ ..)53 : 05‬وحتى هذا القول لم‬ ‫أَ ْ‬

‫يفهمه التلميذان كما قصده المسيح‪ ..‬فهو يتكلم عن آالمه‬ ‫وصلبه ودمه الذى سيصطبغ به بعد أيام‪ ..‬أما هما فكانا‬ ‫يتخيالن ما فى عقليهما من كرامة ومجد أرضى كأنهما‬ ‫‪00‬‬


‫ــــــــ نريد أن تفعل لنا كل ما طلبناه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وزيرين فى مملكته القادمة‬ ‫‪.)53 : 05‬‬

‫ستَطِ ي ُع»" (مر‬ ‫"فَقَاالَ لَهُ‪« :‬نَ ْ‬

‫هنا قد يكتفى السيد المسيح بإجابتهما ويحقق‬ ‫لهما ما أراداه وليدفعا ثمن طلبتهما‪ ..‬ولكن السيد المسيح‬ ‫يحب تالميذه كما يحب كل البشر‪ ..‬ويشفق عليهم حتى‬ ‫من أحالمهم وأمنياتهم الساذجة‪ ..‬لهذا أصر السيد المسيح‬ ‫ص ْبغَ ِة الَّتِي‬ ‫س الَّتِي أَش َْربُ َها أَنَا َفتَش َْربَانِ َها َوبَال ِ ّ‬ ‫"أ َ َّما ا ْلكَأ ْ ُ‬ ‫وس ع َْن يَمِ ينِي َوع َْن‬ ‫ص َطبِ ُغ بِ َها أ َ َنا تَ ْ‬ ‫أَ ْ‬ ‫ان‪َ .‬وأ َ َّما ا ْل ُجلُ ُ‬ ‫ص َطبِغَ ِ‬ ‫ه ْم" (مر ‪53 : 05‬‬ ‫س لِي أَ ْن أُعْطِ يَهُ إال َّ للَّذِينَ أ ُ ِعدَّ لَ ُ‬ ‫يَ َ‬ ‫س ِاري فَلَ ْي َ‬

‫ـ ‪.)05‬‬ ‫وهنا أعلن السيد المسيح نبوة عما سيحدث لهذين‬ ‫التلميذين فأنهما سيقاسيان العذاب مثله (استشهد يعقوب‬ ‫بحد السيف فى (أع ‪ ..)5 : 05‬وتألم يوحنا طويالً ونفى‬ ‫كثيراً)‪ ..‬ولكن السيد المسيح أصر على حقيقة أن‬ ‫الجلوس عن يمينه ويساره ليست إستجابة لألحالم‬ ‫والتمنيات والرغبات والطموحات األرضية إنما هى‬ ‫حكمة إلهية سرية "للَّذِينَ أ ُ ِعدَّ لَ ُه ْم" (مر ‪.)05 : 05‬‬ ‫وهذه الكرامة ال تعطى فقط ل َمن يشتهيها ولكن‬ ‫ل َمن يلتزم بكل متطلباتها وأولها التواضع الجم والمتكأ‬ ‫‪05‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫األخير‪ ..‬ولهذا أكمل السيد المسيح حديثه موضحاً‪..‬‬ ‫سا َء األ ُ َم ِم يَسُود ُونَ ُه ْم‬ ‫سبُونَ ُر َؤ َ‬ ‫"أ َ ْنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ أ َ َّن الَّذِينَ يُحْ َ‬ ‫ع َل ْي ِه ْم‪ .‬فَالَ َيكُو ُن َه َكذَا فِيكُ ْم‪َ .‬ب ْل‬ ‫سلَّطُونَ َ‬ ‫َوأ َ َّن عُ َظ َما َءهُ ْم َيت َ َ‬ ‫ير فِي ُك ْم عَظِ يما ً يَكُو ُن لَكُ ْم َخادِماً‪َ .‬و َم ْن أ َ َرادَ‬ ‫َم ْن أ َ َرادَ أ َ ْن َي ِص َ‬ ‫ان‬ ‫يع َ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫أ َ ْن َي ِص َ‬ ‫ع ْبداً‪ .‬أل َ َّن ا ْبنَ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ير فِيكُ ْم أ َ َّوالً يَكُو ُن ِل ْلجَمِ ِ‬ ‫سهُ فِ ْديَةً ع َْن‬ ‫أ َ ْيضا ً لَ ْم َيأ ْ ِ‬ ‫ت ِليُ ْخدَ َم بَ ْل ِل َي ْخ ِد َم َو ِليَ ْب ِذ َل نَ ْف َ‬ ‫َكث ِ​ِيرينَ " (مر ‪ 05 : 05‬ـ ‪.)00‬‬

‫مرة أخرى‪ ..‬نتعلم من ربنا يسوع المسيح ـ له‬ ‫المجد ـ المنطق فى الرد على الطبات‪:‬‬ ‫‪ ‬تحقق من مفهوم الطلب كما قصده السائل‪.‬‬ ‫‪ ‬اسأل َمن يطلب‪ ..‬هل يتح ّمل تكلفة هذا الطب‬ ‫وتبعياته؟!‬ ‫‪ ‬وضح المفاهيم الروحية والالهوتية التى قد‬ ‫تغيب عن صاحب السؤال‪.‬‬

‫‪05‬‬


‫ــــــــ يا سيد أنظر التينة التى لعنتها قد يبست ــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(مر ‪ 02 : 11‬ـ ‪)03‬‬

‫يا سيد أنظر‪ ..‬التينة التى لعنتها قد يبست!!‪ ..‬هنا‬ ‫يتعجب بطرس من منظر التينة التى يبُست فى عدة‬ ‫ساعات ولكنه لم يتجاهل ولم ينس أنها إستجابة لموقف‬ ‫ِين مِ ْن بَعِي ٍد‬ ‫السيد المسيح فى اليوم السابق "فَنَ َظ َر َ‬ ‫ش َج َرةَ ت ٍ‬

‫ش ْيئاً‪ .‬فَلَ َّما َجا َء ِإ َل ْي َها لَ ْم‬ ‫ق َو َجا َء لَعَلَّهُ يَ ِجد ُ فِي َها َ‬ ‫َ‬ ‫علَ ْي َها َو َر ٌ‬ ‫ِين‪ .‬فَقَا َل يَسُوعُ لَ َها‪:‬‬ ‫يَ ِج ْد َ‬ ‫ش ْيئا ً إال َّ َو َرقا ً ألَنَّهُ لَ ْم يَك ُْن َو ْقتَ الت ّ ِ‬

‫‪32‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫«الَ َيؤْكُ ْل أ َ َحد ٌ مِ ْنكِ ث َ َمرا ً َب ْعد ُ ِإلَى األ َ َب ِد»‪َ .‬وكَانَ تَالَمِ يذُهُ‬ ‫س َمعُونَ ‪( ".‬مر ‪ 11 : 11‬ـ ‪.)12‬‬ ‫يَ ْ‬

‫ولم يتوقف السيد المسيح عند تعليق بطرس‬ ‫حول التينة ولكنه أخذه فى اتجاه قضية اإليمان "إِ َّن َم ْن‬

‫قَا َل ِل َه َذا ا ْل َجبَ ِل ا ْنت َ ِق ْل َوا ْن َط ِرحْ فِي ْلبَحْ ِر َوالَ يَشُكُّ فِي قَ ْل ِب ِه بَ ْل‬ ‫يُإْ مِ ُن أَنَّ َما َيقُولُهُ َيكُو ُن فَ َم ْه َما قَا َل َيكُو ُ‬ ‫ن لَه ُ" (مر ‪: 11‬‬

‫‪ ..)01‬وهنا قد نتساءل‪ ..‬وهل ليس للتالميذ إيمان باهلل‬ ‫حتى يقول لهم ليكن لكم إيمان باهلل!!‬ ‫هنا نفهم أن اإليمان ليس مجرد عُملة أو شهادة‬ ‫يقتنيها اإلنسان أو ال يقتنيها‪ ..‬إنما هو حالة مستمرة من‬ ‫الثقة المطلقة باهلل‪ ..‬ولهذا مهما كنا مؤمنين فإننا مازلنا‬ ‫نحتاج لإليمان‪.‬‬ ‫التالميذ كانوا مؤمنين‪ ..‬بل صنعوا عجائب بإسم‬ ‫السيد المسيح قبل هذا اليوم‪ ..‬بل شهد السيد المسيح‬ ‫علَى َه ِذ ِه‬ ‫س َو َ‬ ‫لبطرس مع اعتراف إيمانه "أ َ ْنتَ بُ ْط ُر ُ‬

‫علَ ْي َها" (مت‬ ‫يم لَ ْن ت َ ْق َوى َ‬ ‫ال َّ‬ ‫ص ْخ َر ِة أ َ ْبنِي َكنِي َ‬ ‫اب ا ْلجَحِ ِ‬ ‫ستِي َوأ َ ْب َو ُ‬ ‫‪ ..)11 : 14‬ومع هذا مازالت الوصية‪ ..‬ليكن لكم إيمان‬

‫باهلل!!‬ ‫‪33‬‬


‫ــــــــ يا سيد أنظر التينة التى لعنتها قد يبست ــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وكأن السيد المسيح يشرح مفهوما ً جديدا ً‬ ‫لإليمان‪ ..‬أنه النمو والثبات واإللتصاق بالمسيح كل‬ ‫الوقت مهما كانت الظروف‪ ..‬لذلك البد أن نعترف بأننا‬ ‫قليلى اإليمان (مت ‪ ..)04 : 1‬فنطلبه فى الصالة ونسعى‬ ‫ام َرأَة ُ عَظِ ي ٌم‬ ‫فى اتجاهه حتى نصير عظيمى اإليمان "يَا ْ‬ ‫إِي َمانُكِ ! ِليَك ُْن لَكِ َك َما ت ُِريدِينَ " (مت ‪ ..)01 : 13‬لكى نصل‬ ‫إلى ما ترجاه السيد المسيح لنا‪ ..‬حبة الخردل "لَ ْو كَانَ‬ ‫لَكُ ْم ِإي َما ٌن مِ ثْ ُل َحبَّ ِة َخ ْردَ ٍل لَ ُك ْنت ُ ْم تَقُولُونَ ِل َهذَا ا ْل َجبَ ِل‪ :‬ا ْنت َ ِق ْل‬ ‫ش ْي ٌء َ‬ ‫ِن لَدَ ْيكُ ْم"‬ ‫مِ ْن هُ َنا ِإلَى هُ َناكَ فَ َي ْنت َ ِق ُل َوالَ يَكُو ُن َ‬ ‫غ ْي َر ُم ْمك ٍ‬

‫(مت ‪.)02 : 11‬‬ ‫ولم يكتفى السيد المسيح بهذا التوضيح بل حوله‬ ‫إلى حياة مستمرة وسلوك يومى بل لحظى "كُ ُّل َما‬

‫صلُّونَ فَآمِ نُوا أ َ ْن ت َ َنالُوهُ فَيَكُونَ لَكُ ْم" (مر ‪11‬‬ ‫ت َ ْطلُبُونَهُ حِ ينَ َما ت ُ َ‬

‫‪.)02 :‬‬ ‫إذاً‪ ..‬بدأ الحوار بتعجب بطرس من التينة التى‬ ‫يبست‪ ..‬وأنتقل المسيح به إلى موضوع اإليمان القادر‬ ‫على فعل المعجزات‪ ..‬وختمه بوعد إستجابة كل الطلبات‬ ‫المحمولة على اإليمان‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫(مر ‪ 75 : 11‬ـ ‪)33‬‬

‫هنا‪ ..‬حوار جدلى‪ ..‬من جهة رإساء الكهنة‬ ‫والكتبة والشيوخ‪ ..‬قـصد به محاولة إيقاع السيد المسيح‬ ‫فى مؤزق‪.‬‬ ‫‪75‬‬


‫ــــــــ بؤى سلطان تفعل هذا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كان الكهنة والكتبة والشيوخ يعلمون أن المسيح‬ ‫يعلن دائما ً أن سلطانه من هللا‪ ..‬ومن داخله ألنه هو‬ ‫المسيح ابن هللا‪.‬‬ ‫‪" ‬فَبهتوا م ْن ت َ ْعليمه ألَنَّه َكانَ يعَلمه ْم َك َم ْن لَه‬ ‫ْس ك ْ‬ ‫س ْل َ‬ ‫َال َكتَبَة" (مر ‪)77 : 1‬‬ ‫طان َولَي َ‬ ‫سؤ َ َل بَ ْعضه ْم بَ ْعضا ً قَائلينَ ‪:‬‬ ‫‪َ " ‬فت َ َحيَّروا كلُّه ْم َحتَّى َ‬ ‫« َما َهذَا؟ َما ه َو َهذَا الت َّ ْعليم ْال َجديد؟ ألَنَّه بس ْل َ‬ ‫طان‬ ‫سةَ فَتطيعه!»"(مر‪)75 : 1‬‬ ‫يَؤْمر َحتَّى األ َ ْر َوا َح النَّج َ‬ ‫ولكنهم كانوا يريدون إما أن يعلن هذا‪..‬‬ ‫فيعتبرونه مجدفا ً ألنه يقول أنه هو هللا الخالق القادر‪ ..‬أو‬ ‫ينكر ويعترف أن سلطانه من خارجه كؤى واحد من‬ ‫األنبياء الذى يؤتمر بؤمر هللا وليس له فى ذاته قدرة أو‬ ‫سلطان‪ ..‬وبهذا يستطيعون أن يقاوموه وينكروا أنه‬ ‫المسيا‪.‬‬ ‫‪75‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫وكان السيد المسيح يعلم تماما ً أنهم لن يستفيدوا‬ ‫من اعالنه عن نفسه كصاحب سلطان بقدر ما يفيد‬ ‫مإامراتهم‪ ..‬وألن ساعته لم تكن قد جاءت بعد‪.‬‬ ‫أجاب السيد المسيح سإالهم بسإال ـ حسب‬ ‫سأَلُكُ ْم َك ِل َمةً َواحِ دَةً‪ .‬أ َ ِجيبُونِي فَأَقُو َل لَكُ ْم‬ ‫عادته ـ " َوأَنَا أَ ْيضا ً أ َ ْ‬ ‫ان أ َ ْف َع ُل َهذَا" (مر ‪ ..)75 : 11‬ووضعهم السيد‬ ‫يِ ُ‬ ‫س ْل َط ٍ‬ ‫ِبأ َ ّ‬ ‫س َماءِ كَا َنتْ أ َ ْم‬ ‫المسيح فى مؤزق " َم ْع ُمو ِديَّةُ يُو َحنَّا‪ :‬مِ نَ ال َّ‬ ‫اس؟ أ َ ِجيبُونِي" (مر ‪ ..)33 : 11‬أذ يعلم ربنا يسوع‬ ‫مِ نَ النَّ ِ‬

‫أنهم لم يعترفوا بيوحنا كنبى وإال لكانوا قد خضعوا له‬ ‫ولرسائل التوبة التى قالها‪ ..‬ولكنهم ال يقدرون أمام‬ ‫الجموع العاشقة ليوحنا المعمدان أن يشككوا فى تقواه أو‬ ‫ارساليته من قبل هللا‪.‬‬ ‫أجاب السيد المسيح بسإال ليعلن لهم وللجموع‬ ‫أنهم ليسوا صادقين مع أنفسهم لذلك لن يستفيدوا من‬ ‫إجابته عن السإال الخاص بسلطانه والهوته "فَفَ َّك ُروا فِي‬

‫س َماءِ يَقُو ُل‪ :‬فَ ِل َماذَا لَ ْم ت ُؤْ مِ نُوا‬ ‫أ َ ْنفُ ِ‬ ‫س ِه ْم قَائِ ِلينَ ‪ِ « :‬إ ْن قُ ْلنَا مِ نَ ال َّ‬ ‫ب‪ .‬أل َ َّن يُو َحنَّا كَانَ‬ ‫اس»‪َ .‬ف َخافُوا ال َّ‬ ‫ِبهِ؟‪َ .‬و ِإ ْن قُ ْلنَا مِ نَ النَّ ِ‬ ‫ش ْع َ‬ ‫يع أَنَّهُ ِبا ْل َحقِيقَ ِة نَ ِبي‪َ .‬فأ َ َجابُوا‪« :‬لَ نَ ْعلَ ُم»‪ .‬فَ َقا َل‬ ‫ِع ْندَ ا ْلجَمِ ِ‬ ‫ان أ َ ْفعَ ُل َ‬ ‫هذَا»" (مر ‪: 11‬‬ ‫ي ِ سُ ْل َط ٍ‬ ‫يَسُوعُ‪َ « :‬ولَ أ َ َنا أَقُو ُل لَكُ ْم بِأ َ ّ‬

‫‪ 31‬ـ ‪.)33‬‬

‫‪75‬‬


‫ــــــــ بؤى سلطان تفعل هذا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وأجاب المتآمرين‪ ..‬ال نعلم‪ ..‬وكانت كذبة‬ ‫صريحة ليتهربوا بها من الموقف الشائك‪ ..‬أما السيد‬ ‫ان‬ ‫ي ِ سُ ْل َط ٍ‬ ‫المسيح الذى ال يكذب فؤعلن " َولَ أَنَا أَقُو ُل لَكُ ْم ِبأ َ ّ‬ ‫أ َ ْفعَ ُل َهذَا" (مر ‪.)33 : 11‬‬ ‫وإنما يفهم ضمنيا ً من إجابته أنه ال يريد أن يعلن‬ ‫ألوهيته اآلن‪ ..‬وباألخص ل َمن ال يريدون أن يقبلوا‬ ‫الحقيقة‪ ..‬وهنا كمثال‪ ..‬أحيانا ً يكون الرأى العام‬ ‫والمسلمات المتعارفة دليالً رادعا ً للمتفلسفين والمتشككين‬ ‫فى ثوابت أجمع عليها البشر بالفطرة والمنطق والتاريخ‪.‬‬

‫‪03‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫(مر ‪ 61 : 61‬ـ ‪)61‬‬

‫مقدمة الحوار فى هذا النص تطرح علينا قضية‬ ‫هامة‪ ..‬وهى ضرورة فهم ما وراء السإال من غرض‬ ‫أو أغراض‪..‬‬

‫‪16‬‬


‫ــــــــ أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم ال؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫وهنا تظهر مجموعة تساإالت يُقصد بها أحيانا ً‬ ‫سك بلفظة أو جملة‪ ..‬واخراجها من النص الكامل‬ ‫التم َ‬ ‫الذى طرحت فيه حتى تؤخذ معنى آخر لم يقصده قائله‪،‬‬ ‫مثالً‪ ..‬حين يسؤل شخص هل حقا ً تقولون أن المسيح‬ ‫ثالث ثالثة؟‪ ..‬فى ظاهر السإال يبدو بريئا ً كؤن يستفهم‬ ‫عن مفهوم الوحدانية والثالوث‪ ..‬لكن الغرض من السإال‬ ‫هو التكفير حسب فكر ومفهوم المجتمع‪ ،‬لهذا اليجب أن‬ ‫نتعجل اإلجابة بسذاجة "نعم هو ثالث ثالثة"‪ ..‬وإنما‬ ‫تكون اإلجابة بشرح مبسط لمفهوم وحدانية هللا‪ ..‬هللا‬ ‫وكلمته وروحه‪ ..‬ثالوث فى واحد‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫حين يبدأ السإال بمديح مستفيض‪ ..‬عادة يجب‬ ‫أن تشك فى غرض صاحب السإال‪ ..‬ألن اإلطراء‬ ‫الزائد وأمام الجموع يحبك المإامرة ويجعل إنزالق‬ ‫اإلنسان فى الخطؤ أسهل‪ ..‬وهذا ما لم يحدث بالطبع مع‬ ‫ربنا يسوع له المجد‪.‬‬

‫حين يسؤل البعض ويضع لك إجابتين فقط تختار‬ ‫من بينهما‪ ..‬احذر المغالطة!!‪ ..‬لعل هناك إجابة ثالثة‪..‬‬ ‫وسطية‪ ..‬أو مرتبطة بظرف معين‪ ..‬لعلك ال تستطيع أن‬ ‫تقطع بإجابة واحدة فى كل الظروف‪ ..‬لكن هذا النوع من‬ ‫األسئلة‪ ..‬يقصد به شراً‪.‬‬ ‫ألن اإلجابة األولى‪ ..‬نعم‪ ..‬ينبغى للجميع أن‬ ‫يعطوا الجزية‪ ..‬تجعل السيد المسيح خائنا ً لوطنه‬ ‫وشعبه‪ ..‬منحازا ً للرومان‪ ..‬وهذا ما أراده المتآمرين‪.‬‬ ‫اإلجابة الثانية‪ ..‬ال‪ ..‬ال ينبغى أن تعطوا الجزية‬ ‫تجعل المسيح ـ له المجد ـ صاحب ثورة وفتنة على‬ ‫النظام الرومانى‪ ..‬ويلزم محاكمته كمقاوم لقيصر‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫ــــــــ أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم ال؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المواجهة‪ ..‬مطلوبة‪ ..‬لكى يعلم السائل أنك تدرى‬ ‫نواياه وأنك لست ساذجاً‪ ..‬وأن السإال ليس أمينا ً وال‬ ‫يراد به اإلستفهام وإنما الوقيعة‪.‬‬ ‫علم السيد المسيح رياءهم ألنهم يتملقونه لعله‬ ‫يجيب اإلجابة التى تروق لهم كفريسيين‪ ..‬وهى "ال‬ ‫تعطوا الجزية"‪.‬‬ ‫بينما يقف الهيروديسيين يشهدون أنه بذلك يكون‬ ‫ضدا ً لقيصر أيضاً‪ ..‬أذا رأيت تحالفا ً بين من ال يتفقون‪..‬‬ ‫مثل الفريسيين والهيرودسيين‪ ..‬البد أن تتوقع المإامرة‪..‬‬ ‫ألن هاتين الفئتين كانتا فى عداء دائم‪ ..‬واحدة متطرفة‬ ‫سك بالسياسة فوق‬ ‫سك بالحرف‪ ..‬واألخرى تتم ّ‬ ‫دينيا ً وتتم ّ‬ ‫الدين وتبحث عن مصالح وكراسى وأنصبة‪.‬‬ ‫لماذا طلب ديناراً؟‬ ‫أوالً‪ ..‬ألن المسيح لم يكن يحمل أمواالً‪ ..‬فال‬ ‫ينتظر أحد منه ماالً أو يتقرب إليه أحد من أجل‬ ‫المكسب‪ ..‬ولكى يظل المال تحت أرجل تالميذه‪ ..‬فى‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫ثانياً‪ ..‬الدينار‪ ..‬عملة الجزية‪ ..‬عملة المال‪..‬‬ ‫وكؤنه يريد أن يعود السإال إلى مراجعة المفاهيم‪..‬‬ ‫مفهوم المال عموماً‪ ..‬ومفهوم اإلنسان‪ ..‬ومرجعية كل‬ ‫منهما!!‬

‫كان الدينار يُصاغ ويُطبع فى روما‪ ..‬ألنها تحكم‬ ‫العالم بما فيه من بالد اليهود‪ ..‬وبحكم السياسة كان‬ ‫اإلقتصاد خاضعا ً لإلمبراطورية الرومانية ولقوة‬ ‫الدينار‪ ..‬وكانت تفرض الجزية على كل البالد‬ ‫المستعمرة بدعوى تؤمين هذه البالد وإدارتها‪.‬‬ ‫فالصورة هى صورة قيصر‪ ..‬والكتابة هى كتابة‬ ‫قيصر‪ ..‬وبالتالى المتحكم فى المال عموما ً هو قيصر‪.‬‬ ‫وجاءت إجابة المسيح العميقة والبسيطة أيضاً‪..‬‬ ‫أعطوا ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل‪ ..‬وكان هناك سإال‬ ‫خفياً‪ ..‬أنتم‪ ..‬يا بنى البشر‪ ..‬ل َمن هذه الصورة؟‪..‬‬ ‫صورتكم كبشر؟!‪ ..‬ول َمن هذه الكتابة؟!‪ ..‬على‬ ‫وجوهكم؟!‪ ..‬إنها صورة هللا وكتابته‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫ــــــــ أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم ال؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫كما نصلى فى القداس اإلغريغورى "كتبت‬ ‫ى صورة سلطانك"‪ ..‬فكما أن الدينار يعود‬ ‫(رسمت) ف َّ‬ ‫لقيصر‪ ..‬البد أن اإلنسان يعود هلل ألنه ملك هللا‪ ..‬صورته‬ ‫وكتابته‪.‬‬ ‫أيضاً‪ ..‬ما لقيصر لقيصر‪ ..‬تعنى ما يستحقه‬ ‫قيصر البد أن يؤخذه وهى إجابة تحتمل إجتهادات‬ ‫وتفسيرات لكنها ال تلغى بكل حال فكرة الجزية تماماً‪.‬‬ ‫وأيضاً‪ ..‬ما هلل هلل‪ ..‬فيها فصل صريح بين أمور‬ ‫السياسة واإلقتصاد من جهة‪ ..‬واألمور الروحية التعبدية‬ ‫من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وال ننسى‪ ..‬أن الفريسيين والكتبة والكهنة اليهود‬ ‫كانوا يرون أن الهيكل هو األحق بالجزية‪ ..‬وكؤنها من‬ ‫حق هللا وليس قيصر‪ ..‬ومن هنا كان الصراع الدائم بين‬ ‫السياسة ورجال الدين اليهودى‪ ..‬فاإلجابة تعنى أن‬ ‫األمور الزمنية يحكم فيها المتخصصون من أهل هذا‬ ‫الزمان‪ ..‬واألمور الروحية اإللهية يحكم فيها هللا‬ ‫ورجاله‪ ..‬وال يجب خلط األمور وتداخل السلطات‬ ‫والمسئوليات بؤى حال‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫‪76‬‬


‫ــــــــ ل َمن منهم تكون زوجة؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(مر ‪ 26 : 21‬ـ ‪)16‬‬

‫مرة أخرى‪ ..‬تتقدم فئة جديدة‪ ..‬الصدوقيين‪..‬‬ ‫المنشقين عن الفريسيين والذى يتبعهم رؤساء الكهنة‬ ‫آنذاك‪ ..‬وحسب إيمانهم المتطرف‪ ..‬ليس هناك قيامة وال‬ ‫روح وال مالئكة‪ ..‬وبهذا اإليمان يختلقون قصة‬ ‫ويضعونها تحت حرف الشريعة ليثبتوا ـ حسب فكرهم ـ‬ ‫أنه إما أن الشريعة خطأ أو أنه ليس هناك قيامة‬ ‫لألموات‪.‬‬

‫وهنا الحد األول للكالم‪ ..‬وكأنهم يقولون له‬ ‫احترس أن تكسر كالم موسى أو تخالفه فتحسب مستحقا ً‬ ‫للرجم‪ ..‬واليهود بالطبع ال يرون أن المسيح إله موسى‬ ‫المشرع لشريعة الكمال‪ ..‬وأن شريعة العهد القديم‬ ‫وهو‬ ‫ّ‬ ‫كانت مرحلة لتنقل اليهود إلستقبال المسيح‪ ..‬ولكنها لم‬ ‫تكشف كل إرادة هللا من نحو اإلنسان‪ ..‬ولهذا أتى المسيح‬ ‫وس أ َ ِو األ َ ْن ِبيَا َء‪َ .‬ما‬ ‫قائالً "الَ تَظُنُّوا أَنِّي ِجئْتُ أل َ ْنقُ َ‬ ‫ض النَّا ُم َ‬ ‫ض َب ْل أل َك ِ ّم َل" (مت ‪.)26 : 5‬‬ ‫ِجئْتُ أل َ ْنقُ َ‬ ‫‪76‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫هنا كانوا يتوقعون إجابات مثل‪ ..‬ستكون زوجة‬ ‫األول‪ ..‬أو ستكون زوجة لألخير‪ ..‬أو ل َمن عاش أطول‬ ‫فترة معها‪ ..‬أو ستكون زوجة للسبعة‪ ..‬وبحسب تفكيرهم‬ ‫كل هذه اإلجابات ضعيفة يسهل نقضها‪ ..‬أو يضطر‬ ‫السيد المسيح اإلعتراض على شريعة زواج األخ التى‬ ‫سلمها موسى لشعبه‪ ..‬وهنا يحسب مجدفا ً وكاسراً‬ ‫للناموس‪.‬‬ ‫وكعادة السيد المسيح‪ ..‬لم يضطرب‪ ..‬ولم يُجب‬ ‫بإستعجال كما يريدون‪ ..‬ولم يعط أيا ً من هذه اإلجابات‬ ‫الخاطئة ولكنه‪..‬‬

‫س ِل َهذَا ت َِضلُّونَ ِإ ْذ الَ ت َ ْع ِرفُونَ ا ْلكُت َُب َوالَ قُ َّوةَ‬ ‫"أ َ َل ْي َ‬

‫اَّللِ؟" (مر ‪ ..)12 : 21‬بالرغم أن هؤالء الصدوقيين يأتون‬ ‫َّ‬ ‫عليه وكأنهم وجدوا ثغرة وليس لها حل‪ ..‬إال أن السيد‬ ‫المسيح اعترض أساسا ً على فهمهم للكتب المقدسة‬ ‫وادراكهم لقوة هللا وحقيقة القيامة وجسد القيامة "ألَنَّ ُه ْم‬ ‫‪76‬‬


‫ــــــــ ل َمن منهم تكون زوجة؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ت الَ يُ َز ّ ِو ُجونَ َوالَ يُ َز َّو ُجونَ َب ْل َيكُونُونَ‬ ‫َمت َى َقا ُموا مِ نَ األ َ ْم َوا ِ‬ ‫ت" (مر ‪.)15 : 21‬‬ ‫اوا ِ‬ ‫َك َمالَئِ َك ٍة فِي ال َّ‬ ‫س َم َ‬

‫ألن الكتب المقدسة التى أشارت إلى القيامة لم‬ ‫تشر أبدا ً إلى القيامة بنفس األجساد الضعيفة التى على‬ ‫األرض‪ ..‬فهم لم يقبلوا القيامة التى أكدها الكتاب‪ ..‬ولم‬ ‫يصدقوا قدرة هللا أن يعطى حياة جديدة بأجساد جديدة‪..‬‬ ‫لكن بطبيعة ممجدة تشبه المالئكة ال تحتاج إلى أكل‬ ‫ت الَ‬ ‫وشرب ونوم وتناسل "ألَنَّ ُه ْم َمت َى قَا ُموا مِ نَ األ َ ْم َوا ِ‬ ‫اواتِ‪.‬‬ ‫يُ َز ّ ِو ُجونَ َوالَ يُ َز َّو ُجونَ بَ ْل يَكُونُونَ َك َمالَئِ َك ٍة فِي ال َّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ب‬ ‫َوأ َ َّما مِ ْن ِج َه ِة األ َ ْم َوا ِ‬ ‫ت ِإنَّ ُه ْم َيقُو ُمونَ ‪ :‬أَفَ َما قَ َرأْت ُ ْم فِي ِكت َا ِ‬ ‫اَّللُ قَا ِئالً‪ :‬أَنَا إِلَهُ ِإ ْب َراهِي َم‬ ‫ف َكلَّ َمهُ َّ‬ ‫ُمو َ‬ ‫سى فِي أ َ ْم ِر ا ْلعُلَّ ْيقَ ِة َك ْي َ‬ ‫وب؟‪( ".‬مر ‪ 15 : 21‬ـ ‪.)17‬‬ ‫س َح َ‬ ‫َو ِإلَهُ ِإ ْ‬ ‫اق َو ِإلَهُ َي ْعقُ َ‬

‫وهنا دخل السيد المسيح فى جوهر الموضوع‪..‬‬ ‫وهو موضوع هل هناك حقا ً حياة أخرى أو قيامة بعد‬ ‫الموت!‬

‫‪67‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫ورجوعا ً إلى الكتب المقدسة وإلى موسى بالذات‬ ‫ـ وكان معروفا ً أن الصدوقيين ال يعترفون إال بكتب‬ ‫ت بَ ْل إِلَهُ أَحْ يَاءٍ " (مر ‪.)16 : 21‬‬ ‫س ه َُو إِلَهَ أ َ ْم َوا ٍ‬ ‫موسى ـ "لَ ْي َ‬

‫سك بفكرك‬ ‫‪ ‬الضالل فى أن تفقد الموضوعية وتتم ّ‬ ‫الخاص‪.‬‬ ‫‪ ‬الضالل هو أن تعتقد أنك تفهم واآلخرون ال‬ ‫يفهمون‪.‬‬ ‫‪ ‬الضالل هو عدم فهم قوة هللا وفكر هللا وإرادة‬ ‫هللا‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫ــــــــ أية وصية هى أول الكل؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(مر ‪ 72 : 27‬ـ ‪)43‬‬

‫‪27‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫فى نفس هذا اليوم‪ ..‬وهذا اإلصحاح (مر ‪..)27‬‬ ‫اإلصحاح األمثل لحوارات السيد المسيح الذى يقابله (متى‬ ‫‪( ، )77‬لو ‪ ..)72‬بينما انشغل الفريسيين بصراعهم مع‬ ‫أصحاب السلطة الهيرودسيين وانشغل الصدوقيين‬ ‫بمحاولة التشكيك فى القيامة واألرواح‪ ..‬انشغل الكتبة‬ ‫بحرف الوصية‪ ..‬ومركز كل وصية‪ ..‬وأهميتها‬ ‫وترتيبها‪ ..‬وبالطبع اختلفوا حرفيا ً فى قضية "أَيَّةُ َو ِصيَّ ٍة‬ ‫ِي أ َ َّو ُل ا ْلكُ ِ ّل؟"‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫نالحظ أن كل إجابات السيد المسيح الماضية‬ ‫كانت ال تروق لسائلها ولكنها حسنة فى أذنى األغلبية‬ ‫والعامة‪.‬‬ ‫لكن ترى ما هو غرض هذا السائل الجديد‬ ‫(واحد من الكتبة)‪ ..‬هل أراد أن يجعل المسيح فى مأزق‬ ‫مع الرومان؟‪ ..‬أو مأزق مع الشريعة؟!‪ ..‬لكن ـ فى‬ ‫الحقيقة ـ هذا الكاتب تساءل بدون غرض إال المعرفة‪..‬‬ ‫ولهذا سيكون الحديث إليه مختلفا ً ألنه لم يجرب المسيح‬ ‫ولم يرائيه بل تكلم معه بصدق‪.‬‬ ‫ولهذا جاءت إجابة المسيح هنا مباشرة "إِ َّن أ َ َّو َل‬ ‫ب َواحِ د ٌ‪.‬‬ ‫كُ ِ ّل ا ْل َو َ‬ ‫س َم ْع يَا ِإ ْ‬ ‫ِي‪ :‬ا ْ‬ ‫ب ِإلَ ُهنَا َر ٌّ‬ ‫الر ُّ‬ ‫س َرائِي ُل‪َّ .‬‬ ‫صا َيا ه َ‬

‫‪24‬‬


‫ــــــــ أية وصية هى أول الكل؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫سكَ َومِ ْن كُ ِ ّل‬ ‫ب ِإلَ َهكَ مِ ْن كُ ِ ّل َق ْل ِبكَ َومِ ْن كُ ِ ّل َن ْف ِ‬ ‫الر َّ‬ ‫َوتُحِ بتُّ َّ‬ ‫ِي ا ْل َو ِصيَّةُ األُولَى‪َ .‬وثَانِ َيةٌ‬ ‫فِك ِْركَ َومِ ْن كُ ِ ّل قُد َْر ِتكَ ‪َ .‬ه ِذ ِه ه َ‬ ‫س َو ِصيَّةٌ أ ُ ْخ َرى أَ ْع َظ َم‬ ‫ب قَ ِريبَكَ َكنَ ْف ِ‬ ‫ِي‪ :‬تُحِ ُّ‬ ‫سكَ ‪َ .‬ل ْي َ‬ ‫مِ ثْلُ َها ه َ‬ ‫مِ ْن هَاتَ ْي ِن" (مر ‪ 72 : 27‬ـ ‪.)42‬‬

‫ونالحظ هنا أن السيد المسيح ـ بدقة ـ وضع‬ ‫وصية محبة هللا وتوابعها‪" ..‬ال تكن لك آلهة أخرى‬ ‫أمامى ـ أذكر يوم السبت لتقدسه"‪ ..‬ووصية محبة‬ ‫القريب وتوابعها "ال تسرق ـ ال تقتل ـ ال تزن ـ ال تشته"‬ ‫على نفس الدرجة من األهمية والعظمة‪ ..‬وهكذا اختصر‬ ‫كل الوصايا إلى وصيتين (محبة هللا ـ محبة القريب)‪..‬‬ ‫واختصر الوصيتين إلى كلمة واحدة (المحبة)‪ ..‬فصارت‬ ‫هى الوصية األولى والعظمى‪ ..‬ليست وصية أخرى‬ ‫أعظم من هاتين‪.‬‬ ‫وبهذه البساطة لغى السيد المسيح الصراع‬ ‫النظرى الذى اختلقه الكتبة بين أولويات الوصايا وأسبقية‬ ‫وصية على أخرى‪.‬‬ ‫ق قُ ْلتَ ألَنَّهُ َّ‬ ‫"فَقَا َل لَهُ ا ْلكَات ُ‬ ‫اَّللُ‬ ‫ِب‪َ :‬ج ِيّدا ً يَا ُم َع ِلّ ُم‪ .‬بِا ْل َح ّ ِ‬ ‫ب َومِ ْن ُك ِ ّل‬ ‫س آ َخ ُر س َِواهُ‪َ .‬و َم َحبَّتُهُ مِ ْن كُ ِ ّل ا ْلقَ ْل ِ‬ ‫َواحِ د ٌ َولَ ْي َ‬ ‫ب‬ ‫ا ْلفَه ِْم َومِ ْن كُ ِ ّل النَّ ْف ِس َومِ ْن كُ ِ ّل ا ْلقُد َْر ِة َو َم َحبَّةُ ا ْلقَ ِري ِ‬

‫‪23‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫ِي أ َ ْف َ‬ ‫ت َوالذَّ َبائِحِ" (مر ‪: 27‬‬ ‫يع ا ْل ُمحْ َرقَا ِ‬ ‫كَالنَّ ْف ِس ه َ‬ ‫ض ُل مِ ْن جَمِ ِ‬ ‫‪ 47‬ـ ‪ ..)44‬أضاف الكاتب معقباً‪ ..‬بالحق قلت‪ ..‬جيد يا‬

‫معلم‪ ..‬وختم تعليقه‪ ..‬هى أفضل من جميع المحرقات‬ ‫والذبائح‪.‬‬ ‫وهنا أكد هذا السائل أنه فهم ضمنيا ً أن كل‬ ‫التحفظات والفرائض والمحرقات والذبائح تأتى بعد‬ ‫وصية المحبة‪ ..‬وكتعبير عنها وليس كتعارض معها‪..‬‬ ‫وهذا النضج فى التفكير الروحى‪ ..‬وهذه الحرية الداخلية‬ ‫التى كان يفتقدها الكتبة المرائين فى ذلك الزمان‪..‬‬ ‫ستَ‬ ‫استحق أن يسمع عليها تعقيبا ً من السيد المسيح "لَ ْ‬ ‫اَّلل" (مر ‪.)43 : 27‬‬ ‫بَعِيداً ع َْن َملَكُو ِ‬ ‫ت َّ ِ‬ ‫ويعتبر هذا السؤال هو السؤال الوحيد الذى لم‬ ‫يكن وراءه غرض ردئ‪ ..‬ولهذا استحق السائل المديح‬ ‫من فم المسيح‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫ــــــــ الحوار الذى بدأه السيد المسيح ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(مر ‪ 53 : 21‬ـ ‪)04‬‬

‫إذ لم يجسر أحد أن يسأله مرة أخرى‪ ..‬ألنه‬ ‫تصدى بحكمة وبساطة لكل التساؤالت المغرضة‬ ‫والصادقة‪ ..‬كانت هناك قضية هامة لم يتعرض لها‬ ‫‪67‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫أحد‪ ..‬وهى األخطر واألهم فى اإليمان‪ ..‬وهى َمن هو‬ ‫المسيح؟ ما هى طبيعته؟ هل هو إنسان أم رب؟‬ ‫وهكذا ال تكتفى بالرد على التساؤالت‪ ..‬لكن كن‬ ‫أيضا ً مستعدا ً أن تسأل بمنطق العقالء لكى تقود َمن‬ ‫يسألك إلى الحق كله‪.‬‬ ‫وطرح السيد المسيح سؤاله على كل َمن سألوه‬ ‫سابقاً‪ ..‬هل المسيح ابن داود؟‪ ..‬نعم هذا تعليم األنبياء‬ ‫والكتبة‪ ..‬فإن كان كذلك‪ ..‬فكيف يُلقب داود المسيح‬ ‫بالرب إن كان ابنه؟!‬ ‫ومن الواضح أن هذا المزمور المسيانى‪ ..‬لم‬ ‫يكن أحد يختلف عليه‪ ..‬أنه يخص السيد المسيح‪ ..‬وكان‬ ‫المعلمين اليهود يعتبرونه حديث خاص من هللا (اآلب)‬ ‫الرب (اآلب) ل َِر ِبّي (المسيح)" (مز‬ ‫إلى المسيا اآلتى‪" ..‬قَا َل َّ‬ ‫‪.)2 : 224‬‬ ‫ولم يجب أحد المسيح عن سؤاله‪ ..‬وترك إجابته‬ ‫المنطقية تختمر فى ذهن السامعين بهدوء‪.‬‬

‫‪66‬‬


‫ــــــــ الحوار الذى بدأه السيد المسيح ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫س َمعُهُ‬ ‫وكانت النتيجة "كَانَ ا ْل َج ْم ُع ا ْل َكثِي ُر يَ ْ‬

‫بِسُ ُرور" (مر ‪.)56 : 21‬‬ ‫هل حقا ً فهموا؟ قد يكون هناك َمن التقط الحقيقة‬ ‫التى قصدها المسيح عن نفسه ولكن على األقل كان‬ ‫الجمع يتقدم فى طريق الفهم واإلستنارة وبالرغم من‬ ‫اعجاب السيد المسيح بهذا الكاتب األخير الذى سأله عن‬ ‫الوصية العظمى‪ ..‬إال أن السيد المسيح أراد أال يؤخذ‬ ‫‪67‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫كالمه عموما ً عن كل الكتبة‪ ..‬فأضاف "ت َ َح َّر ُزوا مِ نَ‬ ‫ي ِبال َّ‬ ‫ا ْل َكتَبَ ِة الَّذِينَ يَ ْر َ‬ ‫ت فِي‬ ‫غبُونَ ا ْل َم ْ‬ ‫س ِة َوالتَّحِ يَّا ِ‬ ‫طيَا ِل َ‬ ‫ش َ‬ ‫ت األُو َلى‬ ‫ِس األُولَى فِي ا ْل َمجَامِ ِع َوا ْل ُمتَّكَآ ِ‬ ‫األ َ ْ‬ ‫اق‪َ .‬و? ْل َم َجال َ‬ ‫س َو ِ‬ ‫فِي ا ْل َوالَئ ِ​ِم‪ .‬الَّذِينَ يَؤ ْ ُكلُونَ بُيُوتَ األ َ َرامِ ِل َو ِل ِعلَّة يُطِ يلُونَ‬ ‫صلَ َواتِ‪َ .‬ه ُإالَءِ يَؤ ْ ُخذُونَ دَ ْينُونَةً أ َ ْع َظ َم" (مر ‪ 57 : 21‬ـ ‪.)04‬‬ ‫ال َّ‬

‫ففى هذا اإلصحاح كان هناك أربعة حوارات مع‬ ‫المسيح‪:‬‬ ‫‪2‬ـ حوار حول الجزية‪.‬‬ ‫‪1‬ـ حوار حول الزوجة فى الحياة األخرى‪.‬‬ ‫‪5‬ـ حوار حول الوصية األولى‪.‬‬ ‫‪0‬ـ حوار حول طبيعة المسيح‪.‬‬ ‫فى الثالثة األولى كان المسيح يُجيب بمنطق‬ ‫وحكمة‪ ..‬وفى األخير بدأ المسيح الحوار نفسه ليجعل‬ ‫المنطق طريقا ً لإليمان‪.‬‬

‫‪68‬‬


‫ــــــــ الصمت الطويل واإلعتراف الحسن ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪08‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫(مر ‪ 55 : 81‬ـ ‪)55‬‬

‫ظل المسيح صامتاً‪ ..‬ولم يجب عليهم‪ ..‬أما‬ ‫تجيب بشا؟‬

‫لماذا لم يجب المسيح بالرغم أنه اعتاد أن‬ ‫يتعامل مع األسبلة‪:‬‬ ‫أوالً‪ ..‬ألنه فى هذا المكان ال يجد أحدا ً يريد أن يسمع‬ ‫الحقيقة‪.‬‬ ‫ثانٌاً‪ ..‬ألن شهاداتهم ال تتفق مع بعضها البعض‪ ..‬فال‬ ‫حاجة للكالم حين يتكلم الناس ويتعارضون‬ ‫ويثبت بطالن كالمهم من نفس كالمهم " َل أنََّ‬ ‫ه َْم" (مر‬ ‫َولأ ْمَتأتَّفِقْ َ أ‬ ‫ش ِهد ُواَ أ‬ ‫ٌِرٌنأ َ أ‬ ‫ش أهادأات ُ ُ‬ ‫ع أل ٌْهَِ ُزورا ً أ‬ ‫أكث ِ‬

‫‪.)55 : 81‬‬ ‫ثالثاً‪ ..‬المسيح ـ له المجد ـ ال يريد أن يبرئ نفسه أو‬ ‫يدافع عن نفسه‪ ..‬وقد جاءت الساعة‪ ..‬وهو‬ ‫يدرك جيدا ً أن فى كل األحوال هذا التحقيق‬ ‫‪08‬‬


‫ــــــــ الصمت الطويل واإلعتراف الحسن ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الصورى‪ ..‬له نهاية واحدة قد قرروها مسبقاً‪..‬‬ ‫وقد سمح بها هللا فى خطته‪.‬‬

‫(مر ‪.)58 : 81‬‬

‫ولما جاء السؤال الصريح جداً‪ ..‬والمحدد جداً‪..‬‬ ‫عن طبيعة المسيح كإبن هللا‪ ..‬لم يصمت‬ ‫المسيح‪ ..‬بل اعترف االعتراف الحسن‪ ..‬وأكد‬ ‫فَ‬ ‫َو أ‬ ‫س ْو أ‬ ‫الهوته‪ ..‬وطبيعته‪ ..‬وتدبيره "أأنأا َه أُو‪ .‬أ‬ ‫َوآتٌِاًَ‬ ‫َاإل ْن أ‬ ‫ٌن َا ْلقُ َّو ِة أ‬ ‫ت ُ ْب ِص ُرونأ َا ْبنأ ِ‬ ‫ان َ أجالِسا ًَع ْأن ٌَأمِ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫س أماءَِ" (مر ‪.)51 : 81‬‬ ‫بَال َّ‬ ‫فًَِ أ‬ ‫س أحا ِ‬

‫(مر ‪: 81‬‬ ‫‪)51‬‬

‫أوالً‪َ..‬البد أن يشهد المسيح وال ينكر طبيعته لبال يشك‬ ‫فى الهوته يوما ً كما حدث ويحدث من أعداء‬ ‫المسيح‪.‬‬ ‫‪01‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬ ‫ثانٌاً‪ ..‬أنا هو‪ ..‬فى لغتهم اليهودية‪ ..‬كانت تساوى ما‬ ‫سى‪َ:‬‬ ‫قاله هللا لموسى فى العليقة "فأقأا أل َهللاُ َ ِل ُمو أ‬

‫«أ أ ْهٌأ ِه َالَّذِي َأ أ ْهٌأ َْه»‪ َ .‬أو أقا أل‪ «َ :‬أه أكذأا َتأقُو ُل َ ِل أبنًَِ‬ ‫سلأنًَِإِلأ ٌْكُ َْم»"َ(خر ‪َ .)81 : 8‬‬ ‫إِ ْ‬ ‫س أرائٌِ أل‪َ:‬أ أ ْهٌأ ْهَأ أ ْر أ‬

‫‪"And God said to Moses, "I‬‬ ‫‪AM WHO I AM" And He said, "Thus‬‬ ‫‪you shall say to the children of‬‬ ‫‪Israel, 'I AM has sent me to you" (Ex‬‬ ‫)‪8 : 81‬‬

‫فهى ليست واضحة فى اللغة العربية بقدر ما‬ ‫تتضح فى لغتهم األصلية‪ ..‬ولهذا حين قال السيد‬ ‫المسيح للمولود أعمى‪ ..‬أنا هو‪ ..‬خر األخير‬ ‫سمِ أع ٌَأسُوعَُأأنَّ ُه ْم َأأ ْخ أر ُجوهُ َ أخ ِارجا ًَفأ أو أجدأهَُ‬ ‫ساجدا ً "فأ أ‬

‫اب‪ «َ:‬أم ْن َه أُو َ أٌاَ‬ ‫أوقأا أل َلأهُ‪«َ:‬أأت ُؤْ مِ ُن َبِا ْب ِن َّ‬ ‫َاَّللِ؟»‪َ.‬أ أ أج أ‬ ‫َرأ أ ٌْتأهَُ‬ ‫أ‬ ‫س ٌِّد ُ َلومِ نأ َبِهِ؟»‪َ .‬فأقأا أل َلأهُ ٌَأسُوعُ‪«َ :‬قأ ْد أ‬ ‫س ٌِّ َد ُ»‪َ.‬‬ ‫والَّذِيٌَأت أ أكلَّ ُمَ أمعأكأ َه أُوَه أَُو»‪َ.‬فأقأا أل‪«َ:‬أُومِ نٌَُأاَ أ‬ ‫س أجدأَ​َلأهُ‪ ( ".‬يو ‪ 85 : 9‬ـ ‪.)80‬‬ ‫أو أ‬

‫لهذا أعلن المسيح الهوته قابالً أمام المحكمة "أنا‬ ‫هو"‪ ..‬يقصد أنا هو أهيه‪ ..‬يهوه‪ ..‬اإلله‬ ‫‪08‬‬


‫ــــــــ الصمت الطويل واإلعتراف الحسن ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الحقيقى‪ ..‬اإلله المتجسد‪ ..‬المسيح ابن هللا‪ .‬ولهذا‬ ‫اعتبره ربيس الكهنة كأنه ُمجدفا ً يستحق الموت‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ ..‬أضاف السيد المسيح "إنه إن لم تؤمنوا اليوم"‪..‬‬ ‫سيأتى اليوم الذى فيه تصدقون ولكنه سيكون‬ ‫يوم الدينونة‪ ..‬فذكر يوم مجيبه الثانى على‬ ‫فَت ُ ْب ِص ُرونأ َ‬ ‫‪َ.‬و أ‬ ‫س ْو أ‬ ‫السحاب مؤكدا ً طبيعته "أأنأاَه أُو أ‬ ‫بَ‬ ‫َوآتٌِاًَفًَِ أ‬ ‫َاإل ْن أ‬ ‫س أحا ِ‬ ‫ٌنَا ْلقُ َّو ِة أ‬ ‫ا ْبنأ ِ‬ ‫انَ أجالِساًَع ْأنٌَأمِ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫س أماءَِ" (مر ‪.)51 : 81‬‬ ‫ال َّ‬

‫رابعاً‪ ..‬أوجد السيد المسيح باعترافه دليالً جديدا ً وسهالً‬ ‫فى يد ربيس الكهنة أن يحسب مجدفا ً مدعيا ً‬ ‫األلوهة‪ ..‬وهذا يستجلب الموت حسب الشريعة‬ ‫َوقأا أل‪ «َ:‬أماَ أحا أجتُنأاَبأ ْعدَُ‬ ‫"فأ أم َّز أ‬ ‫ٌِس َا ْل أك أهنأ ِة َثِ أٌابأهُ أ‬ ‫َرئ ُ‬ ‫ق أ‬ ‫َرأٌَُْكُ ْم؟»َ‬ ‫ِإلأى َشُ ُهودٍ؟‪َ .‬قأ ْد َ أ‬ ‫سمِ ْعت ُ ُم َالت َّ أجاد أ‬ ‫ٌِف! َ أما أ‬ ‫ب َا ْل أم ْوتِ‪( ".‬مر‬ ‫فأا ْلجأمِ ٌ ُع َ أح أك ُموا َ أ‬ ‫ع أل ٌْ ِه َأأنَّهُ َ ُم ْ‬ ‫ست ْأو ِج ُ‬

‫‪ 58 : 81‬ـ ‪.)51‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪01‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المنطق فى حوارات المسيح ــــــــ‬

‫‪05‬‬


‫الموضوعات‬ ‫الموضوع‬

‫رقم‬ ‫الصفحة‬

‫مــقـــــدمــــة ‪.................................‬‬

‫‪5‬‬

‫‪ ‬لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف؟ ‪.................‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ ‬لماذا تالميذك ال يصومون؟ ‪....................‬‬

‫‪81‬‬

‫‪ ‬لماذا يفعلون فى السبت ما ال يحل؟ ‪............‬‬

‫‪32‬‬

‫‪ ‬إنه مختل! ‪.......................................‬‬

‫‪39‬‬

‫‪ ‬لماذا ال يسلك تالميذك حسب تقليد الشيوخ؟ ‪...‬‬

‫‪22‬‬

‫‪ ‬هل يحل للرجل أن يطلق مرأته؟ ‪..............‬‬

‫‪29‬‬

‫‪ ‬أيها المعلم الصالح ماذا أعمل ألرث الحياة‬ ‫األبدية ‪............................................‬‬

‫‪32‬‬

‫‪ ‬نريد أن تفعل لنا كل ما طلبناه ‪................‬‬

‫‪45‬‬


‫الموضوع‬

‫رقم‬ ‫الصفحة‬

‫‪ ‬يا سيد أنظر التينة التى لعنتها قد يبست ‪.......‬‬

‫‪43‬‬

‫‪ ‬بأى سلطان تفعل هذا؟ ‪..........................‬‬

‫‪45‬‬

‫‪ ‬أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم ال؟ ‪..........‬‬

‫‪58‬‬

‫‪ ‬ل َمن منهم تكون زوجة؟ ‪.........................‬‬

‫‪55‬‬

‫‪ ‬أية وصية هى أول الكل؟ ‪......................‬‬

‫‪53‬‬

‫‪ ‬الحوار الذى بدأه السيد المسيح ‪.................‬‬

‫‪55‬‬

‫‪ ‬الصمت الطويل واإلعتراف الحسن ‪...........‬‬

‫‪15‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.