دراما نقــــاد العدد األول تشرين األول 2016
ً ً ً ُ مجلــة شهــريــــة تعني بالـــــدرامـــــــا ونجـــومهـــــــــا ..عـــــرضـــــــــا ونقـــــــدا وتحليــــــــــال
ممدوح حمادة: أدرك طبيعة الرقيب واستمتع بخديعتـه طالل نصر الدين يحلّق مزدحمًا بالنشيد شكران مرتجى وجهـان لقلب واحـد
أفكار أولى عن الدراما والتاريخ المسلسل والرواية واألدب الرفيع مظاهر المجتمع المدني في دراما 2016
الوجـــع السوري طبق األصــل ما الـــذي يجعــــــل العمل التلفزيوني نـاجحــًا؟
ذاكرةصورة
«دائـرة النـــار» من
درام���ا اجتماعي���ة م كونة م���ن 15حلقة إخر اج هيثم حقي ،س��� يناريو ممدوح عدوان، ع ن ن���ص لهاني الس ��� عد ي ب ط ول ة: ر ش ���يد عس� ��اف ،طلحت حمدي، ع بد ال ه اد ي ال ص با غ، عبد الفتاح المزين ،س��� مر س���امي ،س���امية الج زائ���ري ،والوجوه الج دي���دة (آنذاك) حاتم علي وأيمن رضا.
ماذا؟
تتناول حكايات سكان حارة دمشقية على اختالف مش���ارب هم وطرية تفكيرهم، لي ش���كل عص���ب الح كاي���ة الرئيس���ي هو صراع بي���ن آليات تفك ي���ر مجتمعية ،تبدو ف ي أوضح صوره���ا من خ الل ث ال ثة أ بن اء ف ي وا حدة من عائالت هذه الحارة ،فاألخ الكبير تقل ي���دي واألصغر يمث ���ل الجانب المتعلم ا لواعي واألوسط يتأر جح بينهما على إيقاع م صالحه.
متى؟ عام 1988
لماذا؟
ي عد «دائرة النار» المسل س ��� ل ال مؤ س ��� س للشكل الفني الع ام للدراما الس���ورية ب ش كل ها ال حال ي، ـ ففي هذا المسل سل اكتملت فكرة الم خ رج حق ي با ست خد الل ام غة الس���ينمائية في ال تل فز يو ن، وان ط ال قًا من هذه التجربة بدأ شيخ المخرجين ال س ور يي ن ف ي ا لت لفزيون مش���وار فني كرس خاللها فك رة «ال س ين ما ا لم تل فزة» وتحول إلى مدرس���ة إخراجية ك بيرة خريجوها اليوم هم م خرجون -أس���اتذة ير سم ون م ع ظم م ال مح خارطة الدراما السورية.
االفتتاحية
بحـــث جــاد.. ومســـــؤول
«نق���اد درام���ا» ...مس���احة مفتوح���ة للق���راءات النقدي���ة والمقترح���ات الجمالي���ة ،وبحث ج���اد في إش���كاليات الدراما واس���تحقاقاتها وانجازاتها والقضاي���ا المتعلقة بصناعتها ونجومها. وتسعى « نقاد دراما» للكشف عن جوانب إبداعية وجمالية وفنية تتعلق بالمسلس���ل التلفزيون���ي ،منها ما قد ال يلحظه المشاهد ،ولكن من شأن معرفته به ،أن تفتح له أفاقًا جديدة في عالقته م���ع المسلس���ل التلفزيوني وأبطاله ،س���واء عند مشاهدته للعمل ذاته مرة أخرى أو عند مقاربته مع عمل جديد مشابه ،فالمعرفة في الفن نصف المتعة مالم تكن كلها. المتع���ة واحدة من مقاص���د المتف���رج التلفزيوني ،وتأتي المعرفة بوصفها واحدة م���ن أغراض «نقاد دراما» في محاولة لمنحه القدرة على سبر أغوار جماليات المسلسل التلفزيوني، بما يتجاوز حدود التس���لية والفرجة إلى ش���غف اكتشاف ما ال يراه اآلخ���رون ،وبالتالي إيجاد ما يغريه بمتابعة مش���اهدة المسلسل. وانطالق���ًا من إيمانن���ا بالعالقة المتش���ابكة بي���ن الدراما التلفزيوني���ة والمس���رح والس���ينما وطبيعةالتفاعل بينهم، تخص���ص «نق���اد دراما» مس���احة خاصة لقراءات مس���رحية وسينمائية تتعلق بتجارب فنية ملهمة ،منها المحلية التي تس���تحق التحية واإلضاءة على جوانب اإلب���داع فيها ،ومنها ً العربي���ة والعالمية التي تصلح عل���ى نحو ما ألن تكون مدخال لفهم المسلس���ل التلفزيوني وإدراك م���ا يلزمه وما يجب أن يحاكيه في هذين الفنين. في «نقاد دراما» سنحاول أال نقع في وهم الفارق بين النقد وبين االنتقاد ،والفارق بين المديح والتقييم ،وجميعنا يؤمن أنه ال يوجد بالمحصلةنقد درامي إيجابي وآخر س���لبي ،وإنما هناكنقد مس���ؤول يق���ول كلمته مبررة ومقنعة ومدروس���ة، وهذا ما سنس���عى ألن نجعله معيارنا الضابط الوحيد للنشر في المجلة.
ماهر من�صــــــور
األوائل
كلمة للفن النبيل
المسرح
نقــــاد
4 العدد 1ــ تشرين األول
2016
األوائل
ّ شكل المسرح مع تقادم تجربته الزمنية واحدًا من أهم أش���كال الت���داول المعرفي اإلنساني ضمن صيغ فرجوية أثارت الكثير من حاالت الدهش���ة البصري���ة وتحول في كثير من األحيان إلى برلمان شعبي يناقش هموم الناس وأوجاعهم ويرسم عبر عوالمه المفترضة أحالمهم وتطلعاتهم. كانت وسائله وعناصره (نص ـ ممثلون ـ ديكور ـ أزياء ـ ألوان ـ إضاءة ..الخ) تس���عى غالبًا نحو التكامل لتحقق غاياته النبيلة من أجل حياة إنسانية أكثر عدالة. ومر المس���رح كما حال الفرسان الشرفاء بكثي���ر من ا لتحديات فاضطهدته األنظمة القمعية وطاردته محاكم التفتيش وحاربت الكنيسة أشكاله التنويرية حتى استحكم العداء بين المسرح والس���لطة باعتباره (أي المسرح) داعية تغيير أزلية. ه���ذه العالق���ة الش���ائكة تمظه���رت بتجلي���ات مختلفة ووصلت ح���دود الصراع بين مسرحين أساس���يين :مسرح أصر على التعارض م���ع القائم ،ومس���رح تماهى مع الخطاب السلطوي السائد. وكذل���ك تماي���زت الوس���ائل والصيغ النصية والشكلية المستخدمة في التعبير عن المحتوى األيديولوجي لكل منهما. عل���ى الرغم م���ن كل ما أش���رنا إليه ظل المسرح لس���نوات مديدة الشكل الفرجوي األكثر إدهاشًا واألكثر س���حرًا وتأثيرًا ،ولم تكن فقط رحل���ة خطابه النصي حارة وقلقة بل خطاب���ه الجمالي والبص���ري أيضًا ..فقد سعى بشدة إلى مسايرة التطورات التقنية ومواكب���ة التغي���رات التكنولوجية الهائلة التي أفرزها عصر العلوم الجديدة.
لقد ظل المسرح أمينًا لإلقناع واإلدهاش وكان س���باقًا ف���ي اإلحس���اس بالتحديات اآلتي���ة ال محال���ة ،فأعاد صياغ���ة األحداث الجلل واستعار من وسائل وطرائق المعرفة الجديدة كل المفردات التي تحل مشكالت خل���ق عالم س���حري وأخاذ يعب���ر عن تطور
بقلم� :أيمـــــن زيــــــــدان العصر وروح العصر. بق���ي المس���رح متباهيًا بتف���رد عالمه وشموخ هالته إلى أن أطلت السينما بصورها الش���يطانية لتثي���ر قل���ق ه���ذا المتباهي وتقض مضجعه. اس���تعان المس���رح بعد ظهور السينما
بكل وس���ائل دفاعه عن نفسه .لم يكن الصراع في ذاك الحين متكافئًا ..فاس���تنفر رجاالت المس���رح بحثًا ع���ن مصادر توازن للص���راع ال���ذي أصبح أمرًا واقع���ًا ال محالة ..بعضهم اس���تعار الكثير من التقنيات الواف���دة والبعض اآلخر جنح نحو اإلغراق في البس���اطة والتبسيط ..لكن المخاوف بقيت قائمة خوفًا من انحسار الطرف األهم في المعادلة الفنية ..الجمهور. اس���تمرت هذه العالق���ة القلقة الخفية وحدث ما يش���به التحال���ف اآلن���ي لمواجهة الواف���د الجدي���د ..التلفزيون ..ثم توسعت دوائر المراهنات على كسب المتفرج بعد أن تطورت ً وسائل االتصال البصرية والسمعية تطورًا مذهال حول العالم إلى قرية صغيرة ووسع خيارات المتفرج الذي كان في يوم من األيام يرى في المسرح فرجة سحرية أخاذة.. جملة الظروف التي وجد المس���رح نفسه فيها حرضت رجاالت���ه على التمس���ك بعناص���ر تفرده الخاص���ة به.. به فق���ط ..اللقاء الحار وا لحي والمباش���ر م���ع الجمهور. وشرطيته التي تتيح له إعادة تركيب العالم ومفردات الحياة بصيغه هو ..وقوانينه هو( ..في المس���رح فقط ً مثال يمكن لكرسي على سبيل المثال الساذج أن يأخذ دالالت ال متناهي���ة عبر اس���تخداماته الالمتناهية) وفي المس���رح فقط يكون المتفرج شاهدا على خلق الصيغة الفرجوية النهائيه في كل عرض يحضره . فمن حي���ث المب���دأ إذًا ال خوف على المس���رح كوس���يلة اتص���ال م���ن أن تهزم���ه كل اإلنجازات واالختراعات البش���رية بل الخوف الحقيقي عليه من مؤسس���اته ومن العاملين فيه ...أنا من الذين ال يخف���ون قلقهم الش���ديد على المس���رح ألنه وبحكم تكوينه يحمل نقطة ضعفه ..روعته أنه فن جماعي ..ومصدر القلق المش���روع عليه أنه كذلك. إن حاجة المس���رح للمؤسس���ة هي التي تقلقنا عليه فقد ارتبط طوال تاريخه بمفهوم المؤسسة التي كانت حاضنة له وجسر عبوره الرئيسي للناس.
نقــــاد
5 العدد 1ــ تشرين األول
2016
األوائل
األوائل
كنـــــز
درامانا بقلم :ح�ســـن م .يو�سف
نقــــاد
6 العدد 1ــ تشرين األول
2016
األوائل
في الفن كما في كل س���بل الحياة ،ثمة مبدعون مس���كونون بالمستقبل يش���قون دروب الحلم، وآخرون مغامرون يكرسون تلك الدروب الجديدة من خالل السير فيها ،وعندما يصبح الدرب مأمونًا ً وس���هال يأتي أخيرًا التجار الشاطرون ليستثمروا حماس المبدع وشوق المغامر ،من خالل غمس «إبداع» األول في «مغامرة» الثاني بعملية محسوبة تحقق لهم الربح الطائل. َّ منذ بداية الس���ينما تبدت بوضوح الطبيعة المثلثة للفنون الدرامية المرئية؛ فهي فن العتماده���ا على الكلمة وفن���ون األداء ،وهي صناعة ألنها تحت���اج آالت للتصوير ومعدات التحضي���ر والعرض ،وهي تجارة أيضًا ألنه البد من تس���ويق المنتج كي يس���ترد تكاليفه ويحقق الربح لمنتجه. وكما يوجد صراع في سبيل الفنون الدرامية المرئية ثمة صراع فيها بين أطوارها المختلفة، وهو صراع صحي شريطة عدم حسمه لصالح طرف دون آخر .وأخطر مايمكن أن يحدث هو انتصار التجارة على الفن والصناعة كما حصل في كثير من األعمال خالل السنوات األخيرة. ً قبل س���نوات كتبت مقاال بعنوان «مديح عدم الرضى» وصفت فيه ذلك الش���عور بأنه المحرك الذي يحفزن���ا على التج���اوز واقتحام آفاق جديدة في االب���داع ،وألننا نريد للدراما الس���ورية أن تعزز بهاءها وتتجاوز ما أنجزته من خالل اإلضافة إليه باس���تمرار ،نقول إن ماحققناه في درامانا مايزال دون الطموح، ألسباب عديدة ،يأتي على رأسها فقر اإلنتاج .إال أن عدم الرضا كما الملح ،إن زاد عن حده أفسد الطبخة! بالرغم من أجواء الحرب التي تعيش���ها سورية ما يزال اإلنتاج الدرامي مستمرًا ونوعيًا في بعض األحيان ،مما يعزز الثقة بمبدعي الدراما الس���ورية وبمس���تقبل هذا الفنفي بلدنا ،لذا أتوجه بتحي���ة تقدير ومحبة لكل المبدعين الذين واصلوا العمل ،وخاصة منهم أولئك الذين لم يستسلموا للرضى وخدر النجاح ،كما أحيي كل من طوروا أنفسهم وهم أكثر من أن يع���دوا ،متمنيًا عليهم أن ال يعبأوا بنقيق الضفادع وال نعيب الغربان ،بل أن يركزوا على العمل الدؤوب الخالق ،فبالعمل وحده يتحقق األمل. أعتقد أن الطبيعة الس���ورية -واإلنس���ان في مقدمتها -هي سر تألق الدراما التي نفتخر بها ،فس���ورية اس���توديو طبيعي س���احر فيها الجبل والسهل ،البحر والنهر ،الصحراء والغابات كما أن طقسها المعتدل يتيح إمكانية التصوير في معظم أوقات العام .لذا يتوجب علينا أن ندرك أن البيئة الس���ورية شريك أساسي في نجاح درامانا ،وقد حز في نفسي سماع ش���كايات من أهالي بعض المناطق الطبيعية الجميلة التي ت���م فيها تصوير بعض األعمال ولم يحت���رم أعضاء فرق التصوير طبيعتها النظيفة بعد اس���تخدامها كمواقع للتصوير ،ويؤسفني أن أقر بأنني رأيت مصداق ذلك بأم عيني! لذا أناشد كل المعنيين بهذا األمر وعلى رأس���هم الفنانين والفنيي���ن أن يحافظوا على نظافة المواق���ع الطبيعية التي يصورون فيه���ا ،فبيئة الدراما السورية هي كنزها الحقيقي.
جــواز
سفر
بقلم :عبد اللطيف عبد الحميد في الس���ابع من أيل���ول عام 1989 تركت أس���رتي الصغيرة في موسكو وع���دت إلى دمش���ق بع���د رحلة مع فيلم���ي األول « ليالي إبن آوى « الذي عرض ف���ي مهرجان موس���كو بنجاح كبير لدرجة أن الس���وفييت اش���تروا الفيلم من مؤسسة السينما بمبلغ فاق كلفته. ً المهم ،عدت إلى دمشق معبأ بفكرة فيلمي الثاني « رسائل شفهية». كان أيل���ول في ذلك العام حارًا على نحو اليطاق ،وكنت أستأجر ملحقا صغيرا في مخي���م اليرموك ،وكان وض���ع الكهرباء في حينها على أس���وأ مايكون ،أعطال وتقنين دائمين ،ونظرًا ّ للحر الش���ديد ف���ي البيت بدأت أكتب س���يناريو فيلم « رسائل ش���فهية « عاريًا كما خرجت من رحم أميّ ،نع���م كتبته عاريا وعلى ضوء الش���موع ،وس���ال قلمي ،ودخلت في معس���كر مغلق لمدة شهرين وأنا ّ أكتب ليل نهار ،واختلت س���اعتي البيولوجية ،فكنت ّ أتغدى في الفجر ،وأتناول فطوري مع غروب الش���مس ، ّ عيني ، وأكتب ،وأتحمم ألغس���ل عرقي وأطرد النعاس من ً وأنام قليال وأش���تغل كثيرًا ،وماإن أنهيت المس���ودة األولى للسيناريو حتى لبست ثيابي ووضعت السيناريو في مكان آمن لمدة ثمانية أش���هر ،وبعد هذه األشهر الثمانية ّ ، عدت لكتابة الصيغة النهائية للسيناريو ،ومن جديد دخلت في معسكر مغلق لمدة ش���هرين أيضا ..أنهيت الصيغة النهائية للس���يناريو في شهر تموز عام 1990وعلى ضوء الشموع أيضًا ..نعم ،لقد كتبت هذا الفيلم على ضوء الشموع ..صورت الفيلم وأنهيته عام . 1991 في الحقيقة لم أكن أتوقع هذا النجاح الكبير في سوريا وخارجها ..لم أكن أتوقع أن هذا الفيلم سيكون جواز سفري الثاني حتى كتابة هذه السطور.
نقــــاد
العدد 1ــ تشرين األول
2016
األوائل
كتّ ـــابا
أحمد الخليل ألمى كفارنة
بين المسلسل والرواية واألدب الرفيع
طالل نصر الدين حلّق مـزدحمـــًا بالنشيد
الوجــــع الســـوري طبق األصـل
«بانتظار الياسمين» عيونه على جوائز «إيمي» العالمية
بالل شحادات
بشار إبراهيم
سالسل فضــــــــة
أفكــــار أولى عـن الدراما والتاريخ
حكاية لجوء تحكم علينا باالنتظار
عالء الدين العالم
ممدوح حمادة :أدرك طبيعة الرقيب واستمتع بخديعتـه
علي وجيه
سمرقند ..دراما تنصف سحر الشرق والخال يظلم الخيام
درامــــــا الوصفة الجاهزة
بالعدد
دراما نقــــاد
ُ مجلة شهرية ًتعني ًبالدراما ً ونجومها ..عرضا ونقدا وتحليال
بسام سفر
العدد 1ــ تشرين األول
2016
هيئـة
التحرير
مظاهر المجتمع المدني في الدراما السورية
نبيالت حرب ينبشن بسكينة كبد الحقيقة رئي�س التحرير :ماهر من�صور
manmaher19@gmail.com
خلدون عليا
شكران مرتجى وجهان لقلب واحد مدير التحرير :رزان توماني
ما الذي يجعل العمل التلفزيوني ناجحًا؟
مجيد الخطيب
هاني أبو أسعد.. صــوت فلسطيني صــرف
razan-toumani@hotmail.com
حكاية من حكايات أهل الوفاء املدير الفني :هيثم ال�شيخ علي haithamsh71@gmail.com
موقع المجلة:
/http://drama-critics.com/emagazine صفحتنا على فيس بوك:
/https://www.facebook.com/Syriantvdrama ويمكنكم تصفح المجلة وتحميلها أيضًا:
/http://epublish4me.com
/https://issuu.com
المدير التقني :م.محمد من�صور man.mhd@gmail.com
ممدوح حمادة: أدرك طبيعة الرقيب واستمتع بخديعتـه
نقــــاد
10 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسارات
حاوره: ماهر من�صور
توجع الدراما التي يكتبها السيناريست السوري ممدوح حم��ادة بنعومة ،ذل��ك أدق توصيف لها ،فقد اس��تطاع من خالل أعماله األخيرة (ضيعة ضايعة) و(الخربة) و(الحقائب- ضبو الشناتي) أن ينبش بالضحكة الوجع ،وأن يحيل النكتة إلى بيان ألم. ال مكان لليافطات العريضة بثقلها األيدلوجي في دراما مم��دوح حمادة ،ه��ي تغيب عن حوارات ش��خوصه ولكنها تنبض بتفاصيل حياتهم الصغيرة/حياتنا نحن أبناء الوطن البسيط ،بوصفنا مشروع حمادة الذي ال يتغير ،مهما تغيرت أدوات التعبير عنه...وعن مشروعه نتحدث.
نقــــاد
11 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسارات
أكت��ب بش��كل تلقائ��ي ولكنن��ي بطبيعـة الحال ال أطم��ح م��ن خ�لال الكتاب��ة أن أروي نكت��ة وحسب.
يهمن��ي ف��ي جمي��ع ما طرح��ت ه��و الجان��ب االنس��اني ال��ذي يص��ور معاناة اإلنسان العادي في زمن الحرب...
نقــــاد
12 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسارات
أدرك ت��م��ام��ًا طبيعة ال����رق����ي����ب وك��ي��ف��ي��ة االلتفــــــــــــــاف عليـــــــه وأح��ي��ان��ًا أش��ع��ر بمتعة خديعته..
إل���ى أي حد يمكن الحديث عن عتبات في النص الدرامي الذي تكتبه ،أبس���طها تلك الضحكة التي تختزن الوجع على نحو علني ،وأبلغها مقوالت تكاد تحتش���د بين الس���طور حتى يخال لي أنها نص ثان ضمن النص الظاهر؟ ال أدري كي��ف أجيب عن هذا الس��ؤال بكل صراحة ،أنا أكتب بش��كل تلقائي ،دون التفكي��ر ف��ي هذا األمر ولكنني بطبيعة الحال ال أطمح من خالل الكتابة أن اروي نكتة فحس��ب ،بل أح��اول جعل الكلمة عربة أحملها بكل ما تس��مح به ق��درة هذه الكلمة عل��ى الحم��ل ،ف�لا أجعل حملها ف��وق قدرته��ا لكي ال تظه��ر مفتعل��ة ،وال أقلل من حمله��ا لك��ي ال تب��دو فارغة ،وكما ف��ي اللوحات التش��كيلية فأن المش��هد الذي في الواجه��ة ال يعن��ي كل اللوح��ة ،وأنا أعرف الكثير م��ن اللوحات التي ت��م تقييمها بناء عل��ى الخلفية ،في النص ال��ذي يعتمد الكتابة كأداة تعبير ل��ه ال يختلف الوضع كثيرًا، وأظن أن االنس��ان عبر أداة التعبير األدبي��ة يمكنه أن يقدم خلفية أغنى للوحة عبر ما يوح��ي ب��ه من مقوالت مختلف��ة لخيال المتلق��ي الذي يعثر أحيانًا عل��ى مقوالت لم يتقصدها الكاتب ،وتفوق قدرة النص األدبي في ذلك قدرة اللوحة التش��كيلية التي تخاط��ب البصر األمر ال��ذي يحد من قدرتها على تفعيل النش��اط الخلفي في اللوحة أو مانس��ميه في النص األدبي ما بين الس��طور ،ولكن هذا يحدث بشكل تلقائي كما ذكرت ،دون التخطيط المسبق للموضوع.
هل تكتب لمش���اهد زكي ورقيب ساذج....هذا انطباع تولد لدي وانا أرى عمق أعمالك وج���رأة مقوالتها المغلفة بالضحكة وس���ذاجة من يقولها تع���رض ،بينما تمنع تلك التي تعلن على نحو مباشر تجاوزها لمحظورات الرقيب. الهدف من الكتابة بالنس��بة لي هو بث رس��الة ما إل��ى متلق موجود على األرض، ولذلك فمن المطلوب مني مراعاة ثالث نقاط مهمة وأساسية عند بث هذه الرسالة: أوله��ا :وضع هذا المتلق��ي ،وهو المتنوع قبل كل ش��يء ،وبالتالي يجب أن تكون رسائلي له متنوعة في مضمونها ومستوياتها. ً وثانيه��ا مق��ص متربص هو ما نس��ميه بالرقيب ال��ذي يقف حائال بين الرس��الة والمتلقي. وثالثها هي الوس��يلة التي تحمل هذه الرس��الة ،وهي في حالتنا هنا التلفزيون. وبم��ا أن هدفي األساس��ي ه��و إيصال الرس��الة فأنا ال أجع��ل المواجهة م��ع الرقيب غايتي ،فهو بوس��عه منع وصول الرس��الة الى المتلقي ،كونه يس��يطر على الوسيلة ً الت��ي تبثها ،فضال ع��ن أنني أدرك تمامًا طبيعة هذا الرقي��ب وكيفية االلتفاف عليه، بل وأحيانا أش��عر بمتعة خديعته ،فالرقابة كآلية تش��به الى حد كبير جهاز كمبيوتر، ت��م توليفها على المف��ردات ال على المعاني ،رغم أن هناك من يتجاوز ذلك في هذه المؤسسة أحيانًا.
نقــــاد
13 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسارات
ش���خوص أعمالك ش���ديدة الواقعية ،منها ما يحتاج أن تعايش���ه لتكتب عنه بهذه الصورة.. ولكنك مقيم في بيالروسيا ،هل تعتمد شاهد العيان لتعوض عدم معايشتك لهذه الشخصيات. أع��رف الكثي��ر م��ن الش��خصيات الت��ي طرحتها ف��ي أعمالي ش��خصيًا ،بعضه��ا عن بعد وبعضه��ا عن قرب ،ولكنني أتعامل مع هذه الش��خصيات كبذرة أقوم بتنميتها لتصبح كما تعرفونها ،وأقوم في معظم األحيان بتطعيم الش��خصية بشخصيات أخرى ،كما أنني في بعض األحيان ال أس��تخدم الش��خصية التي أعرفها بش��كل كامل على الشاشة حيث أقوم بح��ذف بع��ض مواصفاتها وأبقي عل��ى مواصفات أخ��رى لغايات درامية ،وس��أعطيك على س��بيل المث��ال ش��خصيتين ربما تكون��ان متناقضتين ،ولكنني اس��تقيتهما من ش��خصية واح��دة ف��ي الواق��ع ،وهما ش��خصية أس��عد في (ضيع��ة ضايعة) وش��خصية س��معان في (الخرب��ة) ،أم��ا ابتعادي عن الوطن فهو ال يغير في األمر ش��يئًا فالطباع البش��رية واحدة أينما ذهب��ت ،يختل��ف فقط طريقة التعبي��ر عنها ،وبكل األح��وال فقد مررت ف��ي وطني بتجارب كثيرة وعايشت الناس في مختلف مجاالت الحياة ولدي مخزون كبير من الشخصيات ،كما أن البلدان التي أعيش فيها ال تخلو من هذه الشخصيات أيضًا ف���ي العم���ارة العضوية ،يق���وم المهندس���ون بتطوي���ر تصاميمهم وفقًا لتط���ور متطلبات مس���تخدميها ،وكان الراحل نهاد قلعي يدور شخصياته وفقًا ألداء الممثلين....هل يعيد ممدوح حمادة بناء شخصياته أثناء التصوير...ذلك سؤال مرده شعوري ان شخصياتك تبدو أكثر التصاقًا بمن يؤديها لدرجة اني ال أفكر بأحد سواه للشخصية.؟ في العادة انا أكتب دون التفكير باس��م الممثل ،في بعض األحيان تراودني وجوه بعض الممثلي��ن أثن��اء كتابة الدور ولي��س بالضرورة أن تكون م��ن النجوم ،ففي الكثي��ر من األحيان أتخي��ل ممثلين مغموري��ن لعبوا أدوارًا ثانوية في أعمال س��ابقة قدمته��ا ،وأحيانا ال أعرف أسماءهم ،ولكنني كما قلت في معظم األحيان ال أفكر باسم الممثل ،غير أنني في حال بدء التصوير وأنا ال ازال قيد الكتابة ،آخذ بعين االعتبار شخصية الممثل واالستفادة من مقدراته، او إذا تقرر تقديم جزء ثان كما حدث في ضيعة ضايعة.
نقــــاد
14 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسارات
مم���ا أتيح لي قراءته من قصص���ك ع صفحتك بالفيس بوك يخيل لي أنك تتبع تقنية خاصة في كتابة نصك الدرامي ،كأن تترك مسافة فاصلة بين ممدوح القاص وممدوح السيناريست ،إلى أي حد ذلك يمكن عد هذا األمر صحيحًا ،وكيف لنا تلمس ممدوح ّ رسام كاريكاتور في االثنين؟ أن��ا ف��ي األص��ل أكت��ب القص��ة ،ول��دي المئ��ات م��ن القص��ص ولكن مع األس��ف بس��بب وج��ودي خ��ارج البل��د ال يتوفر لي قناة لنش��رها ،حيث الصل��ة مقطوعة تمامًا بين��ي وبين دور النش��ر وقد س��بق لي ان نش��رت قصتي��ن طويلتين (المحط��ة األخيرة) و (جلن��ار) ومجموعة قصصي��ة تحت��وي على خمس وعش��رين قصة ريفي��ة (ام الطنافس) ،وال زال ل��دي الكثير من القص��ص والمجموع��ات القصصية ف��ي االدراج ،الذي يحك��م أو يخلق االخت�لاف بين كاتب القص��ة وكاتب الس��يناريو عندي هو األم��ور الثالثة الت��ي ذكرتها س��ابقا( المتلقي والرقيب والوس��يلة) ففي الس��يناريو أنت تخاطب الجميع ش��ئت أم أبيت وشاؤوا أم ابوا ،في القصة رس��التك تصل فقط لمن يريد اس��تالمها ،في الدرام��ا التلفزيونية الرقيب يملك الس��يطرة على الوس��يلة االعالمية التي س��تنقل الرس��الة ،في مج��ال القصة أنت متح��رر منه ،فهو إن منعها هنا ستنش��رها هناك ،وهو إن منع الكتاب س��يجد هذا الكتاب رواجًا ويمكن تداوله عب��ر قنوات غير رس��مية ،أما العمل الدرامي ف��إن تم منعه فأنه يدفن أحيان��ًا ،لهذا كله فان سلطة الرقيب هنا أقل سطوة ،وهذا كله يجعلني حرًا في القصة أكثر. بالنس��بة للكاريكاتير أنا مارس��ته في مرحلة س��ابقة م��ن حياتي هي المرحل��ة الطالبية حيث كنت أنش��ر في بعض الصحف البيالروسية ولكن الكاريكاتير كان دائمًا يشكل هواية لي ولم أكن أسعى إلى االحتراف فيه ،حتى أن الكثير من رسومي كنت أنشرها وقد نسيت توقيعه��ا ،وف��ي ه��ذه الفترة أنا ال أرس��م نهائيا ،وربما أع��ود إلى ذلك الحق��ًا إن وجدت مبررا لذلك ،بالكاريكاتير دون وس��يلة نش��ر يموت ،وال معنى لممارسة هذا الفن ان لم يكن هناك منبر دائم يقدم رسومك للناس.
هناك عملية تشريحية ف��ي «الخرب��ة» تتح��دث ع��ن الط��رق المس��دودة التي كانت ستؤدي في نهاي��ة المط��اف الى ما رأيناه في نهاية العمل.
أكت��ب دون التفكي��ر باس��م الممث��ل ف��ي بعض األحي��ان تراودني وج��وه بع��ض الممثلين أثن��اء كتابة ال��دور وليس بالض��رورة أن تك��ون من النجوم.. نص «الحقائب» هو من آخر نصوصك فيما عرف بدراما األزمة /الثورة ....لكنني أكاد أجزم أنك أول من كتب في هذه الدراما من خالل مسلس���ل «الخربة» ،ه���ل تتفق معي..؟ ورغم اني اعتبر الخربة هو المسلس���ل االول بمضمونه ال بظاهره عن «الحدث السوري الساخن» إال أني اعتقد أن المشهد األخير الواقعي لما يجري اليوم على االرض لن يختلف كثيرًا عن المشهد األخير للخربة. نع��م صحي��ح الخربة ورغم أن��ه كتب قبل ذل��ك بعدة س��نوات كفكرة وملخ��ص وما يقارب 15حلق��ة كتب��ت أيض��ا قبل ح��دوث أي ش��يء إال أنه ارتكز كثي��رًا على ما جرى ف��ي تونس ومصر ً وكان محاولة لتصور الشيء نفسه إن حدث في سورية ،وهو ما حدث فعال اثناء تصوير العمل وكتابة الحلقات األخيرة منه ،وفي متن العمل كان هناك عملية تش��ريحية تتحدث عن الطرق المسدودة التي كانت ستؤدي في نهاية المطاف الى ما رأيناه في نهاية العمل. نص الحدث الس���وري الس���اخن لمن كتبه ممدوح حمادة وسيكتبه ،والجمهور بات منقسمًا بين مؤيد ومعارض وما بينهما او حيادي تجاههما او متمرد عليهما؟ م��ا يهمني في جميع ما طرحت هو الجانب االنس��اني الذي يصور معاناة اإلنس��ان العادي ف��ي زم��ن الحرب ،وبما أن المعاناة تقع على الجميع فأنن��ي اعتبر أن نصي موجه للجميع ،ولكن أي عم��ل بطبيعة الحال ال يس��تطيع أن يغطي كل النقاط المتعلق��ة بموضوعه ،ولذلك أكتفي باإلش��ارة إلى مختلف القضايا بش��كل مكث��ف ،وتقديمها بالصورة التي تك��ون فيها أقل أذى، انطالقًا من نوع العمل نفس��ه الذي يحتوي على مس��حة كوميدية ،وم��ن العوامل الثالثة التي تحدثت عنها في البداية والتي تحكم أي عمل درامي.
نقــــاد
15 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسارات
حدثالشهر
“بانتظار الياسمين” عيـونـه عــلى "إيمي" العالميـــة
نقــــاد
16 العدد 1ــ تشرين األول
2016
حدث الشهر
بل�غ المسلس�ل الس�وري «بانتظار الياس�مين» للمخرج س�مير حس�ين والكاتب أس�امة كوكش مرحلة التصفيات النهائية من ضمن جوائز إيمي العالمية التي تنظمها األكاديمية الدولي�ة للفن�ون التلفزيوني�ة ،إلى جانب ثالثة مسلسلات م�ن كندا واألرجنتي�ن وألمانيا، ليتناف�س معه�ا على الجائزة الذهبية ألفضل ألفضل مسلس�ل أجنبي ،والتي سيكش�ف عن اسم الفائز بها خالل حفل توزيع الجوائز في نيوورك بتاريخ 20تشرين األول .2016
نقــــاد
17 العدد 1ــ تشرين األول
2016
حدث الشهر
الوجع السوري طبــــق األصــل تقتنص دراما «بانتظار الياسمين» للمخرج سمير حسين والسيناريست أسامة كوكش الوجع السوري من وسط لهيب النار ،على نحو تبدو حكاية العمل جزءًا من خالصة المرارة والمأساة السورية. يتراجع الجدل السياس���ي بين مؤيد ومع���ارض ،كما أصوات االقتت���ال ودخان القص���ف إلى الجان���ب الخلفي م���ن حكاية العمل لصالح مس���ار درامي حزين لضحاي���ا الحرب اليومية في سورية ،أولئك الذين يتقاس���مون الوجع والبرد والفقد والموت بوصفه الخبز السوري اليومي الذي يتناوب عليه مؤيدو النظام والمعارضة في سورية ومعهم أولئك الذين يقفون على الحياد في المعركة ...تلك هي فاتورة يدفعها جميع السوريين اليوم، ولعلها الشيء الوحيد الذي لم يزل يجمعهم. ّ تتضخ���م جرع���ة الميلودرام���ا ف���ي مسلس���ل «بانتظار الياس���مين» ،فيم���ا تبدو جمي���ع ش���خصيات حكاياتها أقرب إلى الم���وت منه إلى الحياة يتأرجحون بي���ن األلم واألمل ،في وقت تستنزف القذائف أجسادهم بانتظار خالص ال يأتي.
نقــــاد
18 العدد 1ــ تشرين األول
2016
حدث الشهر
لم يختر أي من أبطال «بانتظار الياس���مين» قدره الذي أودى به للس���كن في حديقة عامة مع آخرين ،وفي الحديقة ستسقط أسماء األماكن التي جاؤوا منها ،ويذوب طرفا الصراع في الوجع الواحد دون أن يجمعهما ..وحدها الصورة تعلن انتماءها إلى الجميع. ورغ���م أن الحكاية تب���دي أحيانًا انحيازها لط���رف دون آخر في الحرب الس���ورية اليوم ،إال أنها بالنهاية ال تعلي إال من شأن الوجع، تاركة تحديد مالمح مسببه النهائية ليرسمها مشاهدو المسلسل ٌ كل حسب اصطفافه السياسي ..على نحو يوحي بأن حكاية «بانتظار الياس���مين» تراهن على أن ينجح إحس���اس الجميع بالوجع الواحد بتحقيق ما عجزت عنه طاوالت الحوار وميادين المعارك. إنه رهان على الوجع الس���وري اليومي ال متاجرة استهالكية به، وال قولبته ضمن طرف واحد دون س���واه من طرفي الصراع ،ولنتذكر كم تتش���ابه صرخات األمهات عل���ى كامل الخارطة الس���ورية ،مع صرخة لمى (س�ل�اف فواخرج���ي) المفجوعة بذب���ح زوجها على يد «داعش»« :ليش ذبحوه ..كرمال ربطة خبز يا الله ..خبز يا الله ..خبز»... ألم تتردد صدى تلك الصرخة في أكثر من مكان سوري اختلط فيه رغي���ف الخبز بالدم ...ولهذا الس���بب ال يملك متابع حكاية «بانتظار الياسمين» إال أن يتعطاف مع أبطالها، فهم صورة لواقع حال عاش���ه أو شاهده أو س���مع عنه .وجميع أحداث وشخصيات المسلس���ل هي ليس���ت م���ن وحي خيال المؤل���ف وأي تش���ابه بينها وبي���ن الواقع هو من ليس من قبيل الصدفة ،ويمت للواقع بكل الصلة. حميمي���ة ه���ذا التعاط���ف اإلنس���اني كان���ت أكث���ر األم���ور المدروسة في كاميرا المخرج سمير حس���ين ،وقد قدم ه���ذا األخير رؤية بصري���ة تلتزم ب���روح الن���ص وتضفي
عليها ،وفي هذا العمل يتخلى المخرج حس���ين عن تقنية «الكاميرا المتلصصة» في التصوير التي لطالما اعتمدها في أعماله والسيما في مسلس���له «وراء الش���مس» ،وذلك ليدخل والمش���اهد في عمق المش���هد ،وكأنه بذل���ك يريد أن يقول للمش���اهد أنت جزء من هذا المشهد ،ولست مجرد متفرج عليه. القراءة اإلخراجية رغم حجم المرارة والفاجعة في حكاية العمل، ال تخل���و من ميل إلب���راز بعض من الجماليات الفنية ،والس���يما في نهاية العمل ،حيث يس���تغل المخرج حسين تساقط الثلج لصالح تصوير مش���هد طويل على إيقاع أغنية «يا طير س���لملي عسورية» للفن���ان معن الدندش���ي ،يختزن طاق���ة وجدانية بإحس���اس عال، ويتجاوز النص المكتوب نحو نص مواز عن سورية الحضارة اإلنسان ،تختصره كلمات األغنية ،وذلك نص تكاملت مقولته مع المشاهد الخاصة بش���خصيتي «سها» و»حس���ام» اللتين جمعتهما في أكثر من مكان أثري في دمش���ق ،وطبيعة حواراتهما ،والس���يما حوارهما عن ثالثية «العقل واإليمان والحب التي من شأنها أن تزيح أي قلق وخوف». في «بانتظار الياس���مين» ثمة جهد تمثيل���ي كبير للفنانة سالف فواخرجي ،وأداء عميق للفنان غسان مسعود(أبو س���ليم) وش���كران مرتجى(أم عزيز) وأيمن رضا(أبو الش���وق) ،ومالم���ح ش���راكة وثنائية م���ن طراز خ���اص للفنانين محمد حداق���ي (نزار) وأحمد األحمد(بريمو).
نقــــاد
19 العدد 1ــ تشرين األول
2016
حدث الشهر
حكاية لجوء تحكم علينــا باالنتظار رزان تومـــــاني
نقــــاد
20 العدد 1ــ تشرين األول
2016
حدث الشهر
وكأن الدراما السورية اليوم تشبه مواطنها ال���ذي فاج���أه اللج���وء فتهاوى ف���ي عالم من الاليقين .حكايتها تشبه لجوءه البارد المر. فجأة وجدت الدراما نفسها في بيئة ليست بيئتها وعالم ال يش���به عوالمها .وتفرق أفراد ٌ أس���رتها كل في بلد فلم تس���تطع حتى اآلن لملمة بيتها المبني من لحم ودم قبل الحجارة. خروج األعمال السورية من بيت الدراما الذي كانت ملكته كخروج السوري من بيته/مملكته. بح���ث دائم عن الذات بعد كالهما في محاولة ٍ أن كان���ا ملكين في مس���احة أمانهما الخاصة، فما ميز العائلة والدراما السورية هو واحد :إنه البوتقة الس���ورية العجيبة التي يتفاعل فيها القليل من كل ش���يء بخلطة سحرية ومبتكرة تعطي منتوجًا» يفاجئ حتى صانعيه .فإن كان ما ميز الدراما المصرية البطولة األحادية سواء كانت بطولة الممثل أو المخرج أو الكاتب ،فإن ما ميز الدراما السورية هو العمل الجماعي وادراك السوريين لمفرداته وإبداعهم في استخدامها كما لم يفعل احد من قبل .ففي العمل السوري بشكل عام إن كان النص متواضعًا» يسنده –إن ص���ح القول -اإلخراج أو مهارة الممثل والعكس بالعك���س .فما بالك إن اجتم���ع نص مميز مع إخراج مميز مع ممثلين مبدعين؟ ه���ذه المهارة اكتس���بها الس���وريون من عائالته���م وبيوتهم ،فقد كان القليل من هنا وهن���اك يكفي األس���رة لتكون بأحس���ن حال فيتعلم أبناؤها أفض���ل تعليم .بيوتنا كانت فقيرة ولكنها نظيفة ،مرتبة ،دافئة ال تش���به رفاهية الخليج وال ب���رودة الغرب .واالهم أنها مليئة بقص���ص النجاح ..أتذك���ر عندما كنت أرس���ل مقاالت عن الش���باب لجريدة الس���فير كانت فق���رة ناجحون وكذلك فقرة قصة نجاح
في التلفزيون الس���وري هي األسهل ألنني لم أك���ن بحاجة ألبحث عن قص���ص النجاح كانت قص���ص نجاحاتهم في كل م���كان وكثيرًا ما تأتي إلي فألتقطها دون جهد.. وبالع���ودة إلى الدرام���ا فأن���ا أرى واقعها كصورة ايالن وعمران ف�ل�ا الذي خرج عاش وال ال���ذي بقي نجا .فما بقي من الدراما الس���ورية ّ وصور منها داخل سورية متحديًا كل العقبات من إيج���اد أماكن تصوير آمنة إلى مش���اكل اإلنتاج والتس���ويق وغيرها ،ف���إن نجح بتجاوز ه���ذا وذاك أضناه االفتقار إلى الكوادر الفنية والمهنية. أما من خرج منها وخاصة تلك الدراما التي حاولت االندم���اج بالدراما اللبنانية أو المصرية فكان كمن حاول قصقصة الزوائد منه لتطابق ً العمل،فقص أجنحته بدال من تشذيبها. ربما كان كل م���ا أراده إيالن وعمران هو أن يكون���ا معًا .يلعبان معًا ويتأث���ران ويتفاعالن معًا .أو ربما هي مجرد مرحلة انتقالية سيقدم ً الس���وري من بعده���ا مث���اال جدي���دًا للعالم على الجب���روت واإلصرار وعلى أن���ه قادر على ال���والدة واالبداع من جدي���د أينما كان وكيفما كان ،ولكن���ه بحاجة لمزيد من الوقت ليهضم المتغي���رات م���ن حوله ويتأقل���م معها ،يفك مفرداته���ا ويبدع من جديد ،ليكون الس���وري متفوق���ًا ومميزًا من جديد دراميًا كما هو علميًا وعمليًا وقبل هذا وذاك انسانيًا. فتذكروا دومًا أنه يصطحب خلطته السحرية مكان ما ،ينتظر ليتقن أينما ذهب ،يخفيها في ٍ لغة أو لينهي معامالت وأوراق معينة أو ليفهم بيئة جديدة ثم يظه���ر خلطته تلك في الوقت المناسب لتفاجئ الجميع. نحن باالنتظار.
نقــــاد
21 العدد 1ــ تشرين األول
2016
حدث الشهر
بـين فـــوزيــــــة و شقيقتهــــا التــــوأم
شكران مرتجى وجهان لقلب واحد خلدون عليا تخوض النجمة الس���ورية شكران مرتجى هذا الموسم تحديًا حقيقيًا مع نفس���ها ومع أدواته���ا وربما مع تركيبتها النفس���ية كممثل���ة ..ربما ستعاني شكران من فصام نفسي تمثيلي وربما هو أصعب أنواع الفصام، فهو ليس مدرجًا في القام���وس الطبي المعروف ،ولكن يمكن ادراجه في قانون مبادئ التمثيل. شكران ستخوض هذا الموسم وكما علمنا تجربة اداء الشخصية التوأم لش���خصية فوزية في الجزء التاس���ع من مسلسل «باب الحارة» الذي يجري تصويره حاليًا ...وبغض النظر عن مالحظاتنا التي ال تعد و ال تحصى على العمل فأننا ال نختلف على حالته الجماهيرية والتي تبقى لغاية اآلن غير مفهومة أو حتى غير مبررة فنيًا على األقل . بالطبع ش���كران ليست الممثلة االولى التي تخوض هذه التجربة ولكن حالة التوأم الكومي���دي تبقى لها خصوصيتها األهمية األكبر تكمن في منافس���ة الممثل لنفسه بأداء ش���خصية يعرفها و أحبها الجمهور ،وبناء الكاركتر الكوميدي ليس باألمر بالسهل فكيف األمر ببناء شخصيتين من روح واحدة ..هنا المهمة األصعب والتي تكمن في تقسيم هذه الروح غلى قسمين مختلفين لكنهما يسعيان لهدف واحد هو الخروج من عباءة كل شخصية وإضافة شيء مميز لألخرى . هكذا س���يظهر لفوزية ش���قيقة توأم قادمة من فلسطين وستدخل
نقــــاد
22 العدد 1ــ تشرين األول
2016
قبل العرض
الت���وأم في تج���ارة مع أبو بدر (محم���د خير الجراح) س���تؤدي في النهاية لخسارته كل ما كسبه من الميراث . ومع فوزية وشقيقتها اختارت شكران اختارت اللعب على حد السكين، وأن تنافس نفسها في اكثر أنماط الدراما خصوصية ،ومن يعرف و يتابع أداء ش���كران يدرك تمامًا ان هذه الممثل���ة تعمل من قلب مفعم بالعطاء، من روح واثبة و من موهبة ال تزال هي المس���يطرة على تيمة ادائها بغض النظر عن االحتراف . ش���كران تجيد كثيرًا اللعب في المس���احات المح���دودة وتجيد صنع مساحات لنفسها فيها ،لكن يبقى الخطر موجودًا فالتنافس مع شخصية معروفة كسبت محبة الجمهور ليس باألمر بالسهل إطالقًا ... ش���كران مرتجى س���تكون أمام تحد م���ن نوع أخر ..تح���د جديد في مس���يرتها شخصيًا ...تحد في عمل كل تفاصيله باتت مكشوفة ومراقبة م���ن قب���ل الجمهور الذي ورغ���م متابعته للعمل ال يف���وت أدنى تفصيل النتقاده ربما بحكم ش���هرته ،فهل تستطيع شكران بخبرتها وموهبتها و روحها أن تثبت انها تستطيع أن تتفوق على نفسها..؟ علينا ان ننتظر فرغم التفاؤل بأداء ش���كران يبقى العرض التلفزيوني هو س���يد األحكام ،وكلنا أمل أن نرى قلب شكران الواحد ينبض بوجهين مختلفين.
نقــــاد
23 العدد 1ــ تشرين األول
2016
قبل العرض
دراما «الجديد» علي وجيه
من��ذ بضع��ة س��نوات، ُ أنجزت وصديقي رامي كوسا 17حلق��ة من ّ ن��ص تلفزيوني ُ بعن��وان «األرق» .كن��ت ّ ح��ادة تجاه مش��حونًا بنظ��رة َ ما ُيصنع في الدراما السورية، ّ على اعتبار أنه ُ«ي َمل» من هذه القوال��ب المك��رورة ،إلى درجة باتت حكاية ّ أي عمل ومساره بل وجزء من حواراته متوقعًا.
نقــــاد
24
نج��اح «الجدي��د» بحاجة ماسة إلى اقتناع وتبنّ ي ّ ألي العناص��ر البديهي��ة ّ مسلسل :شركة اإلنتاج والممثّ لين والمخرج.
العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
يبق��ى مب��دأ «الجدي��د» ف��ي الدرام��ا باعث��ًا عل��ى التف��اؤل .أيه��ا الصان��ع: هل تمتلك الشجاعة؟
ّ ّ تمك ُ نت من إقناع شريكي بضرورة الهرب من معتقل السائد والـ «كليشيه» ،متأثرًا بمخزون هائل ّ ّ ّ من أفالم ّ متنوعة الجنسيات ومسلسالت أميركية شهيرة .مع تواتر الحلقات ،ظننا أننا نسطر اإللياذة الجديدة ،أو مهدي الدراما المنتظر .ما حصل ّأن النص لم يثر حماسًا عند التسويق ،بسبب استغراب ّ ّ ّ القراء من التكنيك والعوالم .جواب الخبراء جاء واضحًا« :لن يخاطر أحد بتبني س���يناريو كهذا» .بكل ّ ّ مراهقة ونزق ،اعتبرنا أننا الصواب وأصحاب الرؤية الرائدة التي لم يتمكن أحد من اللحاق بها .اليوم، ّ أدرك خطأ ما كنا عليه .الجديد ال يكون بجلب عوالم وأساليب بعيدة تمامًا عن محيطنا وطرق تفكيرنا، بل بالتنويع الواعي على ما يمكن للمش���اهد أن يتفاعل معه .للجانب التقني جديده أيضًا ،خصوصًا ّ أننا نعاني قصورًا مخيفًا في هذا المجال.هذا بحث آخر ال مجال للخوض فيه اآلن. ً ولك���ن ،هل يعني هذا الرك���ون إلى ما مللنا منه فعال؟ كيف نخرج ع���ن دراما «الوصفة الجاهزة» ّ ً ّ المكونات والمقادير إلى «الجديد» ش���كال ومضمونًا؟هل يقدم الصانع الذي هلل التي باتت معروفة ُ ً ل���ـ «أفراح ّ القبة» على مغامرة مماثلة؟ هل نحن بحاجة إلى ذلك أصال؟ ش���خصيًا ،اختبرتبناء الخطوط التقليدي في «عناية مش���ددة» ،والمختلف الذي يقترح بحثًا وتجريبًا في الزمان والمكان في «أحمر»، وكالهما مع الش���ريك يامن الحجلي .من التجربة األخيرة ،أقول ّإن نجاح «الجديد» بحاجة ّ ماس���ة إلى ّ ّ وتبني العناصر البديهية ّ ألي مسلس���ل :شركة اإلنتاج والممثلين والمخرج .في «أحمر» ،آمنت اقتناع ّ ّ ّ الممثلين ّ تحمسوا بكل كيانهم ،فيما عمل الجهة المنتجة بالمش���روع ،ووفرت له كل ما يلزم .بعض آخرون ّ ضده من أجل حساباتهم الشخصية .المخرج حضر بأثر سلبي .النتيجة جاءت دون التوقعات والطموح .ال ّ س���ر في ّأن العديد من المنتجين والمخرجين فقدوا الحماس لدراما «الجديد» إثر تجربة كهذه. ّ بالمقابل ،تبش���رنا بداية الموس���م بتجربة في دراما الرعب Horrorه���ي «الرابوص» ،إخراج إياد ّ ّ نحاس عن نص لس���عيد الحناوي .بغض النظر عن النتيج���ة التي نترقبها لدى العرض ،ومع ضرورة ّ ّ التنب���ه إلى ّأن التلفزي���ون يدخل كل بيت ،يبقى مبدأ «الجديد» في الدرام���ا باعثًا على التفاؤل .أيها الصانع :هل تمتلك الشجاعة؟
نقــــاد
25 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
أفكــــار أولى عــــــن
الدراما والتاريخ ب�شار �إبراهيم
ً تب��دو العالق��ة ما بين الدرام��ا والتاريخ على غاي��ة من التعقيد والتش��ابك ،بخاص��ة وأن كال منهما ال يتمت��ع بالصفاء الذي يمكن االطمئنان إلي��ه ،وال بالجزم الذي يمكن االتكاء عليه .فالتاريخ ،على ما يمكن الركون إليه من مروياته ،ال يقف عند سيرة واحدة ،بل لعلنا أقرب إلى قول الروائي اللبناني إلياس خوري، ُ لك أنني في س��رديته الباذخة المعنونة برواية «باب الش��مس» (دار اآلداب ،)1998 ،عندم��ا قال« :أعترف ِ ٌ ُ ُ ُ واحدة .التاريخ له عش��رات الروايات المختلفة ،أما حين رواية خائف...فأن��ا أخاف تاريخًا ال يملك س��وى ٍ ٍ َّ ُ جم ُ موارة ّ يقود إال إلى الموت» .والدراما ليس��ت إال عملية مس��تمرةّ ، ُي َّ وفوارة واحدة ،فإنه ال رواية ��د ف��ي ٍ ٍ بالتح��والت والتغيي��رات ،إلى درجة ال يمك��ن معها القول بطريقة أو آلية أو أس��لوب ال تعثر الدراما على ّ عصي على اإلحصاء والذكر في هذا السبيل. غيره في تعاملها مع التاريخ ،بل ثمة ما هو ليس ثمة من تاريخ واحد إزاء ّ أي من وقائعه ،بل ثمة رواية السلطة ،وسلطة كتابة التاريخ وفق الهوى، التي غالبًا ما تكون متكيفة مع القوى المهيمنة ،واستطاالتها ،وروايات أخرى لمضاداتها ،بينما ال شك ف��ي أن ثمة ح��ال العث��ور على واقع��ة تاريخية حدث��ت ،فمن الممك��ن النظر إليه��ا من زوايا متع��ددة ،تتواف��ق حين��ًا ،وتتناق��ض ف��ي أحيان أخرى.
نقــــاد
26 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
الفكرة األساس���ية ف���ي كتابة التاري���خ ،أن المرويات الس���ائدة هي تل���ك التي تنتمي إلى ُم���راد المنتصر غالبًا .التاري���خ يكتبه األقوياء ،وما بين أيدينا من تواريخ ليس���ت س���وى ما أراد أحدهم تمريره ،حتى لو كان ّ وستترس���خ تاليًا باعتبارها تاريخًا ،إال عندما تتوفر اإلرادة مجرد تلفيقات، إلع���ادة كتابته،بنقض المرويات التي ج���رى الركون إليها ،وإعادة صياغة ّ السرديات ،بفضها ،واقتراح سياقات مختلفة. ومنذ أن نش���أت الدرام���ا ،بأنواعها ،كان التاريخ أح���د ّ أهم مقاصدها، ال فرق في هذا بين الش���عر والمس���رح ،من���ذ ما قبل الميالد ،والس���ينما والتلفزيون ،مطالع القرن العشرين ،على رغم أن الدراما ،في اتجاهها هذا، لم ّ تميز كثيرًا بين ما يمكن أن ندعوه «ما قبل التاريخ» (خرافات وأساطير)، و«التاريخ» (األحداث والوقائع) ،و«التاريخ الموازي» (سير ومالحم شعبية)، و«ما بعد التاريخ» (الخيال األدبي والعلمي والقيامي) ،واكتفت بفكرة أنها جميعًا يمكن أن تكون جميعها مصدر حكايات ،ومنبع إلهامات. وزاد من هذ االش���تباك والتعقيد،س���ؤال التداخل ما بي���ن «التاريخي» و«الدين���ي» ،بخاصة مع
إش���كالية عدم الق���درة على وضع الحدود الفاصلة م���ا بينهما ،على األقل ّ ّ م���ن خالل االنتب���اه إلى أن ليس كل تاريخي هو دين���ي بالضرورة ،وال كل دين���ي يمكن له أن يكون تاريخيًا أيض���ًا ،وبالتالي ضرورة التمييز ما بين لاّ «النص���وص الدينية» و«الس���ج ت التاريخية» ،والتعام���ل مع كل منهما ً ً باعتباره حقال مستقال بذاته ،حتى لو كان ثمة تداخالت ،يمكن لها دائمًا أن تخضع لالمتحان. ف���ي دراما «ما قبل التاريخ» حضرت الخرافات واألس���اطير واألعاجيب والمعج���زات ،هذه التي تتم غالبًا بمس���اهمة من ق���وى خارقة للطبيعة، وتتداخل فيه���ا العناصر الواقعية بما فوق الواقعية .وهي تكاد تتناظر، من حي���ث التقاطب ،مع دراما «م���ا فوق التاريخ» المس���تندة إلى خياالت أدبية وعلمية واستش���رافات مس���تقبلية يمكن أن يكون لآللة والتقنية حضوره���ا ودورها ،ليس���تمر ف���ي كليهما حض���ور األس���طورة والخرافة واألعجوبة والمعجزة ،ولكن باس���تبـــــدال القـــــوى الخارقة للطبيعة الت���ي صنعتها اآللهة ،بقوى مادي���ة آلية أو تقنية صنعها اإلنسان.
نقــــاد
27 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
نقــــاد
28 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
مع هذين الطرازين من الدراما (قبل التاريخ ،وبعده) ،يقوم فعل التلقي على قدر أس���اس ّ وجوه���ري من التواطؤ ،الذي يتخلى طواعية عن المحاكم���ة المنطقية ،والتقييم العلمي، ً إدراكًا من المش���اهد أنه يتعامل مع عمل درامي ينه���ض أوال وتاليًا على الخيال ،مهما مديات ال ّ يتقبلها العقل ،وال يستوعبها المنطق ،وال يؤيدها اتس���عت حدوده ،وبلغت ٍ العلمّ ، وتمر ما بين الدين واألس���طورة ،واألخيول���ة األدبية والحدث الواقعي ،في مزج إبداعي ،تبدأ مراميه من الترفيه والمتعة ،وال تنهي عند حدود الحكمة والموعظة. وف���ي حي���ن ذهبت بعض أعمال دراما «م���ا قبل التاريخ» ،إل���ى نقل الدين من حظيرة التاريخ إلى ما قبلهُ ،مدخلة األس���طورة والخرافة والمعجزة بوصفها عوامل فاعل���ة فيه ،وفي ما بين اإلنس���ان والطبيعة ،فإن عض أعم���ال «ما فوق التاريخ» ّ ً ً ج���ادة أو هازلة ،بالتغيير والتعديل في مجريات التاريخ نفس���ه ،س���واء قامت، ّ بمعاندة قواني���ن الطبيعة وضوابطها (إرجاع الزمان ،طي المكان) ،أو اس���تبدال ً وقائع التاريخ الحاصلة بأخرى مأمولة (تغيير ما جرى فعال) ،أو قيادة التاريخ من ً ناصيته نحو مقادير ونهايات ،ليس بالضرورة لها أن تكون مستقبال. يعيدن���ا هذا إل���ى نقطة البدء الحاض���رة دومًا ،في الحديث ع���ن العالقة ما ً بين الدراما والتاري���خ ،وصوال إلى معاينة مصطلح «الدرام���ا التاريخية» .التاريخ متعال ،مس���تقل ،راسخُ ،م ّ عتد بوقائعه وش���خصياته وحكاياته .الدراما تتعالق ّ ّ وتتسوله ،وتنبني في ظالله .تأخذ منه بعض وقائعه وشخصياته فتتوس���له، به، ّ وحكايات���ه .وقبل أن تق���دم أيًا من مقترحاتها في هذا الصدد ،تعي أنها س���وف تجد من سيس���ائلها ويحاكمها بمنطق التاريخ نفس���ه ووقائعه ،ال بمنطق الدراما وما تقترحه. نميل إلى أن على الدراما ،وهي تتعامل مع التاريخ (حتى بمنطق االس���تلهام) ،أن تحرص على التدقيق في وقائعه ،وأحداثه ،وشخصياته ،وزاوية النظر ،ليس في مسعى لإلجابة على سؤال :هل حدث هذا؟ أو الوصول إلى سؤال :هل حدث على هذا النحو؟ ،وهي ّ أس���ئلة معرفية حتمًا ،بل بإدراك أن ما تفعله (الدراما) ،في هذه الحالة ،يتخلص في تقديم ُمقترح درامي لسياق تاريخي ،واحتفال بصري ،ال يتوقف عند حدود إعادة بناء الوثيقة المرئية، ّ يتعدى هذه وتلك إلى غايات ومهمات منها، وال عند تقديم المعرفة بالتاريخ بوصفه تاريخًا ،بل إعادة بناء التاريخ ذاته ،بوصفه حاضرًا (ال ماضيًا) ،واس���تعادة ش���خصياته ،ال فرق هنا إن جرى ذلك باعتبارها شخصيات نورانية ،تطهرية ،أو بوصفها شخصيات آثمة ،مجرمة ،وهذه أسئلة درامية. أح���د مآزق الدراما من هذا النوع ،في صدد الش���خصيات ،إش���كالية وقوعها في إس���ار الصورة النمطية، األحادية الجانب ،في تقاطب ثنائيّ : خيرة أمشريرة ،شجاعة أم جبانة ،نبيلة أم حقيرة،في غفلة تامة عن الطبيعة البشرية ،التيينجدل فيها الخير والشر ،والرقي واالنحطاط ،والنعمى والبؤس .ولعل هذا ما دفع عددوافر من األعمال الدرامية إلى االكتفاء بانتقاء شخصيات تاريخية (وحتى دينية) غير إشكالية ،غير قلقة ،مما ال يدانيها الشك أو االرتياب ،وال
تقع فيأخطاء ،حتى لو ذهب األمر بالدراما إلى «تنقية» ش���خصية ،وتخليصها مما يشوبها، أو تأثيم أخرى إلى أقصى حد. وفي س���ياق مواز ،وعلى صعيد الوقائع ،فثمة أيضًا إش���كالية النظرة األحادية ،التي تتجافى مع منطق «تعش���يق»الروايات ،الت���ي ال تتكامل الصورة التاريخية ،إال عبرها. مرة أخرى نقول ،ليس التاريخ رواية واحدة ،وليس���ت شخصياته أحادية ،وال وقائعه ّ ً خطي���ة .ال يتعارض هذا مع حقيقة أن الفن انتقاء ،أوال وتاليًا ،ما يعني أن ما تقوله الدراما ،من التاري���خ ،هو أحد الخيارات ُ الممكنة ،وليس الخيارالوحيد ،وهو محاولة لبناء افترض جدليً ، بناء على علوم ومعارف ،ويبقى االمتحان ذاهبًا تجاه انسجام المنطق الداخلي ،وجودة التش���كيل البصري ،وما ُيراد قوله ،من هذا كله ،بوصفه محاولة معرفة بالتاريخ. وفي المسافة ما بين ممارسة فعل «اإلسقاط التاريخي» ،الراغب في النظر إلى ّ ً التاريخ بوصفه مدخال للتغني بما فعله األجداد العظام ،والش���وق إلى ما مضى، حيث كان المجد والسؤدد والعزة والنصر ،واستلهامه في مواجهة مأزق الحاضر ً المتخاذل ،أو اتخاذه رؤية حاضرة ومس���تقبلية ،انطالقًا من دروسه المستفادة؛ ّ «توس���ل التاريخ» ،من جهة ،وممارسة هذا الفعل الذي يمكن أن نس���ميه فعل ّ ّ فعل «التخلص من التاريخ» ،من خالل إعادة تنضيده ،وفض اش���تباكاته ،وفضح مالبس���اته ،ونزعهيبته ،وتهش���يم رصانتهُ ،م ّ قدمة للتخلص من وطأته ،وإطفاء ّ التقدم ،على قاعدة أن السير نحو المستقبل لن ّ يتم إال بالخالص قدرته على إعاقة من س���طوة التاريخ ،وتحطيم قدس���يته ،من جهة أخرى ...في هذه المسافة تنوس الدراما ،بين قبول ورفض ،وحفاوة واستنكار ،وتقدير وازدراء. يبقى أن أسئلة الدراما بمواجهة التاريخ ،ستبقى على قدر كبير من الصمود ،سواء ّ إزاء التلق���ي ،أو النق���د ،كل من ناحيته .تارة ،يمتحنها س���ؤال «المحاكاة» ،الذي يبتغي الوصول أحيانًا إلى سؤال «المطابقة» ،متلخصًا بسؤال :هل هذا الذي نراه هو التاريخ؟وتارة أخرى ،يمتحنها س���ؤال «المفارقة» ،الذي يصل ّ حد «المغايرة»ُ ،م ّ عبرًا عنه بالدالالت والرموز، تحقيقًا لغاية الفهم واالتعاظ ،للحاضر والمستقبل ،وفق مبدأ أن «التاريخ يعيد نفسه». ف���ي أعمال «المح���اكاة» ،ال يجوز التغاضي ع���ن ّ أي تفصيل ،مهما صغ���ر ،إذ ينبغي التقاطه ووضع���ه في إطار الص���ورة العامة ،التي تنفخ الروح فيما جرى ،كأن���ه اآلن.«المحاكاة» تتطلب األمانة التاريخية (للسياقات وليس الروايات) ،كما تتطلب المقدرة العلمية (التدقيق ،والتمحيص) ،في سبيل النفاذ إلى جوهر ومعنى أش���ياء التاريخ ،ودراستها ،وتنضيدها ،وربطها.أما «االستلهام» ،الذي يريد أن يأخذ من التاريخ ،دون أن يعطيه ،فليس إال نوع من التغرير الذي ال طائل منه .إنه نوع من العبث بالتاريخ وشخصياته ّ ووقائعه ،من جهل به حينًا ،ومن تحلل من الضوابط األساس���ية ف���ي منطق تعامل الدراما مع التاريخ ،حينًا آخر ،وتلك ذريعة واهيةّ ، أشد خطورة على المعرفة بالدراما والتاريخ معًا.
نقــــاد
29 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
بين المسلسل والرواية واألدب الرفيع �أحمد الخليل
نقــــاد
30 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
م���ن أهم الكتاب الذين حاول���وا التقريب بين الرواية والمسلس���ل التلفزيوني الكاتب المصري الراحل أسامة أنور عكاشة الذي بدأ قاصًا ثم اتجه كليًا إلى التلفزيون.. فلقد أصر عكاش���ة ف���ي تجربته المرئي���ة على أن يكون (نص���ه التلفزيوني) نصًا أدبيًا رفيع���ًا ،وليس مجرد ورق للتمثيل والتصوي���ر ،وبعدها مصيره إلى العدم كما كان يقول ،ومعروف عنه عدم قبوله بتغيير أي حرف من نصه بع���د بروفة الطاولة التي يحضرها مع المخرج والممثلين. وإص���راره على وصف أعمال���ه بأنها (رواي���ة تلفزيونية) ً وليست مسلس�ل�ا ،وهو أول كاتب درامي يطبع سيناريو مسلس���له في كتاب وه���و (ليالي الحلمي���ة) ،فلقد كان مقتنعًا أن نص���ه المرئي ينتمي إل���ى نصوص محفوظ وتولستوي وتشيكوف... ويعتبر النقاد أن نص عكاش���ة يختلف عن نصوص كتاب السيناريو اآلخرين بس���طوة المالمح الروائية مثل النف���س الملحمي كما في (الش���هد والدم���وع) بجزأيه، ً و(ليالي الحلمية) بأجزائه الخمسة ،وصوال إلى آخر أعماله (المصراوي���ة) .فهو ال يس���رد حكاية تقليدي���ة عن الثأر وال���زواج والطالق وثراء أحد األش���خاص فج���أة ،بل يؤرخ بالصورة لوطن بكامله ،لمدينة ،لطبقة اجتماعية تتآكل، فالنف���س الملحم���ي في مسلس�ل�اته بم���ا يقتضيه من ً امتداد سردي معقد ،يقتضي وعيًا هائال بجدلية الزمان والمكان ،وبالتغيرات العميقة التي تنتاب الشخصيات، وقدرة على استشراف المستقبل. نظر الكثيرون لعالقة المسلسل التلفزيوني بالرواية ّ وع���دوه (المسلس���ل) رواي���ة مش���خصة أم���ام الكاميرا، مستش���هدين بالمقطع الزمني للمسلسل وشخصياته المتعددة وما تمثله من فئات اجتماعية وصراعات، ويقيس هؤالء مفهوم المسلس���ل عل���ى الرواية من حيث هي( :قصة نثرية طويلة ذات حبكة تتكش���ف من
خالل أعمال ش���خصياتها أو أقواله���م أو أفكارهم تعنى عادة بتحليل النفس البشرية ونقد األوضاع االجتماعية، والرواية عم���ل فني يعتمد على عنصر الحكاية التي لها بداية ووس���ط ونهاية ،تبدأ الحكاية بداية مش���وقة ثم تتوالى األحداث ويتأزم الصراع ثم تبدأ العقدة تنكشف حتى تص���ل إلى النهاي���ة (وأطلق عليه���ا النقاد لحظة التنوير)... فالمسلس����ل إذًا يش����به الرواية في عناصره ،لكنه يختلف عنها في تقنيات السرد ومجال الحرية المفتوح أمام الروائ����ي والمغلق أمام كاتب الس����يناريو ،إضافة الخت��ل�اف مهم وه����و إلغاء دور الخيال في المش����اركة في أحداث وش����خصيات الرواي����ة والتفاعل معها أثناء القراءة ،في حين يختلف تمامًا ش����رط المش����اهدة عن شرط القراءة كفعل فردي مكمل للفعل اإلبداعي الذي هو الرواية. والبع���ض ينظر لكاتب الس���يناريو كمحترف لمهنة أكثر م���ن كون���ه مبدعًا فه���و خاضع لمقايي���س جهاز التلفزيون كجهاز إعالمي يرتبط بالمصالح السياس���ية، وما المسلس���ل إال حامل فني لفكر هذا الجهاز وشركات ً اإلعالنات التي تمنح المسلس���ل أهميت���ه لكونه حامال لسياس���ة الترويج واالس���تهالك وأفكار منتجي الس���لع وأصحاب المصالح االقتصادية... لك���ن أهمية التلفزي���ون تأتي لكون���ه ال يحتاج إلى جهد للمتابع���ة أو ثقافة معينة أو حتى تعليم فالجميع يشاهد التلفزيون ويتلقى أفكاره وبرامجه وتساليه ،من هن���ا يأتي إغراؤه للكتاب وبع���ض الروائيين إن كان من الناحية المادية أو االنتشار وإيصال فكر الكتاب ..فمهما كان الكاتب ش���هيرًا قد ال يجد إال بضعة آالف من القراء يهتم���ون به ،في حي���ن أي عمل تلفزيون���ي ومهما كان وضيعًا أو رديئًا كمنتج فني يتابعه جمهور بالماليين!!
نقــــاد
31 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
ما الذي يجعل العمل التلفزيوني
ناجحًا؟ الكاتب :دانيال بارنا ترجمة :رزان توماني
شتاء عام ١٩٩٩أسدلت شركة HBOالستار عن شخصية توني سوبرانو ،ومنذ ذلك الوقت لم يعد التلفزيون كما كان من قبل. وذلك مع النهج الروائي لس���رد القصص والمعالجة الوجدانية للشخصيات السوداء وإدخال الجماليات السينمائية إلى التلفزيون بشكل واضح. لقد كان لسلس���لة س���وبرانو الفضل في انطالقة العصر الذهبي للتلفزيون و الذي ننعم به جميع���ًا اليوم ،ما ان انتهت مرحلة ً الدراما الطبية المعاد إنتاجها واألعمال البوليسية البالية حتى شهد التلفزيون تحوال كبيرًاـ حيث ينظر إلى نتاجه اليوم في مصاف ً األفالم السينمائية ،والبعض يرى أنه حقق قفزات نوعية جعلته يتقدم على نظيره ليصبح حقيقة نواة هوليوود اإلبداعية .فعروض مثل ( The wireالسلك) ( breaking bad ،التحول للسوء ) ( True detective ،محقق فذ) و ( Game of Thronesلعبة العروش) هيمنت على روح العصر بطريقة ال تستطيع تحقيقها سوى قلة من األفالم وهذه المسلسالت األربعة ما هي إال قلة من عشرات االعمال األخرى التي يمكننا ذكرها في العقد المنصرم. ً فما الذي يجعل من العمل التلفزيوني عمال ناجحًا ؟ يرى الكثير من الباحثين أنه ال يوجد مخطط محدد لهذا ولكن مع وجود الكثير من المخططات لدينا قررنا أن ننظر بش���كل أعمق وهذا ما توصلنا له من خالل رؤية تفصيلية للعمل التلفزيوني الناجح.
تقسيم االنترنت :الخاتمة المشوقة
نقــــاد
32 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
بينما كانت الخاتمة المش���وقة ( -وهي غالبًا ما تكون مقطعًا صغيرًا في نهاية الحلقة غالبًا ما ينبئ عن اهم أحداث ً الحلقة المقبلة بهدف التش���ويق) -حيلة تم االعتماد عليها كثيرًا فيما سبق في الع���روض التلفزيونية فإن القائمين على األعم���ال التلفزيونية اليوم ق���د طوروا النهاية المش���وقة لفن حقيقي كتلك في مسلس���ل ( Breaking badالتحول للس���وء) حيث عيون جيس بينكمان مليئة بالدموع وهو يصوب المسدس على جيل .او صوت جاك األجش»علينا ان نعود» في . The Lostهذه النهايات تجاوزت القصة التي هي جزء منها وأصبحت جزءًا ال يتجزأ من نسيجنا الثقافي ألجيال.
نقــــاد
33 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
حس االكتشاف : تغيير المفاهيم المألوفة في عام ١٩٩٩قدمت ش���ركة ايتش بي او دراما جماهيرية ببطوالت فردية في الوقت الذي جاء فيه الس���وبرانو بمزيج مخرب أخذ فيه نمطًا س���ائدًا وقلبه رأس���ا على عقب .فان كنت ش���ابًا حديث العهد بهولي���وود وتتطلع إلى الضوء األخضر لتنطلق افعل كما فعل دايفيد تشيس :خذ مفهومًا شاهدناه جميعًا والويه بمفتاح الربط ( الرنش) وكلما كان الرنش أكبر كلما كانت النتيجة أفضل.
إبقاءنا مشدودين (على أعصابنا) : عدم القدرة على التنبؤ عندما قطع رأس نيد س���تارك في الجزء األول م���ن لعبة العروش عرفنا أننا أمام شيء لم نر له مثيل من قبل ال ألن نيد كان بطل الرواية فقط بل ألن الممثل الذي أدى دوره كان األكثر ش���هرة ً ضمن فريق من ممثلين غير معروفين .ومع هذا راح بضربة واحدة موت نيد خلق جوًا من عدم األمان في المسلسل ال مأمن فيه ألي من الشخصيات وعزز جوًا تنعدم فيه القدرة على التنبؤ مما أصبح فيما بعد بصمة العمل المميزة. فبينما كانت اللحظة صادمة بشدة كانت مشوقة على نفس القدر ألن أحدًا لم يتوقع قدومها.
مسار العرض: أسماء كبيرة لقد كان المسار التقليدي للممثلين من التلفزيون للسينما ولكن مع توهج العصر الذهبي للتلفزيون تحول ممثلو الس���ينما في قمة عطائهم الفني إلى التلفزي���ون ليطلقوا الجماح إلبداعهم فيه .فبينم���ا هناك أعمال مثل (الموتى ً الس���ائرون) ال تتكئ على أس���ماء بارزة فإن أعماال أخرى مثل محقق فذ ارتفعت الى بريس���تيج عادة ما يكون محفوظًا ألفالم الرسوم المتحركة .في الواقع فإن ً أس���ماء مثل ماثيو ماكونهي و وودي هارلسون في التلفزيون حققت اقباال كبيرًا لدرجة جعلت أس���ماء كبي���رة في هوليوود تطال���ب علنًا بمتابعة تقديم هذه األعمال.
حلم المسوقين: متابعات أكبر على السوشال ميديا نقــــاد
34 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
انتهت األيام التي تحتاج فيهاإلى موعدلتناقش مع اآلخرين ما أعجبك في مسلس���لك المفضل ليلة البارحة ،التويتر هو نقطة اللقاء اليوم والعالم كله هو زميلك .وبدال ً من االنتظار للغد يمكنك ان تفتح المناقش���ات في نفس وقت العرض. وفي الحقيقة فإن المتابعة اإلعالمية ( الفولوينغ) أصبحت مؤشرًا بارزًا لنجاح العمل كس���ائر المؤشرات التقليدية األخرى .فمسلس���ل مثل كاذبات صغيرات جميالت قد اليكون من أفضل عشرة أعمال بحسب مركز ً نيلس���ون ولكنه األكثر تداوال وتغريدًا على تويت���ر ولذلك فهون م���ن أكثر االعمال نجاحًا .هل قل���ت كاذبات صغيرات جمي�ل�ات .عف���وًا كاذب���ات صغيرات جميالت.
لُ ب الموضوع: شخصيات من لحم ودم كل عمل بحاجة لما يؤسس له ،ال يهم إن كانت الشخصية مالك أو شيطان ،المه���م أن تكون حقيقية .الش���خصيات الورقية غير الزمة إطالقًا .هل يمكن ً ألحد أن يعتقد بأن ش���خصية دون درابر في ماد مين تشبه أعماال أخرى ،بالطبع ال ،فمن الممتع مشاهدته وهو يتحول إلى قذيفة من نفسه السابقة.
األفكار األكثر قتامة : الشرير المخيف هناك أمور كثيرة أكثر إمتاعًا من ش���خصية الشرير المكتملة .في المحقق الف���ذ كان هناك الملك األصفر وفي الس���لك كان هناك مارلو س���تانفيلد وفي الموتى الس���ائرون كان هناك الموتى الس���ائرون ولكن عندما قدم مسلس���ل قاس التحول للس���وء ذلك التحول المرعب ألس���تاذ الكيمياء الدمث إلى مجرم ٍ فق���د أبدع صناعه بإنتاج الدراما األكثر متعة على اإلطالق ،انجذابنا الش���ديد للشر بات واضحًا لدرجة أنه ربما يكون هذا هو أكثر شيء مرعب في الموضوع.
العامل المحدد: الجنس والعنف ٪من األمريكان منذ عش���رة أعوام مضت أظهرت استطالعات الرأي أن ٧٥ مس���تاؤون من مشاهد الجنس والعنف على التلفزيون .ولكن إن تجولت ضمن الخارطة التلفزيوني���ة في وقتنا الراهن يصعب علي���ك إيجاد عمل ناجح دون أجس���اد سواء كانت عارية أو مدماة .وهي ليست مصادفة بالطبع أن يكون عمال ً ً سكاندل (الفضيحة) ولعبة العروش من أكثر األعمال عنفًا و إباحية وهي أيضأ من أكثر األعمال التي تداولها الناس وتحدثوا عنها .فبينما ال يمكننا التغاضي عن العرس الدموي ال يمكننا التوقف عن متابعته أيضًا.
نقــــاد
35 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سيناريو
أمهات «سامر رضوان» نبيالت حرب ينبشن بسكينه كبد الحقيقة التي أضعناها ماهر من�صور
نقــــاد
36 العدد 1ــ تشرين األول
2016
الشخصيتان في بنائهما الدرامي رسولتا سالم بين السوريين وللسوريين، لكنهما ال يفعالن ذلك بسذاجة.
يختار السيناريس���ت س���امر رضوان في مسلس���ل «الوالدة من الخاصرة 3ـ منب���ر الموتى» نهاية لمسلسله األكثر تش���ابكًا مع واقع ما يحدث اليوم في سورية ،مشهدًا تلتقط فيه أم لمقاتل معارض (أم عزام) ،وأم لمقاتل آخر من النظام (أم رامي). تق���ول أم ألخ���رى« :ال أنا وال أنت اخترن���ا مطارحنا» ،قبل أن تتفقان عل���ى أن البلد «ما رح ترجع مثل األول ...بس نقدر أنا وأنت نعملها أحسن من األول» ،ولكن كيف؟ أم عزام :أنا ضل عندي هالشب ،وأنت ضل ابنك الثاني بالجيش ،هي ابني عندك ..إذا بدك تقتليهتق���دري تقتليه ،بس هيك هيصير إلي ثأر عن���دك ورح اقتل ابنك الثاني ..الموت لما يجي يا أم رامي ما بياخذ رأي حدا. أم رامي :لما بيجي من ربك ش���ي ،ولما يجي من بني آدم ش���ي ثاني ...ابني ما مات بحادث..ابني مات شهيد ،مات بشرف وكرامة وكان عم يدافع عن أهله وعرضه وأرضه. أم عزام :ابني كمان كان يدافع عن أهله وعرضه وأرضه ...لو مات كان شهيد. أم رامي :ليش كان على الجبهة عم يقاتل اإلسرائيلية ليكون شهيد؟ أم عزام :ابنك كمان ما كان على الجبهة ليموت شهيد ..خلينا نترك اللي راحوالربه���م ،هو اللي بيعرف مين مظلوم ومين بريء ومين ش���هيد ..أنا هألش���ايفتك مظلومة ويمكن بعد شوي تعمليني مظلومة. «أم عزام» (س���مر سامي) ،و «أم رامي» (نادين خوري) ،في مسلسل «الوالدة من الخاص���رة 3ـ منبر الموتى» ..نموذج ألمهات في زمن الحرب ،يكابدن الوجع والقلق ونار الفقد ،لكنهن ال ينزلقن إلى الدرك األسفل من اإلنسانية ،حيث تفرض الحرب بقسوة قوانينها الجاهلية ،وإنما ينحزن إلى إحساس األم فيهن. ال معالجة درامية عاطفية للش���خصيتين هنا .وهما لستا أسيرتين أحزانهما وعجزهما رغم البعد الميلودرامي لحكاياتهما ،وإنما يقوم البناء الدرامي لهما على حالة تطهير ذهني للمشاهد ،ودعوته لمحاكمة عقلية .هما في بنائهما الدرامي رسولتا سالم بين السوريين وللسوريين ،لكنهما ال يفعالن ذلك بسذاجة. يكتب سامر رضوان أعماله بحد الس���كين ،وهو هنا يحفر بسكينه في كبد الحقيقة التي أضعناها...ولو أنه لم يكتب س���وى هذا المش���هد ،كان سيكفيه ويكفينا لكي نصنفه بأنه صانع دراما مدهشة بواقعيتها.
نقــــاد
37 العدد 1ــ تشرين األول
2016
المشهد شاهد
مظاهر المجتمع المدني في الدراما الس�ورية2016
المنجز والمأمول ب�سام �سفر
تقدم الدراما السورية صورة قريبة من الواقع الحياتي السوري الذي يعيشه اإلنسان السوري داخل البالد أو خارجها، وم��ن ضم��ن ما يقدم في هذه الدراما صورة واقعية عن المجتمع المدني الس��وري لم تس��تطع الح��رب الدائرة على األرض ً السورية تدميره كامال وجعله خارج الفعل اإلنساني. يصع��ب إحصاء المش��اهد الدرامية المنتش��رة في أعمال الموس��م الدرامي للعام ،2016التي تتن��اول مظاهر المجتمع المدني الس��وري ،لذلك س��وف اعرض لمجموعة من هذه المش��اهد واللقط��ات التي تؤكد على حض��ور المجتمع المدني السوري رغم عدم تركيز الموضوعات على هذا المجتمع في زاوية اإلبراز والظهور والحضور ،لكنه يأتي في سياق األعمال الدرامية ،وما أقوم به من تظهير يأتي في سياق العرض والنقد البحثي المستند إلى رؤية درامية للواقع السوري.
زوال
نقــــاد
38 العدد 1ــ تشرين األول
2016
بعد العرض
يع���د العمل الدرام���ي «زوال» الذي كتب���ه يحيى بيازي وزك���ي مارديني، وأخرج���ه أحمد إبراهيم أحمد من األعمال الدرامية المهمة التي تظهر مش���اهدًا في المجتمع المدني السوري ،وأولى هذه المشاهد هو المقبرة حيث شهدنا دفن الفتاة التي أحرقت نفسها لعدم قدرتها على فرض زواجها من الشاب الذي تحبه ،وهنا نرى الفنان «سلوم حداد ،عنز « ينام إلى جانب قبرها ،ويحدث الشاب الذي ماتت من أجله قائال له« :أبكي على حب لن تجده» ،ويصف عالقته بالحب والحياة ،وهو في المقبرة كجزء من تأثيرات الحالة الدرامية ،واستحضار حب بين شاب وفت���اة ينتميان إلى طائفتان مختلفتان دينيًافي المجتمع الس���وري الموجود في جبل األكراد «ركن الدين» ،المشهد هاهنا يظهر الموت كمرافق لقضايا الخطف والزواج بين اثنيات الحالة السورية. بالمقابل يبرز تدخل الشخصيات االجتماعية الرئيسية بالعمل «أبو حوا ،فادي صبح ،أبو دياب ،يوس���ف مقب���ل» بالزواج الخطيفة للش���ابين «حسين ،س���ها» ،ومباركة أهل الجبل لهما ،وهنا يحدث انزياح بالفعل الدرامي مابين بداية العمل وقتل الفتاة نفسها من أجل محبوب غير مرغوب به م���ن قبل األهإللى فعل اجتماعي يساعد على التعايش واالندماج في حي الجبل لمصلحة المؤسسة األهلية المجتمعية في جبل األكراد. وهك���ذا يصبح الفع���ل المدن���ي االجتماعي اإلنسانيأساسي في اس���تمرارية الحي، وعدم حدوث فعل القتل واالنتحار، لك���ي يتمكن عاش���ق الحي من االس���تمرار في فعل الحب عبر المؤسس���ة االجتماعية األهلية حت���ى ل���و كان ال���زواج عن طريق الخطيفة.
نقــــاد
39 العدد 1ــ تشرين األول
2016
بعد العرض
مذنبون أبرياء
نقــــاد
40 العدد 1ــ تشرين األول
2016
بعد العرض
( )%50مما هو قائم في الواقع موجود في الدراما السورية، أما الباقي فهذا يحتاج إلى متابعة ومعرفة
يقدم العمل الدرامي «مذنبون أبرياء» من تأليف عبد المجيد سليمان الغفري وحوار باسل خليل، وإخراج احمد سويداني عيادة نفسية تعمل فيها الطبيبة النفسية «جيني اسبر» تشرف على خالص المدمن بش���كل منظم وتدرجي عبر تخفيض وتخفي���ف الجرعات الدوائية لكي ينتهي المريض من حال���ة التعاطي من المخدرات واألدوية العالجية ،ويظهر العمل تعاون الدكتورة مع الش���رطة واألمن كجزء من حالة إيقاف تس���رب المخدرات وأدوية والحشيش إلى البلد من خالل إغواء الشباب السوري بالتعاطي للتخلص اآلني في الواقع المرير الذي يعيشه اإلنسان السوري ،وهنا نجد أن العيادة الطبية النفسية كانت جزءًا من الفعل المدني المجتمع السوري. وفي العمل الدرامي « بال غمد» من تأليف عثمان حجي ومؤيد النابلس���ي عن فكرة بش���ار بش���ير، وإخراج فهد ميري تظهر الكنيسة كجزء من الحالة الحضارية اإلنسانية السورية ،حيث يظهر القداس على روح المجند « س���امر» ،التنوع الديني في المجتمع الس���وري ،والسيما في الحوار الذي يجري في المشهد بين سكارليت خطيبة سامر وبين ضابط الجيش ،ووصول البلد إلى الحالة التي وصلت إليها، وهنا يبدو القداس بحد ذاته جزءًا من التنوع الحضاري المدني السوري. ويظه���ر العمل الدرامي «دومينو» في تأليف غس���ان عقلة وفادي س���ليم وإخراجه ،حيث يظهر العمل ش���ركة رجل اإلعمال الفاسد «نوح،بسام كوس���ا» في أعمال تجارية مشبوهة ،ما يلفت االنتباه هنا ليس الش���ركة ،وإنما مقر صحيفة والمجلة كمؤسسات مدنية اجتماعية سورية ،وتعين صحفية رئيس���ية تحرير مجلة كامرأة ،وكذلك نش���رها تحقيق صحفي موثق يتناول الفساد في شركة نوح، ويعمل نوح وابنه على شرائها من خالل تعينها رئيسة لتحرير المجلة ،لكن الطابع المهني لدى هذه الشخصية المهنية يتغلب على الفساد وعدم الشراء. عملي���ة اختيار الم���كان والصحفية بالذات توضح مدى عمق الحال���ة المهنية الصحفية المدنية الس���ورية ،وتاريخيتها في الحياة السياس���ة والمهنية واالجتماعية السورية ،وهذا يؤكد على عمق المؤسسات الصحفية السورية المدنية تاريخيًا بعيدًا عن الحالة القائم في سوريا اآلن. ف���ي الكوميديا نجد جزء م���ن الحالة المجتمعية المدنية في لوح���ات «بقعة ضوء» التي أخرجها س���يف الش���يخ نجيب خصيصًا في لوحة «الس���اعة الثامنة» حيث تواعد أمل عرف���ة زوجة الموظف المتوفى مديرينه كل هم إلى بيتها ،حيث تحبس���هم في غرفة صغيرة كلهم وتجبرهم على توقيع أوراق المعامل���ة للحصول عل���ى الراتب التقاعدي لزوجها ،وفي هذه اللوحة الحالة المدنية الس���ورية تظهر في انتقالها من مدير إلى مدير ،وكش���ف جوانب الفس���اد اإلداري الموجود في المؤسس���ات الحكومية الس���ورية والمحسوبيات فيها ،والتركيز هنا على استغالل جانب اإليحاء الجنسي الفاضح،
يوضح مدى الفساد اإلداري في المؤسسات. ً وبق���ي إحدى المظاهر الحالة المدنية الس���ورية ف���ي دراما البيئة الش���امية متمثال في «مجلس االعضوات» في الحارة الش���امية ،وهو شكل من أشكال العمل المدني البيئي المؤطر في زمان ومكان محددين ،حيث يعد المجلس ذاته المسؤول عن كل ما يجري في الحارة ،فتأمين حياة العائالت وأبناء الح���ارة جزء من عمله ،ومتابعة قضايا الجرائم واالقتتال بين أبن���اء الحارة والحارات األخرى تقع عليه حلها ،والمساعدة في تزويج أبناء الحارة من الشباب الذين أهلهم غير قادرون على تزويجهم. ويظه���ر في العم���ل الدرامي «باب الحارة» من تأليف س���ليمان عبد العزي���ز وإخراج ناجي طعمه وإش���راف بس���ام المال في الحلقة ( ،)23قول إحدى الش���خصيات أن هناك « »50عضوه في جمعية نسائية س���ورية في زمن المس���تعمر الفرنس���ي في ثالثينيات القرن الفائت ،وكذلك نرى النشاط النسائي في الجمعية من خالل أول مشاركة للفتيات بالعمل التطوعي الذي يخدم قضايا النساء في مجتمع الحارة الشامية متمثلة في «حارة الضبع».
المجتمع البديل -المدني دراميًا االس���تعراض البانورامي للعديد من المحطات المدنية في سياق موسم ،2016هو مجرد إشارات تحتاج إلى دراس���ة أوس���ع من أجل قراءة مدى العمق المدني الدرامي السوري في دراما هذا الموسم، وهذا يحتاج إلى فعل ورشات درامية – مدنية تعقد من أجل بحث كيفية نقل جزء من الواقع المدني الحديث ما بعد ،2011إلى س���ياق الفعل الدرامي الس���وري ،وإظهار النقاشات الحقيقية التي تظهر في���ه للوصول إلى نتائج مح���ددة في قضايا محددة ،فالمجتمع المدني قادر على تجس���يد الحقيقة ونقلها بأش���كال مختلفة ،لكن هل يس���تطيع المجتمع المدني السوري في سياقات الدراما على نقل الحقيقة كما هي ،ومن دون فعل تجميلي للواقع. حتى الساعة ال يمكن القول إن المجتمع المدني للواقع الحياتي اليومي بدأ يشكل مجتمعًا موازيًا بما هو قائم ،أما من زاوية النقاش والحوارات القائمة في الحياة السياس���ية والمدنية الس���ورية ،وكم هو متجس���د في الدراما الس���ورية يمكن التأكيد هنا أن نسبة ( )50%مما هو قائم في الواقع موجود في الدراما السورية ،أما الباقي فهذا يحتاج إلى متابعة ومعرفة في المواسم الدرامية القادمة أو بحث آخر بعنوان رصد حالة المجتمع المدني السوري في الدراما تاريخيًا. فهل يستطيع العاملون في الحقل المدني السوري فعل ذلك من أجل تقديم نموذج قابل لنقله في الحياة إلى الدراما الس���ورية .يبقى السؤال برسم صناع الدراما السورية في حال إدراكهم ألهمية دور المجتمع المدني السوري صانع البديل الحقيقي القابل للحياة؟!.
نقــــاد
41 العدد 1ــ تشرين األول
2016
بعد العرض
سمرقند
درامـــــا تنصف سحر الشــــــرق والخــــــال يظلــــم الخيــــــام عالء الدين العالم
لعل الرهان األكبر أمام الدراما التلفزيونية التاريخية ،هو دقة المرجع التاريخي الذي تستند إليه هذه األعمال ،ففي حال نجح عمل تاريخي ما على صعيد الصورة واألداء وحبكة السيناريو ،وسقط على مس��توى المرجعي��ة التاريخي ،وجانب الصواب في توثيق المرحل��ة التاريخية التي يتناولها، سيسقط العمل في «الفخ الفكري» لهذا النوع من األعمال. في الموس���م الدرامي ،2016يكاد يكون مسلس���ل «سمرقند» تألي���ف محمد البط���وش إخراج إي���اد الخزوز ،هو األضخ���م إنتاجيًا مقارنة مع األعمال التاريخية في ذات الموس���م .تقع أحداث العمل بين مدينتين األولى أصفهان حاضرة الدولة الس���لجوقية ،والثانية سمرقند .يمتد المجال الزماني للعمل بين 1092 ، 1080م ،أي في زمن س���يطرة الدولة السلجوقية على بالد فارس وما وراء النهر ،وتحديدًا فترة حكم الس���لطان السلجوقي «ملك شاه» الذي ورث السلطنة عن
نقــــاد
42 العدد 1ــ تشرين األول
2016
بعد العرض
أبيه ألب أرسالن .ولعل أبطال (بالمعنى الدرامي للكلمة) تلك الحقبة هم الش���اعر والفيلس���وف «عمر الخيام» والداعية الدينية «الحسن ّ الصباح» الذي كان يدعي لإلمامة .والس���لطان «ملك ش���اه» المتنور الداعم لمش���روع عمر الخيام الفلكي ،حيث أقام األخير مرصدًا فريدا حقق من خالله تقويما شمس���يًا جديدًا اس���تبدل بالتقويم القمري في عهد السلطان ملك شاه ،وبقي تقويم عمر الخيام ُمعتمدا حتى اغتيال السلطان ملك شاه عام 1092م.
في فضاء ش���رقي س���حري ،يتناول العمل موضوعة الجواري والعبيد وتجارة النخاس���ة في ذل���ك العصر ،منطلقا من حبكتين تتطرق���ان لذات الموضوع ،األولى بطلها «الحس���ن الصباح، عابد فهد» تتناول قضي���ة العبودية من منطق ديني، يرفض العبودية إال لله ،وهذا ما يصارع عليه الحسن الصب���اح في أصفهان وس���مرقند وفي بالط الدولة الس���لجوقية عامة .أما الحبك���ة الثانية فتنطلق مع هروب ابنة الس���لطان «آت���ون خاتون ،ركين س���عد» من بالط خالها الس���لطان «نصر خان، أحم���د العمري» حي���ث يعترضها اللصوص ويبيعوها للنخاسين ،في رحلة ُيظهر فيها العمل قسوة العبودية في ذلك الزمن .من جهة أخرى يتناول العمل الحياة الداخلية لقص���ر «مل���ك ش���اه ،رش���يد ملح���س»، والصراعات القائمة داخله عبر تفاصيل طويل���ة ال طائ���ل منه���ا أحيانا س���وى تناسبها مع مقاس الثالثين حلقة. على صعيد الص���ورة يقدم العمل مزاج���ًا ش���رقيًا ملون���ًا يعكس س���حر الفن الش���رقي ،ف���ي العم���ارة واألزياء واإلكسسوارات ،وتنوع أمكنة األحداث «قصر السلطان ملك شاه ،قصر السلطان الخال ،الس���وق ،س���وق النخاسة ،»...إذ تنق���ل الكاميرا أجواء معبقة بالس���حر الش���رقي وفن تلك المرحل���ة يرافقها موسيقى «تأليف نديم سراج» تتناسب وروح العصر المقدم.يدعم ذلك القصص السحرية المستمدة من حكايات ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة التي تتخلل الحكاية التاريخية التي يقدمها «س���مرقند» .لكن العمل عل���ى التفاصيل البصري���ة ،والتزام الدقة التاريخية إلى حد ما في سرد األحداث، ال يكفي في األعمال التاريخية ،فوجب تقديم الشخصيات العامة بأقرب الصور التي كانت عليها ف���ي الحقيقة ،وذلك م���ا لم يقدمه العم���ل في ش���خصية عمر الخي���ام التي يلعبها الفنان اللبناني يوسف الخال.
نقــــاد
43 العدد 1ــ تشرين األول
2016
بعد العرض
عمر الخيام...شاعر الخمرة والحب «اغنموا الفرصة بين العدمين» قدتوجز الجملة السابقة رؤيا عمر الخيام للحياة وفلسفته فيها .فهو الشاعر الفيلسوف الذي دعا إلى حب الحياة والتمتع بطيباتها وإرجاء التفكير في المس���ائل الغيبية الكبرى «كالحساب ،والبعث ،»...مع عدم جحوده الكامل باإلله المطلق. ولد الخيام في نيسابور عام 1044م ،ويقال أنه سليل أسرة عربية التجأت إلى منطقة خراسان تحت وطأة عنف ديني أو سياسيُ .عرف عنه موسوعيته وسعة اطالعه ،فهو كان حكيما عالما بالفكر اليوناني القديم ،كذلك كان فلكيًا وعالمًا بالرياضيات والحس���اب ،لكن ما عاد على الخيام بهذا الصيت الذائع رباعيته الش���عرية ،وهي مقطعات ُ كتبه���ا الخيام باللغة الفارس���ية ،وترجم���ت في العصر الحديث إلى العديد من لغات العالم وعلى رأس���ها اللغ���ة العربية .فقد ترجمها للعربية الش���اعر ب���در توفيق ،معتم���دا على ترجمة الش���اعر االنكلي���زي إدوارد فيتزجرالد .لكن توفيق اعتم���د ترجم���ة حرفية ل���م تتمكن من نقل الحساسية الشعرية الحاضرة في النص الفارس���ي .وهذا ما التفت إليه «أحمد صافي النجفي» في ترجمته لرباعيات الخيام ،حيث ترجمها من األصل فورًا وحملها روح الش���عر العربي ،وعلى ذات النهج س���ار الشاعر أحمد رامي في ترجمته
نقــــاد
44 العدد 1ــ تشرين األول
2016
بعد العرض
للرباعيات التي غنت قس���مًا منها كوكب الش���رق «أم كلثوم» بيد أن ترجمة رامي لم تكن أفضل من س���ابقتها ،بل بقيت ترجمة النجفي هي الترجمة األفضل إلى يومنا هذا. «أفق خفيف الظل هذا الس���حر /نادى دع النوم وناغي الوتر .فما أطال الن���وم عمرًا /وال قصر في األعمار طول الس���هر» تعكس هذه األبيات روح فلس���فة عمر الخيام الداعية إل���ى حب الحياة ،والتمتع فيها ،وهذا كان دين الخيام وديدنه ،فشخصيته حرة منطلقة نحو الحياة ،على عكس ما قدمها مسلس���ل سمرقند ،فـ «يوسف الخال» الذي يلعب ش���خصية الخيام .بعيد كل البعد عن شخصية الخيام التي وصلت إلينا من خالل ش���عره وس���يرته .فعمر هذا يظهر في العمل عبوس���ًا على الدوام ،يعش���ق الخمرة دونما ُسكر ،يكره النساء ويعاملهن باس���تعالء ،ليس في لسانه فصاحة الش���اعر ،وال في أفعال���ه رهافة العاش���ق ،وال في أحاديثه فطنة الفيلس���وف الحكيم الذي كان عليه عمر الخيام .زد على ذلك ظهوره بمظهر الصاب���ئ المغفل في مش���هد خلوته مع الجاري���ة «نيرمي���ن ،أمل بشوش���ة» ما ساهم في إظهار ش���خصية الخيام في العم���ل بعي���دة كل البعد عن شخصية الخيام الحقيقية ،وهذا إن دل على ش���يء دل على عدم اطالع الممثل على شعر الخيام وفكره وسيرته.
«المسرح يهزم الحرب» جديد أحمد الخليل
يرصد كت���اب «المس���رح يه���زم الحرب» للزمي���ل أحمد الخليل الحركة المس���رحية في س���ورية بدءًا من آذار 2011وحتى آذار ،2015أي هو يتتبع العروض المس���رحية المقدمة خالل س���نوات الح���رب األربع���ة والتي بدأت بحركة احتجاجات س���لمية ضد الحكومة ،لتتح���ول فيما بعد إلى صراع مس���لح ،يكاد يرمي تراث وحضارة ومستقبل البلد في غياهب المجول ،وهذه الحرب أثرت على كل شيء(اإلنس���ان ،العمران ،المجتمع) كما أثرت على الحركة الثقافية ومنها المس���رح والمسرحيي ،حيث طالتهم الحرب إنسانيًا وأمنيًا ونفسيًا ،رغم ذلك قام المسرحيون السوريون بجهد بطولي إلبقاء أضواء المسرح متقدة وأبواب المسارح مشــــرعة رغم كل الكوارث التي واجهوهـــا ....والكتاب مـــــــن إصـــدارات الهيئة العربية للمســـــــرح .2016
نقــــاد
45 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسرح
طالل نصر الدين حلّق مـزدحمـــًا بالنشيد فاألرض أضيق من حلمك �ألمى ه�شام كفارنة
مش��غول دائمًا بفلسفة السؤال ..بماهية الكيان ...ما أنت ؟..ما منجزك؟ ..ما اإلرث؟.. م��ا الم��وت؟ ..ما البن��وة واألبوة؟...ما يعني��ه الجاه؟..الم��ادة والروح؟..كلها أس��ئلة لطالما ش��غلته وربم��ا لم يجد لها جواب لك��ن من المؤكد أنه عرف تمامًا معن��ى الحياة بالرغم م��ن قصر الس��نين التي عاش��ها إال أنه تجرع م��ن روح الحياة ما اس��تطاع من فرح وحب ولع��ل هذه الجرعات كان��ت أقوى من كل األدوية الكيميائية الت��ي حاول أطباءه بها أن يتح��دوا (اللوكيميا) التي أصابته وهو ابن خمس وخمس��ين عامًا .عاش��ها محلقًا دائمًا أحب ألقصى حد..فرح ألقصى حد ..حزن ألقصى حد ..رغم الفقر الذي عاش��ه كان دائمًا متخمًا باألفكار والمعرفة..االبتكار. لم يعني له أبدًا أن يكون بيته الذي استأجره وعاش فيه لسنوات طويلة بيتًا بسيطًا متواضعًا طالما أنه يتس��ع الس��تقبال من أحبهم من األصدقاء ،ول��م يضنه الجوع حين ينسى نفسه أليام حتى دون طعام طالما أنه غارق في الكتابة واإلبداع.
نقــــاد
46 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسرح
طالل نص���ر الدين ابن الكروم ..صاحب القلب العتيق المعتق الثمل كنبيذ الس���ويداء..والذي عاش س���نين مراهقته بين كروم السويداء متس���كعًا طائشًا إلى اليوم الذي س���مع فيه جارة لهم تنعت ابنه بأقس���ى الشتائم ثم نعتته ب((يا طالل نصر الدين)) بكى حزينًا وأدركه أنه س���يكون اس���مًا تتمنى األمهات أن يكون ألوالدهن ش���أنه..وبالفعل تابع دراسته بشكل حر حتى نال إجازة في التمثيل من المعهد العالي للفنون المسرحية ..بدأ طالل نصر الدين بالبروز كش���خصية لها خصوصية عالية ولكنها لألس���ف ل���م تتطابق مع بع���ض المعايير التي تحك���م منظومة العالقات في الوس���ط الفني إذ أنه ش���خص مزاجي ..حر ..وخاص جدًا فلم يس���تطع أن يجد له مكانًا يليق به على الشاش���ة الصغيرة إال أن ه���ذا لم يحزنه بل عل���ى العكس كان خيارًا مناس���بًا له جدًا فهو دائم���ًا من آمن بنظرية أن الحياة خي���ار ولكل خيار ضريبة .فاتجه إلى المس���رح ليبدع بطروحاته الجريئة وش���فافية رؤاه اإلخراجية وشعرية نصوصه التي ألفها وسوية االبتكار فيها .وقد القت هذه العروض أش���د اإلعجاب والرضى في بلدان العالم حيث زار طالل نص���ر الدين الكثير منها ليقدم عروضه والغريب أنه كلما عاد من َ ً إحدى هذه البلدان تحدث عنها طويال بدهش���ة وحب واس���تطاع دائمًا أن يلم بثقافة وحضارة هذا البلد ..وهذا يأخذك لتكتش���ف كم هو ش���خص متأقلم اجتماعي ..آمن باإلنس���ان أينما وجد على
وجه األرض ومهما كانت جنسيته أو جنسه. لم تس���تطع مؤسس���ة الزواج أن تنال قناعة ورضا طالل نصر الدين وذلك أمر طبيعي بالنس���بة لرجل ال يمكن ألي ش���يء سوى أخالقه النبيلة أن يقيده وم���ع هذا كانت له عالقات طيبة بأطفال أصدق���اءه بل كانت عالقة مميزة كان صديقًا للجميع وس���رعان ما يتدخل لحل أي خالف أو مش���كلة تواج���ه أي أحد .إذ كان صاحب حج���ة وفصاحة لس���ان وبديهة عالية ممزوج���ة بطرافة وتلقائية .وذلك م���ا زاد أصدقاءه في مقهى الروضة والذين لم يتخلف أبدًا عن موعده الش���به يوم���ي معهم للعب الورق وتب���ادل األحاديث تمس���كًا بوجوده دائمًا حيث كان���ت لديه الق���درة على الحديث لساعات وساعات وسرد القصص اليومية أو قصص قرأها أو حتى س���معها دون أن يجعلك تمل بل على العك���س هو قادر على أن ً يضحكك ويبكيك ..ويزيدك أمال وأسئلة. أسئلة كثرة عميقة ..بسيطة..عذبة..ومؤلمة صاغها طالل نصر الدين عام 2006على شكل أناش���يد ليصدر كتابه في 4-29من نفس العام عن المركز العربي لألبحاث والتوثيق ((أناش���يد على قدم الموت)) حيث جاء في مقدمة الكتاب على لسان كاتبه : ((قبل هذه المجموعة لم أفكر أبدًا بتقديم نفسي كشاعر في الساحة األدبية الس���ورية أو العربية .واكتفيت بتكريس جهدي لألعمال الدرامية (المسرحية والتلفزيونية)ككاتب ومخرج.
نقــــاد
47 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسرح
نقــــاد
48 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسرح
عب���ر حياتي -التي أجدها طويلة أحيانًا -طفت في مس���احات وجدانية شاس���عة من اإلنفعاالت البس���يطة حتى األكثر تعقيدًا وانتابتني مخاوف وانفعاالت وهواجس كثيرة كاألفراح واألحزان العادية ،والخيبات ..االنكس���ارات التى ال تحصى ،شأني شأن كل أدي���ب أو مهتم عربي وكنت أدون أكثره���ا حميمية أو إيالمًا على دفات���ري وأوراقي الش���خصية وأهملها ،لك���ن ردود أفعال بعض أصدقائي الذين اطلعوا صدفة على هذه األوراق والدفاتر ش���كلت لي إغواء لم أستطع مقاومته لنشر بعض محتوياتها ،فكانت هذه المجموعة الشعرية األولى. إن تسلس���ل القصائد كما س���يطلع عليها القارىء لم يخضع لزمن إنتاجه���ا ،بل رتبتها تبعًا لتص���ورات جمالية محضة ،إذ أن بعضها يعود ألكثر من عش���رين عام���ًا وبعضها كتب في األمس القريب ومع هذا فقد سلسلتها بغض النظر عن تزمين كتابتها. كل م���ا أرجوه من عمل���ي ه���ذا أن يدفع بم���دارك قارئه إلى مس���احات جمالي���ة ووجدانية رحبة وفس���يحة وجدي���دة ،تبالي بمفردات العالم حولنا وتضعنا أمام تلك التجليات الجمالية التي ال تحصى للحضور اإلنس���اني والمس���تقبل اإلنساني بحيث نقف بصالبة في وجه كل ما يحيط بنا من مظاهر القس���وة )).طالل نصر الدين 2006-4-23 ط�ل�ال رجل ي���رى في حيات���ه أنه���ا طويلة أحيان���ًا ،وهو في األربعين���ات م���ن العمر ويراها أنه���ا مجموعة انفع���اال ومخاوف وهواج���س كاألف���راح واألح���زان العادية وخيبات وانكس���ارات ال تحص���ى ..ومع هذا يختم حديثه قائ�ل�ا (نقف بصالبة في وجه ما يحيط بنا من مظاهر القسوة) في ديوانه الش���عري أناش���يد على قدم الم���وت من المقدمة حتى (دعوة) وهي النش���يد األخير في الكتاب يلخص نصر الدين حياته وأفكاره وخالصة فلسفته التي بنى لحظات العمر عليها.إذ ً رجال حقيقيًا ً بناء منتجًا حالمًا وخاص. أنه كان وفي قصيدته (غربة) يقول: كان ما كان كان وجهي حنينًا ً شتاء.. وقلبي ً ومدفأة ورفيف حكايا كنت أركض والله مبتهج من حفيف ثيابي كان أني صبي يدفىء ألعابه في الشتاء يمدد أحالمه للسماء كان أني صبي رجيم ولد ..حالم والمدائن ال ترحم الصبية الطيبين لوكان يس���عني ذكر كل ما جاء في هذه المجموعة من كلمات ً ألنها تختزل رجال ال يشبه الرجال وكم هو فريد وخاص ..أن تختزل ً القصائد رجال. كل م���ن يع���رف طالل نص���ر الدين يع���رف تمام���ًا أنه يعد وس���يمًا وعاش���قًا بامتياز ومع هذا ل���م يأبه يومًا ب���أن يبدو أنيقًا ومنم���ق المظهر وبما أنه كان يطلق ش���عره وال���ذي من الله عليه بأنه مسترسل وكثيف فقد قرر يوم سمع عن طريقة علمية طبية مبتكرة يس���تخلص فيها من الشعر أحماض ومواد طبيعية لتزرع لمن تس���اقط شعرهم من مرضى السرطان مما يحرض نمو الشعر لديهم من جديد ،أن يقص ش���عره الطوي���ل ويتبرع به لألطفال المصابين بمرض السرطان وظل يفعل هذا بشكل دوري ومستمر وكان حينها ش���خصًا معافى ال يعاني من أي مرض س���وى بعض آالم القرحة المعدية والتي كان يتجنبها بحمية دائمة عن بعض األطعمة والمشروبات
ولي���س هذا فحس���ب بل كان يق���وم بزي���ارات دورية لهؤالء األطفال ويشاركهم الكثير من النشاطات وهو لم يعلم حينها أن هذا المرض بالذات سيكون سببًا في مغادرته عالمنا والتي لطالما كان بالنسبة له أضيق من رغبته بالغناء . ت���زوج طالل نصر الدين في أيامه األخيرة من س���يدة عظيمة أحبته دائمًا ولم يعني لها فستان زفاف والعرس الفخم والحياة الرغيدة شيئًا بل أحبت رجال لم يكن مرضه عائقًا بينها وبين قلبه واس���تطاعت أن تدخل أليامه الفرح والس���عادة واهتمت به بأكثر مما اس���تطاعت كانت بمثابة أسرة كبيرة له إذ حرصت على راحته كأم ..كعاشقة ..كابنة.. أراد طالل نصر الدين في ه���ذه األيام األخيرة أن يخرج عرضًا مس���رحي مونودراما،هو بطلها ،حيث أنه كتب النص أثناء وجوده في دمش���ق يتلقى العالج في المستش���فى وكان العرض بمثابة نص قصير هو باختصار حياة ممثل بائس يجلس على الكرس���ي ليعترف للجمهور بكل مكنوناته وأحزانه وخيباته ثم يطلق النار على نفسه. الحقيقة أن طالل نصر الدين همس لبعض أصدقائه برغبته في تقدي���م العرض لكن الغريب أنه طل���ب تقديم العرض ليوم واحد فقط ولم يرد أن يحجز المسرح سوى ليوم واحد أما البروفات فقد كان يقوم بها في المستش���فى وما زاد الموضوع التباسًا هو أنه طلب أن يكون المسدس الذي يقتل به الممثل نفسه مسدس حقيقي .. وضعت هذه الطلبات أصدقاء نصر الدين في حيرة من أمرهم وتوجس الجميع خشية أن يكون قد أضمر نية بإنهاء حياته فوق الخش���بة التي أحب وأن يك���ون أخر ما قام به هو ممارس���ة الحب بالنس���بة له أي التمثيل على خشبة المس���رح بالذات فالقى طلبه بعض التسويف عله يعدل عن رأيه في هذه األثناء تدهور وضع نصر الدين الصحي وتعرض لكثير من الس���جاالت والمش���كالت مع نقابة الفنانين بش���أن نفقات عالج���ه مما دفع بصديقة مقربة ل���ه بتأمين منح���ة عالجية له ف���ي الدنمارك حيث غ���ادر للعالج وواظب أثناء س���فره على إنجاز روايته الت���ي لطالما أخبرني عنها ً قائال(س���أكتبها..وأموت) وتوقع أن تكون أهم إنجازات حياته.هو ً الذي لم يس���عى أبدًا أن ينجب أطفاال يخلدون أس���مه لكنه أنجب الكثير من القصائد والنصوص المسرحية ستبقيه بيننا..هو الذي ً لم يس���عى ألن يلم ماال أوجاهًا حتى بيته الذي عاش فيه باألجرة اضط���ر أن يخرج منه ألن صاحب البيت رفع س���عر اإليجار لكنه لم يتخلى يومًا عن خياراته ومواقفه وظل يكتب ويفكر ويبحث حتى البداي���ة ..إذ ال يمكن ألمثاله أن يصابون بعطب النهاية هم دائمًا يبدؤن ولعله بدأ رحلته في الس���ماء..هناك في العالم األخر حيث يليق بحالم مثله التحليق.لم يكن له أسرة لكن كان له كرسي على مائدة قلوب كل األسر التي عرفها وصادقها في حياته .. ربما ال يحق لي كثيرًا أن أخص ذكرى خاصة لي معه بالنش���ر ..لكن ال يمكنني أن أنس���ى أنك أول من أمس���ك بيدي الصغيرة وأدخلني ألول مرة إلى (س���ينما الشام) اشتريت لي بطاقة واحدة بما تمل���ك من نقود وبقي���ت تنتظرني تحت المط���ر في الخارج حت���ى انتهاء الفيل���م ،كان الفيل���م بعنوان (آالم المس���يح) أما أنت يا صديق���ي الكبير فعرفت دائمًا كيف تتفادى اآللم والحزن بقصيدة وابتس���امة صادق���ة ..لو أنك معنا الي���وم لرأيت كم من األصدق���اء ذرفوا حارق الدموع على غيابك وكم من الوجوه أصيبت بالخيبة لرحيلك عن عالم لم يتس���ع لصدى نش���يد قلبك ..لكنك وعدت بأنك س���ترج كل الف���راش الذي اختزنت���ه رؤاك ..وتطلق حنجرتك م���ن أتون الب���كاء وتعيد األغاني التي نس���ي النادبون تالوتها للخراب.
نقــــاد
49 العدد 1ــ تشرين األول
2016
مسرح
تجارب ملهمة هاني أبو أسعد
انتصار المبدأ والمعرفة في أقصى الغرب مجيد الخطيب
ّ والنصف بتوقيت ّ ل��م يكن عرض ّ ّ األميركي في منطق��ة بيفرلي هيلز الس��احل الغربي الرابع��ة ّ ّ ّ مرش��ح ّ لمرتين عن جائزتي أوس��كار ألفضل مخ��رج ،الجنة مكتظ��ًا بجمهور يليق بس��معة مخرج ّ ّ اآلن ( )٢٠٠٦وعمر ( ،)٢٠١٣وبالذات إن كان مخرج العمل نفس��ه سيطل على الحاضرين بعد انتهاء ّ ّ فعالية سؤال وجواب بملحق البرنامجّ . معنويًا بالرغم من ذلك ،هاني حصد انتصارًا العرض ضمن ّ ّ ّ واألهم م��ن ذلك أنه منح انتصارًا لجمهوره بش��كل عام ،انتصار المعرفة ورمزي��ًا م��ن ذلك العرض، األميركية ّ ّ ّ ّ عما يحدث في الجانب اآلخر اإلعالمية أميركي ال يعرف الكثير خارج الفقاع��ة لجمه��ور ليّ ، من العالم ،وما يكون الجانب اآلخر من العالم أساس��ًا...وانتصار بش��كل ّ خاص ّ خصني به دون ّ ّ بقية الحاضرين ،وهو انتصار المبدأ ورجل ّ السينما الذي يفتدي مبادئه.
نقــــاد
50 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سينما
ّ ّ التحذيرات والمخاوف التي نسمعها عادة ّ ّ ّ العربي أو الش���رق أوس���طي ع���ن خنوع الفنان ّ ليش���ق طريقه بمج���ال ّ الفن ف���ي الغرب ،هي لاّ ّ بالنسبة ألبي أسعدّ ،الذي ّ قرر ليست إ أساطير أن يضرب بها عرض الحائط .البعض يجادل ّ بأن هذا ّ السينمائي الفلسطيني حظي بترشيحي ّ ّ ّ أوس���كار فيما سبق ألنه تطرق لجوانب عدة من الخالف الفلسطيني/الفلس���طيني بأسلوب لم يخل من ّ السخرية. ّ ّ لك���ن أال يجدر به���ذا الفريق م���ن النقاد والمتابعين ّ ّ أميركية بأن يدرسوا حالة مشابهة مثل كوانتي���ن ترانتينو؟ فاآلخر أيضًا يش���ير ّ المتقيحة في مجتمعه بأس���لوب إلى الج���راح ّ ّ ّ الكوميديا السوداء ،والذي يعد واحدًا من أكثر ّ األلوان ّ ���ينمائية عرضة للفشل ،لما يحمله الس ّ م���ن تناقض يحتاج لمخرج فذ ليبقيه في حالة ّ الطوفان على ّ الس���طح ،ويحول دون غرق الفيلم ّ بنفس ساخر. بإشكال التطرق لقضايا كبيرة ٍ ّ ّ الفلسطينية وعائد إلى مسلسلي التغريبة حيفا على سبيل المثال تداول بموضوع الخالف ّ الفلسطيني؟ الفلسطيني -
فهل االعتراض على العنصر الكوميدي إذًا؟ إن كان األمر كذلك ،فقد اقتصد أبو أس���عد في ّ عنصر التراجيديا ّ الساخرة التي لطالما احترف ّ ّ اللع���ب عليها في فيلمه األخير «يا طير الطاير» ّ باإلنكليزية ب “.”The Idol أو كما يعرف ّ ّ ّ يقس���م هاني فيلم���ه ال���ذي يتحدث عن ّ نشأة ورحلة نجم برنامج «محبوب العرب» محمد ّ عساف إلى ثالثة فصول واضحة: ّ ّأولها يفن���د طفولة ّ محمد ّ عس���اف وولعه ّ ّ المبكر في الموسيقى منذ سنواته المبكرة ،مع ّ مجموع���ة من أصدقائه الذين ش���اركوه الحلم، ّ ّ ّ ّ بأن ّ شبابية في غزة موس���يقية يأسسوا لفرقة المحاصرة .صعوبات كثيرة تواجه مس���يرهم، من نقص الم���ال والموارد إلى س���خرية بعض ّ األهالي ورفضه���م للحالة التي رمزت لها فرقة عسافّ ، ّ لكن أكبرها وأصعبها كانت وفاة أخته ّ ّ والدافع ّ المحرض ّ ّ ّ لمحمد كي األول التي شكلت يواصل مشواره. ّ ّ ّ ّ الفصل الثاني هو عساف الشاب المتخبط بين فج���وات الماضي من فش���ل الفرقة وموت ّ ّ ّ المدمرة أخته ،وثق���ل الحاضر الذي ترمز له غزة
بعد ح���رب عدوان .٢٠٠٨أصدقاء ّ عس���اف من السابقة في حالة ّ فرقته ّ تخبط مشابهة ،فمنهم ً من اختار مجاال ومشى على درب بعيد عن حلمه ّ ّ األول ،ومنه���م من التحق بتنظيم حماس الذي ّ ّ دفع بغ���زة إلى مزي���د من االنغ�ل�اق والتصدع ّ الداخل���ي .يرى ّ محمد في برنامج محبوب العرب ّ مخرجًا من هذه الفوض���ى ومخلفاتها المؤلمة، ّ ّ ك���ي يخرج فيم���ر بمرحل���ة ش���ديدة الخطورة ّ ّ نظامي من غزة إلى مصر عبر معبر بش���كل غير ّ ّ رفح .الفصل الثالث اعتمد على مش���وار محمد ّ ّ والمس���ؤولية التي وجدها بين مصر ولبن���ان، ّ على عاتقه مع ّ تقدمه ف���ي التصفيات ،واألمل ّ ّ ّ الذي بثه في الش���عب الفلسطيني المنهك مع ّ نجوميته شيئًا فشيء...ليختتم ظهوره وتبلور ّ ّ الفيل���م طبعًا بفوز عس���اف ،وم���ا قدمه بذلك الفوز من خيوط ّ ضمدت شيئًا بسيطًا من جراح ّ الفلسطينيين. ورضوض ّ أطل أبو أس���عد المخرج والكاتب مع زوجته ّ ّ أمي���رة دي���اب التي كان���ت عل���ى رأس الطاقم اإلنتاج���ي للفيلم ّالذي ّ ّ تم تصويره بين مناطق مختلفة م���ن فلس���طين...معظمها في مدينة
نقــــاد
51 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سينما
نقــــاد
52 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سينما
جني���ن ،إضاف���ة ألقس���ام ّ ت���م تصويرها في ّ ّ مصرّ . ّ تحدث الش���ريكان ع���ن الصعوبات التي واجهتهما في إنتاج فيل���م كهذا تحت جملة ّ الظروف ّ الصعبة ،كتصاريح من ّ الس���لطات من ّ ّ ّ ّ ّ اإلسرائيلية ،الشرط اإلنتاجي والزمني الضيق، ّ ّ ْ والتعامل مع فريق من الممثلين األطفال الذين ّ النصف ّ األول من الفيلم... تصدروا الحضور في ّ أطفال أعادهم أبو أسعد إلى أجواء الحرب التي ً قاس���وا منها فعال فيما مضى ،فاستنبط منهم ّ أقل ما يقال فيه ّأنه ش���ديد ّ الصدق أداء الفتًا، ّ والعفوية. وكما ه���ي العادة في معظ���م أفالم هاني ّ ّ عندما يتعل���ق األمر بالتموي���ل ،فهو يلجًا إلى ّ عدة جه���ات تكون في أغلبه���ا صناديق دعم أوروبا الغربي���ةّ . ألفالم من بل���دان ّ لكن الجدير بالذكر ّأن شبكة mbcكانت شريكة في اإلنتاج هذه ّ المرة ،كون ّأن الفيلم يعيد برنامج محبوب ّ الع���رب لذاكرة متابعي���ه ،ويع���رف الجمهور الغربي به أيضًا. ّ واب���ل من األس���ئلة تلق���اه االثن���ان بعيد كلمتهما وتعريفهما بم���ا كان خلف كواليس الفيل���م .العرب م���ن الجمهور ل���م يكثروا من ّ ّ ّ األمريكية الحاضرة هي التي األقليات األسئلة، ّ ّ سألت أبو أس���عد بش���غف وتقصي ،لما قدمه من رؤية عميقة ومغايرة عن ش���عوبنا ّ مما يراه ّ ّ المحلي على شاش���ات التلفزة. جمه���ور أميركا أميركية في ّ ّ ّ ّ الصف األمامي مع حفيدها سيدة باليهوديةّ ، ّ صرحت ألبي أسعد بتفصيل تدين ّ ّ خارج عن سياق الفيلم والسؤال ككل ،لتقول« :ال ّ مصداقية الفيلم...فأنا على س���بيل أعرف مدى ّ المثال ّ أحب إس���رائيل» .لكن هاني لم ينقصه ّ ّ من ّ الدبلوماسية كي يرد بكل ثقة وبرود أعصاب ّ بجواب يش���به إلى ّ حد كبير تصريح المرش���ح ّ ّ ّ ّ يموقراطي سابقًا ،يرني ئاسي من الحزب الد الر س���اندرزّ : «جيد ...لكي إن كن���ت كذلك ،فيجب أن تكون���ي من ّ ّ الفلس���طي ّنيين الدعاة لمعاملة بشيء من الكرامة واإلحترام». انتظ���رت ب���دوري ّ بقي���ة الجمه���ور ك���ي ّ ينتهوا من أس���ئلتهم ،والت���ي دارت أيضًا في ّ ّ ّ والفنية التي واجهت بحر المش���اكل التقني���ة ّ عاطفية تربطه بالعمل المخرج ،باإلضافة لدوافع ّ مستقبلية تلوح في األفق القريب. ومشاريع ّ ّ توجهت إلى هاني بس���ؤالين في النهاية: ّ ّ التركيز ّ الدائم على الش���رخ الفلس���طيني/ لما ّ ّ ّ ّ الفلسطيني؟ وما صحة التخويف الذي يتجرعه ّ الفنان العربي قبل أن يحاول ش���ق طريقه في ّ هوليوود ،بأن يبقى في حالة خنوع ويغني على مواويل ال تزع���ج آذان القائمي���ن على صناعة ّ ّ األميركية؟ فكان الس���ينما وماكينات اإلع�ل�ام ّ ّ ّ ّ فلس���طينيي الداخل أكثر جوابه على األول بأن ّ ّ ّ الفلسطيني/الفلس���طيني من إحاطة بالش���رح ّ نظرائهم في الش���تات والمهج���رّ ، وبأن البيت المنقسم في ّ الداخل ال يصمد أمام رياح الخارج ّ ّ وبالنس���بة للس���ؤال الثاني ،فلم ينكر العاتية. ّ المخرج ّ والسيناريست الفلسطيني وجود صحة
البيت المنقسم في الدّ اخل ال يصمد أمام رياح الخارج العاتية لهذه المخاوف ،فهو على ّ حد تعبيره دفع ثمنًا لتجاوزه���ا ،واعتب���ر ّأن األمر ف���ي جوهره تلبية ّ ّ ّ ظا في لن���داء الضمير الذي يجب أن يبقى متيق ِ ّ ّ حقيقي منسجمًا مع ذاته. كيان كل فنان أبو أس���عد الي���وم يدور الكوك���ب بعروض ّ ّ فعالي���ات المهرجانات خاصة ضم���ن أو خارج ّ ّ العالمي���ة ليعرض فيلم «يا طي���ر الطاير» ،وهو أيضًا بصدد تحضي���ر فيلمه المقبل في أميركا « »The Mountain Between Usمع نخبة من الص���ف ّ نجوم ّ األول في هوليوود ،مثل إدريس آلب���ا وكيت وينس���لت .وهذا م���ا يعيدني إلى ّ األهم ،صدق ّالرؤي���ة ّ ّ والصوت لمخرج النقط���ة ش���جاع وصادق س���توصله إلى أعالي القمم... ْ ّ النظر عن المنزعجي���ن أو ّ الراضيين عن بغ���ض ّ خطابه وتوجهه.
نقــــاد
53 العدد 1ــ تشرين األول
2016
سينما
سالسل فضة بالل �شحادات
يبدو جليًا للمتابعين والمهتمين بأحوال الدراما الس���ورية أنها باتت في معظم األعمال دراما نسائية بامتياز ،حيث صارت مواضيعها موجهة لجمهور النس���اء على حساب جمهور الرجال والش���باب السوري ،فلم يعد هناك مسلسالت تاريخية وال مسلسالت تعالج المواضيع بطريقة حديثة ومتماش���ية مع العصر الذي نعيش فيه كم���ا يحدث في الدراما األجنبية. وهذا ما دفع الجيل الحالي إلى متابعة الدراما األجنبية كبديل (إس���عافي) ع���ن دراماهم التي حوص���رت معظم أعمالها بقص���ص ضعيفة ،مترهلة، ومبتذلة حكائيًا وإخراجيًا. ومن بين ما أدى إليه هذا التوجه ضمن نطاق الشباب السوري ،أدى في واحد من نتائجه إلى ظهور صفحة على موقع «فيس���بوك» مهتمة بنشر وترويج آخر ما أنتجته
نقــــاد
54 العدد 1ــ تشرين األول
2016
صفحات
الدرام���ا األجنبية وخاص���ة األمريكية والبريطاني���ة والكتابة عنها ونقدها وتحليلها .وهي تعد المبادرة الس���ورية الفردية واليتيمة حتى يومنا هذا من بين كل صفحات «فيسبوك» المحلية. جاءت هذه الصفحة تحت اسم «سالسل فضة» ،انطالقًا من اهتمامها بما تنتجه الشاشة الفضية (التلفزيون) من مسلسالت درامية ،ولم يمض على ظهوره���ا إال عدة أيام حتى القت االهتمام والتش���جيع من قبل حيز كبير من الشباب. «سالس���ل فضة» ..صفحة تتاب���ع آخر األعمال األجنبية (مسلس�ل�ات) وتنشر ما تكتبه الصحافة العربية من مقاالت نقدية عن أهم المسلسالت رغم قلتها وندرتها. قام بإنش���اء الصفحة ش���اب س���وري وهو (د .ضياء عبد الوهاب) الذي
يقيم في س���ورية ويعمل صيدالنيًا في إح���دى ضواحي العاصمة دمشق ،وفي حوار معه رد أسباب إنشائها إلى اهتمامه بقوة الدراما األجنبية وتنوعها باإلضاف���ة إلى ظروف الحرب التي دفعت الكثير من الشباب ،كما يرى ،إلى البحث عن وسائل آمنة للتسلية والفائدة تحميهم من المفاج���آت الدامية والفجائعية في كثير من األحيان داخل دمشق وخارجها (القذائف والتفجيرات واالختطاف وغيرها م���ن حوادث)وذلك بعد أن غابت إلى حد ما النش���اطات االجتماعية والثقافية وتدهورت الدراما المحلية ،ولم يبق أمام هذا الجيل سوى االنترنت داخل المنازل أو في المقاهي. ويلفت د .عبد الوهاب إلى أن كثيرًا من هؤالء الش���باب ش���اهد حلقة أو أكثر من مسلسل غربي ما والحظ الفرق الشاسع بين دراماه ودراما اآلخر ،فتش���جع للبحث عن الحلقات المتبقية من مسلس���ل أجنبي تابع���ه أو أعجب بحكايته ،وهكذا دواليك ازدادت الرغبة في الحصول على مسلسالت أجنبية أكثر واالحتفاظ بها وإعطائها إلى صديق أو قريب لمتابعتها حت���ى صارت ظاهرة ال يمكن تجاهلها خاصة في مثل الظروف التي تمر بها سورية. تبدو مب���ادرة د .عبد الوهاب تلخيصًا لظاه���رة االهتمام الزائد بالدرام���ا الغربية ،وهي ولي���دة فترة طويلة م���ن البحث والتحميل عن طريق االنترنت والمش���اهدة كان���ت حصيلتها مجموعة هائلة من المسلس�ل�ات ،ولدت منها فكرة إنش���اء صفحة سالس���ل فضة على الفيس���بوك لمش���اركة ذلك مع الشباب الس���وري ومساعدته ف���ي انتقاء ما يرغب في مش���اهدته ،حيث توفر ل���ه الصفحة عدة خيارات ويستطيع معرفة فحوى كل مسلسل من الملخص المرفق مع الغالف أو ص���ور أبطاله ،باإلضافة إلى اإلعالن عن المسلس�ل�ات أو المواس���م الجديدة منه ،وبذلك يوفر على نفسه عناء البحث في مواقع االنترنت واختيار ما يناس���ب ميوله لالس���تمتاع بمش���اهدة الحكايات التي تتوافق مع رغباته واهتماماته الجمالية والثقافية. الواضح أن هذه الصفحة (أي سالس���ل فضة) لن تبقى الوحيدة كصفحة سورية بل سيظهر غيرها الكثير من الصفحات ،وسيظهر ش���باب آخرون يعبرون عن نشاطاتهم الفنية عن طريق الفيسبوك أو غيره ،والواضح أنه كلما زاد تدهور درامانا كلما زاد اهتمام شبابنا بدراما الغرب .رغم أن هذه الظاهرة تعد على المدى البعيد س���لبية التأثير وال سبيل إلى تراجعها إال بإعادة النظر بشكل جدي وصادق في إنتاجات الدراما المحلية والسعي الحقيقي إلى تقديم حكايات متينة ومتماسكة وأساليب إخراج حديثة ال ابتذال فيها. رابط الصفحة على فيس بوك: https://www.facebook.com/Agseries/?fref=ts
نقــــاد
55 العدد 1ــ تشرين األول
2016
صفحات
أهل
الوفاء
خلدون عليا ال حاج���ة لمقدم���ات و ال حكاي���ات ،ال تطبيل و ال تزمير ...هكذا مرت على الموقع األزرق قبل ايام صورة كل من النجم باسم ياخور المخرج الليث حجو مع ولدي الراحل المح���ب نضال س���يجري ( أدم و وليام ) ،ضحكة نض���ال كانت حاضرة بقوة ،ولعل���ه كان يضحك في مرقده أيضًا في اللحظة ذاتها ،وروح المحبة و الوفاء كانت أقوى. هكذا لم ينس���ى رفيقي نضال باس���م والليث من هما من لحم���ه ودمه ،أليس هذا قم���ة الصدق الوفاء ،ألي���س هذا قمة رد الجميل..؟ جمي���ل نضال لم يك���ن ماديًا ،وإنما كان عفويًا أبيض���ًا يعبق بالحب، أليس أعظم جميل يقدمه شخص لإلنسانية هو الحب...؟ نضال كان محبًا بصدق فقابله أصدقاؤه بالكثير من الحب لبطانة قلبه الذي مازال ينبض حبًا وإنسانية تحت التراب. أدم ووليم ،باس���م و الليث لقاء اختصر كل معاني الوفاء ،وبحسب معلوماتي فإن اللق���اء لم ينقطع يومًا ،ولكن هذه المرة كان���ت الصورة كانت حاضرة ،الوفاء ليس كالم للنسيان ،إنه فعل حقيقي . أحببن���ا الصورة كثيرًا ،أحببنا ضحكة الطفلين ،فضحكتهما جزء من ضحكة أبيهما التي لم تفارقنا ولن تفارقنا يومًا. وألن الوفاء في الوس���ط الفني أصبح عملة ش���ديدة الندرة ،تعطينا الصورة الحق باألمل بأن صوت الحب سيظل أكبر..وإن كان ما فعله الليث وباسم من نبل أخالقهمها ،إال أنه فيه درس في المحبة التي نريدها لنكون. لروحك السالم يا نضال و ألصدقائك وولديك ولنا ،منك الكثير من الحب الذي يتفتح بيننا وفاء.