نقاد الدراما -1

Page 1

‫دراما‬ ‫نقــــاد‬ ‫العدد األول‬ ‫تشرين األول ‪2016‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫مجلــة شهــريــــة تعني بالـــــدرامـــــــا ونجـــومهـــــــــا ‪..‬عـــــرضـــــــــا ونقـــــــدا وتحليــــــــــال‬

‫ممدوح حمادة‪:‬‬ ‫أدرك طبيعة الرقيب‬ ‫واستمتع بخديعتـه‬ ‫طالل نصر الدين‬ ‫يحلّق مزدحمًا بالنشيد‬ ‫شكران مرتجى‬ ‫وجهـان لقلب واحـد‬

‫أفكار أولى‬ ‫عن الدراما والتاريخ‬ ‫المسلسل والرواية‬ ‫واألدب الرفيع‬ ‫مظاهر المجتمع المدني‬ ‫في دراما ‪2016‬‬

‫الوجـــع‬ ‫السوري‬ ‫طبق األصــل‬ ‫ما الـــذي يجعــــــل‬ ‫العمل التلفزيوني‬ ‫نـاجحــًا؟‬


‫ذاكرةصورة‬

‫«دائـرة النـــار»‬ ‫من‬

‫درام���ا اجتماعي���ة م‬ ‫كونة م���ن ‪ 15‬حلقة‬ ‫إخر‬ ‫اج هيثم حقي‪ ،‬س���‬ ‫يناريو ممدوح عدوان‪،‬‬ ‫ع‬ ‫ن ن���ص لهاني الس‬ ‫���‬ ‫عد‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ط‬ ‫ول‬ ‫ة‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫���يد‬ ‫عس�‬ ‫��اف‪ ،‬طلحت حمدي‪،‬‬ ‫ع‬ ‫بد‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫اد‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ص‬ ‫با‬ ‫غ‪،‬‬ ‫عبد‬ ‫الفتاح المزين‪ ،‬س���‬ ‫مر س���امي‪ ،‬س���امية‬ ‫الج‬ ‫زائ���ري‪ ،‬والوجوه الج‬ ‫دي���دة (آنذاك) حاتم‬ ‫علي وأيمن رضا‪.‬‬

‫ماذا؟‬

‫تتناول حكايات‬ ‫سكان حارة دمشقية‬ ‫على اختالف مش���ارب‬ ‫هم وطرية تفكيرهم‪،‬‬ ‫لي‬ ‫ش���كل عص���ب الح‬ ‫كاي���ة الرئيس���ي هو‬ ‫صراع بي���ن آليات تفك‬ ‫ي���ر مجتمعية‪ ،‬تبدو‬ ‫ف‬ ‫ي أوضح صوره���ا من‬ ‫خ‬ ‫الل‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫ثة‬ ‫أ‬ ‫بن‬ ‫اء‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫وا‬ ‫حدة من عائالت هذه‬ ‫الحارة‪ ،‬فاألخ الكبير‬ ‫تقل‬ ‫ي���دي واألصغر يمث‬ ‫���ل الجانب المتعلم‬ ‫ا‬ ‫لواعي واألوسط يتأر‬ ‫جح بينهما على إيقاع‬ ‫م‬ ‫صالحه‪.‬‬

‫متى؟‬ ‫عام ‪1988‬‬

‫لماذا؟‬

‫ي‬ ‫عد «دائرة النار» المسل‬ ‫س‬ ‫���‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫مؤ‬ ‫س‬ ‫���‬ ‫س‬ ‫للشكل‬ ‫الفني الع‬ ‫ام للدراما الس���ورية‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫كل‬ ‫ها‬ ‫ال‬ ‫حال‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ففي‬ ‫هذا المسل‬ ‫سل اكتملت فكرة الم‬ ‫خ‬ ‫رج‬ ‫حق‬ ‫ي‬ ‫با‬ ‫ست‬ ‫خد‬ ‫الل‬ ‫ام‬ ‫غة الس���ينمائية في‬ ‫ال‬ ‫تل‬ ‫فز‬ ‫يو‬ ‫ن‪،‬‬ ‫وان‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫قًا من هذه‬ ‫التجربة‬ ‫بدأ شيخ المخرجين‬ ‫ال‬ ‫س‬ ‫ور‬ ‫يي‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫لت‬ ‫لفزيون‬ ‫مش���وار‬ ‫فني كرس خاللها فك‬ ‫رة‬ ‫«ال‬ ‫س‬ ‫ين‬ ‫ما‬ ‫ا‬ ‫لم‬ ‫تل‬ ‫فزة»‬ ‫وتحول إلى‬ ‫مدرس���ة إخراجية ك‬ ‫بيرة خريجوها اليوم‬ ‫هم م‬ ‫خرجون‪ -‬أس���اتذة ير‬ ‫سم‬ ‫ون‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ظم‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫مح خارطة‬ ‫الدراما السورية‪.‬‬


‫االفتتاحية‬

‫بحـــث جــاد‪..‬‬ ‫ومســـــؤول‬

‫«نق���اد درام���ا»‪ ...‬مس���احة مفتوح���ة للق���راءات النقدي���ة‬ ‫والمقترح���ات الجمالي���ة‪ ،‬وبحث ج���اد في إش���كاليات الدراما‬ ‫واس���تحقاقاتها وانجازاتها والقضاي���ا المتعلقة بصناعتها‬ ‫ونجومها‪.‬‬ ‫وتسعى « نقاد دراما» للكشف عن جوانب إبداعية وجمالية‬ ‫وفنية تتعلق بالمسلس���ل التلفزيون���ي‪ ،‬منها ما قد ال يلحظه‬ ‫المشاهد‪ ،‬ولكن من شأن معرفته به‪ ،‬أن تفتح له أفاقًا جديدة‬ ‫في عالقته م���ع المسلس���ل التلفزيوني وأبطاله‪ ،‬س���واء عند‬ ‫مشاهدته للعمل ذاته مرة أخرى أو عند مقاربته مع عمل جديد‬ ‫مشابه‪ ،‬فالمعرفة في الفن نصف المتعة مالم تكن كلها‪.‬‬ ‫المتع���ة واحدة من مقاص���د المتف���رج التلفزيوني‪ ،‬وتأتي‬ ‫المعرفة بوصفها واحدة م���ن أغراض «نقاد دراما» في محاولة‬ ‫لمنحه القدرة على سبر أغوار جماليات المسلسل التلفزيوني‪،‬‬ ‫بما يتجاوز حدود التس���لية والفرجة إلى ش���غف اكتشاف ما‬ ‫ال يراه اآلخ���رون‪ ،‬وبالتالي إيجاد ما يغريه بمتابعة مش���اهدة‬ ‫المسلسل‪.‬‬ ‫وانطالق���ًا من إيمانن���ا بالعالقة المتش���ابكة بي���ن الدراما‬ ‫التلفزيوني���ة والمس���رح والس���ينما وطبيعةالتفاعل بينهم‪،‬‬ ‫تخص���ص «نق���اد دراما» مس���احة خاصة لقراءات مس���رحية‬ ‫وسينمائية تتعلق بتجارب فنية ملهمة‪ ،‬منها المحلية التي‬ ‫تس���تحق التحية واإلضاءة على جوانب اإلب���داع فيها‪ ،‬ومنها‬ ‫ً‬ ‫العربي���ة والعالمية التي تصلح عل���ى نحو ما ألن تكون مدخال‬ ‫لفهم المسلس���ل التلفزيوني وإدراك م���ا يلزمه وما يجب أن‬ ‫يحاكيه في هذين الفنين‪.‬‬ ‫في «نقاد دراما» سنحاول أال نقع في وهم الفارق بين النقد‬ ‫وبين االنتقاد‪ ،‬والفارق بين المديح والتقييم‪ ،‬وجميعنا يؤمن‬ ‫أنه ال يوجد بالمحصلة‏نقد درامي‬ إيجابي وآخر س���لبي‪ ،‬وإنما‬ ‫هناك‏نقد مس���ؤول‬ يق���ول كلمته مبررة ومقنعة ومدروس���ة‪،‬‬ ‫وهذا ما سنس���عى ألن نجعله معيارنا الضابط الوحيد للنشر‬ ‫في المجلة‪.‬‬

‫ماهر من�صــــــور‬


‫األوائل‬

‫كلمة للفن النبيل‬

‫المسرح‬

‫نقــــاد‬

‫‪4‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫األوائل‬

‫ّ‬ ‫شكل المسرح مع تقادم تجربته الزمنية‬ ‫واحدًا من أهم أش���كال الت���داول المعرفي‬ ‫اإلنساني ضمن صيغ فرجوية أثارت الكثير‬ ‫من حاالت الدهش���ة البصري���ة وتحول في‬ ‫كثير من األحيان إلى برلمان شعبي يناقش‬ ‫هموم الناس وأوجاعهم ويرسم عبر عوالمه‬ ‫المفترضة أحالمهم وتطلعاتهم‪.‬‬ ‫كانت وسائله وعناصره (نص ـ ممثلون‬ ‫ـ ديكور ـ أزياء ـ ألوان ـ إضاءة‪ ..‬الخ) تس���عى‬ ‫غالبًا نحو التكامل لتحقق غاياته النبيلة من‬ ‫أجل حياة إنسانية أكثر عدالة‪.‬‬ ‫ومر المس���رح كما حال الفرسان الشرفاء‬ ‫بكثي���ر من ا لتحديات فاضطهدته األنظمة‬ ‫القمعية وطاردته محاكم التفتيش وحاربت‬ ‫الكنيسة أشكاله التنويرية حتى استحكم‬ ‫العداء بين المسرح والس���لطة باعتباره (أي‬ ‫المسرح) داعية تغيير أزلية‪.‬‬ ‫ه���ذه العالق���ة الش���ائكة تمظه���رت‬ ‫بتجلي���ات مختلفة ووصلت ح���دود الصراع‬ ‫بين مسرحين أساس���يين‪ :‬مسرح أصر على‬ ‫التعارض م���ع القائم‪ ،‬ومس���رح تماهى مع‬ ‫الخطاب السلطوي السائد‪.‬‬ ‫وكذل���ك تماي���زت الوس���ائل والصيغ‬ ‫النصية والشكلية المستخدمة في التعبير‬ ‫عن المحتوى األيديولوجي لكل منهما‪.‬‬ ‫عل���ى الرغم م���ن كل ما أش���رنا إليه ظل‬ ‫المسرح لس���نوات مديدة الشكل الفرجوي‬ ‫األكثر إدهاشًا واألكثر س���حرًا وتأثيرًا‪ ،‬ولم‬ ‫تكن فقط رحل���ة خطابه النصي حارة وقلقة‬ ‫بل خطاب���ه الجمالي والبص���ري أيضًا‪ ..‬فقد‬ ‫سعى بشدة إلى مسايرة التطورات التقنية‬ ‫ومواكب���ة التغي���رات التكنولوجية الهائلة‬ ‫التي أفرزها عصر العلوم الجديدة‪.‬‬

‫لقد ظل المسرح أمينًا لإلقناع واإلدهاش‬ ‫وكان س���باقًا ف���ي اإلحس���اس بالتحديات‬ ‫اآلتي���ة ال محال���ة‪ ،‬فأعاد صياغ���ة األحداث‬ ‫الجلل واستعار من وسائل وطرائق المعرفة‬ ‫الجديدة كل المفردات التي تحل مشكالت‬ ‫خل���ق عالم س���حري وأخاذ يعب���ر عن تطور‬

‫بقلم‪� :‬أيمـــــن زيــــــــدان‬ ‫العصر وروح العصر‪.‬‬ ‫بق���ي المس���رح متباهيًا بتف���رد عالمه‬ ‫وشموخ هالته إلى أن أطلت السينما بصورها‬ ‫الش���يطانية لتثي���ر قل���ق ه���ذا المتباهي‬ ‫وتقض مضجعه‪.‬‬ ‫اس���تعان المس���رح بعد ظهور السينما‬


‫بكل وس���ائل دفاعه عن نفسه‪ .‬لم يكن الصراع في ذاك الحين‬ ‫متكافئًا‪ ..‬فاس���تنفر رجاالت المس���رح بحثًا ع���ن مصادر توازن‬ ‫للص���راع ال���ذي أصبح أمرًا واقع���ًا ال محالة‪ ..‬بعضهم اس���تعار‬ ‫الكثير من التقنيات الواف���دة والبعض اآلخر جنح نحو اإلغراق‬ ‫في البس���اطة والتبسيط‪ ..‬لكن المخاوف بقيت قائمة خوفًا من‬ ‫انحسار الطرف األهم في المعادلة الفنية‪ ..‬الجمهور‪.‬‬ ‫اس���تمرت هذه العالق���ة القلقة الخفية وحدث ما يش���به‬ ‫التحال���ف اآلن���ي لمواجهة الواف���د الجدي���د‪ ..‬التلفزيون‪ ..‬ثم‬ ‫توسعت دوائر المراهنات على كسب المتفرج بعد أن تطورت‬ ‫ً‬ ‫وسائل االتصال البصرية والسمعية تطورًا مذهال حول العالم‬ ‫إلى قرية صغيرة ووسع خيارات المتفرج الذي كان في يوم من‬ ‫األيام يرى في المسرح فرجة سحرية أخاذة‪..‬‬ ‫جملة الظروف التي وجد المس���رح نفسه فيها حرضت‬ ‫رجاالت���ه على التمس���ك بعناص���ر تفرده الخاص���ة به‪..‬‬ ‫به فق���ط‪ ..‬اللقاء الحار وا لحي والمباش���ر م���ع الجمهور‪.‬‬ ‫وشرطيته التي تتيح له إعادة تركيب العالم ومفردات‬ ‫الحياة بصيغه هو‪ ..‬وقوانينه هو‪( ..‬في المس���رح فقط‬ ‫ً‬ ‫مثال يمكن لكرسي على سبيل المثال الساذج أن يأخذ‬ ‫دالالت ال متناهي���ة عبر اس���تخداماته الالمتناهية)‬ ‫وفي المس���رح فقط يكون المتفرج شاهدا على خلق‬ ‫الصيغة الفرجوية النهائيه في كل عرض يحضره ‪.‬‬ ‫فمن حي���ث المب���دأ إذًا ال خوف على المس���رح‬ ‫كوس���يلة اتص���ال م���ن أن تهزم���ه كل اإلنجازات‬ ‫واالختراعات البش���رية بل الخوف الحقيقي عليه‬ ‫من مؤسس���اته ومن العاملين فيه‪ ...‬أنا من الذين‬ ‫ال يخف���ون قلقهم الش���ديد على المس���رح ألنه‬ ‫وبحكم تكوينه يحمل نقطة ضعفه‪ ..‬روعته أنه‬ ‫فن جماعي‪ ..‬ومصدر القلق المش���روع عليه أنه‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫إن حاجة المس���رح للمؤسس���ة هي التي‬ ‫تقلقنا عليه فقد ارتبط طوال تاريخه بمفهوم‬ ‫المؤسسة التي كانت حاضنة له وجسر عبوره‬ ‫الرئيسي للناس‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪5‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫األوائل‬


‫األوائل‬

‫كنـــــز‬

‫درامانا‬ ‫بقلم ‪ :‬ح�ســـن م‪ .‬يو�سف‬

‫نقــــاد‬

‫‪6‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫األوائل‬

‫في الفن كما في كل س���بل الحياة‪ ،‬ثمة مبدعون مس���كونون بالمستقبل يش���قون دروب الحلم‪،‬‬ ‫وآخرون مغامرون يكرسون تلك الدروب الجديدة من خالل السير فيها‪ ،‬وعندما يصبح الدرب مأمونًا‬ ‫ً‬ ‫وس���هال يأتي أخيرًا التجار الشاطرون ليستثمروا حماس المبدع وشوق المغامر‪ ،‬من خالل غمس‬ ‫«إبداع» األول في «مغامرة» الثاني بعملية محسوبة تحقق لهم الربح الطائل‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫منذ بداية الس���ينما تبدت بوضوح الطبيعة المثلثة للفنون الدرامية المرئية؛ فهي فن‬ ‫العتماده���ا على الكلمة وفن���ون األداء‪ ،‬وهي صناعة ألنها تحت���اج آالت للتصوير ومعدات‬ ‫التحضي���ر والعرض‪ ،‬وهي تجارة أيضًا ألنه البد من تس���ويق المنتج كي يس���ترد تكاليفه‬ ‫ويحقق الربح لمنتجه‪.‬‬ ‫وكما يوجد صراع في سبيل الفنون الدرامية المرئية ثمة صراع فيها بين أطوارها المختلفة‪،‬‬ ‫وهو صراع صحي شريطة عدم حسمه لصالح طرف دون آخر‪ .‬وأخطر مايمكن أن يحدث هو انتصار‬ ‫التجارة على الفن والصناعة كما حصل في كثير من األعمال خالل السنوات األخيرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قبل س���نوات كتبت مقاال بعنوان «مديح عدم الرضى» وصفت فيه ذلك الش���عور بأنه المحرك الذي‬ ‫يحفزن���ا على التج���اوز واقتحام آفاق جديدة في االب���داع‪ ،‬وألننا نريد للدراما الس���ورية أن تعزز بهاءها‬ ‫وتتجاوز ما أنجزته من خالل اإلضافة إليه باس���تمرار‪ ،‬نقول إن ماحققناه في درامانا مايزال دون الطموح‪،‬‬ ‫ألسباب عديدة‪ ،‬يأتي على رأسها فقر اإلنتاج‪ .‬إال أن عدم الرضا كما الملح‪ ،‬إن زاد عن حده أفسد الطبخة!‬ ‫بالرغم من أجواء الحرب التي تعيش���ها سورية ما يزال اإلنتاج الدرامي مستمرًا ونوعيًا في بعض‬ ‫األحيان‪ ،‬مما يعزز الثقة بمبدعي الدراما الس���ورية وبمس���تقبل هذا الفنفي بلدنا‪ ،‬لذا أتوجه‬ ‫بتحي���ة تقدير ومحبة لكل المبدعين الذين واصلوا العمل‪ ،‬وخاصة منهم أولئك الذين‬ ‫لم يستسلموا للرضى وخدر النجاح‪ ،‬كما أحيي كل من طوروا أنفسهم وهم أكثر من‬ ‫أن يع���دوا‪ ،‬متمنيًا عليهم أن ال يعبأوا بنقيق الضفادع وال نعيب الغربان‪ ،‬بل أن‬ ‫يركزوا على العمل الدؤوب الخالق‪ ،‬فبالعمل وحده يتحقق األمل‪.‬‬ ‫أعتقد أن الطبيعة الس���ورية ‪ -‬واإلنس���ان في مقدمتها ‪ -‬هي سر تألق‬ ‫الدراما التي نفتخر بها‪ ،‬فس���ورية اس���توديو طبيعي س���احر فيها الجبل‬ ‫والسهل‪ ،‬البحر والنهر‪ ،‬الصحراء والغابات كما أن طقسها المعتدل يتيح‬ ‫إمكانية التصوير في معظم أوقات العام‪ .‬لذا يتوجب علينا أن ندرك أن‬ ‫البيئة الس���ورية شريك أساسي في نجاح درامانا‪ ،‬وقد حز في نفسي‬ ‫سماع ش���كايات من أهالي بعض المناطق الطبيعية الجميلة التي‬ ‫ت���م فيها تصوير بعض األعمال ولم يحت���رم أعضاء فرق التصوير‬ ‫طبيعتها النظيفة بعد اس���تخدامها كمواقع للتصوير‪ ،‬ويؤسفني‬ ‫أن أقر بأنني رأيت مصداق ذلك بأم عيني! لذا أناشد كل المعنيين‬ ‫بهذا األمر وعلى رأس���هم الفنانين والفنيي���ن أن يحافظوا على‬ ‫نظافة المواق���ع الطبيعية التي يصورون فيه���ا‪ ،‬فبيئة الدراما‬ ‫السورية هي كنزها الحقيقي‪.‬‬


‫جــواز‬

‫سفر‬

‫بقلم ‪ :‬عبد اللطيف عبد الحميد‬ ‫في الس���ابع من أيل���ول عام ‪1989‬‬ ‫تركت أس���رتي الصغيرة في موسكو‬ ‫وع���دت إلى دمش���ق بع���د رحلة مع‬ ‫فيلم���ي األول « ليالي إبن آوى « الذي‬ ‫عرض ف���ي مهرجان موس���كو بنجاح‬ ‫كبير لدرجة أن الس���وفييت اش���تروا‬ ‫الفيلم من مؤسسة السينما بمبلغ فاق‬ ‫كلفته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫المهم‪ ،‬عدت إلى دمشق معبأ بفكرة‬ ‫فيلمي الثاني « رسائل شفهية»‪.‬‬ ‫كان أيل���ول في ذلك العام حارًا على نحو‬ ‫اليطاق ‪ ،‬وكنت أستأجر ملحقا صغيرا في‬ ‫مخي���م اليرموك ‪ ،‬وكان وض���ع الكهرباء‬ ‫في حينها على أس���وأ مايكون ‪ ،‬أعطال‬ ‫وتقنين دائمين ‪ ،‬ونظرًا ّ‬ ‫للحر الش���ديد‬ ‫ف���ي البيت بدأت أكتب س���يناريو فيلم «‬ ‫رسائل ش���فهية « عاريًا كما خرجت من رحم أميّ‬ ‫‪ ،‬نع���م كتبته عاريا وعلى ضوء الش���موع ‪ ،‬وس���ال‬ ‫قلمي ‪ ،‬ودخلت في معس���كر مغلق لمدة شهرين وأنا‬ ‫ّ‬ ‫أكتب ليل نهار ‪ ،‬واختلت س���اعتي البيولوجية ‪ ،‬فكنت‬ ‫ّ‬ ‫أتغدى في الفجر ‪ ،‬وأتناول فطوري مع غروب الش���مس ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عيني ‪،‬‬ ‫وأكتب ‪ ،‬وأتحمم ألغس���ل عرقي وأطرد النعاس من‬ ‫ً‬ ‫وأنام قليال وأش���تغل كثيرًا ‪ ،‬وماإن أنهيت المس���ودة األولى‬ ‫للسيناريو حتى لبست ثيابي ووضعت السيناريو في مكان آمن‬ ‫لمدة ثمانية أش���هر ‪ ،‬وبعد هذه األشهر الثمانية ‪ّ ،‬‬ ‫عدت لكتابة‬ ‫الصيغة النهائية للسيناريو ‪ ،‬ومن جديد دخلت في معسكر مغلق‬ ‫لمدة ش���هرين أيضا ‪ ..‬أنهيت الصيغة النهائية للس���يناريو في شهر‬ ‫تموز عام ‪ 1990‬وعلى ضوء الشموع أيضًا‪ ..‬نعم ‪ ،‬لقد كتبت هذا الفيلم على ضوء‬ ‫الشموع ‪ ..‬صورت الفيلم وأنهيته عام ‪. 1991‬‬ ‫في الحقيقة لم أكن أتوقع هذا النجاح الكبير في سوريا وخارجها ‪ ..‬لم أكن‬ ‫أتوقع أن هذا الفيلم سيكون جواز سفري الثاني حتى كتابة هذه السطور‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫األوائل‬


‫كتّ ـــابا‬

‫أحمد الخليل‬ ‫ألمى كفارنة‬

‫بين المسلسل‬ ‫والرواية‬ ‫واألدب الرفيع‬

‫طالل نصر الدين‬ ‫حلّق مـزدحمـــًا‬ ‫بالنشيد‬

‫الوجــــع الســـوري‬ ‫طبق األصـل‬

‫«بانتظار الياسمين»‬ ‫عيونه على جوائز «إيمي» العالمية‬

‫بالل شحادات‬

‫بشار إبراهيم‬

‫سالسل‬ ‫فضــــــــة‬

‫أفكــــار أولى‬ ‫عـن‬ ‫الدراما والتاريخ‬

‫حكاية لجوء‬ ‫تحكم علينا باالنتظار‬

‫عالء الدين العالم‬

‫ممدوح حمادة‪ :‬أدرك طبيعة‬ ‫الرقيب واستمتع بخديعتـه‬

‫علي وجيه‬

‫سمرقند‪ ..‬دراما‬ ‫تنصف سحر الشرق‬ ‫والخال يظلم الخيام‬

‫درامــــــا‬ ‫الوصفة الجاهزة‬


‫بالعدد‬

‫دراما‬ ‫نقــــاد‬

‫ُ‬ ‫مجلة شهرية ًتعني ًبالدراما‬ ‫ً‬ ‫ونجومها ‪..‬عرضا ونقدا وتحليال‬

‫بسام سفر‬

‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫هيئـة‬

‫التحرير‬

‫مظاهر المجتمع‬ ‫المدني‬ ‫في الدراما السورية‬

‫نبيالت حرب ينبشن‬ ‫بسكينة كبد الحقيقة‬ ‫رئي�س التحرير‪ :‬ماهر من�صور‬

‫‪manmaher19@gmail.com‬‬

‫خلدون عليا‬

‫شكران مرتجى‬ ‫وجهان لقلب واحد‬ ‫مدير التحرير‪ :‬رزان توماني‬

‫ما الذي يجعل العمل‬ ‫التلفزيوني ناجحًا؟‬

‫مجيد الخطيب‬

‫هاني أبو أسعد‪..‬‬ ‫صــوت فلسطيني‬ ‫صــرف‬

‫‪razan-toumani@hotmail.com‬‬

‫حكاية من‬ ‫حكايات أهل الوفاء‬ ‫املدير الفني‪ :‬هيثم ال�شيخ علي‬ ‫‪haithamsh71@gmail.com‬‬

‫موقع المجلة‪:‬‬

‫‪/http://drama-critics.com/emagazine‬‬ ‫صفحتنا على فيس بوك‪:‬‬

‫‪/https://www.facebook.com/Syriantvdrama‬‬ ‫ويمكنكم تصفح المجلة وتحميلها أيضًا‪:‬‬

‫‪/http://epublish4me.com‬‬

‫‪/https://issuu.com‬‬

‫المدير التقني‪ :‬م‪.‬محمد من�صور‬ ‫‪man.mhd@gmail.com‬‬


‫ممدوح حمادة‪:‬‬ ‫أدرك طبيعة الرقيب‬ ‫واستمتع بخديعتـه‬

‫نقــــاد‬

‫‪10‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسارات‬


‫حاوره‪:‬‬ ‫ماهر من�صور‬

‫توجع الدراما التي يكتبها السيناريست السوري ممدوح‬ ‫حم��ادة بنعومة‪ ،‬ذل��ك أدق توصيف لها‪ ،‬فقد اس��تطاع من‬ ‫خالل أعماله األخيرة (ضيعة ضايعة) و(الخربة) و(الحقائب‪-‬‬ ‫ضبو الشناتي) أن ينبش بالضحكة الوجع‪ ،‬وأن يحيل النكتة‬ ‫إلى بيان ألم‪.‬‬ ‫ال مكان لليافطات العريضة بثقلها األيدلوجي في دراما‬ ‫مم��دوح حمادة‪ ،‬ه��ي تغيب عن حوارات ش��خوصه ولكنها‬ ‫تنبض بتفاصيل حياتهم الصغيرة‪/‬حياتنا نحن أبناء الوطن‬ ‫البسيط‪ ،‬بوصفنا مشروع حمادة الذي ال يتغير‪ ،‬مهما تغيرت‬ ‫أدوات التعبير عنه‪...‬وعن مشروعه نتحدث‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسارات‬


‫أكت��ب بش��كل تلقائ��ي‬ ‫ولكنن��ي بطبيعـة الحال‬ ‫ال أطم��ح م��ن خ�لال‬ ‫الكتاب��ة أن أروي نكت��ة‬ ‫وحسب‪.‬‬

‫يهمن��ي ف��ي جمي��ع ما‬ ‫طرح��ت ه��و الجان��ب‬ ‫االنس��اني ال��ذي يص��ور‬ ‫معاناة اإلنسان العادي‬ ‫في زمن الحرب‪...‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪12‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسارات‬

‫أدرك ت��م��ام��ًا طبيعة‬ ‫ال����رق����ي����ب وك��ي��ف��ي��ة‬ ‫االلتفــــــــــــــاف عليـــــــه‬ ‫وأح��ي��ان��ًا أش��ع��ر بمتعة‬ ‫خديعته‪..‬‬

‫إل���ى أي حد يمكن الحديث عن عتبات في النص الدرامي الذي تكتبه‪ ،‬أبس���طها تلك‬ ‫الضحكة التي تختزن الوجع على نحو علني‪ ،‬وأبلغها مقوالت تكاد تحتش���د بين الس���طور‬ ‫حتى يخال لي أنها نص ثان ضمن النص الظاهر؟‬ ‫ال أدري كي��ف أجيب عن هذا الس��ؤال بكل صراحة‪ ،‬أنا أكتب بش��كل تلقائي‪ ،‬دون‬ ‫التفكي��ر ف��ي هذا األمر ولكنني بطبيعة الحال ال أطمح من خالل الكتابة أن اروي نكتة‬ ‫فحس��ب‪ ،‬بل أح��اول جعل الكلمة عربة أحملها بكل ما تس��مح به ق��درة هذه الكلمة‬ ‫عل��ى الحم��ل‪ ،‬ف�لا أجعل حملها ف��وق قدرته��ا لكي ال تظه��ر مفتعل��ة‪ ،‬وال أقلل من‬ ‫حمله��ا لك��ي ال تب��دو فارغة‪ ،‬وكما ف��ي اللوحات التش��كيلية فأن المش��هد الذي في‬ ‫الواجه��ة ال يعن��ي كل اللوح��ة‪ ،‬وأنا أعرف الكثير م��ن اللوحات التي ت��م تقييمها بناء‬ ‫عل��ى الخلفية‪ ،‬في النص ال��ذي يعتمد الكتابة كأداة تعبير ل��ه ال يختلف الوضع كثيرًا‪،‬‬ ‫وأظن أن االنس��ان عبر أداة التعبير األدبي��ة يمكنه أن يقدم خلفية أغنى للوحة عبر ما‬ ‫يوح��ي ب��ه من مقوالت مختلف��ة لخيال المتلق��ي الذي يعثر أحيانًا عل��ى مقوالت لم‬ ‫يتقصدها الكاتب‪ ،‬وتفوق قدرة النص األدبي في ذلك قدرة اللوحة التش��كيلية التي‬ ‫تخاط��ب البصر األمر ال��ذي يحد من قدرتها على تفعيل النش��اط الخلفي في اللوحة‬ ‫أو مانس��ميه في النص األدبي ما بين الس��طور‪ ،‬ولكن هذا يحدث بشكل تلقائي كما‬ ‫ذكرت‪ ،‬دون التخطيط المسبق للموضوع‪.‬‬


‫هل تكتب لمش���اهد زكي ورقيب ساذج‪....‬هذا انطباع تولد لدي وانا أرى عمق أعمالك‬ ‫وج���رأة مقوالتها المغلفة بالضحكة وس���ذاجة من يقولها تع���رض‪ ،‬بينما تمنع تلك التي‬ ‫تعلن على نحو مباشر تجاوزها لمحظورات الرقيب‪.‬‬ ‫الهدف من الكتابة بالنس��بة لي هو بث رس��الة ما إل��ى متلق موجود على األرض‪،‬‬ ‫ولذلك فمن المطلوب مني مراعاة ثالث نقاط مهمة وأساسية عند بث هذه الرسالة‪:‬‬ ‫أوله��ا‪ :‬وضع هذا المتلق��ي‪ ،‬وهو المتنوع قبل كل ش��يء‪ ،‬وبالتالي يجب أن تكون‬ ‫رسائلي له متنوعة في مضمونها ومستوياتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وثانيه��ا مق��ص متربص هو ما نس��ميه بالرقيب ال��ذي يقف حائال بين الرس��الة‬ ‫والمتلقي‪.‬‬ ‫وثالثها هي الوس��يلة التي تحمل هذه الرس��الة‪ ،‬وهي في حالتنا هنا التلفزيون‪.‬‬ ‫وبم��ا أن هدفي األساس��ي ه��و إيصال الرس��الة فأنا ال أجع��ل المواجهة م��ع الرقيب‬ ‫غايتي‪ ،‬فهو بوس��عه منع وصول الرس��الة الى المتلقي‪ ،‬كونه يس��يطر على الوسيلة‬ ‫ً‬ ‫الت��ي تبثها‪ ،‬فضال ع��ن أنني أدرك تمامًا طبيعة هذا الرقي��ب وكيفية االلتفاف عليه‪،‬‬ ‫بل وأحيانا أش��عر بمتعة خديعته‪ ،‬فالرقابة كآلية تش��به الى حد كبير جهاز كمبيوتر‪،‬‬ ‫ت��م توليفها على المف��ردات ال على المعاني‪ ،‬رغم أن هناك من يتجاوز ذلك في هذه‬ ‫المؤسسة أحيانًا‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪13‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسارات‬


‫ش���خوص أعمالك ش���ديدة الواقعية‪ ،‬منها ما يحتاج أن تعايش���ه لتكتب عنه بهذه الصورة‪..‬‬ ‫ولكنك مقيم في بيالروسيا‪ ،‬هل تعتمد شاهد العيان لتعوض عدم معايشتك لهذه الشخصيات‪.‬‬ ‫أع��رف الكثي��ر م��ن الش��خصيات الت��ي طرحتها ف��ي أعمالي ش��خصيًا‪ ،‬بعضه��ا عن بعد‬ ‫وبعضه��ا عن قرب‪ ،‬ولكنني أتعامل مع هذه الش��خصيات كبذرة أقوم بتنميتها لتصبح كما‬ ‫تعرفونها‪ ،‬وأقوم في معظم األحيان بتطعيم الش��خصية بشخصيات أخرى‪ ،‬كما أنني في‬ ‫بعض األحيان ال أس��تخدم الش��خصية التي أعرفها بش��كل كامل على الشاشة حيث أقوم‬ ‫بح��ذف بع��ض مواصفاتها وأبقي عل��ى مواصفات أخ��رى لغايات درامية‪ ،‬وس��أعطيك على‬ ‫س��بيل المث��ال ش��خصيتين ربما تكون��ان متناقضتين‪ ،‬ولكنني اس��تقيتهما من ش��خصية‬ ‫واح��دة ف��ي الواق��ع‪ ،‬وهما ش��خصية أس��عد في (ضيع��ة ضايعة) وش��خصية س��معان في‬ ‫(الخرب��ة)‪ ،‬أم��ا ابتعادي عن الوطن فهو ال يغير في األمر ش��يئًا فالطباع البش��رية واحدة أينما‬ ‫ذهب��ت‪ ،‬يختل��ف فقط طريقة التعبي��ر عنها‪ ،‬وبكل األح��وال فقد مررت ف��ي وطني بتجارب‬ ‫كثيرة وعايشت الناس في مختلف مجاالت الحياة ولدي مخزون كبير من الشخصيات‪ ،‬كما‬ ‫أن البلدان التي أعيش فيها ال تخلو من هذه الشخصيات أيضًا‬ ‫ف���ي العم���ارة العضوية‪ ،‬يق���وم المهندس���ون بتطوي���ر تصاميمهم وفقًا لتط���ور متطلبات‬ ‫مس���تخدميها‪ ،‬وكان الراحل نهاد قلعي يدور شخصياته وفقًا ألداء الممثلين‪....‬هل يعيد ممدوح‬ ‫حمادة بناء شخصياته أثناء التصوير‪...‬ذلك سؤال مرده شعوري ان شخصياتك تبدو أكثر التصاقًا‬ ‫بمن يؤديها لدرجة اني ال أفكر بأحد سواه للشخصية‪.‬؟‬ ‫في العادة انا أكتب دون التفكير باس��م الممثل‪ ،‬في بعض األحيان تراودني وجوه بعض‬ ‫الممثلي��ن أثن��اء كتابة الدور ولي��س بالضرورة أن تكون م��ن النجوم‪ ،‬ففي الكثي��ر من األحيان‬ ‫أتخي��ل ممثلين مغموري��ن لعبوا أدوارًا ثانوية في أعمال س��ابقة قدمته��ا‪ ،‬وأحيانا ال أعرف‬ ‫أسماءهم‪ ،‬ولكنني كما قلت في معظم األحيان ال أفكر باسم الممثل‪ ،‬غير أنني في حال بدء‬ ‫التصوير وأنا ال ازال قيد الكتابة‪ ،‬آخذ بعين االعتبار شخصية الممثل واالستفادة من مقدراته‪،‬‬ ‫او إذا تقرر تقديم جزء ثان كما حدث في ضيعة ضايعة‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪14‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسارات‬

‫مم���ا أتيح لي قراءته من قصص���ك ع صفحتك بالفيس بوك يخيل لي أنك تتبع تقنية خاصة‬ ‫في كتابة نصك الدرامي‪ ،‬كأن تترك مسافة فاصلة بين ممدوح القاص وممدوح السيناريست‪ ،‬إلى‬ ‫أي حد ذلك يمكن عد هذا األمر صحيحًا‪ ،‬وكيف لنا تلمس ممدوح ّ‬ ‫رسام كاريكاتور في االثنين؟‬ ‫أن��ا ف��ي األص��ل أكت��ب القص��ة‪ ،‬ول��دي المئ��ات م��ن القص��ص ولكن مع األس��ف بس��بب‬ ‫وج��ودي خ��ارج البل��د ال يتوفر لي قناة لنش��رها‪ ،‬حيث الصل��ة مقطوعة تمامًا بين��ي وبين دور‬ ‫النش��ر وقد س��بق لي ان نش��رت قصتي��ن طويلتين (المحط��ة األخيرة) و (جلن��ار) ومجموعة‬ ‫قصصي��ة تحت��وي على خمس وعش��رين قصة ريفي��ة (ام الطنافس)‪ ،‬وال زال ل��دي الكثير من‬ ‫القص��ص والمجموع��ات القصصية ف��ي االدراج‪ ،‬الذي يحك��م أو يخلق االخت�لاف بين كاتب‬ ‫القص��ة وكاتب الس��يناريو عندي هو األم��ور الثالثة الت��ي ذكرتها س��ابقا( المتلقي والرقيب‬ ‫والوس��يلة) ففي الس��يناريو أنت تخاطب الجميع ش��ئت أم أبيت وشاؤوا أم ابوا‪ ،‬في القصة‬ ‫رس��التك تصل فقط لمن يريد اس��تالمها‪ ،‬في الدرام��ا التلفزيونية الرقيب يملك الس��يطرة‬ ‫على الوس��يلة االعالمية التي س��تنقل الرس��الة‪ ،‬في مج��ال القصة أنت متح��رر منه‪ ،‬فهو إن‬ ‫منعها هنا ستنش��رها هناك‪ ،‬وهو إن منع الكتاب س��يجد هذا الكتاب رواجًا ويمكن تداوله‬ ‫عب��ر قنوات غير رس��مية‪ ،‬أما العمل الدرامي ف��إن تم منعه فأنه يدفن أحيان��ًا‪ ،‬لهذا كله فان‬ ‫سلطة الرقيب هنا أقل سطوة‪ ،‬وهذا كله يجعلني حرًا في القصة أكثر‪.‬‬ ‫بالنس��بة للكاريكاتير أنا مارس��ته في مرحلة س��ابقة م��ن حياتي هي المرحل��ة الطالبية‬ ‫حيث كنت أنش��ر في بعض الصحف البيالروسية ولكن الكاريكاتير كان دائمًا يشكل هواية‬ ‫لي ولم أكن أسعى إلى االحتراف فيه‪ ،‬حتى أن الكثير من رسومي كنت أنشرها وقد نسيت‬ ‫توقيعه��ا‪ ،‬وف��ي ه��ذه الفترة أنا ال أرس��م نهائيا‪ ،‬وربما أع��ود إلى ذلك الحق��ًا إن وجدت مبررا‬ ‫لذلك‪ ،‬بالكاريكاتير دون وس��يلة نش��ر يموت‪ ،‬وال معنى لممارسة هذا الفن ان لم يكن هناك‬ ‫منبر دائم يقدم رسومك للناس‪.‬‬


‫هناك عملية تشريحية‬ ‫ف��ي «الخرب��ة» تتح��دث‬ ‫ع��ن الط��رق المس��دودة‬ ‫التي كانت ستؤدي في‬ ‫نهاي��ة المط��اف الى ما‬ ‫رأيناه في نهاية العمل‪.‬‬

‫أكت��ب دون التفكي��ر‬ ‫باس��م الممث��ل ف��ي‬ ‫بعض األحي��ان تراودني‬ ‫وج��وه بع��ض الممثلين‬ ‫أثن��اء كتابة ال��دور وليس‬ ‫بالض��رورة أن تك��ون من‬ ‫النجوم‪..‬‬ ‫نص «الحقائب» هو من آخر نصوصك فيما عرف بدراما األزمة‪ /‬الثورة‪ ....‬لكنني أكاد أجزم أنك أول‬ ‫من كتب في هذه الدراما من خالل مسلس���ل «الخربة»‪ ،‬ه���ل تتفق معي‪..‬؟ ورغم اني اعتبر الخربة هو‬ ‫المسلس���ل االول بمضمونه ال بظاهره عن «الحدث السوري الساخن» إال أني اعتقد أن المشهد األخير‬ ‫الواقعي لما يجري اليوم على االرض لن يختلف كثيرًا عن المشهد األخير للخربة‪.‬‬ ‫نع��م صحي��ح الخربة ورغم أن��ه كتب قبل ذل��ك بعدة س��نوات كفكرة وملخ��ص وما يقارب‬ ‫‪ 15‬حلق��ة كتب��ت أيض��ا قبل ح��دوث أي ش��يء إال أنه ارتكز كثي��رًا على ما جرى ف��ي تونس ومصر‬ ‫ً‬ ‫وكان محاولة لتصور الشيء نفسه إن حدث في سورية‪ ،‬وهو ما حدث فعال اثناء تصوير العمل‬ ‫وكتابة الحلقات األخيرة منه‪ ،‬وفي متن العمل كان هناك عملية تش��ريحية تتحدث عن الطرق‬ ‫المسدودة التي كانت ستؤدي في نهاية المطاف الى ما رأيناه في نهاية العمل‪.‬‬ ‫نص الحدث الس���وري الس���اخن لمن كتبه ممدوح حمادة وسيكتبه‪ ،‬والجمهور بات منقسمًا بين‬ ‫مؤيد ومعارض وما بينهما او حيادي تجاههما او متمرد عليهما؟‬ ‫م��ا يهمني في جميع ما طرحت هو الجانب االنس��اني الذي يصور معاناة اإلنس��ان العادي‬ ‫ف��ي زم��ن الحرب‪ ،‬وبما أن المعاناة تقع على الجميع فأنن��ي اعتبر أن نصي موجه للجميع‪ ،‬ولكن‬ ‫أي عم��ل بطبيعة الحال ال يس��تطيع أن يغطي كل النقاط المتعلق��ة بموضوعه‪ ،‬ولذلك أكتفي‬ ‫باإلش��ارة إلى مختلف القضايا بش��كل مكث��ف‪ ،‬وتقديمها بالصورة التي تك��ون فيها أقل أذى‪،‬‬ ‫انطالقًا من نوع العمل نفس��ه الذي يحتوي على مس��حة كوميدية‪ ،‬وم��ن العوامل الثالثة التي‬ ‫تحدثت عنها في البداية والتي تحكم أي عمل درامي‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪15‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسارات‬


‫حدثالشهر‬

‫“بانتظار الياسمين”‬ ‫عيـونـه عــلى "إيمي" العالميـــة‬

‫نقــــاد‬

‫‪16‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫حدث‬ ‫الشهر‬

‫بل�غ المسلس�ل الس�وري «بانتظار الياس�مين» للمخرج س�مير حس�ين والكاتب أس�امة‬ ‫كوكش مرحلة التصفيات النهائية من ضمن جوائز إيمي العالمية التي تنظمها األكاديمية‬ ‫الدولي�ة للفن�ون التلفزيوني�ة‪ ،‬إلى جانب ثالثة مسلسلات م�ن كندا واألرجنتي�ن وألمانيا‪،‬‬ ‫ليتناف�س معه�ا على الجائزة الذهبية ألفضل ألفضل مسلس�ل أجنبي‪ ،‬والتي سيكش�ف‬ ‫عن اسم الفائز بها خالل حفل توزيع الجوائز في نيوورك بتاريخ ‪ 20‬تشرين األول ‪.2016‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪17‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫حدث‬ ‫الشهر‬


‫الوجع السوري‬ ‫طبــــق األصــل‬ ‫تقتنص دراما «بانتظار الياسمين» للمخرج سمير حسين والسيناريست‬ ‫أسامة كوكش الوجع السوري من وسط لهيب النار‪ ،‬على نحو تبدو حكاية‬ ‫العمل جزءًا من خالصة المرارة والمأساة السورية‪.‬‬ ‫يتراجع الجدل السياس���ي بين مؤيد ومع���ارض‪ ،‬كما أصوات‬ ‫االقتت���ال ودخان القص���ف إلى الجان���ب الخلفي م���ن حكاية‬ ‫العمل لصالح مس���ار درامي حزين لضحاي���ا الحرب اليومية في‬ ‫سورية‪ ،‬أولئك الذين يتقاس���مون الوجع والبرد والفقد والموت‬ ‫بوصفه الخبز السوري اليومي الذي يتناوب عليه مؤيدو النظام‬ ‫والمعارضة في سورية ومعهم أولئك الذين يقفون على الحياد‬ ‫في المعركة‪ ...‬تلك هي فاتورة يدفعها جميع السوريين اليوم‪،‬‬ ‫ولعلها الشيء الوحيد الذي لم يزل يجمعهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تتضخ���م جرع���ة الميلودرام���ا ف���ي مسلس���ل «بانتظار‬ ‫الياس���مين»‪ ،‬فيم���ا تبدو جمي���ع ش���خصيات حكاياتها أقرب‬ ‫إلى الم���وت منه إلى الحياة يتأرجحون بي���ن األلم واألمل‪ ،‬في وقت‬ ‫تستنزف القذائف أجسادهم بانتظار خالص ال يأتي‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪18‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫حدث‬ ‫الشهر‬


‫لم يختر أي من أبطال «بانتظار الياس���مين» قدره الذي أودى به‬ ‫للس���كن في حديقة عامة مع آخرين‪ ،‬وفي الحديقة ستسقط أسماء‬ ‫األماكن التي جاؤوا منها‪ ،‬ويذوب طرفا الصراع في الوجع الواحد دون‬ ‫أن يجمعهما‪ ..‬وحدها الصورة تعلن انتماءها إلى الجميع‪.‬‬ ‫ورغ���م أن الحكاية تب���دي أحيانًا انحيازها لط���رف دون آخر في‬ ‫الحرب الس���ورية اليوم‪ ،‬إال أنها بالنهاية ال تعلي إال من شأن الوجع‪،‬‬ ‫تاركة تحديد مالمح مسببه النهائية ليرسمها مشاهدو المسلسل‬ ‫ٌ‬ ‫كل حسب اصطفافه السياسي‪ ..‬على نحو يوحي بأن حكاية «بانتظار‬ ‫الياس���مين» تراهن على أن ينجح إحس���اس الجميع بالوجع الواحد‬ ‫بتحقيق ما عجزت عنه طاوالت الحوار وميادين المعارك‪.‬‬ ‫إنه رهان على الوجع الس���وري اليومي ال متاجرة استهالكية به‪،‬‬ ‫وال قولبته ضمن طرف واحد دون س���واه من طرفي الصراع‪ ،‬ولنتذكر‬ ‫كم تتش���ابه صرخات األمهات عل���ى كامل الخارطة الس���ورية‪ ،‬مع‬ ‫صرخة لمى (س�ل�اف فواخرج���ي) المفجوعة بذب���ح زوجها على يد‬ ‫«داعش»‪« :‬ليش ذبحوه‪ ..‬كرمال ربطة خبز يا الله‪ ..‬خبز يا الله‪ ..‬خبز»‪...‬‬ ‫ألم تتردد صدى تلك الصرخة في أكثر من مكان سوري اختلط فيه‬ ‫رغي���ف الخبز بالدم‪ ...‬ولهذا الس���بب ال يملك متابع حكاية‬ ‫«بانتظار الياسمين» إال أن يتعطاف مع أبطالها‪،‬‬ ‫فهم صورة لواقع حال عاش���ه أو شاهده أو‬ ‫س���مع عنه‪ .‬وجميع أحداث وشخصيات‬ ‫المسلس���ل هي ليس���ت م���ن وحي‬ ‫خيال المؤل���ف وأي تش���ابه بينها‬ ‫وبي���ن الواقع هو من ليس من قبيل‬ ‫الصدفة‪ ،‬ويمت للواقع بكل الصلة‪.‬‬ ‫حميمي���ة ه���ذا التعاط���ف‬ ‫اإلنس���اني كان���ت أكث���ر األم���ور‬ ‫المدروسة في كاميرا المخرج سمير‬ ‫حس���ين‪ ،‬وقد قدم ه���ذا األخير رؤية‬ ‫بصري���ة تلتزم ب���روح الن���ص وتضفي‬

‫عليها‪ ،‬وفي هذا العمل يتخلى المخرج حس���ين عن تقنية «الكاميرا‬ ‫المتلصصة» في التصوير التي لطالما اعتمدها في أعماله والسيما‬ ‫في مسلس���له «وراء الش���مس»‪ ،‬وذلك ليدخل والمش���اهد في عمق‬ ‫المش���هد‪ ،‬وكأنه بذل���ك يريد أن يقول للمش���اهد أنت جزء من هذا‬ ‫المشهد‪ ،‬ولست مجرد متفرج عليه‪.‬‬ ‫القراءة اإلخراجية رغم حجم المرارة والفاجعة في حكاية العمل‪،‬‬ ‫ال تخل���و من ميل إلب���راز بعض من الجماليات الفنية‪ ،‬والس���يما في‬ ‫نهاية العمل‪ ،‬حيث يس���تغل المخرج حسين تساقط الثلج لصالح‬ ‫تصوير مش���هد طويل على إيقاع أغنية «يا طير س���لملي عسورية»‬ ‫للفن���ان معن الدندش���ي‪ ،‬يختزن طاق���ة وجدانية بإحس���اس عال‪،‬‬ ‫ويتجاوز النص المكتوب نحو نص مواز عن سورية الحضارة اإلنسان‬ ‫‪ ،‬تختصره كلمات األغنية‪ ،‬وذلك نص تكاملت مقولته مع المشاهد‬ ‫الخاصة بش���خصيتي «سها» و»حس���ام» اللتين جمعتهما في أكثر‬ ‫من مكان أثري في دمش���ق‪ ،‬وطبيعة حواراتهما‪ ،‬والس���يما حوارهما‬ ‫عن ثالثية «العقل واإليمان والحب التي من شأنها أن تزيح أي قلق‬ ‫وخوف»‪.‬‬ ‫في «بانتظار الياس���مين» ثمة جهد تمثيل���ي كبير للفنانة‬ ‫سالف فواخرجي‪ ،‬وأداء عميق للفنان غسان مسعود(أبو‬ ‫س���ليم) وش���كران مرتجى(أم عزيز) وأيمن رضا(أبو‬ ‫الش���وق)‪ ،‬ومالم���ح ش���راكة وثنائية م���ن طراز‬ ‫خ���اص للفنانين محمد حداق���ي (نزار) وأحمد‬ ‫األحمد(بريمو)‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪19‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫حدث‬ ‫الشهر‬


‫حكاية لجوء‬ ‫تحكم علينــا باالنتظار‬ ‫رزان تومـــــاني‬

‫نقــــاد‬

‫‪20‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫حدث‬ ‫الشهر‬

‫وكأن الدراما السورية اليوم تشبه مواطنها‬ ‫ال���ذي فاج���أه اللج���وء فتهاوى ف���ي عالم من‬ ‫الاليقين‪ .‬حكايتها تشبه لجوءه البارد المر‪.‬‬ ‫فجأة وجدت الدراما نفسها في بيئة ليست‬ ‫بيئتها وعالم ال يش���به عوالمها‪ .‬وتفرق أفراد‬ ‫ٌ‬ ‫أس���رتها كل في بلد فلم تس���تطع حتى اآلن‬ ‫لملمة بيتها المبني من لحم ودم قبل الحجارة‪.‬‬ ‫خروج األعمال السورية من بيت الدراما الذي‬ ‫كانت ملكته كخروج السوري من بيته‪/‬مملكته‪.‬‬ ‫بح���ث دائم عن الذات بعد‬ ‫كالهما في محاولة‬ ‫ٍ‬ ‫أن كان���ا ملكين في مس���احة أمانهما الخاصة‪،‬‬ ‫فما ميز العائلة والدراما السورية هو واحد‪ :‬إنه‬ ‫البوتقة الس���ورية العجيبة التي يتفاعل فيها‬ ‫القليل من كل ش���يء بخلطة سحرية ومبتكرة‬ ‫تعطي منتوجًا» يفاجئ حتى صانعيه‪ .‬فإن كان‬ ‫ما ميز الدراما المصرية البطولة األحادية سواء‬ ‫كانت بطولة الممثل أو المخرج أو الكاتب‪ ،‬فإن ما‬ ‫ميز الدراما السورية هو العمل الجماعي وادراك‬ ‫السوريين لمفرداته وإبداعهم في استخدامها‬ ‫كما لم يفعل احد من قبل‪ .‬ففي العمل السوري‬ ‫بشكل عام إن كان النص متواضعًا» يسنده –إن‬ ‫ص���ح القول‪ -‬اإلخراج أو مهارة الممثل والعكس‬ ‫بالعك���س ‪ .‬فما بالك إن اجتم���ع نص مميز مع‬ ‫إخراج مميز مع ممثلين مبدعين؟‬ ‫ه���ذه المهارة اكتس���بها الس���وريون من‬ ‫عائالته���م وبيوتهم‪ ،‬فقد كان القليل من هنا‬ ‫وهن���اك يكفي األس���رة لتكون بأحس���ن حال‬ ‫فيتعلم أبناؤها أفض���ل تعليم ‪ .‬بيوتنا كانت‬ ‫فقيرة ولكنها نظيفة ‪ ،‬مرتبة ‪ ،‬دافئة ال تش���به‬ ‫رفاهية الخليج وال ب���رودة الغرب‪ .‬واالهم أنها‬ ‫مليئة بقص���ص النجاح‪ ..‬أتذك���ر عندما كنت‬ ‫أرس���ل مقاالت عن الش���باب لجريدة الس���فير‬ ‫كانت فق���رة ناجحون وكذلك فقرة قصة نجاح‬

‫في التلفزيون الس���وري هي األسهل ألنني لم‬ ‫أك���ن بحاجة ألبحث عن قص���ص النجاح كانت‬ ‫قص���ص نجاحاتهم في كل م���كان وكثيرًا ما‬ ‫تأتي إلي فألتقطها دون جهد‪..‬‬ ‫وبالع���ودة إلى الدرام���ا فأن���ا أرى واقعها‬ ‫كصورة ايالن وعمران ف�ل�ا الذي خرج عاش وال‬ ‫ال���ذي بقي نجا‪ .‬فما بقي من الدراما الس���ورية‬ ‫ّ‬ ‫وصور منها داخل سورية متحديًا كل العقبات‬ ‫من إيج���اد أماكن تصوير آمنة إلى مش���اكل‬ ‫اإلنتاج والتس���ويق وغيرها‪ ،‬ف���إن نجح بتجاوز‬ ‫ه���ذا وذاك أضناه االفتقار إلى الكوادر الفنية‬ ‫والمهنية‪.‬‬ ‫أما من خرج منها وخاصة تلك الدراما التي‬ ‫حاولت االندم���اج بالدراما اللبنانية أو المصرية‬ ‫فكان كمن حاول قصقصة الزوائد منه لتطابق‬ ‫ً‬ ‫العمل‪،‬فقص أجنحته بدال من تشذيبها‪.‬‬ ‫ربما كان كل م���ا أراده إيالن وعمران هو أن‬ ‫يكون���ا معًا‪ .‬يلعبان معًا ويتأث���ران ويتفاعالن‬ ‫معًا‪ .‬أو ربما هي مجرد مرحلة انتقالية سيقدم‬ ‫ً‬ ‫الس���وري من بعده���ا مث���اال جدي���دًا للعالم‬ ‫على الجب���روت واإلصرار وعلى أن���ه قادر على‬ ‫ال���والدة واالبداع من جدي���د أينما كان وكيفما‬ ‫كان‪ ،‬ولكن���ه بحاجة لمزيد من الوقت ليهضم‬ ‫المتغي���رات م���ن حوله ويتأقل���م معها‪ ،‬يفك‬ ‫مفرداته���ا ويبدع من جديد‪ ،‬ليكون الس���وري‬ ‫متفوق���ًا ومميزًا من جديد دراميًا كما هو علميًا‬ ‫وعمليًا وقبل هذا وذاك انسانيًا‪.‬‬ ‫فتذكروا دومًا أنه يصطحب خلطته السحرية‬ ‫مكان ما‪ ،‬ينتظر ليتقن‬ ‫أينما ذهب‪ ،‬يخفيها في‬ ‫ٍ‬ ‫لغة أو لينهي معامالت وأوراق معينة أو ليفهم‬ ‫بيئة جديدة ثم يظه���ر خلطته تلك في الوقت‬ ‫المناسب لتفاجئ الجميع‪.‬‬ ‫نحن باالنتظار‪.‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪21‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫حدث‬ ‫الشهر‬


‫بـين فـــوزيــــــة و شقيقتهــــا التــــوأم‬

‫شكران مرتجى‬ ‫وجهان لقلب واحد‬ ‫خلدون عليا‬ ‫تخوض النجمة الس���ورية شكران مرتجى هذا الموسم تحديًا حقيقيًا‬ ‫مع نفس���ها ومع أدواته���ا وربما مع تركيبتها النفس���ية كممثل���ة ‪ ..‬ربما‬ ‫ستعاني شكران من فصام نفسي تمثيلي وربما هو أصعب أنواع الفصام‪،‬‬ ‫فهو ليس مدرجًا في القام���وس الطبي المعروف‪ ،‬ولكن يمكن ادراجه في‬ ‫قانون مبادئ التمثيل‪.‬‬ ‫شكران ستخوض هذا الموسم وكما علمنا تجربة اداء الشخصية التوأم‬ ‫لش���خصية فوزية في الجزء التاس���ع من مسلسل «باب الحارة» الذي يجري‬ ‫تصويره حاليًا ‪ ...‬وبغض النظر عن مالحظاتنا التي ال تعد و ال تحصى على‬ ‫العمل فأننا ال نختلف على حالته الجماهيرية والتي تبقى لغاية اآلن غير‬ ‫مفهومة أو حتى غير مبررة فنيًا على األقل ‪.‬‬ ‫بالطبع ش���كران ليست الممثلة االولى التي تخوض هذه التجربة ولكن‬ ‫حالة التوأم الكومي���دي تبقى لها خصوصيتها األهمية األكبر تكمن في‬ ‫منافس���ة الممثل لنفسه بأداء ش���خصية يعرفها و أحبها الجمهور‪ ،‬وبناء‬ ‫الكاركتر الكوميدي ليس باألمر بالسهل فكيف األمر ببناء شخصيتين من‬ ‫روح واحدة‪ ..‬هنا المهمة األصعب والتي تكمن في تقسيم هذه الروح غلى‬ ‫قسمين مختلفين لكنهما يسعيان لهدف واحد هو الخروج من عباءة كل‬ ‫شخصية وإضافة شيء مميز لألخرى ‪.‬‬ ‫هكذا س���يظهر لفوزية ش���قيقة توأم قادمة من فلسطين وستدخل‬

‫نقــــاد‬

‫‪22‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫قبل‬ ‫العرض‬

‫الت���وأم في تج���ارة مع أبو بدر (محم���د خير الجراح) س���تؤدي في النهاية‬ ‫لخسارته كل ما كسبه من الميراث ‪.‬‬ ‫ومع فوزية وشقيقتها اختارت شكران اختارت اللعب على حد السكين‪،‬‬ ‫وأن تنافس نفسها في اكثر أنماط الدراما خصوصية‪ ،‬ومن يعرف و يتابع‬ ‫أداء ش���كران يدرك تمامًا ان هذه الممثل���ة تعمل من قلب مفعم بالعطاء‪،‬‬ ‫من روح واثبة و من موهبة ال تزال هي المس���يطرة على تيمة ادائها بغض‬ ‫النظر عن االحتراف ‪.‬‬ ‫ش���كران تجيد كثيرًا اللعب في المس���احات المح���دودة وتجيد صنع‬ ‫مساحات لنفسها فيها‪ ،‬لكن يبقى الخطر موجودًا فالتنافس مع شخصية‬ ‫معروفة كسبت محبة الجمهور ليس باألمر بالسهل إطالقًا ‪...‬‬ ‫ش���كران مرتجى س���تكون أمام تحد م���ن نوع أخر ‪ ..‬تح���د جديد في‬ ‫مس���يرتها شخصيًا ‪ ...‬تحد في عمل كل تفاصيله باتت مكشوفة ومراقبة‬ ‫م���ن قب���ل الجمهور الذي ورغ���م متابعته للعمل ال يف���وت أدنى تفصيل‬ ‫النتقاده ربما بحكم ش���هرته‪ ،‬فهل تستطيع شكران بخبرتها وموهبتها و‬ ‫روحها أن تثبت انها تستطيع أن تتفوق على نفسها‪..‬؟‬ ‫علينا ان ننتظر فرغم التفاؤل بأداء ش���كران يبقى العرض التلفزيوني‬ ‫هو س���يد األحكام‪ ،‬وكلنا أمل أن نرى قلب شكران الواحد ينبض بوجهين‬ ‫مختلفين‪.‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪23‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫قبل‬ ‫العرض‬


‫دراما «الجديد»‬ ‫علي وجيه‬

‫من��ذ بضع��ة س��نوات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أنجزت وصديقي رامي كوسا‬ ‫‪ 17‬حلق��ة من ّ‬ ‫ن��ص تلفزيوني‬ ‫ُ‬ ‫بعن��وان «األرق»‪ .‬كن��ت‬ ‫ّ‬ ‫ح��ادة تجاه‬ ‫مش��حونًا بنظ��رة‬ ‫َ‬ ‫ما ُيصنع في الدراما السورية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫على اعتبار أنه ُ«ي َمل» من هذه‬ ‫القوال��ب المك��رورة‪ ،‬إلى درجة‬ ‫باتت حكاية ّ‬ ‫أي عمل ومساره‬ ‫بل وجزء من حواراته متوقعًا‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪24‬‬

‫نج��اح «الجدي��د» بحاجة‬ ‫ماسة إلى اقتناع وتبنّ ي‬ ‫ّ‬ ‫ألي‬ ‫العناص��ر البديهي��ة ّ‬ ‫مسلسل‪ :‬شركة اإلنتاج‬ ‫والممثّ لين والمخرج‪.‬‬

‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬

‫يبق��ى مب��دأ «الجدي��د»‬ ‫ف��ي الدرام��ا باعث��ًا عل��ى‬ ‫التف��اؤل‪ .‬أيه��ا الصان��ع‪:‬‬ ‫هل تمتلك الشجاعة؟‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمك ُ‬ ‫نت من إقناع شريكي بضرورة الهرب من معتقل السائد والـ «كليشيه»‪ ،‬متأثرًا بمخزون هائل‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫من أفالم ّ‬ ‫متنوعة الجنسيات ومسلسالت أميركية شهيرة‪ .‬مع تواتر الحلقات‪ ،‬ظننا أننا نسطر اإللياذة‬ ‫الجديدة‪ ،‬أو مهدي الدراما المنتظر‪ .‬ما حصل ّأن النص لم يثر حماسًا عند التسويق‪ ،‬بسبب استغراب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القراء من التكنيك والعوالم‪ .‬جواب الخبراء جاء واضحًا‪« :‬لن يخاطر أحد بتبني س���يناريو كهذا»‪ .‬بكل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مراهقة ونزق‪ ،‬اعتبرنا أننا الصواب وأصحاب الرؤية الرائدة التي لم يتمكن أحد من اللحاق بها‪ .‬اليوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أدرك خطأ ما كنا عليه‪ .‬الجديد ال يكون بجلب عوالم وأساليب بعيدة تمامًا عن محيطنا وطرق تفكيرنا‪،‬‬ ‫بل بالتنويع الواعي على ما يمكن للمش���اهد أن يتفاعل معه‪ .‬للجانب التقني جديده أيضًا‪ ،‬خصوصًا‬ ‫ّ‬ ‫أننا نعاني قصورًا مخيفًا في هذا المجال‪.‬هذا بحث آخر ال مجال للخوض فيه اآلن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ولك���ن‪ ،‬هل يعني هذا الرك���ون إلى ما مللنا منه فعال؟ كيف نخرج ع���ن دراما «الوصفة الجاهزة»‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫المكونات والمقادير إلى «الجديد» ش���كال ومضمونًا؟هل يقدم الصانع الذي هلل‬ ‫التي باتت معروفة‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ل���ـ «أفراح ّ‬ ‫القبة» على مغامرة مماثلة؟ هل نحن بحاجة إلى ذلك أصال؟ ش���خصيًا‪ ،‬اختبرتبناء الخطوط‬ ‫التقليدي في «عناية مش���ددة»‪ ،‬والمختلف الذي يقترح بحثًا وتجريبًا في الزمان والمكان في «أحمر»‪،‬‬ ‫وكالهما مع الش���ريك يامن الحجلي‪ .‬من التجربة األخيرة‪ ،‬أقول ّإن نجاح «الجديد» بحاجة ّ‬ ‫ماس���ة إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتبني العناصر البديهية ّ‬ ‫ألي مسلس���ل‪ :‬شركة اإلنتاج والممثلين والمخرج‪ .‬في «أحمر»‪ ،‬آمنت‬ ‫اقتناع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الممثلين ّ‬ ‫تحمسوا بكل كيانهم‪ ،‬فيما عمل‬ ‫الجهة المنتجة بالمش���روع‪ ،‬ووفرت له كل ما يلزم‪ .‬بعض‬ ‫آخرون ّ‬ ‫ضده من أجل حساباتهم الشخصية‪ .‬المخرج حضر بأثر سلبي‪ .‬النتيجة جاءت دون التوقعات‬ ‫والطموح‪ .‬ال ّ‬ ‫س���ر في ّأن العديد من المنتجين والمخرجين فقدوا الحماس لدراما «الجديد» إثر تجربة‬ ‫كهذه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالمقابل‪ ،‬تبش���رنا بداية الموس���م بتجربة في دراما الرعب ‪ Horror‬ه���ي «الرابوص»‪ ،‬إخراج إياد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نحاس عن نص لس���عيد الحناوي‪ .‬بغض النظر عن النتيج���ة التي نترقبها لدى العرض‪ ،‬ومع ضرورة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التنب���ه إلى ّأن التلفزي���ون يدخل كل بيت‪ ،‬يبقى مبدأ «الجديد» في الدرام���ا باعثًا على التفاؤل‪ .‬أيها‬ ‫الصانع‪ :‬هل تمتلك الشجاعة؟‬


‫نقــــاد‬

‫‪25‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬


‫أفكــــار أولى عــــــن‬

‫الدراما والتاريخ‬ ‫ب�شار �إبراهيم‬

‫ً‬ ‫تب��دو العالق��ة ما بين الدرام��ا والتاريخ على غاي��ة من التعقيد والتش��ابك‪ ،‬بخاص��ة وأن كال منهما ال‬ ‫يتمت��ع بالصفاء الذي يمكن االطمئنان إلي��ه‪ ،‬وال بالجزم الذي يمكن االتكاء عليه‪ .‬فالتاريخ‪ ،‬على ما يمكن‬ ‫الركون إليه من مروياته‪ ،‬ال يقف عند سيرة واحدة‪ ،‬بل لعلنا أقرب إلى قول الروائي اللبناني إلياس خوري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫لك أنني‬ ‫في س��رديته الباذخة المعنونة برواية «باب الش��مس» (دار اآلداب‪ ،)1998 ،‬عندم��ا قال‪« :‬أعترف ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واحدة‪ .‬التاريخ له عش��رات الروايات المختلفة‪ ،‬أما حين‬ ‫رواية‬ ‫خائف‪...‬فأن��ا أخاف تاريخًا ال يملك س��وى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫جم ُ‬ ‫موارة ّ‬ ‫يقود إال إلى الموت»‪ .‬والدراما ليس��ت إال عملية مس��تمرة‪ّ ،‬‬ ‫ُي َّ‬ ‫وفوارة‬ ‫واحدة‪ ،‬فإنه ال‬ ‫رواية‬ ‫��د ف��ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بالتح��والت والتغيي��رات‪ ،‬إلى درجة ال يمك��ن معها القول بطريقة أو آلية أو أس��لوب ال تعثر الدراما على‬ ‫ّ‬ ‫عصي على اإلحصاء والذكر في هذا السبيل‪.‬‬ ‫غيره في تعاملها مع التاريخ‪ ،‬بل ثمة ما هو‬ ‫ليس ثمة من تاريخ واحد إزاء ّ‬ ‫أي من وقائعه‪ ،‬بل ثمة رواية السلطة‪ ،‬وسلطة كتابة التاريخ وفق الهوى‪،‬‬ ‫التي غالبًا ما تكون متكيفة مع القوى المهيمنة‪ ،‬واستطاالتها‪ ،‬وروايات أخرى لمضاداتها‪ ،‬بينما ال شك‬ ‫ف��ي أن ثمة ح��ال العث��ور على واقع��ة تاريخية‬ ‫حدث��ت‪ ،‬فمن الممك��ن النظر إليه��ا من زوايا‬ ‫متع��ددة‪ ،‬تتواف��ق حين��ًا‪ ،‬وتتناق��ض ف��ي‬ ‫أحيان أخرى‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪26‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬


‫الفكرة األساس���ية ف���ي كتابة التاري���خ‪ ،‬أن المرويات الس���ائدة هي‬ ‫تل���ك التي تنتمي إلى ُم���راد المنتصر غالبًا‪ .‬التاري���خ يكتبه األقوياء‪ ،‬وما‬ ‫بين أيدينا من تواريخ ليس���ت س���وى ما أراد أحدهم تمريره‪ ،‬حتى لو كان‬ ‫ّ‬ ‫وستترس���خ تاليًا باعتبارها تاريخًا‪ ،‬إال عندما تتوفر اإلرادة‬ ‫مجرد تلفيقات‪،‬‬ ‫إلع���ادة كتابته‪،‬بنقض المرويات التي ج���رى الركون إليها‪ ،‬وإعادة صياغة‬ ‫ّ‬ ‫السرديات‪ ،‬بفضها‪ ،‬واقتراح سياقات مختلفة‪.‬‬ ‫ومنذ أن نش���أت الدرام���ا‪ ،‬بأنواعها‪ ،‬كان التاريخ أح���د ّ‬ ‫أهم مقاصدها‪،‬‬ ‫ال فرق في هذا بين الش���عر والمس���رح‪ ،‬من���ذ ما قبل الميالد‪ ،‬والس���ينما‬ ‫والتلفزيون‪ ،‬مطالع القرن العشرين‪ ،‬على رغم أن الدراما‪ ،‬في اتجاهها هذا‪،‬‬ ‫لم ّ‬ ‫تميز كثيرًا بين ما يمكن أن ندعوه «ما قبل التاريخ» (خرافات وأساطير)‪،‬‬ ‫و«التاريخ» (األحداث والوقائع)‪ ،‬و«التاريخ الموازي» (سير ومالحم شعبية)‪،‬‬ ‫و«ما بعد التاريخ» (الخيال األدبي والعلمي والقيامي)‪ ،‬واكتفت بفكرة أنها‬ ‫جميعًا يمكن أن تكون جميعها مصدر حكايات‪ ،‬ومنبع إلهامات‪.‬‬ ‫وزاد من هذ االش���تباك والتعقيد‪،‬س���ؤال التداخل‬ ‫ما بي���ن «التاريخي» و«الدين���ي»‪ ،‬بخاصة مع‬

‫إش���كالية عدم الق���درة على وضع الحدود الفاصلة م���ا بينهما‪ ،‬على األقل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫م���ن خالل االنتب���اه إلى أن ليس كل تاريخي هو دين���ي بالضرورة‪ ،‬وال كل‬ ‫دين���ي يمكن له أن يكون تاريخيًا أيض���ًا‪ ،‬وبالتالي ضرورة التمييز ما بين‬ ‫لاّ‬ ‫«النص���وص الدينية» و«الس���ج ت التاريخية»‪ ،‬والتعام���ل مع كل منهما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫باعتباره حقال مستقال بذاته‪ ،‬حتى لو كان ثمة تداخالت‪ ،‬يمكن لها دائمًا‬ ‫أن تخضع لالمتحان‪.‬‬ ‫ف���ي دراما «ما قبل التاريخ» حضرت الخرافات واألس���اطير واألعاجيب‬ ‫والمعج���زات‪ ،‬هذه التي تتم غالبًا بمس���اهمة من ق���وى خارقة للطبيعة‪،‬‬ ‫وتتداخل فيه���ا العناصر الواقعية بما فوق الواقعية‪ .‬وهي تكاد تتناظر‪،‬‬ ‫من حي���ث التقاطب‪ ،‬مع دراما «م���ا فوق التاريخ» المس���تندة إلى خياالت‬ ‫أدبية وعلمية واستش���رافات مس���تقبلية يمكن أن يكون لآللة والتقنية‬ ‫حضوره���ا ودورها‪ ،‬ليس���تمر ف���ي كليهما حض���ور األس���طورة والخرافة‬ ‫واألعجوبة والمعجزة‪ ،‬ولكن باس���تبـــــدال القـــــوى الخارقة للطبيعة‬ ‫الت���ي صنعتها اآللهة‪ ،‬بقوى مادي���ة آلية أو تقنية‬ ‫صنعها اإلنسان‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪27‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬


‫نقــــاد‬

‫‪28‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬

‫مع هذين الطرازين من الدراما (قبل التاريخ‪ ،‬وبعده)‪ ،‬يقوم فعل التلقي على قدر أس���اس‬ ‫ّ‬ ‫وجوه���ري من التواطؤ‪ ،‬الذي يتخلى طواعية عن المحاكم���ة المنطقية‪ ،‬والتقييم العلمي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إدراكًا من المش���اهد أنه يتعامل مع عمل درامي ينه���ض أوال وتاليًا على الخيال‪ ،‬مهما‬ ‫مديات ال ّ‬ ‫يتقبلها العقل‪ ،‬وال يستوعبها المنطق‪ ،‬وال يؤيدها‬ ‫اتس���عت حدوده‪ ،‬وبلغت‬ ‫ٍ‬ ‫العلم‪ّ ،‬‬ ‫وتمر ما بين الدين واألس���طورة‪ ،‬واألخيول���ة األدبية والحدث الواقعي‪ ،‬في مزج‬ ‫إبداعي‪ ،‬تبدأ مراميه من الترفيه والمتعة‪ ،‬وال تنهي عند حدود الحكمة والموعظة‪.‬‬ ‫وف���ي حي���ن ذهبت بعض أعمال دراما «م���ا قبل التاريخ»‪ ،‬إل���ى نقل الدين من‬ ‫حظيرة التاريخ إلى ما قبله‪ُ ،‬مدخلة األس���طورة والخرافة والمعجزة بوصفها عوامل‬ ‫فاعل���ة فيه‪ ،‬وفي ما بين اإلنس���ان والطبيعة‪ ،‬فإن عض أعم���ال «ما فوق التاريخ»‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ج���ادة أو هازلة‪ ،‬بالتغيير والتعديل في مجريات التاريخ نفس���ه‪ ،‬س���واء‬ ‫قامت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بمعاندة قواني���ن الطبيعة وضوابطها (إرجاع الزمان‪ ،‬طي المكان)‪ ،‬أو اس���تبدال‬ ‫ً‬ ‫وقائع التاريخ الحاصلة بأخرى مأمولة (تغيير ما جرى فعال)‪ ،‬أو قيادة التاريخ من‬ ‫ً‬ ‫ناصيته نحو مقادير ونهايات‪ ،‬ليس بالضرورة لها أن تكون مستقبال‪.‬‬ ‫يعيدن���ا هذا إل���ى نقطة البدء الحاض���رة دومًا‪ ،‬في الحديث ع���ن العالقة ما‬ ‫ً‬ ‫بين الدراما والتاري���خ‪ ،‬وصوال إلى معاينة مصطلح «الدرام���ا التاريخية»‪ .‬التاريخ‬ ‫متعال‪ ،‬مس���تقل‪ ،‬راسخ‪ُ ،‬م ّ‬ ‫عتد بوقائعه وش���خصياته وحكاياته‪ .‬الدراما تتعالق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتتسوله‪ ،‬وتنبني في ظالله‪ .‬تأخذ منه بعض وقائعه وشخصياته‬ ‫فتتوس���له‪،‬‬ ‫به‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحكايات���ه‪ .‬وقبل أن تق���دم أيًا من مقترحاتها في هذا الصدد‪ ،‬تعي أنها س���وف‬ ‫تجد من سيس���ائلها ويحاكمها بمنطق التاريخ نفس���ه ووقائعه‪ ،‬ال بمنطق الدراما‬ ‫وما تقترحه‪.‬‬ ‫نميل إلى أن على الدراما‪ ،‬وهي تتعامل مع التاريخ (حتى بمنطق االس���تلهام)‪ ،‬أن‬ ‫تحرص على التدقيق في وقائعه‪ ،‬وأحداثه‪ ،‬وشخصياته‪ ،‬وزاوية النظر‪ ،‬ليس في مسعى‬ ‫لإلجابة على سؤال‪ :‬هل حدث هذا؟ أو الوصول إلى سؤال‪ :‬هل حدث على هذا النحو؟‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫أس���ئلة معرفية حتمًا‪ ،‬بل بإدراك أن ما تفعله (الدراما)‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬يتخلص في تقديم‬ ‫ُمقترح درامي لسياق تاريخي‪ ،‬واحتفال بصري‪ ،‬ال يتوقف عند حدود إعادة بناء الوثيقة المرئية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتعدى هذه وتلك إلى غايات ومهمات منها‪،‬‬ ‫وال عند تقديم المعرفة بالتاريخ بوصفه تاريخًا‪ ،‬بل‬ ‫إعادة بناء التاريخ ذاته‪ ،‬بوصفه حاضرًا (ال ماضيًا)‪ ،‬واس���تعادة ش���خصياته‪ ،‬ال فرق هنا إن جرى ذلك‬ ‫باعتبارها شخصيات نورانية‪ ،‬تطهرية‪ ،‬أو بوصفها شخصيات آثمة‪ ،‬مجرمة‪ ،‬وهذه أسئلة درامية‪.‬‬ ‫أح���د مآزق الدراما من هذا النوع‪ ،‬في صدد الش���خصيات‪ ،‬إش���كالية وقوعها في إس���ار الصورة النمطية‪،‬‬ ‫األحادية الجانب‪ ،‬في تقاطب ثنائي‪ّ :‬‬ ‫خيرة أم‏شريرة‪ ،‬شجاعة أم جبانة‪ ،‬نبيلة أم حقيرة‪،‬في غفلة تامة عن الطبيعة‬ ‫البشرية‪ ،‬التي‏ينجدل فيها الخير والشر‪ ،‬والرقي واالنحطاط‪ ،‬والنعمى والبؤس‪ .‬ولعل هذا ما دفع عددوافر من األعمال‬ ‫الدرامية إلى االكتفاء بانتقاء شخصيات تاريخية (وحتى دينية) غير إشكالية‪ ،‬غير قلقة‪ ،‬مما ال يدانيها الشك أو االرتياب‪ ،‬وال‬


‫تقع في‏أخطاء‪ ،‬حتى لو ذهب األمر بالدراما إلى «تنقية» ش���خصية‪ ،‬وتخليصها مما يشوبها‪،‬‬ ‫أو تأثيم أخرى إلى أقصى حد‪.‬‬ ‫وفي س���ياق مواز‪ ،‬وعلى صعيد الوقائع‪ ،‬فثمة أيضًا إش���كالية النظرة األحادية‪ ،‬التي‬ ‫تتجافى مع منطق «تعش���يق»‏الروايات‪ ،‬الت���ي ال تتكامل الصورة التاريخية‪ ،‬إال عبرها‪.‬‬ ‫مرة أخرى نقول‪ ،‬ليس التاريخ رواية واحدة‪ ،‬وليس���ت شخصياته أحادية‪ ،‬وال وقائعه‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خطي���ة‪ .‬ال يتعارض هذا مع حقيقة أن الفن انتقاء‪ ،‬أوال وتاليًا‪ ،‬ما يعني أن ما تقوله‬ ‫الدراما‪ ،‬من التاري���خ‪ ،‬هو أحد الخيارات ُ‬ ‫الممكنة‪ ،‬وليس الخيار‏الوحيد‪ ،‬وهو محاولة‬ ‫لبناء افترض جدلي‪ً ،‬‬ ‫بناء على علوم ومعارف‪ ،‬ويبقى االمتحان ذاهبًا تجاه انسجام‬ ‫المنطق الداخلي‪ ،‬وجودة التش���كيل البصري‪ ،‬وما ُيراد قوله‪ ،‬من هذا كله‪ ،‬بوصفه‬ ‫محاولة معرفة بالتاريخ‪.‬‬ ‫وفي المسافة ما بين ممارسة فعل «اإلسقاط التاريخي»‪ ،‬الراغب في النظر إلى‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫التاريخ بوصفه مدخال للتغني بما فعله األجداد العظام‪ ،‬والش���وق إلى ما مضى‪،‬‬ ‫حيث كان المجد والسؤدد والعزة والنصر‪ ،‬واستلهامه في مواجهة مأزق الحاضر‬ ‫ً‬ ‫المتخاذل‪ ،‬أو اتخاذه رؤية حاضرة ومس���تقبلية‪ ،‬انطالقًا من دروسه المستفادة؛‬ ‫ّ‬ ‫«توس���ل التاريخ»‪ ،‬من جهة‪ ،‬وممارسة‬ ‫هذا الفعل الذي يمكن أن نس���ميه فعل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فعل «التخلص من التاريخ»‪ ،‬من خالل إعادة تنضيده‪ ،‬وفض اش���تباكاته‪ ،‬وفضح‬ ‫مالبس���اته‪ ،‬ونزع‏هيبته‪ ،‬وتهش���يم رصانته‪ُ ،‬م ّ‬ ‫قدمة للتخلص من وطأته‪ ،‬وإطفاء‬ ‫ّ‬ ‫التقدم‪ ،‬على قاعدة أن السير نحو المستقبل لن ّ‬ ‫يتم إال بالخالص‬ ‫قدرته على إعاقة‬ ‫من س���طوة التاريخ‪ ،‬وتحطيم قدس���يته‪ ،‬من جهة أخرى‪ ...‬في هذه المسافة تنوس‬ ‫الدراما‪ ،‬بين قبول ورفض‪ ،‬وحفاوة واستنكار‪ ،‬وتقدير وازدراء‪.‬‬ ‫يبقى أن أسئلة الدراما بمواجهة التاريخ‪ ،‬ستبقى على قدر كبير من الصمود‪ ،‬سواء‬ ‫ّ‬ ‫إزاء التلق���ي‪ ،‬أو النق���د‪ ،‬كل من ناحيته‪ .‬تارة‪ ،‬يمتحنها س���ؤال «المحاكاة»‪ ،‬الذي يبتغي‬ ‫الوصول أحيانًا إلى سؤال «المطابقة»‪ ،‬متلخصًا بسؤال‪ :‬هل هذا الذي نراه هو التاريخ؟وتارة‬ ‫أخرى‪ ،‬يمتحنها س���ؤال «المفارقة»‪ ،‬الذي يصل ّ‬ ‫حد «المغايرة»‪ُ ،‬م ّ‬ ‫عبرًا عنه بالدالالت والرموز‪،‬‬ ‫تحقيقًا لغاية الفهم واالتعاظ‪ ،‬للحاضر والمستقبل‪ ،‬وفق مبدأ أن «التاريخ يعيد نفسه»‪.‬‏‬ ‫ف���ي أعمال «المح���اكاة»‪ ،‬ال يجوز التغاضي ع���ن ّ‬ ‫أي تفصيل‪ ،‬مهما صغ���ر‪ ،‬إذ ينبغي التقاطه‬ ‫ووضع���ه في إطار الص���ورة العامة‪ ،‬التي تنفخ الروح فيما جرى‪ ،‬كأن���ه اآلن‪.‬‏‏«المحاكاة» تتطلب األمانة‬ ‫التاريخية (للسياقات وليس الروايات)‪ ،‬كما تتطلب المقدرة العلمية (التدقيق‪ ،‬والتمحيص)‪ ،‬في سبيل‬ ‫النفاذ إلى جوهر ومعنى أش���ياء التاريخ‪ ،‬ودراستها‪ ،‬وتنضيدها‪ ،‬وربطها‪.‬أما «االستلهام»‪ ،‬الذي يريد أن يأخذ‬ ‫من التاريخ‪ ،‬دون أن يعطيه‪ ،‬فليس إال نوع من التغرير الذي ال طائل منه‪ .‬إنه نوع من العبث بالتاريخ وشخصياته‬ ‫ّ‬ ‫ووقائعه‪ ،‬من جهل به حينًا‪ ،‬ومن تحلل من الضوابط األساس���ية ف���ي منطق تعامل الدراما مع التاريخ‪ ،‬حينًا آخر‪ ،‬وتلك‬ ‫ذريعة واهية‪ّ ،‬‬ ‫أشد خطورة على المعرفة بالدراما والتاريخ معًا‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪29‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬


‫بين المسلسل والرواية‬ ‫واألدب الرفيع‬ ‫�أحمد الخليل‬

‫نقــــاد‬

‫‪30‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬

‫م���ن أهم الكتاب الذين حاول���وا التقريب بين الرواية‬ ‫والمسلس���ل التلفزيوني الكاتب المصري الراحل أسامة‬ ‫أنور عكاشة الذي بدأ قاصًا ثم اتجه كليًا إلى التلفزيون‪..‬‬ ‫فلقد أصر عكاش���ة ف���ي تجربته المرئي���ة على أن يكون‬ ‫(نص���ه التلفزيوني) نصًا أدبيًا رفيع���ًا‪ ،‬وليس مجرد ورق‬ ‫للتمثيل والتصوي���ر‪ ،‬وبعدها مصيره إلى العدم كما كان‬ ‫يقول‪ ،‬ومعروف عنه عدم قبوله بتغيير أي حرف من نصه‬ ‫بع���د بروفة الطاولة التي يحضرها مع المخرج والممثلين‪.‬‬ ‫وإص���راره على وصف أعمال���ه بأنها (رواي���ة تلفزيونية)‬ ‫ً‬ ‫وليست مسلس�ل�ا‪ ،‬وهو أول كاتب درامي يطبع سيناريو‬ ‫مسلس���له في كتاب وه���و (ليالي الحلمي���ة)‪ ،‬فلقد كان‬ ‫مقتنعًا أن نص���ه المرئي ينتمي إل���ى نصوص محفوظ‬ ‫وتولستوي وتشيكوف‪...‬‬ ‫ويعتبر النقاد أن نص عكاش���ة يختلف عن نصوص‬ ‫كتاب السيناريو اآلخرين بس���طوة المالمح الروائية مثل‬ ‫النف���س الملحمي كما في (الش���هد والدم���وع) بجزأيه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫و(ليالي الحلمية) بأجزائه الخمسة‪ ،‬وصوال إلى آخر أعماله‬ ‫(المصراوي���ة)‪ .‬فهو ال يس���رد حكاية تقليدي���ة عن الثأر‬ ‫وال���زواج والطالق وثراء أحد األش���خاص فج���أة‪ ،‬بل يؤرخ‬ ‫بالصورة لوطن بكامله‪ ،‬لمدينة‪ ،‬لطبقة اجتماعية تتآكل‪،‬‬ ‫فالنف���س الملحم���ي في مسلس�ل�اته بم���ا يقتضيه من‬ ‫ً‬ ‫امتداد سردي معقد‪ ،‬يقتضي وعيًا هائال بجدلية الزمان‬ ‫والمكان‪ ،‬وبالتغيرات العميقة التي تنتاب الشخصيات‪،‬‬ ‫وقدرة على استشراف المستقبل‪.‬‬ ‫نظر الكثيرون لعالقة المسلسل التلفزيوني بالرواية‬ ‫ّ‬ ‫وع���دوه (المسلس���ل) رواي���ة مش���خصة أم���ام الكاميرا‪،‬‬ ‫مستش���هدين بالمقطع الزمني للمسلسل وشخصياته‬ ‫المتعددة وما تمثله من فئات اجتماعية وصراعات‪،‬‬ ‫ويقيس هؤالء مفهوم المسلس���ل عل���ى الرواية من‬ ‫حيث هي‪( :‬قصة نثرية طويلة ذات حبكة تتكش���ف من‬


‫خالل أعمال ش���خصياتها أو أقواله���م أو أفكارهم تعنى‬ ‫عادة بتحليل النفس البشرية ونقد األوضاع االجتماعية‪،‬‬ ‫والرواية عم���ل فني يعتمد على عنصر الحكاية التي لها‬ ‫بداية ووس���ط ونهاية‪ ،‬تبدأ الحكاية بداية مش���وقة ثم‬ ‫تتوالى األحداث ويتأزم الصراع ثم تبدأ العقدة تنكشف‬ ‫حتى تص���ل إلى النهاي���ة (وأطلق عليه���ا النقاد لحظة‬ ‫التنوير)‪...‬‬ ‫فالمسلس����ل إذًا يش����به الرواية في عناصره‪ ،‬لكنه‬ ‫يختلف عنها في تقنيات السرد ومجال الحرية المفتوح‬ ‫أمام الروائ����ي والمغلق أمام كاتب الس����يناريو‪ ،‬إضافة‬ ‫الخت��ل�اف مهم وه����و إلغاء دور الخيال في المش����اركة‬ ‫في أحداث وش����خصيات الرواي����ة والتفاعل معها أثناء‬ ‫القراءة‪ ،‬في حين يختلف تمامًا ش����رط المش����اهدة عن‬ ‫شرط القراءة كفعل فردي مكمل للفعل اإلبداعي الذي‬ ‫هو الرواية‪.‬‬ ‫والبع���ض ينظر لكاتب الس���يناريو كمحترف لمهنة‬ ‫أكثر م���ن كون���ه مبدعًا فه���و خاضع لمقايي���س جهاز‬ ‫التلفزيون كجهاز إعالمي يرتبط بالمصالح السياس���ية‪،‬‬ ‫وما المسلس���ل إال حامل فني لفكر هذا الجهاز وشركات‬ ‫ً‬ ‫اإلعالنات التي تمنح المسلس���ل أهميت���ه لكونه حامال‬ ‫لسياس���ة الترويج واالس���تهالك وأفكار منتجي الس���لع‬ ‫وأصحاب المصالح االقتصادية‪...‬‬ ‫لك���ن أهمية التلفزي���ون تأتي لكون���ه ال يحتاج إلى‬ ‫جهد للمتابع���ة أو ثقافة معينة أو حتى تعليم فالجميع‬ ‫يشاهد التلفزيون ويتلقى أفكاره وبرامجه وتساليه‪ ،‬من‬ ‫هن���ا يأتي إغراؤه للكتاب وبع���ض الروائيين إن كان من‬ ‫الناحية المادية أو االنتشار وإيصال فكر الكتاب‪ ..‬فمهما‬ ‫كان الكاتب ش���هيرًا قد ال يجد إال بضعة آالف من القراء‬ ‫يهتم���ون به‪ ،‬في حي���ن أي عمل تلفزيون���ي ومهما كان‬ ‫وضيعًا أو رديئًا كمنتج فني يتابعه جمهور بالماليين!!‬

‫نقــــاد‬

‫‪31‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬


‫ما الذي يجعل العمل التلفزيوني‬

‫ناجحًا؟‬ ‫الكاتب‪ :‬دانيال بارنا‬ ‫ترجمة‪ :‬رزان توماني‬

‫شتاء عام ‪ ١٩٩٩‬أسدلت شركة ‪ HBO‬الستار عن شخصية توني سوبرانو‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت لم يعد التلفزيون كما كان من قبل‪.‬‬ ‫وذلك مع النهج الروائي لس���رد القصص والمعالجة الوجدانية للشخصيات السوداء وإدخال الجماليات السينمائية إلى التلفزيون‬ ‫بشكل واضح‪.‬‬ ‫لقد كان لسلس���لة س���وبرانو الفضل في انطالقة العصر الذهبي للتلفزيون و الذي ننعم به جميع���ًا اليوم‪ ،‬ما ان انتهت مرحلة‬ ‫ً‬ ‫الدراما الطبية المعاد إنتاجها واألعمال البوليسية البالية حتى شهد التلفزيون تحوال كبيرًاـ حيث ينظر إلى نتاجه اليوم في مصاف‬ ‫ً‬ ‫األفالم السينمائية ‪ ،‬والبعض يرى أنه حقق قفزات نوعية جعلته يتقدم على نظيره ليصبح حقيقة نواة هوليوود اإلبداعية‪ .‬فعروض‬ ‫مثل ‪( The wire‬السلك) ‪( breaking bad ،‬التحول للسوء ) ‪ ( True detective ،‬محقق فذ) و ‪( Game of Thrones‬لعبة العروش)‬ ‫هيمنت على روح العصر بطريقة ال تستطيع تحقيقها سوى قلة من األفالم وهذه المسلسالت األربعة ما هي إال قلة من عشرات االعمال‬ ‫األخرى التي يمكننا ذكرها في العقد المنصرم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فما الذي يجعل من العمل التلفزيوني عمال ناجحًا ؟‬ ‫يرى الكثير من الباحثين أنه ال يوجد مخطط محدد لهذا ولكن مع وجود الكثير من المخططات لدينا قررنا أن ننظر بش���كل أعمق وهذا ما‬ ‫توصلنا له من خالل رؤية تفصيلية للعمل التلفزيوني الناجح‪.‬‬

‫تقسيم االنترنت ‪ :‬الخاتمة المشوقة‬

‫نقــــاد‬

‫‪32‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬

‫بينما كانت الخاتمة المش���وقة ‪( -‬وهي غالبًا ما تكون مقطعًا صغيرًا في نهاية الحلقة غالبًا ما ينبئ عن اهم أحداث‬ ‫ً‬ ‫الحلقة المقبلة بهدف التش���ويق) ‪-‬حيلة تم االعتماد عليها كثيرًا فيما سبق‬ ‫في الع���روض التلفزيونية فإن القائمين على األعم���ال التلفزيونية اليوم‬ ‫ق���د طوروا النهاية المش���وقة لفن حقيقي كتلك في مسلس���ل‬ ‫‪( Breaking bad‬التحول للس���وء) حيث عيون جيس بينكمان‬ ‫مليئة بالدموع وهو يصوب المسدس على جيل ‪ .‬او صوت جاك‬ ‫األجش»علينا ان نعود» في‪ . The Lost‬هذه النهايات‬ ‫تجاوزت القصة التي هي جزء منها وأصبحت جزءًا‬ ‫ال يتجزأ من نسيجنا الثقافي ألجيال‪.‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪33‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬


‫حس االكتشاف ‪:‬‬ ‫تغيير المفاهيم المألوفة‬ ‫في عام ‪ ١٩٩٩‬قدمت ش���ركة ايتش بي او دراما جماهيرية ببطوالت فردية‬ ‫في الوقت الذي جاء فيه الس���وبرانو بمزيج مخرب أخذ فيه نمطًا س���ائدًا وقلبه‬ ‫رأس���ا على عقب‪ .‬فان كنت ش���ابًا حديث العهد بهولي���وود وتتطلع إلى الضوء‬ ‫األخضر لتنطلق افعل كما فعل دايفيد تشيس‪ :‬خذ مفهومًا شاهدناه جميعًا‬ ‫والويه بمفتاح الربط ( الرنش) وكلما كان الرنش أكبر كلما كانت النتيجة أفضل‪.‬‬

‫إبقاءنا مشدودين (على أعصابنا) ‪:‬‬ ‫عدم القدرة على التنبؤ‬ ‫عندما قطع رأس نيد س���تارك في الجزء األول م���ن لعبة العروش عرفنا أننا‬ ‫أمام شيء لم نر له مثيل من قبل ال ألن نيد كان بطل الرواية فقط بل ألن الممثل‬ ‫الذي أدى دوره كان األكثر ش���هرة ً ضمن فريق من ممثلين غير معروفين‪ .‬ومع‬ ‫هذا راح بضربة واحدة موت نيد خلق جوًا من عدم األمان في المسلسل ال مأمن‬ ‫فيه ألي من الشخصيات وعزز جوًا تنعدم فيه القدرة على التنبؤ مما أصبح فيما‬ ‫بعد بصمة العمل المميزة‪.‬‬ ‫فبينما كانت اللحظة صادمة بشدة كانت مشوقة على نفس القدر ألن أحدًا‬ ‫لم يتوقع قدومها‪.‬‬

‫مسار العرض‪:‬‬ ‫أسماء كبيرة‬ ‫لقد كان المسار التقليدي للممثلين من التلفزيون للسينما ولكن مع توهج‬ ‫العصر الذهبي للتلفزيون تحول ممثلو الس���ينما في قمة عطائهم الفني إلى‬ ‫التلفزي���ون ليطلقوا الجماح إلبداعهم فيه‪ .‬فبينم���ا هناك أعمال مثل (الموتى‬ ‫ً‬ ‫الس���ائرون) ال تتكئ على أس���ماء بارزة فإن أعماال أخرى مثل محقق فذ ارتفعت‬ ‫الى بريس���تيج عادة ما يكون محفوظًا ألفالم الرسوم المتحركة‪ .‬في الواقع فإن‬ ‫ً‬ ‫أس���ماء مثل ماثيو ماكونهي و وودي هارلسون في التلفزيون حققت اقباال‬ ‫كبيرًا لدرجة جعلت أس���ماء كبي���رة في هوليوود تطال���ب علنًا بمتابعة‬ ‫تقديم هذه األعمال‪.‬‬

‫حلم المسوقين‪:‬‬ ‫متابعات أكبر على السوشال ميديا‬ ‫نقــــاد‬

‫‪34‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬

‫انتهت األيام التي تحتاج فيهاإلى موعدلتناقش مع اآلخرين‬ ‫ما أعجبك في مسلس���لك المفضل ليلة البارحة‪ ،‬التويتر هو‬ ‫نقطة اللقاء اليوم والعالم كله هو زميلك ‪ .‬وبدال ً من االنتظار‬ ‫للغد يمكنك ان تفتح المناقش���ات في نفس وقت العرض‪.‬‬ ‫وفي الحقيقة فإن المتابعة اإلعالمية ( الفولوينغ) أصبحت‬ ‫مؤشرًا بارزًا لنجاح العمل كس���ائر المؤشرات التقليدية‬ ‫األخرى ‪ .‬فمسلس���ل مثل كاذبات صغيرات جميالت‬ ‫قد اليكون من أفضل عشرة أعمال بحسب مركز‬ ‫ً‬ ‫نيلس���ون ولكنه األكثر تداوال وتغريدًا على‬ ‫تويت���ر ولذلك فهون م���ن أكثر االعمال‬ ‫نجاحًا‪ .‬هل قل���ت كاذبات صغيرات‬ ‫جمي�ل�ات‪ .‬عف���وًا كاذب���ات‬ ‫صغيرات جميالت‪.‬‬


‫لُ ب الموضوع‪:‬‬ ‫شخصيات من لحم ودم‬ ‫كل عمل بحاجة لما يؤسس له‪ ،‬ال يهم إن كانت الشخصية مالك أو شيطان‬ ‫‪ ،‬المه���م أن تكون حقيقية ‪ .‬الش���خصيات الورقية غير الزمة إطالقًا‪ .‬هل يمكن‬ ‫ً‬ ‫ألحد أن يعتقد بأن ش���خصية دون درابر في ماد مين تشبه أعماال أخرى‪ ،‬بالطبع‬ ‫ال ‪ ،‬فمن الممتع مشاهدته وهو يتحول إلى قذيفة من نفسه السابقة‪.‬‬

‫األفكار األكثر قتامة ‪:‬‬ ‫الشرير المخيف‬ ‫هناك أمور كثيرة أكثر إمتاعًا من ش���خصية الشرير المكتملة‪ .‬في المحقق‬ ‫الف���ذ كان هناك الملك األصفر وفي الس���لك كان هناك مارلو س���تانفيلد وفي‬ ‫الموتى الس���ائرون كان هناك الموتى الس���ائرون ولكن عندما قدم مسلس���ل‬ ‫قاس‬ ‫التحول للس���وء ذلك التحول المرعب ألس���تاذ الكيمياء الدمث إلى مجرم‬ ‫ٍ‬ ‫فق���د أبدع صناعه بإنتاج الدراما األكثر متعة على اإلطالق ‪ ،‬انجذابنا الش���ديد‬ ‫للشر بات واضحًا لدرجة أنه ربما يكون هذا هو أكثر شيء مرعب في الموضوع‪.‬‬

‫العامل المحدد‪:‬‬ ‫الجنس والعنف‬ ‫‪ ٪‬من األمريكان‬ ‫منذ عش���رة أعوام مضت أظهرت استطالعات الرأي أن ‪ ٧٥‬‏‬ ‫مس���تاؤون من مشاهد الجنس والعنف على التلفزيون ‪ .‬ولكن إن تجولت ضمن‬ ‫الخارطة التلفزيوني���ة في وقتنا الراهن يصعب علي���ك إيجاد عمل ناجح دون‬ ‫أجس���اد سواء كانت عارية أو مدماة‪ .‬وهي ليست مصادفة بالطبع أن يكون عمال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سكاندل (الفضيحة) ولعبة العروش من أكثر األعمال عنفًا و إباحية وهي أيضأ‬ ‫من أكثر األعمال التي تداولها الناس وتحدثوا عنها ‪ .‬فبينما ال يمكننا التغاضي‬ ‫عن العرس الدموي ال يمكننا التوقف عن متابعته أيضًا‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪35‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سيناريو‬


‫أمهات «سامر رضوان»‬ ‫نبيالت حرب ينبشن بسكينه‬ ‫كبد الحقيقة التي أضعناها‬ ‫ماهر من�صور‬

‫نقــــاد‬

‫‪36‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫الشخصيتان‬ ‫في بنائهما‬ ‫الدرامي‬ ‫رسولتا سالم‬ ‫بين السوريين‬ ‫وللسوريين‪،‬‬ ‫لكنهما‬ ‫ال يفعالن‬ ‫ذلك بسذاجة‪.‬‬

‫يختار السيناريس���ت س���امر رضوان في مسلس���ل «الوالدة من الخاصرة ‪ 3‬ـ منب���ر الموتى» نهاية‬ ‫لمسلسله األكثر تش���ابكًا مع واقع ما يحدث اليوم في سورية‪ ،‬مشهدًا تلتقط فيه أم لمقاتل معارض‬ ‫(أم عزام)‪ ،‬وأم لمقاتل آخر من النظام (أم رامي)‪.‬‬ ‫تق���ول أم ألخ���رى‪« :‬ال أنا وال أنت اخترن���ا مطارحنا»‪ ،‬قبل أن تتفقان عل���ى أن البلد «ما رح ترجع مثل‬ ‫األول‪ ...‬بس نقدر أنا وأنت نعملها أحسن من األول»‪ ،‬ولكن كيف؟‬ ‫ أم عزام‪ :‬أنا ضل عندي هالشب‪ ،‬وأنت ضل ابنك الثاني بالجيش‪ ،‬هي ابني عندك‪ ..‬إذا بدك تقتليه‬‫تق���دري تقتليه‪ ،‬بس هيك هيصير إلي ثأر عن���دك ورح اقتل ابنك الثاني‪ ..‬الموت لما يجي يا أم رامي‬ ‫ما بياخذ رأي حدا‪.‬‬ ‫ أم رامي‪ :‬لما بيجي من ربك ش���ي‪ ،‬ولما يجي من بني آدم ش���ي ثاني‪ ...‬ابني ما مات بحادث‪..‬‬‫ابني مات شهيد‪ ،‬مات بشرف وكرامة وكان عم يدافع عن أهله وعرضه وأرضه‪.‬‬ ‫ أم عزام‪ :‬ابني كمان كان يدافع عن أهله وعرضه وأرضه‪ ...‬لو مات كان شهيد‪.‬‬‫ أم رامي‪ :‬ليش كان على الجبهة عم يقاتل اإلسرائيلية ليكون شهيد؟‬‫ أم عزام‪ :‬ابنك كمان ما كان على الجبهة ليموت شهيد‪ ..‬خلينا نترك اللي راحوا‬‫لربه���م‪ ،‬هو اللي بيعرف مين مظلوم ومين بريء ومين ش���هيد‪ ..‬أنا هألش���ايفتك‬ ‫مظلومة ويمكن بعد شوي تعمليني مظلومة‪.‬‬ ‫«أم عزام» (س���مر سامي)‪ ،‬و «أم رامي» (نادين خوري)‪ ،‬في مسلسل «الوالدة من‬ ‫الخاص���رة ‪ 3‬ـ منبر الموتى»‪ ..‬نموذج ألمهات في زمن الحرب‪ ،‬يكابدن الوجع والقلق‬ ‫ونار الفقد‪ ،‬لكنهن ال ينزلقن إلى الدرك األسفل من اإلنسانية‪ ،‬حيث تفرض الحرب‬ ‫بقسوة قوانينها الجاهلية‪ ،‬وإنما ينحزن إلى إحساس األم فيهن‪.‬‬ ‫ال معالجة درامية عاطفية للش���خصيتين هنا‪ .‬وهما لستا أسيرتين أحزانهما‬ ‫وعجزهما رغم البعد الميلودرامي لحكاياتهما‪ ،‬وإنما يقوم البناء الدرامي لهما على‬ ‫حالة تطهير ذهني للمشاهد‪ ،‬ودعوته لمحاكمة عقلية‪ .‬هما في بنائهما الدرامي‬ ‫رسولتا سالم بين السوريين وللسوريين‪ ،‬لكنهما ال يفعالن ذلك بسذاجة‪.‬‬ ‫يكتب سامر رضوان أعماله‬ بحد الس���كين‪ ،‬وهو هنا يحفر بسكينه في كبد‬ ‫الحقيقة التي أضعناها‪...‬ولو أنه لم يكتب س���وى هذا المش���هد‪ ،‬كان سيكفيه‬ ‫ويكفينا لكي نصنفه بأنه صانع دراما مدهشة بواقعيتها‪.‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪37‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫المشهد‬ ‫شاهد‬


‫مظاهر المجتمع المدني‬ ‫في الدراما الس�ورية‪2016‬‬

‫المنجز والمأمول‬ ‫ب�سام �سفر‬

‫تقدم الدراما السورية صورة قريبة من الواقع الحياتي السوري الذي يعيشه اإلنسان السوري داخل البالد أو خارجها‪،‬‬ ‫وم��ن ضم��ن ما يقدم في هذه الدراما صورة واقعية عن المجتمع المدني الس��وري لم تس��تطع الح��رب الدائرة على األرض‬ ‫ً‬ ‫السورية تدميره كامال وجعله خارج الفعل اإلنساني‪.‬‬ ‫يصع��ب إحصاء المش��اهد الدرامية المنتش��رة في أعمال الموس��م الدرامي للعام ‪ ،2016‬التي تتن��اول مظاهر المجتمع‬ ‫المدني الس��وري‪ ،‬لذلك س��وف اعرض لمجموعة من هذه المش��اهد واللقط��ات التي تؤكد على حض��ور المجتمع المدني‬ ‫السوري رغم عدم تركيز الموضوعات على هذا المجتمع في زاوية اإلبراز والظهور والحضور‪ ،‬لكنه يأتي في سياق األعمال‬ ‫الدرامية‪ ،‬وما أقوم به من تظهير يأتي في سياق العرض والنقد البحثي المستند إلى رؤية درامية للواقع السوري‪.‬‬

‫زوال‬

‫نقــــاد‬

‫‪38‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫بعد‬ ‫العرض‬

‫يع���د العمل الدرام���ي «زوال» الذي كتب���ه يحيى بيازي وزك���ي مارديني‪،‬‬ ‫وأخرج���ه أحمد إبراهيم أحمد من األعمال الدرامية المهمة التي تظهر مش���اهدًا‬ ‫في المجتمع المدني السوري‪ ،‬وأولى هذه المشاهد هو المقبرة حيث شهدنا دفن الفتاة‬ ‫التي أحرقت نفسها لعدم قدرتها على فرض زواجها من الشاب الذي تحبه‪ ،‬وهنا نرى‬ ‫الفنان «سلوم حداد‪ ،‬عنز « ينام إلى جانب قبرها‪ ،‬ويحدث الشاب الذي ماتت من‬ ‫أجله قائال له‪« :‬أبكي على حب لن تجده»‪ ،‬ويصف عالقته بالحب والحياة‪ ،‬وهو‬ ‫في المقبرة كجزء من تأثيرات الحالة الدرامية‪ ،‬واستحضار حب بين شاب‬ ‫وفت���اة ينتميان إلى طائفتان مختلفتان دينيًافي المجتمع الس���وري‬ ‫الموجود في جبل األكراد «ركن الدين»‪ ،‬المشهد هاهنا يظهر الموت‬ ‫كمرافق لقضايا الخطف والزواج بين اثنيات الحالة السورية‪.‬‬ ‫بالمقابل يبرز تدخل الشخصيات االجتماعية الرئيسية بالعمل‬ ‫«أبو حوا‪ ،‬فادي صبح‪ ،‬أبو دياب‪ ،‬يوس���ف مقب���ل» بالزواج الخطيفة‬ ‫للش���ابين «حسين‪ ،‬س���ها»‪ ،‬ومباركة أهل الجبل لهما‪ ،‬وهنا يحدث‬ ‫انزياح بالفعل الدرامي مابين بداية العمل وقتل الفتاة نفسها من‬ ‫أجل محبوب غير مرغوب به م���ن قبل األهإللى فعل اجتماعي‬ ‫يساعد على التعايش واالندماج في حي الجبل لمصلحة‬ ‫المؤسسة األهلية المجتمعية في جبل األكراد‪.‬‬ ‫وهك���ذا يصبح الفع���ل المدن���ي االجتماعي‬ ‫اإلنسانيأساسي في اس���تمرارية الحي‪،‬‬ ‫وعدم حدوث فعل القتل واالنتحار‪،‬‬ ‫لك���ي يتمكن عاش���ق الحي‬ ‫من االس���تمرار في فعل‬ ‫الحب عبر المؤسس���ة‬ ‫االجتماعية األهلية‬ ‫حت���ى ل���و كان‬ ‫ال���زواج عن طريق‬ ‫الخطيفة‪.‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪39‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫بعد‬ ‫العرض‬


‫مذنبون أبرياء‬

‫نقــــاد‬

‫‪40‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫بعد‬ ‫العرض‬

‫(‪ )%50‬مما هو قائم‬ ‫في الواقع موجود‬ ‫في الدراما السورية‪،‬‬ ‫أما الباقي فهذا يحتاج‬ ‫إلى متابعة ومعرفة‬

‫يقدم العمل الدرامي «مذنبون أبرياء» من تأليف عبد المجيد سليمان الغفري وحوار باسل خليل‪،‬‬ ‫وإخراج احمد سويداني عيادة نفسية تعمل فيها الطبيبة النفسية «جيني اسبر» تشرف على خالص‬ ‫المدمن بش���كل منظم وتدرجي عبر تخفيض وتخفي���ف الجرعات الدوائية لكي ينتهي المريض من‬ ‫حال���ة التعاطي من المخدرات واألدوية العالجية‪ ،‬ويظهر العمل تعاون الدكتورة مع الش���رطة واألمن‬ ‫كجزء من حالة إيقاف تس���رب المخدرات وأدوية والحشيش إلى البلد من خالل إغواء الشباب السوري‬ ‫بالتعاطي للتخلص اآلني في الواقع المرير الذي يعيشه اإلنسان السوري‪ ،‬وهنا نجد أن العيادة الطبية‬ ‫النفسية كانت جزءًا من الفعل المدني المجتمع السوري‪.‬‬ ‫وفي العمل الدرامي « بال غمد» من تأليف عثمان حجي ومؤيد النابلس���ي عن فكرة بش���ار بش���ير‪،‬‬ ‫وإخراج فهد ميري تظهر الكنيسة كجزء من الحالة الحضارية اإلنسانية السورية‪ ،‬حيث يظهر القداس‬ ‫على روح المجند « س���امر»‪ ،‬التنوع الديني في المجتمع الس���وري‪ ،‬والسيما في الحوار الذي يجري في‬ ‫المشهد بين سكارليت خطيبة سامر وبين ضابط الجيش‪ ،‬ووصول البلد إلى الحالة التي وصلت إليها‪،‬‬ ‫وهنا يبدو القداس بحد ذاته جزءًا من التنوع الحضاري المدني السوري‪.‬‬ ‫ويظه���ر العمل الدرامي «دومينو» في تأليف غس���ان عقلة وفادي س���ليم وإخراجه‪ ،‬حيث يظهر‬ ‫العمل ش���ركة رجل اإلعمال الفاسد «نوح‪،‬بسام كوس���ا» في أعمال تجارية مشبوهة‪ ،‬ما يلفت االنتباه‬ ‫هنا ليس الش���ركة‪ ،‬وإنما مقر صحيفة والمجلة كمؤسسات مدنية اجتماعية سورية‪ ،‬وتعين صحفية‬ ‫رئيس���ية تحرير مجلة كامرأة‪ ،‬وكذلك نش���رها تحقيق صحفي موثق يتناول الفساد في شركة نوح‪،‬‬ ‫ويعمل نوح وابنه على شرائها من خالل تعينها رئيسة لتحرير المجلة‪ ،‬لكن الطابع المهني لدى هذه‬ ‫الشخصية المهنية يتغلب على الفساد وعدم الشراء‪.‬‬ ‫عملي���ة اختيار الم���كان والصحفية بالذات توضح مدى عمق الحال���ة المهنية الصحفية المدنية‬ ‫الس���ورية‪ ،‬وتاريخيتها في الحياة السياس���ة والمهنية واالجتماعية السورية‪ ،‬وهذا يؤكد على عمق‬ ‫المؤسسات الصحفية السورية المدنية تاريخيًا بعيدًا عن الحالة القائم في سوريا اآلن‪.‬‬ ‫ف���ي الكوميديا نجد جزء م���ن الحالة المجتمعية المدنية في لوح���ات «بقعة ضوء» التي أخرجها‬ ‫س���يف الش���يخ نجيب خصيصًا في لوحة «الس���اعة الثامنة» حيث تواعد أمل عرف���ة زوجة الموظف‬ ‫المتوفى مديرينه كل هم إلى بيتها‪ ،‬حيث تحبس���هم في غرفة صغيرة كلهم وتجبرهم على توقيع‬ ‫أوراق المعامل���ة للحصول عل���ى الراتب التقاعدي لزوجها‪ ،‬وفي هذه اللوحة الحالة المدنية الس���ورية‬ ‫تظهر في انتقالها من مدير إلى مدير‪ ،‬وكش���ف جوانب الفس���اد اإلداري الموجود في المؤسس���ات‬ ‫الحكومية الس���ورية والمحسوبيات فيها‪ ،‬والتركيز هنا على استغالل جانب اإليحاء الجنسي الفاضح‪،‬‬


‫يوضح مدى الفساد اإلداري في المؤسسات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبق���ي إحدى المظاهر الحالة المدنية الس���ورية ف���ي دراما البيئة الش���امية متمثال في «مجلس‬ ‫االعضوات» في الحارة الش���امية‪ ،‬وهو شكل من أشكال العمل المدني البيئي المؤطر في زمان ومكان‬ ‫محددين‪ ،‬حيث يعد المجلس ذاته المسؤول عن كل ما يجري في الحارة‪ ،‬فتأمين حياة العائالت وأبناء‬ ‫الح���ارة جزء من عمله‪ ،‬ومتابعة قضايا الجرائم واالقتتال بين أبن���اء الحارة والحارات األخرى تقع عليه‬ ‫حلها‪ ،‬والمساعدة في تزويج أبناء الحارة من الشباب الذين أهلهم غير قادرون على تزويجهم‪.‬‬ ‫ويظه���ر في العم���ل الدرامي «باب الحارة» من تأليف س���ليمان عبد العزي���ز وإخراج ناجي طعمه‬ ‫وإش���راف بس���ام المال في الحلقة (‪ ،)23‬قول إحدى الش���خصيات أن هناك «‪ »50‬عضوه في جمعية‬ ‫نسائية س���ورية في زمن المس���تعمر الفرنس���ي في ثالثينيات القرن الفائت‪ ،‬وكذلك نرى النشاط‬ ‫النسائي في الجمعية من خالل أول مشاركة للفتيات بالعمل التطوعي الذي يخدم قضايا النساء في‬ ‫مجتمع الحارة الشامية متمثلة في «حارة الضبع»‪.‬‬

‫المجتمع البديل‪ -‬المدني دراميًا‬ ‫االس���تعراض البانورامي للعديد من المحطات المدنية في سياق موسم ‪ ،2016‬هو مجرد إشارات‬ ‫تحتاج إلى دراس���ة أوس���ع من أجل قراءة مدى العمق المدني الدرامي السوري في دراما هذا الموسم‪،‬‬ ‫وهذا يحتاج إلى فعل ورشات درامية – مدنية تعقد من أجل بحث كيفية نقل جزء من الواقع المدني‬ ‫الحديث ما بعد ‪ ،2011‬إلى س���ياق الفعل الدرامي الس���وري‪ ،‬وإظهار النقاشات الحقيقية التي تظهر‬ ‫في���ه للوصول إلى نتائج مح���ددة في قضايا محددة‪ ،‬فالمجتمع المدني قادر على تجس���يد الحقيقة‬ ‫ونقلها بأش���كال مختلفة‪ ،‬لكن هل يس���تطيع المجتمع المدني السوري في سياقات الدراما على نقل‬ ‫الحقيقة كما هي‪ ،‬ومن دون فعل تجميلي للواقع‪.‬‬ ‫حتى الساعة ال يمكن القول إن المجتمع المدني للواقع الحياتي اليومي بدأ يشكل مجتمعًا موازيًا‬ ‫بما هو قائم‪ ،‬أما من زاوية النقاش والحوارات القائمة في الحياة السياس���ية والمدنية الس���ورية‪ ،‬وكم‬ ‫هو متجس���د في الدراما الس���ورية يمكن التأكيد هنا أن نسبة (‪ )50%‬مما هو قائم في الواقع موجود‬ ‫في الدراما السورية‪ ،‬أما الباقي فهذا يحتاج إلى متابعة ومعرفة في المواسم الدرامية القادمة أو بحث‬ ‫آخر بعنوان رصد حالة المجتمع المدني السوري في الدراما تاريخيًا‪.‬‬ ‫فهل يستطيع العاملون في الحقل المدني السوري فعل ذلك من أجل تقديم نموذج قابل لنقله‬ ‫في الحياة إلى الدراما الس���ورية‪ .‬يبقى السؤال برسم صناع الدراما السورية في حال إدراكهم ألهمية‬ ‫دور المجتمع المدني السوري صانع البديل الحقيقي القابل للحياة؟!‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪41‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫بعد‬ ‫العرض‬


‫سمرقند‬

‫درامـــــا تنصف سحر الشــــــرق‬ ‫والخــــــال يظلــــم الخيــــــام‬ ‫عالء الدين العالم‬

‫لعل الرهان األكبر أمام الدراما التلفزيونية التاريخية‪ ،‬هو دقة المرجع التاريخي الذي تستند إليه‬ ‫هذه األعمال‪ ،‬ففي حال نجح عمل تاريخي ما على صعيد الصورة واألداء وحبكة السيناريو‪ ،‬وسقط‬ ‫على مس��توى المرجعي��ة التاريخي‪ ،‬وجانب الصواب في توثيق المرحل��ة التاريخية التي يتناولها‪،‬‬ ‫سيسقط العمل في «الفخ الفكري» لهذا النوع من األعمال‪.‬‬ ‫في الموس���م الدرامي ‪ ،2016‬يكاد يكون مسلس���ل «سمرقند»‬ ‫تألي���ف محمد البط���وش إخراج إي���اد الخزوز‪ ،‬هو األضخ���م إنتاجيًا‬ ‫مقارنة مع األعمال التاريخية في ذات الموس���م‪ .‬تقع أحداث العمل‬ ‫بين مدينتين األولى أصفهان حاضرة الدولة الس���لجوقية‪ ،‬والثانية‬ ‫سمرقند‪ .‬يمتد المجال الزماني للعمل بين ‪1092 ، 1080‬م‪ ،‬أي في زمن‬ ‫س���يطرة الدولة السلجوقية على بالد فارس وما وراء النهر‪ ،‬وتحديدًا‬ ‫فترة حكم الس���لطان السلجوقي «ملك شاه» الذي ورث السلطنة عن‬

‫نقــــاد‬

‫‪42‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫بعد‬ ‫العرض‬

‫أبيه ألب أرسالن‪ .‬ولعل أبطال (بالمعنى الدرامي للكلمة) تلك الحقبة‬ ‫هم الش���اعر والفيلس���وف «عمر الخيام» والداعية الدينية «الحسن‬ ‫ّ‬ ‫الصباح» الذي كان يدعي لإلمامة‪ .‬والس���لطان «ملك ش���اه» المتنور‬ ‫الداعم لمش���روع عمر الخيام الفلكي‪ ،‬حيث أقام األخير مرصدًا فريدا‬ ‫حقق من خالله تقويما شمس���يًا جديدًا اس���تبدل بالتقويم القمري‬ ‫في عهد السلطان ملك شاه‪ ،‬وبقي تقويم عمر الخيام ُمعتمدا حتى‬ ‫اغتيال السلطان ملك شاه عام ‪1092‬م‪.‬‬


‫في فضاء ش���رقي س���حري‪ ،‬يتناول العمل موضوعة الجواري‬ ‫والعبيد وتجارة النخاس���ة في ذل���ك العصر‪ ،‬منطلقا من حبكتين‬ ‫تتطرق���ان لذات الموضوع‪ ،‬األولى بطلها «الحس���ن الصباح‪،‬‬ ‫عابد فهد» تتناول قضي���ة العبودية من منطق ديني‪،‬‬ ‫يرفض العبودية إال لله‪ ،‬وهذا ما يصارع عليه الحسن‬ ‫الصب���اح في أصفهان وس���مرقند وفي بالط الدولة‬ ‫الس���لجوقية عامة‪ .‬أما الحبك���ة الثانية فتنطلق‬ ‫مع هروب ابنة الس���لطان «آت���ون خاتون‪ ،‬ركين‬ ‫س���عد» من بالط خالها الس���لطان «نصر خان‪،‬‬ ‫أحم���د العمري» حي���ث يعترضها اللصوص‬ ‫ويبيعوها للنخاسين‪ ،‬في رحلة ُيظهر فيها‬ ‫العمل قسوة العبودية في ذلك الزمن‪ .‬من‬ ‫جهة أخرى يتناول العمل الحياة الداخلية‬ ‫لقص���ر «مل���ك ش���اه‪ ،‬رش���يد ملح���س»‪،‬‬ ‫والصراعات القائمة داخله عبر تفاصيل‬ ‫طويل���ة ال طائ���ل منه���ا أحيانا س���وى‬ ‫تناسبها مع مقاس الثالثين حلقة‪.‬‬ ‫على صعيد الص���ورة يقدم العمل‬ ‫مزاج���ًا ش���رقيًا ملون���ًا يعكس س���حر‬ ‫الفن الش���رقي‪ ،‬ف���ي العم���ارة واألزياء‬ ‫واإلكسسوارات‪ ،‬وتنوع أمكنة األحداث‬ ‫«قصر السلطان ملك شاه‪ ،‬قصر السلطان‬ ‫الخال‪ ،‬الس���وق‪ ،‬س���وق النخاسة‪ ،»...‬إذ‬ ‫تنق���ل الكاميرا أجواء معبقة بالس���حر‬ ‫الش���رقي وفن تلك المرحل���ة يرافقها‬ ‫موسيقى «تأليف نديم سراج» تتناسب‬ ‫وروح العصر المقدم‪.‬يدعم ذلك القصص‬ ‫السحرية المستمدة من حكايات ألف ليلة‬ ‫وليلة وكليلة ودمنة التي تتخلل الحكاية‬ ‫التاريخية التي يقدمها «س���مرقند»‪ .‬لكن‬ ‫العمل عل���ى التفاصيل البصري���ة‪ ،‬والتزام‬ ‫الدقة التاريخية إلى حد ما في سرد األحداث‪،‬‬ ‫ال يكفي في األعمال التاريخية‪ ،‬فوجب تقديم‬ ‫الشخصيات العامة بأقرب الصور التي كانت‬ ‫عليها ف���ي الحقيقة‪ ،‬وذلك م���ا لم يقدمه‬ ‫العم���ل في ش���خصية عمر الخي���ام التي‬ ‫يلعبها الفنان اللبناني يوسف الخال‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪43‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫بعد‬ ‫العرض‬


‫عمر الخيام‪...‬شاعر الخمرة والحب‬ ‫«اغنموا الفرصة بين العدمين» قدتوجز الجملة السابقة رؤيا عمر‬ ‫الخيام للحياة وفلسفته فيها‪ .‬فهو الشاعر الفيلسوف الذي دعا إلى‬ ‫حب الحياة والتمتع بطيباتها وإرجاء التفكير في المس���ائل الغيبية‬ ‫الكبرى «كالحساب‪ ،‬والبعث‪ ،»...‬مع عدم جحوده الكامل باإلله المطلق‪.‬‬ ‫ولد الخيام في نيسابور عام ‪1044‬م‪ ،‬ويقال أنه سليل أسرة عربية‬ ‫التجأت إلى منطقة خراسان تحت وطأة عنف ديني أو سياسي‪ُ .‬عرف‬ ‫عنه موسوعيته وسعة اطالعه‪ ،‬فهو كان حكيما عالما بالفكر اليوناني‬ ‫القديم‪ ،‬كذلك كان فلكيًا وعالمًا بالرياضيات والحس���اب‪ ،‬لكن ما عاد‬ ‫على الخيام بهذا الصيت الذائع رباعيته الش���عرية‪ ،‬وهي مقطعات‬ ‫ُ‬ ‫كتبه���ا الخيام باللغة الفارس���ية‪ ،‬وترجم���ت في العصر‬ ‫الحديث إلى العديد من لغات العالم وعلى رأس���ها‬ ‫اللغ���ة العربية‪ .‬فقد ترجمها للعربية الش���اعر‬ ‫ب���در توفيق‪ ،‬معتم���دا على ترجمة الش���اعر‬ ‫االنكلي���زي إدوارد فيتزجرالد‪ .‬لكن توفيق‬ ‫اعتم���د ترجم���ة حرفية ل���م تتمكن من‬ ‫نقل الحساسية الشعرية الحاضرة في‬ ‫النص الفارس���ي‪ .‬وهذا ما التفت إليه‬ ‫«أحمد صافي النجفي» في ترجمته‬ ‫لرباعيات الخيام‪ ،‬حيث ترجمها من‬ ‫األصل فورًا وحملها روح الش���عر‬ ‫العربي‪ ،‬وعلى ذات النهج س���ار‬ ‫الشاعر أحمد رامي في ترجمته‬

‫نقــــاد‬

‫‪44‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫بعد‬ ‫العرض‬

‫للرباعيات التي غنت قس���مًا منها كوكب الش���رق «أم كلثوم» بيد أن‬ ‫ترجمة رامي لم تكن أفضل من س���ابقتها‪ ،‬بل بقيت ترجمة النجفي‬ ‫هي الترجمة األفضل إلى يومنا هذا‪.‬‬ ‫«أفق خفيف الظل هذا الس���حر‪ /‬نادى دع النوم وناغي الوتر‪ .‬فما‬ ‫أطال الن���وم عمرًا‪ /‬وال قصر في األعمار طول الس���هر» تعكس هذه‬ ‫األبيات روح فلس���فة عمر الخيام الداعية إل���ى حب الحياة‪ ،‬والتمتع‬ ‫فيها‪ ،‬وهذا كان دين الخيام وديدنه‪ ،‬فشخصيته حرة منطلقة نحو‬ ‫الحياة‪ ،‬على عكس ما قدمها مسلس���ل سمرقند‪ ،‬فـ «يوسف الخال»‬ ‫الذي يلعب ش���خصية الخيام‪ .‬بعيد كل البعد عن شخصية الخيام‬ ‫التي وصلت إلينا من خالل ش���عره وس���يرته‪ .‬فعمر هذا يظهر في‬ ‫العمل عبوس���ًا على الدوام‪ ،‬يعش���ق الخمرة دونما ُسكر‪ ،‬يكره‬ ‫النساء ويعاملهن باس���تعالء‪ ،‬ليس في لسانه فصاحة‬ ‫الش���اعر‪ ،‬وال في أفعال���ه رهافة العاش���ق‪ ،‬وال في‬ ‫أحاديثه فطنة الفيلس���وف الحكيم الذي كان‬ ‫عليه عمر الخيام‪ .‬زد على ذلك ظهوره بمظهر‬ ‫الصاب���ئ المغفل في مش���هد خلوته مع‬ ‫الجاري���ة «نيرمي���ن‪ ،‬أمل بشوش���ة» ما‬ ‫ساهم في إظهار ش���خصية الخيام‬ ‫في العم���ل بعي���دة كل البعد عن‬ ‫شخصية الخيام الحقيقية‪ ،‬وهذا‬ ‫إن دل على ش���يء دل على عدم‬ ‫اطالع الممثل على شعر الخيام‬ ‫وفكره وسيرته‪.‬‬


‫«المسرح يهزم الحرب»‬ ‫جديد أحمد الخليل‬

‫يرصد كت���اب «المس���رح يه���زم الحرب»‬ ‫للزمي���ل أحمد الخليل الحركة المس���رحية في س���ورية بدءًا من آذار‬ ‫‪ 2011‬وحتى آذار ‪ ،2015‬أي هو يتتبع العروض المس���رحية المقدمة خالل س���نوات‬ ‫الح���رب األربع���ة والتي بدأت بحركة احتجاجات س���لمية ضد الحكومة‪ ،‬لتتح���ول فيما بعد إلى‬ ‫صراع مس���لح‪ ،‬يكاد يرمي تراث وحضارة ومستقبل البلد في غياهب المجول‪ ،‬وهذه الحرب أثرت على كل‬ ‫شيء(اإلنس���ان‪ ،‬العمران‪ ،‬المجتمع) كما أثرت على الحركة الثقافية ومنها المس���رح والمسرحيي‪ ،‬حيث طالتهم‬ ‫الحرب إنسانيًا وأمنيًا ونفسيًا‪ ،‬رغم ذلك قام المسرحيون السوريون بجهد بطولي إلبقاء أضواء المسرح متقدة وأبواب‬ ‫المسارح مشــــرعة رغم كل الكوارث التي واجهوهـــا‪ ....‬والكتاب مـــــــن إصـــدارات الهيئة العربية للمســـــــرح ‪.2016‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪45‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسرح‬


‫طالل نصر الدين‬ ‫حلّق مـزدحمـــًا بالنشيد‬ ‫فاألرض أضيق من حلمك‬ ‫�ألمى ه�شام كفارنة‬

‫مش��غول دائمًا بفلسفة السؤال‪ ..‬بماهية الكيان ‪...‬ما أنت ؟‪..‬ما منجزك؟ ‪..‬ما اإلرث؟‪..‬‬ ‫م��ا الم��وت؟ ‪..‬ما البن��وة واألبوة؟‪...‬ما يعني��ه الجاه؟‪..‬الم��ادة والروح؟‪..‬كلها أس��ئلة لطالما‬ ‫ش��غلته وربم��ا لم يجد لها جواب لك��ن من المؤكد أنه عرف تمامًا معن��ى الحياة بالرغم‬ ‫م��ن قصر الس��نين التي عاش��ها إال أنه تجرع م��ن روح الحياة ما اس��تطاع من فرح وحب‬ ‫ولع��ل هذه الجرعات كان��ت أقوى من كل األدوية الكيميائية الت��ي حاول أطباءه بها أن‬ ‫يتح��دوا (اللوكيميا) التي أصابته وهو ابن خمس وخمس��ين عامًا‪ .‬عاش��ها محلقًا دائمًا‬ ‫أحب ألقصى حد‪..‬فرح ألقصى حد ‪ ..‬حزن ألقصى حد ‪..‬رغم الفقر الذي عاش��ه كان دائمًا‬ ‫متخمًا باألفكار والمعرفة‪..‬االبتكار‪.‬‬ ‫لم يعني له أبدًا أن يكون بيته الذي استأجره وعاش فيه لسنوات طويلة بيتًا بسيطًا‬ ‫متواضعًا طالما أنه يتس��ع الس��تقبال من أحبهم من األصدقاء‪ ،‬ول��م يضنه الجوع حين‬ ‫ينسى نفسه أليام حتى دون طعام طالما أنه غارق في الكتابة واإلبداع‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪46‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسرح‬

‫طالل نص���ر الدين ابن الكروم ‪..‬صاحب القلب العتيق المعتق‬ ‫الثمل كنبيذ الس���ويداء‪..‬والذي عاش س���نين مراهقته بين كروم‬ ‫السويداء متس���كعًا طائشًا إلى اليوم الذي س���مع فيه جارة لهم‬ ‫تنعت ابنه بأقس���ى الشتائم ثم نعتته ب((يا طالل نصر الدين))‬ ‫بكى حزينًا وأدركه أنه س���يكون اس���مًا تتمنى األمهات أن يكون‬ ‫ألوالدهن ش���أنه‪..‬وبالفعل تابع دراسته بشكل حر حتى نال إجازة‬ ‫في التمثيل من المعهد العالي للفنون المسرحية ‪..‬بدأ طالل نصر‬ ‫الدين بالبروز كش���خصية لها خصوصية عالية ولكنها لألس���ف‬ ‫ل���م تتطابق مع بع���ض المعايير التي تحك���م منظومة العالقات‬ ‫في الوس���ط الفني إذ أنه ش���خص مزاجي ‪..‬حر ‪..‬وخاص جدًا فلم‬ ‫يس���تطع أن يجد له مكانًا يليق به على الشاش���ة الصغيرة إال أن‬ ‫ه���ذا لم يحزنه بل عل���ى العكس كان خيارًا مناس���بًا له جدًا فهو‬ ‫دائم���ًا من آمن بنظرية أن الحياة خي���ار ولكل خيار ضريبة ‪.‬فاتجه‬ ‫إلى المس���رح ليبدع بطروحاته الجريئة وش���فافية رؤاه اإلخراجية‬ ‫وشعرية نصوصه التي ألفها وسوية االبتكار فيها‪ .‬وقد القت هذه‬ ‫العروض أش���د اإلعجاب والرضى في بلدان العالم حيث زار طالل‬ ‫نص���ر الدين الكثير منها ليقدم عروضه والغريب أنه كلما عاد من‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫إحدى هذه البلدان تحدث عنها طويال بدهش���ة وحب واس���تطاع‬ ‫دائمًا أن يلم بثقافة وحضارة هذا البلد ‪..‬وهذا يأخذك لتكتش���ف‬ ‫كم هو ش���خص متأقلم اجتماعي ‪..‬آمن باإلنس���ان أينما وجد على‬

‫وجه األرض ومهما كانت جنسيته أو جنسه‪.‬‬ ‫لم تس���تطع مؤسس���ة الزواج أن تنال قناعة ورضا طالل نصر‬ ‫الدين وذلك أمر طبيعي بالنس���بة لرجل ال يمكن ألي ش���يء سوى‬ ‫أخالقه النبيلة أن يقيده وم���ع هذا كانت له عالقات طيبة بأطفال‬ ‫أصدق���اءه بل كانت عالقة مميزة كان صديقًا للجميع وس���رعان ما‬ ‫يتدخل لحل أي خالف أو مش���كلة تواج���ه أي أحد‪ .‬إذ كان صاحب‬ ‫حج���ة وفصاحة لس���ان وبديهة عالية ممزوج���ة بطرافة وتلقائية‬ ‫‪.‬وذلك م���ا زاد أصدقاءه في مقهى الروضة والذين لم يتخلف أبدًا‬ ‫عن موعده الش���به يوم���ي معهم للعب الورق وتب���ادل األحاديث‬ ‫تمس���كًا بوجوده دائمًا حيث كان���ت لديه الق���درة على الحديث‬ ‫لساعات وساعات وسرد القصص اليومية أو قصص قرأها أو حتى‬ ‫س���معها دون أن يجعلك تمل بل على العك���س هو قادر على أن‬ ‫ً‬ ‫يضحكك ويبكيك ‪..‬ويزيدك أمال وأسئلة‪.‬‬ ‫أسئلة كثرة عميقة ‪..‬بسيطة‪..‬عذبة‪..‬ومؤلمة صاغها طالل نصر‬ ‫الدين عام ‪ 2006‬على شكل أناش���يد ليصدر كتابه في ‪ 4-29‬من‬ ‫نفس العام عن المركز العربي لألبحاث والتوثيق ((أناش���يد على‬ ‫قدم الموت)) حيث جاء في مقدمة الكتاب على لسان كاتبه ‪:‬‬ ‫((قبل هذه المجموعة لم أفكر أبدًا بتقديم نفسي كشاعر في‬ ‫الساحة األدبية الس���ورية أو العربية ‪.‬واكتفيت بتكريس جهدي‬ ‫لألعمال الدرامية (المسرحية والتلفزيونية)ككاتب ومخرج‪.‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪47‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسرح‬


‫نقــــاد‬

‫‪48‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسرح‬

‫عب���ر حياتي ‪-‬التي أجدها طويلة أحيانًا‪ -‬طفت في مس���احات‬ ‫وجدانية شاس���عة من اإلنفعاالت البس���يطة حتى األكثر تعقيدًا‬ ‫وانتابتني مخاوف وانفعاالت وهواجس كثيرة كاألفراح واألحزان‬ ‫العادية‪ ،‬والخيبات ‪..‬االنكس���ارات التى ال تحصى‪ ،‬شأني شأن كل‬ ‫أدي���ب أو مهتم عربي وكنت أدون أكثره���ا حميمية أو إيالمًا على‬ ‫دفات���ري وأوراقي الش���خصية وأهملها‪ ،‬لك���ن ردود أفعال بعض‬ ‫أصدقائي الذين اطلعوا صدفة على هذه األوراق والدفاتر ش���كلت‬ ‫لي إغواء لم أستطع مقاومته لنشر بعض محتوياتها‪ ،‬فكانت هذه‬ ‫المجموعة الشعرية األولى‪.‬‬ ‫إن تسلس���ل القصائد كما س���يطلع عليها القارىء لم يخضع‬ ‫لزمن إنتاجه���ا‪ ،‬بل رتبتها تبعًا لتص���ورات جمالية محضة‪ ،‬إذ أن‬ ‫بعضها يعود ألكثر من عش���رين عام���ًا وبعضها كتب في األمس‬ ‫القريب ومع هذا فقد سلسلتها بغض النظر عن تزمين كتابتها‪.‬‬ ‫كل م���ا أرجوه من عمل���ي ه���ذا أن يدفع بم���دارك قارئه إلى‬ ‫مس���احات جمالي���ة ووجدانية رحبة وفس���يحة وجدي���دة‪ ،‬تبالي‬ ‫بمفردات العالم حولنا وتضعنا أمام تلك التجليات الجمالية التي‬ ‫ال تحصى للحضور اإلنس���اني والمس���تقبل اإلنساني بحيث نقف‬ ‫بصالبة في وجه كل ما يحيط بنا من مظاهر القس���وة‪ )).‬طالل نصر‬ ‫الدين ‪2006-4-23‬‬ ‫ط�ل�ال رجل ي���رى في حيات���ه أنه���ا طويلة أحيان���ًا‪ ،‬وهو في‬ ‫األربعين���ات م���ن العمر ويراها أنه���ا مجموعة انفع���اال ومخاوف‬ ‫وهواج���س كاألف���راح واألح���زان العادية وخيبات وانكس���ارات ال‬ ‫تحص���ى‪ ..‬ومع هذا يختم حديثه قائ�ل�ا (نقف بصالبة في وجه ما‬ ‫يحيط بنا من مظاهر القسوة)‬ ‫في ديوانه الش���عري أناش���يد على قدم الم���وت من المقدمة‬ ‫حتى (دعوة) وهي النش���يد األخير في الكتاب يلخص نصر الدين‬ ‫حياته وأفكاره وخالصة فلسفته التي بنى لحظات العمر عليها‪.‬إذ‬ ‫ً‬ ‫رجال حقيقيًا ً‬ ‫بناء منتجًا حالمًا وخاص‪.‬‬ ‫أنه كان‬ ‫وفي قصيدته (غربة) يقول‪:‬‬ ‫كان ما كان‬ ‫كان وجهي حنينًا‬ ‫ً‬ ‫شتاء‪..‬‬ ‫وقلبي‬ ‫ً‬ ‫ومدفأة‬ ‫ورفيف حكايا كنت أركض والله مبتهج من حفيف ثيابي‬ ‫كان أني صبي يدفىء ألعابه في الشتاء‬ ‫يمدد أحالمه للسماء‬ ‫كان أني صبي رجيم‬ ‫ولد ‪..‬حالم‬ ‫والمدائن ال ترحم الصبية الطيبين‬ ‫لوكان يس���عني ذكر كل ما جاء في هذه المجموعة من كلمات‬ ‫ً‬ ‫ألنها تختزل رجال ال يشبه الرجال وكم هو فريد وخاص ‪..‬أن تختزل‬ ‫ً‬ ‫القصائد رجال‪.‬‬ ‫كل م���ن يع���رف طالل نص���ر الدين يع���رف تمام���ًا أنه يعد‬ ‫وس���يمًا وعاش���قًا بامتياز ومع هذا ل���م يأبه يومًا ب���أن يبدو أنيقًا‬ ‫ومنم���ق المظهر وبما أنه كان يطلق ش���عره وال���ذي من الله عليه‬ ‫بأنه مسترسل وكثيف فقد قرر يوم سمع عن طريقة علمية طبية‬ ‫مبتكرة يس���تخلص فيها من الشعر أحماض ومواد طبيعية لتزرع‬ ‫لمن تس���اقط شعرهم من مرضى السرطان مما يحرض نمو الشعر‬ ‫لديهم من جديد ‪،‬أن يقص ش���عره الطوي���ل ويتبرع به لألطفال‬ ‫المصابين بمرض السرطان وظل يفعل هذا بشكل دوري ومستمر‬ ‫وكان حينها ش���خصًا معافى ال يعاني من أي مرض س���وى بعض‬ ‫آالم القرحة المعدية والتي كان يتجنبها بحمية دائمة عن بعض‬ ‫األطعمة والمشروبات‬

‫ولي���س هذا فحس���ب بل كان يق���وم بزي���ارات دورية لهؤالء‬ ‫األطفال ويشاركهم الكثير من النشاطات وهو لم يعلم حينها أن‬ ‫هذا المرض بالذات سيكون سببًا في مغادرته عالمنا والتي لطالما‬ ‫كان بالنسبة له أضيق من رغبته بالغناء ‪.‬‬ ‫ت���زوج طالل نصر الدين في أيامه األخيرة من س���يدة عظيمة‬ ‫أحبته دائمًا ولم يعني لها فستان زفاف والعرس الفخم والحياة‬ ‫الرغيدة شيئًا بل أحبت رجال لم يكن مرضه عائقًا بينها وبين قلبه‬ ‫واس���تطاعت أن تدخل أليامه الفرح والس���عادة واهتمت به بأكثر‬ ‫مما اس���تطاعت كانت بمثابة أسرة كبيرة له إذ حرصت على راحته‬ ‫كأم‪ ..‬كعاشقة‪ ..‬كابنة‪..‬‬ ‫أراد طالل نصر الدين في ه���ذه األيام األخيرة أن يخرج عرضًا‬ ‫مس���رحي مونودراما‪،‬هو بطلها ‪،‬حيث أنه كتب النص أثناء وجوده‬ ‫في دمش���ق يتلقى العالج في المستش���فى وكان العرض بمثابة‬ ‫نص قصير هو باختصار حياة ممثل بائس يجلس على الكرس���ي‬ ‫ليعترف للجمهور بكل مكنوناته وأحزانه وخيباته ثم يطلق النار‬ ‫على نفسه‪.‬‬ ‫الحقيقة أن طالل نصر الدين همس لبعض أصدقائه برغبته‬ ‫في تقدي���م العرض لكن الغريب أنه طل���ب تقديم العرض ليوم‬ ‫واحد فقط ولم يرد أن يحجز المسرح سوى ليوم واحد أما البروفات‬ ‫فقد كان يقوم بها في المستش���فى وما زاد الموضوع التباسًا هو‬ ‫أنه طلب أن يكون المسدس الذي يقتل به الممثل نفسه مسدس‬ ‫حقيقي ‪..‬‬ ‫وضعت هذه الطلبات أصدقاء نصر الدين في حيرة من أمرهم‬ ‫وتوجس الجميع خشية أن يكون قد أضمر نية بإنهاء حياته فوق‬ ‫الخش���بة التي أحب وأن يك���ون أخر ما قام به هو ممارس���ة الحب‬ ‫بالنس���بة له أي التمثيل على خشبة المس���رح بالذات فالقى طلبه‬ ‫بعض التسويف عله يعدل عن رأيه في هذه األثناء تدهور وضع‬ ‫نصر الدين الصحي وتعرض لكثير من الس���جاالت والمش���كالت‬ ‫مع نقابة الفنانين بش���أن نفقات عالج���ه مما دفع بصديقة مقربة‬ ‫ل���ه بتأمين منح���ة عالجية له ف���ي الدنمارك حيث غ���ادر للعالج‬ ‫وواظب أثناء س���فره على إنجاز روايته الت���ي لطالما أخبرني عنها‬ ‫ً‬ ‫قائال(س���أكتبها‪..‬وأموت) وتوقع أن تكون أهم إنجازات حياته‪.‬هو‬ ‫ً‬ ‫الذي لم يس���عى أبدًا أن ينجب أطفاال يخلدون أس���مه لكنه أنجب‬ ‫الكثير من القصائد والنصوص المسرحية ستبقيه بيننا‪..‬هو الذي‬ ‫ً‬ ‫لم يس���عى ألن يلم ماال أوجاهًا حتى بيته الذي عاش فيه باألجرة‬ ‫اضط���ر أن يخرج منه ألن صاحب البيت رفع س���عر اإليجار لكنه لم‬ ‫يتخلى يومًا عن خياراته ومواقفه وظل يكتب ويفكر ويبحث حتى‬ ‫البداي���ة ‪..‬إذ ال يمكن ألمثاله أن يصابون بعطب النهاية هم دائمًا‬ ‫يبدؤن ولعله بدأ رحلته في الس���ماء‪..‬هناك في العالم األخر حيث‬ ‫يليق بحالم مثله التحليق‪.‬لم يكن له أسرة لكن كان له كرسي على‬ ‫مائدة قلوب كل األسر التي عرفها وصادقها في حياته ‪..‬‬ ‫ربما ال يحق لي كثيرًا أن أخص ذكرى خاصة لي معه بالنش���ر‬ ‫‪ ..‬لكن ال يمكنني أن أنس���ى أنك أول من أمس���ك بيدي الصغيرة‬ ‫وأدخلني ألول مرة إلى (س���ينما الشام) اشتريت لي بطاقة واحدة‬ ‫بما تمل���ك من نقود وبقي���ت تنتظرني تحت المط���ر في الخارج‬ ‫حت���ى انتهاء الفيل���م ‪ ،‬كان الفيل���م بعنوان (آالم المس���يح) أما‬ ‫أنت يا صديق���ي الكبير فعرفت دائمًا كيف تتفادى اآللم والحزن‬ ‫بقصيدة وابتس���امة صادق���ة‪ ..‬لو أنك معنا الي���وم لرأيت كم من‬ ‫األصدق���اء ذرفوا حارق الدموع على غيابك وكم من الوجوه أصيبت‬ ‫بالخيبة لرحيلك عن عالم لم يتس���ع لصدى نش���يد قلبك‪ ..‬لكنك‬ ‫وعدت بأنك س���ترج كل الف���راش الذي اختزنت���ه رؤاك ‪ ..‬وتطلق‬ ‫حنجرتك م���ن أتون الب���كاء وتعيد األغاني التي نس���ي النادبون‬ ‫تالوتها للخراب‪.‬‬


‫نقــــاد‬

‫‪49‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫مسرح‬


‫تجارب ملهمة‬ ‫هاني أبو أسعد‬

‫انتصار المبدأ والمعرفة في أقصى الغرب‬ ‫مجيد الخطيب‬

‫ّ‬ ‫والنصف بتوقيت ّ‬ ‫ل��م يكن عرض ّ‬ ‫ّ‬ ‫األميركي في منطق��ة بيفرلي هيلز‬ ‫الس��احل الغربي‬ ‫الرابع��ة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرش��ح ّ‬ ‫لمرتين عن جائزتي أوس��كار ألفضل مخ��رج‪ ،‬الجنة‬ ‫مكتظ��ًا بجمهور يليق بس��معة مخرج‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اآلن (‪ )٢٠٠٦‬وعمر (‪ ،)٢٠١٣‬وبالذات إن كان مخرج العمل نفس��ه سيطل على الحاضرين بعد انتهاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فعالية سؤال وجواب بملحق البرنامج‪ّ .‬‬ ‫معنويًا‬ ‫بالرغم من ذلك‪ ،‬هاني حصد انتصارًا‬ ‫العرض ضمن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واألهم م��ن ذلك أنه منح انتصارًا لجمهوره بش��كل عام‪ ،‬انتصار المعرفة‬ ‫ورمزي��ًا م��ن ذلك العرض‪،‬‬ ‫األميركية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عما يحدث في الجانب اآلخر‬ ‫اإلعالمية‬ ‫أميركي ال يعرف الكثير خارج الفقاع��ة‬ ‫لجمه��ور‬ ‫لي‪ّ ،‬‬ ‫من العالم‪ ،‬وما يكون الجانب اآلخر من العالم أساس��ًا‪...‬وانتصار بش��كل ّ‬ ‫خاص ّ‬ ‫خصني به دون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بقية الحاضرين‪ ،‬وهو انتصار المبدأ ورجل ّ‬ ‫السينما الذي يفتدي مبادئه‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪50‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سينما‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التحذيرات والمخاوف التي نسمعها عادة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربي أو الش���رق أوس���طي‬ ‫ع���ن خنوع الفنان‬ ‫ّ‬ ‫ليش���ق طريقه بمج���ال ّ‬ ‫الفن ف���ي الغرب‪ ،‬هي‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫بالنسبة ألبي أسعد‪ّ ،‬الذي ّ‬ ‫قرر‬ ‫ليست إ أساطير‬ ‫أن يضرب بها عرض الحائط‪ .‬البعض يجادل ّ‬ ‫بأن‬ ‫هذا ّ‬ ‫السينمائي الفلسطيني حظي بترشيحي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أوس���كار فيما سبق ألنه تطرق لجوانب عدة من‬ ‫الخالف الفلسطيني‪/‬الفلس���طيني بأسلوب لم‬ ‫يخل من ّ‬ ‫السخرية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك���ن أال يجدر به���ذا الفريق م���ن النقاد‬ ‫والمتابعين ّ‬ ‫ّ‬ ‫أميركية‬ ‫بأن يدرسوا حالة مشابهة‬ ‫مثل كوانتي���ن ترانتينو؟ فاآلخر أيضًا يش���ير‬ ‫ّ‬ ‫المتقيحة في مجتمعه بأس���لوب‬ ‫إلى الج���راح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكوميديا السوداء‪ ،‬والذي يعد واحدًا من أكثر‬ ‫ّ‬ ‫األلوان ّ‬ ‫���ينمائية عرضة للفشل‪ ،‬لما يحمله‬ ‫الس‬ ‫ّ‬ ‫م���ن تناقض يحتاج لمخرج فذ ليبقيه في حالة‬ ‫ّ‬ ‫الطوفان على ّ‬ ‫الس���طح‪ ،‬ويحول دون غرق الفيلم‬ ‫ّ‬ ‫بنفس ساخر‪.‬‬ ‫بإشكال التطرق لقضايا كبيرة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية وعائد إلى‬ ‫مسلسلي التغريبة‬ ‫حيفا على سبيل المثال تداول بموضوع الخالف‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطيني؟‬ ‫الفلسطيني ‪-‬‬

‫فهل االعتراض على العنصر الكوميدي إذًا؟‬ ‫إن كان األمر كذلك‪ ،‬فقد اقتصد أبو أس���عد في‬ ‫ّ‬ ‫عنصر التراجيديا ّ‬ ‫الساخرة التي لطالما احترف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللع���ب عليها في فيلمه األخير «يا طير الطاير»‬ ‫ّ‬ ‫باإلنكليزية ب “‪.”The Idol‬‬ ‫أو كما يعرف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقس���م هاني فيلم���ه ال���ذي يتحدث عن‬ ‫ّ‬ ‫نشأة ورحلة نجم برنامج «محبوب العرب» محمد‬ ‫ّ‬ ‫عساف إلى ثالثة فصول واضحة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّأولها يفن���د طفولة ّ‬ ‫محمد ّ‬ ‫عس���اف وولعه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المبكر في الموسيقى منذ سنواته المبكرة‪ ،‬مع‬ ‫ّ‬ ‫مجموع���ة من أصدقائه الذين ش���اركوه الحلم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن ّ‬ ‫شبابية في غزة‬ ‫موس���يقية‬ ‫يأسسوا لفرقة‬ ‫المحاصرة‪ .‬صعوبات كثيرة تواجه مس���يرهم‪،‬‬ ‫من نقص الم���ال والموارد إلى س���خرية بعض‬ ‫ّ‬ ‫األهالي ورفضه���م للحالة التي رمزت لها فرقة‬ ‫عساف‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن أكبرها وأصعبها كانت وفاة أخته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والدافع ّ‬ ‫المحرض ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لمحمد كي‬ ‫األول‬ ‫التي شكلت‬ ‫يواصل مشواره‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفصل الثاني هو عساف الشاب المتخبط‬ ‫بين فج���وات الماضي من فش���ل الفرقة وموت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدمرة‬ ‫أخته‪ ،‬وثق���ل الحاضر الذي ترمز له غزة‬

‫بعد ح���رب عدوان ‪ .٢٠٠٨‬أصدقاء ّ‬ ‫عس���اف من‬ ‫السابقة في حالة ّ‬ ‫فرقته ّ‬ ‫تخبط مشابهة‪ ،‬فمنهم‬ ‫ً‬ ‫من اختار مجاال ومشى على درب بعيد عن حلمه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول‪ ،‬ومنه���م من التحق بتنظيم حماس الذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دفع بغ���زة إلى مزي���د من االنغ�ل�اق والتصدع‬ ‫ّ‬ ‫الداخل���ي‪ .‬يرى ّ‬ ‫محمد في برنامج محبوب العرب‬ ‫ّ‬ ‫مخرجًا من هذه الفوض���ى ومخلفاتها المؤلمة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ك���ي يخرج‬ ‫فيم���ر بمرحل���ة ش���ديدة الخطورة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نظامي من غزة إلى مصر عبر معبر‬ ‫بش���كل غير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رفح‪ .‬الفصل الثالث اعتمد على مش���وار محمد‬ ‫ّ ّ‬ ‫والمس���ؤولية التي وجدها‬ ‫بين مصر ولبن���ان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫على عاتقه مع ّ‬ ‫تقدمه ف���ي التصفيات‪ ،‬واألمل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذي بثه في الش���عب الفلسطيني المنهك مع‬ ‫ّ‬ ‫نجوميته شيئًا فشيء‪...‬ليختتم‬ ‫ظهوره وتبلور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفيل���م طبعًا بفوز عس���اف‪ ،‬وم���ا قدمه بذلك‬ ‫الفوز من خيوط ّ‬ ‫ضمدت شيئًا بسيطًا من جراح‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينيين‪.‬‬ ‫ورضوض‬ ‫ّ‬ ‫أطل أبو أس���عد المخرج والكاتب مع زوجته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمي���رة دي���اب التي كان���ت عل���ى رأس الطاقم‬ ‫اإلنتاج���ي للفيلم ّالذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫تم تصويره بين مناطق‬ ‫مختلفة م���ن فلس���طين‪...‬معظمها في مدينة‬


‫نقــــاد‬

‫‪51‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سينما‬


‫نقــــاد‬

‫‪52‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سينما‬

‫جني���ن‪ ،‬إضاف���ة ألقس���ام ّ‬ ‫ت���م تصويرها في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مصر‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫تحدث الش���ريكان ع���ن الصعوبات التي‬ ‫واجهتهما في إنتاج فيل���م كهذا تحت جملة‬ ‫ّ‬ ‫الظروف ّ‬ ‫الصعبة‪ ،‬كتصاريح من ّ‬ ‫الس���لطات‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬الشرط اإلنتاجي والزمني الضيق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫والتعامل مع فريق من الممثلين األطفال الذين‬ ‫ّ‬ ‫النصف ّ‬ ‫األول من الفيلم‪...‬‬ ‫تصدروا الحضور في‬ ‫ّ‬ ‫أطفال أعادهم أبو أسعد إلى أجواء الحرب التي‬ ‫ً‬ ‫قاس���وا منها فعال فيما مضى‪ ،‬فاستنبط منهم‬ ‫ّ‬ ‫أقل ما يقال فيه ّأنه ش���ديد ّ‬ ‫الصدق‬ ‫أداء الفتًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والعفوية‪.‬‬ ‫وكما ه���ي العادة في معظ���م أفالم هاني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عندما يتعل���ق األمر بالتموي���ل‪ ،‬فهو يلجًا إلى‬ ‫ّ‬ ‫عدة جه���ات تكون في أغلبه���ا صناديق دعم‬ ‫أوروبا الغربي���ة‪ّ .‬‬ ‫ألفالم من بل���دان ّ‬ ‫لكن الجدير‬ ‫بالذكر ّأن شبكة ‪ mbc‬كانت شريكة في اإلنتاج‬ ‫هذه ّ‬ ‫المرة‪ ،‬كون ّأن الفيلم يعيد برنامج محبوب‬ ‫ّ‬ ‫الع���رب لذاكرة متابعي���ه‪ ،‬ويع���رف الجمهور‬ ‫الغربي به أيضًا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واب���ل من األس���ئلة تلق���اه االثن���ان بعيد‬ ‫كلمتهما وتعريفهما بم���ا كان خلف كواليس‬ ‫الفيل���م‪ .‬العرب م���ن الجمهور ل���م يكثروا من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمريكية الحاضرة هي التي‬ ‫األقليات‬ ‫األسئلة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سألت أبو أس���عد بش���غف وتقصي‪ ،‬لما قدمه‬ ‫من رؤية عميقة ومغايرة عن ش���عوبنا ّ‬ ‫مما يراه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المحلي على شاش���ات التلفزة‪.‬‬ ‫جمه���ور أميركا‬ ‫أميركية في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصف األمامي مع حفيدها‬ ‫سيدة‬ ‫باليهودية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫صرحت ألبي أسعد بتفصيل‬ ‫تدين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خارج عن سياق الفيلم والسؤال ككل‪ ،‬لتقول‪« :‬ال‬ ‫ّ‬ ‫مصداقية الفيلم‪...‬فأنا على س���بيل‬ ‫أعرف مدى‬ ‫ّ‬ ‫المثال ّ‬ ‫أحب إس���رائيل»‪ .‬لكن هاني لم ينقصه‬ ‫ّ ّ‬ ‫من ّ‬ ‫الدبلوماسية كي يرد بكل ثقة وبرود أعصاب‬ ‫ّ‬ ‫بجواب يش���به إلى ّ‬ ‫حد كبير تصريح المرش���ح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يموقراطي سابقًا‪ ،‬يرني‬ ‫ئاسي من الحزب الد‬ ‫الر‬ ‫س���اندرز‪ّ :‬‬ ‫«جيد‪ ...‬لكي إن كن���ت كذلك‪ ،‬فيجب‬ ‫أن تكون���ي من ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفلس���طي ّنيين‬ ‫الدعاة لمعاملة‬ ‫بشيء من الكرامة واإلحترام»‪.‬‬ ‫انتظ���رت ب���دوري ّ‬ ‫بقي���ة الجمه���ور ك���ي‬ ‫ّ‬ ‫ينتهوا من أس���ئلتهم‪ ،‬والت���ي دارت أيضًا في‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫والفنية التي واجهت‬ ‫بحر المش���اكل التقني���ة‬ ‫ّ‬ ‫عاطفية تربطه بالعمل‬ ‫المخرج‪ ،‬باإلضافة لدوافع‬ ‫ّ‬ ‫مستقبلية تلوح في األفق القريب‪.‬‬ ‫ومشاريع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫توجهت إلى هاني بس���ؤالين في النهاية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التركيز ّ‬ ‫الدائم على الش���رخ الفلس���طيني‪/‬‬ ‫لما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطيني؟ وما صحة التخويف الذي يتجرعه‬ ‫ّ‬ ‫الفنان العربي قبل أن يحاول ش���ق طريقه في‬ ‫ّ‬ ‫هوليوود‪ ،‬بأن يبقى في حالة خنوع ويغني على‬ ‫مواويل ال تزع���ج آذان القائمي���ن على صناعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األميركية؟ فكان‬ ‫الس���ينما وماكينات اإلع�ل�ام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فلس���طينيي الداخل أكثر‬ ‫جوابه على األول بأن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطيني‪/‬الفلس���طيني من‬ ‫إحاطة بالش���رح‬ ‫ّ‬ ‫نظرائهم في الش���تات والمهج���ر‪ّ ،‬‬ ‫وبأن البيت‬ ‫المنقسم في ّ‬ ‫الداخل ال يصمد أمام رياح الخارج‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبالنس���بة للس���ؤال الثاني‪ ،‬فلم ينكر‬ ‫العاتية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المخرج ّ‬ ‫والسيناريست الفلسطيني وجود صحة‬


‫البيت المنقسم‬ ‫في الدّ اخل‬ ‫ال يصمد أمام‬ ‫رياح‬ ‫الخارج العاتية‬ ‫لهذه المخاوف‪ ،‬فهو على ّ‬ ‫حد تعبيره دفع ثمنًا‬ ‫لتجاوزه���ا‪ ،‬واعتب���ر ّأن األمر ف���ي جوهره تلبية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ظا في‬ ‫لن���داء الضمير الذي يجب أن يبقى متيق ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حقيقي منسجمًا مع ذاته‪.‬‬ ‫كيان كل فنان‬ ‫أبو أس���عد الي���وم يدور الكوك���ب بعروض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فعالي���ات المهرجانات‬ ‫خاصة ضم���ن أو خارج‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العالمي���ة ليعرض فيلم «يا طي���ر الطاير»‪ ،‬وهو‬ ‫أيضًا بصدد تحضي���ر فيلمه المقبل في أميركا‬ ‫«‪ »The Mountain Between Us‬مع نخبة من‬ ‫الص���ف ّ‬ ‫نجوم ّ‬ ‫األول في هوليوود‪ ،‬مثل إدريس‬ ‫آلب���ا وكيت وينس���لت‪ .‬وهذا م���ا يعيدني إلى‬ ‫ّ‬ ‫األهم‪ ،‬صدق ّالرؤي���ة ّ‬ ‫ّ‬ ‫والصوت لمخرج‬ ‫النقط���ة‬ ‫ش���جاع وصادق س���توصله إلى أعالي القمم‪...‬‬ ‫ْ ّ‬ ‫النظر عن المنزعجي���ن أو ّ‬ ‫الراضيين عن‬ ‫بغ���ض‬ ‫ّ‬ ‫خطابه وتوجهه‪.‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪53‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫سينما‬


‫سالسل فضة‬ ‫بالل �شحادات‬

‫يبدو جليًا للمتابعين والمهتمين بأحوال الدراما الس���ورية أنها باتت‬ ‫في معظم األعمال دراما نسائية بامتياز‪ ،‬حيث صارت مواضيعها موجهة‬ ‫لجمهور النس���اء على حساب جمهور الرجال والش���باب السوري‪ ،‬فلم يعد‬ ‫هناك مسلسالت تاريخية وال مسلسالت تعالج المواضيع بطريقة حديثة‬ ‫ومتماش���ية مع العصر الذي نعيش فيه كم���ا يحدث في الدراما األجنبية‪.‬‬ ‫وهذا ما دفع الجيل الحالي إلى متابعة الدراما األجنبية كبديل (إس���عافي)‬ ‫ع���ن دراماهم التي حوص���رت معظم أعمالها بقص���ص ضعيفة‪ ،‬مترهلة‪،‬‬ ‫ومبتذلة حكائيًا وإخراجيًا‪.‬‬ ‫ومن بين ما أدى إليه‬ ‫هذا التوجه ضمن نطاق الشباب السوري‪ ،‬أدى في واحد من نتائجه إلى‬ ‫ظهور صفحة على موقع «فيس���بوك» مهتمة بنشر وترويج آخر ما أنتجته‬

‫نقــــاد‬

‫‪54‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫صفحات‬

‫الدرام���ا األجنبية وخاص���ة األمريكية والبريطاني���ة والكتابة عنها ونقدها‬ ‫وتحليلها‪ .‬وهي تعد المبادرة الس���ورية الفردية واليتيمة حتى يومنا هذا‬ ‫من بين كل صفحات «فيسبوك» المحلية‪.‬‬ ‫جاءت هذه الصفحة تحت اسم «سالسل فضة» ‪ ،‬انطالقًا من اهتمامها‬ ‫بما تنتجه الشاشة الفضية (التلفزيون) من مسلسالت درامية‪ ،‬ولم يمض‬ ‫على ظهوره���ا إال عدة أيام حتى القت االهتمام والتش���جيع من قبل حيز‬ ‫كبير من الشباب‪.‬‬ ‫«سالس���ل فضة»‪ ..‬صفحة تتاب���ع آخر األعمال األجنبية (مسلس�ل�ات)‬ ‫وتنشر ما تكتبه الصحافة العربية من مقاالت نقدية عن أهم المسلسالت‬ ‫رغم قلتها وندرتها‪.‬‬ ‫قام بإنش���اء الصفحة ش���اب س���وري وهو (د‪ .‬ضياء عبد الوهاب) الذي‬


‫يقيم في س���ورية ويعمل صيدالنيًا في إح���دى ضواحي العاصمة‬ ‫دمشق‪ ،‬وفي حوار معه رد أسباب إنشائها إلى اهتمامه بقوة الدراما‬ ‫األجنبية وتنوعها باإلضاف���ة إلى ظروف الحرب التي دفعت الكثير‬ ‫من الشباب‪ ،‬كما يرى‪ ،‬إلى البحث عن وسائل آمنة للتسلية والفائدة‬ ‫تحميهم من المفاج���آت الدامية والفجائعية في كثير من األحيان‬ ‫داخل دمشق وخارجها (القذائف والتفجيرات واالختطاف وغيرها‬ ‫م���ن حوادث)وذلك بعد أن غابت إلى حد ما النش���اطات االجتماعية‬ ‫والثقافية وتدهورت الدراما المحلية‪ ،‬ولم يبق أمام هذا الجيل سوى‬ ‫االنترنت داخل المنازل أو في المقاهي‪.‬‬ ‫ويلفت د‪ .‬عبد الوهاب إلى أن كثيرًا من هؤالء الش���باب ش���اهد‬ ‫حلقة أو أكثر من مسلسل غربي ما والحظ الفرق الشاسع بين دراماه‬ ‫ودراما اآلخر‪ ،‬فتش���جع للبحث عن الحلقات المتبقية من مسلس���ل‬ ‫أجنبي تابع���ه أو أعجب بحكايته‪ ،‬وهكذا دواليك ازدادت الرغبة في‬ ‫الحصول على مسلسالت أجنبية أكثر واالحتفاظ بها وإعطائها إلى‬ ‫صديق أو قريب لمتابعتها حت���ى صارت ظاهرة ال يمكن تجاهلها‬ ‫خاصة في مثل الظروف التي تمر بها سورية‪.‬‬ ‫تبدو مب���ادرة د‪ .‬عبد الوهاب تلخيصًا لظاه���رة االهتمام الزائد‬ ‫بالدرام���ا الغربية‪ ،‬وهي ولي���دة فترة طويلة م���ن البحث والتحميل‬ ‫عن طريق االنترنت والمش���اهدة كان���ت حصيلتها مجموعة هائلة‬ ‫من المسلس�ل�ات‪ ،‬ولدت منها فكرة إنش���اء صفحة سالس���ل فضة‬ ‫على الفيس���بوك لمش���اركة ذلك مع الشباب الس���وري ومساعدته‬ ‫ف���ي انتقاء ما يرغب في مش���اهدته‪ ،‬حيث توفر ل���ه الصفحة عدة‬ ‫خيارات ويستطيع معرفة فحوى كل مسلسل من الملخص المرفق‬ ‫مع الغالف أو ص���ور أبطاله‪ ،‬باإلضافة إلى اإلعالن عن المسلس�ل�ات‬ ‫أو المواس���م الجديدة منه‪ ،‬وبذلك يوفر على نفسه عناء البحث في‬ ‫مواقع االنترنت واختيار ما يناس���ب ميوله لالس���تمتاع بمش���اهدة‬ ‫الحكايات التي تتوافق مع رغباته واهتماماته الجمالية والثقافية‪.‬‬ ‫الواضح أن هذه الصفحة (أي سالس���ل فضة) لن تبقى الوحيدة‬ ‫كصفحة سورية بل سيظهر غيرها الكثير من الصفحات‪ ،‬وسيظهر‬ ‫ش���باب آخرون يعبرون عن نشاطاتهم الفنية عن طريق الفيسبوك‬ ‫أو غيره‪ ،‬والواضح أنه كلما زاد تدهور درامانا كلما زاد اهتمام شبابنا‬ ‫بدراما الغرب‪ .‬رغم أن هذه الظاهرة تعد على المدى البعيد س���لبية‬ ‫التأثير وال سبيل إلى تراجعها إال بإعادة النظر بشكل جدي وصادق‬ ‫في إنتاجات الدراما المحلية والسعي الحقيقي إلى تقديم حكايات‬ ‫متينة ومتماسكة وأساليب إخراج حديثة ال ابتذال فيها‪.‬‬ ‫رابط الصفحة على فيس بوك‪:‬‬ ‫‪https://www.facebook.com/Agseries/?fref=ts‬‬

‫نقــــاد‬

‫‪55‬‬ ‫العدد ‪ 1‬ــ تشرين األول‬

‫‪2016‬‬

‫صفحات‬


‫أهل‬

‫الوفاء‬

‫خلدون عليا‬ ‫ال حاج���ة لمقدم���ات و ال حكاي���ات‪ ،‬ال تطبيل و ال‬ ‫تزمير ‪ ...‬هكذا مرت على الموقع األزرق قبل ايام صورة‬ ‫كل من النجم باسم ياخور المخرج الليث حجو مع ولدي‬ ‫الراحل المح���ب نضال س���يجري ( أدم و وليام )‪ ،‬ضحكة‬ ‫نض���ال كانت حاضرة بقوة‪ ،‬ولعل���ه كان يضحك في مرقده‬ ‫أيضًا في اللحظة ذاتها‪ ،‬وروح المحبة و الوفاء كانت أقوى‪.‬‬ ‫هكذا لم ينس���ى رفيقي نضال باس���م والليث من هما من‬ ‫لحم���ه ودمه‪ ،‬أليس هذا قم���ة الصدق الوفاء‪ ،‬ألي���س هذا قمة رد‬ ‫الجميل‪..‬؟‬ ‫جمي���ل نضال لم يك���ن ماديًا‪ ،‬وإنما كان عفويًا أبيض���ًا يعبق بالحب‪،‬‬ ‫أليس أعظم جميل يقدمه شخص لإلنسانية هو الحب‪...‬؟‬ ‫نضال كان محبًا بصدق فقابله أصدقاؤه بالكثير من الحب لبطانة قلبه الذي‬ ‫مازال ينبض حبًا وإنسانية تحت التراب‪.‬‬ ‫أدم ووليم‪ ،‬باس���م و الليث لقاء اختصر كل معاني الوفاء‪ ،‬وبحسب معلوماتي فإن‬ ‫اللق���اء لم ينقطع يومًا‪ ،‬ولكن هذه المرة كان���ت الصورة كانت حاضرة‪ ،‬الوفاء ليس كالم‬ ‫للنسيان‪ ،‬إنه فعل حقيقي ‪.‬‬ ‫أحببن���ا الصورة كثيرًا‪ ،‬أحببنا ضحكة الطفلين‪ ،‬فضحكتهما جزء من ضحكة أبيهما التي‬ ‫لم تفارقنا ولن تفارقنا يومًا‪.‬‬ ‫وألن الوفاء في الوس���ط الفني أصبح عملة ش���ديدة الندرة‪ ،‬تعطينا الصورة الحق باألمل بأن‬ ‫صوت الحب سيظل أكبر‪..‬وإن كان ما فعله الليث وباسم من نبل أخالقهمها‪ ،‬إال أنه فيه درس في‬ ‫المحبة التي نريدها لنكون‪.‬‬ ‫لروحك السالم يا نضال و ألصدقائك وولديك ولنا‪ ،‬منك الكثير من الحب الذي يتفتح بيننا وفاء‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.