r حرية الصحافة في مصرالفصل الثاني :تشريعات الصحافة والنشر في مصر تقييد الحريات من خلل التشريعات حرية الرأي والتعبير وفقا لفاتح عزام "ربما تكون أقل حقوق النسان احتراما في العالم
العربي اليوم ،بغض النظر عن الحكام الدستورية ذات الصلة في كل بلد " حرية التعبير ،بما في ذلك حرية الصحافة ،مكفولة في الدستور المصري في المادتين 47و .48ومع ذلك ،فإن
المادة 48تسمح للدولة بـ"مساحة" دستورية لتقييد حرية الصحافة في حالة الطوارئ .ويمكن للمرء أن يتصور خطورة هذا الشرط في حالة مصر ،التي عاشت باستمرار في ظل حالة
الطوارئ منذ تولي الرئيس حسني مبارك السلطة في عام ،1981أكثر من 25عاما .كما أن حرية الصحافة مكفولة في المواد ،207 ،206و 208وفقا للتعديلت الدستورية في 22مايو
. 1981وبالضافة إلى هذه الضمانات الدستورية ،صادقت مصر على العهد الدولي للحقوق
المدنية و السياسية الذي يضمن الحق في حرية التعبير في المادة .19وكقاعدة قانونية فإن للقانون الدولي الولوية على القوانين الوطنية .لذا فهناك التزام محدد على جميع الدول التي
وقعت هذا العهد ،وفقا للمادة 2منه ،فهي مطالبة بتعديل تشريعاتها الوطنية للمتثال للتزاماتها الدولية .لكن حقيقة أن القانون الدولي يسمح بوضع "قيود محدودة" على الحق في حرية
التعبير من أجل حماية المصالح المختلفة في ظل ظروف معينة ،توفر ذريعة لمصر و كذلك كثير من الدول الخرى لتتمكن من تقييد هذا الحق .ورغم أن الدستور المصري يكفل حرية التعبير ،بما فيها حرية الصحافة ،إل أنه يترك مسؤولية تقنين و تظيم هذه الحرية للتشريعات الوطنية .ومن المفترض أن تحمي هذه التشريعات المبدأ الرئيسي للحرية ،ول تفعل سوى تحويل هذا المبدأ إلى ممارسة .ومع ذلك ،يمكن القول أن الترجمة القانونية لهذا المبدأ الدستوري لحرية التعبير في مصر تتعارض مع المبدأ نفسه ،كما أن الصحافة في مصر تخضع لعدد من التشريعات المقيدة التي تنتهك المعايير الدولية لحرية الصحافة .وفقا لليلى عبد المجيد في كتابها "تشريعات الصحافة في مصر" ،فالطار القانوني الذي يحكم الصحافة
وصناعة النشر في مصر يتكون من مواد الدستور ،وقوانين الصحافة ،مثل القانون 148
والقانون ،96وقانون العقوبات ،وقوانين النقابات ،ومواثيق الشرف .وبرغم ما يبدو من قوة الطار القانوني ،وفقا للدراسة التي أجرتها نقابة الصحفيين المصرية عام ،2004فإن ٪57من
الصحفيين المصريين يعتبرون أن تشريعات الصحافة في مصر غير ملئمة .هذا القسم سيبحث في القوانين والتشريعات التي تحكم الصحافة وصناعة النشر في مصر ،وسيحاول استكشاف ما إذا كانت هذه القوانين تتفق مع التزامات مصر الدستورية والدولية أم ل .وأهم القوانين هي: قانون الصحافة رقم 156لسنة 1960؛ وقانون سلطة الصحافة رقم 148لسنة ،1980وقانون
نقابة الصحفيين رقم 76لسنة 1970؛ والمواد المتعلقة بجرائم النشر في قانون العقوبات
المصري )الفصل (14وقانون الصحافة رقم 93لسنة ) 1995قانون اغتيال الصحافة( ،وقانون
الصحافة رقم 96لسنة 1996والقانون رقم 147لسنة 2006بتعديل بعض مواد قانون
العقوبات .قبل مناقشة القوانين التي تحكم الصحافة في مصر ،ل بد من الشارة إلى سمة هامة من سمات العملية التشريعية ذاتها ،ل تؤثر فقط في التشريعات التي تحكم الصحافة وصناعة النشر ،ولكن تؤثرايضا في غيرها من القوانين المصرية .تلك السمة هي كيفية اعتماد أو إصدار التشريعات في مصر .فوفقا للمادة 86من الدستور المصري لعام ،1971فالبرلمان هو السلطة التشريعية في البلد ،ويلعب أهم دور في الموافقة على التشريع ،في الوقت ذاته يهيمن على تلك العملية أعضاء الحزب ا الوطني الديمقراطي الحاكم .و لن الحزب الحاكم لم يخرج أبدا من البرلمان ،ولم يتم تمثيله مطلقا بأقل من أغلبية المقاعد البرلمانية ،المر الذي جعل النتخابات التشريعية في مصر تواجه بشكل منتظم اتهامات بالتزوير للحفاظ على أغلبية الحزب الحاكم .وبالتالي ،فإن نوعية وصلحية التشريع الذي يقره البرلمان المصري عادة ما تكون محل شك كبير .وهذه الوضاع هي نفسها السائدة في كثير من بلدان العالم الثالث،
حيث تعاني هذه الدول من ضعف كبير في تشريعاتها فيما يتعلق بالحريات بشكل عام .
قانون الصحافة رقم 156لسنة 1960هذا القانون هو أول قانون صحافة يصدر في مصر
بعد ثورة ،1952وصدر في 24مايو 1960بهدف "تحرير الصحافة من سيطرة الرأسمالية"، وفقا للمادة 3من هذا القانون ،نقلت ملكية جميع الصحف الهامة في ذلك الوقت إلى
الحكومة في إطار "التحاد الوطني" الذي أطلق عليه في وقت لحق "التحاد الشتراكي" . والنتقاد الرئيسي لهذا القانون هو أنه ألغي تماما الملكية الخاصة للصحف ،وشدد الرقابة الحكومية على الصحف ،وحول الصحافة إلى قناة لترويج أفكار النظام الحاكم .كما اشترط
موافقة التحاد الشتراكي لنشاء أي صحيفة جديدة ،كما ألزم الصحفيين بالحصول على تصريح بالعمل من التحاد الشتراكي .وبناء على هذا القانون ،تم منع العديد من الصحفيين من الكتابة ،أو تم نقلهم من وظائفهم عقابا لهم .وقبل صدور هذا القانون في عام ،1960كان تأسيس الصحف في مصر يتم عن طريق إخطار كتابي إلى المحافظة التي توجد بها الصحيفة، و ذلك وفقا للمرسوم رقم 68لسنة . 1931وأعاد القانون 156لعام 1960تفعيل اللتزام بالترخيص لنشاء وسائل العلم المطبوعة وهي الممارسة التي كانت متبعة قبل . 1931 قانون سلطة الصحافة رقم 148لسنة 1980 هذا القانون هو أول قانون يذكر أن الصحافة سلطة رابعة إلى جانب السلطات الرئيسية الثلث :التشريعية والقضائية والتنفيذية .وتنص المادة الولى من القانون على أن "الصحافة
هي سلطة عامة مستقلة تؤدي مهمتها بحرية للخدمة العامة " .وانعكس ذلك أيضا في
التعديلت الدستورية في مايو ،1980والتي نظرت للصحافة باعتبارها السلطة الرابعة ،وأضافت فصل مستقل للدستور تحت عنوان "سلطة الصحافة" .وعلى الرغم من ذلك وجه النتقاد
الرئيسي للقانون 148لتقييده الحق في إصدار الصحف ،حيث تضمن عددا من الشروط والقيود مثل ضرورة الحصول على ترخيص من المجلس العلى للصحافة لصدار صحيفة ،وفقا للمادة 14و .15كما حصر تقييد ملكية الصحف على الشخاص العتباريين ،والحزاب السياسية،
وحظر الملكية الفردية للصحف .قانون نقابة الصحفيين رقم 76لسنة 1970ويشمل هذا
القانون معظم المواد التي تنظم عمل الصحفيين في الصحف المصرية .وتنص المادة 65من هذا القانون على أنه ل يسمح لحد بالعمل في الصحافة ما لم يكن اسمه مسجل في قائمة النقابة ،ووفقا للمادة 103فإن أصحاب دور النشر والمؤسسات والصحفية والصحف ليسو مخولين لتوظيف أشخاص غير أعضاء في نقابة الصحفيين .وعلى الجانب الخر ،كي يسجل
أحد الصحفيين اسمه في النقابة ،يجب أن يكون /تكون صحفيا محترفا ،حصل على تعليم
جامعي ،ول يملك صحيفة ،وقضى سنة واحدة على القل من التدريب في صحيفة مصرية و ذلك بالنسبة لخريجي أقسام الصحافة ،وسنتين من التدريب للخريجين من الجامعات الخرى . أحد أهم النتقادات الموجهة لهذا القانون هو أنه يضع شروطا صارمة لتسجيل الصحفيين. ونتيجة لهذه الشروط الصارمة ،فقد يجد كثير من الصحفيين الذين يمارسون المهنة ،أنفسهم في وضع يتم خلله انتهاك حقوقهم ،وللسف لن يكون بمقدورهم تلقي أي نوع من الحماية أو الدعم من نقابة الصحفيين .وكان هناك اقتراحات بأن يتم تسجيل جميع المتخرجين من كليات العلم والصحافة تلقائيا في نقابة الصحفيين مباشرة بعد التخرج ،وهو المر الذي سيتيح لهم الفرصة لممارسة مهنة الصحافة في بيئة أكثر سلما وأمانا .كما تم توجيه انتقادات أخرى لهذا القانون ،فالبعض يعتبر أن النتقادات الموجهة ضده يجب أن تكون ضد ما "لم ينص
عليه" في القانون وليس ما هو منصوصا عليه .فواقع المران قانون نقابة الصحفيين رقم 76 لم يتطرق لعدد من القضايا ،أبرزها الستقلل المالي للنقابة .وفقا لجمال فهمي ،عضو مجلس النقابة ،فمصدر التمويل الوحيد للنقابة هو رسوم العضوية ،وبما أن هذه الموارد ل تكفي لتغطية التزامات النقابة .وبالتالي ،وفقا للقانون ،النقابة مرغمة على طلب تمويل إضافي من
الميزانية العامة للدولة .وهذا العتماد المالي على الحكومة كان له تأثيرا سلبيا على استقلل النقابة وقدرتها على تحدي الحكومة بسبب العتداءات على حرية الصحافة .وهناك نقطة هامة
أخرى و هي أن هذا القانون لم يتم تغييره أو تعديله منذ عام ،1970وبالرغم من أنه كانت
هناك عدد من الصوات التي تدعو لتعديله ،كان هناك خوف عام من أن تعديل قانون النقابة في مثل هذا الجو غير الديمقراطي من شأنه أن يؤدي إلى قانونا أكثر هشاشة وضعفا، خصوصا مع وجود اتجاه داخل الحكومة للسيطرة على النقابة .وكان هناك أيضا اقتراح خلل
عهد السادات لتحويل النقابة الى نادي .وهكذا ،لم يكن أعضاء مجلس النقابة والصحفيين حريصون على تغيير القانون في الوقت الراهن ،خاصة وأن السلطة التشريعية الرئيسية –
البرلمان -بمثابة أداة في يد السلطة التنفيذية .قانون الصحافة رقم 93لسنة 1995يمثل هذا القانون دليل واضح على مدى تصميم الحكومة المصرية على تحجيم وتقييد حرية الصحافة.
وكان هذا القانون مثال ممتازا لكيفية "تفصيل" القوانين في مصر لتلبية رغبات الحزب الحاكم. فالقانون الذي صدر بطريقة متسرعة ،وعلى الرغم من كونه قانونا للصحافة ،لم يتم مناقشته من قبل المجلس العلى للصحافة ،ول مجلس الشورى ،ول نقابة الصحفيين .اقترحت الحكومة هذا القانون على البرلمان يوم 20مايو ،1995و في مساء 27مايو 1995وافق البرلمان المصري على القانون الذي وقعه الرئيس في نفس الليلة ،ونشر في الجريدة الرسمية في صباح اليوم التالي .وبررت الحكومة سرعة إصدار هذا القانون باستخدام مبررات ضعيفة
وغريبة من قبيل" :حرية الصحافة تهدد الديمقراطية" ،و "حماية الحياة الخاصة" و"التصدي لنقاط الضعف في القانون الجنائي" ،و"عدم دستورية امتيازات الصحفيين والكتاب" .وكان
ذلك القانون تقيديا لدرجة أنه كان يعرف باسم قانون "اغتيال الصحافة" ،وأدى إلى حركة
احتجاجات واسعة داخل نقابة الصحفيين والمنظمات غير الحكومية والصحفيين العاملين في القطاع القومي والخاص وفي الصحف الحزبية وغيرهم كثيرون من الناشطين السياسيين الذين دعوا الى تغيير هذا القانون .وأدى النقاش واسع النطاق والنتقادات الشديدة للقانون ،93إلى
صدور القانون 96لسنة ،1996وهو قانون الصحافة المعمول به حاليا .قانون الصحافة رقم 96لسنة 1996صدر هذا القانون في 30يونيو ،1996وهو يتضمن 81مادة ،وينقسم إلى
خمسة أقسام رئيسية .وهو حاليا القانون الرئيسي الذي ينظم مهنة الصحافة ،بل و يلغي أيضا
القانون 148لسنة 1980والذي سبق ذكره .وعلى الرغم من ان الهدف الساسي من
صدوره كان التغلب على النتقادات الواسعة التي وجهت للقانون 93لعام ،1995ال ان القانون الجديد لم يعالج المشاكل الرئيسية التي تواجه حرية الصحافة في مصر ،مثل ملكية الحكومة للصحف ،مما يحرم الفراد من امتلك وإنشاء جرائد ،كما ابقى على الترخيص الذي
يجب الحصول عليه لصدار صحيفة .ويوجد في هذا القانون عدة مواد تستحق الملحظة،
المادة 4من هذا القانون تسمح للدولة بفرض سيطرة محدودة على الصحافة في حالت
الطوارئ أو في زمن الحرب من أجل السلمة العامة أو المن القومي .والمادة 22تنص
على السجن لمدة عام كعقوبة للصحفيين الذين ينتهكون المادتين 20و 21من القانون ،وهما "التعرض للحياة الخاصة للمواطنين" ،و"الطعن في ايمان الخرين" أو "تناول مسلك المشتغل
بالعمل العام او الشخص ذي الصفة النيابية العامة " .كما تعاقب المادة 28الصحفيين الذين
يمتنعون عن نشر تصويب للبيانات الكاذبة أو الوقائع التي سبق أن نشرت في صحفهم، بالسجن لمدة ل تقل عن ثلثة أشهر ودفع غرامة تتراوح بين ألف وأربعة آلف جنيه .أما المادة 30فتنص على أن الصحفيين أو الصحف التي تقبل تبرعات أو مزايا خاصة من أي كيانات أجنبية ،أو ترفع معدلت الرسوم على العلن ستكون عرضة لعقوبة السجن لمدة ل تتجاوز سنة أو بغرامة تتراوح ما بين خمسمائة جنيه وألفي جنيه .علوة على ذلك ،فإن المادة
51تعاقب الممثل القانوني للصحيفة في حالة تغيير أي من البيانات التي وردت في الخطار بإصدار الصحيفة بعد الحصول على الترخيص ،بحد أقصى السجن ستة أشهر وغرامة تتراوح
بين خمسمائة جنيه وألف جنيه ،أو أيا من العقوبتين .من خلل هذه المواد ،يمكن القول بأن الحبس منصوص عليه صراحة وبوضوح بوصفه عقابا للصحفيين في أربع مواد من قانون الصحافة المصرية .وتجدر الشارة أيضا إلى أن هناك قيودا أخرى في القانون على حق الفراد في امتلك الصحف ،حيث أن المادتين 42و 45تحدد الملكية للحزاب السياسية
والشخصيات العتبارية العامة أو الخاصة فقط .ويعتبر هذا القيد انتهاكا واضحا للحق في حرية الصحافة بشكل عام ،لن حرية الصحافة تعني ،في المقام الول الحق في إصدار الصحف بحرية ،ومنع الفراد والجماعات من تأسيس صحف هي نتيجة مباشرة لتقييد حرية الصحافة
ككل .ويذهب بعض الناس إلى أن هناك تناقض واضح بين المادتين 42و 45من القانون
من ناحية ،والدستور المصري الذي يكفل في المادة 47الحق في التعبير عن الرأي لجميع الفراد من خلل جميع وسائل التعبير المختلفة من ناحية أخرى .المجلس العلى للصحافة نبعت فكرة إنشاء مجلس للصحافة في مصر من حقيقة أن مجالس الصحافة موجودة بالفعل في بلدان أخرى ،ولكن مجالس الصحافة في تلك البلدان أنشئت بالساس كهيئات مستقلة لحماية حرية الصحافة ضد أي تهديد مباشر أو غير مباشر .وهناك أمثلة لمجالس الصحافة في السويد والنمسا والوليات المتحدة المريكية وألمانيا وبلدان أخرى كثيرة ،ولكن خلفا لمجلس الصحافة المصري ،تم تأسيس تلك المجالس بشكل طوعي وتضم في عضويتها الصحفيين والناشرين وأصحاب الصحف .ويمكن القول بأن هناك فرقا بين إنشاء مجلس للصحافة في ظل نظام ديمقراطي ،وبين إنشاؤه في ظل نظام استبدادي .فالمجالس في ظل النظام
ديمقراطي تكون مسؤولة بالساس عن الدفاع عن حرية الصحافة وحماية الصحفيين من القيود المفروضة من قبل الدولة ،في حين أن وظيفة هذه المجالس في النظم الستبدادية هي ضمان تعزيز سيطرة الحكومة على الصحافة والصحفيين .وأعيد إنشاء مجلس الصحافة
الحالي في عام 1981وفقا للقانون 148لسنة ،1981والمادة 211من الدستور .وتضمن
قانون الصحافة فصل مستقل عن تكوين المجلس واختصاصاته .ومع ذلك ،تجدر الشارة إلى أنه قبل المجلس العلى الحالي ،أصدر الرئيس السادات مرسوما لتأسيس أول مجلس أعلى للصحافة في 12من مارس ،1975لكنه استمر فقط من 1975الى . 1977ويدعي البعض أن السبب وراء إنشاء السادات لذلك المجلس هو فقدان الحكومة سيطرتها على الصحافة بعد التحول إلى التعددية السياسية وبالتالي كانت هناك حاجة إلى نظام جديد للسيطرة على الصحافة .ويتضمن قانون الصحافة الحالي 96لسنة 1996فصل يسلط الضوء بشكل مفصل على تشكيل ومهام المجلس العلى للصحافة ،وتنص المادة 67من هذا القانون على أن
"المجلس هو هيئة مستقلة أنشئت لدارة جميع شؤون الصحافة بشكل يحافظ على استقللها وحريتها" .ويصدر رئيس الجمهورية قرار تشكيل المجلس ،وفقا للمادة 68من قانون الصحافة،
ورئيس المجلس يكون رئيس مجلس الشورى .وأعضاء المجلس هم :رؤساء المؤسسات
الصحفية القومية ،ورؤساء تحرير الصحف القومية ،ورؤساء تحرير الصحف الحزبية ،ورئيس نقابة الصحفيين وأربعة من رؤساء مجلس نقابة الصحفيين السابقين يتم اختيارهم بواسطة مجلس الشورى ،بالضافة إلى رئيس النقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والنشر ووسائل العلم ،وأربعة من الرؤساء السابقين للنقابة يختارهم مجلس الشورى .وبالضافة إلى ذلك، اثنين من أساتذة الصحافة يختارهم مجلس الشورى ،واثنين من كبار المحامين يختارهم المجلس أيضا ،وعدد من الشخصيات العامة يختارهم مجلس الشورى أيضا .وبملحظة هذا الوضع للمجلس ،فمن الواضح أنه حكوميا تماما وليس هيئة مستقلة كما يفترض أن يكون، خصوصا وأن غالبية أعضاء مجلس الشورى أعضاء في الحزب الوطني الحاكم .وعلوة على ذلك ،ليس هناك تمثيل القطاع الخاص والصحف المستقلة ،ول تمثيل للجمهور بشكل عام .
وبشأن السلطات المكفولة له ،تعطي المادة 70من قانون الصحافة المجلس عددا من المهام والصلحيات ،تتضمن إبداء الرأي في مشاريع القوانين الصحافة؛ وتحديد حصص الورق لكل
المطابع ،وتحديد أسعار الصحف والمجلت وإصدار ميثاق الشرف الصحفي؛ والبت في إصدار الصحف وفقا للمادة ،47-46كما يتولى المجلس التنسيق بين المؤسسات الصحفية في ميدان القتصاد والتكنولوجيا والدارة والتدريب ومتابعة أداء المؤسسات الصحفية القومية؛ والنظر في الشكاوى؛ تحديد حد أدنى ملئم للجور والمرتبات ،وإعطاء الذن للصحفيين الذين يرغبون في العمل بصحف غير مصرية .وبالنظر إلى كل هذه المهام التي يضطلع بها المجلس ،يمكن القول بأن ثمة تداخل كبير بين المجلس والنقابة .كما أن المجلس مسؤول بالفعل عن الجزء الكبر من المهام التي كان من المفترض أن تقوم بها النقابة ،ولن الحكومة هي المسؤولة عن تشكيل المجلس فل يمكنه البقاء على الحياد .جرائم الصحافة والنشر في قانون
العقوبات المصري رقم 58لسنة 1937في دراسته "الصحافة المصرية :التشريعات والقيود المفروضة" يصف حسين عبد الرازق القانون باعتباره أخطر تهديد لحرية الصحافة في مصر. ويتعامل الفصل الرابع عشر من قانون العقوبات جرائم الصحافة والنشر بالساس ،ولكن هناك أيضا عدد من المواد القانونية التي تفرض عقوبات على الصحفيين منتشرة في باقي أجزاء القانون .وصدر هذا القانون في عام 1937وتم تعديله عدة مرات في وقت لحق ،ومن أبرز المشكلت المتعلقة بالتشريعات عموما وهذا القانون على وجه الخصوص ،هو أنه لم يتم مراجعته أو تعديله ليكون متسقا مع دستور عام 1971والحقوق والحريات المكفولة به .وفقا لقانون العقوبات ،هناك أنواع معينة من الراء التي تعتبر تهديدا للمن القومي .وتشمل تلك الراء نشر الخبار والتصريحات الصحفية ،أو الشائعات الكاذبة أو الخبار التي يمكن أن تضر الستعدادات العسكرية ،أو إرهاب الناس ،أو زعزعة استقرار البلد .وتعاقب المادة 80من قانون العقوبات على تلك الجرائم بالسجن مدى الحياة مع الشغال الشاقة إذا كانت النباء وصلت بلد أجنبي يعتبر عدوا .وباستخدام هذه المادة يمكن فرض العقاب حتى لو كانت
المعلومات المنشورة صحيحة ،وحتى إذا لم يكن هناك ضررا مباشرا حدث بالفعل .ووفقا لهذه
المادة ،فأي قصة صحفية أو تصريح صحفى ينتقد الشعب ،أو الفساد ،أو مستوى المعيشة ،أو حتى بعض القيم السلبية في المجتمع ،يمكن اعتبارها "تحفيزا لنباء يمكن أن تضعف من المة" .كما أن التقارير عن انتهاكات حقوق النسان ،مثل التعذيب أو التمييز ضد القباط ،يمكن
التعامل معها بنفس الطريقة .والمادة 86التي أضيفت إلى قانون العقوبات مع تعديلت عام 1992لمكافحة الرهاب ،هي مثال آخر لمواد قانون العقوبات التي تعاقب بالسجن .وتعاقب
تلك المادة بالسجن لتحريض أو الدعوة إلى تعليق الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة من أداء وظائفها ،سواء كانت تلك الدعوة شفويا أو كتابيا .ومن الجدير بالذكر هنا أن
المادة 174من قانون العقوبات تعاقب على نفس السباب أو الـ"جرائم" المذكورة في المادة ،86لكن الفرق الوحيد هو أن العقوبة في المادة 174تطبق فقط إذا كانت فعل العوة تم بالقوة أو الرهاب أو أي وسيلة أخرى غير مشروعة ،بينما يحق العقاب وفقا للمادة 86حتى
إذا كانت الدعوة أوالترويج لها يتم باستخدام وسائل سلمية .وتبعا لذلك ،فالدعوة إلى تغيير
الدستور ،أو تعديل أو تغيير القوانين بطرق سلمية يمكن أن يعتبر جريمة .وتشبه المادة 98
) ب( المواد المذكورة سلفا ،حيث تعاقب من يدعو إلى تغيير "المبادئ الساسية للدستور أو
للنظام السياسي" دون تحديد ما هى المبادئ الساسية للدستور .وهناك مواد أخرى تتضمن عقابا مثل المادة 102التي تعاقب من يجرؤون على الغناء او الصياح بصوت عاليا وعلنا للتحريض على الخلل بالنظام العام )إثارة الفتن( ،والجدير بالذكر أن تلك هي المادة
الساسية التي حوكم بناء عليها كثير من الموسيقيين والشعراء والمطربين مثل سيد درويش وبيرم التونسي في عهد الحتلل البريطاني .وتعاقب المادة 102مكرر على نشر الخبار أو الحصاءات أو الشائعات التي يمكن أن تؤدي إلى الخلل بالمن الوطني ،أوترهيب الجمهور، أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة .واستمرارا في سرد قائمة المواد التي تفرض عقوبات على حرية الرأي ،تنص المادة 171على أن أي شخص يدعو أو يشجع على ارتكاب جريمة ستخدما أي وسيلة عامة سواء كانت الصراخ أو الكلمات أو الرسم أو الكتابة أو التصوير أو التمثيل أواستخدام الرموز وما شابه ذلك ،يعتبر متواطئا مع هذه الجريمة ،ويعاقب بنفس عقوبة الجاني إذا وقعت الجريمة .وفقا لهذه المادة فهناك حظر على جميع وسائل التعبير المعروفة اذا تعارضت مع اي من قواعد المجتمع او اعرافه .وتعاقب المادة 174على الحث أو
التشجيع على التغيير في نظام الحكم في مصر ،أو الدعوة إلى الكراهية أو المقت .ال ان هذه العبارت تعتبر غامضة جدا ول يمكن قياسها أو تحديدها بسهولة ،وبالتالي يمكن على سبيل المثال أن يعتبرالصحفي الذي ينتقد أداء الحكومة "يهين أو يروج انطباعات سلبية عن
الحكومة ايضا .بينما تعاقب المادة 176الصحفيين بالسجن لمدة تصل إلى ثلث سنوات لتحريض مجموعة من الناس على كراهية أو الحط من جماعة أخرى إذا كان هذا التحريض يؤدي إلى زعزعة السلم الجتماعي .وتبعا لذلك ،فالباحثين والكتاب ل يمكنهم الكتابة للدفاع عن مجموعة من الناس ضد هجمات جماعات أخرى اذا كان ذلك سيؤدي الى تعكير السلم العام .وفيما يتعلق بالمادة 177فهي تعاقب على التشجيع على عصيان القوانين والتشريعات. وبناء عليه ،يمكن اعتبار الضغط أو الحشد والدعوة إلى إلغاء أو تغيير التشريعات السلبية يمكن أن يشكل انتهاكا يستحق مرتكبه السجن .وتعد المادة 179واحدة من أكثر المواد المعروفة في قانون العقوبات ،فهي المادة التي تعاقب على إهانة رئيس الجمهورية بالسجن لمدة تصل إلى ثلث سنوات .وهنا يتم التعامل مع الرئيس باعتباره رمز إلهي فوق مستوى النقد . وعليه ،فقد تم استخدام هذه المادة دائما بطريقة سياسية وليس بشكل قانوني ،لنها كثيرا ما استخدمت من قبل المسؤولين لتجريم المعارضة ،وخاصة أن انتقاد الرئيس بأي شكل من الشكال يمكن وصفه من قبل المسؤولين الحكوميين ،أو الباحثين عن السلطة باعتباره "إهانة". الخطر في هذه المادة هو أنها تسمح بحبس الصحفيين خلل التحقيقات ،كما تسمح بمصادرة وإغلق الصحف .أما المادة 188فتعاقب على توزيع أو نشر وثائق مزورة أو أخبار غير حقيقية ،إذا كانت هذه الخبار والوثائق قد تعكر صفو السلم العام .ويتسبب وجود تلك المادة في خلق تناقض حيث أن حق نشر التصويبات للحقائق أو التصريحات التي تنشر في الصحف مكفول تماما في إطار القانون .وهكذا ،فإذا كان من الممكن نشر التصويبات ،لماذا يتم حبس
الصحفيين .كما يشمل القانون عددا من المواد التي تنتهك الحق في الحصول على
المعلومات ،مثل المواد 189و .190ويندرج تحت هذه المواد الموضوعات الصحفية عن القضايا
المعروضة على المحاكم ،والحيثيات التس تبني عليها المحاكم قراراتها والتي تخضع لحظر النشر ومن يخالف ذلك يكون عرضة للسجن .فضل عن المادة 192التي تعاقب على نشر جلسات البرلمان السرية ،أو المغلقة أو تعمد نشر معلومات غير دقيقة عن الجلسات العامة أو المفتوحة .القانون رقم 147لسنة 2006بتعديل بعض مواد قانون العقوبات في عام 2004 وعد الرئيس مبارك بإلغاء حبس الصحفيين قي قضايا النشر .وفي كلمته في الجلسة الفتتاحية
للمؤتمر الرابع للصحفيين الذي نظمته نقابة الصحافيين ،والتي ألقاها عنه السيد صفوت الشريف وزير العلم في ذلك الوقت ،يوم 23فبراير ،2004شدد الرئيس على "ان انحيازه الدائم لحرية الصحافة واستقللها ،وحرصه على عدم التدخل في شؤونها الداخلية ،هو اعتقاد عميق الجذور ،وحقيقة ثابتة" .وكان هناك عدد من الصحفيين في ذلك المؤتمر من بينهم جلل عارف رئيس مجلس نقابة الصحافيين ،و قد صدقوا هذا الوعد ،وعبروا عن بالغ شكرهم للرئيس نيابة عن جميع الصحفيين المصريين ،بعدما أعلن في كلمته أن "لن يسجن أي مواطن في مصر مرة أخرى بسبب رأي منشور" .بعد مرور أكثر من عامين على هذا الوعد الرئاسي،
وفقط في يوليو ،2006تم تعديل القانون رقم 147لسنة 2006وتمت الموافقة على تعديل بعض مواد قانون العقوبات .وعلى الرغم من أن الصحفيين انتظروا الرئيس لمدة سنتين
للوفاء بما تعهد به ،جاء القانون مخيبا للمال .وتم انتقاده بقوة لنه لم يجر سوى تعديلت
طفيفة ،في حين ظلت معظم المواد التي تعاقب بالسجن دون تغيير .كما عمل القانون على
زيادة الغرامات بشكل كبير في القضايا المتعلقة بالدعاء بالفساد ضد مسؤولي الدولة .وألغت
المادة 1من القانون 147المواد التالية من قانون العقوبات المصري :المادة ) 98أ( الفقرة
،4والمادة ) 124أ( الفقرة ،3والمادة 178والمادة 178مكرر الفقرة الخيرة ،والمواد 195و 199و .200وألغت المادة 2عقوبات الحبس للجرائم المذكورة في المواد 182 ،و 185و
، 303و 306من قانون العقوبات المصري ،لكنها ضاعفت الغرامات التي تفرض على هذه الجرائم .وشملت بعض من التغييرات الخرى المادة ) ،(3التي حلت محل بعض المواد القائمة 176و 178مكرر و 181و 302مع بعض المواد الخرى التي ل تزال تعاقب الصحفيين بالحبس في حال التشجيع على التمييز ضد طائفة معينة من الناس على أساس العرق أو الصل أو اللغة أو العقيدة ،والذي قد ينتج عنه زعزعة السلم العام .أيضا ،يمكن حبس الصحفيين بالسجن وتغريمهم ما بين 10و 30ألف جنيه مصري لهانة رئيس دولة أجنبية.
ووفقا للمادتين 4و 5من القانون الجديد ،لم يحدث سوى تغييرات طفيفة على صياغة عدد من المواد .كما هو واضح من التعديلت ،تجاهلت الحكومة مطالب الصحفيين والمجتمع
المدني التي ذكرت في مشروع القانون الذي كانوا قد أعدوه بناء على الوعد الرئاسي .وعدل
القانون 147فقط بعض مواد قانون العقوبات ولم يتعامل مع قانون الصحافة أو قانون
المطبوعات .كما غلظ القانون بعض العقوبات والغرامات .ويرى بعض المنتقدين أن القانون
ألغى عقوبة السجن فقط من المواد التي كانت غير مطبقة في الواقع مثل المواد التي تتعامل مع "الحكم الشتراكي" .قوانين أخرى هناك عدد من القوانين الخرى مثل قانون الحزاب السياسية رقم 40لسنة ،1977والذي يمنح لجنة شؤون الحزاب الحق في حظر أي
صحيفة حزبية في سبيل "المصالح الوطنية العليا" -وهو تعبير غامض ،-أو إذا ثبت أن الحزب ينتهك المبادئ المنصوص عليها في المادتين 3و 4من قانون الحزاب السياسية وفقا للمادة
.17ومن الجدير بالذكر أن الصحيفة هي وسيلة أساسية للتواصل بالنسبة للحزاب السياسية
كما أنها قناة شرعية للحزب للتعبير عن آرائه وأفكاره ومبادئه .هذا صحيح للغاية في بلد مثل مصر ،حيث أن وسائل التصال الخرى غير متوافرة ،ولن الحق في حرية تكوين الجمعيات يخضع لقيود شديدة بموجب قانون الطوارئ ،كما أن المعارضة بصفة عامة محرومة من التعبير عن وجهات نظرها من خلل وسائل العلم المصرية التي تسيطر عليها الدولة .قانون المطبوعات رقم 20لسنة 1936تعتبر مسألة طباعة الصحف مسألة هامة ترتبط بالصحافة
وحريتها .وتبعا لذلك ،صدرت قوانين مختلفة لتنظيم الطباعة .وخفف قانون 1936القيود التي كانت مطلوبة لنشاء مطبعة أو ممارسة تلك المهنة قبل صدوره ،إل أنها أبقت القيود المتعلقة
بالـ"إشعار" و"الوديعة" .وتنص المادة 2من هذا القانون على إلزام كل مطبعة بإخطار الحكومة كتابيا قبل افتتاح المطبعة ،وينبغي أن يتضمن الخطار المكتوب السم والعنوان وجنسية الشخص واسم وعنوان المطبعة .وتنص المادة 3من القانون نفسه على إلزام كل مطبعة بإخطار الحكومة ،كتابة ،قبل طباعة أي صحيفة ،كما تنص المادة 20بإلزام المطبعة بإرسال ست نسخ من الصحيفة إلى وزارة الداخلية ،ممهورة بتوقيع رئيس تحرير الصحيفة، وذلك مباشرة بعد طباعة العدد .أيضا تحظر المادة 7بيع أو توزيع منشورات في الشوارع
العامة أو في المحلت التجارية من دون إذن خاص من وزارة الداخلية .وعلوة على ذلك،
ووفقا للمادة 9يمكن لمجلس الوزراء أن يحظر أي مطبوعة صدرت في الخارج من دخول البلد .ولوزير الداخلية الحق نفسه وفقا لنفس القانون )المادة (21إذا كان يعتبر أن هذه
المطبوعة تهاجم الديان ،أوتشجع الفكار غير الخلقية ،أو لي سبب آخر .ويسمح القانون
أيضا بمصادرة الصحف في حالت انتهاك المواد 4و 7و 11و 12و 13و 14و 17و .19حالة الطوارئ بموجب القانون 162لعام 1958 يعد قانون الطوارئ،تهديدا رئيسيا آخر لحرية الصحافة ،حيث عاشت مصر تحته باستمرار منذ إعلن حالة الطوارئ في عام ،1981و ذلك على الرغم من وعود رئيس الجمهورية المتكررة لوضع حد لحالة الطوارئ .وتعطي المادة 148من الدستور الرئيس حق إعلن حالة الطوارئ
"لفترات محدودة" بموافقة البرلمان .وتمنح المادة 3الفقرة 2من القانون ،162رئيس الجمهورية الحق في الشراف ومصادرة الصحف والمطبوعات والنشرات الدورية والرسومات وجميع وسائل التعبير والدعاية قبل نشرها من أجل السلمة العامة والمن القومي .ويخول
المرسوم الرئاسي رقم 4لسنة 1982وزير الداخلية باتخاذ ما يلزم من التدابير الواردة في القانون 162لعام 1958الخاص بحالة الطوارئ لتقييد عدد من الحريات ،من بينها حرية
التعبير .من خلل العرض السابق ،بات واضحا أن الصحافة وصناعة النشر في مصر تحكمها مجموعة متناثرة من القوانين والتشريعات ،مما أثر سلبيا على حرية الصحافة .فعلى سبيل
المثال ،على القاضي في كل حالة "النضال من أجل أن يكون فقط على معرفة بكل القوانين
المختلفة المتعلقة بجرائم النشر والصحافة " .وكنتيجة لذلك أصبحت إجراءات التقاضي في قضايا النشر والصحافة معقدة للغاية .في جميع القوانين المذكورة أعله ،يمكن للمرء أن يرى أن هناك قلقا كبيرا حيال جرائم النشر السياسية ،فهناك إساءة استخدام واسعة النطاق ومكثفة لعقوبات الحبس والغرامات ،كما أن هناك تعريفات غير واضحة لكلمات مثل "الداب" و"المن
القومي" ،و"السلم العام" ،كما يوجد اتجاه عام نحو زيادة وتوسيع نطاق ما يندرج في إطار جرائم النشر والصحافة .ومن بين الجوانب السلبية الهامة لمجموعة القوانين المتعددة التي
تحكم صناعة الصحافة والنشر ،هو أن الهامش المتروك للقضاة للبت في الحكم واسع جدا.
ويرى البعض أن اتساع ذلك الهامش ،يترتب عليه عدم وجود أساس محدد أو هيكل قانوني ثابت لحرية الصحافة في مصر ،والتي اصبحت تعتمد بدل من ذلك على قرار او رغبة الحاكم "فاذا شاء منع و اذا شاء منح" .وهكذا ،يؤثر المناخ السياسي ،إلى حد كبير ،على قرارات
.
المحاكم في جرائم الصحافة والنشر