حرية

Page 1

‫‪r‬‬ ‫حرية الصحافة في مصرالفصل الثاني‪ :‬تشريعات الصحافة والنشر في مصر تقييد الحريات من‬ ‫خلل التشريعات‬ ‫حرية الرأي والتعبير وفقا لفاتح عزام "ربما تكون أقل حقوق النسان احتراما في العالم‬

‫العربي اليوم ‪ ،‬بغض النظر عن الحكام الدستورية ذات الصلة في كل بلد " حرية التعبير‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك حرية الصحافة‪ ،‬مكفولة في الدستور المصري في المادتين ‪ 47‬و ‪ .48‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬

‫المادة ‪ 48‬تسمح للدولة بـ"مساحة" دستورية لتقييد حرية الصحافة في حالة الطوارئ‪ .‬ويمكن‬ ‫للمرء أن يتصور خطورة هذا الشرط في حالة مصر‪ ،‬التي عاشت باستمرار في ظل حالة‬

‫الطوارئ منذ تولي الرئيس حسني مبارك السلطة في عام ‪ ،1981‬أكثر من ‪ 25‬عاما ‪ .‬كما أن‬ ‫حرية الصحافة مكفولة في المواد ‪ ،207 ،206‬و ‪ 208‬وفقا للتعديلت الدستورية في ‪22‬مايو‬

‫‪ . 1981‬وبالضافة إلى هذه الضمانات الدستورية‪ ،‬صادقت مصر على العهد الدولي للحقوق‬

‫المدنية و السياسية الذي يضمن الحق في حرية التعبير في المادة ‪ .19‬وكقاعدة قانونية فإن‬ ‫للقانون الدولي الولوية على القوانين الوطنية‪ .‬لذا فهناك التزام محدد على جميع الدول التي‬

‫وقعت هذا العهد‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 2‬منه‪ ،‬فهي مطالبة بتعديل تشريعاتها الوطنية للمتثال للتزاماتها‬ ‫الدولية ‪ .‬لكن حقيقة أن القانون الدولي يسمح بوضع "قيود محدودة" على الحق في حرية‬

‫التعبير من أجل حماية المصالح المختلفة في ظل ظروف معينة‪ ،‬توفر ذريعة لمصر و كذلك‬ ‫كثير من الدول الخرى لتتمكن من تقييد هذا الحق ‪ .‬ورغم أن الدستور المصري يكفل حرية‬ ‫التعبير‪ ،‬بما فيها حرية الصحافة‪ ،‬إل أنه يترك مسؤولية تقنين و تظيم هذه الحرية للتشريعات‬ ‫الوطنية‪ .‬ومن المفترض أن تحمي هذه التشريعات المبدأ الرئيسي للحرية‪ ،‬ول تفعل سوى‬ ‫تحويل هذا المبدأ إلى ممارسة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬يمكن القول أن الترجمة القانونية لهذا المبدأ‬ ‫الدستوري لحرية التعبير في مصر تتعارض مع المبدأ نفسه‪ ،‬كما أن الصحافة في مصر تخضع‬ ‫لعدد من التشريعات المقيدة التي تنتهك المعايير الدولية لحرية الصحافة ‪ .‬وفقا لليلى عبد‬ ‫المجيد في كتابها "تشريعات الصحافة في مصر"‪ ،‬فالطار القانوني الذي يحكم الصحافة‬

‫وصناعة النشر في مصر يتكون من مواد الدستور‪ ،‬وقوانين الصحافة‪ ،‬مثل القانون ‪148‬‬

‫والقانون ‪ ،96‬وقانون العقوبات‪ ،‬وقوانين النقابات‪ ،‬ومواثيق الشرف ‪ .‬وبرغم ما يبدو من قوة‬ ‫الطار القانوني‪ ،‬وفقا للدراسة التي أجرتها نقابة الصحفيين المصرية عام ‪ ،2004‬فإن ‪ ٪57‬من‬

‫الصحفيين المصريين يعتبرون أن تشريعات الصحافة في مصر غير ملئمة ‪ .‬هذا القسم سيبحث‬ ‫في القوانين والتشريعات التي تحكم الصحافة وصناعة النشر في مصر‪ ،‬وسيحاول استكشاف ما‬ ‫إذا كانت هذه القوانين تتفق مع التزامات مصر الدستورية والدولية أم ل ‪ .‬وأهم القوانين هي‪:‬‬ ‫قانون الصحافة رقم ‪ 156‬لسنة ‪1960‬؛ وقانون سلطة الصحافة رقم ‪148‬لسنة ‪ ،1980‬وقانون‬

‫نقابة الصحفيين رقم ‪ 76‬لسنة ‪1970‬؛ والمواد المتعلقة بجرائم النشر في قانون العقوبات‬

‫المصري )الفصل ‪ (14‬وقانون الصحافة رقم ‪ 93‬لسنة ‪) 1995‬قانون اغتيال الصحافة(‪ ،‬وقانون‬

‫الصحافة رقم ‪ 96‬لسنة ‪ 1996‬والقانون رقم ‪ 147‬لسنة ‪ 2006‬بتعديل بعض مواد قانون‬


‫العقوبات‪ .‬قبل مناقشة القوانين التي تحكم الصحافة في مصر‪ ،‬ل بد من الشارة إلى سمة‬ ‫هامة من سمات العملية التشريعية ذاتها‪ ،‬ل تؤثر فقط في التشريعات التي تحكم الصحافة‬ ‫وصناعة النشر‪ ،‬ولكن تؤثرايضا في غيرها من القوانين المصرية‪ .‬تلك السمة هي كيفية اعتماد‬ ‫أو إصدار التشريعات في مصر‪ .‬فوفقا للمادة ‪ 86‬من الدستور المصري لعام ‪ ،1971‬فالبرلمان‬ ‫هو السلطة التشريعية في البلد‪ ،‬ويلعب أهم دور في الموافقة على التشريع‪ ،‬في الوقت ذاته‬ ‫يهيمن على تلك العملية أعضاء الحزب ا الوطني الديمقراطي الحاكم ‪ .‬و لن الحزب الحاكم‬ ‫لم يخرج أبدا من البرلمان‪ ،‬ولم يتم تمثيله مطلقا بأقل من أغلبية المقاعد البرلمانية‪ ،‬المر الذي‬ ‫جعل النتخابات التشريعية في مصر تواجه بشكل منتظم اتهامات بالتزوير للحفاظ على أغلبية‬ ‫الحزب الحاكم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن نوعية وصلحية التشريع الذي يقره البرلمان المصري عادة ما‬ ‫تكون محل شك كبير ‪ .‬وهذه الوضاع هي نفسها السائدة في كثير من بلدان العالم الثالث‪،‬‬

‫حيث تعاني هذه الدول من ضعف كبير في تشريعاتها فيما يتعلق بالحريات بشكل عام ‪.‬‬

‫قانون الصحافة رقم ‪ 156‬لسنة ‪ 1960‬هذا القانون هو أول قانون صحافة يصدر في مصر‬

‫بعد ثورة ‪ ،1952‬وصدر في ‪ 24‬مايو ‪ 1960‬بهدف "تحرير الصحافة من سيطرة الرأسمالية"‪،‬‬ ‫وفقا للمادة ‪ 3‬من هذا القانون‪ ،‬نقلت ملكية جميع الصحف الهامة في ذلك الوقت إلى‬

‫الحكومة في إطار "التحاد الوطني" الذي أطلق عليه في وقت لحق "التحاد الشتراكي" ‪.‬‬ ‫والنتقاد الرئيسي لهذا القانون هو أنه ألغي تماما الملكية الخاصة للصحف‪ ،‬وشدد الرقابة‬ ‫الحكومية على الصحف‪ ،‬وحول الصحافة إلى قناة لترويج أفكار النظام الحاكم ‪ .‬كما اشترط‬

‫موافقة التحاد الشتراكي لنشاء أي صحيفة جديدة‪ ،‬كما ألزم الصحفيين بالحصول على تصريح‬ ‫بالعمل من التحاد الشتراكي ‪ .‬وبناء على هذا القانون‪ ،‬تم منع العديد من الصحفيين من‬ ‫الكتابة‪ ،‬أو تم نقلهم من وظائفهم عقابا لهم‪ .‬وقبل صدور هذا القانون في عام ‪ ،1960‬كان‬ ‫تأسيس الصحف في مصر يتم عن طريق إخطار كتابي إلى المحافظة التي توجد بها الصحيفة‪،‬‬ ‫و ذلك وفقا للمرسوم رقم ‪ 68‬لسنة ‪ . 1931‬وأعاد القانون ‪ 156‬لعام ‪ 1960‬تفعيل اللتزام‬ ‫بالترخيص لنشاء وسائل العلم المطبوعة وهي الممارسة التي كانت متبعة قبل ‪. 1931‬‬ ‫قانون سلطة الصحافة رقم ‪ 148‬لسنة ‪1980‬‬ ‫هذا القانون هو أول قانون يذكر أن الصحافة سلطة رابعة إلى جانب السلطات الرئيسية‬ ‫الثلث‪ :‬التشريعية والقضائية والتنفيذية ‪ .‬وتنص المادة الولى من القانون على أن "الصحافة‬

‫هي سلطة عامة مستقلة تؤدي مهمتها بحرية للخدمة العامة "‪ .‬وانعكس ذلك أيضا في‬

‫التعديلت الدستورية في مايو ‪ ،1980‬والتي نظرت للصحافة باعتبارها السلطة الرابعة‪ ،‬وأضافت‬ ‫فصل مستقل للدستور تحت عنوان "سلطة الصحافة" ‪ .‬وعلى الرغم من ذلك وجه النتقاد‬

‫الرئيسي للقانون ‪ 148‬لتقييده الحق في إصدار الصحف‪ ،‬حيث تضمن عددا من الشروط والقيود‬ ‫مثل ضرورة الحصول على ترخيص من المجلس العلى للصحافة لصدار صحيفة‪ ،‬وفقا للمادة‬ ‫‪ 14‬و ‪ .15‬كما حصر تقييد ملكية الصحف على الشخاص العتباريين‪ ،‬والحزاب السياسية‪،‬‬

‫وحظر الملكية الفردية للصحف ‪ .‬قانون نقابة الصحفيين رقم ‪ 76‬لسنة ‪ 1970‬ويشمل هذا‬


‫القانون معظم المواد التي تنظم عمل الصحفيين في الصحف المصرية‪ .‬وتنص المادة ‪ 65‬من‬ ‫هذا القانون على أنه ل يسمح لحد بالعمل في الصحافة ما لم يكن اسمه مسجل في قائمة‬ ‫النقابة‪ ،‬ووفقا للمادة ‪ 103‬فإن أصحاب دور النشر والمؤسسات والصحفية والصحف ليسو‬ ‫مخولين لتوظيف أشخاص غير أعضاء في نقابة الصحفيين ‪ .‬وعلى الجانب الخر‪ ،‬كي يسجل‬

‫أحد الصحفيين اسمه في النقابة‪ ،‬يجب أن يكون‪ /‬تكون صحفيا محترفا‪ ،‬حصل على تعليم‬

‫جامعي‪ ،‬ول يملك صحيفة‪ ،‬وقضى سنة واحدة على القل من التدريب في صحيفة مصرية و‬ ‫ذلك بالنسبة لخريجي أقسام الصحافة‪ ،‬وسنتين من التدريب للخريجين من الجامعات الخرى ‪.‬‬ ‫أحد أهم النتقادات الموجهة لهذا القانون هو أنه يضع شروطا صارمة لتسجيل الصحفيين‪.‬‬ ‫ونتيجة لهذه الشروط الصارمة‪ ،‬فقد يجد كثير من الصحفيين الذين يمارسون المهنة‪ ،‬أنفسهم‬ ‫في وضع يتم خلله انتهاك حقوقهم ‪ ،‬وللسف لن يكون بمقدورهم تلقي أي نوع من الحماية‬ ‫أو الدعم من نقابة الصحفيين ‪ .‬وكان هناك اقتراحات بأن يتم تسجيل جميع المتخرجين من‬ ‫كليات العلم والصحافة تلقائيا في نقابة الصحفيين مباشرة بعد التخرج‪ ،‬وهو المر الذي سيتيح‬ ‫لهم الفرصة لممارسة مهنة الصحافة في بيئة أكثر سلما وأمانا ‪ .‬كما تم توجيه انتقادات أخرى‬ ‫لهذا القانون‪ ،‬فالبعض يعتبر أن النتقادات الموجهة ضده يجب أن تكون ضد ما "لم ينص‬

‫عليه" في القانون وليس ما هو منصوصا عليه ‪ .‬فواقع المران قانون نقابة الصحفيين رقم ‪76‬‬ ‫لم يتطرق لعدد من القضايا‪ ،‬أبرزها الستقلل المالي للنقابة‪ .‬وفقا لجمال فهمي‪ ،‬عضو مجلس‬ ‫النقابة‪ ،‬فمصدر التمويل الوحيد للنقابة هو رسوم العضوية‪ ،‬وبما أن هذه الموارد ل تكفي‬ ‫لتغطية التزامات النقابة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬وفقا للقانون‪ ،‬النقابة مرغمة على طلب تمويل إضافي من‬

‫الميزانية العامة للدولة‪ .‬وهذا العتماد المالي على الحكومة كان له تأثيرا سلبيا على استقلل‬ ‫النقابة وقدرتها على تحدي الحكومة بسبب العتداءات على حرية الصحافة ‪ .‬وهناك نقطة هامة‬

‫أخرى و هي أن هذا القانون لم يتم تغييره أو تعديله منذ عام ‪ ،1970‬وبالرغم من أنه كانت‬

‫هناك عدد من الصوات التي تدعو لتعديله‪ ،‬كان هناك خوف عام من أن تعديل قانون النقابة‬ ‫في مثل هذا الجو غير الديمقراطي من شأنه أن يؤدي إلى قانونا أكثر هشاشة وضعفا‪،‬‬ ‫خصوصا مع وجود اتجاه داخل الحكومة للسيطرة على النقابة‪ .‬وكان هناك أيضا اقتراح خلل‬

‫عهد السادات لتحويل النقابة الى نادي ‪ .‬وهكذا‪ ،‬لم يكن أعضاء مجلس النقابة والصحفيين‬ ‫حريصون على تغيير القانون في الوقت الراهن‪ ،‬خاصة وأن السلطة التشريعية الرئيسية –‬

‫البرلمان‪ -‬بمثابة أداة في يد السلطة التنفيذية ‪ .‬قانون الصحافة رقم ‪ 93‬لسنة ‪ 1995‬يمثل هذا‬ ‫القانون دليل واضح على مدى تصميم الحكومة المصرية على تحجيم وتقييد حرية الصحافة‪.‬‬

‫وكان هذا القانون مثال ممتازا لكيفية "تفصيل" القوانين في مصر لتلبية رغبات الحزب الحاكم‪.‬‬ ‫فالقانون الذي صدر بطريقة متسرعة‪ ،‬وعلى الرغم من كونه قانونا للصحافة‪ ،‬لم يتم مناقشته‬ ‫من قبل المجلس العلى للصحافة‪ ،‬ول مجلس الشورى ‪ ،‬ول نقابة الصحفيين ‪.‬اقترحت الحكومة‬ ‫هذا القانون على البرلمان يوم ‪ 20‬مايو ‪ ،1995‬و في مساء ‪27‬مايو ‪ 1995‬وافق البرلمان‬ ‫المصري على القانون الذي وقعه الرئيس في نفس الليلة‪ ،‬ونشر في الجريدة الرسمية في‬ ‫صباح اليوم التالي ‪ .‬وبررت الحكومة سرعة إصدار هذا القانون باستخدام مبررات ضعيفة‬


‫وغريبة من قبيل‪" :‬حرية الصحافة تهدد الديمقراطية"‪ ،‬و "حماية الحياة الخاصة" و"التصدي‬ ‫لنقاط الضعف في القانون الجنائي" ‪ ،‬و"عدم دستورية امتيازات الصحفيين والكتاب" ‪ .‬وكان‬

‫ذلك القانون تقيديا لدرجة أنه كان يعرف باسم قانون "اغتيال الصحافة"‪ ،‬وأدى إلى حركة‬

‫احتجاجات واسعة داخل نقابة الصحفيين والمنظمات غير الحكومية والصحفيين العاملين في‬ ‫القطاع القومي والخاص وفي الصحف الحزبية وغيرهم كثيرون من الناشطين السياسيين الذين‬ ‫دعوا الى تغيير هذا القانون‪ .‬وأدى النقاش واسع النطاق والنتقادات الشديدة للقانون ‪ ،93‬إلى‬

‫صدور القانون ‪ 96‬لسنة ‪ ،1996‬وهو قانون الصحافة المعمول به حاليا ‪ .‬قانون الصحافة رقم‬ ‫‪ 96‬لسنة ‪ 1996‬صدر هذا القانون في ‪ 30‬يونيو ‪ ،1996‬وهو يتضمن ‪ 81‬مادة‪ ،‬وينقسم إلى‬

‫خمسة أقسام رئيسية‪ .‬وهو حاليا القانون الرئيسي الذي ينظم مهنة الصحافة‪ ،‬بل و يلغي أيضا‬

‫القانون ‪ 148‬لسنة ‪ 1980‬والذي سبق ذكره‪ .‬وعلى الرغم من ان الهدف الساسي من‬

‫صدوره كان التغلب على النتقادات الواسعة التي وجهت للقانون ‪ 93‬لعام ‪ ،1995‬ال ان‬ ‫القانون الجديد لم يعالج المشاكل الرئيسية التي تواجه حرية الصحافة في مصر‪ ،‬مثل ملكية‬ ‫الحكومة للصحف‪ ،‬مما يحرم الفراد من امتلك وإنشاء جرائد‪ ،‬كما ابقى على الترخيص الذي‬

‫يجب الحصول عليه لصدار صحيفة ‪ .‬ويوجد في هذا القانون عدة مواد تستحق الملحظة‪،‬‬

‫المادة ‪ 4‬من هذا القانون تسمح للدولة بفرض سيطرة محدودة على الصحافة في حالت‬

‫الطوارئ أو في زمن الحرب من أجل السلمة العامة أو المن القومي ‪ .‬والمادة ‪ 22‬تنص‬

‫على السجن لمدة عام كعقوبة للصحفيين الذين ينتهكون المادتين ‪ 20‬و ‪ 21‬من القانون‪ ،‬وهما‬ ‫"التعرض للحياة الخاصة للمواطنين"‪ ،‬و"الطعن في ايمان الخرين" أو "تناول مسلك المشتغل‬

‫بالعمل العام او الشخص ذي الصفة النيابية العامة "‪ .‬كما تعاقب المادة ‪ 28‬الصحفيين الذين‬

‫يمتنعون عن نشر تصويب للبيانات الكاذبة أو الوقائع التي سبق أن نشرت في صحفهم‪،‬‬ ‫بالسجن لمدة ل تقل عن ثلثة أشهر ودفع غرامة تتراوح بين ألف وأربعة آلف جنيه ‪ .‬أما‬ ‫المادة ‪ 30‬فتنص على أن الصحفيين أو الصحف التي تقبل تبرعات أو مزايا خاصة من أي‬ ‫كيانات أجنبية‪ ،‬أو ترفع معدلت الرسوم على العلن ستكون عرضة لعقوبة السجن لمدة ل‬ ‫تتجاوز سنة أو بغرامة تتراوح ما بين خمسمائة جنيه وألفي جنيه‪ .‬علوة على ذلك‪ ،‬فإن المادة‬

‫‪ 51‬تعاقب الممثل القانوني للصحيفة في حالة تغيير أي من البيانات التي وردت في الخطار‬ ‫بإصدار الصحيفة بعد الحصول على الترخيص‪ ،‬بحد أقصى السجن ستة أشهر وغرامة تتراوح‬

‫بين خمسمائة جنيه وألف جنيه‪ ،‬أو أيا من العقوبتين ‪ .‬من خلل هذه المواد‪ ،‬يمكن القول بأن‬ ‫الحبس منصوص عليه صراحة وبوضوح بوصفه عقابا للصحفيين في أربع مواد من قانون‬ ‫الصحافة المصرية‪ .‬وتجدر الشارة أيضا إلى أن هناك قيودا أخرى في القانون على حق‬ ‫الفراد في امتلك الصحف‪ ،‬حيث أن المادتين ‪ 42‬و ‪ 45‬تحدد الملكية للحزاب السياسية‬

‫والشخصيات العتبارية العامة أو الخاصة فقط ‪ .‬ويعتبر هذا القيد انتهاكا واضحا للحق في حرية‬ ‫الصحافة بشكل عام ‪ ،‬لن حرية الصحافة تعني‪ ،‬في المقام الول الحق في إصدار الصحف‬ ‫بحرية‪ ،‬ومنع الفراد والجماعات من تأسيس صحف هي نتيجة مباشرة لتقييد حرية الصحافة‬

‫ككل‪ .‬ويذهب بعض الناس إلى أن هناك تناقض واضح بين المادتين ‪ 42‬و ‪ 45‬من القانون‬


‫من ناحية‪ ،‬والدستور المصري الذي يكفل في المادة ‪ 47‬الحق في التعبير عن الرأي لجميع‬ ‫الفراد من خلل جميع وسائل التعبير المختلفة من ناحية أخرى ‪.‬المجلس العلى للصحافة‬ ‫نبعت فكرة إنشاء مجلس للصحافة في مصر من حقيقة أن مجالس الصحافة موجودة بالفعل‬ ‫في بلدان أخرى‪ ،‬ولكن مجالس الصحافة في تلك البلدان أنشئت بالساس كهيئات مستقلة‬ ‫لحماية حرية الصحافة ضد أي تهديد مباشر أو غير مباشر‪ .‬وهناك أمثلة لمجالس الصحافة في‬ ‫السويد والنمسا والوليات المتحدة المريكية وألمانيا وبلدان أخرى كثيرة‪ ،‬ولكن خلفا لمجلس‬ ‫الصحافة المصري‪ ،‬تم تأسيس تلك المجالس بشكل طوعي وتضم في عضويتها الصحفيين‬ ‫والناشرين وأصحاب الصحف ‪ .‬ويمكن القول بأن هناك فرقا بين إنشاء مجلس للصحافة في‬ ‫ظل نظام ديمقراطي‪ ،‬وبين إنشاؤه في ظل نظام استبدادي‪ .‬فالمجالس في ظل النظام‬

‫ديمقراطي تكون مسؤولة بالساس عن الدفاع عن حرية الصحافة وحماية الصحفيين من‬ ‫القيود المفروضة من قبل الدولة‪ ،‬في حين أن وظيفة هذه المجالس في النظم الستبدادية‬ ‫هي ضمان تعزيز سيطرة الحكومة على الصحافة والصحفيين ‪ .‬وأعيد إنشاء مجلس الصحافة‬

‫الحالي في عام ‪ 1981‬وفقا للقانون ‪ 148‬لسنة ‪ ،1981‬والمادة ‪ 211‬من الدستور ‪ .‬وتضمن‬

‫قانون الصحافة فصل مستقل عن تكوين المجلس واختصاصاته ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تجدر الشارة إلى‬ ‫أنه قبل المجلس العلى الحالي‪ ،‬أصدر الرئيس السادات مرسوما لتأسيس أول مجلس أعلى‬ ‫للصحافة في ‪12‬من مارس ‪ ،1975‬لكنه استمر فقط من ‪ 1975‬الى ‪ . 1977‬ويدعي البعض‬ ‫أن السبب وراء إنشاء السادات لذلك المجلس هو فقدان الحكومة سيطرتها على الصحافة بعد‬ ‫التحول إلى التعددية السياسية وبالتالي كانت هناك حاجة إلى نظام جديد للسيطرة على‬ ‫الصحافة ‪ .‬ويتضمن قانون الصحافة الحالي ‪ 96‬لسنة ‪ 1996‬فصل يسلط الضوء بشكل مفصل‬ ‫على تشكيل ومهام المجلس العلى للصحافة‪ ،‬وتنص المادة ‪ 67‬من هذا القانون على أن‬

‫"المجلس هو هيئة مستقلة أنشئت لدارة جميع شؤون الصحافة بشكل يحافظ على استقللها‬ ‫وحريتها"‪ .‬ويصدر رئيس الجمهورية قرار تشكيل المجلس‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 68‬من قانون الصحافة‪،‬‬

‫ورئيس المجلس يكون رئيس مجلس الشورى ‪ .‬وأعضاء المجلس هم‪ :‬رؤساء المؤسسات‬

‫الصحفية القومية‪ ،‬ورؤساء تحرير الصحف القومية‪ ،‬ورؤساء تحرير الصحف الحزبية‪ ،‬ورئيس نقابة‬ ‫الصحفيين وأربعة من رؤساء مجلس نقابة الصحفيين السابقين يتم اختيارهم بواسطة مجلس‬ ‫الشورى ‪ ،‬بالضافة إلى رئيس النقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والنشر ووسائل‬ ‫العلم ‪ ،‬وأربعة من الرؤساء السابقين للنقابة يختارهم مجلس الشورى‪ .‬وبالضافة إلى ذلك‪،‬‬ ‫اثنين من أساتذة الصحافة يختارهم مجلس الشورى ‪ ،‬واثنين من كبار المحامين يختارهم‬ ‫المجلس أيضا‪ ،‬وعدد من الشخصيات العامة يختارهم مجلس الشورى أيضا‪ .‬وبملحظة هذا‬ ‫الوضع للمجلس‪ ،‬فمن الواضح أنه حكوميا تماما وليس هيئة مستقلة كما يفترض أن يكون‪،‬‬ ‫خصوصا وأن غالبية أعضاء مجلس الشورى أعضاء في الحزب الوطني الحاكم ‪ .‬وعلوة على‬ ‫ذلك‪ ،‬ليس هناك تمثيل القطاع الخاص والصحف المستقلة‪ ،‬ول تمثيل للجمهور بشكل عام ‪.‬‬

‫وبشأن السلطات المكفولة له‪ ،‬تعطي المادة ‪ 70‬من قانون الصحافة المجلس عددا من المهام‬ ‫والصلحيات‪ ،‬تتضمن إبداء الرأي في مشاريع القوانين الصحافة؛ وتحديد حصص الورق لكل‬


‫المطابع‪ ،‬وتحديد أسعار الصحف والمجلت وإصدار ميثاق الشرف الصحفي؛ والبت في إصدار‬ ‫الصحف وفقا للمادة ‪ ،47-46‬كما يتولى المجلس التنسيق بين المؤسسات الصحفية في ميدان‬ ‫القتصاد والتكنولوجيا والدارة والتدريب ومتابعة أداء المؤسسات الصحفية القومية؛ والنظر في‬ ‫الشكاوى؛ تحديد حد أدنى ملئم للجور والمرتبات‪ ،‬وإعطاء الذن للصحفيين الذين يرغبون في‬ ‫العمل بصحف غير مصرية‪ .‬وبالنظر إلى كل هذه المهام التي يضطلع بها المجلس‪ ،‬يمكن‬ ‫القول بأن ثمة تداخل كبير بين المجلس والنقابة‪ .‬كما أن المجلس مسؤول بالفعل عن الجزء‬ ‫الكبر من المهام التي كان من المفترض أن تقوم بها النقابة‪ ،‬ولن الحكومة هي المسؤولة‬ ‫عن تشكيل المجلس فل يمكنه البقاء على الحياد ‪ .‬جرائم الصحافة والنشر في قانون‬

‫العقوبات المصري رقم ‪ 58‬لسنة ‪ 1937‬في دراسته "الصحافة المصرية‪ :‬التشريعات والقيود‬ ‫المفروضة" يصف حسين عبد الرازق القانون باعتباره أخطر تهديد لحرية الصحافة في مصر‪.‬‬ ‫ويتعامل الفصل الرابع عشر من قانون العقوبات جرائم الصحافة والنشر بالساس‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫أيضا عدد من المواد القانونية التي تفرض عقوبات على الصحفيين منتشرة في باقي أجزاء‬ ‫القانون ‪ .‬وصدر هذا القانون في عام ‪ 1937‬وتم تعديله عدة مرات في وقت لحق‪ ،‬ومن‬ ‫أبرز المشكلت المتعلقة بالتشريعات عموما وهذا القانون على وجه الخصوص‪ ،‬هو أنه لم يتم‬ ‫مراجعته أو تعديله ليكون متسقا مع دستور عام ‪ 1971‬والحقوق والحريات المكفولة به ‪ .‬وفقا‬ ‫لقانون العقوبات‪ ،‬هناك أنواع معينة من الراء التي تعتبر تهديدا للمن القومي ‪ .‬وتشمل تلك‬ ‫الراء نشر الخبار والتصريحات الصحفية‪ ،‬أو الشائعات الكاذبة أو الخبار التي يمكن أن تضر‬ ‫الستعدادات العسكرية‪ ،‬أو إرهاب الناس‪ ،‬أو زعزعة استقرار البلد‪ .‬وتعاقب المادة ‪ 80‬من‬ ‫قانون العقوبات على تلك الجرائم بالسجن مدى الحياة مع الشغال الشاقة إذا كانت النباء‬ ‫وصلت بلد أجنبي يعتبر عدوا ‪ .‬وباستخدام هذه المادة يمكن فرض العقاب حتى لو كانت‬

‫المعلومات المنشورة صحيحة‪ ،‬وحتى إذا لم يكن هناك ضررا مباشرا حدث بالفعل‪ .‬ووفقا لهذه‬

‫المادة‪ ،‬فأي قصة صحفية أو تصريح صحفى ينتقد الشعب‪ ،‬أو الفساد‪ ،‬أو مستوى المعيشة‪ ،‬أو‬ ‫حتى بعض القيم السلبية في المجتمع‪ ،‬يمكن اعتبارها "تحفيزا لنباء يمكن أن تضعف من‬ ‫المة"‪ .‬كما أن التقارير عن انتهاكات حقوق النسان‪ ،‬مثل التعذيب أو التمييز ضد القباط‪ ،‬يمكن‬

‫التعامل معها بنفس الطريقة ‪ .‬والمادة ‪ 86‬التي أضيفت إلى قانون العقوبات مع تعديلت عام‬ ‫‪ 1992‬لمكافحة الرهاب‪ ،‬هي مثال آخر لمواد قانون العقوبات التي تعاقب بالسجن‪ .‬وتعاقب‬

‫تلك المادة بالسجن لتحريض أو الدعوة إلى تعليق الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات‬ ‫الدولة من أداء وظائفها‪ ،‬سواء كانت تلك الدعوة شفويا أو كتابيا ‪ .‬ومن الجدير بالذكر هنا أن‬

‫المادة ‪ 174‬من قانون العقوبات تعاقب على نفس السباب أو الـ"جرائم" المذكورة في المادة‬ ‫‪ ،86‬لكن الفرق الوحيد هو أن العقوبة في المادة ‪ 174‬تطبق فقط إذا كانت فعل العوة تم‬ ‫بالقوة أو الرهاب أو أي وسيلة أخرى غير مشروعة‪ ،‬بينما يحق العقاب وفقا للمادة ‪ 86‬حتى‬

‫إذا كانت الدعوة أوالترويج لها يتم باستخدام وسائل سلمية ‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬فالدعوة إلى تغيير‬

‫الدستور‪ ،‬أو تعديل أو تغيير القوانين بطرق سلمية يمكن أن يعتبر جريمة‪ .‬وتشبه المادة ‪98‬‬

‫) ب( المواد المذكورة سلفا‪ ،‬حيث تعاقب من يدعو إلى تغيير "المبادئ الساسية للدستور أو‬


‫للنظام السياسي" دون تحديد ما هى المبادئ الساسية للدستور ‪ .‬وهناك مواد أخرى تتضمن‬ ‫عقابا مثل المادة ‪ 102‬التي تعاقب من يجرؤون على الغناء او الصياح بصوت عاليا وعلنا‬ ‫للتحريض على الخلل بالنظام العام )إثارة الفتن(‪ ،‬والجدير بالذكر أن تلك هي المادة‬

‫الساسية التي حوكم بناء عليها كثير من الموسيقيين والشعراء والمطربين مثل سيد درويش‬ ‫وبيرم التونسي في عهد الحتلل البريطاني ‪ .‬وتعاقب المادة ‪ 102‬مكرر على نشر الخبار أو‬ ‫الحصاءات أو الشائعات التي يمكن أن تؤدي إلى الخلل بالمن الوطني‪ ،‬أوترهيب الجمهور‪،‬‬ ‫أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة ‪.‬واستمرارا في سرد قائمة المواد التي تفرض عقوبات على‬ ‫حرية الرأي‪ ،‬تنص المادة ‪ 171‬على أن أي شخص يدعو أو يشجع على ارتكاب جريمة‬ ‫ستخدما أي وسيلة عامة سواء كانت الصراخ أو الكلمات أو الرسم أو الكتابة أو التصوير أو‬ ‫التمثيل أواستخدام الرموز وما شابه ذلك‪ ،‬يعتبر متواطئا مع هذه الجريمة‪ ،‬ويعاقب بنفس عقوبة‬ ‫الجاني إذا وقعت الجريمة‪ .‬وفقا لهذه المادة فهناك حظر على جميع وسائل التعبير المعروفة‬ ‫اذا تعارضت مع اي من قواعد المجتمع او اعرافه ‪ .‬وتعاقب المادة ‪ 174‬على الحث أو‬

‫التشجيع على التغيير في نظام الحكم في مصر‪ ،‬أو الدعوة إلى الكراهية أو المقت‪ .‬ال ان‬ ‫هذه العبارت تعتبر غامضة جدا ول يمكن قياسها أو تحديدها بسهولة‪ ،‬وبالتالي يمكن على‬ ‫سبيل المثال أن يعتبرالصحفي الذي ينتقد أداء الحكومة "يهين أو يروج انطباعات سلبية عن‬

‫الحكومة ايضا‪ .‬بينما تعاقب المادة ‪ 176‬الصحفيين بالسجن لمدة تصل إلى ثلث سنوات‬ ‫لتحريض مجموعة من الناس على كراهية أو الحط من جماعة أخرى إذا كان هذا التحريض‬ ‫يؤدي إلى زعزعة السلم الجتماعي‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬فالباحثين والكتاب ل يمكنهم الكتابة للدفاع‬ ‫عن مجموعة من الناس ضد هجمات جماعات أخرى اذا كان ذلك سيؤدي الى تعكير السلم‬ ‫العام‪ .‬وفيما يتعلق بالمادة ‪ 177‬فهي تعاقب على التشجيع على عصيان القوانين والتشريعات‪.‬‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬يمكن اعتبار الضغط أو الحشد والدعوة إلى إلغاء أو تغيير التشريعات السلبية يمكن‬ ‫أن يشكل انتهاكا يستحق مرتكبه السجن‪ .‬وتعد المادة ‪ 179‬واحدة من أكثر المواد المعروفة‬ ‫في قانون العقوبات‪ ،‬فهي المادة التي تعاقب على إهانة رئيس الجمهورية بالسجن لمدة تصل‬ ‫إلى ثلث سنوات ‪ .‬وهنا يتم التعامل مع الرئيس باعتباره رمز إلهي فوق مستوى النقد ‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فقد تم استخدام هذه المادة دائما بطريقة سياسية وليس بشكل قانوني‪ ،‬لنها كثيرا ما‬ ‫استخدمت من قبل المسؤولين لتجريم المعارضة‪ ،‬وخاصة أن انتقاد الرئيس بأي شكل من‬ ‫الشكال يمكن وصفه من قبل المسؤولين الحكوميين‪ ،‬أو الباحثين عن السلطة باعتباره "إهانة"‪.‬‬ ‫الخطر في هذه المادة هو أنها تسمح بحبس الصحفيين خلل التحقيقات‪ ،‬كما تسمح بمصادرة‬ ‫وإغلق الصحف ‪ .‬أما المادة ‪188‬فتعاقب على توزيع أو نشر وثائق مزورة أو أخبار غير‬ ‫حقيقية‪ ،‬إذا كانت هذه الخبار والوثائق قد تعكر صفو السلم العام‪ .‬ويتسبب وجود تلك المادة‬ ‫في خلق تناقض حيث أن حق نشر التصويبات للحقائق أو التصريحات التي تنشر في الصحف‬ ‫مكفول تماما في إطار القانون‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإذا كان من الممكن نشر التصويبات‪ ،‬لماذا يتم حبس‬

‫الصحفيين ‪ .‬كما يشمل القانون عددا من المواد التي تنتهك الحق في الحصول على‬

‫المعلومات‪ ،‬مثل المواد ‪189‬و ‪ .190‬ويندرج تحت هذه المواد الموضوعات الصحفية عن القضايا‬


‫المعروضة على المحاكم‪ ،‬والحيثيات التس تبني عليها المحاكم قراراتها والتي تخضع لحظر النشر‬ ‫ومن يخالف ذلك يكون عرضة للسجن‪ .‬فضل عن المادة ‪192‬التي تعاقب على نشر جلسات‬ ‫البرلمان السرية‪ ،‬أو المغلقة أو تعمد نشر معلومات غير دقيقة عن الجلسات العامة أو‬ ‫المفتوحة ‪ .‬القانون رقم ‪ 147‬لسنة ‪ 2006‬بتعديل بعض مواد قانون العقوبات في عام ‪2004‬‬ ‫وعد الرئيس مبارك بإلغاء حبس الصحفيين قي قضايا النشر‪ .‬وفي كلمته في الجلسة الفتتاحية‬

‫للمؤتمر الرابع للصحفيين الذي نظمته نقابة الصحافيين‪ ،‬والتي ألقاها عنه السيد صفوت الشريف‬ ‫وزير العلم في ذلك الوقت‪ ،‬يوم ‪ 23‬فبراير ‪ ،2004‬شدد الرئيس على "ان انحيازه الدائم‬ ‫لحرية الصحافة واستقللها‪ ،‬وحرصه على عدم التدخل في شؤونها الداخلية‪ ،‬هو اعتقاد عميق‬ ‫الجذور‪ ،‬وحقيقة ثابتة" ‪ .‬وكان هناك عدد من الصحفيين في ذلك المؤتمر من بينهم جلل‬ ‫عارف رئيس مجلس نقابة الصحافيين‪ ،‬و قد صدقوا هذا الوعد‪ ،‬وعبروا عن بالغ شكرهم‬ ‫للرئيس نيابة عن جميع الصحفيين المصريين‪ ،‬بعدما أعلن في كلمته أن "لن يسجن أي مواطن‬ ‫في مصر مرة أخرى بسبب رأي منشور" ‪ .‬بعد مرور أكثر من عامين على هذا الوعد الرئاسي‪،‬‬

‫وفقط في يوليو ‪ ،2006‬تم تعديل القانون رقم ‪ 147‬لسنة ‪ 2006‬وتمت الموافقة على تعديل‬ ‫بعض مواد قانون العقوبات‪ .‬وعلى الرغم من أن الصحفيين انتظروا الرئيس لمدة سنتين‬

‫للوفاء بما تعهد به‪ ،‬جاء القانون مخيبا للمال‪ .‬وتم انتقاده بقوة لنه لم يجر سوى تعديلت‬

‫طفيفة‪ ،‬في حين ظلت معظم المواد التي تعاقب بالسجن دون تغيير‪ .‬كما عمل القانون على‬

‫زيادة الغرامات بشكل كبير في القضايا المتعلقة بالدعاء بالفساد ضد مسؤولي الدولة ‪ .‬وألغت‬

‫المادة ‪ 1‬من القانون ‪ 147‬المواد التالية من قانون العقوبات المصري ‪ :‬المادة ‪) 98‬أ( الفقرة‬

‫‪ ،4‬والمادة ‪) 124‬أ( الفقرة ‪ ،3‬والمادة ‪ 178‬والمادة ‪ 178‬مكرر الفقرة الخيرة‪ ،‬والمواد ‪195‬و‬ ‫‪ 199‬و ‪ .200‬وألغت المادة ‪2‬عقوبات الحبس للجرائم المذكورة في المواد‪ 182 ،‬و ‪ 185‬و‬

‫‪ ، 303‬و ‪ 306‬من قانون العقوبات المصري‪ ،‬لكنها ضاعفت الغرامات التي تفرض على هذه‬ ‫الجرائم‪ .‬وشملت بعض من التغييرات الخرى المادة )‪ ،(3‬التي حلت محل بعض المواد القائمة‬ ‫‪ 176‬و ‪ 178‬مكرر و ‪ 181‬و ‪ 302‬مع بعض المواد الخرى التي ل تزال تعاقب الصحفيين‬ ‫بالحبس في حال التشجيع على التمييز ضد طائفة معينة من الناس على أساس العرق أو‬ ‫الصل أو اللغة أو العقيدة‪ ،‬والذي قد ينتج عنه زعزعة السلم العام‪ .‬أيضا‪ ،‬يمكن حبس‬ ‫الصحفيين بالسجن وتغريمهم ما بين ‪ 10‬و ‪ 30‬ألف جنيه مصري لهانة رئيس دولة أجنبية‪.‬‬

‫ووفقا للمادتين ‪ 4‬و ‪ 5‬من القانون الجديد‪ ،‬لم يحدث سوى تغييرات طفيفة على صياغة عدد‬ ‫من المواد ‪ .‬كما هو واضح من التعديلت‪ ،‬تجاهلت الحكومة مطالب الصحفيين والمجتمع‬

‫المدني التي ذكرت في مشروع القانون الذي كانوا قد أعدوه بناء على الوعد الرئاسي‪ .‬وعدل‬

‫القانون ‪ 147‬فقط بعض مواد قانون العقوبات ولم يتعامل مع قانون الصحافة أو قانون‬

‫المطبوعات‪ .‬كما غلظ القانون بعض العقوبات والغرامات ‪ .‬ويرى بعض المنتقدين أن القانون‬

‫ألغى عقوبة السجن فقط من المواد التي كانت غير مطبقة في الواقع مثل المواد التي‬ ‫تتعامل مع "الحكم الشتراكي" ‪ .‬قوانين أخرى هناك عدد من القوانين الخرى مثل قانون‬ ‫الحزاب السياسية رقم ‪ 40‬لسنة ‪ ،1977‬والذي يمنح لجنة شؤون الحزاب الحق في حظر أي‬


‫صحيفة حزبية في سبيل "المصالح الوطنية العليا" ‪-‬وهو تعبير غامض‪ ،-‬أو إذا ثبت أن الحزب‬ ‫ينتهك المبادئ المنصوص عليها في المادتين ‪ 3‬و ‪ 4‬من قانون الحزاب السياسية وفقا للمادة‬

‫‪ .17‬ومن الجدير بالذكر أن الصحيفة هي وسيلة أساسية للتواصل بالنسبة للحزاب السياسية‬

‫كما أنها قناة شرعية للحزب للتعبير عن آرائه وأفكاره ومبادئه‪ .‬هذا صحيح للغاية في بلد مثل‬ ‫مصر‪ ،‬حيث أن وسائل التصال الخرى غير متوافرة‪ ،‬ولن الحق في حرية تكوين الجمعيات‬ ‫يخضع لقيود شديدة بموجب قانون الطوارئ‪ ،‬كما أن المعارضة بصفة عامة محرومة من التعبير‬ ‫عن وجهات نظرها من خلل وسائل العلم المصرية التي تسيطر عليها الدولة ‪ .‬قانون‬ ‫المطبوعات رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1936‬تعتبر مسألة طباعة الصحف مسألة هامة ترتبط بالصحافة‬

‫وحريتها ‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬صدرت قوانين مختلفة لتنظيم الطباعة‪ .‬وخفف قانون ‪ 1936‬القيود التي‬ ‫كانت مطلوبة لنشاء مطبعة أو ممارسة تلك المهنة قبل صدوره‪ ،‬إل أنها أبقت القيود المتعلقة‬

‫بالـ"إشعار" و"الوديعة" ‪ .‬وتنص المادة ‪ 2‬من هذا القانون على إلزام كل مطبعة بإخطار‬ ‫الحكومة كتابيا قبل افتتاح المطبعة‪ ،‬وينبغي أن يتضمن الخطار المكتوب السم والعنوان‬ ‫وجنسية الشخص واسم وعنوان المطبعة‪ .‬وتنص المادة ‪ 3‬من القانون نفسه على إلزام كل‬ ‫مطبعة بإخطار الحكومة ‪ ،‬كتابة‪ ،‬قبل طباعة أي صحيفة‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 20‬بإلزام المطبعة‬ ‫بإرسال ست نسخ من الصحيفة إلى وزارة الداخلية‪ ،‬ممهورة بتوقيع رئيس تحرير الصحيفة‪،‬‬ ‫وذلك مباشرة بعد طباعة العدد‪ .‬أيضا تحظر المادة ‪ 7‬بيع أو توزيع منشورات في الشوارع‬

‫العامة أو في المحلت التجارية من دون إذن خاص من وزارة الداخلية ‪ .‬وعلوة على ذلك‪،‬‬

‫ووفقا للمادة ‪ 9‬يمكن لمجلس الوزراء أن يحظر أي مطبوعة صدرت في الخارج من دخول‬ ‫البلد‪ .‬ولوزير الداخلية الحق نفسه وفقا لنفس القانون )المادة ‪ (21‬إذا كان يعتبر أن هذه‬

‫المطبوعة تهاجم الديان‪ ،‬أوتشجع الفكار غير الخلقية‪ ،‬أو لي سبب آخر‪ .‬ويسمح القانون‬

‫أيضا بمصادرة الصحف في حالت انتهاك المواد ‪ 4‬و ‪ 7‬و ‪ 11‬و ‪ 12‬و ‪ 13‬و ‪ 14‬و ‪ 17‬و‬ ‫‪ .19‬حالة الطوارئ بموجب القانون ‪ 162‬لعام ‪1958‬‬ ‫يعد قانون الطوارئ‪،‬تهديدا رئيسيا آخر لحرية الصحافة‪ ،‬حيث عاشت مصر تحته باستمرار منذ‬ ‫إعلن حالة الطوارئ في عام ‪ ،1981‬و ذلك على الرغم من وعود رئيس الجمهورية المتكررة‬ ‫لوضع حد لحالة الطوارئ‪ .‬وتعطي المادة ‪ 148‬من الدستور الرئيس حق إعلن حالة الطوارئ‬

‫"لفترات محدودة" بموافقة البرلمان ‪ .‬وتمنح المادة ‪ 3‬الفقرة ‪ 2‬من القانون ‪ ،162‬رئيس‬ ‫الجمهورية الحق في الشراف ومصادرة الصحف والمطبوعات والنشرات الدورية والرسومات‬ ‫وجميع وسائل التعبير والدعاية قبل نشرها من أجل السلمة العامة والمن القومي ‪ .‬ويخول‬

‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 1982‬وزير الداخلية باتخاذ ما يلزم من التدابير الواردة في‬ ‫القانون ‪ 162‬لعام ‪ 1958‬الخاص بحالة الطوارئ لتقييد عدد من الحريات‪ ،‬من بينها حرية‬

‫التعبير ‪ .‬من خلل العرض السابق‪ ،‬بات واضحا أن الصحافة وصناعة النشر في مصر تحكمها‬ ‫مجموعة متناثرة من القوانين والتشريعات ‪ ،‬مما أثر سلبيا على حرية الصحافة‪ .‬فعلى سبيل‬

‫المثال‪ ،‬على القاضي في كل حالة "النضال من أجل أن يكون فقط على معرفة بكل القوانين‬


‫المختلفة المتعلقة بجرائم النشر والصحافة‪ " .‬وكنتيجة لذلك أصبحت إجراءات التقاضي في‬ ‫قضايا النشر والصحافة معقدة للغاية‪ .‬في جميع القوانين المذكورة أعله‪ ،‬يمكن للمرء أن يرى‬ ‫أن هناك قلقا كبيرا حيال جرائم النشر السياسية‪ ،‬فهناك إساءة استخدام واسعة النطاق ومكثفة‬ ‫لعقوبات الحبس والغرامات‪ ،‬كما أن هناك تعريفات غير واضحة لكلمات مثل "الداب" و"المن‬

‫القومي"‪ ،‬و"السلم العام"‪ ،‬كما يوجد اتجاه عام نحو زيادة وتوسيع نطاق ما يندرج في إطار‬ ‫جرائم النشر والصحافة ‪ .‬ومن بين الجوانب السلبية الهامة لمجموعة القوانين المتعددة التي‬

‫تحكم صناعة الصحافة والنشر‪ ،‬هو أن الهامش المتروك للقضاة للبت في الحكم واسع جدا‪.‬‬

‫ويرى البعض أن اتساع ذلك الهامش‪ ،‬يترتب عليه عدم وجود أساس محدد أو هيكل قانوني‬ ‫ثابت لحرية الصحافة في مصر‪ ،‬والتي اصبحت تعتمد بدل من ذلك على قرار او رغبة الحاكم‬ ‫"فاذا شاء منع و اذا شاء منح"‪ .‬وهكذا‪ ،‬يؤثر المناخ السياسي‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬على قرارات‬

‫‪.‬‬

‫المحاكم في جرائم الصحافة والنشر‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.